كتاب الصلوة المجلد 1

هوية الكتاب

عنوان المؤلف واسمه: الصلوة [کتاب]/عبدالکریم الحائري الیزدي

تفاصيل النشر: [بی جا]: چاپخانه بهمن، 1346

مواصفات المظهر: ج3.

حالة الإدراج: في انتظار الإدراج (معلومات التسجيل)

رقم الببليوغرافيا الوطنية: 3372185

بسمه تعالی

هذا هوالجزء الاول من کتاب الصلوة المشتمل علی البحث عن الصلوات الیومیة وهو من جمله ما اسنفدناه من بحث استادنا الاعظم حجة الاسلام والمسلمین وآیة الله الملک العلیم الحاج الشیخ عبدالکریم الحائري الیزدي قدس الله سره واعلی مقامه وانا العبد الجانی العاصی محمود الاشتیانی عفی عنه .

ص: 1

المقصد الاول في الصلوات اليومية

اشارة

ص: 2

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلوة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين محمد خاتم النبيين وعلى اله الطيبين الطاهرين المعصومين واللغة الدائمة على اعدائهم اجمعين .

وبعد فهذه نبذة مما افاده شيخنا و استادنا حجة الاسلام والمسلمين وآية الله الملك العليم الحاج الشيخ عبد الكريم الحائرى متع الله المسلمين بطول بقائه في احكام الصلوة ، والبحث عنها يقع في مقاصد.

المقصد الاول في الصلوات اليومية ، وحيث انها مشتملة على مقدمات ومقارنات و منافيات ولواحق ، فالبحث عنها يقع في طي مباحث .

المبحث الاول: في المقدمات

المبحث الاول: في المقدمات التي هي عبارة عما يجب معرفتها و تحصيلها او حصولها قبل الشروع فى الصلوة ، وهى امور منها الوقت ، وتنقيح البحث عنه يتوقف على معرفة الموقتات ، وهى على قسمين فرائض و نوافل ، اما الفرائض فعددها وعدد ركعاتها حضرا وسفرا امنا وخوفا غير محتاج الى البيان بعد كونه من ضروريات الدين وانما الكلام فى عدد النوافل ، وفى انها من لو احق الفرائض او انها مستحبات مستقلة موقتة باوقات خاصة ، وفى ثبوتها مطلقاً او فى الحضر خاصة ، وفي ثبوتها في مواضع التخيير بين الاتمام و القصر ، و هى المواطن الاربعة حرم الله تعالى وحرم رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم و مسجد الكوفة والحائر .

فالبحث عنها يقع فى طى مسائل الأولى في عددها ، والمشهور انه اربع و ثلثون ركعة ، ثمان منها قبل الظهر ، وثمان قبل العصر ، واربع منها بعد المغرب ، و ركعتان من جلوس تعدان بركعة من قيام تسمى وتيرة بعد العشاء ، واحدى عشر

ص: 1

نافلة الليل مع ركعتى الشفع وركعة الوتر وركعتان للفجر ، وعليه فيكون مجموع الفريضة والنافلة احدى وخمسين ركعة ويدل على ذلك الاخبار المستفيضة ، كصحيح فضيل بن يسار عن الصادق علیه السّلام الفريضة والنافلة احدى و خمسون ركعة ، منها ركعتان بعد العتمة (1) جالساتعدان بركعة وهو قائم ، الفريضة منها سبع عشر ركعة ، والنافلة اربع وثلثون ، وخبر البزنطى قلت لابي الحسن علیه السّلام ان اصحابنا يختلفون فى صلوة التطوع بعضهم يصلى اربعا و اربعين ركعة وبعضهم يصلي خمسين فاخبرنی بالذى تعمل به انت كيف هو حتى اعمل بمثله ، فقال علیه السّلام اصلى واحدة و خمسين ركعة ، ثم قال امسك وعقد بيده الزوال ثمانية واربعا بعد الظهر واربعا قبل العصر و ركعتين بعد المغرب وركعتين قبل العشاء الآخرة وركعتين بعد العشاء من قعود تعدان بركعة من قيام وثمان صلوة الليل والشفع الوتر ثلثا و ركعتي الفجر والفرائض سبع عشر ركعة فذلك احدى و خمسون ركعة ، ونحوهما صحيح اسمعيل عن الرضا علیه السّلام و مرفوع ابن ابى قرة المشتمل على ذكر العلة للواحدة والخمسين ، والصحيح عن المفضل والبقباق وبكبر ، قالوا سمعنا ابا عبد الله علیه السّلام يقول كان رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم يصلى من التطوع مثلى الفريضة ، ويصوم من التطوع مثلى الفريضة ، الى غير ذلك من الاخبار الصحيحة الصريحة في ذلك.

وعد بعضهم المجموع ثلثة و ثلثين ركعة باسقاط الوتيرة ، مستدلا عليه بالاخبار المستفيضة الدالة على ان النبى صلی الله علیه و آله و سلّم كان لا يصلى بعد العشاء شيئاً حتى ينتصف الليل ، وبخبر ابن ابی عمیر سئلت ابا عبد الله علیه السّلام عن افضل ماجرت به السنة فقال علیه السّلام تمام الخمسين ، وصحيح زرارة وخبر عمر بن حريث اللذين لم يعد فيهما الويترة من النوافل وعد بعضهم المجموع سبعة وعشرين ركعة ، باسقاط اربع ركعات نافلة العصر وركعتين من نافلة المغرب مع الوتيرة ، مستدلا على ذلك بصحيح ابن سنان سمعت ابا عبدالله علیه السّلام يقول لا تصل اقل من اربع واربعين ركعة ، فانه يدل على

ص: 2


1- العتمة بفتحتين وقت صلوة العشاء الآخرة وعتمة الليل ظلام اولها عند سقوط نور من الشفق منه عفى عنه.

هی ان النوافل سبع وعشرون ، وبعد ضم الفرائض وهى سبعة عشر اليها يصير المجموع اربع واربعين وعد بعضهم المجموع تسعة وعشرين باسقاط اربع ركعات من نافلة العصر مع الوتيرة ، مستدلا عليه بخبر يحيى بن حبيب سالت الرضا علیه السّلام عن افضل ما يتقرب به العباد الى الله تعالى من الصلوة قال علیه السّلام سنة واربعون ركعة فرائضه و نوافله والاقوى ما ذهب اليه المشهور ، لان ما استدل به من الاخبار لساير الاقوال على فرض تسليم دلالتها ، لا تقاوم الاخبار الدالة على انها اربع وثلثون سندا و دلالة و عملا فالمتعين طرحها ، مع ان دلالة اغلبها كخبر ابن ابی عمیر وخبر ابن حبيب و صحیح ابن سنان ممنوعة جدا ، اذ غاية ماتدل عليه هی تأكد استحباب ذلك ، لاعدم استحباب الزائد عليه رأساً كما لا يخفى على من راجعها والاخبار المستدل بها على اسقاط الوتيرة، لادلالة لبعضها على سقوطها رأسا ، وبعضها محمول على ان النبى صلی الله علیه و آله و سلّم ماء الله كان کان لا يصلى بعد العشاء شيئاً من نافلة الليل ، أو على انه صلی الله علیه و آله و سلّم كان لا يصلى صلوة الوتر بعد العشاء ، كما يفعله العامة حيث انهم يصلون الوتر بعد العشاء فان استيقظوا آخر اللیل اعادوها ، او على ان الوتيرة لم تكن مسنونة عليه صلی الله علیه و آله و سلّم ، كما يشهد به خبرابی بصير عن ابي ا بيعبد الله علیه السّلام قال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلايبيتن الابوتر ، قال قلت يعنى الركعتين بعد العشاء الآخرة ، قال علیه السّلام نعم انهما بركعة فمن صلاهما ثم حدث به حدث مات على وتر فان لم يحدث به حدث الموت يصلى الوتر في آخر الليل ، فقلت هل صلى رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم هاتين الركعتين قال لا ، قلت ولم قال لان رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم كان يأتيه الوحى وكان يعلم انه هل يموت في تلك الليلة ام لا وغيره لا يعلم ، فمن اجل ذلك لم يصلهما وامر بهما فانه كما ترى يدل على ان جهة التشريع عدم علم المكلف بعدم الموت ، والنبي صلی الله علیه و آله و سلّم حيث يكون عالما به فلاتكون الوتيرة مسنونة في حقه لانتفاء علة التشريع ، هذا مضافا إلى معارضتها بالاخبار الكثيرة الدالة على انه صلی الله علیه و آله و سلّم كان يصليهما و بعضها محمول على ارادة عدم احتساب الوتيرة من صلوة الليل ، او عدم احتسابها كسائر الرواتب من لواحق الفرائض ، بل هى نافلة مستقلة وقتها بعد العشاء و انما شرعت لان تصير النافلة ضعف الفريضة ، كما يشعر

ص: 3

بالاول حسن الحلبى قال سئلت الصادق علیه السّلام هل قبل العشاء الآخرة وبعدها شئى قال علیه السّلام لا غير انى اصلى بعدها ركعتين ولست احسبهما من صلوة الليل ، و بالثاني خبر ابن شاذان من الرضا علیه السّلام في حديث قال وانما صارت العتمة اى العشاء مقصورة اى فى السفر وليس تترك ركعتاها لان الركعتين ليستا من الخمسين وانما هي زيادة في الخمسين تطوعا ليتم بهما بدل كل ركعة من الفريضة ركعتين من التطوع واما ما دل على سقوط ركعتين من نافلة المغرب، فيمكن حمله على سقوط اتصالهما بالمغرب والركعتين الاولتين من نافلتها ، كما يشهد عليه خبر البزنطى السابق عن أبي الحسن علیه السّلام ، حيث انه علیه السّلام في تعداد النوافل قال و ركعتين بعد المغرب وركعتين قبل العشاء الآخرة كما يمكن حمل مادل على سقوط اربعة من نافلة العصر على ان الاربع من ملحقات الظهر، كما يشهد عليه ايضا خبر البزنطى حيث قال علیه السّلام الزوال ثمانية واربعا بعد الظهر واربعا قبل العصر و بالجملة المعمول به بين الاصحاب الامن شذو ندر ، هو مضمون خبر البزنطى وصحيح فضيل بن يسار السابقين ، الصريحين في ان مجموع الفرائض والنوافل احدى و خمسون ركعة سبعة عشر ركعة منها فرائض و اربع وثلثون منها نوافل ولا يعارضهما غيرهما من الاخبار الدالة على ان عدد النوافل الرواتب اقل من ذلك ، لما عرفت من انه ليس فيها ما يدل على عدم استحباب الزائد بل اقصى ما تدل عليه عدم تأكد استحبابه ، فعدم كون النوافل اقل من اربع وثلثين ركعة لا اشكال فيه .

وانما (1) الكلام في الزائد عنها، حيث انه افتى بعض الاصحاب باستحباب صلوتين بين العشائين زائدا على ماذكرنا ، احديهما صلوة الغفيلة والاخرى صلوة الوصية ، وقوى استحبابهما كك فى نجاة العباد واستدل على استحباب الاولى منهما بما رواه الشيخ قده فى المصباح والسيد قده في فلاح السائل عن هشام بن سالم عن ابي عبدالله علیه السّلام قال علیه السّلام من صلى بين المغرب والعشاء ركعتين يقرء في الاولى الحمد وذا النون اذ ذهب مغاضبا الى قوله تعالى وكذلك ننجى المؤمنين وفى الثانية الحمد وعنده

ص: 4


1- الكلام فى مشروعية صلوتى الغفيلة و الوصية وعدمها.

مفاتح الغيب الاية فاذا فرغ من القرائة رفع يديه وقال اللهم انى اسئلك بمفاتيح الغيب التي لا يعلمها الا انت ان تصلی علی محمد و آل محمدو ان تفعل بی کذا و کذا و يقول اللهم انت ولى نعمتى والقادر على طلبتى وتعلم حاجتي فاسئلك بحق محمد و آله لما قضيتها لي وسئل اليه حاجته الا اعطاء الله ماسئل و على استحباب الثانية بما رواه في المصباح ايضا عن الصادق علیه السّلام عن ابائه عليهم السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم قال اوصيكم بركعتين بين العشائين

يقرء في الأولى الحمد واذا زلزلت ثلث عشر مرة وفى الثانية الحمد و قل هو الله احد خمس عشر مرة فان من فعل ذلك كل شهر كان من المؤمنين فان فعل في كل سنة كان من المحسنين فان فعل ذلك في كل جمعة كان من المخلصين فان فعل ذلك كل ليلة زاحمني في الجنة ولم يحص ثوابه الا الله تعالى و انکر سید مشايخنا المرزا الشيرازي قده في حاشيته على نجاة العباد استحبابهما زائدا على نافلة المغرب وقال شيخنا الاستاد دام ظله لعل الوجه فى انكاره قده استحبابهما هو حصر النوافل الرواتب التي شرعت لتكملة الفرائض فى الاخبار الكثيرة فى اربع وثلثين ركعة ، وهي التي خرجت بمقتضى تلك الاخبار عن عموم الادلة المانعة عن التطوع فى وقت الفريضة ، فالفتوى باستحباب صلوة اخرى زائدا على تلك النوافل سيما في اوقات الصلوة المفروضة تحتاج الى دليل ، ولم يظهر من الخبرين كون الصلوتين نافلة مستقلة ، اذ يحتمل كون المراد منهما استحباب ايقاع ركعتين من نافلة المغرب على الكيفية المذكورة في صلوة الغفيلة و ايقاع ركعتين منها على الكيفية المذكورة فى صلوة الوصية ، وعليهذا يكون الحكم بجواز اتيانهما بعد اداء نافلة المغرب ، بلادليل مخرج لهما عن عموم الادلة الناهية عن التطوع فى وقت الفريضة القاضية بعدم جواز الاتيان بهما بين العشائين نعم لوحملنا تلك الادلة على كراهة التطوع وقت الفريضة جاز الاتيان بهما رجاء لادراك المتسحب وذلك لوجود احتمال استحبابهما مستقلا ، وعدم ما يمنع عن اتيانهما عليهذا الفرض ای فرض كراهة التطوع وقت الفريضة التي مرجعها الى اقلية الثواب ثم ان الاستاد دام ظله بعدان وجه انکار سید المحققين الشيرازى قده استحباب الصلوتين المزبورتين بما افاده ، ضعفه بان حمل الخبرين الواردين فى استحباب الصلوتين على بيان فضيلة

ص: 5

ايقاع نافلة المغرب على الكيفية الخاصة المذكورة فيهما ، خلاف الظاهر جدا ضرورة ظهور الخبرين في كونهما في مقام الحيث والترغيب الى اصل العمل و كونه مستحبا مستقلا، لا فى مقام بيان فضيلة ايقاعه على الكيفية المخصوصة مع الفراغ عن مشروعية اصله كما هو مقتضى هذا الحمل فظهر مما ذكرنا ان الاقوى استحباب الصلوتين و كونهما نافلة مستقلة ، ولا ينافي استحبابهماكك حصر النوافل الرواتب في الاخبار فى اربع وثلثين، ضرورة ان المراد منها حصر النوافل الخاصة التي تكون من متممات الفرائض ومكملاتها في كل يوم وليلة فى ذاك العدد ، لاحصر مطلق النوافل فيه فزيادة الغفيلة والوصية بين العشائين لا يضر بالحصر المستفاد منها نعم الاحوط تقديمهما على ذهاب الشفق الذى هو وقت فضيلة العشاء ، لئلا يكون التطوع بهما تطوعا في وقت الفريضة ، ضرورة انه لوقيل بعدم جواز التطوع فى وقت الفريضة ، فالمراد به هو عدم جوازه فى وقت فضيلتها ، لا مطلقاً ولوفى وقت اجزائها ، كيف والالزم عدم جواز النوافل المبتدئة فى اوقات الاجزاء ، وهو كماترى مما لم يلتزم به احد كما ان الاقوى سقوط نافلة المغرب لواتى بهما قبلها ، كما هو الشأن في كل مطلق ومقيد ، فان المقيد واجد للمطلق فيسقط باتيانه الامر بالمطلق وهذا بخلاف مالواتی اولا بها فانهما لا تسقطان حينئذ ، هذا بناء على كون نافلة المغرب مطلقة و اما بناء على كونها ايضا مقيدة بكيفية وخصوصية خاصة زائدة عن كونها صلوة مسنونة في هذا الوقت، ككونها مرتبطة بالفريضة و مكملة لها ، ونحو ذلك من الخصوصيات الغير الحاصلة باتيان اربع ركعات بقصد نافلة ساعة الغفلة والوصية فلا يكون الاتيان بهما قبلها مسقطا لها ، ضرورة انها حينئذ مالم يقصد اتيانها بعنوانها الخاص لم يسقط امرها بلاقصد مالها من الخصوصية نعم الاقوى اجزاء الاتيان بما يكون جامعا لكلتى الخصوصيتين بداعى الامر المتعلق بها والامر المتعلق بهما ، نظير مالوامر باكرام هاشمی واکرام عالم ، فانه يجزى اكرام من كان مجمعا للعنوانين فظهر مما ذكرنا انه لا وجه لانكار ثبوت هاتين الصلوتين اى الغفيلة والوصية بين العشائين ، بعد دلالة الاخبار المعتبرة على ثبوتهما كما لاوجه

ص: 6

لانكار ثبوت اربع ركعات بعد العشاء التي دل عليها صحيح ابن سنان ، قال ورأيته ای ابا عبد الله علیه السّلام يصلى بعد العتمة اى العشاء اربع ركعات .

المسئلة الثانية

المسئلة الثانية (1) هل هذه النوافل الرواتب موقتات مستقلة اوانها من لواحق الفرائض ومرتبطة بها وجهان اقويهما الثاني فان نسبتها فى بعض الاخبار الى الاوقات كقولهم علیهم السّلام نافلة الزوال او الظهر او العصر و امثالها ، وان كانت ظاهرة في كونها مستحبات مستقلة في اوقات خاصة ، الا ان الظاهر من الاخبار الكثيرة المتضمنة لحكمة تشريعها ، وانها انما جعلت اربعا وثلثين ركعة لان الفريضة سبع عشرة ركعة فجعلت السنة مثلى الفريضة تكميلا للفريضة ، والاخبار الدالة على ان لكل ركعة من الفريضة ركعتين من النافلة، هوكونها من لواحق الفرائض ومتمماتها ، وان اضافتها الى الفرائض بقولهم علیهم السّلام نافلة صلوة الظهر و نافلة صلوة العصر و نافلة صلوة المغرب ، ليست لمجرد كون اوقاتها قبل الفرائض أو بعدها .

المسئلة الثالثة

المسئلة الثالثة: لا خلاف في اختصاص مجموع هذه الرواتب بالحاضر ، كما لا خلاف في سقوط نافلة الظهر والعصر عن المسافر، وعدم سقوط نافلة المغرب والليل والفجر عنه ويدل على الاول الاخبار المستملة على حكمة تشريعها وانها انما جعلت هو بهذا العدد لان تكون مثلى الفريضة تكملة لها ، فانها تدل على ان مورد جعلها الحاضر ، لانه الذى يكون هذا العدد مثلى فرائضه التى هى سبعة عشر ركعة ويدل على الثانى النصوص المستفيضة ، كخبر ابي يحيى الحناط قال سئلت الصادق علیه السّلام عن صلوة النافلة بالنهار فى السفر ، فقال يابنى لوصلحت النافلة بالنهار فى السفر تمت الفريضة ، وصحيح ابن مسلم عن احدهما علیه السّلام سئلته عن الصلوة تطوعا في السفر قال لا تصل قبل الركعتين ولا بعدهما شيئا نهارا ويدل على الثالث اعنى عدم سقوط نافلة المغرب فى السفر ، خبرابي بصير عن الصادق علیه السّلام الصلوة فى السفر ركعتان ليس قبلهما وبعدهما شي الا المغرب فان بعدها اربعة ركعات لا تدعهن في سفر ولا حضر وليس عليك قضاء صلوة نافلة النهار وصل صلوة نافلة الليل واقضها ويدل على الرابع

ص: 7


1- فى ان الاقوى كون هذه الرواتب من لواحق الفرائض.

اعنى عدم سقوط نافلة المغرب و الليل والفجر عن المسافر ، خبر رجا بن ابى الضحاك المشتمل على عمل الرضا علیه السّلام ، قال كان علیه السّلام في السفر يصلى فرائضه ركعتين

ركعتين الا المغرب فانه كان يصليها ثلثا ، وكان لا يدع نافلتها ولا يدع صلوة الليل والشفع والوتر وركعتي الفجر في سفر ولاحضر، وكان لا يصلي من نوافل النهار في السفر شيئا ، الى غير ذلك من النصوص.

وانما (1) وقع الخلاف في سقوط الوتيرة التي هي نافلة للعشاء في السفر حيث ادعى الحلى ابن ادريس الاجماع على سقوطها مضافا الى عموم الاخبار الدالة على سقوط النافلة من الرباعيات مطلقاً وما فى بعضها من قوله علیه السّلام ركعتان ليس بعدهما و لا قبلهما شى و الشيخ ادعاه على ثبوتها ، و منشاء الخلاف اختلاف الاخبار ، فان خبری ابى بصير و الحناط المتقدمين ، و خبر الفضل بن شاذان المشتمل على العلل التى سمعها من الرضا علیه السّلام قال علیه السّلام فيه انما قصرت الصلوة في السفر لان الصلوة المفروضة اولا هى عشر ركعات و السبع انما زيدت فيها فخفف الله عز و جل عن العبد تلك الزيادة لموضع سفره و تعبه و نصبه و اشتغاله بامر نفسه وظعنه واقامته لئلا يشتغل عما لابد منه من معيشته رحمة من الله عزوجل و تعطفا عليه ، الاصلوة المغرب فانها لم تقصر لانها صلوة مقصرة في الاصل ، قال علیه السّلام وانما ترك تطوع النهار ولم يترك تطوع الليل لان كل صلوة لا يقصر فيها فلا يقصر فيما بعدها من التطوع ، وكذلك الغداة لا تقصير فيها فلا تقصير فيما قبلها من التطوع ظاهرة فى السقوط لان الوتيرة نافلة لصلوة العشاء التي تقصر فى السفر فتقصر في نافلتها كما يشعر بذلك ايضا مرسل ابن مهزیار المروى عن المحاسن عن الصادق علیه السّلام قلت له مابال صلوة المغرب لم يقصر فيها رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم في السفر والحضر ولافي نافلتها ، فقال علیه السّلام لان الصلوة كانت ركعتين ركعتين فاضاف اليها رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم الى كل ركعتين ركعتين ، ووضعهما عن المسافر واقر المغرب على وجهها في السفر والحضر ولم يقصر في ركعتي الفجر ، ان يكون تمام الصلوة سبعة عشر ركعة في السفر والحضر

ص: 8


1- البحث فيما وقع من الخلاف فى سقوط الوتيرة وعدم سقوطها في السفر

كما يؤيده ايضا تعارف السئوال عن ثبوت خصوص نافلة المغرب دون الوتيرة ، فانها لو كانت ثابتة ايضا لكانت كك بل هى اولى بذلك لقصر فريضتها و خبر الفضل بن شاذان عن الرضا الله انما صارت العشاء مقصورة وليس تترك ركعتاها لانهما زيادة في الخمسين تطوعا ليتم بهما بدل كل ركعة من الفريضة ركعتين من التطوع ، صريح فى عدم السقوط ويظهر من تعليله علیه السّلام ان عدم سقوطها ليس تخصيصا في ادلة سقوط ان النافلة عن الرباعيات لانها ليست من النوافل بل هي زيادة في الخمسين ليتم بركعتيها بدل كل ركعة من الفريضة ركعتين من التطوع ، فهذا الخبر بتعليله حاكم على مادل على سقوط نافلة كل صلوة , كما هو واضح كما انه ايضا صريح خبر ابن الضحاك المروى عن العيون عن الرضا علیه السّلام المشتمل على احكام كثيرة منها انه علیه السّلام كان يصلى الوتيرة فى السفر، وصريح الرضوى والنوافل فى السفر اربع ركعات بعدالمغرب و ركعتان بعد العشاء الاخرة من جلوس الخبر كما انه مقتضى اطلاق خبر زرارة عن ا بيجعفر علیه السّلام قال قال علیه السّلام من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلايبيتن الا يؤتر ، و خبر حمران عنه علیه السّلام ايضا قال قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم لا يبيتن الرجل وعليه وتر ، وخبرابی بصیر عن ابیعبد الله علیه السّلام قال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يبيتن الابوتر قال قلت تعنى الركعتين بعد العشاء الآخرة ، قال علیه السّلام نعم انهما تعدان انهما تعدان بركعة فمن صلاهما تم حدث به حدث مات على وترفان لم يحدث به حدث الموت يصلى الوتر في آخر الليل الخبر.

ولا يخفى انه لولا ذهاب المشهور الى السقوط الموجب للوهن فيما دل على الثبوت، لكان القول بعدم السقوط قويا جدا ، لما عرفت من كونه صريح خبر الفضيل بن شاذان الحاكم بل الوارد على مادل على سقوط النافلة من كل رباعية ، لدلالته على عدم كون الويترة نافلة للعشاء ، بل هي زيادة في النوافل ليتم بها بدل كل ركعة من الفريضة ركعتين من التطوع والخدشة في سنده بعبدالواحد وعلی بن محمد لعدم التنصيص بتوثيقهما ، في غير محلها بعد كونهما من مشايخ الاجازة الذين اعتمد المشائخ المتقدمون على النقل عنهم واخذ الاخبار منهم ، مع انه يكفى فى الحكم بعدم السقوط اطلاق اخبار زرارة وحمران وابى بصير المتقدمة ، فان اطلاقها وانكان

ص: 9

معارضا باطلاق خبرا بی بصیر والحناط والفضل بن يسار المتقدمة ، الا ان هذه من حيث دلالتها على شدة الاهتمام بها حتى جعل الاتيان بها من لوازم الايمان بالله واليوم الاخر

ومن اشتمال الاخير منها على التعليل بانها زيدت لتدارك الوتر التي لا تسقط بحال تكون اظهر فى عدم السقوط من تلك الاخبار فى السقوط سلمنا عدم اظهرية هذه ،لكن مقتضى الجمع بينها وبين تلك الاخبار ، هو تخصيص تلك الاخبار بغيرها من الرواتب ، كما يشهد على ذلك بل يدل عليه الاخبار الدالة على ان الوتيرة ليست من الرواتب ، وانما زيدت لتدارك الوتركما دل عليه بعضها ، اولاكمال العدد كما دل علية بعضها الآخر و لو ابيت عن ذلك ايضا فلابدان يرجع الى الاصل القاضي بثبوتها فى السفر كما كانت ثابتة فى الحضر ، هذا مضافا الى خبر ابن الضحاك والرضوى المتقدمين وغيرهما من الاخبار الصريحة في عدم سقوطها فى السفر ، وكيفكان لاباس بالاتيان بها رجاء للمطلوبية من باب الاحتياط .

المسئلة الرابعة

المسئلة الرابعة (1). لا اشكال في عدم سقوط النوافل عن المسافر الذي يجب عليه التمام كالعاصى بسفره وكثير السفر وذلك لمادل عليه الاخبار كخبر ابي يحيى الحناط المتقدم وغيره ، من الملازمة بين القصر وسقوط النافلة وبين التمام وثبوتها وانما الكلام فى ثبوتها فى مواضع التخيير ، فان الاقوال فيه ثلثة الثبوت مطلقاً والسقوط كك والتفصيل بين اختيار التمام فالثبوت واختيار القصر فالسقوط والاقوى هو

الثبوت مطلقاً، ويدل عليه مضافا الى كونه المستفاد ممادل على ان سقوط النافلة في السفر انما هو لعدم صلاحية المسافر لمكان اشتغاله بامر نفسه من ظعنه واقامته ، للالزام بازيد من الركعتين الليتن هما فرض الله ، فان المستفاد منه انه لو صار المسافر صالحا للالزام بازيد من ذلك اى بالصلوة التامة المشتملة على فرض النبى صلی الله علیه و آله و سلّم

ايضا ولو بنحوالتخيير بينها و بين القصر ، لم تكن النافلة ساقطة عنه . اخبار مستفيضة ظاهرة في استحباب التطوع للمسافر فى الاماكن الاربعة وان قصر الفريضة فيها ، ففي خبر على بن ابى حمزة قال سئلت العبد الصالح علیه السّلام عن زيارة قبر الحسين علیه السّلام فقال علیه السّلام

ص: 10


1- الكلام فى عدم سقوط النوافل عن العاصى بسفره وكثير السفر.

ما احب لك تركه ، قلت وماترى فى الصلوة عنده وانا مقصر، قال علیه السّلام صل في المسجد الحرام ماشئت تطوعا وفى مسجد الرسول ماشئت تطوعا وعند قبر الحسين علیه السّلام فاني احب ذلك ، قال وسئلته عن الصلوة بالنهار عند قبر الحسين علیه السّلام ومشاهد النبى الله والحرمين تطوعا ونحن نقصر ، فقال علیه السّلام نعم ماقدرت عليه ، وفى خبر أبي عمية عن ابي الحسن علیه السّلام قال سئلته عن التطوع عند قبر الحسين علیه السّلام و بمكة و المدينة وانا مقصر ، فقال علیه السّلام تطوع عنده و انت مقصر ما شئت و في المسجد الحرام و في مسجد الرسول و في مشاهد النبى الله فانه خير ، و في خير ابراهيم بن عبد الحميد عن ابى الحسن علیه السّلام مثله ، وفى خبر صفوان عنه علیه السّلام قال سئلته التطوع عند قبر الحسين علیه السّلام و مشاهد النبي علا الله والحرمين والتطوع فيهن بالصلوة ونحن مقصرون ، قال علیه السّلام نعم تطوع ما قدرت عليه هو خير، وفي خبر اسحق بن عمار قال قلت لابي الحسن علیه السّلام اتنفل فى الحرمين وعند قبر الحسين علیه السّلام وانا اقصر قال علیه السّلام نعم ماقدرت عليه ، الى غير ذلك من الاخبار الظاهرة الدلالة على ذلك.

الكلام في المواقيت

اشارة

اذا (1) عرفت الموقتات فيقع الكلام فى المواقيت وفيه فصلان:

الاول في اوقات الاجزاء والفضل للفرائض الخمس

وفيه مسائل الاولى لا اشكال في ان ما بين زوال الشمس الى غروبها وقت للظهر والعصر ، ويختص بالظهر من اوله بمقدار ادائها على اختلافها اتماما و قصرا امنا وخوفا ، ويختص بالعصر من آخره بمقدار ادائها كك ، واما ما بينهما من الوقت فمشترك بين الفرضين و ان ما بين غروب الشمس الى نصف الليل وقت للمغرب والعشاء، ويختص من اوله بالمغرب بمقدار ادائها ، و من آخره بالعشاءكك، واماما بينهما من الوقت فمشترك و ان ما بين طلوع الفجر الثاني الصادق الى طلوع الشمس وقت للصبح .

وانما الكلام فى ان نصف الليل غاية وقت المغرب والعشاء مطلقاً ولو في حال الاضطرار ، او يختص بالمختار ، و اما المضطر فيمتد وقتهما او وقت العشاء خاصة بالنسبة اليه الى الفجر كما سيجئى انشاء الله تعالى البحث فيه والمقصود من عنوان هذه المسئلة هنا ، الاشارة الى ان ماذهب اليه جمع كالشيخ وغيره ، من انه لايدخل

ص: 11


1- 1 - الكلام في المواقيت

وقت العشاء الا بعد ذهاب الشفق كما عليه العامة ، ليس مستندا الى دليل معتبر، وعلى فرض وجود دلیل معتبر عليه ، فلابد من تأويله او طرحه او حمله على التقية ، وذلك المعارضته باخبار كثيرة دالة على دخول وقته بغروب الشمس او ذهاب الحمرة المشرقية كما ان مادل من الاخبار على ان وقت العصر بعد صيرورة الظل مثلى الشاخص ، لابد من حملها على التقية ، لاعراض الاصحاب عنها و استقرار السيرة القطعية من زمان المعصومين سلام الله عليهم اجمعين الى زماننا على الجمع بين الصلوتين ، بحيث صار هذا من شعار الخاصة و امتازوا به عن العامة .

المسئلة الثانية

(1) قد عرفت انفا انه لا اشكال في انه يختص من اول الوقت بالظهر بمقدار ادائها و من آخره بالعصر كك لكن وقع الاشكال بل الخلاف في معنى الاختصاص ، فذهب المشهور الى انه لا يدخل وقت العصر الا بعد مضى مقدار اداء الظهر من الزوال وذهب جمع كالصدوق ووالده قدس سرهما الى اشتراك الوقت من حين الزوال بينهما غاية الامر انه يشترط في العصر تقدم الظهر عليه ، وذهب آخرون الى اختصاص اول الوقت بالظهر ، لكن لا بمعنى عدم دخول وقت العصر الا بعد مضى مقدار اداء الظهر من الزوال، بل بمعنى ان العصر لا تزاحم الظهر في الوقت. و تظهر الثمرة بين الاقوال فيما لونسى و صل العصر اول الزوال ، و فيما لوصلى غفلة اوجهلا مركبا ركعات من الظهر قبل الزوال وادرك ركعة منها بعد الزوال ، فانه تبطل صلوته في الفرضين على القول الأول ، وتصح فى الفرض الاول على الثانى، وتصح فى الفرض الثاني على الثالث.

و منشاء الخلاف اختلاف الاخبار، فمما يدل على ما ذهب اليه المشهور ، مرسلة داود بن فرقد عن بعض اصحابنا عن ابيعبد الله علیه السّلام ، قال علیه السّلام اذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتى يمضى مقدار ما يصلى المصلى اربع ركعات ، فاذا مضى ذلك فقد دخل وقت الظهر والعصر حتى يبقى من الشمس مقدار ما يصلى المصلى اربع ركعات فاذا بقى مقدار ذلك فقد خرج وقت الظهر وبقى وقت العصر حتى تغيب الشمس ، و اذا غابت الشمس فقد دخل وقت المغرب حتى يمضى مقدار ما يصلى المصلى ثلث ركعات

ص: 12


1- فى البحث عما وقع من الخلاف في معنى اختصاص اول الوقت بالظهر واخره بالعصر

فاذا مضى ذلك فقد دخل وقت المغرب والعشاء الآخرة حتى يبقى من انتصاف الليل مقدار ما يصلى المصلى اربع ركعات ، واذا بقى مقدار ذلك فقد خرج وقت المغرب وبقى وقت العشاء الى انتصاف الليل و هذه الرواية و انكانت مرسلة ، الا ان سندها الى الحسن بن فضال صحيح ، وهو اما ممن اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه بناء على كون عدد الاجماع ازيد من ثمانية عشر واما من الابدال بناء على الاقتصار ، ان بني الفضال ممن امر بالاخذ برواياتهم بقوله علیه السّلام خذوا ما روو او دزو اما مع راوا ، فانه يدل باطلاقه على حجية رواياتهم مطلقا من مسانيدها ومراسيلها ، مضافا هذا الى كون الرواية مما عمل به المشهور ، فلامجال للخدشة فيها سندا بالارسال .

ومما يدل على القول الثاني رواية زرارة عن ابيجعفر علیه السّلام ، قال علیه السّلام اذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر والعصر ، فاذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب والعشاء الآخرة ، بعد تقييدها بمكاتبة ابن مهران ، قال كتبت الى الرضا علیه السّلام ذكر اصحابنا انه اذا زالت الشمس دخل وقت الظهر والعصر واذا غربت دخل وقت المغرب والعشاء الآخرة الا ان هذه قبل هذه فى السفر والحضر وان وقت المغرب الى ربع الليل ، فكتب علیه السّلام كذلك الوقت غيران وقت المغرب ضيق ، بناء على استظهار كونها فى مقام بيان اعتبار الترتيب .

ومما يدل على القول الثالث رواية عبيد بن زرارة عن ابيعبد الله علیه السّلام اذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر والعصر جميعا الا ان هذه قبل هذه ثم انت في وقت منهما جميعا حتى تغيب الشمس. تقريب الاستدلال هوان الظاهران قوله علیه السّلام الا ان هذه قبل هذه ، استثناء متصل ناظر الى الوقت ، فيكون مقيدا لاطلاق قوله علیه السّلام في رواية زرارة دخل الوقتان ، فيصير المجموع بمنزلة قوله اول الوقت وانكان مشتركا بين الصلوتين الا ان الثانية لا تزاحم الأولى فيه، فينتج انه لوسقطت الاولى بوجه يصح اتيان الثانية فى اول الزوال ، ضرورة ان قوله علیه السّلام الا ان هذه قبل هذه مورده صورة بقاء الفرضين لاسقوط احدهما و توهم ان هذه الرواية في مقام بيان اعتبار الترتيب خلاف الظاهر من جهات منها ان اللازم حيئنذ حمل الاستثناء على المنقطع

ص: 13

ومنها ان ذكر اعتبار الترتيب دون سائر الشرائط فى مقام بيان اوقات الصلوة بعيد عن مساق الاخبار ، ومن هنا يظهر فساد مأمر من استظهار كون مكاتبة ابن مهران المتقدمة فى مقام بیان مجرد اعتبار الترتيب ومنها انها لو كانت دالة على مجرد اعتبار الترتيب لا على اختصاص اول الوقت بالظهر، لم يكن معنى لقوله علیه السّلام انت في وقت منهما ، اذ حينئذ يكون مفاد قوله علیه السّلام دخل الوقتان مع مقاد قوله علیه السّلام ثم انت في وقت منهما متناقضين فان قوله علیه السّلام دخل الوقتان معناه حينئذ ان من اول الزوال الوقت مشترك ، فينا في لقوله علیه السّلام ثم انت فى وقت منهما الدال على ان الاشتراك يتحقق بعد الاتيان بالظهر. فتبين ان المستفاد من مجموع الروايات الثلث بعد حمل مطلقها على مقيدها ، هوان اول الوقت مع عدم اداء الظهر لا يصح العصر ولونسيانا ، نعم لو سقط الظهر بوجه يصح العصر فى اول الوقت ولو عمداً وبعد استفادة هذا المعنى من مجموعها ، يقيد اطلاق رواية داود بن فرقد ، حيث انها تدل باطلاقها على ان وقت العصر لا يدخل الا بعد مضى اربع وكعات ، سواء كانت الظهر ساقطة بوجه فى اول الزوال كما اذا وقع ركعة منها بل ولو تسليمة منها في اول الوقت ام لا ، فيحمل على ما اذا لم يؤد ( يسقط خ ) الظهر على وجه صحيح ، لا على اعتبار مضى هذا المقدار ولومع سقوط الظهر بوجه صحيح في اول الوقت و يشهد لهذا الحمل مضافا إلى كونه مقتضى الجمع العرفي رواية مسمع اذا صليت الظهر دخل وقت العصر، والرضوى و اول وقت العصر الفراغ من الظهر، هذا مضافا الى امكان حمل رواية داود على الغالب ، فلا اطلاق لها كى يزاحم هذه الروايات فتدبر فتبين مما ذكرنا ان الاقوى في معنى اختصاص اول الوقت بالظهر، هو الاحتمال الثالث اى عدم مزاحمة العصر للظهر في الوقت ، هذه خلاصة ما افاده بعض الاساطين فى الجمع بين الروايات الواردة فى الباب و هنا احتمال رابع فى معنى الاختصاص اختاره الاستاد دام ظله ، وحاصله انه لاشبهة في صراحة رواية ابن فرقد فيما ذهب اليه المشهور من اختصاص اول الزوال بالظهر وانه لا يدخل وقت العصر الا بعد مضى مقدار اداء الظهر من الزوال ، كما لاشبهة ايضا في ان الاخذ بالاخبار الدالة على اشتراك الفرضين فى الوقت من اول الزوال ، مستلزم

ص: 14

لطرح هذه الرواية رأسا وهذا بخلاف تلك الروايات ، فانها ليست صريحة في الاشتراك ، وذلك لاحتمال ان تكون كلمة الا الاستثنائية في تلك الروايات بمعنى اولا، فيكون معنى تلك الروايات حينئذ هكذا اذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر والعصر لولا ان هذه قبل هذه ، فتدل على ان اول الوقت وانكان تام الاقتضاء لوقوع كل منهما فيه ، الا ان المانع عن وقوع العصر فيه هو تقدم الظهر عليه ، ولذا جعل الوقت بمقدار اداء الظهر مختصابه وهذا المعنى ليس بمستبعد ، سيما بعد وجود النظير له في الاخبار الواردة فى النافلة ، حيث ورد في بعض اخبارها ، كصحيحة منصور بن حازم عن ابيعبد الله علیه السّلام و صحيحة عمر بن خظلة عنه علیه السّلام ، اذ ازالت الشمس فقد دخل وقت الظهر الا ان بين يديها سبحة فاذا فرغت من سبحتك فصل الظهر ، فان المراد منه ان وقت فضيلة صلوة الظهر اول الزوال بحسب الاقتضاء الذاتي، الا ان استحباب اتيان النافلة قبلها اوجب تأخيرها عن اول وقت فضيلتها بمقدار اتيان النافلة فاذا لم يكن ارادة هذا المعنى بعيدة عن الاخبار الدالة على الاشتراك ، فلابد من حملها عليه جمعا بينها وبين ما هو نص في الاختصاص كخبر ابن فرقد المتقدم وغيره ، اذ بعد حمل اخبار الاشتراك عليهذا المعنى يرتفع التعارض بينها وبين مادل على الاختصاص ، اذ عليهذا لا يكون اخبار الاشتراك الا فى مقام بيان ان اول الوقت بحسب الاقتضاء الذاتي صالح لوقوع كل من الفرضين فيه ، وليست فى مقام التشريع والجعل كى يقع المعارضة بينها وبين مادل على الاختصاص وتظهر ، الثمرة بين هذا القول المختار عند الاستاد دام ظله ، وبين القول الأول المختار عند المشهور ، فيما لوصلى غفلة اوجهلا مركبا ركعات من الظهر قبل الزوال ووقع ركعة منها بل تسليمة منها بعد الزوال ، فانه لا يجوز له ان يأتى بالعصر الابعد مضى مقدار اداء الظهر من الزوال على القول الأول ، ويجوز له ان الاتيان به في اول الزوال عليهذا القول ، لوجود المقتضى لاتيانه فيه وعدم المانع عنه لفرض سقوط الظهر و تظهر الثمرة بينه وبين القول الثاني فيما لونسى وصلى العصر اول الزوال ، فانه تصح على القول الثاني لوقوعها فى الوقت المشترك وسقوط الترتيب بالنسيان لاختصاص

ص: 15

اعتباره بحال الذكر ، وتبطل عليهذا القول لوقوعها فى غير الوقت المجعول لها ، المستثنى من حديث لا تعاد اللهم الاان يدعى انصراف عمومه عن مثل المقام مماكان الوقت الغير المجعول للصلوة صالحا لوقوعها فيه ، وحيئذ تظهر هذا القول والقول الثالث فى المثال ، حيث لا يصح العصر على ذلك القول اول الزوال ولو نسيانا مع عدم اداء الظهر هذا ولا يخفى ان ما اختاره الاستاد دام ظله مما يشكل الالتزام به، لابتنائه على مقدمات جلها لولا الكل غير نقية عن الاشكال فان منهاكون رواية ابن فرقد صريحة فى اختصاص الوقت من اوله الى مقدار اداء اربعة ركعات بالظهر مطلقاً ولو فيما اذا كانت الظهر ساقطة ، وصراحتها في ذلك ممنوعة وانما هو مقتضى اطلاقها والقدر المتيقن منه هو الاختصاص مع عدم سقوط الظهر و منه يظهر الاشكال فى مقدمة اخرى منها ، وهى استلزام الاخذ باخبار الاشتراك ، و حمل رواية ابن فرقد على عدم مزاحمة العصر للظهر فى الوقت ، طرحها رأسا ، اذفيه ان مع الاخذ باخبار الاشتراك تبقى صورة عدم سقوط الظهر تحت اطلاقها كما لا يخفى ، فلا يلزم منه طرحها رأسا ومنها جعل كلمة الا الاستثنائية بمعنى لولا الامتناعية ، وهو خلاف الظاهر جدا لعدم استعمال الابمعنى لولا ، مع أن لازم ذلك كما أشرنا اليه كون اخبار الاشتراك فى مقام الاخبار عن صلاحية اول الوقت اقتضاء لوقوع العصر فيه ايضا ، وهذا كما ترى خلاف ماهو الظاهر من كونها في مقام الانشاء وجعل الحكم باشتراكه مع الظهر في جواز اتيانه في اول الوقت عند عدم مزاحمته للظهر فيه هذا وتدبر چيدا ثم انه قد يستدل للقول الأول بوجوه اخر غير رواية داود بن فرقد منها ما ذكره العلامة فى المختلف، وحاصله ان القول باشتراك الوقت حين الزوال بين الصلوتين ، مستلزم لاحد الباطلين اما التكليف بما لايطاق واما خرق الاجماع ، وذلك لان التكليف حين الزوال بين الصلوتين ، انكان متعلقا بالصلوتين معاكان تكليفا بما لا يطاق ، وانكان متعلقا باحداهما الغير المعين او باحداهما المعين و كان هو العصر كان ذلك خرفا للاجماع فاذا بطل تعلقه بالصلوتين معا وباحداهما مخيرا وبالعصر معينا ، ثبت تعلقه بالظهر معينا وهو المطلوب .

ص: 16

وفيه اولا النقض بما بعد مضى مقدار اداء الظهر من اول الزوال ، فانه مشترك امع انه يرد عليه ما اورده على اول الوقت حرفا بحرف وثانيا ان المراد باشتراك الوقت بينهما ، هوانه اذا دخل وقت الزوال يصير كل من الظهر والعصر واجبا مطلقا بالنسبة الى الوقت لحصول الشرط ، غاية الامر ان العصر حيث يكون من مقدماتها الوجودية اتيان الظهر قبلها لاعتبار الترتيب بينهما ، فلامحه يتأخر زمان امتثالها عن اول الوقت بمقدار اداء الظهر.

ومنها ما ذكره في المدارك من لا معنى لكون الوقت وقتا للفريضة الاجواز ايقاعها فيه ولو على بعض الوجوه ، ولاريب ان ايقاع العصر في اول الزوال على سبيل العمد ممتنع ، وكذا مع النسيان على الاظهر ، لعدم الاتيان بالمأمور به على وجهه ، وانتفاء ما يدل على الصحة مع المخالفة ، فاذا امتنع ايقاع العصر فيهذا الوقت انتفى كونه وقتالها . وفيه ان امتناع إيقاع العصر في اول الزوال عمدا عند الحضم، انما هو لفقدان الترتيب لا لعدم صلاحية الوقت لايقاعها فيه ، ولازمه بناء على اختصاص اعتبار الترتيب بصورة الذكر صحة وقوع العصر فيهذا الوقت نسيانا. فدعوى عدم صحة العصر لو وقعت فيهذا الوقت نسيانا لعدم الاتيان بها على وجهها ، ان استندت الى عدم صلاحية الوقت فهى مصادرة و ان استندت إلى دعوى اشتراط الترتيب مطلقاً ولو فى حال النسيان فهي عرية عن الدليل بل الدليل على خلافها كما يدل عليه صحيحة لاتعاد ، و عموم صحيحة صفوان عن ابي الحسن علیه السّلام قال سئلته عن رجل نسى الظهر حتى غربت الشمس وقد كان صلى العصر فقال علیه السّلام كان ابو جعفرعلیه السّلام او كان ابي علیه السّلام يقول اذا امكنه ان يصليها قبل ان يفوته المغرب بدء بها والاصلى المغرب ثم صليها ، فان عمومها الناشي عن ترك الاستفصال يشمل مالو صلى العصر اول الزوال فتدبر.

فتبين مما ذكرنا كله ان الاقوى من بين الاقوال هو القول الثالث ، لانه مقتضى الجمع العرفي بين الاخبار الواردة فيهذا الباب بحمل مطلقاتها على مقيداتها ، وعليه فمعنى الاختصاص هو عدم وقوع الشريكة مع صاحبة الوقت فى صورة المزاحمة ، واما في غير صورة المزاحمة فتصح الشريكة ، كما تصح غيرها من الفرائض والمندوبات مطلقاً ولو في صورة المزاحمة ،

ص: 17

هذا حكم وقوع العصر في اول الزوال مع اداء الظهر قبله على وجه جه صحیح و اما صحة الظهر فى الوقت المختص بالعصر مع اداء العصر قبله على وجه صحیح فیدل عليها مضمرة الحلبي قال سئلته علیه السّلام عن رحل نسى الاولى والعصر جميعاً ثم ذكر ذلك عند غروب الشمس ، فقال انكان في وقت لا يخاف فوت احديهما فليصل الظهر ثم يصلى العصر، وان هو خاف ان تفوته فليبدء بالعصر ولا يؤخرها فتفوته فيكون قد فاتتاه جميعاً ، ولكن يصلى العصر فيما بقى من وقتها ثم ليصل الاولى بعد ذلك على اثرها، فان قوله علیه السّلام ثم ليصل الاولى بعد ذلك على اثرها ، يشمل باطلاقه ما اذا انكشف بعد الفراغ من العصر بقاء الوقت بمقدار اداء تمام الظهر أو بعضها ، فيدل على صحة الظهر في وقت العصر مع وقوع العصر قبله صحيحا .

و توهم ان غاية ما يدل عليه المضمرة هى صحة الظهر بعد الفراغ من العصر اذا بقى مقدار من وقت العصر ، واما وقوعها اداء في ذلك الوقت كي يكون مقدار اربع ركعات من آخر الوقت ايضا مشتركا بينهما ، فلا دلالة لها عليه مدفوع بان الظاهر من قوله علیه السّلام ثم ليصل الاولى على اثرها ، هو وجوب التعجيل مطلقاً سواء بقى من الوقت بمقدار اداء الظهر كلامام بعضا و بعد تقييد اطلاقه بادلة التوسعة فى القضاء ، يختص بما اذا بقى من الوقت بمقدار اداء الظهر ، ويقيد به اطلاق رواية ابن فرقد المتقدمة الدال على اختصاص مقدار اربع ركعات من آخر الوقت بالعصر ، وعدم صحة وقوع الظهر فيه لا اداء و لاقضاء سواء ادى العصر قبله على وجه صحيح ام لا هذا و اما ما قد يتوهم من كون هذه الرواية من ادلة المضايقة فى قضاء فائتة اليوم ولزوم اتيانها قبل الحاضرة ، بحمل قوله علیه السّلام فيها ثم ليصل الاولى بعد ذلك على اثرها ، على عدم الفصل بين العصر والاولى بالمغرب مراعاتا للترتيب المعتبر بين فائتة اليوم والحاضرة ، مؤيدا ذلك بانه لوكانت هذه الرواية بصدد ما نحن فيه لكان مقتضى اطلاقها وجوب الاتيان بالظهر عقيب العصر بلافصل ، ولوفيما انكشف بعد الفراغ من العصر بقاء الوقت بمقدار ساعة مثلا التى تسع ثمانية ركعات بلازيد ، وهذا مما لم يلتزم به احد ففبه ان قوله علیه السّلام ثم ليصل الاولى بعد ذلك على اثرها، حيث يكون لمكان اطلاقه ظاهرا في عدم الفصل

ص: 18

بينهما بشیئی اصلا ، فيكون له ظهور عرفى فى وجوب التعجيل باتيان الظهر بعد الفراغ من العصر لا مجرد عدم الفصل بينهما بصلوة المغرب ، ولهذا لم يذكر القائلون بالمضايقة فى قضاء الفوائت هذه الرواية فى عداد الروايات التي زعموا دلالتها على هذا القول و شمولها باطلاقها لما اذا انكشف بقاء الوقت بمقدار ساعة مثلا ، لا يوجب رفع اليد عن ظهورها العرفى فيما ذكرنا ، غايته انه ان ثبت هناك اجماع على عدم لزوم التعجيل باتيان الظهر عقيب العصر بلافصل فبهذا الفرض ، نرفع به اليد عن اطلاقها بالنسبة اليه، كما نرفع اليد عن اطلاقها بالنسبة الى ما انكشف عدم الوقت رأسا ، بمادل على التوسعة في القضاء مطلقا. هذا مع ان الظاهر من قول السائل ثم ذكر ذلك عند غروب الشمس ، هو ان خوفه فوات الوقت كان ناشئا عن احتمال عدم تمكنه من اتيان الصلوتين فيما بقى من الوقت مع العلم بمقداره ، لاعن الجهل بما بقى من الوقت وانه هل بمقدار يسع للصلوتين ام لا ، وعليه فيكون ذاك الفرض خارجا عن هذه الرواية موضوعا كما لا يخفى هذا مضافا الى ان مقتضى حمل الرواية على ماذكر، هو حمل قوله علیه السّلام ليصل الاولى الخ على الوجوب الغيرى ارشادا الى اعتبار الترتيب بين الحاضرة وفائتة اليوم ، وهو خلاف ما هو ظاهر اطلاق الامر من كون متعلقه مطلوبا نفسيا على ما قرر في محله هذا وتأمل جيدا ثم لا يخفى ان خوف فوت الوقت كما اشرنا اليه انفا ، تارة يكون من جهة احتمال عدم التمكن من اتيان الصلوتين فيما بقى من الوقت مع العلم بمقداره ، واخرى يكون من جهة الجهل بما بقى من الوقت وانه هل بمقدار يسع للصلوتين ام لا ، ولابد ان يحمل الرواية على خصوص الصورة الاولى لولم تكن بنفسها ظاهرة فيه كما استظهر ناه منها ، وذلك لان مقتضى الاستصحاب فى الصورة الثانية ، هو الحكم ببقاء الوقت للصلوتين ، ومعه لا يبقى مجال لشمول الرواية لهذه الصورة، لارتفاع موضوعها وهو خوف فوت الوقت حكما وتعبدا ببركة هذا الاستصحاب ، ضرورة ان خوف فوته في هذه الصورة مسبب عن الشك في بقاء

الوقت بمقدار اداء الصلوتين ، فاذا دل الاستصحاب على بقائه بهذا المقدار ، يرتفع الخوف حكما و ان كان باقيا حقيقة وجدانا كما هو الشأن في كل حاكم و محكوم

ص: 19

فتأمل جيدا (1)، ومن هنا فتوا بوجوب تقديم الظهر على العصر فيهذه الصورة وهذا بخلاف الصورة الاولى فانه لامجال فيها لجريان الاستصحاب فى نفس الزمان المعلوم مبدئه ومنتهاه كمالا يخفى، فيجب فيها تقديم العصر على الظهر بمقتضى الرواية بل قد يدعى وجوب تقديمها على الظهر فيهذه الصورة ولو مع قطع النظر عن الرواية ، لانه مقتضى استصحاب بقاء الاشتغال بالعصر وعدم الفراغ منه الى آخر الوقت على تقدير الشروع فيه الجارى في هذه الصورة هذا ولكن فيه مضافا الى ان الشك في المقام من قبيل الشك فى المقتضى ، ان هذا الاستصحاب لا يجدى فى اثبات ضيق الوقت واختصاصة بالعصر الا على القول بالاصل المثبت ، ضرورة ان ضيق الوقت عن اتيان الصلوتين فيه من اللوازم العقلية لبقاء الاشتغال بالعصر الى آخر الوقت ، اللهم الاان يدعى خفاء الواسطة فتأمل جيدا .

المسئلة الثالثة فى تحديد مقدار الاختصاص

والاقوال فيه مختلفة ، فذهب جماعة كصاحب الجواهر الى ان مقداره مقدار اداء الفريضة مع جميع شرائط الصحة للفاقد لها ، وذهب آخرون الى ان مقداره مقدار اداء نفس الفريضة دون توابعها و منشأ الاختلاف اختلاف الاخبار، حيث يستفاد من بعضها كمرسلة داود المتقدمة ، ان مقداره مضى اربع ركعات الذى هو مقدار اداء نفس الفريضة ، ويستفاد من بعضها كرواية مسمع بن عبدالملك قال قال علیه السّلام اذا صليت الظهر فقد دخل وقت العصر ان مقداره مضى اداء الظهر بشرائطه كما يستفاد ذلك ايضاً من رواية المفضل بن شاذان عن الرضا علیه السّلام المشتملة على علل جعل الصلوة في الاوقات المخصوصة، حیث علل علیه السلام جعل صلوة العصر بعد الظهر ، بقوله علیه السّلام ولم يكن للعصر وقت معلوم

ص: 20


1- اشارة الى ان الاصل الجارى فى الشك السببي انما يكون حاكما على الجارى في المسببى، فيما كان ترتب المسبب على السبب شرعيا بانكان المسبب من الاثار الشرعية للمسبب ، و من المعلوم ان خوف فوت احدى الصلوتين من اللوازم العقلية للشك في بقاء الوقت بمقدار ادائهما ، لامن آثاره الشرعية كى يكون استصحاب بقاء الوقت بهذا المقدار رافعا لخوف الفوت تعبدا هذا وتبصر منه عفى عنه .

مشهود مثل هذه الأوقات الاربعة ، فجعل وقتها عند الفراغ من الصلوة التي قبلها فان الظاهر من الفراغ عن الصلوة الاولى هو الفراغ عنها فعلا الحاصل باتيانها جامعة لجميع الشرائط ، لا امكان الفراغ عنها كي يحمل على اداء نفس الفريضة. و حمل الروايتين على ما اذا كان المصلى واجد الجميع الشرائط قبل الزوال بحيث انه شرع في الظهر اول الزوال ففرغ منها بعد مضى مقدار اربع رکعات کی تنطبقا على رواية داود بعيد لندرة هذا الفرض. كما ان الاشكال فى مرسلة داود بان الاربع لا يمكن ان يكون تكليفا للكل ، لانه يختلف بحسب اختلاف المكلف وكونه حاضرا او مسافرا امنا او خائفا سريع اللسان او بطيئه ، غير وارد اذ من المعلوم ان التحديد بالاربع ليس لخصوصية فيه بل انما هو لكونه الغالب والمجعول اولا ، فالمقصود منه مقدار اداء نفس الفريضة المختلفة حسب اختلاف حالات المكلفين حضرا وسفرا وغير ذلك وعليه فالمعيار مقدار أداء الفريضة بالنسبة الى المتعارف من الناس من حيث بطوء اللسان وسرعته ومن حيث اشتمال الصلوة على المستحب وعدم اشتمالها ومن حيث وقوع السهو والنسيان فى اجزائها وعدمه ومن حيث وقوع الشك في عدد ركعاتها و عدمه ، فكل مكلف وقت صلوته الاولى بمقدار اداء نفس الفريضة بحسب المتعارف ، و بعده يكون الوقت مشتركا بين الصلوتين نعم لولم يكن التحديد بالاربع لكونه الغالب بل لخصوصية وموضوعية فيه، لكان اللازم فيما اذا شرع المسافر في العصر نسيانا بعد مضى مقدار ركعتين ان تكون صلوته باطلة ، وكذا لواتى بالظهر في اول الزوال ان لا يصح منه الشروع فى العصر الا بعد مضى مقدار اربع ركعات ، وهذا مما لم يقل به احد. وبالجملة لا اشكال في تعارض الاخبار في تحديد مقدار الاختصاص ، و معه فالقول بان المراد من مقداره نصا و فتوى مقدار اداء الظهر بجميع شرائطها كما هو صريح صاحب الجواهر قدس سره کماتری. وقد يوجه ذلك بان استظهاره من النصوص انما هو بعد الجمع بينها بحمل لظاهر منها على الاظهر ، حيث لاشبهة في اظهرية الاخبار الدالة على ان وقت العصر بعد الفراغ من الظهر في تحديد وقت الاختصاص بمقدار اداء الظهر بجميع شرائطها ، من الاخبار الدالة على ان وقت

ص: 21

الاختصاص مقدار اداء نفس الفرض ، و ذلك لدوران الأمر بين ارتكاب المجاز في الكلمة بحمل الفراغ على امكان الفراغ باداء نفس الفرض ، وبين ارتكاب المجاز في الاسناد بجعل اسناد المضى الى الاربع اسناده اليه بتوابعه من المقدمات والشرائط ولا شبهة فى ان ارتكاب الثانى اولى بل لامجاز فى الثانى اصلا ولو في الاسناد ، بعد عد العرف توابع الشئى داخلة فيه كتوابع المبيع وفيه نظر لان اظهرية الفراغ في الفراغ الفعلى المشتمل على جميع الشرائط، من مضى الاربع في مضى نفس الفرض ممنوعة جدا اما اولا فلمنع ظهور الفراغ فى الفراغ عن الفريضة على وجه صحيح بايؤتى الظهر جامعا لجميع الشرائط ، وذلك لان هذه الاخبار ليست في مقام تحديد مقدار وقت الاختصاص، بل ناظرة الى فساد ما ذهب اليه العامة من من ان وقت العصر لا يدخل الا بمضى ذراعين او اربع ، كما يشهد لذلك السئوالات الواردة فيهذا الباب كقول زرارة قلت لا بيجعفر علیه السّلام بين الظهر والعصر حد معروف فقال علیه السّلام و اما ثانيا فلان الظاهر من قوله علیه السّلام حتى يمضى مقدار ما يصلى المصلى اربع ركعات ، انه في مقام التحديد بحسب المقدارای زمان ما یصلى المصلى اربع ركعات ، لا بحسب الفعل کي يوسع فيه بادخال توابعه فيه ، وبعبارة اخرى مضی زمان اربع رکعات ظاهر في مضى زمان نفس الاربع، فارادة مضى زمان الصلوة بجميع شرائطها خلاف الظاهر ، وبالجملة الظاهر من التحديد بمضى مقدار اربع رکعات ، هو ان وقت الاشتراك يدخل بعد مضى هذا المقدار ولا يعتبر مضى ازيد منه . و علی ای حال تظهر الثمرة بين التحديدين اعنى التحديد بنفس الفرض و التحديد به بجميع مقدماته و شروطه، فيما لوشرع في العصر نسيانا بعد مضى مقدار اداء الظهر ، فانها تصح على الاول وتكون باطلة على الثانى. كما تظهر الثمرة ايضا فيالو بقى من الوقت مقدار اداء نفس الفرضين ، مع عدم كون المصلى محصلا للمقدمات الاختيارية كالطهارة المائية ، فانه على الاول لا اشكال في سقوط الوضوء عنه بالمزاحمة مع الوقت ووصول النوبة الى اليتمم ، و هذا بخلاف الثانى ان عليه لا يبقى للظهر وقت كي يسقط بمزاحمته الوضوء وتصل النوبة الى اليتمم ، فيجب عليه حينئذ صلوة العصر مع الوضوء ثم .

ص: 22

قضاء الظهر بعد العصر هذا ثم انك قد عرفت ان اختصاص آخر الوقت بالعصر بمقدار ادائها ، ممادل عليه مرسلة داود بن فرقد و مضمرة الحلبى المتقدمتان وقد يستدل علیه بانه مقتضى الجمع بين مادل على اشتراك الوقت من اول الزوال الى الغروب بينها وبين الظهر وبين مادل على اعتبار الترتيب بينهما ، فان الجمع بينهما يجعلهما بمنزلة قوله اذا زالت الشمس يجب الظهر والعصر مرتبة على الظهر الى الغروب ، وحيث ان الوقت أوسع من الموقتين فيحكم العقل بالنخيير بين اتيانهما في آية قطعة من الوقت تسعهما ، وحينئذ لو آخرهما الى ان بقى من الوقت مقدار ادائهما وجب اتيانهما فيهذا الوقت معينا، كما هو الشأن في كل تكليف تخییری امتنع اطرافه الا واحدا ، فانه يقتضى وجوب الباقى تحت القدرة معينا ، فاذا وجب اتيانهما في هذا الوقت معينا ، والمفروض وجوب اتيان الظهر قبل العصر، فيتعين مقدار اربع ركعات من أول هذا الوقت للظهر والباقى للعصر ، وحينئذ لواخر ولم يأت بهما الى ان بقى مقدار اداء احديهما ، تحقق عصيان الظهر بتفويت وقتها واختص هذا المقدار بالعصر هذا ولا يخفى مافيه من المغالطة الواضحة ، فان للظهر وجوبين احدهما نفسى والثاني غيرى مقدمى من جهة ترتب العصر عليه ، وتعين مقدار اربع ركعات من اول هذا الوقت المفروض فى المثال له انما هو من حيث وجوبه المقدمى ، والا فمن حيث وجوبه النفسى فهذا الوقت مشترك بينه وبين العصر، فبتأخيره الى مضى مقدار اربع ركعات من هذ الوقت يتحقق عصيان وجوبه الغيرى ، وحينئذ لوكان اعتبار الترتيب مختصا بحال الاختيار ، كان الباقى من هذا الوقت مشترکا بینه و بین العصر ، فيكون مخيرا فى اتيان ايهما شاء ، الا اذا ثبت اهمية احدهما فيتعين حينئذ ماهو الاهم ، وانكان اعتباره غير مختص بحال الاختيار ، اختص الباقى من هذا الوقت بالظهر ، و ذلك لعدم التمكن من اتيان العصر فيهذا الوقت بجميع شرائطه التي منها ترتبها على الظهر كما هو واضح ثم ان مقتضى القاعدة بناء على ما هو الحق من اقتضاء الامر بالشيء النهى عن ضده الخاص ، و انكان هو جواز الاتيان بالظهر فى الوقت المختص بالعصر قضاء كجواز اتيان غيره فيه من الواجبات والمندوبات :

ص: 23

الا انه قد يستفاد من قوله علیه السّلام في مضمرة الحلبي المتقدمة وان هوخاف ان يفوته فليبدء بالعصر ولا يؤخرها فتفوته فتكون قد فاتتاه جميعا ، عدم جواز الاتيان بالظهر فى الوقت المختص بالعصر وانه لواتاه فيه لكان باطلا ، بناء على ظهور قوله علیه السّلام فاتتاه جميعا فى الفوت المطلق لا الفوت من حيث الوقت هذا وتدبر.

المسئلة الرابعة فی وقت الظهر

الکلام فی مقدار وقت الظهر

المسئله الرابعه: لا اشكال فى ان وقت الظهر بحسب الابتداء هو اول الزوال كما دل عليه الكتاب والسنة ، وانما وقع الاشكال والخلاف في وقتها بحسب الانتهاء ، فذهب المشهور الى ان منتهى وقتها الى ان يبقى مقدار اداء اربع ركعات الى الغروب مطلقا ، وذهب بعض الى ان وقته يمتد الى ذاك المقدار للمضطر دون المختار. والحق ما ذهب اليه المشهور ، اذ ما توهمه غيرهم من التفصيل بين المضطر والمختار لادليل عليه ، لان ما تخيلوه انه وقت للمختار هو وقت الفضيلة لا وقت الاجزاء ، واما وقت الاجزاء فهو ماذهب اليه المشهور ودل عليه مرسلة داود بن فرقد و مضمرة الحلبي المتقدمتان و غيرهما من الروايات توضيح ذلك ان الاخبار التي استدل بها على خلاف ما ذهب اليه المشهور على طوائف ، منها مادل على ان امتداد وقت الظهر الى ان يصير الظل قدمين ، كرواية الفطحية عن ابي عبد الله علیه السّلام قال علیه السّلام للرجل ان يصلى الزوال ما بين زوال الشمس الى ان يمضى قدمان ، ومنها مادل على ان امتداد وقتها الى ان يصير ظل كلشئ مثله ، كرواية زرارة عن ابيعبد الله علیه السّلام انه علیه السّلام قال اذا كان ظلك مثلك فصل الظهر واذا كان ظلك مثليك فصل العصر ، ومنها مادل على ان امتداد وقتها الى ان يصير الظل اربعة اقدام ، كرواية ابراهيم الكرخي قال سئلت ابا الحسن موسى علیه السّلام متى يخرج وقت الظهر فقال علیه السّلام من بعد ما يمضى من الزوال اربعة اقدام ولا يخفى معارضة كل من هذه الطوائف الثلث مع الاخرى ، ومعارضة الكل باسرها مع الاخبار الدالة على بقاء الوقت الى مقدار اداء اربع ركعات الى الغروب ، بعدكونها في مقام التحديد فيدور الأمر في مقام الجمع ، بين صرف هذه الطوائف عن ظاهرها بحملها على كونها فى مقام بيان وقت الفضيلة ، وبين تقييد تلك الاخبار بماعد المختار ولا شبهة في ترجيح الاول على الثانى من وجهين احدهما انه على الاول يرتفع

ص: 24

التعارض عن بين نفس هذه الطوائف الثلث من الاخبار، لصحة حملها باختلافها على تفاوت مراتب الفضل ، وهذا بخلاف مالوا بقيت على ظواهرها من كونها في مقام بيان وقت الاجزاء المختار ، ضرورة ان وقت الاجزاء غير قابل للتفاوت كى يصح الجمع بينها بالحمل على تفاوت مراتبه ، و هذا بخلاف وقت الفضيلة فانه قابل له بحسب تفاوت مراتب الفضل.

وثانيهما انه على الثانى يلزم تقييد هذه الطوائف بالمختار ، وتقييد تلك الاخبار بماعداه ، وهذا خلاف الظاهر، و هذا بخلاف الاول فانه لا يلزم عليه تقیید اصلا لافيهذه الطوائف ولا فى تلك الاخبار ، اما عدم لزومه في تلك الاخبار ، فواضح بعدكون نسبة الوقت على نحو الاطلاق بالفعل ظاهرة في نفسها في كون الوقت وقتا للاجزاء ، واما عدم لزومه فيهذه الطوائف فلصحة نسبة الوقت على نحو الاطلاق بالفعل مع ارادة وقت الفضيله منه ، بادعاء ان الوقت للعمل حقيقة وقت الفضيله وغيره بالنسبة اليه كانه ليس بوقت له سلمنا عدم ترجيح الأول على الثاني ، لااقل من التكافوء، فيرجع حينئذ الى اصالة بقاء وقت الاجزاء ، واصالة اباحة التأخير عن اول الوقت ، الموافقتين للمختار هذا كله مضافا الى اشتمال نفس هذه الاخبار على ما يشهد بكونها في مقام بيان وقت الفضيله دون الاختيار ، فان قوله علیه السّلام في صحيح احمد بن عمر و وقت العصر قامة و نصف الى قامتين ، قرنية على ان المراد منه وقت الفضيلة ، لانه القابل للترتيب والتفاوت دون وقت الاختيار وكذا قوله علیه السّلام في رواية يزيد بن خليفة فاذا صار الظل قامة دخل وقت العصر ، ان ليس المراد منه وقت الاجزاء قطعا لصحة العصر قبل ذلك اجماعا ، فلابدان يكون المراد به وقت فضيلة العصر.

و توهم ان حمل الوقت في هذه الاخبار على وقت الفضيلة مما يا باه كثير منها، مثل قوله له في صحيحة عبدالله سنان لكل صلوة وقتان واول الوقتين افضلهما ، ووقت صلوة الفدر حين ينشق الفجر الى ان يتجلل الصبح السماء ، ولا ينبغي تأخير ذلك عمدا ولكنه وقت لمن شغل اونسی اونام ، و قوله علیه السّلام في روايته ايضا لكل صلوة وقتان واول الوقت ،افضله ، وليس لاحدان يجعل آخر الوقت وقتا الا في عذر من غير

ص: 25

علة ، وقوله علیه السّلام في رواية ابى بصير اعلم ان لكل صلوة وقتين اول و آخر فاول الوقت رضوان الله وآخره عفو الله واول الوقت افضله ، وليس لاح-دان يتخذ آخر الوقت وقتا انما جعل آخر الوقت للمعتل والمريض والمسافر الى غير ذلك من الاخبار الصريحة فيكون آخر الوقت وقتا لاولى الاعذار .

مدفوع بانه لا تصريح في هذه الاخبار بحرمة التأخير للمختار ، فان كلمة لا ينبغى فى صحيحة ابن سنان ولا ينبغى تأخير ذلك عمدا ظاهرة في الكراهة ، فتكون قرينة على ارادة الكراهة من قوله فيهذه الروايات وليس لاحد ان يجعل او يتخذ آخر الوقت وقتا الخ ... بل ربما يشعر قوله علیه السّلام فيها و أول الوقت افضله ، بثبوت اصل الفضيلة لاخره وكون التقديم مستحبا، ويؤيد ارادة وقت الفضيلة من الوقت الاول في هذه الاخبار ، صحيح زرارة عن ابي جعفر علیه السّلام قال قلت له اصلحك الله وقت كل صلوة اول الوقت افضل اواوسطه او آخره ، فقال علیه السّلام اوله ان رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم قال ان الله تعالى يحب من الخير ما يعجل ، فان استشهاده علیه السّلام بكلام النبى صلی الله علیه و آله و سلّم يدل على ان تقديم الصلوة فى اول الوقت انما هو من باب تعجيل الخير الذى لاشبهة فى انه مستحب ، وصحيحه الآخر عنه علیه السّلام ايضا قال قال علیه السّلام واعلم ان اول الوقت ابدا افضل فعجل تعليم الخير ما استطعت.

المسئلة الخامسة فی وقت صلوه المغرب

لاخلاف ظاهرا فى ان اول وقت صلوة المغرب هو غروب الشمس اى غيبوبتها ويدل عليه مضافا الى ذلك الاخبار المتواترة و انما وقع الاختلاف فيما يتحقق به الغروب ، فذهب اكثر العامة وجماعة من الخاصة الى انه يتحقق باستتار القرص عن افق المصلى المعبر عنه في بعض الكلمات بالافق الترسى وذهب اكثر الخاصة الى انه لا يتحقق الا بذهاب الحمرة المشرقية و تجاوزها قمة الرأس ومنشاء الاختلاف بين الخاصة وانكان اختلاف الاخبار ، لكن الاظهر ماذهب اليه المشهور من الخاصة ، وذلك لان الاخبار الدالة على ان وقت صلوة المغرب هو غروب الشمس او سقوط القرص ، المتحقق لغة وعرفا بسقوط قرصها و غيبوبتها عن الافق ،الحسى ، كما صرح به فی مرسله على بن الحكم عن احدهما عليهما السلام ،

ص: 26

انه سئل عن وقت المغرب فقال اذا غاب كرسيها ، قلت وما كرسيها قال قرصها ، قلت متی تغیب قرصها قال اذا نظرت اليه فلم تره ، وان كانت كثيرة قريبة من التواتر لكلها مع ذلك غير قابلة للمعارضة مع الاخبار الدالة على ان وقت صلوة المغرب هو ذهاب الحمرة المشرقية. توضيح ذلك هو ان الاخبار الدالة على ان وقت المغرب هو استتار القرص عن افق المصلى على طوائف ثلث ، منها ما يكون دالا على مجردان الوقت يدخل بغياب الشمس او استتار القرص ، ومنها ما يكون مضافا الى ذلك شارحا و مفسرا لغيبوبة الشمس واستتار القرص كمرسلة ابن الحكم المتقدمة انفا ، ومنها ما يكون حاكيا لفعل النبي صلی الله علیه و آله و سلّم و الائمة عليهم السلام.

اما الطائفة الاولى فلا تكون قابلة للمعارضة مع ما يكون من الاخبار الدالة على اعتبار ذهاب الحمرة شارحا ومفسر الغيبوبة الشمس وسقوط القرص ، مثل ما رواه الشيخ في التهذيب عن يزيد بن معوية عن ابي جعفر علیه السّلام قال علیه السّلام اذا غايت الحمرة من هذا الجانب يعنى من المشرق فقد غابت الشمس من شرق الأرض وغربها ، وما رواه ايضا في التهذيب عن ابن ابى عمیر عمن ذكره عن ابيعبد الله علیه السّلام قال علیه السّلام وقت سقوط القرص و وجوب الافطار من الصيام ان تقوم بحذاء القبلة وتتفقد الحمرة التي ترتفع من المشرق فاذ اجازت قمة الرأس الى ناحية المغرب فقد وجب الافطار وسقط القرص ، فان قوله علیه السّلام في الرواية الاولى اذ اغابت الحمرة فقد غابت الشمس وفى الثانية اذا جازت قمة الرأس سقط القرص ، مفسر لغيبوبة الشمس وسقوط القرص فتكون الروايتان حاكمتين علي هذه الطائفة.

وتوهم ان كونهما شارحتين و مفسرتين لغيبوبة الشمس وسقوط القرص ، مخالف للعلم بل الوجدان ، اذنرى بالوجدان ان الشمس تغنيب وتسقط قرصها عن افق المصلى قبل ذهاب الحمرة ، ومعهاكيف يصح جعلهما مفسرتين لغيبوبة الشمس وسقوط قرصها ، بل لايخ حيئنذ تفسير غيبوبة الشمس وسقوط قرصها بذهاب الحمرة عن البشاعة ، لانه حينئذ من تفسير احد المتبائنين بالاخر ، فلابد من حملهما على كونهما في مقام بيان الطريق لاحراز غيبوبة الشمس وسقوط قرصها عند الشك فيهما لاجل وجود مانع كالغيم و نحوه فى الافق مندفع بان حملهما على بيان طريقية

ص: 27

ذهاب الحمرة لحصول العلم بالغيبوبة عند الشك فيها ، مستلزم لحمل غيرهما مما دل على اعتبار ذهابها على ذلك ايضا ، وهو مناف لما يستفاد من بعض الاخبار من التلازم الدائمى بين غيبوبة الشمس وذهاب الحمرة ، كالمروى عن ابيعبد الله علیه السّلام قال علیه السّلام وقت المغرب اذا ذهبت الحمرة من المشرق ، وتدرى كيف ذلك قلت لا ، قال علیه السّلام لان المشرق مطل على المغرب هكذا ورفع يمينه فوق يساره ، فاذا غابت هيهنا ذهبت الحمرة من هيهنا ، فان قوله علیه السّلام لان المشرق مطل ای مشرف ، معناه ان الشمس وان غابت عن النظر وعن افق المصلى قبل ذهاب الحمرة ، الا ان بقاء شعاعها في المشرق الذي هو مشرف على محل غروبها ، كاشف محل غروبها عن عدم نزولها عن الى تحت الارض ، والا لم يبق شعاعها في المشرق ، فذهاب الحمرة من المشرق علامة النزولها عن افق المصلى الى تحت الارض وبالجملة حاصل معنى الخبر ان غيبوبة الشمس حيث تكون ملازمة لذهاب الحمرة فيكون ذهابها علامة كاشفة عن غيبوبتها.

و تفسير غيبوبة الشمس وسقوط قرصها بذهاب الحمرة وجوازها قمة الرأس ، انما يكون مخالفا للوجدان وبشيعا ، لوكان المراد به تفسير غيبوبة نفس الشمس ، وليس كك بل المراد تفسير غيبوبتها بضوئها وشعاعها بادخال توابعها فيها تجوزا ، ومعه لا يكون تفسيرها بذهاب الحمرة مخالف للوجدان ولا بشيعا ، اما الاول فواضح ، و اما الثاني فلان تفسير الشئ بلوازمه و آثاره شايع في الغاية ومتين الى النهاية وبالجملة مادل على ان الغروب يتحقق باستتار القرص ، وانكان ظاهرا في تحققه باستتار نفس القرص ، الا انه بعد ماقام الدليل على انه لا يتحقق الغروب الا باستتار ضوئه وشعاعه ، لابد من رفع اليد عن ظهوره في ذلك ، وحمله على ان المراد من القرص هو القرص بتوابعه توسعا ، وذلك لان ظهور لفظ القرص فى ارادة نفس القرص انما يكون لاطلاقه المنصرف الى نفسه وعدم تقييده بما يوجب ادخال توابعه فيه ، فاذا قام الدليل على ان المراد من القرص هو القرص بتوابعه، فلابد من رفع اليد عن اطلاقه الظاهر فى ارادة نفسه ، بهذا الدليل الدال على تقييده وانه اريد منه القرص بضوئه و شعاعه بادخال توابعه توسعا. وبعبارة اخرى لفظ غيبوبة الشمس وسقوط

ص: 28

قرصها ، يصلح لان يراد به غيبوبتها بآثارها وتوابعها ، ومعه كيف يصح طرح مادل من الاخبار الكثيرة على عدم تحقق الغروب الا بذهاب الحمرة المشرقية وجوازها قمة الرأس ، وان المراد من الغروب المجعول موضوعا للحكم شرعا هو الغروب بالمعنى الملازم مع ذهاب الحمرة المشرقية ، وانكان معناه عرفا سقوط نفس القرص عن افق المصلى، اذ لامانع من ان يريد الشارع بلفظ الغروب في مقام جعله موضوعا المحكم ، سقوط القرص عينا واثرا تجوزا ، وانكان الموضوع له حقيقة سقوطه عينا كما لا يخفى .

واما الطائفة الثانية المفسرة لغيبوبة الشمس واستتار قرصها بما يكون صريحا فى ارادة غيبوبة نفس الشمس واستتار نفس قرصها ، كمرسلة ابن الحكم المتقدمة التي رواها الصدوق باسنادها عن ابيعبد الله علیه السّلام فهى وانكانت قابلة للمعارضة مع الروايتين سند و دلالة ، الا انها ليست قايلة للمعارضة معهما جهة ، لوجود قرائن

دالة على صدورها تقية ، منها مضمون نفس الرواية ، فانه مشعر بانه علیه السّلام كان في مقام الطفرة والفرار عن بيان الحكم الواقعي و عن خلافه ، وكان بصدد الجواب الاسكاتي ، فلما أصر السائل وكرر السوال فاجاب علیه السّلام تقية ، ومنها موافقتها للعامة ومنها قوله علیه السّلام الجارود شاكيا عن الناس يا جارود ينصحون فلا يقبلون واذ اسمعوا شيئا نادوا به اوحد ثوابشئ اذاعوه ، قلت لهم موا بالمغرب قليلا فتركوها حتى اشتبكت النجوم فانا الآن اصليها اذا سقط القرص فان قوله قلت علیه السّلام لهم مسوا بالمغرب قليلا بدل على ان الحكم الواقعى هو ما قال لهم وقوله علیه السّلام فانا الان اصليهما اذا سقط القرص يدل على انهم لما اذا عواما بين لهم من الحكم الواقعي وكان اذاعته خلاف التقية صار علیه السّلام بصدد جبران ذلك باتيان صلوة المغرب عند سقوط القرص تقية .

واما الطائفة الثالثة الحاكية لفعل النبى صلی الله علیه و آله و سلّم الا الله و الائمة عليهم السلام ، كخبر الخثعمي قال سمعت ابا عبد الله علیه السّلام يقول كان رسول الله الله صلی الله علیه و آله و سلّم يصلى المغرب و يصلى معه حى من الانصار يقال لهم بنو سلمة منازلهم على نصف ميل فيصلون معه ثم

ص: 29

ينصرفون الى منازلهم و هم يرون مواضع ( موضع خ د) نبالهم ( سهامهم خ د ) ، وخبر الربيع بن سليمان و ابان بن ارقم وغيرهما ، قالوا اقبلنا من مكة حتى اذا كنا بوادي الاخضر ، اذا نحن برجل يصلى ونحن ننظر الى شعاع الشمس فوجدنا في انفسنا فجعل يصلى ونحن ندعوا عليه ونقول هذا شاب من شباب اهل المدينة ، فلما اتيناه اذا هو ابو عبد الله الله جعفر بن محمد عليهما السلام فنزلنا وصلينا معه وقد فأتتناه ركعة ، فلما قضينا الصلوة قمنا اليه فقلنا له جعلنا فداك هذه الساعة تصلى فقال له اذا غابت الشمس فقد دخل الوقت ، ودلالته على كون الوقت غيبوبة الشمس واضحة و لابد من ان يكون المراد من شعاع الشمس فى قولهم ونحن ننظر الى شعاع الشمس اما وجود ضوئها على قلل الجبال العالية جدا ، بحيث لا ينافي غروبها عمن دون تلك الجبال لاختلاف الافقين ، واما بياضها المقارن لسقوط قرصها من الافق اذلو كان المراد من شعاعها ضوئها الواقع على رأس جدار اوشجر ، للزم الالتزام بوقوع الصلوة عنه له قبل غروب الشمس ، وهذا مما لم يقل به أحد من العامة ايضا .

فلا يخفى ان الحاكى منها لفعل النبى الله وان لم يكن قابلا للحمل على التقية كما هو واضح ، الا انه لادلالة له على نفى اعتبار ذهاب الحمرة اصلا ، اذلا تلازم بين رؤية موضع سقوط النبل بعد اتيان صلوة المغرب وذهاب نصف ميل ، و بين وقوعها قبل ذهاب الحمرة كى تكون رؤيتهم موضع سقوط نبلهم بعد صلوتهم و انصرافهم الى منازلهم ، كاشفة عن وقوع صلوة النبي عل الله قبل ذهاب الحمرة ، ضرورة امكان رؤية موضع سقوط النبل الى مضى ساعة بل ازيد من الليل واما الحاكى منها العلا لفعل المعصوم لا ، فهو وانكان كالصريح فى نفى اعتبار ذهاب الحمرة ، الا انه لا يكون مع ذلك قابلا للمعارضة مع مادل من الاخبار على اعتباره ، بعد وجود قرائن دالة على صدوره تقية ، منها مضمون نفس الخبر ، فانه يظهر منه ان تأخر وقت المغرب عن غيبوبة الشمس كان مغروسا في اذهان الشيعة في عصر هم ايضا ، پبحيث كانوا يرون اتيانها عند استتار القرص مع بقاء الشعاع من شعائر المخالفين

ص: 30

ومنها موافقته للعامة وبالجملة ان فعل المعصوم الله كقوله وتقريره ، انما يكون حجة و دليلا على الحكم الواقعي، فيما اذا لم تكن هناك قرينة تدل على صدورها عنه الله على وجه التقية ، وقد عرفت ان هنا قرائن دالة على ان ما صدر منهم ع الالام من قول أو فعل دال على كفاية سقوط نفس القرص انما صدر تقية لالبيان الحكم الواقعي .

فتبين مما ذكرنا ان الاخبار الدالة على كفاية سقوط نفس القرص ، لاتكون بشئ من طوائفها الثلث ، قابلة للمعارضة مع ما يكون شارحا ومفسر الغيبوبة الشمس وسقوط قرصها من الاخبار الدالة على اعتبار ذهاب الحمرة ، لما عرفت من ان الطائفة الاولى منها محكومة بما تقدم من الخبرين ، وان الطائفتين الاخيرتين ، وان كانتا لمكان صراحتهما في كفاية سقوط القرص، غير قابلتين لان يكون الخبران المتقدمان شارحين لهما وحاكمين عليهما ، لكنهما حيث تكونان محفوفتين بقرائن متصلة منفصلة دالة على صدور هذا الحكم عنهم تقية ، فلا تكونان قابلتين للمعارضة مع الخبرين المتقدمين مع انه لواغمضنا النظر عن ذلك ، وقلنا بتكافوء الاخبار من الطرفين دلالة وسندا لوجود جميع المرحجات السندية في الطرفين ولو في بعض منهما فتصل النوبة حينئذ الى المرحجات الجهتية ، التي لا شبهة في كونها مع الاخبار الدالة على اعتبار ذهاب الحمرة المخالفة للعامة ، دون الاخبار الدالة على كفاية مجرد سقوط القرص الموافقة لهم كما هو اوضح من ان يخفى ، هذا تمام الكلام في وقت المغرب بحسب الابتداء .

الكلام فى وقت المغرب انتهاء

اما وقته بحسب الانتهاء ، فالمشهورانه يمتد مطلقا ولو اختيارا الى ان يبقى الى انتصاب الليل مقدار ما يصلى العشاء بحسب حاله ، و ذهب جماعة الى ان وقته يمتد الى ذلك المقدار للمضطر ، واما بالنسبة الى المختار فمنتهى وقته الى غيبوبة الشفق. والحق ماذهب اليه المشهور ، اذ ما توهمه غيرهم من التفصيل بين المضطر والمختار لا دليل عليه ، لان ما تخيلوه انه وقت للمختار هو وقت الفضيلة لا وقت الاجزاء ، واما وقت الاجزاء فهو ما ذهب اليه المشهور ودل عليه رواية داود بن فرقد

ص: 31

المتقدمة وغيرها من الروايات. توضيح ذلك هو ان الاخبار الواردة في تحديد انتهاء وقت صلوة المغرب على طوائف ، منها ما يدل على انه يمتد الى ان يبقى مقدار اداء اربع ركعات إلى نصف الليل مطلقا ، كقوله علیه السّلام فى مرسلة ابن فرقد المتقدمة اذا غابت الشمس فقد دخل وقت المغرب حتى يمضى مقدار ما يصلى المصلى ثلاث ركعات فاذا مضى ذلك فقد دخل وقت المغرب والعشاء الآخرة حتى يبقى من انتصاف الليل الخبر مقدار ما يصلى المصلى اربع ركعات الخ، وقوله علیه السّلام في رواية عبيد بن زرارة ومنها صلوتان اول وقتهما من غروب الشمس الى انتصاف الليل الا ان هذه قبل هذه ، وقوله علیه السّلام في روايته ايضا اذا غربت الشمس فقد دخل وقت الصلوتين الى نصف الليل الا ان هذه قبل هذه. ومنها ما يدل على ان لكل صلوة وقتين وقت فضيلة و وقت الاجزاء الا المغرب فان لها وقت واحد وهو وقت وجوبها ، كخبر زيد الشحام قال سئلت ابا عبد الله علیه السّلام عن وقت المغرب فقال علیه السّلام ان جبرئيل اتى النبي صلی الله علیه و آله و سلّم لكل صلوة بوقتين غير صلوة المغرب فان وقتها واحد و وقتها وجوبها ، الظاهر ان المراد بوجوبها وقت وجوبها وفعلية التكليف بها الذى هو اول الوقت ، ويحتمل بعيدا ان يكون المراد بوجوبها سقوطها كما في قوله تعالى فاذا وجبت جنوبها ، و يكون الضمير راجعا الى الشمس ، فيكون المعنى ووقت المغرب وقت سقوط الشمس هذا وخبر اديم بن الحرقال سمعت ابا عبدالله علیه السّلام يقول ان جبرئيل امر رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم بالصلوات كلها فجعل لكل صلوة وقتين الا المغرب فانه جعل لها وقتا واحدا ومنها ما يدل على ان جبرئيل بعدان أتى النبى صلی الله علیه و آله و سلّم و اعلمه ان وقت صلوة المغرب حين سقوط القرص اتاه ثانيا واعلمه ان لها وقتا آخر وهو قبل سقوط الشفق ثم قال ما بين هذين الوقتين ،وقت ، كما في خبر ذريح عن ابي عبد الله علیه السّلام ومنها ما يدل على ان وقتها يمتد الى غيبوبة الشفق مطلقا ، كخبر اسمعیل بن مهران ، قال كتبت الى الرضا علیه السّلام ذكر اصحابنا انه اذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر والعصر واذا غربت دخل وقت المغرب والعشاء الآخرة الا ان هذه قبل هذه في السفر والحضر وان وقت المغرب الى ربع الليل ، فكتب علیه السّلام كذلك الوقت غيران وقت المغرب ضيق وان آخر

ص: 32

وقتها ذهاب الحمرة ومصيرها الى البياض فى افق المغرب ، و خبر اسمعیل بن جابر عن ابيعبد الله علیه السّلام قال سألته عن وقت المغرب قال ما بين غروب الشمس الى سقوط الشفق ، وخبر زرارة قال فيه وآخر وقت المغرب اياب الشفق فاذا اب دخل وقت العشاء الاخرة الى غير ذلك من الاخبار. ومنها ما يدل على ان التحديد الى سقوط الشفق انما هو لغير ذوى الاعذار ، واما ذوو الاعذار كالمسافر والمريض وصاحب الحاجة فلهم التأخير الى ما بعد سقوط الشفق ، كخبر سعيد بن جناح عن بعض اصحابنا عن الرضاعلیه السّلام قال ان ابا الخطاب قدكان افسد عامة اهل الكوفه وكانوا لا يصلون المغرب حتى يغيب الشفق ، وانما ذلك للمسافر والخائف ولصاحب الحاجة ، وخبر عمر بن يزيد عن ابيعبد الله علیه السّلام قال علیه السّلام وقت المغرب في السفر الى ربع الليل و خبر عماد عن ابيعيد الله علیه السّلام قال سئلته عن صلوة المغرب اذا حضرت هل يجوز ان تؤخر ساعة ، قال علیه السّلام لا بأس ان كان صائما أفطرثم صلى وان كانت له حاجة قضاها

ثم صلى ، وخبر جميل بن دراج قال قلت لا بيعبد الله علیه السّلام ما تقول في الرجل يصلى المغرب بعد ما يسقط الشفق فقال علیه السّلام لعلة لا بأس ، قلت فالرجل يصلى العشاء الاخرة قبل ان يسقط الشفق قال علیه السّلام لعلة لا بأس.

هذه ما وقفنا عليها من الطوائف المختلفة من الاخبار الواردة في هذا المقام ولا يخفى انه لامعارضة بين الطائفة الثانية والثالثة منها ، لان الثالثة تدل على ان الوقت الاول الذى كان وقت وجوب المغرب وكان وقت ادائها في اول نزول جبرئيل وسع ثانيا الى سقوط الشفق ، كما لامعارضة بين الطائفة الرابعة والخامسة ، لان الخامسة تدل على ان التأخير عن الشفق انما هو لذوى الاعذار ، فيقيد بها الرابعة الدالة على ان الوقت مطلقاً قبل سقوط الشفق و انما المعارضة بين الطائفة الاولى المحددة للوقت الى انتصاف الليل مطلقاً والطائفة الرابعة المحددة له الى الشفق ومقتضى الجمع العرفي وان كان هو حمل الاولى على المضطر والرابعة على المختار ، لان الرابعة بعد تخصيصها بالمختار جمعا بينها وبين الخامسة ، تكون كالنص فى عدم جواز تأخير المختار صلوته عن الشفق ، والاولى ظاهرة فى جواز التأخير عنه له ، و مقتضى حمل الظاهر على النص هو تقييد الاولى

ص: 33

با الرابعة، بإخراج المختار من الأولى وحملها على المضطر لكن يمنع عن هذا الجمع اخبار صحيحة صريحة في جواز تأخير المغرب عن سقوط الشفق من غير عذر ، كخبر داود البصرى قال كنت عند ابي الحسن الثالث علیه السّلام يوما فجلس يحدث حتى غابت الشمس ثم دعا بشمع وهو جالس يتحدث فلما خرجت من البيت نظرت فقد غاب الشفق قبل ان يصلى المغرب ، ثم دعا بالماء فتوضأ وصلى ، وخبر اسمعیل بن جابر الدال على تأخير الصادق علیه السّلام صلوته من اول الوقت الى سير ستة اميال ، والخبر الدال على ان النبى صلی الله علیه و آله و سلّم كان فى الليلة المطيرة يؤخر من المغرب ويعجل من العشاء فيصليهما جميعا ويقول من لا يرحم لا يرحم ، وخبر زرارة عن ابيعبد الله علیه السلام قال صلى رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم با الناس المغرب والعشاء قبل الشفق من غير علة في جماعة وانما فعل ذلك ليتسع الوقت على امته ، الى غير ذلك من الاخبار الصريحة في جواز التأخير والتقديم من غير علة و توهم ان التأخير والتقديم في تلك الاخبار لم يكونا من غير علة وعذر ، لانه يكفى فى تحقق العذر مجرد ارادة السير والتحدث والتكلم مدفوع بان احتمال كون هذا المقدار عذرا يرفع النزاع ، لان العاقل لا يؤخر الصلوة من دون جهة فدائما يكون التأخير مستندا الى علة وعذر ، كيف ولوكان هذا المقدار عذرا ، لم يصح قوله الله في خبر زرارة المتقدمة انفا صلى رسول صلی الله علیه و آله و سلّم المغرب والعشاء قبل الشفق من غير علة ، مع تعليله بقوله علیه السّلام وانما فعل ذلك ليتسع على امته ، اذ لو كان مجرد ارادة السير والتكلم عذرا ، لكان الاتساع على الامة عذرا بطريق اولى، ومعه لم يصح نسبته علیه السّلام الجمع بين المغرب والعشاء قبل الشفق من غير علة اليه صلی الله علیه و آله و سلّم كما هو واضح فاذا لم يمكن هذا الجمع بين الطائفة الاولى والرابعة فلابد من حمل الطائفة الرابعة الدالة على انتهاء الوقت بذهاب الشفق ، على انتهاء وقت الفضيلة لا الاجزاء هذا مضافا الى ان تقييد الطائفة الاولى الدالة على امتداد الوقت الى ان يبقى الى نصف الليل مقدار اداء العشاء بما عدا المختار ، و تخصيص الطائفة الرابعة بالمختار خلاف الظاهر و هذا بخلاف حمل الطائفة الرابعة على كونها فى مقام بیان وقت الفضيلة ، وابقاء الطائفة الاولى على ظاهرها من كونها في مقام بيان

ص: 34

وقت الاجزاء مطلقا ، فانه لا يلزم عليه تقييد اصلا لا فى الطائفة الأولى ولافي الرابعة ، اما عدم لزومه فى الاولى فواضح ، فان نسبة الوقت على نحو الاطلاق بالفعل تكون ظاهرة في نفسها في كون الوقت وقتا للاجزاء ، واما عدم لزومه في الرابعة ، فلصحة نسبة الوقت على نحو الاطلاق الى الفعل مع ارادة وقت الفضيلة منه ، اذاضافة الوقت الى الصلوة بملاحظة كونه زمان الفضيلة، اضافة شائعة متعارفة كما أشرنا اليه فيما مرهذا كله مضافا الى مافى بعض الاخبار من الدلالة على ان اول الوقت افضل ، كقوله علیه السّلام في صحيحة عبدالله بن سنان لكل صلوة وقتان و اول الوقتين افضلهما فتدبر. فتبين مما ذكرنا ان ما ذهب اليه المشهور من امتداد وقت المغرب الى ان تيضيق وقت العشاء بان لا يبقى الى انتصاف الليل الا مقدار ادائه مما لا ينبغي الاشكال فيه وانما الاشكال فيما حكى عن بعض من القول بامتداد وقت العشائين الى طلوع الفجر مطلقا ، وفيما حكى عن غير واحد من القدماء والمتأخرين كالمحقق وصاحب المدارك من القول بامتداد وقتهما للمضطر الى الفجر والقول الاول وان لم يعرف قائله ولعله من العامة ، لكن يمكن ان يستدل له بخبر عبيد بن زرارة عن ابيعبد الله علیه السّلام قال

لاتفوت صلوة النهار حتى تغيب الشمس ولا صلوة الليل حتى يطلع الفجر ولا صلوة الفجر حتى تطلع الشمس، فان اطلاقه يدل على ان صلوة المغرب والعشاء يبقى وقتهما الى طلوع الفجر مطلقا ، وحمله على الاضطرار بدعوى عدم الملازمة بين عدم الفوت و جواز التأخير كى يدل على توسعة الوقت الى الفجر مطلقا ، يبعده جعل صلوة الليل قرينا لصلوة النهار التي يبقى وقتها اختيارا الى غيبوبة الشمس ، كما يبعد ذلك احتمال كون المراد من صلوة الليل مجموع الفرض والنفل اوخصوص النفل .

واستدل للقول الثاني بصحيح عبدالله بن سنان عن ابيعبد الله ، قال ان نام الرجل او نسى ان يصلى المغرب والعشاء الآخرة ، فان استيقظ قبل الفجر قدرما يصلى كليتهما فليصلهما وان خاف ان بفوته احديهما فليبدء بالعشاء ، و ان استيقظ بعد طلوع الفجر فليصل الصبح ثم المغرب ثم العشاء ، ونحوه رواية حماد عن شعيب عن أبي بصير عنه علیه السّلام ايضا وبما دل من الاخبار الواردة في الحائض على ان المرئة

ص: 35

اذا طهرت قبل غروب الشمس فلتصل الظهر والعصروان طهرت من آخر الليل فلتصل المغرب والعشاء ، كخبر عبدالله بن سنان عن ابی عبد الله علیه السّلام قال اذا طهرت المرئة قبل غروب الشمس فلتصل الظهر والعصر وان طهرت من آخر الليل فلتصل المغرب والعشاء ، وخبر داود الدجاجى عن ابي جعفرعلیه السّلام قال اذا كانت المرئة حائضا فطهرت قبل غروب الشمس صلت الظهر والعصر وان طهرت من آخر الليل صلت المغرب والعشاء الآخرة ، وخبر عمرين حنظله عن الشيخ (1)علیه السّلام قال اذا طهرت المرئة قبل طلوع الفجر صلت المغرب والعشاء وان طهرت قبل ان تغيب الشمس صلت الظهر والعصر، وخبر ابي الصباح الكناني عن ابي عبد الله علیه السّلام قال اذا طهرت المرئة قبل طلوع الفجر صلت المغرب والعشاء وان طهرت قبل ان تغيب الشمس صلت الظهر والعصر وتقريب الاستدلال بها للتفصيل بين المختار والمضطر ، هو انها ظاهرة في بقاء الوقت للنائم والناسى والحائض إلى طلوع الفجر،وبعدالقاءالخصوصية بجعل النوم والنسيان والحيض من باب المثال ، يستفاد منها ان مطلق المضطر والمعذور يبقى له الوقت الى طلوع الفجر، هذا مضافا الى ما عرفت من اطلاق قوله علیه السّلام في خبر عبيد بن زرارة المتقدمة لا تفوت صلوة الليل حتى يطلع الفجر الدال على بقاء وقتهما الى طلوع الفجر مطلقا .

و اجيب عن القول الأول بان خبر عبيد بن زرارة معارض بمامر من الاخبار المحددة للوقت مطلقا الى نصف الليل ، ولاريب فى ترجيحها عليه بمخالفتها للعامة وموافقته لهم، هذا مع انه باطلاقه غیر معمول به ومعرض عنه عند الاصحاب واجيب عن القول الثانى بأن اخبار النائم والناسى والحائض ، و ان كانت اخص من الاخبار المحددة للوقت مطلقا الى نصف الليل ، ومقتضى القاعدة هو تقييد تلك الاخبار بها ، الا انها معارضة بماورد من الاخبار بان من نام عن العشاء الى نصف الليل يقضى ويصبح صائما او يقضى ويستغفر الله ، الصريحة فى خروج وقت العشاء مطلقا وصيرورتها قضاء بعد نصف الليل، كمرفوعة ابن مسكان عن ابي عبد الله علیه السّلام قال من نام قبل ان يصلى

ص: 36


1- الظاهران المراد من الشيخ هو الصادق عليه السلام لانه عليه السلام كان اكثر سنامن سائر الائمة عليهم السلام ولذا يعبر عنه عليه السلام بشيخ الائمة .

العتمة فلم يستيقظ حتى يمضى نصف الليل فليقض صلوته فليستغفر الله ، ورواية عبدالله بن المغيرة عمن حدثه عن ابي عبد الله علیه السّلام في رجل نام عن العتمة فلم يقم الى له انتصاف الليل قال يصليها ويصبح صائما ، وفى رواية أخرى من نام عن العشاء الآخرة الى نصف الليل يقضى ويصبح صائما عقوبة له ومع هذه المعارضة لا يمكن استكشاف المثالية منها اى من اخبار النائم والناسى والحائض ، وحينذ لواخذنا بها فلابد من الاقتصار على النسيان والحيض ، دون غيرهما من الاعذار ، فيكون الدليل حيننذ اخص من المدعى هذا مضافا الى ان اخبار الحائض لادلالة لها على ادراكها الوقت بعد نصف الليل ، لعدم صراحة آخر الليل فى القرب من طلوع الفجر ، فيمكن حملها على ما اذا ادركت الوقت قبل نصف الليل ، ومع فرض دلالتها على ذلك ، فحيث انها كاخبار النائم والناسي غير معمول بها عند القدماء من الأصحاب ومعرض عنها عندهم ، فلابد من حملها على التقية لموافقتها للعامة هذا .

ولكن لا يخفى ان العمدة من هذه الاجوبة التى اجيب بها عن الثاني هو الجواب الاخير ، وذلك لامكان دفع غيره منها اما الجواب الأول فلان دعوى ظهور الاخبار الواردة فيمن نام عن العشاء الى نصف الليل في خروج وقت العشاء مطلقا بعد انتصاف الليل ، ممنوعة فضلا عن دعوى صراحتها في ذلك ، اذ ظهور كلمة يقضى الواردة في تلك الاخبار في القضاء الاصطلاحی ممنوع جدا ، و على فرض التسليم الموجب للمعارضة المانعة عن استكشاف المثالية من اخبار النائم والناسي والحائض ، يمكن الاستدلال لتمام المدعى باخبار الحائض ، بضميمة مادل من النصوص على ان الحائض ليس عليها قضاء مافات منها بسبب الحيض المستوعب للوقت ، فان الظاهر ان المراد من الوقت المذكور فى تلك النصوص ، هو الوقت المجعول لكافة المكلفين ، لا الوقت المختص بها والا لكان احالة على المجهول ، وحينئذ نستكشف ممادل على وجوب الصلوة عليها فيما اذا طهرت قبل طلوع الفجر ان الوقت المجعول لكافة المكلفين باق الى طلوع الفجر والا لكان وجوب الصلوة عليها فيما لوطهرت بعد انتصاف الليل منافيا لمادل على عدم ثبوت القضاء عليها الا اذا طهرت فى الوقت المجعول لكافة

ص: 37

المكلفين واما الجواب الثانى فلان قوله علیه السّلام في خبر عبدالله بن سنان و خبر داود الدجاجى وان طهرت من آخر الليل ، وان لم يكن صريحا في القرب من طلوع الفجر، لكن قوله علیه السّلام في خبر ابن حنظلة والكناني اذا طهرت المرئة قبل طلوع الفجر، كالصريح في القرب منه ، فلا يمكن حمله على ما اذا ادركت وقت الصلوتين قبل انتصاف الليل كما هو واضح هذا. ثم انك قد عرفت ان الوجه فى حمل اخبار النائم والناسي والحائض على التقية ، هو كونها غير معمول بها ومعرض عنها عند القدماء من الاصحاب ، فلايرد ان الترجيح بموافقة العامة انما يصع فيما اذا كان التعارض بين الاخبار على وجه التبائن او العموم والخصوص من وجه ، دون ماكان على وجه الاطلاق والتقييد كما نحن فيه ، حيث ان الاخبار الدالة على انتهاء الوقت بانتصاف الليل مطلقا شامله للمختار والمضطر، وهذا بخلاف الاخبار الدالة على بقاء الوقت الى طلوع الفجر فانها مختصة بالمضطر، ومقتضى الجمع العرفى بينهما هو تقييد الأولى بالثانية بحملها على المختار ومع امكان الجمع الدلالى العرفى لا تصل النوبة الى الترجيح بموافقة العامة التي هي من مرجحات كما لا يخفى ، فتبين مما ذكرنا كله ان الاقوى بحسب جهة الصدور

الادلة ماذهب اليه المشهور من خروج وقت المغرب والعشاء بعد انتصاف الليل مطلقا من غير فرق بين المختار والمضطر ، وانكان الاحوط للنائم والناسي والحائض بل مطلق المضطر اذا فاتتهم الصلوتان فيما قبل الانتصاف ، ان ياتوا بهما بعده من غير تعرض لنية الاداء والقضاء .

بقى في المقام امران لابد من التعرض لهما الاول ان مقتضى الجمع العرفي بين اطلاق مادل على اشتراك الوقت من اول الدلوك الى الغروب بين الظهر والعصر واشتراكه من ذهاب الحمرة المشرقية الى انتصاف الليل بين المغرب والعشاء ، وبين ما دل على اختصاص اول الوقت بالظهر والمغرب بمقدار ادائهما ، و اختصاص آخره بالعصر والعشاء بمقدار ادائهما ، وانكان تقييد الاول بالثاني المنتج لعدم صحة العصر والعشاء فى اول الوقت وعدم صحة الظهر ومغرب فى آخرة ، لكن المتيقن من مدلول

ص: 38

مادل على الاختصاص ، هو عدم صحة فعل الشريكة في ذلك الوقت مع اشتغال ذمة المكلف بصاحبة ذلك الوقت ، فلوصلى صاحبته بنحو صحيح في غير ذلك الوقت ، يصح اتیان شريكتها في الوقت المختص بها ، تمسكا بظاهر ادلة الاشتراك ، ولذا لوصلى غفلة اوجهلا مركبا ركعات من الظهر قبل الزوال وادرك ركعة منها بل تسليمة منها بعد الزوال ، يصح له ان يصلى العصر عقبها بلافصل ، وكذا لوصلى العصر قبل الظهر فى الوقت المشترك نسيانا ، يصح له ان يصلى الظهر فى الوقت المختص بالعصر اداء، تمسكا باطلاق ادلة الاشتراك وذلك لما عرفت من ان القدر المتيقن من تقييدها بادلة الاختصاص هو ما اذا كان ذمة المكلف مشغولة بصاحبة الوقت المختص، والمفروض فى المقام، وقوع العصر صحيحة بسقوط الترتب بينهما وبين الظهر بالنسيان بقاعدة لا تعاد فليس ذمة المكلف مشغولة بها، كي يمنع عن الاتيان بالظهر في الوقت المختص بالعصر تمسكا باطلاق ادلة الاشتراك ، وكذا يصح له قضاء صلوة اخرى فى الوقت المختص فيما اذا كان موديا لصاحبته بنحو صحيح ، بل مقتضى القاعدة هو الحكم بصحة صلوة اخرى قضاء في الوقت المختص، مع عدم كونه مؤديا لصاحبته و كانت ذمته مشغولة بها ، و ذلك لان القضاء الموسع الى آخر العمر ، وانكان مزاحماتي بعض في الوقت بماهو اهم وهو صاحبة الوقت ، لكن مزاحمته بالاهم في بعض الوقت لا يوجب فساده فيه ، اما بناء على القول بالترتب ، فلكونه مامورا به فيهذا الحال فيصح اتیانه بداعی امره ، واما بناء على عدم القول بالترتب ، فلان المزاحمة بالاهم وان او جبت ارتفاع الامر به فعلا فيهذا الحال ، لكنه باق على ما هو عليه من الملاك والمصلحة ، وقد حقق في محله كفاية مجرد الملاك في صحة العبادة ووقوعها متقربا بها الى الله تعالى ، وان لم تكن مأمورا بها فعلا لاجل المزاحمة بالاهم هذا .

الثانى ان هنا فروعا قدا دعى كونها من المسلمات عندهم وهى انه لوزال العذر في آخر الوقت وكان ذات الوقت واحدة كما في صلوة الفجر، يكفي في وجوبها اداء بقاء مقدار ركعة منه ، وانكانت ذات الوقت متعددة كالظهرين والعشائين ، فان ادرك الحاضر من وقت الظهرين مقدار خمس ركعات والمسافر مقدار ثلث ركعات

ص: 39

و ادرك الحاضر من وقت العشائين مقدار خمس ركعات والمسافر مقدار اربع ركعات وجبت عليهما كلتا الصلوتين اداء ، وان لم يدركا من الوقتين الا مقدار ركعة وجبت عليهما الثانية فقط . واستدلوا على ذلك كله مضافا الى دعوى الاجماع كما في الخلاف والمدارك بروايات ، كمارواه الاصبغ بن نباتة عن امير المؤمنين ، علیه السّلام قال قال علیه السّلام من ادرك من الغداة ركعة قبل طلوع الشمس فقد ادرك الغداة تامة ، وما رواه عمار بن موسى عن ابیعبد الله علیه السّلام في حديث ، قال علیه السّلام فان صلى ركعة من طلعت الشمس فليتم وقد جازت صلوته ، وما رواه عمار الساباطي عن ابيعبد الله علیه السّلام في حديث قال علیه السّلام فان صلى ركعة من الغداة ثم طلعت الشمس فليتم الصلوة وقد جازت صلوته ، وان طلعت الشمس قبل ان يصلى ركعة فليقطع الصلوة ولا يصلى حتى تطلع الشمس و يذهب شعاعها ، و ما روى عن امير المؤمنين علیه السّلام من ادرك ركعة من العصر قبل ان تغرب الشمس فقد ادرك العصر، وما روى في الذكرى مرسلا عن النبي صلی الله علیه و آله و سلّم من ادرك ركعة من الصلوة فقد ادرك الصلوة ، وما روى في طهارة شيخنا الانصاري قدس سره من ادرك ركعة من الوقت فقد ادرك الوقت كله و لا يخفى انه ان تم ما ادعى من الاجماع على هذه الفروع فهو والا لاشكل الاستدلال عليها بما ذكر من الروايات ، وذلك لاختصاص ماورد منها من طرقنا بصلوة الغداة ، و ورود ما يعم منها لغيرها من الصلوة من غير طرقنا ودعوى امان التمسك بما ورد من طرقنا في كل مقام اذا لخصوصية المودية ملغاة قطعا ، كماترى بعد كون الحكم على خلاف القاعدة الموجب للاقتصار فيه على خصوص المورديه، هذا مضافا الى احتمال كون المراد من الحكم فيها باتمام صلوة الغداه وانه جازت صلوته ، هو وجوب اتمام الصلوة التي وقعت ركعة منها فى الوقت فى مقابل قطعها ، من دون تعرض للاداءوالقضاء ، بقرينة ما فى ذيل رواية عمار الساباطى من قوله علیه السّلام وان طلعت الشمس قبل ان يصلى ركعة فليقطع الصلوة الخ ، فلا دلالة لها حينئذ على ماهو المدعى من وقوعها اداء كما لا يخفى كما يحتمل ان يكون المراد من النبوى من ادرك ركعة من الصلوة فقد ادرك الصلوة، هو تنزيل ادراك ركعة من الصلوة مع الامام منزلة ادراك

ص: 40

جميعها معه ، اذليس له ظهور فى ان التنزيل فيه بملاحظة الوقت نعم هذا الاحتمال لا يتمشى بالنسبة الى النبوى الاخر الذى رواه شيخنا الانصاری قده ، فان قوله صلی الله علیه و آله و سلّم فيه من ادرك ركعة من الوقت فقد ادرك الوقت كله صريح فى ان التنزيل بلحاظ الوقت لكنه يشكل التمسك بها لاجل ضعفها سندا كمامر ، اللهم الا ان يدعى انجبارها بعمل الاصحاب بها و ذكرهم لها في مقام الاستدلال ، ومع ذلك يشكل التمسك بها بالنسبة الى الظهر والمغرب ، اذغاية دلالتها هو تنزيل خارج الوقت منزلة الوقت حكما او جعله وقتا حقيقة في حال الاضطرار، وقد عرفت ان الوقت الواقعى الاختيارى للظهر والمغرب لا يزاحم الوقت المختص بالعصر والعشاء، فكيف يزاحمه الوقت التنزيل او الواقعي الاضطرارى لهما وبعبارة اخرى هذه الاخبار ندل على ان كل صلوة لا يتمكن المكلف الامن ادراك ركعة منها في الوقت يكون ادراكها كك كادراك تمامها فيه ، و من المعلوم انه فيما اذا بقى من الوقت مقدار خمس ركعات ، تكون الصلوة التي لا يتمكن المكلف الامن ادراك ركعة منها في الوقت ، هى صلوة الظهر والمغرب، دون العصر والعشاء ، ضرورة تمكنه من ادراك تمامها في الوقت المختص بهما ، ومعه لا يمكن ان يشملهما ادلة من ادرك ، فاذا لم يمكن شمولها للعصر والعشاء ، لم يمكن شمولها للظهر والمغرب ايضا ، لاستلزام شمولها لهما حينئذ تفويت الوقت المختص بالعصر والعشاء اختيارا .

و توهم ان ادلة من ادرك وان لم تكن شاملة للعصر والعشاء في عرض شمولها للظهر والمغرب ، الا انها شاملة لهما فى طول شمولها للظهر والمغرب ، ضرورة ان بعد شمولها للظهر والمغرب ، و مزاحمة الظهر ثلث ركعات من العصر ، و مزاحمة المغرب ثلث ركعات من العشاء فيما لم يبق الى انتصاف الليل الامقدار اربع ركعات يصدق ان العصر والعشاء مما لا يتمكن المكلف الامن ادراك ركعة منها في الوقت مدفوع بما عرفت من ان شموله ادلة من ادرك للظهر والمغرب ، يتوقف على شمولها للعصر والعشاء ، فلو توقف شمولها لهما على شمولها للظهر والمغرب لزم الدور المحال. اللهم الا ان يقاران هذا المحذور ، انما يلزم فيما اذا لوحظ ادلة من ادرك بالنسبة

ص: 41

الى كل واحدة من صلوتى الظهر والعصر وصلوتى المغرب والعشاء مستقلا و عليحدها ، واما اذا لوخطت بالنسبة الى المجموع من الظهر والعصر والمجموع من المغرب والعشاء، فلا يلزم هذا المحذور اصلا ، اذ حينئذ يصدق على من بقى له من الوقت مقدار خمس ركعات ، انه لا يتمكن الامن ادراك ركعة من الظهر والعصر في الوقت الاصلى المجعول لهما ، وبتعبير آخر لو جعلنا دليل وجوب الظهر و دليل وجوب الظهر ودليل وجوب العصر بمنزلة دليل واحد دل على وجوبهما من الزوال الى المغرب ، وقلنا بان المتفاهم منه عرفا هوان ماهو المطلوب للشارع اتيان ثمان ركعات بين الزوال والمغرب ، على نحولا يتجاوز اتيان الظهر منها عن زمان يبقى منه الى المغرب مقدار اتيان اربع ركعات ولا يتجاوز اتيان العصر منها عن المغرب ثم دل دلیل آخر على ان من لم يكن متمكنا من اتيان ثمان ركعات على ذاك النحو ، وكان متمكنا من اتيان ركعة من كلو احدة من الصلوتين على النحو المذكور ، كان كمن كان متمكنا من اتيان جميع كل منهما على ذاك النحو في وجوب الاتيان بهما عليه ولا شبهة فى ان من ادرك من الوقت مقدار خمس ركعات يكون مدركا لركعة من كلواحدة من الصلوتين على النحو المزبور ، فيكون كمن ادرك جميعهما على ذاك النحو فيجب عليه المبادرة الى اتيانهما وهذا من وجه نظير ما اذا قال المولى اعط زيدا عشر دراهم ثم قال واعط عمر واعشر دراهم ، ثم قال وان لم تتمكن من اعطاء العشر اعط ماقدرت ، وكان الموجود عند المكلف عشر دراهم ، فى ان العرف يلاحظ الدليلين بمنزلة دليل واحد يدل على وجوب اعطاء كلواحد من زید و عمر وعشر دراهم ، و يجعل الدليل الثالث ناظرا الى الدليلين الأولين فى عرض واحد ، فيقهم من مجموع الادلة ان الواجب حينئذ هو اعطاء كلواحد منهما خمس دراهم ، ولا يلاحظ كلواحد من الدليلين الاولين مستقلا و عليحده ، كى يجعل الثالث ناظرا الى الدليل الثانى فقط من جهة تحقق القدرة على اعطاء زيد عشرة عند صدور الدليل الاول و توهم ان دليل من ادرك ناظر الى ماهو متعلق لحكم الشارع من العناوين الخاصة كالظهر والعصر والمغرب والعشاء، دون العناوين الانتزاعية كعنوان المجموع من الظهرين والمجموع

ص: 42

من و العشائين مدفوع بما حققناه فى محله من ان الخطابات الشرعية مسوقة بحسب ماهو المتفاهم منها عند العرف وعلى طبق المحاورات العرفية ، ضرورة عدم اختراع الشارع فى مقام تفهيم مقاصده طريقة اخرى ، غير ما استقر عليه طريقة العقلاء من اتباع داليل الالفاظ بحسبما هو المتفاهم منها عرفا ، وقد عرفت ان العرف في نظائرالمثال يلاحظ الدليلين بمنزلة دليل واحد ويجعل الدليل الثالث ناظر الى الدليلين في عرض واحد هذا ولكن يمكن ان يقال ان ما نحن فيه ليس نظير المثال كى يجرى فيما نحن فيه ما يجرى فيه، بل ما نحن فيه من وجه نظير ما اذا قال المولى اعط زيدا عشر ليرات عثمانيات ، ثم قال واعط عمر و اعشر ليرات انكليسيات ، ثم قال وان لم تتمكن من اعطاء عشر ليرات اعط ما قدرت ، وكان عنده عشر ليرات انكليسات وليرة واحدة عثمانية ، فى ان العرف يرى الدليل الثالث ناظرا الى الدليل الاول فقط ، ويحكم بلزوم اعطاء عشر ليرات انكليسيات لعمر و هذا مضافا الى امكان دعوى عدم شمول قاعدة من ادرك لما نحن فيه ، لظهور كلمة من ادرك فيمن ضاق عليه الوقت المجعول للصلوة ولم يدرك منه الا مقدار اتيان ركعة ، والمفروض فيما نحن فيه ان وقت العصر باق بتمامه ، والظهر وان لم يبق من وقتها الامقدار اتيان الراكعة ، لكن لا يمكن شمول القاعدة لها من جهة مزاحمتها بصلوة العصر المضيق وقتها فتدبر جيدا .

و كيف كان فهل هذه القاعدة تختص بمن ادرك من الوقت مقدار اداء الركعة الاختيارية من الصلوة ، بحسب حاله من الحضر والسفر والصحة والمرض والوضوء واليتمم مع قطع النظر عن ضيق الوقت ، وعليه فلوكان تمام المقدمات حاصلة ، يكفى بقاء مقدار اداء ركعة من الوقت لاتيان العصر اداء مطلقاً ، وبقاء مقدار خمس ركعات لاتيان الظهر والعصركك في الحضر ، و ثلث ركعات في السفر ، وان لم يكن تمامها أو بعضها حاصلة ، فلابد من بقاء الوقت بمقدار يتمكن فيه من اداء ركعة او خمس رکعات او ثلث ركعات بتمام مقدمتها المقررة له بحسب حاله ، فلولم يكن متطهر اوكان تكليفه حاله بحسب هى الصلوة مع الطهارة المائية ، يعتبر بقاء الوقت

ص: 43

مقدار اداء ركعة او خمس رکعات و تحصيل الطهارة المائية .

او نعم من ادرك من الوقت مقدار اداء ركعة من الصلوة مطلقا ولو بحسب حال مع غیره ، وعليه فيكفى فيما لم يكن متطهرا بقاء الوقت بمقدار اداء ركعة مثلا اليتمم ، ولوكان تكليفه بحسب حاله هوادائها مع الوضوء او الغسل وجهان اقواهما الاول ، اما بناء على كون المدرك لهذه القاعدة هو الاجماع ، فواضح بعدكون المتيقن معقده هو الاول ، واما بناء على كون المدرك لها هو الاخبار ، فلان الظاهر من قوله صلی الله علیه و آله و سلّم من ادرك ركعة من الصلوة هو المدرك لها بحس- حاله لا مطلقاً ، ضرورة ان من وظيفته الصلوة مع الطهارة المائية ولا تصح صلوته مع الترابية ، لا يصدق عليه انه مدرك لركعة من الصلوة ، الافيماكان متوضيا ، اوكان الوقت بحيث يسع لتحصيل الطهارة المائية واداء ركعة وذلك لان من وظيفته الصلوة مع الوضوء ، لاتكون الصلوة مع اليتمم صلوة مشروعة في حقه ، كي يصدق عليه مع سعة الوقت لتحصيل الطهارة الترابية واداء ركعة ، انه مدرك لركعة من الصلوة وتوهم انه وانكان وظيفته الأصلية هى الصلوة مع الطهارة المائية ، ولم تكن الصلوة مع الطهارة الرابية صلوة و مشروعة فى حقه ، الا انه بلحاظ قاعدة من ادرك الموسعة للوقت في حقه ، يدخل فى عنوان من ضاق وقته عن استعمال الماء الذى لاشبهة فىان وظيفته الصلوة مع اليتمم واضح الفساد ضرورة ان شمول القاعدة له يتوقف على صحة صلوته مع اليتمم والا لم يكن مدركا لركعة من الصلوة لمأمر انفا ، فلو توقف صحتها معه على شمول القاعدة له لزم الدور .

و توهم انه كما ان دليل تنزيل اليتمم منزلة الطهارة المائية ليس متعرضا الالجعله بدلا عنها من غير نظر الى سائر الشرائط ، كذلك هذه القاعدة المنزلة للوقت بمقدار الركعة منذ الوقت كله ليست متعرضة الا لتوسعة الوقت فقط من غير نظر لها الى باق الشرائط ، وكما ان مقتضى دليل تنزيل اليتمم منزله الوضوء هو انه لوكان باقي الشرائط محرزة اما بنفسها او يبدلها يتم المأمور به به ، فكدا مقتضی دلیل تنزيل الوقت هو تمامية المأمور به به عند احراز باقی الشرائط بنفسها او يبدلها

ص: 44

فلو كان التوقف في صحة صلوة من جهة فقدان الطهاره المائية ومن جهة عدم وقوعها في الوقت المجعول لها ، يكون مقتضى الدليلين هو الحكم بصحتها ، لتكفل احدهما لصحتها من جهة فقدان الطهارة ، وتكفل الثاني لصحتها من جهة عدم وقوعها في الوقت المجعول لها. مدفوع بان هذا التوهم يكون له وجه لوكان مفاد القاعدة ان من ادرك الوقت بمقدار اداء ركعة كان كمن ادرك الوقت كله ، إذ الظاهر من هذه العبارة هو توسعة الوقت لمن لم يدرك منه الابذاك المقدار، ومقتضى ذلك هوانه لولم يتمكن من تحصيل الطهارة المائية فيهذا الوقت الثانوى ، ينتقل الى بدلها من الطهارة الترابية. ولا يخفى على من راجع الى مدرك هذه القاعدة من الاخبار الخاصة بصلوة الفجر والعصر والعامة لهما ولغيرهما ، ان مفادها تنزيل من ادرك ركعة من الصلوة فى الوقت منزلة من ادرك الصلوة كلها في الوقت ، ولا شبهة فى ظهور ركعة من الصلوة في الركعة الجامعة للشرايط المقررة للمصلى بحسب حاله ، هذا خلاصة ما افاده الاستاد دام ظله في دفع هذا التوهم ولكن لا يخفى ان ما افاده دام ظله من انحصار مفادالاخبار خاصة وعامة ، بتنزيل المدرك لركعة من الصلوة فى الوقت منزلة المدرك لجميعها فيه ، لايخلو عن المنع ، اذ فى العامة من تلك الاخبار ما يكون مفاده توسعة الوقت لمن لم يدركه الا بمقدار اداء ركعة ، وهو المروى فى طهارة شيخنا الانصاري قده ، فان قوله صلی الله علیه و آله و سلّم فيه من ادرك ركعة من الوقت فقد ادرك الوقت كله ، ظاهر في ادراك الوقت بمقدار اداء ركعة ، لا ادراك ركعة من الصلوة فى الوقت ، والا لكان اللازم ان يقول من ادرك ركعة فى الوقت بدل قوله من الوقت كما لا يخفى على الخبير باسلوب الكلام ثم ان مقتضى ما ذكرنا من وجوب المبادرة الى الصلوتين على من ادرك من الوقت مقدار خمس ركعات بحسب حاله ، والمبادرة الى الثانية على من ادرك منه مقدار ركعة كك وانكان وجوب قضاء الصلوتين عليه لوتوانی و تهاون ولم يأت بهما فى ذاك المقدار من الوقت ، وجوب قضاء الثانية لولم يأت بها فيه وذلك لصدق الفوت فى الوقت الذى يكون القضاء تابعا له ، على الصلوتين وعلى الثانية ، بعد توسعة الوقت لهما ببركه قاعدة من ادرك لكن قد دل الدليل في خصوص الحائض انه يعتبر في

ص: 45

وجوب مبادرتها الى الصلوتين او الثانية وفى وجوب القضاء عليها لو تهاونت ولم تات بهما فى ذاك المقدار من الوقت ادراكها الوقت بمقدار تتمكن معه من اداء خمس ركعات اوركعة مع شرائطها الاختيارية كصحيحة عبيد بن زرارة عن ابيعبد الله علیه السّلام قال قال علیه السّلام ايما امرأة رات الطهر وهي قادرة على ان تغتسل في وقت صلوة معينة ففرطت فيها حتى يدخل وقت صلوة اخرى ، كان عليها قضاء تلك الصلوة التي فرطت فيها، وان رات الطهر فى وقت صلوة فقامت فى تهية ذلك فجاز وقت الصلوة و دخل وقت صلوة اخرى ، فليس عليها القضاء الخبر. وصحيحة الحلبي في المراة تقوم فى وقت الصلوة فلا تقضى الطهر حتى تفوتها الصلوة ويخرج الوقت اتقضى الصلوة التي فاتتها ، فقال علیه السّلام انكانت توانت قضتها وانكانت دائية في غسلها فلا تقضى ، فان قوله علیه السّلام فقامت في تهية ذلك وقوله علیه السّلام وانكانت دائبة في غسلها فلا تقضى ، ان لم يكونها صريحين في اعتبار ادراك مقدار الطهارة المائية ايضا فلااقل من ظهورهما فيه ، بل ظاهر الاول اعتبار ادراك مقدار اداء الصلوة مع جميع الشرائط الاختيارية ، ضرورة ان الظاهر من تهية الصلوة هو تهيتها بجميع ما يعتبر فيها ، هذا فيما اذا ادركت الطهر فى آخر الوقت واما اذا ادركت اول الوقت طاهرة وطرئها الحيض في اثنائه ، فهل يكفى فى ثبوت القضاء عليها ادراكها الوقت طاهرة ولولم يكن بمقدار اداء الصلوة فضلا عن شرائطها او يعتر فى ثيوبة عليها ادراك الوقت بمقدار اذاء الصلوة اصل پيكرة مع جميع شرائطها ، او خصوص الطهارة المائية دون غيرها ، او مع الطهارة الترابية ايضا وجوه اقويها بحسب القاعدة هو الاول ، ضرورة ان القضاء ليس دائرا - مدار وجود تكليف فعلى فى الوقت ، كي يقال لا يصح تكليف فعلى بالصلوة مع عدم سعة الوقت لاتيانها ، بل القضاء مترتب على عنوان الفوت الصادق بمجرد ثبوت المقتضى والمصلحة للعمل، وان لم يصح التكليف به فعلا لمكان العجز والطريق لاحراز ثبوت المقتضى للعمل ، هو ان كل قيد و شرط اعتبره الشارع قيدا للحكم ، يحكم بان له دخلا في المصلحة ، وكل قيد لم يعتبره الشارع قيدا للحكم بل اعتبره العقل فى تنجزه كالعلم والقدرة ، يحكم بعدم دخله فيها ووجوب الصلوة على المرئة

ص: 46

وانكان مشروطا شرعا بدخول الوقت وكونها طاهرة عن الحيض ، فلاتكون الصلوة ذات مصلحة تامة و مطلوبة للشارع مع عدم دخول الوقت وعدم طهرها لعدم حصول الشرط ، لكنها تصير ذات مصلحة كك فعلا بمجرد دخول الوقت وكونها طاهرة عن الحيض لحصول الشرط ، و عدم تمكنها من اتيانها لضيق الوقت ، لا يوجب الاقبح التكليف بها فعلا عقلا ، مع بقائها على ما هي عليه من المصلحة التامة والمطلوبية ماهى الذاتية للشارع ، فيصدق على ( عند ( عدم اتيانها ولو لضيق الوقت انه فات مطلوب الشارع ودعوى ان تكليفها بالصلوة كما يكون مشروطا بطهرها عن الحيض حدوثا يكون مشروطا به بقاء ايضا بمقدار اداء الصلوة ، فلاتكون الصلوة ذات مصلحة تامة و مطلوبة فعلا للشارع فيما لم يكن طهرها بمقدار يسع لاداء الصلوة ممنوعة جدا لان المتيقن من اشتراط وجوب الصلوة عليها بطهرها عن الحيض هو اشتراطه به حدوثا ، و اما بقاء فهو شرط المكلف به لا التكليف ، ولذا لو علمت انها تحيض بعد الزوال بمقدار مضى زمان منه لا يسعها فيه فعل الصلوة ، وكانت قادرة على تأخير حيضها باستعمال دواء لم يكن مضرابها ، وجب عليها استعماله تحصيلا لشرط المكلف به هذا ولكن مقتضى مادل من الاخبار على عدم وجوب قضاء صلوة كان فوتها لاجل الحيض ومستندا اليه ، هو عدم وجوب القضاء عليها فيما اذا لم تدرك من اول الوقت بمقدار اتيان صلوة المضطر ايضا فضلا عما اذا لم تدرك منه بمقدار اصل الصلوة ، لان تركها حينئذ مستند الى الحيض ، بخلاف ما لو كانت مدركة منه بمقدار اتيان صلوة المضطر كالصلوة متيمما او مسقطا لبعض الشرائط الساقطة عند الاضطرار ، فان تركها حينئذ ليس مستندا الى الحيض كيلا يجب عليها قضائها وعليه فالاقوى هو الوجه الاخير، اعنى به عدم الاكتفاء فى ثبوت القضاء باقل من ادراكها الوقت بمقدار اتيان الصلوة مع الطهارة الترابية، وعدم اعتبار الازيد من ذلك ، كما ذهب اليه كاشف اللثام قدس سره فى شرحه على الروضة ، حيث قال قدس سره بعد نقل كلمات جماعة، ما ملخصه والذي يقوى فى نفسى اعتبار الطهارة في اول الوقت وآخره وعدم اعتبار غيرها من الشروط ، الى ان قال فانقدح من هذا انه ينبغي ان لا يشترط اتساع الوقت

ص: 47

الا للصلوة واليتمم ، الا ان النص عارض ذلك بالنسبة الى آخر الوقت ، وهي رواية عبید بن زرارة ورواية الحلبى الاتيتين ، واما أول الوقت فلم يرد فيه ما يدل على ذلك ، بل عموم الاخبار الامرة بقضاء ما ادرك وقتها ، يقضى القضاء ولولم تدرك مقدار الطهارة المائية انتهى موضع الحاجة ، فان ما ذكره من ان مقتضى القاعده هو عدم اشتراط اتساع الوقت الا للصلوة واليتمم مطلقا و ان كان ممنوعا باطلاقه ، لماعرفت من ان مقتضى القاعدة بالنسبة الى من ارتفع عذره في آخر الوقت ، هو اعتبار ادراكه الوقت مقدار ركعة بحسب حاله من الحضر والسفر والوضوء والتيمم ، في وجوب القضاء عليه ، الا ان النص دل في خصوص الحائض على اعتبار ادراكها الوقت بمقدار اتیان ركعة مع الطهارة المائية لكنه موافق لما ذكرنا فى الحائض المدركة للظهر في اول الوقت ، من ان الاقوى بلحاظ مادل على عدم وجوب تدارك مافات لاجل الحيض الاكتفاء فى ثبوت القضاء عليها بإدراكها الوقت بمقدار اتيان الصلوة مع الطهارة الترابية ، وعدم اعتبار الزائد على ذلك ، لان تركها مع التمكن من اتيانها مع اليتمم ليس مستندا الى الحيض هذا .

ولكن الذى يظهر من شيخ مشايخنا المرتضى الانصاري قدس سره ، هو عدم الاكتفاء في ثبوت القضاء عليها بإدراكها من اول الوقت مقدار اتيان الصلوة مع التيمم بل المعتبر في ذلك ادراكها للوقت مقدار اتيانها مع جميع الشرائط المفقودة الغير الحاصلة ، واستدل على ذلك بما حاصله انه لاشبهة في ان الواجب مع فوت الصلوة الاضطرارية ، تدارك الصلوة الاختيارية التي فاتت من غير بدل ، لاتدارك بدلها الاضطراري الذي كلف به فعلا ، ولذا لوضاق الوقت عن استعمال الماء اولم يمكن استعماله لمانع شرعى ، وانتقل تكليفه الى الصلوة مع التيمم وتهاون في اتيانها حتى خرج الوقت ، وجب عليه قضاء الصلوة مع الطهارة المائية دون الترابية ، وكذا لوضاق الوقت عن تطهير ثوبه النجس ولم يمكن له نزعه لمانع شرعى ، وانتقل تكليفه الى الصلوة مع ذاك الثبوت النجس و تهاون في اتيانها حتى خرج الوقت وجب عليه قضاء الصلوة مع التوب الطاهر فاذا فرض استناد فوت الصلوة الاختيارية الى مانع

ص: 48

يوجب سقوطها قضا، واداء كالحيض الذي دل الدليل على عدم وجوب تدارك ما فات لاجله فلا موجب آخر لوجوب القضاء عليها و اورد عليه الاستاد دام ظله بماحاصله ان الفوت انما نسب في الادلة الى الصلوة ، و من المعلوم انه ليس هنا صلوتان اختيارية و اضطرارية ، كى يقال بان مع سقوط الاختيارية اداء وقضاء ، لاموجب لوجوب القضاء تدارك للاختيارية ، بل هنا صلوة واحدة مشروطة بالطهارة المائية مع التمكن من استعمال الماء، وبالطهارة الترابية مع عدم التمكن من استعماله، والحيض اوجب العجز عن الطهارة المائية وسقوطها والانتقال الى الطهارة الترابية، لاسقوط اصل الصلوة كي يقال ان مافات لاجل الحيض لا يجب تداركه فلاموجب لثبوت قضاء الصلوة فتدبر فالاولى الاستدلا لما ذهب اليه قدس سره من سقوط القضاء مع عدم ادراكها من الوقت الا بمقدار اتيان الصلوة مع التيمم ، بمارواه الكليني بسنده عن ابی الحسن الاول علیه السّلام اذا رات المرأة الدم بعد ما يمضى من زوال الشمس اربعة اقدام فلتمسك عن الصلوة ، فاذا طهرت من الدم فلتقض صلوة الظهر، وبما رواه في الوسائل بسنده عن ابيعيد الله علیه السّلام في حديث قال علیه السّلام واذا طهرت في وقت فاخرت الصلوة حتى دخل وقت صلوة اخرى ثم رأت دماكان عليها قضاء تلك الصلوة التي فرطت فيها فان المستفاد من قوله علیه السّلام في الاولى اذا رأت الدم بعد ما يمضى من زوال الشمس اربعة اقدام ، اعتبار مضى مقدار يسع الصلوة مع جميع الشرائط في ثبوت القضاء كما لا يخفى ، والظاهر من قوله علیه السّلام في الثانية فاخرت الصلوة هو تأخيرها الصلوة التى هى وظيفها بحسب حالها لانصرافها اليها، دون الصلوة الاضطرارية الفاقدة لبعض الشرائط التي يقتضيها تكليفها لضيق الوقت او خوف الضرر ، هذا مضافا الى عدم صدق التأخير والتفريط ، مع الاشتغال بتهيئة المقدمات كغسل الثوب اوالبدن وغيره منها. فالمراد من التأخير والتفريط ، هو عدم اشتغالها بتهيئة المقدمات مع سعة الوقت لها ، كما يشعر بذلك قوله علیه السّلام في رواية عبيد بن زرارة ، ايما امرأة رات الطهر وهي قادرة على ان تغتسل فى وقت الصلوة ففرطت فيها كان عليها قضائها، وان رات الطهر في وقت فقامت في تهيئة ذلك فجازت وقت الصلوة فليس عليها قضاء

ص: 49

حيث انه علیه السّلام نسب التفريط اليها واوجب القضاء عليها فيما اذا وسع الوقت للاغتسال وتهاونت فيه ، ولم ينسبه اليها فيما قامت لتهيئته فجاز وقت الصلوة ويدل ايضا على اعتبار اتساع الوقت بمقدار اتيان الصلوة الاختيارية في ثبوت القضاء عليها ، مادل على سقوط القضاء عن امرأة صلت الظهر ركعتين ثم طرء عليها الحيض ، فان الظاهر ان المراد بصلوتها ركعتين اتيانها بهما على حسبما كانت تاتى بهما بحسب طبعها في سائر الايام من استجماعهما لجميع الشرائط ، ومن المعلوم ان اتيانهماكك لا ينفك غالباً عن مضى مقدار يسع لاتيان صلوة اضطرارية فاقدة لبعض الشرائط ومع ذلك حكم علیه السّلام بعدم ثبوت القضاء عليها مطلقا ، من غير استفصال بين ماكان الوقت الذى صلت فيه ركعتين بمقدار يسع للصلوة الاضطرارية وبين مالم يكن كك فتحصل مما ذكرنا كله ان مقتضى القاعدة و ان كان ثبوت القضاء لذوى الاعذار مطلقا ، فيما لم يكن فوت الصلوة مستندا الى عدم حصول ما يكون التكليف بها مشروطا به شرعا كالبلوغ ودخول الوقت والطهر من الحيض، فلو ادركت الوقت بالغة طاهرة من الحيض و تركت الصلوة ثبت عليها القضاء ولولم يكن الوقت بمقدار اتيان بيكرة الصلوة واصلها فضلا عن شرائطها ، الا انه خرجنا عن مقتضاها في خصوص الحائض ، بما دل من الاخبار على اعتبار ادراكها من اول الوقت بمقدار يسع الصلوة مع جميع الشرائط بمقداريسع و من آخره بمقدار اتیان خمس رکعات اوركعة مع الطهارة المائية هذا .

المسئلة السادسة

هل يجوز الاكتفاء في تشخيص دخول الوقت بغير العلم ، من الظن النوعى الحاصل من الامارات او الشخصى الفعلى ام لا والبحث فيها تارة يقع فى المتمكن من تحصيل العلم على التفصيل بالمراجعة الى الامارة المفيدة له كالنظر الى الظل ، واخرى فيمن لم يتمكن من تحصيل العلم الاعلى نحو الاجمال بالتأخير والانتظار الى زمان يحصل له العلم بالدخول ، وثالثة فى غير المتمكن من تحصيل العلم به اصلا كالمحبوس او الاعمى الذى لا يميز بين الليل والنهار اما الكلام في المتمكن من تحصيل العلم على التفصيل ، فهوانه لا اشكال فيان مقتضى الاصل الاولى عدم جواز الاكتفاء للمتمكن من تحصيل العلم على احد النحوين بدخول الوقت

ص: 50

بالظن به نوعا ولاشخصا ، و ذلك لوجوب احراز قيود المأمور به فى مقام الامتثال بالقطع واليقين، لتقدم الامتثال العلى عقلا على الامتثال الظني ، فلايجوز فيهذا

المقام عقلا التنزل من الأول اعنى الامتثال العلمى الى الثانى اى الامتثال الظني الابعد تعذر الاول الذى يحكم العقل معه بالتنزل الى الامتثال الظني الاطمينانيان امكن ، والا الى مادونه من المراتب الاقوى فالاقوى ، و ذلك لاستقلاله بوجوب الاطاعة بقدر الامكان او بعد قيام الدليل المعتبر على جواز الاكتفاء بالثانى من التمكن

من الاول .

وانما الكلام فيما قام الدليل على جواز الاكتفاء به من الامارات المفيدة للظن النوعى اما مطلقا أو فيما اذا لم يتمكن من تحصيل العلم ولو بالتأخير والانتظار وما قيل او يمكن ان يقال بانه من القسم الاول الذى قام الدليل على جواز الاكتفاء به مطلقا ولومع التمكن من تحصيل العلم ، امور ، منها البينة والحق جواز الاكتفاء بها في احراز الوقت وغيره من القيود المعتبرة فى باب الصلوة كالقبلة وطهارة اللباس وكونه من المأكول وغير الحرير ونحوها ، مع التمكن من تحصيل العلم بها ، وذلك لانه وان لم يكن هناك اطلاق يدل على حجيتها مطلقا و فى جميع الابواب ، وانما دل الدليل على اعتبارها في موارد خاصة ، الا ان من التتبع في موارد اعتبارها في ابواب الفقه من اوله الى آخره ، يحصل الاطمينان بل القطع بان اعتبارها مطلقا امر مفروغ عنه عند الشارع ، اذما من باب من ابواب الفقه الاوقد دل الدليل على اعتبارها فيه ، كما يظهر ذلك بالمراجعة الى كتاب العناوين ، هذا مضافا الى امكان دعوى ظهور قوله علیه السّلام في رواية مسعد بن صدقة والاشياء كلها عليهذا الا ان تستبين او تقوم به البينة ، فى حجيها مطلقا ، فان جعل قيام البينة عدلا للاستبانة وحصول العلم الذي لا يختص حجيته بباب دون باب ، ظاهر في عدم اختصاص حجيتها بمورد الرواية وهو باب الحل والحرمة ، بل تعم حجيتها لجميع الابواب ومنها اخبار الثقة العارف بالوقت ، والظاهر جواز الاكتفاء به ايضا في احراز جميع القيود ، لاستقرار بناء العقلاء على الاخذ به مطلقا من غير فرق منهم بين الاحكام والموضوعات

ص: 51

ولم يرد من الشارع ردع عن العمل به ويمكن الاستدلال على جواب الاكتفاء به في احراز خصوص دخول الوقت، بفحوى مادل من الاخبار على اعتبار اذان الثقة العارف بالوقت كما لا يخفى ومنها اخبار العدل الواحد الذى عطفه في نجاة العباد على البينة فى جواز الاكتفاء بها ، وقد يستدل عليه بانه بعد البناء على جواز الاكتفاء بخبر الثقة يلزم القول بجواز الاكتفاء بخبر العدل بطريق اولى ، لان الملاك في حجية خبر الثقة هو مجرد الوثوق بالمخبر، وهذا الملاك متحقق فى خبر العدل بنحو اشد و اقوى وفيه ان الملاك فى حجية قول الثقة على ما هو الحق هو الوثوق بتحقق المخبر به لامجرد الوثوق بالمخبر ، فان الظاهر ان بناء العقلاء على الأخذ باخبار الثقة انما هو من جهة سكون النفس و اطمینانها بصدق ما اخبر به، فالاقوی عدم جواز الاكتفاء باخبار العدل الواحد الافيما افاد الوثوق بتحقق ما اخبر به ، وذلك لاختصاص غير آية البناء من ادلة حجيته بالاحكام ، واما آية البناء وانكان موردها من الموضوعات الا ان دلالتها على حجية قول العدل الواحد مبينة على ثبوت المفهوم لها ، وهو ممنوع جدا على بيناه فى الاصول، وعلى فرض التسليم لابد من تقييده برواية مسعد المقدمة الدالة على اعتبار التعدد فى الموضوعات ، لان ظاهرها انحصار الحجة فيها بالاستبانة والبينة الى هى العدلان ومن هنا يظهر ان الاقوى اعتبار التعدد في اخبار الثقة ايضا ، كما ان الاقوى اعتبار كونه مفيدا للظن الاطمينانى الفعلى ، اذبناء العقلاء على اعتباره، ليس كبنائهم على اعتبار ظاهر الالفاظ فى الاقارير والخطابات المولوية في كون الاخذيه لمجرد صحة الاحتجاج به المتحقة مع عدم افادته الظن بالمراد بل مع الظن بالخلاف ، بل بنائهم عليه كما اشرنا اليه لحصول الوثوق والاطمينان بتحقق المخبر به هذا مضافا الى ان الاية على تقدير دلالتها مفهوما على اعتبار خبر العدل ، لادلالة لها الاعلى الغاء احتمال تعمدة فى الكذب ، دون احتمال اشتباهه فيما اخبر به ، فلا يثمر ولا يفيد اخباره الافيما اذا كان هناك اصل ينفى هذا الاحتمال كما اذا كان اخباره عن حس ، فان بناء العقلاء على الغاء احتمال خطائه واشتباهه في حسه ، دون ما اذاكان اخباره عن اجتهاد ومنه يظهر ان الاقوى في الاعتماد على

ص: 52

البينة تقييده بما اذا لم يكن اخبار العدلين مستندا الى الاجتهاد والحدس واما الاستدلال على جواز الاكتفاء به بالاخبار الدالة على اعتبار اذان الثقة العارف بالوقت ، ففيه اولا ان تلك الاخبار لم يعمل بها المشهور ، و ثانيا انه سيجئى ان الظاهر من بعض تلك الاخبار ان الملاك في الاعتماد على اذ انه ، هو حصول الوثوق والاطمينان منه بدخول الوقت ، كالتعليل الوارد عن الصادق علیه السّلام في جواز صلوة الجمعة باذان العامة ، بانهم اشد شئى مواظبة على الوقت ، وقد عرفت عدم تحقق هذا الملاك في اخبار العادل الا غالبا المفيد للظن النوعى بتحقق المخبر به ، لامطلن الظن الشخصى الفعلی به فضلا عن الاطمينانى منه ومنها اذان المؤذن والظاهر جواز الاكتفاء به ، لكن لا مطلقا بل فيما افاد الظن الفعلى الاطمينانى بدخول الوقت ، كما اذا كان المؤذن ثقة عارفا بالوقت ، فان احتمال كذبه او خطائه حينئذ موهون بكونه ثقة متحرزا عن الكذب و عارفا مصونا عن الخطاء وما دل من الاخبار على اعتباره ، كقول الصادق علیه السّلام صل الجمعة باذان هولاء فانهم اشد مواظبة على الوقت ، وقواهم علیهم السّلام المؤذن مؤتمن والمؤذنون امناء ، وان كان قد يدعى كونها طاهرة بحسب الاطلاق فى ان اعتباره من باب افادته الظن النوعي ، فيكون حاله حال سائر الطرق النوعية التي تكون معتبرة من باب كاشفيتها الغالبية وان لم تكن مفيدة للظن فعلا بل مع الظن بالخلاف ، لكن دعوى ظهورها في ذلك ممنوعة جدا ، ضرورة ان انعقاد ظهور اللفظ المطلق في الاطلاق ، هوانه لواراد المتكلم به المقيد من دون نصب قرنية عليه لاخل بغرضه ، وهذه المقدمة منتفية فى المقام ، بداهة انه لواريد من المؤذن فى تلك الاخبار ، خصوص من افاد اذانه الاطمينان بدخول الوقت ، لم یکن اطلاقه مخلا بمراده، بعدكون اذان من يكون مؤتمنا مواظبا على الوقت مفيدا للظن الفعلى الاطمينانى لغالب الناس الا من شذ وندر ويشهد لما ذكرنا بعض الاخبار الدالة على عدم جواز الاكتفاء بمجرد الاذان مع الشك في دخول الوقت بل مع حصول الظن بدخوله منه ، كخبر على بن جعفر عن اخيه موسى علیه السّلام في الرجل يسمع الاذان فیصلى الفجر ولا يدرى اطلع الفجر ام لاغير انه يظن لمكان الاذان انه طلع الفجر

ص: 53

قال علیه السّلام لا يجزيه حتى يعلم انه طلع ، فانه قرنية على ان المراد مماورد في تلك الاخبار من جواز الاعتماد على اذان من يكون أمينا مواظبا على الوقت ، انما هو اعتبار اذانه فيما اذا كان مفيدا للوثوق والاطمينان لا مطلقا ، هذا مضافا الى ان تعليل جواز الاعتماد على اذان المؤذنين فى تلك الاخبار بكونهم مؤتمنين مواظبين على الوقت ، موجب لحملها على الارشاد الى ماهو المرتكز في اذهان العقلاء واستقر عليه بنائهم من الاعتماد على قول من يوثق به فیامور معاشهم ومعادهم لما يحصل لهم من قوله و اخباره من الاطمينان بتحقق المخبر به ، ضرورة ان فائدة الأمر المولوى هو بعث . المكلف نحو المطلوب ، فاذاكان العقلاء بما ارتكز في اذهانهم من الاعتماد على قول من يوثق به ، منبعثين بانفسهم الى الاعتماد على اذان المؤتمن المواظب للوقت ، فيكون توجيه الامر المولوى اليهم بالاعتماد على اذانه بلا فائدة ولغوا ، سلمنا ظهور تلك الاخبار فى المولوية لكن لاشبهة فى ان الا وامر المولوية المتعلقة بالامور الارتكازية ، منصرفة اليها بما هى مرتكزة في اذهانهم ، وقد عرفت ان ارتكاز العمل باخبار الثقة في اذهانهم ، انما هو لما يحصل لهم من اخباره من الاطمينان بتحقق المخبر به ، فلا يستفاد منها ازيد من جواز الاعتماد على اذان المؤذنين فيما

افاد الاطمينان بدخول الوقت لا مطلقا ، سلمنا ظهورها فى المولوية والاطلاق لكن يعارضها حينئذ مارواه الشيخ من خبر على بن جعفر المتقدم عن اخيه موسى علیه السّلام الدال على عدم جواز الاكتفاء بمجرد الاذان ولومع حصول الظن منه بدخول الوقت وانه لا يجزيه حتى يعلم بدخوله ، ومقتضى الجمع العرفي هو تقييد تلك المطلقات بهذه الخبر بحملها على ما اذا افاد الاذان العلم بدخول الوقت وتوهم ان حمل تلك المطلقات على ذلك ، حمل على الفرد النادر ، فيكون من هذه الجهة كالنص في الاطلاق ، فيكون النسبة بينها وبين الخبر على وجه التبائن ، فلا تحمل على المقيد مدفوع بان تلك الاخبار وانكانت كالنص في الاطلاق بهذه الملاحظة ، لكنها مع ذلك لا تكون قابلة للمعارضة مع الخبر الاظهريته فى الاختصاص الا ان يقال ان هذا الخبر مضافا الى عدم معارضته لتلك الاخبار ، لاختصاصه موردا بصلوة الصبح التي يخالفنا

ص: 54

العامة في وقتها ، فلايكون اذانهم لها صالحا للاعتماد عليه في دخول الوقت ، معارض بما رواه في قرب الاسناد عن عبدالله بن الحسن عن جده على بن جعفر عن اخیه موسی علیه السّلام ، قال سئلته عن رجل صلى الفجر في يوم غيم او في بيت واذن المؤذن وقعد واطال الجلوس حتى شك فلم يدر هل طلع الفجرام لا ، فظن ان المؤذن لا يؤذن حتى يطلع الفجر، قال علیه السّلام اجزئه اذانهم ، وبعد تساقطهما يرجع الى اطلاق تلك الاخبار ، لكنك عرفت ان استظهار المولوية والاطلاق منها في غاية الاشكال ومنها الظن الاطميناني الذي سماه بعض بالعلم العادى من أى سبب حصل ، والحق جواز الاكتفاء به في احراز جميع القيود ، لاستقرار بنا العقلاء على المعاملة معه معاملة العلم في جميع امور هم المعاشية والمعادية ، ولم يثبت من الشارع ردع عن العمل به ، والآيات الناهية عن العمل بالظن لا يصلح للرادعية ، بعدكونها منصرفة عن العمل بالظن الاطمينانى الذى يعامل معه العرف والعقلاء معاملة العلم الحقيقي و يعد عندهم من افراده و مصادیقه فتبين مما ذكرنا كله انحصار ما يجوز الاعتماد عليه في احراز الوقت ، مع التمكن من تحصيل العلم به فعلا او بالتأخير والانتظار ، بالبينة والظن الاطمینانی دون مطلق الظن واما ما يستدل به للاكتفاء بمطلق الظن في المقام من قوله علیه السّلام في ذيل رواية اسمعيل بن رياح اذا صليت وانت ترى انك في وقت ولم يدخل الوقت فدخل وانت فى الصلوة فقد اجزأت عنك ، حيث ان المراد من فوله علیه السّلام وانت ترى انك فى وقت اما هو الظن او الاعتقاد الراجح ، وعلى اى تقدير يدل على كفاية احراز الوقت بالظن ففيه اولا ان الظاهر من قوله علیه السّلام وانت ترى هو القطع ، ضرورة ان الرؤية مأخوذة من الرؤية بالعين ، هذا مع ان المتعارف التعبير عن القطع المنكشف خلافه بزعم وحسب وراى ، ولذا اشكلوا في دلالة الرواية على صحة صلوة من احرز الوقت بالامارة المعتبرة ودخل فى الصلوة اعتمادا على تلك الامارة ، ثم انكشف له في الاثناء خطائها وان الوقت دخل عليه في الاثناء وليس ذلك الالعدم شمول قوله علیه السّلام فيها وانت ترى لغير القطع وثانيا ان قوله علیه السّلام وانت ترى لولم يكن ظاهرا فى القطع لم يكن ظاهرا فى الظن ايضا ، ومعه يكون

ص: 55

مجملا لا يمكن الاستدلال به لكفاية مطلق الظن مع التمكن من تحصيل العلم كما لا يخفى ، هذا تمام الكلام فى المتمكن من تحصيل العلم فعلا و اما المعذور الغير المتمكن من تحصيله الا بالتأخير والانتظار ، فلا ينبغى الاشكال في جواز اكتفائه بالبينة والظن الاطمينانى الحاصل من اخبار الثقة العارف بالوقت او اذانه ، مطلقا اى سواء كان العذر عاما كالغيم او مخصوصا به کالعمى والحبس ، ضرورة ان البينة والظن الاطمينانى اذا كانا حجتين مع التمكن من تحصيل العلم فعلا ، فيكونان حجتين مع عدم التمكن منه الا بالتأخير والانتظار بطريق اولى كما لا ينبغي الاشكال فى جواز الاكتفاء فيماكان العذر عاما ، بصياح الديك بالخصوص ، اذا لم يعلم خطائه اولم يكن من عادته الصياح في غير الوقت ، وذلك للاخبار الواردة في يوم الغيم الدالة على جواز الاكتفاء فيه بصياح الديك ، كحسن الفراء قال قال رجل من اصحابنا الصادق علیه السّلام انه ربما اشتبه علينا الوقت فى يوم الغيم ، فقال علیه السّلام تعرف هذه الطيور التي تكون عندكم بالعراق يقال لها الديوك فقال نعم ، قال علیه السّلام اذا ارتفعت اصواتها و تجاوبت فقد زالت الشمس ، و مرسل ابن المختار قال قلت له علیه السّلام اني رجل مؤذن فاذا كان يوم الغيم لم اعرف الوقت ، فقال له اذا صاح الديك ثلثة اصوات ولاء فقد زالت الشمس ودخل وقت الصلوة ، وما ورد من النهي عن سب الديك معللا بانه يوقظ للصلوة ، وماورد من الأمر باتباع الديك فى خمس خصاله وعد منها المحافظة على اوقات الصلوة ، وغير ذلك من الاخبار الدالة على ان لكل نوع من الحيوانات رب النوع ، وان هذا النوع اى الديك يتبع في هذا العالم ربه الذى في العرش ، فانه يستفاد من مجموع هذه الاخبار ان الاعتماد على صياح الديك في دخول الوقت مع العذر العمومي كالغيم والظلمة ، لابأس به ولولم يقد صياحه العلم بدخوله ، نعم لابد من تقييده بما اذا لم يعلم بخطائه اولم يكن من عادته التخلف عن رب نوعه بالصياح فى غير اوقات الصلوة ، وذلك لان صحة الاعتماد على صياحه انما هو لكون الغالب حصول الاطمينان او الظن منه بدخول الوقت .

و انما وقع الاشكال بل الخلاف فيما كان العدر عموميا في جوار الاكتفاء بمطلق الظن

ص: 56

حيث ذهب المشهور الى الجواز ، خلافا للمحكى عن الاسكافى و المدارك ، من ذهابهما الى وجوب التاخير والانتظار حتى يحصل العلم بدخول الوقت كما هو مقتضى القاعدة الاولية واستدل للمشهور بروایات ، منها موثق ابن بكير عن الصادق علیه السّلام قال قلت انى ربما صليت الظهر فى يوم الغيم فانجلت فوجدتني صليت حين زوال النهار فقال علیه السّلام لا تعد ولا تعد ، فانه ظاهر في وقوع الصلوة منه مع الظن بدخول الوقت لا العلم به، ضرورة ان حصول العلم بدخوله فى يوم الغيم في غاية البعد ، فيدل على جواز الاكتفاء بمطلق الظن مع الغيم و نحوه من الاعذار العامة وفيه ان الأمر ليس دائرا بين وقوع الصلوة مع العلم اوالظن ، كى يتعين بملاحظة بعد وقوعها مع الاول وقوعها مع الثانى ، و ذلك لاحتمال وقوعها منه غفلة عن دخول الوقت و عدمه ، كما هو الظاهر من الرواية ، لظهورها فى ان وجه السؤال كان عن جهة الغفلة في احراز الوقت و مصادفة وقوع الصلوة فى الوقت ، و لذا اجاب علیه السّلام بان الصلوة لا تعاد لا نكشاف وقوعها في الوقت ، ولكن المصلى لا يعود الى مثل هذا العمل الذي صدر منه اى الدخول فى الصلوة من دون احراز الوقت و منها موثق سماعة قال سئلته عن الصلوة بالليل والنهار اذا لم تر الشمس ولا القمر ولا النجوم ، فقال علیه السّلام تجتهد رابك وتعمد القبلة جهدك. تقريب الاستدلال ، هوانه لا اشكال في دلالة الخبر سواء كان مورد السؤال فيه هو الشك فى الوقت او الشك في القبلة ، على وجوب الاجتهاد و بذل الوسع والطاقة في تحصيل الراى على الشاك الغير المتمكن من تحصيل العلم فعلا لفقدان الامارات الموجبة لحصوله كك ، والمتابعة لما يودي اليه اجتهاده من الراى العلمى او الظني ، فيدل على جواز الاكتفاء بمطلق الظن ، لمن لا يتمكن من تحصيل العلم فعلا لا بالرجوع الى الامارات الخارجية الموجبة لحصوله ولا بالاجتهاد المودى اليه وانما الكلام فى استظهار ان مورد السؤال فيه هو الشك من جهة اشتباه الوقت كى يكون دليلا على ما ذهب الله المشهورا والشك من جهة اشتباه القبله کی یكون الخبر اجنبيا عما نحن بصدده من جواز الاكتفاء بالظن لمن لا يتمكن من تحصيل العلم بالوقت فعلا ويمكن استظهار ان مورد السوال فيه هو

ص: 57

الشك من جهة اشتباه الوقت لا القبلة ، بوجهين بل بوجوه ، منها ظهور نفس السؤال ، فان ذكر الليل والنهار في كلام السائل كاشف عن ان سؤاله مسوق لبيان اشتباه الوقت المجعول للصلوة المختلف باختلاف الليل والنهار ، دون القبلة التى لا اختلاف فيه اصلا ، و منها انه لو كان مورد السؤال هو الشك من جهة اشتباه القبلة ، لزم حمل الرواية على خصوص المسافر في يوم الغيم ، اذالحاضر والمسافر في غير يوم الغيم فلما تيفق ان يشتبه عليهما القبلة وحملها على خصوصه خلاف ظهورها في الاطلاق، ومنها انه لو كان مورده هو الشك من جهة اشتباه القبلة ، لم يستقم الجواب بقوله علیه السّلام وتعمد القبلة جهدك ، لان معناه حينئذ و تقصد القبلة بالجهد و بذل الوسع والطاقة في تحصيل الامارات عليها ، وهذا لا يستقيم مع فرض السائل فقدان جميع الامارات على القبلة ، و هذا بخلاف مالوكان مورد السؤال هو الشك من جهة اشتباه الوقت ، اذ حينئذ يكون قوله علیه السّلام و تعمد القبلة جهدك دفعا لدخل مقدر ، و هوانه كيف يمكن لى الاجتهاد في تحصيل الراى بدخول الوقت مع فقدان جميع الامارات على الوقت ، و حاصل الدفع ان الامارات على الوقت و انكان منتفية بواسطة الغيم فلا يمكن تحصيل الراى بدخول الوقت منها الا انك لو توجهت الى القبلة امكن ان يحصل لك الراى بدخوله بجهدك و بذل وسعك نحو القبلة ، لان الغم غالبا يتحرك من جهة القبلة فيمكن ان يرى من خلاله شعاع الشمس و يستكشف منه دخول الوقت و و عدم دخوله، هذه خلاصة ما افاده الاستاد دام ظله من الوجوه ، لاستظهار كون السؤال فى الخبر مسوقالبيان اشتباه الاوقات المجعلولة للصلوة فى الليل والنهار ولا يخفى ما فى جميعها من النظر ، اما الوجه الاول فلمنع ظهور ذكر الليل والنهار فى كلام السائل في كونه بصدد بيان اشتباه الاوقات للصلوة، ضرورة ان القبلة و ان لم تكن مختلفة باختلاف الليل والنهار ، الا ان الامارات عليها تختلف باختلافهما، فيمكن ان يكون ذكرهما لاجل الاشارة الى ان منشاء شكه في القبلة هو فقدان الامارات الدالة عليها المختلفة باختلاف الزمان ليلا و نهارا ، سلمنا ظهور ذكرهما فیکون مورد السؤال هو الشك فى الوقت لكن هذا الظهور بدوى يزول بلحاظ قول

ص: 58

السائل ولا النجوم ، فان خفاء النجوم لا يناسب الاخفاء القبلة دون الوقت ، ضرورة ان النجوم ليست علامة الاعلى القبلة دون الوقت واما الوجه الثاني فلان حمل الرواية على خصوص المسافر في يوم الغيم لا محذور فيه ، بعدكون مورد السؤال هو خصوص هذا الفرد النادر ، اذلا اطلاق معه للجواب كي يكون الحمل على خصوصه مخالفا للاطلاق واما الوجه الثالث فلان السائل لم يفرض فقدان جميع الامارات على القبلة كى لا يستقيم معه الجواب بقوله علیه السّلام و تعمد القبلة جهدك ، و انما فرض فقدان خصوص الامارات الشرعية عليها من الشمس والقمر والنجوم ، فهذا الخبر ان لم يكن بقرنية قول السائل ولا النجوم ظاهرا فيكون مورد السؤال هو في القبلة ، لا يكون ظاهرا فيكون مورده هو الشك فى الوقت كما لا يخفى ، فلا يخلو عن الاجمال المانع عن الصلاحية للاستدلال ومنها خبر ابي الصباح الكناني ، قال سئلت ابا عبد الله علیه السّلام عن رجل صام ثم ظن ان الشمس قدغابت وفي السماء علة فافطر ان السحاب انجلى فاذا الشمس لم تغب ، قال علیه السّلام قد تم صومه ولا يقضيه ، فانة بضميمة عدم القول بالفصل بين الصوم والصلوة ، يدل على جواز التعويل على الظن في الصلوة ايضا . ولا يخفى ما فيه اولا من المنع عن ظهور لفظ ظن في الاحتمال الراحج ، بعد ما كان المتعارف التعبير عن القطع المنكشف خلافه بظن و زعم وحسب ، وثانيا بالمنع عن عدم الفرق بين الصوم والصلوة اذ لا دليل عليه ، بل مقتضى ما في صحيح زرارة عن ابي جعفر علیه السّلام من قوله علیه السّلام وقت المغرب اذاغاب القرص فان رأيته بعد ذلك وقد صليت اغدت الصلوة ومضى صومك ، هو ثبوت الفرق بينهما في وجوب القضاء وعدمه ،فليكن بينهما الفرق في جواز الافطار وعدم جواز الشروع فى الصلوة فالاولى فى تقريب الاستدلال بالخبر، ان يقال لاشبهة في ظهوره في جواز التعويل على الظن بالمغرب في جواز الافطار ، ولا معنى لجواز التعويل عليه في ذلك الا كونه حجة وطريقا شرعيا لاثبات متعلقه وهو المغرب ، فاذا كان طريقا شرعيا لاثباته فيترب عليه جميع اثاره التي منها جواز الشروع في الصلوة ، بعد كون المغرب وقتا مجعولا لكل من جواز الافطار و وجوب الصلوة وهذا الذي ذكرنا

ص: 59

لا يبتنى على حجية المثبت من الامارات وعدمها ، فانه لو كان للشيء اثار شرعته كثيرة يترتب عليه جميع تلك الاثار بالاستصحاب ، مع انه من الاصول العملية التي لا نقول بحجية المثبت منها ، و لعل المنشاء لعدم القول بالفرق بين الصوم والصلوة في جواز التعويل على الظن بدخول الوقت في جواز الاقطار والشروع في الصلوة ، هو ما ذكرنا لادلیل تعبدى وصل اليهم فتدبر، هذا ما افاده الاستاد دام ظله في تقريب الاستدلال بالخبر، ولا يخفى انه وان سلم عما أوردناه ثانيا على الاستدلال به بضميمة عدم الفرق بين الصوم والصلوة، لكنه لا يسلم عما أوردناه عليه اولا من المنع عن ظهور لفظ ظن في الاحتمال الراحج ومنها خبر اسمعيل بن جابر عن الصادق علیه السّلام عن امير المؤمنين عليهما السلام ان الله تعالى اذا حجب عن عباده عين الشمس التي جعلها دليلا على اوقات الصلوة فموسع (فوسع) عليهم تأخير الصلوة ليتبين لهم الوقت، فان قوله علیه السّلام فموسع عليهم تأخير الصلوة مشعر بانه يجوز التقديم مع خفاء عين الشمس وفيه ان الظاهر من الخبر انه بصدد بيان ان الاخبار الواردة فى استحباب الصلوة فى اول الوقت وكراهة تاخيرها عنه من غير عذر ، موردها انما هو اذا بتين الوقت ، و اما مع الشك فموسع تاخيرها ، فلا ربط لهذا الخير ما نحن فيه، هذا مع ان الاشعار لا يصلح للاستناد إليه فى مخالفة الاصل القاضى بعدم جواز لاكتفاء بالظن في مقام احراز قيود المامور به ومنها مامر من الروايات الدالة على جواز الاعتماد على صباح الديك ، انحملها على ما اذا افادت العلم بدخول الوقت بعيد جدا بعد عدم حصول العلم منه الا نادرا ، وحملها على مجرد التعبد بعيد ايضا ، فلابد ان يكون الاعتماد عليه لاجل حصول الظن منه وفيه ان جواز الاكتفاء بصياحه لعله لحصول الاطمينان منه غالبا دون مجرد الظن ، سلمنا لكن غاية دلالتها هو الاكتفاء بالظن الحاصل من صياحه بالخصوص دون مطلق الظن فتبين مما ذكرنا ان ما يصلح للاستدلال به من هذه الاخبار على مذهب المشهور ، هو خبر ابى الصباح الكناني المتقدم بالتقريب الذى افاده الاستاد دام ظله لولا ما أوردنا عليه من الاشكال الاول والمناقشة فيه ، بضعف السندكما حكى عن المسالك ، فى غايةالضعف بعد كونه معمولا به بين المشهور

ص: 60

من الاصحاب فتدبر جيدا وكيف كان لوقلنا بكفاية مطلق الظن بدخول الوقت في جواز اتيان الصلوة لذوى الاعذار العامة ، فاللازم الاقتصار على القوى الاطميناني منه ان تمكن من تحصيله ، والافعلى مادونه من المراتب مراعيا للاقوى منها فالاقوى لانه مقتضى الاجتهاد المامور به فى موثقة سماعة المتقدمة الذي هو عبارة عن بذل الوسع والطاقة ، مضافا الى كونه مقتضى لزوم الاقتصار في الخروج عن القاعدة على المتيقن خروجه منها ، هذا فيما اذا كان العذر عاما و اما اذا كان خاصا كالحبس والعمى ، فالاقوى مع فقد البنية و خبر الثقة العارف بالوقت الموجب للاطمينان هو التاخير والانتظار حتى يحصل العلم بدخول الوقت، او السؤال عن اشخاص متعددة الى ان يبلغ اخبارهم حد التواتر الموجب للقطع بالدخول او حدا يوجب الاطمينان به . اذلادليل على ان الغير المتمكن من تحصيل العلم بالوقت فعلا لعذر خصوصی والفاقد للطريق العلمى ايضا مع تمكنه من تحصيل العلم به بالتاخير و الانتظار او السؤال ، يجوز له الاكتفاء بمطلق الظن وان لم يبلغ حدالاطمينان اوبامارة اخرى غير البنية ، سوى ما يتوهم من شمول اخبار صياح الديك للمقام ، ولكنه توهم فاسد لالاختصاص مورد السؤال فيها بالعذر العمومي ، كى يقال ان ان خصوصية المورد لا توجب التقييد فى اطلاق الجواب، بل لان الظاهر من قوله علیه السّلام في حسن الفراء المتقدم اذا ارتفعت اصواتها و تجاوبت فقد زالت الشمس ، و قوله علیه السّلام في مرسل ابن المختار اذا صاح الديك ثلثة اصوات ولاء فقد زالت الشمس ودخل وقت الصلوة هو انه علیه السّلام في مقام الاخبار عن امر واقعى وهو ملازمة الواقعية بين صياح الديك زوال الشمس ، لافى مقام الانشاء وتنزيل الظن الحاصل من صباحه منزلة العلم في الاثار ، كي يكون دالا على جواز الاكتفاء بصياحه لكل معذور ، فاذا كان اخبارا عن ذلك فيدور مدار احراز الملازمة، هذا تمام الكلام فى المعذور الغير المتمكن من تحصيل العلم الا بالتاخير والانتظار .

واما المعذور الغير المتمكن من تحصيل العلم اصلا ولو بالتأخير، فحاصل الكلام فيه هوانه اما ينسد عليه باب العلمى كالبينة و خبر الثقة العارف بالوقت الموجب

ص: 61

لحصول الاطمينان ايضا اولا ، فعلى الثانى يتعين عليه العمل بالبينة وخبر الثقة ، و على الاول ان جرت فى حقه سائر مقدمات دليل الانسداد ، فبناء على ما اخترناه في الاصول من حجية الظن فى كل مسئلة مسئلة اذا تمت المقدمات ، يصير مطلق الظن حجة في حقه شرعا على تقرير الكشف ، ويكون تكليفه التبعيض في الاحتياط ان لم یکن حرجيا ايضا ، والا فالاخذ بالظن الاطمينانى انكان ، والا فبمطلق الظن على تقرير الحكومة واما الاستدلال لجواز اكتفائه بمطلق الظن ، بما رواه الصدوق عن الفضل بن الربيع في حكاية احوال مولانا الكاظم صلوات الله وسلامه عليه في الحبس، من اكتفائه علیه السّلام في معرفة الوقت بقول غلام مراقب له ففيه منع حجية اخبار الفضل اولا ، و منع استفاده اكتفائه علیه السّلام بالظن الحاصل من قول الغلام ثانيا ، هذا مضافا الى انه علیه السّلام كان اعرف بالوقت من غيره ، فلعل انتظاره علیه السّلام لخبر الغلام كان صوريا لئلا يتوهم انه علیه السّلام يصلى بدون احراز الوقت ، و بالجملة مع عدم احراز وجه عمله علیه السّلام لا يمكن استفادة الضابطة الكلية منه كما لا يخفى ، ثم ان هذا تمام الكلام في جواز الاكتفاء بالظن الخاص او المطلق في احراز دخول الوقت بقى الكلام في حكم الصلوة من حيث الصحة والبطلان بعد انكشاف الخلاف و وقوعها كلا ام بعضا قبل دخول الوقت ، فنقول لاشبهة فى ان مقتضى القاعدة الاولية ، هو البطلان ولزوم الاعادة فى الوقت والقضاء فى خارجه مطلقا ، اى سواء كان احرازه الوقت بالعلم او الحجة الشرعية من البينة وخبر الثقة الموجب للاطمينان و اذان المؤذن العارف بالوقت وصياح الديك او الظن المطلق بعد تمامية مقدمات دليل الانسداد ، وسواء وقعت الصلوة بجميعها قبل دخول الوقت أو ببعضها ، لان هذا مقتضى شرطية الوقت للصلوة ، ومجرد صحة الشروع فيها مع احراز الوقت ، لا يجدي في وقوعها صحيحة مع كشف الخلاف ، و عدم قيام الدليل على اجزاء الماتی به بالامر العقلي التخيلي ، ولا بالامر الظاهرى عن المأمور به بالامر الواقعى لكن المشهور حكموا بالصحة والاجزاء فيما انكشف الخلاف والحال ان الوقت قد دخل عليه و هو في اثناء الصلوة ، و استدلوا على ذلك بقوله علیه السّلام في ذيل رواية اسمعيل بن رياح المتقدمة

ص: 62

اذا صليت وانت ترى انك فى الوقت ولم يدخل الوقت فدخل الوقت وانت في الصلوة فقد اجزئت عنك والاشكال فيها سندا من جهة التردد فيحال اسمعيل ، لاوجه له بعد كون الراوى عنه ابن ابی عمیر الذي اجمعوا على تصحيح ما يصح عنه وكونها معمولا بها عند المشهور ، ودلالتها على ماذهب اليه المشهور في الجملة مما لا اشكال فيه وانما الاشكال فى انها هل تختص بما اذا ذخل في الصلوة مع احراز الوقت بالعلم الوجداني، او تعم ما اذا دخل فيها مع احرازه بالعلم التعبدى اى الظن الحاصل من الامارات الشرعية ايضا و منشاء الاشكال هوانه هل كلمة ترى في قوله علیه السّلام و انت ترى انك فى الوقت ، مأخوذة من الرؤية كي تكون كناية عن العلم من باب ذكر السبب وارادة المسبب حيث ان الرؤية سبب لحصول العلم ، او مأخوذة من الرأى كي يكون المراد منه مطلق الاعتقاد ولوكان حاصلا من الامارة الشرعية و توهم ان الرواية تعم ما اذا دخل بالعلم التعبدى على اى تقدير ، اى سواء كانت كلمة ترى مأخوذة من الرؤية او من الرأى ، اما على الثانى فواضح ، واما على الاول فلان كلمة ترى وان لم تكن حينئذ شاملة لما اذا دخل بالعلم التعبدى لكنه ملحق بما اذا دخل بالعلم الوجدانى بواسطة دليل الحجية النازل له منزلة العلم الوجداني فيما له من الاثار مدفوع اولا بان دليل حجية الامارة ناظر الى تنزيل مؤدى الامارة منزلة الواقع لا تنزيل الظن الحاصل منها منزلة العلم ، و ثانيا ان دليل الحجية انما يصح ان يكون ناظرا الى تنزيل الامارة منزلة العلم ، فيما كان اعتبار العلم في موضوع الحكم بلحاظ کونه طريقا الى متعلقه، دون ما اذا كان بلحاظ انه صفة خاصة على ما حققناه في محله ، وتعيين ان اخذه فى الموضوع باى من المحاظين انما هو بمناسبة الحكم والموضوع ، وهى في المقام الذى هو مقام الاجزاء بعد كشف الخلاف ، ان لم تكن قرنية على اخذه بلحاظ انه صفة خاصة ، لم تكن قرنية على اخذه بلحاظ انه طريق الى متعلقه ، ضرورة ان الحكم بالاجزاء بعد كشف الخلاف ، يناسب ك-ون العلم المأخوذ في موضوع هذا الحكم ملحوظا على انه صفة خاصة ، لاعلى انه طريق الى متعلقه كما يظهر وجهه بادنى تأمل ، لااقل من الاجمال ، ومعه يجب الاقتصاد على ما

ص: 63

اذا دخل في الصلوة بالعلم الوجداني لانه القدر المتيقن على كل تقدير، لكن الظاهر ان كلمة ترى مأخوذة من الرؤية كما في قوله علیه السّلام في اخبار باب الطهارة والنجاسة حتى ترى في منقاره دما ، و عليه فتختص الرواية بما اذا دخل فى الصلوة محرزاً للوقت بالعلم الوجداني ، اللهم الا ان يقال ان كلمة ترى وانكانت فيحد نفسها ظاهرة في العلم ، لكن يستفاد من مجموع قوله علیه السّلام اذا صليت وانت ترى انك في وقت ان المراد منه انك دخلت فى الصلوة مع كونك محرز اللوقت ، في مقابل من دخل في الصلوة من دون احراز للوقت، وعليه فتعم الرواية لما اذا دخل في الصلوة مع احراز الوقت بالظن المعتبر و توهم شمول الرواية حينئذ لما اذا دخل فى الصلوة مع احراز الوقت بالطن المطلق بتوهم حجيته ، اذ يصدق حينئذ انه دخل في الصلوة محرز اللوقت مدفوع بان الرواية فى مقام بيان حكم الصلوة من حيث الصحة بعد انکشاف الخلاف ، لافى مقام بيان حكم الشروع فيها كى يؤخذ باطلاق قوله علیه السّلام وانت ترى، وبعبارة اخرى هذا المطلق وارد مورد حكم اخر فلا يصح الاخذ باطلاقه هذا ثم لافرق فى الحكم بالصحة والاجزاء ، بين ما اذا انكشف وقوع بعض الصلوة فى الوقت بالعلم او بالظن المعتبر ، ضرورة ان هذا الحكم مترتب على وقوع بعض الصلوة واقعا فى الوقت لا على العلم بوقوعه فيه ، مع انه لو كان مترتبا على العلم به فحيث ان العلم في المقام مأخوذ على وجه الطريقية ، فيقوم مقامه الامارات المعبرة على ما بيناه في الاصول كما لافرق في ذلك بين ما لو كان انكشاف الخلاف بالعلم او الظن المعتبر و اما اذا لم ينكشف الخلاف لا بالعلم ولا بالظن المعتبر ، ولكن شك في وقوع بعض الصلوة في الوقت ، فهو وانكان خارجا عن مورد الرواية ، حيث ان موردها انكشاف عدم وقوع بعضها فى الوقت ، لكن يمكن القول بالصحة هنا ايضا من جهة العلم بان هذه الصلوة اما واقعة بتمامها في الوقت او ببعضها ، فعلى الاول يشملها ادلة الصلوة ، وعلى الثانى يشملها هذه الرواية ، فعلى كل حال تكون صحيحة.

بقى هنا فرعان احدهما مالو دخل في الصلوة محرز اللوقت بالعلم ثم شك في الاثناء فى دخول الوقت ، فهل يجب عليه اتمام هذه الصلوة والاعادة بعد احراز

ص: 64

الوقت ، اولا يجب عليه ذلك بل يجوز له ايطال هذه والاتيان بصلوة اخرى بعد احراز الوقت ، قد يقال بالاول من جهة علمه اجمالا ، اما بوجوب اتمام هذه لوكانت کلا او بعضا واقعة في الوقت ، او بوجوب الاخرى لولم تكن هذه واقعة فى الوقت اصلا و فيه مالا يخفى ، لالما توهم من ان مع الشك في الاثناء لا يتمشى منه قصد القربة بالنسبة الى الاجزاء اللاحقة، إذ فيه انه يكفي في صحة الاجزاء اللاحقة انیانها رجاء ، ولا لما توهم من ان مع احتمال عدم وقوع الصلوة في الوقت اصلا يكون الحكم بوجوب اتمامها و حرمة ابطالها مبينا على التمسك بالعام في الشبهة المصداقية ، وذلك لما عرفت من ان الحكم بحرمة الابطال ، انما هو من جهة العلم الاجمالي بتحقق احد الحكمين من وجوب اتمام هذه الصلوة او وجوب اتيان صلوة اخرى ، لامن جهة التمسك بعموم لا تبطلوا اعمالكم و توهم ان هذا العلم غير مؤثر في وجوب الاحتياط ، لانه انما يكون مؤثرا في ذلك فيما اذا كان المعلوم بالاجمال فعليا على كل تقدير ، وليس المعلوم بالاجمال فيما نحن فيه كك ، ضرورة انه لولم تكن هذه الصلوة واقعة فى الوقت اصلا ، لم تكن الصلوة الاخرى واجبة مع عدم احراز شرطه وهو دخول الوقت مدفوع بما حققناه في محله من ان الواجب المشروط الذى يعلم بتحقق شرط وجوبه في محله وان لم يتحقق بعد ، حكمه عند العقل حكم الواجب المطلق ، ولذا يحكم بوجوب تحصيل مقدماته الوجودية قبل تحقق شرط وجوبه فيما اذا لم يتمكن من تحصيلها عند تحقق شرطه بل لان الدليل على حرمة الابطال هو الاجماع ، والمتيقن منه هو ما اذا كان العمل صالحا لان يكتفى به في مقام الامتثال واتمامه بقصد الامتثال القطعى ، ومن المعلوم ان هذه الصلوة مع الشك فى وقوعها في الوقت ، لا تصلح لان يكتفى بها في مقام الامتثال و اتمامها بقصد الامتثال القطعى فتدبر، فالمتعين في المقام هو جواز ابطال هذه ووجوب الاتيان بصلوة اخرى بعد احراز الوقت .

الفرع الثانى مالودخل في الصلوة المحرز للوقت بالعلم ثم انكشف له بعد الفراغ عن الصلوة خطاء علمه ، ولكن احتمل دخول الوقت عليه في الاثناء ، فهل

ص: 65

يحكم بصحة صلوته بمقتضى فاعدة الفراغ مطلقا ، او يفصل بين مالوا حتمل حصول الالتفات له حين العمل بدخول الوقت في الاثناء فيحكم بالصحة ، و بين مالم يحتمل ذلك فيحكم بالفساد وجهان مبنيان على كون التعليل الوارد في بعض اخبار القاعدة الوارد في باب الوضوء ، بقوله علیه السّلام هو حين يتوضوء اذكر، حكمة للحكم كيلا يدور الحكم مداره ، أو علة كي يدور الحكم مداره والاقوى هو الحكم بالصحة مطلقا ولولم يحتمل حصول الالتفات له بدخول الوقت في الاثناء ، وذلك لمنافات كونه علة لماورد فى ذاك الباب ايضا ، من الحكم بصحة الوضوء فيما اذانسى تحريك الخاتم في اثنائه ثم شك بعد الفراغ عنه في انغسال ما تحته ام ، لا فهذا قرينة على ان قوله علیه السّلام هو حين يتوضوء اذكر حكمة للحكم بالصحة لا علة له كي يدور الحكم مداره ، وحينئذ فيؤخذ باطلاق باقى الاخبار الخالية عن هذا التعليل ويحكم بالصحة مطلقاً ثم انه قد يتوهم ان الاقوى هو الحكم بالصحة في كلا الفرعين ، بمقتضى قاعدة اليقين القاضة بوجوب البناء على اليقين السابق و عدم نقضه بالشك اللاحق لو كان ساريا وفيه ما حققناه فى باب الاستصحاب من خلو هذه القاعدة عن الدليل ، و فساد توهم شمول ادلة الاستصحاب لها ايضا ومثله فى الفساد ما قد يتوهم من ان مقتضى القاعدة هو الحكم بالفساد في الفرع الثاني مطلقاً ، لانصراف مطلقات قاعدة الفراغ الى ما احتمل كون الماتى به موافقا للمامور به الاولى ، والمفروض ان فيهذا الفرع يقطع بان بعض صلوته لم يقع فى الوقت المجعول لها ، و معه كيف يحتمل مطابقة هذه الصلوة الماتى بها للصلوة المأمور بها الاولى المقيد بوقوعها كلا في الوقت المجعول لها ، اذفيه ان هذه الصلوة التي دخل فيها بزعم دخول الوقت و ان لم تكن مطابقة للمأمور بها الاولى، ولكن يحتمل كونها مطابقة للصلوة التي دخل فيها بزعم دخول الوقت ثم دخل الوقت في الاثناء ، التى لم تكن مأمورا بها واقعاً ولا ظاهرا ، ولكن تقبلها الشارع عوضا عن الصلوة المأمور بها واقعا ، ورتب عليها كل ما يترتب على المأموربها بالامر الواقعى ، ومعه لاوجه لدعوى انصراف اطلاقات ادلة قاعدة الفراغ الى صورة احتمال مطابقة الماتى بها للمأمور بها كمالا يخفى فتدبر.

ص: 66

ثم ان الاقوى اختصاص هذا الحكم اى الحكم بالاجزاء فيما اذا دخل في الصلوة عالما بدخول الوقت ثم انكشف له الخطاء وان بعض صلوته وقع قبل دخوله، بما اذا كان اعتقاد دخول الوقت علما اوظنا من جهة الخطاء فى التطبيق ، بعد الفراغ عن اصل الوقت بحسب المفهوم واما لو كان اعتقاد دخوله كك من جهة الخطاء في المفهوم ، كما اذا اعتقد دخول وقت المغرب او الصبح ، بتوهم ان المغرب يتحقق بغيبوبة القرص عن العين في الافق ، وان الصبح يتحقق بطلوع الفجر الأول فالظاهر عدم ثبوت هذا الحكم له ، لان الظاهر من قوله علیه السّلام في الرواية وانت ترى انك في الوقت ولم يدخل الوقت ، هوان المفروض فيها ما اذا كان خطائه في تطبيق الوقت المحرز وقتية على هذا الزمان الداخل ، لاما اذا كان خطائه فيكون هذا الزمان وقتا .

مسئلة لا اشكال فى انه يجب الترتيب بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، كما يدل عليه قوله علیه السّلام في الاخبار المتقدمة الا ان هذه قبل هذه ، ومقتضى القاعدة الاولية وانكان هو بطلان الصلوة بتركه عمدا وسهوا سواء كان عالما بالحكم او جاهلا لكن خرجنا عنها فيما اذا تركه سهوا بان اتى بصلوة العصر او العشاء قبل الظهر والمغرب، فانه لا يعيدهما اذا وقعتا في الوقت المشترك ، بمقتضى القاعدة الثانوية المستفادة من الادلة الواردة فى المسئلة ، هذا فيما اذا ذكر بعد الفراغ عن العصر مثلا انه لم يأت بالاولى واما اذا ذكر ذلك فى اثنائها فعليه ان يعدل بنيته الى الاولى لعدة روايات منها رواية الحلبى قال سئلت ابا عبد الله علیه السّلام عن الرجل ام قوما في العصر فذكر وهو يصلى بهم انه لم يكن صلى الاولى ، قال علیه السّلام فليجعلها الاولى التي فاتته ويستانف العصر وقد قضى القوم صلوتهم ، ومنها رواية زرارة عن ابيجعفرعلیه السّلام المشتملة على عدة فقرات منها قوله علیه السّلام اذا ذكرت انك لم تصل الاولى وانت في صلوة العصر وقد صليت منها ركعتين فانوها الاولى ثم صل الركعتين الباقيتين وقم فصل العصر ، ومنها غيرهما من الاخيار الاخر المشتملة عليهذا المضمون ومقتضى ظاهر الامر بجعلها الاولى ونيتها الأولى هو وجوب العدول فى اثناء العصر مثلا الى.

ص: 67

الظهر، بل هو مقتضى الجمع بين ادلة حرمة القطع على تقدير شمولها للمقام وبين ادلة اعتبار الترتيب بين الصلوتين .

انما الكلام فى ان الحكم بالعدول في تلك الروايات، هل يختص بما اذا شرع في العصر في الوقت المشترك ، او يعمه و ما اذا شرع فيها في الوقت المختص بالظهر وهل يختص ايضا بما اذا تذكر في اثناء العصر او يعمه وما اذا تذكر بعد الفراغ عنها قد يقال ان مقتضى اطلاق الاخبار الواردة فى المسئلة هو عموم م الحكم من كلتا الجهتين المذكورتين ، و لكن استفادة ذلك من الاخبار في غاية الاشكال ، توضيح ذلك على نحو التفصيل هو ان من نسى عن اتيان الظهر و شرع في العصر ، تارة يكون شروعه فيها في اول الزوال واخرى بعد مضى مقدار ، وعلى التقديرين فتارة يتذكر في اثناء العصر عدم اتيانه بالاولى واخرى بعد الفراغ عنها ، و على التقادير فاما يكون تذكره في الوقت المختص او فى الوقت المشترك لا اشكال في صحة صلوته على جميع التقادير بناء على القول بعدم وقت الاختصاص و انما يجب الترتيب بينهما ، اما فيما تذكر بعد الفراغ، فلان المستفاد من حديث لا تعادان غير الاركان الخمسة الذي منه الترتيب، شرط ذكرى لا يوجب الاخلال به سهوا اعادة الصلوة واما فيما تذكر في الاثناء، فلان الترتيب كان ساقطا الى الان بالنسيان و من الان يمكن احرازه بالعدول الى الظهر بمقتضى الاخبار المتقدمة واما بناء على القول بثبوت وقت الاختصاص، فالاقوى بطلان الصلوة فيما اذا شرع فى العصر فى اول الزوال و تذكر فى الوقت المختص، مطلقاكان تذكره بعد الفراغ او في الاثناء ، اما على الاول فلان مقتضى ثبوت وقت الاختصاص ، هو عدم صحتها لا عصرا ولا ظهرا ، اما عصرا فلعدم وقوعها فى وقته ، و اما ظهرا فلان المفروض انها اتى بها بنية العصر ، فانقلابها عما وقعت عليها من العصرية يحتاج الى الدليل المفقود في المقام ، و ذلك لاختصاص بعض الروايات مرردا بما اذا مضى الوقت المختص بالظهر، كالرواية الواردة فى امامة القوم في العصر ، والواردة في من نسى الظهر حتى دخل وقت العصر و اما صحيحة زرارة المتقدمة عن أبي جعفر علیه السّلام المشتملة على قوله اذا علیه السّلام نسيت الظهر حتى صليت

ص: 68

العصر فذكرتها و انت في الصلوة او بعد فراغك فانوها الاولى ثم صل العصر فانما هي اربع مكان اربع ، فدلالتها على صحة الصلوة و وقوعها ظهرا فيهذا الفرض اعنى ما اذا دخل في العصر اول الزوال ممنوعة جدا ، ضرورة ان كلمة حتى فى قوله نسيت الظهر حتى صليت العصر ، لولم تكن ظاهرة فى ان النسيان استمر الى ان دخل وقت العصر فصلى الصر تنجيل انه اتى بالظهر قبلها ، فلا اقل من ظهورها في استمراره الى مضى مقدار من الزوال ، ضرورة انه لو كان المراد وقوع العصر نسيانا في اول الزوال ، لكان المناسب ان يقول علیه السّلام اذا نسيت الظهر وصليت العصر كما لا يخفى ، سلمنا عدم ظهورها فى استمرار النسيان الى مضى مقدار من الزوال ايضا لكن ليست الصحيحة ظاهرة في خصوص ما اذا شرع في العصر في اول الزوال ، غاية الامر دعوى شمولها لهذا الفرض بالاطلاق ، و دعوى شمولها له كك ممنوعة جدا ضرورة ان نسيان الظهر فى اول الزوال والدخول في العصر نادر وقوعه في الغاية ، ما كان المتعارف فى ذلك الزمان التفكيك بينهما ، سلمنا شمولها له بالاطلاق ، لكن اعراض المشهور عن الصحيحه بالنسبة الى هذا الحكم واخذهم بها بالنسبة الى سائر الاحكام التي تضمنتها ، كاف في الوهن وكاشف عن انهم فهموا من الصحيحة غير ماهي ظاهرة فيه ، باطلاعهم على قرنية قد اختفيت علينا ، هذا مضافا الى ان هذا الحكم موجب للغوية جعل وقت الاختصاص و كونه بلا فائدة رأسا ، ضرورة ان الشروع في العصر قبل الظهر عمدا لا يصح مطلقا سواكان في اول الزوال او بعد مضى مقدار ولو ساعتين بمقتضى ادلة اعتبار الترتيب ، فتنحصر فائدة جعل وقت الاختصاص بما اذا شرع في العصر قبل الظهر سهوا ، وحينئذ لوقلنا بوقوعها ظهرا قهرا او بالغاء نية العصر و احتسابه ظهرا ، ازم ان يكون جعل وقت الاختصاص للظهر بلافائدة ولغوا فتبين مما ذكرنا ان ما ذهب اليه جماعة من صحة الصلوة فيهذا الفرض ووقوعها ظهرا قهرا او بالاحتساب والعدول لاوجه له اصلا واما على الثاني اعنى ما اذاكان تذكره في الاثناء ، فلان مقتضى ثبوت وقت الاختصاص ، هو عدم وقوع ما اتى به من الاجزاء من العصر ولا من الظهر ، اما الاول فواضح ، واما الثاني فلعدم

ص: 69

ما يدل على وقوعه من الظهر بالعدول في المقام ، لما عرفت من اختصاص بعض ادلته بما اذا شرع فى العصر قبل الظهر نسيانا في الوقت المشترك ، وعدم كون المطلقات منها الا فى مقام التصحيح من جهة الترتيب ، فمن غير جهته لابدان يكون المعدول عنه صحيحا كي ينقلب بالعدول إلى المعدول اليه ، فجعل الباطل من غير جهة الترتيب ايضا صحيحا بالعدول ، يتوقف على دليل قوى ولا دليل عليه ، واما صحيحة زرارة المتقدمة فى الفرض السابق ، فقد عرفت ان ظاهرها بقرينة كلمة حتى ، الاختصاص بما اذا شرع في العصر بعد مضى مقدار معتدبه ، فقوله علیه السّلام فيها فذكرتها وانت فى الصلوة ، لا يشمل ما اذا تذكر فى وقت الاختصاص ، ومما ذكرنا فهذين الفرضين، ظهران الاقوى هو البطلان فيما اذا شرع في العصر بعد مضى مقدار من الزوال ، وتدكر فى الاثناء و هو في وقت الاختصاص واما لوشرع في اول الزوال او بعد مضى مقدار منه ، و تذكر في الاثناء وهو فى وقت الاشتراك ، فالاقوى صحة الصلوة ووجوب العدول الى الظهر ، اما صحة الصلوة فلمامر من رواية اسمعيل بن رياح الدالة على ان دخول الوقت فى اثناء الصلوة ولو قبل التسليمة موجب للصحة واما وجوب العدول الى الظهر فلما دل عليه من الروايات المتقدمة و توهم اختصاص رواية ابن رياح بما اذا دخل في الصلوة مع احراز الوقت بوجه ، فلا تشمل ما اذا دخل فيها غافلا عن الوقت كما نحن فيه مدفوع بان من نسى عن الظهر و دخل في العصر ، لا يمكن ان يكون غير ملتفت الى دخول الوقت ، لان المفروض انه عالم بوجوب الصلوة فى الوقت و وجوب الترتيب بين الصلوتين ، وانما هو ناس عن اتيان الظهر لاعن الوقت ، فهو بالنسبة الى وقت العصر ملتفت ويری دخوله، فيشمله قوله علیه السّلام في رواية ابن رياح اذا صليت وانت ترى انك في وقت اللهم الا ان يقال ان ادلة العدول مختصة بما اذا كان العمل صحيحا وواجد الجميع ما يعتبر فيه الا الترتيب ، فلا تشمل مثل ما نحن فيه الذى لا يكون العمل واجد الجميع الشرائط التي منها وقوعه بتمامه في الوقت ، وانما نزله الشارع منزلة الواجد في مرحله الاجزاء والاكتفاء به عن المكلف به الواجد لجميع الشرائط ، والحاصل ان ادلة

ص: 70

العدول مختصة بالمكلف به الأولى الفاقد لخصوص الترتيب، فلاتعم ماجعل بدلاعنه فى مقام الاجزاء هذا وتدبر واما لوشرع بعد مضى مقدار من الزوال و تذكر بعد الفراغ و علم بوقوع بعضه فى الوقت المشترك ، صحت صلوته عصر او وجب عليه اتيان الظهر ، وذلك لسقوط شرطية الترتيب بالنسيان ، واما اذا شرع فى الوقت المشترك وتذكر في الاثناء ، صحت صلوته ووجب عليه العدول الى الظهر لمراعات الترتيب واما لو تذكر بعد الفراغ صحت صلوته عصر السقوط الترتيب ، و وجب عليه اتيان الظهر و هذا واضح .

بقى هنا امور الاول ان صحيحة زرارة المتقدمة ، لاشتمالها على العدول فيما لا يجب فيه العدول ، كالعدول من الحاضرة الى الفائته من يومه وليلته او من غيرهما حيث انه بناء على ما هو المختار من المواسعة يستحب العدول مع سعة وقت الحاضرة ، لابد من حمل مافيها من الامر بالعدول في الموارد المذكورة فيها على الاستحباب او مطلق الرجحان ، وعليه فلا يمكن استفادة وجوب العدول من الحاضرة الى الحاضرة منها، الا بالجمع بينها وبين ادلة اعتبار الترتيب وحرمة ابطال العمل ، فان مقتضى الجمع بينها وبين ادلة اعتبار الترتيب وحرمة ابطال العمل، هو وجوب العدول من الحاضرة الى الحاضرة ، وذلك لان ما اتى به من الاجزاء السابقة، وانكانت صحيحة لسقوط شرطية الترتيب فيها بالنسيان ، الا انه بعد التفاته يقع باقي الاجزاء عمدا قبل الظهر فيفسد لولم يعدل الى الظهر، فبضميمة ادلة العدول يمكن له اتمام الصلوة صحيحة بالعدول ، فاذا امكن له اتمامهاكك فيجب عليه العدول بمقتضى ادلة حرمة ابطال العمل و توهم امکان تصحيح الاجزاء الباقية باجراء لاتعاد بالنسبة الى جزاء السابقة ، فانه بعد شمول حديث لاتعاد للاجزاء السابقة يشمل الاجزاء الباقية ايضا ، لان مفاد الحديث ان كل جزء او شرط غير الخمسة اذا وقع الاخلال به نسيانا لاتعاد الصلوة من قبله ، فاذا لم يجب اعادة الصلوة من قبل الاخلال بالترتيب المعتبر فى الاجزاء السابقة ، فلازمة صحة الاجزاء الباقية ولو وقعت بلاترتيب ، ضرورة انها لو كانت فاسدة للزم اعادة الصلوة مدفوع بمنع شمول لاتعاد للاجزاء

ص: 71

السابقة كى يلزم الحكم بصحة الاجزاء الباقية صونا للحكم بالصحة في السابقة عن اللغوية ، و ذلك لما حققناه في محله ، من انه اذا كان للعام افراد لا يتوقف شموله لها على مؤنة زائدة وتنزيل عليحده ، وكان له فرد او افراد توقف شموله لها على ذلك ، فلا يشمل العام الا الافراد التي لا يتوقف شموله لها على تنزيل عليحده ،دون ما يتوقف شموله له عليه فتامل (1).

الثانى ان العدول من الحاضرة الى الحاضرة ومن الحاضرة الى الفائتة من يومه وليلته او من غيرهما ، ممادل عليه صحيحة زرارة المتقدمة وغيرها من الاخبار واما العدول من الفائتة الى الفائتة ، فمدرکه فحوى مادل على العدول من الحاضرة الى الفائتة، حيث انه اذاكان العدول من الحاضرة الى الفائتة واجبا اوجائزا، فيكون العدول من الفائتة الى الفائتة كك بطريق اولى ، هذا مضافا الى دعوى عدم القول بالفصل والاجماع المنقول عن المحقق الثانى الکرکی قدس سره و سیجی انشاء الله تعالى تفصيله في احكام القضاء .

الثالث لو عدل في مورد جوازه ثم علم انه كان اتيا بالمعدول اليه ، فهل يجوز له العدول ثانيا الى المعدول عنه مطلقا او لايجوز كك ، او يفصل بين مالولم يأت بعد التنبه بافعال او اقوال بقصد المعدول اليه فيجوز ، وبين مالواتى بعده بافعال او اقوال بقصد فلايجوز ، وجوه اقواها الاخير وهو التفصيل بين الصورتين ، اذ على الاولى ظهر له ان عدوله من اللاحقة الى السابقة كان بلامورد فيبقى على نيته الاولى، ولا يجرى هذا على الثانية لان بقائه على نيته الاولى لافائدة فيه ولى لافائدة فيه بعد ماصدق فى حقه

ص: 72


1- اشارة الى ان مع عدم شمول لاتعاد للاجزاء السابقة، لا يمكن استفادة وجوب العدول من الحاضرة الى الحاضرة بالجمع بين الصحيحة وبين ادلة اعتبار الترتيب وحرمة الابطال ضرورة ان بعد شمول للاتعاد للاجزاء السابقة, لا تكون شرطية الترتيب ساقطة فيها كي تكون صحيحة ، فاذا لم تكن الاجزاء السابقة صحيحة لفقدها الترتيب ، لم تكن الصلوة المركبة منها ومن الاجزاء اللاحقة صحيحة ، ومعه لا يصح ان يشملها ادلة العدول وحرمة ابطال العمل ، كي يستفاد من مجموع الادلة وجوب العدول من الحاضرة الى الحاضرة كما لا يخفى منه عفى عنه

انه زاد فى اثناء صلوته ، على ما سيجئى فى محله انشاء الله تعالى من ان صدق الزيادة لا يتوقف على قصدها اذا كان الزائد من سنخ المزيد فيه .

الرابع لو عدل من لاحقه الى سابقة ثم تذكر ان عليه سابقة عليها ايضا ، فهل يجوز له العدول اليها ايضا مطلقاً اولا يجوزكك ، او يفصل بين ما اذا كانت السابقتان مترتبتين فيجوز وبين مالم تكونا كك فلايجوز ، وجوه اقواها عدم الجواز مطلقاً توضيح ذلك م انه لاشبهة فى ان مقتضى القاعدة الاولية ، هو ان العدول عن المنوى الى غيره موجب للبطلان ، ضرورة ان المعدول اليه لم يقع الى زمان العدول عن نية ، فكونه موجبا لصحة المعدول اليه محتاج الى الدليل ، وغاية ما يدل عليه صحيحة زرارة المتقدمة وغيرها، هو جواز العدول من اللاحقة الى سابقتها في

المترتبتين المؤداتين كالظهر والعصر والمغرب والعشاء ، او المختلفتين كالعصر والمغرب والعشاء والصبح ، واما جواز العدول من اللاحقة الى سابقة سابقتها اما ابتداء او بنحوالترامي ، فهو خارج عن مدلول الصحيحة وغيرها وتوهم انه و ان لم يجز العدول من اللاحقة الى سابقة سابقتها ابتداء لعدم شمول ادلته له ، الا انه لا مانع عن شمولها لسابقتها ، وبعد شمولها لها يصير المعدول اليه صحيحا من غير جهة الترتب ، وحينئذ يصح العدول منه الى سابقته ، بالملاك الذى جوز العدول من لاحقته اليه ، وهو تصحيح الترتيب فيما كان من غير جهة الترتيب صحيحا مدفوع بالمنع عن شمول الادلة للسابقة فى الفرض ، ضرورة ان العدول انما هو للتصحيح من جهة الترتيب ، والمفروض ان العدول الى السابقة فى الفرض لا يفيد ذلك ، اذ بعد العدول اليها لا تصح من جهة الترتيب ، ويحتاج تصحيحها من جهته الى العدول عنها الى سابقة أخرى عليها هذا مضافا الى ان اعتبار الترتيب فى الفوائت ، لادليل عليه كما يأتى البحث عنه في محله ، ولذا ذهب جمع من المحققين الى المواسعة في قضائها فاذا لم يكن بينها ترتيب ، فلاوجه لشمول ادلة العدول التي هي للتصحيح من جهة الترتيب لها وبالجملة العدول من اللاحقة الى سابقة سابقتها اما ابتداء او بنحو الترامي، خارج عن مدلول الادلة لان اقصى ما تدل عليه هو العدول الى السابقة

ص: 73

الواحدة ، اللهم الا ان يدعى القطع بارادة المثال مما ذكر فيها من الموارد ، لكنها جرئة عهدتها على مدعيها .

ومن المقدمات القبلة

والبحث عنها يقع فى طى فصول: الاول في المراد من القبلة التي يجب على عامة المصلين من القريب والبعيد الاستقبال والمواجهة اليها و قبل الشروع في ذكر الاقوال فيها ، لابد من تمهيد مقدمة يظهر بها ماهو الاقوى منها، وهى نحو ان المواجهة والمقابلة بين الشيئين تكون مختلفة ضيقا وسعة جسما بينهما الاستقامة من القرب والبعد ، فانه لووقف انسان فى جانب و جماعة كثيرة في مقابله وكان البعد بینه و بينهم مقدار دراع ، لا يصدق المواجهة الابينه وبين واحد منهم ، و اذا صار البعد بينه وبينهم ذراعين ، يصدق المواجهة بينه ء بين الاثنين منهم ، واذا صار البعد بینه و بينهم ثلث اذرع ، يصدق المواجهة بينه و بين ثلث منهم ، و هكذا كلما صار البعد ازيد يتسع المواجهة والمحاذات بينه وبينهم ، الى ان يصدق المواجهة بينه و بين جميعهم ، مع انه لو اخرج خط مستقيم من جهته لا يقع طرف ذاك الخط الا على واحد منهم، فهذا يكشف عن انه لا يعتبر في صدق المواجهة و المقابلة عرفا بين الشيئين ، ان يكون الخط الخارج من احدهما واصلا الى الاخر على هذا نظير ما اذا وقع اجسام كثيرة فى مقابل جسم نيرفانه لاشبهة فى انه لا يقع شعاعه الذى يخرج عنه بشكل المخروط اولا ، الاعلى الجسم الواقع من ذلك الاجسام في رأس المخروط ، وكلما زاد الانفراج بين الخطين المحيطين على ذاك الشكل ، يكون ما يقع شعاعه عليه من الاجسام الواقعة بين الخطين اكثر ، ولا شبهة انه لولم يكن غير ما يحاذى من تلك الاجسام نقطة راس المخروط على والاستقامة مقابلا لذاك الجسم النير ، لم يقع شعاعه على ما يجاذيه منها على نحو الاستقامة، ضرورة اشتراط وقوع الشعاع من جسم الى جسم اخر بالمقابلة بينهما مع انانرى بالوجدان وقوع شعاعه على جميع الاجسام الواقعة في ذاك المخروط الذى لا يكون المحاذى لذاك النير على نحو الاستقامة ، من الخطوط المفروضة خروجها من راسه الى قاعدته ، الاخط واحد منها و توهم ان المواجهة والمقابلة

ص: 74

الحقيقته بين شيئين، لا تتحقق الابان يكون احدهما في مقابل الآخر، بحيث لو اخرج من محل احدهما مستقيما الى جهة الآخر لم ينحرف عنه ، و اطلاقه على غير هذا انما هو بالعناية والمجاز لاعلى نحو الحقيقة مدفوع بانه ان اريد من اعتبار خروج خط مستقيم من احد الشيئين الى الاخر فى تحقق المقابلة الحقيقية بينهما ، هو اعتبار خروجه من النقطة الواقعة في وسط كل منهما الى النقطة الواقعة في وسط الاخر فهو ممنوع جدا ، كيف والالزم عدم وقوع المقابلية الحقيقية في المثال الذي ذكرنا ، بين الاجسام الواقعه في مخروط شعاع الجسم النير وبينه ، مع انك قد عرفت ان المقابلة الحقيقية معتبرة عقلا في وقوع شعاعه عليها و ان اريد منه اعتبار خروج مستقيم من اية نقطة من قدام احدهما الى اية نقطة من قدام الآخر فهو مسلم ، لكن دعوى عدم خروجه من احدهما الى الاخر فيما نحن فيه مما يكذبه الوجدان ، ضرورة ان الاجسام الواقعة فى مخروط شعاع النير ، يخرج من كل منها خط مستقيم الى ذلك الجسم النير ، و كذا المصلى البعيد عن مكة المتوجه الى سمت القبلة ، من نقاط جبهته خط مستقيم الى نقطة من نقاط الجانب المقابل له من البيت و يؤيد ما ذكرناه من ان الموضوع له للمواجهة والاستقبال معنى يختلف ضيقا وسعة جسما بين المستقبل والمستقبل اليه من القرب والبعد كما اوضحناه فيما ذكرنا من المثال و نظيره ، ما نراه بالوجدان فيما اذا وقف شخص بحذاء جسم بعيد بحيث لو كان ذاك الجسم مشاهداله يراه مقابلا له ، انه يصدق عليه انه مواجه لذاك الجسم صدقا حقيقيا بلاتجوز وعناية ، وليس ذلك لكون المواجهة عرفا أوسع من المواجهة الحقيقة كما افاده الاستاد دام ظله ، بل لما ذكرنا من انه يكفى تحقق المواجهة الحقيقة كون احد شيئين مجاذيا للاخر بحيث لو اخرج خط من اية نقطة من احدهما الى الاخر لم ينحرف عنه بل وقع على نقطة منه . اذا تمهدت هذه المقدمة ، فنقول قديق بان الكعبة المشرفة هي القبلة لكافة الناس ، وقد يقال انها قبلة للمشاهد لها ، واما غير المشاهد لما تعذر عليه الاستقبال الى عين الكعبة جعلت قبلته الجهة ، وقد يقال انها قبلة لمن كان في الحرم ، والحرم

ص: 75

قبلة لمن كان خارجا عن الحرم والاقوى من الاقوال هو الاول كما هو المرتكز في اذهان كافة المسلمين، ويدل عليه الاخبار الكثيرة البالغة حد التواتر والاية الشريفة وجعلنا الكعبة البيت الحرام قياما للنس، بناء على كون المراد القيام اليها للصلوة كما هو الظاهر من الرواية المروية عن قرب الاسناد ، ان لله تعالى حرمات ثلث الى ان قال وبيته الذي جعله قياما للناس لا يقبل من احد توجها الى غيره ولا يعارض هذه الاخبار الاخبار المفصلة ، لعدم صراحتها في الخلاف ، فان قوله علیه السّلام فيها البيت قبلة لاهل المسجد والمسجد قبلة لاهل الحرم والحرم قبلة للناس جميعا ، يمكن حمله على بيان توسعة المواجهة مع القبلة على حسب مراتب البعد كما اشرنا اليها فيما مهدناه من المقدمه ، او على ان المسجد والحرم قبلة باعتبار بعضهما المواجه مع الكعبة ، لا ان المسجد والحرم بجميع نقاطهما قبلة ولولم يكن مقابلا من الكعبة بل لا بد من حملها على ذلك ، بعد عدم كونها بظاهرها معمولا بها بين الاصحاب ، فان لازمها هو جواز الصلوة لمن كان فى خارج المسجد الى آية نقطه منه ، ولو كانت الصلوة اليها ملازمة لوقوع الكعبة الى الطرف الايمن من المصلى او الايسر ، وهذا على الظاهر ممالا يلتزم به احد كما لا يعارضها الاخبار الدالة على ان ما بين المشرق والمغرب قبلة كله ، في جواب قول السائل اين حد القبلة كما في صحيحة زرارة ، لانها بظاهرها ليست معمولا بها بين الاصحاب ، مضافا الى كونها معارضة بمادل على لزوم تحويل الوجه الى القبلة فيما اذا التفت المصلى الى كونه منحرفا عنها ، فان الظاهر عدم كون المراد انحرافه عنها الى ما هو خارج عما بين المشرق والمغرب ، فلابد من حمل تلك الاخبار على بيان صحة صلوة من دخل فى الصلوة محرزاً للقبلة باعتقاده وزعمه ثم انكشف الخلاف بعد الفراغ عنها ، فهی نظیر مادل على صحة صلوة من دخل فيها باعتقاد دخول الوقت ثم انكشف وقوع بعضها قبل دخوله ، فكما انه لا يصح ان يقال بدلالة هذا على جواز الدخول فى الصلوة قبل دخول الوقت لمن يعلم بدخوله فى اثنائها ، كذلك لا يصح ان يقال بدلالة تلك الاخبار على جواز الدخول فى الصلوة الى اية نقطة مما بين المشرق والمغرب ، ولولمن كان جاهلا بجهة القبلة

ص: 76

الواقعية غير متمكن من احرازها وبعبارة اخرى تلك الاخبار في مقام تحديد القبلة التى دل حديث لاتعاد على ان الاخلال بها نسيانا ايضا موجب لبطلان الصلوة ووجوب اعادتها ، فلا دلالة لها الاعلى ان من دخل في الصلوة ناسيا للقبلة وغافلا عنها ثم انكشف بعد الفراغ عنها عدم وقوعها الى القبلة ، صحت صلوته ان لم يكن انحرافه عنها الى ما هو خارج عما بين المشرق والمغرب ، و هذا لا يستلزم جواز الدخول في الصلوة الى آية نقطة مما بين المشرق والمغرب ، لمن كان ملتفا الى القبلة الواقعية يضا ولكن لم يكن متمكنا من احرازها كما لا يخفى وكيفكان فالاقوى ان نفس الكعبة قبلة الكافة الناس ، وعليه فلاشبهة فى وجوب الاستقبال والمواجهة بالمعنى الذي ذكرناه فيما مهدناه من المقدمة ، الى عينها في فرائض الصلوات ، على المشاهد لها والعالم بجهتها فعلا و لولم يشاهدها واما من لم يكن مشاهد اولا عالما فعلا ، فهل يجب عليه تحصيل العلم بها مع التمكن كما هو مقتضى القاعدة الأولية ، اولا، بل يجوز له الاكتفاء بما فى عرض العلم من حيث الاعتبار ، كالبينة الشرعية الغير المستندة في شهادتها الى الاجتهاد ، وبالامارات المنصوبة الاقوى هوجواز الاكتفاء بالبينة ، لما عرفت فى مبحث الوقت من ظهور قوله علیه السّلام في رواية مسعدة بن صدقة والاشياء كلها عليهذا الا ان تسبتين او تقوم بها البينة ، فى حجيتها في جميع الموضوعات مطلقا ولومع التمكن من تحصيل العلم واما الامارات المنصوبة ، فقد يقال بل قيل ان الاقوى هو جواز الاكتفاء بها مطلقا حتى للمتمكن من تحصيل العلم ، فان الظاهر من بعض أدلتها كالمرسلة المروية في الفقية ، قال رجل للصادق علیه السّلام انى اكون في السفر ولا اهتدى الى القبلة ، فقال علیه السّلام اتعرف الكوكب الذي يقال له الجدى قال نعم، قال علیه السّلام اجعله على يمینک ، فاذا كنت في طريق الحج فاجعله بين الكتفين وانكان السؤال عمن لا يهتدى الى القبلة ، فلايعم المتمكن من تحصيل العلم ، الا ان بعضها الاخر كرواية محمد بن مسلم قال سألته علیه السّلام عن القبلة قال علیه السّلام ضع الجدى على قفاك وصل مطلق ، ولكنه مختص باهل العراق بقرينة كون الراوى وهو محمد بن مسلم كوفيا على ما صرح به في الروض وغيره ، فتدل على كفاية وضع الجدى على

ص: 77

القفا في صحة الصلوة لمن كان بالعراق وانكان متمكنا من تحصيل العلم لكن لا يخفى ما فيه من منع ظهور هذه الرواية ايضا في جواز الاكتفاء بوضع الجدى على القفا مطلقاً ولو للمتمكن من تحصيل العلم ، لانها وانكانت مطلقة ، الاان من المعلوم ان محمد بن مسلم لم يكن جاهلا بالقبلة مفهوما ولا مصداقا ، وانما سئل الامام علیه السّلام عن حكم الجهل فى مرحلة التطبيق الناشى عن الجهل بجهة القبلة المبينة مفهوما ومصداقا ، وعليه فلابدان يكون سئواله عمن لا يتمكن من تحصيل العلم فيهذه المرحلة ضرورة ان المتمكن من تحصيل العلم بالجهة غير محتاج الى السئوال بعدكون حكمه معلوما عند العقلاء فضلا عن مثل محمد بن مسلم نعم يمكن ان يستدل بهذه الرواية و بالمرسلة المتقدمة ، لاثبات التوسعة في الجملة بالنسبة الى غير المتمكن مطلقا اى السلام سواء كان عراقيا ام لا ، وذلك لان امره علیه السّلام فيهما بجعل الجدى بين الكتفين كما في المرسلة و بوضعه على القفا كما في هذه الرواية ، من دون تعيينه علیه السّلام نقطة خاصة منهما ولاتعيين حالات الجدى من كونه في نهاية الارتفاع او الانخفاض ، يدل على التوسعة فى امر القبلة ، وانه لا يجب الاقتصار على الجهة الواقعية ، بحيث كان الانحراف عنها يسيرا موجبا للخروج عن حد ة ، وذلك لان محل الجدى قريب المحاذاة جدا للقطب الشمالى، والمكة المعظمة غير واقعة في طرف الجنوب لاراضى العراق ، كى اذا جعل اهله الجدى على قفاهم كانوا محاذين المكة ، بل هي مائلة الى طرف الغرب لاراضيه ، ولذا جعل بعض الاصحاب من علائم اهل العراق جعل الجدى خلف المنكب الايمن ، ليصيروا منحرفين عن الجنوب الى طرف المغرب ، فلو جعل الجدى على القفا كما فيهذه الرواية للزم الانحراف عن القبلة بدرجات ، سواء كان المراد من القفا تمام الخلف المشتمل على الكتفين وما بينهما مع الزيادة ، اوكان المراد منه خصوص ما بين الكتفين اى النقطة الواقعة في وسط ما احاطا به اما لزومه على الاول فواضح ، ضرورة انه لو جعل المصلى في العراق الجدى خلف منكبه الايمن يصير منحرفا عن الجنوب الى طرف المغرب على بعد اثنى عشر درجة، ولو جعله خلف منكبه الايسر ، يصير منحرفا عنه الى طرف المشرق بذاك المقدار

ص: 78

او ازید و اما لزومه على الثانى ، فلان جعل الجدى ما بين الكتفين ملازم للمواجهة نقطة الجنوب التي لا شبهة فى انحرافها عن القبلة بدرجات لاهل العراق ، لما عرفت من ان مكة مائلة الى طرف الغرب لاراضى العراق ، فاذا كان هذا المقدار من الانحراف مغتفرا بالنسبة الى غير المتمكن من العراقي ، يكون مغتفرا بالنسبة الى غير المتمكن من غيره قطعا ومما ذكرنا يظهر ان هذه العلامة تعبدية صرفة في مقام توسعة امر القبلة واقعا لغير المتمكن مطلقاً ، لالبيان احراز المقابلة مع القبلة المجعولة اولا للقاطبة ، وذلك لما عرفت من ان جعل العراقى الجدى على قفاه سواء كان المراد منه تمام الخلف او خصوص النقطه الواقعة فى وسط ما احاط به الكتفان ملازم لانحرافه عن القبلة بدرجات ، وهذا اعنى ملازمة جعله في العراق على القفا للانحراف ، مما يعلمه غالب اهل العراق الامن شذ وندر ، ومع علمهم بذلك ، لا يمكن ان يكون جعل هذه العلامة لهم لبيان ماهو طريق الى احراز المقابلة ، اذ كيف يمكن جعل شئ طريقا الى شى آخر لمن يعلم بمخالفته لذاك الشئي ، واحتمال اختصاص هذه العلامة بمن لا يعلم بذلك منهم في غاية العبد ، لاستلزامه للحمل على الافراد النادرة التى ليس السائل عن القبلة . ، هذا فيما اذا كان المراد من

القفا خصوص ما بين الكتفين بمعنى النقطة الواقعة في وسط ما احاطا به .

واما اذا كان المراد منه تمام النقاط الواقعة بينهما اوتمام الخلف ، فاستلزام جعل الجدى على القفا للانحراف مما يعلمه كل احد ، ضرورة ان المصلى لوجعل في صلوة المغرب الجدى خلف منكبه الايمن ، وفى صلوة العشاء خلف منكبه الايسر يعلم اجمالا بعدم وقوع احداهما مقابلة للقبلة كما هو واضح و يترتب على ما استظهر ناه من الرواية من كون هذه العلامة تعبدية صرفة ، انه لو انكشف الخلاف تكون الصلوة صحيحة لا يجب اعادتها اداء ولاقضا ، لوقوعها إلى القبلة المجعولة واقعا لمثل هذا الشخص الغير المتمكن من تحصيل العلم بالقبلة المجعولة اولا بحسب ظاهر ادلتها لكافة الناس وهذا بخلاف ما لوجعلت طريقا ، فان مقتضى القاعدة الاولية حينئذ هو البطلان عند انكشاف الخلاف، ولزوم الاعادة في الوقت اداء اوفى

ص: 79

خارجه قضا ، كما بيناه في مبحث الاجزاء و توهم ان مقتضى رواية محمد بن مسلم المتقدمة الامرة بوضع الجدى على القفا كما اعترفت به جواز التوجه في الصلوة الى نقطة الجنوب انكان المراد من لفظ القفا الوسط الحقيقى من الخلف ، و جواز التوجه فيها الى المغرب والمشرن ان كان المراد منه تمام الخلف ، وهذا مما يشكل الالتزام به مدفوع اولا با نالا بنالی عن الالتزام بذلك بعد قيام الدليل عليه ، وثانيا نقول ان الاستقبال الى القبلة كما يكون له مصاديق حقيقية مختلفة ضيقا وسعة حسبما بين المستقبل وبينها من القرب والبعد كما مر بيانه فيما مهدناه من المقدمة ، كذلك يكون له مصاديق حقيقية مختلفة حسب اختلاف المستقبل وكونه متمكنا من تعيين جهة القبلة و غير متمكن منه ، فانه يصدق عرفا استقبال الكعبة للبعيد عنها الغير المتمكن من تعيين جهتها الواقعية ، على استقباله الى جهتها العرفية التى هى عبارة قطعة خاصة من سمت القبلة يحتمل كون كل جزء منها هي الجهة الواقعية ويقطع بعدم خروجها عن تلك القطعة ، و هذا كماترى ليس من باب الاكتفاء بالامتثال الاحتمالي للتكليف المتعلق بالصلوة الى القبلة ، كي يستشكل بعدم جوازه مع التمكن من الامتثال القطعى الاجمالى بالصلوة الى كل نقطة نقطة من تلك القطعة وباستلزامه المخالفة القطعية الاجمالية ، فيما لوصلى المغرب الى نقطة من تلك القطعة والعشاء الى نقطة اخرى منها، فانه حينئذ يعلم احمالا بوقوع احدى الصلوتين الى غير جهة القبلة ، بل استلزامه العلم التفضيلي ببطلان العشاء ، اما من جهة الاخلال بالقبلة ، و اما من جهة الاخلال بالترتيب على تقدير بطلان المغرب من جهة عدم وقوعها الى القبلة .

بل من جهة ان العرف يفهمون من مثله قوله تعالى فول وجهك شطر المجد الحرام ، ان القبلة للبعيد الغير المشاهد للكعبة والغير الممكن من تحصيل العلم بها ، هي جهتها بالمعنى الذي ذكرنا ، كما نشاهد ذلك فيما اذا قيل لهم توجهوا في حال زيارة العاشورا الى قبر الحسين علیه السّلام ، فانهم يكتفون في التوجه الى قبره المقدس مع عدم التمكن من العلم به بالتوجه الى جهته، وعليه فلوصلى صلوة الى جهة من

ص: 80

تلك القطعة وصلى الاخرى منحرفا عن تلك الجهة ، وانكان يقطع اجمالا بعدم وقوع احدى من الصلوتين الى عين القبلة ، لكن لا يوجب ذلك العلم ببطلانها ، بعد عدم خروجها عن جهتها التي هي قبلة مجعولة شرعا فى حقه فتبين مما ذكرنا ان الانحراف من القبله يسيرا يكون مغتفرا بالنسبة الى البعيد الغير المتمكن من العام بها ، ولومع قطع النظر عن اخبار الجدى ، نعم الانحراف الذي يكون مغتفرا عرقا يكون اضيق مما دل اخبار الجدى على الاغتفار عنه ، وذلك لما عرفت من ان المراد من الجهة العرفة هو المقدار الذى يعلم اجمالا بكون القبلة فيه وليست خارجة عنه ، ولعل هذا المقدار لا يزيد على شبر ، و هذا بخلاف الانحراف الذي دلت اخبار الجدى على جوازه فانك قد عرفت ان جعل الجدى على القفا سواء كان المراد منه تمام الخلف او خصوص بين الكتفين ملازم للانحراف عن القبلة بدرجات و كيفكان لاشبهة في ان القبلة ، سواء قلنا بانها الكعبة مطلقا ، اوقلنا بانها قبلة للقريب واما البعيد فقبلته الحرم او الجهة العرفية لابد من احرازها بالعلم او البينة مع التمكن من احرازها كك ، ومع عدم التمكن منه الرجوع الى العلامات المنصوصة ومع فقدها الاحتياط التام بالصلوة الى جميع الجهات المحتمل كونها فيها ، ومع كونه حرجيا العمل بالظن الاطمینانی اتكان، والا فيمطلق الظن مراعيا للاقوى فالاقوى ، وبعد احرازها يجب استقبالها ومواجهتها بالمعنى الذى ذكرنا ، ولا يجوز الانحراف عنها يمينا و لا شمالا واما ما اشتهر من رجحان لتباسر لاهل العراق ، اما و جوبا كما يظهر من بعض ، او استحبابا كما عن الاخرين ، مستدلا عليه بما رواه الكليني عن على بن محمد رفعه ، قال قيل لا بيعبد الله علیه السّلام لم صار الرجل ينحرف في الصلوة الى اليسار، فقال علیه السّلام لان للكعبة ستة حدود اربعة منها على يسارك و اثنان على يمينك فمن اجل ذلك وقع التحريف على اليسار ، و بما روى عن مفضل بن عمرانه سئل اباعبدالله علیه السّلام عن التحريف لاصحابنا ذات اليسار عن القبلة وعن السبب فيه ، فقال علیه السّلام ان الحجر الاسود لما انزل عن الجنة ووضع في موضعه ، جعل انصاب الحرم من حيث يلحقه نور الحجر الاسود ، فهى عن يمين الكعبة اربعة اميال و عن

ص: 81

يسارها ثمانية اميال كله اثنى عشر ميلا ، فاذا انحرف الانسان ذات اليمن خرج عن القبلة لقلة انصاب الحرم ، و اذا انحرف الانسان ذات اليسار لم يكن خارجا عن حد القبله .

ففيه ان هذه الاخبار لادلالة لها على التعبد ، بعدكونها معللة بان اكثر حد الحرم عن يسار اهل العراق ، مع ان هذا التعليل مما لا يمكن الاخذ به ، ضرورة ان البعيد اذا تياسر عن جهة الكعبة التي احرزها بالبيئة او بالعلامات المنصوصة او غيرها كقول اهل الهيئة ، لا يحصل له العلم بتوجهه الى الحرم ، وذلك لامكان ان تكون الامارات والعلامات التي احرز بها الجهة مصيبة الى مقابل اليسار ، فاذا تياسر خرج عن المواجهة اللهم الا ان يقال ان القبلة للبعيد لما كانت هي الجهة العرفيه ، وهى السعتها مشتملة على نقاط كلها قبلة حقيقية للبعيد ، استحب له الانحراف من النقطة الوسطى الى النقاط الواقعة في يسارها ،فتامل فيكون التياسر حينئذ من القبلة الى القبلة ، ولعل هذا مراد المحقق قدس سره حيث انه لما استشكل عليه المحقق

الطوسي قدس سره بان التياسر انكان الى القبلة فواجب وانكان عنها فحرام ، قال في الجواب بان الحصر غير حاصر لان هنا قسما ثالثا وهو التياسر من القبلة اليها ويمكن ان يكون مستحبا ثم ان الجهة العرفية التي قلنا بانها بجميع نقاطها قبلة حقيقية للبعيد ، ان كانت محرزة معلومة تفصيلا ، فلا اشكال فى ان الصلوة الى آية نقطة منها تكون مجزية لانها امتثال حقيقى للصلوة الى القبلة ، الافيما اذا كانت مواجهة بعض نقاطها للكعبة مظنونة ، فان جواز الاكتفاء بالصلوة الى غير تلك النقطة حينئذ مشكل ، وذلك لان المتيقن من بنا ، العرف على الاكتفاء فى التوجه الى الكعبة بالنسبة الى البعيد بالتوجه الى جهتها مطلقاً وباية نقطة ، انما هو غير هذه الصورة فتدبر واما ان لم تكن الجهة العرفية معلومة تفصيلا بل كانت مرددة بين قطعات ، فلا اشكال فيان مقتضى القاعدة الاولية هو الاحتياط بالصلوة الى تلك القطعات واما ما يتوهم من جواز الاكتفاء بالصلوة الى احدى القطعات ، تمسكا بصحيح زرارة المتقدم عن الباقر علیه السّلام لا صلوة الا الى القبلة ، قال قلت اين حد القبلة قال علیه السّلام ما

ص: 82

بين المشرق والمغرب قبلة كله فقيه مأمر من ان هذه الرواية بماهو ظاهرها من اغتفار هذا المقدار من الانحراف والتوسعة مطلقاً وفى حال الاضطرار والاختيار غیر معمول بها عند الاصحاب ، وهذا يكشف عن انهم فهموا منها ماهو غير ظاهرها بعثورهم على قرينة اختفيت علينا ، فتصير الرواية حينئذ مجملة بالنسبة الينا لعدم اطلاعنا على تلك القرينة هذا مع امكان حملها قريبا على انها في مقام تحديد القبلة التي دل حديث لاتعاد على ان الاخلال بها مطلقاً ولوسهوا موجب للاعادة ، وذلك لان السوال الواقع فى الصحيحة ليس سئوالا ابتدائيا عن حد القبلة ، كي يدل قوله علیه السّلام فى الجواب ما بين المشرق والمغرب قبله كله على ان ما بينهما قبلة مطلقاً ،كى يقال خرج منه العالم فعلا بالجهة الخاصة والمتمكن من تحصيل العلم بها اوما في عرضه من البينة ونحوها ، و بقى ما نحن فيه وهو الغير المتمكن من احراز الجهة ولوالعرفية منها تفصيلا تحت اطلاقه ، بل السئوال فيها كما ترى واقع بعد قوله علیه السّلام لاصلوة الا إلى القبلة الظاهر فى شرطيتها مطلقاً حتى بالنسبة الى الغافل والناسي ، وصار قوله علیه السّلام هذا منشاء للسوال عن حد هذا القبلة التي يوجب الاخلال بها ناسيا بطلان الصلوة ، فقوله علیه السّلام في الجواب ما بين المشرق والمغرب قبلة لا يكون متعرضا الا لتحديد القبلة التى وقع السوال عنها ، فلا يستفاد منه ازيد من صحة صلوة من دخل فيها غافلا عن احراز القبلة ، ثم التفت بعد الفراغ عنها عدم وقوعها الى القبلة، مع عدم كون انحرافه عنها خارجا عما بين المشرق والمغرب ، فلا يدل الاعلى التوسعة بمقدار ما بينهما بالنسبة الى من دخل فى الصلوة نسيانا و غافلا عن احراز القبلة ثم بعد الفراغ عنها او فى الاثنا الى كونه منحرفا عنها مع كونه غير خارج عما بين المشرق والمغرب فلامجال لتوهم دلالته على جواز الدخول في الصلوة منحرفا عن القبلة الى ما بيتهما لمن كان ملتفتا حين الدخول فيها الى انحرافه عنها كما هو اظهر من ان يخفى وبالجملة الرواية ليست فى مقام بيان حد القبلة في حال الاختيار، التفت بل في مقام بيان حد القبلة التي احرزها المصلى باجتهاده وصلى مواحها لها ثم انكشف له بعد الفراغ عنها او في الاثناء خطائه صحت صلوته نعم مقتضى قوله علیه السّلام

ص: 83

فى موثق سماعة المتقدم اجتهد رأيك و تعمد القبلة جهدك، بناء على اختصاصه بالقبلة اوعمومه لها و للوقت، وقوله علیه السّلام في صحيح زرارة المتقدم يجزى التحرى ابدا اذالم يعلم اين وجه القبلة، هو جواز الاكتفاء بالظن الحاصل من الاجتهاد والتحرى و عليه فيكون مخيرا بين الاحتياط بالصلوة الى جميع تلك القطعات ، او تحصيل الظن بالقبلة بالتحرى والاجتهاد، مع التمكن من تحصيله بان كانت هناك امارات يمكن تحصيله منها كقول اهل الهيئة مثلا واما مع عدم العلم بالجهة العرفية راسا ولو اجمالا وعدم التمكن من تحصيل الظن بالقبلة بالتحرى ولا تحصيل العلم بما بين المشرق والمغرب، فالظاهر كما هو المشهور جواز الاكتفاء بالصلوة الى اربع جهات و ذلك لمرسلة الخراش عن بعض اصحابنا عن الصادق علیه السّلام، قال جعلت فداك ان هؤلاء المخالفين علينا يقولون اذا اطبقت السماء علينا او اظلمت فلم نعرف السماء و انتم سواء فى الاجتهاد ، فقال علیه السّلام ليس كما يقولون اذا كان ذلك فليصل لاربع وجوه ، فان ظاهرها ما اذا امتنع الاجتهاد لفقد الامارات الموجبة للظن بالقبلة ، ولاينا في ذلك قول الراوى نقلا عن المخالفين كنا و انتم سواء في الاجتهاد، اذالمراد منه ليس هو الاجتهاد في تعيين القبلة ، بل المراد الاجتهاد فى حكم المسئلة فيهذا الحال، ضرورة ان ما يختص به العامة وكان الخاصة يعرونهم عليه، هو الاجتهاد في الاحكام بالقياس والاستحسانات، لا الاجتهاد فى الموضوعات، فلايكون حينئذ قوله علیه السّلام ليس كما يقولون منافيا لما دل عليه الاخبار و نص عليه اصحابنا الاخيار من وجوب الاجتهاد في القبلة، وعليه فلوتمكن من تحصيل الظن بالتحرى، لا يجوز له تركه والاكتفاء بالصلوة الى اربع جهات ، ولا يعارضها سوى ، صحيحه زرارة و محمد بن مسلم عن ابيجعفر علیه السّلام يجزى المتحير ابدا اينما يتوجه اذا لمعلم این وجه القبلة ، ومرسلة سلة ابن ابى عمير عن زرارة سئلت ابا جعفر علیه السّلام عن قبلة المتحير قال علیه السّلام يصلى حيث شاء ، والمروى في الفقيه عن الرجل يقوم في الصلوة ثم ينظر بعد ما فرغ فيرى انه قد انحرف عن القبلة يمينا وشمالا ، فقال قدمضت صلوته فيما بين المشرق والمغرب قبلة ، ونزلت هذه الاية نزلت هذه الاية فى المتحير ولله المشرق و المغرب فاينما تولوا

ص: 84

(تولوا) فثم وجه الله، وهى غير قابلة للمعارضة معها لاسندا ولادلالة، اما سندا فلاعراض المشهور عن هذه و عملهم بها، و اما دلالة فلان الاولتين تعمان ما اذا تمكن من الصلوة في اربع جهات و ما اذا لم يتمكن لضيق الوقت، ومرسلة الخداش مخصوصة بصورة التمكن لأن الأمر بالصلوة الى اربع جوانب لا يصح الامع التمكن منها كك في الوقت ! ومقتضى القاعدة تقييدهما بها فينحصر موردهما بصورة تعذر الصلوة الى لجوانب الابع و توهم ان مرسلة الخداش لا دلالة لها على ان الصلوة الى اربع جهات حکم تعبدی کی تعارض هذه الاخبار، لاحتمال ان تكون ارشادا الى حكم العقل بالاحتياط تحصيلا للبرائة اليقينية و معه لامجال لمعارضتها مع هذه الاخبار مدفوع بان مقتضى الاحتياط العقلى هو وجوب الصلوة الى جميع الجوانب والجهات و عدم جواز الاكتفاء بها الى به اربع جهات، ومعه كيف يمكن حمل المرسلة على الارشاد الى حكم العقل بالاحتياط و توهم حصول الاحتياط العقلى بالصلوة الى اربع جهات بناء على كون القبلة ما بين المشرق والمغرب مدفوع بما مر من ان مادل على ان ما بين المشرق و المغرب قبلة كله، منزل على ما اذا انكشف الخلاف بعد الفراغ من الصلوة ، فهو فى مقام بيان اجزاء الماتى به عن المامور به الاولى الاختیاری، لا فى مقام بيان جواز الاكتفاء بالصلوة فيما بين المشرق والمغرب اختيارا و اما الاخير اى المروى في الفقيه، فلان قوله علیه السّلام في الذيل و نزلت هذه الاية في المتحيراه، و انكان دالا على جواز الاكتفاء بصلوة واحدة للمتحير مطلقا ، لكنه محمول بقرنية صدور الرواية الظاهر فيما اذا احرز القبلة بالتحرى ثم انكشف الخطاء بعد الفراغ عن الصلوة، على المتحير الذى وظيفته الاجتهاد هذا ثم ان الظاهر المتبادر من قوله علیه السّلام فى مرسلة الخداش اذا كان ذلك فليصل لاربع وجوه، هو الوجوه المتبائنة لا الوجوه الواقعة في طرف واحد من ربع دور الفلك فلابد ان تكون الوجوه الابعة متقاطعة على زوايا قوائم عرفية لاحقيقية عقلية، ضرورة انه يكفى فى صدق كون الوجوه متبائنة كونهاكك عرفا.

وهذا فرعان متفرعان على ماقويناه من لزوم الاخذ بمرسلة الخداش الاول

ص: 85

لو كان عليه صلوتان كالظهر والعصر، فهل يجب عليه ان يأتى بالثانية الى الجهات الاربع التي اتي بالاولى اليها، اولابل يجوز له ان يأتي بالثانيه الى جهات اربع اخرى غير تلك الجهات، وجهان ينشأن من اطلاق الرواية، ومن ان الاختلاف في الجهة يوجب العلم اجمالا بانحراف احدى الصلوتين عن القبلة الواقعية ، قد يقال ان الاقوى هو الثاني، لان القبلة في حق المتحير ما يستفاد من الرواية، والمستفاد من اطلاقها ، هوان القبلة في حقه هو اربع جهات مطلقا، وعليه فتكون كلتا الصلوتين فيما اتى بالثانية الى غير الجهات التي اتى اليها بالاولى، واقعتين الى القبلة المجعولة ، فتكونان صحيحتين مجزيتين، ولا يضر بصحتهما العلم اجمالا بانحراف احداهما عن القبلة الواقعية، بعد عدم كون خصوصها قبلة له ولا يخفى عليك ان استظهاركون اربع جهات قبلة للمتحير من الرواية، انما يصح فيما كان الامر فيها بالصلوة اليها امرا تعبديا صرفا من غير نظر له الى احراز القبلة الواقعية اصلا ، دون مالو كان الأمر بالصلوة الى تلك الجهات ، من باب الاكتفاء عما يحكم به العقل فى مقام احراز القبلة الواقعية، من لزوم الاحتياط التام باتيان الصلوة الى جميع الجهات، بالاتيان بها الى اربع منها ارفاقا على العباد، اذ حينئذ لا يستفاد من الرواية كون الجهات الاربع قبلة حقيقية للمتحير، و دعوى كون الامر فيها تعبديا صرفا ممنوعة جدا، بل دعوى ظهورها في الاحتمال الثاني بقرنية مناسبة الحكم والموضوع قريبة جدا، ضرورة ان التحير فى امر القبلة انما يحصل للمسافر الواقع فى البيداء دون الحاضر الذى تكون جهة قبلة بلده معلومة له، ودون المسافر الوارد في اثناء الطريق في بلدة المتمكن من تحصيل العلم بالقبلة ، بالسئوال عن اهل تلك البلدة، وبمشاهدة قبورهم ومحاريب مساجدهم، ومن المعلوم ان وجوب الاحتياط التام بالصلوة الى جميع الجهات على المسافر المتحير، يكون على خلف المصلحة المقتضية لترخيص المسافر فى قصر الصلوة بقوله تعالى واذا ضربتم في الارض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلوة ، ولذا يحتمل جدا ان يكون جواز الاكتفاء بالصلوة الى اربع من الجهات للمتحير عن الصلوة الى جميعها ، لمراعاة ماهو الملاك

ص: 86

القصر الصلوة في السفر حتى الامكان ، لالكون الجهات الاربع قبلة واقعية في حق المحير هذا وتدبر.

الفرع الثانى لوكان عليه صلوتان، كالظهر والعصر فهل يجب عليه ان يقدم جميع جوانب الظهر على العصر، او يجوز له الاتيان بالعصر قبل الفراغ عن تمام جهات الظهر، و جهان مبنيان على انه مع التمكن من احراز الترتيب علما تفصيليا هل يتعين ذلك اما لتقدم الامتثال التفصيلى على الاجمالي عقلا واما للزوم الجزم في النية بقدر الامكان، اولا يتعين ذلك بل يجوز له الاكتفاء باحراز الترتيب اجمالا كما اذا صلى العصر بعدكل ظهر الى الجهة التى صلى الظهر اليها ، والاقوى هو الثاني و ذلك لما حقق في محله ، من جواز الاكتفاء بالامتثال الاجمالى مع التمكن من التفصيلى ، ولو فيما توقف الاجمالى على التكرار فضلا عما اذا لم يتوقف عليه كما فى المقام، ومن عدم اعتبار الجزم بالنية هذا ولكن هذا اى احراز حصول الترتيب اجمالا في الصورة المفروضة انما هو فيما اذا صلى العصر الى الجهات الاربع التي صلى الظهر اليها، واما اذا صليها الى غير تلك الجهات ، فلا يعلم بحصول الترتيب اصلا ولو اجمالا، و ذلك لاحتمال وقوع العصر إلى القبلة قبل وقوع الظهر اليها فتد بر جيدا وتوهم ان تفرع هذا الفرع على الاخذ بالمرسلة الامرة بتكرار الصلوة، انما هو فيما اذا لم نقل بان المستظهر منها كون اربع جهات مطلقاً قبلة للمتحير، اذ على القول به يكون الترتيب بين الصلوتين محرزا علما تفصيليا ولو فيما اتي بالعصر قبل الفراغ عن تمام جهات الظهر، و ذلك لوقوع صلوة الظهر على القول به الى القبلة المجعولة في حقه مدفوع بان كل جهة من الجهات الاربع ليست قبلة مجعولة فى حقه، ولا الواحدة منها لا بعينها ولا المجموع من حيث المجموع بل المجعول قبلة في حقه احديها المعينة في الواقع وعلم الله تعالى ، وعليه فلا يحرز الترتيب بين الصلوتين ولو اجمالا في الفرض المذكور، الا فيما اتى بالعصر الى الجهة التي صلى الظهر اليها ، اذ مع عدم اتيانها كك ، يحتمل وقوع العصر الى تلك الجهة المعينة واقعا قبل وقوع الظهر اليها، فلا يحرز معه الترتيب المعتبر بينهما اصلا لغر

ص: 87

ولو اجمالا كما لا يخفى هذا ولكن لازم ذلك هو كون الأمر بتكرار الصلوة الى

الجهات الاربع، لاحراز تلك الجهة الواقعية المرددة بينها لا تعبديا محضا كما هو

واضح.

بقى هنا شئى ينبغى التنبيه عليه ، و هوان العلامات التي جرت عادة الفقها على ذكرها لبعض الافاق كجعل اهل العراق ومن والاهم المشرق على المنكب الايسر وهو مجمع العضد والكتف الأيسر، والمغرب على المنكب الايمن، وجعلهم الجدى بحذاء المنكب الايمن، وجعلهم عين الشمس عند الزوال على طرف الحاجب الايمن مما يلى الانف، وجعلهم الجدى على القفا ، ليس شئى منها مجعولا من قبل الشارع، کى تكون من الظنون الخاصة بحيث تكون حجة ولومع الظن بالخلاف، و جعل الجدى على القفا وانكان منصوصا عليه فى بعض الروايات، لكنه كما عرفت ليس مجعولا من باب الطريقة كى يكون من الظنون الخاصة، وانما ذكر الاصحاب تلك العلامات الغير المنصوبة لكونها موجبة للظن ، وعليه لو عارضها قول الخبرة كالهيوى العارف بالقواعد المحققة في علم الهيئة ، بان ادى قوله الى جهة اخرى غير ماتودى اليها تلك العلامات، فالمتبع ما يحصل منه الظن منهما دون الآخر، لانه مقتضى ما دل على وجوب الاجتهاد والتحرى على من لم يعلم جهة القبلة، لان مقتضاه لزوم الاخذ بما هو احرى، ومن المعلوم ان المظنون احرى بالاخذ من الموهوم، و ان لم يحصل من شئى منهما الظن، فحينئذ انكانت الجهة العرفية معلومة ولم يكن التفاوت بينهما خارجا عن حدها فيتخير فى الاخذ بمؤدى كل منهما، وانكان التفاوت بينهما خارجا عن حد الجهة العرفية وازيد من سعتها ، كان اللازم حينئذ الاتيان بالصلوة الى ماليس منه بخارج عن حد الجهة العرفية، وان لم تكن الجهة العرفية معلومة، كان مقتضى القاعدة الاحتياط بالصلوة الى جميع الجهات الواقعة بين المشرق والمغرب التي يعلم اجمالا بوجود القبلة فيها و عدم خروجها عنها، ولا يجزى الاتيان بها الى إحدى الجهات المزبورة مع كونها غير خارجة عما بين المشرق المغرب ، وذلك لما عرفت من ان مادل على ان ما بينهما قبلة، ليس فى مقام توسعة

ص: 88

القبلة بمقدار ما بينهما لعامة المكلفين ولو كانوا ملتفتين، بل انما هو فى مقام تحديد القبلة التي يوجب الاخلال بها ناسيا الى الفراغ عن الصلوة بطلانها ، فلا دلالة له على جواز الدخول فى الصلوة الى ما بينهما لمن كان ملتفا ثم ان الاحتياط باتيان الصلوة الى جميع تلك الجهات الواقعة بين المشرق والمغرب، انما هو لاجل ان الجهات الغير الواقعة بينهما لا يعلم اجمالا بوجود القبلة فيها وعدم خروجها عنها، فمقتضى القاعدة فيما لم يكن ما بين المشرق والمغرب معلوما ، وانكان هوا احتياط باتيان الصلوة الى جميع الجهات ، الا انك قد عرفت ان المستفاد من مرسلة الخداش جواز الاكتفاء بالصلوة الى اربع جهات .

الفصل الثانى فيما يجب الاستقبال له

الفصل الثانى فيما يجب الاستقبال له وما يستحب، وسقوطه عند الضرورة

كما في غيره من القيود، فهنا مسائل الاولى لاخلاف بل لاشبهة فى انه يجب الاستقبال مع الامكان، فى الفرائض من الصلوة يومية كانت اوغير يومية حتى صلوة الميت فيما كانت الفرائض اصلية ذاتية، فى الحضر والسفر فلا تصح الصلوة على الراحله والمحمل والسفينة ونحوها من الوسائل النقلية، فيما اذا لم يتمكن معها من الاستقبال كما لاخلاف ولا شبهة فى انه لا يعتبر الاستقبال في النوافل الاصلية، اذا صليت حال الركوب على الدابة والسفينة ونحوها فى السفر، وان لم يكن مضطرا اليه وانما وقع الخلاف فى انه هل يجب الاستقبال في مطلق الفرائض ولو كانت عرضية كالنافلة المنذورة ، او يختص وجوبه بالفرائض الاصلية ولو صارت نفلا بالعرض كالمعادة جماعة او احتياطا، كما وقع الخلاف فى انه هل يسقط الاستقبال في النوافل مطلقاً حضرا وسفرا في حال المشى والركوب وفى حال الاستقرار على الارض، او يختص سقوطه فيها بما اذا صليت حال الركوب سفرا ، وعلى كلا التقديرين هل يسقط رأسا وفى مجموع الصلوة او يختص سقوطه بغير التكبيرة، فالبحث يقع في مقامين، الأول في ان الاستقبال هل يجب فى الفرائض مطلقا او يختص بالاصلية منها، والثاني في ان الاستقبال هل يسقط في النوافل مطلقا او يختص سقوطه، بما اذا صليت على الراحلة فى السفر، وبغير التكبيرة ، فلنقدم الكلام في المقام الثانى، فنقول الاقوى سقوطه

ص: 89

فى النوافل حضرا وسفرا وفى حال الركوب والمشى بالنسبه الى مجموع الصلوة فان مقتضی عموم قوله علیه السّلام في صحيحة زرارة الاصلوة الا الى القبلة ، وانكان عدم قوطه مطلقا، لكن مقتضى بعض الادلة سقوطه حال الركوب والمشى سفرا وحضرا بالنسبة الى مجموع الصلوة، اما سقوطه حال الركوب سفرا فلقيام الاجماع ودلالة النص عليه، واما سقوطه حال المشى سفرا، فيدل عليه مضافا الى الاجماع المصرح به في محكى النهاية الاخبار المستفيضة ، ففى صحيحة معوية بن عمار عن ابيعبد الله علیه السّلام لابأس بان يصلى الرجل صلوة الليل في السفر وهو يمشى ، ولابأس ان فاتته صلوة الليل ان يقضيها بالنهار وهو يمشى يتوجه الى القبلة ثم يمشى ويقرء ، فاذا ارادان يركع حول وجهه الى القبلة وركع وسجد ثم مشى، وفي صحيحة يعقوب بن شعیب قال سئلت ابا عبد الله علیه السّلام عن الصلوة فى السفر وانا امشى، قال علیه السّلام اوم ايماء واجعل السجود اخفض من الركوع ؛ ورواية الحسين بن المختار عن ابيعبد الله علیه السّلام قال سئلته عن الرجل يصلى وهو يمشى تطوعا قال علیه السّلام نعم واما سقوطه حال الركوب حضرا ، فيدل عليه مضافا الى ما عن الخلاف من دعوى الاجماع عليه الاخبار المستفيضة ، ففي صحيحة الحلبى انه سئل ابا عبد الله علیه السّلام عن صلوة النافلة على البعير والدابة قال علیه السّلام نعم حيثما كنت متوجها ، قلت استقبل القبلة اذا اردت التكبير قال علیه السّلام لا، ولكن تكبر حيثما كنت متوجها وكذلك فعل رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم، وصحيحة عبدالرحمن بن الحجاج عن ابي الحسن علیه السّلام انه سئل ابا عبد الله علیه السّلام في الرجل يصلى النوافل في الامصار وهو على دابته حيثما توجهت به قال علیه السّلام لا بأس، وصحيحته الاخرى عنه علیه السّلام ايضا قال سئلته عن صلوة النافله فى الحضر على ظهر الدابة اذا خرجت قريبا من اثبات الكوفة او كنت مستعجلا بالكوفه، قال علیه السّلام ان كنت مستعجلا لاتقدر على النزول و تخوف تخاف فوت ذلك ان تركته و انت راكب فنعم والا فصلوتك على الارض احب الى واما سقوطه حال المشئى حضرا ، فيدل عليه مضافا الى ما في الرياض تبعا لشارح المفاتيح من دعوى عدم الفصل بين الراكب والماشى فى الحضر ، اطلاق رواية ابن المختار المتقدمة وربما يستدل عليه بقوله

ص: 90

علیه السّلام في رواية ابراهيم بن میمون ان صليت و انت تمشى كبرت ثم مشيت فقرات فاذا اردت ان تركع او مأت بالسجود وليس في السفر تطوع واورد عليه بانه ليس في الفقرة الاخيرة وهى قوله علیه السّلام وليس في السفر تطوع دلالة ولا اشعار بكون المورد هو الحضر، ضرورة انها للتنبيه على لزوم ترك الرواتب النهارية في السفر وفيه ان الفقرة الاخيرة وان لم تكن دالة على كون المورد هو الحضر، الاان صدر الرواية باطلاقه يعمه كما لا يخفى و اما سقوطه رأسا وفى مجموع الصلوة مطلقا، فلاطلاق الاخبار المرخصة الواردة في مقام البيان، و صريح ذيل صحيحة الحلبي المتقدمة، بضميمة عدم القول بالفصل بين الراكب والماشي، خلافا للمحكى عن جماعة من وجوب الاستقبال بالتكبير مطلقا، ولعله لصحيحة معوية بن عمار المتقدمة الظاهرة فى وجوب ذلك على الماشي، فيجب على الراكب ايضا لعدم الفرق ، ولمصححة ابن ابی بخران عن الصلوة فى المحمل فى السفر، قال اذا كنت على غير القبلة فاستقبل القبلة ثم كبر وصل حيث ذهب بك بعيرك، ومقتضى حمل الظاهر على النص حملهما على الاستحباب، جمعا بينهما و بين صحيحة الحلبى المتقدمة الصريحة في عدم الوجوب، كما يؤيد ذلك امره بالركوع والسجود مستقبلا في صحيحة معوية بن عمار المتقدمة، مع استفاضة الاخبار بالايماء لهما ، فانه قرنية على ان ما تضمنته الصحيحة من الامر بالاستقبال حال التكبير والامر بالركوع السجود مستقبلا

الاستحباب.

بقى الكلام فى سقوط الاستقبال فى النوافل اذا صليت حال الاستقرار على الارض، والاقوى هو السقوط، وذلك لاطلاق ماورد في تفسير قوله تعالی اینما تولوا فتم وجه الله من انها نزلت فى النافلة وتوهم ان هذه الرواية لا دلالة لها على ازيد من ان مورد نزول هذه الاية هى النافلة فى مقابل الفريضة، و اما ان مطلق النافلة لا يعتبر فيه الاستقبال فلادلالة لها عليه، و بعبارة اخرى هذه الرواية فى مقام بيان ان مورد النزول هو النفل دون الفرض، و اما انها تعم جميع النوافل فلا دلالة لها علیه اصلا، وحينئذ فالمرجع هو عموم قوله علیه السّلام في صحيحة زرارة لاصلوة الا الى

ص: 91

القبلة، وعموم قوله تعالى فول وجهك شرطر المسجد الحرام، و ذلك لماحقق في محله من ان اجمال الخاص فيما كان منفصلا لا يسرى إلى عموم العام مدفوع بوضوح الفرق بين الخاص والمفسر، فان الخاص اذا كان منفصلا لا يمنع عن انعقاد ظهور العام فى العموم ولا يرفع ظهوره فيه بعد انعقاده، وهذا بخلاف المفسر فانه يوجب رفع الظهور المنعقد للعام ولوكان منفصلا، فانه اذا قال المتكلم اكرم العلماء ثم قال مرادی العلماء هو العدول منهم، يرتفع ظهور العلماء في العموم كما هو واضح و توهم ان هذه الرواية انما وردت في تفسير قوله تعالی اینما تولو افتم و وجه الله، لافی تفسیر قوله تعالى فول وجهك شطر المسجد الحرام کی توجب رفع ظهوره فى العموم مدفوع بان هذه الرواية و انكانت واردة في تفسير الاية الاولى، الا ان قوله علیه السّلام في صحيحة زرارة ولا تقلّب وجهك عن القبلة فتفسد صلوتك فان الله عز وجل يقول لنبيه علیه السّلام في الفريضة فول وجهك شطر المسجد الحرام، يدل على ان الاية الثانية انما وردت لتشريع الاستقبال الى القبلة في خصوص الفرائض، كما يؤيد ذلك رواية على بن جعفر عن اخيه علیه السّلام قال سئلته عن الرجل يلتفت في صلوته هل يقطع ذلك صلوته، فقال علیه السّلام اذا كانت الفريضة والتفت الى خلفه فقد قطع صلوته، و انكانت نافلة لم يقطع ذلك صلوته ولكن لا يعود، والمراد من النهى عن العود هو الكراهة اذلاوجه جه التحريم مع عدم كونه قاطعا ، و حمل الرواية على مورد النسيان يبعده النهي عن العودفان العود ظاهر في الالتفات مع ان النهي لا يصح تعلقه بما صدر عن نسيان الا ان يراد منه الامر بالتحفظ فتدبر، ويؤيده ايضا ما عن تفسير العياشي بسنده الى زرارة في حكم الصلوة فى السفر فى السفينة والمحمل، وفى اخرها قلت فالتوجه نحوها يعنى القبلة في كل تكبيرة ، قال علیه السّلام اما النافلة فلا انما يكبر على غير القبلة، ثم قال علیه السّلام لكل ذلك قبلة للمتنفل اينما تولولوافثم وجه الله الخبر، فان مورد الرواية وانكان هو المسافر، الا انه لا يوجب تقييد اطلاق المنتقل سيما مع استشهاده لها بالطلاق الاية المباركة واما الاستدلال على اعتباره فى حال الاستقرار، بالسيرة المستمرة على اتيان النوافل فيهذا الحال الى القبلة دون غيرها من الجهات ففيه اولا ان استحباب الاستقبال في مطلق

ص: 92

النوافل بل في مطلق العبادات، مما لاشبهة فيه و يدل عليه عدة من الاخبار، ومعه لا تكشف هذه السيرة عن كونه معتبرا في النوافل فى هذا الحال، اذلعلها لمافيه من الاستحباب فى كل حال، وثانيا ان السيرة انما تكشف عن رضا الشارع فيما اذا كانت قابلة للردع لافي مثل المقام الذى يكون الاستقبال فيه مستحبا ولولم يكن معتبرا في صحته فتبين مما ذكرنا كله انه لا دليل على اعتبار الاستقبال في النوافل اذا صليت حال الاستقرار ايضا ، ومقتضى الاصل وهى البرائة عدم اعتباره، اذيكفي في جریانها كونه لرفع العتاب، كما في المستحبات والمكروهات ، فان في ترك الأولى واتيان الثانية عتابا و ان لم يكن فيهما عقاب، وكما ان العقاب بلا بيان قبيح عقلا كك العتاب بلا بيان و لكن الاحوط مراعاة القبلة حال الاستقرار احترازا عن مخالفة المشهور الذاهبين الى اعتباره فى هذا الحال هذا تمام الكلام في المقام الثاني .

واما الكلام فى المقام الاول، وهوانه هل يجب الاستقبال في مطلق الفرائض ولوكانت عرضية كالنافلة المنذورة، أو يختص وجوبه بالفرائض الاصلية ولو كانت نافلة بالعرض كالصلوة المعادة جماعة او احتياطا، فملخصه انه في المقام قولين، الاول وجوب الاستقبال لكل فرض فعلی و انكان نفلا بالاصل كالنافلة المنذورة، الثانى وجوب الاستقبال لكل فرض بالاصل و انكان نقلا بالعرض كالمعادة جماعة و المختار عند الاستاد دام ظله هو الثاني، لا لماتوهم من انه لو كان الاستقبال واجبا لكل فرض فعلى وانكان نفلا بالاصل، ولم يكن واجبا لكل نفل فعلى وانكان فرضا بالاصل لزم ان يكون الوجوب العارض للنافلة بسبب النذر موجبا لاعتبار الاستقبال فيها، مع انه لم يكن معتبرا فيها قبل عروض الوجوب عليها، وان يكون الاستحباب العارض للمعادة جماعة موجبا لعدم اعتبار الاستقبال فيها، مع انه كان معتبرا فيها قبل عروض الاستحباب عليها، وهذا غير معقول، ضرورة تاخر الحكم عن موضوعه طبعا، فلا يمكن ان يؤثر فى موضوعه ويغيره عما هو عليه من الاطلاق والتقييد، هذا مضافا الى ان اعتبار الاستقبال فى النافلة المنذورة، مستلزم لالزام الناذر بغير ما التزم به، ضرورة ان الاستقبال لم يكن معتبرا في متعلق ندره ولاقصد النادر ته

ص: 93

بالمقيد به وذلك لامكان ان يكون في الواقع ونفس الامر ملازمة بين وجوب الصلوة اشتراط استقبال فيها بحيث لا ينفك وجوبها عن اشتراط القبلة فيها، وعليه فلا يكون اعتبار الاستقبال، بسبب عروض الوجوب و مترتبا عليه، كى يلزم المحذور المذكور، بل يكون اعتباره مع عروضه فيكون فى عرضه واما اشكال الزام الناذر بغير ما التزم به فمندفع بان النادر وان لم يقصد تعلق نذره بالمقيد بالاستقبال بل بالمطلق، لكن المطلق اذا كان بعض افراده متخصصا بما يمنع عن تعلق الحكم به، يتعين في غيره من الافراد الخالية عن ذلك المانع، فتعلق الوجوب بالنافلة المتخصصة بالاستدبار بالاستقيال دون المتخصصة بالاستدبار، ليس لاجل تعلق قصد الناذر بالمقيد بالاستقبال بل لما في المتخصصة بالاستدبار من المنقصة المانعة عن تعلق الوجوب بها وبعبارة اخرى تعلق الوجوب بالصلوة المقيدة بالقبلة، ليس لأجل عدم سعة المقتضى و عدم شموله للفاقدة للقبلة بل انما هو لاجل ان الصلوة الفاقد للقبلة غير قابلة لتعلق الوجوب بها لاجل وجود المانع فتبين مما ذكرنا ان تقييد الصلوة الواجبة بالعرض ايضا بالقبلة، ممكن في مرحلة الثبوت، و انما اختار استاد دام ظله عدم تقيدها بالقبلة، لخلو تقيدها بها فى مرحلة الاثبات عن الدليل، لانصراف الاطلاقات الدالة على اعتبار الاستقبال في الواجبات، الى ما يكون واجبا بالاصل والذات و ان صار نفلا بالعرض و انصراف الاطلاقات الدالة على عدم اعتباره فى النوافل، الى ماتكون نافلة بالذات وان صارت واجبة بالعرض، ضرورة انه لا ينسبق الى الذهن من اللفظين اى لفظي الفريضة والنافلة الا ما هو فريضة و نافلة بحسب الاصل، ولذا لا يطلق على المعادة جماعة النافلة ولا على النافلة المنذورة الفريضة، ولا ينا فى ما ذكرنا ما في بعض الاخبار من جعل الفريضة مقابلا للنافلة، كما في صحيحة عبدالرحمن عن الصادق علیه السّلام لا يصلى على الدابة الفريضة الا مريض يستقبل به القبلة ويجزيه فاتحة الكتاب، ويضع بوجه فى الفريضة على ما امكنه من شيء، ويومى فى النافلة ايماء، اذلادلالة بل لا إشعار فيه بالتعميم الى مطلق الفريضة، اذ المتبادر من النافلة ايضا هو خصوص النوافل المتعارفة لا مطلقها هذا مضافا الى ما دل على ان النافلة المنذورة لا يجب

ص: 94

فيها الاستقبال ولا الاستقرار، كصححيحة على بن جعفر علیه السّلام عن اخيه موسى علیه السّلام قال سئلته عن رجل جعل الله عليه ان يصلى كذا وكذا هل يجزيه ان يصلى ذلك على دابة وهو مسافر قال علیه السّلام نعم، و تقييدها بحال الضرووة لاوجه له، كمالا وجه لتضعيفها سندا على بعض الطرق، لان الشيخ رواها عن على بن جعفر علیه السّلام بطريقه الصحيح، كما لاوجه للمناقشة فيها دلالة ، بدعوى ان النسبة بينها و بين دليل المنع في غير حال الضرورة ، كموثق ابن سنان ايصلى الرجل شيئا من المفروض راكبا قال علیه السّلام لا الامن ضرورة عموم من وجه فان المنع فى الموثق يشمل الفرض الاصلى والعرضي والجواز في الصحيحة يشمل حال الاختيار والاضطرار، ولم يعلم اظهرية الصحيحة في شمولها المورد الاجتماع، وهو اتيان النافلة المنذورة على الدابة حال الاختيار من الموثق، و ذلك لان ظاهر السؤال في الصحيحة هوان نظر السائل كان الى جهة طروالنذر على النافلة لا الى حبة الاضطرار، ضرورة انصحة الصلوة على الراحلة كانت معلومة عند مثل على بن جعفر علیه السّلام، فالصحيحة بهذه الملاحظة تكون اظهر فى الاطلاق والشمول لمورد الاجتماع من الموثق ، هذا مضافا الى ما عرفت من ان المتبادر من لفظى الفريضة والنافلة هو ما كان كذلك بالاصل، فلا يشتمل اطلاق ادلة المنع عن اتيان الصلوة المفروضة راكبا للفرض العرضى ، فلا اطلاق للموثق بالنسبة الى النافلة المنذورة کی يعارض الصحيحة ، نعم لو منع عن انسباق الفرض الاصلى و النفل الاصلي من لفظى الفريضة والنافلة، بدعوى كونه بدويا ناشئا من الانس الذهني ، ونوقش في حجية الصحيحة بدعوى اعراض الاصحاب عنها ، لكان المتعين هو القول الأول ، لكن كلتا الدعويين ممنوعتان سيما الثانية ، لمنافاتها لما هو المعلوم من وجود القائل بالقول الثاني فتدبر (1) .

الفصل الثالث فى احكام الخلل من جهة القبلة

الفصل الثالث فى احكام الخلل من جهة القبلة و محصل الكلام فيه هو انه لوصلى الى جهة على وجه صحيح شرعی او عقلی، بان علم اوظن بظن معتبر بكونها

ص: 95


1- اشارة الى انه يكفى فى سقوطها عن الاعتبار اعراض المشهور عنها فتدبر منه عفى عنه

القبلة، ثم انكشف بعد الفراغ عن الصلوة خطائه، وانه كان منحرفا عن القبلة بمقدار لا يتسامح فيه اختيارا، فانكان انحرافه عنها الى ما بين المشرق والمغرب ، فالاقوى صحة صلوته فلا يجب عليه اعادتها اداء ولا قضاء، و انكان انحرافه الى الازيد من ذلك، فيارة يكون انحرافه بحيث يكون مستدبرا، واخرى لا يكون كك، ففى ما لم يكن مستدبرا ، الاقوى وجوب الاعادة عليه فى الوقت لو انكشف الخطاء فيه، وسقوط القضاء عنه لو انكشف فى خارجه، وفيماكان مستدبرا ، ففى وجوب الاعادة علیه اداء وقضاء اوجوبها اداء فقط ، وجهان اقواهما الثاني كما سيجى انشاء الله تعالى بیانه و يدل على الأول اى الصحة و عدم وجوب الاعادة مطلقا فيما كان الانحراف الى ما بين المشرق والمغرب اخبار كثيرة مشتمله على الصحاح وغيرها ، منها صحيحة. معوية بن عمار ، أنه سئل الصادق علیه السّلام عن الرجل يقوم فى الصلوة ثم ينظر بعدما فرغ فيرى انه قد انحرف عن القبلة يمينا او شمالا ، فقال علیه السّلام قد مضت صلوته وما بين المشرق والمغرب قبلة ، و منها صحيحة زرارة المتقدمة عن ابيجعفر علیه السّلام قال لاصلوة الا الى القبلة ، قال قلت اين حد القبلة قال علیه السّلام ما بين المشرق والمغرب قبلة ، بناء على حملها على موردكشف الخطاء كمامر لا على تحديد القبلة لعامة الناس حتى للمختار ، و منها رواية قرب الاسناد بسنده عن على صلوات الله وسلامه عليه، انه علیه السّلام كان يقول من صلى على غير القبلة وهو يرى انه على القبلة ثم عرف بعد ذلك، فلا اعادة عليه اذا كان فيما بين المشرق والمغرب ، بناء على كون المراد من الاعادة المنفية اعم من الاداء والقضاء كما هو ظاهر اطلاقها ولا يخفى ان الروايتين الاولتين. كالصريح في عدم وجوب الاعادة مطلقا ولواداء ، لما فيهما من التعليل بان ما بين المشرق والمغرب قبله ، الدال على ان مضى صلوته لاجل وقوعها الى القبلة المجعولة في حقه ولا يعارض هذه الاخبار الاخبار المفصلة بين الاعادة والقضاء ، كصحيحة عبدالرحمن بن ابیعبد الله عن الصادق علیه السّلام، اذا صليت وانت على غير القبلة واستبان لك انك صليت وانت على غير القبلة وانت فى وقت فاعد ، وان فاتك الوقت فلاتعد وخبر يعقوب بن يقطين قال سئلت عبدا صالحا عن رجل صلى في يوم سحاب على غير

ص: 96

القبلة ثم طلعت الشمس وهو فى وقت، ايعيد الصلوة اذا كان قدصلي على غير القبلة ، وانكان قد تحرى القبلة حينئذ بجهده اتجزیه صلوته، فقال علیه السّلام يعيد ماكان في وقت فاذا ذهب الوقت فلا اعادة عليه وغير ذلك من الاخبار وذلك لان النسبة بين الطائفتين وانكانت عموما من وجه ، حيث ان الطائفة الاولى عامة من جهة شمولها لعدم وجوب الاعادة اداء وقضاء وخاصة من جهة اختصاصها بما اذا وقعت الصلوة الى بين المشرق والمغرب دون النقطتين والاستدبار ، والطائفة الثانية عامة من جهة وقوع الصلوة الى مطلق غير القبلة الشامل لما اذا وقعت الى ما بين المشرق والمغرف او الى نفس النقطتين اوالى دير القبلة ، وخاصة من جهة وجوب الاعادة اذا انكشف الخطاء في الوقت لا مطلقا الا انه لا ينبغى التأمل في تقديم الاولى على الثانية من وجهين ، الاول ما عرفت من صراحة صحيحة معوية بن عمار بملاحظة التعبير بقوله علیه السّلام قد مضت صلوته الدال على صحتها ، والتعليل بقوله علیه السّلام وما بين المشرق والمغرب قبلة ، الدال على ان صلوته واجدة لشرط الاستقبال فى عدم وجوب الاعادة اصلا لا اداء ولا قضاء ، ومعه كيف يمكن اخراج مورد الاجتماع والتعارض وهو ما اذا وقعت الصلوة الى ما بين المشرق والمغرب و انكشف الخطاء في الوقت ، عن الطائفة الاولى وادخاله فى الثانية الوجه الثانى حكومة الطائفة الاولى على الثانية، لان الثانية تدل على ان المصلى الى غير القبلة يعيد اذا التفت في الوقت ، والاولى تدل على ان ما بين المشرق والمغرب قبلة لمن احرز القبلة على وجه صحيح ثم انكشف الخطاء ، فلاتكون صلوته الى غير القبلة ، فلابد حينئذ من حمل الثانية على ما اذا وقعت الصلوة على نفس النقطتين او مستدبرا للقبلة ، ومن هنا ظهر ما في كلام صاحب الحدائق رضى الله عنه ، حيث انه تخيل معارضة الطائفتين وتساقهما في مورد الاجتماع والرجوع فيه الى قاعدة الاشتغال ، كما ظهر منه ما قويناه في الفرض الثالث، وهوما اذا انكشف بعد الفراغ انحرافه عن القبلة الى ازيد مما بين المشرق والمغرب بانکان مقابلا لنفس احدى النقطتين اوكان منحرفا عنها الى الشمال لكن لا الى الاستدبار ، من وجوب الاعادة عليه لو انكشف له الخطاء في الوقت وعدم وجوبها لو

ص: 97

انكشف في خارجه، وذلك لما عرفت انفا من انه مقتضى الجمع بين الطائفتين. و اما الفرض الثانى وهو ما اذا انكشف له بعد الفراغ كونه مستدبرا ، فقد اشرنا فيما مر الى ان الاقوى فيه ايضا وجوب الاعادة لو انكشف الخطاء فى الوقت وعدم وجوبها لو انكشف في خارجه، وذلك لاطلاق الطائفة الثانية المفصلة بين الوقت وخارجه، وليس فيما استدل به من الاخبار على وجوب الاعادة فيهذا الفرض مطلقاً ولو فيما اذا انكشف الخطاء خارج الوقت ما يصلح للتقييدها الا المرسلة المروية في النهاية، انه وردت رواية بان من صلى الى استدبار القبلة ثم علم بعد خروج الوقت وجب عليه اعادة الصلوة، لو كانت معمولا بهما كما يظهر من الشيخ انها كك، حيث قال قدس سره وعليها العمل وهو الاحوط، فان قوله وهو الاحوط قرنية على ان مراده من قوله وعليها العمل هو عمل الاصحاب لا انه قدس سره كان عاملا بها واما خبر معمر بن يحيى قال سئلت ابا عبد الله علیه السّلام عن رجل صلى الى غير القبلة ثم تبينت القبلة وقد دخل وقت صلوة اخرى ، قال علیه السّلام يعيدها قبل ان يصلى هذه التي قد دخل وقتها الا ان يخاف فوت التي دخل وقتها ، فليس قابلا للمعارضة مع الطائفة الثانية لاسندا ولادلالة ، اما سندا فلضعفه على ما حكى ، واما دلالة فلما يحتمل قويا من ان يكون المراد من دخول وقت صلوة اخرى دخول الوقت المختص بالشريكة ، فيدل حينئذ على وجوب الاعادة لو انكشف الخطاء فى الوقت ، هذا مضافا الى احتمال كون سئوال السائل عن الترتيب بين الفائتة والحاضرة، و كان بطلان الصلوة التى وقعت الى غير القبلة مفروغا عنه عنده، لاجل عدم وقوعها على تلك الجهة على وجه صحيح وحجة شرعية او عقلية، بل اوقعها على تلك الجهة من غير اجتهاد وتحرى، سلمنا ظهوره فيكون المراد من دخول وقت صلوة اخرى، هو انقضاء وقت الاولى وان السوال عن ثبوت القضاء بعد انكشاف الخطاء، لاعن الترتيب بينها و بين الحاضرة بعد الفراغ عن ثبوته، لكن نقول ان النسبة بينه و بين الطائفة الثانية حيث تكون هى التبائن ، فتصل النوبة الى المرحجات السندية التى لا شبهة في كونها للطائفة الثانية و توهم ان النسبة بينه وبينها وانكانت التبائن، حيث ان هذا الخبر يدل على وجوب القضاء

ص: 98

اذا انكشف الخطاء و وقوع الصلوة الى غير القبلة مطلقا سواء وقعت الى ما بين المشرق والمغرب أو على نفس احدى النقطتين او مستدبرا، وتلك الطائفة تدل على عدم وجوب القضاء مطلقا، لكن هذا الخبر حيث خرج عن اطلاقه ما اذا انكشف وقوع الصلوة الى ما بين المشرق والمغرب بالاجماع، فيكون بهذا اللحاظ اخص من تلك الطائفة فيجب تقديمه عليها من هذه الجهة مدفوع بان انقلاب النسبة بين المتبائنين بخروج بعض الافراد عن احدهما بدليل لبى ، مبنى على القول بانه اذا وقع التعارض بين الخبرين على وجه التبائن الكلى ، وكان لاحدهما او كليهما قدر متيقن علم به من الخارج لا بحسب مدلول القضيته ، يجب الجمع بينهما بحمل احدهما او كليهما على ذلك القدر المتيقن ، كما في قوله علیه السّلام ثمن العذرة سحت و قوله علیه السّلام لا بأس ببیع العذرة، حيث ان القدر المتيقن من الاول هو عدرة غير المأكول، ومن الثانى عذرة المأكول ، فيحمل الأول على عذرة غير المأكول والثاني على المأكول ، وذلك لان التعبد بالصدور مقدم رتبة على التعبد بالظهور، ضرورة ان التعبد بالظهور بدون التعبد بالصدور يكون بلافائدة ولغوا ، فلابد ان يكون التعبد بالظهور بعد الفراغ عن التعبد بالصدور، فاذا كان التعبد بالصدور مقدما رتبة على التعبد بالظهور ، فدلیل اعتبار السند يشمل كلا الخبرين المتعارضين من دون معارض اذما يتوهم ان يكون معارضا لشموله لكل منهما، هو دليل اعتبار الظهور في الاخر، وهو غير قابل للمعارضة معه بعد ماعرفت من تأخره رتبة عن دليل اعتبار السند فاذا كان دليل اعتبار السند شاملا لكلا الخبرين المتعارضين ، فيكونان كالمتعارضين مقطوعى الصدور في وجوب الجمع بينهما ولو بتأويلهما والعمل على خلاف ظاهرهما وفيه اولا المنع عن وجوب تأويل ظاهر مقطوعى الصدور والعمل بخلاف ظاهرهما فيما وقع التعارض بينهما ، بل يحكم باجمالهما و سقوط ظهورهما عن الحجية ، و ثانيا ان تأويل ظاهر مقطوعى الصدور ، انما هو لمكان القطع بصدورهما الذي يكون قرنية عقلية على صرف ظهور كل منهما ، من جهة استحالة صدور الكلامين المتناقضين عن المتكلم الحكيم ، ودليل اعتبار الخبر انما يجعله بمنزلة الصادر الواقعي فيما

ص: 99

يترتب عليه من الاحكام الشرعية، لا بمنزلة المقطوع الصدور، كى يترتب عليه ما يترتب عليهذا العنوان من اللوازم العقلية، بناء على ما هو الحق من حجية المثبت من الامارات سلمنا انه يجعله بمنزلة المقطوع الصدور، الا انا نمنع عن اصل شمول دلیل اعتبار اخبار الاحاد لحال تعارضها، ضرورة ان التعبد بصدور المتعارضين منها بمالهما من الظهور، مستلزم للتعبد بصدور المتناقضين عن الحكيم تعالى عن ذلك علوا كبيرا، والتعبد بصدورهما مع رفع اليد عن ظهور كليهما او احدهما، مستلزم لعدم التعبد بصدور كليهما او احدهما، وما يلزم من فرض وجوده عدمه محال فالتعبد بصدورهما محال توضيح ذلك هوان صحة التعبد بصدور الخبر موقوفة على وجود اثر عملى للمخبر به، حيث ان معنی از وم التصديق بالخبر هو الالتزام بالاثار المرتبة على المخبر به، فرفع اليد عن ظهور الخبر والحكم باجماله الذي هو في معنى ترك العمل به، موجب لعدم صحة التعبد بصدوره و توهم ان الاجمال الذي هو في معنى ترك العمل، انما يلزم من الجمع لوكان المراد منه هو مجرد الحكم بارادة خلاف الظاهر من دون تعيين ما يحمل الظاهر عليه، واما مع تعيينه كما هو المفروض والمراد من الجمع قطعا فلا يلزم ذلك اصلاكما لا يخفى مدفوع بان تعیین ما يمكن ان يحمل ظاهر المتعارضين او احدهما عليه اقتراحا ومن غير قرنية عليه اصلا، لا يؤثر فى صحة التعبد بهما قطعا، ضرورة انه لا معنى للتعبد بما يمكن حمل الظاهر عليه اقتراحا كما لا يخفى هذا مضافا الى ان معنى حجية الخبر هو جعله واسطة في الاثبات وطريقا الى ثبوت مؤداه، فكيف يمكن ان يجعل حمله على خلاف مؤداه من آثار حجيته و نتائجها هذا فتحصل مما ذكرنا ان شمدول دلیل اعتبار السند للمتعارضين ، انما ، انما يصح فيما اذا امكن الجمع بينهما عرفا، بانكان لاحدهما اقوائية ظهور بحيث يصلح لان يتكل عليه المتكلم فى مقام القرينية لصرف ظهور الاخر، او كان هناك شاهد جمع ، دون ما اذا لم يمكن الجمع بينهما عرفا ، بل كان مؤداهما على خلاف ما هو المتعارف عند اهل المحاورة واللسان، كما اذا كان مؤدى احدهما وجوب اكرام العلماء ومؤدى الاخر حرمة اكرامهم ، فانه و ان امكن الجمع بينهما

ص: 100

عقلا، بحمل الأول على العدول لانهم القدر المتيقن منه، وحمل الثاني على الفساق لانهم القدر المتيقن منه، الا انه لا يمكن الجمع بينهما عرفا بذلك، لان حمل اللفظ على خلاف ظاهره من دون قرينة غير ممكن عند اهل المحاورة واللسان، بل يكون الجمع بينهما بذلك على خلاف ماهو المتعارف فى مقام المحاورة بضرورة ان التكلم باكرم العلماء ولا تكرم العلماء في مقام تفهيم وجوب اكرام العدول منهم و حرمة اكرام فساقهم ، خارج عن طريقة المحاورة كما هو اوضح من ان يخفى فتبين مما ذكرنا كله ان القابل للمعارضة مع اطلاق مادل من اخبار على عدم وجوب الاعادة لوانكشف الخطاء خارج الوقت هو المرسلة المروية في النهاية ، وهي حيث تكون معمولا بها عند القدماء من الاصحاب كما استظهر ناه من كلام الشيخ، و تكون اخص تلك الاخبار، لاختصاص هذه بالاستدبار، وشمول تلك الاخبار له ولما اذا كان مقابلا للمغرب او المشرق ايضا، فيقيد اطلاق تلك الاخبار بها، و مقتضى ذلك هو التفصيل بين الاستدبار وغيره، والحكم بوجوب الاعادة لوانكشف الخطاء خارج الوقت ايضا فى الاول، وعدم وجوبها فى الثانى ثم بناء على هذا التفصيل، هل المراد من الاستدبار هو خصوص الاستدبار الحقيقى المقابل للاستقبال، او الاعم منه ومن الانحراف عن القبلة بازيد من المغرب او المشرق، وجهان مبنيان على انه لو كانت هناك قضيتان شرطيتان و كانت الثانية منهما اخص من مفهوم الاولى، فهل القضية الثانية تكون ظاهرة في كونها قضية مستقلة في مقابل الاولي ، او تكون ظاهرة في كونها بيانا لمفهوم الاولى، وانما اقتصر فيها على الخاص لكونه اظهر افراد العام الذى هو موضوع في مفهوم الاولى، مثلا لوقال يجب غسل الا واني المتنجسة ثلث مرات اذا كان الماء قليلا، ثم قال يكفى غسل الاولى انى المتنجسة مرة اذا كان الماء جاريا، فهل تحمل القضية الثانية على كونها بيانا لمفهوم الأولى، وهو عدم وجوب الغسل ثلاثا اذا لم يكن الماء قليلا، وانما اقتصر فيها على خصوص الماء الجارى ، لكونه اظهر افراد غير القليل كي يعم الحكم بالكفاية مرة للكر ايضا ، او يجعل الثانية قضية مستقلة في مقابل الاولى كيلا يعم الحكم للكر ايضا ، فان قلنا بالاول

ص: 101

فيكون المراد بالاستدبار هو الاعم من الاستدبار الحقيقى المقابل للاستقبال، وان قلنا بالثانى فيكون المراد منه هو خصوص الاستدبار الحقيقي، وحينئذ يرجع في غيره الى اطلاق الاخبار الدالة على انه اذا صلى الى غير القبلة واستبان ذلك في خارج الوقت فلا اعادة عليه، خرج منه خصوص الاستدبار الحقيقي و بقى الباقي.

ثم هل الاحكام المذكورة تختص بمن دخل في الصلوة بوجه شرعى، كما اذا اجتهد في امر القبلة و احرزها بالعلم او الظن المعتبر ثم انكشف الخطاء، او تعم من دخل فيها بوجه عقلى كالناسي والغافل عن احرازها لتوجه ذهنه الى امر شغله عن ذلك، وجهان اقواهما الثانى ، لانه مقتضى اطلاق كثير من الاخبار المتقدمة، ولا يعارضها حديث لاتعاد الدال على ان الاخلال بالقبلة نسيانا موجب للاعادة ، اما عدم معارضته للطائفة الاولى منها الدالة على عدم وجوب الاعادة والقضاء اذا انكشف الخطاء ء مع وقوع الصلوة الى ما بين المشرق والمغرب ، فلانها و انكانت اعم مطلقا من الحديث لاختصاصه بالناسي دونها، الا انها حيث تكون دالة على ان ما بين المشرق والمغرب قبلة ، فتكون حاكمة على حديث لاتعاد الدال على ان الاخلال بالقبلة موجب للاعادة كما لا يخفى، واما عدم معارضته للطائفة الثانية منها ، فلان الحديث شامل باطلاقه لما انكشف الخطاء في الوقت وخارجه، وهى مختصة بما انكشف الخطاء في خارجه فتكون مقيدة لاطلاق الحديث وتوهم ان حديث لا تعادلا نظر له الى القضاء اصلا، وانما يدل على بطلان الصلوة بالاخلال بالقبلة و وجوب اعادتها في الوقت مدفوع اولا بان الاعادة فى لسان الاخبار اعم من الاعادة فى الوقت و خارجه و ثانیا بان حدیث لاتعاد و ان لم يكن متعرضا للقضاء بنفسه (بالمطابقة)، الا انه حيث يكون دالا على بطلان الصلوة بالاخلال ولازم بطلانها لزوم قضائها بمقتضى ادلة القضاء ، فيدل بالالتزام على وجوب الاعادة فى خارج الوقت ايضا، و ثالثا بان عدم تعرضه للقضاء، لولم يكن مؤيد المادلت عليه الطائفة الثانية من عدم وجوب الاعادة لو انكشف الخطاء في خارج الوقت، لم يكن مضرا به كما هو واضح وتوهم ان الاخبار و ان كانت شاملة باطلاقها لصورة النسيان والغفلة ، لكن لابد من تقييدها بمادل عليه بعض

ص: 102

الاخبار من اختصاص سقوط القضاء بالمتحرى العالم بالقبلة او الظان بها دون الغافل عنها ، كصحيحة ابن سليمان المتقدمة حيث قال علیه السّلام و انكان مضى الوقت فحسيه اجتهاده، و صحيحة الحلبي حيث قال علیه السّلام يعيد ولا يعيدون فانهم قد تحروا، في جواب السؤال عن الاعمى الذى يؤم القوم وهو على غير القبلة ، فان التعليل بقوله علیه السّلام فانهم قد تحروا، ظاهر فى ان العلة للحكم هو التحرى والاجتهاد المنتفى مع الغفلة مدفوع اولا بان التعليل بالتحرى ليس لاجل ان له موضوعية ولالاجل كونه مقدمة لتحصيل الظن بالقبلة، بل لاجل ان معه يكون الدخول في الصلوة على وجه صحیح ، ضرورة ان التحرى قد لا يوجب الا مجرد المعذورية، كما اذا تحرى ولم يحصل له العلم ولا الظن بالقبلة ، و من المعلوم ان الدخول في الصلوة على وجه صحيح ، متحقق مع الغفلة والنسيان عن احراز القبلة، فالمراد من التحرى هو ما يقابل الدخول فى الصلوة على وجه المسامحة وعدم المبالات وانابيت عن ظهوره في هذا المعنى ، فلا اقل من احتماله بحيث يمنع عن ظهور الأمر به في انه من حيث كونه مقدمة لتحصيل الظن بالقبلة ، ومعه لاوجه لرفع اليد عن اطلاقات تلك الادلة كما هو ظاهر وثانيا ان التعليل بذلك لا دلالة له على انه من العلة المنحصرة ، كى يدل على عدم الاجزاء بغير ذلك ، حتى يقيد به اطلاق مادل على ان موضوع الحكم كل من صلى على غير القبلة سواء كان عالما (1)بالقبلة اوظانابها او غافلا عنها ، كالخبر المروى فى النوادر من صلى على غير القبلة فكان الى غير المشرق والمغرب فلا يعيد الصلوة ، ورواية معوية بن عمار المتقدمة عن الصادق ، قال سئل عن الرجل يقوم فى الصلوة ثم ينظر بعد ما فرغ فيرى انه انحرف عن القبلة يمينا او شمالا، فقال علیه السّلام قدمضت صلوته وما بين المشرق والمغرب قبلة ، وغير ذلك من الاخبار المطلقة الواردة في مقام البيان و حضور وقت العمل نعم لابد من تقييدها بما اذا (لم يدخل) دخل في الصلوة على وجه غیر صحیح عمداً، ضرورة انها ليست مسوقة لبيان حال الاختيار وموسعة للقبلة كك، بل هى متكفلة لاحكام عذرية ، فتخص بمن كان معذورا اما لعلم او اجتهاد

ص: 103


1- اى كان عالما بان الجهة التى صلى اليها قبلة الخ منه عفى عنه

او نسيان وغفلة ، دون غيره كالعامد ومن بحكمه.

ومن جملة المقدمات في الساتر

اشارة

ومن جملة المقدمات التي يجب تحصيلها قبل الشروع في الصلوة الساتر والبحث عنه يتم برسم امور الاول ان الستر المعتبر فى حال الصلوة غير الستر الواجب في غير حالها، فان وجوبه في غير حال الصلوة مقيد بما اذا كان هناك ناظر محترم، فلولم يكن هناك ناظر اصلا او كان ولكن كان محرما لا محتر ما كاحد الزوجين بالنسبة الى الاخر فلا يجب الستر، وهذا بخلاف الستر المعتبر فى حال الصلوة، فانه واجب مطلقا كان هناك ناظر محترم او محرم اولم یکن ناظر اصلا ، فوجوبه في غير حال الصلوة لاجل الحفظ عن نظر الاجنبى، ولذا لا يجب فيما اذا امكن الحفظ عن نظره بغيره كالدخول فى الحجرة والخيمة و نحوهما ، اوكانت العورة منحفظة عن نظره لاجل الظلمة او بعد المسافة ونحوهما ، و هذا بخلاف وجوبه فى حال الصلوة فانه لاجل عدم كون المصلى عاريا، ولذا يجب مطلقا ولو لم يكن هناك ناظر اصلا الثاني لاكلام فى انه يجب على المختارستر العورة بالوجوب الشرطى فى حال الصلوة مطلقا سواء كانت فريضة او نافلة وفي توابعها التي منها سجدتا السهو، وهذا الحكم في الجملة من المسلمات بل من الضروريات و انما الكلام فى العورة التي يجب سترها وفى مقدار الستر الواجب و فى الحالة التي يجب فيها الستر وينبغى قبل التكلم فى الامور المذكورة ، التعرض لما هو مقتضى الاصل الاولى والثانوى فى المقام ، فنقول لاشبهة فى ان مقتضى الاصل الاولى ، فيما اذاشك في ان شرطية الستر للصلوة ، هل هى شوطية مطلقة كي تكون الصلوة باطلة مع فقده مطلقا و في جميع الحالات حتى حال النسيان والاضطرار اوهى مختصة بحال مخصوص كحال الالتفات والاختيار، ولم يكن لادلة اعتباره اطلاق يعم جميع الحالات، هو الحكم بصحة الصلوة الفاقدة له في غير ذاك الحال، بناء على ما هو الحق من جريان البرائة فى الاقل والاكثر الارتباطيين مطلقا ولو مع الشك فى الشرطية، وان مقتضى الاصل الثانوى اعنى اصالة الاطلاق لو كان لادلة شرطية الستر للصلوة اطلاق ، هو الحكم ببطلان الصلوة الفاقدة لهذا الشرط مطلقا وفي جميع الحالات الا ماخرج بالدليل و انما الكلام فى انه هل لادلة شرطية الستر

ص: 104

اطلاق بحيث يعم جميع الحالات ام لا، فنقول لو استظهرنا من ادلة الاشتراط، ان الشرط ما يفهم من لفظ ستر العورة عند الاطلاق، فلاشبهة في ان مقتضى ذلك هو القول باشتراط ما هو مصداق عرفى لذاك المفهوم مطلقا وفى جميع الحالات ، لكن ليس فيما بايدينا من ادلة اعتبار هذا الشرط، ما يكون مفاده اشتراط ما هو المتفاهم من لفظ ستر العورة عند الاطلاق كي يؤخذ باطلاقه، ضرورة ان العمدة من ادلته هو الاجماع، و هو قاصر عن افادة الحكم فيمورد الخلاف، مضافا الى انه لبى ليس له اطلاق كي يتمسك باطلاقه و توهم ان الاجماع وانكان دليلا لبيا فلا اطلاق له، لكن يمكن التمسك باطلاق معقده ، فيماكان من مقولة الالفاظ ، كما نحن فيه الذي انعقد الاجماع فيه على اشتراط ستر العورة، ومن المعلوم ان المتفاهم من اللفظ عند الاطلاق وعدم تقييده بخصوص حال، هو اشتراط ستر العورة مطلقا وفى الحالات مدفوع بان الاخذ باطلاق ماهو معقد اجتماعهم، انما يلزم فيما اذا كان اجماعهم عليه كاشفا قطعيا عن انهم تلقوا هذا المعنى من المعصوم علیه السّلام بهذا اللفظ، و دعوی کشفه قطعا عن ذلك ممنوعة جدا، اذ من المحتمل قويا انهم تلقوا منه علیه السّلام معنى، وفى مقام التعبير عبروا عنه بهذا اللفظ، ومع عدم كشف اجماعهم عن تلقيهم هذا المعنى عنه علیه السّلام بهذا اللفظ، لا يصح ترتيب ما يترتب على لفظه علیه السّلام، من لزوم الاخذ بمفهومه العرفي والحكم باطلاق الحكم بالنسبة الى مصاديقه العرفية في جميع الحالات، على هذا اللفظ الواقع معقداً لإجماعهم كما لا يخفى واما الاخبار التي ادعى دلالتها على اعتبار هذا الشرط فى المصلى مطلقا ، كصحيح ابن مسلم في الرجل يصلى في قميص واحد فقال علیه السّلام اذا كان كثيفا فلا بأس ، بتقريب ان الظاهر كون التقييد بقوله علیه السّلام اذا كان كثيفا بملاحظة ستر العورة ، فيستفاد منه اشتراط سترها في الصلوة مطلقا ، وصحيح على بن جعفر علیه السّلام عن اخيه موسى علیه السّلام، قال سئلته عن الرجل قطع عليه او غرق متاعه فبقى عريانا وحضرت الصلوة كيف يصلي، قال علیه السّلام ان اصاب حشيشا يستر به عورته اتم صلوته بالركوع والسجود ، وان لم يصب شيئا يستر به عورته اومى و هو قائم فهي واردة في مقام حكم آخر فلا يصح

ص: 105

التمسك باطلاقها للمقام، اما الصحيحة الأولى فلانها فى مقام بیان تقیید مایستر به العورة بكونه كثيفا مانعا عن رؤية ما ورائه ، دون ما يعتبر ستره في الصلوة ولا فى مقام بیان شرطية الستركى يؤخذ باطلاقه، نعم يستفاد من تقييده علیه السّلام الساتر بذلك شرطية ستر العورة، لكن هذا المستفاد ليس من مقولة الالفاظ، وليس علیه السّلام في مقام بيانه ايضا كي يصح التمسك باطلاقه واما الصحيحة الثانية فلانها في مقام بيان كيفية صلوة العرات، و ان تكليفهم فيهذا الحال الركوع والسجود ان امكنهم ستر العورة بشئى كالحشيش وطلى الطين ونحوهما ، والايماء قائما بدل الركوع والسجود ان لم يمكن لهم ذلك ، لا فى مقام بيان شرطية الستر للصلوة كى يؤخذ باطلاقه ، وعلى فرض التسليم فتكون مقيدة بمادل على الصحة في حال الجهل والنسيان والاضطرار فمما يدل على الصحة في حال الجهل في الجملة، صحيح على بن جعفر علیه السّلام عن اخيه

موسى علیه السّلام، قال سئلته عن الرجل يصلى وفرجه خارج لا يعلم به هل عليه اعادة او ما حاله ، قال علیه السّلام لا اعادة عليه وقد تمت صلوته ، فانه يدل على الصحة فيما لو كانت العورة منكشفة فى الصلوة ولم يعلم به الا بعد الفراغ عنها ، و مايدل عليها في حال النسيان حديث لا تعاد ، وما يدل عليها حال الاضطرار حديث الرفع ، على اشكال يأتى الاشارة اليه عن قريب انشاء الله تعالى .

وعلى اى حال لا اشكال ولا خلاف في بطلان الصلوة لولم يستر الرجل او المرئة ما يجب ستره عليهما فيها مع العمد والالتفات ، ضرورة ان اشتراطها بالستر في حال العمد والالتفات هو المتيقن من جميع ادلة اعتباره ، وحينئذ فيشكل الحكم بالصحة فيما علم او تذكر في الاثناء انه مكشوف العورة و بادر الى الستر فورا، و ذلك لانه مادام كان جاهلا او ناسيا وان لم يكن الستر شرطا، لكنه من حين صيرورته عالما او متذكرا الى زمان الستر قداخل بالشرط عالما وملتفتا ، وعدم امكان ايجاب الستر عليه بالنسبة الى هذا المقدار من الزمان لمكان عجزه عنه ، لا يقتضى سقوط شرطيته بالنسبة اليه ، اذ هو نظير القواطع التي تكون موجبة للاعادة و لو كانت قهرية غير اختيارية وتوهم ان الاخلال بالشرط في هذا المقدار من الزمان وانكان مع العلم

ص: 106

والالتفات، الا انه حيث يكون عاجزا عن التستر ومضطرا الى الكشف في هذا الزمان فمقتضى حديث الرفع ارتفاع شرطية الستر بالنسبة الى هذا الزمان واضح الفساد، لالما قيل من ان شمول حديث الرفع للتروك الواقعة اضطرارا محل منع، لانه لا يترتب على اتيان الجزء او الشرط الا الاجزاء ولا على عدم اتيانه الاعدم الاحزاء، و من المعلوم ان الاجزاء وعدمه ليسا من الامور القابلة للوضع والرفع، مع ان رفعه خلاف الامتنان الذى يكون الحديث فى مقامه، وذلك لان عدم الاجزاء و ان لم یکن قابلا للرفع ويكون رفعه خلاف الامتنان، الا ان منشائه وهو اعتبار الشرطية فيهذا الزمان قابل للرفع ويكون فى رفعه الامتنان بل لان التستر في هذا الزمان وانكان غير مقدور له، لكنه لا يوجب كونه غير مقدور له بما هو شرط لطبيعة الصلوة الافيما اذا كانت هذه الصلوة واجبة، و وجوبها مع التمكن من اتيان غيرها من افراد الصلوة الواجدة لهذا الشرط ممنوع جدا ، ولذا منعوا عن البدار لذوى الاعذار الا فيما اذا كان العذر مستوعبا للوقت نعم لولم يتمكن من اتيان غيرها لضيق الوقت و تعين اتيان هذه الصلوة لاهمية الوقت من الستر، ارتفع شرطية الستر بالنسبة الى هذا الزمان ، لكنه لاجل المزاحمة بالوقت لا لاجل حديث الرفع ، فحديث الرفع انما يجدى فيما اذا تعذر الشرط بالنسبة الى اصل طبيعة الصلوة ، كما اذا تعذر الستر رأسا وفى تمام الوقت و اما التمسك لسقوط شرطية الستر فيهذا الزمان فيما اذا كان الاخلال به قبل هذا الزمان جهلا بالموضوع ، باطلاق صحيحة على بن جعفر علیه السّلام المتقدمة ، ففيه ماعرفت من ان الظاهر منها ان موردها هو استمرار الجهل بالانكشاف الى الفراغ عن الصلوة وتوهم انه لا شبهة فى صحة الصلوة فيما لو انكشف العورة في الاثناء ولم يعلم به الا بعد الفراغ عن الصلوة ، و فيما لو كانت منكشفة من من اول الصلوة ثم سترت فى اثنائها بغير علم منه ، لان حكم الجزء حكم الكل ، بل لا يبعد دعوى شمول نفس الصحيحة لهاتين الصورتين بالفحوى والا ولوية ، فاذا كانت الصحيحة شاملة للجهل فى بعض الصلوة كما في الصورتين ، فلازمه الصحة في حال العلم بالمقدار الذى لا يتمكن فيه من الستر و الالزم لغوية الحكم بالصحة بالنسبة

ص: 107

الى ما مضى في حال الجهل مدفوع اولا بالمنع عن شمول الصحيحة لما نحن فيه الذى يكون الاجزاء الواقعة في حال الجهل متعقبة بالعلم في الاثناء، وذلك لما عرفت من اختصاصها بما اذا استمر الجهل الى الفراغ عن الصلوة وثانيا سلمنا عدم اختصاصها بتلك الصورة، لكن نقول حيث يكون شمولها لما نحن فيه، متوقفا على الالتزام بلازمه اعنى الصحة في حال العلم ، فينصرف اطلاقها الى الافراد التي لا يتوقف شمولها لها على الالتزام بهذا اللازم ، و ذلك لما بين فى محله من انه اذاكان الدليل العام افراد لا يتوقف شموله لها على تنزيل آخر ، وكان له فرد يتوقف شموله له على ذلك ، فيحمل ذلك الدليل على تلك الافراد دون الفرد الذى يتوقف شموله له على تنزیل آخر هذا مضافا الى ان دعوى شمول الصحيحة للاجزاء الواقعة حال الجهل المتعقبة بالعلم، والتزام بهذا اللازم صونا لشمولها لها عن اللغوية ، ليست باولى من دعوى عدم شمولها لها لاستلزامه اللغوية نعم لوورد دليل خاص على الصحة بالنسبة الى ما مضى من الاجزاء في حال الجهل ، لكان لازمه الحكم بالصحة بالنسبة الى الاجزاء الواقعة حال العلم ايضا ، صونا لكلام الحكيم عن اللغوية ، وهذ الايجرى بالنسبة الى الدليل العام، فانه لا يلزم من عدم شموله لما مضى من الاجزاء في حال الجهل لغويته ، بعد وجود افراد أخر له لا يتوقف شموله لها على تنزيل آخر ، كما اذا استمر الجهل الى ما بعد الفراغ عن الصلوة ومما ذكرنا ظهر فساد التمسك لسقوط شرطية الستر بالنسبة الى زمان الالتفات والتذكر في الاثناء فيما اذا كان الاخلال به قبل هذا الزمان نسيانا ، بحديث لا تعاد بتقريب انه لو قيل بشموله لما مضى من الاجزاء فى حال النسيان ، فلازمه الصحة بالنسبة الى ما صدور عنه حال التذكر والالتفات ، صونا للحكم بالصحة بالنسبة الى ما مضى حال النسيان عن اللغوية وذلك لجريان ما اوردناه على التمسك بصحيحة على بن جعفر علیه السّلام للحكم بسقوط شرطية الستر في مدة العلم في الاثناء بالانكشاف ، فى التمسك بالحديث لما اذا كان الاخلال به فى الاجزاء الماضية نسيانا هذا.

و تفصى الاستاد دام ظله عن الاشكال في جميع الفروض المذكورة، اولا بان

ص: 108

هذا الاشكال انما يرد بناء على استفادة شرطية الستر مطلقا وفي و في جميع الحالات من الادلة كى حال العجز عنه كما في المقام، و قد عرفت فيما مر منع

استفادة شرطيته المطلقة مما دل على اشتراطه و ثانيا سلمنا استفادة شرطيته المطلقة منه ، لكن يمكن الحكم بصحة الصلوة في جميع الفروض المذكورة ، بعد ما قام الدليل عليها فيها ، اما فيما اذا علم بالانكشاف في الاثناء بعد الجهل به ، فلشمول صحيحة على بن جعفر علیه السّلام حال الجهل به ، و شمول حديث الرفع حال العلم ب-ه في المدة المخصوصة ، بملاحظة عدم قدرته على التستر واضطراره الى الكشف في تلك المدة و دعوى عدم شمول الصحيحة الجهل المنقطع في الاثناء، لمامر من ظهورها في استمرار الجهل الى الفراغ عن الصلوة مدفوعة بان ظهورها في ذلك بدوى يرتفع بادنى التفاوت الى قوله علیه السّلام فيها وقد تمت صلوته ، اذلوكانت موردها الجهل المستمر الى الفراغ المعلوم عدم تحققه الا بعد الفراغ عن الصلوة ، لكان اللازم عدم الحكم بالصحة الا بعده ايضا

بعده مع ان قوله علیه السّلام قدتمت صلوته ظاهر في صحتها و تماميتها حال وقوعها ، و تماميتها كك انما تكون اذا كانت الشرطية ساقطة واقعا ، والا لكانت الصلوة ناقصة فاقدة لشرطها لاتامة ، والحال ان سقوطها كك لا يمكن تحققة بعد الفراغ عن العمل كما هو واضح ، نعم لو كان الموضوع للحكم بالصحة هو العنوان الانتزاعى اى الجهل المستمر في علم الله تعالى ، صح اسقاط الشرطية واقعا في حق من يستمر جهله الى الفراغ ، لتحقق ذلك العنوان الانتزاعى بالنسبة اليه من أول الأمر بل من الازل ، لكن كون الموضوع للحكم هذا العنوان الانتزاعی ، خلاف ماهو ظاهر الصحيحة من كون الموضوع هو الجهل المتحقق في الخارج، فمتى تحقق و ثبت هذا الموضوع في الخارج ، يترتب عليه حكمه سواء استمر الى اخر العمل او انقطع في الاثناء ، وأما فيما اذا التفت و تذكر في الاثناء بعد النسيان فلشمول حديث الرفع لكلتا الحالتين، اما شموله لحالة النسيان فلدلالته على رفعه ، واما شموله لحالة التذكر فى المقدار الذي لا يقدر على التسترفيه، فلدلالته على رفع ما اضطروا اليه ، فاذا دل الدليل على ارتفاع الشرطية في حالتي النسيان

ص: 109

والاضطرار، و بادر الى الستر في حالة الاختيار، تمت صلوته ولم يكن معها مجال لاعادة الصلوة عليه كما هو واضح، هذا خلاصة ما افاده دام ظله في مقام التفصى عن الاشكال والحكم بصحة الصلوة فى جميع الفروض المذكورة لكن يبقى الاشكال في التمسك بحديث الرفع ، لتصحيح هذه الصلوة الشخصية مع سعة الوقت والتمكن من اتيان صلوة اخرى واجدة لشرط الستر كما اومأنا اليه فالاولى في الحكم بالصحة فى الفروض المذكورة التمسك بحديث لا تعاد ، بتقريب اخر وهو ان الحديث و ان لم يكن شاملا لصورة الاخلال العمدى ، اذ لا معنى لاعتبار شيء في الصلوة شطرا او شرطا والحكم بجواز الاخلال به عمداكما هو واضح ، الا انه شامل باطلاقه للاخلال بالجزء او الشرط جهلا بالموضوع ، ومع ذلك خصه الاصحاب بالاخلال بهما نسيانا، و ليس ذلك الا لاستظهارهم منه انه فى مقام ان كل جزء او شرط لم يمكن توجه الخطاب به عند الاخلال به الا بعنوان الاعادة ، لا يكون الاخلال به موجبا للاعادة ،

الا فيما اذا كان ذلك الجزء او الشرط من الاركان الخمسة ، ولذا خصوا الحديث بما اذا كان الاخلال بهما نسيانا ، لعدم امكان توجه الخطاب بهما في حال نسيانهما الا بعنوان الاعادة بخلاف ما اذا كان الاخلال بهما جهلا ، فانه يمكن ان يتعلق الأمر بهما في هذا الحال بان يقال للجاهل استرعورتك ، فاذا كان المناط في ارتفاع الجزئية او الشرطية في حال النيسان عدم امکان توجه الخطاب بهما فيهذا الحال الا بعنوان الاعادة ، فلازمه عدم اعادة الصلوة فيما تذكر في الاثناء انكشاف عورته وبادر الى سترها ، لانه فى الزمان الواقع بين التذكر والستر وانكان عالما بالانكشاف، الا انه حيث لا يتمكن من الستر فيهذا الزمان ، فلا يصح ان يقال له استر عورتك الا بعنوان الاعادة كما هو واضح ، بل يمكن دعوى شمول الحديث حينئذ لهذا الزمان بالفحوى والا ولوية، و ذلك لانه فى حال النسيان و ان لم يمكن توجه الخطاب بالمنسى الى الناسى بما هو ناس، لكن يمكن توجهه اليه بالعناوين الملازمة او المقارنة له، وهذا بخلاف حال تذكره الانكشاف فيهذا الزمان، فانه لا يمكن توجه الخطاب بالستر اليه فيه اصلاكما لا يخفى ، هذا غاية ما يمكن ان يقال في تصحيح

ص: 110

الصلوة فى الفروض المذكورة ، ولكن الاحوط هو اعادة الصلوة فيما لواخل بالستر ناسيا ولم يتذكر الا بعد الفراغ عنها، و اتمام الصلوة ثم الاعادة فيما اذا اجل به والتفت في الاثناء مطلقا سواء كان الاخلال به نسیانا اوجهلا و انكان الاقوى في الصورة الأولى اى النسيان المستمر إلى ما بعد الفراغ هو الحكم بالصحة ، بمقتضى حديث لاتحاد كما لا يخفى ، هذا تمام الكلام فى الحالة التي يجب فيها ستر العورة على المصلى .

واما الكلام فيما يجب ستره عليه، فملخصه ان العورة التي يجب سترها على الرجال في الصلوة ، هي التي يجب عليهم سترها عن الناظر المحترم و هي القبل والدبر، والمراد من الاول هو القضيب والانثيان، و من الثاني حلقة الدبر التي هي نفس المخرج، فليس العجان التي هي عبارة عما بين الدبر والانثيين، ولا السرة والركبة و ما بينهما ، من العورة التى يجب سترها على الرجال في الصلوة، وذلك لان ما ذكرنا هو المتيقن مما يشمله عنوان العورة فما حكى عن ابن براج من ان العورة عبارة عما بين السرة والركبة، فهو على القول به انما هو فيما يجب ستره عن الناظر المحترم كمادل عليه بعض الاخبار، دون ما يجب ستره في الصلوة اذلادليل عليه و على اى حال فلا اشكال في انه لوصلى الرجل مكشوف العورة عامدا بطلت صلوته، كما لا اشكال فى انه اذا سترها بما يخفى البشرة عن النظر لونا وشبحا، يكون كافيا و ان لم يسترها حجما كما ان الفها بخرقة او اطلاها بطين ونحوه وانما الكلام في انه يكفى مجرد ستر البشرة لونا، او يجب سترها شبحا ايضا، فلا يكفى الستر بالثوب الرقيق الحاكى عن الشبح، ظاهر مرفوع احمد بن حماد لاتصل فيما شف او وصف هو الثاني ، لان الشفيف عبارة عن الثوب الذى يستر اللون دون الشبح كما هو ظاهر مفهوم الشرط في خبر محمد بن مسلم ايضا قال قلت لا بيجعفر علیه السّلام الرجل يصلى في قميص واحد فقال اذا كان قميصا كثيفا لا بأس به ، فانه يدل على ثبوت الباس فى ثوب الرقيق لكن يمكن ان يقال ان الشفيف عبارة عن السخيف المقابل للصفيق ، اى مالايستر ما ورائه لخفته وعدم استحكام نسجه بحيث يرى

ص: 111

اللون من خلاله، فلا يشمل النهي في المرفوع الصلوة في الشفيف المقابل المكثيف ای مالا يستر الشبح، الا ان يقال ان مرفوع ابن حماد لوسلمنا عدم ظهوره في وجوب ستر العورة شبحا ايضا ، لاحتمال كون المراد من الشفيف مالا يستر ماورائه لخفته ، لكن يكفى فى وجوب سترها شبحا مفهوم خبر محمد بن مسلم ، حيث نفى علیه السّلام البأس عن الثوب اذا كان كثيفاً ، فانه يدل على ان ماليس كثيفا وساتر اللشبح ففيه بأس ، هذا مضافا الى امكان المنع عن صدق الستر عرفا بمجرد ستر اللون مع رؤية الشبح ، هذا تمام الكلام فيما يجب ستره في الصلوة على الرجل .

و اما المرئة فالواجب عليها في الصلوة ستر جميع بدنها، ماعدا الوجه واليدين الى الزندين والقدمين الى الساقين ، لا لما توهم من الملازمة ببن وجوب ستر الجميع عن الناظر المحترم في غير حال الصلوة وبين شرطية ستره فى الصلوة ، اذلا دليل على الملازمة بين البابين ، ولذا ذهب المشهور الى استثناء الوجه والكفين والقدمين فى حال الصلوة، مع قولهم بوجوب ستر هذه الثلثة ايضا في غير حال الصلوة، ولا لما قيل من ان ستر العورة فى الصلوة واجب بلا اشكال، والمرآة تمام بدنها عورة لاطلاق العورة عليها عرفا وشرعا ، اما عرفافلتداول اطلاقها عليها، واما شرعا فلاطلاقها عليها في قوله علیه السّلام ان النساء، عى عورات، وذلك لان اطلاق العورة عليها عرفاو شرعاليس بمعنى العورة المعروفة اعنى السوئة، بل بمعنى ما يتحفظ كما في قوله تعالى ان بيوتنا عورة وقوله ثلث عورات لكم بل لوجوب ستر غير ما استثنى من الامور الثلثة عليها للاخبار الكثيرة الدالة على ان المرأة لحرة لا يجوذلها الصلوة الافى ثلثة اثواب ازار و درع و خمار، أو فى ثوبين درع ومقنعة ، او درع وملحفة، او ملحفة واحده اذا التفت بها، فان الدرع عبارة عن القميص الذي يستر جميع البدن غير الرأس، فبضميمة المقنعة اليه يحصل ستر جميع البدن، والملحفة عبارة عن ثوب واسع سابغ شامل للبدن يلبس على الثياب، ومن المعلوم أنها بضميمة الدرع اليها تستر جميع البدن اذا التفت بها بان نشرتها على رأسها وعلى جميع بدنها وضمتها على بدنها ، كما يدل عليه صحيح زرارة قال سئلت اباجعفر عن ادنى ماتصلي فيه

ص: 112

المرأة قال علیه السّلام درع وملحفة فتنشرها على رأسها وتجلل بها، وصحيح جميل بن دراج قال سئلت اباعبدالله علیه السّلام عن المرأة تصلى في درع وخمار قال علیه السّلام يكون عليها ملحفة تضمها عليها، هذا مضافا الى الاخبار الواردة فى الامة والصبية الدالة بمفهومها على وجوب ستر جميع البدن على المرأة الحرة ولا يعارض ما ذكرنا من الاخبار ، ما في خبر ابن بكير عن ابيعبد الله علیه السّلام لا بأس بالمرأة المسلمة الحرة ان تصلى و هى مكشوفة الرأس ، وما في خبره الاخر عنه علیه السّلام ايضا لا بأس ان تصلى المرأة المسلمة و ليس على رأسها قناع، لعدم قابليتهما سندا للمعارضة مع تلك الاخبار الكثيرة المعمول بها ، هذا مع امكان حمل الخبر الثاني على الامة ، او حمل كلا الخبرين على ان المراد بكشف الرأس ، هو كشفه من القناع الذي دل بعض الاخبار على التستر به زيادة على ستر الرأس الواجب واما خروج الموارد الثلثة اعنى الوجه والكفين والقدمين ، فيدل عليه مضافا الى كونه مقتضى الاصل، بعد قصور الاخبار المذكورة عن الشمول لها ، اذ لا ملازمة بين لبس الاثواب المذكورة فيها وستر الموارد الثلثة، ان المتعارف في حال لبسها عدم استتار تلك الموارد كما لا يخفى ، إذ من المعلوم خروج الوجه والكفين والقدمين بل العقبين غالبا عمايستر بالثبات، فالاجتزاء بما ذكر فيها من الأثواب، مع عدم استتار تلك الموارد بها غالبا يدل على ان ما عدا ما يستر بهالا يجب ستره ويدل على خروج خصوص الوجه موثق سماعة قال سئلته عن المرئة تصلى متنقبة ، قال علیه السّلام اذا كشفت عن موضع عن موضع السجود فلا باس به و ان اسفرت فهو افضل ، فان الاسفرار هو ابراز الوجه ومما ذكرنا من عدم دلالة الاخبار المذكورة على وجوب ستر الامور الثلثة ، بل دلالتها على عدم وجوب سترها، ظهرانه لا فرق فى عدم وجوب ستر القدمين بين ظاهر هما وباطنهما ، فما حكى عن شيخ مشايخنا الانصاري قدس سره في حاشيته على النجاة من ان الاحوط ستر باطنهما ، لم يعلم له وجه، وان وجهه الاستاد دام ظله بان الاخبار وان لم تدل على اشتراط ستر باطنهما، الا ان عدم الدلالة على الاشتراط في مرحلة الاثبات ، لا يستلزم عدم الاشتراط فى مرحلة الثبوت، اذ يمكن ان يكون ستره شرطا واقعا،

ص: 113

وانما لم يتعرض له فى مرحلة الاثبات لما هو عليه من الاستتارغالباً، لانه مستور بالارض في حالة القيام وباللبأس فى غيرها من الحالات وذلك لان ستره لوكان شرطا في الصلوة لم يجد استتاره غالبا في حصوله، بعدكونه كالطهارة شرطا في الصلوة مطلقا وفى جميع افعالها واكوانها فتدبر كما ان مما ذكرنا من عدم اشتراط ستر الاعضاء المذكورة فى صلوة المرئة ظهر ايضا عدم الفرق بين القول بوجوب ستر تمام بدنها عن الناظر الاجنبى من دون استثناء شئى منه ، والقول بوجوب ستر ماعدا الاعضاء المذكورة من بدنها عنه وعليه لوصلت المرأ ساترة لبدنها الا ما استثنى من الاعضاء وكان هناك ناظر محترم ، صحت صلوتها مطلقاً وعلى كلا القولين في سترها عن الاجنبي غاية الامرانها تكون ائمة على القول الأول ، دون الثانى الا اذا كان هناك ناظر بريبة فان ستر جميع بدنها من دون استثناء شئى منه عن الناظر بريبة واجب عليها اجماعا فتكون ائمة لوصلت مكشوفة الوجه مع وجود من بنظر اليها بريبة وان كانت صلوتها صحيحة ، هذا تمام الكلام فى ما يجب ستره فى الصلوة على المرئة الحرة واما الامة فلا يجب عليها ستر رأسها بل عنقها ايضا على الاقوى في الصلوة ، للاخبار المستفيضة ففي خبر عبدالرحمن بن الحجاج عن ابى الحسن علیه السّلام ليس على الاماء ان يتقنعن في الصلوة ، وفي خبر محمد بن مسلم عن ابيجعفر علیه السّلام ليس على الامة قناع في الصلوة ولا المدبرة ولا على المكاتبة اذا اشترطت عليها قناع في الصلوة ، وفي خبر على بن جعفر علیه السّلام عن اخيه موسى علیه السّلام قال سألته عن الامة هل يصلح لها ان تصلى في قميص واحد قال علیه السّلام لا بأس و غير ذلك من الاخبار واما الاستدلال له بخبر ابي بصير عن ابيعبد الله علیه السّلام انه قال على الصبي اذا احتلم الصيام وعلى الجارية اذا حاضت الصيام والخمار، الا ان تكون مملوكة فانه ليس عليها خمار الا ان تحب ان تختمر وعليها الصيام ، و خبر محمد بن مسلم عن ابيعبد الله علیه السّلام قال قلت له الامة تغطى راسها فقال علیه السّلام لا ولا على ام ولد ان تغطى راسها اذا لم يكن لها ولد ففيه ما لا يخفى من عدم صراحتهما بارادة نفيه حال الصلوة ، فلعله اريد بهما نفى وجوب ستر الراس عليها عن الناظر المحترم ، فما قيل من انهما يدلان على عدم الفرق بين اقسامها من القن

ص: 114

والمدبرة والمكاتبة المشروطة او المطلقة، غير ام الولد التي ولدها حي حيث دل قوله علیه السّلام فى خبر ابن مسلم المتقدم اذا لم يكن لها ولد، بمفهومه على وجوب تغطى الراس عليها اذا كان ولدها حيا، كما ترى بعد ما عرفت من عدم ظهورهما فى ارادة نفى ستر الراس في حال الصلوة هذا مضافا الى معارضة مفهوم خبر ابن مسلم بخبره الاخر عن ابيجعفر علیه السّلام، قال و سلته عن الامة اذا ولدت عليها الخمار ، قال علیه السّلام لو كان عليها لكان عليها اذاهى حاضت ، وليس عليها التقنع فى الصلوة فان ظهور قوله علیه السّلام وليس عليها التقنع في الصلوة بعد وقوعه جوابا عن السؤال عن حكم ام الولد ، فى الاطلاق وشموله لما اذا كان ولدهاحيا اومتيا اقوى من ظهور المفهوم فى الوجوب فيمكن حمله على الاستحباب اللهم الا ان يدعى ان مصب السؤال في الرواية هو وصول الامة من حيث السن الى حد الولادة ، بانكان عدم وجوب النستر عليها قبل البلوغ مفروغا عنه عنده ، و انما سئل عن وجوبه عليها بالولادة المؤذنة بالبلوغ، فاجاب علیه السّلام بان الولادة متاخرة عن الحيض الذى هو ايضا المؤذن بالبلوغ ، فلوكان عليها ستر عند البلوغ لكان عليها اذا حاضت، فليس هذا الخبر في مقام بيان حكم ام الولد ، كي يعارض مفهوم خبر محمد بن مسلم المتقدم.

وكيف كان لا اشكال فى ان بعضة حكمها حكم الحرة، في وجوب ستر

تمام البدن الاما استثنى من الامور عليها ، و يدل عليه مضافا الى عموم ادلة وجوب الستر على المرئة لها ، وعدم شمول مادل على عدم وجوب ستر الراس على الامة في الصلوة لها لظهور لفظ الامة فى غيرها، خصوص رواية حمزة بن حمران عن احدهما علیه السّلام قال سألته عن الرجل اعتق نصف جاريته ، الى ان قال قلت فتغطى راسها منه حين اعتق نصفها ، قال علیه السّلام نعم وتصلي هي مخمرة الرأس فلو اعتقت في اثناء الصلوة و بادرت الى الستر، فالكلام فى انكشاف راسها في الزمان الواقع بين عتقها وستر رأسها، هو الكلام فى الناسى الذى التفت في الاثناء و بادر الى الستر، وقد عرفت انه بناء على عدم استفادة الشرطية المطلقة من ادلة اشتراط الستر، لورودها في مقام بيان حكم اخر، و انما يستفاد منها الشرطية في الجملة، والمتيقن منها اشتراطه

ص: 115

في حال العلم والالتفات، يكون اشتراط الصلوة بالستر في غير الحالة المتيقن اشتراطها به مشکوکا، و مقتضى القول بالبرائة فى الاقل والاكثر الارتباطى هو عدم اشتراطه فى الصلوة فى غير تلك الحال واما بناء على استفادة الشرطية المطلقة من ادلة الاشتراط، فنحتاج فى الحكم بصحة الصلوة الفاقدة للستر في حال من الحالات الى دليل مقيد لاطلاق ادلة الاشتراط بغير تلك الحال، وقد عرفت ان ما يصلح لان يكون مقيد الاطلاق تلك الادلة بحال العمد والاختيار، هو حديث لاتعاد وذلك لما عرفت من شموله ملاكا لكل خلل واقع عن اضطرار وانكان ملتفا اليه، دون حديث الرفع، لما عرفت من ان شموله لشخص هذه الصلوة، انما هو فيما اذا كان الاضطرار الى ترك الستر مستوعبالتمام الوقت ، كي يكون الامر بطبيعة الصلوة شاملا لهذه الصلوة ايضا، وأما اذا لم يكن الاضطرار مستوعبا لتمامه، فلا تكون هذه الصلوة التي اخل بشرطها اضطرارا، مشمولة للامر بطبيعة الصلوة ، كى يرفع شرطية الستر بالنسبة الى هذه الصلوة المضطر الى ترك الستر فيها بحديث الرفع وبعبارة اخرى ما اعتبر فيه ستر العورة هي طبيعة الصلوة ، و انما يسرى اعتباره الى جميع افرادها بمقدمات التي منها تساوى الافراد فى شمول الطبيعة المامور بها لها ، فالاضطرار الى ترك الستر انما يجدى فى رفع شرطيته ، اذا تحقق بالنسبة الى اصل الطبيعة المامور بها ، دون ما اذا تحقق بالنسبة الى بعض افرادها، مع تمكنه من الستر بالنسبة الى اصل الطبيعة كما نحن فيه ، هذا تمام الكلام فى عدم وجوب ستر الرأس في الصلوة على الامة واما عدم وجوب ستر رقبتها ايضا فيها ، فيدل عليه مضافا الى كونه المنساق الى الذهن من النص والفتوى ، فانه بعد ما هو الغالب من ان ستر الرقبة كالراس ليس الا بالخمار فكما يستفاد مما دل على جواز ان تصلى بغير خمار عدم وجوب ستر راسها ، كذلك يستفاد منه عدم وجوب ستر رقبتها ، ما في خبر على بن جعفر علیه السّلام المتقدم من قوله علیه السّلام لاباس ، في جواب سؤاله عن الامة بقوله هل يصلح لها ان تصلى في قميص واحد.

الامر لثالث فيما يعتبر في السائر والمعتبر فيه قيود الاول ان يكون طاهرا،

ص: 116

بل هو شرط فى جميع لباس المصلى، الا فيما كان مما لايتم فيه الصلوة منفردا ، ومن اراد الاطلاع على تفصيل ذلك فليراجع الى كتاب الطهارة الثانى ان يكون مباحا ای غيره غصوب ، وهذا القيد في خصوص الساتر مما ادعى الاجماع عليه ، و اما في غيره مما لاتنم فيه الصلوة كالتكة والجورب والقلنسوة ففيه خلاف ، و انكان يظهر مما نذكره في مبنى اعتباره فى الساتر الحاق غيره به فنقول قد استدلوا على اعتبار هذا القيد في الساتر بامور ، منها الاجماع و منها الاخبار و منها استلزام الستر بالمغضوب اجتماع الأمر والنهي ولا يخفى عدم تمامية الاستدلال على ذلك بشيء من الامور المذكورة اما الاجماع فلان المحصل منه غير حاصل، وعلى تقدير حصوله فمع احتمال ابتئائه على امتناع اجتماع الأمر والنهي، يكون كالمنقول منه للاستدلال به غير قابل و اما الاخبار فلان ما استدلوا بها منها خبر ان احدهما ما روى عن امير المؤمنين علیه السّلام في وصيته لكميل انه قال ياكميل انظر فيما تصلى وعلى ما تصلى ان لم يكن من وجهه وحله فلا قبول وثانيهما ماروى عن الصادق علیه السّلام انه قال لوان الناس اخذ واما امرهم الله فانفقوه فيما نهاهم عنه ماقبله منهم ، ولو اخذ و اما نهاهم الله عنه فانفقوا فيما امرهم الله به ما قبله منهم حتى باخذوه من حق وينفقوه في حق وهذان الخبر ان لما فيهما من المناقشة، بضعفهما سندا و عدم انجبارهما بالعمل لعدم اعتمادهم عليهما في الفتوى ، و بقصورهما دلالة ، لا يصلحان للاستدلال بهما للمقام ، اما قصور الأول من حيث الدلالة ، فلان عدم القبول لا يلازم عدم الصحة، اذ يمكن ان تكون الصلوة صحيحة واجدة لتمام ما اعتبر فيها شطر او شرظا، ومع ذلك لم تكن مقبولة عند الله تعالى، لفقد المصلى للولاية اوكونه فى اثنائها ناظر الى اجنى، او مشغولا فيها عن التوجه الى الله بالتوجه الى الامور النفسانية وامثال و اما قصور الثاني فلان لبس المغصوب فى الصلوة لا يصدق عليه الانفاق كي يكون من انفاق المنهى عنه في المأمور به، مع انه لوسلمنا صدقه عليه، فليس مقتضاه الاعدم جواز التقرب بنفس اللبس وعدم وقوعه من حيث هو عبادة، وهذا لا يقتضى فساد الصلوة كما سيظهر وجهه و اما مسئلة اجتماع الأمر والنهي، فلان اجتماعهما تارة يكون من جهة

ص: 117

الاجتماع بين الستر والغصب، و اخرى من جهة الاجتماع بين الافعال الصلوتية كالركوع والسجود والغصب، ولا يقتضى الاجتماع فساد الصلوة على كلا التقديرين، اما على الاول فلان لبس الساتر لوكان معتبرا في الصلوة شطرا لكان لبس الساتر المغصوب فيها موجبا لفسادها بفساد جزئه، ضرورة ان لبس المغصوب من اوضح افراد التصرف فيه المعلوم حرمته بالضرورة ، ولا يعقل ان يكون جزء العبادة محرما اذلا يصح التقرب به مع كونه كك ، واما لو كان لبسه معتبرا في الصلوة شرطا كما هو الحق ، فلايكون حرمته لكونه تصرفا فى المغصوب موجبا لفساد الصلوة ، و ذلك لان الشرط ليس فى الحقيقة هو الستر ، كى يقال ان بعد تقديم النهى لكونه شموليا على الامر لكونه بدليا ، واخراج مورد الاجتماع عن اطلاق الامر بالستر ، يصير الستر المعتبر في الصلوة هو خصوص الستر بالمباح ، ومع فقده تكون الصلوة فاسدة لفقدها لماهو معتبر فيها من الستر بالمباح ، بل الشرط هو الاثر الحاصل منه وهوكون المصلى مستور العورة ، وذلك لما حقق فى محله من ان الشرط هو الجزء العقلى الذى يقيد به المهية ولايزيد بزيادته اجزائها ، وبعبارة اخرى الشرط عبارة عن القيد الذى يكون التقيد به جزء للمأمور به لا ذاته والا لكان جزء لاشرطا ، و من هنا قال الحكيم السبزواري في منظومته تقيد جزء وقيد خارجى ، ومن المعلوم ان هذا الجزء العقلى اعنى كون المصلى مستور العورة يحصل بالستر المحرم ايضا ، ومعه يرتفع موضوع شرطية الستر عن البين ، كارتفاع شرطية الطهارة الخبئية بالغسل بماء مغصوب ، والالزم الأمر بتحصيل الحاصل ، وليس هذا العنوان الانتزاعى اعنى كون المصلى مستور العورة ولا منشاء انتزاعه اعنى الستر امرا عباديا كالطهارة الحديثة الحاصلة بالغسلين والمسحتين كيلا يحصل بالستر المحرم ، اذ لم يقم دليل على اعتبار حصول هذا الشرط فى الصلوة على وجه قربى ، حتى لا يحصل بالستر المحرم ، كما لا تحصل الطهارة الحديثة بالغسل والمسح بالماء الغصبى واما على التقدير الثاني أعنى كون اجتماع الأمر والنهي من جهة الاجتماع بين الافعال الصلوتية والغصب ، فلان ما يتصور من وجوه التصرف فى اللباس المغصوب امور ثلثة، الاول مجرد

ص: 118

الاستيلاء عليه كاستيلاء الملاك على اموالهم الذى يعبر عنه في اصطلاح الفقهاء باليد وبعبرة اخرى كون المار تحت سلطنته بحيث يكون مقتدرا على التصرف فيه بما يشاء من انواع التصرفات ، وهذا المعنى كما ترى غير ملازم للتصرف فيه فعلا ، فان الاستيلاء على المال يحصل بمجرد قطع يد الغير عنه ومنعه عن التصرف فيه ، ولولم يصدر عن المستولى تصرف خارجى فى المال المستولى عليه ، ولذا لو احمى شخص ارضا ومنع عن دخول الغير فيها يصدق عليه بمجرد ذلك انه مستول عليها الثاني التصرف فيه باللبس بعد الاستيلاء عليه الثالث تحريكه بعد لبسه بتبع حركاته البدنية فى حال الركوع والسجود والقيام والقيود ومن المعلوم عدم اتحاد شئ من الامرين الأولين مع الافعال الصلوتية ، اما الاول فواضح بعد ما عرفت من ان الاستيلاء على المال غير متوقف على التصرف فيه ولا ملازم معه ، واما الثاني فلان مقتضى اتحاد الشيئين وجودا صحة حمل احدهما على الآخر ، ومن الواضح عدم صحة حمل مفهوم اللبس على شئى من الافعال الصلوتية ، اذلايصح ان يقال لشئى من الركوع والسجود والقيام والقعود انه ليس فالمتحقق فيهذين الأمرين هو مجرد مقارنتهما مع الافعال الصلوتية لا الاتحاد معها ، فيكون لبسه فى الصلوة كالنظر الى الاجنبية فيها الذي لاشبهة فى عدم ايجابه بطلانها و اما الامر الثالث وهو تحريك اللباس بتبع الحركات البدنية ، وانكان تصرفا عرفا و متحدا مع الحركات الركوعية والسجودية او مسببا عنها ، الا انه ليس فيه ما هو ملاك الحرمة من المغبوضية للمالك ، ضرورة ان ماهو مبغوض له في حالات اللابس من قيامه وقعوده وانحنائه للركوع والسجود ، هو كونه لابسا لثوبه فى تلك الحالات واما تغيير هيأت ثوبه بتبع حركات اللابس قياما وقعودا وانحناء فليس مبغوضا له ، اذ ليس ذلك مما يهتم به العرف ويعتنى به ، بل يكون وجوده و عدمه هندهم سيبن ، بعد عدم كون قيامه وقعوده وانحنائه في حال لبسه انتفاعا آخر به غیر لبسه ، وعدم كونها موجبة لاندراسه وتلفه ، فليس المبغوض للمالك فى حالات اللابس شيئين احدهما كونه لابسا لثوبه ثانيهما تغيير هيأت ثوبه تبعا لتغيير حالات اللابس ، بل ما يكون مبغوضا له و محرما في مجموع حالاته،

ص: 119

هو كونه لابسا لثوبه، دون كونه محدثا فيه للهيات اللخاصة ، بعد ما عرفت من ان وجود تلك الهيأت فيه وعدمه سيان في نظر العرف ، وقد عرفت ان التصرف اللبسى ليس متحدا مع الافعال الصلوتية ، كى يكون المورد من قبيل اجتماع الامر والنهي الذى نبوا عليه اعتبار كون الساتر مباحا غير مغصوب ، هذا خلاصة ما افاده الاستاد دام ظله في الاشكال على القول بفساد الصلوة فى اللبأس المغصوب من جهة اجتماع الامر والنهى فى افعالها ولا يخفى عليك اولاان مبغوضية تصرفات الغاصب في اللباس ليست لمجرد انتفاعه بها اوكونها موجبة لاندراس اللباس وتلفه كى تدور المبغوضية مدار ذلك ، بل لكون تصرفاته فيه تصرفات عدوانية ناشئة عن عدم الاعتناء باحترام المالك واحترام ماله وعن قهره و سلب اختياره وقطع يده واستيلائه على ملكه ، ومن المعلوم ان هذا المعنى لا يتفاوت فيه بين كون التصرف مما ينتفع به الغاصب ام لا ، ولا بين كونه مما يندرس به اللباس املا ، وبعبارة اخرى مبغوضية تصرفات الغاصب في اللباس ليست منحصرة بما اذا كانت مما ينتفع به الغاصب او كانت مما يندرس به الملبوس، بللها مبغوضية من جهة انتسابها الى الغاصب وتبعاً لمبغوضيته عند المالك بما صدر عنه بالنسبة اليه من قهره ایاه و سلب اختیاره و قطع يده واستيلائه عن ملكه ، اذاكما ان المحبوب يكون بتمام آثاره واقعا له مرضية و محبوبة لمحبه بما هي منتسبة الى المحبوب ولو لم تكن كك فيحد نفسها بل ولو كانت مضرة بحال المحب كما قال الشاعر بالفارسية زهر از قبل تو نوشدارو است فحش از قبل (دهن) توطیبانست كذلك المبغوض يكون تمام آثاره وافعاله مبغوضة غير مرضية لمبغصة بماهي منتسبة الى المبغوض ولوكانت غير مضرة بحال المبغض بل نافعة، كما قيل بالفاسة ملك الموتم از لقاء توبه عقر بم کوبزن تودست منه ، ومن المعلوم ان هذه المبغوضية العارضة على تصرفات الغاصب الناشئة من مبغوضية ذاته لاتدور مداركونها مما ينتفع به الغاصب او يندرس به الملبوس ، بل يكون جميع تصرفاته في اللباس مبغوضا للمالك بهذه المبغوضية التبعية العرضية، بحيث لا يرضى بلمس الغاصب له بل نظره اليه فضلا عن تحريكه تحريكه من مكان الى مكان او تحويله من حال الى حال ، وماقيل من ان

ص: 120

العرف لا يهتم بمثل تغيير الهيات إنما هو بالنسبة الى المبغوضة الذاتية لا العرضية الناشئة من مبغوضية الغاصب ، وهذا مما يظهر لمن تتبع احوال المغصوبين اموالهم بالنسبة الى الغاصبين ، فالانهم لا يرضون ببقاء انفسهم فضلا عن تصرفاتهم في تلك الاموال وثانياً سلمنا عدم كون هذه الانحاء من التصرفات التي لاتكون انتفاعا آخر باللباس سوى لبسه ولا تكون موجبة لنقص فيه مبغوضة الممالك لكن نمنع عن كون حرمة الغصب دائرة مدار المبغوضية غاية الامر كوئها حكمة لها ، لان حرمة التصرف في مال الغير ليست معلقة فى الدليل على مبغوضية لصاحبه كي تدور مدارها بل حليته معلقة فيه على رضا مالكه وطيب نفسه به ، و من المعلوم انه لا تلازم بين عدم مبغوضية التصرف، وكونه مرضيا ومتعلقا لطيب النفس ، اذ ليس المبغوضية والمرضية من الضدين اللذين لا ثالث لهما ، ولا من النقيضين كيلا يمكن ارتفاعهما كيف ، والالزمان يكون كل غير مبغوض مرضيا ، وهذا مخالف للوجدان لانا نرى بالوجدان ان بعض الافعال لا يكون مبغوضا ولا مرضيا لنا كالافعال الخالية عن الضرر والمنفعة ، فاذا لم يكن تغيير هيات اللباس ونقله من مكان الى مكان مرضيا عند المالك و متعلقا لطيب نفسه ، يكون غير حلال و محرما وان لم يكن مبغوضا له ، فيكون الافعال الصلوتيه لمكان اتحادها معه او سببيتها له مورد الاجتماع الأمر والنهي فتكون باطلة وتبطل الصلوة ببطلانها و توهم ان اجتماع الأمر والنهي في الافعال الصلوتية ، انما يلزم لوكان تحريك الثوب متحدا وچودا مع تلك الافعال ، وهذا ممنوع جدا ضرورة ان تحريك الثوب غير تحريك البدن عند القيام والجلوس والركوع والسجود وجودا وانكانا مقارنين زمانا مدفوع بما ل-وحنا اليه ضمنا من ان تحريك الثوب وان لم يكن متحدا وجودا مع الافعال الصلوتية ، لكن يكفي في سراية النهى عنه الى تلك الافعال كونه مسببا عنها ، لما حقق في محله من سراية الحرمة من الحرام الى مقدمته السببيته ، كالالقاء في النار الذى هو سبب وعلة الاحراق المحرم ، بل قد يدعى عدم تعلق النهى فى مثله الا بالسبب دون المسبب ، بدعوى ان ان النهى كالامر لا يتعلق الا بما هو مقدور للمكلف ويكون تحت اختياره ، وما يكون

ص: 121

مقدورا له فى المثال هو ايجاد السبب وهو الالقاء الذى هو المعنى المصدرى ، دون المسبب الحاصل منه قهرا وهو الاحتراق الذى هو المعنى الاسم المصدري ، وهذه الدعوى وإنكانت مدفوعة بانه يكفى فى صحة تعلق التكليف بشئى كونه مقدورا ولو بالواسطة ، لكنها ربما تكون مقربة لما ذكرنا من سراية النهى من الحرام الى مقدمته السببية هذا وتدبر وتوهم انه اذا لم تكن حركة الثوب متحدة مع الافعال الصلوتية ، فيدخل المورد فى باب التزاحم ، وقد حقق في ذاك الباب جواز الامر بالمهم من المتزاحمين على تقدير عصيان الاهم ، وفى المقام وانكان ترك الغصب اهم من اتيان هذه الصلوة فلا يصح الأمر بها فعلامع مزاحمتها بالغصب ، لكن لامانع عن الامر بها معلقا على عصيان النهي عن الغصب مدفوع بما حقق في محله من ان الامر الترتبى انما يتصور في الضدين اللذين لا تلازم بين عدم احدهما و وجود الاخر ، كالصلوة والازالة فانه لاتلازم بين ترك احدهما و وجود الاخر لامكان ترك كليهما ، دون الضدين اللذين يكون بين عدم احدهما تلازم مع وجود الاخر كالضدين اللذين لا ثالث لهما ، كما اذا امر باستدبار الجدى مطلقا واتفق اقامته في صنعاء اليمن الذي یلازم استقبال القبلة فيه لعدم استدبار الجدى اذ يكون الامر باستقبال القبلة معلقا على عصيان الامر باستدبار الجدى ، مرجعه الى الامر بالاستقبال معلقا على عدم استدبار الجدى الذى هو عين الاستقبال إلى القبلة ، فيصير فى قوة ان يقال ان استقبلت القبلة فاستقبل وهذا كما ترى من الأمر بتحصيل الحاصل و الامر فيما نحن اشنع من الامر فى المثال ، لان الامر بالركوع والسجود معلقا على عصيان النهي عن الغصب ، مضافا الى استلزامه الامر بتحصيل الحاصل ، مستلزم للدورلان عصيان النهي عن الغصب انما يحصيل بتحريك المبلوس ، وقد عرفت ان تحریکه مسبب عن تحريك البدن فى الركوع والسجود ، فلو علق تحريك البدن فيهما على تحريك الملبوس لزم توقف تحريك البدن على تحريك الملبوس المتوقف على تحريك البدن و هذا دور محال و توهم انه وان لم يمكن الأمر الترتبي في المتلازمين فضلا عن المتحدين كما في اجتماع الأمر والنهى الا انه تقرر في محله من كفاية قصد ملاك

ص: 122

الامر فى المقربية مدفوع بان قصد الملاك انما يكون مصححا للعبادية والمقربية ، فيما كان تاما في الملاكية بان لايكون مزاحما بمفسدة اقوى منه فضلا عن كونة علة لترتب مفسدة كك عليه كما فيما نحن فيه.

ثم انه قد يتفصى عن كون المورد من قبيل اجتماع الأمر والنهي بوجه اخر غير ما افاده الاستاد دام ظله ، وهو ان اتحاد التصرف في اللباس المغصوب مع الاجزاء الصلوتية المستلزم لاجتماع الأمر والنهي فيها ، انما يلزم لو كان نفس الحركات الصادرة عن المصلى من القيام والهوى الى الركوع والسجود اجزاء للصلوة ، و اما اذا منعنا عن ذلك وقلنا بان ماهو جزء للصلوة هى الهيأت الحاصلة من تلك الحركات للقائم والراكع والساجد ، وان تلك الحركات مقدمة لحصول تلك الهيات ، فلا يتخد التصرف فى اللباس مع الاجزاء الصلوتية كى يلزم اجتماع الأمر والنهي فيها اذايست تلك الهيات من مقولة الفعل حتى تكون تصرفا في اللباس، نعم مقدماتها وهى القيام والهوى وانكانت من مقولة الفعل وتصرفا في اللباس فتكون محرمة ، الا انه لامانع من تحصيل الواجب من المقدمة المحرمة اذا لم تكن منحصرة كما نحن فيه ، وهذا نظير ركوب الدابة المغصوبة في طريق الحج ، فكما انه لا يمنع عن صحة الحج ، كذلك تلك الحركات الصلوتية لاتمنع عن صحة الصلوة ولا يخفى مافيه من النظز ، اما اولا فلمنع كون الركوع والسجود هي الهيئة الحاصلة من تلك الحركات ، وذلك لان التكليف لا يتعلق الا بافعال المكلفين التى هى من المعانى المصدرية ، دون نتائجها والاثر الحاصل منها الذى يعبر عنه بالمعنى الاسم المصدري ، لا لما توهم من ان التكليف انما يتعلق بما هو مقدور للمكلف ويكون تحت اختياره ، و ما يكون تحت اختياره هو الافعال دون نتائجها المترتبة عليها قهرا ، وذلك لما عرفت من انه يكفي فى صحة تعلق التكليف بشيء كونه مقدورا ولو بالواسطة ، بل لان الارادة الأمرية متحدة سنخا مع الارادة الفاعلية فكما ان ارادة الفاعل لا تتعلق الابتحريك العضلات نحو ماهو فمل صارر عنها دون ماهو خارج عن مقولة الفعل ، كك ارادة الأمر، و أنما الفرق ان الاولى لها التاثير فى تحريك عضلات نفس المريد نحو الفعل، والثانية

ص: 123

لها التاثير في تحريك عضلات المامور نحوه ، وبعبارة اخرى الفرق بينهما في كيفية التاثير وكونها فى الاولى بالمباشرة وفى الثانية بالتسبيب ، والا فهما في اصل التاثير وهو تحريك الفاعل نحو الفعل واحد ، وعلى هذا لوقيل فى باب الوضوء ان المكلف به هو الطهارة الحاصلة من الغسلتين والمستحين فمرجعه الى تعلق التكليف بمحصلها الذي هو الغسلتان والمسحتان لا ينفسها ، و يترتب على ذلك انه لوشك في مدخلية جزء يكون المرجع هو البرائة ، بناء على ماهو الحق والمختار من جريانها في الاقل والاكثر الارتباطيين ، للشك في ثبوت التكليف بالنسبة الى الاكثر والاصل البرائة عنه و هذا بخلاف ما اذا كان التكليف متعلقا بنفس الطهارة، فانها امر بسيط مبين مفهوما قدعلم اشتغال الذمة بها، و انما الشك في انها هل تحصل بالاقل او الاكثر فيكون المرجع فيه هو الاشتغال للشك في سقوط التكليف المعلوم اشتغال الذمة به باتيان الاقل و حاصل هذا الايراد هو ان النتيجة الحاصلة من الفعل الاختيارى و انكانت مقدورة للفاعل بالواسطة ، الا انه كما ان ارادة الفاعل لا تتعلق الا بنفس الفعل بالمعنى المصدرى لا بالنتيجة الحاصلة منه كذلك ارادة الامر التي هي متحدة سنخا مع ارادة الفاعل ، لا تتعلق الا بالفعل دون النتيجة المتحصلة منه والالزم الامر بتحصيل الحاصل غاية الامر ان ارادة الفاعل تتعلق بالفعل الصادر عن جوارجه فيكون فاعلا بالمباشرة ، وارادة الامر تتعلق بالفعل الصادر عن جوارح المامور فيكون فاعلا بالتسبيب وعلى ماذكرنا نقول ان المكلف به فيما نحن فيه هو المحصل للهيئات المذكورة و هو نفس القيام والهوى المتحدين مع الغصب او العلتين له، و على اى

تقدير يعود هو المحذور من اجتماع الأمر والنهي فيما هو جزء من الصلوة المستلزم لبطلانها واما ثانيا فلانا لوسلمنا امكان تعلق ارادة الأمر بالنتيجة و ان لم يمكن تعلق ارادة الفاعل بها ، لكن نمنع عن حصول القرب من نتيجة متولدة قهرا عن فعل ،محرم ضرورة ان قوام مقربية العمل ،وعباديته انما هو يكون الداعى للمكلف نحوه امرا راجعا الى المولى ومطلوباله والمفروض فى المقام ان ما يكون صادرا عنه بالاختيار من الحركات، يكون عن داع نفسانی و محرما و مبغوضا للمولى وما يكون مطلق لوبا

ص: 124

للمولى من الهيات يكون حصوله فهريا، فلا يكون عملا اختیار یاله صادر اعنه بداع الهی كي يحصل له به الحسن الفاعلى الذى هو احد ركنى العبادة في قبال ركنها الاخر الذى هو تحصيل مطلوب المولى ، و مجرد تحقق مطلوب المولى قهرا و يلا اختيار للعبد في تحققه، لا يوجب حصول القرب له ، سيما اذا كان ناشئا عن عمل مبغوض للمولى صادر عنه عن محض تمرده و عصيانه له ، وليس ما نحن فيه نظير ركوب الدابة المغصوبة في طريق الحج ، فان للمكلف هناك اختيار بالنسبة الى الحج ايضا بعد الفراغ عن الركوب ، بخلاف ما نحن فيه فانه ليس له اختيار الا بالنسبة الى الحركات دون الهيات الحاصلة منها ، بل ما نحن فيه نظير ما امر المولى يصبغ ثوبه بالحمرة ثم ان العبد بسط ثوب مولاه و ذبح ابنه عليه لينصبغ بالحمرة ، فهل يحكم ذوشعور بانه يحصل للعبد بواسطة هذا الصبغ تقرب و اجر عند المولى ، مع حصوله عن اراقة دم ابنه حاشا ثم حاشا ، هذه خلاصة ما افاده الاستاد دام ظله من الايرادين على هذا الوجه ، ولكن يمكن ان يقال في دفع الاول منهما ، بان ارادة الأمر وانكانت كارادة الفاعل متعلقة بالفعل بالمعنى المصدرى ، لكن تعلقها به انما هو لكونه وصلة الى حصول ما يترتب عليه من النتيجة ، فالمراد بالحقيقة هي النتيجة فهى المتعلقة للادة حقيقة لا الفعل ، اذ لولاها لم يكن الفعل متعلقا لها اصلا كما لا يخفى ، فاذا كانت النتيجة هى المطلوب للامر ، وكان تحصيلها مقدور الممامور بالواسطة ، فيصح توجيه التكليف بها نحوه ، ومنه يظهر اندفاع الايراد الثانى ايضا ، فان ترتب النتيجة على الفعل وانكان قهريا ، الا ان القدرة التي صرفها الفاعل في ايجاد الفعل ، حيث يكون لاجل ما يترتب عليه من النتيجة ، ففى الحقيقة تكون قدرته مصروفة في حصولها ، اذ لولاها لم يقدم على الفعل اصلا ومنه يظهر ان تنظير المقام بمثال صبغ ثوب المولى بدم ولده مع الفارق ، لان قتل الولد لم يكن لاجل التوصل به الى الصبغ، بل كان الداعي الى قتله هى الدواعى النفسانية كالتشفى و نحوه ، وحيث ان القتل وقع على الثوب انصيغ بالحمرة قهرا من دون تعلق اختیار به کی یقع حسنا ومقربا ، اذلم يقع القتل بداعي التوصل الى الصبغ كى يقال ان اختياره اختیار تبعى لاجل التوصل به الى

ص: 125

الصبغ، ففى الحقيقة اختياره للقتل اختيار للصبغ فلم يقع الصبغ بلا اختيار، بل لم يحصل منه الا اختيار واحد متعلق بالقتل بما هو لا بما هو مقدمة للصبغ ، هذا مضافا الى ان الهيات الحاصلة من الحركات الركوعية والسجودية انما تكون قهرية حدوثا لابقاء ، فاذا كانت اختيارية بقا ، فتفع حسنة و مقربة ، الا ان يدعى ظهور الأمر بالركوع والسجود في اعتبار احداثهما نعم ما يرد عليهذا الوجه من التفصي عن اشكال اجتماع الأمر والنهي، هو المنع عن كون الركوع والسجود عبارة عن الهيأت الحاصلة من الهوى، اذ الظاهر ان الشارع ليس له فيهما اصطلاح خاص، بل المراد بهما فى لسانه ما هو المراد بهما فى لسان العرف، كما يدل عليه قوله تعالى لا تسجدوا للشمس والقمر واسجدوالله الذى خلقهن، و من المعلوم ان المراد بهما في لسان العرف، ماهو المتعارف بينهم فى مقام تعظيم السلطان والتذلل عنده، من الهوى بقصد التعظيم والتذلل، و هو تارة الى حد تقوس الظهر الذي يعبر عنه في الفارسية بسر فرودا وردن، و اخرى الى حد يتمكن معه من تقبيل الارض الذى يعبر عنه فيها بخاك افتادن، فلولم يكن الهوى تمام حقيقة الركوع والسجود عرفا، فلا اقل من كونه جزء مقوما لهما، فتكون حركة صلوتية متحدة مع تحريك الثوب المغصوب اوعلة له، فيكون مورداً لاجتماع الأمر والنهي كما هو واضح ان قلت لا شبهة فى ان الحركة الصلوتية فى الركوع والسجود حركة فى مقولة الوضع وحركة الثوب حركة فى مقولة الاين، و اتحاد المقولتين فى الوجود غير ممكن، ضرورة ان المبادى للمشتقات سواء كانت من الاعراض الخارجية كالعلم والقدرة ام كانت من الامور الاعتبارية كالملكية والولاية، يكون كل واحد منها بالنسبة الى الاخر و بالنسبة الى موضوعه ماخوذا بشرط لا، فيكون لكل واحد منها وجود مستقل غير مرتبط بالآخر، فلو اجتمع اثنان منها او اكثر في موضوع واحد، فلامحة يكون التركيب بينهما انضمامیا، لا اتحاديا كى يلزم فيما اذا تعلق باحد منها الامر و بالاخر منها النهي كما نحن فيه، اجتماع الأمر والنهى فى موضوع واحد و يستحيل ان يكون موردا للجعل التشريعى لاستحالة امتثال الحكمين المتضادين المتعلقين

ص: 126

بموضوع واحد، قلت ان التركيب بين الحركتين فيما نحن فيه و ان كان انضماميا، لكن حيث يكون كل واحدة منهما من العوارض المشخصة للاخرى ، فتكون الحركة الصلوتية موردا للامر بذاتها ومورد اللنهى بعارضها المشخص لها، وحيث ان اجتماع الأمر والنهى لكونهما ضدين محال ، فكون هذه الحركة الركوعية المتشخصة بالخصوصية المبغوضية مامورا بها ومقربة اليه تعالى محال، فتكون فاسدة ومفسدة للصلوة غير موثرة فى سقوط الأمر بها ، هذه غاية ما يمكن ان يقال فى وجه اشتراط عدم كون لباس المصلى مغصوبا، ولكن فيه ان بعد ماكانت الحركة الوضعة الركوعية والسجودية والحركة الاينية الغصبية من مقولتين و كان التركيب بينهما انضماميا ، فكيف يمكن ان يكون احديهما من مشخصات الأخرى ، مع ان تشخص الشيء بعوارضه انما هو فيما اذا كان تلك العوارض من خصوصياته المتحدة معه وجود اكبياض البيض وسواد الفحم، فان فيهذا الفرض يكون وجود العارض فى نفسه بعين وجوده لمعروضه ولذا يكون من المشخصات لموضوعه و هذا بخلاف مالم يكن العارض من الخصوصيات المتحدة مع الموضوع ، بل كان بينه و بين الموضوع صرف المقارنة الاتفاقية كما نحن فيه ، فانه حينئذ لا يكون تركيب بينهما اصلالا اتحاديا ولا انضماميا ، بل يكون كل منهما موجودا بوجود مستقل وقع الاقتران بينهما اتفاقا، من دون ان يكون احدهما من المشخصات للاخر ، كى يلزم من الأمر باحدهما والنهي عن الاخر اجتماع الامر والنهي في موضوع واحد و يستحيل ان يكون مورد اللجعل التشريعي لاجل عدم امکان امتثاله نعم لوقلنا بان ايجاد العلة التامة لوجود الحرام في الخارج محرم ، كالالقاء فى الناو الذى يكون علة للاحتراق كما هو الحق ، تكون الحركة الوضعية الركوعية والسجودية لكونهما علة وسببا للحركة الاينية فى اللباس المغصوب محرمة من هذه الجهة، ومعه لا يمكن ان تكون مامورا بها لاستلزامه اجتماع الضدين في محل واحد وهو محال فكونها مامورا بها محال وكيفكان لوبيننا على بطلان الصلوة في اللباس المغصوب، فلا اشكال في اختصاص البطلان بمالا يكون معذورا فيه عقلا او شرعا، والاتصح الصلوة و ان بتين اتحادها مع الغصب واقعا ، وانما الكلام فى وجه

ص: 127

اختصاص البطلان بذلك ، فانه قد يقال ان الوجه فيه، هو ان اباحة الساتر واللباس ليست من الشرائط المعتبرة فى الصلوة كى تبطل بفقدانها لها، بل هي من شرائط الامتثال و حصول القرب، ازمع فقدها بكون الساتر مغصوبا، و تكون الافعال الصلوتية لاتحادها مع التصرف فيه اوليتها له محرمة، ولا يمكن قصد التقرب ولا حصول القرب بالعمل المحرم الفعلى المنجز في حق المكلف، ضرورة عدم امكان كون المبعد عن المولى مقربا اليه واما لولم يكن المحرم فعليا منجزا في حقه اما لعذر شرعی او عقلى كالجهل بالموضوع و نسيانه والجهل بالحكم قصورا فتصح صلوته، وذلك لان المفروض عدم نقصان فيها من حيث الاجزاء والشرائط المعتبرة فيها، وانما كان المانع عن صحتها عدم المذورية في ارتكاب المحرم المنجز المتحد معها المؤثر فى القبح الفاعلى المنافي للحسن الفاعلى الذي هو احدر كنى العبادة، فاذا كان المكلف معذورا في ارتكاب المحرم ولم يؤثر ارتكابه في القبح الفاعلى، فيحصل له القرب باتيان الصلوة بداعى امرها او احراز مصلحتها المطلوبة للمولى، اذلاوجه لعدم حصول الحسن الفاعلى بعد ان كانت الجهة المقبحة و هى الحرمة المنجزة ساقطة عن التاثير فى القبح الفاعلى ولا يخفى عليك ما في هذا الوجه من النظر، وذلك لان الحكم بفساد الصلوة في اللباس الغصبى لو كان مبنيا على مضادة النهى عن تحريكه مع الامر بالصلوة لعدم اجتماع الحرمة مع العبادة ، لكان لازمه صحة الصلوة مع سقوط النهى عن لبسه و تحريكه لغفلة او نسيان اوجهل و نحوها من الاعذار، لان ماكان مانعا عن صحتها هو النهى فاذا زال المانع عاد الممنوع، لكن المبنى فاسد جدا لما بيناه فى محله من انه لا مقدمية لترك احد الضدين لوجود الاخركى يكون وجوده مانعا عن وجود الآخر، بل ترك احدهما و وجود الاخر متلازمان معلولان لعلة ثالثة ، فلابد ان تكون المانعية المستفادة من النهى النفسي من جهة ماهو ملاكه من المفسدة والفبغوضية الذاتية الكامنة في متعلقه التي صارت منشأ للنهى عنه، وعليه فيكون النهى والمانعية المستفادة منه كلاهما معلولى لعلة ثالثة وهى المبغوضية، و من المعلوم ان ارتفاع النهى للنسيان اوالجهل ونحوهما

ص: 128

مع بقاء ماهو ملاكه من المبغوضية، لا يوجب ارتفاع المانعية ، و ذلك لما عرفت من ان المانعية والنهى كلاهما مسببان عن المبغوضية ، فلا يمكن ارتفاع المانعية الا بارتفاع ما هو سببها من المبغوضية، لا ارتفاع النهى الذى ليست المانعية مسببة عنه ، فاذا كانت المانعية مسببة عن المبغوضية التى فى مورد اجتماع الامر والنهي فلابد ان يكون مورد الامر ثبوتا مقيدا بما عدا مورد اجتماعه مع النهي، وحينئذ لاتكون الصلوة فيمورد اجتماعها مع الغصب مامورا بها ولا ذات مصلحة تامة كي يصح اتيانها بداعى امرها او مصلحتها ، اما عدم كونها مامورا بها فلفقدها ما اعتبر فيها من عدم اجتماعها مع الغصب، و اما عدم كونها ذات مصلحة تامة فلمغلوبتها بالمزاحمة بماهو اقوى منها من مفسدة الغصب توضيح ذلك هو ان الحكم بفساد الصلوة فى اللباس المغصوب، انكان مبتنيا على القول بامتناع اجتماع الامر والنهى من جهة اتحاد متعلقهما المستلزم لاجتماع الضدين فى موضوع واحد ، فيدخل مسئلة اجتماع الأمر والنهي في باب التعارض لورودهما على موضوع واحد ، وبعد تقديم النهى لكونه شموليا على الأمر لكونه بدليا يخرج مورد الاجتماع عن اطلاق الأمر، فيصير اباحة الساتر من القيود الواقعية و مقتضاه فساد الصلوة بانتفائها مطلقا علم به المكلف املا ، وذلك لان مع اتحاد متعلق الأمر والنهي يقع التزاحم في ملاكهما اى المصلحة والمفسدة ، والتزاحم فيهما انما يؤثر فى مقام جعل الحكم ، لان جعله تابع لما هو الغالب من الملاكين اما لاهميته من الاخر اولكون الاخر مماله البدل ولا تأثير لعلم المكلف وجهله فى هذا المقام اصلا ، نعم الفرق بين علم المكلف بالغصب جهله به ، انما يصح لولم يكن الحكم بفساد الصلوة في اللباس المغصوب مبينا على القول بامتناع اجتماع الامر والنهي ، بل حكمنا بفسادها ولو على القول بجواز اجتماعهما من جهة تعدد متعلقهما وكونه الجهتين لا الموجه بهما ، ان متعلقهما و انكان الجهتين ، الا ان المكلف حيث لا يقدر على التفكيك بينهما في المجمع ، بان يقصد نفس الطبيعة المامور بها معراة عن الضمائم الفردية والعوارض المشخصة فلامحة تتعلق ارادته بمشخصاتها التي منها متعلق النهى ، فيقع العمل الخارجي عنه

ص: 129

مبغوضا و يكون له قبح فاعلى، فلا يصلح لان يتقرب به كي يصح عبادة ، فاذا كان متعلق الأمر والنهي متعددا النهى متعددا، و انما لم يمكن للمكلف التفكيك بينهما لما بينهما من التلازم ، وجودا فيدخل في باب تزاحم الحكمين في خصوص القدرة مع تماميتهما ملاكا، وحينئذ فيصح الفرق بين علم المكلف بالغصب وجهله به ، ان مع الجهل به لا يكون خطاب لا تغضب متوجها اليه كي يرفع قدرته عن الصلوة، هذا بالنسبة الى الجهل بالغصب واما نسيانه فيدل على صحة الصلوة معه، مضافا الى كونه مانعا عن توجه خطاب لا تغصب اليه كي يكون صار فالقدرته الى نفسه، حديث الرفع، وان ابيت عن شموله للغاصب بدعوى عدم صلوحه للامتنان فلامجال لدعوى عدم شمول حديث لا تعادله، ولو على القول باتحاده مع الصلوة، لانه على هذا القول و انكانت اباحة اللباس شرطا في الصلوة كما مربيانه، الا انه لا يزيد امره على سائر الشرائط المعتبرة فيها التى دل الحديث على عدم اعادة الصلوة بالاخلال بها نسيانا تامل في المقام فانه من مزال الاقدام .

الثالث مما يعتبر في الساتر بل مطلق اللباس وانكان مما لا تتم الصلوة فيه كالخف و نحوه ان لا يكون جلدميتة ذى النفس السائلة ، والنصوص فيه مستفيضة لولم تكن بالغة حد التواتر ، ففي صحيح محمد بن مسلم عن ابيجعفر علیه السّلام قال سئلته عن الجلد للميتة ايلبس فى الصلوة اذا دبغ فقال علیه السّلام لا و او دبغ سبعين مرة ، وفى خبر الاعمش عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال لاتصل فى جلود الميتة وان دبغت سبعين مرة ولا فى جلود السباع ، وفى المرسل عن دعائم الاسلام عن جعفر بن محمد عليهما السّلام انه قال لاتصل بجلد الميته ولو دبغ سبعين مرة انا اهل البيت لا نصلى بجلود الميتة وان دبغت الى غير ذلك ، وقيل في وجه تقييد الفقهاء الميتة بكونها ميتة ذى نفس ، مع عدم ورود التصريح به في شئى من الاخبار وجوه منها ما افاده فى الجواهر من انه المنساق الى الذهن من الاخبار، خصوصا بعد ما ورد في بعضها من التقييد بقوله علیه السّلام ولو دبغ سبعين مرة، فانه ظاهر بملاحظة عدم اعتياد الدبغ الا فى جلد ميتة ذى النفس ، فيكون المراد من الميتة هي ميتة ذى النفس ومنها

ص: 130

ما افاده ايضا من ان الظاهران التقييد المذكور في الاخبار وارد في الرد على العامة الذاهبين الى ان جلد الميتة يطهر بالدباغة، وبعدماهو المعلوم من اختصاص النجاسة بميتة ذى النفس، يكون التقييد المذكور قرنية على ان المراد من الميتة هي ميتة ذى النفس ومنها ما افاده المحقق الهمداني قدس سره في المصباح من ان الميتة و ان امكن إن تكون بنفسها من الموانع كغير المأكول ، الا ان نجاسة ميتة ذى النفس لماكانت معهودة مرتكزة في الاذهان ، وكانت المناسبة بين النجاسة والمنع عن الصلوة فيها واضحة عندهم ، اوجب ذلك انصراف الاخبار الناهية عن الصلوة في الميتة الى ارادة الميتة النجسة منها ، ولولا ذلك الانصراف ، لكان استفادة حكم اغلب انواع ذى النفس مما لا يتعارف ولا يعتاد استعمال جلده من تلك الاخبار، في غاية الاشكال و ما افاده قدس سره هو العمدة فى دعوى انصراف الاخبار الى خصوص الميتة النجسة، لا مجرد تعارفها ، كيف والالزم عدم شمولها لغير المتعارف مما له نفس سائلة ايضا، وهذا على الظاهر مما لا يلتزمون به هذا مضافا الى امكان استفادة ذلك من الاخبار ، بضميمة ما هو المعلوم من سيرة المسلمين من عدم الاجتناب عن ميتة غير ذي نفس كالسمك والجراد والخنفساء ونحوها اللهم الا ان يقال ان استفادة ذلك من الاخبار بتلك الضميمة ، انما تتم فيما اذا كانت مانعية الميتة من جهة نجاستها، دون ماقلنا بكونها عنوانا مستقلا في قبال مانعية النجاسة لكنك عرفت ان الاخبار الناهية عن الصلوة فى الميتة ، وانكانت ظاهرة بدوا فى انها بنفسها من الموانع ولولم تكن نجسة كالسمك المأكول الذي مات فى الماء، لكنها بملاحظة معهودية نجاسة الميتة من ذى نفس ووضوح المناسبة بين النجاسة والمنع عن الصلوة ، منصرفة الى خصوص ميتة ذى النفس ، ومعه يشكل استفادة كون الميتة بنفسها من الموانع من تلك الاخبار بل لا يستفاد منها الا ان المناط في المنع هو نجاسة غير المذكى ، فلاتعم ميتة غير ذى النفس التي لا تكون نجسة كالسمك المأكول الغير المذكى و توهم انه لوكان المناط فى المنع هو النجاسة ، للزم جواز الصلوة فيما لا تتم الصلوة به كالقلنسوة والتكة وامثالهما ، كما تكون جائزة فيما لاتتم الصلوة به من مطلق النجاسات ،

ص: 131

مع ان الاصحاب عمموا المنع الى مطلق اللباس ولو كان مما لا تتم الصلوة به مدفوع بانه لامانع من تخصيص بعض النجاسات ببعض الاحكام ، اذا دل عليه دليل بالخصوص كما فيما نحن فيه ، حيث دل على عدم جواز الصلوة فى شى من اجزاء الميتة ، قول ابيعبد الله علیه السّلام في رواية محمد بن ابي عمير في المية لاتصل في شئى منه ولاشسع وقوله علیه السّلام في رواية الحلبى فى جواب السؤال عن الخفاف اشتر وصل فيها حتى تعلم انه ميت ، وكما في الدماء الثلاثة التي دل الدليل على عدم العفو عنها في الصلوة وانها مستثناة من غيرها من الدماء المعفو عنها اذا كانت اقل من الدرهم البغلى ثم لوسلمنا عدم انصراف الادلة الناهية الى خصوص ميتة ذى نفس، فلا اقل من كون ارتكاز نجاسة خصوصها في الاذهان موجبا للشك فى شمول اطلاقها لميتة مطلق الحيوان ، والمرجع معه هي البرائة ، لدوران المانع بين الاقل والاكثر ، والمتيقن من تقييد الصلوة بعدمه هو ميتة ذى نفس، و تقييدها بعدم ميتة مالانفس سائلة له مشكوك والاصل البرائة عنه ثم ان البحث فى ان الميتة مانعة او التذكية شرط لا اثر له في المقام ، وانكان الحق هو الاول، لظهور النواهى المتعلقة بامور وجودية في المركب، في كونها مسوقة لبيان مانعية تلك الامور، وذلك لانه سواء كانت الميتة مانعة او التذكية شرطا، ففى مورد العلم بان اللباس من الميتة لا اثر لذاك البحث ، لان الصلوة فيه فاسدة اما لوجود المانع واما لانتفاء الشرط ، وفي مورد الشك في ان اللباس متخذ من الميتة او المذكى ، مقتضى الاصل الموضوعى هو الحكم بكونه من الميتة ، لان الميتة ليست شرعا الاعبارة عن حيوان اذهق روحه ولم يكن مذكى بالتذكية المعتبرة شرعا في حله و طهارته ، كما يدل على ذلك قوله تعالى الاماذكتم ، فما لم يذك ميتة شرعا ، فاذا شك في حيوان مذبوح انه كان مذكى نحكم باصالة عدم التذكية بانه ميتة شرعا ، لان الموضوع للحرمة والنجاسة ليس الاكونه ذاهق الروح المحرز بالوجدان وعدم كونه مذكى الثابت بالاصل ، وتوهم انه كما ان مقتضى الاصل عدم التذكية كك مقتضاه عدم الموت حتف الانف ، لان كلا منهما امر وجودى مسبوق بالعدم ، ونفى احد الضدين بالاصل لا يثبت الضد الآخر، لكونه مثبتا ومعارضا بمثله

ص: 132

وهو نفى الاخر بالاصل مدفوع اولا بان الميتة والمذكى ليس كلاهما امرا وجوديا، كى يقال ان نفى احد الضدين وهو المذكى بالاصل لا يثبت الضد الاخر اى الميتة لكونه مثبتا و معارضا بنفى الميتة بالاصل ، بل الميتة شرعا امر عدمى ، لمأمر انفا من انها شرعا ليست الاعبارة عما لا يكون مذكى ، وهذا الامر العدمي ازلي وليس حادثا حتى يمكن نفيه بالاصل ويثبت به عدم كونه ميتة ، وهذا بخلاف المذكى فان التذكية امر وجوى حادث سواء قلنا بانه امر بسيط متحصل من الذبح وسائر الشرائط اوقلنا بانها نفس الذبح مع سائر الشرائط ، فاذا كان التذكية امرا وجوديا حادثا مسبوقا بالعدم، فيمكن نفيه بالاصل ويثبت به عدم كون الحيوان مذكى و ثانيا ان الحكم رتب شرعا على مالم يذك لا على مامات حتف الانف ، ومع عدم ترتب الحكم والاثر الشرعى عليه لامجال لنفيه بالاصل الذي مرجعه الى نفى الاثر عملا كما هو واضح و توهم ان كلا من الميتة والمذكى مما لا يتصف به الحيوان الابعد ذهوق روحه ، ضرورة انه لا يصح ان يقال قبل زهوق روحه انه مذكى او ميتة ، فاذا لم يكن قبل ذهوق روحه متصفا بهما ، فلا يكون قبله متصفا بعدمها ايضا كي يستصحب عدمهما الثابت قبله ، لانه من عدم الملكة الذى يكون من العدم النعتى الذي ليس له حالة سابقة كى يجرى الاستصحاب فيه ، ضرورة ان اذهاق روحه من اول الامر مردد بين كونه مع التذكية او بدونها ، فليس لعدم شئى منهما حالة سابقة كى يجرى فيه الاصل ، نعم عدمهما بالعدم المحمولى وانكان ثابتا قبل زهوق روحه ، لكن لا يجدى الاستصحابه فى اثبات عدمهما النعتى الا على القول بالاصل المثبت مندفع بما افاذه بعض الاساطين من ان عدمها النعتى و ان لم تكن له حالة سابقة ، لكن عدمهما المحمولى الذى كان ثابتا قبل ازهاق روحه بل قبل وجوده ، اذا استمرو قارن مع ازهاق روحه يصير نعتيا ، فيتحقق باستصحابه الى زمان اذهاق روحه ماهو موضوع الحكم ، لان بعضه وهو كونه ذاهق الروح محرز بالوجدان واذا احرز بعضه الاخر وهو عدم كونه مذكى بالاصل ، فيتم الموضوع و يترتب عليه حكمه فتأمل جيدا.

ص: 133

ثم انهم اختلفوا فى ان التذكية هل هى عبارة عن نفس الذبح او النحر مع سائر الشرائط ككون الذابح مسلما مستقبلا ومسميا وكون الالة من حديد، و ان قابلية المذبوح لحلية الاكل والطهارة بالذبح كالغنم والابل ونحوهما انما هي شرط في تأثير المذكورات، او هي عبارة عن حالة بسيطة تتحصل من مجموع ماذكر من الافعال المذكورة وسائر الشرائط المزبورة ويترتب على هذا الاختلاف بعض الاثار، منها انه بناء على جعل التذكية حالة بسيطة تجرى اصالة عدم التذكية ولو علم بالذبح او النحر وسائر الشرائط وشك في القابلية، لان مع الشك فيها يشك في حصول تلك الحالة البسيطة والاصل عدم حصولها، و هذا بخلاف مالوجعلناها نفس الافعال المذكورة مع الشرائط المزبورة وجعلنا القابلية شرطا في تأثيرها ، فانه مع الشك في القابلية لاتجرى اصالة عدم التذكية، لان المفروض العلم بحصولها و انما الشك فى تأثيرها في الحلية و الطهارة ، من جهة الشك فى تحقق شرط تأثيرها، ولا يمكن احرازه وجود او لاعدما بالأصل ، لان القابلية وعدمها أزلية فليس لهما حالة سابقة ، فيتعين الرجوع الى الاصل المسببى وهو اصالة الحل والطهارة ، لكن هذا الاثر لاربط له بمقامنا هذا ، لان البحث في المقام انما هو في ان الميتة مانع من جهة عدم ورود التذكية عليها ، بعد الفراغ عن قابلية الحيوان للحلية والطهارة بالتذكية كالغنم والبعير والبقر ونحوها ومنها انه بناء على جعل التذكية نفس الافعال المخصوصة بشرائطها، كماهو المستفاد من قوله تعالى الا ماذكيتم ، حيث نسب تعالى التذكية الى فعل المكلف ، ومن قوله علیه السّلام في ذيل موثقة ابن بكير اذا علمت انه ذكي قد ذكاه الذبح، حيث نسب علیه السّلام التذكية إلى الذبح، يكون موضوع اصالة عدم التذكية هو الحيوان لاجلده فان الجلد لا يصح ان يقال انه ذبح اوفری اوداجه وحينئذ فيشكل الحكم بعدم تذكية الجلد ، فيما لم يكن هناك حيوان شك في انه مذكى او ميتة ، كما لو قطعنا بكون حيوان معين مذبوحا بالشروط المقررة شرعا في تذكية، و بكون ، حيوان معين آخر مذبوحا بغير تلك الشروط ، وشككنا فى جلد انه مأخوذ من اى الحيوانين المذكورين ، فانه ليس هناك حيوان في الخارج

ص: 134

نشك في تذكيته ، كي يصح ان نقول انا نشك في تذكية الحيوان الذى اخذ هذا الجلد منه والاصل عدم تذكيته، بل الشك انما هو فى ان هذا الجلد متخذ من ايهما وليس هناك اصل يعين كونه مأخوذا من الحيوان الغير المذكى وهذا بخلاف مالو قلنا بان التذكية عبارة عن الحالة البسيطة المتحصلة من تلك الافعال المخصوصة بشرائطها المقررة شرعا ، فان تلك الحالة البسيطة تسرى الى جميع اجزاء الحيوان وحينئذ يصح ان يقال في الفرض المتقدم، ان هذا الجلد قبل وقوع التذكية على احد الحيوانين المشخصين ، لم تكن هذه الحالة البسيطة حاصلة له ، ونشك في حصو صولهاله بعد وقوع التذكية على احدهما ، والاصل بقائه على ماكان عليه هذا ولكن قوى الاستاد دام ظله عدم جریان اصالة عدم التذكية في الجلد فى الفرض المتقدم ، ولو على القول بان التذكية هي الحالة البسيطة ، واستدل على ذلك بوجوه ، منها ان التمسك بالاستصحاب فى المقام من قبيل التمسك بالعام فى الشبهة المصداقية ، ضرورة انه لو كان هذا الجلد متخذا من الحيوان الذي علمنا بوقوع التذكية عليه ، لكانت حالته السابقة منتقضة باليقين بحصول التذكية له ، فحينئذ اذا شككنا في اتخاذه من اى الحيوانين، فنحتمل اتحاذه من المذكى بالقطع التفصيلي منهما ، ومعه يكون التمسك باستصحاب عدم التذكية من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية ، لاحتمال ان يكون رفع اليد عن حالته السابقة من مصاديق نقض اليقين باليقين لا بالشك و توهم ان ما ذكرنا جار فيما اذا يتقن بنجاسة شئى سابقا وشك في بقائها ، ولكن احتمل ان يقينه السابق بالنجاسة انتقص بيقينه بالطهارة لاحقا ، فانه مع هذا الاحتمال يكون التمسك بعموم لا تنقض من التمسك بالعام فى الشبهة المصداقية ، إذ من المحتمل انتقاض يقينه السابق باليقين، مع انه لا اشكال فى ان استصحاب النجاسة جار فى المثال مدفوع بان قياس المثال بما نحن فيه مع الفارق، ضرورة ان العلم التفصيلي بوجود المذكى موجود فعلا فيما نحن فيه، بخلاف ما ذكر من المثال اذا لمفروض فيه ليس الا احتمال العلم التفصيلي بالطهارة، والقطع المعتبر في نقض اليقين السابق هو القطع الفعلى ، لا التقديري لانه لا يزيد على احتمال كون الواقع على خلاف الحالة المتيقنة

ص: 135

سابقا الذي لا ينافى مع الشك فى بقائها فعلا وتوهم ان انتقاض الحالة السابقة بالنسبة الى الحيوان الذي علم تفصيلا بكونه مذكى بجميع اجزائه وانكان بالقطع لكن كون هذا الجلد متخذا من ذاك الحيوان مشكوك ، فيكون رفع اليد عن حالته السابقة المتيقنة نقضا لليقين بالشك مدفوع بان هذا الجلد و انكان اتخاذه من الحيوان المذكى مشكوكا ومستلزما للشك في تذكيته ، لكن بعد ما هو المفروض من وجود العلم التفصيلى الفعلى بشخص الحيوان المذكى ، واحتمال كون هذا الجلد من اجزاء ذاك الحيوان ، يكون اليقين السابق بعدم تذكيته على فرض مطابقة هذا الاحتمال للواقع، منتقضا باليقين التفصيلى الفعلى بتذكية، فعلى هذا الاحتمال يكون التمسك بعموم لا تنقض للحكم بعدم تذكية هذا الجلد من التمسك بالعام مع الشك في المصداق، فاذا سقط الاصل السببى اى اصالة عدم التذكية ، يكون المرجع الاصل المسببى اى اصالة الحلية والطهارة ومنها ان في المقام لا يكون ما هو معتبر فى الاستصحاب من اتصال زمان الشك بزمان اليقين محرزا ، وذلك لانه بعد احتمال كون هذا الجلد متخذا من الحيوان المقطوع التذكية يحتمل انقطاع زمان الشك عن زمان اليقين السابق بتخلل زمان القطع بخلاف الحالة السابقة، فلايكون اتصال زمانهما محرزا.

ومنها منع صدق الشك فى البقاء والانتقاض الذى هو المعتبر في الاستصحاب في المقام ، وذلك لان الشك في المقام متعلق بان هذا الجلد هل هو من اجزاء ما هو باق على عدم التذكية قطعا او من اجزاء ما هو غير باق على عدمها قطعا ، وليس متعلقا بان هذا الجلد هل هو باق على عدم التذكية او غير باق عليه كى يجرى فيه الاستصحاب، و من المعلوم انه لا اصل هناك يعين انه من اجزاء اى الحيوانين، فاذا لم يكن هناك اصل موضوعي يعين حال الجلد و انه منفصل عن المقطوع بقائه على عدم التذكية او عن المقطوع عدم بقائه على عدمها ، فتصل النوبة الى الاصل الحكمى القاضي حليته و طهارته ، فما نحن فيه نظير ما اذا رأينا شبحا فى الليل او من بعيد ، وشككنا في انه هل هو زيد المقطوع فيه بقاء العدالة او العمر والمقطوع فيه انتفاض العدالة، فكما ان فى

ص: 136

المثال لا يوجب مجرد الشك في انطباق ذاك الشبح على زيد او على عمر وصدق عنوان الشك فى البقاء والانتقاض بالنسبة الى ذاك الشبح ، فلا يصح ان يقال هذا الشبح كان مقطوع العدالة في السابق ويشك الان في بقاء عدالته و ارتفاعها، بل ما يصدق في حقه هوان يقال ان هذا الشبح لا نعلم انه زيد المقطوع بقاء عدالته او العمر والمقطوع انتقاض عدالته ، فالشك هنا راجع الى الشك فى ان هذا الشبح هل هو الباقي عدالته قطعا او المنتقض عدالته كذلك لا الشك في بقاء عدالته و انتفاضها كما لا يخفى فكك فيما نحن فيه ولو سلمنا كون ما نحن فيه من موارد جریان الاستصحاب، لكن نقول لا بد من رفع اليد عنه بملاحظة بعض الاخبار المرخصة في الصلوة مع الشك فى التذكية، الظاهرة فى انه حكم الشك فيها من حيث هو ، من غير لحاظ كون المشكوك في سوق المسلمين او في ايديهم ، كي يكون الاستصحاب جاريا مع عدم تينك الامارتين كموثق سماعة سئلت اباعبدالله علیه السّلام عن تقليد السيف فى الصلوة فيه الفرا او الكيمحت ، فقال علیه السّلام لا لباس مالم يعلم انه متية ، و في صحيحة الحلبى ما علمت انه متية فلا تصل فيه، و مكاتبة يونس عن ابى الحسن علیه السّلام يسئله عن الفرو والخف البسه واصلى ولا اعلم انه ذكى ، فكتب علیه السّلام لا باس به ، ورواية الحلبي قال سئلت اباعبدالله علیه السّلام عن الخفاف التي تباع في السوق فقال علیه السّلام اشتر وصل فيها حتى تعلم انه ميت بعينه ، الى غير ذلك من الاخبار الدالة على الترخيص من غير تقييد بيد المسلم او سوق المسلمين او ارضهم وتوهم انالوسلمنا عدم جريان الاستصحاب في المقام ، و ان مقتضى الاصل الحكمي و ظهور بعض الاخبار هو ان حكم الشك من حيث هو الترخيص ، لكن مقتضى بعض الاخبار الواردة في حكم الجلود المشتبهة اتخاذها من المتية او المذكى، عدم كون الحكم فى مشكوك التذكية مطلقا ولوكان مما يحتمل كونه متخذا من مقطوع التذكية كما هو محل كلامنا، هو الترخيص، وهى الاخبار المصرحة بعدم جواز الصلوة فى الجلود المشتبة الماخوذة من يدالكافر او المجهول الحال اذا لم يكن الغالب فى البلد المسلمين تقريب الاستدلال بها هو انه بعد ما هو المعلوم من عدم كون يدالكافر امارة على عدم التذكية ، كى يقال ان

ص: 137

الثهى عن الصلوة فى الماخوذ من يده لوجود الامارة على عدم التذكية، وهذا لا ينافي ظهور الاخبار المتقدمة فى ان حكم الشك في التذكية من حيث هو هو الترخيص فليس الحكم فيهذه الاخبار بعدم جواز الصلوة فيما اخذ من يدالكافر ، الا من جهة عدم وجود الامارة على التذكية ، فتدل باطلاقها على ان الحكم في مشكوك التذكية مطلقا ولو كان مما يحتمل اتخاذه من مقطوع التذكية، هو عدم حواز الصلوة فيه حتى يعلم بالتذكية مدفوع بان هذه الاخبار المانعة ليس فيها ما يصلح لتقييد اطلاق الاخبار المرخصة من غير تفييد بما اذا كان هناك امارة على التذكية كيد المسلم اوسوقه اوارض الاسلام، و ذلك لان من الاخبار المانعة رواية على بن جعفر علیه السّلام عن اخيه موسى علیه السّلام قال سئلته عن رجل اشترى ثوبا من السوق فليس يدرى لمن كان هل يصح الصلوة فيه، قال علیه السّلام انكان اشتراه من مسلم فليصل فيه و ان اشتراه من نصرانى فلا يصل فيه حتى يغسله ولا يخفى ان هذه الرواية اجنبية عما نحن فيه، اما اولا فلعدم ظهور قول السائل اشترى ثوبا في كون الثوب من الجلد، كي يكون السؤال عن جهة احتمال كونه من غير المذكى، بل الظاهر ارادة الثوب من غير الجلد لعدم تعارف صنع الثوب من الجلد، و اما ثانيا فلان وجه السؤال عن جواز الصلوة فى الثوب المشترى من السوق، ان كان هو احتمال كونه متخذا من غير المذكى، فمن المعلوم ان هذا الاحتمال لا يرتفع بالغسل، فيعلم منه ان جعله علیه السّلام النهى عن الصلوة فيه معنيى بالغسل ، ان وجه السؤال عن جواز الصلوة فيه هو احتمال تنجسه بنجاسة عرضية ناشئة من استعمال محتمل الكفر له، وحينئذ فلابد من حمل النهى عن الصلوة فيه قبل الغسل على الاحتياط الاستحبابي ، اذلاشك فى ان مقتضى الاصل والقاعدة هو الحكم بالطهارة مع الشك في النجاسة، وليست بدالكافر امارة على النجاسة كى تكون حاكمة على اصالة الطهارة فى المشكوك ومنها رواية اسمعيل بن عيسى قال سئلت ابا الحسن علیه السّلام عن جلود الفراء يشتريها الرجل في سوق من اسواق الجبل ايسئل عن ذكوته اذا كان البايع مسلما غير عارف، قال علیه السّلام عليكم ان تسئلوا عنه اذا رأيتم المشركين يبيعون ذلك،

ص: 138

و اذا رأيتم يصلون فيه اى البايعين فلاتسألوا عنه ومنها رواية اسحق بن عمار عن العبد الصالح علیه السّلام قال علیه السّلام لا باس بالصلوة فى الفراء اليماني و ما صنع في ارض الاسلام، قال قلت فانكان فيها غير اهل الاسلام ، قال علیه السّلام اذا كان الغالب عليها المسلمين فلاباس وهاتان الروايتان و انكانت الاولى منهما منطوقا والثانية مفهوما دالة على اعتبار وجود الامارة كيد المسلم و ارض المسلمين على التذكية في جواز الشراء والصلوة و لزوم الفحص مع عدم الامارة عليها ، الا ان الاخبار المرخصة الصراحتها في الترخيص ، وظهورها فى انه من جهة الشك لالاجل وجود الامارة ، لابد مر تقديمها على الروايتين الظاهرتين فى حرمة الشراء والصلوة مع عدم وجود الامارة على التذكية ، و حملهما على كراهة الاخذ من غير المسلم ، كما هو مقتضى حمل الظاهر على النص فى الجمع بينهما عند التعارض و يؤيد ذلك ماروى عن مولانا على بن الحسين عليهما الصلوة والسلام ، انه كان يلبس الفراء العراقي في غير حال الصلوة و ينزعه في حالها ، معللا بان اهله يستحلون لبس الميتة بالدباغ، فانه بعد عدم عدم امكان حمل نزعه علیه السّلام الفراء في الصلوة على الاحتياط المنافي لمقام الولاية الكلية الالهية، لابد من حمله على كراهة لبسه في الصلوة ، كيف والا لم يكن يلبسه علیه السّلام في غير الصلوة ايضا لحرمة استعمال الميته والانتفاع بها مطلقا.

و توهم اذ ان اخبار الجواز لابد من حملها على صورة وجود الامارة على التذكية كيد المسلم و سوق المسلمين و ارضهم كما هو الغالب ، لندرة ماهو الماخوذ من يد الكافر المعلوم عدم سبقها بيد المسلم او من يد مجهول الحال في سوق الكفار اوارضهم، هذا مضافا الى ما فى كلتا الطائفتين من الاخبار المرخصة والمانعة من وجود الشاهد عليهذا الحمل، فان فى اكثر الاخبار المرخصة قد ذكر لفظ السوق المنصرف الى سوق المسلمين ، كصحيح الحلبي سئلت ابا عبدالله علیه السّلام عن الخفاف التي تباع في السوق فنشتريها فماترى فى الصلوة فيها، فقال علیه السّلام اشتر وصل فيها حتى تعلم أنه ميت بعينه كما ان الروايتين المتقدمتين المانعتين عن الصلوة في الماخوذ عن يدالكافر ظاهرتان في خلو المورد عن الامارة على التذكية ، و مضافا الى ان النسبة بين الاخبار المرخصة

ص: 139

والمانعة عموم و خصوص مطلق، لاختصاص الاخبار المانعه بالماخوذ من يدالكافر ، وعموم الاخبار المرخصة له و لغيره، و مقتضى الجمع هو تقديم الخاص على العام، و عليه فلابد من المصير الى ما ذهب اليه المشهور، من الحكم بعدم التذكية في غیر مورد وجود الامارة على التذكية مطلقا، ولو كان المشكوك مما احتمل كونه متخذا مما علم تفصيلا بتذكيته.

مدفوع بان الاخبار المرخصة المشتملة على لفظ السوق مع كثرتها ، لم يذكر فى شيء منها انه سوق المسلمين كي يكون الترخيص فيها لاجل وجود الامارة على التذكية ، وما ادعى من انصرافه الى خصوص سوق المسلمين ممنوع جدا ، بل لا يبعد استظهار كون ذكره فى السنة السائلين من باب غلبة وقوع البيع والشراء في السوق من غيران يكون لهم نظر وعناية الى ذكره ، هذا مضافا الى ان حمل السوق المذكور فى الاخبار المرخصة على سوق المسلمين، مما يابي عنه جعل الرخصة فيها مغياة بالعلم بالخلاف ، اذلوكان المراد من لفظ السوق سوق المسلمين ، و كان الحكم بالجواز لاجل امارية سوقهم على التذكية ، لم يكن مناسبة بين الحكم به و بین جعله معی بالعلم الطريتي، از مرجع ذلك إلى جعل العمل بالطريق مغيى بالطريق، و ذلك لان الامارة كالعلم فرد حقيقى للطريق، فجعل العمل بها مغيى بالعلم ، مرجعه الى جعل العمل بالطريق مغيى بالطريق وذلك لان الامارة كالعلم فرد حقيقي للطريق فحعل العمل بها مغيى بالعلم مرجعه الى جعل العمل بالطريق مغيى بالطريق فتأمل وانما يناسب هذا التعبير و غيره مما وقع فيهذه الاخبار، من التعبير في بعضها بقوله علیه السّلام هم فى سعة حتى يعلموا فى جواب السؤال عن اللحم الواقع في سفرة مطروحة فى الطريق لا يعلم انها لمسلم او مجوس، و في بعضها بعدم لزوم الفحص و ان الخوارج ضيقوا على انفسهم والدين اوسع من ذلك ، و في بعضها لاباس مالم يعلم انه متية مقام جعل الاصل لا الامارة ، فان هذه التعبيرات كما ترى مساقها مساق اخبار الحل والطهارة ، فلا بناسب ان يكون الترخيص في تلك الاخبار المتضمنة لهذه التعبيرات مستندا الى احدى الامارات المذكورة كما لا يخفى واما

ص: 140

دعوى ان النسبة بين هذه الاخبار المرخصة مطلقاً والاخبار المانعة عند فقد الامارة على التذكية هى العموم والخصوص المطلق، فلابد من تقييد اطلاق المرخصة بالمانعة، و تخصيص الترخيص بما اذا كانت هناك امارة على الذكية فمدفوعة بان مقتضى القاعدة، وانكان تقديم الخاص على العام وتخصيص العام بالخاص ، لكن تخصيص العام بالخاص فرع اقوائية ظهور الخاص من ظهور العام ، و اقوائية ظهور الخاص في المقام ممنوعة، لانا بعد مارأينا ان الشارع راعى جانب الاحتياط في الصلوة في الثوب الماخوذ من الكافر و منع الصلوة فيه الا بعد غسله و علمنا انه احتیاط استحبابی ، نحتمل احتمالا قويا ان يكون المنع عن الصلوة في الجلود الماخوذة من يدالكافر، منعا تنزيهيا لمراعاة الاحتياط الاستحبابى فى الصلوة، وان هذا المنع يرتفع بوجود امارة تدل على ان يده مسبوقة بيد المسلم والانصاف ان هذا الحمل اقرب من حمل الاخبار المرخصة على بيان امارية سوق المسلمين، مع عدم ذكر فيها عن سوقهم ، وجعل المعيار في الترخيص والمنع هو الشك والعلم المناسب لمقام جعل الأصل كما لا يخفى ، هذا مضافا الى ما حققناه في محله من ان تقديم الخاص على العام انما هو فيما اذا لم يكن العام وارذا فى حضور وقت العمل ، اذ لو كان المراد منه خصوص مورد الخاص ، لزم تاخير البيان عن وقت الحاجة ، وهو القاء في الجهل و نقض للغرض القبيحان على الحكيم ، وحينئذ لابد من تقديم الاخبار المرخصة لكونها نصا في الجواز ، على الاخبار المانعة لكونها ظاهرة في التحريم ، بحملها على الكراهة كما هو مقتضى الجمع بين النص والظاهر ، هذه خلاصة ما افاده الاستاد دام ظله في مقام تقديم الاخبار المرخصة على المانعة، خلافا لماذهب اليه المشهور من تقديم المانعة، على المرخصة ولكن يمكن ان يقال في تاييد ما ذهب اليه المشهور، ان الاخبار المرخصة المشتملة على لفظ السوق ، وانكانت على كثرتها خالية عن ذكر سوق المسلمين، لكن من المظنون قويا لولم يكن مقطوعا، ان في عصر صدور هذه الاخبار لم يكن للكفار سوق خاص بهم في بلاد المسلمين، بل كانوا يعاملون مع الناس في اسواق المسلمين وكان منشأ تكرار السؤال عن مشكوك التذكية مع كونه يباع في سوق المسلمين،

ص: 141

هو ابتلاء الشيعة واختلاطهم بالعامة المستحلين ذبائح اهل الكتاب والحاكمين بطهارة الميتة بالدباغ وكون اهل الذمة فى اسواق المسلمين، فمورد السؤال في

الاخبار المرخصة، هو ان الماخوذ من سوق المسلمين مع كونه مجهول الحال لاحتمال كون بايعه من العامة وقد اخذه من ذمى لبنائه على حلية ذبائح اهل الذمة ، اوكونه ممن يرى طهارة الميتة بالدباغ اوكونه ذميا فى سوق المسلمين ، هل محكوم بالتذكية بمجرد كونه يباغ فى سوق المسلمين ام لابل محكوم بالميتة، فعليه اذا ورد الجواب بانه لاباس مالم يعلم انه متية، لا يصح حمله على بيان حكم المشكوك من حيث انه مشكوك من دون لحاظ كونه في سوق المسلمين و في ايديهم، و ما ذكر من ان الحكم بعدم الباس فى الاخبار المرخصة لوكان لوجود الامارة على التذكية، لانتفت المناسبة بينه وبين جعل الترحيض مغيى بالعلم، فيه ان هذه الاخبار ليست بصدد جعل سوق المسلمين امارة و طريقا الى التذكية كيلانياسبه المغيائية بالعلم، بل اعتباره وطريقيته في الجملة كان مفروغا عنه، وانما كان منشاء السؤال هو استبعاد عموم اعتباره للموارد المذكورة ايضا ، فاجاب علیه السّلام في مقام رفع الاستبعاد و تعميم اعتباره الى جميع موارد الشبهة ، بقوله علیه السّلام لاباس مالم يعلم انه ميتة ، لان هذا التعبير في مقام تعميم الاعتبار لجميع موارد الشبهة اخصروا بلغ من غيره من التعابير كما لا يخفى ، هذا مضافا الى امكان دعوى كون اعتبار يد المسلمين فضلا عن سوقهم وارضهم ، من باب التعبد لمصلحة تسهيل الامر على الشيعة، اذ لولاه لضاق عليهم الامر مع ماهم عليه من الابتلاء بالعامة المستحلين ذبائح اهل الكتاب والمطهرين للميتة بالدباغ ، لامن باب الطريقية كى يدعى ان مقام جعل الطريق لا يناسبه المغيائية بالعلم بالخلاف فتامل، وكيفكان اذا كان منشاء السؤالات الكثيرة، احتمال كون البايع زميا او مسلما واحتمال كونه شيعيا او عاميا ، واحتمال كون ممافى يد العالمى مذبوحا بیده او بیدالذمی اوكونه متية طهره بالدبغ ، وكانت الاخبار المرخصة مسوقة لبيان حكم ما هو محل لتلك السؤالات من الموارد المذكورة ، ففى جميع تلك الموارد يحكم بالتذكية، اما لغلية المسلمين كما فيمورد احتمال كون البايع ذميا، و اما لحمل

ص: 142

فعل المسلم على الصحة الواقعية لا الصحة عند الفاعل كما فيمورد باقى الاحتمالات المذكورة ، ولا ينافى ذلك ماهو المروى عن مولانا على بن الحسين سلام الله عليهما، من انه علیه السّلام كان يلبس الفراء العراقى فى غير حال الصلوة و يتزعه في حالها معللا بان اهله يستحلون لبس الميتة بالدباغ،

و ذلك لما عرفت من انه بعد عدم امکان حمل نرعه علیه السّلام الفراء في حال الصلوة على الاحتياط المنافي لمقام الامامة والولاية الكلية الالهية، لابد من حمله على كراهة لبسه في الصلوة ، والالماكان يلبسه علیه السّلام فى غير الصلوة ايضا اللهم الا ان يدعى ان نزعه علیه السّلام الفراء المجلوب من العراق فى الصلوة معللا بان اهله يستحلون لبس الميتة بالدباغ ، بعد عدم امکان حمله على الاحتياط ، له دلالة واضحة على عدم اباحة الماخوذ من يد المستحل ، ولا ينا في دلالته على ذلك لبسه علیه السّلام للفراء قبل الصلوة ، بعد امكان حمل لبسه علیه السّلام له قبلها على التقتة الزائلة عند ارادة الصلوة فتدبر جدا.

بقى هنا شيء ينبغي التنبيه عليه، و هو ان العمدة من هذه الامارات الثلث هى يد المسلمين، و اما سوق المسلمين و صنعة ارضهم ، فهما امارتان على اليد لا انهما امارتان في عرضها ، و ذلك لان الظاهران امارية سوق المسلمين ، انما هي لغلبة المسلمين فى السوق، التى هى امارة على تشخيص حال البايع المشكوك الحال کی یحرز بها ان يده يد المسلم ، كما ان الظاهران امارية صنعة ارض المسلمين انما هي لاجل ان المصنوع في ارضهم صانعة المسلم، فعليهذا لا يصح الحكم بالتذكية بمجرد كون المشتبة مما يباع فى سوق المسلمين ولوكان البايع كافرا، بل يدل على عدم الحكم بها مافي رواية قرب الاسناد، من قوله علیه السّلام وان اشترى من نصرانی فلا يلبسه ولا يصلى فيه، وكذا لا يصح الحكم بالتذكية على المطروح فى ارض المسلمين مع خلوه عن اثر استعمال المسلم له واما ماورد عن أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه من الحكم بجواز اكل ما في السفرة المطروحة في الطريق من اللحم والخبز ، فمحمول على كون نظر السائل فيها الى احتمال كون السفرة ملكا لمجوسى باشر ما فيها من المأكولات فصارت متنجسة بما شرته لها ، لا الى احتمال كون مافيها من اللحم

ص: 143

متخذا من الميتة، اذ فى ذيلها قيل له يا امير المؤمنين لايدرى سفرة مسلم ام سفرة مجوس، فقال علیه السّلام هم فى سعة مالم يعلموا ، ولم يفرض فيه كون ما فيها من اللحم مشتبها بين المذكى والميتة مع ان هذه الرواية لادلالة لها على ان السفرة كانت مطروحة فى ارض المسلمين، لان عبارتها ان امير المؤمنين علیه السّلام سئل عن سفرة في الطريق مطروحة ، فحينئذ يكون الاخذ باطلاقها منافيا قطعا لساير ماورد من الاخبار فى الباب الرابع من ان من شروط الساتر بل مطلق اللباس ان لا يكون من اجزاء مالا يوكل لحمه ولو كان قابلا للتذكية ، فان القابل لها وانكان يطهر بها فيجوز لبسه وسائر الانتفاعات به، الا انه لا يجوز الصلوة فيه ، والاصل في ذلك الروايات الواردة فى الباب، التي منها موثقة ابن بكير قال سأل زرارة ابا عبدالله علیه السّلام عن الصلوة فى الثعالب والفنك والسنجاب وغيره من الوبر ، فاخرج كتابا يزعم انه املاء رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم ان الصلوة فى وبركلشئى حرام اكله فالصلوة في وبره وشعره وجلده وبوله و روثه وكلشئى منه فاسدة لا تقبل تلك الصلوة حتى تصلى فى غيره مما احل الله اكله ، ثم قال علیه السّلام يا زرارة هذا عن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم فاحفظ ذلك يا زرارة فان كان مما يوكل لحمه فالصلوة فى وبره وشعره وروثه والبانه و كلشئى منه جائزة اذا علمت انه ذكى فدذكاه الذبح والاشكال فيها سندا بابن بكير، ومتنا باشتماله على كلمة زعم الظاهر في الاعتقاد المخالف للواقع، و على مالا يناسب التركيب النحوى، فان مقتضى التركيب النحوى ان تكون الضمائر في قوله علیه السّلام فالصلوة في وبره وشعره الخ راجعة الى الوبر المذكور في قوله علیه السّلام الصلوة في وبركلشئى ، مع انها راجعة الى كلشي لا الى الوبر لعدم صحة رجوعها اليه كما هو واضح ، وكذا مقتضى تطابق الخبر مع المبتداء في التذكير والتانيث ان يقول فاسدة بدل قوله علیه السّلام فاسد والظاهر ان عبارة المتن كانت فى الاصل هكذا ان كلشئى حرام اكله الصلوة فى وبره وشعره وجلده و بوله وروثه وكلشئى منه فاسدة ، و انما وقع التحريف فيها من النساخ او من الراوى عند نقلها بالمعنى ، وعلى كل حال يكون الوهن الوارد على الرواية من هذه الجهات منجبرا بتلقى الاصحاب لها بالقبول، ولا يعارضها مادل من

ص: 144

الاخبار على الجواز مطلقا ولو في حال الصلوة، مثل قوله علیه السّلام في رواية على بن يقطين لاباس بذلك في جواب السؤال عن لباس الفراء والسمور والسنجاب والثعالب وجميع الجلود، ولا مادل على الجواز في خصوص الصلوة لكن مع المنع فيما كان صيادا وذاناب ومخلب ، ولاما يكون شارحا ومبينا لمورد نهى رسول الله وان متعلق نهيه صلی الله علیه و آله و سلّم هي الصلوة فى خصوص ذي ناب ومخلب اما عدم معارضة الطائفة الاولى للموثقة ، فلان النسبة بينها وبين الموثقة هو الاطلاق والتقييد، ومقتضى الجمع بينهما هو تقييد هذه الطائفة بالموثقة وحملها على جواز اللبس فى غير الصلوة واما الطائفة الثانية ، فلان النسبة بين الموثقة و بينها وانكانت هى الاطلاق والتقييد ، و مقتضى الجمع بينهما هو تقييد الموثقة بالصلوة في خصوص ماكان صيادا و ذاناب ومخلب ، لكن لاشتمال هذه الطائفة على تجويز الصلوة فى السمور والثعالب ، وهما من اقسام السباع التي اطبقت كلمة الاصحاب على المنع فيها ، لابد من حملها على التقية لموافقتها لمذهب الجمهور القائلين بالجواز واما الطائفة الثالثة المفسرة لمورد نهى النبى صلی الله علیه و آله و سلّم، فلان مقتضى كون النسبة بين الموثقة وبينها هو الاطلاق والتقييد ، وانكان تقييد الموثقة بها وحملها على النهي عن الصلوة في خصوص ماكان صائد اذا ناب و مخلب ، سيما مع كونها شارحة (-) هو متعلق نهى النبي صلی الله علیه و آله و سلّم، الا ان الموثقة لاشتمالها على ذكر السنجاب بالخصوص ، الموجب لكونها بالنسبة الى خصوصه نصا غير قابل للتخصيص لكونه من تخصيص المورد المستهجن ، فيكون النسبة بينهما بهذا اللحاظ هو التبائن لانهما حينئذ من قبيل الخاصين المتعارضين ، فلابد حينئذ من الرجوع الى المرحجات الجهتية ، وهى مع الموثقة ، لمخالفتها العامة القائلين بالجواز ، وموافقة معارضها معهم ، هذا ماقيل في مقام الجمع بين الموثقة وهذه الطائفة و لكن استشكل في ذلك الاستاد دام ظله ، اولا بان کون مورد السؤال الذى ورد العموم في جوابه هو الخاص ، انما يوجب انقلاب النسبة بين ذاك العموم وبين ما عارضه بطريق التخصيص الى التبائن ، فيما اذا كان نظر المجيب بالعام متوجها الى بيان حكم ذلك المورد الخاص ، وكان ذكره للعام توطئة لذكر

ص: 145

حكم ذلك الخاص، واما اذا لم يكن نظر المجيب بالعام متوجها الى بيان حكم المورد الخاص، بل كان نظره ونظر السائل ممحضين في بيان حكم القاعدة الكلية وانما ذكر السائل بعض الجزئيات لاجل المثال لذاك الكلى المسئول عن حكمه لا لعناية خاصة به، ففى هذا الفرض نمنع عن انقلاب النسبة بين العام والخاص المعارض له إلى التبائن، بل تعامل معهما معاملة العموم والخصوص المطلق ، ونحكم بخروج بعض ماذكر فى السوال مثالا للكلى المسؤل عن حکمه، عن عموم الجواب بواسطة دلیل خاص ففيما نحن فيه وانكان مقتضى الجمع العرفي هو تقديم هذه الطائفة الشارحة لمورد نهى النبي صلی الله علیه و آله و سلّم على الموثقة واخراج غير الصياد عن عمومها، لكن المانع في المقام عن تقديمها على الموثقة ، هو اعراض المشهور عن العمل بمضمونها الموجب لوهنها فى نفسها وسقوطها عن درجة الاعتبار والحجية الذاتية ، فضلا عن قابليتها لمعارضة الموثقة وثانيا سلمنا عدم امكان المعاملة معهما معاملة العموم والخصوص ، ولكن نمنع عن الرجوع الى المرحجات السندية والجهتة ايضا ، و ذلك لان غير الصياد من انواع غير المأكول التي هي مورد التعارض ، ليست بتمامها قابلة للطرح او الحمل على التقية، لان منها السنجاب الذي حكمه الواقعي الاخبار الخاصة هو الجواز، ومعه كيف يصح طرح تلك الاخبار او حملها على التقية حتى بالنسبة اليه، فاذا لم يكن الطرح سندا او الحمل على التقية متاتيا الا بالنسبة الى بعض افراد مدلول المعارض، لم يكن مجال للرجوع الى المرحجات السندية او الجهتية ، لانصراف الاخبار العلاجية الى ما اذا كان الامر دائرا بين رفع اليد عن تمام مدلول هذا الخبر من المتعارضين او تمام مدلول ذاك الخبر، فالتفكيك في الطرح او الحمل على التقية بالنسبة الى بعض مدلول المعارض دون بعض ، خلاف منصرف الاخبار العلاجية، ولذا قلنا في باب تعارض الاخبار ان التعارض بين العامين من وجه خارج عن منصرف الاخبار العلاجية ، فبعد الياس عن الترجيح الدلالي والسندى والجهتي، لا محيص عن الرجوع الى الاصول العلمية ، لولم يكن هناك عام فوق المتعارضين ، والا لكان المرجع بعد سقوطهما ذلك العام كما في المقام،

ص: 146

فان فيه اخبار عامة مانعة عن الصلوة فى اجزاء غير المأكول مطلقا من غير تعرض لذكر انواعه و اقسامه، و معه لاتصل النوبة الى الاصل العملى الذى مقتضاه في المقام البرائة عما تعارض فى الخبران ، دون ما اتفقا على عدم جواز الصلوة فى اجزائه وهو الصياد الاكل لللحم.

بقى هنا امور ينبغى التنبيه عليها الاول هل يختص المنع بخصوص لبس اجزاء مالايؤكل ، او يعم ماكان مصاحبا للمصلى مصاحبة شبيهة باللبس ، كما اذا كان الثوب ملتفا بشعر غير المأكول على نحويكون كالجزء منه ، او متلطخا ببوله وروثه، او يعمه وماكان مصاحبا له مطقا و باى نحو كان كالشعره الملقاة على ثوبه ، وجوه اقواها الاخير ، وذلك لان المنع عن الصلوة فى الجلد والوبر ، و انكان ظاهرا في المنع عن الصلوة فى اللباس المتخذ منهما ، وذلك لظهور كلمة فى في الظرفية الحقيقية التي لا يمكن الاخذ بها الا بالنسبة الى الجلد والوبر و امثالهما مما يمكن اتخاذ اللباس منها ، فلايعم المعية والمصاحبة الشبيهة باللبس ، فضلا عن مطلق المصاحبة و باى نحو كان ، لكن عطف الروث والبول ونحوهما فى الموثقة على الجلد والوبر قرنية على ارادة المعية والمصاحبة المطلقة من كلمة فى اذلم يتكرر في الرواية هذه الكلمة فى الموضعين ، كي يكون استعمالها في مثل الجلد والوبر على نحو الحقيقة ، وفي مثل الروث والبول على نحو المجاز ، حتى يكون المراد منها مختلفا حسب اختلاف الموضعين، فحينئذ لواريد منها خصوص كل من المعنى الحقيقى والمجازى لزم استعمال لفظ واحد في المعنيين الممنوع عرفا ان لم يكن ممتنعا عقلا ، فلابد ان تكون مستعملة فيما ذكرنا من المفهوم الجامع اعنى المعية المطلقة ، لانه الاقرب الى المعنى الحقيقى بعد تعذر ارادته و توهم انه يمكن ارادة الظرفية الحقيقية منها في الموضعين ، بان يراد من الروث والبول و نحوهما اللباس المتلطخ بها مدفوع بان ارادة الظرفية الحقيقية ، وان صحت في الموضعين بتصرف في البول والروث على نحو المجاز او التقدير ، الا ان التصرف المجازى فى كلمة في بالتوسعة فى الظرفية او بجعلها بمعنى المصاحبة ، اولى من التصرف في بعض مدخولها، لان

ص: 147

ظهور الحروف في معاينها، لا يمكن ان يقابل ظهور الاسماء والافعال في معانيهما، لان الحروف موضوعه للربط بين الاعراض و موضوعاتها، فكل نحو ربط امکن لحاظه بين العرض و موضوعه يلزم الاخذبه، ولا يصح التصرف في معنى العرض او موضوعه، لكى يتمكن من الاخذ بربط خاص كالظرفية فيما نحن فيه ، هذا مضافا الى امكان دعوى عدم استعمال كلمة فى فى الموثقة فى الظرفية الحقيقية اصلا حتى بالنسبة الى الجلد والوبر ، وذلك لان استعمالها فى الظرفية الحقيقية في مثل الجلد والوبر الموجب لحملها بملاحظة ماعطف عليهما من مثل البول والروث على المصاحبة المشابهة بالملبس حفظا لمعنى الظرفية لكلمة فى مبنى على كونها قيدا للمصلى دون الصلوة ، اذلو كان قيدا للصلوة كما هو ظاهر عبارة الموثقة، لم يصح الالتزام باستعمالها فى الظرفية الحقيقية حتى بالنسبة الى مثل الجلد والوبر، ضرورة ان اللباس ظرف للمصلى دون الصلوة، فمع كونها قيدا للصلوة، لابد من التجاوز عن معناها الحقيقي حتى بالنسبة الى اللباس، وحملها على ارادة مطلق المعية والمصاحبة الصادقة على مثل الشعرة الملقاة على اللباس، كما يشهد لذلك مضافا الى ما فى ذيل الموثقة من

قوله علیه السّلام و كلشئى منه فاسدة، خبر ابراهيم بن محمد الهمداني كتبت اليه

علیه السّلام يسقط على ثوبي الوبر والشعر مما لا يؤكل لحمه من غير تقية ولا ضرورة فكتب علیه السّلام لاتجوز الصلوة فيه، فانه كماترى صريح فى المنع ، ولا يضر ضعف بعض رواته بعد کونه معمولا به عند جملة من الاصحاب ، كما ان ذيله يشهد بصحة استعمال كلمة في فى الصلوة فى الثوب الملقاة عليه شعرة مما لا يؤكل واما المحمول فان جعلنا لفظه فى فى الموثقة بمعنى المعية والمصاحبة ، فلاشبهة فى عدم جواز الصلوة فيه مطلقا ولوكان مستتراكما اذا كان فى كيس و نحوه ، واما لوا بقيناها على ظاهرها من الظرفية مع الالتزام بالتوسعة فيها باخذ الظرف في كلواحد من مدخولاتها على حسب ما يناسبه فالاقوى التفضيل التفضيل بين ما كان المحمول بارزا کغمد السیف و عروة السكين ونحوهما فلايجوز الصلوة فيه ، لصدق الصلوة فى جلد غير المأكول اذا كان عمد اللسيف، وبين ما كان المحمول مستترا كالموضوع في الكيس، فبجوز الصلوة معه لعدم صدق الصلوة

ص: 148

فيه لانها لم تقع فيه بل وقعت في الكيس الذي هو ظرف له، فلم يقع هو ظرفا للصلوة، بل ظرفه وقع ظرفا لها ، وظرف الظرف خارج عن عنوان الظرف.

الامر الثاني هل يختص المنع عن الصلوة في اللباس المتخذ من غير المأكول بما اذا كان مما تتم به الصلوة منفردا او يعم غيره كالقلنسوة والجورب والتكة ، الاقوى هو الثاني لاطلاق الموثقة ، و الخصوص رواية على بن مهزیار ، قال كتب اليه ابرهيم بن عقبة عندنا جوارب وتكك تعمل من و برا لارانب فهل تجوز الصلوة فى وبرا لارانب من غير ضرورة ولاتقية، فكتب علیه السّلام لا يجوز الصلوة فيها، ونحوها رواية احمد بن اسحق الابهرى، ولا يعارضها صحيحة محمد بن عبدالجبار قال كتبت الى ابى محمد علیه السّلام اسئله هل يصلى في قلنسوة عليها وبر ما لا يؤكل لحمه اوتكة حرير محض اوتكة من وبر الارانب، فكتب علیه السّلام لا تحل الصلوة في الحرير المحض وانكان الوبرزكبا حلت الصلوة فيه انشاء الله تعالى ، اما اولا فلظهورها في اشتراط التذكية فى الوير مطلقاً ولو كان مما يؤكل لحمه، و هذا موافق لفتوى احمد بن حنبل حيث اعتبر التذكية فى طهارة مالاتحله الحيوة من ماكول اللحم ايضا فلابد من حملها على التقيه وتوهم ان اللام في قوله علیه السّلام و انكان الوبراه للعهد و اشارة الى وبرمالا يؤكل المذكور فى كلام السائل، ومعه لا يكون اشتراط التذكية فيه موافقا لفتوى ابن حنبل مدفوع اولا بان حمل اللام على العهد خلاف الظاهر لان الاصل فيه هو كونه للجنس، وثانيا ان التذكية لا تكون معتبرة في طهارة مالاتحله الحيوة مطلقا ولو كان من غير الماكول، فلا يفيد جعل اللام للعهد فى دفع هذا الاشكال اعنى موافقتها لفتوى ابن حنبل وثانيا ان هذه الصحيحة معارضة بمكاتبة الهمداني ومكاتبة بن مهزيار المتقدمتين ، والنسبة بينها و بينهما هي التبائن، لان هذه تشمل الشعر الملقاة ومالاتتم به الصلوة، ومكاتبة الهمداني معارضة لها بالنسبة الى الشعر ، ومكاتبة ابن مهزيار معارضة لها بالنسبة الى مالاتتم به الصلوة ، و اذا كان التعارض بين عام و خاصين مستوعبين له يعامل معهما معاملة التباين، فيرجع فيهما الى المرحجات السندية او الجهتية، التي لاشبهة في كونها في المقام مع المكاتبتين لموافقتهما

ص: 149

للمشهور و مخالفتهما للجمهور و مما ذكرنا ظهر عدم صحة الاستدلال على الجواز برواية الحلبى عن ابيعبد الله علیه السّلام قال علیه السّلام كل ما لا يجوز الصلوة فيه وحده فلاباس بالصلوة فيه مثل التكة الابريسم والقلنسوة والخف والزنار (1)يكون في السراويل و يصلى فيه ، بتقريب ان النسبة بين هذه الرواية وكلواحد من الاخبار المانعة عن الصلوة فى الحرير و الميتة و النجس وغير الماكول على نحو الاطلاق ، و انكانت عموما من وجه الا ان هذه الرواية حيث تكون بظاهرها مسوقة لبيان اختصاص جميع القيود المعتبرة في لباس المصلى من عدم كونه حريرا او متنجسا او متخذا من الميتة او من غير الماكول ، بما اذا كان اللباس مما تتم به الصلوة وحده ، كما يدل على عمومها لجميع تلك القيود ، ما فيها من ذكر الخف في عداد الامثلة التي ذكرها للقاعدة ، فان احتمال مانعية الخف عن الصلوة انما هو بلحاظ كونه متنجسا او متخذا من الميتة او من غير الماكول، فذكره في عداد الامثلة ، ينفي احتمال كونها مسوقة لبيان قاعدة في خصوص الحرير ، و يجعلها كالنص في العموم لجميع القيود ، فهى بمدلولها اللفظى ناظرة الى الاخبار المانعة عن الصلوة في الاشياء المزبورة على نحو الاطلاق وشارحة لها، ومعه لا يصلح شيء من تلك الاخبار للمعارضة معها ، و انكانت النسبة بينها و بين كلواحد من تلك الاخبار عموما من وجه ، لما حقق في محله من انه لابلاخط النسبة بين الحاكم والمحكوم بل يقدم الاول على الثاني على كل حال وجه عدم صحة الاستدلال بهذه الرواية ، على الجوازهوانه لوكنا نحن والاخبار المانقة عن الصلوة في الاشياء المذكورة على نحو الاطلاق وهذه الرواية لكان مقتضى الجمع هو تقديم هذه الرواية على تلك الاخبار لما عرفت من حكومتها على تلك الاخبار، لكنك قد عرفت ان هناك اخبار اخاصة تدل على المنع في خصوص مالا تتم به الصلوة وحده من غير الماكول ، كرواية على بن مهزيار المتقدمة التي لا مجال لجريان حديث الحكومة بالنسبة اليها، فيكون مقتضى الجمع بينهما هو حمل هذه الرواية على مورد الضرورة، لانهما من افراد العام والخاص المطلق كما هو واضح و هكذا الحال بالنسبة الى ماتتم به الصلوة من الميتة، لما مر من الاخبار الصريحة في عموم

ص: 150


1- الزنار ما يشد على الوسط.

المنع عن الصلوة فيها لما لا تتم به الصلوة وحده، كقوله علیه السّلام في مرسلة ابن ابي عمير في الميتة لا تصل في شيء منه ولا فى شع ، فان الشسع عبارة عن زمام النعل(1)) بين الاصبع الوسطى و التي تليها واما ما فيهذه الرواية من التصريح بجواز الصلوة في تكة حرير محض، فيعارضها فيه ما تقدم من صحيحة محمد بن عبدالجبار الصريحة في المنع عن الصلوة فيها، والمرجع بعد تساقطهما هو العمومات المانعة عن الصلوة في الحرير المحض فلا يبقى لجواز التمسك بهذه الرواية الا مورد واحد، و هو الصلوة فيما لاتتم به الصلوة من النجس وهو خارج عن محل البحث.

الامر الثالث فى المستثنيات من عموم مادل على المنع عن الصلوة فى اجزاء غير الماكول ، و هى امور منها وبر الخز الخالص اى الغير المغشوش بوبر الارانب والثعالب و نحوهما مما لا يؤكل ، فان جواز الصلوة فيه مما دلت عليه النصوصة الكثيرة المستفيضة لولم تكن متواترة وتواترت عليه الاجماعات المحكيه، فجواز الصلوة فى وبره مما لا ينبغى الاشكال فيه، و اما جوازها في جلده فقد ذهب اليه جماعة بل حكى القول به عن المشهور، و يدل عليه مضافا الى اطلاق بعض الاخبار المشتمل على لفظ الخز، كموثقة معمر بن خلاد قال سئلت ابا الحسن الرضا علیه السّلام عن الصلوة فى الخز فقال علیه السّلام صل فيه، و صحيحة الحلبى قال سئلته عن لبس الخز فقال علیه السّلام لا باس به الخبر، ورواية يحيى بن عمران قال كتبت الى ابيجعفر الثاني علیه السّلام فى السنجاب والفنك والخز و قلت جعلت فداك احب ان لا تجيبنى بالتقية في ذلك فكتب الى بخطه صل فيها، فان ترك الاستفصال في هذه الاخبار بين الوبر والجلد ، يدل على عدم الفرق بينهما ، خصوص رواية ابن أبي يعفور ، قال كنت عند ابيعبد الله علیه السّلام اذ دخل عليه رجل من الخزازين ، فقال له جعلت فداك ما تقول في الصلوة في الخز، فقال علیه السّلام لا باس بالصلوة فيه ، فقال له الرجل جعلت فداك انه ميت وهو علاجی و انا اعرفه ، فقال له ابو عبدالله علیه السّلام انا اعرف به منك، فقال الرجل انه علاجی و لیس احد اعرف به ،منی، فتبسم ابو عبدالله علیه السّلام ثم قال له اتقول انه دابة

ص: 151


1- النعل قسم من الحذاء واشع بكسر الشين زمام النعل بين الاصبع الوسطى والتي تليها منه عفى عنه.

تخرج من الماء او تصاد من الماء فتخرج فاذا فقدت الماء ماتت ، فقال الرجل صدقت جعلت فداك هكذا هو ، فقال له ابو عبد الله علیه السّلام فانك تقول انه دابة تمشى على اربع، و ليس هو على حد الحيتان فتكون ذكاته خروجه من الماء ، فقال له الرجل اى والله هكذا اقول ، فقال له ابو عبد الله علیه السّلام فان الله تعالى احله و جعل ذكوته موته كما احل الحيتان وجعل ذكوتها موتها ، فان الحكم بحل الصلوة في الخز معللا بان ذكوته موته ، يدل دلالة صريحة واضحة على انه علیه السّلام كان بصدد بيان حكم الصلوة فى الجلد، لا الوبر لانه مما لاتحله الحيوة ولا يعتبر فيه التذكية فتبين مما ذكرنا ان الحكم بجواز الصلوة في وبر الخز وجلده من حيث الكبرى لا اشكال فيه ، و انما الكلام فى الصغرى وان المسمى في زماننا بالخزهل هو ماحكم بجواز الصلوة في وبره وجلده فى زمن الائمة عليهم السلام ام غيره ، ومنشاء الاشكال هو ان الموجود في زماننا مما يسمونه خزاليس يسمونه خزاليس له وبربل ليس له الا الشعر ، مع ان المذكور في الاخبار المجوزة هو الوبر ، وحينئذ نحتمل ان لا يكون الموجود في زماننا ماحكم بجواز الصلوة في وبره وجلده ، وان لفظ الخزكان مستعملا في زمن الائمة عليهم السلام في معنى ثم نقل عن ذاك المعنى واستعمل في المعنى الاخر ولا يندفع هذا الاحتمال باصالة عدم النقل ، لانها ، في المقام نظير الاستصحاب القهقرى الذى لانقول بحجيته ، لان المتيقن من بناء العقلاء عليهذا الاصل ، انما هو فيما اذا كان المعنى المستعمل فيه اللفظ مشخصا معلوما على التفصيل فى الزمان السابق و مشكوكا في اللاحق، دون العكس بان كان مشخصا معلوما في اللاحق و مشكوكا في السابق كما نحن فيه ، فاستعمال اللفظ في معنى في زماننا لا يثبت بانه كان في الزمان السابق موضوعا لهذا المعنى فالان كك ، الا بضميمة اصالة عدم تعدد الوضع ، بنا على كونها من الأصول اللفظية العقلائية ، كي يثبت بها كونه مشتر کا معنويا بين ماله الوبر وماليس له الا الشعر ، و اما مع احتمال تعدد معناه فيكون شمول الحكم لما ليس له وبر في غاية الاشكال ، بل يشكل شمول الحكم له ولومع احراز اتحاد المعنى بالعلم او باصالة عدم التعدد، بعد احتمال كون المتعارف لبسه في زمان صدور الاخبار المجوزة

ص: 152

خصوص ماله وبر، وانما لم يصرح فيها بالقيد لاجل عدم الحاجة اليه بعد عدم ابتلاء المخاطبين بغيره و بعبارة اخرى بعدكون المتعارف لبسه من الخز هو خصوص ما كان له وبر بحيث لا يكون غيره منه محلا للابتلاء ، لا ينعقد للفظ الخز ظهور في الاطلاق ، اذمن مقدمات انعقاده لزوم الاخلال بالغرض لو كان المراد منه خصوص المقيد ولم يصرح به في الخطاب ، و من المعلوم عدم لزوم الاخلال به في المقام، بعد كون المتعارف هو خصوص ماله الوبر و عدم ابتلاء المخاطبين بغيره.

ومن المستثنيات من عموم المنع عن الصلوة في غير المأكول ، السنجاب عند اكتر المتأخرين بل المشهور منهم ، خلافا لما هو المشهور بين القدماء من ابقائه على المنع ، ومنشاء الخلاف اختلاف الاخبار ، والاخبار الدالة على الجواز كثيرة ، منها صحيحة على بن راشد قال قلت لا بيجعفر علیه السّلام ما تقول في الفراء اى شئى يصلى فيه قال علیه السّلام اى الفراء قلت الفنك والسنجاب والسمور، قال علیه السّلام فصل في الفنك والسنجاب واما السمور فلاتصل فيه، وصحيحة الحلبي عن ابي عبد الله علیه السّلام قال سئلته عن الفراء والسمور والسنجاب والثعالب و اشباهه، قال علیه السّلام لا بأس بالصلوة فيه، وخبر الوليد بن ابان قال قلت للرضا علیه السّلام اصلّى فى الفنك والسنجاب، قال علیه السّلام نعم قلت يصلى فى الثعالب اذا كانت ذكية قال علیه السّلام لا تصل فيها، وخبر يحيى بن ابي عمران قال كتبت الى ابيجعفر الثاني علیه السّلام في السنجاب و الفنك والخزقلت جعلت فداك احب ان لا تجيبنى بالتقية فى ذلك، فكتب علیه السّلام بخطه الى صل فيه، الى غير ذلك من الاخبار الصريحة في جواز الصلوة فيه، ولا يعارضها الأخبار المانعة على نحو العموم، ولا المانعة على نحو الخصوص، اما الاولى فواضح بعد كون النسبة بينها و بين الاخبار المجوزة العموم والخصوص المطلقين، و اما الثانية فلان المجوزة مع تعددها وصحة سنداكثرها وعمل جل من القدماء والمشهور من المتأجرين عليها، صريحة في الرخصة والصحة، والمانعة مع ضعفها ظاهرة فى المنع والفساد، ومقتضى الجمع بينهما هو حمل المانعة على الكراهة و توهم ان بين الاخبار المانعة على نحو العموم ما يكون نصا فى المنع والفساد بالنسبة الى خصوص السنجاب، وهو مامر

ص: 153

من موثقة ابن بكير ، فانها لاشتمال السئوال فيها على ذكر السنجاب، يكون عموم الجواب فيها نصا فى المنع عن خصوصه غير قابل للمتخصيص بالنسبة اليه، لانه من تخصيص المورد المستهجن ، فيقع المعارضة بينها وبين الاخبار المجوزة، والنسبة بينهما التبائن، فيرجع الى المرحجات الجهتية التي لاشبهة في كونها مع الموثقة لمخالفتها للجمهور، و موافقة الاخبار المرخصة لهم الموجبة لحملها على التقية مدفوع بما اشرنا اليه فيمام من ان عموم الجواب انما يكون نصا فيما ذكر في السئوال بالخصوص ، فيما اذا كان له خصوصية في نظر السائل ، دون ما اذا كان نظره ممحضا في السوال عن حكم عنوان كلى عام ، وكان ذكره الخاص من باب المثال لذاك العنوان ، كما في الموثقة فان قوله فيها سأل زرارة ابا عبدالله علیه السّلام عن الصلوة في الثعالب والفنك و السنجاب و غيره من الوبر ، ظاهر فى ان محط نظر السائل هو السوال عن جواز الصلوة فى الأوبار ، وانما ذكر السنجاب وغيره من باب المثال من دون خصوصية له في نظره ، فان العام الوارد في مثل هذا الفرض ، لا يكون نصا فيما ذكر في السئوال بالخصوص ، ولا يكون تخصيصه من التخصيص المستهجن و توهم ان تخصيص العمومات المانعة بالاخبار الخاصة المرخصة، والجمع بين الاخبار الخاصة المانعة والاخبار الخاصة المرخصة بحمل المانعة على الكراهة، فرع حجية الاخبار المرخصة، و حجيتها بعد كونها معرضا عنها عند المشهور من القدماء ممنوعة جدا مدفوع بان اعراض القدماء غير معلوم، لان بعضهم ناقش في دلالتها وحمل مافيها من الرخصة على مورد الضرورة، و بعضهم جعل المنع احوط و توهم انا لوسلمنا عدم الاعراض عن المرخصة، لكن الترجيح مع الاخبار الخاصة المانعة لمخالفتها للجمهور و موافقتها للمشهور، بخلاف الاخبار المرخصة فانها موافقة للجمهور ومخالفة للمشهور، فلابد من حملها على التقية مدفوع اولا بعدم امكان حمل الاخبار المرخصة على التقية، بعد اشتمال اغلبها على النهى عما يجوز العامة الصلوة فيها كالفنك والسمور والثعالب كما لا يخفى ، و ثانيا ان الرجوع الى المرحجات الصدورية او الجهتية ، انما هو فيما لم يمكن الجمع الدلالي العرفي بين

ص: 154

المتعارضين، وقد عرفت ان مقتضى الجمع الدلالي بينهما في المقام، هو حمل الاخبار المانعة على الكراهة تحكيما للنص على الظاهر، ومعه لاوجه لحمل المرخصة على التقية ، كما لاوجه ايضا لحملها على مورد انحصار الساتر فيه، لان الانحصار لا يوجب جواز الصلوة فيما لا يؤكل، بل مقتضى القاعدة هو الحكم بسقوط اصل الستر بامتاع شرطه، وكونه مكلفا بالصلوة عاريا التي يأتي بيان كيفيتها عند التعرض لصلوة العراة نعم لو اضطر الى لبسه لشدة البرد او الحر ونحوهما جاز له الصلوة فيه، لانه مقتضى الجمع بين وجوب لبسه حفظا لنفسه ، وبين مادل على عدم سقوط الصلوة بحال كما لا يخفى ثم ان المحكى عن المحقق قدس سره ان في الخز المغشوش بوبر الارانب والثعالب روايتين اصحهما المنع ، ولعله قدس سره عثر على مالم نعثر عليه، او فهم معادل على الجواز في المغشوش بوبر الارانب، ان ذكر خصوصه انما هو من باب المثال، وان المستفاد منه نفى الباس عن الصلوة في المغشوش بوبر مطلق غير المأكول، والا فلا يخفى على المتتبع ان ماورد فيه الروايتان هو المغشوش بوبر الارانب، دون المغشوش بوبر الثعالب ، فانه لم يرد فيما بايدينا من الاخبار مايدل على الجواز فيه، وانما دل بعض الاخبار على المنع فيه ، واحتمال كون مراده قدس سره بالرواية الدالة على الجواز فيه، مادل على الجواز في نفس الثعالب ، فانه باطلاقه يعم وبرها خالصا و مخلوطا بالخز ، بعيد عما هو ظاهر كلامه من وجود رواية الجواز في خصوص المغشوش بوبرها ، وكيف كان لا اشكال فيما افاده قدس سره من ان الاصح والمتبع مادل على المنع ، وذلك لما فيمادل على الجواز من الوهن باعراض الاصحاب عنه وعدم ثبوت عامل به غير الصدوق رضى الله عنه على ماحكى ، مضافا الى موافقته لمذهب الجمهور ، فيحتمل وروده فى مقام التقية ولو من جهة السائل المبتلى بمعاشرتهم ، ومثل ماذكرناه في المقام يجرى في(1) الارانب والثعالب فان فيهما ايضا روايتان والاصح منهما مادل على المنع ، لاعراض المشهور عما دل

ص: 155


1- الارانب جمع الادنب المسمى فى الفارسية بخرگوش و الثعالب جمع ثعلب المسمى فى الفارسية بروباه منه عفى عنه

على الجواز الموجب للوهن فيه، وسقوطه عن درجة الاعتبار و صلاحية المعارضة مادل على المنع، مضافا الى موافقته لمذهب الجمهور الموجبة لتطرق احتمال وروده في مقام التقية واما الفنك فلم يردفيه ما يدل على المنع عنه بالخصوص ولاما يدل على الجواز فيه كك ، الا انه حيث يكون مقرونا مع الارانب والثعالب والسمور في الاخبار المجوزة المعرض عنها عند الاصحاب المحمولة على التقية ، فيكون محكوما بحكمها ، هذا بناء على كونه نوعا خاصا في قبال الارانب والثعلب واما بناء على ما في الجمع من انه قيل والقائل هو صاحب مصباح المنير انه نوع من جراء الثعلب الرومي اى ى من أولاده، فيكون مما ورد فيه الروايتان الواردتان فى الثعالب كما هو واضح.

الرابع اختلف الاصحاب في جواز الصلوة فيماشك فى جزئيته لما لا يؤكل لحمه على اقوال ، المشهور منها قولان المنع مطلقا والجواز كك ، وهذا هو المختار عند الاستاد دام ظله وفاقا لجماعة من المحققين منهم سيد الاساتيد الميرزا محمد حسن الشيرازي قدس سره ، ومنشاء ذلك هو الاختلاف فى ان المستظهر من اخبار الباب ، هل هو شرطية المأكولية او مانعية غير المأكولية ، فلوقيل بالشرطية فيبني على المنع القاعدة الاشتغال ، لان الشك في حصول الشرط مستلزم المشك في تحقق المشروط به ، بخلاف مالوقيل بالمانعية ، فانه يبنى عليه على الجواز لاصالة البرائة على ما سيجئى بيانه.

و توضيح المقام بحيث يرتفع عنه غواشى الاوهام يتوقف على تمهيد مقدمات

منها انه لاشبهة فى انه لو اعتبر فى المأمور به قيد وكان ذاك القيد مبيناً بحسب المفهوم ، فلابد للمكلف فى مقام الامتثال من احرازه بالعلم او العلمى من امارة او اصل معتبر من غير فرق فى ذلك بين كون ذاك القيد امرا وجوديا كالشرط او عدميا كالمانع الذي عدمه معتبر في المأمور به ، فلوشك في تحقق ذاك القيد ، ولم يكن هناك امارة او اصل يحرز به تحققه ، فلا شبهة فى ان المرجع فيه قاعدة الاشتغال التي مقتضاها هو الاحتياط ، باتيان الواجد للقيد المشكوك مطلقا ولو كان عدميا، ان مجرد كونه عدميا لا يجدى فى سقوط الاحتياط ، الابناء على حجية قاعدة المقتضى

ص: 156

والمانع الممنوعة عند المحققين، فيموردها الذى هو الشك فى المانع الذى هومن اجزاء العلة، فضلا عن المقام الذى اعتبر فيه عدم شئى فى المركب فى قبال الجزء والشرط ، لكن هذا اعنى كون المرجع قاعدة الاشتغال في الشك في تحقق القيد مطلقا ولوكان عدميا ، انما هو بعد الفراغ عن تقيد المأمور به به، واما لو كان الشك فی اصل تقييده به كما في المقام على ما سيأتى انشاء الله تعالى بيانه فلاشبهة في ان المرجع فيه اصالة البرائة ، بناء على ما هو الحق من جريانها مطلقا او خصوص الشرعية منها، في الاقل والاكثر الارتباطيين مطلقا ولوكانت الشبهة موضوعية كما في المقام، وذلك لما قلنا في مبحث البرائة، من ان مجرد معلومية الكبرى في الشبهات الموضوعية بدون احراز الصغرى، لا ينتج حكما منجزا على المكلف، لان مجرد العلم بالكبرى لا يكون حجة على الصغريات المشكوكة، و لذا منعوا عن جواز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية و توهم ان غاية حكم العقل في قبح العقاب بلابيان، هو البيان الذى يقبح من المولى تركه لانه وظيفته، ومن المعلوم ان ما هو وظيفته هو البيان المتكفل للكبريات، واما بيان الصغريات فليس وظيفة له كى يقبح منه تركه مدفوع بان بيان الصغريات و ان لم يكن من وظيفة المولى، الا ان العقل كما يحكم بعد عمل المولى بما هو وظيفته من بيان الكبريات، باشتراط تنجزها بالشرائط العامة كالعقل والقدرة ، كك يحكم باشتراط فعليتها با حر از صغرياتها كي يحصل له من ضمها الى الكبريات العلم بتوجه تكاليف جزئية فعلية اليه بالنسبة الى تلك الصغريات وان ابيت عن ذلك، فنقول ان القضايا الشرعية حيث تكون على التحقيق من القضايا الحقيقية التي يكون الحكم فيها منشاء على الموضوعات المقدر وجودها فهى بنفسها متكفلة لانشاء الاحكام معلقة على وجود موضوعاتها، فقبل تحقق موضوعاتها ليست الا احكاما مشروطة بوجود الموضوع، کاشتراط وجوب الحج بالاستطاعة، فكما ان وجوب الحج لا يصير فعليا منجزا الا بعد تحقق الاستطاعة ، كذلك حرمة شرب الخمر مثلا لا تصير فعلية منجزة على المكلف

ص: 157

الابعد تحقق الخمر خارجا وكونها محلا لابتلانه، فاعتبار وجود الصغريات واحرازها فى فعلية التكليف و تنجزه على المكلف ، مضافا الى كونه مما يحكم به العقل من باب ان الكبرى لا تنتج شيئا الا بعد انضمام الصغرى اليها ، يكون مستفادا من نفس القضية الشرعية، باعتبار كونها من القضايا الحقيقية التي يكون الحكم فيها منشاء على الموضوعات المفروضة وجودها ، فقبل وجودها ليس الحكم الاشانيا صرفا وانما يصير فعليا بتحقق موضوعه فالعمدة في المقام تحقيق ان الشك هنا ، هل هو من قبيل الشك في حصول ما قيد به المامور به كي يكون المرجع فيه هو الاحتياط ، او من قبيل الشك في أصل التقييد كى يكون المرجع هو البرائة ونظر القائلين بالاحتياط فهذه المسئلة ، مع ذهابهم الى البرائة فى مسئلة دوران الامر بين الاقل والاكثر الارتباطيين مطلقا جزء وقيدا ، فى الشبهات الحكمية و في مسئلة الشبهات والبدوية مطلقا حكمية وموضوعية، الى ان المستفاد من ادلة البات هو شرطية الماكولية فقط كما هو ظاهر شيخنا المرتضى قدس سره ، اوهى مع ما نعية غير الماكولية ايضا كما هو ظاهر الجواهر فلايرد عليهم ان بعد القول بالبرائة فى تنيك المسئلتين، لا وجه للقول بالاحتياط فيهذه المسئلة ، ان مجرد اشتمال هذه على جهتي تينك المسئلتين لا يوجب تحقق عنوان وراء عنوانيهما، فانه ليس الا الاجتماع فى الخارج و اجتماع عنوانين مقتضيين للبرائة كيف يمكن ان يكون مقتضيا للاحتياط الثانية من المقدمات ان الجمع بين شرطية احد الضدين اللذين لا ثالث لهما و مانعية الاخر، مما يمتنع ملاكا و خطابا واثرا اما الاول فلان مدخلية الشرائط والموانع الشرعية في حصول ملاكات الاحكام وعدم حصولها، من الامور الواقعية التكوينية، بناء على ماذهب اليه العدلية من ان الاحكام الشرعية تابعة للمصالح والمفاسد النفس الامريتين فمدخلية الشرائط والموانع الشرعية في حصول الملاكات وعدم حصولها ، كمدخلية الشرائط والموانع التكوينية في حصول المعلولات التكوينية من عللها وعدم حصولها ولا شبهة فى ان المعلول التكوينى ، و انكان وجودا مستندا الى جميع اجزاء العلة في مرتبه واحدة ، ضرورة عدم امكان تحقق المعلول الا بعد تحقق جميع اجزاء العلة

ص: 158

من وجود المقتضى والشرط وعدم المانع ، كما لاشبهة في انه يكفي في عدم حصول المعلول عدم بعض اجزاء العلة لكن حيث ان بين اجزاء العلة يكون ترتب، اذمالم يتحقق المقتضى لوجود المعلول، لا يتصف متمم مقتضيه المعبر عنه بالشرط بالمتممية ، وكذا ما لم يتحقق المقتضى ومتممه ، لا يتصف المضاد للمقتضى اولشرطه بالمانعية ، فلا يكون الشرط متصفا بالشرطية الا بعد تحقق المقتضى ، ولا المانع بالمانعية الا بعد تحقق المقتضى والشرط، فلا يكون عدم المعلول عند فقد اجزاء العلة الا منتسبا الى ما هو الاقدم منها رتبة ، لان الشيء انما ينسب الى اسبق علله ، مثلا لو كانت النار التي هي مقتضية لاحتراق الخشب مفقودة ، لا ينسب عدم احتراقه الا الى فقدها، لا الى عدم المماسة التى هى شرط تاثيرها ، ولا الى وجود الرطوبة التي هي مانعة عنه، فان فقد النار لا يكون الاحتراق موجودا كانت المماسة اوالرطوبة موجودة اولم تكن ، و عليه لو كان لوجود احد الضدين دخل في حصول الملاك ، يستحيل ان يكون لعدم الضد الاخر ايضا دخل في حصوله ، و ذلك لان مع وجود الشرط يكون المانع مفقودا قهر الاستحالة اجتماع الضدين، ومع عدم الشرط وانكان المانع موجودا قهرا ، لامتناع ارتفاع الضدين اللذين لا ثالث لهما ، الا انك قد عرفت انفا ان عدم المعلول عند عدم الشرط ، مستند الى عدمه لانه اسبق العلل لا الى وجود المانع ، لان مع فقد الشرط يكون المعلول معدوما كان المانع موجودا اولم يكن ، فمدخلية عدم احد الضدين في حصول الملاك مع مدخلية وجود الاخر فيه ، يكون لغوا بل تحصيلا للحاصل ومحالا و منه ظهر امتناع الجمع بين شرطية احد الضدين و مانعية الاخر خطابا ، لان في رتبة وجود ماهو شرط منهما ، يكون ما هو مانع معدوما قهرا (1)فيكون جعله مانعا لغوابل طلبا للحاصل ، و في رتبة وجود ماهو مانع ، يكون عدم الشرط متحققا ومع عدمه يكون فقد المعلول مستندا اليه ، لانه اسبق العلتين رتبة، لا الى وجود المانع ، لان مع عدم تحقق الشرط يمتنع تحقق المعلول كان المانع موجودا ام لم يكن، فوجود المانع مع عدم الشرط لا اثر له فيكون جعله مانعا لغوا كما يظهر منه ايضا امتناع

ص: 159


1- لامتناع اجتماع الضدين

الجمع بينهما اثرا، و ذلك لما عرفت من ان في رتبة انتفاء الشرط المانع موجود قهرا، و في رتبة وجود الشرط المانع مفقودكك ، فالاثر المترتب على مانعية احد الضدين ، حاصل بنفس جعل الضد الاخر شرطا ، فلااثر لجعل المانعية له بعد جعل الشرطية للضد الاخر، فيكون جعل المانعية له لغوا ممتنعا صدوره عن الحكيم وتوهم ان الترتيب بين اجزاء العلة لوسلم، انما هو فيما اذا كان المراد من المانع ما يكون مانعا فعليا عن تاثير المقتضى، بانكان صادا له بالفعل عن التاثير، و ليس كك بل المراد من المانع مامن شانه المنع بحيث لوفرض اجتماعه مع المقتضى او شرطه لمنعه عن التاثير، ومجرد كون الاجتماع بينهما محالا، لا يمنع عن صدق المانع بهذا المعنى عليه ضرورة ان القضية الشرطية صادقة مع كذب طرفيها ، بل استحالتهما كما في قوله تعالى لو كان فيهما الهة الا الله لفسدتا ، فيكفي في تحقق المانعية بهذا المعنى ، صدق القضية الشرطية الدالة على الملازمة بين اجتماع المانع مع المقتضى ومنعه عن التاثير ، ولوكان الاجتماع بينهما محالا مدفوع بان مجرد تحقق المانعية بهذا المعنى للضد، مع عدم امكان وصوله الى مرتبة المانعية الفعلية التى لا يترتب الاثر الا عليها ، لا يخرج جعله ما نعا عن اللغوية كما لا يخفى.

المقدمة الثالثة ان اعتبار هذا القيد عنى عدم كون اللباس مما لا يؤكل، يتصور بثوتا على انحاء احدها ان يكون الشارع لاحظ اللباس المتخذ من اجزاء الحيوان و اعتبران لا يكون المصلى لابسا للمتخذ ممالا يؤكل، و على هذا يكون محل هذا القيد هو المصلى على تقدير كون ملبوسه حيواينا، ففى هذا القسم يمكن للمصلى فى الثوب المشكوك ان يحرز عدم كونه لابسا لما لا يوكل بالأصل، لانه قبل تلبسه بالمشكوك لم يكن لابسا لمالايوكل والان كما كان ثانيها ان يكون الملحوظ ايضا هو اللباس المتخذ من اجزاء الحيوان، واعتبر فيه اذاكان ملبوسا للمصلى ان لا يكون متخذا ممالا يوكل، و فى هذا القسم لامحيص للمصلى عن - الاحتياط بترك الصلوة فى اللباس المشكوك ، لانه بعدما علم انه متخذ من الحيوان يقطع بكونه مقيدا شرعا بعدم كونه ممالا يوكل، ويشك في تحقق هذا القيدفيه،

ص: 160

وليس هناك اصل بحرز به تحققه و استصحاب كون المصلى قبل لبسه غير لابس لمالا يوكل، لا يجدى فى احراز حال هذا اللباش الا على القول بالاصل المثبت نعم يجرى الاصل بالنسبة الى الشعرات او الرطوبات المشتبهة الملقات على الثوب ، لان ثوبه قبل وقوعها عليه لم يكن مصاحبا لمالا يوكل و الان كماكان فتدبر ولا يخفى ان ما ذكرناه فيهذا القسم من ان المرجع فيه عندالشك في الموضوع هو الاحتياط ، انما هو فيما كان المانع صرف الوجود ممالا يؤكل ، لا المجموع من حيث المجموع منه ولا الوجود المرسل السارى منه مع كلفرد ، فان الشبهة الموضوعية منهما محكومة بالبرائة على ما سيجيء انشاء الله تعالی بیانه ثالثها ان لاحظ الشارع خصوص اللباس المتخذ ممالا يوكل و اعتبر ان لاتكون الصلوة واقعة فيه ، ففى هذا القسم يكون محل اعتبار القيدهى الصلوة لا المصلى و لا لباسه، و اعتبار هذا القيد العدمى فى الصلوة يتصور بحسب مرحلة الثبوت على انحاء احدها العدم النقيض لصرف الوجود، بان لاتكون الصلوة واقعة في صرف الوجود ممالا يوكل وفيهذا القسم يكون المرجع في الشبهة المصداقية منه هو الاحتياط ، لان صرف الوجود من طبيعة مالا وكل بمعنى ناقض عدمها ، و ان كان يتحقق بوجود اول فرد منها ، الا ان عدم صرف وجود هالا يتحقق الا بعدم جميع افرادها ، اذلو وجد فرد من افرادها ينتقض عدمها و يتحقق صرف وجودها المعتبر عدمه في الصلوة ، فمع الشك في قردية شيء لها لا يحصل القطع بحصول الصلوة المقيدة بعدمه الابترك الصلوة فيه كما هو واضح ثانيها العدم النقيض لوجود جميع افراد مالا يوكل من حيث المجموع ، بان يلاحظ جميع الافراد بمنزلة اجزاء المركب منضمة بعضها ببعض، فيكون المجموع موضوعا واحدا لحكم واحد، نظير اجزاء الواجبات المركبة كالصلوة و نحوها ثالثها العدم النقيض لوجود كلواحد واحد من افراده على نحو الاستقلال من دون لحاظ ربط بينها ، فيكون كلفرد من افراده موضوعا مستقلا ، فينحل الحكم الى احكام متكثرة حسب تكثر الافراد و فيهذين القسمين لوشك في لباس انه ممالا يوكل يكون المرجع فيه البرائة ، لانه على الاول يكون

ص: 161

من قبيل الشبهة الدائرة بين الاقل والاكثر الارتباطيين، و على الثانى من قبيل الشبهة الدائرة بين الاقل والاكثر الاستقلاليين، وانكان من حيث الشك في دخل عدمه في الصلوة من شبهة الاقل والاكثر الارتباطيين و مجرد كون الشبهة في المقام موضوعية لا يجدى في رفع البرائة بعدما عرفت من ان معلومية الكبرى الكلية من دون ضم الصغرى الوجدانية اليها لا ينتج حكما فعليا منجزا على المكلف و الفرق بين القسم الاول و الثانى، هوان الأول كمامر يتحقق بوجود اول فرد من الطبيعة ولا ينتفى الا بانتفاء جميع افرادها، و هذا بعكس الثاني فانه لا يتحقق الابوجود جميع الافراد وينتفى بانتفاء فرد منها، لان الافراد بمنزلة الاحزاء للمجموع والكل ينتفى بانتفاء جزئة و تظهر الثمرة بين هذين القسمين و القسم الثالث، فيما اضطر الى لبس مالا يؤكل فانه على الاولين يجوز له لبس غير ما اضطر اليه ايضا ان عليهما يكون القيد قيدا واحدا و هو عدم صرف الوجود او عدم مجموع الوجودات فاذا اضطر الى لبس احدا لالبسة ممالايؤكل ، ارتفع به المانعية عن صرف الوجود بلبسه او عن مجموع الوجودات، اذ بالاضطرار الى لبسه، يضطر الى عدم مراعاة ما هو قيد للصلوة من عدم صرف الوجود او مجموع الوجودات ، اذ الترخيص في الفرد المضطر اليه، عين - الترخيص في عدم مراعاة ماهو قيد للصلوه منهما ، ان الترخيص فيه عين الترخيص فى ايتان صرف الوجود الذى قيدت الصلوة بعدمه و عين الترخيص فى ايتان جزء المانع المستلزم لرفع اصل المانعية بارتفاع موضوعها و هوا لكل كما هو واضح و هذا بخلاف القسم الثالث ، فانه لانحلال النهى عنه الى نواهى متعددة بعددما لغير الماكول من الافراد ، يكون عدم كلفرد قيد اللصلوة ، فتتكثر القيود العدمية لها بعددما لغير الماكول من الافراد ، و من المعلوم ان الترخيص في بعض القيود لمكان الاضطرار ، لايوجب رفع القيدية عن غيره منها مع عدم كونه مضطرا اليه و توهم انه كما ان النهى عن القسم الثالث ينحل الى نواهى متعددة ، كذلك النهى عن القسم الأول وهو صرف الوجود ينحل اليها ، لان صرف الوجود وانكان يتحقق بوجود فرد ، لكن عدمه المقيد به الصلوة لا يتحقق الا بعدم جميع الافراد، فينحل

ص: 162

النهى عنه الى نواهى متعددة بعدد الافراد فاذا اضطر الى لبس احد الالبسة لا يجوذله لبس غيره منهالانه مانع مستقل و ليس مضطراً اليه مدفوع بان القيد في القسم الأول ليس الاقيدا وحدا نياهو عدم صرف وجود المانع الناقض لاستمراد عدمه ، و عدم جميع الافراد انما يكون من محققات و محصلات ذاك القيد الوحداني لا قيودا في عرضه، فاذا ارتفع المنع عن صرف الوجود بالاضطرار، يرتفع عن محصلاته بطریق اولی كماهو اوضح من ان يخفى و بالجملة الفرق بين القسمين الاولين و الاخير ، هوانه على الاولين يكون القيدا مرا وحدا نباير تفع بالاضطرار الى فرداصل القيدية وعلى الاخير يكون القيد متكثرا بعدد تكثر الافراد ، فلاير تفع بالاضطرار الى فرد الاقيدية ذاك الفرد - دون غيره من الافراد ، فعلى الاولين لا يجب عليه الاقتصاد على مقدار الضرورة ، بل يجوز له لبس الزائد على مقدارها ، فانه بالاضطرار سقط ماهو قيد للصلوة عن القيدية بالكلية و راسا ، و على الاخير يجب عليه الاقتصار على مقدارها ، فلا يجوز له لبس الزائد على مقدارها، لان الزائد علیه مانع مستقل، و ليس له اضطزار بالنسبة اليه ، يوجب سقوطه عن القيدية و تظهر الثمرة بين الاول والاخيرين فيماشك في كون اللباس ممالا يؤكل ، فإنه على الاول يكون المرجع فيه هو الاحتياط ، اذالشك فيه شك في انطباق المامور به على الماتى به وسقوط التكليف ، ان مع لبسه يشك في حصول ما هو قيد للصلوه من عدم وقوعها في صرف الوجود مما لا يؤكل ، و على الاخيرين يكون المرجع هو البرائة لانه على الأول منهما يكون المانع وه-و المجموع من حيث المجموع، مرددا بین الاقل و الاكثر، والافل وهو الافراد المعلومة متيقن ، و الزائد عليه مشكوك و الاصل فيه البرائة لما عرفت من كونها المرجع في شبهة الاقل و الاكثر الارتباطيين مطلقا ولو في الشهات الموضوعية ، وعلى الثانى منهما يكون المانع متعدد احسب تعدد افراد مالا يوكل ، فتعلق النهى بالمشكوك موقوف على كونه فردا من افراده، و مع الشك في ذلك كما هو المفروض يكون تعلق النهى به مشكوكا ، فيشك فى تقييد الصلوة بعدمه زائد اعلى ما تقيدت به من الافراد المعلومة

ص: 163

والاصل البرائة ثم ان ما ذكرناه من الفرق بين القسم الأول من الاقسام الثلثة و القسمين الاخيرين منها، وان المرجع فى الشبهة الموضوعية من الاول هو الاحتياط و من الاخيرين هو البرائة، على الظاهر انه مما لاخلاف فيه بين المحققين و اما ما نسب الى سيد الاساتيد حضرة السيد محمد الاصفهانی، قده من ذهابه الى البرائه في القسم الأول ايضا بدعوى ان اعتبار عدم صرف الوجود من طبيعة مالا يؤكل مع المصلى، حيث يكون بلحاظ مراتبته لما في الخارج فيكون عبارة عن اعتبار مجموع الاعدام المضافة الى افراد تلك الطبيعة فى الصلوة، فما علم كونه فردا لها يعلم بكون عدمه جزء لذاك المجموع المعتبر في الصلوة، و ما لم يعلم كونه فردا لها يشك في جزئية عدمه لذاك المجموع، فيدورا مر المجموع بين الاقل المتيقن اعتباره فى الصلوة و الاكثر المشكوك اعتباره فيها، فلا وجة للفرق بين كون المانع هو صرف الوجود من طبيعة ما لا يؤكل او كونه كل الوجودات منها بنحو الاستقلال و العام الاستغراقى او الارتباط و العام المجموعى، والحكم بالاحتياط في الاول بالبرائة فى الاخيرين فالمظنون قويا ان مورد كلامه قده هو القسم الثاني الذي يكون المانع فيه مجموع الوجودات من حيث المجموع، لا القسم الأول، اذ كيف يحتمل ان يكون مورد كلامه قده هو القسم الاول مع ماعرفت من ان عنوان ابقاء العدم الازلى للطبيعة وعدم نقض استمراره بالوجود ، امر وحدانی مبين مفهوما لا اجمال فيه اصلا، ويكون ملحوظا معنى اسمياً بحيث يكون الطلب متعلقا بترك هذا العنوان، لا ملحوظا على نحو المرأتية للافراد الخارجية كي ينحل الى متيقن و مشكوك، نعم ما ينتزع عنه هذا العنوان و يتحصل منه، و هو الاعدام المضافة الى افراد تلك الطبيعة ، يكون منحلا الى متيقن و مشكوك، وقد حقق في محله ان المرجع في دوران امر المحصل للمامور به بين الاقل والاكثر هو الاحتياط لا البرائة وما يقال في دفع الاشكال عنه قدس سره، من ان تعلق التكليف بابقاء العدم الازلى للطبيعة واستمراره و عدم نقضه ، انما هو من جهة مبغوضية وجودها لا محبوبية

ص: 164

عدمها ، فالنهى انما يتعلق بايجادها لا ان الأمر يتعلق بتحصيل هذا العنوان، كى يقال ان عنوان ابقاء العدم واستمراره عنوان بسيط مبين لا اجمال فيه كي يكون مرددا بين الاقل والاكثر وانما المردد بينهما هو محصلات هذا العنوان التى لا يكون المشكوك منها موردا و مجرى للبرائة لانه شك في المحصل ، فاذا كان المبغوض وجود الطبيعة الذى هو بعين وجودا فرادها، فينحل النهي عن وجودها الى نواهى تعدد وجوداتها مدفوع اولا بان مالا يتصف بالمحبوبية والمبغوضية هو العدم المطلق ، لا الاعدام المضافة و اعدام الملكة التى لها خط من الوجود، و ثانيا ان مبغوضية وجود الطبيعة، تارة تكون بلحاظ انه وجود الطبيعة، فلامحة

يسرى النهى عنه الى جميع وجوداتها وافرادها ، لان هذا العنوان يصدق على جميع افرادها، واخرى تكون بلحاظ انه ناقض لاستمرار عدمها الازلي، فلا يسرى النهي عنه الى جميع الافراد، لعدم صدق هذا العنوان الاعلى اول وجوداتها ، ومن المعلوم ان هذا العنوان اى الناقض لاستمرار العدم الازلى، عنوان بسيط لا اجمال فيه اصلا فلا ينحل الى متيقن ومشكوك، نعم ترك هذا العنوان البسيط، حيث يكون متحصلا و مسببا عن ترك جميع الأفراد، اذ بمجرد ايجاد فرد منها ينتقض استمرار عدمها الازلى، فيجب ترك ايجاد الجميع تحصيلا لترك هذا العنوان فمع الشك في كون شی فردا يشك مع ايجاده في ترك هذا العنوان الماخوذ تركه قيدا في المامور به وقد عرفت في المقدمة الاولى انه اذا قيد المامور به بامر مبين مفهوما، فلابد عقلا من احرازه فى مقام الامتثال مطلقا ولو كان ذاك الأمر عدميا، فلوشك في تحققه ولم يكن هناك ما يحرز به تحققه من امارة او اصل، فلاشبهة في ان العقل يحكم بالاحتياط لانحصار طریق احرازه به.

الرابع من المقدمات هو انه كما ان فى النواحي النفسية الاستقلالية المتعلقة

بالطبايع التي قابلة للتكرار ولها مصاديق خارجيه كالنهي عن شرب الخمر مثلا يكون النهى ظاهرا عرفا في مبغوضية متعلقه وهو الشرب في المثال ، وان مبغوضيته

ص: 165

لاشتمال موضوعه و هو الخمر على مفسدة داعية الى الزجر عن شربها و بهذا الظهور يندفع احتمال كون المطلوب هو الوصف العنوانى العدمى المتحصل من ترك شربها راسا ، ككون المكلف لاشارب الخمر، او الوجودى ككونه مبقيا لشربها على عدمه الازلى، وكذا يكون ما اخذ عنوانا لموضوعه وهو الخمر فى المثال ظاهرا عرفا في الطبيعة المرسلة المنطبقة على كل فرد منها ، وكاشفا عن اشتمال كلواحد واحد من افرادها على ما هو ملاك النهى من المفسدة ، لان ظاهر جعل الطبيعة متعلقة للنهى كون القضية حقيقية وان كلفرد من الطبيعة واجد للملاك ويتحقق بتحققه فرد من الحكم، وبهذا الظهور يندفع احتمال كون الملاك قائما بمجموع الافراد من حيث المجموع، او بصرف الوجود المنطبق على اول الافراد ، ضرورة احتياج اخذ هما عنوانا للموضوع الى عناية زائدة منفية بظهور اخذ الطيبعه عنوانا له في كون القضية حقيقية.

كذلك النهى فی النواهى التبعية الضمنية المنتزع عنها المانعية، يكون ظاهرا فى مانعية متعلقه ، وان مانعيته لاشتمال موضوعه على حرازة و منقصة مانعة عن تاثير ما هو المقتضى والملاك فى حسن المامور به المقيد بعدمه، و كذا ما اخذ عنوانا لموضوعه كغير الماكول في المقام ، يكون ظاهرا فى انه بطبيعته المرسلة المنطبقة على كلفرد مانع عن كون الصلوة الواقعة فيه مشتملة على ملاك الحسن و بهذين الظهورين يندفع احتمال كون المانع مجموع الأفراد من طبيعة غير الماكول من حيث المجموع او كونه صرف الوجود منه، اذلافارق بين النواهي النفسية الاستقلالية والتبعية الضمنية، سوى كون الاولى استقلالية و الثانية تبعية ، ومجرد ذلك لا يوجب كون المنهى عنه في الثانية هو صرف الوجود او مطلق الوجود بنحو العموم المجموعى ، وكونه فى الاولى مطلق الوجود بنحو العموم الاستغراقي، بعد كون الموضوع فى كليتهما هي الطبيعة المرسلة المنطبقة على كلفرد.

و توهم ان الفارق بينهما عدم تحقق ما هو مناط الانحلال في النفسيات من

ص: 166

كون كلواحد من وجودات الموضوع مشتملا على ملاك حكمه، فى الغيريات (التبعيات) و ذلك لان مقتضى استناد الفساد الى القدر المشترك، او المجموع عند اجتماع عدة من وجودات المانع، و الى خصوص السايق منها و لغوية اللاحق عند تعاقبها ، هو قیام ملاك الحكم الوضعى اى المانعية، بصرف وجود الموضوع لا بكل من وجوداته فيكون صرف وجوده هو المانع ، وانما يجب التحرز عن جميع وجوداته لكونه محصلا لتركه مدفوع اولا بالنقض بما اذا اجتمعت او تعاقبت الموانع المختلفة نوعا ، كالحرير والذهب والنجس و المغصوب و مالا يؤكل ، فان في صورة الاجتماع لابدان يكون الفساد مستندا الى القدر المشترك بينها او المجموع من حيث المجموع و في صورة التعاقب الى خصوص السابق منها و عدم تاثير الملاحق ، ومقتصى ذلك على قولكم توقف مانعيه كل من تلك الموانع المتبائنة على انتفاء غيره منها ، مع إنه لا شبهة فى ظهور ادلتها فى استقلال كلواحد منها فى المانعية المطلقة ، وثانيا بالحل و هو ان المقيد بعدم وجود المانع ليس هى الصلوة الشخصية ، كي يكون عدم قابليتها لان يتعدد او يتكرر فسادها ، موجبا لخروج الانواع المتبائنة فضلا عن اشخاص نوع واحد منها ، عن المانعية المطلقة المانعية المطلقة ، وكون مانعية كل واحد من تلک الانواع او الاشخاص مقيدة بعدم اجتماعه مع غيره منها و عدم مسبوقيته بغيره، بل المقد بعدم وجود المانع هي طبيعة الصلوة القابلة لان يتعدد او يتكرر فسادها بتعد دو تكرر فساد إفراها و بعبارة اخرى عدم وجود المانع ليس قيدا مجعولا للفرد ، كي يقال بانتفائه ينتفى المقيد وهو الفرد، وبعد انتفائه ليس قابلا للتقييد بعدم وجود مانع أخركى ينتفى بانتفائه ايضا، بل القيد مجعول للطبيعة ، و هى بعد انتفاء قيد من قيودها في ضمن فرد ، قابلة للتقييد بعدم وجود مانع اخر في ضمن غير ذلك الفرد من الافراد، كما اذا اراد من افسد صلوته بايقاعها فيما لا يوكل اعادة هذه الصلوة او ایتان صلوة اخرى ، فان طبيعة الصلوة المتحققه فى ضمن هاتين الصلوتين، مقيدة بترك جميع افراد غير الماكول ، وعدم تاثير المانع المسبوق بمانع اخر في الصلوة الشخصية ليس مستندا الى كون المانع هو و مجموع جودات غير الماكول او صرف وجوده

ص: 167

الناقض لعدمه الازلى، بل مستند الى ارتباطية الاجزاء والقيود فان الامر الارتباطى اذا انفصم ارتباطه بتخلل امر خارجی بین اجزائه، يسقط عن قابلية الاتصاف بالصحة، فإذا فسد بتخلله لا يكون قابلا لان يعرضه فساد اخر كما هو

واضح.

الخامس من المقدمات ان المستفاد من موثقة ابن بكير التي هي العمدة فى الباب ، هل هى الشرطية المعلقة بان يكون مفادها شرطية جواز اكل اللحم على تقدير كون المصلى مستصحبا للجزء الحيواني، وبعبارة اخرى على تقدير كونه لابسا للحيوانى يشترط ان يكون لباسه من الماكول او عدم كونه صرف وجود غیر الماكول ، أو المستفاد منها المانعية المطلقة بان يكون مفادها اعتبار عدم وقوع الصلوة فى مالا يؤكل مطلقا ، او المستفاد من صدرها مانعية غير الماكول و من ذيلها شرطية الماكول، بان يكون مفادها انه يعتبر فى الصلوة امر ان ، الاول عدم وقوعها فى جزء من اجزاء ما لا يؤكل، والثانى وقوعها في ما يؤكل على تقدير كون المصلى مستصحبا للجزء الحيواني فنقول اما الاحتمال الاخير و ان ذهبت اليه بعض الاساطين كصاحب الجواهر قده، و مال اليه بعض من عاصرناه في رسالته المعمولة فيهذه المسئلة لكنه بمكان من الضعف والفساد، و ذلك اما اولا فلما عرفت في بعض المقدمات من استحالة الجمع بين شرطية احد الضدين و مانعية الاخر، واما ثانيا فلبعده عن مساق عبارة الموثقة، اذلا يخفى على الخبير باسلوب الكلام ان تلك العبارة لیست مسوقة الا لافادة مطلب واحد، و ان قوله علیه السّلام في ذيلها لا يقبل الله تلك الصلوة الخ ليس الاتفريعا على ما في الصدر، فكانه علیه السّلام قال لما كانت الصلوة فى اجزاء مالا يؤكل فاسدة فلا يقبل الله تلك الصلوة حتى تصلى فى غيره مما يجوز الصلوة فيه سواء كان حيوانيا كالمتخذ من الغنم او نباتيا كالقطن والكتان ، وليس ذكر لقوله علیه السّلام مما احل الله اكله تفسير او بيانا لكلمة الغير في قوله علیه السّلام حتى تصلى في غيره، كي يكون ذكره ظاهرا فى ان له خصوصية، بل ذكره انما هو من باب المثال حيث ان الصلوة فيه من احد مصاديق الصلوة الغير المقرونة بالمانع ، كما ان منها الصلوة

ص: 168

فى القطن والكتان ثم على تقدير تسليم ظهورها صدرا في المانعية وذيلا في الشرطية، يقع التعارض بين الصدر والذيل، بملاحظة ماذكرنا من استحالة الجمع بين شرطية احد الضدين اللذين لا ثالث لهما ومانعية الآخر، ولا شبهة فى ان الترجيح مع الصدر لانه اظهر دلالة فى المانعية من الذيل فى الشرطية من وجوه منها عدم ملازمة ما في الذيل من عدم القبول للفساد، كي يدل على شرطية الماكولية ومنها لزوم ارتكاب خلاف ما هو ظاهره من الشرطية المطلقة بحمله على الشرطية المعلقة، لما هو المعلوم من عدم اعتبار كون لباس المصلى من اجزاء الماكول على نحو الاطلاق، والا للزم ان لا تصح الصلوة فى القطن و الكتان، مع ان صحتها فيهما اجماعية بل ضرورية فاذا كان الصدر اظهر فى المانعية من الذيل فى الشرطية، فيتعين حمل الذيل على كونه تفريعا على الصدر ، وان ما تضمنه الذيل من عدم قبول تلك الصلوة حتى تصلى فيما احل الله اكله ، انما هو لاقتران تلك الصلوة بالمانع و هو وقوعها فى غير الماكول ، و ان قبولها فيما وقعت فى الماكول انما هو لاجل كونها من مصاديق الصلوة الغير المقرونة بالمانع ، لا لكونها واجدة للشرط و بعد ما ظهر من عدم قابلية عبارة الموثقة لافادة المانعية المطلقة صدرا والشرطية التقديرية ذيلا، يدور أمرها بين ارادة الاحتمال الأول برفع اليد عن ظاهر الصدر، وحمل النهى فيه عن الصلوة فيما لا يوكل على انه بمناط خلوها عن الشرط ، او ارارة الاحتمال الثاني برفع اليد عن ظاهر الذيل، وحمل الأمر فيه بالصلوة فيما يوكل على انه بمناط خلوها عن المانع و لا شبهة فى ان المتعين هو الثانى اما اولا فلما مر من وضوح ان الذيل لا يفيد مطلبا اخر سوى ما يستفاد من الصدر ، وان قوله علیه السّلام في الذيل لا يقبل تلك الصلوة الخ تفريع على ماذكره علیه السّلام في الصدر و توهم ان الذيل وان لم يكن مفيدا المطلب اخر زائدا على ما هو مضمون الصدر ، لكن يمكن ان يكون المراد من الصدر هى المانعية التقديرية بان يكون المراد منه اعتبار ان لا يكون مع المصلى على تقدير كونه لابسا للحيوانى صرف الوجود من طبيعة غير الماكول، و لازم ذلك اناطة صحة الصلوة على الفرض المزبور بوقوعها فيما يؤكل، و حمل الصدر على ذاك

ص: 169

المعنى، وانكان خلاف ماهو ظاهره من المانعية المطلقة على نحو العموم الاستغراقي لكن مناسبته حيئنذ مع الذيل مما يقرب هذا الحمل مدفوع بان ظهور الصدر في المانعية المطلقة اقوى من ظهور الذيل فى اناطة صحة الصلوة بوقوعها فيما يؤكل بالخصوص واما ثانيا فلما عرفت من ان عبارة الذيل ليست بظاهرها من الشرطية المطلقة مرادة قطعا ، والالكان الواجب ايتان الصلوة فيما يؤكل لحمد بالخصوص، وهذا مما يقطع بفساده لجواز ايتانها في القطن و الكتان اجماعا ، فاذا لم تكن هذه العبارة محفوظة على ظاهرها وكانت محتاجة الى التصرف والتاويل، تعين الاخذ بظاهر الصدر، وحمل ما في الذيل من الأمر بالصلوة فيما يؤكل لحمد على انه بمناط خلوها عن المانع، هذا مضافا الى ان الظاهر من استناد فساد الصلوة فى الموثقة الى وقوعها فى غير الماكول، هو عدم صلاحيته من حيث نفسه لما فيه من المنقصة و الحزازة لوقوع الصلوة فيه وكونه في عداد الموانع ، لامن جهة انتفاء ضده وهو الماكولية کی تكون كالطهارة من الشرائط ، كما يؤيد ذلك تعليل المنع عنه في بعض الاخبار بان اكثرها مسوخ وانها تاكل الميتة، فانه ناظر الى بيان ملاك المانعية وان المنع عن الصلوة فيها لاجل اشتمالها على هذه الخصوصيات المنافية لاتصاف الصلوة الواقعة فيها بالمطلوبية ، فان هذا التعليل وان لم يكن بظاهره مرادا ، اذ لا يستقيم التعليل بان اكثرها مسوخ وانها تاكل الميتة مع عموم الحكم لغيرها ، الا انه لا يخلو عن التاييد لما استظهر ناه من ظهور النهى عن الصلوة فيما لا يؤكل في مانعية نفس متعلقه لما فيه من عدم الصلاحية لوقوع الصلوة فيه بصفة المحبوبية فلا وجه لارجاعه الى شرطية ما هو ضد المتعلقه كما يخفى.

اذا تمهدة هذه المقدمات، فنقول الاقوى فى المسئلة هو القول بالبرائة ذلك لما عرفت من ظهور النهى فى صدر الموثقة وغيرها من الاخبار الناهية عن الصلوة فى ما لا يؤكل ، فيما نعيته المطلقه بنحو العموم الاستغراقى، المستلزم لانحلال النهي عنه الى نواهى متعددة بعدد افرد متعلقه المستلزم لكون التكليف منحلا الى المتيقن و المشكوك بالشك البدوى الناشى من الشبهة الموضوعية

ص: 170

و قد عرفت في المقدمة الاولى ان مقتضى حكم العقل فيما كان الشك في اصل التقييد هو البرائة و ان مجرد كون المشك فيه فى المقام ناشئا عن الشبهة الموظوعية لا يمنع حكمه بالبرائة، بعدما هو المعلوم من ان مجرد العلم بالكبرى الكلية لا يوجب تنجر التكليف على العبد مالم نيضم اليها صغرى وجدانية ، بل يمكن الاستدلال على جواز الصلوة فى المشكوك ، بالبرائة الشرعية المستفادة من حديث الرفع بعد البناء على ما هو الحق من عمومه للاحكام الوضعية، وكون المنساق الى الذهن من النواهى الغيرية مانعية وجود متعلقاتها لاشرطية، عدمها ، فانه حينذ يقال ان وجود المانع في صلو تناهذه غير معلوم، فيكون مرفوعا بالحديث اثره الذى هوا لمانعية و بطلان الصلوة، و قد عرفت انفا ان المنساق الى الذهن من النواهى الغيرية مانعية وجود متعلقاتها، لاشرضية عدمها، كى يقال ان رفع وجود المانع بالحديث لا يجدى فى اثبات عدمه الذى هو الشرط الاعلى القول بالاصل المثبت ولا يخفى انه لافرق فيما ذكر نامن صحة الاستدلال على الجواز بالحديث بينكون المانع هو مطلق الوجودات لطبيعة غير الماكول على نحو العام الاستغراقي ، اوكونه صرف الوجود منه، وذلك لانه على تقدير كون المشكوك ممالا يؤكل واقعا، يكون فساد الصلوة مستذا الى شخص المشكوك على كل من التقديرين، اما على التقدير الأول ،فواضح، و اما على الثانى فلتحقق صرف الوجود الناقض العدم بايتان الصلوة فى المشكوك، وحيث لا يعلم كونه ممالا يؤكل كى بتطل بسببه الصلوة فيعمه قوله علیه السّلام رفع عن امتى مالا يعلمون، ومقتضاة رفع صرف الوجود المشكوك برفع ماهو اثره من فساد الضلوة او ما نعيته عن اتصافها بالمطلوبية وتوهم عدم صحة التمسك بالحديث لرفع المشكوك برفع اثره على تقدير كون المانع صرف الوجود، بعدما عرفت من ان المرجع في الشبهة المصداقية منه ليس الا الاشتغال عقلا، لرجوع الشك فيه الى مرحلة تطبيق المامور به بعد معلومیته بحدوده وبتين مفهومه، ولذا لوشك في الطهارة المعتبرة فى الصلوة ولم تكن لها حالة سابقة، لا يجوز له الدخول في الصلوة من دون وضوء والاكتفاء بها اعتماد ابالحديث في رفع الطهارة المشكوكة برفع اثرها اجماعا

ص: 171

مدفوع بالفرق بين ما نحن فيه الذي هو من موارد الشك في وجود المانع، والمثال الذي هو من موارد الشك فى وجود الشرط، فان مقتضى المتسك بالحديث الوارد في مقام التوسعة على العبادمنة عليهم، فيموارد الشك فى وجود المانع هو رفع ماهو اثره من بطلان الصلوة، ولا شبهة أن فيرفعه توسعة ومنه على العباد، و هذا بخلاف موارد الشك في وجود الشرط كالمثال، فان المرفوع فيها انما هو تاثيره في صحة الصلوة، و مقتضى ذلك بطلانها و وجوب اعادتها مع الوضو الوضو، ولاشك ان هذاضيق على المكلف وخلاف الامتنان عليه، فلا يمكن ان يشمله الحديث الوارد في مقام التوسعة على العبادمنة عليهم كما هو واضح وهذا الحديث الشريف وارد على حكم العقل بعدم جواز الاكتفاء بالموافقة الاحتمالية عند قطعية التكليف بملاك استلزامه للضرر المحتمل الاخروى اللازم الدفع عقلا، اذ بعد حكم الشارع برفع مانعية المشكوك وترخيصه فى ابتان الصلوة فيه، يرتفع احتمال الضرر الذي هو ملاك حكم العقل بالاشتغال ، وكم له فى الشرع من نظير كالحكم بعدم الاعتنا، بالشك بعد التجاوز عن محل المشكوك و بعد الفراغ عن العمل و بعد الخروج عن وقته و الحكم بعدم اعادة الصلوة بالاخلال بغير الخمس من اجزائها وشرائطها سهواو نسيانا، فان حكم الشارع بعدم الاعتناء بالشك في تلك الموارد الثلثة و غيرها كشك كثير الشك، و بعدم اعادة الصلوة مع الاخلال السهوى ، يكون وارا على حكم العقل فيها بعدم جواز الاكتفاء بالموافقة الاحتمالية للتكاليف القطعية ، و رافعا لملاك حكمه من لزوم دفع الضرر المتحمل كمالا یخفی و توهم ان مجارى الاصول العملية لابدان يكون لها اثر شرعى عملى، و مجرى الاصل في المقام وهو المانع المشكوك لا اثر له كك، لان ماهو معتبر في الصلوة وله اثر هو تقيدها بعدم المانع دون نفس عدم المانع، و من المعلوم ان رفع المانع المشكوك بالحديث الشريف، لا يجدى فى رفع تقيد الصلوة بعدمه، الا على القول بالاصل المثبت مدفوع بان تقييد الصلوة بعدم المانع من الاثار والاحكام الوضيعة المجعولة على عدمه، لامن لوازمه العقلية و الحديث يرفع هذا الحكم الوضعى بلسان رفع موضوعه و بعبارة اخرى تقييد

ص: 172

الصلوة بعدم المانع من الاثار المجعولة لعدمه، وبلسان رفع عدمه عدمه يرفع هذا الاثر، فمرجع الحكم بالبرائة عن المانع المشكوك في الحقيقة الى البرائة عن تقييد الصلوة بعدمه، لا البرائة عن نفس ،عدمه کی یقال ان ماله دخل فى الصلوة وهو التقيد بهذا القيد العدمى ليس مجرى للاصل، و ما هو مجرى له و هو القيد ليس له دخل في الصلوة، ولا يجدى اجراء الاصل فيه فى رفع تقيد الصلوة به الا على القول بالاصل المثبت وبتقريب اخر المانعية والشرطية على ما حققناه في محله من الامور الانتزاعية من تقييد المامور به بعدم شئى او تقییده بوجوده، فرفعهما انما هو برفع منشاء انتزاعهما من التقييدين اللذين هما من الامور القابلة للحمل والرفع اصالة هذا و بدتر بل يكمن الاستدلال على الجواز بحديث كلشيء حلال ، بناء على ما هو الحق و المستفاد من الاخبار من عمومه للوضيعيات، فانه بعمومه لها يدل على حلية الصلوة وجوازها في اللباس المشكوك ، فان الصلوة فيه شيء لا يعلم حليته و حرمته الوضعيتان ، وهذا من الاصول الحكمية ، لا الموضوعية كي يقال انه لا يجدى في اثبات تقيد الصلوة بغدم المانع الاعلى القول بالاصل المثبت نعم لو اجريناه في الحيوان المتخذ منه اللباس المشكوك يكون اصلا مو ضوعيا بالنسبة الى هذا الاثراى حلية الصلوة فيه ، ولا يكون مبثتالان حلية الصلوة فيه من الاثار الشرعية لحلية ذاك الحيوان و توهم ان التمسك باصالة الحل انما يجدى في جواز الصلوة في المشكوك ، فيما كان المانع عنوان محرم الاكل ، لاما اذا كان المانع هو المعنونات بهذا العنوان كالاسد و الثعلب والارنب والسمور وغيرها ، و كان اخذ ذاك العنوان في موضوع الحكم لكونه معرفا و مرأة لمعنوناته، وكان الموضوع للحكم حقيقة هي المعنونات بهذا العنوان اذح لا يجدى اصالة حلية الحيوان المشبته بين الحلال والحرام فی اثبات عدم كونه من تلك المعنونات الاعلى القول بالاصل المثبت مدفوع بان الظاهر من اخذ عنوان موضوعا للحكم هو كونه بنفسه دخيلا فى الحكم ومعروضاله ولمناطه دون عناوین اخر يكون هذا العنوان معرفا ومراة لتلك العناوين ، و مجرد ذكر الثعلب والارنب والسمور في بعض الاخبار، لا يصلح قرينة لارادة خلاف هذا الظهور

ص: 173

لامكان كون ذكرها من باب المثال وكونها من مصاديق ما هو محرم الاكل، و تعليل الحكم فى بعض الاخبار بان اكثرها مسوخ، لا يصلح ايضا للقرينته على ذلك ، بعدما عرفت من عدم استقامته بظاهره من العلية، مع عموم الحكم لغير المسوخ ايضا، هذا خلاصة ما استفيد من الاستاد دام ظله في تقريب التمسك باصالة الحل للحكم بجواز الصلوة فى المشكوك ولكن يبقى الاشكال فيه، بان الظاهر من الادلة الدالة على عدم جواز الصلوة فيما يحرم اكله و جوازها فيما يحل اكله ، ان المراد من حرمة الاكل وحليته هي الحرمة والحلية الذاتيتان، لانها ظاهرة فى التفصيل القاطع للشركة، وان مالا تجوز الصلوة فيه لاتجوز ابدا، وماتجوز الصلوة فيه تجوزكك، يكون الحيوان الواحد داخلا في عنوان المنع تارة و في عنوان الجواز اخرى ،كما هو مقتضى كون المراد من الحرمة والحلية ما تعم الذاتية و العرضية منهما لجلل او وطی انسان، بل الظاهر مما دل على المنع عن الصلوة في اجزاء الحيوانات المحرمة الاكل هى المحرمة بعناوينها الاولية وباقتصاء طباعها، لا بالاعم منها ومن العناوين الثانوية العارضة المؤثرة فى المنع عما عرضت عليه كالجلل والموطوئية للانسان ، فليس الموضوع للحكم في ظاهر الادلة الا الحرمة والحلية الاقتضائتين الثابتتين للعناوين الأولية ، دون الفعليتين و دون الثابتتين للعناوين الثانوية التي منها كونها مشكوك الحرمة والحلية، فلاتجوز الصلوة فى اجزاء الارنب ولو صار محلل الاكل للاضطرار، وتجوز في اجزاء الغنم ولوصار محرم الاكل بالوطى، فاذا كان موضوع الحكم بجواز الصلوة هى الحلية الواقعية الثابتة للحيوان بعنوانه الاولى فلا تجدى اصالة الحل التي مؤداها هى الحلية الظاهرية في موضوع الشك، لاحراز الحلية الواقعية التي هي الموضوع للحكم بجواز الصلوة ، ان ما هو مجعول باصالة الحل ليس موضوعا للحكم بالجواز ، وماهو موضوع له غير مجعول ، اذلم بدل دليل على حلية المشكوك واقعا ولو بالتنزيل وتوهم ان الشك في حلية الصلوة فى المشكوك حيث يكون مسببا عن الشك فى حليته ، ومن المحقق فى محله ان الاصل الجاري في الشك السببي حاكم على الشك المسببي و رافع له ، فتكون اصالة الحل الجارية في

ص: 174

الحيوان المشكوك موجبة لرفع المانعية عنه وجواز الصلوة فيه، ظاهر الفساد وذلك لما حقق فى محله من ان الاصل الحكمى الجارى فى الشك السببي ، انما يكون حاكما على الشك المسببى و رافعا له، فيما كان من الاصول التنزيلية المتكفلة لتنزيل المشكوك الحلية مثلا منزلة الحلال الواقعي، كالاستصحاب الذي مفاده في المشكوك الحلية لاحقا ومتيقنها سابقا هو القاء الشك و ابقاء المشكوك على حالته السابقة من الحلية الواقعية ، دون ما اذا كان من الاصول الغير التنزيلية التي مفادها حكم على الموضوع المشكوك بما هو مشكوك و مع بقاء الشك على حاله كاصالة الحلية في المقام ، لان الترتب والسببية والمسببية ، انما يكون حسب الفرض بين الواقعى من و عدم المانعية و مؤدى اصالة الحل ليس الاحكما على المشكوك بما هو مشكوك بالحلية الظاهرية ، فما هو مجعول باصالة الحل لا يكون موضوعا للحكم بجواز الصلوة ، وما يكون موضوعا للحكم بجوازها لا يكون مجعولا بها ، فلاتكون الحلية المجعولة باصالة الحل للمشكوك ، موجبة لرفع المانعية عنه وللحكم بجواز الصلوة فيه الابناء على اعمية موضوع المانعية من الحرمة الواقعية ، فانه حينئذ تكون اصالة الحل الجارية فى الشك السببى و هو الحك في حلية الحيوان ، موجبة لارتفاع تفاع الشك المسببى و هو الشك فى ما نعيته لكنك عرفت انفا فساد هذا المبنى و ان الموضوع للمانعية ليس الاخصوص الحرمة الواقعية التي ليس اصالة الحل متكفلة لاثباتها ، فلا يصح التمسك بها الا في الشك المسببى اى الشك في جواز ايقاع الصلوة فى المشكوك ، لا الشك فى ما نعيته ، كى يقال ان المانعية من الامور الانتزاعية الغير القابلة لان يتعلق به التكليف ، و انكانت قابلة للرفع يرفع منشاء انتزاعها كما مر بيانه فى التمسك بحديث الرفع وتوهم ان اثبات حلية ايقاع الصلوة في المشكوك باصالة الحل ، لا يجدى فى اثبات عدم ما نعيته الاعلى حجية الاصل المثبت ، فيكون الشك فى مانعيته باقيا بحاله، ومعه يشك فى مطابقة لصلوة الواقعة فيه للصلوة المامور بها المقيدة بعدم وقوعها في محرم الاكل مدفوع اولا بالنقض بما اذا شك فى ناقضية المذى للصلوة، فانه لاخلاف على الظاهر بينهم في الحكم بصحة الصلوة

ص: 175

معه ظاهرا مع كون الشك فى ناقضيته باقيا بحاله، و ثانيا بالحل و هو ان مرجع ترخيص الشارع فى ايقاع الصلوة فى المشكوك المانعية، سواء كانت الشبهة موضوعية كما نحن فيه او حكمية كما فيمورد النقض، الى قناعته في مقام الامتثال عن الواقع باتيان المشكوك، كماقنع بمقتضى قاعدتى التجاوز والفراغ عن المامور به بالماتي به المحتمل مطابقته للمامور به هذا ملخص الكلام فى التمسك للجواز بحديث الرفع و اصالة الحل بقى الكلام فى التمسك له بالاستصحاب، ولا ينبغي الاشكال في صحة الاستدلال به مع تمامية اركانه و عدم كونه مثبتا، و انما الاشكال في كونه كك اى تام الاركان وغير مثبت على جميع تقريراته فانه قد يقرر بان المصلى قبل تلبسه بهذا المشكوك كان سابقا غير لابس لما لا بؤكل والان كما كان ، هذا فيما كان الشك في نفس اللباس ، و اما اذا كان الشك فيما التصق به من الشعرات ، فيقرر بان هذا اللباس كان سابقا غير ملتصق بجزء مالا يؤكل والان كماكان وفيه ان المستفاد من الادلة لوكان اعتبار هذا القيد العدمى فى المصلى او فى لباسه، بان كان المامور به هي الصلوة في حال عدم كون المصلى لابسا لغير الماكول ، اوفى حال عدم كون لباسه مما لا يؤكل، لما كان مجال للشبهة في صحة جريان هذا الاستصحاب و اثبات جواز ايقاع الصلوة فى المشكوك به واما لو كان المستفاد من الادلة اعتباره فى الصلوة ابتداء ، اى بلا واسطة اعتباره فى المصلى او لباسه، كما هو الظاهر من قوله صلی الله علیه و آله و سلّم المحكى في صدر الموثقة فالصلوة فى وبره وشعره و جلده وكلشيء منه فاسدة ، وقوله علیه السّلام في ذيلها فالصلوة فى كلشيء منه فاسدة، فان المتبادر منهما ان قيدفى و بره و كلشيء منه قيد للصلوة لا للمصلى او لباسه فلا يصح جریانه ولا احراز لازم مؤداه و هو عدم وقوع الصلوة فيما لا يؤكل الا على القول بالاصل المثبت.

وقد يقرربان المستفاد من الادلة ليس الاكون مالا يؤكل مانعا، لاكون عدمه شرطاكي يتفحص عن ان محل هذا الشرطهل هو الفاعل او لباسه او اوفعله، و من المعلوم ان المانع لا اثر له الامنع المقتضى عن التاثير بايجاد الأثر المضاد لاثره، من دون ان يكون لوجوده او عدمه مدخلية في اقتضاء المقتضى اذليس المانع كالشرط الذى

ص: 176

يكون اقتضاء المقتضى بدونه ناقصا، فعليهذا لا يكون لعدم المانع مدخلية فى صحة الصلوة ، وانما يكون وجوده مؤثرا فى ابطالها، فيكون عدمه معتبرا عقلا لئلا تفسد الصلوة بوجوده ، فحينئذ لامانع من استصحاب عدمه الى حال الصلوة ، وان لم يكن مجديا فى احراز تقيد الصلوة بعدمه، اذ لاحاجة الى احراز ذلك بعد عدم كون الصلوة مقيدة بعدمه شرعا.

وقيه ما لا يخفى من المناقشة الواضحة ، اذ كيف يعقل ان لا يكون لشئى مدخلية فى المأمور به لاشطرا ولا شرطا ، و معذلك يكون اتيانه مع ذلك الشيء موجبا لبطلانه وعدم اجزائه، فبطلانه وعدم اجزائه مع ذلك الشيء لابدان يكون الدخالته فيه اما بنحو الجزئية او القيدية و اما ما ذكر المقرر في تقريب عدم تقييد المأمور به بعدم المانع شرعا من عدم مدخليته فيه، فهو ناش عن قياس الا وامر الشرعية بالامور التكوينية، بتوهم انه كما ان فى العلل التكوينية لا يكون المؤثر في وجود المعلول الا المقتضى كالنار المقتضية للاحراق، وليس للمانع كالرطوبة الموجودة فى الخشب اثر الا مجرد منع المقتضى عن التأثير لما بينهما من المضادة فى الاثر، من دون ان يكون له مدخلية وجودا او عدما فى اقتضاء المقتضى وتتميمه فكذا الحال فى الموانع الشرعية غفلة عما بين المقامين من الفرق الواضح، فانه في العلل التكوينية التى تكون مركبة من المقتضى والشرط المتمم لاقتضائه وعدم المانع المضاد له، حيث يكون جزئه المقتضى للاثر فاعلا بالطبع، الذي هو عبارة عما يصدر عنه فعل ملائم لذاته من غير شعور وغرض داع له الى صدوره، كالنار التي يصدر عنها التسخين، فلايكون الاثر الحاصل منه متصفا بالصحة والفساد، لانه ان لحقه الشرط المتمم لاقتضائه وكان المانع عن تأثيره معدوما يترتب عليه وجود الاثر قهرا ، وان لم يلحقه الشرط او لحقه ولكن كان المانع موجودا لم يترتب عليه وجود الاثر، فيدور أمر اثره بين الوجود والعدم لا بين الصحيح والفاسد وهذا بخلاف مقام الأمر ، فان الامر حيث يكون مريدا للفعل ويكون طلبه له لما يترتب عليه من الفائدة المقصودة، فلا بدله من ان يقيد ذلك الفعل المأمور به بعدم ما

ص: 177

يمنع عن ترتب تلك الفائدة عليه، لانه لو اطلقه ولم يقيده بعدمه لكان مخلا بغرضه فلو اراد مثلا باضرام خشب ليصطفى به، فلابدان يقول الق النار على الخشب الغير المرطوب، فلو القاها المأمور على الخشب المرطوب، لم يكن ما اتى به صحيحا مطابقا للمأمور به، لاخلاله بالقيد العدمى الذى قيد به المأمور به، والحاصل انا لوسلمنا ان المستفاد من الادلة هى ما نعية غير المأكول للصلوة لاشرطية عدمه، لكن نمنع عن عدم تقيد المأمور به بعدمه، لما عرفت من عدم تعقل ان يكون المأمور به مطلقا غیر مقید بوجود شئى ولا بعدمه، ومع ذلك يكون اتيانه مع ذاك الشيء موجبا لبطلانه وعدم اجزائه، وان قياس مقام الامر بمقام تأثير الفواعل بالطبع مع الفارق.

فاذا ثبت ان لعدم المانع مدخلية فى المأمور به بنحو القيدية فنقول ان كل قيد وجودى او عدمى اعتبر فى باب الصلوة ، سواء كان محل اعتباره المصلى كالطهارة الحديثة او لباسه كالطهارة الخبثية، وانكان راجعا بالاخرة الى الصلوة و تكون الصلوة بدونه فاسدة ، لكن لابد في صحة اجراء الاستصحاب لاحرازه او لعدمه، من ان يكون المحل الذى اعتبر فيه ذلك القيد مسبوقا بالحالة السابقة ففى المقام انكان محل اعتبار هذا القيد العدمى هو المصلى او لباسه، صح استصحابه وكان مجديا في صحة الصلوة ، لان من اثر كون ذاك المحل واجدا لهذا القيدصحة الصلوة المضافة اليه شرعا واجزائها عقلا و اما انكان محل اعتبار هذا القيدهى الصلوة ابتداء كما هو المستفاد من الادلة، لابتوسط اعتباره فى المصلى او لباسه، فلایجدی استصحابه بالنسبة اليهما فى صحة الصلوة واجزائها ، لان استصحاب عدم كون المصلى لا بسا لما لا يؤكل او عدم كون لباسه ملتصقا به، لا يجدى في احراز عدم وقوع الصلوة فيما لا يؤكل الاعلى القول بالاصل المثبت، ولامجال لاجراء الاستصحاب في نفس الصلوة لاحراز تقيدها بقيدها العدمى، لانها من اول الشروع فيها يكون عدم وقوعها فيما لا يؤكل مشكوكا، فليس لعدم وقوعها فيه حالة سابقة نعم ، نفس المانع و انكان لعدمه المحمولى حالة سابقة، لكن لا يجدى استصحابه في اتصاف الصلوة بعدمه

ص: 178

الا على القول بالاصل المثبت، بل لا مجال لاجراء الاصل فيما كان الشك في ارتفاع القيد طاريا في الاثناء، كما اذا التصق بلباسه في الاثناء ما يشك فى مأكوليته، لان هذا القبد معتبر في جميع اجزاء الصلوة فكل جزء منه موضوع مستقل لهذا القيد، فلا يجدى استصحاب وجوده المتحقق فى الاجزاء السابقة فى اثبات وجوده فى الاجزاء اللاحقة، لتعدد متعلق الشك واليقين، ولا يصح اجرائه في نفس الاجزاء اللاحقة ، فان عدم مقارنتها مع المانع ليس له حالة سابقة الا بالعدم المحمولى السابق على وجودها : واستصحاب عدمه بالعدم المحمولى، لا يجدى فى اتصافها بعدمه الا على الأصل المثبت، وكذا لا يصح اجرائه فى نفس المانع ، فانه ايضا مسبوق بالعدم المحمولى، فلا يجدى استصحابه فى اتصاف هذا الجزء بعدمه نعم لو قلنا بان للصلوة جزء صوريا و هى الهيئة القائمة بمواد أجزائها ، وتكون الاجزاء باعتبار كونها مادة لذاك الجزء الصورى الذى هو امر واحد ، بمنزلة امر واحد متدرج الوجود كالحركة والزمان ، كي يكون الشك فى وجود قيدها في الاثناء شكا في البقاء لا في الحدوث، صح استصحاب وجوده المحقق في الاجزاء السابقة لاحراز وجوده في الاجزاء اللاحقة، لكن هذا القول في معزل عن الصواب، اذلادليل على ثبوت هذا الجزء الصورى للصلوة هذا و تدبر وقد يقرر الاستصحاب بان الصلوة قبل التلبس بهذا المشكوك كانت واقعة في غير مالا يؤكل والان باقية على ماكانت عليه و توهم ان هذا الاستصحاب وانكان بصورة الفعلية، لكنه راجع لبا الى التعليق على الوجود، فكانه قيل لو كانت الصلوة موجودة قبل التلبس بهذا المشكوك لكانت غير واقعة فيما لا يؤكل والان باقية على ماكانت فهو من الاستصحاب التعليقى فى الموضوع، وحجية الاستصحاب التعليقى ممنوعة مطلقا سواء كان فى الشبهات الحكمية كمسئلة الزبيب المغلى او الموضوعية كمسئلتنا هذه، اما فى الشبهات الحكمية فلان مرجع قولنا العنب اذاغلى يحرم الى قولنا العنب المغلى يحرم ، لما حقق في محله منان كل قضية شرطية متضمنة لقضية حملية حقيقية كما ان كل قضية حملية حقيقية متضمنة القضية شرطية ، وان مرجع قولنا لا تشرب الخمر الى قولنا اذا وجد ما يكون خمرا

ص: 179

فلا تشربه فاذا كان مرجع قولنا العنب اذاغلى يحرم الى قولنا العنب المغلى يحرم يكون موضوع الحكم مركبا من جزئين وهما العنب والغليان فالعنب قبل تحقق الغليان لاحكم له كى يستصحب حكمه عند جفافه وصيرورته زبيبا نعم قبل غليانه يحكم عليه العقل بانه لوانضم به الغليان يحرم لكن مجرد ذلك لا يجدي في صحة استصحاب حكمه بعد جفافه لان مجرى الاصل لابدان يكون حكما شرعيا او موضوعا لحكم شرعى ، وهذا الحكم التعليقى حكم عقلى منتزع عن جعل الحكم على موضوع مركب وجد احد جزئيه ، وليس بشرعی کی يصح استصحابه ، هذا فيما اذا اريد استصحاب الحكم واما اذا اريد استصحاب الملازمة الثابتة بين غليان العنب وحرمته ففيه مضافا الى ما حقق فى محله من ان الملازمة والسببية من الامور الغير القابلة للجعل التشريعي ، ومورد الاصل العملى لابدان يكون قابلا له، ان الملازمة كانت سابقا بين غليان العنب والحرمة لا بين غليان الزبيب والحرمة، فلايكون متعلق الشك واليقين متحدا و معه لا يكون اركان الاستصحاب التي منها اتحاد متعلقهما تامة وتوهم ان العنبية والزبيبية يعدان عرفا من حالات الموضوع لامن مقوماته كى يكون متعلق الشك واليقين متعددا ، وقد حقق في محله ان تعيين الموضوع في باب الاستصحاب انما هو بنظر العرف لابالدقة العقلية مدفوع بان اعتبار كون الخصوصية من الحالات انما هو بعد الفراغ عن ثبوت الحكم لذاك الموضوع كما في الخشب المتنجس الذى يحكم بنجاستة بعد صيرورته فحما بالاستصحاب، حيث ان العرف يرى بان المفروض للنجاسة هي مادة الخشب او جسميته لاصورته النوعية لافي مثل المقام الذى عرفت ان الحكم فيه لم يثبت للعنب قبل الغليان هذا ملخص ما يرد على اجراء الاستصحاب التعليقى فى الشبهة الحكمية واما ما يرد على اجرائة في الشبهة الموضوعية كما نحن فيه، فهوان المتيقن السابق وهو كون الصلوة غير واقعة فيما لا يؤكل كان معلقا على وجودها ، والمفروض عدم تحقق المتعلق عليه فى الخارج قبل التلبس بالمشكوك، فلايكون المعلق وهو كون الصلوة غير واقعة فيما لا يؤكل متيقنا قبل التلبس بالمشكوك، كى يستصحب

ص: 180

عدم وقوعها فيه الى ما بعد التلبس به واما استصحاب الملازمة الثابتة بين الشرط والجزاء المذكورين فى القضية الشرطية المستصحبة، بان يقال الملازمة بين الشرط والجزاء كانت ثابتة قبل التلبس بالمشكوك والاصل بقائها بعد التلبس به ، ففيه ان الملازمة الثابتة بين وقوع الصلوة قبل التلبس بالمشكوك واتصافها بعدم الوقوع فيما لا يؤكل، ملازمة عقلية، ضرورة ان الملازمة الثابتة بين وقوع اللازم عند تحقق الملزوم. ملازمة عقلية من باب استلزام المقدمتين فى القياس لحصول النتيجة ، فلا يجدى استصحابها بعد التلبس بالمشكوك في اثبات اتصاف الصلوة بعدم الوقوع فيما لا يؤكل الا على القول بالاصول المثبتة ، هذه خلاصة ماقيل في المنع عن جريان الاستصحاب التعليقى مطلقا سواء كان فى الشبهة الحكمية او الموضوعية ولا يخفى فيه، اما بالنسبة الى الاستصحاب فى الشبهة الحكمية، فلان اليقين بالحكم في مورده فعلى وانما التعليق في متعلق اليقين ، لان الحكم التعليقي قسم من الحكم الشرعي لاعقلى كيلا يجرى فيه الاستصحاب ، كيف وانكار كونه من الحكم الشرعي ، بدعوى ان مرجع القضايا الشرطية كلية الى الحملية وكون الشرط جزء لموضوع الحكم فقبل تحقق الشرط لاحكم كي يجرى فيه الاستصحاب، ملازم لانكار المفهوم للقضية الشرطية، لانه على هذه الدعوى تكون القضايا الشرطية كلها في مقام بيان تحقق الموضوع، نظيران ركب السلطان فخذ ركابه و ان رزقت ولدا فاختنه، لافى مقام تعليق الحكم كى تدل على انتفائه عند انتفاء الشرط، هذا مضافا الى ان هذه الدعوى باطلاقها ممنوعة جدا، اذا لشرط انما يكون جزء للموضوع بل هو تمام ،الموضوع فيما اذا كان من قبيل الواسطة فى العروض، دون ما اذا كان من قبيل الواسطة في الثبوت، فانه حينئذ يكون الموضوع للحكم حقيقة وبالدقة العقلية فضلا عن النظر العرفى، هو المستند اليه فى الجملة الشرطية كزيد فى قولنا ان جائك زيد فاكرمه فاذا شك فى ثبوت الحكم لذاك الموضوع لتبدل بعض حالاته ، فلامانع لاستصحاب حكمه الثابت له قبل تبدل تلك الحالة واما حديث لزوم رجوع القيود المأخوذة في القضايا الشرعية الى المادة لبا وانكانت راجعة الى الهيئة بحسب القواعد العربية،

ص: 181

بدعوى ان القيد سواء كان وجوديا او عدميا لابدان يكون له دخل في مصلحة الواجب والا لكان التقييد به لغوا ، فاذا كان له مدخلية فى مصلحة الواجب فلابد من رجوعه الى متعلق التكليف ففيه مضافا الى المنع عن لزوم تبعية الاحكام للمصالح في خصوص المأمور به، بل اللازم بناء على اصول العدلية تبعيتها للمصالح ولوكانت فى الامر، ان هذا لوسلم فانما هو فى مرحلة الارادة النفسانية التي تنبعث عن مصلحة المراد وليست هى من الافعال ذوات المصلحة، دون مرحلة التكليف والبعث الذي هو الانشاء بداعى جعل الداعى للمكلف الى المكلف به ، فان البعث والتكليف من الافعال ذوات المصلحة والمفسدة ، فيمكن ان يكون متعلق التكليف تام المصلحة الباعثه في نفسه ولكن لا يكون نفس التكليف تام المصلحة او كان كك ولكن كانت مصلحته مزاحمة بمفسدة عند فقد ذلك القيد سلمنا رجوع كل قضية شرطية الى قضية حملية و ان مرجع قولنا العنب اذا غلى يحرم الى قولنا العنب المغلى يحرم ، لكن لاشبهة فى ان هذه القضية الحملية ليست من القضايا الخارجية التى يكون الحكم فيها مترتب على الافراد المحققة الوجود ، كى يقال ان العنب المغلى الذى هو موضوع للحرمة لم يكن فى حالة العنبية موجودا كى يترتب عليه حكمه ويستصحب عند الشك في في بقائه بل هي من القضايا الحقيقية التي يكون الحكم فيها مترتبا على الافراد المقدرة وجوداتها ولولم توجد اصلا، و من المعلوم ان العنب المغلى اذا قدر وجوده في حالة العنبية تكون الحرمة ثابتة له قطعا ، اذ الفرض ان موضوعها ليس الا العنب المغلى المقدر وجوده لا المحقق وجوده ، فلايكون المحمول فى القضية وهو حرام معلقا على وجود العنب المغلى فعلا، كي يقال قبل تبدل العنبية الى الزبيبية لم یکن وجود وجود الموضوع و هو العنب المغلى محققا فعليا كي تكون له حرمة فعلية و توهم ان الحكم فى القضية الحقيقية حكم انشائي وانما يصير فعليا بتحقق موضوعه خارجا ، والحكم الانشائي ليس قابلا للاستصحاب مدفوع بان عدم قبوله للاستصحاب انكان لعدم ترتب اثر عملى عليه ، ففيه انه يكفي في صحة جريان الاستصحاب ان يترتب على مؤداه اثر عملى بقاء و لولم يكن كك حدوثا ، وانكان لعدم الشك في

ص: 182

بقاء الانشاء المجعول للشارع اذ ليس الشك في نسخ ذلك الانشاء ففيه ان مالاشك فى بقائه هو انشاء الحكم الكلى على موضوعه الكلى، اما انشاء الحكم الجزئي المتعلق بهذا الموضوع الجزئى بسبب تعلق الكلى من ذلك الحكم بكلى الموضوع فهو مشكوك البقاء بعد تبدل حالة من حالات هذا الموضوع ، من جهة احتمال مدخلية الحالة الزائلة في ثبوت الحكم له و توهم ان انشاء الحكم الجزئى المتعلق بالموضوع الجزئى ، وانكان مشكوك البقاء عند تبدل حالة الموضوع ، لكن لا يترتب على هذا الحكم الانشائي اثر عملى مالم يصر فعليا بتحقق موضوعه فعليا بتحقق موضوعه فعلا، و صیرورته كك انما هي بحكم العقل مدفوع بان فعلية الحكم المعلق على وجود موضوع بفعلية وجود موضوعه ، من الآثار العقلية للاعم من الحكمين، كما في نظائره من وجوب الامتثال فتدبر، هذا ملحض الكلام فى دفع ما اورد من الاشكال على جريان الاستصحاب التعليقي في الشبهات الحكمية واما الكلام في دفع ما اورد على جريانه فى الشبهات الموضوعية كما نحن فيه، فملخصه ان التعليق على الوجود في قولنا لو كانت الصلوة موجودة قبل التلبس بهذا المشكوك لكانت غير واقعة فيما لا يؤكل ليس راجعا الى الجملة الجزائية ، كى يقال ان المعلق عليه وهو وجود الصلوة لم يكن متحققا قبل التلبس بالمشكوك، حتى يكون ثبوت المعلق و هو كون الصلوة متصفة بعدم الوقوع فيما لا يؤكل متيقنا قبل التلبس بالمشكوك، كي يستصحب اتصافها بذاك العدم الى ما بعد التلبس به، بل المعلق على وجود الصلوة هو العلم بالجملة الجزائية توضيح ذلك يتوقف على تمهيد مقدمة، و هى انه لاشبهة فى ان القضية الشرطية مشتملة على النسبة الحكمية الجزمية اذلا تحقق للقضية بدونها، وهذه النسبة لا يصح ان تكون متعلقة بمجموع القضية ، بان يكون مجموع اجزائها تحت هذه النسبة كى تكون النسبة لاتعليق فيها ، اذوقوع الامر المعلق تحت النسبة الجزمية المطلقة ، مستلزم للجزم بتحقق المعلق عليه لان المعلق لا يتحقق الابتحقق المعلق عليه ، والحال ان القضية التعليقية صادقة مع عدم المعلق عليه ، فيكشف هذا عن ان النسبة الجزمية لا تعلق لها بمجموع القضية التعليقية، ولا يصح ايضا ان

ص: 183

تكون تلك النسبة الجزمية متعلقة بثبوت الملازمة بين الجملة الشرطية والجزائية، بان يكون مرجع القضية التعليقية الى قولنا الملازمة ثابتة بين الشرط والجزاء ، وذلك لعدم كون هذه القضية الحملية اى قولنا الملازمة ثابتة بين الشرط والجزاء، مدلولا لتلك القضية التعليقية ، لمغائرة هذه لتلك القضية موضوعا ومحمولا ، اذليس شئى من موضوع هذه ومحمولها مذكورا في تلك القضية لا في شرطها ولا فى جزائها، نعم هذه القضية لها ملازمة عقلا مع تلك القضية صدقا وكذبا، و هذا غيركونها مدلولة لتلك القضية بالمطابقة، كى تكون النسبة الجزمية الواقعة فى القضية التعليقية متعلقة بهذه القضية الحملية، فاذا بطل كون مجموع اجزاء القضية التعليقية او الملازمة الثابتة عقلا بين جزئيها واقعا تحت النسبة الجزمية ، فتعين ان يكون الواقع تحيها هى الجملة الجزائية ، وعليه يكون التعليق قيد التلك النسبة الجزمية، لا للجملة الجزائية المجزوم بها كى يقال ان الجملة الجزائية فيما نحن فيه لم تكن متيقنة قبل التلبس بالمشكوك لعدم حصول قيدها قبله ، ومعه الامجال لاستصحابها بعد التلبس به، ومعنى كون التعليق قيد اللنسبة الجزمية، هوانه عند لحاظنا وجود المعلق نجزم بثبوت المعلق عليه دون مالم نلحظ وجوده اذا عرفت هذا فنقول اذا ايقنا بان الصلوة كانت في السابق بحيث لو وقعت قبل التلبس بالمشكوك لكانت متصفة بعدم الوقوع فيما لا يؤكل ، فلاشبهة بمقتضى ما مهدناها من المقدمة، في ان اليقين تعلق قبل التلبس بالمشكوك، بالصلوة المتصفة بعدم الوقوع فيما لا يؤكل ، الغير المعلقة على القيد ، وانما كان اليقين بها معلقا عليه ، فإذا تبدل هذا اليقين المعلق بالشك بعد التلبس بالمشكوك ، و تعبدنا الشارع بدليل الاستصحاب بالمعاملة مع هذا الشك معاملة اليقين السابق و ابقاء الصلوة على ما كانت عليه قبل التلبس به، فكما كان اليقين في السابق معلقا، كذلك هذا التبعد الشرعى فى مكانه يكون معلقا، وحيث ان المعلق عليه يكون بعد التلبس بالمشكوك فعليا، يحكم العقل بفعلية الحكم الظاهرى المعلق ، وهذا الحكم من العقل نظير حكمه بوجوب الامتثال، في كونه من الاثار العقلية للاعم من الحكم الواقعي والظاهري ، فلايكون اثبات

ص: 184

فعلية الحكم المعلق بفعلية المعلق عليها مبنيا على القول بالاصول المثبتة فتبين مما ذكرنا أن المحكوم به بحكم الاستصحاب التعليقى فى الموضوعات، هو الموضوع الفعلى، دون التعليقى كي يشكل فيه بعدم الحالة السابقة المتيقنة له قبل التلبس بالمشكوك لعدم حصول المعلق عليه قبله فتحصل مما ذكرنا ان الاستصحاب التعليقى سالم عما اورد على سائر مأمر من تقريرات الاستصحاب ، فالتمسك به للقول بالجواز على الظاهر انه مما لا اشكال فيه، اللهم الا ان يدعى انصراف ادلة الاستصحاب عن اليقين التقديرى وتبادر اليقين الفعلى منها، وليست هذه الدعوى ببعيدة.

بقى هنا امور ينبغى التنبيه عليها الاول انه بنا على ما هو المختار في المسئلة من القول بالجواز، لوصلى فى المشكوك ثم انكشف فى الوقت او في خارجه الخلاف و ان المشكوك كان مما لا يؤكل، فهل تكون هذه الصلوة الماتى بها فى المشكوك صحيحة مجزية عن المامور بها فلا يجب عليه الاعادة والقضاء مطلقا ، اولا تكون مجزية كك، او يفصل بين ما اذا جعل الشك في المقام هو الشك في الموضوع من حيث هو هو من غير لحاظ كونه مشكوك الحكم، فيحكم فيه بالاجزاء لانه حينئذ يكون الحكم المترتب عليه وهو جواز الصلوة فيه حكما واقعيا ، فيكون المشكوك خارجا عن المانعية واقعا وتكون المانعية مختصة بماعلم انه غير ماكول، و بين ما اذا كان الشك في الموضوع بلحاظ مشكوكية حكمه ، فلا يحكم بالاجزاء لان الحكم المترتب عليه حينئذ حكم ظاهري، وقد حقق في محله عدم اجزائه عن الحكم الواقعى، لاستلزامه تقييد الحكم الواقعى بالعلم بنفسه وهو مستلزم للدور المحال، احتمالات اقواها بحسب القاعدة الاولية اوسطها وهو عدم الاجزاء مطلقا، لالما ربما يتوهم من ان جعل الحكم على الموضوع المشكوك تارة واقعيا واخرى ظاهريا ، انما يتصور فيما اذا كان الشك الماخوذ في ضوع الحكم ماخوذا على وجه الاطلاق كما هو مفاد ادلة الاستصحاب و حديث الرفع، دون ما اخذ مقيدا بالحكم كما هو مفاد حديث كلشئ حلال فانه حكم على المشكوك الحلية بالحلية ، اما الاستصحاب

ص: 185

فقد عرفت عدم تمامية الاستدلال به للحكم بالجواز، و اما حديث الرفع ، فجعله بالنسبة الى الشبهة الموضوعية، تارة مقيد اللحكم الواقعی و تخصيصه بالمعلوم مما لا يوكل، و اخرى حكما ظاهريا بلحاظ انتهائها الى الشك فى الحكم، مستلزم لاستعمال اللفظ في المعنيين، اذفيه ان مفاد حديث الرفع ليس الارفع المشكوك برفع اثره، فانكان المشكوك حكما فرفعه برفع المؤاخذة عليه، وانكان موضوعا فرفعه برفع الحكم المترتب عليه بعنوانه الاولى فلا اشكال في امكان شمول الحديث لكلا الحكمين، و انما الاشكال فى مقام الاستظهار، و ان الحكم بالرفع فى الشبهة الموضوعية هل هو واقعی او ظاهرى بلحاظ انتهائها الى الشك في الحكم، فلولم نقل بظهوره في كونه ظاهريا بلحاظ كونه كك فى الشبهة الحكمية ووحدة السياق، فلااقل من تساوى الاحتمالين، ومعة يكون المرجع قاعدة الاشتغال للشك في سقوط التكليف بالصلوة، هذا مضافا الى ان الشك في المقام فى ان المشكوك هل هو ماكول كي تكون الصلاة فيه فرد اللصلوة المامور بها المقيدة بعدم وقوعها فمالا يوكل و تكون صحيحة، ام غير ماكول كي لا تكون فردا لها وتكون باطلة ، فليس الشك في المقام الاشكافى الموضوع بلحاظ مشكوكية حكمه، لافيه بما هوهوكي يكون الحكم برفعه رفع مانعيته واقعا فتدبر هذا بحسب مقتضى القاعدة الاولية، و اما بحسب الدليل الوارد ، فمقتضى صحيحة عبدالرحمن بن ابی عبدالله قال سئلت ابا عبدالله علیه السّلام عن الرجل يصلى و فى ثوبه عذرة من انسان او سنور او كلب ايعيد صلوته قال علیه السّلام انكان لم يعلم فلا يعيد، ان في مورد الجهل بالموضوع تصح صلوته مطلقا سواء كان جاهلا مركبا ام بسيطا ، والصحيحة وانكانت مخصوصة بالاجزاء النجسة من غير الماكول، لكنها تدل على الصحة فى غيرها بالاولوية القطعية ، اذلا يمكن الصحة في الاجزاء النجسة والفساد في غيرها، اذا النجاسة لولم تكن مقتضية للفساد لا تكون مانعة عنه كما لا يخفى.

الامر الثانى لوصلى فيما لا يؤكل نسيانا ، فهل تكون صلوته صحيحة مجزية

ام لافيه احتمالان، قد يقال بالاول تمسكا بحديث لا تعاد، وفيه ان الحديث معارض

ص: 186

بقوله علیه السّلام في ذيل الموثقة المتقدمة، لا يقبل الله تلك الصلوة حتى يصيلها في غيره مما احل الله كله، و مقتضى الجمع بينهما هو تقديم ذيل الموثقة على الحديث، اما بناء على كون الذيل فى مقام التاسيس كما هو الاصل لا التاكيد لما في الصدر، وكونه فى مقام دفع توهم الاجزاء فيما يحتمل توهمه، كما في غير العامد و في غير الجاهل بالحكم الملحق بالعامد لقيام الاجماع على اشتراك الاحكام بين العالم و الجاهل ، فواضح اذ حينئذ يدل الذيل على بطلان صلوة من صلى فيما لا يؤكل غافلا اوجاهلا بالموضوع جهلا بسيطا او مركبا، والنسبة بينه و بين حديث لاتعاد، وانكانت عموما من وجه كما هو واضح، لكن بعد تخصيص الذيل بصحيحة عبدالرحمن المتقدمة، و اخراج مورد الجهل بالموضوع مطلقا عن الذيل، تنقلب النسبة بينه و بين الحديث الى العموم والخصوص المطلقين ، فيخصص عموم الحديث الشامل للاخلال بهذا القيد سهوا بذيل الموثقة وكذلك الكلام فيما كان ذيلها تاكيد الماسبق في الصدر ، فان مقتضى القيدية الواقعية النفس الامرية كما هو مفاد الموثقة صدرا و ذيلا ، انتفاء المقيد بانتفا القيد مطلقا سواء كان الاخلال به عمدا او جهلا بالحكم او نسيانا عنه او جهلا بالموضوع او نسيانا عنه ، فجعل القيد مخصوصا بالذاكر كيلا يضر الاخلال به نسيانا بصحة الصلوة ، محتاج الى قيام دليل عليه ، ولا يصلح حديث لاتعال دليلا على ذلك ، بعد ما عرفت من انقلاب ما بينه وبين ذيل الموثقة من نسبة العموم من وجه الى العموم والخصوص ، من جهة خروج الجهل بالموضوع مطلقا عن الذيل بصحيحة عبدالرحمن ، بل لابد من تخصيص عموم لاتعاد بالموثقة، والالزم عدم بقاء المورد لها اصلا كما لا يخفى فتدبر.

الامر الثالث هل البحث عن ان المسئلة مجرى للبرائة او الاشتغال مخصوص بما اذا كان الشك فى مانعية الموجود ، او يعم ما اذا كان الشك في وجود المانع ايضا قد يقال بالاول ، بتوهم جريان الاصل الموضوعى وهو الاستصحاب في الشك فيوجود المانع، ومعه لا يبقى مجال للبحث عن كونه مجرى للبرائة او الاشتغال ، لحكومته بل وروده عليهما ، فانه اذا شك فى وقوع جزء مما لا يؤكل على اللباس أو البدن

ص: 187

كشعرة من الهرة، فاستصحاب عدم وقوعه على لباسه و بدنه جار بلا اشكال وفيه ما لا يخفى بعد ما عرفت من ان هذا الاصل انما يجدى فى صحة الصلوة، فيما اذا كان هذا القيد راجعا الى المصلى او لباسه، دون ما اذا كان راجعا الى الصلوة كما استظهرناه من الادلة، فانه لايجدى حينئذ هذا الاصل في احراز اتصاف الصلوة بعدم الوقوع فيما لا يؤكل الا على القول بالاصل المثبت كمامر، فالشك في وجود المانع كالشك فى مانعية الموجود، فلاوجه للفرق بينهما من هذه الجهة فلابد حينئذ من البحث عن ان الشك في وجود المانع هل هو مجرى اللبرائة او الاشتغال فنقول قد يقال ان الحق هو التفصيل ، بين ما اذا كان المانع المشكوك الوقوع على اللباس محلا للابتلاء، كما اذا كان فى فراشه شعرات من الهرة وشك فى حال الصلوة في لصوق بعض منها بلباسه او بدنه، وما اذا لم يكن كك كما اذا شك فى ان الخفاش بال على لباسه ام لا فعلى الاول يندرج في مجاري قاعدة الاشتغال، لان مانعية الموجود وهى الشعرات وتقييد الصلية بعدم الوقوع فيه معليم، وانما الشك فى اللصوق المستلزم للشك في الامتثال الذى هو مجرى للاشتغال، اذ على تقدير اللصوق يكون الماتى به غير منطبق على المأمور به و على الثانى يكون مندرجا في مجاري البرائة ، لان الشك فيه يكون فى اصل وجود المانع، ومعه يكون الشك في تقييد الصلوة بقيد زائد على ما علم تقييدها به من الاجزاء المعلومة مما لا يؤكل ، فيكون من مجارى اصالة البرائة بناء على ما هو الحق والمختار من جريانها في الاقل و الاكثر الارتباطيين ولا يخفى ان هذا التفصيل، انما يتم بناء على عدم اندراج الشك في وجود المانع قى مجرى اصالة الحل ، بدعوى ان ما يكون لباس المصلى فعلا يكون متيقن الحلية والمانع المشكوك وقوعه عليه لم يحرز موضوعه حتى يشك في حليته وحرمته ، فاحتمال وقوعه على اللباس لا يكون موجبا لاحتمال حرمة الملبوس ، لان انضمام المشكوك الى المعلوم لا يوجب حرمة المعلوم لانهما موجودان مستقلان ولا يخفى مافيه من منع المبنى، ضرورة ان يتقن حلية اللباس مع احتمال لسوق المانع به ممنوع جدا، فان لصوقه به وان لم يكن محرزا والا لكان حرمة ملبوسه معلومة

ص: 188

لا مشكوكة، لكن احتمال لصوقه به يوجب احتمال حرمته بالوجدان، وانضمام المشكوك الى المعلوم وان لم يوجب حرمة المعلوم، لكن يوجب احتمال زوال حليته المعلومة، والا لم يكن وجه للشك في جواز ايقاع الصله وة فيه وحليته و توهم ان حلية ايقاع الصلوة فيه و انكانت مشكوكة ، لكن لا يجدى اثبات حلية ايقاعها فيه باصالة الحل فى اثبات عدم وقوعها فيما لا يؤكل مدفوع بمامر من ان مرجع ترخيص الشارع فى ايقاع الصلوة مع الشك فى وجود المانع، الى قناعته في مقام الامتثال عن الواقع باتيان ما يحتمل مطابقته له هذا وتدبر.

الخامس من الشروط المعتبرة فى الساتر بل و مطلق اللباس ، ان لايكون ذهبا فيما كان المصلى من الرجال ، ولا اشكال في فساد الصلوة فيه في الجملة وقد استدلوا على ذلك بوجوه عمدتها الاخبار ، ففى موثق عمار عن الصادق علیه السّلام يلبس الرجل الذهب ولا يصلى فيه لانه من لباس اهل الجنة ، وفى خبر موسى بن اكيل عنه علیه السّلام ايضا وجعل الله الذهب فى الدنيا زينة للنساء فحرم على الرجال لبسه والصلوة فيه ، و في خبر الجعفي المروى عن الخصال عن ابيجعفر علیه السّلام يجوز للمرئة لبس الحرير والديباج ، الى ان قال علیه السّلام ويجوز ان تتختم بالذهب و تصلى فيه و حرام ذلك على الرجال الا فى الجهاد ، الى غير ذلك من الاخبار الدالة باطلاقها على حرمة البسه في الصلوة ايضا فلا مجال للمناقشة فيها بان حرمة لبسه نفسا لا يستلزم بطلان الصلوة ، ان مجرد اشتغال المصلى بمحرم كالنظر الى الاجنبية واستماع الغيبة والغناء لا يوجب بطلان الصلوة وذلك لان النهى فى هذه الاخبار كما تعلق باللبس تعلق بخصوص الصلوة فيه ايضا، وقد حقق في محله ان النهى المتعلق بالعبادة مقتض للفساد وانما الاشكال فى ان المانعية المستفادة من هذه الاخبار ، هل هي

مستفادة منها ابتداء كالمانعية المستفادة من الادلة الناهية عن الصلوة فتما لا يؤكل ، اوانها مستفادة من الحرمة النفسية ، كما قد يستظهر من قوله علیه السّلام في خبر موسى بن اكيل فحرم على الرجال لبسه والصلوة فيه ، فان الظاهر من عطف الصلوة فيه على لبسه ان تحريمهما من سنخ واحدكما هو مقتضى وحدة السياق ايضا والثمرة بين

ص: 189

الاحتمالين تظهر في صورة الجهل بوجود المانع، اذ على الاول يكون عدم المانع من قيود المأمور به ومعتبرا في اصل مهيته ، فيكون الاخلال به موجبا للفساد مطلقا سواء كان عن جهل بالحكم او الموضوع او نسيان عنهما، وعلى الثاني يكون عدمه شرطا للامتثال بحكم العقل من جهة امتناع التقرب وحصول القرب بالمبغوض ومن المعلوم ان امتناع التقرب بالمبغوض، انما هو فيما اذا لم يكن المكلف معذورا فيه، بان كان النهى عنه فعليا منجزا عليه، فمع عدم تنجزه عليه لجهله بالموضوع او نسيانه عنه ، فلامحة يحكم بصحة صلوته، اذالمفروض ان المقتصى للصحة وهى الصلوة الجامعة لجميع ما اعتبر فيها شطرا و شرطا موجود ، وانما كان المانع عن تأثيره فى الصحة هو عدم تاتى قصد التقرب بها منه، ومع انتفاء تنجز النهى عليه لمكان الجهل او النسيان ، يتاتى منه قصد التقرب بها و يحصل له القرب بواسطتها ولو كانت محرمة فى نفس الامر ، اذلاوجه لعدم حصول القرب له ، بعدان نكان العمل من حيث هو ذا مصلحة تامة والحسن الفعلى كما حقق في باب اجتماع الامر والنهي وكان العبد ذاحسن فاعلى اذلم يصدر عنه ما يوجب تقبيحه عقلا ، بعد ان كان غافلا عن وجهه المبغوض للمولى ، و كان الداعى له الى اتيانه وجهه المطلوب له هذا تأمل ، فانه يمكن ان يقال اولا بان المانعية مستفادة من الاخبار ابتداء ، لالما توهم من ان النهى فيها عن خصوص الصلوة فيه لولم يكن لبيان المانعية لم يكن وجه لذكره بعد النهى عن لبسه مطلقا ، وذلك لان النهى عن خصوص الصلوة فيه ولوكان نفسيا يفيد بطلان الصلوة فيه ، وهذا بخلاف النهى المطلق عن لبسة او التزين به ، فانه لا يفيد البطلان ، وذلك لان لبسه فى الصلوة يكون حينئذ من قبيل النظر الى الاجنبية فيها فى عدم ايجابه لفسادها، ان مجرد اجتماع المنهى عنه والعبادة زمانا مع اختلافهما وجودا لا يوجب فساد العبادة بل لما ذكرناه مرارا من ان النواهي المتعلقة بكيفية العمل وقيوده ظاهرة فى كونها مستوقة لبيان المانعية كما ان الاوامر المتعلقة بها ظاهرة فى كونها مستوقة لبيان الشرطية ، و مجرد عطف الصلوة فيه في خبر موسی بن اکیل علی البسه ، لاظهور له فى ان تحريمهما من سنخ واحد، لامكان

ص: 190

استعمال الحرمة فيه في الاعم من الحرمة التكليفية والوضعية ، كمامر بيانه في الاستدلال على جواز الصلوة فى اللباس المشكوك كونه مما لا يؤكل بحديث كلشيء حلال و ثانيا سلمنا ظهوره في كون الحرمة في كليهما نفسيه، لكن نمنع عن كون المانعية المستفادة من الحرمة النفسية ، دائرة مدار فعلية الحرمة النفسية ومتفرعة عليها ، بل كلتاهما حكمان عرضيان ناشئان عن المبغوضية الذاتية التي لمتعلقهما كالذهب في المقام توضيح ذلك هوانا لوقلنا بان الامر بالشئى يقتضى النهي عن ضده الخاص ، لمقدمية ترك احد الضدين لوجود الاخر و مانعية وجود احدهما عن وجود الآخر، وقلنا بان فساد الصلوة المنهى عن وقوعها في الذهب ناش عن عدم اجتماع الأمر العبادي مع النهى لما بينهما من التضاد ، وان العبادة لمكان اعتبار قصد التقرب فيها لا تجتمع مع الحرمة ، لان العبادة وانكان المقتضى للامر بها موجودا، لكن النهى عنها يكون مانعا عن تأثيره في فعلية الأمر بها لما بينهما من التضاد لكان القول بفعلية الأمر عند سقوط النهى حقا لا محيص عنه ، اذ الفرض ان المقتضى الامر موجود والمانع عنه مفقود واما ان منعنا عن مقدمية ترك احد الضدين لوجود الاخر وقلنا بان وجود احدهما وترك الاخر كلاهما مستندان فى عرض واحد الى علة ثالثة كما هو الحق على ما حققناه في محله لكان القول بفعلية الأمر بسقوط النهى ممنوعا جدا ، اذ على هذا المبنى يكون الحرمة والفساد ناشئان فى عرض واحد عن المبغوضية الذاتية التى للذهب ، فلايكون حينئذ سقوط النهى موجبا لفعلية الامر ، لان سقوطه مع بقاء ماهو ملاكه من المبغوضية ، لا يوجب ارتفاع القيدية لعدم كونها مسببة عن النہی کی يرتفع بارتفاعه، فاذا كانت المانعية المستفادة من النهى ناشئة عن ملاك يقتضيها، وكان النهي عن الصلوة فى المانع لمكان اقوائية ملاك المانعية والمفسدة الموحبة للنهى عن الصلوة فيه عن ملاك الصلوة ومصلحتها ، فلامحة لا يكون ملاك الصلوة تاما وذلك ، لانه يقع التزاحم ثبوتا و في نفس الامر بين الملاكين و يقع الكس والانكسار بينهما ، وينشاء الحكم على طبق الاقوى منهما دون الاضعف الامع تقييد ماهو الاضعف ملاكا بعدم وجود ماهو الاقوى ملاكا ، فاذا كا متعلق حكم الاضعف

ص: 191

مقيدا بعدم وجود الاقوى، فيكون الاخلال بهذا القيد موجبا لفساد الاضعف ملاكا مطلقا كان الاخلال به عن جهل بالحكم او الموضوع اوعن نسيان عنهما، ضرورة انتفاء المقيد بانتفاء قيده وقياس المقام بالصلوة فى الغصب حيث حكموا بصحتهامع الجهل بالغصب او نسيانه مع الفارق، لان الصلوة فى الغصب من صغريات اجتماع الأمر والنهي، لان النسبة بين الصلوة والغصب عموم من وجه ، فبناء على المختار من عدم امتناع اجتماعهما لكفاية تعدد الجهة، تكون داخلة في مسئلة التزاحم ، وتكون مانعية الغصب ناشئة من جهة التزاحم المنتفى مع الجهل بالغصب او نسيانه و هذا بخلاف الصلوة فى الذهب، فان مانعية الذهب لو كانت مستفادة من الاخبار ابتداء، فظهورها في ما نعيته المطلقة وتقييد الصلوة بعدم الوقوع فيه على نحو الاطلاق مما لا شبهة فيه، وانكانت مستفادة من الحرمة النفسية فتكون من صغريات النهى في العبادة، لان متعلق الأمر والنهى فيه واحد والنسبة بينهما عموم مطلق، لان متعلق الامر طبيعة الصلوة ومتعلق النهى خصوص الصلوة فى الذهب، فتكون ما نعيته ناشئة من جهة النهى الذى عرفت انه مقتض للقيدية المطلقة ولوكان نفسيا وكيفكان فهل المستفاد من الاخبار، هو ما نعية خصوص ما يصدق عليه اللبس كا خاتم والسوار والخلخال والقلادة و نحوها مما يصدق عليه اللبس، اومانعية التحلى والتزين به سواء صدق معه اللبس ام لم يصدق، وجهان اقواهما الثانى، فان الظاهر مما ذكرناه من الاخبار وانكان بدوا هو الاول ، ولا ينا فى ذلك كون مطلق التزين به حراما نفسيا كما هو ظاهر بعض الاخبار ، كرواية حنان بن سدير عن ابيعبد الله علیه السّلام قال سمعته يقول قال النبي صلی الله علیه و آله و سلّم لعلى علیه السّلام اياك ان تتختم بالذهب فانه حليتك في الجنة، وفي رواية اخرى انه صلی الله علیه و آله و سلّم قال لعلى علیه السّلام تتختم بالذهب فانه زينتك في الآخرة، ان مجرد اشتغال المصلى بفعل محرم من دون اتحاده مع الاكوان الصلوتية، لا يوجب بطلان صلوته ، كيلا يكون للنهى عن الصلوة في خصوص ما يصدق عليه اللبس وجه، بعد النهى النفسى عن مطلق التزين به الذي ليس بينه وافعال الصلوة اتحاد اصلا لكن بعد التأمل التام في الاخبار يظهران تحريم لبسه في الصلوة ، انما هو من جهة كونه من مصاديق التزين به، كما اطلق

ص: 192

عليه الزينة في قوله تعالى وخذوا زينتكم عند كل مسجد ، لا لاجل خصوصية في اللبس ، فان تفريحه علیه السّلام حرمة لبسه على الرجال والصلوة فيه في خبر موسى بن اكيل على كونه بحسب الجعل الالهى زينة للنساء ، ظاهر فى ان النهي عن لبسه اکیل فى الصلوة من حيث انه زينة ، لامن جهة ان للبسه خصوصية ، فانه لوكان اللبس بعنوانه محرما ولولم يصدق عليه التزين، لكان التفريع بلا مناسبة تقضيه بل كان تعبدا محضا، وهذا خلاف ماهو المتفاهم عرفا من هذا الكلام كما لا يخفى ، وانما عبر باللبس دون التزين، لما هو الغالب من كون التزين بالذهب في لبسه، بل لا يوجد مورد يصدق التزين بدون اللبس، غير شد الاسنان بالذهب فالمستفاد مجموع هذه الاخبار بقرينية بعضها البعض، ان هنا تكليفين عرضيين متعلقين بموضوع واحد، احدهما نفسى وهى الحرمة النفسية ، ثانيهما غيرى وهى المانعية، وان ذاك الموضوع الواحد عبارة عن التزين بالذهب ويتفرع على ما استظهر ناه من الاخبار، انه لو صدق اللبس بدون التزين كما اذا لبس الخاتم من الذهب لكن ستره بساتر لم یکن به بأس و لم يكن مانعا عن الصلوة ايضا والاشكال على ما استظهر ناه، بان لازمه كون لبس الثوب المعلم بالذهب كالنقدة اى المنقش بالخيوط الذهبية تحت ثوب اخر غير محرم وغير مانع عن الصلوة، والظاهر أنه خلاف الاجماع فيه ان الاجماع ان تم فهو دليل مستقل يجب الاقتصار على مورده ، ولاينافي مانحن بصدده من عدم استفادة حرمته وما نعيته للصلوة من الاخبار.

بقى هنا امور ينبغى التنبيه عليها الاول لو كان المكلف معذورا في لبس الذهب لجهل او نسيان، فهل تكون صلوته صحيحة ام فاسدة، قد يقال ان فيه وجهين مبنيين على ان النهى عن الصلوة فيه، هل هو نهی تکلیفی و تكون المانعية مستفادة منه بالتبع من جهة عدم اجتماع الحرمة مع العبادة، كي تكون المانعية تابعة لتنجزه المنتفى مع الجهل بالموضوع و نسیانه، او هونهی وضعی وتكون المانعية مستفادة منه ابتداء كيلا تكون تابعة لتنجز النهى بل تكون باقية مع ارتفاعه و حيث ان الاستاد دام ظله استظهر من الاخبار المبنى الاول كمامر بيانه ذهب الى صحة صلوته،

ص: 193

لان المقتضى للصحة وهى الصلوة المستجمعة للاجزاء والشرائط موجود على هذا، وما يمنع عن التقرب المعتبر فيها وهو النهى الفعلى المنجز مفقود فيؤثر المقتضى اثره ولكنك عرفت ان الاقوى هو بطلان صلوته على كلا المبنيين، وان المانعية ولو كانت مستفادة من النهى النفسى تكون مقتضية للقيدية المطلقة، لانها ناشئة عن جهة المبغوضية الذاتية التى تكون منشا للنهى اللنفسى، فهما حكمان عرضيان معلولان لعلة ثالثة، فلاوجه الارتفاع المانعية بارتفاع النهى، مع بقاء ماهو علة لكليهما من المبغوضية كما هو واضح، بل الاقوى بطلان الصلوة فيما دل الدليل على جواز لبسه والتزين به، لان مجرد الترخيص فى لبسه والتزين به في حال من الاحوال كحال الحرب والاضطرار، لا يستلزم رفع مانعية للصلوة ، بعد عدم كون المانعة ناشئة عن النهى حتى ترتفع بارتفاعه اللهم الا ان يقال ان الترخيص في لبسه والتزين به فى حالة مستلزم لارتفاع جهة المبغوضية في تلك الحالة ، و ذلك لمامر من ان الظاهر من تفريعه النهى علیه السّلام عن لبسه والصلوة فيه على جعل الله تعالى التزين به مختصا بالنساء، هوان تحريم لبسه و ما نعيته للصلوة ناشئان عن قبل الاختصاص المزبور، فاذا ارتفع ذاك الاختصاص في حالة وصار التزين به مشتركا بين النساء والرجال، ارتفع التحريم والمانعية بارتفاع علتهما ، فتأمل جيدا فانه لو كان للدليل المرخص في لبسه والتزين به حال الحرب اطلاق يعم حال الصلوة ايضا ، لكان كاشفا عن اشتراك الرجال مع النساء في التزين به ماداموا في جبهة الحرب ولو لم يكونوا مستغلين به ، واما لولم يكن لذاك الدليل اطلاق كك ، فمن این نستكشف كون التزين به مشتركا بينهما حتى في حال الصلوة ايضا ، كي تكون الحرمة والمانعية مرتفعتين بارتفاع علتهما.

الامر الثانى ان مقتضى ما استفدناه من الاخبار من ان تحريم لبس الذهب والصلوة فيه انما هومن حيث انه زينة، هو تحريم كل ما يصدق عليه التزين بالذهب سواء صدق عليه اللبس ام لم يصدق، فيعم الحكم مثل لبس ازرار الذهب والطوق والمنطقة والقرط فى الاذن والحلقة فى الانف والسلسلة التى يعلق بها الساعة و ما

ص: 194

يعلق به السيف من حمائله و شراكة بل المموه بالذهب والملحم، به لصدق عنوان التزين بالذهب عليه، وان لم يصدق عليه انه لباس من الذهب، بل يقال انه من فضة او صفر مذهب واما المحمول فانکان بارزا و صدق عليه الزينة فيحرم حمله والصلوة فيه ، الا ماخرج بالدليل كحلية المصحف وغلاف السيف والخنجر ، حيث نفى الباس عنها في خبري داود وعبدالله بن سنان عن الصادق علیه السّلام بل يمكن القول بقصور الادلة الناهية عن لبس الذهب والتزين به عن الشمول المثلها ، لمنع حصول الزينة التي معيارها هو حصول بهاء وحسن منظر وجمال للشخص بسببها ، و عليه يكون خروجها عن الادلة الناهية من باب التخصص لا التخصيص، و انكان مستترا فلاباس به لعدم صدق التزين من الاستتاد ، مضافا الى كون جوازه مقطوعابه بالادلة القطعية من السيرة، واطلاق مادل على جواز شد الحاج همیان نفقته على بطنه مع غلبة كونها دنانير، و مادل على جواز شد الاسنان بالذهب الامر الثالث ان حكم المشكوك من الذهب حكم المشكوك من غير المأكول فى ان المرجع فيه هى الحلية والبرائة كما هو واضح .

السادس من الشروط المعتبرة فى الساتر، ان لايكون حريرا محضا اذا كان المصلى رجلا، والظاهران المراد منه هو المنسوج من الابر بسم سواء سمي حريرا او اطلسا او غيرهما ويدل على حرمة لبسه على الرجال و فساد الصلوة فيه الاخبار الكثيرة، ففى صحيح اسمعيل بن سعد الاحوص قال سئلت ابا الحسن الرضا علیه السّلام هل يصلى الرجل في ثوب ابريسم قال علیه السّلام لا ، وفي رواية ابى الحارث قال سئلت الرضا علیه السّلام هل يصلى الرجل في ثوب ابريسم قال علیه السّلام لا، وفي مكاتبة محمد بن عبدالجبار قال كتبت الى ابی محمد علیه السّلام اسئله هل يصلى في قلنسوة من ديباج فكتب علیه السّلام لاتحل الصلوة في حرير محض ، وفى موثقة عمار بن موسى عن ابيعبد الله

علیه السّلام في حديث قال وعن الثوب يكون علمه ديباج قال علیه السّلام لا يصلى فيه ولا يعارض الموثقة رواية اسمعيل بن بزيع عن أبي الحسن علیه السّلام، قال سئلته عن الصلوة فى الثوب

ص: 195

الديباج ، فقال علیه السّلام ما لم تكن فيه التماثيل فلابأس، فان الرواية محمولة على فقال الممزوج بغير الحرير، بشهادة الاخبار المفصلة بين المحض والممزوج ، وبالجملة لا اشكال فى فساد الصلوة فى المحض الخالص منه للرجال ، كما لا اشكال بل لاخلاف في حرمة لبسه عليهم نفسا مطلقا ولو في غير حال الصلوة وفي غير حالة الحرب ، للاخبار الكثيرة المستفيضة الناهية عن لبسه وانما الكلام والخلاف في ان فساد الصلوة هل يختص بما تتم الصلوة فيه منفرا او يعم مالاتتم به الصلوة ايضا كالتكة والقلنسوة والجورب، و منشاء الخلاف اختلاف الاخبار ، ففى مكاتبة محمد بن عبدالجبار المتقدمة فى اخبار غير المأكول، قال كتبت الى ابى محمد علیه السّلام اسئله هل يصلى في قلتنسوة عليها وبر مالا يؤكل لحمه اوتكة حرير محض اوتكة من وبر الارانب، فكتب علیه السّلام لا تحل الصلوة فى الحرير المحض وانكان الوبر زكبا حلت الصلوة فيه ان شاء الله، وفى مكاتبته الاخرى المتقدمة انفا في السئوال عن الصلوة في قلنسوة حرير محض وجوابه علیه السّلام لا تحل الصلوة فى حرير محض و بازائهما صحيحة الحلبي التي في سنده احمد بن هلال عن ابيعبد الله علیه السّلام قال كلما لا تجوز الصلوة فيه وحده فلا بأس بالصلوة فيه مثل التكة الابريسم والقلنسوة والخف والزنار يكون في السراويل ويصلى فيه و الجواب في المكاتبتين وانكان عاما، لكنه يدل على المنع عنه خصوصا بملاحظة كونه مورد اللسوال، و صحيحة الحلبى تدل على جوازه كك ، فالنسبة بينها وبين المكاتبتين هى التبائن، ولامجال للترجيح السندى بالخدشة في الصحيحة باشتمال سندها على احمد بن الهلال، فانه وانكان ضعيفا، الا ان احاديثه عن ابن ابي عمير كما في المقام متلقاة عند الاصحاب بالقبول، ولذا استدلوا بها في باب النجاسات على العفو عمالاتتم الصلوة فيه، فلابد من التوفيق بينهما وبينها وقد يقال بحمل المكاتبتين على ماتتم به الصلوة وحده وفيه مالا يخفى من استلزامه عدم تعرض الامام علیه السّلام لجواب السوال وقد يقال بحمل المكاتبتين على التقية ، وفيه اولا انهما مخالفان للعامة لانهم يجوزون الصلوة فى الحرير ويحرمون لبسه تكليفا، وثانيا ان هذا الحمل يتمشى بالنسبة الى الاولى منهما من جهة اشتمال ذيلها على اعتبار

ص: 196

التذكية فى الوبر، مع عدم اعتبارها فيه وفى غيره مما لاتحله الحيوة ، فاعتباره الله التذكية فى وبر الارانب يلوح منه امارة التقية، دون الثانية الخالية عن هذا الذيل وقد يقال في التوفيق والجمع بين الطائفتين بحمل النهي في المكاتبتين على الكراهة وحمل نفى الباس في الصحيحة على نفى الباس التحريمى الغير المنافى مع الكراهة، وفيه ان هذا الجمع وان كان فيحد نفسه حسنا بل عرفيا من جهة شيوع استعمال النهي في الكراهة كشيوع استعمال الامر فى الاستحباب، لكنه غير متمش في المقام، اذ النهى فى المكاتبتين ليس عن الصلوة في خصوص مالا يتم الصلوة به وحده ، کی يجمع بينهما وبين الصحيحة النافية للباس عنها بحمل النهي فيهما على الكراهة ، بل النهى فيهما واقع عن الصلوة فى الحرير بنحو الاطلاق والكلية ، ومن المعلوم ان النهي عن الصلوة فى الحرير بهذا النحو غير قابل للحمل على الكراهة وقد يقال في علاج التعارض بينهما بترجيح المكاتبتين على الصحيحة ، بموافقة العمومات الدالة على تحريم اللبس تكليفا لهما ، بتقريب ان تلك العمومات و ان لم تكن متعرضة الا لمجرد النهى عن لبسه تكليفا ، و ليس لها تعرض للنهي عن الصلوة فيه كى تكون مرحجة لمضمون المكاتبتين او مرجعا بعد سقوطهما وسقوط الصحيحة بالمعارضة ، لكن قوله علیه السّلام في الصحيحة في مقام التعبير عن صحة الصلوة لابأس بالصلوة فيه ، حيث يكون المستفاد منه عرفا جواز لبسه في الصلوة ، بحيث لولم تكن الصحيحة معارضة بالمكاتبتين لجعلناها مخصصة لعمومات تحريم لبس الحرير ، فتكون الصحيحة حسب مفادها مخالفة للعمومات الناهية عن لبس الحرير ، ويكفى ذلك في كون العمومات مرحجة للمكاتبتين وفيه انا لوسلمنا ظهور التعبير في الصحيحة بلابأس عرفا فى نفى البأس رأسا كي ينا فى العمومات الناهية ، لكن نمنع عن كون ذلك موجبا لترجيح المكاتبتين على الصحيحة سندا ، وذلك لما حققناه في محله من ان مصب الرجوع الى المرحجات الصدورية، ما اذا كان التعارض بين الخبرين بالتبائن الكلى دون ما اذا كان التعارض بينهما بالعموم بالوجه كما في المقام ، فانه لابد فيه من الرجوع الى المرحجات الجهتية انكانت والا فالى المرحجات المضمونية، وذلك

ص: 197

لان التعارض في العامين من وجه انما يكون في بعض مدلولهما و هي مادة الاجتماع فقط ، فلا تعارض بينهما في مادتي افتراقهما ، ومعه لاوجه للرجوع الى المرحجات السندية ، لانه ان اريد منه طرح المرجوح بالمرة و رأسا ، فهومما لاوجه له بعد خلوه عن المعارض فى مادة الافتراق وكونه فى نفسه مشمولا لادلة حجية الخبر، وان اريد منه طرحه في خصوص مادة الاجتماع ، فهو مستلزم للتبعض في الصدور وهو غير ممكن فى خبر واحد ، لاستحالة كون خبر واحد صادرا في بعض مدلوله وغير صادر في بعض آخر المستلزم لاجتماع النقيضين المستحيل بالبداهة ، والنسبة بين المكاتبتين والصحيحة العموم من وجه ، لان قوله علیه السّلام فيهما لا تحل الصلوة في حرير محض قضية كلية تعم مايتم به الصلوة وما لاتتم به و تختص بالحرير ، والصحيحة تعم الحرير وغيره من الموانع وتختص بما لا تتم الصلوة فيه، وانما قلنا بتباينهما بالنسبة الى مادة الاجتماع وهو الحرير الذي لايتم به الصلوة ومنه يظهر فساد ما ربما يتوهم من ان النسبة بين الصحيحة والمكاتبتين عموم و خصوص مطلق لشمول الصحيحة لجميع الموانع واختصاص المكاتبتين بالحرير ، وذلك لما عرفت انفا من ان المكاتبتين و انكانتا مختصتين بالحرير، لكنهما تعان ما يتم به الصلوة ومالايتم ، وانكانتا بالنسبة الى مالايتم كالنص لوقوع قوله علیه السّلام فيهما لا تحل الصلوة في الحرير المحض جوابا عن السئوال عن خصوصه ، بخلاف الصحيحة فانها مختصة بما لاتتم فتكون اخص من المكاتبتين من هذه الجهة سلمنا كون النسبة بينهما هو العموم والخصوص المطلق، لكن نمنع عن صحة المعاملة معهما معاملة العموم والخصوص المطلق، لان الصحيحة وانكانت عامة لجميع الموانع ، الا انه بعد اخراج غير المأكول والذهب عن عمومها بالادلة المتقدمة ، لا يبقى تحت عمومها الا الحرير او مع النجاسة بناء على كونها مائعة لاكون الطهارة عنها شرطا ، فلو خصص عمومها بالمكاتبتين واخرج عنه الحرير ، لزم اما عدم بقاء المورد لها اصلا ، او انحصاره بالنجس الذى لا شبهة في كونه من التخصيص المستهجن ، فلابد حينئذ ان يعامل معهما معاملة التعارض التبايني هذا مضافا الى انها وان لم تخصص بغير المأكول والذهب وابقيت على عمومها لهما، لكن

ص: 198

لا يمكن تخصيصها بالمكاتبتين و اخراج الحرير عنها ، بهما بعد كونها صريحة في جواز الصلوة فيه ، فلابد حينئذ من المعاملة معهما معاملة التعارض التباينى فاذا ظهر مما ذكرنا بطلان جمیع ما قالوه من الوجوه المتقدمة في الجمع والتوفيق بين الطائفتين ، فيبقى التعارض بينهما بحاله ، وحيث ان العمل على كلتيهما محقق فلا يمكن الترجيح بينهما من هذه الجهة ايضا ، فاللازم هو الحكم بتساقطهما والرجوع الى الاصل القاضى بجواز الصلوة فيما لايتم به الصلوة منفردا من الحرير ، للشك في تقييد الصلوة بعدمه ، ولا يمنع عن الرجوع اليه عمومات حرمة اللبس تكليفا ، لعدم اتحاد لبسه مع الافعال والاكوان الصلوتية كى يوجب بطلانها ، بل هو نظير النظر الى الاجنبية فى حالها هذا وتبصر نعم لو قلنا بان من المرحجات لاحد الخبرين المتعارضين موافقته للاحتياط كما نص عليه فى مرفوعة زرارة ، لكان الترجيح مع المكاتبتين ، و معه لاتصل النوبة الى الرجوع الى اصالة الجواز كما لا يخفى .

فيما يستثنى من حرمة لبس الحرير على الرجال وهو امور الاول

بقى الكلام فيما يستثنى من حرمة لبس الحرير على الرجال وهو امور الاول حال الضرورة الى لبسه لاجل دفع ضرر او لعلاج مرض ، فقد روى ان النبى صلی الله علیه و آله و سلّم رخص عبدالرحمن عوف ان يلبس الحرير حيث انه كان رجلا فملا ، ويدل على جواز لبسه حال الضرورة قوله صلی الله علیه و آله و سلّم رفع ما اضطروا اليه ، وقوله علیه السّلام مامن شيء الا وقداحله الله عند الضرورة ، وقوله علیه السّلام ليس شيء مما حرمه الله الا وقد احله الله لمن اضطر اليه، اذا المراد من الاضطرار ما يعد اضطرارا عرفا وهو ما لا يتحمل عادة ،

لا الاضطرار العقلى المقابل للاختيار ، كى يقال ان استدلال بهذه الاخبار على ما نحن بصدده في غير محله ، اذالضرورة المجوزة لارتكاب المحرمات ليست هي الضرورة البالغة الى حد العجز وسلب القدرة ، بل ما يعد ضرورة عرفا التي يعبر عنها بالالجاء نعم الاستدلال للمقام بقوله علیه السّلام كل ما غلب الله عليه فهو اولى بالعذر الظاهر انه فى غير محله ، اذ الظاهر منه ما اوجب سلب القدرة من نحو الاغماء والنسيان ، لا الضرورة المبحوث عنها في المقام البالغة حد الالتجاء المعبر عنه في الفارسية بیچارگی ثم لا يخفى ان الضرورة الى لبس الحرير، تارة تكون مستوعبة لتمام

ص: 199

الوقت بحيث لو نزعه في جزء من الوقت لتضرر به، واخرى لا تكون كك ، فعلى الاول لا اشكال فى انه يجوز له لبسه والصلوة فيه، اما جواز لبسه فلارتفاع حرمته النفسية بحديث الرفع ، و اما جواز الصلوة فيه ، فلدوران الامر بين ترك الصلوة رأسا او اتيانها مع غير الحرير متضررا بنزع الحرير اواتيانها متلبسا به بلاتضرر ، والمتعين هو الاخير ، جمعا بين مادل على ان الصلوة لاتترك بحال ومادل على رفع ما اضطروا اليه القاضى برفع ما نعية الحرير للصلوة في حال الاضطرار و على الثاني قد يقال بحرمة لبسه والصلوة فيه، فيما اذا تمكن من نزعه مقدار ما يصلى ، لان الضرورات تقدر بقدرها و احتمل الاستاد دام ظله بل قوى التفصيل بين الحرمة النفسية التي للبسه و الغيرية التي للصلوة فيه، بتقريب ان لبس الحرير لدفع ضررا ولتداوى مرض و غیرهما من افراد الضرورة فى مدة ، حيث لا ينفك غالبا عن التمكن من نزعه ولو بمقدار يسير كثلث دقائق مثلا ، فاوجب ذلك صدق عنوان المضطر بقول مطلق عليه حتى فى تلك الدقايق لاتجوزا عرفيا بل من باب الحقيقة العرفية ، كما يطلق عرفا على من من الحنطة المختلطة بسير من التراب انه من من بسير من التراب انه من من الحنطة بقول مطلق على نحو الحقيقة لا التجوزا والمسامحة ، من جهة عدم ، من جهة عدم انفكاك الحنطة غالبا عن الاختلاط بمقدار يسير من التراب ، كما لعله الوجه ايضا في صدق عنوان الإقامة عشرة ايام فى البلد عرفا مع الخروج عنه في الاثناء الى حد الترخص لحاجة ثم العود اليه سريعا، فان الظاهر ان عدم اضرار الخروج عن بلد الاقامة الى ذلك الحد بصدق الاقائمة فيه عشرة ايام عرفا ، انما هو لعدم انفكاك الاقامة عشرة أيام في بلد بحسب الغالب عن الخروج عنه الى ذلك الحد ، فاذا صدق عنوان المضطر على نحو الاطلاق على من تمكن من نزع الحرير في مقدار يسير من زمان اضطراره الى لبسه ، فیدل قوله صلی الله علیه و آله و سلّم رفع ما اضطروا عليه على رفع حرمة لبسه في تمام ذاك الزمان ، و هذا بخلاف الحرمة الغيرية، فانه يشكل الحكم بارتفاعها بالاضطرار الغير المستوعب التمام الوقت اذلا يفهم من ادلتها اتحادها مع الحرمة النفسية في صدق عنوان الاضطرار

ص: 200

الى لبسه في الصلوة بقول مطلقا و في تمام الوقت ولومع التمكن من نزعه بمقدار من الوقت يسع لاتيان الصلوة فيه كي يعمه حديث الرفع بالنسبة ذاك المقدار ايضا ، بل الظاهر عدم صدق عنوان الاضطرار الى ترك الصلوة الجامعة لجميع الشرائط و الخالية عن الموانع مع التمكن من انيان فرد منها فتبين مما ذكرنا ان في كل مورد جاز لبسه للاضطرار ، لا يجوز الصلوة فيه لولم يكن الصلوة فيه مضطرا اليها، ولو على التقدير ليست تقدير كون ما نعيته للصلوة متفرعة على حرمته النفسية ، لان مانعيته للصلوة عليهذا متفرعة على حرمة لبسه كى تكون تابعة لها وجود او عدما ، بل متفرعة على حرمة الصلوة فيه وضعا .

الثانى من المستثنيات اللبس حال الحرب

الثانى من المستثنيات اللبس حال الحرب، و يدل على استثنائه الاخبار المستفيضة، والظاهر منها هو الحرب المرخص فيه شرعا سواء كان جهادا اودفاعا عماله الدفع عنه، و هل تصح الصلوة فيه في حال الحرب، قيل نعم لانه وان لم يكن فى تلك الاخبار تعرض لجواز الصلوة فيه فى تلك الحال، الا انها با طلافها الاحوالى تشمل حال الصلوة ايضا ، لعدم انحصار حال الحرب بحال الاشتغال بالمحاربة ، لصدقه على حال عدم الاشتغال بها كالليل مثلا ، فاذا دل الدليل باطلاقه على الجواز في حال الصلوة ، فلاوجه لنزعه حالها و ان لم يكن هناك ضرورة في لبسه حالها ، اذ جواز لبسه حال الحرب ليس لاجل الضرورة ، و شمول ادلة الجواز لحال الصلوة يلازم صحتها و آورد عليه الاستاد دام ظله بان الاخبار انما دلت على استثناء لبسه حال الحرب عن الحرمة النفسية ، و من المعلوم ان القطع بعدم حرمته النفسية فيحال الصلوة لا يلازم صحة الصلوة فيه ، فضلا عما اذا كان جوازه تكليفا و عدم حرمته نفسا مقتضى الاطلاق الاحوالى للادلة الدالة على الجواز و عدم الحرمة النفسية فيهالها، لان الجواز و عدم الحرمة النفسية لاينافى مع المانعية ، سلمنا شمول الاخبار باطلاقها الاحوالي لحال الصلوة وملازمة شمولها لحالها لصحتها ، لكن يقع المعارضة حينئذ بينها وبين الاخبار المانعة عن الصلوة فى الحرير ، فانها باطلاقها تدل على ما نعيته للصلوة ولوكان لبسه جائزا ، والمرجع بعد تساقطهما عمومات حرمة لبسه

ص: 201

الشاملة باطلاقها الاحوالى لحال الصلوة فتأمل فان حرمة لبس الحرير في حال الصلوة تكليفا لا تلازم بطلانها كما مر بيانه ، فعليهذا يكون المرجع هو الاصل القاضي بعدم تقيد الصلوة بعدم وقوعها في الحرير فيحال الحرب ، هذا مضافا الى امكان المنع عن استفادة مانعية الحرير للصلوة عن النواهى المتعلقة بالصلوة فيها، بدعوى ان ارتكاز حرمته الذاتية في اذهان المتشرعة ، يوجب انصراف اذهانهم الى ان المنع عن الصلوة فيه انما هو لحرمته الذاتية الغير المنافية مع صحة الصلوة فيه ، و ذلك للمناسبة الواضحة بينكون لبس شيء محرما ومنهيا عنه عند المولى وكون لبسه عند الحضور لديه مبغوضا له ، و ان ابيت عن كون الارتكاز المزبور موجبا للانصراف المذكور ، فلااقل من كونه موجبا للاجمال ، ومعه يكون اثبات مانعيته المطلقة بحيث تعم غير مورد حرمته النفسية ايضا كما في المقام بلادليل يدل عليه، ومقتضى الاصل عدم ما نعیته.

بقى هنا شئى لا بأس بالتنبيه عليه ، و هو انه قد يتوهم ان فيكل مورد جاز الصلوة في الحرير للضرورة ، يجب ان يلبس فوقه او تحته ثوبا آخر مما يجوز الصلوة فيه ، بدعوى ان الستر المأمور به قد قيد بعدم كونه من الحرير المحض ، فلا يتحقق هذا الساتر المباح بالاضطرار المحرم ذاتا ، لان عدم مانعيته للصلوة في حال الضرورة لا يلازم تحقق الستر المعتبر فى الصلوة ، فالصلوة في لباس الحرير وحده في حال الضرورة او الحرب وان كانت خالية . المانع الا انها فاقدة للشرط ولا يخفى ما فيه من المنع عن كون الساتر مقيدا بعدم كونه من الحرير ، اذليس في الادلة المانعة عن الصلوة فى الحرير دلالة على تقيد الساتر بعدم كونه حريرا ، بل غاية ما تدل عليه اعتبار عدم لبس الحرير في الصلوة كان ساترا ام لم يكن في عرض اعتبار الستر فيها ، ففيما كان اللباس منحصرا في الحرير يكون الستر المعتبر في الصلوة موجوداً لفرض عدم تقيده بعدم الحريرية ، والمانع المعتبر عدمه فيها وانكان موجودا لكنه لا يوجب بطلان الصلوة بعدكون ما نعيته مرفوعة بالاضطرار.

الثالث من المستثنيات كف الثوب

الثالث من المستثنيات كف الثوب و علمه وزره و سداه ، ويدل عليه خبرا

ص: 202

يوسف بن ابراهيم عن الصادق علیه السّلام ، حيث قال علیه السّلام في احدهما لابأس بالثوب ان يكون سداه وزره وعلمه حريرا وانماكره الحرير المبهم للرجال ، وقال علیه السّلام في الثاني منهما لا يكره ان يكون سدا الثوب ابريسم ولازره ولا علمه و انما يكره المصمت من الابريسم للرجال ولا يكره للنساء ، والمنصوص على جوازه فيهذين الخبرين و انكان خصوص السدا والزر والعلم ، لكن يمكن استفادة جواز غيرها كالكف والثوب الذى يكون بعض طرائقه حريرا ، من قوله علیه السّلام فى الاول و انما كره الحرير المبهم و فى الثانى و انما يكره المصمت من الابريسم ، لظهورهما في انحصار المنع في الخالص من الحرير اى الغير المنسوج بغيره ، فان المراد من المبهم والمصمت ماكان مجموعه حريرا ، ومقتضاه عدم الباس بالمنسوج بغيره ولو كان حريرا محضا كالثوب ذى الطريق الذى يكون بعض طرائقة حريرا محضا بل المستفاد من اختصاص المنع في الاخبار بالحرير المحض ، ان كل ما يكون خارجا هذا العنوان يجوز الصلوة فيه ، ففيما كان بعض طرائق الثوب حريرا محضا و بعضها الآخر حريرا ممتزجا بالقطن او الكتان او و بر ما يؤكل يجوز الصلوة فيه ، اذ لا يصدق على ذلك الثوب عنوان الحرير المحض والمناقشة في الخبرين سندا بمجهولية يوسف بن ابرهيم، لامجال لها بعدكون الراوى عنه مثل صفوان بن يحيى الذي اجمع العصابة على تصحيح ما يصح عنه ، ولا يعارضهما ما روى عن جراح المدائني من ان الصادق علیه السّلام كان يكره ان يلبس القميص المكفوف به بالديباج ويكره لباس الحرير وما في رواية عمار عنه علیه السّلام في جواب السوال عن الثوب يكون علمه ديباجا من قوله علیه السّلام لا يصلى فيه ، بناء على كون الديباج قسما من الحرير والابريسم ، اذ بناء على كونه قسما مغائر اللابريسم منسوجا من نبات خاص كان ينبت في الاهواز على ماقيل لاربط لها بما نحن فيه وجه عدم المعارضة هو صراحة قوله علیه السّلام فى الخبرين لابأس ولا يكره فى الجواز ، وهاتان الروايتان ظاهرتان في المنع فتحملان على الكراهة بالمعنى المصلح بمقتضى الجمع بين النص والظاهر، ولا ينافي حملهما على الكراهة المصطلحة ما في ذيل رواية جراح ويكره لباس

ص: 203

الحرير الذى اريد منه الحرمة، و ذلك لاحتمال كون الكراهة موضوعة للمقدر الجامع بين الحرمة والكراهة المصطلحة و مما ذكر نا ظهر عدم الباس بالحرير الممتزج بغيره من القطن والكتان و غيرهما من اجزاء ما يؤكل لحمه ، وذلك لما عرفت من ان المراد من المبهم والمصمت فى الخبرين ومن المحض فى اخبار المنع ماكان مجموعه حريرا ، هذا مضافا الى دلالة الاخبار المستفيضة على جواز الممتزج بغیره ، ففی خبر عبید بن زرارة عن ابيعبد الله علیه السّلام قال علیه السّلام لاباس بلباس القزاذا كان سداه او لحمته من قطن اوکتان ، و في خبر اسمعيل بن الفضل عنه علیه السّلام في الثوب يكون فيه الحرير فقال علیه السّلام انكان فيه خلط فلا باس ، و في الكافي بسنده الى ابي الحسن علیه السّلام في الجواب عن الصلوة فى الثوب الملحم بالفز والقطن والقز اكثر من النصف قال علیه السّلام لا باس و المستفاد من قوله علیه السّلام في خبر اسمعيل انكان فيه خلط فلاباس ، و انكان كفاية الخلط مطلقا و باى مقدار كان فى رفع الحرمة والمانعية ، و بعبارة اخرى كون المدار في رفعهما على صدق عنوان الخلط سواء كان بمقدار النصف اوارید اواقل ، لكن لابد من تقييده وكذا تقييد الاخبار المتقدمة النافية للباس عن غير المبهم والمصمت وغير الخالص، بمفهوم الشرط في خبر عبيد بن زرارة المتقدم انفا ، حيث قال علیه السّلام لا باس بلباس القز اذا كان سداه او لحمته من قطن اوكتان ، و بظاهر الحصر فى التوقيع المبارك في جواب مكاتبة الحميري ، من قوله عجل الله تعالى فرجه لا يجوز الصلوة الا فى ثوب سداه او لحمته قطن اوکتان ، الدالين على عدم كفاية مطلق الخلط فى رفع الحرمة والمانعية بل المعتبر فى رفعهما عدم كونه اقل من النصف ، لان السدا واللحمة متساويان غالبا في المقدار .

بقى الكلام في حكم لبسه وما نعيته للنساء اما لبسه لهن فجوازه في غير حال الاحرام والصلوة مما لا شبهة فيه ، والاخبار الدالة عليه فوق حد الاستفاضة، ، و اما في حال الاحرام فالاخبار فيه متعارضة ، واما في الصلوة فلم يرد على الجواز فيها دلیل ، بل ورد المنع فيها بالخصوص في خبر جابر الجعفي عن ابيجعفر علیه السّلام، قال

ص: 204

سمعته يقول ليس على النساء اذان الى ان قال ويجوز للمرئة لبس الحرير و الديباج في غير صلوة واحرام ، ويدل أيضا على المنع عنه في الصلوة اطلاق خبر زرارة عنه علیه السّلام قال علیه السّلام وانما يكره الحرير المبهم للرجال والنساء ، بناء على ارادة خصوص الحرمة من الكراهة بقرينة ذكر الرجال ، لا القدر الجامع بينها و بين الكراهة المصلحة وتقيدها بالصلوة بقرينة ذكر النساء واطلاقات ادلة المنع عن الصلوة في الحرير المحض الشاملة للنساء ولكن الأقوى هو الحكم بالجواز ، وذلك لمعارضة المطلقات الدالة على المنع ، بالمطلقات الدالة على الجواز فانها باطلاقها الاحوالي تدل على جواز لبسه لهن في حال الصلوة ايضا الملازم لصحة صلوتهن فيه ، والنسبة بينهما وانكانت عموما من وجه ، لكن الترجيح مع لكن الترجيح مع المطلقات المجوزة من جهات منها ان عموم الابتلاء بالصلوة وغلبة ابتلاء نوع النساء بلبس الحرير ، مع عدم وقوع الصلوة فى مورد اللسئوال ، يكشف عن عدم كون جواز لبسه لهن في الصلوة مورد اللشبهة عند المسلمين ومنها استقرار عمل المسلمات في الاعصار والامصار على الصلوة فيه ومنها ان عمل القدماء والمتأخرين من الاصحاب وفتوبهم على الجواز ، فان هذه المرحجات موجبة لادخال مادة الاجتماع تحت اطلاق الادلة الدالة على الجواز واما مادل على المنع عن خصوص الصلوة فيه من خبر جابر الجعفي ، فلاعراض جل العلماء لولاكلهم عن العمل به يجب طرحه ، او تأويله بحمله على ارادة الجواز بلاكراهة في غير حال الصلوة والاحرام ، والجواز مع الكراهة فى حالهما.

الفصل الثالث فى البحث عن مسائل متعلقة بالستر والساتر

الاولى

لاريب فى انه يجب على كل مكلف ستر العورة فيحال الصلوة وغير حالها ، فلوصلى مكشوف العورة اختيار ا كانت صلوته فاسدة ، كما لاريب فى ان الستر الواجب نفسا في غير حال الصلوة، يتحقق بكل ما أمكن التستر به ولولم يكن من سنخ الملبوس كورق الشجر والحشيش والطين والحناء ، اذ المقصود منه فى ذاك الباب حفظ العورة عن الناظر المحترم ، المتحقق بكل ما يستر به العورة كان ملبوسا اوغير ملبوس وانما وقع الخلاف فى الستر المعتبر فيحال الصلوة ، حيث ذهب غير واحد منهم الاستاد دام

ص: 205

ظله ، الى عدم الفرق بينه وبين الستر الواجب نفسا عن النظر، الا في مجرد اشتراط السترعنه بوجود الناظر المحترم أو عدم الامن منه ، والا ففى تحققه بكل ما يستر به العورة حتى مثل الطلى بالطين ونحوه اختيار الافرق بين المقامين وذهب بعض كصاحب المدارك الى الترتيب بين الملبوس وغيره ، فلم يجوز الستر بماعدا الملبوس في حال الاختيار ، وجوز الستر بماعداه حتى مثل الطين والحناء ونحوهما من اللطوخات عند الاضطرار وعدم التمكن من الملبوس و فصل بعض كصاحب الجواهر مع ذهابه الى عدم الترتيب بين الملبوس وغيره ، بين ما كان غير الملبوس من قبيل الورق والحشيش و بين ماكان من قبيل الطلى بالطين و نحوه ، فقوى عدم الاجتزاء بالثانى مطلقا ولو فى حال الاضطرار ، بدعوى ان المنساق من الاخبار الواردة فى الباب هو اعتباران لا يكون المصلى عاريا فى حال الاختيار، ومن المعلوم ان الشخص لا يخرج بطلى الطين ونحوه من اللطوخات عرفا عن مصداق عنوان العارى ، و ان قلنا بكفايته فى باب الحفظ عن النظر ، حيث ان المطلوب في ذلك الباب اعم من الستر ، اذ المطلوب فيه هو الاختفاء عن عين الناظر ، المتحقق ايضا بالذهاب في مكان مظلم او حفرة ، ونحو ذلك مما يجتمع مع صدق العريانية المضر في باب الصلوة التي المطلوب فيها هو المستورية المقابلة للعريانية تقابل التضاد او العدم والملكة هذا مضافا الى استلزام الاجتزاء بالطين و نحوه في حال الاختيار ، لحمل الاخبار المستفيضة الواردة فى كيفية صلوة العارى على الفرد النادر، اذقلما يتفق عدم تمكن العارى من التطلية بالطين ولو بوضع فضالة طهوره على مقدارا من التراب.

واستدل الاستاد دام ظله على ما اختاره وفاقا للمشهور من عدم الفرق بين البابين ، بالاصل بعد عدم نهوض الاخبار على اعتبار كون الساتر الصلوتى من سنخ الملبوس فى حال الاختيار ، كي يقال بان ماليس من سنخه لا يتحقق به الستر المعتبر فى الصلوة ، وعدم ذكر فيها ايضا عن الساتر كى يدعى انصرافه الى ماهو المتعارف من الملبوسات ، واما الاخبار المشتملة على ذكر بعض الملبوسات كالازار والقميص والدرع والملحفة في حق النساء ، فهى ليست بصدد بيان ما هو المعتبر في الساتر ،

ص: 206

بل انما هي كما لا يخفى على من راجعها بصدد بيان ان الثوب الواحد اذا كان بحيث يستر جميع ما يجب على المراة ستره من بدنها في حال الصلوة ، يغني عن الاثواب المتعددة ، وليست فى مقام بیان ماهو المعتبر فى الساتر وتعيين سنخه ، وانما ذكر فيها تلك العناوين جريا مجرى ما هو العادة من الاستتار بها لا لخصوصية فيها ، ولذا لاشبهة في جواز الستر بثوب مستحدث خارج عن العناوين المزبورة والحاصل ان الاخبار غير متعرضة لاعتبار خصوصيته زائدة فى حال الاختيار ، وليس لها ايضا اطلاق يعم كل ما يتحقق به الستر عرفا ، فاعتبار اصل الستريكون مقطوعا مسلما ، وخصوصية كون الساتر من سنخ الملبوس مشكوكة مرفوعة بالاصل ، بناء على ماهو المختار في دوران الشبهة بين الاقل والاكثر مطلقا من الرجوع الى البرائة واما الاستدلال على اعتبار الترتيب بين الملبوس وغيره ، وعدم الاجتزاء بغيره فى حال الاختيار بصحيحة على بن جعفر علیه السّلام عن اخيه موسى علیه السّلام الواردة فى صلوة العارى ، قال سئلته عن الرجل قطع عليه او غرق متاعه فبقى عريانا وحضرت الصلوة كيف يصلى، قال علیه السّلام ان اصاب حشيشا يستر به عورته اتم صلوته بالركوع والسجود ، وان لم يصب شيئا يستر به عورته اوماء وهو قائم ، بدعوى دلالتها على ان الحشيش انما يستتر به اذالم يكن عليه ثوب ، والا كان اللازم عليه علیه السّلام التنبيه على عدم الفرق بينهما فمدفوع بان ترتب الستر بالحشيش على عدم التمكن من الملبوس، لوكان مفروضا في كلام الامام علیه السّلام، لكان لتوهم دلالته على اشتراط جواز التستر بالحشيش ونحوه بعدم التمكن من الملبوس وجه ، لولا احتمال جریانه مجرى العادة ، وليس كك بل هو مفروض فى كلام السائل ، ومجرد ذلك لا يوجب دلالة الجواب على اناطة الجواز به بحيث يثبت له ،مفهوم ، غايته انصراف الجواب الى الموضوع المفروض فى السئوال وعدم اطلاق له يصح التمسك به في غير ذاك الموضوع ومما ذكرنا ظهر فساد القول بالترتيب بين الملبوس وغيره ، اذ لامستند له الا ماذكرناه من الاخبار الازار والقميص والدرع والملحفة وصحيحة على بن جعفر علیه السّلام المتقدمة ، وقد عرفت عدم دلالة شئى منها على الترتيب المزبور واما التفصيل بين الستر بالحشيش ونحوه وبين الطلي

ص: 207

بالطين و نحوه من اللطوخات ، الذى قواه صاحب الجواهر قدس سره ، مستدلا عليه بصدق العريانية عرفا مع التطلية بالطين ونحوه ، فيخرج به عن صدق المستورية المعتبرة فى الصلوة ففيه ما اورد عليه الاستاد دام ظله ، من انه لاريب فى ان المراد من الستر المعتبر فى باب النظر والمعتبر فى هذا الباب امر واحد وهو عبارة عما يقابل العراء ، وانما الفرق بينهما في ان وجوب الستر فى ذلك الباب مشروط بامور منها وجود الناظر، ومنها عدم الامن من المطلع ، ومنها عدم ما يحول بينه وبين الناظر من جدار او حفرة اوظلمة او بعد مفرط ونحو ذلك ، فاذا انتفى هذه الامور انتفى وجوب الستر المشروط بها وهذا بخلاف الستر المعتبر فى هذا الباب ، فانه معتبر مطلقا كان هناك ناظر محترم ام لم يكن كان هناك حائل ام لم يكن ، فالفرق بين البابين انما هو فى كيفية وجوب الستر ، وكونه نفسيا مشروطا في باب النظر ، وكونه غير يا مطلقا فيهذا الباب ، واما اصل الستر فهو فى البابين واحد ، فكل ما يكون سترا فى ذاك الباب يكون سترا فيهذا الباب ايضا.

وما افاده قدس سره من ان المنساق من الاخبار هو اعتبار ان لا يكون المصلى عاريا ، وانكان مسلما ، لكن ما ذكره من عدم خروج المصلى بطلى الطين عن مصداق عنوان العارى ، انکان مراده منه ان مع طلى الطين بصدق عليه العارى مسامحة فهو غير مجد فيما ذهب اليه من الفرق بينه و بين الستر بالشيش ، فانه يصدق مسامحة ايضا على من ستر عورته بالحشيش انه عار ، بل يصدق كك على من كان ساتر العورة بخرقة و لم يكن على سائر اعضاء بدنه ساتر ، و انکان مراده منه ان مع ستر عورته بالطين يصدق عليه انه مكشوف العورة غير مستورها ، فهو ممنوع جدا والا لم يكن كافيا فى الستر عن الناظر المحترم ايضا واما افاده من الفرق بين البابين ، من ان المطلوب فى باب الحفظ عن النظر اعم من الستر ، اذا المطلوب فيه هو الاختفاء عن عين الناظر المتحقق ايضا بالذهب بالذهاب فى مكان مظلم او الدخول في حفرة ونحو ذلك ، بخلاف باب الصلوة فان المطلوب فيه هو المستورية التي لا تتحقق بمثل الذهاب في مكان مظلم و نحوه ففيه ما اشرنا اليه من ان ستر العورة لا يمكن ان

ص: 208

يكون مختلفا بحسب المفهوم فى البابين ، وانما الفرق فى ان وجوبه فى باب الحفظ عن النظر نفسى مشروط بوجود الناظر الى العورة ، فاذا انتفى وجود الناظرا وكان هناك حائل يمنع عن وقوع نظره اليها ، انتفى و جواب الستر المشروط بوجوده و بكونه ناظرا ، فالاجتزاء في باب النظر بالذهاب الى مكان مظلم او الدخول فى وهدة

انما هو من جهة ارتفاع وجوب الستر بارتفاع شرطه لا من جهة تحقق الستر الواجب به نعم ما افاده فى الفرق بين الستر بالحشيش و بين طلى الطين ، من جواز الاكتفاء بالاول مطلقا ولو في حال الاختيار ، و عدم جواز الاكتفاء بالثاني مطلقا ولو في حال الاضطرار ، يمكن الالتزام به فى بعض مصاديق الطلى بالطين ، كما اذا كان الطين المطلى به رقيقا بحيث يشاهد معه حجم العورة وان لم ير لونها، فانه لا يصدق عرفا على من طلى عورته بمثل هذا الطين انه مستور العورة ، بل لا يعد عندهم الاعاد العودة ويعد التطلية به عندهم من تلوين الجسم به لكن هذا المصداق كما لا يجتزى به في الستر الواجب عن النظر واما ما فاده قدس سره من انه لو كان الطلى بالطين كافيا في تحقق الستر المعتبر فى الصلوة ، للزم حمل الاخبار المستفيضة الواردة في كيفية صلوة العارى على الفرد النادر ، فقيه ان المحذور هو حمل القضية المطلقة الشاملة باطلاقها لجميع الافراد على الفرد النادر ، واما القضية التي تكون متعرضة لحكم الفرد النادر بحيث كانت مسوقة لبيان حال خصوص ذاك الفرد ، فحصر العمل بها في خصوص ذاك الفرد لا محذور فيه اصلا ثم لوسلمنا عدم جواز الاجتزاء بالطين و نحوه ، فانما هو فى حال الاختيار ، اذ لا مجال للاشكال فى الاجتزاء به في حال الاضطرار ، بعدكون الاجتزاء به في حال الاضطرار ، مستفادا من قوله علیه السّلام في صحيحة على بن جعفر علیه السّلام المتقدمة فان لم يصب شيئا يستر به عورته اوماء وهو قائم ، فانه بمفهومه يدل على انه لو وجد شيئا يستر به عورته يصلى صلوة المختار ، فلاوجه لقوله قدس سره فالمتجه بعد البناء على ان الطين ليس ستر اصلوتيا ، وجوب التستر به عن الناظر المحترم ، فیصلی به حینئذ قائما و يومى للركوع والسجود ، و دعوی ان مراده علیه السّلام من لفظ الشيء في الصحيحة هو ما كان من قبيل الحشيش لسبق ذكره ممنوعة جدا.

ص: 209

المسئلة الثانية فى كيفية صلوة العارى منفردا ،

المسئلة الثانية فى كيفية صلوة العارى منفردا ، ولا اشكال فى انه اذا لم يجد ساترا يستر به عورته ولوكان من قبيل الطين ، يصلى عريانا لما دل على ان الصلوة لاتترك بحال و انما الاشكال و الخلاف فى انه ، هل يتعين عليه الصلوة قائما واضعا يديه على عورته مطلقا ، او يتعين عليه الصلوة جالسا مطلقا ، او تفصيل بين الامن عن الناظر فيصلى قائما وعدم الامن عنه فيصلي جالسا و منشا الخلاف اختلاف الاخبار، فمما يدل على تعين الصلوة قائما قوله علیه السّلام في صحيحة على بن جعفر علیه السّلام المتقدمة و ان لم يصب شيئا يستر به عورته اوماء و هو قائم ، و فى صحيحة ابن سنان و انكان معه سيف وليس معه ثوب فليقلد السيف ويصلى قائما و مما يدل على تعين الجلوس مطلقا ، رواية زرارة قال قلت لا بيجعفر علیه السّلام رجل خرج من سفينة عريانا اوسلب ثيابه ولم يجد شيئا يصلى فيه ، فقال علیه السّلام يصلى ايماء و انكانت امراة جعلت يدها على فرجها و انکان رجلا وضع يده على سوئته ثم يجلسان فيوميان ايماء ولا يسجد ان ولا يركعان فيبد و ما خلفهما و تكون صلوتهما ايماء برؤسهما الخبر و توهم ظهورها في التفصيل بين الامن عن المطلع وعدم الأمن عنه ، بدعوى ظهور قوله علیه السّلام و انكانت امرأة جعلت يدها على فرجها و انكان رجلا وضع يده على سوئته ، في ان وظيفتهما حال الانفراد والامن هو القيام ، لعدم الاحتياج حال الجلوس الى وضع اليد على العودة لانها فى حاله مستورة بالفحذين وظهور قوله علیه السّلام ثم يجلسان الخ فيان وظيفتهما حال الاجتماع وعدم الامن هو الجلوس مدفوع بان قوله علیه السّلام ثم يجلسان في بيان حكم كلواحد واحد منهما منفردا ، و انما اتى علیه السّلام بصيغة التثنية من جهة اشتراكهما في الحكم ، نعم ظاهرها ان وظيفتهما القيام و انما يجب عليهما الجلوس للمركوع والسجود ، لكن ظهورها في ذلك حيث لم يعمل به غیر السید عمیدالدین على ما حكى ، فلابد من حمله علی مورد الجلوس فتدبر ومما يدل على تعين الجلوس مطلقا ايضا، رواية ابى البخترى عن جعفر بن محمد علیه السّلام عن ابيه علیه السّلام قال من غرقت ثيابه فلا يبغى له ان يصلى حتى يخاف ذهاب الوقت يبتغى ثيابا فان لم يجد صلى عريانا جالسا يومى ايماء يجعل سجوده اخفض من ركوعه الخبر.

ص: 210

ومما يدل على التفصيل بين صورة الامن وغيرها ، رواية ابن مسكان عن بعض اصحابه عن ابيعبد الله علیه السّلام في الرجل يخرج عريانا فتدركه الصلوة قال علیه السّلام يصلى عريانا قائما ان لم يره احد فان راه احد صلی جالسا ، و روايته الاخرى المروية عن المحاسن عن أبيجعفر علیه السّلام اذا كان حيث لا يراه أحد فليصل قائما ، و المروى عن نوادر الراوندى عن موسى بن جعفر عليهما السلام عن ابائه علیه السّلام فى العريان ان راه الناس صلى قاعدا و ان لم يره الناس صلى قائما ولا يخفى ان مقتضى الجمع بين الطائفتين المطلقتين والطائفة المفصلة، هو تقييدهما بالمفصلة كما هو دأبهم في الجمع بين المطلق والمقيد ، فالقول بتعين القيام مطلقا او الجلوس كك ضعيف في الغاية كما ان مقتضاه هو التفصيل بين وجود الرائي فعلا و عدم وجوده كك ، فما ذهب اليه المشهور من التفصيل بين الامن عن المطلع و عدم الامن عنه مستدلين عليه بما الروايات لا وقع له بعد عدم كون مدلولها الا التفصيل بين وجود الرائي وعدمه فمع عدم الرائى فعلا لولم يامن عن حضوره ، لا دلالة للروايات على تعين الجلوس عليه كما ذهب اليه المشهور وتوهم ان المستفاد من سوق الاخبار المفصلة ، هوان سقوط القيام الواجب في الصلوة عند وجود الرائي انما هو لمزاحمته بماهو الاهم منه من حفظ العورة عن الناظر ، وحفظها عنه لا يصدق عرفا في موردكونها معرضا للنظر الا بالستر فيه ، فالمراد بقوله علیه السّلام راه ولم يره اعم من فعلبة الرؤية و شأنيتها كما فى مورد عدم الأمن عن المطلع مدفوع بان بعد سقوط الركوع والسجود الاختياريين بحكم الشارع ، يكون حفظ العورة حاصلا سواء صلى قائما او قاعدا ، اما قائما فلان الدبر مستور بالاليتين والقبل باليدين، و اما قاعدا فلان الدبر مستور بالاض والعقبين والقبل بالفخذين، فسقوط القيام عند وجود الرائي ليس الالمحض التعبد لا للمزاحمة بالاهم ثم ان ما ذكرنا كله انما هو مبنى على حمل الطائفتين المطلقتين على الطائفة المفصلة ، كما ، كما هو دأبهم من حمل المطلقات على المقيد الوارد منفصلا عنها مطلقا ولوكان واردا بعدها وهذا كما ترى يشكل الالتزام به، ضرورة ان حمل المطلق الوارد في مقام البيان وحضور وقت الحاجة على المقيد الوارد بعده بمدة ، مستلزم التاخير البيان عن وقت الحاجة ، و تاخيره كك لمصلحة تقتضيه وانكان ممكنا ، الا

ص: 211

انه بعيد لايصار اليه الا لضرورة فالاولى في الجمع بينهما هو حمل الطائفتین المطلقتين على بيان احد فردى الواجب المخير ، وحمل الاخبار المفصلة على بيان افضل الفردين بحسب حالتى وجود الرائی و عدمه، و هذا الجمع و انكان مستلزما للتصرف فى هيئة كل من الاخبار المطلقة والمفصلة، لكنه اهون من الجمع بينهما بتقييد المطلقات الواردة في مقام البيان وحضور وقت الحاجة بالمفصلة ، فانه عليهذا الجمع لا يلزم الارفع اليد عن ظهور الامر بالقيام والجلوس في المطلقتين في التعيين و عن ظهوره فى المفصلة فى الوجوب ، و هذا ليس فى البعد بمثابة تقييد المطلقات الواردة في مقام البيان وحضور وقت العمل، والالتزام باخفاء القيد عن السائل المبتلى باتيان الصلوة فى كل يوم وليلة خمس مرات ، مع استلزامه لوقوعه فى خلاف الواقع كثيرا ، فتامل جيدا فان الشأن اولا فى اثبات ورود الاخبار المفصلة بعد الاخبار المطلقة ، كى يكون تقييد المطلقة بها موجبا لتاخير البيان عن وقت الحاجة والالقاء فى خلاف الواقع كثيرا ، و ثانيا ان هذا الجمع على الظاهر انه مما لاقائل به.

بقى هنا فروع ينبغى التنبيه عليها الاول لا اشكال بل لا خلاف في ان من تكليفه الجلوس انکان منفردا ای غیر ماموم، يجب عليه الايماء بدل الركوع والسجود وأما انكان ماموما فسيجئى انشاء الله تعالى الكلام فيه واما من كان تكليفه القيام فقد وقع الخلاف فيه ، فقيل بوجوب الايماء عليه ايضا مطلقا ولو مع الامن عن المطلع وقيل بوجوبه عند عدم الامن عنه واما مع الامن فياتي بالركوع والسجود الاختياريين والاقوى هو الاول لصحيحة على بن جعفر علیه السّلام المتقدمة ، فان قوله علیه السّلام في ذيلها ان لم يصب شيئا يستر به عورته اوماء و هو قائم ، في قبال قوله علیه السّلام في الصدر ان اصاب حشيشا يستر به عورته اتم صلوته بالركوع والسجود، يكون كالصريح في تعين الايماء عليه مطلقا ، وليس فى الاخبار ما يعارضها من هذه الجهة ، بل يؤيدها ما في رواية زرارة المتقدمة عن ابي جعفر علیه السّلام ، من قوله علیه السّلام لا يسجد ان ولا يركعان فيبدو ، خلفهما، فانه وانكان واردا في حق من وظيفته الجلوس ، لكن تعليله علیه السّلام النهي عن السجود و الركوع بقوله علیه السّلام فيبدو ، خلفهما ، يستفاد منه اهمية ستر الدبر في الصلوة ، وما في ضمرة سماعة فى رجل يكون في فلاة وليس له الاثوب واحد

ص: 212

وقد اجنب فيه وليس عنده ماء كيف يصنع ، قال علیه السّلام يتيمم و يصلى عريانا قائما و يومى ايماء واما ما روى عن الصادق علیه السّلام قال العاري الذي ليس له ثوب اذا وجد حفيرة دخلها ويسجد فيها ويركع ، فهي لارسالها وعدم الجابر لها لاتصلح للمعارضة مع الصحيحة و ما قيل في تاييد القول الثانى من ان العاري قد سقط عنه الستر الصلوتى والستر عن النظر انما يجب مع عدم الامن من المطلع ، ففى صورة امنه منه لا موجب لترك الركوع والسجود الاختياريين ، لامن جهة الستر الصلوتي ولامن جهة الستر عن المطلع ففيه اولا مامر من ان الستر الصلوتي يمكن تحققه له دبرا بالاليتين و قبلا باليدين، ومعه لاوجه لسقوطه عنه و توهم ان الستر الصلوتى لا يتحقق بالاليتين واليدين و ان تحقق بهما الستر عن المطلع ، مدفوع بماعرفت من ان الستر فى البابين امر واحد لافرق بينهما مفهوما ، ومعه يعم اطلاق ادلة وجوب الستر فى الصلوة للستر باجزاء البدن ، بل يدل على جواز الاكتفاء بالستربها ، ما في خبر ابي يحيى الواسطى من قوله علیه السّلام ان الدبر مستور بالاليتين فاذا سترت القضيب والانثيين فقد سترت العورة و دعوى ظهوره فى تحقق الستر عن النظر ، مدفوعة اولا بالمنع، وثانيا بان الاكتفاء بها فى الستر عن النظر، يستلزم الاكتفاء بها في الستر الصلوتى بعد ما عرفت من اتحادهما مفهوما و ثالثا ان هذا اعنى ماقيل في تاييد هذا القول لوتم ، فانما هو فيما لم يكن هناك نص خاص على تعين الايماء ، و قد عرفت صراحة صحيحة على بن جعفر علیه السّلام في تعينه مطلقا ، ومعه تكون هذه المقولة اجتهادا في قبال النص الصريح.

الفرع الثاني هل الايماء الواجب على العارى بدلا عن الركوع والسجود هو الايماء بالراس او العين ، صريح رواية زرارة المتقدمة هو الاول ، حيث قال علیه السّلام في ذيلها تكون صلوتهما ايماء برؤسهما ، بل هو المنصرف من اطلاقات الايماء ، بملاحظة ما هو المتعارف عند العرف فى تعظيماتهم من الايماء بالرأس اذا تعذر عليهم انحناء الظهر ، نعم لو تعذر الايماء بالراس ايضا او مأوا بالعين ثم على المختار من تعين الايماء بالراس، هل يعتر ان يكون الايماء للسجودا حفض من الايماء للركوع

ص: 213

ام لا ، الظاهو الاول ، للتصريح به في خبر ابى البخترى المتقدم ، حيث قال علیه السّلام في ذیله یومی ایماء يجعل سجوده اخفص من ركوعه ، و به يقيد اطلاقات الايماء ، مضافا الى امكان دعوى انصرافها الى ذلك بمناسبة و رودها في مقام البدلية عن الركوع

والسجود فتدبر .

الفرع الثالث هل يجب على العاري الانحناء فى ايمائه بالمقدار الممكن بحيث لا يبدو ما خلفه اولا ، ظاهر اطلاقات الايماء الواردة في مقام البيان هو الثاني، وقيل بالاول تمسكا بالاستصحاب وقاعدة الميسور ، وفيه اولا ان التمسك بهما انما يصح لو كان الهوى الى الركوع والسجود داخلا في حقيقتهما اوكان واجبا مستقلا في الصلوة ، دون ما اذا قلنا بان الركوع والسجود عبارة ان عن الهيئة الخاصة الركوعية او السجودية الحاصلة من الهوى ، والهوى باجمعه الهوى ، والهوى باجمعه يجب مقدمة لحصول تلك الهيئة ، اذعلى هذا القول لا معنى للتمسك بالاستصحاب وقاعدة الميسور لاثبات وجوب المقدمة ، مع فرض سقوط وجوب ذيها وثانيا سلمنا كونه داخلا في حقيقة الركوع والسجود كما هو الظاهر او واجبا مستقلا، لكن التمسك بالاستصحاب والقاعدة انما يصح فيما لم يكن هناك دليل يدل باطلاقه على الاكتفاء بمطلق الايماء ، وقد عرفت وجود هذا الدليل في المقام.

الفرع الرابع هل يجب على العارى الذى يكون وظيفته الصلوة قائما موميا ان يجلس لا يمائه السجودي ، اولابل عليه الايماء بسجوده قائما كما كان عليه الايماء لركوعه كك، الظاهر هو الثاني لإطلاق قوله علیه السّلام في ذيل صحيحة على بن جعفر المتقدمة و ان لم يصب شيئا يستر به عورته او ماء وهو قائم ، بل قد عرفت ان قوله علیه السّلام هذا بقرينة مقابلته بقوله علیه السّلام في الصدر اتم صلوته بالركوع والسجود صريح في الاطلاق و قيل بالاول مستدلا عليه بالاستصحاب وقاعدة الميسور ، ورواية زرارة المتقدمه عن ابيجعفر علیه السّلام حيث قال علیه السّلام وانكانت امرأة جعلت يدها على فرجها و انكان رجلا وضع يده على سوئته ثم يجلسان فيوميان ايماء ، بتقريب ان امره علیه السّلام الرجل والمرئة بوضع اليد على العورة ظاهر فى ان وظيفتهما هو الصلوة قائما ، اذ لاحاجة في ستر العورة في

ص: 214

حال الجلوس الى وضع اليد عليها ، و مع ذلك امرهما علیه السّلام بالجلوس والايماء السجود ، وفى الكل مالا يخفى اما القاعدة والاستصحاب ، فلانه لا مجال للتمسك بهما بعد عدم كون الجلوس واجبا اصلا لانفسا ولا مقدمة للسجود ، ولذا لاشبهة في انه يجوز ان يهوى المصلى من القيام الى السجود ، وثانيا لامجال لهما مع ماعرفت من اطلاق صحيحة على بن جعفر علیه السّلام المتقدمة و اما رواية زرارة فلما مرسابقا من انها بماهو ظاهرها من ان وظيفتهما القيام و انما يجلسان للركوع والسجود كما اختاره السيد عمیدالدین ، غیر معمول بها عند الاصحاب ، ومعه لاتصلح لان تقييد بها اطلاق صحيحة على بن جعفر علیه السّلام المتقدمة ، فلابد من طرحها او حملها على مورد الجلوس بابقاء قوله علیه السّلام ثم يجلسان على ظاهره من بيان حكم ما اذا كان الرجل والامراة معا و بعبارة اخرى حكم صورة عدم الامن عن الناظر ، وحمل امره علیه السّلام بوضعهما اليد على العورة على كونه من جهة حفظ كل منهما عورته عن الآخر قبل دخولهما في الصلوة ، وكون المراد من قوله علیه السّلام فيجلسان جلوسهما للصلوة ، وانما لم يذكر علیه السّلام التكبيرة والقرائة واقتصر على ذكر الجلوس والايماء ، لعدم الحاجة الى ذكر الاولتين بعد وضوح كونهما من المشتركات لكل صلوة ، بخلاف الاخيرين فإنهما لكونهما من مختصات هذه الصلوة يحتاج الى ذكرهما.

المسئلة الثالثة الاقوى مشروعيه الجماعة للعراة

الاقوى مشروعيه الجماعة للعراة ، لا لعموم اطلاق ادلتها لهم. كما قيل، اذلا يكفى اطلاقها لتشريعها لهم مع استلزامها فوت القيام الواجب المتمكن منه بالتباعد ، بل لخصوص صحيحة عبد الله بن سنان وموثقة اسحق بن عمار ، ففى الاولى قال سئلت ابا عبد الله علیه السّلام عن قوم صلوا جماعة وهم عراة قال علیه السّلام يتقدمهم امامهم بركبيته ويصلى بهم سلوساً (1)وهو جالس ، وفى الثانية قال قلت لا بيعبد الله علیه السّلام قوم قطع عليهم الطريق واخذت ثيابهم فبقواعراة وحضرت الصلوة كيف يصنعون ، فقال علیه السّلام يتقدمهم امامهم فيجلس ويجلسون خلفه فيومي ايماء بالركوع والسجود

ص: 215


1- السلس ككتف اللتن المنفاد السهل يقال سلس سلسا من باب تعب اذا سهل ولان مجمع البحرين

وهم يركون و يسجدون على وجوههم ولا يعارضهما ما في ذيل خبر ابى البختري المتقدم من قوله علیه السّلام فان كانوا جماعة تباعدوا فى المجالس ثم صلواكذلك فرادى ، وذلك لقوه الروايتين سيما الصحيحة ، وامكان حمل هذا الخبر على الارشاد الى ماهو الارجح فى هذه الحالة العريانية المستنكرة الموجبة لنقصان فضيلة الجماعة على الفرادى وانما الكلام والخلاف في كيفية صلوتهم جماعة ، وانه هل يتعين عليهم جميعا اماما ومأموما الايماء بدلا عن الركوع والسجود ، او يتعين الايماء على الامام واما المأمومون فير كعون ويسجدون ، والمنسوب الى المشهور هو الاول ، واستدل عليه باطلاق صحيحة عبدالله سنان المتقدمة ، و فيه اولا ان الصحيحة ليست متعرضة الالخصوصية الجلوس ، واما كيفية الركوع والسجود فليست متعرضة لها ، هذا مضافا الى لزوم تقييدها بموثقة اسحق بن عمار الصريحة في التفصيل بين الامام والمأموم وان الاول يتعين عليه الايماء والثاني يتعين عليه الركوع والسجود ، والخدشة فيها سندا باسحق بن عمار من كونه فطحيا ، مدفوعة ماظهر في محله من ان الفطحيين اغلبهم ثقات و منهم ابن عمار، و قد بيننا الاصول على حجية خبر الثقة ، كما ان الخدشة فيها دلالة باحتمال ارادة الايماء من قوله علیه السّلام على وجوههم، مما لا ينبغي ان يصغى اليه لبعد الاحتمال المذكور غاية البعد، سيما بعد ملاحظة ما في الموثقة من التفصيل بين الامام والمأموم الظاهر في اختلاف حكمهما ، وبها يقيد ايضا اطلاق الادلة الدالة على وجوب الايماء على الجالس و توهم ان النسبة بينها و بين تلك الادلة عموم من وجه ، لعموم هذه لحال الامن وعدمه و اختصاصها بالجماعة ، وعموم تلك للفرادى والجماعة واختصاصها بحال عدم الامن ، فيتعارضان فيمورد الاجتماع وهى الصلوة جماعة مع عدم الامن ، والترجيح لتلك الاخبار سند اوكثرة مدفوع بان الموثقة ليس لها اطلاق بالنسبة الى حالة عدم الامن ، لانها بواسطة مافيها من التفصيل بين الامام والمأموم فى الايماء ، يستفاد منه بمناسبة الحكم والموضوع ، ان الامام انما وجب عليه الايما لاجل عدم آمنه عن عن اطلاع من خلفه من المأمومين على عورته، والمأمومون وجب عليهم الركوع والسجود

ص: 216

لاجل آمنهم عن اطلاع الناظر لاعتدال صفهم والتصاق بعضهم ببعض ، فهى بهذه المناسبة ليست متعرضة الا لخصوص ما اذا كان المأمومون في صف واحد ، فلانظر لها الى صورة تمكن نظر بعضهم الى بعض كما في صورة تعدد الصفوف ، كي تكون النسبة بينها و بين تلك الادلة عموما من وجه ، كما انها تدل بتلك المناسبة على وجوب الركوع والسجود على الصف الأخير، فيما كانوا صفوفا متعددة ، سلمنا ان لها اطلاقا بالنسبة الى تلك الحاله ايضا ، لكن الترجيح معها دلالة لاظهريتها في مورد الاجتماع من تلك الادلة ، سلمنا تكافؤهما من هذه الجهة ، لكن المرجع بعد تساقطهما بالتعارض اطلاقات ادلة الركوع والسجود و اما ما اورد على الاستدلال بالموثقة ، من ان العمل بها مستلزم لاحد امرین ، اما اختصاص المأمونين بعدم الايماء ، و اما عموم عدمه لكل عارا من قائما كان او جالسا ، لان الامن انكان علة لعدم الايماء لزم الثانى ، وهو مناف لمادلت عليه صحيحة على بن جعفر علیه السّلام وغيرها

من الاخبار المتقدمة من ان العارى يومى مطلقا ، وانكان الامن حكمة لزم الأول ، وهو وان لم يكن منافيا لمادلت عليه تلك الاخبار لكنه بعيد ففيه انا نختار الشق الاول وهو كون الامن حكمة و اختصاص المأمومين الامنين بعدم الايماء ، ونمنع البعد فيه بعد كون الموثفة مخصصة لما دل على ان الجالس يومى وتوهم منافاة الموثقة لما فى ذيل رواية زرارة المتقدمه عن ابيجعفر علیه السّلام من تعليل المنع عن الركوع والسجود بقوله علیه السّلام فيبدوا ما خلفهما ، فان هذا التعليل موجب لاطراد الحكم في جميع موارد وحود العلة مدفوع بمنع كون بدو الخلف علة لوجوب الايماء كي يدور حيثما دارت ، وانما هو حكمة لتشريعه فلاينافي اختصاص الحكم بخصوص المورد ، سلمنا كونه علة للحكم لكنه ليس علة عقلية كيلا يكون قابلا للتخصيص كي يعارض النص الخاص ، هذا مضافا الى امكان كون المقصود من بدو خلفهما ظهوره للناظر الذى لا يؤمن من اطلاعه عليه .

المسئلة الرابعة

المسئلة الرابعة هل يجوز للعارى البدار الى اتيان الصلوة بمجرد دخول الوقت ولومع العلم بزوال العذر فى اثنائه فضلا عما لو احتمل زواله ، اولا يجوز له

ص: 217

البدار الامع الياس والعلم بعدم زواله الى آخر الوقت ، او يفصل بين ما لو علم بالزوال او كان مؤدی امارة او اصل فلا يجوز له البداروبين غيره فيجوز وجوه واستدل للاول باطلاق ادلة الصلوة ، فانه يدل على وجوبها في جميع الحالات التي منها هذه الحالة، ولازم وجوبها فيهذه الحالة سقوط شرطية الستر ، اذ لوكان شرطا لها مطلقا لزم التكليف بغير المقدور وفيه المنع عن انعقاد اطلاق لادلة الصلوة بحيث يشمل هذه الصلوة ايضا ، لان این مقدمات انعقاده تساوى الافراد في الاشتمال على جميع ماهو المعتبر فى طبيعة الصلوة المأمور بها ، فلا ينعقد لادلتها اطلاق بالنسبة الى هذه الصلوة الفاقدة لشرط الستر، وبعبارة اخرى الاضطرار الى ترك السترانما يفيد سقوط شرطيته فيما تحقق الاضطرار الى تركه بالنسبة الى اصل طبيعة الصلوة المأمور بها، فتحققه بالنسبة الى خصوص هذه الصلوة مع التمكن من الستر بالنسبة الى اصل طبيعة الصلوة لا اثر له ، بل مقتضى اطلاق ادلة اشتراطه عدم سقوطه الا بالنسبة من تعذر عليه الستر في جميع الوقت، فغیره مشمول لاطلاق ادلته فلوصلى عاديا ثم ارتفع العذر بان وجد الساتر ولوفى آخر الوقت وجب عليه اعادتها ، فالاولى ان يقال في الاستدلال عليه ان مقتضى اطلاق ادلة اشتراط الستر ، وانكان عدم سقوطه بالنسبة الى من تمكن منه ولو فى بعض الوقت ، لكن لابد من تقييد اطلاقها ، باطلاقات ادلة صلوة العارى ، فانها ظاهرة فى ان العارى اذا حضرت الصلوة اى دخل وقتها يصلى عاريا ولا يجب عليه الانتظار و استدل للوجه الثانى بمامر من ان مقتضى اطلاق ادلة شرطية الستر بطلان الصلوة عاريا ، خرج عنه من تعذر عليه الستر في مجموع الوقت وبقى غيره تحت اطلاقها وفيه ما عرفت انفا من ان اطلاق ادلة الستر مقيد باطلاقات ادلة صلوة العارى الدالة على صحة الصلوة منه في كل زمان حضرت الصلوة ولوفى اول وقتها .

واستدل للوجه الثالث باحد الأمرين، الأول ان مورد ادلة صلوة العراة هو المضطر في تمام الوقت ، فمع العلم بحدوث التمكن من الستر في اثنائه لا يجوز له البدار، و اما مع الشك في حدوثه فيستصحب عدم تمكنه

ص: 218

الفعلى الى آخر الوقت ، ويترتب عليه جواز البدار الى الصلوة عاريا الثانى ان اطلاق ادلة صلوة العارى منصرف عمن يعلم بحدوث التمكن له من الستر في اثناء الوقت، ولكنه يشمل الشاك فيه فضلا عن الظان والعالم بعدم حدوثه ، معللا ذلك بان هذا الحكم حيث يكون عذريا لا ينسبق من مثل هذه الاخبار ارادته مع العلم بزوال

العذر ، وهذا بخلاف مجرد احتمال زواله الذى يتحقق كثثيرا في موارد الضرورة، فلو كان هذا الحكم مخصوصا بما اذا لم يحتمل زوال العذر فضلا عن العلم بزواله ، للزم على الشارع بيانه ، مع انه لم يقع فى الاخبار الكثيرة الواردة فيهذا الباب تعرض لاشتراط عدمه ولا يخفى مافي كلا الوجهين من النظر اما الاول فلما عرفت من ظهور الاخبار فى كفاية وجود الضرورة حال حضور وقت الصلوة في جواز الاتيان بها ولومع العلم بارتفاعها في اثناء الوقت ، ومعه لاحاجة الى استصحاب وجود الضرورة الى آخر الوقت لاثبات جواز البدار و اما الثانى فلان توقف التكليف العذري على استبعاب العذر للوقت ، انما هو فى التكاليف العذرية التي لم يرد فيها نص خاص على كفاية وجود الضرورة حال ارادة الفعل فى شرعيته ، وقد عرفت ظهور الاخبار في كفاية وجودها حال حضور وقت الصلوة في جواز الاتيان بها ، فيفهم منها ان العبرة فى الجواز بالضرورة حال الفعل لا مطلقا وفي تمام الوقت .

المسئلة الخامسة

المسئلة الخامسة لوشرع العارى ، في الصلوة ثم وجد الساتر في اثنائها ، فلا يخلوا ما ان يكون ذلك فى سعة الوقت بحيث لو ترك هذه الصلوة المشتغل بها ادرك الصلوة كلها في الوقت ، واما ان يكون فى ضيق الوقت ، وعلى الثانى اما ان يكون بحيث لو ترك هذه الصلوة لم يدرك الاركعة واحدة مع الستر في الوقت ، واما ان يكون بحيث لا يدرك ولو ركعة واحدة كك في الوقت ، وعلى جميع هذه التقادير، اما ان يكون التستر به متوقفا على ايجاد المنافی کالاستدبار والفعل الكثير الماحى للهيئة اللصلوتية ، اولا يكون متوقفا على ذلك ، اما الصورة الاخيره فلا ينبغي الاشكال فى وجوب المضى عليه وعدم جواز ترك الصلوة التى هو مشتغل بها مطلقا اى سواء توقف الستر به للباقى من الاجزاء على فعل المنافى ام لا لكنه على الاول يجب عليه

ص: 219

اتمام صلوة عاريا ، وعلى الثانى يجب عليه المبادرة الى الستر الباقي اما وجوب الاتمام عاريا في الاول ، فلان تحصيل الستر للباقى لا يجدى فى صحة هذه الصلوة بعد كونه متوقفا على فعل المنافى المبطل لها واما وجوب المبادرة الى الستر في الثاني ، فلان التأخير فيه موجب للاخلال به عمدا المبطل للصلوة وتوهم انه بناء ماهو المختار من كون الستر معتبرا في الاكوان الصلوتية كما في افعالها ، يكون في الزمان المتخلل بين وجدان الساتر والتستر به عاريا مع كونه واجدا للساتر، ومقتضى شرطية الستر للواجد للسائر بطلان صلاته مدفوع بان العارى الذى يجوز له الصلوة عاريا هو الذى لا يتمكن من التستر لامن لا يجد الساتر ، و من المعلوم ان فى الزمان المتخلل بين وجدان الساتر والتستر به ، لا يكون هذا المصلى متمكنا من التستر وانكان واجدا الساتر، فاذا كان غير متمكن من الستر بالنسبة الى ذاك الزمان المتخلل ، يعمه ادلة صلوة العارى بالنسبة اليه كما عمته بالنسبة الى الاجزاء السابقة ، هذا مضافا الى حديث لا يعاد له بعدكونه غير قادر على الستر في تلك المقدار من الزمان ، هذا كله مضافا الى سقوط اصل شرطية التستر بالنسبة الى هذه الصلوة بالمزاحمة بماهو الاهم منه من مراعات الوقت كما هو واضح ومنه يظهران الاقوى فى الصورة الثانية وهى ما اذا وجد الساتر في الاثناء فى وقت لا يسع الا لركعة واحدة لواستانف الصلوة هو صحة صلوته سواء توقف الستر على فعل المنافى ام لا ، وذلك لصحة مامضى منها عريانا على ما سيجئى بيانه ، و بعد ما صار قادرا على التسر سقط شرطيته بالمزاحمة بالوقت فى الباقى منها ، لكن هذا بناءكون مفاد ادلة من ادرك هو تنزيل ادراك ركعة من الصلوة منزلة ادراك جميعها ، و بعبارة اخرى مفادها اجزاء الصلوة التى وقعت ركعة منها فى الوقت عن اعادتها من دون تعرض لها للاداء والقضاء ، واما بناء على كون مفادها هو تنزيل ادراك مقدار ركعة من الصلوة فى الوقت منزلة ادراك تمامها فيه ، فالاقوى مراعاة الستر برفع اليد عن هذه الصلوة والاستيناف مع الساتر وذلك لانه حينئذ يكون المقام من تزاحم ماله بدل مع مالا بدل له ، فيقدم مالا بدل له وهو الستر على ماله البدل وهو الوقت واما الصورة الاولى ، وهى ما اذاكان

ص: 220

وجدان الساتر فى سعة الوقت بحيث لو ترك هذه الصلوة ادرك الصلوة كلها في الوقت ، فعلى القول بان الموضوع لجواز الصلوة عاريا من كان غير متمكن من الستر في مجموع الوقت ، فالاقوى رفع اليد عن هذه الصلوة والاستيناف ساترا مطلقا ولوكان التستر به موقوفا على فعل المبطل ، وذلك لان التمكن من الستر في الاثناء يكشف عن عدم كونه موضوعا لهذا الحكم ، و عدم صحة صلوته هذه وانعقادها فاسدة واما على القول بان الموضوع لهذا الحكم هو الغير المتمكن الفعلى كما هو المختار ، فالحق فيها التفصيل بين ما توقف الستر على فعل المنافي فيرفع اليد عن هذه الصلوة ومالم يتوقف على فعله فيتبادر الى الستر و يمضى فى صلوته هذه اما رفع اليدعنها فى الفرض الاول ، فلان اتمام هذه الصلوة عاريا لادليل عليه ، بل مقتضى ادلة اشتراط الصلوة بالستر لمن تمكن منه فساد هذه الصلوة ، وتحصيل الستر للاجزاء الباقية لا يجدى فى صحتها بعدكونه متوقفا على فعل المنافى المبطل لها.

و توهم ان بعد فرض شمول اطلاق ادلة جواز الصلوة للعارى ، لمن يكون عاريا حين الشروع فيها ولوكان في الواقع ممن يتمكن من الستر من الاثناء ، لابد من امكانكون صلوته هذه صحيحة مجزية ، لاستحالة امر الحكيم العالم بالعواقب بما يكون لغوا باطلا ، فلابد اما من القول بعدم شمول الادلة لهذا العارى ، و هذا خلاف الفرض ، واما من الالتزام بصحة صلوته و لزوم اتمامها عاريا ، وهو المطلوب بل هذا العارى مندرج فيمن لا يتمكن من الستر في مجموع الصلوة ، وذلك لان الستر بالنسبة الى القطعة الباقية من الصلوة ، حيث يتوقف على فعل المنافي ، وهو موجب للبطلان الممنوع شرعا والممنوع الشرعى كالممتنع العقلى ، فلا يكون التستر بالنسبة الى تلك القطعة ايضا ممكنا ، ومعه يندرج فيمن لا يتمكن من الستر في مجموع الصلوة .

مدفوع بمنع شمول اطلاق ادلة جواز الصلوة للعارى لهذا العارى ، اذ لمنساق منها من كان غير متمكن من الستر في مجموع العمل ودعوى اندراج هذا العارى فيمن لا يتمكن من الستر فى مجموعه ، لتوقفه بالنسبة الى القطعة الباقية

ص: 221

على ايجاد المنافى المبطل الممنوع شرعا ، فلايكون الستر بالنسبة الى تلك القطعة ايضا ممكنا مدفوعة بان شمول لا تبطلوا المقام فرع امكان الاتمام صحيحا ، فلا يمكن اثبات امكانه كك بلا تبطلوا الا على وجه دائر كما هو واضح فتبين مما ذكرنا ان الاقوى هو الحكم ببطلان الصلوة فيهذه الصورة.

واما لزوم المبادرة إلى الستر والمضى في الصلوة ، في الصورة الثانية وهي ما لم يتوقف الستر على ايجاد المنافي ، فلان اطلاق ادلة صلوة العارى و ان لم يشمل هيئة لهذا العارى، لما مر من ان المنساق منها هو الغير المتمكن من الستر فى مجموع العمل، لكن نستكشف منها باطلاقها مادة ، او بالملازة العرفية بين العفو عن السترفى مجموع الصلوة والعفو عنه في بعضها ، ان القطعة الماضية من هذه الصلوة الواقعة في حال عدم التمكن من الستر غير مشروطة بالستر والقطعة الباقية منها المفروض وجدانها للستر، والقطعة الواقعة منها بين وجدان الساتر والتستر به ، وان وقعت عريانا، لكن خلوها عن الستر حيث لا يكون باختياره، فيعمه حدیث لاتعاد الحاكم على ادلة الاجزاء والشرائط والناظر الى الصلوة الشخصية ، بل يعمه نفس ادلة صلوة العارى ان المراد من العارى من لم يتمكن من التستر لامن لم يجد الساتر ، فمجرد وجود الساتر مع عدم التمكن من التستر به لا یوجب انقلاب حکمه و توهم انه وان لم يتمكن من التستر بالنسبة الى هذا الفرد من الصلوة ، لكنه متمكن منه بالنسبة الى طبيعة الصلوة المامور بها ، وقد مر أن المدار في سقوط الشرط على تحقق الاضطرار الى تركه بالنسبة الى اصل طبيعة الصلوة المامور بها ، فتحققه بالنسبة الى خصوص هذا الفرد لا اثر له مدفوع بانه لوكان المدار على تحقق الاضطرار بالنسبة الى نفس الطبيعة ، لكان اللازم بطلان الصلوة فيما لووجد الساتر بعد الصلوة ايضا ، و هذا خلاف ما هو المستفاد من الادلة من ان المدار على تحقق الاضطرار بالنسبة الى الفرد و ان الموضوع للحكم هو الغير المتمكن الفعلى لا في مجموع الوقت ، هذا مضافا الى ما عرفت انفا من شمول حديث الرفع الناظر الى الصلوة الشخصية له ، فلامجال لهذا الاشكال اصلا .

ص: 222

المسئلة السادسة

المسئلة السادسة لو اضطر المصلى الى لبس ما يكون ممنوعا عن الصلوة فيه، فتارة يكون المضطر اليه جنسا واحدا كما اذا كان نجسا او مغصوبا او غير ماكول ، فلا اشكال في جواز الصلوة فيه ، فانه مقتضى الجمع بين مادل على ان الصلوة لاتترك بحال و ما دل على رفع ما اضطروا اليه واخرى لا يكون المضطر اليه من جنس واحد ، كما، اذا كان لباسه منحصرا في ثوبين وكان احدهما نجسا والاخر غير ماكول ، واضطر الى لبس احدهما لحفظ نفسه عن البرد وفيهذه الصورة ، تارة تكون جهة المنع فيهما واحدة بان يكون كل منهما محرما وضعا فقط كالمثال ، او محرما نفسا كك كما اذا كان احدهما غصبا والاخر خارجا عن عن زيه كالمختص بالنساء للرجال او بالعكس واخرى تكون جهة المنع فيهما مختلفة ، بان يكون احدهما محرما وضعيا والاخر محرما نفسيا، كما اذا كان احدهما مما لا يؤكل والآخر غصبا وثالية تكون جهة المنع في احدهما متعددة ، بان يكون محرما وضعا و تكليفا كالحرير والذهب للرجال ، وفى الاخر واحدة بان يكون محرما وضعا فقط او تكليفا كك ففى الصورة الاولى التى تكون جهة المنع فيهما من جنس واحد، ان لم تكن لاحد الممنوعين وضعا او تكليفا اهمية بالنسبة الى الاخر ، كان مخيرا في رفع الضرورة بايهما شاء ، و انكانت لاحدهما اهمية كك كما في دوران الامر بين رفعها بلبس المغصوب او ماليس زيّه ، تعين عليه رفعها بغير الاهم وهو ماليس زيّه في المثال وفي الصورة الثانية وهى ما اذا كان احدهما محرما نفسا فقط والاخر محرما وضعا كك ، الاقوى انه يتعين عليه رفع الضرورة بالمحرم الوضعى ، لان مانعية المحرم النفسي ، وانكانت ناشئة عن حكم العقل ، اما من جهة اتحاده مع الواجب التعبدى المانع عن حصول القرب به ، او من جهة مزاحمته له و اهميته منه ، ولم يقم دليل شرعي على تقيد الصلوة بعدمه ، الا انه حيث دار الامر في المقام بين رفع الضرورة بارتكابه و بين رفعها بترك الصلوة الجامعة لجميع الاجزاء والشرائط المعتبرة فيها، فمقتضى القاعدة هو مراعاة المحرم النفسى بترك ارتكابه، والاتيان بالصلوة الفاقدة لهذا القيد العدمي و ذلك لان الصلوة لغير الجامعة لجميع ما اعتبر فيها مطلوبة ايضا في حال الاضطرار (.)

ص: 223

دل على عدم سقوطها بحال ، والمحرم النفسي مطلق بحسبها ، فتكون المزاحمة بينهما من مزاحمة مالا بدل له مع ماله البدل ، وقد حقق في محله ان مالا بدل له مقدم على ماله البدل ، از ماله البدل ليس فى تركه تفويت لمطلوب المولى راسا ، اذ ليدله مرتبة ناقصة من المطلوبية فيجبر بها مقدار ممافات من غرضه بتركه ، بخلاف

ماليس له البدل فان تركه مفوت لمطلوبه راسا .

و توهم انه كما ان الصلوة الجامعة لجميع الاجزاء و الشرائط مقيدة مادة بحال الاختيار ، كذلك المحرمات النفسية ، ضرورة حكومة حديث الرفع على جميع ادلة الاحكام وضعية كانت ام تكليفية ، فكما ان الصلوة الجامعة لجميع الاجزاء والشرائط مقيدة مادة بحال الاختيار و ليست مطلوبة فى حال الاضطرار ، كذلك المحرمات النفسية مقيدة مادة بحال الاختيار مبغوضة حال الاضطرار ، والمفروض ان الاضطرار في المقام متعلق بالجامع ، و هو احد الامرين لا بعينه دون احدهما ، المعين فتخصيصه بخصوص الممنوع وضعا ترجيح بلامرجح ، فالامر يدور حينئذ مدار احراز الاهمية و عدمه مدفوع اولا بمنع حكومة حديث الرفع على ادلة و المحرمات، لان الرفع انما يتعلق بالأمر الوجودى ، وما هو المطلوب في المحرمات هو تركها الذي هو امر عدمى لا يتعلق به الرفع و ثانيا ان كون الحديث الشريف حاكما على ادلة الاحكام بمعنى كونه مقيدا لها مادة ، كى يكون منوعا لها حسب تنوع المكلف الى المختار والمضطر ، نظير تنوعها بتنوعه الى الحاضر والمسافر ، بحيث يجوز له اختيارا ادخال نفسه فى اى العنوانين شاء كما يجوز له ذلك بالنسبة الى عنوانى الحاضر والمسافر ، ممنوع جدا ، بل حكومته على ادلة الاحكام ، انما هو بلحاظ ما يترتب على امتثالها في حال الاضطرار من فوت ماهو اهم منها ، ففى الحقيقة كل من الصلوة التامة الاجزاء والشرائط والمحرم النفسى، مطلق بحسب المادة غير مقيدة بحسبها بحال الاختيار، و انما جاز ترك الصلوة التامة واتيان الصلوة الفاقدة لقيد عدم وقوعها فى غير الماكول، لما يترتب عليه من ادراك ما تشتمل عليها هذه الصلوة من المرتبة الناقصة من مطلوب المولى الجابرة لبعض مافات من مطلوبه التام

ص: 224

بسبب ترك الصلوة التامة ، و عدم ارتكاب ماهو مبغوض له من المحرم النفسي ، فانه المقدار الممكن من الجمع بين الحقين للمولى و يشهد لما ذكرنا من عدم كون الحديث مقيدا للواجبات والمحرمات مادة بحال الاختيار بحيث يكون منوعا لهما بتنوع المكلف الى المختار والمضطر، وان تجويز ترك الواجبات وارتكاب المحرمات فى مقام الاضطرار انما هو بلحاظ مزاحمتهما بما هواهم منهما ما هو المفتى به عند الاصحاب من عدم جواز تحصيل الاضطرار للمكلف اختيارا ، بالذهاب الى مكان يعلم باضطراره فيه الى ارتكاب المحرم ، او الصلوة الفاقدة لبعض القيود المعتبرة فيها، و من حكمهم بجريان حكم الاكراه فى المباحات التى لها اثار وضعية كالبيع والاجارة و غيرهما ، بمجرد الايعاد على تركها باذهاب العرض بالتوهين في الملاء باستهزاء او فحش و نحوهما ، و بعدم جريان حكمه فى الاحكام الالزامية من الواجبات و المحرمات ، الا فيما كان الايعاد على فعل الواجب و ترك المحرم بمثل قطع اليد وضرب العنق ، دون ماكان الايعاد عليهما بمثل الاستهزاء والفحش في الملاء ، فان من عدم تجویز هم تحصيل الاضطرار اختيارا الى فعل المحرم او الصلوة الفاقدة لبعض قيودها كالطهارة المائية ، يستكشف ان الحديث الشريف ليس بصدد تقييد الاحكام مادة بحال الاختيار، كي يكون منوعا لها حسب تنوع المكلف الى المضطر والمختار، اذ لو كان مقيدا لها كك ، لما كان وجه لعدم تجويزهم تحصيل الاضطرار اختيارا في هذا المقام ، مع تجويز هم تحصیل عنوانى المسافر والحاضر اختيارا ، بعد كون المقامين من واد واحد كما ان من فرقهم بين الاكراه على المباحات و غيرها من الواجبات والمحرمات ، بالحكم بجريان حكمه في المباحات بادنى ضرر عرضی يترتب على تركها ، والحكم بعدم جريان حكمه فى الواجبات والمحرمات ، الا فيما اذا تربت على فعل الواجب وترك المحرم ضرر نفسی او بدنی ، يستكشفان الملحوظ للشارع المقدس فى رفع الاحكام الالزامية عند الاكراه والاضطرار ، هو مزاحمتها بما هواهم منها من حفظ النفس و نحوه.

ومما ذكرنا من ان الملاك في تجويز رفع الاضطرار بترك الواجب وفعل

ص: 225

المحرم هو مراحمتهما بما هواهم منهما ، ظهر ان المتعين فيما احرز اهمية ماله البدل من المتزاحمين مما لا بدل له، كما اذا كان مقدار تفاضل ماله البدل على بدله اشد اهتما ما عند المولى مما لا بدل له ، هو رفع الاضطرار بما لابدلله فتامل جيدا فان مطلوبية ماله البدل لو كانت بهذه المثابة من الاهتمام بحيث لا يرضى المولى بفوت شيء من مصلحتة، لماجعل له البدل عند الاضطرار الى تركه، بل الزم العبد باتيانه مطلقا ولو حال الاضطرار ، ان المراد من الاضطرار المجوز لترك الواجب وفعل الحرام، ليس هو الاضطرار العقلى المقابل للقدرة كى يكون التكليف معه تكليفا بغير المقدور ، كيف والا لم يكن فى رفع ما اضطر اليه هذه الامة عنهم منة عليهم ، بل كان رفعه عن جميع الامم لازما بحكم العقل، بل المراد منه كما اشرنا اليه سابقا هو الاضطرار العرفى اى مالا يطاق ولا يتحمل عادة، و هو البالغ حد الالتجاء المتوسط بين عدم القدرة والحرج ثم ان ما ذكرناه من تعين رفع الاضطرار بما له البدل ، عند احراز تساويه مع مالا بدل له فى المطلوبية ، و تعين رفعه بمالا بدل له عند احراز اهمية ماله البدل بحيث لا يرضى المولى بفوت شيء من مصلحته المراعاة مالا بدل له ، مما لا اشكال فيه فتامل وانما الاشكال فيما اشتبه الحال ولم يحرز احد الامرين وانه هل يكون مجردكون احدهما مما لا بدل له موجب التعين رفع الاضطرار بماله البدل و ان احتمل كونه اهم مما لا بدل له ام لا وجهان اختار الاول منهما الاستاد دام ظله ، لان عدم البدل لاحد المتزاحمين فيحد نفسه مرجح له اولا اهمية الاخر ، ولذا يقدم على ماله البدل عند تساويهما فى المطلوبية ، والمرجح اذا كان محرزا في احد المتزاحمين ولم يكن محرزا فى الاخر وانكان محتملا ، يكفي في ترجيحه على الآخر ، ولذا نرى بالوجدان فيما وقع التزاحم بين انقاذ الغريقين ، و كان احدهما محرز العالمية والآخر مجهول الحال ، ان العقل يحكم بتعين انقاذ من كان محرز العالمية ، وان احتمل كون الاخر ايضا عالما بل اعلم ، وما نحن فيه ايضا من هذا القبيل فان عدم وجود البدل للمحرم النفسى كالغصب مثلا يكون فيحد نفسه مرجحا له في قبال وجوده للصلوة التامة ، فاذا دار امر المكلف بين الصلوة في اللباس

ص: 226

الطاهر المغصوب كى تكون صلوته واقعة فى اللباس الطاهر ، و بين الصلوة فى اللباس النجس التي هي بدل عن الصلوة فى اللباس الطاهر، فالعقل يحكم قطعا بان الشارع يمنعه عن الصلوة فى اللباس الطاهر المغصوب ، وبعد معه عنها تصير الصلوة في الثوب الطاهر ممنوعة غير مقدورة له شرعا ، وينتقل تكليفه الى بدلها وهى الصلوة فى الثوب النجس و من هنا يظهر الحال فى فرعين ، احدهما ما اذا انحصر الماء في المغصوب ، فان الامر فيه يدور بين التصرف فيه بالوضوء منه واتيان الصلوة مع الطهارة المائية، و بین ترکه و اتيانها مع الطهارة الترابية التى هى بدل عن المائية ، وحيث علمنا أهمية ارتكاب الغصب عند الشارع من ترك الصلوة مع الطهارة المائية ، نستكشف انه ممنوع شرعا عن ارتكابه ، ومندرج بممنوعيته عنه فيمن يكون فاقد الماء الذى تكليفه الصلوة. اليتمم ثانيهما ما اذا اضطر الى لبس احد الممنوعات لاجل الستر الصلوتى لا للتحفظ عن البرد، فانه ان كان ذاك اللباس ممنوعا تكليفا تعين عليه الصلوة عاريا، لان الممنوع تكليف الابدلله ، والصلوة مستوايكونها البدل وهى الصلوة عاديا ، فيستكشف العقل ممنوعيته شرعا عن ارتكاب ذاك المحرم النفسى ، ودخوله بها فيمن لم نصیب شیئا يستر به عورته الذى تكليفه الصلوة عاريا، وانكان ذاك اللباس ممنوعا وضعا فقط كالنجس، فالامر يدور بين الصلوة مع المانع و هو التستر بالنجس ، و بين الصلوة بلا شرط وهو الستر وحيث ان كلا منهما يكون تكليفا بدليا، فان الصلوة بلاستر وعاريا بدل عن الصلوة مستترا ، والصلوة مع الثوب النجس بدل عن الصلوة فى الثوب الطاهر ، فلامرجح لشيء منهما فى البين، فبضميمة قوله علیه السّلام الصاوة لا تترك بحال نستكشف ان المجعول فى حقه شرعا احد الامرين تخييرا، هذا تمام الكلام في الصورة الثانية.

واما الصورة الثالثة وهى ما اذا كانت جهة المنع في أحد الممنوعين المضطر الى احدهما متعددة ، بان يكون محرما وضعيا ونفسيا كالذهب والحرير للرجال، وفى الاخر واحدة بان يكون محرما وضعيا فقط كغير المأكول او نفسيا فقط كالمغصوب فقد يقال بتعين رفع الاضطرار بذى جهة واحدة سواء كان محرما وضعيا او نفسيا اما على الاول فلانه لا مهرب له عن اتيان الصلوة المقرونة بالمانع على كل تقدير سواء رفع الاضطرار بذى جهتين او بذى جهة واحدة ، وانما الفارق هو ابتلائه في

ص: 227

الاول بالمحرم النفسى ايضا ، وهذا بخلاف الثانى فانه مستريح فيه عن هذا المحذور فتعين رفع الاضطرار به واما على الثانى فلانه لا مهرب له عن ارتكاب المحرم النفسى على كل حال ، وانما الفارق هوانه لورفع الاضطرار بذى جهتين لكان اتيانا لصلوة المقرونة بالمانع ، ولورفعه بذى جهة واحدة لكان اتيا بالصلوة التامة فيتعين رفع الاضطرار به و توهم ان مع رفعه به يكون ايضا اتياً بالصلوة المقرونة بالمانع ، لاتحادها مع الحرام النفسى المانع عن التقرب بها مدفوع بمامر من ان اتحاد الصلوة مع الحرام النفسى انما يمنع عن التقرب بها فيما اذا كان فعليا منجزا ، فمع سقوطه عن الفعلية بالمزاحمة كما نحن فيه فلامانع عن التقرب بها ، هذا ماقيل في وجه تعين رفع الاضطرار بذى جهة واحدة عند مزاحمته بذى جهتين وفيه ان الملاك عند العقل في تقديم احد المتزاحمين على الاخر ، هو احراز الأهمية له من الاخر ، ولا اثر عنده لوحدة الجهة وتعددها في التقديم اصلا ، اذرب جهة واحدة لا يقاومها عشر جهات ، ولذا لو وقع الدوران بين لبس المغصوب او الذهب والحرير ، يحكم العقل بمراعات الغصب ورفع الاضطرار بالحرير والذهب، لان مانعية الغصب وانكانت ناشئة من حكم العقل ، الا انه حيث يكون من حقوق الناس وغيره من الموانع من حقوق الله تعالى، ففى موارد تزاحمه مع غيره يحكم بلزوم مراعاة جانبه لماهو المسلم عندهم فى سائر الابواب من لزوم مراعات حق الناس عند وقوع التزاحم بينه وبين حق الله .

المسئلة السابعة

المسئلة السابعة لو انحصر لباسه فى ثوبين احدهما محلل والآخر محرم ، و اشتبه احدهما بالآخر ، فتارة يكون كلاهما تكليفيين كاشتباه المباح بالغصوب ، و اخرى يكون كلاهما وضعيين كاشتباه المأكول بغيره ، وثالثة يكون كلاهما وضعيين وتكليفيين كاشتباه الحرير بماليس بحرير اما الصورة الاولى ، فالاقوى فيها هو اختيار احد الثوبين والصلوة فيه مطلقا ولومع سعة الوقت ، لاتركهما والصلوة عريانا الذي اخترناه في دوران الامر بين الصلوة فى المغصوب او الصلوة عاريا ، وذلك لدوران الامر في المقام بين ترك كلا الثوبين ، والصلوة عريانا لاحراز الموافقة القطعة للنهى الغصب ، المستلزمة لحصول المخالفة القطعية للامر بالصلوة مع السائر المباح

ص: 228

الموجود فى البين، وبين اتيان الصلوة فى احدهما كي يحرز به الموافقة القطعية لاحد التكلفين والاحتمالية للاخر لانه انكان الثوب الذي صلى فيه هو الثوب المباح فقد حصلت الموافقة القطعية لكلا التكليفين ، وانكان هو الثوب المغصوب فقد وافق الامر بالصلوة مع الساتر وخالف النهي عن الغصب ، فموافقة الأمر بالصلوة مع الساتر قطعية على كل تقدير وموافقة النهى عن الغصب محتمل ، ومن المعلوم ان الموافقة القطعية لاحد الحكمين والاحتمالية للاخر، مقدم عقلا على موافقة احدهما قطعا مخالفة الاخركك وقياس المقام بمامر فى دوران الامر بين ارتكاب الغصب والصلوة ساترا و بین ترکه والصلوة عاريا من ان المتعين هو ترك الغصب والصلوة عاريا مع الفارق ضرورة ان الدوران هناك كان بين نفس التكلفين فى مرحلة الامتثال لعجز المكلف عن امتثال كليهما ، وحيث ان الصلوة ساترا كان لها بدل شرعا عند الاضطرار وفقد الساتر وهى الصلوة عاريا ، ولم يكن للغصب بدل كك . فالعقل يستكشف من اهمية الغصب و عدم البدل له ، ان الشارع يمنع فيهذا الحال عن ارتكابه ، و بمنعه عنه يندرج المكلف فيمن لم يصب شيئا يستر به عورته المحكوم بالصلوة عاريا هذا بخلاف المقام ، فان الدوران فيه ليس بين التكلفين لان المفروض انه واجد للسائر المباح ، وانما الدوران فيه فى مرحلة موافقة القطعية لكليهما من جهة الاشتباه فى الموضوع ، وقد عرفت انفا ان الترجيح في المقام ، لولم يكن للموافقة القطعية لاحدهما والاحتمالية للآخر، لم يكن للموافقة القطعية لاحدهما والمخالفة كك للاخر ، كى يستكشف من ترجيحها منع الشارع عن ارتكاب الغصب تحصيلا لموافقته القطعية وجعله البدل للصلوة التامة حتى يحصل المخالفة القطعية لها و حاصل الفرق بين المقامين ، ان الترجيح لاحد المتزاحمين الذى يكون سببا لاستكشاف العقل منع الشارع عن الآخر وجعل البدل له ، موجود في ذاك المقام ، وليس موجودا في مقامنا هذا فتبصر.

واما الصورة الثانية و هى ما اذا كان الاشتباه بين المجلل والمحرم الوضعيين

كالمشتبه بغير المأكول فان كان الوقت موسعا ، فلاشبهة في انه يتعين عليه تكرار

ص: 229

الصلوة باتيانها في كل من الثوبين، لانه واجد للثوب المحلل وقادر على اتيان الصلوة فيه بالتكرار ، فيتعين عليه ذلك تحصيلا للقطع بوقوعها فيه واما لو كان الوقت مضيقا الاعن اتيان صلوة واحدة ، فان احرز اهمية احدهما تعين عليه مراعاة ، والا كان مخيرا في الصلوة فى ايهما شاء ، الاعاريا و ذلك لجريان ما ذكرناه في الصورة الاولى فيهذه الصورة ايضا ، انمع صلوته فى احد الثوبين ، انكان هو الثوب المحلل وضعا ، يكون اتيا بالصلوة التامة، وانكان هو الثوب المحرم وضعا يكون مخلا ببعض قيودها العدمية ، ففى الصلوة في كل منهما احتمال الموافقة للصلوة التامة وان احتمل المخالفة لها ايضا ، وهذا بخلاف ما لوصلى عاريا فانه يقطع بمخالفته للصلوة التامة ، ومن المعلوم انه لولم يكن الموافقة الاحتمالية للصلوة التامة راجحة على مخالفتها القطعية عقلا ، فلااقل من عدم مرجوحيتها بالنسبة اليها ، فاذا لم يكن جهة راجحة للثانية ، لم يكن وجه لاستكشاف العقل عدم تجويز الشارع الصلوة فى الثوب المحرم المشتبه الموجود فى البين ، المستلزم لتركها في كلا الثوبين ودخوله بذلك فيمن لم يصب شيئا يستر به عورته کی یلحقه حكمه والحاصل ان بعد احتمال موافقة الصلوة فى احد الثوبين للصلوة التامة الواجدة لجميع الاجزاء والشرائط والقطع بمخالفة الصلوة عاريا للصلوة التامة ، لاوجه لاستكشان تبدل تكليفه بالصلوة التامة الى التكليف بالفاقدة لبعض قيودها ، ومعه يتعين على الصلوة فى احد الثوبين ، لاعاريا الشك التكليف بالصلوة التامة عنه فيهذا الحال.

و مما ذكرناه ظهر حال الصورة الثالثة، وهى ما اذا كان الاشتباه بين المحرم التكليفى والوضعى بالمحلل كك، كاشتباه الذهب او الحرير بغيرهما، فان حالها حال الصورة الاولى التي عرفت انه لا دليل فيها على تبدل تكليفه الى الصلوة عاريا مع كونه واجدا للثوب المحلل واقعا غير مضطر الى العريانية ، هذا فيما اذا انحصر لباسه في ثوبين احدهما محلل والاخر محرم واشتبه احدهما بالاخر.

واما اذا انحصر لباسه فى ثوب واحد وشك فى انه من المحلل او المحرم ، ففيه ايضا الاقسام الثلثة لمتصورة فى الفرض السابق ، فانه تارة يكون المحرم المشكوك

ص: 230

حرما تكليفيا فقط كالغصب ، واخرى محرما وضعياكك كغير المأكول ، وثالثة محرما تكليفيا و وضعيا كالحرير ففى الصورة الاولى لا اشكال في صحة الصلوة فيه مطلقا، سواء قلنا بان ما نعيته وضعا ناشئة عن حرمته تكليفا، اوقلنا بان كلتيهما ناشئتان في عرض واحد عن مبغوضيته الذاتية اما على الأول فلما مر من ان مانعيته الوضعية تابعة لفعلية حرمته التكليفية و تنجزها ، فاذا ارتفع تنجز حرمتة التكليفية باصالة البرائة ارتفع ما نعيته ايضا بطريق القطع ، لانه مقتضى تبعيتها لتنجز حرمته التكليفية و اما على الثاني فلارتفاع حرمته وما نعيته ظاهرا باصالة البرائة عنهما ، بناء على ما هو المختار من جريانها في الشبهة الموضوعية للمانع كما لا اشكال ايضا على هذا المبنى في صحة الصلوة فيه فى الصورة الثانية ، ولو على القول باعتبار عدم الموانع المذكورة فى الساتر ، فانه على هذا القول وانكان مقتضى القاعدة مع تبين ما نعيته تعين الصلوة عاريا ، لانه غير قادر على الستر المعتبر و دليل ما نعيته يمنعه عن الصلوة فيه ، كما ان مقتضاها على القول بعدم اعتبار عدم الموانع فى الساتر هو التخيير بين الصلوة فيه والصلوة عاريا ، وذلك لدوران الامر بين الصلوة الفاقدة لشرط الستر والصلوة المجامعة مع المانع ، وحيث لم يحرز اهمية احديهما، ولا تكون الصلوة ساقطة رأسا ، فلابد من التخيير بينهما لكن مع اشتباه حال الثوب وعدم تبين ما نعيته كما هو محل البحث ، يكون مقتضاها تعين الصلوة فيه اذ ما نعيته مرفوعة بالبرائة ، وهى وان لم تكن مجدية في احراز وقوعها مع الستر المقيد بعدم المانع ، لكنه حيث يكون شاكا في قدرته على الستر المقيد ومقتضى القاعدة فيه هو الاشتغال فلا يجوز له الصلوة عاريا و انما الاشكال في صحة الصلوة فيه بناء على القول بالاشتغال في الشبهة الموضوعية للمانع ايضا ، فانه قد يقال بتعين الصلوة فى المشكوك عليهذا القول ايضا ، لان القول بالاحتياط فى تلك الشبهة ، هوانماللزوم احراز الموافقة القطعية للامر المتعلق بالصلوة التامة الواجدة لجميع قيودها ، والمفروض في المقام عدم امكان احراز الموافقة القطعية للصلوة التامة بالاحتياط وترك الصلوة فى مشكوك المانعية ، انمع تركها فيه واتيانها عاريا تكون فاقدة لشرط الستر، فلاتكون جامعة لجميع القيود المعتبرة فيها ، بل

ص: 231

الأمر فى المقام يدور بين الموافقة الاحتمالية لكلا القيدين قيد الستر وقيد الصلوة والموافقة القطعية لاحدهما والمخالفة القطعية للاخر ، فانه لوصلى فى المشكوك يحتمل ادراكه لكلا القيدين وان احتمل فوتهما عنه ايضا، ولوصلى عاريا يقطع بادراك احدهما وهو عدم وقوع الصلوة مع المانع و بفوت الاخر وهو الستر المعتبر فيها، ولا ترجيح للثانى كى يستكشف منه جعل الشارع البدل في حقه وهى الصلوة عاريا، هذا بناء على تقييد الستر بعدم كونه بالممنوعات وكذا الحال بناء على عدم تقييده بذلك، وكون عدم الممنوعات معتبرا في الصلوة فى عرض اعتبار السترفيها ، فانه لوصلى فى المشكوك يحتمل ادراك كلا قيدى الصلوة وان احتمل ايضا فوت احدهما وهو عدم المانع ، ولوصلى عاريا يقطع بادراكه لاحدهما وهو عدم المانع و بفوت الآخر وهو شرط الستر، ولا مرجح للثانى كى يستكشف منه جعل البدل وهى الصلوة عاريا في حقه هذا ولكن الحق على كلا المبنيين ، هو الاحتياط بتكرار الصلوة واتيانها مع المشكوك تارة وعاريا اخرى مع سعة الوقت ، والتخيير بينهما مع ضيقه اما على مبنى تقييد الستر بعدم كونه بالممنوعات ، فلاحتمال كون الثوب ممنوعا واقعا وكونه مكلفا بالصلوة عاريا ، واحتمال كونه غير ممنوع كك وانه مكلف بالصلوة فيه لكونه واجد الفيدكل من الستر والصلوة ، ومقتضى الجمع بين الاحتمالين بعد المنع عن جريان البرائة بالنسبة الى احتمال ما نعيته ، هو الاحتياط بتكرار الصلوة مع الثوب تارة وعاريا اخرى مع سعة الوقت والتخيير بينهما مع ضبقه و اما على مبنى عدم تقييد الستر ، فلانك قد عرفت ان مع تبين حال اللباس والقطع بكونه ممنوعا يكون مقتضى القاعدة هو التخيير بين الصلوة فيه والصلوة عاريا مع ضيق الوقت والتكرار مع سعته ، وفى المقام لو فرضنا المشكوك كالمقطوع كما هو مقتضى البناء على الاحتياط في الشبهة الموضوعية للمانع ، فلازمه مع سعة الوقت الاحتياط بتكرار الصلوة عاريا ، مراعاة لاحتمال ما نعيته ، والصلوة مع الثوب مراعاة لاحتمال شرطيته ، والتخيير بينهما مع ضيق الوقت ومما ذكرناه في الصورتين المتقدمتين ، يظهر الحال في الصورة الثالثة ، وهى ما اذا كان المحرم المشكوك محرما تكليفيا و

ص: 232

وضعيا كالحرير، فانه لو كانت حرمته الوضعية تابعة لفعلية حرمته التكليفية وتنجزها فبارتفاع تنجز حرمته التكليفية باصالة البراته، ترتفع حرمته الوضعية ايضا بطريق القطع على مامر بيانه، ولو كانت حرمته الوضعية في عرض حرمته التكليفية او مرتبة على حرمته التكليفية الواقعية وان لم تكن منجزة، فعلى القول بالبرائة فيما يشك كونه مانعا بالشبهة الموضوعية ، يجوز صلوته فيه بواسطة احراز حلية لبسه او حلية الصلوة فيه باصالة الحل ، وعلى القول بالاحتياط في الشبهة المزبورة ايضا ، فقد عرفت ان الحق هو تعين الاحتياط عليه ، بتكرار الصلوة مرة مع المشكوك احتياطا للشرط، واخرى عاريا احتياطا للمانع مع سعة الوقت، والتخيير بينهما مع ضيقه ، من غير فرق في ذلك بين البناء على ما هو المختار من عدم تقييد الستر المعتبر في الصلوة بعدم كونه بالممنوعات ، والبناء على تقييده بذلك كما مر بيانه فى الصورة السابقة فتذكر.

البحث الرابع في مكان المصلى،

وتنقيع البحث فيه يتم برسم مقدمة ومباحث اما المقدمة ففى تعريفه، و هو لغة وعرفا الفضاء الذى يشغله الجسم، وعرّف فى اصطلاح الفقهاء بتعاريف لا تسلم عن الخدشة ، فان من احسنها ماعرفه به بعضهم من انه الفراغ الذى يشغله بدن المصلى ، وفيه ان المراد من الفراغ الذي يشغله بدن المصلى ، انكان هو البعد الذي يشغله الجسم كما فسره به الحكماء الاشراقية ، اوكان المراد منه هو السطح الباطن للجسم الحاوى المماس للسطح الظاهر للجسم المحوى کما فسره به الحكماء المشائية ، فيلزم منه عدم بطلان الصلوة على الفرش المغصوب لان الفرش خارج عن البعد الذى يشغله بدن المصلى، و ليس حاويا الا بعضا من اعضاء المصلى ، ولا مماسا سطح باطنه سطح ظاهر المصلى بل يكون سطح ظاهره مماسا لسطح ظاهر المصلى ، وعدم بطلان الصلوة على الفرش الغصبى مخالف للفتاوى فالاولى ان يعرف بانه الفضاء الذي يشغله بدن المصلى ، والمحل الذي يستقر عليه حال تشاغله بالاكوان الصلوتية من القيام والقعود والركوع والسجود و غيرها من الافعال الصلوتية دون اقوالها ، فانها وانكانت مستلزمة لخرق ما فى الفضاء من الهواء و تحريكه ، لكنه لا يعذ عرفا تصرفا فى الهواء المملوك للغير كما لا يخفى هذا تمام

ص: 233

الكلام في المقدمة.

المبحث الثانی المباحث الصلوه

اشارة

و اما المباحث ،

فالاول انه يعتبر فى مكان المصلى

يعتبر فى مكان المصلى ان يكون التصرف فيه مباحا له ، بان يكون ملكا له عينا أو منفعة او ماذونا من مالكه كك او من وليه ، فلا تصح الصلوة فى المكان المغصوب عالما بعضبيته بلاخلاف يعتد به، بل نسب الى الخاصة الاجماع عليه، ففى المحكى عن الشهيد رضى الله عنه في الذكرى ان المغصوب تحريم الصلوة فيه مجمع عليه، و اما بطلانها فقول الاصحاب و عليه بعض العامة، بل المحكى عن كتب الاصحاب ، ان نسبتهم القول بالبطلان فيها الى علمائنا الامامية كثيرة واستدل عليه مضافا الى دعوى الاجماع عليه محصلا ومنقولا، بالخبر المروى فى تحف العقول عن امير المؤمنين سلام اخ عليه في وصيته لكميل ياكميل انظر فيما تصلى وعلى ما تصلى ان لم يكن من وجهه وحله فلا قبول ، وبما ذكرناه في لباس المصلى من انه اذا اتحد الاكوان الصلوتية مع التصرف الغصبى وجوداً تبطل الصلوة ، لانه يعتبر فيها وقوعها بداعى الامر وقصد القربة ، ومع اتحاد دافعا لها مع التصرف الغصبي المنهى عنه ، لا يمكن ان تكون مامورا بها ولا مقربة كي يؤتى بها بداعي الامر و يقصد بها القربة ، لاستحالة كون شيء واحد شخصی متعلقا للامر والنهي و مقربا الى المولى ومبعدا عنه ومحبوبا له و مبغوضا له ، فان استحالة اجتماع الضدين في واحد مما حكم به العقل ، و حيث ان محل البحث صورة وجود المندوحة وامكان اتیان الصلوة فى مكان مباح ، فلا يعم اطلاق اقم الصلوة هذه الصلوة المتحدة مع الغصب، كي يمكن اتيانها بداعى امرها ويقصد التقرب بها وتقع صحيحة واورد الاستاد دام ظله على الاستدلال بهذا الدليل العقلى ، بان اجتماع الضدين في محل واحد إنما يلزم فى المقام، لو كان المتعلق للأمر والنهي هو الموجه بالجهتين والمجمع لهما، كما اذا قال المولى أكرم العالم ولا تكرم الفاسق، فان المجمع لهذين العنوانين، هو المتعلق للامر باكرامه والنهي عنه لوحدة ما اخذ فيهما من الذات ، لان العالم هو الفاسق في المجمع وهو العالم الفاسق ، ولذا يقع التعارض بين الدليلين في الجمع، و يقدم دليل لا تكرم الفاسق على دليل اكرم العالم، لكون عموم الاول استغراقيا

ص: 234

وعموم الثاني بدليا، فيحكم بحرمة اكرام العالم الفاسق، دون ما اذا كان متعلق الامر والنهى نفس الجهتين، كما في المقام فان متعلق الأمر فيه هو الصلوة لا المصلى و متعلق النهى هو الغصب لا الغاصب ، كى يلزم من صحة الصلوة فى المكان المغصوب اجتماع الأمر والنهي في محل واجد شخصى ، فاذا كان متعلق الأمر والنهي نفس الجهتين المتبائنتين ، فلامانع عقلا عن صحة الصلوة فى المكان الغصبي ، و ذلك لان المقتضى للصحة موجود والمانع عنها مفقود فيؤثر المقتضى اثره ، اما وجود المقتضى فلان المفروض كون الصلوة واجدة لجميع ما اعتبر فيها شرعا من الاجزاء والشرائط، واما عدم المانع ، فلان المانع المتصور في المقام ، ليس الاحكم العقل بامتناع كون واحد شخصی متعلقا للامر والنهى ومحبوبا للمولى ومبغوضا له ومقربا اليه ومبعدا عنه ، والاجماع والخبر المحكى عن تحف العقول ، والاول وهو حكم العقل منتف في المقام بعد ما عرفت من ان متعلق الامر والنهى فيه شيئان متباثنان ، والثاني وهو الاجماع وانكان نقله متواترا ، لكن لولم يعلم بابنائه على هذا الحكم العقلى ، فلا اقل من احتماله ، كما يؤيده تخصيصهم البطلان بصورة العلم والاختيار ، حيث ان مانعية الغصب عليهذا الوجه العقلى مرتبة على الحرمة الفعلية المنجزة ، بخلاف ما لو كان الوجه للبطلان الاجماع او الخبر ، اذ حينئذ تكون ما نعيته مانعية ذاتية واقعية ، فلا تختص بصورة العلم ، بل تبطل الصلوة فى المكان المغصوب ولومع الجهل والنسيان كما تبطل معهما في الذهب والحرير فاذا كان ابتناء الاجماع على الوجه العقلى محتملا ، فلايكون المحصل منه حجة فضلا عن منقوله ، و اما الثالث و هو المروى عن التحف ، فلانه لضعفه سندا وقصوره دلالة ، لا يصلح للاستدلال به على مانعية الغصب عن الصلوة، انتهى ما افاده دام ظله ولكن مقتضى دقيق النظر صحة ما نسب الى الاصحاب من الحكم بالبطلان ، ولو مع العلم بابتناء حكمهم به على الوجه العقلى، وذلك لان كون الصلوة والغصب بنفسهما متعلقين للتكليف لامجمهما ، وانكان مجديا في دفع محذور اجتماع الضدين في محل واحد لكته لا يجدي في صحة الصلوة المجتمعة مع الغصب ايجادا و وجودا ، فان الاكو ان الصلوتية و انكانت حركة في

ص: 235

مقولة الوضع، والتصرف في الغصب حركة فى مقولة الاين، والمقولات و ان كانت باسرها متبائنة بالذات، فلا يمكن اتحادهما اعنى الصلوة والغصب وجودا، لكن حيث يكون كل منهما من مشخصات الاخر و ملازماته الوجودية، لاجتماعهما ايجادا و وجودا في المجمع وهو فعل المكلف، فلامحة يقع التزاحم بينهما في مقام الامتثال ، فان امتثال كل من الأمر بالصلوة والنهى عن الغصب، ملازم لترك امتثال الاخر و حيث ان الصلوة لها بدل لان محل البحث هو فرض وجود المندوحة، فلابد من ترجيح جانب النهى لعدم البدل له، فاذا لم تكن الصلوة المجتمعة مع الغصب مامورا بها ، لسقوط الأمر بها بالمزاحمة مع النهي عن الغصب فلا تقع صحيحة بل لا تكون مقدورة له شرعا، اذ بعد فرض عدم قدرته على امتثال كلا التكليفين، لما بين امتثال احدهما وترك امتثال الآخر من الملازمة ، يكون لزوم تقديم جانب النهى عليه شرعا وامتثال خصوصه، تعجيزا مولويا له عن امتثال الامر الصلوتى ، ومعه لاتصح تعلق الامر به، اذا لغير المقدور شرعا كالغير المقدور عقلا في قبح الامر به والبعث عليه.

ثم ان الفروع المتفرعة على القولين مما لا يخفى فانه على القول بكفاية تعدد الجهة فى الحكم بجواز الصلوة فى الغصب ، اذ مع تعددها لا يكون هناك اجتماع للامر والنهي كي يمنع عن صحتها ، تصح صلوته واقعا مطلقا ولومع تنجز النهي عن الغصب عليه بعلمه به فضلا عما اذا لم يكن النهى عنه منجزا عليه لجهله بالغصب و على القول بعدم كفاية تعدد الجهة فى الحكم بصحة الصلوة كما اخترناه ، لابد من التفصيل بين ما اذا كان النهي عن الغصب منجزا عليه فلا تصح صلوته ، وما اذا لم يكن منجزا عليه فتصح، و ذلك لما ذكرنا فى باب التزاحم ، من انه يعتبر في وقوع التزاحم بين الحكمين من جهة القدرة فى مرحلة الامتثال علم المكلف بهما ، اذ مع علمه بهما يتزاحم التكليفيان فى قدرة المكلف ويجر كل منهما قدرته الى نفسه ويشغله عن الاخر بخلاف مالوجهل احدهما ، فان المجهول غير قابل بحر قدرته الى نفسه فضلا عن شاغليته له عن غيره ومما ذكرنا ظهر عدم استقامة ما حكى عن بعض من المحققين، من التفصيل بين ما اذا لم تكن هناك مندوحة و بين ماكانت ، فتبطل الصلوة في الاول

ص: 236

لان الفرد الغير المقدور شرعا المزاحمته بالاهم لا يمكن تعلق الامر به، وتصح في الثانى لان القدرة على الطبيعة الجامعة بين الفرد المقدور والفرد الغير المقدور ، تكفى فى تعلق الامر بالفرد الغير المقدور توضيح عدم الاستقامة، هو ان الفرد الغير المقدور شرعا لمكان ملازمته مع المحرم الاهم و خروجه عن قدرة المكلف بالمزاحمة مع المحرم، لا يمكن ان يتعلق به الامر ولوتبعا، لاشتراكه مع الامر الاستقلالی به فى القبح ، هذا مضا لى ان انطباق الطبيعة المامور بها على افرادها و انكان قهريا ، لكن لا يوجب ذلك سراية الأمر بها الى جميع افرادها ، الا فيما اذا كان تعلق الأمر بها على نحو الاطلاق ، و تعلقه بها عليهذا النحو مع عدم مقدورية بعض افرادها شرعا ممنوع جدا ، هذا كله فيما علم بابتناء المسئلة على الوجه العقلى اعنى جواز اجتماع الأمر والنهى مع تعدد الجهة وعدم جوازه واما لو احتمل ابتنائها على ما تقدم من الاجماع البالغ نقله الى التواتر، فح اما نقول بان الاجماع المزبور و ان بلغ حكايته حد التواتر ، لكن حيث يحتمل ابتتائه على الوجه العقلى فليس بحجة ، اذ مع هذا الاحتمال لا يكون كاشفا قطعيا عن قول المعصوم علیه السّلام ولا عن دليل معتبر، و اما نقول بانه و انکان غیر مبتن على ذلك الوجه، لكن القدر المتيقن منه بطلان الصلوة فيما اذا كان تحريمها في المكان المغصوب منجزا بانكان عصبية المكان معلومه للمصلى، و على اى تقدير يكون احتمال مانعية الحرمة الغير المنجزة موجودا كما لا يخفى، وحيث ان الاجماع المحكى ليس دليلا على ما نعية الحرمة اصلا ولو كانت منجرة على التقدير الأول، ولا على مانعية الحرمة الغير المنجزة على التقدير الثاني ، فيكون ما نعيتها، من المشكوك الذى لم يقم على اثباته و نفيه دليل ، فح يكون الحكم بصحة الصلوة فى المكان المشكوك غصبيته، مبنيا على القول بالبرائة فى مسئلة دوران المكلف به بين الاقل والاكثر الارتباطيين، اذ بناء على القول فيها بالاحتياط ، يلزم الحكم بعدم جواز الصلوة فيه و ان جاز غيرها من التصرفات فيه، و حينئذ يشكل على المانعين عن جواز اجتماع الأمر والنهي ولو مع تعدد الجهة ، مع كونهم من القائلين بالاحتياط في الاقل والاكثر ، بانكم كيف جوزتم اتيان الصلوة

ص: 237

في المكان المشكوك غصبيته، مع تحقق احتمال مانعية الحرمة الغير المنجزة، و على المجوزين اجتماعهما مع كونهم من القائلين بالاحتياط في الاقل والاكثر، بانكم كيف جوزتم اتيان الصلوة فى المكان المغصوب مع احتمال المانعية الواقعية، فمن يسلم عن توجه هذا الاشكال عليه هو القائل بالبرائة في مسئلة الاقل والاكثر و يشكل ايضا على القائلين بالاحتياط من المانعين عن جواز الاجتماع والمجوزين له، بانه لو دخلتم فى الصلوة باجزاء اصالة الحل فى المكان او الصلوة فيه، ثم كشف بعد الفراغ عن الصلوة كون المكان غصبيا ، كيف تحكمون بالاجزاء مع اختصاص حديث لاتعاد بالسهو والنسيان ولا يخفى ان ماذكر من الاشكالين انما يرد على القائلين بالاحتياط، انكان مبنى المسئلة هو الاجماع الكاشف عن مانعية الغصب شرعا عن صحة الصلوة المجامعة معه وجودا كي يكون الشك فى غصبية مكان شكافي تقييد الصلوة بعدم وقوعها فيه ، فيدخل في مسئلة الاقل والاكثر، دون ما اذا كان مبناها على عدم جواز اجتماع الأمر والنهى فى فعل واحد ولومع تعدد الجهة كما اخترناه، فانه حينئذ لا تكون حرمة الغصب مانعا شرعيا عن صحة الصلوة ، كى يكون الشك في غصبية المكان شكافي تقييد الصلوة بعدم وقوعها فيه ، و يبتنى الحكم بجواز اتيان الصلوة فيه و بعدم جوازه ، على القولين في مسئلة الاقل والاكثر ، بل تكون حرمته مانعة عقلا عن فعلية و تنجز الامر المتعلق بالصلوة الملازمة معه ايجاد ا و وجودا ، لاستلزامه طلب فعل احد المتلازمين في الوجود و ترك الاخر ، و هو قبيح عقلا لكونه تكليفا بغير المقدور ، لعدم قدرة المكلف على امتثال كلا التكليفين ، لان امتثال احدهما ملازم لعصيان الآخر ، ولذا لا يصح القول بكون الصلوة فى الغصب مامورا بها بالامر الترتبي ، لان عصيان الغصب ملازم مع اتيان الصلوة و متحد معه ايجادا فلوقيل لا تغصب و ان عصيت فصل ، يكون بمنزلة ان يقال ان صلبت فصل ، و هذا مستلزم لطلب الشيء على فرض حصوله و هو باطل ، وحيث ان امتثال احد التكليفين يكون مقدورا له ، فيقع التزاحم بينهما في جلب كل منهما قدرته الى نفسه ، وقد عرفت ان مع كون احدهما مجهولا للمكلف، لا يكون المجهول منهما قابلا لجلب قدرته

ص: 238

الى نفسه ولوكان اهم من الاخر، كي يزاحمه في مرحلة الفعلية والتنجز، وحينئذ فيكون الاخر المعلوم للمكلف خاليا عن المزاحم له في جلب قدرته الى نفسه، فيكون فعليا منجزا عليه، فاذا لم تكن حرمة الغصب مانعا شرعيا عن صحة الصلوة، بل كان مانعا عقليا عن فعلية وتنجز الأمر بها في خصوص ما اذا علم به ، فلامعنى لا بتناء الحكم بجواز اتيان الصلوة فى المشكوك غصبيته و بعدم جوازه، على القولين في مسئلة الاقل والاكثر ، اذالمانع العقلى ليس عدمه قيدا لاصل الصلوة كي يكون الشك فيه من الشك في الاقل والاكثر ، بل عدمه معتبر فى فعلية الأمر بها وتنجزه ، وقد عرفت ان مع عدم العلم بوجوده تصح الصلوة سواء قيل في مسئلة الاقل والاكثر بالبرائة او الاحتياط فتلخص مما ذكرنا ان عمدة المستند فى المسئلة ، حكم العقل باستحالة التعبد و التقرب الى المولى بما يتحقق به معصيته و يكون مبعدا عنه ، وعليه فلوصلى فى المكان المغصوب من يرى اجتهادا او تقليدا جواز اجتماع الامر والنهي مع تعدد الجهة ، ثم بعد الفراغ عنها تبدل رأيه الى الامتناع اوقلد من يقول به ، فهل يحكم بصحة صلوته او ببطلانها، الظاهر هو الثاني لانه و انکان حال العمل معتقدا بجواز الاجتماع ، لكنه كان عاصيا بالتصرف في المكان ، و بعد الفراغ اعتقد انما اتى به من الصلوة فيه لم يكن مقربا واقعا وان قصد به التقرب لاستحالة اجتماع القرب والبعد من فعل واحد ولو من جهتين واما لوصلى في المكان المباح واقعا معتقدا بغصبيته لكونه مجوذا للاجتماع ، ثم تبدل رأيه الى الامتناع ، لكن انكشف له ان المكان لم يكن غصبيا ، فهل يحكم ببطلان صلوته ايضا لوقوعها منه في حال كونه معتقدا بالغصبية ام لا ، وجهان مبتنيان على القولين فى التجرى ، فانه ان قلنا بان التجرى الذى هو عبارة عن القصد الى اتيان ما اعتقد كونه محرما وانكان قبيحا عقلا ، لكنه لا يوجب الا القبح الفاعلى من حيث صدور الفعل الذي اعتقد كونه محرما و مبغوضا للمولى عنه ، الكاشف عن سوء سريرته و خبث باطنه الذي صار منشأ لتجريه على مولاه و عدم مبالاته بعصیانه و الخروج عن رسوم عبوديته ، دون القبح الفعلى، اذلاوجه لسراية القبح من القصد السيئي الذي هو فعل قلبي

ص: 239

الى الفعل الخارجى الذى لا مدخلية له فى القبح الفاعلى و يكون كاشفا محضا عنه فاللازم هو الحكم بصحة صلوته، اذلاوجه لبطلانها بعد كونها واجدة لجميع ما اعتبر فيها من الاجزاء والشرائط وصادرة عنه بقصد القربة و ان قلنا بان مجرد القصد الى المعصية مالم يترتب عليه اثر خارجي، لايكون منشئا للقبح الفاعلى، ولذا لا يعاقب على مرد نية السوء كما دلت عليه الاخبار، فاللازم هو الحكم ببطلان صلوته و ذلك لان التجرى وان لم يكن موجبا لقبح الفعل الخارجي لكنه حيث لا يكون موجبا للقبح الفاعلى مالم يترتب عليه الاثر خارجا، فيكون للفعل الخارجي ايضا دخل في صيرورة الفاعل قبيح الوجه عند المولى بواسطة ذلك القصد السيئى ، و معه لا يمكن ان يحصل له الحسن الفاعلى من جهة الفعل الخارجيكي يحصل له به القرب الى المولى ، اذكما ان العبادة تحتاج الى الحسن الفعلى ، كذلك تحتاج الى الحسن الفاعلي، كي يحصل له به القرب الى المولى هذا.

ولكن الاقوى هو الصحة، وذلك لمنع كون القبح الفاعلى متوقفا على ترتب الاثر خارجا على قصد المعصية ، لان ترتبه كك ليس الا كاشفا محضا عن كون الفاعل سيئي السريرة خبيث الباطن، ولا مدخلية له فى القبح الفاعلى الحاصل له من نية السيئة الناشئة عن سوء سريرته الباعث له على التجرى على مولاه والخروج عن رسوم عبوديته والطغيان عليه ، و مادل عليه الاخبار من ان نية السوء لا تكتب ، لا ينافي كونه مستحقا الملوم والذم على سوء السريرة ، لان مجرد سوء السريرة مالم يعزم على المخالفة والعصيان ، وان لم يكن موجبا لاستحقاق العقاب ، لكنه موجب لاستحقاق الذم واللوم، قطعا ، كما انه موجب لاستحقاق العقاب ايضا لوصار بصدد الجرى على طبقه، بان عزم على المخالفة والعصيان وكان له مظهر وكاشف اللهم الا ان يمنع عن صدق التجرى على المولى على مجرد العزم على مخالفته من دون ان يكون له مظهر اذ عليه يكون للفعل الخارجي دخل في صيرورة العزم على المخالفة موجبا للقبح الفاعلى المانع عن وقوع الفعل عنه عبادة و مقربا الى المولى فتدبر فان هذا المنع لوتم فائما هو بالنسبة الى التجرى على الموالى العرفية، دون المولى

ص: 240

الحقيقي المطلع على الضمائر، كما يدل عليه قوله تعالى ان تبدوا مافى انفسكم او تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ، فانه دال على استحقاق المحاسبة على نية السوء الا انه تعالى يغفر لمن يشاء.

ثم انك قد عرفت ان الميزان في بطلان الصلوة فى المكان المغصوب ، هو اتحاد اكوانها او ملازمتها وجودا مع التصرف الغصبى ، سواء صدق المكان على المغصوب المتحد التصرف فيه مع الكون الصلوتى ام لا ، فكلما تحقق التصرف في المغصوب و كان متحدا عرفا مع الكون الصلوتى او ملازما معه تحقق البطلان والا فلا ، وعليه فلوصلى على فرش مغصوب بطلت صلوته مطلقا ، ولوكان استقراره عليه مع الواسطة كما اذا صلى على كرسی مباح موضوع علی فرش مغصوب ، ولوصلي تحت سقف مغصوب بانكان مبنيا من الاجر والجض المغصوبين على جدران وارض مملوكة له ، لم تبطل صلوته لعدم كون الاكوان المتحققة منه تحته تصرفا فيه ، لان السقف ليس الغرض من بنائه التمكن تحته كى تعد الاكوان الصلوتية الواقعة تحته تصرفا فيه عرفا، وهذا بخلاف مالوصلى تحت خيمة مغصوبة منصوبة على ارض مباحة، و ذلك لان الغرض من صنعها التصرف فيها بالتعيش تحتها والاستظلال بها والقيام والجلوس والتوم والقعود فيها ، و تكون هذه الافعال تصرفا فيها عرفا، نعم السقف و تمام جدران البيت ملتئمة من الاجر المغصوب ، وكان الارض والهواء مباحين ، لم يبعد القول بكونه مثل ما اذا كان الحيمة بعضها مغصوبا وبعضها مباحا ، وذلك لان البيت كالخيمة فى ان القيام والقعود والركوع والسجود فيها تعد تصرفا فيها عرفا وهذا بخلاف ما اذا كانت جدران الدار فقط مغصوبة ، فانه لا يبعد القول بصحة الصلوة الواقعة في وسطها ، اذلا تعد هذه الصلوة تصرفا في ذاك الجدار عرفا ، وكذا لوصلي في عرصة دار تحتها السرداب السن المغصوب اجر سقفه تصح صلوته ، لانها لاتعد تصرفا في مال الغير عرفا.

ولو توضا بما مباح فى مكان مباح ، وكان مصب مائه ملكا للغير ، فقال بعض

انه لامانع عن صحته لان ذلك لا يعد تصرفا عرفا في مال الغير ، وقال بعض بالبطلان،

ص: 241

اما لاجل كونه الجزء الاخير من العلة للتصرف فى ملك الغير فيكون محرما لكونه مقدمة سببية المحرام، و اما لاجل ان نفس صبب الماء على الوجه واليدين محاذيا لملك الغير يكون تصرفا فيه عرفا، اذ هذا نظير صب الماء على اليد لغسلها محازيا للانية التي تسمى فى الفارسية بلكن ، فى انه يعد عرفا تصرفا فيها ولا يخفى انه على الوجه الاول، لابد من التفصيل، بين ما اذا لم يمكن ايجاد المانع بعد الصب عن وصول الماء الى ملك الغير او وجوده قهرا لاجل ريح ما

عاصف مثلا، و بين امكن ذلك ، فيحكم بالبطلان في الأول لكونه مقدمة سببية للحرام، وبالصحة في الثاني لعدم كونه حينئذ سببا للحرام و على الوجه الأول قد يقال بالبطلان مطلقا ولومع ولو مع امكان ايجاد المانع بعد الصب، وذلك لان نفس صب الماء على الوجه محاذيا للانية او ارض الغير تصرف عرفا فيها ولو لم يصل الماء اليها لمانع، ولا يخفى انه مما لا يمكن الالتزام به فى مثل الانية التى تكون الغرض من صنعها جعل اليد حين ارادة غسلها محاذية لها وصب الماء عليها لئلا ينصب الماء على الفرش، فضلا عن مثل الأرض التى ليست موضوعة لهذا الغرض، لمنع صدق التصرف فيهما عرفا، مع عدم وصول المصبوب محاذيا لهما اليهما ، لاجل وجود مانع كالريح العاصف، لااقل من الشك فى صدق التصرف عرفا فيهذه الصورة فتبين مما ذكرنا ان عد الوضوء الذي يكون مصب مائه مغصوبا تصرفا في الغصب عرفا ، باطلاقه لا يخلو عن الاشكال ومثله فى الاشكال الوصلى على ارجوحة مشدودة على شجر الغير او على سقف بعض قوائمه مغصوب او على سفينة بعض الواحها غير ما وقف عليه المصلى مغصوب.

ولو كان مشغولا بالصلوة فى ارض مباحة فنصب عليه قهرا خيمة مغصوبة، فقد يقال بعدم بطلان صلوته فيها وانكان اتيان بقيتها تحتها تصرفا فيها جسما مر، بدعوى ان ممنوعية الانسان عن حقه المتعلق بالمكان ، لاجل وضع قاهر شيئا مغصوبا فيه، مما يبعد الالتزام به، فهل ترى فيما لو فرش شخص تمام عرصة دار غیره بالاجر المغصوب بحيث لا يمكنه قلعه، انه يصيح الالتزام بوجوب رفع ذلك الغير يده عن داره بالمرة ، لكون جميع تصرفاته في عرصتها تصرفا في المغصوب،

ص: 242

حاشاك من ان تفهم ذلك من مذاق الشرع ، فانا لانفهم من الادلة المانعة عن التصرف فى مال الغير، المنع عن مثل هذا التصرف المستلزم لمنعه عن التصرف في داره، مع عدم قصده من التصرف فيها الا استيفاء حقه لا التصرف فى ملك الغير.

ولا يخفى مافيه من النظر، اما اولا فبالنقض بما هو مجمع عليه من حرمة تصرف احد الشريكين في المال المشترك بينهما بدون اذن الآخر، مع ان لكل منهما حقا فيه وثانيا سلمنا انه لولم يجز لصاحب الدار في المثال المزبور التصرف فيها، لامتناع مالك الاجر المفروش على عرصتها عن الاذن في التصرف فيه او بيعه منه، لزم ممنوعيته عن استيفاء حقه وكون ذلك بعيدا عن مذاق الشرع، لكن نقول قياس الخيمة المنصوبة على المصلى فى اثناء صلوته على المثال المزبور مع الفارق، اذ المالك للدار فى المثال لا يكون متمكنا من التصرف فيها بحيث ينفك عن التصرف في الاجر المغصوب، والمصلى تحت الخيمة يتمكن من اتمام صلوته منفكة عن التصرف في الخيمة، بان يخرج عنها ساكتا عن الاقوال الصلوتية خفطا لما يعتبر فيها من الطمأنينة ويتم صلوته في خارجها جمعا بين الحكمين في الامتثال، ويتمها في حال الخروج عنها لولم يسع الوقت لاتمامها في خارج الخيمة، لاهميتها من التصرف في الخيمة المغصوبة وعدم البدل لها، كما هو الشأن في تزاحم الحكمين في مرحلة الامتثال بل يمكن ان يقال بكون تصرفه في الخيمة بالخروج عنها مأمورا به، لكونه استخلاصا من الغصب المحرم و مرضيا لمالكها ، لا تصرفا غصبيا مبغوضا له، كي تكون صحة الصلوة في حال الخروج عنها لكونها اقوى ملاكا من التصرف المحرم فيها هذا مضافا الى ان منع صاحب الدار في المثال عن جميع تصرافاته فيها ضرری منفی بلاضرر ، بخلاف الخروج عن التصرف فى الخيمة فانه لا يترتب عليه ضرر اصلا.

ثم لا يخفى ان ماذهب اليه القائلون بامتنا اجتماع الأمر والنهي ولومع تعدد الجهة ، من صحة الصلوة الواقعة فى المكان المغصوب جهلا بغصبيته انما يتم بناء على ما اخترناه من الوجه في امتناع اجتماعهما، اذ قدعرفت ان عليهذا المبنى،

ص: 243

تدخل المسئلة في باب التزاحم الذى يكون الجهل باحد المتزاحمين موجبا لسقوطه عن مزاحمة الآخر في مقام الامتثال وهذا بخلاف ما اذا كان الوجه في امتناع اجتماع الأمر والنهي، ما هو الظاهر من كلمات جماعة من اتحاد متعلقهما وجودا المستلزم لاجتماعهما في فعل واحد ، اذ عليهذا الوجه تكون المسئلة داخلة في باب التعارض الموجب لترجيح النهی عن الغصب على الأمر بالصلوة فيمورد الاجتماع ولوكان الأمر بالصلوة اقوى ملاكا من النهى عن الغصب ، و ذلك لان عموم النهى عن الغصب استغراقى مقتض لحرمة كل فرد من افراد طبيعته المنهى عنها ، وعموم الامر بالصلوة بدلى غير مقتض الا لوجوب صرف الوجود من طبيعتها المأمور بها ، ومقتضى الجمع بينهما هو تقديم دليل النهى على دليل الامر ، في مورد التعارض و هو الصلوة المتحدة مع الغصب ، والحكم بخروجها عن اطلاق دليل الامر ، ووجوب اتيان الصلوة فى غير المكان المغصوب لحفظ الغرضين عن الفوت ، فانه لو قدم دليل الامر لزم تفويت الغرض من النهى كما هو واضح بل اللازم على الشارع بحكم العقل تقييد امره بالصلوة بغير مورد نهيه عن الغصب ، جمعا بين غرضيه منهما ، و مرجع هذا التقييد الى ما نعية الغصب عن صحة الصلوة المتحدة معه واقعا و في مرحلة تمامية الملاك ، فاللازم حينئذ هو الحكم ببطلان الصلوة فى المكان المغصوب ولو مع الجهل بغصبيته ، لانه اذا امتنع فى الواقع الجمع بين الأمر بالصلوة ولو بالاطلاق والنهى عن الغصب المتحد معها، وكان ملاك النهى غالبا وملاك الامر مغلوبا ساقطا عن المطلوبية، فتخرج الصلوة المتحدة مع الغصب عن صلاحية التقرب بها ولولم يعلم بالغصب، لكفاية اقوائية ملاك النهى من ملاك الامر ، في خروج الصلوة المتحدة مع الغصب عن اطلاق الامر بالصلوة ، لكون الحكم تابعا واقعا و في مرحلة الثبوت للغالب من الملاكين نعم لودل دليل على عدم سقوط الصلوة فيما اذا انحصرت بالمتحدة مع الغصب ، فيكشف ذلك الدليل عن ان للامر بها ملاكا فيهذا الحال غالبا على ملاك الغصب.

ولو دخل ارضا مغصوبة بسوء اختياره ، فلا اشكال في فساد صلوته فيها مع

ص: 244

تمكنه من الصلوة فى ارض مباحة، وذلك لان خطاب لا تغصب وانكان ساقطا عنه لمكان عجزه عن امتثاله بعد دخوله في الارض ، لعدم قدرته على ترك التصرف فيها حينئذ لكن مبغوضية تصرفه فيها واستحقاق العقاب عليه باقية ، والمبغوض غير صالح لان يتقرب به واما مع عدم تمكنه من الصلوة فى غير تلك الارض المغصوبة اما لضيق الوقت او لمانع ، فقد قال جمع من الاعاظم ، بانه ان تمكن من مراعاة ما هو شرط فيها مطلقا كالقبلة والطهور، صلى حال الخروج عنها ، لان التصرف فيها بهذا المقدار من زمان الخروج ، حيث يكون لابد منه لعدم قدرته على تركه ، فلايكون قابلا للردع عنه بالنهى ، و انكان مبغوضا و معاقبا عليه بالنهى السابق على الدخول ، اذ الامتناع بالاختيار انما ينافي الاختيار خطابا لاعقابا ، لان استحقاق العقاب يدور مدار صدور العمل السوء عن اختيار ، ولو بتوسط مقدماته التي منها في المقام تصرفه الدخولى المتوقف عليه تصرفه الخروجى ، لكن هذه الحركة الخروجية المبغوضة حيث لا تكون لمكان لا بديتها منشائة للاثر ، فلامانع عن ارادة ايجادها على نحو ينطبق عليها الافعال الصلوتية ، اذ بعد عدم امكان حصول كلا الغرضين للمولى في الفرض ، لان غرضه من النهى قدفات، فلامانع من تعلق ارادته باتيان الصلوة تحصيلا لما لم يفت من غرضه من الامر و توهم ان مع بقاء الحركة الخروجية على المبغوضية، كيف يمكن ان تصير بتطبيق الافعال الصلوتية عليها محبوبة للمولى ، مع سع كون استحالة اجتماع المبغوضية والمحبوبية فى شئى واحد شخصى من البديهيات مدفوع بان المستحيل عقلا هو اجتماعهما في عرض واحد ، دون اجتماعهما على وجه الترتب بمعنى ان بعد سقوط المبغوض عن التأثير في نفس المولى للردع عنه ، لامانع من تأثير الجهة المحسنة الصلوتية في نفسه للامر والبعث عليها ، مثلا لونهى احد من المولى العرفية عبده عن مطلق الكون فى دار مخصوصة ، فالقى العبد نفسه في تلك الدار بسوء اختياره ولم يمكن له الخروج عنها ابدا ، فلاشبهة في أن جميع الاكوان الصاردة عنه حتى تحريك يده في تلك الدار ، مبغوضة لمولاه و يستحق المؤاخذة عليها ، ولكنه اشتغل فيها بخياطة ثوب يحتاج اليه المولى كمال الاحتياج ، فهل

ص: 245

ترى من نفسك ان تقول لا يمكن ان تكون هذه الخياطة محبوبة للمولى لكونها متحدة مع مبغوضه، وهل ترى ان المولى اذالم يصل الى غرضه من النهي عن الكون في الدار بتفويته العبد عليه بايقاع نفسه فيها، يرفع اليد عن غرضه من الامر بخياطة ثوبه من دون وجود مزاحم اصلا حاشاك، هذه خلاصة ما افادوه في وجه صحة صلوته في حال الخروج عن الارض المغصوبة وفيه اولا ان الحكم بفساد الصلوة مع التمكن من اتيانها في غير الارض المغصوبة ، ليس مبنيا على كون عموم دليل النهی شمولیا و عموم دليل الأمر بدليا ، بل مبناه كمامر استحالة التقرب بالعبادة المنهى عنها، و هذا المبنى بعينه متحقق مع عدم التمكن من اتيانها في غير الارض المغصوبة ايضا ، وثانيا سلمنا ابتناء الحكم بالفساد مع وجود المندوحة على ما ذكر من كون دليل النهى شموليا ودليل الامر بدليا لكن نمنع عن امكان حصول الغرض من الأمر مع عدم المندوحة ايضا ، لان حصوله متوقف على قصد التقريب بالعمل المنهى عنه ، ومنه ظهر الفرق بين ما نحن فيه الذي يكون لقصد القربة بالمأمور به دخل في غرض المولى و بين مثال خياطة الثوب التى يكون الأمر بها توصليا بحصل الغرض منه بمجرد تحققها في الخارج ولو بالتصرف في مكان عصبي ، مضافاً الى ان المطلوب للمولى فى المثال ، انما هو الخياطة بالمعنى الاسم المصدرى، اى الحاصل من الخياطة و هو صيرورة الثوب مخيطا ، لا الخياطة بالمعنى المصدرى ، فلا منافاة بين كون الخياطة بالمعنى المصدرى مبغوضة ، والاثر الحاصل منه مسقطا للغرض هذا كله مضافاً الى ما مر من ان لازم القول بالامتناع ولو مع تعدد الجهة ، معاملة التعارض بين خطاب صل ولا تغضب في مورد الاجتماع ، و تقديم النهى لكونه شموليا على الأمر لكونه بدليا ، بتخصيصه بغير مورد النهى ، ولازم ذلك خروج مورد الاجتماع عن اطلاق الامر وافعا ، و صيرورة الصلوة المجتمعة مع الغصب منهيا عنها ، والنهى في العبادات موجب لفسادها مظم ولو مع الجهل به، لان مورد الاجتماع وهى الصلوة المتحدة مع الغصب ،وجودا اذا صار ملاكه في نظر الشارع مغلوبا ورجح جهة النهى فيه واخرجه عن اطلاق الامر المتعلق بطبيعة الصلوة فلا يكون هذا الملاك المغلوب في نظره ذا اقتضاء للامر بهذه الصلوة، و كونه ذا اقتضاء له لولا مراعاة ملاك النهى،

ص: 246

لا يفيد في كونه كك مع ترجیحه ملاك النهى على ملاكه، و من المعلوم ان

قصد هذا الملاك المغلوب المرجوع عند المولى، لا يفيد قصده في جهة العبادية سيما مع حصول القبح الفاعلى له من جهة ما في العمل الخارجى من القبح ايضا ، وان كانت له جهة حسن مغلوبة مرجوحة و توهم ان ملاك النهى انما يرجح على ملاك الامر فيما كان مؤثرا في نفس المولى للردع عنه ، و اما اذا سقط عن التاثير، فلا مانع عن تاثير ملاك الامر فى نفسه للبعث عليه مدفوع بان سقوط ملاك النهي عن التأثير للردع، لاجل عجز المكلف عن ترك المنهى عنه ، لا يوجب انقلاب ملاكه عما المبغوضية الذاتية ، ومعه يمتنع ان يؤثر ملاك الامر فى بعثه عليه ، لاستحالة ايجاد المحبوب للمولى والمغبوض له فى الشيء الواحد الشخصي ، لاستحالة اجتماعها في الشيء الواحد الشخصي و توهم ان المسلم من استحالة اجتماعهما هو اجتماعهما بوجه العرضية، دون اجتماعهما على وجه الترتب بمعنى انه بعد سقوط الجهة المقبحة عن التاثير للردع ، لا مانع في تاثير الجهة المحسنة للبعث والامر مدفوع اولا بان اجتماعهما على وجه الترتب في مقام التأثير ، لا يجدي في دفع استحالة اجتماعهما ذاتا بوجه العرضية كما لا يخفى وثانيا انه لا مجال لتوهم امكان اجتماعهما على وجه الترتب فى مقام التاثير ايضا بعد كون سقوط الجهة المقبحة للعمل عن التاثير حاصلا بنفس ذلك العمل ، اذالمفروض ان التصرف الخروجى فى المكان المغضوب يحصل بنفس الصلوة فيه لا تحادهما وجوداً ، و معه يكون مرجع الامر بالصلوة مرتبا على سقوط الجهة المقبحة، الى قوله ان سقطت الجهة المقبحة بصلوتك في المكان المغصوب فصل فيه ، وهو كما ترى امر بتحصيل الحاصل المحال عقلا فالا ولى ان يقال في وجه صحة الصلوة في حال الخروج، بان الخروج عن الغصب بقصد التخلص عنه، ليس محرما، كى يكون مع سقوطه عن قابلية الردع عنه لمكان الاضطرار ، مبغوضا مانعا عن صحة الصلوة المتحدة مع الحركات الخروجية ، بل هو واجب بعد تحقق الدخول المحرم، كيف لا مع انا نرى بالوجدان ان من غصب دابتنا ، اذا اخذ زمامها وقادها ليردها الينا ، يكون تصرفه فيها بهذا التصرف مرضيا ومحبوبا لنا ، وكذا اذا دخل

ص: 247

دارنا غصبا، فإن خروجه عنها لرفع مزاحمته عنا يكون مرضيا و محبوبا عندنا ، و معه كيف يمكن ان يكون محرما و مبغوضا للشارع ، مع كونه داخلا في الجملة المستثناة فى قوله صلی الله علیه و آله و سلّم لا يحل مال امرء الا بطيب نفسه و رضاه فالمقام نظير ما اذا كان هناك غريق ، وكان انقاذه متوقفا على التصرف فى ارض الغير ، فانه و انکان انقاذه لتوقفه على مقدمة محرمة غير مامور به فعلا لكنه لو تصرف في تلك الارض بالمشى ، الى محل الغرق يجب عله انقاذه، هذا كله فيما اذا دخل ارض الغير بغير اذنه واما لوكان دخوله فيها باذنه ثم رجع عن اذنه ، فلا اشكال في بطلان الصلوة مستقرا فيها مع سعة الوقت ، لان الصلوة مع الاستقرار مستلزمة للتصرف الزائد على التصرف الخروجى المضطر اليه ، و بدون الاستقرار لا دليل على صحتها ، مع امکان اتيانها مع الاستقرار المعتبر فيها في حال الاختيار نعم لاباس باتيان النافلة في حال الخروج عنها موميا للركوع والسجود ، لعدم اشتراط الاستقرار فيها واما مع ضيق الوقت ، فالظاهر صحتها ما شبامومبا للركوع والسجود ، لتقديم ما لا بدل له اعنى الوقت على ما له البدل اعنى الركوع والسجود ، وسقوط الاستقرار في حال الاضطرار و اما لو رجع الاذن عن اذنه بعد الشروع في الصلوة وكان الوقت مستسعا ، فالظاهر واما بطلانها لانه مقتضى اشتراط اباحة المكان والاستقرار في مجموع الصلوة و لا يمكن ان تكون حرمة الابطال موجبة لسقوط اعتبارهما في الصلوة اما اولا فلاحتمال انبطال العمل بنفسه ، و معه يكون التمسك بلا تبطلوا نمسكا بالعام في الشبهته المصداقية و اما ثانيا فلان حرمة الابطال فرع امکان الاتمام او مكانه فرع سقوط شرطية الاستقرار واباحة المكان ، فلو توقف سقوط شرطيتها على حرمة الابطال لزم الدور المحال كما ان الظاهر صحتها و وجوب اتمامها في حال الخروج موميا للركوع والسجود، فيما لو رجع الاذن في الاثناء وكان الوقت مضيقا وو هه واضح مما ذكرنا في الرجوع قبل الشروع في الصلوة ، هذا كله فيما اذا كان الماذون فيه هو الدخول في الدار.

واما اذا كان الماذون فيه هى الصلوة فيها، فيمكن القول بلقيل بجواز اتمامها

ص: 248

في مكان المصلى مع الاستقرار في سعة الوقت ايضا، و عدم نفوذ رجوع المالك عن اذنه، بتقريب ان الاذن في التصرف الذي لا يمكن الا بان يكون على وجه خاص ، بان كان الشروع فيه موجبا لعدم القدرة على رفع اليد عنه، فبعد الشروع فيه لا يعقل ان ينفذ الرجوع عن الاذن و يؤثر في حرمة اتمامه، مثلا لو اذن صاحب الدار احدا في نزوله عن حائط داره، وكان بحيث لو نزل عن مقدار منه لا يمكنه ان يرجع او يبقى في ذلك الحد، بل ينزل قهرا الى اساس الحائط ، فكمالا يمكن ان يؤثر رجوع صاحب الدار عن اذنه بعد الشروع فى النزول عن حائطها في الروجوع على النازل عنه او البقاء على الحد الذي وصل اليه منه كذلك لو اذن احدا في التصرف فى داره بالصلوة فيها فانه اذا شرع فى الصلوة، يقتضى اذنه فيه عدم نفوذ رجوعه عنها ، لان الصلوة مما اذا شرع المصلى فيها لا يقدر على رفع اليد عنها شرعا بقوله صلی الله علیه و آله و سلّم لا تبطلوا اعمالكم والممتنع الشرعى كالمتغ العقلى، اذ كما ان كل عمل وقع في ملك احد باذن مالكه، فبعد وقوعه لا يمكن ان ينفذ رجوعه عن اذنه ، فكذلك لا يمكن ان ينفذ فى العمل المتأخر عنه الملازم له، بحيث لا يمكن التفكيك بينهما عقلا او شرعا.

وفيه مالا يخفى من النظر، لان عدم امكان التفكيك بين الشروع في الصلوة و اتمامها ان كان لحرمة ابطال العمل، فقد عرفت ان التمسك به في مثل المقام الذي يحتمل انبطال الصلوة قهرا بالرجوع عن الاذن لفقد شرط اباحة المكان، من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية وان كان للاجماع، ففيه مضافا الى احتمال استناد المجمعين الى لا تبطلوا، ان القدر المتقين منه غير ما اذا كان العمل مما يحتمل بطلانه.

المسئلة الثانية فی حکم تقدم المراه

المسئلة الثانية قد وقع الخلاف بين الاصحاب، في حكم تقدم المرأة على الرجل و محاذاتها له في حال الصلوة فذهب المشهور من الكلام فى حكم تقدم المراة و محاذاتها للرجل في الصلوة المتاخرين الى الصحة مع الكراهة ، خلافا للمشهور من القدماء على ما في الحدائق من ذهابهم الى فساد صلوتهما اذا شرعا فيها معا مطلقا كانت مقتدية او منفرده محرما او اجتنبية، و فساد صلوة المتاخر منها في الشروع و منشاء الخلاف اختلاف الاخبار فانها على طوائف الأولى ما دل على المنع مطلقا،

ص: 249

كصحيحة ادريس بن عبد الله القمى قال سئلت ابا عبدالله عليه السلام عن الرجل يصلى و بحياله امرأة قائمة على فراشها جنباً فقال علیه السّلام انكانت قاعدة فلا يضرك وانكانت تصلى فلا ، وصحيحة محمد بن مسلم عن احد هما عليهما السلام ، قال سئلتة عن المراة تزامل الرجل في المحمل يصليان جميعا ، فقال علیه السّلام لا ولكن یصلى الرجل فاذا فرغ صلت المراة و قريب منها رواية ابى بصير عن ا بي عبد الله عليه السلام ، و صحيحة ابن ابی یعفور ، قال قلت لابي عبد الله عليه السلام اصلى والمرأة الى جنبي و هي تصلى فقال علیه السّلام لا الا ان تتقدم هى اوانت و لاباس ان تصلى وهى بحذاك جالسة و قائمة، بناء على كون المراد من قوله الا ان تتقدم هى او انت بشهادة غيرها من الروایات هو التقدم في اتيان الصلوة لا التقدم فى المكان والثانية مادل على الجواز مطلقا ، كصحيحة جميل عن ابيعبد الله عليه السلام ، قال لاباس ان تصلى المراة بحذاء الرجل و هو يصلي ، فان البنى صلی الله علیه و آله و سلّم كان يصلى وعايشة مضطجعة بين يديه و هي حائض ، وكان اذا اراد ان يسجد غمز رجلها فرفعت رجلها حتى يسجد والمناقشة فيما باشتمالها على علة غير مناسبة ، اذ لاربط بين جوازان يصلى الرجل و بين يديه امراة نائمة ، و بین جوازان يصلى و بحذائه امراة مصلیة ، مدفوعة اولا بان عدم فهمنا الربط بين العلة و المعلل بها لا يوجب طرح الرواية و ثانيا يحتمل ان المخاطبين بهذا الكلام كانوا يتوهمون ان المراة حيث تكون شاغلة لقلب الرجل فلا يجوزله ان يصلى و بحذائه امراة تصلى فعلل علیه السّلام جواز ان يصلى الرجل بحذاء امراة تصلى بهذه العلة ، تنبيهما على ان شاغلية المراة لقلب الرجل لو كانت مانعة عن صحة صلوته بحذاء امراة تصلى ، لكانت مانعة عن صحة صلوته و بين يديه امراة نائمة بطریق اولی و خبر ابن فضال عمن اخبره عن جميل بن دراج عن ابيعبد الله عليه السلام فى الرجل يصلى و المراة تصلى بحذائه فقال علیه السّلام لاباس ، و خبر عيسى بن عبدالله القمى سئل الصادق عليه الصدق عليه السلام عن امراة صلت مع الرجال وخلفها صفوف و قدامها صفوف ، قال علیه السّلام مضت صلوتها و لم تفسد على احد ولاتعيد ، و حمله على ما اذا كان البعد بين الصفوف كثیرا بعيد عن ظاهره ، اذ الظاهر من قول السائل صلت

ص: 250

صلت مع الرجال هوانها صلت معهم جماعة و من المعلوم ان مع البعد الكثير

لا ينعقد الجماعة. والثالثه مادل على التفصيل بين وجود الحائل او البعد و عدمه ، على اختلافها فى مقدار البعد من عشرة ازرع او مقدار خطوة او زراع او شبرار رحل بل كلما يكفى للمنع عن المارة مثل السبحة والعصاء ، كرواية على بن جعفر عن اخيه موسی عليه السلام ، قال سئلته عن الرجل هل يصلح ان يصلى في مسجد قصير الحائط و امراة قائمة تصلى وهو يراها وتراه ، قال ان كان بينهما حائط طويل اوقصير فلاباس ، وصحيحة الحلبى عن الصادق عليه السلام ، قال سئلته عن الرجل يصلى في - زاوية الحجرة وابنته او امرئته تصلى بحذاه في الزاوية الاخرى ، قال لا ينبغي ذلك الا ان يكون بينهما ستر فان كان بينهما ستر اجزئه ، و رواية ليث المرادي ، قال سئلته عن الرجل والمرأة يصليان في بيت واحد المراة عن يمين الرجل بحذاه ، قال علیه السّلام لا الا ان يكون بينهما شبر او ذراع ، ثم قال علیه السّلام كان طول رحل رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم ذراعا وكان يضعه بين يديه اذا صلى يستره ممن يمر بين يديه ، فان الاستشهاد بطول رحل رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم المراد به ارتفاعه عن الارض ، شاهد على ارادة مقدار الشبرو والذراع الواقعين فى الصدر بحسب الطول ، دان كونه ذراعا ايضا لامدخلية له بل الملاك هوا و الشبر و موثقة عمار عن الصادق عليه السلام انه سئل عن الرجل يستقيم له ان يصلى و بين يديه ، امراة تصلى ، قال علیه السّلام لايصلى حتى يجعل بينه وبينها اكثر من عشرة اذرع ، وان كانت عن يمينه او عن یساره جعل بينه و بينها مثل ذلك ، و ان كانت تصلى خلفه فلاباس وان كانت تصيب ثوبه الخبر. والمناقشة فيها بمخالفتها لفتوى الاصحاب لانهم لم تعتبروا أكثر من عشرة أذرع مدفوعه بان التعبير بالاكثر لاجل العلم بحصول البعد بمقدار العشرة ، فيكون اعتبار الأكثر من باب المقدمة العلمية ، وصحيحة زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال له اذا كان بينمها وبينه قدر مالا يتحظى او قدر عظم فصاعدا فلا بأس ، و نحوها خبره الآخر، وصحيحة محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال سئلته عن الرجل يصلى فى زاوية الحجرة وامراته او ابنة تصلى بحذاه في الزاوية الأخرى ، قال علیه السّلام لا ينبغى ذلك فان كان بينهما شبر اجزئه وصحيحة

ص: 251

حريز عن ابيعبد الله عليه السّلام فى المراة تصلى الى جنب الرجل قريبامنه ، فقال علیه السّلام اذا كان بينهما موضع رحل فلاباس ، و صحيحة زرارة عن ابي جعفرعلیه السّلام قال قلت له المراة والرجل يصلى كل واحد منهما قبالة صاحبه ، قال علیه السّلام نعم اذا كان بينهما قدر موضع رحل ، الى غير ذلك من الاخبار.

والاقوى بحسب القواعد ماهو المشهور بين المتاخرين من الصحة مع الكراهة ، و ذلك لوجهين الاول اختلاف الاخبار المفصلة فى تحديد مقدار البعد من الشبر عشرة اذرع ، فانه من الامارات على الكراهة القابلة للشدة و الضعف ، كما جعلوا اختلاف الاخبار الواردة في منزوحات البرء في مقدار المنزوج من امارات استحباب النزح ، فان حمل الاخبار المفصلة على معنى لا یلزم منه اختلاف التحديدات وانكان ممكنا ، بان بجمل اخبار الشبر و الذراع على ما اذا كان الحائل بينهما قدر شبرا و ذراع ، كما يؤيد هذا الحمل استشهماده علیه السّلام فى خبر أبي بصير المتقدم لكفاية الشبرو الذراع ، بقوله علیه السّلام كان طول رحل رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم ذراعا وكان يضعه بين يديه اناصلي يستره ممن يمر بين يديه، فانه بكشف عن ان المراد من الشبر و الذراع مقدارهما بحسب الطول ، والا لم تكن مناسبة بين المستشهد به والمستشهد عليه ، فيستفاد منه انه يكفى فى الحاجز المعتبر فيهذا الباب مثل ما يكفى فى الحاجز عن المارة ، و هو ماکان طولهای ارتفاعه شبرا او ذرا عابل اقل من ذلك ، لمادل من الاخبار على انه يكفى فى الحاجز عن المارة جعل عصاء و نحوه، فيكون المحصل من مجموع الاخبار المفصلة حينئذ انه لا يجوز ان يصليا معا الا ان يكون الفصل بينهما بمقدار عشرة اذرع او يكون الحائل بينهما بطول شير فما زاد ، الا ان هذا الحمل ممالا يلتزم به القائلون بالمنع ، لان كفاية هذا المقدار من الحائل في رفع المنع مخالفة لصريح كلمانهم ، حيث اعتبروا البعد عشرة اذرع او وجود حاجز مانع عن النظر كالبالغ مقدار القامة، بل يا بي عنه قوله علیه السّلام في صحيحة حزير المتقدمة اذا كان بينهما موضع رحل فلا باس، و في صحيحة زرادة المتقدمة نعم اذا كان بينهما قدر موضع رحل ، فانهما صريحتان فى كفاية كون الفصل بينهما بهذا المقدار

ص: 252

الوجه الثانى صراحة الاخبار المجوزة مطلقا فى الرخصة ، وظهور الاخبار المانعة فى الفساد، فتحمل الثانية على الكراهة يحكتما للض على الظاهر وليس فى اخبار المنع ما يدل على الفساد بالصراحة و النصوصية ، الاصحيحة على بن جعفر عن اخيه موسى عليه السلام ، قال سئلته عن امام كان فى الظهر فقامت امراة بحياله تصلى وهى تحسب انها العصر هل يفسد ذلك على القوم وماحال المراة فى صلوتها معهم وقد كانت صلت الظهر ، قال علیه السّلام لا يفسد ذلك على القوم و تعيد المراة صلوتها ، فان الامر باعادة صلوتها ، لاوجه له الا الفساد من جهة تقدمها على الرجال في الموقف ان حمل الأمر بالاعادة على الفساد من جهة اختلاف الماموم و الامام فى الفرض ، ولذا استشهد بغض بهذة الصحيحة لماحكى عن والد الصدوق من عدم جواز الاقتداء في - العصر بالظهر ، بعيد فى الغاية، اما اولا فلعدم اعتبار اتحاد الفرض في صحة الاقتداء ، و اما ثانيا فلان فساد صلوتها لو كان لاجل ذلك ، لم يكن وجه للسؤال عن صلوة غيرها من المأمومين ، فالسؤال عن فساد صلوتهم ليس الا من جهة تقدمها عليهم في الموقف ، و قريب من هذا الحمل في البعد ، الحمل على اختلال شرائط الجماعة عند قيامها بحيال الامام ، لاشتراط التاخر عن الامام في الجملة في صحة الاقتداء ، اما مطلقا او في خصوص حق النساء عند اقتدائهن بالرجال وذلك لعدم المناسبة حينئذ للسؤال عن فساد صلوة غيرها من المامؤه ين كما لا يخفى ، فالصواب حمل الأمر بالاعادة على الاستحباب ، فان ظهوره في الوجوب محكوم بالنصوص المتقدمة الصريحة في عدم الفساد و توهم ان هذا الوجه الثاني ليس وجها اخر في قبال الوجه الأول ، لعدم تماميته مع قطع النظر عن الوجه الأول ، ضرورة ان اكثر الاخبار المجوزة وانكانت صريحة فى الجواز والرخصة، الا انه يمكن تقييدها بالاخبار المفصلة ، فيقيد الترخيص بما اذا كان البعد بينهما عشرة اذرع اوكان بينهما حائل، فالاستدلال بهذا الوجه الثاني لايتم ، الا بعد حمل الاخبار المفصلة لما فيها من الاختلاف في التحديد بالبعد والحائل على الاستحباب مدفوع بان الاستدلال بهذا الوجه الثانى ، يتم ولو مع عدم حمل الاخبار المفصلة لمكان اختلافها في

ص: 253

التحديدات على الاستحباب، و ذلك لان التصرف فى هيئة الاخبار المفصلة بحملها على الاستحباب ، اولى من التصرف في مادة الاخبار المجوزة بتقييدها بما اذا كان البعد بينهما عشيرة اذرع اوكان بينهما حائل ، و ذلك لما اشرنا اليه فيما مر من ان حمل المطلق على المقيد انما يكون جمعا عرفيا بينهما ، فيما اذا لم يكن المطلق واردا عند حضور وقت العمل ، والا فلا يصح حمله على المقيد، لاستلزامه تاخير البيان عن وقت الحاجة والالقاء في خلاف الواقع ، و هو وانكان ممكنا اذا اقتضته المصلحة ، لكن الالتزام به انما هو فيما اذا لم يمكن الجمع الا بحمل المطلق على المقيد ، و ليس المقام كك لامكان الجمع بحمل الاخبار المفصلة على الاستحباب فتحصل مما ذكرنا كله ان مع اختلاف الاخبار المفصلة في التحديد بالبعد والحائل، وصراحة الاخبار المجوزة فى الرخصة و عدم الفساد ، لا يمكن الاخذ بظاهر الاخبار المانعة ، بل لابد من رفع اليد عن ظاهرها بحملها على الكراهة ، اما للاخبار المجوزة تحكيما للنص على الظاهر ، واما للاخبار المفصلة الظاهرة بنفسها ، لمكان اختلاقها في التحديد ، في بيان مراتب الكراهة فالاقوى في المسئلة ما ذهب اليه المشهور من المتاخرين من الصحة و الكراهة ، الا اذا بلغ البعد بينهما الى عشرة اذرع اوكان بينهما حائل ، فانه لاكراهة ايضا حينئذ والله العالم.

العلا وقد يستدل للكراهة برواية الفضيل عن أبي جعفر علیه السّلام، قال انما سميت مكة بيكة لانه تبك فيها الرجال والنساء ، والمراة تصلى بين يديك وعن يمينك وعن يسارك ومعك ، لا باس بذلك ، وانما يكره في سائر البلدان ، بتقريب ان الكراهة انكانت بمعناها الاخص المصطلح ثبت المطلوب ، و انكانت بمعناها الأعم الشامل للحرمة ، فحيث ان التفصيل فى الحرمة بين مكة وغيرها من البلدان خرق للاجماع المركب ، اذلم يقل احد من القائلين بالمنع والجواز بالتفصيل بينهما ، فلابد من حملها على الكراهة بالمعنى الاخص، والتفصيل فى الكراهة بهذا المعنى بين مكة وغيرها ليس خرقا للاجماع المركب كما لا يخفى. وفيه ان الظاهر من الروايه اما خصوص الحرمة او الاعم منها ومن الكراهة

ص: 254

المصطلحة، و على كل من التقديرين لادلالة لها على الكراهة المصطلحة ، اما على الاول فواضح ، و اما على الثاني ، فلان كون التفصيل فى الحرمة بين مكة وغيرها خرقا للاجماع المركب، لا يوجب ظهور لفظ الكراهة في خصوص الكراهة المصطلحة، بل يوجب احمالها ، ومعه لا يصح التمسك بالرواية للكراهة المصطلحة كما لا يخفى.

ثم انه يستفاد من بعض الاخبار المجوزة ، كخبر عيسى بن عبدالله القمى المتقدم ، سئل الصادق علیه السّلام عن امراة صلت مع الرجال و خلقها صفوف و قدامها صفوف قال علیه السّلام مضت صلوتها و لم تفسد على القوم ، ان المراة يصح ان تكون واسطة في اتصال المامومين بالامام و اتصال بعضهم ببعض ، كيف و لو لم تكن كك لم يكن وجه لقوله علیه السّلام ولم تفسد على القوم ، فانه لولم تكن المراة كافية في الاتصال، لكان البعد بين الصفين في مفروض السؤال اكثر من البعد الجائز بينهما ، فاذا صح ان تكون المراة واسطة في الاتصال ، فلاتكون من الحائل المعتبر عدمه بين الامام و الماموم و بين بعض المامومين مع الآخر ، فلا يختص المستثنى عن الحائل الممنوع بما اذا كان الحائل ماموما ، بل يعم ما اذا كان مامومة، فلو حال بين الصفين من الرجال صف من النساء لم يكن من الحائل المضر بصحة الجماعة .

ثم انه بقى هيهنا امور لاباس بالتعرض لها ، و ان كان لا اهمية لها بناء على

ما هو المختار من الجواز مع الكراهة الاول هل على القول بالمنع ، يختص فساد صلوتهما بما اذا اقترنا فى الشروع ، فلو تاخر احدهما يختص الفساد بصلوة اللاحق اولا فرق في فساد صلوتهما بين الاقتران واللحوق الاقوى هو الاول ، لا لما قيل من ان الفساد انما ينشاء من المحاذاة للصلوة الصحيحة ، واللاحقة ليست صحيحة كي تصلح مانعة عن صحة السابقة، اذفيه ان المراد من الصلوة الصحيحة ، انكان هي الصحيحة من جميع الجهات حتى جهة المحاذاة ، فيلزم القول بان صلوة الرجل والمراة فيما اذا شرعا معا صحيحتان فعلا وفاسدتان، وهذا باطل لاستلزامه اجتماع الضدين بل النقيضين ، و ان كان المراد من الصلوة الصحيحة هي الصحيحة من غير جهة المحاذاة ، فتكون الصلوة اللاحقة ايضا صحيحة من غير هذه الجهة ، بل لان

ص: 255

المانعية على القول بها تكون مستفادة من النهى، فتكون فى الاشتراك بين الصلوتين والاختصاص باحديهما ، تابعة لتعلق النهي بكليتهما او باحديهما ، و من المعلوم ان النهى انما تعلق بكلتا الصلوتين في صورة الاقتران في الشروع ، واما في صورة اللحوق فلم يتعلق الا بخصوص اللاحقة فلا يستفاد منه مانعية المحاذاه ، الالخصوص اللاحقة دون السابقة وتوهم ان النهى فيهذه الصورة وان تعلق بخصوص اللاحقة كما لا يخفى على من راجع الاخبار المتقدمة ، لكن النهي في بعضها الآخر تعلق بكليتهما على نحو يعم صورة لحوق احديهما بالأخرى ايضا ، فان النهى المستفاد من قوله عالم علیه السّلام، لا في خبر ابى بصير المتقدم، جوابا عن قول السائل الرجل والمراة يصليان في بيت واحد المراة عن يمين الرجل بحذاه ، تعلق بصلوة كل من الرجل والمراة في حال محاذاة احدهما بالآخر سواء تقارنا فى الشروع ام لا ، فانه يصدق في صورة اللحوق ايضا على صلوة ، كل منهما انها وقعت في حال محاذاة احدهما بالآخر مدفوع اولا بمنع عموم النهى المتعلق بكلتا الصلوتين لصورة اللحوق ، فان الظاهر من قول السائل الرجل يصلى وبحياله امراة او و المراة تصلى بحذاه او وبين يديه امراة تصلى بقرنية الواو الحالية ان مورد السؤال هو صورة اقترانهما في الصلوة، لا بمعنى شروعهما في الان الواحد ، كي يقال انه فرض نادر لا يمكن حمل هذه الاخبار الكثيرة عليه، بل بمعنى انهما يصليان معا بان شرع احدهما مع تهيؤ الاخر لها فتدبر جدا (1)وثانيا ان الظاهر المستفاد من اكثر الاخبار المتقدمة ، كرواية ادريس القمى و رواية جميل والفضيل و عمار و زرارة و ابن بکیر و ابی بصیر ، هو ان المانع في المقام هو المحاذاة والتقدم الاختياريان لا الواقعيان ، فان قوله علیه السّلام في رواية ابي بصير لا ولكن يصلى الرجل و تصلى المراة بعده ، و في صحيحة محمد بن مسلم لا ولكن يصلى الرجل فاذا فرغ صلت المراة في جواب قول السائل الرجل والمراة يصليان جميعا ، ظاهر في ان ايقاع الصلوة محاذية مانع لانفس المحاذاة ، فتكون مانعية

ص: 256


1- اشارة الى ان خصوصية المورد لا توجب تقييد اطلاق الجواب هذا مع ما عرفت من اطلاق خبر ابی بصیر سؤالا وجوابا فتبصر.

المحاذاة والتقدم مخصوصة بحال الاختيار، وعليه فلو شرع احدهما بالصلوة من دون تهيؤ الآخر بها ثم شرع الاخر. لا تفسد الاصلوة المتاخر، وذلك لان حرمة الابطال تسلب الاختيارية عن المحاذاة بالنسبة الى المتقدم، ان المفروض ان المانع ليس مطلق المحاذاة بل المحاذات الاختيارية، فاذا كانت المانعية مقيدة بالاختيار، فلا يمكن ان يعارض حرمة الابطال المطلقة، لان اعتبار المانع فرع ان لا يكون المكلف عاجزا، وعدم كونه كك فرع ان لا يحرم عليه الابطال فتدبر جيدا .

ثم انه يتفرع على هذا الامر الامر الثاني ، و هو انه لوزال الحائل بينهما فى اثناء الصلوة، هل تبطل صلوتهما مطلقا اولا تبطل كك، او يفصل بين صورة الاقتران فتبطل صلوتهما وبين صورة اللحوق فتبطل صلوة اللاحق خاصة والحق عدم بطلان صلوة احد منهما، على القول بكون المانع هو المحاذات الاختيارية دون الواقعية لان لا تبطلوا يسلب الاختيارية عن كليهما كما عرفت بيانه ، وبطلان صلوة كليهما مع الافتراق وصلوة اللاحق خاصة بدونه، على القول بكون المانع هو المحاذاة الواقعية ، لكن مع اختصاص ما نعيتها في صورة اللحوق باللاحق خاصة وذلك واضح. الامر الثالث، لافرق في بطلان الصلوة على القول بالمنع ، بين كون المحاذاة عن العمد والالتفات او عن الغفلة والنسيان او الجهل بالموضوع او بحكمه، بناء على مامرت الاشارة اليه من ان المتبادر من النواهى المتعلقة بكيفيات الاعمال المركبة هو كونها مسوقة لبيان التكليف الغيرى الناشى من المانعية الواقعية ، اذ حينئذ لا يجدى معذورية المكلف من حيث الحكم التكليفى النفسي في بعض الاحوال كحال النسيان والغفلة او الجهل بالموضوع او بحكمه عن قصور ، في تخصيص المانعية المستفادة من النواهى المطلقة بغير تلك الحالة فاذا كان المستفاد من هذه النواهى مانعية المحاذاة للصلوة على الاطلاق ، فيكون مقتضاها بطلان الصلوة بها مطلقا ، من غير فرق بين كونها عن العمد والالتفات ، او الغفلة والنسيان او الجهل بالموضوع او بحكمه ، لولادليل حاكم عليه كلاتعاد ، حيث ان مقتضاه صحة الصلوة مع الاخلال

ص: 257

بغير الخمس سهوا و نسيانا، بلجهلا بالموضوع او الحكم ، لولم (1)يكن اجماع على عدم الصحة مع الاخلال جهلا بهما نعم لو قلنا بان المتبادر من هذه النواهى هو التكليف النفسى وتكون المانعية مسببة عنه بحكم العقل في مرحلة الامتثال ، من دون ان يوجب تقييدا فى الماهية المأمور بها ، لاختصت المانعية حينئذ بصورة تنجز ذلك التكليف النفسى ، لان ما يمنع عن التقرب بحكم العقل ، هو النهى المنجز الموجب مخالفته للعقاب ، و اما النهى الغير المنجز الذى يكون المكلف معذورا فى مخالفته ، فلا يكون مانعا عن التقرب اصلا ، وعليه فلا تكون المحاذاة مانعة الا فى صورة العمد والالتفات والجهل بالحكم عن قصور دون غيرها لكن هذا القول في معزل عن التحقيق كما بين فى محله نعم بناء على ما استظهر ناه من الاخبار ، من كون المانع هو التقدم والمحاذاة الاختياريان لا الواقعيان ، يكون مقتضى القاعدة هو الحكم بالصحة فيما اذا لم يعلم بالمحاذاة لظلمة او عمى و نحوهما ، ان لاتكون المحاذاة حينئذ صادرة عنه بالاختيار.

الامر الرابع لوشك فى وجود من يصلى بحذائه فان قلنا بان عدم المحاذاة من شرائط المصلى، فلا اشكال في ان مقتضى اصالة العدم هو صحة صلوته ، مالم ينكشف الخلاف واما لوقلنا بماهو المستظهر من الاخبار ، من ان المحاذاة من

ص: 258


1- قولنا لولم يكن اجماع الخ لا يخفى ان ما ذهب اليه المشهور من بطلان الصلوة بها جهلا بالموضوع او الحكم ، ليس لاجل قيام الاجماع عليه كي يخدش فيه بوجود المخالف بل لاجل عدم شمول الحديث للاخلال بها جهلا بالموضوع او الحكم ، بدعوى ظهوره في ان كل جزء او شرط من الصلوة اخل به المصلى ولم يمكن عند الاخلال به تعلق الامر به الا باعادة الصلوة ، لانعاد الصلوة من الاخلال به الا اذا كان من الاركان الخمسة ، ومن المعلوم ان الجزء او الشرط الذى لا يمكن عند الاخلال به تعلق الامر به الا باعادة الصلوة ، ليس الا الجزء او الشرط الذى اخل به سهوا او نسیانا، اذلايصح توجيه الامر به الى الساهى والناسي الا بعد فراغهما عن الصلوة والالتفات الى الاخلال به المستلزم لبطلان صلوتهما وتوجه الامر اليهما باعادتها ، وهذا بخلاف ما اذا كان الاخلال به جهلا فانه يصح توجيه الامر به اليه في حال جهله ومعه لايكون مشمولا للحديث كيلا يجب عليه الاعادة فيما لم يكن ما اخل به من الاركان هذا وتبصر منه عفى عنه

موانع الصلوة، فلايجدى استصحاب عدم من يصلى بحذائه، في احراز حال الصلوة وكونها واقعة غير محاذية لصلوة المراة، الاعلى القول بالاصل المثبت نعم يمكن جريان اصالة العدم بالنسبة الى نفس الصلوة اما على نحو الاستصحاب التعليقى او التنجيزى على البيان الذي مر فى البحث عن اللباس ، هذا مضافا الى ماهر من جريان البرائة العقلية فى الشك فى وجود المانع واما لو علم بوجود من يصلى بحذائه ، و شك فى انه اقترن شروعهما كي تكون صلوة كليهما باطلة، أو كان ذلك المصلى لاحقا كي تكون صلوة ذلك المصلى باطلة ، او كان ذلك المصلى سابقا كي تكون صلوة نفسه. باطلة فعلى ما ذهب اليه صاحب المصباح رضی الله عنه في وجه اختصاص البطلان باللاحق ، من ان الفساد انما ينشاء عن المحاذاة للصلوة الصحيحة لا اشكال في ان مقتضى القاعدة هو الحكم ببطلان صلوته ، لان المحاذاة محرزة بالوحدان ، وصحة صلوة من يصلى بحذائه محرزة بالاصل القاضى بالبناء على الصحة فى فعل الغير واما بناء على ما اخترناه في وجه اختصاص البطلان باللاحق ، من اختصاص النهى الكاشف عن المانعية به ، فلا اشکال فیان مقتضی مامر فى البحث عن اللباس ، من الاصل العقلى والنقلى اعنى الاستصحاب ، هو الحكم بصحة صلوته ، ولا يعارضه الاصل بالنسبة الى صلوة ذلك الغير، بعد عدم كون العلم الاجمالي موجبا لتنجز المعلوم بالاجمال الاعلى احد التقديرين لا على كليهما .

المسئلة الثالثة اعتبار طهارة موضع الجبهة

المشهور اعتبار طهارة موضع الجبهة ، بمقدار ما يعتبر وضعها على الارض و يمكن الاستدلال عليه مضافا الى الاجماع ، بصحيحة ابن محبوب عن الرضا علیه السّلام، انه كتب اليه يسئله عن الجص يوقد عليه بالعذرة وعظام الموتى يجصص به المسجد ايسجد عليه ، فكتب علیه السّلام اليه ان الماء والنار قد طهراه ، فانه يستفاد منها ان اعتبار الطهارة فى موضع السجود كان مفروغا عنه عند السائل مركوزا في ذهنه ، و قد قرره الامام علیه السّلام على ذلك، حيث اجاب علیه السّلام بما مفاده انه لولا ان الماء والنار قد طهراه لماجازان يسجد عليه ثم انه يمكن ان يصطاد من هذه الصحيحة ، ما يفيد فى المسئلة الاتية وهى اعتبار طهارة مكان المصلى و عدمه ، فان

ص: 259

من استفادة كون اعتبار طهارة موضع السجود مركوزا في ذهن السائل هذه

السائل من الصحيحة، يمكن اصطياد انصراف مادل على عدم اعتبار طهارة المكان مطلقا عن محل الجبهة، حيث ان ارتكاز اعتبار طهارة خصوص محلها، موجب لانصراف هذا الاطلاق عن محلها الى غيره اللهم الا ان يقال ان ما يوجب انصراف اطلاق مادل على عدم اعتبار طهارة المكان مطلقا الى غير محل الجبهة ، هو ارتكاز اعتبار طهارة محلها في ذهن اهل العرف ، و ارتكازه كك لا يستفاد من الصحيحة ، وانما يستفاد منها ارتكازه في خصوص ذهن السائل، وهو لا يجدى فى انصراف الاطلاق كما لا يخفى ثم ان القدر المتيقن من الاجماع او الارتكاز ، هو اعتبار طهارة موضع الجبهة بمقدار ما يجب وضعه منها على الارض ، فالزائد على ذلك المقدار لا دليل على اعتبار طهارة محله، اذليس هناك دليل لفظى يؤخذ باطلاقه والأصل ينفيه واما النبوى صلی الله علیه و آله و سلّم جنبوا مساجدكم النجاسة ، فالظاهران المراد من المساجد هى الاماكن المعدة للصلوة المسماة بالمسجد ، لاموضع السجود كي يؤخذ باطلاقها وتوهم ان الاجماع و ان كان دليلا لبيا فيؤخذ بالقدر المتيقن منه ، الا ان ذلك فيما اذا لم يكن لمعقده اطلاق كما فيما نحن فيه حيث ان معقده قضية لفظية ، وهى انه يعتبر طهارة موضع الجبهة ، ومقتضى اطلاق هذه القضية اللفظية المجمع عليها ، هو اعتبار طهارة موضع الجبهة مطلقا ، ولو بالنسبة الى الزائد على المقدار الواجب وضعه منها على الارض مدفوع اولا بمنع كون هذه القضية اللفظية معقداً لاجماع المجمعين ، كي يؤخذ باطلاقها لاثبات اعتبار طهارة موضع الجبهة زائدا على المقدار الواجب وضعه منها على الأرض واما ثانيا بالنقض بما لو وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه و ما لا يصح كالمأكول ، حيث لا اشكال فى الصحة مع عدم وضعها على ما يصح الا بمقدار ما يجب وضعه منها عليه.

و توهم الفرق بين ذلك المقام وما نحن فيه ، بدعوى الفرق عرفا بين ان بقال يعتبران يكون ما يقع عليه السجود طاهراً لانجسا، وبين ان يقال يعتبر في السجود وقوعه على الارض ، حيث ان المعنى الاول لا يتحقق عرفا الا اذا كان مجموع

ص: 260

ما يقع السجود عليه طاهرا ، اذ لو كان بعضه نجسا لا يقال انه سجد على ارض طاهرة بل يقال سجد على ارض نجسة ، اذلا يعتبر في صدق السجدة على النجس استيعاب النجاسة ، بخلاف السجدة على الطاهر فانه يعتبر فى صدقها استيعاب الطهارة وهذا بخلاف المعنى الثانى فانه يتحقق عرفا عند كون بعض ما يقع عليه السجود ارضا، حيث يصدق على بعضه أنه ارض وقد وقع عليه السجود، واقتران الغير معه غير قادح فی صدق اسم السجود عليه.

مدفوع اولا بانه لافرق عرفا بين ان يقال يعتبر في المسجد ان يكون طاهراً لانجسا ، وبين ان يقال يعتبر في السجود ان يكون على الارض ، اذ توهم الفرق وان المعنى الاول لا يتحقق عرفا الا اذا كان مجموع المسجد طاهرا ، بخلاف المعنى الثاني فانه يتحقق عندكون بعض ما يقع عليه السجود ،ارضا، ناش عما تضمنه المعنى الاول من القضية السالبة وهى عدم كون المسجد نجسا ، وهذا ليس بفارق ، ضرورة ان المعنى الثانى وان لم يتضمن القضية السالبة لفظا ، لكنه متضمن لها معنى ولبا ، لانه يستفاد من اعتباركون السجود على الارض ، اعتبار عدم كونه على غيرها من المأكول والمعادن وحينئذ ينتفى الفرق بين المعنيين وثانيا بانه لم يعتبر في المسجد ان يكون طاهرا ، كى يدعى الفرق بينه وبين ان يعتبر فى السجود ان يكون على الأرض ، بل اعتبر في السجود ان يكون على الموضع الطاهر ، ومن المعلوم ان السجود من العناوين القصدية المتقومة بالقصد ، فحينئذ لو كان بعض ما يقع عليه الجبهة طاهرا وكان بمقدار ما يجب عليه السجود ، وقصد السجدة على هذا المقدار الطاهر، لم يقع سجدته الاعلى ارض طاهرة ، و كان الباقي مما وقع عليه جبهته خارجا عما وقع عليه سجدته ، لانه لم يقصد السجدة بوضع تمام الجبهة على تمام الموضع ، بل بوضع ما يقع منها على البعض الطاهر دون غيره ، ولعل هذا هو السر في حكمهم بالصحة فيما لو وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه وما لا يصح ، لاما توهم من الفرق عرفا بين ذلك المقام وما نحن فيه.

المسئلة الرابعة اعتبار طهارة مكان المصلى

هل يعتبر طهارة مكان المصلى زائدا على محل الجبهة اولا،

ص: 261

فيها قولان ينشئان من اختلاف الاخبار ، فمما يدل على الاعتبار ، موثقة ابن بكير عن ابيعبد علیه السّلام في الشاذ كونة يصيبها الاحتلام ايصلى عليها فقال علیه السّلام لا، والشاذ كونة على ما في محكى الوافى هى الفراش الذى ينام عليه ، وقيل هى الحصير التي تفرش عادة فى تحت المصلى ، وقيل هى الثوب الغليظ ، وموثقة عمار عن ابي عبد الله علیه السّلام، قال سئل عن الموضع القذر يكون فى البيت او غيره فلا يصيبه الشمس ولكنه قد يبس الموضع القذر ، قال علیه السّلام لا يصلى عليه واعلم موضعه حتى تغسله ، و خبر زرارة قال سئلت ابا جعفر علیه السّلام عن البول يكون على السطح او فى المكان الذي يصلى فيه ، فقال علیه السّلام اذا جففته الشمس فصل عليه فهو طاهر ومما يدل على عدم الاعتبار ، صحيحة على بن جعفر عن اخيه موسى علیه السّلام، انه سأله عن البيت والدار لا يصيبهما الشمس ويصيبهما البول ويغتسل فيهما من الجنابة ايصلى فيهما إذا جفا قال علیه السّلام نعم ، و صحيحته الاخرى عنه علیه السّلام ايضا قال سئلته عن البواري يبل قصبها بماء قذرا يصلى عليها قال علیه السّلام اذا يبست فلاباس ، وصحيحته الثالثة عن البوارى يصيبها البول هل الصلوة عليها اذا جفت من غيران تغسل قال علیه السّلام نعم لا باس، وصحيحة زرارة عن ابيجعفر علیه السّلام قال سئلته عن الشاذ كونة عليها الجنابة ايصلى عليها في الحمل قال علیه السّلام لاباس ، و خبر محمد بن ابی عمیر قال قلت لا بيعبد الله علیه السّلام ايصلى على الشاذكونة وقد اصابتها الجنابة قال علیه السّلام لا باس ، وموثقة عمار قال سئلت ابا عبد الله علیه السّلام عن البارية يبل قصبها بماء قذرهل تجوز الصلوة عليها فقال علیه السّلام اذا جفت فلاباس بالصلوة عليها.

ومقتضى الجمع العرفى بينهما، هو حمل الطائفة الاولى على الكراهة ، فانها ظاهرة فى الحرمة و المانعية، والطائفة الثانية صريحة فى الجواز والصحة ثم ان اكثر الروايات المجوزة قد قيد فيها جواز الصلوة على الموضع النجس بما اذا كان جافا ، و هذا تقييد يحتمل ان يكون تقييدا تعبديا لتضييق دائرة الموضوع، ويحتمل ان يكون لجهة سراية النجاسة الى البدن واللباس اذا كان المكان النجس رطبا و تظهر الثمرة بين الاحتمالين، فيما اذا كان المكان النجس رطبا ولكن لم

ص: 262

تكن رطوبته مسرية، او كانت مسرية ولكن كان ماتسرى اليه من اللباس مما لاتتم به الصلوة وحده كالجورب، او كانت النجاسة مما يعفى عنها كما اذا كانت دما وكان اقل من الدرهم فانه تكون الصلوة باطلة فيهذه الفروض على الاحتمال الاول ، ولا تكون باطلة كك على الاحتمال الثانى و يمكن استظهار الاحتمال الثاني من وجهين، الأول ان مانعية النجاسة الرطبة حيث تكون غالبا من حيث السراية ، فتكون مانعة من ان يستفاد من هذا التقييد كونه تقييدا تعبديا لتضييق دائرة الموضوع ، وان نجاسة المحل فيما اذا كان رطبا ، مانع مستقل مع قطع النظر عن مانعية السراية ، والثانى ان العرف بمناسبة الحكم والموضوع يفهم من هذا التقييد ، انه لاجل ان المحل النجس اذا كان رطبا موجب للسراية غالبا ، وهذه المناسبة موجبة لصرف اطلاق مادل على الجواز ، الى ارادته من غير جهة السراية ، واطلاق مادل على المنع الى ارادته من تلك الجهة.

ثم او تعذرت طهارة المسجد، فهل تنتفى شرطيتها ، او وجوب اصل السجود كي ينتقل الى الايماء، و جهان يبتنى الأول منهما على كون طهارة المسجد شرطا لاصل الصلوة في حال السجود، كي تكون كساتر الشرائط المعتبرة في الصلوة مختصة بحال التمكن، اوكونها شرطا للسجود ، لكن لا مطلقا كى يسقط اصل السجود لتعذر شرطه، بل في حال التمكن، لان عمدة مستند الحكم باشتراطها هو الاجماع والارتكاز والقدر المتيقن منهما هو حال التمكن لا مطلقا ، فيرجع في غيره الى اطلاق ادلة جزئية السجود للصلوة ان كان لها اطلاق، والافالى استصحاب وجوب السجود ، اوالى قاعدة الميسور القاضية بعدم سقوط اصل السجود بتعذر شرطه على اشكال فى الاستصحاب قد اشرنا اليه فى الاصول فى مبحث الاستصحاب ، وحاصله ان العرف انما يتسامح في استصحاب الحكم عند انتفاء بعض قيود الموضوع ، في الخارجيات كالماء المتغير الذى زال تغيره، دون الكليات كما نحن فيه ، فان المطلق والمقيد فى الكليات متبائنان عند العرف ، فيكون استصحاب حكم المقيد عند انتفاء القيد للمطلق ، عندهم من اسرار حكم موضوع الى موضوع آخر.

ص: 263

و يبتنى الثانى منهما على كون الطهارة شرطا للسجود مطلقا ، بدعوى الاطلاق لمادل على شرطيتها له، اما بدعوى الاطلاق لمعقد الاجماعات على شرطيتها ، او بحمل الاخبار الناهية عن الصلوة على النجس على موضع الجبهة ، ثم دعوى ان مقتضى اطلاق تلك الاخبار ، شرطية طهارة موضع الجبهة على الاطلاق من غير اختصاص بحال التمكن، لان المتبادر منها ليس الا ارادة جعل الحكم الوضعى الذى لا تفاوت فيه بين حال التمكن وغيره ، لولا دليل حاكم عليه ، و هو منتف في المقام ، لان ما يتوهم حكومته على اطلاق دليل الاشتراط ، هي قاعدة الميسور ، وقد استشكلنا في الاصول فى تمامية هذه القاعدة فتدبرجيدا.

المقدمة السادسة فيما يسجد عليه ، ولا اشكال فى انه يعتبران يكون ارضا ، او ما ينبت من الارض غير المأكول والملبوس، او قرطاسا و يدل على ذلك كله الاخبار المستفيضة بعد تقييد مطلقاتها بمقيداتها فالكلام فى المقام يقع في طي مسائل ، الاولى فى بيان المراد من الارض ، والثانية فى النبات ، والثالثة في المأكول ، والرابعة فى الملبوس ، والخامسة في القرطاس.

اما المسئلة الاولى، فنقول ان الارض قد تطلق و يراد منها ما يقابل جهة العلو ، كما يقال امطر السماء على الارض اوسقط فلان على الارض ، فهى بهذا المعنى تعم جميع ما شملته الارض من التراب وغيره ، فلو خرج عنها شيء و تردد مفهومه بين الاقل والاكثر ، كالثمرة التي اشتمل على استثنائها بعض الاخبار ، وترددت بين المأكول وبين الاعم منه ومن غير المأكول كالحنظل ، ففى غير المتيقن وهو المأكول يتمسك باطلاق لفظ الارض ، اذا كان الدليل المخرج منفصلا ، وكذا لو كان الخارج مبينا مفهوما ، ولكن شك فى خروج شيء آخر لشبهة حكمية ، كالحجر الرخام اى المرمر، فانه شك في خروجه ، لاجل خروج بعض انواع المعدنيات كالقير والسبخة والذهب والفضة ، والقفر الذي هو قسم ردى من القير على ماقيل ، والساروج والزجاج ، باحتمال ان الملاك فى خروج هذه الانواع هو كونها معدنية وقد يطلق الارض ويراد منها ماهو احد العناصر الأربعة العرفية، أى ما يقابل الماء والهواء

ص: 264

والنار الخارجية ، فهى بهذا المعنى لاتعم المواليد الثلث اعنى المعدنيات والنباتات والحيوانات ، فحينئذ لو علم بان شيئا خاصا كالذهب والفضة والعقيق مثلا ، يكون من المواليد المودعة فى الأرض وليس من الارض فلا اشكال ، و الارض فلا اشكال ، و اما لوشك فى شىء بانه من الارض او من غيرها ، فهذا على قسمين ، لانه تارة يكون الشك في ابتدائيا يزول بالمراجعة الى العرف ، كما في مثل الطين الارمنى وحجر الرحى والرخام وحجر الجص والنورة ، اذ لاشبهة فى انها يصدق عليها عرفا انها من الارض ، واخرى يكون الشك فيه على نحو لا يزول بالمراجعة الى العرف لاختلافهم في مفهوم الارض كما في مثل الاجر والخزف والجص والنورة بعد الاحتراق ، على تأمل في الاولين بل في الثالث ايضا ، اما القسم الأول فالظاهر عدم الاشكال في صحة السجود عليه ، و اما القسم الثانى فالظاهر عدم جواز الاكتفاء بالسجود عليه ، وذلك لانه اذ كان الشك فى موضوع التكليف من جهة تردده مفهوما بين الاقل والاكثر وكان المطلوب صرف الوجود، يكون المرجع قاعده الاحتياط لا البرائة ، فلا يكتفى فى صحة السجدة الا بما يتقن انه ارض ، ان المشكوك كونه من الارض يشك مع السجود عليه في الخروج عن عهدة التكليف المتعلق بالسجدة على الارض ولا ينافي هذا ما اخترناه في مسئلة دوران الأمر بين الاقل و الاكثر الارتباطيين ، من ان المرجع فيها هي البرائة مطلقا كان التكليف نفسيا او قيديا وكان الشك من جهة الشبهة الحكمية او المفهومية او المصداقية ، وذلك لان ماتيقن وعلم تعلق التكليف به في تلك المسئلة هو الجنس وشك فى تقييده بامر زائد ، وهذا بخلاف المقام حيث ان تعلق التكليف فيه بما علم انه ارض متيقن معلوم ، وانما الشك فى تعلقه بما يعمه والمشكوك كونه ارضا ، والعقل في مقام الامتثال يحكم بلزوم الاقتصار على ماعلم انه ارض ، وعدم جواز الاكتفاء بالمشكوك ، اذ مع الاكتفاء به يشك فى الخروج عن عهدة ما تنجز عليه من التكليف بالسجدة على الارض ومن مسئلة دوران الامر بين التعيين والتخيير، ان مقتضى القاعدة هو التعيين ، لان تعلق التكليف بالعنوان الخاص معلوم و انما الشك فى انه هل يسقط باتیان شئی آخر ام لا ، و مقتضى الاشتغال اليقيني

ص: 265

بالتكليف هو الفراغ عنه يقينا ، وهو لا يحصل الا باتيان هذا العنوان الخاص و توهم ان مقتضى الاصل الاولى فى المقام ، وان كان هو الاحتياط بالاقتصار على ما علم انه ارض ، لكن هذا الاصل فيما اذا كان الشك فى الخروج عن الارضية ، كما في الاجر والخزف والجص والنورة بعد الاحتراق ، يكون محكوما باستصحاب بقاء الارضية مدفوع بان الشك في الخروج عن الارضية على قسمين ، احدهما ان يشك في اصل الخروج ، كما اذا شك فى ان التراب هل انتقل الى حالة اخرى وصار اجرا اوخز فا ام لا ، وان حجر الجص او النورة هل انتقل الى حالة اخرى وصارحصا اونورة ام لا ثانيهما ان يعلم اصل الخروج والانتقال ، ولكن يشك فان المنتقل اليه هل يصدق عليه اسم الأرض ،املا ، كما اذا علم بان التراب صار اجرا او خزفا وان حجر الجص او النورة صارجصا اونورة ، ولكن شك فى انهما هل خرجا من جهة طرو هذه الحالة عليهما عن مفهوم الارضية ام لا والرجوع الى الاستصحاب انما يصح في القسم الأول دون الثانى لان المفهوم غير قابل للبقاء ، وبعبارة اخرى ليس هنا شك في بقاء امر خارجي كي يجرى الاستصحاب فيه ، لان كونه في السابق ترابا او حجرا معلوم لاشك فيه ، وصيرورته آجرا او خزفا او جصا او نورة معلومة لاحقا لاشك فيها ، وانما الشك في صدق مفهوم اسم الارض عليه فى اللاحق وعدمه، وهذا ليس قابلا للاستصحاب كما لا يخفى نعم لا بأس باجراء استصحاب الحكم الثابت له قبل الانتقال الى هذه الحالة، لو صدق عليه عرفا ان هذا كان موضوعا لجواز السجود عليه ، والا فلامجال لجريان الاستصحاب الحكمي فيه ايضا كما هو واضح هذا ، ولكن الانصاف ان الاجر والخزف بل الجص من مصاديق الارض عرفا ، و لذا يصدق على الاجر والخزف انهما تراب مطبوخ وعلى الجص انه حجر مطبوخ ، فالاقوى هو حواز السجود على الجص ، وان لم نقل بجواز التيمم به ، من جهة تردد الصعيد مفهوما بين مطلق وجه الارض و خصوص التراب فتامل ، كما يدل على ذلك ايضا صحيحة ابن محبوب صحيحة ابن محبوب المتقدمة الرضا علیه السّلام ، حيث سئل عنه علیه السّلام عن السجدة على الجص الذي يوقد عليه بالعذرة ، و اجاب علیه السّلام بان الماء والنار قد طهراه ، فانه لولم يكن السجدة على الجص جائزة

ص: 266

لكان المتعين الجواب بذلك لا بما اجاب علیه السّلام به كما لا يخفى و توهم ان عدم الجواب بذلك لعله لمكان التقية ، حيث ان العامة يجوزون السجدة على مطلق وجه الارض مدفوع بان العامة لا يعتبرون طهارة محل السجدة ، فيكون ما یجاب علیه السّلام به ايضا خلاف التقية ، فلا يمكن حمل الصحيحة عليها ، هذا فيما اذا كان الشك فى مفهوم الأرض ، و اما اذا كان الشك فى مفهوم الخارج فلايجوز السجود على المتيقن منه دون المشكوك منه .

التنبیه علی امور فی مسئله السجود

بقى هنا امور لاباس بالتنبيه عليها الاول لاشبهة فى عدم جواز السجود على الزجاج ، و يدل عليه مضافا الى عدم صدق اسم الارض عليه عرفا ، صحيحة محمد بن الحسين قال بعض اصحابنا كتبت الى ابى الحسن الماضى علیه السّلام اسئله عن الصلوة على الزجاج ، قال فلما نفذ كتابي اليه تفکرت و قلت هو مما انبتت الارض و ما كان لي ان اسئل عنه ، قال فكتبت علیه السّلام الى لا تصل على الزجاج و ان حدثتك نفسك انه هما انبتت الارض، ولكنه من الملح والرمل وهما ممسوخان و انما وقع الاشكال فى ظاهر هذه الصحيحة ، حيث ان تعليله علیه السّلام النهي عن السجود على الزجاج بكونه مركبا من الملح والرمل وهما ممسوخان ، ظاهر فى ان جهة المنع هيكون الجزئين اللذين تركب منهما الزجاج ممسوخین، ای غیر باقيين على صورتهما النوعية ، و مقتضاه كماترى عدم جواز السجود على الرمل ايضا، مع انه لاشبهة في دخوله في مسمی الارض ، وقد دل النص والاجماع على جواز السجود عليه بالخصوص ولكن يمكن دفعه بان المراد من قوله علیه السّلام وهما ممسوخان ، هو ان الملح والرمل حال صيرورتهما زجاجا ممسوخان وغير باقيين على صورتهما النوعية ، لا انهما من حيث هما ممسوخان کی یدل على عدم جواز السجود على الرمل هذا.

الثانى انه قد تعارض الاخبار فى السجود على القير ، حيث دل بعضها على الجواز و بعضها على المنع ، و مقتضى الجمع العرفى بينهما ، و انکان حمل مادل على المنع على الكراهة ، لكن الحمل عليها حيث يكون مخالفا للاجماع ، فلابد من طرح مادل على الجواز لاعراض المشهور عن ظاهره ، او حمله على التقية او

ص: 267

الضرورة الثالث ان العبرة فيكون ما يسجد عليه ارضا ، هو كونه بعضا من الطبيعة المسماة بالأرض ، فتعم اجزائها المنفصلة مع بقائها على حقيقتها ، و ان خرجت بواسطة الانفصال عن مسماها عرفا كالحصى ويدل عليه مضافا الى عدم الخلاف فيه مارواه حمران عن احدهما عليهما السلام ، قال كان ابي يصلى على الخمرة(1)يجعلها على الطنفسة ويسجد عليها فاذا لم يكن خمرة جعل حصى على الطنفسة حيث يسجد، و ما رواه الحلبي قال قال ابو عبدالله علیه السّلام دعا ابي بالخمرة فابطأت عليه فاخذ كفا من حصى فجعله على البساط ثم سجد عليه.

واما المسئلة الثانية فملخص الكلام فيها ، هوانه لا شبهة فى ان النبات عبارة عن احدى المواليد الثلثة في مقابل المعدن والحيوان، وقد يطلق على مطلق ما ينشاء كما في قوله تعالى والله انبتكم من الارض نباتا ، او مطلق ما يخرج من الارض ، كما في قول ابيعبد الله علیه السّلام في صحيحة منصور بن حازم القير من نبات الارض ، الذى جعله بعض من ادلة جواز السجود على القير وانما الكلام في ان الموضوع للحكم اعنى جواز السجود ، هو مطلق النبات كى يجوز السجود على ما ينبت فوق الماء او في الاواني ، او خصوص نبات الارض كيلا يجوز السجود عليهما والحق هو التخصيص بنبات الأرض ، لا لما قيل من اختصاصه في اغلب الادلة بما تنبته الارض ، فيقيد بها ما دل على جواز السجود على النبات مطلقا ، كخبر محمد بن مسلم عن ابيجعفر علیه السّلام قال لاباس بالصلوة كلى البوريا والخصفة وكل نبات الا الثمرة ، و ذلك لعدم التنافى بين المطلق والمقيد فيما اذا كانا مثبتين ولم يحرز اتحاد موضوع الحكم ، هذا مضافا الى امكان ورود ماقيد بما ينبته الارض مورد الغالب بل لان ظاهر الاستثناء في قول الصادق علیه السّلام السجود لا يجوز الا على الارض او على ما انبتت الارض ، هو انحصار المستثنى عما لا يجوز السجود عليه بما تنبته الارض، فيكون موضوع الخارج مقيدا فیقید به ما دل على الجواز بمطلق النبات هذا مضافا الى امكان دعوی انصراف مادل على جواز السجود على النبات مطلقا ، الى خصوص ما تنبته الارض هذا.

ص: 268


1- الخمرة بالضم سجادة صغيرة تعمل من سعف النخل والطنفسة بكسر الطاء والفاء البياط الذي يجعل تحت الرحل على كتفى البعير الجمع

و اما المسئلة الثالثة فملخص الكلام فيها هوان ظاهر استثناء عنوان ما يؤكل

في الاخبار عما تنبته الارض هو ان كل ما اعد لاكل نوع العباد لا يجور السجود عليه ، و عليهذا فما لا يكون معد الاكل النوع ، وانما باكلونه احيانا لضرورة كالمخمصة اويكون معد الاكل شخص خاص دون النوع، يكون خارجا عن هذا العنوان المستثنى عما تنبته الارض كما ان الظاهر من عنوان ما يؤكل هو ما يكون صالحا للاكل ولو بالقوة القريبة ، فلا يعتبر فى الماكول ان يكون صالحا للاكل فعلا ، وذلك لان مبادى هذا النحو من المشتقات ، لا يعتبر فى اشتقاق المشتق منها فعليتها ، بل يكفى فى اشتقاقه منها قابلية هذا المعنى فيها . وعلى هذا لايجوز السجود على الثمار بمجرد طلوعها من طلعها و زهرها ، ولو لم تستكمل بعد ولم يبلغ اوان نضجها نعم لاباس بالسجود على نفس الطلع والزهر ، فانهما لا يعد ان ثمرة ولا مما يؤكل عرفا ، كما لاباس بالسجود على قشر الجوز واللوز والرمان و نحوها و نوى التمر و نحوه ، بعد الانفصال ، لانهما في حال الاتصال وانكانا محكومين بعدم الجواز من جهة التبعية كما هو المطرد في كل تابع ، لكن التبعية لا تقتضى اطراد الحكم دائما ، ضرورة ان الملازمة فى الحكم المستفادة من دليل المتبوع ، لا تقتضى الا التبعية في حال الاتصال التي يصدق فيها على التابع عنوان المتبوع، فيقال عليه انه جوزا ولوزاوزمان او تمر دون حال الانفصال التي لا يصدق فيها على التابع الاعنوان نفسه فيقال انه قشر او نوی وبالجملة فالاقوى فى القشور والنوى اللتين لا تؤكلان مطلقا هو الجواز بعد انفصالهما، كما ان الاقوى عدم الجواز مادامتا متصلتين، وذلك لما عرفت من انهما حال الاتصال محكومتان بعدم الجواز ، من جهة التبعية وصدق عنوان المتبوع عليهما ، هذا مضافا الى التصريح بعدم الجواز في حال الاتصال في حديث الاربعماة ، حيث صرح فيه بعدم جواز السجود على كدس الحنطة والشعير ، والكدس عبارة عن قشرهما ، او السنبل الذي هو مجمع حبوبهما واما القشور والنوى اللتان تؤكلان مطلقا ، كقشر الخيار والتفاح و نوى المشمش ، فلايجوز السجود عليهما مطلقا ولو فى حال الانفصال واما القشور التى تؤكل في حال الاتصال دون حال الانفصال ، كقشر البادنجان واليقطين ، فلا اشكال فى عدم جواز السجود عليها في حال الاتصال ، واما في حال الانفصال ففى

ص: 269

جواز السجود عليها اشكال.

بقى الكلام فيما وقع من التنافي بين مادل من النصوص على استثناء الماكول عن النبات ، و بين مادل منها على استثناء الثمرة عنها توضيح التنافى ، هوان كلا من الطائفتين بواسطة ما وقع فيها من الاستثناء، تنحل الى عقد ایجابی و سلبی ، فالعقد الايجابي من الطائفة الاولى ، هو انه يجوز السجود على ماعدا الماكول النبات ، والعقد السلبى منها هو انه لا يجوز السجود على الماكول من النبات والعقد الايجابي من الطائفة الثانية هو انه يجوز السجود على ماعدا الثمرة من النبات ، والعقد السلبى منها هوانه لا يجوز السجود على الثمرة ، ومن المعلومانه لا تنافى بين الايجابيين ولا السلبيين، وانما التنافي بين الايجابي من كل منهما والسلبي من الاخرى ، حيث ان الايجابي من الاولى يدل على جواز السجود على غير المأكول من النبات، مطلقا كان ثمرة كثمرة الشوك والحنظل او غير ثمرة ، والعقد السلبي من الثانية يدل على عدم جواز السجود على الثمرة مطلقا كانت مأكولة او غير مأكولة ، فيتعارضان فى الثمرة الغير المأكولة ، والعقد الايجابي من الثانية يدل على جواز السجود على غير الثمرة مطلقا كان مأكولا كالخس والشلجم ونحوهما مما لا يعد ثمرة عرفا او غير مأكول ، والعقد السلبي من الاولى يدل على عدم جواز السجود على المأكول مطلقا كان ثمرة او غير ثمرة ، فيتعارضان في المأكول الذى لا يكون ثمرة وحينئذ لوقلنا بانصراف الثمرة عما ليس بمأكول اصلا ، لانها مشتقة من الثمر فتنصرف عما ليس فيه ثمرو فائدة شايعة متعارفة كثمر الشوك والحنظل مثلا ، فتكون الطائفة الثانية اخص من الاولى فيقيد الأولى بها ، ويصير حاصله عدم جواز السجود على المأكول اذا كان ثمرة لا مطلقا ، فعليهذا يصح السجود على الخس واشباهه مما لا يعد في العرف ثمرة واما لومنعنا على انصراف الثمرة الى خصوص المأكول ، فلابد في مقام الجمع ، اما من التصرف في كل منهما بتقييد النفي في كل واحدة منهما بالاثبات فى الأخرى ، ليكون المدار فى عدم الجواز على تحقق كلا العنوانين بان يكون مأكولا و ثمرة ، فينتج جواز السجود على المأكول الذي لا يكون ثمرة وعلى الثمرة التى لا تكون مأكولة ، واما من التصرف في خصوص احديهما ، بجعل

ص: 270

واحد من عنوانى المأكول والثمرة هو الموضوع للحكم والاخر طريقا اليه ، لكن جعل الموضوع للحكم هو خصوص الثمرة وجعل المأكول طريقا اليه ، يبعده التعليل الوارد في صحيحة هشام بن الحكم عن ابي عبد الله علیه السّلام ، قال له علیه السّلام اخبرني عما يجوز الصلوة عليه وعما لاتجوز ، قال علیه السّلام السجود لا يجوز الا على الارض او على ما ما انبتت الارض الا ما اكل اولبس ، فقلت له جعلت فداك ما العلة في ذلك ، قال علیه السّلام لان السجود خضوع الله عز وجل فلا ينبغي ان يكون على ما يؤكل ويلبس ، لان ابناء الدنيا عبيد ما يأكلون وما يلبسون الخبر، فان هذا التعليل وانكان حكمة للحكم لاعلة كي يدور الحكم مدارها وجود او عدما ، لكن الحكمة يدور الحكم مدارها وجودا وان لم يكن دائرا مدارها عدما ، فلا يمكن ان تكون الحكمة موجودة ولا يكون الحكم ثابتا فتدبر ، ففي مثل الخس والشلجم ونحوهما مما لايعد ثمرة عرفا و يكون مأكولا ، لا يمكن ان يكون الحكم منفيا مع كون الحكمة موجودة فيه ، کما يبعد هذا التعليل التصرف فى الطائفة الاولى ، بتقييد النفي فيها بالاثبات في الطائفة الثانية ، كى ينتج جواز السجود على المأكول الذي لا يكون ثمرة ، فيتعين حينئذ التصرف في خصوص الطائفة الثانية ، اما بتقييد النفى فيها بالاثبات في الطائفة الاولى ، واما بجعل عنوان الثمرة فيها طريقا الى ماهو الموضوع للحكم في الطائفة الاولى من عنوان المأكول ، بحمل الثمرة على ارادة مطلق المأكول ، و تخصيصها بالذكر للجرى مجرى الغالب ، وعلى اى حال ينتج اناطة المنع بالمأكولية لا بكونه ثمرة هذا.

واما المسئلة الرابعة فقد اختلف فيها الاقول ، فقيل بعدم جواز السجود على القطن والكتان مطلقا ولو قبل الغزل ، وقيل بجواز السجود عليهما كك ولو بعد النسج ، وقيل بالتفصيل بين ماكان منهما صالحا ومعد الان يلبس فعلا كالمنسوج منهما فالمنع ، و بين مالم يكن منهما صالحا ومعد الان يلبس فعلا كنفس القطن والكتان بل المغزول منهما فالجواز ، و هذا هو المختار للاستاد دام ظله ، و مستند لجميع الاخبار الواردة فى المسئلة اما مستند المانعين مطلقا ، فمنه خبر الاعمش

ص: 271

المروى عن الخصال عن جعفر بن محمد علیهما السلام في حدیث شرایع الدین ، قال علیه السّلام لا يسجد الاعلى الارض اوما انبتت الارض الا المأكول والقطن والكتان ، و خبر ابی العباس الفضل بن عبدالملك قال قال ابو عبد الله علیه السّلام لا يسجد الا على الارض اوما انبتت الارض الا القطن والكتان و اما مستند المجوزين مطلقا ، فمنه رواية داود الصرمي قال سئلت ابا الحسن الثالث علیه السّلام هل يجوز السجوز على القطن والكتان من غير تقية فقال علیه السّلام جائز ، ومكاتبة الحسين بن على بن كيسان الصنعاني قال كتبت الى ابى الحسن الثالث علیه السّلام اسئله عن السجود على القطن والكتان من غير تقية ولا ضرورة فكتب الى ذلك جائز ، وخبر منصور بن حازم عن واحد من اصحابنا قال قلت لا بيجعفر علیه السّلام انا نكون بارض باردة يكون فيه الثلج افنسجد عليه ، قال علیه السّلام لا ولكن اجعل بينك وبينه شيئا قطنا اوكتانا ، ولا شهادة في قوله انا نكون بارض باردة على ارادة مقام الضرورة، ضرورة انه لا ملازمة بين الكون في الاراضي الباردة وعدم التمكن من تحصيل ما يصح السجود عليه ، كي ينزل عليه اطلاق الجواب و مستند القائلين بالتفصيل هو الجمع بين الاخبار المانعة مطلقا والمجوزة كك ، يحمل الأولى على المنسوج من القطن والكتان، والثانية على غير المنسوج منهما ، بعد عدم امكان الجمع بينهما بحمل المانعة على الكراهة لمخالفته للاجماع المركب و توهم ان الجمع بينهما بهذا النحو ليس جمعا عرفيا ، ولذا قلنا بوقوع التعارض في مثل ثمن العذرة سحت ويجوز بيع العدرة ، وان حمل الاول على عذرة غير المأكول والثانى على عذرة المأكول ، لكون الاولى القدر المتيقن من الاول والثانية من الثاني ليس جمعا عرفيا مدفوع بان الجمع بين الطائفتين فى المقام بهذا النحو ، ليس لاجل كون المنسوج من القطن والكنان هو القدر المتيقن من المانعة، وغير المنسوج منهما هو القدر المتيقن من المجوزة ، كي يمنع عن كونه جمعا عرفيا ، بل لاجل ان الاخبار المجوزة معارضة بالطائفتين من الاخبار ، الاولى الاخبار المانعة عن القطن والكتان مطلقا ، والثانية الاخبار المانعة عن خصوص الملبوس ، والنسبة بينها وبين الطائفة الثانية وانكانت عموما من وجه ، لاجتماعهما في الملبوس من القطن والكتان

ص: 272

وافتراقهما فى غير الملبوس منهما و فى الملبوس من غيرهما ، لكن لابد من ادخال مورد الاجتماع والتعارض وهو الملبوس من القطن والكتان تحت الطائفة الثانية ، لان اخراجه عنها موجب لحملها على الفرد النادر بل المعدوم ، لانه لم يعهد كون اللباس من غير القطن والكتان في زمان صدور هذه الاخبار ، فاذا ادخلنا مورد التعارض تحت الطائفة الثانية واخرجناه عن تحت الاخبار المحوزة مطلقا فاما ان نقول بانقلاب النسبة بينها وبين الاخبار المانعة مطلقا وصيرورتها اخص منها ، واما ان نقول ببقائهما على ماكانتا عليه من النسبة التباينية ، وعلى اى حال لا اشكال في لزوم تقديم المجوزة على المانعة ، اما على الاول فواضح ، واما على الثانى فلان دلالة المجوزة على الجواز بمفهوم الحصر ، وهذا بخلاف المانعة فان دلالتها على المنع بعموم المنطوق ، ومن المعلوم ان ظهور الحصر في انحصار الجواز بالمستثنى اقوى من ظهور العام في عموم المنع لجميع الافراد ، و مقتضى الجمع العرفي بين الظاهر والاظهر بتقديم الأظهر علی الظاهر، هو تقديم الاخبار المجوزة على المانعة في مورد التعارض وهو غير الملبوس من القطن والكتان بل يمكن ان يقال لامعارضة بين الاخبار المجوزة مطلقا والمانعة كك ، بيان ذلك هو ان الاخبار المانعة عن خصوص الملبوس ، كما تكون معارضة مع الاخبار المجوزة ، كذلك تكون معارضة مع الاخبار المانعة، ضرورة ان الاخبار المانعة عن خصوص الملبوس ، بواسطة ما وقع فيها من الاستثناء، تنحل الى عقد ایجابی و هو انه يجوز السجود على ماعدا الملبوس من القطن والكتان ، وعقد سلبى وهو انه لا يجوز السجود على الملبوس منهما ، فهى بعقدها السلبي وان لم تكن معارضة مع الاخبار المانعة ، مطلقا، لكنها بعقدها الايجابي تكون معارضة معها ، وحيث ان دلالتها بمفهوم الحصر ، فتقدم على الاخبار المانعة مطلقا لكون دلالتها بالعموم ، فاذا سقطت الاخبار المانعة مطلقا عن الحجية ، بالمعارضة مع الاخبار المانعة عن خصوص الملبوس ، فتبقى الاخبار المجوزة في غير الملبوس من القطن والكتان بلامعارض هكذا افاد الاستاد مدظله فى الجمع بين اخبار القطن والكتان ولكن لا يخفى على من راجع الاخبار الواردة

ص: 273

فى المسئلة ، انه ليس فى المجوزة منها مطلقا ما يدل على الجواز بمفهوم الحصر والمانعة منها عن خصوص الملبوس ، وانكانت دالة على المنع بمفهوم الحصر ، لكن الاخبار المانعة مطلقا ايضا تكون دالة على المنع بمفهوم الحصر كما لا يخفى على من راجعها ، و عليه فلا وجه لتقديم احديهما على الأخرى من حيث الدلالة وقوة الظهور ، بل لابد اما من جعل القطن والكتان موضوعا للحكم وجعل الملبوس طريقا اليه ، بحمل الملبوس من النبات على ارادة مطلق القطن والكتان ، وتخصيصه بالذكر للجرى مجرى الغالب ، حيث ان الغالب المتعارف فى الملبوس المأخوذ من النبات ، هو اخذه من القطن والكتان دون غيرهما ، و عليه فلا اشكال ايضا في تقديم الاخبار المانعة مطلقا على المجوزة كك لمأمرانفا و اما من معاملة التعارض معهما ، وحيث لا ترجيح لاحديهما على الاخرى سندا وجهة ايضا ، فلابد من التخيير وحينئذ لو اخترنا الاخبار المانعة مطلقا ، فلا اشكال في تقديمها على المجوزه كك دلالة و سندا وجهة ، اما دلالة فلكون دلالة الاخبار المانعة بنحو الحصر، بخلاف المجوزة فان دلالتها بنحو الاطلاق ، واما سندا فلعل المشهور بالاخبار المانعة و اعراضهم عن المجوزة ، واما جهة فلمخالفة المانعة للعامة وموافقة المجوزة لهم، فتبين مما ذكرنا ان الاقوى هو القول بالمنع مطلقا ، لا الجوازكك ولا التفصيل بين المنسوج وغيره ، واما التفصيل بين نفس القطن والكتان والمغزول منهما بالجواز في الاول والمنع فى الثانى ، فلا دليل عليه الا المرسلة المروية عن كتاب تحف العقول عن الصادق علیه السّلام ، انه قال كلشيء يكون غذاء الانسان في مطعمه او مشر به او ملبسه ، فلا تجوز الصلوة عليه ولا السجود ، الا ماكان من نبات الارض من غير ثمر قبل ان يصير مغزولا ، فاذا صار مغزولا فلا يجوز الصلوة عليه الا في حال الضرورة وهذه المرسلة لضعفها وعدم عمل الاصحاب بها ، لا يصح الاستناد اليها في القول بهذا التفصيل فهذا التفصيل خال عن الدليل.

واما المسئلة الخامسة فجواز السجود على القرطاس و انكان مستفادا من

ص: 274

الاخبار المستفيضة ، لكن التمسك باطلاقها لجواز السجود على القراطيس المعمولة فيهذه الازمنة، مبنى على كون نفس عنوان القرطاس موضوعا للحكم ، لاكون الموضوع هو القراطيس الخارجية المعمولة فى ذلك الزمان، وانما اخذ هذا العنوان في موضوع الدليل لكونه طريقا الى الخارجيات ومراة لها، والافلايجوز التمسك باطلاق الاخبار لجواز السجود على القراطيس المعمولة فيهذه الازمنة، الامع العلم باتحادها مع المعمولة في تلك الازمنة سنخا ، ومن المعلوم انه لامعين لكون الموضوع للحكم هو نفس هذا العنوان، لامصاديقه الخارجية المعمولة فى تلك الازمنة ، كما انه لا طريق للعلم باتحاد القراطيس المعمولة في هذه الازمنة مطلقا سواء كانت معمولة من نبات الارض او من القطن والكتان او الحريرا والصوف اللهم الا ان يقال ان الظاهر المتفاهم عند العرف من اخذ عنوان في موضوع الدليل ، هو كون نفس هذا العنوان موضوعا للحكم لامصاديقه الخارجية ، وحينئذ فيصح التمسك باطلاق هذه الاخبار للحكم بجواز السجود على القرطاس مطلقا من اى قسم اتخذ ، واخراج بعضهم ما كان متخذا من الحرير لاوجه له ، بعد ما تعارف اتخاذه من غيره ممالا يجوز السجود عليه ، كالمتخذ من الصوف المسمى بتيرمة والمتخذ من الخرق التى اغلبها من القطن ، بل اتخاذه من نبات الارض فى غاية القلة فالقرطاس هو ثالث الاقسام لما يجوز السجود عليه ، وانكان الافضل منها هو الارض ، كما دل عليه الاخبار .

ثم ان مقتضى اطلاق بعض الاخبار بل صريحه ، و انكان جواز السجود على القرطاس ولو كان مكتوبا ، لكن بعضها يدل على كراهة السجود عليه اذا كان مكتوبا، فمما يدل على الاول صحيحة على بن مهزیار قال سئل داود بن فرقد ابا الحسن علیه السّلام عن القراطيس والكواغذ المكتوبة هل يجوز السجود عليها ام لا فكتب علیه السّلام يجوز ومما يدل على الثاني صحيحة جميل بن دراج عن ابيعبد الله علیه السّلام انه كره علیه السّلام ان يسجد على قرطاس عليه كتابة ، اذ المراد بالكراهة فيها بشهادة صحيحة ابن مهزیار هى الكراهة المصطلحة ، فهذه الصحيحة ولو بشهادة تلك الصحيحة تدل على كراهة

ص: 275

السجود على القرطاس اذا كان مكتوبا.

بقى هنا فرع وهو انه لولم يجد ما يصح السجود عليه، فمقتضى شمول اطلاق مادة مادل على اعتبار كون ما يسجد عليه ارضا اوما انبتته الارض او قرطاسا ، لحال الاضطرار ، و انكان سقوط اصل السجود عنه لتعذره بتعذر شرطه والانتقال الى بدله و هو الايماء ، لكن لاخلاف ظاهرا في عدم سقوط اصل السجود ، و لعله لقاعدة الميسور ، والاخبار الدالة على انه عند الاضطرار يسجد على ثوبه فان تعذر الثوب يسجد على ظهر كفه ، فانه يستفاد منها ان عدم سقوط اصل السجود في مثل الفرض الامور المفروغ عنها وهل يجوز السجود حينئذ على مطلق ما لا يصح السجود عليه فى حال الاختيار ، او يختص الجواز بخصوص الثوب وظهر الكف مطلقا او على الترتيب بينهما ، فيه خلاف والحق انالواستندنا فى عدم سقوط اصل السجود ، الى قاعدة الميسور القاضية بسقوط ما يصح السجود عليه لانه المعسور دون اصل السجود، فلا اشكال فى انه يصح السجود حينئذ على مطلق ما لا يصح السجود عليه من غير ترتيب بينها ،اصلا ، لانه بعد سقوط اصل اعتبار كون ما يسجد عليه ارضا او ما تنبته الارض، لامجال لتوهم اختصاص الجواز بخصوص بعض مالا يصح السجود عليه كالثوب وظهر الكف فضلا عن الترتيب بينهما واما لو منعنا عن تمامية قاعدة الميسور راسا ، اوقلنا باشتراط جواز التمسك بها بعمل الاصحاب بها الغفقود في المقام ، واستندنا في عدم سقوط اصل السجود الى الاخبار ، فمقتضى القاعدة اختصاص الجواز بخصوص الثوب وظهر الكف على نحو الترتيب بينهما لا مطلقا، وذلك لما عرفت من ان مقتضى اطلاق مادة مادل على المنع عن السجود على غير ما يصح ، هو ما يصح ، هو اعتبار ما يصح مطلقا ولو فى حال الاضطزار ، فاذا دل النص على جعل خصوص الثوب وظهر الكف على نحو الترتيب بدلا عما يصح فيهذا الحال، فلا مجال للتعدى عنهما الى غيرهما مما لا يصح .

ان قلت ان الاخبار الواردة فيهذا المقام على طوائف ثلث ، منها ما دل على

ص: 276

جواز السجود على الثوب عند الحر والبرد ، كصحيح القاسم بن الفضيل قال قلت للرضا علیه السّلام جعلت فداك الرجل يسجد على كمه من اذى الحر والبرد قال علیه السّلام لا باس، ومنها مادل على جواز السجود على الثوب ثم على الكف او على الكف ابتداء عند خوف الرمضاء ، كخبر ابي بصير عن ابيجعفر علیه السّلام، قال قلت له اكون في السفر فتحضر الصلوة و اخاف الرمضاء على وجهي كيف اصنع ، قال علیه السّلام تسجد على بعض ثوبك ، قلت ليس على ثوب يمكن ان يسجد على طرفه ولا ذيله ، قال علیه السّلام اسجد على ظهر كفك فانها احدى المساجد ، و خبره الاخر عن ابيعبد الله علیه السّلام، قال قلت له علیه السّلام جعلت فداك الرجل يكون فى السفر فيقطع عليه الطريق فيبقى عريانا في سراويل ولا يجد ما يسجد عليه يخاف ان يسجد على الرمضاء احرقت وجهه، قال علیه السّلام يسجد على ظهر كفه فانها احدى المساجد ولا يخفى ان الطائفة الاولى لا دلالة لها الا على ان الثوب احد ما يئوقى به من الحر والبرد ، و اما الطائفة الثانية والثانية والثالثة ، فلادلالة لهما الا على ان السجود لا يتبدل بالايماء بمجرد خوف الاحتراق من السجدة على الارض ، بل يسجد على غير الارض من الاشياء التي لا يصح السجود عليها ، و انما ذكر فيهما خصوص الثوب وظهر الكف لعدم انفكاك المصلى عنهما غالبا، لا لخصوصية فيهما كى تدلان على بدلية خصوصهما عند الاضطرار.

قلت اولا سلمنا ان هذه الاخبار لاظهور لها بنفسها فى تعيين خصوص الثوب وظهر الكف فيهذا الحال ، فتكون حينئذ هذه الروابات مجملة من حيث الدلالة على التخصيص والتعميم، ويكون خصوص الثوب والكف قدرا متيقنا منها ، فنرجع في غيرهما الى اطلاق مادة مادل على المنع عن السجدة على غير ما يصح الشامل لحال الاضطرار وثانيا ندعى ظهور هذه الاخبار بنفسها في تعيين خصوص الثوب والكف، بقرنية مافيها من تعليل جواز السجود على ظهر الكف بانها احدى المساجد ، فان كون الكف احدى المساجد يحتمل معنيين ، احدهما كونها احدى ما يسجد عليه فيهذا الحال ، ثانيهما كونها احدى المساجد السبعة ، فان حملناه على المعنى الاول

ص: 277

كان دالا على التعميم و ان حملناه على المعنى الثاني كان دالاعلى التخصيص بخصوص الكف ، والالكان التعليل لغوا ، لكن يبعد الحمل على المعنى الأول لزوم المصادرة من التعليل ، لان تعليل جواز السجود على ظهر الكف بكونها احد ما يجوز السجود عليه مصادرة واضحة ، و يقرب الحمل على المعنى الثانى مضافا الى صحة التعليل حينئذ ، تعليل جواز السجود على ظهر الكف بكون الكف احدى المساجد ، فان الكف لا تكون احدى المساجد الابناء على الحمل على المعنى الثاني، ضرورة انه بناء على الحمل على المعنى الأول ، يكون ظهر الكف احدى المساجد لا الكف كما لا يخفى هذا ثم بناء على المختار من استفادة بدلية الثوب و ظهر الكف من الاخبار كما هو المشهور ، هل يقيد الثوب بما اذا كان قطناً أوكتانا اولا، وجهان اقويهما الثاني، فان مادل على اعتبار القطن والكتان خبران الاول صحيح على بن جعفر اخیه موسی علیه السّلام، قال سألته عن الرجل يوذيه حر الارض وهو في الصلوة ولا يقدر على السجود هل يصلح له ان يضع ثوبه اذا كان قطنا او كتانا ، قال علیه السّلام اذا كان مضطرا فليفعل والثانى صحيح منصور بن حازم عن ابيجعفر علیه السّلام، قال قلت له علیه السّلام انا نكون بارض باردة يكون فيها الثلج افنسجد عليه ، قال علیه السّلام لا ولكن اجعل بينك و بينه شيئا قطنا اوكتانا ولا يصلح شيء منهما لتقييد اطلاق مادل على جواز السجود على الثوب مطلقا اما صحيح على بن جعفر فلان تقيد الثوب بكونه قطنا اوكتانا انما وقع في السؤال لافى الجواب ، والتقييد فى السؤال لا يوجب التقييد في الجواب ، ضرورة ان التقييد فى السؤال ليس الالفرض الموضوع ، لا الاحتراز عن اشياء اخركى يدل على ان الجواب مقيد واما صحيح ابن حازم فلان قول السائل انا نكون بارض باردة يكون فيها الثلج يحتمل معنيين ، احدهما انا نكون في برقدا طبق عليه الثلج بحيث لا نجد شيئا مما يصح السجود عليه ثانيما انا نكون في بلاد باردة يكون الثلج فيها كثيرا افسنجد على الثلج ام لا ، ولا يخفى انه انما يكون دالا على اعتبار القطن والكتان ، في حال الضرورة بناء على المعنى الاول ، و اما بناء على المعنى الثانى فيكون من ادلة جواز السجود على القطن

ص: 278

في مكان المصلى والكتان مطلقا ولو في حال الاختيار، ومن المعلوم انه لولم يكن ظاهرا في المعنى الثاني ، لا يكون ظاهرا في المعنى الاول ، فيكون مجملا لا يصلح للاستدلال بقى الكلام فى جواز السجود على مالا يتمكن من وضع الجبهة عليه لعدم استقراره كالوحل والطين والاقوى عدم جواز السجود عليه في حال الاختيار ، فان الوحل والطين و انكانا من اجزاء الارض، لكن السجود عليهما مستلزم لانتفاء احد الشرطين ، اما الاستقرار لوقصد السجود بوضع البهة على نفس الوحل او الطين ، واما وضع الجبهة على ما يسجد عليه لوقصد السجود بوضع الجبهة على الارض الواقعة في قعر الوحل والطين ، ضرورة ان اجزاء الوحل او الطين التى تلطخت جبهته بها ، تقع فاصلة الجبهة و ما يسجد عليه ، فتمنع عن مباشرة الجبهة لما يسجد عليه و اما في حال الاضطرار، فمقتضى قاعدة الميسور ، وانكان الجواز وسقوط الاستقرار عند الضرورة

لكن المستفاد من النص هو انه لا يسجد عليهما عند الاضطرار بل يومى للسجود ، ففي خبر ابی بصیر عن الصادق علیه السّلام. من كان في مكان لا يقدر على الارض فليؤم ايماء و فى موثق عمار مثله ، و فى موثقه الاخر عنه علیه السّلام ايضا قال سئل علیه السّلام عن الرجل يصيبه المطر وهو فى موضع لايقدر أن يسجد فيه من الطين ولا يجد موضعا جافا، قال علیه السّلام يفتح الصلوة فاذا ركع فلير كح كما يركع اذا صلى فاذا رفع راسه من الركوع فليؤم بالسجود ايماء وهو قائم قائم يفعل ذلك حتى يفرغ من الصلوة و يتشهد وهو قائم ويسلم ، الى غير ذلك من الاخبار فالاكتفاء بالايماء بدلا عن السجود على الوحل والطين عند عدم استقرار الجبهة عليها مما لا اشكال فيه.

انما الكلام فى ان الامر بالايماء فيهذه الاخبار ، هل هو لمكان تعذر السجود بتعذر شرطه اعنى الاستقرار، كي يكون الأمر بالايماء عزيمة وعلى نحو التعيين ، حتى يكون السجود على الوحل والطين باطلا ، او لمكان الحرج وتلطخ اعضاء المصلى و ثيابه بالوحل والطين ، كى يكون الأمر بالايماء رخصته بدلا عن السجود من باب التوسعة والتسهيل ، حتى يكون السجود عليهما صحيحا و يمكن استظهار الثاني

ص: 279

من بعض الاخبار، فان الظاهر من قول السائل فى موثقة عمار الرجل يصيبه المطر وهو فى موضع لا يقدران يسجد فيه من الطين ولايجد موضعا جافا ، هو السؤال عما اذا كانت الارض مبللة بحيث يكون السجود عليها لمكان تلطخ بدنه وثيابه بالطين حرجا عليه ، فيكون الأمر بالايماء رخصة من باب التوسعة والتسهيل بدلا عن السجود ، لاعزيمة كي يكون دالاعلى تعيينه وعدم جواز السجود على الطين ، وعليه فيجوز الاكتفاء بالايماء بدلا عن السجود ، فيما اذا لم يوجب السجود على الارض الا مجرد التلطخ بالطين وان ابيت عن استظهار ذلك من الاخبار ، فنقول ان الامر فيهذه الاخبار، حيث يكون واردا في مقام توهم ،الحظر، فلايدل الاعلى مجرد الجواز سلمنا ظهوره في الوجوب ، لكن نمنع عن ظهوره فى الوجوب التعييني ، فاذا لم يكن ظاهرا في الوجوب التعييني ، فيدور الامر بين كون هذه الاخبار مقيدة ، لاطلاق قاعدة الميسور القاضية بجواز السجود على الوحل والطين عند عدم استقرار الجبهة عليهما ، واطلاق ادلة السجود على الارض الشامل لما اذا اوجب السجود عليها تلطخ الاعضاء والثياب بالطين ، هيئة ومادة كيلا يجوز السجود على الطين لعدم الدليل عليه حينئذ ، اوكونها مقيدة لاطلاقهما هيئة فقط كى يجوز السجود عليه لدلالة اطلاق مادتهما عليه حينئذ ، وقد حقق فى محله انه اذا دار الامر بين تقييد اطلاق دليل هيئة ومادة او هيئة فقط ، يكون الثانى منعينا لكونه قدرا متيقنا على كل حال فاذا كانت هذه الاخبار مقيدة لاطلاق قاعدة الميسور و اطلاق ادلة السجود على

الارض هيئة فقط، امكن التمسك باطلاقهما مادة للحكم بجواز السجود على الوحل مع عدم استقرار الجبهة عليه ، وعند تلطخ الاعضاء والثياب به ولومع استقرار الجبهة عليه، و انکان مقتضى قاعدة الاحتياط الاقتصار على الايماء لدورانه بين التعيين والتخيير.

التنبیه الثانی فی جواز الصلوه فی السفینه

بقى امور ينبغي التعرض لها الاول التكلم في جواز الصلوة في السفينة اختيارا تبعا للاستاد دام ظله وانكان المناسب التكلم فيها فى مبحث القبلة فنقول لا اشكال في جواز الصلوة في السفينة اختيارا ، مع امكان استيفاء جميع الافعال والشرائط

ص: 280

المعتبرة فيها، مطلقا سواء كانت واقفة اوسائرة، ضرورة انه لا دليل على اعتبار القرار في مكان المصلى ، زائدا على اعتباره في نفس المصلى ، والمصلى في السفينة وانكان متحركا بالحركة الاينية ، الا انها حركة تبعية غير ظاهرة كي تضر بالقرار المعتبر فى المصلى و اما مع عدم امکان استيفاء جميع ما اعتبر فيها من الافعال والشرائط ، فلا اشكال في ان مقتضى ادلة اعتبار الاجزاء والشرائط الدالة باطلاقها على اعتبارهما مطلقا في السفينة وغيرها ، هو عدم جواز الصلوة فيها حينئذ لكن الذي يظهر من اطلاق جملة من الاخبار ، هو جواز الصلوة فيها اختيارا ولو مع عدم التمكن من استيفاء جميع ما اعتبر فيها ، ففي صحيحة جميل بن دراج قلت لا بيعبد الله علیه السّلام تكون السفينة قريبة من الجدد فاخرج واصلی، قال علیه السّلام صل فيها اما ترضى بصلوة نوح علیه السّلام، وفي خبره الاخر سئلت ابا عبد الله علیه السّلام عن الصلوة في السفينة ، فقال علیه السّلام ان رجلا انی ابی فسئله فقال انى اكون في السفينة والجدد منی قریب فاخرج واصلی عليه ، فقال له ابو جعفر علیه السّلام اما ترضى ان تصلى بصلوة نوح ، وفي صحيحة المفضل بن صالح سئلت ابا عبد الله علیه السّلام عن الصلوة في الفرات وما هو اضعف منه من الانهار فى السفينة ، فقال علیه السّلام ان صليت فحسنوان خرجت فحسن، وفي خبر على بن جعفر عن اخيه موسى علیه السّلام سلئته عن الرجل هل يصلح له ان يصلى في السفينة الفريضة وهو يقدر على الجدد قال علیه السّلام نعم لا بأس فان هذه الاخبار كما ترى صريحة الدلالة فى ارادة الصلوة فيها حال الاختيار والقدرة على الخروج ، وظاهرها عدم الفرق بين مالو كانت واقفة او سائرة ، ولا بين ما لو كانت مضطربة بحيث يفوت معها استقرار المصلى وقيامه او مستقرة، ضرورة ان حملها على ما اذا كانت مستقرة غير مضطربة ، حمل على الفرد النادر ، اذ لا تخلو السفينة غالبا عن الاضطراب بسبب هبوب الرياح و تواتر الامواج و يظهر من بعض الاخبار اختصاص الجواز بحال الضرورة ، ففى الصحيح عن حماد بن عيسى سمعت ابا عبد الله علیه السّلام يسئل عن الصلوة في السفينة، فيقول علیه السّلام ان استطعتم ان تخرجوا الى الجدد فاخر جوا فان لم تقدروا فصلوا

ص: 281

قياما فان لم تستطيعوا فصلوا قعود او تحروا القبلة، وفي مضمرة على بن ابراهيم سئلته عن الصلوة فى السفينة قال علیه السّلام يصلى وهو جالس اذالم يمكنه القيام في السفينة ولا يصلى في السفينة وهو يقدر على الشط ومن المعلوم تعارض هذه الطائفة مع الطائفة الاولى ، ولا يمكن الجمع العرفي بينهما بتقييد الأولى بالثانية وحملها على حال الضرورة ، ولا بحمل النهي عن الصلوة مع امكان الخروج في الثانيه على الكراهة ، اما الاول فلما تقدم مرارا من ان حمل المطلق على المقيد انما يكون من الجمع العرفي، فيما اذا لم يكن المطلق واردا فى مقام البيان وحال حضور وقت العمل و اما الثاني فلمنافاة حمل النهى فى الثانية على الكراهة ، لما يستفاد الأولى من استحباب الصلوة في السفينة مطلقا ولو مع امكان الخروج وانها مثل صلوة نوح علیه السّلام بل لابد من الجمع بينهما باحد نحوين ، اما بحمل الأمر بالخروج مع امكانه في الطائفة الثانية ، على اشدية استحباب الصلوة فى الخارج عن استحبابها في السفينة ، واما بحمله على ما اذا كانت السفينة مضطربة بحيث يفوت معها قيام المصلى او استقراره ، وحمل الطائفة الاولى على ما اذا كانت السفينة غير مضطربة ، على نحو لا يمكن معها حفظ القيام او الاستقرار اما حمل الأمر بالخروج في الطائفة الثانية على ما اذا كانت السفينة مضطربة فبقرنية اطلاق السفينة الظاهر من حيث الغلبة في كونها فى اواسط الفرات او الدجلة الملازم غالبا بل دائما للاضطراب و اما حمل الطائفة الاولى على ما اذا لم تكن السفينة مضطربة، فبقرنية مافيها من فرض السائل كون السفينة قريبة من الجدد الملازم غالبا لاستقرارها من جهة قلة الماء وعدم قابليته لتحريك السفينة يمينا وشمالا الموجب لاضطرابها وتوهم ان التقييد فى السؤال لا يضر باطلاق الجواب، مدفوع بان التقييد فى السؤال انما لايضر باطلاق الجواب، فيما كان التقييد لمجرد فرض الموضوع ، لافيما اذا كان الملاحتراز كما في المقام، حيث ان الظاهر من تقييد السفينة بكونها قريبة من الجدد ، هو الدلالة على ان السفينة لمكان قربها من الجدد لا تكون مضطربة بحيث لا يتمكن المصلى معها من حفظ القيام والاستقرار ، انما السؤال عن ان مجرد كون السفينة غير قارة أى متحركة الحركة الاينية هل يكون مضرا بصحة

ص: 282

الصلوة ام لا وعلى ما ذكرنا لا يكون حمل الظائفة الأولى على ما اذا لم تكن السفينة مضطربة ، لاجل الجمع بينها و بين الطائفة الثانية ، كى يقال انه حمل على الفرد النادر، بل حملها على هذه الصورة لاجل مافيها من القرينة الدالة على ارادة خصوصها سلمنا عدم دلالتها على ذلك ، لاحتمال ان يكون التقييد بقرب الجدد للدلالة على امكان الخروج ، لا على عدم اضطراب السفينة، لكن دلالتها على فرض امكان الخروج ايضا ممنوعة ، فتصير حينئذ مجملة و يسرى اجمالها الى اطلاق الطائفة الاولى ، والقدر المتيقن منها ما اذا لم تكن السفينة مضطربة ،

الامر الثانى قد وقع الخلاف بين الاصحاب فى حكم التقدم على قبر المعصوم علیه السّلام والتساوى معه يمينا وشمالا في الصلوة ، فذهب المشهور الى الجواز على كراهة ، و ذهب شيخنا البهائى وجمع ممن تاخر عنه منهم شيخنا المجلسى الى الحرمة وانه تفسد الصلوة قدام قبورهم علیه السّلام وعن يمينها وشمالها متساويا معها والحق ماذهب اليه المشهور من الجواز على كراهة ، اذلا دليل على الحرمة الا مكاتبة محمد بن عبدالله الحميري ، ورواية الاحتجاج عن الحميرى بناء على تعددهما ، ففى الاولى كتبت الى الفقيه اسئله عن الرجل يزور قبور الائمة ، هل يجوزان يسجد على القبر ام لا ، وهل يجوز لمن صلى عند قبورهم ان يقوم وراء القبر و يجعل القبر قبلة او يقوم عند رأسه ورجليه وهل يجوزان يتقدم القبر ويصلى ويجعله خلفه ام لا، فاجاب علیه السّلام وقرات التوقيع ومنه نسخت ، اما السجود على القبر فلا يجوز فى نافلة ولا فريضة ولا زيارة، بل يضع خده الايمن على القبر ، و اما الصلوة فانها خلفه يجعله الامام ، و لا يجوز ان يصلى بين يديه لان الامام لا يتقدم عليه و يصلى عن يمينه وشماله وفي الثانية انه كتب الى الامام القائم علیه السّلام يسئله انه هل يجوز لمن صلى عند بعض قبورهم عليهم السلام ان يقوم وراء القبر و يجعل القبر قبلة ام يقوم عند راسه اورجله ، وهل يجوز ان يتقدم القبر و يصلى و يجعل القبر خلفه ام لا، فاجاب علیه السّلام اما الصلوة فانها خلفه ويجعل القير امامه، ولا يجوز ان يصلى بين يديه ولا عن يمينه ولاعن يساره ، لان الامام لا يتقدم عليه ولا يساوى، وهما كما ترى غير صالحين للاستدلال بهما على

ص: 283

الحرمة، اما الاولى فلانها و انكانت معتبرة متصفة بالصحة في كتب عنبر واحد من الاصحاب ولا يعتنى بما نوقش في الاستدلال بها ، بكونها ضعيفة سندا لان الشيخ رواها عن محمد بن داود عن الحميرى ولم يبين طريقه اليه ، ومضطربة لفظا لان الفقيه في اصطلاح الروات انما يطلق على ابى الحسن موسى علیه السّلام، والحميرى ليس من اصحابه ، فلابدان يكون مراده بالفقيه غير ماجرى عليه اصطلاحهم، فيشكل حينئذ الجزم بارادته احد الائمة المعصومين علیه السّلام الذين ادرك صحبتهم وذلك لان الظاهر من الشيخ فى فهرست التهذيب ، ان الواسطة بينه وبين الراوى جماعة ثقات، فلا يضر بصحة الرواية عدم ذكره الوسائط ، كما ان الظاهر بل المقطوع ان مراد الحميري لا يعبر عن جواب غير الامام علیه السّلام بالتوقيع لكنها مع ذلك غير صالحة لاستفادة الحرمة منها ، وذلك لان كلمة الامام في قوله علیه السّلام يجعله الامام ، يحتمل ان يكون بالفتح كي يكون بمعنى القدام، و يحتمل ان يكون بالكسر و یراد به امام الجماعة ، كى يكون المراد بجعله اماما جعله بمنزلته فى عدم جواز التقدم عليه والمساواة معه في الصلوة ، واما احتمال ارادة المعصوم علیه السّلام من الامام ، فبعيد فى الغاية ، اذ لا معنى لجعل القبر ولا المدفون فيه علیه السّلام اماما بهذا المعنى كما هو واضح و كذا كلمة الامام فى التعليل بقوله علیه السّلام لان الامام لا يتقدم عليه ، يحتمل ان يكون بمعنى المعصوم علیه السّلام كما هو المناسب لكون الامام في المعلل بالفتح ، يحتمل ان يكون بمعنى امام الجماعة كما هو المناسب لكون الامام في المعلل بالكسر ، والرواية انما تكون دالة على الحرمة ، بناء على كون المراد من الامام في التعليل هو امام الجماعة ، اذلوكان المراد منه هو المعصوم علیه السّلام لم يستقم التعليل، لان التقدم على المصوم علیه السّلام ليس فيحد ذاته حراما مالم يكن عن استخفاف ، وانما هو مخالف للاداب التي ينبغى رعايتها مطلقا ولو في غير حال الصلوة ، فالتعليل به لا يتم الاعلى كون المراد من النهى عن الصلوة متقدما على القبر الشريف هو الكراهة وليس فى البين قرنية تدل على ان المراد من الامام فى التعليل هو امام الجماعة ،

ص: 284

كي تكون الرواية بملاحظتها دالة على الحرمة ، فهذه الرواية تكون مجملة لادلالة لها الاعلى مطلق المرجوحية ، فلا تصلح للاستدلال بها على الحرمة ولا الكراهة ، و مما ذكرنا ظهر الوجه في عدم صلاحية الرواية الثانية ايضا للاستدلال بها على الحرمة ، و مضافا الى مافيها من الضعف بالارسال و عدم العمل بها على وجه يجبر ضعفها هذا .

الامر الثالث فی حکم الصلوه بین القبور

الامر الثالث قد وقع الخلاف بين الاصحاب في حكم الصلوة بين القبور فذهب المشهور الى الكراهة، خلافا للمحكى عن المفيد والصدوق من القول بالحرمة ، والحق ما ذهب اليه المشهور ، و ذلك لتعين حمل الاخبار المانعة على الكراهة ، جمعا بينها و بين الاخبار المجوزة.

و توهم ان في الاخبار الدالة على الحرمة ما يكون اخص من الاخبار المجوزة كموثقة عمار عن ابيعبد الله علیه السّلام في حديث ، قال سئلته عن الرجل يصلى بين القبور قال علیه السّلام لا يجوز ذلك، الا ان يجعل بينه وبين القبور اذا صلى عشرة اذرع من بين يديه وعشرة اذرع من خلفه وعشرة اذرع عن يمينه وعشرة اذرع عن يساره ثم يصلى ان شاء ، فانهاكما ترى مختصة بما اذا لم يكن بينه وبين القبور من كل ناحية بمقدار عشرة اذرع ومقتضى قاعدة الجمع العرفى بين المطلق والمقيد المختلفين في النفي والاثبات هو حمل المطلق على غير مورد المقيد مدفوع اولا بمأمر مرارا من انه اذا وقع التعارض بين المطلق الوارد في حال حضور وقت العمل والمقيد ، يكون التصرف في هيئة المقيد بحملها على الكراهة ، اولى من التصرف في مادة المطلق بتقييدها بغير مورد المقيد وثانيا نمنع عن كون النسبة بين الاخبار المجوزة والموثقة نسبة الاطلاق والتقييد ، وذلك لمنع صدق الصلوة بين القبور ، على ما لو صلى فى مكان يكون المقابر بعيدة عنه من كل ناحية بمقدار عشرة اذرع ، فما في الموثقة من استثناء ما اذا تباعد عن القبور بمقدار عشرة اذرع ، يكون من الاستثناء المنقطع جيئى به لتحديد البين و انه اقل من ذلك المقدار من البعد ، لا لاخراج

ص: 285

بعض الافراد من الحكم ، فتكون النسبة بينها وبين الاخبار المجوزة هي التبائن لا الاطلاق والتقييد سلمنا لكن تقييد الاخبار المجوزة بما اذا كان بينه وبين القبور من كل ناحية بمقدار عشرة اذرع جمعا بينها و بين الموثقة ، يكون ابعد من حمل الموثقة على الكراهة، ضرورة ان تقييد الاخبار المجوزة بذلك، موجب لحملها على ما يتصرف عنه اطلاقها، فان المتبادر من نفى الباس على الصلوة بين القبور، هو نفيه عن الصلوة فى المواضع المتخذة مقبرة للموتى كوادي السلام و نظائرها مما يعد مقبرة واحدة ، لانفيه عن الصلوة فيما بين مقابر متعددة بحيث يعد بعضها اجنبيا عن بعض ، فالاخبار المجوزة منصرفة عما لوصلى في مكان تكون المقابر بعيدة عنه من كل ناحية بمقدار عشرة اذرع ، فيكون تقييدها به حملا لها على ما ينصرف عنه اطلاقها هذا مضافا الى ان في الاخبار المجوزة ، مالا يمكن حمله على ما اذا كان بین المصلى وبين القبور من كل جانب بعد عشرة اذرع ، فان قوله علیه السّلام في صحيحة زرارة صل بين خللها ، نص في جواز الصلوة بين القبور التي لا يكون البعد بين المصلى و بينها من كل جانب بمقدار عشرة اذرع ، فان بين خللها لا يمكن حمله على ما اذا كان بين المصلى و بين القبور من كل جانب ذلك المقدار من البعد كما لا يخفى هذا.

ثم ان مقتضى اطلاق الاخبار الدالة على جواز الصلوة بين القبور ، جوازها الى القبر ايضا بان يصلى خلفه ، و ذلك لاستلزام جواز الصلوة بين القبور جوازها الى القبر ايضا ضرورة ان للصلوة بين القبور افرادا ، منها ان يكون في كل من الجوانب الاربعة قبر، ومنها ان يكون فى كل من القدام والخلف قبر، و منها ان يكون في كل من اليمين واليسار قبر ، ومن المعلوم استلزام الفردين الأولين للصلوة الى القبر، فيكون جوازهما مستلزما لجوازه .

لكن ظاهر قوله علیه السّلام في صحيحة زرارة ولا تتخذ شيئا منها قبلة فان رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم نهى عن ذلك وقال لا تتخذ واقبرى قبلة ولا مسجدا فان الله عز وجل لعن الذين

ص: 286

اتخذوا قبورا بنيائهم مساجد، هو حرمة الصلوة الى القبر مطلقا ولوكان قبر النبي

صلی الله علیه و آله و سلّم، فيقع المعارضة حينئذ بين هذه الصحيحة ، وبين مادل على جواز الصلوة بين القبور مطلقا، فان تقييد اطلاقه بما اذا لم يكن شيء من القبور مقابلا للمصلى، مستلزم لتخصيص الاكثر ، اذقل ما يتفق ذلك عند الصلوة بين القبور ، الا ان اصلي في ناحية القبور من طرف القبلة وكذا يقع المعارضة بينها و بين ما دل على جواز الصلوة خلف قبور الائمة عليهم السّلام كقوله عليهم السّلام، فى مكاتبة الحميري المتقدمة و اما الصلوة فانها خلفه، وقوله عليهم السّلام في حديث زيارة الحسين عليهم السّلام من صلى خلفه صلوة

واحدة يريد بها الله تعالى لقى الله تعالى يوم يلقاه وعليه من النور ما يغشى له كلشيء يراه ، وقوله عليهم السّلام في خبر هشام بن سالم فی جواب قول السائل هل يزار والدك نعم ويصلى عنده الى ان قال ويصلى خلفه ولا يتقدم عليه ، وقوله عليهم السّلام في خبر ابي حمزة الثمالى ثم تدور من خلفه الى عند رأس الحسين عليهم السّلام وصل عند رأسه ركعتين تقرء فى الاولى ، الى ان قال وان شئت صل خلف القبر وعند رأسه افضل ، الى غير ذلك من الاخبار المستفيضة الدالة على جواز الصلوة خلف قبورهم عليهم السّلام والجمع بین هذه الاخبار والصحيحة بتخصيصها بهذه الاخبار، والالتزام بان الجواز من خصائص قبور الائمة عليهم السّلام كما في الحدائق كما ترى ، لان الصحيحة صريحة في مشاركة قبر النبي صلی الله علیه و آله و سلّم مع سائر القبور في الحكم، و ان عله النهی عن اتخاذها قبلة هي نهيه صلی الله علیه و آله و سلّم عن اتخاذه قبره المطهر قبلة، و معها كيف يمكن تخصيصها بهذه الاخبار وحملها على غير قبور الائمة المعصومين علیهم السّلام واما احتمال اختصاص الجواز بقبور الائمة عليهم السّلام دون قبر النبي صلی الله علیه و آله و سلّم، فمما لا ينبغي ان يلتف اليه، هذا مضافا الى مخالفة هذا الجمع للاجماع المركب ، حيث ان القائلين بالحرمة لم يفصلوا بين قبو المعصومين علیهم السّلام و قبور غيرهم واما الجمع بين هذه الاخبار والصحيحة، بحمل قوله علیه السّلام فيها ولا تتخذ شيئا منها قبلة ، على ارادة المعاملة معها معاملة القبلة بالتوجه اليها فى الصلوة من آية جهة تكون ولو على خلاف جهة القبلة، لا مجرد

ص: 287

الصلوة خلفها، فهو وان لم يكن بعيدا بلحاظ ما فيها من التعبير بلفظ الاتخاذ، لكن يبعده ان جواز المعاملة مع القبور معاملة القبلة بان يصلى الى القبر من اى طرف كان ولو على خلاف الكعبة، مما لا يتوهمه احد من المسلمين كي يحسن النهي عنها بقوله علیه السّلام ولا تتخذ شيئا منها قبلة فالاولى ان يقال في الجمع ان المراد من اتخاذ القبر قبلة ، هو التوجه اليه كالتوجه الى الكعبة، لكن لا مستقلا بل فى ضمن التوجه الى الكعبة ، فان هذا ليس بعيدا من جهال المسلمين، لا مجرد كونه في امام المصلى وبين يديه ، كى يقع التعارض بينها وبين الاخبار المجوزة للصلوة بين القبور مطلقا والاخبار المجوزة للصلوة خلف قبور الائمة عليهم السّلام هذا .

بقى الكلام في حكم الصلوة على القبر وفيه ، والظاهر عدم القائل بالحرمة فيها ، بل ظاهر جمع و صريح آخرين الاجماع على الجواز فيهما مع الكراهة ويدل على الكراهة في خصوص الاول مضافا الى الاجماع ، قوله علیه السّلام في حديث النوفلي الارض كلها مسجد الا الحمام والمقبرة ، وقول ابيعبد الله علیه السّلام في رواية يونس بن ظبيان ان رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم نهى عن يصلى على قبرا و يقعد عليه او يبنى عليه ، فان عطف المقبرة على الحمام الذى لا اشكال في جواز الصلوة عليه ، وعطف القعود على القبر والبناء عليه ، اللذين لا اشكال في جوازهما ، على الصلوة عليه قرنية على ارادة الكراهة من النهى ، لااقل من ارادة القدر الجامع، فعلى اى حال الادلالة له على الحرمة واما ما ورد من النهي عن السجود على القبر فى مكاتبة الحميري المتقدمة بقوله علیه السّلام اما السجود على القبر فلا يجوز في نافلة ولا فريضة ولا زيارة بل يضع خده الايمن على القبر فالظاهر ارادة السجدة للامام علیه السّلام كما هو المرسوم بين العوام ، فانهم يسجدون ويحزون على الاعتاب المقدسة تذللا للامام علیه السّلام لالله تعالى كما يشهد لذلك بل يدل عليه قوله علیه السّلام بل يضع خده الايمن على القبر وكذا المراد مما ورد من النهى عن اتخاذ القبر مسجدا فيما ارسله في الفقيه عن النبي صلی الله علیه و آله و سلّم لا تتخذوا قبرى قبلة ولا مسجدا ، هو اتخاذ قبره صلی الله علیه و آله و سلّم محلا للسجدة بوضع الجبهة على عليه سجدة

ص: 288

له صلی الله علیه و آله و سلّم لا لله تعالى، لا اتخاذه محلا للصلوة كي يدل على حرمة الصلوة في القبر.

فى الاذان والاقامة

المقدمة السابعة، فى الاذان والاقامة، والبحث عنهما يقع في طي مسائل الاولى فيما يؤذن ويقام له ، لا اشكال ولا خلاف فى شرعية الاذان والاقامة للفرائض الخمس اليومية في الجملة على الرجل والمرآة في الاداء والقضاء والانفراد والجماعة والجهرية والاخفاتية والتامة والمقصورة وانما وقع الاشكال والخلاف في انهما مستحبان مطلقا اى من غير اختصاص ببعض الصلوة الخمس دون بعض و بالجامع دون المفرد و بالرجل دون المرآة ، او واجبان في بعض الموارد ، او تفصيل بين الاذان والاقامة فيستحب الاذان التقادير هل استحبابهما او وجوبهما نفسي او شرطى فالمشهور بين المتأخرين هو الاستحباب مطلقا ، خلافا لجمع من الاكابر ، فقالوا بوجوبهما مطلقا او على الرجال في خصوص الجماعة ، بالوجوب الشرطى بمعنى بطلان الصلوة جماعة او مطلقا بتركهما ، وخلافا لجمع آخر منهم فقالوا بوجوبهما مطلقا، أو على الرجال في خصوص المغرب والغداة و صلوة الجمعة، و وجوب الاقامة فقط عليهم في كل صلوة والاقوى ما ذهب اليه المشهور من استحبابهما مطلقا ، اما استحباب الاذان فواضح بعد التصريح في الاخبار بجواز تركه ، ففي صحيحة عبدالله بن سنان عن ا بيعبد الله عليه السلام يجزيك اذا خلوت فى بيتك اقامة واحدة بغير اذان ، وفي صحيحة الحلبي عنه علیه السّلام عن ابيه علیه السّلام انه كان اذاصلى في البيت اقام اقامة ولم يؤذن ، وفي صحيحته الاخرى عنه علیه السّلام ايضا سئلته عن الرجل هل يجزيه فى السفر والحضر اقامة ليس معها اذان قال علیه السّلام نعم لابأس به، و هذه الصحيحة باطلاقها تعم الجماعة ، و في خبر الحسن بن زياد عنه علیه السّلام اذا كان القوم لا ينتظرون احدا اكتفوا باقامة واحدة ، وفي صحيحة على بن رثاب سئلت ابا عبد الله علیه السلام قلت تحضر الصلوة ونحن مجتمعون في مكان واحد تجزينا اقامة بغير اذان قال علیه السّلام نعم ، وهذان الخبر ان كما ترى صريحان في جواز ترك الاذان فى الجماعة ، وفي صحيحة محمد بن مسلم والفضيل بن يسار عن احدهما عليهما السلام يجزيك اقامة فى السفر ، وفي خبر عبد الرحمن بن ابيعبد الله عن الصادق

ص: 289

علیه السّلام يجزى فى السفر اقامة بغير اذان، و في خبره الاخر عنه علیه السّلام ايضا يقصر الاذان فى السفر كما تقصير الصلوة يجزى اقامة واحدة وهذه الاخبار صريحة في جواز تركه فى السفر وتعم باطلاقها للجماعة ايضا ، وما فيها من التعبير بلفظ الاجزاء المشعر بعدم جواز الاكتفاء باقامة واحدة في الحضر ، انما يراد به الاجتزاء بها في مقام الخروج عن عهدة التكليف المتعلق بهما في الشريعة على حسب مشروعيتهما وجوبا كان ام ندبا ، فلادلالة لمثل هذه الاخبار على وجوب الاذان في الحضر، ولو سلم دلالتها عليه ، فلابد من صرفها عنه بشهادة صحيحة الحلبى المتقدمة المصرحة بنفى البأس بالاجتزاء باقامة ليس معها اذان فى السفر والحضر واما الاخبار التي يظهر منها وجوبه فى صلوة الغداة والمغرب والجماعة ، كصحيح صفوان عن ابيعبد الله علیه السّلام ولا بد فى الفجر والمغرب من اذان واقامة فى الحضر والسفر لانه لا يقصر فيهما فى حضر ولا سفر ، و يجزيك اقامة بغير اذان فى الظهر والعصر والعشاء الآخرة ، والاذان والامامة في جميع الصلوات فضل ، وخبر سماعة عنه علیه السّلام قال قال علیه السّلام لاتصل الغداة والمغرب الا باذان واقامة ورخص فى سائر الصلوات بالاقامة والاذان افضل ، وصحيح زرارة ادنى ما يجزى من الاذان ان تفتتح الليل باذان واقامة و تفتتح النهار باذان واقامة ، و يجزيك فى سائر الصلوة اقامة بغير اذان ، ورواية الصباح بن سبابة عن ابي عبد الله علیه السّلام قال قال علیه السّلام لي لا تدع الاذان في الصلوات كلها فان تركته فلا تتركه فى المغرب والفجر فانه ليس فيهما تقصير ، ورواية ابن سنان عنه علیه السّلام قال يجزيك في الصلوات اقامة واحدة الا الغداة والمغرب ، و خبر ابی بصير قال سئل احدهما عليهما السّلام ايجزى اذان واحد ، قال علیه السّلام ان صليت جماعة لم يجز الا اذان واقامة ، وان كنت وحدك تبادر امرا تخاف ان يفوتك تجزيك اقامة الا الفجر والمغرب فانه ينبغى ان تؤذن فيهما وتقيم من أجل انه لا تقصير فيهما ، و موثق عمار عن ابي عبد الله علیه السّلام قال سئل عن الرجل يؤذن و يقيم ليصلى وحده فيجيئى رجل آخر فيقول له نصلى جماعة هل يجوز ان يصليا بذلك الاذان والاقامة فقال علیه السّلام لا ولكن يؤذن ويقيم ، الى غير ذلك من الاخبار فلابد من حملها

ص: 290

على شدة الاهتمام به وتأكد مطلوبيته فى الغداة والمغرب والجماعة ، جمعا بينها وبين مأمر من المطلقات الكثيرة الدالة على جواز تركه مطلقا ، والنصوص الدالة على جواز تركه فى الجماعة هذا مضافا الى ما فى بعض هذه الاخبار من الشواهد على ارادة تأكد الاستحباب ، فان قوله علیه السّلام في ذيل صحيح صفوان والاذان والاقامة فى جميع الصلوات افضل ، وقوله علیه السّلام في خبر ابن سبابة فان تركته فلاتتركه في المغرب الذي ارجع امر الترك الى المصلى ، و قوله علیه السّلام في خبر ابی الفجر والمغرب فانه ينبغى ان تؤذن فيهما ، كلها ظاهرة في تأكد استحبابه في الصلوتين لا وجوبه فيهما واما استحباب الاقامة مطلقا ، فلان ما استند القائلون بوجوبها طوائف من الاخبار منها مادل على ان المريض لا بدله من ان يوذن ويقيم معللا بانه لا صلوة الا باذان و اقامة ، وفيها ان هذه الطائفة بعد صرفها عن ظاهرها بالنسبة الى الاذان ، لا يبقى لها ظهور في الوجوب بالنسبة الى الاقامة ، بل لا يبعد ادعاء ظهورها في اتحادهما في الحكم ، لظهورها في ان اللابدية من كل منهما انما هی لعلة مشتركة بينهما وهى انه لا صلوة الا بهما ، وحيث ان نفى الصحة لا يستقيم ارادته من هذه العلة بالنسة الى الاذان ، فلابدان يراد منها نفى الكمال بالنسبة الى كليهما ، لئلا يلزم استعمالها في معنيين ، وارادة ما يعم نفى الصحة ونفى الكمال منها ، وانكانت ممكنة ، لكنها مخالفة لوحدة السياق فهذه الطائفة لولم تكن مؤيدة للاستحباب بل دليلا عليه لا تكون دليلا على الوجوب ، ومنها مادل على ان النساء ليس عليهن اذان ولا اقامة ، بناء على حمله على نفى لزومهما عليهن ، كي يدل على لزومهما على الرجال ، وفيه اولا ان مثل هذا التركيب لولم يكن ظاهرا في نفي المشروعة لا يكون ظاهرا في نفى اللزوم ، سلمنا ظهوره في ذلك ودلالته على الوجوب لكن لابد من صرفه عن ظاهره بالنسبة الى الاذان ، وحمله على تأكد الاستحباب بالنسبة اليه ، ومعه لا يبقى له ظهور في الوجوب بالنسبة الى خصوص الاقامة ، لاتحاد السياق المشعر باتحادهما في الحكم ومنها مادل على وجوب مراعاة الشرائط المعتبرة في الصلوة فى حال الاقامة وانها من الصلوة ، وفيه ان الظاهران المراد من

ص: 291

الوجوب فيهذه الطائفة هو الوجوب الشرطي، لا الشرعي كي يدل على وجوب الاقامة بطريق اولى ، واما كونها من الصلوة فمضافا الى منافاته للاخبار المستفيضة الدالة على ان الصلوة اولها التكبيرة، لادلالة لم على وجوبها، لان الاجزاء المستحبة للصلوة كثيرة ، فهذه الطائفة ناظرة الى ان الاقامة كالصلوة في اشتراط صحتها بالطهارة والوقوف على الارض وعدم التكلم وغير ذلك ، وهذا لا يدل على وجوبها كما لا يخفى ومنها ما امرفيها بقطع الصلوة لتدارك الاقامة عند نسيانها ، فانه لولم تكن الاقامة واجبة لم يكن للامر بقطع الصلوة المحرم لاجل تدارك الاقامة وفيه ان الدليل على حرمة قطع الصلوة ليس الا الاجماع ، والقدر المتيقن منه غير مورد نسيان الاقامة ، ففى مورده ليس القطع محرما كي يدل الأمر به لتدارك الاقامة على وجوب الاقامة ، هذا مع ان قطع الصلوة قد يجوز لفائدة دنيوية ، فلا مانع من ان يجوز ايضا لتحصيل فضيلة الاقامة ، هذا كله مضافا الى معارضة هذه الطائفة بروايات صحيحة دالة على انه اذا ذكرها بعد ان دخل في الصلوة يمضى صلوته ولا يعيد ومنها مادل على ان الاقامة هى اقل ما يجزى ، بتقريب ان المراد من كونها ادنى ما يجزى ليس هو الاجزاء عن امر نفسها كما هو واضح ، كى يقال ليس فى التعبير بذلك دلالة على وجوبها ، لان الاجزاء فى كل مقام يراد منه ما يناسبه من الوجوب او الفضل ، و ليس المراد هو الاجزاء عن الأمر المتعلق بالاذان ، اذ لا معنى لاجزاء امتثال احد الامرين المستقلين عن الآخر، والارتباط بين الاذان والاقامة مما لم يدل عليه دليل ولم يتوهمه احد ، و على تقديره لادلالة لاجزاء الاقامة عنه على وجوب الاقامة كما هو واضح ، لولم يكن دالا على استحبابها فلابد ان يكون المراد ه و الاجزاء عن الأمر المتعلق بالصلوة ، فيدل على ان الصلوة بدونها لا يجزي في اسقاط الامر المتعلق بالصلوة ، فيدل على وجوبها الشرطي للصلوة ، هذا مضافا الى ما يستفاد من هذه الاخبار وغيرها، من ان الاهتمام بالاقامة كان مفروغا عنه انما كان السوال عن الاذان .

ص: 292

وفيه اولا ان الظاهر مما وقع فيهذه الطائفة من السؤال ، هو ان المسؤل عنه هوادنى ما يكتفى به من الوظيفة التى شرعت لها الاذان والاقامة، وهي التهيؤ للحضور بين يدى الرب سبحانه و تعالى ، فهو في مقام السؤال عن ان هذه الوظيفة ، هل تحصل بهما معا او يكتفى فى حصولها بالاقامة وحدها ، لافى مقام السؤال عن ادنى ما يجزى عن التكليف المتعلق بالصلوة الواجبة كى يدل الجواب على اعتبارها شرطا في الصلوة الواجبة وثانيا سلمنا ظهورها فى ان الصلوة بدون الاقامة غير مجزية عن التكليف المتعلق بالصلوة ، لكنها معارضة بما هو اقوى منها ظهورا ، من الاخبار الكثيرة الدالة على استحباب الاذان والاقامة مطلقا ، المروية فى ثواب الاعمال المتضمنة لبيان ان من صلى باذان و اقامة صلى معه صفان معه صفان من الملئكة ومن صلى باقامة صلى معه صف واحد ، فان ظهورها في الاستصحاب من وجوه ، منها اشتمالها على التحريص والترغيب المتعارف فى المندوبات ، ومنها ان المراد من الصلوة لا يخلوا ما ان يكون الأعم من الصلوة الصحيحة والفاسدة ، و اما ان يكون هي خصوص الصحيحة فعلا الجامعة لجميع الاجزاء والشرائط المعتبرة، و اما ان يكون هي الصحيحة من غير جهة الاقامة ، لاسبيل الى الاول ضرورة ان الفاسدة لا يصلى معها الملئكة ، ولا الى الثالث والا لكان المتعين فى مقام افادة شرطية الاقامة للصلوة ، التعليل بفساد الصلوة بتركها و استحقاق المصلى العقاب ، لا التعبير بانه صلى خلفه صفوان اوصف من الملئكة، اذلم يعهد في الادلة الواردة في مقام بيان الواجبات الغيرية التعبير بما يوجب الترغيب ، و ان تعارف فى الواجبات النفسية، لكن بضميمة الترهيب معه وتوهم ان التعبير بذلك فيهذه الاخبار لعله لوجوب الاقامة نفسيا، مدفوع بان وجوب الاقامة بالوجوب النفسی و انكان محتملا فى نفسه ، لكن المستفاد من هذه الاخبار هو كونها شرطا للصلوة ، فان المتبادر من هذه الاخبار ليس الا ان فعل الاقامة موجب لكمال الصلوة و صيرورة المصلى مقتدا لصف من الملئكة ، و ، و معه لا مجال لاحتمال كون التعبير بذلك لوجوبها النفسى كما لا يخفى ، فاذا سقط الاحتمال الاول والثالث، تعين الثاني ، وعليه فدلالة هذه الاخبار على استحباب الاقامة تكون واضحة

ص: 293

و منها ان المراد من الصلوة فيهذه الاخبار، لا يمكن ان يكون الا الصحيحة من جميع الجهات بالنسبة الى الاذان ، فلابد ان تكون هى المرادة منها بالنسبة الى الاقامة ايضا لوحدة السياق ومنها اشتمال بعض هذه الاخبار على قوله علیه السّلام اغتنم الصفين، فانه ظاهر فى ان الامر بالاذان والاقامة انما هو لدرك هذه الفائدة العظمى من غير ان يكون لهما دخل في صحة الصلوة فظهور هذه الاخبار في الاستحباب من الجهات التي ذكرناها ليس قابلا للانكار، ويدل عليه ايضا قوله علیه السّلام في ذيل صحيحة صفوان المتقدمة الاذان والاقامة فى جميع الصلوات افضل ، فانه کماتری ظاهر في استحباب الاذان والاقامة كليهما ، ان احتمال كون الواو بمعنى مع كي يكون المعنى الاذان مع الاقامة افضل ، فلا يدل حينئذ الا على استحباب الاذان ، بعيد عن ظهور الواو فى العطف الدال على اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في الحكم ، ويشهد له ايضا في الجملة الخبر المروى عن الدعائم عن على علیه السّلام ، قال لاباس بان يصلى الرجل بنفسه بلا اذان واقامة ومن المعلوم ان ظهور مادل على ان الاقامة هي ادنى ما يجزى في الوجوب على تقدير تسليمه ، لا يكافوء ظهور هذه الادلة الكثيرة التي تكون دلالتها على الاستحباب غير قابلة للانكار ، و على تقدير التكافوء فالمرجع هو الاصل القاضى بعدم الوجوب و اما ما ذكر من ان المستفاد من تلك الاخبار ان الاهتمام بالاقافة كان مفروغا عنه عند السائلين و انما كان سؤالهم عن الاذان ففيه ان استفادة ذلك منها و انكانت مسلمة ، لكن اين هذا من الدلالة على الوجوب ، اذ لعل الاهتمام بالاقامة لما فيها من شدة الاستحباب وتاكده ومما ذكرنا ظهر الجواب عما استدل به القائلون بالوجوب في خصوص صلوةالغداة والمغرب، من قوله علیه السّلام في موثقة سماعة المتقدمة لاتصل الغداة والمغرب الاباذان و اقامة ورخص فى سائر الصلوات بالاقامة والاذان افضل، فان النهى عن الصلوتين الاباذان و اقامة و انكان ظاهرا في فسادهما بتركهما، الا انه لابد من حمله على الكراهة ، جمعا بينه و بين مال على استحبابهما مطلقا من الأدلة المتقدمة.

ص: 294

المسئلة الثانية فى الموارد التي يسقط فيها الاذان منها مورد الجمع بين الفرائض كما لو جمع بين الظهرين او العصائين، فانه لا اشكال في سقوط الاذان للثانية في الاداء و يدل عليه قول الصادق علیه السّلام في خبر عبدالله بن سنان ، ان رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم جمع بين الظهر والعصر باذان واقامتين وجمع بين المغرب والعصاء في الحضر من غير علة باذان و اقامتين ، و قول الباقر علیه السّلام في خبر زرارة ان رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم جمع بين الظهر والعصر باذان و اقامتين و جمع بين المغرب والعشاء باذان واحد و اقامتين واستدل له ايضا برواية حفص بن غياث عن ابيجعفر علیه السّلام، قال الاذان الثالث يوم الجمعة بدعة ، نباء على القاء خصوصية يوم الجمعة ، وجعل الاذان الاول والثاني اذان الصبح والظهر ، أو جعلهما الاذان الاعلامى و اذان الظهر ، كي يكون الثالث اذان العصر واما بناء على احتمال كون المراد من الأذان الثالث ، الثالث من الاذان لصلوة الجمعة و اوله الاعلامى والثانى قبل الخطبتين والثالث بعدهما ، كي تكون الرواية واردة في مقام الاخبار عما ابدعه الثالث او معوية لعنه الله ، حيث كانا يأمران بان يؤذن بعد الخطبتين ، فلا يكون للرواية ربط بما نحن فيه ، فالعمدة الخبران المتقدمان والاشكال في دلالتهما بانهما حاكيان عن فعل النبي صلی الله علیه و آله و سلّم، ومن المعلوم ان الفعل لادلالة له على السقوط في مورد الجمع و ان للجمع خصوصية ، لاحتمال ان ترك النبي صلی الله علیه و آله و سلّم الاذان للفرض الثاني كان لاجل جواز ترك المستحب او للدلالة على استحباب الاذان مدفوع بان مجرد تر که صلی الله علیه و آله و سلّم، وان لم يكن كاشفا عن السقوط في مورد الجمع وان للجمع خصوصية ، لان الترك يمكن ان يكون لجهات عديدة لكن يمكن استكشاف ذلك من الحكم بتركه في جميع موارد استحباب الجمع ، كما في الجمع بين الظهر والعصر في يوم العرفة والجمع بين المغرب والعشاء بمزدلقة وفى المبطون والسلس فانه يستكشف منه ان ترك الاذان في تلك الموارد لمكان الجمع هذا مضافا الى امكان دعوى دلالة مجرد ترك النبي صلی الله علیه و آله و سلّم له في مورد الجمع على سقوطه في مورده ، فان الترك الذي يحتمل ان يكون لجهات عديدة،

ص: 295

وان لم يكن فى نفسه كاشفا عن السقوط ، لكن يتعين كونه لاجل السقوط بعد استبعاد كونه لغير جهة السقوط من الجهات ، كما في المقام لاستبعاد ان يكون تركه صلی الله علیه و آله و سلّم للاذان والنافلة التي اهتم بها و بين ثوابها على مقدار لا يحصيه غير الله سبحانه وتعالى، لاجل جواز ترك المستحب ، وابعد منه احتمال ان يكون تركه صلی الله علیه و آله و سلّم لهما للدلالة على استحبابهما ، اما اولا فلان الترك الذى يمكن ان يكون لجهات ، لا يمكن ان يستكشف منه ان المتروك مستحب ، و اما ثانيا ولانه لاحاجة الى بيان استحبابهما بالترك ، بعد ثبوت استحبابهما بالادلة اللفظية الكثيرة واما احتمال کون ترکه صلی الله علیه و آله و سلّم لهما لافضلية الاستعجال في الصلوة رعاية لحال الضعفاء من المأمومين فمدفوع منافاته لقوله علیه السّلام في خبر ابن سنان المتقدم جمع رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم بين المغرب والعشاء في الحضر من غير علة فتبين مماذكر نا ان سقوط الاذان في مورد الجمع ممالا اشكال فيه ولا شبهة تعتريه.

وانما وقع الكلام في موضعين ، الأول هل السقوط في مورد الجمع رخصة او عزيمة ، الثانى هل المراد من الجمع ما يقابل التفريق على اوقات الفضيلة ، او ما يقابل التفريق العرفي ، او ما يقابل التفريق بالنافلة او بمقدارها ولولم يشتغل بعمل آخر اما الموضع الاول فالحق فيه هوان السقوط عزيمة لارخصة ، اما بناء على الاستناد فى السقوط الى خبرى ابن سنان و زرارة المتقدمين فلان سقوط المستحب لا يخلو ، اما ان يكون بمعنى جواز تركه الذى هو مشروع في كل مستحب ، واما ان يكون بمعنى حصول الاثر المقصود منه و ان لم يحصل للتارك ثوابه و اما ان يكون بمعنى عدم استحبابه فعلى المعنيين الأولين لابد ان يكون رخصة . اما على الأول فلان جواز ترك المستحب من لوازم استحبابه ، فكيف يمكن ان يكون موجبا لرفع استحبابه ، واما على الثاني فلانه وان ادى بسبب الاقامة ماهو ملاك تشريع الاذان ، لكن مجر ذلك لا يوجب سقوط اصل استحبابه فتدبر و على المعنى الثالث لابدان يكون عزيمة لكن المعنى الاول قد عرفت انه لا يمكن ان يكون مرادا من السقوط المستفاد من الخبرين، والمعنى الثانى وان امکن ارادته منهما ، لكنه خلاف ظاهر هما فان ظاهرهما عدم استحباب الاذان في مورد الجمع، هذا

ص: 296

مضافا الى امكان استظهار كونه عزيمة، من قولهما عليهما السلام في الخبرين ان رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم جمع بين الظهر والعصر باذان ، فان الظاهر من الجمع بينهما باذان هوانه اذن اذانا واحد الكليهما ، نظير ما اذا قيل جمع بين الظهر والعصر بوضوء ، فيكون هذا الاذان قائما مقام الاذانين ، لا ان يكون اذانا لواحدة من الصلوتين و مسقطا لاذان الاخرى . كى يقال هل سقوطه رخصة او عزيمة ، بل يمكن استظهار ذلك ايضا من الاخبار الدالة على ان الجمع بين الصلوتين انما يكون فيما اذا لم تكن بينهما نافلة، فانه لولم يكن للجمع خصوصية واثر لم يكن وجه لبيانهم علیه السّلام تحديد الجمع بذلك وكان لغوا ، فان التحديدات الواردة لبيان الموضوعات التي لها مراتب عند العرف، ككثرة الماء التي حددها الشارع بالكر، والمسافة التي حددها بثمانية فراسخ، والخروج عن المسافرة الذي حدده في مورد العزم على الاقامة بعشرة ايام وفي مورد التردد بثلثين ، الى ذلك من التحديدات ، انما هى لمكان مالتلك الموضوعات العرفية من الآثار الشرعية ، والا لكان تعرضهم علیه السّلام التحديدها بلافائدة ولغواً، فاذا كان للجمع اثر، فذلك الاثراما هو سقوط استحباب الاذان رأسا اوسقوط افضليته، وعلى اى حال يثبت المطلوب وهوكون سقوطه عزيمة، اما على الاول فواضح، واما على الثانى فلانه اذا كان افضلية الاذان ساقطة عند الجمع ، فلادليل على بقائه على مرتبة من الفضل والاستحباب ، وحينئذ فيجب تركه فانه لواتاه بعنوان الاستحباب لدخل في موضوع التشريع المحرم. فهذه الاخبار تكون مخصصة لعموم مادل على ان الاذان لكل صلوة و توهم ان هذه الاخبار حيث تكون مجملة من حيت الدلالة على ان الساقط هل هو استحباب الاذان رأسا او بمرتبة منه ، فلا تكوق قابلة لتخصيص تلك الادلة مدفوع بان هذه الاخبار و انكانت مجملة ، لكن سقوط افضلية الاذان متيقن منها على كل حال ، سواء كان الساقط هو اصل الاستحباب او مرتبة منه كما هو واضح ، فاذا كان سقوط افضليته متيقنا منها فتكون مخصصة لعموم مادل على افضليته مطلقا ، و احتمال بقائه على مرتبة من الفضل والاستحباب ، لا دليل عليه فيكون اتيانه بعنوان الاستحباب تشريعا محرما ، وبالجملة دلالة الاخبار الحاكية

ص: 297

لفعل النبي صلی الله علیه و آله و سلّم وكذا الدالة على انه اذا كان بين الصلوتين تطوع فلاجمع ، على مرجوحية الاذان في مورد الجمع واضحة واحتمال كونه كالعبادات المكروهة التي يكون تركها مستحبا مع بقاء فعلها على الاستحباب ، كي يكون تركه رخصة لاعزيمة مدفوع بان العبادات المكروهة على قسمين الاول ان يكون مزاحما بمستحب آخر يكون ارجح و اقوى مصلحة منه ، فيؤمر بتركه ادراكا للمصلحة الاقوى ، كما في الجمع بين المغرب والعشاء فى وقت العشاء في المزدلفة ، بناء على كون الامر بترك الاذان فيه لما فى الجمع من مصلحة مراعاة حال الحجاج ، الثانى ان يكون ملازما لخصوصية موجبة لخرازته ، كالصلوة فى الحمام والصوم في يوم العاشوراء ومن المعلوم ان الاذان في مورد الجمع ليس بواحد من القسمين ، اذليس في الجمع مصلحة فضلا عن ان تكون اقوى من مصلحة الاذان ، وليس الاذان في مورده متخصصا بخصوصية موجبة لخرازته ، اذليس هناك خصوصية غير الجمع ، و من المعلوم ان الجمع ليس فيه جهة موجبة لرجحان ترك الاذان ومما ذكرنا من سقوط الاذان في مورد الجمع ، ظهر ان مقتضى القاعدة هو سقوط الاذان عن المسلوس والمبطون والمستحاضة عند الجمع، فلانحتاج فى الحكم بسقوطه عنهم الى دليل خاص كما ورد في المسلوس والمبطون ، كما ان مقتضى القاعدة هو سقوط الاقامة ايضا عنهم ، لان

العفو عن هذه الاحداث انما ثبت فى حال الصلوة ، و اما حال الاقامة فلم يثبت العفو عنها فيها ، وحينئذ فمقتضى القاعدة هو سقوط الاقامة بتعذر شرطها و هي

الطهارة هذا.

المسئلة الثالثة فى موارد سقوط الاذان والاقامة ، لا اشكال بل لاخلاف ظاهرا فى سقوطهما عمن صلى جماعة و قد اذن واقيم لهذه الجماعة ، مطلق كان المؤذن والمقيم اما او ماموما ، و كان الماموم المريد للجماعة سمع الاذان والاقامة او لم يسمعهما وانما وقع الكلام فى سقوطهما فيما لوصلى الامام جماعة وحضر اخرون وارادوا ان يصلوا جماعة او فرادى فان الاصحاب رضوان الله عليهم ، بعد اتفاقهم

ص: 298

ظاهر اعلی سقوطهما فيهذا الفرض في الجملة، عدا ما ستعرف من بعضهم من التوقف في اصل سقوطهما، ومن بعضهم الآخر من التفصيل بين الاذان والاقامة والحكم بسقوط الاول دون الثاني اختلفوا فى انه هل هو رخصة او عزيمة، وانه هل هو مخصوص بالجماعة او يعم انفرادى وعلى الثانى هل هو مخصوص بمريد الجماعة التي اذن واقيم لها ام لا وانه هل هو بالمسجد الذى له امام راتب او يعم غيره وفى انه هل الجماعة الثانية او الثالثة كالاولى فى سقوطهما عمن ورد عليهم ام لا ، وفى انه هل يعتبر وحدة صلوتهم ام لا، و في انه هل يعتبر في ثبوتهما تفرق جميع الصفوف ام يكفي في الجملة فالبحث في المسئلة يقع من جهات الاولى في اصل سقوطهما و عدمه او التفصيل بين الاذان والاقامة فيسقط الاول دون الثانى فنقول ذهب المشهور الى سقوطهما خلافا للمحكى عن المدارك من التوقف فى اصل سقوطهما ، و للمحكى عن الارشاد والموجز والمبسوط، من التفصيل بين الاذان والاقامة و قصر الحكم بالسقوط على الاول ، ومستند المشهور الاخبار المستفيضة منها خبر عمرو بن خالد عن زيد بن علی علیه السّلام عن ابائه عليهم السّلام، قال دخل رجلان المسجد وقد صلى على علیه السّلام بالناس ، فقال علیه السّلام لهما اى شئتما فليؤم احد كما صاحبه ولا يؤذن ولا يقيم ومنها خبر ابي على قال كنا عند ابی عبدالله علیه السّلام ، فاتاه رجل ، فقال جعلت فداك صلينا في المسجد الفجر فانصرف بعضنا و جلس بعض فى التسبيح ، فدخل علينا رجل المسجد فاذن ، فمنعناه و دفعناه عن ذلك فقال ابو عبدالله علیه السّلام احسنت ادفعه عن ذلك وامنعه اشد المنع ، فقلت فان دخلوا فارادوا ان يصلوا فيه جماعة ، قال علیه السّلام يقومون في ناحية المسجد ولا يبد ربهم امام ومنها خبر ابي بصير قال سئلته عن الرجل ينتهى الى الامام حين يسلم ، فقال علیه السّلام ليس عليه ان يعيد الاذان فليدخل معهم في اذانهم ، فان وجدهم قد تفرقوا اعاد الاذان ومنها رواية السكونى عن جعفر عن ابيه عن على علیهم السّلام انه كان يقول اذا دخل الرجل المسجد وقد صلى اهله فلا يؤذنن ولا يقيمن ولا يتطوع حتى يبدء بالصلوة الفريضة ولا يخرج منه الى غيره حتى يصلى فيه و منها خبر ابي بصير عن ابيعبد الله علیه السّلام قال قلت له الرجل يدخل المسجد وقد

ص: 299

صلى القوم ايؤذن و يقيم ، قال علیه السّلام انكان دخل ولم يتفرق الصف صلى باذانهم و اقامتهم، انكان تفرق الصف اذن و اقام الى غير ذلك من الاخبار.

و مستند القائل بعدم السقوط خبران ، احدهما موثق عمار عن ابيعبد الله علیه السّلام انه سئل عن الرجل ادرك الامام حين سلم قال علیه السّلام عليه ان يؤذن و يقيم و يفتتح الصلوة، ثانيهما خبر معوية بن شريح عن ابي عبدالله علیه السّلام انه قال اذا جاء الرجل مبادراً والامام راكع اجزئه تكبيرة واحدة ، الى ان قال من ادركه و قد رفع راسه من السجدة الاخيرة وهو في التشهد فقد ادرك الجماعة وليس عليه اذان ولا اقامة ، و من ادركه وقد سلم فعليه الاذان والاقامة و مستند المفصل بين الاذان والاقامة ، ما عن كتاب زيد الترسى عن عبيد بن زرارة عن ابيعبد الله علیه السّلام، اذا ادركت الجماعة وقد انصرف القوم و وجدت الامام مكانه و اهل المسجد قبل ان يتفرقوا اجزاك اذانهم و اقامتهم فاستفتح الصلوة لنفسك الصلوة لنفسك ، و اذا وافيتهم وقد انصرفوا عن صلوتهم وهم جلوس اجزء اقامة بغير اذان وان وجدتهم قد تفرقوا وخرج بعضهم عن المسجد فاذن واقم لنفسك ولا يخفى ان الاظهر الاقوى بحسب الادلة ما ذهب اليه المشهور من سقوطهما ، و ذلك لما ، و ذلك لما عرفت من استفاضة النصوص بذلك مع صحة سند اكثرها ، فما عن المدارك من المناقشة في سندها لاوجه لها ، وليس ما استند اليه القائل بعدم السقوط، من موثق عمار و خبر معوية الغير المعمول بهما ، قابلا للمعارضة مع تلك النصوص المستفيضة المعمول بها بين الاصحاب من القدماء والمتاخرين ، ومعه لاحاجة الى الجمع بينهما وبين تلك النصوص ، بحملهما على ما اذا تفرق الصف ، او بحمل النصوص على الكراهة ، كى يكون الاذان والاقامة قبل تفرق الصف ، من العبادات المكروهة التي يكون فعلها باقيا على الاستحباب ، هذا مضافا الى ما في هذين الجمعين من البعد عن ظاهر الخبرين ، اما الاول فلان قول السائل في موثق عمار الرجل ادرك الامام حين سلم، كالصريح في ادراك الامام حال التشاغل بالسلام، فيكون الجواب ايضا ظاهرا في عدم السقوط فيهذا الحال ، فيكون حمله على ما بعد

ص: 300

السلام فضلا عن حمله على ما بعد التفرق خلاف الظاهر ، واما قوله علیه السّلام في خبر معوية و من ادركه وقد سلم فعليه الاذان والاقامة ، و انكان ظاهرا في عدم السقوط بعد السلام ، فيكون نسبته مع تلك النصوص نسبة الاطلاق والتقييد ، لانه يدل على ان من ادرك الامام بعد السلام فعليه الاذان والاقامة مطلقا سواء تفرق الصف ام لا، وهي تدل على ان قبل تفرق الصف يسقطان ، لكن حمله على خصوص ما بعد التفرق، مناف لظهوره غاية الظهور فى مشروعية الاذان والاقامة لمن لم يدرك الصلوة جماعة واما الجمع الثانى فلان حمل تلك النصوص على الكراهة وانكان ممكنا ثبوتا ، لاحتمال ان يكون في المبادرة الى الفريضة مصلحة اقوى واهم من مصلحة الاذان والاقامة ، فامر بتركهما لادراك المصلحة الاهم ، او يكون في فعلهما لاجل ملازمته لهتك امام المسجد الراتب خرازة موجبة لرجحان تركهما لكن لا يمكن الالتزام به اثباتا، لمنافاته لقوله علیه السّلام في الموثقة عليه ان يؤذن ويقيم ، وفي خبر ابن شريح فعليه الاذان والاقامة ، و ذلك لان الامر باتيان العبادة المكروهة للارشاد الى بقاء فعلها على الاستحباب ، و ان كان صحيحا ممكنا واقعا في الشرعيات ، لكن التحريص والترغيب نحو المكروه بقوله علیه السّلام فعليه ان يؤذن ويقيم ، غير صحيح كما هو واضح وبهذا البيان يمكن ان يقال ان السقوط المستفاد من تلك النصوص عزيمة لارخصة، اذ لا منشاء لتوهم كونه رخصة و انه مخير في اتيانهما قبل تفرق الصف ، الا اطلاق ما دل على انهما لكل صلوة افضل ، وما دل على ان من صلى باذان واقامة صلى خلفه صفان من الملئكة ، ومن المعلوم عدم شمول اطلاق شيء منهما لمورد هذه النصوص ، اما الاول فواضح ضرورة منافاة الافضلية مع الكراهة ، واما الثاني فلانه في مقام التحريص والترغيب ، وقد عرفت ان التحريص والترغيب نحو المكروه غير صحيح، سلمنا شمول اطلاقهما لمورد هذه النصوص لكن هذه النصوص تكون مقيدة لاطلاقهما ، فان الظاهر من النهى المؤكد عن الاذان والاقامة بقوله علیه السّلام في خبر السكوني فلا يؤذنن ولا يقيمن ، و الامر بالدخول مع الجماعة فى اذانهم اذا ادركهم بعد السلام بقوله علیه السّلام في خبر ابی بصیر فليدخل في اذاتهم، و تحسين

ص: 301

المفع عن الاذان بقوله علیه السّلام فى خبر أبي على احسنت ادفعه عن ذلك و امنعه اشد المنع هو ان الاذان والاقامة غير مشروعين في المقام، و معه يكون احتمال كون ترك الاذان والاقامة مستحبا مع بقاء فعلمها على الاستحباب ، كي يكونا من العبادات المكروهة فيكون تركهما رخصة لاعزيمة، احتمالا لايكون عليه دليل وتوهم ان هذه النصوص ليست الامقيدة لاطلاق تلك الطائفتين هيئة ، فاطلاقهما مادة كاف في اثبات بقاء فعل الاذان والاقامة على الاستحباب مدفوع بان التفكيك بين اطلاق الهيئة والمادة فى التقييد ، انما يصح فى باب التزاحم الذى يكون تقييد اطلاق الهيئة فيه بحكم العقل من جهة المزاحمة ، الموجبة لسلب قدرة المكلف على اتيان كلا المتزاحمين ، مع بقائهما على ماهما عليه من المصلحة التامة ، دون باب التعارض الذى لا يكون الملاك والمصلحة في مورد الاجتماع الا لاحد الحكمين كما نحن فيه فتقييد اطلاق الهيئة فيهذا الباب ملازم لتقييد المادة بل ملزوم له كما لا يخفى هذا فتبين مما ذكرنا كله ان الوجه فى تقديم ما استند اليه المشهور فى الحكم بالسقوط من الاخبار ، على ما استنداليه القائل بعدم السقوط من الاخبار ، هو ترجيح مستند المشهور على مستند القائل بعدم السقوط سند الا دلالة كما توهم .

و اما ما استند اليه المفصل ، فقد عرفت انحصاره بخبر زيد الترسى ، و هو مع اضطرابه متنا ، حيث جعل في صدره المدار في سقوط الاذان والاقامة على ادراك الجماعة حال كونهم منصرفين عن اصل الصلوة مع بقائهم على التعقيب ، وجعل في ذيله المدار في ثبوتهما على تفرق الجماعة و خروج بعضهم عن المسجد ، وفصل في الوسط بين الاذان والاقامة فيما لو انصرفوا عن الصلوة والتعقيب مع بقائهم في المسجد لشغل اخر ، فاريد بالمنصرف اليه فى الصدر غير ما اريد منه في الوسط لادلالة له الاعلى انه لو ادرك القوم وقد انصرفوا عن الصلوة بتوابعها وهم جالسون في المسجد لامر ،اخر اجزئه الاقامة يغير الاذان ، فيدل على اعتبار بقاء الجماعة او بعضهم على هيئة الصلوة ولو بالاشتغال بتوابعها في سقوطهما ، فلا يسقطان فيما اذا خرجوا عن

ص: 302

هيئة الصلوة و ان لم يخرجوا عن المسجد وهذا مما يمكن الالتزام به ولايتنا في ما ذهب اليه المشهود، نعم التفصيل بين الاذان والاقامة فيما اذا خرجوا عن هيئة الصلوة لا بدح من حمله على الاهتمام بالاقامة وعلى اى حال هذا الخبر غير قابل للمعارضة مع تلك النصوص المستفيضة مع عدم ثبوت عامل به، فتدبر لامکان حمل ما حكى عن المبسوط والارشاد والموجز من قولهم ويسقط الاذان على الاعم منه ومن الاقامة كما اريد به الاعم في كثير من الاخبار كما لا يخفى على من راجعها.

الجهة الثانية هل يختص السقوط بالمسجد او يعم غيره، و جهان اقويهما الأول، لا لما فى اكثر الاخبار كخير أبي على ورواية السكونی و خبر ابی بصیر عن بيعبد الله عليه السلام وخبر عمرو بن خالد و خبر عبید بن زرارة من التقييد بالمسجد و ذلك لعدم كون التقييد به في غير خبر السكوني الا في كلام السائل ، و من المعلوم ان التقييد فى السؤال ليس الالفرض الموضوع ، لا الاحتراز كي يدل على ان الجواب مقيد، والتقييد به في خبر السكونى وانكان في كلام الامام علیه السّلام، لكنه بعد احتمال جریه مجرى ما هو الغالب المتعارف من انعقاد الجماعة في المسجد، لا ينعقد له ظهور في الاحترازية ، سلمنا ظهورها في الاختصاص، لكنه لا يوجب المنع عن التمسك با طلاق خبر ابى بصير الاول ، و ذلك لعدم التنافى بين المقيدات و هذا المطلق کی یوجب حمله على المقيدات ، بل لقصور الدليل المطلق عن اثبات الاطلاق، و ذلک لانحصار الدليل المطلق بخبر ابی بصیر، فان غيره مما قيد بالمسجداما في كلام السائل او في كلام الامام علیه السّلام و ان لم يكن التقييد فيها موجبا لظهورها في الاختصاص ، لكنه مانع عن انعقاد الظهور لها في الاطلاق ، و من المعلوم ان خبر ابى بصير ليس له ظهور في الاطلاق بحيث يصح ان يتمسك به الحكم المخالف للاصل والعمومات الواردة في الحث على الاذان والاقامة ، إذ من المحتمل قريبا ان يكون المراد من الامام المذكور فيه فى كلام السائل ، هو الامام المعهود الذي يصلى في مسجد البلد لا كل من يصلى جماعة فى اى مكان اتفق والا لكان الانسب ان يقول ينتهى الى امام بدون الالف واللام كما لا يخفى فلابد فى الحكم المخالف للاصل من الاقتصار على القدر

ص: 303

المتقين من مورد الاخبار، وهو ما اذا كانت الجماعة منعقدة فى المسجد ثم بناء على اعتبار المسجدية ، هل يختص الحكم بما اذا كان له امام راتب ، فيه تردد من اطلاق المسجد و من امکان دعوی جریه مجرى الغالب . المتعارف من كون المسجد له امام راتب .

الجهة الثالثة هل يختص السقوط بالجامع او يعم المنفرد ، و جهان اقويها الثانى ، لاطلاق الاخبار بل ورد جميعها ما عدا خبر زيد بن على فى المنفرد ، و لا بعارضها خبر زید بعد تسلیم ظهوره فى الاختصاص بالجامع لما عرفت من انه لاتنا في بين الاطلاق والتقييد فيما اذا كانا متفقين فى الاثبات والنفى فالقول بالاختصاص كما ربما يستظهر من الشرايع و نحوه من المتون و قد قواه الاقا البهبهاني قده في تعليقته على المدارك ، لا بخلو عن ضعف.

ثم بناء على ما هو المختار من التعميم ، لا فرق بين ان يؤذن المنفرد ويقيم علانية او سر اللاطلاق المزبور و توهم ان وجه السقوط هو هتك الجماعة ولاهتك مع الاسرار بهما ، مدفوع بمنع كون الوجه ذلك ، وعلى تقدير التسليم فهو من قبيل الحكمة ، لا العلة كي يدور الحكم مداره وجود او عدما فتامل ثم بناء على التعميم للمنفرد، هل التعميم له مخصوص بما اذا كان مريدا للجماعة فيه تردد من اطلاقات الاخبار، ومن امکان دعوى جريها مجرى ما هو الغالب المتعارف فى تلك الازمنة من ارادة الا يتمام عند الرواح الى المسجد و ادراك الجماعة كما يشعر بذلك التعبيرات الواقعة فى الاخبار، كقول السائل فى خبر أبي بصير الرجل ينتهى الى الامام، و قوله علیه السّلام في خبر عبيد بن زارارة اذا ادركت الجماعة وقد انصرف القوم ، وقوله علیه السّلام في خبر ابن شريح من ادرك الامام وقدرفع راسه من السجده الاخيرة وهو في التشهد هذا.

الجهة الرابعة هل المدار فى السقوط على بقاء واحد من الجماعة ، فلا يثبتان الامع تفرق الجميع ، او على بقاء الجميع فلا سقوط مع خروج واحد منهم ، او المدار في السقوط على بقاء الاكثر و عدمه على خروج الاكثر او المدار في السقوط و عدمه على صدق التفرق عرفا و عدم صدقه كك ، او المدار في السقوط وعدمه على

ص: 304

تفرق الصف و عدم تفرقه، او المدار في السقوط على تحقق صلوة ، جماعة مع اذان و اقامة ولو لم يبق احد في المسجد ، اقوال اختار الاستاد دام ظله الاول ، معللا بان المراد من التفرق الذى جعل غاية للسقوط فى الاخبار ، ليس هو تفرق الهيئة الاجتماعية ، لانها من الامور البسيطة فلبست قابلة للتفرق و انما القابل له هو الاحاد و يتفرقهم يزول الهيئة الاجتماعية لا انها تتفرق، و من المعلوم ان اعتبار تفرق احاد الجماعة يقتضى الاستغراق، بمعنى انه لابد من افتراق كلو احد عن الاخر الغير الصادق مع بقاء واحد منهم معقبا ويؤيد ذلك بل يدل عليه قوله علیه السّلام في خبر ابی بصیر فان وجدهم قد تفرقوا اعاد الاذان فان ضمير الجمع يقتضى الاستغراق، وقوله علیه السّلام فى خبره الاخر و انکان تفرق الصف اذن و اقام، لا لما في الجواهر من المراد من الصف المصطفون ، بل لان بقاء الصف وتفرقه طريقى والنظر الى بقاء اهله و تفرقهم، و من المعلوم ان اعتبار تفرقهم مقتض للاستغراق و تفرق كلواجد عن الاخر.

و توهم ان الظاهر من الاخبار، هو ان المدار في السقوط على عدم التفرق ، لا ان المدار فى الثبوت على التفرق، وذلك لانه و ان جعل فى خبر أبي بصير الثاني المدار في السقوط على عدم تفرق الصف، و فى الثبوت على تفرقه ، لكن الشرطية الثانية فيه ليست الا احد فردى مفهوم الشرطية الاولى، و ليس لها مفهوم ، فالمتبع هى الشرطية الأولى ، فاذا كان المدار في السقوط على عدم التعرق ، فيدور الحكم مدار بقاء الاغلب ، لا على بقاء واحد ولا على بقاء الجميع ، ضرورة ان الحكم الوارد على جماعة بوصف الاجتماع و عدم التفرق ، يدور بقائه مدار بقاء هذا الوصف، و من المعلوم ان مع خروج الاكثر لا يصدق عدم تفرق الجماعة ، كما ان خروج الاقل لا يضر بصدق هذا العنوان ، فالقول بان المدار على صدق عدم التفرق عرفا هو الاظهر مدفوع بان ظاهر الاخبار ، و انكان جعل المدار في السقوط على عدم تفرق الصف، لكن التقابل بين التفرق وعدمه، هو تقابل العدم والملكة لا السلب والايجاب فاذا لم تكن الهيئة الاجتماعية قابلة للاتصاف بالتفرق كما، مرفلا تكون قابلة للاتصاف بعدم التفرق ، فلابدان يكون النظر في نسبته عدم التفرق الى الهيئه الاجتماعية، الى

ص: 305

عدم تفرق ما هو منشاء لانتزاعها من الاحاد، و من المعلوم صدق عدم تفرق الاحاد مع بقاء واحد منهم ، اللهم الا ان يقال ان عدم قابلية الهيئة الاجتماعية للاتصاف بالتفرن و عدمه اصلا انما هو بحكم العقل، و اما بحسب العرف فهي قابلة للاتصاف. بهما ولو تبعا لمنشاء انتزاعها، و معه لا وجه لصرف نسبة عدم التفرق الى الهيئة. الاجتماعية فى الاخبار، الى ما هو منشاء انتزاعها من الاحاد، بعد كون الخطابات الشرعية. منزلة على ما هو المتفاهم منها عرفا فتدبر ثم لا ينافي كون المدار فى السقوط على بقاء واحد او بقاء الاكثر او الجميع، ما ظاهره السقوط مطلقا ولو لم يبق احد ، كقوله فى خبر السكوني اذا دخل الرجل المسجد وقد صلى اهله فلا يؤذنن ولا يقيمن. وذلك لان المراد من وقت الدخول بقرنية سائر الاخبار ، وقت الصلوة فالمدار على ادراك الجماعة.

الخامسة هل الجماعة الثانية التى ادركت الجماعة الاولى و اجتزت باذانهم ، تكون كالا ولى في سقوط الاذان عمن ورد عليهم ام لا ، و جهان اقويهما الثاني، لان. غاية ما يمكن الاستدلال به للاول و جهان احدهما ان الجماعة الثانية عند الاجتزاء باذان الاولی بصیر اذان الاولى اذانهم فتكون كالا ولى في كون صلوتهم باذان واقامة فاذا كانت صلوتهم باذان و اقامة، فليس على من ادركهم قبل التفرق ان يعيد الاذان. بل يدخل معهم فى اذانهم الثانى اطلاق قول علیه السّلام في خبر السكونى اذا دخل الرجل، المسجد وقد صلى اهله فلا يؤذنن و لا يقيمن ، و قوله علیه السّلام في خبر عبيد بن زرارة، اذا ادركت الجماعة و قد انصرف القوم و وجدت الامام مكانه و اهل المسجد قبل ان يتفرقوا اجزاك اذا نهم و اقامتهم ، فان كلمة اهله فى الاول والجماعة في الثاني، اعم من الجماعة التي اذنوا و اقاموا لصلوتهم او اكتفوا باذان جماعة سابقة عليهم وفي كلا الوجهين ما لا يخفى ، اما الاول فلان غاية ما يستفاد من الاخبار، هو تنزيل الجماعة الثانية منزلة الأولى فى كون صلوتهم باذان و اقامة، دون مطلق الاثار التي منها سقوط الاذان عمن ورد عليهم، و اما الثاني فلا مكان جرى الاطلاق مجرى ما

ص: 306

هو الغالب المتعارف فى تلك الأزمنته من انعقاد الجماعات في اول الوقت، وقلة انعقاد جماعة بعده كى يجتزون باذان الاولى.

السادسة لا اشكال ظاهرا فى انه يعتبر فى السقوط اتحاد الصلوتين في الوقت، فلا يسقط الاذان والاقامة عمن دخل المسجد و اراران يصلى المغرب و قد ادرك الجماعة التى انعقدت لصلوة العصر، و ذلك لانصراف الاخبار عن هذا المورد، فانها واردة مورد ما كان هو المرسوم فى تلك الأزمنة من انعقاد الجماعات في اوقاتها الفضلية، و عدم انعقادها في اواخر اوقاتها بحيث يدركها من يريد صلوة الوقت اللاحق، هذا مضافا الى ان نفس الجماعة فى الفرض لو ارادوا ان يصلو المغرب، لا يسقط الاذان والاقامة عنهم فكيف بالوارد عليهم وهل يعتبر في السقوط اتحاد نفس الصلوتين صنفا كالظهر بعد الظهرام لا ، و جهان من اطلاق الادلة ، ومن امكان جريها مجرى ما كان المتعارف المرسوم فى تلك الازمنة ، من تفريق الصلوات على اوقاتها الفضلية ، فتعميم الحكم المخالف للاصل الى ما اذا كان الفرضان مختلفين صنفا بهذه الاطلاقات مشكل اللهم الا ان يقال ان الظهر والعصر وكذا المغرب والعشاء بمنزلة صلوة واحدة ، و لذا يسقط اذان العصر بجمعه مع الظهر و اذان العشاء بجمعه مع المغرب ، و معه لا وجه لقصر الحكم على مورد اتحاد الصلوتين صنفا ، هذا مضافا الى استبعاد القول ، بانه اذا صليت الظهر والعصر جماعة ، واراد الوارد عليهم ان يصلى الظهر والعصر، فيسقط عنه الاذان والاقامة الصلوة عصره ، و لا يسقطان عنه لصلوة ظهره ، فلو قيل بسقوطهما عنه لصلوة ظهره ايضا فيهذه الصورة ، فينكشف انه لا يعتبر اتحاد الصلوتين صنفا اصلا فتدبر جدا ، هذا تمام الكلام في المقدمات.

المقصد الاول فى افعال الصلوة

اشارة

و اما المقاصد فالمقصد الأول فى افعال الصلوة، وهي واجبة و مسنونة، فالواجبات منها بناء على الحاظ النية بها احدى عشر، و انكان الاولى على القول بان النية هو الداعى، بل على القول بانها الاخطار الحاقها بالشرائط ، اما على الاول فواضح، و اما على الثانى فلان المراد من الاخطار، اماحديث النفس بالنية او بالعمل

ص: 307

الاول النیه

المنوى تفصیلا، و علی ای حال لیست عملا خارجيا كي يصح عدها من افعال الصلوة سلمنا كفاية كونها عملا ذهينا في عدها من افعال الصلوة ، لكن نقول لا شبهة فيان كل فعل من افعال الصلوة بلكل عمل عبادی، مشروط بوقوعه عن قصد، ولذا يكون باطلا عند وقوعه لا عن قصد و ارادة. فكون النية شرطا في صحة افعال الصلوة مما لا شبهة فيه ، واما كونها بنفسها ملحوظة في مهية الاصلوة على حد سائر الاجزاء ،مع قطع النظر عن اشتراط الاجزاء بوقوعها عن قصد ، فلا دليل عليه وتوهم ان بطلان الجزء العارى عن القصد، انما هو لعدم ترتبه على القصد الذى هو جزء اخر مقدم عليه رتبة ، لا لعرائه عن القصد كي يكون القصد شرطا في صحته مدفوع بان الاجزاء لا تخلو اما ان تكون من العناوين القصدية كالركوع والسجود او من غيرها ، فالقسم الاول لا شبهة في اشتراط القصد فى تحقق ذلك ، فضلا عن صحته و وقوعه عبادة ، والقسم الثاني و ان لم يكن للقصد دخل في تحققه ، لكن له دخل في وقوعه عبادة ، وذلك لما سيجيء من انه يعتبر في كل عمل عبادى صدوره عن الاختيار والقصد ، هذا مضافا الى انه لادليل على اعتبار النية في العبادات الاحكم العقل، والعقل لا يحكم باعتبارها فيها ، الا من جهة اعتبارها في جميع الافعال الصادرة عن اللانسان عن الاختيار الذى به يتحقق الامتثال ، في مقابل الافعال الصادرة عنه لا قصد عن و اختیار و من المعلوم ان اعتبارها في الافعال الاختيارية ، انما هو لاشتراط كل فعل اختیارى بكونه صادرا عن قصد و ارادة، لا ان يكون القصد جزء للافعال الاختيارية كما هو واضح، فكذا اعتبارها في العبادات هذا.

و قد يستدل لكون النية من الشروط لا من الافعال ، بانها لو كانت من الافعال فلابد ان تكون عن قصد و ارادة ، لما عرفت من اعتبار القصد والاختيار في كل فعل عبادي، وحينئذ فاما ان تكون اختياريتها بتعلقها بنفسها كتعلقها بسائر الاجزاء و هذا دور، واما ان تكون اختياريتها بتعلق قصد و ارادة اخرى اليها فيلزم التسلسل واللازمان باطلان فالملزوم و هو كون النية جزء للصلوة باطل و فيه ان لنا نختار

ص: 308

الشق الأول و نمنع عن لزوم الدور، فان اختيارية كل فعل وانكان بالارادة ، لكن اختيارية الارادة تكون بنفسها، نظير الوجود الذي يكون تحقق كلشيء به و هو متحقق بذاته فان كل ما بالعرض لا بد ان ينتهى الى ما بالذات و لنا ان نختار الشق الثانى و نمنع عن لزوم التسلسل، اذ يكفي في اختيارية كل فعل كونه صادرا عن ارادة، ولو لم تكن تلك الارادة اختيارية ، فيكفي في اختيارية الارادة التي تكون من افعال الصلوة، تعلق ارادة اخرى بها ولو عن غير اختيار هذا وعلى اي حال اعتبار النية فى الصلوة كغيرها من العبادات، مما انعقد عليه اجماع المسلمين بل الظاهر كونه من ضروريات الدين ولكن وقع الخلاف بين الاعلام في حقيقتها ومهيتها حيث ذهب المشهور من المحققين الى انها الداعى وذهب جمع الى انها الاخطار والحق ما ذهب المشهور اليه وتوضيح ذلك يتوقف على بيان المراد من الداعى والاخطار فنقول ان صدور فعل عن الانسان بالاختيار الذى به يتحقق الامتثال ، يتوقف على امور مترتبة ترد على القلب قبل صدور ذلك الفعل عنه ، الاول تصور ذلك الفعل و خطور صورته بالبال المسمى بحديث النفس تارة و بالخاطر اخرى ، الثاني تصور الفوائد المترتبة على ذلك الفعل ، الثالث هيجان الرغبة اليه المسمى بالميل الرابع حكم القلب بانه ينبغى اصداره مدفع موانعه المسمى بالجزم، الخامس القصد الباعث الى ذلك الفعل و هى الارادة المحركة للعضلات نحو الفعل ، و هذا القصد والارادة الباعثة الى الفعل ، قد تكون تفصيلية بان يكون الفعل الذي تعلقت الارادة به والداعى الى ايجاده ملتفتا اليهما تفصيلا ، وقد تكون اجمالية بان لا يكون الفعل المتعلق لها والداعي الى ايجاده ملتفتا اليهما تفصيلا، بل اجمالا بان يكونا محفوظين في خزانة النفس المعبر عنها بالحافظة، بحيث لوسئل عنهما لاجاب عن عمله و عن الداعى الی ایجاده بلاترو و اعمال فکر ، ضرورة ان الارادة تابعة في الاجمال والتفصيل لمتعلقها ، فلو كان متعلقها ملتفتا اليه تفصيلا فتكون الارادة المتعلقة به تفصيلية، ولوكان متعلقها غير ملتفت اليه تفصيلا بل اجمالا بانکان مرکوزا في الذهن ، فتكون الارادة المتعلقة به اجمالية والمراد بالداعى على ماصرح به في كلمات القائلين به،

ص: 309

هو هذا القسم الثانى من الارادة او الاعم منه و من القسم الاول والمراد بالاخطار على ما يظهر من عبارة بعض القائلين به، هو حديث النفس بالنية فى مقابل التلفظ بها ، فالقائل به بقول لا يعتبر التلفظ بالنية بان يقول اصلى صلوة الصبح مثلا قربة الى الله ، بل يكفى اخطارها بباله على نحو ما يجريها على لسانه ، وعلى ما يظهر من عبارة بعض منهم ، هو حديث النفس بالمنوى بان يحضر صورة العمل تفصيلا بجميع اجزائه و شرائطه.

اذا عرفت ذلك ، فنقول لا اشكال فى انه يعتبر فى وقوع الفعل عبادة امور

ثلثة ، الاول ان يكون ايجاده عن الاختيار الثانى ان يكون الداعي الى ايجاده هي الجهة الراجعة الى الله تعالى من تعظيمه او التذلل له تعالى و اعتبار هذين الأمرين في العبادة ، انما هو بحكم العرف والعقلاء، اذلا يتحقق معنى العبادة المعبر عنها فى الفارسية بالپرستش الا بهما، الثالث كون الفعل موجبا (صالحا) الحصول القرب اليه تعالى و اعتبار هذا الامر فى العبارة انما هو يحكم الشرع الثابت بالاجماع، و لذا قلنا بفساد العبادة في مورد اجتماع الأمر والنهى وفى النهى في العبادة ، اذلاوجه للحكم بفسادها في الموردين، الاعدم قابلية المنهى عنه الذى يكون اتيانه مبعدا عن المولى للتقرب به اليه كما هو واضح ولا دليل على اعتبار امر اخر في العبادة زائدا عليهذه الامور الثلثة، نعم الاول من هذه الامور وهوكون الفعل اختياريا ، لا يتحقق الا بالقصد و الارادة الباعثة اليه سواء كانت تفصيلية او اجمالية، ومن هنا اعتبروا النية فى العبادات اذ لا معنى للنية لغة و عرفا وشرعا الا القصد الى الفعل و ارادته فالقائلون بوجوب الاخطار ، ان ارادوا به حديث النفس بالنية فى مقابل التلفظ بها ، ففيه انه لادليل على اعتبار حديث النفس بها في العبادة ، و انما المعتبر فيها كما عرفت هو نفس النية المعتبرة فى كل فعل اختيارى ، وان ارادوا به حدیث النفس بالعمل المنوى ، ففيه انه كما عرفت من مقدمات حصول الارادة التفصيلية ، ولا دليل على اعتبار خصوصها بعد تحقق الاختيارية بالارادة الاجمالية التى هى المراد بالداعى هذا ثم ان مما

ص: 310

ذکر نامن اعتبار كون الفعل موجبا (صالحا) لحصول القرب، ظهر اعتبار كون القصد الى الفعل ناشئا عن داع ،قربى اذا الفعل لا يكون حسنا وموجبا لحصول القرب للعبد الى المولى الا فيما اذا كان ناشئا عن داع يكون حسنا محبوبا المولى ، والداعي القربي اما ان يكون نفس امتثال امر المولى الذى تعلق بايجاد العبد هذا العمل ، اما لكون المولى اهلا لان يعبد و يمتثل امره ، و اما لما يترتب على امتثال امره عقلا من القرب والثواب،و أما لما رتبه الله تعالى على العمل الماتى به من الاثار والفوائد الاخروية والدنيوية و اما ان يكون الداعى القربى هو تحصيل الجهة والملاك الذي تشاء امر المولى عنه ، و بعبارة اخرى تحصيل غرض المولى واعلى المراتب هو كان الداعى هو امتثال امر المولى لكونه اهلاله ، وادناها ما كان الداعى هو امتثال امره لما يترتب عليه من الاثار والفوائد الأخروية من حور وقصورا والدنيوية من سعة الرزق وطول العمر المعبر عنها في لسان الاخبار بعبادة الاجراء ثم بعد اعتبار هذا الامر يعتبر امر آخر، وهو ان يكون هذا الداعى القربي باقسامه ، هو الموجب لا بنعات العبد على ارادة العمل ، فلو انتفت باعثية الداعى القربي ، بان انبعث في ارادة العمل العبادي عما بذله او وعده على اتيانه احد من افراد الناس، يكون عمله باطلا .

و توهم ان البذل او الوعد من غيره من افراد الناس على العمل العبادي يكون

من قبيل الداعى لداعى الامتثال، و داعى الداعى لا يعتبر ان يكون قربيا مدفوع

بان اخذ المال لما كان هو الغاية المقصودة بالعمل، فيكون هو الداعى والمحرك الاصلى نحو العمل ، ولا يكون داعى الامتثال مؤثرا في اتيانه اصلا، نعم حيث يكون البذل بازاء العمل العبادي ، فلامحة يخطر قصد الامتثال فى باله، و هذا غير ان يكون قصده محركا نحو العمل كما هو المعتبر فى العبادات، وبالجملة المحرك الاصلى المعضلات نحو العمل في المقام هو اخذ المال لاقصد الامتثال، نعم قصده يكون تبعيا غير منظور اليه بالاستقلال ، وليس لنا اطلاق يدل على كفاية مجرد تحقق قصد

ص: 311

الامتثال باى داع كان في العبادية ولا ينتقض ذلك بالصلوة الاستيجارية، فان اخذ الاجرة فيها بازاء الاستنابة لابازاء نفس العمل، سلمنا كونه بازاء نفس العمل، لكن العمل حيث يكون عائدا الى المنوب عنه، فيكفى فى عباديته كونه قاصد اللامتثال به فتدر، وان لم يكن النائب المباشر قصدا له ثم ان مما ذكرنا من اعتبار كون القصد الى الفعل العبادى ناشئيا عن داعى امتثال الامر ، ظهر وجه اعتبار تعلق القصد بعين ما تعلق به الامر ، ضرورة ان الامر لا يكون داعيا الا الى ما تعلق به ، ، فلوكان الفعل العبادي معنونا بعنوان ، فلابد من قصد هذا العنوان، بداهة ان القصد الى الفعل المعنون بعنوان خاص بداعى الامر المتعلق به ، لا يتحقق الا اذا كان اتيانه بقصد ذلك العنوان ، فان ضرب اليتيم لا يكون امتثالا للامر بضربه للتأديب ، الا اذا ضرب بهذا العنوان ، والا لكان ضربه ظلما محرما ، وكذا لو كان الفعل العبادى مشتركا كالظهر والعصر ، فلابد من قصد شخص خاص من المشتركات ، والالما امتاز عن غيره ولم يقع على نحو تعلق به الامر به ثم ان قصد العنوان او الخصوصية لا يعتبر ان يكون تفصيليا ، بل لو قصده اجمالا كما لو نوى الواجب الاول فيما اذا كان فى ذمته الظهران لكان كافيا ثم ان المأمور به ، تارة يكون ممتازا عن غيره بذاته و هويته وعنوانه كالقصر والاتمام ، واخرى يكون ممتازا عن غيره لا بذاته بل بالعنوان فقط كالظهر والعصر ، وثالثة لا يكون ممتازا عن غيره اصلا ، كما ان انذران يصلى صلوتين او يصوم يومين ، وقصد العنوان انما يكون معتبرا في القسمين الاولين، لتعلق الأمر المولوى فيهما بالفعل المعنون ، دون القسم الثالث اذ لم يتعلق الأمر المولوی به بعنوان خاص بل بلاعنوان ، هذا فيما اذا لم يكن ممتازا عن غيره اصلا ، ولومن جهة الصفات العارضة عليه من ناحية الامر المتعلق به ككونه واجبا او مستحبا ، او من جهة الصفات الخارجة عن حقيقة المأمور به ككونه اداء او قضاء واما اذا كان ممتازا عن غيره من جهة الامر او الصفات الخارجة ، فالظاهر عدم اعتبار قصده بذاك العنوان العرضى ، اما اذا كان العنوان ناشئيا عن قبل الامر كالوجوب والاستحباب ، فلان ما يأتى به او لا يقع بصفة الوجوب قهرا ، ان باتيانه

ص: 312

يحصل ما هو الغرض من الامر الوجوبي، و معه لا يبقى فى نفس المولى الطلب الالزامي المانع عن الترك، بالنسبة الى الفرد الاخر الذي لم يأت به كما هو واضح واما اذا كان العنوان العرضى من قبيل الصفات الخارجة عن حقيقة المأمورية كالاداء والقضاء، فلان ما يأتى به اولا يقع اداء قهرا، اذ لا معنى للاداء الاوقوع العمل في الوقت المضروب له، والمفروض ان ما اتى به او لا وقع كك ودعوى ان الاداء والقضاء ليسا مشتركين فى الحقيقة، اذ الاداء هى الطبيعة المقيدة بالوقت ، والقضاء هي الطبيعة المطلقة أو المقيدة بخارج الوقت ، فعنوان الاداء والقضاء من العناوين الذاتية للمأمور به ، فيكون الأمر فيهما متعلقا بالفعل المعنون بهما ، فلابد في امتثاله من قصد الفعل بالعنوان الذى تعلق به من الاداء او القضاء ممنوعة جدالان الظاهر من ادلة القضاء، هوان مهية القضاء هى بعينها تلك الصلوة الواجبة فى الوقت قد امر الشارع بايقاعها في خارجه عند فوات الوقت ، لاانها مبأنية للاداء وقد جعلها الشارع تداركا لمافات تعبدا هذا مضافا الى انهما لو كانا من قبيل المطلق والمقيد لزم فيما اذا كان عليه اداء فريضة وقضائها ان يكون اتيانها اداء امتثالا لكلتا الصلوتين، كما هو الشأن في كل مطلق ومقيد ، وذلك لان المطلق متحقق في ضمن المقيد ، فيتحقق امتثاله فى ضمن امتثال المقيد ، مع ان الاكتفاء بصلوة واحدة بقصد الاداء، فيما اذا كان عليه اداء فريضة وقضائها ، على الظاهر خلاف الاجماع ، فيكشف ذلك عن عدم كونهما من قبيل المطلق والمقيد.

و توهم ان الاداء والقضاء وانكانا مشتركين فى المهية والحقيقة ، لكن الامر تعلق فى القضاء بثانى الوجود من الطبيعة ، وبعبارة اخرى المطلوب في الاداء والقضاء والفرد ان من طبيعة واحدة ، غاية الامر ان مطلوبية احدهما مترتبة على فوت الاخر ، لاان يكون المطلوب فيهما طبيعة واحدة تعلق امر بها مقيدة بالوقت وامر آخر بمطلقها ، کی یلزم حصول امتثال القضاء فى ضمن امتثال الاداء ، فيما اذا كان عليه اداء فريضة وقضائها .

مدفوع بان الامر فى القضاء لو كان متعلقا بثانى الوجود من الطبيعة ، لكان

ص: 313

اللازم على الأمر لحاظه في مقام الامر، و لحاظه كك مناف لاطلاق دليل القضاء ، فانه لوكان المراد من متعلق الأمر فى القضاء هو الفرد الثاني من الطبيعة ، لكان اللازم تقييدها بالفرد الاخر ، فالأمر باتيان الطبيعة فى خارج الوقت على نحو الاطلاق من غير تقييدها بالفرد الاخر، يكشف عن ان المطلوب فى القضاء هو نفس الطبيعة لاثانى الوجود منها هذا ولكن يمكن ان يقال انه لو كان الاداء والقضاء مشتركين في الحقيقة وكان متعلق الأمر فيهما هو نفس الطبيعة لا الفرد ان منها ، لزم في محل البحث وهو ما اذا كان عليه اداء فريضة وقضائها ، اجتماع امرين مستقلين في موضوع واحد وهذا محال ، والالتزام بكونهما من قبيل المطلق والمقيد ، قد عرفت مافيه من استلزام الاجتزاء بصلوة واحدة بقصد الاداء فيما اذا كان عليه اداء فريضة وقضائها المخالف للاجماع ، فلابد حينئذ اما من الالتزام بكونهما مختلفين في المهية ، وان الاداء هو المقيد بالوقت والقضاء هو المقيد بخارجه ، و اما من الالتزام بكون المطلوب فيهما هو الفرد ان من طبيعة واحدة ، وعلى اى حال لا بد فى صحتهما اداء وقضاء من تعيينهما بالقصد ، اما على الاول فواضح ، و اما على الثاني ، فلان الوجه في اعتبار تعيين المأمور به بالقصد ، هو توقف قصد امتثال الامر الخاص بالفعل المأتى به ، على القصد الى ايقاع ذلك الفعل على نحو يقع اطاعة لهذا الامر ، ومن المعلوم انه لا يقع الفعل الماتى به فيما اذا كان المكلف به فردين من طبيعة واحدة اطاعة و امتثالا لامر خاص الا اذا قصد به الفرد المأمور به بهذا الامر ، وقصده كك يتوقف على تعيينه ولو بالعوارض المشخصة الخارجة عن حقيقة المأمور به ، وليست العوارض المشخصة لكون الفعل الماتى به هو الفرد المأمور به بالامر الادائى او القضائي ، الاكونه اداء اوقضاء ، فيجب في مقام اتيان العمل امتثالا للامر الادائى او القضائي تعيين كونه اداء اوقضاء فيما كان عليه اداء فريضة وقضائها لا ان الوجه تحقق اجماع تعبدی علی لزوم التعيين ومن هنا ظهر انه لو كان عليه فرد واجب من طبيعة و فرد مستحب منها كفريضة الصبح ونافلتها ، يجب عليه فى مقام امتثال الامر المتعلق بكل واحد منهما ، تعيين متعلقه بان ينوى الاتيان به بعنوان الوجوب او الاستحباب

ص: 314

واما مأمر من ان ما يأتى به اولافي الفرض يقع بصفة الوجوب قهرا، ومعه لاحاجة الى تعيين وجوبه بالقصد ففيه ما عرفت من انه لابد فى امتثال امر خاص من القصد الى ايقاع متعلقه على وجه يقع اطاعة لذاك الامر، فلابد ان يكون صدوره بهذا الوجه مقصودا للفاعل، فوقوعه كك قهرا لا يجدى فى وقوعه اطاعة للامر المتعلق به كما هو واضح ثم لا يخفى ان اعتبار قصد الخصوصيات الخارجة عن حيقيقة المأمور به کالاداء والقضاء، او الراجعة إلى الأمر كالوجوب والاستحباب انما فيما توقف قصد المأمور به على تعيينه باحدى هذه الخصوصيات، كما اذا كان عليه اداء فريضة وقضائها ، او فرد واجب من طبيعة و فرد مستحب واما اذا لم يكن قصد المأمور به متوقفا على تعيينه باحدى هذه الخصوصيات ، كما اذا كان المأمور به ممتازا عن غيره بهوية ذاته او بالعنوان ، فلا يعتبر فيه الا قصد ماله من العنوان، اما تفصيلاً كان يقصد الظهر مثلا، او اجمالا كان يقصد الواجب الاول فيما اذا لم يكن عليه الا الظهران، فلا يعتبر فى نية صلوة الظهر مثلا احدى تلك الخصوصيات لا بنحو الداعى ولا بنحو التوصيف، بان ينوى صلوة الظهر الواجبة لوجوبها او صلوة الظهر الادائية، ضرورة انه لا يعتبر فى العبادة ازيد ، من تشخيص متعلق الطلب واتيانه بداعى طلبه ، الحاصل بمجرد القصد الى اتيان الظهر طاعة الله تعالى و اما تشخيص خصوصيات الطب من الوجوب والندب فضلا عن قصدها، فلا دليل على اعتباره فى العبادات اصلا بل لو قصد ضد هذه الخصوصيات ايضا لا يضر بصحة العبادة مطلقا اى سواء كان قصد ضدها من جهة الخطاء فى التطبيق ، بان قصد امتثال الامر الواقعى المتعلق به مطلقا وجوبيا كان ام ندبيا ، غاية الامر توهم انه وجوبي مع كونه ندبيا واقعا، بخلاف ما اذا كان داعيه على الامتثال هو الامر الواقعي، لكن على تقدير كونه وجوبيا ، فان الامتثال على تقدير ليس بامتثال حقيقة ، وبخلاف ما اذا توهم انه وجوبی و قصده بعنوان كونه وجوبيا مع كونه ندبيا واقعا ، فانه لا اشكال حينئذ في الفساد ، لان ماقصده من التكليف الوجوبي لم يكن متعلقا به ، وما كان متعلقا به لم يقصده ويمكن ان يقال بالصحة فيهذا الفرض ايضا ، فان الفساد

ص: 315

فيه مبنى على القول باعتبار قصد اطاعة الأمر فى العبادات واما لوقلنا بانه يكفى في وقوع الفعل عبادة كونه قابلا لان يتقرب به واتيانه على وجه يوجب القرب ، ولذا قلنا في باب التزاحم، انه يكفى فى صحة المهم المزاحم بالاهم و وقوعه عبادة، مجرد ما فيه من المصلحة الذاتية والمحبوبية للمولى ، مع ارتفاع الأمر المتعلق به بالمزاحمة بالاهم ، بناء على بطلان الامر الترتبي فلا وجه للقول بالفساد فيهذا الفرض ، بعدكون اصل العمل مطلوبا للمولى و وقوعه على وجه قربی ، فان العمل فيهذا الفرض وان لم يقع اطاعة للامر الواقعى المتعلق به ، لكن الفاعل حيث اتي به بداعی امتثال ماتوهمه من الامر الوجوبي، فيتصف بصفة الانقياد الموجب للقرب وهذا يكفى فى صحة عمله ووقوعه عبادة.

او كان قصد ضد الخصوصيات من جهة التشريع في نفس الخصوصية والصفة دون المتخصص والموصوف اذ على الاول يكون قاصدا لاتيان الفعل بداعى امتثال امره الواقعي ، و انما شرع فى كيفية الامراو وصف المأمور به، و علی ای حال لا يسرى النهي عن التشريع في كيفية الامراو وصف المأمور به الخارج عنه ، الى المأمور به كي يقع فاسدا ، وهذا بخلاف الثانى وهو ما لو شرع في الموصوف بان نبى على وجوب صلوة مستحبة و اتى بها بداعى وجوبها ، فان النهي عن التشريع حينئذ راجع الى ماهو متحد مع العمل خارجاً فيقع فاسدا فتحصل مما ذكرنا كله انه لا يعتبر فى مقام الامتثال، الاتعيين المأمور به بتوصيفه في الذهن بشيء من الخصوصيات الداخلة فى هوية ذاته وحقيقته كالظهرية والعصرية، و اتيانه بداعى الأمر المتعلق به واما الخصوصيات الخارجة عن حقيقة المأمور به اللاحقة له اسطة تعلق الأمر به كالوجوب والندب والاداء والقضاء، فلا دليل على اعتبار تشخيصها في مقام الامتثال، فضلا عن ان يكون قصدها معتبرا فيه ، نعم ربما يستغنى بقصدها عن تعيين المأمور به بتوصيفه بالصفات الذاتية، كما لو انحصر ما فى ذمته في قسم خاص كصلوة العصر مثلا، فقصد بفعله الصلوة الواجبة عليه فعلا، فانه حينئذ يكون قصدا اجماليا للمأمور به بعينه، و مجرد هذا لا يستلزم اعتبار تشخيصها و

ص: 316

قصدها في مقام الامتثال كما لا يخفى فتبين مما ذكر ناكله انه لو تردد التكليف المتعلق به بين الوجوب والندب، يكفى فى حصول الاطاعة المعتبرة في صحة العبادة وسقوط التكليف المتعلق بها ، قصد اتيان الفعل بداعى ما تعلق به من الامر الواقعي ، ولا يجب عليه قصد ما عليه الامر من مرتبة الطلب من الوجوب او الندب لابنحو الداعى ولا بنحو التوصيف ، كى يجب عليه تشخيصها مقدمة لقصدها ، وكذا لوتردد المأمور به بين المتبائنين كالظهر والجمعة ، يكفى في حصول اطاعة الامر المتعلق به اتيان الفعلين بداعى الامر المتعلق باحدهما ، ولا يجب عليه تشخيص ما يجب عليه منهما، و ذلك لما عرفت من انه لا يعتبر فى الاطاعة الا اتيان متعلق الطلب بداعى طلبه، وهو حاصل في المقام باتيانهما بداعى الطلب المتعلق باحدهما ، ضرورة ان اتيانهما هو للتوصل الى اتيان ما هو المطلوب منهما بداعى طلبه ، والا لم يأت منهما اصلا واما توهم وجوب تشخيص ما هو الواجب عليه منهما كي يأتيه متميزا عما عداه ، ففيه ان ما يمكن ان يكون دليلا على اعتبار اتيان المأمور به متميزا عما عداه امور ، الاول ان مع التمكن من احراز ان ايا منهما متعلق للامر واتيانه بداعى امرة يعد الاتى بهما عابثا لاعبا بامر المولى لامطيعا ، الثانى ان مع تردد المأمور به بين المتبائنين ، لوجاز الاحتياط باتيان كل منهما بداعى الامر المتعلق باحدهما ، ولم يعتبر تشخيصه و اتيانه متميزا عما عداه بداعى امره ، للزم الغاء قصد الوجه المعتبر عند التمكن منه فى العبادات ، الثالث ان مع تردد المأمور به بين المتبائنين ، لا يكون الاحتياط باتيان كل منهما باحتمال الامر ، مع التمكن من تشخيص المامور به واتیانه بداعی امره ، كافيا في تحقق الاطاعة والامتثال ، و ذلك لان الاطاعة الاحتمالية فى طول الاطاعة القطعية عقلا، ففى مورد التمكن من الاطاعة القطعية التفصيلية باتيان المامور به متميزا عما عداه بداعی امره، لا يعد الاتيان به بداعى الاحتمال اطاعة عند العقل والعقلاء ولا يخفى فساد هذه الوجوه باسرها، و عدم صلاحية شيء منها دليلا على وجوب تشخيص المامور به المردد بين المتبائنين واتیانه متميزا عما عداه بداعى امره ، على ما بيناه في الاصول مفصلا ولا باس بالاشارة

ص: 317

اجمالاً الى وجه فسادها في المقام ايضا ليستغنى بها عن المراجعة الى ما بيناه هناك فنقول اما الوجه الأول، ففيه اولا منع كون الاحتياط في دوران المكلف به بين المتبائنين مع التمكن من احراز ماهو المامور به منهما في البين والاتيان به بداعى امره، عبثا بامر المولى ولعبا به ، ضرورة ان تحمل المشقة باتيان كلا المشتبهين بداعى امتثال امر المولى الموجود في البين، لولم يكن كاشفا عن شدة انقياد العبد واطاعته بالنسبة الى المولى والاهتمام بامره، لا يكون كاشفا عن كونه عابثا لاعبا بامره وانما يكون عابنا ولاعبا بامره فيما اذا وافق امره ولو تفصيلا، لابداعی امتثال امره بل بعنوان السخرية وثانيا سلمنا كون الاحتياط مع التمكن من تمييز المامور به كاشفا عن كونه عابنا بامر المولى، لكن ذلك فيما اذا لم يكن له داع عقلائى على العمل بالاحتياط وترك تحصيل القطع بالمامور به، والا لا يكون عابنا في العمل به قطعا واما الوجه الثانى، ففيه اولا ان الاحتياط في دوران المكلف به بين المتبائنين لايضر بقصد الوجه اصلا ضرورة انه لو قصده بوجه التوصيف او الغاية، بان قصد الصلوة الواجبة عليه بين الصلوتين ، اواتى بهما لوجوب ماعليه من بينهما، لما اخل بالوجه اصلا، نعم الاحتياط يوجب الاخلال بالتمييز بوجه حيث انه لم تمييز المامور به بعنوانه، لكنه لا دليل على اعتباره كما سيجيئى انفا بیانه انشاء الله تعالى وثانيا انه لا دليل على اعتبار قصد الوجه والتميز فى العبادات اصلا، وذلك لما عرفت من تحقق الطاعة والامتثال بدون قصد الوجه، فليس قصده مما يتوقف عليه تحقق الطاعة كي يكون معتبرا في العبادات بحكم العقل ، وليس دلیل شرعی على اعتباره فيها زائدا على قصد الامتثال ، ومقتضى الاصل عدم اعتباره، وذلك لانه لو كان معتبرا واقعا ، فهو امر مجهول مجعول ولو بدليل مستقل ، فاذا لم يبينه الشارع مع عدم اعتباره عند العقل والعقلاء ، فهو مرفوع بحديث الرفع.

و توهم انه يكفي في الحكم باعتبار مثل قصد الامتثال والوجه و نحوهما من العناوين المترتبة على الامر ، مجرد الشك فى اعتباره ، و ذلك لان مرجع الشك فى اعتباره، ليس الى الشك فى دخله في المامور به، ضرورة عدم امكان اخذ ما يترتب

ص: 318

على الامر فى متعلقه الاعلى وجه دائر، فدخله في المامور به مما يقطع بعدمه، و انما الشك فى دخله فى حصول الغرض الباعث على الامر، و بعبارة اخرى الشك فى ان الغرض، هل هو مساوى للمامور به المعلوم بحدوده کی یحصل باتیان ذات المامور به ويسقط الامر المسبب عنه، او هو اخص منه كيلا يحصل. ولا يسقط الامر الا باتيان المامور به بقصد الامتثال والوجه، و من المعلوم ان العقل فيما اذا شك في حصول الغرض باتيان ذات المامور به او باتيانه بقصد الامتثال والوجه، يحكم بلزوم اتيانه بقصدهما ليحصل العلم بتحقق الغرض، ضرورة انه ما لم يحصل الغرض لا يسقط الأمر المسبب عنه، والعقل يحكم بلزوم تحصيل القطع بسقوط الامر الثابت المعلوم متعلقه بجميع حدوده، و من هنا قلنا بان الاصل في مقام دوران الواجب بين كونه توصليا او تعبديا هو كونه تعبديا لاتوصليا.

مدفوع اولا بانه يمكن الجزم بعدم مدخلية قصد الوجه والتميز في حصول الغرض ، ضرورة انه لو كان له مدخلية في حصوله، لكان على الشارع بيانه لئلا يخل بغرضه ، حيث انه مما يغفل عنه عامة الناس ولا يلتفت اليه الا الاوحدى منهم وثانيا سلمنا تحقق الشك فى مدخليته في حصول ،الغرض، لكن نمنع عن استلزام الشك في حصوله الشك فى سقوط الامر الثابت، و ذلك لان بعد اتيان ذات المامور به لوکان الامر به باقيا لزم طلب الحاصل، فالشك فى سقوط الامر الثابت مع اتيان ذات المامور به غیر معقول ، نعم الشك في بقاء الغرض بعد اتيان ذات المامور به، يستلزم الشك في حدوث امر اخر، وهذا شك فى الثبوت لا السقوط كى يقال لا مجال معه الا للاحتياط وثالثا سلمنا استلزام الشك فى حصول الغرض الشك في سقوط الامر الثابت، لكن نقول الشك فى سقوط الامر الثابت مسبب عن الشك فى ثبوت الغرض الاخص من المامور به، وحيث ان بيان الغرض وماله مدخلية في حصوله من وظيفة المولى ولو ببيان مستقل، فلو عاقبنا من جهة عدم مراعاة الخصوصية المشكوك اعتبارها في الغرض المجهول ، لكان هذا العقاب عقابا بلابيان ، وهو قبيح عقلا و مرفوع شرعا، فاذا لم

ص: 319

يكن الشك في حصول الغرض المجهول لازم المراعاة بحكم العقل، لا يكون الشك فى سقوط الامر المسبب عنه لازم المراعاة ايضا كيف ولوكان مجرد الشك في السقوط من اى سبب حصل كافيا في حكم العقل بالاشتغال ، للزم الحكم به في دوران الامر بين المطلق والمقيد مطلقا ، اذ بعد اتان الطبيعة مجردة عن القيد المحتمل اعتباره فى المامور به ، يشك فى سقوط الامر وعدمه وهو كما ترى فالشك في السقوط الذى يكون لازم المراعاة بحكم العقل، هو ما اذا كان الشك فيه مسببا عن الشك في انطباق المامور به المعلوم بحدوده على الماتى به وعدمه لا مطلقا وبالجملة ما يكون وظيفة للعبد هو تطبيق المانى به على المامور به، واما تطبيق المامور به على غرض المولى ، فهو من وظيفة المولى الأمر لامن وظيفة العبد المامور ، فعلى المولى الامر ان يبين ماهو محصل لغرضه ولو ببيان مستقل و یامر به، وعلى العبد تحصيل ما بينه المولى و امر به، فمالم يبينه المولى مما كان بيانه وظيفة له، فالاصل البرائة عنه وان احتمل كونه دخيلا في حصول غرضه ، ومن هنا قلنا ان مقتضى الاصل فيدوران الواجب بين كونه توصليا او تعبد ياهو التوصلية هذا.

ثم انه يتفرع على ما ذكرنا من اعتبار كون الداعى القربي هو الموجب لابنعاث العبد على ارادة العمل العبادي، انه لو انضم الى الداعى دواع اخر نفسانية يكون العمل باطلا فى الجملة وتفصيل ذلك هو ان الضمائم على اقسام ثلثة مباحة ومحرمة وراجحة، والمباحة تارة تكون باعثة على الخصوصيات الفردية، من دون ان يكون لها دخل فى اتيان الطبيعة المامور بها اصلا و اخرى يكون لها دخل في اتيان الطبيعة الماموربها والقسم الاول على قسمين الاول ان يكون باعثيته على الخصوصية الفردية فى طول باعثية الداعى القربى على ايجاد نفس الطبيعة المامور بها و تابعة لها، و هذا كما اذا لم يكن للمكلف داع لاستعمال الماء اصلا، ثم توجه اليه امر توضاء و صاردا عياله الى استعماله ، ثم صارا شميزازه من استعمال الماء الحار في الصيف داعيا له الى الوضوء بخصوص الماء البارد الثانى ان يكون باعثيته على

ص: 320

الخصوصية الفردية فى عرض باعثية الداعى القربى على ايجاد نفس الطبيعة ، و هذا كما اذا كان من قصده غسل وجهه بالماء البارد للتبريد، ثم توجه اليه امر توضاء فتوضأ بخصوص الماء البارد لا ينبغى الاشكال في صحة العبادة في القسم الاول، لان الباعث على ايجاد الطبيعة المامور بها ليس الا امتثال امره تعالى ، وانما دعاه تنفره عن استعمال الماء الحار الى اختيار خصوص هذا الفرد، و مجرد كون الخصوصية بداع نفسانى لايضر بصحة العبادة ، بل مقتضى التخيير في افراد الطبيعة المامور بها تفويض الخصوصيات الفردية الى الدواعى النفسانية المكلف ، كيف والالم تتحقق عبادة في العالم اصلا، ضرورة ان الامر لا يدعوا لا الى ما تعلق به من صرف الوجود القابل للانطباق على كل فرد على البدل، و من المعلوم ان صرف الوجود لا يمكن ایجاده في الخارج معرى عن جميع الخصوصيات الفردية ولامع جميعها ، فلابد من ايجاده في ضمن خصوصية منها ، و حيث ان نسبته الى جميع الخصوصيات نسبة واحدة ، فيكون ايجاده في ضمن بعضها دون بعض ترجيحا بلا مرجح ، فلابد حينئذ من مرجح لايجاده في ضمن خصوص بعض منها دون اخر، و ليس المرجح له الا الدواعى النفسانية، فالعبادات طرّا تكون مستندة الى داع الهی و نفسانی ، فتحقق العبادة فى الخارج يتوقف على وجود داعيين، الهى يكون باعثا للمكلف إلى ايجاد نفس الطبيعة المامور بها ، و نفسانى يكون باعثا له الى ايجادها في ضمن فرد خاص.

و اما القسم الثانى، فالظاهر عدم الاشكال في صحة العبادة فيه ايضا ، و ذلك لان الامر لم يتعلق فيه الا بالوضوء بمطلق الماء ، و غرضه النفساني تعلق بغسل

وجهه بخصوص الماء البارد ، فایجاد اصل غسل الوجه كان بداعي الامر الالهى ، و خصوصية كونه بالماء الباردكانت بداعيه النفساني فتدبر(1)، فالاولى ان يمثل لهذا

ص: 321


1- اشارة الى ان تعلق غرضه النفساني بغسل الوجه بخصوص الماء البارد لو كان على وجه لولم يكن هناك ماء بارد لم يتوضأ اصلا لكان الحكم بالصحة محل اشكال لمأمر من ان الامتثال على تقدير ليس بامتثال حقيقة منه عفى عنه

القسم، بما اذا لم يكن متعلق الغرض النفساني من افراد متعلق الأمر، بل كان بينهما التباين المفهومي ، ولكن اتفق اجتماعهما في مصداق واحد، وهذا كما اذا كان متعلق غرضه النفساني هو التبريد باي شئى حصل ولو بالدخول فى السرداب او الصعود على السطح او بالارتماس فى الماء البارد، وكان متعلق الأمر هو الوضوء بمطلق الماء، فانه لاشبهة فى تباين التبريد المطلق مع الوضوء بمطلق الماء مفهوما و اجتماعهما مصداقا في الوضوء بالماء البارد، فهذا المصداق الواحد ينحل الى الوضوء بالماء وكونه بالماء البارد ، فيكون ايجاد اصل غسل الوجه واليدين بداعي. امر توضاء ، وخصوصية كونه بالماء البارد بداع نفسانی فتدبر.

والقسم الثانى من الضمائم المباحة ، وهو ما كان له دخل في ايجاد اصل الطبيعة المأمور بها ، ينقسم الى اربعة اقسام الاول ان يكون كالواحد من داعي الامتثال والداعى النفسانى جزء للداعى على العمل العبادي، يحيث يحتاج كل واحد منهما في الباعثية نحو العمل الى ضم الآخر، الثانى ان يكون كلواحد منهما مستقلا شأنيا فى الباعثية بحيث لولم يكن الاخر لاثر فى البعث على ارادة العمل الثالث ان يكون الداعي القربي قويا بحيث لولم يكن له داع نفسانی لاثر في بعثه نحو العمل و يكون الداعى النفسانى ضعيفا لا يؤثر فى البعث الا بضميمة الداعي القربي اليه، والرابع عكس الثالث لا اشكال فى فساد العبادة في القسم الاول والرابع، و ذلك لعدم كون الداعى القربى هو الموجب لانبعاث العبد على ارادة العمل فيهما كما لا اشکال ظاهرا في صحة العبادة فى القسم الثالث ، و ذلك لان الداعى النفساني لمكان ضعفه يلحق بالمعدوم ويستند العمل عرفا الى الداعى الالهى فتدبر (1)واما القسم الثاني فقد يقال بفساد العبادة فيه، و ذلك لما ذلك لما برهن فى محله من استحالة اجتماع علتين مستقلتين على معلول واحد شخصي بحيث يستند وجوده الى كل منهما على

ص: 322


1- اشارة الى ان الداعى النفسانى ان لم يكن له تأثير اصلا فعده من الضمائم للداعى القربى لاوجه له ، و ان كان له تأثير ولو قليلا فلا يكون الداعى القربى هو الموجب لانبعاث العبد نحو العمل واستناد العمل عرفا الى الداعى القربي لا يجدى بعد كون المناط في باب الامتثال هو حكم العقل المبنى على الدقة لا المسامحة منه عفى عنه

سبيل الاستقلال، فلابد في مورد اجتماع العلتين من استناد المعلول الى المجوع المركب منهما، وذلك لاستلزام استناده الى احديهما للترجيح بلامرجح، فاذا كان العمل مستندا الى المجموع، فلايكون الداعي القربى هو الموجب لانبعاث العبد على ارادة العمل، بل يكون للداعى النفساني ايضا مدخلية في انبعاثه، وحينئذ ففيما اذا كان داعيه النفسانية على غسل وجهه بالماء مثلا مستقلا شانيا في الباعثية، بحيث لولم يكن امر توضأ لاثر فى البعث على ارادة غسل وجهه ، لزم عليه ان يغسل وجهه او لا بداعيه النفساني، ثم يتوضاء بداعي امر توضاء ، كي يكون الداعي القربي هو الموجب لانبعائه على ارادة الوضوء، ولا يكون لداعيه النفساني مدخلية فيه اصلا هذا ، ولكن يمكن ان يقال بالصحة فيهذا القسم، لالما قيل من انه لو لم تكن العبادة فيهذا القسم صحيحة، لزم فى المثال فيما اذا لم يكن الماء زائدا على مقدار الوضوء سقوط التكليف بالوضوء رأسا، لتعذره بتعذر شرطه وهو وقوعه عن داع قربی فقط ، واللازم باطل فالملزوم مثله وذلك لبداهة ان المراد من استقلال كل واحد من الداعى النفساني والقربى شأنا فى الباعثية على ارادة العمل، ليس هو كون كل منهما علة تامة لارادة العمل بحيث تكون ارادته خارجة عن اختيار المكلف، كيف والا لزم ان لا يصح فى المثال النهى عن غسل الوجه بالداعى النفساني ولا الامر به بالداعى القربى وهو كما ترى ، فاذا كان ارادة العمل وعدم ارادته مع وجود الداعى النفسانى والقربى على ارادته تحت اختیاره، فعليه ان لا يختار ارادته بالداعى النفسانی و یختار ارادته بالداعى القربى بتضعيف الداعى النفساني وتقوية الداعى القربي، فلا يلزم من عدم كون الماء فى المثال الا بقدر ما يتوضأ سقوط التكليف بالوضوء رأسا، بعد امكان ملاحظة الداعي القربي وصرف النظر عن الداعى النفساني بتقوية الاول وتضعيف الثانى بل لمنع توقف تحقق الاطاعة المعتبرة في صحة العبادة، على كون الداعى القربى مستقلا فعليا فى الباعثية على ارادة العمل ، وكفاية كونه مستقلا شأنيا فى الباعثية على ارادته فى تحقق الاطاعة ، كيف ولوكان استقلاله فعلا فى البعث معتبرا في تحقق الاطاعة ، للزم فيما اذا كان لعبد سيدان وامره كلاهما

ص: 323

بشيء، فأتى العبد به بداعى امتثال امرهما ، ان لا يكون ممتثلا لو احد منهما وهو كما ترى ودعوى اعتبار استقلال الداعى القربى فعلا في البعث في العبادات شرعا ، لمادل عليه الايات والاخبار من اعتبار الاخلاص فى العبادة مدفوعة بان المراد من الاخلاص في العبادة المدلول عليه فى الايات والاخبار ، هو عدم جعل الشريك له تعالى في العبادة ، فهذه الابات والاخبار في مقام المنع عن جعل الشريك الله تعالى فى العبادة ، كما يفعله عبدة الاصنام، لافى مقام اعتبار استقلال الداعي القربى فعلا فى البعث على العمل في العبادات ، ثم لو قلنا بصحة العبادة فيهذا القسم ، فنقول بها في القسم الثالث بطريق اولى كما لا يخفى ، هذا تمام الكلام في الضمائم المباحة.

واما الضمائم المحرمة، فتارة تكون منهيا عنها في خصوص العبادات كالرياء، بناء على اختصاص حرمته بالعباديات ، وعدم حرمته في التوصليات، واخرى لاتكون كك ويجرى في كلا القسمين ما ذكرناه من الاقسام فى الضمائم المباحة من انها مادة تكون باعثة على الخصوصيات الفردية، واخرى يكون لها دخل فى اتيان الطبيعة المأمور بها فالكلام هنا يقع في مقامين الاول في الرياء، وليعلم اولا انه لا اشكال في حرمته وكونه موجبا لفساد العمل المرائى فيه فى الجملة على المشهور، و ذلك للاخبار الدالة على عدم قبول العمل المرائى فيه، وظاهر عدم القبول عرفا هو الفساد وعدم الاجزاء ، و استعماله احيا في قلة الثواب والفضل، لا يوجب رفع اليد عن الظهور العرفى ، هذا مضافا الى ان الخدعة مع الله تعالى باتيان العمل صورة له تعالى وباطنا لغيره، تكون من اقبح القبائح عقلا فتكون محرمة شرعا ، فلاوجه لما قيل منان الرياء هو القصد الى ايجاد العمل للخلق، فهو نظير التجرى في عدم كونه موجبا، الا للقبح الفاعلى او هو مع حرمة العمل الجانحى وهو القصد ، دون العمل الجارجي المقصود به الخلق، كى يوجب فساده من جهة عدم امكان حصول القرب بالمنهى عنه اذا عرفت هذا ، فتقول لا اشكال في كون الرياء مبطلا للعبادة، فيما اذا كان له دخل فى اتبان اصل الطبيعة المأمور بها باحد الانحاء الاربعة المتقدمة، وذلك لانه القدر المتيقن من الاخبار الناهية عن الرياء في العمل الدالة على عدم قبول العمل المرائي

ص: 324

فيه نعم المحكى عن ظاهر كلام شيخ مشايخنا الانصاري قدس سره ، عدم بطلان العبادة به، فيما اذا كان له دخل فى اتيان اصل العمل بالنحو الثالث ، بان كان ضعيفا فى الباعثية بحيث لا يؤثر فى البعث على العمل الا بضميمة الداعى القربى اليه، ولعله لحسنة زرارة قال سئلت اباعبد الله علیه السّلام عن الرجل يعمل العمل من الخير فيراه انسان فيسره ذلك ، فقال علیه السّلام لا بأس ما من احد الا وهو يجب ان يظهر له في الناس الخير اذا لم يكن يصنع ذلك لذلك ولا يخفى انه لا دلالة لهذه الحسنة على عدم افساد الرياء اذا كان له دخل في اصل العمل بهذا النحو اصلا ، بل صریح ذيلها و هو قوله علیه السّلام اذا لم يكن يصنع ذلك اى العمل لذلك اى لرؤية الغير ، هو البطلان كمالا يخفى ، فهذه الرواية فى مقام بيان ان مجر دحب رؤية الغير لعمله وسروره بذلك ، من دون ان يكون ذلك محركاله على ارادة اتيان العمل ، لا يكون موجبالفساد عمله .

واما اذا كان له دخل في ترجيح بعض خصوصيات العمل على بعض، فالاقوى عدم كونه مبطلا للعبادة ، سيما اذا كان دخله في ذلك في طول الداعي القربى و تابعا ، له كما اذا لم يكن له داع الى اتيان الصلوة الا امراقم الصلوة، وحصل له بعدا بنعائه من الامر على اصل الصلوة ، الداعى الى الجهر بها ليطلع الناس على عمله فيعظم رتبته عندهم ، و ذلك لان المستفاد من الاخبار الناهية عن ادخال الرياء في العمل، هو ان المناط في النهى عنه هو استلزامه جعل الشريك الله تعالى كما هو ظاهر بعضها، او الخدعة معه تعالى باتيان العمل صورة له تعالى و باطنا لغيره كما هو ظاهر بعضها الاخر، و من المعلوم عدم استلزام الرياء جعل الشريك له تعالى ولا الخدعة معه تعالى ، فيما اذا كان له دخل في ترجيح بعض خصوصيات العمل على بعض اما الاول، فلان معنى جعل الشريك له تعالى فى العمل او الخدعة معه تعالى فيه، هو اتيان ما امر به تعالی بداعی امره و بداعی ارائته للغير : او اتيانه ظاهرا بداعى امره تعالى و باطنا بداعی ارائته للغير ، و من المعلوم ان ما امر به تعالى و هو اصل الطبيعة المامور بها ، لم يات بها الا بداعى امره ظاطراً و باطنا ، فلم يجعل له تعالى شريكا فيما طلبه منه من أصل الطبيعة ولاخادعه فيه، بل انما جعل الرياء غاية لبعض

ص: 325

خصوصياته الخارجة عن المطلوب وعن دائرة الطلب ، فلا تكون الخصوصية الفردية المقصود بها الرياء محرمة ، كى يوجب بطلان العمل المتخصص بها لمكان اتحاده معها الموجب لسراية النهى منها اليه نعم لو كانت الخصوصية المقصود بها الرياء من الخصوصيات المستحبة ككون الصلوة فى المسجد ، لكانت محرمة وموجبة لبطلان اصل العمل ان قلت ان ظاهر بعض الاخبار ، كرواية على بن سالم عن ابيعبد الله علیه السّلام قال يقول الله عزوجل انا اغنى الاغنياء عن الشريك من اشترك معى غيري في عمل لم اقبله الا ماكان لى خالصا ، ورواية السكوني عنه علیه السّلام ايضا قال قال النبى صلی الله علیه و آله و سلّم ان الملك ليصعد بعمل العبد مبتهجا به فاذا صعد بحسناته يقول الله عزوجل اجعلوها في سجين فانه لیسایای اراد، و انكان اختصاص الرياء المحرم بما استلزم جعل الشريك له تعالى فى العمل او الخدعة معه تعالى فيه ، فلا يشمل ما اذا جعل الرياء غاية لبعض خصوصيات العمل الخارجة عن طبيعته المطلوبة ، لكن مقتضى اطلاق قول الباقر علیه السّلام في صحيحة زرارة لوان عبدا عمل عملا يطلب به وجه الله والدار الاخرة وادخل فيه رضا احد من الناس كان مشركا ، هو بطلان العمل بادخال رضا الغير فيه مطلقا ، ولوكان ادخال رضاه في خصوصيته العمل و في طول الداعي القربي المتعلق باصل العمل ، ضرورة انه يصدق عليهذا العمل الخاص انه عمل ادخل فيه رضا غير الله تعالى قلت ظاهر قوله علیه السّلام عمل عملا الخ وانكان هو العمل الخارجي، لكن العمل الخارجي ينحل الى خصوصية فردية و الى المتخصص بها ، و ما يكون مطلوبا به وجه الله تعالى والدار الآخرة ، ليس هى الخصوصية الفردية بل اصل العمل المتخصص بها ، فالشرك انما يلزم لو ادخل رضا الغير فى اصل العمل الذي يطلب به وجه الله ، لا فى خصوصيته التي تكون خارجة عن مطلوبه تعالی و غیره طلوب بها وجهه اللهم الا ان يقال ان الخطابات الشرعية منزلة على ماهو المتفاهم منها عرفا، والعرف لا يرى هذا الفعل الخاص الخارجى الاشيئا واحدا ، فكما اذا اتاه طلبا لوجه الله يصدق عليه انه مطلوب به وجهه تعالى من غير تفكيك بين اصل العمل وخصوصيته

ص: 326

الفردية، كذلك لو ادخل فيه رضا غيره تعالى يصدق عليه انه المدخول فيه رضا غيره تعالى، من غير تفكيك بين اصل العمل وخصوصيته الفردية، فادخال رضا الغير في الخصوصية الفردية وان لم يكن شركا بحسب الدقة العقلية ، لكنه شرك بحسب فهم العرف، فيكون محرما موجبا لبطلان اصل العمل المتخصص بتلك الخصوصية فتدبر هذا مضافا الى امكان المنع عن تحقق الرياء خارجا الا في نفس العمل دون خصوصياته الوجودية، ضرورة انه فيما اذا جهر بصلوته اواتى بها في المراي ليري الناس عمله فيمدحونه و يعظم رتبته عندهم ، ليس المرائي فيه نفس الجهر بالصوت ولا الحضور بمراى الناس ، اذ المدح والتعظيم لا يترتبان عليهما قطعا، بل على المتصف بهما و هو نفس الصلوة، والجهر بها و اتيان بها فى مراى الناس انما هو المتوصل بهما لاطلاعهم على صلوته ، فنفس الصلوة تكون المرائى فيها ، لاخصوصية كونها جهرية او ماتيا بها في مراى الناس فتدبر.

بقى هنا امور الاول لو قصد الرياء بخصوصية كون الصلوة في المسجد، يكون بطلان صلوته من جهة النهى فى العبادة ، لان خصوص هذا الكون الصلوتي يكون منهيا عنه ، واما لو قصد الرياء بالكون في المسجد وصلى فيه ، فيكون بطلان صلوته من جهة اتحاد الكون الصلوتى مع الكون في المسجد المنهى عنه ، فيكون نظير الصلوة في الدار المغصوبة التي يكون بطلانها من جهة امتناع اجتماع الامر والنهي ومن هنا يفرق فى الكون في مكان خاص رياء، بين الصلوة فيه فتبطل لتقومها بالكون في المكان، وبين الوضوء فلا يبطل لعدم تقومه بالكون فيه الثاني اختلف الاصحاب في ان محل هذا الشرط اعنى الخلوص عن الرياء، هل هو مجموع العمل بوصف الاجتماع، بحيث يعتبر ان لا يتخلل رياء من الاول التكبيرة الى آخر التسليمة، نظير اشتراط خلوها عن الحدث، او ان محله نفس الاجزاء فذهب المشهور الى الأول، وجملة من المحققين الى الثانى ، ويترتب على الاول بطلان العبادة به رأسا، ولو بادخاله فى بعض اجزائها المستحبة، بل بادخاله فى مستحب نفسى تكون العبادة محلا له ضرورة انه حينئذ يكون كالحدث في كونه مبطلا للعبادة فى اى موقع

ص: 327

وقع و عدم كونه قابلا للتدارك و يترتب على الثانى انه لو حصل الرياء في مستحب نفسى في العباده او فى جزء مستحب منها ، لم يلزم من بطلان ذلك المستحب النفسى او الجزء المستحب بطلان العبادة ، اما الاول ، فلان المفروض تعدد الامر والمامور به ، فلايضر ادخال الرياء فى احدهما بالاخر الذى اوتى به لمحض التقرب الى الله تعالى، و اما الثانى فلان مرجع استحباب الجزء ، وانكان الى كون الفرد المشتمل عليه افضل الافراد للواجب ، فيكون ادخال الرياء فى الجزء ادخالا له فى الفرد المشتمل عليه، فيبطل، لكن بطلان الفرد المشتمل عليه من حيت كونه افضل الافراد للواجب، لا يستلزم بطلان سائر الاجزاء رأسا ، بحيث تسقط عن قابلية التيام اقل الواجب منها و سقوط الأمر المتعلق بمهية الكلى من حيث هى بها وبعبارة اخرى بطلان الجزء بادخال الرياء فيه ، وان استلزم عدم قابليته للانضمام الى سائر الاجزاء، بحيث يلتام منه ومن سائر الاجزاء افضل الافراد المشتمل عليه و يحصل امتثل الامر المتعلق به، لكن امتثال هذا الأمر المتعلق بافضل الافراد غير لازم ، والا لما جاز تركه اختيارا وهو خلاف الفرض، فاذا لم يكن امتثاله لازما من اول الامر ، ولم تكن نية افضل الافراد واجبة ابتداء ، فلا يجب البقاء عليه فله ان يعدل عن الفرد الافضل الى اقل الواجب ، اما بترك ذلك الجزء المستحب راسا، و اما باتيانه على وجه لا يلتام منه ومن سائر الاجزاء الفرد الافضل و توهم انه حيث قصد الرياء بهذا المركب الخاص ولو باعتبار جزئه ، فيصدق عليه انه عمل الله تعالى ولغيره ، فيشمله قوله علیه السّلام حكاية عنه تعالى من عمل لى ولغيرى تركته لغيرى فيكون باطلا مدفوع بانه كما يصدق على المركب باعتبار اشتماله على الجزء المستحب انه الله تعالى و لغيره و يترتب عليه ائره وهو عدم حصول الامتثال للامر المتعلق بافضل الافرادكك يصدق على سائر الاجزاء انها وقعت خالصة الله تعالى، فيترتب عليها اثرها من سقوط الامر الغيرى المتعلق بكل منها بايجاده والتيام الكل بانضمامها ، وسقوط الامر النفسى المتعلق بمهية الكل من حيث هي ، فالمركب من حيث اشتماله على الجزء المرائى فيه يكون

ص: 328

مصداقا للعمل الماتى به الله تعالى ولغيره، وسائر الاجزاء يكون مصداقا لكلى اتى به تقربا اليه تعالى، و مقتضى القاعدة اعطاء كل مصداق حكمه ، فيكون المركب المشتمل على ذلك الجزء المرائى فيه متروكا لغيره تعالى و فاسدا، و يكون سائر الاجزاء صحيحا و مسقطا للامر الغيرى المتعلق بكل واحد منها وللامر النفسى المتعلق بمهية الكل من حيث هي ولا ينافى ما ذكرنا من عدم بطلان الصلوة بقصد الرياء في شيء من اجزائها المستحبة، مامر من ان الخصوصية الفردية لو كانت مستحبة يكون قصد الرياء بها موجبا لبطلان اصل العمل المتخصص بها، و ذلك لبداهة الفرق بين المنهى عنه لجزئه والمنهى عنه لوصفه، حيث ان متعلق النهي في الاول حقيقة هو الجزء المغائر لباقى الاجزاء فى الوجود، و هذا بخلاف الثاني فان النهى فيه يرجع حقيقة الى الموصوف من جهة اتحاده مع الوصف المنهى عنه وجودا .

ثم انه قديستثنى مما ذكرنا من عدم استلزام بطلان الجزء المستحب المقصود به الرياء لبطلان الصلوة المشتملة عليه راسا، ما اذاكثر ذلك الجزء بحيث الحق بالحق بالفعل الكثير المبطل، اوكان من الاقوال فانه يصير حينئذ كلاما خارجا عن الصلوة فيكون مبطلا وفيه ان المناط في ابطال الفعل الكثير هو المحو لصورة الصلوة، و هذا غير متحقق عرفا فيما اذا كان الفعل الكثير من سنخ افعال الصلوة ، كيف ولو كان الفعل الكثير مطلقا ماحيا لصورة الصلوة ، لم يجز تطويل القنوت مطلقا ولو قصد به التقرب كما لا يخفى ، وهو كماتری ، و صیرورته بقصد الرياء فيما اذا كان من الأقوال كلاما خارجا عن الصلوة ، بعد كونه فيحد ذاته قرآنا او دعاء ، ممنوعة جدا ، وعلى تقدير التسليم، فكونه مبطلا للصلوة ممنوع ، لامكان دعوى حصر الكلام المبطل بما يعد من كلام الادميين ، ودعوى البطلان من هذه الجهة ضعيفة جد العدم صدق كلام الادميين عليه قطعا كضعف دعوى البطلان من جهة ماهو الظاهر من كلماتهم، من عدم الخلاف بل الاجماع على كون الكلام المحرم مبطلا ، كما يظهر ذلك لمن راجع الى كلماتهم في مسئلة قول امين فى الصلوة ، وذلك لمنع شمول معاقد الاجماعات

ص: 329

المنقولة على تقدير تسليم حجيتها، للاقوال التي اعتبرها الشارع جزء للصلوة و عرض لها وصف الحرمة، اذالمتبادر منها ارادة غيرها من الاقوال المحرمة ومثلها

في الضعف توهم البطلان من جهة عمومات ابطال الكلام الا ما كان دعاء او قرانا بدعوى ان المستثنى لا يشمل المحرم من الدعاء والقرآن ، لانصرافه عن المحرم

منهما ، فيدخلان تحت عموم المستثنى منه لانتفاء الواسطة بينهما اذفيه انه كما ان المستثنى لا يشمل المحرم من الدعاء والقرآن لانصرافه عن المحرم منهما ، كذلك المستثنى منه ، فلا يوجب عدم شمول المستثنى لهما دخولهما فى المستثنى منه فتدبر و توهم ان ظاهر قوله علیه السّلام فى مرسلة الصدوق كل مانا جيت به ربك في الصلوة فليس بكلام ، هو ان الكلام مطلقا حكمه الابطال ، و انما لا تكون المناجاة مبطلة لكونها منزلة منزلة غير الكلام ، واظهر منه قوله علیه السّلام في صحيحة الحلبي كلما ذكرت الله عز وجل والنبى صلی الله علیه و آله و سلّم فهو من الصلوة ، فانه دال على ان عدم ابطال ذكر الله والنبى صلی الله علیه و آله و سلّم للصلوة ، انما هو لكونه من الصلوة و خروجه موضوعا عن عموم المنع عن الكلام الخارج عن الصلوة القاضى بان كل كلام خارج حكمه الابطال مدفوع بان الروايتين فى مقام تنزيل مطلق المناجاة والذكر الغير المعتبر في الصلوة منزلة اجزائها فيما اذا وقع فيها ، لا في مقام تنزيل اجزائها التي لم تقع بقصد الذكر والمناجاة منزلة الكلام المبطل ، هذا كله فيما اذا قصد الرياء بالجزء المتحب.

واما اذا قصده بالاجزاء الواجبة، فلا اشكال في بطلان الصلوة مطلقا سواء كانت ركنية اوغيرها ، فيما اذا اقتصر عليها ولم يتداركها باعادتها خالية عن الرياء وذلك لان ما اتی به من الجزء بقصد الرياء يكون باطلا ، فيلزم بطلان الصلوة من جهة النقيصة العمدية، او من جهة استلزام بطلان الجزء بطلان الكل، و اما اذا تداركها، فقد يقال ببطلان الصلوة مطلقا ايضا ، من حيث الزيادة العمدية ، بناء على بطلان الصلوة بها مطلقا ولو كانت فى الاجزاء الغير الركنية وفيه ان المراد بالزيادة العمدية، انكان هو الجزء الماتى به ثانيا تداركا للجزء الذى وقع باطلا ، ففيه اولا منع صدق

ص: 330

الزيادة عليه بعد رفع اليد عن الذى وقع باطلا والاتيان به تدار کا عنه ، ضرورة ان الاول حيث وقع باطلا فلايكون موجبا لسقوط امره ، فاذا رفع اليد عنه و تداركه صحيحا ، فيقع الثاني موافقا لامره فلا يقع زائدا و ثانيا سلمنا صدق الزيادة عليه، لكن نمنع عن كون الزيادة موجبة البطلان مطلقا ، ولو في مثل المقام الذي يكون الفعل الثانى الذى به يحصل عنوان الزيادة موافقا لامره ، و ذلك لانصراف النص عن مثل هذه الزيادة التى تكون موافقة للامر ، و ان كان المراد بالزيادة العمدية هو الجزء الذى وقع باطلا، ففيه منع صدق الزيادة عرفا الا على ثاني الوجود ، فالوجود الاول لو وقع باطلا يكون غلطا لا زائدا وتوهم ان الجزء الذي وقع باطلا، و ان لم يصدق عليه اسم الزيادة حال حدوثه ، لكن تداركه باعادته صحيحا موجب للحوق صفة الزيادة به مدفوع بان لحوق وصف الزيادة به موقوف على بقاء اعتباره جزء الى حين اعادته ، وليس كك ضرورة ارتفاع اعتباره كك بمجرد رفع اليد عنه ، سلمنا صدق الزيادة ، لكن لا شبهة فى انصراف النص عن مثل هذه الزيادة التي لحقها وصف الزيادة بعد حدوثها اللهم الا ان يدعى صدق الزيادة عرفا على كلجزء وقع باطلا بحيث لا يؤثر في التيام المركب منه ، فانه حيفئذ يكون الجزء الذي وقع باطلا متصفا بالزيادة حال حدوثه فيعمه اخبار الزيادة فتدبر ، او يدعى ان الجزء الذي وقع باطلا حيث اتى به بعنوان الجزئية ، فيصدق على اعادته تداركا اسم الزيادة عرفا فيعمه اخبارها ، فتدبر هذا فيما اذا قصد الرياء بالافعال الواجبة.

واما اذا قصده بالاقوال الواجبة، فان قلنا بان القران والذكر المحرمين يدخلان في كلام الادميين ، فلا اشكال في كونه مبطلا للصلوة ، و اما ان قلنا بما هو الحق من انهما لا يخرجان بمجرد الحرمة عن كونهما قرانا و ذكرا، فلايوجب الرياء بهما بطلان الصلوة مطلقا، سواء قلنا بان ادلة استثنائهما عن كلام الادميين تشتمل المحرم منهما ايضا اولم نقل بذلك ، اما على الاول فواضح ، واما على الثانى فلما مر منان انصراف ادلة استثنائهما عن المحرم منهما ، لا يوجب دخولهما تحت عموم المستثنى منه وهو الكلام الخارج، بعد انصرافه ايضا عن المحرم منهما فتدبر.

ص: 331

الثانی تكبيرة الاحرام

ومن افعال الصلوة تكبيرة الاحرام التي تفتتح بها الصلوة، و انما سيمت بتكبيرة الاحرام ، لكونها سببا لحرمة ما كان محللا قبلها من المنافيات للصلوة كالتكلم والاكل والشرب و غيرها ولا شبهة فى انها جزء من الصلوة نصا و اجماعا و مقتضى ذلك تحقق الدخول في الصلوة بمجرد الشروع فيها ، ضرورة ان الدخول في الصلوة ليس الاعبارة عن التلبس بها ، المتحقق بمجرد الشروع في اول جزء منها من غير توقف على اتمام ذلك الجزء، كما ان مقتضى كونها سببا لحرمة المنافيات للصلوة ، عدم تحقق حرمة المنافيات الا بعد تماميتها ، ضرورة ان المسبب لا يتحقق الا عند تمامية السبب، مضافا الى عدم الخلاف فى ذلك، وحينئذ فيشكل ذلك بان مقتضی اطلاق مادل على حرمة المنافيات في الصلوة، هو حرمتها فى اثناء التكبيرة ايضا لكونها من الصلوة ، وهذا ينافى ما هو مقتضى سببيتها لحرمة المنافيات من عدم تحقق حرمتها الا عند اتمام التكبيرة، والحاصل ان الجمع بين مادل على جزئية التكبيرة للصلوة، وما دل على حرمة المنافيات في الصلوة مطلقا، و ما دل على عدم تحقق حرمة المنافيات الا عند اتمام التكبيرة، مما لا يمكن لان مقتضى كونها جزء للصلوة ، شمول مادل على حرمة المنافيات فى الصلوة مطلقا ، للمنافيات الواقعة في التكبيرة ايضا، ومقتضى كونها سببا لحرمة المنافيات، عدم حرمة المنافيات الواقعة فيها، وفيه ما لا يخفى من التناقض و قد تفصى عن هذا الاشكال جمع، بان مادل على سببية التكبيرة للحرمة من قوله علیه السّلام تحريمها التكبير، يكون بمدلوله اللفظى متعرضا لحال اطلاق مادل على حرمة المنافيات في الصلوة ، فيكون حاكما عليه مقيد الاطلاقه فيرتفع التناقض عن البين و تفصى عنه المحقق الانصاري قدس سره وفاق للسيد رضى الله عنه في الناصريات، بان مقتضى الجمع بين الامور الثلثة ، اعنى حصول التحريم باتمام التكبيرة ، وتحريم المنافيات في اثناء الصلوة مطلقا ، وكون التكبيرة مركبة من اجزاء و اذا صار المصلى مشغولا بها فهو داخل في الصلوة لان جزء الجزء للشيء جزء لذلك الشيء، هو الالتزام بان ما يكون جزء للصلوة هو

ص: 332

التكبير الذى لم يتخلل بين اجزائه شيء من المنافيات، وحينئذ فاذا فرغ من التكبير فيكشف عن وقوعه بجميع اجزائه من الصلوة، فلواتى مصل بالمنافي قبل تمامية التكبير لم یات به في الصلوة، لعدم كونه حينئذ جزء لهاكي يعمه ادلة تحريم المنافيات الواقعة في اثناء الصلوة، لعدم كونه علیهذا واقعا فى اثناء الصلوة لان ما اتی به من اجزاء التكبير ليس مع تخلل المنافي بينها جزء للصلوة كي يعمها ادلة تحريم المنافيات الواقعة في الصلوة ، وهذا الجمع اولى من الجمع الاول ، لان عدم شمول ادلة تحريم المنافيات، لماوقع منها فى اثناء التكبير عليهذا من باب التخصص، وعدم كون ذلك التكبير فى من الصلوة و على الاول من التخصيص ، ولا شبهة في ترجيح التخصص على التخصيص عند دوران الامر بينهما و اورد عليه بانه كما ان ادلة تحريم التكلم وغيره من المنافيات لاتعم التكلم الواقع فى اثناء التكبير عليهذا الجمع ، كذلك لاتعمه الاخبار الناهية عن التكلم في الصلوة المسوقة لبيان الحكم الوضعى، اذ عليهذا الجمع يلزم من فرض شمولها له عدم فرديته للعام اذ بشمولها له يخرج التكبير عن كونه جزء للصوة ومعه لا يكون التكلم فيه تكلما في الصلوة كي يعمه ادلة تحريم التكلم فيها وكل فرد يكون كك يمتنع ان يعمه حكم العام ، مع انها تعمه بلاشبهة ، والا لم يكن التكلم الغير المفوت للموالاة ، منافيا للصلوة فيما اذا وقع فى اثناء التكبير وهذا كما ترى و اجيب عنه بانا نلتزم بعدم شمول تلك الاخبار له ، ولا يلزم منه عدم منافاة التكلم الواقع فى اثناء التكبير للصلوة ، و ذلك لان الاخبار وان لم تكن شاملة له بمدلولها اللفظى، لكن يمكن استفادة منافاته للصلوة منها بالفحوى ، من حيث اولوية الدفع من الرفع ، ولذا لودل دليل على قاطعية القهقهة للصلوة ، فهو لايعم بمدلوله اللفظي القهقهة المقارنة لاول الصلوة عند الشروع فيها ، و لكن يفهم ما نعيتها عن انعقاد الصلوة بالفحوى واولوية الدفع من الرفع هذا.

و تقصى شيخنا الاستاد دام ظله عن اصل الاشكال ، بامكان ان يقال ان الجزء الذي يفتتح به الصلوة و يكون محرما للمنافيات ، امر بسيط وهو التعظيم الله تعالى،

ص: 333

واظهار كبريائه ويكون التكبير محصلا لذاك الامر البسيط ، و من المعلوم ان الامر البسيط، لا يكون له اجزاء، كى يقع المنافيات فى اثنائه، و يكون شمول ادلة التحريم المنافيات له منافيا لما دل على سببيته لحرمتها و هذا التوجيه و انكان حسنا في نفسه لكنه مناف (1)لظهور قوله علیه السّلام تحريمها التكبير في كون المحرم هو نفس التكبير لا المتحصل منه من التعظيم .

ثم ان المعروف بين الاصحاب بل المدعى عدم الخلاف فيه بل الاجماع عليه ان تكبيرة الاحرام ركن للصلوة بالمعنى المصطلح ، فتبطل الصلوة بنقصها وزيادتها عمدا و سهوا ، اما بطلان الصلوة بنقصها عمدا فواضح والا لغى اعتبار جزئيتها للصلوة، واما البطلان بنقصها سهوا فيدل عليه مضافا الى عدم الخلاف فيه بل دعوى الاجماع من غير واحد عليه، جملة من الاخبار ، كصحيحة زرارة قال سئلت ابا جعفر علیه السّلام عن الرجل ينسى تكبيرة الافتتاح قال علیه السّلام يعيد، وصحيحة على بن يقطين قال سئلت قال سئلت ابا الحسن علیه السّلام عن الرجل ينسى ان يفتتح الصلوة حتى يركع قال علیه السّلام يعيد الصلوة، وموثقة عمار قال سئلت ابا عبدالله علیه السّلام عن رجل سهى خلف الامام فلم يفتتح الصلوة قال علیه السّلام يعيد الصلوة ولاصلوة بغير افتتاح ، الى غير ذلك من الاخبار المعتبرة الصريحة فى ذلك ومقتضى الجمع العرفي بينها و بين حديث لاتعاد الدال على ان غير الخمسة لا يوجب نقصها سهوا البطلان ، هو تقييد الحديث بهذه الاخبار وذلك لان دلالته على ذلك حيث تكون بالاطلاق فلا باس بتقييده بهذه الاخبار الدالة بالصراحة على ان نسيان خصوص التكبيرة يوجب البطلان، ولا يعارضها بعض الرويات

ص: 334


1- قولنا لكنه مناف لظهور قوله عليه السلام تحريمها التكبير الخ فيه انه يمكن ان يقال ان اسناد المحرمية الى التكبير لا الى التعظيم المتحصل منه من باب ذكر السبب وارادة المسبب الذى هو شايع في المحاورات العرفية فانهم لنولون جففت الشمس الطين مع ان المجفف له هی حرارة الشمس لا نفسها ويمكن ان يقال ان المراد من التكبير الذى اسند المحرمية اليه هو التكبير بمعناه الاسم المصدرى الذى هو اظهار كبريائه فانه ايضا امر بسيط ليس له اجزاء کی يقع المنافيات فى اثنائه فتدبر منه عفى عنه

الدالة على خلافها ، كصحيحة احمد بن محمد بن ابي نصر عن الرضا علیه السّلام قال قلت له علیه السّلام رجل نسى ان يكبر تكبيرة الافتتاح حتى كبر للركوع فقال علیه السّلام اجزئه، و صحيحة زرارة عن ابيجعفر علیه السّلام قال قلت له علیه السّلام الرجل ينسى اول تكبيرة من الافتتاح فقال علیه السّلام ان ذكرها قبل الركوع كبر ثم قرء ثم ركع، وان ذكرها في الصلوة كبرها فى قيامه في موضع التكبير قبل القرائة او بعد القرائة قلت فان ذكرها بعد الصلوة قال علیه السّلام فليقضها ولاشيء عليه ، صحيحة الحلبي عن ابيعبد الله علیه السّلام قال سئلته عن رجل نسى ان يكبر حتى دخل في الصلوة ، فقال علیه السّلام اليس كان من نيته ان يكبر قلت فقال تلال قال علیه السّلام فليمض فى صلوته ، و ذلك لاعراض الاصحاب عنها وعدم عملهم بظاهرها ، فلاتكون حجة كي تصلح لمعارضة الاخبار المتقدمة المعمول بها و يمكن حملها على التقية ، لا بمعنى الموافقة للعامة ، كي يقال بانهم مختلفون فيهذا الحكم، حيث ان بعضهم اختار ما يوافق هذه الروايات ، و بعضهم احتار ما يوافق الاخبار المتقدمة بل بمعنى ارادة القاء الخلاف بين الشيعة حقنا لدمائهم، فتحصل مما ذكرنا ان البطلان بنقص التكبيرة عمداً اوسهو الا اشكال فيه واما البطلان بزيادتها مطلقا كما هو مقتضى القول بكونها ركنا، فلا يخلو عن ،تامل ضرورة ان مقتضى تحكيم ادلة الزيادة بعضها على بعض ، و ان كان البطلان بزيادة الاركان مطلقا ولوسهوا ، لكن الكلام الان في تشخيص الصغرى و ان التكبيرة من الاركان ام لا ، و ذلك لان معنى الركن على ما المستفاد من الاخبار ما فرضه الله تعالى في مقابل ماسنه النبي صلی الله علیه و آله و سلّم ، وكون التكبيرة مما فرضه الله تعالى لا دليل عليه واستفادته من نحو قوله علیه السّلام لا صلوة بلا افتتاح ، و من قضية المعراج حيث يظهر منها ان النبي صلی الله علیه و آله و سلّم كبر للصلوة بعد ان كبر جبرئيل ، ممنوعة ضرورة ان قوله علیه السّلام لاصلوة بلا افتتاح لايفيد الركنية الا في طرف النقيصة ، وقضية المعراج لا يستفاد منها الركنية بالمعنى المصطلح هذا ولكن الظاهر عدم الخلاف بين الاصحاب فى ان زيادتها مطلقا موجبة للبطلان، ولعل هذا هو السر في حكمهم بانه لوكبر بنية الافتتاح ثم كبر ثانيا بهذه النية بطلت صلوته

ص: 335

مطلقا ولو كان ساهيا، و وجب عليه اتيانها ثالثة اذلا ينعقد الصلوة بما هو موجب لبطلانها، فلوكبر رابعة وجب عليه اتيانها خامسة وهكذا، فكل شفع موجب للبطلان و وجوب الاتيان بالوتر مطلقا، كان زيادة الشفع عمدية أو سهوية ، اما على الاول فلوقوع الشفع محرما بناء على حرمة ابطال الصلوة، فلا يصلح لان ينعقد به الاحرام واما على الثانى فلان الشفع انما يكون موجبا لبطلان الصلوة و خروج ماسبقه عن كونه تكبيرة الاحرام، بعد وقوعه بتمامه لا بمجرد الشروع فيه، فما دام لم يقع بتمامه يكون المحرم للمنافيات ما سبقه، و بعد وقوعه كك و ان خرج ماسبقه عن كونه محرما، لكنه حيث وقع غير ما ينعقد به الاحرام فلا يمكن انعقاده به لاستحالة انقلاب الشيء عما وقع عليه، لكن هذا مبنى على ما هو الحق من عدم بطلان الصلوة بمجرد نية الخروج عنها، والا فالاحرام ينعقد بالشفع لسبقه بنية الخروج، ومعه لاحاجة الى الوتركما لا يخفى ثم انه لاخلاف نصا وفتوى فى استحباب ان يضيف الى الى تكبيرة الاحرام ست تكبيرات و انما وقع الخلاف في ان تكبيرة الافتتاح والاحرام هل هي مجموع ماباتی به المصلى من التكبيرات ثلثا كان او خمسا اوسبعا، او خصوص احديها عينا او تخييرا فذهب المشهور الى ان تكبيرة الاحرام خصوص احديها تخييرا ، فالمصلى يكون مخيرا في جعل ايها شاء تكبيرة الاحرام وذهب جماعة من القدماء والمتاخرين إلى انها خصوص احديها عينا ، الا ان القدماء منهم ذهبوا الى تعيّن جعلها الاخيرة ، والمتاخرين الى تعين جعلها الاولى وذهب بعض الى انها مجموع ما يختاره المصلى من الثلث او الخمس او السبع و الى هذا مال شيخنا الاستاد دام ظله و استدل عليه بظهور جملة من الاخبار في ذلك منها خبر ابي بصير عن ابيعبد الله علیه السّلام قال اذا افتتحت الصلوة فكبر ان شئت ثلثا و ان شئت خمسا وان شئت سبعا وكل ذلك مجز عنك غيرانك اذا كنت اماما لم تجهز الابواحدة ومنها خبر زرارة عن ابيجعفر علیه السّلام قال ادنى ما يجزى من التكبيرة في التوجه الى الصلوة تكبيرة واحدة و ثلث تكبيرات و خمس و سبع افضل ومنها ما رواه الشيخ

ص: 336

باسناده عن زيد الشحام قال قلت لا بيعبد الله علیه السّلام الا الافتتاح فقال تكبيرة تجزيك قلت فالسبع قال ذلك الفضل و منها خبر محمد بن مسلم عن ابيجعفر علیه السّلام قال التكبيرة الواحدة فى افتتاح الصلوة تجزى والثلث افضل والسبع افضل كله و منها خبر زرارة قال رایت ابا جعفر علیه السّلام او قال سمعته علیه السّلام استفتح الصلوة بسبع تكبيرات ولاء، الى غير ذلك من الاخبار الظاهرة فى ان الافتتاح يحصل بمجموع ما يختاره المصلى، و ان الواحدة هي اقل ما يجزى ، والفضل فى اختيار مازاد عليها ، فيكون اختيار مازاد من باب افضل افراد الواجب وبالجملة ظاهر هذه الاخبار ، هو ان كل ما اختاره المصلى من الواحدة او الثلث او الخمس او السبع ، فهو مصداق للافتتاح الواجب، فالمقام من مصاديق التخيير بين الاقل والاكثر ، فكل ما اختاره من الاوتار من الواحدة الى السبعة ، فهو تكبيرة الافتتاح وهو الواجب واما الاشكال (1)بان التخيير بين الاقل والاكثر فى امتثال الواجب في التدريجيات غير معقول ، ضرورة سقوط الأمر بمجرد الاتيان بالاقل ، ومعه لا يكون الاتيان بالاكثر امتثالا للامر بل يكون لغوا فمندفع اولا بما حررناه في الاصول من تعقل التخيير بين الاقل والاكثر فى امتثال الواجب، وان غرض الامر قد يحصل بالاقل بشرط لاعن انضمام الاكثر اليه ، وقد يحصل به بشرط انضمام الاكثر اليه ، فالاقل انما يكون مسقطا للامر فيما اذا اقتصر المكلف عليه ، دون ما اذا انضم اليه الاكثر و ثانيا بان عنوان الافتتاح والاحرام من العناوين القصدية التي لا تتحقق الا بالقصد فالاقل فيما اذا قصد المصلى الافتتاح بالاكثر، لايكون مصداقا للافتتاح والاحرام، كي يكون مسقطا للامر المتعلق به، ويكون الاتيان بالزائد لغواً ومن هنا اندفع الاشكال بان افتتاح الصلوة عبارة عن الدخول فيها بالاتيان بالجزء الاول الذى يتبدء به الصلوة ، فلا يعقل حصول الافتتاح باكثر من تكبيرة، اذلواتى بالاكثر فاما ان يحصل الافتتاح باوليها اولا، فان حصل بالاولى فقد حرم بها المنافيات وصارت الباقية كالقرائة فى وقوعها في

ص: 337


1- هذا الاشكال محكى عن المحقق التائني

اثناء الصلوة، و ان حصل بما عداها فتكون الاولى كالاقامة الواقعة قبل الصلوة توضيح الاندفاع هو ان الجزء الاول الذى يبتدء به الصلوة، هو ما يقصد المصلى الافتتاح به الصادق على الواحد والمتعدد، فالمتعدد اذا قصد به الافتتاح، يكون المجموع جزء واحدا تحقق به الاحرام وتكون التكبيرة الأولى بمنزلة جزء الجزء ، فلا تكون كالاقامة الواقعة قبل الصلوة، بل تكون كلفظ الله الواقع قبل اكبر فى التكبيرة الواحدة وبالحملة حال المتعدد عند قصد الافتتاح بالجميع، حال التكبيرة الواحدة في تحقق الدخول في الصلوة بمجرد الشروع فيها، و توقف حرمة المنافيات على الفراغ عنها وكيفكان لا يعارض هذه الاخبار غيرها من الروايات الواردة فيهذه المسئلة اما الروايات الدالة على حصول الافتتاح بتكبيرة واحدة ، كالحاكية لفعل البني والوصى صلوات الله عليهما ، و انه صلى الله عليه و آله كان اذا دخل في صلوته يقول الله اكبر بسم الله الرحمن الرحيم، و ان الصادق علیه السّلام في مقام بيان مهية الصلوة بعد ان قام مستقبل القبلة، قال الله اكبر ثم قرء الحمد ، الى غير ذلك من الروايات الدالة عليه فلعدم التنافي بين حصول الافتتاح بتكبيرة واحدة عند قصد الافتتاح بها، وبين حصوله بالمتعدد عند قصد الافتتاح بالكل كما هو واضح و اما الروايات الواردة لبيان علة استحباب السبع ، كصحيحة زرارة عن ابيجعفر علیه السّلام قال خرج رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم الى الصلوة ، وقد كان الحسين سلام الله عليه ابطاء عن الكلام حتى تخوفوا انه لا يتكلم و انه به خرس، فخرج صلی الله علیه و آله و سلّم به صلی الله علیه و آله و سلّم حامله على عاتقه وصف الناس خلفه فاقامه على يمينه، فافتتح رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم الصلوة فكبر الحسين علیه السّلام، فلما سمع رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم تكبيره اعاد فكبر الحسين علیه السّلام، حتى كبر رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم سبع تكبيرات و كبر الحسين علیه السّلام، فجرت بذلك السنة ، ورواية حفص عن ابيعبد الله علیه السّلام، قال ان رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم كان فى الصلوة والى جانبه الحسين بن على صلوات الله وسلامه عليهما، فكبر رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم فلم يحر الحسين علیه السّلام بالتكبير اى لم يجب به، ثم كبر رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم فلم يحر الحسين علیه السّلام التكبير، فلم يزل رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم يكبر و يعالج

ص: 338

الحسين علیه السّلام فلم يحر، حتى اكمل سبع تكبيرات فاحار الحسين علیه السّلام التكبير في السابعة . فقال ابو عبد الله علیه السّلام فصارت سنة فلان وجه توهم المعارضة ، هو استظهار حصول الافتتاح بالاولى من السبع من الروايتين لظهور اطلاق الافتتاح في الرواية الأولى على خصوص التكبيرة الاولى، في كونها هي تكبيرة الاحرام التي وقع الدخول بها في الصلوة ، وانما عاد علیه السّلام إلى التكبير ثانيا وثالثا لمجرد تمرين الحسبن علیه السّلام على النطق كما هو ظاهر السياق و لدلالة عدم عوده صلی الله علیه و آله و سلّم الى التكبير بعدا حارة الحسين علیه السّلام فى الرواية الثانية، على انه لواحار علیه السّلام واجاب علیه السّلام التكبير الاول الذي كبره رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم لا اكتفى صلی الله علیه و آله و سلّم به و لم يعده ثانيا و ثالثا ، فيدل على ان التكبيرة الاولى هى تكبيرة الاحرام والا لما جاز الاكتفاء بها على تقدير جوابه علیه السّلام لها وفيه ان غاية ماتدل عليه الروايتان هى ان السبع لم تكن مشروعة قبل هذا ، وانما شرعت التمرين الحسين علیه السّلام او عدم جوابه علیه السّلام و اطلاق الافتتاح على خصوص الاولى في الرواية الاولى و استفادة اكتفائه صلی الله علیه و آله و سلّم بالاولى لواحار الحسين علیه السّلام من الثانية ، فهو لاجل عدم مشروعية الزائد على تكبيرة واحدة الى ذلك الوقت ، فلا يستفاد منهما اختصاص الاولى بتكبيرة الاحرام ، بعد تاثير هذه القصة في تشريع العود الى السبع كما هو واضح.

و اما الاخبار التى تضمنت استحباب اجهار الامام بواحدة من التكبيرات ، كقوله علیه السّلام في ذيل رواية ابى بصير المتقدمة غير انك اذا كنت اماما لم تجهز الا بواحدة ، و قوله علیه السّلام في صحيحة الحلبى اذا كنت اماما فانه يجزيك ان تكبر واحدة تجهر فيها و تسرّستا ، وغير ذلك من الروايات الواردة عن النبي اكتفائه صلی الله علیه و آله و سلّم انه كان يجهر بواحدة و يسرستا فلان غاية ما يمكن ادعائه هو اشعار هذه الروايات او ظهورها، في ان ما يجهر بها هى التكبيرة التي يقصد بها الاحرام دون ماعداها، اذ اختصاص الجهر بواحدة لاوجه له الاكونها هي تكبيرة الاحرام ومن المعلوم عدم قابلية مثل هذا الظهور للالتفات اليه ، فى مقابل تلك الاخبار التي تكون كالصريح في خلافه

ص: 339

فتحصل مما ذكرنا كله ان الاقوى بحسب ظاهر الاخبار هو القول الاخير المحكى عن بعض كوالد المجلسي قدس سره ، ولذا مال اليه شيخنا الاستاد دامت افاضاته ، وان لم ينقل القول به عن احد سواه ، بل استفيض نقل الاجماع على خلافه وحينئذ ان تم الاجماع فلابد من صرف الاخبار المزبورة عن ظاهرها بقرينة الاجماع، و حمل الأمر الوارد فيها بثلث او خمس أو سبع ، على كونه لبيان بقاء التكبير على المطلوبية بعد الاتيان بفرد منه ، بمعنى ان فردا منه مطلوب بطلب الزامي ومازاد عليه الى السبع مطلوب بطلب ندبي ، لا ان المجموع لوخط عملا واحدا تعلق به طلب الزامى بلحاظ قصد الامتتاح به ولكن الكلام فى تمامية هذا الاجماع ، بعد احتمال ابتنائه على بعض الوجوه العقلية المتقدمة، من عدم تعقل التخيير بين الاقل والاكثر في امتثال الواجب في التدريجيات ، أو عدم تعقل حصول افتتاح الصلوة باكثر من تكبيرة على التقريب الذي تقدم و قد عرفت ما فيهذه الوجوه من الضعف والفساد.

ثم ان صورة تكبيرة الاحرام المنقولة عن صاحب الشرع واتباعه ، والماتي بها في مقام بيانهم واجبات الصلوة على ما يظهر من الاخبار البيانية ، هي ان يقول الله اكبر ، ففى مرسلة الصدوق كان رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم اتم الناس صلوة و اوجزهم ، كان اذا دخل في صلوته قال الله اكبر بسم الله الرحمن الرحيم ، فيجب الاقتصار عليه في مقام الامتثال ، لقوله صلی الله علیه و آله و سلّم صلوا كمارا يتمونى اصلى، و قوله صلی الله علیه و آله و سلّم في النبوى المنجبر بعمل الاصحاب لا يقبل الله صلوة امرء حتى يضع الطهور مواضعه ثم يستقبل القبلة و يقول الله اكبر ، هذا مضافا الى انها من الامور التوقيفية، فاذا لم يرد في مقام بيانها اطلاق لفظى كما هو المفروض، اذا المطلقات الواردة فيها اما في مقام اصل تشريعها او واردة مورد حكم اخر ، ولا تكون وارد فى مقام بيان مهيتها كي يرجع اليها عند الشك في اعتبار بعض الخصوصيات فيها ، كاعتبار تقدم لفظ الجلالة على اكبر و عدم اسقاط همزة الوصل فى لفظ الجلالة بوصله بالكلام السابق عليه من الاقامة

ص: 340

او الادعية الموظفة او التكبيرات المتعددة ، وعدم تعريف اكبر، و عدم تقديمه على لفظ الجلالة، و عدم تحريك الراء من اكبر بوصله بالكلام اللاحق به فمقتضى قاعدة الاشتغال هو وجوب الاتيان بها على وجه يحصل القطع بحصول الافتتاح الذى لاصلوة بدونه.

ان قلت سلمنا عدم كون المطلقات الواردة فى التكبيرة مسوقة لبيان الاطلاق من هذه الجهة، لكن يكفي في دفع اعتبار هذه الخصوصيات قاعدة البرائة الجارية فى دوران الواجب بين المطلق والمقيد الواردة على قاعدة الاشتغال قلت ان الشك فى اعتبار هذه الخصوصيات فيها ، مرجعه الى الشك فى المحصل الذي لامجال فيه الا لقاعدة الاشتغال لالما افاده الاستاد دام ظله فيمامر ، من ان ما يفتتح به الصلوة ويكون محرما للمنافيات امر بسيط وهو التعظيم الله واظهار كيريائه ، ويكون التكبير محصلا لذلك الامر البسيط كى يقال انا نقطع بحصول اظهار كيريائه تعالى والتعظيم له بدون هذه الخصوصيات ، و انما الشك في اعتبار تعظيم خاص والاصل عدمه بل لما افاده في المقام ، من ان تسمية هذه التكبيرة بتكبيرة الافتتاح والاحرام، ليس لمجرد كونها اول جزء من الصلوة، بل انما سميت بذلك لكونها بمنزلة الباب للدخول في حريم الصلوة ، فالواجب اتيانها على وجه يقطع بحصول هذا العنوان المطلوب منها ، ومن المعلوم ان كل تكبيرة ليس ذلك من وظيفته لااقل من الشك فيه ، فلابد من الاقتصار على ما يعلم منها بحصول هذا العنوان المطلوب منه ، و ليس ذلك الا هذه الصورة الخاصة من التكبيرة ان قلت مقتضى ماذكرت هو الحكم بالاشتغال فيما اذاشك في ما نعية شيء كالتكلم مثلا فى اثناء الوضوء عن حصول الطهارة ، اذ معه يشك فى حصول هذا العبوان منه ، مع انه لاشبهة عندهم فى ان المرجع فيه هى البرائة فان كفت البرائة الشرعية لدفع هذا الشك والحكم بعدم ما نعية التكلم فى اثناء الوضوء عن حصول الطهارة به، فلتكف لدفع الشك في اعتبار تلك الخصوصيات في حصول عنوان الافتتاح والدخول في حريم الصلوة ايضا قلت قياس النك في القيدية كما

ص: 341

نحن فيه، على الشك في المانعية كما فى مسئلة التكلم فى اثناء الوضوء، مع الفارق توضیح ذلك هو ان رفع المانعية والشرطية والفيدية عند الشك فيها، حيث لا يمكن ان يكون برفها واقعا مطلقا سواء كان الشك فيها من جهة الشبهة الحكمية او الموضوعية و ذلك لاستلزام رفعها كك فى الاول، اختصاص المانعية والشرطية والقيدية بالعالم بها، وهذا مسللزم للدور المحال والتصويب الباطل، واستلزامه على الثانى لتقييد ادلتها بما اذا كان ذات المانع والشرط والقيد معلومة ، و هذا و ان لم يكن محالا عقلا ، اذلا استحالة في ان يكون المانع عن الصلوة واقعا هي النجاسة المعلومة لا النجاسة من حيث هى هى . لكن ادلة البرائة الشرعية حيث تكون احكاما ظاهرية متاخرة رتبة عن الاحكام الواقعية ، فلا يمكن ان تكون مقيدة لاطلاق ادلة المانع والشرط والقيد من هذه الجهة كما هو واضح ، فلابد ان يكون المراد من رفعها عند الشك فيها رفع مالها من الاثار الشرعية العملية ، وعليه فيختص جريان البرائة الشرعية بما اذا ترتب على اجرائها اثر شرعى عملى، و من المعلوم ان اجرائها في الشرط او المانع المشكوك يترتب عليه اثر شرعى عملى وهو الاتيان بذات المشروط والممنوع و هذا بخلاف اجرائها في القيد المشكوك، ضرورة ان المجعول فيدوران المكلف به بين المطلق والمقيدا ما هو المطلق او المقيد، دون المهملة المتحققة في ضمنهما فانها ليست قابلة لان تناله يد تصرف الشارع فالمهملة ليست مجعولة شرعية کی يريد بإجراء البرائة عند الشك في القيد ترتب الاتيان بها، وهذا بخلاف المانع والشرط ، فان كلا منهما قابل لان تناله يد التصرف من الشارع بالوضع والرفع وكل منهما مجعول بجعل مستقل، وانكان مرجع جعلهما لبا الى جعل واحد ، وهو جعل المقيد بوجود الاول وبعدم الثانى وتوهم ان المهملة وان لم تكن قابلة لان تناله يد تصرف الشارع بالجعل المستقل، لكنها مجعولة تبعا بجعل المطلق او المقيد، وهذا يكفى فى صحة ترتب الاتيان بها على اجراء البرائة فى القيد مدفوع بامكان دعوى انصراف ادلة البرائة الشرعية، الى ما اذا ترتب على رفع المشكوك الاثر العملى المجعول بالاستقلال ، فلاتعم الأثر المجعول بالتبع.

ص: 342

والحاصل ان لنا هنادعاوى اربع الأولى ان الواجب المامور به في المقام هو العنوان البسيط اعنى الافتتاح والدخول في حريم الصلوة ، و يكون المعنون به اعنى التكبيرة من قبيل المحصل لهذا العنوان، كيف و الالزم تحقق الافتتاح والاحرام بمجرد القول بالله اكبر ، و لولم يقصد به التوصل الى الافتتاح والاحرام و هو كما ترى الثانية انه لا مجال للبرائة العقلية، فيما اذا كان المامور به عنوانا بسيطا متحصلا من افعال خارجية و شك فى اعتبار شيء في محصلاته ، كالطهارة المتحصلة من الغسلتين و المسحفين و ذلك لان الاشتغال اليقيني بذاك العنوان البسيط ، يقتضى تحصيل البرائة اليقينية عنه ، ولاتحصل البرائة عنه كك الا باتيان جمیع ما يحتمل دخله في حصول ذلك العنوان البسيط كما هو واضح ، الا فيما كان هنا اصل شرعى يحرز به ذلك العنوان، كما اذا كان تحقق الطهارة سابقا متيقنة وشك فى ارتفاعها لاحقا فانه يحرز الطهارة بالاستصحاب ، او كان هناك دليل شرعى دل على تنزيل شيء منزلة المحصل لذلك العنوان البسيط ، كالدليل الدال على ان ذا الجبيرة اذا ارادان يتوضا غسل الجبيرة او مسحها، فانه يستفاد منه ان غسل الجبيرة و مسحها كغسل البشرة ومسحها في حصول الطهارة بهما او كان هناك دليل على البناء على حصول ذلك العنوان عند الشك فى تحقق بعض محصلاته ، كالدليل الدال على ان الشاك فى اتيان احدى الغسلتين او المستحين بعد فراغه عن الوضوء يبنى على اتيانها وحصول الطهارة له الثالثة لا اشكال في ان للشارع فيما اذا كان المامور به العنوان البسيط المتحصل من افعال خارجية ، التصرف في محصلاته برفع قيد من قيودها المعتبرة فيها قطعا ، واقعا في مرحلة الثبوت، او ظاهرا في مرحلة السقوط، و لذا حكم علیه السّلام في رواية عبد الاعلى بعدم اعتبار كون المسح في الوضوء على البشرة وصحة الاكتفاء بالمسح على المرارة فيما اذا كان رفعها حرجيا، وحكم علیه السّلام بصحة الوضوء وحصول الطهارة منه فيما اذا شك في الاخلال به بعد الفراغ عنه ، وحكم علیه السّلام بالبناء على بقاء الوضوء فيما اذا شك فى انتقاضه ببعض النواقض الرابعة التفصيل

ص: 343

فى جران البرائة الشرعية، فيما اذا كان المامور به عنوانا بسيطا متحصلا وشك في دخل شيء في محصله، بين ما اذا شك في قيدية شيء لمحصله فلاتجرى البرائة ، و بين ما اذا شك فى مانعية شيء او شرطيته لمحصله فتجرى وذلك لما عرفت من عدم امكان ان يراد من حديث الرفع، رفع ما نعية المشكوك او شرطيته او قيديته واقعا مطلقا سواء كان الشك فيه جهة الشبهة الحكمية او الموضوعيته وذلك لاستلزام رفعها كك لاختصاص المانعية والشرطية والقيدية بالعالم بها على الاول ، واستلزامه لتقييد ادلتها بما اذا كان ذات المانع والشرط والقيد معلومة على الثاني واللازمان باطلان لاستلزام الاول للدور المحال ، والثانى لتاثير المتاخر رتبة فى المتقدم ، فالملزوم اعنى رفع مانعية المشكوك او شرطيته او قيديته واقعا كك ، فلابد ان يراد من رفع مالا يعلمون رفع ماله من الأثر الشرعي العملى ، و من المعلوم ان المانع والشرط لهما اثر شرعى عملى ، ويترتب على رفعهما بالاصل اثر شرعى كك ، وهو الاتيان بذات المشروط والممنوع ، وهذا بخلاف القيد ، ضرورة ان القيد تارة يكون التقييد به فى مقام الامتثال مما يتعلق به ايجاد المكلف ، و هذا كما لوامر بالصلوة الى القبلة اومع الطهارة فاوجدها المكلف بهذه الخصوصية ، فانه لا شبهة في ان هذه الخصوصية مما يتعلق به ایجاد المكلف وانكانت متحدة الوجود خارجا مع المقيد و اخرى لا يكون التقييد به فيهذا المقام مما يتعلق به ايجاد المكلف ، وهذا كما لو قال جئنى بانسان زبخى فجاء المكلف بانسان زنجى ، فانه لاشبهة فى ان خصوصية كون الانسان زنجيا لا يتعلق بها ايجاد المكلف ، فان المكلف فى المثال اتى بالمقيد ، لا انه اوجد التقييد بين ذات المقيد والقيد ففى القسم الاول وانكان لذات القيد اثر عملى ، لما عرفت من تعلق ایجاد المكلف به، لكن لا يترتب على رفعه اثر عملی ، ضرورة ان ذات المقيد وهى الطبيعة المهملة وقيده مجعولان بجعل واحد ، فليس ذات المقيد مجعولا شرعيا مستقلا ، بل ليس قابلا لان يناله يد تصرف الشارع، لان الطبيعة المهملة ليست قابلة لان يؤمر بها الا بتبع الامر بالمطلق او المقيد، فاذا لم تكن الطبيعة المهملة قابلة للجعل استغلالا ولم يكن لها اثر من قبل الشارع بالاستقلال،

ص: 344

فلا معنى لان يريد برفع القيد بالاصل الاتيان بذات المقيد و هذا بخلاف الشرط والمانع ، فان كلا منهما مجعول بجعل مستقل، وانكان مرجع جعلهما لبا الى جعل واحد وهو جعل المقيد بوجود الاول و عدم الثانى، فيترتب على رفعهما عند الشك فيهما، الاتيان بذات المشروط والممنوع اللذين هما مجعولان ايضا بجعل مستقل، ولا يجدى كون ذات المقيد اعنى المهملة مجعولا بجعل تبعى، في ترتب الاتيان به على رفع القيد المشكوك ، بعد امكان دعوى انصراف حديث الرفع الى ما اذا ترتب على رفع المشكوك اثر عملى مجعول بالاستقلال وفى القسم الثاني ليس لنفس القيد اثر عملی، لما عرفت من عدم تعلق ايجاد المكلف به ، ولا يترتب على رفعه اثر عملى شرعى لما عرفت فى القسم الأول ، هذه خلاصة ما استفدته من الاستاد دام ظله في تقريب الدعوى الرابعة و لازمه كما ترى عدم جريان البرائة الشرعية فيما اذاشك فى واجب مستقل كوجوب الدعاء عند رؤية الهلال مثلا، ضرورة انه لا يترتب على رفع وجوبه اثر عملی شرعی ، اذليس هناك مجعول شرعى يريد برفع وجوب الدعاء عند الرؤية ، اتيان ذلك المجعول الشرعى كما هو ظاهر وكذا يلزم عدم جريان البرائة فيما اذا شك في الجزء مع عدم استقلاله بالجعل ، والالتزام بهما لا يخلوعن الاشكال نعم فيما كان القيد غير مجعول بجعل شرعى بل بجعل تكويني وكان خارجا عن تعلق ايجاد المكلف به كما اذا قال جئنى بانسان ، حيث ان تقيد المطلوب بالانسانية ليس بجعل تشريعي، لان الطلب المولوى لم يتعلق الاتماهو مقيد تكوينا، و يكون الانسانية خارجة عن تعلق ايجاد المكلف بها ، لا يكون مجال فيه للبرائة الشرعية، ضرورة ان المراد من رفع ما لا يعلمون ليس هو الرفع التكويني ، بل الرفع التشريعي ، فلابد ان يكون المرفوع اما مجعولا شرعيا او مما له اثر عملى كك ، والمفروض ان القيد ليس بمجعول بجعل شرعى ولا اثر عملى له كك لخروجه عن تعلق ايجاد المكلف به نعم لاباس بالرجوع فيه الى البرائة العقلية ، لان المناط فى موضوع حكم العقل بالبرائة في الارتباطيات ، هو انحلال المعلوم بالاجمال الى معلوم تفصيلى ومشكوك بشك بدوى ولو بالانحلال العقلى ، ومن المعلوم ان تعلق

ص: 345

التكليف بذات المقيد اعنى المهملة معلوم، وتعلقه بالقيد مشكوك ، فيكون العقاب عليه بلابیان وقبيحا لكن هذا فيما اذا لم يكن القيد مما شك في دخله في المحصل للمامور به المبين مفهوما والا لم يكن للبرائة العقلية ايضا فيه مجال، الا ان يدعى بان المحصل للمامور به المبين، اذا كان مجهولا للمكلف يكون بيانه كنفس المامور به من وظيفة المولى فمع عدم بيانه يحكم العقل المؤاخذة بقبح على ترك المامور به المستند إلى ترك محصله المجهول فتدبر هذا مضافا الى امكان المنع عما افاده دام ظله من دعوى كون المامور به في المقام هو العنوان البسيط اعنى الافتتاح و الاحرام، وكون المعنون به اعنى التكبيرة من قبيل المحصل لهذا العنوان وذلك للمنع عن كون الافتتاح والتحريم عنوانا قصديا يكون له مدخلة في هوية المامور به ، كى يجب الاحتياط فيما اذاشك في دخل شيء في حصول هذا العنوان ، بل كما ان عنوان الخروج والتحليل يترتب قهرا على التسليم ولولم يقصد به الخروج والتحليل ، كك عنوان الافتتاح والتحريم نعم حيث ان المشتركات يجب تمييزها في مقام امتثال الأمر المتعلق بكل منها ، والا لم يقع امتثالا لشيء منها ، فيجب في مقام اتيان تكبيرة الاحرام والافتتاح ، ان يقصد بها التكبير الذي يفتتح به الصلوة کی يقع امتثالا للامر المتعلق به ضرورة انه لوقصدها بعنوان كونها ذكر الله، لم يقع امتثالا للامر المتعلق بالتكبير الذي يفتتح به الصلوة ، فقصد الافتتاح بها كقصد الظهرية، في كونه لمجرد تمييزه عن العصر ، كى يقع امتثالا للامر المتعلق بالظهر فتدبر فتبين مما ذكرنا ان اثبات وجوب الاقتصار في تكبيرة الاحرام على صورتها المنقولة من صاحب الشرع اعنى الله اكبر بحسب القواعد مشكل لكنا في غنى عن ذلك، بعد ما عرفت من دلالة ادلة خاصة على وجوب الاقتصار عليها ، وان الله تعالى لا يقل الصلوة الا بافتتاحها بالله اكبر ، وعليه فلاشبهة فى عدم انعقاد الصلوة بها فيما عكس الترتيب بين الكلمتين، بان قال الاكبر الله ، اولم ينعكس و لكن عرّف لفظ اكبر ، اواخل بحرف منها او حركة اوسكون ، اذا كان لحنا وغلطا بلاشبهة واما اذا

ص: 346

لم يكن لحنا كما اذا اتصلها بما قبلها فاسقط همزة لفظ الجلالة حيث انها همزة وصل ، او اتصلها بما بعدها فاعرب راء اكبر لئلا يصير وصلا بالسكون ، فالمعروف بين المشهور بطلانها ايضا ، ولذا او جبوا قطعها عما قبلها وما بعدها ، و استدل عليه بقوله علیه السّلام ويجزيك ثلث مترسلا ، لظهوره فى ان الارسال الذي هو بمعنى الاطلاق والتبيين عما عداه ، شرط فى التكبيرات الافتتاحية هذا مضافا الى كونه مقتضى قاعدة الاحتياط، بناء على ان الاحرام عنوان قصدى له دخل فى حقيقة المامو به، ادمع وصلها بما قبلها او بما بعدها، يشك في حصول عنوان الاحرام فتدبر (1)كما لا شبهة في بطلانها و عدم انعقاد الصلوة، فيما اذا ادى معناها بعبارة اخرى عربية كانت او فارسية اوغيرهما، مع القدرة على التلفظ بنفسها واما العاجز عن التلفظ بها كالاعجمي، فلاشبهة فى وجوب التعلم عليه وجوبا مقدميا بعد دخول الوقت، بل قبل دخوله فيما اذا علم بعدم التمكن من التعلم بعده، و ذلك لما حققناه في محله ، من ان المقدمات الوجودية للواجب المشروط، بعد العلم بتحقق شرط وجوبه في محله ، وعدم تمكن من تحصيلها فى زمان فعلية وجوبه بتحقق شرطه، محكومة بالوجوب عقلا قبل زمان فعلية وجوبه، الا فيما اذا كان الواجب مضافا الى اشتراطه بالوقت مشروطا بالقدرة فيه، اذ حينئذ لا يلزم تحصيل القدرة عليه فى الوقت بايجاد مقدماتها الوجودية قبله لعدم وجوب تحصيل شرط الوجوب كما حقق فى محله ومن هنا قالوا بعدم وجوب الوضوء قبل دخول الوقت ، ولو علم بعدم التمكن منه بعد دخوله ، و بعدم وجوب التعلم على الصبي قبل البلوغ ولو علم بعدم التمكن منه بعده هذا.

فلو اخر العاجز عن التلفظ بها التعلم الى ان تعذر عليه لضيق الوقت، كان عاصيا بالنسبة الى مافات منه من الصلوة المشتملة على التكبير الصحيح، وحينئذ

ص: 347


1- اشارة الى امكان المنع عن كون العلة لحرمة المنافيات هو التكبيرة وانما اسندوا تحريمها اليها ، لاجل ان الادلة دلت على حرمتها في الصلوة تكليفا ووضعا ، وصارت المنافات محرمة بمجرد الشروع فى التكبيرة لكونها جزء من الصلوة ، و بذلك يندفع الاشكال السابق على شمول ادلة المنافيات للمنافيات الواقعة فى اثناء التكبرة منه عفى عنه .

ان كان قادرا على الاتيان بالملحون من التكبيرة في احدى كلميتها او فى كليتهما ، مع اطلاق التكبيرة عليه عرفا ، فالظاهر وجوبه عليه مقدما على ترجمتها بما يرادفها فى لغة اخرى ، وذلك لاشتماله على معنى التكبير وعلى القدر الميسور ور من لفظه فلا يسقط بالمعسور وان عجز عن الملحون ايضا اتى بترجمتها ، نسبه في المدارك الى علمائنا واكثر العامة، ثم احتمل ما ذهب اليه بعض العامة من سقوط التكبيرة عنه وما احتمله ضعيف محجوج، بقوله علیه السّلام في خبر عمار لا صلوة بغير افتتاح ، المعتضد بما اعترف به من اتفاق العلماء الامامية ، وبقوله علیه السّلام لتحريمها التكبير، بناء على ظهور لفظ التكبير فى مطلق الثناء على الله بصفة الكبرياء ، كما هو مقتضى وضعه اللغوى ، وان التقييد بكونه فى ضمن القول المخصوص ناش عن الادلة الخاصة المتقدمة ، القاصرة عن افادته الا للقادر ، فيبقى على اطلاقه بالنسبة الى العاجز نعم لوادعينا انصراف التكبير في قوله علیه السّلام تحريمها التكبير، الى القول المخصوص المعهود كما ليس ببعيد ، او ادعينا كون لفظ التكبير من المصادير الجعلية التي يراد بها التلفظ بالعبارة المخصوصة كالبسملة والحوقلة والجيعلة ، لسقط الاستدلال به على المطلوب ، لكن كلتا الدعويين على خلاف الاصل كما لا يخفى .

وقد يستدل على وجوب التحريم بالترجمة مع العجز عن التكبيرة مطلقا ولو عن الملحون منها ، بقاعدة الميسور وفيه ان الاستدلال بالقاعدة ، انما يتم لوقلنا بان المطلوب بالاصالة من التكبير والتشهد ونحوهما من الاذكار ، هوما تضمنته من المعانى ، غاية الامر دل الدليل على وجوب تأديتها يصيغ مخصوصة، فاذا تعسر تأديتها بها ، تعين تأديتها بغيرها من الالفاظ المرادفة لها، لانه القدر الميسور من ادائها ولا يسقط الميسور بالمعسور واما لوقلنا بان المطلوب من التكبير والقرائة ونحوهما، ليس الا الفاظها من حيث هي بلالحاظ ما تضمنته من المعانى، كما ليس ببعيد، و لذا يكون مجرد التلفظ بها مجزيا ولولم يشعر اللافظ بمعانيها، ولا ينافيه ماورد فى الاخرس من ان تلبيته وتشهده وقرائته القرآن في الصلوة تحريك لسانه و اشارته باصبعه ، ضرورة انه لادلة له الاعلى ان الاخرس اشارته بدل عما يجب

ص: 348

في تكبيرة الاحرام على غيره من التلفظ بالاذكار ، و اما ان ما يجب على غيره هل هو الفاظ الاذكاد من حيث هي اومعاينها ، فلادلالة له عليه اصلا او قلنا بان المطلوب منها هو الفاظها لكن مقيدة بارادة معاينها ، فتدبر فانه مستلزم للحاظ الفاظها استقلالا و لحاظها فانية في المعاني ، وهو مح ، فلامجال لقاعدة الميسور اصلا ، اما على الاول فواضح ، واما على الثاني فلانه لو تعسر قيد المطلوب يصدق عرفا على ذات المقيد انه الميسور من المطلوب، وهذا بخلاف مالو تعسر ذات المقيد ، فأنه لا يصدق عرفا على القيد انه الميسور من المطلوب كما هو واضح وكيفكان لانحتاج الى الاستدلال بالقاعدة عليهذا الحكم ، بعد دلالة الخبرين المتقدمين المعتضدين باتفاق الاصحاب عليه ولاينافى ما استظهرناه من الخبر الاول ، من كون المراد من التكبير في قوله علیه السّلام تحريمها التكبير هو مطلق الثناء على الله تعالى بصفة الكبرياء ، كون مجرد التلفظ به مجزيا و لولم يشعر اللافظ بمعناه ، اذ لا يلزم من كون المطلوب من التكبير هو الثناء عليه تعالى بصفة الكبرياء ، اعتباركون المكلف عالما بمعنى لفظ الله اكبر و ملتفا اليه تفصيلا ، بل يكفي كونه عالما باشتماله على الثناء عليه تعالى اجمالا و قاصدا له كك فتدبر و ان ابيت عن تمامية الاستدلال بالخبرين، من جهة دعوى انصراف لفظ التكبير الى القول المخصوص كما نفينا البعد عنه، او دعوى كونه من المصادر الجعلية ، وناقشت في الاتفاق الذى ادعاه في المدارك على الحكم، من جهة احتمال ابتنائه على الخبرين او قاعدة الميسور فنقول ان العاجز عن التكبير مطلقا امره دائر بين احد امور اربعة، من سقوط الصلوة عنه رأسا، اوسقوط التكبير عنه كك، او وجوب الصلوة عليه مع التكبير الصحيح او الملحون ، او وجوب الصلوة عليه مع ترجمة التكبير الاسبيل الى الاول، لمادل على ان الصلوة لاتترك بحال، ولا الى الثاني لمادل على انه لاصلوة بغير الافتتاح، ولا الى الثالث لانه تكليف بما لا يطاق فيتعين الرابع وهو المطلوب، وكيفكان فاصل الحكم مما لا ينبغي الارتياب فيه وانما الاشكال في انه كيف يمكن الجمع ، بين كونه مكلفا في حال العجز عن التكبير الصحيح بالصلوة مع الكتبير الملحون او ترجمة التكبير، وعدم وجوب

ص: 349

القضاء عليه كما هو ظاهر كلماتهم، وبين استحقاقه المؤاخذة على مافات منه من الصلوة المشتملة على التكبير الصحيح، حسبما فرض من تقصيره في ترك التعلم الواجب عليه عقلا، و ذلك لان الصلوة مع التكبير الملحون او ترجمة التكبير نكانت فيهذا الحال وافية بتمام ما اشتملت عليه الصلوة مع التكبير الصحيح من المصلحة التامة الملزمة، فيلزم ان يكون العجز التكبير الصحيح منوعا للتكليف وموجبا لاختصاص الصلوة مع التكبير الصحيح بالمتمكن من التلفظ به، واختصاص الصلوة مع التكبير الملحون او ترجمة التكبير بالعاجز فعلا عن التلفظ بالصحيح و عليه فلاوجه لوجوب التعليم عليه بعد دخول الوقت فضلا عن قبل دخوله ، کی يستحق المؤاخذة على تركه التعلم عن تقصير ضرورة ان مرجع وجوبه حينئذ الى وجوب ايجاد موضوع الحكم وهو كما ترى ، وان لم تكن الصلوة مع التكبير الملحون او ترجمة التكبير ، وافية فيهذا الحال بتمام ما للصلوة مع التكبير الصحيح من المصلحة التامة الملزمة كى يلزم اختصاص الصلوة مع التكبير الصحيح بالتمكن من التلفظ به، بل كانت مشتملة على مصلحة مهمة دون مصلحة الصلوة مع التكبير الصحيح وانما امربها فيهذا الحال لادراك بعض مافات من مصلحة الصلوة مع التكبر الصحيح فاللازم وجوب القضاء عليه تداركا لمافات من مصلحة الصلوة مع التكبير الصحيح، وبالجملة الحكم باستحقاقة المؤاخذة على ما فات منه من الصلوة المشتملة على التكبير الصحيح ، والحكم بعدم وجوب القضاء عليه لا يجتمعان و توهم ان عدم وجوب القضاء عليه ، لعله لاجل عدم امكان استيفاء مافوته من المصلحة الملزمة للصلوة مع التكبير الصحيح، بعد ما اتى به من الصلوة مع التكبير الملحون، ومن هنا دفعنا الاشكال الوارد فى مسئلتى الجهر والاخفات والقصر والاتمام، حيث حكموا بصحة صلوته فيما اخل بهما جهلا وعدم وجوب الاعادة فى حقه، وباستحقاقه المؤاخذة على ترك الواجب عليه واقعا من القصر او الجهراو الاخفات، فاستشكل عليهم بانه كيف يمكن الجمع بين صحة الصلوة الواقعة منه وعدم وجوب الاعادة عليه، و بين استحقاقه المؤاخذة على ترك المأمور به واقعا ، مع ان المؤاخذة لاتصح الاعلى

ص: 350

عصيان المأمور به، وهو لا يتحقق الامع خروج الوقت ، لامع بقائه و امکان اتيان المأمور به فى وقته ، فمع فرض بقاء الوقت لابد من الالتزام باحد امرين، اما صحة الصلوة الواقعة منه وعدم استحقاقه المؤاخذة، وهو مناف لعدم معذورية الجاهل المقصر، واما بطلان ماوقع منه جهلا ووجوب الاعادة عليه و استحقاقه المؤاخذة على ماهو و الواجب عليه واقعا لوتركه الى ان خرج الوقت، فاجبنا عنه بانه لاتنافى بین صحة الصلوة الواقعة منه جهلا ، و بين استحقاقه المؤاخذة على ترك ما هو واجب عليه واقعا ، وذلك لامكان كون ما وقع منه جهلا مشتملا على مصلحة مهمة ، دون مصلحة الواجب عليه واقعا وغير وافية بتمام مصلحة الواجب عليه ،واقعا ومع ذلك لا يجب عليه تداركها بالاعادة في الوقت ، لاجل عدم امكان استيفائها مع وقوع هذه الصلوة منه جهلا ، فيتصف ما وقع منه جهلا بالصحة لاجل مافيه من المصلحة المهمة الكافية فى وقوعه عبادة على ما بين فى محله ، و يكون مؤاخذا على تركه ماهو واجب عليه واقعا لفرض تفوتيه مافيه من المصلحة الملزمة الغالبة على مصلحة ما وقع منه جهلا ، مدفوع (1)بالفرق بين المقامين ، فان الحاكم باستحالة الجمع بين صحة الصلوة الواقعة منه و سقوط الاعادة فى الوقت وبين استحقاقه للمؤاخذة فى ذلك المقام ، لماكان هو العقل وكانت الاحكام العقلية غير قابلة للتخصيص ، فدفعنا الاشكال بذلك ليكون خروج ذلك المقام عن هذا الحكم العقلى من باب التخصص و خروجا موضوعيا، من جهة تحقق عصيان الواجب الواقعي بمجرد اتیانه ما توهم كونه مأمورا به وعدم توقفه على تركه الى انقضاء الوقت، و هذا بخلاف المقام فان الحكم بعدم الجمع بين استحقاقه المؤاخذة على مافات من الصلوة المشتملة على التكبير الصحيح و بين عدم وجوب القضاء عليه، انما لمكان اطلاق ادلة القضاء الشامل لفوت الصلوة المشتملة على التكبير الصحيح، ومن المعلوم ان هذا الاطلاق قابل للتقييد، فانكان هناك اجماع على سقوط القضاء في المقام فيقيد هذا الاطلاق به، والا فلا بد من الاخذ بالاطلاق والحكم بثبوت القضاء عليه في المقام هذا و يمكن

ص: 351


1- خبر لقولنا فى الصفحة السابقة وتوهم ان اه

التفصى عن اصل الاشكال في المقام بامكان الجمع بين الحكم باستحقاقه المؤاخذة على مافات منه من الصلوة المشتملة على التكبير الصحيح والحكم بعدم وجوب القضاء على من غير احتياج الى دعوى الاجماع على سقوط القضاء عنه توضيح ذلك هوانه لاشبهة فى ان الاحكام المترتبة على العناوين الثانوية يمكن ان تكون في مرحلة الثبوت واجدة لتمام ماتشتمل عليه الاحكام المترتبة على العناوين الأولية من المصلحة، ولازم ذلك تنويع الحكم وتخصيص الاحكام المترتبة على العناوين الاولية لبا بما اذا لم يطرء العناوين الثانوية، و يمكن ان تكون فى تلك المرحلة غير واجدة الا لبعض ما تشتمل عليه الاحكام المترتبة على العناوين الأولية من المصلحة، و لازم ذلك اطلاق الاحكام المترتبة على العناوين الأولوية بالنسبة الى حالة طر و العناوين الثانوية، وتخصيص الاحكام المترتبة على العناوين الثانوية لبابما اذا سقط الاحكام المترتبة على العناوين الأولية عن الفعلية مع بقائها على مطلوبيتها الذاتية و اما فى مرحلة الثبوت فيمكن استكشاف ان الحكم المترتب على العنوان الثانوى من اى القسمين من نفس العنوان الثانوى ، وذلك لان العنوان الثانوى ان لم يكن طروه منافيا لبقاء الحكم المترتب على العنوان الاولى على فعليته نظير عنوان السفر، فهو يكشف عن ان الحكم الثانوى المترتب عليه من القسيم الاول، والا لكان جعله مستلزما لتفويت ماهو الاهم من مصلحة الحكم المترتب على العنوان الاولى من غير تدارك ، وانكان العنوان الثانوى مما يكون طروه منافيا لفعلية الحكم المترتب على العنوان الاولى نظير عنوان الاضطرار والعجز ، فهو يكشف عن ان الحكم الثانوى من القسم الثاني، وذلك لدوران الامر حتنئذ بين تقييد اطلاق ادلة الحكم المترتب على العنوان الاولى هيئة فقط، كي يكون باقيا على مطلوبيته الذاتية عند طرو العنوان الثانوى، وبين تقييد اطلاقها هيئة و مادة كي يكون مطلوبيتة مقيدة بعدم طرو العنوان الثانوى ، ولا شبهة فى تعين الاول لكونه القدر المتيقن على كل تقدير فاذا كان اطلاق دليل الحكم المترتب على العنوان الاولى محفوظا بحسب المادة عند طرو عنواني الاضطرار والعجز ، فلا يمكن ان يحكم عليهما

ص: 352

بحكم مخالف للحكم المترتب على العنوان الاولى، الا بعنوان التنزيل وان الفاقد للتكبير الصحيح عند العجز عنه بمنزلة الواجد، ومن المعلوم ان التنزيل لا يصح الابملاحظة الاثار الشرعية التى منها القضاء، دون العقلية التي منها استحقاق العقوبة فالحكم في المقام باستحقاق العقوبة ، لاجل تفويت التارك للتعلم ، ما فى الصلوة مع التكبير الصحيح من المصلحة والمطلوبية الغير المقيدة بحال التمكن من التلفظ به وانكان الامر به ساقطا فعلا لمكان العجز عن التلفظ به ، والحكم بعدم القضاء عليه ، انما هو لاجل دلالة مادل على ان تكليفه في حال العجز هو الصلوة مع التكبير الملحون ا ومع ترجمة التكبير على ان الصلوة معهما بمنزلة الصلوة مع التكبير الصحيح في الاثار الشرعية ، فيكون هذا الدليل حاكما على ادلة القضاء ورافعا لموضوعه حكما ومعه لانحتاج فى الحكم بعدم القضاء عليه الى دعوى تحقق الاجماع عليه ، هذا تمام الكلام فيما اذا كان العجز عن التكبير الصحيح عن تقصير و اما اذاكان العجز عنه عن قصور ، كالاعجمي الذي لا يطاوعه لسانه ، او الاخرس الذي لا يطاوعه لسانه ، فالواجب عليه النطق بالتكبيرة على قدر الامكان ، لالمجرد كونه الميسور من المعسور ، بل لان المتبادر من ايجاب كلام من تكبيرا وتسليم او تشهد او غير ذلك ، على جميع المكلفين ، مع اختلافهم فى التمكن من التلفظ بذلك الكلام على وجه صحيح والعجز عنه ، هواتيان كل منهم بذلك الكلام على حسبما يقدر عليه ، ولولم یکن ما يأتى به العاجز عرفا مصداقا لذلك الكلام كي يكون ميسورا منه ، كما يشير الى ذلك قوله علیه السّلام في موثقة مسعدة بن صدقة انك ترى ان المحرم من العجم لا يراد منه ما يراد من العاقل المتكلم الفصيح ، وكذلك الاخرس في القرآئة في الصلوة والتشهد و ما اشبه ذلك ، فهذا بمنزلة العجم والمحرم لا يراد منه ما يراد من العاقل المتكلم الفصيح الخبر، ويؤيده قوله علیه السّلام في خبر السكوني قال النبي صلی الله علیه و آله و سلّم ان الرجل من الاعجمى من امتى ليقرء القرآن بعجمته فترفعه الملئكة على عربيته ، و يدل عليه قوله صلی الله علیه و آله و سلّم ان سين بلال شين واما ان عجز عن التطق اصلا كبعض الاخرسين ولكن كان سمع الفاظها اولم يسمعها، ولكنه علم بان الصلوة تفتح

ص: 353

بالفاظ خاصة ، فلا يسقط عنه التكبيرة بلاخلاف، بل يجب عليه تصور لفظها اومعناها في قلبه ، مع الاشارة اليه باصبعه و تحريك لسانه ، على حسبماجرت عليه عادته في مقام ابراز سائر مقاصده كما صرح به غير واحد ، ويشهد له قوله علیه السّلام في خبر السكوني ، تلبية الاخرس وتشهده وقرائة القرآن فى الصلوة تحريك لسانه واشارته باصبعه ، اذ الظاهر عدم اختصاص الحكم بمورده تعبدا ، بل المراد بدلية ذلك عن كل ذكروا ب ، كما، يؤيده الاعتبار الذى اشرنا اليه من جريان عادة الاخرس على اظهار مقاصده بهذه الكيفية ، فيكون تحريك لسانه و اشارته باصبعه قائما مقام لفظه، و بهذا الاعتبار يمكن ان يقال بان ذلك مقتضى قاعدة الميسور ، فانه بعدکون اشارته و تحريك لسانه قائمين مقام لفظه في العادة ، يكون المجموع بمنزلة الميسور من التلفظ بالتكبير المتعذر الذي لا يسقط بالمعسور ، لكن هذا فيما اذا كان سمع لفظ التكبيرة اولم يسمعه ، ولكن علم بان لافتتاح الصلوة صبغة خاصة و اما اذالم يسمع لفظها ولم يدران لافتتاح الصلوة صيغة خاصة ، فالظاهر سقوطها عنه ، لعدم تمكنه من الاتيان بها رأسا ولو بميسورها.

الثالث من افعال الصلوة القيام

ولا اشكال فى وجوبه وكونه ركنا في الجملة ويدل عليه مضافا الى الاجماع الكتاب والسنة المتفيضة فمن الأول قوله تعالى الذين يذكرون الله قياما و قعودا ، المفسر في الاخبار بان الصحيح يصلى قائما والمريض جالسا وعلى جنوبهم ومن الثاني قوله علیه السّلام في صحيحة زرارة وقم منتصبا فان رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم قال من لم يقم صلبه فلاصلوة له.

وانماوقع الكلام فى المقامين الاول هل هو واجب مستقل في الصلوة و يكون من جملة افعالها اوانه شرط لصحة افعالها الواقعة حاله من التكبير والقرائة والركوع الذي ستعرف انشاء الله تعالى اشتراط كونه عن قيام الثانى هل ركنيته المنقول عليها اجماع العلماء ، بلحاظ نفسه من حيث هو ، كي يكون ركنا مطلقا نحتاج فى الموارد الكثيرة التى علم عدم اختلال الصلوة بزيادته فيها ، إلى التشبث بادلة خاصة مخصصة لما اقتضته قاعدة الركنية من بطلان الصلوة بزيادته مطلقا ولو

ص: 354

سهوا او انها من حيث شرطيته لركن آخر من تكبيرة الاحرام والركوع ، كي تختص الركنية بالقيام حال التكبيرة والقيام المتصل بالركوع اما المقام الاول فالحق فيه كما هو ظاهر النصوص والفتاوى بل صريح بعضها، انه واجب مستقل في الصلوة و يكون من جملة افعالها ، ولا ينا فى ذلك شرطيته لسائر الافعال الواقعة حاله ، اذ لاتنافى بين الجهتين كما لا يخفى واما المقام الثاني ، فالحق فيه هو ان ركنيته بناء على تسليمها، انما هى من حيث شرطيته لركن آخر لا بلحاظ نفسه من حيث هو، ان من البعيد جدا ان يكون حكمهم بصحة صلوة ناسى القرائة كلا او بعضا المستلزم لفوات بعض القيام، وكذا حكمهم بصحة صلوة ناسي القيام عن الركوع، لادلة خاصة مخصصة لمقتضى قاعدة الركنية، و عليهذا فتختص الركنية على تقدير تسليمها، بالقيام حال التكبيرة والقيام المتصل بالركوع ولا ينافي ركنيتهما بالمعنى المصطلح وهو ما اوجب نقیصته و زیادته عمدا و سهوا بطلان الصلوة، عدم امکان زيادتهما الا بزيادة التكبيرة والركوع، وحينئذ يكون البطلان مستندا الى زيادة التكبيرة والركوع لا الى زيادتهما وذلك لان مجرد عدم امکان زيادتهما الا بزيادة التكبيرة ،والركوع، لا يستلزم عدم ركنيتهما ، لامكان ان يكون البطلان مستندا الى زيادتهما وزيادة التكبيرة والركوع معا، بل استناد البطلان الى زيادة القيام المتصل بالركوع، اولى من استناده الى زيادة الركوع ، ضرورة سبقه على الركوع والشئى يستند الى اسبق علله و توهم ان القيام المتصل بالركوع بوصف كونه متصلا به لا يتحقق الا بعد انضمام الركوع اليه ، فلايكون بهذا الوصف سابقا على الركوع مدفوعة بان مرجع ركنية القيام المتصل بالركوع الى ركنية القيام المتعقب بالركوع، و من المعلوم ان اتصاف القيام بالتعقيب بالركوع ، لا يتوقف على انضمام الركوع اليه، بل يتصف به القيام فعلا اذا كان الركوع واقعا وفي علم الله تعالى متحققا بعد ذلك وبالجملة ركنية القيام حال التكبيرة والقيام التصل بالركوع ، في كل من طرفى الزيادة والنقيصة، بحسب الثبوت بمكان من الامكان و انما الاشكال فى مرحلة الاثبات ان قد يمنع عن قيام الدليل على ركنيتهما مطلقا

ص: 355

من حيث الزيادة والنقيصة، اما من حيث الزيادة فلان زيادتهما لا يمكن الا بزيادة التكبيرة والركوع ، فيكون البطلان مستنداً الى زيادتهما ، لا الى زيادة القيام كي يدل على ركنيته في طرف الزيادة واما من حيث النقيصة ، فلان غاية ما يمكن استفادته من الاجماع على بطلان صلوة من ركع لاعن قيام ، كمن هوى الى السجود ناسيا للركوع ، ثم تذكر قبل وضع الجبهة على الارض ، فقام الى الركوع منحنيا من دون ان ينتصب ، وبطلان صلوة من كبر قاعدا او اخذا في القيام عامدا كان او ساهيا، هو اعتبار القيام فى الجملة ، واماكونه ركنا فلا ، لامكان ان يكون شرطا شرعيا لصحة التكبيرة والركوع هذا ولكن يمكن استفادة ركنيتهما مطلقا وفي كل من طرفى الزيادة والنقيصة ، من الاخبار الدالة على بطلان الصلوة بنقيصتهما سهوا ، بضميمة الاجماع على ان كل ما كان نقيصته سهوا موجبة للبطلان فزيادته كك اما بطلان الصلوة وعدم انعقادها بنقص القيام حال التكبيرة ولوسهوا ، فيدل عليه اطلاق قوله علیه السّلام في صحيحة زرارة وقم منقصبا فان رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم قال من لم يقم صلبه فلا صلوة له ، فانه يدل باطلاقه على ان من كبر ولم يقم صلبه لم تنعقد صلوته ولوكان ساهيا ، وخصوص قوله علیه السّلام في موثقة عمار، وان وجب عليه الصلوة من قيام فنسى حتى افتتح الصلوة وهو قاعد ، فعليه ان يقطع صلوته ويقوم ويفتتح الصلوة وهو قائم ولا يعتدى بافتتاحه وهو قاعد ، فاذا كان نقيصته سهوا موجبة للبطلان بمقتضى هذه الاخبار ، فبضميمة الاجماع على ان كل ما كان نقيصته سهوا موجبة للبطلان فزيادته موجبة له ، يستفاد ركنيته بالمعنى المصطلح واما بطلان الصلوة بنقص القيام المتصل بالركوع ولوسهوا ، فيدل عليه مضافا الى الاجماع ، الاخبار الدالة على اعتبار القيام في الصلوات المفروضة ، وانه يجب على المصلى ان يقوم منتصبا ثم يكبر قائما ويقرء كك ثم يركع ، فانها تدل على اعتبار كون الركوع عن قيام ، فلوانحنى القائم بقصد الركوع ، ولكن وقف قبل الوصول الى الحد المعتبر شرعا في الركوع ، او انحنى الى ان بلغ ذلك الحد لكن لا بقصد الركوع ، فلا يصح له ان يزيد في انحنائه بقصد الركوع في الفرض الاول ، أو يقصد الركوع بعد

ص: 356

انحنائه الى حده فى الفرض الثاني ، لعدم كون ركوعه حينئذ عن قيام في شئى من الفرضين، وكذا لو هوى الى السجود ناسيا للركوع ثم تذكر قبل وضع الجبهة على الارض، فنهض بهيئة الركوع الى ان بلغ حده، لا يصح له ان يقصد به الركوع ، لعدم كون ركوعه حينئذ عن قيام و توهم ان مجرد اعتبار القيام فى حال التكبيرة والقرائة، لوكان دالاعلى اعتبار كون الركوع عن قيام، لكان اعتبار رفع الرأس من الركوع حتى يعتدل ويقيم صلبه ، دالاعلى اعتبار كون السجود عن قيام ايضا مدفوع بالفرق بين المقامين، فان مفهوم الركوع لغة وعرفا هو مطلق الانحناء وخفض الرأس فله افراد متفاوتة حسب تفاوت مراتب الانحناء قلة وكثرة ، والظاهران استعماله فى الشرع في الانحناء المخصوص البالغ الى حد خاص ، ليس من باب وضعه شرعا المرتبة خاصة كي يكون حقيقة شرعية في تلك المرتبة ، بل هو من باب اطلاق الكلى على الفرد ، بمعنى ان الشارع لم يستعمل الركوع الا في مفهومه العرفي، عاية الامر اعتبر في حق القادر بلوغه الى حد خاص فاذا كان للركوع افراد متفاوتة ، فلا يخاطب بالركوع الصلوتى الظاهر فى الانحناء الخاص الحدوثى الامن لم يكن منحنيا اصلا ان لا يقال لمن كان منحنيا انحن الظاهر فى احداث الانحناء ، بل يقال اجعل انحنائك اخفض ، فخطاب اركع الظاهر في طلب احداث الركوع والانحناء الخاص ، لا يصح توجيهه الابمن لم يكن منحنيا اصلا اذلوكان منحنيا بمقدار الانحناء المعتبر شرعا في الركوع ، لكان المتعين الأمر بابقاء الركوع لا احداثه ، ولو كان منحنيا بازيدمن المقدار المعتبر شرعا في الركوع او اقل منه ، لكان المتعين الامر بجعل انحنائه اقل او اكثر كى ينطبق على الانحناء المعتبر في الركوع شرعا ، لا الامر باحداث الركوع فالأمر باحداثه كماهو الظاهر من خطاب اركع ، لا يصح الايمن لم يكن منحنيا اصلا وهذا بخلاف السجود ، فان مفهومه لغة وعرفا ليس الاوضع الجبهة على الارض بقصد التواضع ، وهذا المعنى يمكن ان يخاطب باحداثه من لم يكن كك ، سواء كان منحنيا او معتدلا ان قلت على ماذكرت يكون اعتبار القيام المتصل بالركوع من باب المقدمية وتوقف احداث الركوع المأمور به عليه ، و عليه فلا يجب ان يكون الركوع عن

ص: 357

قيام، فيما امكن احداثه عن جلوس ايضا قلت امکان احداث الركوع عن جلوس ممنوع ، لان الجالس اما ان ينهض للركوع منحيا او متعدلا ، فعلى الأول لا يصح توجيه خطاب اركع الظاهر في طلب احداث الركوع اليه، وعلى الثاني يكون احداثه للركوع عن قيام لاعن جلوس فتدبر ثم لا يخفى ان غاية ما يستفاد الاخبار هي كون القيام شرطا ركنيا للتكبيرة والركوع ، واماكونه ركنا مستقلا

فلا يستفاد منها، هذا خلاصة ما افاده الاستاد مدظله في ظله في استدلال بالاخبار على ركنية القيام حال التكبير والقيام المتصل بالركوع ولا يخفى ان الاستدلال بها على ركنية القيام حال التكبير، بضميمة الاجماع على ان كل ما كان نقيصته سهوا موجبة للبطلان فزيادته سهوا كك ، وانكان تماما لما عرفت من دلالة موثقة عمار على بطلان الصلوة بالاخلال به سهوا ، لكن الاستدلال بها على ركنية القيام المتصل بالركوع لا يخلو عن اشكال ، اذغاية ما يدل عليه الاخبار هو اعتبار القيام قبل الركوع حال التكبير والقرائة ، واما اعتبار كونه متصلا بالركوع او كون الركوع واقعا عن قيام ، فلادلالة لها عليه اصلا و اما ما افاده في وجه الفرق بين الركوع والسجود من ان الامر بالركوع لا يصح توجيهه الا بمن لم يكن منحنيا اصلا بخلاف الامر بالسجود ، فلا يستفاد منه الا اعتبار القيام المتصل بالركوع من باب المقدمية و توقف احداث الركوع المأمور به عليه ، دون كونه رکنا مستقلا او شرطا ركنيا للركوع ثم لوسلمنا دلالة الاخبار على اعتباركون القيام الواجب في حال التكبير والقرائة متصلا بالركوع اوكون الركوع واقعا عنه ، لكن مقتضى ذلك ليس الامجرد كون الاتصال بالركوع، شرطا لصحة القيام الواجب في الصلوة او شرطا لصحة لركوع و اما كون الاخلال به سهوا موجبا لبطلان الصلوة فلا دلالة لها عليه ، للمنع عن كونها الا فى مقام بيان اعتبار وصف الاتصال بالركوع في القيام ، او وصف الكون عن قيام في الركوع في الجملة ، لا مطلقا كى تدل على بطلان الصلوة بالاخلال به مطلقا ولوسهوا ، سلمنا ظهورها في اعتباره على الاطلاق، لكن قوله علیه السّلام في صحيحة زرارة لاتعاد الصلوة الامن خمسة ، حاكم على مثل هذه المطلقات ومقيدلها بصورة العمد

ص: 358

اللهم الا ان يمنع عن حكومة الحديث الاعلى اطلاق ادلة الشروط المعتبرة في غير الخمسة ، بدعوى ان المراد من الخمسة ليس هو مجرد مفهومها العرفي الصادق على الخالى عن الشرائط المعتبرة شرعا ، بل المراد منها هي الخمسة المعتبرة فى الصلوة الواجدة للشرائط المعتبرة و عليه فالاخلال بالشروط المعتبرة في الخمسة يكون اخلالا بنفس الخمسة ، فتكون الشروط المعتبرة فيها داخلة في المستثنى ، لافى المستثنى منه كي يكون الحديث حاكما على ادلة اعتبارها ومما يؤيد كون المراد من الخمسة هى الخمسة المعتبرة فى الصلوة دون مفهومها العرفي ، هوانه لوكان المراد منها هو مفهومها العرفى ازم بطلان الصلوة بزيادة سجدة واحدة ، لصدق مفهوم السجدة عليها، واللازم باطل فالملزوم مثله ان قلت سلمنا مثله ان قلت سلمنا عدم حكومة حديث لاتعاد على ادلة الشروط المعتبرة فى الخمسة ، لكن يكفى فى تقييد اطلاق ادلة اعتبار شروطها بصورة العمد ، قوله علیه السّلام فى مرسلة سفيان تسجد سجدتي السهو لكل زيادة و نقيصة، لحكومته على اطلاق ادلة اعتبار شروط الخمسة وغيرها قلت لا يبقى لهذا المقال مجال بعد تسليم ان المراد من الخمسة في الحديث هي الخمسة المعتبرة فى الصلوة الواجدة للشرائط المعتبرة فيها شرعا ، وذلك لما عرفت من دخول الشرائط المعتبرة في الخمسة حينئذ فى المستثنى ، ومعه الامجال لتوهم شمول المرسلة لها ، ضرورة ان الحديث يدل حينئذ على لزوم الاعادة بنقيصة خصوص الخمسة وما اعتبر فيها سهوا ، والمرسلة تدل على عدم لزوم الاعادة بنقيصة شيء من اجزاء الصلوة و شرائطها ولا بزيادتها سهوا ، فيكون الحديث اخص من المرسلة ، فيجب تقييدها و تخصيصها بغير مورد التعارض نعم لوقلنا باجمال الحديث وعدم ظهوره في كون المراد من الخمسة هو مفهومها العرفى او الخمسة المعتبرة فى الصلوة ، صح التمسك بالمرسلة لتقييد اطلاق ادلة اعتبار الشروط الخمسة ايضا بصورة العمد هذا وتدبر.

و قد يستدل على اعتباركون الركوع عن قيام ، بان الركوع ليس هي الهيئة المخصوصة الحاصلة من الانحناء بالمعنى المصدرى ضرورة انه اعتبر في مفهوم الركوع عرفا الخفض والانحطاط تذلا وخضوعا ، المعبر عنه في الفارسية بسر فرود

ص: 359

اوردن، و من المعلوم ان الخفض والانحطاط كك لا يتحقق بمجرد حصول هذه

الهيئة من ای سبب حصلت بل لابد في تحققه من حصول هذه الهيئة من الانحناء بمعناه المصدرى ، فللانحناء بهذا المعنى دخل في حقيقة الركوع ، فالركوع ليس هى الهيئة المخصوصة من اى سبب حصلت ، بل هي الهيئة المخصوصة الحاصلة من الانحناء بالمعنى المصدرى ،الحدثى، فيكون المطلوب في باب الركوع هو الهيئة الحاصلة عن ذلك الانحناء ، لا ذات الهيئة من ای س سب حصلت، وحيث ان الانحناء بذلك المعنى لا يعقل تحققه الا بالقيام ، كان القيام المتصل بالركوع معتبرا ، لتوقف تحقق الركوع المامور به عليه عقلا هذا ولا يخفى مافيه اما اولا، فلان دعوى دخل الانحناء بالمعنى المزبور فى حقيقة الركوع و هويته عرفا واضحة البطلان ، ضرورة صدق الركوع بهويته على الهيئة المخصوصة ، ولولم تكن حاصلة عن الانحناء وأما ثانيا فلان غاية ما يقتضيه هذا الدليل، هو كون القيام المتصل بالركوع معتبرا من باب المقدمية ، واما كونه ركنا مستقلا او شرطا لركن كك فلا ، و حمل قول الفقهاء ان القيام المتصل بالركوع ركن ، على مجرد كونه معتبرا من باب المقدمية كما ترى ومما ذكرنا ظهر ما في الاستدلال على اعتبار كون الركوع عن قيام ، بماحصله ان الركوع و ان لم يكن الا عبادة عن الهيئة المخصوصة ، من دون مدخلية للانحناء في حقيقته اصلا ، لكن لاشبهة فى ان المقصود من الركوع ليس مجرد حصول تلك الهيئة ، كى يكون الانحناء والهوى الى الركوع مقدمة عقلية محضة ليس له جهة مطلوبية ذاتية ،اصلا ، كما يظهر من منظومة العلامة الطباطبائى، بل المقصود من الركوع مضافا الى ذلك ، اظهار الخضوع والتذلل له تعالى ، المعبر عنه فى الفارسية بکرنش کردن و سر فرود آوردن ، و من المعلوم ان هذا المعنى لا يحصل ، الا فيما اذا كان الركوع حاصلا عن الانحناء بالمعنى المصدرى ، فالمطلوب في باب الركوع امران ، الانحناء بالمعنى الحدثى المصدري والهيئة المخصوصة الحاصلة منه ، ويكون المامور به شرعا كلا من الأمرين ، وحيث ان الانحناء بذاك المعنى لا يتحقق الا عن قيام ، فيكون القيام المتصل بالركوع

ص: 360

معتبر التوقف تحقق الانحناء المامور به عليه عقلا، فان هذا الوجه وانكان سالما عما اور دناه على الوجه السابق ،اولا، لكن يرد عليه ما اوردناه هناك ثانيا وثالثا فالاولى في مقام الاستدلال على ركنية القيام المتصل بالركوع ، الاختصار على الاجماعات المحكية المستفيضة على ركنیته مستقلا ، ولاينافی رکنيته كك كونه مقدمة لتحقق الركوع القيامى ايضا، و حملها على ركنيته بالمعنى الاعم من النفسي والشرطى خلاف الظاهر، وابعد منه حملها على مجرد كونه معتبرا من باب المقدمية العقلية والاشكال في الاستدلال بها باحتمال ابتنائها على الاستظهار من الاخبار او على الوجهين المتقدمين مدفوع بان هذه وجوه ذكرها بعض من المتاخرين من باب التاييد ، و ليس منها اثر فى كلمات المجمعين اصلا ثم انا قد اشرنا فيما مر ان الدليل على بطلان الصلوة بزيادة الركوع والسجود و غيرهما من الاركان ولو سهوا، ليس الا الاجماع على ان كل ما كان نقيصته سهوا موجبة للبطلان فزيادته سهواكك ، والا فمثل حديث لاتعاد لا تعرض له الاللبطلان بالنقيصة كما لا يخفى ، فح انكان لمعقد هذا الاجماع اطلاق ، بحيث يعم زيادة ما يصدق عليه مجرد المفهوم العرفي للركوع او السجود او غيرهما من الاركان، وان لم يكن واجد اللشرائط المعتبرة شرعا فتكون زيادة الركوع ولو سهوا مبطلة وان لم يكن عن قيام وان منعنا عن اطلاق معقد هذا الاجماع وقلنا بان المتيقن منه هو زيادة ماكان واجد الجميع الشرائط المعتبرة ، فلاتكون زيادة الركوع مبطلة الا اذا كان عن قيام هذا.

ثم ان الاصحاب رضوان الله تعالى عليهم ، اعتبروا في القيام امورا ، يكون بعضها مقوما لحقيقته وداخلا في قوام مهیته ، و بعضها خارجا عن حقيقته فمن الاول الاستقامة المقابلة للانحناء والمقابلة للاعوجاج ، فيخل به الانحناء وكذا الميل الى طرف اليمين واليسار ولو يسيرا ، فيما اوجب عدم صدق الاستقامة عليه عرفا ، ومنه عدم التفريج الفاحش بين الرجلين بحيث سلب عنه اسم القائم عرفا ومن الثاني الوقوف على الرجلين والاستقلال المقابل للاستناد والاعتماد ، والاستقرار المقابل للاضطراب واما المقابل للمشى ففى كونه من قبيل الاول القوم او الثانى تامل

ص: 361

و على اى حال فما كان من قبيل الاول ، يكون نفس دليل اعتبار القيام كافيا في اعتباره، ولا حاجة معه الى التماس دليل اخر ، وماكان من قبيل الثاني ، فلابد من اقامة الدليل على اعتباره ، والا فمقتضى الاصل هو البرائة ، بناء على ما هو الحق والمختار من جريانها في دوران المكلف به بين الاقل والاكثر الارتباطيين ايضا فنقول اما اعتبار الوقوف على الرجلين ، فقد استدل عليه مضافا الى دعوى الاجماع عليه ، بانصراف القيام الى القيام على الرجلين وفيه ان دعوى الانصراف على نحو يكون كالتقييد اللفظى ممنوعة جدا ، واما دعواه لاجل غلبة الوجود ، فهى وانكانت مانعة عن انعقاد الاطلاق، لعدم تمامية مقدماته

مع هذه الغلبة ، فان من مقدماته لزوم نقض الغرض لوارید به خصوص المقيد، ومن المعلوم انه لا يلزم نقض غرض في المقام، لو اريد من القيام خصوص القيام على الرجلين ، بعد غلبة خصوصه وندرة القيام على رجل واحد غاية الندرة ، لكنها لا توجب الظهور في التقييد ايضا ، حينئذ فيكون التقييد بالوقوف على الرجلين بلا دليل ، ومقتضى الاصل البرائة عنه ، هذا بناء على الاحتياج فى انعقاد الاطلاق الى مقدمات الحكمة ، و اما بناء على ما هو المختار للاستاد دام ظله من عدم الاحتياج اليها ، فلا تكون هذه الغلبة مانعة عن انعقاده ، وحينئذ فيكون التقييد بالوقوف على الرجلين ، مدفوعا بمقتضى اطلاق الدليل واما الاستدلال على ذلك ، بما ورد في تفسير قوله تعالى طه ما انزلنا عليك القرآن لتشقى ، من ان النبي صلی الله علیه و آله و سلّم كان يصلى على قدم واحد حتى نزلت هذه الاية ففيه ما لا يخفى بعد ضعف السند والدلالة كما لا يخفى هذا مضافا الى ما في بعض الاخبار من انها نزلت في شان النبى صلی الله علیه و آله و سلّم حيث كان يصلى على رؤس الاصابع، و معه كيف يمكن الاستدلال بالاية الشريفة بضميمة الاخبار المفسرة لها على النهى عن الصلوة على قدم واحد اللهم الا ان يقال انه يستفاد من الاية بضميمة الاخبار ، ان واحدا من القيام على رجل واحد والقيام على رؤس الاصابع منهى عنه ، ومقتضى القاعدة في تردد المنهى عنه بين المتبائنين هو الاحتياب بترك كليهما لكنك عرفت الاشكال في اصل الدلالة ، فالعمدة فى المسئلة هو الاجماع ان تم ثم لو قلنا باعتبار

ص: 362

الوقوف على القدمين، فاللازم ان يكون الاعتماد عليهما ، اذلا يصدق الوقوف على القدمين، مع الاعتماد على احدهما و مماسة الآخر للارض ، نعم لا يعتبر تساوى القدمين فى الاعتماد لعدم الدليل عليه ، و اما حسنة ابى حمزة بابن هاشم قال رايت على بن الحسين عليهما السلام في فناء الكعبة في الليل وهو يصلى ، فاطال القيام حتى جعل بتوكاء على رجله اليمنى ومرة على رجله اليسرى، فالظاهر انها في النافلة واما اعتبار الاستقلال و عدم الاعتماد والاستناد على شيء ، فاستدلوا عليه بوجوه عمدتها الروايات منها صحيحة عبد الله بن سنان عن ابيعبد الله علیه السّلام، قال علیه السّلام لا تمسك بخمرك وانت تصلى ولاتستند الى الجدار ، الا ان تكون مريضا ، والخمر بالتحريك على ما فى المجمع و غيره ماوراك وسترك من جبل او شجرا و خزف ومنها رواية عبدالله بن بكير المحكية عن قرب الاسناد ، قال سئلت ابا عبد الله علیه السّلام عن الصلوة قاعدا او متوكنا على او حائط ، قال علیه السّلام لاما شأن ابيك وشان هذا ما بلغ ابوك بعد هذا بعد، والمراد من قوله علیه السّلام ما شأن ابيك الخ ، هو ان اباك مع كونه اكبر منك سنا لم يبلغ سنه وضعفه الى حد يكون من شأنه الصلوة متوكئا او قاعدا فكيف بانت لكن يعارضها صحيحة على بن جعفر عن اخيه موسى علیه السّلام، عن الرجل هل يصلح له ان يستند الى حائط المسجد وهو يصلى او يضع يده على الحائط من غير مرض و علة ، فقال علیه السّلام لا باس ، و عن الرجل يكون في صلوة فريضة فيقوم في الركعتين الاوليين ، هل يصلح له ان يتناول حائط المسجد فينهض يستعين به على القيام من غير ضعف ولا علة ، قال علیه السّلام لاباس ، وقوله علیه السّلام في موثقة ابن بكير لاباس بالتوكي على عصى والتوكى على الحائط ، والموثقة وانكانت غير معارضة لتلك الاخبار، لامكان حملها على المريض حملا للمطلق على المقيد، لكن الصحيحة معارضة معها ، و مقتضى الجمع العرفي بينهما هو حمل النهى في تلك الاخبار على الكراهة ، ومعه لاتصل النوبة الى مرجحات الصدور وجهته ، كى يحمل الصحيحة على التقية لموافقتها المذهب الجمهور واما الجمع بحمل الصحيحة على ما اذا كان الاستناد الى الحائط

ص: 363

استنادا غير تام غير موجب لخروج القيام عن الاستقلال ففيه ان هذا في الحقيقة طرح للصحيحة، لان الظاهر من الاستناد هو الاستناد على وجه الاعتماد الموجب لخروج القيام عن الاستقلال، هذا مع ان هذا النحو من الجمع يحتاج الى شاهد خارجى ، ولا شاهدكك فى البين هذا ولكن الذي يسهل الخطب، هو ان الصحيحة غير معمول بها عند الاصحاب و لذا حملوها على التقية، فهى ساقطة عن الحجبة والاعتبار راسا ولا ينا في ذلك مامال اليه جمع من المتاخرين، من حمل النهي في تلك الاخبار على الكراهة بقرينة الصحيحة، ضرورة ان الملاك في كون الخبر معمولا به او معرضا عنه، هو كونه معمولا به بين القدماء و عدم كونه كك بينهم، فلا عبرة بعمل جمع من المتاخرین بالصحيحة، مع كونها معرضا عنها بين القدماء هذا واما الاستقرار فهو بمعنى الوقوف المقابل للمشى ، لا يحتاج اعتباره الى اقامة دليل عليه ، ان قلنا بكونه داخلا في حقيقة القيام و مفهومه عرفا ، و اما ان منعنا عن ذلك ، فيدل على اعتباره مضافا الى الاجماع المصرح به في كلمات جمع من الاساطين ، رواية السكونى المنجبرة بعمل الاصحاب و شهرتها بينهم ، عن الرجل يريد ان يتقدم قال علیه السّلام يكف عن القرائة حال مشيه ، و اما قوله علیه السّلام في رواية سلیمان بن صالح وليتمكن في الاقامة كما يتمكن فى الصلوة فانه اذا اخذ في الاقامة فهو في الصلوة ، فلا دلالة له على اعتبار التمكن والوقوف الصلوة ، لا لمكان استحباب الاقامة كى يقال لاينافي استحبابها كون التمكن والوقوف شرطا في صحتها، نظير اشتراط الطهارة فى الصلوات المستحبة بل لان التعليل بان الاخذ في الاقامة كالداخل في الصلوة ، لا يدل على اعتبار التمكن فى الأئامة ، الا بعدكون اعتباره في الصلوة مفروغا عفه، فلا يمكن استفادة اعتباره فى الصلوة بنفس هذا التعليل ، نعم يستفاد من هذا التعليل ان مطلوبيته فى الصلوة فى الجملة وبنحو الاعم من الوجوب والاستحباب كانت مفروغا عنها عندهم، لكنه لا يجدى فيما نحن بصدده كما لا يخفى هذا مع ان الظاهر هو استحباب التمكن فى الاقامة ، ومعه كيف يمكن ان يستفاد

ص: 364

الزومه في الصلوة، من تعليل استحبابه في الاقامة بان الاخذ فيها كالداخل في الصلوة ، الا ان يدعى دلالة هذا التركيب عرفا على لزومه فى الصلوة ، وانكان مستحبا في الاقامة والعهدة على مدعبه.

و اما الاستقرار بمعنى السكون المقابل للاضطراب، فالمقابل منه للاضطراب الموجب للاعوجاج والميل يمنة ويسرة ، داخل في حقيقة القيام ، فلاحاجة الى اقامة الدليل على اعتباره و اما المقابل منه للاضطراب المنافي للطمانينة ، فيدل على اعتباره ، مضافا الى عموم مادل على اعتباره فى جميع افعال الصلوة ، من اخبار المانعة عن الصلوة فى المحمل والسفينة الخفيفة، خصوص رواية الحلبي عن ابيعبد الله علیه السّلام سئلته عن الصلوة في السفينة فقال علیه السّلام انكانت محملة ثقيلة ان قمت فيها لم تتحرك فصل قائما انكانت خفيفة تكفا (1)فصل قاعدا وحمل التحرك المنفى فى الصدر على ما تكفا وتنقلب معه السفينة بقرنية المقابلة مع الذيل ، كي تخرج الرواية عن الدلالة على المطلوب يبعده استلزامه لحمل الرواية على الفرد النادر بل المعدوم ، اذليس فى السفن المتعارفة ما يوجب القيام فيها انقلابها ولو كانت صغيرة خفيفة غايتهما، فلابد حينئذ من حمل قوله علیه السّلام تكفا في الذيل على الحركة يمنة ويسرة بقرنية الصدر، وحينئذ فتكون الرواية صدرا و ذيلا دليلا على المطلوب هذا ثم لا يخفى ان ما اعتبروه في القيام مما يكون خارجا عن حقيقته ومهيته ، كالوقوف على الرجلين والاستقلال والاستقرار وغيرها ، يمكن ثبوتا ان تكون شرائط للقيام وفى طوله ، ويمكن ان تكون من شرائط الصلوة فى عرض القيام ، ويمكن ان تكون من شرائط القرائة ، والثمرة بين الوجوه ممالا يخفى، فانها لو كانت شرائط للقيام ، فمع العجز عنها كما اذا عجز عن الاستقرار مثلا، يكون تكليفه الصلوة قاعد الا قائما وهذا بخلاف ما لو كانت من شرائط الصلوة او القرائة ، اذ حينئذ يدور الامر فى المثال ، بين الصلوة قائما حفظا للقيام المعتبر فيها ، والصلوة قاعد احفظا للطمانينة المعتبرة فيها

ص: 365


1- اى تنقلب يقال انكفئت بهم السفينة اى انقلبت ، وفى حديث الوضوء فاتاه محمد بن حنيفة بالماء فاكفاه يده على يده اليمنى اى قلبه عليها

فيدخل في باب التزاحم، واللازم حينئذ تقديم الاهم لو كان والا فالتخيير ، هذا بحسب الثبوت واما بحسب الاثبات ، فلم يدل دليل على كونها شرائط للقيام ، ضرورة ان قوله علیه السّلام في خبر السكونى المتقدم يكف عن الفرائة في مشيه حتى يتقدم الى الموضع الذي يريد ثم يقرء، لولم يكن ظاهرا في اشتراط الاستقرار في القرائة، لا يكون ظاهرا في اشتراطه فى القيام، وكذا قوله علیه السّلام في رواية الحلبي المتقدمة و انكانت خفيفة تكفأ فصل قاعدا، يمكن ان يكون من باب مزاحمة القيام مع الطمأنينة المعتبرة في الصلوة واهمية الطمأنينة من القيام ، ويمكن ان يكون من باب عدم التمكن من الطمأنية المعتبرة في القيام ، ولا ترجيح لاحد الاحتمالين على الاخر، وحينئذ فاذا عجز عن شيء من هذه الامور الخارجة عن مفهوم القيام التى قالوا باعتبارها فيه ، فمقتضى اطلاق ادلة اعتبار القيام هو الصلوة قائما لاقاعدا و ان اردت توضيح ذلك ، فنقول لاشبهة فى اطلاق ادلة اعتبار القيام في الصلوة ، من مثل قولهم عليهم السلام فى تفسير قوله تعالى الذين يذكرون الله قياما وقعودا الآية، ان الصحيح يصلى قائما والمريض جالسا و على جنوبهم، فان دلالته على اعتبار القيام في حق الصحيح مطلقا ليست قابلة للانكار، و ادلة ما اعتبروه في القيام من الامور الخارجة عن حقيقته ، وانكانت موجبة لتقييد القيام بها مطلقا ولو فى حال العجز عنها ، فيها اذا كان لادلتها اطلاق، لكن ما استدلوا به على اعتبار تلك الامور في القيام ، بين مالا يكون له اطلاق، كالاجماع المدعى على اعتبار الوقوف على القدمين ، وبين ما له اطلاق لكن لا يكون ظاهرا في اعتبارها في القيام ، وذلك لما عرفت من ان قوله علیه السّلام فى خبر السكوني يكف عن القرائة في مشيه ، لولم يكن ظاهرا في اعتبار الاستقرار في القرائة ، لا يكون ظاهرا فى اعتباره فى القيام ، وان قوله علیه السّلام في رواية الحلبي و انكانت خفيفة تكفأ فصل قاعدا ، يمكن ان يكون من باب مزاحمة القيام مع الطمأنينة المعتبرة فى الصلوة واهمية الطمأنينة من القيام ، فلا دلالة له على كون الطمأنينة معتبرة في القيام فالقسم الاول لا يوجب تقييد القيام بكونه على القدمين الا في حال الاختيار والعمد ، لانه القدر المتيقن من الاجماع ، فيرجع فى غيره الى

ص: 366

اطلاق ادلة اعتبار القيام والقسم الثانى لا يوجب تقييد القيام اصلا، وذلك لدوران الاستقلال والاستقرار بين كونهما قيدا للصلوة في حال القرائة او للقرائة او للقيام ، فيكون تقييد القيام بهما مشكوكا، و مقتضى اطلاق ادلة القيام عدم اعتبارهما فيه وتوهم ان تقييد القيام بهما وانكان مشكوكا، لكن لا يصح التمسك باطلاق ادلته في الحكم بعدم اعتبارهما فيه، وذلك للعلم اجمالا بورود التقييد على واحد من اطلاق ادلة الصلوة والقرائة والقيام، ومعه يسقط اطلاق ادلة الكل عن الاعتبار مدفوع بان هذا العلم انما يمنع عن صحة التمسك باطلاق ادلة القيام، فيما كان لجميع اطرافه اطلاق ، وليس كك اذلا اطلاق لادلة الصلوة، نعم مقتضى هذا العلم ، هو عدم جواز الاخلال بالاستقلال والاستقرار عمدا، للعلم ببطلان الصلوة معه على اى حال، لكنه لا يوجب تقييدا فى ادلة القيام، كيلا يصح التمسك باطلاقها عند العجز عنهما او نسيانهما ان قلت سلمنا دلالة ادلة القيام على اعتباره فى حق الصحيح مطلقا، لكن لاينافى ذلك ان يكون قيامه فى حال الاختيار والعمد، مقيدا بكونه على نحو الاستقلال والاستقرار، ضرورة ان غاية ما يدل عليه اطلاق تلك الادلة ، هو ان كل صحيح لابدان يصلى قائما، واما ان قيام كل صحيح هو مطلق القيام فلادلالة لها عليه اصلا، وبالجملة القدر المسلم هو اطلاق تلك الادلة من حيث عنوان الصحيح لامن حيث عنوان القيام ايضا قلت اولا ندعى اطلاق تلك الادلة من كلتا الحيثيتين ، لاطلاق عنوان القيام فيها كاطلاق عنوان الصحيح سلمنا عدم اطلاقها الامن حيث عنوان الصحيح ، لكن مجرد ذلك لا يجدى فى تقييد القيام في حال العمد والاختيار بكونه على نحو الاستقلال والاستقرار ، بعد ما عرفت من عدم ظهور ادلتهما في كونهما من شروط القيام ، كيف والالزم تقييده بهما مطلقا ولو في حال النسيان والعجز لاطلاق ادلتهما ، وانما يجدى ذلك في عدم صحة التمسك في الحكم بعدم اعتبارهما فيه، الا بالاصل دون الاطلاق ، فالفرق بين تسليم الاطلاق لادلة القيام من تلک الحيثيتين، والمنع عن اطلاقها الامن حيث عنوان الصحيح ، انما هو في مجرد الرجوع الى الاطلاق فى الحكم بعدم اعتبار الاستقلال والاستقرار في القيام على

ص: 367

الاول، والرجوع الى الاصل في الحكم بعدم اعتبارهما فيه على الثانى فتبين مما ذكرنا ان مقتضى القواعد، هو بطلان الصلوة بالاخلال عمدا بشيء مما اعتبروه في القيام مما هو خارج عن حقيقته، من الوقوف على القدمين والاستقلال والاستقرار اما الاول فلان القدر المتيقن من الاجماع على اعتباره في القيام، هو اعتباره في حال العمد، واما الثاني والثالث ، فلان دليل اعتبارهما وان لم يكن ظاهرا في اشتراطهما في القيام، لكن مقتضى العلم الاجمالي باعتبارهما اما فيه او فى القرائة او في الصلوة حالها، هو العلم ببطلان الصلوة بالاخلال بهما عمدا، واما في حال العجز والنسيان فلادليل على اعتبار شيء منها، كى يوجب سقوط التكليف بالقيام عند العجز عنها والانتقال الى الصلوة جالسا، ويوجب بطلان الصلوة عند الاخلال بها سهوا في حال التكبير والقيام المتصل بالركوع اما عدم الدليل على اعتبار الوقوف على القدمين في هاتين الحالتين، فلما عرفت من ان عمدة ما استدلوا به علی اعتباره هو الاجماع والقدر المتيقن منه هو اعتباره فى حال العمد والاختيار، واما عدم الدليل على اعتبار الاستقلال والاستقرار فيه فى تينك الحالتين، فلما مر من عدم ظهور ادلتهما في اشتراطهما في القيام، كي يكون مقتضى اطلاق ادلتهما اشتراطهما في القيام في تينك الحالتين ايضا، كى يلزم الانتقال الى الصلوة جالسا عند العجز عنهما ، وبطلان الصلوة بالاخلال بهما سهوا في حال التكبير والقيام المتصل بالركوع بل لو سلمنا ظهور ادلتهما في اشتراطهما في القيام ، نمنع عن استلزامه بطلان الصلوة بالاخلال بهما سهواً في القيام المتصل بالركوع، ضرورة ظهور قوله علیه السّلام فى خبر السكونى المتقدم يكف عن القرائة في مشيه حتى يتقدم الخ ، في اختصاص اعتبار الاستقرار بحال القرائة ، دون غيرها من الاكوان الصلوتية ، والالما جاز له المشى كما هو واضح ، وكذا قوله علیه السّلام في رواية الحلبى انكانت السفينة ثقيلة لا تتحرك فصل قائما ظاهر في ذلك، لظهور الصلوة المأمور بها بقوله علیه السّلام فصل فى الاذكار ، فلا تعم الاكوان كي تدل على اعتبار الاستقرار في حال القيام المتصل بالركوع ايضا ، وكنا قوله علیه السّلام في صحيحة ابن سنان لاتستند بخمرك وانت تصلى ظاهر فى النهي عن الاستناد بالخمر

ص: 368

في حال الاذكار فهذه الروايات على تقدير تسليم دلالتها على اشتراط الاستقلال والاستقرار في القيام، لادلالة لها الا على اشتراطهما في القيام المعتبر في الاذكار لا مطلقا فتبين مما ذكرنا انه لو عجز عن الاستقلال والاستقرار ، لا يسقط عنه التكليف بالقيام ، بل مقتضى اطلاق ادلة اعتباره هو القيام معتمدا فى الاول ، كما يدل عليه ايضا قوله علیه السّلام في صحيحة ابن سنان المتقدمة ولاتستند الى جدار الا ان تكون مريضا اذلا خصوصية للمرض وانما استثنى خصوصه ، لان العجز عن الاستقلال في القيام انما يحصل غالبا بالمرض ، ومتحركا في الثاني ، و معه لانحتاج فى اثبات وجوبه في حال العجز عنهما الى قاعدة الميسور هذا ولكن مقتضى قوله علیه السّلام في رواية الحلبي وانكانت خفيفة تكفاء فصل قاعدا ، هو الانتقال في حال العجز عن الاستقرار الى الصلوة قاعدا اللهم الا ان يحمل قوله علیه السّلام تكفاء على الاضطراب الموجب للاعوجاج والميل يمنة ويسرة ، الذى قد عرفت ان الاستقرار المقابل له يكون داخلا في قوام مهية القيام واما لواخل بهما نسيانا في حال القيام، فانكان فى حال القرائة، فمقتضى حديث لا تعاد عدم بطلان الصلوة به، واما ان كان في حال التكبير، فلا يمكن التمسك لعدم بطلان الصلوة به الحديث، ولا بمثل قوله علیه السّلام تسجد سجدتي السهولكل زيادة و نقيصة، و ذلك لتخصيصهما بادلة ركنية التكبير، ومعه يكون التمسك بهما لعدم بطلان الصلوة بالاخلال بهما حال التكبير، مع احتمال دخلهما في القيام المعتبر فيه ، تمسكا بالعام مع الشك فى مصداق المخصص بل المتعين هو التمسك بحديث الرفع فى نفى اعتبارهما فى حال النسيان فتدبر ، هذا بالنسبة الى ما اعتبروه في القيام مما كان خارجا عن حقيقته واما لو عجز عما اعتبروه فيه مماكان داخلا في قوام مهيته ، كما اذا عجز عن الانتصاب او الاستقرار المقابل للمشى بناء على دخوله في حقيقة القيام، فمقتضى القاعدة الاولية وانكان سقوط التكليف بالقيام و وجوب الصلوة قاعدا لكن نقل الاتفاق على ان من تعذر عليه الاستقامة وغيرها مما هو داخل في حقيقة القيام، لا ينتقل الى الجلوس، بل ينتقل الى ما يمكنه من مراتب القيام فتدبر وقد استدل له ايضا بقاعدة الميسور، وفيه ان قاعدة الميسورانما تجرى فيما اذاعد العمل

ص: 369

الفاقد المعسور ميسور اللواجد له، ومن المعلوم ان الانحناء بناء على كون الاعتدال معتبرا في قوام مهية القيام، يكون مبائنا مع القيام فكيف يعد ميسورا من القيام ، ان ظاهر اطلاق قوله علیه السّلام فى المرسل المريض يصلى قائما فان لم يستطع صلى جالسا، من غير تفصيل بين التمكن من الصلوة منحنيا وعدمه ، هو الانتقال الى الجلوس بمجرد العجز عن القيام اللهم الا ان يقال بحكومة القاعدة على مثل هذا المرسل ، لانها تدخل الفاقد للميسور في عرض الواجد له و بدرجه فی میسوره و بحكم بانه هو ، و معه لا يبقى مجال للانتقال الى البدل الذى هو في طول المبدل لكن الشأن فى اثبات جريان القاعدة في المقام الذى يكون الفاقد للمعسور مبائنا مع الواجد اللهم الا ان يقال بكفاية كون الفاقد للمعسور اقرب الى الواجد من غيره فى جريان القاعدة ، وعدم اعتبار كونه متحدا حقيقة ومهية مع الواجد فى جريانها، او يقال ان الاستقامة وانكانت داخلة في مفهوم القيام عرفا، لكن الاستقامة لها مراتب عرفا حسب اختلاف الاشخاص، فالشخص القادر على اقامة الصلب يكون استقامته بانتصاب ظهره، والعاجز عنها كالمنحنى بالذات يكون استقامته ما يمكنه من القيام ، فهو مصداق حقيقى للقيام بالنسبة اليه، و ان لم يكن كك بالنسبة الى غيره فتدبر فالاولى الاستدلال على الانتقال الى الانحناء مع العجز عن الانتصاب ، برواية على بن يقطين عن ابي الحسن علیه السّلام قال سألته عن السفينة لم يقدر صاحبها على القيام ايصلى فيها وهو جالس يومي او يسجد ، قال علیه السّلام يقوم وان حتى ظهره ، فانها ظاهرة في السوال عن السفينة المظللة التي تكون مظلتها أقربها من سكانها مانعة عن قيام صاحبها الذى يكون مكانه عند السكان منتصبا، فاجاب علیه السّلام بانه يقوم منحنيا ، فيدل على ان الانحناء مقدم على القعود مطلقا ولو بلغ حد الركوع واما لوعجز عن الاستقرار المقابل للمشى، فهل يتعين عليه الصلوة ماشيا ، او ينتقل الى الصلوة قاعدا فيه خلاف ولعل منشاء خلافهم فى ذلك ، مع ماعرفت من اتفاقهم على ان العاجز عن الاستقامة و غيرها مما هو داخل في حقيقة القيام ، لا ينتقل الى الجلوس بل بتعين عليه ما يمكنه من مراتب القيام ، هوان المشى في حال الصلوة يكون ماحيا للصورة والهيئة المعبرة

ص: 370

في الصلوة بخلاف الانحناء ، وحيث ان الهيئة والصورة الصلوتية تكون اهم ، يتعين عليه الصلوة قاعدا حفظا للصورة ، واماما استدل به على تعين الصلوة ماشيأ ، من خبر سليمان بن حفص المروزي، قال قال الفقيه علیه السّلام المريض انما يصلى قاعدا اذا صار بالحال التي لا يقدر فيها ان يمشى مقدار صلوته الى ان يفرغ قائما ، ففيه مالا يخفى بعد ضعف الخبر سندا و قصوره دلالة ، اما ضعفه سندا فواضح ، واما قصوره دلالة فلان الظاهران المراد منه هو ان المريض مالم يبلغ ضعفه الى حد د لا يتمكن من المشى بمقدار الصلوة فعليه ان يصلى قائما ، اذلا تنفك القدرة على المشى بهذا المقدار غالبا عن القدرة على القيام بهذا المقدار، فلادلالة له على المنع عن الصلوة جالسا مع التمكن من الصلوة ماشيا.

بقى هنا امور ينبغى التنبيه عليها الاول لودار الأمر بين احد الامور التي اعتبروها في القيام مما هو خارج عن حقيقته و بين القيام ، كما اذا دار الامر بين الصلوة قائما مضطر با وبين الصلوة قاعدا مستقرا ، فهل مقتضى القاعدة هو تقديم الاهم منهما انكان والا فالتخيير ، كما هو مقتضى القاعدة في باب التزاحم او مقتضاها تقديم القيام مطلقا من غير لحاظ الاهمية فى البين ، الاقوى هو الاخير توضيح ذلك بعد ما عرفت من عدم اطلاق لادلة تلك الامور بحيث يدل على اعتبارها ولو في حال العجز عنها، هو انه ان قلنا بما هو المشهور من اعتبار هذه الامور في القيام شرعا وانكانت خارجة عن مفهومه عرفا فلاشبهة فى انه لا معنى حينئذ للدوران والمزاحمة بينها و بين القيام، ضرورة انه لو عجز عن القيام الواجد لهذه الشرائط، يتعين عليه القيام الفاقد لها بمقتضى اطلاق ،دلیله اذا لمفروض انه ليس لادله اعتبار تلك الامور اطلاق بالنسبة الى حال العجز ، مع انه لو كان لادلتها اطلاق، فلازمه سقوط اصل القيام مع العجز عنها والانتقال الى الجلوس واما ان قلنا بان هذه الامور من شرائط القرائة او الصلوة حالها، فح و ان امكن الدوران والمزاحمة بينها وبين القيام، لكنها حيث تكون مشروطة بالقدرة شرعا ، كمادل عليه قوله علیه السّلام في صحيحة عبدالله بن سنان

ص: 371

المتقدمة ولاتستند الى الجدار الا ان تكون مريضا، وقوله علیه السّلام في رواية عبدالله بن بكير المتقدمة في جواب السؤال عن السؤال عن الصلوة متوكئا على عصى او حائط ، لاماشأن ابيك وشان هذا ما بلغ ابوك هذا بعد فاللازم تقديم القيام عليها عند الدوران والمزاحمة، و ذلك لما حقق فى باب التزاحم من انه اذا كان احد المتزاحمين مشروطا بالقدرة شرعا يقدم الاخر عليه سلمنا اطلاق ادلتها بالنسبة الى حالتي القدرة والعجز، لكن نقول ما حقق فى باب التزاحم من ان العقل يحكم بلزوم الاخذ باحد الواجبين المتزاحمين تعيينا مع الاهمية فى البين والافتخييرا، انما هو فيما اذا وقع التزاحم بين شرطين معتبرين في طبيعة الصلوة على نحو الاطلاق ، كالاستقرار والاستقلال المعتبرين فى الصلوة مطلقا ولو كان المصلى ممن وظيفته الصلوة قاعدا، واما لو وقع التزاحم بين ماهو معتبر في صنف خاص من الصلوة بحيث كان مقوما لهذا الصنف، وبين ماهو معتبر في طبيعتها على الاطلاق، كما في المقام حيث ان القيام معتبر في صلوة الصحيح القادر عليه، والاستقلال والاستقرار معتبران فى الصلوة مطلقا ولوكان المصلى مريضا ، فاللازم هو تقديم ما هو المعتبر في صنفها الخاص على ما هو المعتبر في طبيعتها على الاطلاق، مطلقا ولو كان ماهو المعتبر في طبيعتها على الاطلاق اهم ضرورة ان العقل انما يحكم بلزوم تقديم احد المتزاحمين من الشرطين مع وجود الاهم فى البين وبالتخيير بينهما مع عدمه، فيما اذا امكن مع اخذ المكلف باحدهما تعيينا او تخييرا حفظ اصل ما هو وظيفته و تكليفه شرعا، ومن المعلوم ان مع دوران الامر بين القيام والاستقرار ، لوصلي قاعد الحفظ الاستقرار، ولا يتمكن معه من حفظ ماهو وظيفة الصحيح وتكليفه شرعا من الصلوة قائما، بل لا تكون صلوته قاعدا موجبة لفحظ الاستقرار المعتبر فيما هو وظيفته و تكليفه شرعا من الصلوة قائما ، بل تكون موجبة لحفظ الاستقرار المعتبر فيما هو وظيفة المريض من الصلوة قاعدا اللهم الا ان يقال ليس لعنوانى الصحيح والمريض موضوعية ، وانما المناط على القدرة والعجز ، وهما وانكانا منوعين للصلوة ، كما هو

ص: 372

ظاهر قولهم علیه السّلام في تفسير قوله تعالى الذين يذكرون الله قياما وقعودا ، ان الصحيح يصلى قائما والمريض جالسا ، لكن اذا وقع التزاحم بين القيام والاستقرار ، وكان الاستقرار اهم يكون الامر بالاستقرار تعجيزا مولوياً شرعيا بالنسبة الى القيام ، فيدخل المصلى قهرا في موضوع الحاجز الذى تكون وظيفته الصلوة قاعدا فتدبر ثم انه يدل على ما ذكرنا من ان مقتضى القاعدة عند دوران الأمر بين القيام وما اعتبروا فيه شرعا هو تقديم القيام مطلقا ، قوله علیه السّلام في رواية ابن يقطين المتقدمة يقوم وان حتى ظهره ، ولاينافى ماذكرنا قوله علیه السّلام في رواية الحلبي و انكانت خفيفة تكفاء فصل قاعدا، و ذلك لا مكان حمل قوله علیه السّلام تكفاء على الاضطراب الموجب للاعوجاج والميل الى اليمين واليسار ، الذى قد عرفت ان الاستقرار المقابل له يكون داخلا في قوام مهية القيام و توهم استلزام هذا الحمل لخلو اعتبار الاستفرار بمعنى الطمأنينة عن الدليل مدفوع بعدم انحصار دليل اعتباره بذلك بل يدل عليه مادل على اعتباره فى جميع الصلوة ، من الاخبار المانعة عن الصلوة في المحمل والسفينة الخفيفة ، هذا مضافا الى انه لا يلزم محذور من عدم الدليل على اعتباره ، هذا تمام الكلام فيما اذا دار الامر بين القيام وبينما اعتبروه فيه من الشرائط شرعا واما اذا دار الامر بين نفس تلك الشرائط ، فليعلم اولا انه فرق بين التزاحم فى الواجبات النفسية الاستقلالية ، و التزاحم فى الواجبات الغيرية التبعية كالاجزاء و الشرائط و ذلك لان التزاحم فى الواجبات النفسية ، حيث يكون في مرحلة الفعلية وعجز المكلف عن امتثال كلا الحكمين مع تمامية كل منهما ملاكا و خطابا ، فيحكم العقل بتقديم الاهم او محتمل الاهمية منهما لوكان ، والا فيحكم بالتخيير ، وهذا بخلاف التزاحم فى الواجبات الغيرية ، اذلا طريق للعقل للحكم بالتقديم او التخيير ، بعد احتمال كون الشرطين المتزاحمين معتبرين في المأمور به على نحو الاطلاق المستلزم لاحتمال سقوط اصل المكلف به ، مع العجز عن امتثاله باتیانه بجميع ما اعتبر فيه شطرا و شرطا ، فالحكم بالتقديم او التخيير في تزاحم

الواجبات الغيرية، يحتاج الى حكم الشارع بعدم سقوط اصل المكلف به مع العجز

ص: 373

عن شرائطه، كما ورد من ان الصلوة لاتسقط بحال ، وحينئذ لو كان احدهما اهم نستكشف حكم الشارع بتقديمه، وان كان محتمل الاهمية فيدور امره بين التعيين والتخيير، وقد قرر فى محله ان المتعين حينئذ هو التعيين، و ان لم يكن احدهما اهم ولا محتمل الاهمية نستكشف حكم الشارع بالتخيير، لكن هذا مع عدم سعة الوقت الالصلوة واحدة ، والا فمقتضى القاعدة هو الاحتياط، باتيان صلوتين تارة مع احد الشرطين واخرى مع الاخر.

الامر الثاني هل المستفاد من الاخبار المتكفلة لحكم حال العجز عن القيام والقعود من مثل قوله علیه السّلام فى المرسلة المريض يصلى قائما فان لم يسطيع صلى جالسا فان لم يستطع صلى على جنبه الأيمن فان لم يستطع صلى على جنبه الايسر فان لم يستطع استلقى و او می ايماء ، هواناطة هذه التكاليف الاضطرارية بالعجز حال العمل ، کی يجوز له البدار الى الصلوة جالسا او مستلقيا فى سعة الوقت ، ولومع العلم بزوال عجزه فى اثناء الصلوة او بعدها قبل فوات الوقت ، فضلا عما اذا احتمل ذلك ، اوليس المستفاد منها الا اناطة هذه التكاليف بالعجز المستوعب لتمام الوقت ، وجهان اقويهما الثاني ، ولذا لو عصى ولم يصل اصلا لاشك فى ان الواجب عليه قضائها قائما لاجالسا او مستلقيا ، وليس ذلك الا لكونها فى طول التكاليف الاختيارية ومرتبة على العجز عنها رأسا وفى تمام الوقت، لا فى عرضها كى تكون نسبتها اليها نسبة القصر الى الاتمام كيف والا لكان اللازم فيما لوعصى ولم يصل اصلا ، ان يكون الواجب عليه قضائها جالسا او مستلقيا لا قائما ، كما يكون الواجب على المسافر فيما لوعصى ولم يصل في سفرة اصلا قضائها قصر الا اتماما وعليه فلو صلى مع احتمال زوال العجز في اثناء الصلوة او بعدها قبل فوات الوقت ، اتكالا على استصحاب بقاء العجز الى آخر الوقت او على الظن الاطمينانى ببقائه كك ، و تجددت القدرة في الاثناء او بعد الفراغ ، يكشف عن عدم كون ما اتی به مأمورا به واقعا ولا ينافى ما ذكرنا بعض الاخبار الواردة في السفينة ، مما ظاهره جواز البدار الى الصلوة مع رجاء زوال العذر في

ص: 374

الوقت، كصحيح ابن أبي عمير عن الخزاز قال قلت لا بيعبد الله علیه السّلام انا ابتلينا وكنا فى السفينة فامسينا ولم نقدر على مكان نخرج فيه ، فقال اصحاب السفينة ليس نصلى يومنا ما نطمع فى الخروج ، فقال علیه السّلام ان ابي كان يقول تلك صلوة نوح اوما ترضى ان تصلى صلوة نوح الخبر ، اذلا دلالة له الاعلى ان من سلوى النوح في الاضطرار الى الصلوة فى السفينة ليس له ان يرغب عن صلوته علیه السّلام، واما ان صلوة نوح في السفينة كانت مع عدم الاطمينان بزوال العذر ، كي يدل على جواز البدار مطلقا فلا هذا ، ولكن يمكن ان يقال بالفرق بين التكاليف الاضطرارية المجعولة في المقام ، وبين غيرها من التكاليف الاضطرارية المجعولة في سائر الموارد ، وذلك لان الحكم في سائر الموارد ، حيث يكون مجعولا على العناوين الاولية على نحو الاطلاق ، من غير تقييد فى لسان دليله بالقدرة ، كى يكون للقدرة دخل في الملاك كسائر الشرائط، وانكان لها دخل عقلا في صحة توجيه الخطاب من جهة قبح توجيهه نحو العاجز لكن دخلها كك لا يوجب الاتقييد الخطاب بها في مرحلة الفعلية والتنجز ، فحينئذ لودل دليل على ان المضطر يفعل كذا، لا يوجب هذا الدليل الا تقييد اطلاق دليل ذلك الحكم هيئة فقط، وحينئذ لو ثبت القدرة على الحكم الاولى المعجوز عنه في جزء من الوقت، فمقتضى اطلاق دليل ذلك الحكم مادة ، وجوب امتثاله باتیان متعلقه في ذلك الجزء من الوقت ، وعدم جواز البدار الى اتيان بدله الاضطراري في غير ذلك الجزء من الوقت وهذا بخلاف المقام فان الحكم فيه مقيد في لسان دليله بالقدرة ، فيكون للقدرة دخل فى ملاكه ، فلا يكون لدليله اطلاق لامادة ولا هيئة بالنسبة الى حال العجز، وحينئذ لودل دليل على ان العاجز يفعل كذا ، وكان ظاهرا في العجز حال العمل والعجز الفعلى، فيكون هذا الدليل منوعا للحكم مادة الى نوعين نوع مختص بالقادر المختار و نوع مختص بالمضطر ، وحينئذ لو علم بارتفاع العجز فيما بعد في جزء من الوقت ، لا يكون فى البين ما يقضى بوجوب تأخير الصلوة الى ذلك الجزء من الوقت واتيان ماهو صلوة المختار فى ذلك الجزء، ولا ينافي ما

ص: 375

ذكرنا ثبوت القضاء عليه قائما فيما لوعصى ولم يأت فى الوقت بما هو تكليفه من الصلوة قاعدا، و ذلك لان ثبوت القضاء عليه قائما، انما هو لكون القيام والقعود، نظير الجهر والاخفات، في كونهما من شرائط المصلى مطلقا مؤدبا كان اوقاضيا، ولذا يصح منه القضاء قاعدا مع العجز عن العجز عن القيام، ولو كانت القائتة عنه هی الصلوة قائما، كما يجب عليه فى القضاء عن الميت الجهر والاخفات فى موضعهما ، ولوكان الميت امرأة هذا.

الامر الثالث لو تجدد القدرة او العجز فى اثناء الصلوة ، فلاخلاف ظاهرا في انه يجوز له التلفيق، بان ينتقل من القعود الى القيام فى الاول ، ومن القيام الى القعود في الثاني، ولا يجب عليه القطع والاستيفاف قائما فى الاول وقاعدا في الثاني، ولعله لما ذكرناه فى باب صلوة المسافر، من انه لو شرع الحاضر القاصد للمسافة في الصلوة قبل الوصول الى حد الترخص، و وصل اليه فى اثناء الصلوة قبل التجاوز عن الركعتين، قصر صلوته بالتسليم على الركعتين ولا يستانف الصلوة ، وكذا فيما لو كان الأمر بالعكس بان شرع المسافر المريد للعود الى وطنه في الصلوة قبل وصوله الى حد الترخص ثم وصل اليه فى اثناء الصلوة ، اتم صلوته بالحاق الباقى اليها ولا يستانف الصلوة، وذلك لان الصلوة فى الصورتين وان لم تكن مشمولة لواحد من دليلي القصر والتمام كما لا يخفى، لكن يمكن استفادة صحتها قصرا في الاولى و تماما في الثانية من مجموع الدليلين، ومن هنا قلنا بصحة صلوة من شرع في الصلوة قبل انقضاء الوقت باقل من ركعة ، مع عدم كونها مشمولة لواحد من دليلى الاداء والقضاء، و قلنا بحرمة استعمال الانية المعمولة من الذهب والفضة، مع عدم كونها مشمولة لواحد من دليلى حرمة استعمال الانية من الذهب والانية المعمولة من الفضة، هذا مضافا الى ان الظاهر مما دل على وجوب القيام على القادر، وما دل على الانتقال الى الجلوس مع العجز عنه ، هوان القدرة على القيام شرط في كلجزء اعتبر فيه القيام ، و كذا العجز عنه شرط فى الانتقال الى الجلوس فى كلجزء عجز عن القيام فيه، لا ان كلا

ص: 376

من القدرة على القيام والعجز عنه في مجموع الصلوة شرط واحد، كيلا يكون القادر على القيام فى بعض الصلوة والعاجز عنه في بعضها مشمولا لواحد من الدليلين الا انه استشكل بعض الاعلام قدس سره فيهذا الحكم اعنى جواز التلفيق من القيام والقعود فيما طرء العجز في الاثناء وعلم بزواله قبل فوات الوقت او احتمل ذلك ، بماحاصله ان زوال العجز وتحقق القدرة على الصلوة قائما في جزء من الوقت ، موجب لاختصاص الوجوب بذلك الجزء من الوقت ، لان الامر بالموسع انما يلزم منه التخيير في اجزاء الزمان، فيما اذا امكن اتيانه فى كل جزء جزء منها ، والا فيختص وجوبه بالجزء الممكن اتيانه فيه دون غيره ، وحينئذ فالتكليف بالصلوة قاعدا لابدان يكون بعد العجز عن الصلوة قائما مطلقا وفي تمام الوقت ، اذمع القدرة عليها في جزء من الوقت يتعين وجوبها فيه، ومعه لا تصل النوبة الى بدلها وهى الصلوة قاعدا ومنه يظهر الكلام فى القدرة المتجددة في الاثناء، فانها حينئذ تكون كاشفة عن عدم تعلق الامر بالصلوة قاعدا عند الدخول فيها، فما اتى به من الاجزاء قائما فى الفرض الاول، و كذا ما اتى به منها قاعدا في الفرض الثاني، انما كان باعتقاد الامر وتخيله ، ولاريب ان الاتيان بشيء بتخيل الامر ليس مجزيا عن المأمور به الواقعي على ما حقق في محله ثم حمل قدس سره اتفاق الاصحاب على الحكم اعنى جواز التلفيق فيهذين الفرضين ايضا ، على استفادته من الادلة الواردة فى الباب، من مثل قوله علیه السّلام في صحيحة جميل اذاقوى فليقم ، فانها تدل باطلاقها على وجوب القيام والرخصة في القعود اذا طرء موجبهما ، مطلقا سواء كان طروه قبل الدخول في الفعل او في الاثناء و فيه ان استفادة ذلك من الصحيحة ممنوعة ، فانها بظاهرها كما لا يخفى على من راجعها مسوقة لبيان الحد الذي يجب معه الصلوة قائما ، فهي واردة مورد حكم آخر، ومعه يشكل التمسك باطلاقها لما نحن فيه كما لا يخفى.

الامر الرابع لولم يتمكن من القيام في تمام الركعة ، ودار الامر بين القيام في اولها فيكون ركوعها عن جلوس ، او القيام في اخرها كي يكون ركوعها عن قيام، فهل

ص: 377

يحكم بتعيين القيام في اولها او بتعيينه فى اخرها او بالتخيير فيه وجوه بل اقوال اقويها الاول، لا لما قيل من ان العقل انما يحكم بالتخيير، فيما اذا كان المتزاحمان فى عرض واحد من حيث الرتبة والزمان ، لاجل ان كلا منهما في حد ذاته مقدور يجب الاتيان به اطاعة لامره ، مالم يشتغل بالاخر الذى يمتنع معه اطاعة هذا الامر، واذا اشتغل بكل منهما اطاعة لأمره، يصير عاجزا عن اتيان الآخر، فيقبح مؤاخذته على تركه بعد كونه مستندا الى اطاعة الأمر المتعلق بضده ، كما انه يفتح مؤاخذته على ترجيح الماتى به على المتروك، بعد ان لم يثبت لديه اهميته شرعا واما اذا كان احدهما مترتبا على الاخر في الوجود ، فليس فعل المتاخر وجودا بنفسه مؤثرا في صيرورة المتقدم كك غير مقدور ، ضرورة ان المتاخر وجوداً لا يمكن ان يمنع عن المتقدم وجودا ، فالمانع عن فعل المتقدم في وقته ليس الا ارادة فعل المتاخر الذي يمتنع حصوله مع فعل المتقدم، فليس له عند تركه للمتقدم مقدمة لاتيان المتاخر امتثالا لامره ، ان يعلل ترك المتقدم بعدم قدرته عليه في وقته ، ضرورة انه في حال مطلوبية المتقدم لم يكن عاجزا عن اتيانه اصلا ، وانما تركه اختيارا مقدمة لاتيان المتاخر الذى لا يقدر عليه الاعلى تقدير ترك المتقدم ومن المعلوم ان مجرد ارادة فعل المتاخر لا يصحح له الاعتذار في مخالفة الامر المنجز المتعلق بالمتقدم مقدمة لاطاعة الامر المعلق المتعلق بالمتاخر و حاصل الفرق هو ان مخالفة امر احد المتزاحمين فيما اذا كانا في عرض واحد ، حيث تكون مستندة الى العجز عن امتثاله مع امتثال الآخر ، فيصح للمكلف الاعتذار عنها بالعجز ، وهذا بخلاف ما اذا كان احدهما فى طول الاخر ، فان مخالفة امر المتاخر وانكانت مستندة الى العجز عن امتثاله امتثال امر المتقدم فيكون المكلف معذورا فيها ، لكن مخالفة امر

مع المتقدم لا تكون مستندة الا الى ارادة امتثال امر المتاخر ، ومن المعلوم ان مجرد ذلك لا يوجب العجز عن امتثال امر المتقدم كى يكون المكلف معذورا فى مخالفته .

اذ فيه ان مقتضى هذا الوجه هو لزوم اتيان المتقدم رتبة من المتزاحمين مطلقا

ص: 378

ولو كان المتاخراهم، ضرورة ان مخالفة امر المتقدم فيما اذا كان المتاخراهم، تكون مستندة ايضا الى ارادة امتثال امر المتاخر ، الذي قد عرفت ان مجرده لا يوجب العجز عن امتثال امر المتقدم اللهم الا ان يقال ان مجرد كون المتاخراهم و ان لم يوجب عجز المكلف عن امتثال امر المتقدم لتاخره عنه في الرتبة ، لكن يتولد من اهميته بحكم العقل خطاب مولوى وهو احفظ قدرك على الاهم ، و الخطاب تعجيز مولوى عن الاتيان بالمتقدم، والعجز المولوى الشرعى كالعجز التكويني ، فيكونه مصححا للاعتذار عن مخالفة الامر المعجوز عن امتثاله ، ضرورة ان المانع الشرعي كالمانع العقلى هذا.

ولا لما قيل من ان تعيين القيام فى اخر الركعة كي يقع الركوع عن قيام وكذا التخيير بين القيام فى اولها والقيام فى اخرها ، مخالف لمقتضى الترتيب المعتبر بين الاجزاء ، فلابد من تعيين القيام فى اول الركعة حفظا للترتيب اذفيه ما اورده عليه شيخ مشايخنا الانصاري قدس سره ، من ان الترتيب بين الاجزاء انما هو فى وجودها لا في وجوبها، ضرورة ان وجوبها يتحقق بوجوب الكل المتحقق قبل الشروع في العمل، فالجزء المتقدم والمتاخر سيان فى صفة الوجوب، ويكون كل منهما واجبا في عرض الاخر من غير ترتب لاحدهما على الاخر في الاتصاف بالوجوب اصلا، والمفروض ثبوت العجز عن احدهما لا بعينه، فيتصف المقدور وهو الواحد على البدل بصفة الوجوب ، و مقتضاه التخيير ان لم يكن فى البين اهمية والافيتعين الاهم ولا شبهة فى اهمية القيام فى اخر الركعة لادراك القيام المتصل بالركوع والركوع عن قيام ، كما يؤيد ذلك ماورد في الجالس من انه ان قام في اخر السورة فركع عنه احتسب له صلوة القائم ولا يندفع هذا الاشكال بما افاده قدس سره ايضا فى دفعه اولا من ان الجزء المتاخر انما اتیانه قائما قائما بعد الاتيان بالواجبات المتقدمة عليه التي منها القيام، والمفروض امتناع اتيانه قائما كك فلا يصح تعلق التكليف به، فتعلق الوجوب بالجزء المتاخر و ان لم يكن مترتبا على تعلقه بالجزء

ص: 379

المتقدم، الا انه انما يتعلق بكلشيء مقدور في محله ، والمفروض امتناع اتيان الجزء المتاخر قائما في محله الذى هو بعد اتيان الجزء المتقدم قائما، و هذه قاعدة مطردة في كل فعلين لوخط فيهما الترتيب شرعا ثم تعلق العجز باحدهما على البدل و ثانيا سلمنا كفاية ثبوت القدرة فى جزء من وقت الوجوب فى اتصاف الفعل بالوجوب ، وعدم توقفه عقلا على القدرة على الفعل فى محله وعند حضور زمانه ، لكن المستفاد من قوله علیه السّلام فى صحيحة جميل المتقدمة اذاقوى فليقم و نحوه، هو ان وجوب القيام فى كل جزء وعدمه يدوران مدار قدرة المكلف عليه و عجزه عنه في زمان ذلك الجزء، فاتصاف الفعل بالوجوب لوسلمنا عدم توقفه على القدرة عليه في محله عقلا لكن توقفه عليها شرعا ليس قابلا للانكار بعد دلالة مثل الصحيحة عليه انتهى ما افاده قدس سره اما عدم اندفاع الاشكال بما افاده ،اولا ، فلان ما ذكره من القاعده لوسلمت، فانما هي فيما اذا كان الترتيب بين الاجزاء شرطا في صحتها ، بان كان تقدم الجزء المتقدم شرطا في صحة الجزء المتاخر، وبعبارة اخرى كان الواجب الاتيان بالمتاخر مقيدا بكونه بعد المتقدم، اذ حينئذ يمتنع تعلق الامر بالمتاخركك في مثل الفرض، لانه عند التحليل امر بهما معا ، ضرورة ان الامر بالمقيد امر بالقيد ايضا، فيكون مرجع الامر بالقيام فى اخر الركعة حينئذ الى الأمر بالقيام فى اخرها المقيد بكونه بعد القيام في اولها وهذا امر بغير المقدور ، لان المفروض هو العجز عن القيام في اخر الركعة بعد القيام في اولها واما اذا لم يكن الترتيب بين الاجزاء معتبرا شرعا في صحتها ، بل كان لكل واحد منها فيحد ذاته استقلال بالوجود والوجوب، كما هو الظاهر في الاجزاء المعتبرة في الصلوة ، فان جزئية الركوع للصلوة ليست مقيدة بكونه بعد القرائة، بحيث لو اتى به قبل اتيان القرائة لم يات بالركوع الصاوتى اصلا، غاية الامر ان محل اتيانه بعد اتيان القرائة من غير تقييد فى البين اصلا، فهما نظير ما لو امر بفعلين مستقلين احدهما في اليوم والآخر في غده ، فلانسلم جريان القاعدة المذكورة فيه ، سلمنا اعتبار الترتيب بين اجزاء الصلوة شرعا ، لكن لا يقتضى ذلك

ص: 380

الا لزوم ائيان الجزء المتاخر بعد اتيان الجزء المتقدم بجميع شرائطها المعتبرة فيه شرعا، وكون القيام معتبرا في اول الركعة فى المقام اول الكلام، لان المفروض ثبوت العجز عن احد القيامين لا بعينه، فيكون المقدور المتصف بالوجوب هو الواحد على البدل، فتخصيص الوجوب بخصوص القيام المعتبر في اول الركعة ترجيح بلا مرجح فتدبر.

واما عدم اندفاع الاشكال بما افاده ثانيا ، فلما عرفت في الأمر السابق من ان صحيحة جميل مسوقة لبيان الحد الذى يجب معه الصلوة قائما ، فهي واردة مورد حكم اخر فلا يصح التمسك باطلاقها للحكم بوجوب ابعاض القيام وقت القدرة عليه كما لا يخفى.

بل اقوائية القول الاول انما هو لما افاده الاستاد دامت ایام افاداته ، من ظهور اخبار الباب من مثل قوله علیه السّلام الصحيح يصلى قائما والمريض يصلى جالسا، فى ان وجوب القيام مشروط بالقدرة شرعا، ومقتضى ذلك فيما اذا كان يقدر على احد القيامين المترتبين فى الوجود، هو تعين تقديم السابق بالرتبة مطلقا ولوكان اللاحق اهم، وذلك لان السابق حيث تكون القدرة عليه حاصلة بالفعل فيكون شرط وجوبه حاصلا كك فيجب اتيانه، و هذا بخلاف المتاخر لعدم القدرة عليه فعلا فلا يكون شرط وجوبه حاصلا بالفعل ، ولا يجب حفظ شرط وجوبه كي يكون وجوب حفظه صالحا للمتعجيز عن المتقدم فالمقام نظير ما لو كان هناك غريقان، وكان وجوب انقاذ احدهما مطلقا غير مشروط بشرط ، و كان وجوب انقاذ الاخر مشروطا بشرط غير حاصل، و لكن يمكن تحصيل شرطه بعدم انقاذ من يكون وجوب انقاذه مطلقا فكما لا اشكال في تعين تقديم المطلق فى المثال عند التزاحم، فكذلك لا اشكال في تعين تقديم ما كان شرطه حاصلا بالفعل على ماليس شرطه حاصلا كك في المقام، ضرورة ان الواجب المشروط عند حصول شرطه يكون بحكم المطلق ولا ينا في ما ذكرنا هنا ما حققناه في الاصول من ان الواجب المشروط عند العلم بحصول شرطه

ص: 381

في محله يكون بحكم المطلق و لذا يجب تحصيل مقدماته الوجودية قبل حصول شرطه، و ذلك لان ماقلناه فى الاصول، انما هو فيما اذا كان الشرط كالوقت مما هو خارج عن قدرة المكلف ويكون محقق الحصول في محله لامحة، وهذا بخلاف ما اذا كان الشرط داخلا تحت قدرة المكلف، اذ للمكلف، ان يحدث المانع عن حصوله فى محله ، ولذا لو علم المكلف بانه لولم يبذل ماله للفقراء تحصل له الاستطاعة التي هي شرط لوجوب الحج جاز له ان يبذل ماله للفقراء فرارا عن وجوب الحج عليه ان قلت قد حقق في محله ان التزاحم بين الواجبين انما يقع في مقام الفعلية وصرف كل منهما قدرة المكلف الى نفسه، بحيث لولا مزاحمة كل منهما بالاخر لكان كل منهما مقدورا يجب الاتيان به اطاعة لامره ، وعلى ماذكرت من ان المتاخر لا تكون القدرة عليه حاصلة بالفعل، فكيف يقع التزاحم بينه وبين المتقدم کی تصل النوبة الى حكم العقل بالتعيين او التخيير قلت المناط فى فعلية الواجب هو القدرة عليه فى زمان امتثاله لا القدرة عليه قبل زمان امتثاله و من المعلوم ان المتاخر لولا المزاحمة بالمتقدم يكون مقدورا في محله الذي هو زمان امتثاله، فيقع التزاحم بينه و بين المتقدم فى مقام الفعلية ، بصرف المتقدم قدرة المكلف الى نفسه فعلا ، و صرف المتاخر قدرته الى نفسه بحفظها له و عدم صرفها في المتقدم هذا و تدبر.

بقى هنا فروغ الاول لو تجدد عجز القائم قبل القرائة او في اثنائها ، فبناء على المختار من لزوم الاستمرار على صلوته ، هل يجب عليه القرائة هاويا و في حال الانتقال الى القعود ، ام لاتجب بل لا تجزى الا بعد انتقاله الى حالة القعود و استقراره، قولان اقويهما الثاني ، حفظا للاستقرار والطمانينة المعتبرة فى القرائة مع الامكان ، كما يدل عليه قوله علیه السّلام في رواية الحلبي المتقدمة و انكانت خفيفة تكفاء فصل قاعدا ، ويؤيده قوله علیه السّلام في رواية السكونى المتقدمة يكف عن القرائة حال مشیه ، ضرورة ان النهى عن القرائة حال المشى ليس الا لعدم انحفاظ الاستقرار معه، و من المعلوم ان حال الهوى الى القعود حال المشي في ذلك، بل اسوء حالا

ص: 382

منه، لما فى المشى من الانتصاب الموجب لاقربيته الى القيام المعتبر فى القرائة من الهوى فى نظر العرف ومنه ظهر ضعف ما استدل به للقول الأول، من ان الهوى اقرب الى القيام المعتبر فى القرائة فيجب المبادرة الى ما تيسر من القرائة حال الهوى حفظا لشرطه بقدر الامكان ، اذفيه ان مجردا قربية الهوى الى القيام المعتبر في القرائة لا يجدى فى ذلك ما لم يكن الهوى بنظر العرف من المراتب الميسورة للقيام المعتبر فى القرائة ، وقد اشرنا فيما مر الى عدم تمشى قاعدة الميسور بالنسبة الى المشى الذى هو اقرب الى القيام من الهوى بنظر العرف فكيف بالهوى والعجب من شيخ مشايخنا الانصاري قدس سره ، حيث ذهب في اول المبحث الى اعتبار الانتصاب فى حقيقة القيام و مفهومه عرفا ، و اختار هنا القول الاول مستدلا عليه ادلة القيام ولومع الانحناء التام ، اذ فيه انه كيف يمكن الاستدلال بعموم ادلة القيام لوجوب القرائة هاويا حفظا للقيام المعتبر فيها بقدر الامكان ، مع القول باعتبار الانتصاب فى حقيقة القيام ، ثم لوسلمنا عدم اعتبار الانتصاب في حقيقة القيام

وصدقه عرفا على الانحناء الذي يكون له نوع استقرار ، لكن نمنع عن صدقه كك على الانحناات الغير القارة المتدرجة فى الوجود حال الهوى ، وذلك لعدم كون شيء منها ملحوظا عند العرف من حيث هو وعلى سبيل الاستقلال كي يطلق عليه اسم القيام بل الهوى بمجموعه عندهم فعل واحد مبائن بالنوع والمهية للقيام والقعود، ولو سلم اندراجه فى مسمى القيام ، لكن لاشبهة فى انصراف ادلة القيام عنه، كانصرافه عن القيام المتحقق فى ضمن المشى، بناء على عدم دخول الاستقرار المقابل للمشي في حقيقة القيام، سلمنا عدم انصراف ادلة القيام عن الهوى، لكن يقع التزاحم حينئذ بینه و بين الاستقرار المعتبر فى القرائة، ولا اشكال في تعين تقديم الاستقرار ، لا لما قيل من انه اقرب الى هيئة الصلوة، و ذلك لما تقدم من الاقرب الى الهيئة الصلوتية هو الاستقرار المقابل للمشى لا المقابل للحركة ، بل لقوله علیه السّلام في صحيحة الحلبى و ان كانت خفيفة تكفاء فصل قاعدا فتدبر فتبين ان الاقوى عدم وجوب

ص: 383

القرائة حال الهوى، بل اللازم اتيانها بعد الانتقال الى القعود، لكن الاحتياط هو الاتيان بما تيسر من القرائة حال الهوى بقصد القربة المطلقة ، ثم اعادته بعد الانتقال الى القعود و استقراره ثم لوقلنا بوجوب القرائة حال الهوى ، فهل يجب الاشتغال بها حاله فورا ،اولا ، و جهان مبنیان علی مامر ، من ان المستفاد من اخبار الباب ، هل هو اناطة هذه التكاليف الاضطرارية بالعجز المستوعب ، كي يجب المبادرة الى الصلوة وكذا الى بعضها في زمان يعلم بعدم التمكن بعده من احراز واجباتهما الاختيارية ، او اناطتها بالعجز الفعلى الحاصل حال العمل المستلزم لتنوع التكليف بحسب القدرة والعجز ، كى يجوز له تاخير الصلوة وابعاضها عن زمان يعلم بعدم التمكن بعده من احراز واجباتهما الاختيارية ثم لو اوجبنا الاشتغال بالقرائة فورا حال الهوى، لوعصى وتركها حتى جلس ، فهل تبطل صلوته ام لا، وجهان اقويهما الثاني، لانه وان اخل عمدا بما يجب فى صلوته من القرائة قائما هاويا ، لكن لا يلزم من ذلك الاخلال بالجزء، و ذلك لان الجزء وانكان هو القرائة قائما هاويا، لكن تركها حتى انتفى شرطية القيام بالعجز فاتى بها عن جلوس، غاية الامر انه عصى بتركه القرائة قائما الى ان وجب عليه القرائة قاعدا، وبالجملة الاخلال عمدا بما يجب في الصلوة لا يوجب بطلانها مطلقا ، بل فيما اذا لم يمكن جبرانه باتيان بدله و جبرانه كك فى المقام بمكان من الامكان ، لما عرفت من انه لو ترك قائما الى ان عجز عن القيام ، يأتي ببدلها وهي القرائة جالسا ، فلا يلزم من ترك القرائة قائما الاخلال بجزء الصلوة راسا كى يلزم بطلانها ثم لواتى بالقرائة هاويا واتفق اتمامها في حال الهوى، فان تمكن من الركوع القيامى عن ذلك الهوى وجب والافركع جالسا وان لم يتمكن الامن صورة الركوع من غير طمانينة تسع الذكر ، فهل يجب الذكر هاويا ، اویجب جلوسه منحنيا و بهيئة الركوع فيسيح مطمئنا ، وجهان مبنيان على الخلاف المتقدم فى القرائة ، من انه اذا دار الامر بين القيام والطمانينة، فهل يقدم القيام او الطمانينة.

ص: 384

الثاني لو تجدد قدرة العاجز في الاثناء ، فبناء على ما استفدناه من الادلة من اناطة هذه التكاليف الاضطرارية بالعجز الفعلى المتحقق حال العمل ، فلا اشكال في انه ينتقل الى القيام مستمرا على صلوته ، ولا يجب عليه استيناف الصلوة قائما واما بناء على اناطة هذه التكاليف بالعجز المستوعب ، فلا اشكال ايضا في بطلان صلوته ولزوم استينافها عليه ، لان تجدد القدرة في الاثناء حينئذ يكشف عن ان ما اتى به جالسا من الاجزاء لم يكن متعلقا للامر وانما تخيل تعلق الامر به ، ولاريب ان اتيان الشيء بتخيل الأمر ليس مجزيا عن المامور به الواقعي كما حقق في محله ثم لوبنينا على الاستمرار ، فانكان تجدد القدرة قبل القرائة او في اثنائها ، قام المقرائة اولاً تمامها ، ساكتا عنها في حال النهوض بلاخلاف هنا ظاهرا، الا فيما اذا استلزم السكوت فوات الموالاة بين القرائة لطول زمان النهوض ، فانه يحتمل حينئذ وجوب تقديم القرائة ناهضا او قاعدا على الخلاف المتقدم ، ترجيحا للموالاة المعتبرة في القرائة ، ويحتمل وجوب السكوت ترجيحا للقيام المعتبر فيها، ووجوب الاستيناف بعد النهوض جمعا بينهما وانكان تجدد القدرة بعد القرائة ، وجب القيام للركوع لمامر من وجوب القيام المتصل بالركوع بل ركنيته وهل يجب الطمانينة فيهذا القيام قولان اقويهما العدم، لما اشرنا اليه فيما مر من ان الظاهر من ادلة الاستقرار والطمانينة ، هو اعتبارها في الاذكار دون الاكوان واستدل للقول بوجوب الطمانينة فيه ، بان الحركتين المتضادتين فى الصعود والهبوط ، لابد ان يكون بينهما سكون فينبغي مراعاته ليتحقق الفصل بينهما وفيه انه لا يعتبر في الانحناء الركوعي الاحصوله عن استقامة ، ومن المعلوم عدم توقف تحقق هذا المعنى على انفصال الحركة الهبوطية عن الصعودية، كي يدعى توقفه على سكون بينهما وانكان تجدد القدرة في الركوع، فتارة يكون تجددها قبل الطمانينة والذكر الواجب ، واخرى يكون بعد الطمانينة وقبل الذكر، وثالثة بعد الطمانينة والذكر فعلى الاول والثانى ان قلنا بان الطمانينة والذكر واجبان فى طول الركوع، فالظاهر عدم وجوب القيام منحنيا تحصيلا للقيام

ص: 385

المعتبر فى الطمانينة والذكر، لان القيام حينئذ يكون معتبرا في الطمانينة والذكر الواقعين في الركوع القيامي ، دون الواقعين في مطلق الركوع ولوكان قعوديا و ان قلنا بانهما واجبان في عرض الركوع، فيجب ان يقوم منحنيا الى حد الراكع ، ولم يجز له الانتصاب لاستلزامه زيادة ركن، بل ركنين بناء على كون القيام المتصل بالركوع من حيث هو ايضا ركنا مستقلا و توهم ان زيادة الركن لازمة على كل حال انتصب ام لم ينتصب، لانه بعد ما ارتفع منحنيا الى حد بعد ما ارتفع منحنيا الى حد الراكع يحصل منه ركوع قيامي زائدا على ما حصل منه من الركوع الجلوسى مدفوع بان الارتفاع منحنيا من الركوع الجلوسى الى حد الركوع القيامي، لا يوجب تعد الركوع کی یلزم زيادة الركن او الركنين، بل اللازم هو اختلاف كيفية ركوع واحد شخصى من القعود الى القيام كما هو واضح، و يسكت عن الذكر حال الارتفاع و على الثالث و هو ما اذا تجدد القدرة بعد الطمانينة والذكر، فقد يقال بوجوب القيام معتد لا تحصيلا للاعتدال الواجب قبل السجود، كما يدل عليه قوله علیه السّلام في خبر ابی بصیر اذا رفعت راسك من الركوع فاقم صلبك فانه لا صلوة لمن لم يقم صلبه، لكن فيه نظر و ذلك لامكان ان يكون المراد من قوله علیه السّلام اذا رفعت راسك من الركوع ،

هو رفع الراس من الركوع القيامى لا مطلق الركوع ، او يكون المراد من قوله علیه السّلام فاقم صلبك هو اعتدال الصلب الحاصل في القعود ايضا ، أو يكون المراد من الامر باقامة الصلب هو اعتبار كون الهوى الى السجود عن اعتدال سواء كان قياميا او قعوديا في مقابل الهوى اليه عن تقوس وانحناء فيدبر.

الرابع من افعال الصلوة القرائة

لاشبهة بل لا خلاف في وجوب سورة الحمد في كل فريضة ثنائية و فى الاوليين من كل فريضة رباعية وثلاثية ، كما لاشبهة بل لاخلاف ظاهرا في عدم كونها ركنا بالمعنى المصطلح ، ولذا لاتبطل الصلوة بالاخلال بها سهوا ، كما يدل عليه عموم قوله علیه السّلام لاتعاد الصلوة الامن خمسة، وخصوص قوله علیه السّلام في صحيحة محمد بن مسلم و من نسى القرائة فقد تمت صلوته ، وقوله علیه السّلام

ص: 386

في بعض الاخبار الواردة فى ناسى القرائة اذا حفظت الركوع والسجود تمت صلوتك و فى بعضها الاخر اذا اتممت الركوع والسجود تمت صلوتك، و بهذه الاخبار يقيد اطلاق مادل على بطلان الصلوة بتركها الشامل لتركها نسيانا، كالنبوى المرسل لاصلوة لمن لم يقرء فيها بفاتحة الكتاب ، وصحيحة محمد بن مسلم عن ابي جعفر علیه السّلام قال سئلته عن الذي لا يقرء فاتحة الكتاب فى صلوته قال علیه السّلام صلوة له الا ان يقرء بها في جهرا واخفات ، فالقول بركنيتها كما حكى عن الشيخ والتنقيح نسبته الى ابن حمزة ضعيف جدا ثم ان مقتضى اطلاق حديث لاتعاد ، وانكان عدم بطلان الصلوة بالاخلال بغير الخمسة مطلقا ولو عمدا ، لكن خرج عنه صورة العمد بالقرنية العقلية حيث ان اعتبار شيء في الصلوة شطرا او شرطا ، والحكم بصحتها مع الاخلال به عمدا متنافیان كما واضح ، والحق الاصحاب بهذه الصورة الاخلال بغير الخمسة جهلا بالحكم ، والحق بعضهم بها ايضا الاخلال بها جهلا مطلقا سواء كان حهلا بالحكم او الموضوع ، بدعوى اختصاص لاتعاد بما اذا لم يمكن تعلق الامر بالجزء او الشرط الا بعنوان الاعادة ، ومن المعلوم ان تعلقه بهما في حال الجهل بهما حكما او موضوعا بعنوانهما ممكن ، فلا يشملهما لاتعاد ، فيختص الصحة حينئذ بصورة الاخلال به سهوا والمراد من الاخلال به سهوا اعم من الاخلال به لسهو فيه اولسهو فيشيء آخر صار منشاء للاخلال به ولو عمدا ، ولذا حكموا بالصحة فيما لوسلم سهوا في الركعة الثالثة من الرباعية ، مع انه انما سهى في الركعات وصار سهوه في الركعات وصار سهوه فيها منشاء للتسليم عمدا ، وحينئذ فيشكل ماحكموا به من بطلان الصلوة مطلقا ، فيما لوكبر المأموم بتوهم انه يدرك الامام في الركوع فلم يدركه ، اما بطلانها جماعة فلان الاجتماع مع الامام في الركوع آخر حد يدرك به الجماعة ، كما يدل عليه قوله علیه السّلام في رواية الحلبي وان رفع الامام رأسه قبل ان تركع فقد فاتتك الركعة ، واما بطلانها فرادى فلتركه القرائة عمدا وجه الاشكال هو انه و ان اخل بالقرائة عمدا ، لكن الاخلال بها كك لما كان من جهة الخطاء في اعتقاد ادراك الامام راكعا ، فيكون ملحقا بالاخلال

ص: 387

السهوى، لما عرفت انفا من ان المراد من الاخلال بالجزء او الشرط سهوا ، اعم من الاخلال به لسهوفيه اولسهو في شيء آخر صار السهو فيه منشاء للاخلال بالجزء او الشرط ولو عمدا و تقصى الاستاد دام ظله عن هذا الاشكال ، بان المتبادر من حديث لاتعاد ، هوان من كان من قصده الصلوة واتيان كلجزء وشرط منها في محله المقرر له، ولكن اخل بجزء او شرط ولم يأت بها في محله لسهوفيه او في شيء آخر صار منشاء للاخلال به لاتبطل صلوته ، واما من كان من قصده من اول الامر وقبل الشروع في الصلوة عدم الاتيان بجزء او شرط بتوهم سقوطه عنه ، فهو خارج عن مدلول الحديث ولاينا فى ماذكرنا مادل على عدم بطلان صلوة المأموم فيما لوبان ان الامام كان يهوديا كمر سلة ابن ابی عمیر عن بعض اصحابه عن ابيعبد الله علیه السّلام في قوم خرجوا من خراسان او بعض الجبال وكان يؤمهم رجل فلما صاروا الى الكوفة علموا انه يهودى، قال علیه السّلام لا يعيدون وذلك لاحتمال ان يكون الوجه فى عدم الاعادة ، هوان اليهودى الذى يريدان يؤم المسلمين فى ذلك الزمان ، لابدان يظهر كونه من علماء العامة ، ومن المعلوم وجوب القرائة وعدم سقوطها عمن اقتدى بالامام الغير المرضى ، كما يدل عليه صحيحة ابن يقطين قال سئلت ابا الحسن علیه السّلام عن الرجل يصلى خلف من لا يقتدى بصلوته والامام يجهر بالقرائة ، قال علیه السّلام اقرء لنفسك وان لم تسمع نفسك فلا بأس، وحينئذ فيحتمل ان يكون وجه حكمه علیه السّلام في المرسلة بعدم الاعادة ، هو كون القوم حيث تخيلوا ان اليهودى من علماء اهل السنة ، فلامحة قرئوا الفاتحة والسورة لا نفسهم هذا ولكن يرد النقص عليه دام ظله ، بما اذا اقتدى بامام بتخيل انه في الركعة الاولى او الثانية ، وترك القرائة ، ثم تبين بعد الركوع انه كان في الركعة الثالثة او الرابعة ، فانه فيهذه الصورة ايضا كان من قصده قبل الشروع فى الصلوة عدم الاتيان بالقرائة بتوهم ان الامام فى الركعة الأولى أو الثانية، مع انهم حكموا بصحة الصلوة فيها هذا فالاولى فى التفصى عن الاشكال ، ان يقال الوجه في حكمهم ببطلان صلوة من كبر بتوهم انه يدرك الامام فى الركوع ولم يدركه ، هوان اخلاله بالقرائة

ص: 388

انما نشاء عن الخطاء في اعتقاد ادراك الامام، فلم يكن اخلاله بها لاعن سهو فيها ولا عن سهو في شيء آخر صار منشاء الاخلال بها، بل من الجهل بالموضوع من جهة الخطاء فى التطبيق، وهذا بخلاف مسئلة من سلم سهوا في الركعة الثالثة من الرباعية فان منشاء تسليمه فيها انما هو سهوه في الركعات و نسيانه ان هذه الركعة هى الركعة الثالثة وتوهم انتقاض ما ذكرنا ايضا بما اذا ترك القرائة فى الجماعة بتخيل ان الامام في الركعة الاولى او الثانية فتبين كونه فى الركعة الثالثة او الرابعة مدفوع بانا نلتزم بالبطلان فيهذا الفرض ايضا ولا محذور فيها اذليست الصحة فيه اجماعية ولامما دل عليه دليل بالخصوص ، وانما ذهب جماعة فيه بالصحة بدعوى عموم حديث لاتعا للاخلال بالجزء او الشرط جهلا بالموضوع ايضا والتحقيق هوانا ان قلنا باختصاص الحديث بمورد النسيان والسهو، فاللازم هو الحكم بالبطلان في كلا الفرضين ، لعدم كون الاخلال بالقرائة فيهما مستندا الى السهو، بل الى الخطاء في اعتقاد ادراك الامام في الركوع في الأول، والى الخطاء في كونه في احدى الركعتين الاولتين في الثاني و اما ان منعنا عن اختصاص الحديث بمورد النسيان وقلنا بشموله للجهل بالموضوع، فاللازم هو الحكم بالصحة في كلا الفرضين وتوهم ان اللازم هو الحكم بالبطلان فى الفرض الاول مطلقا ولو بناء على شمول الحديث للجهل بالموضوع ، لان مانواه من الصلوة جماعة قد بطل فلاوجه لصحته فرادى مع انه لم يقصدها مدفوع بان بطلان ما قصده من الجماعة انما يستلزم بطلان الصلوة رأسا،

لو قلنا بان الجماعة والفرادى حقيقتان مختلفتان متغائرتان، وان تحقق كل منهما يحتاج الى قصد عنوانه واما لوقلنا بما هو الحق من كونهما حقيقة واحدة ، و انما الاختلاف في الخصوصيات الفردية، نظير الاختلاف في وقوع الصلوة في البيت او في المسجد ، وان تحقق الفرادى لا يحتاج الى قصد الانفراد ، فلاوجه لبطلانها مطلقا بعد كون ما اتى به من الصلوة جامعة لجميع ما يعتبر فيها من الاجزاء والشرائط المعتبر فيها قاصدا للتقرب، اذ حينئذ يكون انطباق ماهو المأمور به من الصلوة الفرادى على

ص: 389

ما اتی به قهريا فيكون اجزائه قطعيا، نعم لواخل بوظيفة المنفرد ايضا لزم بطلانها رأسا ومن هنا يظهر الوجه في حكمهم بالصحة فيما لوصلى اثنان وتبين في الاثناء او بعد الفراغ ان كلا منهما نوى الامامة للاخر، وذلك لان كلا منهما لم يخل بوظيفة المنفرد، ونية الامامة لاتوجب البطلان فانها لغو واما عكس المسئلة وهو ما لوتبين في الاثناء أو بعد الفراغ ان كلا منهما نوى الايتمام بالاخر، فلوتبين ذلك في الاثناء وكان المحل لتدارك القرائة باقيا صحت صلوتهما ، وان لم يكن المحل للتدارك باقيا اوكان تبين ذلك بعد الفراغ، فيبنى الحكم بالصحة والبطلان، على القول بشمول لا تعاد للجهل بالموضوع ، والقول باختصاصه بمورد النسيان ، فتصح صلوتهما على الاول ، وتبطل على الثانى ، هذا بحسب مقتضى القاعدة الاولية و اما بحسب الادلة الخاصة ، فالحكم هو الصحة مطلقا في اصل المسئلة ، والفساد كك في عكسها ، كما يدل عليه ما عن السكونى عن ابي عبد الله علیه السّلام عن ابيه علیه السّلام، قال قال امير المؤمنين علیه السّلام في رجلين اختلفا فقال احدهما كنت امامك و قال الاخر انا كنت امامك ، فقال علیه السّلام صلوتهما تامة ، قلت فان قال كل واحد منهما كنت انتم بك ، قال علیه السّلام صلوتهما فاسدة وليستأنفا هذا ثم على ماذكرنا من الاختلاف فى شمول لاتعاد للجهل بالموضوع ، وعدم شموله له و اختصاصه بمورد النسيان ، يبتنى الخلاف في الصحة والفساد ، فيما لوصلى بنية الاقتداء فبان عدم الامام او فقد شرط من الشروط المطلقة للجماعة ، فان الحكم بالصحة في الفرضين ، يبتنى على شمول لاتعاد للجهل بالموضوع حيث ان ترك القرائة فيهما نشاء من الجهل بعدم الامام او فقد شرط الجماعة واما لو قلنا باختصاصه بمورد النسيان ، فمقتضى القاعدة هو الحكم بفساد الصلوة فيهما مطلقا ، لفرض عدم انعقادها جماعة والاخلال بماهو وظيفة المنفرد وعدم الدليل على الاغتفار اللهم الا ان يتمسك للصحة حينئذ بمادل على عدم اعادة الصلوة خلف الكافر بعد تبين كفره ، فانه يدل بفحواه على عدم الاعادة على من صلى خلف من تبين عدم الايتمام به ، فاذا انضم ذلك الى ماورد من ان الامام المخالف قدام المأموم

ص: 390

بمنزلة الجدار بمعنى ان وجوده كعدمه، يدل على صحة الصلوة مع عدم الامام او فساد الايتمام لفقد شرط من الشروط المطلقة لصحته كما انه يمكن الاستدلال حينئذ للصحة ، فيما زعم ان الامام فى احدى الركعتين الاولتين فلم يقرء ، فتبين بعد الركوع انه كان في غيرهما ، بان المأموم و انكان حال قيام الامام مكلفا بالقرائة ، الا ان ذلك التكليف سقط عند ركوع الامام، وتعين عليه المتابعة في الركوع، ولذالو تبين له كون الامام فى الاخيرتين، حال قيامه وركوع الامام، لم يجب عليه القرائة و وجب عليه متابعة الامام في الركوع هذا ملخص الكلام في الحمد.

واما السورة فالمشهور بين الاصحاب وجوبها كاملة بعد الحمد في الثنائية و الاوليين من غيرها و استدلوا عليه مضافا الى الاجماعات المنقولة المستفيضة ، بعدة من الروايات منها خبر يحيى بن عمران الهمداني قال كتبت الى ابيجعفر علیه السّلام جعلت فداك ماتقول في رجل ابتدء ببسم الله الرحمن الرحيم في صلوته وحده في ام الكتاب فلما صار الى غير ام الكتاب من السورة تركها فقال العياشي ليس بذلك بأس ، فكتب علیه السّلام بخطه يعيدها مرتين على رغم انفه يعنى العياشي ، و كلمة مرتين من الراوى اى كتب علیه السّلام لفظ يعيدها مرتين بان كتب علیه السّلام يعيدها تعيدها، ودلالته على المدعى مبنية على ماهو الظاهر من كون الضمير فى يعيدها راجعا الى الصلوة لا الى السورة ، هذا مضافا الى ان سوق الخبر يشعر بالمفروغية عن اصل وجوب السورة ، وان السؤال انما وقع عن كفاية بسملة واحدة للفاتحة والسورة كليتهما فتدبر و منها صحيحة منصور بن حازم قال قال ابو عبد الله علیه السّلام لا تقرء في المكتوبة باقل من سورة ولا باكثر منها ، وفي دلالتها على المدعى تأمل ، لالما قيل من ان النهي عن الاكثر على سبيل الكراهة ، بناء على ما سيجيئى من ان الروايات المانعة عن القرآن بين السورتين محمولة على الكراهة جمعا بينها و بين المجوزة ، فلابدان يكون النهي عن الاقل ايضا على سبيل الكراهة لئلا يلزم استعمال النهى في المعنيين ، اذفيه ان رفع اليد عن ظاهر النهى بالحمل على الكراهة بالنسبة الى بعض فقرات الرواية بقرنية

ص: 391

منفصلة، لا يوجب صرفه عن ظاهره فيما عداه من فقراتها، ولا يلزم من ذلك استعمال اللفظ في المعنيين كما لا يخفى بل لان الصحيحة في مقام المنع عن التبعيض والقران وهو لا ينافي الترخيص في تركها رأساكما لا يخفى ومنها حسنة عبدالله بن سنان با بن هاشم عن ابيعبد الله علیه السّلام قال للمريض ان يقرء في الفريضة فاتحة الكتاب وحدها و يجوز للصحيح فى قضاء صلوة التطوع بالليل والنهار ومنها صحيحة الحلبي عن ابیعبد الله علیه السّلام قال لا بأس بان يقرء الرجل بفاتحة الكتاب في الركعتين الاولتين اذا ما اعجلت به حاجة او تخوف شيئا ، فان مفهومها ثبوت البأس في ترك السورة من غير حاجة ، وفي دلالتها مفهوما على المدعى نظر، لمنافاة الرخصة بالترك لدى الحاجة الظاهر في الحاجة العرفية مع الوجوب ، لاستبعاد كون مطلق الحاجة عذرا في ترك الواجب ، فالاستدلال بها للقول بالاستحباب اولى و توهم عدم المنافاة بين الوجوب والرخصة في الترك لدى الاستعجال ، لامكان ان تكون المصلحة المقتضية للإلزام بشيء ، مقيدة بتمكن المكلف من تحصيله بسهولة بحيث لا يترتب عليه فوت شيء من مقاصده العقلائية مدفوع بان كون المصلحة المقتضية للالزام مقيدة بذلك و انكان ممكنا عقلا ، لكن العرف يفهم من الترخيص في الترك بمجرد الحاجة العرفية الغير البالغة حد الحرج فضلا عن الاضطرار ، انه لا اهمية فى البين وليس هناك مصلحة مقتضية للالزام ومنها صحيحة معوية بن عمار قال قلت لابيعبد الله علیه السّلام اقرء بسم الله الرحمن الرحيم في فاتحة الكتاب قال علیه السّلام نعم، قلت فاذا قرات الفاتحة اقرء بسم الله الرحمن الرحيم مع

السورة قال نعم تقريب الاستدلال ، هو ان السؤال في المقامين لابدان يكون من وجوب البسملة ، والا فجوازها بل استحبابها غير قابل للسؤال ، وفيه ان من الجائز ان يكون السؤال بلحاظ وجوبها الشرطي بمعنى جزئيتها للسورة الغير المنافي للاستحباب ، نعم الصحيحة لا تخلو عن اشعار بمفروغية وجوب السورة في الصلوة كالفاتحة ، فهي لا تخلو عن تأیید بد ومنها صحيحة زرارة عن ابيجعفر علیه السّلام الواردة في المأموم المسبوق قرء في كل ركعة مما ادرك خلف الامام فى نفسه بام الكتاب و وسورة

ص: 392

فان لم يدرك سورة تامة اجزئتهام الكتاب الحديث، فانها تدل منطوقا ومفهوما على وجوب السورة و منها صحيحة معوية بن عمار من غلط فى سورة فليقرء قل هو الله احد ثم ليركع ومنها صحيح العلاء عن محمد عن احدهما عليهما السلام قال سئلته عن الرجل يقرء السورتين في الركعة فقال علیه السّلام لا لكل ركعة سورة ، فانه و ان امكن الخدشة فيه بكونه في مقام المنع عن القرآن ، ويكون قوله علیه السّلام لكل ركعة سورة تفريعا على ذلك ، فلا دلالة له على وجوب السورة لكل ركعة ، لكن سوق السؤال

يشعر بالمفروغية عن اصل وجوب القرائة فتدبر ومنها ما عن الفقه الرضوى من انه يقرء سورة بعد الحمد في الركعتين الاولتين ولا يقرء فى المكتوبة سورة ناقصة ومنها مضمرة محمد بن اسمعیل قال سئلته قلت اكون في طريق مكة فننزل الصلوة في مواضع فيها الاعراب انصلى المكتوبة على الارض فنقرء ام الكتاب وحدها ام نصلى على الراحلة فنقرء فاتحة الكتاب والسورة ، فقال اذا خفت فصل على الراحلة المكتوبة و غيرها واذا قرأت الحمد وسورة احب الى ولا ادرى بالذي فعلت بأسا تقريب الاستدلال هو ان السائل لما فرض ثبوت الخوف بزيادة السورة على الفاتحة دون ما اذا اقتصر على الفاتحة ، وكان امره دائرا بين الصلوة مع السورة على الراحلة ، او الصلوة عن قيام على الارض بدون السورة ، فاجاب علیه السّلام بقوله فصل على الراحلة المكتوبة وغيرها ، للدلالة على تقديم السورة على القيام في مقام الدوران ، واشار علیه السّلام بقوله و اذا قرأت الحمد وسورة احب الى ، الى ان تقديم السورة بالصلوة على الراحلة على القيام بالصلوة على الارض، ليس على نحو اللزوم بل على سبيل الرجحان ، وايدذلك ای كون تقديم السورة على القيام على سبيل الرجحان لا اللزوم ، بقوله علیه السّلام ولا ارى بالذي فعلت بأسا ، فان معناه انه ليس بالذي فعلت من الامرين اى الصلوة مع السورة على الراحلة او الصلوة مع القيام على الارض بأس وفيه ان المضمرة بناء عليهذا التقريب وانكانت دالة على المطلوب ، اذ لو لم تكن السورة واجبة لماجازترك القيام و غيره من واجبات الصلوة لاجلها ، لكن هذا التقريب خلاف الظاهر منها،

ص: 393

فان المستفاد من قول السائل فننزل للصلوة فى مواضع فيها الاعراب ، هوانه فرض ثبوت اصل الخوف هناك وان تفاوتت مراتبه بالاقتصار على الفاتحة او زيادة السورة عليها ، ولذا سئل عن الصلوة على الارض بالاقتصار على ام الكتاب او على الراحلة باتيان السورة ايضا ، بتوهم جواز الصلواة مخففة فى موارد الخوف تخفيفا للخوف ، وعليه فيكون قوله علیه السّلام اذا خفت فصل على الراحلة، لبيان جواز الصلوة على الراحلة في موارد الخوف ، والردع عما توهمه السائل من جواز الصلوة مخففة في موارده تخفيفا للخوف ، لا للدلالة على رعاية جانب السورة عند الدوان بينها وبين القيام ، وحينئذ فيكون قوله علیه السّلام واذا قرأت الحمدو السورة احب الى على خلاف المطلوب ادل، لظهوره حينئذ فى ارادة ذلك حين ما يصلى على الراحلة هذا ومنها ما يظهر من الروايات الكثيرة التي وقع فيها السؤال عن الاجتزاء بفاتحة الكتاب وحدها في مقام الضرورة او الحاجة ، من ان وجوب السورة كان معروفا مفروغا عنه بين اصحاب الائمة عليهم السلام وهذه الادلة وانكان لا يخلو كثير منها عن المناقشة كما كما عرفت لكن فيها ما يكون ظاهرا فى المطلوب، فلابأس بالاستناد إليه لاثبات المدعى، سيما مع اشتهار القول به بين الخاصة قديما وحديثا ، واستفاضة نقل الاجماع عليه المعتضد بعدم معروفية خلاف يعتد به بين القدماء الذين هم الاصل في استكشاف رأى المعصوم علیه السّلام من إجماعهم لكن يعارضها الاخبار الدالة على جواز ترك السورة رأسا والاكتفاء بالفاتحة وحدها ، كصحيحتى ابن رياب والحلبي عن الصادق علیه السّلام ان فاتحة الكتاب تجوز وحدها في الفريضة ، وكذا الاخبار الواردة في جواز التبعيض فيها الدالة بضميمة الاجماع المركب على عدم وجوبها ، كصحيحة سعد بن سعد الاشعرى عن ابي الحسن الرضا علیه السّلام، قال سئلته عن رجل قرء في ركعة الحمد ونصف سورة هل يجزيه في الثانية ان لا يقرء الحمد ويقرء ما بقى من السورة ، قال علیه السّلام يقرء الحمد ثم يقرء ما بقى من السورة ، وصحيحة زرارة قال قلت لا بيجعفر علیه السّلام رجل قرء سورة فى ركعة فغلط يدع المكان الذي غلط فيه ويمضى فى قرائته او يدع تلك السورة ويتحول عنها

ص: 394

الى غيرها ، قال علیه السّلام كل ذلك لا بأس به وان قرءآية واحدة فشاء ان يركع بهاركع وخبر ابي بصير عن ابيعبد الله علیه السّلام انه سئل عن السورة ايصلى الرجل بها في ركعتين من الفريضة ، قال علیه السّلام نعم اذا كانت ست آيات قرء بالنصف منها في الركعة الاولى والنصف الاخير فى الركعة الثانية ، و صحيحة اسمعيل بن الفضل قال صلى بنا ابو عبد الله علیه السّلام فقرء بفاتحة الكتاب وآخر سورة المائدة فلما سلم التفت الينا فقال اما انى اردت ان اعلمكم ، وخبر سليمان بن ابيعبد الله قال صليت خلف ابيجعفر علیه السّلام فقرء بفاتحة الكتاب واى من البقرة ، فجاء ابي فسئل فقال يابني انما صنع ذا ليفقهكم ويعلمكم ، الى غير ذلك من الاخبار الصحيحة الصريحة في جواز التبعيض وقد جمع القائلون بالوجوب بين هاتين الطائفتين وبين ما استدلوا به على الوجوب من الاخبار المتقدمة ، بحمل الطائفة الاولى الدالة على جواز ترك السورة مطلقا على حال

الضرورة والاستعجال ، و حمل الاخار المتقدمة على حال الاختيار ، عملا بمقتضى الجمع بينهما وبين صحيحة الحلبى المتقدمة الدالة على جواز الترك فيما اعجلت به حاجة ، فان هذه الصحيحة كما تكون لاخصيتها مقيدة لاطلاق الادلة المتقدمة الدالة على الوجوب مطلقا ، كذلك تكون مقيدة لاطلاق الطائفة الاولى الدالة على الجواز مطلقا، و بحمل الطائفة الثانية الدالة على جواز التبعيض على التقية وفى كلا الجمعين مالا يخفى اما الاول فلما اشرنا اليه سابقا ، من ان صحيحة الحلبى لولم تكن بملاحظة ما فيها من الترخيص فى الترك بمجرد الحاجة العرفية ظاهرة فى الاستحباب، لا تكون ظاهرة في الوجوب كى تكون مقيدة لاطلاق مادل على الوجوب واطلاق مادل على الجواز، و مخصصة للاول بحال الاختيار وللثانى بحال الاضطرار واما الثاني فلان مقتضى ما هو الجمع العرفى فى تعارض النص والظاهر من تحكيم النص على الظاهر هو حمل الادلة المتقدمة الدالة على الوجوب على الاستحباب، و ذلك لظهور تلك الادلة فى الوجوب و صراحة الطائفة الثانية في جواز التبعيض، فاللازم حمل الاولى على الاستحباب تحكيما للنص على الظاهر ومع وجود هذا

ص: 395

الجمع العرفى لاتصل النوبة الى الرجوع الى المرحجات التي منها موافقة العامة ، ضرورة ان الرجوع اليها فرع التعارض، ومن المعلوم انه لا تعارض مع وجور الجمع الدلالى العرفى نعم لو ثبت ماقد يدعى من اعراض الاصحاب عن ظواهر الاخبار الدالة على جواز الترك او التبعيض، لسقطت الطائفتان عن درجة الاعتبار فضلا عن صلاحيتهما للمعارضة مع الاخبار الدالة على الوجوب، وامكن حملهما حينئذ على التقية و توهم انه وان امكن حمل مادل على جواز الترك أو التبعيض على التقية لعدم المندوحة في مقام الفتوى، لكن لا يمكن حمل ماورد من تبعيض الصادقين عليهما السلام في صلوتهما على التقية، لوجود المندوحة في مقام العمل، فان المخالفين لا يقولون مجرمة قرائة السورة او بوجوب تبعيضها، وانما يقولون بجواز قرائتها وجواز تبيعضها، فلايكون قرائة مجموع السورة منافية للمتقية، كيلا تكون مندوحة في تركها مدفوع بما حقق فى محله من ان التقية على قسمين ، الاول ما امر بها لاجل دفع ضرورة من الخوف على النفس او المال ، والثاني ما امربها لاجل حفظ النوع وان لم يترتب على تركها ضرر على الشخص اصلا ، وما يعتبر فيه عدم المندوحة هو القسم الاول ، ولا تستتبع حكما وضعيا فلا يجرى عليه احكام الصحة بخلاف الثانى فانه لا يعتبر فيه عدم المندوحة ، بل امر به مع وجودها و يستتبع الحكم الوضعى ، كما يشعر به الاخبار الواردة في استحباب الاذان والاقامة لهم والجماعة معهم و انها كالجماعة خلف رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم، وحينئذ فكما يجوز الافتاء بجواز ترك السورة رأسا او تبعيضها تقية ، كذلك يجوز تركها او تبعيضها في الصلوة تقية ، وانكانت قرائة مجموعها غير منافية للتقية ومنه ظهر اندفاع ماقد يقال منان المجوز للتبعيض على تقدير وجوب سورة كاملة هو نفس التقية لاتعليهما ، مع ان ظاهر الخبرين الحاكيين لفعل الصادقين عليهما السلام ، ان تبعيضهما اياها لم يكن الا للتعليم فهو لا يناسب الوجوب توضيح الاندفاع هو ما عرفت من انه يجوز موافقة العامة فى مقام الفتوى والعمل تقية ، لاجل حفظ النوع ولومع الامن من

ص: 396

مخالفتهم على النفس والمال، فاذ اجاز موافقتهم تقية مع وجود المندوحة ، فلابأس فى مقام التقية ترجيح قرائة بعض السورة الغير الجائزة فيحد ذاتها لولا التقية لاجل تعليم الشيعة طريق التقية كما لا يخفى هذا.

ثم لوقلنا بوجوب سورة تامة ، فانما هو في الفرائض مع الاختيار و عدم الاستعجال لحاجة عقلائية تفوت بقرائتها وسعة الوقت ، والافلاخلاف فى سقوطها فى غير تلك الموارد اما سقوطها في النوافل ، فيدل عليه مضافا الى الاصل والاجماعات المنقولة المستفيضة، عدة من الروايات ، كحسنة، عبد الله بن سنان با بن هاشم عن ابيعبد الله علیه السّلام للمريض ان يقرء فاتحة الكتاب وحدها، ويجوز للصحيح في قضاء صلوة التطوع بالليل والنهار فان الظاهران المراد بقضاء صلوة التطوع هو مطلق فعلها لا خصوص القضاء المصطح ، و صحيحة على بن يقطين قال سئلت ابا الحسن علیه السّلام عن بعض السورة فقال علیه السّلام اكره ذلك ولا باس في النافلة، وخبر السكونى عن جعفر عن ابيه عليهما السلام قال قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم تنفلوا ساعة الغفلة ولو بركعتين حفيفتين، قيل يا رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم ما معنى خفيفتين قال صلی الله علیه و آله و سلّم يقرء فيهما فيها الحمد وحدها الحديث لكن المراد من النوافل التي قلنا بجواز الاقتصار فيها على الحمد ، هي النوافل المطلقة التى لم يعتبر فى كيفيتها شرعا السورة المطلقة او سورة خاصة بعدد مخصوص كصلوة الاعرابی و نحوها ، والا فلاتكون مشروعة بدونها، الا ان يقصد بها امتثال مطلق الأمر بالنافلة لا النافلة الخاصة واما سقوطها مع الاضطرار ولو كان عرفيا كالمرض الموجب لصعوبة قرائتها، فيدل عليه مضافا الى الاصل السالم عما يكون حاكما عليه، اذليس لشيء من ادلة اعتبارها عموم او اطلاق يمكن استفادة جزئيتها منه على الاطلاق، اذليس في شيء منها الامر بقرائتها كي يؤخذ باطلاق مادتها في حال الاضطرار ، و انما استفيد وجوبها منها من جهة اشعارها بالمفروغية عن اصل وجوبها كما لا يخفى على من راجعها ، ومضافا الى الاجماع المدعى عليه ، قوله علیه السّلام في خبر ابن سنان المتقدم للمريض ان يقرء فاتحة الكتاب وحدها ، فان اطلاق المريض محمول بل منصرف الى ما ذكرنا من

ص: 397

الاضطرار العرفى واما سقوطها مع الاستعجال لحاجة عقلائية دنيوية ولو لم تبلغ حد الاضطرار او دينية ولو لم تبلغ حد الوجوب ، فيدل عليه الاخبار المستفيضة ، كقوله علیه السّلام في صحيحة الحلبى المتقدمة لاباس بان يقرء الرجل في الفريضة بفاتحة الكتاب فى الركعتين الاولتين اذا ما اعجلت به حاجة او تخوّف شيئا ، وقوله علیه السّلام في رواية الحسن الصيقل لاباس في جواب السؤال عن الاجتزاء في الفريضة بفاتحة الكتاب في مقام الاستعجال الى غير ذلك من الاخبار واما سقوطها مع ضيق الوقت ، فلا اشكال فيه فيما اذا كان الضيق على وجه لوقرئها لم يدرك من الوقت شيئا حتى مقدار ركعة، ويدل عليه مضافا الى انعقاد الاجماع عليه ، الادلة الدالة على اهمية الوقت، كالاخبار الدالة على عدم جواز قرائة ما يفوت الوقت بقرائته ، وحديث لاتعاد الدال على كونه من الاركان المستلزم فواتها نسيانا اعادة الصلوة واما اذا كان قرائتها موجبة لوقوع بعص الصلوة فى خارج الوقت ، فاستدل على سقوطها بفحوى مادل على سقوطها مع الاستعجال لحاجة عقلائية يخاف فوتها بقرائتها ، فان ادراك مجموع الصلوة فى وقتها غرض مطلوب للعقلاء والمتذينين ، ويمكن المناقشة فيه بان السقوط انكان في حق من تكليفه الصلوة مع السورة ، فهو في المقام ممنوع ، اذالامر بالصلوة مع السورة في وقت يقصر عن اتيانها كك امر بغير المقدور ، وانكان في حق من تكليفه الصلوة بدون السورة ، فهوعين محل الكلام، واثباته بهذا الدليل مستلزم للدور اذا الحكم لا يمكن ان يكون مثبتا لموضوعه الاعلى وجه دائر، ولعل الى هذا يرجع ما اشكله شيخ مشايخنا الانصاري قدس سره في المقام ، بقوله و اما الوجه المذكور فيشكل بان مرجع ادراك مجموع الصلوة فى وقتها ، انكان الى الغرض الدنيوى او الديني المندوب ، فهو على تسليمه فرضا لا يوجب ازيد من الرخصة والمقصود العزيمة، وانكان الى الغرض الدينى الحتمى ، فهو فرع الامر بإدراك الصلوة في الوقت ، وهو بعد فرض السورة جزء منها ممنوع ، ضرورة عدم جواز الامر بفعل في وقت يقصر عنه ، وسقوط السورة حينئذ عين محل الكلام ، و اهمية الوقت انما هي بالنسبة الى

ص: 398

الشرائط الاختيارية دون الاجزاء، الا ان يتمسك بفحوى تقديم الوقت على كثير من الشرائط التي علم انها اهم فى نظر الشارع من السورة انتهى موضع الحاجة من كلامه رفع مقامه ولكن يمكن دفع هذه المناقشة بما افاده الاستاد دام ظله، من ان ضيق الوقت يتصور على قسمين ، الاول ان يكون الضيق على وجه لا يتمكن معه من قرائة السورة اصلا ولو مع كمال الاستعجال فى قرائتها والاقتصار على اقل الواجب من الاذكار الركوعية والسجودية وغيرهما، الثانى ان يكون الضيق على وجه يتمكن معه من قرائتها لكن مع الاستعجال فيها والاقتصار على اقل الواجب فى الاذكار ، ولا اشكال في صحة الاستدلال على سقوط السورة فيهذا القسم الثاني ، بفحوى مادل على سقوطها مع الاستعجال ، لامكان دفع المناقشة المذكورة حينئذ باختيار ان السقوط فى حق من تكليفه الصلوة مع السورة ، ولا محذور فيه بعد فرض التمكن من قرائتها على نحو الاستعجال ، فاذا ثبت سقوطها فيهذا القسم بفحوى تلك الادلة ، ثبت سقوطها فى القسم الاول بالاولوية القطعية كما لا يخفى وان ابيت عن شمول تلك الادلة لهذا القسم الثاني ايضا ، بدعوى ظهورها في الاستعجال لحاجة يخاف فوتها بقرائة السورة، ومن المعلوم عدم فوت حاجة مع قرائتها مستعجلا فيهذا القسم فنقول مضافا الى المنع عن ظهور تلك الادلة في ذلك، بل ظاهرها هو الاستعجال لحاجة يخاف فوتها بدونه ومن المعلوم فوت بعض الوقت فيهذا القسم بدون الاستعجال في قرائة السورة ان المستفاد مما دل على سقوط السورة بالاستجال لكل حاجة عقلائية ولو كانت دينوية غير بالغة حد الاضطر ادو مما دل على سقوطها عن الماموم المسبوق فى الركعتين عند الخوف عن عدم ادراك الامام في الركوع لو قرئها مع ان ادركه فيه ليس الامن الاغراض المندوية هو ان وجوب السورة مشروط بعدم كون اتيانها مزاحما لغرض دنيوى ولولم يبلغ حدا الاضطرار، اوديني ولولم يبلغ حد الوجوب، فيكون وجوبها ملاكا مقيدا بتمكن المكلف من اتيانها بسهولة ، بحيث لا يترتب عليه قوت شيء من مقاصده العقلائية، و من المعلوم ان ادراك تمام الصلوة فى الوقت من اعظم المقاصد العقلائية ، فيكون مزاحمة السورة بالوقت موجبة لسقوطها بارتفاع ملاك وجوبها هذا وربما يستدل

ص: 399

السقوط السورة مع الضيق، بقصور مادل على اعتبارها في الصلوة عن الشمول المثل هذا المقام، و ذلك لما اشرنا اليه من انه ليس في شيء من ادلة اعتبارها الامر بقرائتها في الصلوة، كي يمكن ان يستفاد من اطلاقه جزئيتها للصلوة على نحو الاطلاق، وانما استفيد وجوبها منها منها فى الفريضة فى الجملة، من جهة استظهار المفروغية عن اصل وجوبها منها ، والقدر المتيقن منه انما هو فى حال الاختيار وسعة الوقت وفيه ان ادلة اعتبارها و انكانت قاصرة عن الشمول لحال الاضطرار والضيق، لكن لا اطلاق ايضا لادلة سائر الاجزاء بالنسبة الى حال العجز عن قرائة السورة، فان ادلة سائر الاجزاء، و انكان لها الاطلاق المادى بالنسبة الى حال العجز عن انفسها ، لكن لا اطلاق لها كك بالنسبة الى حال العجز عن الجزء الاخر ، والاللزم وجوب الاتيان بالحمد وحده مثلا فيما اذا عجز عن غيره من الاجزاء وهو كما ترى، وحينئذ قيحتمل ان يكون المكلف به واقعا و في مرحلة الثبوت هي الصلوة مع السورة، و انكانت موجبة لوقوع بعضها خارج الوقت، وان لم يكن في مرحلة الاثبات ما يدل على ذلك، لفرض عدم الاطلاق لشيء من ادلة السورة و غيرها من الاجزاء والشرائط بالنسبة الى هذا المورد وتوهم ان السورة و ان احتمل وجوبها واقعا حال العجز، لكن هذا الاحتمال مندفع بحديث الرفع الدال على رفع ما اضطروا اليه مدفوع بان العجز ليس عن خصوص السورة كى يرفع احتمال وجوبها فيهذه الحالة بحديث الرفع ، بل العجز انما هو عن الجمع بينها و بين غيرها من الاجزاء باتيان الجميع في الوقت ، فالمعجوز عنه هو احد الاجزاء لا بعينه ، ومعه يكون رفع خصوص السورة بالحديث ترجيحا بلامرجح ، ومنه ظهر اندفاع ما يقال من ان سائر الاجزاء ، وان لم يكن لادلتها اطلاق بالنسبة الى حال العجز عن قرائة السورة ، لكن مقتضى قوله علیه السّلام الصلوة لا تترك بحال الدال على عدم سقوط الصلوة بالعجز عن بعض اجزائها أو شرائطها ، هو وجوب الاتيان بغير السورة من الاجزاء عند العجز عن السورة توضيح الاندفاع هو ما عرفت من ان المعجور عنه ليس هو خصوص السورة بل احد

ص: 400

الاجزاء لا بعينه، و معه يكون الاستدلال بقوله علیه السّلام والصلوة لاتترك بحال لوجوب الاتيان بغير السورة ترجيحا بلامرجح اللهم الا ان يقال ان المعجوز عنه وانكان هو الاتيان بالصلوة بجميع اجزائها في الوقت فيكون العجز عن واحد من الحمد والسورة و ادراك تمام الوقت لا بعينه لكن ثبت اهمية ادراك تمام الوقت من الحمد و السورة ، بحديث لا تعاد و بقوله علیه السّلام الصلوة لا تترك بحال ، واهمية الحمد من السورة ، بمادل على ان المريض يقرء فاتحة الكتاب وحدها ، وان الرجل اذا اعجلت به حاجة اوتخوف شيئا يقرء فاتحة الكتاب وحدها ، وقد حقق فى باب التزاحم ازوم تقديم ما هو الاهم من المتزاحمين و توهم ان ادراك تمام الوقت وان كان اهم من السورة ، لكن الوقت له بدل وهو ادراك الركعة لقاعدة من ادرك ، و من المحقق في باب التزاحم انه لو كان لاحد المتزاحمين بدل شرعى او عقلى ولم يكن للاخر بدل كك ، قدم مالا بدل له على ما له البدل ولوكان اهم مما لا بدل له مدفوع بان الوقت وانكان له البدل ، لكن السورة

مشروطة بالقدرة، وقد حقق فى ذلك الباب ايضا انه لو كان احد المتزاحمين مشروطا بالقدرة الشرعية و لم يكن الاخر مشروطا بها ، قدم مالا يكون مشروطا بها على ما يكون مشروطا بها ولوكان لغير المشروط بها بدل ، لان الامر بغير المشروط صالح لان يكون تعجيزا مولويا بالنسبة الى المشروط ، فيكون رافعا لموضوع الامر بالمشروط برفع شرطه هذا بخلاف الامر بالمشروط ، فانه لا يمكن ان يكون تعجيزا مولويا بالنسبة الى غير المشروط الاعلى وجه دائر ضرورة ان كونه تعجيزا بالنسبة الى غير المشروط يتوقف على تحقق موضوعه ، وتحقق موضوعه يتوقف على عدم كون الأمر بغير المشروط تعجيزا بالنسبة الى المشروط ، و عدم كون الامر بغير المشروط تعجيزا بالنسبة الى المشروط ، يتوقف على كون الأمر بالمشروط تعجيزا بالنسبة الى غير المشروط ، فيلزم توقف كون الامر بالمشروط تعجيزا بالنسبته الى غير المشروط ، على كون الامر به تعجيزا بالنسبة الى غير المشروط ، فيلزم الدور و توقف الشيء على نفسه و هو محال بالضرورة ، فاذا لم يمكن ان يكون الامر

ص: 401

بالمشروط تعجيزا مولويا بالنسبة الى غير المشروط، فلا تصل النوبة الى بدل غير المشروط فيما كان له بدل، لان جعل البدل انما هو مع العجز عن المبدل، فلابدل مع عدم العجز عن المبدل و توهم ان السورة لم يقيد وجوبها بالقدرة في لسان ادلتها كى يلزم عند مزاحمتها بالوقت تقديم الوقت لعدم كونه مقيدا بالقدرة شرعا مدفوع بان وجوب السورة وان لم يكن مقيدا بالقدرة في لسان الدليل ، الا انك قد عرفت ان المستفاد من ادلة سقوطها بالاستعجال لكل حاجة عقلائية ولو كانت دنيوية غير بالغة حد الاضطرار ، هو ان وجوبها مشروط بعدم كون اتيان مزاحما لغرض من الاغراض العقلائية وبعبارة اخرى يكون وجوبها ملاكا مقيدا بتمكن المكلف من اتيانها بسهولة بحيث لا يترتب عليه فوت شيء من مقاصد العقلائية ، فيكون مزاحمتها بالوقت الذي عد من الاركان في حديث لاتعاد ويكون ادراكه من اهم المقاصد العقلائية ، موجبة لرفع وجوبها برفع ملاكه ، هذا كله مع العلم بضيق الوقت او الظق الاطمينانى به واما مع احتماله المثير للخوف، فهل يجب عليه ترك السورة مطلقا، لقوله علیه السّلام في صحيحة الحلبي المتقدمة او تخوف شيئا ، او فيما لم يجر هناك استصحاب الوقت ، كما اذا علم بمقدار الباقى من الوقت و انه مثلا ربع ساعة ، ولكن شك فى سعة ذلك المقدار للصلوة مع السورة ، فانه لا يجرى حينئذ استصحاب الوقت للعلم بمقدار الباقى منه وهذا بخلاف ما اذا لم يعلم بمقدار ما بقى من الوقت وانه ربع ساعة او نصفها ، فان استصحاب بقاء الوقت يجرى حينئذ بلا اشكال ويترتب عليه وجوب قرائة السورة ، فان استصحاب بقاء الوقت وان لم يوجب زوال الخوف لبقائه معه بالوجدان ، الا انه يوجب رفع ما هو اثره اعنى سقوط السورة ، اذ بعد حكم الشارع ببقاء الوقت بمقدار يسع للصلوة مع السورة ، يكون موضوع التكليف و هو ايجاد الصلوة فى قطعة من الوقت الذى يسعها محرزا بالتعبد و معه لا يبقى اثر للخوف ، وجهان اقويهما الأول ، وذلك لان استحباب الوقت انما يجدى فى رفع اثر الخوف و هو سقوط السورة ، فيما اذا كان الخوف ماخوذا على وجه

ص: 402

الطريقية، وهذا بخلاف ما اذا اخذ موضوعيا كما هو ظاهر قوله علیه السّلام في الصحيحة او تخوف شيئا، فان سقوط السورة وثبوتها حينئذ يكونان دائرین مدار خوف الضيق وعدمه ، لامدار وجود الضيق وعدمه واقعا کی يجدى الاستصحاب في احراز عدم الضيق تعبدا هذا.

بقى الكلام في امور الاول انه يعتبر فى القرائة اجماعا و نصا الترتيب بين الفاتحة والسورة بتقديم الأولى على الثانية ، فلواخل بالترتيب بان قدم السورة، فانكان ذلك عمل عن وعلم بالحكم والموضوع ، وقلنا بان الترتيب شرط للصلوة في حال القرائة ، بطلت صلوته مطلقا ولولم يدخل في الركوع ، وذلك للاخلال بشرطها عمدا و عدم امکان تداركه لفوات محله حينئذ ، و اما ان قلنا بان الترتيب شرط للقرائة ، فقد حكى عن الاردبيلى القول بصحة صلوته وعليه اعادة السورة بعد الحمد، وهو الظاهر من اطلاق كلام المحقق في يع ، حيث قال ولو قدم السورة على الحمد اعادها او غيرها ، خلافا للمحكى عن جماعة كالفاضلين والشهيدين والمحقق الثاني وغيرهم، من القول ببطلان الصلوة مطلقا سواء اعاد السورة بعد الحمدام لا، معللا باستلزام اعادتها للزيادة العمدية ، فيعمه مادل على ان من زاد في صلوته فعليه الاعادة ، و استلزام عدم اعادتها للنقيصة العمدية لانتفاء المقيد بانتفاء قيده واورد عليهم الاستاد دام ظله، بان عدم اعادة السورة بعد الحمد ، وانكان موجبا للبطلان لاستلزامه النقيصة العمدية ، لان ما اتاه من السورة لم تقع لفقدها شرط الترتيب جزء للصلوة ، فكانت صلوته فاقدة للقرائة المعتبرة فيها لكن اعادتها بعد الحمد، لاتستلزم الزيادة العمدية التي دل الدليل على مبطليتها للصلوة، و ذلك لان شمول مادل على ان من زاد فى صلوته فعليه الاعادة لمثل هذه الزيادة ممنوع جدا، و ذلك لان المراد بالزيادة العمدية، انكان هي السورة المعادة بعد الحمد تداركا للسورة التي وقعت قبله باطلة، ففيه اولا منع صدق الزيادة عليها بعد مالم تقع الماتى بها قبل الحمد لبطلانها جزء للصلوة ، و كان الاتيان بها بعد الحمد تداركا عنها ، لان الاولى حيث

ص: 403

وقعت باطلة فلاتكون موجبة لسقوط الأمر بالقرائة، فاذا رفع اليد عنها و تداركها باعادتها صحيحة ، فتقع المعادة موافقة للامر وجزء فلاتكون زائدة ، و ثانيا سلمنا صدق الزيادة عليها ، لكن نمنع عن كون الزيادة موجبة للبطلان مطلقا ، ولو فى مثل المقام الذى يكون الفعل الثانى الذى يحصل عنوان الزيادة موافقا للامر، وذلک لانصراف النص عن مثل هذه الزيادة التى تكون موافقة للامر وانكان المراد بالزيادة هي السورة التي وقعت باطلة قبل الحمد ، فقيه اولا منع صدق الزيادة عرفا الاعلى ثانى الوجود فتدبر فالوجود الاول لو وقع باطلا يكون غلطا لازائدا و توهم ان السورة التى وقعت باطلة وان لم يصدق عليها اسم الزيادة حال حدوثها ، لكن تداركها باعادتها صحيحة موجب للحوق وصف الزيادة بها مدفوع بان لحوق وصف الزيادة بها موقوف على بقائها على اعتبارها جزء الى حين اعادتها، وليس كك لارتفاع اعتبارها بمجرد رفع اليد عنها : كما هو الشان فى كل ما كان جزئيته للكل بالاعتبار ، سلمنا صدق الزيادة عليها بعد اعادتها ، لكن لاشبهة فى انصراف مادل من النص على ان من زاد في صلوته فعليه الاعادة ، عن مثل هذه الزيادة التي لحقها وصف الزيادة بعد حدوثها ، و ذلك لظهوره فى ان ما يوجد زائدا و يكون متصفا بالزيادة حال حدوثه مبطل للصلوة ، فلا يعم ما يتصف بالزيادة بعد وجوده كما نحن فيه كي يكون مبطلا لها اللهم الا ان يدعى صدق الزيادة عرفا على كلجزء وقع باطلا بحيث لا يؤثر في التيام المركب منه ، فانه حينئذ يكون الجزء الذى وقع باطلا متصفا بالزيادة حال حدوثه فيعمه اخبار الزيادة فتدبر وقد يستدل للبطلان مطلقا، بان تقديم السورة على الحمد مع العلم بعدم جواز التقديم، مستلزم لعدم قصد امتثال الأمر بالصلوة ، لان الامر لا يدعو الا الى ما تعلق به وفيه ان تقديم السورة انما يكون مستلزما لعدم قصد امتثال الأمر بالصلوة ، فيما اذا قصد من اول الامر وقبل الدخول فى الصلوة اتيانها على غير الترتيب المعتبر فيها تشريعا ، دون ما اذا قصد من اول الامر امتثال الامر الواقعى المتعلق بالصلوة، لكن عرض له في الاثناء ان يقدم السورة على الحمد

ص: 404

تشريعا، اذ من المعلوم ان اتيان السورة قبل الحمد تشريعا لا ينافي قصد امتثال الامر المتعلق بالصلوة فتدبر جيدا اللهم الا ان يقال ان اتيان بعض اجزاء الصلوة فى غير المحل المقرر له تشريعا و ان لم يكن منافيا لقصد امتثال الأمر المتعلق بالصلوة لكن اتيانه كك تشريعا حيث يكون محرما ، فيكون ماحيا للصورة الصلوتية عند المتشرعة ، حيث ان من المرتكز في اذهانهم ان للصلوة صورة خاصة يكون الاخلال بها موجبا لبطلان الصلوة ، ومن هنا حكموا بمبطلبة الفعل الكثير الماحى للصورة الصلوتية ، اذلا مدرك له على الظاهر الا ذلك الارتكاز الكاشف عن ان الهيئة الصلوتية المتخذة من الشرع ، مما ينافي تحقق بعض اجزاء الصلوة على النحو المحرم ، وعليه يبتنى الاجماع المدعى على ان الكلام المحرم الواقع فى اثناء الصلوة مبطل لها نعم يمكن ان يقال بانهم استكشفوا ذلك من تعبير الشارع عن بعض ما اعتبر عدمه فى الصلوة بالقاطع، فانه يستكشف منه ان الهيئة المتخذة من الشرع ينافيها ويقطعها تخلل بعض الاشياء بين اجزائها والا لم يكن وجه للتعبير عنه بالقاطع والحاصل كما ان الفعل الكثير يكون مبطلا للصلوة لكونه ماحيا للهيئة الخاصة المعتبرة فيها، كذلك اتيان جزء من اجزاء الصلوة على النحو المحرم يكون مبطلالها، لكونه منافيا لتلك الهيئة المعتبرة فيها ، وان لم يكن ما حيالها، ولذا لا يصدق على من ياتى پایته انه غیر مصل کما یصدق

على من بالفعل الكثير هذا وقد يستدل للبطلان مطلقا ولو اعاد السورة بعد الحمد، بانها مستلزم للقرآن المنهى عنه وفيه اولا المنع عن حرمة القرآن على ماسياتي انشاء الله تعالى بيانه ، و ثانيا المنع عن صدقه على مثل المقام الذي يكون تكرارا لسورة واحدة ، و ذلك لاختصاص اخباره بالقرآن بين صورتين متغايرتين كما لا يخفى على من راجعها وقد يستدل على البطلان بتقديم السورة عمدا مطلقا ولو مع اعادتها بعد الحمد ، بصحيحة محمد بن مسلم قال سألته عن الذى لا يقرء الفاتحة الكتاب في صلوته، قال علیه السّلام لا صلوة له الا ان يبدء بها في جهر او اخفات ، بدعوى عدم صدق الابتداء بالحمد مع تقديم السورة عليها ولو ادعاها بعد الحمد ، فيدخل في المستثنى منه وهو قوله علیه السّلام لا صلوة له وفيه ان الظاهر من الصحيحة انها في مقام بیان اعتبار الحمد

ص: 405

فى الصلوة، والترتيب بينه وبين السورة ، لابيان اعتبار وصف الابتدائية من حيث هي للحمد ، کى نيافيه تاخره عن السورة ولو كانت غير معتد بها ، هذا تمام الكلا فيما اذا قدم الكلام السورة عمدا عالما بالحكم واما لو قدمها جهلا بالحكم، وقلنا باختصاص لا تعاد بالاخلال بغير الخمسة نسيانا فمقتضى القاعدة بناء على كون الترتيب شرطا للصلوة حال القرائة ، هو الحكم ببطلان الصلوة مطلقا ولواعاد السورة بعد الحمد، وذلك الاخلال بشرطها وعدم امكان تداركه لفوات محله واما بناء على كون الترتيب شرطا للقرائة، فمقتضى القاعدة هو الحكم بالبطلان فيما لم يعد السورة بعد الحمد، والحكم بالصحة فيما اعادها بعده، و ذلك لان مع اعادتها و ان صدق عليها الزيادة العمدية ، لكن قد عرفت اختصاص مادل على مبطلة الزيادة العمدية، بما كان متصفا بالزيادة حال حدوثه بان وجد زائدا، فلايعم ما اتصف بها بعد وجوده كما نحن فيه، فلادليل على ابطال هذه الزيادة، وليس تقديمها ايضا عن تشريع كي يكون محرما ومنافيا للهيئة المعتبرة فى الصلوة، حتى يكون مبطلالها مطلقا ولو مع اعادتها بعد الحمد واما لوقدم السورة نسيانا اوسهوا، فلاشبهة بل لا خلاف في عدم بطلان الصلوة مطلقا ، ولو بناء على كون الترتيب شرطا للصلوة ، سواء تذكر و تداركه بالاعادة بعد الحمد، ام بقى على نسيانه الى ان ركع اوالى الفراغ عن الصلوة ، و ذلك لعموم قوله علیه السّلام لا تعاد الصلوة الا من خمسة و خصوص خبر على بن جعفر عن اخيه موسى علیه السّلام، سئلته عن رجل افتتح الصلوة فقرء سورة قبل فاتحة الكتاب ثم ذكر بعد ما فرغ من السورة، قال علیه السّلام يمضى في صلوته ويقرء فاتحة الكتاب فيما يستقبل ، وقوله علیه السّلام ويقرء فاتحة الكتاب فيما يستقبل بيان لكيفية المضى فى الصلوة والمرادانه يمضى في صلوته مبتدء من الفاتحة ، لا ان المرادانه يقرء فاتحة الكتاب فيما يستقبل من ركعات صلوته، و يكتفى فيهذه الركعة بما قرئه من السورة كما احتمله بعض اذفيه مضافا الى كونه مخالفاعلی الظاهر للاجماع، انه مناف لمادل على وجوب تدارك الحمد اذا نسيه مالم يركع، كموثقة سماعة قال سئلته علیه السّلام عن الرجل يقوم فى الصلوة فينسى فاتحة الكتاب قال

ص: 406

علیه السّلام فليقل استعيذ بالله من الشيطان الرجيم ان الله هو السميع العليم ثم ليقرئها ما دام لم يركع فانه لاقرائة حتى يبدء بها في جهرا واخفات ثم لو سلمنا عدم ظهور قوله علیه السّلام و يقرء فاتحة الكتاب فيما يستقبل، فيما ذكرنا من كونه بيانا لكيفية المضى في الصلوة ، لكن نمنع عن ظهوره في الاكتفا فيهذه الركعة بماقرئها من السورة، فيسقط الخبر الاجماله عن صحة الاستدلال به، فيبقى استصحاب وجوب قرائة السورة مرتبة على قرائة الفائحة سليما عما يكون حاكما عليه وتوهم ان مرجع تقديم السورة نسيانا إلى نسيان قرائة الحمد قبلها ، فهو حين قرائة السورة لم يكن مكلفا بالحمد فالسورة عند قرائتها وقعت مطابقة لامرها والتذكر للحمد فيما بعد لا يوجب انقلاب السورة عما وقعت عليه کی یلزم اعادتها بعد الحمد مدفوع بان وقوع السورة مطابقة لامصها عند نسيان الحمد ، مراعى بعدم التذكر له قيل فوات محله ، ادمع تذكره كك تكون جزئيته لهذه الركعة محفوظة ، و معه لا تكون السورة واقعة في محلها كي تكون موافقة لامرها ، ضرورة ان محلها بعد الحمد لاقبله .

الامر الثانى المشهور بين الاصحاب عدم جواز قرائة ما يفوت الوقت بقرائته من السور ، وانه لوقرئها عمدا تبطل صلوته والتكلم فى هذا الامر يقع تارة فيما يقتضيه القاعدة، و اخرى فيما يقتضيه النص اما الكلام فيما يقتضيه القاعدة ، فملخصه هوانا لوقلنا بان الامر بالشئى يقتضى النهي عن ضده، فتكون قرائة ما يفوت به الوقت محرمة، وذلك لما حقق في محله من انه لو وقع التزاحم بين الواجب التعيينى والواجب التخييري ، فاللازم تقديم الواجب التعييني وتخصيص الوجوب التخييرى بغير الفرد المزاحم للواجب التعيينى جمعا بين الغرضين، وعليه فيكون الوقت لكونه واجبا تعيينيا هو المأمور به دون السورة المفوتة له، والامر به بناء على مسئلة الضد يوجب النهى عن السورة المفوتة له فتكون محرمة، وحينئذ يبتنى بطلان الصلوة بقرائتها، على مامر فى الأمر السابق من ان اتيان جزء من الصلوة بالعنوان المحرم مناف للهيئة المعتبرة فيها عند عرف المتشرعة، و هذا لافرق فيه

ص: 407

بین ما قصد بها الجزئية ومالم يقصدها ، غاية الامر انه لو قصد بها الجزئية تكون محرمة بعنوان التشريع ايضا فتدبر واما لو قلنا بما هو الحق من عدم

لوقلنا اقتضاء الامر بالشئى النهي عن ضده ، فلاتكون قرائة مايفوت به الوقت محرمة ، الافيما اذا قصد به الجزئية ، فانه تشريع في اصل الصلوة لو كان من فى اصل الصلوة لوكان من قصده من اول الامر الاتيان بها بهذا النحو اى مشتملة على سورة يفوت بها الوقت ، وفى نفس السورة لو عرض له ذلك في الأثناء ، ففيما لم يقصد بها الجزئية اصلا لا تكون محرمة ، نعم يكون الامر بها للمزاحمة بالواجب التعيينى الاهم و هو الوقت، ساقطا عن الفعلية ، مع مع بقائها على محبوبيتها الذاتية والمصلحة التامة، وحينئذ فيمكن ان يأتى بها بهذا الداعى الذي يكفى في وقوعها عبادة و توهمانه و ان امكن تصحيحها حينئذ بالملاك ، لكن الاتيان بها حيث يكون مستلزما للاخلال عمدا بما يجب عليه من السورة القصيرة فيلزم بطلان الصلوة من هذه الجهة مدفوع بان الاتيان بها حيث يكون موجبا لضيق الوقت فتكون السورة ساقطة، اذا لظاهر عدم الفرق فى الضيق المسقط للسورة بين كونه لعذر او لسوء اختيار المكلف، و لذا لو آخر الصلوة عمدا الى ان ضاق الوقت عن اتيانها مع السورة تكون السورة ساقطة ، فاذا كانت السورة ساقطة، فلا يكون الاتيان بها مستلزما للاخلال بالسورة الواجبة كى يلزم بطلان الصلوة هكذا افيد ولا يخلو عن النظر، و ذلك لان تصحيح العبادة بالملاك او الامر الترتبي في باب التزاحم، انما هو فى التكاليف النفسية، واما التكليف الغيرية من الجزئية والشرطية فلا يمكن تصحيحها بذلك بعد سقوطها بالمزاحمة، اذليس هناك تكاليف متعددة كان المتعلق كل منها ملاك ومصلحة ملزمة تخصه كما في التكاليف النفسية، بل انما هناك ملاك واحد قائم بالمركب من عدة اجزاء، فاذا سقط وجوب جزء لمكان المزاحمة لجزء اخراهم، يكون ذلك الملاك الواحد قائما بالمركب الفاقد لذلك الجزء الساقط كما هو المستفاد من قوله علیه السّلام الصلوة لا تسقط بحال، فيكون الجزء الساقط بل المركب الواجد له خاليا عن الملاك ، اذلا طريق لنا الى استكشافه بعد سقوط الامر

ص: 408

عنه، فالمزاحة في باب القيود تقتضى سقوط غير الاهم خطابا و ملاكا، فلا يمكن تصحيحه بالملاك ، وحينئذ تكون الصلوة مع السورة الطويلة المفوتة للوقت كالخالية عن السورة رأسا ، فتكون مغائرة للمأمور به وهو الصلوة الواجدة للسورة اللهم الا ان يقال ان المأمور به و انكان هى الصلوة الواجدة للسورة ، لكن الاتيان بالسورة الطويلة لما اوجب ضيق الوقت المسقط للسورة ، فانقلب المأمور به الى الصلوة الخالية عن السورة ، فلاتكون الصلوة مع السورة الطويلة حينئذ مغائرة للمأمور به كى تكون باطلة.

واما الكلام فيما يقتضيه النص الوارد في المقام ، فملخصه هو ان ما استدل به للمشهور خبران ، الاول خبر عامر من قرء شيئا من الحم في الصلوة الفجر فاته الوقت، الثاني خبر ابى بكر الحضرمي لاتقرء في الفجر شيئا من الحم ، بنا على كون النهى فيه لفوت الوقت بقرنية الخبر الاول تقريب الاستدلال هوانه لاشبهة فى ظهور الخبرين فى المنع عن قرائة ما يفوت به الوقت ، اما ظهور الثانى فى ذلك فواضح ، واما ظهور الاول فى ذلك فلان قوله علیه السّلام فيه فاته الوقت، ليس لبيان الامر العادى فانه لا يناسب لمنصب الامام علیه السّلام، بل انما هو لبيان الحكم الشرعي وهو حرمة قرائة ما يفوت به الوقت ، بمقدمة مطوية معلومة عند المخاطب ، وهي عدم جواز تفويت الوقت ، والاصل فى النهى و انكان هى الحرمة التكليفية ، الا ان المتبادر من النهى المتعلق بكيفيات العمل العبادى كونه لبيان المانعية ، كما ان المتبادر من الامر المتعلق بها هو كونه لبيان الجزئية والشرطية ، فاذا كان النهى فى الخبرين لبيان مانعية ما يفوت به الوقت ، فيكون مفاده هو الفساد بمدلوله الاولى، و معه لاحاجة فى استفادة الفساد، الى دعوى ان النهي عن الجزء لامحة يوجب تقييد المأمور به تخصيصه بما عدا ذلك الجزء ضرورة استلزم بقاء المأمور به على اطلاقه مع النهي عن جزئه، لاجتماع الأمر والنهي في ذلك الجزء وهو محال، فاذا كان النهى عن اسورة الطويلة موجبا لتقييد الصلوة المأمور به بالسورة القصيرة ، فلاتكون الصلوة

ص: 409

مع السورة الطويلة منطبقة على المأمور به، بل تكون مغايرة له فتكون فاسدة كى تدفع بان النهي عن الجزء وانكان موجبا لتضييق المأمور به و تقييده بماعدا الجزء المنهى عنه، الا ان التقييد بما عدا الجزء المنهى عنه وهي السورة القصير في المقام، لا يوجب كون الصلوة مع السورة الطويلة مغائرة مع المأمور به، وذلك لما عرفت من ان مع الاشتغال بالطويلة الى ان ضاق الوقت، تكون السورة ساقطة لا تكون الصلوة مع السورة الطويلة مغائرة للمأمور به كي تكون فاسدة، هذا غاية ما يمكن ان يقال في تقريب الاستدلال بالخبرين على ماذهب اليه المشهور من حرمة قرائة ما يفوت به الوقت وانه لوقرئه عمدا تبطل صلوته ويرد عليه اولابان السورة الطويلة، حيث تكون مزاحمة بالوقت الذى يكون اهم و يكون واجبا تعيينيا، والمزاحمة بين الواجبين تقتضى بحكم العقل سقوط خطاب غير الاهم وغير الواجب التعييني ، فلا يكون النهى عن قرائة السورة الطويلة ظاهرا في النهى المولوى ، كي يدل على ما نعيتها وفساد الصلوة معها ، وذلك لما حققناه في محله من انه اذا كان للمكلف محرك و باعث عقلى او شرعى نحو فعل شيء او تركه ، لايكون امر الشارع بذلك الشيء او نهيه عنه ظاهرا ، الافى الارشاد دون المولوى وان امكن كونه مولويا ، ولذا حملنا او امر الاحتياط في موارد العلم الاجمالي بالتكليف الذي يكون بمجرده كافيا في وجوب الخروج عن عهدة التكليف المعلوم بالاجمال عقلا ، على الارشاد دون الوجوب الشرعى، وحملنا اخبار من بلغ الواردة فيما ورد الخبر الضعيف بالاستحباب الذي يكون بمجرده كافيا في الاتيان عقلا بداعى الانقياد ورجاء الامر على الارشاد دون الاستحباب ، مع امكان كون الأمر في موضعين مولويا ، اذ ليس الامر فيها نظير امر اطيعوا الله ، كيلا يمكن ان يكون مولويا الاعلى وجه دائركما هو واضح وثانيا سلمنا ظهور النهى فى الخبرين في النهي المولوى ، لكن الظاهر ان المراد بالوقت فى الخبر الأول هو وقت الفضيلة، ضرورة ان وقت الاجزاء اوسع من ان يفوت بقرائة الحم ، فلابد حينئذ من حمل النهي على التنزيه والكراهة و

ص: 410

ثالثا سلمنا ان كون المراد بالوقت فى الخبر هو وقت الفضيلة، غير مناف لدلالة النهى على الحرمة فيما هو محل الكلام، بتقريب ان من مجموع الخبرين يفهم ان قرائة ما يفوت به الوقت منهى عنه، لكونها موجبة لفوات الوقت ، و هذا التعليل يقتضى صرف النهي عن ظاهره، بالحمل في كل مورد على ما يناسبه علته، وذلك لانه يفهم هذا التعليل ان المنع عن القرائة الموجبة للتفويت، ناش عن المنع المتعلق بالتفويت، ولازمه تبعية النهى عن القرائة الموجبة للتفويت في كونه للتزيه او التحريم للمنع المتعلق بالتفويت، فانكان المنع عنه تنزيهيا كما في تفويت وقت الفضيلة ، فيكون النهى عن القرائة الموجبة له كك ، وانكان المنع عنه تحريميا كما في تفويت وقت الاجزاء ، فيكون النهى عن القرائة الموجبة له ايضاكك لكن نقول هذا النهى حيت يكون واردا مورد توهم جزئية السورة المفوتة للوقت ، فلا ظهور له في ما نعيتها للصلوة ،اصلا ، بل غايته الدلالة على نفى جزئيتها لها ، وهذا لا يوجب بطلان الصلوة بقرائتها فيها ولو بقصد الجزئية ، الابناء على ما ادعيناه من ان اتيان ما يكون من سنخ الصلوة فيها بالعنوان المحرم ، يكون منافيا للهيئة المعتبرة فيها هذا.

الامر الثالث المشهور بين الاصحاب عدم جواز قرائة شيء من سور الغرائم فى الفريضة، واستدل عليه مضافا الى الاجماعات المحكية المستفيضة المعتضدة بالشهرة العظيمة، بعدة من الاخبار منها حسنة زرارة عن احدهما عليهما السلام لا تقرء في المكتوبة بشيء من الغرائم فان السجود زيادة في المكتوبة ومنها موثقة سماعة قال من قرء اقرء باسم ربك فاذا ختمها فليسجد فاذا قام فليقرء فاتحة الكتاب وليركع ، وقال اذا ابتليت بها مع امام لا يسجد فيجزيك الايماء والركوع ، ولا تقرء في الفريضة ، اقرء في التطوع ، فان قوله علیه السّلام في الذيل ولا تقرء في الفريضه، صريح الدلالة على القول المشهور من المنع عن قرائة الغرائم فى الفريضة ، ولا ينافيه الصدر ان ظاهره بيان حكم من صدر وتحقق منه هذا العمل ، فيمكن حمله على ما اذا شرع فيها ساهيا ثم ذكر بعد اتمامها ، لالبيان حكم الاتيان به کی یدل على الجواز

ص: 411

والترخيص، سلمنا ظهوره في الجواز ، لكن حيث لا يكون فيه تصريح بكون القرائة فى الفريضة ، فيحمل على النافلة بقرنية الذيل ومنها عدة روايات اخر ظاهرة الدلالة فى المنع عن قرائة الغرائم فى الفريضة ولا يعارضها ماظاهره الجواز مطلقا، كحسنة الحلبي عن ابيعبد الله علیه السّلام انه سئل عن الرجل يقرء بالسجدة في آخر السورة قال علیه السّلام يسجد ثم يقوم فيقرء فاتحة الكتاب ثم يركع ويسجد ، وصحيحة محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال سئلته عن الرجل يقرء السجدة فينساها حتى يركع ويسجد قال علیه السّلام يسجد اذا ذكر اذا كانت من الغرائم ، وخبر وهب بن وهب عن ابي عبد الله علیه السّلام عن ابيه على علیه السّلام قال اذا كان آخر السورة السجدة اجزاك ان تركع بها فان مقتضى الجمع بين هذه الاخبار وبين الاخبار المتقدمة الدالة على المنع عن قرائتها في الفريضة ، حمل هذه الاخبار على النافلة ، وعليه فيكون امره علیه السّلام فى حسنة الحلبى باعادة الفاتحة ، لاجل ان يكون ركوعه عن قرائة حيث تخلل السجدة العزيمة بين القرائة والركوع ، فلاتعاد الفاتحة فيما اذا كانت آية السجدة فى اثناء السورة ، اذ لا يكون ركوعه حينئذ لا عن قرائة كما هو واضح ثم ان هذا الامر لا بد من حمله على الاستحباب ، لقول على علیه السّلام في خبر وهب المتقدم اذا كان آخر السورة السجده اجزاك ان تركع بها نعم يعارض الاخبار المتقدمة ما ظاهره الجواز في الفريضة ، كصحيحة على بن جعفر عن اخيه موسى علیه السّلام، قال سئلته عن امام قوم قرء السجدة فاحدث قبل ان يسجد كيف يصنع ، قال علیه السّلام يقدم غيره فيسجد و يسجدون و ينصرف وقد تمت صلوتهم ، وحملها على النافلة بعيد فى الغاية ، لعدم جواز الجماعة فيها الا في مواضع نادرة ، وصحيحته الاخرى عنه علیه السّلام ايضا، قال سئلته عن الرجل يقرء فى الفريضة سورة النجم ايركع بها او يسجد ثم يقوم فيقرء بغيرها ، قال علیه السّلام يسجد ثم يقوم ويقرء بفاتحة الكتاب ويركع، و ذلك زيادة في الفريضة فلا يعودن يقرء السجدة فى الفريضة وقد استدل جماعة بقوله علیه السّلام في ذيلها وذلك زيادة فى الفريضة فلا يعودن الح، على ماذهب اليه المشهور من المنع ،

ص: 412

وجعلوه قرنية على حمل صدرها الظاهر فى الجواز على الناسى او التقية ولا يخفى ان المتعين هو الاستدلال بصدرها على الجواز ، وجعله قرنية على حمل ذيلها الظاهر فى المنع على الكراهة توضيح ذلك هوانه لا شبهة فى ظهور سوق السؤال في ان جواز قرائة الغرائم فى الفريضة كان من الامور المسلة المفروغ عنها عند السائل ، ولذا سئل عن انه عند قرائة سورة النجم التى تكون آية السجدة في آخرها وليس بعدها قرائة ، هل يترك سجدة العزيمة ويركع عن هذه القرائة ، ام يسجد للعزيمة ثم يقوم ويقرء غيرها ويركع ليكون ركوعه عن قرائة ، كما لاشبهة فى ظهور صدر الجواب في تقريره علیه السّلام للسائل فيما اعتقده من الجواز ، ولذا لم يردعه عما اعتقده بل بين ماهو وظيفته عند قرائة سورة العزيمة في الفريضة ، بقوله علیه السّلام يسجد ثم يقوم ويقرء بفاتحة الكتاب ويركع ، وكذا لاشبهة فى ظهور الذيل وهو قوله علیه السّلام و ذلك زيادة في الفريضة الخ ، مع قطع النظر عما فرعه عليه بقوله علیه السّلام فلا يعودن الخ، فى المنع، ضرورة انه علیه السّلام ليس بصدد بیان مجرد صدق الزيادة عليهذه السجدة من غير تعرض لحكمها والا لكان بيانه لغوا كما لا يخفى، و حينئذ فلابد في رفع ما وقع فيهذه الصحيحة من التناقض والتنافي صدرا وذيلا ، من رفع اليد ، اما عن ظاهر الصدر ، بحمل قوله علیه السّلام يسجد ثم يقوم الخ ، على بيان حكم قرائة العزيمة في الصلوة التي يجوز قرائتها فيها على النحو الكلى ، بتقريب ان السائل لماكان جواز قرائة العزيمة فى الفريضة عنده من المسلمات المفروغ عنها ، فكان محط نظره في السؤال هو بيان الامام علیه السّلام ما هو الوظيفة عند قرائتها في الصلوة التي يجوز قرائتها فيها ، فاجاب علیه السّلام اولا عما كان محط نظره فى السؤال على النحو الكلى ، ثم نبهه على ان خصوص مورد السؤال ليس مما يجوزفيه ذلك لكونه موجبا للزيادة في الفريضة، واما عن ظاهر الذيل ، بحمل قوله علیه السّلام وذلك زيادة فى الفريضة ، الظاهر في تنزيل هذه السجدة التي ليست بزيادة حقيقته عرفية كما سيأتى انشاء الله تعالى بيانه ، منزلة ما يكون زيادة كك في جميع الاثار التي منها ابطال الصلوة ، على بيان ان هذه

ص: 413

السجدة حيث تكون زيادة صورية فلا ينبغى اتيانها فى الفريضة ومن المعلوم ان حمل الصدر على بيان حكم غير مورد السؤال ، ابعد من حمل الذيل على بيان حكم هذه الزيادة الصورية وانه يكره اتيانها فى الفريضة ، وذلك لعدم ظهور لقوله علیه السّلام وذلك زيادة في الفريضة ، في تنزيل هذه السجدة منزلة الزيادة الحقيقية في الحكم، بحيث يكافؤ ظهور الصدر في بيان حكم مورد السؤال توضيح ذلك هوانه اذا كان بين شيئين كمال المبائنة ونزل احدهما منزلة الاخر، كما في قوله علیه السّلام الطواف بالبيت صلوة ، فهذا التنزيل يكون له كمال الظهور فى التنزيل الحكمي واثبات ما للمنزل عليه من الأثر الظاهر او جميع الاثار للمنزل هذا بخلاف ما اذا كان بينهما مشابهة صورية كما في المقام ، اذ يحتمل حينئذ ان يكون حمل اسم احدهما على الاخر لمجرد ما بينهما من المشابهة الصورية ، لالتنزيل احدهما منزلة الآخر في الحكم والاثر الشرعى ، وعليه فلا يكون لهذا الحمل ظهور قوى في التنزيل الحكمي ، بل يحتمل ان يكون لبيان حكم آخر لاحدهما مبائن للحكم الثابت للاخر ، فيكون النظر اليه موضوعيا لا تنزيليا ، فاذا لم يكن لحمل اسم الزيادة عليهذه السجدة ظهور قوى فى تنزيلها منزلة الزيادة الحقيقية في الاثار التي يكون من اظهرها بطلان الصلوة بها ، فيمكن حمله علی بیان حکم آخر لها غير حكم الزيادة الحقيقية، والحكم الاخر فى المقام وان احتمل كونه مجرد الحرمة التكليفية الغير المستلزمة الا لوقوع محرم نفسى فى اثناء الصلوة الغير المستلزم لوقوع نقصان فيها اصلا ، لكنه خلاف سوق الرواية الظاهر فى ان المنع عن هذه السجدة لما يترتب عليها من احداث نقص فى الصلوة ، وحيث ان النقص المترتب على اتيان هذه السجدة في اثناء الصلوة ، لا يمكن ان يكون مما يوجب البطلان ، والا لما حكم علیه السّلام بصحة الصلوة مع اتيان هذه السجدة فيها في الصدر ، فلابد ان يكون مما يضر بمرتبة كمالها ، و عليه فلا يكون المنع عن هذه السجدة الا للتنزيه والكراهة واذا تبين ظهور الصحيحتين في جواز قرائة سورة العزيمة في الفريضة ، فيكون مقتضى الجمع العرفي

ص: 414

بينهما و بين مادل على المنع من الاخبار المتقدمة ، هو حمل تلك الاخبار على الكراهة ، ومعه الامجال لما يظهر من بعض الفحول ، من الرجوع في المقام الى مرحجات باب التعارض وحمل الصحيحتين على التقية ، هذا مضافا الى مخالفة الصحيحتين ايضا للتقية ، فان امره علیه السّلام فيهما بالسجدة في الاثناء مخالف لمذهب العامة ، فانهم وانكانوا متفقين على جواز قرائة سورة العزيمة في الفريضة ، الا انهم يؤخرون السجدة الى ما بعد الفراغ عن الصلوة ، فحمل الصحيحتين على التقية ضعيف جدا ، ومثله في الضعف حمل الصحيحة الثانية على النسيان ، و ذلك لمنافاته لقوله علیه السّلام في الذيل فلا يعودن ، اذ لا يصح المنع عن العود نسيانا ، وحمله على التحفظ عن النسيان بعيد ، هذه خلاصة ما افاده الاستاد دام ظله في المقام ولكن يمكن حمل الصحيحتين على ما يرتفع به التعارض بينهما وبين مادل على المنع ، وهو بان يقال ان محط نظر السائل فى الصحيحة الأولى ليس هو السؤال عن تكليف الامام الذى قرء السورة فاحدث قبل ان يسجد ، بل محط نظره هو السؤال عن ان صلوة المأمومين. هل تبطل ببطلان صلوة الامام ام لا، وعلى تقدير عدم البطلان ما تكليفهم بالنسبة الى ما سمعوه من قرائة آية السجدة ، وحينئذ فتكون الصحيحة من ادلة عدم الصلوة بسجدة العزيمة فيما كان موجبها السماع ، وسيأتي انشاء الله تعالى ان مقتضى القاعدة ايضا عدم كون زيادتها موجبة للبطلان ، فيما اذا كان المكلف مقهورا على اتيانها شرعا ، من دون ان يكون تسبيب منه اليه اصلا ، كما فيهذا المورد و مورد النسيان هذا ، واما الصحيحة الثانية فيمكن حملها على الجاهل بالحكم جهلا مركبا کیلا ینافی ظهور سوق السؤال فى كون الجواز مسلما عند السائل ، ويؤيد ذلك نهيه علیه السّلام في الذيل عن العود من دون امر باعادة ما مضى ، فانه قرنية على ان الحكم بوجوب السجدة عليه في الاثناء وصحة عمله انما هو لمكان جهله بالحكم ، واما بعد ما بين علیه السّلام له ان السجود زيادة في الفريضة وصار عالما بالحكم فلا يجوز له العود الى مثل ذلك العمل وتوهم ان التفصيل فى البطلان بين العلم بالحكم والجهل به ،

ص: 415

مخالف للاجماع حيث لم يفصل احد في بطلان الصلوة بالزيادة العمدية بين كونها عن علم بالحكم او عن جهل به مدفوع بان عدم التفصيل فى البطلان بالزيادة الحقيقية العرفية ، لا يوجب المنع عن التفصيل فى البطلان بالزيادة الصورية كما نحن فيه وتوهم ان عدم التفصيل فى البطلان بين العلم والجهل و انكان مختصا بالزيادة العرفية، لكن مقتضى اطلاق تنزيل هذه الزيادة الصورية منزلة الزيادة العرفية فى الصحيحة ، هو عدم التفصيل بينهما فى البطلان بهذه ايضا مدفوع بان اطلاق التنزيل وانكان فيحد نفسه مقتضيا لذلك ، لكن بعد احتمال كون الحكم بالصحة في الصدر مختصا بالجاهل، لا يبقى للتمسك باطلاقه مجال لاكتنافه حينئذ بما يصلح للقرينية المانع عن انعقاد الاطلاق فتبين مما ذكرنا انه ليس للصحيحتين ظهور فى الجواز فى الفريضة مطلقا ، بحيث يكون موجبا لحمل الاخبار المانعة على الكراهة ، هذا مضافا الى ماعرفت من مخالفتهما للاجماعات المحكية المستفيضة المعتضدة بالشهرة العظيمة ، فلا اشكال في اصل الحكم اعنى المنع وانما الكلام في دلالة النهى على الفساد، فانا وان قلنا فى الامر السابق بان المتبادر من النهى المتعلق بكيفيات العبادة كونه لبيان المانعية ، الا انه يمكن رفع اليد عن ظهور النواهى الواردة فى الاخبار المتقدمة فى المانعية ، بقرنية ما في بعضها من التعليل بان السجود زيادة فى المكتوبة ، اذ يستفاد من هذا التعليل ان المنع عن قرائة الغرائم في الفريضة ، انما هو لاستلزامها للوقوع في احد المحظورين اى المحرمين التكليفيين لانه لا يخلو اما ان يسجد فى اثناء الصلوة ، فيلزم زيادة السجدة في اثنائها عمدا ، و هی حرام لكونها موجبة لابطال الصلوة عمدا وابطالها كك محرم ، واما ان لا يسجد بل يؤخرها الى ما بعد الصلوة ، فيلزم تأخير الواجب الفورى وهو حرام ، ولامنافاة بين حرمة زيادة السجدة فى اثناء الصلوة ، وبين صيرورتها واجبة عند قرائة آية السجدة ، اذهذا نظير ما اذا صار محرم ذاتى واجبا بالعرض لاجل مقدميته لواجب اهم ، كما في الخروج عن المكان المغصوب ، فان هذا الخروج في نفسه كالدخول

ص: 416

والتوقف، غصب مبغوض منهى عنه بالنهى السابق على الدخول موجب للعقاب ، لكنه يصير واجبا بالعرض مقدمة للتخلص عن الغصب الواجب ، وعليهذا فيكون خصوص آية السجدة محرمة بالحرمة التكليفية المقدمية السببية ، لان خصوصها موجبة للسجدة ، وعليه فلايكون قرائة ما عداها من الاايات سور الغرائم محرمة، فلا يوجب قرائة ما عداها بطلان الصلوة كما هو المدعى ، بل لا توجب بطلانها قرائة نفس آية السجدة فيما اذا ترك السجدة عصيانا او نسيانا وتوهم ان البطلان لايدور مدار اتيان السجدة وتحققها خارجا، بل يدور مدار امر الشارع باتيانها ، لان الامر بالسجود المبطل مرجعه الى الامر بابطال الصلوة ، فلا يجتمع مع الامر بالمضى فيها مدفوع بان مرجع الأمر بالسجدة المبطلة انما يكون الى الأمر بالابطال ، فيما اذا كان الامر بها من حيث مبطليتها للصلوة ، لافيما اذا كان الأمر بها من حيث هيهي كما في المقام، فهذا التوهم نشاء من المغالطة بين الامرين كما لا يخفى ، فقرائة نفس آية السجدة لا توجب البطلان فيما اذا ترك السجدة، الابناء على ما ادعيناه من ان اتیان فعل محرم من سنخ افعال الصلوة فيها، يكون منافيا للهيئة المعتبرة شرعا فيها نعم لو اقتصر على قرائة سورة العزيمة كانت صلوته باطلة ، من جهة النقصان العمدى و توهم ان النهى عن قرائة الغرائم فى الفريضة فيهذه الاخبار، انكان لاجل عليتها الوقوع في احد المحظورين، فلا يكون النهى عنها فيها ظاهرا الا في الارشاد، ضرورة ان مجرد تعلق النهى المقدمى بها الناشى من قبل النهى المتعلق بذى المقدمة، كاف عقلا في البعث نحو تركها، ومعه لا يكون النهى عنها ظاهرا في المولوية كمأمر بيانه فی الامر السابق واضح الفساد، لالماقيل من ان النهى المقدمی نهی تبعی قهری، اذ لا فرق في بعث النهي نحو الترك بين كونه نفسيا اختياريا او تبعيا قهريا ، بل لان كون السجدة العزيمة زيادة في الصلوة و مبطلة لها و محرمة، لولم تكن هذه الروايات لم يكن لنا طريق اليه ، بل كان مقتضى القاعدة عدم بطلان الصلوة بها، و ذلك لانا لوسلمنا ان زيادة ما كان من سنخ الصلوة، لا يتوقف صدق الزيادة عليه

ص: 417

على القصد بانه من الصلوة ، الا ان قصد عدم كونه من الصلوة يوجب عدم صدق الزيادة عليه ، ولذا لو انحنى المصلى على حد الركوع لقتل الحية مثلا لا يصدق عليه انه زاد في ركوعه ، ولازم ماذكر نا ، عدم صدق الزيادة على السجدة العزيمة وسجدة الشكر و امثالهما مما يكون من سنخ افعال الصلوة وقصد عدم كونها منها ، فاذا لم تكن الزيادة صادقة على السجدة العزيمة عرفا ، فلا يكون اتيانها مشمولا لمادل على بطلان الصلوة بالزيادة العمدية ، ولا لمادل على حرمة ابطال الصلوة ، كي يكون النهي عن اتيانها في الصلوة ، المستتبع للنهى المقدمى عما يكون سببا لاتيانها، و هى قرائة سورة العزيمة، كافيا في البعث نحو ترك قرائتها ، كي يكون النهي عن قرائتها فيهذه الاخبار ظاهرا فى الارشاد المحض اللهم الا ان يقال ان السجدة العزيمة وان قصد عدم كونها من الصلوة، لكن لما قصد المصلى جزئية نفس سورة العزيمة ، وكانت السجدة تابعة لها، لان قرائتها اوجبت السجدة عليه ، فبهذا الاعتبار يمكن صدق الزيادة على السجدة ، اذ يصدق على المصلى لمكان اتيانه ما اوجب السجدة عليه انه زاد في صلوته فتدبر (1)، ويمكن رفع اليد عن ظهور التعليل فى العلية ، وحمله على كونه حكمة للتشريع الاعلة للحكم ، بقرنية ظهور النهي عن قرائة العزيمة في الفريضة في مانعية قرائتها ، ولامرجح لرفع اليد عن احدا لظهورین ای ظهور النهی في المانعية وظهور التعليل فى العلية على رفع اليد عن الاخر ، فتكون هذه الاخبار من هذه الجهة مجملة ، لاختفاف كل من النهى والتعليل الواقعين فيها بما يصلح للقرينية هذا ويمكن ان يقال تبعين رفع اليد عن ظهور النهى فى المانعية ، وذلك لما حقق في محله من ان الضابط في تمييز القرنية عن ذيها ، هوان القرنية في الكلام هی ما كان متمما للمدلول وكان بحيث لا يتم الكلام به وحده ، و من المعلوم صدق هذا الضابط في المقام على التعليل دون النهى، فيتعين التعليل للقرينية ، على صرف النهي عن ظهوره في المانعية ، الى الحرمة التكليفية المقدمية كمأمر بيانها هذا

ص: 418


1- اشارة الى ان تبعية السجدة للسورة انما تجدى فى كون اتيانها اختيار يا عمديا ولوكان واجبا شرعا ، واما اجدائها في كون السجدة زيادة في الصلوة فلا هذا منه عفى عنه

ثم انه يتفرع على ما استفدناه من الاخبار ، من ان المنهى عنه بنها هو خصوص اية السجدة بالنهى التكليفى المقدمى فرعان الاول انه لوشرع في سورة العزيمة بقصد قرائة تمامها، ثم عدل في الاثناء قبل الوصول الى اية السجدة الى سورة غيرها ، لم تبطل صلوته مطلقا ولو كان عدوله عن العزيمة بعد التجاوز عن نصفها، و ذلك لعدم كون ماقرئه من بعض سورة العزيمة محرما كي يكون منافيا للهيئة المعتبرة في الصلوة ، وانصراف مادل على المنع عن العدول عن سورة الى اخرى عند التجاوز عن النصف ، عن مثل المقام الذى لا يجوزا تمام السورة المنهى عنها فيه هذا مضافا الى امکان دعوى ظهوره فى المنع عن العدول اقتراحا ، فلا يشمل ما نحن فيه الذي يكون العدول فيه للفرار عن محذور الوقوع في المحرم نعم لوقلنا بحرمة القرآن بين السورتين وبحصوله بقرائة سورة و بعض من اخرى ، اوقلنا بحرمة الفعل المتجرى به، كان ماقرئه من بعض سورة العزيمة محرما، اما على الاول فواضح ، و اما على الثاني فلان ماقرئه من بعض السورة ، حيث وقع بالداعى المحرم وهى قرائة الكل، فيكون متجريا فى قرائته ، و اذا كان ما قرئه من بعض السورة العزيمة محرما كان مبطلا لصلوته لكونه منافيا للهيئة المعتبرة فيها و هذا بخلاف ماقلنا بما هو الحق من عدم حرمة القرآن ، وعدم حصوله على فرض حرمته الا بقرائة سورتين كاملتين وعدم كون التجرى موجبا الا لتحريم نفس القصد دون الفعل الخارجي المتجرى به، فانه لاوجه حينئذ لحرمة ماقرئه من بعض سورة العزيمة كي يستلزم بطلان الصلوة كما هو واضح الثاني لوشرع في سورة العزيمة سهوا وتذكر بعد قرائة ايةالسجدة امكن ان يتم صلوته صحيحة مكتفيا بالسورة العزيمة عن السورة الواجبة عليه اما امکان اتمام الصلوة صحيحة ، فلانه فى حال النسيان لم يصد عنه فعل محرم ، وبعد التذكر دار امره قهرا بين احد المحرمين نفسيين من ابطال الصلوة اوترك السجدة ، ومقتضى التزاحم بين التكليفين النفسيين ، هو التخيير ان لم يكن اهم فى البين ، والا فتقديم الاهم و حينئذ ان قلنا باهمية السجدة ، لا لادلة فوريتها ضرورة انصرافها

ص: 419

الى غير المقام، بل المتعليل المذكور فى الروايتين المتقدمتين، بدعوى ان المراد من قوله علیه السّلام فيهما فان السجود زيادة فى المكتوبة ، هوان السجود الزائد المبطل لمّا كان فوريا بمجرد قرائة لية السجدة ، كان قرائتها حراما لكونها تسبيبا ال-ى ابطال الصلوة ، اذ حينئذ يكون المحذور الموجب للنهى عن القرائة ، هو خصوص وجوب فعل السجود في الصلوة ، فيكون التعليل حينئذ دالا على اهمية السجود ، فاللازم حينئذ وانكان فعل السجود المستلزم لبطلان الصلوة ، لكن لوترك السجود ،عصیانا امكن ان يتم صلوته صحيحة بالملاك، او بالامر التريتي على القولين في باب التزاحم فتدبر نعم لوقلنا باحتياج العبادة الى الأمر، ومنعنا عن صحة الامر التربتى راسا ، او في خصوص المقام الذى يتحقق معصية امر الاهم بنفس الاتيان بالمهم، لم يمكن له اتمام صلوته صحيحة ، والحق وان كان صحة الامر ا تربتى، لكن جريانه في مثل المقام ممنوع بل محال، لاستلزامه طلب الحاصل كما هو واضح ، نعم يمكن ان يقال بتعين اتمام الصلوة ولومع اهمية السجود، و ذلك لان السجود له بدل وهو الايماء، وقد حقق في محله انه لو كان لاحد المتزاحمين بدل دون الآخر، قدم ما ليس له بدل ولو كان ماله البدل اهم مما ليس له البدل، وحينئذ فاللازم ان يومى بدلا عن السجود العزيمة ويتم صلوته مكتفيا بسورة العزيمة، لكن هذا فيما اذا لم يمكن له اتيان الصلوة مع سورة اخرى لضيق الوقت والافتعين اتمام هذه الصلوة علیه محل اشكال بل منع، لا لما قيل من ان المتعين في تزاحم الواجبين اللذين يكون لاحدهما بدل ، و انكان تقديم ماليس له بدل ولو كان ما له البدل اهم ، لكن لم يثبت فى المقام كون الايماء بدلا عن السجود ، لاختصاص مادل على الايماء بصورة السماع ، فان مارواه على بن جعفر عن اخيه موسى علیه السّلام قال سئلته عن الرجل يكون في صلوة في جماعة فيقرء انسان السجدة كيف يصنع ، قال علیه السّلام یومی براسه، قال و سئلته عن الرجل يكون فى صلوة فيقرء اخر السجدة ، قال يسجد اذا سمع من شیئا الغرائم ، الا ان يكون في فريضة فيومي براسه ايماء كماتری مختص بالسماع،

ص: 420

اذفيه ان دليل بدلية الايماء عن هذه السجدة و انكان مختصا بالسماع ، لكن يمكن استفادة بدليته عنها فى صورة السهو ايضا بالملاك ، وهو كون المكلف مقهورا عليهذه السجدة شرعا من دون ان يكون تسبيب منه اليه اصلا و توهم ان الايماء حيث يكون بدلا عن السجود ، والبدل في حكم المبدل فتكون زيادته مبطلة ايضا، فاسد جدا ضرورة ان البدلية قد ثبتت فى المقام بالخصوص دفعا لمحذور الزيادة، فكيف يمكن ان تكون مستلزمة له ، فهذا التوهم اجتهاد في مقابل النص.

بل لما حقق فى باب التزاحم ايضا من انه اذا كان احد المتزاحمين واجبا تعيينيا والاخر واجبا تخييريا ، قدم التعيينى منهما على التخييرى ولوكان التخيير منهما ،اهم وفى المقام وانكان للسجدة بدل ، ولكن يكون وجوبها تعيينيا و وجوب الصلوة تخيير المكان فرض بقاء الوقت ، ومعه يشكل الحكم بتعين اتمام هذه الصلوة والايماء براسه بدلا عن السجدة ، هذا كله فيما اذا قلنا باهمية السجدة واما ان قلنا بعدم اهمیتها ، لمنع دلالة التعليل المذكور فى الروايتين عليها، اذ الظاهر ان المراد من قوله علیه السّلام فان السجود زيادة فى المكتوبة، هو ان السجدة حيث تكون زيادة في المكتوبة ، فان فعلتها ابطلت صلوتك، و ان تركتها اخرت الواجب الفورى ، فلذلك لا يجوز قرائة ايتها الموجبة لها، لاستلزامها الوقوع في احد المحظورين، و حينئذ يكون الموجب للنهى عن القرائة، هو لزوم المحذور في كل من فعل السجود و تركه، فلا دلالة للتعليل حينئذ على اهمية السجود كما لا يخفى، فاللازم حينئذ التخيير بين اتيان السجدة المستلزم لبطلان الصلوة اوترك السجدة و اتمام الصلوة، هذا بناء على كون زيادة السجود للعزيمة مبطلة فيهذا المقام، وأما لومنعنا عن كونها مبطلة في المقام اما بدعوى كونها ناشئة عن قبل السهو في قرائة العزيمة فيعمها حديث لا تعاد، و اما یدعوى انه حيث يكون مقهورا في المقام على اتيان السجود شرعا من دون تسبيب منه اليه ،اصلا فيكون ملحقا بالنسيان فى شمول حديث لا تعاد له ملاكا لكان الواجب عليه اتيان السجود في الاثناء من دون ان يستلزم بطلان الصلوة كما لا يخفى هذا تمام

ص: 421

الكلام فى امكان اتمام الصلوة صحيحة، واما جواز اتمام سورة العزيمة والاكتفاء بها عن السورة الواجبة عليه، فلان المانع عن الاكتفاء بها انما هو حرمتها التكليفية المقدمية، فاذا ارتفعت حرمتها بسبب النسيان فلامانع عن الاكتفاء بها كما هو واضح ثم ان مقتضى اطلاق الاخبار عدم الفرق في حرمة قرائة الغرائم في الفريضة بين كونها بقصد الجزئية او بقصد القرانية ، ضرورة ان قوله علیه السّلام لا تقرء شيئا من الغرائم يعم كلا القصدين ، وعليهذا فتكون هذه الاخبار مخصصة لما دل على جواز قرائة القرآن فى الصلوة ولما دل على الاكتفاء باية سورة وتوهم اختصاص الحرمة بما اذا قصد بها الجزئية بدعوى الانصراف اليه ، كما ترى اذلا منشاء لهذه الدعوى ، الاغلبة قرائة العزيمة فى مكان السورة المامور بها ، وقد حقق في محله ان الانصراف الناشى عن غلبة الوجود لا عبرة به ان قلت ان المتبادر من الاخبار الناهية، ارادة النهي عن قرائتها فى الصلوة على جسما يقرء غيرها من السور امتثالا للامر بقرائة السورة ، و عليهذا فالاخبار منصرفة عما لو قراها لا بقصد الجزئية قلت او لا نمنع عن التبادر المذكور، وثانيا سلمنا ، لكن يفهم حرمة قرائتها مطلقا ولو بقصد القرائية ، من العلة المنصوصة الدالة على ان كل ماكان موجبا لزيادة السجدة فى الصلوة فهو حرام ، هذا تمام الكلام فيما اذا قرء العزيمة فى الفريضة عمدا أو نسيانا واما الكلام في حكم

استماعها وسماعها في الفريضة ، فملخصه ان مقتضى عموم التعليل الوارد في الاخبار سواء كان المراد منه هو ان الموجب للنهى من القرائة هو استلزامها لفعل لاتيان السجود في اثناء الصلوة امكان المراد منه ان الموجب له هو استلزامها للوقوع في احد المحظورين من ابطال الصلوة او تاخير الواجب الفوري ، هو حرمة استماع قرائة العزيمة، وسماعها ايضا فيما اذا كان اختياريا ، كما اذا كان ملتفتا الى ان احدا يقرء سورة العزيمة ، ولم يضع اصابعه في اذنية الى ان سمع آية السجدة، فان السماع حينئذ يكون اختياريا ، فان عموم التعليل يدل على ان الموجب لزيادة السجدة فى الفريضة حرام مطلقا ، ولوكان الموجب لها استماع اية السجدة وسماعها، و عليه اوسجد فى اثناء الصلوة بطلت صلوته، وان اخره الى ما بعد الفراغ عن الصلوة

ص: 422

لم تبطل صلوته، لان الاستماع والسماع و انكانا محرمين، الا انهما ليسا من سنخ افعال الصلوة ، كى يكونا منافيين للهيئة المعتبرة فيها اذا اتى بهما فيها بالعنوان المحرم و توهم ان البطلان لا يدور مدار فعل السجود وتحققه خارجا، بل يدور مدار امر الشارع بالسجود المبطل، حيث ان الامر بابطال الصلوة لا يجتمع مع الامر بالمضى فيها مندفع بمأمر من ان مرجع الامر بالسجود المبطل، انما يكون الى الامر بالابطال المنافي للامر بالمضى، فيما اذا كان الأمر به من حيث مبطليته الصلوة، لا فيما اذا كان الامر به من حيث هو هو، فان الامر به حينئذ لا يكون دالاعلى وجوب الابطال، نعم الامر به حيث لا يجتمع مع الامر بالمضى ، لاستلزامه الامر بالضدين، فيسقط الأمر بالمضى عن الفعلية لمكان المزاحمة بالسجدة الواجبة، و حينئذ فلوعصى و اخر السجدة الواجبة فورا ، فيمكن ان يتم صلوته بالملاك، او بالامر الترتبى على اشكال في جريانه في المقام كمأمر بيانه، هذا بحسب مقتضى التعليل الوارد فى الاخبار الناهية و اما بحسب الاخبار الواردة في خصوص السماع الامرة بالايماء بدلا عن السجود واتمام الصلوة ، الشاملة باطلاقها لما اذا كان السماع عن اختيار ، كرواية على بن جعفر المتقدمة، فيمكن القول بتعين الايماء عليه بدلا عن السجود واتمام الصلوة ، مع الاستماع ايضا بل فى صورة القرائة عن نسيان ايضا ، اذ يستفاد من هذه الاخبار بعد شمولها للسماع الاختيارى ، ان فی مورد دوران امر المكلف بين اتيان هذه السجدة فى الاثناء وابطال الصلوة وتأخيرها و اتمام الصلوة ، جعل الايماء بدلا اضطراريا عن السجدة دفعا لمحذور الزيادة في الصلوة و توهم انه لو كان الايماء بدلا عن هذه السجدة ولومع الاستماع والسماع الاختيارى ، فاللازم عدم حرمتهما مندفع بما اشرنا اليه من ان الايماء جعل بدلا اضطراريا عن هذه السجدة، لا اختيار يا كي ينافي حرمة الاستماع والسماع الموجبين لهذه السجدة و توهم ان لازم ما ذكرنا هو القول بتعين الايماء فيما قرءآية السجدة في الفريضة عمداً ايضا مندفع بمأمر ايضا من ان آية السجدة حيث تكون من سنخ افعال الصلوة

ص: 423

فبمجرد قرائتها عمدا تبطل الصلوة، ومعه لاتصل النوبة الى دوران الامر بين اتيان السجدة وابطال الصلوة او تأخيرها واتمام الصلوة، كى تعم هذه الاخبار ملاكا لصورة قرائة آية السجدة فى الفريضة عمدا ايضا هذا ولكن لا يخفى ان القول بشمول هذه الاخبار ملاكا للاستماع ، مستلزم لوقوع التعارض بينها وبين صحيحة على بن جعفر المتقدمة الواردة فى امام قرءآية السجدة فاحدث قبل ان يسجد، حيث حكم علیه السّلام بوجوب السجدة على المأمومين المستمعين لقرائة الامام ثم ان المعروف تخصيص المنع عن قرائة العزيمة بالفريضة ، فيجوز قرائتها في النوافل ، ويدل على الجواز فيها مضا الى دعوى عدم الخلاف فيه بل الاجماع عليه ، عموم ادلة الجواز حيث خرج عنها قرائتها في خصوص الفريضة و بقى قرائتها فى النواقل تحت عمومها، و خصوص رواية سماعة المتقدمة المصرح فيها بالجواز في النوافل بقوله علیه السّلام واقرء في التطوع .

ثم ان المشهور بين الاصحاب ان والضحى والم نشرح وكذا الفيل ولايلاف سورة واحدة ، خلافا لما عن المحقق في المعتبر من التشكيك في كونهما سورة واحدة وتبعه في ذلك جماعة ممن تأخر عنه، بل جزم في المدارك بتعددهما تمسكا بوجودهما كك في المصاحف ولا يخفى انه لا يهمنا البحث عن كونهما سورة واحدة او متعددة، اذليس وحدتهما او تعددهما من الامور الاعتقادية التى يجب الاعتقاد بها و انما المهم البحث عن الدليل على ما رتبوه عليهما من الاحكام ، وتعين الجمع بينهما في ركعة واحدة و عدم جواز الاقتصار على واحدة منهما فيها فنقول الاخبار الواردة فى المسئلة على طوائف ، منها ما يكون حاكيا لفعل المعصوم علیه السّلام، كصحيحة زيد

الشحام قال صلى بنا ابو عبد الله علیه السّلام فقرء الضحى والم نشرح في ركعة ، ولا يخفى صراحة هذه الطائفة في جواز الجمع بين هاتين السورتين في ركعة واحدة. و اما تعين الجمع بينهما وعدم جواز الاقتصار على احديهما، فيمكن استفادته منها، بانضمامها الى الاخبار المانعة عن الفراق بين السورتين فى ركعة واحدة والمانعة عن

ص: 424

تبعيض السورة، و ذلك لان قرائته علیه السّلام هاتين السورتين في ركعة واحدة ، يمكن ان تكون لكونهما سورة واحدة حقيقة ، كى يكون خروجهما عن الاخبار المانعة عن القرآن من باب التخصص، و يمكن ان تكون لكونهما سورة واحدة حكما مع تعددهما حقيقة، كي يكون خروجهما عن تلك الاخبار من باب التخصيص، ولاريب في تعين التخصص عند دوران الامر بينه وبين التخصيص ، فاذا تعين كون خروجهما تلك الاخبار من باب التخصص و كونهما سورة واحدة ، فيكون مقتضى الاخبار المانعة عن التبعيض ، تعين الجمع بينهما وعدم جواز الاقتصار على احديهما ومنها ما يدل على المنع عن القرآن بين السورتين في ركعة الا الضحى والم نشرح والفيل ولايلاف ، كخبر المفضل قال سمعت ابا عبد الله علیه السّلام يقول لا تجمع بين السورتين في ركعة واحدة الا الضحى والم نشرح و سورة الفيل ولايلاف ، وهذه الطائفة ايضا صريحة في جواز الجمع بين هاتين السورتين، و اما تعين الجمع بينهما و عدم جواز الاقتصار على احديهما ، فلا يستفاد منها لولم يستفد خلافه، و ذلك لان استثنائهما عن المنع عن الجمع بين السورتين، يمكن ان يكون لكونهما سورة واحدة حقيقة کی يكون الاستثناء منقطعا ، و يمكن ان يكون لكونهما سورة واحدة حكما مع كونهما متعددة حقيقة ، كى يكون الاستثناء متصلا ، وظهور الاستثناء في الاتصال قاض بعدم كونهما سورة واحدة و توهم ان ظهور الاستثناء في الاتصال وانكان قاضيا بعدم كونهما سورة واحدة، الا ان ظهور المستثنى منه فى العموم ، و دوران الامر بين كون خروجهما عن عمومه بنحو التخصيص او التخصص ، قاض بكونهما سورة واحدة مدفوع بان المستثنى منه وانكان ظاهرا فى العموم ، لكنه ليس بحيث يكافؤ ظهور الاستثناه فى الاتصال، وتعين التخصص عند دوران الأمر بينه وبين التخصيص، انما هو فيما اذا لم يكن هناك ظاهر يقتضى خلافه ومنها ما يدل على ان الضحى والم نشرح وكذا الفيل ولا يلاف قريش سورة واحدة ، كرواية العياشي عن ابي العباس عن احدهما عليهما السلام قال علیه السّلام الم تر كيف فعل ربك ولايلاف قريش سورة

ص: 425

واحدة، ومرسلة الصدوق عن الصادق علیه السّلام انه قال علیه السّلام في حديث و موسع اى سورة فى فرائضك الا اربع، و هى والضحى والم نشرح في ركعة لانهما جميعا سورة واحدة ، ولايلاف والمتر كيف فى ركعة لانهما جميعا سورة واحدة ، ولا ينفرد بواحدة من هذه الاربع سور فى ركعة وهذه الطائفة سواء اريد بها وحدة السورتين حقيقة وموضوعا او وحدتهما حكما ، تكون ظاهرة الدلالة على تعين الجمع بينهما وعدم جواز الاكتفاء باحديهما ، لكن يعارضها ما يكون صريحا في جواز الاكتفاء باحديهما في ركعة، كالصحيح الاخر عن زيد الشحام قال صلى نبأ ابو عبد الله علیه السّلام فقرء في الأولى الضحى وفى الثانية الم نشرح، وخبر داود البرقي قال فلما طلع الفجر قام یعنی الصادق علیه السّلام فاذن و اقام و اقامنى على يمينه وقرء في اول ركعة الحمدو الضحى وفى الثانية بالحمد وقل هو الله احد ثم قنت ثم سلم ثم جلس و احتمال انه علیه السّلام قرء مع والضحى الم نشرح ، وانما اقتصر الراوى على ذكر الاولى لاجل كونهما سورة واحدة فسميهما باسم اوليهما لذلك بعيد فى الغاية بحيث لا يضر بصراحة الخبر في جواز الاكتفاء باحديهما ولا يجفى ان مقتضى الجمع العرفي بين هذين الخبرين وتلك الاخبار ، هو حمل تلك الاخبار على الكراهة ، ومعه لا يبقى مجال المرجوع الى مرحجات باب التعارض ، فما صدر من بعض الاعلام من حمل هذين الخبرين على التقية كما ترى ، هذا مضافا الى تابي خبر داود عن الحمل عليها ، فان قوله فاقامنی عن يمينه كاشف عن انه لم يكن عن انه لم يكن معه علیه السّلام غير داود ، والا لم يقمه علیه السّلام عن يمينه لاختصاص وقوف المأموم فى يمين الامام بما اذا كان المأم رجلا وحده ، واما اذا كان المأموم امرأة او ازيد من رجل واحد فالمتعين وقوفه خلف الامام ، كما يدل عليه الاخبار الواردة في آداب الجماعة فراجع ، فمن البعيد جدا ان يكون اقتصاره علیه السّلام على والضحى وحدها لاجل التقية ، مع عدم وجود من يتقى علیه السّلام منه فتبين ماذكرنا ان الحكم بالوحدة وعدم جواز الاكتفاء بواحدة منها ، خلاف ما هو مقتضى الجمع العرفي بين الاخبار الواردة فى المسئلة ، من حمل الاخبار المانعة عن الاكتفاء

ص: 426

بواحدة من تلك السور الاربع فى ركعة على الكراهة لكن مع ذلك قد يشكل في ذلك بما يظهر من كلماتهم من كون الوحدة من المسلمات ، فان المحكى عن الطبرسي فى المجمع والمحقق في الشرايع نسبة ذلك الى رواية الاصحاب، والمحكى عن الشيخ حمل الرواية الحاكية لقرائة ابيعبد الله علیه السّلام الضحى فى الأولى والم نشرح فى الثانية على الناقلة ، معللا بان هاتين السورتين سورة واحدة عند آل الرسول صلی الله علیه و آله و سلّم والمحكى عن السرائر والنهاية والتذكرة والمهذب ان القول بالوحدة قول علمائنا، وعن الانتصار انه الذى تذهب اليه الامامية ، و عن الامالى ان من دين الامامية الاقرار بذلك ، وعن منظومة الطباطبائى نسبة ذلك الى الاتفاق ، ولعلهم قدس الله اسرارهم عثروا على عيرما بايدينا من الاخبار، والا فاستفادة الحكم بالوحدة بحيث لا يجوز الاكتفاء بواحدة من تلك السور مما ذكرناه من الاخبار ، قد عرفت انه خلاف مقتضى الجمع بينها ثم بناء على وجوب الجمع بينهما او استحبابه ، هل اللازم الفصل بينهما بالبسملة ،اولا ، قولان احوطهما بل اقويهما الاول ، لثبوت البسملة بينهما في المصاحف المعروفة بين المسلمين من صدر الاسلام ، وعدم التنافي بينه و بين كون المجموع سورة واحدة ، بل يغلب على الظن ان منشاء الوقوع في شبهة التعدد انما هو لوجود البسملة بينهما عند نزولهما واما ما روى عن ابي بن كعب الذي هو احد القراء السبعة من انه لم يفصل بينهما بالبسملة ، فلعله حيث اعتقد بانهما سورة واحدة لما بينهما من المناسبة بحسب المعنى ، وزعم التنافي بين وحدتهما وبين الفصل بالبسملة ، فلم يفصل بينهما بها بزعم عدم جزئيتها لهما ، واحوط منه قرائة البسملة بينهما بقصد القربة المطلقة.

الامر الرابع لاخلاف ظاهرا فى ان البسملة جزء من الفاتحة وكذا غيرها من السور عدا سورة البرائة، ويدل على ذلك مضافا الى مافى محكى المدارك من نسبة القول به الى علمائنا اجمع جملة من الروايات، فمما يدل على جزئيتها في خصوص الفاتحة ، صحيحة محمد بن مسلم قال سئلت اباعبدالله علیه السّلام عن السبع المثاني

ص: 427

والقرآن العظيم هي الفاتحة قال علیه السّلام نعم قلت بسم الله الرحمن الرحيم من السبع قال علیه السّلام نعم هي افضلهن ، ومرفوعة يونس بن عبدالرحمن المروية عن تفسير العياشي قال سئلت ابا عبدالله علیه السّلام ولقد آتيناك سبعا من المثانى والقرآن العظيم قال علیه السّلام هي سورة الحمد وهي سبع آيات منها بسم الله الرحمن الرحيم ، وانما سميت المثاني لانها تثنى فى الركعتين ، وصحيحة معوية عمار قال قلت لا بيعبد الله علیه السّلام اذا قمت الى الصلوة اقرء بسم الله الرحمن الرحيم قال علیه السّلام نعم قلت فاذا قرأت فاتحة الكتاب الله الرحمن الرحيم مع السورة قال علیه السّلام نعم، و في عيون الاخبار قيل لامير المؤمنين سلام الله عليه اخبرنا عن بسم الله الرحمن الرحيم اهى من من فاتحة الكتاب ، فقال علیه السّلام نعم فان رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم كان يقرئها و يعدها آية منها ويقول فاتحة الكتاب هي سبع المثاني ، و في المروى عن العسكرى عليه السلام عن ابائه عن امير المؤمنين عليهم السلام انه علیه السّلام قال بسم الله الرحمن الرحيم اية من فاتحة الكتاب و هي سبعة ايات تمامها بسم الله الرحمن الرحيم فما يظهر من بعض الاخبار من عدم وجوبها ، كخبر محمد بن مسلم سئلت ابا عبد الله عن الرجل يكون اماما فيستفتح بالحمد ولا يقرء بسم الله الرحمن الرحيم فقال علیه السّلام لا يضره ولا باس ، محمول على التقية كما يشهد به فرض السائل المصلى التارك للبسملة اماما ، فانه يدل على ان وراء الامام كان من يترك البسملة وكان ترك الامام لها اتقاء منه ، و الا لم يكن وجه لذكر خصوص الامام فى السؤال، اذ لا خصوصية له فهيد السؤال كما هو واضح، فحاصل هذا السؤال هو ان من ترك البسملة فى الحمد تقية هل تصح صلوته ،اولا فاجاب الامام علیه السّلام بان تركها تقية لا يضر بصحة صلوته.

ومما يدل على جزئيتها لسائر السور ، صحيحة معوية بن عمار قال قلت لا بيعبدالله عليه السلام اذا قمت الى الصلوة اقرء بسم الرحمن الرحيم في فاتحة الكتاب قال علیه السّلام نعم قلت اذا قرات فاتحة الكتاب اقرء بسم الله الرحمن الرحيم مع السورة قال علیه السّلام نعم، ورواية يحيى بن أبى عمير الهذلي قال كتبت الى ابيجعفر علیه السلام جعلت

ص: 428

فداك ما تقول في رجل ابتدأ ببسم الله الرحمن الرحيم في صلوته وحده فيام الكتاب فلما صار الى غير ام الكتاب من السورة تركها ، فقال العياشي ليس بذلك باس، فكتب علیه السّلام بخطه بعيدها مرتين على رغم انفه يعنى العياشي، ورواية صفوان الجمال قال یعنی لى ابو عبدالله عليه السلام ما انزل الله من السماء كتابا الا وفاتحته بسم الرحمن الرحيم و انما كان يعرف انقضاء السورة بنزول بسم الرحمن الرحيم ابتداء للاخرى، ورواية خالد بن المختار قال سمعت جعفر بن محمد علیهما السلام يقول مالهم قاتلهم الله عمدو الى اعظم اية في كتاب الله فزعموا انها بدعة اذا اظهروها وهى بسم الرحمن الرحيم، و رواية ابي حمزة عن ابيجعفر عليه السلام قال حرفوا اكرم اية في كتاب الله بسم الله الرحمن الرحيم وما في بعض هذه الروايات من ضعف السندا و قصور الدلالة، مجبور بالشهرة وعدم معروفية الخلاف الا من اهل الخلاف فما يظهر من بعض الاخبار من نفى لوجوب البسملة راسا حتى مع الحمد ، كصحيحة محمد بن مسلم عن ابيجعفر عليه السلام قال سئلته عن الرجل يفتتح القرائة في الصلوة يقرء بسم الله الرحمن الرحيم قال علیه السّلام نعم فاذا افتح الصلوة فليقها فى اول ما يفتتح ثم يكفيه ما بعد ذلك ، فانها تدل على عدم وجوب البسملة في الحمد ايضا في الركعة الثانية محمول على التقية كما يشهد له بعض الاخبار المتقدمة الصادر تعريضا على المخالفين خدلهم الله ، مضافاً الى كون مدلولها خلاف الاجماع فما ذهب اليه المشهور من وجوب البسملة في اول الحمد اول السورة، مما لا اشكال فيه بعد ما عرفت من دلالة الاخبار عليه و انما الكلام في انه هل يعتبر تعيين سورة خاصة عند الشروع فى البسملة و اتيانها بقصد تلك السورة، او يكفى تعيينها اجمالا بان ياتى بها بقصد ما يعينها فيما بعد من السور، اولا يعتبر تعيينها اصلا ولو اجمالا، وجوه اقويها الاول، لكونه مقتضى جزئية البسملة المنزلة مع كل سورة من السور القرانية لتلك السورة، فانه حينئذ لولم يقصد عند قرائة البسملة حكاية البسملة المنزلة مع كل سورة خاصة ، لم تقح جزء لتلك السورة ، لان وقوعها جزء الخصوص تلك السورة مع كونها جزء مشتركاً بين السور ترجيح بلا مرجح، فلابد

ص: 429

فى وقوعها جزء لسورة خاصة، من قصد حكاية البسملة المنزلة مع خصوص تلك السورة، ومجرد قرائة سورة خاصة عقيبها، لا يجدى فى صيرورتها جزء لتلك السورة، لان الشى لا ينقلب عما وقع عليه ان لم يقصد بها حكاية البسملة المنزلة معها كي تقع جزء لها، فتكون السورة الواقعة عقيبها فاقدة للبسملة المختصة بها توضيح ذلك هو إنه لا شبهة فى ان جزئية البسملة للسور القرانية ، ليست كجزئية الجزء المشترك بين المركبات الخارجية ، كقطعة من الخشب القابلة لان تصير بالنحت قائمة للباب او االسرير، حيث ان جزئيته بالقوة لكلواحد من تلك المركبات ، غير متوقفة على قصد جزئيته لذلك المركب ، فانه يصير جزء فعليا لكل واحد منها بضم سائر اجزائه اليه و لولم يكن المقصود منه جعله جزء منه، ضرورة ان القائمة المشتركة بين قائمة الباب و قائمة السرير، التي تصلح لتاليف كل من الباب والسرير منها ، لا تتوقف جزئيتها بالقوة لكلو احد منهما على قصد نحتها الخصوص كلواحد منهما ، بل لو نحتها النجار بلا قصد بل بقصد عدم الجزئية لشيء منهما ، لكانت جزء بالقوه لكلواحد منهما ، و انما تصير جزء فعليا لخصوص واحد منهما بانضمام مالخصوصه من باقى الاجزاء اليها ، وذلك لان معنى فرأته السورة ليس مجرد التكلم بالفاظها النوعية كي يكون نظير المركبات الخارجية ، و ليس ايضاً انشاء مناد الفاظها بخصوص الفاظها النوعية دون مراد فاتها من لغة العرب او غيرها من اللغات ، كي يكون نظير الاذكار الركوعية والسجودية التي لا شبهة فى ان اتيان جزئها المشترك مثل سبحان المشترك بين التسبيح الصغير والكبير، بقصد جزئيته لاحدهما، لا يخرجه عن القابلية لجزئية للاخر ، و لذا لو قال سبحان يقصد ان يضم اليه لفظ الله ، وضم اليه بدل الله ربي الاعلى ، لكان اتيا بالتسبيح الكبير الماموريه، بل معنى قرائتها هو التكلم بالفاظها النوعية يقصد حكاية تلك السورة المنزلة على سيد المرسلين علیه السّلام بالحكاية التصورية ، كحكاية كل لفظ عن معناه الموضوع له، و حكاية الاسم عن المسمى ، لا التصديقية كي يكون مرجع قولنا بسم الله الرحمن الرحيم الى قولنا قال الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم كى يلزم الكذب عليه تعالى اذا قرء القرآن مع اللحن في حروفه و حركاتها، فالفاظ السورة المنزلة

ص: 430

تكون بمنزلة المعنى للالفاظ المقروة حكاية عنها، فقرائة بسملة كل سورة هى التلفظ بالفاظها النوعية ، بقصد حكاية خصوص البسلمة النازلة معها ، و الا لم تكن قرائة تلك السورة حكاية لتمامها، فلو بسمل بقصد حكاية بسملة سورة لابعينها او بسملة خصوص سورة التوحيد ، ثم رفع اليد عن تلك السورة ، وضم الى ما قرئه من البسملة بقية سورة الحجد ، لا يصدق على تلك البسملة انها حكاية لجزء سورة الجحد، و لا يصدق على المجموع المركب منها و من بقية سورة الجحد انه حكاية لسورة الجحد كما هو واضح ، بل يصدق عليه انه قرء سورة الجحد الا بسملتها مع ان الواجب عليه قرائة

: : سورة تامة في صلوته و توهم ان سورة الجحد ليست الا عبارة عن مجموع الفاظ اولها البسملة و اخرها ولى الدين والمفروض ان ما قرئه مشتمل على هذا المجموع، فكيف لا يصدق عليه قرء سورة تامة مندفع بما ذكرنا من ان قرائة السورة ليست عبارة عن التكلم بالفاظها النوعية يقصد استعمالها في معانيها ، كي يصدق عليهذا الشخص انه قرء سورة تامة، بل هي عبارة عن التكلم بالفاظها النوعة بقصد الحكاية بها عن الفاظها الشخصية المنزلة على سيد المرسلين صلی الله علیه و آله و سلّم ، والمفروض ان تكلم هذا الشخص بالفاظها النوعية، لم يكن بقصد الحكاية بالنسبة الى الجزء الاول منها اعنى البسملة ، فلا يصدق عليه انه قرء سورة تامة بل يصدق انه قرء الجحد من دون بسملة مختصة به و توهم ان البسملة التي قرئها بقصد سورة لا ،بعينها، تكون من القرآن بلاشبهة لا خارجة عنه ، فاذا كانت من القرآن ، فلابدان تكون اما بعضا من سورة دون سورة ، او بعضا من كل سورة بمعنى كونها قابلة للجزئية لكل سورة ، والا لم تكن من القرآن و هذا خلف ، وكونها بعضا من سورة دون أخرى ترجيح بلامرجح ، فبتعين ان تكون قابلة للجزئية لكل سورة مدفوع اولا بمنع كون هذه البسملة المبهمة قرانا، فانما يكون قرانا هى البسملات الشخصية المعينة دون المهملة، سلمنا كون هذه البسملة المهملة قرانا لتحقق المهملة فى ضمن الاشخاص و اتحادها معها ، فاذا كانت الاشخاص قرانا يكون المهملة المتحققة في ضمنها قرانا ايضاً ، لكن ما يكون جزء للسورة ليس هي البسملة المهملة، بل لكل سورة بحسب وجودها الاصلى القائم بالمتكلم الاول اعنى الملك او النبى صلی الله علیه و آله و سلّم،

ص: 431

بسملة شخصيته مغائرة وجودا لبسملة سورة اخرى فالبسملة التي تكون جزء لكل سورة هى البسملة المعنية الشخصيته، دون المهمله المبحققة في ضمنها ، ومن المعلوم ان حكاية المهملة لا يلزم منها حكاية الشخص ، فلا يصدق فيما اذا بسمل بقصد حكاية بسملة سورة لا بعينها ثم ضم اليها سورة خاصة، انه حكى بسملة تلك السورة الخاصة كما هو واضح نعم حيث قصد به الحكاية عن المهملة التي هي من القرآن، يصدق قرء القرآن، لكن لا يصدق انه قرء البسملة الشخصية التي هي جزء لسورة خاصة لان المفروض عدم قصده الحكاية عن الشخص وتوهم انه ليس خصوصية بسملة كل سورة الا بتعقبها بتلك السورة ، ففى المثال اصل طبيعة البسملة يتحقق باتيانها بقصد حكاية بسملة سورة لا ،بعينها ، و خصوصية كونها بسملة سورة خاصة تتحقق بضم بقية تلك السورة اليها واضح الفساد، ضرورة انضم بقية تلك السورة الخاصة الى هذه البسملة، يكون من مشخصات هذه البسملة الحاكية ، لا البسملة المحكية عنها ، كي يصدق عليها بعد ضم البا في اليها ، انه حكاية عن بسملة تلك السورة الخاصة وتوهم ان الماموريه ليس الا اتيان هذه الالفاظ بقصد القرانية ، واماكونها بقصد حكاية خصوص سورة من السور المنزلة فليست بمامور بها مدفوع بان اتيان هذه الالفاظ بقصد القرانية ، لا معنى له الا اتيانها بقصد حكاية السور المنزلة، ضرورة ان القران واحد شخصى ليس قابلا للتكراركى يؤتى بالفاظها بقصد القرانية وتوهم ان المأمور به هو قرائة سورة من السور المنزلة ، وأما كونه خصوص سورة منها فمنوع جدا ، ضرورة ان المأمور به هو قرائة احدى السور القرانية لا بعينها وعلى النحو الكلى ، و يكون التخيير بين كلواحده منها تخييرا عقليا في مقام الامتثال ، لا قرائة خصوص هذه السورة او تلك السورة كى يكون التخيير بينها شرعيا ، فاذا كان المامور به هو قرائة احدى السور على النحو الكلى ، فكما يتحقق امتثالها بقرائة سورة خاصة ، كذلك يتحقق امتثالها بقرائة القدر المشترك بين السور، فيقرء البسملة بقصد الحكاية عن البسملة المشتركة بين سورة الاخلاص و غيرها من السور، ثم يقرء قل بقصد الحكاية عن القل المشترك بينها و بين سورة الجحدا والمعوضين ، ثم يقرء هو بقصد الحكاية عن الهو

ص: 432

المشترك بينها وبين اية الكرس و يقرء الله بقصد الحكاية عن لفظ الجلالة المشترك بينها وبين غيرها من السور، و هكذا الى ان تيم سورة فانه يصدق حينئذ انه قرء سورة من القرآن، و ان لم يكن ما قرئه حاكيا عن سورة خاصة، بل كان حاكيا عن القدر المشترك بين السور، وهذا نظير ما اذا قال بعنى احد عبديك او اعتق احدهما، فانه كما يتحقق اجابة القائل يبيع خصوص بشر او بلال او عتقه، كذلك يتحقق اجابته يبيع احدهما لا بعينه او عتقه كك، و نظير ما اذا قال بعنى منا من هذه الحنطة فانه كما يتحقق اجابة القائل ببيع خصوص من هذه الحنطة، كك يتحقق اجابته ببيع من لا بعينه منها.

مدفوع بان المامور به فى قوله اقرء سورة من القرآن ، يمكن ان يكون هو احدى السور القرانية على النحو الكلى، ويمكن ان يكون احديها على نحو النكرة المعبر عنها بقولنا اما هذه وأما هذه ، والظاهر من الاحتمالين فيما اذا كان المامور به ذا افراد محصورة معينة كما نحن فيه هو الثاني دون الاول فتدبر،سلمنا عدم طهوره في خصوص احد الاحتمالين ، لكن نقول ان افراد المامور به الكلى هي السور المخصوصة واما القدر المشترك بين السور، فليس من افراده کی یکون اتیانه امتثالا للمامور به الكلى فتدبر ثم انك بعد ما عرفت من ان القول باعتبار كون البسملة بقصد سورة معنية، انما هو لاجل عدم تعين كونها جزء لسورة معنية، الابالقصد الى الحكاية

بها عن بسملة تلك السورة، علمت انه لا يعتبر في تعيين كون البسملة لسورة معنية، ان يكون كل من تلك السورة المعنية و بسملتها مقصودة بالقصد التفصيلي، بعد ما هو المعلوم من تعين كونها جزء لسورة معنية بمجرد القصد الى تلك السورة مع بسملتها ولو اجمالا ، ولذا افتى جماعة منهم الشهيد والمحقق الثانى، بالاكتفاء بما لوجرى على لسانه بسملة مع سورة معتادة او غير معتادة معللين بتحقق الامتثال، فانه لاوجه لذلك الاكون جرى خصوصها على لسانه، لكونها مرتكزه في ذهنه و ان لم يكن ملتها اليها تفصيلا، ضرورة ان جريان بسملة مع سورة على اللسان لابدان يكون بداع واحد مركوز في الذهن دعاه الى قرائة مجموعهما ، فاذا كان جريان مجموع

ص: 433

السوة على لسانه بداع واحد مركوز في ذهنه ، فتكون بسملتها مقصودة له اجمالا ايضا ، اذ القصد الاجمالي الى المجموع قصد اجمالى لاجزائه ، وكذا افتى جماعة منهم الاستاد دام ظله، بكفاية كون السورة مشار اليها بوجه من الوجوه في تعيينها بنحو الاجمال، فلو بسمل بقصد السورة الخاصة التي يختارها فيما بعد في علم الله تعالى، كان ذلك تعيينا لها بنحو الاجمال، فانه و ان لم يكن عالما في الحال بخصوص يختاره فيما بعد كى يقصده تفصيلا، لكن حيث يكون لخصوص ما يختاره فيما بعد تعين في علم الله تعالى، فيمكن له ان يقصده اجمالا بهذا العنوان، بان يقصد بالبسملة جزء السورة التي يقذفها الله تعالى في قلبه فتدبر (1)، وهذا بخلاف مالو بسمل بقصد احدى السور لا على التعيين، فانه ليس لاحديها كك تعين اصلا و لوفی علمه تعالی کی يمكن القصد اليها بهذا العنوان.

بقى هنا فروع الاول لو بسمل لسورة خاصة ثم نسيها، ولكن علم ان ماعينه من السورة ليس واحدا من الحجد والتوحيد، كفى اعادة البسملة بنية القربة المطلقة بقصد آية سورة شاء ولو من احدى سورتى الحجد والتوحيد، وذلك لان ماعينه ثانيا من السورة، انكان واقعا هو الذي عينه اولا، فلا اشكال لانه لم يصدر عنه الاتكرار البسملة بنية القربة المطلقة ولا بأس به، وان لم يكن واقعا ماعينه اولا كان عدولا منه الى ماعينه ثانيا، ولابأس به ايضا ولو كان المعدول اليه احدى سوتى الحجد والتوحيد، واما لو علم ان ماعينه هو احدى السورتين ولكن نسى ماعينه منهما، فان قلنا بجواز العدول من احديهما الى الاخرى، كفى اعادة البسملة بنية القربة المطلقة بقصد احديهما المعينة ، فان ماعينه ثانيا منهما انكان واقعا هو الذي عينه اولا، فلا اشكال لان البسملة المعادة وقعت تكرار اللاولى بفصد القربة ولا بأس به

ص: 434


1- اشارة الى انه لا ريب فى انه بعد قرائة البسلملة بقصد السورة التي يقذنها الله في قلبه يكون باقيا على التخيير في ضم اية سورة شاء اليها ، وممه تكون البسملة قابلة للجزئية لجميع السور، فلا يكون قصد السورة التي يقذفها الله في قلبه معينا لها لخصوص ما يقذفها الله في قلبه، فعموم قابلية البسملة الذى كان هو المنشاء لاعتبار وجوب الصقد لا يرتفع بهذا المقدار من الاشارة الاجمالية هذا و تدبر جيدا منه عفى عنه.

لا بقصد الجزئية كى تكون زيادة فى الصلوة، ولا يجوز له قرائة غيرهما من السور لعدم جواز العدول عنهما الى غيرهما، وانكان ماعينه ثانيا غير ماعينه اولا ، فقد وقع العدول من احدى السورتين الى الاخرى و وقعت البسملة المعادة جزء لها واما ان منعنا عن جواز العدول من احدى السورتين الى الاخرى ايضا كما هو المختار، فان قلنا بجواز القرآن بين سورتين تعين قرائة ايتهما شاء بهذه البسملة واعادتها لقرائة الاخرى، فان ماقرئه منهما اولا انكان واقعا هو الذي عينه اولا فقداتى بسورة كاملة بالبسملة الاولى، ولا بأس بقرائة السورة الاخرى بعد ماهو المفروض من جواز القرآن بين سورتين، و اما انکان ماقرئه منهما ثانيا هو الذي عينه اولا فقداني بسورة كاملة بالبسملة الثانية وتكرار البسملة لما قرئه ثانيا ووقوع ماقرئه اولا بلا بسملة لاضير فيه الثانى لو بسمل بقصد سورة معينة ثم نسى ماعينه من السورة ، ولم يدرانها من اية سورة من السور كانت ، كفى اعادة البسملة بقصد اية سورة شاء ، اذ احتمال تعين قرائة الحجد او التوحيد بهذه البسملة ، مدفوع بالاصل ، لان مرجع هذا الاحتمال الى الشك، في بقاء تكليفه على ماكان عليه من الاطلاق كي يجزى قرائة آية سورة شاء، او انقلابه الى قرائة خصوص الحجد او التوحيد ، فيكون من قبيل دوران المكلف به بين المطلق والمقيد، الذى يكون الاصل فيه البرائة عن القيد المشكوك الثالث اذا بسمل ثم شك فى انه هل عين معها سورة خاصة اولا، فمقتضى القاعدة انما هو اعادة البسملة وقرائة آية سورة شاء وعدم جواز الاكتفاء بما اتاه من

البسملة، من غير فرق فى ذلك بين القول باعتبار التعيين والقول بعدم اعتباره، اذ القائلون بعدم اعتباره يقولون فيما لوعين سورة مع البسملة بعدم جواز الاكتفاء بها لغيرها من السور ، اما كون اعادتها مقتضى القاعده على الفول باعتبار التعيين فواضح ، لان مع الشك فى ان هذه البسملة هل عين معها سورة ام لا ، لو اكتفى بها وضم اليها بقية سورة معنية ، يشك في ان ما اتى به هو ما وجب عليه من السورة الكاملة ، اذ على تقدير عدم تعيين سورة مع هذه البسملة لا تصلح للجزئية لسورة،

ص: 435

و حينئذ يكون ما ضم اليها من بقية سورة سورة بلا بسملة، ومقتضى قاعدة الاشتغال وجوب اعادة البسملة اعادة البسملة بقصد سورة معينة، و اما كون اعادتها مقتضى القاعدة على القول بكفاية قصد سورة على نحو الاهمال، فلمامر من ان القائلين بكفاية الاهمال لا يجوزون الاكتفاء ببسملة قصد بها سورة معينة لسورة اخرى ، فمع الشك في ان هذه البسملة هل عين معها سورة اخرى ام لا ، لو ضم اليها بقية سورة ، يشك في ان ما اتى به من المجموع هو ما وجب عليه من السورة الكاملة ، اذ على تقدير تعيين سورة خاصة مع هذه البسملة لا يجوز عندهم الاكتفاء بها لغير ما عين معها ، فمع الشك في ان هذه البسملة هل عين معها سورة ام لا ، يشك في جواز الاكتفاء بها وكون ضم سورة اليها اتيانا لسورة كاملة ، فيجب عليهذا القول اعادة البسملة لقرائة سورة لا على التعيين ا القرائة سورة معنية ، تحصيلا للبرائة اليقينية عما استغلت ذمته به من السورة الكاملة و توهم ان مقتضى اصالة عدم التعيين هو الاهمال، فاذا ثبت الاهمال بالاصل فيجوز له الاكتفاء بهذه البسملة و قرائة بقية سورة معها مدفوع اولا بان عدم التعيين بالعدم

النعتى ليس له حالة سابقة ، و بالعدم المحمولی و انكان له حالة سابقة از لية، لكن لا يجدى استصحابه فى اثبات الاهمال وكون الماتى به قرائة سورة تامة، الا على القول بالاصل المثبت كما هو واضح.

الرابع اذا شك فى اثناء سورة او بعد الفراغ عنها ، انه هل عين البسملة لها او عينها لغيرها وقرئها نسياناً، بنى على عدم تعيينها لغيرها، لا لاصالة عدم التعيين لغيرها، كي يرد اولا بانها معارضة باصالة عدم التعيين لها ، وثانيا بانها لا تجدى في اثبات كون قرائتها قرائة سورة تامة الاعلى القول بالاصل المثبت، بل لاصالة عدم قرائتها نسيانا، وهى كاصالة عدم الخطاء من الاصول العقلائية الامر التي تكون حجة مطلقا ولو كانت مثبتة.

الامر الخامس لوشرع فى الصلوة بانيا على قرائتسورة معنية فنسي وقرء سورة اخرى كفى سواء كان ما قرئه عادة له أم لا، وكذا الحكم فيما لو كان من عادته قرائة

ص: 436

سورة معينة فقرء غيرها، و ذلك لان ما قرئه من السورة لم يصدر عنه بلاقصد و اختيار، بل لمانسى ما كان بانيا على قرائته، وكان المزكور فى ذهنه لزوم قرائة سورة ، قرء هذه السورة بهذا الداعى، و ان لم يكن متوجها اليه تفصيلا.

الامر السادس فى العدول من سورة الى اخرى وقبل الشروع في بيان موارده و احكامه ينبغي تاسيس ما هو الاصل فى المسئلة كي يكون هو المرجع عند الشك فنقول ان التخيير فى قرائة اية سورة من السور القرانية ، اما ان يكون من قبيل التخيير العقلى واما ان يكون من قبيل التخيير الشرعى كما اختاره الاستاد دام ظله و مقتضى اطلاق ادلة القرائة هو جواز العدول على كلا التقديرين، اما على الاول فواضح لان ما كان ملاكا لحكم العقل بالتخيير بين الاافراد قبل الشروع والاشتغال باحدها يكون باقيا ومتحققا بعد الاشتغال باحدها ايضا، واما على الثاني فلانة لا وجه للمنع عن العدول حينئذ الا دعوى انصراف ادلة القرائة الى التخيير الابتدائى، وهى ممنوعة لا اقل من الشك ، فيرجع الى الاصل القاضى ببقاء التخيير و جواز العدول من العمل المركب المامور به ما لم يات بتمام اجزائه إلى فرد اخر مثله والخدشة فيه بتبدل الموضوع ، لان المتيقن ثبوت العدول لمن لم يختر شيئا من السور، و مع اختيار احديها يتبدل الموضوع ، أو يكون الشك فيه ناشيا عن الشك في المقتضى مدفوعة ببقاء الموضوع عرفا وحجية الاستصحاب مع الشك في المقتضى ايضا على المخار و اماما يقال من ان متعلق الأمر اذا كان طبيعة كلية ذات اجزاء تدريجية، فبمجرد اختيار المكلف احد افرادها ينقلب الامر بها الى امر باتمام ذلك الفرد، ضرورة ان العمل اذا كان ذا اجزاء تدريجية الوجود كقرائة السورة، فبعد الاتيان ببعض اجزائه لا يعقل بقاء الامر المتعلق به على ماكان، والالزم استيناف العمل دائما ، فان الامر بالسورة لوكان باقيا بعد الاتيان ببعضها، كان اللازم استينافها من راس دائما، فاذا انقلب الامر بالطبيعة الكلية الى الامر باتمام ما اختاره المكلف من افرادها ، فليس هناك امر بالطبيعة الكلية كى يحكم العقل بالتخيير في افرادها، وكذا الكلام فيما اذا كان المامور

ص: 437

به احد افراد الطبيعة المتدرجة الوجود على سبيل التخيير الشرعي ، فانه بمجرد اختيار المكلف احد افرادها ينقلب الامر باحدها الى الامر باتمام ما اختاره منها، والالزم تعلق الامر بما اختاره و بغيره من الافراد على نحو التخيير، و هو مستلزم لاستيناف ما يختاره من الأفراد من رأس دائما و هو كما ترى ومن هنا التزم بعض الاعلام بان امتثال الأمر في التدريجيات كنفسها تدریجی ، بمعنى ان اتيان كل جزء من العمل ، موجب ، موجب لحصول مقدار من امتثال الأمر حسب تعلقه بذلك الجزء ، ويخرج ذلك الجزء عن تحت دائرة الطلب ، وحبث كان الالتزام بذلك اعنى الامتثال التدريجي، منافيا لارتباطية العمل ، التزم بعض الاساطين بان الامر و ان لم يسقط الا باتيان تمام العمل، الا ان اقتضائه للباعثية يسقط بالنسبة الى الجزء الماتى به ، و هذا ايضا انكان غير نقى عن الاشكال، لان سقوط اقتضاء الامر لا يكون الا بالامتثال، الغير الحاصل بالنسبة الى اجزاء العمل الارتباطى ، الا بعد اتمام العمل ، الا انه لا محيص عن الالتزام باحد الوجهين عرفت من عدم تعقل بقاء الامر المتعلق بالمركب التديجى على ما كان عليه عند الاتيان ببعض اجزائه ففيه ان هذا التوهم انما نشاء من الخلط بين ما اذا كان المأمور به واحدا شخصيا خارجيا، وبين ماكان صرف الوجود من طبيعة كلية ، او كلواحد من افرادها على سبيل البدلية ، فان ما ذكر انما يجرى في القسم الأول دون الاخيرين اما عدم جريانه فى الأول منهما ، فلان المامور به فيه لبس الانفس الطبيعة ، و انما يحكم العقل بالتخيير بين افرادها في مقام الامتثال ، ففيما قبل اختيار المكلف احد الافراد يحكم العقل بكونه مخيرا في اتيان ماشاء من الافراد امتثالا للامر المتعلق بالطبيعة ، وبعد اختياره لاحد الافراد يحكم بكونه مخيرا في امتثال الامر بين اتمام الفرد المختار او اتيان غيره من الافراد ، فبعد اختيار المكلف احد الافراد ، يكون الامر باقيا على ماكان عليه من التعلق بنفس الطبيعة ، من غير استلزامه لاستيناف الفرد المختار اصلا سلمنا عدم بقاء الامر بالطبيعة على ما كان عليه بعد اختيار المكلف احد الافراد و اتیانه ببعض اجزائه، لكن نقول حيث ان الملاك

ص: 438

لا يحصل في الارتباطيات الا بعد الفراغ عن العمل بتمام اجزائه، فبعد اختيار المكلف سورة واتيانه ببعض اياتها يكون الملاك الذى اقتضى وجوب السورة باقيا على حاله، و حينئذ فلا موجب لتعين تلك السورة عليه ، بعد امكان حصول الملاك باحد الامرين من اتمام ما بيده او اتیان سورة اخرى و توهم ان الامر تابع للملاك ؛ فتبدل الامر لا ينفك انا عن تبدل الملاك ، فلابد من الالتزام بسقوط الملاك ايضا بمقدار دخل الاجزاء الماتى بها فيه مدفوع بان الالتزام بذلك مناف لارتباطية العمل وكون دخل كل جزء في الملاك مشروطا بلحوق الاجزاء الباقية اليه واما عدم جريان ما ذكر في القسم الثانى اعنى ما اذا كان المامور به كلواحد من افراد الطبيعة على سبيل البدلية، فلان مرجع الامر به حيث يكون حينئذ الى الامر باتيان هذا الفرد او ذاك الفرد ، فلو اختار المكلف احد الافراد ، ينقلب الامر باتيان هذا الفرد او ذاك الفرد ، الى الامر با تمام الفرد المختار او اتيان غيره من سائر الافراد ، فاین لزوم استيناف ما اختاره دائما نعم يلزم ذلك لو كان الامر بعد اختيار المكلف احد الافراد باقيا على ما كان عليه من التعلق باتيان كل واحد من الافراد على سبيل البدلية والترديد ، لكنك قد عرفت خلافه و ان الامر بعد اختيار المكلف احد الافراد والاتيان ببعض اجزائه ، ينقلب الى الامر باتمام هذا الفرد المختار او اتيان غيره من الافراد فتبين مما ذكرنا كله ان مقتضى الاصل هو جواز العدول مطلقا، سواء قلنا ان الامر بقرائة سورة من السور من باب التخيير العقلى او الشرعي، فالحكم بعدم جوازه في خصوص مورد او مطلقا يحتاج الى قيام الدليل عليه.

اذا عرفت ذلك ، فنقول ان البحث عن احكام العدول يقع في طي مسائل الاولى لا اشكال في انه يجوز للمصلى العدول عن سورة الى اخرى في الجملة ، الا الجحد والتوحيد ، فانه يحرم العدول عنهما بمجرد الشروع فيهما ، الا الى سورتى الجمعة والمناقين فى يوم الجمعة ، على ماياتي بيانه انشاء الله تعالى ويدل على ذلك مضافا الى الاصل والاجماع ، الاخبار المستفيضة كصحيحة عمرو بن ابي نصر قال

ص: 439

قلت لابيعبد الله علیه السّلام الرجل يقوم في الصلوة يريد ان يقرء سورة فيقرء قل هو الله احد وقل يا أيها الكافرون ، فقال علیه السّلام يرجع من كل سورة الا قل هو الله احد وقل يا ايها الكافرون وصحيحة الحلبي قال قلت لا بيعبد الله علیه السّلام رجل قرء في الغداة سورة قل هو الله احد، قال علیه السّلام لاباس، ومن افتتح سورة ثم بداله ان يرجع في سورة غيرها فلاباس ، الا قل هو الله احد لا يرجع منها الى غيرها ، وكذلك قل يا ايها الكافرون و خبر على بن جعفر المروى عن قرب الاسناد عن اخيه موسى علیه السّلام، قال سئلته عن رجل اراد سورة فقرء غيرها هل يصلح له ان يقرء نصفها ثم يرجع الى السورة التي اراد، قال علیه السّلام نعم مالم يكن قل هو الله احد وقل يا ايها الكافرون، الى غير ذلك من الاخبار الصريحة في جواز العدول من كل سورة الى اخرى عدا التوحيد والجحد.

المسئلة الثانية اختلف الاصحاب فى الحد الذى يجوز العدول فيه عن السورة بعد اتفاقهم على عدم جوازه اذا تجاوز ثلثى السورة الى اقوال ،ثلثة، فقال بعض منهم بجواز العدول قبل ان يبلغ نصف السورة فاذا بلغ النصف فليس له العدول ، و قال بعض بجوازه مالم يتجاوز النصف، وقال بعض بجوازه الى ان يبلغ ثلثى السورة ومنشأ الاختلاف اختلاف الاخبار الواردة فى الباب فهما يدل على القول الأول، ما عن الفقه الرضوى قال العالم علیه السّلام لا تجمع بين السورتين في الفريضة، و سئل عن رجل يقرء في المكتوبة نصف السورة ثم ينسى فياخذ فى الاخرى حتى يفرغ عنها ثم يذكر قبل ان يركع ، قال علیه السّلام لا باس به و تقرء في صلوتك كلها يوم الجمعة وليلة الجمعة سورة الجمعة والمنافقين وسبح اسم ربك الاعلى وان نسيتها او واحدة منها فلا اعادة عليك ، فان ذكرتها من قبل ان تقرء نصف سورة فارجع الى سورة الجمعة، وان لم تذكرها الا بعد ماقرات نصف سورة فامض في صلوتك وما عن دعائم الاسلام قال و روينا عن جعفر بن محمد عليهما السلام، انه قال من بدء بالقرائة في الصلوة بسورة ثم راى ان يتركها و ياخذ في غيرها ، فله ذلك مالم ياخذ في نصف السورة

ص: 440

الاخرى، الا ان يكون بدء بقل هو الله احد فانه لا يقطعها ، وكذلك سورة الجمعة او سورة المنافقين في الجمعة ، لا يقطعهما الى غيرهما ، و ان بدء بقل هو الله احد فطعها و وجع الى سورة الجمعة اوسورة المنافقين فى صلوة الجمعة ، تجزيه خاصة والمراد من السورة الاخرى في قوله علیه السّلام مالم ياخذ في نصف السورة الاخرى، هی السورة التي شرع فيها و اراد الرجوع منها الى غيرها والمراد من الاخذ في نصفها هو البلوغ الى النصف ومما يدل على القول الثاني عدة روايات ، منها رواية البزنطی عن ابی العباس عن ابی عبدالله علیه السّلام فى الرجل يريد ان يقرء السورة في الصلوة فيقرء في اخرى ، قال علیه السّلام يرجع الى التي يريد و ان بلغ النصف، وهي صريحة في جواز العدول و ان بلغ النصف، وظاهرة فى عدم جوازه اذا تجاوز النصف ، فان الظاهر من ان الوصلية في قوله علیه السّلام وان بلغ النصف ، هوان اقصى محل من السورة يجوز العدول منها فيه الى غيرها هو النصف ، و منها صحيحة أبي بصير في الرجل يقرء في المكتوبة بنصف السورة ثم ينسى فياخذ فى اخرى حتى يفرغ منها ثم يذكر قبل ان يركع، قال علیه السّلام يركع ولا يضره ، فانه لو كان العدول عند البلوغ الى النصف ممنوعا لم يكن وجه للاكتفاء بالمعدول اليها والركوع عنها و مما يدل على القول الثالث ، موثقة عبيد بن زرارة عن ابيعبد الله علیه السّلام في الرجل يريد ان يقرء السورة فيقرء غيرها فقال علیه السّلام له ان يرجع ما بينه و بين ان يقرء ثلثيها ولا يخفى ان رواية عبيد بن زرارة التى تمسك بها للقول الثالث، اقوى دلالة من غيرها من الروايات المستدل بهما للقول الأول ، فلصراحتها في جواز العدول له قبل بلوغ الثلثين وان المستدل بها للقولين الأولين اما اقوائيتها من الرضوى و خبر الدعائم بلغ النصف، و عدم صراحتهما بل عدم ظهورهما في المنع عن العدول عند البلوغ الى النصف اما عدم ظهور الرضوى فى المنع ، فلان قوله علیه السّلام فيه و ان لم تذكرها بعد ما قرأت نصف سورة فامض فى صلوتك ، وانكان فيحد ذاته ظاهرا في وجوب المضى لكن الامر بالمضى حيث وقع عقيب الأمر بالرجوع الذي هو بمعنى النهي عن المضى ، فلا يستفاد منه ازيد من الرخصة فى المضى ، لماقرر في محله من ان الامر الواقع عقيب الخطر بل في مورد توهمه ، لا ظهور له الا في الرخصة واما عدم

ص: 441

ظهور خبر الدعائم في المنع عن العدول ، فلاضطراب متنه ، فان عبارته المحكية في نسخة الجواهر والحدائق ، هكذا ما لم ياخذ في نصف السورة الاخرى بالتانيث، و في نسخة المستند روى بلفظ الآخر بدل الاخرى ، وهو انكان ظاهرا في المنع عن العدول عند البلوغ الى النصف ، بناء على نسخة المستند ، لكن لا وثوق بصحة النسخة، و اما بناء على نسختى الجواهر والحدائق فلايكون ظاهرا في المنع ، لعدم ظهور قوله علیه السّلام مالم ياخذ في نصف السورة حينئذ ، فى ارادة النصف الاخر من السورة التي بدء بها، بل ظاهره ارادة نصف السورة التي يريد العدول اليها فالمراد به حينئذ ان له ذلك مالم ياخذ من وسط السورة التي يعدل اليها بل من ابتدائها كي يكون قاريا لسورة كاملة واما اقوائية موثقة عبيد بن بن زرارة من الروايات المستدل بها للقول الثاني ، فلان عمدتها رواية رواية البزنطى المتقدمة ، و هي غير صريحة بل ولا ظاهرة فى المنع عن العدول بعد التجاوز عن النصف، بل غايتها الاشعار بذلك، فان التعبير بان الوصلية ، مشعر بكون البلوغ الى النصف ، هو الفرد الخفي الذي ينتهى عنده جواز العدول ، ومعه كيف تصلح لمكافئة الموثقة التي عرفت صراحتها في جواز العدول قبل بلوغ الثلثين و ان تجاوز النصف ، سلمنا دلالة الرواية على ان بلوغ النصف هو الفرد الخفى لجواز العدول ، لكنها ليست بحيث تأبى عن الحمل على بيان اول مراتب الخفاء ، و لذا لو عطف علیه السّلام على قوله و ان بلغ الى النصف بقوله بل و ان بلغ الى الثلث، لم يكن منافيا لقوله و ان بلغ الى النصف، فليست الرواية صريحة في المنع عن العدول بعد التجاوز عن النصف ، كي تكافؤ الموثقة من حيث الدلالة فتبين مما ذكرنا ان شيئا من ادلة القولين الأولين لا يصلح دليلا لطرح الموثقة بل الأمر بالعكس ، فيقوى فى النظر صحة القول بجواز العدول الى بلوغ الثلثين لكنه قد يشكل ذلك باعراض الاصحاب عن الموثقة حيث لم يعمل بها غير كاشف العظاء ، فهى ساقطة عن صلاحية الاستدلال بها راسا ولو لم يكن معارض لها فى البين فيبقى حينئذ ترجیح احد القولين الأولين ، والظاهر كونه للثاني، لا للخدشة

ص: 442

فى اعتبار فقه الرضا علیه السّلام و دعائم الاسلام ، لانها في غير محلها كما يظهر من الفاضل النورى صاحب المستدرك قدس سره ، بل لما عرفت من ان عمدة ادلة القول الاول هو الزضوى ، وهو لاظهور له فى التحديد بما قبل البلوغ الى النصف ، بحيث يكافؤ ظہور رواية البزنطى فى التحديد بما لم يتجاوز عن النصف و ان بلغ اليه ، وذلك لاحتمال كون المراد من كلمة قبل في قوله علیه السّلام فى الرضوى فان ذكرتها من قبل ان تقرء نصف سورة ، هو القبل بالمعنى المقابل للبعد ، بقرنية قوله علیه السّلام و ان لم تذكرها الا بعد ماقرات نصف سورة فامض فى صلوتك ، وحينئذ ينطبق الرضوى على رواية البزنطى هذا.

ثم هل تحديد العدول بعدم التجاوز عن النصف ، يعتبر في العدول الى الجمعة والمنافقين فى يوم الجمعة ايضا مطلقا ، اولا يعتبر فيه كك ، أو يفصل بين العدول من التوحيد والحجد الى الجمعة والمنافقين فلا يعتبر التحديد بذلك فيه ، و بين العدول من غير السورتين الى الجمعة والمنافقين فيعتبر وجوه بل اقوال ، نسب اولها الى المشهور ، وهو الاقوى ، وذلك لان روايات جواز العدول الى الجمعة والمنافقين ، وانكانت مطلقة كما يظهر لمن راجعها ، لكن قيد في الرضوى المتقدم بعدم البلوغ الى النصف ، والخدشة فى اعتباره قد عرفت مافيها ، هذا مضافا الى انجبار ضعفه على تقدير التسليم بعمل المشهور ، اذليس لهم دليل صالح على التقييد الا الرضوى.

اذ ماقد يستدل به على الاعتبار مطلقا، من انه لاشبهة في شمول حكمهم في

فتاوتهم و معاقدا جماعاتهم المحكية بعدم جواز العدول عما عدا سورتي الحجد والتوحيد بعد التجاوز عن النصف، باطلاقه لما اذا كان العدول عما عدا السورتين الى الجمعة والمنافقين، فاذا لم يجز العدول عماعدا السورتين الى الجمعة والمنافقين بعد التجاوز عن النصف ، فلايجوز العدول عنهما الى الجمعة والمنافقين بعد التجاوز عن النصف، بالفحوى والاولوية القطعية ، ضرورة انه اذا كان التجاوز عن النصف

ص: 443

موجبا للمنع عن العدول عماليس كثير اهتمام به، ولذا جاز العدول عنه قبل التجاوز عن نصفه ، فايجابه للمنع عن العدول عماكان مهتما به بحيث لم يجز العدول عنه الى غيره بمجرد الشروع فيه، يكون بطريق اولى.

يرد عليه اولا بانه لم يعلم ارادة المجمعين من اطلاق حكمهم بعدم جواز العدول عما عدا السورتين بعد التجاوز عن النصف الى سورة اخرى ، عموم المنع عن العدول حتى الى الجمعة والمنافقين فى يوم الجمعة ، كي يدل بالفحوى على عدم جواز العدول عن السورتين ايضا بعد التجاوز عن النصف الى الجمعة والمنافقين و توهم ظهور عموم المنع بمقتضى اطلاقه وهذا الظهورحجة، مدفوع بالمنع عن ظهور حكمهم بالمنع في الاطلاق ، فان دعوى انصراف حكمهم بالمنع ، عن مثل الفرض عند الالتفات الى ما فيه من الخصوصية وهي اهمية الجمعة والمنافقين من غيرهما في يوم الجمعة ، بمكان من الامكان ، سلمنا ظهوره في الاطلاق لكنه غير مجد ، اذ المناط في حجية الاجماع استكشاف رأى المعصوم علیه السّلام من اراء المجمعين وهو موقوف على العلم برأيهم لا التعبد بظواهر الفاظهم وثانيا سلمنا ارادة المجمعين من اطلاق كلماتهم عموم المنع المنع حتى بالنسبة الى الجمعة والمنافقين في يوم الجمعة ، واقتضاء المنع عن العدول عما عدا سورتى الحجد والتوحيد بعد التجاوز عن النصف الى الجمعة والمنافقين ، المنع عن العدول عن السورتين بعد التجاوز عن النصف الى الجمعة والمنافقين بالفحوى والاولوية القطعية لكن نقول كما ان شمول اطلاق المنع عن العدول عماعدا سورتي الحجد والتوحيد بعد التجاوز عن النصف الى سورة اخرى ، المعدول الى الجمعة والمنافقين ، يقتضى المنع عن العدول عن السورتين بعد التجاوز عن النصف الى الجمعة والمنافقين بالاولوية القطعية ، كذلك اطلاق ادلة جواز العدول عن السورتين الى الجمعة والمنافقين من غير تقييد بعدم التجاوز عن النصف يقتضى جواز العدول عماعدا السورتين الى الجمعة والمنافقين ولو بعد التجاوز عن النصف ، بالفحوى والاولوية القطعية، ضرورة انه اذاجاز العدول عن

ص: 444

السورتين الى الجمعة والمنافقين مطلقا ولو بعد التجاوز عن النصف ، مع اهميتهما مما عداهما ، فيجوز العدول عما عداهما الى الجمعة والمنافقين كك بطريق اولى ولا وجه لتقديم احدى الاولويتين القطعيتين على الأخرى وبعبارة اخرى ادلة المنع عن العدول عماعدا سورتى الحجد والتوحيد بعد التجاوز عن النصف الى سورة اخرى مطلقا ولو الى الجمعة والمنافقين ، وانكانت مختصة بماعدا السورتين، وكذا ادلة جواز العدول عن السورتين الى الجمعة والمنافقين مطلقا ولو بعد التجاوز عن النصف ، و انكانت مختصة بالسورتين فتدبر ، فلا تعارض بين ادلة الطرفين لاختلاف موردهما لكن المنع عن العدول عماعدا السورتين مطلقا ولو الى الجمعة والمنافقين بعد التجاوز عن النصف حيث يقتضى المنع عن العدول عن السورتين بعد التجاوز عن النصف الى الجمعة والمنافقين ، بالفحوى والاولوية القطعية ، وكذا الترخيص في العدول عن السورتين الى الجمعة والمنافقين مطلقا ولو بعد التجاوز عن النصف، حيث يقتضى الترخيص في العدول عماعدا السورتين الى الجمعة والمنافقين مطلقا ولو بعد التجاوز عن النصف، بالفحوى والاولوية القطعية، فيقع التعارض بين ادلة الطرفين بحسب مفهومهما الموافق بهذه الملاحظة، وحيث لا مرجح في البين ، فتسقطان عن الاعتبار في مورد التعارض ، و هو العدول من السورتين و ما عداهما الى الجمعة والمنافقين، فيبقى المورد خاليا عما يدل على اعتبار التحديد فيه، وقد عرفت ان مقتضى الاصل هو جواز العدول مطلقا فتدبر هذا كله مضافا الى ان الحكم في العدول الى الجمعة والمنافقين، هو الاستحباب المؤكد بحيث كادان يبلغ مرتبة الوجوب، و الحكم في العدول الى غيرهما هو التخيير والجواز وبينهما بون بعيد، ومعه كيف يمكن ان يكون ثبوت التحديد لاحد الحكمين مقتضيا لثبوته في الاخر بالاولوية القطعية، فتدبر جيداً فان ادلة المنع عن العدول عماعدا السورتين بعد التجاوز عن النصف الى سورة اخرى اذا كانت باطلاقها شاملة للعدول الى الجمعة والمنافقين كما هو المدعى، فيكون التحديد بذلك في العدول عماعدا السورتين الى الجمعة

ص: 445

والمنافقين المستحب ثابتا باطلاق الدليل، و معه لا يكون اقتضاء ثبوته في العدول عماعدا السورتين الى الجمعة والمنافقين لثبوته فى العدول عن السورتين اليهما بالاولوية القطعية ، من اقتضاء ثبوت التحديد لاحد الحكمين المتبائنين لثبوته للاخر بالاولوية القطعية كما لا يخفى هذا.

المسئلة الثالثة لا اشكال بل لا خلاف في عدم جواز العدول من سورتي الحجد والتوحيد الى غيرهما بمجرد الشروع فيهما، الا الى الجمعة والمنافقين في يوم الجمعة ويدل عليه خبر على بن جعفر عن اخيه موسى عليه السلام ، قال وسئلته عن القرائة فى الجمعة بما يقرء ، قال علیه السّلام بسورة الجمعة و اذا جائك المنافقون، و ان اخذت في غيرهما وان كان قل هو الله احد فاقطعها من اولها وارجع اليهما، والظاهر ان الاقتصار على ذكر قل هو الله احد من باب التمثيل للفرد الخفى، فالمعنى وان كانت السورة التي شرعت فيها مثل قل هو الله احد الذي لا يجوز الرجوع منه الى غيره بمجرد الشروع فيه فاقطعها، فلا دلالة له على اختصاص الحكم بالتوحيد ، هذا مضافا الى امكان دعوى دلالته على جواز العدول من الحجد بالاولوية القطعية ، وذلك

لان التعبير بان الوصلية فى الخبر حيث يكون مشعرا يكون التوحيد هو الفرد الخفى، فيستفاد منه اهمية التوحيد من الحجد ، ايضا فاذا جاذ العدول من التوحيد إلى السورتين مع اهميته من الحجد فيجوز العدول من الحجد اليهما بطريق اولى، وانما وقع الخلاف في ان جواز العدول من السورتين الى الجمعة والمنافقين في يوم الجمعة ، هل يختص بصلوة الجمعة، او يعم صلوة الظهر بل العصر بل الصبح من يومها ايضا ، فذهب المشهور الى الاختصاص بالجمعة، وجماعة الى التعميم الى الظهر فقط ، وبعض الى التعميم الى مطلق صلوة يوم الجمعة حتى الصبح و منشاء الخلاف اختلاف الاخبار اطلاقا وتقييدا و استدل للمشهور بان مقتضى القاعدة في المطلق والمقيد فيما اذا كانا متوافقين فى الاثبات والنفى ، وانكان الاخذ والعمل بكليهما وحمل المقيد على افضل الافراد ، لكن ذلك فيما اذا لم يعلم وحدة التكليف

ص: 446

والا فاللازم حمل المطلق على المقيد، و وحدته في المقام معلومة لالما توهم من ان جواز العدول اليهما انما هو لمكان ما فيهما من الاستحباب الاكيد في خصوص صلوة الجمعة حتى توهم وجوبهما فيها ، ضرورة ان مجرد الاستحباب لا يكفي في جواز العدول ، هذا مضافا الى ان استحباب قرائة سورتى الجمعة والمنافقين ثابت في يوم الجمعة في غير صلوة الجمعة ايضا، كما يدل عليه الرضوى المتقدم و غيره من الاخبار، نعم استحبابهما في غيرها لم يثبت بهذه المثابة ، لكن مجرد ذلك غير فارق بعد ما عرفت من ان مجرد الاستحباب لا يكفى في جواز العدول بل للعلم بان الاخبار الواردة فى المسئلة ليست الا فى مقام بيان حكم واحد ، كما يظهر ذلك بالمراجعة الى الوجدان ، فانا اذا راجعنا الى وجداننا لم نفهم من هذه الاخبار انها في مقام بيان حكمين ، احدهما استحباب العدول الى السورتين يوم الجمعة مطلقا ، ثانيهما اكدية استحباب العدول اليهما في خصوص صلوة الجمعة فتدبر هذا مضافا الى امكان المنع عما يدل من الاخبار الواردة فى المسئلة على استحباب العدول اليهما في الجمعة مطلقا، اذليس فيها ما يوهم ذلك، الاصحيحة الحلبي عن ابيعبد الله علیه السّلام قال اذا افتتحت صلوتك بقل هو الله احد و انت تريدان تقرء غيرها فامض فيها ولا ترجع، الا ان يكون في يوم الجمعة فانك ترجع الى الجمعة والمنافقين فيها ، و هذه الصحيحة كما ترى غير ظاهرة في الاطلاق ، اذ ليس فيها ما يوهم ذلك ، الاقوله علیه السّلام الا ان يكون في يوم الجمعة، بتقريب ان المراد من يوم الجمعة هو صلوة یوم الجمعة ، فيكون بمنزلة ان يقول علیه السّلام الا ان يكون فى صلوة يوم الجمعة ، و صلوة يوم الجمعة تعم باطلاقها لغير صلوة الجمعة وفيه ان المراد من يوم الجمعة و انكان صلوة يوم الجمعة ، لكن ليس لفظ الصلوة مذكورا كي يصح التمسك باطلاقه ، نعم نعلم بكونها مرادا في الجملة والقدر المتيقن منها هو خصوص صلوة الجمعة هذا.

ویرد علیه اولا انه ليس فى اخبار المسئلة ما يدل على التقييد بصلوة الجمعة

ص: 447

نعم وقع السؤال في جملة منها عن خصوص صلوة الجمعة ، لكن خصوصية مورد السؤال لا توجب التقييد فى اطلاق الجواب، هذا مضافا الى ان قوله علیه السّلام في الرضوى المتقدم وتقرء في صلوتك كلها يوم الجمعة و ليلة الجمعة سورة الجمعة والمنافقين وسبح اسم ربك الاعلى و ان نسيتها او واحدة منها فلا اعادة عليك فان ذكرتها قبل ان تقرء نصف سورة فارجع الى سورة الجمعة ، كماترى كالصريح في الاطلاق و انه يستحب العدول من كل سورة حتى الحجد والتوحيد الى سورة الجمعة والمنافقين في صلوة يوم الجمعة مطلقا وثانيا سلمنا ان خصوصية مورد السؤال توجب تقييد اطلاق الجواب ، لكن نمنع مع ذلك عن اختصاص الحكم بصلوة الجمعة ، اذ ليس في الاسئلة الواقعة فى الاخبار الا لفظة الجمعة ، ولا يخفى على المتتبع ان الشايع في الاخبار المروية عن الائمة عليهم السلام وكلمات اصحابهم ، هو اطلاق الجمعة على صلوة الظهر من يومها اعم من كونها جمعة او ظهرا ، كما يظهر ذلك بالمراجعة الى الاخبار الواردة فى استحباب قرائة الجمعة والمنافقين فى صلوة يوم الجمعة ، التي منها صحيحة عمر بن يزيد او حسنته ، قال قال ابو عبد الله علیه السّلام من صلى الجمعة بغير الجمعة و المنافقين اعاد الصلوة فى سفر او حضر ، فان الثابت في السفر انما هو الظهر لا الجمعة ، بل يظهر من الاخبار المستفيضة المصرحة بان صلوة الظهر حة بان صلوة الظهر يوم الجمعة اربع ركعات اذا لم يكن من يخطب بهم والا فركعتان ، ان الجمعة هي ظهر بعينها فى يوم الجمعة لامغائرة بينهما ذاتا ، وانما هى باختلاف احوال المصلى فلوصلى يوم الجمعة جماعة مع سبق الخطبتين وحضور الامام علیه السّلام فليصلها ركعتين والا اربع رکعات و من هنا يظهر ما في الاستدلال للمشهور بما في خبر الدعائم المتقدم من تخصيص جواز العدول بصلوة الجمعة ، اذ يحتمل قويا ان يكون المراد من صلوة الجمعة المعنى الاعم الشامل للظهر، فالاقوى جواز العدول عن السورتين الى الجمعة والمنافقين في الظهر من الجمعة ايضا ، لاطلاق الاخبار بل يمكن ان يقال بان المتيقن من اخبار الباب هو الظهر من يوم الجمعة ، لان اصحاب الائمة عليهم السلام لم يكونوا يؤمون

ص: 448

الناس في صلوة الجمعة، كى يحسن ان يؤمروا بالعدول من آية سورة الى الجمعة والمنافقين فيها واما في العصر والصبح فلا يخلو عن اشكال، لامکان دعوى انصراف الاطلاق عنهما، هذا مضافا الى ما عرفت من تخصيص جواز العدول في خبر الدعائم بصلوة الجمعة ، التى قد عرفت ان المراد بها الأعم منها و من الظهر، والخدشة فيه من حيث ضعف السند قد عرفت ما فيها، و به يقيد اطلاق الرضوى المتقدم الدال على جواز العدول في صلوة يوم الجمعة مطلقا فتدبر(1).

المسئلة الخامسة لا يجوز العدول عن سورة الجمعة والمنافقين الى غيرهما و انكان سورة الحجد والتوحيد وذلك لاطلاق قوله علیه السّلام في خبر الدعائم وكذلك سورة الجمعة والمنافقين فى الجمعة لا يقطعهما الى غيرهما ، هذا مضافا الى ما قيل من كونهما اولى بهذا الحكم من الحجد والتوحيد، فتدبر فان الاولوية و و انكانت بالنسبة الى العدول الى ماعدا الحجد والتوحيد قطعية، ضرورة انه اذا لم يجز العدول عن الحجد والتوحيد الى غيرهما لمكان اهميتهما ، فلا يجوز العدول الى غيرهما عما يكون اهم منهما وهو الجمعة والمنافقين بطريق اولى ، لكنها بالنسبة إلى العدول الى الحجد والتوحيد تكون ظنية فتدبر.

المسئلة السادسة هل جواز العدول عن الحج-د والتوحيد الى الجمعة

والمنافقين، يختص بما اذا كان الدخول فيهما نسيانا او غفلة ، كما اذا كان مريدا لقرائة الجمعة او المنافقين فنسيهما واخذ فى الحجد او التوحيد ، او كان غافلا عن

ص: 449


1- اشارة الى ان تقييد اطلاق الرضوى بخبر الدعائم مع كونهما متوافقين في الاثبات انما يصح فيما اذا احرز اتحاد الحكم ، و احرازه ممنوع ، بل قوله عليه السلام في الرضوی فان ذكرتها قبل ان تقرء نصف سورة فارجع الى سورة الجمعة ، بقرنية تفريعه على ما ذكره عليه السلام فى صدر الخبر من قوله عليه السلام وتقرء فى صلواتك كلها يوم الجمعة وليلة الجمعة سورة الجمعة والمنافقين وسبح باسم ربك الاعلى كالصريح في جواز العدول واستحبابه الى تلك السور فى صلوة يوم الجمعة مطلقا بحيث يابي عن الحمل على وحدة التكليف كما لا يخفى منه عفى عنه.

ان اليوم يوم الجمعة أو عن استحباب قرائة الجمعة والمنافقين في صلوتها ، فاخذ فى الحجد او التوحيد، ثم ذكر ان اليوم يوم الجمعة وانه يستحب في صلوتها قرائة الجمعة والمنافقين، أو يعم ما اذا كان الدخول فيهما عن عمد والتفات ، قولان المحكى عن المحقق الكركى و بعض من تأخر عنه هو الاول، واستدلوا عليه بانه مقتضى الاقتصار في رفع اليد عن عموم الاخبار الناهية عن العدول عن السورتين ، على مورد النصوص المخصصة لها وهو الناسى والغافل وفيه اولا ان مورد النصوص المخصصة للاخبار الناهية، اعم من الناسى والغافل، ضرورة ان قوله علیه السّلام في خبر على بن جعفر المتقدم وان اخذت في غير هما وان كان قل هو الله احد فاقطعها من اولها وارجع اليهما وقوله علیه السّلام فى خبر الدعائم وان بدء بقل هو الله احد فليقطعها ويرجع الى سورة الجمعة او سورة المنافقين، ظاهر ان في الاعم مما اذا كان الاخذ والشروع في التوحيد نسيانا وغفلة، بل ربما يدعى ظهور الثانى فى الاختصاص بما اذا كان الشروع فى التوحيد عمديا وثانيا سلمنا اختصاص النصوص المخصصة بمورد النسيان والغفلة، لكن نقول ان المتعين فى المقام هو الرجوع الى ما يقتضيه الاصل لا الى عموم العام ، لالما قيل من ان شمول الاخبار الناهية عن العدول لحالتى العمد والسهو، ليس من جهة اشتمالها على عموم او اطلاق احوالی مغاير لعمومها الافرادى ، كي يمكن ارتكاب التصرف في عمومها او اطلاقها الاحوالي بتخصيص او تقييد مع ابقاء عمومها الافرادى بحاله ، وانما استفيد شمولها لكلتا الحالتين من تعلق النهى فيها بمهية العدول من حيث هي في مطلق الصلوات ، وحينئذ لوثبت جواز العدول في صلوة الجمعة في الجملة، يكشف عن ان هذه الصلوة لم تكن مرادة من الصلوة التي نهى عن العدول عنها على نحو الاطلاق، والحاصل انه فرق بين ان يكون نفس القضية العامة متكفلة للعموم او الاطلاق الاحوالى كما تكون متكفلة للعموم الأفرادى ، كما اذا قال اكرم العلماء دائما او في كل زمان ، و بين ما اذا كان عمومها او اطلاقها الاحوالى ، مستفادا من تعلق الحكم في القضية العامة على الطبيعة المرسلة ، كما اذا قال أكرم العلماء، حيث ان العرف يحكم بمقتضى قاعدة الحكمة و قبح ارادة المقيد من غير بيان القيد ، بان كل عالم يجب يجب اكرامه

ص: 450

مطلقا ، ففى الفرض الاول لو خرج فرد من العام في بعض الأزمنة ، فيرجع فيما بعد ذلك الزمان الى عموم العام ، لانه اذا كان للعام عموم ازماني، يستفاد منه ان الاكرام فى جميع الازمان و الحالات كان متعلقا للحكم، وحينئذ لو علم بخروج فرد من العام في زمان ، فاللازم الاقتصار على القدر المتيقن ، لان خروجه في غيره من الازمنة ، مستلزم لخروج فرد اخر من العام زائدا على ما علم خروجه منه و هذا بخلاف الفرض الثاني ، فان مدلول القضية فيه ليس الا اثبات وجوب الاكرام لكلواحد من العلماء ، من غير تعرض للزمان اصلا و انما يحكم العرف بواسطة تعلق الحكم فيها على طبيعة الاكرام من غير تقييد ببعض الازمان او الاحوال ، بان كل عالم اكرامه مطلقا و فى جميع الاحوال والازمان واجب، وحينئذ لو خرج فرد عن العام في بعض الاحوال او الازمان ، فلامجال فيما بعد ذلك الزمان الا للرجوع الى استصحاب حكم الخاص دون عموم العام ، و ذلك لان حكم العرف بان كل فرد اکرامه على الاطلاق و في جميع الاحوال والازمان واجب ، تابع لدخوله تحت حكم العام ، فاذا خرج فرد عن حكمه فى زمان، فلا يبقى مورد لحكم العرف بثبوت وجوب الاكرام على الاطلاق له ، كي يقتصر في رفع اليد عنه على القدر المتيقن .

فان هذا الوجه كماترى بظاهره مخدوش ، وذلك لان العموم الازمانى الذى يقتضيه قاعدة الحكمة ، قد يؤخذ فى ناحية الحكم باجراء مقدمات الحكمة فيه ، و مرجعه الى ان الحكم مستمر في جميع الازمنة ، وقد يؤخذ في ناحية المتعلق باجراء المقدمات فيه ، و مرجعه الى ان الاكرام الدائمي و في جميع الازمان واجب ، وما يكون تابعا لدخول الفرد تحت حكم العام ، هو الأول دون الثاني كما هو واضح ، فلا فرق فى العلوم الازماني فيما اذا كان راجعا الى المتعلق ، بين كونه مستفادا من نفس دليل العام كما اذا قال اكرم العالم دائما ، اومن دليل خارجى من حكمة و غيرها ، فكما انه اذا خرج فرد عن العام في زمان يجب الاقتصار على المتيقن على الاول ، كذلك على الثانى وتوهم ان الفرق ، هوان المتعلق فى الاول لوخط بجميع

ص: 451

افراده الطولية موضوعا للحكم في نفس القضية، و هذا بخلاف الثاني فان مدلول القضية فيه كمامر ، ليس الا اثبات وجوب طبيعة الاكرام لكل واحد من العلماء من غير تعرض للزمان اصلا ، و انما يحكم العرف باصالة الاطلاق التي مرجعها الى قبح ارادة المقيد من غير بيان الفيد، بان اكرام كلفرد من العلماء بجميع افراده العرضية والطولية واجب، و مجرد هذا الفرق كاف فى صحة الرجوع الى عموم العام في زمان الشك، فيما اذا علم بخروج فرد منه في زمان، على الأول دون الثاني ، وذلك لانه على الاول حيث يكون للعام عموم ،ازماني، يمكن التصرف في عمومه الازمانی، بجعل خروج الفرد فى زمان تخصيصا لعمومه الازماني، وابقاء عمومه الافرادى على حاله، و هذا بخلاف الثاني، و ذلك لما عرفت من أن مدلول القضية فيه، ليس الا اثبات وجوب طبيعة الاكرام لكل واحد من أفراد العلماء من غير تعرض للزمان اصلا، و انما حكم العرف باصالة الاطلاق فى المتعلق بان الاكرام بافراده الطولية ايضا واجب فح لابد من جعل خروج الفرد في زمان تخصيصا للعموم الافرادى، والحكم بان هذا الفرد لم يكن مرادا من العلماء الذين امر باكرامهم على الاطلاق مدفوع اولا بان حكم العرف بواسطة تعلق الحكم بطبيعة الاكرام من غير تقييد بزمان دون زمان، بان كلفرد اكرامه على الاطلاق و في جميع الاحوال والازمان واجب، ليس ليس حكما استقلاليا للعرف من غير ان يكون مرادا للمتكلم، بل العرف يحكم بمقدمات الحكمة بان مراد المتكلم من طبيعة الاكرام التي جعلها متعلقة لامره في القضية، لابد ان يكون هو الاكرام على الاطلاق و في جميع الاحوال والازمان ولذا يكون نفس القضية التي تعلق الحكم فيها على الطبيعة المرسلة بواسطة مقدمات الحكمة ، ظاهرة فى الاطلاق الاحوالى ، وعليهذا فيكون المتعلق فى الثانى ايضا ملحوظا بجميع افراده الطولية موضوعا للحكم فى نفس القضية ، غاية الامر ان استفادة لحاظه كك فى الاول تكون من اللفظ بقرنية داخلية لفظية، و في الثاني تكون من اللفظ لكن بقرينة خارجية عقلية فاذا كان للعام في الثاني ايضا اطلاق

ص: 452

ازمانی، فاذا خرج عنه فرد فى زمان ، فلابد من جعل خروجه تقييدا في اطلاقه الازماني ، لا تخصيصا في عمومه الافرادى ، والحكم بان هذا الفرد لم يكن مرادا من العلماء الذين امر باكرامهم على الاطلاق وثانيا سلمنا عدم ظهور نفس القضية التي تعلن الحكم فيها على الطبيعة المرسلة في الاطلاق الاحوالي والازماني بقرينة الحكمة، لكن نقول استفادة كون المتعلق ملحوظا بجميع افراده الطولية ايضا موضوعا للحكم، ليست منحصرة بما اذا دل على ذلك بتصريح في اللفظ من مثل ابدا او دائما او فى كل ان، بل يمكن استفادته ايضا من دليل التخصيص اذاكان ازمانيا ، كما اذا خرج عن عموم اكرم العلماء اكرامهم في زمان خاص ، فانه يستكشف منه ان اكرامهم في جميع الازمان كان متعلقا للحكم ، والا لكان اخراجه في ذلك الزمان من قبيل الاستثناء من المنقطع كما هو واضح فتبين مما ذكرنا كله ان المنع عن الجوع الى عموم العام في المقام ، ليس لاجل الفرق بين مالوكان العموم الاحوالي مستفادا من نفس دليل العام ، و بين مالوكان مستفادا من دليل خارجى من حكمة و غيرها بل الوجه فى ذلك ، هو ما حققناه فيما علقناه على مكاسب شيخ مشايخنا الانصاري قدس سره ، في مسئلة الاختلاف في كون خيار الغبن على الفور او التراخي ومحصل ما ذكرناه هناك ، هو ان المتكلم بالقضية العامة كاكرم العلماء مثلا ، تارة يلاحظ الزمان ظرفا للموضوع، كما، هو مقتضى طبعه بالنسبة الى جميع الموجودات الزمانية تكوينية كانت او تشريعية ، و لذا لا يتبدل اشخاصها بتبدل اجزائه ، ومن

، هنا يظهر ان لحاظه قيدا يحتاج الى عناية زائدة ، و اخرى يلاحظ الزمان قيدا للموضوع او المتعلق او الحكم ، وهذا على نحوين ، لانه قد يلاحظ مجموع اجزاء الزمان قيدا واحدا بنحو الارتباط، بحيث لو انفصم بين اجزائه ارتفع القيد واحتاج ثبوته فى الاجزاء الباقية الى لحاظ قيديته ثانيا ، وقد يلاحظ كل جزء من اجزاء الزمان من الساعات او الايام او الشهور وهكذا قيودا متعددة، بحيث لو ارتفع الموضوع او المتعلق او الحكم في احد الاجزاء ، لا يحتاج ثبوته في الاجزاء الباقية الى لحاظ

ص: 453

تحققه ثانيا ثم لو لوخط قيدية الزمان على النحو الثاني المعبر عنه بالعموم الازماني ففيما كان راجعا الى الموضوع والمتعلق يكون فى عرض العموم الافرادي ، ضرورة انهما حينئذ يقعان تحت دائرة الحكم فيشملهما فى عرض واحد ، وهذا بخلاف مالو كان راجعا الى الحكم فانه حينئذ يكون فى طول العموم الافرادى ، ضرورة ان دلالة العموم الأزمانى على استمرار الحكم المتعلق بالفرد، متفرع على شمول العموم الافرادی له و دخوله تحت دائرة الحكم ، فما لم يدل العموم الافرادى على دخول الفرد تحت دائرة الحكم ، لا يدل العموم الازمانى على استمرار الحكم المتعلق به دائما وفي كل زمان والحاصل ان الزمان ان اخذ قيدا للموضوع او المتعلق ، فيقع تحت دائرة الحكم كنفس الموضوع والمتعلق ، فيشمل الحكم للقيد والمقيد في عرض واحد، وان اخذ قيدا للحكم فينعكس الامر اى يقع الحكم تحت الزمان، بمعنى ان بعد شمول الحكم لافراد المتعلق والموضوع يدل دليل التقييد على استمراره لافرادهما ، هذا بحسب الواقع و في مرحلة الثبوت ، و اما في مرحلة الاثبات ، فلا يمكن ان يتكفل نفس دليل الحكم لاستمراره، بل لابد من دليل خارجی نقلی كقوله حلال محمد صلی الله علیه و آله و سلّم حلال الى يوم القيمة ، او عقلى كدليل الحكمة الدال على ان ثبوت الحكم انا مالغو، كما في المحرمات الشرعية والاحكام الوضعية فان اعتبار العموم الازماني فيهما انما هو من جهة دليل الحكمة، وانه لولا العموم الازمانى فيهما للزم لغوية تشريعهما ، ضرورة ان ترك المحرمات في الجملة و في بعض الازمان ، متحقق في الخارج من كل احد قهرا، فيكون النهي عنهاكك تحصيلا للحاصل و لغوا ، وكذا لزوم العقد مقدارا ما من الزمان يكون بلافائدة و لغوا ذلك لما عرفت من ان العموم الازماني اذا اخذ في ناحية الحكم يكون واردا على الحكم، و يكون نسبته الى الحكم نسبة المحمول الى موضوعه ، فلا يمكن اخذه فى مرتبة الحكم ثبوتا ولا اثباتا ، لاستحالة اخذ المتاخر رتبة في المتقدم كك كما هو واضح ، وهذا بخلاف استمرار المتعلق فانه يمكن ان يتكفله نفس دليل الحكم

ص: 454

كما في قولنا اكرم العلماء فی کل زمان، و ذلك لما عرفت من ان العموم الازمانی اذا اخذ في ناحية المتعلق يكون الحكم واردا عليه، ومنه يظهرانه لو استفيد العموم الازماني من دليل خارجى نقلى او عقلى يتعين اخذه في ناحية الحكم دون المتعلق، اما على الاول، فلان العموم الازمانى لو كان راجعا الى المتعلق ، لكان المتكفل له نفس دليل الحكم ، اذكما يمكن تعلق الحكم بجميع اقسام المتعلق فى جميع الازمان ثبوتا، كذلك يمكن اثباتا ، فاذا كان المتكلم فى مقام البيان ولم يتعرض لاستمرار المتعلق فى نفس دليل الحكم، بل قام دليل على العموم الازماني من خارج، يكشف عن عدم اعتباره في ناحية المتعلق ، والا لبينه فى نفس دليل الحكم واما على الثاني فلانه لو فرضنا ان ثبوت الحكم انا مالغو، فهذه اللغوية وانكانت ترتفع باخذ العموم الازمانى فى ناحية المتعلق ايضا، الا ان اللغوية حيث تكون ناشئة عن ناحية تعلق الحكم به، ضرورة ان المتعلق مع قطع النظر عن تعلق الحكم به لامعنى لكون تحققه انامالغوا ، بداهة ان الوفاء بالعقد في ان واحد لا يتصف باللغوية، بل المتصف بها وجوبه كك ، فاذا كان المتصف باللغوية هو الحكم ، فدليل الحكمة يقتضى ان ان يكون الحكم دائميا اذا عرفت ذلك ، فنقول لوثبت عموم ازماني لقضية عامة ، وخرج عنه فرد فى زمان ، وشك فى حكم ذلك الفرد بعد ذلك الزمان ، فانكان العموم الازماني راجعا الى المتعلق ، كما اذا كان المتكفل له نفس القضية العامة ، كان قال اكرم العلماء في كل زمان ، فالمتعين فيما بعد ذلك الزمان هو الرجوع الى عموم العام و ذلك لان جميع الازمان لوحظ تحت عموم العام كما لوحظ جميع الافراد ، فيكون الاكرام في كل زمان موضوعا مستقلا لحكم مستقل ، و حينئذ لو علم بخروج فرد عن العام في زمان، فاللازم الاقتصار على القدر المتيقن ، لان خروجه في غيره مستلزم لتخصيص اخر للعام زائدا على ما علم تخصیصه به واما انكان العموم الازمانی راجعا الى الحكم ، كما اذا كان مستفادا من دليل خارجی نقلی او عقلی ، فالمتعين فيما بعد ذلك الزمان هو الرجوع الى استصحاب حكم الخاص لا الى عموم العام ،

ص: 455

من غير فرق فى ذلك بين كون المخصص قاطعا لحكم العام كما اذا كان مخصصا له من الوسط، او غير قاطع لحكمه كما اذا كان مخصصا له من الاول و ذلك لما عرفت من ان العموم الازماتى اذا اخذ فى ناحية الحكم، يكون واردا على الحكم و يدل على ان الحكم اذا تعلق بفرد من افراد موضوعه، فذلك الحكم باق مستمر، فدلالة العموم الازماني على استمرار الحكم المتعلق بفرد ، متفرعة على شمول العموم الافرادى لذلك الفرد و ادخاله تحت دائرة الحكم، فاذا خرج فرد من العموم الافرادى في زمان، فليس بعد ذلك عموم يشمل ذلك الفرد و يدخله تحت دائرة الحكم كي يحكم باستمرار حكمه و بعبارة اخرى مقتضى كون العموم الازماني وارداً على الحكم، كون الحكم بمنزلة الموضوع للعموم ، فاذا كان الموضوع و هو الحكم ثابتا فهو دائمى ، و اما لوشك في ثبوته ، فعموم قوله حلال محمد صلی الله علیه و آله و سلّم حلال الى يوم القيمة لا يفيد لرفع الشك، فالفرق بين ماكان المخصص قاطعا لحكم العام، و بين مالم يكن قاطعا لحكمه، لوسلم انما هو فيما امكن هناك الحكم باستمرار حكمه، كما اذا اخذ الزمان قيد المتعلق الحكم على نحو الاستمرار الارتباطى، لا فيما لم يمكن الحكم باستمرار حكم العام كما اذا اخذ الزمان قيدا لنفس الحكم على نحو الاستمرار الانحلالى الغير الارتباطى كما مربيانه .

اذا عرفت هذا على الوجه الكلى فنقول في المقام ان الاخبار الناهية عن العدول عن سورتى الحجد والتوحيد الى غيرهما ، ليست مشتملة على عموم او اطلاق احوالى زائدا على عمومها الافرادى، كي يكون عمومها الاحوالي راجعا الى المتعلق اعنى العدول، كي يتعين الرجوع الى عمومها فيما اذا كان الدخول في السورتين في صلوة الجمعة عن عمد ، اقتصارا في رفع اليد عن عمومها على مورد النصوص المخصصة لها، وهو ما اذا كان الدخول فيهما عن غفلة ونسيان ، وليس هناك دلیل خارجی نقلى او عقلی دل على اعتبار العموم الاحوالى فيها ، اما الاول فواضح واما الثانى فلان ثبوت حرمة العدول عن السورتين الى غيرهما في الجملة وفى بعض

ص: 456

الاحوال، لايوجب لغويتها ، كي يقتضى دليل الحكمة ان يكون ثبوتها في جميع الاحوال، سلمنا لغوية ثبوتها في بعض الاحوال و اقتضاء دليل الحكمة ثبوتها في جميعها، لكن عرفت ان اعتبار العموم الاحوال لو استفيد من دليل خارجي، يتعين اخذه في ناحية الحكم ، وحينئذ فلا يصح الرجوع الى عموم الاخبار الناهية فيما اذا كان الدخول فى السورتين عن عمد، وذلك لما عرفت من ان العموم الامانى واقع فوق الحكم و يكون بمنزلة المحمول له ، فاذا علم بخروج العدول عن السورتين الى الجمعة والمنافقين ، عن تحت عموم الاخبار الناهية عن العدول منهما في حال النسيان والغفلة ، و شك فى خروجه عن تحت عمومها في حال العمد وانه محكوم بالحرمة في هذه الحالة ام لا ، فلا يصح التمسك بالعموم الاحوالي للحكم ببقائه تحت عموم الاخبار الناهية وكونه محرما فيهذه الحالة، ضرورة ان المحمول لا يمكن ان يتكفل لحفظ موضوعه كما هو واضح .

المسئلة السابعة الظاهر عدم جواز العدول من التوحيد الى الحجد وبالعكس و يمكن الاستدلال له بالاخبار الدلالة على عدم جواز العدول عنهما الى غيرهما ، كقوله علیه السّلام في رواية على بن جعفر المتقدمة نعم مالم يكن قل هو الله احد وقل يا ايها الكافرون ، اذا المراد من النهى عن العدول منهما الى غيرهما هو النهى عن العدول من كل منهما الى غيره، ومن المعلوم ان العدول من كل منهما الى الاخر عدول منه الى غيره فيكون منهيا عنه هذا مضافا الى اختصاص كل منهما بالنهي عن العدول منه الى غيره، ففي صحيح الحلبي المتقدم فلا بأس الاقل هو الله احد لا يرجع منها الى غيرها، وكذلك قل يا ايها الكافرون هذا.

بقى هنا فروع الاول لو شرع في سورة من السور التي لا يجوز العدول عنها بمجرد الشروع فيها كالحجد والتوحيد فنسى باقى السورة ، او شرع فيما لايجوز العدول عنها بعد التجاوز عن النصف وقرء نصفها و نسى باقيها ، فهل يجوز له العدول الى غيرها ام لا وجهان والتحقيق انا ان قلنا بان النهى عن العدول نهی تکلیفی نفسی،

ص: 457

ففى المسئلة المفروضة يقع التزاحم، بين واجب غیرى و هو قرائة سورة كاملة ، و محرم نفسى وهو العدول من السورة التي لا يجوز العدول عنها، وحينئذ لو احرز اهمية العدول فيتعين الاقتصار على ماقرئه من بعض السورة ، وان احرز اهمية قرائة سورة كاملة فيتعين العدول الى غيرها من السور ، و ان لم يحرز اهمية شيء منهما او احرز التساوي، فيتخير بين الاقتصار على ماقرئه من بعض السورة ، والعدول الى غيرها، وكذا الكلام ان قلنا بان النهى عن العدول نهى وضعى لبيان مانعية العدول و ان قلنا ان النهى عن العدول للارشاد الى اهمية السورة المعدول عنها و وجوب المضى فيها كما هو الظاهر، فحينئذ ان قلنا بان وجوب المضى حكم تكليفي، فيتعين فى الفرع المفروض العدول الى غير ما شرع فيه، وذلك اسقوط الامر بالمضى امكان العجز الناشى عن نسيان البعض، وان قلنا بان وجوب المضى حكم وضعى لبيان ان السورة المشروع فيها بمجرد الشروع فيها أو بعد التجاوز عن النصف يتعين للجزئية فيتعين الاقتصار على ماقرئه من بعض السورة وعدم العدول الى غيرها، لان المفروض ان غيرها ليس بجزء للقرائة الواجبة كى يعدل اليه، وهذه السورة و انكانت جزء لها لكن سقط وجوب اتمامها عن الفعلية بالعجز عنه هذا و تأمل جيدا.

الثاني لو شرع فى قرائة ما يفوت به الوقت كالسور الطوال بزعم السعة، ثم

بان له الضيق بعد التجاوز عن النصف ، فهل يجوز له العدول الى غيرها املا ، وجهان مبنيان على مأمر في الفرع السابق الثالث لونذر ان يقرء سورة معينة في صلوته ، فنسی وشرع في غيرها وتذكر بعد التجاوز عن النصف أو بعد الشروع، وكان المشروع فيه الحجد او التوحيد ، فهل يجوز له العدول الى السوره المنذورة ام لا ، وجهان مبنيان على مامر من ان النهى عن العدول نهی نفسی ، او للارشاد الى وجوب المضى فيما شرع فيه ، فعلى الاول لا يجوز العدول لانحلال عقد النذر مع طر والحرمة على المنذور ، و ذلك لاعتبار رجحان المنذور حين الوفاء ايضا ولا يكفى مجرد رجحانه حين النذر ، وعلى الثانى يقع التزاحم بين الواجبين ، احدهما اتمام السورة

ص: 458

التى شرع فيها، ثانيهما قرائة السورة التي نذر قرائتها، فيتعين الاخذ بالاهم منهما لو كان والا فيتخير، لكن هذا فيما اذا قلنا بحرمة القرآن بين السورتين ، واما لو قلنا بجوازه كما هو الحق كما سيأتى تحقيقه انشاء الله تعالى ، فلا مزاحمة بينهما لامكان اتمام السورة التى شرع فيها ثم قرائة السورة التى نذر قرائتها ، نعم لو نذران يجعل السورة التي لابد منها في الصلوة سورة معينة ، لتم ماذكر من التزاحم كما لا يخفى ، هذا فيما اذاكان النهى عن العدول للارشاد الى وجوب المضى فيما شرع فيه ، و اما لو كان لبيان جزئيته فيتعين حينئذ اتمامه لفوات محل النذركما هو واضح.

الرابع المشهور بين الاصحاب حرمة العدول عن سورتى الحجد والتوحيد الى غيرهما من السور ، الا الى الجمعة والمنافقين فى صلوة يوم الجمعة ، خلافا للمحكى عن المحقق في المعتبر من ذهابه الى كراهته ، واستدل للمشهور بظهور الاخبار الناهية عن العدول عنهما في الحرمة ، والحق ابتناء المسئلة على القولين في قرائة السورة فى الصلوة ، فان قلنا بماهو المشهور من وجوب سورة كاملة فيها ، فيكون العدول عنهما محرما او المضى فيهما واجبا ، وان قلنا بماذهب اليه صاحب المدارك من استحبابها ، فيكون الفضل فى اتمامهما والمضى فيهما، ويكره العدول عنهما الى غيرهما، وليس مفاد الاخبار الا ان من اراد قرائة سورة كاملة في صلوته اما لوجوبها او لاستحبابها ، فله العدول عنها في غير الحجد والتوحيد، واما فيهما فليس له العدول عنهما ، واما ان العدول عنهما محرم او مكروه، فليس فيها تعرض لشيء منهما، بل هو تابع لكون ما اراده من السورة الكاملة واجبا في الصلوة ، فيجب عليه اتمامه ويحرم عليه العدول عنه اذا كان هو الحجدا والتوحيد، اوكونه مستحبا فيكون الفضل في اتمامه، و يكره العدول عنه انكان هو احدى السورتين، فالنهي عن العدول في تلك الاخبار اريد منه مطلق المرجوحية لاخصوص الحرمة او الكراهة ولعل من ذهب الى كراهة العدول عن السورتين كالمحقق ، كان قائلا باستحباب قرائة

ص: 459

سورة كاملة في الصلوة.

الامر السابع اختلف الاصحاب في جواز القران بين السورتين في قرائة ركعة واحدة و عدم جوازه ، فالمشهور بين القدماء على ما حكى عنهم عدم الجواز في الفريضة ، خلافا للمتأخرين حيث ذهبوا الى الكراهة فيها و منشاء الاختلاف اختلاف الاخبار ، فمما استدل به على عدم الجواز ، صحيحة محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السّلام قال سئلته عن الرجل يقرء السورتين في الركعة قال عليهم السّلام لا لكل سورة ركعة، و موثقة زرارة قال سئلت ابا عبدالله عليه السّلام عن الرجل يقرن بين السورتين في الراكعة. فقال عليه السّلام ان لكل سورة حقا فاعطها حقها من الركوع والسجود ، وخبر عمر بن يزيد قال قلت لابيعبد الله عليه السّلام اقرء سورتين في ركعة قال نعم، قلت يقال اعط كل سورة حقها من الركوع والسجود ، قال عليه السّلام ذلك في الفريضة واما فى النافلة فلا بأس. ورواية المفضل بن صالح قال سمعت ابا عبد الله عليه السّلام يقول لا تجمع بين السورتين فى ركعة الا الضحى والم نشرح والفيل ولا يلاف. و مرسلة الصدوق قال قال الصادق عليه السّلام لا تقرن بين السورتين فى الفريضة واما في النافلة فلا بأس ، الى غير ذلك من الاخبار الظاهرة فى المنع ، ومما يدل على الجواز صحيحة عن بن يقطين قال سئلت ابا الحسن عليه السّلام عن القرآن بين السورتين في النافلة والمكتوبة قال عليه السّلام لا بأس ولا يخفى ان مقتضى الجمع العرفي بين هذه الصحيحة والاخبار المتقدمة، حمل تلك الاخبار على الكراهة ، و ذلك لصراحة الصحيحة في الجواز وظهور تلك الاخبار فى المنع ، ومقتضى الجمع العرفي بين النص والظاهر، هو حمل الظاهر على النص، ويشهد لهذا الجمع مضافا الى كونه مع من الجمع العرفي المقبول ما في رواية زرارة عن ابيجعفر عليه السّلام لا تقرنن بين السورتين في الفريضة فان ذلك افضل، كما يؤيده مارواه زرارة عنه عليه السّلام ايضا انما يكره ان يجمع بين السورتين في الفريضة واما في النافلة فلا بأس، وخبر على بن جعفر عن اخيه موسى عليه السّلام قال سئلته عن رجل قرء سورتين فى ركعة قال عليه السّلام ان كان في نافلة فلا بأس واما الفريضة فلا

ص: 460

تصلح، فان التعبير بالكراهة و نفى الصلاح والتعليل بان ترك القرآن افضل، لولم يكن له ظهور في الكراهة فلااقل من كونه مشعرا بها ، هذا مضافا الى مافى الاخبار المانعة من التعليل بان لكل سورة حقا من الركوع والسجود ، فان هذا النحو من التعليل بنفسه كاف في صرف النهي عن ظاهره ، سلمنا ظهورها في المنع والحرمة ، لكن عرفت ان مقتضى الجمع العرفي بينها وبين صحيحة ابن يقطين الصريحة في الجواز ، هو حمل الاخبار المانعة على الكراهة ، ومعه لاتصل النوبة الى الرجوع الى مرحجات باب التعارض ، فما صنعه المتقدمون القائلون بالمنع ، من حمل الصحيحة على التقية لموافقتها لمذهب العامة، على خلاف مقتضى القاعدة، وذلك لما اشرنا اليه من ان الترجيح بالجهة متأخر عن الترجيح الدلالي واما الاشكال بان القران بين السورتين لوكان مكروها ، فاللازم ان يكون ترك قرائة السورة الثانية راجحا ، ولا يكون ترك شيء راجحا الا اذا كان فى فعله حزازة ومنقصة ، فاذا كان في قرائة السورة الثانية خرازة و منقصة ، فكيف تقع صحيحة وعبارة مع ان الفعل العبادي لابد أن يكون راحجا خاليا عن الخرازة ، كي يصح ان يتقرب به منه تعالى ويقع عبادة ففيه ان هذا الاشكال قد اورد على جميع العبادات المكروهة كالصلوة فى الحمام والصوم في يوم العاشورا ، وقد اجنبا عنه في الأصول بما مزید علیه و ملخص ما ذکر ناه هناك هو ان العبادات المكروهة على قسمين ، قسم لها بدل كالصلوة فى الحمام وقسم ليس لها بدل كصوم يوم العاشورا ، اما القسم الأول فليس تركه راحجا رأسا و مطلقاً ، بل الراحج هو تركه الخاص اعنى تركه الى بدل ، وحينئذ فيكون النهي عن فعله ، ارشادا الى ما يكون ارحح وافضل منه من سائر الافراد ، لالمنقصة و خرازة فيه اصلا ، واما القسم الثاني فيمكن ان يكون النهى عنه ، لالمنقصة في فعله كيلا يمكن اجتماعها مع الرجحان المعتبر في الفعل العبادي ، بل لما بعرض على تركه من المصلحة والرجحان ، اما لاجل انطباق عنوان ذى مصلحة على الترك ، كاطاعة الوالدين المنطبقة على ترك الصوم المستحب الذى نهيا عنه ، اولاجل ملازمة الترك

ص: 461

لعنوان ذى مصلحة لا يمكن اجتماعه مع الفعل لما بينهما من المضادة ، فالنهي عن فعله حينئذ ليس مولويا ناشئا عن منقصة فيه، بل للارشاد الى اهمية الضد اذا عرفت هذا على الوجه الكلى، فنقول في المقام ان السورة الثانية من القسم الثاني الذي ليس له بدل، لان ضم السورة الثانية الى الاولى ، لا يوجب مرجوحية الأولى اى رجحان تركها الى بدل وهي السورة التى لم ينضم اليها سورة ، لان المنهى عنه هي السورة الثانية دون الاولى الواقعة في محلها ، كما يستفاد ذلك من قوله علیه السّلام لا تقرء في المكتوبة باقل من سورة ولا باكثر ، فان المستفاد منه ان السورة الزائدة هى المرجوحة، وحينئذ فيمكن ان يكون النهي عن قرائتها ، لاجل ملازمة تركها لعنوان ذى مصلحة لا يمكن اجتماعه مع فعلها، وهو اعطاء كل سورة حقها من الركوع والسجود ، اولاجل ان هناك عنوانا راجحا منطبقا على تركها، لا لاجمل خرازة و منقصة في فعلها ، كي ينافي وقوعها صحيحة وعبادة او قرئها ثم ان مما ذكرنا في دفع هذا الاشكال، ينقدح اشكال آخر، وهو انه لو كان النهى عن الفعل العبادي غير مناف لصحته و وقوعه عبارة كمأمر بيانه ، فاللازم فيما نحن فيه هو الحكم بالصحة على القول بحرمة القرآن ايضا ويمكن دفعه بان هذه الكراهة على القول بها ، حيث تكون من باب الكراهة العبادية التي لابد من حفظ الرجحان العبادي معها، فالجانا ذلك الى الالتزام بذلك التوجيه واما على القول بالحرمة فلاملجأ لنا الى الالتزام بذلك، لانه توجيه لايصار أليه بلاضرورة ملجأة اليه ، ان لا محذور في التزام بان متعلق النهى نفس السورة الثانية من حيث هى هى المنافي لعباديتها فان قيل على ما ذكرت من ان النهي عن الفعل العبادي لا ينافي صحته ووقوعه عبادة اذاكان النهى عنه من جهة انطباق عنوان راجح على تركه او ملازمة عنوان راجح له ، يلزم فيما لونذر صوم يوم ثم نهاه الوالدان عن صوم ذلك اليوم او استدعى اخاه المؤمن تركه ، ان لا ينحل نذره ويكون صومه صحيحا ، لان رجحان الترك فى الاول ليس الامن جهة انطباق عنوان اطاعة الوالدين عليه ، و فى الثانى ليس الامن ملازمته لعنوان قضاء

ص: 462

حاجة المؤمن، و شيء منهما لا يستلزم حزازة و منقصة في صومه، فما الوجه فيما افتوابه من انحلال نذره بنهى الوالدين عن اتيان المنذور و باستدعاء الاخ المؤمن تركه، مع انه لا يعتبر فى انعقاد النذر و وجوب الوفاء به الا رجحان متعلقه، والمفروض ان نهى الوالدين و استدعاء الاخ المؤمن، ما اوجبا الا انطباق عنوان ذى مصلحة على الترك. وملازمة عنوان كك له، من غير استلزامهما لخرازة ومنقصة فى الفعل اصلا قلنا ان افتائهم بذلك، يمكن ان يكون لاجل ان المعتبر في صحة النذر وانعقاده ، ليس مجردكون متعلقه راجحا ذا مصلحة ، كما يكفى ذلك في صحة وقوع الفعل عبادة ، بل المعتبر فيها على ما يظهر من اخباره ، هوكون متعلقه بحيث يصح ان يقع طاعة الله تعالى بان يكون فعلا تحت طلب الشارع و مبعوثا اليه منه تعالى ، كما يدل على ذلك رواية ابى الصباح الكناني عن ابيعبد الله علیه السّلام، قال علیه السّلام ليس شيء هو الله طاعة يجعله الرجل عليه الاينبغى له ان يفى به، و من المعلوم ان الصوم المنذور مع مزاحمته بإطاعة الوالدين، لا يكون الامر به فعلیا کی یؤتی به بداعی امره ويكون الطاعة له تعالى، لان الارادة الفعلية فى تزاحمين الواجبين تكون متوجة الى جانب الاهم، فلا يكفى فى باب النذر مجردكون المنذور راجحا ولاكونه تحت ارادة الشارع بالارادة الطولية المترتبة على عصيان الأمر بالاهم ، كما يكفى ذلك فى باب العبادة ، بل يعتبر فيه كون المنذور بعنوانه الخاص تحت الارادة الفعلية للمشارع وطاعة لها ، فلا يكفى فى انعقاده تعلقه بالمنذور بالعنوان العام، كالصلوة في الحمام او في آخر الوقت ونحو ذلك ولا ينتقض ماذكر نامن اعتبار كون المنذور تحت ارادة الشارع ومتعلقا لامره فعلا بما اذا نذر التصدق بالمال الخاص او للفقير المخصوص الذي لاشبهة في انعقاده ، مع عدم كون التصدق بالمال الخاص وللفقير المخصوص تحت ارادة الشارع و مورد الامره فعلا ، لان ما يكون مستحبا ومرادا للشارع فعلا هو التصدق بالمال و الفقير وكل منهما عنوان عام، فليس التصدق بالمال الخاص وللفقير المخصوص تحت ارادة الله تعالى ومتعلقا لامره فعلا وجه عدم الانتقاض ، هو

ص: 463

ان عنوانى المال والفقير وانكانا عامين، لكن عموم الاول استغراقي فيعم كلفرد على التعيين، وعموم الثانى بدلى فيشكل كلفرد على البدل، فالاستحباب المتعلق بصدقة المال متعلق بصدقة المال الخاص ايضا، لكونه فردا للعام الاستغراقى الشامل لكل فرد على التعيين، وكذا الاستحباب المتعلق بصدقته للفقراء متعلق بصدقته للفقير المخصوص، لكونه فردا للعام البدلي الشامل لكلفرد على البدل، فالخصوصيات الفردية لها دخل في متعلق امر الشارع فيمورد النقض، دون ما تقدم من نذر الصلوة فى الحمام او فى آخر الوقت، فان الصلوة فيهما وانكانت من حيث كونها مصداقا للصلوة يتحقق بها امتثال الأمر بالصلوة، لكن لا ينعقد نذرها في خصوص الحمام او في آخر الوقت، لعدم الأمر بها في خصوصهما فتدبر ثم على القول بتحريم القران هل يكون مبطلا للصلوة اولا، قد يحتمل الأول نظرا الى ان المستفاد من الاخبار كمأمر اما شرطية الاتحاد او مانعية القرآن عن الصلوة كالتكلم ونحوه، وعلى كل حال يوجب بطلان الصلوة اما لفقد الشرط او لوجود المانع وفيه ان الظاهر من تعليل النهى عن القرآن فى بعض الاخبار بلزوم اعطاء كل سورة حقها، كون النهى عنه انما هو لمراعاة هذا الحق ، وعليه لوحمل النهى فيها على التحريم ، يكون النهى عنه نفسيا ، لاغيريا لبيان مانعية القران او شرطية الاتحاد، نعم بناء على مأمر من دعوى الاجماع على كون الكلام المحرم مبطلا للصلوة وكونه ماحيا وقاطعا للصورة الصوتية عند المتشرعة ، يتجه القول ببطلان الصلوة به لكونه داخلا في الكلام المحرم ، هذا مضافا الى كونه من مصاديق الزيادة العمدية المبطلة للصلوة ، لوقصد بالسورة الثانية الجزئية كما هو واضح ثم انه على القول بالحرمة ، هل يختص المنع التحريمي بما اذا قرء سورتين كاملتين بقصد الجزئية وكان من نيته ذلك من أول الأمر ، او يعم ما اذا قرء سورة كاملة وبعضا من اخرى ، وما اذاكرّر سورة واحدة ، و ما اذا قرء الثانية بقصد القرآنية اقول لا ينبغى الاشكال في عمومه ، لما اذا قرء سورة كاملة و بعضا من سورة اخرى بقصد الجزئية ، لان اكثر اخبار الباب و انكان ظاهرا في القرآن بين

ص: 464

السورتين الكاملتين، الا ان قوله علیه السّلام في صحيحة منصور بن حازم لاتقرء في المكتوبة باقل من سورة ولا باكثر ، كالنص في تعميم المنع له ، كما لا ينبغى الاشكال في عدم عموم المنع لما اذاقرة السورة الثانية او بعضا منها بقصد القرآنية ، وذلك لما هو المستفاد من الاخبار الناهية عن القرآن ، من ان المراد منه هو الاتيان بسورتين بقصد اداء الوظيفة، و امتثال الأمر بطبيعة السورة بفردين، بزعم ان امتثال الامر بها كما يتحقق بفرد واحد منها كك يتحقق بفردين متعاقبين ، كما يظهر ذلك بالمراجعة اليها ، وامعان النظر فيما تضمنه بعضها من تعليل المنع بان لكل سورة حقا من الركوع والسجود ، فانه كماترى ظاهر فى ان القرآن موجب لتضييع ما لكل سورة من الاستقلال بالركوع والسجود ، و من المعلوم ان الاتيان بالسورة الزائدة بقصد القرآنية ، لا يوجب تشريكها مع السورة التي قرئها بقصد الجزئية ، فيما تستحقه من الاستقلال بالركوع والسجود ، کی یلزم تضييع حقها من الركوع

والسجود جود ، و فيما تضمنه بعضها من مقابلة الفريضة بالنافلة ، والحكم بالمنع في الفريضة ، والجواز فى النافلة التى لاريب في كون الزيادة فيها بقصد الجزئية لا القرآنية ، وما في صحيحة ابن حازم من قوله علیه السّلام لا تقرء باقل من سورة ولا باكثر ، فانه لا شبهة فى ان النهى عن الاقل انما هو بعنوان كونه جزء، فلابدان يكون النهى عن الاكثر ايضا بهذا العنوان بقرنية المقابلة، فتبين مما ذكرنا ان خروج اتيان السورة الثانية بقصد القرآنية عن عموم المنع عن القرآن لاريب فيه.

واما اذا اتى بها احتياطا لاحراز الصحة الواقعية، لاحتماله فساد بعض اجزاء الاولى ، مع كون الاولى محكومة بالصحة ظاهرا بمقتضى قاعدة الفراغ ، او اتى بها مع علمه بحصول امتثال الأمر بالقرائة بالاولى ، باحتمال كون الثانية احسن واوفى بالغرض الداعي الى الامر بالقرائة ، فهل يعمهما المنع عن القران ام لا، وجهان بل قولان ، اختار اولهما الاستاد دام ظله ، معللا بعدم الوجه للمنع عن شمول اطلاق الاخبار الناهية عن القرآن للسورة الثانية فى الصورتين ، بعدكون الاتيان بها فيهما

ص: 465

ايضا بداعى امتثال القرائة المامور بها في الصلوة، و صدق القرآن عرفا باتيانها توضيح ذلك هوان من يجمع بين السورتين لا يخلو ، اما ان يقصد بهما امتثال الامر بالقرائة الواجبة في الصلوة، بزعم ان المامور به طبيعة السورة، و امتثال الامر بالطبيعة كما يتحقق بايجاد فرد منها يتحقق بايجاد فردين متعاقبين منها ايضا ، كما فى التخيير بين الاقل والاكثر فى التسبيحات الاربعة، فان المامور به فيها هي الطبيعة المشتركة بينهما، و اما ان يقصد بهما وقوع ماهو الافضل منهما واقعا و فى علم الله تعالى امتثالا للامر بالقرائة الواجبة مع علمه بان المامور به هو صرف الوجود من الطبيعة المتحقق امتثاله باول الوجود منها ، نظرا الى ما حقق في الاصول، من ان المامور به اذاکان صرف الوجود من الطبيعة، و انكان يسقط الامر به بمجرد ایجاد فرد منها ، فلايكون ايجاد فرد اخر منها امتثالا للامر، اذلا معنى للامتثال بعد الامتثال، لكن حيث ان للعبد فيما امره المولى بايجاد صرف الوجود من طبيعة، و امتثل امره باتیان فرد منها، ولم يحصل باتيانه غرض المولى بعد ، كما في المقام حيث ان القرائة جزء للعمل المركب الارتباطى الذى لا يحصل الغرض منه الا بعد الفراغ عنه باتيان جميع اجزائه، ان ياتي بفرد اخر من تلك الطبيعة يكون احسن و اوفى بغرض المولى من الفرد الأول، كي يقع جزء لما هو المحصل لغرض المولى، لا امتثالا للامر الغيرى الساقط بمجرد اتيان الفرد الاول واما ان يقصد بالثانية الاحتياط لاحراز الصحة الواقعية ، لاحتماله فساد بعض اجزاء الاولى، مع عدم امكان اعادتها بوجه يقطع بوقوعها صحيحة ، مع كونها محكومة بالصحة ظاهرا بمقتضى قاعدة الفراغ كمامر، واما ان يقصد بالثانية قرائة القرآن محضا والفرق بين القسم الاول من هذه الاقسام وبين الثاني والثالث منها واضح ، فان الاتيان بالسورة الثانية في الاول يكون بقصد الجزئية القطعية ، وفى الثانى يكون باحتمال وقوع الثانية جزء المحصل للغرض ، و في الثالث يكون باحتمال فساد الاولى و وقوع الثانية جزء للصلوة اذا عرفت ذلك، فنقول اما القسم الاول فدخوله في عموم المنع عن القرآن مما ينبغى القطع

ص: 466

به لكونه القدر المتيقن ارادته منه ، كما ان خروج القسم الاخير عن عمومه مما ينبغى القطع به ايضا لما مر واما القسمان الوسطان فالاقوى دخولهما في اطلاق الاخبار الناهية، لا لما في بعض الاخبار من تعليل المنع بان لكل سورة حقا يلزم اعطاء حقها ومع تعددها لا يمكن اعطاء كل سورة حقها، وذلك لان المراد من القران المنهى عنه لو كان خصوص ما اتى بالسورتين بعنوان الجزئية القطعية، فيكون هذا التعليل مخصصا للاخبار الناهية بالقسم الاول ، لانه الذى قصد فيه بالمجموع امتثال الامر بالقرائة الواجبة فى الصلوة ، دون القسمين الوسطين اذلا يلزم فيهما تضييع حق السورة الواجبة في الصلوة، لان ما يصير جزء للصلوة فيهما هو احدى السورتين

لا كلتاهما.

نعم لو كان المراد من القران اعم مما اذا كان الاتيان بالسورة الزائدة بقصد الجزئية القطعية ومما اذا كان بقصد الجزئية الاحتمالية، كما هو ظاهر اطلاق الاخبار، لكان القسمان الوسطان ايضا داخلين في النهى عن القرآن، لان الجامع بين السورتين فيهما، يكون انيا باحديهما بقصد الجزئية القطعية، وبالاخرى بقصد الجزئية الاحتمالية للاوفى بغرض المولى الأمر كما في القسم الأول منهما، أو للمامور به كما في القسم الثاني، وغير معط الا لحق احديهما ، وهذا الاحتمال هو الاقوى ، اذ لاقطع باعتبار كون اتيان السورتين بعنوان الجزئية القطعية فى مفهوم القران و مقتضى اطلاق الاخبار الناهية عنه عدم اعتباره ، فالاحوط بل الاقوى على القول بحرمة القرآن ترك هذين القسمين ايضا والله العالم بحقايق احكامه.

الامر الثامن فيما يتعلق بالجهر والاخفات بالقرائة وغيرها من الاقوال والاذكار الصلوتية والبحث عن ذلك يتم برسم مسائل الأولى ان من المسلمات التي لاريب فيها، مشروعية الجهر والاخفات بالقرائة بالمعنى الاعم من الوجوب والاستحباب في الصلوة، بمعنى ان فى الفرائض اليومية طائفتين، الأولى ماتسمى بالجهرية وهى صلوة الغداة والمغرب والعشاء ، الثانية ماتسمى بالاخفاتية وهى الظهر والعصر وانما

ص: 467

وقع الخلاف فى ان الجهر بالقرائة فى الطائفة الاولى والاخفات بها في الثانية ، هل هما مشروعان بنحو الوجوب او الاستحباب و على كل تقدير، هل يختص الحكم بالقرائة مطلقا سواء كانت في الركعتين الاولتين او في الاخيرتين، أو يعم غيرها من التسبيحات الاربع في الاخيرتين والاذكار الركوعية والسجودية والتشهد فان المشهور ذهبوا الى وجوب الجهر بخصوص القرائة على الرجال فى صلوة الغداة والاولتين من المغرب والعشاء ، والى وجوب الاخفات بها و بالتسبيحات عليهم في الظهر في غير يوم الجمعة و فى العصر مطلقا خلافا للمحكى عن بعض كالسيد المرتضى وابن الجنيد، من ذهابهما الى انهما من المستحبات المؤكدة، وعن جمع من المتاخرين من الميل اليه لولا مخافة مخالفة الاجماع والاقوى ما ذهب اليه المشهور من الوجوب، و يدل عليه مضافا الى الاجماعات المنقولة المعتضدة بالشهرة، جملة من الاخبار، منها صحيحة زرارة عن ابيجعفر علیه السّلام في رجل جهر فيما لا ينبغى الاجهار فيه واخفى فيما لا ينبغى الاخفاء فيه فقال علیه السّلام اى ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلوته (و في نسخة نقص صلوته) و عليه الاعادة، فان فعل ذلك ناسيا اولا يدرى فلا شيء عليه و قد تمت صلوته ، فان قوله علیه السّلام و عليه الاعادة الطاهر في وجوب

الاعادة بالاخلال بهما، يدل بالدلالة الالتزامية على وجوبهما تكليفا و وضعا في موضعهما ، ولا يوهن ظهورها فى الوجوب ، تردد كلمة نقض في قوله علیه السّلام فقد نقض صلوته ، بين كونها بالضاد المعجمة الدالة على البطلان او بالصاد المهملة المشعرة بالكراهة ، بعد ظهور قوله علیه السّلام وعليه الاعادة في وجوب الاعادة الدال على بطلان الصلوة بالاخلال بهما ومنها ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا علیه السّلام، في ذكر العلة التي من اجلها جعل الجهر في بعض الصلوات دون بعض ، من قوله علیه السّلام ان الصلوة التي يجهر فيها انما هى فى اوقات مظلمة فوجب ان يجهر فيها ليعلم المارة ان هناك جماعة الخبر ومنها ما رواه الصدوق عن محمد بن عمران عن ابيعبد الله علیه السّلام، انه سئله علیه السّلام عن العلة في جعل الجهر في صلوة الجمعة وصلوة المغرب وصلوة العشاء

ص: 468

الاخرة وصلوة الغداة وجعل الاخفات فى صلوة الظهر و صلوة العصر ، فقال علیه السّلام لان النبي صلی الله علیه و آله و سلّم لما اسرى به الى السماء، كان اول صلوة فرض الله عليه الظهر يوم الجمعة، فاضاف الله عزوجل اليه الملائكة تصلى خلفه ، و امر نبيه صلی الله علیه و آله و سلّم ان يجهر

بالقرائة ليبين لهم فضله صلی الله علیه و آله و سلّم، ثم فرض عليه العصر ولم يضف اليه احدا من الملائكة وامره ان يخفى القرائة لانه لم يكن ورائه احد ، ثم فرض عليه المغرب واضاف إليه الملائكة فامره بالاجهار وكذلك العشاء الآخرة ، فلما كان قرب الفجر نزل ففرض الله عليه الفجر فامره بالاجهار ليبين للناس فضله كما بين للملائكة ، فلهذه العلة يجهر فيها الحديث ولا يعارضها ما استدل به للقول بالاستحباب ، من قوله تعالى ولا تجهز بصلوتك ولا تخافت بها واتبغ بين ذلك سبيلا ، و صحيحة على بن جعفر عن اخيه موسى علیه السّلام، قال سئلته عن الرجل يصلى من الفرائض ما يجهر فيه بالقرائة هل عليه ان لا يجهر ، قال علیه السّلام ان شاء جهر وان شاء لم يجهر اما عدم معارضة الاية المباركة لها، فلانها من المتشابهات التي لا يعلم تاويلها والمراد منها الا الله والراسخون فی العلم، ضرورة ان الجهر والاخفات من الضدين اللذين لا ثالث لهما ، فلا يمكن انفكاك الصوت عن احدهما ، ومعه يكون النهى عنهما نهيا عما لا يمكن للمكلف تركه، و يكون الامر بالقرائة المتوسطة بين الأمرين امرا بما لا حقيقة له اذلا ثالث لهما، و توجيه الاية الشريفة بما يندفع به الاشكال عنها وانكان ممكنا، بان يقال ان الجهر والاخفات وانكانا من الضدين اللذين لا ثالث لهما، لكن لكل منهما مراتب متفاوة شدة وضعفا، والمراد من الجهر والاخفات المنهى عنهما في الاية هو المرتبة الشديدة منهما التى هى فى الجهر عبارة عن كونه زائدا فى الجهرية عن المعتاد، وفي الاخفات عبارة عن کونه زائدا في الاخفاتية عن المعتاد، والمراد بالقرائة المتوسطة بينهما هي المتوسطة بين مراتب الجهر في الصلوات الجهرية والمتوسطة بين مراتب الاخفات في الاخفاتية، لكن الاية حينئذ تكون على خلاف القول بالاستحباب ادل كما هو واضح ، هذا مضافا الى ان الاية المباركة بظاهرها مخالفة للاجماع، فيقطع بعدم كونها بظاهرها مرادة له

ص: 469

تعالى، وذلك لما عرفت من ان شرعية الجهر والاخفات فى مواضعهما من المسلمات اذ لا خلاف في رجحانهما في مواضعهما واما عدم معارضة الصحيحة للاخبار المتقدمة، فلانها مضافا الى شذوذها واعراض المشهور عنها وموافقتها للعامة غير خالية عن الاغتشاش متنا ، و ذلك لاجمال السؤال فيها من جهة اشتماله على قوله هل عليه ان لا يجهر فيها ، فأنه بعد فرضه اولاكون الصلوة مما يجهر فيها بالقرائة و يكون رجحان الجهر فيها مقطوعا، كان المناسب ان يسئل عن جواز الاخفاف فيها، لاعن وجوبه كما هو ظاهر قوله هل عليه ان لا يجهر فيها ، فلابد في رفع ما في سؤاله من الاغتشاش ، من حمل قوله هل عليه الخ اما على كون المراد منه هو السؤال عن الاقتداء بامام غير مرضى فى صلوة جهرية يكون ذلك الامام يخفت فيها، وكان غرضه من هذا السؤال، الاستعلام عن ان شرطية الجهر في مواضعه ، هل هي مطلقة كيلا يجوز الاقتداء بمثل هذا الامام ، اوليست بمطلقة كى يجوز الاقتداء به ويجب الاخفات بالقرائة خلفه تقية وعليهذا يكون المراد من قوله علیه السّلام في الجواب ان شاء جهر وان شاء لم يجهر ، هوانه مخير بين الاقتداء بمثل هذا الامام والاخفات بالقرائة، وبين الصلوة فى مكان اخر فرادى و الاجهار بها و اما على كون المراد منه هو السوال عن انه هل عليه عدم الاجهاز راید اعلی ماهوالمعتاد في الصلوات الجهرية ام لادا ما على كون المراد انه هل عليه باس ان لم يجهر فيما يجهر فيه من الفرائض و على الحملين الاولين لاربط للصحيحة بما هو محل الكلام كما هو واضح ، و على الحمل الاخير و ان امكن الاستدلال بها للقول بالاستحباب، لكن لامعين لهذا الحمل سيما بعدكونه ابعد عن ظاهر السؤال من الحملين الأولين ، و بالجملة هذه الصحيحة لاجمالها و دورانها بين ما ذكرناه من الاحتمالات التي كلها مخالفة للظاهر ، غير صالحة لمعارضة الاخبار المتقدمة الصريحة فى الوجوب هذا تمام الكلام فيما ذهب اليه المشهور من وجوب الجهر بالقرائة فى صلوة الغداة والاولتين من صلوتى المغرب والعشاء ، و وجوب الاخفات بها فى الاولتين من صلوتى الظهر والعصر.

و اما ما ذهبوا اليه من وجوب الاخفات في الاخيرتين من الصلوات مطلقا سواء

ص: 470

اختار فيهما القرائة او التسبيحات الاربع فقد يستشكل فيه بخلو الاخبار الواردة فى المسئلة عن التعرض له، لان صحيحة زرارة المتقدمة لادلالة لها الا على وجوب الجهر فيما ينبغى الاجهار فيه و وجوب الاخفات فيما ينبغى الاخفات فيه، واندراج القرائة والتسبيحات في الاخيرتين فى اى من الطائفتين محل الكلام، والروايتان المتقدمتان المشتملتان على ذكر العلة ، ليستا الا في مقام بيان العلة لجعل الجهر فى بعض الصلوات والاخفات في بعضها ، فلا اطلاق لهما من حيث المورد ، والقدر المتيقن من موردهما هو القرائة فى صلوة الغداة والركعتين الاولتين من غيرها وفيه اولا ان بعد ماثبت من مداومة النبي صلی الله علیه و آله و سلّم و الائمة عليهم السلام على الاخفات فيما هو الوظيفة فى الاخيرتين من التخيير بين التسبيح والقرائة فيهما ، تكون الاخيرتان مصداقتين لما ينبغى الاخفات فيه، فيعمهما صحيحة زرارة الدالة على ان من جهر فيما لا ينبغى الاجهاد فيه فقد نقض صلوته و عليه الاعادة و ثانيا ان نفس مداومة النبى صلی الله علیه و آله و سلّم والائمة المعصومين عليهم السلام، على الاخفات في الاخيرتين مطلقا يكشف كشفا قطعيا عن وجوب الاخفات فيما هو الوظيفة فى الاخيرتين من التخيير بين التسبيح والقرائة ، اذ من البعيد غاية البعد ان يكون ترك الاخفات في الاخيرتين جائزا ، و معذلك لم يتركه النبي صلی الله علیه و آله و سلّم و الائمة عليهم السلام في مدة عمرهم هذا مضافا الى ان معلومية مداومة النبى صلی الله علیه و آله و سلّم على ذلك ولولم نعلم جهتها، بضميمة قوله صلی الله علیه و آله و سلّم صلوا کما رایتمونی اصلی موجب لالزامنا بالاخذ بفعله ولو لم تعلم وجهه، لان امره صلی الله علیه و آله و سلّم بالتاسى به في الصلوة يدل على وجوبه فيها فيلزم علينا الاخذ بظاهر امره ، مالم نعلم بكون الوجه في مداومته صلی الله علیه و آله و سلّم على الاخفات هو الاستحباب ، هذا ملخص الكلام فى وجوب الاخفات في الركعتين الاخيرتين مطلقا سواء اختار فيهما الحمد او التسبيحات .

واما الكلام فى غيرهما من سائر الاقوال والاذكار الركوعية والسجودية والتشهد، فهو ان الظاهر من الاخبار الواردة فيها جواز الامرين اعنى الاجهار

ص: 471

والأخفات فيها، ففي صحيححة على بن يقطين قال سئلت اباالحسن الماضى علیه السّلام عن الرجل هل يصلح له ان يجهر بالتشهد والقول في الركوع والسجود والقنوت، فقال علیه السّلام ان شاء جهر وان شاء لم يجهر، وفي صحيحة على بن جعفر عن اخيه موسى علیه السّلام، قال سئلته عن الرجل هل يصلح له ان يجهر بالتشهد والقول في الركوع والسجود والقنوت ، قال علیه السّلام ان شاء جهر وان شاء لم يجهر ، والظاهر ان ذكر هذه الاشياء في الروايتين على وجه التمثيل ، فيفهم منهما التخيير بين الجهر والاخفات فيما هو مماثل لها كالتسليم والتكبيرات واشباهها تم انا قد اشرنا فيما الى ان وجوب الاخفات بالقرائة فى صلوة الظهر انما هو فى غير يوم الجمعة ، لانه لاشبهة في رجحان الجهر بالقرائة فى ظهر يوم الجمعة مطلقا سواء صليها ركعتين او اربع ركعات ، و يدل على رجحانه فيما اذا صليها ركعتين جمعة مضافا الى الاجماع ، الاخبار المستفيضة منها صحيحة عبدالرحمن عن ابيعبد الله علیه السّلام، قال علیه السّلام اذا ادركت الامام يوم الجمعة وقد سبقك بركعة فاضف اليها ركعة اخرى واجهر فيها وان ادركته وهو يتشهد فصل اربعا ، ومنها صحيحة عمر بن يزيد عنه علیه السّلام ايضا قال علیه السّلام و ليقعد قعدة بين الخطبتين ويجهر بالقرائة ومنها صحيحة جميل بن دراج قال سئلت ابا عبد الله علیه السّلام عن الجماعة يوم الجمعة فى السفر ، فقال علیه السّلام تصنعون كما تصنعون في السفر في غير يوم الجمعة في الظهر ، ولا يجهر امام فيها بالقرائة انما يجهر اذا كانت خطبة ومنها صحيحة محمد بن مسلم عنه علیه السّلام ايضا قال سئلته عن صلوة الجمعة في السفر فقال علیه السّلام تصنعون كما تصنعون فى السفر في الظهر ولا يجهر الامام فيها بالقرائة و انما يجهر اذا كانت خطبة اى فى الحضر ، فاصل رجحان الجهر بالقرائة فى صلوة الجمعة مما لاريب فيه وانما الاشكال فيما ذهب اليه المشهور من استحباب الجهر فيها ، مع كون الاخبار الواردة فى المسئلة ظاهرة فى الوجوب، وليس فيها ما يكون صريحا في جواز الاخفات بالقرائة فيها كى يجمع بينها بحمل ما هو ظاهر منها في الوجوب على الاستحباب ،

بل فيها ما يكون كالنص في الوجوب بحيث يابي عن إرادة الاستحباب، فان قوله علیه السّلام

ص: 472

فى الروايتين و انما يجهر الامام اذا كانت خطبة، بقرنية مقابلته يقوله علیه السّلام ولا يجهر الامام فيها بالقرائة ، يكون كالنص فى الوجوب ، و ذلك لما سيجيىء ء انشاء الله تعالى من الاخبار الدالة على استحباب الجهر بالقرائة فى ظهر يوم الجمعة مطلقا حضر او سفرا ، وحينئذ فلابد من حمل نفيه علیه السّلام فيهما جهر الامام فيها بالقرائة على نفى وجوبه فيها ، و عليه ، وعليه يتعين ان يكون المراد من اثباته فيما صليها جمعة بقوله علیه السّلام و انما الجهر اذا كانت خطبة ، اثباته على نحو الوجوب كى تصح المقابلة فتدبر (1)ولا مدرك للقول بالاستحباب ، الا الاجماعات المنقولة ، وصحيحة على بن جعفر عن اخيه موسى علیه السّلام، قال سئلته عن الرجل يصلى من الفرائض ما يجهر فيه بالقرائة هل عليه ان لا يجهر ، قال علیه السّلام ان شاء جهر وان شاء لم يجهر، وشيء منهما لا يصلح لرفع اليد به عن ظهور الاخبار المتقدمة فى الوجوب اما الاجماعات المنقولة فلكونها موهونة بما حكى عن العلامة فى المنتهى، من انه اجمع كل من يحفظ عنه العلم على انه يجهر بالقرائة فى صلوة الجمعة، ولم اقف على قول للاصحاب في الوجوب وعدمه والاصل عدمه انتهى، فانه کماترى صريح في ان ما تحقق الاجماع عليه هو مجرد رجحان الجهر بالقرائة فى صلوة الجمعة، و اما نفى الوجوب في الواقع كي يثبت به الاستحباب فلاقول به للاصحاب فضلا عن ان يكون مجمعا عليه بينهم ، نعم مقتضى الاصل عدم وجوبه، لكنه لا يجدى فى اثبات استحبابه ، الا على القول بالاصل المثبت.

و يؤيد ما ذكره من عدم القول للاصحاب فى عدم الوجوب ، ما ذكره في الجواهر حيث انه بعد ان نقل الاجماع عن جماعة كثيرة على ما في المتن من قول المصنف ويستحب فيهما الجهر، قال لكن ظنى ان المراد منه مطلق الرجحان مقابل وجوب الاخفات في الظهر في غير يوم الجمعة ، لعدم التصريح بالندب قبل المصنف على

ص: 473


1- اشارة الى ان المقابلة تصح بالحمل على اختلاف مراتب الاستحباب ايضا بان يكون المراد من نفى الجهر في الظهر و اثباته في الجمعة ، عدم تاكد استحبابه في الظهر كنا كده فى الجمعة فتدبر منه عفى عنه

وجه یکون به اجماع انتهى واما الصحيحة فلمأمر من الاغتشاش في متنها و عدم امکان توجيهه الا بوجوه بعيدة عن ظاهرها هذا ، ولكن الذى اختاره الاستاد دام هو عدم وجوب الجهر ، لالتحقق الاجماع على عدم وجوبه كما ادعاه في المدارك بل لاصالة عدمه السالمة عما يكون حاكما عليها ، و ذلك لمنع دلالة ما ورد من الاخبار في المسئلة على الوجوب كي تكون حاكمة عليها ، اما صحيحتا ابن مسلم ابن دراج ، فلان غاية ما يستفاد منهما هو اثبات الجهر في صلوة الجمعة في قبال نفيه فى الظهر، واما ما ذكرناه من ان قوله علیه السّلام فيهما وانما يجهر اذا كانت خطبة كالنص فى الوجوب بقرنية مقابلته لقوله علیه السّلام ولا يجهر الامام فيها بالقرائة ففيه ما اشرنا اليه من ان المقابلة بينهما كما تصح بحمل قوله علیه السّلام وانما يجهر الامام على الوجوب، تصيح بالحمل على اختلاف مراتب الاستحباب ولامعين للاول ، واما سائر الاخبار فلاشتمالها على ذكر امور، بعضها من المستحبات قطعا كلبس البرد والعمامة والتوكوء على القوس او العصاء، و بعضها من المستحبات بمقتضى الجمع بين الادلة كقرائة الجمعة والمنافقين، المانع عن انعقاد ظهور للامر بالجهر في ضمنها في الوجوب، فاذا لم يكن للاخبار ظهور الا في مجرد رجحان الجهر ، فيكون ارادة خصوص الوجوب من الامر به مشكوكة مرفوعة بحديث الرفع، ورفع ارادة خصوصه بالحديث وان لم يكن مجديا فى اثبات استحبابه، لكن يكفى فى قصد التقرب به اتیانه بداعی رجحانه ، هذا فيما اذاصلي يوم الجمعة جمعة واما ان صلى ظهرا، فالمشهور ايضا استحباب الجهر بالقرائة فيها ، خلافا للمحكى عن بعض الاعلام من تعين الاخفات فيها ، والانصاف ان المسئلة غير خالية عن الاشكال، و ذلك لتعارض الاخبار الواردة فيها ، فان طائفة منها تدل على الوجوب، وطائفة منها تدل على الحرمة ، فمن الاولى رواية محمد بن مسلم عن أبي عبد الله علیه السّلام، قال قال علیه السّلام لنا صلوا في السفر صلوة

الجمعة بغير خطبة واجهروا بالقرائة ، فقلت ينكر علينا الجهر بها في السفر ، فقال علیه السّلام الجهروا، وصحيحة الحلبي قال سئل ابو عبد الله علیه السّلام عن الرجل يصلى الجمعة

ص: 474

اربع ركعات ايجهر فيها بالقرائة، قال علیه السّلام نعم والقنوت في الثانية ، وصحيحته الاخرى قال سئلت ابا عبدالله علیه السّلام عن القرائة فى الجمعة اذا صليت وحدى اربعا اجهر بالقرائة، فقال علیه السّلام نعم و قال اقرء سورة الجمعة والمنافقين في يوم الجمعة، و رواية محمد بن مروان قال سئلت ابا عبد الله علیه السّلام عن صلوة الظهر يوم الجمعة كيف نصليها فى السفر، فقال علیه السّلام تصليها فى السفر ركعتين والقرائة فيها جهر ومن الثانية صحيحة جميل المتقدمة قال سئلت ابا عبد الله علیه السّلام عن الجماعة يوم الجمعة في السفر فقال علیه السّلام تصنعون فيها كما تصنعون فى غير يوم الجمعة فى الظهر ، ولا يجهر الامام فيها بالقرائة انما يجهر اذا كانت خطبة اى فى الحضر ، و صحيحة محمد بن مسلم قال عن صلوة الجمعة فى السفر ، فقال تصنعون كما تصنعون في الظهر ولا الامام فيها بالقرائة و انما يجهر اذا كانت خطبة ، وبعد ترجيح الطائفة الاولى على الثانية ، بموافقة الثانية للعامة لبنائهم على تعين الاخفات في ظهر يوم الجمعة ، على ما هو المحكى عن مفتاح الكرامة من نقل ذلك عن بعض كتب العامة ، كما يشعر بذلك ايضا قول محمد بن مسلم في روايته المتقدمة انه ينكر علينا الجهر بها، ولا ينافيه قوله علیه السّلام فى الجواب اجهروا ، اذليس فى السوال ازيد من ان الجهر في ظهر يوم الجمعة من المستنكر عند العامة ، ولا دلالة لقوله علیه السّلام في الجواب اجهروا ، على الامر بالجهر عندهم وفى محضر منهم كي ينافي التقية، تبقى الطائفة الاولى الدالة على الوجوب بلامعارض ، وحينئذ فيشكل في حمل المشهور لها على الاستحباب ولكن الحق عدم ظهور لهذه الطائفة فى الوجوب ، اذلا دلالة لغير صحيحة محمد بن مسلم الاعلى اتحاد صلوة الظهر في يوم الجمعة مع صلوة الجمعة في الحكم، وقد عرفت ان صلوة الجمعة لا يجب الجهر فيها واما الصحيحة وانكانت مشتملة على الأمر بالجهر بالقرائة فى ظهر يوم الجمعة ، لكن الأمر فيها بالجهر حيث يكون واردا مورد توهم الخطر قياسا على الظهر فى سائر الايام ، فلادلة له على ازيد من الاذن في الجهر ، و حينئذ يشكل في دلالته على الاستحباب ايضا ، نعم دلالة هذه الطائفة على رجحان

ص: 475

الجهر مما لا اشكال فيه، وعليه فيكون الافضل الجهر بالقرائة في ظهر يوم بمقتضى هذه الطائفة، كما ان الاحوط هو الاخفات بها ، بعد ما عرفت من حكاية القول بتعينه من بعض الاعلام، وذهاب المشهور الى عدم وجوب الجهر.

المسئلة الثانية لاشبهة فى ان مقتضى القاعدة فيمن جهر في موضع الاخفات او اخفت في موضع الجهر، وانكان بطلان صلوته بالاخلال بهما مطلقا ، سواء كان عن عمدا وسهوا ونسيان اوجهل ، ضرورة انه بعد فرض كونهما معتبرين في الصلوة واقعا، لزم بطلان الصلوة بالاخلال بهما مطلقا ، بداهة انتفاء المقيد بانتفاء قيده، وان لم يكن الخطاب متعلقا به فعلا بالاعادة او القضاء، الابعد الالتفات والعلم بانه ترك الصلوة المقيدة بهما لكن الاصحاب رضوان الله تعالى عليهم حكموا ببطلان صلوته فيماكان اخلاله بهما عن عمد ، دون ما اذا كان ناسيا للحكم او الموضوع او جاهلا باحدهما ، من غير فرق بين الجاهل القاصر والمقصر ويدل على ما ذهبوا اليه من التفصيل بين كون الاخلال بهما عن عمد وكونه عن غير عمد بالحكم بالبطلان فى الاول وبالصحة فى الثانى ، ما في صحيحة زرارة المتقدمة الواردة فيمن جهر بالقرائة فيما لا ينبغى الجهرفيه واخفت فيما لا ينبغى الاخفات فيه ، من قوله علیه السّلام اى ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلوته وعليه الاعادة ، فان فعل ذلك ناسيا او ساهيا اولایدری فلاشيء عليه وقد تمت صلوته ، فان قوله علیه السّلام فان فعل ذلك ناسيا او ساهيا اولایدرى يشمل باطلاقه الحكم والموضوع، كما ان قوله علیه السّلام اولا يدرى بشمل الغافل والجاهل بالجهل المركب ، واما الجاهل بالجهل البسيط اعنى الشاك، فمقتضى الجمود على قوله علیه السّلام لایدری و انکان شموله له كما ذهب اليه المشهور لانه ممن لايدرى حقيقة، لكن مقتضى دقيق النظر ماذهب اليه الاستاد دام ظله وفاقا للشيخ مشايخنا الانصاري قدس سره، من انه مختص بالجاهل بالجهل المركب المعتقد بكون ما فعله من الجهر او الاخفات واقعا في موضعه، ولا يكون شاملا للجاهل بالجهل البسيط الشاك فى ذلك، لالما توهم من عدم تمشى قصد الامتثال من

ص: 476

الشاك المتردد فتبطل صلوته من هذه الجهة، و ذلك لامكان ان يجهر بالقرائة مثلا برجاء مطابقته للواقع، فان انكشفت المطابقة فهو، والا فيكون معذورا بمقتضى قوله علیه السّلام وقد تمت صلوته، بل لان الظاهر من المقابلة بين قوله علیه السّلام في الصدر اى ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلوته ، وقوله علیه السّلام في الذيل فان فعل ذلك ناسيا اوساهیا اولایدری فلاشیء عليه ، كونه علیه السّلام بصدد بيان حكم من جهر في موضع الاخفات واخفت فى موضع الجهر ، مستندا الى العمد وغيره من العناوين المذكورة في الذيل ، ومن المعلوم ان الشاك اذا جهر في موضع الاخفات ، لا يصدق عليه انه تعمد في اتيان الجهر فيما لا ينبغى الجهر فيه ، إذ من البديهى ان العنوان المزبور لا يقع مستندا الى العمد ، الافيما كان العامل عالما بكون ما يأتى به من الجهر في غير موضعه، والشاك وان كان صدور الجهر او الاخفات عنه باختياره ، لكن من جهة كونه واقعا في موضع الاخفات او فى موضع الجهر ، ليس مستندا الى تعمده واختياره اذ هذه الجهة ليست معلومة له كي يكون اتيانه له بهذه الجهة اختياريا له ، فكما لا يصح ان يستند صدور الجهر من الشاك فى موضع الاخفات ، الى العمد بعنوان كونه في غير موضعه ، كذلك لا يصح استناده الى غير العمد بالعنوان المزبور ، ضرورة ان الشك لا يمكن ان يصير موجبا لاتيان خصوص احد طرفيه ، لان الجهر والاخفات فى نظر الشاك متساويان، فلا يعقل ان يصير شكه فيهما سببا لوقوع احدهما دون الاخر لانه ترجيح بلا مرجح ، نعم يمكن للشاك ان يأتى باحد الطرفين عمدا، لكن لا بعنوان كونه في غير موضعه لان هذا العنوان مجهول له، بل برجاء مطابقته للواقع كمأمر فتبين مما ذكرنا ان الشاك اذا جهر في موضع الاخفات او اخفت في موضع الجهر، لا يصح استناد عمله الى العمد بعنوان كونه في غير موضعه، ولا الى غير العمد بذلك العنوان، لمأمرانفا من ان الشك لا يمكن ان يصير موجبا لاتيان خصوص احد طرفيه، فهو خارج عن الصحيحه صدرا وذيلا ومما ذكرنا من عدم شمول قوله علیه السّلام اولا يدرى للشاك المتردد، عدم الفرق بين كونه متمكنا من الفحص ام لا، فان

ص: 477

دعوى انصراف لايدرى عن المتمكن من الفحص ودخوله تحت عنوان المتعمد عرفا لا تجدى فى الفرق بينه وبين غير المتكن منه، بعد ماعرفت من ان الشاك ليس جهره اواخفاته في غير موضعهما، مستندا الى العمد ولا الى غير العمد ، فهو خارج عن كلتا القضيتين الشرطيتين المذكورتين في الصحيحة.

بقى في المقام اشكال عقلی اور دوه على ما في الصحيحة من الحكم بصحة صلوة الجاهل بالحكم اعنى شرطية الجهر والاخفات في موضعهما ، لابأس بالتعرض له ولما قيل او يمكن ان يقال فى حله فنقول اما الاشكال، فتقريبه على مافى رسائل شیخ مشايخنا الانصاري قدس سره، هو ان الاصحاب حكموا بمعذورية الجاهل فيهذا الموضع، و ظاهر كلامهم ارادة العذر من حيث الحكم الوضعى وهى الصحة بمعنى سقوط الاعادة ، لا من حيث الحكم التكليفي، ان من المسلم عندهم ان الجاهل المقصر، و في ترك التعلم يستحق المؤاخذة على ترك الجهر والاخفات في موضعهما ، وهى الذى يقتضيه دليل المعذورية في المقام ايضا، و من المعلوم ان استحقاق المؤاخذة فرع عدم المعذورية من حيث الحكم التكليفي، فاذا لم يكن معذورا من حيث الحكم التكليفى، فيكون تكليفه بالواقع و هو الجهر بالقرائة والاخفات بها في موضعهما بافيا، وحينئذ ان لم يكن ما اتى به من الجهر في غير موضعه المحكوم بكونه مسقطا مامورا به، فكيف يمكن ان يكون مسقطا للواجب التعبدي، مع كون سقوط الأمر في الواجبات التعبدية متوقفا على تعلق الأمر بما يحكم بكونه مسقطاله، وليس الامر المتعلق بها كالامر المتعلق بالواجبات التوصلية الذى يكون الحرام فضلا عن غيره الذي لم يتعلق به الامر مسقطا له، و ان کان ما اتی به مامورا به، فكيف يجتمع الامر به مع فرض العلم بوجود الامر بالاخفات وكون وجوبه تعيينيا ولذا يعاقب على تركه، هذا مضافا الى ان حكمهم باستحقاقه المواخذة على ترك الجهر والاخصات في موضعهما، انما يصح فيما اذا لم يكن الوقت باقيا بمقدار يسع لاتيان العمل ثانيا موافقا للمامور به اذ مع بقائه بذاك المقدار لا يتحقق هناك

ص: 478

معصية كي يستحق المواخذة عليها، انتهى ماقرره قدس سره من الاشكال بتوضيح منا ولا يخفى انه لا اختصاص لوورد هذا الاشكال بالجاهل المقصر على تقدير القول بعدم معذوريته من حيث الحكم التكليفى كما هو ظاهر كلامه قدس سره، بل يرد بالنسبة الى الجاهل بالحكم مطلقا سواء كان مقصرا متمكنا من الفحص، او قاصر ا غير متمكن منه، وسواء قلنا بعدم معذوريته من حيث الحكم التكليفى اولم نقل ضرورة ان الواجب في حق الجاهل مطلقا ولو كان قاصرا هو ما جهله من الحكم الواقعي، لان تقييد الحكم بالعلم به تفصيلا او اجمالا، محال لاستلزامه الدوركما هو واضح، ولا ينا فى ذلك عدّهم العلم والقدرة من الشرائط العامة للتكليف، لان عد العلم من الشرائط العامة ليس في مساق عدهم القدرة، لان القدرة شرط في اصل التكليف، و اما العلم فهو شرط فى تنجزه وصحة المواخذة عليه، فاذا كان تكليف الجاهل في الواقع باقيا بالنسبة الى ماجهله، فاما ان يكون ما اتى به من الجهر مامورا به لاشتماله على مصلحة ملزمة، اذ لا يمكن ان يكون الشيء مامورا به مع عدم وجود المصلحة الملزمة فيه، فيتعين الحكم بالتخيير بينه و بين الاخفات في صورة العلم، لا الحكم بتعيّن الاخفات ، وتوهم ان مصلحته مختصة بما اذا جهل عن وجوب الاخفات واعتقد بوجوب الجهر مدفوع اولا بان ورود هذا الاشكال لا يختص بالجاهل المركب المعتقد بوجوب الجهر، و ثانيا بان تبعية المصلحة للعلم ايضا غير معقول، هذا مضافا الى ان المفروض وجود المصلحة الملزمة المعينة فيما تركه من الاخفات، ومعه كيف يمكن ان تكون المصلحة الملزمة في الجهر الذي هو ضد للاخفات وتوهم ان هذا المحذور انما يلزم لو كان الماتی به مامورا به و مشتملا على المصلحة فى عرض المتروك، دون ما اذا كان كك في طوله و بدلا اضطراریاله مدفوع بانه لا معنى لجعل البدل الامع انقضاء وقت المبدل، لامع بقاء وقته ومصلحته الملزمة كما هو واضح، هذا فيما اذا كان ما اتى به من الجهر مامورا به، و اما ان لم يكن مامورا به فكيف يمكن ان يكون مسقطا للمتروك، مع ان المصلحة

ص: 479

الملزمة فيه لا تحصل الا باتيانه على وجه قربى المتوقف على الأمر و المفروض عدمه.

و اجاب قدس سره عن الاشكال المزبور بقوله و دفع هذا الاشكال، اما بمنع تعلق التكليف فعلا بالواقع المتروك وما بمنع اتعلقه بالماتى به، واما بمنع التضاد بينهما، ثم ذكر قدس سره في تقريب الاول وجوها ، الاول ما حاصله ان التكليف بالواقع المتروك مشروط في خصوص المقام بالعلم به فالجاهل بوجوب الاخفات لا يكون الواجب عليه الاما اتى به من الجهر ، وأورد عليه بما مر من استحالة اشتراط التكليف با اعلم به لاستلزامه للدور المحال ، و يمكن دفعه بما افاده بعض الاعاظم (1)من الاساتيد قدس سره، من ان العلم انما لا يمكن اخذه قيدا بالنسبته الى الحكم الذي تعلق به بالتقييد اللحاظى في مرتبة الجعل والتشريع، لان دليل الجعل لا يمكن ان يكون ناظرا الى ماهو المتاخر رتبة عن الجعل كالعلم به، فاذا امتنع تقييد الحكم بالعلم به فيهذه المرتبة، امتنع اطلاقه بالنسبة اليه ايضا، لان التقابل بينهما تقابل العدم والملكة ، اذا لاطلاق ليس الا عدم التقييد عما هو قابل له فاذا لم يكن حكم قابلا للتقييد فلايكون قابلا للاطلاق، لكن ذلك اعنى امتناع تقييد الحكم واطلاقه بالنسبته الى العلم به، انما هو في مرحلة الاثبات بدليل الجعل، و اما في مرحلة الثبوت فلا يعقل الاهمال، بل لابد من ان يكون اما ثابتا في كلتا حالتي العلم والجهل فهو نتيجة الاطلاق، واما ثابتا في حال العلم فقط فهو نتيجة التقييد و ذلك لان الملاك والمصلحة التي اقتضت جعل الحكم وتشريعة، اما ان تكون محفوظة في كلتا حالتي العلم والجهل فهى نتيجة الاطلاق، واما ان تكون محفوظة في حالة العلم فقط فهى نتيجة التقييد، وحيث يستحيل ان يكون دليل الجعل متكفلا لذلك كما مر، فلابد من استكشاف كل من نتيجتي الاطلاق والتقييد من دليل ،اخر، والدليل وان قام على اشتراك الاحكام بين العالم والجاهل ، لكنه ليس بحيث لا يكون قابلا للتخصيص، بما دل على ان الجاهل بوجوب الجهر والاخفات فى موضعهما تكون صلوته صحيحة

ص: 480


1- الميرزا النائني قدس سره في مجلس بحثه

و ليس عليه شيء، و بما دل على ان الجاهل بالقصر في السفر لواتم صحت صلوته و توهم ان اختصاص الحكم في المقام بالعالم به ، ينا فيما حكموا به من استحقاق الجاهل المقصر للمواخذة في المقام ايضا ضرورة ان استحقاقه المؤاخذة على ما تركه من الاخفات فرع كونه مكلفا يما تركه مدفوع بان حكمهم باستحقاق الجاهل في المقام للمؤاخذه ، ليس عليه دليل الاحكم العقل باستحقاق العبد المؤاخذة على عصيانه لمولاه بترك ما امره به او ایجاد مانهاه عنه ، ومن المعلوم ان ترك الجاهل للاخفات على تقدير كونه مامورا باتیانه ، انما يكون معصية للمولى و موجبا لاستحقاق المواخذة عليه ، لوتركه الى ان ضاق الوقت عن اتيانه ثانيا ، دون ما اذا كان الوقت بمقدار يسع لاتيانه كك باقيا كما هو المفروض فى المقام اذ معه لا يتحقق هنا عصيان كى يستحق عليه المؤاخذة ، فحكمهم باستحقاقه المؤاخذة على ترك الجهر ، مع كون تركه في تمام الوقت مستندا الى حكم الشارع بعدم الاعادة عليه لاوجه له.

الوجه الثاني ماحاصله ان الجاهل بالحكم فيهذه المسئلة كالجاهل بالموضوع في ارتفاع الامر الفعلى المنجز عنه وكونه معذورا فيه، فيحكم عليه ظاهر ابخلاف الحكم الواقعي، وهذا الجاهل وان لم يتوجه اليه امر ظاهرى كما توجه الى الجاهل بالموضوع، الا انه لمكان اعتقاده بوجوب ما اتى به يتمشى منه قصد القربة ، ومعه يكون مستغنيا عن الامر به فتدبر (1)، و توهم ان هذا الوجه لوتم انما هو بالنسبة الى الجاهل المركب المعتقد بوجوب ما اتى به، دون الجاهل البسيط المردد فانه لا يتمشى منه قصد القربة، مدفوع اولا بمأمر من ان الجاهل البسيط غير مشمول لادلة المسئلة، و ثانيا ان الجاهل البسيط يمكن ان يأتى بالجهر مثلا برجاء كونه مطابقا للواقع، فان انكشفت المطابقة فهو ، ولا فيكون معذورا بمقتضى قوله علیه السّلام

ص: 481


1- اشارة الى ما حقق فى محله من ان الامر العقلى التخيلي غير مجد في اسقاط التكليف عن الواقع منه عفى عنه.

في الصحيحة لاشيء عليه وقد تمت صلوته ، بل لو كان ملتفتا الى حكم الجاهل في المسئلة، يأتى بالجهر بداعى هذا الأمر فيكون متقربا بسببه وتوهم ان الجاهل علمه الاجمالي بوجوب احد من الجهر والاخفات عليه ، كيف يمكن القول بعدم تنجز الخطاب المعلوم بالاجمال عليه ، مع ما حقق في محله من انه كالعلم التفصيلى فى تنجز التكليف به مدفوع بما حقق في محله من ان العلم الاجمالي انما يكون كالعلم التفصيلي ، في كونه علة تامة لحرمة المخالفة القطعية ، لا في كونه علة تامة لوجوب الموافقة القطعية ، كى يكون الخطاب المعلوم بالاجمال منجزا عليه على كل تقدير بحيث لا يصح الترخيص في بعض اطرافه .

و يمكن تقريب هذا الوجه بحيث يندفع عنه الاشكالات المزبورة، وهوانه لاشبهة فى ان مايأتى به الجاهل فيهذه المسئلة من الجهر بالقرائة، لابدان يكون لما يتحقق فى ضمنه من صرف الوجود للقرائة ايضا مصلحة ملزمة في حال الجهل جابرة لمافات من مصلحة الواقع، والا لما كان مسقطا عن الواقع المتروك، ولابد ان تكون مصلحته فى طول مصلحة الواقع المتروك اى مقيدة بحال الجهل به، والا لكان مخيرا بينهما في حال العلم كما لا يخفى ، فيكون سنخه سنخ الحكم الظاهرى في خصوص كونه مختصا بحال الجهل لا مطلقا ، كيف والحكم الظاهري بناء على ما هو الحق من القول بالطريقية فيه دون السببية لا مصلحة له، وانما يكون اثره تنجز الواقع عند المصادفة والمعذورية عند المخالفة ولا يكون مسقطا، والحكم في المقام له مصلحة ملزمة ويكون مسقطا للواقع، وحينئذ لو قلنا بصحة تعلق امرين فعليين بفعل واحد من جهة اختلاف الرتبة، فلا اشكال فى حصول التقرب للجاهل بقصده امتثال الامر المتوجه اليه، والا فيكفى فى حصول التقرب له بما اتى به صرف ما فيه من المصلحة الملزمة فتدبر وتوهم ان الماتی به لوكان لاجل اشتماله على مصلحة ملزمة في حال الجهل مسقطا للمواقع لكونه جابرا لما فى الواقع من المصلحة الملزمة ، فكيف حكم الاصحاب باستحقاق الجاهل في هذه المسئلة للمؤاخذة

ص: 482

مدفوع بان الماتی به وانكان مشتملا في حال الجهل على مصلحة ملزمة ، لكنه ليس مشتملا على جميع ما للواقع من المصالح ، والا لكان اللازم كونه مخيرا بينه و بين المتروك فيهذا الحال فتدبر، فهو لكونه باتيان الجهر مفوتا لبعض ما للواقع المتروك من المصالح، بحيث لا يمكن بعد اتيانه ادراك ذاك البعض من مصالح الواقع ، يكون مستحقا للمؤاخذة من جهة تفويته لبعض المصالح الملزمة للواقع بسوء اختياره الوجه الثالث ما حاصله ان الجاهل المركب حيث يكون غافلا عن الواقع فلايكون مكلفا به لقبح تكليف الغافل . لكنه معاقب على عدم ازالة غفلته و ترك التعلم الوجه الرابع ما محله ان الجاهل وان كان مكلفا بالواقع ، لكن الخطاب بالواقع انقطع عنه سقط

و عن الفعلية بعد الغفلة لقبح توجيه الخطاب نحو الغافل العاجز وانكان العجز عن سوء اختياره، فهو وان لم يكن مأمورا بالواقع المتروك حین الغفلة حتى يجتمع الامر به مع فرض وجود الامر بالمأتى به، لكنه معاقب على تركه الواقع لكون عجزه عنه حين الغفلة بسوء اختياره، ولذا التزموا بالعقاب على ترك الصلوة بالطهارة المائية مع كفاية الصلوة بالطهارة الترابية، فيما اذا كان تفويت الطهارة المائية بسوء اختياره، بان اخر الصلوة عمدا الى ان ضاق الوقت عن اتيانها مع الطهارة المائية، او اهرق الماء الموجود عنده بقدر الوضوء، و اورد عليهذين الوجهين، مضافا الى ما آورده هو قدس سره على جميع الوجوه المذكورة بقوله لكن هذا كله خلاف ظاهر المشهور، حيت ان الظاهر منهم كما تقدم بقاء التكليف بالواقع المجهول بالنسبة الى الجاهل الخ ، بان مجرد رفع التكليف بالواقع المتروك واقعا من جهة الغفلة، لا يفيد في تصحيح الماتى به لمأمر من ان صحته مبنية على توجه الخطاب، وفيه ما سيجئى من ان اشتماله على ملاك الامر والمصلحة الملزمة، يكفى فى صحته وكونه مسقطا من حيث كونه محصلا للغرض من الامر.

ثم ذكر قدس سره في تقريب الثاني، وهو المنع عن تعلق التكليف والامر من

الشارع بالماتی به، ماحاصله ان الماتى به وان لم يكن مأمورا به من قبل الشارع،

ص: 483

لكن اشتماله على جهة الامر من المصلحة الملزمة في حال الجهل بالواقع، يكفى فى كونه مسقطا له لحصول الغرض من الامر بالواقع المتروك به، و بعد قيام الدليل في العباديات على اسقاط غير المأمور به للمأمور به، كحديث لاتعاد الدال على صحة عبادة الناسى للاجزاء الغير الركنية، لا مناص عن الالتزام بما ذكرناه فى المقام من كون الماتى به مسقطا للواقع المتروك، من حيث كونه موجبا لحصول الغرض من الامر به و توهم ان الالتزام بوجود المصلحة الملزمة في الماتى به في حق خصوص الجاهل المركب المعتقد بوجوبه عليه، مستلزم لاحد محذورين، ادمع الاتيان به اما ان يكون للواقع المتروك مصلحة ملزمة في حقه ام لا، فعلى الاول يجب عليه صلوتان فلايكون الماتى به مسقطا للواقع، وعلى الثاني لابد من الالتزام بعدم استحقاقه للمؤاخذة على ترك الواقع، وهذا مخالف لما التزموا به من استحقاق الجاهل فى المسئلة لها مندفع بمأمر من ان الماتى به وانكان لابد ان يكون له مصلحة ملزمة و الا لم يعقل كونه مسقطا للواقع، لكنه لا بد ايضا من ان لا يكون مشتملا على جميعها للواقع من المصلحة، والالزم كونه مخيرا بينه و بين الواقع واقعا، وهذا مخالف لما هو المفروض من كون الواقع واجبا تعيينيا، فاذا لم يكن الماتی به مشتملا على جميع ما للواقع من المصالح الملزمة، وكان الاتيان به مفوتا لبعض ما للواقع المتروك من المصالح، بحيث لا يمكن بعد اتيانه ادراك ذاك البعض من مصالح الواقع ، كما يكشف عنه عدم الامر باعادة الصلوة اخفاتا مع بقاء الوقت، فيكون مستحقا للمؤاخذة من جهة تفويته لذاك البعض من المصالح الملزمة للواقع بسوء اختياره ثم ذكر قدس سره في تقريب الثالث وهو المنع عن التنافي بين كون كل من الماتى به والواقع المتروك متعلقا للامر والتكليف ، ما حكاه عن كاشف الغطاء قدس سره من ان التكليف بكل من الاخفات والجهر ، ليس على سبيل الاطلاق اى سواء فعل الاخر او تركه ، کی یلزم من الأمر بكليهما ايجاب الجمع بين الضدين على المكلف، بل التكليف بالماتى به مترتب على معصية الامر بالواقع و اخلاء الزمان

ص: 484

عنه، ومعه لا يعقل ان يكون التكليف به مقتضيا لايجاب الجمع بينه وبين الواقع، کي يكون طلبا للجمع بين الضدين المحال، اذ ايجاد الجهر مثلا لا يكون حينئذ كى واقعا الا فى الزمان الخالي عن الاخفات، و معه كيف يمكن ان يكون الأمر به في ذاك الزمان طلبا للجمع بينه وبين الاخفات، فتبين مما ذكرنا انه لا منافاة بين التكليف بالضدين، فيما كان التكليف بكل منهما مشروطا بعصيان التكليف بالاخر، ولا بين نفس الضدين اذا كان وقوع احدهما على فرض اخلاء الزمان عن الاخر هذا حاصل ما حكاه قدس سره عن كاشف الغطاء في تقريب المنع عن التنافي بين كون كل من الماتي به والواقع المتروك متعلقا للتكليف بتوضيح منا وفيه مالا يخفى من النظر، لا لما آورده قدس سره عليه بقوله انا لا نعقل الترتيب في مثل المقام ، وانما نعقل ذلك فيما اذا حدث التكليف الثانى بعد تحقق معصية الاول انتهى كلامه زید فی علومقامه، و ذلك لا ناقدا وضحنا فى محله بما لا مزيد عليه امكان الامر بالضدين في ان واحد فيما اذا كان لهما ثالث بل وقوعه فى الشرعيات كما لا يخفى على المتتبع ، بل لان الاخفات والجهر في موضعهما اعنى القرائة من الضدين اللذين لا ثالث لهما ، فيكون ترك احدهما ملازما خارجا لاتيان الآخر، فيكون الجهر بالقرائة عند ترك الاخفات بها حاصلا بنفسه قهرا . ومعه لا معنى للحكم على الجهر بها رأسا، لان الامر باتيانه عند ترك الاخفات امر بتحصيل الحاصل، والامر بتركه طلب للمحال لاستلزامه الجمع بين النقيضين اعنى وجود الجهر و عدمه كما هو واضح و توهم انه يكفى مجرد العزم على عصيان الامر بالاهم في صحة تعلق الامر بالمهم، ولا تتوقف صحته على عصيان الامر بالاهم، بدعوى ان السبب الداعى الى الامر بالاهم حيث يكون انبعاث المكلف منه نحوه وجعل الداعى له الى اتيانه، فمع عدم انبعاثه بالامر به نحوه وعزمه على عصيانه، لا يعقل بقاء الأمر به ضرورة انتفاء المسبب بانتفاء سببه، فاذا انتفى الامر بالاهم بالعزم على عصيانه ، فلايكون الامر بالمهم حينئذ مستلزما لطلب الحاصل، لان المهم لا يتحقق بمجرد العزم على عصيان الامر بالاهم، كي يكون

ص: 485

الامر به طلبا لتحصيل الحاصل مدفوع بان السبب الداعى الى الامر، هو جعل ما يمكن ان يكون داعيا للمكلف و باعثا له نحو المأمور به لاجعل ما يكون سببا لانبعاثه فعلا نحوه، كيف والالزم كون العصاة غير مكلفين بالاحكام الشرعية، و هو باطل بالضرورة فالملزوم مثله فظهر مما ذكرنا كله ان الوجوه التي ذكروها في حل الاشكال العقلى الوارد على ما في الصحيحة من الحكم بصحة صلوة من اجهر بالقرائة او اخفت بها في غير موضعهما وانه لاشىء عليه كمأمر تقريره، جلها غير خال عن الاشكال ولذا افاد الاسناد دام ظله العالى فى حله وجها يندفع به جميع الاشكالات. وحاصله انه وانكانت لكل من القرائة المقيدة بالجهر او الاخفات في موضعهما ، و صرف الوجود من القرائة المتحققة فى ضمن الماتى به مصلحة ملزمة ، لكن ليست المصلحة الملزمة لصرف الوجود من القرائية فى عرض المصلحة الملزمة للقرائة المقيدة، والا لزم صحة الماتی به و وقوعه عبادة فيما اتى به متعمدا ايضا، بل المصلحة الملزمة القائمة بصرف الوجود من القرائة ، انما كانت حادثة بعد الجهل بحكم القرائة المقيدة و في المرتبة المتأخرة عنه ، فيكون سنخه سنخ الحكم الظاهرى فى مجرد الاختصاص بحال الجهل ، لا مطلقا و من جميع الجهات ، كيف والحكم الظاهرى بناء على الطريقية في الامارات والمنخرية في الاصول ، لامصلحة تحته ولذا لا يكون مجزيا عن الواقع ، بخلاف هذا فان تحته مصلحة ملزمة ، و لذا حكموا باجزائه عن الواقع بمقتضى قوله علیه السّلام في الصحيحة فلاشيء عليه وقد تمت صلوته ويتفرع على ما ذكرنا من كون مصلحة الماتى به في طول مصلحة الواقع المتروك امور ثلثة لا منافاة لبعضها مع بعض، احدها صحة الماتی به باعتبار تضمنه الطبيعة المشتملة على المصلحة الملزمة في حال الجهل بوجوب المقيدة، ثانيها استحقاق المؤاخذة باعتبار تفويته باتيان الماتى به المحل للمقيدة، حيث ان مصلحة المقيدة متقومة بتحصيل قيدها فى ضمن صرف الوجود، فاذا تحقق صرف الوجود في ضمن الماتی به ، فقدفات به محل المصلحة القائمة بالمقيدة ، ثالثها عدم صحة

ص: 486

الماتی به لو تعمد في ترك المقيد والاتيان بغيره الغير المشتمل على المصلحة في حال التعمد .

المسئلة الثالثة لا اشكال ظاهرا فى انه لوالتفت الى المغفول عنه من الجهر او الاخفات في محلهما فى اثنا القرائة ، لا يجب عليه اعادة ماقرئه، و ذلك لاطلاق الصحيحة و توهم ان الصحيحة ليست متعرضة لحكم مالو التفت الى المغفول عنه في الاثناء اصلا ، لان المفروض فيهاكون مورد السؤال والجواب صورة الفراغ عن الصلوة، كما يدل عليه امره علیه السّلام باعادة الصلوة فيما اذا كان اخلاله بالجهر والاخفات في موضعهما عن تعمد، وحكمه علیه السّلام بعدم اعادتها و تماميتها فيما لم يكن الاخلال بهما عن تعمد مدفوع بان المفروض فى الصحيحة وانكان ذلك ، لكن تعميم الحكم بالنسبة الى الاثناء مستفاد من قوله علیه السّلام اى ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلوته ، نانه يفهم منه ان الحكم بالنقض ليس منوطا باتمام الصلوة ، لظهوره في ترتب النقص بمجرد اخلاله العمدى بهما ، كما هو الظاهر ايضا فيما لوقيل من تكلم في صلوته فقد ابطل صلوته ، فاذا كان المراد من الفقرة الاولى من الصحيحة هو النقض حين الاخلال العمدى، فبقرنية المقابلة يكون المراد من الفقرة الثانية هو تمامية الصلوة وعدم حدوث نقصان فيها من قبل الاخلال الغير العمدى هذا ، ولكن الاحوط عند الاستاد دام ظله اعادة القرائة فيما لو التفت بعد الفراغ عنها وقبل الدخول في الركوع ، و كذالو التفت فى اثناء القرائة ، فان الاحوط اعادة ماقرئه في حال الغفلة ولو كان آية، ولعله لاحتمال كون الحكم فى الصحيحة بالبطلان فى صورة العمد، لكونه قداخل ولم يتدارك مع بقاء المحل له فتدبر(1).

المسئلة الرابعة هل الحكم بالمعذورية من حيث الحكم الوضعى ، يشمل ما

ص: 487


1- اشارة الى ان تعليقه عليه السلام الحكم بالنقض على مجرد كون الاخلال عمديا، ظاهر في ان هذا العنوان هو تمام المناط فى الحكم بالنقض والبطلان ، قضم عدم تداركه في المحل اليه خلاف هذا الظهور منه عفى عنه

اذا اخل بالجهر والاخفات فى موضعهما لسبق لسانه، بناء على عدم دخوله فى شىء من العناوين المذكورة في الصحيحة من المتعمد والساهى والناسي والجاهل ام لا، و جهان مبنيان على ان الشرطيتين المذكورتين فى الصحيحة ، هل لكلتيهما مفهوم، او ان المفهوم ثابت للثانية ، والأولى مسوقة لبيان حكم احد مصاديق مفهوم الثانية او ان المفهوم ثابت للاولى والثانية مسوقة لبيان حكم مصاديق مفهوم الاولى ، فعلى الأول والثاني يحكم بالفساد ، وعلى الثالث بالصحة اما الحكم بالفساد على الاول فلوقوع التعارض بين الشرطيتين فيه، حيث ان الاولى منهما تدل بمفهومها على ان كل اخلال لم يكن عن تعمد لا يكون مبطلا للصلوة ، والثانية تدل بمفهومها على ان كل اخلال لم يكن عن سهوا و نسیان او جهل يكون مبطلا للصلوة، فتتعاضان في الاخلال لسيق اللسان بالعموم من وجه، فيرجع بعد تساقطهما الى الاصل القاضي بعدم المعذورية، لان لازم كون الشيء مما اعتبر في الصلوة واقعا هو بطلان الصلوة بالاخلال به واما الحكم بالفساد على الثانى ، فلان الشرطية الثانية تدل بمفهومها على عدم معذورية الخارج عن العناوين المذكورة فيها، و المذكورة فيها ، وقد عرفت ان سبق اللسان خارج عن تلك العناوين، فيعمه مفهوم الشرطية الثانية واما الحكم بالصحة على الثالث، فلان الشرطية الاولى تدل بمفهومها على معذورية الخارج عن عنوان المتعمد ، فتعم بمفهومها سبق اللسان لكونه خارجا عن عنوان التعمد والاوجه من الوجهين ، هو الاول اعنى شمول الحكم بالمعذورية لسبق اللسان، لان الظاهر عدم ثبوت المفهوم للشرطية الثانية، و كونها مسوقة لبيان حكم الافراد المتعارفه المفهوم الشرطية الاولى، بل لا يبعد دعوى ذلك في نظائره، كما لو قال انكان الوارد عليك فقيها فاكرمه و انكان نحويا او لغويا فلاتكرمه، فانه يستفاد منه ان المراد اثبات وجوب اكرام الفقيه و عدم وجوب اكرام غيره ولولم يكن نحويا او لغويا كالمنطقى .

المسئلة الخامسة لو علم اجمالا بوجوب الجهر في بعض الصلوات والاخفات

ص: 488

في بعضها، وقرء في الصبح اخفاتا بتخيل ان وجوب الجهر في غيرها ، ففى شمول الحكم بالمعذورية له و عدمه، وجهان اوجههما الاول ، لاطلاق قوله علیه السّلام في الصحيحة اولا يدرى، الشامل لما اذا كان الاخلال بهما ناشنا عن الجهل بموضعهما و عدم صدق قوله علیه السّلام اى ذلك فعل متعمدا عليه و توهم ان المراد من قوله علیه السّلام لايدرى هو عدم الدراية رأسا، موهون بانه لوكان المراد منه عدم الدراية رأسا ، لم يصح مقابلته بالناسي والساهي ، اذ لاشبهة في عمومهما لما اذا كان الاخلال بهما مستندا الى نسيان موضعهما ايضا فالمقابلة تقتضى عموم لايدرى لما اذا كان الاخلال مستندا الى الجهل بالموضع ايضا.

المسئلة السادسة لو علم تفصيلا بوجوب الجهر في بعض الصلوات والاخفات في بعضها، ولكن اخل بهما للجهل بمفهومهما ، كما اذا علم ان هذه الصلوة صلوة الظهر و علم ان الظهر مما يجب فيه الاخفات ، لكنه اعتقد ادنى مرتبة من الجهر اخفاتا، ففى شمول الحكم بالمعذورية له وعدمه ، و جهان اوجمهما الاول، لانه و ان تعمد في اتيان ماهو جهر واقعا ، لكنه لم يتعمد في عنوان اتيان الجهر في موضع الاخفات، لان المفروض انه اعتقد كون ما اتى به اخفاتا، و معه كيف يمكن ان يكون متعمدا في عنوان اتيان الجهر في موضع الاخفات، کی یعمه قوله علیه السّلام ای ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلوته، الظاهر فى اعتبار كون عنوان الاتيان بالجهر والاخفات في غير موضعهما، مستندا الى التعمد كمأمر و توهم انه كما ان الشرطية الاولى لا تكون شاملة لهذا الجاهل ، كذلك الشرطية الثانية لاتكون شاملة له كى يحكم بصحة صلوته، وذلك لان المراد من عنوان لايدرى الواقع فيها ليس مطلق من لا يعلم كي يعم لكل جهل حكميا كان او موضوعيا او مفهوميا، والا لم يصح جعله مقابلا للناسي والساهى اللذين هما من مصاديق من لا يعلم ، فلابد ان يكون المراد من لايدرى بقرنية المقابلة هو الجاهل بالموضوع او الحكم جهلا مركبا، كالمعتقد بان ما بيده صلوة الظهر وكانت عشاء ، والمعتقد بان حكم صلوة الظهر هو

ص: 489

الجهر، والجاهل بالمفهوم خارج عن كلا القسمين، فيكون مقتضى القاعدة الاولية بطلان صلوته مدفوع بانه كما ان المقابلة اقتضت كون المراد من لايدرى هو الجاهل المركب، كك تقتضى كون المراد منه اعم من الجاهل المركب بالمفهوم، لان النسيان والسهوكما يتصوران بالنسبة الى الحكم والموضوع يتصوران بالنسبة الى المفهوم، فقرنية المقابلة تقتضى ان يكون الجهل ايضا شاملا للجهل بالمفهوم ، هذا تمام الكلام فى الجهل بالمفهوم واما الجهل بالحكم ، فان كان جهلا مركبا فلا اشكال في معذوريته، لانه المتيقن من قوله علیه السّلام لا يدرى، واما انكان جهلا بسيطا ، فالاقوى هو الحكم بعدم معذوريته، لالما قيل من دخوله تحت المتعمد لصدقه بالنسبة الى الشاك المتردد، كي يقال ان المتردد وان صدق عليه المتعمد، لكن حيث فرع الامام علیه السّلام على عدم معذورية الجاهل ، نعلم بان المراد من المتعمد من لا يشمل الجاهل البسيط، بل لما افاده الاستاد دام ظله فيمأمر من اختصاص كلمة لايدرى بالجاهل المركب، و خروج الجاهل البسيط عنه وعن المتعمد ، فاذا لم تكن كلمة لا يدرى شاملة للجاهل البسيط ، فمقتضى الاصل عدم معذوريته من حيث الحكم الوضعى مطلقا ولولم يكن مقصر ا كما هو واضح.

المسئلة السابعة لاخلاف فى انه يتعين على النساء فى الصلوات الاخفاتية ، ما يتعين على الرجال فيها من الاخفات لعموم الادلة الدالة على وجوب الاخفات فيها، السالم عما يدل على ترخيصهن بالجهر فيها ، فلوجهرت المرئة فيها عمدا بطلت صلوته ، واما لوجهرت نسيانا او جهلا، فلا اشكال في صحة صلاتها، لشمول الحكم بتمامية صلوة الجاهل فى الصحيحة لها ايضا ، فان موردها و انكان السؤال عن حال الرجل، الا انه لا يمنع عن عموم الحكم لها، بعد ما هو المعلوم من ان ذكر الرجل من باب المثال، وكون الحكم المستقاد من الجواب مشتركا بين الرجال والنساء كما لا خلاف ايضا في كونهن مخيرة بين الجهر والاخفات فى الصلوات الجهرية ، فيما اذا لم يسمع صوتهن اجنبى ، ويدل على عدم وجوب الجهر عليهن فيها ، رواية على

ص: 490

بن جعفر عن اخيه موسى علیه السّلام قال سئلته عن النساء هل عليهن الجهر بالقرائة في الفريضة قال علیه السّلام لا الخبر، فان قوله علیه السّلام لاصريح فى نفى وجوب الجهر عليهن فيها، و بعد نفى وجوب الاخفات عليهن فيها بالأصل، يتحصل جواز كل من الجهر والاخفات لهن فيها، وانما الخلاف في جواز الجهر لهن، فيما اذا كان هناك اجنبي يسمع صوتهن، ومنشاء الخلاف في ذلك، الخلاف في كون صوتهن عورة يحرم عليهن اظهاره عند الاجنبى ام لا، وعلى تقدير حرمة الجهر فيها عليهن عند سماع الاجنبي لواجهرت بالصلوة عنده نسيانا أو جهلا ، هل يعمها الحكم بمعذورية الجاهل، ام لا وجهان اذ الموصول فى قول السائل فى الصحيحة رجل جهر بالقرائة فيما لا ينبغي الاجهار فيه واخفى فيما لا ينبغى الاخفاء فيه، يحتمل ان يكون المراد منه الاشارة الى مالا ينبغى الاجهار او الاخفات فيه بحسب ذاته، ويحتمل ان يكون المراد منه الأعم منه ومما كان لا ينبغى فيه ذلك بالعرض كما نحن فيه، فعلى الاول كما هو الاصح الظاهر لمن تأمل، لا اشكال في خروج المسئلة عن مورد الصحيحة رأسا ، و مقتضى القاعدة حينئذ هو الحكم ببطلان صلوتها، فلانا لوقلنا بانه من موارد اتحاد الحرام مع الواجب اعنى الصوت مع القرائة وجودا، فيكون المقام من قبيل النهي في العبادة، وان قلنا بانه من موارد اجتماع الحرام مع الواجب وحودا، فلان النهى حينئذ و ان لم يكن متعلقا بالقرائة اولا وبالذات ، كي يكون من قبيل النهي في العبادة ، بل متعلق بالصوت، لكن حيث ان القرائة جهرا لا يتحقق بدون الصوت لما بينهما من التلازم فى الوجود، فيكون الصوت من مشخصات القرائة فيسرى النهى منه اليها فتكون باطلة ، واما على الثانى وان لم يكن اشكال في صحة صلوتها و ان قلنا بكون صوتها عورة ، لكن عرفت ان الاحتمال الثاني خلاف ظاهر الموصول الواقع في الصحيحة.

وما ذكرناه فيهذه المسئلة يجرى في مسئلة يجرى في مسئلة وجوب الاخفات بالقرائة على المأموم المسبوق وانكان فى الصلوة الجهرية ، سواء كان شرطا في صحة اصل صلوته

ص: 491

اوفى صحتها جماعة، فان الحكم بشمول دليل المعذورية له وعدم شموله له فيما اذا جهر بها نسيانا او جهلا مبنيان على كون المراد من الموصول في الصحيحة خصوص مالا ينبغى الاجهار فيه بالذات ، او الاعم منه ومما لا ينبغى الاجهار فيه بالعرض كما نحن فيه ، فعلى الاول الذى هو الظاهر من الموصول ، لا اشكال في بطلان صلوته رأسا لو كان الاخفات شرطا في صحة اصل صلوته ، وبطلانها جماعة لو كان شرطا في صحتها جماعة ، وعلى الثانى تكون صلوته صحيحة مطلقا سواء كان شرطا في صحة اصلها او في صحتها جماعة ، لكنك عرفت ان المبنى الثاني خلاف ظاهر الصحيحة والله العالم بحقائق احکامه.

المسئلة الثامنة هل الحكم بالمعذورية يختص بالركعتين اولتين ، او يعم الاخيرة من المغرب والاخيرتين من غيرها، وجهان اوجههما الثاني، لان الاخفات فى اخيرة المغرب وفي الاخيرتين معروف، وثبوته فيهما وفى اخيرة المغرب بحسب الذات لا بالعرض، فيعمه الحكم بالمعذورية فيما اخل به نسيانا او جهلا لاطلاق الصحيحة، فهل الحكم بها يختص بمن جهر بالقرائة ، او يعم من جهر بالتسبيحات الاربع، و جهان مبنيان على شمول اطلاق الصحيحة له و انصرافه عنه الى غيره، والمحكى عن المشهور هو الذهاب الى الثاني.

المسئلة التاسعة قيل ان ادنى مراتب الاخفات ان يسمعه نفس القارى، وادنى مراتب الجهر ان يسمعه القريب منه الصحيح السمع، وأورد عليه بان مقتضى ذلك اجتماعهما في بعض المراتب، كما اذا اخفت وسمع القريب منه، فانه حينئذ يجتمع مع الجهر في ادنى مراتبه، مع انهما من الضدين اللذين يستحيل الجمع بينهما ، والتحقيق ان الجهر والاخفات و انكان بينهما تقابل التضاد او العدم والملكة، لان الجهر عبارة عن الصوت الذى له جرسية ولولم يسمعه البعيد، والاخفات عبارة عن الصوت الذى لا (1)جرسية له ولو سمعه البعيد، لكن لكل منهما مراتب متفاوتة بحسب الارتفاع والانخفاض، فمن الجهر ما يكون فى الانخفاض بمرتبة لا يسمعه

ص: 492


1- اى لا اهنك له

البعيد، ومن الاخفات ما يكون فى الارتفاع بمرتبة يسمعه البعيد، ولذا حملنا قوله تعالى ولا تجهر بصلوتك ولاتخافت بها و اتبغ بين ذلك سبيلا، على النهي عن الجهر بالصلوة باعلى مرتبة ارتفاعه كما هو ديدن المؤذنين، وعن الاخفات بها بادنى مرتبة انخفاضه كما اذا لم يسمعها غيره القريب منه، والأمر بهما في موضعهما بمرتبتهما المتوسطة بين مراتبهما في الارتفاع والانخماض، فالتقابل بين الجهر والاخفات من جهة تقوم الجهر بجرسية الصوت، و تقويم الاخفات بعدم جرسيته، لامن جهة سماع القريب او البعيد ، كى يلزم اجتماعهما في بعض مراتبهما، فالجهر و انكان يتحقق بجرسية الصوت ولو لم يسمعه القريب، والاخفات يتحقق بعدم جرسية الصوت ولو سمعه البعيد ، لكن نهى الشارع عن مراتبهما العالية والدانية و امر بالمتوسطة بين مراتبهما بقوله تعالى لا تجهر بصلوتك ولاتفت بها و ابتغ بين ذلك سبيلا و عليه فلا يكفى مجرد جرسية الصوت فيما اذا لم يسمعه القريب، لالعدم تحقق الجهر مع عدم سماعه، بل لاجل كونه من ادنى مراتبه المنهى عنه بالاية الشريفة، ولا يكفى عدم جرسيته فيما اذا سمعه البعيد، لالعدم تحقق الاخفات مع سماعه، بل لاجلكونه ادنى مراتبه المنهى عنه بالاية ، فالمدار فى الجهر والاخفات على الحد المتوسط بین اعلى مراتبهما و ادناها كما دلت عليه الاية المباركة، واستقرت عليه سيرة المسلمين من لدن شرع الصلوة الى هذا الزمان ، هذا في حد ما هو المعتبر في القرائة شرعا من الجهر والاخفات واما حد نفس القرائة الذى لو تجاوز عنه لا يصدق عليها القرائة عرفا ، فاقله ان يسمها نفس القارى ، تحقيقا انكان صحيح السمع ، او تقديرا ان لم يكن كك ، و يدل على ذلك رواية زرارة عن ابيجعفر علیه السّلام قال علیه السّلام لا تكتب من القرائة والدعاء الا ما اسمع نفسه ، اذ الظاهر ان عدم كتابة القرائة التي لا يسمعها نفس القارى ، لاجل عدم صدق القرائة عليها عرفا وكونها من قبيل حديث النفس، فليست الرواية بصدد بيان اعتبار شرط زائد على اصل القرائة.

المسئلة الحادية عشر لاخلاف فى وجوب الجهر بالبسملة في الصوات الجهرية

ص: 493

كغيرها من اجزاء القرائة، وانما وقع الخلاف فى الجهر بها في الصلوات الاخفائية على خمسة اقوال فذهب المشهور الى استحبابه مطلقا اى من غير فرق بين الاولتين والاخيرتين، و من غير فرق بين كون المصلى امام الجماعة ام لا ، خلافا للمحكى عن بعض كابن الجنيد من اختصاص استحبابه بالامام، وللمحكى عن بعض كالسرائر من وجوبه فى الاولتين منها وللمحكى عن بعض كابن البراج والصدوق من وجوبه مطلقا و للمحكى عن بعض كابي الصلاح من وجوبه فى الاولتين من جميع الصلوات و منشاء الخلاف اختلاف الاخبار ، فینبغی اولا ذكر ما ورد من الاخبار في المقام، ثم التكلم فيما يمكن استفادته منها من الاقوال ، فنقول منها الخبر المروي في الكافي عن صفوان الجمال قال صليت خلف ابيعبد الله علیه السّلام، اياما ، فكان علیه السّلام يقرء في فاتحة الكتاب ببسم الله فاذا كانت صلوة لا يجهر فيها جهر ببسم الله الرحمن الرحيم واخفى ماسوى ذلك وكان علیه السّلام يجهر فى السورتين ، ومنها الخبر المروى عن رجاء بن ابي ضحاك الذي صحب الرضا علیه السّلام في طريقة الى مرو انه علیه السّلام كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في جميع صلواته بالليل والنهار ، و منها الخبر المروى عن الاعمش عن جعفر بن محمد عليهما السلام في حديث شرایع الدین فقال علیه السّلام والاجهار ببسم الله الرحمن الرحيم ، فى الصلوة واجب ، و منها الخبر المروى عن الفضل بن شاذان عن الرضا علیه السّلام في كتابه علیه السّلام إلى المامون العنة الله عليه قال علیه السّلام والاجهار بسم الله الرحمن الرحيم فى جميع الصلوات سنة، ومنها الخبر المروى عن ابي حمزة الثمالي ، قال قال على بن الحسين عليهما السلام يا ثمالى ان الصلوة اذا اقيمت جاء الشيطان الى قرين الامام فيقول هل ذكر ربه فان قال نعم ذهب و ان قال لاركب على كتفيه وكان امام القوم حتى ينصرفوا ، قال فقلت جعلت فداك اليس يقرئون القرآن، قال علیه السّلام بلى ليس حيث تذهب يا ثمالى انما هو الجهر يبسم الله الرحمن الرحيم، و منها الخبر المروى في الكافي عن هارون عن ابيعبد الله علیه السّلام، قال علیه السّلام كتموا بسم الله الرحمن الرحيم فنعم والله الاسماء كتموها، كان رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم اذا دخل الى منزله واجتمعت

ص: 494

عليه قريش يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم و يرفع بها صوته فتولی قریش فرارا ، فانزل الله تعالى واذا ذكرت ربك في القرآن وحده وأوا على أدبارهم نفورا ، بناء على ظهوره بقرنية تغيير علیه السّلام على العامة في كتمانهم البسملة في اول الفاتحة والسورة ، في كونه واردا فى باب الصلوة، و منها الخبر المروى فى الكافي عن سليم بن قيس الهلالى ، قال خطب امیر المومنين علیه السّلام، فقال قد عملت الولاة قبلى اعمالا خالفوا فيها رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم متعمّدين لخلافه، ولو حملت الناس على تركها لتفرق عنى جندى، ارايتم لو امرت بمقام ابرهيم علیه السّلام فرددته الى الموضع الذي كان فيه ، الى ان قال علیه السّلام و حرّمتُ المسح على الخفين وحددت على النبيذ و امرت باحلال المتعتين و امرت بالتكبير على الجنائز خمس تكبيرات والزمت الناس الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، الى ان قال علیه السّلام اذن لتفرقوا عنّى الحديث، بناء على كون المراد من الجهر في قوله علیه السّلام والزمت الناس الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، هو الجهر بها في الصلوة كما يشهد به الاخبار الواردة فى ان الجهر بها من علائم المؤمن المراديه الشيعة في قبال اهل السنة الذين يكتمونها في اول الفاتحة والسورة اذا عرفت ماتلوناه عليك من الاخبار فنقول ان اصل رجحان الجهر بالبسملة فى الاخفاتية مطلقا ، اى من غير فرق بين الركعتين الاولتين والأخيرتين ومن غير فرق بين الامام والمنفرد ، مما لا اشكال فيه بعد كونه مقتضى اطلاق خبرى الاعمش والفضل بن شاذان السالم عما يقيده بالاولتين او بما كان المصلى ،اماما اذليس هناك دليل لفظى دل على اختصاص ذلك بالاولتين ، و لم يثبت من النبى صلی الله علیه و آله و سلّم و غيره من المعصومين عليهم السلام اختیار هم اصل القرائة فى الاخيرتين ، فضلا عن الاخفات بالبسملة فيهما، مع افضلية التسبيحات فيهما، و انما قام الاجماع على وجوب انما قام الاجماع على وجوب الاخفات بالقرائة في الاخيرتين من الاخفاتية ، و هو مفقود بالنسبة الى البسملة، بعد ما عرفت من وجود الخلاف و ذهاب المشهور الى استحباب الجهر بها مطلقا، و ذهاب بعض الى وجوبها كك، وكذا ليس هناك دليل على اختصاص الجهر بها بالامام ، نعم مورد بعض الروايات

ص: 495

هو الامام، لكن مجرد ذلك لا يوجب رفع اليد عن اطلاق غيرها، نعم الماموم المسبوق عليه الاخفات بالبسملة مطلقا، اى من غير فرق بين الصلوة الجهرية والاخفاتية اما فى الجهرية فلانه و ان وجب الاخفات بالقرائة عليه فيها احتراما للجماعة ، لكن المنصرف من اطلاق الاخبار الدالة على رجحان الجهر بالبسملة في الاخفائية هو ما كانت اخفاتية بالذات، فلايعم ماكانت اخفاتية بالعرض كما في الماموم المسبوق، و حينئذ فيبقى عموم مادل على وجوب الاخفات بالقرائة عليه ، سليما عن معارضة مادل على رجحان الجهر بالبسملة فى الاخفاتية واما فى الاخفاتية فلانه اذا وجب عليه الاخفات بالبسملة كغيرها من اجزاء القرائة فى الجهرية، وجب عليه الاخفات بالبسملة كعيرها من اجزاء القرائة فى الجهرية ، وجب عليه الاخفات بها في الاخفاتية بالاولية القطعية.

و انما الاشكال فى ان رجحان الاجهار بالبسملة في الاخفاتية مطلقا، هل هو على سبيل الوجوب كما حكى عن بعض ، او الاستحباب كما ذهب اليه المشهور قد يقال بالاول لكونه مقتضى قوله علیه السّلام في خبر الاعمش المتقدم والاجهار ببسم الله الرحمن الرحيم فى الصلوة واجب ، وليس فى الاخبار المتقدمة ما يكون صريحا في الاستحباب ، کی نرفع اليد به عن ظاهر الخبر ، بحمل مافيه من كلمة واجب على معناها اللغوى من الثبوت، كما استعمل بهذا المعنى في قوله تعالى فاذا وجبت خبوبها، وفي قوله علیه السّلام في بعض اخبار تحديد الغروب بذهاب الحمرة المشرقية، فاذا جازت قمة الراس الى ناحية المغرب فقد وجب الافطار و سقط القرص ، اذ الاخبار الآخر ، بين ما يكون حاكيا عن عمل المعصوم علیه السّلام الذي لا منافاة فيه مع الوجوب ، وبين مادل على ان الجهر بالبسملة سنة ، ولامنافاة فيه ايضا مع الوجوب و بين ماعده من علائم المؤمن التى كلها من المستحبات ، وغاية ما يترتب عليه هو المنع عن الدلالة على الوجوب، لا انه من الامارت على الاستحباب هذا.

ولكن الأقوى ما ذهب اليه المشهور من الاستحباب، و ذلك لما هناك من

ص: 496

الشواهد والقرائن على عدم ظهور خبر الاعمش فى الوجوب بمعناه الاصطلاحي، منها ملاحظة ماشاع بين العامة من تركهم الجهر بالبسملة وكون ذلك من بدعهم التي اخترعوها، كما صرح به مولانا امیر المؤمنین علیه السّلام في خبر سليم بن قيس المتقدم، حيث عد علیه السّلام من جملة الاعمال التي عملوها ولاة الجور خلافا لرسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم ترك الجهر بالبسملة، ان مع كون ترك الجهر بها شعاراً لهم و من بدعهم ، يحتمل قويا كون الحكم بوجوب الجهر ، في مقام الردع على العامة ، و ان ما انكروه من الجهر بها انما هو من بدعهم ، والا فالجهر بها ثابت في شرع خاتم النبيين صلی الله علیه و آله و سلّم، و لعل الى ذلك يشير ايضا قول مولانا الرضا علیه السّلام في كتابه الى المامون لعنة الله عليه، والاجهار ببسم الله الرحمن الرحيم في جميع الصلوات سنة، فانه اشارة الى ان ماشاع بين العامة من ترك الجهر بها بدعة منهم ، ومنها مافى خبر أبي حمزة الثمالى المتقدم، حيث رتب علیه السّلام على جهر الامام بالبسملة ذهاب الشيطان، و على عدم الجهر بها ركوبه على كتفه، فانه يكشف عن عدم وجوب الجهر بالبسملة، والالكان المتعين ان يحكم علیه السّلام ببطلان الصلوة بتركه عمدا كماهو واضح.

الامر الرابع فى وجرب تعلم القرائة وما يتعلق به وكيفية اداء كلماتها مادة و هيئة و حكم من لا يحسن القرائة فالبحث فيه يتم يرسم مسائل الاولى لاخلاف فى انه يجب على المكلف ان يتعلّم القرائة فى الوقت لوفرض تمكنه منه بعد دخوله، والا فيجب عليه تعلمها قبل الوقت على ماقرر في محله من وجوب تحصيل المقدمات الوجودية للواجب المشروط اذا علم بتحقق شرطه فى محله ، وانما الخلاف في ان وجوب التعلم عليه، هل هو على سبيل التعيين مطلقا سواء تمكن من الايتمام اولم يتمكن او على التعيين فيما لم يتمكن من الايتمام، و على التخيير بينه و بين الايتمام فيما تمكن منه ، فالمشهور هو الثاني و هو الاقوى، اذ مع التمكن من الايتمام المسقط للقرائة عن الماموم، لا وجه لوجوب تعلمها عليه، بعد كون وجوبه مقدميا لوجود القرائة الواجبة، خلافا للمحكى عن صاحب الجواهر قدس سره من تقويته الاول،

ص: 497

حاكيا التصريح به عن كاشف الغطاء قدس سره، و انه لوترك التعلم في سعة الوقت و ائتم اثم و ان صحت صلوته، و استدل عليه بان الايتمام حيث يكون متوقفا على فعل الغير الخارج عن قدرته، فليس فعلا اختياريا له كي يتخير بينه و بين التعلم والصلوة منفردا، و يرد عليه اولا بالنقض بنفس التعلم ، فانه ايضا يتوقف على فعل الغير وهو تعليم المعلم، فلو كان مجرد توقف المكلف به فعل الغير موجبا لخروجه على عن قدرة المكلف و مانعا عن تنجز التكليف به عليه ، لزم عدم كون من لا يحسن القرائة مكلفا بها و هو كما ترى ، و ثانيا بالحل و هو ان بعد ما هو المفروض من كون محل الكلام هو صورة التمكن من التعلم والتمكن من الايتمام ، يكون الفعل الغير الذي هو خارج عن قدرته محققا ، ومعه يكون كل من التعلم والايتمام مقدورا له وعليه فلاوجه لوجوب التعلم عليه تعيينا ، مع تمكنه من الايتمام المسقط لاصل القرائة عنه، و بعبارة اخرى ان التخيير بين فردى الواجب كما نحن فيه ، انما يكون بعد الفراغ عن مقدماتهما الغير الاختيارية، كي يكون الامر بهما على سبيل التخيير متعلقا بما يكون راجعا الى المكلف وفعلا اختياريا له ، و لذا لو كان لاحدهما مقدمة غير اختيارية غير حاصلة ، يتعين على المكلف الاخر منهما ، فكما ان المحسن للقرائة يكون مخيرا بين اتيان الصلوة فرادى و اتيانها جماعة فيما كانت هناك جماعة ، كذلك غير المحسن لها يكون مخيرا بين التعلم و اتيان الصلوة فرادى واتيانها جماعة فيما كانت هناك جماعة ، وكما يتعين على المحسن فيما لم يكن هناك جماعة الاتيان بالصلوة فرادى كذلك يتعين على غيره الصلوة جماعة فيما لم هناك من يتعلم القرائة منه ، و اما ما حكاه عن كاشف الغطاء، فيمكن ان يكون مورده ما اذا ترك التعلم مع عدم اطمينانه بحصول الايتمام له فى اخر الوقت، ثم اتفق حصوله بان صلى جماعة ، فان صلوته كما صرح به كاشف الغطاء صحيحة قطعا، وانما يكون اثما بتجريه على ترك التعلم مع احتماله عدم حصول الايتمام له، فتبين مما ذكرنا انه لا اشكال في جواز الايتمام مع التمكن من التعلم والحفظ.

كما لا اشكال ايضا في جواز اتباع القارى مع التمكن من التعلم والحفظ، و ذلك

ص: 498

لا طلاق دليل القرائة، وعدم ما يدل على تقييدها بكونها عن الحفظ ، الا ماتوهم من انصراف اطلاق دليل القرائة الى ذلك، وكونه مقتضى قول صلی الله علیه و آله و سلّم صلوا كما رأيتموني اصلى ، وكون اتباع القارى مخالفا للسيرة المستمرة من زمن المعصومين الى زماننا هذا ، و فيه المنع عن صلاحية شيء مما ذكر لتقييد الطلاق دليل القرائة ، اما الانصراف فلانه بدوى ناش عن غلبة وجود القرائة عن ظهر القلب ، و اما النبوى فلان اشتمال صلوته صلی الله علیه و آله و سلّم على المستحبات يمنع عن ظهوره في الوجوب ، واما السيره فلاحتمال كونها مبتنية على كون الحفظ اسهل واوفق بحضور القلب من اتباع القارى ومعه لاتكون صالحة لتقييد اطلاق ادلة القرائة كما هو واضح.

المسئلة الثانية لا اشكال فى ان عند عدم التمكن من التعلم والحفظ لضيق الوقت او لفقد المعلم ونحوهما ، يتعين القرائة من المصحف ، وكونها مقدمة على اختيار البدل الاضطراري للقرائة، كالتسبيح والتهليل على ما سيجئى انشاء الله تعالى تفصيله وانما وقع الخلاف في جواز القرائة من المصحف ، عند التمكن من التعلم والحفظ ، كي يكون مخيرا بينهما ، وعدم جوازها كي يتعين عليه التعلم والحفظ ، فقيل بالثانى مستدلا عليه بصحيحة على بن جعفر عن اخيه موسى علیه السّلام، قال سئلته عن الرجل والمرآة يضع المصحف امامه ينظر فيه و يقرء ويصلي ، قال علیه السّلام لا يعتد بتلك الصلوة ، وفيه اولا المنع عن كون مورد السؤال هى القرائة الواجبة ، و ثانيا انه يتعين حملها على الكراهة ، جمعا بينها وبين صحيحة الحسن بن زياد الصيقل الصريحة فى الجواز ، قال قلت لا بيعبد الله علیه السّلام ماتقول في الرجل يصلى وهو ينظر فى المصحف يقرء فيه يضع السراج قريبا منه ، فقال علیه السّلام لا بأس بذلك، وتوهم ان الفرائة من المصحف مكروهة اجماعا ، و قد عرفت انفا انها مقتضى الجمع بين صحيحتى على بن جعفر والحسن بن زياد ، ومعه كيف يمكن ان تكون واجبة ، مع ما هو المعلوم من المضادة بين جميع الاحكام الخمسة مدفوع بما تقرر في محله من ان النهى التنزيهي، انكان متعلقا بعين ما تعلق به الامر الوجوبي، كما في المقام

ص: 499

بناء على اختصاص الكراهة بالقرائة الواجبة، فحيث ان الامر بالقرائة متعلق بصرف الوجود من طبيعتها، وهو لا يقتضى وجوب كل فرد منها لاعلى سبيل التعيين ولا على سبيل التخيير بل انما يقتضى الترخيص فى اتيان كلفرد منها في مقال امتثال الامر المتعلق بالطبيعة لكون كل فرد مما تنطبق عليه الطبيعة ، فمن المعلوم ان الترخيص فى اتيان الفرد لا ينافى كراهته بعدكون الكراهة ايضا متضمنة للترخيص فيه وانكان النهى التنزيهي متعلقا بالاعم مما تعلق به الامر الوجوبى، كما في المقام ايضا بناء على كون القرائة من المصحف في الصلوة مكروهة مطلقا ولو لم تكن واجبة، فحيث ان النهى حينئذ وانكان شموليا لا يقتضى المنع عن المجمع وهى القرائة الواجبة، والمفروض ان الأمر بها ايضا حيث يكون متعلقا بصرف الوجود منها يقتضى الترخيص فى المجمع، فلا تدافع بين ما يقتضيه عموم النهي التنزيهي، واطلاق الامر بالقرائة الواجبة كما هو واضح ، كى يجب تقييد اطلاق الامر بها بماعدا المجمع، نعم النهى التنزيهي كاشف عن وجود حزازة ومنقصة فى الحصة الموجودة من طبيعة القرائة فى المجمع.

المسئلة الثالثة قد عرفت ان المتمكن من التعلم يكون له الخيار بين تحصيل العلم بالقرائة، وبين احد من الامور الثلثة اعنى الايتمام واتباع القارى والقرائة من المصحف واما غير المتمكن من التعلم لضيق الوقت و نحوه، فان تمكن من القرائة باتباع القارى اومن المصحف، فلا اشكال في تعينها عليه أن لم يتمكن من الايتمام والا فيكون مخيرا بين القرائة باحد النحويين وبين الايتمام، واما لولم يتمكن من القرائة باحد النحويين وتمكن من الايتمام، فهل يتعين عليه الايتمام ، او يكون مخيرا بينه و بين ما يتمكن من القرائة الناقصة، الاقوى هو الأول، لان الجماعة افضل الفردين من طبيعة الصلوة الواجبة بالاصل فلايجوز مع التمكن منها الانتقال الى البدل، لان الانتقال اليه انما يجوز مع تعذر الاصل، بل المتمكن من الايتمام خارج موضوعا عمادل على الاكتفاء بالناقص، لان الاكتفاء بالناقص انما هو فيما كان

ص: 500

التام مأمورا به ولم يتمكن المكلف من الاتيان به، والمتمكن من الايتمام لا يكون مأمورا بالقرائة اصلا ، لسقوطها رأسا عن المأموم لضمان الامام لها ومنه ظهر فساد ما استدل به للثانى، من ان اطلاق مادل على الاكتفاء بالناقص، كقوله علیه السّلام الميسور لا يسقط بالمعسور، وقوله علیه السّلام ما لا يدرك كله لا يترك كله شامل لحالتي القدرة على الايتمام والعجز عنه ، و اطلاق مادل على استحباب الجماعة شامل لحالتي القدرة على التام والعجز عنه ، ومقتضى شمول الاطلاقين للعاجز عن القرائة التامة ، كونه مخيرا بين الايتمام وبين الاتيان بالناقص توضيح الفساد هو ما عرفت من ان المتمكن من الايتمام، حيث لا يكون مأمورا بالقرائة اصلا، فلا يكون مشمولا لمادل على الاكتفاء بالناقص عند العجز عن التام، لان الاكتفاء بالناقص فرع العجز عن المأمور به التام، فلا مجال له فيما لم يكن التام مامورا به اصلا كما هو اوضح من ان يخفى هذا مضافا الى ان شمول اطلاق مادل على جواز الاكتفاء بالناقص ، لغير القادر على التعلم و ان كان متمكنا من الايتمام ، مستلزم لعدم كون التعلم واجبا عليه وان علم بعدم التمكن من الايتمام ، وذلك لان التعلم انما وجب لتوقف اتيان التام الواجب عليه ، فاذا جاز لغير القادر على التعلم مع تمكنه من الايتمام ، ترك الايتمام والاكتفاء بالناقص الذي هو مثل التام عند الشارع فى جميع الاحكام والاثار ، لزم لغوية وجوب التعلم ، اذلا معنى لوجوب المقدمة مع عدم وجوب ذيها بالعجز عن اتيانه تاما فرادی و جواز تر که وتوهم ان القرائة الناقصة انما تكون كالتامة عند الشارع في جميع الاثار ، فيما اذا كان غير القادر على التعلم قاصرا في تركه الى ان ضاق الوقت عنه ، فان قرائته الناقصة تكون كالتامة عند الشارع، فكما ان القادر على القرائة الصحيحة يكون مخيرا بين تيان الصلوة فرادى وجماعة ، كذلك هذا القاصر يكون مخيرا بين الاتيان بها فرادى وجماعة واما المقصر فلاتكون صلوته الناقصة كالصلوة التامة عند الشارع کی يجوز له الاكتفاء بها عن الايتمام ، فلو اكتفى بها عن الايتمام يكون معاقبا على ترك الصلوة التامة ومامورا بقضائها ومعه لا يكون وجوب التعلم عليه لغو امدفوع

ص: 501

بان اختصاص مادل على الاكتفاء بالناقص، بما اذا كان غير القادر على التعلم قاصرا، خلاف ظاهر اطلاقه فلا يصار اليه الا بدليل وليس، ومجردكون القاصر قدرا متيقنا، لا يوجب انصراف الاطلاق اليه ، هذا مضافا الى ان الالتزام بجواز ترك المقصر الايتمام فى الوقت ، ولزوم القضاء عليه بعد تعلم القرائة بعيد في الغاية فتدبر جيدا فان جواز الاكتفاء بالناقص عن الايتمام اذا كان مختصا بالقاصر، فالمقصر يتعين عليه الايتمام ولا يجوز له تركه كما هو واضح وأما ما ربما يقال من ان استحقاق المقصر للعقاب، انما هو فى الواجبات التي لا بدل لها عند العجز عنها، فانه يجب عليه تحصيل مقدماتها التي منها التعلم قبل طرو العجز عن تحصيلها ، فلولم يحصلها الى ان صار عاجزا ، استحق العقاب على ترك تلك الواجبات ، اذقدرة المكلف في زمان على امتثال الواجب كافية فى تنجزه عليه واستحقاق العقاب على تركه ، ولا يعتبر في تنجزه استمرار القدرة كى يجوز له سلبها عن نفسه اختيارا ، ولذا قالوا باستحقاق المؤاخذة على ترك الحج من كان مستطيعا قبل الموسم واتلف ماله فرارا عن الحج واما الواجبات التي لها بدل عند العجز بحيث يكون الاتيان به عنده كالاتيان بها عند القدرة في جميع الاثاركما نحن فيه ، فلاوجه لوجوب تحصيل مقدماتها الوجودية عقلا، فلو كان هناك اجماع على وجوبه ، فلابدان نلتزم بانه واجب نفسی، و توهم ان القيود المعتبرة فى المامور به فیماكان من القيود المعتبرة فى الهية عقلا، كما اذا قال صل قائما وان عجزت عن القيام فصل قاعدا، حيث ان قوله وان عجزت فصل قائما، يستفاد منه ان وجوب الصلوة قائما مشروط بالقدرة على لقيام، التى هى من القيود المعتبرة في الهية عقلا من جهة قبح التكليف بغير المقدور، يكون مرجعها الى جعل تكليفين اصلى اولى للمختار وبداى ثانوى للمضطر، ويكون المستفاد من دليل هذا القسم من القيود، ن هناك مصلحة تامة ملزمة قائمة بخصوص الفعل المقيد بالخصوصية الكذائية كالقيام فى المثال، الا ان ايجاب ذاك الفعل لمالم يصح في حق العاجز، فيكون التكليف به ساقطا عنه والمصلحة التامة قائتة عنه، لكن لما كان الفعل الفاقد

ص: 502

لتلك الخصوصية المعجوز عنها، واجداً لبعض ما للواجد لها من المصلحة، كلف بذلك الفعل الفاقد لها لئلا يفوت عنه تلك المصلحة التامة بالكلية، بقوله علیه السّلام ما لا يدرك كله لا يترك كله، وقوله علیه السّلام الميسور لا يسقط بالمعسور، وحيث ان المستفاد من دليل التكليف الثانوى المجعول في حق العاجز ليس ازيد من تقييد اطلاق دليل التكليف الأولى هيئة، ويكون اطلاق دليله مادة باقيا على حاله ، فلا يخور للمكلف ادخال نفسه فى موضوع التكليف الثانوى اختيارا ، بجعل نفسه عاجزا عن الخصوصية المعتبرة فى موضوع التكليف الأولى ، وذلك لان مقتضى بقاء اطلاق دليل التكليف الاولى مادة ، ثبوت المصلحة الملزمة المطلوبة للشارع في الفعل التام في كل من حالتي القدرة والعجز، و معه لو ادخل نفسه في موضوع التكليف الثانوى اختيارا بجعل نفسه عاجزا، يكون عاصيا لمخالفته التكليف الأولى النجز عليه بقدرته السابقة ومفوتا للمصلحة الملزمة المطلوبة للشارع اختيارا ، وهو قبيح عقلا ومحرم شرعا، فلا يجوز للمكلف فيما نحن فيه تحصيل العجز اختيارا بترك التعلم.

ففيه ان لازم ماذكر من بقاء المصلحة الملزمة للفعل التام في حالتي القدرة والعجز ، وان المكلف لوجعل نفسه عاجزا عن التعلم اختيارا يكون مفوتا للمصلحة الملزمة اختيارا، هو ثبوت القضاء على العاجز مطلقا ولو كان اتيا بماهو واجب عليه من الفعل الناقص، اذ يكفى فى ثبوته صدق الفوت بالنسبة الى ما هو مطلوب مادة مطلقا ولوحال العجز، و ثبوته على العاجز الاتى بما هو تكليفه من الناقص، مما لم معالم یلتزم به احد و توهم ان الاتى بالناقص الذى بدل اضطرارى عن التام وقائم مقامه لم يفت منه العمل كى يجب عليه قضائه مدفوع بمامر من ان الناقص انما جعل بدلا اضطراريا للتام، لكونه واجد البعض من المصلحة التامة للتام، لالتمام مصلحته، اذلوكان الناقص واجد التمام ما للتام من المصلحة ، لكان بدلا اختياريا له و جاز المكلف ان يدخل نفسه في موضوع التكليف بالناقص اختيارا، وهذا خلاف الفرض من كونه بدلا اضطراريا، لكونه واجد البعض ما للاصل من المصلحة التامة الالزامية،

ص: 503

فاذا لم يكن الماتى به الناقص قائما مقام التام فيما هو ملاك وجوبه من المصلحة التامة، فيصدق انه فات منه ما هو المطلوب للشارع مطلقا بحسب المادة، وان لم یکن مامورا به فعلا لسقوط امره بالعجز عنه فالاولى ان يقال في حل هذا الاشكال، اعنى بقاء اطلاق ادلة التام مادة بالنسبة الى حال العجز عنه ايضا، المقتضى لثبوت القضاء فيما فات بترك التعلم وان اتى ببدله من الناقص، مع عدم التزام الاصحاب بثبوته فيما كان اتيا ببدله بما افاده الاستاد دام ظله من ان مقتضى مطلوبية التام مادة مطلقا ولوحال العجز عنه، وانكان فوته عن العاجز وثبوت قضائه عليه بعد التعلم لكن مقتضى الادلة من الاخبار ومعاقدا لاجماعات، هوان العاجز عن التام اذا اتى هو تكليفه فى حال العجز، كان ممتثلا للامر المتعلق بحقيقة الصلوة ولم يفت منه الصلوة المأمور بها، ولا يمكن الجمع بينهما الا بحمل الادلة على كونها في مقام تنزيل الماتى به الناقص منزلة المأمور به التام فى الأثر الشرعي، لافى مطلق الاثار ولو كانت عقلية، فان للقوت اثرا عقليا غير قابل للرفع تشريعا، وهو استحقاق المؤاخذة عليه لوكان مستندا الى الاختيار، واثرا شرعيا قابلا للمرفيع كك وهو ثبوت القضاء، فإذا حملت الادلة الدالة على ان العاجز الاتى بالناقص يكون ممتثلا للامر المتعلق بحقيقة الصلوة، على كونها في مقام رفع ماهو الاثر الشرعي للفوت من القضاء جمعا بينها وبين ما هو مقتضى اطلاق ادلة التكليف الأولى مادة، من المطلوبية المطلقة للواجب التام في كل من حالتى الاختيار والعجز فيتحصل من هذا الجمع انه لا يجوز للمكلف تحصيل العجز عن التام اختيارا بتركه التعلم ، وان عصى بجعل نفسه عاجزا بترك التعلم، واتى بما هو تكليفه حال العجز من القرائة الناقصة ، سقط القضاء عنه.

المسئلة الثالثة لاشبهة فى انه يجب قرائة الحمد والسورة على النهج المتداول

في اللسان العربي الصحيح ، من حيث رعاية كلماتهما مادة باداء الحروف عن مخارجها بحيث يمتاز بعضها عن بعض ، و هيئة باعمال ما يقتضيه القواعد اللغوية والصرفية

ص: 504

والنحوية من التشديد والمد والحركات والسكنات في كلماتهما ، فلا يصح الصلوة مع الاخلال بشيء من كلماتهما ولو بنقص حرف واحد منها واما تبديل حرف منها بحرف فهو على قسمين ، قسم متعارف فى تكلمات العرب وجرت عادتهم عليه في مقام المحاورة، و قسم غير متعارف كك، فالاول كتبديل النون الساكنة التي منها نون التنوين، الى جنس احد من الحروف الستة التي في لفظة يرملون و ادغامه فيه، كما قال الشاعر بالفارسي تنوين و نون ساكنة در يرملون ادغام كن، فهذا القسم من التبديل حيث لا يكون خارجا عما هو المتداول فى لسان العرب و يكون معمولا به بينهم فى مقام المحاورة ، فلا اشكال في جوازه و عدم بطلان الصلوة به، بل قد يشكل فى جواز ان ياتى بالنون الساكنة بدون القلب والادغام، و انكان هذا الاشكال في غير هو المعلوم من ان هذه القاعدة ليست متخذة من تعبد من الشرع او الواضع الملغة، بل هي قاعدة اتخذها علماء التجويد مما تداول و جرت العادة عليه فى مقام المحاورة من التبديل والادغام، بلحاظ ما فيه من التخفيف والسهولة في الجرى على اللسان، بخلاف ما اذا لم يدغم ، فان اعادة اللسان بذكر ما اداه من الحرف او ماهو قريب منه فى المخرج بلافاصلة ، ثقيلة على اللسان كما يظهر ذلك بالامتحان، ويشهد بذلك ماترى من ثبوت هذه القاعدة في جميع اللغات والالسنة ، فان اهل الفرس لو تكلموا بلفظ من رفتم او من مياهم، يدرجون نون من فى الراء في الاول ، و في الميم فى الثانى ، و مع ذلك لو تكلمم احد منهم بهاتين الكلمتين بابانة النون فيهما ، لا يقولون انه لحن فيهما ، فاذا لم يكن في الجرى على خلاف هذه القاعدة مخالفة للوضع الأولى للالفاظ ولم يحكم بكونه لحنا و غلطا ، فلاوجه للحكم بالبطلان فيما قرء لم يكن له فى سورة التوحيد بابانة النون، وعدم ابدالهالى اللام و ادغامه فى لام له وكذا لو قرء في الشهد صل على محمد وال محمد بابانة التنوين وعدم ابداله الى الواو وادغامه في واووال، واما التبديل الغير المتعارف كتبديل الحاء بالهاء والعين بالالف فلاشبهة في كونه مخالفة للوضع ولحنا وغلطا ومبطلا لو كان عن عمد، و اما تبديل لام التعريف اذا كان داخلا على الحروف الشمسية، كما في الرحمن

ص: 505

الرحيم حيث يدعم اللام فيهما فى الراء، فلا اشكال في صحته وكونه مجزيا و انما الكلام فى ان الادغام في المقام، هل هو كا لادغام فى النون الساكنة والتنوين عند التقائهما مع حروف يرملون، فيكونه من باب السهولة على اللسان ، كيلا يكون الجرى على خلافه باظهار اللام لحنا و غلطا، اوانه معتبر في قوام ذات الكلمة بمقتضى وضعها الافرادى، كما في تشديد الباء من كلمة الرب، أو التركيبي كما ادعاه بعض فى المقام، كي يكون الجرى على خلافه لحنا و غلطا و حيث لا طريق لنا الى الجزم باحد الاحتمالين، يكون مقتضى الاصل عدم وجوب الادغام، لكن لما كان المصرح به في كلماتهم هو الحكم بعدم الصحة مع اظهار اللام، فالاحوط عدم ترك الادغام، هذا فى الادغام الصغير واما الادغام الكبير الذي هو عبارة عن ادراج احد الحرفين المتحركين بعد اسكانه فى الاخر، كانا متماثلين و في كلمة واحدة كمنا سككم وما سلككم، أو في كلمتين كيعلم ما بين ايديهم و فيه هدى و طبع على قلوبهم ، اوكانا متقاربين بحسب المخرج وفي كلمة واحدة كرزقكم و خلقكم ، فان القاف والكاف متقاربان مخرجا، او في كلمتين كقوله تعالى يعلم ما بين ایدیهم، و قوله ومن زخرج عن النار فان الحاء والعين من حروف الحلق فلا قائل بوجوبه بين الاصحاب، بل يشكل الالتزام بجوازه، اذاتيان الكلمة على غير وضعها الاولى بتغيير حرفها مادة بالتبديل وهيئة بالاسكان والادغام، مع عدم كونه متداولا فى لسان العرب ومعمولا به بينهم فى مقام المحاورة، بمجرد قول بعض الفراء به، خلاف الاحتياط، لان صحة اتيانها على حسب وضعها الاولى مقطوعة، وصحة ايتانها على الوجه الذي قال به بعض القراء كيعقوب و ابي عمر غير معلومة، فالاحوط تركه واما المد فحروفه ثلثة الالف والواو الساكن المضموم ما قبله والياء الساكن المكسور ماقبله ، وسببه هى الهمزة او السكون اللازم للحرف الواقع بعد حروفه ، والمد على قسمين، الاول ان يكون حرف المد والهمزة او الحرف الساكن بعده في كلمة واحدة، مثل جاء وجييء وسوء ، ويسمى هذا القسم بالمد المتصل اللازم، الثانى ان يكون

ص: 506

حرف المد في كلمة والهمزة او الحرف الساكن بعده فى الكلمة اللاحقة بها ، مثل انا انزلناه وقالوا امنا ونوحى اليك، ويسمى هذا القسم بالمد المتفصل الجائز، والحرف الساكن بعد المد، اما ان يكون سكونه لازما، سواء كان مدعما مثل الضالين والصاخة و تحاجوني، او غير مدغم كالحروف الواقعة فى اول بعض السور مثل ق و س و ك و م، فانها تودى عند التلفظ بثلثة احرف فيقال قاف سين كاف ميم و هذا القسم يسمى بالمد اللازم، و اما يكون سكونه عارضا بسبب الوقف او الادغام العارضي، فالاول مثل يؤمنون و نستعين، فان النون الواقع فى اخر الكلمتين مفتوح في الاولى ذاتا ومضموم فى الثانية كك، ويعرض عليه السكون فيهما عند الوقف، والثانى مثل قال لهم وفيه هدى فان لام قال فى الاول وهاء فيه فى الثانى متحركان بالذات، ويعرضهما السكون بادغامهما في الحرف المماثل لهما بقرائة بعض كما مر ، وهذا القسم يسمى بالمد الجائز اذا عرفت هذا فنقول ان القدر المتيقن لزوم مراعاته في القرائة من هذه الاقسام ، هو ما كان الحرف الواقع بعد حرف المد ساكنا باللزوم، و واقعا معه في كلمة واحدة و مدعما كالضالين، لانه الذى بالاخلال به تخرج الكلمة عن وضعها الأولى مادة وهيئة مطلقا، سواء قرء بدون المداو بتخفيف اللام او بتكراره، اذ على الاول يصير الكلمة على هيئة ضلين، وعلى الثاني تصير ضالين وعلى الثالث تصير ضاللين، وكل هذه خارجة عن وضعها الاولى مادة وهيئة كما هو واضح و اماغير هذا القسم من الاقسام المذكورة فلا دليل على لزوم مراعاته وأن التزم به القراء ، ومقتضى الاصل عدم لزوم مراعاتها واما الحركات فلا اشكال في عدم جواز الاخلال بها ، فيما كانت من الحركات البنائية العارضة على اواخر الكلمات المبنية ، او الحركات الثابتة بالوضع لاوائل الكلمات ، فلو قرء كلمة كان مثلا بكسر النون وكلمة نصر بكسر النون والصاد ، يكون لحنا و غلطا لكونه على خلاف الوضع ، اذكما ان لمادة الحروف دخلا في الوضع، كك للهيئة الحاصلة لها بالحركات دخل فيه.

وانما الكلام فى الاخلال بالحركات العارضة على اواخر الكلمات المصطلح

ص: 507

عليها بالاعراب، لكونها معربة اى موضحة لوجه الكلمة من الفاعلية والمفعولية ونحوهما، فان المنسوب الى الاكثر بل المشهور بطلان الصلوة بالاخلال بها بالتبديل كنصب الفاعل و رفع المفعول، معللا بان الاعراب كيفية للقرائة، فكما يجب الاتيان بحروفها، يجب الاتيان باعرابها المتلقى عن الشارع، بل المحكى عن المدارك الحكم بالبطلان، لو تكلم بها صحيحة بمقتضى القواعد العربية، ولم تكن على طبق احدى القرائات السبع المدعى الاجماع على تواتر كلها، والمحكى عن السيد المرتضى قدس سره التفصيل ، بين ما كان الاخلال بالحركات موجبا لتغيير المعنى كما اذا قرءكلمة انعمت بضم التاء، فلا اشكال في كونه مبطلا لانها تفيد معنى غير ما تفيده كلمة انعمت بالفتح التي هي جزء للحمد، فقرائتها بالضم موجبة لنقص كلمة منه عمدا فتكون مبطلة، وبين ما لم يكن الاخلال بها موجبا لتغيير المعنى وانكان غلطا القواعد النحوية، فانه لا يوجب البطلان، لان الهيئة الشخصية وانكانت هى المتلقاة عن الشارع، لكن لامدخلية لها في صدق عنوان القرآن، لان القرآن عبارة عن اصل جوهر الالفاظ المخصوصة المنزلة ، ولذا نرى فيما اذا قرء الحمد لله بكسر الدال لا يقال انه ماقرء الحمد، بل يقال قرئه ملحونا و غلطا ، فيكون اطلاق مادل على وجوب قرائة القرآن فى الصلوة، شاملا لقرائة الالفاظ المنزلة مطلقا ولولم تكن على طبق القواعد النحوية ، فتكون مجزية كك وقيل في توضيح ماحكى عن السيد قدس سره من التفصيل، ماحاصله ان الحركات الاعرابية و انكانت موضوعة لمعنى مستقل، الا انها ليست مستقلة بالتلفظ ولا بالوضع لمعنى حتى المعنى الحرفي، بل هى موضوعة لايضاح ما فى الكلمة من معنى الفاعلية او المفعولية ونحوهما، ولذاسميت بالاعراب الذي هو بعمنى الايضاح، فهی علائم على وجود معنى الفاعلية او المفعولية او نحوهما وكالصفتية والحالية وغيرهما في الكلمة، و لا دخل لها في اصل جوهر الكلمة، وعليه فلايكون تبديلها بنصب الفاعل و رفع المفعول، الا مخلا بها بمعنى انه لم ينصب العلامة على ماجعلت علامة عليه وجود معنى الفاعلية او المفعولية،

ص: 508

ولا يوجب تبديلها تغييرا في اصل جوهر الكلمة اصلا، فليس لها دخل في جوهر الكلمة كحركات اوائل حروفها والحركات البنائية العارضة على اواخر حروف الكلمات المبنية كفتح نون ان، وانما لها دخل في كيفية قرائة الكلمة عربية و على طبق القانون العربي الصحيح ، فلايكون الاخلال بها الا موجبا لاندراج القرائة في القرائة الغير الصحيحة بحسب القواعد النحوية ، لاخروج الكلمة عن كونها الكلمة الكذائية ، ولذا نرى فيما اذا اخل بالحركات الدخيلة في جواهر الكلمة وضعا كما اذا قرء أنا هديناه بضم همزة انا وهاء هدينا ، يقال انه ما تكلم بالقرآن ، بخلاف مالواخل بالحركات الاعرابية بان قال ان الله سميعاً بصيرا بنصب العين والراء فانه لا يقال انه ما قرء القرآن ، يل يقال انه قرء القرآن غير صحيحة ، و تلفظ النبى صلی الله علیه و آله و سلّم بالكلمات القرآنية المنزلة وانكان بالنحو الفصيح بل الافصح ، لكن التعبد بنزول الكلمات الواقعة فيما بايدينا من القرآن من عند الله تعالى الذى هو الملاك في صيرورتها قرآنا منزلا من عنده تعالى ، انما ثبت بجواهر تلك الكلمات، واما الكيفيات العارضة لها بسبب الحركات الاعرابية، فلم يثبت التعبد بنزولها من عنده تعالى، اذ يحتمل ان تكون هذه الكيفيات ، من قبيل اسكان اواخر الكلمات عند الوقف. وتحريكها عند الوصل ، الناشئين من آداب المحاورة، من غير دخل لهما فى جوهر الكلمات ولاهيئائها، كى يكون الاخلال بهما مانعا عن صدق عنوان القرآنية ، فلا يكون التعبد بالنزول ملحوظا فيهما ، بل هما من الخصوصيات الملحوظة فى مقام التنطق بالكلمات، وعليه لو فرضنا ان النبى صلی الله علیه و آله و سلّم اختار في قرائة كلمة من القرآن اعرابا خاصا، فليس الخروج عنه الى اعراب آخر غیر صحیح بحسب القواعد النحوية فضلا عما اذا كان صحيحا بحسبها، مخرجا لتلك الكلمة عن القرآنية، لان الحركات الاعرابية مما جرت عليه عادة لسان العرب فى اداء الكلمات ، غاية الامر على نحو الشرطية في الصحيحة، لا الكمال كيلا يكون التخلف عنه غلطا، لكن شرطيتها في الصحة ليست بحيث يكون خلافها مخلا بجوهر الكلمة و مخرجا

ص: 509

لها عن القرآنية، ونحن لاندعى الجزم والاطمينان بعدم دخالة الحركات الاعرابية فى جوهر الكلمة وعدم التعبد بنزولها، بل نقول لااقل من الشك فى دخالتها فيه ، كيف لامع انا نرى ان من قرء الحمد لله بكسر الدال، لا يقال انه ماقرء القرآن بل يقال قرء القرآن غير صحيحة، فاذا كان القرآن صادقا على الملحون بحسب القواعد النحوية، فنقول ان مادل عليه الدليل في باب الصلوة ، هولزوم ان يكون المقرو وفيها من مصاديق عنوان القرآن، فلوقرء فيها الحمد لله بالخاء المعجمة ، لم يكن ممتثلا للامر بالقرائة، لانه اخل بجوهر الكلمة ، ولذا يقال في حقه انه ما قرء القرآن، بخلاف ما لو قرء الحمد لله بكسر الدال ، فانه ما اخل الا بالاعراب الذي لا دخل له في جوهر الكلمة، بل هو شرط فى صحتها بحسب القواعد النحوية، ولذا يقال في حقه انه قرء القرآن ملحونا وغلطا، ولم يدل دليل على اعتباركون المقرو ومضافا الى كونه قرآنا ، قرآنا صحيحا بحسب القواعد النحوية المتخذة مما تداول

في لسان العرب فى مقام التنطق والمحاورة، كي يقيد به اطلاق مادل على لزوم كون المقر ومن مصاديق عنوان القرآن انتهى ملخصا.

و يمكن ان يقال فى تأييد ماذهب اليه المشهور، انه لاشبهة فى ان القرآن المنزل من عند الله تعالى على النبي صلی الله علیه و آله و سلّم الذي كتبه امير المؤمنين علیه السّلام و يكون الان عند خاتم الاوصياء الطاهرين عجل الله فرجه كان منزلا على ماهو المتداول في لغة فصحاح العرب ، والجارى على السنتهم فى مقام اداء الكلمات والمحاورات، كما يدل عليه قوله تعالى و هذا لسان عربی و قوله انا انزلناه قرآنا عربيا، فانهما صريحان فى ان ما انزله تعالى قرآن عربی، و ظاهران باطلاقهما في انه عربي من جميع الجهات مادة وهيئة وكيفية، كما هو ايضا مقتضى ما هو المعلوم من ان القرآن المنزل كان بالنحو الفصيح الافصح، اذ لا معنى لفصاحة الكلام الامطابقته لما هو المتداول المتعارف فى تكلم فصحاء العرب ومحاورتهم الذى تكون القواعد النحوية متخذة منه، و عليه فالقرآن اسم لخصوص الكتاب المنزل على النبي صلی الله علیه و آله و سلّم، المشخص

ص: 510

بخصوصية كونه على النهج المتعارف فى تكلم فصحاء العرب و محاورتهم ، فلا اطلاق له كى يعم الملحون بحسب القواعد النحوية المتخذة مما هو المتعارف في محاوراتهم واطلاق العرب القرآن على الكلمة الملحونة منه بحسب الاعراب، انما هو من باب اطلاق اسم الكل على الجزء تجوزا ، اذ القرآن اسم لمجموع ما في الدفتين، والكلمة الملحونة اعرابا اصل جوهرها جزء من القرآن، وهذا بخلاف الملحونة مادة كالحمد لله بالخاء المعجمة ، فانها ليست جزء من القرآن كى يطلق عليها اسمه ولو تجوزا ، واما القرآن الذي بايدينا المنسوب الى العثمان ، فانه قام الاجماع و دل النص على صحة قرائته بكل من القرائات السبع ، ففى خبر سالم بن ابي سلمة قال قرء رجل على ابیعبد الله علیه السّلام وانا استمع حروفا من القرآن ليس على ما يقرئه الناس، فقال ابو عبد الله علیه السّلام كف عن هذه اقرء كما يقرء الناس حتى يقوم القائم فاذا قام القائم قرء كتاب الله على حده واخرج المصحف الذي كتبه على صلوات الله عليه، و في مرسلة محمد بن سليمان عن ابى الحسن علیه السّلام قال قلت له جعلت فداك انا تسمع الايات من القرآن ليس هي عندنا كما نسمعها ولا نحسن ان نقرئها كما بلغنا عنكم فهل نائم فقال علیه السّلام لا اقرئوا كما تعلمتم فسيجيئكم من يعلمكم ، وفي خبر سفيان بن السمط قال سئلت ابا عبد الله علیه السّلام عن ترتيل القرآن فقال علیه السّلام اقرئوا كما علمتم ولا يخفى ظهور قولهما عليهما السلام اقرئواكما يقرء الناس وكما تعلمتم في لزوم كون القرائة مطابقة لقرائة الناس فى جميع الخصوصيات ، لانه مقتضى اطلاق المثلية المستفادة من كلمة كما، ولذا حكم في محكى المدارك بالبطلان لو تكلم بالقرائة صحيحة بمقتضى القواعد العربية ، ولم تكن على طبق احدى القرائات السبع ثم لو سلمنا عدم ظهور قوله تعالى انا انزلناه قرآناً عربياً في كونه عربيا من جمع الجهات لكن نقول ان المعتبر فى قرائة القرآن في الصلوة ، هو الحكاية الحقيقية عن القرآن المنزل من عند الله الذى هو اسم لخصوص الكلام الخاص الشخصي المنزل على النبي صلی الله علیه و آله و سلّم، الغير القابل للتعدد والاختلاف، ولذا قالوا ببطلان القرائة لوقصد بها

ص: 511

استعمالها في معاينها، ومن المعلوم ان القرآن المنزل من عنده تعالى الذي تلفظ النبي صلی الله علیه و آله و سلّم، كان بالنحو الفصيح الذى هو عبارة عن التلفظ بالكلمات بالنحو المتداول في تكلم فصحاء العرب بها ، فلابد ان تكون القرائة فى الصلوة مطابقة القرآن المنزل فى جميع الجهات مادة وهيئة وكيفية ، والا لم تكن حاكية عن القرآن المنزل كما هو واضح ودعوى ان مخالفة القواعد النحوية بنصب الفاعل و رفع المفعول ، لا توجب خروج الكلمة عن كونها الكلمة الكذائية ، لان الحركات الاعرابية علائم على وجود معنى الفاعلية او المفعولية في مدخولاتها ، وليس لها دخل في جواهر الكلمة وانكانت مسلمة، الا ان مجرد عدم خروج الكلمة مادة وهيئة بمخالفة القواعد النحوية عن كونها الكلمة الكذائية ، لايوجب كون قرائتها مجزية ، مع عدم كونها حاكية عن الكلمة المنزلة من عنده تعالى الموافقة كيفية ايضا لما هو المتداول فى تكلم فصحاء العرب بها، والحركات الاعرابية وانكانت علائم وليس لها دخل في جوهر الكلمة، لكن لها دخل فيما هو الغرض من وضع الكلمات، من افادة معان تامة مقصودة من ضم بعضها الى بعض، فلواخل بها بان قال في مقام ارادة الاخبار عن ضاربية زيد و مضروبية عمرو ضرب زيدا عمرو، يفيد خلاف المقصود و عكس ما اراد الاخبار عنه كما هو واضح، وكذا لو قرء قوله تعالى انما يخاف الله من عباده العلماء برفع الله يفيد خونه تعالى من علماء عباده تعالى عن ذلك علوا كبيرا، بخلاف مالوقرء بنصب الله ، فانه يفيد العكس اعنى خوف علماء عباده منه تعالى، الذى هو المراد من الاية المباركة ، ومعه كيف يمكن ان يقال بصحة هذه القرائة الملحونة اعرابا، وكونها قرآنا فصيحا بليغا بحيث يعجز الانس والجن عن الاتيان بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهیرا و توهم ان القول بان الحركات الخاصة الجارية على حسب القواعد النحوية دخلا في صدق حكاية القرائة عن القرآن، موجب للاقتصار على تلك الحركات الخاصة التي نزل بها كلمات القرآن، وهو مناف لما ادعوا عليه الاجماع من تواتر القرائات السبع عن النبي صلی الله علیه و آله و سلّم، و لما قام الاجماع عليه وصرح به الاخبار من صحة

ص: 512

القرائة بكل من القرائات السبع ، اذكيف يمكن القول بتواتر القرائات من النبي صلی الله علیه و آله و سلّم والحكم بصحة القرائة بكل منها ، مع القول بان حكاية القرآن لا تتحقق الامع حفظ الحركات الخاصة التي نزل كلمات القرآن متكيفة ومشخصة بها ، اذعلى القول بتواتر القرائات عن النبى صلی الله علیه و آله و سلّم، لا يكون لكلمات القرآن كيفية خاصة كي الاقتصار في حكايتها على قرائتها بتلك الكيفية مدفوع اولا بان المراد من

يجب الصحابة الجمعين على تواتر القرائات السبع عن النبي صلی الله علیه و آله و سلّم، هم الصحابة الذين جعل الله الرشد في خلافهم، و معه كيف يمكن اثبات تواترها عنه صلی الله علیه و آله و سلّم باجماعهم، وثانيا ان اجماعهم على ذلك، مستند الى ما اشتهر الرواية من طريقهم عنه صلی الله علیه و آله و سلّم، من انه صلی الله علیه و آله و سلّم قال نزل القرآن على سبعة احرف كلها كاف شاف ، وروى هذا الحديث من طريق الخاصة ايضا، ففيما رواه في الخصال باسناده عن حماد ، قال قلت لابيعبد الله علیه السّلام ان الاحاديث تختلف عنكم، فقال علیه السّلام ان القرآن نزل على سبعة احرف، و ادنى ماللامام ان يفتى على سبعة وجوه ، ثم قال علیه السّلام هذا عطائنا فامنن او امسك بغیر حساب ، وفيما رواه فى الخصال ايضا باسناده عن عيسى بن عبدالله الهاشمي عن ابيه عن آبائه ، قال قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم اتاني آت من الله عزوجل فقال يأمرك ان تقرء القرآن على حرف واحد ، فقلت يارب وسع على امتى ، فقال ان الله يأمرك ان تقرء القرآن على سبعة احرف ، فلامجال للخدشة فى صدور هذه العبارة عن النبي صلی الله علیه و آله و سلّم بل ادعى تواترها عنه صلی الله علیه و آله و سلّم، لكن دعوى دلالتها على ما هو المدعى من جواز قرائة القرآن بالهيئات المختلفة والحركات المختلفة ، ممنوعة جدا ان الاحرف ظاهرة فى اللغات، فالمعنى ان القرآن نزل على سبعة لغات ، فان لهجة طوائف العرب مختلفة عند التكلم بكلمة واحدة ، فطائفة منهم ينطقون بالكاف مكان الجيم ، فيقولون الحكر مكان الحجر ، وطائفة ينطقون بالميم مكان لام الجنس كماة القائل منهم في مقام السئوال عن جواز الصوم فى السفرا من م برم صيام فم سفر.

وكيفكان فالكلام في المقام يقع فى امور ثلثة الاول في فقه هذين الخبرين

ص: 513

وان المراد مما ذكر فيهما من سبعة احرف هل هو الاقسام التي ذكرها امير المؤمنين علیه السّلام فيما رواه الاصحاب عنه علیه السّلام، من قوله علیه السّلام ان الله تبارك و تعالى انزل القران على سبعة اقسام كل قسم منها كاف شاف ، و هي امر وزجر وترغيب وترهيب وجدل و مثل و قصص ، او المراد منه هو انه كما ان فى القرآن عاما و خاصا مطلقا ومقيدا ناسخا و منسوخا فكذا فى احاديثنا ، اوليس المراد من سبعة احرف ما ذكر من الاقسام المذكورة الثانى فيما فرعه الامام علیه السّلام فى خبر حماد عليهذه العبارة من قوله علیه السّلام و ادنی ما للامام ان يفتى على سبعة وجوه الثالث في الجمع بين هذين الخبرين المصرحين بان القرآن نزل على سبعة احرف ، ومادل من الاخبار على ان القرآن نزل على حرف واحد من عند واحد ، كخبر زرارة عن ابيجعفر علیه السّلام انه علیه السّلام قال ان القران واحد نزل من عند واحد ولكن الاختلاف يجييء من قبل الروات، و خبر الفضل بن يسار قال قلت لابيعبد الله علیه السّلام ان الناس يقولون ان القرآن نزل على سبعة احرف فقال علیه السّلام كذبوا اعداء الله و لكنه نزل على حرف واحد من عند الواحد.

اما الكلام في فقه ما فى الخبرين المصرحين بان القرآن نزل على سبة احرف، فنقول اما الخبر المروى عن حماد ، فالظاهر عدم كون المراد من سبعة احرف المذكورة فيه هو الاقسام المذكورة ، اما عدم كون المراد من سبعة احرف الاقسام التي ذكرها امير المؤمنين علیه السّلام، فلان السؤال فيه وقع عن وجه اختلاف الاحاديث المروية عنهم علیه السّلام، فالمناسبة بينه و بين الجواب بقوله علیه السّلام ان القرآن نزل على سبعة احرف وتفريعه علیه السّلام عليه قوله علیه السّلام و ادنى ما للامام ان يفتى على سبعة وجوه،

تقتضى كون المراد من سبعة احرف، هو ما ورد في بعض الاخبار من ان للقران ظهرا وبطنا و لبطنه بطنا الى سبعة ابطن، فانه اشارة الى ما للاحكام من الاختلاف بحسب اختلاف اقتضاء مصلحة الوقت، فانها تارة تقتضى فى وقت جعل حكم الموضوع على نحو الاطلاق، واخرى جعل ذلك الحكم او حكم اخر لذلك الموضوع مقيدا بقيدو ثالثة لذلك الموضوع مقيدا

ص: 514

بقيد اخر ايضا و هكذا، فاذا كان ظاهر القرآن حكما عاما اقتضته مصلحة الوقت، و اريد منه في الباطن الخاص اذا اقتضته مصلحة وقت اخ ، والاخص فيما اقتضته مصلحة وقت ثالث، والاخص من الاخص فيما اقتضته مصلحة وقت رابع و هكذا، فحيث ان علم هذه المرادات الباطنية الطولية مختص بالامام علیه السّلام و تكون نفسها مودعة عنده ليحكم بها عند اقتضاء مصلحة الوقت، فهو علیه السّلام ان راى ان مصلحة الوقت مقتضية المحكم بما هو ظاهر القرآن یفتی به، وان رای آن مصلحته مقتضیته للحكم بما اريد منه فى الباطن يفتی به، وان راى ان مصلحة الوقت مقتضية للحكم بما اريد منه في باطن الباطن يفتى به، وهكذا الحال الى ان ينتهى الى سبعة ابطن ومما استفدناه من الخبر يظهر الوجه فيما فرعه علیه السّلام بقوله وادنى ما للامام ان يفتى على سبعة وجوه و اما عدم كون المراد من سبعة احرف هو الاقسام المذكورة ثانيا اعنى العام والخاص والمطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ ، فلان هذه الاقسام ستة لاسبعة، ولان قوله علیه السّلام فى خبر حماد ان القرآن نزل على سبعة احرف، حيث وقع جوابا للسؤال عن وجه اختلاف الروايات عنهم علیه السّلام، فيكون من قبيل الاستدلال فلا يناسب ان يكون المراد منه انه كما ان فى القران عاما وخاصا و مطلقا و مقيدا و ناسخا و منسوخا فكذا في اخبارنا ، فانه صرف قیاس و جواب نقضى لا يناسب مقام الاستدلال ، هذا مضافا الى انه لا يبقى عليهذا الحمل ، معنى لما فرعه علیه السّلام عليه بقوله وادنى ماللامام ان يفتى على سبعة وجوه ، لان كون القرآن مشتملا على العام والخاص والمطلق والمقيد والناسخ المنسوخ ، يوجب تخصيص العام بالخاص وتقييد المطلق بالمقيد وتقديم الناسخ على المنسوخ ، ونتيجة ذلك ليست الاجواز الافتاء بثلثة وجوه لا سبعة كما هو واضح و اما الخبر المروى عن عيسى بن عبدالله الهاشمي، فالظاهر عدم كون المراد منه هى القرائات السبع ، لما مر من ان الظاهر من الحرف هو اللغة ، فالتعبير عما اختلف القراء فيه من وجوه القرائة هيئة و اعرابا ، بالاحرف ، خلاف الظاهر جدا ، هذا مضافا الى ان قرائة الكلمة بهيئة واحدة و اعراب واحد، لا يضيق

ص: 515

فيها، كي يكون في جواز قرائتها بهيأت واعرابات مختلفة توسعة على الامة ، وهذا بخلاف ما اذا كان المراد من سبعة احرف، هي اللغات التى تكون مختلفة بحسب اختلاف طوائف العرب وبلادهم كما اشرنا اليه فيما مر، اذحينئذ يكون في جواز قرائة كل طائفة القرآن بلغتهم توسعة عليهم، بخلاف ما اذا كان جميع الطوائف ملزمين بالتنطق بالفاظ الفران بلغة طائفة خاصة من اهل الحجاز، فان فيه تضييقا هو واضح ، ومما ذكرنا في فقه الخبرين، من ان المراد من الأول تقسيم الايات القرانية الى الظهر والبطن، و من الثاني الترخيص فى القرائة بسبع ظهر انه لاتنافى بينهما، و بین مادل على ان القرآن نزل على حرف واحد من عند واحد، و بالكف عن القرائة بما فى المصحف الذي كتبه على علیه السّلام دعاً للمخالفين عما تخيلوه من ان المراد من سبعة احرف في النبوى هي صلی الله علیه و آله و سلّم القرائات السبع فتحصل مما ذكرنا كله ان تواتر القرائات السبع عن النبي صلی الله علیه و آله و سلّم غير ثابت، بل خلافه ثبت بما دل من الاخبار الصريحة فى نفيه السليمة عما يعارضها، ولذا حمل بعض دعوى تواتر القرائات على تواترها عن القراء ، و بعض على تواتر وجود قرائة النبي صلی الله علیه و آله و سلّم بين قرائاتهم، وبعض على تواترها عن الائمة عليهم السّلام،

بمعنی تجویز هم عليه السّلام قرائتها والاكتفاء بها عن قرائة القرآن المنزل ، و بعض على ان المراد من تواترها هو السيرة العملية الجارية من المسلمين في جميع الاعصار والامصار ، فى قرائتهم القرآن مطلقا في الصلوة وفي غيرها، على اتباع القرء ومراعاة قرائتهم من دون ترجيح بينهم كما هو المتداول بينهم في عصرنا ، فان من المقطوع ان ذلك ليس امرا مستحدثا ، بل هو مستمر من زمن الائمة المعصومين صلوات الله و سلامه عليهم اجمعين ، وهم عليه السّلام لم يردعوا عنه بل امروا باتباع قرائتهم، كما دلت عليه الروايات المروية عنهم عليه السّلام التي تقدم ذكر بعضها ومقتضى امرهم عليهم السلام و اتباع قرائة القراء السبعة، هو جواز الاجتزاء بقرائاتهم في مقام تفريغ الذمة عن التکلیف بقرائة القرآن، بل مقتضى اطلاق امر هم عليه السّلام باتباع قرائة، هولاء، هو جواز الاكتفاء بقرائاتهم ولو مع العلم بعدم موافقتها للقران المنزل

ص: 516

و توهم ان هذه الاخبار ليست الا في مقام الردع عن القرائة بما في مصحف مولانا امير المؤمنين صلوات الله عليه، من الكلمات التي اسقطوها راسا ، اوغرواهیئتها، كما في قوله تعالى كنتم خير امة الذي ورد في الخبر انه كان في الأصل كنتم خير ائمة ، وكما في قوله تعالى واجعلنا للمتقين اماما الذي ورد انه كان في الاصل واجعل لنا من المتقتين اماما، ولا تكون مسوقة فى مقام تاسيس الحكم باتباع القرآن، كي يقال ان مقتضى اطلاقها جواز الاخذ بقرائة ايهم شاء المكلف ولو علم بمخالفتها للقران المنزل مدفوع بان الظاهر من سوق هذه الاخبار ، كونها مسوقة في كلا المقامين، اعنى ردع الناس عن القرائة بما في مصحف امير المؤمنين علیه السّلام، و ارجاعهم الى القرائات السبع المعروفة بيتهم فلاباس بالاخذ باطلاقها في مقام الارجاع الى الفرائات ، وليس الحكم بقرائة القرآن كما يقرء الناس ، من جهة طريقية قرائتهم الى القران الواقعي ، كي يسقط قرائاتهم عن الحجية مع العلم بمخالفتها للقران الواقعى ، بل الحكم بها من باب السببية ، وكون نفس الموافقة لقرائة هؤلاء ذات مصلحة اقتضت الأمر بها نفسا ، و يدل على ذلك ما في خبر سالم بن ابي سلمة، من امره علیه السّلام بالقرائة كما يقرء الناس، بعد فرض السائل مخالفة ما يقرئه الناس للمصحف الواقعي، اذ مع هذا الفرض لا يصح ان يكون الامر بموافقة قرائتهم من باب الطريقية كما هو واضح، فاذا كان الامر بمتابعة القراء في القرائة بنحو السببية، فمع اتفاقهم في قرائاتهم لا اشكال في جواز اتباعهم فيها، وامامع اختلافهم، فحيث ان المفروض ان فى اتباع كل قرائة من قرائاتهم مصلحة فيكون المكلف مخبرا في اتباع ماشاء منها، كما هو الحكم عقلا في مطلق المتزاحمين من الواجبات كما في انقاذ الغريقين وتوهم ان التزاحم بين الحكمين انما يقع فيما اذالم يكن المكلف قادرا على الجمع بينهما في مقام الامتثال كما في المثال ، وما نحن فيه ليس كك ، لان الجمع باتباع كل من القرائتين المختلفتين بتكرار الصلوة ممكن ومعه لاوجه للحكم بالتخيير الذي يحكم به العقل في مطلق المتزاحمين، في المقام الذى لا تزاحم فيه بين القرائتين المختلفتين في مقام الاتباع مدفوع بان الجمع بين القرائتين بتكرار الصلوة وانكان ممكنا، لكن المصلحة الموجبة للامر باتباع

ص: 517

قرائات هؤلاء، حيث تكون قائمة بصرف الوجود منه المتحقق باتباع احداها ، فيكون المكلف مخيرا فى تعيين ذلك الصرف فيما شاء منها، فالتمثيل لما نحن فيه بالغريقين ، انما هو في كون انقاذ كل منهما ذا مصلحة وكون الحكم بالتخيير فيهما عقليا، لا في جميع الجهات التي منها عدم القدرة على الجمع بينهما فتبصر.

المسئلة الرابعة في حكم من لا يحسن القرائة لعدم تمكنه من التعلم لضيق الوقت ، وقد تقدم انه يجب عليه الايتمام مع التمكن منه ، اواتباع القارى او القرائة من المصحف، و اما لولم يتمكن من شيء من الثلثة المذكورة ، فلايخلو من انه اما ان يحسن بعضاً منها ، أو لا يحسن شيئا منها ، فعلى الاول ان كان ما يحسنه منها هو الحمد فقط او هو مع بعض السورة، فيجزى فى حقه الحمد وحده في الصورة الاولى، و مع ما يحسنه من بعض السورة فى الصورة الثانية ، ولاخلاف فى انه ليس عليه التعويض عما لا يحسنه مطلقا سواء كان تمام السورة او بعضها ، لعدم قيام دليل على وجوبه ومقتضى الاصل عدمه، وانكان ما يحسنه منها بعض الحمد ، فانكان البعض الذي يحسنه منه يصدق عليه القرآن عرفا في حد نفسه عليه القرآن عرفا في حد نفسه و مع قطع النظر عن القارى ، فلا اشكال ولا خلاف فى وجوب قرائة ذاك البعض عليه ، بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه ، وانما وقع الخلاف فى انه هل يجب عليه التعويض عن البعض الذي لم يحسنه اولا، فالمحكى عن ظاهر الشرايع واللمعة وصريح المعتبر والمنتهى هو الثاني، وهو المختار للاستاد دام ظله ، للاصل بناء على المختار من القول بالبرائة فی دوران الامر بين الاقل والاكثر الارتباطيين، بعد عدم قيام دليل على وجوب التعويض کی يكون حاكما عليه ، مضافا الى كون الامر بالقدر المتمكن من القرائة مقتضيا للاجتزاء به والمحكى عن المشهور هو الاول، وهو المختار لشيخ مشايخنا الانصارى قدس سره، واستدلوا عليه بامور منها انه مقتضى الاحتياط اللازم في العبادة، ومنها ان كل مادل على لزوم البدل عند تعذر جميع الحمد دل علی از و مه عند تعذر كل جزء منه، ومنها عموم قوله تعالی فاقرئوا ما يتسر من القرآن، ومنها عموم قوله علیه السّلام لاصلوة الابفاتحة الكتاب

ص: 518

خرج الصلوة المجردة عنها المشتملة على بدلها، ومنها قوله علیه السّلام في علل فضل الفاتحة على سائر السورانما أمر الناس بالقرائة فى الصلوة لئلايكون القرآن مهجورا مضيعا ، الى ان قال علیه السّلام و انما بدء بالحمد دون غيره من السور لانه جمع فیه من جوامع الخير والحكم مالم يجمع في غيره ، فان ظاهرها يدل على ان مهية القرائة مطلوبة فى نفسها لحكمة عدم هجر القرآن ، وان خصوصية الفاتحة لحكمة اخرى، ففقد الخصوصية لا يوجب سقوط المهبة، ومنها ان النبي صلی الله علیه و آله و سلّم امر الاعرابی بالتسبيحات الاربع، مع بعد ان يكون جاهلا بالتسمية بل و بضم كلمتى رب العالمين الى التحميد الذى هو من اجزاء التسبيحات، فيحصل له ثلث ايات التي يطلق عليها القران ، فلولا وجوب التعويض ولو بالذكر لاستغنى بالايات الثلث عن الذكر.

وهذه الادلة لاتخلو عن الخدشة اما الاول منها فلا بتنائه على القول بالاشتغال في دوران الأمر بين الاقل والاكثر الارتباطيين، وقد حققنا في محله ان الاقوى فيه هو القول بالبرائة، واما الثانى فلانه لا اشعار فيه باعتبار التعويض بدلا عن كل جزء فضلا عن دلالته عليه، واما الثالث فللمنع عن ارادة قرائة القرآن في الصلوة، سلمنا لكن نمنع عن ارادة قرائة جميع ما يتسر منه بل ليس المقصود به ذلك قطعا، فلابد ان يكون المقصود به بعض ما يتسر وهو صادق على بعض الفاتحة، واما الرابع فلانه وارد في حق القادر على قرائة فاتحة الكتاب لا مطلقا، كيف والا للزم سقوط الصلوة عمن لا يقدر عليها مع ان الصلوة لا تسقط بحال، فاذا لم تكن الصلوة ساقطة بحال ولو مع العجز عن الفاتحة، فلازمه عدم اعتبارها الامع القدرة عليها، فاذا لم تكن معتبرة فى حال العجز عن الفاتحة، فلازمه عدم، فلازمه عدم اعتبارها الا مع القدرة عليها، فاذا لم تكن معتبرة في حال العجز عنها، فلا معنى لوجوب شيء اخر بدلا عنها، ولوسلم صحة ايجاب شيء اخر بدلا عنها، لكن ايجابه يحتاج الى دليل، ولا دليل عليه و مقتضى الاصل عدمه والبرائة عنه ، واما الخامس فلان غاية ما يستفاد من الخبر، هي مطلوبية القرائة في نفسها لحكمة عدم هجر القرآن، و هذه الحكمة تتحقق بقرائة

ص: 519

بعض الفاتحة ايضا، فمن الممكن حينئذ ان لا يكون مطلوبية خصوص الفاتحة الا لكون، مجموعها مما يقتضيه حكمة اخرى، لا لكون كل جز منها كك كى يجب الاتيان بعوضه عند تعذره، وعليه فلا يفهم من الخبر ازيد من مطلوبية مسمى قرائة القرآن عند تعذر مجموع الفاتحة، وهو يحصل بقرائة بعضها مما يصدق عليه عنوان القرآن، بانكان بهيئة خاصة غير موجودة الا في القرآن ، كما اذا كان قادرا من الحمد على البسملة والتحميد وكلمنى الرحمن الرحيم، بخلاف ما اذاكان قادرا على واحدة هذه الثلثة ، فانه لا يصدق عليها عنوان القرآن عرفا ، فلا يقال لمن قرء البسملة انه قرء القرآن واما السادس ، فلان قول النبي صلی الله علیه و آله و سلّم للاعرابي واذا قمت الى الصلوة فاذا كان معك قرآن فاقرئه والا فاحمد الله وهلله وكبره ، ظاهر فى كون الاذكار الثلثة عوضا عن جميع القرائة الواجبة لاعن بعضها ، و حمله على ارادة الجمع بين الاذكار والايات الثلث المفروض تمكنه من قرائتها ، بمقتضى استبعاد كونه جاهلا بها ، کی يدل على وجوب التعويض عما لا يتمكن منه ولو بالذكر ، انما يصح لوكان المراد من القرآن في قوله صلی الله علیه و آله و سلّم فاذا كان معك قرآن فاقرء به ، مطلق ما يصدق عليه القرآن من الالفاظ القرانية، وهذا خلاف الظاهر، اذا القرآن اسم لمجموع ما بين الدفتين، واطلاقه على بعضه انما هو من باب تسمية الجزء باسم الكل تجوزا، فالمراد بالقرآن فيهذا الجز جميعه، فالمعنى هوانه انكان معك قرآن فاقرء الحمد منه وان يكن معك قرآن تقرء بالحمد منه فأحمد الله وهلله وكبره وعليه فلادلالة لهذا الخبر على حكم من يحسن بعضا من الفاتحة، کی یكون الاذكار الثلثة عوضا عن البعض الذى لا يحسنه منها هذا تمام الكلام فيمن كان قادرا على بعض الفاتحة واما من لا يكون قادرا على شيء منها ، فان لم يكن قادرا على غيرها من القرآن فيجب عليه التعويض بالذكر ، و ان كان قادرا على غيرها من القرآن فحيث ان تكليفه مردد بين المتبائتين وهما التعويض من القران والتعويض من الذكر ، فيجب عليه الجمع بينهما تحصيلا للبرائة اليقينية عما اشتغلت ذمته به يقينا من احدهما المردد بينهما.

ص: 520

المسئلة الخامسة في حكم من لا يحسن القرائة صحيحة ولم يتمكن عن

التعلم لضيق الوقت ولا عن الايتمام ، ولكن تمكن من الاتيان بمسماها ، بانكان قادرا على قرائتها مع اللحن فى اعرابها و حروفها ، كما هو الغالب في عوام العجم و في حكم الاخرس اما الاول فلا اشكال بل لاخلاف ظاهرا فى انه مكلف بما يتسر له من قرائتها، لانه مقتضى الاصول المقررة فى الشريعة من عدم سقوط الصلوة بحال، وعدم التكليف بغير المقدور، و عدم سقوط الميسرور بالمعسرور، هذا مضافا الى الاخبار الخاصة الدالة على الاكتفاء بهذه القرائة الملحونة في حق العاجز، كرواية مسعدة بن صدقة المروية عن قرب الاسناد ، قال سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام بقول انك قدترى من المحرم من العجم لا يراد منه ما يراد من العالم الفصيح، وكذلك الاخرس في القرائة والصلوة والتشهد وما اشبه ذلك ، فهذا بمنزلة العجم المحرم لا يراد منه ما يراد من العاقل المتكلم الفصيح ورواية السكونى عن الصادق علیه السّلام عن النبي صلی الله علیه و آله و سلّم، قال علیه السّلام قال النبي صلی الله علیه و آله و سلّم ان الرجل الا عجمى من امتى ليقرء القران بعجميته فترفعه الملائكة على عربيته، و في الخبر عنه صلی الله علیه و آله و سلّم ان سين بلال شين عند الله تعالى، فان المستفاد من هذه الاخبار ، ان المتعين عليهذا العاجز ما يتمكن منه من القرائة الملحونة، لا الانتقال الى البدل من قران او ذكر واما الثانى اعنى الاخرس، فلاخلاف على الظاهر فى ان عليه ان يحرك لسانه ناويا به الحكاية عن القرائة ويشير باصبعه الى الفاظها، لان هذا هو الميسور منها فى حقه ، ويدل عليه خبر السكونى عن الصادق علیه السّلام قال تلبية الاخرس وتشهده وقرائة القرآن في الصلوة، تحريك لسانه و اشارته باصبعه ، والمحكى عن بعض انه يعتبر في حقه ان يقصد معنى الفاتحة والسورة و يؤديها بالاشارة ، على جسما هو عادة الاخرس من تادية مقاصده بالاشارة وفيه اولا ان اعتبار ذلك منفى بالاصل واطلاق الخبر، و ثانيا ان قصد المعنى ليس مطلوبا من ،احد كيف وقد مر ان المامور به في القرائة هو حكاية الفاظها النازلة من عند الله، فقصد المعنى اجنبي عما هو المامور به ثم ان مقتضى

ص: 521

اطلاق الخبر، و انكان عدم الفرق فيهذا الحكم، بين ما اذا كان الاحرس ممن كان الالفاظ القرانية بل قرئها فى صلوته ثم عرضه الخرس، و بين من ولد اخرسا ولم يسمع لفظا اصلا بل لم يعلم بوجود كلام فضلا عن القرائة، وحينئذ يشكل بان تحريك اللسان بقصد الحكاية عن القرائة والاشارة بالاصبع الى الفاظها، لا يتمشى علم ولو اجمالا بان فى عالم الوجود الفاظا، ومعه كيف يصح الامر بهما في حق من لا يعلم بوجود لفظ فى العالم فضلا عن الالفاظ القرآنية ومعناها، فلابد من حمل الخبر بقرنية مافيه من ذكر الاشارة المتوقفة على وجود ما يشار اليه، على خصوص من يمكن تفهيمه شيئا من الفاظ القرائة او معناها، كي يقصدها بحر كة لسانه و يشير اليها باصبعه ، فمن لم يمكن تفهيمه ذلك فليس عليه تحريك اللسان و اما توهمانه كان واجبا مع القرائة فيجب مع تعذرها لكونه میسورا لها، ففيه مالا يخفى وهل يتعين عليه الايتمام مع تمكنه منه اوهوم خير بينه وبينهما وجهان، من ان صلوة المقتدى صلوة المختار بل هى اكمل افرادها، ومع التمكن منها لاتصل النوبة الى الصلوة المجعولة للمضطر، ومن ان مادل على الاكتفاء بتحريك اللسان والاشارة بالاصبع، يقتضى باطلاقه كونهما في حق الاخرس بمنزلة القرائة في حق القادر، فكما ان القادر مخير بين القرائة والايتمام، كذلك هذا العاجز مخير بين تحريك اللسان والاشارة والايتمام ويرد على الوجه الاول بان وجوب الايتمام عليه، مستلزم لتخصيص عموم مادل على استحباب الجماعة بالنسبة الى جميع المكلفين بالنسبة الى الفرد، هذا مضافا الى عدم الخلاف في عدم لزوم الجماعة عليه ، واستلزام لزومها عليه دائما وفي جميع صلواته العسر والحرج غالبا فيكون منفيا بنفيهما فتامل ، و عليه فلا مانع عن شمول عموم ادلة استحباب الجماعة له ، لانه حينئذ و انکان اتیان جميع صلواته جماعة حرجيا ، الا انه ليس وقوعه في الحرج مستندا الى جعل الشارع، كي ينفى بقوله تعالى ماجعل عليكم في الدين من حرج ويرد على الوجه الثاني ، بان اطلاق دليل هذا الحكم لو كان مقتضيا لكون تحريك اللسان

ص: 522

بمنزلة القرائة في حق القادر بحيث يكون عدلا للايتمام ، للزم عدم وجوب التعلم على العاجز وان علم بعدم تمكنه من الايتمام، لان بتركه التعلم يدخل في موضوع من يجب عليه تحريك اللسان الذى هو مثل القرائة ، وبعبارة اخرى اذاكان العاجز عن القرائة مخيرا بين تحريك اللسان والايتمام، فيكون التكليف بكل منهما في عرض التكليف بالاخر، ويكون القدرة والعجر منوعين للموضوع كالحضر والسفر، و عليه فلا اثم عليه في تحصيله العجز عن القرائة بترك التعلم لانه حينئذ يكون كتحصيل السفر و هذا خلاف ما حقق في محله من ان الاحكام الاضطرارية في طول الاحكام المجعولة للعناوين الاولية، بمعنى ان المصلحة التامة الملزمة قائمة بالفعل المقيد بخصوصية خاصة، الا انه لما كان ايجابه قبيحا عقلا بالنسبة الى العاجز عن

تلك الخصوصية، وكان الفعل الفاقد للخصوصية المعجوز عنها واجدا لبعض ما للواجد لها من المصلحة التامة، جعل الفاقد لها فى حق العاجز عنها لئلا تفوت عنه المصلحة بالكلية، فاذا كان المصلحة التامة الملزمة قائمة بالفعل الواجد للخصوصية، فلايجوز للمكلف تفويت تلك المصلحة التامة الملزمة، بتحصيل العجز عن تلك الخصوصية بترك التعلم، هذا بحسب مرحلة الثبوت و اما فى مرحلة الاثبات، فنقول اذا كان القيد المأخوذ فى الدليل الاولى من القيود المعتبرة في الهيئة عقلا، كما اذا قال اولاصل مع القرائة ثم قال وان عجزت ولم تقدر على القرائة فحرك لسانك ، فان الدليل الثاني يكشف عن ان الدليل الاول مشروط بالقدرة، وحيث ان القدرة من القيود المعتبرة فى الهيئة عقلا لقبح توجيه الامر نحو العاجز، فلا يبقى للدليل الثانى ظهور في ازيد من تقييد الدليل الاول هيئة، و يبقى اطلاق الدليل الاول مادة الكاشف عن وجود المصلحة التامة الملزمة فى المصلحة التامة الملزمة فى كل من حالتى القدرة والعجز بحاله، غاية الامر سقط الامر به لمكان العجز عنه، وأمر بالصلوة مع تحريك اللسان قاصدا به امتثال الامر المتعلق بالقرائة، لكونه واجد البعض ما للصلوة مع القرائة من المصلحة التامة ومالا يدرك كله لا يترك كله.

ص: 523

الامر الخامس فيما يتعلق بثالثة المغرب والاخير تين من الرباعية ، وفيه مسئلتان الاولى ان المصلى يكون فى ثالثة المغرب والاخيرتين من الظهرين والعشاء، مخيرا بين قرائة الفاتحة والتسبيحات الاربع ، ولاخلاف على الظاهر في كون كل منهما مجزيا مطلقا سواء كان المصلى منفردا او جامعا اماما او مأموما ، ولا اشكال فى ان التخيير بينهما يكون على وجه التساوى بالنسبة الى المنفرد ، دون الجامع سواء كان اماما او مأموما ، فان فيه تفصيلا سيجئى انشاء الله تعالی بیانه وكيفكان فيدل على اصل التخيير جملة من الاخبار ، منها خبر على بن خنطلة عن ابيعبد علیه السّلام قال سئلته على الركعتين الاخيرتين ما اصنع فيهما فقال علیه السّلام ان شئت فاقرء فاتحة الكتاب وان شئت فاذكر الله فهو فيه سواء ، قال قلت فاى ذالك افضل فقال علیه السّلام هما والله سواء ان شئت سبحت وان شئت قرأت ، و منها صحيح عبيد بن زرارة قال سئلت ابا عبد الله علیه السّلام عن الركعتين الاخيرتين من الظهر ، قال علیه السّلام تسبح وتحمد الله وتستغفر لذنبك وان شئت فاتحة الكتاب فانها تحميد ودعاء ، ومنها غير ذلك من الاخبار لكن لابد من رفع التعارض بينها وبين جملة من الروايات الواردة في البناب، وهي على طوائف الاولى ما تدول على تعين القرائة في الاخيرتين على من نسيها في الاولتين ، كرواية الحسين بن حماد عن ابيعبد الله علیه السّلام، قال قلت له اسهو عن القرائة فى الركعة الأولى ، قال علیه السّلام اقرء في الثانية ، قلت اسهو في الثانية ، قال اقرء في الثالثة ، قلت اسهو في الصلوة كلها ، قال علیه السّلام اذا حفظت الركوع والسجود تمت صلوتك ، وهذه الرواية وانكانت اخص مطلقا بالنسبة الى الاخبار المتقدمة ، لكنها المعارضتها في خصوص موردها ، بصحيحة معوية بن عمار عن ابيعبد الله علیه السّلام، قال قلت الرجل يسهو عن القرائة في الركعتين الاولتين فيذكر فى الركعتين الاخيرتين انه لم يقرء ، قال علیه السّلام اتم الركوع والسجود، قلت نعم، قال علیه السّلام انى اكره ان اجعل آخر صلوتی اولها، وسقوطها عن الاعتبار بالمعارضة مع الصحيحة، امالترجيح الصحيحة عليها او لتكافوئهما وتساقطهما، يكون المرجع عموم الاخبار المتقدمة

ص: 524

الدالة على التخيير توضيح ذلك هوان الظاهر من صحيحة ابن عمار، ان السائل توهمانه لوكان التخيير بين القرائة والتسبيح ثابتا فيهذا الفرض ايضا واختار التسبيح فى الاخيرتين ، لزم بطلان الصلوة لخلوها عن القرائة رأسا الموجب لبطلانها، لقوله صلی الله علیه و آله و سلّم علیه السّلام والصلوة الا بفاتحة الكتاب ، ولذا زعم ان الركعتين الاخيرتين فيهذا الفرض تقومان مقام الاولتين في تعين الفاتحة مع السورة فيهما ، فاجاب الامام علیه السّلام لدفع هذا الزعم ، بقوله علیه السّلام انى اكره ان اجعل آخر صلو في اولها، ولا يخفى ان المراد من هذا الجواب، سواء كان عدم الجعل بحسب الفتوى ، كي يكون المعنى انى لا احكم بقيام آخر صلوتى مقام اولها في تعيين القرائة فيه، أو كان المراد عدم الجعل بحسب العمل كي يكون المعنى انى لا اعامل مع الاخيرتين معاملة الاولتين بان اقرء الفاتحة والسورة فيهما بعنوان التعين ، يكون كالنص في ان نسيان القرائة فى الاولتين لا يوجب تغييرا فيما هو الوظيفة فى الاخيرتين من التخيير بين الفاتحة والتسبيح ، فتكون الصحيحة معارضة لرواية ابن حماد، وحينئذ ان قلنا بان الرواية لاجل ضعفها سندا و اعراض الاصحاب عن ظاهرها، ساقطة في نفسها عن الاعتبار ، فلا تصلح للمعارضة مع الصحيحة، وان اغمضنا عن ذلك ، فنقول بتقديم الصحيحة لصحتها و موافقتها للسنة اعنى عمومات اخبار التخيير و توهم ان مع الاغماض عن ذلك لا مجال للرجوع الى المرجحات بعد امكان الجمع بينهما، بحمل الصحيحة على كراهة جعل آخر الصلوة كاولها ، فى الاتيان بما هو الوظيفة في الاولتين من قرائحة الفاتحة مع السورة في الاخيرتين على انه وظيفتهما فيهذه الصورة ، اذحينئذ لاتنافى بينه وبين تعين الفاتحة وحدها في الاخيرتين كما هو مفاد رواية ابن حماد مدفوع اولا بان مورد السؤال في كلتا الروايتين هو السهو عن القرائة في الاولتين ، فالمراد بها انكان مجموع الفاتحة والسورة ، فليكن كك في كليتهما ، وانكان المراد بها الفاتحة وحدها فكك، فالتفكيك بينهما بالحمل على المجموع في احديهما و على الفاتحة فى الاخرى لاوجه له وثانيا بانه لوكان المراد من القرائة في الصحيحة

ص: 525

هو المجموع ، لزم عدم كون ما اجاب به الامام علیه السّلام جوابا عما سئله السائل من ان وظيفته فيهذه الصورة هل هو الحمد على نحو التعيين او التخيير بينه وبين التسبيح ان من المعلوم ان كراهة الجمع بين الفاتحة والسورة في الاخيرتين التي هي مؤدى اذ جواب الامام علیه السّلام، لا تبين ما هو وظيفة السائل من الحمد معينا او التخيير، لانه لا يفهم من هذا الجواب الاكراهة الجمع بين الفاتحة و السورة في الاخيريين، واما ان ماعليه هل هو قرائة الفاتحة وحدها اوانه مخير بينها وبين التسبيح، فلا يكاد ان يستفاد منه كما هو واضح وثالثا بان قوله علیه السّلام في الصحيحة انى اكره ان اجعل آخر صلوتی اولها ، ظاهر فیان آخر الصلوة بعد طرو نسيان القرائة يكون على حاله قبل طروه من ثبوت التخيير فيه ، فتكون الصحيحة معارضة ، مع رواية ابن حماد الدالة على تعيين القرائة فى الثالثة ، بملاحظة نسيانها فى الاولتين ، و يكون النسبة بينهما التبائن، وقد عرفت ان الترجيح مع الصحيحة ، و مع الغض عنه يكون المرجع عمومات ادلة التخيير وتوهم ان التعارض فرع عدم امكان الجمع عرفا ، وهو في المقام ممكن وهو بان يقال ان غاية ما يدل عليه الصحيحة هوان ما هو الوظيفة في الاخيرتين لا يتغير بطرو نسيان القرائة فى الاولتين، وهذا لاينافى مع افضلية القرائة فى الاخيرتين مع نسيانها في الاولتين، فيحمل الامر بالقرائة في رواية ابن حماد على الفضل جمعا بينهما مدفوع بان مقتضى عدم تغيير ما هو الوظيفة في الاخيرتين بطر ونسيان القرائة فى الاولتين، هو افضلية التسبيح اومساواته

مع القرائة فتكون معاوضة لرواية ابن حماد بناء على حملها على افضلية القرائة و هذاكر على ما فر منه هذا كله مضافا الى امكان المنع عن اخصبة الرواية عن الصحيحة ، ودعوى كونهما متبائنتين ، توضيح ذلك هو ان ما يوهم اخصيتها هو كون موضوع الامر بالقرائة فى الثانية هو السهو عنها في الاولى ، وهذا ممنوع جدا اذ من المعلوم ان نسيان القرائة في الركعة الأولى لا مدخلية له في ايجابها في الثانية، ضرورة ان القرائة فى الثانية واجبة مطلقا كان اتيا بالقرائة في الاولى اوتاركا لها

ص: 526

سهوا، فليس الامر بالقرائة فى الثانية عند نسيانها في الاول-ى الا لتسلية خاطر المصلى ، لئلا يغتم على فوت القرائة عنه في الاولى بعد كون الثانية بنفسها ايضا محلا لها ، و حاصله انك ان فاتتك القرائة الواجبة فى الاولى لم نفتك القرائة الواجبة فى الثانية ، وبقرنية وحدة السياق يظهرانه لا موضوعية لنسيان القرائة في الثانية فى وجوبها في الثالثة ايضا ، ولوحملنا الامر بالقرائة في الثالثة عند نسيانها في الثانية على وجوبها فيها تعيينا ، تكون الرواية معارضة للاخبار الدالة على التخيير بينها وبين التسبيح ، وان حملناه على افضليتها تكون معارضة للاخبار الدالة على التخییر بینها و بین التسبیح، و ان حملناه علی افضلیتها تکون معارضه للاخبار الدالة علی افضلية التسبيح.

الطائفة الثانية المعارضة للاخبار المتقدمة، هى الاخبار الدالة على تعيين

التسبيح فى الاخيرتين مطلقا كان المصلى منفردا او جامعا اماما او ماموما، كصحيحة زرارة عن ابيجعفر علیه السّلام، انه قال عشر ركعات ركعتان من الظهر و ركعتان من العصر، الى ان قال علیه السّلام فراد النبي صلی الله علیه و آله و سلّم سبع ركعات هي سنة ليس فيهن قرائة انما هو تسبیح و تهليل و تكبير ودعاء الحديث ، وصحيحته الاخرى عنه علیه السّلام ايضا انه قال لا تقرئن في الركعتين الاخيرتين مع الاربع الركعات المفروضات شيئا اماما كنت او غير امام ، قال قلت فما اقول فيهما ، قال علیه السّلام ان كنت اماما او وحدك فقل سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله ثلث مرات تكمله تسع تسبيحات ثم كبر واركع، وصحيحتة الثالثة عنها علیه السّلام ايضا قال كان الذي فرض الله على العباد عشر ركعات وفيهن القرائة الوهم وليس فيهن وهم یعنی سهو ، فزاد رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم سبعا و فيهن الوهم وليس فيهن قرائة، وصحيحته الرابعة عنه علیه السّلام ايضا ، قال اذا ادرك الرجل بعض الصلوة وفاته بعض خلف أمام يحتسب بالصلوة خلفه جعل ما ادرك اول صلوته ان ادرك من الظهر او العصر او العشاء الاخرة ركعتين وفاته ركعتان، قرء في كل ركعة مما ادركه خلف الامام فی نفسه بام الكتاب فاذا سلم الامام قام فصلى الاخيرتين لا يقرء فهيما انما هو تسبیح و تهليل ودعاءليس فيهما قرائةوان ادرك ركعة قرء فيمها خلف الامام فاذا سلم الامام قام فقراء ام الكتاب ثم قعدو تشهد، ثم قام فصلى ركعتين ليس فيهما قرائة، هكذا عن الفقيه وعن التهذيب نحوه، الا انه علیه السّلام قال

ص: 527

فاذا سلم الامام قام فصلى ركعتين لا يقرء فيهما لان الصلوة اقما يقرء فيها في الاولتين في كل ركعة بام الكتاب وسورة وفى الاخيرتين لا يقرء فيهما انما هو تسبيح وتهليل و دعاء ليس فيهما قرائة، و صحيحة الحلبي عن ابيعبد الله علیه السّلام قال اذا قمت في الركعتين الاخيرتين لاتقرء فيهما فقل الحمد لله و سبحان الله والله اكبر، والمرسلة المروية في الفقيه عن الرضا علیه السّلام انما جعل القرائة في الركعتين الاولتين والتسبيح فى الاخيرتين، للفرق بين ما فرضه الله من عنده و بین ما فرضه الله من عند رسوله.

الطائفة الثالثة المعارضة للاخبار المتقدمة الدالة على التخيير على وجه التساوى مطلقا ، هي الاخبار الدالة على افضلية التسبيح مطلقا ، كخبر محمد بن عمران انه سئل ابا عبد الله علیه السّلام، فقال لاى علة صار التسبيح في الركعتين الاخيرتين افضل من القرائة ، قال علیه السّلام انما صار التسبيح افضل من القرائة في الاخيرتين ، لان النبي صلی الله علیه و آله و سلّم لما كان الأخيرتين ذكر مارای من عظمة الله عزوجل ، فدحش فقال سبحان الله

والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر ، فلذلك صار التسبيح افضل من القرائة . الطائفة الرابعة المعارضة لما دل على التخيير مطلقا، ما دل على افضلية القرائة مطلقا، كرواية محمد بن حكيم قال سئلت ابا الحسن علیه السّلام ايما افضل القرائة في الركعتين الاخيرتين او التسبيح ، فقال علیه السّلام القرائة افضل.

الطائفة الخامسة مادل على تعين القرائة للامام والتسبيح للماموم والتخيير بينهما للمنفرد ، كصحيحة معوية بن عمار قال سئلت ابا عبدالله علیه السّلام عن القرائة خلف الامام فى الركعتين الاخيرتين ، فقال علیه السّلام الامام يقرء فاتحة الكتاب و من خلفه بسیج، فاذا كنت وحدك فاقرء فيهما و ان شئت فسيح ، و صحيحة منصور بن حازم عن ا بيعبد الله علیه السّلام، قال اذا كنت اماما فاقرء في الركعتين الاخيرتين بفاتحة الكتاب، و ان كنت وحدك فتسعك فعلت ام لم تفعل.

الطائفة السادسة مادل على تعين التسبيح للامام وتعين القرائة للماموم كصحيحة ابي بي خديجة عن ابيعبد الله علیه السّلام، قال اذا كنت امام قوم فعليك ان تقرء في الركعتين

ص: 528

الاولتين، و على الذين خلفك ان يقولوا سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر وهم قيام، فاذا كان في الركعتين الاخيرتين فعلى الذين خلفك ان يقرئوا فاتحة الكتاب و على الامام ان يسبح مثل ما يسبح القوم في الركعتين الاخيرتين.

الطائفة السابعة مادل على تعين القرائة مطلقا، كالتوقيع المروى عن الاحتجاج وكتاب الغيبة للشيخ، انه كتب الى الامام عجل الله فرجه و ارانا طلعته المباركة يسئله عن الركعتين الاخيرتين وقد كثرت فيهما الروايات فبعض يرى (يروى خ ل) ان قرائة الحمد وحدها افضل و بعض يرى (يروى خ ل) ان التسبيح فيهما فالفضل لا يهما لنستعمله ، فاجاب صلوات الله و سلامه عليه قد نسخت قرائة ام الكتاب في هاتين الركعتين التسبيح ، والذى فسخ التسبيح قول العالم علیه السّلام كل صلوة لاقرائة فيه فهى خداج (1)الحديث، هذه جملة ماعترنا عليه من طوائف الاخبار الواردة فى الباب، ومعارضة كلها للاخبار الدالة على التخيير على وجه التساوي، و معارضة بعضها مع بعض واضحة و احسن ماقيل في وجه الجمع بين هذه الطوائف بعضها مع بعض، وبينها مع مادل على مساواة الامرين مطلقا ، هو ما افاده الاستاد دام ظله، من ان مادل منها على مساواة الامرين ومادل على تفضيل القرائة ومادل على تفضيل التسبيح، وانكانت متعارضة بمدلولها المطابقى، لكنها بملاحظة مدلولها الالتزامى، و هو نفى الثالث الذي هو تعيّن احد الامرين، تكون حجة فيه، و تكون قرنية صارفة لظهور مادل على تعيين احدهما مطلقا، لانها صريحة في اجزاء كل من الامرين اما بنحو التسوية او بنحو تفضيل القرائة او تفضيل التسبيح، وهذا بخلاف مادل على تعيين احدهما فانه ليس الا ظاهرا فيه، و ذلك لاحتمال كون المراد من قوله علیه السّلام فيه ليس فيهن قرائة، نفى جعلها على التعيين كما هو الثابت في الركعتين الاولتين اللتين هما فرض الله، و بعبارة اخرى يحتمل كون المراد منه، هو ان الركعتين الاولتين لمكان كونهما فرض الله لا يجتزى فيهما بغير القرائة، واما الاخيرتان فلعدم

ص: 529


1- الخارج الدابة التى الفت ولدها قبل تمام الايام والخداج كل نقصان في شيء المنجد

الاهتمام بهما بتلك المثابة، يجتزى فيهما بغيرها ايضا ، وليس قرائة ام الكتاب فيهما من المتحتم، بل اجزاء قرائته ايضا ليس لاجل كونه قرانا ، بل لكونه تحميدا و دعاء، كما صرح بذلك في صحيحة عبيد بن زرارة المتقدمة ، حيث قال علیه السّلام فيها وان شئت فاتحة الكتاب فانها تحميد و دعاء، فاذا كان مادل على التعيين ظاهرا فيه، وما دل على التخيير نصا فيه ، فيكون مقتضى الجمع العرفي بينهما، رفع اليد عن ظهور الأول بصراحة الثانى، وحمل قوله علیه السّلام فى الاول ليس فيهن قرائة ، على نفى الجعل التعيينى لها فيهن ، نعم ربما بقال باباء بعض الاخبار الدالة على التعيين عما ذكرنا من الحمل ، كصحيحة زرارة المتقدمة عن ابيجعفر علیه السّلام، انه قال لاتقران في الركعتين الاخيرتين من الاربع الركعات الواجبات شيئا اماما كنت او غير امام ، قال قلت فما اقول فيهما قال علیه السّلام ان كنت اماما او وحدك فقل سبحان الله الخبر، فان تاكيده علیه السّلام النهى بقوله لا تقران يابي عن الحمل المذكور، ان لوكان مجرد النهى لامكن القول بانه لوروده في مقام توهم الوجوب لايدل الاعلى عدم الالتزام بالقرائة، و اما مع تاكيده بالنون فلا يناسب الا فيما كان في الفعل باس و توهم انه يكفي في صلاحية تاكيد النهى كون الفعل فيه باسا ولو كراهيا مدفوع اولا بان الالتزام بكون القرائة فى الاخيرتين فيها باساكراهيا ، لا يجدي في رفع التعارض بينه و بين الاخبار الدالة على التساوي ، سيما المؤكد منها التساوى بالحلف بقوله

علیه السّلام والله سواء، في جواب قول السائل فاى ذلك افضل، ولا بينه و بين الاخبار الدالة على افضلية القرائة، كرواية محمد بن حكيم المتقدمة، حيث قال علیه السّلام القرائة افضل فى جواب قول السائل ايما افضل القرائة فى الركعتين الاخيرتين او التسبيح و ثانيا انها ابية عما ذكرنا من الحمل، ولو مع قطع النظر عن التاكيد بالنون، لانه لولم يكن المراد من النهى عن القرائة المنع عنها بل كان المراد عدم الالتزام بها ، لم يكن موقع لسؤال الراوى بقوله فما اقول فيهما كما لا يخفى، فسؤاله عما يقول فيهما يكشف عن انه فهم من هذا النهي المنع عن القرائة فيهما،

ص: 530

وحينئذ فلابد من معاملة التعارض بالتبائن بين هذه الصحيحة، والاخبار الدالة على المساوات بين الأمرين، والاخبار الدالة على افضلية القرائة مطلقا ، والمفصلة بين الامام والماموم والمنفرد بتعين القرائة للاول والتسبيح للثانى والتخيير بينهما للثالث ويمكن الجمع بما افاده الاستاد دام ظله من احتمال كون هذه الصحيحة كصحيحة ابي خديجة المتقدمة المفصلة بين الامام والماموم بتعين التسبيح للاول والقرائة للثاني ناظرة الى الردع عما ذهب اليه العامة في الماموم المسبوق من المعاملة مع الركعتين اللتين يدركهما مع الامام ما يعامل به مع الاخيرتين من اتيان التسبيح والمعاملة مع الركعتين الاخيرتين اللتين ينفرد بهماما يعامل به مع الاوليتن من اتيان القرائة ، و يشهد لذلك مارواه احمد بن النضر عن ابيجعفر علیه السّلام، قال قال علیه السّلام لى اى شيء يقول هؤلاء في الرجل اذا فاته مع الامام ركعتان قلت يقولون يقرء في الركعتين بالحمد والسورة ، فقال علیه السّلام هذا يقلب صلوته فيجعل اولها اخرها ، فقلت فكيف يصنع ، قال علیه السّلام يقرء بفاتحة الكتاب في كل ركعة اد الظاهر من هذه الرواية ان العامة كانوا يقولون بالتسبيح في الاولتين للماموم المسبوق ، وبالقرائة في الاخيرتين له والامام علیه السّلام ردعهم، فهاتان الصحيحتان ايضا ناظرتان الى الردع عن رأيهم الباطل، و لعل الوجه في امره علیه السّلام في صحيحة زارة بالتسبيح فى الاخيرتين ، بقوله علیه السّلام ان كنت اماما او وحدك فقل سبحان الله

الخ، هوان يعتاد باتيان التسبيح فيهما ليخرج عن ذهنه ما ذهب اليه العامة العمياء بالكلية ، هذا مضافا الى مافى نفس الصحيحة من الشاهد لذلك حيث ان اقتصاره علیه السّلام على بيان حكم الامام والمنفرد بقوله علیه السّلام ان كنت اماما او وحدك وعدم تعرضه لحكم الماموم ، يدل على انه علیه السّلام في مقام نفى الفرق بين الامام والماموم المسبوق حين يصير وحده و منفردا في الركعتين الاخيرتين ، و ان هما مشتركان في ان وظيفتهما فيهما هي التسبيح.

بقى الكلام فى الجمع بين مادل من الاخبار على تعين القرائة على الامام وتعين عدمها الماموم، كرواية جميل بن دراج المتقدمة ، حيث قال سئلت ابا عبد الله علیه السّلام

ص: 531

عما يغرء الامام في الركعتين فى اخر الصلوة ، فقال علیه السّلام بفاتحة الكتاب ولا يقرء الذين خلفه، و بين مادل على عدم القرائة فيهما مطلقا لاعلى الامام ولاعلى غيره، كصحيحة زرارة المتقدمة، حيث قال علیه السّلام فيها لا تقرأن في الركعتين الاخيرتين من الاربع الركعات المفروضات شيئا اما ما كنت اوغير ،امام قلت فما اقول فيهما قال علیه السّلام ان كنت اماما او وحدك فقل سبحان والحمد لله الخ، و في الجمع بين مجموع الاخبار المعارضة لمادل على التخيير في الاخيرتين مطلقا فنقول اما الجمع بين الأولين، فالظاهر تقديم ثانيهما الدال على تعين التسبيح، لكونه مؤيدا بالاخبار الدالة على ان الوظيفة فى الاخيرتين هى التسبيح فى قبال الاولتين ، المعللة تارة بان ذلك للفرق بين ما فرضه الله و بين سنه النبى صلی الله علیه و آله و سلّم، واخرى بان النبي صلی الله علیه و آله و سلّم لما كان في الاخيرتين ذكر ماراى من عظمة الله تعالى فدهش فقال سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر فلذلك صار التسبيح افضل من القرائة، و يظهر من قوله علیه السّلام فلذلك صار التسبيح افضل ان افضليته كانت من المسلمات واما الجمع بين مجموع الاخبار المعارضة بالاخبار الدالة على التخيير على وجه المساواة مطلقا، فيمكن بحمل ما دل على المساواة على المنفر دوما دل على افضلية الحمد على الامام، ومادل على افضلية التسبيح على الماموم، كما صرح بذلك في صحيحة معوية بن عمار المتقدمة عن ابيعبد الله علیه السّلام ، بقوله علیه السّلام الامام یقرء فاتحة الكتاب ومن خلفه يسبح فاذا كنت وحدك فاقرء فيهما و ان شئت فسبح، ولا يعارضها ما في صحيحة زرارة المتقدمة عن ابيجعفر علیه السّلام، من قوله علیه السّلام لا تقران فى الركعتين الاخيرتين من الاربع الركعات المفروضات شيئا اماما كنت او غير امام قلت فما اقول فيهما قال علیه السّلام ان كنت اماما او وحدك فقل سبحان الله والحمد لله الخ، و ذلك لما مر من ان هذه الصحيحة محمولة على كونها في مقام بيان عدم الفرق بين الامام والماموم المسبوق لا مطلق الماموم ، فهى خارجة عن محل الكلام.

المسئلة الثانية قد وقع الاختلاف بين الاصحاب فيما لو اختار الذكر في اقل ما يجزى على اقوال فقيل بالاكتفاء بمطلق الذكر وهذا محكى عن المجكسى ، وقيل بالاكتفاء بالتسبيحات الاربع مرة. وهذا هو المحكى عن المشهور، وقيل بان المجزى

ص: 532

التسبيخات الابع ثلاث مرات، وهذا محكى عن النهاية والاقتصاد و مختصر المصباح والتلخيص والبيان وابن عقيل، وقيل بالستع باسقاط التكبيرات و هذا محكى عن الحريز وابن ابي عقيل والصدوقين وابي الصلاح ، وقيل بخريه عشرة باثبات التكبيرة في الاخيرة، وهذا محكى عن جماعة من القدماء منهم الشيخ واستدل للقول الأول برواية على بن خنظلة المتقدمة عن ابيعبد الله علیه السّلام، حيث قال علیه السّلام ان شئت فاقرء فاتحة الكتاب و ان شئت فاذكر الله، و فيه ان مقتضى القاعده تقييد اطلاقه بالاذكار المخصوصة الواردة فى النصوص ، هذا مضافا الى المنع عن ارادة الاطلاق من الذكر بل المراد منه الذكر المعهود اعنى التسبيح ، كما يومى الى ذلك قوله علیه السّلام في الذيل و ان شئت قرأت فالاولى الاستدلال لهذا القول بصحيحة عبيد بن زرارة ، قال سئلت ابا عبد الله علیه السّلام عن الركعتين الاخيرتين من الظهر، قال تسبّح وتحمد الله و تستغفر لذنبك فان شئت فاتحة الكتاب فانها تحميد و دعاء فان مقتضى تعليله علیه السّلام قرائة الفاتحة بانها تحميد ودعاء كفاية مطلق التحيد والدعاء و عدم اعتبار لفظ خاص حتى التسبيح والاستغفار، الا ان الاعتماد على ظاهر هذه الصحيحة مع مخالفته للمشهور، في قبال الاخبار الكثيرة الدالة بظاهرها على اعتبار خصوص التسبيح فيما هو وظيفة الاخيرتين عند ترك الفرائة ، في غاية الاشكال و استدل القول الثانى المنسوب الى المشهور بصحيحة زرارة ، قال قلت لا بيجعفر علیه السّلام ما يجزى من القول في الركعتين الاخيرتين قال علیه السّلام ان تقول سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر و تکبر و تركع ، وقد حكى القول بمضمونها عن جماعة من القدماء كثير من المتاخرين، بل هو المشهور فيما بين المتاخرین و متاخریهم واستدل للقول الثالث بصحيحة زرارة عن ابيجعفر علیه السّلام انه، قال لاتقران في الركعتين الاخيرتين من الاربع الركعات المفروضات شيئا اماما كنت او غير امام ، قلت فما اقول فيهما ، قال علیه السّلام ان كنت اماما او وحدك فقل سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر ثلث مرات ثم تكبر وتركع ، بناء على النسخة المنقولة في السرائر عن كتاب حريز واستدل للقول الرابع بهذه الصحيحة ايضا بناء على النسخة المنقولة عن الصدوقين وابن عقيل و ابن ابی الصلاح حيث نقلوها باسقاط افظ

ص: 533

الله اكبر استدل للقول الخامس بهذه الصحيحة ايضا بناء على النسخة الثانية لكن بحمل قوله علیه السّلام ثم تكبر على ارادة غير تكبير الركوع ، و هو كماترى خلاف ظهوره فى ارادة تكبير الركوع ولا يخفى ان مقتضى الجمع بين جميع هذه الاخبار و انكان هو الاجتزاء بمطلق الذكر، و حمل الاختلافات على مراتب الفضل، كما حكى القول به عن البحار، لكنه حيث يكون مخالفا للمشهور يكون الالتزام به غير خالية عن الاشكال والأقوى من هذه الاقوال هو الثاني المحكى عن المشهور، لما عرفت من دلالة الصحيحة الاولى لزرارة عليه وتوهم ان دلالة الصحيحة على الاجتزاء بهامرة انما هي بالاطلاق، و مقتضى الجمع بينها و بين الصحيحة الثانية الدالة على وجوبها ثلاث مرات، تقييد الاولى بالثانية مدفوع لا بما قيل من ان الامر بثلاث مراتب فى الثانية، حيث يكون واقعا بعد النهى فى صدرها عن القرائة المحمول على الكراهة قطعا ، فلا دلالة له على الوجوب، لان السؤال الواقع، هذا النهى المحمول على الكراهة سؤال عما ينبغى ان يقال بدل القرائة لاعما و ذلك لان كون النهى محمولا على الكراهة، لا يقتضى ازيد من كون الامر بالثلاث الواقع عقيبه لبيان افضل الفردين من الواجب التخييرى كما لا يخفى ، بل لان تقييد اطلاق الصحيحة الاولى بالثانية، في غاية الاشكال لوجهين الاول كون اطلاق الاولى واردا في مقام البيان و حضور وقت الحاجة، وقد مر مرارا ان حمل المطلق على المقيد انما هو فيما اذا لم يكن المطلق فى مقام البيان وحضور وقت العمل والثاني كون الاولى جوابا عن السؤال عما يجزى الظاهر فى السؤال عما يجزى من كل جهة اعنى جهتى السنخ والعدد، فظهور اطلاق الاولى فى الاكتفاء بالمرة، اقوى من ظهور الثانية في لزوم الثلاث ومن هذا الوجه يظهر اندفاع ما ربما يتوهم، من ان الاولى ليست الا في مقام بيان نفى وجوب الزائد سنخا على التسبيحات من الاستغفار، لا في مقام بيان ما يقال من التسبيح فى الاخيرتين، كي يكون مقتضى اطلاقها الوارد في مقام البيان الاكتفاء بالمرة وعلى ما ذكرنا من اظهرية الصحيحة الاولى في الاجتزاء بالمرة من الصحيحة الثانية فى الالتزام بالثلاث ، ظهر ان التصرف في هيئة الامر

ص: 534

بالثلاث بحملها على بيان افضل الفردين، يكون ارجح و اولى من التصرف في مادة الامر بالتسبيحات على نحو الاطلاق بتقييدها بالثلاث، هذا كله بناء على نسخة اثبات التكبير فى الاولى واما بناء على نسخة اسقاطه التي قواها بعض الاعاظم، فتكون الصحيحتان متبائنتين، وحينئذ ان رجحنا الاولى بالشهرة ،فهو، وان قلنا بتكافؤهما، فان قلنا بنسا قطهما كما هو الأصل فى تعارض الطرق، فمقتضى الاصل البرائة عن الزائد عما دلت عليه الصحيحة الاولى على نسخة اسقاط التكبير، لما في خبرا بي بصير من التصريح، بان ثلاث تسبیحات او فى ما يجزى من القول في الاخيرتين، وان قلنا

بالتخيير بينهما شرعا، لما دل عليه من الاخبار في تعارض الجبرين المتكافتين ، فيجوز العمل بكل منهما كما هو واضح.

المسئلة الثالثة قد اختلف الاصحاب رضوان الله تعالى عليهم ، في وجوب الاخفات فى الاخيرتين من الرباعيات وثالثة المغرب مطلقا سواء اختار فيهما الفاتحة او الذكر و عدمه، اما فيما اختار الفاتحة ، فلما في المحكى عن الغنية والخلاف ومجمع البيان من دعوى الاجماع على وجوبه ، وعن السرائر نفى الخلاف عن عدم جواز الجهر بها في الركعتين الاخيرتين وفى الاخفاتية مطلقا، خلافا للمحكى عن الاسكافى والمرتضى رضى الله عنه في المصباح والسيد في المدارك و جملة ممن تأخر عنه والاول هو المشهور بين الاصحاب من المتقدمين والمتأخرين شهرة عظيمة، وهو الاقوى، لرواية زرارة عن ابيجعفر علیه السّلام قال قلت له رجل جهر بالقرائة فيما لا ينبغى ان يجهر فيه واخفى فيما لا ينبغى الاخفاء ، قال علیه السّلام اى ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلوته وعليه الاعادة ، وان فعل ناسيا اوساهيا اولایدری فلا شيء عليه ، فان قوله علیه السّلام اى ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلوته وعليه الاعادة يدل بالصراحة على البطلان سواء كان نقض بالضاد المعجمة او بالصاد المهملة، اما على الاول فواضح، و اما على الثانى فلان النقص في الشيء انما هو بعدم الاتيان به تاما، و عدم اتيان الصلوة تامة انما يكون بالاخلال فيها بترك جزء او شرط منها

ص: 535

ولذا امر علیه السّلام باعادة الصلوة التي انما تبثت مع اشتمالها على خلل فيها، جزء او شرطا ، و كيفكان فدلالة الرواية على ما ذهب اليه المشهور من وجوب اخفات الفاتحة فى الاخيرتين واضحة، ولا ينافيه عدم استفادة الوجوب من لفظ ينبغى ، لانه القدر المشترك بينه و بين استحباب، بعد كون العبرة بالجواب الصريح في الوجوب، الكاشف عن ان مراد السائل مما لا ينبغى الجهر او الاخفات فيه، ما لا يجوز الجهر او الاخفات فيه ، اذلوكان المراد منه ما يكون الاخفات فيه راجحا، لم يكن موقع لقوله علیه السّلام فقد نقض صلوته و امره علیه السّلام باعادة، لانه مناف لكون مورد السؤال ما يكون الاخفات فيه راجحا ، وبعبارة اخرى لم يكن الجواب جوابا عما سئل عنه ، هذا مضافا الى استبعاد سؤال مثل زرارة عن حكم المسئلة لوكان حكمها الاستحباب الذى يجوز تركه ، و يستفاد ما ذهب اليه المشهور ايضا ، من جملة من الاخبار المتقدمة الواردة في حكمة تشريع الصلوة الجهرية والاخفاتية كما لا يخفى على من لاحظها ، ولا يعارضها صحيحة على بن جعفر عن اخيه موسى علیه السّلام، قال سئلته عن الرجل يصلى من الفرائض ما يجهر فيه بالقرائة هل عليه ان لا يجهر قال ، علیه السّلام ان شاء جهر وان شاء لم يجهر اما اولا فلاجمالها، لان قوله هل عليه ان لا يجهر الظاهر فى حرمة الجهر ، بعد فرض السؤال عما يجهر فيه مما لا يستقيم ، الا بضرب من التأويل اما بحمل عليه على معنى له، واما بتقدير شيء كى يكون المعنى هل عليه شيء ان لم يجهر، ولا يخفى بعد كلا الحملين واما ثانيا فلموافقتها للتقية ، اذ المحكى عن العامة عدم وجوب الجهرو ثالثا انها واردة في الاخفات فى موضع الجهر فهى اجنبية عما هو محل البحث ولا يخفى ان الاستدلال برواية زرارة انما يتم ، لوتم ماحكى من الاجماع على وجوب الاخفات في الاخيرتين كي يكون الاجهار فيهما اجهارا فيما لا ينبغى الاجهار فيه، فالعمدة في المسئلة هو الاجماع فتبصر هذا كله فيما اذا اختار في الاخيرتين فاتحة الكتاب واما اذا اختار فيها التسبيح فقد استدل لوجوب اخفاته بوجوه ، منها صحيحة زرارة المتقدمة،

ص: 536

بتقريب ان التسبيح ايضا مما لا ينبغى الجهر فيه للاتفاق على رجحان الاخفات فيه، فحكم الامام علیه السّلام بوجوب الاعادة فيما اجهر به عمدا، يدل على وجوب الاخفات فيه وفيه مالا يخفى ، اما اولا فلما عرفت من ان المراد مما لا ينبغى الجهر فيه مالا يجوز الجهرفيه، فلا يعم التسبيح الذى اتفقوا على رجحان الاخفات فيه، واما ثانيافلان وجوب الاعادة فرع كون ما اجهر به مما يجب الاخفات فيه، وكونه كك في المقام مشكوك ، ولا يمكن اثباته بوجوب الاعادة الاعلى وجه دائر فتدبر، فحكمه علیه السّلام

بوجوب الاعادة كاشف عن ان مراد السائل مما لا ينبغى الجهر فيه والاخفات فيه، ما لا يجوز الجهر او الاخفات ، هذا بناء على كون المراد من الموصول القرائة والتسبيح ، اذ على على كون المراد منه الصلوة التي يجهر فيها او يخافت ، لابدان يكون المراد مما لا ينبغى مالا يجوز كما هو واضح ، واما ثالثا فلمأمر من انه لا موقع للسؤال عما يكون الاخفات فيه راجحا ، لان معنی کونه راحجا جواز تركه ، ومعه لا موقع للسؤال عن حكم تركه ، سيما اذا كان السائل مثل زرارة .

ومنها ان المستفاد مما في بعض الاخبار الدالة على بدلية الفاتحة عن الذكر من التعليل بكونها تحميد و دعاء ، هوان جواز الفاتحة انما هو لكونها تحميدا و دعاء و انهما من سنخ و جنس واحد، فيستفاد منه اتحادهما في وجوب الاخفات ، والا لم يكونا سواء كما دل عليه قوله علیه السّلام في رواية على بن حنظلة وان شئت فاذكر كر الله فهو فيه سواء وفيه ان تعليل جواز الفاتحة بدلا عن الذكر بانها تحميد و دعاء، و ان كان دالاعلى انهما حيث يكونان من سنخ واحد فيجوز اتيانها بدلا عن الذكر ، لكن مجرد كونهما من سنخ واحد لا يجدى فى اثبات كونهما متحدين في جميع الجهات ، حتى القيود الخارجة عن حقيقتهما المعتبرة في احدهما ، كيف ولا

شبهة فى ان حقيقة الصلوة حقيقة واحدة ، مع اختصاص بعضها بوجوب الاخفات وبعضها بوجوب الجهر ، وبعضها بافضلية احدهما ، وبعضها بافضلية الاخر واما مادل على ان الفاتحة والذكر سواء ، فالمراد به هو التسوية من حيث الاجزاء وكون كل

ص: 537

منهما مجزيا، لا في القيود المعتبرة شرعا في احدهما كالاخفات المعتبر في الفاتحة ومنها ان وجوب الاخفات فى التسبيح، مقتضى اطلاق ما ورد في خصوص الاخفاتية مما هو ظاهر فى الاخفات في جميع ركعاتها ، ويتم حينئذ بعدم القول بالفصل بين الركعتين الاخيرتين من الاخفاتية ، والجهرية ، و فيه ان اطلاق تلك الادلة مقيد بما هو المستفاد من جملة من الاخبار من جواز الجهر في التسبيح بل استحبابه فيه ، ففى خبر رجاء بن الضحاك انه صحب الرضا علیه السّلام من المدينة الى مرو ، فكان علیه السّلام يسبح في الاخراوين يقول سبحان الله ، فانه ظاهر فى انه حكاية ما كان يسمعه منه علیه السّلام في حال الصلوة، و هذا لايتم الا مع الجهر الذى ادناه عند الاصحاب اسماع الغير فتدبر، وان الاخفات ليس الا اسماع النفس فتدبر واظهر منه في ذلك ما في خبر احمد بن على المروى عن العيون، من انه صحب الرضا علیه السّلام فكان یسمع ما يقوله في الا و اخر من التسبيحات ، وفى رواية ان امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه كان يقرء في اولتى الظهر سرا ، فان التقييد بالاولتين مشعر باختصاص الاخفات بهما ، هذا كله فيما استدلوا به من الاخبار على وجوب الاخفات و اما ما استد ولو به علیه من الاجماعات ، فالمحصل منه ليس كاشفا عن رأى المعصوم صلی الله علیه و آله و سلّم، بعد احتمال استناده الى ما استدلوا به من الاخبار فضلا عن المنقول منه ، فالاقوى في المسئلة جواز الجهر للاصل ، ولانه المستفاد مما ذكرناه من الاخبار الحاكية لفعل المعصوم صلی الله علیه و آله و سلّم، وانكان الاحوط الاخفات والله العالم بحقائق احكامه.

المسئلة الرابعة لونسى الفاتحة في الاولتين، وفى تعين الاتيان بها في الاخيرتين وعدمه قولان ، فالمنسوب الى الشيخين قد هما هو الاول ، والمحكى عن المبسوط ان عليه رواية ، واستدل للثانى باطلاق ادلة التخيير بينها وبين التسبيح ، وخصوص رواية معوية بن عمار المتقدمة عن ابيعبد الله عليه السلام، قال قلت الرجل يسهو عن الفرائة فى الركعتين الاولتين فيذكر في الركعتين الاخيرتين انه لم يقرء ، قال علیه السّلام اتم الركوع والسجود قلت نعم قال علیه السّلام انى اكره ان اجعل آخر صلوتی اولها،

ص: 538

ولا يخفى ما فى القول الأول من الضعف، لان مجرد نسبته الى الشيخين وحكاية رواية عليه ، التي اظن انها رواية الحسين بن الحماد المتقدمة عن ابيعبد الله علیه السّلام، قال قلت له اسهو عن القرائة في الركعة الأولى قال علیه السّلام اقرء في الثانية قلت اسهو في الثانية قال اقرء فى الثالثة الخبر ، التي عرفت ضعفها سندا و اعراض الاصحاب عن ظاهرها ، لا يجدى فى الحكم بالتعيين ، كما ان الاستدلال للقول الثاني ، برواية معوية بن عمار للحكم بالعدم، بعد ظهورها في كون السؤال فيها عن حكم نسيان القرائة رأسا لاخصوص فاتحة الكتاب ، وظهور الجواب فيها ايضا في عدم جواز اتیان مجموع الفاتحة والسورة في الاخيرتين لانه الذي يوجب جعل آخر الصلوة اولها ، يكون اجنبيا عما هو محل الكلام من نسيان الفاتحة وحدها فالذى يصلح للاستدلال به للقول الثاني ، هو اطلاق ادلة التخييران لم يكن منصرفا الى غير المقام ، والا فاستصحابه ، و ان ابيت عنه ايضا فيكفي في الحكم بعدم تعيينه اصالة العدم ، ولكن الاحوط اختيار الحمد في الاخيرتين رعاية النسبة تعيينه الى هولاء الاعاظم.

المسئلة الخامسة لو اجهر في الاخيرتين عمدا بطلت صلوته ، على القول بوجوب الاخفات فيهما ، واما ان اجهر فيهما جهلا او نسيانا ، فتارة يكون عن جهل بالموضوع او نسيان له ، واخرى يكون عن الجهل بالحكم او النسيان له ، فعلى الاول يمكن الحكم بصحة صلوته، لمأمر من ان الدليل في المسئلة ، هو الاجماع المنقول فى الغنية والخلاف و مجمع البيان، على وجوب الاخفات في الاخيرتين المؤيد بالشهرة العظيمة، والقدر المتيقن منه هو حال العلم بالموضوع والالتفات اليه، ففى حال الجهل به اوالنسيان له ، يكون الشك فى وجوب الاخفات شكا في التقييد الزائد ، مدفوعا باصالة البرائة، بناء على ما هو المحقق في محله من امكان اختصاص الناسى بتكليف ، وجريان البرائة فى الشك فى اعتبار قيد زائد في المكلف به و انكان الاجهار فيهما عن الجهل بالحكم او النسيان له ، فمقتضى القاعدة الاولية

ص: 539

هو بطلان الصلوة، لاستحالة تقييد الحكم بحال العلم به والالتفات اليه، لاستلزامه الدور المحال كما هو واضح ، فالحكم بالصحة فيهذه الصورة يحتاج الى دليل يدل على الاجتزاء بهذه الصلوة فى حق الجاهل بوجوب الاخفات في اخير تيها او الناسى له و ما يمكن ان يستدل به لذلك امران احدهما اطلاق حديث لاتعاد ، خرج عنه الاخلال عمدا بغير الخمسة ايضا بالاجماع ، وبقى الباقى الذي منه الاخفات جهلا بالحكم او نسيانا له تحته وثانيهما ما في صحيحة زرارة المتقدمة عن ابيجعفر عليهما السلام الواردة فيمن اجهر فيما لا ينبغى الاجهار فيه واخفى فيما لا ينبغي الاخفات فيه ، من قوله عليه السّلام اى ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلوته وعليه الاعادة ، وان فعل ذلك ناسيا او ساهيا او لايدرى فلاشيء عليه و قد تمت صلوته ، وما نحن فيه داخل فيمن اجهر فيما لا ينبغى الاجهار فيه ناسيا اولایدری فتتم صلوته.

و استشكل الاستاد دام ظله في الاستدلال بكلا الامرين اما في الاول فبان اطلاقه موهون بعدم استدلال الفقهاء به في غير مورد نسيان الموضوع واما في الثاني فبان شمول اطلاق الصحيحة للمقام، مبنى على كون المراد بالموصول في قول السائل اجهر فيما لا ينبغى الاخفات فيه هو القرائة، اذ لو كان المراد منه الصلوة يكون مورد السوال هو الاجهار في الصلوات الاخفاتية ، فيكون السؤال حينئذ عن القرائة فى الاولتين منها ، لانها التي دلت النصوص على وجوب الجهر بها في صلوة الغداة والعشائين ، والاخفات بها فى الظهرين ، وعليه فالصحيحة اما مجملة لتردد ما فيها من لفظة الما الموصولة بين كون المراد منها هو المقروا والصلوة، او ظاهرة في خصوص الاولتين لوكان المراد منها هي الصلوة ، كما يؤيده ما حكى من ان الشيخ روى هذه الرواية هكذا ، قال قلت رجل جهر بالقرائة فيما لا ينبغى الجهر فيه فان القرائة ظاهرة فى الحمد مع السورة ، فتسقط الصحيحة عن صلاحية الاستدلا بها على الأول، وتكون غير مرتبطة بما نحن فيه على الثانى.

ولكن يمكن ان يقال ان عدم استدلال الاصحاب باطلاق لاتعاد في غير مورد

ص: 540

نسيان الموضوع، لاوجه له على الظاهر الا امران ، احدهما انصرافه الى خصوص نسيان الموضوع ، ثانيهما استلزام شمول اطلاقه لمورد الجهل بالحكم او نسيانه ، اختصاص الحكم بالعالم به والمتلفت اليه ، و هذا مستلزم للدور الباطل فالملزوم مثله، وكلا الامرين ممنوعان، اما الاول فلان انصراف اطلاق لاتعاد الى نسيان الموضوع ، لاوجه له الا غلبة نسيانه، وقد حقق في محله ان الانصراف الناشي عن غلية وجود بعض الافراد، بدوى يزول بادنى التفات، واما الثاني فلما اشرنا اليه في بعض المباحث السابقة، من ان تقييد الحكم الواقعى بالعلم به والالتفات اليه ، انما يستلزم الدور فيما اريد تقييده بهما في مرتبة جعل الحكم وانشائه المصطلح عليه بالتقييد اللحاظى، لا بدليل آخر يفيد نتيجة التقييد ، فانه ممكن بل واقع في الشرعيات فوق حد الاحصاء، وعليه فلا محذور في الاخذ باطلاق الحديث بالنسبة الى حالتى الجهل بالحكم ونسيانه ، و اما عدم صحة الاستدلال بالصحيحة للمقام، فانما هو فيما اذا احرزنا ان المراد من الموصول فيها هي الصلوة، دون ما اذا تردد بينها وبين المقرو ، اذ حينئذ وان كانت صحيحة مجملة لا يصح الاستدلال بها على شيء من طرفي الترديد، لكن قد قرر في محله ان الشك في الكليف اذا كان ناشئا عن اجمال النص وتردده بين المتباتنين كما في المقام ، يكون المرجع فيه الاحتياط لا البرائة هذا وتدبر.

المسئلة السادسة هل يجوز العدول عن كل واحد من القرائة والتسبيح الى الاخر قولان، اقواهما الاول، لاصالة بقاء التخيير الثابت بينهما قبل الشروع في احدهما ، وتوهم ان العدول موجب للزيادة العمدية الموجبة للبطلان، مدفوع بان زيارته بعد كونه ذكرا و قرآنا غير قادحة، وتوهم ان الذكر والقرآن انما لا يقدح زيارتهما فيما اذا لم يكن اتيانهما بقصد الجزئية كما في المقام ، مدفوع بمأمر مرارا من ان ما يكون زيادته مبطلة ، هو ماكان متصفا بها حدوثا لاما عرضه وصف الزيادة بقاء كما نحن فيه.

ص: 541

المسئلة السابعة الظاهر عدم اعتبار قصد تعيين احد من الحمد والتسبيح ، لانه يجزى فى امتثال الأمر التخييرى قصد اتيان احد الطرفين بداعي ذاك الامر، و اما قصد تعیین احدهما فهو خارج عن مقتضى الامر التخييري، ولم يدل دليل على اعتباره، فهو منفى بالاصل ، وعليه لو قصد احدهما المعين فسبق لسانه الى الاخر، و كان اتيانه المسبوق اليه مستندا الى نية الصلوة المركوزة في ذهنه كان مجزيا، و اما كان اتيانه المسبوق اليه من غير نية اصلا ، لم يكن مجزيا قطعا ، لفقد قصد القربة المعتبر فى صحة العبادة ، فيجب عليه استينافه اواتيان الاخر.

المسئلة الثامنة قد عرفت ان مقتضى اطلاق صحيحة زرارة المتقدمة ، هو الاجتزاء بالتسبيحات الاربع مرة واحدة ، فلواتى بها ثلث مرات ، فان قلنا بان حصول الاجزاء بها مرة لكون الواجب صرف الوجود منها الذي يتحقق

باول الوجود، فتنطبق الواجب قهرا على الاولى منها ، ويتصف الزائد عليها بالاستحباب كك، و ان قلنا بان الواجب احديها ، فيحتاج انطباق الواجب عليها الى القصد، فله حينئذ ان يعين الواجب في احديها بالقصد، وعلى هذا المبنى يمكن القول بان الثلاثة كلها متصف بالوجوب لكونها احد طرفي التخيير ان التخيير بينها و بين الواحدة حينئذ ليس من التخيير بين الاقل والاكثر، كي يقال بعدم امكانه لاستلزامه طلب تحصيل الحاصل ، بل من التخيير بين المتبائنين ، لان التسبيحة الواحدة عليهذا تكون بشرط لاعن الزيادة ، فتكون مبائنة للتسبيحات الثلث ، وحينئذ فكل ما وجد منهما في الخارج يحصل به الامتثال.

الامر الخامس في الركوع

وهو واجب في كل ركعة مرة واحدة اجماعابل بضرورة من الدين، بل هو ركن تبطل الصلوة بتركه عمدا اجماعا مطلقا سواء تجاوز عن محل التدارك ام لا، و سهوا مع التجاوز عن المحل كما اذا تذكر بعد الدخول في السجود على المشهور، خلافا للمحكى عن الشيخ فى المبسوط، حيث حكم بعدم بطلان الصلوة بتركه سهوا في الركعتين الاخيرتين ، اذا تذكر بعد السجدتين، بل

ص: 542

يسقط السجدتين فيركع ثم يسجد، فهو في الحقيقة ناف لركنية السجود لامنكر لركنية الركوع، و منشأ الخلاف اختلاف ماورد في المسئلة من الاخبار ، ففي عدة منها حكم بالاعادة ولزوم الاستيناف ، منها صحيح رفاعة عن ابيعبد الله علیه السّلام قال سئلته عن رجل ينسى ان يركع حتى يسجد ويقوم قال علیه السّلام يستقبل، ومنها خبر ابي بصير عنه علیه السّلام ايضا قال علیه السّلام اذا ايقن الرجل انه ترك ركعة في الصلوة وقدسجد سجدتين وترك الركوع استانف الصلوة ، وخبره الاخر عن ابيجعفر عليه السلام قال سئلته عن الرجل نسى ان يركع قال علیه السّلام عليه الاعادة ، ومنها موثق اسحق بن عمار قال سئلت ابا ابراهيم علیه السّلام عن الرجل ينسى ان يركع قال علیه السّلام يستقبل حتى يضع كلشيء موضعه، و في بعض منها الحكم بالصحة والقاء السجدتين و اتيان الركوع وما بعده ، و هو منحصر بالخبر المروى في التهذيب والفقيه ومستظرفات السرائر عن محمد بن مسلم مع اختلاف في التعبير ، فانه روى في التهذيب هكذا عن ابيجعفر علیه السّلام في رجل شك بعد ماسجد انه لم يركع ، قال علیه السّلام فان استيقن فليلق السجدتين اللتين لاركعة لهما فيبنى على صلوته على التمام ، و روى في الفقيه بطريق صحيح هكذا عن ابيجعفر عليه السلام في رجل شك بعد ماسجد انه لم يركع ، فقال عليه السلام يمضى في صلوته حتى يستيقن انه لم يركع، فان استيقن انه لم يركع فليلق السجدتين اللتين لا ركوع لهما ويبنى على صلوته على التمام ، فان كان لم يستيقن الا بعد ما فرغ وانصرف ، فليقم وليصل ركعة وسجدتين ولاشيء عليه ، وروى فى المستظرفات هكذا عن ابيجعفر علیه السّلام قال في رجل شك بعد ماسجد انه لم يركع ، قال عليه السلام يمضى على شكه حتى يستيقن ولاشيء عليه، وان استيقن لم يعتد السجدتين اللتين لا ركعة معهما و يتم ما بقى من صلوته ولاسهو عليه ، وقيل فى الجمع بين الطائفتين بوجوه، منها ما حكى عن الشيخ من حمل الاولى الدالة على البطلان على الركعتين الاولتين ، والثانية الدالة على الصحة على الاخيرتين، ولاشاهد على هذا الجمع ، الاتوهم مادل من الاخبار على انه لاسهو فى الاولتين ، وفيه ان المراد من نفى السهو في الاولتين هو نفى ما للشك في

ص: 543

عدد الركتين الاخيرتين من الاحكام، عن الشك في عدد الاولتين ، والمراد من نفى السهو فيها هو لزوم حفظهما عن طرو الشك فى عددهما الموجب للبطلان كما يظهر ذلك لمن راجعها ومنها حمل كل منهما على بيان احد فردى الواجب التخييري ، فالمكلف مخير بين الاستيناف الذى هو مؤدى الاولى ، والقاء السجدتين و اتيان الركوع وما بعده الذى هو مؤدى الثانية، وفيه ان هذا الجمع وانكان محتملاعقلا لكن لا يجدى فى رفع التعارض بعد عدم مساعدة العرف عليه، إذ كيف يمكن الجمع عرفا بين قوله عليه السلام فى الاولى استانف الصلوة وعليه الاعادة الصريح في البطلان وقوله عليه السلام في الثانية فليلق السجدتين و يبنى على صلوته الدال بالدلالة الالتزامية على الصحة، بالحمل على التخيير بينهما، مع ان من المعلوم انه لا معنى التخيير بين البطلان والصحة فتدبر جيدا ومنها ان الصحيحة حيث تكون صريحة في القاء السجدتين والاعادة من الوسط باتيان الركوع المنسى وما بعده، و تكون الاخبار الدالة على الاستيناف والاستقبال ظاهرة فى اعادة الصلوة رأسا، فيكون مقتضى الجمع بينهما عرفا حمل الاخبار على الاعادة من الوسط التي هي مؤدى الصحيحة تحكيما للنص على الظاهر، وفيه ان هذا الحمل وان امكن بالنسبة الى ما اشتمل من تلك الاخبار على مجرد الامر بالاستقبال والاستيناف من غير ذكر متعلقهما، لكنه لا يصخ بالنسبة الى ما اشتمل على الامر باستيناف الصلوة، كخبرابي بصير المتقدم عن بیعبد الله عليه السلام، لان حمله على استينافها من الوسط مما لا يساعده العرف ، لخروجه عما هو المتعارف في المحاورات وبعد عدم تمامية شيء من الوجوه المذكورة فى الجمع العرفي بين الطائفتين ، تصل النوبة الى مرحجات باب التعارض ، ولاشبهة في ان الترجيح مع الاخبار الدالة على اعادة الصلوة، لعمل المشهور بها و اعراضهم عن الصحيحة الكاشف عن وجود خلل فيها من حيث جهة الصدور، هذا مضافا الى اشتمالها على مالم يقل به احد، فان مقتضى قوله عليه السلام في الذيل فان كان لم يستيقن الخ ، هوانه لواستيقن بعد ما فرغ من الصلوة انه فأت منه الركوع ، يأتى بالركوع و

ص: 544

خصوص ما بعده من السجدتين لا جميع ما بعده، وهذا مما لم يقل به احد حتى القائلين بالتلفيق وتوهم ان مخالفة ذيل الصحيحة للاجماع لا يوجب سقوطها عن الحجية رأسا وبالنسبة الى جميع ما اشتملت عليه من الفقرات ، مدفوع بان مجرد كون ذيلها غير معمول به وان لم يوجب سقوطها عن الحجية رأسا، لكنه يكون من الموهنات لها الموجب لترجيح معارضها عليها ، بناء على التعدى عن المرحجات المنصوصة الى كل مزية تكون لاحد المتعارضين على الاخر فتبين مما ذكرنا ان الاقوى فى المسئلة ماذهب اليه المشهور من البطلان، وانكان الاحوط اتمام الصلوة بالنحو المذكور في الصحيحة ثم اعادتها، هذا كله فيما اذا تذكر نسيان الركوع بعد السجدتين واما اذا تذكر نسيانه بعد الدخول فى السجدة الاولى ، فظاهر اطلاق كلام المشهور بل صريح كلام بعضهم هو البطلان ايضا ، ولكن قد يشكل ذلك بان اكثر الاخبار الواردة في المسئلة صريح فيما تذكر بعد السجدتين، و بعضها و انكان مطلقا، لكن يمكن دعوى انصرافه الى ما تذكر بعد السجدتين ، بمناسبة الحكم والموضوع، و ان الحكم بالبطلان مع التذكر بعد السجدتين ، لمكان استلزام تدارك الركوع المنسى لزيادة السجدتين، و هما من الاركان التي تكون زيادتها مبطلة مطلقا ولونسيانا وعلى هذا يكون مقتضى القواعد فيما اذا تذكر بعد الدخول في السجدة الأولى هو الصحة، اذ لا يلزم من تدارك الركوع المنسى فيهذه الصورة، الا زيادة سجدة واحدة وحى ليست بركن وتوهم ان السجدة الواحدة وان لم تكن ركنا ، لكنها لاشتمالها على الذكر مستلزمة لزيادة الكلام عمدا التي هي من قواطع الصلوة ، مدفوع اولا بما سيأتى انشاء الله تعالى فى مبحث القواطع ، من ان المراد من الكلام القاطع عمده للصلوة ماليس بدعاء وذكر وقران، وثانياً ان الذكر الواقع فهذه السجدة حيث يكون كنفسها ناشئا عن نسيان الركوع فيكون ملحقا بغير العمد ، كما يدل عليه قوله علیه السّلام في صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج يتم صلوته في جواب السوال عمن تكلم في صلوته نسياناً بقوله اقيموا صفوفكم ، فان قوله

ص: 545

اقيموا صفوفكم وان كان صادرا عند عمدا الا انه حيث كان ناشئا عن نسيان كونه في الصلوة ، حكم عليه السلام باتمام الصلوة المساوق مع صحتها ، هذا كله في نقيصة الركوع.

و اما زیادته فلا اشكال في بطلان الصلوة بها مطلقا ولو كانت سهوا، اما بطلانها بزيادته عمدا ، فلما دل من الاخبار على بطلان الصلوة بالزيادة العمدية ، ففى رواية ابی بصیر قال ابو عبد الله علیه السّلام من زاد فى صلوته فعليه الاعادة، وفي رواية زرارة و بكير بن الاعين عن ابيجعفر علیه السّلام قال اذا استيقن انه زاد في صلوته المكتوبة لم يعتد بها واستقبل الصلوة استقبالا، واما بطلانها بزيادته سهوا فلقيام الاجماع عليه ولا يضر به ماحكى عن بعض، من انه لونسي سجدتين في ركعة حتى ركع في الركعة اللاحقة ، اسقط الركوع واتى بالسجدتين المنسبيتين، و جعل الركعة الثانية التي اسقط ركوعها اول ركعته واتى بالثانية والثالثة والرابعة، لمخالفتة لما مر انفا من رواية زرارة الدالة على ان من استيقن انه زاد في صلوته فعليه الاعادة، وغيرها من الروايات المعتبرة الدالة على ذلك.

ويجب في الركوع امور، منها الانحناء بمقدار يمكن وضع يديه على ركبتيه، اما اصل الانحناء فلانه ماخوذ في مهيته ويكون من مقومات معهومه، فلايحتاج الى الاستدلال له بالاجماع كما صدر عن بعض الاعاظم، و اما حدّه الخاص الذي اعتبره الشارع فيه ، فالكلام فيه يقع من جهات الاولى هل اطلاق الركوع في لسان الشارع على الانحناء المحدود بهذا المقدار من باب الحقيقة الشرعية، اوانه من باب اطلاق حقیقته العرفية على احد الافراد و بعبارة اخرى الركوع في الشرع باق على نفس معناه العرفي وانما اعتبر الشارع بلوغه الى حدخاص لاانه جعله اسما لمرتبة خاصة منه الثانية هل المعتبر فى الحد الخاص من الانحناء الركوعي، هو وضع يديه على ركبتيه فعلا او يكفى الانحناء بمقدار يمكن وضع يديه على ركبتيه الثالثة هل المعتبر فى الانحناء ان يكون بمقدار يمكن وضع الراحة على الركبتين، او يكفى بمقدار يمكن وضع اطراف الاصابع عليهما اما الكلام من الجهة

ص: 546

الاولى، فالظاهر من الوجهين فيها هو الاخير لاصالة عدم النقل التى هى من الاصول اللفظية واما الكلام من الجهة الثانية ، فالظاهر من الوجهين فيها ايضا هو الاخير ، و ذلك لان الظاهر مما ورد في المقام من الاخبار، هو كونها في مقام التحديد للانحناء الواجب فى الوكوع، فان المتفاهم عرفا من قولهم علیه السّلام فان وصلت اطراف اصابعك في ركوعك الى ركبتيك اجزئك ذلك واجب الى ان تمكن كفيك من ركبتيك ، هو کونهم علیه السّلام في مقام تحديد الانحناء الركوعي ، وحيث ان من المعلوم عدم مدخلية الفعلية في التحديد لذا لوقيل فى مقام تحديد قامة شخص فلان تصل يده الى الطاقات الرفيعة، لا يستفاد منه الا مدرد تمكنه من ذلك ولو لم يصدر عنه هذا العمل اصلا ، فيكون المراد من قوله علیه السّلام اذا وصلت اطراف اصابعك الى ركبتيك ، هو اذا امكن وصولها الى الركبتين ، لا اذا صدر عنك الايصال ويشهد لذلك موثقة عمار عن ابي عبد الله علیه السّلام عن الرجل ينسى القنوت فى الوتر اوغير الوتر قال علیه السّلام ليس عليه شيء ، وقال علیه السّلام و ان ذكره و قد هوى الى الركوع قبل ان يضع يده على الركبتين فليرجع قائما و يقنت ثم يركع ، و ان وضع يده على الركبتين فليمض فى صلوته ، فان الظاهر منها انه علیه السّلام في مقام تحديد الانحناء الذي لا يصح معه الرجوع الى القنوت المنسى ، بالوصول الى الركوع بان يضع يده على ركبتيه، از من المعلوم ان وضع اليد على الركبة ليس له دخل في تحقق عنوان الركوع فمقصوده علیه السّلام من وضع اليد على الركبة تحديد الانحناء الركوعي الذي لا يتحقق الابان يصل الى حد يتمكن من وضع اليد على الركبة.

ثم لو حملنا الاخبار على الموضوعية لا التحديد، فاللازم بعد ما هو المعلوم من عدم كون الوضع الفعلى محققا لعنوان الركوع، ان يكون نفس وضع اليد على الركبة من مستحبات الركوع او واجبا آخر محله الركوع كالذكر، و ذلك لما مر من ان الركوع فى الشرع باق على نفس معناه العرفي وهو مطلق الانحناء، و ما اعتبره الشارع فيه من وضع اليد امر خارج عن حقيقته ، فلابد ان يكون من

ص: 547

مستحباته او واجبا مستقلا محله الركوع ، فعليه لواتى المصلى بما هو مسمى الركوع عرفا و نسى وضع اليد على ركبته ، لكان اتيا بما هو الركن و ناسيا لما هو المستحب او الواجب فى حاله لايضر ترکه نسيانا بصلوته لقاعدة لاتعاد الصلوة الامن خمس اللهم الا ان يدعى الاجماع على ان الانحناء الخاص الذي عينه الشارع من باب الحقيقة الشرعية، لا من باب اطلاق حقيقة العرفية على احد الافراد، فالركوع في الشرع غير باق على نفس معناه العرفى، بل قيد بقيد ، و ان اختلف فيه انه الانحناء بمقدار يمكن ايصال اطراف الاصابع الى الركبتين، او بمقدار يمكن وصول الراحة اليهما.

واما الكلام من الجهة الثالثة ، فنقول ان الاخبار واردة في مقدار الانحناء

مختلفة بحسب التعبير ، نعبر عنه في بعضها بوصول اطراف الاصابع ، كقوله علیه السّلام في صحيحة زرارة فان وصلت اطراف اصابعك في ركوعك الى ركبتيك اجزئك ذلك، وفي بعضها ببلوغ اطراف الاصابع عين الركبة ، قيل المراد من عين الركبة وسطها ، وقيل المراد منها الحفرتان اللتان فى طرفي الركبة ، كما يدل عليه قوله علیه السّلام في صحيحة زرادة فتجعل اصابعك فى عين الركبة تفريعا على قوله علیه السّلام واحب الى ان تمكن كفيك من ركبتيك، فان تفريع جعل الاصابع في عين الركبة على تمكين الكف و استيلاته على الركبة، لا يصح الا ان يكون المراد من العين الحفرتين الواقعتين في طر فى الركبة كالعينين الواقعتين في طرفي الوجه ، ولعل من قال بكفاية وضع رؤس الاصابع على عين الركبة فهم من العين هذا المعنى و کیفكان فلا شبهة فى ان وصول جميع اطراف الاصابع الشامل لاصولها المتصلة بالراحة الى الركبة، ملازم مع وقوع مقدار من الراحة على الجزء الا على من الركبة ، وهذا هو الحد الذي لا يجزى الأقل منه ، ويكون الزائد عليه وهو الانحناء بمقدار يمكن من تمكين الراحة على الركبة افضل افراد الواجب ، كما يدل على ذلك قوله علیه السّلام في صحيحة زرارة فان وصلت اطراف اصابعك في ركوعك الى ركبتيك اجزء ذلك واحب الى ان تمكن كفيك من ركبتيك.

ص: 548

ثم انه لا اشكال ظاهرا فى جواز ان تنحنى المراة في الركوع بقدر ما يجب ان ينحنى الرجل فيه، كما لا اشكال في جواز ان تضع راحتيها على ركبتيها كما يستحب ذلك للرجل، وحينئذ فلابد ان يحمل ما دل من الاخبار على ان المراة تضع يديها على فخذها، سيما بملاحظة ما في بعضها من التعليل بقوله علیه السّلام لئلا تطاطا كثيرا فيرتفع عجيزتها، على استحباب هذه الكيفية لها ، لا على ارادة تحديد انحنائها في الركوع بذلك ، كي يكون الانحناء المعتبر في حقها اقل مما هو المعتبر فى حق الرجل وهذه الاخبار وانكانت ظاهرة فى استحباب وضع تمام يديها الشامل لرؤس اصابعها فوق ركبتيها، الا ان ظهورها فى ذلك ليس بمثابه يكافوء، ما في بعض الاخبار كصحيحة زرارة، من تحديد الانحناء في الركوع مطلقا بمقدار يتمكن من ايصال اطراف الاصابع التي منها رؤسها الى الركبتين، و ذلك لاحتمال كون المراد من وضع يديها فوق ركبتيها فيهذه الاخبار، وضع ما يعتمد عليه منهما في الركوع ، وليس ذلك الا الراحة دون تمام اليد، وحينئذ فمقتضى الاحتياط ان تضع يديها على فخذها بحيث تصل رؤس اصابعها الى ركبتها فتدبر.

الثانى من الامور الواجبة في الركوع الذكر فتوى ونصا ، فاصل وجوبه مما لا اشكال بل لا خلاف فيه وانما وقع الخلاف فى انه هل يجزى مطلق ما يسمى ذكرا ولو كان تكبيرا او تهليلا او تحميدا او تسبيحا ، كما عن جماعة بل المشهور من المتاخرين وهم بين من اكتفى بمسمى الذكر ومن اعتبر كونه بمقدار ثلاث صغريات، او يتعين خصوص التسبيح ، كما هو المشهور بين المتقدمين بل عن غير واحد منهم دعوى الاجماع عليه ، وهم ايضا بين من اجتزى بواحدة صغرى ، ومن اوجب واحدة كبرى تعيينا ، ومن قال بالتخيير بينها وثلاث صغريات ، ومنشاء الخلاف اختلاف الاخبار ، فمما استدل به للقول بالاكتفاء بمطلق الذكر مطلقا ، صحيحة هشام بن سالم قال سئلت ابا عبد الله علیه السّلام يجزى عنى ان اقول مكان التسبيح في الركوع والسجود لا اله الا الله والحمد لله والله اكبر قال علیه السّلام نعم كل هذا ذكر الله، وصحيحة هشام بن

ص: 549

حكم عنه علیه السّلام ايضا قال قلت له ايجزى ان اقول مكان التسبيح في الركوع والسجود لا اله الا الله والحمد لله والله اكبر قال علیه السّلام نعم كل هذا ذكر، فان من عموم التعليل بعوله علیه السّلام فيهما كل هذا ذكر الله وكل هذا ذكر ، يستفاد الاكتفاء بمطلق الذكر مطلقا سواء كان تهليلا وتكبيرا وتحميدا ،اوغيرها ، وسواءكان بمقدار تسبيحة كبرى او ثلاث صغريات او اقل من ذلك ومما استدل به للقول بالاكتفاء بمطلق الذكر لكن لا مطلقا بل مقيدا بكونه بقدر تسبيحة كبرى او ثلثة صغريات ، رواية مسمع عن ابيعبد الله علیه السّلام قال علیه السّلام لا يجزى الرجل في صلوته اقل من ثلث تسبيحات او قدرهن، و روايته الاخرى عنه علیه السّلام ايضا قال علیه السّلام يجزيك عن القول في الركوع والسجود ثلث تسبيحات مترسلا اوقدرهن و ليس له ولا كرامة ان يقول سبح سبح سبح ، فان ظاهرها بقرنية الذيل كون ثلث تسبيحات مترسلا او قدر من اقل المجزى ومما استدل به للقول بتعين تسبيحة كبرى ، رواية عقبة بن عامر الجهني انه قال لما نزلت فسبح باسم ربك الاعلى قال لنا رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم اجعلوها في ركوعكم ، فلما نزلت سبح باسم ربك العظيم قال لنا رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم اجعلوها في سجودكم ، ومما استدل به للقول بتعين ثلث كبريات ، خبر هشام بن سالم قال سئلت ابا عبدالله علیه السّلام عن التسبيح فى الركوع والسجود، فقال علیه السّلام في الركوع سبحان ربي العظيم وفي السجود سبحان ربی الاعلى ، الفريضة من ذلك تسبيحة والسنه ثلث والفضل فى سبع، و رواية ابى بكر الحضرمي قال قال ابو جعفر علیه السّلام اتدرى اى شيء حد الركوع والسجود فقلت لا قال علیه السّلام سبح فى الركوع ثلث مرات سبحان ربي العظيم وبحمده وفى السجود سبحان ربى الاعلى و بحمده ثلث مرات، فمن نقص واحدة نقص ثلث صلوته و من نقص ثنتين نقص ثلثى صلوته و من لم يسبح فلاصلوة له ومما استدل به للقول بالتخيير بين تسبيحة كبرى وبين ثلث صغريات صحيحة زرارة عن ابيجعفر علیه السّلام قال قلت له ما يجزى من القول في الركوع والسجود علیه السّلام ثلث تسبيحات في ترسل و واحدة تامة تجزى ، هذا مضافا الى كونه مقتضى الجمع بين مادل على

ص: 550

تعين الكبرى و مادل على الاجتزاء بثلث صغريات كصحيحة معوية بن عمار قال قلت لا بيعبد الله علیه السّلام اخف ما يكون من التسبيح فى الصلوة قال علیه السّلام ثلث تسبيحات مترسلا تقول سبحان الله سبحان الله سبحان الله.

واما القول بالتخيير بين ثلث كبريات و ثلث صغريات ، فلم نعثر على ما يدل عليه ، ولعل مدركه هو الجمع بين مادل على تعين ثلث كبريات و مادل على الاجتزاء بثلث صغريات ولا يخفى ان الاقوى بالنظر الى ما هو مقتضى التدبر في الاخبار الواردة فى المسئلة ، هو الفول بالاكتفاء بمطلق الذكر مقيدا بكونه تسبيحة كبرى او ثلث صغريات ، اما الاكتفاء بمطلق الذكر ، فلعدم دلالة ما استدل به من الاخبار للقول بوجوب تسبيحة كبرى او ثلث كبريات على وجوبها تعيينا، لالاجل ان مقتضى الجمع بينها وبين مادل على الاجتزاء بثلث صفريات هو حملها على بيان افضل افراد التسبيح الواجب ، بل لان في نفس تلك الاخبار ما يكون قرنية على كونها في مقام بیان افضل افراد الذكر الواجب، وهو رواية الخضر مى المتقدمة، ان لاريب في ان المراد من النقص فى قوله علیه السّلام فيها نقص ثلث صلوته و نقص ثلثى صلوته ، هو النقص من حيث الفضيلة ، كيف لا والالزم بطلان الصلوة رأسا بترك واحدة من التسبيحات الثلث، ضرورة انتفاء الكل بانتفاء جزئه، ومعه لا يبقى مجال لحكمه علیه السّلام بنقص ثلثيها بترك اثنتين منها ، واذا كان المراد من النقص نقص الفضيلة والكمال، لانتصان ذات الصلوة ، فلابد بمقتضى وحدة السياق ان يكون المراد من نفى الصلوة بقوله علیه السّلام ومن لم يسبح فلا صلوة له ، هو نفى الفضيلة رأسا، فعبر علیه السّلام عن نقص الثلث الباقى فضيلة بنفى الصلوة، سلمنا دلالة تلك الاخبار على وجوب تسبيحة كبرى او ثلث كبريات تعيينا، لكن دلالتها على ذلك ليست الا بالظهور لا الصراحة والنصوصية، فلا تصلح للمعارضة مع مادل على الاجتزاء بمطلق الذكر على نحو الصراحة، كصحيحتى هشام بن سالم وهشام بن حكم المتقدمتين، و معه لامجال لما توهم من تقديم تلك الاخبار عليهما، لاجل موافقتها لفتوى المشهور و موافقتهما العامة ، ضرورة ان

ص: 551

الرجوع الى المرحجات السندية والجهتيه انما هو فرع التعارض، ولا تعارض مع امكان الجمع الدلالي العرفى كما هو المفروض في المقام واما اعتبار كون مطلق الذكر بقدر تسبيحة كبرى اوثلث صغريات ، فلما عرفت من دلالة روايتي مسمع المتقدمتين عليه ، ولا يعارضهما اطلاق التعليل في الصحيحتين بقوله علیه السّلام كل هذا ذکر، و ذلك لورودهما لبيان مجرد الاجتزاء بكل ذكر مكان التسبيح، فلا اطلاق لهما من جهة الكمية ايضا كي تعارضا الروايتين ، وعلى تقدير تسليم ظهورهما في الاطلاق من هذه الجهة ايضا ، يجب تقييده بالروايتين خصوصا الأولى منهما الصريحة فى عدم الاجتزاء باقل من ثلث تسبيحات او قدرهن واما صحيحة ابن يقطين عن ابي الحسن علیه السّلام قال سئلته عن الرجل يسجدكم يجزيه من التسبيح في ركوعه وسجوده فقال علیه السّلام مثلث و تجزيه واحدة ، فلا دلالة لها على الاجتزاء باقل من ثلث تسبيحات مترسلا، کی ینافى مادل على عدم الاجتزاء باقل من ثلث تسبيحات صغريات، لاحتمال كون المراد من قوله علیه السّلام و تجزيه واحدة هى التسبيحة الكبرى و توهم استلزام هذا الاحتمال لارتكاب التفكيك بين قوله علیه السّلام ثلث وبين قوله علیه السّلام واحدة، بحمل الاول على ثلث صغريات والثاني على واحدة كبرى ، دفعا لمحذور التخيير بين الاقل والاكثر التدريجيين المستحيل عقلا على ما بين في محله ، تامل، وهو مما يابى عنه وحدة السياق مدفوع اولا بمنع استلزام هذا الاحتمال للتفكيك المزبور، ضرورة ان حمل كل من قوله علیه السّلام ثلث وقوله علیه السّلام واحدة على التسبيح الكبير، انما يستلزم التخيير بين الاقل والاكثر المحال، فيما اذا اريد نفى الاجتزاء الا بالثلث او بواحدة واما اذا اريد اثبات الاجتزاء بكل منهما كما هو مفاد الصحيحة ، فلا يستلزم التخيير المحال بل واقع فى الشرعيات فوق حد الاحصاء، وبالجملة التخيير بين الاقل الاكثر التدريجيين، انما يكون مستحيلا عقلا فيما اذا كان شرعيا بان كان كلواحد منهما واجبا في مقابل الاخر ، دون ما اذا كان التخيير بينهما عقليا ، بانكان كلاهما فردین لواجب واحد وكان الأكثر افضلهما كما هو المفروض في المقام ، فانه لا يكون

ص: 552

مستحيلا و الا لما حكم به العقل وثانيا سلمنا استلزام هذا الاحتمال لارتكاب التفكيك المزبور، لكنه مشترك الورود على كل حال، سواء حملنا قوله علیه السّلام واحدة على التسبيحة الكبرى او الصغرى، لانه مستلزم للتخيير بين الاقل والاكثر ، على تقديرا بقائه على ظاهره من ارادة واحدة صغيرة ايضا كما هو واضح ولا محذور في ارتكابه بعد قيام قرنية عقلية عليه ، وهى استلزام حمل الفقرتين جميعا على التسبيحة الكبرى او الصغرى للتخير المحال هذا، وان ابيت عن ذلك الحمل لمنافاته لظهور الصحيحة في اتحاد الثلاثة والواحدة سنخا ، فيمكن دفع المنافاة بينها و بين مادل على عدم الاجزاء باقل من ثلث صغريات ، بحمل التسبيح فيها على الكبرى، فتتحد حينئذ مضمونا مع خبر هشام بن السالم المتقدم، الدال على ان الفريضة من التسبيح الكبير تسبيحة واحدة والسنة ثلاث.

بقى الكلام فى وجه اشتراط الاجتزاء بواحدة ، بامكان الجهة من الارض في صحيحة اخرى لعلى بن يقطين عن ابي الحسن علیه السّلام ايضا، قال سئلته عن الركوع والسجودكم يجزى فيه من التسبيح ، فقال علیه السّلام ثلث ويجزيك واحدة اذا امكنت جهتك من الارض ، و احتمل بعض من الاعلام كون الوجه في ذلك ، هو ان اكثر الناس لما كانوا يعجلون في ركوعهم و سجودهم ، بحيث لواتى احد منهم بواحدة فربما يصدر عنه بعضها في الهوى و بعضها في الرفع ، فحكم علیه السّلام اولا بان المجزى من التسبيح هو الثلث لمن هذه صفته كالاكثر، ليتحقق لبسه في الركوع والسجود بمقدار واحدة، ثم حكم علیه السّلام بالاجتزاء بواحدة لغير المستعجل الممكن جبهته من الارض، ولا يخفى ان لازم هذا التوجيه هوكون الزائد عن واحدة مقدمة لحصول ماهو الواجب من التسبيح فى الركوع والسجود وهى الواحدة ، ولازم ذلك فيما اذا اختار ثلث تسبيحات ، انه لو صدر عنه عمدا واحدة منها او اثنتان منها فى الهوى او الرقع لماضر بصحة صلوته ، والظاهر انه معالم يلتزموا به ، بل حكموا ببطلان صلوته لو فعل ذلك عمدا ، معللين بانه اتى بها في غير محلها المقرر لها شرعا فالاولى

ص: 553

ان يجعل هذا الوجه حكمة لتشريع الثلث التى هى افضل افراد الواجب من مطلق التسبيح الواجب في الركوع والسجود، حتى يكون وقوع واحدة أو اثنتين منها في حال الهوى او الرفع مبطلا للصلوة لوقوعها في غير محلها المشروع لها فتكون زيادة عمدية مبطلة.

الامر الثالث لا اشكال بل لاخلاف فى وجوب الطمأنينة، وهى سكون الاعضاء واستقرارها فى هيئة الراكع، كما لا اشكال في وجوبها في الذكر الواجب في حال الركوع ، وانما وقع الاشكال والخلاف في ان المعتبر في الركوع ، هل هي الطمأنينة بقدر ما يؤدى الذكر الواجب، او المعتبر فيه هى الطمأنينة في الجملة ولو بقدر تحقق مسماها، فذهب المشهور الى الاول ، و جماعة الى الثاني واستدل للمشهور مضافا الى دعوى الاتفاق والاجماع عليه بروايات منها مرسلة الذكرى ان رجلا دخل المسجد ورسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم جالس في ناحية المسجد فصلى ثم جاء فسلم عليه صلی الله علیه و آله و سلّم فقال صلی الله علیه و آله و سلّم وعليك السلام ارجع فصل فانك لم تصل ، فرجع وصلى فقال صلی الله علیه و آله و سلّم له مثل ذلك فقال الرجل في الثالثة علمنى يا رسول الله ، فقال صلی الله علیه و آله و سلّم اذ اقمت الى الصلوة فاصبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر ثم اقرء ما تيسر منك من القرآن ثم اركم حتى تطمئن راكعا ثم ارفع رأسك حتى تعدل قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تستوى قائما ثم افعل ذلك فى صلوتك كلها ومنها رواية قرب الاسناد عن بكير بن محمد الأزدي عن الصادق علیه السّلام اذا ركع فليتمكن ومنها مصححة زرارة عن ابي جعفر علیه السّلام قال علیه السّلام بينا رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم جالس في المسجد ان دخل رجل فقام يصلى فلم يتم ركوعه ولا سجوده ، فقال صلی الله علیه و آله و سلّم نفر كنقر الغراب لئن مات هذا وهكذا صلوته ليموتن على غير دينى ومنها رواية عبدالله بن ميمون القداح عن ابيعبد الله علیه السّلام ، قال علیه السّلام ابصر على بن ابيطالب عليه الصلوة والسلام رجلا ينفر صلوته ، فقال علیه السّلام منذكم صليت بهذه الصلوة قال له الرجل منذكذا وكذا ، فقال علیه السّلام مثلك عند الله كمثل الغراب اذا ما نقر ، لومت مت على غير ملة أبي القاسم محمد صلی الله علیه و آله و سلّم ثم

ص: 554

قال علیه السّلام اسرق الناس من سرق من صلوته ومنها النبوى صلی الله علیه و آله و سلّم المروى عن الذكرى لا تجزى صلوة الرجل حتى يقيم ظهره فى الركوع والسجود.

ولكن لا يخفى مافيه، اما الاجماع فلان المحصل منه غير حاصل والمنقول منه للاستدلال به غير قابل، سيما مع احتمال استناد الجمعين الى ما ذكرنا من الروايات، التي غاية ما يمكن استفادته منها بعد الغض عما في جملة منها من قصور السند، إنما هو اعتبار الطمأنينة في الركوع في الجملة بحيث يخرج بها عن كونه كنقر الغراب، واماكونها بقدر ما يؤدى الذكر الواجب كما هو المحكى عن الفاضلين وغيرهما، فلادلالة لهذه الروايات عليه ، فالاقوى ماذهب اليه جماعة من عدم اعتبار الطمأنينة في الركوع الا بمقدار تحقق مسماها ، لان الاصل هو البرائة عن الزائد عليه، بناء على ماهو الحق من جريانها في الاقل والاكثر مطلقا ولوكانا ارتباطيين.

ثم هل الطمأنينة شرط للركوع ، كما لعله مراد من قال بركنيتها، فان ارادة كونها ركنا مستقلا بعيدة فى الغاية ، او شرط للصلوة فى حال الركوع احتمالان، و تظهر الثمرة فيما اذا ترك الطمأنية في الركوع نسيانا، ثم تذكر بعد رفع الرأس عنه او بعد اكمال السجدتين، فانه بناء على كونها شرطا للركوع يجب عليه اعادة الركوع تحصيلا لشرطه، فيما اذا تذكر بعد رفع الرأس عنه لعدم فوات محله، و اعادة الصلوة فيما اذا تذكر بعد اكمال السجدتين لفوات محله، وبناء على كونها شرطا للصلوة يجب عليه المضى فى صلوته فى الفرضين ولاشيء عليه الا سجدتي السهو، و كيفكان يمكن استكشاف كونها شرطا للصلوة حال الركوع لاشرطا للركوع، من الاخبار الواردة في جواب السؤال عن كيفية الركوع المشتملة على بيان جميع خصوصياته حتى المستحبات منها، مع خلوها عن ذكر الطمأنينة ، فانه يكشف عن عدم كونها شرطا للركوع، والا لما اخل بذكرها فيها مع كونها فى مقام بيان تمام ما يعتبر فيه ثم لوشككنا في انها شرط للركوع کي يجب عليه اعادة الركوع او اعادة الصلوة ، فيما اذا تركها سهوا ثم التفت بعد دفع الراس او بعد اكمال السجدتين اوانها شرط للصلوة حال الركوع كى يجب عليه اعادة الركوع ولا يجب عليه اعادة الصلوة فى الفرضين، فهل مقتضى الاصل اللفظى والعملى هو وجوب اعادة

ص: 555

الركوع او الصلوة او عدم وجوبها، التحقيق هو الاول، اما الاصل اللفظى، فلانه مقتضى اطلاق ادلة اعتبارها مادة بل هيئة ، الشامل لحال السهو ، كما هو الشأن في سائر المطلقات المسوقة لبيان الحكم الوضعى وتوهم ان ادلة اعتبارها و انكانت شاملة باطلاقها مادة و هيئة لحال السهو، لكن التمسك باطلاقها في الفرض الثاني يكون من قبيل التمسك بالعام مع الشك فى مصدق المخصص، ضرورة ان الطمأنينة انكانت واقعا شرطا للصلوة في حال الركوع ، لكان الفرض الثاني حينئذ داخلا في جملة المستثنى منه من حديث لا تعاد المخصص لادلة اعتبارها ، وانكانت واقعا شرطا للركوع لكان الفرض داخلا في جملة المستثنى من الحديث ، و مع الشك في كونها شرطا لا يهما ، يشك في كون الفرض داخلا فرأى الجملتين من الحديث ، ومعه يكون التمسك باطلاق ادلة اعتبارها في الفرض تمسكا بالعام مع النك في مصداق المخصص مدفوع بان مع الشك فيكون الطمأنينة شرطا لاى من الركوع والصلوة ، و انكان يشك في كون الفرض داخلا فى اى الجملتين من الحديث ، لكن لا يكون التمسك باطلاق ادلة اعتبارها مع هذا الشك من قبيل التمسك بالعام مع الشك فى مصداق المخصص ، بل يكون تمسكا به مع الشك في اصل التخصيص ، ضرورة ان الطمأنينة لو كانت واقعا شرطا للصلوة ، لكان الفرض داخلا في جملة المستثنى منه من الحديث وكانت ادلة اعتبارها مخصصة بهذه الجملة ، وان لم تكن واقعا شرطا للصلوة بل كانت شرطا للركوع ، لكان الفرض داخلا في جملة المستثنى من الحديث ، لكن دخوله فيهذه الجملة لا يوجب تخصيص ادلة اعتبارها بها اذلا معنى للتخصيص في المتوافقين في المدلول ، ففى المقام اصل تخصيص ادلة اعتبار الطمأنينة بحديث لا تعاد مشكوك ، لا ان تخصيصها به معلوم وانما الشك فى مصداق المخصص كما توهمه المتوهم سلمنه لكن نقول حيث ان بيان ان الطمأنينة شرط للركوع او الصلوة في حال الركوع ، مما امره بيدالشارع ومن وظيفته ، ومعذلك اطلق وجوب الطمأنينة في الركوع ولم يقيده بغير حال السهو، يكشف ذلك عن انها لم تكن شرطا للصلوة ، والا لما اطلق

ص: 556

وجوبها في الركوع بل قيده بغير حال السهو، وهذا نظير ما قلناه في التمسك بالعام الشك فى مصداق المخصص اللبى، كما فى مثل لعن الله بني امية قاطبة، من ان العموم يكشف عن ان المتكلم تفحص و استقصى ولم ير فى افراد العام مالا يصلح ان يكون مراد اله منه والا لخصصه بغيره، هذا كله بحسب الاصل اللفظى، واما الاصل العملى فلانه مقتضى استصحاب بقاء وجوب الركوع او الصلوة الثابت قبل اتيان هذا المشكوك وتوهم ان الشك في بقاء وجوبه مسبب عن الشك في شرطية الطمأنينة للركوع ، ومقتضى حديث الرفع عدم شرطيتها له مدفوع بان اصالة عدم شرطيتها له معارضة باصالة عدم شرطيتها للصلوة، للعلم اجمالا بشرطيتها لاحدهما، و بعد تساقطهما بالمعارضة، يكون اصالة بقاء وجوب الركوع سالمة عما يكون حاكما عليها، ولا يرد على هذا الاستصحاب ما اوردناه على استصحاب بقاء وجوب الصلوة الذى تمسك به بعض من الاجبار يين في دوران الامر بين الاقل والاكثر الارتباطيين، حيث قال سلمنا ان مقتضى الاصل هو البرائة عن الأكثر، لكن هذا الاصل ليس من الاصول التنزيلية الرافعة للشك حكما ، بل هو حكم على موضوع الشك ومع حفظ الشك، فاذا كان الشك فى جزئية المشكوك باقيا حقيقة غير مرفوع تعبدا، فيجرى بعد الفراغ عن الصلوة الخالية عن المشكوك استصحاب وجوبها الثابت قبل الاتيان بهذه الصلوة، و حاصل ما اوردناه هناك، هو ان وجوب الصلوة الاستصحابى التعبدي لا يزيد على وجوبها الواقعي ، فاذا اجرينا البرائة عن الجزء المشكوك بالنسبة الى وجوبها الواقعي ، فنجرى البرائة عنه بالنسبة الى وجوبها التعبدي بطريق اولى، وبعبارة اخرى مع استصحاب وجوبها يكون الشك في جزئية المشكوك باقيا بحاله، فنرفع جزئيته باصالة البرائة ، فلا يجدى استصحاب وجوبها الا الاتيان بالصلوة الخالية عن الجزء المشكوك وهو تحصيل للحاصل فيكون لغوا فتدبر توضیح عدم ورود ما اوردناه على ذلك الاستصحاب علي هذا الاستصحاب ، هوان استصحاب وجوب الصلوة هناك ، لما لم يكن رافعا للشك عن الجزء المشكوك

ص: 557

فجاز عدم الاتيان به بعد الاستصحاب ايضا باصالة البرائة، وهذا بخلاف المقام فان بعد استصحاب وجوب الصلوة، و ان لم يرفع الشك عن كون الطمأنينة شرطا للركوع او الصلوة حال الركوع، لكن مع ذلك لا يجوز تركها عمدا مع العلم بوجوبها في حال الركوع اما لكونها شرطا له او للصلوة حاله، وبالجملة اذا ثبت وجوب الركوع او الصلوة بالاستصحاب ، فلازم وجوبه كك شرعا وجوب الطمأنينة في حال الركوع، لعدم جواز الاخلال بها عمدا، وهذا بخلاف ما اذا ثبت وجوب الصلوة بالاستصحاب بعد الفراغ عن الصلوة الخالية عن الجزء المشكوك، فانه ليس من لوازم وجوبها كك وجوب اتيانها مع الجزء المشكوك لاشرعا ولاعقلا، بل مقتضى البرائة شرعية وعقلية عدم وجوب الاتيان بها كك، نعم ماذكرنا من حكومة اصالة البرائة على هذا الاستصحاب، انما يتم فيما اذا ترك الطمأنينة في الركوع سهو الا مطلقا ، بل بمقدار الذكر الواجب ، ثم التفت بعد رفع الرأس عنه فشك في سقوط الركوع عنه، من جهة احتمال كون الطمأنينة معتبرة فيه بقدر الذكر الواجب، لان باب هذا الاحتمال غير مسدود، فان هذا الشك في المقام كما عرفت مسبب عن الشك في اعتبار الطمأنينة في الركوع زائدا على تحقق مسماها ، فاذا اجرينا البرائة فى الشك السببى وارتفع ببركتها اعتبار الزائد عن مسمى الطمأنينة، فلا يبقى مجال للشك في سقوط الركوع كي يجرى استصحاب وجوبه، لكن هذه الحكومة انما تتم بالنسبة الى البرائة الشرعية الثابتة بحديث الرفع، بناء على كون المرفوع به جميع الاثار تكليفية و وضعية، دون البرائة العقلية التي ليس مفادها الاقبح العقاب بلابيان، من دون تعرض لها لحال الشرط المشكوك كي تكون حاكمة على استصحاب وجوب المشروط ، هذا مضافا الى انها لاتجدى في المقام شيئا، ضرورة انه بعد رفع الرأس عن الركوع، يعلم اجمالا اما بوجوب ركوع آخر عليه لو كان الشرط هي الطمأنينة بقدر الذكر الواجب، واما بحرمته لوكان الشرط هو تحقق مسماها ، فيدور امر الركوع الاخر بين الوجوب والحرمة ، وليس

ص: 558

من دوران الامر بين الوجوب والحرمة التكليفيين كى نقول بالبرائة والتخيير فيه ، بل الوجوب والحرمة هنا وضعيان ، ومقتضى القاعدة في دوران الأمر بينهما هو ، وهو في المقام بحصل باتيان رکوع آخر واتمام هذه الصلوة ثم استينافها من رأس ، ونظير هذا العلم الاجمالى ما ذكره بعض المحققين ، فيما اذاشك مثلا في وجوب السورة فى القرائة ، وتركها اعتمادا على اصالة البرائة العقلية و دخل في الركوع ، فانه يعلم حينئذ اجمالا اما بوجوب المضى عليه في صلوته لولم تكن السورة واجبة ، واما بوجوب اعادتها عليه لو كانت السورة واجبة ، ومقتضى القاعدة هو الاحتياط باتمام هذه الصلوة واعادتها مع السورة ، هذه غاية ما يمكن ان يقال في كون وجوب اعادة الركوع او الصلوة فيما نحن فيه مقتضى الاصل العملي اعنى الاستصحاب ، لكن يرد عليهذا الاستصحاب ، انه ان اريد به استصحاب وجوب الركوع المقيد بالطمأنينة، فهذا ليس لوجوبه حالة سابقة متيقنة، وان اريد به استصحاب وجوب مهملة الركوع القدر المشترك بين المقيد بالطمأنينة وغير المقيد بها، فالمهملة وان كان لوجوبها حالة سابقة متيقنة، لكن استصحاب وجوبها لا يجدى شيئا، لالما توهم من ! مفاد ادلة الاستصحاب جعل حكم مماثل للحكم المتيقن السابق، فلابد ان يكون متعلقه اما مطلقا او مقيدا ان المهملة غير قابلة لجعل الحكم عليه، و ذلك لما حققنا في محله من ان مفاد ادلة الاستصحاب هو الجرى العملى على طبق المتيقن السابق فكلما كان للمتيقن السابق عمل يجب ذلك العمل فى اللاحق، وهذا فى غاية الامكان بالنسبة الى المهملة، بل لما حققناه ايضا في محله من ان القيود المأخوذة فى متعلق التكاليف، تارة تكون من عوارض الموجود الخارجى كالتغيير العارض على الماء بسبب ملاقاته للنجاسة ، وأخرى تكون من عوارض الكلى كالطمأنينة المعتبرة فى افعال الصلوة مثلا ، ففي القسم الاول ان زال القيد او تعذر، يستامح العرف ويقول هذا الماء كان قبل زوال تغيره نجسا والان كماكان، و هذا بخلاف القسم هذا بخلاف القسم الثاني، فانهم اذا تعذر القيد لا يقولون ان الصلوة

ص: 559

كانت قبل تعذر الطمأنينة واجبة والان كما كانت، وذلك لان الطبيعة المطلقة عندهم مبائنة مع المقيدة، فيكون استصحاب حكم المقيدة بعد تعذر قيدها عندهم من اسراء حكم موضوع الى موضوع آخر، وفي المقام نقول ان المتيقن السابق كان اما الركوع المقيد بالطمأنية او غير المقيد بها، والمهملة مباينة مع كليهما، فيكون استصحاب وجوب الركوع الثابت له قبل نسيان الطمأنينة، من قبل اسراء حكم موضوع الى موضوع آخر مبائن له، سلمنا عدم كونه من هذا القبيل، لكن هذا الاستصحاب لا يجدى فى المقام شيئا ، ضرورة ان استصحاب وجوب مهملة الركوع، لا يقتضى الا وجوب اتيان ركوع ولو بلا طمأنية، و هذا تحصيل للحاصل ولغو اللهم الا ان يقال ان مقتضى هذا الاستصحاب وان لم يكن الا مجرد اتيان رکوع، الا انه بضميمة الاجماع على ان الركوع يجب فيه الطمأنية ولا يجوز تركها عمداء يجدى فى المطلوب كما هو واضح، لكن قد عرفت المنع عن اصل جريان هذا

الاستصحاب وعلى أي حال نحن في فسحة عن هذه التجشمات، بعد ما عرفت من ظهور الاخبار الواردة في تحديد الركوع و بيان جميع خصوصياته حتى المستحبة الخالية عن ذكر الطمأنينة، فى عدم كونها شرطا للركوع، اذ حينئذ يكون الفرضان داخلين في جملة المستثنى منه من حديث لاتعاد، الحاكم على اطلاق ادلة اعتبار الطمأنينة في الركوع والاستصحاب المقتضى لوجوب الركوع ثانيا، وتوهم معارضة تلك الاخبار مع ادلة اعتبارها في الركوع الظاهرة في كونها شرطا لنفس الركوع، مدفوع بما عرفت من منع دلالة ادلة اعتبارها في الركوع، الاعلى وجوبها في حاله واما كونها شرطا له او للصلوة فى حاله فهى ساكتة عنه و توهم ظهور كلمة فلم يتم ركوعه في صحيحة زرارة المتقدمة في كونها شرطا لنفس الركوع، واضح الفساد، ضرورة ان تلك الكلمة ليست قولا للنبي صلی الله علیه و آله و سلّم ، وانما هي حكاية عن كيفية فعل ذلك الشخص المصلى كما لا يخفى على من راجع الرواية ، سلمنا ظهورها في ذلك ، لكنه ليس بمثابة يقاوم ظهور تلك الاخبار في عدم كونها شرطا للركوع كما لا يخفى ثم

ص: 560

ان من خلوتلك الاخبار البيانية عن الذكر الواجب في الركوع ايضا، يستفاد ان الذكر ايضا ليس شرطا للركوع، وانما هو واجب مستقل في حاله، وعليه فلواخل سهوا بالذكر الواجب او الطمأنينة المعتبرة فيه، كان مقتضى حديث لا تعاد عدم بطلان الصلوة بتركهما او ترك احدهما كك كمالا يخفى.

واما الدليل على اعتبار الطمانينة فى الذكر الواجب ايضا ، فهو مادل على اعتبارها في الصلوة في جميع اقوالها وهيئاتها الاربع الركوع والسجود والقيام والجلوس من الاجماعات المحكية ثم لو عجز عن الطمانينة في الركوع ، فتارة يعجز عنها مطلقا ولو قاعدا، واخرى يعجز عنها قائما فقط، ففى الصورة الاولى لا اشكال فى سقوطها و وجوب اتيان الركوع قائما مطلقا، سواء قلنا بكونها شرطا للركوع او للصلوة، كما لا اشكال في سقوطها و وجوب الركوع قائما في الصورة الثانية، بناء على المختار من كونها شرطا للصلوة حال الركوع لا شرطا له، و ذلك لان عجزه عن شرط الصلوة لا يوجب الا سقوط ذلك الشرط، لا انقلاب تكليفه الى الركوع جالسا مع قدرته عليه قائما لحفظ ذلك الشرط المعجوز عنه، والحاصل ان المجوز عنه هنا هو شرط الصلوة اعنى الطمانينة فهو المرفوع بحديث الرفع، و اما القيام حال الركوع فهو مقدور فلاوجه لسقوطه والانتقال الى الركوع جالسا لحفظ ذلك الشرط المعجوز عنه في حال القيام وتوهم ان كلا من الطمانينة والقيام حال الركوع مقدور له فيحد نفسه، ضرورة ان الفرض انه يقدر على الطمانينة في الركوع جالسا وكذا يقدر على القيام في حال الركوع، وانما يعجز عن الجمع بينهما في الركوع فيقع بينهما التزاحم، والقيام وانكان اهم من الطمانينة ، لكونه شرطا للركن دونها، الا ان الركوع قائما حيث يكون له البدل و هو الركوع جالسا، بخلاف الطمانينة ، فاللازم الانتقال الى الركوع جالسا حفظا للطمانينة، على ما حققناه في باب التزاحم من لزوم تقديم ماليس له البدل من المتزاحمين على ماله البدل وانكان ماله البدل اهم مما ليس له البدل مدفوع بانه وانكان عاجزا عن الجمع بينهما في

ص: 561

الركوع، الا ان العجر عن الجمع بينهما كك ناش عن العجز عن الطمانينة في حال القيام، لا القيام في حال الطمانينة، فهى المعجوز عنها اولا وبالذات فهي المرفوعة دون القيام فتدبر وانما الاشكال في سقوطها و وجوب الركوع قائما بناء على كونها شرطا للركوع، فانه حينئذ كما يكون عاجزا عن الطمانينة في الركوع قائما، كك يكون عاجزا عن القيام مستقرا، فنسبة العجز الى احدهما دون الاخر ترجيح بلا مرجح، وحينئذ فيقع التزاحم بينما في مقام الفعلية، واللازم مراعاة جانب الطمانينة بالركوع جالسا معها لانها مماليس لها البدل بخلاف القيام هذا ولكن يمكن ان يقال في المقام ايضا ان المعجوز عنه اولا وبالذات هو الطمانينة ، وانما يكون القيام معجوزا عنه ثانيا و بالعرض، من جهة سراية العجز من القيد الى المقيد ، ضرورة ان القيام في حد ذاته مقدور، و انما يعجز عنه من حيث فيقده بالاستقرار المعجوز عنه في هذا الحال فاذا كان المعجوز عنه اولا و بالذات هي الطمانينة فهى المرفوعة دون القيام ، كما يظهر ذلك من استدلال الامام علیه السّلام لرفع المسح عن البشرة في رواية عبد الاعلى ، بقوله تعالى ماجعل عليكم فى الدين من حرج، فانه يظهر منه ان القيد وهو وقوع المسح على البشرة لما كان هو المنشاء للعسر والخرج اولاو بالذات ، فهو منفی دون اصل المسح و انكان المسح ايضا من حيث تقيده بهذا القيد الحرجي حرجيا ايضا فتدبر.

الامر الرابع لاخلاف فى انه يجب رفع الرأس من الركوع الى ان ينتصب قائما ، و يدل عليه مضافا الى الاجماعات المحكية جملة من الاخبار ، منها خبر ابي بصير عن ابيعبد الله علیه السّلام قال علیه السّلام اذا رفعت راسك من الركوع فاقم صلبك حتى ترجع مفاصلك ، وخبره الاخر عنه علیه السّلام ايضا قال اذا رفعت راسك من الركوع فاقم صلبك فانه لاصلوة لمن يقم صلبه و منها النبوي صلی الله علیه و آله و سلّم المتقدم المروى عن الذكرى حيث قال صلی الله علیه و آله و سلّم فيه ثم ارفع راسك حتى تعدل قائما ، وعليه فلوهوى الى السجود قيل الانتصاب من الركوع لالعذر بطلت صلوته ، و اما ان كان لعذر مستمر الى السجود ، فانكان العذر هو العجز فلا اشكال فى سقوطه لانتفاء التكليف بغير المقدور،

ص: 562

وان كان العذر هو النسيان، فبناء على عدم ركنيته كما هو المشهور والمختار، لا اشكال فى سقوطه ايضا لعموم حديث لا تعاد ، و اما على القول بركنيته كما هو المحكى عن الشيخ فى الخلاف ، فلا اشكال في بطلان الصلوة بتركه ولو نسيانا ، لكن الحق عدم ركنيته اذلا دليل عليه ، الا عموم نفى الصلوة بدونه في خبر ابى بصير المتقدم انفا الظاهر فى نفى حقيقة الصلوة بدون اقامة الصلب ، و من المعلوم لزوم تخصيصه بغير الناسى ، لحكومة قوله علیه السّلام لا تعاد الصلوة الامن خمس، وغيره مما دل على اناطة صحة الصلوة بمحافظة الركوع والسجود عن النسيان، على سائر العمومات المثبتة للاجزاء والشرائط واما انكان لعذر غير مستمر كما اذا هوى للسجود قبل الانتصاب لعجز او نسيان، فارتفع العجز او تذكر قبل وضع الجهة على الارض، فعن غير واحد من الاصحاب منهم شيخ مشايخنا الانصاري قدس سره، انه يجب عليه تداركه معللا ببقاء الامر والمحل، و فيه ان غاية مادل عليه النصوص هو وجوب القيام الحاصل من رفع الراس من الركوع لا مطلق القيام ، ومن المعلوم ان القيام الحاصل من رفع الراس من الركوع، غير ممكن التدارك بعد الهوى الى السجود كما هو واضح ، ومعه الامجال لبقاء الأمر والمحل كما لا يخفى.

ثم لاخلاف ظاهرا في وجوب الطمانينة فى الانتصاب بان يعتدل قائما ويسكن ولويسيرا ، واستدلوا عليه مضافا الى الاجماعات المحكية ، بقوله علیه السّلام فى خبرى ابي بصير المتقدمين اذا رفعت راسك من الركوع فاقم صلبك حتى ترجع مفاصلك فانه الاصلوة لمن لم يقم صلبه ، تقريب الاستدلال هو ان جعله علیه السّلام زمان رفع الراس من الركوع ظرفا لاقامة الصلب، يستفاد منه عرفا اطالتها بمقدار يسعه ذلك الزمان ، فكانه علیه السّلام قال في وقت رفع راسك من الركوع اقم صلبك.

بقى هنا فروع، الأول لو لم يتمكن من القيام فى تمام الركعة بان قدر

على القيام مقداراً لايسع القرائة والركوع ، و دارالامر بين القيام لقرائتها او اركوعها ، فهل يتعين عليه القيام فى اولها كي يكون قرائتها عن قيام ، أو يتعين

ص: 563

في اخرها كي يكون ركوعها عن قيام، أو يتخير ، ونحن و ان تعرضنا لهذا الفرع فى مبحث القيام مفصلا، الا ان الاستاد دام ظله حيث عدل هنا عن بعض ما افاده هناك فلابد لنا ان نتعرض له في المقام ايضا اقتفاء له ، فنقول فيه وجوه بل اقوال ، فذهب جمع منهم صاحب الجواهر قدس سره الى الاول ، معللين بانه حين القرائة قادر على القيام فيجب للعمومات، فاذا انتهى الى الركوع و طرء عليه العجز عن اتيانه قائما ، اندرج فيمن شرع له الصلوة قاعدا فركع جالسا، و ذهب جماعة الى الثاني، معللين بانه اهم لكونه شرطا للركوع الذى هو من الاركان و ذهب بعض الى الثالث لانه مقتضى التزاحم بين كل واجبين لا اهمية لاحدهما.

والتحقيق انه ان بنينا على ما ادعاه بعض من انكان المقدور بالواسطة و انه اذا كان للواجب مقدمات خارجية كنصب السلم للكون على السطح او داخلتية كالاجزاء للواجبات المركبة، يكون الواجب الفعلى هو اولى المقدمات لانها المقدورة فعلا ، دون غيرها منها، واذا حصلت المقدمة الاولى يصير الواجب الفعلى المقدمة الثانية وهكذا الى ان تصل النوبة الى ذيها، أو بنينا على ان وجوب القيام مشروط شرعا بالقدرة عليه في محله، كما ذهب اليه شيح مشايخنا الانصاري قدس سره، مستدلا عليه بقوله علیه السّلام في صحيحة جميل اذاقوى فليقم ، فلاشبهة في تعين القيام فى اول الركعة على كلا المبنيين، اما على الاول فلان القيام فى حال القرائة واجب فعلا لكونه مقدورا كك، فلا يمكن ان يزاحمه القيام في حال الركوع الذي ليس واجبا فعلا لعدم كونه مقدوراكك، و اما على الثانى فلان القيام في حال القرائة حيث تكون القدرة عليه فى زمان امتثاله حاصلة بالفعل فيكون شرط وجوبه حاصلا فيجب اتيانه، وهذا بخلاف القيام في حال الركوع لعدم كون القدرة عليه في محله حاصلة فعلا فلايكون شرط وجوبه حاصلاكى يجب الركوع قائما واما لومنعنا كلا المبنيين كما هو الحق، اما الاول فلضرورة انه لا شبهة عند العقل والعقلاء في حسن توجيه الخطاب الى المكلف، فيما كان المكلف به مقدورا له ولو بالف واسطة، وهذا

ص: 564

يكشف عن ان المقدور بالواسطة مقدور فعلا بالدقة العقلية، والالماصح عند العقلاء توجيه الخطاب نحوه، بل ذلك مما يشهد به الوجدان، فانا لانشك في كوننا قادرين على الكون على السطح فعلا مع توقفه على الصعود من الدرج، وحكمنا بثبوت القدرة لنا على ذلك ليس بعد الصعود على الدرجة الاخيرة، بل نحكم بثبوتها لنا قبل نصب السلم فضلا عن الصعود عليه كما هو واضح ، و اما الثانى فلما مر من ان مر صحيحة جميل مسوقة لبيان الحد الذى يجب معه الصلوة قائما، فهي واردة مورد حكم اخر، فلا دلالة لها على وجوب ابعاض القيام وقت القدرة عليه، كي يستفاد منها اشتراط ابعاضه شرعا بالقدرة عليها فى زمان امتثالها، سلمنا دلالتها على ذلك، لكن نمنع عن استلزامهاكون القدرة عليها كك اى مقارنة لها شرطا شرعيا لوجوبها، و ذلك لما مر فى مبحث القيام من ان العناوين الثانوية العارضة على المكلف على ،قسمين احدهما ما يكون له دخل فى المكلف به ويكون قيد اللمطلوب ، وهذا القسم موجب لتنوع المكلف الى نوعين لكل منهما تكليف يخصه ، كعنواني الحاضر والمسافر فان المطلوب الاصلى فى حق الحاضر هو الاتمام و فى حق المسافر هو القصر ، ويدور حكمهما مدار هذين العنوانين ، ويجوز لكل منهما البدار الى امتثال الحكم المتعلق به بالعنوان المتصف به فعلا و يجوز لهما الخروج من احد العنوانين والدخول فى الاخر ، لانه مقتضى كون اصل التكليف مشروطا بهما وثانيهما ايضا على قسمين ، لانه قد يكون له دخل في المكلف به والمطلوب ، وقد يكون له دخل في التكليف والطلب ، وهذا كعنوانى القادر والعاجز، فانهما قديكون لهما دخل في اصل التكليف والمطلوب و يكون اصل التكليف مشروطا ، به كما فى الحج فان التكليف به مشروط بالاستطاعة والقدرة شرعا ، وتسمى هذه القدرة في اصطلاحهم بالقدرة الشرعية ، وقد يكون لهما دخل في فعلية التكليف والطلب ، كما في جميع الاحكام التكليفية، فان فعليتها مشروطة عقلا بالقدرة على امتثالها ، بملاك قبح التكليف بغير المقدور ، و فيهذا القسم الاخير لايجوز للمكلف العاجز البدادالى امتثال الحكم المتعلق به

ص: 565

بهذا العنوان، الا فيما اذا علم ببقائه عليهذا العنوان الى اخر الوقت، فلا يجوز للعاجز فى اول الوقت عن الصلوة قائما البدار اليها جالسا، ولا يجوز له ايضا الدخول فيهذا العنوان بتعجيز نفسه عن القيام فى الصلوة، اذ المفروض ان العجز انما كان مانعا عقلا عن فعلية التكليف بالصلوة وطلبها منه قائما ، مع بقاء الصلوة قائما على مطلوبيتها الذاتية للشارع، و معه يكون تعجيز نفسه عن القيام في الصلوة، موجبا لتفويت ماهو المطلوب مطلقا للشارع ، و هو قبيح عقلا و محرم شرعا، هذا كله في مرحلة الثبوت، واما فى مرحلة الاثبات وما هو المستفاد من الادلة من الاقسام فنقول فيه تفصيل، بين ما اذا اخذ القدرة قيدا في نفس دليل الحكم كما في قوله تعالى والله على الناس حج البيت لمن استطاع اليه سبيلا، وبين ما اذا دل دلیل اخر على تخصيص ذلك الحكم بالقادر كما نحن فيه ، فعلى الاول لا ينعقد لدليل الحكم اطلاق اصلا لا مادة ولا هيئة اى لا مطلوبا ولا طلبا ، لتردد الامر بين رجوع القيد الى الهيئة والطلب او الى المادة والمطلوب ، فالكلام لاحتفافه بما يصلح للقرينية على عدم أرادة الاطلاق منه لا ينعقد له ظهور في الاطلاق اصلا فيكون مجملا، و هذا بخلاف الثانى فان الدليل الاول لخلوه عن القيد انعقد له الظهور في الاطلاق مادة و هيئة والمتيقن من الدليل الثانى الدال على اختصاص ذلك الحكم بالقادر، هو تقييد اطلاق الدليل الأول هيئة لانه المتيقن على كل حال، ويكون تقييد اطلاقه مادة مشكوكا مرفوعا بظهور اطلاقه مادة في عدم اختصاص المطلوب بالقادر، و انكان الهيئة والطلب مخصوصا به لمكان قبح طلب اتيان العمل عن العاجز عنه ، و مقتضى ذلك عدم كون القدرة فيما نحن فيه قيدا شرعيا راجعا الى المادة والمطلوب، و لازم ذلك دوران الامر بين مطلوبين مطلقين للشارع، لم يحرز اهمية احدهما، فيكون المقام كانقاذ الغريقين اللذين لا يقدر الاعلى انقاذ احدهما، فكما يحكم فيه العقل بالتخيير فليحكم به فى المقام ايضا ، ومجردكون المتزاحمين فى المثال فى عرض واحد، بخلاف المقام لكون احدهما فيه مترتبا وجودا على الاخر، غبر فارق بعد كون الترتب بينهما،

ص: 566

غير مانع عن تعلق القدرة بالثانى منهما ايضا على وجه الفعلية، وتعلق الوجوب بكليهما فى عرض واحد كما مر بيانه، فانه اذا لم يكن الترتب بين الجزئين وجودا مانعا عن تعلق القدرة على وجه الفعلية بالثانى منهما، ولم يدل دليل من خارج على كون الجزء مشروطا بالقدرة عليه في محله، فلامانع عن تعلق الوجوب بكليهما في عرض واحد، وحينئذ لودل دليل على ان القادر على القيام يجب عليه الاتيان بالجزئين قائما، وكان المكلف غير قادر على الجمع بينهما قائما وكان قادرا على الاتيان بواحد منهما على البدل قائما و بالاخركك جالسا، فيكون ترجيح القيام في احدهما على القيام فى الاخر ترجيحا بلامرجح، فيكون مقتضى القاعدة سقوط التكليف بالكل راسا لكن هذه القاعدة حيث تكون محكومة بالقاعدة الثانوية الدالة على ان الصلوة لا تسقط بحال، والقاعدة الدالة على ان الميسور لا يسقط بالمعسور، فيكون الامر في المقام مرددا بين الأمرين لامرحج لاحدهما على الآخر، فيحكم العقل بالتخيير بينهما، هذا محصل ما افاده الاستاد دام ظله من الاشكال على القول بتعين القيام في اول الركعة للقرائة والركوع جالسا وترجيج القول بالتخيير ثم استشكل فيما افاده من الوجه لترجيح القول بالتخيير، بان مقتضاه هو الحكم بالتخيير فى كلما وقع التزاحم بين الواجبين المترتبين في الوجود، بان لم يقدر المكلف الا على امتثال احدهما على البدل، كما اذا نذر الحج ماشيا فعرض عليه العجز عن المشي الا في بعض الطريق، او نذر صوم يومين معينين كالخميس والجمعة فعجز عن الصوم الا في يوم واحدا و عجز عن القيام فى احدى الصلوتين، فان مقتضى ما افاده من الوجه الترجيح القول بالتخيير فيما نحن فيه، هو الحكم فى المسئلة الاولى بجواز ان يركب في اول الطريق و يمشى فى اخره، و فى المسئلة الثانية بجواز ان لا يصوم يوم الخميس وفى المسئلة الثالثة ان يصلى الظهر جالسا، مع قدرته فعلا على المشي في اول الطريق و على الصوم فى يوم الخميس، و على صلوة الظهر قائما ، والالتزام بذلك فيهذه المسائل و نظائرها لا يخلو عن الاشكال ، كما ان مقتضى ما ذهب اليه شيخ مشايخنا

ص: 567

الانصاري قدس سره من تقييد المادة والمطلوب بالقدرة المفارنة و فى وقت العمل هو جواز سلب المكلف القدرة عن نفسه اختيارا، لان تقييد المادة والمطلوب بها موجب لتنويع الحكم الى حكمين احدهما مجعول في حق القادر والاخر في حق العاجز، فيصير المقام نظير وجوب التمام على الحاضر والقصر على المسافر، فكما للمكلف ان يجعل نفسه مسافراكك يجوز له ان يجعل نفسه عاجزا عن القيام فى الصلوة ، والالتزام بهذا ايضا فى غاية الاشكال ، فلكل من القولين فى المسئلة لازم يشكل الالتزام به، ولهذا وجه دام ظله ما اختاره الشيخ الانصاري قدس سره من تعين القيام للقرائة معللا بان الجزء مشروط شرعا بالقدرة عليه فى محله والقيام في حال القرائة تكون القدرة عليها فى محله حاصلة بالفعل بخلاف القيام في حال الركوع فان القدرة عليه في محله ليست حاصلة فعلا لعدم بحيىء محله الذي هو الركوع، بما يسلم عن الاشكال ، و ملخص ما افاده دام ظله في توجيه ما ذهب اليه المحقق الانصاري قدس سره ، هو ان القدرة المجعولة شرطا لاجزاء المامور به المركب في الادلة الثانوية ، ليست مطلق القدرة الموجبة لفعلية التكليف و تنجزه عقلا ، کی يكون تقييدا فى الادلة الاولية الجاعلة للاجزاء والشرائط، ليدور الامر بين رجوع القيد الى المادة والمطلوب شرعا او الى الهيئة والطلب عقلا، فان جعل الناقص تكليفا للعاجز ليس مما يحكم به العقل، ولا مما يقتضية الادلة الاولية، بل مقتضاها كما مر سقوط التكليف بالصلوة عن هذا المكلف ،راسا لعدم قدرته على المركب بواسطة العجز عن بعض اجزائه ، فليس فى المقام محل للاخذ باطلاق الادلة الاولية مادة، و اجراء قاعدة باب التزاحم من التخيير مع التساوى و تقديم الاهم منهما لو كان ، بل الادلة الثانوية الدالة على ان القادر يجب عليه التام والعاجز يجب عليه الناقص، انما هى فى مقام جعل قانون شرعي لمراعاة المطلوب الاولى الواقعي وحفظا له في بعض مراتبه فاللازم حینئذ رعاية هذا القانون فى صورة العجز، فان كان الظاهر من هذه الادلة الثانوية اعتبار قدرة خاصة ، وهى القدرة فى حال العمل و في محل

ص: 568

الجزء، فلايجوز تقديم الجزء الثاني باتيانه قائما والاتيان بالاول جالسا، لان القدرة بالنسبة الى الجزء الأول حالية مقارنة، وبالنسبة الى الثانى سابقة، والقدرة السابقة لیست موضوعا لهذا الجعل الثانوى حسب الفرض، و انكان الظاهر من هذه الادلة الثانوية اعتبار القدرة مطلقا كانت سابقة او مقارنة، فيقع التزاحم فيما نحن فيه بين الواجبين المترتبين والحكم فيه التخيير عقلا ، ولكن الظاهر من هذه الادلة كقوله علیه السّلام المستطيع يقوم والعاجز يقعد ، هو ان الموضوع لهذه القاعدة هي الاستطاعة الحاصلة حين العمل وكذا العجز الحاصل حينه، فالقيام يجب على من كان قادرا عليه في محله ، والقعود يجب على من لم يكن قادرا على القيام في محله، ومما ذکرنا من ان القدرة المجعولة بالادلة الثانوية شرطا لاجزاء المركب المامور به لیست تقييدا فى الادلة الاولية، ظهر اندفاع ما ربما يتوهم من ورود ما اوردناه على شيخنا الانصاري قدس سره ، من انه اذا كانت القدرة المقارنة للجزء شرطا في جوبه فلازمه جواز سلب المكلف القدرة عن نفسه علينا ايضا ، توضيح الاندفاع هو انه اذا لم تكن الادلة الثانوية الدالة على اشتراط الاجزاء بالقدرة المقارنة مقيدة للادلة الاولية ، فيكون اطلاق الادلة الاولية مادة باقيا بحاله وان زال اطلاقها هيئة بالعجز عن القيام عقلا، ومعه لا يجوز للمكلف سلب القدرة عن نفسه كمامر بيانه والله العالم بحقایق احکامه.

الفرع الثانى لو تجدد القدرة للعاجز في الاثناء، فانكان تجددها قبل القرائة فلا اشكال فى انه يجب عليه القيام للقرائة، و انكان تجددها في اثناء القرائة ، فان لم يستلزم القيام فوات الموالاة لمعتبرة بين اجزاء القرائة ، فلا اشكال ايضا في وجوبه لاتمامها ساكتا عنها في حال النهوض حفظا للطمأنينة المعتبرة فيها ، وان استلزم القيام لطول زمان نهوضه لفوات الموالات ، فيحتمل حينئذ وجوب اتمام القرائة قاعدا ترجيحا للموالاة المعتبرة فيها على القيام ، وذلك لمامر من اشتراط القيام بالقدرة شرعا بخلاف الموالات ، ومقتضى وقوع التزاحم بين المشروط ،

ص: 569

بالقدرة شرعا وغير المشروط بها كك، هو تقديم غير المشروط على المشروط، لان الأول يكون تعجيزا مولويا شرعيا بالنسبة الى الثانى فيسقط لانتفاء شرط و يحتمل وجوب القيام ساكتا عن القرائة فى حال النهوض و استينافها بعد النهوض جمعا بین القيام والموالاة وهذا هو الاقوى و انكان الاول ايضا قويا و توهم ان الاستيناف موجب لابطال ما اتى به من القرائة قاعدا ، و هو محرم و موجب للزيادة العمدية فيكون موجبا لبطلان الصلوة مدفوع بان الدليل على حرمة ابطال العمل ليس الا الاجماع ، والقدر المتيقن منه هو ابطال نفس العمل، وابطال الجزء لا يستلزم فساد الكل فيما امكن تداركه ثانيا كما في المقام، وكون الاستيناف موجبا للزيادة العمدية قد تقدم مافيه فلا نعيد واما احتمال وجوب اتمام القرائة ناهضا ترجيحا للموالاة على القيام، فضعيف اذلا دليل على شرع الصلوة في حال النهوض، وانما دل الدليل على شرعها قائما للقادر و جالسا للعاجز، فالصلوة ناهضا خارجة عن الوظيفة المقررة شرعا للمصلى، مضافا الى استلزامه الاخلال بالطمأنية، فيدور الامر حينئذ بين مراعاة الموالاة المعتبرة فى القرائة باتمامها جالسا، او مراعاة القيام بقطع القرائة واستينافها بعد النهوض جمعا بين القيام والموالاة ، ولا شبهة فى ان الثانى هو المعين، لمأمر من انه لا دليل على وجوب اتمام الجزء و حرمة ابطاله و انما المسلم وجوب اتمام الكل ثم لوسلمنا وجوب اتمام الجزء ايضا كي يجب الموالاة فيهذه القرائة، لكن نقول ان حفظ الموالاة فيهذه القرائة، غير ممكن قائما عقلا، وغير جائز جالسا شرعا اما الاول فلان حفظ الموالاة فيها مع السكوت عنها في حال النهوض غير ممكن، لزوالها بالسكوت عن القرائة فى حال النهوض، و مع عدم السكوت عنها في حاله، لا تكون هذه القرائة مشروعة كى يجب الموالاة فيها واما الثانى فلان وجوب الموالاة فى القرائة ليس لدليله اطلاق احوالی ، كي يجوز لمراعاتها اتمام هذه القرائة جالسا مع القدرة على القيام ، بل غايته الاطلاق الذاتي وكونها من حيث هي واجبة نظير حلية الغنم ، فعليه اذا دل الدليل على ان وظيفة

ص: 570

القادر هو القيام فى حال القرائة، فيدل بالدلالة الالتزامية على ان القرائة جالسا خارجة عن وظيفة القادر، فيكون هذا الدليل واردا على دليل اعتبار الموالاة فيهذه القرائة، برفع موضوعها الذى هو القرائة جالسا كما هو واضح.

وانكان تجدد القدرة في حال الركوع، فتارة يكون قبل الطمأنينة والذكر الواجب، واخرى يكون بعد الطمأنينة و قبل الذكر، فعلى كلا الفرضين، ان قلنا بان الطمأنينة والذكر واجبان مستقلان في حال الركوع، فالطاهر عدم وجوب القيام منحنيا تحصيلا للقيام المعتبر فيهما كما توهمه بعض، ضرورة ان القيام انما يكون معتبرا في الطمأنينة والذكر الواقعين في الركوع الصلوتي القيامي، والمفروض سقوطه بالعجز عن القيام فيه ووقوعه جلوسا، فوجوب القيام منحنيا للطمأنينة او الذكر لاوجه له، بل يكون موجبا لزيادة الركوع بناء على تحققه لاعن قيام ايضا ، ضرورة انه بعد ماقام منحنيا الى حد الراكع يحصل منه رکوع قیامی زائدا على ما حصل منه من الركوع الجلوسي و توهم ان الارتفاع والقيام منحنيا من الركوع الجلوسى الى حد الركوع القيامي غير موجب لتعدد الركوع کي يلزم زيادة الركن، بل اللازم منه اختلاف كيفية ركوع واحد شخصى من القعود الى القيام مدفوع بان المراتب المتدرجة من الانحنائات الواقعة بين الحدين اعنى حد الركوع الجلوسى وحد الركوع القيامي انكان بعضها ملحقا بالاول وبعضها بالثاني، فاللازم جواز ان ينحنى فى الركوع بتلك المراتب اختيارا ايضا ، والظاهر أنه مما لا يلتزم به احد، و انكانت خارجة عن الركوعين ، فليزم تخلل الفصل بينهما المستلزم لتعددهما و توهم انه ليس هناك الا انحناء واحد شخصى وهو الانحناء الركوعي، و انما الاختلاف في كيفيات ذلك الانحناء، وكونه تارة في حال الجلوس، و اخرى فى حال القيام، وثالثة فى حال النهوض من الجلوس الى القيام، و اختلاف الكيفيات لا يوجب تعدد المتكف بها كي يستلزم تعدد الركوع مدفوع بان اختلاف الكيفيات و تبدلها وان لم يكن موجبا لتعدد الشخص المتكف بها، لكن هذا فيما اذا لم يكن

ص: 571

ذلك الشخص مقيدا بكيفية منها دون اخرى موضوعا للحكم كما في المقام ، فان الانحناء المعتبر في الركوع شرعا مقيد بكونه في حال القيام للقادر وبكونه في حال الجلوس للعاجز ، ففي حال كونه في حال النهوض يكون خارجا عن الانحناء المعتبر في الركوع شرعا ، فاذا كان فيهذا الحال خارجا عن حد الركوع الشرعي، فيلزم الفصل بين الانحناء الركوعى الجلوسى والانحناء الركوعى القيامي، فيلزم تعدد الانحنائين هذا وتدبر فتبين مما ذكرنا ان بناء على القول بكون الطمأنينة والذكر واجبين في حال الركوع مستقلا ، لا يجب القيام منحنيا تحصيلا لما هو المعتبر فيهما من القيام ، بل يأتى بهما في ركوعه الجلوسى ، ثم يقوم معتدلا من ركوعه الجلوسى تحصيلا للقيام الواجب عند رفع الرأس من الركوع واما ان قلنا بانهما واجبان قيدا للركوع ، فيجب ان يقوم منتصبا واستيناف الركوع عن الانتصاب القيامي ، لان ما وقع عنه من الركوع الجلوسى لم يكن الركوع المعتبر فى الصلوة ، لكن كونهما معتبرين فيدا في الركوع خلاف ماهو المستفاد من الادلة كما تقدم و انكان تجدد القدرة بعد الطمأنينة والذكر ، فقد يقال بوجوب القيام معتدلا تحصيلا للاعتدال الواجب عند رفع الرأس من الركوع ، لقوله علیه السّلام في خبر ابی بصیر المتقدم اذار فعت رأسك من الركوع فاقم صلبك فانه لاصلوة لمن يقم صلبه و فيه نظر لامكان كون المراد من قوله علیه السّلام اذا رفعت رأسك من الركوع ، هو رفع الرأس من الركوع القيامى لا مطلق الركوع فتدبر ، او كون المراد من قوله علیه السّلام فاقم صلبك هو اعتدال الصلب الحاصل في القعود ايضا ، اوكون المراد من الامر باقامة الصلب هو اعتبار كون الهوى الى السجود عن اعتدال ، سواء كان قياميا او قعوديا في مقابل الهوى اليه عن تقوس وانحناء وانكان تجدد القدرة بعد الرأس عن الركوع الجلوسى وقبل حصول الاعتدال والطمأنينة فيه ، فقد يقال بوجوب القيام تحصيلا للاعتدال والطمأنينة المعتبرين في رفع الرأس عن الركوع ، وفيه ان الاعتدال و الطمأنينة انما اعتبرا في الرفع عن الركوع مطلقا سواء كان قياميا او جلوسيا، والمفروض تحقق الرفع

ص: 572

عن الركوع الجلوسى لا القيامى، فاللازم الاجتزاء باتيانهما حال الجلوس. الفرع الثالث اذا كان المصلى منحنيا الى حد الراكع خلقة او لعارض من كبر او مرض ، فان كان متمكنا من الانتصاب ولو في بعض الحالات ولو بالاعتماد على شيء كالعصاء والجدار ونحوهما ، وجب عليه الانتصاب للقرائة و للركوع و للرفع عنه، وان لم يتمكن من الانتصاب اصلا ، فان تمكن من الاقرب اليه وجب عليه الارتفاع اليه، لما سجيىء انشاء الله تعالى من انه يعتبر في الركوع احداثه عن انتصاب او عن الاقرب اليه، و ان لم يتمكن من الارتفاع اصلا، فتارة يكون انحنائه بالغا الى اول مرتبة الركوع ، و يكون متمكنا من الانحناء الزائد عما هو عليه، و اخرى الى اقصى مرتبة بحيث لو انحنى ازيد منه لخرج عن حد الركوع، او الى اول مرتبته لكن لا يمكنه الانحناء زائدا على ما هو عليه من الانحناء، ففى الفرض الاول لا اشكال في الاكتفاء بما عليه من الهيئة الانحنائية للقيام ، لان الاستقامة و انتصاب الظهر ليس. قوما لحقيقة القيام وداخلا في مفهومه ومهيته ، بل القيام ليس الا الوقوف على القدمين والاعتماد عليهما بل ولو على احدهما ، و انما الاستقامة و الانحناء من الحالات العارضة له ، والا لما صح اطلاق القائم على المنحنى ، وصحته في الوضوح كالنار على المنار، كما يشهد بذلك قوله علیه السّلام في رواية على بن يقطين المتقدمة يقوم وان انحنى ظهره.

واما الاكتفاء بتلك الهيئة الانحنائية للركوع، فمبنى على القول بانه ليس شرعا الاعتبارة عن نفس الهيئة الخاصة كماهو كك لغة وعرفا ولذا يقال على المنحنى لكبره شيخ راكع، فانه حينئذ عليه ابقاء هیئته ناويا بكونها ركوعا، و اما ان قلنا بان الركوع وان لم يكن لغة وعرفا كالسجود بحيث يكون للتعظيم و التذلل دخل في حقيقته، لكن لاشبهة فى انه يعتبر فيه شرعا كونه عن تذلل و تعظيم له تعالى، و من المعلوم ان التذلل والتعظيم لا يتحققان الا باحداث الركوع عن استقامة وانتصاب، او عن مرتبة من الانحناء الى مرتبة اخفض، فالانحناء والهوى

ص: 573

له مطلوبية ذاتية شرعا، ولاتكون مطلوبيته من باب المقدمية العقلية ، فلا اشكال فى ان الواجب عليه حينئذ الانحناء عن الحد الذى هو عليه ، لانه مصداق الركوع التعظيمى بالنسبة الى مثله، ولذا نرى انه لو قيل له اركع تعظيما للسطان لا يقول انى لا اتمكن من الركوع، بل يجعل ظهره اخفض بعنوان التعظيم له واما في الفرض الثاني فلا اشكال في الشق الثانى منه، وهو ما اذا كان انحنائه في اول مرتبة الركوع ولكن لا يمكنه الانحناء زائدا عما هو عليه ، فى ان تكليفه الايماء لعدم تمشى الركوع منه ، على ما هو المختار من اعتباركون الركوع حاصلا من الانحناء بالمعنى المصدرى و انما الاشكال فى الشق الأول منه، اعنى ما اذا كان انحنائه الى اقصى مرتبة الركوع و انه هل عليه زيادة الانحناء يسيرا للركوع او يتبدل تكليفه الى الايماء له لعدم تمشى الركوع منه، احتمالان اقواهما الثانی و توضیح ذلك يتوقف على تمهيد مقدمات الاولى ما تقدم من ان الاستقامة و انتصاب الظهر، ليس مقوما لحقيقة القيام كي يكون هناك واسطة بين القيام والقعود، بل كلما ارتفع عن حالة القعود دخل في حد القيام ، فالركوع قسم من القيام لاقسيم له، ولا ينافي ذاك ما تقدم من عدم صحة اتمام القرائة في حال النهوض لحفظ ماهو المعتبر فيها من المولاه فان ذلك كان مستندا الى خروجها عما هو المشروع من القرائة في حالتي القيام والجلوس مضافا الى كونها في حال النهوض مستلزما للإخلال بما هو المعتبر فيها من الطمأنينة لا الى عدم وقوعها في حال القيام، كى ينافى ماذكرناه من عدم الواسطة بين حالتى القيام والقعود الثانية ما تقدم انفا ايضا من ان الركوع و ان لم يكن لغة و عرفا كالسجود، كى يكون للتعظيم والتذلل دخل فى حقيقته، لكن لاشبهة في انه يعتبر فيه شرعا كونه عن تذلل وتعظيم له تعالى، ومن المعلوم ان التذلل والتعظيم ، لا يتحققان بالركوع الا اذا كان حاصلا عن الانحناء بالمعنى المصدرى ، الذى لا يتحقق الا فيما اذا كان حاصلا عن استقامة و انتصاب ، اوعن مرتبة من الانحنا الى مرتبة احفض ، فالمعتبر في الصلوة هو احداث الركوع عن قيام ، فلا يكفي في تحققه ابقائه

ص: 574

بعد حدوثه و توهم انه يكفى في حصول التعظيم مجرد كون الركوع حاصلا عن قصد التعظيم، من دون احتياج الى الانحناء بالمعنى المصدرى، مدفوع بان التعظيم ليس من الامور القصدية المتقومة بالقصد، بل لابدان يكون الفعل في حد نفسه مما يحصل به التعظيم، كي يكون الاتيان به بهذا القصد تعظيما قصديا اراديا الثالثة مأمر ايضا من ان الركوع و ان لم يكن الاعبارة عن الهيئة الانحنائية، لكن لا شبهة فى ان المطلوب شرعا ليس مجرد حصول هذه الهيئة ، كي يكون الانحناء والهوى الى الركوع مقدمة عقلية مخصة ليس له جهة مطلوبية ذاتية اصلا، كما يظهر من منظومة العلامة الطباطبائى قدس سره ، بل المطلوب فى باب الركوع امران الانحناء بالمعنى الحدثى المصدى والهيئة المخصوصة الحاصلة منه، فيكون المكلف به شرعا كلا الامرين بمعنى كونه هو المجموع منهما ، ويدل على ذلك مضافا الى ما عرفت من توقف التعظيم المعتبر في الركوع عليه ، كونه مقتضى قوله تعالى اركعوا مع الراكعين ، الظاهر في وجوب احداث الركوع ، فان الظاهر من الامر بالركوع هو طلب احداث الانحناء الخاص ، الذى لا يخاطب به الامن لم يكن كك فلا يقال للمنحنى انحن، الا اذا اريد منه الانحناء الزائد عما هو عليه، ولذا لوهوى لابنية الركوع الى ان وصل الى حد الراكع، لا يصح له ان يجعل هذه الهيئة حاصلة ركوعا وليس ذلك لعدم كون هذه الهيئة حاصلة عن قصد واردة كما هو المعتبر في الافعال الصلوتية، ضرورة ان هذه الهيئة و ان لم تكن حدوثا واقعة بقصد الركوع، لكنها يمكن ان يقصد بها الركوع بقاء كما لا يخفى ، بل لفقده ما هو المعتبر من احداث الركوع عن نية الرابعة ان المطلوب في باب الركوع شرعا ليس مطلق الانحناء وكل ما يصدق عليه الركوع عرفا ، بل للركوع الشرعى مراتب خاصة و حدود مخصوصة من الانحناء ، فاول مراتبه هو الانحناء بقدر ما يتمكن معه من وضع اطراف اصابعه على ركبتيه ، واقصى مراتبه هو الانحناء بقدر ما يتمكن معه من وضع راحته على ركبتيه بحيث يملاء اصابعه عين الركبة ، كما يدل على ذلك التحديدات الواردة في اخبار الباب

ص: 575

و توهم ان التحديد بذلك انما هو فى الافراد الشايعة المتعارفة ، فلابد فى غيرها كمن وصلت يداه ركبتيه بلا انحناء اصلا اما لطول يديه اولانحناء ظهره من الرجوع الى العرف في صدق مسمى الركوع مدفوع بان التحديد بذلك ليس لاجل ان لوضع اطراف الاصابع او الراحة على الركبة موضوعية ، بل لما في وصولهما الى الركبة من الطريقية النوعية الى احراز حصول ما هو المطلوب في الركوع من مقدار الانحناء، فالمدار على حصول ذلك المقدار من الانحناء ، ولذا لو كانت يداه خارجة فى الطول او القصر عما يناسبه ، وجب عليه الانحناء بمقدار ما هو المتعارف فى مستوى الخلقة.

اذا تمهدت هذه، فنقول ان من كان انحنائه الى اول مرتبة الركوع، يجب عليه ان يزيد في انحنائه الى اقصى مرتبة بقصد الركوع، لتمكنه من الركوع المأمور به وهو الانحناء الحدوثى الحاصل عن قيام الى حده الشرعي، ومن كان انحنائه الى اقصى مرتبة الركوع، فالمتجه ان يومى للركوع بالرس او العين ، لعدم تمكنه من الركوع الماموريه اعنى الانحناء الحدوثى الحاصل عن قيام ، لا الركوع جالسا الذى هو وظيفة العاجز عن القيام ، اذ المفروض ان هذا المنحنى يكون قائما ، و انما يكون عاجزا عن انما يكون عاجزا عن الانحناء الحدوثي ، فيكون وظيفته الايماء الذي هو بدل اضطرارى عن الانحناء نعم لومنعنا عن كون الانحناء بقدر ما يتمكن معه من وضع الراحة على الركبة ، اقصى مرتبة الانحناء المعتبر في الركوع شرعا وقلنا انه استحبابي ، و لذالونحنى فى الركوع بازيد من ذلك الحدواتي بالذكر الواجب فيهذا الحال اعنى حال الانحناء الزائد ، لم يفت احد ببطلان صلوته ، مع انه لو كان ذلك الحد اقصى مرتبة الحد المعتبر شرعا في الركوع ، لكان اتيان الذكر الواجب فيهذا الحال اتيانا له في غير محله فكان زيادة عمدية مبطلة لكان الواجب عليه فيهذا الفرض ايضا ان يزيد في انحنائه على ذلك الحد بقصد الركوع، وحينئذ فالاحوط ان يجمع بين الايماء وزيادة الانحناء ، لانه لو كان ركوعه واقعا هو الايماء

ص: 576

كانت هذه الزيادة فى الانحناء لغوا، و انكان ركوعه واقعا هذه الزيادة في الانحناء كان الامر بالعكس، وتوهم استلزام هذا الاحتياط لزيادة الركن كما ترى .

الفرع الرابع لونسى الركوع حتى سجد ، فهل تبطل صلوته مطلقا ، سواء تذكر بعد الدخول في السجدة الثانية او الفراغ عنها أو قبل الدخول فيها ، وسواء كان نسيانه هكذا في الركعتين الاولتين او الاخيرتين كما هو المشهور ، اولا تبطل صلوته مطلقا بل يسقط ما اتى به من السجدة ويقوم ويركع ويتم صلوته او يفصل بين ما اذا تذكر بعد الدخول في السجدة الثانية او الفراغ عنها ، فتبطل صلوته مطلقا سواء كان نسيانه فى الركعتين الاولتين او الاخيرتين ، لعدم امكان التدارك لمضى المحل ، وبين ما اذا تذكر قبل الدخول فى السجدة الثانية ، فلاتبطل صلوته مطلقا لبقاء محل التدارك كما هو المفتى به عندهم يفصل بين ما اذا نسيه فى الركعتين الاولتين فتبطل صلوته مطلقا ، سواء تذكره بعد الدخول في السجدة الثانية او الفراغ عنها او قبل الدخول فيها ، وبين ما اذا نسيه في الاخيرتين فيسقط السجدة ويقوم ويركع ويتم صلوته كما هو مذهب الشيخ فيه كما اشرنا اليه اقوال منشاها اختلاف الاخبار ، ولا بأس بالتعرض اولا لما هو مقتضى القاعدة الاولية في المسئلة ، ثم بيان ما يمكن استفادته من الاخبار فنقول مستعينا من الله تعالى ان الترتيب المعتبر فى اجزاء الصلوة ، لا يخلو بحسب مرحلة الثبوت عن كونه ، اما قيدا للاجزاء بان يكون اجزاء الصلوة هي الحمد المتعقب بالسورة والسورة المسبوقة بالحمد والملحوقة بالركوع والركوع المسبوق بالسورة والملحوق بالسجود و هكذا ، كما يدل عليه ماورد من الغاء السجدتين عند نسيان الركوع و تذكره بعدهما ، واما واجبا من واجبات الصلوة فى عرض سائر الاجزاء ، فالصلوة كما تكون ملتئمة من الحمد والسورة وغيرهما من الاجزاء ، كك من الترتيب بين اجزائها ولا ثالث لهذين الاحتمالين ، والثمرة بينهما واضحة ، فانه على الاول يكون مقتضى القاعدة الاولية بطلان الصلوة ، فيما اذا تذكر بعد الفراغ عن الصلوة مطلقا ، سواء

ص: 577

كان الاخلال به بالنسبة الى الاركان او ما عداها، وذلك لان مقتضى اطلاق ادلة اعتبار الترتيب مادة اعتباره مطلقا ولو فى حال السهو ، فاذا اخل به سهوا يوجب الاخلال به الاخلال بالجزء المقيد به، والاخلال به يوجب الاخلال بالكل ، اذا المقيد ينتفى بانتفاء قيده، والكل بانتفاء جزئه ولازم هذا الاحتمال عدم بطلان الصلوة فيما اذا اخل بالترتيب سهوا وتذكر فى الاثناء مطلقا ، سواء كان الاخلال به بالنسبة الى الاركان او ما عداها ، وسواء كان التذكر في الاثناء بعد الدخول في الركن او قبله و ذلك لامكان تداركه باعادة الجزء المنسى ثم الاتيان بما هو المترتب عليه من الاجزاء ، ولوكان قداتى به سابقا كما اذا كان التذكر بعد السجدتين و توهم ان ذلك انما يتم فيما اذا كان الجزء المترتب على المنسى ماعدا الاركان ، دون ما اذا كان منها ، لاستلزام الاتيان به ثانيا لحفظ الترتيب زيادة الركن واضح الفساد، بداهة انه اذا كان الترتيب قيدا للاجزاء، لا يكون الجزء الماتى به المترتب على المنسى جزء للصلوة ، كى يلزم من اتيان المنسى و اعادة الماتى به المترتب عليه فيما كان من الأركان زيادة الركن، فالسجدتان الواقعتان اولاكانتا سجدة صورة، لا سجدة صلوتية كى يلزم من اعادتهما زيادة الركن.

و على الثانى، و انكان مقتضى القاعدة الاولية بطلان الصلوة بالاخلال بالترتيب سهوا مطلقا، سواء كان الاخلال به بالنسبة الى الاركان او غيرها، وسواء كان التذكر له بعد الفراغ عن الصلوة او في الاثناء، اما بطلان الصلوة بالاخلال بالترتيب فيما اذا كان التذكر له بعد الفراغ عنها، فواضح بعد ماهو المفروض من كون الترتيب شرطا او جزء للصلوة، اذ على اى تقدير يوجب الاخلال به الاخلال بها، واما بطلانها بالاخلال به فيما اذا كان التذكر له في الاثناء، فلعدم امکان تداركه لاستلزامه اما لزيادة الركن انكان الماتی به اولا رکنا، و اما لزيادة الجزء عمدا، اذ الفرض ان ما اتى به من الجزء المترتب على المنسى كان جزء للصلوة حسب الفرض فيكون اعادته مع اتيان المنسى حفظا للترتيب ، مستلزمة لزيادة الجزء الركنى او

ص: 578

غير الركنى عمدا، هذا مضافا الى ان الترتيب بناء عليهذا الفرض يكون شرطا للصلوة فى حال الاجزاء، فبعد فرض حصول الجزء المترتب على المنسى بوصف الجزئية المصلوة، ينتفى محل الترتيب بمضى ذلك الجزء لكن مقتضى القاعدة الثانوية المستفادة من حديث لا تعاد، صحة الصلوة فيهذا الفرض مطلقا، سواء دخل فيركن متأخر كما اذا تذكر بعد الدخول فى السجدة الثانية، اولم يدخل، لان الترتيب داخل فى جملة المستثنى منه من الحديث الذي دل الحديث على عدم اعادة الصلوة الاخلال به سهوا ، لانه ليس من الجملة الخمسة المستثناة ولا من قيودها حسب الفرض ، فلو قدم السورة على الحمد سهوا وتذكر بعد الدخول في الركوع او قبله صحت صلوته ، فانه بعد فرض تحقيق ذات السورة والحمد بوصف الجزئية للصلوة

ينتفى محل الترتيب بمضى الجزئين وعلى ما ذكرنا من مقتضى القاعدة الاولية في الوجهين، يتوجه الاشكال على الاصحاب، فيما افتوا به من صحة الصلوة و وجوب اتيان المنسى ثم اعادة الجزء الماتى به المترتب عليه حفظا للترتيب، فيما اذا كان الماتى به من غير الاركان كالقرائة لبقاء محل تداركه ، والاكتفاء بالماتى به فيما اذا كان من الاركان كالركوع لعدم بقاء محل تداركه وحاصل الاشكال ، هوان الترتيب انكان قيدا للاجزاء ، فاللازم ! بصحة الصلوة و وجوب اتيان المنسى ثم اعادة الماتی به المترتب عليه مطلقا ، سواء كان الماتى به من غير الارکان اومنها ، و ذلك لمامر من ان الترتيب ان كان قيدا للاجزاء ، فلا يكون الماتى به المترتب على المنسى جزء للصلوة ، كى يلزم من اعادته فيما اذا كان ركنا زيادة الركن ، و ان لم يكن الترتيب قيدا للاجزاء بل كان شرطا للصلوة في حال الاتيان بالاجزاء ، فبعد ،فرض حصول الماتى به بوصف الجزئية للصلوة لا يبقى مجال لتدارك الترتيب لانقضاء محله ، فلاوجه لما ذكروه من الفرق بين ما اذا تذكر بعد الدخول في الركن ، وما اذا تذكر مع عدم الدخول فيه، بعدم امكان التدارك فى الاول لان اعادة المانى به لتدارك الترتيب مستلزمة لزيادة الركن، وامكان التدارك في الثاني لان الاعادة فيه لا تستلزم

ص: 579

زيادة الركن، بعد ما عرفت من ان اعتبار الترتيب بين الاجزاء مطلقا سواء كانت ركنية اوغيرها على نسق واحد ، وانه لو كان اعتباره بينها قيدالها ، فلازمه فيما لواخل به، هو الاتيان بالجزء المنسى واعادة ما يترتب عليه مطلقا ولو كان من الاركان، ولوكان اعتباره قيدا للكل المأمور ربه، فلازمه بمقتضى حديث لاتعاد الدال على نفى اعتباره في حال النسيان، عدم اعادة ما يترب على المنسي مطلقا ولولم يكن من الاركان وقد تفصى الاستاد دام ظله عن هذا الاشكال ، بماحاصله ان لنا اختيار وجه ثالث، وهو ان يكون الترتيب قيدا للاجزاء ،لبا، وانما لم يعتبره الشارع قيدا لها في لسان الدليل بل امر بها بذواتها من غير تقييد لها بالترتيب، لمكان انه لما اعتبر الاجزاء في المركب ولاخطها على الترتيب الخاص و وجد من نفسه مطلوبيتها بهذا الترتيب، الخاص دون غيره امر بها في لحاظ هذا الترتيب لا بقيده ، ولم يحتج الى تقييدها به فى لسان الدليل لانه فيهذا اللحاظ كان القيد حاصلا عنده و كان التقييد به في السان الدليل غير محتاج اليه، و هذا نظير ما افاده السلطان في تصحيح القول بوجوب المقدمة الموصلة، من ان الوجوب انما تعلق بذاتها، لكن لا مطلقا كى يلزم جواز ان يدخل فى ارض مغصوبة متعذرا بانه لانقاذ الغريق، ولكن نام هناك ولم يترتب على تصرفه فيها الانقاذ، ولامقيدة بالايصال كى يلزم منه طلب الحاصل، بل تعلق بذاتها في لحاظ الايصال، بمعنى انه لما لاخط المولى ان لنصب السلم والعروج من درجه دخلا في الوصول الى الكون على السطح ، انقدح في نفسه مطلوبية نصبه والعروج من درجه الموصل الى الكون عليه ، فالوجوب انما تعلق بها في لحاظ الايصال ، لا بقيده کي يلزم المحذور العقلى ، فاذا كان امر الشارع باجزاء الصلوة بلحاظ ترتبها فى الوجود من اولها الى آخرها ، بحيث لو تبدلت عن هذا الترتيب اللحاظى الذهني الى ترتيب آخر، لم يكن يرى في نفسه مطلوبية لها ، فلوترك المصلى هذا الترتيب نسيايا، فيكون ما اتى به من الاجزاء غير مجزية، مطلقا لعدم مطابقتها مع الترتيب اللحاظى الذى به صارت مأمورا بها ، لكن لو كان الاخلال بالترتيب قبل الدخول في الركن ، يكون محل تداركه باعادة الجزء

ص: 580

المترتب على المشى باقيا، واما لو كان الاخلال به بعد الدخول في الركن ، فمقتضى ما ذكرنا من القاعدة الاولية ، وانكان ايضا اعادة الجزء الركنى المترتب على المنسى لان الركن المدخول فيه لفقده ما اعتبر فيه لبا من الترتيب ، لم يكن بركن حقيقة کی یلزم من اعادته زيادة الركن الصلوتى ، لكن قام الاجماع على ان زيادة الركوع ولوكان صوريا اى غير واجد لما اعتبر فيه فى لحاظ الامر من الترتيب الخاص مبطلة للصلوة وانما فسرنا الركوع الصورى بخصوص ماكان فاقدا لما اعتبر فيه لبا من الترتيب الخاص ، دفعا لما ربما يتوهم من ان المانع عن اعادة المانى به فيما اذا كان ركوعا ، انكان هو الاجماع على ان زيادة الركوع مطلقا ولو كان صوريا مبطلة للصلوة ، فلافرق بين كون اعتبار الترتيب فى الاجزاء لبيا لحاظيا ، وبين كون اعتباره فيها لفظيا تقييديا ، اذ على كل حال لا يمكن اتمام ما افتى به الاصحاب على طبق القاعدة، من دون حاجة الى التماس دليل خارج عنها ، ومعه لاوجه لاختيار كون اعتبار الترتيب فى الاجزاء على النحو الاول اللحاظى ددن النحو الثانى التقييدى توضیح الدفع هوان الاجماع ليس قائما على ان كل زيادة صورية في الركوع لكونه فاقدا لبعض الشرائط المعتبرة مبطلة ، كيف وقد اجمعوا على عدم بطلان الصلوة فيما لواتى بصورة الركوع ، لابداعى كونه مأمورا به في الصلوة تعظيما له تعالى، بل بدواع نفسانية كاخذ شيء من الارض او لدفع ما يخاف من لدغه ونحو ذلک وهذا يكشف عن عدم كون مطلق الزيادة الصورية في الركوع ، لكونه فاقد البعض القيود المعتبرة فيه مبطلة للصلوة عندهم، بل المبطل لها هو خصوص زيادة الركوع الصورى الفاقد لما اعتبر فيه من الترتيب الملحوظ في ذهن الأمر بينه وبين غيره من الاجزاء، وحينئذ نقول في توضيح دفع الاشكال الوارد على الاصحاب في تفصيلهم فى تدارك الجزء المنسى واعادة ماكان آتياً به من الجزء المترتب عليه، بین ما کان تذكره له قبل الدخول في الركن فحكموا بامكانه لبقاء محل تدار که باتیانه و اعادة ماقد اتى به من الجزء المترتب عليه ، وبين ما كان تذكره له بعد الدخول في

ص: 581

الركن فحكموا بعدم امكانه لمضى محل تدار كه باعادة ما اتى به لاستلزامها زيادة الركن ، انه اذا اخل سهوا بالترتيب فى غير الاركان بان نسى الحمد وقرء السورة و تذكر قبل الدخول في الركوع ، فلاشبهة في انه يجب عليه تدارك الحمد المنسى باتیانه لبقاء محل تداركه ثم اعادة ما اتى به من السورة حفظا للترتيب المعتبر بينهما لعدم استلزام اعادتها زيادة الركن ، واما اذا تذكر بعد الدخول في الركوع فمقتضى القاعدة الاولية وانكان ايضا اتيان الحمد و عدم الاكتفاء بما اتى به على خلاف الترتيب من السورة والركوع ايضا ، لان الركوع الفاقد للترتيب المعتبر فيه ركن صوری ، لاحقيقي کي يلزم من اعادته زيادة الركن ، لكن منع عن اعادته مأمر من الاجماع على ان زياده الركوع مطلقا ولو كان صوريا فاقدا لما اعتبر فيه من الترتيب اللحاظى تكون مبطلة للصلوة ، فحينئذ لوتدارك الحمد المنسى باتيانه واعاد ما اتى به من السورة والركوع حفظا للترتيب المعتبر بينهما و بين الحمد ، بطلت صلوته الزيادة الركوع ، ولذا حكم الاصحاب بالاكتفاء بما أتى به من الركوع ، ولولم يأت بالحمد واكتفى بما اتى به من السورة والركوع ، فمقتضى القاعدة الاولية و انكان بطلان صلوته ، للاخلال سهوا بما هو المعتبر فى اجزائها من الترتيب بينها ، لكن مقتضى حديث لاتعاد المخصص اعتبار الترتيب بغير حال السهو والنسيان هو صحه الصلوة و توهم انه كما ان مع اعادة الماتى به فيما كان ركنا يصدق زيادة الركن كك مع الاكتفاء به يصدق نقيصة الركن ، ضرورة ان الماتى به الركنى حيث يكون مخالفا للمأمور به المقيد لبا بالترتيب، فيكون ركنا صوريا لا حقيقيا، فيكون الاكتفاء به موجبا لنقيصة الركن مدفوع اولا بان النقيصة والزيادة عبارتان عرفا عن عدم الاتيان بالجزء رأسا والاتيان به ثانيا ، دون ما اتى به في غير محله المقرر له كما في المقام ، فانهم لا يقولون ان هذا الركوع الغير المترتب على القرائة ناقص بل يقولون هذا الركوع هو الركوع الصلوتى ، الا انه وقع في غير محله من جهة عدم وقوع القرائة قبله ، فالنقصان ناش من قبلها لا من قبل الركوع وثانيا ان هذا

ص: 582

الركوع الماتى به وان كان لولا حديث لاتعاد ركنا صوريا، لكن وقع ببركة حديثه ركنا واقعيا حقيقيا، فان مقتضى الحديث حيث يكون اختصاص جزئية الجزء الغير الركنى بحال الذكر ، فلايكون الجزء المنسى جزء للصلوة في حال النسيان ، كي يكون الماتى به المترتب عليه مقيدا لبا بترتبه على المنسى ، و مما ذكرنا يندفع ما ربما يتوهم من الاشكال في التمسك بالحديث في المقام ، بدعوى انه كما ان الجزء المنسى يكون مشمولا للحديث صدر الدخوله في جملة المستثنى منه من الحديث، وهو قوله علیه السّلام لا تعاد الصلوة القاضى بصحة هذه الصلوة ، كذلك الماتى به الركنى يكون مشمولا له ذيلا لدخوله في جملة المستثنى، . و هو قوله علیه السّلام الامن الخمس القاضي ببطلان هذه الصلوة ، فيلزم التهافت في مدلوله صدرا وذيلا ، حيث ان مقتضى صدره عدم اعادة الصلوة بنسيان المنسى ومقتضى ذيله اعادتها بالاخلال بقيد الماتي به الركنى توضيح الاندفاع هو ان الاخلال بالمنسى حيث يكون قبل الاخلال بالترتيب المعتبر فى المانى به الركنى، فيكون الاخلال بالمنسي مشمولا للحديث قبل الاخلال بالماتى به الركني ، ومعه لا يبقى مجال لشموله للماتی به کمأمر بيانه کی یلزم التهافت في مدلوله.

و توهم ان الاخلال بالمنسى وانكان قبل الاخلال بالماتی به، الا ان الاخلال به حيث لا يكون مشمولا للحديث الا بعد الدخول في الماتی به الركني، فيكون شمول الحديث لهما في عرض واحد وفي ان فارد من غير تقدم و تأخر اصلا، فشموله لاحدهما دون الاخر ترجيح بلامرجح، وشموله لكليهما مستلزم للتهافت في مدلوله فالمتعين عدم شموله لشيء منهما، ومقتضى القاعدة الاولية بضميمة الاجماع المتقدم هو الحكم ببطلان الصلوة مدفوع بان الاخلال بالمنسى وان لم يكن مشمولا للحديث الا بعد الدخول فى الماتى به الركنى ، الا ان الاخلال بالمنسي حيث يكون مقدما على الاخلال بالماتى به طبعا وذاتا لتسبب الاخلال به عن الاخلال بالمنسى، ففى رتبة الاخلال بالماتى به يكون المنسى مشمولا للحديث ، ومعه يمتنع ان يشمل الاخلال

ص: 583

بالماتی به ایضا بعد فرض لزوم التهافت في مدلوله من شموله لهما، سلمنا عدم اجداء التقدم الرتبى للاخلال بالمنسى فى شمول الحديث له دون الاخلال بالماتى به، لكن المرجع حينئذ عموم مادل على ان ناسى القرائة لاشيء عليه ، فان مقتضاه اختصاص جزئية القرائة بحال الذكر، وعليه فلا يكون القرائة المنسية جزء للصلوة في حال النسيان، كي يكون الركوع مقيدا لبا بترتبه عليها فتدبر، هذا تمام الكلام في مقتضى القاعدة الاولية.

واما الكلام فيما يمكن استفادته من النصوص الواردة في المسئلة فنقول منها ما يكون صريحا في بطلان الصلوة ، كرواية ابى بصير عن ابي عبد الله علیه السّلام قال علیه السّلام اذا ايقن الرجل انه ترك ركعة من الصلوة وقد سجد سجدتين وترك الركوع استانف الصلوة ، وروايته الاخرى عن ابيجعفر علیه السّلام قال سئلته عن الرجل نسى ان يركع قال علیه السّلام عليه الاعادة ، فان شمولها لما نحن فيه و انكان بالاطلاق ، لكنها صريحة فى البطلان و لزوم الاعادة ومنها ما يكون ظاهرا فى البطلان ، كصحيحة رفاعة عن ابيعبد الله علیه السّلام قال سئلته عن رجل ينسى ان يركع حتى يسجد و يقوم قال علیه السّلام يستقبل، و موثقة اسحق بن عمار قال سئلت ابا ابراهيم علیه السّلام عن الرجل ينسى ان يركع قال علیه السّلام يستقبل حتى يضع كلشيء موضعه ، فان الظاهر المتبادر من الاستقبال هو ارادة الاستيناف ، فاحتمال كون المراد بالاستقبال في الروايتين هو الاستقبال من حيث اخل بصلوته اعنى الركعة التى ترك ركوعها ، خلاف الظاهر منهما ولا يخفى ان الظاهر من قوله علیه السّلام في خبر ابى بصير وقد سجد سجدتين ، هو ان البطلان انما هو فيما اذا لم يتذكر الا بعد تحقق السجدتين ، فلا تبطل الصلوة فيما اذا نسى الركوع حتى دخل السجدة الأولى ، و ليس فى اخبار الباب ماينا في ظاهر هذا الخبر الا بالاطلاق ، كروايته الاخرى و موثقة اسحق بن عمار المتقدمتين ، و مقتضى الجمع الدلالى العرفي بينه وبينهما هو حملهما على ما اذا تذكر بعد تحقق السجدتين حملا للمطلق على المقيد واما قوله علیه السّلام في الفقه الرضوى و ان نسيت الركوع بعد ما

ص: 584

سجدت من الركعة الأولى فاعد صلوتك ، و قوله علیه السّلام في خبر الدعائم من سهى عن الركوع حتى يسجد اعادالصلوة فالمراد من السجدة فيهما هي السجدة الموظفة في الصلوة اعنى السجدتين، فاطلق عليهما السجدة باعتبار كونهما بمنزلة جزء واحد من الركعة، لاطبيعة السجدة الشاملة لسجدة واحدة ، ويؤيد ذلك اعنى اطلاق السجدة و ارادة السجدة الموظفة ، صحيحة محمدين مسلم عن ابيجعفر علیه السّلام في رجل شک بعد ما سجد انه لم يركع، قال قال علیه السّلام فان استيقن فليلق السجدتين اللتين لا ركعة لهما، فيبنى على صلوته على التمام الخبر، فانه علیه السّلام فهم من قول السائل بعد ماسجد، انه شك بعد الفراغ عن السجدتين ، و لذا قال علیه السّلام في الجواب فان استيقن فليلق السجدتين، فلولاشيوع استعمال السجدة وارادة السجدة الموظفة منها ، لم يكن وجه لحمله علیه السّلام السجدة في قول السائل على السجدتين ، هذا مضافا الى ان بطلان الصلوة بمجرد الدخول فى السجدة الاولى خلاف القاعدة ، اذ ليست السجدة الواحدة ركناكى يلزم من اتيان الركوع المنسى و اعادة السجدة زيادة الركن ، فمحل تدارك الركوع المنسى بعد الدخول في السجدة الأولى بل بعد رفع الراس منها ايضا باق ، و معه يكون الحكم ببطلان الصلوة بمجرد نسيان الركوع حتى دخل فى السجدة الأولى، على خلاف القاعدة فلا يصار اليه الا بدليل قوى ، وليس فى البين ما يدل عليه، عدا ما تقدم من بعض الاطلاقات، التى قد عرفت ان مقتضى القاعدة ، هو تقييدها بقوله علیه السّلام في رواية ابى بصير المتقدمة اذا ايقن الرجل انه ترك رئعة من الصلوة وقد سجد سجدتين الخ ، الظاهر فى ارادة التقييد بما اذا كان التذكر بعد السجدتين ، وعداما تقدم من قوله علیه السّلام فى الفقه الرضوى بعد ماسجدت وقوله علیه السّلام في خبر الدعائم حتى يسجد ، وقد عرفت عدم ظهورهما في مجرد التلبس بالسجود، سيما بعد ملاحظة استفادته علیه السّلام من قول السائل في صحيحة محمد بن مسلم المتقدمه بعد ماسجد ، ارادة السجدتين وليس فى البين ما يعارض هذه الاخبار التي قد عرفت صراحة بعضها في البطلان، الا قوله علیه السّلام في صحيحة محمد بن مسلم

ص: 585

المتقدمة فان استيقن انه لم يركع فليلق السجدتين اللتين لاركوع لهما وبينى على صلوته على التمام، وهو وانكان كالصريح فى عدم بطلان الصلوة حتى لو تذكر بعد الفراغ عن السجدتين ، وحكى الافتاء بمضمونه عن بعض الاصحاب ، الا ان الصحيحة لمكان اشتمالها في بعض نسخها على ما يخالف الاجماع ، و هو ما في ذيلها من قوله علیه السّلام فان لم يستيقن الا بعد ما فرغ وانصرف فليقم وليصل ركعة وسجدتين ولاشيء عليه، غير صالحة للمعارضة مع تلك الاخبار ، لان كون بعض فقرات الرواية مخالفا للاجماع، وان لم يكن مضرا بحجيتها بالنسبة الى فقراتها الاخرى ، لكنه يكون من الموهنات لصدورها اوجهة صدورها، عند المعارضة بغيرها مما هو سليم عن هذا الموهن كما لا يخفى فيرجح الخالي عن هذا الموهن على المشتمل عليه عند التعارض فظهر مما ذكرنا ان الاقوى في المسئلة هو القول بالتفصيل بينما اذا تذكر بعد الدخول في السجدة الثانية فتبطل صلوته بمقتضى رواية ابي بصير المتقدمة، و بين ما اذا تذكر قبل الدخول او الفراغ عنها فى السجدة الثانية فلا تبطل بمقتضى القاعدة، لبقاء المحل لتدارك الركوع المنسى و عدم استلزامه زيادة الركن ولما مر من ظهور قوله علیه السّلام في خبرا بی بصیر و قدسجد سجدتين ، في اختصاص البطلان بما اذا لم يتذكر الا بعد تحقق السجدتين هذا ولكن الفتوى بالصحة حيث لم يعثر عليها من احد من الاصحاب ، فلا ينبغي ترك الاحتياط باتيان الركوع المنسى واتمام الصلوة ثم اعادتها.

واما القول بالتفصيل بين الركعتين الاولتين وبين غيرهما، والحكم بالبطلان

فى الأول دون الثاني فلا مدرك له اصلا نعم حكى عن الشيخ انه احتج في التهذيب، على البطلان في الركعتين الاولتين بالاخبار المتقدمة، و على الصحة في غيرهما، بصحيحة ابن مسلم المتقدمة و صحيحة العيص بن قاسم ، قال سئلت ابا عبد الله علیه السّلام عن رجل نسى ركعة من صلوته فرع عنها ثم ذكر انه لم يركع قال علیه السّلام يقوم ويركع ويسجد سجدتي السهو و يتوجه على الاستدلال بهما، مضافا الى ماذكرنا من الاشتمال على ما يخالف الاجماع، ان ظاهر هما الاطلاق وهو متروك بما عرفت، و تخصيصهما

ص: 586

بالاخيرتين تحكم واما القول بالتفصيل بين الركعة الأولى و غيرها، فلا مستند له الاقوله علیه السّلام في فقه الرضا علیه السّلام و ان نسيت الركوع بعد ما سجدت من الركعة الاولى فاعد صلوتك لانه ان لم يصح لك الاولى لم تصح صلوتك ، وانكان الركوع من الركعة الثانية او الثالثة فاحذف السجدتين واجعلها اى الثانية الاولى والثالثة ثانية والرابعة ثالثة ، و هو كماترى لا ينهض حجة فكيف يصلح للمكافئة مع ما عرفت من الاخبار المتقدمة.

الفرع الخامس لو نسى الركوع وهو قائم فهوى الى السجود وتذكر قبل ان يسجد، فلا اشكال في انه يجب عليه القيام منتصبا والهوى بقصد الركوع ليكون ركوعه عن قيام، واما لو انحنى بقصد الركوع فنسيه في الاثناء و هوى الى السجود ، فللمسئلة اربع صور، الاولى ان يكون نسيانه الركوع قبل الوصول الى حده الشرعي و تذكره بعد التجاوز عن اقصى حده، الثانية هذه الصورة لكن مع تذكره قبل التجاوز حده، الثالثة ان يكون نسيانه بعد الوصول الى حده وتذكره بعد التجاوز عن الاقصى الرابعة هذه الصورة لكن مع التذكر قبل التجاوز عن الاقصى اما الصورة الاولى، فالظاهر انه يجب عليه القيام منتصبا ثم الهوى بقصد الركوع ليكون ركوعه عن قيام اذلايلزم منه زيادة الركوع ، ولا زيادة القيام المتصل به، اما الاول فواضح بعد عدم كون هوية السابق ركوعا شرعيا، و اما الثاني فلان الهوى الواقع منه في حال نسيان الركوع ، قد وقع فاصلا بين القيام والركوع ، ومعه لاعبرة بذاك القيام ، لان الظاهر من كلمات المجمعين على وجوب القيام المتصل بالركوع، هو ارادة القيام الذي لم يتخلل بينه و بين الركوع الشرعى الصلوتي سكون ولا امر خارج عن الركوع، ولذا حكى عن بعض(1) الاعاظم من السادة قدس سره، انه كان يواظب على الهوى من القيام الى الركوع سريعا، لئلا بتخلل سكون في اثناء الهوى كي ينفصل بتخلله الركوع عن القيام ، وفي هذه الصورة قد انفضل القيام عن الركوع الشرعي ، اذ لم يتحقق منه فيها ركوع شرعى کی یکون قيامه متصلا به،

ص: 587


1- وهو انه الله لعظمى السيد محمد الاصفهاني الفشار كى قده منه عفى عنه

بل لم يقع منه ركوع اصلا ولو عرفا، بناء على كون المعتبر في صدق الركوع عرفا ان ينتهى الهوى له الى حده ولا يتجاوز عنه، والمفروض فيهذه الصورة تجاوزه عن اقصى حده واما توهم الاكتفاء بالتلفيق بان يرجع منحنيا بهيئة الركوع الى المحل الذي طرئه النسيان فية ، ثم يهوى بقصد الركوع الى ان يصل الى حده الشرعي ، كي يكون ركوعه حاصلا من الانحناء السابق على النسيان واللاحق به وانحنائه الاختيارى الركوعي منتهيا اليه فهو مبنى على كون المراد من القيام المتصل بالركوع ، اعم من المتصل بالركوع الشرعى، والمتصل بالركوع العرفى أى مطلق الانحناء ، وان لم يصل الى حد الركوع الشرعي كالانحناء السابق على النسيان، اذ عليه الوقام منتصبا لزم تعدد القيام المتصل الذى عد من الاركان لكن هذا المبنى کمامر خلاف ما هو المستفاد من كلمات المجمعين على وجوب القيام المتصل بالركوع و مما ذكرنا في حكم هذه الصورة، ظهر حكم الصورة الثانية ، فانه بناء على كون المراد من القيام المتصل بالركوع هو المتصل بالركوع الشرعي، يجب عليه الانتصاب قائما ثم الهوى بقصد الركوع الى حده ، و على كون المراد منه هو الاعم منه ومن المتصل بالركوع العرفى، يجب عليه العود منحنيا الى محل النسيان ثم الهوى بقصد الركوع الى حده.

واما الصورة الثالثة وهي كون نسيانه الركوع بعد الوصول الى حده وتذكره له بعد التحاوز عن اقصى حده ، فهل يجب عليه ان يقوم منتصبا و يركع ، او يعود منحنيا الى حد الركوع ، او يكتفى بالركوع الصادر عنه بالوصول الى حده و ، ماتر كه نسيانا من الطمانينة والذكر الواجبين فيه مغتفرا بحديث لاتعاد، لانقضاء محل تداركهما، لان محلهما شرعا هو الركوع الذي قد حصل ، وجوه يبتنى توضيح ما هو المختار منها ، على ذكر ما يعتبر في الركوع الصلوتى شرعا وما يعتبر في مهيته و مفهومه عرفا فنقول لا اشكال فى انه يعتبر في الركوع الصلوتي شرعا كونه بقصد الخضوع والتعظيم له تعالى ، و ان لم يعتبر كونه بهذا القصد في

ص: 588

مفهومه عرفا، كما يعتبر في مفهوم السجود كك كما لا اشكال في انه يعتبر في الركوع شرعا احداثه بانحناء عن قيام انتصابي للقادر ، وبزيادة الانحناء للعاجز خلقة او لعارض عن القيام الانتصابي كمامر تفصيله وانما لاشكال بل الخلاف في انه، هل يعتبر في صدق. الركوع عرفا ان ينتهى الهوى له الى حده الشرعي ولا يتجاوز عنه او يكفي في صدقه عرفا مجرد وصوله الى ذلك الحد و ان لم ينقطع الية بل تجاوز عنه فان المحكى عن بعض الاعاظم هو الأول ، و لذا افتى فيهذه الصورة بوجوب الانتصاب والركوع عن انتصاب ، لان هويه حدوثا و ان وقع بقصد التعظيم له تعالى و وصل الى حد الركوع ، و لكنه بقاء ما وقع بهذا القصد و تجاوز عن اقصى حده والمحكى عن صاحب الجواهر هو الثاني ، و لذا افتى بالاكتفاء بالركوع الصادر عنه قبل طرو النسيان ، لانه تحقق منه الركوع بمجرد انحنانه بقصد التعظيم الى الوصول الى حده ، فالمنسي فيهذه الصورة هو الطمانينة والذكر الواجبان في حال الركوع لا الركوع ، و من المعلوم ان نسيانهما غير موجب لبطلان الصلوة بمقتضى حديث لا تعاد بعد عدم امکان تداركهما بانقضاء محلهما و هو الركوع ، بالتجاوز عن الحد الذي عرضه ضه النسيان فيه ، و اما رفع الراس من الركوع و ان كان واجبا ، لكنه لنسيانه و تجاوز محله بما وقع بينه و بين الركوع من الفصل بهذا المقدار من الانجناء الصادر عنه في حال النسيان ، لا يوجب نسيانه البطلان ، بمقتضى حديث لا تعاد ، و ذلك لان الانتصاب عقيب الركوع لا يكون واجبا مستقلا، بل انما صار واجبا بعنوان كونه رفعا للراس عن الركوع ، و من المعلوم ان من انحنى الى ان تجاوز عن اقصى حد الركوع ، لا يكون انتصابه رفع الراس من الركوع، مع مابينه وبين الركوع من الفصل بالانحناء الواقع في حال النسيان هذا.

ولكن الذى تقتضيه الانصاف، عدم الجزم بشيء من اعتبار الانتهاء والانقطاع

الى حد خاص فى صدق الركوع عرفا و عدم اعتباره ، فالمرجع و عدم اعتباره ، فالمرجع حينئذ هو الاصل العملى القاضى فى امثال المقام الذى هو من دوران المكلف به بین المطلق والمقيد

ص: 589

المفهومى بالبرائة واما الصورة الرابعة، و هي كون نسيانه الركوع بعد الوصول الى حده و تذكره عند الوصول الى اقصاه ، فيظهر حكمها مما ذكرناه في الصورة الثالثة، فانه بناء على اعتبار انتهاء الهوى الركوعى الى حده الشرعي في صدق الركوع عرفا، يجب عليه ان ينتصب قائما والاتيان بالركوع ثانيا ، لان ما تحقق منه اولالم يكن ركوعا شرعيا لعدم تحقق الانتهاء في قطعة من انحنائه، وعدم تحقق قصد الركوع فضلا عن قصد التعظيم له تعالى في قطعة أخرى منه و بناء على عدم اعتبار الانتهاء، يمكن القول بالاكتفاء بما تحقق منه من الركوع قبل طر والنسيان، وان المنسى فيهذه الصورة ايضا هو الذكر و الطمانينة ورفع الراس من الركوع، ويمكن القول بوجوب العود منحنيا الى اول الحد الذى طرء منه عليه النسيان، والاتيان بالذكر الواجب مع الطمانينة ثم رفع الراس منه الى الاعتدال، بدعوى ان الانحناء الغير الركوعى فيهذه الصورة حيث يكون يسير اجدا ، فلا يعتدى العرف بهذا المقدار منه ويحسبه كالعدم، بحيث لو عاد منحنيا الى اول الحد الذى طرئه النسيان و وقف على ذلك الحد ، او انحنى منه ثانيا الى الحد ، يكون ركوعه عندهم ركوعا حادثا عن اعتدال ، وقد حقق في محله ان الميزان فى استفادة الاحكام الشرعية من ادلتها للفظية هو ما يتفاهمه العرف منها.

تتمة قد عرفت فيمأمر، ان الاقوى بحسبما يستفاد من الاخبار ، هو الاكتفاء في الركوع بمطلق الذكر مقيدا بكونه بقدر تسبيحة كبرى او ثلث صغريات، وان القول بوجوب تسبيحة كبرى اوثلث كبريات تخييرا، وكذا القول بوجوب تسبيحة کبری او ثلث كبريات تعيينا، لا يستفاد شيء منهما من الاخبار، لان في نفس الاخبار التي استدل بها للقول بوجوب تسبيحة كبرى اوثلث كبريات، ما يكون قرنية على كونها في مقام بیان افضل الافراد، و ان الواجب هو الاقل والزائد عليه يكون مستحبا، هذا مضافا الى مأمر من ان القول بالتخيير بين تسبيحة كبرى او ثلث كبريات، مستلزم للتخيير بين الاقل والاكثر بدايتهما ، ای بدون اخذ قيدولوقيد

ص: 590

بشرط لا فى الأقل يوجب رجوعهما الى المتبانين، و هو اعنى التخيير التخيير بين الاقل والاكثر بذاتيهما غير معقول، ضرورة ان ايجاب العملين على وجه التخيير ، انما يصح فيما اذا كان كل منهما مشتملا على تمام الغرض الباعث على ايجابهماكك، ومن المعلوم أن الاقل اذاكان بذاته وافيا يتمام الغرض الباعث على الايجاب، فبمجرد تحققه خارجا يحصل تمام الغرض و يسقط الطلب لان بقائه مستلزم لطلب الحاصل المحال ، ومعه لا يكون الاتيان بالزائد امتثالا للطلب بل يكون اتيانه لغوا، فصحة التخيير بينهما تتوقف على رجوعهما الى المتبائنين، و هو يحصل باحد وجهين، احدهما ان يجعل الاقل بحده العدمى و بشرط لاعن الزيادة عدلا للاكثر، فان حصول تمام الغرض من اتيان الاقل، يكون حينئذ مراعى بعدم لحوق الزائد به، ان مع لحوق الزائد به يخرج عن كونه بشرط لاووافيا بتمام الغرض، و يصير جزء للاكثر ويكون هو الوافي بتمام الغرض دون الاقل ولا مجال للخدشة فيهذا بماقيل من انه انما يتم فيما لو خرج الاقل عن قابلية انضمام الاكثر اليه ، كما في التخيير بين القصر والاتمام في مواضعه، فان الركعتين تسقطان بالتسليم عن قابلية الحاق ركعتين بهما ، دون مانحن فيه، فان التسبيحة قبل رفع الرأس من الركوع قابلة لان يلحق بها تسبيحتان، ومجرد فرض الاقل بشرط لا والاكثر بشرط شيء، لا يجعلهما متباثنين بعد ما عرفت من ان لحوق الزائد به فضلا عن قابليته للحوقه به، يوجب خروجه عن كونه وافيا بتمام الغرض وصيرورية جزء للاكثر الذي يكون حينئذهو الوافى بتمام الغرض، دون الاقل كي يكون طلب الاكثر حينئذ طلبا للحاصل الثاني ان يقيدكل منهما او احدهما بقيد وجودى لم يكن الاخر مقيدا به، كما اذا جعل الاقل مقيدا بقصد الاقتصار عليه من الاول ، عدلا للاكثر مقيدا بقصده من الاول، كى يكون طرفا التخيير الاقل المقصود والاكثر المقصود، ولكن اعتبار

، الاقل في المقام باحد الوجهين المذكورين مشكوك، مدفوع باطلاق مادل على ان المطلوب هو صرف الوجود من الذكر المتحقق باول الوجود منه المتحقق بتسبيحة

ص: 591

واحدة، فيتعين كونها الواجبة على التعيين والزائدة عليها مستحبة.

ثم بناء على المختار من كون الواجب من الذكر ماكان بقدر تسبيحة واحدة كبرى اوثلث صغريات و ان الزائد عليه مستحب، فهل يتعين له فيما اذا سبح ثلث كبريات او ازيد الى التسع الذي ورد التصريح بانه افضل ان يجعل الذكر الواجب التسبيحة الاولى او يختاران يجعله أيها شاء، الظاهر هو الاول، وذلك لمأمر مرارا من انه اذا كان صرف الوجود من طبيعة واجبا و صرف الوجود منها مستحبا، فلا يمكن ان يتحقق من المكلف اولا الاأصرف الوجود الواجب منها ، وذلك لان بايجاده فردا منها يحصل الغرض للامر من الأمر الوجوبي بصرف الوجود ، ومعه لا يبقى له الحالة المانعة عن ترك الفرد الاخر كي يتصف بالوجوب نعم لو كان الفرد الواجب معنونا بعنوان قصدى لا يتحقق الا بالقصد كالظهرية والعصرية، فحينئذ يدور الاتصاف بوجوب مدار قصد ذلك العنوان، فان قصد التسبيحة الاولى بذلك العنوان فكانت هي الواجبة، و ان قصد غيرها بذلك العنوان فكذلك لكن هذا مضافا الى كونه مخرجا للفرد الواجب عن كونه صرف الوجود من الطبيعة، يكون احتماله في المقام مدفوعاً ، بظهور الاخبار فى ان المطلوب هو صرف الوجود من طبيعة الذكر ، من غير دخل عنوان قصدى او غير قصدى فيه ، فالمتعين بحسب مقتضى الاخبار عدم الاختيار له في جعل الواجب ماشاء من التسبيحات ، وحصول تعينه في الاولى منها قهرا وتعين المستحب في البقية.

السادس من واجبات الصلوة السجود

والبحث عنه يتم برسم الامور الاول فی بیان مفهومه ، وهو من جهات الاولى ان السجود على ما صرح به بعض اهل اللغة ، عبارة عن خفض الرأس للخضوع والتذلل ، ولا يخفى انه بهذا المعنى يصدق على مطلق خفض الرأس للخضوع ولولم يصل الى حد الركوع، هذا مع انه بهذا المعنى لا يمكن ان يكون مرادا من قوله تعالى والله يسجد ما في السموات وما في الارض، فالظاهر كونه عبارة عن غاية الخضوع و اقصى مراتبه التي تخلف بحسب

ص: 592

الموارد، فتكون غاية خضوع الانسان هى الانكباب بوجهه على الارض بقصد التواضع الثانية ان الظاهر ان وضع خصوص الجهة على الارض ليس داخلا في مفهوم السجود عرفا كيلا يتحقق بوضع الذقن او الخد عليها بل هو نظير اعتبار كونه على ما يصح السجود عليه في كونه مما اعتبر فيه شرعا، ثم لوشككنا في اعتبار وضع خصوصها فيه ، فانكان من اجل احتمال دخله في حصول ما ذكرناه فى معنى السجود من انه غاية الخضوع والتواضع، فيكون مقتضى الاصل اعتباره فيه، لان مرجع الشك حينئذ الى الشك في المحصل ، وان غاية الخضوع هل تحصل بخصوص وضع الجبهة او بالاعم منه ومن وضع الخدا والذقن، والاصل فى الشك في المحصل هو الاشتغال على المختار، و ان استشكل فيه جدى العلامة الاشتياني اعلى الله مقامه بان المحصل للمكلف به اذا كان مجهولا للمكلف ، يكون بيانه من وظيفة الشارع ،فاذا لم ببينه يكون المكلف معذورا فى تركه لكن هذا الاحتمال بعيد فى الغاية ای احتمال دخل وضع الجبهة في مفهوم السجود وانكان الشك في اعتبار وضع خصوصها فيه ، من اجل احتمال دخله فيه شرعا وكونه قيدا زائدا عن مفهومه او دخله في مفهومه عرفا فا، فيكون مقتضى الاصل عدم اعتباره فيه ، لان مرجع الشك حينئذ على اى حال الى الشك في اعتبار قيد زائد فى المأمور به، و مقتضی الاصل عدم اعتباره فيه ، بناء على المختار من جريان البرائة فى دوران المكلف به بين الاقل والاكثر الارتباطيين مطلقا ولو كان من جهة الشبهة المفهومية و ينعكس مقتضى الاصل في السجود المحرم كالسجود لغيره تعالى، فان مقتضاه فيه اعتبار كونه على خصوص الجبهة، لانه القدر المتيقن من السجود المنهى لغيره تعالى الثالثة ان الظاهر ان وضع الجبهة على خصوص الارض اوما انبتته، ليس ايضا داخلا في مفهوم السجود عرفا، كيلا يكون وضعها على غير هما سجودا، بل هو قيد زائد عن مفهومه اعتبر فيه شرعا ، ولوشككنا في اعتبار وضعها على خصوص احد الامرين، فمقتضى الاصل فيه مأمر من التفصيل فى الجهة الثانية بالنسبة الى السجود الواجب، وانعكاس مقتضاه

ص: 593

بالنسبة الى السجود المحرم فلا نعيد وقد يترتب على ما ذكرنا من انعكاس مقتضى الاصل بالنسبة الى السجود المحرم ، وقوع المعارضة بين الاصلين بالعلم بمخالفة احدهما للواقع ، كما ان اسجد على خده عند قبر احد المعصومين عليهم السلام ، تعظيما له علیه السّلام ولما وجب عليه من السجدة لقرائة آيتها، اذ حينئذ يعلم اما باتيانه السجدة المحرمة خصوعا و تعظيما له علیه السّلام، لولم يكن وضع خصوص الجبهة على خصوص الارض معتبرا ، لانها حينئذ سجدة لغيره تعالى، و اما بتركه السجدة الواجبة، لو كان وضع خصوص الجبهة على خصوص الارض معتبرا، و مقتضى هذا العلم الاجمالى ، هو لزوم الاحتياط عليه بوضع الجهة على الارض اوما ،انبتته وعدم وضع الخدعلى احدهما ولا على غيرهما.

الامر الثانى لاشبهة فى انه يجب في كل ركعة من الصلوة سجدتان ، ويدل عليه مضافا الى الاجماع بل الضرورة الاخبار المتواترة كما لاشبهة في انهما معامن الاركان ، فتبطل الصلوة باخلال بهما زيادة و نقيصة بتركهما عمدا أو سهوا اجماعا ونصا ، ولاتبطل بالاخلال بواحدة منهما كك سهوا بخلاف ما اذا كان عمدا عند المشهور، ويدل عليه جملة من الاخبار، ومعه لاتحتاج الى حل ما اورد من الاشكال من انه كيف يصح اطلاق الركن على السجدتين، مع ان الركن كما يظهر من فتاواهم ومعاقد اجماعاتهم وعلى ما صرح به غير واحد منهم ، عبارة عما كان كل من نقيصته و زیادته عمدا و سهوا موجبة للبطلان، فانه ان جعل الركن مجموع السجدتين، فمن المعلوم ان ترك المجموع كما يتحقق بترك كليتهما كك يتحقق بترك واحدة منهما، مع ان ترك واحدة منهما سهوا غير موجب للبطلان عند المشهور، وان جعل الركن مهيته السجود المحققة في ضمن الواحدة ايضا ، فاللازم حينئذ ان تكون زيادة سجدة واحدة سهوا مبطلة، مع ان المشهور لا يقولون به اذ حل هذا الاشكال لا يترتب عليه ثمرة عملية، بعد ما عرفت من ان وجوب السجدتين في كل ركعة وما يترتب على نقيصتهما و زيادتهما عمدا و سهوا وكذا نقيصة واحدة منهما و زيادتها

ص: 594

عمدا وسهوا من الحكم والاثر، معلوم بالادلة الشرعية، من غير توقف على معرفة مفهوم الركن و صحة اطلاقه على السجدتين، اذ لم يطلق عليهما الركن في الادلة السمعية ، كى نحتاج الى معرفة مفهومه، وانما اطلق عليهما الركن في كلمات الاصحاب ومعاقد اجماعاتهم المحكية، لكن مع ذلك لابأس بالتعرض لحل الاشكال توجيها لكلمات الاصحاب ورفعا للتنافى فيها فنقول قد اجيب عن الاشكال المزبور بوجوه، امتنها ما افاده الاستاد دام ظله من ان المراد من الركوع في كلماتهم هو كل ماكان مقوما اللعمل فعلا وعمودا له حالا ، ومرادهم من زيادته هو زيادة مثل ذلك المقوم الفعلى والعمود الحالى ، و من المعلوم ان ما يكون قوام الصلوة عليه فعلا في حال الذكر، هو السجدتين لا احداهما، فزيادة ذلك المقوم الفعلى والعمود الحالى انما تكون بزيادة مثل ذلك المقوم، وليس مثله الا السجدتين دون احداهما، فاذا اتى باحداهما و ترك الاخرى سهوا ، فيكون المقوم الفعلي و العمود الحالي هي السجدة الماني بها فتكون هى المتفقه بالركنية دون المتروكة سهوا كي يصدق على نقصها نقيصة الركن و يمكن ان يجاب عن الاشكال بوجه آخر ، وهو ان الركن في الصلوة هو نفس السجدتين بالاسر، لا العنوان المنتزع عنهما كعنوان المجموع المركب منهما وعنوان احديهما المقيدة بالأخرى، كي يقال ان المجموع المركب ينتفى بانتفاء احد اجزائه والمقيد ينتفى بانتفاء قيده ، ومن المعلوم ان زيادة السجدتين بالاسر، انما تكون بزيادتهما، لازيادة احداهما والا لم تكن زيادتهما بالاسر، وكذا نقيصتهما انما تكون بتركهما رأسا ، لا بترك احداهما والا لم تكن نقيصتهما بالاسر و توهم ان مقتضى هذا الوجه هو الحكم بالصحة فيما اذا ترك بعض الهوى للركوع واتى ببعضه سهوا، لان ترك بعضه سهوا لايكون تركا للهوى بالاسر كي يكون نقيصة للركوع مدفوع بان هذا الوجه انما ذكر لتوجيه كون السجدتين معا من الاركان، لالبيان ان الركن مطلقا هو الجزء الذي يكون بابعاضه بالاسر مقوما للصلوة، كى يلزمه ماذكر من الحكم بالصحة فيها ترك بعض الهوى للركوع

سهوا ، مع ان الاصحاب يحكمون بالبطلان معللين بانه نقيصة الركوع.

ص: 595

الامر الثالث لا اشكال بل لاخلاف فى انه يجب في السجود وضع المساجد السبعة ، وهى الجبهة والكفان والركبتان و ابهاما الرجلين على الارض و يدل على ذلك مضافا الى الاجماعات المحكية الاخبار المستفيضة ومنها صحيحة زرارة قال قال ابو جعفر علیه السّلام قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم السجود على سبعة اعظم الجبة واليدين والركبتين والابهامين و ترغم بانفك ارغاما، اما المفروض فهذه السبعة، و اما الارغام بالانف فسنة من النبي صلی الله علیه و آله و سلّم ومنها صحيحة حماد الواردة فى كيفية صلوة الصادق علیه السّلام لتعليم حماد وفيها وسجد علیه السّلام على ثمانية اعظم الكفين والركبتين و لها لال انامل ابهامى الرجلين والجبهة والانف ، و قال علیه السّلام سبعة منها فرض يسجد عليها و هي التي ذكرها الله تعالى في كتابه فقال ان المساجد لله فلا تدعوا مع الله احدا وهى الجبهة والكفان والركبتان والابهامان ، ووضع الانف على الارض سنة و منها خبر عبد الله بن ميمون القداح عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال يسجد ابن آدم علی سبعة اعظم يديه ورجليه وركبتيه وجبهته و منها الخبر المرسل عن تفسير العياشي عن أبي جعفر عليهما السلام انه سئله المعتصم عن السارق من اى موضع يجب ان يقطع قال علیه السّلام ان القطع يجب ان يكون من مفصل اصول الاصابع فيترك الكف ، قال وما الحجة في ذلك قال علیه السّلام قول رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم السجود على سبعة اعضاء الوجه واليدين والركبتين والرجلين ، فاذا قطعت يده من الكرسوع او المرافق لم يبق له يديسجد عليها الخبر ومنها ما عن كتاب الفقيه فى وصية امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه لابنه محمد بن الخفية قال الله تعالى وان المساجد لله يعنى بالمساجد الوجه واليدين والركبتين والابهامين، الى غير ذلك من الاخبار الصريحة في ذلك ، فلاريب في وجوب كون السجود على تلك الاعضاء السبع وانما الاشكال بل الخلاف في وجوب ارغام الانف و استحبابه ، حيث عده جملة من الاصحاب من مستحبات السجود، و منشاء الخلاف اختلاف الاخبار ، فمما يدل على الوجوب، موثقة عمار عن جعفر عن ابيه عليهما السلام ، قال قال على علیه السّلام لا يجزى صلوة من لا يصيب انفه ما يصيب جبينه،

ص: 596

ومرسلة ابن المغيرة قال اخبرني من سمع ابا عبدالله علیه السّلام يقول لا صلوة لمن لا يصيب انفه ما يصيب جبينه، ولا يعارضهما قوله علیه السّلام في خبر محمد بن مصارف انما السجود على الجبهة وليس على الانف سجود، ولا قوله علیه السّلام في صحيحة زرارة المتقدمة و اما الارغام بالانف فسنة من النبي صلی الله علیه و آله و سلّم، ولا قوله علیه السّلام في صحيحة حماد المتقدمة ووضع الانف على الارض سنة، اما عدم معارضة الاول لهما، فلاحتمال كون المراد من نفى السجود على الانف هو نفى كونه من المساجد ، فلاينافي كونه واجبا مستقلا في حال السجدة ، هذا مضافا الى انه يعتبر في السجدة وضع مواضع السجود على الارض، ومن المعلوم انه لا يكفى فى صدق الوضع مجرد اتصالها بالارض، بل يعتبر فيه الاعتماد على الارض، وحينئذ فيحتمل ان يكون المراد من نفى السجود على الانف، هو نفى ما يعتبر في السجود على الجبهة وغيرها من مواضع السجود، من الوضع على الارض ، في ارغام الانف كما يؤيده التعدية بكلمة على، و اما احتمال كون المراد نفى الاكتفاء فى السجدة بالسجود على الانف، فبعيد جدا، ضرورة ان اعتبار كون السجدة على الجبهة كان مفروغا عنه عند الاصحاب، ومعه لم يكن مجال لتوهم الاكتفاء في السجدة بالسجود على الانف، كي يكون مراده علیه السّلام من نفى السجدة عليه دفع هذا التوهم واما عدم معارضة الثانى لهما، فلانه لاظهور لقوله علیه السّلام فسنة من النبي صلی الله علیه و آله و سلّم في الاستحباب، بعد ما تكرر التعبير في الاخبار عما فرضه النبي صلی الله علیه و آله و سلّم في مقابل ما فرضه الله تعالى بهذه العباوة، كما ورد من ان الفرائض كانت في اصل الشرع ركعتين والزائد عليهما ماسنه النبي صلی الله علیه و آله و سلّم، ومنه يظهر عدم معارضة الثالث لهما، و ذلك لاحتمال كون المراد من قوله علیه السّلام سنة انه مما سنه النبي صلی الله علیه و آله و سلّم هذا.

و لكن هنا شواهد على ان المراد من السنة فى الصحيحتين هو الاستحباب

احدها انه لو كان الاعازم واجبا ، كان الفرق بينه و بين المساجد السبعة من وجهين احدهما انه فرض النبى صلی الله علیه و آله و سلّم وهى من فرض الله تعالى، ثانيهما أنه ليس من المساجد

ص: 597

وهى من المساجد، مع انه علیه السّلام اقتصر فى الصحيحتين فى الفرق بينه و بينها، على كونه من سنة النبي صلی الله علیه و آله و سلّم و فرضه، وكونها من فرض الله تعالى ، مع ان الظاهر من سياق الصحيحتين انهما فى مقام الفرق بينه و بينها من جميع الجهات فتدبر ثانيها انه كلما عبر في الاخبار عن فرض النبى صلی الله علیه و آله و سلّم بسنته صلی الله علیه و آله و سلّم، فانما هو فى مقام الفرق بين فرضه صلی الله علیه و آله و سلّم و فرض الله تعالى، بحسب ترتب احكام الشك والسهو على احدهما دون الآخر ، و من المعلوم ان الصحيحتين ليستا فيهذا المقام بل فى مقام عد واجبات السجود ثالثها انه لوكان الارغام واجبا ، فحيث انه من اقصى مراتب الخضوع والتذلل الذى به قوام حقيقة السجود ، فيفهم العرف بمناسبة الحكم والموضوع ، ان الادغام ايضا يكون من واجبات السجود لا واجبا مستقلا في حال السجود، وكونه واجبا من واجبات السجود ، ينفيه قوله علیه السّلام ليس على الانف سجود . ومع هذه الشواهد يبعد جدا كون المراد من قوله علیه السّلام في الصحيحتين واما الاعازم بالانف فسنة، هي السنة بمعنى فرض النبي صلی الله علیه و آله و سلّم، هذا كله مضافا إلى عدم الخلاف ظاهرا في كونه من مستحبات السجود ، بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه فالقول بوجوبه كما عن ظاهر الصدوق ضعيف جدا و اما ما فى الموثقة والمرسلة قوله من قوله علیه السّلام لا يجزى صلوة من لا يصيب انفه الخ، وقوله علیه السّلام لاصلوة لمن لا یصيب الخ، فمحمول على عدم الاجزاء فى الفضل واقلية الفضيلة ، وقد كثر استعمالهما في ذلك فى الاخبار ، مثل قوله علیه السّلام لا صلوة لجار المسجد الا في المسجد و نحوه.

ثم لاباس بالتكلم فى تحديد المواضع السبعة، و بيان ما يعتبر السجود عليه منها فنقول اما الجهة فهى عضو معروف يعبر عنه في الفارسية بپيشاني، وهو العضو المحاط بالحاجبين والناصية والجبينين الواقعين فوق الصدغين، والصدغ ما بين العين والاذن، و اليه يرجع ما صرح به بعض اهل اللغة من ان الجهة مستوى ما بين الحاجبين الى الناصية التى هى مقدم الراس او الشعر النابت فيه، و عليه ينطبق ما صرح به غیر واحد من ان الجهة ما بين قصاص الشعر الى طرف الانف طولا و بين

ص: 598

في الركوع الجبينين عرضا، قال في المجمع الجبين ناحية الجبهة فوق الصدغ وهما جبينان عن يمين الجبهة وشمالها يتصاعد ان من طرف الحاجبين الى قصاص الشعر فتكون الجبهة بين الجبينين فتبين مما ذكرنا ان الجبهة لغة وعرفا هي مجموع العضو المسطح الواقع بين الحاجبين والناصية طولا و بين الجبينين عرضا ، لا الخط الموهوم الممتد من الناصية الى طرف الانف ، والا لم يكن معنى لقولهم فلان اجبه اى وسيع الجبهة كما لا يخفى ، وعليه ينطبق ايضا جملة من الاخبار الواردة في تحديد الجبهة ، كصحيحة زرارة عن احدهما عليهما السلام قال قلت له الرجل يسجد وعليه قلنسوة اوعمامة ، فقال علیه السّلام اذا مس جبهته الارض فيما بين حاجبه وقصاص شعره فقد اجزء عنه ، و صحيحته الاخرى عن أبي جعفر علیه السّلام قال سئلته عن حد السجود قال علیه السّلام ما بين قصاص الشعر الى موضع الحاجب ما وضعت منه اجزئك، ولا ينافي ما ذكرناه التحديد ، قول الصادق علیه السّلام في خبر عمار الساباطي ما بين قصاص الشعر الى طرف الانف مسجد فما اصاب الارض منه اجزئك ، وذلك لمنع كونه في مقام التحديد، و انما هو فى مقام بيان الاجتزاء والاكتفاء فى السجود على الجبهة بحصول مسماه ولو بوضع شيء منها مما يتحقق به عرفا اسم السجود على الجبهة ، سلمنا كونه

فى مقام التحديد، لكن نمنع عن كونه في مقام تحديدها الا بحسب الطول، فلاينا في كونها من حيث العرض الى الجبينين، وبالجملة لا يمكن ان يستفاد من هذا الخبر تخصيص الجبهة التي يجب السجود عليها بخصوص الجزء المسامت الطرف الانف، كى يجعل ذلك دليلا على تخطئة العرف ، والتصرف فى ظواهر ما مر من الاخبار المحددة لها بما ينطبق على التحديد العرفى ثم ان الظاهر جواز الاكتفاء في السجود على الجبهة بحصول مسماه ، فلو وضع جزء منها على الارض بحيث صدق معه عرفا اسم السجود على الجبهة لكان مجزيا و يدل على ذلك مضافا الى الاجماع جملة من الاخبار، منها قوله علیه السّلام فى صحيحة زرارة المتقدمة ما وضعت منه اجزاك، و قوله علیه السّلام فى خبر يزيد الجبهة الى الانف اى ذلك اصبت به الارض في السجود

ص: 599

اجزاك والسجود عليه كله افضل، وقوله علیه السّلام في خبر عمار المتقدم فما اصاب الارض منه اجزاك الى غير ذلك مما هو صريح فى ذلك ولا يصلح لمعارضتها صحيحة على بن جعفر عن اخيه موسى علیه السّلام، قال سئلته عن المراة تطول قصتها فاذا سجدت وقعت بعض جهتها على الارض وبعض يغطيه الشعر هل يجوز ذلك ، قال علیه السّلام لا حتى تضع جهتها على الارض، و ذلك لامكان حملها على عدم الاجزاء في الفضل ، او على بيان حكم ماهو الغالب من ان من كانت قصتها طويلة ربما تمنع عن وصول جهتها الى الارض. فيجب عليها رفع المانع بحيث يحصل لها الوثوق والاطمينان بوصول جهتها الى الارض فما ربما يظهر من بعض كالاسكافى والحلى من لزوم استيعاب الجبهة ضعيف جدا ، و مثله في الضعف ما عن بعض كالفقيه والدروس من اعتبار كون ما يوضع على الارض من الجبهة بمقدار الدرهم ، مستدلا عليه بصحيحة زرارة عن ابيجعفر علیه السّلام قال

علیه السّلام الجبهة كلها ما بين قصاص شعر الراس الى الحاجبين موضع السجود فايما سقط من ذلك الى الارض اجزاك مقدار الدرهم او مقدار طرف الانملة ، اذ فيه ان قوله علیه السّلام في الصحيحة ايما سقط من ذلك الى الارض اجزاك ظاهر فى كفاية حصول المسمى، و قوله علیه السّلام مقدار الدرهم او مقدار طرف الانملة من ذكر مصاديق المسمى، فهو علیه السّلام في مقام التنصيص على التعميم الذي ذكره اولا، لا التخصيص له، كيف و الا لم يصح الجمع بين الدرهم و طرف الانملة الذى هو اقل منه في مقام التحديد، فهذه الصحيحة على خلاف مطلوبهم ادل و اما الخبر المروى عن الدعائم عن جعفر بن محمد عليهما السلام انه قال اقل ما يجزى ان يصيب الأرض من جهتك قدرودهم : فهو محمول على اقل المجزى فى الفضيلة ، جمعا بينه و بين صحيحة زرارة المتقدمة المصرحة بكفاية طرف الانملة الذي هو اقل من الدرهم.

واما الكفان فهما على ما هو المتبادر منهما عند اطلاقهما و علی ما صرح به بعض أهل اللغة من ان الكف الراحة مع الاصابع، تكونان من الزندين الى رؤس. الاصابع ، والظاهر عدم كونهما خصوص سطح باطن اليدين، ولذا ينسب اليهما كل

ص: 600

من الظهر والبطن ويقال ظهر الكفين وبطنهما ودعوى ظهور الكف عرفا في خصوص ما فوق الاشاجع التي هي اصول الاصابع الى الزندكى تكون الاصابع خارجة عن الكف، ممنوعةجدا، واطلاق الكف على خصو ص ذلك وانكان شايعاعر فا، لكن ذلك من باب اطلاق اسم الكل على الجزء وتسمية الجزء باسم الكل ومثل هذه الاطلاقات لا يوجب صرف لفظ الكف المتبادر منه المجموع عند الاطلاق الى خصوص ذلك، نعم ربما يستظهر من قوله علیه السّلام في الخبر المتقدم المروى عن العياشي ان القطع يجب ان يكون من مفصل اصول الاصابع فيترك الكف ان الكف اسم لما فوق الاشاجع، كما انه ربما يستشعر من تعليله علیه السّلام ذلك بان ماكان الله لا يقطع، ان خصوص ما يبقى بعد القطع هو المراد باليد التيامر بالسجود عليها، اذ المتبادر منه ان ما كان الله تعالى لا يقع عليه القطع اصلا، لا انه لا يقطع من ،اصله، لكن الخبر مضافا الى مافيه من ضعف السند صلی الله علیه و آله و سلّم (1)و مخالفته للمشهور، ليس له دلالة على الاختصاص، و ذلك لاحتمال كون اطلاقه علیه السّلام الكف على ما فوق الاصابع، على سبيل ما هو الشايع عند العرف من اطلاق اسم الكل على الجزء وتسمية الجزء باسم الكل، واما التعليل فيحتمل ان يكون المراد به ان الجزء المبهم من اليدين الذى بالسجود عليه يحصل مسمى السجود عليهما، حيث يكون الله تعالى، فلايجوز قطع يدى السارق من الكرسوع او المرافق ، لاستلزامه قطع ذلك الجزء، وماكان الله تعالى لا يقع عليه القطع ، ومن هنا يمكن الجمع بين هذا الخبر، و بين مادل على قطع اصابع رجلى السارق فى الدفعة الثانية، حيث ان قطعها ينافي التعليل الوارد فيهذه الاخبا، و حاصل الجمع هو ان يدى السارق حيث تعلق بهما حقان احدهما الله تعالى و ثانيهما لحفظ نظام معاش العباد، وكان قطعهما من الكرسوع او المرافق موجبا لتضييع حق الله تعالى، وعدم قطعهما راسا موجبا لتضييع حق العباد، وكان الجمع بين الحقين بقطعهما من أصول الاصابع ممكنا ، امر الله تعالى بقطعمها

ص: 601


1- اشارة الى ان ضعف الخبر مجبور بعمل الاصحاب ، حيث ان الظاهر انه لامستند لهم لوجوب قطع اليد من اصول الاصابع، الا هذا الخبر منه عفى عنه

منها جمعا بين الحقين، و هذا بخلاف اصابع رجليه، فان الجمع بين الحقين فيها غیر ممكن، ضرورة ان قطعها انما هو لاجل ان يعجز عن السرقة، وهو لا يحصل الا بقطع جميعها كما لا يخفى فدار الامر بين مراعاة احد الحقين، والشارع رجح مراعاة حق العباد امتنانا عليهم فتدبر ثم ان الظاهر تعين وضع باطن الكفين على الارض في السجود، لانه المتبادر عرفا من الأمر بوضع اليدين على الارض ، في الاخبار الواردة في السجود ، ويؤيده ما حكى عن بعض من الاستدلال بالتاسي بالنبي صلی الله علیه و آله و سلّم و اهل بيته صلوات الله عليه و عليهم اجمعين ، بل نسب الى اكثر الاصحاب بل الى ظاهر جميعهم وجوب تلقى الارض بباطن الراحة وهل يكفى في السجود على الكفين حصول مسماه كما كان كافيا في السجود على الجبهة ، اولا يكفى ذلك بل يعتبر الاستيعاب قولان المشهور هو الأول ، و استدل عليه مضافا الى الاجماعات المحكية ، بظهور الادلة فى الاطلاق ، مؤيدا ذلك بفهم الاصحاب ، ومؤيدا ايضا بالاخبار الواردة في الجبهة ، من مثل قوله علیه السّلام الجبهة كلها من قصاص الشعر الى الحاجبين موضع السجود، فايما سقط من ذلك الى الارض اجزاك، وقوله علیه السّلام فما اصاب الارض منه اجزاك ، فان سوقها يشهد بان المراد من قوله علیه السّلام فيها فايما سقط ذلك الى الارض اجزاك، وقوله علیه السّلام فما اصاب الارض منه اجزاك، ليس الحكم بالاجتزاء بوقوع شيء من الجبهة على الارض تعبدا، بل المراد الحكم به تفريعا على توسعة الجبهة ، فيدل على ان كل ماكان من المساجد وسيعا يكفى فى السجود عليه حصول مسماه خلافا للعلامة حيث تردد في محكى المنتهى فقال وهل يجب استيعاب جميع الكف بالسجود . عندى فيه تردد ، والحمل على الجبهة يحتاج الى دليل ، لورود النص في خصوص الجبهة ، فالتعدى بالاجتزاء بالبعض يحتاج الى دليل انتهى، و مرجع كلامه قدس سره کماترى الى اقتضاء اطلاق ادلة المساجد السبعة لاعتبار الاستيعاب، خرج منه خصوص الجبهة بدليل خاص و بقى الباقى، فان الاطلاق كما يقتضى التوسعة، كذلك قد يقتضى التضييق، كما في عقد البيع حيث ان اطلاقه يقتضى

ص: 602

نقد البلد والتسليم حالا والسلامة عن العيب، وكما في الامر فان اطلاقه يقتضى الوجوب التعيينى العينى، واستشهد له ايضا بخبر ابى بصير عن ابيعبد الله علیه السّلام في حديث، قال علیه السّلام اذا سجدت فابسط كفيك على الارض ، و اورد عليه (1)بمنع اقتضاء الاطلاق في المقام التضييق والاستيعاب بل مقتضاه التوسعة والاكتفاء بالمسمى، كما يؤيده مامر من فهم الاصحاب و فتاواهم والتفريع الواقع في اخبار الجبهة ، لا اقل من الاجمال فيرجع الى الاصل القاضي بعدم اعتبار الاستيعاب ، و اما خبر ابي بصير فهو مع مخالفة ظاهره للمشهور او المجمع ظاهره للمشهور او المجمع عليه ، لا يصلح لتقييد المطلقات الواردة في مقام البيان و حضور وقت العمل فلابد ان يحمل على الاستحباب والتحقيق أنه لا مجال للتمسك بالاطلاق اصلا فى امثال المقام مما له كيفية متعارفة تكون هي المنسبقة الى الذهن عند الاطلاق ، فان المتعارف الجبلى للناس في وضع اليدين عندالهوى والسقوط على الارض ، هو وضع مقدار معتد به من باطنهما ، مما يمكن الاتكال عليه او الاتقاء به عن الانصدام كالراحتين او مقدار معتد به منهما ، دون ظاهر اليدين او باطنهما مما لا يمكن الاتكال عليه او الاتقاء به عن الانصدام ، كالاصابع وحدها او الزندكك و نحوهما ، فاذا كان المنسبق الى الذهن من اطلاق النصوص هو وضع اليدين على الكيفية المتعارفة ، فلامجال للقول بكفاية المسمى ولا للقول باعتبار الاستيعاب، بل لابد من تبعية الكيفية المتعارفة التي لا شبهة فى انها بين الامرين من المسمى والاستيعاب ومما ذكرنا من ان المنسبق الى الذهن من اطلاق النصوص، هو الاكتفاء فى وضع اليدين بما هو المتعارف الجبلى للناس في وضعهما عند الهوى والسقوط على الارض ، ظهر ان الاقوى عدم الاجتزاء بالسجدة على ،الاصابع فانها وانكانت من الكف ، الا ان السجدة عليها على خلاف الكيفية المتعارفة

ص: 603


1- قولنا واورد عليه آه اقول ولعل نظر العلامة قدس سره الى ان الكف موضوع للمجموع من الراحة والاصابع لالكل جزء جزء منهما و صدق وضع الكف على الارض بوضع جزء منه عليها انما هو من باب اطلاق اسم الكل على الجزء تجوزا لا من باب الحقيقة كي يصح الاكتفاء بالمسمى هذا و تدبر منه عفى عنه.

فى وضع اليدين المنسبقة الى الذهن من الاطلاقات، كما ان الاقوى ايضا عدم الاجتزاء بالسجدة على رؤس الاصابع، لعدم كونها على الكيفية المتعارفة و عدم كونها سجودا على باطن الكف، كما انه لا يبعد عدم الاجتزاء لوضم اصابعه الى كفه وسجد عليها، اوجا في وسط كفه ولا فى الارض باطراف اصابعه وزنده، و ذلك لعدم كون السجود فى الصورتين على النحو المتعارف، ولاكونه على باطن الكف، كما ان الاقوى الاجتزاء بالسجدة على الراحة لكونها على باطن الكف وعلى النحو المتعارف واما الابهامان فلا اجمال في مفهومهما به لان الابهام على ماصرح به غیر واحد من اهل اللغة، هو اكبر اصابع اليد والرجل، ولا شبهة فى انه لا يعتبر في وضعهما الاستيعاب لتعذره، وهل يكفى مسماه مطلقا من غير فرق بين ظاهرهما و باطنهما او رؤسهما وجهان ، من اطلاق صحيحة زرارة المتقدمة التي بين فيها مواضع السجود، مضافا الى موافقته لاصالة البرائة عن تعيين موضع خاص منهما، ومن دعوى ان المتعارف المنسبق الى الى الذهن من الاطلاق هو وضع رؤسهما، و علی ای حال لولم يكن وضع الرؤس اقوى فلاشبهة فى كونه احوط.

و اما الركبتان فالظاهر ان الركبة ما يعبر عنه في الفارسية (بزانو)، و من

المعلوم انه ليس خصوص العظم المستدير الواقع على الموصل ما بين الفخذ والساق بل هو ما يشتمل عليه و علی طرفی عظمى الفخذ والساق ، اللذين يتصلان في حال القيام والركوع ، و ينفصلان من طرف المقدم عند الجلوس ، فتتسع الركبة حال الجلوس، ويقع جزئها الواقع في طرف الساق على الارض و جزئها الواقع في طرف الفخذ فوقه ، كما يشير الى ذلك قوله علیه السّلام في صحيحة زرارة واذا قعدت في تشهدك فالصق ركبتيك بالارض و فرج بينهما شيئا ، فعلى ما ذكرنا لا يتوقف ايصال الركبة الى الارض في السجود على التمدد و رفع الفخذين، كما ذهب اليه في الجواهر و انکان هو الاحوط ، وكيفكان لاشبهة فى انه يكفى فى وضع الركبتين مسماه ، ولا يعتبر فيه الاستيعاب لتعذره كما هو واضح.

ص: 604

الرابع المشهور انه يعتبر فى السجود للصلوة عدم علو موضع الجبهة على الموقف بازيد من لبنة وهى ما يعبر عنها فى الفارسية (بخشت)، والمراد بها ما كانت معمولة في زمن الائمة عليهم السلام ، التي كان يبلغ مقدار قطرها تقريبا الى اربع اصابع منضمات ، كما يشهد بذلك اللبن الموجودة في الانبنية القديمة التي بنيت في زمن بني العباس ، خلافا للفاضلين حيث حددا العلوالممنوع بما يعتد به، ويدل على المشهور ما عن الشيخ باسناده عن عبدالله بن سنان عن ابيعبد الله علیه السّلام، قال سئلته عن السجود على الارض المرتفعة فقال علیه السّلام اذا كان موضع جبهتك مرتفعا عن موضع بدنك قدر لبنة فلابأس، وما عن الكليني مرسلا قال في حديث آخر في السجود على الارض المرتفعة قال اذا كان موضع جبهتك مرتفعا عن رجليك قدر لبنة فلا بأس ولا للخدشة في الخبر الاول، بضعف السند لاشتماله على النهدي المحكى عن غير الكشى تضعيفه ، وباضطراب المتن لما حكى من انه وجد في بعض النسخ موضع يديك باليائين بدل موضع بدنك ، وعليه فلاربط له بما نحن بصدده، اما عدم الوجه للخدشة فيه من حيث السند فلان ضعف سنده مجبور باشتهاره و اشتهار العمل به، واما عدم الوجه للخدشة فيه من حيث المتن فلوجود مرحجات للنسخ التي أورد فيها هذا الخبر بلفظ بدنك بالنون، منها قوله علیه السّلام في مرسل الكليني اذا كان موضع جبهتك مرتفعا عن موضع رجليك قدر لبنة فلا بأس، فان المراد من موضع الرجلين هو الموقف، فينطبق على موضع البدن، سواء اريد به موضعه حال القيام او الجلوس، ومنها ان الظاهركون المراد من الارض المرتفعة التى سئل عن السجود عليها ، هي المرتفعة عن مقام المصلى لاعن موضع يديه، فانهما لمكان تقارب مسجدهما لمسجد الجبهة، يعدّ موضعهما مع موضع الجبهة ارضا واحدا فلا يصح عد خصوص موضع الجبهة ارضا مرتفعة بالنسبة الى ارض مسجد اليدين ، هذا مع ندرة ارتفاع مسجد الجبهة عن مسجد اليدين مع تقارب المسجدين ، ومنها ان الظاهر كون محط نظر السائل، هوان السجود على الارض المرتفعة هل يضر بالانحناء المعتبر في السجود ام لا، و

ص: 605

من المعلوم ان ما يكون سببا لاختلاف الانحناء السجودى قلة و كثرة، هو اختلاف موضع الجبهة مع الموقف ارتفاعا وانخفاظا، دون اختلاف موضعها مع موضع اليدين كك كما هو واضح، هذا كله مضافا الى ضعف ما وجد في بعض النسخ في حد ذاته، اذ اعتبار عدم علو مسجد الجبهة عن خصوص مسجد اليدين بازيد من لبنة، مما لم يقل به احد، ان الاصحاب بين من اعتبر ذلك بين مسجد الجبهة والموقف، ومن اعتبره بين مسجدها وسائر المساجد ، فيقوى فى النفس ان ما وجد في بعض النسخ من لفظ يديك بدل بدنك ، انما هو اشتباه من النساخ ثم لوسلمنا الخدشة سند او متنا في الخبر الاول ، فيكفى لاثبات ما ذهب اليه المشهور من تحديد العلو الممنوع بازيد من لبنة الخبر الثاني، ولا يضر بالاستدلال به ضعفه سندا بالارسال ، بعد انجباره بمعروفية هذا التحديد بين الاصحاب بل عدم خلاف يعتد به فيه بينهم ولا يعارض الخبرين صحيحة عبدالله بن سنان التي تمسك بها للتحديد الذي ذهب اليه الفاضلان قال سئلت ابا عبد الله علیه السّلام عن موضع الجبهة ايكون ارفع من مقامه قال علیه السّلام لا ولكن مستويا، و في بعض النسخ وليكن مستويا ، لالما قيل من احتمال كون المراد من الاستواء استواء موضع السجود ، لامساواته لموقف المصلى لان الاستواء غير المساواة ، اذفيه ان الظاهر من الاستواء وانكان ذلك ، لكن لابد من حمله على ارادة المساواة كى ينطبق الجواب على مورد السؤال، هذا مضافا الى ان الاستدلال على المدعى يتم بقوله علیه السّلام لا، ولا لماقيل من ان المتبادر من الاستواء هو الاستواء العرفى الذى لا يقدح فيه الارتفاع اليسير الذي هو بمقدار لبنة فمادون ، لا الاستواء الحقيقى لتعذر احرازه او تعسره غالبا ، اذفيه ان عدم قدح الارتفاع اليسير الذي هو بمقدار لبنة في الاستواء العرفي لوسلمر، فانما هو في الارتفاع التدريجي لا الدفعى، بل لصراحة الخبرين في جواز علو المسجد عن الموقف بمقدار لبنة، و ظهور الصحيحة فى المنع عن العلو مطلقا، ومقتضى الجمع العرفي هو حمل النهي في الصحيحة على الكراهة ، وحمل الأمر بالاستواء فيها على الاستحباب، و يؤيد ذلك الحمل مضافا الى كونه جمعا عرفيا ، مارواه عاصم عن أبي بصير عن ابيجعفر علیه السّلام،

ص: 606

قال سئلته عن الرجل يرفع موضع جبهة في المسجد، فقال علیه السّلام انى احب ان اضع وجهی في مثل قدمى وكره علیه السّلام ان يصنعه الرجل وقد يستدل على التحديد المشهور بان الارتفاع اليسير الذي يكون بمقدار لبنة فمادون ، مما لا يتمكن الاحتراز عنه غالبا بل لا يعد علوا عرفا وفيه ما اشرنا اليه من انه ان ثم فانما هو في الارتفاع التدريجي لا مطلقا فتبين مما ذكرنا ان عمدة ما الاستناد اليه لاثبات ما ذهب اليه المشهور من تحديد مقدار الجواز باللبنة هو الخبران ، و هما كما يدلان على جواز الارتفاع بمقدار اللبنة ، كك يدلان على المنع عما زاد عليها ، لالمكان مفهوم الشرطية كي يقال ان الشرطية مسوقة لبيان تحقق الموضوع فلامفهوم لها ، بللان الظاهران السؤال فيهما وقع عن جواز الارتفاع ، فيكون التحديد باللبنة في الجواب، دالا على المنع عما اذاكان الارتفاع اكثر منها.

ثم انه يعتبر ايضا عدم كون موضع الجبهة اخفض من الموقف باكثر من لبنة،

ويدل عليه مضافا إلى تصريح غير واحد ، موثقة عمار عن الصادق علیه السّلام في المريض يقوم على فراشه ويسجد على الارض، فقال علیه السّلام اذا كان الفراش عليظا قدر آجرة اواقل استقام له ان يقوم عليه ويسجد على الارض، واذا كان اكثر من ذلك فلا، فان الظاهر ارادة الجواز من قوله عليه السلام استقام له ، فيكون المراد من نفى الاستقامة بقوله عليه السلام فلانفى الجواز ، فيدل على المنع ، فلاوجه للخدشة فيها بانها غير دالة على التحريم ثم ان المشهور ان المعتبر هو عدم ارتفاع موضع الجبهة وانخفاضه عن الموقف فقط ، فلا يقدح ارتفاعه و انخفاضه عن بقية المساجد بازيد من اللبنة ، خلافا لجاعة كالعلامة والشهيد وبعض من تأخر عنهما ، حيث اعتبر واعدم ارتفاعه عن شيء من المساجد ، ولعلهم استظهروا ذلك من قوله عليه السلام في خبر عبدالله بن بن سنان المتقدم ، اذا كان موضع جبهتك مرتفعا عن موضع بدنك قدر لبنة، فلا بأس، نظرا الى ان موضع البدن حال السجود انما هو مواضع المساجد، فيعتبر بمقتضى ظاهر الخبر ان لا يكون موضع الجبهة ارفع من موضع شيء منها باكثر

ص: 607

من اللبنة.

و اورد عليهم اولا بان المتبادر من موضع البدن هو ارادة موضعه حال القيام او حال الجلوس عن السجود ، فلا يشمل موضع اليدين ، لااقل من الاجمال فيرجع الى الاصل القاضي بعدم اعتبار ازيد من عدم ارتفاع موضع الجبهة عن الموقف فقط لانه القدر المتيقن على كل حال و ثانيا بان البدن حال السجود هو مجموع ما يقع عليه مساجده ، فارتفاع موضع جهته عن موضع بدنه على الاطلاق أنما يكون بارتفاعه عن مجموع المواضع التي يستقر عليها بدنه، لاعن كل موضع منها فانه بعض من موضع البدن، و عليه فيكون المرتفع عن بعض موضع البدندون بعض خارجا عن مفهوم الخبر مطلقا ولو كان مرتفعا عن محل الرجلين خاصة ، وحينئذ فلا يستفاد من الخبر المنع عما لو ساوى موضع جبهته موضع ركبته و كان ارفع عن موقفه باكثر من لبنة ، و انما يستفاد ذلك من غيره ، كصحيحة عبدالله بن سنان المتقدمة المشتملة على لفظ المقام، و مرسلة الكلينى المتقدمة التي وقع فيها التصريح بالرجلين. والتحقيق انا ان استفدنا من الاخبار، ان المناط فى المنع عن علو موضع الجبهة عن المقام والرجلين بازيد من اللنبة، هو اضراره واخلاله بمقدار الانحناء المعتبر في السجود، فلا يبقى للبحث عن ان المراد من موضع البدن ، هل هو موضعه حال السجودكي يتناول موضع اليدين، او موضعه حال الجلوس كيلا يتناول موضعهما، بحال ان لاشبهة حينئذ فى انه لا يعتبر مساواة موضع الجبهة الا بالنسبة الى موضع يكون انخفاضه من الجبهة موجبا للاخلال بالانحناء المعتبر في السجود، فينحصر حينئذ اعتبار المساواة بين موضع الجبهة والركبتين، ضرورة ان ما يكون موجبا لاختلاف الانحناء السجودى قلة وكثرة، هو اختلاف موضع الجبهة ارتفاعا وانخفاضا مع موضع الركبتين، دون اختلافه مع موضع غيرهما واما لو منعنا عن استفادة ذلك من الاخبار كما هو الحق، اذليس في الاخبار الا التعبير بالمقام والموقف والرجلين والبدن ، وارادة خصوص الركبتين منها بعيدة جدا ، لان اعتبار عدم ارتفاعه

ص: 608

اى موضع الجبهة عن موضع القدم مما لا خلاف ولا كلام فيه ولا مستندله الا اخبار الباب فتصل النوبة حينئذ الى البحث عن ان المستفاد من قوله عليه السلام في خبر عبدالله بن سنان عن موضع يديك ماذا ، وقد عرفت انه لولم يكن ظاهرا فى موضع البدن حال الجلوس، فلااقل من الاجمال، انظهوره في خصوص موضع البدن حال السجود ممنوع جدا، فيرجع الى الاصل القاضى بعدم اعتبار الازيد من مساواة موضع الجبهة بالنسبة الى الموقف فقط لانه القدر المتيقن على كل حال.

ثم ان هنا فردعا لابد من التعرض لها الاول لو وضع جبهة سهوا على موضع مرتفع عن موقفه باكثر من لبنة ، فان كان الارتفاع بحيث لا يصدق معه مسمى السجود عرفا ، فلا اشكال في انه يجب عليه رفع رأسه من ذلك الموضع ، ثم السجود على موضع مساو لموقفه ، وانكان الارتفاع بحيث يصدق معه مسمى السجود عرفا ، فهل يجوز له رفع رأسه، او يتعين عليه جره الى موضع مساو لموقفه ، احتمالان بل قولان ولا بأس بالتعرض اولا لما هو مقتضى القاعدة الاولية على النحو الكلى الشامل لوضع الجبهة سهوا على المحل الجنس او على مالا يصح السجود عليه ، ثم التكلم فيما يستفاد من الاخبار الواردة فى المسئلة فنقول ان اعتبار خصوصية في السجود ، ككون موضع الجبهة مساويا لموقف المصلى ، أو كونه مما يصح السجود عليه ، او كونه طاهرا ،

لا يخلو بحسب سب الثبوت عن احد اقسام ثلثة الاول ان تكون تلك الخصوصية مقومة المفهوم السجود وداخلة فى حقيقته شرعا وان لم تكن مقومة له عرفا ، وبعبارة اخرى كان لفظ السجود حقيقة شرعية فى الانحناء الخاص الثانى ان تكون تلك الخصوصية من شروط السجود الثالث ان تكون من شروط الصلوة فى حال السجود ، فلواخل بتلك الخصوصية بان سجد مثلا على موضع ارفع من موقفه فعلى الاول لاشبهة في ان عليه ان يرفع رأسه و يسجد على موضع مساو لموقفه ، اذ لا يتحقق به زيادة السجدة المبطلة للصلوة ، لان وضع الجبهة على موضع ارفع من الموقف وان صدق

ص: 609

عليه السجدة عرفا ، لكنه ليس يسجود اعتبره الشارع جزء للصلوة و جعل زيادته عمدا مبطلة واما على الثاني، فان قلنا بان المراد من الخمسة التي دل حديث لاتعاد على بطلان الصلوة بالاخلال بها وقام الاجماع على بطلانها بزيادتها ، هوذات الخمسة فيشكل الحكم بجواز رفع الرأس له ، لانه اتى بذات السجدة الشرعية وحقيقتها، وانما غفل عن وضع الجبهة على موضع مساو للموقف، وهو ليس داخلا في مفهوم السجدة شرعا بل هو شرط من شروطها ، فيلزم من رفع الرأس عنها والسجدة على موضع مساو ، زيادة السجدة المبطلة ، وعليه فلا يجوز له رفع الراس، بل يتعين عليه جر رأسه الى موضع مسار و توهم ان ذات السجود وان حصل بالوضع الأول ، الا ان المأمور به ليس ذات السجود من حيث هو ، بل المأمور به هو السجود المقيد يكونه على موضع مساوكما هو المفروض ، ومن المعلوم ان السجود المقيد لم يحصل بالوضع الأول ، وانما حصل ذات السجود ، والجر لا يحصل به ايضا السجود المقيد ضرورة ان المأمور به هو السجود على موضع مساو ، والجرليس سجودا لانه يعتبر في مفهوم السجود الوضع على الارض والجر ليس وضعا مدفوع بان ايجاب الجر ليس لاجل كونه محصلا للسجود كي يقال ان الوضع لا يحصل بالجر ، بل ايجابه انما هو لكونه محصلا لخصوصية الوضع الحاصل اولا الذي هو السجود و توهم اعتبار كون السجود على موضع مساوحدوثا ، والجرموجب لكونه كك بقاء لاحدوثا، كماترى ان لا دليل عليه واما ان قلنا بان المراد من الخمسة هي الخمسة بمالها من الشرائط ، فالظاهر عدم الاشكال في جواز ان يرفع رأسه ويسجد على موضع مساو اذ لا يتحقق به زيادة السجدة المبطلة كما لا يخفى ، كما لا اشكال في جواز الجر له ايضا، اذ يحصل به ايضا خصوصية المساواة المعتبرة فى السجدة ، كما تحصل بالرفع والوضع ثانيا على موضع مساو واما على الثالث ، فيتعين عليه الجر ، لان المفروض ان خصوصية كون السجود على موضع مساو للموقف ، لادخل لها في حقيقة السجود

ص: 610

عرفا ولا شرعا ولامما اعتبر فيه شرعا ، فيلزم من رفع الرأس ووضعه على موضع مساو زيادة السجدة المبطلة، فيتعين عليه الجر لتحصيل ما هو شرط من شروط الصلوة فى حال السجود، هذا فيما اذا علم ان الخصوصية المعتبرة من اى الاقسام واما لوشك في ذلك، فلاشبهة فى ان مقتضى الاحتياط العقلى والاصل اللفظى ، هو تعين الجر و عدم جواز الرفع اما كونه مقتضى اما كونه مقتضى الاحتياط العقلي ، فلان تكليفه بالسجدة على موضع مساو معلوم ، ولا يعلم بالبرائة عنه الا بالجر الى موضع مساو دون الرفع ، انمع احتمال كون الخصوصية المعتبرة من القسم الثالث ، لا يعلم بكون الرفع عن الموضع المرتفع والوضع على موضع مساو محصلا لتلك الخصوصية ، وذلك لاحتمال كون الوضع الثاني سجدة زائدة و لغوا ، و معه لاتكون تلك الخصوصية المعتبرة فى الصلوة متحققه في محلها وهو حال السجود الصلوتى كما لا يخفى واما كونه مقتضى الاصل اللفظى ، فلان باطلاق ادلة السجود يمكن احراز كون الخصوصية من قيود الصلوة لا السجود ، لا يعارض اصالة الاطلاق فيها ، باصالة الاطلاق في ادلة الصلوة ، ان لا اطلاق لادلتها ، سواء قلنا بانها موضوعة للصحيح او الاعم ، اما على الاول فواضح واما على الثاني فلعدم كونه الا فى مقام اصل التشريع والجعل ، هذا بحسب الثبوت واما بحسب الاثبات ، فان قلنا بانه يعتبر في مفهوم السجود عرفا الانتهاء الى حد كما احتملناه في الركوع ، فيمكن ان يستظهر من ادلة اعتبار كون موضع الجبهة مساويا للموقف ، كون هذه الخصوصية من مقومات السجود شرعا ، وان السجود عند الشارع هو الانحناء المنتهى الى حد يصير موضع جبهته مساويا لموقفه ، نظير ما قلناه في صلوة المسافر من ان كون المسافة ثمانية فراسخ مما اعتبر في مفهوم السفر شرعا مع عدم كونه معتبرا فيه عرفا و ان قلنا بعدم اعتبار الانتهاء و الانقطاع الى حد فى مفهوم السجود ، فيمكن ان يستظهر من تلك الادلة كون هذه الخصوصية من شرائط السجود لا الصلوة حاله ، وذلك لان اعتبارها وان احتمل عقلا كونه باحد الانحاء الثلثة المتقدمة ، لكن مرجع اعتبار هذه الخصوصية حيث يكون الى اعتبار

ص: 611

زيادة الانحناء بحيث يساوى موضع جبهته موقفه، فيكون ظاهرا عرفا في كونها من قيود نفس السجود لا الصلوة حاله، ضرورة انه اذا اعتبر في جزء من المأمور به زيادة من سنخه يفهم منه عرفا انها شرط للجزء ، وان الجزء هو الطبيعة البالغة الى هذا الحد ، لاانها معتبرة فىاصل المأمور به فى عرض ذلك الجزء ، هذا بالنسبة الى تساوى موضع الجبهة للموقف.

واما اعتبار كون موضع الجبهة مما يصح السجود عليه ، فقد يقال بعدم كونه داخلا في قوام جبهة السجود ، ولاكونه من شروطه بل ولا من شروط الصلوة ، بل هو من شروط المسجد ، ولذا ذكره الفقهاء في مقدمات الصلوة ، فعليه لو وضع جبهته على مالا يصح السجود عليه ، فيتعين عليه جر رأسه الى موضع بصح السجود عليه ، ولا يجوز له رفع الرأس من الموضع الاول ووضعه على الثاني ، لاستلزامه زيادة السجدة المبطلة، لانه بوضعه على الموضع الأول اتى بحقيقة السجدة فيجب عليه جره الى الموضع الثاني لتحصيل شرط المسجد هذا ولكن لا يخفى ان مجرد كون محل وصف الطهارة والارضية هو المسجد ، لا يلازم كونهما من شروطه لاشروط السجدة والصلوة ، اذ كما يصح للشارع ان يعتبر في السجود الصلوتى حصو حصوله من الانحناء الخاص ، كك يصح له ان يعتبر فيه وقوعه على موضع خاص ، ولذا يكون كون اللبأس متخذا من مأكول اللحم شرطا للصلوة ، مع كون محل هذا الوصف هو اللبأس، فتعين الجرلو قيل به فى المقام ، انما هو لكونه مقتضى قاعدة الاشتغال كمأمر بيانها ، لا لكون موضع السجدة مما يصح السجود عليه من شرائط المسجد دون السجود ، هذا تمام الكلام في مقتضى القاعدة الاولية.

بقى الكلام فيما هو مقتضى الاخبار الخاصة الواردة فى المسئلة فنقول الاخبار الواردة فى المسئلة على طائفتين الاولى ما دل على جواز الرفع كخبر الحسين بن حماد قال قلت لا بيعبد الله عليه السلام اسجد فتقع جبهتي على الموضع المرتفع فقال عليه السلام ارفع رأسك ثم ضعه ، فان الامر بالرفع لوروده في مقام توهم الخطر

ص: 612

لا يفهم منه ازيد من الرخصة الثانية مادل على المنع عن الرفع وتعين الجر، كصحيحة معوية بن عمار قال قال ابو عبدالله عليه السلام اذا وضعت جبهتك على نبكة فلا ترفعها ولكن جرها ، ورواية اخرى للحسين بن حماد عن ابيعبد الله عليه السلام قال قلت له اضع جبهتي على حجرا وعلى موضع مرتفع احول وجهى الى مكان مستو، فقال عليه السلام نعم جروجهك على الارض من غيران ترفعه ولا يخفى ان مقتضى الجمع العرفي بين الطائفتين ، هو حمل الثانية على كراهة الرفع واستحباب الجر ، وذلك لصراحة الاولى في جواز الرفع ، والثانية ليست الاظاهرة فى المنع ، ولاوجه للمناقشة في الاولى بضعف السند ، بعد انجبار ضعفها سندا بالشهرة بل عدم معروفية الخلاف في عمن عدا المدارك وبعض من تأخر عنه هذا و قد يستدل على جواز الرفع فيما لوسجد على مالا يصح السجود عليه لنجاسة اوكونه من غير الارض ونباتها ، بالخبر المروى عن كتابي الغنية والاحتجاج للشيخ والطبرسي عن محمد بن احمد بن داود القمى، قال كتب محمد بن عبدالله بن جعفر الحميري الى الناحية المقدسة يسئل عن المصلى يكون فى صلوة الليل فى ظلمة فاذ اسجد يغلط بالسجادة ويضع جبهته على مسح او نطع فاذا رفع رأسه وجد السجادة هل ، يعتد بهذه السجدة ام لا يعتد بها ، فوقع عليه السلام مالم يستوجالسان فلاشيء عليه في رفع رأسه لطلب الخمرة ولا يخفى ان في دلالته على المدعى بعد الغض عن سنده تأملا بل لعله على خلاف المطلوب اول ، وذلك لاشعار الجواب على ان الشبهة الباعثة للكاتب على السؤال ، هي توهمان رفع الرأس لطلب الخمرة والسجادة مستلزم مطلقا لتعدد السجدة على تقدير صحة الأولى ، فكانه سئل الامام عليه السلام عن انه اذا وضع الجبهة على مالا يصح السجود عليه اشتباها ، فهل يصح سجوده هذا كيلا يجوز له رفع الرأس لطلب الخمرة والسجدة عليها لاستلزامه تعدد السجدة ، اولا يصح سجوده كي يجب عليه رفع الرأس والسجدة على الخمرة ، فاجاب عليه السلام بان رفع الرأس لطلب الخمرة و تحصيل شرط السجود مالم ينته الى حد الاستواء الجلوسى لا يكون قادحا ، فيتشعر من تخصيصه

ص: 613

علیه السلام عدم قدح رفع الرأس بما اذا لم ينته الى الحد الجلوس ، ان وجه عدم القادحية هو ان الرفع لتحصيل شرط السجود مالم يتجاوز عن قدر الحاجة وينتهى الى حد الاستواء ، لا يكون الاتكملة للسجدة الأولى فلا يكون سجدة مستقلة مغائرة لها کی یلزم تعدد السجود، فعليهذا يكون الخبر منافيا للمدعى وهو جواز رفع الرأس عما لا يصح السجود عليه ثم السجدة على ما يصح وان دل على جوازه في الجملة فالحق ان الالتزام بجواز الرفع فيهذه المسئلة اعنى ما اذا وضع جبهته على ما لا يصح السجود عليه فى غاية الاشكال ، بل مقتضى الاحتياط العقلى هو المنع عن الرفع و تعين الجركما مر بيانه ثم هل المنع عن الرفع يختص بصورة التمكن من الجر او يعم غيرها فيه قولان ، والحق اختصاصه بناء على الاستناد فيه الى قاعدة الاحتياط بما اذا تمكن من الجر ، ضرورة ان المنع عن الرفع عليهذا ، انما هو لعدم جواز الاكتفاء بالامتثال الاحتمالى مع التمكن من الامتثال القطعى ، واما اذا تعذر الامتثال القطعى بالجر ، فلا اشكال فى تعين الامتثال الاحتمالي بالرفع و توهم ان الرفع دائر أمره بين الوجوب والحرمة ، لان كون موضع الجبهة مما يصح السجود عليه ، لو كان شرطا للسجود فيكون الرفع واجبا ، وان كان شرطا للمسجد فيكون الرفع حراما لاستلزامه زيادة السجدة المبطلة ، فاللازم حينئذ الاحتياط ، باتمام هذه الصلوة مكتفيا بالسجدة الواقعة على غير ما يصح ، ثم استينافها مدفوع بان احتمال حرمة الرفع حيث يكون مسببا عن الشك في زيادة السجدة الثانية ، فاصالة عدم زيادتها تجدى في رفع احتمال حرمته و اما بناء على الاستناد في المنع عن الرفع الى استظهار كون موضع الجبهة مما يصح شرطا للمسجد دون السجود ، ففى اختصاص المنع عنه بما اذا تمكن من الجر اشكال ، كما نبه عليه شيخ مشايخنا المرتضى الانصاري قدس سره ، حيث قال ثم لو تعذر الجر لاحراز شرط المسجد ، ففى كلام بعض السادة من و هو صاحب المدارك انه لاكلام في جواز الرفع حينئذ ، وفيه اشكال لعدم الدليل على وجوب تدارك الشرط مع لزوم زيادة السجدة ، ولو فرض

ص: 614

كونه شرطا مطلقا اى ولو في حال الاضطرار، فاللازم الحكم بابطال الصلوة لانه اخل بشرط مطلق هو كالركن، ويلزم من تداركه زيادة سجدة فهو كناسي الركوع الى ان يسجد انتهى واورد عليه بان كون موضع الجبهة ما يصح السجود عليه انكان شرطا للسجود فلاوجه للاشكال في الرفع، واما انكان شرطا للمسجد او الصلوة حال السجود فالاشكال في الرفع وانكان صحيحا، لكن لا وجه للحكم بابطال الصلوة حينئذ بعد عدم كون الشرط شرطا للسجود وداخلا في جملة المستثنى منه من حديث لا تعاد ويمكن دفعه بان الحكم بابطال الصلوة مبنى على مختاره قدس سره من اختصاص حدیث لاتعاد بالاخلال بغير الخمس من الاجزاء والشرائط السابقة لاعن عمدو التفات ، فلا يشمل الاخلال بغيرها من الاجزاء والشرائط اللاحقة عن التفات ولو كان اضطرارا ، كما في المقام حيث ان الاخلال بشرط المسجد و هو كونه مما یصح السجود عليه يكون عن التفات ، وانكان اضطرارا لمكان استلزام تداركه لزيادة السجد نعم يرد هذا الاشكال عليه قدس سره بناء على ما اختاره الاستاد مد ظله من شمول الحديث اللاخلال بغير الخمس من الاجزاء والشرائط الللاحقة اضطرارا ولوكان عن التفات كمأمر تحقيقة في مبحث الساتر.

الثاني لووضع جبهته على حصى ونحوه مما لا يحل لها مع وضعها عليه كمال الاستقرار، فلايجوز له ان يرفع راسه بل يتعين عليه جرها الى موضع آخر تحصيلا لشرط الاستقرار ويدل عليه مضافا الى عدم الخلاف فيه وعمومات المنع عن الزيادة، صحيحة على بن جعفر عن اخيه موسى علیه السّلام قال سئلته عن الرجل يسجد على الحصى فلا يمكن جبهته من الارض ، فقال علیه السّلام يحرك جبهته فينحى الحصى عن جبهته ولا يرفع راسه ، ولا يعارضها رواية الحسين بن حماد عن ابي عبد الله علیه السّلام قال سئلته

عن الرجل يسجد على الحصى علیه السّلام قال يرفع راسه حتى يتمكن، اولم نعثر على من افتى بمضمونها ولم ينقل القول به احد فهى غيرنا هضة للحجية ، والا لكان مقتضى الجمع العرفى بينها و بين العمومات والصحيحة تخصيص العمومات بها، و حمل

ص: 615

الصحيحة على استحباب الجر، لصراحتها فى جواز الرفع و ظهور الصحيحة في المنع عنه، هذا كله فى رفع الجبهة واما بقية المساجد فلاشبهة في جواز رفعها عمدا فضلا عما لو كان سهوا او لضرورة، كما اذا وقعت على موضع ارفع من الموقف وقلنا بعدم جوازه، اذلاوجه للمنع عن رفعها بعد عدم استلزامه لزيادة السجدة، ان لا يتعدد السجود عرفا ولا شرعا بتكرر وضعها مع اتحاد وضع الجبهة و توهم ان رفعها ثم وضعها ثانيا وان لم يستلزم زيادة السجدة ، لكنه مستلزم لزيادة في الصلوة فلايجوز عمدا ، مدفوع بان رفعها ليس بعنوان الجزئية كى يستلزم زيادة في الصلوة ، واما وضعها ثانيا فليس الا لتحصيل شرط السجود ، فهو واجب في القدر الواجب من السجود ومستحب في مستحبه ، ولا يعد مثله زيادة هذا كله مضافا الى نفى الباس عنه فيما رواه قرب الاسناد باسناده عن على بن جعفر عن اخيه موسى علیه السّلام ، قال سئلته عن الرجل يكون راكعا او ساجدا فيحكه بعض جسده هل يصلح له ان يرفع يده من ركوعه اوسجوده فيحكه مماحكه، قال علیه السّلام لاباس اذا شق عليه ان يحكه والصبر الى ان يفرغ افضل هذا الثالث وارتفعت جبهته عن المسجد قهرا ، فتارة لا يتمكن عن حفظها عن الوقوع عليه ثانيا ، و اخرى يتمكن من ذلك ، فعلى الاول لا اشكال فى ان المجموع سجدة واحدة، ضرورة ان وقوعها ثانيا قهرا ليس بسجدة مستقلة قطعا ، فان السجدة من الامور القصدية التي لا تتحقق الا بالقصد ، بل هو عرفا عود الى السجدة الأولى ، و اما على الثانى فقد يشكل في جواز وضعها ثانيا بقصد تتميم السجدة الاولى لاستلزامه الزيادة المبطلة ، وفيه ان صدق الزيادة عرفا بالوضع ثانيا بقصد التميم ممنوع ، بل يعد عرفا عودا الى السجدة الاولى ، كما يؤيد ذلك توقيعه علیه السّلام في الخبر المتقدم المروى عن كتابي الغيبة والاحتجاج ، بقوله علیه السّلام ما لم يستو جالسا فلاش عليه و ذلك لمامر من انه يستشعر من تقييده علیه السّلام عدم قدح رفع الراس بمالم يستوجالسا ، ان وجه عدم القدح هو ان رفعه ما لم ينته الى حد الاستواء جالسا ليس موجبا لتكرار السجدة بالوضع ثانيا ، بل الثاني تكملة للاول

ص: 616

وليس سجدة مستقلة مغايرة له ثم لوشككنا في صدق الزيادة بالوضع ثانيا ، فيدور امره فيما اذا كان الرفع قهرا قبل حصول الطمانينة والذكر الوابين في السجود بين الوجوب والحرمة ، ومقتضى القاعدة هو الاحتياط باتمام صلوته بلا وضع ثانيا ثم استينافها ، الا ان يقال ان احتمال الزيادة مدفوع باصالة عدمها ، ومعه يتعين عليه الوضع ثانيا تحصيلا للطمانينة والذكر الواجبين فى السجود الرابع لوكان في جبهته قرحة كالدمل ونحوهمامما يوجب عدم تمكنه من وضعها على الارض، فانكانت القرحة غير مستغرقة لها وامكن سجوده على ما يحصل به مسمى السجود عليها وجب، ولوبان يحفر حفيرة ليقع القرحة فيها ويقع الموضع السليم من جبهته على الارض ، ويدل على ذلك مضافا الى كونه مقتضى القاعدة ، فان مالم يتم الواجب الابه واجب ، خبر مصادف المروى عن الكافى والتهذيب ، قال خرج بیدمل فكنت اسجد على جانب ، فرای ابو عبد الله علیه السّلام اثره فقال علیه السّلام لی ما هذا ، فقلت له لا استطيع ان اسجد من اجل الدمل فانما اسجد منحرفا ، فقال علیه السّلام لا تفعل ذلك احتفر حفيرة و اجعل الدمل في الحفيرة حتى تقع جبهتك على الارض ويؤيده ما في الفقه الرضوى من قوله علیه السلام فان كان فى جبهتك علة لا تقدر على السجود او دمل فاحفر حفيرة فاذا سجدت جعلت الدمل فيها وانكانت القرحة مستغرقة للجبهة بحيث لا يتمكن من وضع شيء منها على الارض ، فالمشهور انه يسجد على احد الجانبين ، فان تعذر ذلك ايضا سجد على ذقنه ، واستدل له مضافا الى الاجماعات المحكية المعتضدة بعدم معروفية مصرح بخلافه باخبار منها موثقة عمار قال قلت لا بيعبد الله علیه السّلام رجل بين عينيه قرحة لا يستطيع ان يسجد عليها، قال علیه السّلام يسجد ما بين طرف شعره فان لم يقدر سجد على حاجبه الايمن فان لم يقدر فعلى الايسر فان لم يقدر فعلى ذقنه ، بدعوى ان المراد بالحاجبين بعد عدم امكان ارادة ظاهرهما لقيام الاجماع على عدم بدليتهما ، هو الجبينان بعلاقة المجاورة وفيه انه كما يمكن حمل الرواية بملاحظة الاجماع المزبور على ارادة الجبينين من الحاجبين ، كذلك يمكن حملها على ارادة السجود على الحاجبين بملاحظة كون السجود عليهما مستلزما للسجود على شيء من

ص: 617

الجبهة كما ان امره علیه السّلام بالسجود اولا على طرف شعره كان لذلك ، ومن المعلوم لوية الحمل الثاني على الاول ومنها قوله علیه السّلام في الرضوى المتقدم وانكان على جبهتك علة لا تقدر على السجود من اجلها فالسجد على قرنك الايمن فان تعذر عليه فعلى قرنك الا يسر فان تعذر عليه فالسجد على ظهر كفك فان لم تقدر عليه فالسجد على ذقنك يقول الله علیه السّلام ان الذين أوتوا العلم من قبله اذايتا عليهم يحزون للاذقان سجدا الى قوله تعالی و یزیدهم خشوعا ، بدعوى ان المراد بالقرنين الجبينان ، وفيه بعد النض عما في سنده من الضعف ، ان القرن على ما صرح به بعض اهل اللغة هو ناحية الراس وجانبه او المجتمع من شعره ، وعلى اى حال خروجه عن حدود الجبهة غير معلوم و منها خبر مصادف المتقدم ، بدعوى ظهور قوله فكنت اسجد على جانب في ان جواز السجود على الجبين مع تعزر السجود على الجبهة كان مرتكزا في ذهنه، وحينئذ فيستفاد من اقتصار الامام علیه السّلام في الجواب بقوله لاتفعل ذلك احتفره حفيرة الخ، الظاهر في كونه علیه السّلام في مقام تنبيه الراوى على انه ليس ممن تعذر عليه السجود على الجبهة لتمكنه منه بحفر حفيرة ، تقريره علیه السّلام له على ما از تكز في ذهنه من جواز السجود على الجبينين مع تعذر السجود على الجبهة ، والا لكان المتعين ان علیه السّلام ینبهه على ان السجود على الجبين لا يجوز ولو مع تعذه على الجبهة وفيه اولا ان ظهور قول الراوى اسجد على جانب وقوله اسجد منحرفا ، في السجود على الجبين ممنوع جدا ، لاحتمال ان يكون مراده بالجانب جانب الدمل من الجبهة فتدبر (1)وثانيا ان عدم ردعه علیه السّلام عما توهمه الراوى من بدلية الجبين عن الجبهة عند تعذر السجود عليها ، لا يدل على تقريره علیه السّلام له على ذلك ، اذ السجود على غير الجبهة

ص: 618


1- اشارة الى منافاة هذا الاحتمال لامره عليه السلام بحفر الحقيرة توصلا بها الى السجود على الجبهة فانه حينئذ يكون امرا بتحصيل الحاصل كما لا يخفى هذا مضافا السى استبعاد ارادة جانب الدمل فيحد نفسها اذلم يكن المرسوم فى ذلك الزمان السجدة على ما يسمى بالمهر في الفارسية كي يمكن ان يجعل جانب الدمل عليه بل كانوا يضعون جبهتهم على التراب الذى لا ينفك جعل جانب الدمل عليه عن جعل نفس الدمل عليه فتدبر منه عفى عنه.

لم يكن فعلا محلا لابتلاء الراوى ، كي يكون عدم ردعه علیه السّلام عما توهمه من بدلية الجبين عن الجبهة عند تعذر السجود عليها ، وسكوته عن بيان ما هو البدل فيهذا الحال، تاخير اللبيان عن وقت الحاجة فتبين مما ذكرنا ان عمدة مستند ماهو المشهور من السجود على الجبينين و تقدمه على السجود على الذقن هو الاجماعات المنقولة ، فالجزم به لا يخلو عن اشكال ، الا ان الاحتياط بالجمع بين السجود على شيء من الجبينين والذقن ان امكن والا فتكرير الصلوة ، لا ينبغى تركه ، كما ان الاحوط تقديم الجبين الايمن على الا الا یسر و توهم استنرام الجمع لزيادة السجدة مدفوع بان الزيادة انما تلزم لو قصد السجدة بوضع كلر كل من ين احد الجبينين والذقن، واما لوقصدها بوضع ماهو البدل منهما عن الجبهة واقعا و في علم الله تعالى فلا يلزم الزيادة كما لا يخفى ثم ان السجود على الذقن عند تعذره على الجبينين مما لاخلاف فيه بل الخلاف دعوى الاجماع عليه ، و يدل عليه مضافا الى ذلك قوله علیه السّلام في موثقة عمار المتقدمة فان لم يقدر فعلى ذقنه ، وخبر علی بن محمد باسناده قال سئل ابو عبدالله علیه السّلام عمن بجبهته علة لا يقدر على السجود عليها ، قال علیه السّلام يضع ذقنه على الارض ان الله تعالى يقول ويحزون للاذقان سجداً، فما حكى عن الصدوقين من تقديم السجود على ظهر الكف على السجود على الذقن ضعيف جدا، اذ لا مستندله الا الرضوى المتقدم وهو ضعيف سند افلا يصلح للاعتماد عليه الخامس لاخلاف ولا شبهة في انه يجب في السجود الذكر، و انما وقع الخلاف في انه هل يتعين خصوص التسبيح او يلفى مطلق الذكر على مامر في الركوع، والاقوى هنا ايضا كفاية مطلق الذكر لاتحاد المبحثين مدركا، كما ان الاحوط هنا فيما اذا اختار التسبيحة الكبرى ابدال لفظ العظيم بالاعلى السادس لاخلاف فى انه يجب الطمانينة في السجود بقدر الذكر الواجب، و يدل عليه مضافا الى الاجماع بقسميه، جملة من الاخبار المتقدمة في الركوع ، وانما الاشكال في ان اعتبار الطمانينة فى السجود، هل هو لمكان اعتبارها في الذكر الواجب فيه بحيث لو فرض سقوط الذكر الواجب لم يجب فيه الطمانينة

ص: 619

اصلا، اوانها معتبرة فى السجود زائدا على اعتبارها فى الذكر ، وليس في الاخبار ما يمكن الاستدلال به على اعتبارها في نفس السجود ، الا قوله علیه السّلام في خبر الهذلي فاذا سجدت فمكن جبهتك من الارض ولا تنقر كنقر الديك ، و في صحيح على بن يقطين المتقدم في الركوع ويجزيك واحدة اذا امكنت جبهتك من الارض ويمكن الخدشة في دلالتها بعدم الملازمة استقرار الجبهة على الارض ، و حصول الطمانينة المفسرة بسكون تمام الاعضاء لاخصوص الجبهة اللهم الا ان يدعى الملازمة الغالبة بين استقرار الجبهة و استقرار سائر الاعضاء فتامل ، او يقال ان المتبادر من الروايتين ارادة استقرار الجبهة مع الطمانينة على جسما هو المتعارف في السجود فتدبر وعلى اى حال الاشبهة فى ان مقتضى الاصل فيما لوشك فى اعتبارها في السجود زائدا على اعتبارها فى الذكر الواجب فيه عدم اعتبارها فيه ، نعم لوشك في ان وجوبها فى السجود هل هو لاعتبارها في الذكر الواجب فيه اولاعتبارها في نفس السجود ، لكان من قبيل دوران المكلف به بين المتبائنين الذى يكون المرجع فيه قاعدة الاحتياط، لكن اعتبارها فى الذكر الواجب فيه كاعتبارها فى غيره من الاذكار معلوم، و انما الشك فى اعتبارها في نفس السجود زائدا على ما علم به من اعتبارها في الذكر الواجب فيه ، فيكون المقام من قبيل دوران المكلف به بين الاقل والاكثر الذي يكون المرجع فيه على المختار البرائة دون الاحتياط السابع لا اشكال بل لاخلاف فى انه يجب رفع الراس من السجدة الاولى حتى يعتدل مطمأنا ، خلافا لبعض المخالفين كابي حنيفة حيث اكتفى فى رفعه بما يقع عليه اسم الرفع ولو كان بمقدار ما يدخل السيف بين وجهه والارض ولبعضهم الاخر حيث انكروجوبه راسا والتزم بانه لوسجد ولم يرفع راسه حتى حفر تحت جبهته حفرة فحط جبهته فيها بقصد السجدة الثانية لكان مجزيا و الظاهر ان المدار عندهم على صدق اسم تعدد السجود باي سبب كان فلا عبرة برفع الراس من حيث هو، وهذا خلاف ما يظهر من علمائنا من ان رفع الراس من السجدة حتى يستوى جالسا معتبر فى الصلوة من حيث هو ، او لتوقف الجلوس الواجب بين

ص: 620

السجدتين عليه، وكيفكان يدل على وجوبه مضافا الى الاجماع، قوله صلی الله علیه و آله و سلّم في النبوى ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تستوى قائما ، وقوله علیه السّلام في صحيحة ابی بصير واذا رفعت راسك من الركوع فاقم صلبك حتى ترجع مفاصلك واذا سجدت فاقعد مثل ذلك واذا كنت في الركعة الأولى والثانية فرفعت راسك من السجود فاستتم فاستقم جالسا حتى ترجع مفاصلك ، والتقييد في الذيل بما اذا كان المصلى فى الركعة الاولى او الثانية ، لعله لوجود مفصل من المخالفين بين الركعة الأولى و غيرها ، و حينئذ يكون الاقتصار على عطف الثانية على الاولى من باب ذكر المثال ، وقوله علیه السّلام في خبر اسحق بن عمار الحاكى لاول صلوة صلاها رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم ثم قال له يا محمد اسجد لربك فخر رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم ساجدا فقال له قل سبحان ربی الاعلی و بحمده ففعل ذلك ثلثا فقال له استوجالسا يا محمد ففعل الحديث ثم لا يخفى انه لا يستفاد من هذه الاخبار الارفع الراس حتى يستوى جالسا واما اعتبار الطمأنينة فى الجلوس كما هو ظاهر الاصحاب، فلا يستفاد منها ولعل مدركه الاجماع الثامن لا اشكال في انه يعتبر في السجود وضع الجبهة على ما يضح السجود عليه من الأرض ونباتها مما مر البحث فيه مفصلا في مبحث المكان، ويدل عليه مضافا الى الاجماع الاخبار المتواترة وانما الاشكال فيما يظهر من جمع من اعتبار انفصال ما يصح السجود عليه عن الجبهة قيل وضعها عليه ، فانهم استدلوا على ذلك ب غير نقية عن الاشكال منها ان مع اتصال الجبهة به كما اذا الصق الترية بجبهة ثم سجد ، لا يصدق انه وضع جبهته على ما يصح السجود عليه ، بل يقال انه وضعها مع ما يصح السجود عليه على شيء اخر وفيه منع اعتبار انفصال الموضوع عليه عن العضو الموضوع قبل الوضع في صدق اسم الوضع ، ولذا من كان يده اليمنى موضوعة على يده اليسرى فقلب يديه بان جعل يده اليسرى فوق يده اليمنى من غیر انفصال احديهما عن الاخرى ، يصدق انه وضع يده اليسرى على اليمنى ومنها ان اتصال الجبهة بما يصح السجود عليه قبل الوضع ، و ان لم يكن مانعا عن صدق اسم الوضع ، لكنه مانع عن صدق تعدد وضع الجبهة المتوقف عليه صدق السجدتين،

ص: 621

ضرورة ان تعدد الوضع يتوقف على انفصال الجبهة عن الموضع والا فيكون المجموع وضعا واحدا يمتنع ان يحصل معه سجدتان وفيه انه لا يكفى فى صدق اسم الوضع. مجرد اتصال الجبهة بالموضع ، كي يكون استدامة اتصالها به مانعة عن صدق اسم تعدد الوضع، بل يعتبر فيه مضافا الى ذلك اعتماد الجبهة على الموضع ، ومن المعلوم انه اذا رفع راسه من السجود وكان مسجده ملحقا بجبهة لا تكون جبهته فيهذا الحين موضوعة على مسجده بل تكون حاملة له ، فاذا اعاد الى السجود واعتمدت جبهته على المسجد صدق عليه ثانيا اسم الوضع ، فهذا وضع آخر مغاير الموضع الاول لامتحد معه كى يمتنع ان يحصل معه سجدتان ، هذا مع ان هذا الدليل اخص من المدعى ضرورة ان المدعى هو اعتبار انفصال ما يصح السجود عليه عن الجبهة قبل وضعها عليه في ى السجدة مطلقا ، ومقتضى هذا الدليل اعتباره بالنسبة الى السجدة الثانية فقط كما لا يخفى ومنها ان المتبادر من الأمر بالسجود على الارض او نباتها هو وضع الجبهة المنفصلة عنها عليها ؛ وفيه ان انصراف الامر بالسجود على الارض الى خصوص ذلك بدوى ناش عن غلبة الوجود حيث ان الغالب انفصال الجبهة عن المسجد ، ومثل هذا الانصراف لا يصلح للاعتماد عليه على ما حقق في محله ، هذه هى الوجوه التي استدلوا بها عليهذا الحكم وقد عرفت عدم تمامية شيء منها ، ومعه يكون المرجع هو اصالة البرائة بناء على ما هو المختار من جريانها في الاقل والاكثر الارتباطيين هذا ثم بناء على القول باعتبار الانفصال ، لا اشكال فى انه لولصن بجبهته شيء من تراب المسجد وكان حائلا مستوعبا ، وجب ازالته للسجدة الثانية ، وكذا اذا لصق بها نفس المسجد وجب نزعه لها ، وكذا لوشك فى لصوق شيء من تراب المسجد بجبهته على نحو يكون حائلا مستوعبا ، وجب عليه مسحها ليلز دل عنها لو كان لاصقابها وتوهم ان الاصل عدم لصوقه بها ومعه الامجال لوجوب المسيح مدفوع بان اصالة عدم اللصوق لا تجدى في احراز الانفصال الاعلى القول بالاصل المثبت وتوهم ان الاستصحاب في العدميات حجة من باب بناء العقلاء فيكون حجة مطلقا ولو كان مثبتا مدفوع بانه لوسلم

ص: 622

بناهم على حجيته فانما هو فيما اذا لم يكن معروض ذلك الامر الوجودى الذى يريد استصحاب عدمه، مما يكون معروضا لذلك الامر الوجودى غالبا ، ولذا لوشك الخباز في لصوق شيء من العجين على موضع وضوئه ، اوشك البناء في لصوق شيء من الجص على موضع وضوئه ، ليس بناء العقلاء على عدم الاعتناء باحتمال لصوقه به، ومن المعلوم ان الغالب فى من يسجد على التراب هو لصوق شيء منه على جبهته التاسع المشهور بين الاصحاب استحباب الجلسة الاستراحة عقيب السجدة الثانية ، خلافا لما حكي عن جماعة كالسيد و صاحب الحدائق وكاشف اللثام و غير واحد من القدماء كالصدوق والاسكافى و ابن عقيل من القول بوجوبها، مستدلا عليه بظاهر الأمر بها في غير واحد من الاخبار كم وثقة أبي بصير عن ابيعبدالله علیه السّلام قال علیه السّلام اذا رفعت راسك في السجدة الثانية من الركعة الأولى حين تريد ان تقوم فاستوجالسا م قم ، والخير المرسل عن زيد الترسى فى كتابه قال سمعت ابا الحسن علیه السّلام يقول اذار فعت راسك من اخر سجدتك فى الصلوة قبل ان تقوم فاجلس جلسة ثم بادر بركبتيك الى الارض قبل يديك فابسط يديك بسطا واتك عليهما ثم قم فان ذلك وقار المؤمن الخاشع لربه ولاتطش من سجودك تبادر الى القيام كما يطيش هؤلاء الاقشاب في صلوتهم ، و ما عن الصدوق في الخصال مسندا عن ابی بصیر و محمد بن مسلم عن ابي عبد الله علیه السّلام عن ابائه عن امير المؤمنين عليهم السلام قال اجلسوا في الركعتين حتى تسكن جوار حكم ثم قوموا فان ذلك من فعلنا ، وخبر ابي بصير عن ابيعبدالله ها قال اذا رفعت راسك من السجود فاستتم جالسا حتى ترجع مفاصلك فاذا نهضت فقل بحول الله وقوته اقوم واقعد فان عليا علیه السّلام كان يفعل ذلك .

وفيه ان هذه الاخبار معارضة بالاخبار الدالة على جواز ترك الجلوس منها ما رواه الشيخ عن زرارة قال رایت ابا جعفر و اباعبدالله عليهما السلام اذا رفعا رؤسهما من السجدة الثانية نهضا و لم يجلسا ومنها ما رواه الشيخ ايضا في التهذيب عن رحيم قال قلت لابي الحسن الرضا علیه السّلام جعلت فداك اراك اذا صليت فرفعت راسك من السجود

ص: 623

فى الركعة الأولى والثالثة فتستوى جالسائم تقوم فنصنع كما تصنع قال علیه السّلام لا تنظروا الى ما اصنع انا اصنعواما تؤمرون، فان نهيه علیه السّلام عن النظر الى ما صنعه علیه السّلام من الجلوس عقيب السجدة الثانية يفى فى جواز ترکه، و مقتضى الجمع العرفي بينهما و بين الاخبار هو حمل تلك على الاستحباب فتدبر، هذا مضافا الى ما في نفس تلك الاخبار من الشواهد على كون الامر فيها للاستحباب منها اشتمال جملة منها كخبر زيد و خبر ابی بصیر على المستحبات كالمبادرة الى الارض بالركبتين قبل اليدين وبسط اليدين والاتكاء عليها قبل القيام والدعاء بالماثور حال النهوض للقيام ومنها تقليل الامر بالمجلوس في خبرى ابی بصیر و محمد بن مسلم بقوله علیه السّلام فان ذلك من فعلنا، فان هذا التعليل و ان لم يكن من حيث هو منافيا للوجوب ، لكن هذا النحو من التعبير والتقليل من علائم الاستحباب كما لا يخفى على من له ادنى انس بلسان الاخبار ومنها عدم اشتهار هذا الحكم في عصر الرضا علیه السّلام بين اصحابه المؤتمرين بامره ، فانه اقوى شاهد على انه ليس من المهمات التى لا يجوز الاخلال بها بلا ضرورة ملجئة اليه ، بل هو من الاداب التي ينبغى رعايتها مهما امكن كما يومى الى ذلك خبر زيد المتقدم، هذا مضافا الى ما فيه من التعليل بقوله علیه السّلام فان ذلك وقار المؤمن الخاشع لر به فان هذا النحو من التعليل من علائم الاستحباب كما لا يخفى، فاذا كان مقتض الجمع العرفى هو حمل تلك الاخبار على الاستحباب، فلا تصل النوبة الى الترجيح بالمرجحات تقديم تلك الاخبار على الروايتين بموافقهما للعاته وحملهما على التقية ومنها ما رواه الشيخ باسناده عن الاصبغ بن نباتة قال كان امير المؤمنين سلام الله عليه اذا رفع راسه من السجود قعد حتى يطمئن ثم يقوم ، فقيل له يا امير المؤمنين كان من قبلك ابوبکر و عمر ان ارفعوا رؤسهم من السجود نهضوا على صدور اقدامهم كما ينهض الابل ، فقال امير المؤمنين علیه السّلام انما يفعل ذلك اهل الجفاء من الناس ان هذا من توقير الصلوة، فان التعليل بقوله علیه السّلام ان هذا من توفير الصلوة قرنية على الاستحباب ولا ينافيه قولة علیه السّلام انما يفعل ذلك اهل الجفاء لان الجفالغة غلظ الطبع والبعد والاعراض،

ص: 624

والمراد به فى الرواية هو البعد عن الاداب الشرعية ، كما يؤيده قوله صلی الله علیه و آله و سلّم من حج بيت ربي و لم يزرني فقد جغانی، و قوله صلی الله علیه و آله و سلّم اجفاالناس رجل ذكرت بين يديه فلم يصل على ، اذ من المعلوم ان ترك زيارته صلی الله علیه و آله و سلّم و ترك الصلوة عليه صلی الله علیه و آله و سلّم ليسا محرمين ، فاذا كان مقتضى الجمع العرفى هو حمل تلك الاخبار على الاستحباب مضافا الى ما فيها من الشواهد عليهذا الحمل ، فلا تصل النوبة الى الترجيح بالمرجحات و تقديم تلك الاخبار على الرواتين بموافقتهما للعامة وحملها على التقية وتوهم ان حملهما على التقية ليس لمجرد موافقتهما للعامة ، بل لما في ذيل الرواية الثانية من قوله علیه السّلام اصنعوا ما تؤمرون فانه قرنية على ان نهيه علیه السّلام عن النظر الى ما صنعه علیه السّلام من اذالجلوس انما هو لمراعاة التقية، او ترك لا شبهة في مرجوجية ترك الجلوس فلم يكن امره علیه السّلام بتركه و الزامهم فيهذه الرواية بموافقة ذلك الامر الا لاجل التقيه مدفوع بان قوله علیه السّلام اصنعوا ما تؤمرون انما يكون قرنية على التقية فيما كان المراد مما تؤمرون هو ترك الجلوس ، و هو غير معلوم ، و ذلك لاحتمال ان يكون المراد من قوله علیه السّلام اصنعوا ما تؤمرون ، هو الارشاد الى ان فعله علیه السّلام حيث يكون اعم من الوجوب والاستحباب ، فلا يكون بمجرده دليلا على خصوص شيء، منهما، فلا يجوز الاتيان بما صنعه علیه السّلام بداعى الوجوب او الاستحباب بمجرد ذلك ، بل لابد في اتيانه باحد الداعيين من الامر به باحد النحوين ثم انه قديستكل فى الرواية الاولى ايضا بانها ظاهرة فى استمرارهما عليهما السلام على ترك الجلوس، وهو مناف لاستحبابه ايضا ضرورة ان المعصوم علیه السّلام لا يترك المستحب راسا، فلابدان يكون تركهما له كك لاجل التقية و يمكن دفعه بان كلمة اذا وانكانت ظاهرة في الاستمرار الا زمانى ، لكن لابد من صرفها عن ظاهرها وحملها على بيان الظرفية المنهوض وان نهوضهما عليهما السلام كان في زمان رفع رؤسهما ، كما يؤيد هذا الحمل صحيحة عبد الحميد بن عواض انه رأى ابا عبدالله علیه السّلام اذا رفع رأسه من السجدة الثانية من الركعة الأولى جلس حتى يطمئن ثم يقول ، فان الجمع بينها و

ص: 625

بين الرواية، لا يمكن الابصرف كلمة اذا فيهما عن ظاهرها وحملها على ماذكرنا كما لا يخفى.

ثم لوقلنا بوجوب الجلسة الاستراحة وحملنا ما دل على جواز تركها على التقية فهل تكون الصلوة مع تركها للتقية مجزية ومسقطة عن الاعادة والقضاء مطلقا ، او لا تكون مجرية مطلقا ، او يفصل بينما اذا لم يكن هناك مندوحة عن تركها اما لضيق الوقت اولملازمة المصلى مع المخالف بحيث لا يمكنه مفارقته ولو بمقدار اداء الصلوة فتكون مجزية ، وبينما اذا كانت له مندوحة فلاتكون مجزية ، وجوه يتوقف وضوح ما هو الحق منها على التكلم فى التقية على الوجه الكلى فنقول ان التقية على قسمين ، الاول ما امر به لاجل رفع ضرورة من الخوف على النفس او العرض او المال الخطير ، والثانى ما امر به لاجل حفظ النوع وان لم يترتب على تركه ضرر اصلا اما القسم الثاني فلا اشكال فى ان الامر به مستتبع للحكم الوضعى ، اعنى الاجزاء وسقوط الاعادة والقضاء ، اذا كان الفعل الصادر تقية من العبادات ، ولا يعتبر فيه عدم

المندوحة بل امر به مع وجودها ، كما يدل على ذلك الاخبار الواردة في استحباب عيادة مرضاهم و حضور جنائزهم ، فان الاذن فى الدخول فى عبادة موسعة على وجه التقية امتثالا للامر المتعلق بتلك العبادة ، مستلزم لصحة العبادة الماتى بها تقية، فان الامر بامتثال أوامر الصلوة مثلا بالصلوة مع المخالف التي تكون فاقدة لبعض الاجزاء والشرائط وواجدة لبعض الموانع ، كاشف قطعى عن ان التقية رافعة لاعتبار ما اعتبر فى الصلوة شطرا او شرطا وجودا او عدما ، والا لم يكن وقوع الصلوة الماتى بها تقية الفاقدة لبعض ما اعتبر وجوده فى الصلوة والواجدة لبعض ما اعتبر عدمد فيها ، امتثالا لاوامر الصلوة كي يصح الامر باتيانها امتثالا للاوامر المتعلقة بها كما لا يخفى واما القسم الأول الذي امر به لاجل حفظ ما يجب حفظه من نفس او عرض فليس مجرد الامر به لذلك مستتبعا للحكم الوضعى اعنى الاجزاء و سقوط الاعادة والقضاء ، ضرورة ان الامر به لذلك لا دلالة له الاعلى وجوب اتيان الصلوة الفاقدة.

ص: 626

للشرط والواجدة للمانع لاجل حفظ ما يجب حفظه ، واما الاذن في اتيانها امتثالا للأوامر المتعلقة بالصلوة كي يكون مستلزما لصحتها وكونها مسقطة للاعادة والقضاء، فلادلالة له عليه اصلا، بل لابد فى الحكم بالاجزاء فيهذا القسم من احد أمرين احدهما ان يكون متعلق التقية من الشرائط والموانع الاختيارية ، فانها حينئذ بمجرد الأمر بالتقية فيها تخرج عن كونها اختيارية،

، فتسقط حال التقية عن كونها معتبرة وجودا أو عدما في العبادة ، وحينئذ فتكون الصلوة الماتى بها تقية فردا اضطراريا لطبيعة الصلوة المأمور بها ، فتكون مسقطة للامر المتعلق بها على ما تقرر فى محله الثانى ان يكون متعلق التقية من الشرائط والموانع التي دل الدليل على الترخيص فيها ، بمعنى ارتفاع المنع عن تركها او فعلها الثابت فيها لولا التقية، فاند بضميمة ان المنع عن ترك الشرط او ايجاد المانع الثابت حال عدم التقية ، ليس الا منعا غير يا لاجل التوصل الى صحة العمل ، اذليس لترك الشرط وايجاد المانع حرمة نفسية ، يدل على رفع شرطيتها او ما نعيتها في حال التقية ، فاذا كانت شرطيتها او ما نعيتها مرتفعة حال التقية ، فتكون الصلوة الماتى بها تقية امتثالا للصلوة المأمور بها فتكون مسقطة لامرها ولا يخفى ان الامر الاول لا يجدي في اثبات كون التقية رافعة لاعتبار ماهو معتبر في العبادات وجودا أو عدما ، الا بالنسبة الى ما كان اعتباره فيها كك مختصا بحال الاختيار ، وحينئذ نحتاج فى الحكم بصحة كل عبادة اوتى بها تقية ، الى الفحص عن حال ما تعلق به التقية من شرائطها وموانعها ، وانها مما اختص اعتباره فيها بحال التمكن والاختيار كي تكون مجزية ، او مما لم يختص اعتباره فيها بهذا الحال كيلا تكون مجزية وهذا بخلاف الامر الثانى ، فانه يجدى في اثبات كون التقية رافعة لاعتبار كل مادل الدليل على الترخيص فيه حال التقية ، من الشرائط والموانع وان لم يختص اعتباره بحال التمكن والاختيار ، لكن الكلام الان في انه هل يوجد في عمومات الامر بالتقية، ما يدل على الترخيص في كل شرط من شرائط كل عبادة اوكل مانع من موانع كل عبادة ، كيلا نحتاج فى الحكم بصحة كل عبادة أوتى

ص: 627

بها تقية الى النص الخاص ام لا فتقول ان ما يمكن الاستدلال به على ذلك ، هو قوله علیه السّلام التقية في كلشيء يضطر اليه ابن ادم فقد احله الله ، فان المراد بالاحلال رفع المنع الثابت فى كل ممنوع بحسب حاله من التحريم النفسى كشرب الخمر، والتحريم الغيرى كالتكفير في الصلوة والمسح على حائل كامخف في الوضوء وتوهم ان الاحلال ظاهر في رفع المنع النفس، فلا يجدى الخبر في اثبات الترخيص في الشرائطو الموانع التي يكون المنع عن تركها او ايجادها منعا غير يا مدفوع بان الاحلا قد استعمل فى كلمات الائمة عليهم السلام والسنة اصحابهم في كل من رفع المنع النفسى و رفع المنع الغيرى بعناية واحدة ، من دون رعاية قرنية مجاز و توسعة في الاسناد ، كما يظهر ذلك بالمراجعة الى الاخبار الواردة في الملابس، مثل مكاتبة محمد بن عبد الجبار الى العسكري علیه السّلام هل يصلى في قلنسوة حرير محض او قلنسوة ديباج فكتب علیه السّلام لا تحل الصلوة في حرير محض ، اذ لا شبهة فى ان منشاء الكتابة هو السوال عن المانقيه لا الحرمة النفسية ، فان حرمة لبس الحرير مطم و مانعيته عن الصلوة كانتا معلومتين ، وكان الجهل في مانعية لبس ما لا تتم به الصلوة ، و مكاتبتة الاخرى اليه علیه السّلام هل يصلى فى قلنسوة عليها وبر ما لا يؤكل لحمه او تكة حرير محض اوتكة من و بر الارانب فكتب علیه السّلام لا نحل الصلوة فى الحرير المحض وانكان الوبر ذكيا حلت الصلوة فيه انشاء الله، فان المراد من حلية الصلوة في الوبر هو رفع المانعية، وكون الذيل محمولا على التقية لا ينافي مقام الاستعمال كما لا يخفى ، الى غير ذلك من الاخبار التي استعمل فيها المحل و الاحلال في الاعم من رفع المنع النفسي والغيرى، بل الظاهر منه لغة هو المعنى العام فان الحل لغة هو الفك والارسال و ارخاء العنان ، هذا مضافا الى ان حمل الاحلال في الخبر على رفع المنع النفسى مستلزم لحمله على الفرد النادر لان التقية فى الحرام او الواجب النفسيين كشرب الخمر او ترك الصلوة راسا في غاية الندرة ولا يرد على الاستدلال بالخبر ان الاضطرار الى ارتكاب ممنوع غيرى كترك شرط او ايجاد مانع تابع للاضطرار الى الصلوة التي يقع ذلك الممنوع فيها، وحينئذ

ص: 628

فان فرض عدم اضطرار المكلف الى الصلوة مع ذلك الممنوع ، كما اذا كانت التقية حاصلة بترك الصلوة راسا ، فلا يكون ذلك الممنوع مظطرا اليه كي يرخصه التقية و أن فرض اضطراره الى الصلوة معه كما اذا لم تكن التقية الحاصلة الا بالصلوة معه، فهو و انكان مرخصا فيه حينئذ لكن مرجع الترخيص فيه بملاحظة مادل على كوند مبطلا للصلوة، الى الترخيص في اتيان صلوة باطلة لدفع الضرورة، ولا مخطور فيه فان الصلوة الباطلة ليست باعظم من شرب الخمر الذى سوقته التقية لا لما افاده شيخ مشايخنا الانصارى قده من منع توقف الاضطرار الى الممنوع الغيري على الاضطرار الى الصلوة التي يقع فيها، لانه يكفي في صدق الاضطرار اليه كونه لابدا فعلی

من مع ارادة الصلوة في ذلك الوقت لا مطلقا اذفيه منع صدق الاضطراراليه بمجرد ارادة الصلوة فى ذلك الوقت فيما امكن حصول التقية بتاخيرها الى وقت آخر بل لمنع كون مرجع الترخيص في الممنوع على الغرض الثاني اعنى فرض الاضطرار الى الصلوة معه الى الترخيص في صلوة باطلة، بعد ما عرفت من انه لا معنى للترخيص في الممنوع الغيرى الا التوصل الى صحة العمل ، اذ ليس للممنوع الغيرى كترك شرط او ايجاد مانع حرمة نفسية كي يكون الترخيص فيه لرفع حرمته النفسية ، و انما له حرمة غيرية لاجل ادائه الى بطلان العمل ، وحينئذ فيكون الترخيص فيه لرفع حرمته الغيرية توصلا الى صحة العمل هذا ولا يخفى ان الاستدلال بالخبر لا يجدي في اثبات كون التقية عذرا رافعا لاعتبار ما هو معتبر فى العبادات وجودا او عدما الافى الجملة و على نحو الموجبة الجزئية، وهو ما اذا اضطر المكلف الى العبادة فاقدة لما اعتبر فيها ، اما لعدم امكان حصول التقية الا باتيانها كك ولو مع سعة الوقت، و اما لضيق الوقت الموجب لاتيانها كك ولو مع امكان حصول التقية بتركها راسا ، فانه يصدق حينئذ انه اضطر الى الاخلال بما اعتبر فيها فيعمه الخبر وهذا بخلاف ما اذا لم يضطر المكلف اليها كك ، كما اذا كان هناك مندوحة، بان تمكن من اتيانها على غير وجه التقية قبل خروج الوقت ، كما اذا تمكن عند ارادة التكفير التقية، من الفصل

ص: 629

بين بديه بان لا يضع احديهما على ظهر الاخرى بل يقارب بينهما ، او تمكن من الذهاب الى مكان خال عمن يتقى منه ، او تمكن من تاخير العبادة الى وقت يمكنه اتيانها فيه على طبق الواقع كما فى سعة الوقت، فانه لا يصدق في شيء من هذه الصور انه اضطر الى اتيان العبادة على وجه التقية، فلابد فى الحكم بكون التقية مطلقا عذرا رافعا لاعتمار ما هو معتبر في العبادات ولو كان هناك مندوحة، من التماس دليل اخر فنقول ان المندوحة انكانت مما لا يتوقف التفصى به عن اتيان العمل على وجه التقية على مؤنة ومشقة اصلا ، كما اذا تمكن عند صبه الماء من الكف الى المرفق تقية ان ینوى الغسل عند رجوع الماء من المرفق الى الكف ، أو تمكن عند ارادة التكفير التقية من الفصل بين يديه بان لا يضع احديها على ظهر الاخرى بل يقارب بينهما او ادخالهما تحت العبا، على نحويرى انه يصلى متكتفا، فالظاهر انه لا يجوز اتيان العمل حينئذ على وجه التقية امتثالا لامره، اذ لا يتوقف على التقية حينئذ دفع الضرورة لحصوله بدونها كما لا يخفى واما انكانت المندوحة مما يتوقف التغصى به عن اتيان العمل على وجه التقية ، على مؤنة من الذهاب الى موضع مامون او تأخير العمل الى وقت يمكنه اتيانه فيه على طبق الواقع ، فيمكن الاستدلال على عدم وجوب التفصى به عن التقية وكونها معه ايضا عذرا رافعا لاعتبار ما هو معتبر فى العبادات وجودا او عدما ، بالاخبار المستفيضة الدالة على جواز تعريض النفس في محل التقية بل على البحث والترغيب في حضور الصلوة معهم و اظهار الموافقة لهم ، بضميمه قوله علیه السّلام في الخبر المتقدم كلشيء يضطر اليه ابن ادم فقد احله الله ، بتقريب ان مع الاذن في تعريض النفس فى محل التقية والصلوة جماعة معهم ، يكون مضطرا الى اتيانها على وجه التقية والاخلال ببعض ما هو معتبر فيها ، و اذا اضطر الى الاخلال ببعض ماهو معتبر فيها ، فيعمه قوله علیه السّلام كلشيء يضطر اليه ابن ادم فقد احله الله، وبعبارة اخرى يكون المكلف مخيرا بين اتيان العمل فى محل التقية وبين اتيانه فى مكان او زمان مامون ، وحينئذ لو اختيار اتيانه فى محل التقية، فيصير مضطرا الى اتيانه على وجه

ص: 630

التقية ، فيعمد قولها علیه السّلام كلشيء يضطر اليه ابن ادم فقد احله الله ، فتلك الاخبار تدل على جواز تحصيل الاضطرار الذي علق عليه الاحلال ورفع المنع في الخبر، كي يصير الاحلال فعليا عند حصول الاضطرار ولا يعارض تلك الاخبار ما ظاهره اعتبار عدم المندوحة ، مثل رواية احمد بن محمد بن ابي نصر عن ابراهيم بن شيبة ، قال كتبت الى ابيجعفر الثانى عليه السلام عن الصلوة خلف من يتولى امير المؤمنين و هو يرى المسح على الخفين او خلف من يحرم المسح على الخفين و هو يمسح ، فكتب علیه السّلام ان جامعك واياهم موضع لا تجد بدا من الصلوة معهم، فاذن لنفسك و اقم فان سبقك الى القرائة فسبح فان مفهومها عدم جواز الصلوة تقية فيما امكن اتيانها على ظبق الواقع ، ونحوها ما عن الفقه الرضوى قال العالم علیه السّلام لا تصل خلف احد الاخلف رجلين احدهما من تشق به و بدینه و ورعه والاخر من تتقى سیغه وسوطه وشره و بوائقه و شیعته ، فصل خلفه على سبيل التقية والمدارات و اذن لنفسك و اقم واقرء فيها فانه غير مؤتمن به الخبر ، و مثل ما عن دعائم الاسلام عن أبي جعفر الثاني علیه السّلام لا

تصلوا خلف ناصب ولا كرامة، الا ان تخافوا على انفسكم ان تشهروا او يشار اليكم فصلوا في بيوتكم ثم صلوا خلفهم واجعلوا صلوتكم معهم تطرعا اما عدم معارضة رواية احمد لها ، فلامكان حملها على ما اذا لم يتوقف التفصى عن العمل تقية على مؤنة ومشقة ،اصلا، الذى قد عرفت ان الظاهر فيه عدم جواز العمل تقية واما عدم معارضة ما عن الفقه الرضوى ،لها ، فلان الظاهر انه في مقام بيان من يجوز الايتمام به وانه على صنفين احدهما من يوثق به و بدينه ثانيهما من يخاف سيغه وسوطه من المخالفين وليس متعرضا لبيان حال الصلوة مع المخالفين كي يكون معارضا لتلك الاخبار ، فالمراد ممن يخاف سيفه هو من كان له منهم السلطنة والاقتدار التام ، لامن يخاف سيفه على عدم الصلوة معه منهم واما عدم معارضة ما عن الدعائم لها، فلاختصاصه بالناصب الذي هو من الكفار ، فيكون خارجا عما هو محل الكلام من صحة العبادة تقية عن المخالف الغير الناصب ، ولا بعد في ان يكون العبادة تقية عن الناصب كغيره

ص: 631

من الكفار غير صحيحة، هذه خلاصة ما افاده الاستاد دام ظله في مقام بيان استتباع القسم الأول من التقية ايضا الاجزاء من دون اعتبار عدم المندوحة فيه ولكن لا يخفى ان ما استدل به دام ظله على عدم اعتبار المندوحة فيهذا القسم من التقية ايضا ، من االاخبار التى يستفاد منها جواز تعريض النفس في محل التقية و استحباب الاذان العامة والجماعة ، لاربط لها بهذا القسم من التقية اصلا ، لورودها في خصوص القسم الثانى المختص بزمان سلطنة المخالفين و لذا سمى بالتقية الزمانية ، و هذه الاخبار بنفسها دالة على استتباع القسم الثانى للاجزاء وعدم اعتبار المندوحة فيه ، من دون احتياج فى استفادة ذلك منها الى ضميمة اليها اصلا ، كما يظهر ذلك بالمراجعة اليها والتعليلات الواردة فيها ، كقول ابيعبد الله علیه السّلام في رواية اسحق فان المصلى معهم في الصف الاول كالشاهر سيغه فى سبيل الله ، وقول الصادق علیه السّلام في رواية الحلبي فان من صلى معهم في الصف الاول كان كمن صلى خلف رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم، و قول ابيعبد الله علیه السّلام في ذيل رواية نشيط بن صالح والذى يصلى مع حيرته يكتب الله له اجر من صلی خلف رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم ويدخل معهم في صلوتهم فيخلف عليهم ذنوبه ويخرج بحسناتهم، وقول الصادق علیه السّلام فيما رواه الصدوق فى الهداية ان من صلى معهم في الصف الاول فكانما صلى مع رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم في الصف الاول ، الى غير ذلك من الاخبار الكثيرة التي ورد فيها الحث والترغيب في الصلوة معهم واظهار الموافقة لهم ، فان الحث والترغيب في تعريض النفس في محل التقية ، يدل بالاولوية القطعية على عدم وجوب التفصى عنها ولو امكن بلامؤنة ومشقة ، فضلا عما اذا توقف التفصى عنها على مؤنة ومشقة ومما ذكرنا من اختصاص هذه الاخبار بالقسم الثاني من التقية ظهرانه لامعارضة بينها وبين مأمر مما ظاهره اعتبار عدم المندوحة ، كي نحتاج في مقام الجمع بينهما الى حمل تلك الاخبار على مأمر من المحامل ، انعلى ما ذكرنا لا يكون الطائفتان واردتين فى مورد واحد كي يقع بينهما التعارض ، كما ان منه ظهر اندفاع المعارضة بين مادل على نفى التقية في ثلثة شرب المسكر والمسح على

ص: 632

الخفين ومتعة الحج، ومادل على جواز المسح على الخفين تقية، ان الاول محمول على نفى التقية على النحو الثاني، والثاني محمول على جوازها على النحو الاول والله العالم.

ثم ان الاستاد دام ظله تعرض هنا لفروع لابأس بالتعرض لها بتعاله دام ظله وانكان المحل المناسب لد باب الخلل منها انه لو نسى السجدتين او احديهما وتذكر قبل الدخول في الركوع عليه العود اليها للتدارك ثم الاتيان بما هو مترتب عليها ، وان تذكر بعد الدخول فى الركوع ، فان كان المنسى سجدة واحدة مضى في صلوته وقضى السجدة بعد السلام ، وانكان المنسى سجدتين بطلت صلوته ، وان نسيهما او احديهما من الركعة الاخيرة وتذكر قبل السلام ، وجب عليه العو واليها للتدارك ثم الاتيان بما هو مترتب عليها من التشهد والتسليم ، من غير اشكال ولا خلاف في شيء من ذلك اصلا وانما الاشكال فيما لونيهما او احديهما من الركعة الاخيرة وتذكر بعد التسليم قبل الاتيان بالمبطل كالحدث والاستدبار، حيث ان المشهور بين الاصحاب هو فوات محل التدارك فتبطل صلوته لو كان المنسى السجدتين ، و انکان احديهما قضاها بعد التسليم اذغاية ما يمكن الاستدلال به على ذلك ، هو اطلاق قولهم عليهم السلام وتحليلها التسليم الدال على ان التسليم مطلقا موجب للخروج عن حريم الصلوة ، فاذا كان التسليم موجبا للخروج عن الصلوة فلا يبقى بعد محل لتدارك المنسى من اجزائها وقول الرضا علیه السّلام في كتابه المامون ولا يجوزا ان تقول في التشهد الاول السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين لان تحليل الصلوة التسليم فاذا قلت هذا فقد سلمت ، وشيء منهما لا يصلح دليلا على ذلك اما الاول فلان قولهم علیه السّلام وتحليلها

التسليم في مقام بيان نفى حصول التحليل وجواز الاتيان بالمنافيات بغير التسليم ، في مقابل من يقول من العامة وبعض الخاصة بحصول الفراغ بالتشهد و عدم وجوب التسليم رأسا سلمنا كونه في مقام بيان ان التسليم مطلقا موجب للخروج عن الصلوة وحصول التحليل ، لكن نقول ان السلام فيما نحن فيه حيث كان مسببا عن السهو في السجدة ، فيعمه اطلاق مادل على ان وقوع السلام سهوا ليس مخرجا من الصلوة ، و

ص: 633

ذلك لمأمر من ان المراد من الاخلال بالاجزاء والشرائط سهوا ، اعم من الاخلال بها لسهو فيها اولسهو في شيء آخر صار منشاء للاخلال بها ولو عمدا ، ولذا حكموا بالصحة فيما لوسلم سهوا في الركعة الثانية او الثالثة من الرباعية ، مع اد انماسهى في الركعات وصار سهوه فيها منشاء للتسليم عمدا و توهم الفرق بين المثال وما نحن فيه . حيث ان السلام فى المثال وقع في غير محله ، وهذا بخلاف ما نحن فيه فان السلام فيه وقع في محله مدفوع بمنع وقوعه في محله فيما نحن فيه ايضا ، و لذا لو تذكر السجدة المنسية قبله وبعد التشهد لم يجزله التسليم ، بل وجب عليه العود الى السجدة ثم الاتيان بما يترتب عليها من التشهد والتسليم ، فاذا لم يكن هذا السلام لوقوعه سهوا مخرجا عن الصلوة ، فيكون محل التدارك للسجدة المنسية باقيا، ومعه لاوجه للحكم ببطلان الصلوة فيما كان المنسي السجدتين ، وبالمضى و قضاء المنسى فيما كان سجدة واحدة ومما ذكرنا ظهر وجه عدم تمامية الاستدلال للمدعى بقول الرضا علیه السّلام في كتابه الى المأمون ، فإنه وانكان ظاهرا فى ان التسليم مطلقا موجب للخروج عن الصلوة وحصول التحليل، لكن اطلاقه محكوم بما دل على ان وقوعه سهوا ليس مخرجا عن الصلوة ومحللا للمنافيات واما الاستدلال بالاخبار المصرحة بان آخر الصلوة التسليم ، بتقريب ان هذا السلام يصدق عليه عرفا انه آخر الصلوة ، فاذاكان آخر الصلوة فلا يبقى معه محل لتدارك مانسى من اجرائها ففيه ان الاثرليس مترتبا على عنوان الاخرية للصلوة ، كي يكفي في ترتبه تحقق ما يصدق عليه عرفا هذا العنوان، بل مترتب عقلا على عدم امكان التدارك ، و من المعلوم انه اذا حكم بعدم كون هذا السلام الواقع سهوا مخرجا عن الصلوة ، يكون التدارك فى غاية الامكان، ومعه الامجال لترتب ماهو مترتب على عدم امکانه كما هو واضح هذا ومما ذكرنا ظهر فساد الاستدلال للحكم ببطلان الصلوة فيما كان المنسى السجدتين ، بمادل على بطلان الصلوة بنسيان الركن من مثل لاتعاد و نحوه توضيح الفساد هوان ادلة بطلان الصلوة بنسيان الركن كادلة المضى في الصلوة في

ص: 634

من اجزائها، وقول الرضا علیه السّلام في كتابه الى المأمون ولا يجوزان تقول في التشهد نسیان غير الركن، مختصة عقلا بما اذا لم يمكن تدارك المنسى ، اذ مع امكان تدار كه يكون الحكم بالبطلان والحكم بالمضى بلاوجه ولغوا ، فاذا كانت هذه الادلة مختصة بصورة عدم امكان التدارك ، فلا يمكن الاستدلال بها للحكم بالبطلان فيما اذا شك فى امكان التدارك و عدم امكانه فضلا عما علم بامكانه هذا مضافا الى ان شمول لاتعاد للسجدتين المنسيتين فيما نحن فيه مستلزم للمتهافت في مدلوله صدرا وذيلا ، وذلك لانه كما يصدق في المقام نسيان السجدتين ، فيشمله جملة المستثنى من حديث لا تعاد، كذلك يصدق وقوع التشهد والسلام سهوا فيشمله جملة المستثنى من الحديث ، ومقتضى مشموله لنسيان السجدتين ، هو الحكم بكون هذا السلام الواقع سهوا مخرجا عن الصلوة و مانعا عن التدارك السجدتين المنسيتين فتكون الصلوة باطلة ، و مقتضى شموله للسلام الواقع سهوا هو الحكم بعدم كونه مخرجا عن الصلوة و مانعا عن تدارك المنسى فلا تكون الصلوة باطلة فتبين مما ذكرنا ان الحديث لا يمكن ان يشمل السجدتين المنسيتين ولا السلام الواقع سهوا ، لان شموله لكل منهما مستلزم لخروج الاخر منه ، فلا يمكن ان يشمل كليهما ، وشموله الاحدهما دون الاخر ترجيح بلامرجح واما الاستدلال بالحديث للحكم بقضاء السجدة وحدها فيما كان المنسى سجدة واحدة، بتقريب ان لاتعاد اذ ادل على عدم كون السجدة الواحدة جزء للصلوة في حال النسيان فيكون السلام واقعا في محللا ، فاذا كان واقعا في محله و محللا ، فلا يبقى مجال لاتيانها الا قضاء لاتداركها ففساده واضح ان شمول الحديث للسجدة المنسية في المقام ، يتوقف على عدم امكان تدارکها ، وعدم امكان تداركها يتوقف على كون السلام سه وا واقعا في محله محللا ، فلو توقف كونه واقعا في محله ومحللا على شمول الحديث للسجدة المنسية كما هو المفروض ، لزم الدور هذا مضافا الى ان شمول الحديث للسجدة المنسية في المقام مستلزم للتهافت في مدلوله ، اذلاريب فى انه كما يصدق في المقام نسبان

ص: 635

السجدة الواحدة، يصدق ايضا وقوع التشهد والسلام عن سهو ، ومقتضى عموم جملة المستثنى منه من الحديث اغتفار كل من النسيانين ، ومعنى اغتفار نسيان السجدة هو عدم وجوب اتيانها فيهذه الصلوة وسقوط جزئيتها بالنسبة اليها، ومعنى اغتفار وقوع السلام نسيا ناهوان وجوده بمنزلة العدم، فحينئذ يجب الاتيان بالسجدة المنسية كما لولم یکن آتيا بالسلام اصلا و هذا تناقض فتبين مما ذكر ناكله ان مقتضى القواعد في المسئلة هو الحكم بوجوب اتيان السجدتين او السجدة واحدة تداركا، ثم اتيان ما يترتب عليهما من التشهد والسلام، وذلك لما عرفت من ان وقوع السلام منه حيث يكون ناشئا عن السهو في السجدتين او سجدة واحدة، فلا يكون مخرجاله عن الصلوة بل يكون من قبيل من سلم ساهیا في غير محله فيكون محل التدارك للمنسى باقيا، ومعه لامجال للحكم ببطلان الصلوة فيما كان المنسى السجدتين، وباتيان المنسى فقط قضاء فيما كان سجدة واحدة بل يتعين الحكم بوجوب اتيان السجدتين اوسجدة واحدة تداركا ، ثم اعادة ما اتى به مماکان مترتبا عليهما من التشهد والسلام ان قلت مقتضى ماذكرت هو الالتزام فى المقام بما ذهب اليه الحلى من اعادة الصلوة فيما لو نسى التشهد الاخير حتى سلم واحدث قبل ان يتداركه ، معللا بان السلام حيث وقع ساهيا فليس بمخرج عن الصلوة ، فاذا لم يكن مخرجا عنها يكون الحدث واقعا في اثنائها فيكون مبطلا لها ، مع ان الالتزام بذلك على الظاهر خلاف الاجماع قلت ان مقتضى ماذكرنا من عدم كون السلام الناشى عن السهو فى السجدة مخرجا عن الصلوة وان محل تدارك السجدة المنسية يكون معه باقيا ، وانكان هو بطلان الصلوة بالحدث الواقع قهرا قبل تدارك السجدة المنسية ، لوقوعه فى اثناء الصلوة الموجب لخروج المصلى عن كونه مصليا ، بناء على ان اعتبار عدمه تخلله في الاثناء ، انما هو لاجل انتفاء الطهارة معه المستلزم لانتفاء الصلوة المشروطة بها ، أو لخروج الاجزاء اللاحقة عن قابلية الالتحاق بالسابقة و التيام المركب منهما ، بناء على ان اعتبار عدم تخلله في الاثناء

ص: 636

انما هو لاجل ما نعيته في قبال شرطية الطهارة لكن معذلك لانلتزم في المقام ولافى مسئلة نسيان التشهد، بماذهب اليه فيها الحلى من اعادة الصلوة فيما لواحدث قهرا قبل تدارك المنسى، وذلك لانه بوقوع هذا الحدث منه قد دخل في موضوع من اخل بسجدة واحدة من صلوته سهوا ولم تيكنه تداركها ، فيعمه اطلاق الاخبار المستفيضة المصرحة بانه لاتعاد الصلوة من سجدة واحدة ، بعد تخصيصها عقلا بما اذا لم يمكن تداركها ، واطلاق الاخبار المستفيضة المحددة لتدارك السجدة المنسية بما لو ذكرها قبل الركوع ، والا قضاها بعد الصلوة ، بناء على كون ذكر الركوع من باب التمثيل والمراد به مطلق مالا يمكن معه تدارك المنسى ومقتضى شمول اطلاق هذه الاخبار للمقام ، هو الاكتفاء الشارع عن الصلوة المأمور بها بهذه الصلوة المشتملة عليهذا المانع الفاقدة للتشهد والسلام و توهم ان غاية ما يدل عليه هذه الاخبار ان نسيان سجدة واحدة من حيث هي لا يوجب اعادة الصلوة ، واما عدم ايجاب نسيانها لاعادة الصلوة مطلقا ولو تخلل فى اثنائها مانع كالحدث ، فلا دلالة لها عليه اصلا ، و بعبارة اخرى هذه الاخبار متعرضة لحيثية نسيان السجدة ، فلا اطلاق لها من سائر الحيثيات كي يصح التمسك باطلاقها للمقام مدفوع بان فيها ما يكون ظاهرا في كونها في مقام الاطلاق من جميع الحيثيات ، كخبر مصدق بن عمار عن ابيعبد الله علیه السّلام قال وسئل عن رجل نسى سجدة فذكرها بعد ما قام وركع قال علیه السّلام يمضى فيصلوته ولا يسجد حتى يسلم فاذا سلم سجد مثل مافاته ، قلت وان لم يذكر الا بعد ذلك قال علیه السّلام يقضى مافاته اذا ذكره، فان قوله علیه السّلام يقضى مافاته اذا ذكره بدل باطلاقه على انه ليس عليه الاقضاء ما فاته من سجدة واحدة، وان ذكره بعد تخلل فصل طويل ماح للصورة الصلوتية او حدث قاطع لها فتدبر جيدا فتبين مما ذكرنا ان مقتضى القواعد في المسئلة هو الحكم بالرجوع و تدارك المنسى ثم اتيان ما يترتب عليه من التشهد والسلام ، لكن حيث ان المشهور حكموا ببطلان الصلوة فيما كان المنسى السجدتين ، وبوجوب المضى فى الصلوة فيما كان سجدة واحدة

ص: 637

وقضائها منفردة، فينبغي الاحتياط بالرجوع و اتيان المنسى ناويا بفعله الاحتياط من دون تعرض للادائية والقضائية ، واعادة الصلوة بعده انكان المنسى السجدتين.

العاشر المشهور انه يكره الاقعاء بين السجدتين و في الجلوس للتشهد ، و يدل على الاول موثقة أبي بصير عن ابيعبد الله علیه السّلام قال علیه السّلام لا تقع بين السجدتين اقعاء، ومضمرة معوية بن عمار وابن مسلم والجلس انه علیه السّلام قال لا تقع بين السجدتين كاقعاء الكلب ، فان النهى فيهما محمول على الكراهة ، جمعا بينهما و بين الاخبار المستفيضة النافية للبأس عنه ، كصحيحة زرارة عن ابيجعفر علیه السّلام انه قال لا بأس بالاقعاء فيما بين السجدتين ، ولا ينبغى الاقعاء في التشهدين انما التشهد في الجلوس وليس المقعى بجالس ، وصحيحة الجلس عن ابيعبد الله علیه السّلام قال لابأس بالاقعاء في الصلوة فيما بين السجدتين، والخبر المروى فى الوسائل بسنده عرن عمرو بن جميع قال قال ابو عبدالله علیه السّلام لا بأس بالاقعاء في الصلوة بين السجدتين وبين الركعة الأولى والثانية وبين الركعة الثالثة والرابعة ، واذا اجلسك الامام فى موضع يجب ان تقوم فيه فتجافى ، ولا يجوز الاقعاء في موضع التشهدين الامن علة ، لان المقعى ليس بجالس انما جلس بعضه على بعض ، والاقعاء ان يضع الرجل اليتيه على عقبيه في تشهده ، فاما الاكل مقعيا فلا بأس به لان رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم قداكل مقعيا الا انه قد يشكل في ذلك بما في صحيحة زرارة و خبر عمرو بن جميع ، من التفصيل بين الاقعار بين السجدتين وبين الاقعاء في التشهدين، فان التفصيل بينهما مع ان الثاني ايضا مكروه، يدل على عدم كراهة الاول لان التفصيل قاطع للشركة ، ويمكن القضى بحمل التفصيل على اختلاف مرتبة الكراهة وكونها في التشهدا شد هذا و قد يجمع بين الاخبار المنهى عنه فيها هو الاقعاء الناهية عن الاقعاء والنافية عنه البأس، بحمل الأولى على ان المراد من الاقعاء بمعناه المعروف بين اللغويين، وهو ان يلصق الرجل اليتيه بالارض وينصب ساقيه وفخذيه ويضع يديه على الارض كاقعاء الكلب ، مؤيدا ذلك بوقوع التصريح به في المضمرة المتقدمة ، وحمل الثانية على ان المراد من الاقعاء المنفى عنه البأس فيه هنا

ص: 638

هو الاقعاء بمعناه المعروف بين الفقهاء، وهو ان يعتمد بصدور قدميه على الارض و يضع اليتيه على عقبيه كما وقع التصريح به في ذيل خبر عمرو بن جميع وفيه ان الظاهر المنساق من الاخبار، انه اريد من لفظ الاقعاء الواقع فيها بمعنى واحد وهو المعنى المعروف بين الفقهاء، ولذا ذهب أكثر الاصحاب الى كراهته بل عن غير واحد منهم دعوى الاجماع عليه ، ولا ينافي ذلك قوله علیه السّلام في المضمرة المتقدمة لا تقع بين السجدتين كاقعاء الكلب ، اذ المراد به النهي عن اصل الاقعاء لا النهى عن خصوص اقعاء الكلب ، وهذا نظير قولهم لااقر اقرارا لعبيد فيان المراد به ليس نفي خصوص اقرار العبيد اذليس للعبيد اقرار مخصوص، بل المراد ان الاقرار حيث يكون من شأن العبيد فلا اقر، فالمراد من قوله علیه السّلام لا تقع بين السجدتين كاقعاء الكلب هوان الاقعاء حيث يكون من شأن الكلب فلا ينبغي الاقعاء بين السجدتين ، هذا مضافا الى ان الظاهران النهى عنه فى الاخبار انما هو فى مقابل العامة القائلين باستحبابه، ومن المعلوم ان الاقعاء الذى الترموا باستحبابه ، انما هو بمعناه المعروف بين الفقهاء ، لا بمعناه المعروف بين اللغويين ، ويؤيد ما ذكرنا ايضا النهي عن الاقعاء على القدمين فى الصلوة مطلقا في صحيحة زرارة عن ابيجعفر علیه السّلام، قال اذا قمت الى الصلوة فعليك بالاقبال على صلوتك فانما يحسب لك ما اقبلت ولا تعبث فيها بيدك ولا برأسك ولا بلحتيك ، الى ان قال علیه السّلام ولا تقع على قدميك ولا تفترش ولا تفرقع اصابعك فان ذلك كله نقصان من الصلوة ، فان الاقعاء على القدمين لا ينطبق الا على الاقعاء بالمعنى المعروف بين الفقهاء كما لا يخفى هذا ويدل على الثانى اعنى كراهة الاقعاء في التشهد ، التعبير بلا ينبغى الظاهر فى الكراهة فى صحيحة زرارة المتقدمة وكذا ما وقع فيها وفي خبر عمرو بن جميع المتقدم، من التعليل بقوله علیه السّلام وليس المقعى بجالس انما جلس بعضه على بعض ، فان الظاهران المراد من نفى كونه جالسا عدم كونه متمكنا فى جلوسه فيناسبه الكراهة ، إذ من ليس متمكنا في جلوسه يقع لاجل التشهد في كلفة وزحمة ، فنهى عن التشهد مقعيا ارفاقا بحال المصلى هذا.

ص: 639

الواحد عشر لاشبهة بل لاخلاف فى انه يجب السجود فورا بتلاوة اياته

في السور الاربع وهي النجم والعلق والم تنزيل وحم فصلت ، على القارى والمستمع المنصت للقرائة ، فان نسيه او تركه عمدا عصيانا او لعذر ، اتى به في الزمان الثاني و هكذا ويدل على وجوبه على القارى مضافا الى الاجماعات المحكية ، الاخبار المستفيضة التي يظهر من بعضها كونه من الواضحات فى الشريعة ، كصحيحة عبدالله بن سنان عن ابيعبدالله علیه السّلام، قال علیه السّلام اذا قرأت شيئا من الغرائم التي يسجد فيها فلا تكبر قبل سجودك ولكن تكبر كبر حين ترفع رأسك ، والغرائم اربعة حم السجدة و تنزيل والنجم واقرء باسم ربك ، و موثقة سماعة ، و موثقة سماعة عن ابيعبد الله علیه السّلام قال قال علیه السّلام اذا قرات السجدة فالسجد ولا تكبر حتى ترفع رأسك ، ورواية الحلبي قال قلت لايعبدالله علیه السّلام يقرء الرجل السجدة وهو على غير وضوء قال علیه السّلام يسجد اذا كانت من الغرائم، ورواية عبد الله بن سنان عن ابيعبد الله علیه السّلام قال علیه السّلام الغرائم الم تنزيل وحم السجدة والنجم واقرء باسم ربك ، و ما عداها في جميع القرآن مسنون وليس بمفروض، و صحيحة محمد بن مسلم عن ابيجعفر علیه السّلام قال سئلته عن الرجل يعلم السورة من الغرائم فتعاد عليه مرارا في المقعد الواحد ، قال علیه السّلام عليه ان يسجد كلما سمعها وعلى الذي يعلمه ايضا ان يسجد ، إلى غير ذلك من الاخبار الكثيرة التي كادت ان تكون متواترة ، و يدل على وجوبه على المستمع مضافا الى الاجماعات المحكية جملة من الاخبار منها صحيحة ابن مسلم المتقدمة انفافان قوله علیه السّلام فيها عليه ان يسجد كلما سمعها مخصوص بشهادة مورده بصورة الاستماع ومنها صحيحة عبد الله علیه السّلام عن رجل سمع السجدة تقرء قال علیه السّلام لا يسجد الا ان يكون منصتا لقرائته مستمعا لها او يصلى بصلوته ، فاما ان يكون يصلى في ناحية اخرى فلا تسجد لما سمعت ومنها مرسلة دعائم الاسلام عن جععر بن محمد عليهما السلام انه قال من قرء السجدة او سمعها من قار بقرنها وكان يستمع قرائته فليسجد ، فان سمعها و هو في صلوة فريضة من غير الامام اومی براسه ، وان فراها وهو في الصلوة سجد

ص: 640

و سجد معه من خلفه انکان ،اماما، ولا ينبغى للامام ان يتعمد قرائة سورة فيها سجدة فى صلوة فريضة ، الى غير ذلك من الاخبار الدالة باطلاقها على ذلك ، كخبر ابي بصير عن ابيعبد الله علیه السّلام قال قال علیه السّلام اذا قرء بشيء من الغرائم الاربع فسمعتها فاسجد وان كنت على غير وضوع وان كنت جنبا وانكانت المراة لا تصلى، وسائر القرآن انت فيه بالخياران شئت سجدت و ان شئت لم تسجد فانه لولم يدع انصرافه الى خصوص صورة الاستماع من جهة كونه الغالب بملاحظة استحباب الانصات لقرائة القرآن ، فلا اقل من شمول اطلاقه هذه الصورة ايضا فوجوب السجود على المستمع مما لاريب فيه واما ان وجوبه عليه و على القارى فورى ، فيدل عليه مضافا الى الاجماع بكلا قسميه ، تعليق الامر به في الاخبار على قرائته ، فانه ظاهر عرفا فى وجوب اتيانه فورا عند حصول سببه ، فان تعليق الامر و ان لم يكن له دلالة الاعلى مجرد تحقق الوجوب و فعليته عند حصول المعلق عليه ، فلا دلالة له على وجوب المبادرة الى اتيان الواجب في اول ازمنة الامكان اصلا بل مقتضی اطلاق المادة عدم وجوبها و جواز التاخير ، لكن يستفاد عرفا من تعليق الامر بشيء على حصول شيء آخر ، ان الشيء المامور به مطلوب عند حصول الشيء المعلق عليه ، و لذا لو قال المولى اذا جائك زيد فاكرمه يفهم منه عرفا ان اكرامه عند مجيئه مطلوب فتدبر واما وجوب الاتيان به فى الزمان الثاني وهكذا لونسيه او تركه عمدا عصيانا او لعذر ، فيدل عليه مضافا الى كونه مقتضى الاستصحاب بل اطلاق ادلته، ضرورة ان وجوب المبادرة والمسارعة إلى اتيانه فورا عند حصول سببه، لا يوجب تقييد وجوبه باول زمان الامكان بحيث يكون كالواجب الموقت الذى يفوت بفوات وقته، فان غاية ما يستفاد من تعليق الامر به على قرائة اية السجدة ، انما مطلوبية الفورية فيه مع الامكان، لا اختصاص مطلوبيته بالفور و اول زمان الامكان ، صحيحة محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال سئلته عن الرجل يقرء السجدة فينساها حتى يركع و يسجد ، قال علیه السّلام يسجد اذا ذكر اذا كانت من الغرائم، فلا اشكال فى شيء مما ذكرنا من الاحكام وانما وقع الاشكال

ص: 641

في واضح الاول في وجوب السجود على السامع لقرائة العزائم الاربع، حيث حكى عن الحلى و غير واحد من القدماء وجملة من المتاخرين القول بوجوبه عليه ايضا ، خلافا للمحكى عن الشيخ وجملة ممن تاخر عنه من القول باستحبابه عليه ، وكيفكان استدل للقول بالوجوب مضافا الى دعوى الاجماع عليه ، باطلاق قوله علیه السّلام في خبر ابي بصير المتقدم اذا قرء بشيء من الغرائم الاربع فسمعتها فالسجد ، وقوله علیه السّلام فى خبره الاخر والحائض تسجد اذا سمعت السجدة، و اطلاق صحيحة أبي عبيدة الخداء قال سئلت ابا جعفر علیه السّلام عن الطامث تسمع السجدة قال علیه السّلام انكانت من الغرائم فلتسجد اذا سمعتها ، وخبر على بن جعفر عن اخيه موسی علیه السّلام، قال سئلته عن الرجل يكون في صلوة في جماعة فيقرء انسان السجدة كيف يصنع قال علیه السّلام یومی براسه، قال وسئلته عن الرجل يكون فى صلوته فيقرء اخر السجدة فقال علیه السّلام يسجد اذا سمع شيئا من الغرائم الاربع ثم يقوم فيتم صلوته الا ان يكون في فريضة فیومی براسه ايماء ، وخبر وليد بن صبيح عن ابيعبد الله علیه السّلام قال فيمن قرء السجدة عنده رجل على غير وضوء قال علیه السّلام يسجد، و مرسل الدعائم عن ابيعبد الله علیه السّلام انه قال من قرء السجدة اوسمعها سجداى وقت كان الى غير ذلك من الاخبار الدالة باطلاقها على وجوبه على السامع والخدشة في دلالتها بان الظاهر من اسناد الفعل الى الفاعل المختار هو كونه صادرا عن اختياره ، فلا اطلاق لهذه الاخبار يعم صورة السماع ، مدفوعة بان الفعل على قسمين ، احدهما ما يكون بذاته واصله تحت قدرة المكلف كالضرب والتكلم ونحوهما ، ثانيهما ما يكون مقدمات وجوده او بقائه على العدم تحت قدرته دون اصل الفعل ، و هذا كالرؤية والسماع فانهما مستند ان الى قوتى الباصرة والسامعة المودعتين فى الانسان ، من غير مدخلية لارادته في اصل صدورهما عن القوتين، وانما له ایجاد مقدمات صدورهما عنهما كالحضور في محل المرنى والمتكلم او ایجاد موانع صدورهما عنهما كغمض العين و وضع الاصابع في الاذن و نحوهما ، وما يكون اسناده الى الفاعل المختار ظاهرا في كونه صادرا عن اختياره، هو القسم

ص: 642

الاول دون الثاني، وعليه فلاوجه للخدشة في اطلاق هذه الاخبار والمنع عن شموله لصورة السماع ، هذا مضافا الى اباء بعض منها عن تطرق هذه الخدشة فيه ، كخبر على بن جعفر فان مورده هو المصلى المعلوم ندرة انصاته و استماعه لقرائة غيره ، فحمله على خصوص المنصت المستمع حمل على الفرد النادر هذا ، واستدل للقول بالاستحباب مضافا الى دعوى الاجماع عليه ، بقوله علیه السّلام في صحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة لا يسجد الا يكون منصتا لقرائته مستمعا لها ، فان مقتضى الجمع بينهما و بين الاخبار الظاهرة فى الوجوب حمل تلك الاخبار على الاستحباب وتوهم ان مقتضى الجمع العرفي بين الصحيحة و تلك الاخبار، هو تخصيص تلك الاخبار، بها وحملها على صورة الاستماع، و عليه فيكون القول بالاستحباب بالنسبة الى السماع بلا دليل يدل عليه مدفوع بما مرسابقا من ان المتعين فى مقام تعارض المطلقات الواردة في مقام البيان و حضور وقت العمل مع المقيدات ، هو حمل المطلقات على الاستحباب لاتقييدها بالمقيدات ، هذا مضافا الى ما عرفت من اباء بعض تلك الاخبار عن الحمل على صورة الاستماع و عليه ، فيكون حمل تلك الاخبار على الاستحباب جمعا بينها و بين الصحيحة كما ذهب اليه القائلون بالاستحباب هو الاظهر الاقوى واما الخدشة فى الصحيحة سندا باشتماله على محمد بن عيسى عن يونس ، وقد نقل ابن بابويه الصدوق عن استاده محمد بن الحسن بن الوليد انه كان لا يعتمد على حديث محمد بن عيسى عن يونس ، و مضمونا بتضمنها لوجوب السجود اناصلي بصلوة التالى بالعزيمة ، وهو غير مستقيم اذلا يجوز قرائة العزيمة فى الفريضة عندنا ففيها ان محمد بن عيسى قدوثقه النجاشي وقال أنه جليل في اصحابنا ثقة عين كثير الرواية حسن التصانيف ، و نقل الكشي عن الفضل انه كان يحبه ويثني عليه و يميل اليه و يقول ليس فى اقرانه مثله ، و هذا كماتری فوق التوثيق ، ومعه كيف يصح الخدشة في سند الرواية باشتماله عليه ، و لذا قال العلامة بعد نقل ماقيل في حقه تضعيفا وتوثيقا ، والاقوى عندى قبول روایته و اماما

ص: 643

تضمنه الصحيحة من وجوب السجود بصلوة التالى بالعزيمة ، فيحتمل قريبا ان يكون المراد من قوله علیه السّلام فيها او تصلى بصلوته هو الصلوة خلف المخالف ، ومن المعلوم ان تكليفه حينئذ السجود معهم تقية لوسجد الامام للعزيمة وانكان قرء هو فى نفسه ولم يكن منصتا لقرائة الامام ، كما يشعر بذلك جعله علیه السّلام الصلوة بصلوة التالى بالعزيمة قسيما للانصات لها واما الجمع بين الصحيحة و تلك الاخبار بحمل الصحيحة على التقية ، ففيه ان الجمع بهذا النحو فرع التعارض، ولا تعارض مع امكان الجمع العرفي بحمل الاخيار على الاستحباب، هذا مضافا الى انه حكى القول بالوجوب مع السماع ایضا عن ابي حنيفة وجماعة، ومعه لا يكون حمل الصحيحة على التقية اولى من حمل تلك الاخبار عليها ، فتبين مما ذكرنا ان الاقوى فى المسئلة ماذهب اليه الشيخ و من تبعه من القول بالاستحباب.

الموضع الثاني هل سجدة العزيمة تتعدد بتعدد سببه مطلقا ، اولا تتعدد بتعدده كك ، او يفصل بين ما اذا تخلل بين السببين السجود وما اذا لم يتخلل بينهما السجود ، فتعدد على الاول ولا تتعدد على الثانى، وجوه بل اقوال اقواها التفصيل وتوضيح ذلك يتوقف على التكلم على نحو الاجمال فيما اشتهر بينهم من اصالة عدم عدم تداخل الاسباب فنقول اذا جعل الشارع بين شيئين سببية ومسببية، فلا يخلوا بحسب الثبوت عن انحاء احدها ان يجعل احد الشيئين باعتبار وجوده السارى سببا للاخر بهذا الاعتبار ، وهذا نظير سببية النار للحرارة ، فان كل وجود من وجودات النار سبب لتحقق وجود من وجودات الحرارة ثانيها ان يجعل احدهما باعتبار صرف وجوده الناقض لعدمه سببا للاخر بهذا الاعتبار، كان يجعل انتقاض عدم النوم بالوجود موجبا لانتقاض بالعدم الوضوء وجود ثالثها ان يجعل احدهما باعتبار وجوده الساري سببا للاخر باعتبار صرف الوجود ، كان يجعل وقوع كل كلب البئر موجبا لانتقاض عدم نرخ اربعين دلاء بالوجود رابعها عكس الثالث لا اشكال في ان مقتضى القاعدة عدم تداخل الاسباب والمسببات، فيما اذا ثبت كون السببية المجعولة

ص: 644

بينهما على النحو الأول، اذلاشبهة فى ان المسبب حينئذ يتعدد بتعدد السبب ، كم، لا شبهة فى ان مقتضى القاعدة هو تداخل الاسباب فيما اذا ثبت كون السببية وبين مسبباتها المجعولة بينها على احد الانحاء الثلثة الآخر ، ضرورة انه لا يكون السبب ولا المسبب قابلا للتعدد على الثانى بداهة ان ناقض العدم لا ينطبق الاعلى اول الوجودات ان وجدت متدرجة وعلى المجموع ان وجدت دفعة وعليه فلا يكون السبب والمسبب الاواحدا، و يكون السبب قابلا للتعدد دون المسبب على الثالث، وحينئذ فيكون الاثر والمسبب الواحد مستندا الى احد الاسباب ان وجدت متدرجة، والى المجموع ان وجدت دفعة، نعم لو تخلل بين الاسباب المتدرجة وجود المسبب بان وجد فرد من السبب و ترتب عليه المسبب ثم وجد فرد اخر من افراد السبب، فاللازم ترتب المسبب على الفرد الثاني ايضا ، فان المسبب فيهذا الفرض و انكان صرف الوجود الغير القابل للتعدد ، لكن حيث ان السبب متعدد بالفرض، و مقتضى كل سبب ترتب المسبب عليه ، و صرف الوجود من المسبب المتحقق بالسبب السابق لا يمكن ان يترتب على السبب اللاحق فلابد ان يترتب على السبب اللاحق ايضا صرف الوجود من المسبب ثانيا و يكون المسبب قابلا للتعدد دون السبب على الرابع، و مقتضاه ان لا يترتب على الافراد الموجودة من السبب الا اثر واحد ، يكون مستندا الى اولها انكانت تدريجية، و الى المجموع انكانت دفعية ، نعم لو كان هناك نوعان مختلفان من السبب ووجد

كل منهما فرد، يترتب على كل من الفردين اثر خاص غير ما يترتب على الفرد الآخر، و ذلك لتعدد السبب حينئذ والمفروض ان المسبب قابل للمتعدد وانما وقع الاشكال والخلاف في مرحلة الاثبات، و ان القضايا الشرطية المتعلقاة من الشارع ظاهرة فى اى من الانحاء الاربعة، وغاية ما يمكن ان يقال في تقريب ان المستظهر من القضايا الشرطية الشرعية هو ان السببية المجعولة على النحو الأول ، هي ان مقتضى اطلاق ادلة السببية مثل قوله علیه السّلام اذا نمت فتوضاء واذا بلت فتوضاء وامثال ذلك ، وعدم تقييد موضوعها بقيدككونه النوم الاول او البول الاول او الغير المسبوق

ص: 645

او الملحوق بمثله، هو ان كلواحد من افراد طبيعة الموضوع سواء وجدت تدريجا او دفعة سبب مستقل وتوهم ان اطلاق موضوع السببية لا يقتضى كون كل فرد سببا مستقلا ، والا لاقتضى اطلاق معروض الامركون كل فرد واجبا مطتقلا ، اذ لا وجه للفرق بين كون الشيء معروضا للسببية و بين كونه معروضا للامر مدفوع بان اطلاق موضوع السببية و ان لم يكن فيحد ذاته مقتضيا لكون كلفرد سببا مستقلا، لكن حيث ان الاسباب الطبيعية والمؤثرات الخارجية يكون كلفرد فرد من كل منها مؤثرا ، فلاجل ذلك تحمل السببة المستفادة من القضية الشرطية المتلقاة من الشرع ، على ما هو المتعارف من الاسباب الخارجية، فظهور القضية الشرطية الشرعية في كون كلفرد من الشرط علة مستقلة ، انما هو لاجل ما ارتكز في اذهان اهل العرف من الأمر المتعارف فى الاسباب الخارجية لا يقال ان المسبب للاسباب الشرعية ليس هو فعل المكلف كى يقتضى تعدد افراد السبب الفعلى تعدده ، بل المسبب هو الوجوب الذي لا يقتضى تعدد اسبابه الاتاماكده لانا نقول ظاهر القضية الشرطية هو ان السبب مقتض لنفس الفعل ، وان امر الشارع باتيان الفعل عند وجود السبب ، إنما جاء من قبل هذا الاقتضاء بمعنى انه امر باعطاء ذى الحق حقه ، فاذا كان المسبب نفس الفعل فيقتضى تعدد افراد السبب تعدده هذا غاية ما يمكن ان يقال في تقريب ان المستظهر من القضايا الشرطية الشرعية هو ان السببية المجعولة بها انما هي على النحو الاول و فيه انا لوسلمنا ظهور القضايا الشرطية المتعلقاة من الشارع في كون كل فرد من افراد الشرط اعنى مدخول ان واخواتها فيحد ذاته سببا تاما ، لكن نقول حيث ان المسبب وهو فعل المكلف يكون متعلقا للامر، و متعلقات الا وامر ظاهرة في صرف الوجود ولذا يكتفى فى امتثالها بفرد واحد ، فتكون القضية الشرطية ظاهرة في ان الشرط مقتض لصرف الوجود من الجزاء، وحيث ان صرف الوجود من الجزاء غير قابل للتعدد ، فلا يؤثر تعدد افراد الشرط الا فى تحقق حقيقة الجزاء مرة واحدة ، الا فيما اذا تخلل وجود الجزاء بين افراد الشرط، فانه يجب حينئذ اتيان الجزاء

ص: 646

ثانيا اعطاء لحق الشرط اللاحق، فان مقتضى كل شرط ترتب الجزاء عليه ، وصرف الوجود من الجزاء المترتب على الشرط السابق، لا يمكن ان يترتب على اللاحق كما هو واضح فتبين مما ذكرنا ان الاصل في الاسباب فيما اذا تعدد السبب ولم يتخلل بينها المسبب هو كفاية اتيان السبب مرة واحدة ، وأما فيما اذا تخلل بينها المسبب فيجب الاتيان بالمسبب ثانيا لوجود اللاحق من السبب و انت بعد الاحاطة بما ذكرنا تعرف ما في الاستدلال لعدم التداخل في المقام ، بقوله علیه السّلام في صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة

عليه ان يسجد كلما سمعها وعلى الذي يعلمه ان يسجد ، اذفيه بعد تسليم كونه مسوقا لبيان سببية كل قرائة للسجدة لا لبيان فوريتها ، أن مجرد دلالته على ذلك لا تجدى فى وجوب تعدد السجدة بتعدد السبب ، بعد ظهور قوله علیه السّلام عليه ان يسجد في وجوب صرف الوجود من السجدة فالاظهر في المقام ايضا هو تعدد السجدة بتعدد السجود لا مطلقا كما حكى عن الذكرى و غيره.

الموضع الثالث هل يعتبر فيهذا السجود ما يعتبر في سجود الصلوة مطلقا او

ا يعتبركك ، الحق هو الفتصيل بين مساواة موضع الجبهة مع الموقف وكونه مما يصح السجود عليه ، فيعتبران فيهذا السجود ايضا ، و بين غيرهما من الطهارة والاستقبال والستر وغيرها فلا يعتبر فيها اما اعتبار مساواة موضع الجبهة مع الموقف فيهذا السجود، فلا اشكال فيه بناء على مأمر من ان خصوصية كون موضع الجبهة مساويا لموقف المصلى، من الخصوصيات المقومة لفهوم السجود وداخلة في حقيقته شرعا وان لم تكن مقومة له عرفا ، اذ عليه يكون لفظ السجود حقيقة شرعية في الانحناء الخاص، وحينئذ فكلما استعمل لفظ السجود فى كلمات الشارع لابد من حمله بمقتضى اصالة الحقيقة عليهذا الانحناء الخاص واما اعتبار كون موضع الجبهة مما يصح السجود عليه فيهذا السجود ، فهو ايضا مما لا اشكال فيه ايضا، لا لاطلاق ادلته كقوله علیه السّلام في صحيحة هشام بن الحكم السجود لايجون الا على الارض او على ما انبتت الارض كى يدعى انصرافه الى ارادته فى سجود الصلوة من جهة معهودية السجود

ص: 647

فى الصلوة وملحوظية خصوصية المسجد فيها ، بل لما في ذيل الصحيحة من تعليله عليه السلام عدم جواز السجود على المأكول والملبوس ، بقوله عليه السلام لان السجود خضوع لله تعالى و عزوجل فلا ينبغي ان يكون على ما يؤكل ويلبس ، لان ابناء الدنيا عبيد ما ياكلون ويلبسون ، والساجد في سجود في عبادة الله عزوجل ، فلا ينبغي ان يضع جبهته في سجوده على معبود ابناء الدنيا الذين اغتروا بغرورها ، فان هذا التعليل بعمومه يدل على ان كل ماكان خضوعا الله تعالى فلا ينبغي ان يكون على ما يؤكل ويلبس، ولا شبهة في كون هذا السجود ايضا خضوعا لله تعالى وعبادة له عزوجل فتدبر(1).

واما عدم اعتبار غير هذين الشرطين من شروط السجود الصلوتي فيهذا السجود ، فلكونه مقتضی اطلاق ادلته ، مضافا الى الاصل القاضي بعدم اعتباره ، بناء على المختار من جريان البرائة فى الاقل والاكثر الارتباطيين ويدل على عدم اعتبار الطهارة من الحدث مطلقا ولو كان اكبر مضافا الى ذلك ، قوله عليه السلام في خبرا بي بصير المتقدم اذاء قرعشيء من الغرائم الاربع فسمعتها فاسجد وان كنت على غير وضوء وان كنت جنبا وانكانت المرآة لا تصلى الحديث ، وهذا الخبر يدل بالدلالة الالتزامية على عدم اعتبار الطهارة من الخبث ايضا ، ضرورة ان الخبث لازم عادى للحائض ، وقوله عليه السلام في ذيل المرسل المروى عن الدعائم ويسجد وانكان على غير طهارة ويدل على عدم اعتبار الطهارة من الحدث الأصغر، قوله علیه السّلام في خبر الوليد بن صبيح المتقدم فيمن قرء السجدة وعنده رجل على غير وضوء قال علیه السّلام يسجد وقوله علیه السّلام فى صحيح الحلبي المتقدم فيمن قرء السجدة وهو على غير وضوء قال يسجد اذا كانت من الغرائم ويدل على عدم اعتبار الطهارة من الحيض مضافا الى خبر ابى بصير المتقدم ، قوله عليه السلام في صحيحة أبي عبيدة التي وقع فيها السؤال عن الطامث تسمع السجدة ان كانت من

ص: 648


1- اشارة الى ان التعليل الوارد في الصحيحة يمكن ان يكون من قبيل بيان الحكم المقتضية لتشريع الحكم لا العلة الحقيقية له كى يؤخذ بعمومها منه عفى عنه

الغرائم فلتسجد إذا سمعتها ، وفى موثقة أبي بصير و الحائض تسجد ان اسمعت السجدة ولكن يعارضها الاخبار الدالة على المنع ، كصحيحة عبدالرحمن عن ابيعد الله علیه السّلام قال سئلته عن الحائض هل تقرء القرآن وتسجد سجدة اذا سمعت السجدة قال علیه السّلام تقرء ولا تسجد ، وخبر غياث عن جعفر عن ابيه عن على عليهم السلام قال لا تقض الحائض الصلوة ولا تسجد اذا سمعت السجدة وحمل الخبرين لورودهما مقام توهم الوجوب على جواز الترك الغير المنافي للاستحباب ، كي يصح الجمع بينهما بينهما وبين تلك الاخبار بحمل تلك على الاستحباب ، بعيد عن سوق الخبرين سيما الأول منهما ، فان النهى فيه وان ورد مورد توهم الوجوب ، لكن المتبادر من قول السائل هل تقرر القرآن وتسجد اذا سمعت ، هوان حرمة قرائة السجدة على الحائض كانت مفروغا عنها عنده وانما كان سؤاله عن ان قرائة والسجدة عند استماعها ، هل هما كقرائة السجدة محرمتان عليها ام لا ، وعليه لوحمل النهى فى قوله عليه السلام ولا تسجد على جواز الترك ، يلزم عدم مطابقة الجواب للسؤال كما هو واضح فالظاهر كون هذه الاخبار من قبيل المتعارضات فيجب الرجوع فيها الى المرحجات ، ولا شبهة فى ان الترجيح مع تلك الاخبار لاعتضادها بالشهرة والمخالفة للعامة ، لحكاية القول باعتبار الطهارة من الحدث مطلقا فيهذا السجود ايضا عن اكثر العامة ثم انك قد عرفت ان مقتضى الاصل و اطلاقات الادلة عدم اعتبار الاستقبال ايضا فيهذا السجود ، لكن ظاهر المحكى عن شيخنا المفيد من قوله من سمع موضع السجود ولم يكن طاهرا اومى بالسجود الى القبلة ، هو اعتبار الطهارة والاستقبال فيهذا السجود ايضا ، و انه عند تعذر الطهارة يومى ولا يشرع له السجود وفيه انا لم نقف على ما يدل على شيء من ذلك، بل عرفت صراحة الاخبار الكثيرة فى نفى اعتبار الطهارة مطلقا فيهذا السجود، نعم يمكن الاستدلال لاعتبار الاستقبال في الجملة ، بمرسلة الدعائم عن ابيجعفر علیه السّلام انه قال اذا قرأت السجدة وانت جالس فالسجد متوجها الى القبلة ، فاذا قرأتها و انت راكب فالسجد حيث توجهت ، فان رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم كان يصلى على راحلته وهو

ص: 649

متوجه الى المدينة بعد انصرافه من مكة يعنى النافلة ، قال وفي ذلك قول الله عز وجل فاينما تولوا فثم وجه الله ويؤيد ذلك ايضا صحيحة الجلس عن ابيعبد الله عليه السلام قال سئلته عن الرجل يقرء السجدة وهو على ظهر دابته قال عليه السلام يسجد حيث توجهت به فان رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم كان يصلى على ناقته وهو مستقبل المدينة يقول الله عز وجل اينما تولوا فتم وجه الله ، فان الجواب مشعر بكون محط النظر في السؤال هو الاستقبال و ان اعتباره فى السجود كان مفروغا عنه عندهم لكنك خبير بان الروايتين لضعفهما باعراض المشهور و موافقة العامة ، لاتنهضان دليلا يرفع اليد بهما عن مقتضى الاصل و اطلاقات الادلة واما الاستدلال لاعتبار الستر فيهذا السجود ايضا ، بتعليلهم عليهم السلام النهي عن سجود العارى ، بقولهم علیه السّلام لئلا يبدو عورته، ففيه ان هذا العلة لا تقتضى المنع عن السجود عاريا في غير حال الصلوة معالم يعلم مطلوبية السترفيه كما نحن فيه ، فلا يصح رفع اليد بها عن الاصل والاطلاق القاضيين بعدم اعتبار السترفيه هذا.

السابع من واجبات الصلوة التشهد

وهو في عرف المتشرعة و اصطلاحهم عبارة عن الاذكار المتضمنة للشهادتين والصلوة على النبي وآله عليه و علیهم السلام ، وهو واجب فى كل ثنائية مرة بعد رفع الرأس من السجدة الاخيرة في الركعة الاخيرة وفي الثلاثية والرباعية مرتين، مرة بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة في الركعة الثانية ، واخرى بعد رفع الرأس من السجدة الاخيرة في الركعة الأخيرة بلاخلاف في ذلك بيننا بل صريح غير واحد انه قول علمائنا اجمع، خلافا للمحكى عن كثير من المخالفين من القول بعدم وجوب التشهد الأول وعن بعضهم من عدم وجوبه اصلا، وكيفكان استدل على وجوبه مضافا الى الاجماعات المستفيضة المعتضدة بعدم نقل الخلاف فيه عن احد منا بجملة من الاخبار ولا يخفى ان العمدة هو الاجماع الاجماع الذى لاشبهة في تحققه على وجوب اصل التشهد، دون الاخبار الواردة فى المسئلة فانها متعارضة على وجه لا يمكن الجمع العرفي بينها اصلا، وحينئذ فالاخبار التي تكون

ص: 650

بظاهرها مخالفة لما ذكرنا من الاجماع المحقق ، ان امكن حملها على ما يرفع به التنافي بينها و بين الاجماع فهو والا فلابد من طرحها، والاخبار المخالفة للاجماع على طوائف، فمنها ما تكون ظاهرة فى الاستحباب، كموثقة زرارة قال قلت لابيعبد الله علیه السّلام الرجل يحدث بعد ما يرفع رأسه من السجود الاخير ، فقال علیه السّلام قد تمت صلوته و انما التشهد سنة فى الصلوة ، فيتوضاء ويجلس مكانه او مكانا نظيفا فيتشهد ، وخبر ابن مسكان عن ابيعبد الله علیه السّلام، قال سئل عن رجل صلى الفريضة فلما رفع رأسه من السجدة الثانية من الرابعة احدث ، فقال علیه السّلام اما صلوته فقد مضت و اما التشهد فسنة فى الصلوة فليتوضاء والبعد الى مجلسه اومكان نظيف فليتشهد ، و صحيحة محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام في الرجل يفرغ عن صلوته وقد التشهد حتى ينصرف فقال علیه السّلام انكان قريبا رجع الى مكانه فتشهد والا طلب مكانا نظيفا فتشهد فيه وقال علیه السّلام انما التشهد سنة فى الصلوة فان هذء الاخبار بملاحظة ما وقع فيها من التصريح بان التشهد سنة ظاهرة في استحبابه ، فتكون مخالفة للاجماع المحقق على وجوبه ، فلابد من حمل السنة فيها، اما على ارادة ما ثبت شرعيته ووجوبه بالسنة فى مقابل ما ثبت شرعيته ووجوبه بالكتاب، والالتزام باختصاص ناقضية الحدث المتخلل في الاثناء بما اذا كان صدوره عن اختيار ، فلايكون ناقضا فيما اذا كان لاعن اختيار كما حكى القول به عن الصدوق وبعض من تأخر عنه تعويلا على الخبرين الأولين ، مضافا الى كونه مقتضى حديث لاتعاد لشمول اطلاقه للإخلال بغير الخمس لاعن اختيار ايضا كما لا يخفى فتدبر(1).

واما على التقية كما هو المتعين فى الخبرين الاولين، بناء على مخالفة الالتزام بعدم ناقضية الحدث المتخلل في الاثناء لاعن اختيار للاجماع فتدبر و منها ما تكون ظاهرة فى اجزاء شهادة واحدة فى التشهد الأول، كصحيحة زرارة قال قلت

ص: 651


1- اشارة الى ان ناقضية الحدث للصلوة انما هى لكونه ناقضا للطهارة التي هي من الخمس فتبصر منه عفى عنه

لا بيجعفر علیه السّلام ما يجزى من القول في التشهد في الركعتين الاولتين قال علیه السّلام ان تقول اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ، قلت فما يجزي في الركعتين الاخيرتين فقال علیه السّلام الشهادتان، ولابد من حملها لاجل مخالفتها للاجماع ، على ان المراد من الفقرة الاولى بيان اجتزاء الابتداء بهذه الشهادة ، في مقابل نفى اعتبار ما كان متعارفا في تلك الاعصار ، من تقديم التحميد والتحيات وغيرهما من الاذكار والادعية الماثورة ، لا فى مقابل الشهادة بالرسالة ، ولاينافى هذا الحمل علیه السّلام قوله في الفقرة الاخيرة ة الشهادتان، لان المراد به بيان انه لا يعتبر في التشهد الثاني ايضا غير محض الشهادتين ومنها ما تكون ظاهرة فى اجتزاء ان يقول بدل التشهد بسم الله وبالله يسلم ، كموثقة عمار عن ابی عبد الله عليه السلام قال علیه السّلام ان نسى الرجل التشهد في الصلوة فذكر انه قال بسم الله و بالله فقد جازت صلوته وان لم يذكر اعاد الصلوة ، وقريب منها رواية قرب الاسناد ، ويمكن حملهما على ناسى التشهد الذي دل حديث لاتعاد على عدم اعادة الصلوة ، منه فلا يدل صحة صلوته فيما تذكر التلفظ ببسم الله على جواز الاكتفاء به عمدا ، نعم الاشكال فى ما تضمنتاه من اعادة الصلوة فيما لم يتذكر التلفظ بذلك ، ولعله اريد به الاستحباب وأما حملهما على ما اذا شك بعد التسليم في نسيان التشهد ، وحينئذ فالحكم بالصحة فيما تذكر التلفظ ببسم الله دون مالم يتذكر ذلك ، انما هو لكون التلفظ به امارة نوعية على اتيان التشهد ، فبعيد فى الغاية فان حمل قوله علیه السّلام ان نسى الرجل التشهد على الشك في نسيانه خلاف الظاهر جدا ، هذا مضافا الى ان مقتضى قاعدة الفراغ فيما شك في التشهد بعد التسليم هو الحكم بالصحة مطلقا ولولم يكن هناك امارة على اتيانه ومنها ما تكون ظاهرة في عدم اعتبار الصلوة على النبي وآله صلى الله عليه وعليهم في التشهد ، كصحيحة ابن مسلم قال قلت لابيعبد الله علیه السّلام التشهد في الصلوة قال علیه السّلام مرتين قال قلت وكيف مرتين قال علیه السّلام اذا استويت جالسا فقل اشهد ان لا إله الا الله وحده لاشريك له و اشهد ان محمداً عبده ورسوله ثم تنصرف ، قال قلت فقول العبد التحيات لله والصلوة

ص: 652

الطيبات الله قال علیه السّلام هذا اللطف من الدعاء يلطف العبد ربه، الدعاء يلطف العبد ربه ، وصحيحة الفضيل و زرارة ومحمد بن مسلم عن ابيجعفر علیه السّلام قال اذا فرغ من الشهادتين فقد مضت صلوته فان كان مستعجلا في امره ان يفاف تفوته فسلم وانصرف اجرئه ولابد من حملهما من جهة مخالفتهما للاجماع والاخبار الدالة على وجوب الصلوة ، كالنبوى اذا تشهد احدكم فى صلوة فليقل اللهم صل على محمد وآله محمد المنجبر ضعفه بالاجماع ، على الانصراف عن الشهادتين الغير المنافي لوجوب الصلوة على النبي صلی الله علیه و آله و سلّم وآله و آله علیه السّلام، او على ان ماعدا الشهادتين والصلوة والتسليم ، من الزيادات الواردة في حديث ابي بصير مستحب ، كما يؤيده ذيل الصحيحة الاولى و هو قوله قلت فقول العبد الخ ومنها ما تكون ظاهرة في الاجتزاء بحمد الله تعالى من التشهد ، كخبر بكير بن حبيب المروى عن الكافى قال سئلت ابا جعفر علیه السّلام عن التشهد ، فقال علیه السّلام لو كان كما يقولون واجبا على الناس هلكوا انما كان يقولون ايسر ما يعلمون اذا حمدت اجزء عنك و خبر حبيب الخثعمي عن ابيجعفر علیه السّلام يقول اذا جلس الرجل للتشهد فحمد الله اجزاء ولابد من حملهما على الاجتزاء بحمد لله تعالى من التحيات والادعية الطويلة التى يشق على عامة العباد حفظها ، كما يشعر بذلك قوله علیه السّلام في الخبر الاول لوكان كما يقولون واجبا على الناس هلكوا ، لا الاجتزاء به عن الشهادة بالوحدانية او الرسالة التي يتوقف عليها صدق اسم التشهد ، وبالجملة وجوب اصل التشهد مما لا شبهة فيه واما كيفيته فمقتضى صريح بعض الروايات، هوتعين ان يقال اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمداً عبده ورسوله اللهم صل على محمد و آل محمد ، ففى موثقة عبدالملك بن عمرو الاحول عن ابيعبد الله عليه السلام قال التشهد في الركعتين الاولتين الحمد لله اشهد ان لا اله الا الله وحده لاشريك له واشهد ان محمداً عبده ورسوله اللهم صل على محمد و آل محمد و تقبل شفاعته و ارفع درجته ، وهى وانكانت مختصة بالتشهد الأول ، لكن الاستدلال بها بالنسبة الى التشهد الثانى بعدم القول بالفصل ، ورفع اليد عن ظاهرها بالنسبة الى التحميد الواقع في

ص: 653

اول التشهد والدعاء الواقع في آخره بالحمل على الاستحباب، لا يوجب الغائه رأسا كما حقق فى محله ، وليس للاخبار الدالة على وجوب الشهادتين والصلوة اطلاق ، كي يرفع اليد به عن ظهور الموثقة في تعين هذه الكيفية ويحمل على افضل الافراد وتوهم ان المتعين على فرض تسليم ظهورها في الاطلاق هو تقييدها بالموثقة ، مدفوع بان مقتضى القاعدة فى المطلق والمقيد المثبتين مع العلم بوحدة التكليف ، وان كان هو حمل المطلق على المقيد كما في مثل اعتق رقبة و اعتق رقبة مؤمنة ، لكن حيث ان المطلق في المقام وارد فى مقام البيان وحضور وقت العمل ، فلابد من حمل المقيد على بيان افضل الافراد لئلا يستلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة واما الاطلاق للاخبار الامرة بالتشهد والصلوة ، فلكونها مسوقة لبيان وجوب اصل التشهدو الصلوة فلا اطلالها من حيث كيفيتهما واما مادل على الاجتزاء بالشهادتين ، فهو مقام نفى وجوب مازاد عليهما من الاذكار ، فلا اطلاق له من حيث الكيفية ولا يعارض الموثقة ما ظاهره عدم تعين هذه الكيفية المخصوصة ، كخبر الحسن بن الجهم قال سئلت ابا الحسن عليه السلام عن رجل صلى الظهر او العصر فاحدث حين جلس في الرابعة ، قال علیه السّلام انكان قال اشهد ان لا اله الا الله وان محمداً رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم فلا يعيد ، وان كان لم يتشهد قبل ان يحدث فليعد وذلك لامكان ان يكون المراد من قوله علیه السّلام انكان قال اشهد ان لا اله الا الله الخ ، التلفظ بمضمون هذا الكلام اى الشهادة بالوحدانية و الرسالة و الصلوة على النبي صلی الله علیه و آله و سلّم بالعبارة المعهودة المتعارفة لديهم في التشهد ، لا التلفظ بنفس هذه العبارة كي ينافي الموثقة ثم ان المشهور عدم وجوب الصلوة على النبي صلی الله علیه و آله و سلّم عند ذكره تلفظا اوسماعا ، بل عن غير واحد دعوى الاجماع على نفى وجوبها ، و يدل عليه مضافا الى الاصل خلوكثير من النصوص والادعية المشتملة على ذكره صلی الله علیه و آله و سلّم عن الصلوة عليه و آله ، هذا كله مضافا الى انه لو كانت واجبة لاشتهر وجوبها لعموم البلوى به بين العوام فضلا عن الخواص، فمن خفاء وجوبها على الخواص بحيث ادعوا الاجماع على نفيه يستكشف كشفا قطعيا

ص: 654

عن عدم وجوبها ، فلا يعباء بما حكى عن جماعة من القول بوجوبها ، مستدلا عليه بجملة من الاخبار ، اصحها سندا واوضها دلالة صحيحة زرارة قال قال ابو جعفر علیه السّلام اذا اذنت فافصح بالالف والهاء وصل على النبي صلی الله علیه و آله و سلّم كلما ذكرته او ذكره ذاكر في الاذان وغيره ، اذفيه مضافا الى ما عرفت ، ان سياق الرواية بلحاظ اشتمالها على الامر بافصاح الالف والهاء ظاهر فى الاستحباب ، كما ينادى بذلك كثير من الاخبار الواردة في الباب ، كالمحكى عن معانى الاخبار بسنده عن عبدالله بن على بن الحسين عن ابيه عن جده ، قال قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم البخيل حقا من ذكرت عنده فلم يصل على وعن الارشاد عن عمارة بن عزيز عن عبد الله بن على بن الحسين عن ابيه قال قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم البخيل كل البخيل الذى اذا ذكرت عنده لم يصل على، وعن المفيد في المقنعة. عن ابيجعفر الباقر عليهما السلام في حديث ان رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم قال قال لى جبرئيل من ذكرت عنده فلم يصل عليك فابعده الله قلت آمين ، فقال ومن ادرك شهر رمضان فلم يغفر له فا بعده الله قلت آمين ، قال ومن ادرك ابويه او احدهما فلم يغفر له فابعده الله قلت آمين ، وعن عدة الداعي في حديث قال قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم الجفا الناس رجل ذكرت بين يديه فلم يصل على ، الى غير ذلك من الاخبار الواردة بهذا المضمون الذى يراه من له ادنى انس بفهم الاخبار كالنص في الاستحباب ثم ان مقتضى اطلاق النصوص استحباب الصلوة او وجوبها على القول به عند ذكره صلی الله علیه و آله و سلّم مطلقا سواء كان باسمه او لقبه او كنيته او الضمير الراجع اليه ، و ذلك لان الحكم النصوص دائر مدار جریان ذكره صلی الله علیه و آله و سلّم الصادق مهماجری ذکره صلی الله علیه و آله و سلّم بای عبارة كان ، كما ان مقتضى اطلاق سببية ذكره صلی الله علیه و آله و سلّم للصلوة عليه تكرار المسبب بتكر رسببه مع تخلل الصلوة بينهما ، واما مع عدم تخللها فالظاهر عدم تكرره بتكرر السبب ، فان النصوص و انكانت ظاهرة فى سببية كلفرد فرد من الذكر لتنجز الكليف بسببه، الا ان المسبب حيث يكون بصرف وجوده متعلقا للامر، فلا يؤثر تعدد افراد السبب الانرا واحدا، يكون مستندا الى احدها فيما اذا كانت تدريجية ، والى المجموع فيما اذا كانت دفعية كما مر بيانه.

ص: 655

الثامن من افعال الصلوة التسليم

وهو واجب على الاصح وفاقا لكثير من القدماء والمتأخرين ، بل في المحكى عن الجواهر انه مما استقر عليه المذهب في عصرنا ، وفي المحكى عن الامالي نسبته الى دين الامامية ، خلافا للمحكى عن اكثر القدماء كالشيخين والقاضي والحلى و ابن طاوس وكثير من المتأخرين ، من القول باستحبابه واستدل القائلون بالوجوب بالاخبار المستفيضة بل المتواترة الدالة على حصر تحليل الصلوة فى التسليم ، فلا مجال للخدشة فيها سندا بالارسال او بغيره ، بعد كون مضمونها قطعى الصدور ، منها ما عن الكافي مسندا الى القداح عن ابيعبد الله علیه السّلام قال قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلّم افتتاح الصلوة الوضوء وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم ، ومنها ما عن العلل والعيون باسناده الحسن كالصحيح عن الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام ، انما جعل التسليم تحليل الصلوة ولم يجعل بدلها تكبيرا او تسبيحا او ضربا آخر، لانه لماكان الدخول في الصلوة تحريم الكلام للمخلوقين والتوجه الى الخالق، كان تحليلها كلام المخلوقين والانتقال عنها ، وابتداء المخلوقين فى الكلام اولا بالتسليم، ومنها ما عن العلل بسنده عن المفضل بن عمر قال سئلت اباعبد الله عليه السلام عن العلة التي من اجلها وجب التسليم في الصلوة قال عليه السلام لانه تحليل الصلوة، الى ان قال قلت فلم صار تحليل الصلوة التسليم قال لانه تحية الملكين وفى اقامة الصلوة بحدودها و ركوعها و سجودها و تسليمها سلامة العبد من النار ، ومنها ما عن العيون باسناده عن الفضل بن شاذان عن الرضا علیه السّلام في كتابه الى المامون ، ولايجوز ان تقول في التشهد الأول السلام علينا و على عباد الله الصالحين لان تحليل الصلوة التسليم فاذا قلت هذا فقد سلمت ، ومنها ما عن معانى الاخبار بسنده الى عبدالله بن الفضل الهاشمى قال سئلت ابا عبدالله علیه السّلام عن معنى التسليم في الصلوة فقال علیه السّلام التسليم علامة الامن وتحليل الصلوة ، قلت وكيف ذلك جعلت فداك قال كان الناس فيما مضى اذا سلم عليهم وارد امنوا شره وكانوا اذار دوا عليه امن شرهم و ان لم يسلم لم يامنوه وان لم يردوا على المسلم لم يامنهم وذلك خلق في

ص: 656

العرب، فجعل التسليم علامة للخروج عن الصلوة وتحليلا للكلام وامنا من ان يدخل في الصلوة ما يفسدها، والسلام اسم من السماء الله عز وجل وهو واقع من المصلى على ملكى الله الموكلين، ومنها ما عن كتاب المناقب لابن شهر اشوب عن ابی حازم قال سئل على بن الحسين عليهما السلام ما افتتاح الصلوة قال التكبير قال ما تحليلها قال التسليم و دلالة هذه الاخبار على كون التسليم تحليلا للصلوة واضحة، واما دلالتها على حصر المحلل فيه ، فلان بعضها كخبر الفضل بن شاذان و رواية المفضل بن عمر في ارادة انحصار المحلل فيه ، و ما عداهما يدل على الحصر ايضا من جهات، منها كونه مسوقة لبيان ان التحليل باي شيء يقع ، و منها وقوع التسليم في خبر ابي حازم جوابا عن السؤال عما هو تحليل الصلوة، ومنها ان المصدر المضاف و هو قولهم عليهم السلام تحليلها ظاهر فى ارادة الطبيعة المرسلة ، كما في قولنا ضربی شدید و نومى فى الليل قليل ونحوهما ، وحينئذ فيكون المبتداء وهو تحليلها ظاهرا في الاطلاق ، ومعه يمتنع ان يكون الخبر و هو التسليم اخص منه ، ضرورة ان الخبر لازم لموضوعه واللازم يجب ان يكون مساويا لملزومه اواعم ، و منها ان التحليل حيث يكون من عوارض التسليم فيكون خبرا مقدما والتسليم مبتداء مؤخرا ، وقد حقق في محله ان تقديم الخبر مفيد لانحصاره بالمبتداء كما في قولنا الشجاع زيد هذا ولكن لا يخفى ان هذه الاخبار وحدها لا تكفى للاستدلال بها على وجوب التسليم ، ما لم ينضم اليها الاخبار التى وقع التصريح فيها بان اخر الصلوة التسليم، مثل قوله علیه السّلام في خبر علی بن اسباط في توصيف صلوة سيد المرسلين صلی الله علیه و آله و سلّم يبدء بالتكبير ويختم بالتسليم، وقوله علیه السّلام في خبرا بي بصير فيمن رعف في صلوة الصبح قبل ان يتشهد فليخرج وليغسل انفه فليتم صلوته فان اخر الصلوة التسليم، الى غير ذلك من الاخبار الظاهرة في كون التسليم اخر الصلوة ، و ذلك لان تلك الاخبار لادلالة لها على ازيد من حصر التحليل في التسليم ، وقضية الانحصار ليست الا توقف صون الصلوة عن طر و الفساد عليها بسبب المنافيات التي حرمها التكبير على التسليم،

ص: 657

و مجرد توقف صون الصلوة عن الفساد على التسليم لا يلازم كونه من مستحبات الصلوة فضلا عن واجباتها ، نعم حيث يكون حفظ الصلوة عن طرو الفساد عليها واجبا اجماعا ، فيكون التسليم المتوقف عليه حفظها عن الفساد واجبا مقدميا، فلا يمكن استفادة ان التسليم جرء واجب من الصلوة من تلك الاخبار، مالم ينضم اليها الاخبار المصرحة بانه اخر الصلوة فتبين مما ذكرنا ان استفادة كون التسليم جزء واجبا من الصلوة من مجموع هاتين الطائفتين من الاخبار مما لاريب فيه لكن يعارضهما طائفتان من الاخبار احديهما المستفيضة الدلة بظاهرها على جواز الانصراف بعد التشهد كصحيحة محمد بن مسلم قال قلت لا بيعبد الله علیه السّلام التشهد في الصلوة قال علیه السّلام مرتين قال قلت كيف مرتين قال علیه السّلام اذا استويت جالسا فقل اشهد ان لا اله الا الله وحده لاشريك له و اشهد ان محمدا عبده و رسوله ثم تنصرف ، و صحيحة على بن جعفر عن اخيه موسى علیه السّلام قال سئلته عن الرجل يصلى خلف الامام فيطول الامام بالتشهد فياخذ الرجل البول او يتخوف على شيء يفوت او يعرض له وجع كيف يصنع قال علیه السّلام يتشهد هو و ينصرف و يدع الامام ، و صحيحة زرارة و محمد بن مسلم والفضيل عن ابيجعفر علیه السّلام قال علیه السّلام اذا فرغ من الشهادتين فقد مضت صلوته ، فانكان مستعجلا في امر يخاف ان يفوته فسلم و انصرف اجزئه ثانيتهما المستفيضة الدالة على عدم بطلان الصلوة بحدوث المنافى قبل التسليم ، كرواية الحسن بن الجهم قال سئلت ابا الحسن علیه السّلام عن رجل صلى الظهر أو العصر واحدث حين جلس في الرابعة فقال انكان قال اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله فلا يعيد وانكان لم يتشهد قبل ان يحدث فليعد وصحيحة زرارة عن ابيجعفر علیه السّلام قال قال سئلته عن الرجل يصلى ثم يجلس فيحدث ان قيل يسلم قال علیه السّلام تمت صلوته و انكان مع امام فوجد في بطنه اذى فسلم فى نفسه وقام فقد تمت صلوته و حسنة الحلبي اذا التفت في صلوة مكتوبة من غير فراغ فاعد الصلوة اذا كان الالتفات فاحشا و ان كنت قد تشهدت فلا تعد، وموثقة غالب بن عثمان عن ابي عبد الله علیه السّلام قال سئلته عن الرجل يصلى المكتوبة

ص: 658

فينقضى صلوته و يتشهد ثم ينام قبل ان يسلم قال علیه السّلام قديمت صلوته وانكان رعافا غسله ثم رجع فسلم ، و صحيحة زرارة عن ابيجعفر علیه السّلام في الرجل يحدث بعد ان يرفع راسه من السجدة الاخيرة وقبل ان يتشهد قال علیه السّلام ينصرف فيتوضاء فان شاء رجع الى المسجد و ان شاء ففى بيته و ان شاء حيث شاء قعد فيتشهد ثم يسلم و انكان الحدث بعد الشهادتين فقد مضت صلوته هذا و قد يجمع بين هاتين الطائفتين والاخبار المتقدمة الدالة على كون التسليم جزء واجبا من الصلوة ، بحمل الطائفة الاولى الدالة على جواز الانصراف بعد التشهد ، على ان المراد بالانصراف المامور به فيها هو الانصراف بالتسليم ، مؤيدا ذلك بظهور بعض الاخبار في معروفية اطلاق الانصراف على التسليم ، كخبر كهمس عن ابيعبد الله علیه السّلام قال سئلته عن الركعتين الاولتين اذا جلست للتشهد فقلت و انا جالس السلام عليك أيها النبى و رحمة الله بركاته انصراف هو، قال علیه السّلام لا ولكن اذا قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فهو الانصراف، وحمل الطائفة الثانية الدالة على عدم بطلان الصلوة بحدوث المنافى قبل التسليم بان ظاهر بعض منها كرواية الحسن بن الجهم وصحيحة زرارة الاخيرة ، عدم وجوب الصلوة على النبى صلی الله علیه و آله و سلّم ايضا ، فلابد من حمل لفظ الشهادتين الواقع فيها على ارادة مطلق التشهد المعتبر في الصلوة الذى يعم السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، لشيوع هذا الاطلاق في النصوص والفتاوى ، كما يظهر ذلك بتصفح النصوص وكتب القدماء من الاصحاب، فانه يشرف الفقيه على القطع باندراج هذه الصيغة في التشهد ، و اختصاص اسم التسليم بالسلام عليكم و رحمة الله و بر كاته، كما يظهر ذلك مما في رواية العيون عن الفضل بن شاذان عن الرضا علیه السّلام ، من قوله قلت فلم صار تحليل الصلوة التسليم قال علیه السّلام لانه تحية الملكين ، فانه لولم يكن اسم التسليم مختصا بالسلام عليكم و رحمة الله و بركاته ، لم يستقم تعليله علیه السّلام صيرورة التسليم تحليلا للصلوة بقوله علیه السّلام لانه تحية الملكين كما لا يخفى ومن هنا ظهر امكان حمل سائر الاخبار من الطائفة الثانية على مالا ينافي الاخبار المتقدمة، بان يحمل لفظ السلام

ص: 659

الواقع فيها على خصوص الصيغة الاخيرة اعنى السلام عليكم ، و لفظ التشهد على ما يعم السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ويمكن الجمع بين هاتين الطائفتين و الاخبار المتقدمة الدالة على كون التسليم جزء واجبا للصلوة ، بوجه آخر وهوان يقال ان المراد مما دل على ان اخر الصلوة هو التسليم ، ليس هو ان التسليم اخر اجزاء الصلوة، كي ينا في مادل على جواز الانصراف بعد التشهد ، وما دل على عدم بطلان الصلوة بوقوع الحديث قبل التسليم ، للاجماع ظاهرا على بطلان الصلوة بتخلل الحدث بينها مطلقا ولو كان عن اضطرارا وسهو، بل المراد منه هو ان التسليم ما ينتهى اليه الصلوة و تنفد عنده ، اذحينئذ لا يكون التسليم جزء من الصلوة، بل يكون جزء من المامور به المركب منه و من الصلوة، وعليه فلايكون الحدث الواقع قبله واقعا بين الصلوة، كي يكون مادل على عدم بطلان الصلوة بوقوع الحدث بعد الشهادتين قهرا، منافيا للاجماع على بطلانها بوقوع الحدث بينها مطلقا ، كى نحتاج الى حمل الشهادتين فيه على ما يعم السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، بل نبقى الشهادتين على ظاهره، و نجعل مادل على عدم بطلان الصلوة بوقوع الحدث بعدهما، دليلا على اختصاص ناقضية الحدث الواقع بين التشهد والسلام بما اذا لم يكن عن سهو أو اضطرار ان قلت بناء على كون التسليم جزء للمامور به المركب منه و من الصلوة لاجزء للصلوة ، لا يكون الحدث الواقع قبل التسليم ناقضا للصلوة اصلا ولوكان عن عمد ضرورة اختصاص دليل ناقضيته وهو الاجماع بما اذا وقع في اثناء الصلوة قلت ان الحدث الواقع قبله و ان لم يكن مشمولا لما دل على ناقضية الحدث الواقع في اثناء الصلوة ، لكن يستفاد مما دل على محللية التسليم بقرينة مقابلته لمحرمية التكبير ، ان التسليم محلل لكل ما كان التكبير محرما له ، ومن المعلوم ان التكبير محرم للحدث فيكون التسليم محلا له ، فاذا كان محلا له فلابد ان يكون الحدث محرما وناقضا قبله کی یصیر محللا به و توهم ان التسليم ان لم يكن جزء من الصلوة ، فكيف يكون الحدث الواقع بينه و بين الصلوة ناقضا للصلوة

ص: 660

ومحرما كى يكون التسليم محللا له مدفوع بانه لا مجال لاستبعاد ان يكون الحدث الواقع بعد الصلوة و قبل التسليم ناقضا لها ، بعد مانرى من كون العجب والسمعة اللاحقين بالصلوة مبطلين لها ، فانه من طرق امكان طرد الفساد على الصلوة بعد تحققها بجميع اجزائها ، وبالجملة لو حملنا ما دل على ان اخر الصلوة هو التسليم على ان التسليم ما ينتهى اليه الصلوة و تنفد عنده ، و التزمنا يكون التسليم جزء للمامور به المركب منه و من الصلوة لاجزء للصلوة ، يرتفع المنافاة بين وجوبه و بين مادل على عدم بطلان الصلوة بتخلل الحدث قهرا بينه وبين الصلوة ، اذ نستكشف من هذا الدليل ان ناقضية الحدث المتخلل بينه و بين الصلوة ، المستفادة من اطلاق. المحلل على التسليم مختصة بحال العمد والاختيار فلايكون تخلله قهرا بينهما موجبا لبطلان الصلوة كما يرتفع بذلك ايضا المنافاة بين وجوب التسليم و بين مادل على جواز الانصراف بعد التشهد ، اذلا منافاة بين جواز الانصراف عن الصلوة التى هى. احد جزئي المامور به ، و وجوب التسليم الذى هو حزئه الاخر فتدبر ولا يخفى ان الجمع بين هاتين الطائفتين و بين الاخبار المتقدمة الدالة على وجوب التسليم بما ذكرناه من الوجه ، احسن من الجمع بينهما بمامر من حمل الطائفة الاولى على ان المراد من لفظ الانصراف فيها هو التسليم ، وحمل الطائفة الثانية على ان المراد من لفظ الشهادتين الواقع فيها هو ما يعم السلام علينا و على عباد الله الصالحين، ومن لفظ التسليم الواقع فيها هو خصوص السلام عليكم ورحمة الله و بركاته اذلايلزم من الجمع بما ذكرنا الا التصرف فى لفظ الاخر الظاهر فى الاخر العرفى اعنى الجزء الاخر من الشيء، بحمله على الاخر العقلى اعنى ما ينتهى اليه الشيء وينفد عنده، مع ابقاء لفظ الشهادتين ولفظ الانصراف الواقعين فى الطائفتين على ظاهرهما ، و ابقاء معقد الاجماع على بطلان الصلوة بوقوع الحدث بينها مطلقا على اطلاقه و هذا بخلاف الجمع بينها بمامر ، اذ يلزم منه التصرف في اللفظين ، و في اطلاق معقد الاجماع بحمله على ما اذا لم يكن تخلل الحدث بين الصلوة عن اضطرار و سهو هذا ثم انه

ص: 661

قد يستدل للقول بوجوب التسليم باستصحاب تحريم ما كان حراما قبل التسليم ، باستصحاب عدم الخروج عن الصلوة ، وفيه ان المرجع في مثل المقام بعد فرض عدم الدليل على الوجوب ، هو البرائة و اصالة عدم وجوب ايجاد المخرج الحاكمة على الاستصحابين المزبورين كما لا يخفى هذا مع ان الاستصحاب الحكمى لا مجال له مع الشك فى موضوعه كما في المقام ، حيث ان تحريم ماكان حراما انما ثبت سابفا من حيث كونه واقعا في اثناء الصلوة و مبطلا لها ، ومع الشك فى جزئية التسليم لايجر ز صدق هذا العنوان على فعل ما كان محرما بعد الفراغ عن التشهد، والاستصحاب الموضوعى اعنى استصحاب عدم الخروج عن الصلوة، انما يجرى لو كان الشك في الامر الخارجى كما اذا شك فى فعل ما ثبت جزئيته، دون ما اذا كان الشك فى المفهوم كما في المقام حيث ان الشك فيه انما هو في جزئية التسليم لطبيعة الصلوة و عدم جزئيته فتلخص مما ذكرنا ان القول بوجوب التسليم هو الاظهر الاقوى ، كما ان الاصح جزئيته للصلوة او المامور به المركب منه و من اللصلوة ، لاكونه واجبا مستقلا ، فان الظاهر المتبادر من الاضافة فى قوله علیه السّلام تحليلها التسليم كما في الاضافة في قوله علیه السّلام تحريمها التكبير ، هو ارتباط التسليم كالتكبير بالصلوة على نحو الجزئيته، هذا مضافا الى ان معنى التحليل هو تحليل المنافيات المحرمة فى اثناء الصلوة ، فلو كان التسليم خارجا عن الصلوة ، فاللازم تحليل المنافيات بنفس الفراغ عن الصلوة ، و مضافا إلى التصريح بذلك في بعض الاخبار ، كقوله علیه السّلام فى موثفة ابى بصير المتقدمة الواردة فى من رعف في الصلوة قبل ان يتشهد ، فليخرج وليغسل انفه ثم ليرجع فليتم صلوته فان اخر الصلوة التسليم فتدبر، و قوله علیه السّلام في خبر على بن اسباط المتقدم الوارد فى كيفية صلوة سيد المرسلين صلی الله علیه و آله و سلّم يبدء بالتكبير و يختم بالتسليم ، وقوله علیه السّلام في خبر كهمس المتقدم ولكن اذا قلت السلام علينا و على عباد الله الصالحين فهو الانصراف ، فانه كما ترى صريح في عدم الخروج عن الصلوة قبل التسليم ، فالقول بكونه واجبا نفسيا خارجا عن الصلوة كما ذهب اليه

ص: 662

غير واحد من متاخرى المتاخرین(1)، كما ترى ضعيف جدا، اذعمدة مستندهم الروايات المتقدمة الدالة على عدم بطلان الصلوة بوقوع الحدث بعد التشهد و قبل التسليم والروايات المصرحة بمضى الصلوة وتمامها بعد الفراغ عن التشهدين ، وقد عرفت الجواب عنها لامزيد عليه.

ثم انهم اختلفوا فى التسليم الذى يتحقق به التحليل والانصراف عن الصلوة ، فالمشهور بين المتاخرين ان لد صيغتين احديهما السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين وثانيتهما السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ، وكل منهما واجب على سبيل التخيير فيجوز الاكتفاء بكل منهما في الخروج عن الصلوة ، خلافا للمحكى عن بعض کیحیی بن سعید صاحب الجامع و جمال الدین ابن طاوس صاحب البشرى ، من القول بوجوب الصيغة الأولى وتعينها للخروج بها عن الصلوة ، وللمحكى عن جماعة من القول بوجوب الصيغة الثانية وتعينها للخروج بها عن الصلوة ، واقوى الاقوال هو الاول ، لانه مقتضى الجمع بين مادل من الاخبار والاجماع على حصول الانصراف و الخروج عن الصلوة بالسلام عليكم ، و بين الاخبار المستفيضة المصرحة بحصول الانصراف والخروج عن الصلوة بالسلام علينا ، كقول الرضا علیه السّلام فيما كتبه الى المامون تعليلا للمنع عن قول السلام علينا في التشهد الأول ، ان تحليل الصلوة التسليم فاذا قلت هذا فقد سلمت ، فانه كما ترى صريح في ان تحقق الخروج عن الصلوة بهذه الصيغة انما هو لكونها مصداقا للمتسليم المحلل ، ونحوه قول ابيعبدالله علیه السّلام فى خبر الاعمش تعليلا للمنع عن قول السلام علينا في التشهد الأول، لان تحليل الصلوة هو التسليم فاذا قلت هذا فقد سلمت فانه كماترى بمنزلة ما لو قال السلام علينا تسليم و كل تسلیم تحلیل فالسلام علينا تحليل، وقوله علیه السّلام في خبر كهمس المتقدم ولكن اذا قلت السلام علينا و على عباد الله الصالحين فهو الانصراف، وفي صحيحة الحلبي المتقدمة وان قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد انصرفت ، و قوله علیه السّلام في موثقة أبي بصير اذا كنت اماما فانما التسليم ان تسلم على النبي صلی الله علیه و آله و سلّم و تقول السلام علينا و على

ص: 663


1- منهم صاحب العروة قدس سره منه عفى عنه

عباد الله الصالحين، فاذا قلت ذلك فقد انقطعت الصلوة ، الى غير ذلك من الاخبار الصريحة في حصول الخروج والانصراف من الصلوة بصيغة السلام علينا ثم على القول بالتخيير والاجتزاء في الخروج بكل من الصيغتين ، لوجمع بينهما فلاشبهة في انه باتيهما بدء فقد اتى بالمخرج وسقط تكليفه بايجاد المحلل، وكانت الثانية على تقدير مشروعيتها كما هي كك ، فيما جميع بينهما على النهج المتعارف المعهود في الشريعة من تقديم السلام علينا ، مستحبة، ان احتمال كونها واجبة ، مدفوع بانه ان اريد وجوبها جزء من الصلوة ، ففيه ان وجوبهاكك بعد تحقق الخروج عن الصلوة بالصيغة الاولى غير معقول، وتوهم ان الخروج من الصلوة فى صورة الجمع يحصل بالمجموع لا بالصيغة الاولى كى ينافى وجوب الثانية جزء من الصلوة ، مدفوع بان حصول الخروج بالمجموع في صورة الجمع وباحديها في غيرها ، مستلزم للتخيير بين الاقل والاكثر التدريجين الذى حقق في محله استحالته فتدبر و اعتبار قصد الخروج في التسليم المخرج ، كي يرجع التخيير بين الخروج عن الصلوة بالمجموع او باحديهما ، الى التخيير بين المتبائنين ، يدفعه اطلاقات الادلة ، و خصوص قول سيدنا الرضا علیه السّلام فيما كتبه الى المامون تعليلا للمنع عن قول السلام علينا في التشهد الأول ان تحليل الصلوة التسليم فاذا قلت هذا فقد سلمت ، فانه کماتری صريح في ان تحقق الخروج من الصلوة بهذه الصيغة انما هو لكونها مصداقا للتسليم المحلل ، و من المعلوم ان المامون لم يقصد باتيان هذه الصيغة في التشهد الأول الخروج من الصلوة ، ومع ذلك علل علیه السّلام النهى عن اتيانها في التشهد الاول بكونها مصداقا للتسليم المحلل، فيكشف ذلك عن ان حصول التحليل بالسلام غير متوقف على القصد بل هو بنفسه محلل شرعا و ان اريد وجوبها مستقلا من غير ان تكون جزء من الصلوة ولا تحليلا للمنافيات بل تعقيب اوجبه الشارع، ففيه مضافا الى ظهور مادل من الاخبار المستفيضة على تحقق الانصراف والخروج عن الصلوة بالسلام علينا، فى انه لاشيء عليه بعد الاتيان بهذه الصيغة وله ان يمضى فى حوائجه، ان من الواضح بحيث لا يكاد يرتاب فيه من

ص: 664

تدبر فى النصوص والفتاوى ، ان الشارع لم يوجب تسليما وراء ما جعله تحليلا للصلوة والالتزام بان السلام المحلل انما هو السلام عليكم ، ولا ينافي ذلك تحقق الخروج عن الصلوة قبله بالسلام علينا ، بل هو مقتضى الجمع بين الاخبار المستفيضة المصرحة بحصول الانصراف والخروج بالسلام علينا و بين النصوص الامرة بالتسليم الذى هو لدى الخاصة والعامة اسم لخصوص السلام عليكم يدفعه مامر من صراحة قول الرضا علیه السّلام فيما كتبه الى المامون ، و قول ابيعبد الله علیه السّلام في خبر الاعمش، تعليلا للمنع عن قول السلام علينا في التشهد الاول، لان تحليل الصلوة هو التسليم فاذا قلت هذا فقد سلمت ، في ان تحقق الخروج من الصلوة بهذه الصيغة ، انما لكونها مصداقا للتسليم المحلل هذا ثم بناء على المختار من استحباب الصيغة الثانية في صورة الجمع بينها و بين الأولى، بل هى من الاجزاء المستحبة للصلوة ، او من المستحبات المستقلة عقيبها وجهان من ظهور اغلب ادلة استحبابها كرواية أبي بصير ونحوها في انها من مستحبات الصلوة ، ومن ظهور الروايات الدالة على تحقق الخروج بالسلام علينا، فى تحقق الفراغ عن الصلوة راسا بالصيغة الاولى ، فتدل بالالتزام على كون الثانية من المستحبات المستقلة عقيب الصلوة اللهم الا ان يحمل الخروج على الخروج والفراغ عن الهيئة الركنية الواجبة، فلاينا في عدم الخروج عن الهيئة المركبة المستحبته ، أو يحمل الخروج على الخروج عن الصلوة باعتبار اجزائها المرتبطة التى ينافيها تخلل الحدث فيما بينها ، فلاينا في عدم الخروج عنها باعتبار جزئها الذى لم يلاحظ الارتباط والاتصال بينه وبين الاجزاء السابقة على وجه يقدح تخلل المنافي بينه و بين الاجزاء السابقة ، او يحمل الخروج بالصيغة الاولى على كونها اد في ما يجزى من التسليم المخرج ، فلا ينافي كون المجموع المركب منها و من الصيغة الثانية اكمله، فالصيغة الثانية على تقدير جزئيتها للصلوة ليست جزء مبائنا للصيغة الأولى التي يتحقق بها الفراغ، بل هى من مستحباتها الموجبة لصيرورتها اكمل افراد التسليم المخرج ، او يقال ان الصيغة الثانية الماتى بها عقيب

ص: 665

الاولى لو قلنا يجزئيتها للصلوة، فليست جزء مبائنا للتسليم الذى هو اخر اجزاء الصلوة وتحليلها، بل هي من متمماته بماهو هولا بما هو محلل ومخرج، ويساعد ذلك الاعتبار، فان التسليم المخرج وانكان جزء من الصلوة، الا انه ليس في عرض سائر الاجزاء ، بل هو بمنزلة التوديع والتسليم الذي يؤتى به فى اخر المحاورات والمكاتبات علامة لانقضاء المطالب فكما ان العلامة لانقضاء المطلب فى المحاورات والمكاتبات، تتحقق بتعقبها بلفظ السلام عليكم في قولنا السلام عليكم و رحمة الله وبركاته ، ويكون البقية من متممات ما يقع به العلامة بماهو هولا بماهو علامة كذلك الفراغ والتحليل في المقام يتحقق بالصيغة الاولى ويكون الثانية من متممات الاولى بماهي هي لا بماهي مجرجة ومحللة هذا ثم لوقدم الصيغة الثانية اعنى السلام عليكم ، فهل تستحب الاولى ام لاقولان اقويهما الثاني ، اذلم يوجد في الاخبار ما يدل عليه ، اللهم الا ان يستدل له بفتوى الفقيه كالمحقق في الشرايع والشهيد فى اللمعة من باب التسامح في ادلة السنن ولو اقتصر على الصيغة الثانية فهل يجوز الاكتفاء بالسلام عليكم ، او يجب اضافة رحمة الله و بركاته فيه خلاف ، فالمحكى فى البيان عن الاكثر هو الاول ، و هو الاقوى اذيدل عليه مضافا الى الاصل بناء على المختار من جريان البرائة في الارتباطيات ، والى اطلاق ادلة التسليم الشامل لهذا الفرد بل هو من اوضح افراده ، خصوص رواية الحضر مي عن الصادق علیه السّلام قال قلت له انى اصلى بقوم ، فقال تسلم واحدة ولا تلتفت قبل السلام عليك أيها النبى و رحمة الله و بركاته السلام عليكم ، و ما عن البزنطى عن ابن أبي يعفور عن الصادق علیه السّلام قال سئلته عن تسليم الامام و هو مستقبل القبلة قال علیه السّلام يقول السلام عليكم ، و ما في ذيل رواية أبي بصير المتقدمة من قوله علیه السّلام ثم تؤذن القوم و تقول وانت مستقبل القبلة السلام عليكم نعم يحتمل ان يكون المقصود بالسلام عليكم فيهذه الاخبار الاشارة الى السلام المعهود المتعارف عندهم باسقاط جزئه الاخير اتكا لاعلى معهوديته، لكن هذا الاحتمال بمجرده لا يجدى في رفع اليد عن ظهور هذه الاخبار في كون السلام عليكم تمام ما تعلق به الغرض لاجزئه،

ص: 666

نعم لو وجد دليل على وجوب زيادة و رحمة الله و بركاته، كان هذا الاحتمال وجه جمع بين هذه الاخبار و ذاك الدليل ، لكن الدليل على وجوب الزيادة مفقود ، اذ لم يرد هذه الزيادة الا في بعض الاخبار الحاكية لفعل المعصوم علیه السّلام القاصر عن إفادة الوجوب ، نعم في مرسلة دعائم الاسلام عن جعفر بن محمد علیهما السلام قال اذا قضيت التشهد فسلم عن يمينك وعن شمالك تقول السلام عليكم و رحمة الله السلام عليكم ورحمة الله، لكن هذه الرواية مضافا الى ضعفها، لادلاله لها ازيد من الاستصحاب كما لا يخفى .

ثم ان هنا فر عالا باس بالتعرض له ، وانكان الانسب التعرض له في باب الخلل، وهوانه لوسنى التسليم الى ان وقع المنافى المطلو كالحدث فظاهر المشهور بطلان صلوته لوقوع المنافى فى اثنائه وهو مبطل لها مطلقا اجماعا ، و يرد عليهم ما اورده الاستاد دام ظله وفاتا الشيخ مشائخنا المرتضى الانصاري قدس سره، تارة بمنع الصغرى واخرى بمنع الكبرى ، أما منع الصغرى وهى كون هذا الحدث الواقع قبل السلام المنسى من وقوع الحدث في الاثناء ، فلضرورة ان بمجرد وقوع المنافي يصير التسليم المنسى غير ممكن التدارك ، ومعه يعمه حديث لاتعاد الدال على نفى الاعادة من جهة نقص غير الخمس سهوا ، فاذا عمه الحديث فعلى المختار من حكومة الحديث على ادلة الاجزاء والشرائط و تخصيصها بحال العمد والاختيار ، يكون منع الصغرى واضحا ، بداهة ان السلام المنسى حينئذ ليس جزء للصلوة كي يكون الحدث الواقع قبله واقعا في اثناء الصلوة ، وأما على ماذهب اليه شيخنا الانصاري قدس سره من استمالة التنويع بحسب الذكر والنسيان ، و ان مفاد الحديث ليس الا تقبل الماتى به الناقص مكان المامور به فى مقام الامتثال مع بقاء الجزء المنسى على جزئيته ، فلان معنى تقبل الاكتفاء به عن المامور به ، والعفو عن وجوب انضمام التسليم اليه على

الناقص هو وجه الجزئية ، ومعه يكون الحدث الواقع بعد الناقص و قبل التسليم كالواقع بعد الصلوة حكما ان قلت ان الحديث لو كان في مقام الحكم الفعلى فشموله للتسليم المنسى فى المقام مستلزم للتهافت في مدلوله صدرا وذيلا ، اذلاريب في انه كما يصدق

ص: 667

نسيان التسليم يصدق ايضا وقوع الحدث في الاثناء ، فكما ان مقتضى عموم جملة المستثنى منه من الحديث هو عدم لزوم اعادة الصلوة من جهة نسيان التسليم ، كك مقتضى عموم جمله المستثنى هو لزوم اعادة الصلوة من جهة الاخلال بقيدها الركني اعنى الطهارة بوقوع الحدث في الاثناء وتوهم ان الاخلال بالتسليم حيث يكون قبل الاخلال بالطهارة ، فيكون مشمولا للحديث قبل الاخلال بها ، و معه لا يبقى مجال لشموله للاخلال بها كى يلزم التهافت في مدلوله مدفوع بان الاخلال بالتسليم و انكان قبل الاخلال بالطهارة ، لكن الاخلال به حيث لا يكون مشمولا الحديث الا بعد وقوع الحدث الموجب للاخلال بالطهارة ، فيكون شمول الحديث لهما في عرض واحد من غير تقدم و تاخر اصلا فشموله لاحدهما دون الاخر ترجيح بلامرجح ، و شموله لكليها مستلزم للتهافت فى مدلوله ، فالمتعین عدم شموله شيء منهما ، و مقتضى القاعدة الاولية هو الحكم ببطلان الصلوة لوقوع الحدث في اثنائها ، وانكان الحديث في مقام الحكم الحيثى كما هو الحق ، فلا يجدى لما نحن فيه اصلا ، ان ليس الكلام فى نفى الاعادة من جهة نقص التسليم ، بل المدعى هو البطلان من جهة وقوع المبطل في الاثناء.

قلت ان الاخلال بكل من التسليم والطهارة و ان كان فبحد نفسه مع مع قطع النظر عن الاخر مشمولا للحديث في عرض الاخر من غير تقدم ولا تاخر زمانی اصلا ، الا ان صدر الحديث حيث يكون بشموله للاخلال بالتسليم واردا او حاكما على ذيله من حيث شموله للاخلال بالطهارة، لارتفاع موضوع الاخلال بها حقيقة او مع شمول الصدر للاخلال بالتسليم ، و هذا بخلاف العكس ان شمول ذيل الحديث للإخلال بالطهارة لا يوجب ارتفاع موضوع الاخلال بالتسليم بل يكون مضادا لشمول الصدور له حكما ، فيدور الامر في المقام بين الالتزام بخروج الاخلال بالتسليم عن عموم الصدر حكما و من باب التخصص ، او الالتزام بخروج الاخلال بالطهارة عن عموم الذيل موضوعا ومن باب التخصيص ، ولا شبهة في تعين الثاني لان

ص: 668

الاول مخالف للقاعدة بخلاف الثاني، وبعبارة اخرى فردية الاخلال بالطهارة لعموم الذيل معلقة على عدم شمول الصدر حكما للاخلال بالتسليم ازشموله له يوجب خروج الاخلال بالطهارة موضوعا عن عموم الذيل، وهذا بخلاف الاخلال بالتسليم فانه فرد لعموم الصدر مطلقا من غير تعليق على عدم شمول الذيل حكما للاخلال بالطهارة، و من الواضح في كل ما كان هناك عامان كان لاحدهما فرد مطلق وللاخر فرد كانت فرديته له معلقة على عدم شمول حكم ذلك العام لفرده المطلق، ان اللازم هو الالتزام بشمول ذلك العام لفرده المطلق دون العام الاخر لفرده المعلق ، اذعدم شمول ذلك العام لفرده المطلق مستلزم للتخصيص بلا محضص، و هذا بخلاف عدم شمول العام الاخر لفرده المعلق فانه يكون من باب التخصص، و من هنا قلنا بتقديم الاصل الجارى فى الشك السببي على الجارى فى الشك المسببى ثم لافرق فيما ذكرنا من ورود صدر الحديث او حكومته من حيث شموله للاخلال بالتسليم ، على ذيله من حيث شموله للاخلال بالطهارة ، بين مالو كان الحديث في مقام الحكم الفعلى او الحكم الحيثى اما على المختار من كون الحديث حاكما على ادلة الاجزاء والشرائط ومخصصا لها بحال الذكر والاختيار فواضح ، اذنفى الاعادة سواء كان حكما فعليا او حيثيا من جهة نقص التسليم ، حيث يكون حينئذ للارشاد الى عدم جزئية التسليم في حال النسيان ، فيكون موجبا لارتفاع موضوع الاخلال بالطهارة حقيقة ، اذليس الحدث الواقع قبل التسليم المنسى حينئذ واقعا في الاثناء كي يوجب الاخلال بالطهارة واما على ما ذهب اليه الشيخ الانصاري قدس سره من استحالة التنويع بحسب الذكر والنسيان وان مفاد الحديث ليس الا تقبل الماتى به الناقص مكان المامور به فى مقام الامتثال مع بقاء الجزء المنسى على جزئيته بقاء الجزء المنسى على جزئيته ، فلان معنى تقبل الناقص هو تنزيل منزلة المامور به التام ، ولازم هذا التنزيل عرفا كون الحدث الواقع بعد الناقص و قبل التسليم كالواقع بعد الصلوة حكما ، فيكون موجبا لارتفاع موضوع الاخلال بالطهارة حكما وحينئذ فيكون صدر الحديث من حيث شموله للاخلال بالتسليم حاكما على ذيله من حيث شموله للاخلال بالطهارة.

ص: 669

و توهم ان حكومة صدر الحديث على ذيله انما تجدى في الحكم بصحة الصلوة ، فيما لو كانت الطهارة شرطا للمصلى او شرطا مقارنا لاجزاء الصلوة ، دون ما اذا كانت شرطا لاجزاء الصلوة على نحو الارتباط بانكان كل جزء مشروطا ببقاء الطهارة الى اخر الصلوة ، اذ حينئذ يكون الاخلال بالطهارة المعتبرة في حال التسليم موجبا للاخلال بالطهارة المعتبرة فى الاجزاء السابقة ، و من المعلوم ان حكومة الصدر على الذيل فى المقام لا تجدى الا فى نفى اعادة الصلوة من حيث الاخلال بالطهارة المعتبرة فى حال التسيلم ونفى الاعادة من حيث الاخلال بالطهارة المعتبرة في حال التسليم لا ينافي الزوم الاعادة من حيث الاخلال بالطهارة المعتبرة في الاجزاء السابقة عليه كما لا يخفى.

مدفوع بان كون الطهارة شرطا لاجزاء الصلوة على نحو الارتباط لا دليل عليه، بل المستظهر مما دل على ان من نسى التشهد الى ان احدث فليتوضا ، وليعد الى مكانه او مكان اخر فليشهد ، هو ان الطهارة شرط مقارن لكل جزء جزء من إجزاء الصلوة ، لا انها شرط لها على نحو الارتباط كما لا يخفى ، هذا تمام الكلام في منع الصغرى واما منع الكبرى و هي كون الحدث الواقع فى اثناء الصلوة مبطلالها مطلقا ولوكان عن سهو واضطرار ، فلان الدليل عليهذه الكبرى ليس الا الاجماع، والقدر المتيقن منه هوما اذا وقع الحدث بين الاجزاء الركنية، فلادليل على بطلان الصلوة بالحدث الواقع بين الاجزاء الغير الركنية كما في المقام ، و مقتضى الاصل عدم بطلانها به، بل هو مقتضی ما دل على عدم بطلان الصلوة بالحدث الواقع قبل التشهد والتسليم كما هو واضح فتدبر ، فتبين مما ذكرنا ان الأقوى في الفرع عدم بطلان الصلوة ، لكن الاحتياط بالجمع بين التوضى والتسليم و اعادة الصلوة ا ينبغي تركه.

ثم ان المقام يكون مشمولا لطائفتين من الاخبار احد يهما مادل على ان من احدث قهرا قبل التشهد مضت صلوته وعليه ان يتوضاء ويقضى التشهد ، معللا بان التشهد مما سنه النبي صلی الله علیه و آله و سلّم، فانها بعموم ماوقع فيها من التعليل تشمل المقام ايضا ، لانها بلحاظ التعليل تدل على ان كل جزء كان مما سنه النبى صلی الله علیه و آله و سلّم اذا وقع الحدث

ص: 670

قبله قهرا ، لا يوجب بطلان الصلوة بل تكون الصلوة صححيحة ماضية ، و انما يجب قضاء ذلك الجزء الذى وقع الحدث قبله و مقتضى ذلك وجوب قضاء السلام فيما نحن فيه ثانيتهما مادل على وجوب سجدتي السهو لكل زيادة و نقيصة غير ركنية ، وحيث لا يمكن الجمع بين الحكمين اعنى وجوب القضاء و وجوب سجدتي السهو ، فلابد من الحكم في المقام بوجوب القضاء دون سجدتي السهو ، و ذلك لان وجوب القضاء من احكام فوت الجزء ، و وجوب سجدتي السهو من احكام السهو فيه ، ومن المعلوم تقدم ما يترتب على الشيء بعنوانه الذاتي على ما يترتب عليه بعنوانه العرض فتدبر اللهم الا ان يمنع عن شمول الطائفة الاولى للمقام ، بدعوى ان قوله علیه السّلام فيها انما التشهد سنة في الصلوة ، تعليل لخصوص الحكم بصحة الصلوة وعدم كون الحدث الواقع قبل التشهد مبطلا لها ، لا تعليلا له وللحكم بوجوب القضاء ايضا كي نحكم بعموم التعليل بوجوب القضاء في المقام ايضا فتدبر ثم اعلم انه لا يمكن الاحتياط في المسئلة بحيث تحصل مراعاة جميع الاقوال فيها، ضرورة انه لواكتفى باحدى الصيغتين كما اخترناه ، كان مخالفا للقول بتعيين ما تركه منهما ، وان اتى بهما فان لم ينو الخروج بشيء منهما كان مخالفا للقول بوجوب نية الخروج ، و ان نوى الخروج بالاولى كان مخالفا للقول بتعين الثانية و وجوب نية الخروج بها ، فتبطل الصلوة حينئذ بالتسليم المتقدم النوى به الخروج ، وان نوى الخروج بالثانية كان مخالفا للقول بتعين الاولى ووجوب نية الخروج بها فالاحوط ان يجمع بين الصيغبتن من غير نية الخروج بالاولى ولا بالثانية بل بما هو مخرج منهما في علم الله ، كما ان الاحوط منه الاتيان بالسلام عليك ايها النبى و رحمة الله وبركاته ، لماحكى من القول بوجوبه عن بعض مستدلا عليه بقوله تعالى يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ، بتقريب ان الاية الشريفة تدل على وجوب التسليم عليه صلی الله علیه و آله و سلّم، ولا وجوب له في غير الصلوة اجماعا ، فلابد ان يكون واجبا في الصلوة ، و بالامر به في بعض الاخبار ، كموثقة ابى بصير المشتملة على التشهد الطويل، حيث قال علیه السّلام فيها بعد

ص: 671

ان ذكر تشهدا طويلا مشتملا على التحيات وكثير من المسنونات ، ثم قل السلام عليك ايها النبى و رحمة الله وبركاته السلام على انبياء الله و رسله السلام على جبرئیل و میکائيل والملائكة المقربين السلام على محمد بن بن عبدالله خاتم النبيين لا نبي بعده السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ثم تسلم ، ورواية ابي بكر الحضرمي عن ابيعبد الله علیه السّلام، قال قلت له انى اصلى بقوم فقال تسلم واحدة ولا تلتفت قبل السلام عليك ايها النبي و رحمة الله وبركاته السلام عليكم الحديث وفيه ان الاية الشريفة لاندل على وجوب السلام على النبي صلی الله علیه و آله و سلّم ، و ذلك لاحتمال ان يكون المراد من التسليم فيها هو الانقياد له صلی الله علیه و آله و سلّم ، و على تقدير الدلالة فلابد من رفع اليد عنها بمخالفتها الاجماعات المستفيضة على عدم وجوبه ، و للنصوص انخاصة المصرحة بعدم حصول التحليل والانصراف به و انه من الصلوة ، كقوله علیه السّلام في خبر ابى كهمش المتقدم فى جواب السؤال عن ان السلام عليك ايها النبي ورحمة الله و بر كاته انصراف هو، قال علیه السّلام لا ولكن اذا قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فهو الانصراف، وقوله علیه السّلام في خبر الحلبي كلما ذكرت الله عز وجل به والنبى صلی الله علیه و آله و سلّم فهو من الصلوة وإن قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد انصرفت ، فاذا لم يكن السلام على النبي صلی الله علیه و آله و سلّم تحليلا بمقتضى هذه النصوص فلايكون واجبا لما تقدم من النصوص والفتاوى ومعاقد الاجماعات على عدم وجوب غير الشهادتين والصلوة على النبي صلی الله علیه و آله و سلّم والتسليم الذى يتوقف عليه الخروج من الصلوة ، واما ما وقع من الامر به في موثقة ابي بصير و رواية ابى بكر المتقدمتين، فهو محمول على الاستحباب بشهادة ما عرفت هذا مضافا الى قصور الأمر به فى الروايتين فيحد ذاته عن الدلالة على الوجوب ، اما الرواية الاولى فواضح بعد كون الامر به فيها مسبوقا و ملحوقا باشياء كثيرة كلها مستحبة، واما الرواية الاخيرة فلان الظاهر منها ان المقصود بالاصالة من الامر فيها هو السلام عليكم ، و انما ذكر السلام عليك أيها النبي توطئة لبيان المراد من التسليم الواحد من غير التفات عن القبلة ، فكانه علیه السّلام قال قل السلام عليكم عقيب السلام عليك

ص: 672

ايها النبى من غير ان تلتفت عن القبلة الى طرف ثم انه صرح جماعة جماعة

بعدم جواز ان يقصد المصلى بالتسليم التحية وانه لوقصدها به بطلت صلوته ، وما يمكن ان يكون مستند الهم امر ان لا ثالث لهما ، احدهما ان المامور به هو التلفظ بالتسليم بقصد الحكاية عن التسليم الذى سلم به خاتم النبيين ، فلا يمكن الجمع بينه و بین التلفظ به بقصد التحية ، لاستلزامه للجمع بين لحاظ اللفظ استقلاليا و لحاظه اليا فانيا في المعنى ، فاذا لم يمكن الجمع بينهما فلا يتحقق امتثال الامر به اذا تلفظ به بقصد التحية ، ثانيهما انه لو قصد به التحية فيصير كلاما آدميا فتبطل به الصلوة و في كلا الامرين مالا يخفى ، اما الاول فلان الجمع بين التلفظ به بقصد الحكاية والتلفظ به بقصد ارادة المعنى اعنى التحية وان لم يمكن فى عرض واحد ، الا ان الجمع بينهما طولا فى غاية الامكان ، اذ لا منافاة بين حكاية اللفظ و ارادة المعنى منه بطريق اللزوم بجعل الحكاية امارة له ، هذا مضافا الى المنع عن كون المطلوب في التسليمات هو خصوص وجودها الحكايتي ، بل الظاهر من ادلتها خلافه ولذا لم يستشكل احد في جواز قصد الدعاء بها ، واما الثاني فلان التلفظ بالتسليم بقصد ارادة المعنى والتحية و انكان يجعله كلاما ادميا ، الا ان الكلام الادمى انما يكون مبطلا للصلوة فيما اذا تكلم به في غير المحل المقرر له شرعا ، و من المعلوم ان التسليم بما هو كلام ادمی جعل شرعا جزء من اخر الصلوة و مخرجا عنها ، كما يدل عليه قوله علیه السّلام في خبر المفضل بن عمر المتقدم في جواب السئوال عن حكمة جعل التسليم تحليل الصلوة لانه تحية الملكين ، وقوله فى خبر عبدالله بن الفضيل المتقدم والسلام اسم من اسماء الله عز وجل واقع من المصلى على ملكى الله الموكلين هذا.

بقى هنا فرعان لاباس بالتعرض لهما الأول لو دخل في الصلوة ظانا بدخول الوقت ولم يدخل الوقت ، ودخل الوقت بعد السلام الاول ، فعلى القول بوجوب التسليم الثانى ايضا عند الجمع بينهما لا اشكال في صحة صلوته ، بناء على شمول قوله

ص: 673

علیه السّلام في رواية ابن رياح اذا صليت وانت ترى انك في الوقت ولم يدخل الوقت فدخل الوقت وانت في الصلوة فقد اجزات عنك ، لما اذا دخل الوقت قبل التسليم الواجب ايضا ، واما على القول باستحباب التسليم الثانى عند الجمع بينه و بين الاول فيشكل الحكم بصحة صلوته، و ذلك لان التسليم الثانى عليهذا القول يكون جزء على تقدير الوجود، بمعنى انه لو انضم الى السلام الاول يصير جزء للصلوة، و اما لولم ينضم اليه فتكون الصلوة تامة فيحد نفسها غير محتاجة في اتصافها بالتمامية الى التسليم الثاني اصلا و عليه فيكون دخول الوقت بعد التسليم الاول ، بعد تمامية الصلوة لا فى اثنائها - كى يكون مشمولا للرواية الثانى لوشك بعد التسليم الأول في تحقق بعض المنافيات، فعلى القول بوجوب التسليم الثانى ايضا عند الجمع بينهما، فلا اشكال في عدم جريان قاعدة الفراغ ، لعدم صدق الفراغ عن الصلوة قبل التسليم الثاني عليهذا القول واما على القول باستحباب التسليم الثاني، فلا اشكال في جريان القاعدة على ما هو المختار من رجوع قاعدة الفراغ الى قاعدة التجاوز، و شمول قاعدة التجاوز المشك في الموانع ايضا اما لاجل شمول الشيء في قوله علیه السّلام انما الشك في شيء لم تجزه للموانع التي يكون عدمها معتبرا ، واما لاجل عموم التعليل بقوله علیه السّلام لانه حين العمل اذكر منه حين يشك لها ايضا، وذلك لان الموانع وانكان اكثرها اعتبر عدمها من اول الصلوة الى اخرها ، لكن اعتبارهاك ، ليس بمعنى كون عدمها معتبرا في مجموع اجزاء الصلوة كيلا يجرى فيها قاعدة التجاوز، بل بمعنكونه معتبرا في جميع اجزائها فيكون لعدمها محال عديدة حسب تعدد اجزاء الصلوة ، ولذا لوشك فى انه تكلم بكلام ادمى فى الجزء السابق تجرى في حقه قاعدة التجاوز بلا اشكال ، مع أن التكلم مما اعتبر عدمه من اول الصلوة الى اخرها.

و اما على ما اختاره جماعة من انهما قاعدتان لاربط لاحديهما بالاخرى ، فالظاهر ايضا جريانها(1)، وذلك لما عرفت انفا من ان التسليم الثاني على القول

ص: 674


1- ای جریان قاعدة الفراغ

باستحبابه، يكون كتجصيص جدار البيت في اند يكون جزء على تقدير

الوجود، فكما يصدق فيما اذا فرغ عن بناء جدر ان البيت و سففه مع بقاء تجصیصه انه فرغ من بناء البيت، كذلك يصدق فيما اذا اتى بالتسليم الاول انه

فرغ من الصلوة ، فاذا صدق بمجرد اتيان التسليم الاول الفراغ من الصلوة ، فيكون الشك بعده فى تحقق بعض المنافيات من الشك بعد الفراغ فتدبر جيدا، هذا تمام الكلام فى افعال الصلوة و تيلوه الكلام فى قواطعها . في الجزء الثالث من الكتاب انشاء الله وتعالى.

ص: 675

ص: 676

صفحه ... سطر ... خطاء ... صواب

1 ... 12 ... الفراض ... الفرائض

4 ... 3 ... من ... عن

6 ... 2 ... الحيث ... الحث

7 ... 14 ... المستملة ... المشتملة

8 ... 12 ... هی ... انماهی

9 ... 12 ... يؤئر ... يوتر

- ... 16 ... تم ... ثم

14 ... 12 ... وكعات ... رکعات

15 ... 8 ... خطلة ... حنظلة

18... 13 ... كلام ... كلا

20 ... 7 ... اختصاصة ... اختصاصه

24 ... 24 ... عد ... عدا

25 ... 22 ... القدر ... الفجر

27 ... 2 ... لكلها ... لكنها

- ... 19 ... تغفیب ... تغیب

28 ... 24 ... نوابعه ... ثوا بعه فيه

29 ... 18 ... اصلهما ... اصليها

- ... - ... قلت عليه السلام ... علیه السلام فلت

32 ... 6 ... الخبر مقدار ... مقدار

- ... 10 ... وقت واحد ... وقتا واحدا

42 ... 7 ... المقرب ... المغرب

- ... 12 ... ولا ... فلا

- ... 16 ... عمر ... عمروا

- ... 16 ... واعشر ... عشر

43 ... 1 ... والعشائين ... العشائين

46 ... 16 ... اداء الصلوة ... اداء اصل پیکره الصلوة

- ... 17 ... اصل پیکره ... -

48 ... 22 ... الجنس ... الجنس

- ... 23 ... الجنس ... الجنس

- ... 24 ... وجب الى آخر ... وجب عليه قضاء

سطر غلط است ... الصلوة مع الثوب

- ... - ... - ... الطاهر فاذا فرض استناد فوت الصلوة الاختيارية الى مانع

49 ... 1 ... قضاء واداء ... اداء وقضاء

- ... 18 ... وظيفها ... وظيفتها

50 ... 14 ... خرخيا ... قدخرجنا

51 ... 2 ... العلي ... العلمي

- ... 6 ... من ... منع

52 ... 12 ... منية ... مبنیة

- ... 13 ... على بنياه ... على ما بينا

- ... 5 ... الى هى ... التي هي

52 ... 18 ... الاخذية ... الاخذبه

- ... 21 ... تعمدة ... تعمده

53 ... 21 ... منذد ... ندر

54 ... 1 ... قرتية ... قرينة

- ... 20 ... فيكون ... فتكون

57 ... 22 ... ا ... اليه

58 ... 3 ... فيه ... فيها

- ... 6 ... فلما ... قلما

59 ... 18 ... اعدت ... اعدت

60 ... 1 ... شرعته ... شرعية

- ... 4 ... الاقطار ... الافطار

- ... 16 ... صباح ... صباح

61 ... 7 ... البنية ... البينة

- ... 10 ... الغير ... غير

- ... 13 ... البنية ... البينة

- ... 14 ... ان ان ... ان

- ... 18 ... ملازمة ... الملازمة

63... 5... ذخل ... دخل

66 ... 12... القاضة ... القاضية

69... 5 ... تنخيل ... بتخيل

ص: 677

صفحه ... سطر ... خطاء ... صواب

69 ... 14... ساتر... سائر

72... 16... بقصد ... بقصده

- ... 21 ... شمول للاتعاد ... عدم شمول لاتعاد

73 ... 3 ... لاحقه ... لاحقة

74 ... 3 ... جسما ...حسبما

- ... 17 ... في راس ... فى مقابل رأس

75 ... 1 ... الحقيقة ...الحقيقية

- ... 15 ... جسما ... حسبما

- ... 19 ... الحقيقة ... الحقيقيه

- ... 20 ... الحقيقية ... الحقيقيه

76 ... 10 ... من الكعبة ... مع الكعبة

77 ... 20 ... الكافة ... لكافة

79 ... 13 ... العيد ... البعد

80 ... 17... التفضيلي ... التفصيلي

81 ... 7... العرفة ...العرفية

- ... 10 ... بين .... ما بين

- ... 15 ... اتكان ... انکان

- ... 17 ... لتياسر ... التياسر

83 ... 10... الغير ... غير

- ... 21... بيتهما ... بينهما

84 ... 15 ... يعرونه ... يعيرونه

- ... 20 ... لمعلم ... لم يعلم

85 ... 1 ... تولوا ... -

87 ... 2 ... المحير ... المتحير

- ... 24... آخر ... -

90 ... 3... قوطه ... سقوطه

91 ... 16... السجود ... والسجود

92 ... 16... يعيده ... يبعده

- ... 21 ... تولولوا ... تولوا

93 ... 24 ... ته ... تعلقه

94... 7... بالاستدبار ... -

96 ... 4... فيادة ...فتارة

- ... 8 ... اوجوبها ... اووجوبها

98 ... 6... للتقييد ... لتقييد

- ... 8 ... بمهما ... بها

103 ... 23 ... فتحض ... فتختص

105 ... 20 ... جعفر ... جعفر

108 ... 19... صدور ... صدر

109 ... 10... التفاوت ... التفات

110 ... 10 ... توجه ... توجيه

111 ... 2 ... اجل ... اخل

112 ... 18 ... لحرة الحرة نصلى فى ثلثة اثواب ازار و درع و خمار اوفی نر بین درع وملحفة او ملحفة واحده اذا التفت بها

115 ... 15... بعضة ... المبعضة

117 ... 7 ... بالمغضوب ... بالمغصوب

- ... 10 ... بها ... به

- ... 19 ... ناظر ... ناظرا

- ... 20 ... وامثال ... و امثال ذلك

118 ... 17 ... كارتفاء ... کارتفاع

119 ... 2 ... بعيرة ... بعبارة

- ... 8 ... القبود ... القعود

120 ... 15 ... اقعاله ... افعاله

122 ... 20 ... يحصيل ... يحصل

- ... 24 ... تقرد ... قد تقرر

124 ... 1 ... المامور ... المامور

- ... 24 ... مطلق لو با ... مطلوبا

125... 6 ... اختیار ... اختيارا

- ... 12... ادادته ... ارادة

- ... 15... الفعا ... الفعل

- ... 22... انصيغ ... انصبغ

127 ... 19 ... الناو ... النار

128 ... 4 ... اولتها ... او عليتها

128 ... 22 ... الفيغوضية ... المبغوضية

137 ... 12... الكيمحت ... الكيمخت

140 ... 14 ... الطريقي ... الطريقي

- ... 16 ... بالطريق ... بالطريق فتامل

ص: 678

صفحه ... سطر ... خطاء ... صواب

140 ... 16 ... و ذلک تا ... فتامل که در سطر 18 است زائد است.

143... 11... النفتة ... التقية

147... 1... اخبار ... اخبارا

- ... 8... مطقا ... مطلقا

148... 18... لفظه ... لفظة

- ... 22 ... التفضيل ... التفصيل

149... 11... زکیا ... ذكيا

150 ... 18... المانقة ... المانعة

151 ... 10 ... اضوصة ... التصوص

155 ... 22... دوایتان ... روايتين

- ... 23... الادنب ... الارنب

157 ... 1... المانع ... وجود المانع

- ... - ... هومن ... عدمه من

158 ... 1 ... لا يتلانه ... لا بتلائه

- ... 11 ... البنت ... الباب

- ... 13 ... تنيك ... تينك

195 ... 8... الى ما ... الى عدم ما

160 ... 15 ... عنى ... اعنى

163 ... 13... يوجب ... کی یوجب

167 ... 15... المقد ... المقيد

168 ... 13 ... ذهبت ... ذهب

170 ... 4... بظاهرها ... بما هوظاهرها

- ... 8 ... لحمد ... لحمه

171 ... 2 ... المشك ... الشك

- ... 10 ... شرفيته ... شرطية

- ... 15 ... مستذا ... مستندا

- ... 17... بتطل ... تبطل

- ... 18 ... مقتضاة ... مقتضاء

172... 2... المتسك ... المتمسك

- ... 4... منه ... منة

- ... 11... ابتان ... اتیان

- ... 18... المتحمل ... المحتمل

173 - ... 9 ... بدتر ... تدبر

- ... 10 ... للرضیعیات ... للوضعيات

- ... 13... بغدم ... بعدم

- ... 15 ... مبتنا ... مثبتا

173 ... 18 ... عيرها ... غيرها

174 ... 2 ... للقرنيته ... للقرينية

- ... 12 ... باقتصاء ... باقتضاء

- ... 24 ... على الشك ... على الجارى فى الشك

175 ... 14 ... الحك ... الشك

176 ... 22 ... اواو ... او

180 ... 18 ... المغروض ... المعروض

- ... 21... اجرائة ... اجرائه

188 ... 7 ... اللبرائة ... للبرائة

189 ... 21... فتما ... فيما

191 ... 24 ... فاذا كا ... فاذا كان

195 ... 9 ... من الاستتاد ... مع الاستناو

199 ... 13 ... مرض ... مرض كداء القمل

201 ... 6 ... التقدير ليست زائد

- ... 7 ... عليهذا متفرعة عليهذا التقدير ليست

- ... 20 ... فهيا لها .. فيحالها

203 ... 8 ... الغير ... غير

204 ... 5 ... جواز ... جواز لبس

205 ... 5 ... المصلحة ... المصطلحة

- ... 11 ... فی موردا ... فيه موردا

206 ... 18 ... مقدادا ... مقدار

207 ... 22 ... الاخبار ... اخبار

208 ... 20 ... افاده ... ما افاده

208 ... 22 ... با لذهب ... بالذهب بالذهب دوم زائد است

209 ... 3 ... وجواب ... ووجوب

- ... 12 ... الواجب عن ... الواجب في الصلوة كك لا يجتزى به فى الستر الواجب عن النظر

- ... 14 ... فقيه ... ففيه

ص: 679

صفحه ... سطر ... خطاء ... صواب

210 ... 11 ... يسجد ... يسجدان

- ... 12 ... ان ولا ... ولا

213 ... 2 ... قال ... من انه قال

215 ... 7 ... تقييد ... يتقيد

- ... 23 ... الللين ... اللين

216 ... 12 ... ما ظهر ... بماظهر

- ... 13 ... الاصول ... في الاصول

- ... 20 ... سند ... سندا

- ... 21 ... اوكثرة ... وكثرة

- ... 22 ... منه ... منها

- ... 23 ... آمنه ... امنه

217 ... 1 ... آمنهم ... امنهم

221 ... 13 ... من الاثناء ... في الاثناء

222 ... 8 ... بالملازة ... بالملازمة

- ... 23 ... الرفع ... لاتعاد

223 ... 6 ... الصورية ... الصورة

- ... 8 ... عن عن زيه ... عن زيه

- ... 24 ... لغير الجامعة ... الجامعة

- ... - ... فيها مطلوبة ... فيها مقيدة بحسب المادة بحال الاختيار والصلوة الفاقدة لبعض ما اعتبر فيها مطلوبة

224 ... 4 ... فيجبر ... ينجبر

- ... 10 ... ميغوضة ... وليست مبغوضة

226 ... 17 ... اولا ... لولا

227 ... 3 ... معه ... منعه

- ... 12 ... مستوا ... متسترا

- ... - ... يكون ها ... يكون لها

- ... - ... عاديا ... عاريا

- ... 13 ... نصيب ... يصيب

229 ... 15 ... موافقة ... الموافقة

234 ... 8 ... سلام ... سلام الله

- ... 14 ... فى ... فى محل

- ... 23 ... الجمع ... المجمع

237 ... 6 ... مضافا لی ... مضافا الی

237 ... 12 ... ابتتائه ... ابتتائه

- ... 14 ... نقول ... ان تقول

239 ... 4 ... بل کان ... بل کانت

- ... - ... بها فی ... بها وتنجزه فی

241 ... 15 ... النوم ... النوم

242 ... 20 ... جسما ... حسبما

243 ... 12... خفطا ... حفضا

- ... 22 ... بامتنا ... بامتناع

246 ... 11 ... التقریب ... التقریب باتیان الصلوه المتحده مع الغضب و من المعلوم عدم امکان التقریب

- ... 21 ... عطم ... مطلقا

- ... 23 ... بطبیعه ... بطبیعه

247 ... 2 ... المرجوع ... المرجوح

249 ... 7 ... الرجوع ... لزوم الرجوع

- ... 10 ... بقوله ... لقوله تعالی

- ... 20 ... الکلام فی حکم تقدم المراه

- ... 21 ... و محاذاتها للرجل فی الصلوه زائد است

- ... 23 ... اجتنبیه ... اجنبیه

- ... - ... المتاخر ... خصوص المتاخر

- ... - ... منها ... منها

250 ... 9 ... مظم ... مطلقا

- ... 12 ... فیما ... فیها

- ... 24 ... کتیرا ... کثیرا

251 ... 14 ... دان ... وان

- ... 23 ... داویه ... زاویه

- ... - ... ابنة ... ابنیة

252 ... 6 ... الشبر ... الشبر الی

- ... 10 ... یجمل ... بحمل

- ... - ... شبرا ... شبر

- ... - ... ودداع ... اوذراع

ص: 680

صفحه ... سطر ... خطاء ... صواب

252 ... 19 ... شير ... شبر

253 ... 2 ... يحكتما ... تحكيما

- ... 9 ... بغض نهده ... بعض بهذه

255 ... 6 ... خلقها ... خلفها

258 ... 19 ... مس ... من

262 ... 15 ... الحمل ... المحمل

267 ... 3 ... نجاب ... اجاب

268 ... 17 ... کلی ... على

274 ... 13 ... فلعل ... فلعمل

276... 16 ... الغفقود ... المفقود

277 ... 11 ... والثانية زائد است

279 ... 16 ... قائم بفعل ...قائم يفعل

- ... 22 ... رخصته ... رخصة

280 ... 7 ... الامر ... الامر بالايماء

282 ... 1 ... او ... و

283 ... 23 ... القير ...القبر

284 ... 9 ... الحميرى لا ... الحميرى من الفقيه هو احد الائمة عليهم

السلام اذا الحميري لا

286 ... 5 ... بتصرف ... ينصرف

287 ... 17 ... اتخاذه ... اتخاذ

288 ... 10 ... فيها ... فيهما

290 ... 2 ... تقصير ... تقصر

291 ... 14 ... منها ... منه

292 ... 3 ... لم على ... له على

- ... 7 ... لم يكن للامر ... لم يكن وجه للامر

- ... 10 ... يحوژ ... یجوز

294 ... 15 ... بالاقافة ...بالاقامة

295 ... 2 ... العصائين ... العشائين

297 ... 18 ... صلوة ... صلوة افضل

298 ... 8 ... لخوادته ...لحزازته

298 ... 11... لخراذته ... لحزازة

299 ... 5 ... هو بالمسجد ... هو بخصوص بالمسجد او يعم غيره وعلى الاول هل هو مخصوص با لمسجد الذي

301 ... 24 ... اذا تهم ...اذانهم

303 ... 1 ... تینافی ... ينافي

305 ... 11 ... كلواجد ... كل واحد

305 ... 23 ... كما ما مر ... کما مر

306 ... 3 ... بالتفرن ... بالتفرق

307 ... 21 ... الحاظ ... الحاق

309 ... 21 ... لتفصيل ... التفصيل

312 ... 24 ... قصدا ... قاصدا

- ... 16 ... كما اذ ... كما اذا

- ... 17... اندذ ... نذر

317 ... 14 ... امرة ... امره

318 ... 13... ما عليه ... ما هو عليه

324 ... 11... مادة ... تارة

- ... 16... احياا ... احيانا

327 ... 9 ... اتیان ... الاتيان

329 ... 13 ... با لحق بالفعل ... بالفعل

331 ... 14... حيفئذ ... حينئذ

333 ... 7... فى من ... من

334 ... 21... لنولون ... يقولون

335 ... 6 ... صحيحة ... وصحيحة

339 ... 19 ... عن البنى ... في فعل البني

341 ... 20 ... العيوان ... العنوان

343 ... 7 ... المستحقين .... المسحتين

343 ... 6 ... المستحين ... المسحتين

344 ... 5 ... جهة ... من جهة

- ... 24 ... استغلالا ... استقلالا

345 ... 17 ... الاتمام ... الايما

346 ... 5 ... المواخذة بقج ... بقج المواخذة

349 ... 17 ... التكبتر ... التكبير

350 ... 5 ... التكبير ... عن التكبير

ص: 681

صفحه ... سطر ... خطاء ... صواب

351 ... 12 ... تفوتيه ... تفويته

- ... 20 ... لمكان ... هو لمكان

352 ... 19 ... حينئذ ... حينئذ

353 ... 24 ... التطق ... النطق

355 ... و ... مدفوعة ... مدفوع

358 ... 6 ... في ظله ... في الاستدلال

361 ... 9 ... مران ... مرالی ان

- ... 24 ... القوم ... المقوم

365 ... 24 ... يده ... بیده

366 ... 15 ... فهيا ... فيما

368 ... 24 ... ركنا ... وكذا

369 ... 14 ... الحديث ... بالحديث

370 ... 6 ... بدرجه ... يدرجه

370 ... 7 ... بحكم ... يحكم

371 ... 19 ... لادله ... لادلة

372 ... 6 ... نقول ما ... نقول ان ما

373 ... 11 ... الاستيرار ... الاستقرار

374 ... 8 ... يسطيع ... يستطيع

376 ... 20 ... الانية من ... الانية المعموله من

378 ... 6 ... يقتح ... يقبح

383 ... 21 ... من الاقرب ... من ان الاقرب

384 ... 16 ... ترك قائما ... ترك القرائه قائما

386 ... 17 ... الالسجود ... الى السجود

- ... 18 ... فند بر ... فتدبر

389 ... 22 ... المعتبر ... المعتبرة

395 ... 11 ... الاخار ... الاخبار

396 ... 2 ... وجور ... وجود

- ... 9 ... مجرمة ... بحرمة

399 ... 18 ... الاضطراد ... الاضطرار

402 ... 7 ... اتیان ... اتیانها

- ... 9 ... مقاصد ... مقاصده

- ... 22 ... استجاب ... استصحاب

404 ... 6 ... فقیه ... ففيه

- ... 16 ... كل جزء ... كل جزء

405 ... 15 ... من ياتي ياتيه ... من ياتيه

406 ... 3 ... قدم الکلام ... قدم

409 ... 23 ... للسورة ... السورة

- ... - ... المامور به ... المامور بها

410 ... 20 ... الامر فهيا ... الامر فيهما

417 ... 4 ... من الاايات ... من ايات

418 ... 17 ... لاختفاف ... لاحتفاف

- ... 20 ... الكلام ... بالکلام

- ... - ... به وحده ... وحده

420 ... 10 ... ا ترتبی ... الترتبى

422 ... 17 ... من القرائة ... عن القرائة

- ... 18 ... امکان ... اوكان

428 ... 17 ... فهيد السؤال ... فيهذا السؤال

429 ... 11 ... لوجوب ... وجوب

- ... 13 ... فليقها ... فليقلها

430 ... 18 ... لجزئية ... لجزئيته

- ... 19 ... يقصد ... بقصد

431 ... 9 ... هذا الجموع ... هذا المجموع

- ... 10 ... عليه قرء ... عليه انه قرء

- ... 11 ... يقصد ... بقصد

431 ... 13 ... هذا الشخص ... هذا الشخص

432 ... 2 ... الميققة ... المتحققة

- ... 13 ... المامورية ... المامور به

434 ... 13 ... آية ... اية

- ... 24 ... الصقد ... القصد

436 ... 9 ... ا، ... او

441 ... 1 ... الاخرى ... الاخر

- ... 3 ... وجع ... رجع

- ... 18 ... للقول الاول ... للقولين الاولين اما اقوائيتهما من الرضوى و خبر الدعائم المستدل بهما للقول الاول

- ... 19 ... این سطر از اول تا آخرش زیاد است

446... 14 ... يكون التوحيد ... بكون التوحيد

449 ... 1 ... آية ... اية

460 ... 15 ... عن بن يقطين ... على بن يقطين

ص: 682

صفحه ... سطر ... خطاء ... صواب

461 ... 12 ... وعبارة ... وعبادة

- ... 15 ... بما مزيد ... بما لا مزيد

- ... 19 ... ارجح ... ارجع

- ... 21 ... بعرض ... يعرض

462 ... 17... التزام ... الالتزام

463 ... 14... متوجه ... متوجهة

464 ... 11... القرآن ... القران

464 ... 23 ... القرآن ... القران

468 ... 14 ... الطاهر ... الظاهر

470 ... 15 ... دایدا ... زائدا

- ... - ... داما ... واما

- ... - ... المراد ... المرادمنه

472 ... 7 ... فيما ... فيمامر

478 ... 15 ... بافيا ... باقيا

480 ... 4 ... ومأ ... واما

- ... 18 ... تشريعة ... تشريعة

481 ... 4 ... بما تركه بما تركه فمع فرض عدم کونه مکلفابه واقعا لامعنی لکونه مواخذا علی ترکه

489 ... 17 ... كمأمر ... کما مر

490 ... 10 ... عدم معذورية ... عدم معذورية المتعمد معذورية الجاهل

- ... 21 ... المستقاد ... المستفاد

493 ... 6 ... تقویم ... تقوم

494 ... 12 ... طريقة ... طريقه

495 ... 3 ... تغيير ... تغییره

- ... 12 ... المرادية ... المرادبه

498 ... 5 ... فعل ... على فعل

503 ... 5 ... يخور ... يجوز

- ... 10 ... النجز ... المنجز

504 ... 12 ... للقوت ... للفوت

505 ... 21 ... الشهد ... التشهد

507 ... 15 ... ضالین ... ضالين بتخفيف اللام

508 ... 23 ... وجود ... من وجود

509 ... 22 ... الصحيحة ... الصحة

511 ... 12 ... تسمع ... نسمع

513 ... 6 ... الجمعين ... المجمعين

516 ... 9 ... و بالکف تا آخر سطر زائد است.

- ... 10 ... دعا ... ردعا

- ... 22 ... السلام و اتباع السلام بالکف عن القرائه بما فی المصحف الذی کتبه علی علیه السلام

517 ... 2 ... غروا ... غیروا

519 ... 19 ... العجز ... العجزعتها

- ... - ... از عن الفاتحه تا عنهای اول که در سطر 20 است زائد است

523 ... 12... فاذان ... فاذا کافت

524 ... 14 ... البناب ... الباب

- ... - ... تدول ... تدل

526 ... 13 ... هوان ... هی ان

527 ... 5 ... ولو ... وحينئذلو

- ... 14 ... من الاربع ... من الاربع

- ... 18 ... الوهم زائد است

- ... 23 ... فيمها ... فیها

528 ... 1 ... اقما ... انما

- ... 11 ... كان الاخير ... كان في الاخير این عبارت از آخر صفحه ساقط شده

530 ... 24 ... و لذا سئل عما هو تكليفه فيهما بقوله فما اقول فيهما

531 ... 24 ... عدمها الماموم عدمها علی الماموم

532 ... 9 ... و بین ... و بين ما

533 ... 1 ... النسخات ... التسبيحات

ص: 683

صفحه ... سطر ... خطاء ... صواب

533 ... 3 ... نجريه ... يجزيه

- ... 9 ... الذيل الذيل وان شئت سجدت

534 ... 1 ... الله اكبر استدل ... والله اكبر و استدل

- ... 10 ... مرابت البيان ... مرات

- ... 23 ... البیان ... بیان

535 ... 7 ... اوفی ... ادنی

536 ... 1 ... تبئت ... تثبت

- ... 7 ... باعادة ... بالاعادة

537 ... 7 ... والاخفات ... اوالاخفات

537 ... 8 ... الاخفات ... الاخفات فيه

- ... 9 ... على على ... علی

- ... 17 ... کرالله ... الله

544 ... 2 ... فيها ... فيهما

545 ... 17 ... وحى ... وهى

546 ... 2 ... عند ... عنه

- ... 10 ... المبسييتن ... المنسيتين

548 ... 5 ... حقيقة ... حقيقته

- ... 10 ... نعير ... فعبر

551 ... 17 ... نتصان ... نقصان

553 ... 11 ... االجهة ... الجبهة

559 ... 17 ... بحصل ... يحصل

- ... 20 ... كالتغيير ... كالتغير

561 ... 10 ... للصلوة ... للصلوة 1

- ... 24 ... لا مدرك ... لا تدرك

562 ... 6 ... بنيما ... بينهما

- ... 10 ... فيقيده ... تقيده

- ... 22 ... وعليه فلو ... فعليه لو

564 ... 9 ... انكان ... انکار

565 ... 23 ... البداد ... البدار

566 ... 16 ... بئية ... هيئة

567 ... 7 ... التكليف بالكل التكليف بالصلوةعنه رأسالان العجز عن الجزء مستلزم

- ... - ... - ... للعجز عن الكل ولازم ذلك سقوط التكليف

568 ... 10 ... بحیی ... مجيئي

569 ... 10 ... من ورودما ... من ان ما

- ... 12 ... علينا ... يرد علينا

576 ... 18 ... استحبابی ... حد استحبابی

-... -... لو نحنى ... لوانحنى

580 ... 12 ... السان ... لسان

581 ... 1 ... المشى ... المنسى

582 ... 20 ... ما اتى ... ما اذا اتى

586 ... 10 ... الثانية ... الثانية او الفراغ عنها

- ... 12 ... او الفراغ عنها زائد است ... -

- ... 21 ... فرع عنها ... فرغ عنها

587 ... 2 ... الركوء ... الركوع

- ... 21 ... بتخلل ... يتخلل

- ... 22 ... انفضل ... انفصل

- ... 24 ... لعظمی ... العظمى

589 ... 16 ... الانجناء ... الانحناء

- ... 21 ... تققنيه ... يقتضيه

590 ... 13 ... الى الحد ... الى اقصى الحد

- ... 23 ... بذا يتهما ... بذاتيهما

593 ... 11 ... بعيد في الغاية زائد است ... -

- ... 13 ... السجود وانكان ... السجود بعيد فى الغاية وانكان

594 ... 12 ... با خلال ... بالاخلال

- ... 20 ... مهيته ... مهية

595 ... 6 ... الركوع ... الركن

- ... 7 ... اللعمل ... للعمل

596 ... 18 ... الخفية ... الحنفية

598 ... 9 ... الادغام ... الارغام

601 ... 10 ... صلى الله عليه ... فتامل

605 ... 4 ... الانبية ... الابنية

608 ... 4 ... بان البدن ... بان موضع البدن

609 ... 7 ... فردعا ... فروعا

ص: 684

صفحه ... سطر ... خطاء ... صواب

610 ... 1 ... يسجود ... بسجود

611 ... 12 ... لا يعارض ... ولا يعارض

612 ... 7 ... جبهة ... مهية

613 ... 10 ... لنجاسة ... لنجاسته

- ... 17 ... اول ... ادل

- ... 23 ... فيتشعر ... فيستشعر

614 ... 22 ... من و هو ... من مشايخنا وهو

615 ... 13 ... اللاخلال ... للاخلال

- ... 15 ... لا يحل ... لا يحصل

- ... 21 ... اولم ... اذلم

616 ... 21 ... فلاش ... فلاشی

617 ... 6 ... نحوهما ... نحوها

618 ... 4 ... فالسجد ... فاسجد

- ... 7 ... النص ... الغض

- ... 11 ... احتفره ... احتفر

- ... 23 ... الراب ... التراب

619 ... 2 ... سكوته ... سكوته عليه السلام

621 ... 13 ... لجبهة ... الجبهة

-... -... يضح ... يصيح

622 ... 7 ... الموضع ... للوضع

- ... 21 ... المسيح ... المسح

623 ... 11 ... م قم ... ثم قم

-... -... الخیر ... الخبر

624 ... 8 ... بالمجلوس ... بالجلوس

- ... 10... التقليل ... التعليل

625 ... 23... يقول ... يقوم

626 ... 3 ... الجلسة ... جلسة

- ... 9 ... رفع ... دفع

628 ... 4 ... کا مخف ... كالخف

- ... 5 ... التفس ... النفسي

- ... 6 ... الاحلا ... الاحلال

- ... 12 ... المثانقية ... المانعية

- ... - ... مطم ... مطلقا

- ... 18 ... المحل ... الحل

628 ... 22 ... الندرة ... الندرة هذا

629 ... 11 ... الغرض ... الفرض

630 ... 9 ... حديها ... احديهما

- ... 12 ... التغصى ... التفصى

631 ... 10 ... تشق ... تنق

- ... - ... سيقه ... سيفه

- ... 18 ... سیغه ... سیفه

632 ... 10 ... سیغه ... سيفه

633 ... 16... المامون ... الى المامون

- ... - ... يجوذا ... يجوز

635 ... 1 ... من اجزائها تا آخر سطر زائد است ... -

- ... 2 ... يمكن ... يمكن له

636 ... 6 ... السجدة ... سجدة

636 ... 20 ... عدمه ... عدم

637 ... 4 ... تیکنه ... يتمكنه

638 ... 5 ... الجلس ... الحلبي

- ... 9 ... الجلس ... الحلبي

- ... 10 ... عرن ... عن

- ... 20 ... المنهى عنه فيها هو الاقعاء ... اين عبارت زائد است

- ... 21 ... من الاقعاء يمعناه ... من الاقعاء المنهى عنه فيها هو الاقعاء بمعناه

640 ... 7 ... تكبر ... كبر

642 ... 5 ... فالسجد ... فاسجد

- ... 14 ... وفت ... وقت

643 ... 6 ... بينهما ... بينها

644 ... 20 ... بالعدم وجود

- ... - ... وجود ... بالعدم

- ... 21 ... كلب البرء ... البئر

- ... 22 ... نرخ ... نزج

645 ... 2 ... وبين ... بينها وبين

ص: 685

صفحه ... سطر ... خطاء ... صواب

645 ... 3 ... المجمعولة بينهما ... المجعولة على

646 ... 3 ... مطتقلا ... مستقلا

- ... 17 ... المتعلقاة ... المتلقاة

647 ... 4 ... السبب ... المسبب

- ... 13... الفتصيل ... التفصيل

- ... 17 ... لفهوم ... لمفهوم

- ... 22 ... لا يجود ... لا يجوز

648 ... 13 ... اداء ... اذا

649 ... 4 ... تقض ... تقضی

- ... 8 ... تقرر ... تقرء

- ... 10 ... قرأته ... قرائة القرآن

653 ... 3 ... ان يفاف تفوته ... ان يخاف ان یفوته

- ... 23 ... لكن الاستدلال ... لكن يتم الاستدلال

654 ... 10 ... فهو مقام ... فهو فى مقام

- ... 23 ... حفاء ... خفاء

655 ... 19 ... تکرار ... تكرر

- ... 21 ... يسببه ... بمسببه

- ... 22 ... ترا ... اثرا

656 ... 19 ... سلمت سلمت ومنها ما عن الخصال في حديث شرايع الدين عن الاعمش عن جعفر بن باستحباب باستحباب واما على القول يا محمد صقال لا يقال فى التشهد الاول السلام علينا و على

- ... - ... - ... عباد الله الصالحين لان تحليل الصلوة هو التسليم فاذا قلت هذا فقد سملت

657 ...2 ... السماء ... اسماء

- ... 20 ... فليتم ... ثم ليرجع فليتم

658 ... 20 ... يسلم ... ان يسلم

661 ... 3 ... طرد ... طرو

- ... 5 ... يكون ... يكون

662 ... 12 ... اللصلوة ... الصلوة

664 ... 10 ... با حديمبا ... باحديهما

665 ... 16 ... المستحبيته ... المستحبة

- ... 20 ... ادفی ... ادنی

667 ... 6 ... الاستصحاب ... الاستحباب

- ... 9 ... المطلو ... المطلق

- ... 10 ... وفاتا ... وفاقا

- ... 18 ... استمالة ... استحالة

668 ... 10 ... لكليها ... لكليهما

- ... - ... شی ... لشي

- ... 21 ... الصدور ... الصدر

- ... 23 ... التخصيص ... التخصص

670 ... 11 ... فليشهد ... فليتشهد

671 ... 7 ... العرض ... العرضي

- ... 16 ... النوى ... المنوى

674 ... 11 ... باستحباب ... و اما علی القول یا ستحباب

675 ... 3 ... تحصیصه ... تجصیصه

- ... 7 ... اشقذ ... انشاء الله تعالى

ص: 686

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.