نظره في كتاب الفصل في الملل و الاهواء و النحل

اشارة

نام كتاب: نظرة في كتاب الفصل في الملل و الأهواء و النحل

نويسنده: العلامة الشيخ عبدالحسين اميني- محمد الحسون

تاريخ وفات مؤلف: 1390 ه. ق.

موضوع: اعتقادات و پاسخ به شبهات

زبان: عربي

تعداد جلد: 1

ناشر: نشر مشعر

مكان چاپ: تهران

نوبت چاپ: 1

ص:1

اشارة

ص:2

ص:3

ص:4

ص:5

ص:6

ص:7

كتاب الغدير:

كتاب يتجدّد أثره ويتعاظم كلّما ازداد به الناس معرفة، ويمتدّ في الآفاقصيته كلّما غاص الباحثون في أعماقه وجلّوا أسراره وثوّروا كامن كنوزه ... إنّه العمل الموسوعي الكبير الّذي يعدّ بحقّ موسوعة جامعة لجواهر البحوث في شتّى ميادين العلوم: من تفسير، وحديث، وتاريخ، وأدب، وعقيدة، وكلام، وفرق، ومذاهب ...

جمع ذلك كلّه بمستوى التخصّص العلمي الرفيع وفيصياغة الأديب الذي خاطب جميع القرّاء، فلم يبخس قارئاً حظّه ولا انحدر بمستوى البحث العلمي عن حقّه.

ونظراً لما انطوت عليه أجزاؤه الأحد عشر من ذخائر هامة، لا غنى لطالب المعرفة عنها، وتيسيراً لاغتنام فوائدها، فقد تبنّينا استلال جملة من المباحث الاعتقادية وما لهاصلة بردّ الشبهات المثارة ضدّ مذهب أهل البيت عليهم السلام، لطباعتها ونشرها مستقلّة، وذلك بعد تحقيقها وتخريج مصادرها وفقاً للمناهج الحديثة في التحقيق.

ص:8

ص:9

مقدمة الإعداد:

الحمدُ للَّه وكفى، والصلاة والسلام على رسوله المصطفى، وآله الأئمة الشرفاء.

وبعد،

بين يديك عزيزي القارئ دراسة نقدية لبعض ما احتواه كتاب (الفِصَل «(1)» في الملل والأهواء والنحل) من افتراءات وأكاذيب نسبها مؤلّفه ابن حزم الظاهري الأندلسي إلى الشيعة الإمامية


1- الفِصَلُ، جمع فَصْلة: وهي النخلة المنقولة المحوّلة وقد افتصلها عن موضعها، لسان العرب 11: 523« فصل»

ص:10

أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام، وقد قام بهذه الدراسة النقدية العلّامة الكبير والبحّاثة المتبحّر آية اللَّه الشيخ عبد الحسين الأميني رحمه الله، وأدرجها في المجلد الثالث من موسوعته الكبيرة «الغدير».

وفي المجلد الأول منه أيضاً بيّن الشيخ الأميني رحمه الله بعض الآراء الشاذة لابن حزم تحت عنوان (الرأي العام في ابن حزم الأندلسي).

فقمتُ بمراجعتهما وتصحيحهما، واستخراج مالم يستخرجه العلّامة الأميني من المصادر؛ لعدم توفّرها لديه آنذاك، وحوّلتُ بعض الاستخراجات من طبعاتها القديمة الحجرية إلى الحروفية الحديثة، وأدرجتُ بعض التعليقات- في الهامش- التي أشار إليها الأميني إشارة عابرة؛ لأنه ذكرها في موضع آخر من كتابه.

ولا يخفى على العلماء الأعلام وذوي الاطلاع في التأريخ، حال ابن حزم وتعصّبه، وهجومه على علماء المسلمين الذين يختلفون معه في الرأي.

مال ابن حزم في ابتداء أمره إلى المذهب الشافعي وناضل عنه حتى نُسب إلى الشذوذ واستهدف كثيراً من فقهاء عصره بالنقد والجرح، ثم انتقل إلى المذهب الظاهري وتعصّب له وصنّف فيه وردّ على مخالفيه، ثم خلع الكل واستقل وزعم أنّه إمام الأئمة يضع ويرفع ويحكم ويشرّع، وأنشأ مذهباً خاصاً له يُدعى (الحزمية)،

ص:11

تبعه فيه خلق كثير من أهالي الأندلس.

وقد أجمع المؤرّخون علىصدور أخطاء وأوهام من ابن حزم، وأثبتوا مناظرة أبي الوليد الباجي له.

قال ابن حجر العسقلاني: وقع له أوهام شنيعة، تتبّع كثيراً منها الحافظ قطب الدين الحلبي ثم المصري من المحلّى خاصة.

وقال الحميدي: وقد تتبّع أغلاطه في الاستدلال والنظر عبد الحقّ بن عبد اللَّه الأنصاري في كتاب سمّاه (الردّ على المحلّى).

وقال مؤرّخ الأندلس أبو مروان بن حبّان: لا يخلو- ابن حزم- في فنونه من غلط.

وذكر عزّ الدين بن عبد السلام نبذة من أغلاطه في وصف الرواة، أثبت بعضها ابن حجر العسقلاني في لسان الميزان.

وفي هامش كتاب (الأعلام) للزركلي: انّ ابن حبّان يحطّ من ابن حزم، وينال من علمه ومكانته.

وأخذ المؤرّخون على ابن حزم أيضاً انتقاده لكثير من العلماء والفقهاء، وردّه لأهل كلّ دين، ووقوعه في الأئمة الكبار بأقبح عبارة وأشنع ردّ، حتى لا يكاد يسلم أحد من لسانه، ممّا حدا بأبي العباس ابن العريف الصالح الزاهد أن يقول كلمته المشهورة التي بقيت ليومنا هذا تُطارد ابن حزم الأندلسي، وهي (لسان ابن حزم

ص:12

وسيف الحجّاج شقيقان).

ولم يكن ابن حزم في نقاشه ومحاوراته هادئاً ليّناً، قال ابن حجر العسقلاني: ولم يكن يلطف فيصدعه بما عنده بتعريض ولا تدريج، بل يصك معارضاًصك الجندل، وينسفه في أنفه إنساف الخردل. فتمالأ عليه فقهاء عصره، وأجمعوا على تضليله، وشنّعوا عليه، وحذّروا أكابرهم من قبيله، ونهوا عوامهم عن الاقتراب منه. فطفقوا يعصونه وهو مصر على طريقته، حتى كمل له من تصانيفه وقر بعير، لم يتجاوز أكثرها بابه؛ لزهد العلماء فيها.

وفي مكان آخر من كتابه قال ابن حجر: تعصّب عليه فقهاء المالكية بامراء تلك الديار، فمقتوه وآذوه وطردوه وحرقوا كتبه علانية.

ونتيجة لذلك كلّه هاجر ابن حزم إلى بادية لَبْلَة من بلاد لأندلس وتوفي فيها سنة 456 ه.

ومما يؤآخذ به ابن حزم أيضاً اعتقاده في أحقيّة عدالة دولة بني أُميّة:

قال أبن حجر: وممّا يزيد في بغض الناس له اعتقاده بصحة إمامتهم- بني أُميّة- حتى نُسب إلى النصب.

وقال التلمساني في (نفح الطيب): قال ابن حزم: إنّ دولة بني

ص:13

أُميّة بالأندلس أنبل دول الإسلام، وأنكاها في العدو، وقد بلغت في العزّ والنصر ما لا مزيد عليه.

فلا عجب أن يصدر من هذا الرجل انتقاد لأئمة أهل البيت عليهم السلام ولعقائد محبّيهم والسائرين على نهجهم، فإن هجم عليهم هو ببنانه في هذا الكتاب فقد سلَّ مواليه بنو أُميّة بالأمس السيوف عليهم وذبحوا أبناء الرسول في كربلاء وغيرها، علماً بأنّ جدّه يزيد كان مولىً ليزيد بن أبي سفيان وهو أوّل مَن أسلم من أجداده، كما ذكره ابن خلكان في الوفيات «(1)».

والذي يطّلع على حياة ابن حزم لا يستبعد هجومه وتشنيعه على أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام، كيف وقد كان نصيب كبار علماء اخواننا أبناء السنّة مقداراً كبيراً من النقد والتشنيع منه، حتى قالوا: لا يكاد يسلم أحد من لسانه، وقالوا: لسان ابن حزم وسيف الحجّاج شقيقان، كما أوضحناه قبل عدّة أسطر في ترجمته.

فنراه في كتابه هذا يلصق بأتباع أهل البيت عليهم السلام أكاذيب


1- انظر ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان 3: 325-/ 330، لسان الميزن لابن حجر العسقلاني 4: 198-/ 203، نفح الطيب للتلمساني 1: 313، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي 3: 299-/ 300، هدية العارفين لاسماعيل باشا البغدادي 5: 690-/ 691، الأعلام لخير الدين الزركلي 4: 254-/ 255

ص:14

وافتراآت لا تجد لها في كتبهم عيناً ولا أثر، كقولهم بتحريف القرآن، وأنهم يُجيزون نكاح تسعة نساء، وإمامة المرأة والحمل في بطن أُمّه، وأنّ مذهبهم مأخوذ من عبد اللَّه بن سبأ الذي أحرقه الإمام علي عليه السلام، بل أكثر من ذلك كلّه يدّعي أنّ الروافض ليسوا من المسلمين!!! ويقصد بهم أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام.

والعجب من هذا الرجل الذي تصفه المصادر بالفقيه والحافظ، أن يناقش في أمور متسالم عليها عند جميع المسلمين، وهي مسطورة في كتبهم القديمة والحديثة، فنراه ينكر حديث الموآخاة التي جرت بين النبي صلى الله عليه و آله والإمام علي عليه السلام وحديث ردّ الشمس لعلي عليه السلام ونزول سورة «هل أتى» في علي وأهل بيته عليهم السلام، بل ينكر أنّ علياً عليه السلام أكثر الصحابة علماً!!!.

لذلك تصدّى للردّ عليه العلّامة الأميني رضوان اللَّه تعالى عليه، وأثبت بطلان مدّعاه مستدلًا بالمصادر الرئيسية لاخواننا أبناء السنّة. علماً بأنّ العلّامة الأميني ليس أول مَن ردَّ على ابن حزم، فقد ردّه كثير من علماء العامة كالاستاذ عبد الفتاح عبد المقصود في كتابه الإمام علي ابن أبي طالب عليه السلام، والأستاذ محمد كرد علي في خطط الشام. وألّف عدد كبير من علماء العامة كتباً ورسائل مستقلة في اثبات ما أنكره ابن حزم كحديث الموآخاة وردّ الشمس وسورة «هل أتى» وأعلمية الامام علي عليه السلام

ص:15

وغيرها، هذا كلّه اضافة إلى الذين ردّوا على أخطائه وانحرافاته في الفقه والحديث، وقد أشرنا إلى بعضها سابقاً.

والحمد للَّه أوّلًا وآخراً، والصلاة والسلام على نبيّنا محمد المصطفى.

محمّد الحسّون

29 رمضان 1416 ه

ص:16

ص:17

نظرة في كتاب

الفِصَل في الملل والأهواء والنحل

يجب على مَن يكتب في الملل والنحل قبل كلّ شي ء الإلتزام بالصدق والأمانة أكثر ممّن يؤلّف في التأريخ والأدب، حتى يأمن بوائق هذا الفن من قذف الأُمم من غير استنادٍ إلى ركن وثيق، وتشويه سمعة الأبرياء بمجرّد الوهم أو الخيال، فلا يخطّ إلّاوهو مُثبّت في النقل، مُعتمد على أوثق المصادر، حتى يكون ذلك معذراً له عند المولى سبحانه، فلا يؤآخذ بالبهت على الناس والوقيعة فيهم.

غير أنّ ابن حزم لم يلتزم بهذا الواجب، بل التزم بضده في كلّ

ص:18

ما يكتب، فطفق ينسق الأقاويل، ويروقه تكثير المذاهب، وقذف مَن يخالفه في المبدأ، فإليك نماذج من تحكّماته:

1 قال: إنَّ الروافضَ ليسوا من المسلمين، إنَّما هي فِرقٌ أوّلها بعد موت النبيِّ بخمس وعشرين سنة، وكان مبدؤها إجابةً ممَّن خذله اللَّه لدعوة مَن كاد الإسلام، وهي طائفةٌ تجري مجرى اليهود والنصارى في الكذب والكفر «(1)».

ج- لعمر الحقِّ أنَّ هذه جملٌ قارصة، تندى منها جبهة الإنسانيَّة، ولو كان الظاهريُّ يحملها لوجب أن يتصبّب عرقاً، ولكن ...

وليت شعري كيف يُمكن سلب الإسلام عن قوم يستقبلون القبلة في فرائضهم، ويلهجون بالشَّهادتين فيها، ويحملون القرآن ويعملون به، ويتَّبعون سُنَّة النبيِّ الأقدس؟! ومل ءُ الدّنيا كتبهم في العقائد والأحكام، فهي شهيدةٌ لهم على ما قُلناه بعد أعمالهم الخارجيَّة.

وكيف يسع الرجل هذا الحكم الباتّ؟! وآلافٌ من الشيعة هم مشايخ أعلام السنَّة ورواة الحديث فيصحاحهم الستّ وغيرها


1- الفصل في الملل والأهواء والنحل 1: 290

ص:19

من المسانيد، وهي مراجع قومه في معتقداتهم وأحكامهم وآرائهم، نظرآء:

1-/ أبان بن تغلب الكوفي

2-/ أحمد بن المفضل الحفري

3-/ أسماعيل بن زكريّا الكوفي

4-/ تليد بن سليمان الكوفي

5-/ جابر بن يزيد الجعفي

6-/ جعفر بن سليمان البصري

7-/ الحارث بن عبد اللَّه الهمداني

8-/ حكم بن عُتيبة الكوفي

9-/ أبو الجحّاف ابن أبي عوف

10-/ سالم بن أبي الجعد الكوفي

11-/ سعيد بن خثيم الهلالي

12-/ سليمان بنصرد الكوفي

13-/ سليمان بن مهران الكوفي

14-/ طاووس بن كيسان الهمداني

15-/ عبّاد بن يعقوب الكوفي

16-/ عبد اللَّه بن عُمر الكوفي

17-/ عبد الرَّحمن بنصالح الأزدي

18-/ عبيد اللَّه بن موسى الكوفي

ص:20

19-/ عطيَّة بن سعد الكوفي

20-/ علي بن بديمة

21-/ عليّ بنصالح

22-/ عليّ بن المنذر الطرائفي

23-/ عمّار بن زُريق الكوفي

24-/ فضل بن دكين الكوفي

25-/ مالك بن إسماعيل الكوفي

26-/ محمّد بن فضيل الكوفي

27-/ محمّد بن عمّار الكوفي

28-/ المنهال بن عمرو الكوفي

29-/ نوح بن قيس الحدّاني

30-/ هُبيرة بن بُريم الحميري

31-/ وكيع بن الجراح الكوفي

32-/ إبراهيم بن يزيد الكوفي

33-/ إسماعيل بن أبان الكوفي

34-/ إسماعيل بن عبد الرَّحمن

35-/ ثابت أبو حمزة الِّثمالي

36-/ جرير بن عبد الحميد الكوفي

37-/ جُميع بن عُميرة الكوفي

38-/ حبيب بن أبي ثابت الكوفي

ص:21

39-/ حمّاد بن عيسى الجهني

40-/ زُبيد بن الحارث الكوفي

41-/ سالم بن أبي حفصة الكوفي

42-/ سلمة بن الفضل الأبرش

43-/ سليمان بن طاخان البصري

44-/ شعبة بن الحجّاج البصري

45-/ ظالم بن عمرو الدؤلي

46-/ عبد اللَّه بن داود الكوفي

47-/ عبد اللَّه بن لهيعة الحضرمي

48-/ عبد الرزاق بن همام الحميري

49-/ عثمان بن عُمير الكوفي

50-/ العلاء بنصالح الكوفي

51-/ عليّ بن الجعد الجوهري

52-/ علي بن غراب الكوفي

53-/ عليّ بن هاشم الكوفي

54-/ عمرو بن عبد اللَّه السبيعي

55-/ فضيل بن مرزوق الكوفي

56-/ محمّد بن حازم الكوفي

57-/ محمّد بن مسلم الطائفي

58-/ معروف بن خربوذ الكرخي

ص:22

59-/ موسى بن قيس الحضرمي

60-/ هارون بن سعد الكوفي

61-/ هشام بن زياد البصري

62-/ يحيى بن الجزّار الكوفي

63-/ أبو عبد اللَّه الجدلي

64-/ إسماعيل بن خليفة الكوفي

65-/ إسماعيل بن موسى الكوفي

66-/ ثُوير بن أبي فاختة الكوفي

67-/ جعفر بن زياد الكوفي

68-/ الحارث بن حُصيرة الكوفي

69-/ الحسن بن حيِّ الهمداني

70-/ خالد بن مخلّد القطواني

71-/ زيد بن الحباب الكوفي

72-/ سعد بن طريف الكوفي

73-/ سلمة بن كهيل الحضرمي

74-/ سليمان بن قرم الكوفي

75-/صعصعة بنصوحان العبيدي

76-/ أبو الطفيل عامر المكّي

77-/ عبد اللَّه بن شدّاد الكوفي

78-/ عبد اللَّه بن ميمون القداح

ص:23

79-/ عبد الملك بن أعين

80-/ عديّ بن ثابت الكوفي

81-/ علقمة بن قيس النخعي

82-/ عليّ بن زيد البصري

83-/ عليّ بن قادم الكوفي

84-/ عمّار بن معاوية الكوفي

85-/ عوف بن أبي جميلة البصري

86-/ فطر بن خليفة الكوفي

87-/ محمّد بن عُبيد اللَّه المدني

88-/ محمّد بن موسى المدني

89-/ منصور بن المعتمر الكوفي

90-/ نفيع بن الحارث الكوفي

91-/ هاشم بن البريد الكوفي

92-/ هشام بن عمّار الدمشقي

93-/ يزيد بن أبي زياد الكوفي «(1)».

هؤلاء جمعُ ممَّن احتجّ بهم الأئمَّة الستَّة فيصحاحهم، أضف إليهم رجال الشيعة من الصحابة الأكرمين، والتابعين الأوَّلين،


1- راجع في ترجمة هؤلاء وتفصيل حديثهم المراجعات لسيّدنا المجاهد حجّة الإسلام شرف الدين ص 41- 105« المؤلف»

ص:24

وأعلام البيت العلويِّ الطاهر من الَّذين يُحتجُّ بهم وبحديثهم، وأنهى أئمَّة أهل السنَّة إليهم الإسناد في الصحاح والسنن والمسانيد، وهم مصرِّحون بثقتهم وعدالتهم.

فلو كانت الشيعة- كما زعمه ابن حزم- خارجين عن الإسلام فما قيمة تلك الصحاح؟! وتلك المسانيد؟! وتلك السنن؟! وما قيمة مؤلِّفيها أُولئك المشايخ وأُولئك الأئمَّة وأُولئك الحفّاظ؟! وما قيمة تلكم المعتقدات والآراء المأخوذة ممَّن ليسوا من المسلمين؟! اللهمَّ غفرانكَ وإليكَ المصير، وأنت القاضي بالحقِّ.

نعم، ذنبهم الوحيد الَّذي لا يُغفر عند ابن حزم أنَّهم يُوالون عليّاً أمير المؤمنين عليه السلام وأولاده الأئمَّة الأُمناءصوات اللَّه عليهم، إقتداءً بالكتاب والسنَّة، ومن جرّاء ذلك يستبيحصاحب (الفصل) من أعراضهم ما لا يُستباح من مسلم، واللَّه هو الحكم الفاصل.

وأمّا ما حسبه مِن أنَّ مبدأ التشيّع كان إجابةً ممَّن خذله اللَّه لدعوة مَن كاد الإسلام، وهو يريد عبد اللَّه بن سبأ، الذي قتله أمير المؤمنين عليه السلام إحراقاً بالنار على مقالته الإلحاديَّة، وتبعته شيعته على لعنه والبراءة منه.

فمتى كان هذا الرجس من الحزب العلويِّ حتى تأخذ الشيعة منه مبدأها القويم؟! وهل تجد شيعيّاً في غضون أجيالها وأدوارها

ص:25

ينتمي إلى هذا المخذول ويمتُّ به؟! لكن الرجل أبى إلّاأن يقذفهم بكلِّ مائنةٍ شائنةٍ، ولو استشفَّ الحقيقة لَعَلِمَ بحقِّ اليقين أنَّ مُلقي هذه البذرة- التشيّع- هو مشرِّع الإسلامصلى الله عليه و آله يوم كان يُسمِّيّ من يوالي عليّاً عليه السلام بشيعته، ويُضيفهم إليه ويُطريهم ويدعوا أُمَّته إلى موالاته واتِّباعه، راجعص 78 «(1)


1- في الجزء الثالث الصفحة 78- 79 من هذا الكتاب- الغدير- عدّة روايات دالة على ذلك: منها: قوله صلى الله عليه و آله و سلم لعلي عليه السلام:« أنت وشيعتك في الجنة» تأريخ بغداد 12: 289. ومنها: قوله صلى الله عليه و آله و سلم:« إذا كان يوم القيامة دُعي الناس بأسمائهم وأسماء أُمهاتهم إلّاهذا- يعني علياً- وشيعته، فإنّهم يُدعون بأسمائهم وأسماء آبائهم؛ لصحة ولادتهم» مروج الذهب 2: 51. ومنها: قوله صلى الله عليه و آله و سلم لعلي عليه السلام:« يا علي إنّ اللَّه قد غفر لك ولذريتك ولولدك ولأهلك وشيعتك ولمحبّي شيعتك» الصواعق المحرقة: 96 و 139 و 140. ومنها: قوله صلى الله عليه و آله و سلم لعلي عليه السلام:« إنّك ستقدم على اللَّه أنت وشيعتك راضين مرضيين» النهاية في غريب الحديث والأثر 3: 276. ومنها: قوله صلى الله عليه و آله و سلم لعلي عليه السلام:« أنت أول داخل الجنة من أُمتي، وأنّ شيعتك على منابر من نور مسرورين، مبيضّة وجوههم حولي، أشفع لهم فيكونون في الجنة جيراني» مجمع الزوائد 9: 131، كفاية الطالب: 135. ومنها: قوله صلى الله عليه و آله و سلم:« أنا الشجرة، وفاطمة فرعها، وعلي لقاحهما، والحسن والحسين ثمرتها، وشيعتنا ورقها. وأصل الشجرة في جنة عدنٍ، وسائر ذلك في سائر الجنة» مستدرك الصحيحين 3: 160، تأريخ ابن عساكر 4: 318، الرياض النضرة 2: 253، الفصول المهمة: 11، نزهة المجالس 2: 222. ومنها: قوله صلى الله عليه و آله و سلم:« يا علي إنّ أول أربعة يدخلون الجنة: أنا، وأنت، والحسن، والحسين. وذرارينا خلف ظهورنا، وأزواجنا خلف ذرارينا، وشيعتنا عن أيماننا وعن شمائلنا» تأريخ ابن عساكر 4: 318، الصواعق المحرقة: 96، تذكرة الخواص: 31، مجمع الزوائد 9: 131، كنوز الحقائق بهامش الجامع الصغير 2: 16

ص:26

ولتفاهة هذه الكلمة لا نسهب الإفاضة في ردِّه، ونقتصر على كلمة ذهبيَّة للأستاذ محمَّد كرد علي في خطط الشام 6ص 251، قال: أمّا ما ذهب إليه بعض الكتّاب من أنَّ مذهب التشيّع من بدعة عبد اللَّه بن سبأالمعروف بإبن السوداء، فهو وهمٌ، وقلّة علم بتحقيق مذهبهم، ومَن عَلِمَ منزلة هذا الرجل عند الشيعة وبراءتهم منه ومِن أقواله وأعماله، وكلام علمائهم في الطعن فيه بلا خلاف بينهم في ذلك، عَلِمَ مبلغ هذا القول من الصواب، انتهى.

2- قال: كذب مَن قال: بأنَّ عليّاً كان أكثر الصحابة علماً 4ص 136.

ثمَّ بسط القول في تقرير أعلميَّة أبي بكر وتقدُّمه على عليٍّ في العلم ببيانات تافهة، إلى أن قال: عَلِمَ كلُّ ذي حظٍّ من العلم أنَّ الذي كان عند أبي بكر من العلم أضعاف ما كان عند عليٍّ منه.

وقال في تقدُّم عمر على عليٍّ في العلم: عَلِمَ كلُّ ذي حسٍّ علماً ضروريّاً أنَّ الذي كان عند عمر من

ص:27

العلم أضعاف ما كان عند عليٍّ من العلم. إلى أن قال:

فبطل قول هذه الوقّاح الجهّال، فإن عاندنا معاندٌ في هذا الباب جاهلٌ أو قليل الحياء لاح كذبه وجهله، فإنّا غير مُهتمّين على حطِّ أحد من الصحابة عن مرتبته.

ج- أنا لستُ أدري أأضحك من هذا الرجل جاهلًا؟! أم أبكي عليه مُغفَّلًا؟! أم أسخر منه معتوهاً؟! فإنّ ممّا لا يدور في أيِّ خلد الشكُّ في أنَّ أمير المؤمنين عليّاً عليه السلام كان يربوا بعلمه على جميع الصحابة، وكانوا يرجعون إليه في القضايا والمشكلات ولا يرجع إلى أحدٍ منهم في شي ء، وأنَّ أوَّل مَن اعترف له بالأعلميَّة نبيُّ الإسلامصلى الله عليه و آله بقوله لفاطمة: «أما ترضين إنّي زوَّجتك أوَّل المسلمين إسلاماً وأعلمهم علماً» «(1)».

وقولهصلى الله عليه و آله لها: «زوّجتكِ خير أُمَّتي، أعلمهم علماً، وأفضلهم حلماً، وأوَّلهم سلماً» «(2)».

وقوله صلى الله عليه و آله لها: إنَّه «لأوَّل أصحابي إسلاماً»، أو: «أقدم أُمَّتي


1- مستدرك الصحيحين 3: 129، كنز العمال 6 ص 13« المؤلف» وانظر كنز العمال طبعة مؤسسة الرسالة 11: 605/ 32925
2- أخرجه الخطيب في المتفق، والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 6: 398« المؤلف»

ص:28

سلماً، وأكثرهم علماً، وأعظمهم حلماً» «(1)».

وقوله صلى الله عليه و آله: «أعلم أُمَّتي من بعدي عليُّ بن أبي طالب» «(2)».

وقوله صلى الله عليه و آله: «عليٌّ وعاء علمي، ووصييّ، وبابي الذي أوتى منه» «(3)».

وقولهصلى الله عليه و آله: «عليٌّ باب علمي، ومبيِّن لأُمّتي ما أُرسلت به من بعدي» «(4)».

وقولهصلى الله عليه و آله: «عليٌّ خازن علمي» «(5)».


1- مسند أحمد بن حنبل 5: 26، الاستيعاب بهامش الاصابة 3: 36، الرياض النضرة 2: 194، مجمع الزوائد 9: 101 و 114 بطريقين صحّح أحدهما ووثّق رجال الآخر، المرقاة في شرح المشكاة 5: 569، كنز العمال 6 ص 153، السيرة الحلبية 1: 285، سيرة زيني دحلان بهامش السيرة الحلبية 1: 188« المولّف». وانظر كنز العمال طبعة مؤسسة الرسالة 11: 605/ 32925
2- أخرجه الديلمي عن سلمان، وذكره الخوارزمي في المناقب: 49 ومقتل الحسين عليه السلام 1: 43، والمتقي في كنز العمال 6 ص 153« المؤلف». وانظر كنز العمال طبعة مؤسسة الرسالة 11: 614/ 32977
3- شمس الأخبار: 39، كفاية الكنجي: 70 و 93« المؤلف»
4- أخرجه الديلمي عن أبي ذر كما في كنز العمال 6 ص 156، كشف الخفاء 1: 204« المؤلّف». وانظر كنز العمال طبعة مؤسسة الرسالة 11: 614/ 32981
5- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2: 448« المؤلّف» وانظر شرح نهج البلاغة الطبعة المحققة 7: 60

ص:29

وقوله صلى الله عليه و آله: «عليُّ عيبة علمي» «(1)».

وقوله صلى الله عليه و آله: «أقضى أُمَّتي عليّ» «(2)».

وقوله صلى الله عليه و آله: «أقضاكم عليّ» «(3)».

وقوله صلى الله عليه و آله: «يا عليُّ اخصمك بالنبوَّة ولا نبوَّة بعدي، وتخصم بسبع»، إلى أن عدَّ منها: «وأعلمهم بالقضيَّة»، وفي لفظٍ:

«وأبصرهم بالقضيَّة» «(4)».

وقوله صلى الله عليه و آله: «قسّمت الحكمة عشرة أجزاء، فاعطي عليُّ تسعة


1- شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد 2: 448، الجامع الصغير للسيوطي، جمع الجوامع كما في ترتيبه 6: 153، شرح العزيزي 2: 417، حاشية شرح العزيزي للحنفي 2: 417، مصباح الظلام 2: 56« المؤلّف». وانظر شرح نهج البلاغة الطبعة المحققة 7: 60 والجامع الصغير للسيوطي الطبعة المحققة 2: 177/ 5593
2- مصابيح البغوي 2: 277، الرياض النضرة 2: 198، المناقب للخوارزمي: 50، فتح الباري 8: 136، بغية الوعاة: 447« المؤلّف»
3- الاستيعاب بهامش الاصابة 3: 38، مواقف القاضي الايجي 3: 276، شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد 2: 235، مطالب السئول: 23، تمييز الطيّب من الخبيث: 25، كفاية الشنقيطي: 46« المؤلّف».
4- حلية الأولياء 1: 66، الرياض النضرة 2: 198 عن الحاكمي، مطالب السئول: 34، تأريخ ابن عساكر، كفاية الطالب: 139، كنز العمال« المؤلّف». وانظر مختصر تأريخ دمشق 2: 325، وكنز العمال طبعة مؤسسة الرسالة 11: 617/ 32994

ص:30

أجزاء، والناس جزءً واحداً» «(1)».

وكيف كان صلى الله عليه و آله يقول لَمّا يقضي عليٌّ في حياته: «الحمد للَّهِ الذي جعل الحكمة فينا أهل البيت» «(2)».

وإذا كان عليٌّ باب مدينة علم رسول اللَّه وحكمته بالنصوص المتواترة عنه «(3)»صلى الله عليه و آله فأيُّ أحدٍ يُوازيه؟! أو يُضاهيه!؟ أو يقرب منه في شي ء من العلم؟!.

وهذا الحديث ممّا لا شكَّ فيصدوره عن مصدر النبوَّة، وقد أفرده بتدوين طرقه غير واحدٍ في مؤلَّفات مستقلّة.

وبعده صلى الله عليه و آله عائشة فإنَّها قالت: عليٌّ أعلم الناس بالسنَّة «(4)».


1- حلية الأولياء 1: 65، أسنى المطالب للحافظ الجزري: 14« المؤلّف»
2- أخرجه أحمد في المناقب، ومحبّ الدين الطبري في الرياض النضرة 2: 194« المؤلّف». وانظر فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام لابن حنبل، الطبعة الحروفية: 137
3- أخرجه كثير من الحفّاظ بعدّة طرق، وصححه الطبري، وابن معين، والحاكم، والخطيب البغدادي، والسيوطي وغيرهم« المؤلّف». وانظر الرياض النضرة 3: 159، مستدرك الصحيحين 3: 126، تأريخ بغداد 2: 377 و 4: 348 و 7: 173 و 11: 204-/ 205، الجامع الصغير 1: 415/ 2705
4- الاستيعاب بهامش الاصابة 3: 40، الرياض النضرة 2: 193، المناقب للخوارزمي: 54، الصواعق المحرقة: 76، تأريخ الخلفاء للسيوطي: 115« المؤلّف»

ص:31

وعمر بقوله: عليٌّ أقضانا «(1)».

وقوله: أقضانا عليٌّ «(2)».

ولعمر كلماتٌ مشهورةٌ تعرب عن غاية احتياجه في العلم إلى أمير المؤمنين، منها قوله غير مرَّة: لولا عليٌّ لهلك عمر «(3)».

وقوله: اللّهم لا تبقني لمعضلة ليس لها ابن أبي طالب «(4)».

وقوله: لا أبقاني اللَّه بأرضٍ لستَ فيها أبا الحسن «(5)».

وقوله: لا أبقاني اللَّه بعدك يا عليُّ «(6)».


1- حلية الأولياء 1: 65، الطبقات الكبرى لإبن سعد: 459 و 460 و 461، الاستيعاب بهامش الاصابة 4: 38 و 39، الرياض النضرة 2: 198 و 244، تأريخ ابن كثير 7: 359 وقال: وثبت عن عمر، أسنى المطالب للجزري: 14، تأريخ الخلفاء للسيوطي: 115« المؤلّف»
2- الطبقات الكبرى لابن سعد: 860، الاستيعاب بهامش الاصابة 3: 41، تأريخ ابن عساكر 2: 325، مطالب السئول: 30« المؤلّف»
3- أخرجه أحمد والعقيلي وابن السّمان، ويوجد في الاستيعاب بهامش الأصابة 3: 39، والرياض النضرة 2: 194، وتفسير النيسابوري في سورة الاحقاف، والمناقب للخوارزمي: 48، وشرح الجامع الصغير للشيخ محمد الحنفي بهامش السراج المنير 1: 417، وتذكرة الخواص: 87، ومطالب السئول: 13، وفيض القدير 4: 357« المؤلّف»
4- تذكرة الخواص: 87، المناقب للخوارزمي: 58، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي 1: 45« المؤلّف»
5- ارشاد الساري 3: 195« المؤلّف»
6- الرياض النضرة 2: 197، المناقب للخوارزمي: 60، تذكرة الخواص: 88، فيض القدير 4: 357« المؤلّف»

ص:32

وقوله: أعوذ باللَّه من معضلة ولا أبو حسن لها «(1)».

وقوله: أعوذ باللَّه أن أعيش في قوم لستَ فيهم ياأباالحسن «(2)».

وقوله: أعوذ باللَّه أن أعيش في قوم ليسَ فيهم أبو الحسن «(3)».

وقوله: اللهمّ لا تنزل بي شديدة إلّاوأبو الحسن إلى جنبي «(4)».

وقوله: لا بقيتُ لمعضلة ليس لها أبو الحسن. ترجمة عليّ بن أبي طالبص 79.

وقوله: لا أبقاني اللَّه إلى أن أدرك قوماً ليس فيهم أبو الحسن.

حاشية شرح العزيزي 2ص 417، مصباح الظلام 2ص 56.

وقال سعيد بن المسيِّب: كان عمر يتعوَّذ باللَّه من معضلة ليس لها أبو الحسن «(5)».


1- تأريخ ابن كثير 7: 359، الفتوحات الإسلامية 2: 306« المؤلّف»
2- الرياض النضرة 2: 197، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد 2: 352« المؤلّف»
3- فيض القدير 4: 357 قال: أخرج الدار قطني عن أبي سعيد: أنّ عمر كان يسأل علياً عن شي ء، فأجابه، فقال عمر، أعوذ باللَّه إلى آخره« المؤلّف»
4- أخرجه ابن البحتري كما في الرياض النضرة 2: 194« المؤلّف»
5- أخرجه احمد في المناقب، ويوجد في الاستيعاب بهامش الاصابة 3: 39، صفة الصفوة 1: 121، الرياض النضرة 2: 194، تذكرة الخواص: 85، طبقات الشافعية للشيرازي: 10، الاصابة 2: 509، الصواعق المحرقة: 76، فيض القدير 4: 357، ألف باء 1: 222« المؤلّف». انظر فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام لأحمد بن حنبل، الطبعة الحروفية: 186

ص:33

وقال معاوية: كان عمر إذا أشكل عليه شي ء أخذه منه «(1)».

ولمّا بلغ معاوية قتل الإمام قال: لقد ذهب الفقه والعلم بموت ابن ابي طالب. أخرجه أبو الحجّاج البلوي في كتابه «ألف باء» ج 1ص 222.

ثمّ الإمام السبط الحسن الزكيّ فإنَّه قال في خطبة له: «لقد فارقكم رجلٌ بالأمس لم يسبقه الأوَّلون، ولا يُدركه الآخرون بعلم» «(2)».

وقال ابن عبّاس حَبر الأُمَّة: واللَّه لقد أُعطي عليُّ بن أبي طالب تسعةُ أعشار العلم، وأيم اللَّه لقد شارككم في العُشر العاشر «(3)».

وقال: ما علمي وعلم أصحاب محمَّدصلى الله عليه و آله في علم عليٍّ رضى الله عنه إلّا كقطرة في سبعة أبحر «(4)».


1- مناقب أحمد، الرياض النضرة 2: 195« المؤلّف». وانظر فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام لأحمد بن حنبل، الطبعة الحروفية: 181
2- أخرجه أحمد كما في تأريخ ابن كثير 7: 332، وأبو نعيم في الحلية 1: 65، وابن أبي شيبة كما في ترتيب جمع الجوامع 6: 412، وأبو الفرج ابن الجوزي في صفة الصفوة 1: 121« المؤلّف». وانظر فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام لأحمد بن حنبل، الطبعة الحروفية: 189، ومصنّف ابن أبي شيبة 12: 75/ 12159
3- الاستيعاب بهامش الاصابة 3: 40، الرياض النضرة 2: 194، مطالب السئول: 30« المؤلّف»
4- راجع الجزء الثاني من كتابنا ص 44-/ 45 ط ثاني« المؤلّف». قال السيد أحمد زيني دحلان في الفتوحات الإسلامية 2: 37: كان عليٌ رضى الله عنه أعطاه اللَّه علماً كثيراً وكشفاً غزيراً، قال أبو الطفيل: شهدتُ علياً يخطب وهو يقول:« سلوني من كتاب اللَّه، فواللَّه ما من آية إلّاوأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار، أم في سهل أم في جبل. ولو شئتُ أوقرتُ سبعين بعيراً من تفسير فاتحة الكتاب». وقال ابن عباس رضى الله عنه: علم رسول اللَّه من علم اللَّه تبارك وتعالى، وعلم علي رضى الله عنه من علم النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم، وعلمي من علم علي رضى الله عنه. وما علمي وعلم أصحاب محمّد صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم في علم علي رضى الله عنه إلّاكقطرة في سبعة أبحر. ويقال: إنّ عبد اللَّه بن عباس أكثر البكاء على علي رضى الله عنه حتى ذهب بصره. وقال ابن عباس أيضاً: لقدأُعطي علي بن أبي طالب تسعة أعشار العلم، وأيم اللَّه لقد شارك الناس في العشر العاشر. وكان معاوية يسأله ويكتب له فيما ينزل به، فلّما توفّي علي رضى الله عنه قال معاوية: لقد ذهب الفقه والعلم بموت علي بن أبي طالب رضى الله عنه. وكان عمر بن الخطاب يتعوّذ من معضلة ليس فيها أبو الحسن. وسُئل عطاء: أكان في أصحاب محمد صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم أحد أعلم من علي؟ قال: لا واللَّه ما أعلمه. وأخرج أبو نعيم في حلية الأولياء 1: 65 قول عبد اللَّه بن مسعود: إنّ القرآن نزل على سبعة أحرف، ما منها حرف إلّاوله ظهر وبطن، وإنّ علياً عنده علم الظاهر والباطن

ص:34

وقال: العلم ستَّة أسداس، لِعليٍّ من ذلك خمسة أسداس، وللنّاس سُدسٌ، ولقد شارَكنا في السّدس حتّى لهو أعلم به منّا «(1)».

وقال ابن مسعود: قسّمت الحكمة عشرة أجزاء، فاعطي عليٌ


1- المناقب للخوارزمي: 55، فرائد السمطين في الباب 68 بطريقين« المؤلّف». وانظر الطبعة المحققة من فرائد السمطين 1: 369/ 298

ص:35

تسعة أجزاء، والناس جزءً، وعليٌّ أعلمهم بالواحد منها «(1)».

وقال: أعلم أهل المدينة بالفرائض عليُّ بن أبي طالب «(2)».

وقال: كنّا نتحدَّث أنَّ أقضى أهل المدينة عليٌّ «(3)».

وقال: أفرض أهل المدينة وأقضاها عليٌّ «(4)».

وقال: إنَّ القرآن أُنزل على سبعة أحرف، ما منها حرف، إلّاوله ظهرٌ وبطنٌ، وإنَّ عليّ بن أبي طالب عنده منه الظاهر والباطن.

مفتاح السعادة ج 1ص 400.

وقال هشام بن عتيبة في علي عليه السلام: هو أوّل مَنصلّى مع رسول اللَّه، وأفقهه في دين اللَّه، وأولاه برسول اللَّه «(5)».

وسُئل عطاء: أكان في أصحاب محمّدٍ أحد أعلم من عليٍّ؟! قال: لا واللَّه ما أعلمه «(6)».


1- كنز العمال نقلًا عن غير واحد من الحفّاظ« المؤلّف». وانظر كنز العمال طبعة مؤسسة الرسالة 11: 615/ 32982
2- الاستيعاب بهامش الاصابة 3: 41، الرياض النضرة 2: 194« المؤلّف»
3- مستدرك الصحيحين للحاكم 3: 135 وصحّحه، الاستيعاب بهامش الاصابة 3: 41، أسنى المطالب للجزري: 14، تمييز الطيّب من الخبيث لإبن البديع: 15، الصواعق المحرقة: 76« المؤلّف»
4- مستدرك الصحيحين للحاكم 3: 135، الرياض النضرة 2: 198، الصواعق المحرقة: 76، تأريخ الخلفاء للسيوطي: 115« المؤلّف»
5- كتاب صفين لنصر بن مزاحم: 403
6- الاستيعاب بهامش الاصابة 3: 40، الرياض النضرة 2: 194، ألف باء 1: 222، الفتوحات الإسلامية 2: 337« المؤلّف»

ص:36

وقال عديّ بن حاتم في خطبة له: واللَّه لئن كان إلى العلم بالكتاب والسنَّة انِّه- يعني عليّاً- لأعلم النّاس بهما، ولئن كان إلى الإسلام إنَّه لأخو نبيِّ اللَّه والرأس في الإسلام، ولئن كان إلى الزهد والعبادة انَّه لأظهر الناس زهداً وأنهكهم عبادةً، ولئن كان إلى العقول والنَّحائز «(1)» إنَّه لأشدُّ الناس عقلًا وأكرمهم نحيزةً «(2)».

وقال عبد اللَّه بن حجل في خطبة له: أنت أعلمنا بربِّنا، وأقربنا بنبيِّنا، وخيرنا في ديننا «(3)».

وقال أبو سعيد الخدري: أقضاهم عليّ، وأخرج عبد الرزاق عن قتادة مثله. فتح الباري 8: 136.

وقد أمتدح جمعٌ من الصحابة أمير المؤمنين عليه السلام في شعرهم بالأعلميَّة كحسَّان بن ثابت، وفضل بن عبّاس، وتبعهم في ذلك أُمَّة كبيرةٌ من شعراء القرون الأُولى، لا نطيل بذكرهم المقام.

والأُمَّة بعد أُولئك كلّهم مُجمعةٌ على تفضيل أمير المؤمنين عليه السلام على غيره بالعلم، إذ هو الّذي ورث علم النبيِّصلى الله عليه و آله، وقد ثبت عنه بعدّة طرق قولهصلى الله عليه و آله: إنَّه وصيّه ووارثه. وفيه: قال عليُّ: «وما أرث منك يا نبيَّ اللَّه»؟! قال: «ما ورث الأنبياء من قبلي». قال: «وما


1- النحائز، جمع النحيزة: الطبيعة. الصحاح 3: 898« نحز»
2- جمهرة خُطب العرب 1: 202« المؤلّف»
3- جمهرة خُطب العرب 1: 203« المؤلّف»

ص:37

ورث الأنبياء من قبلك»؟! قال: «كتاب اللَّه وسنَّة نبيِّهم».

قال الحاكم في المستدرك 3ص 226 في ذيل حديث وراثته النبيَّ دون عمِّه العبّاس ما نصّه: لا خلاف بين أهل العلم أنَّ ابن العمّ لا يرث مع العمِّ، فقد ظهر بهذا الإجماع أنَّ عليّاً ورث العلم من النبىِّ دونهم.

وبهذه الوراثة الثابتةصحَّ عن عليّ عليه السلام قوله: «واللَّه انّي لأخوه ووليّه وابن عمِّه ووارث علمه، فمَن أحقُّ به منّي»؟! «(1)».

وهذه الوراثة هي المُتسالم عليها بين الصحابة، وقد وردت في كلام كثير منهم. وكتبَ محمّد بن أبي بكر إلى معاوية فيما كتب: يا لك الويل، تعدل نفسك بعليّ؟! وهو وارث رسول اللَّهصلى الله عليه و آله ووصيّه «(2)».

فلينظر الرجل الآن إلى من يوجِّه قوارصه وقذائفه؟! وما حكم من يقول ذلك ومن المفضِّلين النبيُ الأعظمصلى الله عليه و آله؟! وأمّا حكم من يقع في الصحابة وفيمن يقع فيه الإمام السبط الحسن وعائشة وعمر بن الخطاب وحبر الأُمَّة ابن عبّاس ونظرائهم، فالمرجع فيه زملاء الرجل وعلماء مذهبه.

3- قال: من قول الإماميَّة كلّها قديماً وحديثاً: إنَ


1- خصائص النسائي: 18، مستدرك الصحيحين 3: 126 صحّحه هو والذهبي« المؤلّف»
2- كتاب صفين لنصر بن مزاحم: 133، مروج الذهب 2: 59« المؤلّف»

ص:38

القرآن مُبدَّلٌ زيد فيه ما ليس منه، ونقص منه كثيرٌ، وبُدِّل منه كثيرٌ، حاشا عليّ بن الحسن «(1)» بن موسى بن محمّد، وكان إماميّاً يظاهر بالاعتزال مع ذلك، فإنَّه كان يُنكر هذا القول ويُكفِّر مَن قاله «(2)».

ج- ليت هذا المجترئ أشار إلى مصدر فريته من كتابٍ للشيعة موثوق به، أو حكاية عن عالم من علمائهم تقيم له الجامعة وزناً، أو طالبٍ من روّاد علومهم ولولم يعرفه أكثرهم، بل نتنازل معه إلى قول جاهل من جُهّالهم، أو قرويّ من بسطائهم، أو ثرثار كمثل هذا الرجل يرمي القول على عواهنه.

لكن القارئ إذا فحص ونقَّب لا يجد في طليعة الإماميَّة إلّانُفاة هذه الفرية، كالشيخ الصدوق في عقائده «(3)» والشيخ المفيد «(4)»، وعلم الهدى الشريف المرتضى «(5)» الذّي اعترف له الرجل بنفسه بذلك، وليس بمتفردٍّ عن قومه في رأيه كما حسبه المغفَّل، وشيخ


1- كذا في الفصل والمحكي عنه في كتب العامة، والصحيح: علي بن الحسين، وهو الشريف علم الهدى المرتضى« المؤلّف»
2- الفصل في الملل والأهواء والنحل 4: 181
3- اعتقادات الإمامية: 93- 94
4- اوائل المقالات: 54- 56
5- قاله في رسالته الجوابية الأولى عن المسائل الطرابلسيات، كما حكاه عنه الطبرسي في مجمع البيان 1: 15

ص:39

الطائفة الطوسي في التبيان «(1)»، وأمين الإسلام الطبرسي في مجمع البيان «(2)»، وغيرهم.

فهؤلاء أعلام الإماميَّة وحملة علومهم، الكالئين لنواميسهم وعقائدهم قديماً وحديثاً، يوقفونك على مين الرجل فيما يقول، وهذه فرق الشيعة- وفي مقدَّمهم الإماميَّة- مجمعةٌ على أنَّ ما بين الدفّتين هو ذلك الكتاب الّذي لا ريب فيه، وهو المحكوم بأحكامه ليس إلّا.

وإن دارت بين شدقي أحدٍ من الشيعة كلمة التحريف، فهو يريد التأويل بالباطل بتحريف الكَلِمِ عن مواضعه، لا الزيادة والنقيصة، ولا تبديل حرفٍ بحرف، كما يقول التحريف بهذا المعنى هو وقومه ويرمون به الشيعة كما مرَّص 80.

4- قال: من الإماميَّة من يُجيز نكاح تسع نسوة، ومنهم من حرَّم الكُرنْب «(3)»؛ لأنَّه نَبَتَ على دم الحسين ولم يكن قبل ذلك 4ص 182.

ج- كنتُ أودّ أن لا يكتب هذا الرجل عزوه المختلق في النكاح


1- التبيان 1: 3
2- مجمع البيان 1: 15
3- قال ابن منظور في لسان العرب 1: 716« كرنب»: الكُرُنْبُ: بقلة. قال ابن سيّده: الكرنب: هذا الذي يقال له السِّلق

ص:40

قبل مراجعة فقه الإماميّة، حتّى يعلم أنَّهم جمعاء من غير استثناء أحدٍ لا يُبيحون نكاح أكثر من أربع، فإنّ النكاح بالتسع من مختصّات النبيِّصلى الله عليه و آله، وليس فيه أيُّ خلاف بينهم وبين العامَّة.

ولولا أنَّ هذه نسبةٌ مائنةٌ إلى بعض الإماميَّة، لدلَّ القارئ عليه ونوَّه باسمه أو بكتابه، لكنَّه لم يعرفه، ولا قرأ كتابه، ولا سمعتْ اذناه ذكره، غير أنَّ حقده المحتدم أبى إلّاأن يفتري على بعضهم حيث لم تسعه الفرية على الجميع.

كما كنتٌ أودّ أن لا يُملي عن الكرنب حديثاً يفتري به قبل استطراقه بلاد الشيعة، حتّى يجدهم كيف يزرعون الكرنب ويستمرأون أكله مزيجاً بمطبوخ الأرز ومقلى القمح [البلغور]، يفعل ذلك علماؤهم والعامَّة منهم وأعوانهم وساقتهم، وما سمعت أُذنا أحدٍ منهم كلمة حظر عن أحد منهم، ولا نُقل عن مُحدِّثٍ أو مؤرِّخٍ أو لغويٍّ أو قصّاص أوخضرويٍّ بأنَّه نبت على دم الحسين عليه السلام ولم يكن قبل ذلك.

لكن الرجل ليس بمنتئى عن الكذب وإن طرق البلاد وشاهد ذلك كلّه بعينه؛ لأنَّهُ أراد في خصوص المقام تشويه سمعة القوم بكذب لا يُشاركه فيه أحدٌ من قومه.

5- قال: وجدنا عليّاً رضى الله عنه تأخَّر عن البيعة ستَّة أشهر، فما أكرهه أبو بكر على البيعة حتّى بايع

ص:41

طائعاً مراجعاً غير مكرهص 96.

وقالص 97: وأظرف من هذا كلّه بقاء عليّ مُمسكاً عن بيعة أبي بكر رضى الله عنه ستَّة أشهر، فما سألها، ولا أُجبر عليها، ولا كلّفها وهو متصرِّفٌ بينهم في أُموره، فلولا أنَّه رأى الحقَّ فيها واستدرك أمره فبايع طالباً حظَّ نفسه في دينه راجعاً إلى الحقِّ، لما بايع.

دعا الأنصار إلى بيعة سعد بن عبادة، ودعا المهاجرون الى بيعة أبي بكر؛ وقعد عليٌّ رضى الله عنه في بيته لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، ليس معه أحد غير الزبير بن العوام، ثمَّ استبان الحقّ للزبير رضى الله عنه فبايع سريعاً، وبقي عليٌّ وحده لا يرقب عليه.

ج- أنا لا أحوم حول هذا الموضوع، ولا أُولّي وجهي شطر هذه الأكاذيب الصريحة، ولا أُقابل هذا التدجيل والتمويه على الحقيقة والجناية على الإسلام وتأريخه، لكنِّي أقول: إقرأ هذا ثم أنظر إلى ما ذكره الأُستاذ الفذّ عبد الفتّاح عبدالمقصود في كتابه- الإمام علي بن أبي طالبص 225- فإنَّه زبدة المخض، قال:

واجتمعت جموعهم- آونةً في الخفاء وأُخرى على ملأ يدعون إلى ابن أبي طالب؛ لأنَّهم رأوه أولى الناس بأن يلي أُمور الناس، ثم

ص:42

تألَّبوا حول داره يهتفون باسمه ويدعونه أن يخرج إليهم ليردوّا عليه تراثه المسلوب ... فإذا المسلمون أمام هذا الحدث محالفٌ أو نصيرٌ، وإذا بالمدينة حزبان، وإذا بالوحدة المرجوَّة شقّان أوشكا على انفصال، ثمَّ لا يعرف غير اللَّه ما سوف تؤول إليه بعد هذا الحال ... فهلّا كان عليٌّ- كابن عبادة- حريّاً في نظر ابن الخطّاب بالقتل حتّى لا تكون فتنة ولا يكون انقسام؟!.

كان هذا أولى بعنف عمر إلى جانب غيرته على وحدة الإسلام، وبه تحدَّث الناس ولهجت الألسن كاشفةً عن خلجات خواطر جرت فيها الظنون مجرى اليقين، فما كان لرجل أن يجزم أو يعلم سريرة ابن الخطّاب، ولكنَّهم جميعاً ساروا وراء الخيال، ولهم سندٌ ممّا عرف عن الرجل دائماً من عنف ومن دفعات، ولعلَّ فيهم من سبق بذهنه الحوادث على متن الاستقراء، فرأى بعين الخيال قبل رأي العيون ثبات عليٍّ أمام وعيد عمر لو تقدَّم هذا منه يطلب رضاءه واقراره لأبي بكر بحقِّه في الخلافة، ولعلّه تمادى قليلًا في تصوُّر نتائج هذا الموقف وتخيّل عقباه، فعاد بنتيجة لازمة لا معدى عنها، هي خروج عمر عن الجادَّة، وأخذه هذا «المخالف» العنيد بالعنف والشدَّة!.

وكذلك سبقت الشائعات خطوات ابن الخطَّاب ذلك النهار، وهو يسير في جمع منصحبه ومعاونيه إلى دار فاطمة، وفي باله أن

ص:43

يحمل ابن عمِّ رسول اللَّه- إن طوعاً وإن كرهاً- على اقرار ما أباه حتّى الآن، وتحدَّث أُناسٌ بأنَّ السيف سيكون وحده متن الطاعة! ... وتحدَّث آخرون بأنَّ السيف سوف يلقى السيف! ... ثمَّ تحدَّث غير هؤلاء وهؤلاء بأنّ «النار» هي الوسيلة المثلى إلى حفظ الوحدة و إلى «الرضى» والإقرار! .. وهل على ألسنة الناس عقالٌ يمنعها أن تروي قصَّة حطب أمر به ابن الخطّاب فأحاط بدار فاطمة، وفيها عليٌّ وصحبه، ليكون عدّة الإقناع أو عدّة الإيقاع؟ ...

على أنَّ هذه الأحاديث جميعها ومعها الخطط المدبَّرة أو المرتجلة، كانت كمثل الزبد، أسرع إلى ذهاب ومعها دفعة ابن الخطّاب! .. أقبل الرجل، محنقاً مندلع الثورة، على دار عليٍّ، وقد ظاهره معاونوه ومن جاء بهم فاقتحموها أو أوشكوا على اقتحام، فإذا وجهٌ كوجه رسول اللَّه يبدو بالباب حائلًا من حزن، على قسماته خطوط آلام، وفي عينيه لمعات دمع، وفوق جبينه عبسة غضب فائر وحنق ثائر ...

وتوقّف عمر من خشية وراحت دفعته شعاعاً، وتوقَّف خلفه- أمام الباب-صحبه الذين جاء بهم، إذ رأوا حيالهمصورة الرسول تطالعهم من خلال وجه حبيبته الزهراء، وغضّوا الأبصار من خزي أو من استحياء، ثمَّ ولَّت عنهم عزمات القلوب وهم

ص:44

يشهدون فاطمة تتحرَّك كالخيال، وئيداً وئيداً بخطوات المحزونة الثكلى، فتقترب من ناحية قبر أبيها .... وشخصت منهم الأنظار وأرهفت الأسماع إليها، وهي ترفعصوتها الرقيق الحزين النبرات، تهتف بمحمَّد الثاوي بقربها، تناديه باكيةً مريرة البكاء:

«يا أبت رسول اللَّه! ... يا أبت رسول اللَّه! ...»

فكأنمَّا زلزلت الأرض تحت هذا الجمع الباغي، من رهبة النداء ...

وراحت الزهراء، وهي تستقبل المثوى الطاهر، تستنجد بهذا الغائب الحاضر:

«يا أبت رسول اللَّه! .. ما ذا لقينا بعدك من ابن الخطّاب، وابن أبي قحافة!؟!».

فما تركت كلماتها إلّاقلوباًصدعها الحزن، وعيوناً جرت دمعاً، ورجالًا ودّوا لو استطاعوا أن يشقّوا مواطئ أقدامهم ليذهبوا في طوايا الثرى مغيَّبين انتهى.

قال الأميني: راجع الإمامة والسياسة 1ص 13، تاريخ الطبري 3ص 198، العقد الفريد 2: 257، تاريخ أبي الفداء 1ص 165، تأريخ ابن شحنة في حوادث سنة 11، شرح ابن أبي الحديد «(1)»


1- انظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، الطبعة المحققة 6: 328

ص:45

2ص 19.

6- قال: الرافضة تُجيز إمامة المرأة والحمل في بطن أُمِّهص 110.

ج- هل ترى هذا الرجل عند كتابته هذه الكلمة، وكذلك عند بقيَّة فتاواه المجرَّدة عن أيِّ مصدر، وقف على شي ء من كتب الشيعة في الكلام والعقائد وخصوص مبحث الإمامة، ووجد هذا الإختلاق مُثبتاً في شي ء منها؟! بل يمكننا أن نتنازل معه إلى سواد على بياض خطَّته يمين أيَّ شيعي جاهل- فضلًا عن علمائهم- جاء فيه هذا البهتان العظيم.

لقد عرف الشيعة بأنَّ الإماميَّة منهم يحصرون الإمامة في اثني عشر رجلًا ليست فيهم امرأة، ويُفنِّدون كلّ خارج عن هذا العدد.

وأمّا الفرق الأُخرى منها من الزيديَّة والإسماعيليّة وحتى المنقرضة من فرقها كالكيسانيَّة وأشباههم، فينهون الإمامة إلى أُناس معيَّنين كلّهم من الرجال، غير ما اختلقه الشهرستاني في الملل والنحل من الإختلاف الواقع في أمر فاطمة بنت الإمام الهادي، وستقف على تفنيده وأنَّه عليه السلام لم يخلّف بنتاً إسمها فاطمة، ولو كانت الشيعة تُجوِّز الإمامة لإمرأة لما عدت بها عن الصدّيقة الطاهرة فاطمة، وهي هي، ولكنَّها لا تقول لها فيها.

ص:46

لم يلتفت الرجل إلى شي ء من هذه لكنَّه حسب عند تأليف هذا الكتاب أنّ الأجيال الآتية لا تولد منقِّبين يناقشونه الحساب، يميِّزون بين الحقائق والأوهام، ويوقظون الأُمَّة للفصل بين الصحيح والسقيم، فطفق يأفك ويمين غير مكترث بما سوف يلاقيه من سوء الحساب.

وليت شعري بماذا يُجيب الرَّجل إذا سُئل عن أنَّ الشيعة متى ما جوَّزَت إمامة الحمل في بطن أُمَّه؟ وأيّ أحدٍ من أيّ فرقة منهم ذهب إلى إمامة حمل لم يولد بعدُ؟ وأيّ حملٍ قالوا بإمامته؟ ومتى كان ذلك؟ ومَن ذا الذي نقله عنه؟ وممَّن سمعه؟ نعم، إنَّ الشياطين ليوحون إلى أوليائهم.

7- قال: إنَّ محبَّة النبي عليه السلام لمن أحبّ ليس فضلًا؛ لأنَّه قد أحبَّ عمَّه وهو كافرٌص 123.

وقال فيص 124: وإن كان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أحبَّ أبا طالب، فقد حرَّم اللَّه تعالى عليه بعد ذلك ونهاه عن محبَّته، وافترض عليه عداوته.

ج- النبيُّصلى الله عليه و آله وإن أكّد علىصلة الأرحام، لكنَّه كان يرى الكفر حاجزاً عنها وإن تأكّدت معه وشائج الرحم؛ ولذلك قلا أبا لهب وهتف بالبراءة منه بسورة مستقلّة «(1)»، ولم يرفع قيد الا سار عن


1- سورة المسد

ص:47

عمِّه العبّاس وابن عمِّه عقيل إلّابعد تظاهرهما بالإسلام، وأجرى عليهما حكم الفدية مع ذلك، وفرَّق بين ابنته زينب وزوجها أبي العاص طيلة مقامه على الكفر حتّى أسلم وسلم.

فلم يكن محبَّة النبيِّصلى الله عليه و آله لمن يحبّه إلّالثباته في الإيمان ورسوخ كلمة الحقِّ وتمكّنه من فؤاده، فهو إذا أحبَّ أحداً كان ذلك آية تضلّعه في الدين وتحلّيه باليقين، وهذه قضيَّة قياسها معها، وهي مرتكزةٌ في القلوب جمعآء، حتّى أنَّ ابن حزم نفسه أحتجَّ بأفضليَّة عائشة على جميع الأُمَّة بعد رسول اللَّهصلى الله عليه و آله بحديث باطل رواه من أنَّهصلى الله عليه و آله قال لها: أنتِ أحبّ الناس إليَّ.

وأمّا أبو طالب فقد اعترف الرَّجل بمحبَّة النبيِّ له أوَّلًا، ونحنُ نصدِّقه على ذلك، ونراه فضلًا له، وأيَّ فضل.

وأمّا دعواه تحريم المحبَّة بعد ذلك، ونهي اللَّه عنها، وأمره بعداوته، فغير مقرونة بشاهد. وهل يسعهُ دعوى الفرق بين يومي النبيَّ معه قبل التحريم وبعده؟! وهل يمكنه تعيين اليوم الذي قلاه فيه؟! أو السنة التي هجره فيها وافترضت عليه عداوته؟!.

التاريخ خلوٌ من ذلك كلّه، بل يُعلمنا الحديث والسيرة أنَّهصلى الله عليه و آله لم يُفارقه حتّى قضى أبو طالب نحبه، فطفق يُؤبِّنه، وقال لعلّيٍ: «إذهب فاغسله وكفِّنه وواره، غفر اللَّه له ورحمه» «(1)».


1- الطبقات الكبرى لإبن سعد 1: 105« المؤلّف»

ص:48

ورثاه عليٌّ بقوله:

أبا طالب عصمة المستجير وغيث المحول ونور الظلمْ

لقد هدَّ فقدك أهل الحفاظ فصلّى عليك وليُّ النعمْ

ولقّاك ربّك رضوانه فقد كنتَ للطّهر من خيرَ عمْ «(1)»

فمن أراد الوقوف على الحقيقة في ترجمة شيخ الأبطح أبي طالب، فعليه بكتاب العلّامة البرزنجيِّ الشافعيِّ، وتلخيصه الموسوم بأسنى المطالب لمفتي الشافعيَّة السيِّد أحمد زيني دحلان «(2)».

8- قال: لسنا من كذب الرافضة في تاويلهم:

«ويُطعِمون الطَّعام عَلى حبِّه مِسكيناً ويتيماً وأسيراً» «(3)»

وأنَّ المراد بذلك عليُّ رضى الله عنه، بل هذا لا يصحُّ، بل الآية على عمومها، وظاهرها لكلِّ مَن فعل ذلك 4ص 146.

ج- إنَّ الواقفَ على هذه الأُضحوكة يعرف موقع الرجل من


1- تذكرة الخواص: 6« المؤلّف».
2- سيوافيك البحث عن إيمان أبي طالب عليه السلام مُفصّلًا في الجزء السابع والثامن من كتابنا هذا« المؤلّف»
3- الإنسان: 8

ص:49

التدجيل لحسبانه أنَّ في مجرَّد عزو هذا التأويل إلى الرافضة فحسب، وقذفهم بالكذب، واتِّباع ذلك بعدم الصحَّة، حطّاً في كرامة الحديث الوارد في الآية الشريفة، وهو يعلم أنَّ أُمَّةً كبيرةً من أئمَّة التفسير والحديث يروون ذلك ويثبتونه مسنداً في مدوَّناتهم، وإن كان لا يدري فتلك مصيبةٌ.

وهذا الحافظ أبو محمَّد العاصمي أفرد ذلك كتاباً في مجلّدين أسماه (زين الفتى في تفسير سورة هل أتى)، وهو كتابٌ ضخمٌ فخمٌ مُمتَّعٌ، ينمُّ عن فضل مؤلِّفه وسعة حيطته بالحديث، وتعالي مقدرته في الكلام والتنقيب، مع أنَّ في غضونه سقطاتٌ تلائم مذهبه وخِطَّة قومه.

أو يزعم المغفَّل أنَّ أُولئك أيضاً من الرافضة؟! أو يحسبهم جهلاء بشرائطصحّة الحديث؟! أم أنّه لا يعتدُّ بكلِّ ما وافق الرافضة وإن كان مُخرجاً بأصحِّ الأسانيد؟!

وكيف ما كان فقد رواه:

94- أبو جعفر الإسكافي المتوفّى 240 ه، قال في رسالته التي ردَّ بها على الجاحظ: لسنا كالإماميّة الذين يحملهم الهوى على جحد الأُمور المعلومة، ولكنَّنا ننكر تفضيل أحدٍ من الصحابة على عليِّ بن أبي طالب، ولسنا ننكر غير ذلك إلى أن قال: وأمّا انفاقه فقد كان على حسب حاله وفقره، وهو الّذي أطعم الطعام على حبّه مسكيناً ويتيماً وأسيراً، وأُنزلت فيه وفي زوجته وابنيه سورةٌ كاملةٌ من القرآن.

ص:50

95- الحكيم أبو عبد اللَّه محمّد بن علي الترمذي كان حيّاً في سنة 285 ه، ذكره في «نوادر الأُصول»ص 64.

96- الحافظ محمّد بن جرير الطبري أبو جعفر المتوفّى 310 ه، ذكره في سبب نزول «هل أتى» كما في «الكفاية» «(1)».

97- شهاب الدين ابن عبد ربِّه المالكيّ المتوفّى 328 ه، ذكر في «العقد الفريد» 3ص 42-/ 47 حديث احتجاج المأمون الخليفة العبّاسي على أربعين فقيهاً، وفيه:

قال: يا إسحاق؟ هل تقرأ القرآن؟!.

قلت: نعم.

قال: إقرأ عليَّ: «هل أتى على الإنسان حينٌ مَن الدَّهرَ لم يكن شيئاً مذكوراً» «(2)»

فقرأتُ منها حتّى بلغت «يشربون مِنْ كأسٍ كان مِزاجُها كافوراً» «(3)»

إلى قوله: «وَيُطعمون الطَّعام عَلى حبِّهِ مسكيناً ويتيماً وأسيرا» «(4)».

قال: على رسلك، في مَن أُنزلت هذه الآيات؟!

قلت: في عليٍّ.


1- كفاية الطالب: 348، تفسير الطبري 29: 130
2- الإنسان: 1
3- الإنسان: 5
4- الإنسان: 8

ص:51

قال: فهل بلغك أنّ عليّاً حين أطعم المسكين واليتيم والأسير قال: «إنَّما نُطعمكم لوجه اللَّه» «(1)»

؟! وهل سمعتَ اللَّهَ وصفَ في كتابه أحداً بمثل ما وصف به عليّاً؟!

قلت: لا.

قال:صدقتَ؛ لأنّ اللَّه جلَّ ثناؤه عرف سيرته. يا إسحاق؟! ألست تشهد أنَّ العشرة في الجنَّة؟!.

قلت: بلى يا أمير المؤمنين.

قال: أرأيتَ لو أن رجلًا قال: واللَّه ما أدري هذا الحديثصحيحٌ أم لا، ولا أدري إن كان رسول اللَّه قاله أم لم يقله، أكان عندك كافراً؟!

قلت: أعوذ باللَّه.

قال: أرأيتَ لوأنَّه قال: ماأدري هذه السورة من كتاب اللَّه أم لا، كان كافراً؟!

قلت: نعم.

قال: يا إسحاق أرى بينهما فرقاً.

98- الحاكم أبو عبد اللَّه النيسابوري المتوفّى 405 ه، ذكره في


1- الإنسان: 9

ص:52

مناقب فاطمة سلام اللَّه عليها كما في «الكفاية» «(1)».

99- الحافظ ابن مردويه أبو بكر الأصبهاني المتوفّى 416 ه، أخرجه في تفسيره، حكاه عنه جمعٌ، وقال الآلوسي في «روح المعاني» بعد نقله عنه: والخبر مشهورٌ «(2)».

100- أبواسحاق الثعلبي المتوفّى 427- 37 ه، في تفسيره «الكشف والبيان».

101- أبو الحسن الواحدي النيسابوري المتوفّى 468 ه، في تفسيره البسيط، وأسباب النزولص 331.

102- الحافظ أبو عبد اللَّه محمّد بن فتوح الأزدي الأندلسي الشهير بالحميدي المتوفّى 488 ه، ذكره في فوائده.

103- أبو القاسم الزمخشري المتوفّى 538 ه، في «الكشّاف» 2ص 511.

104- أخطب الخطباء الخوارزمي المتوفّى 568 ه، في «المناقب» 180.

105- الحافظ أبو موسى المديني المتوفّى 581 ه، في «الذيل» كما في «الإصابة» «(3)».


1- كفاية الطالب: 348
2- روح المعاني 29: 151
3- الإصابة 8: 167

ص:53

106- أبو عبد اللَّه فخر الدين الرازي المتوفّى 606 ه، في تفسيره 8ص 276.

107- أبو عمرو عثمان بن عبد الرَّحمن المعروف بإبن الصَّلاح الشهرزودي الشرخاني المتوفّي 643 ه، كما يأتي عنه في «الكفاية» «(1)».

108- أبو سالم محمَّد بن طلحة الشافعي المتوفّى 652 ه، ذكره في «مطالب السئول»ص 31.

وقال: رواه الإمام أبو الحسن عليُّ بن أحمد الواحدي وغيره من أئمَّة التفسير. ثمَّ قال: فكفى بهذه عبادةً، وبإطعام هذا الطعام مع شدَّة حاجتهم إليه منقبةً، ولولا ذلك لما عظمت هذه القصَّة شأناً، وعلت مكاناً، ولما أنزل اللَّه تعالى فيها على رسول اللَّه قرآناً.

وله فيص 8 قوله:

هم العروة الوثقى لمعتصم بها مناقبهم جاءت بوحيٍ وإنزالِ

مناقب في الشورى وسورة هل أتى وفي سورة الأحزاب يعرفها التالي


1- كفاية الطالب: 348

ص:54

هم أهل بيت المصطفى فودادهم على الناس مفروضٌ بحكم وإسجالِ

109- أبو المظفَّر سبط ابن الجوزي الحنفي المتوفّى 654 ه، رواه في تذكرته من طريق البغوي والثعلبي، وردَّ على جدِّه ابن الجوزي في اخراجه في الموضوعات، وقال بعد تنزيه سنده عن الضعف:

والعجب من قول جدّي وأنكاره وقد قال في كتاب «المنتخب»: يا علماء الشرع أعلمتم لِمَ آثر عليٌّ وفاطمة وتركا الطفلين الحسنين عليهما أثر الجوع؟! أتراهما خفي عنهما سرُّ ذلك؟! ما ذاك إلّالأنَّهما علما قوَّةصبر الطفلين، وأنُهما غصنان من شجرة الظلّ عند ربّي، وبعض من جملة: «فاطمة بضعةٌ منّي»، وفرخ البطّ السابح «(1)» «(2)».

110- عزُّ الدين عبد الحميد الشهير بإبن أبي الحديد المعتزليّ المتوفّى 655 ه في شرح نهج البلاغة 3ص 257.

111- الحافظ أبو عبد اللَّه الكنجي الشافعيّ المتوفّى 658 ه في «الكفاية» 201، وقال بعد ذكر الحديث: هكذا رواه الحافظ أبو عبد اللَّه الحميدي في فوائده، ورواه ابن جرير الطبري أطول من هذا في سبب نزول «هل أتى».

وقد سمعتُ الحافظ العلّامة أبا عمرو عثمان بن عبد الرَّحمن


1- في النسخة تصحيف« المؤلّف»
2- تذكرة الخواص: 15

ص:55

المعروف بإبن الصَّلاح في درس التفسير في سورة «هل أتى»، وذكر الحديث وقال فيه: إنَّ السؤّال كانوا ملائكة من عند ربِّ العالمين، وكان ذلك امتحاناً من اللَّه عزَّ وجلَّ لأهل بيت رسول اللَّهصلى الله عليه و آله.

وسمعتُ بمكّة حرسها اللَّه تعالى من شيخ الحرم بشير التبريزي في درس التفسير:

أنَّ السائل الأوَّل كان جبرئيل، والثاني ميكائيل، والثالث كان اسرافيل عليهم السلام.

112- القاضي ناصر الدين البيضاوي المتوفّى 685 ه في تفسيره 2ص 571.

113- الحافظ محبُّ الدين الطبري المتوفّى 694 ه في «الرياض النضرة» 2ص 207، 227، وقال: وهذا قول الحسن وقتادة.

114- الحافظ أبو محمَّد بن أبي حمزة الأزدي الأُندلسي المتوفّى 699 ه في «بهجة النفوس» 4: 225.

115- حافظ الدين النسفي المتوفّى 701- 710 ه في تفسيره هامش تفسير الخازن 4ص 458، رواه في سبب نزول الآية ولم يرو غيره.

116- شيخ الإسلام أبو إسحاق الحمويي المتوفّى 722 ه، في

ص:56

«فرائد السمطين» «(1)».

117- نظام الدين القمّي النيسابوري في تفسيره هامش الطبري 29ص 112 وقال: ذكر الواحدي في «البسيط» والزمخشري في «الكشّاف»، وكذا الإماميّة أطبقوا على أنَّ السورة نزلت في أهل بيت النبيِّصلى الله عليه و آله ولا سيَّما في هذه الآي- ثمَّ ذكر حديث الإطعام فقال:

ويُروى أنَّ السائل في الليالي: جبرئيل، واراد بذلك ابتلاءهم بإذن اللَّه سبحانه.

118- علاء الدين عليُّ بن محمّد الخازن البغداديّ المتوفّى 741 ه في تفسيره 4ص 358، ذكر أوَّلًا نزولها في عليّ عليه السلام وأخرج حديثه، ثمَّ قال: وقيل: الآية عامَّة في كلِّ مَن أطعم موعزاً إلى ضعف بقيل، مع أنَ القول بالعموم لايُنافي نزولها في أميرالمؤمنين عليه السلام كما لا يخفى؛ لانحصار المصداق به.

119- القاضي عضد الايجي المتوفّى 756 ه في «المواقف» 3ص 278.

120- الحافظ ابن حجر المتوفّى 852 ه في «الإصابة» 4ص 387 من طريق أبي موسى في «الذيل»، والثعلبي في تفسير سورة «هل أتى» عن مجاهد عن ابن عبّاس.


1- فرائد السمطين 1: 337

ص:57

121- الحافظ جلال الدين السيوطي المتوفّى 911 ه في «الدرِّ المنثور» 6ص 299 من طريق ابن مردويه.

122- أبو السعود العمادي محمَّد بن محمَّد الحنفي المتوفّى 982 ه في تفسيره هامش تفسير الرازي 8ص 318.

123- الشيخ إسماعيل البروسي المتوفّى 1137 ه في تفسير «روح البيان» 10ص 268-/ 269.

124- الشوكاني المتوفّى 1173 ه في تفسيره «فتح القدير» 5ص 338.

125- الأُستاذ محمَّد سليمان محفوظ في «أعجب ما رأيت» 1ص 10، وقال: رواه أهل التفسير.

126- السيِّد الشبلنجي في «نور الأبصار»ص 12-/ 14.

127- السيِّد محمود القراغولي البغداديّ الحنفي في «جوهرة الكلام»ص 56.

لفظ الحديث

قال ابن عبّاس رضى الله عنه: إنَّ الحسن والحسين مرضا، فعادهما رسول اللَّهصلى الله عليه و آله في ناسٍ معه، فقالوا: يا أبا الحسن لو نذرتَ على ولدك. فنذر عليٌّ وفاطمة وفضَّة جارية لهما: إن برئا ممّا بهما أن

ص:58

يصوموا ثلاثة أيّام. فبرئا وما معهم شي ءٌ، فاستقرض عليٌّ من شمعون الخيبريِّ اليهوديِّ ثلاث أصوع من شعير، فطحنت فاطمةصاعاً، واختبزت خمسةأقراص على عددهم، فوضعوها بين أيديهم ليفطروا، فوقف عليهم سائلٌ فقال: السَّلام عليكم أهل بيت محمَّد، مسكينٌ من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم اللَّه من موائد الجنَّة. فآثروه وباتوا لم يذوقوا إلّاالماء، وأصبحواصياماً.

فلمّا أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيمٌ فآثروه، ووقف عليهم أسيرٌ في الثالثة ففعلوا مثل ذلك.

فلمّا أصبحوا أخذ عليٌّ رضى الله عنه بيد الحسن والحسين وأقبلوا إلى رسول اللَّهصلى الله عليه و آله، فلمّا أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدَّة الجوع قال: «ما أشدَّ ما يسوءني ما أرى بكم»، وقام فانطلق معهم، فرأى فاطمة في محرابها قد التصق ظهرها ببطنها، وغارت عيناها، فساءه ذلك، فنزل جبريل وقال: خذهايا محمَّد؟ هنّأك اللَّه في أهل بيتك، فأقرأه السورة.

هذا لفظ جمع من الأعلام المذكورين، وهناك لفظٌ آخر ضربنا عنهصفحاً.

9- قال: قال رسول اللَّهصلى الله عليه و آله: لو كنتُ مُتَّخذاً خليلًا لاتَّخذتُ أبا بكر خليلًا، ولكن أخي وصاحبي، وهذا

ص:59

الَّذي لا يصحُّ غيره، وأمّا أُخوُة عليٍّ فلا تصحُّ إلّامع سهل بن حنيف «(1)».

ج- أنا لا أروم الكلام حول حديث رآهصحيحاً، ولا أُناقش فيصدوره، ولا أُزيِّفه بما زيَّف عمر بن الخطّاب حديث الكتف والدواة، إذ هذا لدة ذاكصدرا في مرض وفاتهصلى الله عليه و آله كما في الصحيحين، ولا أقول بما قال ابن أبي الحديد في شرحه 3ص 17 من أنَّه موضوعٌ وضعته البكريَّة في مقابلة حديث الإخاء «(2)».

وأنا لا أبسط القول في مفاده بما يُستفاد من كلام ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديثص 51 «(3)» من أنَّ الأُخوَّة هناك منزّلة بالاخوُة الإسلاميَّة العامَّة الثابتة بقوله تعالى: «إنّما المؤمنون إخوة» «(4)»

، نظير ما ورد عنهصلى الله عليه و آله من قوله لعمر: «يا أخي» «(5)»، ولزيد: «أنت أخونا» «(6)»، ولأُسامة: «يا أخي» «(7)». وإنَّما يُفسِّر تلك الأُخوة لفظ البخاري ومسلم والترمذي: لو كنتُ متَّخذاً خليلًا


1- الفصل في الملل والأهواء والنحل 4: 125
2- شرح نهج البلاغة 10: 228
3- تأويل مختلف الحديث: 165
4- الحجرات: 10
5- الرياض النضرة 2: 6« المؤلّف»
6- الخصائص الكبرى للنسائي: 19« المؤلّف»
7- تأريخ ابن عساكر 6: 9« المؤلّف»

ص:60

لاتّخذتُ أبا بكر خليلًا، ولكن أُخوة الإسلام ومودتّه. كما أنَّ الخلّة المنتفية فيه هي الخلّة بالمعنى الخاصّ، لا الخلّة العامّة الثابتة بقوله تعالى: «الأخلّاء يومئذ بعضهم لبعض عدوٌّ إلّاالمتقين».

فلم تكن هي تلك الأُخوَّة بالمعنى الخاصّ التي تمَّت يومي المواخاة «(1)» بوحي من اللَّه العزيز، وكانت على أساس المشاكلة والمماثلة بين كلِّ اثنين في الدرجات النفسيَّة، كما ستسمعه عن غير واحد من الأعلام، ووقعت الموآخاة فيهما بين أبي بكر وعمر، وبين عثمان وعبد الرحمن بن عوف، وبين طلحة والزبير، وبين أبي عبيدة الجرّاح وسالم مولى أبي حذيفة، وبين أُبّي بن كعب وابن مسعود، وبين معاذ وثوبان، وبين أبي طلحة وبلال، وبين عمّار وحُذيفة، وبين أبي الدَّرداء وسلمان، وبين سعد بن أبي وقّاص وصُهيب، وبين أبي ذرّ والمقداد بن عمرو، وبين أبي أيّوب الانصاري وعبد اللَّه بن سلام، وبين أُسامة وهند حجَّام النبي، وبين معاوية والحباب المجاشعي، وبين فاطمة بنت النبيِّ وأُمِّ سلمة، وبين عائشة وامرأة أبي أيّوب «(2)».


1- وقعت الموآخاة مرتين: أحداهما قبل الهجرة، وأُخرى بعدهابخمسة أشهر، كما يأتي« المؤلّف»
2- السيرة النبوية لإبن هشام 2: 150- 151، تأريخ ابن عساكر 6: 90 و 200، أُسد الغابة 2: 221، مطالب السئول: 18، ارشاد الساري للفسطلاني 6: 227، شرح المواهب 1: 373« المؤلّف»

ص:61

وأخَّرصلى الله عليه و آله عليّاً لنفسه قائلًا له: «والّذي بعثني بالحقِّ ما أخَّرتك إلّا لنفسي، أنت أخي ووارثي، أنت أخي ورفيقي، أنت أخي في الدنيا والآخرة».

بل أقول: عجباً للصلافة التي تحدو الإنسان لأن يقول: لا يصحُّ غير حديث حسبهصحيحاً ويجهل مفاده، أو يعلم ويحبُّ أن يُغري الأُمَّة بالجهل، ثمَّ يعطف على حديث اعترفت به الأُمَّة جمعاء، وجاء مثبتاً في الصحاح والمسانيد، ويراه باطلًا.

أهكذا حبُّ الشي ء يُعمي ويُصمّ؟!

أهكذا خُلق الإنسان ظلوماً جهولًا؟!

هذه الأُخوَّة بالمعنى الخاصّ الثابتة لأمير المؤمنين ممّا يخصّ به عليه السلام، ولا يدَّعيها بعده إلّاكذّاب على ما ورد في الصحيح كما يأتي، وكانت مطرَّدة بين الصحابة كلقب يُعرَّف به، تداولته الأندية، وحوته المحاورات، ووقع الحجاج به، وتضمَّنه الشعر السائر، ولو ذهبنا إلى جمع شوارد هذا الباب لجاء منه كتابٌ ضخمٌ، غير أنّا نختار منها نبذاً:

128- آخى رسول اللَّهصلى الله عليه و آله بين أصحابه، فآخى بين أبي بكر وعمر، وفلان وفلان، فجاءه عليٌّ رضى الله عنه فقال: «آخيت بين أصحابك ولم تُواخِ بيني وبين أحد»، فقال رسول اللَّهصلى الله عليه و آله: «أنت أخي في الدّنيا والآخرة».

ص:62

ينتهي سند هذا الحديث إلى:

أمير المؤمنين عليّ، عمر بن الخطّاب، أنس بن مالك، زيد بن أبي أوفى، عبد اللَّه ابن أبي أوفى، ابن عبّاس، مخدوج بن زيد، جابر بن عبد اللَّه، أبي ذرّ الغفاري، عامر بن ربيعة، عبد اللَّه بن عمر، أبي أُمامة، زيد بن أرقم، سعيد بن المسيِّب «(1)».

راجع جامع الترمذي 2ص 213، مصابيح البغوي 2ص 199، مستدرك الحاكم 3ص 14، الاستيعاب 2ص 460 وعدَّ حديث المواخاة من الآثار الثاتبة، تيسير الوصول 3ص 271، مشكاة المصابيح هامش المرقاة 5ص 569، الرِّياض النضرة 2ص 167.

وقال [في الرياض النضرة أيضاً]ص 212: ومن أدلِّ دليل على عظم منزلة علّيٍ من رسول اللَّهصلى الله عليه و آله صنيعه في المواخاة، فإنّهصلى الله عليه و آله جعل يضم الشكل إلى الشكل يؤلّف بينهما، إلى أن آخى بين أبي بكر وعمر، وأدَّخر عليّاً لنفسه وخصَّه بذلك، فيالها مفخرةً وفضيلةً.

فرائد السمطين في الباب العشرين «(2)»، الفصول المهمَّة 22 و 29، تذكرة السبط 13 و 15 وحكى عن الترمذي أنَّهصحَّحه، كفاية الكنجيص 82 وقال: هذا حديثٌ حسنٌ عالصحيحٌ، فإذا


1- هذا الحديث بوحدته متواتر على رأي ابن حزم في التواتر« المؤلّف»
2- انظر الطبعة المحقّقة من فرائد السمطين 1: 111

ص:63

أردت أن تعلم قرب منزلة عليٍّ من رسول اللَّه، إلى آخر ما مرّ عن الرِّياض النضرة.

السيرة النبويَّة لإبن سيِّد الناس 1ص 200-/ 203 وصرَّح بأنَّ هذه هي المواخاة قبل الهجرة، ثمّ قال: وقال ابن أسحق: آخى رسول اللَّهصلى الله عليه و آله بين أصحابه من المهاجرين والأنصار، فقال:

«تواخوا في اللَّه أخوين». ثمَّ أخذ بيد عليِّ بن أبي طالب فقال: «هذا أخي»، فكان رسول اللَّه وعليٌّ أخوين.

تاريخ ابن كثير 7ص 335، أسنى المطالب للجزريص 9، مطالب السئولص 18 وقال: فعقد الأُخوَّة بين اثنين منهم حثّاًعلى التناصر والتعاضد، وجعل كلَّ واحد موآخياً لمن تقرب منه درجة في المماثلة والمساواة.

الصواعق 73، 75، تأريخ الخلفاء 114، الإصابة 2ص 507، المواقف 3ص 276، شرح المواهب 1ص 373، طبقات الشعراني 2ص 55، تأريخ القرماني هامش الكامل 1ص 216، السيرة الحلبيَّة 1ص 23، 101، وفي هامشها السيرة النبويَّة لزيني دحلان 1ص 325، كفاية الشنقيطيص 34، الإمام علّي بن أبي طالب للُاستاذ محمّد رضاص 21.

الإمام عليّ بن أبي طالب للُاستاذ عبد الفتّاح عبد المقصود، وقال فيص 73:

ص:64

ولئن كان أبو بكر من نبيِّ اللَّه وزيره الصادق، فإنَّ عليّاً كان منه الظلّ اللاصق، لم ينأ عنه ولم يبعد إلّاكما أرسله محمّد ليكون له على أعدائه عيناً أو لرجاله طليعة، حتّى في بدء ذلك الوقت الذي أخذ رسول اللَّه يُكوِّن فيه ملكه الصغير، ويربط بين المهاجرين والأنصار بالمدينة، لم يفته أن يُؤثر بإخائه عليّاً دون الباقين، آخى بينصحبه الخارجين من ديارهم معه وبين أصحاب البلدة الّذين آووا، فتخيَّر أن يكون عليٌّ أخاه في دين، لم يُواخ أبا بكر، ولم يُواخ عمر، ولم يُواخ حمزة أسده وأسد اللَّه، ولكنه اصطفى لهذه الأُخوَّة المعنويَّة بعد أُخوَّة الدم فتاه الربيب، فآثره على كلِّ حبيب بعيدٍ وقريب.

وقد أصفقت هذه المصادر كلّها أنَّهصلى الله عليه و آله آخى بين أبي بكر وعمر، وليس فيها من مزعمة ابن حزم عينٌ ولا أثر.

129- زيد بن أبي أوفى قال: لَمّا آخى النبيُّصلى الله عليه و آله بين أصحابه وآخى بين عمر وأبي بكر- إلى أن قال-: فقال عليٌّ: «لقد ذهب روحي وأنقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري، فإن كان هذا من سخط عليَّ فلك العتبى والكرامة»

فقال رسول اللَّهصلى الله عليه و آله: «والذّي بعثني بالحقِّ ما أخَّرتك إلّا لنفسي وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى، غير أنّه لا نبيَّ بعدي، وأنت أخي ووارثي».

ص:65

قال: «وما أرث منك يا رسول اللَّه»؟

قال: «ما ورث الأنبياء من قبلي».

قال: «وما ورث الأنبياء من قبلك»؟

قال: «كتاب ربِّهم وسنَّة نبيِّهم، وأنت معي في قصري في الجنَّة مع فاطمة ابنتي، وأنت أخي ورفيقي»، ثمَّ تلا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله:

«إخواناً على سُررٍ متقابلين» «(1)».

مناقب أحمد بن حنبل «(2)»، الرِّياض النضرة 2ص 209، تأريخ ابن عساكر 6ص 201، تذكرة السبط 14 وصحَّحه وقال: رجاله ثقات، كنز العمّال 6ص 390 «(3)»، كفاية الشنقيطي.

130- جابر بن عبد اللَّه وسعيد بن المسيَّب قالا: إنَّ رسول اللَّهصلى الله عليه و آله آخى بين أصحابه فبقي رسول اللَّهصلى الله عليه و آله وأبو بكر وعمر وعليٌّ، فآخى بين أبي بكر وعمر، وقال لعليّ: «أنت أخي وأنا أخوك، فإن ناكرك أحدٌ فقل: أنا عبد اللَّه وأخو رسول اللَّه، لايدَّعيها بعدك إلّاكذّاب».

مناقب أحمد «(4)»، تأريخ ابن عساكر، كفاية الكنجي 82-/ 83،


1- الحجر: 47
2- انظر فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام لأحمد بن حنبل، الطبعة الحروفية: 190
3- كنز العمال طبعة مؤسسة الرسالة 9: 167/ 25554 و 13: 105-/ 106/ 36345
4- انظر فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام لأحمد بن حنبل، الطبعة الحروفية: 19

ص:66

تذكرة السبط 14 وصحّحه وردَّ على جدِّه في تضعيفه سنده، المرقاة في شرح المشكاة 5ص 569.

وفي لفظ أمير المؤمنين ويعلى بن مرَّة: «فقال رسول اللَّهصلى الله عليه و آله: إنمّا تركتك لنفسي، أنت أخي وأنا أخوك فإن حاجّك أحدٌ فقل: أنا عبد اللَّه وأخو رسول اللَّه، لا يدَّعيها بعدك إلّاكذّاب».

كنز العمّال 6ص 154، 399 عن الحافظ أبي يعلى في مسنده «(1)».

131- قال محمّد بن إسحاق: وآخى رسول اللَّه بين أصحابه من المهاجرين والأنصار، فقال فيما بلغنا- ونعوذ باللَّه أن نقول عليه مالم يقل-: «تآخوا في اللَّه أخوين أخوين»، ثمَّ أخذ بيد عليِّ بن أبي طالب فقال: «هذا أخي»، فكان رسول اللَّهصلى الله عليه و آله- سيِّد المرسلين وإمام المتَّقين، ورسول ربِّ العالمين الذي ليس له خطيرٌ ولا نظيرٌ من العباد- وعليُّ بن أبي طالب رضى الله عنه أخوين.

تأريخ ابن هشام 2ص 123، تأريخ ابن كثير 3ص 226، السيرة الحلبيّة 2ص 101، الفتاوى الحديثيّةص 42.


1- كنز العمال طبعة مؤسسة الرسالة 11: 608/ 32939، مسند أبي يعلى 6: 151

ص:67

132- أمير المؤمنين قال: «قال له رسول اللَّهصلى الله عليه و آله: أنت أخي وصاحبي ورفيقي في الجنّة».

تأريخ الخطيب 12ص 268، كنز العمّال 6ص 402 «(1)».

133- أمير المؤمنين قال: «آخى رسول اللَّه بين عمر وأبي بكر، وبين حمزة بن عبد المطلب وزيد بن الحارثة»- إلى أن قال-:

«وبيني وبين نفسه».

أخرجه الخليعي في الخليعات، وسعيد بن منصور في سننه كما في كنز العمّال 6ص 394 «(2)».

134- ابن عبّاس في حديث: وقال صلى الله عليه و آله لعليٍّ رضى الله عنه: «أنت أخي وصاحبي».

مسند أحمد 1ص 230، الإستيعاب 2ص 460، الإمتاع للمقريزيص 340، كنز العمال 6ص 391 «(3)».

135- أسماء بنت عميس قالت: سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول:

«اللّهم إنّي أقول كما قال أخي موسى، اللّهم اجعل لي وزيراً من أهلي أخي عليّاً أشدد به أزري وأشركه في أمرى كي نسبِّحك كثيراً ونذكرك كثيراً إنّك كنت بنا بصيراً».


1- كنز العمال طبعة مؤسسة الرسالة 13: 109/ 36356
2- كنز العمال طبعة مؤسسة الرسالة 13: 120/ 36385
3- كنز العمال طبعة مؤسسة الرسالة 13: 109/ 36356

ص:68

مناقب أحمد بن حنبل «(1)»، الرِّياض النضرة 2ص 163.

136- ابن عبّاس في حديث إحتجاجه على الرَّجل الشاميِّ، وهو حديثٌ طويلٌ كثير الفائدة ومنه: وقال (رسول اللَّه): «يا أُمّ سلمة؟ هل تعرفين هذا؟! قالت: نعم هذا عليُّ بن أبي طالب. فقال رسول اللَّهصلى الله عليه و آله: نعم هذا عليٌّ خلط لحمه بلحمي ودمه بدمي، وهو منّي بمنزلة هارون من موسى، إلّاأنَّه لا نبيَّ بعدي، يا أُمّ سلمة هذا عليٌّ سيِّدٌ مبجَّل، ومأمل المسلمين، وأمير المؤمنين، وموضع سرّي وعلمي، وبابي الذي يؤوى إليه، وهو الوصيُّ على أهل بيتي، وعلى الأخيار من أُمَّتي، وهو أخي في الدُّنيا والآخرة».

المحاسن والمساوي 1ص 31، مرَّ حديث أُمّ سلمة هذا بلفظ آخر ومصادره في ج 1ص 337، 338 «(2)».

137- مرَّ قوله صلى الله عليه و آله لعليّ عليه السلام في حديث بدء الدعوة: «أنت أخي ووصيي وخليفتي من بعدي». راجع ج 2ص 279- 285 «(3)».

138- مرَّ ج 1ص 215 من طريق الطبري قولهصلى الله عليه و آله يوم غدير


1- انظر فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام لأحمد بن حنبل، الطبعة الحروفية: 202
2- المناقب للخوارزمي: 52 و 58، كفاية الطالب: 69
3- تأريخ الطبري 2: 216، أنباء نجباء الأبناء: 46-/ 48، الكامل في التأريخ 2: 24، شرح الشفا 3: 37، ترتيب جمع الجوامع 6: 392، شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد 3: 254، تأريخ التمدّن الإسلامي لجرجي زيدان 1: 31، حياة محمد صلى الله عليه و آله و سلم لمحمد حسنين هيكل: 104

ص:69

خمّ: «إنَّ عليَّ بن أبي طالب أخي ووصيّي وخليفتي». وقوله:

«معاشر الناس هذا أخي ووصيّي وواعي علمي وخليفتي على مَن آمن بي».

ويظهر من كلام النويري الذي أسلفناه في ج 1ص 288: أنَّ مواخاة النبيِّصلى الله عليه و آله عليّاً عليه السلام يوم غدير خمّ كانت مشهورةً في العصور المتقادمة «(1)».

139- جابر بن عبد اللَّه الأنصاري قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله:

«مكتوبٌ على باب الجنَّة: لا إله إلّااللَّه، محمّدٌ رسول اللَّه، عليٌّ أخو رسول اللَّه. قبل أن تُخلق السَّماوات والأرض بألفي عام».

مناقب أحمد «(2)»، تأريخ الخطيب 7ص 387، الرِّياض النضرة 2ص 168، تذكرة السبط 14، مجمع الزوائد 9ص 111، مناقب الخوارزمي 87، شمس الأخبار 35 عن مناقب الفقيه ابن المغازلي، كنز العمّال 6ص 399 «(3)» عن ابن عساكر، فيض القدير 4ص 355، كفاية الشنقيطي 34، مصباح الظلام 2ص 56 نقلًا عن الطبراني.

140- أمير المؤمنين عليه السلام قال: «طلبني النبيُّ صلى الله عليه و آله فوجدني في حائط نائماً، فضربني برجله وقال: قم فواللَّه لأُرضينَّك، أنت أخي


1- نهاية الإرب في فنون الأدب 1: 177
2- انظر فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام لأحمد بن حنبل، الطبعة الحروفية: 191
3- كنز العمال طبعة مؤسسة الرسالة 11: 624/ 33043

ص:70

وأبو ولدي، تقاتل على سنَّتي».

مناقب أحمد «(1)»، الرِّياض النضرة 2ص 167، الصواعق 75، كنز العمّال 6ص 404 «(2)»، كفاية الشنقيطي 24.

141- مخدوج بن زيد الذهلي قال: إنَّ النبيَّصلى الله عليه و آله قال لعليٍّ: «أما علمت يا عليُّ أنَّه أوَّل مَن يُدعى به يوم القيامة بي- إلى أن قال-:

ثمَّ ينادي منادي من تحت العرش: نعم الأب أبوك إبراهيم، ونعم الأخ أخوك عليّ».

مناقب أحمد «(3)»، مناقب الفقيه ابن المغازلي، الرِّياض النضرة 2ص 201، مناقب الخوارزمي 83، 234، 238، شمس الأخبار 32، تذكرة السبطص 13 وردَّ على مَن ضعَّفه لمكان ميسرة والحكَم في طريق الحافظ الدار قطني قال: الحديث الذي رواه أحمد في الفضائل ليس فيه ميسرة ولا الحكَم، وأحمد مقلّدٌ في الباب متى روى حديثاً وجب المصير إلى روايته لأنَّه إمام زمانه، وعالم أوانه، والمبرَّز في علم النقل على أقرانه، والفارس الَّذي لا يجارى في ميدانه.

142- أبو برزة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: «إنّ اللَّه تعالى عهد إليَ


1- انظر فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام لأحمد بن حنبل، الطبعة الحروفية: 194
2- كنز العمال طبعة مؤسسة الرسالة 13: 159/ 36491
3- انظر فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام لأحمد بن حنبل، الطبعة الحروفية: 186

ص:71

عهداً في عليّ فقلت: يا ربّ بيِّنه لي، فقال: إسمع، فقلت: سمعت، فقال: إنَّ عليّاً راية الهدى، وإمام أوليائي، ونور من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمتها المتَّقين، مَن أحبَّه أحبَّني، ومَن أبغضه أبغضني، فبشِّره بذلك. فجاء عليٌّ فبشَّرته فقال: يا رسول اللَّه أنا عبد اللَّه وفي قبضته، فإن يُعذِّبني فبذنبي، وإن يتمُّ لي الذي بشَّرتني به فاللَّه أولى بي.

قال: قلت: اللَّهم أجل قلبه واجعل ربيعه الإيمان، فقال اللَّه: قد فعلت به ذلك. ثمَّ انّه رفع إليَّ انَّه سيخصّه من البلاء بشى ء لم يخصّ به أحدٌ من أصحابي، فقلت: يا ربّ أخي وصاحبي، فقال: إنّ هذا شى ءٌ قد سبق، إنَّه مُبتلى ومُبتلى به».

حلية الأولياء 1ص 67، الرياض النضرة 2ص 449، شرح ابن أبي الحديد 2ص 449 «(1)»، فرائد السمطين في الباب 30 و 50 بطريقين «(2)»، مناقب الخوارزمي 245، كفاية الكنجي 95، نزهة المجالس 2ص 241.

143- في خطبة للنبيِّصلى الله عليه و آله: «أيّها النّاس أُوصيكم بحبِّ ذي قرباها أخي وابن عمّي عليّ بن أبي طالب، لا يحبّه إلّامؤمنٌ ولا يبغضه إلّامنافقٌ، مَن أحبَّه فقد أحبَّني، ومن أبغضه فقد أبغضني،


1- شرح نهج البلاغة 7: 62
2- انظر الطبعة المحقّقة من فرائد السمطين 1: 151 و 257

ص:72

ومن أبغضني عذَّبه اللَّه».

مناقب أحمد «(1)»، تذكرة السبط 17، شرح ابن أبى الحديد 2ص 451 «(2)»، الرِّياض النضرة 2ص 212، ذخائر العقبى 91.

144- في حديث مفاخرة عليٍّ وجعفر وزيد وتحاكمهم إلى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: ثمَّ قالصلى الله عليه و آله لعليّ: «أنت أخي وخالصتي».

شرح ابن أبي الحديد 3ص 39، وقال: إتَّفق عليه المحدِّثون «(3)».

145- أبو ذرِّ الغفاري قال في حديث: فإنّي سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول لعليٍّ: «وأنت أخي ووزيري وخير من أترك بعدي».

مرَّ تمام الحديث ومصادره ج 2ص 313 راجع «(4)».

146- سلمان الفارسيّ قال: إنَّه سمع النبيَّصلى الله عليه و آله يقول: «إنَّ أخي ووزيري وخير مَن أخلّفه بعدي عليُّ بن أبي طالب».

مناقب الخوارزمي 67.

147- بلال بن حمامة في حديث زواج عليٍّ فاطمة سلام اللَّه عليهما وآلهما قالصلى الله عليه و آله: «بشارةٌ أتتني من ربّي في أخي وابن عمّي


1- انظر فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام لأحمد بن حنبل، الطبعة الحروفية: 189
2- شرح نهج البلاغة 7: 42
3- شرح نهج البلاغة 13: 251
4- الرياض النضرة 2: 155، شمس الأخبار: 35، شرح نهج البلاغة 3: 257، المواقف 3: 276، نزهة المجالس 2: 205

ص:73

- وفيه-: فصار أخي وبنتي فكّاك رقاب رجال ونساء من أُمّتي من النّار».

راجع ج 2ص 316 «(1)».

148- عبد اللَّه بن عمر قال في حديث عنه صلى الله عليه و آله: أنَّه قال: «اللّهم اشهد لهم، اللّهمّ قد بلّغت، هذا أخي وابن عمّي وصهري وأبو ولدي، اللّهم كُبّ من عاداه في النّار».

كنز العمّال 6ص 154 نقلًا عن ابن النَّجار والشيرازي في الألقاب «(2)».

149- عبد اللَّه بن عمر قال في حديث: قالصلى الله عليه و آله: «ألا أرضيك يا علي؟ قال: بلى يا رسول اللَّه، قال: أنت أخي ووزيري، تقضي ديني وتنجز موعدي».

مجمع الزوائد 9ص 121 عن الطبراني، وص 122 عن أبي يعلى، كنز العمال 6ص 155 «(3)».

150- في حديث الإسراء عنه صلى الله عليه و آله: «فأمّا أن رجعت نادى مناد من وراء الحجاب: نعم الأب أبوك إبراهيم، ونعم الأخ أخوك عليٌ


1- نزهة المجالس 2: 225، تأريخ بغداد 4: 210، أُسد الغابة 1: 206، الصواعق المحرقة: 103، رشفة الصادي: 28
2- انظر كنز العمال طبعة مؤسسة الرسالة 11: 609/ 32947
3- انظر كنز العمال طبعة مؤسسة الرسالة 11: 610-/ 611/ 32955

ص:74

فاستوص به خيراً».

فرائدالسمطين في الباب العشرين «(1)»، كنزالعمّال 6ص 161 «(2)».

151- قال أمير المؤمنين عليه السلام في حديث قالصلى الله عليه و آله: «ليس في القيامة راكبٌ غيرنا ونحن الأربعة- إلى أن قال-: وأخي عليّ على ناقة من نوق الجنَّة بيده لواء الحمد».

تاريخ بغداد 11ص 112، كفاية الحافظ الكنجي 77، كنزالعمّال 6ص 402.

152- ابن عبّاس في حديث زواج عليٍّ وفاطمة سلام اللَّه عليهما قال: فجاء رسول اللَّهصلى الله عليه و آله فدقَّ الباب فخرجت إليه أمّ أيمن فقال:

«أعلمي أخي»، قالت: وكيف يكون أخاك وقد زوَّجته إبنتك؟! قال: «إنَّه أخي».

خصائص النسائي 32، الرِّياض 2ص 181، الصواعق 84.

153- مرَّ في حديث ليلة المبيت: «فأوحى اللَّه إلى جبريل وميكائيل: أفلا كنتما مثل عليِّ بن أبي طالب آخيت بينه وبين محمّد» راجع ج 2ص 48 «(3)».


1- انظر الطبعة المحقّقة من فرائد السمطين 1: 110
2- انظر كنز العمال طبعة مؤسسة الرسالة 11: 634/ 33088
3- تقدّم في الجزء الثاني الصفحة 48، ومصادره: إحياء العلوم 3: 238، كفاية الطالب: 114، نزهة المجالس 2: 209، الفصول المهمة: 33، تذكرة الخواص: 21، نور الأبصار: 86

ص:75

154- في حديث الإسراء عن النسفي وغيره عن جبرئيل انَّه قال: «إنَّ اللَّه تعالى إطَّلع إلى الأرض فاختارك من خلقه وبعثك برسالته، ثمّ اطَّلع إليها ثانية فأختار لك أخاً ووزيراً وصاحباً فزوَّجه ابنتك فاطمة. فقلت: يا جبريل من هذا الرجل؟! قال:

أخوك في الدارين وابن عمّك في النسب عليُّ بن أبي طالب».

نزهة المجالس 2ص 223.

155- أخرج الطبراني بإسناده عنهصلى الله عليه و آله انَّه قال لعليّ عليه السلام: «أما ترضى أنّك أخي وأنا أخوك»؟!

مجمع الزوائد 9ص 131.

156-/ عبد اللَّه بن عمر: إنَّ رسول اللَّهصلى الله عليه و آله قال في مرضه: «أُدعوا لي أخي»، فدعوا له أبا بكر فأعرض عنه، ثمَّ قال: «أُدعوا لي أخي»، فدعوا له عمر فأعرض عنه، ثمَّ قال: «أُدعوا لي أخي»، فدعوا له عثمان فأعرض عنه، ثمَّ قال: «أُدعوا لي أخي»، فدُعي له عليُّ بن أبي طالب فستره بثوب وأكبَّ عليه، فلمّا خرج من عنده قيل له: ما قال؟ قال: «علّمني ألف باب، يفتح كلّ باب إلى ألف باب».

ص:76

أخرجه الحافظ ابن عدي عن أبي يعلى عن كامل بن طلحة عن أبي لُهيعة إلى آخر السند «(1)»، وذكره ابن كثير في تأريخه 7ص 359، وحكى تضعيفه عن ابن عدي لمكان ابن لهيعة في سنده ذاهلًا عمّا قال أحمد بن حنبل في حقّه. راجع ج 1ص 77 «(2)».

157- عبد اللَّه بن عمر عن رسول اللَّهصلى الله عليه و آله: «عليٌّ أخي في الدنيا والآخرة».

أخرجه الطبراني، والسيوطي في الجامع الصغير 2: 140 وحسَّنه. وقال المناوي في فيض القدير 4ص 355 بعد ذكره:

كيف؟ وقد بُعث رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يوم الإثنين فأسلم (عليٌّ) وصلّى يوم الثلاثاء فمكث يُصلّي مستخفياً سبع سنين كما رواه الطبراني عن أبي رافع، يريد بذلك بيان المشاكلة والمماثلة في الاخوة بينهماصلّى اللَّه عليهما وآلهما.

158- قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في حديث: «اشتقَّ اللَّه تعالى لنا من أسمائه أسماءً، فاللَّه عزَّ وجلَّ محمودٌ وأنا محمَّد، واللَّه الأعلى وأخي عليٌّ».

أخرجه شيخ الإسلام الحمّويي في فرائده في الباب الثاني من


1- الكامل في الضعفاء 3: 218
2- قال أحمد بن حنبل: ما كان مثل ابن لهيعة بمصر في كثرة حديثه وضبطه واتقانه. أنظر تذكرة الحفاظ 1: 215

ص:77

طريق أبي نعيم والنطنزي «(1)».

159- أنس بن مالك قال:صعد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله المنبر فذكر قولًا كثيراً ثمَّ قال: «أين عليُّ بن أبي طالب»؟! فوثب إليه فقال: «ها أناذا يا رسول اللَّه»؟ فضمَّه إلىصدره وقبَّل بين عينيه وقال بأعلى صوته: «معاشر المسلمين هذا أخي وابن عمّي وختني، هذا لحمي ودمي وشعري، هذا أبو السبطين: الحسن والحسين سيِّدي شباب أهل الجنّة، هذا مفرِّج الكروب عنّي، هذا أسد اللَّه وسيفه في أرضه على أعدائه، على مبغضه لعنة اللَّه ولعنة اللّاعنين، واللَّه منه بري ءٌ وأنا منه بري ءٌ».

أخرجه أبو سعد في شرف النبوَّة كما في ذخائر العقبى 92.

160- عن الزهري في حديث حول حرب الجمل: فقالت عائشة لرجل من ضبَّة وهو آخذٌ بخطام جملها أو بعيرها: أين ترى عليَّ بن أبي طالب رضى الله عنه؟! قال: ها هو ذا واقفٌ رافعٌ يده إلى السّماء، فنظرت فقالت: ما أشبهه بأخيه. قال الضبّي: ومَن أخوه؟! قالت: رسول اللَّهصلى الله عليه و آله «قال: فلا أرانى أُقاتل رجلًا هو أخو رسول اللَّه عليه الصلاة والسَّلام، فنبذ خطام راحلتها من يده ومال إليه.

المحاسن والمساوي 1ص 35.


1- فرائد السمطين 1: 41

ص:78

161- عبّاد بن عبد اللَّه الأسدي قال: قال عليٌّ رضى الله عنه: «أنا عبد اللَّه وأخو رسول اللَّه، وأنا الصدّيق الأكبر. لا يقولها بعدي إلّاكاذبٌ، آمنت قبل الناس بسبع سنين».

وفي لفظ جمع من الحفّاظ: لا يقولها بعدي إلّاكذّابٌ مفتري، ولقدصلّيت قبل الناس سبع سنين».

خصائص النسائيص 3، السنّة لإبن أبي عاصم، سنن ابن ماجة 1ص 57، المعرفة لأبي نعيم، العقد الفريد 2ص 275، تأريخ الطبري 2ص 312، الرِّياض النضرة 2ص 155، الإستيعاب 2ص 460، شرح ابن أبي الحديد 3ص 257 «(1)» من طريق الحافظ ابن أبي شيبة مسنداً، فرائد السمطين في الباب 49 «(2)»، مطالب السئول 19 وقال: كان يقولها في كثير من الأوقات، تأريخ ابن عساكر، تاريخ ابن كثير، كنز العمّال 6ص 394 «(3)» عن ابن أبي شيبة والنسائي وابن أبي عاصم والعقيلي والحاكم وأبي نعيم.

162- زيد بن وهب قال سمعت عليّاً عليه السلام على المنبر وهو يقول:

«أنا عبد اللَّه وأخو رسوله، لم يقلها أحدٌ قبلي ولا يقولها أحدٌ بعدي إلّا كذّاب أو مفتر»، فقام إليه رجلٌ فقال: أنا أقول كما يقول هذا.


1- شرح نهج البلاغة 7: 58
2- انظر الطبعة المحقّقة من فرائد السمطين 1: 248
3- انظر كنز العمال طبعة مؤسسة الرسالة 13، 122/ 36389

ص:79

فضُرب به الأرض، فجاءه قومه فغشّوه ثوباً، فقيل لهم: أكان هذا فيه قبل؟! قالوا: لا.

فرائد السمطين في الباب 44 «(1)»، كنز العمّال 6ص 396 «(2)» عن أبي يحيى من طريق الحافظ العدني وفيه: فقالها رجلٌ فأصابته جنّة، الإستيعاب 2ص 460 من دون ذيله وقال: رويناه من وجوه: آخى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بين المهاجرين، ثمَّ آخى بين المهاجرين والأنصار، وقال في كلِّ واحدةِّ منهما لعلّيٍ: «أنت أخي في الدنيا والآخرة». فلذلك كان هذا القول وما أشبهه من عليّ رضى الله عنه.

163- معاذة عن علي عليه السلام إنّه قال على رؤس الأشهاد خطيباً:

«أنا عبد اللَّه وأخو رسوله؛ وأنا الصدّيق الأكبر، والفاروق الأعظم،صلّيت قبل الناس سبع سنين، وأسلمت قبل إسلام أبي بكر وآمنت قبل إيمانه».

شرح ابن أبي الحديد 3ص 257 «(3)»، راجع الجزء الثاني من كتابناص 313 «(4)».

164-/ حنان قال: سمعتُ عليّاً يقول: «لأقولنَّ قولًا لم يقله أحدٌ


1- انظر الطبعة المحقّقة من فرائد السمطين 1: 227
2- انظر كنز العمال طبعة مؤسسة الرسالة 13: 129/ 36410
3- شرح نهج البلاغة 7: 58
4- شرح نهج البلاغة 3: 257

ص:80

قبلي ولا يقوله بعدي إلّاكذّابٌ، أنا عبد اللَّه وأخو رسوله، وزير نبيِّ الرَّحمة، نكحت سيِّدة نساء هذه الأمِّة، وأنا خير الوصيِّين».

«فرائد السمطين» الباب 57 «(1)».

165- إن عليّاً كرَّم اللَّه وجهه أُتي به إلى أبي بكر وهو يقول: «أنا عبد اللَّه وأخو رسول اللَّه»، فقيل له: بايع أبا بكر، فقال: «أنا أحقُّ بهذا الأمر منكم، لا أُبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي».

«الإمامة والسياسة» 12/ 13.

166- أبو الطفيل عامر بن واثلة في حديث مناشدة أمير المؤمنين عليه السلام يوم الشورى قال: قال: «أُنشدكم اللَّه أفيكم أحدٌ آخى رسول اللَّهصلى الله عليه و آله بينه وبين نفسه حيث آخى بين المسلمين غيري»؟! فقالوا: اللّهمّ لا.

أخرج ابن عبد البرّ خصوص هذه الفقرة من حديث المناشدة في الإستيعاب 2ص 460، وهى ممّاصحَّحه ابن أبي الحديد في شرحه 2ص 61 «(2)» من فقرات الحديث وعدَّها ممّا استفاض في الرِّوايات، وقد أسلفنا طرق الحديث في ج 1ص 159-/ 163.

167- اخرج الحافظ الدار قطني: انَّ عمر سأل عن عليّ فقيل له:


1- انظر الطبعة المحقّقة من فرائد السمطين 1: 311
2- شرح نهج البلاغة 4: 81

ص:81

ذهب إلى أرضه، فقال: اذهبوا بنا إليه. فوجدوه يعمل، فعملوا معه ساعة ثمَّ جلسوا يتحدَّثون، فقال له عليٌّ: «يا أمير المؤمنين؟

أرأيت لو جاءك قومٌ من بني إسرائيل فقال لك أحدهم: أنا ابن عمِّ موسىصلى الله عليه و آله أكانت له عندك أثرة على أصحابه»؟! قال: نعم، قال:

«فأنا واللَّه أخو رسول اللَّهصلى الله عليه و آله وابن عمِّه»، قال: فنزع عمر ردائه فبسطه فقال: لا واللَّه لا يكون لك مجلسٌ غيره حتّى نفترق، فلم يزل جالساً عليه حتّى تفرَّقوا. «الصواعق» 107.

168- عن رسول اللَّهصلى الله عليه و آله في حديث عن حوريَّة من الجنَّة قال قالت: أنا الراضية المرضيَّة، خلقني الجبّار من ثلاثة أصناف:

أعلاي من عنبر، ووسطي من كافور، وأسفلي من مسك. وعجني بماء الحيوان، ثمَّ قال: كوني فكنت، خلقني لأخيك وابن عمَّك عليِّ بن أبي طالب. «ذخاير العقبى» 90.

169- مرّ في كتاب لأمير المؤمنين عليه السلام كتبه إلى معاوية بن أبي سفيان قوله:

محمّد النبيُّ أخي وصنوي وحمزة سيِّد الشهداء عمّي

راجع ج 2ص 25- 30 «(1)».


1- أخرجه الخاصة والعامة، فمن الخاصة: الشيخ المفيد في الفصول المختارة 2: 78، والكراجكي في الفوائد: 122، والفتّال النيسابوري في روضة الواعظين: 76، والطبرسي في الإحتجاج: 97، وابن شهر آشوب في المناقب 1: 356، والإربلي في كشف الغمة: 92، وابن سنجر النخجواني في تجارب السلف: 42، والمجلسي في البحار 9: 375. ومن العامة: يوسف بن محمد البلوي المالكي في كتابه ألف باء 1: 439، وزيد بن الحسن الكندي الحنفي في المجتنى: 39، وياقوت الحموي في معجم الأدباء 5: 266، ومحمد بن طلحة الشافعي في مطالب السئول: 11، وسبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص: 62، وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 2: 377، ومحمد بن يوسف الكنجي في المناقب: 41، وابن كثير في البداية والنهاية 8: 8، وابن الصّباغ المالكي في الفصول المهمة: 16، وابن حجر في الصواعق: 79، والإسحاقي في لطائف أخبار الدول: 33، والحلبي الشافعي في السيرةالنبوية 1: 286، والشبراوي الشافعي في الاتحاف بحبّ الأشراف: 181، والسيد محمود الآلوسي البغدادي في شرح عينية الشاعر عبد الباقي العمري: 78، والقندوزي في ينابيع المودّة: 291، والسيد أحمد زيني دحلان في السيرة النبوية بهامش السيرة النبوية الحلبية 1: 190، والشيخ محمد حبيب اللَّه الشنقيطي المالكي في كفاية الطالب: 36، والمتقي الهندي في كنز العمال 13: 112/ 36366

ص:82

170- قال جابر بن عبد اللَّه الأنصاري سمعت عليّاً عليه السلام ينشد ورسول اللَّهصلى الله عليه و آله يسمع شعره:

أنا أخو المصطفى لاشك في نسبي معه رُبيت وسبطاه هما ولدي

جدّي وجدُّ رسول اللَّه منفردٌ وزوجتي فاطمٌ لا قول ذي فندِ

ص:83

صدّقته وجميع الناس في بُهمٍ من الضَّلالة والإشراك والنَّكد

الحمد للَّه شكراً لا شريك له البرّ بالعبد والباقي بلا أمدِ

فقال له النَّبيُّصلى الله عليه و آله: «صدقت يا عليّ».

فرائد السمطين في الباب 44 «(1)»، نظم درر السمطين للزرندي، كفاية الكنجيص 84، مناقب الخوارزميص 95، تاريخ ابن عساكر، كنز العمّال 6ص 398 «(2)».

171- قال ابن عبّاس: إنَّ عليّاً كان يقول في حياة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله:

«إنَّ اللَّه تعالى يقول: «أفإن مات أو قُتل» «(3)»

، لأُقاتلنَّ على ما قاتل عليه حتّى أموت، واللَّه إنّي لأخوه ووليّه ووارثه (وارث علمه) وابن عمِّه، فمن أحقُّ به منّي»؟!.

مناقب أحمد «(4)»، خصائص النسائي 18، مستدرك الحاكم 3ص 126 وصحّحه هو والذهبي، الرِّياض النضرة 2ص 226، ذخائر العقبىص 100، فرائد السمطين الباب 24 «(5)»، مجمع


1- انظر الطبعة المحقّقة من فرائد السمطين 1: 226
2- انظر كنز العمال طبعة مؤسسة الرسالة 13: 137/ 36434
3- آل عمران: 144
4- انظر فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام لأحمد بن حنبل، الطبعة الحروفية: 187
5- انظر الطبعة المحقّقة من فرائد السمطين 1: 124

ص:84

الزوائد 9ص 134 من طريق الطبراني وقال: رجاله رجال الصحيح.

172- قال عديّ بن حاتم في خطبة له: لئن كان إلى الإسلام إنَّه لأخو نبيِّ اللَّه والرأس في الأسلام.

جمهرة الخطب 1ص 202.

173- قال الثعلبي في «العرائس»ص 149: قال أهل التفسير وأصحاب الأخبار: إن اللَّه أهبط تابوتاً على آدم عليه السلام من الجنَّة حين أهبط إلى الأرض فيهصور الأنبياء من أولاده وفيه بيوتٌ بعدد الرسل منهم، وآخر البيوت بيت محمّد من ياقوتة حمراء- إلى أن قال-: وبين يديه عليُّ بن أبي طالب كرَّم اللَّه وجهه شاهرٌ سيفه على عاتقه و مكتوبٌ على جبهته: هذا أخوه وابن عمِّه، المؤيَّد بالنصر من عند اللَّه.

174- في كتاب لمحمّد بن أبي بكر إلى معاوية: فكان أوَّل من أجاب وأناب وآمن وصدَّق وأسلم وسلم أخوه وابن عمِّه عليُّ بن أبي طالب.

كتابصفِّين لابن مزاحم 133، مروج الذهب 2ص 59.

175- قال أبان بن عيّاش سألت الحسن البصري عن عليّ عليه السلام فقال: ما أقول فيه؟! كانت له السابقة، والفضل، والعمل، والحكمة،

ص:85

والفقه، والرأي، والصحبة، والنجدة، والبلاء، والزهد، والقضاء، والقرابة- إلى أن قال-: وقد قال رسول اللَّهصلى الله عليه و آله لفاطمة عليها السلام:

«زوَّجتك خير أُمَّتي»، فلو كان في أُمِّته خير منه لاستثناه، ولقد آخى رسول اللَّه بين أصحابه فآخى بين علي ونفسه، فرسول اللَّهصلى الله عليه و آله خير النّاس نفساً وخيرهم أخاً.

شرح ابن أبي الحديد 1ص 369 «(1)».

176- في خطبة لعمّار بن ياسر في البصرة قوله: أيّها الناس؟ اخو نبيّكم وابن عمِّه يستنفركم لنصر دين اللَّه.

شرح ابن أبي الحديد 3ص 293 «(2)».

177- مرَّ ج 1ص 201 من كتاب لعمرو بن العاص إلى معاوية بن أبي سفيان قوله: وأمّا ما نسبت أبا الحسن- أخا رسول اللَّه ووصيَّه- إلى البغي والحسد على عثمان، وسمَّيت الصحابة فسقة، وزعمت أنَّه أشلاهم على قتله، فهذا كذبٌ وغوايةٌ «(3)».

ولشهرة هذه الأثار وثبوتها لأمير المؤمنين، ولأهميَّتها الكبرى عند الأُمَّة، وإعرابها عن المماثلة والمشاكلة في الفضيلة بينه وبين رسول اللَّهصلى الله عليه و آله، أخذها رجال القريض من الصحابة والتابعين كحسّان بن ثابت والنجاشي، وتبعهم شعراء القرون من الفريقين


1- شرح نهج البلاغة 4: 122
2- شرح نهج البلاغة 14: 17
3- المناقب للخوارزمي: 124

ص:86

حتّى اليوم، فصبّوها في بوتقة النظم، ونحن نصفح عن كلّ ذلك النظم الرائق روماً للإختصار، غير أنَّ القارئ يقف على شي ء كثير منه في طيِّ أجزاء كتابنا، راجع الجزء الثانيص 40، 43، 115، 218، 226، 229، 286، 291، 292، 293، 330، 350، ج 3ص 66 «(1)».

10- قال: جمهور متكلّمي الرافضة كهشام بن الحكم الكوفي وتلميذه أبي علي الصكاك وغيرهما يقول: إنَّ علم اللَّه تعالى محدثٌ، وإنَّه لم يكن يعلم شيئاً حتّى أحدث لنفسه علماً. وهذا كفرٌصحيحٌ، وقد قال هشام هذا في عين مناظرته لأبي الهذيل العلّاف: إنّ ربَّه سبعة أشبار بشبر نفسه. وهذا كفرٌصحيحٌ، وكان داود الجوازي من كبار متكلّميهم يزعم أنَّ ربّه لحمٌ ودمٌ علىصورة الإنسان «(2)».


1- صحيح البخاري 4: 323 و 5: 269-/ 270 و 6: 191، صحيح مسلم 2: 324، سنن الترمذي 2: 300، مسند أحمد بن حنبل 1: 99 و 5: 353-/ 358، الطبقات الكبرى لابن سعد 3: 158، السيرة النبوية لإبن هشام 3: 386، تأريخ الطبري 2: 93، الخصائص الكبرى للنسائي: 4 و 8 و 16 و 33، مستدرك الصحيحين 3: 116 و 190، تأريخ بغداد 7: 387، حلية الأولياء 1: 62 و 4: 356، الإستيعاب 2: 363، الرياض النضرة 2: 187، مرآة الجنان 1: 109، المواقف 3: 10 و 12
2- الفصل في الملل والأهواء والنحل 4: 126

ص:87

ج- أمّا جمهور متكلّمي الشيعة فلن تجد هذه المزعمة في شي ء من مؤلّفاتهم الكلاميَّة، بل فيها نقيض هذه كلّها ودحض شبه الزاعمين خلافهم، ضع يدك على أيّ من تلك الكتب مخطوطها ومطبوعها، حتّى تأليف هشام نفسه ومَن قصدهم الرجل بالقذف المائن، تجده على حدَّ ما وصفناه.

وأمّا هشام فأوَّل مَن نسب إليه هذه الفرية الجاحظ «(1)» عن النظام، ورواها ابن قتيبة في «مختلف الحديث»ص 59 والخطّاط في «الإنتصار»، وكلٌّ منهم هو العدوُّ الألدُّ للرَّجل، لا يُؤتمن عليه فيما ينقله ممّا يشوِّه سمعة هشام، فهو لا يزال يتحرّى الوقيعة فيه وفي نظرائه من أيِّ الوسائل كانتصادقةً أو مكذوبةً، والمذاهب والعقائد يجب أن تُؤخذ من أفواه المعتنقين بها، أو من كتبهم الثابتة نسبتها إليهم، أو ممَّن يُؤتمن عليه في نقلها، وهذه النسب المفتعلة لم يتسنَّ لها الحصول على شي ء من الحالة، وإنَّما الحالة فيها كما وصفناها.


1- قال أبو جعفر الإسكافي: إنّ الجاحظ ليس على لسانه من دينه وعقله رقيب، وهو من دعوى الباطل غير بعيد. فمعناه نزر، وقوله لغو، ومطلبه سجع، وكلامه لعبٍ ولهو. يقول الشي ء وخلافه، ويحسن القول وضده، ليس له من نفسه واعظ، ولا لدعواه حد قائم. شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد 3: 267« المؤلّف»

ص:88

ثمَّ تبع أولئك في العصور المتأخِّرة أهل الهوس والهياج حنقاً على هشام ومبدئه، ومن حذى حذوه كإبن حزم وأمثاله، ولم يقنع الرجل تفريد هشام بهاتيك الشائنة المائنة حتىّ شركه فيها جمهور متكلّمي الرافضة وهم براء، والرَّجل غير مكترث لما أعدَّ اللَّه لكلِّ أفّاك أثيم.

وهؤلاء متكلّموا الشيعة لا يعترفون بشي ء من ذلك، وفيما كتبه عَلمٌ من أعلامهم، ألا وهو علم الهدى الشريف المرتضى في «الشافي»ص 12 مقنعٌ وكفايةٌ في الدِّفاع عن هشام، على أنَّ نصَّ مناظرة هشام مع أبي الهذيل المذكورة في «الملل والنحل» «(1)» للشهرستاني ليس فيه إلّاإلزام مَن يناظره بلازم قوله من أنَّه تعالى جسمُ لا كالأجسام. وأين هو من الإعتقاد به؟!

وبقيَّة النِسب المعزوَّة إلى غير هشام من رجالات الشيعة من التجسّم وغيره ممّا ذُكر لدة ما يُنسب إلى هشام بعيدةٌ عن مستوى الصِّدق.

11- قال: الرافضة لا يختلفون في أنَّ الشمس رُدَّت على عليِّ بن أبي طالب مرَّتين، أفيكون فيصفاقة الوجه، وصلابة الخدّ، وعدم الحياء، والجرأة على الكذب أكثر من هذا على قرب العهد


1- الملل والنحل: 93

ص:89

وكثرة الخلق؟! «(1)».

وقال ج 5ص 3 بعد نقل جملة من الخرافات: لا فرق بين من ادَّعى شيئاً ممّا ذُكر وبين دعوى الرافضة ردَّ الشمس على عليِّ بن أبي طالب مرَّتين.

وقال ج 2ص 78: وأقلُّ الروافض غلوّاً يقولون:

إنَّ الشمس رُدَّت على عليِّ ابن أبي طالب مرَّتين.

ج- ربما يحسب قارئ هذه القوارص أنَّ القول بردِّ الشمس على أمير المؤمنين عليه السلام من خاصّة الشيعة ليس إلّا، وأنَّ الحديث به منكرٌ وقول زور، لا يرى الإسلام لقائله قدراً ولا حرمةً، بل يحقّ بكلِّ ذلك السباب والقذف المقذع، ولا يتصوَّر أن تكون هذه الوقيعة والتحامل من الرَّجل دون حقيقةٍ راهنةٍ، وقولٍ صحيحٍ، ورأيٍ ثابتٍ بالسنَّة.

فأدب الشيعة وإن يمنعنا عن السباب والتقابل بالمثل، غير أنَّا نمثِّل بين يدي القارئ تلك الحقيقة، ونوقفه على حقِّ القول وقائليه ومحدِّثيه، فيرى عندئذٍ نصب عينيه مثالصفاقة الوجه، وصلابة الخدِّ، وعدم الحياء، والجرأة على الكذب، فنقول:


1- الفصل في الملل والأهواء والنحل 4: 126

ص:90

إنَّ حديث ردِّ الشمس أخرجه جمعٌ من الحفّاظ الأثبات بأسانيد جمَّة،صحَّح جمعٌ من مهرة الفنِّ بعضها، وحكم آخرون بحسن آخر، وشدَّد جمعٌ منهم النكير على مَن غمز فيه وضعَّفه، وهم الأبناء الأربعة حملة الروح الأمويَّة الخبيثة، ألا وهم: ابن حزم، ابن الجوزي، ابن تيميَّة، ابن كثير.

وجاء آخرون من الأعلام وقد عظم عليهم الخطب بإنكار هذه المأثرة النبويَّة والمكرمة العلويَّة الثابتة، فأفردوها بالتأليف، وجمعوا فيه طرقها وأسانيدها، فمنهم:

178- أبو بكر الورّاق، له كتاب «من روى ردَّ الشمس» ذكره له ابن شهر آشوب في «المناقب» 1ص 458.

179- أبو الحسن شاذان الفضيلي، له رسالةٌ في طرق الحديث، ذكر شطراً منها الحافظ السيوطي في «اللآلئ المصنوعة» 2ص 175، وقال: أورد طرقه بأسانيد كثيرة وصحّحه بما لا مزيد عليه، ونازع ابن الجوزي في بعض مَن طعن فيه من رجاله.

180- الحافظ أبو الفتح محمَّد بن الحسين الأزدي الموصلي، له كتابٌ مفردٌ فيه، ذكره له الحافظ الكنجي في «الكفاية» «(1)».

181- أبو القاسم الحاكم ابن الحدّاد الحسكاني النيسابوري


1- كفاية الطالب: 218

ص:91

الحنفي المترجم 1: 112 «(1)»، له رسالةٌ في الحديث أسماها «مسألة في تصحيح ردِّ الشمس وترغيم النواصب الشمس» ذكر شطراً منها ابن كثير في البداية والنهاية 6ص 80، وذكره له الذَّهبي في تذكرته 3ص 368.

182- أبو عبد اللَّه الجعل الحسين بن عليّ البصريّ ثمَّ البغداديّ المتوفّى 399 ه، ذلك الفقيه المتكلّم، له كتاب «جواز ردَّ الشمس» ذكره له ابن شهر آشوب «(2)».

183- أخطب خوارزم أبو المؤيّد موفَّق بن أحمد المتوفّى 568 ه المترجم في الجزء الرابع من كتابنا هذا «(3)»، له كتاب «ردّ الشمس لأمير المؤمنين» ذكره له معاصره ابن شهر آشوب «(4)».

184- أبو علي الشريف محمّد بن أسعد بن علي بن المعمّر الحسني النقيب النسّابة المتوفّى 588 ه، له جزءٌ في جمع طرق حديث ردّ الشمس لعليّ، أورد فيه أحاديث مستغربة. «لسان الميزان» 5: 76.

185- أبو عبد اللَّه محمَّد بن يوسف الدمشقي الصالحي تلميذ ابن


1- ترجمته في تذكرة الحفّاظ 3: 390
2- المناقب 1: 281
3- ترجمته في الجزء الرابع الصفحة 398-/ 407، ومصادرها: بغية الوعاة: 401، الفوائد البهية: 39، روضات الجنّات: 21، تأريخ آداب اللغة العربية لجرجي زيدان 3: 60، معجم المطبوعات: 1817
4- المناقب 1: 282

ص:92

الجوزي المتوفّى 597 ه، له جزء «مزيل اللبس عن حديث ردّ الشمس»، ذكره له برهان الدين الكوراني المدني في كتابه «الأُمم لايقاظ الهمم»ص 63 كما يأتي لفظه.

186- الحافظ جلال الدين السيوطي المتوفّى 991 ه، له رسالةٌ في الحديث أسماها «كشف اللبس عن حديث ردِّ الشمس».

ولا يسعنا ذكر تلكم المتون وتلكم الطرق والأسانيد، إذ يحتاج إلى تأليف ضخم يخصُّ به، غير أنّا نذكر نماذج ممَّن أخرج من الحفّاظ والأعلام بين مَن ذكره مِن غير غمز فيه، وبين مَن تكلّم حوله وصحَّحه، وفيها مقنعٌ وكفايةٌ:

187- الحافظ أبو الحسن عثمان بن أبي شيبة العبسي الكوفي المتوفّى 239 ه، رواه في سننه «(1)».

188- الحافظ أبو جعفر أحمد بنصالح المصريّ المتوفّى 248 ه، شيخ البخاري فيصحيحه ونظرائه، المجمع على ثقته، رواه بطريقينصحيحين عن أسماء بنت عميس، وقال: لا ينبغي لمن كان سبيله العلم التخلّف عن حفظ حديث أسماء، الذي روي لنا عنهصلى الله عليه و آله؛ لأنَّه من أجلِّ علامات النبوَّة «(2)».


1- مصنف ابن أبي شيبة 8: 413
2- حكاه عنه الحافظ الطحاوي في مشكل الآثار 2: 11 وتبعه جمع آخرون كما يأتي« المؤلّف»

ص:93

189- محمّد بن الحسين الأزدي المتوفّى 277 ه، ذكره في كتابه في مناقب عليّ رضى الله عنه وصحَّحه، كما ذكره ابن النديم والكوراني وغيرهما.

راجع لسان الميزان 5: 140.

قال الأميني: أحسب أنّ كتاب «المناقب» للأزدي غير ما أفرده في حديث ردّ الشمس.

190- الحافظ أبو بشر محمَّد بن أحمد الدولابي المتوفّى 310 ه، أخرجه في كتابه (الذريَّة الطاهرة)، وسيأتي لفظه وإسناده.

191- الحافظ أبو جعفر أحمد بن محمَّد الطحاوي المتوفّى 321 ه، في «مشكل الآثار» 2ص 11 أخرجه بلفظين وقال: هذان الحديثان ثابتان ورواتهما ثقات.

قال الأميني: تواتر نقل هذا التصحيح والتثبيت عن أبي جعفر الطَّحاوي في كتب القوم كالشفاء للقاضي، وستقف على نصوص أقوالهم، غير أنّ يد الطبع الأمينة على ودائع الإسلام حرَّفته عن «مشكل الآثار»، حيَّا اللَّه الأمانة!!!

192- الحافظ أبو جعفر بن محمّد بن عمرو العقيلي المتوفّى 322 ه والمترجم 1ص 161 «(1)».


1- ترجمته في تذكرة الحفّاظ 3: 52، لسان الميزان 2: 157، ميزان الاعتدال 1: 205

ص:94

193- الحافظ أبو القاسم الطبراني المتوفّى 360 ه والمترجم 1ص 105 «(1)»، رواه في معجمه الكبير وقال: إنَّه حسنٌ «(2)».

194- الحاكم أبو حفص عمر بن أحمد الشهير بابن شاهين المتوفّى 385 ه، ذكره في مسنده الكبير.

195- الحاكم أبو عبد اللَّه النيسابوري المتوفّى 405 ه والمترجم 1ص 107 «(3)»، رواه في تأريخ نيسابور في ترجمة عبد اللَّه بن حامد الفقيه الواعظ «(4)».

196- الحافظ ابن مردويه الإصبهاني المتوفّى 416 ه، والمترجم 1ص 108 «(5)»، أخرجه في «المناقب» بإسناده عن أبي هريرة.

197- أبو إسحاق الثعلبي المتوفّى 427- 37 ه، والمترجم 1ص 109 «(6)»، رواه في تفسيره، وقصص الأنبياء الموسوم ب «العرائس»ص 139.

198- الفقيه أبو الحسن عليّ بن حبيب البصريّ البغداديّ الشافعيّ الشهير بالماوردي المتوفّى 450 ه، عدّه من أعلام النبوَّة


1- ترجمته في تذكرةالحفّاظ 3: 26-/ 131
2- المعجم الكبير 11: 218
3- ترجمته في تذكرة الحفّاظ 3: 242، تأريخ ابن كثير 6: 273
4- تأريخ نيسابور: 285
5- ترجمته في تذكرة الحفّاظ 3: 252
6- ترجمته في وفيّات الأعيان 1: 22

ص:95

في كتابه «أعلام النبوَّة»ص 79، ورواه من طريق أسماء.

199- الحافظ أبو بكر البيهقيُّ المتوفّى 458 ه، والمترجم 1ص 110 «(1)»، رواه في «الدلائل» «(2)» كما في «الفيض القدير» للمناوي 5ص 440.

200- الحافظ الخطيب البغداديّ المتوفّى 463 ه والمترجم 1ص 111 «(3)»، ذكره في «تلخيص المتشابه» و «الأربعين».

201- الحافظ أبو زكريّا الإصبهاني الشهير بإبن مندة المتوفّى 512 ه، والمذكور 1ص 113 «(4)»، أخرجه في كتابه «المعرفة».

202- الحافظ القاضي عياض أبو الفضل المالكيّ الأندلسيّ إمام وقته المتوفّى 544 ه، رواه في كتابه «الشفاء» وصحَّحه.

203- أخطب الخطباء الخوارزمي المتوفّى 568 ه أحد شعراء الغدير في القرن السادس، يأتي شعره وترجمته في الجزء الرابع من كتابنا «(5)»، رواه في «المناقب» «(6)».


1- ترجمته في طبقات الشافعية 3: 3
2- دلائل الإمامة: 264
3- ترجمته في الكامل في التأريخ 10: 26
4- ترجمته في وفيات الأعيان 2: 366
5- المناقب للخوارزمي: 214
6- ترجمته في الجزء الرابع الصفحة 398-/ 407، ومصادرها: بغية الوعاة: 401، الفوائد البهية: 39، روضات الجنّات: 21، تأريخ اللغة العربية لجرجي زيدان 3: 60، معجم المطبوعات: 1817

ص:96

204- الحافظ أبو الفتح النطنزي المترجم 1ص 115، رواه في «الخصائص العلويَّة».

205- أبو المظفَّر يوسف قزاوغلي الحنفيّ المتوفّى 654 ه، رواه في «التذكرة»ص 30، ثمَّ ردّ على جدِّه ابن الجوزي في حكمه [بأنَّه موضوعٌ وروايته مضطربةٌ لمكان أحمد بن داود، وفضيل بن مرزوق، وعبد الرحمن بن شريك، والمتَّهم هو ابن عقدة فإنَّه كان رافضيّاً]، فقال ما ملخَّصه:

قول جدِّي بأنَّه موضوعٌ دعوى بلا دليل، وقدحه في رواته لا يرد؛ لأنّا رويناه عن العدول الثقات الذين لا مغمز فيهم وليس في إسناده أحدٌ ممّن ضعّفه، وقد رواه أبو هريرة أيضاً، أخرجه عنه ابن مردويه، فيحتمل أنَّ الذين أشار إليهم في طريقه.

واتِّهام جدِّي بوضعه ابن عقدة من باب الظنِّ والشكِّ لا من باب القطع واليقين، وابن عقدة مشهورٌ بالعدالة، كان يروي فضائل أهل البيت ويقتصر عليها، ولا يتعرَّض للصحابة رضي اللَّه عنهم بمدح ولا بذمّ، فنسبوه إلى الرَّفض.

والمراد منه حبسها ووقوفها عن سيرها المعتاد لا الرد الحقيقيُّ، ولو رُدَّت على الحقيقة لم يكن عجباً؛ لأنَّ ذلك يكون معجزة

ص:97

لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله وكرامة لعليّ عليه السلام، وقد حُبست ليوشع بالإجماع، ولا يخلوا إمّا أن يكون ذلك معجزةً لموسى أو كرامة ليوشع، فإن كان لموسى فنبيّناصلى الله عليه و آله أفضل منه، وإن كان ليوشع فعلي عليه السلام أفضل من يوشع، قالصلى الله عليه و آله: «علماء أُمّتي كأنبياء بني إسرائيل». وهذا في حقِّ الآحاد؛ فما ظنّك بعليّ عليه السلام؟!

ثمَّ استدلَّ على فضل عليّ عليه السلام على أنبياء بني إسرائيل، وذكر شعر الصاحب بن عبّاد في ردِّ الشمس فقال:

وفي الباب حكايةٌ عجيبةٌ حدَّثني بها جماعةٌ من مشايخنا بالعراق، قالوا: شهدنا أبا منصور المظفّر بن أردشير العبادي الواعظ، وقد جلس بالتاجيَّة مدرسة بباب برز محلّة ببغداد، وكان بعد العصر، وذكر حديث ردِّ الشمس لعليّ عليه السلام، وطرَّزه بعبارته ونمَّقه بألفاظه، ثمَّ ذكر فضائل أهل البيت عليهم السلام، فنشأت سحابةٌ غطَّت الشمس حتّى ظنَّ النّاس أنَّها قد غابت، فقام أبو منصور على المنبر قائماً وأومأ إلى الشمس وأنشد:

لا تغربي يا شمسُ حتّى ينتهي مدحي لآل المصطفى ولنجلهِ

واثني عنانكِ إن أردت ثناءهم أنسيتِ إن كان الوقوف لأجلهِ؟!

إن كان للمولى وقوفكِ فليكن هذا الوقوف لخيله ولرجلهِ

قالوا: فانجاب السحاب عن الشمس وطلعت.

قال الأميني: حكى ابن النجار نحو هذه القضيّة لأبي الوفاء عبيد اللَّه بن هبة اللَّه القزويني الحنفي الواعظ المتوفّى 585 ه قال:

أنشدني أبو عبد اللَّه الحسين بن عبيد اللَّه بن هبة اللَّه القزويني باصبهان، أنشدني والدي ببغداد على المنبر في المدرسة الناجية مرتجلًا لنفسه وقد دانت الشمس للغروب، وكان ساعتئذٍ شرع في مناقب عليّ رضى الله عنه:

لا تعجلي يا شمس حتّى ينتهي مدحي لفضل المرتضى ولنجلهِ

يثني عنانك إن غربت ثناؤه أنسيت يوماً قد رُددت لأجله

... الخ.

وذكره محيي الدين ابن أبي الوفاء القرشي الحنفي في «الجواهر المضيَّة» في طبقات الحنفيّة ج 1ص 342.

206- الحافظ أبو عبد اللَّه محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي المتوفّى 658 ه، جعل في كتابه «كفاية الطالب»ص 237-/ 244 فصلًا في حديث ردِّ الشمس، وتكلّم فيه من حيث الإمكان تارة، ومن حيثصحَّة النقل أُخرى، فلا يرى للمتشرِّع وُسعاً في إنكاره من ناحية الإمكان لحديث ردِّ الشِّمس ليوشع المتَّفق علىصحَّته.

وقال في الكلام عنصحّته ما ملخّصه: فقد عدَّه جماعةٌ من العلماء في معجزاتهصلى الله عليه و آله، ومنهم ابن سبع ذكره في «شفاء الصدور»

ص:98

ص:99

وحكم بصحَّته، ومنهم القاضي عياض في «الشفاء» وحكى عن الطحاوي من طريقينصحيحين ونقل كلام أحمد بنصالح المصري.

وقد شفى الصدور الإمام الحافظ أبو الفتح محمّد بن الحسين الأزدي الموصلي في جمع طرقه في كتاب مفرد، ثمَّ رواه من طريق الحاكم في تأريخه، والشيخ أبي الوقت في الجزء الأوّل من أحاديث أمير أبي أحمد. ثمَّ ردّ على مَن ضعَّفه إمكاناً ووقوعاً سنداً ومتناً، وذكر مناشدة أمير المؤمنين عليه السلام به يوم الشّورى، فقال:

أخبرنا الحافظ أبو عبد اللَّه محمّد بن محمود المعروف بإبن النجّار، أخبرنا أبو محمّد عبد العزيز بن الأخضر قال: سمعت القاضي محمّد بن عمر بن يوسف الأرموي يقول: جلس أبو منصور المظفّر بن أردشير العبادي الواعظ. (وذكر إلى آخر ما مرَّ عن السبط ابن الجوزي)، ثمَّ ذكر شعر الصاحب بن عبّاد في حديث ردِّ الشمس.

207- أبو عبد اللَّه شمس الدين محمّد بن أحمد الأنصاري الأُندلسي المتوفّى 671 ه، قال في «التذكرة بأحوال الموتى وأُمور الآخرة»: إنّ اللَّه تعالى ردَّ الشمس على نبيِّه بعد مغيبها حتّىصلّى عليُّ. ذكره الطحاوي وقال: إنَّه حديثٌ ثابتٌ، فلو لم يكن رجوع الشمس نافعاً وأنَّه لا يتجدَّد الوقت لما ردَّها عليه.

ص:100

208- شيخ الإسلام الحمّويي المتوفّى 722 ه والمترجم 1ص 123 «(1)»، رواه في «فرائد السمطين» «(2)».

209- الحافظ وليُّ الدين أبو زرعة العراقي المتوفّى 826 ه، أخرجه في «طرح التثريب» «(3)» ج 6ص 247 من طريق الطبراني في معجمه الكبير، وقال: حسنٌّ.

210- الإمام أبو الربيع سليمان السبتي الشهير بإبن سبع ذكره في كتابه «شفاء الصدور»، وصحّحه.

211- الحافظ ابن حجر العسقلاني المتوفّى 852 ه والمترجم 1ص 130 «(4)»، ذكره في فتح الباري 6ص 168، وقال: روى الطحاوي والطبراني في «الكبير» والحاكم والبيهقي في «الدلائل» عن أسماء بنت عميس: أنَّهصلى الله عليه و آله دعا لمّا نام على ركبة عليٍّ ففاتتهصلاة العصر، فردَّت الشمس حتّىصلّى عليٌّ ثمَّ غربت. وهذا أبلغ في المعجزة وقد أخطأ ابن الجوزي بايراده له في الموضوعات، وهكذا ابن تيميَّة في كتاب الردِّ على الروافض في زعم وضعه، واللَّه أعلم.


1- ترجمته في تذكرة الحفّاظ 4: 298
2- فرائد السمطين 1: 381
3- هذا الكتاب وإن كان مشتركاً بينه وبين والده، غير أنّ إخراج هذا الحديث يُعزى إليه في كتب القوم« المؤلّف»
4- ترجمته في الضوء اللامع 2: 36-/ 40، شذرات الذهب 7: 270-/ 273

ص:101

212- الإمام العيني الحنفي المتوفّى 855 ه والمترجم 1ص 131 «(1)»، قال في «عمدة القاري» شرحصحيح البخاري 7ص 146: وقد وقع ذلك أيضاً للإمام عليّ رضى الله عنه، أخرجه الحاكم عن أسماء بنت عميس- وذكر الحديث ثمَّ قال: وذكره الطحاوي في «مشكل الآثار»- ثمَّ ذكر كلام أحمد بنصالح المذكور- فقال: وهو حديثٌ متَّصل ورواته ثقات، وإعلال ابن الجوزي هذا الحديث لا يلتفت إليه.

213- الحافظ السيوطي المتوفّى 911 ه والمترجم 1ص 133 «(2)»، رواه في «جمع الجوامع» كما في ترتيبه 5ص 277 عن عليّ عليه السلام في عدِّ معجزات النبيصلى الله عليه و آله.

وقال في «الخصائص الكبرى» 2ص 184 أوتي يوشع حبس الشمس حين قاتل الجبّارين، وقد حُبست لنبيّناصلى الله عليه و آله في الإسراء، وأعجب من ذلك ردُّ الشمس حين فات عصر عليّ رضى الله عنه.

ورواه في «اللآلئ المصنوعة» 2ص 174-/ 177 عن أمير المؤمنين وأبي هريرة وجابر الأنصاري وأسماء بنت عميس من طريق ابن مندة والطحاوي والطبراني وابن أبي شيبة والعقيلي والخطيب والدولابي وابن شاهين وابن عقدة. وذكر شطراً من


1- ترجمته في الضوء اللامع 10: 131-/ 135، بغية الوعاة: 386
2- ترجمته في شذرات الذهب 8: 51-/ 55، النور السافر: 54-/ 55

ص:102

رسالة أبي الحسن الفضلي في الحديث، وقال: الحديثصرَّح جماعةٌ من الأئمَّة والحفّاظ بأنَّه صحيحٌ.

وروى في «اللآلئ» 1ص 176 من غير غمز في سنده عن أبي ذرّ أنَّه قال: قال عليُّ يوم الشورى: «أُنشدكم باللَّه هل فيكم من رُدَّت له الشمس غيري حين نام رسول اللَّه وجعل رأسه في حجري»؟! إلخ.

وقال في «نشر العلَمين»ص 13 بعد ذكر كلام القرطبي المذكور قلت: وهو في غاية التحقيق، واستدلاله على تجدّد الوقت بقصَّة رجوع الشمس في غاية الحسن، ولهذا حكم بكون الصلاة أداءً وإلّا لم يكن لرجوعها فائدةٌ، إذ كان يصحُّ قضاء العصر بعد الغروب.

وذكر هذا الإستدلال والإستحسان في «التعظيم والمنّة»ص 8.

214- نور الدين السمهودي الشافعي المتوفّى 911 ه والمترجم 1ص 133 «(1)»، قال في «وفاء الوفاء» 2ص 33 في ذكر مسجد الفضيخ المعروف بمسجد الشَّمس: قال المجد: لا يظنُّ ظانَّ أنَّه المكان الذى أُعيدت الشَّمس فيه بعد الغروب لعليٍّ رضى الله عنه؛ لأنَّ ذلك إنَّما كان بالصهباء من خيبر.


1- ترجمته في شذرات الذهب 8: 50، النور السافر: 58-/ 60، النور الطالع 1: 470

ص:103

ثمّ روى حديث القاضي عياض وكلمته وكلمة الطحاوي فقال: قال المجد: فهذا المكان أولى بتسميته بمسجد الشَّمس دون ما سواه. وصرَّح ابن حزم بأنَّ الحديث موضوعٌ، وقصَّة ردِّ الشَّمس على عليٍّ رضى الله عنه باطلةٌ بإجماع العلماء، وسفَّه قائله. قلت: والحديث رواه الطبراني بأسانيده، قال: الحافظ نور الدين الهيتمي: رجال أحدها رجال الصحيح غير أبراهيم بن الحسن وهو ثقةٌ، وفاطمة بنت عليِّ بن أبي طالب لم أعرفها.

وأخرجه ابن مندة وابن شاهين من حديث أسماء بنت عميس، وابن مردويه من حديث أبي هريرة، وإسنادهما حسنٌ، وممَّنصحَّحه الطحاوي وغيره. وقال الحافظ ابن حجر في فتح البارى بعد ذكر رواية البيهقي له: وقد أخطأ ابن الجوزي بإيراده في الموضوعات.

215- الحافظ أبو العبّاس القسطلاني المتوفّى 923 ه والمترجم 1ص 134 «(1)»، ذكره في «المواهب اللدنيَّة» 1ص 358 من طريق الطحاوي، والقاضي عياض، وابن مندة، وابن شاهين، والطبراني، وإبي زرعة من حديث أسماء بنت عميس، ومن طريق ابن مردويه من حديث أبي هريرة.

216- الحافظ ابن الدبيع المتوفّى 944 ه، والمترجم


1- ترجمته في النور السافر: 113-/ 115، النور الطالع 1: 102

ص:104

1ص 134 «(1)» رواه في «تمييز الطيِّب من الخبيث»ص 81 وذكر تضعيف أحمد وابن الجوزي له، ثمَّ استدركه بتصحيح الطحاوي وصاحب «الشفاء» فقال: وأخرجه ابن مندة، وابن شاهين وغيرهما من حديث أسماء بنت عميس وغيرها.

217- السيِّد عبد الرَّحيم بن عبد الرَّحمن العبّاسي المتوفّى 963 ه، ذكر في «معاهد التنصيص» 2ص 190 من مقصورة ابن حازم: «(2)»

فيالها من آية مبصرة أبصرها طرفُ الرقيب فامترى

واعتورته شبهةٌ فضلَّ عن تحقيق ما أبصره وما اهتدى

وظنَّ أنَّ الشمس قد عادت له فانجاب جنح الليل عنها وانجلى

والشمس ما رُدَّت لغير يوشع لمّا غزا ولعلّيٍ إذ غفا

ثمَّ ذكر الحديث بلفظ الطحّاوي من طريقيه، وأردفه بذكر قصَّة أبي المنصور المظفَّر الواعظ المذكورة.

218- الحافظ شهاب الدين ابن حجر الهيتمي المتوفّى 974 ه والمترجم 1ص 134 «(3)»، عدّه في «الصواعق»ص 76 كرامةً باهرةً لأمير المؤمنين عليه السلام وقال: وحديث ردِّهاصحَّحه الطحاوي والقاضي في «الشفاء»، وحسَّنه شيخ الإسلام أبو زرعة وتبعه غيره وردّوا على جمعٍ قالوا: إنَّه موضوعٌ. وزعم فوات الوقت بغروبها فلا فائدة لردِّها «(4)» في محلِّ المنع، بل نقول: كما أنَّ ردَّها خصوصيَّة كذلك إدراك العصر الآن أداءً خصوصيَّةٌ وكرامةٌ. ثمَّ ذكر قصَّة أبي المنصور المظفَّر بن أردشير العبادي المذكورة.

وقال في شرح همزيَّة البوصيريص 121 في حديث شق القمر: ويُناسب هذه المعجزة ردُّ الشمس لهصلى الله عليه و آله بعد ما غابت حقيقةَ لمّا نامصلى الله عليه و آله- إلى أن قال-: فرُدَّت ليصلّى- عليُّ- العصر أداءً كرامةً لهصلى الله عليه و آله. وهذا الحديث اختلف فيصحَّته جماعةٌ، بل جزم بعضهم بوضعه، وصحَّحه آخرون، وهو الحقُّ. ثمَّصرَّح بأنّ إحدى رواية أسماءصحيحةٌ وأُخرى حسنةٌ.

219- الملّا علي القارى ء المتوفّى 1014 ه قال في «المرقاة» شرح


1- ترجمته في النور السافر: 287-/ 292، البدر الطالع 1: 109
2- زعمه ابن الجوزي« المؤلّف»
3- ترجمته في النور السافر: 287-/ 292، البدر الطالع 1: 109
4- زعمه ابن الجوزي« المؤلّف»

ص:105

ص:106

«المشكاة» 4ص 287: أمّا ردُّ الشمس صلى الله عليه و آله فرُوي عن أسماء- ثمَّ ذكر الحديث- وقال بعد ذكر كلام العسقلاني المذكور: وبهذا يُعلم أنَّ ردَّ الشمس بمعنى تأخيرها، والمعنى أنَّها كادت أن تغرب فحبسها، فيندفع بذلك ما قال بعضهم: ومن تغفّل واضعه أنَّه نظر إلىصورة فضيلة ولم يلمح إلي عدم الفائدة فيها، فإنّصلاة العصر بغيبوبة الشمس تصير قضاءً ورجوع الشمس لا يعيدها أداءً.

مع أنَّه يمكن حمله على الخصوصيّات، وهو أبلغ في باب المعجزات، واللَّه أعلم بتحقيق الحالات.

قيل: يعارضه قوله في الحديث الصحيح: لم تحبس الشمس على أحد إلّاليوشع.

ويُجاب بأنّ المعنى لم تحبس على أحد من الأنبياء غيري إلّا ليوشع «(1)».

220- نور الدين الحلبي الشافعي المتوفّى 1044 ه والمترجم 1ص 139 «(2)»، قال في «السيرة النبويَّة» 1ص 413: وأمّا عود الشمس بعد غروبها فقد وقع لهصلى الله عليه و آله في خيبر، فعن أسماء بنت عميس- وذكر الحديث- ثمَّ قال: قال بعضهم: لا ينبغي لمن سبيله العلم أن يتخلّف عن حفظ هذا الحديث لأنَّه من أجلَّ أعلام


1- هذا الجمع ذكره جمعٌ من الحفّاظ والأعلام« المؤلّف»
2- خلاصة الأثر للمحبّي 3: 122

ص:107

النبوَّة، وهو حديثٌ متَّصلٌ، وقد ذكر «في الإمتاع» أنَّه جاء عن أسماء من خمسة طرق وذكرها.

وبه يردُّ ما تقدَّم عن ابن كثير بأنَّه تفرَّدت بنقله امرأةٌ من أهل البيت مجهولةٌ لا يعرف حالها «(1)».

وبهُ يردّ على ابن الجوزي حيث قال فيه: إنَّه حديثٌ موضوعٌ بلا شك.

ثمَّ ذكر عن «الإمتاع» خامس أحاديثه، وحكى عن سبط ابن الجوزي قصّة أبي المنصور المظفَّر الواعظ 412.

221- شهاب الدين الخفاجيّ الحنفيّ المتوفّى 1069 ه والمترجم 1ص 140 «(2)»، قال في شرح الشفا 3ص 11: ورواه الطبراني بأسانيد مختلفة رجالُ أكثرها ثقاتٌ.

وقال: اعترض عليه بعض الشّراح وقال: (إنَّه موضوعٌ ورجاله مطعونٌ فيهم كذّابون ووضّاعون). ولم يدرِ أنَّ الحقَّ خلافه، والّذي غرَّه كلام ابن الجوزي، ولم يقف على أنَّ كتابه أكثره مردودٌ، وقد قال خاتمة الحفّاظ السيوطي وكذا السخّاوي: إنَّ ابن الجوزي في موضوعاته تحامل تحاملًا كثيراً حتّى أدرج فيه كثيراً من الأحاديث الصحيحة، كما أشار إليه ابن الصَّلاح.


1- ذكر كلام ابن كثير في صفحة: 411
2- خلاصة الأثر 1: 331-/ 343

ص:108

وهذا الحديث صحّحه المصنِّف رحمه الله أشار إلى أنَّ تعدُّد طرقه شاهدصدق علىصحَّته، وقدصحّحه قبله كثيرٌ من الأئمَّة كالطحاوي، وأخرجه ابن شاهين، وابن مندة، وابن مردويه، والطبراني في معجمه وقال: إنَّه حسنٌ وحكاه العراقيُّ في التقريب (ثمَّ ذكر لفظه فقال): وإنكار ابن الجوزي فائدة ردِّها مع القضاء لا وجه له، فإنَّها فاتته بعذر مانع عن الأداء وهو عدم تشويشه على النبيِّصلى الله عليه و آله وهذه فضيلةٌ أيَّ فضيلة، فلمّا عادت الشمس حاز فضيلة الأداء أيضاً.

إلى أن قال:

إنَّ السيوطيصنَّف في هذا الحديث رسالةً مستقلّة سمّاها «كشف اللبس عن حديث ردِّ الشمس». وقال: إنَّه سبق بمثله لأبي الحسن الفضلي أورد طرقه بأسانيد كثيرة وصحَّحه بما لا مزيد عليه، ونازع ابن الجوزي في بعض مَن طعن فيه من رجاله.

وقال في قول الطحاوي: (لأنَّه من علامات النبوَّة): وهذا مؤيِّدٌ لصحَّته، فإنَّ أحمد هذا من كبار أئمَّة الحديث الثقات، ويكفي في توثيقه أنَّ البخاري روى عنه فيصحيحه، فلا يُلتفت إلى مَن ضعَّفه وطعن في روايته.

وبهذا أيضاً سقط ما قاله ابن تيميِّة وابن الجوزي من: أنّ هذا الحديث موضوعٌ. فإنَّه مجازفةٌ منهما. وما قيل من: أنَّ هذه الحكاية

ص:109

لا موقع لها بعد نصِّهم على وضع الحديث وإنّ كونه من علامات النبوَّة لا يقتضي تخصيصه بالحفظ، خلطٌ وخبطٌ لا يُعبأ به بعد ما سمعت، وذكر من الهمزيَّة:

رُدَّت الشمس والشروق عليه لعليٍّ حتّى يتمَّ الأداءُ

ثمَّ ولّت لهاصريرٌ وهذا لفراق له الوصال دواءُ «(1)»

وذكرص 15 قصَّة أبي المنصور الواعظ وشعره.

222- أبو العرفان الشيخ برهان الدين إبراهيم بن حسن بن شهاب الدين الكردي الكوراني ثمَّ المدني المتوفّى 1102 ه، ذكره في كتابه «الأُمم لايقاظ الهمم»ص 63 عن «الذريَّة الطاهرة» للحافظ ابن بشير الدولابي، قال: قال: حدَّثني إسحق بن يونس، حدّثنا سُويد بن سعيد، عن مطلب بن زياد، عن إبراهيم بن حيّان، عن عبد اللَّه بن الحسين، عن فاطمة بنت الحسين، عن الحسين بن علي رضي اللَّه عنهما قال: «كان رأس رسول اللَّهصلى الله عليه و آله في حجر علّيٍ وكان يوحى إليه، فلمّا سرى عنه قال لي: يا عليُّصلّيت الفرض؟! قال:

لا، قال: أُللّهم أنك تعلم أنُه كان في حاجتك وحاجة رسولك فردَّ عليه الشمس، فردَّها عليه فصلّى وغابت الشمس».

ثمَّ رواه من طريق الطبراني عن أسماء بنت عميس بلفظها الآتي


1- لا يوجد هذان البيتان في همزية البوصيري« المؤلّف».

ص:110

ثمَّ قال: قال الحافظ جلال الدين السيوطي في جزء «كشف اللبس في حديث ردّ الشمس»: إنَّ حديث ردِّ الشمس معجزةٌ لنبيِّنا محمّدصلى الله عليه و آله،صحّحه الإمام أبو جعفر الطحاوي وغيره، وأفرط الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي فأورده في كتاب الموضوعات، وقال تلميذه المحدِّث أبو عبد اللَّه محمّد يوسف الدمشقي الصالحي في جزء «مزيل اللبس عن حديث ردّ الشمس»: إعلم أنَّ هذا الحديث رواه الطحاوي في كتابه «شرح مشكل الآثار» عن أسماء بنت عميس من طريقين وقال: هذان الحديثان ثابتان ورواتهما ثقات، ونقله القاضي عياض في «الشفاء»، والحافظ ابن سيِّد الناس في «بشرى اللبيب»، والحافظ علاء الدين مغلطاي في كتاب «الزهر الباسم»، وصحَّحه الحافظ ابن الفتح «(1)» الأزدي، وحسَّنه الحافظ أبو زرعة ابن العراقيِّ، وشيخنا الحافظ جلال الدين السيوطي في «الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة». وقال الحافظ أحمد بنصالح- وناهيك به-: لا ينبغي لمن سبيله العلم التخلّف عن حديث أسماء، لأنَّه من أجلِّ علامات النبوَّة.

وقد أنكر الحفّاظ على ابن الجوزي ايراده الحديث في كتاب الموضوعات، فقال الحافظ أبو الفضل ابن حجر في باب قول النبيصلى الله عليه و آله: «أُحلّت لكم الغنائم» من فتح الباري بعد أن أورد


1- كذا والصحيح: أبو الفتح« المؤلّف»

ص:111

الحديث: أخطأ ابن الجوزي بإيراده له في الموضوعات إنتهى، ومن خطّه نقلت، ثمَّ قال: إنَّ هذا الحديث ورد من طريق أسماء بنت عميس، وعليّ بن أبي طالب، وإبنه الحسين، وأبي سعيد، وأبي هريرة رضي اللَّه عنهم «(1)». ثمَّ ساقها وتكلّم على رجالها ثمَّ قال: قد علمت ممّا أسلفناه من كلام الحفّاظ في حكم هذا الحديث وتبيّن حال رجاله انّه ليس فيه متَّهمٌ ولا من أُجمع على تركه، ولاح لك ثبوت الحديث وعدم بطلانه، ولم يبق إلّاالجواب عمّا أُعلّ به، وقد أُعلّ بأُمور، فساقها وأجاب عن الأُمور التي أُعلّ بها بأجوبة شافية.

223- أبو عبد اللَّه الزرقاني المالكي المتوفّى 1122 ه والمترجم 1ص 142 «(2)»،صحّحه في «شرح المواهب» 5ص 113-/ 118 وقال: أخطأ ابن الجوزي في عدِّه من الموضوعات. وبالغ في الردِّ على ابن تيميّة وقال: العجب العجاب إنمّا هو من كلام ابن تيميَّة.

وقال بعد نقل نفيصحَّته عن أحمد وابن الجوزي قال الشامي:

والظاهر أنّه وقع لهم من طريق بعض الكذّابين ولم يقع لهم من الطرق السابقة وإلّا فهي يتعذَّر معها الحكم عليه بالضعف فضلًا عن الوضع، ولو عرضت عليه أسانيدها لاعترفوا بأنَّ للحديث


1- فالحديث متواتر أخذاً بما ذهب إليه جمع من أعلام القوم في التواتر« المؤلّف»
2- سلك الدرر 4: 32

ص:112

أصلًا وليس بموضوع. قال: وما مهّدوه من القواعد وذكر جماعة من الحفّاظ له في كتبهم المعتمدة وتقوية من قوّاه يردُّ على من حكم بالوضع.

وقال: وبهذا الحديث أيضاً بان أنَّ الصلاة ليست قضاء بل يتعيَّن الأداءُ، وإلّا لم يكن للدعاء فائدةٌ.

ثمَّ قال: ومن القواعد أنَّ تعدُّد الطريق فيه يُفيد أنَّ للحديث أصلًا، ومن لطائف الإتِّفاقات الحسنة أنَّ أبا المنصور المظفَّر الواعظ، وذكر القصِّة كما مرَّت.

224- شمس الدين الحنفي الشافعيّ المتوفّى 1181 ه والمترجم 1ص 144 «(1)»، قال في تعليقه على «الجامع الصغير» للسيوطي 2ص 293 في قوله صلى الله عليه و آله: «ما حُبست الشمس على بشر إلّاعلى يوشع بن نون»: لا ينافيه حديث ردِّ الشَّمس لسيِّدنا عليٍّ رضى الله عنه؛ لأنّ ذلك ردُّ لها بعد غروبها، وما هنا حبسٌ لها لا ردٌّ لها بعد الغروب، والمراد ما حُبست على بشر غير يوشع فيما مضى من الزَّمان؛ لأنَّ (حُبس) فعل ماض، فلا ينافي وقوع الحبس بعد ذلك لبعض أولياء اللَّه تعالى.

225- ميرزا محمَّد البدخشي المذكور في ج 1ص 143 قال في


1- سلك الدرر 4: 49، الخطط الجديدة 10: 74

ص:113

«نزل الأبرار»ص 40: الحديث صرَّح بتصحيحه جماعةٌ من الأئمَّة الحفّاظ كالطحاوي والقاضي عياض وغيرهما. وقال الطحاوي:

هذا حديثٌ ثابتٌ، رواته ثقاتٌ. ثمَّ نقل كلام الطحّاوي وذكر حكاية أبي المنصور المظفَّر الواعظ وقال: إنّ للحافظ السيوطي جزء في طرق هذا الحديث وبيان حاله.

226- الشيخ محمَّد الصبّان المتوفّى 1206 ه و المترجم 1ص 145، عدَّه في إسعاف الراغبينص 62 من معجزات النبيِّصلى الله عليه و آله ومن كرامات أمير المؤمنين عليه السلام وذكر الحديث ثمَّ قال: وصحَّحه:

الطحاوي، والقاضي في «الشفاء»، وحسَّنه شيخ الإسلام أبو زرعة وتبعه غيره، وردّوا على جمع قالوا: إنَّه موضوعٌ، وزعم فوات الوقت بغروبها فلا فائدة لردِّها في محلِّ المنع لعود الوقت بعودها كما ذكره ابن العماد واعتمد غيره وإن اقتضى كلام الزركشي خلافه؛ وعلى تسليم عدم عود الوقت نقول: كما أنَّ ردَّها خصوصيَّةٌ كذلك إدراك العصر أداءً خصوصيَّةٌ.

227- الشيخ محمَّد أمين بن عمر الشهير بإبن عابدين الدمشقي إمام الحنفيَّة في عصره المتوفّى 1252 ه قال في حاشيته «(1)» 1ص 252 عند قول المصنِّف: لو غربت الشمس ثمِّ عادت هل


1- تُسمّى بردّ المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار في فقه الحنفية« المصنّف»

ص:114

يعود الوقت؟ الظاهر: نعم بحث لصاحب النهر حيث قال: ذكر الشافعيَّة أنَّ الوقت يعود لأنّه عليه الصّلاة والسّلام نام في حجر عليٍّ رضى الله عنه حتّى غربت الشمس فلمّا استيقظ ذكر له إنّه فاتته العصر.

فقال: «اللهمَّ إنَّه كان في طاعتك وطاعة رسولك فارددها عليه»، فردَّت حتّى صلّى العصر، وكان ذلك بخيبر، والحديث صحَّحه الطحاوي وعياض، وأخرجه جماعةٌ منهم الطبراني بسندصحيح، وأخطأ مَن جعله موضوعاً كإبن الجوزي، وقواعدنا لا تأباه.

ثمَّ قال: قلت: على أنَّ الشيخ إسماعيل ردَّ ما بحثه في النهر تبعاً للشافعيَّة بأنَّصلاة العصر بغيبوبة الشَّمس تصير قضاء ورجوعها لا يعيدها أداءً، وما في الحديث خصوصيَّةٌ لعلّيٍ كما يُعطيه قوله عليه السلام: «أنَّه كان في طاعتك وطاعة رسولك».

228- السيِّد أحمد زيني دحلان الشافعي المتوفّى 1304 ه والمترجم 1ص 147 «(1)» قال في «السيرة النبويَّة» هامش «السيرة الحلبيَّة» 3ص 125: ومن معجزاتهصلى الله عليه و آله ردُّ الشمس له، روت أسماء بنت عُميس (وذكر الحديث ورواية الطحاوي وكلام أحمد بنصالح المصري فقال): وأحمد بنصالح من كبار أئمَّة الحديث الثقات وحسبه أنّ البخاري روى عنه فيصحيحه. ولا عبرة


1- أفرد أبو بكر عثمان بن محمد البكري الدمياطي في ترجمته كتاباً أسماه نفحة الرحمان في مناقب السيد أحمد زيني دحلان

ص:115

بإخراج ابن الجوزي لهذا الحديث في الموضوعات، فقد أطبق العلماء على تساهله في كتاب الموضوعات حتّى أدرج فيه كثيراً من الأحاديث الصحيحة، قال السيوطي:

ومن غريب ما تراه فاعلمِ فيه حديثٌ منصحيح مسلمِ

ثمّ ذكر كلام القسطلاني في «المواهب اللدنيَّة» وجملة من مقال الزرقاني في شرحه ومنها قصَّة أبي المنصور الواعظ وشعره، ثمَّ حكى عن الحافظ ابن حجر نفي التنافي بين هذا الحديث وبين حديث: «لم تُحبس الشمس على أحد إلّاليوشع بن نون» بأنَّ حبسها ليوشع كان قبل الغروب، وفي قصَّة علّيٍ كان حبسها بعد الغروب. ثمَّ قال: قيل: كان علم النجمصحيحاً قبل ذلك فلمّا وقف الشمس ليوشع عليه السلام بطل أكثره، ولمّا رُدِّت لعليٍّ رضى الله عنه بطل جميعه.

229- السيِّد محمَّد مؤمن الشبلنجي، عدَّه في «نور الابصار»ص 28 من معجزات رسول اللَّهصلى الله عليه و آله.

لفظ الحديث

عن أسماء بنت عميس، أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله صلّى الظهر بالصهباء من أرض خيبر، ثمَّ أرسل عليّاً في حاجة، فجاء وقدصلّى رسول اللَّه العصر، فوضع رأسه في حجر علّيٍ ولم يحرِّكه حتّى غربت الشَّمس، فقال رسول اللَّهصلى الله عليه و آله: «اللّهمَّ إنَّ عبدك عليّاً احتبس نفسه

ص:116

على نبيّه فردَّ عليه شرقها»، قالت أسماء: فطلعت الشَّمس حتّى رفعت على الجبال، فقام عليٌّ فتوضَّأ وصلّى العصر، ثمَّ غابت الشَّمس.

وهناك لفظٌ آخر نصفح عنه روماً للإختصار.

ويُعرب عن شهرة هذه الآثار بين الصحابة الأقدمين إحتجاج الإمام أمير المؤمنين بها على الملأ يوم الشورى بقوله: «أُنشدكم اللَّه أفيكم أحدٌ ردَّت عليه الشَّمس بعد غروبها حتّىصلّى العصر غيري»؟ قالوا: لا «(1)».

وأخرج الخوارزمي في «المناقب»ص 260 عن مجاهد عن ابن عبّاس قال: قيل له: ما تقول في عليِّ بن أبي طالب؟! فقال: ذكرت واللَّه أحد الثقلين، سبق بالشهادتين، وصلّى بالقبلتين، وبايع البيعتين، وأُعطي السبطين، وهو أبو السبطين الحسن والحسين، وردَّت عليه الشمس مرَّتين بعد ما غابت من الثقلين.

ووردت في شعر كثير من شعراء القرون الأُولى حتّى اليوم، يوجد منه شطرٌ مهمٌّ في غضون كتابنا. راجع ج 2ص 293 «(2)» ج 3


1- مرّ الإيعاز إلى حديث المناشدة يوم الشورى ج 1 ص 159-/ 163« المؤلّف». وبعض مصادره: المناقب للخوارزمي: 217، الصواعق المحرقة: 75، الإستيعاب بهامش الإصابة 3: 35، تفسير الطبري 3: 418
2- كقول الشاعر العبدي الكوفي سفيان بن مصعب، الذي كان معاصراً للإمام الصادق عليه السلام: لك المناقب يعيى الحاسبون بها عدّاً ويعجز عنها كلّ مكتتبِ كرجعة الشمس إذ رُمتَ الصلاة وقد راحت توارى عن الابصار بالحجبِ رُدّت عليك كأنّ الشهب ما اتّضحت لناظرٍ وكأنّ الشمس لم تغبِ

ص:117

ص 29، 57 «(1)».

فبهذه كلّها نعرف قيمة ابن حزم وقيمة كتابه، ونحن لا يسعنا إيقاف القارئ على كلِّ ما في «الفِصَل» من الطامّات، ولا على شطرٍ مهمٍّ منه، إذ جميع أجزائه ولاسيَّما الجزء الرابع مشحونٌ بالتحكّم والتقوُّل والتحريف والتدجيل والإفك والزور، وهناك مذاهب مختلقة لا وجود لها إلّافي عالم خيال مؤلِّفه.

وأمّا من القذف والسباب المقذع فلا نهاية له، بحيث لو أردنا إستيفاءه لكلّفنا ذلك جزءً، ولا يسلم أحدٌ من لدغ لسانه لا في فِصَله ولا في بقيَّة تآليفه، حتّى نبيُّ العظمة قال في «الأحكام»: قد غاب عنهم «يعني الشيعة» إنَّ سيِّد الأنبياء هو ولد كافر وكافرة «(2)».


1- كقول الشاعر ابن الرومي علي بن عبّاس بن جريح المتوفّى سنة 283 ه: رُدّت عليه الشمس بعد غروبها بيضاءَ تلمع وقدةً وتأججا وقول الشاعر الحِمّاني الأفوه علي بن محمد- وهو من أحفاد زيد بن علي عليه السلام- المتوفّى سنة 301 ه: ابن الذي رُدّت عليه الشم - س في يوم الحجاب
2- الأحكام 5: 171

ص:118

أيُساعده في هذه القارصة أدب الدين؟! أدب التأليف؟! أدب العلم؟! أدب العفَّة؟!

«أأُلقي الذِّكرُ عَليه مِنْ بينِنا بَلْ هُوَ كذّابٌ أشِر سيَعلمونَ غداً مَنِ الكذّابُ الأشرِ» «(1)».


1- القمر: 25-/ 26

ص:119

الرأي العام في ابن حزم الأندلسي

اشارة

المتوفّى 456 ه

ما عساني أن أكتب عن شخصيّة أجمع فقهاء عصره على تضليله، والتشنيع عليه، ونهي العوام عن الإقتراب منه، وحكموا بإحراق تآليفه ومدوّناته مهما وجدوا الضلال في طيّاتها، كما في لسان الميزان 4: 200.

ويُعرِّفه الآلوسي عند ذكره بقوله: الضالّ المُضلّ، كما في تفسيره 21: 76.

ما عساني أن أقول في مؤلِّف لا يتحاشا عن الكذب على اللَّه ورسوله، ولا يبالي بالجُرأة على مقدَّسات الشرع النبويِّ، وقذف

ص:120

المسلمين بكلّ فاحشةٍ، والأخذ بمخاريق القول وسقطات الرأي.

ما عساني أن أذكر عن بحّاثة لا يُعرف مبدؤه في أقواله، ولا يستند على مصدر من الكتاب والسنّة في آرائه، غير أنّه إذا أفتى تحكّم، وإذا حكم مان، يعزو إلى الامّة الإسلاميّة ما هي بريئةٌ منه، ويضيف إلى الأئمّة وحفّاظ المذهب ماهم بُعداء منه، تعرب تآليفه عن حقِّ القول من الرأي العام في ضلاله، وإليك نماذج من آرائه:

قال في فقهه (المحلّى) 10: 482، مسألة: مقتولٌ كان في أوليائه غائبٌ أوصغيرٌ أو مجنون، اختلف الناس في هذا. ثمَّ نقلَ عن أبي حنيفة أنّه يقول: إنَّ للكبير أن يَقْتُلَ ولا ينتظر الصغار، وعن الشافعي: إنَّ الكبير لا يستقيد حتى يبلغ الصغير. ثمّ أورد على الشافعية بأنّ الحسن بن علي قد قتل عبد الرحمن بن ملجم ولعليّ بنونصغار، ثمَّ قال: هذه القصّة- يعني قتل ابن ملجم- عائدةٌ على الحنفيّين بمثل ما شنّعوا على الشافعيِّين سواء سواء؛ لأنَّهم والمالكيِّين لايختلفون في أنَّ مَن قتل آخر على تأويل فلا قَود في ذلك، ولا خلاف بين أحدٍ من الامَّة في أنَّ عبد الرحمن بن ملجم لم يقتل عليّاً رضى الله عنه إلّامتأوِّلًا مجتهداً مقدِّراً على أنَّهصواب، وفي ذلك قول عمران بن حطّان شاعر الصفريَّة:

يا ضربةً من تقيٍّ ما أراد بها إلّاليبلغ من ذي العرش رضوانا

إنّي لأذكره حيناً فأحسبه أوفى البريَّة عند اللَّه ميزانا

أي لُافكّر فيه ثمَّ أحسبه، فقد حصل الحنفيّون في خلاف الحسن بن عليّ على مثل ماشنَّعوا به على الشافعيِّين، وما ينقلون أبداً من رجوع سهامهم عليهم، ومن الوقوع فيما حفروه «(1)».

فهلمّ معي نُسائل كلُّ معتنق للإسلام أين هذه الفتوى المجرَّدة من قول النبيِّصلى الله عليه و آله في حديثصحيح لعليّ عليه السلام: «قاتلك أشقى الآخرين»- وفي لفظ: «أشقى الناس»، وفي الثالث: «أشقى هذه الامة»- كما أنَّ عاقر الناقة أشقى ثمود؟! أخرجه الحّفاظ الأثبات والأعلام الأئمّة بغير طريق، ويكاد أن يكون متواتراً على ما حدّد ابن حزم التواتر به، منهم:

إمام الحنابلة أحمد في المسند 4: 263، والنسائي في الخصائص:

39، وابن قتيبة في الإمامة والسياسة 1: 135، والحاكم في المستدرك عن عمّار 3: 140، والذهبيُّ في تلخيصه، وصحّحاه، ورواه الحاكم عن ابن سنان الدؤلي: 113، وصحَّحه وذكره الذهبيُّ في تلخيصه، والخطيب في تأريخه عن جابر بن سمرة 1:

135، وابن عبد البرّ في الإستيعاب (هامش الإصابة) 3: 60 ذكره عن النسائي ثمّ قال: وذكره الطبري وغيره أيضاً، وذكره ابن إسحاق في السير، وهو معروف من رواية محمّد بن كعب القرظي


1- حكاه عنه ابن حجر في تلخيص الخبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، ط هند، سنة 1303، ص 416« المؤلّف»

ص:121

ص:122

عن يزيد بن جشم «(1)» عن عمّار بن ياسر، وذكره ابن أبي خيثمة من طرق، وأخرجه محبُّ الدين الطبريُّ في رياضه عن عليّ من طريق أحمد وابن الضحاك، وعنصهيب من طريق أبي حاتم والملا.

ورواه ابن كثير في تأريخه 7: 323 من طريق أبي يعلى، وص 325 من طريق الخطيب، والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 6: 411 عن ابن عساكر والحاكم والبيهقي، وص 412 بعدَّة طرق عن ابن عساكر، وص 413 من طريق ابن مردويه، وص 157 من طريق الدارقطني، وص 399 من طريق أحمد والبغوي والطبراني والحاكم وابن مردويه وأبي نعيم وابن عساكر وابن النجّار.

وأين هذا من قوله الآخرصلى الله عليه و آله لعلي: «ألا أخبرك بأشدِّ الناس عذاباً يوم القيامة؟ قال: أخبرني يا رسول اللَّه، قال: فإنّ أشد الناس عذاباً يوم القيامة عاقر ناقة ثمود وخاضب لحيتك بدم رأسك»، رواه ابن عبد ربّه في العقد الفريق 2: 298.

وأين هذا من قوله الثالثصلى الله عليه و آله: «قاتلك شبه اليهود وهو يهود»، أخرجه ابن عدي في الكامل «(2)»، وابن عساكر كما في ترتيب جمع


1- كذا في النسخ، والصحيح عن أبي يزيد بن خثيم« المؤلف»
2- الكامل في ضعفاء الرجال 3: 714

ص:123

الجوامع 6: 412.

وأين هذا ممّا ذكره ابن كثير في تأريخه 7: 323 من أنَّ علياً كان يكثر أن يقول: «ما يحبس أشقاها؟» وأخرجه السيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 6: 411 بطريقين عن أبي سعد وأبي نعيم وابن أبي شيبة، وص 413 من طريق ابن عساكر.

وأين من قول أمير المؤمنين الآخر لإبن ملجم: «لا أراك إلّامن شرّ خلق اللَّه» رواه الطبري في تأريخه 6: 85، وابن الأثير في الكامل 3: 169.

وقوله الآخر عليه السلام: «ما ينظر بي إلّاشقيّ» أخرجه أحمد باسناده كما في البداية والنهاية 7: 324.

وقوله الرابع لأهله: «واللَّه لودّدت لو انبعث أشقاها» أخرجه أبو حاتم والملا في سيرته كما في الرياض 2: 248.

وقوله الخامس: «ما يمنع أشقاكم» كما في الكامل 3: 168، وفي كنز العمّال 6: 412 من طريق عبد الرزّاق وابن سعد.

وقوله السادس: «ما ينتظر أشقاها» أخرجه المحاملي كما في الرياض 2: 248.

ليت شعري أيَّ اجتهاد يؤدِّي إلى وجوب قتل الإمام المفترض

ص:124

طاعته؟ أو أيّ إجتهاد يسوِّغ جعل قتله مهراً لنكاح امرأة خارجيّة عشقها أشقى مراد «(1)»؟ أو أيَّ مجال للإجتهاد في مقابل النصِّ النبويِّ الأعزِّ؟ ولو فتح هذا الباب لتسرَّب الإجتهاد منه إلى قتلة الأنبياء والخلفاء جميعاً، لكن ابن حزم لا يرضى أن يكون قاتل عمر أو قتلة عثمان مجتهدين، ونحن أيضاً لا نقول به.

ثمَّ ليتني أدري أيّ امّة من الامم أطبقت على تعذير عبد الرحمن بن ملجم في ما ارتكبه؟ ليته دلَّنا عليها، فإنّ الامَّة الإسلاميّة ليس عندها شي ءٌ من هذا النقل المائن، اللهمّ إلّا الخوارج المارقين عن الدين، وقد اقتصّ الرجل أثرهم واحتجَّ بشعر قائلهم عمران.

اللهمّ ما عمران بن حطّان وحكمه في تبرير عمل ابن ملجم من إراقة دم وليّ اللَّه الإمام الطاهر أمير المؤمنين؟ ما قيمة قوله حتى يُستدلّ به ويُركن إليه في أحكام الإسلام؟ وما شأن فقيهٍ «ابن حزم» من الدين يحذو حذو مثل عمران ويأخذ قوله في دين اللَّه، ويخالف به النبيَّ الأعظم في نصوصه الصحيحة الثابتة ويردّها ويقذف الامّة الإسلامية بسخب خارجيّ مارق؟ وهذا معاصره القاضي أبو الطيّب طاهر بن عبد اللَّه الشافعي «(2)» يقول في عمران


1- راجع الإمامة والسياسة 1: 134، تأريخ الطبري 6: 83، مستدرك الصحيحين 3: 143، الكامل في التأريخ 3: 168، البداية والنهاية 7: 328
2- من فقهاء الشافعية، قال ابن خلكان في تأخريخه 1: 253، كان ثقة صادقاً ديّناً ورعاً، عارفاً باصول الفقه وفروعه، محقّقاً في علمه، سليم الصدر، حسن الخلق، صحيح المذهب، يقول الشعر على طريقة الفقهاء، ولد بآمل 348 ه، توفي ببغداد 450 ه« المؤلّف»

ص:125

ومذهبه هذا:

إنّي لأبرأ ممّا أنت قائلهُ عن ابن ملجمٍ الملعون بهتانا

ياضربةً من شقيٍّ ما أراد بها إلّا ليهدم للإسلام أركانا

إنّي لأذكره يوماً فألعنه دنياً وألعن عمراناً وحطّانا

عليه ثُمَّ عليه الدهر متَّصلًا لعائن اللَّه اسراراً وإعلانا

فأنتما من كلاب النّار جاء به نصُّ الشريعة برهاناً وتبياناً «(1)»

وقال بكر بن حسّان الباهلي:

قل لابن ملجم والأقدار غالبةٌ هدَّمتَ ويلك للإسلام أركانا

قتلتَ أفضل من يمشي على قدمٍ وأوَّل الناس إسلاماً وإيمانا

وأعلم النّاس بالقرآن ثُمّ بما سنَّ الرسول لنا شرعاً وتبيانا

صهر النبيّ ومولانا وناصره أضحت مناقبه نوراً وبرهاناً


1- مروج الذهب 2: 43« المؤلّف».

ص:126

وكان منه على رغم الحسود له مكان هارون من موسى بن عمرانا

وكان في الحرب سيفاًصارماً ذكراً ليثاً إذا ما لقى الأقران أقرانا

ذكرتُ قاتله والدمع منحدرٌ فقلتُ: سبحانَ ربِّ الناس سبحانا

إنّي لأحسبه ما كان من بشرٍ يخشى المعاد ولكن كان شيطانا

أشقى مراد إذا عُدَّت قبائلها وأخسر الناس عند اللَّه ميزانا

كعاقر الناقة الاولى التي جلبت على ثمودَ بأرض الحجر خسرانا

قد كان يخبرهم أن سوف يخضبها قبل المنيَّة أزماناً فأزمانا

فلا عفا اللَّه عنه ما تحمَّله «(1)» ولا سقى قبر عمران بن حطّانا

لقوله في شقيّ ظلَّ مجترماً ونال ما ناله ظلماً وعدوانا


1- في الكامل: فلا عفا اللَّه عنه سوء فعلته« المؤلف».

ص:127

(ياضربة من تقيٍّ ما أراد بهاإلّا ليبلغ من ذي العرش رضوانا)

بل ضربة من غويّ أورثته لظى «(1)» وسوف يلقى به الرحمن غضبانا

كأنَّه لم يرد قصداً بضربته إلّا ليصلى عذاب الخلد نيرانا «(2)» قال ابن حجر في الإصابة 3: 179:صاحب الأبيات بكر بن حمّاد التاهرتي، وهو من أهل القيروان في عصر البخاري، وأجازه عنها السيد الحميري الشاعر المشهور الشيعيّ وهو في ديوانه.

انتهى.

وفي الإستيعاب 2: 472 أبو بكر بن حمّاد التاهرتي، وذكر له أبياتاً في رثاء مولانا أمير المؤمنين عليه السلام أوّلها:

وهزَّ عليٌّ بالعراقين لحيةً مصيبتها جلّت على كلّ مسلم

وقال محمّد بن أحمد الطيب «(3)» ردّاً على عمران بن حطّان:


1- في الكامل: بل ضربة من غوي أوردته لظى« المؤلف»
2- مروج الذهب 2: 43، الاستيعاب في ترجمة أمير المؤمنين، الكامل لابن الأثير 3: 171، تمام المتون للصفدي: 152« المؤلف». وانظر الاستيعاب هامش الاصابة 3: 58
3- يوجد البيتان في كامل المبرّد 3: 90 ط محمد بن علي صبيح وأولاده، وليس من أصل الكتاب كما لا يخفى« المؤلّف»

ص:128

يا ضربةً من غدورٍصار ضاربها أشقى البريَّة عند اللَّه إنسانا

إذا تفكّرتُ فيه ظلتُ ألعنه وألعن الكلب عمران بن حطّانا

على أنّ قتل الإمام المجتبى لإبن ملجم وتقرير المسلمين له على ذلك صحابيِّهم وتابعيِّهم، حتى أنَّ كلّ أحدٍ منهم كان يودُّ أنّه هو المباشر لقتله، يدلّنا على أنّ فعل اللعين لم يكن ممّا يتطرَّق إليه الإجتهاد، فضلًا عن أن يُبرِّره، ولو كان هناك إجتهاد فهو في مقابلة النصوص المتضافرة، فكان من الصالح العام لكافَّة المسلمين إجتياح تلك الجرثومة الخبيثة، وهو واجب أيّ أحد من الامّة الإسلامية، غير أنّ إمام الوقت السيِّد المجتبى تقدّم إلى تلك الفضيلة كتقدُّمه إلى غيرها من الفضائل.

فليس هو من المواضيع التي حرَّرها ابن حزم فتحكّم أوتهكم على الشافعيَّة والحنفيَّة والمالكيَّة، وإنّما هو من ضروريّات الإسلام في قاتل كلِّ إمام حقٍّ، ولذلك ترى أنّ القائلين بإمامة عمر بن الخطاب لم يشكّوا في وجوب قتل قاتله، ولم يرَ أحد منهم للإجتهاد هناك مجالًا، كما سيأتي في كلام ابن حزم نفسه: أنّه لم ير له مجالًا لقتلة عثمان.

فشتّان بين ابن حزم وبين ابن حجر، هذا يبرّر عمل عبد

ص:129

الرحمن، وذاك يعتذر عن ذكر إسمه في كتابه لسان الميزان «(1)»، ويصفه بالفتك وأنّه من بقايا الخوارج في تهذيب التهذيب 7:

338.

وابن حجر في كلامه هذا إتّبع أثر الحافظ أبي زرعة العراقيّ في قوله في طرح التثريب 1: 86: إنتدب له «لعليٍّ» قومٌ من الخوارج فقاتلهم فظفر بهم، ثمّ انتدب له من بقاياهم أشقى الآخرين عبد الرحمن بن ملجم المرادي، وكان فاتكاً ملعوناً فطعنه.

ومن نماذج آرائه

قوله في الفِصَل 4: 161 في المجتهد المخطئ: وعمّار رضى الله عنه قتله أبو الغادية يسار ابن سبع السلمي، شهد (عمّار) بيعة الرضوان، فهو من شهداء اللَّه له بأنَّه علمَ ما في قلبه وأنزل السكينة عليه رضى الله عنه، فأبو الغادية رضي اللَّه عنه متأوّلٌ مجتهدٌ مُخطئ فيه باغ عليه مأجورٌ أجراً واحداً، وليس هذا كقتله عثمان رضى الله عنه؛ لأنَّهم لا مجال للِّاجتهاد في قتله، لأنّه لم يقتل أحداً، ولا حارب، ولا قاتل، ولا دافع، ولا زنا بعد إحصان، ولا ارتدّ، فيسوغ المحاربة تأويلٌ، بل هُم فسّاقٌ محاربون سافكون دماً حراماً عمداً بلا تأويل على سبيل الظلم


1- لسان الميزان 3: 439

ص:130

والعدوان، فهم فُسّاقٌ ملعونون. إنتهى.

لم أجد معنى لإجتهاد أبي الغادية (بالمعجمة) وهو من مجاهيل الدنيا، وأفناء الناس، وحُثالة العهد النبويِّ، ولم يعرَّف بشي ء غير أنّه جُهنيٌّ، ولم يُذكر في أيِّ معجم بما يُعرب عن إجتهاد، ولم يُرو منه شي ءٌ من العلم الإلهي سوى قول النبيصلى الله عليه و آله: «دمائكم وأموالكم حرام»، وقوله: «لاترجعوا بعدي كفّاراً يضرب بعضكم رقاب بعض». وكان أصحاب رسول اللَّهصلى الله عليه و آله يتعجَّبون من أنّه سمع هذا ويقتل عمّاراً «(1)» ولم يفه أيُّ أحد من أعلام الدين إلى يوم مجيي ء ابن حزم باجتهاد مثل أبي الغادية.

ثمّ لم أدر ما معنى هذا الإجتهاد في مقابل النصوص النبويّة في عمّار، ولستُ أعني بها قولهصلى الله عليه و آله في الصحيح الثابت المتواتر لعمار:

«تقتلك الفئة الباغية» «(2)»، وفي لفظ: «الناكبة عن الطريق»، وإن كان لا يدع مجالًا للإجتهاد في تبرير قتله، فإنّ قاتله مهما تأوّل فهو عادٍ عليه ناكبٌ عن الطريق، ونحن لانعرف إجتهاداً يُسوّغ العدوان الذي استقلّ العقل بقبحه، وعاضده الدين الآلهي الأقدس. وإن كان أوَّله معاوية أو ردَّه لمّا حدَّث به عبد اللَّه بن


1- الاستيعاب 2: 680، والاصابة 4: 150« المؤلّف»
2- ذكر تواتره ابن حجر في الاصابة 2: 512، وتهذيب التهذيب 7: 409« المؤلف»

ص:131

عمرو وقال عمرو بن العاص: يا معاوية، أما تسمع ما يقول عبد اللَّه؟ بقوله: إنّك شيخٌ أخرق، ولاتزال تُحدِّث بالحديث، وأنت ترحض في بولك، أنحن قتلناه؟ إنّما قتله عليٌّ واصحابه جاؤا به حتّى ألقوه بين رماحنا «(1)».

وبقوله: أفسدتَ عليَّ أهل الشام، أكلّ ما سمعتَ من رسول اللَّه تقوله؟

فقال عمرو: قُلتها ولستُ أعلم الغيب، ولا أدري أنَّصفّين تكون، قُلتها وعمّار يؤمئذ لك وليّ، وقد رَويتَ أنت فيه مثل ما رَويتُ، ولهما في القضيّة معاتبةٌ مشهورةٌ وشعرٌ منقولٌ، منه قول عمرو:

تعاتبني إن قلتُ شيئاً سمعتُه وقد قلتَ لو أنصفتَني مثلَه قَبلي

أنعلُك فيما قلت نعلٌ ثبيتَهُ وتزلق بي في مثل ما قلتُه نعلي!

وما كان لي علمٌ بصفّين أنّها تكون وعمّار يحثُّ على قَتلي

ولو كان لي بالغيبِ علمٌ كتمتُها وكابدتُ أقواماً مراجلُهم تغلي


1- تأريخ الطبري 6: 23، وتأريخ ابن كثير 7: 369« المؤلف»

ص:132

أبى اللَّه إلّاأنّصدرَك واغرٌ عليَّ بلا ذنبٍ جنيتُ ولا دخلِ

سوى أنّني والراقصات عشيّة بنصرك مدخول الهوى ذاهل العقل

وأجابه معاوية بأبيات منها:

فيا قبَّح اللَّه العتابَ وأهله ألم تر ما أصبحتُ فيه من الشُّغل؟

فدعْ ذا ولكن هل لك اليوم حيلةٌ تردُّ بها قوماً مراجلُهم تَغلي؟

دعاهم عليٌّ فاستجابوا لدعوةٍ أحبَ إليهم من ثرى المال والأهل «(1)»

كما لستُ أعني ما أخرجه الطبراني عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه و آله: «إذا اختلف الناس كان ابن سُميّة مع الحقِّ» «(2)».

وإن كان قاطعاً للححاج فإنّ المناوئ لابن سميَّة (عمّار) على الباطل لا محالة، ولا تجد إجتهاداً يبرر مناصرة المُبطل على الُمحقّ بعد ذلك النصّ الجليِّ.


1- شرح نهج البلاغة 2: 274« المؤلف». وانظر الطبعة المحقّقة من شرح نهج البلاغة 8: 27-/ 28.
2- جمع الجوامع للسيوطي، كما في ترتيبه 6: 184« المؤلف»

ص:133

وإنّما أعني ما أخرجه الحاكم في المستدرك 3: 387 وصحَّحه، وكذلك الذهبيُّ في تلخيصه، بالإسناد عن عمرو بن العاص: انّي سمعتُ رسول اللَّهصلى الله عليه و آله يقول: «اللّهمَّ أولعت قريش بعمّار، إنَّ قاتل عمّار وسالبه في النار».

وأخرجه السيوطيُّ من طريق الطبراني في الجامع الصغير 2:

193، وابن حجر في الإصابة 4: 151.

وأخرج السيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 7: 73 قوله صلى الله عليه و آله لعمّار: «يدخل سالبك وقاتلك في النار» من طريق ابن عساكر، وج 6: 184 من طريق الطبراني في الأوسط، وص 184 من طريق الحاكم.

وأخرج الحافظ أبو نعيم وابن عساكر- كما في ترتيب جمع الجوامع 7: 72- عن زيد بن وهب قال: كان عمّار بن ياسر قد ولع بقريش وولعت به فغدوا عليه فضربوه، فجلس في بيته، فجاء عثمان بن عفان يعوده فخرج عثمان وصعد المنبر فقال: سمعت رسول اللَّهصلى الله عليه و آله يقول: «تقتلك الفئة الباغية، قاتل عمار في النار».

وأخرج الحافظ أبو يعلى وابن عساكر كما في ترتيب جمع الجوامع 7: 74 عن عبد اللَّه بن عمر قال: سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول لعمّار: «تقتلك الفئة الباغية، بشِّر قاتل عمّار بالنار».

وفي جمع الجوامع كما في ترتيبه 7: 75، و ج 6: 184 من طريق

ص:134

الحافظ ابن عساكر عن اسامة بن زيد قال: قال النبيصلى الله عليه و آله: «ما لهم ولعمّار، يدعوهم إلى الجنّة ويدعونه إلى النار؟ قاتله وسالبه في النار»، أخرجه ابن كثير في تأرخيه 7: 268.

وفي ترتيب الجمع 7: 75 من طريق ابن عساكر عن مسند علي: «إنّ عمّاراً مع الحقِّ والحقُّ معه، يدور عمّار مع الحقّ أينما دار، وقاتل عمار في النار».

وأخرج أحمد وابن عساكر عن عثمان، وابن عساكر عن ام سلمة عن رسول اللَّهصلى الله عليه و آله لعمّار: «تقتلك الفئة الباغية، قاتلك في النار» كنز العمال 6: 184 «(1)». وأخرجه عن ام سلمة ابن كثير في تأريخه 7: 270 من طريق أبي بكر بن أبي شيبة.

وأخرج أحمد في مسنده 4: 89 عن خالد بن الوليد قال: قال رسول اللَّهصلى الله عليه و آله: «مَن عادى عمّاراً عاداه اللَّه، ومَن أبغض عماراً ابغضه اللَّه». وأخرجه الحاكم في المستدرك 3: 391 بطريقين صحّحهما هو والذهبي، والخطيب في تأريخه 1: 152، وابن الأثير في اسد الغابة 4: 45، وابن كثير في تأريخه 7: 311، وابن حجر في الإصابة 2: 512، والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 7: 73 من طريق ابن أبي شيبة وأحمد، وفي 6: 184 من طرق أحمد وابن حبّان والحاكم.


1- انظر الطبعة المحقّقة من كنز العمال 13: 539/ 37411

ص:135

وأخرج الحاكم في المستدرك 3: 390 باسنادصحَّحه هو والذهبيُّ عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بلفظ: «مَن يسبُّ عمّاراً يسبّه اللَّه، ومَن يبغض عمّاراً يبغضه اللَّه، ومَن يسفّه عمّاراً يسفّهه اللَّه» ورواه السيوطي في الجمع كما في ترتيبه 7: 73 من طريق ابن النجّار والطبراني بلفظ: «مَن سبّ عماراً سبّه اللَّه، ومَن حقّر عمّاراً حقّره اللَّه، ومّن سفّه عمّاراً سفّهه اللَّه».

وأخرج الحاكم في المستدرك 3: 391 باسناده بلفظ: «مَن يحقِّر عمّاراً يحقِّره اللَّه، ومَن يسبّ عمّاراً يسبّه اللَّه، ومّن يبغض عمّاراً يبغضه اللَّه» وأخرجه السيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 7:

73 من طريق أبي يعلى وابن عساكر، وفي 6: 185 عن أبي يعلى وابن قانع والطبراني والضياء المقدسي في المختارة.

وأخرج الحاكم في المستدرك 3: 389 باسنادصحّحه هو والذهبي في تلخيصه بلفظ: «مَن يسبّ عمّاراً يسبّه اللَّه، ومَن يعاد عمّاراً يعاده اللَّه».

وأخرج أحمد في المسند 4: 90 باسناده بلفظ: «مَن يُعاد عمّاراً يعاده اللَّه عزّوجلّ، ومَن يبغضه يبغضه اللَّه عزوّجلّ، ومّن يسبّه يسبّه اللَّه عزوّجل».

فأين هذه النصوص الصحيحة المتواترة «(1)» من اجتهاد أبي


1- على ما اختاره ابن حزم من حدّ التواتر في سائر الأحاديث« المؤلف»

ص:136

الغادية؟ أو أين هو من تبرير ابن حزم عمل أبي الغادية؟ أو أين هو من رأيه في اجتهاده ومحاباته له بالأجر الواحد؟ وهو في النار لا محالة بالنصِّ النبوي الشريف، وهل تجد بغضاً أو تحقيراً أعظم من القتل؟

وهناك دروسٌ في هذه كلّها يقرأها علينا التأريخ، قال ابن الأثير في الكامل 3: 134: إنّ أبا الغادية قتل عمّاراً، وعاش إلى زمن الحجّاج، ودخل عليه فأكرمه الحجّاج وقال له: أنت قتلتَ ابن سُميّة؟ يعني عمّاراً، قال: نعم، فقال: مَن سرّه أن ينظر إلى عظيم الباع يوم القيامة فلينظر إلى هذا الذي قتل ابن سُميّة، ثم سأله أبو الغادية حاجته فلم يجبه إليها، فقال: نُوطِّئ لهم الدنيا ولا يُعطونا منها ويزعم أنّي عظيم الباع يوم القيامة، فقال الحجّاج: أجل واللَّه مَن كان ضرسه مثل احد، وفخذه مثل جبل ورقان، ومجلسه مثل المدينة والربذة انّه لعظيم الباغ يوم القيامة، واللَّه لو أنّ عمّاراً قتله أهل الأرض كلّهم لدخلوا كلّهم النار، وذكره ابن حجر في الإصابة 4: 151.

وفي الإستيعاب (هامش الإصابة) 4: 151: أبو الغادية كان محبّاً في عثمان وهو قاتل عمّار، وكان إذا استأذن على معاوية وغيره يقول: قاتل عمّار بالباب، وكان يصف قتله له إذا سئل عنه لايباليه،

ص:137

وفي قصّته عجبٌ عند أهل العلم روى عن النبي قوله: «لاترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض»، وسمعه منه ثمّ قتل عمّاراً.

وهذه كلّها تنمُّ عن غايته المتوخّاة في قتل عمّار واطّلاعه ووقوفه على ما أخبر به النبي الأقدس في قاتل عمار، وعدم ارتداعه ومبالاته بقتله بعدهما، غير أنّه كان بطبع الحال على رأي إمامه معاوية ويقول لمحدّثي قول النبيِّ بمقاله المذكور: إنّك شيخٌ أخرق، ولاتزال تُحدّث بالحديث، وأنت ترحض في بولك.

وأنت أعرف منّي بمغزى هذا الكلام ومقدار أخذصاحبه بالسُنة النبوية وإتباعه لما يروى عن مصدر الوحي الآلهي، وبأمثال هذه كان اجتهاد أبي الغادية فيما ارتكبه أو ارتبك فيه.

وغاية ما عند ابن حزم في قتلة عثمان: أنّ اجتهادهم في مقابلة النصّ: «لا يحل دم إمرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا اللَّه وأني رسول اللَّه إلا بإحدى ثلث: الثيِّب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة» «(1)». لكنه لا يقول ذلك في قاتل علي عليه السلام ومقاتليه


1- أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والدارمي في السُنن، وابن سعد في الطبقات، وأحمد والطيالسي في المسندين، وابن هشام في السيرة، والواقدي في المغازي 430: 432« المؤلّف». انظر صحيح البخاري 9: 6، صحيح مسلم 3: 1302/ 1676، سنن أبي داود 4: 26/ 4353، سنن الترمذي 4: 19/ 1402، سنن النسائي 8: 6، سنن ابن ماجة 2: 847/ 3534، الطبقات الكبرى 7: 142، مسند أحمد بن حنبل 1: 382، مسند الطيالسي 2: 413، السيرة النبوية 2: 318، سنن البيهقي 8: 213 و 284

ص:138

وقاتل عمّار، وقد عرفت أنّ الحالة فيهم عين ما حسبه في قتلة عثمان.

ثمّ انّ ذلك على ما أصّله هو في مورد لا يُأدّي إلّاخطأ القوم في اجتهادهم، فلِمَ لَم يحابهم الأجر الواحد كما حابى عبد الرحمن بن ملجم ونظرائه؟ نعم له أن يعتذر بأنّ هذا قاتل عليّ وأولئك قتلة عثمان.

على أنّ نفيه المجال للإجتهاد هناك إنّما يصحّ على مزعمته في الاجتهاد المصيب، وأمّا المخطي منه فهو جارٍ في المورد كأمثاله من مجاريه عنده.

ثمّ انَّ الرجل في تدعيم ما إرتآه من النظريّات الفاسدة وقع في ورطة لا تروقه، ألا وهي سبُّ الصحابة بقوله: فهم فسّاق ملعونون. وذهب جمهور أصحابه على تضليل مَن سبّهم بين مُكفِّر ومُفسِّق، وأنّه موجبٌ للتعزير عند كثير من الأئمة بقول مطلق من غير تفكيك بين فرقة واخرى أو إستثناء أحد منهم، وهو إجماعهم على عدالة الصحابة أجمعين «(1)»، وهو بنفسه يقول في الفِصَل 3: 257.


1- راجع الصارم المسلول على شاتم الرسول: 572-/ 592، والاحكام في اصول الأحكام 2: 631، والشرف المؤبد للشيرازي: 112-/ 119« المؤلّف»

ص:139

وأمّا من سبَّ أحداً من الصحابة (رضي اللَّه عنهم): فإن كان جاهلًا فمعذورٌ، وإن قامت عليه الحجَّة فتمادى غير معاند فهو فاسقٌ كمن زنى وسرق، وإن عاند اللَّه تعالى في ذلك ورسولهصلى الله عليه و آله فهوكافرٌ، وقد قال عمر رضى الله عنه بحضرةالنبيصلى الله عليه و آله عن حاطب- وحاطب مهاجرٌ بدري-: دعني أضرب عنق هذا المنافق. فما كان عمر بتكفيره حاطباً كافراً بل كان مُخطئاً متأوِّلًا، وقد قال رسول اللَّهصلى الله عليه و آله: «آية النفاق بغض الأنصار»، وقال لعلي: «لا يبغضك إلّا منافق». انتهى.

وكم عند ابن حزم من المجتهدين نظراء عبد الرحمن بن ملجم وأبي الغادية، حَكَمَ في الفِصَل بأنَّهم مجتهدون وهم مأجورون فيما أخطأوا، قال في 4: 161:

قطعنا أنَّ معاوية رضى الله عنه ومَن معه مخطئون مجتهدون مأجورون أجراً واحداً، وعدَّ فيص 160 معاوية وعمرو بن العاصي من المجتهدين، ثمّ قال:

إنّما اجتهدوا في مسائل دماء كالتي إجتهد فيها المفتون، وفي المفتين مَن يرى قتل الساحر وفيهم مَن لا يراه، وفيهم مَن يرى قتل الحرِّ بالعبد وفيهم مَن لا يراه، وفيهم من يرى قتل المؤمن بالكافر

ص:140

وفيهم مَن لا يراه، فأيُّ فرق بين هذه الإجتهادات وإجتهاد معاوية وعمرو وغيرهما؟ لو لا الجهل والعمى والتخليط بغير علم. انتهى.

وشتّان بين المفتين الذين إلتبست عليهم الأدلَّة في الفتيا، أو اختلفت عندهم بالنصوصيَّة والظهور ولو بمبلغ فهم ذلك المفتي، أو أنَّه وجد إحدى الطائفتين من الأدلَّة أقوى من الاخرى؛ لصحَّة الطريق عنده، أو تضافر الإسناد، فجنح إلى جانب القوّة، وارتأى مقابله بضرب من الإستنباط تقوية الجانب الآخر، فأفتى كلٌّ على مذهبه، كلّ ذلك إخباتا إلى الدليل من الكتاب والسنّة.

فشتّان بين هؤلاء وبين محاربي عليّ عليه السلام، وبمرأى الملأ الإسلاميِّ ومسمعهم كتاب اللَّه العزيز وفيه آية التطهير الناطقة بعصمة النبيِّ وصنوه وصفيَّته وسبطيه، وفيه آية المباهلة النازلة فيهم وعليٌّ فيها نفس النبيِّ، وغيرهما ممّا يناهز ثلاثمائة آية «(1)» النازلة في الإمام أمير المؤمنين.

وهذه نصوص الحفّاظ الأثبات، والأعلام الأئمَّة، وبين يديهم الصحاح والمسانيد وفيها حديث التطهير، وحديث المنزلة، وحديث البراءة، ذلك الهتاف النبويّ المبين المتواتر، كلّ ذلك كانت


1- راجع تأريخي الخطيب 6: 221، وابن عساكر، وكفاية الكنجي: 108، والصواعق: 76، وتأريخ الخلفاء للسيوطي: 115، والفتوحات الإسلامية 2: 342، ونور الابصار: 81، وهناك مصادر كثيرة اخرى« المؤلف»

ص:141

تَلوكه أشداق الصحابة وانهي إلى المتابعين.

أفَترى من الممكن أن يهتف المولى سبحانه في المجتمع بطهارة ذاتٍ وقدسه من الدنس، وعصمته من كلّ رجس؟ أو ينزِّله منزلة نفس النبيِّ الأعظم ويُسمع به عباده؟ أو يوجب بنصِّ كتابه المقدَّس على امَّة نبيِّه الأقدس مودَّة ذي قرباه؟ (وأمير المؤمنين سيّدهم)، ويجعل ولائهم أجر ذلك العب الفادح الرسالة الخاتمة العظمى؟ ويُخبر بلسان نبيِّه أمته بأنَّ طاعة عليٍّ طاعته ومعصيته معصيته؟ «(1)» ويكون مع ذلك كلِّه هناك مجال للإجتهاد بأن يُقاتل؟ أو يُقتل؟ أو يُنفى من الأرض؟ أو يُسبَّ على رؤوس الأشهاد؟ أو يُلعن على المنابر؟ أو تُعلن عليه الدعايات؟ وهل يحكم شعورك الحرُّ بأنَّ الإجتهاد في كلِّ ذلك كاجتهاد المفتين وإختلافهم في تقل الساحر وأمثاله؟

وابن حزم نفسه يقول في الفِصَل 3: 258: ومن تأوَّل من أهل الإسلام فأخطأ، فإن كان لم تقم عليه الحجَّة ولا تبيّن له الحقّ فهو معذورٌ مأجورٌ أجراً واحداً لطلبه الحقّ وقصده إليه، مغفورٌ له خطؤه إذ لم يتعمَّد، لقول اللَّه تعالى: «وليس عليكم جناحٌ فيما أخطأتم به ولكن ما تعمَّدت قلوبكم» «(2)»

. وإن كان مصيباً فله


1- أخرجه الحاكم في المستدرك 3: 121 و 128، والذهبي في تلخيصه وصحّحاه« المؤلف»
2- الأحزاب: 5

ص:142

أجران: أجرٌ لإصابته، وأجرٌ آخر لطلبه إيّاه.

وإن كان قد قامت الحجَّة عليه، وتبيَّن له الحقّ، فعَنَدَ عن الحقِّ غير معارض له تعالى ولا لرسولهصلى الله عليه و آله فهو فاسقٌ؛ لجرأته على اللَّه تعالى باصراره على الأمر الحرام. فإن عَنَدَ عن الحقّ معارضاً للَّه ولرسولهصلى الله عليه و آله فهو كافرٌ مرتدٌ حلال الدم والمال، لا فرق في هذه الأحكام بين الخطأ في الإعتقاد في أيّ شي ء كان من الشريعة وبين الخطأ في الفتيا في أيّ شي ء كان. إنتهى.

فهل من الممكن إنكار حجِّيَّة كتاب اللَّه العزيز؟ أو نفي ما تلوناه منه؟ أو إحتمال خفاء هذه الحجج الدامغة كلِّها على أهل الخطأ من أولئك المجتهدين؟ وعدم تبيّن الحقِّ لهم؟ وعدم قيام الحجَّة عليهم؟

أو تسرّب الإجتهاد والتأويل في تلك النصوص أيضاً؟.

على أنّ هناك نصوصٌ نبويّة حول حربه وسلمه، منها: ما أخرجه الحاكم في المستدرك 3: 149 عن زيد بن أرقم عن النبيِّصلى الله عليه و آله أنّه قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين: «أنا حربٌ لمن حاربتم وسلمٌ لمن سالمتم». وذكره الذهبيُّ في تلخيصه، وأخرجه الكنجي في الكفايةص 189 من طريق الطبراني، والخوارزمي في المناقبص 90، والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 6: 216 من طريق الترمذي وابن ماجة وابن حبّان والحاكم.

ص:143

وأخرجه الخطيب باسناده عن زيد في تأريخه 7: 137 بلفظ:

«أنا حربٌ لمن حاربكم وسلمٌ لمن سالمكم»، والحافظ بن عساكر في تأريخه 4: 316، ورواه الكنجي في كفايته: 189 من طريق الترمذي، وابن حجر في الصواعقص 112 من طريق الترمذي وابن حبّان والحاكم، وابن الصبّاغ المالكي في فصولهص 11، ومحبّ الدين في الرياض 2: 189، والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 7: 102 من طريق ابن أبي شيبة والترمذي والطبراني والحاكم والضياء المقدسي في المختارة.

وأخرجه ابن كثير في تاريخه 8: 36 باللفظ الأوّل عن أبي هريرة من طريق النسائي من حديث أبي نعيم الفضل بن دكين، وابن ماجة من حديث وكيع، كلاهما عن سفيان الثوري.

وأخرج أحمج في مسنده 2: 442 عن أبي هريرة بلفظ: «أنا حربٌ لمن حاربكم وسلمٌ لمن سالمكم»، والحاكم في المستدرك 3:

149، والخطيب في تأريخه 4: 208، والكنجي في الكفايةص 189 من طريق أحمد وقال: حديثٌ حسنٌصحيحٌ، والمتّقي في الكنز 6: 216 «(1)» من طريق أحمد والطبراني والحاكم.

وأخرج محبّ الدين الطبري في الرياض 2: 189 عن أبي بكر الصدِّيق: رأيت رسول اللَّهصلى الله عليه و آله خيَّم خيمة وهو متَّكي ءٌ على قوسٍ عربيَّة وفي الخيمة عليّ وفاطمة والحسن والحسين فقال: «معشر


1- انظر الطبعة المحقّقة من كنز العمال 12: 96/ 34159

ص:144

المسلمين أنا سلمٌ لمن سالم أهل الخيمة، حربٌ لمن حاربهم، وليٌّ لمن والاهم، لايُحبّهم إلّاسعيد الجدِّ طيِّب المولد، ولا يُبغضهم إلّا شقيُّ الجدِّ ردي ء الولادة».

وأخرج الحاكم في المستدرك 3: 129 عن جابر بن عبد اللَّه قال: سمعتُ رسول اللَّهصلى الله عليه و آله وهو آخذٌ بضبع عليِّ بن أبي طالب وهو يقول: «هذا أمير البررة، قاتل الفجرة، منصورٌ من نَصره، مخذولٌ مَن خذله»، ثمّ مدَّ بهاصوته.

وأخرجه ابن طلحة الشافعي في مطالب السؤلص 31 عن أبي ذر بلفظ: «قائد البررة، وقاتل الكفرة» إلخ.

ورواه ابن حجر في الصواعقص 75 عن الحاكم، وأحمد زيني دحلان في الفتوحات الإسلاميَّة 2: 338.

إلى أحاديث كثيرة لو جمعت لتأتي مجلَّدات ضخمة، على أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله كان يبثّ الدعاية بين أصحابه حول تلك المقاتلة التي زعم ابن حجر فيها إجتهاد معاوية وعمرو بن العاص ومَن كان معهما، وكانصلى الله عليه و آله يأمرهم ويأمر أميرهم ولي اللَّه الطاهر بحربهم وقتالهم، وبطبع الحال ما كان ذلك يخفى على أيِّ أحدٍ من أصحابه، وإليك نماذج من تلك الدعاية النبويَّة «(1)».


1- لم نذكرها بجميع طُرقها التي وقفنا عليها روماً للاختصار« المؤلّف»

ص:145

أخرج الحاكم في المستدرك 3: 139 والذهبيُّ في تلخيصه عن أبي أيّوب الأنصاري: أنّ رسول اللَّهصلى الله عليه و آله أمر علي بن أبي طالب بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين، ورواه الكنجي في كفايتهص 70.

وأخرج الحاكم في المستدرك 3: 140 عن أبي أيّوب قال:

سمعتُ رسول اللَّه يقول لعليّ: «تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين».

وأخرج الخطيب في تأريخه 8: 340 و 13: 187 وابن عساكر عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: «أمرني رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين»، وأخرجه الحمويني في فرائد السمطين في الباب الثالث والخمسين «(1)»، والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 6: 392.

وأخرج الحاكم وابن عساكر كما في ترتيب جمع الجوامع 6:

391 عن ابن مسعود قال: خرج رسول اللَّهصلى الله عليه و آله فأتى منزل امّ سلمة فجاء عليٌّ فقال رسول اللَّهصلى الله عليه و آله: «يا امّ سلمة؟ هذا واللَّه قاتل القاسطين والناكثين والمارقين من بعدي».


1- فرائد السمطين 1: 274

ص:146

وأخرج الحمويني في فرائد السمطين في الباب الرابع والخمسين بطريقين عن سعد بن عبادة عن عليّ قال: «امرتُ بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين» «(1)».

وأخرج البيهقي في المحاسن والمساوي ء 1: 31، والخوارزمي في المناقبص 52 و 58 عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّهصلى الله عليه و آله لُامِّ سلمة: «هذا عليّ بن أبي طالب لحمه من لحمي ودمه من دمي، وهو منّي بمنزلة هارون من موسى إلّاأنَّه لا نبيَّ بعدي، يا امَّ سلمة هذا أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، ووعاء علمي، ووصيِّي، وبابي الذي اؤتى منه، أخي في الدنيا والآخرة، ومعي في المقام الأعلى، عليٌّ يقتل القاسطين والناكثين والمارقين».

ورواه الحمويني في الفرائد في الباب السابع والعشرين والتاسع والعشرين بطرقٍ ثلاث، وفيه: «وعيبة علمي» مكان «وعاء علمي» «(2)»، والكنجي في الكفايةص 69، والمتّقي في الكنز 6: 154 من طريق الحافظ العقيلي «(3)».

وأخرج شيخ الإسلام الحمويني في فرائده عن أبي أيّوب قال:

أمرني رسول اللَّهصلى الله عليه و آله بقتال الناكثين والقاسطين. من طريق الحاكم، ومن طريقه الآخر عن غياث بن ثعلبة عن أبي أيّوب قال


1- فرائد السمطين 1: 285
2- فرائد السمطين 1: 145
3- انظر الطبعة المحقّقة من كنز العمال 13: 138/ 36434

ص:147

(غياث): قاله أبو أيّوب في خلافة عمر ابن الخطاب «(1)».

وأخرج في الفرائد في الباب الثالث والخمسين عن أبي سعيد الخدري قال: أمرنا رسول اللَّهصلى الله عليه و آله بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين، قلنا: يا رسول اللَّه؟ أمرتنا بقتال هؤلاء فمع مَن؟ قال:

«مع عليِّ بن أبي طالب» «(2)».

وقال ابن عبد البرّ في الإستيعاب 3: 53 (هامش الإصابة):

ورُوي من حديث عليّ، ومن حديث ابن مسعود، ومن حديث أبي أيّوب الأنصاري: إنَّه أمر بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين.

فلعلّك باخعٌ بما ظهرت عليه من الحقِّ الجليِّ غير أنّك باحثٌ عن القول الفصل في معاوية وعمرو بن العاصي، فعليك بما في طيّات كتب التأريخ من كلماتهما، وسنوقفك على ما يبيّن الرشد من الغيّ في ترجمة عمرو بن العاصي وعند البحث عن معاوية في الجزء العاشر.

هذا مجمل القول في آراء ابن حزم وضلالاته وتحكماته، فأنت- كما يقول هو: لو لا الجهل والعمى والتخليط بغير علم- تجد الرأي العام في ضلاله قدصدر من أهله في محلّه، وليس هناك مجال نسبة


1- فرائد السمطين 1: 282
2- فرائد السمطين 1: 281

ص:148

الحسد والحنق إلى مَن حكم بذلك من المالكيّين أو غيرهم، ممَّن عاصره أو تأخَّر عنه، وكتابه الفِصَل أقوى دليلٍ على حقِّ القول وصواب الرأي.

قال ابن خلكان في تأريخه 1: 370: كان كثير الوقوع في العلماء المتقدِّمين، لا يكاد أحدٌ يسلم من لسانه: قال ابن العريف:

كان لسان ابن حزم وسيف الحجّاج شقيقين. قاله لكثرة وقوعه في الأئمَّة، فنفرت منه القلوب، واستهدف لفقهاء وقته، فتمالؤا على بغضه، وردّوا قوله، واجتمعوا على تضليله، وشنَّعوا عليه، وحذَّروا سلاطينهم من فتنته، ونهوا عوامهم من الدنوِّ إليه، والأخذ عنه، فأقصته الملوك، وشرّدته عن بلاده، حتى إنتهى الى بادية لَبْلَة «(1)»، فتوفّي بها في آخر نهار الأحد لليلتين بقيتا من شعبان سنة ستٌ وخمسين وأربعمائة «(2)».

وَلَقَدْ حَقَّ عَلَيهِ كَلِمَةُ العَذابِ أفَأَنتَ تَنقُذُ مَنْ في النّار؟


1- بفتح اللامين من بلاد الأندلس« المؤلّف»
2- انظر وفيات الأعيان، الطبعة المحقّقة 3: 327-/ 328

ص:149

الآن حصحص الحق

الآن حقّ علينا أن نُميط الستر عن خبيئة أسرارنا، ونُعرب عن غايتنا المتوخّاة من هذا البحث الضافي حول الكتب.

الآن آن لنا أن ننوّه بأنّ ضالّتنا المنشودة هي إيقاظ شعور الامّة الإسلامية إلى جانب مهمّ فيه الصالح العام والوئام والسلام والوحدة الإجتماعيّة، وحفظ ثغور الإسلام عن تهجّم سيل الفساد الجارف ....

ص:150

فهرس المصادر

(230) الأعلام، للزركلي، دار العلم للملايين، بيروت.

(231) اعتقادات الإمامية، للشيخ الصدوق، اسماعيليان، قم.

(232) الاصابة في تمييز الصحابة، دارصادر، بيروت.

(233) أوائل المقالات، للشيخ المفيد، المؤتمر الألفي للشيخ المفيد، قم.

(234) تأريخ بغداد، للخطيب البغدادي، دار الكتاب العربي، بيروت.

(235) تأويل مختلف الحديث، لابن تقيبة، دار الكتب العلمية، بيروت.

(236) التبيان، للشيخ الطوسي، دار احياء التراث العربي، بيروت.

(237) الجامع الصغير، للسيوطي، دار الفكر، بيروت.

ص:151

(238) الرياض النضرة، للطبري، دار الكتب العلمية، بيروت.

(239) روح المعاني، للآلوسي، دار احياء التراث العربي، بيروت.

(240) سنن أبي داود، دار الفكر، بيروت.

(241) سنن ابن ماجة، دار الفكر، بيروت.

(242) سنن البيهقي، دار الفكر، بيروت.

(243) سنن الترمذي، دار احياء التراث العربي، بيروت.

(244) سنن النسائي، دار احياء التراث العربي، بيروت.

(245) السيرة النبوية، لابن هشام، دار الباز، بيروت.

(246) شذرات الذهب في أخبار مَن ذهب، لابن الحماد الحنبلي، دار الآفاق الجديدة، بيروت.

(247) شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد، دار احياء الكتب العربية، بيروت.

(248)صحيح البخاري، دار احياء التراث العربي، بيروت.

(249)صحيح مسلم، دار الفكر، بيروت.

(250) الطبقات الكبرى، لابن سعد، دارصادر، بيروت.

(251) فرائد السمطين، للجويني الحموي، مؤسسة المحمودي، بيروت.

(252) الكامل في الضعفاء، لابن عدي، دار الفكر، بيروت.

(253) كنز العمال، للمتقي الهندي، دار الرسالة، بيروت.

(254) لسان العرب، لابن منظور، نشر أدب الحوزة، قم.

ص:152

(255) لسان الميزان، لابن حجر العسقلاني، مؤسسة الأعلمي، بيروت.

(256) مجمع البيان، للطبرسي، المكتبة المرعشية، قم.

(257) مختصر تأريخ دمشق، لابن منظور، دار الفكر، بيروت.

(258) مستدرك الصحيحين، للحاكم النيسابوري، دار الفكر، بيروت.

(259) مسند أبي يعلى الموصلي، دار المأمون للتراث، بيروت.

(260) مسند أحمد بن حنبل، دار الفكر، بيروت.

(261) مصنّف ابن أبي شيبة، الدار السلفية، الهند.

(262) المعجم الكبير، للطبراني، دار احياء التراث العربي، بيروت.

(263) مناقب (فضائل) أمير المؤمنين عليه السلام، لأحمد بن حنبل، الطبعة الحروفية.

(264) نفح الطيب، للتلمساني، دار الفكر، بيروت.

(265) هدية العارفين، لاسماعيل باشا البغدادي، دار الفكر، بيروت.

(266) وفيات الأعيان، لابن خلكان، دارصادر، بيروت.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.