سواطع الالهام في تفسير كلام الملك العلام
العلامة المحقق المدقق الشيخ أبولفيض الفيضي الناكوري ( 954 - 1004 ه - )
وبذيله ه
تفسير القرآن الكريم للعلامة المحقق السيد عبد الله شبر
المتوفى سنة 1242 ه
تقديم العلامة الدكتور السيد محمد بحر العلوم
صححه وراجعه وقدم له الدكتور السيد مرتضى الشيرازي أستاذ علوم القرآن والحديث في جامعة طهران
ص: 1
حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1996 م - 1417 ه
اسم الكتاب : سواطع الإلهام / ج 2
اسم المؤلف : الشيخ أبو الفيض الفيضي الناكوري
المحقق : د . سيد مرتضى آيت الله زاده شيرازي
الفلم والألواح الحساسة : تيزهوش
المطبعة : ياران
الكمية : 1000 نسخة
السعر : 1000 تومان
الناشر : المحقق
ص: 2
ص: 3
ص: 4
سورة النساء
مورد ها وموحاها مصر رسول الله صلعم ، ومحصول مدلولها :
اعلام أسر آدم وحواء ، وأمر وصل الرحم ، والردع عما أكل مال حسكل عصد والده ، ولوم الأكل والاهول ، وعدد الأعراس وحكم مهورها ، وحرس المال والمراحم مع أهل الأرحام حال إسهام الأموال وعدد أهل السهام وأهل المحارم ، وطول الحرر ، وحل أهول الإماء ، ومدح المرء ، وحكم السكر لما صلوا ، ولوم الهود لما حولوا طرسهم ، ورد ما أودع لأهله ، وأحوال الولاع لما ردوا أمر كلام الله وحكمه ، وأمر العماس ، ولسوم رد السلام ، وردع الولاء مع أهل الصدود ، وإهلاك العمد والسهو ، ومدح مع رسول الله صلعم ومدح أهل صلح المرء مع عرسه ، ولوم أهل الولع ، ولوم الهود وهممهم لإهلاك روح الله ، ومدح كمل أهل العلم ، وإعلاء طوالح أوهام رهط روح الله ، وإعلام عدم سمود الملك وروح الله عما الهوا الله وأطاعوه .
ص: 5
الجزء الثاني
[ سورة النساء ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لاح مدلوله المسعود ومراده المحمود .
(يا أَيُّهَا النَّاسُ) أهل أمّ رحم أو أهل الإسلام أو عام (اتَّقُوا) اللّه (رَبَّكُمُ) وهو ملاك الأمر وعمود الإسلام (الَّذِي خَلَقَكُمْ) صوّركم (مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) أصل واحد وهو آدم والدكم (وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها) عرسها حواء أمّكم ، ومولدها ملاط آدم (وَبَثَّ) وولد (مِنْهُما) آدم وحوّاء (رِجالًا كَثِيراً) لا إحصاء لهم (وَنِساءً) لا عدّ لها (وَاتَّقُوا اللَّهَ) اسلكوا
----------
(سورة النساء مائة وست وسبعون آية مدنية )
بسم الله الرحمن الرحيم
(يا أيها الناس) خطاب عام يفيد تكليف الكفار بالفروع (اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة) آدم (وخلق منها زوجها) عطف على محذوف أي أنشأها وخلق منها من فضل طينتها أو من ضلعها أمكم أو على خلقكم أي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها أمكم (وبث منهما رجالا كثيرا ونساء) بيان لكيفية التولد منهما روي أن الله أنزل على آدم حوراء من الجنة فزوجها أحد ابنيه وتزوج الآخر ابنة الجان (واتقوا الله
ص: 6
مهال أوامره (الَّذِي تَسائَلُونَ) آحادكم آحادا (بِهِ ) اللّه ، وهو كلام أحدكم أحدا أسألك واللّه الكرم والإكرام (وَ ) روعوا (الْأَرْحامَ) أراد حسمها ، ورووا الأرحام مكسورا ، ومحكوما مطروح المحمول ، ووصلها اللّه مع اسمه إعلاما لعلوّ محلّها (إِنَّ اللَّهَ كانَ) دواما (عَلَيْكُمْ رَقِيباً) ( 1 ) حارسا عالما مطّلعا .
(وَآتُوا) أعطوا (الْيَتامى) وهم الأولاد اللّاءوا عصد ولّادهم وصاروا وحادا (أَمْوالَهُمْ) لمّا وصلوا الحلم (وَلا تَتَبَدَّلُوا) المال أو الأمر (الْخَبِيثَ) الحرام وهو مالهم أو حسم مالهم (بِالطَّيِّبِ) المال الحلال والأمر الطاهر وهو مالكم ، أو حرس مالهم كما هو وهمكم (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ) الحرام لكم (إِلى) مع (أَمْوالِكُمْ) الحال (إِنَّهُ) أكلها (كانَ حُوباً) صر (كَبِيراً) ( 2 ) واللّه عالم حدّه .
لمّا راعوا عدم العدل وسط أموالهم ، وما راعوا العهر الحرام ، أرسل اللّه (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا) عدم عدلكم وسدادكم (فِي) أداء أموال (الْيَتامى) وإصلاح أمورهم ، روعوا العهر ودعوا الحوم حول
----------
الذي تساءلون به) يسأل بعضكم بعضا فيقول: أسألك بالله (والأرحام) واتقوا الأرحام أن تقطعوه وهي أرحام الناس (إن الله كان عليكم رقيبا) حفيظا .
(وءاتوا اليتامى أموالهم) إذا بلغوا وءانستم منهم رشدا (ولا تتبدلوا الخبيث) الرديء من أموالكم (بالطيب) الجيد من أموالهم (ولا تأكلوا أموالهم) مضمومة (إلى أموالكم) حتى لا تفرقوا بينهما إلا قدر أجرة المثل بسبيل القرض أو الاستحقاق (إنه) أي الأكل (كان حوبا كبيرا) ذنبا عظيما .
(وإن خفتم ألا تقسطوا) تعدلوا (في اليتامى) يتامى النساء إذا تزوجتم بهن
ص: 7
الحرام (فَانْكِحُوا ما طابَ) حلّ (لَكُمْ مِنَ النِّساءِ) لا ما حرّم (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) كلّ واحد معدول ، وأصله العدد المكرّر (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا) عدم عدلكم وسواء عملكم معها أعدادا (فَواحِدَةً) ألسموا إحداها ودعوا الأعداد (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) أراد الإماء إحداها وما سواها سواء (ذلِكَ) اللسوم (أَدْنى) أحمس إحماما (أَلَّا تَعُولُوا) ( 3 ) مما عدم عولكم وصدود حدودكم .
(وَآتُوا) أعطوا (النِّساءَ) أعراسكم (صَدُقاتِهِنَّ) مهورها (نِحْلَةً) إعطاء سارّا ، وهو مصدر ، وحال الكلام مع الأهّال ، أو مع وكلاء الأعراس وأهل
----------
(فانكحوا) فتزوجوا (ما طاب) ما أحل (لكم من النساء) من غيرهن إذ كان الرجل يجد يتيمة ذات مال وجمال وتزوجها فربما جمع عنده عشرا منهن فيقصر فيما يجب لهن أو إن خفتم أن تجوروا في أمر اليتامى وتحرجتم منه فخافوا أيضا الجور في أمر النساء فانكحوا مقدارا تفون بحقه وروي أسقط المنافقون بين القول في اليتامى وبين نكاح النساء من الخطاب والقصص أكثر من ثلث القرآن (مثنى وثلاث ورباع) حال مما طاب معدولة عن أعداد مكررة هي ثنتين ثنتين، ثلاث ثلاث، أربع أربع: منع صرفها للعدل والوصف أو لتكرار العدل باعتبار الصيغة والتكرير ومعناه الإذن لكل ناكح يريد الجمع أن ينكح ما شاء من العدد المذكور متفقين فيه أو مختلفين، نظيره اقتسموا هذا المال درهمين درهمين أو ثلاثة ثلاثة ولو أفردت وقيل اثنتين وثلاثا وأربع ألزم جواز الجمع بين الأعداد دون التوزيع ولو قيل أو لمنع الاختلاف في العدد (فإن خفتم ألا تعدلوا) بين هذه الأعداد أي في النفقة .
(فواحدة) فانكحوا واحدة (أو ما ملكت أيمانكم) وإن تعددت لخفة مئونتهن (ذلك أدنى) أقرب (ألا تعولوا) لا تميلوا (وءاتوا النساء صدقاتهن) مهورهن (نحلة) عطية بلا توقع عوض
ص: 8
أرحامها (فَإِنْ طِبْنَ) الأعراس (لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ) ماصل (مِنْهُ) المهر أو الإعطاء لسوء عملكم (نَفْساً) وحدها روما للصرع (فَكُلُوهُ) أعطوه وكلوه أكلا (هَنِيئاً) حادرا صالحا لا إصر معه (مَرِيئاً) ( 4 ) طاهرا حلالا لا داء وسطه ، وكلّ واحد سدّ مسدّ المصدر وهو الأكل أو حال .
(وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ) وكساء الأحلام أو الأولاد أو الأهل (أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ) ولأهلكم وأولادكم (قِياماً) مسادا وعمادا (وَارْزُقُوهُمْ) أطعموهم (فِيها) الأموال كما هو وطرهم (وَاكْسُوهُمْ) أعطوهم كساهم كما هو حالهم وسهمهم (وَقُولُوا) عدوا (لَهُمْ قَوْلًا) وعدا (مَعْرُوفاً) ( 5 ) محمودا سارّا .
(وَابْتَلُوا الْيَتامى) محصورا أحلامهم وارصدوا أحوالهم وارعوا أعمارهم (حَتَّى إِذا بَلَغُوا) وصلوا (النِّكاحَ) حدّ الحلم (فَإِنْ آنَسْتُمْ) حصل لكم الإحساس والعلم (مِنْهُمْ) الأولاد (رُشْداً) سلوكا صالحا لإكمال الإسلام وإصلاح المال (فَادْفَعُوا) أوصلوا (إِلَيْهِمْ) أولاء (أَمْوالَهُمْ) كلّها
----------
(فإن طبن لكم عن شيء منه) من الصداق (نفسا) وهبن لكم عن طيب نفس (فكلوا هنيئا مريئا) سائغا من غير غص .
(ولا تؤتوا السفهاء) النساء والصبيان ومن لا تثق به (أموالكم التي جعل الله لكم قياما) تقومون بها (وارزقوهم) واجعلوا لهم (فيها) رزقا (واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا) حسنا شرعا أو عقلا من وعد جميل .
(وابتلوا اليتامى) اختبروهم قبل البلوغ (حتى إذا بلغوا النكاح) حدا يتأتى منهم النكاح (فإن آنستم منهم رشدا) عقلا وإصلاح مال (فادفعوا إليهم أموالهم) عند تحقق البلوغ والرشد بلا تأخير (ولا تأكلوها إسرافا
ص: 9
إسراعا (وَلا تَأْكُلُوها) أهل الوصاء الأموال (إِسْرافاً) عدولا عمّا هو الحدّ (وَبِداراً) إسراعا ، وكلّ واحد مصدر ورد محلّ الحال (أَنْ يَكْبَرُوا) هول وصولهم الأحلام (وَمَنْ كانَ غَنِيًّا) موسعا موسرا (فَلْيَسْتَعْفِفْ) المراد طرح أكل الأموال رأسا وحرسها (وَمَنْ كانَ فَقِيراً) معسرا لا مال له (فَلْيَأْكُلْ) المال المعهود وهو مال الولداء (بِالْمَعْرُوفِ) المسلك المحمود (فَإِذا) ساعدكم العهد و (دَفَعْتُمْ) وحصل أداءكم (إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا) وأطلعوا عدولا (عَلَيْهِمْ) لردّ دعواهم ودسع عهدكم (وَكَفى بِاللَّهِ) وحده (حَسِيباً) ( 6 ) مطّلعا عالما للإحصاء .
(لِلرِّجالِ) الأولاد (نَصِيبٌ) سهم (مِمَّا) مال (تَرَكَ) ودع (الْوالِدانِ) الوالد والأمّ (وَالْأَقْرَبُونَ) أولو الأرحام والأواصر (وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ) سهم (مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ) كلاهما أو أحدهما (وَ) ممّا ورّاه (الْأَقْرَبُونَ مِمَّا) مال (قَلَّ مِنْهُ) المال المودوع (أَوْ كَثُرَ) أمر ووسع (نَصِيباً مَفْرُوضاً) ( 7 ) سهما مأمورا معهودا ، وهو مصدر مؤكد أو حال .
----------
وبدارا أن يكبروا) مسرعين ومبادرين كبرهم أو لإسرافكم ومبادرتكم كبرهم (ومن كان غنيا فليستعفف) عن أكلها (ومن كان فقيرا) من أوليائه (فليأكل بالمعروف) بقدر أجرته أو كفايته أو أقلهما (فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم) بأنهم تسلموها نفيا للتهمة وفرارا من الخصومة (وكفى بالله حسيبا) محاسبأ فلا تتعدوا حدوده .
(للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون) هم المتوارثون بالقرابة (وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر) بدل مما بتكرير العامل (نصيبا مفروضا) واجبا كانت العرب في الجاهلية لا تورث البنات فرد الله عليهم .
ص: 10
(وَإِذا) كلّما (حَضَرَ) ورد (الْقِسْمَةَ) حال أداء السهام (أُولُوا الْقُرْبى) أولو أرحام لا سهام لهم (وَالْيَتامى) أولو العسر (وَالْمَساكِينُ) أهل السؤال (فَارْزُقُوهُمْ) أعطوهم (مِنْهُ) ممّا أعدّ للإحصاص (وَقُولُوا لَهُمْ) لهؤلاء الورّاد (قَوْلًا مَعْرُوفاً) ( 8 ) كلاما سارّا ووعدا محمودا ودعاء مروحا .
(وَلْيَخْشَ) اللّه الملأ (الَّذِينَ) حالهم (لَوْ تَرَكُوا) كادوا ودعهم (مِنْ خَلْفِهِمْ) وراءهم (ذُرِّيَّةً) أولادا (ضِعافاً) لا حول لهم ولا مال (خافُوا عَلَيْهِمْ) العسر وسوء الحال ، الأمر لأهل الوصاء والحاصل عاملوا معهم كودادكم ما عومل مع أولادكم وراءكم (فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ) لأمر أولاد مرء أدركه السام (وَلْيَقُولُوا) حال إعطاء الحصص لأولاده كما لأولادهم (قَوْلًا سَدِيداً) ( 9 ) كلاما عدلا سواء ووعدا معمولا صالحا .
(إِنَّ) الملأ (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ) الحال (أَمْوالَ الْيَتامى) وأملاكهم (ظُلْماً) حدّالا أو أكلا حراما ، حال أو مصدر (إِنَّما) ما ( يَأْكُلُونَ
----------
(وإذا حضر القسمة) قسمة التركة (أولوا القربى) ممن لا يرث (واليتامى والمساكين فارزقوهم منه) من المقسوم شيئا أمر ندب للورثة البلغ (وقولوا لهم قولا معروفا) بأن تلطفوا لهم في القول .
(وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم) أمر للأوصياء بأن يخشوا الله في أمر اليتامى ليفعلوا بهم ما يحبون أن يفعل بذراريهم بعدهم أو للحاضرين المريض عند الإيصاء بأن يخشوا الله في أولاده ويحبون لهم ما يحبون لأولادهم (فليتقوا الله) في أمر اليتامى (وليقولوا) لهم (قولا سديدا) كما يقولون لأولادهم .
(إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما) ظالمين أو على وجه الظلم (إنما
ص: 11
فِي بُطُونِهِمْ) ملاء معدهم إلّا (ناراً) مالا (وَسَيَصْلَوْنَ) الصلاء الورود (سَعِيراً) ( 10 ) كاد صلاؤهم ساعورا .
(يُوصِيكُمُ اللَّهُ) أمرا وعهدا (فِي) إعطاء سهام (أَوْلادِكُمْ) هو (لِلذَّكَرِ) للمرء سهم (مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) كسهمهما (فَإِنْ كُنَّ) الأولاد (نِساءً) وحدها لا مرء معها (فَوْقَ اثْنَتَيْنِ) أوهما وحكمهما حكمها إعطاء ، ورهط احلّوهما محل الولد الواحد وأعطوهما حكمه (فَلَهُنَّ ثُلُثا ما) مال (تَرَكَ) ودعه الهالك (وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً) لا ولد معها (فَلَهَا النِّصْفُ) ممّا ودعه (وَلِأَبَوَيْهِ) والد الهالك وأمّه (لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا) أورده وكرّر العامل إعلاء وإعلاما للمراد (السُّدُسُ) سوّاهما اللّه سهاما ، ورووا السدس كطهر (مِمَّا تَرَكَ) وما سواه للولد (إِنْ كانَ لَهُ) للهالك (وَلَدٌ) عموما (فَإِنْ لَمْ
----------
يأكلون في بطونهم) ملئها (نارا) لأن ذلك يكون نارا في القيامة أو ما يجر إلى النار أو يأكلونها يوم القيامة (وسيصلون سعيرا) بفتح الياء وضمها .
(يوصيكم الله) يأمركم ويعهد إليكم (في أولادكم) في شأن ميراثهم (للذكر مثل حظ الأنثيين) إذا اجتمع الصنفان وقدم الذكر لفضله كما ضوعف حظه لذلك (فإن كن) مولودات (نساء) خلصا ليس معهن ذكر (فوق اثنتين) خبر ثان أو صفة النساء (فلهن ثلثا ما ترك) الميت (وإن كانت) أي المولودة (واحدة فلها النصف) وحكم الاثنتين حكم ما فوقها إجماعا مما عدا ابن عباس ويعضده أن للواحدة الثلث مع أخيها فأولى أن تستحق مع أخت مثلها وإن للأختين الثلثين والبنتان ليس رحما (ولأبويه) لأبوي الميت (لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له) للميت (ولد) وإن نزل ذكرا أو أنثى متعددا أو لا لكنهما يشاركان البنت في الباقي بعد السهام فيقسم أخماسا (فإن لم يكن له ولد
ص: 12
يَكُنْ لَهُ) للهلاك (وَلَدٌ) أصلا (وَوَرِثَهُ أَبَواهُ) وصلحا للمال المطروح وحدهما (فَلِأُمِّهِ) ورووا مكسور الأوّل لوام اللام (الثُّلُثُ) وما سواه للوالد ، ورووا كالسدس (فَإِنْ كانَ لَهُ) للهالك (إِخْوَةٌ) المراد ما وراء الواحد عموما (فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ) وما سواه كلّه للوالد ، وورد عطوا سدسا حدوه الأمّ وإعطاء السهام وأداء الحصص كلّها (مِنْ بَعْدِ) عمل (وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها) أوصاها الهالك ، ورواه « ولد عامر » و « حماد » و « حماد » ورهط معهما لا معلوما (أَوْ) أداء (دَيْنٍ) وهو الأوّل أداء والأهمّ حكما ، صدّرها لعسر الأداء (آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ) ولّادكم وأولادكم (لا تَدْرُونَ ) ما لكم علم (أَيُّهُمْ) هو (أَقْرَبُ) وأصلح (لَكُمْ نَفْعاً) حالا ومعادا ، اعملوا ما أوصاكم اللّه وأدركوا محصّكم ومحرومكم (فَرِيضَةً) مصدر مؤكد صدورها (مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ) كلّ حال (عَلِيماً) عالما لأسرار الأرحام (حَكِيماً) ( 11 ) راصدا لحكم السهام ومحكما لأمورها .
----------
وورثه أبواه فلأمه الثلث) مما ترك أجمع ولو مع أحد الزوجين عندنا وثلث ما بقي بعد نصيبه عند الجمهور ولم يذكر ما للأب لظهور أن له الباقي (فإن كان له إخوة) اثنان فصاعدا لأب أو لأبوين وتنوب الأختان ذكرا (فلأمه السدس) يحجبها الإخوة عن الثلث إلى السدس ولا يرثون (من بعد وصية يوصي بها أو دين) للإباحة وتفيد تساويهما في وجوب التقديم على القسمة انفردا أم اجتمعا وقدمت الوصية على الدين مع تقدمه شرعا اهتماما بشأنها لأنها شاقة على الورثة لشبهها بالإرث فهي مظنة التفريط بخلاف الدين لاطمئنانهم إلى أدائه (ءاباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا) اعتراض مؤكد لأمر القسمة أو تنفيذ الوصية أي لا تعلمون من أنفع لكم ممن يرثكم من أصولكم وفروعكم فاقسموا على ما بينه الله (فريضة) مصدر مؤكد أي فرض ذلك فريضة (من الله إن الله كان عليما) بالمصالح (حكيما) فيما فرض .
ص: 13
(وَلَكُمْ نِصْفُ) كلّ (ما تَرَكَ) طرح (أَزْواجُكُمْ) أعراسكم (إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ) عموما (فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ) لكم أو لسواكم (فَلَكُمُ) سهمكم (الرُّبُعُ) ورووه كالسّدس (مِمَّا تَرَكْنَ) أعراسكم وهو (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِها) حال حلول السام وإدراك أعلامه (أَوْ) أداء (دَيْنٍ) معلوم (وَلَهُنَّ) لأعراسكم (الرُّبُعُ) إحداها وعددها سواء (مِمَّا تَرَكْتُمْ) أموالكم (إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ) حال عدم أولادكم لها أو لسواها (فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ) عموما (فَلَهُنَّ) لأعراسكم (الثُّمُنُ) سهما ، وحكمه كحكم سهم مرّ ، ورووه كالسدس (مِمَّا تَرَكْتُمْ) ممّا هو ملككم المطروح (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها أَوْ) أداء (دَيْنٍ) مرّ الكلام مرارا (وَإِنْ كانَ رَجُلٌ) مرء هالك ، ورد مرء له سهم (يُورَثُ) ورووا مكسور الراء (كَلالَةً) لا والد له ولا ولد له ، أو هو لا والد ولا ولد ، أصلها مصدر كالكلال (أَوِ امْرَأَةٌ) طرأها الهلاك (وَلَهُ أولها) أَخٌ واحد (أَوْ أُخْتٌ) كما هو كلاهما لأمّ (فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ) سهما ممّا ماله أو مالها (فَإِنْ كانُوا) أولاد الأمّ أَكْثَرَ مِنْ
----------
(ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد) وإن ترك ذكرا أو أنثى منكم أو من غيركم (فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين) في الصورتين (ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد) ولو من غيرهن (فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين) وتستوي الواحدة والأكثر منهن في الربع والثمن (وإن كان رجل) وهو الميت (يورث) منه صفة لرجل (كلالة) خبر كان أو الخبر يورث والكلالة حال من الضمير فيه والكلالة من ليس بولد ولا والد وأريد بها هنا الأخ أو الأخت من الأم خاصة (أو امرأة) كذلك (وله) لكل واحد منهما (أخ أو أخت) من الأم إجماعا ونصا وبها قرىء (فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر
ص: 14
(ذلِكَ) واحد (فَهُمْ) كلّهم (شُرَكاءُ) سواء (فِي الثُّلُثِ) ممّا طرح (مِنْ بَعْدِ) اصراد (وَصِيَّةٍ يُوصى بِها) أوصاها الهالك (أَوْ) أداء (دَيْنٍ) كرّرها لعدّ صروع الموارد والعمّال (غَيْرَ مُضَارٍّ) مورد وكس لأهل الحصص والسهام (وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ) مصدر مؤكّد لأوصاكم (وَاللَّهُ عَلِيمٌ) لمصالح الحصص والسهام (حَلِيمٌ) ( 12 ) ما هو مسرع الآصار لصادّ حدوده وحادّ أموره .
(تِلْكَ) الأحكام (حُدُودُ اللَّهِ) وأمور حدّها اللّه للإصلاح وساء عدولها (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) أحكامه وأوامره وأمر رسوله أمره (يُدْخِلْهُ) اللّه (جَنَّاتٍ) محال الأوراد والدوح وموارد السرور والروح ، ومصاعد الصروح ومراكد الجور (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) دوحها (الْأَنْهارُ) مسل الماء السلسال (خالِدِينَ فِيها) ركودا دواما ما وحّده لمحا لمدلول الوصول (وَذلِكَ) الورود الركود دواما (الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ( 13 ) وصول كمال المرام وحصول أصل المراد .
----------
من ذلك فهم شركاء في الثلث) يستوي الذكر والأنثى في القسمة (من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار) حال من فاعل يوصي على البناء للفاعل أو المدلول عليه بيوصى بالبناء للمفعول أي غير مضار لوارثه بالزيادة على الثلث أو قصد المضار بالوصية لا القربة أو الإيصاء بدين لا يلزمه .
(وصية من الله) مصدر مؤكد (والله عليم) بمن ضاره وغيره (حليم) لا يعجل العقوبة (تلك) الأحكام المذكورة في اليتامى والوصايا والمواريث (حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها) حال مقدرة لا صفة جنات وإلا لأبرز الضمير لجريانها على غير من هي له وجمع للمعنى (وذلك الفوز العظيم) .
ص: 15
(وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) وما هو مطاوعا لأوامره وأحكامه (وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ) المحدود مدلوله (يُدْخِلْهُ) اللّه (ناراً) مهلكا حرّها ومولما سعرها (خالِداً فِيها) سرمدا (وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ) ( 14 ) أسوأ آصار وأكره آلام .
(وَ) الأعراس (اللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ) العهر (مِنْ نِسائِكُمْ) أعراسكم (فَاسْتَشْهِدُوا) روموا إعلام العدول ، والأمر لحكّام الإسلام (عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ) أهل الأحلام والإسلام الأحرار (فَإِنْ شَهِدُوا) وصحّ العهر (فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ) إمساكا ممدودا (حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ) أراد ملكه ، ورد هو حكم أوّل الإسلام وإرسال أمر الحدّ حدّه ومحاه (أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا) ( 15 ) مسلكا صالحا كالحدّ المعهود للعهر .
(وَالَّذانِ) المرء العاهر ومورد العهر (يَأْتِيانِها مِنْكُمْ) أهل الإسلام (فَآذُوهُما) كلاما وأسمعوهما ولوموهما ، وورد المراد حدّوهما حدّا (فَإِنْ تابا) هادا عمّا عملا (وَأَصْلَحا) العمل (فَأَعْرِضُوا) واعدلوا (عَنْهُما) واحسموا الأسماع واللوم (إِنَّ اللَّهَ كانَ) دواما (تَوَّاباً رَحِيماً) ( 16 ) سامع
----------
(ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدين فيها) حال لا صفة نار لما مر (وله عذاب مهين) .
(واللائي يأتين الفاحشة من نسائكم) أي الزنا (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) اطلبوا من قاذفهن أربعة رجال من المؤمنين (فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت) كان ذلك عقوبتهن في أول الإسلام فنسخ بالحد (أو يجعل الله لهن سبيلا) هو النكاح أو الحد قيل لما نزلت آية الجلد قال (صلى الله عليه وآله وسلّم) قد جعل الله لهن سبيلا .
(واللذان يأتيانها منكم) أي الزاني والزانية (فآذوهما) بالتوبيخ والتعيير (فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما) وكفوا عن إيذائهما (إن الله كان توابا رحيما) علة الأمر بالإعراض قيل هذه سابقة على
ص: 16
لهودهم وراحما لعودهم .
(إِنَّمَا التَّوْبَةُ) سماعها (عَلَى اللَّهِ) عطاء كما وعد (لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ) الإصر سمّاه سوء لسوء معاده (بِجَهالَةٍ) عدم علم واطّلاع ، أورد محلّ الحال (ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ) عهد (قَرِيبٍ) أمام أمد العمر وما ورد لهم إعلام السام (فَأُولئِكَ) الرهط الهوّاد (يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ) وهو إعلام وعد لمحو الآصار معادا (وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً) عالما لهودهم (حَكِيماً) ( 17 ) حاكما عادلا .
(وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ) لا هود سماع (لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ) الأعمال (السَّيِّئاتِ) اللاؤا أصرّوها (حَتَّى إِذا) لمّا (حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ) وسطع له إعلام السام (قالَ) حال ورود الملك وأمد العمر (إِنِّي تُبْتُ الْآنَ) حال إدراك السام ، وح لا حاصل لهود هؤلاء (وَلَا) هود سماع للرهط (الَّذِينَ
----------
الأولى نزولا وكان عقوبة الزنا الأذى ثم الحبس ثم الجلد .
(إنما التوبة) أي قبول التوبة الذي أوجبه الله على نفسه بمقتضى وعده (على الله للذين يعملون السوء) متلبسين (بجهالة) إذ ارتكاب الذنب جهل وسفه قال (صلى الله عليه وآله وسلّم) كل ذنب عمله العبد وإن كان عالما فهو جاهل حين خاطر في معصية ربه (ثم يتوبون من قريب) وهو ما قبل حضور الموت لقوله: حتى إذا حضر أحدهم الموت وقوله (صلى الله عليه وآله وسلّم) من تاب قبل أن يغرغر تاب الله عليه أو المعنى قبل أن يصير رينا على قلوبهم (فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما) بتوبتهم (حكيما) فيها يعاملهم به .
(وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن) وذلك إذا عاين أمر الآخرة (ولا الذين
ص: 17
يَمُوتُونَ وَ) الحال (هُمْ كُفَّارٌ) هود هؤلاء وعدم هود هؤلاء سواء ، ورووه مع اللّام كالأوّل (أُولئِكَ) الرهط المسطور أحوالهم (أَعْتَدْنا) أصله الإعداد (لَهُمْ) لهؤلاء الملأ (عَذاباً أَلِيماً) ( 18 ) إصرا مؤلما وهو كلام مؤكّد لردّهم وطردهم ، وعدم سماع هودهم وإعلاء لإعداد الآصار لهم .
ولمّا ساء عمل أهل العصر الأوّل واصرّوا علاه ، وهو طرح أحدهم رداءه رأس عرس أحد أدركه السام ، وهو محمّه ممّا أهل السهام عصر ما أراد أهولها لدرّه كرها ولا مهر لها ، وعدها سهما له أو حدّها ممّا الأهول لإعطاء سهمها حماء لدرّها ، أرسل اللّه ردعا لهم
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (لا يَحِلُّ لَكُمْ) ما أحلّ اللّه لكم (أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ) كالسهام والحصص (كَرْهاً) لا طوعا (وَلا تَعْضُلُوهُنَّ) أعراسكم المراد عدم إمساك الأعراس ، وهم أمسكوا أعراسهم إكراها مع عدم وطرهم لإمحاء المهور وعطو المال (لِتَذْهَبُوا) إكراها (بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ) وهو المهر والعطاء (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ) سوء عمل كعدم الطوع للمرء والعوراء أو العهر (مُبَيِّنَةٍ) لا
----------
يموتون وهم كفار) نفى التوبة عمن سوفها إلى حضور الموت ومن مات كافرا وسوى بينهما في نفيهما لمجاوزة كل منهما وقت التكليف والاختيار (أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما) .
(يا أيها الذين ءامنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها) بالضم والفتح كان الرجل إذا مات قريبه ألقى ثوبه على امرأته وقال أنا أحق بها فإن شاء تزوجها بصداقها الأول وإن شاء زوجها غيره وأخذ صداقها فنزلت: (ولا تعضلوهن) لا تمسكوهن إضرارا بهن وتمنعوهن من النكاح (لتذهبوا ببعض ما ءاتيتموهن) كان الرجل يمسك زوجته إضرارا بها لتفتدي بمالها فنهوا عن ذلك (إلا أن يأتين
ص: 18
إعوار لها (وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) العدل كلاما وعملا (فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ) لسوء إملاء الأعراس وأعمالها ، وما ملح ودعها وسرحها وما حمد (فَعَسى) لعلّ (أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً) حالا (وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ) الأمر المكروه (خَيْراً كَثِيراً) ( 19 ) عطاء كاملا كالولد الصالح والعمل المحمود مآلا ، والحاصل ما لكم سرحها لكرهكموها لعلّ اللّه حوّل مكروهكم حالا أصلح لكم مآلا .
(وَإِنْ أَرَدْتُمُ) حال كرهكم العرس مع عدم طلاحها (اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ) وهو سرح أهل وأهول أهل (وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ) حال سرحها أو أمامه (قِنْطاراً) مالا واسعا وهو المهر كما مرّ (فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ) المال المملّك لها (شَيْئاً) أصلا ودعوا كلّه (أَ تَأْخُذُونَهُ) المال (بُهْتاناً) حدلا وعدولا (وَإِثْماً) إصرا وحراما (مُبِيناً) ( 20 ) ساطعا مصرّحا .
(وَكَيْفَ) ولم (تَأْخُذُونَهُ) مال المهر (وَقَدْ أَفْضى) وصل (بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ) مسّا ومساسا (وَأَخَذْنَ) أعراسكم (مِنْكُمْ مِيثاقاً) عهدا (غَلِيظاً) ( 21 ) مؤكّدا محكما وهو إمساك صالح أو سرح محمود .
----------
بفاحشة مبينة) زنا أو نشوزا أو سوء خلق فيحل للزوج أن يخلعها (وعاشروهن بالمعروف) بالنصفة (فإن كرهتموهن) فلا تفارقوهن لكراهة النفس (فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا) .
(وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج) تزويج امرأة ومفارقة أخرى (وءاتيتم إحداهن قنطارا) ملء مسك ثور ذهبا أو مالا عظيما (فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا) كان الرجل إذا أراد تزويج جيدة بهت التي تحته بفاحشة حتى يلجئها إلى الافتداء ليصرفه في تزويج الجديدة .
(وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض) إنكار لأخذه والحال أنه وصل إليها بالملامسة ودخل بها ووجب المهر (وأخذن منكم ميثاقا غليظا)
ص: 19
(وَلا تَنْكِحُوا) أهل الإسلام (ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ) المراد الوطاء أهولا أو ملكا أو عهرا (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) مرّ أمام الإحرام ، وهو ممحوّ لا إصر ولا ألم لكم (إِنَّهُ) الأهول والوطاء (كانَ) أوّلا (فاحِشَةً) سوءا عورا لامها اللّه وما أحلّها للأمم الأوّل أصلا (وَمَقْتاً) مردودا مطرودا صدد اللّه (وَساءَ سَبِيلًا) ( 22 ) مسلكا وصراطا هو .
(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) والمراد هو الأهول أراد الأمّ ، وأمّ الأمّ ، وأمّ الوالد (وَبَناتُكُمْ) وأولادها (وَأَخَواتُكُمْ) لوالد ، وأمّ ، أو لوالد ، أو لأمّ (وَعَمَّاتُكُمْ) عموما (وَخالاتُكُمْ) كما مرّ (وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ) وا أولاد أولادهما (وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ) الدرّ (وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ) مصّ الدرّ أمرّهما اللّه ممرّ الأصل ، وأحلّهما محال أهل الأواصر
----------
عهدا وثيقا وهو حق الصحبة والمضاجعة، وروي الميثاق: الكلمة التي بها عقد النكاح والغليظ هو ماء الرجل يفيضه إليها .
(ولا تنكحوا ما نكح ءاباؤكم) وإن علوا (من النساء إلا ما قد سلف) استثناء من لازم النهي أي معاقبون بنكاح ما نكح آباؤكم إلا ما قد سلف أو من اللفظ مبالغة في التحريم كلا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى أو منقطع أي ولكن ما سلف فلا تؤاخذون عليه (إنه كان فاحشة ومقتا) موجبا لمقت الله وهو علة النهي (وساء سبيلا) سبيل من دان به .
(حرمت عليكم أمهاتكم) أي نكاحهن لما قبله بعده والمتبادر كالأكل في حرمت عليكم الميتة والأم: من ولدتك أو ولدت من ولدتك وإن علت (وبناتكم) وإن سفلت (وأخواتكم) من الأب أو الأم أو منهما (وعماتكم وخالاتكم) وإن علت (وبنات الأخ وبنات الأخت) وإن نزلن (وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة) سماها أما وأختا تنزيلا للرضاع منزلة النسب قال (صلى الله عليه وآله وسلّم) يحرم من الرضاع ما يحرم
ص: 20
والأرحام (وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ) أعراسكم (وَرَبائِبُكُمُ) أولاد اعراسكم لا أولادكم (اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ) دوركم وحرسكم (مِنْ نِسائِكُمُ) أعراسكم (اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ) المراد هو الوطاء ، أو اللمس وهو سدّ مسدّ الوطء (فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ) مسّا ومصدا (فَلا جُناحَ) لا إصر (عَلَيْكُمْ وَ) حرّم علاكم (حَلائِلُ أَبْنائِكُمُ) أعراس أولادكم أصله ومصدره الحلّ أو الحلول (الَّذِينَ) هم (مِنْ أَصْلابِكُمْ) لا سواكم ، لمّا أهل رسول اللّه صلعم عرسا سرّحها أحد ، دعاه رسول اللّه صلعم ولده ، وما هو ولده ، ووصمه الأعداء لددا وحسدا (وَ) حرّم (أَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ) أهولا أو وطا ملكا (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) مرّ وهو ممحوّ (إِنَّ اللَّهَ كانَ) دواما (غَفُوراً) لرهط عملوا هؤلاء الأعمال أوّلا حال عدم إحرام اللّه لها (رَحِيماً) ( 23 ) لرهط هادوا عمّا حرّمه اللّه .
----------
من النسب فيحرم به السبع المحرمات بالنسب (وأمهات نسائكم) وإن علون دخلتم بالبنات أم لا (وربائبكم) بنات نسائكم من غيركم وإن سفلن (اللاتي في حجوركم) في ضمانكم وتربيتكم وفائدته تقوية العلة وتكميلها لا تقييد الحرمة، وروي هن حرام كن في الحجور أو لم يكن (من نسائكم) دائما أو منقطعا أو ملك يمين متعلق بربائبكم لقربه (اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم) احترازا عن المتبني لا أبناء الولد فيشملونهم وإن سفلوا (وأن تجمعوا بين الأختين) عطف على المحرمات والمحرم الجمع دون العين فلو فارق إحداهما حلت له الأخرى (إلا ما قد سلف) منقطع أي ولكن ما مضى مغفور لقوله: (إن الله كان غفور رحيما) فلا تيأسوا من رحمته .
ص: 21
ولمّا أسر عساكر الإسلام أعراس الأعداء حال عماس أوطاس وأهل الإسلام حاروا وما أدركوا أمصدهم معها حلال أم حرام أرسل اللّه (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ) الأعراس اللّاء لها عرس ، سمّاها لما حاصرها المرء وحماها وعصمها عمّا ساء ، ورووه مكسور الصاد والمراد حرّم أهولها (إِلَّا ما) أعراسا (مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) أسرا وما أسر معها عرسها (كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ) مصدر مؤكّد ، والمراد سطر اللّه لكم سطرا وحدّ حدود الحلال والحرام ، وصرّح إحرام هؤلاء (وَأُحِلَّ) رووا « أحلّ » معلوما (لَكُمْ) حلالا طاهرا ساطعا (ما وَراءَ ذلِكُمْ) ما عدا المحرّم كلّه (أَنْ تَبْتَغُوا) لرومكم الأعراس (بِأَمْوالِكُمْ) المهور وما صلح مهرا أصلا ما وراء المال (مُحْصِنِينَ) اسلامام وأهولا وهو حال (غَيْرَ مُسافِحِينَ) أهل عهر (فَمَا) أعراس (اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ) أهولا ولو مسّا (مِنْهُنَّ) هؤلاء الأعراس ، أراد ما وراء ما
----------
(والمحصنات من النساء) ذوات الأزواج أحصنهن الزوج عطف على المحرمات (إلا ما ملكت أيمانكم) من سبأيا دار الكفر المزوجات فإنهن حلال لرفع السبي النكاح أو ما ملكتم من الإماء المتزوجات فإن للمالك فسخ نكاحهن ووطئهن بعد العدة على وجه (كتاب الله) كتب ذلك كتابا (عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم) ما عدا ما ذكر من المحرمات إلا ما خص بالسنة كالمنكوحة على عمها وخالتها وغيرهما (أن تبتغوا) بدل اشتمال من ما أو مفعول له أي أحل ذلك إرادة أن تطلبوا النساء (بأموالكم) بصداق أو ثمن (محصنين) أعفاء (غير مسافحين) غير زناة (فما استمتعتم به منهن) من النساء والمراد به نكاح المتعة بإجماع أهل البيت ويدل عليه قراءة أبي وابن عباس وابن مسعود: فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى
ص: 22
حرّمها اللّه (فَآتُوهُنَّ) أدّوا لها (أُجُورَهُنَّ) مهورها (فَرِيضَةً) أمرها اللّه وحكمها وهو حال أو مصدر مؤكّد (وَلا جُناحَ) لا إصر (عَلَيْكُمْ فِيما) أمر (تَراضَيْتُمْ بِهِ) حور مهر أو كوره أو ردّه أو ودعه أو المراد إمساك العرس أو سرحها (مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ) وهو المهر المحدود حال الأهول (إِنَّ اللَّهَ كانَ) دواما (عَلِيماً) علم مصالحكم (حَكِيماً) ( 24 ) أحكم أموركم .
(وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا) ووسعا وهو (أَنْ يَنْكِحَ) وهو معمول الطول لما هو مصدر صحّ عمله (الْمُحْصَناتِ) اللّواء ما ملّكها أحد ، ورووه مكسور الصاد (الْمُؤْمِناتِ) اللّاء لها الإسلام (فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) والمراد (مِنْ فَتَياتِكُمُ) الإماء (الْمُؤْمِناتِ) وهو ممّا وسع لهم اللّه ، والحاصل حلّ أهوالها حال عدم الطول المسطور (وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ) سرّا والأصل إسلام السر (بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) كلّكم أولاد آدم وأسّ الأمر هو الإسلام ، والحاصل دعوا كره الإماء (فَانْكِحُوهُنَّ) الإماء (بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ) أمر ملّاكها
----------
(فأتوهن أجورهن) مهورهن (فريضة من الله ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة) من استئناف عقد آخر بعد انقضاء المدة بزيادة في الأجر والمدة (إن الله كان عليما) بمصالحكم (حكيما) فيما شرع لكم .
(ومن لم يستطع منكم طولا) غنى أي من لم يجد غنى يبلغ به (أن ينكح المحصنات) الحرائر (المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم) فليتزوج أو يشتري منهن (من فتيانكم) إمائكم (المؤمنات والله أعلم بإيمانكم) فاكتفوا بظاهر الإيمان وكلوا السرائر إليه فرب أمة تفضل الحرة في الإيمان وهذا تأنيس بنكاح الإماء (بعضكم من بعض) كلكم من آدم ودينكم الإسلام فلا تستنكفوا من نكاحهن (فانكحوهن بإذن أهلهن) مالكيهن
ص: 23
(وَآتُوهُنَّ) أدّوا لها (أُجُورَهُنَّ) مهورها (بِالْمَعْرُوفِ) وهو عدم المطل والوكس والمهور لملّاكها أو للإماء كما حكم مالك (مُحْصَناتٍ) صوالح وسوالم حال (غَيْرَ مُسافِحاتٍ) عواهر حسّا (وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ) أودّاء السرّ ، والحاصل ولا عواهر سرّا (فَإِذا أُحْصِنَّ) أهولا وأهلها الأهّال (فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ) عهر (فَعَلَيْهِنَّ) لسم علاها (نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ) أهل الحرار (مِنَ الْعَذابِ) الحدّ المحدود (ذلِكَ) أهول الإماء (لِمَنْ خَشِيَ) راع (الْعَنَتَ) الإصر أوس الهلاك أو العسر أو العهر أو الحدّ (مِنْكُمْ) أهل الإسلام (وَأَنْ تَصْبِرُوا) إمساككم وعدم أهولكم الإماء مع الورع (خَيْرٌ) أحوط وأصلح (لَكُمْ) لحصول الولد ح مملوكا لأصله وأمّه ، ورد أهل الحرار صلاح الدار والإماء هلاك الدار (وَاللَّهُ غَفُورٌ) لمرء ما هو ممسك (رَحِيمٌ) ( 25 ) لما أحلّ أهول الإماء .
(يُرِيدُ اللَّهُ) كرما (لِيُبَيِّنَ لَكُمْ) أسرار مصالحكم وصوالح أعمالكم أو
----------
(وءاتوهن أجورهن) مهورهن لعل المراد آتوا أهلهن (بالمعروف) بلا مطل وضرار (محصنات) عفائف (غير مسافحات) معلنات بالزنا (ولا متخذات أخدان) أخلاء يزنون بهن (فإذا أحصن) بالتزويج بالبناء للمفعول والفاعل (فإن أتين بفاحشة) بزنا (فعليهن نصف ما على المحصنات) أي الحرائر (من العذاب) من الجلد كقوله وليشهد عذابهما وليس الإحصان شرطا للحد وإنما ذكر لإفادة أنه لا رجم عليهن أصلا لأنه لا ينتصف (ذلك) أي نكاح الإماء (لمن خشي العنت منكم) خاف الوقوع في الزنا أو الحد (والله غفور) لذنوبكم بالتوبة أو بفضله (رحيم) بكم .
(يريد الله ليبين لكم) أحكام دينه ومصالحكم (ويهديكم
ص: 24
ما هو حلال لكم وحرام لكم ، واللّام للوكود (وَيَهْدِيَكُمْ) إصلاحا وإسلاكا (سُنَنَ) صرط الرسل والصلحاء (الَّذِينَ) سلكوها ورحلوا ووصلوا المصامد (مِنْ قَبْلِكُمْ) لسلوككم صراطهم (وَيَتُوبَ) اللّه (عَلَيْكُمْ) عما هو الإصر مسهّلا لأحمالكم ومصلحا لأعمالكم (وَاللَّهُ عَلِيمٌ) لمصالحكم (حَكِيمٌ) ( 26 ) لأحكامه ، وأوامره أسرار وحكم .
(وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) كرّره مؤكّدا موطّدا (وَيُرِيدُ) الطّلاح (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ) آمال هواهم ، ورد المراد اللّه الساعور ، وورد الهود لما أحلّوا أولاد الوالد (أَنْ تَمِيلُوا) عمّا هو السداد والصّلاح (مَيْلًا) عدولا (عَظِيماً) ( 27 ) كاملا وهو إحلالهم ما حرّم اللّه .
(يُرِيدُ اللَّهُ) كرما (أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ) الأحمال والآصار ولما مرّ أمركم الوسع لا العسر كأهول الإماء وحلالها ملكا وما سواهما (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ) ولد آدم (ضَعِيفاً) ( 28 ) ما اسطاع حمل المعاسر والمكاره .
----------
سنن الذين من قبلكم) من أهل الحق لتقتدوا بهم (ويتوب عليكم والله عليم) بمصالحكم (حكيم) فيما دبر لكم .
(والله يريد أن يتوب عليكم) كرر للتأكيد وليبني عليه (ويريد الذين يتبعون الشهوات) لمبطلون أو الزناة أو اليهود أو المجوس فإنهم يحلون الأخوات من الأب وبنات الأخ وبنات الأخت (أن تميلوا) عن الحق بموافقتهم على اتباع الشهوات أو إحلال المحرمات (ميلا عظيما) إذ لا ميل أعظم من ذلك .
(يريد الله أن يخفف عنكم) بإحلال نكاح الأمة وغيره من الرخص (وخلق الإنسان ضعيفا) لا يصبر على الشهوات ولا يحتمل مشاق الطاعات .
ص: 25
( يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ) وسطكم (بِالْباطِلِ) الحرام كالولع وحسم الصراط والإسلال والألس والحدل والادّعاء واللهو والرماء (إِلَّا) للحسم (أَنْ تَكُونَ) الأموال (تِجارَةً) المراد أموالها حواصل (عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ) وآم ووداد (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) أحدكم أحدا ، وأهل الإسلام كلّهم كمرء واحد ، أو هو أكل الأموال حدلا والحادل مهلك درّه مآلا ، أو إهلاك المرء درّه كما عمله آحاد عدّام العلم (إِنَّ اللَّهَ كانَ) دواما (بِكُمْ رَحِيماً) ( 29 ) ولكمال مراحمه أعملكم ما هو حارس أموالكم وممدّ أعماركم .
(وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ) الإهلاك (عُدْواناً) عداء وعدولا (وَظُلْماً) حدلا وعمدا للسوء ، وهو مصدر حلّ محلّ الحال كالأوّل (فَسَوْفَ نُصْلِيهِ) إصلاء مهلكا ناراً معهودا أمرها ومعلوما حالها (وَكانَ ذلِكَ) الإصلاء (عَلَى اللَّهِ يَسِيراً) ( 30 ) سهلا لا عسر له .
----------
(يا أيها الذين ءامنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) بما لم يبحه الشرع أو بما حرمه كالربا والقمار والنجش والظلم (إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) منقطع أي ولكن كون تجارة صادرة عن تراض المتبايعين غير منهي عنه وقيل أريد بالمنهي عنه صرف المال فيما لا يرضاه الله وبالتجارة صرفه فيما يرضاه وقرىء بنصب التجارة أي إلا أن تكون التجارة تجارة وبرفعها (ولا تقتلوا أنفسكم) بارتكاب ما يؤدي إلى هلاكها (إن الله كان بكم رحيما) .
(ومن يفعل ذلك) أي القتل وما سبق من المنهيات (عدوانا) تجاوزا عن الحق (وظلما) إتيانا بما لا ينبغي (فسوف نصليه) ندخله (نارا وكان ذلك على الله يسيرا) هينا لا مانع عنه .
ص: 26
أوعدهم اللّه (إِنْ تَجْتَنِبُوا) أهل الإسلام (كَبائِرَ) ورووه موحّدا والمراد صرع (ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ) آصارا أعاسر حرّمها اللّه ورسوله ، ورد المراد صروع العدول (نُكَفِّرْ) محوا (عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) آصاركم الأساهل ، والمراد محو الإلمام وردّ الآلام (وَنُدْخِلْكُمْ) كرما (مُدْخَلًا) موردا (كَرِيماً) ( 31 ) واسعا محمودا ، وهو دارالسلام وكلّ ما وعد لأهل الإسلام ، أو هو مصدر .
(وَلا تَتَمَنَّوْا) حسدا وطمعا (ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ) وأعطاه كرما لا لعلم كالمال وعلوّ الحال ، ولعلّ عدمهما أصلح وأعود لكم (بَعْضَكُمْ) آحادكم (عَلى بَعْضٍ) آحاد للمصالح والحكم ، ولكلّكم سهام وحصص حدّدها اللّه وأحصاها علما وعدلا (لِلرِّجالِ) كلّهم (نَصِيبٌ) سهم معلوم وعلوّ معهود (مِمَّا اكْتَسَبُوا) لما عملوا أو المراد صوالح الأعمال كالعماس (وَلِلنِّساءِ) كلّها (نَصِيبٌ) سهم محدود وسموّ موعود (مِمَّا اكْتَسَبْنَ) وهو دوامها عواصم وطواعها المرء (وَسْئَلُوا اللَّهَ) سؤالا محمودا أو ادعوه مِنْ فَضْلِهِ
----------
(إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه) ما أوعد الله عليه النار أو العقاب أو جعل فيه حدا أو كلما نهى الله عنه وقيل سبع وقيل أكثر وقيل هي إلى السبعة أقرب منها إلى السبع (نكفر عنكم سيئاتكم) يغفر لكم ما سوى ذلك (وندخلكم مدخلا) بضم الميم وفتحها أي موضعا (كريما) هو الجنة أو إدخالا مع كرامة .
(ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض) لا تقل: ليت ما أعطي فلان من المال والجاه كان لي، ولكن قل: اللهم أعطني مثله (للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن) لكل منهما حظ وفضل بالعمل فاطلبوا الفضل بالعمل (واسألوا الله من فضله) وقرىء وسلوا (إن الله كان بكل شيء
ص: 27
كرمه وسماحه لا وكس لآلاء مكارمه ، ولا إمساك لإعطاء مراحمه وهو سامع الدعاء وواسع العطاء (إِنَّ اللَّهَ كانَ) دواما (بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) ( 32 ) أحاط الكلّ علمه .
(وَلِكُلٍّ) لكلّ مال أو لكلّ أحد (جَعَلْنا مَوالِيَ) ملّاك سهام وهم أولو الأرحام ولهم حصص الأموال (مِمَّا) مال صدع لكلّ أو معمول لموال (تَرَكَ) طرح (الْوالِدانِ) الوالد والأمّ (وَالْأَقْرَبُونَ) أولو الأواصر والأرحام (وَ) الملأ (الَّذِينَ عَقَدَتْ) عهودهم (أَيْمانُكُمْ) والمراد عهد ولاء الولاء (فَآتُوهُمْ) أعطوهم وأوصلوا (نَصِيبَهُمْ) سهمهم وهو السدس ، وحكمها ممحوّ صدد رهط ومعمول دواما صدد عوام أهل الإسلام (إِنَّ اللَّهَ كانَ) دواما (عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً) ( 33 ) عالما مطّلعا وهو أكّد ما وعد وأوعد .
----------
عليما) قيل قالت أم سلمة يا رسول الله تغزو الرجال ولا نغزو وإنما لنا نصف الميراث ليتنا رجال، فنزلت (ولكل) لكل واحد (جعلنا موالي) وراثا (مما ترك) هم أولى بميراثه وهم أولوا الأرحام في المواريث فأولاهم بالميت أقربهم إليه من الرحم التي تجره إليها (الوالدان والأقربون) أي لكل ميت جعلنا وراثا مما ترك أو لكل قوم جعلناهم موالي حظ مما ترك (والذين عقدت) وقرىء عاقدت (أيمانكم) جمع يمين بمعنى اليد أو القسم أي الحلفاء الذين عاهدتموهم على النصرة (فأتوهم نصيبهم) إذا والى الرجل الرجل فله ميراثه وعليه معقلة أي دية جنايته خطأ وروي: هم الأئمة بهم عقد الله أيمانكم (إن الله كان على كل شيء شهيدا) لا يغيب عنه شيء .
ص: 28
(الرِّجالُ) مراءوا أولاد آدم (قَوَّامُونَ) لهم الأمر والحكم سلّطهم اللّه (عَلَى النِّساءِ) أعراسهم (بِما) للمصدر (فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ) لعلوّ حالهم وكمال علمهم وحدسهم ودركهم وعدم وكس أحلامهم (عَلى بَعْضٍ) الأعراس لوكس أمورها كلّها (وَبِما أَنْفَقُوا) أعطوا مرامها وساسوها وأوصلوا لها (مِنْ أَمْوالِهِمْ) المهر وما سواه (فَالصَّالِحاتُ) الأعراس الصوالح العواصم (قانِتاتٌ) لها دوام الطوع للمرء (حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ) حوار سحال عدم اطّلاع أهّالها ما لسم حرسه ممّا أموال ودور وإدرار ، وورد المراد لإسرارهم (بِما حَفِظَ اللَّهُ) عصمها حال ما أوصاهم لها (وَ) الأعراس (اللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ) عدم طوعها لكم وسمودها (فَعِظُوهُنَّ) حدودها ومروها ، وأوصوها إصلاحا وعلّموها أداء أوامركم وكالموها كلام ولاء وو داء (وَاهْجُرُوهُنَّ) دعوها (فِي الْمَضاجِعِ) محال الدكاس المراد ودعه معها أو ودع السدّ حال عدم الطوع .
----------
(الرجال قوامون) قيمون مسلطون (على النساء) في السياسة والتدبير (بما فضل الله بعضهم على بعض) بسبب تفضيلهم عليهن كفضل الماء على الأرض ولو لا الرجال ما خلقت النساء (وبما أنفقوا من أموالهم) في مهورهن ونفقتهن (فالصالحات قانتات) مطيعات لله أو للأزواج (حافظات للغيب) تحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله (بما حفظ الله) بحفظه له إياهن (واللاتي تخافون نشوزهن) عصيانهن أو ترفعهن عن طاعتكم بظهور أماراته أو أريد بالخوف العلم (فعظوهن) بالقول وخوفوهن الله (واهجروهن في المضاجع) المراد فلا تدخلوهن تحت اللحف أو لا تجامعوهن أو ولوهن ظهوركم.
ص: 29
(وَاضْرِبُوهُنَّ) سهلا وسلاما لو ما عادها الهول والودع (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ) سدما وعودا كما هو مرادكم (فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا) مسلكا للعدول عما صلح لأحوالها (إِنَّ اللَّهَ كانَ) دواما (عَلِيًّا) علا أمره (كَبِيراً) ( 34 ) سما حكمه .
(وَإِنْ خِفْتُمْ) حكّام الإسلام (شِقاقَ بَيْنِهِما) عداء المرء وأهله (فَابْعَثُوا) حكّموا (حَكَماً) حاكما صالحا مصلحا عدلا (مِنْ أَهْلِهِ) المرء (وَحَكَماً) مسددا مساعدا مسالما (مِنْ أَهْلِها) رهطهما لما أهل الأرحام أعلم لأحوال السرّ وأروم للصلاح وإدرار المرء وأهله أركد الأهم ، وصرّحا لهم ما وسط اسرارهما ممّا الود والعداء ورود السراح وعدمه (إِنْ يُرِيدا) هما أو حكامهما (إِصْلاحاً) سلما وودادا (يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما) المرء وأهله ، والمراد لو همّا الإصلاح وراما السداد أعدم اللّه عداءهما ، أو حكم المرء وحكم أهله والمراد لو راما الإصلاح أعطاهم اللّه لكرمه الوداد والوام وسطهما وحصل مصمودهما (إِنَّ اللَّهَ كانَ) دواما (عَلِيماً خَبِيراً) ( 35 ) لكلّ
----------
(واضربوهن) ضربا غير مبرح ولا مدم والثلاثة مترتبة فيدرج فيها (فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا) إلى التوبيخ والإيذاء إذ التائب من الذنب كمن لا ذنب له (إن الله كان عليا كبيرا) فاحذروه .
(إن خفتم شقاق) مخالفة مفرقة (بينهما) الضمير للزوجين المدلول عليهما بذكر الرجال والنساء (فابعثوا) أيها الحكام (حكما) رجلا عدلا صالحا للحكومة والإصلاح (من أهله وحكما من أهلها) إذ الأقارب أعرف بأحوالهما وبما يصلحهما (إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما) الضميران للحكمين أي إن قصدا الإصلاح يوفق الله بينهما وليس لهما أن يفرقا حتى يستأمراهما (إن الله كان عليما خبيرا) بالبواطن .
ص: 30
محسوس ومدرك .
(وَاعْبُدُوا اللَّهَ) طاوعوه ووحّدوه (وَلا تُشْرِكُوا بِهِ) اللّه (شَيْئاً) إلها سواه كالسواع والودّ (وَ) اعملوا (بِالْوالِدَيْنِ) الوالد والأمّ (إِحْساناً) إعطاء وأكرموهما إكراما (وَبِذِي الْقُرْبى) أهل الأواصر والأرحام (وَالْيَتامى) أولاد هلك ولّادهم (وَالْمَساكِينِ) أهل العسر والركود (وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى) الرحم أو أمم الدار (وَالْجارِ الْجُنُبِ) المطرّح رحما أو دارا (وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ) العرس أو مطو الرحل والسلوك أو مساهم العلم والكدح والعمل (وَابْنِ السَّبِيلِ) سالك الصراط (وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) الولداء والإماء (إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ) كلّ (مَنْ كانَ مُخْتالًا) سامدا كارها أهل الأرحام لإصرامهم وإعسارهم (فَخُوراً) ( 36 ) معدّدا مكارمه مسمودا .
(الَّذِينَ يَبْخَلُونَ) مالا (وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ) سواهم (بِالْبُخْلِ )
----------
(واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا) غيره أو شيئا من الإشراك (وبالوالدين) أو أحسنوا (إحسانا وبذي القربى) القرابة (واليتامى والمساكين والجار ذي القربى) القريب في الجوار أو النسب أو الدين، وروي أن حد الجوار أربعون دارا من كل جانب (والجار الجنب) البعيد جوارا أو نسابة أو دينا وقيل ليس حسن الجوار كف الأذى بل الصبر على الأذى (والصاحب بالجنب) الرفيق في السفر أو تعلم أو حرفة وقيل الزوجة (وابن السبيل) المسافر أو الضيف (وما ملكت أيمانكم) الأهل والخادم (إن الله لا يحب من كان مختالا) متكبرا يأنف عن أقاربه وجيرانه وأصحابه (فخورا) يفتخر عليهم .
(الذين يبخلون) نصب بدلا ممن كان أو على الذم أو رفع عليه أو مبتدأ حذف خبره
ص: 31
الإمساك ، وهم رهط أمسكوا الأموال وأمروا أرداءهم وعلّموهم الإمساك لما أعطوا وأهدوا لأهل الإسلام (وَيَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ) أعطاهم (اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) وكرمه وهو المال ووسع الحال والعلم ، وورد أرسلها اللّه لإعلاء حال رهط أسرّوا محامد محمّد رسول اللّه صلعم ومكارمه (وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ) أعدّ اللّه لهم (عَذاباً مُهِيناً) ( 37 ) ألما أسوأ معادا .
(وَ) الملأ (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ) إعطاء (أَمْوالَهُمْ) وأملاكهم (رِئاءَ النَّاسِ) للإسماع وعلوّ الاسم لا للّه وصراطه (وَلا يُؤْمِنُونَ) إسلاما (بِاللَّهِ) الملك العدل (وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ) معاد الكلّ وهم رهط ما واطأ مساحلهم أرواعهم ، أو طلاح أمّ الرحم (وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ) المارد ووسواسه (لَهُ قَرِيناً) ردا أو أصلا (فَساءَ قَرِيناً) ( 38 ) هو لما هو عدو السوء كهؤلاء .
(وَما ذا) هو و « ما » للسؤال أو هو موصول (عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا) أسلموا (بِاللَّهِ) ملكه (وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) الموعود معادا أو أهواله (وَأَنْفَقُوا) أعطوا (مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ) وأعطاهم والمراد لومهم (وَكانَ اللَّهُ) دواما
----------
(ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما ءاتاهم الله من فضله) المال والعلم أحقاء بالعقوبة (وأعتدنا للكافرين) بذلك وغيره (عذابا مهينا) لهم قيل نزلت في اليهود الذين كانوا ينتصحون للأنصار ويقولون لا تنفقوا أموالكم فإنا نخشى عليكم الفقر والذين يكتمون صفة محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) .
(والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس) مرائين أو مراءاة لهم (ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر) هم المنافقون أو مشركو مكة (ومن يكن الشيطان له قرينا) صاحبا يتبع أمره كهؤلاء أو هو وعيد لهم بأن يقرن بهم في النار .
(فساء قرينا) هو (وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله) أي أي ضرر
ص: 32
(بِهِمْ) وأحوالهم وأعمالهم (عَلِيماً) ( 39 ) واسع العلم .
أوعدهم اللّه (إِنَّ اللَّهَ) الملك العدل (لا يَظْلِمُ) أحدا (مِثْقالَ ذَرَّةٍ) أمرا ما صلا علما وعملا حورا وكورا (وَإِنْ تَكُ) لهاؤها (حَسَنَةً) عملا صالحا (يُضاعِفْها) عدلها (وَيُؤْتِ) اللّه (مِنْ لَدُنْهُ) كرما ووعدا (أَجْراً عَظِيماً) ( 40 ) عطاء كاملا ما علمه أحد إلا هو .
(فَكَيْفَ) حال هؤلاء العدّال (إِذا جِئْنا) معادا (مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ) رهط رسول (بِشَهِيدٍ) رسولهم (وَجِئْنا بِكَ) رسول اللّه (عَلى هؤُلاءِ) الرسل العدول ، أو رهطك ورد هؤلاء العدّال ، وورد أهل الإسلام والعدول ، وهو حال .
(يَوْمَئِذٍ) المعاد وعامله (يَوَدُّ) الرهط (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا صراط السداد (وَعَصَوُا الرَّسُولَ) وما أطاعوا أوامره (لَوْ) للمصدر (تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ) حولها معهم سطحا سواء أرادوا دوام رمسهم أو ودادهم عدم أسرهم
----------
عليهم بالإيمان والإنفاق في سبيل الله وهو توبيخ لهم إذ كل منفعة في ذلك وإنما الضرر فيما هم عليه (وكان الله بهم عليما) فيجازيهم بأعمالهم .
(إن الله لا يظلم مثقال ذرة) زنة غلة صغيرة أو جزء من أجزاء الهباء لغناه عن الظلم وعلمه بقبحه (وإن تك) أي مثقال الذرة، وأنث الضمير لتأنيث الخبر أو لإضافة المثقال إلى مؤنث (حسنة) بالرفع على التامة وبالنصب على الناقصة (يضاعفها) يضاعف ثوابها (ويؤت من لدنه أجرا عظيما) عطاء جزيلا .
(فكيف) حال هؤلاء الكفرة (إذا جئنا من كل أمة بشهيد) يشهد عليها بعملها (وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) .
(يومئذ يود) يتمنى (الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض) لو مصدرية أي أن يدفنوا فتسوى بهم الأرض كما
ص: 33
أوّلا أو عدم عودهم معادا (وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً) ( 42 ) كلاما ممّا عملوه أوّل الإسلام حال حلّها .
وأهل الإسلام لمّا علسوا مداما لعدم طولهم أسراره ، وسكروا وصلّوا مساء وسكر إمامهم أسوأ السكر وطرح لا مرارا وأمه مكرّرا ، أرسل اللّه ردعا عمّا صلّا حال السكر
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ) دعوا إحمامها وأمهلوا أداءها (وَ) الحال (أَنْتُمْ سُكارى) ولكم سكر مدام أو دكاس وسواه (حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ) كلامكم وهو حال الصحو (وَلا جُنُباً) لعمل المصد أو ما حلّ محلّه وهو اسم سواء له الواحد وما سواه لحلوله محلّ المصدر (إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ) سلّاك صراط عدموا الماء .
(حَتَّى تَغْتَسِلُوا) لوصول الماء (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى) أعلّاء ما صلح لهم
----------
تسوى بالموتى أو لم يبعثوا أو لم يخلقوا وكانوا هم والأرض سواء (ولا يكتمون الله حديثا) لا يقدرون على كتمانه لأن جوارحهم تشهد عليهم، وقيل الواو للحال أي يودون أن يدفنوا تحت الأرض وأنهم لا يكتمون الله حديثا ولا يقولون والله ربنا ما كنا مشركين فإنهم إذا قالوا ذلك ختم على أفواههم فتشهد عليهم جوارحهم فيشتد الأمر عليهم فيتمنون لو تسوى بهم الأرض وقرىء تسوى بفتح التاء أي تتسوى فأدغم التاء في السين، وقرىء بحذف التاء الثانية .
(يا أيها الذين ءامنوا لا تقربوا الصلاة) أي مواضعها أو لا تصلوا مبالغة في النهي (وأنتم سكارى) من نحو نوم أو خمر وكل ما يمنع من حضور القلب (حتى تعلموا ما تقولون) في الصلاة (ولا جنبا) عطف على (وأنتم سكارى) إذ محله النصب على الحال (إلا عابري سبيل) مجتازين أي لا تدخلوا المساجد جنبا في عامة الأحوال إلا حال الاجتياز (حتى تغتسلوا) غاية النهي عن القرب حال الجنابة (وإن كنتم مرضى) مرضا يضره الماء أو يعجز عن تناوله (أو على
ص: 34
إمساس الماء (أَوْ عَلى سَفَرٍ) طوال أولا (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ) المحلّ (الْغائِطِ) أصله الدحل والمراد سلحه مع عدم أطهره (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) لامسها مسّها ومصدها (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) طاهرا مطهّرا لعدمه أو لعدم الدلو أو لعسر وصوله لهول عدوّ أو أسد (فَتَيَمَّمُوا) أعمدوا حال ورود العصر والطموا (صَعِيداً) سطح رمكاء أو ما سدّ مسدّه ، ولو لدم المرء راحه عرمسا أملس ومسح حصل طهوره (طَيِّباً) طاهرا (فَامْسَحُوا) ومسّوا مرارا (بِوُجُوهِكُمْ) كلّها (وَأَيْدِيكُمْ) راحها (إِنَّ اللَّهَ كانَ) دواما (عَفُوًّا) كامل العداء عمّا أساءوا (غَفُوراً) ( 43 ) محّاء للآصار .
(أَ لَمْ تَرَ) محمّد علما أو حسّا (إِلَى) هؤلاء (الَّذِينَ أُوتُوا) أعطوا (نَصِيباً) سهما ماصلا (مِنَ الْكِتابِ) علمه وهم علماء الهود ( يَشْتَرُونَ
----------
سفر) تفقدونه فيه (أو جاء أحد منكم من الغائط) هو المطمئن من الأرض كنى به عن الحدث (أو لامستم النساء) أي جامعتموهن (فلم تجدوا ماء) متعلق بكل من الأربع أي لم تتمكنوا من استعماله (فتيمموا صعيدا طيبا) فاقصدوا شيئا من وجه الأرض طاهرا مباحا قيل: وإنما نظم في سلك واحد بين المرضى والمسافرين وبين المحدثين والمجنبين، والمرض والسفر سببان من أسبأب الرخصة والحدث سبب لوجوب الوضوء والجنابة لوجوب الغسل لأنه سبحانه أراد أن يرخص لمن وجب عليهم التطهير إذا عدموا الماء في التيمم فخص أولا مرضاهم ومسافريهم لكثرة المرض والسفر ثم عمم كل من وجب عليه التطهير إذا عدموا الماء من هؤلاء وغيرهم (فامسحوا بوجوهكم) أي بعضها وهو الجبهة والجبينان إلى طرف الأعلى كما في السنة (وأيديكم) ظهرها من الزند إلى أطراف الأصابع (إن الله كان عفوا غفورا) فلذا خفف .
(ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب) حظا من علم التوراة
ص: 35
الضَّلالَةَ) والسوء وهو دوام هودهم وعدم إسلامهم وراء سطوع أعلام صحّ ألوك محمّد صلعم وهو الموعود وسط طرسهم (وَيُرِيدُونَ) حسدا ولددا (أَنْ تَضِلُّوا) أهل الإسلام (السَّبِيلَ) ( 44 ) صراط السداد .
(وَاللَّهُ) العلّام (أَعْلَمُ) ممّا سواه (بِأَعْدائِكُمْ) وأعلمكم عداء هؤلاء الهود وهولوهم (وَكَفى بِاللَّهِ) لكم (وَلِيًّا) وهو مولاكم ومصلح أموركم (وَكَفى بِاللَّهِ نَصِيراً) ( 45 ) مسعدا لكم ممدّا لكم .
(مِنَ) هؤلاء (الَّذِينَ هادُوا) صدع لرهط أعطوا سهما ، أو إعلاء لعدوّكم رهط (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ) كلم طرسهم المرسل ، ورووا الكلم كعلم (عَنْ مَواضِعِهِ) محاله وهم أطرحوها وأوردوا مواردها كلما وراءها كما أوردوا آدم محلّ أسمر أو أوّلوا مدلولها كما أراد هواهم ، وحوّلوا محامد محمّد صلعم واسمه (وَيَقُولُونَ) ولعا للرسول صلعم لو أمرهم أحكام الإسلام (سَمِعْنا) كلامك (وَعَصَيْنا) أمرك (وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ) أرادوا اسمع
----------
وهم أحبار اليهود (يشترون الضلالة) يستبدلونها بالهدى بإنكار محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) (ويريدون أن تضلوا السبيل) طريق الحق كما أخطئوه .
(والله أعلم) منكم (بأعدائكم) وقد أخبركم بهم فاحذروهم (وكفى بالله وليا) يلي أمركم (وكفى بالله نصيرا) يعينكم .
(من الذين هادوا) بيان للذين أوتوا وما بينهما اعتراض أو لأعدائكم أو صلة لنصيرا أو خبر محذوف أي منهم قوم (يحرفون الكلم) يميلونه (عن مواضعه) التي وضعه الله فيها بتبديله بغيره أو بتأويله على ما يشتهون (ويقولون سمعنا) قولك (وعصينا) أمرك (واسمع غير مسمع) حال تضمن الدعاء أي اسمع لا سمعت أو غير مجاب لك (وراعنا) يريدون به السب والسخرية كما مر في
ص: 36
مدعوّا علاك أصمّك اللّه ، أو اسمع كلاما ما هو مودودك وله محمل المدح ، والمراد اسمع كلاما ما هو مكروه لك (وَراعِنا) أرصد ، وهو كلام مدلوله الوصم اعلموا الإكرام واسرّوا الوصم (لَيًّا) صدّا للكلام المسدّد (بِأَلْسِنَتِهِمْ) السوءاء (وَطَعْناً) لؤما (فِي الدِّينِ) الإسلام إلحادا (وَلَوْ أَنَّهُمْ) الهود (قالُوا سَمِعْنا) كلامك (وَأَطَعْنا) أمرك (وَاسْمَعْ) لا ما وصلوه (وَانْظُرْنا) محلّ كلام الوصم (لَكانَ) كلامهم (خَيْراً) وصلاحا (لَهُمْ وَأَقْوَمَ) وأعدل وأسدّ (وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ) طردهم (بِكُفْرِهِمْ) إصرارا (فَلا يُؤْمِنُونَ) إسلاما (إِلَّا قَلِيلًا) ( 46 ) آحادا أماصل كاولد سلام وهو أسلم مع رهطه أو إسلاما ماصلا واكسا .
( يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ أُوتُوا) أعطوا (الْكِتابَ) طرس الهود (آمِنُوا) أسلموا واعلموا (بِما نَزَّلْنا) وهو طرس محمّد صلعم (مُصَدِّقاً) مسدّد مصحّحا (لِما مَعَكُمْ) لطرسكم (مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ) الطمس المحو
----------
البقرة (ليا بألسنتهم) فتلا بها وتحريفا للحق إلى الباطل بوضعهم راعنا مكان انظرنا و(غير مسمع) مكان لا سمعت مكروها (وطعنا) عيبا (في الدين) الإسلام (ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا) بدل وعصينا (واسمع) فقط (وانظرنا) راقبنا أو انظر إلينا بدل راعنا (لكان خيرا لهم وأقوم) أعدل (ولكن لعنهم الله) أبعدهم عن رحمته (بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا) منهم كابن سلام وأصحابه أو إلا إيمانا قليلا ببعض ما أنزل الله أو ضعيفا لا إخلاص فيه .
(يا أيها الذين أوتوا الكتاب ءامنوا بما نزلنا) من القرآن (مصدقا لما معكم) من التوراة (من قبل أن نطمس وجوها) نطمسها عن الهدى بأن نمحو تخطيط صورها أو نمحو ما فيها من العين والأنف والحاجب (فنردها على أدبارها) في
ص: 37
(وُجُوهاً) أراد محو صورها كحواسها أو أراد الرؤساء (فَنَرُدَّها) ردّا أسوأ وهو ردّها (عَلى) صور (أَدْبارِها) كاللوح الأملس (أَوْ نَلْعَنَهُمْ) معاده الموصول أراد حول صورهم صورا دماما (كَما لَعَنَّا) أمامهم (أَصْحابَ السَّبْتِ) وهم مصطادو السمك مع ما حرّم اللّه لهم أوّلا (وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ) مأموره وهو إصر أوعدهم اللّه (مَفْعُولًا) ( 47 ) معمولا لا رادّ له .
(إِنَّ اللَّهَ) الواحد الأحد (لا يَغْفِرُ ) أصلا (أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) اللّه وهو عدّ أحد سواه إلها وعامله مصرّا مردود سرمدا (وَيَغْفِرُ) اللّه (ما دُونَ ذلِكَ) العدول ، وهو مدح لكلّ إصر سواه الحاصل العدول ممحوّ حال السدم وما عداه ممحوّ حال السدم وعدمه لو أراد اللّه (لِمَنْ يَشاءُ) كرما وعطاء هاد عامله أولا (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ) الواحد الأحد (فَقَدِ افْتَرى) دلع وسطر (إِثْماً عَظِيماً) ( 48 ) إصرا كاملا مهلكا .
----------
ضلالتها فلا يفلح أبدا أو على هيئة أدبارها وهي الأقفية أو ننكسها إلى خلف (أو نلعنهم) نخزيهم بالمسخ (كما لعنا أصحاب السبت) وهو وعيد مشروط بعدم إيمانهم أجمع فلما آمن بعضهم رفع أو يقع في الآخرة أو منتظر يقع قبل القيامة أو أريد باللعن متعارفة، وقد لعنوا بكل لسان (وكان أمر الله) بكون شيء أو وعيده أو قضاؤه (مفعولا) كائنا لا بد أن يقع .
(إن الله لا يغفر أن يشرك) أي الشرك (به) بدون توبة للإجماع على غفرانه بها (ويغفر ما دون ذلك) ما سواه من الذنوب بدون توبة (لمن يشاء) تفضلا ومقتضاه الوقوف بين الخوف والرجاء (ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما) ارتكبه، والافتراء يقال للقول أو الفعل كالاختلاف .
(ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم) نزلت في أهل الكتاب حيث قالوا نحن أبناء
ص: 38
(أَ لَمْ تَرَ) محمّد حسّا أو علما (إِلَى) الأرهاط (الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ) هم مطهّرو طلالهم وأرواحهم وهموا هم أولاد اللّه وأودّاءه ، وهم الهود ورهط روح اللّه (بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي) كراما (مَنْ يَشاءُ) طهره وهو المطهّر صورا واسرارا (وَ) هم (لا يُظْلَمُونَ) ولا وكس لأعمالهم (فَتِيلًا) ( 49 ) أمصل حدل ، وأصله السمط الطوال وسط العسا .
(انْظُرْ) واعلم هكرا (كَيْفَ يَفْتَرُونَ) مدّعو الطهر (عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ) الولع الوالع وهو إمحاء آصارهم لما عدوّهم أولاد اللّه وهما (وَكَفى بِهِ) الولع والوهم (إِثْماً مُبِيناً) ( 50 ) إصرا ساطعا وعملا أسوأ .
(أَ لَمْ تَرَ) محمّد علما أو حسا (إِلَى) الملأ (الَّذِينَ أُوتُوا) أعطوا (نَصِيباً) سهما (مِنَ الْكِتابِ) طرس الهود وهم علماء هم (يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ) إلههم وهو كلّ ما اله سواء اللّه أو السحر ، والهود ودّوه وأطاعوه
----------
الله وأحباؤه ويعم الحكم غيرهم (بل الله يزكي من يشاء) فتزكيته هي المعتد بها لعلمه بالسرائر والعواقب (ولا يظلمون) بعقابهم على تزكيتهم أنفسهم (فتيلا) مقدار فتيلة وهو الخيط في شق النواة .
(أنظر كيف يفترون على الله الكذب) في زعمهم أنهم أزكياء عنده (وكفى به) بزعمهم هذا (إثما مبينا) بينا .
(ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت) صنمان لقريش، أو كلما عبد من دون الله، نزلت في اليهود حين سألهم مشركو العرب: أديننا أفضل أم دين محمد؟ قالوا: بل دينكم، أو في حي وكعب خرجا في جمع من اليهود يحالفون قريشا إلى محاربة النبي فقالوا: أنتم أقرب إلى محمد منكم إلينا فلا نأمن مكركم فاسجدوا لآلهتنا حتى نطمئن إليكم ففعلوا (ويقولون للذين كفروا) أي فيهم (هؤلاء) إشارة إليهم (أهدى
ص: 39
(وَالطَّاغُوتِ) مألوههم المارد (وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) لإعلامهم (هؤُلاءِ) أعداء الإسلام (أَهْدى مِنَ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (سَبِيلًا) ( 51 ) أسلم صراطا وأحكم إسلاما ، ورد سأل واحد العدّال أحد الهود العدّال أسلم صراطا أم محمّد وحاوره هم أسلم (أُولئِكَ) الأعداء هم (الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ) وطردهم وحردهم (وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ) وصار مطرودا (فَلَنْ تَجِدَ لَهُ) للمطرود (نَصِيراً) ( 52 ) ممدّا مسعدا مصلحا لحاله داسعا لطرده .
(أَمْ) للحسم والمراد الردّ (لَهُمْ) للهود (نَصِيبٌ) سهم (مِنَ الْمُلْكِ) والمال والحكم وهو لوم الهود لإمساكهم وحسدهم ووهمهم الملك لهم مآلا ، وهم أمسكوا مالهم وراموا مال سواهم (فَإِذاً) لو حصل لهم الملك والمال ، وأطاع الدهر لهم (لا يُؤْتُونَ النَّاسَ) أحدا (نَقِيراً) ( 53 ) حطاما ماصلا لكمال إمساكهم وأصله الدحل وسط العسا .
(أَمْ يَحْسُدُونَ) الهود (النَّاسَ) رسول اللّه ورهطه أو هو وحده أو أهل الدول كلّهم وحسدهم أحاط الكلّ (عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ) أعطاهم (مِنْ فَضْلِهِ) وكرمه وهو علوّ حال رسول اللّه صلعم وسموّ أمره لما أرسله اللّه للكلّ وأوحاه كلاما مسدّدا وأمدّه ، وكسر أعداءه كلّ عصر ، وسطا أودّاءه كلّ دهر (فَقَدْ
----------
من الذين ءامنوا سبيلا) أرشد طريقا .
(أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا) دافعا عنه العذاب .
(أم لهم نصيب من الملك) إنكار نفسي ولو كان (فإذا لا يؤتون الناس نقيرا) قدر نقير وهو النقطة في وسط النواة .
(أم يحسدون) النبي وأهل بيته نحن المحسودون (على ما ءاتاهم الله من فضله) من النبوة والإمامة (فقد ءاتينا ءال إبراهيم الكتاب والحكمة) النبوة والفهم والقضاء
ص: 40
آتَيْنا) إعطاء (آلَ إِبْراهِيمَ) هم رسول الهود وداود وولده وروح اللّه وهم أولاد عمّ محمّد رسول اللّه صلعم (الْكِتابَ) المعلوم المعهود لكلّ أحد (وَالْحِكْمَةَ) الإرسال أو علم الإسرار والأحكام (وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) ( 54 ) وحكما واسعا كملك داود وولده كرّمهم اللّه مآلا وحالا وعلوّا كاملا ولا معادل لهم .
(فَمِنْهُمْ) الهود (مَنْ آمَنَ) أسلم (بِهِ) محمّد رسول اللّه صلعم والآل المسطور وأطاعه (وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ) وعدل (عَنْهُ) وما أطاع أوامره مع علمه لسداده (وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً) ( 55 ) ساعورا سعرها اللّه لأهل الصدّ .
(إِنَّ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) دسّوا السداد وما أطاعوا (بِآياتِنا) كلام اللّه وأعلام سطوعه (سَوْفَ نُصْلِيهِمْ) إصلاء مكروها ناراً ساء سعرها (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ) صرومهم لكمال حرّها (بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً) صروما
----------
(وءاتيناهم ملكا عظيما) هو الطاعة المفروضة أو ملك يوسف وداود وسليمان فكيف يقرون بآل إبراهيم وينكرونه في آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) وهم أسلافهم .
(فمنهم) من اليهود (من ءامن به) بمحمد (ومنهم من صد عنه) فلم يؤمن، أو فمن أمة إبراهيم من آمن به ومنهم من كفر فلم يوهن ذلك أمره فكذا كفر هؤلاء لا يوهن أمرك (وكفى بجهنم سعيرا) نارا موقدة يعذبون بها .
(إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها) بخلقها مكانها، ومدرك العذاب النفس العاصية لا الجلد وإنما هو آلة لإدراكها أو بإعادتها بنفسها على صورة أخرى كتبديل الخاتم خاتما أو بإذهاب أثر الإحراق عنها ليعود أثر الإحساس بها وسئل الصادق (عليه السلام) ما ذنب الغير؟ فقال: هي هي، وهي غيرها كلبنة كسرت ثم ردت في ملبنها (ليذوقوا
ص: 41
(غَيْرَها) عادها اللّه وحوّل صورها لا أصولها ، وورد أسر اللّه محلها صروما سواها (لِيَذُوقُوا الْعَذابَ) دواما لا حسم لالامهم وهو ككلامهم دعاء للمكرّم أكرمك اللّه ، والمراد أدام لك الإكرام (إِنَّ اللَّهَ كانَ) دواما (عَزِيزاً) لا رادع لحكمه ولا رادّ لأمره (حَكِيماً) ( 56 ) عالما سرّ مصالحه .
(وَ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا وطاوعوا أوامر رسول اللّه صلعم (وَعَمِلُوا) الأعمال (الصَّالِحاتِ) وأدّوا صوالح الأعمال (سَنُدْخِلُهُمْ) لمحامد أعمالهم (جَنَّاتٍ) لها دوح وصروح (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) دوحها (الْأَنْهارُ) مسل الماء والعسل والدّر والمدام (خالِدِينَ فِيها أَبَداً) دواما (لَهُمْ) لأهل دارالسلام (فِيها أَزْواجٌ) أعراس (مُطَهَّرَةٌ) لا عروك ولا دم حمل وولاد لها (وَنُدْخِلُهُمْ) كلّهم (ظِلًّا ظَلِيلًا) ( 57 ) ممدودا أمدّه اللّه لرءوس الصلحاء لا حرّ ولا هرء له .
(إِنَّ اللَّهَ) الحكم العدل (يَأْمُرُكُمْ) أمرا مؤكّدا (أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ) الأموال وما سواها ، أو الأمر لأداء أوامر أودعها اللّه وحملها ولد آدم ولحرس
----------
العذاب) أي ليدوم إحساسهم به (إن الله كان عزيزا) لا يعجزه شيء (حكيما) في تعذيب من يعذبه .
(والذين ءامنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة) من كل دنس وقذر (وندخلهم ظلا ظليلا) كنيفا لا حر فيه ولا برد أو دائما لا تنسخه الشمس وصف مؤكد كليل أليل .
(إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) يعم كل مكلف وكل أمانة وعنهم، (عليهم السلام) أنه أمر لكل واحد من الأئمة أن يسلم الأمر إلى من بعده (وإذا حكمتم
ص: 42
الحواس ، أو المراد أسرار أودعها صدورهم وأرواحهم والكلام مع الحكّام ، أو عامّ (إِلى أَهْلِها) اسراعا كما أمر أداءها (وَإِذا حَكَمْتُمْ) وصار أحدكم حاكما وآمرا (بَيْنَ النَّاسِ) أو المراد الحكم عموما لإحكام أمور الرعاء ، أو إصلاح دعواهم ، أو وكود العهود ، أو حرس الأسرار (أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) والسواء (إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا) حمد أمرا (يَعِظُكُمْ) اللّه إصلاحا لكم (بِهِ) الأمر والمسموم مدحه مطروح وهو أداء ما أودع ، والحكم كما هو العدل (إِنَّ اللَّهَ كانَ) دواما (سَمِيعاً) لكلامكم (بَصِيراً) ( 58 ) عالما لأعمالكم .
ولمّا أمر اللّه الحكّام لأداء المودع والحكم عدلا ، أمر الكلّ طوعهم ، وأرسل (يا أَيُّهَا ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (أَطِيعُوا اللَّهَ) طاوعو أوامره (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) طاوعوا أحكامه (وَ) طاوعوا (أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) ما داموا عدولا وأولو الأمر هم الملوك والحكّام والأمراء والعلماء الصلحاء والكلّ مأمورهم ومحكومهم (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ) أهل الإسلام مع الحكّام
----------
بين الناس أن تحكموا بالعدل) بالنصفة والسوية (إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا) لأقوالكم (بصيرا) بأفعالكم .
(يا أيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) دل على وجود أولي الأمر في كل زمان بحيث يجب طاعتهم لعلمهم وفضلهم وعصمتهم ولا ينطبق إلا على مذهب الإمامية وفصل بين الله والرسول بالفعل للبينونة بين الواجب والممكن ولم يفصل بينه وبين أولي الأمر إشارة إلى أنهم واحد وعنهم (عليهم السلام): إيانا عنى خاصة أمر جميع المؤمنين إلى يوم القيامة بطاعتنا (فإن تنازعتم) أيها المأمورون (في شيء) من أمور الدين (فردوه) فراجعوا فيه (إلى الله) إلى محكم كتابه (والرسول) بالأخذ لسنته والمراجعة إلى من أمر
ص: 43
(فِي شَيْءٍ) أمر الإسلام ووهم كلّ أحدكم السداد معه ادعاء (فَرُدُّوهُ) الأمر وعاودوه (إِلَى) كلام (اللَّهَ) ومدلوله الأسدّ الأحكم (وَ) كلام (الرَّسُولَ) وحكمه المسدّد المرسل واعلموا وطاوعوا كما أمركم اللّه ورسوله (إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ) سدادا وصحّ إسلامكم (بِاللَّهِ) الحكم العدل وأصل الإسلام هو الطوع (وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) الموعود وروده معادا (ذلِكَ) الردّ (خَيْرٌ) وأصلح لكم حالا (وَأَحْسَنُ) وأحمد (تَأْوِيلًا) ( 59 ) مآلا .
(أَ لَمْ تَرَ) محمّد علما أو حسّا (إِلَى) الملأ (الَّذِينَ يَزْعُمُونَ) وهما وولعا (أَنَّهُمْ آمَنُوا) اسلموا (بِما) كلام (أُنْزِلَ) أرسل (إِلَيْكَ) محمّد رسول اللّه صلعم (وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) كلام أرسل لرسل مرّ عهدهم ، والحال هم (يُرِيدُونَ) لإصرار لددهم ووطود كدرهم (أَنْ يَتَحاكَمُوا) إعلاء حكمهم ودعواهم (إِلَى الطَّاغُوتِ) وهو اسم للمارد أصلا ، والمراد هو العدوّ الألدّ سمّاه لما هو الحامل لكمال العداء وعدول الحدّ (وَ) الحال (قَدْ أُمِرُوا) وصار كلّ أحد مأمورا لادّعاء الإسلام (أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ) حكم العدوّ (وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ) المارد (أَنْ يُضِلَّهُمْ) عمّا هو مسلك السداد (ضَلالًا
----------
بالمراجعة إليه فإنها رد إليه وقرىء فإن خفتم تنازعا في شيء فردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولي الأمر منكم (إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) فإن من أبى ذلك لا إيمان له (ذلك) أي الرد (خير) لكم من التنازع والقول بالرأي والتشهي (وأحسن تأويلا) من تأويلكم بلا رد وأحسن مآلا .
(ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم ءامنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت) من يحكم بغير ما أنزل الله (وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا) عن الحق .
ص: 44
بَعِيداً ) ( 60 ) ممدودا لا حدّ له ولا عود لهم عمّاه .
(وَإِذا قِيلَ) أمر (لَهُمْ) لهؤلاء الأعداء (تَعالَوْا) هلموا (إِلى ما) حكم (أَنْزَلَ اللَّهُ) أرسله وأوحاه (وَإِلَى) حكم (الرَّسُولِ) وعمله كما أمره اللّه (رَأَيْتَ) محمّد ( ص ) (الْمُنافِقِينَ) هم رهط مأواهم مساحلهم الصدور (يَصُدُّونَ) حال (عَنْكَ صُدُوداً) ( 61 ) وهو مصدر أو اسم للمصدر ، وهو الصد أوردوه لأمر ما هو محسوسا والسدّ للمحسوس وصدودهم إعلاء دعواهم صدد أحد سواك لأمره لهم كما هو مدّعاهم اسلالا .
(فَكَيْفَ) حالهم (إِذا أَصابَتْهُمْ) وصلهم (مُصِيبَةٌ) ألم لهلاك أحدهم ، وهو إهلاك عمر عدوّا ما سمع أمر رسول اللّه صلعم وصدّ عمّا حكم أو اللأواء عموما (بِما) للموصول (قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) وهو الصدّ وعدم الطوع لحكمه (ثُمَّ جاؤُكَ) رهط الهالك روما لدمه وأهدره اللّه (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ) حال (إِنْ) ما (أَرَدْنا) حال إعلاء الحكم صدد عمر (إِلَّا إِحْساناً) لا سوءا (وَتَوْفِيقاً) ( 62 ) وطاء وولاء وسط أهل المراء أوعدهم اللّه لما سدموا أمد الأمر ولا حاصل ح لسدمهم .
(أُولئِكَ) هؤلاء الأعداء الولّاع (الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ) علما واطدا (ما
----------
(وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله) في القرآن من الحكم (وإلى الرسول) ليحكم به (رأيت المنافقين يصدون) حال أي يعرضون (عنك) إلى غيرك (صدودا) .
(فكيف) يصنعون (إذا أصابتهم مصيبة) عقوبة (بما قدمت أيديهم) من النفاق والصد عنك (ثم جاءوك يحلفون بالله إن) ما (أردنا) بالتحاكم إلى غيرك (إلا إحسانا) تخفيا عنك أو صلحا بين الخصمين (وتوفيقا) تأليفا بينهما بالتوسط دون الحمل على مر الحق .
(أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم)
ص: 45
فِي قُلُوبِهِمْ) وهو العداء واللدد (فَأَعْرِضْ) واعدل وولّ (عَنْهُمْ) سماع كلامهم وأملائهم أو إصرهم للمصالح (وَعِظْهُمْ) عدهم وأوعدهم (وَقُلْ لَهُمْ فِي) أحوال (أَنْفُسِهِمْ) أو سرّا لما هو أصلح وأعود للادّكار (قَوْلًا بَلِيغاً) ( 63 ) كلاما كاملا موصلا للمراد ، وهو كلام مهدّد لهم إهلاكا أو حلول المكاره لما أصرّوا وما هادوا .
(وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ) رسولا أصلا (إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ) وحكمه وأمره لطوعه ، وكلّ أحد أطاع الرسول أطاع اللّه ، (وَلَوْ أَنَّهُمْ) الأعداء (إِذْ) عهد (ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) عدولا عمّا هو أمرك وعصوا حكمك وسمعوا حكم الألدّ (جاؤُكَ) عوّادا عما عملوا (فَاسْتَغْفَرُوا) هؤلاء (اللَّهِ) ممّا أساءوا (وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ) ورام محو آصارهم (لَوَجَدُوا اللَّهَ) لعلموه (تَوَّاباً) سامعا لمدعوّهم لمّا هادوا (رَحِيماً) ( 64 ) راحما لهم .
(فَلا) أمركما هو كلامهم ولا إسلام لهم كما هو موهومهم أولا لوكود
----------
من النفاق (فأعرض عنهم) لا تعاقبهم لمصلحة في استبقائهم (وعظهم) بلسانك (وقل لهم في أنفسهم) في شأنها أو خاليا بهم إذ النصح سرا أنفع (قولا بليغا) بالغا منهم مؤثرا فيهم وهو التوعد بالقتل .
(وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع) في أمره وحكمه (بإذن الله) بسبب إذنه بطاعته وأمره المرسل إليهم بأن يطيعوه (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم) بنفاقهم وتحاكمهم إلى الطاغوت (جاءوك) تائبين (فاستغفروا الله) من ذلك بإخلاص (واستغفر لهم الرسول) واعتذروا إليك حتى صرت شفيعا لهم وعدل عن الخطاب تفخيما لشأنه (صلى الله عليه وآله وسلّم) (لوجدوا الله توابا) عليهم (رحيما) بهم .
(فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر) اختلف واختلط (بينهم
ص: 46
العهد (وَرَبِّكَ) الواو للعهد (لا يُؤْمِنُونَ) إسلاما سالما وهو حوار العهد (حَتَّى يُحَكِّمُوكَ) هو آصارهم حوالهم لك حكما (فِيما) أمر (شَجَرَ) مسمس وعوص حكمه (بَيْنَهُمْ) لحسمك دعاواهم (ثُمَّ لا يَجِدُوا) إحساسا وعلما (فِي أَنْفُسِهِمْ) صدوره وأرواعهم (حَرَجاً) حصرا وإصرا أو وهما وإعوارا (مِمَّا قَضَيْتَ) وصار محكوما لك ولو أدركوه مكروها (وَيُسَلِّمُوا) حكمك (تَسْلِيماً) ( 65 ) طوعا سرّا وحسا مصدر مؤكّد .
(وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا) لو صار أمر اللّه (عَلَيْهِمْ) أعداء ادّعوا الإسلام ولعا (أَنِ) للمصدر (اقْتُلُوا) أهلكوا (أَنْفُسَكُمْ) كما عمل رهط أو المراد هلاكهم عماسا (أَوِ اخْرُجُوا) ادلعوا (مِنْ دِيارِكُمْ) دوركم وأمصاركم كما رحل رهط (ما فَعَلُوهُ) وما سمعوا أمر اللّه (إِلَّا) ملأ (قَلِيلٌ) معدود (مِنْهُمْ) صلح معادهم كعمّار وولد مسعود (وَلَوْ أَنَّهُمْ) لأعداء (فَعَلُوا) عملوا (ما يُوعَظُونَ بِهِ) وهو طوع رسول اللّه صلع وسماع حكمه (لَكانَ) لأمر (خَيْراً) وصلاحا (لَهُمْ) حالا ومعاد (وَأَشَدَّ) أسدّ وأوكد (تَثْبِيتاً) ( 66 ) وطودا وملاكا لإسلامهم أو لأوس أعمالهم .
(وَإِذاً) لو صلح أمرهم (لَآتَيْناهُمْ) إعطاء معادا (مِنْ لَدُنَّا أَجْراً
----------
ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا) ضيقا أو شكا (مما قضيت) من حكمك (ويسلموا تسليما) ينقادوا لك انقيادا ظاهرا وباطنا .
(ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم) كما كتبنا على بني إسرائيل قتل أنفسهم وخروجهم إلى التيه (ما فعلوه إلا قليل منهم) وهم المخلصون وقرىء بنصب قليل (ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به) من طاعة الرسول والانقياد (لكان خيرا لهم) آجلا وعاجلا (وأشد تثبيتا) لإيمانهم .
(وإذا) لو ثبتوا (لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما) .
ص: 47
عَظِيماً) ( 67 ) وهو روح المآل وسرور دارالسلام .
(وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً) مسلكا (مُسْتَقِيماً) ( 68 ) سواء وسالما وهو مسلك أهل الوصول ومورد اطلاع الأسرار .
(وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ) أوامره (وَالرَّسُولَ) حدوده وأحكامه أرسلها اللّه لسرور مولاه صلعم وسماع سؤاله وسمّاه (فَأُولئِكَ) الطّواع معادا (مَعَ) الملأ (الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ) إكراما (عَلَيْهِمْ) وأعطاهم عطاء كاملا (مِنَ النَّبِيِّينَ) والرسل اللاؤا وصلوا كمال العلم والعمل ، وحصّلوا مراهص الإكمال (وَالصِّدِّيقِينَ) هم كمّل أهل السداد ومطّلعو الأسرار (وَالشُّهَداءِ) اللاؤا أهلكوا لأعداء الإسلام عماسا (وَالصَّالِحِينَ) اللاؤا أصلحوا أعمالهم وأحوالهم وأعطوا أموالهم للّه (وَحَسُنَ) ما أحمد (أُولئِكَ) هؤلاء الأرهاط .
(رَفِيقاً) ( 69 ) حال والمراد كلّ واحد أو هو اسم سواء له الواحد وعدلاه .
(ذلِكَ) ما أعطاهم اللّه (الْفَضْلُ) العطاء (مِنَ اللَّهِ) الواسع عطاؤه (وَكَفى بِاللَّهِ) كامل الرحم (عَلِيماً) ( 70 ) عالم أسرارهم .
( يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (خُذُوا) أعطوا وأدركوا
----------
(ولهديناهم صراطا مستقيما) .
(ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين) الصادقين في القول والعمل المصدقين بما جاءت به الرسل (والشهداء) المقتولين في سبيل الله (والصالحين) الملازمين للصلاح (وحسن أولئك رفيقا) فيه معنى التعجب ورفيقا تمييز أو حال يقال للواحد والجمع كالصديق ولذا لم يجمع أو المراد حسن كل واحد منهم رفيقا .
(ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما) .
(يا أيها الذين ءامنوا خذوا حذركم) تيقظوا واحترزوا من عدوكم والحذر والحذر كالأثر والأثر أو ما يحذر به كالسلاح
ص: 48
(حِذْرَكُمْ) سلاحكم وأعدّوا موادّ العماس لإهلاك الأعداء وهو مكسور الحاء (فَانْفِرُوا) ادلعوا وصولوا (ثُباتٍ) أرهاطا رهطا وراء رهط (أَوِ انْفِرُوا) أرهاطا (جَمِيعاً) ( 71 ) كلّكم معا أو مع الرسول صلعم حال كالأوّل .
(وَإِنَّ مِنْكُمْ) عدادكم الكلام مع عسكر رسول اللّه (لَمَنْ) مرء (لَيُبَطِّئَنَّ) وما أسرع للعماس وأطال عهدا وما طاوع أمر رسول اللّه صلعم وهو عماس أحد وهو حوار عهد مطروح كما دلّ اللّام (فَإِنْ أَصابَتْكُمْ) أهل الإسلام (مُصِيبَةٌ) هلاك أو كسر (قالَ) المرء (قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ) وأدرّ الآلاء (عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ) أهل الإسلام (شَهِيداً) ( 72 ) واردا صادرا وصل له ما وصلهم .
(وَ) اللّه (لَئِنْ أَصابَكُمْ) وردكم وحصل لكم (فَضْلٌ) وعطاء (مِنَ اللَّهِ) كالمال وعلوّ الحال (لَيَقُولَنَّ) المرء حاسرا وسادما (كَأَنْ) مطروح الاسم محموله (لَمْ تَكُنْ) أصلا (بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ) وداد وولاء وما رآكم وما واصلكم وهو ممّا لا محلّ له (يا) رهط (لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ) أهل الإسلام
----------
(فانفروا) فاخرجوا إلى الجهاد (ثبات) جماعات متفرقة جمع ثبة (أو انفروا جميعا) مجتمعين .
(وإن منكم) أي من عدكم أيها المؤمنون (لمن) اللام للابتداء دخلت على اسم إن للتأكيد (ليطمئن) ليتثاقلن ويتأخرن عن الجهاد وهم المنافقون (فإن أصابتكم مصيبة) كقتل أو هزيمة (قال) المبطىء (قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا) حاضرا فأصاب .
(ولئن أصابكم فضل من الله) كفتح وغنيمة (ليقولن) متحسرا (كأن لم تكن بينكم وبينه مودة) حال من القائل أو اعتراض بين القول ومقوله (يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما) للإيذان بأن قوله هذا قول من لا مواصلة بينكم وبينه وإنما أراد الكون معكم للمال
ص: 49
(فَأَفُوزَ) وأدرك (فَوْزاً عَظِيماً) ( 73 ) سهما كاملا هو كلام المرء .
(فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) ومسلك السداد إعلاء للأمر مع أعداء الإسلام الملأ (الَّذِينَ يَشْرُونَ) ودعوا أو عطوا (الْحَياةَ الدُّنْيا) العمر الماصل (بِالْآخِرَةِ) آلاء دارها والمراد أهل الإسلام ، أو رهط العدول اللاؤا ما واءم مساحلهم أرواعهم وح المراد طرحهم العدول وأمرهم للإسلام المحص (وَمَنْ يَقْتُلْ) طوعا (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) إعلاء أمره (فَيُقْتَلْ) وصار هالكا (أَوْ يَغْلِبْ) وأهلك العدوّ (فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ) معادا (أَجْراً عَظِيماً) ( 74 ) دارالسلام وروحها وعد اللّه له العطاء الكامل علا أو أهلك .
(وَما) الرادع (لَكُمْ) أهل الإسلام (لا تُقاتِلُونَ) لإعلاء الإسلام (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) ودعاكم الأمر وهو حال (وَ) إرسال هؤلاء (الْمُسْتَضْعَفِينَ) هم رهط أسلموا وسط أمّ الرحم وأسرهم الأعداء وأساءوهم وحصروهم وحدّوهم عمّا الرحل (مِنَ الرِّجالِ) المعلوم أسماءهم (وَالنِّساءِ) أعراسهم (وَالْوِلْدانِ) أولادهم ، أورد الأولاد لإعلام كمال حدلهم لعدم طرحهم الأولاد مع عدم حلمهم أو المراد الولداء والإماء ( الَّذِينَ
----------
لا للقتال .
(فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون) يبيعون (الحياة الدنيا بالآخرة) أي إن صد المنافقون عن القتال فليقاتل المخلصون المختارون للآخرة على الدنيا (ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل) فيستشهد (أو يغلب) يظفر بالعدو (فسوف نؤتيه أجرا عظيما) .
(وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله و) في سبيل (المستضعفين) وهو خلاصهم من أيدى المشركين أو المراد وفي خلاص المستضعفين (من الرجال والنساء والولدان) ممن لم يستطع الهجرة (الذين يقولون) داعين
ص: 50
يَقُولُونَ) دعاء عسرا (رَبَّنا) اللهم (أَخْرِجْنا) إسراعا (مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ) أمّ رحم (الظَّالِمِ أَهْلُها) لصدّهم أهل الإسلام (وَاجْعَلْ لَنا) وأعط (مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا) مساعدا مصلحا للأمور (وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً) ( 75 ) ممدّا ومسعدا ولمّا دعوا أسحارا وآصالا سمع اللّه دعاءهم وسهّل أمرهم كما أرادوا .
(الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) لإعلاء الإسلام واللّه ممدّهم ومولاهم (وَ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا وما أسلموا (يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ) المارد المطرود وما مساعدهم إلّا المارد (فَقاتِلُوا) أهل الإسلام (أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ) أرهاطا أطاعوه وطاوعوا وساوسه وأوهامه ولا وطود لها (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ) ومكره لأهل الإسلام (كانَ) دواما (ضَعِيفاً) ( 76 ) لما هو وهم لا محصول له ومكر اللّه للأعداء آكد وأحكم .
ولمّا صار مسلك العماس مع الأعداء مسدودا ومحدودا ، وأمر الحمس مسدودا ما دام محلّ أهل الإسلام أمّ رحم وهم سألوه وأملوه ، أرسل اللّه (أَ لَمْ تَرَ) محمّد ( ص ) علما أو حسّا (إِلَى) الملأ (الَّذِينَ قِيلَ) أمر (لَهُمْ كُفُّوا)
----------
(ربنا أخرجنا من هذه القرية) مكة (الظالم أهلها) صفتها وذكر لتذكير فاعله (واجعل لنا من لدنك وليا) يلي أمرنا (واجعل لنا من لدنك نصيرا) يعيننا فاستجاب الله لهم ويسر لبعض الخروج ولمن بقي نبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) وليا وناصرا حين فتح مكة .
(الذين ءامنوا يقاتلون في سبيل الله) في طاعته الموصلة إلى رضوانه (والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت) في طاعة الشيطان (فقاتلوا أولياء الشيطان) أتباعه ينصركم الله عليهم (إن كيد الشيطان كان ضعيفا) في جنب كيد الله للكافرين وفيه تشجيع للمؤمنين .
(ألم تر إلى الذين قيل لهم) في مكة
ص: 51
صدّوا (أَيْدِيَكُمْ) أهل الإسلام واطرحوا العماس (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) أدّوها وداوموها (وَآتُوا الزَّكاةَ) أعطوا مالا معهودا (فَلَمَّا) رحلوا وطرحوا أمّ رحم وردوا مصر رسول اللّه و (كُتِبَ) سطر (عَلَيْهِمُ الْقِتالُ) وصار العماس مأمورا لهم (إِذا) للمحلّ (فَرِيقٌ) رهط (مِنْهُمْ) أهل الإسلام (يَخْشَوْنَ النَّاسَ) أعداء أمّ الرحم لعلوّهم حالا ومكرهم وإهلاكهم لهم لأمر الإسلام وإعواره وكره حكم اللّه وأمره (كَخَشْيَةِ اللَّهِ) هولهم اللّه لإرسال إصره (أَوْ أَشَدَّ) وأكمل (خَشْيَةً) هولا (وَقالُوا) أهل الإسلام سؤالا لسرّ حكم العماس لا ردّا له (رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ) أمرا (عَلَيْنَا الْقِتالَ) مع الأعداء (لَوْ لا) هلا (أَخَّرْتَنا) إمهالا (إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ) لكلّ أحد (قُلْ) رسول اللّه لهم (مَتاعُ الدُّنْيا) المال وما عداه (قَلِيلٌ) ماصل سارع (وَ) الدار (الْآخِرَةُ خَيْرٌ) أصلح لدوامها (لِمَنِ اتَّقى) الآصار وطوالح الأعمال (وَلا تُظْلَمُونَ) أهل العماس (فَتِيلًا) ( 77 ) أمصل أمر .
(أَيْنَما) كلّ محلّ (تَكُونُوا) سواء أمّ رحم أو مصرا سواه ( يُدْرِكْكُمُ
----------
قبل الهجرة (كفوا أيديكم) عن قتال الكفرة حين طلبوه لإيذائهم له (وأقيموا الصلاة) اشتغلوا بما فرض عليكم (وءاتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال) في المدينة (وإذا فريق منهم يخشون الناس) الكفار أن يقتلوهم (كخشية الله) أن ينزل عليهم بأسه (أو أشد خشية وقالوا) خوفا من الموت (ربنا لم كتبت علينا القتال لو لا) هلا (أخرتنا إلى أجل قريب) استزاده في مدة الكف عن القتال (قل) لهم (متاع الدنيا قليل) زائل (والآخرة) أي ثوابها الباقي (خير لمن اتقى) الله (ولا تظلمون) بالتاء والياء (فتيلا) أدنى شيء .
(أينما تكونوا يدرككم) يلحقكم ويحل بكم (الموت ولو كنتم في بروج
ص: 52
الْمَوْتُ) مآلا (وَلَوْ كُنْتُمْ) ركّادا (فِي بُرُوجٍ) صروح أو حصر (مُشَيَّدَةٍ) محكم أساسها ومسعد عمادها (وَإِنْ تُصِبْهُمْ) الأعداء (حَسَنَةٌ) وسع وطول (يَقُولُوا هذِهِ) الألاء (مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) وكرمه (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) عسر ومكروه (يَقُولُوا هذِهِ) المكاره (مِنْ عِنْدِكَ) رسول اللّه لسوء وهمهم (قُلْ) رسول اللّه ردّا لهم (كُلٌّ) كلّ ما أدرككم محمودا أو مكروها (مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) وموصله لا سواه (فَمال) حصل (لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ) وما حالهم (لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ) مع كمال سطوع الأمر (حَدِيثاً) ( 78 ) كلام اللّه المرسل أو كلاما ما .
كلّ (ما أَصابَكَ) ووصلك والكلام مع رسول اللّه صلعم والمراد سواه أو هو عامّ مع كل أحد (مِنْ حَسَنَةٍ) عطاء وإكرام (فَمِنَ اللَّهِ) الواسع عطاءه (وَ) كلّ (ما أَصابَكَ) أدركك (مِنْ سَيِّئَةٍ) لأواء لهمّ (فَمِنْ نَفْسِكَ) ولسوء عملك (وَأَرْسَلْناكَ) محمّد ( ص ) (لِلنَّاسِ) طرّا (رَسُولًا) مرسلا لإعلام ما أوحاه اللّه لك لا معدّا للوسع والعسر لهم وهو حال مؤكّد أو مصدر
----------
مشيدة) في قصور أو حصون مرتفعة أو مجصصة فلا تنجيكم منه ترك القتال (وإن تصبهم) أي اليهود أو المنافقين (حسنة) نعمة كالخصب (يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة) بلية كالجدب (يقولوا هذه من عندك) بشؤمك يا محمد (قل) لهم (كل) من النعمة والبلية (من عند الله) صادر عن حكمته بحسب المصالح (فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا) لا يقاربون أن يفقهوا قولا فيعلموا أن القابض والباسط هو الله .
(ما أصابك) يا إنسان (من حسنة) من نعمة (فمن الله) تفضلا منه وامتحانا (وما أصابك من سيئة) بلية (فمن نفسك) لأنك السبب فيها لارتكاب الذنوب الجالبة لها (وأرسلناك
ص: 53
(وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً) ( 79 ) عالما لسداد ألوكك .
(مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ) محمّدا ( ص ) (فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ) وأسلم لأوامره وأحكامه لما هو مرسله وموصل أمره وطوعه كطوعه (وَمَنْ تَوَلَّى) عدل عمّا أمره الرسول وما أطاعه (فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ) أعمالهم (حَفِيظاً) ( 80 ) حارسا حال .
(وَيَقُولُونَ) الأعداء حال أمرك لهم صراحا الأمر (طاعَةٌ) طوع لحكمك (فَإِذا بَرَزُوا) دلعوا وراحوا (مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ) موّه وسوّل (طائِفَةٌ) رهط (مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ) سواء كلامك وأمرك أو وراء كلامهما وهو الطوع والسمع وأمر الصلح (وَاللَّهُ يَكْتُبُ) لإحصاء (ما يُبَيِّتُونَ) أوهامهم (فَأَعْرِضْ) وولّ (عَنْهُمْ) ودعهم (وَتَوَكَّلْ) كل أمورك معوّلا (عَلَى اللَّهِ) وكرمه (وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا) ( 81 ) موكولا لمهامك ومعاهدا لأمورك .
(أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ) إطلاعا (الْقُرْآنَ) محكمه ومأوّله وما هو مآل مدلوله وهو ردّ لأهل أهواء رأوا أو حكموا ما علم مدلوله إلّا لإعلام الرسول صلعم
----------
للناس رسولا) حال مؤكدة (وكفى بالله شهيدا) على إرسالك .
(من يطع الرسول فقد أطاع الله) لأنه يأمر بما أمر الله وينهى عما نهى الله (ومن تولى) أعرض عن طاعته (فما أرسلناك عليهم حفيظا) نحاسبهم على أعمالهم بل نذيرا وعلينا حسابهم .
(ويقولون) إذا أمرتهم بأمر (طاعة) أي شأننا طاعة (فإذا برزوا) خرجوا (من عندك بيت طائفة منهم) دبروا ليلا (غير الذي تقول والله يكتب ما يبيتون) يثبته في صحائفهم ليجازيهم عليه (فأعرض عنهم) بالصفح (وتوكل على الله) ثق به يكفك أمورهم (وكفى بالله وكيلا) .
(أفلا يتدبرون القرءان) يتبصرون
ص: 54
والإمام المعصوم (وَلَوْ كانَ) صادرا (مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ) كما ادّعاه الأعداء (لَوَجَدُوا) أدركوا وأحسّوا (فِيهِ) كلام اللّه (اخْتِلافاً) ادّارء (كَثِيراً) ( 82 ) أراد أحكاما ودوالّ رادّا أحدها أحدا ، أو المراد ورود كلام مسرودا وعدم وروده مسرودا ، أو وصله حدّ الوكل أو عدم وصوله .
(وَإِذا جاءَهُمْ) وردهم (أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ) السلام كعمل الصلح (أَوِ الْخَوْفِ) روع الأعداء (أَذاعُوا) صرّحوا (بِهِ) الأمر واعلموا ما سمعوه ملاء (وَلَوْ رَدُّوهُ) الأمر المسموع (إِلَى الرَّسُولِ) رسول اللّه (وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ) والآراء (مِنْهُمْ) رؤساء عساكر الإسلام وطلّاع معاد الأمور ومآل مصالحها (لَعَلِمَهُ) وأدركه هؤلاء (الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ) الأمر كما هو مدللا وهم أولو الأحلام وأهل الإلهام دلّلوا الأوامر والأحكام وسلّوا ما هو الأصلح والأحكم (مِنْهُمْ) الرسول وأمراء العساكر (وَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ) وكرمه (عَلَيْكُمْ) لما أرسل رسولا لإصلاحكم (وَرَحْمَتُهُ) لإرسال الطرس الساطع لمصالحكم (لَاتَّبَعْتُمُ) كلّكم (الشَّيْطانَ) المارد وحصل سلوككم مسالكه وطوعكم وساوسه (إِلَّا) رهطا (قَلِيلًا) ( 83 ) ك « ولد عمرو » .
----------
ما فيه من بلاغة ألفاظه وجزالة معانيه (ولو كان من عند غير الله) كما زعم الكفار أنه قول بشر (لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) من تفاوت نظمه وبلاغته ومعانيه لقصور القوة البشرية .
(وإذا جاءهم) من الرسول أو من أمر إياه (أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به) أفشوه وتحدثوا به وكان فيه مفسدة (ولو ردوه) أي الأمر (إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم) هم آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) (لعلمه الذين يستنبطونه منهم) يستخرجون تدبيره بأفكارهم وهم آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) (ولو لا فضل الله عليكم ورحمته) بالإسلام والقرآن وروي بالنبي وعلي علیهم السلام (لاتبعتم الشيطان)
ص: 55
(فَقاتِلْ) محمد ( ص ) الأعداء لو طرحوك وحدك (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) لإعلاء الإسلام (لا تُكَلَّفُ) حّ (إِلَّا نَفْسَكَ) وحدها واللّه مساعدك لا العسكر (وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ) وحرّصهم وأمرهم العماس (عَسَى اللَّهُ) ولعلّه وهو للإطماع وإطماع أهل الكرم أعود ممّا أعطاه أهل اللوم حالا (أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ) الرهط (الَّذِينَ كَفَرُوا) سطوهم وعلوّهم وهم الحمس وعمل كما وعد لما طرح الروع أرواعهم (وَاللَّهُ) كامل الطول (أَشَدُّ بَأْساً) أحكم سطوا (وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا) ( 84 ) وأوكد إصرا وهو مهدّد لكلّ أحد ما أطاع الرسول صلعم .
(مَنْ يَشْفَعْ) لأحد (شَفاعَةً حَسَنَةً) أراد صلاحا لمسلم ودعاء له (يَكُنْ لَهُ) للممدّ (نَصِيبٌ مِنْها) سهم لما سعاه (وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً) أراد محرّما ومكروها (يَكُنْ لَهُ) للمسعد (كِفْلٌ مِنْها) سهم كامل ممّا أراد ومساو له (وَكانَ اللَّهُ) دواما (عَلى كُلِّ شَيْءٍ) امر (مُقِيتاً) ( 85 )
----------
بالكفر (إلا قليلا) لقليل منكم .
(فقاتل في سبيل الله) ولو وحدك (لا تكلف إلا نفسك) إلا فعل نفسك ولا يهمك تقاعدهم، روي أنه كلف أن يخرج على الناس كلهم وحده بنفسه إن لم يجد فئة تقاتل معه (وحرض المؤمنين) وما عليك في شأنهم إلا الترغيب لا التعنيف.
(عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا) شدتهم وقد فعل بإلقاء الرعب في قلوبهم فلم يخرجوا (والله أشد بأسا) منهم (وأشد تنكيلا) تعذيبا منهم .
(من يشفع) للناس (شفاعة حسنة) توافق الشرع (يكن له نصيب منها) بسببها وهو أجرها (ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل) نصيب (منها) وكأنه مختص بالشر منها بسببها وهو وزرها (وكان الله على كل شيء مقيتا) مقتدرا
ص: 56
له الحول والحرس الكامل .
(وَإِذا حُيِّيتُمْ) وسلّم لكم مسلم (بِتَحِيَّةٍ) سلام معهود وسط أهل الإسلام وأصلها دعاء طول العمر (فَحَيُّوا) سلّموا وردّوا سلامه (بِأَحْسَنَ) أحمد (مِنْها) وأكملوه وصلوا معه دعاء له كالرحم (أَوْ رُدُّوها) كما أدّاها المسلّم (إِنَّ اللَّهَ كانَ) دواما (عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً) ( 86 ) له إحصاء الأعمال كلّها .
(اللَّهُ) الواحد المألوه سدادا (لا إِلهَ) سدادا (إِلَّا هُوَ) لا سواه واللّه (لَيَجْمَعَنَّكُمْ) اللّه والمراد لمّكم ممّا مرامسكم (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) وهو موعد عودكم (لا رَيْبَ فِيهِ) صحّ وروده معادا (وَمَنْ أَصْدَقُ) أسدّ وأصحّ (مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً) ( 87 ) كلاما ووعدا وما حام الولع حول كلامه وهو علاه محال .
ولمّا رحل رسول اللّه صلعم لروع الأعداء ، وأهل الإسلام رهط رحلوا وما عاودوا ورهط سدموا وعادوا سرّاعا ، وأهل الإسلام ملأ صحّحوا إسلامهم وملأ ردّوهم ، أرسل اللّه .
(فَما) الحال (لَكُمْ) أهل الإسلام (فِي) أمر (الْمُنافِقِينَ) أسلموا
----------
وحفيظا .
(وإذا حييتم بتحية) هي السلام المتعارف شرعا لا الجاهلي وروي هي السلام وغيره من البر (فحيوا بأحسن منها أو ردوها) بمثلها (إن الله كان على كل شيء) من تحية وغيرها (حسيبا) محاسبأ .
(الله لا إله إلا هو ليجمعنكم) ليحشرنكم (إلى يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من الله) أي لا أحد أصدق منه (حديثا) تميز .
(فما لكم في المنافقين) في شأنهم (فئتين) فرقتين ولم يجتمعوا على
ص: 57
وسدموا وعادوا (فِئَتَيْنِ) رهط مدحوهم وحكموا هم أهل الإسلام ، ورهط لاموهم وحكموا هم عدّال كما مرّ ، وهو حال عاملها لكم أو ما لكم ككلامك مالك ساطرا ، والحاصل دعوا أهل الإسلام اصّدّعكم واحكموا كلّكم لعدو لهم (وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ) ردّ حكمهم وعكسهم إسلاما ورووا ركسهم (بِما كَسَبُوا) عملوا وهو عودهم ووصولهم الأعداء (أَ تُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا) إسلاك مسلك السّواء (مَنْ) كلّ أحد (أَضَلَّ اللَّهُ) وأساء مسلكه (وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ) وأسلكه مطارح الرّدّ (فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا) ( 88 ) صراطا للسّداد ، وهؤلاء اللّاءوا عادوا .
(وَدُّوا) وأرادوا (لَوْ) للمصدر (تَكْفُرُونَ) أهل الإسلام وأمّلوا عودكم للعدول والإلحاد وطرح إسلامكم (كَما) هم (كَفَرُوا) وما أطاعوا الإسلام (فَتَكُونُونَ) رهطا (سَواءً) معهم عدولا والحادّا (فَلا تَتَّخِذُوا) أهل الإسلام (مِنْهُمْ) أهل العدول (أَوْلِياءَ) وما صلح الوداد معهم (حَتَّى يُهاجِرُوا) سدادا (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) للّه ورسوله ، والإسلام أوّل مراحله لا
----------
كفرهم وهو حال عاملها ما لكم (والله أركسهم) ردهم إلى حكم الكفر أو خذلهم حتى ارتكسوا فيه (بما كسبوا) من الكفر وهم قوم قدموا من مكة وأظهروا الإسلام ثم رجعوا وأظهروا الشرك وسافروا إلى اليمامة وقيل هم المتخلفون يوم أحد (أتريدون أن تهدوا) تعدوا من جملة المهتدين (من أضل الله) من حكم بضلاله (ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا) حجة .
(ودوا لو تكفرون كما كفروا) تمنوا أن تكفروا ككفرهم (فتكونون) أنتم وهم (سواء) في الكفر (فلا تتخذوا منهم أولياء) فلا توالوهم وإن أظهروا الإيمان (حتى يهاجروا في سبيل
ص: 58
لمصالح ادرارهم (فَإِنْ تَوَلَّوْا) وصدّوا عمّا أمروا (فَخُذُوهُمْ) أسراء (وَاقْتُلُوهُمْ) وأهلكوهم (حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) حلّا أو حرما كما هو حكم أعداء الإسلام كلّهم (وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا) مودودا (وَلا نَصِيراً) ( 89 ) ممدّا ومساعدا وردّوا ودادهم واطرحوا إمدادهم وأهلكوهم .
(إِلَّا) الرهط (الَّذِينَ يَصِلُونَ) وصولا معهودا (إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) واعدوكم وهم رهط أولاد آدم أسلم وسطهم ووسط رسول اللّه صلعم عهد وهو ما وادع رسول اللّه صلعم هلالا ، وعهد هلال معه صلعم لا أمدّك ولا أمدّ أحدا علاك وحكم رسول اللّه صلعم كلّ أحد وصل هلالا (أَوْ جاؤُكُمْ) ورودكم ، ورووه لا مع « واو » والحال (حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) وكرهوا (أَنْ يُقاتِلُوكُمْ) عمّا عماسكم (أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ) معكم وهم أمسكوا وماصعوا (وَلَوْ شاءَ
----------
الله فإن تولوا) عن الإيمان والهجرة (فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم) في الحل والحرم كسائر الكفرة (ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا إلا الذين يصلون) أي فخذوهم واقتلوهم إلا الذين يلجئون (إلى قوم بينهم وبينكم ميثاق) عهد والقوم هم الأسلميون فإنه (صلى الله عليه وآله وسلّم) وادع هلال بن عويم الأسلمي على أن لا يعينه ولا يعين عليه ومن لجأ إليه فله من الجوار مثل ما له (أو جاءوكم) عطف على الصلة أي أو الذين جاءوكم ممسكين من قتالكم وقتال قومهم أو على صفة قوم والتقدير إلا الذين يصلون إلى قوم معاهدين أو قوم كافين عن الحرب لكم وعليكم ويعضد الأولى (فإن اعتزلوكم) (حصرت) حال بإضمار قد أي ضاقت (صدورهم) عن (أن يقاتلوكم) أو كراهة أن يقاتلوكم مع قومهم (أو يقاتلوا قومهم) وهم بنو مدلج أتوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) غير مقاتلين قيل وهذا
ص: 59
اللَّهُ) وأراد لحكم ما علمها إلّا هو (لَسَلَّطَهُمْ) أهل الحصر (عَلَيْكُمْ) ووسّع صدورهم وأصعد هممهم وأمدّ أمرهم (فَلَقاتَلُوكُمْ) موصول مع سلّطهم ، واللّام للوكود (فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ) طرحوكم وما أراد العماس معكم (فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ) وما صاولوكم ولا ماصعوكم (وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ) الصلح والطوع (فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ) أهل السلم (سَبِيلًا) ( 90 ) مسلكا للعماس والإهلاك وما أمركم اللّه أسرهم .
(سَتَجِدُونَ) أرهاطا (آخَرِينَ) هم رهط أسد أدركوا رسول اللّه صلعم وأسلموا وعاهدوا ، ولمّا عادوا كسروا عهودهم وعدلوا (يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ) حسّا لا سرّا (وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ) حسّا وسرّا (كُلَّما رُدُّوا) كلّما دعاهم رهطهم (إِلَى الْفِتْنَةِ) عما سهم مع أهل الإسلام (أُرْكِسُوا فِيها) عكسوا أسوأ العكس وعادوا أعسر الردّ (فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ) عماسكم (وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ) وما أطاعوكم روما للصلح (وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ) وما أمسكوها وأرادوا عماسا معكم (فَخُذُوهُمْ) أسراء (وَاقْتُلُوهُمْ) وأهلكوهم
----------
وما بعده نسخ بآية السيف (ولو شاء الله لسلطهم عليكم) بتقويته قلوبهم (فلقاتلوكم) ولكنه لم يشأ فقذف في قلوبهم الرعب (فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم) الانقياد (فما جعل الله لكم عليهم سبيلا) بأخذ وقتل .
(ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم) قيل هم ناس أتوا المدينة وأظهروا الإسلام ليأمنوا المسلمين فلما رجعوا كفروا (كلما ردوا إلى الفتنة) دعوا إلى الشرك (أركسوا فيها فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم) عن قتالكم (فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم)
ص: 60
(حَيْثُ) كلّ محلّ حلّا أو حراما (ثَقِفْتُمُوهُمْ) هو الإدراك (وَأُولئِكُمْ) هؤلاء الرهط (جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً) ( 91 ) لمّا ساطعا لإهلاكهم وأسرهم لما صدّوا ومكروا .
(وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ) ما صحّ لمسلم ما صلح لحاله (أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً) مسلما (إِلَّا خَطَأً) لا عمدا ، ورووا ممدودا (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً) كمرء اصطاد مصطادا ورماه سهما ، ووصل السهم مسلما سهوا (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) مملوك مسلم (وَدِيَةٌ) مال معهود أو ما سدّ مسدّه (مُسَلَّمَةٌ) كمل أداءها (إِلى أَهْلِهِ) أهل الهالك وهم أولو الأرحام وأهل السهام (إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا) إلّا حال طرحهم المال وعدم عطوهم (فَإِنْ كانَ) الهالك (مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ) رهط أعداء والعدوّ سواء له العدو وما عداه (لَكُمْ) إسلاما ولا عهد معهم (وَهُوَ) الهالك (مُؤْمِنٌ) مسلم أسلم دار الأعداء وما وصل دار الإسلام
----------
صادفتموهم (وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا) حجة بينة على قتلهم وسبيهم لوضوح عداوتهم وكفرهم .
(وما كان) ما صح وما جاز (لمؤمن أن يقتل مؤمنا) بغير حق في حال من الأحوال أو لعلة من العلل (إلا خطأ) مخطئا أو للخطإ أو إلا قتلا خطأ، أو أريد به النهي والاستثناء منقطع أي لا يقتله لكن قتله خطأ جزاءه ما يذكر، الخطأ أن لا يقصد بفعله قتله (ومن قتل مؤمنا فتحرير رقبة) أي فعليه أو فالواجب في ماله (مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله) مؤداة من العاقلة إلى ورثته (إلا أن يصدقوا) عليهم بالدية بأن يعفو عنها استثناء من وجوب التسليم أي يجب تسليمها إليهم إلا حال تصدقهم أو زمانه (فإن كان) القتل (من قوم عدو لكم) محاربين (وهو مؤمن) ولم يعلم قاتله إيمانه (فتحرير رقبة مؤمنة) فعلى قاتله الكفارة ولادية
ص: 61
وأهلكه مسلم سهوا (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) مملوك مسلم لا أداء المال لعدم دار الإسلام (وَإِنْ كانَ) الهالك (مِنْ قَوْمٍ) رهط (بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) عهد وهو محكومكم لا مسلم (فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ) أداؤها (إِلى أَهْلِهِ) أهل الهالك وهم أهل السهام (وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) والحاصل حكمه حكم المسلم (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) المملوك المسلم لما حرّر (فَصِيامُ) مصدر وواحده الصوم (شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ) ولاء وورد هو سادّ مسدّهما وحكم (تَوْبَةً) سماع عود وهود (مِنَ اللَّهِ) كرمه (وَكانَ اللَّهُ) دواما (عَلِيماً) عالما (حَكِيماً) ( 92 ) حاكما عادلا .
(وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً) مسلما (مُتَعَمِّداً) عامدا إهلاكه لإسلامه أو أهلكه وعلمه حلالا (فَجَزاؤُهُ) المهلك (جَهَنَّمُ) وآلامها وآصارها (خالِداً فِيها) أو المراد طول العهد (وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ) حرده وطرده (وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً) ( 93 ) لكمال إصره وإهلاكه مسلما عمدا .
----------
لأهله لأنهم حرب (وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق) عهد (فدية مسلمة إلى أهله) تلزم عاقلة قاتله (وتحرير رقبة مؤمنة) يلزم قاتله كفارة (فمن لم يجد) رقبة (فصيام) فعليه صيام (شهرين متتابعين) ويتحقق التتابع بشهر ويوم من الثاني (توبة من الله) مصدر أو مفعول له أي قبل توبتكم بالكفارة قبولا، أو شرع ذلك للتوبة أي لقبولها (وكان الله عليما) بخلقه (حكيما) في تدبيره .
(ومن يقتل مؤمنا متعمدا) قاصدا قتله عالما بإيمانه (فجزاؤه جهنم خالدا فيها) إن لم يتب ويعف الله عنه وحمل على المستحل لقتله وعن الصادق (عليه السلام): هو أن يقتله على دينه وقيل كني بالخلود عن طول المكث (وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما) .
(يا أيها الذين ءامنوا إذا ضربتم في سبيل الله) سافرتم
ص: 62
( يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (إِذا) كلّما (ضَرَبْتُمْ) أراد رحلكم وعماسكم (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) مسلك السداد وهو إعلاء الإسلام (فَتَبَيَّنُوا) اسألوا مآل الأمر وأحكامه وروموا سطوع الحال (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ) السلم والصلح أو الإسلام أو هو السلام كلام أهل الإسلام ودعاء أحدهم أحدا ، أو الإسلام وإعلاء لا إله إلا اللّه محمّد رسول اللّه ، ورووه السّلم وهو الصلح والطوع (لَسْتَ مُؤْمِناً) مسلما وسلامك للروع وهو حال مرداس أسلم وحده وأهلكه أحد لحطام (تَبْتَغُونَ) أهل العماس ، وهو حال (عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا) مالها وهو حطام كدر ماصل لا دوام ولا وطود له (فَعِنْدَ اللَّهِ مَغانِمُ) آلاء (كَثِيرَةٌ) لا عدّلها أعدّها اللّه لكم ، وما صلح لكم إهلاك مسلم لماله (كَذلِكَ) كما هو أسلم (كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ) أوّل إسلامكم وعصم دماءكم وأموالكم ، وما علم دوام إسلامكم ، ووئام مساحلكم ارواعكم (فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ) وأدام إسلامكم (فَتَبَيَّنُوا) كرّر الأمر مؤكّدا (إِنَّ اللَّهَ
----------
للجهاد في سبيله (فتبينوا) وقرىء فتثبتوا أي اطلبوا بيان الأمر أو ثباته ولا تعجلوا فيه (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام) حياكم بتحية الإسلام أو استسلم كقراءة السلم بحذف الألف (لست مؤمنا) مقول القول أي قلت ذلك تقية فتقتلونه (تبتغون) بذلك (عرض الحياة الدنيا) حطامها النافد (فعند الله مغانم كثيرة) تغنيكم عنها (كذلك كنتم من قبل) كفارا (فمن الله عليكم) بأن جعلكم في زمرة المسلمين (فتبينوا) كرر تأكيدا (إن الله كان بما تعملون خبيرا) فاحتاطوا في القتل وغيره قيل غزت سرية للنبي أهل فدك فهربوا وبقي مرداس لإسلامه وانحاز بغنمه إلى جبل فتلاحقوا فنزل وقال السلام عليكم لا إله إلا الله محمد رسول الله فقتله أسامة واستاق غنمه فنزلت .
ص: 63
كانَ) دواما (بِما) أعمال (تَعْمَلُونَ خَبِيراً) ( 94 ) عالما .
(لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ) هم رهط رمكوا وما رحلوا للعماس (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) أهل الإسلام وهو حال (غَيْرُ) ورووه مكسور الراء (أُولِي الضَّرَرِ) كالإعلاء والأعاسر (وَالْمُجاهِدُونَ) هم أهل العماس (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) مسلك الإسلام (بِأَمْوالِهِمْ) لما أعدّوا السلاح لأهل الإسلام (وَأَنْفُسِهِمْ) أوردوها موارد الهلك (فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ) وأكرمهم (بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ) كما مرّ (عَلَى الْقاعِدِينَ) لا لأمر داع (دَرَجَةً) علوّا وحالا (وَكُلًّا) كلّ رهط (وَعَدَ اللَّهُ) وعهد (الْحُسْنى) دارالسلام وآلاءه (وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ) كرّم اللّه أهل العماس وأعطاهم ، وهم سعوا لإعلاء الإسلام وأدركوا المهالك (عَلَى) الرهط (الْقاعِدِينَ) وما لهم أمر داع (أَجْراً عَظِيماً) ( 95 ) آلاء لا حصر لها .
(دَرَجاتٍ مِنْهُ) مراهص مكارمه ومصاعد مراحمه أعدّها اللّه وئاما لأعمالهم (وَمَغْفِرَةً) محوا لآصاراهم (وَرَحْمَةً) عطاء (وَكانَ اللَّهُ) دواما
----------
(لا يستوي القاعدون من المؤمنين) عن الجهاد (غير أولي الضرر) من مرض أو عمى أو زمانة بالرفع صفة القاعدون إذ لم يعينوا، أو نصب على الحال أو الاستثناء (والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين) غير أولي الضرر (درجة) قيل المراد به معنى الجنس لا المرة (وكلا) من المجاهدين والقاعدين (وعد الله الحسنى) المثوبة الحسنى وهي الحسنة بحسن نيتهم وإن فضل المجاهدين بالعمل (وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما) نصب على المصدر لأن فضل بمعنى أجر .
(درجات منه ومغفرة ورحمة) إبدال من أجر، قيل: القاعدون الأول الأضراء
ص: 64
(غَفُوراً) محاء للإصر (رَحِيماً) ( 96 ) كامل رحم لما وعد لهم .
ولمّا أسلم رهط ، وما رحلوا مع حصول الموادّ وردوا مع الأعداء لعماس أهل الإسلام وهلكوا عدّالا ، أرسل اللّه (إِنَّ) الملأ (الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ) أهلكوهم وسلّوا أرواحهم (ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) لعدم رحلهم وعدولهم وكسر عهودهم ، وهو حال (قالُوا) لهم الأملاك وهم أرداء الملك الموكّل للسام وسألوا لؤما وحردا (فِيمَ) ما (كُنْتُمْ) وما أمركم وما حال إسلامكم (قالُوا) هؤلاء الطّلاح روعا وسدما وحسرا (كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ) أركّاء حصّارا عمّا أمر اللّه وهو الرحل أو إعلاء الإسلام (فِي الْأَرْضِ) أمّ رحم والرحل لعماس أهل الإسلام لإكراه الأعداء (قالُوا) الملك لؤما لهم (أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها) والمحال والأمصار سواء لرحلكم وركودكم وإعلاء إسلامكم كما رحل سواكم وأدركوا محالّ ولا سدادا لكلامكم وما هو إلّا ولع والع (فَأُولئِكَ) هؤلاء الطّلاح (مَأْواهُمْ) ومحلّلهم (جَهَنَّمُ) أعدّها اللّه لهم
----------
والثاني المأذون لهم في القعود اكتفاء بغيرهم وقيل المجاهدون الأول من جاهد الكفار والآخر من جاهد نفسه (وكان الله غفورا) لعباده (رحيما) بهم .
(إن الذين توفاهم) أو مضارع أي تتوفاهم (الملائكة ظالمي أنفسهم) في حال ظلمهم بترك الهجرة وموافقة الكفرة وهم ناس من أهل مكة أسلموا ولم يهاجروا حين كانت الهجرة فريضة (قالوا) أي الملائكة للمتوفين توبيخا لهم (فيم) في أي شيء (كنتم) من أمر دينكم (قالوا) اعتذارا (كنا مستضعفين في الأرض) عاجزين عن الهجرة وإقامة الدين (قالوا) أي الملائكة (ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها) من أرض الكفر إلى بلد آخر كمن هاجر إلى المدينة والحبشة (فأولئك مأواهم جهنم) خبر إن والفاء لتضمن الاسم معنى
ص: 65
(وَساءَتْ مَصِيراً) ( 97 ) ومعادا لهم .
(إِلَّا) الرهط (الْمُسْتَضْعَفِينَ) سدادا لا ولع لهم (مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ) معهم ولهم حكم الإسلام وهم أهل العسر (لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً ) ما لهم موادّ الرحل وعلم أطوار السلوك (وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا) ( 98 ) ما لهم اطّلاع المراحل والمسالك .
(فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ) وهو للأطماع ، واللّه كلما أطمع أحدا أوصله وأعطاه لا محال (أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ) عدّ عدم رحلهم مع عدم موادّ السلوك ، وحصول العسر إصرا ولمما لما هو أوكد الأمور وأصلها (وَكانَ اللَّهُ) دواما (عَفُوًّا) دارسا للآصار (غَفُوراً) ( 99 ) محّاء لها .
(وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) لإعلاء أمر اللّه (يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً) صراطا ومحلّا محسودا لرهطه (كَثِيراً) لا ماصلا (وَسَعَةً) للعمر
----------
الشرط (وساءت مصيرا) هي ويدل على وجوب الهجرة عن بلد لا يتمكن فيه من إقامة الدين .
(إلا المستضعفين من الرجال والنساء) منقطع إذ لم يدخلوا في أولئك (والولدان) الصبيان ذكروا مبالغة أو المماليك (لا يستطيعون حيلة) صفة المستضعفين إذ لم يعينوا أو حال عنهم إذ لا يجدون أسبأب الهجرة لعجزهم (ولا يهتدون سبيلا) لا يعرفون طريقا إلى الهجرة وعن الباقر (عليه السلام): لا يهتدون حيلة إلى الكفر فيكفروا ولا سبيلا إلى الإيمان فيؤمنوا، وعنه (عليه السلام): لا يستطيعون حيلة إلى الإيمان ولا يكفرون .
(فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم) ترك الهجرة لضعف عقولهم وعجزهم (وكان الله عفوا غفورا) .(ومن يهاجر) يفارق أهل الشرك (في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا) متحولا إلى الرغام أي التراب أو
ص: 66
والمال أو للصدر أو لإعلاء الإسلام (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ) داره ومصره (مُهاجِراً) سالكا وهو حال (إِلَى اللَّهِ) لإعلاء أوامره (وَ) أحكام (رَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ) وسط الصراط وما كمل سلوكه (فَقَدْ وَقَعَ) صحّ ووطد (أَجْرُهُ) حاصل عمله (عَلَى اللَّهِ) وكرمه (وَكانَ اللَّهُ) دواما (غَفُوراً) محّاء للإلمام (رَحِيماً) ( 100 ) كامل رحل عالم ساو وهو ملاك الإعما .
(وَإِذا) كلّما (ضَرَبْتُمْ) أهل الإسلام (فِي الْأَرْضِ) وحصل لكم الرحل والسلوك (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) إصر (أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ) أعداد ركاعها وما صحّ لكم إكمالها (إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ) الرهط (الَّذِينَ كَفَرُوا) لو حصل لكم هول الأعداء إهلاكا أو كلما وعطوا أو أسرا (إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ) دواما (عَدُوًّا مُبِيناً) ( 101 ) ساطعا والعدوّ صلح للواحد والرهط .
----------
طريقا يرغم بسلوكه قومه أي يهاجرهم على رغم أنوفهم (وسعة) في الرزق (ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت) في الطريق (فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما) .
(وإذا ضربتم) سافرتم (في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) بتنصيف الرباعيات وهو صفة محذوف أي شيئا من الصلاة أو مفعول تقصروا بزيادة من والقصر عندنا عزيمة إجماعا ونصا ولا ينافيه نفي الجناح كما في لا جناح عليه أن يطوف بهما ولعله لأن الطباع لما ألفت التمام كان مظنة أن يخطر ببالهم أن عليهم نقصا في القصر فنفى عنهم الجناح لتطيب أنفسهم (إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) يتعرضوا لكم بمكروه وهو شرط باعتبار الغالب في ذلك الوقت ولذا لم يعتبر مفهومه (إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا) بيني العداوة .
ص: 67
(وَإِذا كُنْتَ) رسول اللّه (فِيهِمْ) عسكرك ، وورد هول الأعداء (فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ) لورود عصرها وهم أرادوا أداءها (فَلْتَقُمْ) للأداء (طائِفَةٌ) رهط (مِنْهُمْ) عساكرك (مَعَكَ) وصلّ معهم ، ورهط أمام العدوّ (وَلْيَأْخُذُوا) رهط صلّوا معك (أَسْلِحَتَهُمْ) كالحسام والسهم وكلّ سلاح صحّ أداؤها معه ، وعطو السلاح أمر أحوط وأصلح لا مأمور حسما ، أو هم رهط أمام العدوّ (فَإِذا سَجَدُوا) أكملوا الركوع الأوّل ، وصدد رهط المراد الركوع كلّه (فَلْيَكُونُوا) رهط صلّوا (مِنْ وَرائِكُمْ) حرّاسا لكم وهو الرسول وعسكره (وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى) رهط (لَمْ يُصَلُّوا) لحرسهم لكم (فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ) لإكمالها ، وهم رهط حرسوكم العدوّ (وَلْيَأْخُذُوا) هم رهط صلّوا أو كلّهم (حِذْرَهُمْ) كالدرع (وَأَسْلِحَتَهُمْ) واحدها السلاح (وَدَّ) وأمل الرهط (الَّذِينَ كَفَرُوا) وهم أعداؤكم (لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ) كالصوارم والرماح (وَأَمْتِعَتِكُمْ) ككسائكم وهو كلّ ما هو معدّ لرحلكم واعماسكم
----------
(وإذا كنت فيهم) في الخائفين (فأقمت لهم الصلاة) بأن تؤمهم (فلتقم) في الركعة الأولى (طائفة منهم معك) وتقوم الأخرى تجاه العدو (وليأخذوا أسلحتهم) لأنه أقرب إلى الاحتياط (فإذا سجدوا) سجدة الركعة الأولى فصلوا لأنفسهم ركعة أخرى (فليكونوا من ورائكم) وقفوا موقف أصحابهم يحرسونهم (ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا) ركعتهم الأولى (معك) وأنت في الثانية فإذا صلت قاموا إلى ثانيتهم وأتموها ثم جلسوا ليسلموا معك (وليأخذوا حذرهم) تيقظهم (وأسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم) أي تمنوا أن يجدوا منكم غرة في الصلاة
ص: 68
(فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً) أراد عدوهم وصولهم وهو إعلاء ما له أمر ولعطو السلاح (وَلا جُناحَ) لا إصر (عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ) هامع (أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى) أعلّاء (أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ) لصداء الصوارم أو لعسر حملها (وَخُذُوا حِذْرَكُمْ) أمره اللّه مع المطر والعلل (إِنَّ اللَّهَ) الملك العدل (أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً) ( 102 ) إصرا معسرا مهلكا حالا لما كسروا وأسروا وأهلكوا ومعادا لورودهم الدرك ، ومسّهم الآصار وهو وعد لسطو أهل الإسلام وعلوّهم .
(فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ) وحصل لكم إكمالها أو المراد حال رودكم الركوع (فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِياماً) وهو حال صولكم مع الحسام (وَقُعُوداً) وهو حال رماء السهام (وَعَلى جُنُوبِكُمْ) لكلم الأعداء ، أو المراد دوامه كلّ حال (فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ) حصل لكم الركود وطمس هولكم ( فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ )
----------
(فيميلون) فيحملون (عليكم ميلة) حملة (واحدة) ولذا أمرتم بأخذ السلاح (ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى) فيثقل عليكم حمل السلاح (أن تضعوا أسلحتكم) يدل على أن الأمر بأخذ الأسلحة للوجوب (وخذوا حذركم) احترزوا إذ ذاك من عدوكم (إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا) لما كان أمرهم بالحزم يوهم أنه لضعفهم وغلبة الكفار بل أزال الوهم بوعدهم أن الله يهين عدوهم وينصرهم عليه لتقوى قلوبهم .
(فإذا قضيتم الصلاة) فرغتم منها وأنتم محاربو عدوكم (فاذكروا الله) بالتسبيح ونحوه (قياما وقعودا وعلى جنوبكم) مضطجعين أي في كل حال وإذا أردتم فعل الصلاة حال الخوف فصلوا كيف ما أمكن قياما مقارعين وقعودا مؤمنين وعلى جنوبكم منحنين (فإذا اطمأننتم) بالأمن (فأقيموا الصلاة)
ص: 69
عدّلوها وأكملوها وأدّوها كاملا (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) أهل الإسلام طرّا (كِتاباً مَوْقُوتاً) ( 103 ) مسطورا محدودا أعصاره .
(وَلا تَهِنُوا) دعوا الكسل (فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ) وروم الأعداء والعماس معهم (إِنْ تَكُونُوا) أهل الإسلام (تَأْلَمُونَ) أدرككم الألم كلما وهلاكا (فَإِنَّهُمْ) الأعداء (يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ) وحصل لهم الألم كما حصل لكم ، وما الألم لكم وحدكم (وَتَرْجُونَ) أهل الإسلام (مِنَ اللَّهِ) كامل الرحم (ما لا يَرْجُونَ) أعداءكم وهو مكارمه ومراحمه معادا (وَكانَ اللَّهُ) دواما (عَلِيماً) عالما سرّ الألم (حَكِيماً) ( 104 ) آمرا لما هو الأصلح .
(إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ) محمّد رسول اللّه ( ص ) (الْكِتابَ) كلام اللّه المرسل (بِالْحَقِّ) السداد والصلاح (لِتَحْكُمَ) حكما ساطعا (بَيْنَ النَّاسِ) وإعلاء
----------
فأدوها بحدودها وشرائطها أو أتموها ولا تقصروها (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا) فرضا (موقوتا) مفروضا أو محدودا بأوقات وفيه إشعار بأن المراد بالذكر الصلاة .
(ولا تهنوا في ابتغاء القوم) لا تضعفوا في طلبهم للقتال (إن تكونوا تألمون) مما ينالكم (فإنهم يألمون كما تألمون) ليس ما تجدون من ألم القتال مختصا بكم بل مشترك وهم يصبرون عليه فما بالكم والحال أنكم (وترجون من الله) من النصر والثواب عليه (ما لا يرجون) فأنتم أولى بالصبر والرغبة (وكان الله عليما حكيما) في تدبيره .
(إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك) عرفك (الله) قيل: سرق أبو طعمة درعا وخبأها عند يهودي فوجدت عنده فقال: دفعها إلي أبو طعمة فانطلق قومه بنو ظفر إلى النبي فسألوه أن يجادل عنه ويبرؤه فهم أن يفعل
ص: 70
أمورهم (بِما أَراكَ اللَّهُ) ألهمك اللّه وعلّمك وأوحاك (وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ) أهل الألس والمراد لأمرهم (خَصِيماً) ( 105 ) عدوّا لدودا .
(وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ) ممّا هو همّك المعهود أو ادع اللّه (إِنَّ اللَّهَ كانَ) دواما (غَفُوراً) محّاء للآصار (رَحِيماً) ( 106 ) راحما كامل الرحم .
(وَلا تُجادِلْ) محمّد ( ص ) ودع المراء (عَنِ) هؤلاء (الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ) والمراد اللصّ المعهود ورهطه (إِنَّ اللَّهَ) الملك العدل (لا يُحِبُّ) أصلا (مَنْ كانَ خَوَّاناً) لصّاصا الّاسا (أَثِيماً) ( 107 ) مصرّا لما ولع وعهد وإصر .
(يَسْتَخْفُونَ) أصله روم الإسرار (مِنَ النَّاسِ) هولا (وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ) عالم الأسرار (وَ) الحال (هُوَ مَعَهُمْ) علما واطّلاعا ولا مسلك معه إلّا طرح محارمه (إِذْ يُبَيِّتُونَ) هو الرعاء سموا (ما لا يَرْضى) اللّه (مِنَ الْقَوْلِ) الكلام الولع المموّه (وَكانَ اللَّهُ) دواما (بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً) ( 108 ) عالما أحاط علمه أعمالهم .
----------
فنزلت (ولا تكن للخائنين خصيما) للبرآء .
(واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما) .
(ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم) يخونونها بالمعصية إذ وبال خيانتهم عليها (إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما) كثير الخيانة والإثم مصرا عليهما .
(يستخفون) يسرون (من الناس) حياء وخوفا (ولا يستخفون من الله وهو معهم) عالم بهم (إذ يبيتون) يدبرون (ما لا يرضى من القول) من الحلف الكاذب وشهادة الزور ورمى البريء (وكان الله بما يعملون محيطا) عليما .
ص: 71
( ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ) « ها » للاطّلاع والإعلام كرّرها مؤكّدا وأولاء اسم موم وهم رهط اللّص أو اسم موصول (جادَلْتُمْ) مراء (عَنْهُمْ) أهل الألس اللص ورهطه (فِي الْحَياةِ) الدار (الدُّنْيا) والعمر الماصل المحدود (فَمَنْ يُجادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) المعاد والحاصل لا رادّ لآصار اللّه لهم (أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا) ( 109 ) لا أحد موكّلا لأمورهم وحارسا لهم .
(وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً) لأحد سواه كما عمل اللدود (أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ) لا لأحد سواه كالعهد ولعا (ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ) دعاء وهودا (يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً) لآصاره (رَحِيماً) ( 110 ) كامل رحم له .
(وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً) إصرا لأحد سواه ادّعاء وولعا (فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ) وسوء له (وَكانَ اللَّهُ) دواما (عَلِيماً) للأسرار (حَكِيماً) ( 111 ) لا حدّ لحكمه .
(وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً) لمما أو ما لا عمد له (أَوْ إِثْماً) وهو أسوأ الآصار أو ما عمد له (ثُمَّ يَرْمِ بِهِ) كما رماه اللصّ (بَرِيئاً) أحدا لا إصر له
----------
(ها أنتم) مبتدأ (هؤلاء) خبره (جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا) حافظا من عذاب الله .
(ومن يعمل سوءا) ذنبا يسوء به غيره أو صغيرة أو ما دون الشرك (أو يظلم نفسه) بذنب لا يتعداه إلى غيره أو كبيرة أو الشرك (ثم يستغفر الله يجد الله غفورا) لذنوبه (رحيما) به .
(ومن يكسب إثما) ذنبا (فإنما يكسبه على نفسه) من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها (وكان الله عليما) بكسبه (حكيما) في عقابه .
(ومن يكسب خطيئة) صغيرة أو ما لا يتعمده (أو إثما) كبيرا أو ما تعمده (ثم يرم به بريئا)
ص: 72
(فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً) وهو ادّعاء عمل لأحد لا علم له (وَإِثْماً مُبِيناً) ( 112 ) إصرا ساطعا .
(وَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ) كرمه وعطاءه (عَلَيْكَ) محمّد رسول اللّه ( ص ) (وَرَحْمَتُهُ) إعلامه لك ما هو سرّهم (لَهَمَّتْ) همّا مؤكّدا وأمّا واطدا وهو حوار « لولا » (طائِفَةٌ مِنْهُمْ) رهط اللصّ (أَنْ يُضِلُّوكَ) عمّا اسلكك إليه وهو سلوك صراط العدل مع علمهم الحال (وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ) لوصول آصاره له وعصمك اللّه عمّا عمدوا (وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ) عمل سوء عمدوه لعوده لهم (وَأَنْزَلَ اللَّهُ) أرسل (عَلَيْكَ الْكِتابَ) كلام اللّه (وَالْحِكْمَةَ) سلوك محمّد رسول اللّه صلعم أو دوالّ الأحكام (وَعَلَّمَكَ) ألهمك وأوحاك (ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ) أسرار الأمور وعلوم الصدور أو أوامر الإسلام وأحكامه (وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ) وكرمه (عَلَيْكَ عَظِيماً) ( 113 ) لا حصر ولا حدّ له وأكمل كرمه إرسالك .
----------
كرمي أبي طعمة اليهودي (فقد احتمل بهتانا) برمي البريء (وإثما مبينا) بينا بكسبه .
(ولو لا فضل الله عليك) بالنبوة أو الصيانة (ورحمته) بالعصمة أو إعلامك سرهم الوحي (لهمت) أضمرت (طائفة منهم) من بني ظفر (أن يضلوك) عن الحكم بالحق ولم يرد نفي همتهم بل نفي تأثيره فيه (وما يضلون إلا أنفسهم) يعود وبالهم عليهم (وما يضرونك) لأن الله عاصمك ومسددك (من شيء) في محل المصدر أي شيئا من الضرر (وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة) القرآن والأحكام (وعلمك ما لم تكن تعلم) من الشرائع وخفيات الأمور (وكان فضل الله عليك عظيما) إذ ختم بك النبوة .
ص: 73
( لا خَيْرَ) ولا صلاح (فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ) سرّهم (إِلَّا) سرّ (مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ) عطاء عموما (أَوْ مَعْرُوفٍ) إمداد للمعسر أو عمل صالح عموما أو مراد الأوّل العطاء المأمور ومراد الأمد الأطوع (أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) عمل للصلح والسلم (وَمَنْ يَفْعَلْ) المراد الأمر لما هو المساعد لأوّل الكلام ، وأورد العمل إعلاما لما هو الأصل والملاك (ذلِكَ) ما مرّ (ابْتِغاءَ) روم (مَرْضاتِ اللَّهِ) لا للأهواء (فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) ( 114 ) لا أمد له وهو دارالسلام وسرورها .
(وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ) من أراد العداء وعدم الوام معه (مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ) لاح وسطع (لَهُ الْهُدى) سداد الصراط (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ) مسلك أهل الإسلام علما وعملا (نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى) ما ودّ وهو الحول عمّا هداه اللّه حالا (وَنُصْلِهِ) إصلاء أسوأ (جَهَنَّمَ) معادا (وَساءَتْ مَصِيراً) ( 115 ) مآلا .
(إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) عدّاله سواه ولا إله إلا اللّه (وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ) كرّما وعطاء (لِمَنْ يَشاءُ) إصلاحا لحاله كرّره مؤكّدا ، أو لإعلاء
----------
(لا خير في كثير من نجواهم) تناجيهم (إلا) نجوى (من أمر بصدقة) أو منقطع أي ولكن من أمر ففي نجواه الخير (أو معروف) فرض أو عمل بر أو إغاثة ملهوف أو صدقة تطوع (أو إصلاح بين الناس) تأليف بينهم بالمودة (ومن يفعل ذلك) المذكور (ابتغاء) طلب (مرضات الله) لا لغرض دنيوي (فسوف نؤتيه) بالنون والياء (أجرا عظيما) .
(ومن يشاقق الرسول) يخالفه (من بعد ما تبين له الهدى) ظهر له الحق بالدلائل (ويتبع غير سبيل المؤمنين) الذي هم عليه من الدين (نوله ما تولى) من الضلال ونخلي بينه وبينه (ونصله جهنم وساءت مصيرا) .
(إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) كرر تأكيدا أو
ص: 74
حال اللصّ (وَمَنْ يُشْرِكْ) إلها (بِاللَّهِ) الواحد (فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيداً) ( 116 ) عسر هداه .
(إِنْ) ما (يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ) ما أطاعوا سواه (إِلَّا إِناثاً) أسماء وصورا والمراد دماهم أو الأملاك (وَإِنْ) ما (يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً) وما طوعهم إلّا له لما هو موسوسهم وأمرهم (مَرِيداً) ( 117 ) مطرودا مردودا .
(لَعَنَهُ اللَّهُ) طرده وردّه (وَقالَ) المارد الموسوس (لَأَتَّخِذَنَّ) لأعطوا عطوا مؤكّدا (مِنْ عِبادِكَ) ولد آدم (نَصِيباً مَفْرُوضاً) ( 118 ) سهما محمّا معلوما محدودا .
(وَلَأُضِلَّنَّهُمْ) عمّا هو السداد دماء (وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ) لا طرحا الآمال أواسط صدورهم كطول الأعمار وحصول الأهواء ، ولا عود لهم أمد الدهر ولا آصار ولا آلام معادا (وَلَآمُرَنَّهُمْ) ولأحكما لهم أحكاما طوالح (فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ
----------
لقصة أبي طعمة (ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا) عن الحق .
(إن يدعون) ما يعبدون (من دونه) دون الله (إلا إناثا) أصناما مؤنثة كاللات والعزى ومناة قيل: كان لكل حي صنم يعبدونه ويسمونه أنثى بني فلان وقيل: والأصنام كلها مؤنثة سماعية أو إلا جمادات لأن الجمادات مؤنث أو إلا ملائكة لقولهم الملائكة بنات الله (وإن يدعون) ما يعبدون (إلا شيطانا) لطاعتهم له فيها (مريدا) عاتيا خارجا عن الطاعة .
(لعنه الله) طرده عن رحمته (وقال) جامعا بين لعنه وقوله (لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا) مقطوعا فرضته لنفسي فكل من أطاعه فهو من نصيبه .
(ولأضلنهم) عن الحق بالوسوسة (ولأمنينهم) الأماني الكاذبة كطول العمر وأن لا بعث ولا حساب (ولآمرنهم فليبتكن) فليقطعن أو يشققن (ءاذان
ص: 75
الْأَنْعامِ) أراد لأحملهم وأعلّمهم صدع مسامعها لإحرام ما أحلّه اللّه (وَلَآمُرَنَّهُمْ) إلهاء وإرداء (فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ) صورا وأحوالا وكسا وعكسا ، أو إحلالا وإحراما (وَمَنْ) كلّ أحد (يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ) وأطاع ما أمره ودعاه (فَقَدْ خَسِرَ) وطاح رأس مال عمله (خُسْراناً مُبِيناً) ( 119 ) حالا ومآلا .
(يَعِدُهُمْ) وعدا لا حاصل له ككلامه لا معاد ولا إحصاء للأعمال (وَيُمَنِّيهِمْ) ما لا حصول لهم (وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ) المارد (إِلَّا غُرُوراً) ( 120 ) مكرا ولهوا .
(أُولئِكَ) هم طوّاع الموسوس المطرود (مَأْواهُمْ) محلّهم (جَهَنَّمُ) معادا لسوء عملهم (وَلا يَجِدُونَ عَنْها) حال (مَحِيصاً) ( 121 ) معدلا حاص عدل وهو إمّا اسم محلّ أو مصدر .
(وَ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا إسلاما كاملا (وَعَمِلُوا) الأعمال (الصَّالِحاتِ) وما طاوعوا الأهواء (سَنُدْخِلُهُمْ) سأحلّهم وأوردهم
----------
الأنعام) لتحريم ما أحل الله وقد فعلوه بالبحائر والسوائب (ولآمرنهم فليغيرن خلق الله) دينه بتحريم ما أحل وتحليل ما حرم أو فقء عين الحامي أو خصاء العبد أو الوشم (ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله) بإيثار طاعته على طاعة الله (فقد خسر خسرانا مبينا) إذ استبدل الجنة بالنار .
(يعدهم) الشيطان الأكاذيب (ويمنيهم) الأباطيل (وما يعدهم الشيطان إلا غرورا) هو إيهام النفع فيما فيه الضرر .
(أولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصا) معدلا من حاص أي عدل وعنها حال عنه لا صلة له .
(والذين ءامنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار
ص: 76
(جَنَّاتٍ) مطارّ دوح ومحالّ أوراد وأحمال (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) دوحها أو صروحها (الْأَنْهارُ) المطّرد ماءها (خالِدِينَ فِيها) هؤلاء المحال (أَبَداً) سرمدا (وَعْدَ اللَّهِ) مصدر مؤكّد لدرّه (حَقًّا) سدادا لا ولع له مصدر مؤكّد لما عداه (وَمَنْ) لا أحد (أَصْدَقُ) أسدّ (مِنَ اللَّهِ قِيلًا) ( 122 ) وعدا وكلاما .
(لَيْسَ) الأمر الموعود لحاصلا (بِأَمانِيِّكُمْ) آمالكم أهل الإسلام ، أو أهل العدول (وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ) أهواء أهل الطرس وهم الهود ورهط روح اللّه لما وهموهم أولاد اللّه وأودّاه (مَنْ يَعْمَلْ) عملا (سُوءاً) كرهه اللّه (يُجْزَ بِهِ) العمل السوء حالا أو مآلا ، وهو حكم عام للعمّال كلّهم (وَلا يَجِدْ) عامل السوء (لَهُ) لإسعاده (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (وَلِيًّا) ودودا ممدّا (وَلا نَصِيراً) ( 123 ) مساعدا مسلّما .
----------
خالدين فيها أبدا وعد الله) مصدر مؤكد لنفسه لأن مضمون الجملة قبله وعد (حقا) أي حق ذلك حقا (ومن) أي لا أحد (أصدق من الله قيلا) قولا تمييز .
(ليس) ما وعد الله من الثواب ينال (بأمانيكم) أيها المسلمون (ولا أماني أهل الكتاب) بل بالعمل الصالح أو ليس الإيمان بالتمني ولكن ما قر في القلب وصدقه العمل قيل: تفاخر المسلمون وأهل الكتاب فقال أهل الكتاب نبينا وكتابنا قبل نبيكم وكتابكم ونحن أولى بالله منكم وقال المسلمون نحن أولى منكم نبينا خاتم النبيين وكتابنا يقضي على الكتب المتقدمة فنزلت، وقيل: الخطاب للمشركين أي ليس الأمر بأمانيكم أن لا جنة ولا نار ولا أماني أهل الكتاب أنه لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى (من يعمل سوءا يجز به) آجلا وعاجلا بالآلام والمصائب ما لم يتب أو يعفو الله عنه (ولا يجد له من دون الله وليا) يحميه (ولا نصيرا) ينجيه من العذاب .
ص: 77
(وَمَنْ يَعْمَلْ) أعمالا (مَنْ) الأعمال (الصَّالِحاتِ) المأمور عملها (مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى) كلاهما سواء (وَ) الحال (هُوَ مُؤْمِنٌ) مسلم (فَأُولئِكَ) أولو الأعمال الصوالح (يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ) الموعود ورودها لأهل الصلاح (وَلا يُظْلَمُونَ) هؤلاء العمّال لصوالح الأعمال وطوالحها حورا عمّا عملوا وكورا عمّا أساءوا (نَقِيراً) ( 124 ) ماصلا .
(وَمَنْ) لا أحد (أَحْسَنُ) أحمد وأصلح (دِيناً) طوعا ومسلكا (مِمَّنْ أَسْلَمَ) أصار (وَجْهَهُ) سالما (لِلَّهِ) وما علم إلها سواه (وَ) الحال (هُوَ مُحْسِنٌ) موحّد عامل لصوالح الأعمال (وَاتَّبَعَ) طاوع (مِلَّةَ إِبْراهِيمَ) ومسلكه الأسدّ أوردها وحدها لاطّراد الأمم ووئامها علاها وهو الإسلام (حَنِيفاً) سولا مال عما ساء وهو حال (وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ) الرسول (خَلِيلًا) ( 125 ) ودودا صراح الودّ وأكرمه إكرام الولاء ومدلول أصله وهو كعماد ومدد وعدّ الوداد والعور والودّ .
(وَلِلَّهِ) ملكا واسرا (ما) حلّ (فِي السَّماواتِ) كلّها (وَما) حلّ
----------
(ومن يعمل) شيئا (من الصالحات) أو بعضها وهو ما في وسعه وكلف به (من ذكر أو أنثى وهو مؤمن) حال (فأولئك يدخلون الجنة) بالياء للمعلوم والمجهول (ولا يظلمون نقيرا) قدر نقرة النواة .
(ومن) أي لا أحد (أحسن دينا ممن أسلم وجهه) استسلم نفسه أو أخلص قلبه (لله وهو محسن) قولا وعملا أو موحد (واتبع ملة إبراهيم) الموافقة لملة الإسلام (حنيفا) مائلا عن الأديان (واتخذ الله إبراهيم خليلا) صفيا خالص المحبة له .
(ولله ما في السموات وما في الأرض) ملكا وخلقا (وكان الله بكل شيء
ص: 78
(فِي الْأَرْضِ) كلّها (وَكانَ اللَّهُ) دواما (بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً) ( 126 ) عالما أحاط علمه الكلّ .
(وَ) أهل الإسلام (يَسْتَفْتُونَكَ) لهم سؤال (فِي) سهام (النِّساءِ قُلِ) رسول اللّه إعلاما لهم (اللَّهُ يُفْتِيكُمْ) معلّمكم أحكامها (فِيهِنَّ) كما هو صلاحكم (وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ) معلّمكم ما درس علاكم أهل الإسلام (فِي الْكِتابِ) كلام اللّه المرسل أو اللوح (فِي) حال (يَتامَى النِّساءِ) وحصصها (اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما) مالا (كُتِبَ) ورسم وأمر اللّه إحصاصه (لَهُنَّ) ممّا طرحه الولّاد (وَتَرْغَبُونَ) الكلام مع الوكلاء والواو للحال أو للوصول (أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ) لأهولكم لها لا لمالها ومهاهها أو المراد عمّا أهولها (وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ) أراد أولادا ما أدركوا الحلم واطّلاع الأمور ولا حول لهم (وَأَنْ تَقُومُوا) مكسور المحلّ (لِلْيَتامى) ومهامهم (بِالْقِسْطِ) العدل والسداد (وَ) كلّ (ما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ) وصلاح (فَإِنَّ اللَّهَ كانَ) دواما
----------
محيطا) قدرة وعلما .
(ويستفتونك في) ميراث (النساء قل الله يفتيكم) يبين لكم حكمه (فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب) أي والله يفتيكم وما في القرآن من آية المواريث تفتيكم أو ما يتلى عليكم مبتدأ خبره في الكتاب ويراد به اللوح المحفوظ (في يتامى النساء) صلة يتلى إن عطف يتلى على ما قبله وإلا فبدل من فيهن والإضافة بمعنى من (اللاتي لا تؤتونهن ما كتب) ما فرض (لهن) من الميراث (وترغبون أن) في أو عن (تنكحوهن) كان الرجل يضم اليتيمة فإن كانت جميلة تزوجها وأكل مالها وإلا عضلها ليرثها والواو للعطف أو الحال (والمستضعفين من الولدان) الصبيان عطف على يتامى النساء وكانوا لا يورثونهم كالنساء (وأن تقوموا لليتامى بالقسط) بالعدل في حقوقهم عطف عليه أيضا أو منصوب بتقدير فعل أي ويأمركم أن تقوموا (وما تفعلوا من خير)
ص: 79
(بِهِ عَلِيماً) ( 127 ) عالما مطّلعا ومعاملا معكم كأعمالكم .
(وَإِنِ امْرَأَةٌ) عاملها مطروح صرّحه (خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً) كرها وسمودا وحدّها لما حمّ لها (أَوْ إِعْراضاً) لطول عمرها أو سوء ملاء أو ملال أو طوح أو سواها (فَلا جُناحَ) لا إصر (عَلَيْهِما) المرء وأهله (أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً) صلاحا وهو مصدر ، واصطلاحهما حطّها المهر أو ما صلح للطرح روما لوداد المرء (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) وهو صلاحهما لا المراء واللدد (وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ) أراد دوام الإمساك لها والمراد لا سماح للمرء وأهله ، وكلّ واحد رام روحه وسروره (وَإِنْ تُحْسِنُوا) العمل مع أهلكم (وَتَتَّقُوا) الحسم والسرح والهمط (فَإِنَّ اللَّهَ كانَ) به دواما (بِما تَعْمَلُونَ) الولاء والعراء (خَبِيراً) ( 128 ) عالما .
----------
في أمر هؤلاء (فإن الله كان به عليما) فلا يضيعه .
(وإن امرأة) فاعل فعل يفسره (خافت) علمت أو توقعت (من بعلها) لأمارات ظهرت لها (نشوزا) ترفعا عنها بمنع حقوقها كراهة لها (أو إعراضا) بتقليل محادثتها ومؤانستها (فلا جناح عليهما أن يصلحا) يتصالحا (بينهما صلحا) بأن تهب له بعض القسم أو المهر أو غيره فتستعطفه به (والصلح خير) من الفرقة أو النشوز أو الإعراض أو من الخصومة أو في نفسه خير كما أن الخصومة شر (وأحضرت الأنفس الشح) جبلت عليه وجعل حاضرا لها لا ينفك عنها فلا تكاد المرأة تسمح بنصيبها من زوجها ولا الرجل يسمح بإمساكها على ما ينبغي إذا كرهها (وإن تحسنوا) العشرة (وتتقوا) النشوز والإعراض (فإن الله كان بما تعملون خبيرا) فيجازيكم عليه .
ص: 80
(وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا) أصلا الكلام مع رهط لهم أعراس (أَنْ تَعْدِلُوا) العدل والسواء (بَيْنَ النِّساءِ) عطاء ودادا أو مصدا وملاحا وما سواها (وَلَوْ حَرَصْتُمْ) العدل والسواء ما سهل لكم (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ) كلّ الحدل والمرء لو ما أدرك الأمر كلّه ما طرح كلّه (فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ) كما لا مرء لها وما مسّها السرح (وَإِنْ تُصْلِحُوا) أموركم (وَتَتَّقُوا) الحدل (فَإِنَّ اللَّهَ كانَ) دواما (غَفُوراً) محّاء لطوالح أعمالكم (رَحِيماً) ( 129 ) راحما لكم معادا .
(وَإِنْ يَتَفَرَّقا) المرء وأهله سرحا وما صالحا (يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا) كلّ واحد أوسا أو سلّوا (مِنْ سَعَتِهِ) وسعه وكرمه أعطاها مرء أصلح وأعطاه عرسا أملح (وَكانَ اللَّهُ) دواما (واسِعاً) وسع ملكه وعطاءه (حَكِيماً) ( 130 ) لحكمه أسرار .
(وَلِلَّهِ) ملكا واسرا كلّ (ما) حلّ (فِي السَّماواتِ) أسرار عالم العلو (وَ) كلّ ما حلّ (فِي الْأَرْضِ) أمور عالم الملك وهو إعلام لكمال وسعه وحوله (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا) أراد الأمر والحكم لأمم (الَّذِينَ أُوتُوا) أعطوا وأرسلوا (الْكِتابَ) وهو اسم للصرع عمّ لطروس السماء كلّها (مِنْ قَبْلِكُمْ )
----------
(ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء) في المودة القلبية أو في كل الأمور من جميع الوجوه (ولو حرصتم) على ذلك فلا تكلفون منه إلا ما تستطيعون (فلا تميلوا كل الميل) بترك المستطاع (فتذرها كالمعلقة) التي ليست بأيم ولا ذات بعل (وإن تصلحوا) بترك الميل (وتتقوا) الله فيه (فإن الله كان غفورا رحيما) فيغفر لكم ما سلف .
(وإن يتفرقا) أي الزوجان بالطلاق (يغن الله كلا) عن صاحبه (من سعته) من فضله بأن يرزقه زوجا خيرا من زوجه وعيشا أهنأ من عيشه (وكان الله واسعا) غنيا مقتدرا (حكيما) في تدبيره .
(ولله ما في السموات وما في الأرض) تقرير لكمال سعته وقدرته (ولقد
ص: 81
عصرا مرّ أمامكم (وَإِيَّاكُمْ) أمركم وهو الأمر دواما لهم ولكم (أَنِ) للصدع أو الكاسر مدموس (اتَّقُوا اللَّهَ) وحّدوا اللّه وطاوعوه (وَإِنْ تَكْفُرُوا) ما أوصاكم اللّه (فَإِنَّ لِلَّهِ) مالك الملك كلّه ملكا وملكا كلّ (ما) حلّ (فِي السَّماواتِ وَ) كلّ ما ركد (فِي الْأَرْضِ) الكلّ له وهو مالكهم ومولاهم ومطاعهم (وَكانَ اللَّهُ) دواما (غَنِيًّا) عما سواه طاوعه أحد أو ما طاوعه ما وصّاكم إلّا لرحمه لا لإرماده (حَمِيداً) ( 131 ) محمودا أمره وعمله لا حسم لمحامده حمد أو لا .
(وَلِلَّهِ) ملكا وأسرا كلّ ما حلّ (فِي السَّماواتِ وَ) كلّ ما حلّ (فِي الْأَرْضِ) كلّهما لا عدّ ولا حصر لأهلهما (وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا) ( 132 ) مؤكّلا لأمور الكلّ .
(إِنْ يَشَأْ) اللّه (يُذْهِبْكُمْ) طرّا إهلاكا وإعداما (أَيُّهَا النَّاسُ) لعدم طوعكم (وَيَأْتِ بِآخَرِينَ) سواكم محالكم والحاصل لو أراد لأعدمكم وأسر رهطا أطوع أوسكم (وَكانَ اللَّهُ) دواما (عَلى ذلِكَ) الإعدام والأسر
----------
وصينا الذين أوتوا الكتاب) جنسه من اليهود والنصارى وغيرهم (من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله) أطيعوه ولا تعصوه (وإن تكفروا فإن لله ما في السموات وما في الأرض) ملكا وخلقا فلا يضره كفركم كما لا تنفعه تقواكم وإنما وصاكم رحمة بكم (وكان الله غنيا) عن خلقه وطاعتهم (حميدا) مستحقا للحمد .
(ولله ما في السموات وما في الأرض) ذكر ثالثا تقريرا لغناه واستحقاقه الحمد لحاجة الخلق إليه وإنعامه عليهم بأصناف النعم (وكفى بالله وكيلا) حافظا ومدبرا لخلقه .
(إن يشأ يذهبكم أيها الناس) يهلككم (ويأت بآخرين) بدلكم أو خلقا آخرين بدل الإنس (وكان الله على ذلك) الإعدام والإبدال (قديرا من كان
ص: 82
(قَدِيراً) ( 133 ) كامل حول .
(مَنْ كانَ يُرِيدُ) لعمله (ثَوابَ) الدار (الدُّنْيا) حطامها وروحها كمعامس أراد لعماسه المال (فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوابُ) الدار (الدُّنْيا وَ) الدار (الْآخِرَةِ) وما له رام أحدهما وهو أكره وطرح سؤالهما معا أو سؤال أصلحهما وأولاهما (وَكانَ اللَّهُ) دواما (سَمِيعاً) للكلام (بَصِيراً) ( 134 ) مطّلعا للأعمال والأحوال وهو مما وعده وأوعده .
( يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (كُونُوا) دواما (قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ) عدل والسواء (شُهَداءَ) عدولا وهو حال (لِلَّهِ) لأمره وإعلاء ما هو السداد (وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ) لكمال العدل والصلاح (أَوِ الْوالِدَيْنِ) الوالد والأمّ (وَالْأَقْرَبِينَ) أهل الأرحام وهؤلاء محال الرحم والكلّ راعوهم وأرادوا مرادهم وأعلوا مرامهم (إِنْ يَكُنْ) المعلم المسلم علاه (غَنِيًّا) موسرا وهو محلّ عدول السداد لعلوّ حاله وعدّ ماله (أَوْ فَقِيراً) معسرا لعسر أحواله (فَاللَّهُ أَوْلى) أوكد أمما ، وكلوا أمرهما للّه وهو أعلم (بِهِما) الموسر
----------
يريد) بجهاده أو غيره (ثواب الدنيا) فليطلبه من عند الله (فعند الله ثواب الدنيا والآخرة) أو فما له يطلب أحدهما الذي هو الأخس دون الأشرف والأحسن (وكان الله سميعا بصيرا) يجازي كلا بعمله .
(يا أيها الذين ءامنوا كونوا قوامين بالقسط) مجتهدين في إقامة العدل (شهداء لله) بالحق خبر ثان أو حال (ولو) كانت الشهادة (على أنفسكم) بأن تقروا عليها (أو الوالدين والأقربين) ولو على والديكم وأقاربكم ويشعر بقبولها على الوالد كما هو الأقوى (إن يكن) المشهود عليه أو كل منه ومن المشهود له (غنيا أو فقيرا) فلا تمتنعوا من الشهادة عليهما أو لهما (فالله أولى بهما) بالنظر
ص: 83
والمعسر ، وهو لمّ الحوار سدّ مسدّه (فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى) الآراء والآمال كره (أَنْ تَعْدِلُوا) عدلكم أو روم عدولكم (وَإِنْ تَلْوُوا) مساحلكم حال أداء الكلام وإعلاء السداد ، ورووه مع واو واحد وحرّكوا اللام ح (أَوْ تُعْرِضُوا) عمّا أمره اللّه وهو إعلام السداد لسوء معادكم (فَإِنَّ اللَّهَ كانَ) دواما (بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) ( 135 ) عالما لكلّ معلوم سرّا وحسّا .
( يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا الكلام مع أهل الإسلام أو مع أهل الطرس أو مع أهل الولع (آمَنُوا) داوموا إسلامكم أو أكملوه أو أسلموه روعا (بِاللَّهِ) وأوامره (وَرَسُولِهِ) محمّد ( ص ) وأحكامه (وَالْكِتابِ) كلام اللّه (الَّذِي نَزَّلَ) أرسل اللّه ورووه لا معلوما (عَلى رَسُولِهِ) محمّد المرسل (وَالْكِتابِ) الطرس عموما (الَّذِي أَنْزَلَ) أرسل لإعلاء الرسل ورووه لا معلوما (مِنْ قَبْلُ) عهدا مرّ أمامكم (وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ) الواحد الصمد (وَمَلائِكَتِهِ) الكرام (وَكُتُبِهِ) طروسه المرسل كلّها المعلوم سدادها
----------
لهما (فلا تتبعوا الهوى) في شهادتكم إرادة (أن تعدلوا) عن الحق أو كراهة العدل بين الناس (وإن تلووا) السنتكم وتحرفوا الشهادة (أو تعرضوا) عن إقامتها (فإن الله كان بما تعملون خبيرا) فيجازيكم به .
(يا أيها الذين ءامنوا) في الظاهر أو نفاقا أو حقيقة أو الخطاب لمؤمني أهل الكتاب ابن سلام وأصحابه إذ قال يا رسول الله نؤمن بك وبكتابك وبموسى والتوراة وعزير ونكفر بما سواه فنزلت (ءامنوا) في الباطن أو اثبتوا أو أخلصوا فيه أو آمنوا إيمانا عاما (بالله ورسوله والكتاب) القرآن (الذي نزل) منجما بالبناء للفاعل والمفعول (على رسوله والكتاب) أي جنسه (الذي أنزل) جملة وفيه القراءتان (من قبل) قبل محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) (ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله
ص: 84
(وَرُسُلِهِ) الأكارم كلّهم ولهم آدم وحماداهم محمّد صلعم (وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) معاد الكلّ الموعود لإحصاء الأعمال (فَقَدْ ضَلَّ) سواء الصراط (ضَلالًا بَعِيداً) ( 136 ) ممدودا لا أمل لعوده .
(إِنَّ) الهود (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا لرسول كلّمه اللّه (ثُمَّ كَفَرُوا) لما ألهوا ولد الأطوم (ثُمَّ) هادوا و (آمَنُوا) أسلموا لرسولهم لمّا أكمل موعد الطور وعاد (ثُمَّ كَفَرُوا) وما أسلموا لروح اللّه (ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً) صدّا وعدم إسلام لمحمّد صلعم وأصرّوا وداوموا أو المراد رهط أسلموا وعادوا وردّوا الإسلام مرارا وأصرّوا صلاحا وعدولا (لَمْ يَكُنِ اللَّهُ) الملك العدل (لِيَغْفِرَ لَهُمْ) آصارهم (وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا) ( 137 ) مسلك السداد .
(بَشِّرِ) هوّل وأصله الإعلام السارّ أورده محلّه هرطا (الْمُنافِقِينَ) الأعداء سرّا (بِأَنَّ لَهُمْ) معادا (عَذاباً أَلِيماً) ( 138 ) مولما .
هم (الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ) الأعداء سرّا وحسّا (أَوْلِياءَ) أهل الوداد والولاء (مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) وراء أهل الإسلام لوهمهم الطول والحول لهم ورأوا لا دوام لأمر محمّد صلعم (أَ يَبْتَغُونَ) الأعداء الأوّل (عِنْدَهُمُ) أهل
----------
واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا) عن الحق .
(إن الذين ءامنوا) كاليهود آمنوا بموسى (ثم كفروا) بعبادة العجل (ثم ءامنوا) بعد ذلك (ثم كفروا) بعيسى (ثم ازدادوا كفرا) بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) أو المنافقون تكرر منهم الإرتداد سرا بعد إظهار الإيمان ثم أصروا على الكفر (لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا) إلى الجنة أو لا يلطف بهم .
(بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما) بشارة تهكم .
(الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون) يطلبون (عندهم العزة) القوة والمنعة
ص: 85
الولاء لودادهم (الْعِزَّةَ) إمدادهم وعلوّ أمرهم (فَإِنَّ الْعِزَّةَ) والعلوّ والألوّ (لِلَّهِ) ولأهل ودّه كالرسول صلعم وأهل الإسلام (جَمِيعاً) ( 139 ) طرّا لا للأعداء .
(وَقَدْ نَزَّلَ) أرسل اللّه ، ورووه لا معلوما (عَلَيْكُمْ) أهل الإسلام (فِي الْكِتابِ) كلام اللّه (أَنْ) طرح اسمه (إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ) كلام (اللَّهِ) ودوالّ أوامره وأحكامه (يُكْفَرُ بِها) مدلولها وهو حال (وَيُسْتَهْزَأُ بِها) لهوا لعدّهم كلام محمّد صلعم ، وهو حال (فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ) وأهملوهم ودعوهم (حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) كلام ما عدا العدول والإلهاد مع كلام اللّه (إِنَّكُمْ) أهل الإسلام (إِذا) حال الوصول معهم (مِثْلُهُمْ) كهؤلاء لهوا وسواء ، وحّده لما هو كالمصدر (إِنَّ اللَّهَ) الملك العدل (جامِعُ الْمُنافِقِينَ) أهل الإسلام ولعا وادعاء (وَالْكافِرِينَ) معا (فِي) درك (جَهَنَّمَ
----------
بموالاتهم (فإن العزة لله جميعا) لا يعز إلا أولياءه .
(وقد نزل عليكم في الكتاب) القرآن وقرىء بالبناء للفاعل والمفعول (أن) أنه (إذا سمعتم ءايات الله) القرآن (يكفر بها ويستهزأ بها) حالان من الآيات (فلا تقعدوا معهم) مع الكافرين والمستهزءين (حتى يخوضوا في حديث غيره) وروي إذا سمعتم الرجل يجحد الحق ويكذب به ويقع في أهله فقوموا من عنده ولا تقاعدوه (إنكم إذا) بترك الإنكار (مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا) القاعدين والمقعود معهم .
(الذين) بدل من الذين يتخذون أو صفة للمنافقين والكافرين أو ذم منصوب أو مرفوع (يتربصون) ينتظرون (بكم) وقوع أمر (فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم) مجاهدين فأعطونا من الغنيمة (وإن كان للكافرين
ص: 86
جَمِيعاً ) ( 140 ) كلّهم معادا لوام كل واحد مطوه حالا .
(الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ) هو الرصد والمراد هم الرصد علوّكم ووسعكم أو كسركم وحطّكم (فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ) إسعاد وإمداد (مِنَ اللَّهِ) وكرمه (قالُوا أَ لَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ) إسلاما وعماسا أعطوا سهما ممّا حصل لكم (وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ) سهم ماصل أراد علوّهم (قالُوا) للأعداء (أَ لَمْ نَسْتَحْوِذْ) سطوا ساطعا (عَلَيْكُمْ) حال عماس أهل الإسلام معكم (وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) صولهم وحمسهم وحاصل الكلام مكرهم وولعهم معكم ومعهم لطمع المال (فَاللَّهُ) الملك الحكم العدل (يَحْكُمُ) حكما عدلا (بَيْنَكُمْ) أهل الإسلام والأعداء (يَوْمَ الْقِيامَةِ) وهو معاد الكلّ ومحلّ إحصاء الأعمال ، وح موردكم دارالسلام ودارهم الدرك (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ) معادا كما دلّ أوّل الكلام (لِلْكافِرِينَ) العدّال (عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) أهل الإسلام (سَبِيلًا) ( 141 ) مسلكا لعلوّهم وسطوهم .
(إِنَّ) الرهط (الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ) هم معاملوه كما عامل الماكر وهو إعلاء ما هو وراء أسرارهم أو المراد معاملو أهل وداده أورد اسمه إكراما لهم (وَهُوَ خادِعُهُمْ) عامل عملهم لما أمهلهم وعصم دماءهم وأموالهم حالا ، وأعدّ لهم الدرك والآلام معادا (وَ) هم (إِذا) كلّما (قامُوا إِلَى
----------
نصيب) من الظفر (قالوا) لهم (ألم نستحوذ) نستولي (عليكم) ونقدر على قتلكم فأبقينا عليكم (ونمنعكم من المؤمنين) بتخذيلهم عنكم وإفشاء أسرارهم إليكم فأعطونا مما أصبتم (فالله يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) أي حجة أو يوم القيامة .
(إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم) فسر في البقرة (وإذا قاموا إلى
ص: 87
الصَّلاةِ) مع أهل الإسلام (قامُوا كُسالى) مع الكسل والكره كلّما رآهم أحد صلّوا وإلّا عدلوا وما صلّوا كما ورد (يُراؤُنَ النَّاسَ) مرادهم اطّلاعهم وهو حال (وَ) هم (لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا) ( 142 ) مسحلا لا سرّا ومرومهم الطمع والحطام .
(مُذَبْذَبِينَ) ردّدوا وحاروا ، وهو حال (بَيْنَ ذلِكَ) الصلاح والطلاح (لا إِلى هؤُلاءِ) لا مع رهط الإسلام كلّا (وَلا إِلى هؤُلاءِ) ولا مع رهط الأعداء كلّا (وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ) سواء الصراط (فَلَنْ تَجِدَ) محمّد ( ص ) (لَهُ سَبِيلًا) ( 143 ) مسلكا لهداه .
( يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ) الأعداء (أَوْلِياءَ) أهل ولاء ووداد (مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) وراء أهل الإسلام لما هو عمل أهل الولع والمكر (أَ تُرِيدُونَ) أهل الإسلام (أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ) معادا (عَلَيْكُمْ) آصاركم (سُلْطاناً مُبِيناً) ( 144 ) دالّا ساطعا
----------
الصلاة قاموا كسالى) متثاقلين (يراءون الناس) في صلاتهم ليحسبوهم مؤمنين (ولا يذكرون الله) بالتسبيح ونحوه أو لا يصلون (إلا قليلا) إذ لا يفعلونه إلا بحضرة من يراءونه أو لا يذكرون في الصلاة غير التكبير وما يجهر به .
(مذبذبين بين ذلك) مترددين بين الإيمان والكفر من الذبذبة وهو جعل الشيء مضطربا وأصله بمعنى الطرد (لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء) لا صائرين إلى المؤمنين بالكلية ولا إلى الكافرين (ومن يضلل الله) يمنعه اللطف بسوء اختياره (فلن تجد له سبيلا) إلى الحق .
(يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين) كصنع المنافقين فتكونوا مثلهم (أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا) حجة
ص: 88
ولمّا لا معا وهو ولاءكم مع الأعداء .
(إِنَّ) الرهط (الْمُنافِقِينَ) ورودهم (فِي الدَّرْكِ) ورووه كالسّطر والسّطر محرك الوسط ولا محرّكا (الْأَسْفَلِ) المسعر الأحطّ (مِنَ النَّارِ) الموعود ورودها للطلّاح (وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً) ( 145 ) ممدّا رادّا لآصارهم .
(إِلَّا) الملأ (الَّذِينَ تابُوا) آلوا مما عملوا (وَأَصْلَحُوا) ما اطلحوا سرّا وحسّا (وَاعْتَصَمُوا) أمسكوا (بِاللَّهِ) أوامره وأحكام رسوله كما أحكم كمّل أهل الإسلام (وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ) إسلامهم (لِلَّهِ) لا للأهواء والأطماع وما أرادوا إلّا مراده (فَأُولئِكَ) الأوّال الصلحاء (مَعَ الْمُؤْمِنِينَ) ولهم أصل الوداد معهم حالا ومآلا (وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ) ورهطا معهم كما وعدهم أمما (أَجْراً عَظِيماً) ( 146 ) وهو دوام السرور معادا .
( ما يَفْعَلُ اللَّهُ) الملك العدل (بِعَذابِكُمْ) وما مراده إصركم (إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ) لو سطع حمدكم لمكارمه ولاح طوعكم وإسلامكم اللّه (وَكانَ اللَّهُ) دواما (شاكِراً) سامعا لمحامدكم له (عَلِيماً) ( 147 ) عالما لأحوال إسلامكم وأسرار صدوركم .
----------
واضحة إذ موالاتهم دليل النفاق أو سبيلا إلى عذابكم .
(إن المنافقين في الدرك) الطبق (الأسفل من النار) في قعر جهنم (ولن تجد لهم نصيرا) ينقذهم منه .
(إلا الذين تابوا) من نفاقهم (وأصلحوا) نياتهم (واعتصموا بالله) وثقوا به (وأخلصوا دينهم لله) بلا رياء وسمعة (فأولئك مع المؤمنين) رفقاؤهم في الدارين (وسوف يؤتي الله المؤمنين أجرا عظيما) فيشاركونهم فيه .
(ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وءامنتم) يستجلب به نفعا أو يدفع ضرا كلا وإنما عقاب المسيء هو سوء عمله عانقه (وكان الله شاكرا) يعطي الكثير بالقليل (عليما) بما يستحقونه .
ص: 89
( لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ) الإعلاء ولا الإسرار والإعلاء أسوأ وأكره (بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ) الكلام السوء (إِلَّا) إعلاء (مِنَ) أحد (ظُلِمَ) حدل والمراد ما ساء للمحدول ردّ مطو كلام الحادل ، أو دعاء السوء علاه وادّكار حدله صدد أهل العالم ، أرسله اللّه لمّا ورد مرء رهطا وما أطمعوه ووصمهم ولاموه له (وَكانَ اللَّهُ) لك العدل دواما (سَمِيعاً) سامعا لدعاء المحدول (عَلِيماً) ( 148 ) عالما حدل الحادل .
(إِنْ تُبْدُوا) محلّ إعلاء السوء (خَيْراً) عملا محمودا وكلاما حاملا للصلح والصلاح (أَوْ تُخْفُوهُ) العمل المحمود والكلام المسطور ، ورد المراد إعطاء المال إعلاء أو سرّا اطّوّعا (أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ) محوا وطمسا كملا وهو المراد وإعلام إعلاء العمل المحمود أو أسراره ممهّد له كما دلّ علاه (فَإِنَّ اللَّهَ كانَ) دواما (عَفُوًّا قَدِيراً) ( 149 ) محّاء للآصار مع كمال حوله والوّه ، وح المحو أصلح لحالكم ، أحلّ اللّه للمحدول إعلاء السوء السوء أوّلا وأو ما هو أصلح له حملا له لمكارم الإملاء وأكارم الأعمال ، وهو ماح لاصركم معادا أوس محوكم إصر الحادل .
(إِنَّ) الملأ (الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ) أمره وأحكامه (وَرُسُلِهِ) اللّاءوا
----------
(لا يحب الله الجهر بالسوء من القول) الشتم في الانتصار وغيره (إلا من ظلم) إلا جهر من ظلم بأن يشكو ظالمه ويدعو عليه (وكان الله سميعا) للأقوال (عليما) بالأفعال .
(إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء) مع قدرتكم على الانتقام من دون جهر بالسوء من القول (فإن الله كان عفوا) عن الجاني (قديرا) عليه فتخلقوا بأخلاق الله .
ص: 90
أرسلهم اللّه للإصلاح وهو إعلام لحاصل عملهم لردّهم الرسل كلّهم حال ردّهم أحدهم (وَيُرِيدُونَ) لطلاح صدورهم وسوء أسرارهم (أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ) مرسل الرسل (وَ) ملأ (رُسُلِهِ) إسلاما لما اسلموا للّه وردّوا رسله أو المراد ما أدّاه (وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ) وهو رسولهم (وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ) وهو رسل سواه ، والكلام عامّ لكلّ رهط ردّوا رسولا كالهود ردّوا إرسال روح اللّه ومحمّد صلعم وكلام اللّه المرسل لهما ، وكرهط روح اللّه ردّوا ألوك محمد صلعم وكلام اللّه المرسل له (وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا) ولعا وطلاحا (بَيْنَ ذلِكَ) وسط الإسلام والردّ (سَبِيلًا) ( 150 ) مسلكا ولا وسط لهما لما لا إسلام مع الردّ لرسله والردّ لأحدهم ردّ لكلّهم .
كما أرسل اللّه لإعلام أعمال رهط هود وعصوا رسله وهم ما عصوا إلّا هودا (أُولئِكَ) الرهط الطّلاح (هُمُ) لا سواهم (الْكافِرُونَ) كاملوهم ردّا لأمر اللّه ولا حاصل لإسلامهم لرسولهم مع ردّهم رسلا سواه (حَقًّا) سدادا وهو مصدر مؤكّد لمدلول الكلام الأوّل (وَأَعْتَدْنا) أعدّ اللّه مآلا (لِلْكافِرِينَ) كلّهم كمّلهم ووكّسهم (عَذاباً مُهِيناً) ( 151 ) إصرا أسوأ .
(وَ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (بِاللَّهِ) وأوامره (وَرُسُلِهِ) كلّهم
----------
(إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله) بأن يؤمنوا بالله ويكفروا برسله (ويقولون نؤمن ببعض) من الرسل (ونكفر ببعض) منهم (ويريدون أن يتخذوا بين ذلك) أي الإيمان والكفر (سبيلا) طريقا إلى الضلالة .
(أولئك هم الكافرون) كفرا (حقا) ثابتا (وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا) لهم أقيم الظاهر مقام الضمير للعلة .
(والذين ءامنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم)
ص: 91
وأحكامهم كلّها (وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ) إسلاما وهو عام للواحد وما سواه لوروده وراء لم (مِنْهُمْ) الرسل (أُولئِكَ) كمّل أهل الإسلام (سَوْفَ) مؤكّد للوعد ومدلوله حصول الموعود لا محال ولو وراء المدد .
(يُؤْتِيهِمْ) أعطاهم اللّه معادا (أُجُورَهُمْ) الموعود لهم أداؤها أوس أعمالهم (وَكانَ اللَّهُ) دواما (غَفُوراً) محّاء لآصارهم ومعارّهم (رَحِيماً) ( 152 ) كامل رحم لهم .
(يَسْئَلُكَ) رسول اللّه (أَهْلُ الْكِتابِ) علماء الهود وهم سألوا رسول اللّه إرسال طرس كلّا ، وورد سألوا إرسال طرس محرّر رسمه أهل السماء ومرسمه الألواح كما أرسل لرسولهم ، أو طرس احسّوه حال وروده أو طرس أرسل الأهم وأعلمهم ألوكك روما لألوه ووكله ، ولو سألوه سدادا وصلاحا لأرسلهم اللّه وأعطاهم كما هو مسئولهم ومأمولهم لما إرسال كلام اللّه كلّا ما هو عسر (أَنْ تُنَزِّلَ) إرسالك (عَلَيْهِمْ) أهل الطرس (كِتاباً) مرسوما مسطور الألواح طرّا (مِنَ) مصاعد (السَّماءِ) كما أعطاهم رسولهم ولو دهاك لسؤالهم المعهود هكرا (فَقَدْ سَأَلُوا) المراد ولّادهم اللاؤا راحوا مع رسولهم سدو الطور ، وهم لمّا سلكوا مسالكهم وردّوا صرطهم وطاوعوا أوامرهم وسلّموا أموالهم صاروا كما سألوا (مُوسى) رسولهم (أَكْبَرَ) أصعد حالا وأسوأ سؤالا
----------
بالنون والياء (أجورهم وكان الله غفورا) لزلاتهم (رحيما) بهم .
(يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء) سأله أحبار اليهود أن يأتيهم بكتاب من السماء جملة كما أتى به موسى أو كتابا مكتوبا من السماء كما كانت التوراة على الألواح أو كتابا إلينا بأعياننا بأنك رسول الله (فقد سألوا موسى أكبر من ذلك) جواب شرط مقدر أي إن استعظمت ذلك فقد سألوا موسى
ص: 92
(مِنْ ذلِكَ) ما سألوك (فَقالُوا) سؤالا لألو رسولهم (أَرِنَا اللَّهَ) الواحد الأحد (جَهْرَةً) حسّا وصراحا والمراد محسوسا ومدركا صراحا ، وهو مصدر أو حال (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ) الإصر المهلك لهم أو الساعور وأهلكهم (بِظُلْمِهِمْ) حدلهم وسؤالهم لما هم سألوا الإحساس وراء محلّه ، ومحل الإحساس هو دارالسلام ، أو مرادهم ألو رسول اللّه صلعم كما مرّ لا سؤال الإحساس عموما لما لا عسر له كإرسال كلام اللّه كلّا وإلّا لحلّ رسولهم ما وصلهم لمّا سأل الإحساس (ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ) إلها لهم (مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ) وردهم (الْبَيِّناتُ) دوالّ أمر اللّه وسواطع حكمه (فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ) الإصر وما اصطلموا لما هادوا سدادا (وَآتَيْنا) رسولهم (مُوسى سُلْطاناً) دالّا (مُبِيناً) ( 153 ) ساطعا لإرساله وإكرامه أو سطوا لامعا لمّا أمرهم إهلاك آحادهم هودا وعمّا عطوا ولد الاطوم إلها وهم أطاعوه .
(وَرَفَعْنا فَوْقَهُمُ) وسط الهواء (الطُّورَ) الطود المعلوم سموكا مهدّدا ومهوّلا علّله (بِمِيثاقِهِمْ) أحكام عهدهم (وَقُلْنا) لرسولهم والطور مطلّهم مر (لَهُمُ ادْخُلُوا الْبابَ) مورد المصر (سُجَّداً) ركّعا وهم عدلوا (وَقُلْنا) لداود الرسول هدّد وكلّم (لَهُمْ لا تَعْدُوا) الحدّ المحدود المأمور وهو مصطاد
----------
أعظم منه (فقالوا أرنا الله جهرة) عيانا (فأخذتهم الصاعقة) نار نزلت فأهلكتهم (بظلمهم) وهو سؤالهم المستحيل (ثم اتخذوا العجل) إلها (من بعد ما جاءتهم البينات) على التوحيد (فعفونا عن ذلك) بترك استئصالهم (وءاتينا موسى سلطانا مبينا) عليهم إذ أمرهم بقتل أنفسهم توبة فأطاعوه .
(ورفعنا فوقهم الطور) الجبل (بميثاقهم) بسببه ليخافوا فلا ينقضوه (وقلنا لهم) وهو مطل عليهم (ادخلوا الباب سجدا وقلنا لهم لا تعدوا في
ص: 93
السمك (فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ) لطرح العداء (مِيثاقاً) عهدا (غَلِيظاً) ( 154 ) مؤكّدا .
وهم كسروه (فَبِما) « ما » مؤكّدا لمدلول الكلام والمراد عوملوا ما عوملوا لصدور (نَقْضِهِمْ) كسرهم (مِيثاقَهُمْ) عهدهم وعركهم السمك (وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللَّهِ) ردّهم دوالّ أوامر رسوله أو كلام اللّه أو طرسهم (وَقَتْلِهِمُ) إهلاكهم (الْأَنْبِياءَ) الرسل (بِغَيْرِ حَقٍّ) أمر محلّل دعاءهم (وَقَوْلِهِمْ) كلامهم لمحمّد رسول اللّه صلعم (قُلُوبُنا غُلْفٌ) أكمام والمراد موارد للعلوم ومحالّ ملاءها مكارم الأمور أو أحاطها أطرّ وسدول ما وصلها ادّكار وعلم أصلا (بَلْ طَبَعَ اللَّهُ) سدّ وأحكم (عَلَيْها) وأعماها (بِكُفْرِهِمْ) وحرّمها العلم والادّكار وهو ردّ لكلامهم (فَلا يُؤْمِنُونَ) لأوامر اللّه وأحكامه (إِلَّا) رهطا (قَلِيلًا) ( 155 ) ك « ولد سلام » ورهطه أو إسلاما ماصلا لا حاصل له لوكسه .
(وَ) أعماها أو عوملوا ما عوملوا (بِكُفْرِهِمْ) وردّهم رسوله روح اللّه كردّ إعلاما لصدوره مكرّرا لما ردّوا الرسل مرارا عصرا ردّوا رسولهم ، وعصرا روح اللّه وعصرا محمّدا رسول اللّه صلعم (وَقَوْلِهِمْ) كلامهم الولع (عَلى
----------
السبت) بأخذ الحيتان (وأخذنا منهم ميثاقا غليظا) وثيقا على ذلك فنقضوه .
(فبما نقضهم ميثاقهم) أي فخالفوا ونقضوا ففعلنا بهم ما فعلنا بسبب نقضهم (وكفرهم بآيات الله) المصدقة لرسله (وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف) في غلاف لا تعي قولك (بل طبع الله عليها) منعها لطفه (بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا) منهم أو إيمانا ناقصا .
(وبكفرهم) بعيسى (وقولهم على مريم بهتانا عظيما) من أنها حملت
ص: 94
مَرْيَمَ) المطهّر سرّها (بُهْتاناً) ولعا (عَظِيماً) ( 156 ) أسوأ وأعسر وهو هورها عهرا .
(وَقَوْلِهِمْ) وئاما وسمودا (إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ) سمّاه لما مسحه الملك وهو الممسوح أو لما مسح الأعلّاء كالأكمه والأسوأ وصحّوا وهو الماسح (عِيسَى) وهو اسمه أصلا (ابْنَ مَرْيَمَ) ولدها الأطهر (رَسُولَ اللَّهِ) هم ما علموه رسولا ، وأوردوه الهادا أو لوهمه رسول اللّه أو هو كلام اللّه لا كلامهم أورده اللّه لمدحه ، أو أرسل كلاما مادحا محلّ ما أوردوا كلاما سوءا وأرسل اللّه ردّا لوهمهم (وَما قَتَلُوهُ) روح اللّه (وَما صَلَبُوهُ) كما وهموا (وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) حوّل ردأه أو عدوّه معدلا له كما رووا عرك الهود ، ووصموا روح اللّه وأمّه ، ولمّا دعا اللّه وسأل طردهم وردّهم حوّل اللّه صورهم وهم صاروا أساوئ الصور ، وأراد الهود مصعه وإهلاكه ، وأعلمه اللّه سمكه وإعلاءه عالم العلو ومصاعد السماء ، وكلّم رهطه وطوّعه هل لأحدكم وحوّل طلله وسواده كطلل رسوله ووصوله دارالسلام ، وسمع وأطاع أحدهم وحوّل طلله كطلل روح اللّه وصعد روح اللّه مصاعد السماء وأهلكوا محوّل الطلل وعملوا ما أرادوا ، وورد لمّا أرادوا إهلاكه كلّم امرؤ أسلم مسحلا وردّ روعا ألا أدلّكم علاه ، وورد محلّ روح اللّه ومأواه وسمك روح اللّه وحوّل طلل العدوّ معادلا لطلل روح اللّه ووهموه هو وأهلكوه وعاملوه ما راموا (وَإِنَّ) الهود (الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ) أمر روح اللّه هل هو الهالك أم لا ؟ ، كلّم رهط هو هو وروائه معادل روح اللّه وما سواه معادل
----------
بعيسى من رجل نجار اسمه يوسف .
(وقولهم) اجتراء على الله وافتخارا (إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله) أي بزعمه (وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم) مر في آل عمران «آیة 55» (وإن الذين اختلفوا فيه) فمن قائل رفع إلى
ص: 95
لعدوّه ، ورهط سمعوا سمكه حكموا سمكه اللّه مصاعد السماء ، ورهط وهموا أهلك طلله وصعد روحه ، أو المراد رهط سمّوه إلها وولده (لَفِي شَكٍّ) مسماس وعمّه (مِنْهُ) إهلاكه (ما لَهُمْ) للهود (بِهِ) روح اللّه وإهلاكه (مِنْ عِلْمٍ) ولو ماصلا والعلم الحكم المؤكد أو هو عامّ للحكم الواطد والوهم والعمة (إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ) طوعه والمراد ما هم طوّعا إلّا للوهم وإلّا للحسم أو للوصل (وَما قَتَلُوهُ) أهلكوه إهلاكا (يَقِيناً) ( 157 ) كما وهموه أو هو حال مؤكّد لعدم الإهلاك .
(بَلْ) ردّ وروع لإهلاكه وإحكام لسمكه (رَفَعَهُ) أعلاه (اللَّهُ إِلَيْهِ) محلّ أمره وحكمه وحده أو السماء ، (وَكانَ اللَّهُ) دواما (عَزِيزاً) له السطو والعلوّ أمر كما أراد (حَكِيماً) ( 158 ) لأمره وسمكه روح اللّه اسرار وحكم .
(وَإِنْ) ما (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) الهود ورهط روح اللّه أحد (إِلَّا) واللّه (لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ) روح اللّه وإرساله أو اللّه أو محمّد ( ص ) (قَبْلَ مَوْتِهِ) أحد مرّ أو روح اللّه وهو إسلامه له حال وصول الروح حدّ وداع الطلل أو إسلامه وإحساسه
----------
السماء وآخر قتلناه وثالث صلب الناسوت وصعد اللاهوت (لفي شك منه) لالتباس الأمر عليهم (وما لهم به من علم إلا اتباع الظن) منقطع أي لكنهم يتبعون الظن (وما قتلوه يقينا) قتلا يقينا كما زعموا أو متيقنين أو هو تأكيد للنفي .
(بل رفعه الله إليه) عرج به إلى بقعة من بقاع سماواته (وكان الله عزيزا) لا يقهر (حكيما) فيما يدبر .
(وإن) وما (من أهل الكتاب) أحد (إلا ليؤمنن به) بعيسى حين ينزل إلى الدنيا (قبل موته) موت عيسى أو قبل موت الكتابي حين يعاين ولا ينفعه إيمانه وروي: ليؤمنن بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) قبل موت الكتابي
ص: 96
إصر المعاد ، ولا حاصل لإسلامهم ح لروح اللّه حال حطوطه كما ورد لمّا حطّ روح اللّه حال ورود الأعور المطرود وأهلكه وأطاع أوامر محمّد صلعم وأحكامه أسلم له أهل الملل كلّهم وصاروا طوّعا للإسلام وطاوعوا ما أرسل محمّد صلعم (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ) الموعود المعاد للكلّ (يَكُونُ) روح اللّه أو محمّد صلعم (عَلَيْهِمْ) أهل الطرس (شَهِيداً) ( 159 ) عدلا وهو إعلامه معادا ردّه الهود ورهطه دعوه ولد اللّه .
(فَبِظُلْمٍ) حدل كامل صادر (مِنَ) الملأ (الَّذِينَ هادُوا) هم الهود وهو ما عدّد أمامه (حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ) مآكل ومطاعم أطهارا واردا ادّكارها وعدّها وراء أمما (أُحِلَّتْ) أولا لك المآكل الأطهار (لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ) ردعهم (عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) صراط السداد ومسلك الصلاح وهو الإسلام رهطا أو صدّا (كَثِيراً) ( 160 ) لا عدّ لهم أو لا حدّ له .
(وَأَخْذِهِمُ) مال (الرِّبَوا) الرماء (وَ) الحال (قَدْ نُهُوا) وصدّوا (عَنْهُ) الرهاء وهو محرّم علاهم كما حرّم لرهط محمّد صلعم والردع للإحرام (وَأَكْلِهِمْ) وإمساكهم (أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ) كالإدلاء والإسلال للحكام ، وكلّ ما حرّمه اللّه (وَأَعْتَدْنا) إعدادا (لِلْكافِرِينَ) أعداء الإسلام
----------
(ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا) بكفر اليهود وغلو النصارى فيه .
(فبظلم) عظيم (من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم) أي لحوم الأنعام إشارة إلى ما مر من قوله وعلى الذين هادوا حرمنا (وبصدهم عن سبيل الله) أناسا أو صدا (كثيرا) .
(وأخذهم الربوا وقد نهوا عنه) في التوراة ويدل على أن النهي للتحريم (وأكلهم أموال الناس بالباطل) بالرشى والربا ونحوهما (وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما
ص: 97
(مِنْهُمْ) هؤلاء الهود (عَذاباً أَلِيماً) ( 161 ) مؤلما معادا .
(لكِنِ الرَّاسِخُونَ) أولو الوطود (فِي الْعِلْمِ) الموصول مع العمل (مِنْهُمْ) أهل الطرس ك « ولد سلام » وطوّعه (وَالْمُؤْمِنُونَ) مسلموهم أو أهل الإسلام كلّهم وهو محكوم محموله (يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ) أرسل (إِلَيْكَ) محمّد ( ص ) طرسك المسدّد المكرّم (وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) طروس رسل مرّوا ورحلوا أمامك (وَ) امدح (الْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ) لطولها أو هو مكسور موصول مع ما ، وح المراد الرسل كلّهم وهم صلّوا مع الأمم (وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ) كما أمرها اللّه ، وهو صدر كلام ومحكوم علاه (وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) وحده إسلاما كاملا (وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) موعود الكلّ ومعادهم أورد الإسلام للرسل والطروس وما سدّده ممّا صلّوا وأعطوا أوّلا لما هو المراد (أُولئِكَ) الملأ (سَنُؤْتِيهِمْ) واسمح لهم هو محمول « أولاء » وهو مع محموله محمول المحكوم الأوّل (أَجْراً عَظِيماً) ( 162 ) هو دارالسلام وسروره لما صحّ إسلامهم وصلح عملهم .
----------
لكن الراسخون في العلم) الثابتون في علم التوراة (منهم) كابن سلام وأصحابه (والمؤمنون) من المهاجرين والأنصار (يؤمنون) بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك (والمقيمين الصلاة) نصب على المدح أو عطف على ما نزل إليك ويراد بهم الأنبياء والأئمة (والمؤتون الزكاة) عطف على الراسخون أو مبتدأ والخبر أولئك (والمؤمنون بالله واليوم الآخر) بالمبدإ والمعاد (أولئك سنؤتيهم) بالنون والياء (أجرا عظيما) على إيمانهم وعملهم .
ص: 98
(إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) محمّد ( ص ) ردّ لأهل طرس سألوا رسول اللّه ورود طرس محرّر وإعلام لهم أمره كأمر رسل مرّ عهدهم (كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ) رسول اللّه (وَالنَّبِيِّينَ) الرسل (مِنْ بَعْدِهِ) ك « هود » و « صالح » وما عداهما (وَ) كما (أَوْحَيْنا إِلى) ولّادك الكرام (إِبْراهِيمَ) رسول اللّه (وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ) هما ولداه (وَيَعْقُوبَ) ولد ولده (وَالْأَسْباطِ) أولاده (وَعِيسى) روح اللّه (وَأَيُّوبَ) حمّال معاسر اللّه وكرّاع مكارهه كأكل الدود له (وَيُونُسَ) مورود الداماء وملهوم السمك (وَهارُونَ) ردء رسول الهود ومولاه (وَسُلَيْمانَ) ملك ملك ما ملكه أحد (وَآتَيْنا) والده (داوُدَ) رسول اللّه عامل الدرع وسارده طرسا (زَبُوراً) ( 163 ) وهو اسمه مسطر المحامد والمكارم للّه وما هو مورد الأوامر والأحكام .
(وَرُسُلًا) معمول عامل مطروح كأرسل دلّ علاه ما مدلوله الإلهام أو عامله ما سرّحه (قَدْ قَصَصْناهُمْ) أحوالهم (عَلَيْكَ) محمّد رسول اللّه صلعم (مِنْ قَبْلُ) أمام الحال (وَرُسُلًا) كراما (لَمْ نَقْصُصْهُمْ) أحوالهم وأطوارهم (عَلَيْكَ) لما سأل أحد الرحماء رسول اللّه صلعم كم الرسل حاوره وأعلم أعدادهم وكلّم أوّلهم آدم ومداهم رسولكم محمّد ( ص ) ، وممّا دلّ علاه الكلام لو أسلم أحد للرسل عموما وما علم كلّهم واحدا واحدا صحّ إسلامه وإلّا لأعلم
----------
إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسبأط) أولاده (وعيسى وأيوب ويونس وهرون وسليمان) خصوا بالذكر بعد التعميم للتعظيم (وءاتينا داود زبورا) .
(ورسلا) أرسلنا رسلا (قد قصصناهم عليك من قبل) قبل ذلك اليوم (ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما) بلا واسطة
ص: 99
اللّه الرسل كلّهم (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى) رسول اللّه (تَكْلِيماً) ( 164 ) صراحا وما وسط أحدا وهو أمد مراهص ما أوحاه وأعلاها وهو ممّا سمّ معه ، وكرّم اللّه محمدا صلعم وأعطاه ما أعطاه للرسل كلّهم .
(رُسُلًا) أمدح رسلا أو حال أو معمول عامل كما مرّ (مُبَشِّرِينَ) لأهل الطوع والصلاح (وَمُنْذِرِينَ) لأهل العدول والطلاح وإرسالهم (لِئَلَّا يَكُونَ) مآل الأمر (لِلنَّاسِ) كلّهم (عَلَى اللَّهِ) الملك العدل (حُجَّةٌ) كلام أدلّاء ومراء (بَعْدَ) إرسال (الرُّسُلِ) وهو ككلامهم لولا أرسل رسول للإصلاح واعلام ما لا درك له أصلا إلّا سمعا ، والكلام ممّا أعلم لسوم إرسال الرسل لإصلاح العالم لوكس الكلّ ممّا أدركوا مصالح الأمور والمهام (وَكانَ اللَّهُ) دواما (عَزِيزاً) لا رادّ لما أمره (حَكِيماً) ( 165 ) عالما لمصالحهم لما أرسل الرسل للرّوع .
ولمّا ردّ الهود ألوك محمّد رسول اللّه ( ص ) ، ومروه مالكه حال ما سألهم رؤساء أمّ رحم عمّا أرسل لرسولهم أواسط طرسه محامد محمّد صلعم ومعالم ألوكه ، ردّهم اللّه وأورد ما لهم علم (لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ) إرسالا للسواطع والدوالّ لإحكام أمرك وإعلاء دعواك (بِما أَنْزَلَ) أرسله (إِلَيْكَ) وهو كلام
----------
(رسلا) نصب على المدح أو بإضمار أرسلنا (مبشرين) بالثواب للمطيعين (ومنذرين) بالعقاب للعاصين (لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل) فيقولوا لو لا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين (وكان الله عزيزا) لا يقهر (حكيما) فيما يدبر .
(لكن الله يشهد بما أنزل إليك) من القرآن إن لم يشهد الكفار
ص: 100
اللّه الأكمل المعلّم لإرسالك (أَنْزَلَهُ) أرسله موصولا (بِعِلْمِهِ) الأكمل ، وهو علم أداء الكلام مسرودا حاملا لأسرار الكلّ وأحكام أساس السور مرصّصا ، لو سمعه ملوك الكلام حاروا وما اسطاعوا أداء كلام مطوه ، ولو أسعد آحادهم آحادا ، أو علم حال محمّد صلعم هو أهل للألوك وإرسال الملك والطرس ، أو علم مصالح العالم حالا ومآلا (وَالْمَلائِكَةُ) الكرام (يَشْهَدُونَ) لك ولإرسالك ومكارمك (وَكَفى بِاللَّهِ) اللّه (شَهِيداً) ( 166 ) لسداد أمرك وعلوّ حكمك .
(إِنَّ) الهود (الَّذِينَ كَفَرُوا) ردّوا أوامر محمّد رسول اللّه صلعم (وَصَدُّوا) دعوا أرهاطا سواهم (عَنْ) سلوك (سَبِيلِ) وصول (اللَّهِ) وأمره وهو الإسلام لكلامهم ما أرسل محامد محمّد صلعم أواسط طرسهم (قَدْ ضَلُّوا) صراط الرسل وحاروا وعمهو (ضَلالًا) عمها (بَعِيداً) ( 167 ) عمّا هو السداد والصلاح لما ردّوا إرساله وصدّوا أرهاطا سواهم ، والصدّ مع الردّ أطلح وأسوأ .
(إِنَّ) الرهط (الَّذِينَ كَفَرُوا) ردّوا أوامر اللّه وأحكامه (وَظَلَمُوا) محمّدا رسول اللّه صلعم لما حوّلوا دوالّ ألوكه ومصاعد سلوكه ، أو حدلوا أولاد آدم لصدّهم عمّا هو صلاحهم ، أو لما هو أعمّ وهو الهود أو أهل أمّ
----------
(أنزله) متلبسا (بعلمه) بأنه معجز أو بأنك أهل بإنزاله (والملائكة يشهدون) أيضا (وكفى بالله شهيدا) .
(إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله) دين الإسلام (قد ضلوا ضلالا بعيدا) عن الحق لجمعهم بين الضلال والإضلال .
(إن الذين كفروا وظلموا) جمعوا بين الكفر والظلم أو ظلموا محمدا
ص: 101
رحم (لَمْ يَكُنِ اللَّهُ) الحكم العدل (لِيَغْفِرَ لَهُمْ) آصارهم ومعارّهم ما داموا عدّالا وولّاعا للرسل (وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً) ( 168 ) مسلكا ما .
(إِلَّا طَرِيقَ) مسلك (جَهَنَّمَ) دار الأسواء والآلام (خالِدِينَ) حال (فِيها) لمّا وردوها (أَبَداً) سرمدا (وَكانَ) دواما (ذلِكَ) دوامهم دار الآلام (عَلَى اللَّهِ يَسِيراً) ( 169 ) ماصلا سهلا لا وعرا والمراد رهط علم اللّه عدم إسلامهم وإدراكهم السام وهم ردّاد .
لمّا أحكم اللّه أمر الإرسال ، وأعلم صراطه الموصل ، وأوعد رهطا ردّوه ، أرسل آمرا للإسلام وواعدا للمطاوع ومودّعا للرادّ (يا أَيُّهَا النَّاسُ) أهل حرم اللّه أو عموما (قَدْ جاءَكُمُ) وردكم (الرَّسُولُ) محمّد (بِالْحَقِّ) الإسلام (مِنْ رَبِّكُمْ) مالككم ومصلح أموركم (فَآمِنُوا) أسلموا له إسلاما (خَيْراً) أو أعمدوه واعملوا عملا أصلح (لَكُمْ) حالا ومعادا وهو الإسلام ممّا هو عملكم حالا وهو العدول والردّ (وَإِنْ تَكْفُرُوا) ردّا له لطلاح صدوركم (فَإِنَّ لِلَّهِ) ملك الكلّ أسرا وملكا كلّ (ما) حلّ (فِي السَّماواتِ) عالم العلو (وَ) كلّ ما ركد (الْأَرْضِ) عالمكم ، طلّاحكم وصلّاحكم سواء له (وَكانَ اللَّهُ) عالم الأسرار (عَلِيماً) عالما لأهل الصلاح والطلاح (حَكِيماً) ( 170 )
----------
بتکذيبه أو آل محمد حقهم كما روي (لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم) في القيامة (طريقا) .
(إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرا) هينا .
(يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا) يكن الإيمان خيرا (لكم وإن تكفروا فإن لله ما في السموات وما في الأرض) ملكا وخلقا فلا يضره كفركم (وكان الله عليما) بخلقه (حكيما) في تدبيره لهم .
ص: 102
معاملا كلّ واحد وئام عمله .
( يا أَهْلَ الْكِتابِ) الهود ورهط روح اللّه (لا تَغْلُوا) واطرحوا عداء الحدّ (فِي دِينِكُمْ) وأمركم وهو حطّ الهود روح اللّه لمّا ادّعوه ولد العهر ورموا أمّه ، وادّعاء رهطه له إلها أو ولدا له ، أو أحد الأصول وهو العلم كما وهموا ، وورد المراد هم رهطه لا الهود كما دلّ (وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ) الواحد الأحد (إِلَّا) الكلام (الْحَقَّ) الواطد علما وأمرا وهو واحد لا مطو له ولا معادل له ولا ولد (إِنَّمَا الْمَسِيحُ) وهو (عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) ولدها الأطهر (رَسُولُ اللَّهِ) لا ولده كما هو موهومكم المموّه (وَكَلِمَتُهُ) واحد كلم اللّه اللّاء لا أمد لآحادها ولا حدّ لإعدادها سمّاه لما هو مأسور كلامه ولا والد له أو هو حاد كالكلام (أَلْقاها) طرحها والمراد حصّلها وأوصلها (إِلى مَرْيَمَ) أمّه وهو حال (وَرُوحٌ) كالأرواح أو المراد له روح صدر (مِنْهُ) اللّه وما وسّط مرء هو أصل له ، والمراد هو مأسور اللّه أكرمه إكراما كاملا لا كما هو وهمكم ، وروح موصول مع رسول اللّه (فَآمِنُوا بِاللَّهِ) وحده (وَرُسُلِهِ) كلّهم (وَلا تَقُولُوا) المآله (ثَلاثَةٌ) اللّه وروح اللّه وأمّه ، أو اللّه أصول الدرّ والعلم وملاك الحس والحراك
----------
(يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم) خطاب للفريقين لأن اليهود غلت في عيسى وقالوا ولد لغير رشدة والنصارى عبدوه أو النصارى خاصة لقوله (ولا تقولوا على الله إلا الحق) من تنزيهه عن الشريك والولد (إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها) أوصلها (إلى مريم) وسمي كلمته لأنه وجد بكلمته (وروح منه) هي روح مخلوقة اختارها الله واصطفاها (فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا) الآلهة (ثلاثة) الله وعيسى وأمه أو الأب والابن
ص: 103
(انْتَهُوا) ارعووا عمّا هو عملكم المكروه المردود إرعواء واعمدوا (خَيْراً لَكُمْ) حسّا وسرّا (إِنَّمَا) للحصر (اللَّهِ) مالك الملك كلّه وهو محكوم محموله (إِلهٌ) مألوه (واحِدٌ) ما حام حوله العدد أصلا ، وهو مؤكّد لإله (سُبْحانَهُ) اطهّره (أَنْ يَكُونَ لَهُ) للّه (وَلَدٌ) ما (لَهُ) ملكا وأسرا كلّ ما حلّ (فِي السَّماواتِ) عالم العلو والأرواح (وَ) كلّ ما ركد (فِي الْأَرْضِ) عالم الرهص والأطلال ولا معادل له أصلا وح لا ولد له (وَكَفى بِاللَّهِ) عالم سرّكم وحسّكم (وَكِيلًا) ( 171 ) مصلحا حارسا لهما ولما حلّهما أو مدّكرا لكلامكم ومعاملا معكم عدلا .
ولمّا ورد رهط روح اللّه صدد محمّد رسول اللّه صلعم وأوردوا ورها كلامك لروح اللّه هو مملوك للّه ورسول له عار وعوار له ، وهو طاهر ممّا وصمه أحد ، وردّهم رسول اللّه صلعم وحاورهم ما هو عارا له ، أرسل اللّه (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ) المراد ما له عار (أَنْ يَكُونَ) هو (عَبْداً) مملوكا (لِلَّهِ) مالك الكلّ ، أسر اللّه الرسل كلّهم وروح اللّه أحد الرسل ، وهو ردّ لرهط روح اللّه (وَلَا الْمَلائِكَةُ) وهو ردّ لرهط ألهوهم (الْمُقَرَّبُونَ) اللاؤا أعلاهم اللّه وسمك مراهصهم كأملاك حول السماء الأطلس وملك الرسل وألوكهم وهو الروح ، وملك الأمواه والأمطار ، وملك الصور والمعاد ، وملك الأرواح والأعمار ،
----------
وروح القدس (انتهوا) عن الثلاث يكن (خيرا لكم إنما الله إله واحد) لا شريك له ولا ولد ولا صاحبة (سبحانه) أنزهه تنزيها من (أن يكون له ولد له ما في السموات وما في الأرض) ملكا وخلقا فما يصنع بالولد والصاحبة (وكفى بالله وكيلا) .
(لن يستنكف) لن يأنف (المسيح أن يكون عبدا لله) استنكف وفد نجران أن يقال عيسى عبد الله فنزلت (ولا الملائكة المقربون) بل كفاهم فخرا أن
ص: 104
والمراد هم مع أممهم وسموّ أمرهم وعلوّ محلّهم ما لهم عار ملكهم وطوعهم للّه مالك الملك والأمر (وَمَنْ) كلّ رهط (يَسْتَنْكِفَ) لهم عار (عَنْ عِبادَتِهِ) اللّه (وَيَسْتَكْبِرْ) لوهم علوّه (فَسَيَحْشُرُهُمْ) وسواهم مآلا (إِلَيْهِ) أمره وحكمه وموعده ومرصاده (جَمِيعاً) ( 172 ) طرّا ومعامل معهم كما عملوا علوّا وسمودا .
(فَأَمَّا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا لما أمروا كما أمروا (وَعَمِلُوا) الأعمال (الصَّالِحاتِ) كما أمرهم اللّه (فَيُوَفِّيهِمْ) اللّه مكمّل ومؤدّ لهم عمما وكملا (أُجُورَهُمْ) أوس أعمالهم وهو ما أعدّ لهم (وَيَزِيدُهُمْ) وراءهم ما هم أهله (مِنْ فَضْلِهِ) وكرمه وهو ما لا رآه وما لا سمعه ولا علمه أحد (وَأَمَّا) الطّلاح (الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا) عادوا ورأوا طوع أوامر اللّه وأحكامه سوءا وعارا (وَاسْتَكْبَرُوا) سمدوا وعلوا عمّا أمرهم الرسل (فَيُعَذِّبُهُمْ) اللّه كلّهم (عَذاباً) إصرا والما (أَلِيماً) مؤلما .
(وَلا يَجِدُونَ) أصلا (لَهُمْ مِنْ دُونِ) كرم (اللَّهِ) أحدا لا مرء ولا ملكا ولا سواهما (وَلِيًّا) ردء رادّا للآلام (وَلا) أحدا كرّر لا مؤكّدا (نَصِيراً) ( 173 ) ممدّا حارسا لهم .
(يا أَيُّهَا النَّاسُ) عموما (قَدْ جاءَكُمْ) وردكم ورودا واطدا وأرسل (بُرْهانٌ) رسول أو إسلام أو كلام اللّه أو دوالّ سواطع وصوارم لمراء الأعداء
----------
يكونوا عبيدا (ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم) (إليه جميعا) للمجازاة .
(فأما الذين ءامنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا) يحميهم (ولا نصيرا) يدفع عنهم .
(يا أيها الناس قد جاءكم برهان) حجة (من ربكم) وهو محمد أو الدين أو
ص: 105
(مِنْ رَبِّكُمْ) مالككم ومولاكم ومصلحكم (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ) لإصلاح كلكم (نُوراً) كلاما معلما لكم ما هو أعود وأصلح (مُبِيناً) ( 174 ) لا معا مدلوله ساطعا إرساله .
(فَأَمَّا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (بِاللَّهِ) وحده وأطاعوا أوامره وأحكامه (وَاعْتَصَمُوا) ارعووا عمّا وسوس المارد المطرود وأمسكوا (بِهِ) اللّه وكرمه أو كلام اللّه (فَسَيُدْخِلُهُمْ) اللّه (فِي) دار (رَحْمَةٍ) وروح أعدّها اللّه لهم أوس إسلامهم وأعمالهم رحما وكرما (مِنْهُ) اللّه لا أداء لأمر مؤكّد لاسم له (وَفَضْلٍ) طول عطاء (وَيَهْدِيهِمْ) أهل الإسلام (إِلَيْهِ) اللّه أو الموعود أو صراطه (صِراطاً) مسلكا (مُسْتَقِيماً) ( 175 ) سواء لا أود له ، وهم الإسلام حالا ودارالسلام مآلا .
ولمّا علّ مسلم موسر ولا ولد له ولا والد ولا أمّ ، وعاده رسول اللّه صلعم ، واعلم المرء حاله رسول اللّه وسأل عمّا صلح لماله ، أرسل اللّه (يَسْتَفْتُونَكَ) محمّد ( ص ) (قُلِ) لهم وأعلمهم (اللَّهُ) الأعلم الأحكم (يُفْتِيكُمْ) حلّا وإعلاما لما أحكل وعوص (فِي) حال (الْكَلالَةِ) وسهام
----------
القرآن أو معجزاته (وأنزلنا إليكم نورا مبينا) بينا وهو القرآن، وعن الصادق (عليه السلام): ولاية علي، وروي: البرهان محمد والنور علي .
(فأما الذين ءامنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه) الجنة (وفضل) زائد على ما يستحقونه (ويهديهم إليه صراطا مستقيما) يوفقهم له ويثبتهم عليه وهو الإسلام .
(يستفتونك) أي في الكلالة وفسرت في أول السورة (قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد) ووالد للإجماع والسنة ودلالة
ص: 106
أمواله وهو هالك لا ولد له ولا والد ولا أمّ ، وأصلها مصدر كالكلال وهو الحسور حوّل أوّلا اسما لألّ ورحم معلوم وأمدا لهالك معهود ومرء له معه رحم لا رحم الولاد (إِنِ) هلك (امْرُؤٌ) طرح هلك لحصول الدالّ والمصرّح له وهو (هَلَكَ) أدركه الحمام (لَيْسَ لَهُ) حال هلاكه (وَلَدٌ) مرء أو أعمّ ولا والد ولا أمّ (وَ) الحال (لَهُ أُخْتٌ) لوالد وأمّ أو لوالد أو الواو للوصل (فَلَها) سهمها (نِصْفُ) كلّ ما ملك و (تَرَكَ) الهالك (وَهُوَ) المرء المحمّ هلاكه (يَرِثُها) كلّ ملكها لو عكس الأمر وحمّ هلاكها مع عدم هلاكه (إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها) حال هلاكها (وَلَدٌ) مرء أو أعمّ (فَإِنْ كانَتَا) حال عدم الولد (اثْنَتَيْنِ) أوردها إعلاما لما هو المراد حكما وهو العدد لا ما سواه (فَلَهُمَا) سهمهما (الثُّلُثانِ مِمَّا) كلّ ما (تَرَكَ) الهالك (وَإِنْ كانُوا) أولو الأرحام للهالك (إِخْوَةً رِجالًا وَنِساءً) ولا ولد له كما علم (فَلِلذَّكَرِ) ممّا هم (مِثْلُ حَظِّ) سهم (الْأُنْثَيَيْنِ) ممّا هو ملك الهالك (يُبَيِّنُ اللَّهُ) عالم الحكم والأسرار (لَكُمْ) السداد والصلاح روم (إِنِ) لا ( تَضِلُّوا )
----------
الكلالة عليه إن فسرت بالميت (وله أخت) لأبوين أو لأب لسبق حكم الأخت للأم (فلها نصف ما ترك) بالفرض والباقي رد عليها لا للعصبة (وهو يرثها) أي الامرؤ يرث أخته كل المال إن انعكس الأمر (إن لم يكن لها ولد) ذكر أو أنثى ولا والد لما مر (فإن كانتا) أي من يرث بالأخوة والتثنية باعتبار المعنى (اثنتين) فصاعدا خبر كان وفائدته بيان أن الحكم باعتبار العدد دون غيره من الصفات (فلهما الثلثان مما ترك) الميت بالفرض والباقي بالرد (وإن كانوا) الضمير كما مر (إخوة) تغليب للمذكر (رجالا ونساء) بدل أو صفة أو حال (فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم) أحكامه كراهة (أن تضلوا
ص: 107
وطرح لا أو كره عمهكم وعدم سلوككم صراط مراحمه (وَاللَّهُ) الحكم العدل (بِكُلِّ شَيْءٍ) كما هو مع أحواله ومصالحه ولو حال عدمه (عَلِيمٌ) ( 176 ) عالم سرمدا .
----------
والله بكل شيء عليم).
ص: 108
ص: 109
( سورة المائدة )
موردها مصر رسول اللّه صلعم ، ومحصول أصول مدلولها : الأمر لأداء العهود ، وإعلام ما أحلّه اللّه ممّا له حسّ وحراك وإحرام المحرّم ، وإعلام إكمال الإسلام وإعلاء أحكام المصطاد ، وحلّ طعام أهل الطرس ، وحلّ أهول حررهم الصوالح ، وإعلام أحكام الموص وأحكام ما صلّوا ، وألس أهل الطرس للرسول صلعم وكلام اللّه ، وإعلام الكلام المردود لرهط روح اللّه ، وإعلاء ما عمل ولد آدم وأهلك أحدهما وحكم لصوص الصراط وحكم الإسلال وحدّ عامله ، ولوم أهل الطرس لولعهم وإعلاء ، أحكام الكلوم وسواها ، وردع أهل الإسلام عمّا ودّ الهود ورهط روح اللّه ، والردّ لأهل الردّ ، ومدح العماس مع أعداء الإسلام ، وإعلام ودّ اللّه والرسول لأهل الإسلام وإلهاد الهود لإعلام ما صلّوا ، ولوم الهود لسوء كلامهم ، ولوم رهط روح اللّه لطلاح أوهامهم ، وإعلام حدّ عداء أحدهم أحدا ، ومدح أهل إسلام هم أهل طرس ورودا صدد رسول اللّه صلعم وأرسلهم ملك السود وحكم عهودهم ، وإحرام المدام وإحرام مصطاد الحرم ، والردع عمّا سألوا عداء وحسدا أو حكم إعلام أهل الطرس وحسم المراء معهم ، ولمّ الأمم مع الرسل معادا ، وإعلام أعلام ألوك روح اللّه ، وورود الطعام لسؤال رهطه رسول اللّه له معادا ردّا لرهط ألّهوه ، وإعلام سطوع عود السداد لأهل السداد معادا وما سواها .
ص: 110
ص: 111
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا لأوامر اللّه وأحكامه (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) العهود اللّاء أحكم أمرها ولسم أداءها واعلموا ما عهد ، والمراد عهود اللّه كإحلال حلال وإحرام حرام ، وعهودهم معهم معا ، أمر أوّلا حكما عامّا وأعلم المراد أمدا وأورد (أُحِلَّتْ لَكُمْ) أكلا مع السحط والصرم المعهود (بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ) كلّها مولدها ومأواها صحراء أو داماء (إِلَّا ما) محرّم (يُتْلى) إحرامه (عَلَيْكُمْ) رهط أهل الإسلام (غَيْرَ ) حال لكم أو للواو (مُحِلِّي) واحده محلّ (الصَّيْدِ) مصدر أو المراد المصطاد (وَ ) الحال (أَنْتُمْ حُرُمٌ) واحده حرام وهو المحرّم ، سمّوه حراما لما حرّم له ما أحلّ لسواه (إِنَّ اللَّهَ) عالم المصالح والحكم (يَحْكُمُ) عموما كلّ ما حكم (يُرِيدُ) ( 1 ) إحلالا أو إحراما أو سواهما لا رادّ لحكمه ولا رادع عمّا أراده .
----------
(سورة المائدة مائة وعشرون آية مدنية)
بسم الله الرحمن الرحيم
(يا أيها الذين ءامنوا أوفوا بالعقود) في الخبر العهود ويعم كلما عقد الله على عباده وكلفهم به أو ويتعاقدونه بينهم (أحلت لكم بهيمة الأنعام) هي الأزواج الثمانية والجنين في بطن أمه إذا أشعر وأوبر فذكاته ذكاة أمه (إلا ما يتلى عليكم) تحريمه كآية حرمت عليكم الميتة إلخ (غير محلي الصيد) حال من ضمير لكم أو أوفوا (وأنتم حرم) حال من ضمير محلي أي أحلت لكم حال امتناعكم من الصيد وأنتم محرمون (إن الله يحكم ما يريد) من تحليل أو غيره .
(يا أيها الذين
ص: 112
أرسلها اللّه ردعا عمّا أحلّوا ما حرّم اللّه لهم (يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا لحدود اللّه وأحكامه (لا تُحِلُّوا شَعائِرَ) أعلام حدود (اللَّهِ) ومعالم أسرار ملكه وأمره ، والمراد مرماهم ومدارهم ومسعاهم ، وأعمال الحرم المكرّم ومراكده كلّها ، وورد المراد الإسلام أوامر حدّها اللّه وإحلالها عدم إكرامها ، والإلحاد وسطها وعداء حدودها (وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ) المعهود لأداء اعمال الحرم ، وإحلاله إهلاك أحد أو أسره وسطه (وَلَا الْهَدْيَ) هو ما أهداه وأرسله أحد للمحلّ مكسور الحاء ، وإحلاله عطوه سطوا ، أو حصره عما وصله محلّه (وَلَا الْقَلائِدَ) أعلام الإهداء والإرسال كلحاء دوح الحرم وإحلالها طمسها وحملها والردع عمّا أحلّوا مالها أوردها وراء ما أهدوه مكرّرا ووصلها معه للإكرام (وَلَا) رهطا (آمِّينَ الْبَيْتَ) روّاما وعمّادا لوصوله والدور حوله ، وهم الروّاد لاداء المراسم والعمّار والأمّ العمد (الْحَرامَ) وإحلالهم صدّهم أو إهلاكهم وإحصارهم والحال (يَبْتَغُونَ) هؤلاء الرّوام سؤالا وأملا حال (فَضْلًا) طولا (مِنْ رَبِّهِمْ) إلههم ومصلحهم (وَرِضْواناً) رحما وكرما (وَإِذا حَلَلْتُمْ) حصل لكم الحلّ وهو عدم الإحرام ، ورووا ممّا الإحلال ومدلولهما واحد كما حكوا حلّ المحرم وأحلّ (فَاصْطادُوا) اعمدوا
----------
ءامنوا لا تحلوا شعائر الله) حدوده أو فرائضه أو مناسكه أو دينه جمع شعيرة أي علامة (ولا الشهر الحرام) بالقتال فيه (ولا الهدي) ما أهدي إلى الكعبة (ولا القلائد) جمع قلادة هي ما قلد به الهدي من نعل وغيره علامة له (ولا ءامين) قاصدين (البيت الحرام) بأن تقاتلوهم (يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا) ثوابه ورضاه عنهم في الآخرة والجملة حال من مستكن آمين تشعر بعلة المنع (وإذا حللتم) من الإحرام (فاصطادوا) إن شئتم
ص: 113
للمصطاد ، أمر لإعلام حلّه وراء عدم المحرّم ، ورووه مكسور الأوّل وهو الأوّل وهو أرك لا مؤكد (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) كدحا أو حملا (شَنَآنُ) عداء (قَوْمٍ) رهط مردود ، وهو مصدر والمراد أهل أمّ رحم (أَنْ) ورووه مكسور الأوّل (صَدُّوكُمْ) لصدّهم لكم ومعلوله ما مدلوله العداء (عَنِ الْمَسْجِدِ) المحل (الْحَرامَ) المحرّم العماس وسطه ، وهو عكمهم وإحصارهم رسول اللّه وأهل الإسلام عامّا معهودا عمّا أرادوا ، وهو وصول معالم الحرم وأداء مراسمهما وأحكامها عمّارا ، أو معمولا العامل المسطور أمام صدوكم أحدهما مأوّل (أَنْ تَعْتَدُوا) والأوّل كم والمراد إهلاكهم وعطو أموالهم (وَتَعاوَنُوا) أمدّوا أحدكم أحدا ، وهو أمر موصول مع الردع الأول (عَلَى الْبِرِّ) محو السوء أو أداء العمل المأمور (وَالتَّقْوى) الورع وطرح المحارم والمكاره (وَلا تَعاوَنُوا) أحدكم أحدا (عَلَى الْإِثْمِ) عمل السوء محلّ العمل السوء أو الإصر وطرح المأمور (وَ) لا (الْعُدْوانِ) عمل المحارم أو أراد عموم كلّ ما مرّ (وَاتَّقُوا اللَّهَ) واحموا حماه واحرسوا محارمه وأدّوا أوامره (إِنَّ اللَّهَ) مالك الملك والأمر (شَدِيدُ الْعِقابِ) ( 2 ) عسر الإصر لرهط عصوه وما أطاعوا أوامره وردّوا أحكامه .
----------
(ولا يجرمنكم) لا يحملنكم (شنئان قوم) شدة بغضهم (أن) لأن (صدوكم عن المسجد الحرام) يعني عام الحديبية (أن تعتدوا) بالانتقام وقتالهم (وتعاونوا على البر والتقوى) فعل الطاعة وترك المعصية (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) المعاصي وتعدي حدود الله (واتقوا الله) في أوامره ونواهيه (إن الله شديد العقاب) لمن عصاه .
ص: 114
(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ) أهل الإسلام ، وهو الحكم الموعود إرساله وإعماله لهم اوّلا (الْمَيْتَةُ) أكلها ، وهو ما ملك لا مع السحط ، وهو صرم مراحها وممرّ الطعام والماء ومسل الدم للكرد (وَالدَّمُ) المسال ، وأهل العدول أمام الإسلام ملئوا معه الأمعاء وعلسوه (وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ) ودسمه وما سواهما كلّه ، وأورد اللحم لما هو الأصل للأكل (وَ) كلّ (ما) مسحوط (أُهِلَّ) أصل الإهلال احساس الهلال ، ولمّا صار إعلاء العرك وادّكار اسم اللّه حال إحساسه معودا وسعوا وسمّوا إعلاءه ولو لما عداه إهلاكا ، والمراد إعلاء العرك والادكار (لِغَيْرِ اللَّهِ) لاسم ما سواه (بِهِ) معه أراد حال سحطه (وَالْمُنْخَنِقَةُ) ما هلك سادا ، وهو عصر مراحها وسدّه (وَالْمَوْقُوذَةُ) ما هلك عصوا وهروا أو صكما وصدما أو ما سواه (وَالْمُتَرَدِّيَةُ) ما طرّ ممّا هو محلّ عال ، لمحلّ حطوط وأدركه الحمام (وَالنَّطِيحَةُ) ما رصحه سواه وراح روحه ، أورد الهاء إعلاء لحولها اسما (وَما أَكَلَ) كلّمه وأهلكه (السَّبُعُ) كالأسد والأرس وأمّ عامر ، دلّ الكلام لو أكل المصطاد المعلم مما اصطاد ما حلّ ، وهؤلاء كلّها أو ما أكله الأسد وما سواه حرام (إِلَّا ما) حصل إدراككم ووصولكم له حال حسّه وحراكه (ذَكَّيْتُمْ) وهو السحط مع المحدّد مدّكرا لاسم اللّه ، وهو حلال كحلّ
----------
(حرمت عليكم الميتة) التي تموت حتف أنفها (والدم) أي المسفوح منه (ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به) رفع الصوت به للصنم أو ما لم يسم الله سمي غيره أم لا (والمنخنقة) التي ماتت بالخنق (والموقوذة) التي تضرب حتى تموت (والمتردية) التي تردت من علو إلى أسفل فماتت (والنطيحة) التي نطحها أخرى فماتت (وما أكل السبع) منه فمات (إلا ما ذكيتم) أدركتم
ص: 115
المآكل كلّها (وَ) حرّم (ما ذُبِحَ) سحط (عَلَى) اسم (النُّصُبِ) موحّد كأحد أو واحده كعصام ، والمراد دماء هم اللّاء ألّهوها حول الحرم وسحطوا سوّامهم حولها (وَ) حرّم (أَنْ تَسْتَقْسِمُوا) رومكم الحكم واحصاص الداعر المسحوط وإعطاء الحصص والسهام ، وورد للعدّال سهام رسم علاها حصص وسهام عرو لا حصص لها وأسهموها لاسم مرء مرء ، ولو دلع لاسم مرء ما هو عرو وعطوا ممّاه داعرا وسحطوه ، وأحصّوا لكلّ مرء مرء ما دلع لاسمه أو علم ما أحمّ اللّه لكم ، ورد لمّا أراد أهل العدول أمرا طرحوا سهاما لو دلع ما رسمه أمر اللّه عملوه ، ولو دلع ما رسمه ردع اللّه أمسكوا ، ولو ورد عرو أعادوه ، أو علم أصولكم وأرحامكم ورد لو أرادوا علم أصل أحد ورحمه أسهموا سهاما لو دلع ما رسمه ممّا لكم صار المرء ممّا هم ، ولو دلع ما لا رسم له أعادوه كما هو عمل أهل العصر الأوّل حال عدم سطوع الإسلام (بِالْأَزْلامِ) سهام اللهو المعلم سطحوها لإعلام الحصص ، واحدها محرّك كولد أو كصرد (ذلِكُمْ) رومكم المعهود أو أكل كلّ محرّم ممّا مرّ (فِسْقٌ) عداء حدّ أمر اللّه وحكمه ، وأرسل اللّه حال أداء مراسم الحرم المكرّم وسط لمركد المطّلع وراء ما صلّوا العصر عام الوداع (الْيَوْمَ) الحال وهو حال ورودها (يَئِسَ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) ردّوا أمر الإسلام ومرّوا سداده (مِنْ) هدم أساس (دِينِكُمْ) أو عودكم وطوعكم
----------
ذكاته من المذكورات سوى الخنزير والدم (وما ذبح على النصب) على حجر أو صنم (وأن تستقسموا بالأزلام) بالقداح هو قمار كان في الجاهلية فحرمه الله وفسر بميسر كان بينهم وهو استقسام الجزور بالأقداح العشرة على الأنصباء المعلومة (ذلكم) التناول للمذكورات (فسق) حرام (اليوم) أي الآن أو يوم نزولها وهو يوم الجمعة عرفة حجة الوداع (يئس الذين كفروا من دينكم) فيقطع
ص: 116
لأوامرهم وأحكامهم كما أمّلوا حال عدم علوّ الإسلام وادّه وسطوعه (فَلا تَخْشَوْهُمْ) سطوهم لاسمهرار أمركم حال سطوع الإسلام وعلوّه وعدم هول الأعداء (وَاخْشَوْنِ) مطروح الأمد حال الوصل وعدمه ، والحاصل امحصوا الروع للّه وحده (الْيَوْمَ) الحال (أَكْمَلْتُ) إرسالا وإعلاما (لَكُمْ) أهل الإسلام (دِينِكُمْ) أصول أحكامه وأساس أسراره أو المراد إكماله إسعادا وإعلاء كما كلّم الملوك الحال كمل الملك (وَأَتْمَمْتُ) إعطاء (عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) وإكمال الإسلام ، أو ورودكم أمّ رحم سطوا وعلوّا وحصول ملكها لكم وهدم أعلام أهل الردّ والعدول ومصوح هول الأعداء ومحو روعكم (وَرَضِيتُ) ممّا الملل (لَكُمُ الْإِسْلامَ) وحده (دِيناً) مسلكا سواء وهو حال (فَمَنِ اضْطُرَّ) كلّ أحد أحاطه العدم وأدركه العسر وهام ، هو موصول مع كلام أورد لإعلام ما حرّمها اللّه وما وسطهما مؤكّد لإحرامها لما هو ممّا صحّحه الإسلام الكامل لا الملل الأوّل (فِي) حال وصول (مَخْمَصَةٍ) سعر وما حصل له مأكول ما إلّا المحرّم وأكله (غَيْرَ) حال (مُتَجانِفٍ) راكح وعامد (لِإِثْمٍ) إصر ، والمراد عداء سداد الروح كما ورد أوّلا ولا عاد
----------
طمعهم من ارتدادكم (فلا تخشوهم) أن يقهروكم (واخشون) بإخلاص (اليوم أكملت لكم دينكم) ببيان الأحكام والفرائض وأصول الشرائع أو ينصركم على عدوكم وروى العامة والخاصة أنها نزلت بعد نصب النبي عليا خليفة يوم غدير خم (وأتممت عليكم نعمتي) بولاية علي أو إكمال الدين أو فتح مكة (ورضيت لكم الإسلام دينا) من بين الأديان (فمن اضطر) إلى تناول شيء من هذه المحرمات وهو متصل بالمحرمات وما بينهما اعتراض (في مخمصة) مجاعة (غير متجانف) غير متعمد أو مائل (لإثم) بأن يأكل تلذذا
ص: 117
(فَإِنَّ اللَّهَ) أرحم الرحماء (غَفُورٌ) ماح لعمله السوء وهو أكل المحرّم حال العدم والعسر (رَحِيمٌ) ( 3 ) محلّل للمعسر أكله .
(يَسْئَلُونَكَ) رسول اللّه ولمّا علموا وأعلموا ما حرّم أكله ، سألوا عمّا أحلّ لهم أكله ما لروم الأعلام ذا موصول أو الكلّ لمراد واحد ، ومدلوله حّ ما مأكول وهو محكوم علاه محموله (أُحِلَّ) أكله (لَهُمْ قُلْ) حلّا لمعاسر السؤال وإعلاما لأمر الحلال (أُحِلَّ) أمرا وحكما (لَكُمُ) أهل الإسلام (الطَّيِّباتُ) كلّ ما راعكم وما كرهه سوسكم وح كلّ ما كرهوه سوسا حرام إلّا ما أورد وأرسل وأعلم حلّه مصرّحا ولو أعلام آحاد ، أو المراد كلّ مأكول ما حرّم اللّه أكله ولا حرّمه رسوله ولا أحد طوّعه الكمّل (وَ) مصطاد (ما عَلَّمْتُمْ) له السموّ وهو عطو المصطاد (مِنَ الْجَوارِحِ) العوامل الكوادح والمراد أهل الكدّ لعطو المصطاد كالأسد والأوس وأمّ الحوار والحداء وورد لا حلّ إلّا مع الكلم لما هو مدلولها (مُكَلِّبِينَ) حال ومدلوله كمدلول عامله ، وأورده مع علمه ممّا مرّ إعلاما لمرود المعلّم ومؤكّدا (تُعَلِّمُونَهُنَّ) حال أو صدر كلام ورأسه (مِمَّا) علم (عَلَّمَكُمُ اللَّهُ) إلهاما أو كدحه حلمكم ، وهو عطاء أعطاه اللّه لكم وهو
----------
أو يتعدى حد الضرورة أو يبغي على الإمام أو يقطع الطريق (فإن الله غفور رحيم) بعباده لا يعاقب المضطر فيما رخص له .
(يسألونك ماذا أحل لهم) كأنهم لما تلي عليهم المحرمات سألوا عما أحل لهم (قل أحل لكم الطيبات) ما لم تستخبثه الطباع السليمة أو ما لم يدل دليل على حرمته (وما علمتم) عطف على الطيبات أو شرط جوابه فكلوا (من الجوارح) كواسب الصيد على أهلها من الكلاب بقرينة (مكلبين) أي حال كونكم صاحبي كلاب أو مؤدبين لها دون سائر الجوارح، فعنهم (عليهم السلام): هي الكلاب وما عداها فلا تأكل من صيده إلا ما أدركت ذكاته (تعلمونهن مما علمكم الله)
ص: 118
علم المحال والمكر أو الارعواء حال ودع المرسل وعدوه حال إرساله وعوده حال ما دعاه وعدم أكل المصطاد (فَكُلُوا مِمَّا) مصطاد (أَمْسَكْنَ) له (عَلَيْكُمْ) والإمساك عدم أكله ولو أكل ممّا اصطاده حرم أكله إلّا مصطاد ما طار ولو أكله لما عسر إمساكه ، ورهط عمّموا الحكم وحكموا لو أكل المعلّم ممّا اصطاده حرم أكله سواء طار المعلّم أو لا ، وورد حلّ ما اصطاده المعلّم ولو أكل ممّا اصطاده طار المعلّم أولا (وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ) عموما (عَلَيْهِ) الممسك حال سحطه لو أدرك مع السحط الحسّ والحراك أو المعلّم حال إرساله (وَاتَّقُوا اللَّهَ) روعوه وراعوا أحكامه وحدوده (إِنَّ اللَّهَ) عالم الأحوال (سَرِيعُ الْحِسابِ) ( 4 ) مسرع العدّ للأعمال والأحوال .
(الْيَوْمَ) الحال (أُحِلَّ لَكُمُ) أهل الإسلام (الطَّيِّباتُ) كرّره مؤكّدا لإعلام الآلاء أو هو لإعلام الأحكام (وَطَعامُ) الملأ (الَّذِينَ) أرسل لهم الرسول (أُوتُوا الْكِتابَ) أعطاهم اللّه الطرس وهم الهود ورهط روح اللّه (حِلٌّ) حلال أحلّه اللّه (لَكُمُ) أهل الإسلام ، والمراد مسحوطهم لحلّ كلّ مطعوم سواه عموما أطعمه أهل الملل أولا (وَطَعامُكُمْ) وما أحلّ لكم (حِلٌّ لَهُمْ) وحّ حلّ لكم إطعامهم وحلّ لهم إطعامكم (وَ)
----------
من طرق التأديب إلهاما أو اكتسابا (فكلوا مما أمسكن عليكم) وإن قتلته وإذا أكلته فكل ما بقي وقيل لا يؤكل (واذكروا اسم الله عليه) أي سموا على ما علمتم عند إرساله أو على ما أمسكن إذا أدركتم ذكاته (واتقوا الله) في حدوده (إن الله سريع الحساب) فيؤاخذكم بتعديها .
(اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم) أي الحبوب والبقول كما في المستفيضة وأخذ بظاهره الجمهور حتى الذبائح ومنهم من استثنى نصارى تغلب واختلف في المجوس (وطعامكم حل لهم) لا عليكم أن
ص: 119
أحلّ لكم (الْمُحْصَناتُ) أهل الورع والحرار (مِنَ الْمُؤْمِناتِ) أهل الإسلام والكلام لإعلام الأصلح والأحكم لحلّ الإماء واللّاء لا ورع لها (وَالْمُحْصَناتُ) أهل الورع وحرار الأصل (مِنَ) الملأ (الَّذِينَ أُوتُوا) أعطوا وأرسلوا (الْكِتابَ) الطرس (مِنْ قَبْلِكُمْ) ولو أهل دار العماس وهو موصول مع الكلام الأوّل ، أو محكوم محموله مطروح وهو حلّ لكم أهولها (إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ) المراد الإعطاء وأورد مؤكّدا وإلّا ما لسم إعطاء المهور حال الأهوال ، أو الإحكام والإلسام (أُجُورَهُنَّ) مهورها (مُحْصِنِينَ) أهلا (غَيْرَ مُسافِحِينَ) لا عمّالا للعهر حسّا (وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ) أودّاء سرّا له (وَ) كلّ (مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ) الإسلام وأحكامه وحدوده وما أحلّ اللّه وحرّم (فَقَدْ حَبِطَ) عطل وصار ممحوّا (عَمَلُهُ) كلّه لو وصل معه السام ، والمراد لا عدل لصوالح أعماله مآلا (وَ) حّ (هُوَ فِي) الدار (الْآخِرَةِ مِنَ) الملأ (الْخاسِرِينَ) ( 5 ) العدماء لأعدال الأعمال .
----------
تطعموهم (والمحصنات من المؤمنات) عطف على الطيبات أي العفائف والحرائر وتخصيصهن للأولوية (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) ظاهره حل نكاح كل كتابية ذمية أو حربية دائما أو منقطعا أو ملكا فيخص آية ولا تنكحوا المشركات إن شملت الكتابية وعن الباقر (عليه السلام): أنه منسوخ بتلك (إذا ءاتيتموهن أجورهن) مهورهن (محصنين) أعفاء (غير مسافحين) غير زانين جهرا (ولا متخذي أخدان) أخلاء تزنون بهن سرا والخدن يقال للذكر والأنثى (ومن يكفر بالإيمان) بترك العمل أو ينكر شرائع الإسلام (فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين) الهالكين .
ص: 120
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا لكلّ الأحكام والحدود عموما (إِذا قُمْتُمْ) كلّما راح طرهكم وحصل عمدكم (إِلَى) أداء (الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا) موصوا موصا كاملا وأمرّوا الماء إمرارا مؤكّدا وما لسم الدلك ورهط أمروه (وُجُوهَكُمْ) المعلوم حدودها ، ولمّا ورد مدلولها المصرّح عكس عمل الرسول صلعم وعمل الرحماء الكرام سمّه رهط مع عدم الطهر كما مرّ ، ورهط حكموا الأمر للإطّوّع ، ورهط وهموا حكمها محوّلا ورد أوّل الإسلام ، وهو سهو لما هو ممّا صحّ عدم الإرسال وراءها ولا محوّل لها أصلا ، وحكم رسول اللّه صلعم أحلّوا حلالها وحرّموا حرامها (وَ) موصا (أَيْدِيَكُمْ) موصا مصدّرا ممّا هو رءوسها وأصلا (إِلَى) أمد (الْمَرافِقِ) أو معها وهو الأصح المعوّل لما ورد وأمرّ رسول اللّه صلعم الماء علاها (وَامْسَحُوا) وأوصلوا المسح (بِرُؤُسِكُمْ) أو المراد رءوسكم وهو حاصل لو مسح ماصله ورهط مسحوا كلّه ورأوه أمرا مؤكّدا (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى) حدّ (الْكَعْبَيْنِ) أو معهما وهو الأصحّ ، ورووه مكسور اللام لوام كسر رءوسكم وهو علاهما موصول مع كلام ورد أمام وامسحوا لا مع رءوسكم لما ورد الصحاح ما مسحها رسول اللّه صلعم ولا رحماؤه وما عملهم إلّا الموص كما رواه عطاء وأرهاط سواه أورد وراء
----------
(يا أيها الذين ءامنوا إذا قمتم إلى الصلاة) من النوم أو أردتم القيام إليها (فاغسلوا وجوهكم) أمروا الماء عليها ولا يجب الدلك ولا تخليل الشعر إذ الوجه ما يواجه به (وأيديكم إلى المرافق) غاية للمغسول من اليد لا الغسل وكذا القول في الأرجل أو إلى بمعنى مع (وامسحوا برءوسكم) أي بعضها بإجماعنا والنص الباقري ويختص بالمقدم إجماعا منا ونصا ويكفي المسمى (وأرجلكم إلى الكعبين) بالجر كما عن حمزة وابن كثير وأبي عمر وأبي بكر
ص: 121
وامسحوا وما وصله مع أعداله كلما لإعلام ما هو الأصلح للموص وهو ما احمّ المسح ، ولدرء وهم الوصل مع رءوسكم أورد الأمد والحدّ لها (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً) سرّا وحلما (فَاطَّهَّرُوا) موصوا أطلالكم كلّها موصا مؤكّدا (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى) أعلّاء ولكم داء مؤلم معه الموص أو ممدّ له (أَوْ) أصحّاء (عَلى سَفَرٍ) سلّاكا (أَوْ) ورد أو لمدلول الواو والمراد و (جاءَ) ورد وعاد (أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ) المحلّ (الْغائِطِ) الواطد الحطوط وهو الأصل والمراد السلح (أَوْ لامَسْتُمُ) حصل مصدكم (النِّساءَ) الأعراس (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) محصّلا لمرامكم مع عمده ورومه (فَتَيَمَّمُوا) اعمدوا واصمدوا وروموا (صَعِيداً) سطح مهاد (طَيِّباً) طاهرا والدموه لدما ملموسا معهودا (فَامْسَحُوا) أو صلوا المسح والمسّ (بِوُجُوهِكُمْ) كما صرّح حدودها (وَأَيْدِيَكُمْ) وحدّ مسحها ما هو حدّ موصها (مِنْهُ) السطح ، ولعلّ وروده مكرّرا الوصل كلام أورد لإعلام صروع الطهر (ما يُرِيدُ اللَّهُ) الآمر أمر الطهر أو الأطهر موصا ومسحا (لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ) أمرا وحكما (مِنْ حَرَجٍ) حصر صدر وعسر أمر (وَلكِنْ يُرِيدُ) اللّه (لِيُطَهِّرَكُمْ) محو آصاركم ومعارّكم ، أو طهر أطلالكم مسحا حال عدم الماء
----------
ونصبه الباقون عطف على رءوسكم محلا (وإن كنتم جنبا فاطهروا) عطف على فاغسلوا وتحتج به على وجوب الغسل لغيره أو لنفسه أو على إذا قمتم فيفيد الوجوب لنفسه (وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم) فسر في النساء (منه) من الصعيد أو التيمم ومن للتبعيض ويحتج بها لاشتراط علوق التراب (ما يريد الله ليجعل عليكم) في الأمر بالوضوء والغسل والتيمم (من حرج) من ضيق (ولكن يريد ليطهركم)
ص: 122
(وَلِيُتِمَّ) مع إعلام الوسع والأمر السهل (نِعْمَتَهُ) إكرامه وعطاءه وهو إعلام الأمر المؤكّد المعسر (عَلَيْكُمْ) أهل الإسلام (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) ( 6 ) آلاءه أو المراد أداء الأوامر والأحكام .
(وَاذْكُرُوا) عدّوا وأحصوا (نِعْمَةَ اللَّهِ) الملك المكرام وهو الإسلام (عَلَيْكُمْ) أهل الإسلام (وَمِيثاقَهُ) عهده (الَّذِي واثَقَكُمْ) اللّه وأحكمكم (بِهِ) العهد (إِذْ) لمّا (قُلْتُمْ) للرسول صلعم حال العهاد (سَمِعْنا) كلامك (وَأَطَعْنا) حكمك حال الوسع والعسر والودّ والكره (وَاتَّقُوا اللَّهَ) روعوه وراعوا عهده واحرسوه الكسر والأمة (إِنَّ اللَّهَ) مطّلع الأمور (عَلِيمٌ) كامل علم (بِذاتِ الصُّدُورِ) ( 7 ) أسرارها كما هو عالم المحسوس ومعامل معكم كما هو عملكم ، وهو ممّا وعد وأوعد .
( يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (كُونُوا قَوَّامِينَ) أحكم طوعا وأوكد إسلاما (لِلَّهِ) مالككم ومصوّركم لأداء أوامره وأحكامه (شُهَداءَ) طولاء (بِالْقِسْطِ) العدل والسواء (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) حملا أو كدحا
----------
من الأحداث والذنوب (وليتم نعمته عليكم) بشرعه ما به يطهركم (لعلكم تشكرون) نعمته .
(واذكروا نعمة الله عليكم) بالإسلام (وميثاقه الذي واثقكم) عاقدكم (به) من مبايعتكم النبي على السمع والطاعة في العسر واليسر وما بين لكم في حجة الوداع من الأحكام وفرض الولاية، أو بيعة العقبة وبيعة الرضوان (إذ قلتم سمعنا وأطعنا) فيما تأمر وتنهى (واتقوا الله) في كفران النعمة ونقض ميثاقه (إن الله عليم بذات الصدور) بسرائرها فبغيرها أولى .
(يا أيها الذين ءامنوا كونوا قوامين لله) بحقوقه (شهداء بالقسط ولا يجرمنكم
ص: 123
(شَنَآنُ) عداء (قَوْمٍ) عدّال (عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا) عدم العدل وطرحه وعداء الحدّ السواء مع الأعداء كإسماعهم وإهلاك أعراسهم وأولادهم وكسر عهدهم (اعْدِلُوا) واعملوا واحكموا العدل مع الأعداء كما هو حكمهم مع أهل الودّ والإسلام ، صرّح لهم العدل أمرا وأعلم علوّ حاله وراء ما ردعهم ممّا حملهم لطرح العدل السواء ، وأعلمهم طرح العدل ممّا دعاه هواهم ، ولمّا أكّد أمر العدل مع الأعداء كما علم صار العدل مع أهل الودّ والإسلام أكد وأصلح (هُوَ) العدل (أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) الورع (وَاتَّقُوا اللَّهَ) روعوه وراعوا أوامره وروادعه وحدوده (إِنَّ اللَّهَ) عالم الكلّ (خَبِيرٌ) مطّلع كمال الاطّلاع (بِما تَعْمَلُونَ) ( 8 ) ومعامل معكم كأعمالكم عدلا وهو واعد وموعد ، وللمحه أورد وراءه ما وعد وهو وعد اللّه ، كرّر اللّه حكم العدل إمّا لما كرّر داع له كما ورد أرسله اللّه للعدل مع الهود وأرسل الحكم الأوّل للعدل مع العدال وإمّا لإعلام علوّ حال العدل وسمو حال عامله لداه .
(وَعَدَ اللَّهُ) مالك الملك عموما الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (وَعَمِلُوا) الأعمال (الصَّالِحاتِ) موعودا أسدّ ومعلوما أوكد وهو (لَهُمْ) لهؤلاء الملأ (مَغْفِرَةٌ) محو آصارهم (وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) ( 9 ) هو دارالسلام ومسارّه .
----------
شنئان قوم على ألا تعدلوا) لا يحملنكم بغض الكفار على ترك العدل معهم (اعدلوا هو) أي العدل (أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون) فيجازيكم به .
(وعد الله الذين ءامنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم
ص: 124
(وَ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) ردّوا الرسل ومروهم (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا) دوالّ السداد ومعالم الصلاح (أُولئِكَ) لا سواهم (أَصْحابُ الْجَحِيمِ) ( 10 ) أهل الدرك عاد اللّه إعلام أحوال أهل العدول وراء إعلام أحوال أهل الإسلام ، أو عكسه إكمالا لأمر الإرسال ووعدا مؤكّدا وموطّدا لأهل الإسلام وروحا لأرواعهم .
لمّا أهلك عمرو مسلما مع مسلم لما وهم هما عدوّا الإسلام ، وورد أولو أرحامهما وملّاك دمهما لعطو أوس دمهما وأراد رسول اللّه صلعم امدادا للمهلك وراح صلعم صدد رهط ومعه صهراه وأسدا اللّه الكرار والاحكم المعد لعسكر العسر ، وحاول مدد مال وهم أكرموا رسول اللّه وأحلّوه محلّا وأعلموه حسا أداء ما رامه ، وأرادوا سرّا إهلاكه وأمسك اللّه سوءهم وورد الملك لإعلام همّهم السوء ، وصدر رسول اللّه وسلم مع رهطه أرسل اللّه .
وورد الأعداء رأوا رسول اللّه صلعم ورحماءه صلّوه معا عصر الدلوك ولمّا اكملوا ما صلّوا سدم الأعداء وحسروا لعدم إهلاكهم حال أداء المأمور وهمّوا إهلاكهم لو صلّوا العصر ردّ اللّه مكرهم وأرسل ما صلّوا حال روع الأعداء .
وورد حلّ رسول اللّه صلعم محلّا وسدل سلاحه مع واحد ممّا طرر دوح واصدّع أودّاءه وحلّ كلّ محلّا .
وورد مرء ممّا العدّال وسلّ حسامه ، وكلّم : ما حماك ؟ وحاور الرسول علاه السلام اللّه وورد الروح وطرح حسامه وعطاه الرسول علاه السلام ، وسأله ما حماك ؟ وحاور لا أحد وكلّم لا إله الّا اللّه محمّد رسول اللّه .
----------
والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم) ترغيب للمؤمنين وترهيب
ص: 125
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (اذْكُرُوا) أحصوا (نِعْمَتَ اللَّهِ) عطاءه وكرمه (عَلَيْكُمْ إِذْ) لمّا (هَمَّ) عمد وأراد (قَوْمٌ) رهط حمس (أَنْ يَبْسُطُوا) مدّهم (إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ) لسطوكم وإهلاككم (فَكَفَّ) اللّه وصدّ وردّ (أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ) طولا وكرما وعصمكم ممّا أرادوه لكم (وَاتَّقُوا اللَّهَ) العاصم (وَعَلَى اللَّهِ) لا سواه (فَلْيَتَوَكَّلِ) الملأ (الْمُؤْمِنُونَ) ( 11 ) أهل الإسلام لما لا عاصم ولا موصل للسرّاء ولا رادّ للأواء الا هو .
(وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ) مالك الملك والأمر (مِيثاقَ) عهد (بَنِي إِسْرائِيلَ) الهود وهو العهد الوارد ادّكاره وراء ، عاهدهم لما هلك عدوّهم وهو ملك مصر ، وملكوا مصر وحصد أمرهم ، واسمهرّ أمر اللّه أرهاطهم الرحل لمحلّ معهود وأعلمهم هو محلّكم ومأواكم ومركدكم روحوا ، وماصعوا أهله لما هم أهل الحدل والعدول ، واللّه ممدّكم ومساعدكم ، وأمر الرسول اسأل كلّ رهط مدرها
----------
للكافرين ( يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم يعنى أهل مكة من قبل فتحها أن يبسطوا إليكم أيديهم بالقتل فكف أيديهم عنكم) بالصلح يوم الحديبية (وقيل: أتى النبي صلی الله علیه واله في جماعة من أصحابه النظير يستقرضهم دية مسليمن قتلهما بعض أصحابه يحسبهما مشركين، فقالوا: اجلس ها الله حتى نطعمك ونقرضك، وهموا بقتله فأخبره الله فخرج، وقيل: نزل الرسول صلی الله علیه واله منزلا وتفرق الناس فعلق سيفه بشجرة، فجاء اعرابي فسلّه، فقال: من يمنعك مني ؟ فقال: الله فاسقطه جبرئيل منه فأخذه النبي صلی الله علیه واله وقال: من يمنعك مني؟ فقال: لا أحد، وأسلم فنزلت) (واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون) فإنه يكفي من توكل عليه .
(ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل) بأن يخرجوا إلى أريحا لقتل جبابرتها
ص: 126
عالما لسداد سرّهم وطوعهم لأوامرك وعدم كسرهم عهودك ، وهم أعطوه مداره وسار معهم ، ولمّا وصلوا صدد المحلّ المأمور أرسل رسولهم المداره لروم علم أحواله وأحوال أهله وردعهم إعلام الأحوال أرهاطهم وراهوا ورأوا ركّاده أعطالا طوالا وحالهم طولهم وهولهم أمرهم ، وعادوا واعلموا أرهاطهم ما رأوه لا أعطالا طوالا وكسروا العهد والألّ إلا ماصلا (وَبَعَثْنا) أمرا وحكما (مِنْهُمُ) الأرهاط (اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً) مدرها كما مرّ أو أماما سمسارا عهدا داحصا أحوالهم (وَقالَ) لهم (اللَّهُ) الملك العدل (إِنِّي مَعَكُمْ) إمدادا وإسعادا واللّه (لَئِنْ) اللام وطاء للعهد المطروح (أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ) المأمور أداءها وإكمالها (وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ) المأمور إعطاءه وهما ممّا أمر الهود أداءهما (وَآمَنْتُمْ) سدادا (بِرُسُلِي) كلّهم (وَعَزَّرْتُمُوهُمْ) المراد الإمداد وردّ الأعداء لو أرادوا لهم مكروها ، أو المراد الإكرام (وَأَقْرَضْتُمُ) هو إعطاء المال مع روم الأعداء (اللَّهُ) أملا الملاء (قَرْضاً) لعلّه مصدر (حَسَناً) عطاء محمودا مع السداد والصلاح لا مطل ولا وكس له ، وورد هو كلّ عمل صالح (لَأُكَفِّرَنَّ) لأمحو محوا مؤكّدا (عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) أعمالكم السوءاء كلّها (وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ) لأوردا وأحلّا لكم لا محال (جَنَّاتٍ) محالّ دوح وروح وآلاء (تَجْرِي) دواما
----------
(وبعثنا) التفات (منهم اثني عشر نقيبا) كفيلا شهيدا من كل سبط يأمرهم بالوفاء بما أمروا به (وقال الله إني معكم لئن) للقسم (أقمتم الصلوة وءاتيتم الزكوة وءامنتم برسلي وعزرتموهم) نصرتموهم وأصله المنع ومنه التعزيز (وأقرضتم الله) بالإنفاق في سبيله (قرضا حسنا) مصدر أو مفعول (لأكفرن عنكم سيئاتكم) جواب للقسم ناب جواب الشرط (ولأدخلنكم جنات تجري
ص: 127
(مِنْ تَحْتِهَا) دوحها (الْأَنْهارُ) المطرد ماءها (فَمَنْ) كلّ أحد (كَفَرَ) ردّ أمرا واطدا (بَعْدَ ذلِكَ) العهد المؤكّد والوعد المسدّد (مِنْكُمْ) أهل الإلّ (فَقَدْ ضَلَّ) عمه وما أدرك (سَواءَ) وسط (السَّبِيلِ) ( 12 ) الصراط الأسدّ والأحكم عمها لا حول له لسطوع الأمر ولو ردّ حال عدم العهد المؤكّد لوهم حصول الإعوار والمسماس .
(فَبِما) « ما » مؤكّد لمدلول الكلام (نَقْضِهِمْ) كسرهم (مِيثاقَهُمْ) عهدهم وإهلاكهم الرسل وسواها (لَعَنَّاهُمْ) طردوا وحرموا المراحم والمكارم ، أو حوّل صورهم ، أو رسم عطو مالهم عطوا معهودا ورسما معلوما (وَجَعَلْنا) أمرا وحكما (قُلُوبَهُمْ) وأرواعهم (قاسِيَةً) صلدا لا ادّكار لها وما حلّها رحم أصلا (يُحَرِّفُونَ) إركاسا ومحوا (الْكَلِمَ) كلاما مدلوله محامد محمّد صلعم ومعالم مكارمه ، وهو رأس كلام أورد لإعلام أحوال أرواعهم الأصلاد لما لا أصلد ممّا حوّلوا كلام اللّه وولعوا علاه ، أو هو حال لهم الأوّل (عَنْ مَواضِعِهِ) محالّه (وَنَسُوا) أمهوا وطرحوا (حَظًّا) سهما كاملا (مِمَّا ذُكِّرُوا) أمروا وسط طرسهم (بِهِ) وهو الإسلام لمحمّد صلعم وطوع أوامره وأحكامه (وَلا تَزالُ) محمّد ( ص ) (تَطَّلِعُ) عصرا عصرا (عَلى خائِنَةٍ)
----------
من تحتها الأنهار فمن كفر بعد ذلك) الميثاق (منكم فقد ضل سواء السبيل) أخطأ طريق الحق .
(فبما نقضهم) ما زائدة (ميثاقهم لعناهم) أبعدناهم من رحمتنا أو مسخناهم أو عذبناهم بالجزية (وجعلنا قلوبهم قاسية) منعناهم الألطاف حتى قست (يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا) تركوا نصيبا جزيلا (مما ذكروا به) في التوراة من اتباع محمد صلی الله علیه و اله إذ حرفوها أو زلت أشياء منها بشؤم تحريفهم عن حفظهم (ولا تزال تطلع على خائنة منهم) خيانة أو فرقة خائنة أي الخيانة
ص: 128
ألس وكسر عهد (مِنْهُمْ) والمراد هو معاودهم معك وعمل أولهم مع الرسل الكرام (إِلَّا) رهطا (قَلِيلًا مِنْهُمْ) وهم مسلموهم ك « ولد سلام » وطوّعه (فَاعْفُ) احلم وأمح ما صدر (عَنْهُمْ) ممّا هو سوء وكسر عهد (وَاصْفَحْ) واطرح عماسهم لو هادوا وأسلموا وعاهدوا وأعطوا مالا مرسوما ، وورد هو حكم عامّ محوّل محدود (إِنَّ اللَّهَ) المكرام (يُحِبُّ) إعطاء وإكراما الملأ (الْمُحْسِنِينَ) ( 13 ) لأعمالهم وأسرارهم وهو معلّل للأمر ومعلم لعلوّ حال المحو والحلم وأهلهما .
ولمّا أعلم علوّ حال المحو لأعداء ألسوا وكسروا عهدهم صار المحو لأهل الإسلام أصلح وأكد (وَمِنَ) الرهط (الَّذِينَ قالُوا) وادّعوا (إِنَّا) رهط روح اللّه (نَصارى) وهما وادّعاء ومرادهم هم ارداء اللّه (أَخَذْنا) كما عوهد الهود (مِيثاقَهُمْ) عهدهم وهو الإسلام للّه والرسل والعمل الصالح (فَنَسُوا) طرحوا (حَظًّا) سهما كاملا (مِمَّا ذُكِّرُوا) أمروا (بِهِ) وسط طرسهم ، وهو الإسلام وسواه وكسروا العهد (فَأَغْرَيْنا) أصله وصل أمر مع أمر (بَيْنَهُمُ) أرهاطهم (الْعَداوَةَ) وحر الصدر (وَالْبَغْضاءَ) الكره والمراد أكّد واحكم عداءهم وكره رهط رهطا ممدودا (إِلى يَوْمِ) عصر (الْقِيامَةِ) الموعود
----------
عادتهم كأسلافهم (إلا قليلا منهم) لم يخونوا وهم الذين ءامنوا (فاعف عنهم واصفح) إن تابوا أو بذلوا الجزية وقيل مطلق، نسخ بآية السيف (إن الله يحب المحسنين) إلى الناس .
(ومن الذين قالوا إنا نصارى) ادعوا نصرة الله بهذا الاسم (أخذنا ميثاقهم) كما أخذنا من اليهود (فنسوا حظا مما ذكروا به) في الإنجيل (فأغرينا) ألزمنا من غري به لصق به (بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة) بين فرق النصارى
ص: 129
ورودها أمدا (وَسَوْفَ) أراد العصر الموعود (يُنَبِّئُهُمُ) إعلاما (اللَّهُ) الملك العدل (بِما) عدل كلّ ما (كانُوا) أوّلا (يَصْنَعُونَ) ( 14 ) عدولا وطلاحا .
(يا أَهْلَ الْكِتابِ) الطرس وهم الهود ورهط روح اللّه والمراد طرساهما وحدّ روما للعموم (قَدْ جاءَكُمْ) وردكم (رَسُولُنا) محمّد صلعم ولا إعوار لإرساله (يُبَيِّنُ) حال (لَكُمْ) حكما (كَثِيراً مِمَّا) أحكام (كُنْتُمْ) أوّلا (تُخْفُونَ) إسرارا لها (مِنَ الْكِتابِ) أحكام كلام اللّه ، والمراد طرساهما كأسرار الهود محامد محمّد صلعم وإهلاك العاهر ممّا أرسل لرسولهم ، وإسرار رهط روح اللّه إعلام روح اللّه لهم ، ورود رسول وراءه اسمه « احمد » صلعم ممّا أرسل له (وَيَعْفُوا) طرحا للإعلام (عَنْ) أمر (كَثِيرٍ) ممّا هو مرموسكم ومدسوسكم إلّا حال حصول دواع لإعلامه (قَدْ جاءَكُمْ) وردكم ورودا لا وهم معه (مِنَ اللَّهِ) كامل الطول (نُورٌ) وهو محمّد صلعم (وَكِتابٌ) طرس (مُبِينٌ) ( 15 ) ساطع كماله أو معلم ومصرّح لسداد وهو طرس محمّد صلعم ، وورد كلاهما واحد مرادا وهو طرس المرسل لمحمّد رسول اللّه صلعم وهو الأصحّ كما دلّ .
----------
الثلاث أو بينهم وبين اليهود (وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون) بالحساب والعقاب .
(يا أهل الكتاب) جنسه خطاب لليهود والنصارى (قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب) كالرجم ونعته (صلى الله عليه وآله وسلّم) وبشارة عيسى به (ويعفو عن كثير) مما تخفونه أو عن كثير منكم (قد جاءكم من الله نور) محمد والقرآن (وكتاب) القرآن (مبين) للحق .
ص: 130
(يَهْدِي بِهِ) الطرس أو وحده لما هما واحد حكما (اللَّهُ) كلّ (مَنِ اتَّبَعَ) طاوع (رِضْوانَهُ) وأسلم (سُبُلَ) صرط (السَّلامِ) ممّا هو آصار اللّه وآلامه ، والسلام حّ مصدر أو السلام اسم اللّه والمراد صرط اللّه (وَيُخْرِجُهُمْ) اللّه أهل الإسلام (مِنَ الظُّلُماتِ) صروع العدول والطلاح (إِلَى النُّورِ) الإسلام والصلاح (بِإِذْنِهِ) هداه أو أراده (وَيَهْدِيهِمْ) وهو دالّهم وموصلهم (إِلَى) سلوك (صِراطٍ) مسلك (مُسْتَقِيمٍ) ( 16 ) سواء عدل هو أسدّ المسالك وأولاها ، ومؤد للسالك وموصله لمرامه لا محال والمراد الإسلام
(لَقَدْ كَفَرَ) عدل وساء وطلح العدّال (الَّذِينَ قالُوا) كلّموا كلاما موهوما حاصرا مؤكّدا حصره (إِنَّ اللَّهَ) إله الكلّ ومالكه (هُوَ الْمَسِيحُ) المعلوم وهو (ابْنُ مَرْيَمَ) لا سواه ، وهم رهط وهموا صار هو مع اللّه واحدا ، أو رهط ما صرّحوه وعلم ممّا ادّعوا وكلّموا وهما دعواهم له إلّا وكلامهم لا إله إلّا اللّه واحد (قُلْ) رسول اللّه ردّا لوهمهم وردعا لكلامهم (فَمَنْ يَمْلِكُ) ردّا (مِنَ اللَّهِ) أمره وحكمه (شَيْئاً) ولو ماصلا (إِنْ أَرادَ) اللّه الحاكم العدل الواحد الأحد (أَنْ يُهْلِكَ) الإهلاك والإعلام (الْمَسِيحُ) الموهوم إله لكم (ابْنُ مَرْيَمَ) المعلوم أصله (وَأُمَّهُ) وإعدام أمّه (وَ) اصطلام كلّ (مِنَ) حلّ (فِي الْأَرْضِ
----------
(يهدي به الله من اتبع رضوانه) من آمن (سبل السلام) سبل الله أو السلامة من عذابه (ويخرجهم من الظلمات) الكفر (إلى النور) الإيمان (بإذنه) بلطفه (ويهديهم إلى صراط مستقيم) طريق الحق أو طريق الجنة .
(لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم) قيل: هم اليعقوبية القائلون بالإتحاد، وقيل: لم يصرحوا به ولكن لزمهم ذلك لزعمهم أنه لاهوتي وقولهم بوحدة الإله (قل فمن يملك من الله) من يمنع من أمره (شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض
ص: 131
جَمِيعاً) طرّا ، ولو صحّ دعواكم لما صحّ إهلاكه كما صحّ إهلاك الكلّ والهالك ما صلح للإلّ (وَلِلَّهِ) لا لما سواه (مُلْكُ السَّماواتِ) كلّها وملك أهلها كلّهم (وَ) ملك (الْأَرْضِ) وأهلها معا (وَ) ملك (ما بَيْنَهُما) وسطهما (يَخْلُقُ) اللّه لكمال حكمه وأمره (ما يَشاءُ) أسر آدم ولا والد له ولا أمّ ، وروح اللّه ولا والد له ، وحوّاء ولا أمّ لها ، وسواهم ولكلّ واحد والد وأمّ ، أو المراد هو اللّه آسر لما طار روح اللّه واسط لأسره لا آسر له ، والكلام لإعدام وهمهم وإعوارهم لأمر روح اللّه (وَاللَّهُ) مالك الكلّ والأمر (عَلى كُلِّ شَيْءٍ) أراده (قَدِيرٌ) ( 17 ) لا رادّ لمراده .
(وَقالَتِ الْيَهُودُ) وهما وولعا (وَالنَّصارى) ادّعاء والعا (نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ) أرادوا هم كالأولاد صددا وأمما ، وهو كالوالد كرما ورحما أو طوّاع أولاد اللّه لما وهموا رسلهم أولاد اللّه كما كلّم العوام لأهل أرحام الملل وسواده هم ملوك ، أو أرادوهم أولاد رسل اللّه (وَأَحِبَّاؤُهُ) وأودّاءه (قُلْ) محمّد ( ص ) لهم لو صحّ دعواكم (فَلِمَ) أصله لما (يُعَذِّبُكُمْ) اللّه (بِذُنُوبِكُمْ) معارّكم
----------
جميعا) فالمسيح مقهور لا يملك دفع الهلاك عن نفسه كسائر الممكنات فكيف يكون إلها (ولله ملك السموات والأرض وما بينهما) ومنه المسيح (يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير) يخلق من ذكر وأنثى، ومن ذكر بلا أنثى كحواء، ومن أنثى بلا ذكر كعيسى، ومن غير ذكر وأنثى كآدم .
(وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه) أشياع ابنيه عزير والمسيح كما يقول حشم الملك نحن ملوك أو مقربون عنده قرب الأولاد من والدهم (قل فلم يعذبكم بذنوبكم) بالقتل والأسر والمسخ والنار أياما معدودة
ص: 132
وأعمالكم السوءاء إهلاكا وأسرا وحوال صور حالا ومساس ساعور معادا عصرا محدودا كما هو وهمكم ، وهل حوّل الوالد صور الأولاد وأصلاهم ساعور (بَلْ) دعواكم مردود ووهمكم مطرود لما (أَنْتُمْ) كلّكم (بَشَرٌ) مأسور معدودا (مِمَّنْ) رهط (خَلَقَ) أسرهم اللّه وهم أولاد آدم وهم وكلّكم سواء (يَغْفِرُ) كرما وطولا (لِمَنْ يَشاءُ) إكرامه وهم أهل الإسلام (وَيُعَذِّبُ) عدلا (مَنْ يَشاءُ) دحوره وعدم إكرامه وهم أعداء الإسلام ، والحاصل هو معامل معكم معادا كمع أولاد آدم عموما لا علوّ لكم أصلا (وَلِلَّهِ) لا لسواه (مُلْكُ السَّماواتِ) كلّها وملك أهلها معا (وَ) ملك (الْأَرْضِ) وأهلها معا (وَ) ملك (ما بَيْنَهُما) وسطهما وكلّها سواء ملكا وأسرا (وَإِلَيْهِ) حكمه وأمره لا سواه (الْمَصِيرُ) ( 18 ) معاد الكلّ ومآله أمدا ، وهو المعامل كلّا كعمله صالحا أو طالحا .
(يا أَهْلَ الْكِتابِ) الطرس المراد الهود ورهط روح اللّه (قَدْ جاءَكُمْ) وردكم ورودا ساطعا (رَسُولُنا) محمّد صلعم (يُبَيِّنُ لَكُمْ) الأوامر والأحكام طرح المعمول لسطوعه أو ما هو مدسوسكم طرح لما مرّ ادّكاره أولا معمول له أصلا ، والمراد ما أمره إلّا الإعلام وهو حال ، ووروده (عَلى) عهد (فَتْرَةٍ) كلال وحسور (مِنَ الرُّسُلِ) إرسالهم وإعلامهم ممّا أوحاهم اللّه أوّله عصر
----------
كما زعمتم والأب لا يعذب ابنه ولا الحبيب حبيبه (بل أنتم بشر ممن خلق) كسائر الناس (يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السموات والأرض وما بينهما وإليه المصير) فيجازي كلا بعمله .
(يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم) ما يحتاج إلى البيان (على فترة من الرسل) على حين فتور من إرسال الرسل إذ ليس بينه وبين عيسى رسول بل أنبياء ثلاثة من بني إسرائيل وواحد من العرب خالد بن سنان العبسي
ص: 133
روح اللّه وأمده عصر محمّد كره (أَنْ تَقُولُوا) دهرا موعودا وروده روما للإملاء والحول (ما جاءَنا) أحد (مِنْ بَشِيرٍ) موصل أمر سارّ لأهل الصلاح والطوع (وَلا نَذِيرٍ) موصل حكم مروّع رادع لأهل الطلاح والمعارّ اطرحوا الإملاء والحول (فَقَدْ جاءَكُمْ) وردكم (بَشِيرٍ) لأهل الإسلام والطوّع (وَنَذِيرٌ) لأهل الردّ والإلو وعدم الطوع (وَاللَّهُ) مرسل الرسل (عَلى كُلِّ شَيْءٍ) إرسال الرسل مطردا وولاء كما هو وسط عصر رسول كلّمه اللّه وعصر روح اللّه وإرسالهم لماما ، ووراء مدد ودهور كما هو وسط عصر روح اللّه وعصر محمّد رسول اللّه صلعم لحكم ومصالح (قَدِيرٌ) ( 19 ) كامل الألوّ .
(وَ) ادّكر محمّد ( ص ) (إِذْ) لمّا (قالَ مُوسى) رسول اللّه (لِقَوْمِهِ) أهل الإسلام (يا قَوْمِ اذْكُرُوا) ادّكروا (نِعْمَتَ اللَّهِ) آلاه (عَلَيْكُمْ إِذْ) عصر أكرم آحادكم و (جَعَلَ) حوّلهم (فِيكُمْ أَنْبِياءَ) رسلا (وَجَعَلَكُمْ) حوّلكم (مُلُوكاً) كلّ واحد ملكا له أهل ومركد ومملوك ، أو ملككم ملك الأعداء وهو ملك مصر وأهلكهم وأمر ملوككم كما أمر رسلكم ، وورد لمّا محّصهم اللّه عمّا أسرهم الأعداء وصاروا ملّاكا
----------
ومدة ذلك ستمائة وتسع وستون سنة (أن) كراهة أن أو لأن (تقولوا) اعتذارا (ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير) فلا عذر لكم إذا (والله على كل شيء) من الإرسال وغيره .
(قدير وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء) هداكم وأعزكم بهم ولم يجعل في أمة ما جعل منكم من الأنبياء، وقيل: هم الأنبياء ما بين موسى وعيسى مدة ألف وسبعمائة سنة وهم ألف نبي (وجعلكم ملوكا) لملك فرعون أو ذوي دور وخدم أو مالكين لأموركم
ص: 134
لأهرمهم وأمورهم سمّاهم ملوكا (وَآتاكُمْ) أعطاكم ما أمورا (لَمْ يُؤْتِ) هؤلاء الأمور (أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) ( 20 ) وأولاك الأمور كصدع الداماء وإهلاك الأعداء وإرسال الطعام وسط المهمة ، وورد المراد عالموا عصرهم .
(يا قَوْمِ) اسلكوا و (ادْخُلُوا) ردوا (الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ) المحلّ المطهّر سمّاها لما هو مركد الرسل ومورد أهل الإسلام أو المراد الطور وما حوله أو سواهما (الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ) أحصّها وسمّاها (لَكُمْ) أو رسم وسط اللوح لكم ورودها وركودها لو حصل طوعكم وصلاحكم (وَلا تَرْتَدُّوا) عودا مكروها مردودا وهو عودكم (عَلى أَدْبارِكُمْ) لروع الأعداء لمّا أسمعهم المداره أحوالهم ، كلّم آحادهم آحادا هلمّوا وعودوا المصر ، أو عودكم أعداء الإسلام وردّاد أحكامه (فَتَنْقَلِبُوا) رهطا (خاسِرِينَ) ( 21 ) سدّاما أو عدماء العدل لأعمالكم حالا ومآلا .
(قالُوا) ردّا لكلام رسولهم (يا مُوسى إِنَّ فِيها) محالّ أمر اللّه ورودها (قَوْماً جَبَّارِينَ) طوالا أهل ألوّ وسطو وهم آسار عاد
----------
بعد أن كنتم مملوكين للقبط (وءاتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين) من المن والسلوى وفلق البحر وتظليل الغمام وغيرها أو أريد عالمي زمانهم .
(يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة) الشام أو بيت المقدس أو الطور وما حوله (التي كتب الله لكم) أن تكون لنا مسكنا، أو أمركم بدخولها (ولا ترتدوا) لا ترجعوا (على أدباركم) منهزمين خوفا من الجبابرة، أو لا ترتدوا على دينكم بالعصيان (فتنقلبوا خاسرين) الدارين .
(قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين) من العمالقة ولا يتأتى لنا مقاومتهم
ص: 135
(وَإِنَّا) رهط أولو روع (لَنْ نَدْخُلَها) لعماس أصلا (حَتَّى يَخْرُجُوا) الأعداء (مِنْها) لا مع العماس (فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها) لا مع العماس (فَإِنَّا داخِلُونَ) ( 22 ) أمصارهم حّ .
(قالَ) لهم (رَجُلانِ) المرسوم اسماهما (مِنَ) الصلحاء (الَّذِينَ يَخافُونَ) اللّه وأسلموا لرسوله (أَنْعَمَ اللَّهُ) أرحم الرحماء (عَلَيْهِمَا) إسلاما وعصمهما وما أعلما أرهاطهما أحوال الأعداء كحال مداره سواهما كما مرّ ، وو ردهما عمّا حدلوا وأسلما وصارا مع الرسول ، وحّ الواو لأهل الإسلام ومعاد الموصول مطروح وهو هم (ادْخُلُوا) ردوا (عَلَيْهِمُ) الأعداء (الْبابَ) مورد مصرهم وادهموهم واعصروهم وصدّوهم إصحارا (فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ) موردهم (فَإِنَّكُمْ) لا محال (غالِبُونَ) عالوهم وكاسروهم لعسر الكرّ لهم لما هم أطلال طوال لا أرواع لها وعلماه إمّا لمّا ألهمهما اللّه أو أعلمهما رسولهم (وَعَلَى اللَّهِ) لا سواه (فَتَوَكَّلُوا) وكّلوا أموركم له (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ( 23 ) أهل الإسلام سدادا .
----------
(وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون) إذ لا نطيقهم .
(قال رجلان) كالب ويوشع (من الذين يخافون) الله قيل: كانا من الجبابرة أسلما وأتيا موسى (أنعم الله عليهما) بالتوفيق للإيمان صفة أخرى لهما أو اعتراض (ادخلوا عليهم الباب) باب قريتهم ولا تخشوهم فإنهم أجسام بلا قلوب (فإذا دخلتموه فإنكم غالبون) علما ذلك من إخبار موسى وقوله: كتب الله لكم أو مما عهدا من قهر الله أعداء موسى (وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين) به وبوعده .
ص: 136
(قالُوا) لرسولهم (يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها) أمصارهم (أَبَداً) دهرا طوالا وهو (ما دامُوا) دهر دوام الأعداء (فِيها) أمصارهم أعدموا ورودهم إعداما مؤكّدا (فَاذْهَبْ) رح (أَنْتَ) لعماسهم (وَرَبُّكَ) ردءك أو اللّه (فَقاتِلا) هم كلاكما أو اعمل العماس واللّه ممدّك ، أو كلّموه عداء وعدولا وطردوا (إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ) ( 24 ) عمّا هو أمرك وهو العماس .
ولمّا عصوه وحار وعسر الأمر (قالَ) رسولهم حّ روما للمدد (رَبِّ) اللهمّ (إِنِّي لا أَمْلِكُ) لأداء أمرك وحكمك (إِلَّا نَفْسِي وَ) إلّا (أَخِي) أو هو ما ملك إلّا عطله ، ولمّا عسر الأمر ما ادّكر معه إلّا الرسول المعصوم (فَافْرُقْ) واحكم حكما صارما (بَيْنَنا) أهل الإسلام والطوع وأوصلهم ما هو موعودك لهم (وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) ( 25 ) الرهط الطّلاح وأوصلهم ما هم أهله .
(قالَ) اللّه (فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ) حرّم اللّه (عَلَيْهِمْ) ورودها وملكها لمّا عصوا (أَرْبَعِينَ سَنَةً) عامّا حدّ عدم ورودهم وعدم ملكها لهم إعلاما لحصول ما راموا حال كمال العهد المعهود لما ورد لمّا مرّ العهد وكمل العدد سار رسولهم المسطور ، أو رسول سواه مع أسراهم وملكها ورمكها ما أراد اللّه بها وهلك أو هؤلاء الأعوام حدّ ما ورد وراءه وهو (يَتِيهُونَ) هو العمة وعدم وصول الصراط ، وحّ حرّم ورودهم لها دواما لما وردهم ما وردوها ، وورد أولادهم وراء
----------
(قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها) بدل بعض من أبدا (فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون) قالوا ذلك استهانة بالله ورسوله .
(قال) موسى (رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق) فافصل (بيننا وبين القوم الفاسقين) .
(قال فإنها محرمة عليهم) لا يدخلونها (أربعين سنة يتيهون
ص: 137
هلاكهم (فِي الْأَرْضِ) المعهود أمرها والمراد المهمة مع مصول مراحلها وعاملهم اللّه وآم ما عملوا أوّلا ولمّا سدم رسولهم عمّا دعاهم دعاء سوء لعسر أمرهم أرسل (فَلا تَأْسَ) واطرح السدم (عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) ( 26 ) لما هم أهل له ورد كلما ساروا مساء وعدوا أسحروا محلّ الإمساء ، وكلّما ساروا سحرا وعدوا أمسوا محلّ الإسحار ورسولهم وردؤه كلاهما معهم ، والعمة المسطور روح لهما وإعلاء لمراهصهما وحدّ لهؤلاء ، وهلكوا كلّهم إلّا رهطا أماصل وهلك رسولهم وردؤه وساروا مع رسول سواهما وعاركوا الأعداء وكسروهم وملكوا أمصارهم .
(وَاتْلُ) محمّد ( ص ) (عَلَيْهِمْ) أهل الطرس (نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ) لحّا أو هما أمراء هود وهو المساعد لكلام ورد وراءه موصولا (بِالْحَقِّ) والسداد والوام لطروس الأوّل ، أو حال سدادك (إِذْ) لما كره أحدهما ما أمر اللّه آدم وهو أهول كلّ واحد ممّا أولاده مع ما ولد ما سواه ، وأراد أهول ما ولد معه لما راعه لا ما ولد مع سواه ، وحصل وسطهما لدد ومراء وأمرهما آدم أمرا معلما سداد الصالح وعملا وهو مدلول (قَرَّبا) كلاهما (قُرْباناً) أحدهما حملا أملح ، وسواه أرداء سمراء ، له وحدّه لما أصله المصدر ، وهو عامّ لكلّ أمر مروم معه
----------
في الأرض) يسيرون فيها متحيرين (فلا تأس) لا تحزن (على القوم الفاسقين) روي: لبثوا في التيه أربعين سنة يسيرون من المساء إلى الصباح فإذا هم بحيث ارتحلوا عنه، ومات فيه هارون ثم موسى .
(واتل عليهم نبأ ابني ءادم) قابيل وهابيل (بالحق) بالصدق (إذ قربا قربانا) اسم لما يتقرب به إلى الله روي: أن آدم أمر أن يدفع الوصية إلى هابيل فغضب قابيل وكان أكبر فقال: قربا قربانا فمن أيكما يقبل دفعتها إليه
ص: 138
الوصول صدد اللّه وأممه (فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما) ما عمل وهو حمله وأرسل لأكله ساعور (وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ) ما عمل وهو أردأ السمراء وما أرسل لأكله الساعور لما طرح أمر اللّه وما أصلح سأوه وعمد إعطاء ما هو أردأ لداه ، وأمد وحسد الأوّل وهمّ إهلاكه و (قالَ) له (لَأَقْتُلَنَّكَ) سأل الأوّل لم حاور لحصول مرامك (قالَ) ردّا له (إِنَّما) ما (يَتَقَبَّلُ اللَّهُ) الملك العدل إلّا (مِنْ) الملأ (الْمُتَّقِينَ) ( 27 ) أهل الورع ومالك ورع لكرهك وطرحك حكمه .
واللّه (لَئِنْ بَسَطْتَ) المراد المدّ (إِلَيَّ يَدَكَ) مع حصرك وعدم طولك (لِتَقْتُلَنِي) حدلا وعداء (ما أَنَا بِباسِطٍ) مادّ (يَدِيَ إِلَيْكَ) مع حصول الطول (لِأَقْتُلَكَ) عداء وطلاحا لعدم حلّ الدرء والإهلاك ح أو روما لما هو الأصلح ، أو المراد ما هو مهلكا له أوّلا ولو همّ إهلاكه أهلكه وما أهلكه إلّا حال هكر أو عدم علم (إِنِّي أَخافُ اللَّهَ) مالك الملك والأمر (رَبَّ الْعالَمِينَ) ( 28 ) مصلحهم وحاكمهم هو معلّل لطرحه الإهلاك وعدم همّه الدرء كما ورد معلّلا له
(إِنِّي أُرِيدُ) كلام الهالك (أَنْ تَبُوءَ) عودك موصولا (بِإِثْمِي) أو حملك له والمراد إصر إهلاكه (وَإِثْمِكَ) أراد طرحه أمر الوالد والحسد واللدد ، وما أراد
----------
(فتقبل من أحدهما) هابيل إذ قرب من خير غنمه (ولم يتقبل من الآخر) قابيل إذ قرب أردأ زرعه (قال لأقتلنك) توعده بالقتل لفرط حسده له على تقبل قربانه (قال) جوابا له (إنما يتقبل الله من المتقين) أي إنما أصبت من قبل نفسك بترك التقوى لا من قبلي فلم تقتلني .
(لئن بسطت إلي يدك لتقتلني) ظلما (ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك) دفعا ومقابلة (إني أخاف الله رب العالمين) .
(إني أريد أن تبوأ) ترجع متلبسا (بإثمي) بإثم قتلي (وإثمك) الذي كان منك من قبل، أو أن تحمل إثمي لو بسطت إليك يدي وإثمك ببسطك يدك إلي ولم يرد
ص: 139
الهالك إصر المهلك إلّا لعدوله وردّه أمر اللّه أو لهمّه إهلاكه حدلا (فَتَكُونَ) معدودا (مِنْ أَصْحابِ) أهل (النَّارِ) الساعور ولا أروم إهلاكك وورد الساعور (وَذلِكَ) المعهود (جَزاءُ) الرهط (الظَّالِمِينَ) ( 29 ) لأعطاهم وأرواحهم .
(فَطَوَّعَتْ) وسّع وسهّل (لَهُ) للمهلك (نَفْسُهُ) السوءاء (قَتْلَ) إهلاك (أَخِيهِ فَقَتَلَهُ) أهلكه صدد حراء (فَأَصْبَحَ) صار حال إهلاكه (مِنَ) الرهط (الْخاسِرِينَ) ( 30 ) حالا ومآلا لما أكمل عمره مطرودا مهموما .
ولمّا أهلكه حار وطرحه العراء عصرا ، وما أدرك الرمس ولا وساه لما هو أوّل هالك أولاد آدم وحمله مطاه وسط مسك حولا ، ولمّا أروح وعد الهرّ وأوس وأمّ عامر وسواها حوله لما أراح هؤلاء حار (فَبَعَثَ اللَّهُ) لحكمه (غُراباً) أعور عارك أعور وأهلكه وصار (يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ) داحصا لها ورامسا للهالك (لِيُرِيَهُ) هو أو اللّه (كَيْفَ) حالّ (يُوارِي) المهلك (سَوْأَةَ) عطل (أَخِيهِ) الهالك لسوء مرآه (قالَ) المهلك (يا وَيْلَتى) هلكا
----------
بالذات معصية أخيه وشقاوته، أو أريد بالإثم عقوبته (فتكون من أصحاب النار) بظلمك لي (وذلك جزاء الظالمين) من قوله أو قول الله .
(فطوعت) سهلت (له نفسه قتل أخيه فقتله) قيل وهو ابن عشرين سنة بالهند، أو عقبة حراء، أو موضع مسجد البصرة (فأصبح من الخاسرين) للدارين إذ بقي عمره طريدا فزعا .
(فبعث الله غرابا يبحث في الأرض) روي لما قتله لم يدر ما يصنع به فجاء غرابان فقتل أحدهما صاحبه ثم حفر له بمخالبه ودفن فيه صاحبه (ليريه كيف يواري) يستر (سوأة أخيه) جسده الميت فإنه يستقبح أن يرى (قال يا ويلتى) احضري فهذا وقتك وألفها بدل ياء المتكلم
ص: 140
هلمّ الحال حالك والعصر عصرك والمراد إعلام كمال صدم وحسر (أَ عَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ) أعمل (مِثْلَ) عمل (هذَا الْغُرابِ) الواكس الإدراك (فَأُوارِيَ) أرمس (سَوْأَةَ) عطل (أَخِي) الهالك (فَأَصْبَحَ) صار معدودا (مِنَ) الرهط (النَّادِمِينَ) ( 31 ) لحمله حولا أوس لاسوداد عطله حال الإهلاك أو لكره أمّه ووالده له ، وأكر المرمس ورمسه وواراه .
(مِنْ أَجْلِ) كره (ذلِكَ) العمل السوء ، هو مصدر أورد محلّ الأدلاء ، والكلام صلح للوصل مع كلام أمامه أو وراءه ومعلّل لكلّ واحد (كَتَبْنا) حكما وأمرا (عَلى بَنِي) أولاد (إِسْرائِيلَ) وسط طرسهم أوردهم لا سواهم مع عموم الحكم للكلّ لورود الأحكام وسط طرسهم أوّلا (أَنَّهُ) الأمر والحكم (مَنْ قَتَلَ) أهلك (نَفْساً) ما (بِغَيْرِ) إهلاك (نَفْسٍ) ما (أَوْ فَسادٍ) طلاح عمله (فِي الْأَرْضِ) وهو العدل مع اللّه أو حسم الصراط أو كلّ طلاح عدله ومؤدّاه الإهلاك (فَكَأَنَّما قَتَلَ) أهلك (النَّاسَ جَمِيعاً) كلّهم لما هو حال إهلاك الواحد حرّ لحرد اللّه وورود دار الآلام ووصول صروع الآصار كما لو أهلك الكلّ ، أو لما أحلّ الدماء وسلك مسلك الإهلاك أوّلا وصار مسلكه صراطا لسواه (وَمَنْ أَحْياها) مسلّمها ممّا هو مؤدّ للهلاك كمصع ورود ماء وساعور
----------
(أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب) في العلم (فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين) على قتله لاسوداد جسده وتبري أبيه منه وحمله له سنة إذ تخير فيه ولم يندم عن توبة .
(من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل) وغيرهم (أنه من قتل نفسا بغير) قتل (نفس أو) بغير (فساد في الأرض) كالشرك وقطع الطريق (فكأنما قتل الناس جميعا) فإنه هتك حرمة الدماء وسن القتل وجرأ الناس عليه، أو لاستواء قتل الواحد والجميع في استجلاب العذاب (ومن أحياها) أنقذها من سبب
ص: 141
وهدم أو طرح إهلاكها (فَكَأَنَّما أَحْيَا) سلّم (النَّاسَ) أو طرح إهلاكهم (جَمِيعاً) كلّا وهو كلام محرّص لعمل السداد والصلاح ورادع عمّا هو الأود والطلاح المهلك ، لمّا علم إهلاك الواحد كإهلاك الكلّ ما أهلك أحدا ، ولمّا علم طرح إهلاك الواحد كطرح إهلاك الواحد كطرح إهلاك الكلّ وردّ طرح الإهلاك (وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ) أولاد إسرال المسطور حالهم (رُسُلُنا بِالْبَيِّناتِ) الأدلّاء وكودا للأمر وإحكاما للعهد (ثُمَّ إِنَّ) رهطا (كَثِيراً) لا ماصلا (مِنْهُمْ) هؤلاء الأولاد (بَعْدَ ذلِكَ) الحكم وورود الرسل مع الأدلّاء (فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ) ( 32 ) عدوا ما حدّهم اللّه وعاملوا ما حرّمهم عداء وطرحا لرعاء أمر اللّه وهو الإهلاك حدلا وح وصل الكلام مع ما ورد أمامه .
(إِنَّما) ما (جَزاءُ) الرهط (الَّذِينَ يُحارِبُونَ) أصله عطو المالى سطوا (اللَّهَ وَرَسُولَهُ) أودّاءهما وهم أهل الإسلام والمراد حسّام الصراط أو لصوص لهم سطو ولو مصرا (وَيَسْعَوْنَ فِي) عراص (الْأَرْضِ فَساداً) أهل طلاح وهو حال أو للطلاح أو مصدر وهو حسم الصراط إلّا (أَنْ يُقَتَّلُوا) إهلاكهم واحدا واحدا لو عملوا الإهلاك وحده (أَوْ يُصَلَّبُوا) واحدا واحدا مع الإهلاك أوّلا أو لا لو أهلكوا وعطو المال معا (أَوْ تُقَطَّعَ) صرما معهودا
----------
هلكة (فكأنما أحيا الناس جميعا) لما مر (ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك) بعد ما كتبنا عليهم وجاءتهم الرسل بالآيات الواضحة (في الأرض لمسرفون) مجاوزون الحد بالقتل والشرك .
(إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا) روي: أن المحارب من شهر السلاح وأخاف الطريق في المصر أو لخارجه (أن يقتلوا) قصاصا أو حدا (أو يصلبوا) مع القتل إن قتلوا وأخذوا المال (أو تقطع
ص: 142
(أَيْدِيهِمْ) ممّا هو معاصمها (وَأَرْجُلُهُمْ) كالمعاصم لو عطوا المال وما أهلكوا (مِنْ خِلافٍ) وهو حال (أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ) وهو عكلهم معكل سوء ، أو إطرادهم مع عدم ركودهم محلّا واحدا لو روّعوا وما عملوا سواه ، و « أو » ح لإعلام عدد أحكامهم ، وورد هو لأحد الأمور وللإمام عمل ما أراد مع كلّ أحد حسم الصراط (ذلِكَ) الحكم (لَهُمْ خِزْيٌ) طرد ودحور (فِي) الدار (الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي) الدار (الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) ( 33 ) وهو ورود الساعور ووصول آلامها .
(إِلَّا) الرهط (الَّذِينَ تابُوا) هادوا وعادوا عمّا عملوا (مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا) ألوّكم (عَلَيْهِمْ) حسّام الصراط وح ما مرّ ممحوّ لهم ومطروح والمراد ما هو للّه ممحوّ لا ما هو للعالم كما دلّ (فَاعْلَمُوا) أهل الإسلام (أَنَّ اللَّهَ) أرحم الرحماء (غَفُورٌ) ماح لإصرهم لما عادوا (رَحِيمٌ) ( 34 ) راحم لهم .
ولمّا أورد هودهم أمام الألوّ علم لو هادوا وراءه ما درأ الحدّ أصلا ولو درء إصر المعاد وعلم هم أهل إسلام حسموا الصراط لما صحّ هود العادل دارئ
----------
أيديهم وأرجلهم من خلاف) اليد اليمنى والرجل اليسرى إن أخذوا المال ولم يقتلوا (أو ينفوا من الأرض) من بلد إلى بلد بحيث لا يمكنون من القرار في بلد إن أخافوا فقط، والآية لا تفيد التفصيل بل ظاهرها تخير الوالي بينها في كل محارب كما في بعض الروايات المعتبرة وفي بعضها التفصيل (ذلك لهم خزي) فضيحة (في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم) مع ذلك .
(إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم) قيل استثناء بالنسبة إلى حق الله فقط ويؤيده (فاعلموا أن الله غفور رحيم) .
ص: 143
لإصره وعدّه أمام الألوّ ووراءه .
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (اتَّقُوا اللَّهَ) روعوه وارعووا عمّا هو السوء (وَابْتَغُوا) روموا (إِلَيْهِ) وكرمه (الْوَسِيلَةَ) ما هو موصلكم لإكرامه ورحمه ، وهو طوع أعمال السداد وطرح أعمال السوء والمعارّ (وَجاهِدُوا) عاركوا الأعداء حسّا وسرّا (فِي) سلوك (سَبِيلِهِ) صراط وصول اللّه (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ( 35 ) وهو وصول مراحمه وحصول مكارمه .
(إِنَّ) الرهط (الَّذِينَ كَفَرُوا) ردّوا أوامر اللّه وأحكامه (لَوْ) صحّ (أَنَّ لَهُمْ) ملكا (ما) حلّ (فِي الْأَرْضِ) وهو صروع الأموال (جَمِيعاً) كلّه (وَمِثْلَهُ) عدله (مَعَهُ) وأعطوها (لِيَفْتَدُوا) اللّام عامله مطروح دعه لو أراد (بِهِ) معاده الموصول وما وصل معه ، وحدّه لما أراد المسطور أو لإصاره كاسم الومء أو الواو مدلوله مع أراد لإصارهم له حماء لهم (مِنْ) وصول (عَذابِ) سوء (يَوْمِ الْقِيامَةِ) الموعود وروده (ما تُقُبِّلَ) الحماء (مِنْهُمْ) دواما وهو حوار لو والكلام لاعلام لسوم الإصر لهم ولا رادّ لما أوعدهم اللّه (وَلَهُمْ) حّ (عَذابٌ أَلِيمٌ) ( 36 ) مؤلم وما لهم صراط سلام وهو
----------
(يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة) ما تتوسلون به إلى ثوابه من الطاعة (وجاهدوا في سبيله) أعداءه لإعزاز دينه (لعلكم تفلحون) تظفرون بنعيم الأبد .
(إن الذين كفروا لو) ثبت (أن لهم ما في الأرض) من المال (جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم) .
ص: 144
مصرّح للمراد ممّا أورد أمامه كما صرّح .
(يُرِيدُونَ) مرادهم عصرا موعودا وأملهم (أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ) دار السوء والآلام (وَما هُمْ) هؤلاء الطّلاح (بِخارِجِينَ مِنْها) سرمدا (وَلَهُمْ) وسطها (عَذابٌ) صدّ (مُقِيمٌ) ( 37 ) راه مداوم .
(وَ) ممّا هو مرسل لكم (السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ) والمراد حكمهما (فَاقْطَعُوا) اصرموا واحسموا (أَيْدِيَهُما) أكواعها لو عطوا سرّا مالا محروسا هو ملك سواهم مع لهاء معهود (جَزاءً) لحصول العدل أو هو مصدر لعامل مطروح مدلول للكلام الأوّل (بِما) عمل (كَسَبا) عملاه (نَكالًا) حدّا وإصرا لهما وردعا (مِنَ اللَّهِ) لسواهما أو هو مصدر طرح عامله كالأوّل (وَاللَّهُ) عدل (عَزِيزٌ) كامل سطو وعلوّ لا راد لأمره (حَكِيمٌ) ( 38 ) لحكمه وهو صرم أكواعهما وسواه حكم ومصالح ودواع صوالح .
(فَمَنْ) كلّ أحد (تابَ) هاد وعاد (مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ) حدله وعمله السوء وهو عطو أموال سواه سرّا (وَأَصْلَحَ) أمره وحاله وسلّم الأموال وردّها لملّاكها وعمل كما هو مأمور وصمد مصمّما عدم العود (فَإِنَّ اللَّهَ) أرحم الرحماء (يَتُوبُ عَلَيْهِ) أصله العود والمواد سماع عوده ومحو آصاره وطرح
----------
(يريدون) يتمنون (أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم) وأبدل ما هم بخارجين عن وما يخرجون للمبالغة .
(والسارق والسارقة فاقطعوا) دخلت الفاء لشبهه بالجزاء لأن أل موصولة (أيديهما) من أصول الأصابع وبترك الإبهام عندنا فإن عاد قطعت رجله اليسرى من أصل الساق ويترك العقب فإن عاد خلد في السجن (جزاء بما كسبأ) مفعول له أو مصدر، وكذا (نكالا من الله والله عزيز حكيم فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه
ص: 145
معارّه إلّا صرم الكوع لما هو لولد آدم وهؤلاء للّه لا لولد آدم (إِنَّ اللَّهَ) أكرم الكرماء (غَفُورٌ) للآصار والمعارّ (رَحِيمٌ) ( 39 ) موصل السرّاء والآلاء سامع كلّ سؤال ودعاء .
(أَ لَمْ) سؤال محصّل (تَعْلَمْ) محمّد ( ص ) أو عامّ (أَنَّ اللَّهَ) إله الكلّ (لَهُ) ملكه (مُلْكُ السَّماواتِ) والمراد عالم العلو كلّه (وَ) ملك (الْأَرْضِ) والمراد عالم الحطوط كلّه (يُعَذِّبُ) كلّ (مَنْ يَشاءُ) حدّه وهو كلّ أحد هلك رادّا مردودا أورده أوّلا لما أراد الصرم ، وهو حاصل حالا أو وئاما لما مرّ (وَيَغْفِرُ لِمَنْ) لكلّ أحد (يَشاءُ) محو آصاره وطرح معارّه (وَاللَّهُ) مالك الكلّ (عَلى كُلِّ شَيْءٍ) ممّا مرّ وسواه مما صلح الألوّ له (قَدِيرٌ) ( 40 ) كامل الألوّ .
(يا أَيُّهَا الرَّسُولُ) المرسل (لا يَحْزُنْكَ) ودع الهمّ والسدم ممّا عمل الرهط (الَّذِينَ يُسارِعُونَ) عملهم ومعودهم الإسراع (فِي) إعلاء (الْكُفْرِ) كلّما ساعدهم العصر وواساهم الدهر (مِنَ الَّذِينَ) أرادهم الرهط اللاؤا (قالُوا) ولعا (آمَنَّا) إسلاما سدادا وما كلّموا إلّا (بِأَفْواهِهِمْ) مساحلهم (وَ) الحال (لَمْ تُؤْمِنْ) إسلاما ما (قُلُوبُهُمْ) أرواعهم (وَمِنَ الَّذِينَ) أراد
----------
إن الله غفور رحيم) .
(ألم تعلم) خطاب للنبي أو لكل أحد (أن الله له ملك السموات والأرض يعذب من يشاء) من العصاة (ويغفر لمن يشاء) منهم (والله على كل شيء قدير) ومنه التعذيب والمغفرة وقدم عليها لمقابلة تقدم السرقة على التوبة أو لتقدم استحقاقه .
(يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر) في إظهاره إذا وجدوا منه فرصة (من الذين) بيان (قالوا آمنا بأفواههم) متعلقة بقالوا (ولم تؤمن قلوبهم) حال أو عطف على قالوا (ومن الذين
ص: 146
والرهط اللّاءوا (هادُوا) وهم رهط (سَمَّاعُونَ) كلامك (لِلْكَذِبِ) لرصّهم معه كلاما والعا أو المراد أوكد سماعا لولع رؤساؤهم وعلماؤهم (سَمَّاعُونَ) كلامك كرّره مؤكّدا (لِقَوْمٍ) لإعلام رهط (آخَرِينَ) أرسلوهم لسماع كلامك وإعلامهم لهم أو أرادهم سمّاع كلام رهطهم سماع طوع أو كدّ سماع لرهط (لَمْ يَأْتُوكَ) ما وردك اللاؤا أرسلوهم (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ) كلام طرسهم وحكمه كحكم إهلال العاهر وهو حال أو لا محلّ له أو محمول لمطروح (مِنْ بَعْدِ) ركوده وسط (مَواضِعِهِ) محاله اللاء أحلّه اللّه وسطها (يَقُولُونَ) لرهط أرسلوهم (إِنْ أُوتِيتُمْ) أعطاكم محمّد ( ص ) وحكم لكم هذا الحكم المحوّل ، وهو حلاء العاهر سوطا (فَخُذُوهُ) الحكم واعملوه (وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ) ما أعطاكم محمّد ( ص ) الحكم المعهود وحكم لكم إهلاك العاهر (فَاحْذَرُوا) سماع كلامه ورد عهر أكرما رهط حدّهما الإهلاك ردسا ، وهم كرهوا إهلاكهما لكرم أصلهما وأرسلوهما مع رهط لسؤال رسول اللّه صلعم عمّا هو حدّهما ، وكلّموهم لو أمركم الحلؤ اسمعوا أمره وطاوعوا حكمه ، ولو أمركم الإهلاك ردسا اطرحوه ودعوه ، ولمّا وردوا رسول اللّه صلعم وسألوه علاه السلام
----------
هادوا سماعون للكذب) زيدت اللام لتضمين السماع معنى القبول أي قابلون لما تفتريه أحبارهم أو للعلة والمفعول محذوف أي سماعون قولك ليكذبوا عليك.
(سماعون لقوم آخرين لم يأتوك) أي قابلون لقول قوم آخرين من اليهود لم يحضروا عندك تكبرا أو بغضا لك أو سماعون منك لأجلهم (يحرفون الكلم من بعد مواضعه) عن مواضعه التي وضعه الله فيها (يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه) أي إن أفتاكم محمد صلی الله علیه و اله بهذا الحكم المحرف فاقبلوه (وإن لم تؤتوه) بل أفتاكم بخلافه (فاحذروا) أن تقبلوه نزلت في عبد الله بن أبي حيث قالت له بنو النضير:
ص: 147
حكمهما حاورهم حدّهما الإهلاك ، وطرحوه وولّوا رؤوسهم ، وحكّم رسول اللّه صلعم وسطه ووسط هؤلاء أعلمهم ، وكلّمه : أسألك اللّه الواحد صاعد الداماء لرسولكم وسامك الطور لكم ومهلك عدوّكم ومرسل طرسكم وحلاله وحرامه هل وسط طرسكم إهلاك العاهر ردسا ؟ حاور هو مرسوم وسطه وسار له ره 2 طه وكلّمهم ما أعلمه وما حاوره سدادا إلّا هول ورود الإصر والسوء لو ردّه ، وأمر رسول اللّه صلعم حّ إهلاكهما وأهلكوهما ردسا (وَ) كلّ (مَنْ يُرِدِ اللَّهُ) ملك الكلّ ومالكه (فِتْنَتَهُ) عدم هداه هو ردّ لوهم رهط حكموا الإسلام هو مراد اللّه لا العدول (فَلَنْ تَمْلِكَ) محمّد دواما (لَهُ مِنَ) ردّ أمر (اللَّهِ شَيْئاً) ردّا ولو ماصلا حسم أمل محمد رسول اللّه صلعم عمّا أسلم هؤلاء (أُولئِكَ) المراد سوءهم الرهط (الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ) عالم الأسرار (أَنْ يُطَهِّرَ) عمّا هو الركس وهو ردّ الإسلام والعدل مع اللّه (قُلُوبُهُمْ) أرواعهم وأسرارهم لعلمه هم روّام العدول وردّاد الإسلام (لَهُمْ) لأهل المحل والهود (فِي) الدار (الدُّنْيا خِزْيٌ) هول هلاك وعطو مال مودود لهم سطوا (وَلَهُمْ فِي) الدار (الْآخِرَةِ عَذابٌ) حدّ (عَظِيمٌ) ( 41 ) عسر هو ورود الساعور وركودها دواما .
----------
إن بيننا وبين قريظة عهد في القتل مخالف للتوراة فسل محمدا أن لا ينقضنا إن تحاكمنا إليه فقال ابعثوا رجلا يسمع كلامي وكلامه فإن حكم لكم بما تريدون وإلا فلا ترضوا به (ومن يرد الله فتنته) اختياره ليفتضح (فلن تملك له من الله) في دفع أمره شيئا (أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم) حيث اختاروا تدنيسها بالكفر لعلمه بأن لطفه لا ينجع فهيم (لهم في الدنيا خزي) ذل بالجزية والفضيحة (ولهم في الآخرة عذاب عظيم) بتخليدهم النار والضمير للفريقين
ص: 148
هم (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ) كرر مؤكّدا (أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ) هو كلّ ما حرم سمعه ، وأصل الاصطلام سمّاه لما هو مصطلم الدرّ (فَإِنْ جاؤُكَ) وردوك لروم الحكم (فَاحْكُمْ) كما أمرك اللّه (بَيْنَهُمْ) وسطهم (أَوْ أَعْرِضْ) ولّ رأسك وحوّل رواءك (عَنْهُمْ) ورد هو محكم محدود لورود احكم وراءه (وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ) حكمهم (فَلَنْ يَضُرُّوكَ) ما هم أهل الألوّ لعمل السوء معك ، وما هو مسطاعهم لما اللّه عاصمك عما أرادوك (شَيْئاً) ولو ماصلا (وَإِنْ حَكَمْتَ) ولو راعك الحكم وسطهم (فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ) وسطهم (بِالْقِسْطِ) العدل كما أمرك اللّه (إِنَّ اللَّهَ) إله الكلّ (يُحِبُّ) الملأ (الْمُقْسِطِينَ) ( 42 ) أهل العدل وهو حارسهم ومكرهم .
(وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ) محوّلوك حاكما ومطاوعو حكمك مع عدم إسلامهم لك (وَ) الحال (عِنْدَهُمُ) الطرس المرسل وهو (التَّوْراةُ فِيها) وسطها (حُكْمُ اللَّهِ) وهو ردس العاهر والمراد ما راموا إلّا ما سهل لهم كالحلؤ محلّ الإهلاك والردس ولو علموا ما هو حكم اللّه (ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ) عمّا هو حكمك المساعد لطرسهم (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) ما حكّمكوك (وَما أُولئِكَ )
----------
أو اليهود .
(سماعون للكذب) كرر تأكيدا (أكالون للسحت) الحرام كالرشاء (فإن جاءوك) متحاكمين إليك (فاحكم بينهم أو أعرض عنهم) خير (صلى الله عليه وآله وسلّم) بين الحكم والإعراض وكذا الأئمة والحكام وقيل نسخ بآية وأن احكم بينهم (وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا) لن يقدروا لك على ضرر (وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط) بالعدل (إن الله يحب المقسطين) فيثيبهم .
(وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله) تعجيب من تحكيمهم من لا يؤمنون به مع صراحة الحكم في كتابهم وتنبيه على أنهم ما قصدوا به معرفة الحق بل ما هو أهون عليهم (ثم يتولون من بعد ذلك وما أولئك
ص: 149
محوّلو الطرس (بِالْمُؤْمِنِينَ) ( 43 ) أهل إسلام لك أو طرسهم كما ادّعوا .
(إِنَّا أَنْزَلْنَا) أوّلا (التَّوْراةَ) طرس الهود (فِيها هُدىً) ما هو هاد للسداد والصلاح (وَنُورٌ) ما هو معلم كلّ أمر عموس ومصرّحه (يَحْكُمُ بِهَا) أحكامها (النَّبِيُّونَ) الرسل (الَّذِينَ أَسْلَمُوا) طاوعوا لحكم اللّه وحوّلوا طوعهم صراحا للّه ، أورده مادحا للرسل إعلاما لعلوّ حال أهل الإسلام وسوء حال الهود لما هم ما أطاعوا الرسل وما هو مسلكهم وهداهم وهو الإسلام ، والمراد رسل الهود كما دلّ (لِلَّذِينَ هادُوا) عادوا عمّا حرّم اللّه (وَالرَّبَّانِيُّونَ) علماء أسرار اللّه وسالكو مسالك الرسل (وَالْأَحْبارُ) علماء الأحكام (بِمَا اسْتُحْفِظُوا) ما أمرهم اللّه حرسه (مِنْ كِتابِ اللَّهِ) وهو طرس اللّه المرسل لهم (وَكانُوا عَلَيْهِ) حرسه (شُهَداءَ) رصداء لعدم حوال أحكامه (فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ) ردع لحكّام الأمور ، أو هو كلام مع الهود والمراد دعوا هول العالم واطرحوا إسرار محامد محمّد ( ص ) وحكم الردس للعاهر وسواهما (وَاخْشَوْنِ) روعوا ودعوا اسرار أوامر اللّه وأحكامه (وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي )
----------
بالمؤمنين) بكتابهم لإعراضهم عنه وعما يوافقه .
(إنا أنزلنا التوراة فيها هدى) إلى الحق (ونور) بيان للأحكام (يحكم بها النبيون) من بني إسرائيل وموسى ومن بعده فيما تتوافق فيه الشريعتان (الذين أسلموا) صفة مادحة (للذين هادوا والربانيون) الكاملون علما وعملا (والأحبار) العلماء (بما استحفظوا) بسبب الذي كلفهم الله حفظه عن التبديل (من كتاب الله) بيان لما (وكانوا عليه شهداء) أنه حق أو رقباء لئلا يبدل (فلا تخشوا الناس) أيها الحكام في حكوماتكم أو أيها اليهود في إظهار الحق (واخشون) في الحكومة أو كتمان الحق (ولا تشتروا بآياتي
ص: 150
أوس الأحكام وأسرارها (ثَمَناً) مالا (قَلِيلًا) ماصلا وهو الإسلال والسودد (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ) رادّا وملهدا (بِما أَنْزَلَ) أرسل (بِالْمُؤْمِنِينَ) الحكم العدل (اللَّهِ) الرّداد (هُمُ) الرهط (الْكافِرُونَ) ( 44 ) لا سواهم .
(وَكَتَبْنا) حكم اللّه حكما مؤكّدا (عَلَيْهِمْ) الهود (فِيها) طرسهم (أَنَّ النَّفْسَ) إهلاكها (بِالنَّفْسِ) أوسها لو أهلكها أحد حدلا (وَالْعَيْنَ) سملها وسمرها ومحوها (بِالْعَيْنِ) أوسها لو سملها عداء (وَالْأَنْفَ) صرمه (بِالْأَنْفِ) أوس صرمه عدوا (وَالْأُذُنَ) صلمها (بِالْأُذُنِ) أوس صلمها عداء (وَالسِّنَّ) كسره (بِالسِّنِّ) أوس كسره حدلا (وَالْجُرُوحَ) الكلوم اللاء وئامها وعدلها لها (قِصاصٌ) وهو العمل مع الحادل كعمله مع المحدول وإلّا حكم وعدل (فَمَنْ) كلّ أحد ملك العمل المعهود و (تَصَدَّقَ بِهِ) العمل المسطور ومحا أو المراد كلّ حادل ألحم مالك الدم عطله للإهلاك (فَهُوَ) المحو أو إلحامه للهلاك (كَفَّارَةٌ لَهُ) لعامله (وَ) كلّ (مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما) أحكام (أَنْزَلَ) أرسل (اللَّهُ فَأُولئِكَ) الرهط (هُمُ الظَّالِمُونَ) ( 45 ) لا
----------
ثمنا قليلا) رشوة أو جاها (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) للاستهانة ويأتي إن شاء الله وصفهم بالظلم لحكمهم بخلافه والفسق لخروجهم عنه والصفات الثلاث عامة وقيل في اليهود خاصة وقيل هذه في المسلمين والظالمون في اليهود والفاسقون في النصارى .
(وكتبنا عليهم فيها) فرضا على اليهود في التوراة (إن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص) ذات قصاص إن أمكن وإلا فالأرش والحكم مقرر في شرعنا أيضا (فمن تصدق به) أي بالقصاص وعفا عنه (فهو كفارة له) للمصدق تكفر به ذنوبه أو للجاني يسقط ما لزمه (ومن لم يحكم بما أنزل الله) من الأحكام (فأولئك هم الظالمون .
ص: 151
سواهم لطرحهم أوامر اللّه وأحكامه .
(وَقَفَّيْنا) هم أصله إحلال أمر وراء أمر (عَلى آثارِهِمْ) الرسل اللاء أسلموا أو المراد دوركوا وسوردوا (بِعِيسَى) روح اللّه (ابْنِ مَرْيَمَ) رسول اللّه (مُصَدِّقاً) مسدّدا ومسلما وهو حال (لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) ما مرّ أوّلا (مِنَ التَّوْراةِ) طرس رسول الهود (وَآتَيْناهُ) روح اللّه الطرس (الْإِنْجِيلَ) حاصلا (فِيهِ) طرس روح اللّه (هُدىً) ما هو هاد للعالم (وَنُورٌ) ما هو معلم كلّ أمر دموس (وَمُصَدِّقاً) مطاوعا (لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) الطرس (مِنَ التَّوْراةِ) المعلوم أمرها (وَهُدىً) دالّا لأهل الصلاح والسداد (وَمَوْعِظَةً) مروّعا ومروّحا (لِلْمُتَّقِينَ) ( 46 ) أهل الورع .
(وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ) وأمرهم اللّه احكموا واعملوا ، اللّام حّ لام الأمر وأصله الكسر (بِما) أحكام (أَنْزَلَ) أرسل (اللَّهُ فِيهِ) الطرس المعهود (وَ) كلّ (مَنْ) رهط (لَمْ يَحْكُمْ بِما) أحكام (أَنْزَلَ) أرسل (اللَّهُ فَأُولئِكَ) الطّلاح (هُمُ الْفاسِقُونَ) ( 47 ) عادوا حدود اللّه وطارحوا طوعه .
(وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ) محمّد ( ص ) (الْكِتابَ) الطرس المسدّد ، واللام للعهد (بِالْحَقِّ) السداد وإعلام الصلاح والطلاح (مُصَدِّقاً) مسلّما ومطاوعا (لِما) لكلّ ما (بَيْنَ يَدَيْهِ) مرّ أوّلا (مِنَ الْكِتابِ) الطرس عموما هو كلّ
----------
(وقفينا على ءاثارهم بعيسى بن مريم مصدقا لما بين يديه) قبله (من التوراة وءاتيناه الإنجيل فيه هدى ونور) حال (ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين) .
(وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون) دلت الآية على اشتمال الإنجيل على الأحكام واستقلال شرع عيسى ونسخه لليهودية .
(وأنزلنا إليك الكتاب) القرآن (بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب)
ص: 152
طرس أرسله اللّه (وَمُهَيْمِناً) حارسا (عَلَيْهِ) كلّ طرس مرسل عمّا حوّل ومعلما سداده وصلاحه (فَاحْكُمْ) محمّد ( ص ) (بَيْنَهُمْ بِما) أحكام (أَنْزَلَ) أرسل (اللَّهُ) لك (وَلا تَتَّبِعْ) أصلا (أَهْواءَهُمْ) آراءهم السوء عادلا (عَمَّا) أحكام (جاءَكَ) وردك (مِنَ الْحَقِّ) ردع لرسول اللّه صلعم عمّا حكم مطاوعا لما حوّلوه مسلّما لكلامهم الوالع (لِكُلٍّ) كلّ واحد أو كلّ رهط (جَعَلْنا مِنْكُمْ) أهل العالم (شِرْعَةً) موردا (وَمِنْهاجاً) صراطا لامعا لامحا ، والكلام أعلم عدم لسوم عمل أحكام أرسلها اللّه للرسل لرهط محمّد رسول اللّه صلعم (وَلَوْ شاءَ) أراد (اللَّهُ) إله الكلّ ومالكهم (لَجَعَلَكُمْ) حوّلكم (أُمَّةً واحِدَةً) أهل طوع ومورد واحد كلّ الأعصار وما حوّل الأحكام أصلا (وَلكِنْ) راد عدم إطراد الملل (لِيَبْلُوَكُمْ) لاطلاع أحوالكم وأسراركم وعمله معكم عمل مرء مرامه الاطلاع (فِي ما) صروع أحكام وأوامر (آتاكُمْ) أعطاكم وأرسلكم كلّ عصر ودهر ، هل حصل عملكم مساعدا لها أم لا ؟ (فَاسْتَبِقُوا) سارعوا (الْخَيْراتِ) أعمال الصلاح والسداد ، والمراد كلّ ما أمر اللّه ، (إِلَى اللَّهِ) لا سواه (مَرْجِعُكُمْ) مالكم ومعادكم أمدا وهو كلام معلل للأمر وواعد وموعد للعامل والطارح (جَمِيعاً) حال للمكسور والعامل
----------
من جنس الكتب السماوية (ومهيمنا عليه) ورقيبا على سائر الكتب تشهد بصحتها ويحفظها عن التبديل (فاحكم بينهم بما أنزل الله) إليك (ولا تتبع أهواءهم) عادلا (عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم) أيها الأمم (شرعة) للدين (ومنهاجا) طريقا واضحا (ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة) على دين واحد لم ينسخ أبدا (ولكن ليبلوكم فيما ءاتاكم) من الشرائع المختلفة (فاستبقوا الخيرات) فابتدروها (إلى الله مرجعكم جميعا) استئناف يعلل
ص: 153
المصدر (فَيُنَبِّئُكُمْ) هو معلّمكم ومعاملكم معادا (بِما) كلّ حكم سداد الرسل وطروسهم وسواهما (كُنْتُمْ) الحال (فِيهِ) الحكم (تَخْتَلِفُونَ) ( 48 )
(وَ) أرسل اللّه لك الطرس مع السداد ومع (أَنِ احْكُمْ) والمراد أرسل الطرس والحكم (بَيْنَهُمْ) أهل الطرس (بِما) أحكام وأوامر (أَنْزَلَ) أرسل (اللَّهُ) كلام مع الرسول (وَلا تَتَّبِعْ) وأردد (أَهْواءَهُمْ) آراءهم (وَاحْذَرْهُمْ) وألح أمرهم هول (أَنْ يَفْتِنُوكَ) صدّهم لك ومكرهم معك روّعه ، والحال هو معصوم لحسم أطماعهم وصرم أوهامهم (عَنْ بَعْضِ ما) أحكام (أَنْزَلَ) سأرسل (اللَّهُ إِلَيْكَ) للسداد والصّلاح (فَإِنْ تَوَلَّوْا) صدّوا عمّا أرسل اللّه وأرادوا سواه (فَاعْلَمْ أَنَّما) ما (يُرِيدُ اللَّهُ) إلّا (أَنْ يُصِيبَهُمْ) إدراكه وواطأه لهم وإهلاكهم (بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ) هو صدودهم عمّا حكم (وَأَنِ) رهطا (كَثِيراً مِنَ النَّاسِ) ولد آدم (لَفاسِقُونَ) ( 49 ) مرداء عادوا حدود اللّه .
(أَ فَحُكْمَ) ورووا حكم محلّ حكم الملل (الْجاهِلِيَّةِ) المارّ عصرها حال عدم الإسلام وهو إعلاء هلّاك رهط وإلهاد عدوّهم (يَبْغُونَ) موردها
----------
فاستبقوا (فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون) بالفصل بين محقكم ومبطلكم .
(وأن احكم بينهم بما أنزل الله) عطف على الكتاب أو الحق أي أنزلنا الكتاب وأن احكم، أو أنزلناه بالحق وأن احكم (ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك) أن يضلوك (عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا) عن الحكم المنزل (فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم) تنبيه على أن المجازاة بجميع الذنوب يكون في الآخرة كقوله ليذيقهم بعض الذي عملوا (وإن كثيرا من الناس لفاسقون) .
(أفحكم الجاهلية) من الميل والمداهنة (يبغون
ص: 154
رهط سألوا رسول اللّه صلعم إعلاء حالهم وحطوط حال عدوّهم وراموا إهلاك المعدود أوس إهلاك واحدهم ، وحاورهم رسول اللّه صلعم الهلّاك سواء (وَمَنْ) لا أحد (أَحْسَنُ) أسدّ وأعدل (مِنَ اللَّهِ) عالم الكلّ (حُكْماً) الكلام (لِقَوْمٍ) مع ملأ (يُوقِنُونَ) ( 50 ) لهم إدراك الأمور وعلم الأسرار .
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (لا تَتَّخِذُوا) الأعداء (الْيَهُودَ) الولّاع (وَالنَّصارى) الطّلاح (أَوْلِياءَ) أودّاء وأرداء (بَعْضُهُمْ) آحاد هؤلاء أرهاط السوء (أَوْلِياءُ بَعْضٍ) أودّاء آحادهم سوءا وطلاحا ووئاما وهو معلّل للردع (وَمَنْ) كلّ أحد (يَتَوَلَّهُمْ) ودّا وولاء (مِنْكُمْ) أهل الإسلام (فَإِنَّهُ) أهل الودّ معدود (مِنْهُمْ) وموصول معهم وحكمه حكمهم لو أمدّهم أو هو مهوّل مؤكد (إِنَّ اللَّهَ) الملك العدل لا (يَهْدِي) عدلا (الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) ( 51 ) اللّاءوا حدلوا أعطالهم لوداد أهل العدول ، أو أساءوا أعمالهم مع أهل الإسلام لما والوا أعداءهم .
(فَتَرَى) الرهط (الَّذِينَ) حصد وحلّ (فِي قُلُوبِهِمْ) أرواعهم
----------
ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) أي عندهم واللام للتبيين أي هذا الاستفهام لقوم يوقنون.
فإنهم الذين يثبتون أن لا أحسن من الله حكما (يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء) توادونهم وتعتمدون عليهم (بعضهم أولياء بعض) تعليل المنهي أي إنما يوالي بعضهم بعضا لاتخاذهم في الدين (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) حكمه حكمهم من أحب قوما فهو منهم وفيه تغليظ في وجوب مجانبتهم (إن الله لا يهدي القوم الظالمين) لأنفسهم بموالاتهم الكفار .
(فترى الذين في قلوبهم مرض) شك ونفاق كابن أبي « قیل : قال عبادة بن
ص: 155
وأسرارهم (مَرَضٌ) داء وإعوار (يُسارِعُونَ فِيهِمْ) ودادهم ومددهم (يَقُولُونَ) سرّا ومكرا وولعا (نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا) حال (دائِرَةٌ) والمراد وصول حال محوّل للأمر كما صرّح أحدهم وكلّم ما أواد الأعداء وأصالحهم إلّا هول دور الأمر وحوله لهم (فَعَسَى اللَّهُ) أكرم الكرماء (أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ) حصول ملك الحرم أو أمصار الأعداء للرسول صلعم وأهل الإسلام سطوا (أَوْ أَمْرٍ) ما (مِنْ عِنْدِهِ) كاطرادهم وإعلام أسرارهم وإهلاكهم ، أو المراد إهلاك الهود وإصدارهم عمّا ركدوا (فَيُصْبِحُوا) أهل الداء والإعوار (عَلى ما) وداد أو إعوار (أَسَرُّوا) ودسّوا (فِي أَنْفُسِهِمْ) أسرارهم (نادِمِينَ) ( 52 ) سدّاما طولا عمّا أعلوه وصرّحوه .
(وَيَقُولُ) حّ هكرا الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا آحادهم لآحادهم أو للهود (أَ هؤُلاءِ) السّدام هم الرهط (الَّذِينَ أَقْسَمُوا) لكم (بِاللَّهِ) الآسر للكلّ (جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) أوكدها وأحكمها ، أصله مصدر طرح عامله وسدّ هو مسدّه وهو حال محلّ الحال ، والمراد روّاما وطود عهودهم ، أو
----------
الصامت للنبي صلی الله علیه و اله : إن لي موالي من اليهود كثيراً عددهم وأني أبراً إلى الله ورسوله من ولايتهم وأوالي الله ورسوله، فقال ابن أبى: لا أبرأ من ولايتهم لأني أخاف الدوائر.» (يسارعون فيهم) أي في موالاتهم (يقولون) معتذرين عنها (نخشى أن تصيبنا دائرة) من دوائر الزمان بأن ينقلب الأمر فتكون الدولة للكفار (فعسى الله أن يأتي بالفتح) بالنصر لرسوله على أعدائه (أو أمر من عنده) بقتلى اليهود وإجلائهم من ديارهم (فيصبحوا) أي المنافقين (على ما أسروا في أنفسهم) من الشك في أمر النبي وموالاتهم اليهود (نادمين ويقول الذين ءامنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم
ص: 156
مصدر مؤكّد (إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ) مددا وودادا (حَبِطَتْ) طاح (أَعْمالُهُمْ) الصوالح اللّاء عملوها إعلاما للصلاح وإسماعا للسداد لا إسلاما وإصلاحا (فَأَصْبَحُوا) صاروا حالا ومالا (خاسِرِينَ) ( 53 ) عدماء المدد ووصّال آلام السرمد ، وهو إمّا كلام أهل الإسلام أو كلام اللّه .
( يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (مَنْ يَرْتَدَّ) عودا (مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ) الإسلام عامدا لردّه (فَسَوْفَ) مؤكّد للوعد (يَأْتِي اللَّهُ) محلّهم (بِقَوْمٍ) كمّل صلحاء (يُحِبُّهُمْ) اللّه والمراد هو سامع أعمالهم ومادحهم وممدّهم (وَ) هم (يُحِبُّونَهُ) اللّه ومطاوعوه وموادّوه ولاووا طوعه ، وهو أحد أعلام إرساله صلعم لما أعلم ما لا حصول له أصلا ، وحصل وراء إعلامه إعصارا لمّا رحل رسول اللّه صلعم للعالم الأطهر حال أرهاط وطرحوا الإسلام ، وماصعهم أهل الإسلام وكسروهم وأهلكوا مرداءهم وأعادوا أسراهم وأولادهم للإسلام (أَذِلَّةٍ) رحماء كرماء (عَلَى) الملأ (الْمُؤْمِنِينَ) المراد مطاوعوهم ومساعدوهم وهم مع أهل الإسلام كالولد لوالده والمملوك لمالكه (أَعِزَّةٍ) أهل سطو وعلوّ (عَلَى) الرهط (الْكافِرِينَ) الأعداء
----------
إنهم لمعكم) يقول بعضهم لبعض تعجبا من حال المنافقين واغتباطا بما وفقوا به من الإخلاص أو يقولونه لليهود إذ حلف لهم المنافقون بالنصرة ونصب جهدا مصدرا أو حالا أي حلفوا يجتهدون جهد أيمانهم أي أغلظها فحذف الفعل ونابه المصدر فجاز تعليقها (حبطت أعمالهم) من القول أو قول الله أي بطلت أعمالهم التي تكلفوها رياء (فأصبحوا خاسرين) للدارين .
(يا أيها الذين ءامنوا من يرتد منكم عن دينه) فلن يضر الله (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم) ويوفقهم لرضاه أو بحسن ثوابهم (ويحبونه) يطيعونه ولا يعصونه (أذلة على المؤمنين) عاطفين عليهم بتواضع (أعزة على الكافرين)
ص: 157
(يُجاهِدُونَ) الأعداء (فِي سَبِيلِ) وصول (اللَّهِ وَ) العال ( لا يَخافُونَ) أصلا ورأسا أو الواو للوصل مع ما أمامه (لَوْمَةَ) عوار أحد (لائِمٍ ذلِكَ) كلّ ما مرّ (فَضْلُ اللَّهِ) كرمه وعطاؤه (يُؤْتِيهِ) كلّ (مَنْ يَشاءُ) إعطاءه (وَاللَّهُ واسِعٌ) عطاؤه (عَلِيمٌ) ( 54 ) عالم لأهله .
لمّا ردع وداد أهل الإسلام مع أهل العدول والردّ ردعا مؤكّدا والاه وداد أهل الإسلام (إِنَّما) ما (وَلِيُّكُمُ) ودودكم وممدّكم إلّا (اللَّهُ) مالككم (وَرَسُولُهُ) أمامكم (وَ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا وحدّ المحكوم علاه مع عدّ المحمول إعلاما لحصول الولاء للّه أصلا وأوّلا ولما سواه ولاء . والمراد (الَّذِينَ) أو هم اللاؤا (يُقِيمُونَ الصَّلاةَ) مع أوامرها وأحكامها (وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) مع حدودها (وَ) الحال (هُمْ راكِعُونَ) ( 55 )
----------
أشداء عليهم من عزة إذا غلبه (يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم) بتقلبهم في دينهم (ذلك) المذكور من الأوصاف (فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم) وهؤلاء الموصوفون قيل هم أهل اليمن وقيل هم الفرس وقيل الأنصار والأصح ما روي عن أهل البيت (عليهم السلام) أنها في علي وأصحابه وقتالهم للناكثين والمارقين والقاسطين. وروي أنها في المهدي وأصحابه .
(إنما وليكم) الأولى بكم والمتولي أموركم (الله ورسوله والذين ءامنوا) وأفرد الولي إيذانا بأن الولاية لله تعالى أصالة ولغيره تبعا (الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) نزلت في علي (عليه السلام) حين سأل سائل وهو راكع في صلاته فأومأ إليه بخنصره فأخذ خاتمه منها بإطباق أكثر المفسرين واستفاضة الروايات فيه من الجانبين وتدل على إمامته دون من سواه للحصر وعدم اتصاف غيره بهذه الصفات وعبر عنه بصيغة الجمع تعظيما أو لدخول أولاده الطاهرين .
ص: 158
مودحو كمال اللّه ورد موردها أسد اللّه الكرّار حال ما سأله صعلوك وأعطاه وطرح له ما معه وهو راكع ومصلّ .
(وَمَنْ يَتَوَلَّ) إسعادا وإمدادا (اللَّهَ) مالكه (وَرَسُولَهُ) المسدّد والمصلح (وَ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ) أطواعه أورده محلّ هم إعلاما لعلوّ أمرهم وسموّ حكمهم (هُمُ الْغالِبُونَ) ( 56 ) لا سواهم .
ورد مرا رهط أعلما وصرّحا الإسلام وساء اصرّار والاهما رهط أهل إسلام ، وأرسل اللّه لردعهم (يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا (لا تَتَّخِذُوا) أعداءكم (الَّذِينَ اتَّخَذُوا) وهموا (دِينَكُمْ) الإسلام (هُزُواً) أمرا محسولا (وَلَعِباً) لهوا ، معلل للردع (مِنَ) الرهط (الَّذِينَ) أرادهم اللاؤا (أُوتُوا الْكِتابَ) أرسل اللّه لهم الرسول وأعطاهم الطرس (مِنْ قَبْلِكُمْ) أوّلا (وَالْكُفَّارَ) أهل العدول مع اللّه ، ورووه مكسور الراء (أَوْلِياءَ) أرداء أو أودّاء (وَاتَّقُوا اللَّهَ) عالم أسراركم واطرحوا ولاء الأعداء (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ( 57 ) أهل الإسلام سدادا ، والإسلام رادع للوداد والولاء مع أهل العدول والصدود .
(وَ) اللاؤا (إِذا نادَيْتُمْ) آحادكم لآحادكم دعاء معلوما (إِلَى) أداء
----------
(ومن يتول الله ورسوله والذين ءامنوا) يتخذهم أولياء (فإن حزب الله هم الغالبون) وضع موضع فإنهم إيذانا بأنهم حزبه أي أتباعه تفخيما لشأنهم واعتراضا بأضدادهم بأنهم حزب الشيطان .
(يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من) بيانية (الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله) في مناهيه (إن كنتم مؤمنين) .
(وإذ ناديتم) بالأذان (إلى
ص: 159
(الصَّلاةِ) المأمور أداؤها (اتَّخَذُوها) الدعاء (هُزُواً) أمرا محسولا (وَلَعِباً) ددا ولهوا وألهدوها ، وكلّموا ما أمرها رسول ما ، وهم الهود ورهط أهل العدول (ذلِكَ) عدّها لهوا ومحسولا (بِأَنَّهُمْ) هؤلاء الأعداء (قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ) ( 58 ) لا أحلام لهم ، وأعمالهم أعمال أهل الورة ، ولو صحّ لهم حلم وروع لردعهم عمّا عملوا .
(قُلْ) رسول اللّه ( ص ) لهم (يا أَهْلَ الْكِتابِ) الطرس المرسل (هَلْ) ما (تَنْقِمُونَ) المراد العوار والكره (مِنَّا) رهط الإسلام (إِلَّا أَنْ آمَنَّا) إسلام هؤلاء الرهط (بِاللَّهِ) إله الكلّ (وَما أُنْزِلَ) أرسل (إِلَيْنا) لإصلاح العالم وهو كلام اللّه (وَما) طروس (أُنْزِلَ) أرسل (مِنْ قَبْلُ) للرسل الأوّل كلّها (وَ) مدلوله مع والمراد مع (أَنَّ أَكْثَرَكُمْ) أهل الطرس (فاسِقُونَ) ( 59 ) أو الواو للوصل والكلام موصول مع ما ، وح هو مكسور المحلّ أو هو محكوم علاه ومحموله مطروح ، والمراد وسوءكم معلوم لكم وودّ السودد والمال رادعكم عمّا هو العدل والسداد ، موردها رهط هود سألوا رسول
----------
الصلوة اتخذوها) أي الصلاة أو المناداة (هزوا ولعبا) سخرية وضحكة (ذلك) الاتخاذ (بأنهم) بسبب أنهم (قوم لا يعقلون) قيح الهزء بالحق .
(قل يا أهل الكتاب هل تنقمون) تنكرون (منا إلا أن ءامنا بالله وما أنزل إلينا) من القرآن (وما أنزل من قبل) إلى الأنبياء (وأن أكثركم فاسقون) عطف على .
(أن ءامنا) أي ما تنكرون منا إلا مخالفتكم إذ دخلنا الإيمان وأنتم خارجون منه فالمستثنى لازم الأمرين وهو المخالفة أو بحذف مضاف أي واعتقاد أن أكثركم فاسقون أو على المجرور أي ما تنقمون منا إلا إيمانا بالله وبما أنزل إلينا وبأن أكثركم فاسقون.
ص: 160
اللّه صلعم كم رسولا أهل الإسلام مطاوعوهم ؟ وعدّ رسول اللّه صلعم رسلا ، ولمّا سمعوا اسم روح اللّه حردوا وكلّموا أمركم أسوأ أمر ومسلككم أردأ مسلك .
(قُلْ) محمّد ( ص ) إعلاما وإصلاحا لهم (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ) أعلمكم (بِشَرٍّ) أمر أسوأ (مِنْ) أهل (ذلِكَ) ما هو مكروهكم وهو الإسلام ، أو أمر أسوأ ممّا هو موهوم السوء لكم (مَثُوبَةً) عدلا ، أراد إصرا حاصلا (عِنْدَ اللَّهِ) ووهم الهود أهل الإسلام هم أهل للآصار والآلام ، وردّهم اللّه وأورد كلّ (مِنْ) أو المراد طوع مرء (لَعَنَهُ اللَّهُ) ألحاه ودحره وطرده (وَغَضِبَ) حرد (عَلَيْهِ) وهم الهود (وَ) حوّل صورهم و (جَعَلَ) رهطا (مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ) وهم عرك السمك المحرّم لهم سموها (وَ) حوّل رهطا (الْخَنازِيرَ) وهم هؤلاء العروك والمراد هرماهم ، أو رهط روح اللّه أولو الطعام المرسل (وَ) كلّ مرء (عَبَدَ) أطاع (الطَّاغُوتَ) ولد الأطوم المصوّر أو الوسواس المارد أو كلّ ما ألهوه وراء اللّه ، ورووا مكسورا مع عدم كسر الدال والمراد حّ وأصار اللّه رهطا طواعها ومع كسرها موصولا مع اللام الموصول (أُولئِكَ) المحوّلوا الصور وأهل الدحور (شَرٌّ) أسوأ (مَكاناً) محلّا والمراد هم أسوأ أصار محلّهم
----------
(قل هل أنبئكم بشر من ذلك) المنقوم (مثوبة عند الله) ولعل ذكرها بدل العقوبة تهكم ونصب تمييزا (من لعنه الله وغضب عليه) لكفره (وجعل منهم القردة والخنازير) مسخوا أصحاب السبت قردة وكفار مائدة عيسى خنازير وقيل المسخان في أهل السبت مسخ شبانهم قردة وشيوخهم خنازير (وعبد الطاغوت) الشيطان بطاعته أو العجل بضم الباء وجر التاء على أنه وصف كحذر وبفتح الباء ونصب التاء عطفا على صلة من (أولئك) الملعونون (شر مكانا)
ص: 161
أسوأ وهو لأهله إعلاما لكمال سوءهم (وَأَضَلُّ) ممّا سواهم (عَنْ سَواءِ) عدل (السَّبِيلِ) ( 60 ) الموصل لدار السرور وأصل السوءاء الوسط .
(وَإِذا جاؤُكُمْ) وردوكم أهل الإسلام ، موردها رهط هود كلّما وردوا صدد رسول اللّه صلعم أعلموا الإسلام ولعا ومكرا ، أو عامّ لكلّ أحد أسلم مسحلا لا سرّا (قالُوا) ولعا ومكرا (آمَنَّا وَ) الحال (قَدْ دَخَلُوا) وردوكم رصّعا (بِالْكُفْرِ) ردّ الإسلام (وَ) الحال (هُمْ قَدْ خَرَجُوا) رصّعا (بِهِ) ردّ الإسلام ولا حاصل لهم عمّا سمعوا كلامك (وَاللَّهُ) عالم الأسرار (أَعْلَمُ) أكمل علما (بِما) سوء ومكر وعدول (كانُوا يَكْتُمُونَ) ( 61 ) هم كاموه ومسروه ، وهو كلام موعد لهم .
(وَتَرى) محمّد ( ص ) رهطا (كَثِيراً مِنْهُمْ) الهود ورهط أسلموا حسّا لا سرّا (يُسارِعُونَ) سارع أمرا عمله مسرعا (فِي) عمل (الْإِثْمِ) الولع أو الحرام (وَالْعُدْوانِ) الحدل أو عداء الحدّ لمعاص حرّمها اللّه (وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ) الحرام سمّه للإطراء أو الحلو إدلاء وإمدادا (لَبِئْسَ ما) عملا (كانُوا يَعْمَلُونَ) ( 62 ) عملهم المعهود .
----------
تمييز كنى عن شرارتهم بشرارة مكانهم وهو سقر لأنه أبلغ (وأضل عن سواء السبيل) الطريق المستقيم .
(وإذا جاءوكم) أي منافقو اليهود (قالوا ءامنا وقد دخلوا) إليك متلبسين (بالكفر وهم قد خرجوا) من عندك متلبسين (به) ولم يؤثر فيهم وعظك والجملتان حال من فاعل قالوا (والله أعلم بما كانوا يكتمون) من الكفر .
(وترى كثيرا منهم) من اليهود (يسارعون في الإثم) الكذب أو الكفر (والعدوان) تعدي حدود الله (وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون
ص: 162
(لَوْ لا) هلّا (يَنْهاهُمُ) العلماء (الرَّبَّانِيُّونَ) عالموا أسرار اللّه وحكمه ، أو المراد علماء رهط روح اللّه (وَ) أهل الورع (الْأَحْبارُ) علماء الأحكام والرسوم أو علماء الهود (عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ) الولع والإصر (وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ) الحرام (لَبِئْسَ ما) عملا (كانُوا يَصْنَعُونَ) ( 63 ) عملهم المعهود ، وهو لإعلام سوء العلماء والأوّل لإعلام سوء العوام .
(وَقالَتِ الْيَهُودُ) لمّا حصر اللّه أمرهم وألحاهم ودحرهم وأعدم أموالهم وأهلك سوّامهم لما ردّوا الرسول صلعم ووصموا اللّه وكلّموا (يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ) محصور أمرها لا درّ درّها ولا أمر كرمها ، وأرادوا هو ممسك وأرسل اللّه ردّا لهم (غُلَّتْ) حصر وأمسك (أَيْدِيهِمْ) عمّا هو الصلاح وهو دعاء علاهم وإعلام لإمساكهم وعدم أموالهم وأسرارهم (وَلُعِنُوا) طردوا (بِما قالُوا) لكلامهم المعهود المردود (بَلْ يَداهُ) اللّه (مَبْسُوطَتانِ) لا حصر لها ولا إمساك وهو واسع العطاء والسماح ، أوردها إكمالا للردّ وإعداما للإمساك
----------
لو لا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت) الحرام كالرشاء (لبئس ما كانوا يصنعون) ذم علمائهم على ترك نهيهم بأبلغ من ذمهم من حيث إن العمل أنما يسمى صنعا بعد التدرب فيه فيفيد أن ترك إنكار المعصية أقبح من ارتكابها .
(وقالت اليهود يد الله مغلولة) مقبوضة من الرزق روي أنهم كانوا أكثر الناس مالا فلما كذبوا النبي ضيق عليهم فقالوا ذلك، وغل اليد وبسطها كناية عن البخل والجود (غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا) دعاء عليهم بالبخل أو بغل الأيدي حقيقة بإغلال الأسر في الدنيا وإغلال النار في الآخرة (بل يداه مبسوطتان) في تثنية اليد أبلغ رد لإفادتها غاية الجود، إذ غاية ما يبذل الجواد أن
ص: 163
وإعلاما لإدراره حالا ومالا (يُنْفِقُ) رحما وكرما (كَيْفَ يَشاءُ) مساعدا لمراده مؤكّد للكلام الأوّل (وَلَيَزِيدَنَّ) رهطا (كَثِيراً مِنْهُمْ) الهود ما كلام (أُنْزِلَ) أرسل (إِلَيْكَ) محمّد ( ص ) (مِنْ رَبِّكَ) مالكك ومصلحك (طُغْياناً) عداء (وَكُفْراً) ردّا للإسلام ولإعلام اللّه لحسدهم كما أمر الداء للأعلّاء ممّا أكلوا طعاما صالحا للأصحّاء (وَأَلْقَيْنا) طرحا (بَيْنَهُمُ) الهود ورهط روح اللّه أو الهود وحدهم (الْعَداوَةَ) وحر الصدر (وَالْبَغْضاءَ) الكره ومعادل الودّ (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) الموعود الورود لا وطاء لكلمهم ولا وئام لأرواعهم (كُلَّما أَوْقَدُوا) سعروا ناراً ساعورا (لِلْحَرْبِ) لعماس محمّد صلعم أو كلّما أرادوا عماس أحد (أَطْفَأَهَا اللَّهُ) وهم كهروا وكسروا وما حصل لهم مدد اللّه سرمدا لما هم ، لمّا طرحوا حكم طرسهم سلّط اللّه لإهلاكهم وأسرهم ملوكا حدّالا كلّ عصر ووردهم عصر الإسلام وهم مسطوو الأعداء ، أو كلّما أرادوا سوءا ردّهم اللّه (وَيَسْعَوْنَ) طلاحا وعداء (فِي الْأَرْضِ فَساداً) للطلاح واصطلام الإسلام ، ومحو محامد رسول اللّه ممّا هو مرسوم طرسهم (وَاللَّهُ) الحكم العدل لا (يُحِبُّ) الرهط (الْمُفْسِدِينَ) ( 64 ) والمراد هو موصلهم آصارا وآلاما .
(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ) الطرس عموما (آمَنُوا) أسلموا لمحمّد
----------
يعطي بيديه أو إشارة إلى منح الدارين (ينفق كيف يشاء) من توسيع وتضييق وفق حكمته (وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك) أي يزدادون عند نزول القرآن بحسدهم (طغيانا) تماديا في الجحود (وكفرا وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة) تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى (كلما أوقدوا نارا للحرب) مع النبي صلى الله عليه واله (أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا) أي للفساد باجتهادهم في المعاصي (والله لا يحب المفسدين ولو أن أهل الكتاب ءامنوا)
ص: 164
صلعم ولما أرسل له (وَاتَّقَوْا) وطرحوا أعمالا سوداء مرّ عددها وسواها (لَكَفَّرْنا) أصله الدسّ والمراد الحطّ (عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ) اللاء عملوها أوّلا وما وصلهم الآصار والآلام (وَلَأَدْخَلْناهُمْ) مع أهل الإسلام (جَنَّاتِ النَّعِيمِ) ( 65 ) دار الروح والسرور ، والكلام أعلم محو الإسلام ما صدر أمامه وعدم ورود أهل الطروس دارالسلام إلّا حال إسلامهم .
(وَلَوْ أَنَّهُمْ) راعوا و (أَقامُوا) وأدّوا وأعلموا (التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ) أحكامهما وحدودهما وسواهما كمحامد محمّد رسول اللّه صلعم (وَ) كلّ ما طروس (أُنْزِلَ) أرسل (إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ) المراد الطروس كلّها ، وهم لمّا أمروا إسلامها صاروا كما أرسلها اللّه لهم ، أو كلام اللّه المرسل لمحمّد صلعم (لَأَكَلُوا) أحمال الدوح وأكلها (مِنْ فَوْقِهِمْ) رؤوسهم (وَ) أكلوا طعام الماكر (مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) أو المراد لوسّع لهم المطاعم والمآكل أو إدرار السماء والرمكاء عموما ، دلّ الكلام العمل الصالح والطوع لأوامر اللّه داع لحصول المال ووسعه والعدم والعسر لعدولهم وأعمالهم الطوالح لا كوكس عطاء اللّه وإكرامه ، ولو أسلموا وأدّوا ما أمروا لوسّع لهم وحصل لهم ما هو أصلح لهم حالا ومالا (مِنْهُمْ) أهل الطرس (أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ) ملاء عادل وسط وهم مسلموهم ك « ولد سلام » ورهطه أو ملاء حالهم أمم عداء وودّا (وَ) رهط
----------
بمحمد (واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم) مع المؤمنين .
(ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل) عملوا بما فيهما (وما أنزل إليهم من ربهم) من سائر كتبه أو القرآن (لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم) أوسع عليهم الرزق بإفاضة من كل جهة أو بإنزال بركات السماء والأرض عليهم (منهم أمة مقتصدة) معتدلة لم يغالوا ولم يقصروا وهم من آمن بالرسول (و
ص: 165
(كَثِيرٌ مِنْهُمْ) هؤلاء الأعداء (ساءَ ما) عملا (يَعْمَلُونَ) ( 66 ) المراد ما أسوأ عملهم وهو الحسد والصدود ووحر الصدور وحوال أحكام الطرس .
(يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ) أوصل كلّ (ما) حكم وأمر (أُنْزِلَ) أرسل (إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) مولاك ومصلحك لا راصدا أحدا ولا لامحا مكروها (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ) أداءه كلّه كما أمرك اللّه (فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) أصلا ورأسا وإسرار الماصل ودسّه كإسرار الكلّ لعدم أداء المأمور حّ كما أمر ، ولعلّ المراد إعلام أحكام أرسل اللّه لمصالح العالم وأراد اطلاعهم علاها وإلّا أرسل أسرار حرم إعلاءها وإعلامها وحرس رسول اللّه صلعم دواما لأمره ولمّا ورد (وَاللَّهُ) كامل الألوّ (يَعْصِمُكَ مِنَ) اصطلام (النَّاسِ) وإهلاك الأعداء لك ، ولمّا أرسل طرح الرسول حرسه وأعلمه علاه السلام أودّاءه (إِنَّ اللَّهَ) الملك العدل (لا يَهْدِي ) أصلا (الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) ( 67 ) الأعداء مسلكا لإهلاكك ولو كسر رواءك عصر عماس الأحد أو أرسله اللّه وراء كسره .
----------
كثير منهم ساء ما يعملون) بئس عملهم أو شيء أو الذي يعملونه .
(يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) جميعه لا تكتم منه شيئا خوف أحد (وإن لم تفعل) ذلك (فما بلغت رسالته) وقرىء رسالاته أي كأنك لم تؤد شيئا إذ كتمان البعض ككتمان الكل في استحقاق العقاب (والله يعصمك من الناس) يضمن لك العصمة منهم أن يقتلوك فما عذرك، عن أهل البيت وابن عباس وجابر: أن الله أوحى إلى نبيه أن يستخلف عليا فكان يخاف أن يشق ذلك على جماعة من أصحابه فنزلت فأخذ بيده فقال ألست أولى بكم من أنفسكم قالوا بلى قال من كنت مولاه فعلي مولاه (إن الله لا يهدي القوم الكافرين) لا يمكنهم من إيصال مكروه إليك .
ص: 166
(قُلْ) محمّد ( ص ) (يا أَهْلَ الْكِتابِ) الطرس المرسل عموما (لَسْتُمْ) كلّكم (عَلى شَيْءٍ) أمر وحكم وطوع مكرّم (حَتَّى تُقِيمُوا) طرسكم (التَّوْراةَ) أراد أداء أحكامها وحرس حدودها (وَ) طرسكم (الْإِنْجِيلَ) أوامرها ورسومها (وَ) كلّ (ما أُنْزِلَ) أرسل (إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) مالككم ومصلحكم وأداءه الإسلام لمحمّد صلعم والطوع لحكمه وطروس اللّه كلّه امر مدلولها الإسلام لكلّ رسول أورد الأعلام السواطع ، أو المراد أصولها وأحكام ما حدّ أمرها (وَلَيَزِيدَنَّ) أرهاطا (كَثِيراً مِنْهُمْ) أهل الطرس ما كلام (أُنْزِلَ) أرسل (إِلَيْكَ) محمّد ( ص ) (مِنْ رَبِّكَ) مولاك وصمدك (طُغْياناً) عداء حدّ سوء (وَكُفْراً) ردّا للإسلام (فَلا تَأْسَ) دع اساك وسمودك وهمّك (عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) ( 68 ) لما لا معاد ولا مال لطلاحهم إلّا هم .
(إِنَّ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا مسحلا (وَ) الرهط (الَّذِينَ هادُوا وَ) الرهط (الصَّابِئُونَ) أحد أرهاط هود وهو صدر كلام والمحمول مطروح ، والمراد وهم كهؤلاء (وَالنَّصارى) رهط روح اللّه ، وهو موصول مع
----------
(قل يا أهل الكتاب لستم على شيء) يعتد به من الدين (حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم) من الكتب بالعمل بما فيها ومنه الإيمان واتباعي (وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين) لا تحزن عليهم .
(إن الذين ءامنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى) والصابئون مبتدأ نوى تأخيره وحذف خبره لدلالة خبر إن عليه أي والصابئون كذلك فهو كاعتراض يفيد أن الصابئين مع وضوح ضلالتهم يثاب عليهم إن صح إيمانهم وصلح عملهم
ص: 167
الموصول ومحمول الكلام الأوّل حكمهم (مَنْ) كلّ أحد وهو محكوم علاه (آمَنَ) أسلم ممّا هم (بِاللَّهِ) ورسوله (وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) أمد الدهر (وَعَمِلَ) عملا (صالِحاً) ومحموله (فَلا خَوْفٌ) لا هول ولا روع (عَلَيْهِمْ) أهل إسلامهم (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) ( 69 ) سدّام أصلا معادا .
(لَقَدْ أَخَذْنا مِيثاقَ) عهد (بَنِي) أولاد (إِسْرائِيلَ) والمراد أهل الإسلام للّه وحده وللرسل كلّهم (وَأَرْسَلْنا) كرما (إِلَيْهِمْ) لصلاحهم وسدادهم (رُسُلًا) لإعلامهم الأوامر والأحكام (كُلَّما جاءَهُمْ) وردهم (رَسُولٌ بِما) حكم وأمر (لا تَهْوى) الحكم (أَنْفُسُهُمْ) عادوه وردّوه (فَرِيقاً) رسلا (كَذَّبُوا) ردّوهم وما أسلموا لهم (وَفَرِيقاً) رسلا (يَقْتُلُونَ) ( 70 ) حال عصر مرّ حكاها اللّه ورد الهود ورهط روح اللّه كلاهما ولعا الرسل ، والهود وحدهم أهلكوا الرسل لا رهط روح اللّه .
----------
فغيرهم أولى ولم يعطف على محل اسم إن لعدم مضي خبرها (من ءامن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا) مبتدأ خبره (فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) والجملة خبر إن والرابط محذوف أي من آمن منهم أو خبرها فلا خوف ومن آمن بدل من اسمها وما عطف عليها .
(لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل) على الإيمان بالله وبرسله وبما جاءت به (وأرسلنا إليهم رسلا) لإرشادهم (كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم) من التكاليف (فريقا كذبوا وفريقا يقتلون) جواب الشرط محذوف أي استكبروا كما قال: كلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون وجملة (فريقا كذبوا) استيناف كأنه قيل فما يفعلون بالرسل فأجابهم بذلك وإنما جيء بيقتلون موضع قتلوا على حكاية الحال الماضية استفظاعا للقتل
ص: 168
(وَحَسِبُوا) وهموا للمصدر أو مطروح الاسم (أَلَّا تَكُونَ) لهم لردّهم الرسل وإهلاكهم لهم (فِتْنَةٌ) عسر ولاواء أو المراد عدم وصول إصر وسوء (فَعَمُوا) ما أحسّوا السداد والصلاح (وَصَمُّوا) ما سمعوا كلاما معلما رادعا أو ما عملوا ما رأوا وما سمعوا (ثُمَّ) عادوا و (تابَ اللَّهُ) أرحم الرحماء (عَلَيْهِمْ) سمع عودهم أو أعطاهم العود والهود حال سطوع روح اللّه (ثُمَّ) ساء حالهم و (عَمُوا وَصَمُّوا) وصاروا أعداء حال سطوع محمّد رسول اللّه علاه سلام ، ورووا عموا وصمّوا والمراد اللّه عمّاهم وصمّهم وهو ماصل وهؤلاء (كَثِيرٌ مِنْهُمْ) أو هو مطاوع ل « واو » « عموا » معلم لمدلوله (وَاللَّهُ بَصِيرٌ) عالم علم الإحساس أو راء (بِما) كلّ عمل (يَعْمَلُونَ) ( 71 ) ومحص له ومعاملهم كأعمالهم عدلا .
(لَقَدْ) اللّام مؤكّد (كَفَرَ) عدل الرهط (الَّذِينَ قالُوا) ولعا كلاما حاصرا مؤكّدا وهو (إِنَّ اللَّهَ) إله الكلّ ومالكه (هُوَ الْمَسِيحُ) المطهّر (ابْنُ مَرْيَمَ) لا سواه ، وهو رهط وهموا روح اللّه صار مع اللّه أحدا (وَقالَ الْمَسِيحُ) إعلاما لحاله وردّا لوهمهم (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ) ووحّدوه
----------
واستحضارا لتلك الحال الشنيعة .
(وحسبوا ألا تكون فتنة) أي ظن بنو إسرائيل أن لا يصيبهم بلاء وعذاب بتكذيبهم الأنبياء وقتلهم (فعموا) من الحق فلم يبصروه (وصموا) عن استماعه (ثم تاب الله عليهم) حين قتلوا أنفسهم (ثم عموا وصموا كثير منهم) بعد ما تاب الله عليهم وكثير بدل من الضمير (والله بصير بما يعملون) فيؤاخذهم به .
(لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم) هم اليعقوبية القائلون بالإتحاد (وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله
ص: 169
(رَبِّي وَرَبَّكُمْ) مالكه ومالككم كلّكم (إِنَّهُ) الأمر (مَنْ) كلّ أحد (يُشْرِكْ بِاللَّهِ) الواحد الأحد أمرا ما طوعا له (فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ) حوّل حراما (عَلَيْهِ) وروده (الْجَنَّةَ) دار أهل الطوع (وَمَأْواهُ) معاده ومركده النَّارُ دار أهل الصدود والعدول (وَما لِلظَّالِمِينَ) أعداء الإسلام (مِنْ أَنْصارٍ) ( 72 ) أرداء هو كلام اللّه أو كلام روح اللّه ، والكلام أعلم سوء حالهم لما هم كلّموه إكراما لروح اللّه وطوعا له وهو معاد لهم ورادّ لوهمهم وصار ماح سواه أكمل عداء معهم وردّ لولعهم .
واللّه (لَقَدْ كَفَرَ) الرهط (الَّذِينَ قالُوا) ولعا ووهما (إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ) أحد مآله (ثَلاثَةٍ) اللّه وروح اللّه وأمّه (وَما) للإعدام (مِنْ) أورد الكاسر مؤكّدا لروم العوم (إِلهٍ) حاصل علوا ورهصا أصلا (إِلَّا إِلهٌ) مألوه (واحِدٌ) وهو اللّه وحده (وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا) كلام (يَقُولُونَ) وهما وهو روح اللّه إله أو ولد اللّه أو أحد الأصول وما وحّدوا (لَيَمَسَّنَّ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا وما عادوا عمّا وهموا (مِنْهُمْ عَذابٌ) لاواء (أَلِيمٌ) ( 73 ) مؤلم وهو ورود الساعور وركودها دواما .
----------
ربي وربكم) فإني لست بإله بل عبد مربوب مثلكم (إنه من يشرك بالله) في عبادة غيره (فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار) أي ما لهم ناصر وعبر بالظاهر إيذانا بأنهم ظلموا بإشراكهم وهو من قول عيسى أو كلام الله .
(لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث) آلهة (ثلاثة) أي أحدها والآخران عيسى وأمه (وما) في الوجود (من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم) من للبيان وعدل عن وليمسنهم تكريرا للشهادة بكفرهم أو للتبعيض أي الذين بقوا منهم على الكفر لأن منهم من تاب (عذاب أليم) مؤلم .
ص: 170
(أَ فَلا يَتُوبُونَ) إسلاما وعودا عما وهموا (إِلَى اللَّهِ) مالكهم (وَيَسْتَغْفِرُونَهُ) اللّه روما لمحو وهم الحلول وعدّ الأصول وسواهما (وَاللَّهُ) إله الكلّ (غَفُورٌ) ماح لآصارهم ومعارّهم (رَحِيمٌ) ( 74 ) راحم سامح لهم لو عادوا وهادوا .
(مَا الْمَسِيحُ) المطهّر (ابْنُ مَرْيَمَ) روح اللّه (إِلَّا رَسُولٌ) مرسل لا إله (قَدْ خَلَتْ) هو المرور (مِنْ قَبْلِهِ) روح اللّه (الرُّسُلُ) أراد ما هو الّا رسول كالرسل المارّ عصرهم أوّلا ، أعطاه اللّه الأعلام السواطع كما أعطاها للرسل وأسره وامرؤ لا والد له كما أسر « آدم » ولا والد له ولا أمّ وهو أهكر (وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ) للرسل أو كاللاء عملها السداد والصلاح كانا روح اللّه وأمّه (يَأْكُلانِ الطَّعامَ) كأهل العالم سواهما ، وكلّ أحد حاله أكل الطعام والإرماد ما هو إلها (انْظُرْ) اعمل دهاءك وأحسس (كَيْفَ نُبَيِّنُ) إعلاما (لَهُمُ) لصلاحهم (الْآياتِ) دوالّ عدمهما وأعلام عسرهما (ثُمَّ انْظُرْ) وأدرك حالهم (أَنَّى يُؤْفَكُونَ) ( 75 ) هو الصدّ والطرد والكلام للهكر ممّا أعلام الدوالّ لإصلاحهم وصدودهم لكمال طلاحهم وعدم صدعهم وسط الأسر والمأسور .
----------
(أفلا يتوبون إلى الله) مما هم فيه (ويستغفرونه) يوحدونه (والله غفور رحيم) ترغيب لهم .
(ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت) مضت (من قبله الرسل) فهو مثلهم ليس بإله (وأمه صديقة) بين غاية كمالهما وأنه لا يوجب إلهيتهما ثم بين نقصهما المنافي للألوهية بقوله (كانا يأكلان الطعام) ويحتاجان إليه كغيرهما (انظر كيف نبين لهم الآيات) الدالة على بطلان قولهم (ثم انظر أنى يؤفكون) كيف يصرفون عن تدبرها .
ص: 171
(قُلْ) إعلاما لهم (أَ تَعْبُدُونَ) طوعا والسؤال للردّ (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (ما) امرؤ وهو روح اللّه (لا يَمْلِكُ) ملكا أصلا (لَكُمْ) ولا له (ضَرًّا) سوء (وَلا نَفْعاً) سرورا (وَاللَّهُ) مالك الكلّ (هُوَ السَّمِيعُ) لكلام الكلّ (الْعَلِيمُ) ( 76 ) للعلوم والأوهام لا سواه .
(قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ) الطرس المرسل عموما ، وورد المراد رهط روح اللّه لا سواهم (لا تَغْلُوا) هو عداء الحدّ (فِي) أمور (دِينِكُمْ) عداء حدّ (غَيْرَ الْحَقِّ) وهو إعلاء روح اللّه محلّا وراء طوره وهو ولد اللّه ، أو أحد المآله أو حطّه عمّا هو حدّه وهو الألوك (وَلا تَتَّبِعُوا) أصلا (أَهْواءَ) آراء (قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا) أوهم ولّادهم ورؤساهم وعدوا طورهم (مِنْ قَبْلُ) أمام إرسال محمّد رسول اللّه صلعم (وَأَضَلُّوا) رهطا (كَثِيراً) طاوعوا أهواءهم (وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ) عدل (السَّبِيلِ) ( 77 ) وهو صراط الإسلام حال سطوع محمّد رسول اللّه علاه السلام لما ردّوه وعصوا أوامره وحسدوه .
----------
(قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا) يعني عيسى فإنه كسائر عباد الله لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا إلا بتمليك الله فكيف لغيره، وعبر عنه بما تبعيدا له عن مرتبة الألوهية وقدم الضر لأن التحرز عنه أهم من تحري النفع (والله هو السميع) للأقوال (العليم) بالأحوال .
(قل يا أهل الكتاب لا تغلوا) لا تجاوزوا الحق (في دينكم) غلوا (غير الحق) فترفعوا عيسى وتجعلوه إلها أو تضعوه وتجعلوه لغير رشدة.
أو خطاب للنصارى فقط (ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا) عن الحق وهم أسلافهم (من قبل) قبل بعث محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) (وأضلوا كثيرا) تبعهم في ضلالهم (وضلوا) حين بعثه (صلى الله عليه وآله وسلّم) فكذبوه (عن سواء السبيل) الطريق المستقيم أي الإسلام .
ص: 172
(لُعِنَ) طرد ودحر الرهط (الَّذِينَ كَفَرُوا) ردّوا أمر اللّه (مِنْ بَنِي) أولاد (إِسْرائِيلَ) الهود (عَلى لِسانِ) رسول اللّه (داوُدَ) لمّا حرّم اللّه لهم سمو السمك للعصر المعهود وسمو السمك وحوّل صورهم (وَ) رسول اللّه (عِيسَى) روح اللّه (ابْنِ مَرْيَمَ) لمّا أرسل اللّه لهم الطعام المعدّ وطرحوا أمر اللّه ودعاهم رسولهم وحوّل صورهم (ذلِكَ) الطرد والدحور وحول الصور (بِما عَصَوْا) الرسل (وَكانُوا يَعْتَدُونَ) ( 78 ) ومعودهم عداء حدود الحلال والحرام .
(كانُوا لا يَتَناهَوْنَ) ما ردع أحدهم لأحدهم (عَنْ) عواد أمر (مُنكَرٍ فَعَلُوهُ) عملوه أو أرادوا عمله واللّه (لَبِئْسَ ما) عملا (كانُوا يَفْعَلُونَ) ( 79 ) طرحهم الأمر .
(تَرى) محمّد ( ص ) رهطا (كَثِيراً مِنْهُمْ) أهل الطرس ، والمراد اللاؤا اسلموا مسحلا (يَتَوَلَّوْنَ) ودّا وولاء أهل الحرم (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا للّه وعصوا أمرك وعادوك (لَبِئْسَ ما) عملا (قَدَّمَتْ) وأرسل أمامهم (لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ) السوءاء (أَنْ سَخِطَ اللَّهُ) طرده وحرده (عَلَيْهِمْ وَ) للدهر
----------
(لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم) لعن داود أهل أيلة حين اعتدوا في السبت فمسخوا قردة ولعن عيسى أصحاب المائدة حين كفروا فمسخوا خنازير (ذلك) اللعن (بما عصوا وكانوا يعتدون) بسبب عصيانهم واعتدائهم .
(كانوا لا يتناهون) لا ينهى بعضهم بعضا أو لا ينتهون (عن منكر فعلوه) عن معاودته أو عن مثله (لبئس ما كانوا يفعلون) قسم مؤكد لذم فعلهم .
(ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا) يوالون المشركين بغضا لك (لبئس ما قدمت لهم أنفسهم) من الزاد لمعادهم (أن سخط الله عليهم و
ص: 173
الموعود (فِي الْعَذابِ) لا سواه (هُمْ خالِدُونَ) ( 80 ) ورّاد وركّاد سرمدا .
(وَلَوْ كانُوا) أهل الطرس (يُؤْمِنُونَ) أهل الإسلام (بِاللَّهِ) مالك الكل والأمر مسحلا وسرّا (وَالنَّبِيِّ) رسولهم أو محمّد رسول اللّه صلعم لو أراد أهل الإسلام مسحلا (وَما) كلام (أُنْزِلَ) أرسل (إِلَيْهِ) الرسول (مَا اتَّخَذُوهُمْ) الأعداء (أَوْلِياءَ) أراد وأودّاء لروعهم الإسلام عمّا والوا مع أهل العدول (وَلكِنَّ) رهطا (كَثِيراً مِنْهُمْ) أهل الطرس أو أهل المكر والولع (فاسِقُونَ) ( 81 ) عادوا حدود مللهم أو مرداء .
(لَتَجِدَنَّ) محمّد ( ص ) (أَشَدَّ النَّاسِ) أوكد ولد آدم (عَداوَةً) عداء ووحر صدر (لِلَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا لك سدادا (الْيَهُودَ) رهط الهود (وَ) الرهط (الَّذِينَ أَشْرَكُوا) عدلوا مع اللّه مآله وهم أولاد ماء السماء أعداء أهل الإسلام (وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ) ولد آدم (مَوَدَّةً) وولاء (لِلَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا وأصلحوا أعمالهم الرهط (الَّذِينَ قالُوا) عدلا وسدادا (إِنَّا نَصارى) أرداء روح اللّه كملك السود ورهطه لمّا سمعوا كلام اللّه همل دموعهم وأسلموا لما أرسل اللّه لك (ذلِكَ) صدد الودّ والولاء (بِأَنَّ مِنْهُمْ) رهط روح اللّه (قِسِّيسِينَ) علماء (وَرُهْباناً) عمّال صوالح الأعمال ودّا وهموكا وَأَنَّهُمْ
----------
في العذاب هم خالدون ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي) محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) أو موسى (وما أنزل إليه) القرآن أو التوراة (ما اتخذوهم أولياء) لمنع الإيمان ذلك (ولكن كثيرا منهم فاسقون) خارجون عن الإيمان .
(لتجدن أشد الناس عداوة للذين ءامنوا اليهود والذين أشركوا) لتضاعف كفرهم وفرط بغضهم للحق وحسدهم للنبي (ولتجدن أقربهم مودة للذين ءامنوا الذين قالوا إنا نصارى) لميلهم إلى الإسلام (ذلك) أي قرب مودتهم (بأن) بسبب أن (منهم قسيسين ورهبانا) علماء وعبادا (وأنهم
ص: 174
سهال (لا يَسْتَكْبِرُونَ) ( 82 ) لا علوّ لهم عما أمر اللّه كما هو عمل الهود أولا سمود لهم كالهود وعلم سدادهم وطلاح إسلامهم لمحمّد رسول اللّه صلعم ، وعدم إسلام الهود له دلّ الكلام العلم أصلح الأمور وأولاها وأهداها لصوالح الأمور والأعمال الصوالح وهول المعاد وعدم العلوّ والسمود اعداله .
(وَإِذا سَمِعُوا) هم ملك السود وعسكره (ما) كلاما (أُنْزِلَ) أرسل (إِلَى الرَّسُولِ) محمّد صلعم لمّا رحل ولد عمّه لروع الأعداء ، وعرد ووصل مصرهم ، ودعاه الملك مع رهط معه ولمّ علماء عصره ، وسأله هل طرسكم مورد اسم روح اللّه وأمّه ومحامد حالهما وأمره درسه وهو درسه ؟ وأسمعه ما سأله أسلم الملك ورهطه ووردهم رهط أرسلهم الملك صدد رسول اللّه صلعم ، وهو أسمعهم كلام اللّه وأسلموا (تَرى أَعْيُنَهُمْ) لسداد أرواعهم وكمال هولهم وصلاح حالهم ومآلهم (تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ) ساحا دموعها (مِمَّا) للموصول أو للمصدر (عَرَفُوا) علموا وأحسّوا (مِنَ الْحَقِّ) السداد وهو الإسلام (يَقُولُونَ) صلاحا وسدادا (رَبَّنا) اللهم (آمَنَّا) لمحمّد رسول اللّه صلعم أو لما أوحاه اللّه (فَاكْتُبْنا) ارسم الأسماء وصحح الإسلام (مَعَ) الرهط (الشَّاهِدِينَ) ( 83 ) العدول وهم رهط محمّد صلعم لما هم
----------
لا يستكبرون) عن اتباع الحق أو يتواضعون، قيل هم النجاشي وأصحابه هاجر إليهم جعفر بن أبي طالب وأصحابه ووصف لهم النبي ودينه وتلا عليهم سورة مريم فآمنوا .
(وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول) من القرآن (ترى أعينهم تفيض من الدمع) لرقة قلوبهم (مما عرفوا من الحق يقولون ربنا ءامنا) بنبيك وكتابك (فاكتبنا مع الشاهدين) بنبوته أو من أمته الشاهدين على الأمم يوم القيامة .
ص: 175
أعدل الأمم وأوسطهم .
(وَما) حصل أو لا رادع (لَنا لا نُؤْمِنُ) وهو حال (بِاللَّهِ) الواحد الأحد مع ما حصحص الأدلّاء وسطع معالم الإسلام ، وهو ردّهم لملأ كرهوا الإسلام ومروا سداده ولا موهم لما أسلموا وعادوا مصرهم (وَ) كلّ (ما جاءَنا مِنَ الْحَقِّ) السداد كرسول اللّه صلعم وكلامه (وَ) الحال (نَطْمَعُ) طمعا واطدا وأملا واكدا (أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا) دارالسلام كما وعد (مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ) ( 84 ) الرسل وصلحاء الأمم .
(فَأَثابَهُمُ) أعطاهم (اللَّهُ) وأولاهم (بِما) كلام (قالُوا) سدادا (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) أساس صروحها أو أصولها دوحها (الْأَنْهارُ) مسل الماء (خالِدِينَ) دواما (فِيها) صروحها وأسداد دوحها (وَذلِكَ) العطاء (جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ) ( 85 ) رهط أصلحوا أعمالهم وأحوالهم وما أساءوا أصلا .
(وَ) الرهط (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا ومروا سدادا الإسلام (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا) كلام اللّه أو أعلام الإسلام (أُولئِكَ) هؤلاء الأعداء (أَصْحابُ الْجَحِيمِ) ( 86 ) ملاسمو الساعور وأولو الدرك .
ولمّا عدّ رسول اللّه عصرا أحوال المرمس وأهوال المعاد ، وسمعه أهل الولاء وراعوا وحاروا وعهدوا وأحلطوا كلّهم لو ساعدهم العمر صلّوا وصاموا
----------
(وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين).
(فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين) الموحدين .
(والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم) في ذكر أحوال المصدقين بالآيات وتعقيبه بحال المكذبين بها ترغيب وترهيب .
ص: 176
وطرحوا دورهم وأعراسهم وأولادهم وودّعوا اللحم والودك والدسم والحلوا والعطر وكسوا المسوح وساحوا أطرار المهامة ، ووصل رسول اللّه صلعم ما أرادوا وعهدوا وردعهم عمّا هموا ، أرسل اللّه (يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ) طواهر (ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ) أصاره حلالا وما الورع والصلاح طرحكم ما أعطاكم اللّه إكراما لكم (وَلا تَعْتَدُوا) حدود ما أحلّ لكم واطرحوا إحرام الحلال ، والكلام رادع لهم عمّا حرّموا الحلال وحلّلوا الحرام (إِنَّ اللَّهَ) الملك العدل (لا يُحِبُّ ) الرهط (الْمُعْتَدِينَ) ( 87 ) الحدود .
(وَكُلُوا) أطعموا (مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ) أولاكم أكلا (حَلالًا) أو حال ممّا (طَيِّباً) طاهرا (وَاتَّقُوا اللَّهَ) روعوه وراعوا لما أمر ووعد وأوعد ، وهو كلام مؤكّد لما أوصاه اللّه وهو الردع والأمر (الَّذِي أَنْتُمْ) أهل الإسلام (بِهِ) اللّه وأحكامه وأوامره (مُؤْمِنُونَ) ( 88 ) والإسلام مورد الورع والروع ، وما صلح إحرامكم ما حلّله اللّه وإحلالكم ما حرّمه .
----------
(يا أيها الذين ءامنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم) مستلذاته لعله تعالى لما مدح النصارى على ترهبهم عقبه بالنهي عن الإفراط في ذلك، وروي أنه (صلى الله عليه وآله وسلّم) وصف القيامة فبالغ فهم قوم من الصحابة أن يلازموا الصيام والقيام ويجانبوا الفرش والنساء فيسيحوا في الأرض فبلغ ذلك النبي فقال: إني لم أومر بذلك إن لأنفسكم عليكم حقا فإني أقوم وأنام وأصوم وأفطر وآكل اللحم وآتي النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ونزلت (ولا تعتدوا) حدوده بتحريم الحلال وبالعكس (إن الله لا يحب المعتدين وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون) .
ص: 177
(لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ) العدل وهو مسامح لكم ومساهل معكم (بِاللَّغْوِ) وهو ما لا حكم له (فِي) صدور (أَيْمانِكُمْ) عهودكم ، وهو عهد مرء لأمر وهمه حاصلا وما الأمر كما وهم ، أو هو كلام أحد وما همّه كلا واللّه (وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ) اللّه (بِما) للمصدر (عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ) والمراد إحكام العهود مع الهمّ والسأو ، ولولا الأداء لما عهد (فَكَفَّارَتُهُ) ما هو ماح لإصر العاهد (إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ) لكلّ معسر مدّ السمراء ، والمدّ رطل وكسر ، أو صاع ممّا سواها ، أو مدّ واحد ممّاها ، أو مدّا ما سواها (مِنْ أَوْسَطِ) أعدل (ما) طعام (تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ) وهو الطعام مع الإدام واحده أهل (أَوْ كِسْوَتُهُمْ) لكلّ واحد رداء (أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) مملوك أعمّ أو مسلم (فَمَنْ) كلّ أحد (لَمْ يَجِدْ) أحد الأمور (فَصِيامُ) هو مصدر أو واحده صوم (ثَلاثَةِ أَيَّامٍ) ولاء (ذلِكَ) الأداء كما أمر (كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ) محّاء آصار عهودكم (إِذا حَلَفْتُمْ) وطرئه الكسر (وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ) أحرسوها أراد ودع الكسر ، أو
----------
(لا يؤاخذكم الله باللغو) الكائن (في أيمانكم) هو الحلف بلا قصد: كلا والله وبلى والله أو على ما أظن أنه كذلك ولم يكن أي لا يؤاخذكم به بعقاب ولا كفارة (ولكن يؤاخذكم بما عقدتم) وثقتم (الأيمان) عليه إذا حنثتم، أو بنقض ما عقدتم وقرىء عاقدتم (فكفارته) كفارة نكثه (إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم) ويجزي الأعلى (أو كسوتهم) عطف على إطعام وهو مسماها كثوب يواري العورة وقيل ثوبان (أو تحرير رقبة) إعتاقها وظاهره إجزاء كل رقبة واشترط بعض إيمانها وأو للتخيير الواجب إحدى الخصال الثلاث مطلقا والتعيين للمكفر (فمن لم يجد) إحداها (فصيام ثلاثة أيام ذلك) المذكور (كفارة أيمانكم إذا حلفتم) وحنثتم (واحفظوا أيمانكم) أن تنكثوها
ص: 178
أراد عدم إصدار العهود أصلا إلّا لأمر مؤكّد مأمول (كَذلِكَ) كإعلام مرّ (يُبَيِّنُ اللَّهُ) إعلاما (لَكُمْ) لإصلاح حالكم (آياتِهِ) دوالّ أحكامه (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) ( 89 ) آلاءه ممّا علّمكم صراط السداد وسهّل لكم أمر المعاد .
ولمّا كسر أحد حال سكره رأس سعد ، وأراد عمر كلاما مرسلا مصرّحا محرّما للمدام ، أرسل اللّه (يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (إِنَّمَا) ما (الْخَمْرُ) الراح وهو معصور حمل الكرم ، ولكلّ مسكر حكم الراح (وَالْمَيْسِرُ) وكلّ لهو مردود و (وَالْأَنْصابُ) صور ألّهوها (وَالْأَزْلامُ) سهام اللهو إلّا (رِجْسٌ) ركس مكروه محرّم ، وحدّه لما هو محمول الأوّل ومحمول ما عداه مطروح (مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) المارد وأمره ووسواسه (فَاجْتَنِبُوهُ) الركس أو كلّ ما مرّ أو عمل المارد وأهملوا عمله ودعوه (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ( 90 ) مآلا حرّمه اللّه وأكّده مرارا .
(إِنَّما) ما (يُرِيدُ الشَّيْطانُ) المارد إلّا (أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ) أهل الولاء (الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ) أمد الأمر (فِي) سكر (الْخَمْرِ) لمحو الصّحو ودمس العلم وحول الحال (وَ) هو (الْمَيْسِرِ) لورود الوكاح ووكس الأموال ،
----------
(كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون) نعمه بتبيين الأحكام .
(يا أيها الذين ءامنوا إنما الخمر والميسر) القمار (والأنصاب) الأصنام التي نصبت للعبادة (والأزلام) القداح التي يستقسمون بها (رجس) خبيث مستقذر (من عمل الشيطان) لأنه بتزيينه (فاجتنبوه) أي الرجس أو التعاطي (لعلكم تفلحون) باجتنابه أكد تحريم الخمر والميسر بحصرهما في الرجس وقرنهما بالأصنام والأزلام وجعلهما من عمل الشيطان والأمر باجتنابهما وجعله من الفلاح وبيان مفاسدهما في الدنيا والدين .
(إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر)
ص: 179
أوردهما وأعاد إعلاء آصارهما إعلاما لما هو الأهمّ إحراما (وَيَصُدَّكُمْ عَنْ) مراسم (ذِكْرِ اللَّهِ) وأوامر إسلامه (وَعَنِ) أداء (الصَّلاةِ) وإكمال أعمالها (فَهَلْ أَنْتُمْ) أهل الإسلام مع هؤلاء الروادع (مُنْتَهُونَ) ( 91 ) عمّا حرّمه اللّه ، وهو أمر مدلولا والحاصل عووا وصدّوا .
(وَأَطِيعُوا اللَّهَ) طاوعوا أوامره (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) أسلموا لأحكامه (وَاحْذَرُوا) ما ردعاه أو عدم طوعهما (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ) عمّا أمركم اللّه ورسوله (فَاعْلَمُوا) علما موطّدا (أَنَّما) ما (عَلى رَسُولِنَا) محمّد المرسل ( ص ) إلّا (الْبَلاغُ الْمُبِينُ) ( 92 ) الإعلام الساعط ، وما أساءه عدم طوعكم لما أدّاه ما أرسل له .
ولمّا أرسل اللّه إحرام المدام سأل الرحماء رسول اللّه صلعم : ما حال أهل الإسلام هلكوا أمام إحرامها وهم حسوها وأكلوا مال اللهو ؟ أرسل اللّه
(لَيْسَ عَلَى) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (وَعَمِلُوا) الأعمال (الصَّالِحاتِ جُناحٌ) إصر (فِيما طَعِمُوا) حسوا راحا وأكلوا مال اللهو أوّل الأمر
----------
لما يحصل فيهما من الشرور والفتن (ويصدكم) بالاشتغال بهما (عن ذكر الله وعن الصلاة) وإنما خص الخمر والميسر بإعادة الذكر تنبيها على أنهما المقصودان بالبيان وأن الأنصاب والأزلام مذكوران بالتبع للدلالة على أنهما مثلهما وأفرد الصلاة بالذكر مع أن الذكر يعمها للإشعار بتعظيمها وبأنها عماد الدين وبأن الصاد عنها كالصاد عن الإيمان (فهل أنتم منتهون) عنهما بعد بيان ما فيهما من الصوارف وهو أبلغ من فانتهوا .
(وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا) عصيانهما (فإن توليتم) عن الطاعة (فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين) لا يضره توليكم وإنما يضركم .
(ليس على الذين ءامنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا) من الحلال
ص: 180
(إِذا مَا اتَّقَوْا) المحارم (وَآمَنُوا) أسلموا وأحكموا إسلامهم (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) الأعمال الصوالح (ثُمَّ اتَّقَوْا) ما حرّمه اللّه كالراح وراء إحرامها (وَآمَنُوا) أسلموا لإحرامها (ثُمَّ اتَّقَوْا) داوموا ورعهم وأكّدوه (وَأَحْسَنُوا) للملإ طرّا وأدركوا محامد الأعمال عموما (وَاللَّهُ) الودود (يُحِبُّ) الملأ (الْمُحْسِنِينَ) ( 93 ) وهم موارد وداده ومعادهم محمود .
ولمّا رحل رسول اللّه صلعم مع رهطه للعماس وصالح مع الأعداء وطار الحمام وما سواه وعراهم المصطاد مع حلولهم رحالهم ، وأهل الإسلام أحرموا وما اصطادوا وأمسكوا سهامهم ورماحهم وراعوا الإحرام ، أرسل اللّه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا للّه وو حدوده وأطاعوا أوامر رسوله (لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ) هو معامل معكم كالممحص (بِشَيْءٍ) ماصل (مِنَ الصَّيْدِ) أصله المصدر ، والمراد المصطاد كالحمام (تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ) لمّا طار صددكم (وَرِماحُكُمْ) دعسا وهو (لِيَعْلَمَ اللَّهُ) علم إحساس روع (مَنْ يَخافُهُ) اللّه (بِالْغَيْبِ)
----------
والمستلذات (إذا ما اتقوا) المحرم (وءامنوا وعملوا الصالحات) وثبتوا على الإيمان والعمل الصالح (ثم اتقوا وءامنوا) ثبتوا على التقوى والإيمان (ثم اتقوا) ثبتوا على اتقاء المعاصي (وأحسنوا) عملهم قيل لما نزل تحريم الخمر قالت الصحابة للنبي كيف إخواننا الذين ماتوا وهم يشربون الخمر ويأكلون الميسر فنزلت.
وقيل في الذين تعاهدوا على ترك الطيبات (والله يحب المحسنين) يثيبهم ويكرمهم .
(يا أيها الذين ءامنوا ليبلونكم الله) في حال إحرامكم (بشيء من الصيد تناله أيديكم) كالبيض والفراخ (ورماحكم) هو كبار الصيد (ليعلم الله من يخافه بالغيب) ليتميز من يخاف عقابه غائبا في الآخرة فيتجنب الصيد ممن لا يخافه
ص: 181
السرّ (فَمَنِ) كلّ أحد (اعْتَدى) عدا الحدّ وصاد (بَعْدَ ذلِكَ) وراء ما محّص (فَلَهُ) لمعاد (عَذابٌ أَلِيمٌ) ( 94 ) مؤلم لعداء الحدّ .
( يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (لا تَقْتُلُوا) أورده لا السحط لما أراد الإهلاك عموما (الصَّيْدَ) المصطاد المأكول لحمه (وَ) الحال (أَنْتُمْ حُرُمٌ) محرمو حرم اللّه ، واحده حرام كردح ورداح (وَمَنْ قَتَلَهُ) المصطاد (مِنْكُمْ) أهل الإحرام (مُتَعَمِّداً) عامدا مدّكرا لإحرامه عالما لإحرام إهلاك مصطاده أراد مرء أرمح مصطادا عمدا ، وللمح المورد أورد العمد لما كلّ محرّم اصطاد وأهلك عمدا أو سهوا (فَجَزاءٌ) علاه أوسه (مِثْلُ ما) مصطاد (قَتَلَ) واصطاد وأهلك (مِنَ النَّعَمِ) كالكوم والكراع والآرام ، وهو حال (يَحْكُمُ بِهِ) حكما ساطعا وهو حال (ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) حكما أهل الإسلام وعادلاهم (هَدْياً) صلح سرحه وهو حال (بالِغَ الْكَعْبَةِ) واصل حرم اللّه للسحط
----------
فيقدم عليه (فمن اعتدى) فصاد (بعد ذلك) الابتلاء (فله عذاب أليم) مر في إبهامه تشديدا لحال الصيد .
(يا أيها الذين ءامنوا لا تقتلوا الصيد) المحلل وبعض المحرم كالثعلب والأرنب والضب واليربوع والقنفذ والقمل (وأنتم حرم) جمع حرام بمعنى محرم (ومن قتله منكم متعمدا) ذاكرا للإحرام والحرمة ومثله الناسي والمخطىء، ذكر المتعمد لنزولها فيه وهو أبو البشر قتل حمار وحش برمحه محرما (فجزاء مثل ما قتل) أي فعليه جزاء مماثل ما قتله (من النعم) صفة للجزاء أو تفسير المثل (يحكم به) أي بمثل ما قتل (ذوا عدل منكم) مسلمان عادلان فقيهان يعرفان المماثل في الخلقة وقرأ الباقر والصادق علیه السلام ذو عدل وفسراه بالإمام (هديا) حال من الهاء في به أو من جزاء (بالغ الكعبة) صفة هديا أو إضافة
ص: 182
وإعطاء لحمها أهل الحرم (أَوْ كَفَّارَةٌ) هو (طَعامُ مِسْكِينٍ) إطعام أهل عسر كما مرّ حكمه ، ورووا « طعام » مكسورا (أَوْ عَدْلُ ذلِكَ) الطعام وهو ما عادله وساواه كالصوم ، ورووا « عدل » مكسور الأوّل (صِياماً) ولاء (لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ) مكروه عمله وإصر حاله وسوء معاده (عَفَا اللَّهُ) محا (عَمَّا) عمل (سَلَفَ) لكم وصدر أوّل الأمر أمام الإسلام ، أو أمام ورود المحرّم وهو إهلاكهم المصطاد حال الإحرام (وَمَنْ عادَ) وصاد وهو محرم (فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ) هو ساط له معادا لعمله السوء (وَاللَّهُ عَزِيزٌ) له العلوّ والطول (ذُو انْتِقامٍ) ( 95 ) سطو لرهط عدوا حدود الإسلام وأصرّوا طلاحا .
(أُحِلَّ لَكُمْ) حلالا طاهرا (صَيْدُ الْبَحْرِ) ممّا مولده ومعمره الماء ، وهو حلال للمحلّ والمحرم ، وهو الأصح ، والمأكول وما سواه سواء كاللؤلؤ
----------
لفظية، قيل بلوغه الكعبة: ذبحه في الحرم والتصدق به، وعندنا ذبحه بفناء الكعبة في الجزورة والتصدق به فيها للمعتمر وبمنى كذلك للحاج (أو كفارة) عطف على جزاء (طعام مساكين) عطف بيان أو خبر محذوف أي يكفر بإطعام مساكين ما يساوي قيمة الهدي (أو عدل) أو مساوي (ذلك) الطعام (صياما) تمييز عدل فيصوم عن طعام كل مسكين يوما (ليذوق وبال أمره) أي فعليه كذا ليذوق ثقل جزاء فعله (عفا الله عما سلف) من قتل الصيد محرما أول مرة مع الجزاء أو قبل التحريم أو في الجاهلية (ومن عاد) إلى ذلك (فينتقم) فهو ممن ينتقم (الله منه) وعنهم (عليهم السلام): ليس عليه الكفارة إن أصابه ثانيا متعمدا بل هو ممن ينتقم الله منه وإن أصاب خطأ فعليه الكفارة وإن عاد مرارا (والله عزيز ذو انتقام) ممن عصاه .
(أحل لكم صيد البحر) مصيداته أن ينتفعوا به مما يؤكل ومما لا يؤكل
ص: 183
(وَ) أحلّ لكم (طَعامُهُ) ما طعم وأكل وهو السمك وحده ومعاده المصدر والمراد المصطاد (مَتاعاً) عودا (لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ) لأهل الرحل والسلوك كما أحلّ لأهل الرموك (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ) أهل الإسلام (صَيْدُ الْبَرِّ) عطو مصطاد مولده الدوّ والصحراء (ما دُمْتُمْ) ورووه مكسور الدال (حُرُماً) ما دام لكم الإحرام (وَاتَّقُوا اللَّهَ) الملك العدل (الَّذِي إِلَيْهِ) وحده (تُحْشَرُونَ) ( 96 ) معادا لإحصاء الأعمال وإعطاء أعدالها .
(جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ) أسّس وصعّد وكرّم سمّاها لصعودها (الْبَيْتَ الْحَرامَ) سمّاها حراما لما حرّمه وأكرمه (قِياماً) مصدر أو حال (لِلنَّاسِ) صلاحا لأمورهم حالا ومآلا (وَالشَّهْرَ الْحَرامَ) واللّام للعهد وهو موسم أهل الحرم لأداء مراسمه ومحلّ حصول مصالحهم ، أو للعموم ، أو المراد الحرم كلّها وهو المحرّم وما سواه لروحهم وعدم عماسهم (وَالْهَدْيَ) ما أهدوا لأهل الحرم (وَالْقَلائِدَ) للحرس الحكم (ذلِكَ) ما مرّ (لِتَعْلَمُوا) أهل الإسلام
----------
(وطعامه) ما يطعم من صيده أي وأحل لكم المأكول منه وهو السمك أو المراد وأحل لكم صيد حيوان البحر وأن تطعموه (متاعا لكم) مفعول له أي تمتيعا لكم (وللسيارة) أي مسافريكم يتزودونه قديدا (وحرم عليكم صيد البر) ما صيد فيه مما يفرخ فيه (ما دمتم حرما) محرمين وإن صاده محل عندنا (واتقوا الله الذي إليه تحشرون) للجزاء .
(جعل الله الكعبة البيت الحرام) عطف بيان (قياما للناس) أي ما يقوم به أمر دينهم بحجة ودنياهم بأمن داخله وربح التجارة عنده وقرىء قيما مصدر قام (والشهر الحرام) لامه للجنس أي الأشهر الحرم الأربعة (والهدي والقلائد)
ص: 184
(أَنَّ اللَّهَ) عالم الحسّ والسرّ (يَعْلَمُ) مصالح ما حلّ (فِي السَّماواتِ وَما) ركد (فِي الْأَرْضِ) وما وسطهما ولم لا (وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) ( 97 ) أحاط علمه الكلّ وعمّه وما حرّم وما أحلّ إلا لحكم ومصالح علمها .
(اعْلَمُوا) علما حاسما للأوهام (أَنَّ اللَّهَ) الحكم العدل (شَدِيدُ الْعِقابِ) عسر الإصر لكلّ ملهد الحرم والإحرام ، أو لكلّ عاص (وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ) محّاء للآصار (رَحِيمٌ) ( 98 ) راحم كامل لكلّ أحد أطاعه ، وهو كلام وأعد لحارس محارم اللّه وموعد لكلّ أحد عدا حدود محارمه .
(ما عَلَى الرَّسُولِ ) محمّد ( ص ) المرسل المسدّد (إِلَّا الْبَلاغُ) إعلام أوامر اللّه وأحكامه (وَاللَّهُ يَعْلَمُ) علما موطّدا (ما تُبْدُونَ) عملكم المحسوس (وَما تَكْتُمُونَ) ( 99 ) عملكم السرّ والمراد أعمالكم وعلومكم .
(قُلْ) رسول اللّه لهم (لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ) الحرام والحلال أو الملحد والمسلم وصالح العمل وطالحه (وَلَوْ أَعْجَبَكَ) أوّل الأمر (كَثْرَةُ
----------
فسرا في أول السورة (ذلك) الجعل (لتعلموا أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض وأن الله بكل شيء عليم) فإن من تأمل في أعمال الحج وشرائعه علم أن فيها حكما ومصالح لا تحصى وأن شارعها هو الحكيم الخبير .
(اعلموا أن الله شديد العقاب) لمن عصاه (وأن الله غفور) لمن تاب (رحيم) به .
(ما على الرسول إلا البلاغ) وقد فعل وقامت عليكم الحجة فلا عذر لكم في التفريط (والله يعلم ما تبدون وما تكتمون) من الأعمال فاحذروه .
(قل لا يستوي) عند الله (الخبيث والطيب) حرام المال وحلاله وصالح العمل وطالحه (ولو أعجبك) أيها السامع (كثرة الخبيث) فإن قليل الطيب خير
ص: 185
الْخَبِيثِ) سوادا وعددا ، والأصل هو الطهر والصلاح لا السواد والعدد والمحمود ماصل ، وورد ما مصل وهدّ أصلح ممّا أمر وصدّ ، والكلام مع كلّ عالم مدرك كما دلّ (فَاتَّقُوا اللَّهَ) روعوا سطوه يا (أُولِي الْأَلْبابِ) أهل الأحلام السلام (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ( 100 ) معادا .
ولمّا سأل رهط أهل الإسلام رسول اللّه صلعم سؤالا لهوا مكروها ، أرسل اللّه (يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (لا تَسْئَلُوا) رسول اللّه (عَنْ أَشْياءَ) أمور ، الأصحّ هو واحد كصحراء وحمراء ، (إِنْ تُبْدَ لَكُمْ) هؤلاء الأمور لإعلام رسول اللّه صلعم (تَسُؤْكُمْ) ساءه همّه (وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها) هؤلاء الأمور (حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ) محلّ ورود الملك وعصر سطوع الأسرار وهو ما دام الرسول معكم (تُبْدَ لَكُمْ) هؤلاء الأمور (عَفَا اللَّهُ) محا (عَنْها) هؤلاء الأمور (وَاللَّهُ غَفُورٌ) لأعصاركم (حَلِيمٌ) ( 101 ) ممهل لا مسرع العطو والسطو .
(قَدْ سَأَلَها) سأل هؤلاء الأمور رسلا (قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ) رهط مرّ عهدهم (ثُمَّ) لمّا أعلمها الرسل لهم (أَصْبَحُوا) صاروا (بِها) إحكامها (كافِرِينَ) ( 102 ) أهل الردّ والعدول كما سألوا السماط أو سألوا
----------
من كثير الخبيث (فاتقوا الله) وأدوا ما هو خير (يا أولي الألباب لعلكم تفلحون) لتفوزوا بالثواب .
(يا أيها الذين ءامنوا لا تسئلوا عن أشياء) لم تبرز لكم (إن تبد لكم تسؤكم) تغمكم (وإن تسئلوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم) وإذا ظهرت غمتكم فلا تسألوا عنها (عفا الله عنها) عن مسألتكم التي سلفت فلا تعودوا (والله غفور) للذنوب (حليم) لا يعجل العقوبة .
(قد سألها) أي الأشياء بحذف عن أو المسألة بقرينة تسألوا (قوم من قبلكم) فأجيبوا ببيانها (ثم أصبحوا بها كافرين)
ص: 186
صالحا الكوماء .
(ما جَعَلَ اللَّهُ) ما أمر هو ردّ لما عمله أهل العدول أمام الإسلام (مِنْ) مؤكّد للإعلام أورد لعمومه (بَحِيرَةٍ) مرسال ولد لها أولاد معهود عددها وصدعوا مسمعها وحرّروا مطاها حملا وما سواه ، وما طعموا درّها وأرسلوها وما طردوها ماء ولا كلاء (وَلا سائِبَةٍ) مرسال أرسلها أحدهم ملما عهد عصر ما علّ لو صحّح اللّه لأحررها وأرسلها وأسرّحها ، ولمّا صح عمل كما عهد وما دسعوها ماء ولا كلاء ، أو مملوك حرّره مالكه وكلّم لا ولاء وسطها أو لا سهم لأحدهما ممّا هو ملك مطوه لو هلك (وَلا وَصِيلَةٍ) عوس ولد معها حلّام وراء أولاد لأمها معهود عددها حصل ولادها أولا (وَلا حامٍ) سطاع ولد له أولاد معهود عددها ، أو ما ولد لولده ولد وكلّموا حرس مطاه وحرّروه وأرسلوه وما ردعوه ماء ولا كلاء (وَلكِنَّ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا لما حرّموا ما أحلّ اللّه لهم (يَفْتَرُونَ) ولعا عمدا (عَلَى اللَّهِ) الملك العلّام (الْكَذِبَ) لما ادعوه هو أمر اللّه (وَأَكْثَرُهُمْ) وهم عوامهم (لا يَعْقِلُونَ) ( 103 ) حدّ الحرام
----------
أي بسببها إذ لم يقبلوها .
(ما جعل الله) رد لبدع الجاهلية أي ما شرع (من بحيرة) من مزيدة (ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام) قيل كانوا إذا أنتجت الناقة خمسة أبطن آخرها ذكر بحروا أذنها أي شقوها وحرموا ركوبها وحلبها وكان الرجل يقول: إن قدمت فناقتي سائبة ويحرم منافعها كالبحيرة وإذا ولدت الشاة أنثى كانت لهم وإن ولدت ذكرا كانت لآلهتهم وإن ولدتهما لم يذبحوا الذكر لها إذا وصلته أخته وإذا أنتج من الفحل عشرة أبطن حرموا ظهره وقالوا: حمى ظهره ولم يمنع ماء ولا مرعى (ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب) بنسبة ذلك إليه (وأكثرهم لا يعقلون) أن ذلك افتراء لأنهم قلدوا كبارهم .
ص: 187
والحلال أو المحلّل والمحرّم أو الآمر ولا علم لهم أصلا وما هم إلّا مطاوعو الرؤساء .
(وَإِذا قِيلَ) أمر (لَهُمْ) إصلاحا وآمروهم أهل الإسلام (تَعالَوْا) هلمّوا (إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ) أرسله وهو حكمه (وَإِلَى) حكم (الرَّسُولِ) رسوله محمّد ( ص ) وأعطوا ما أحلّ اللّه لكم (قالُوا) ردّا لهم (حَسْبُنا) عملا (ما) حكم وعمل (وَجَدْنا عَلَيْهِ) الحكم (آباءَنا) وأعدل المسالك ما سلكوه ، وهو إعلاء لوكس روعهم وسلوكهم مسالك ولّادهم ولا عماد لهم سواه (أَ) هل عملهم ما عملوا وَ الحال (لَوْ كانَ آباؤُهُمْ) ولّادهم ورؤساءهم (لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً ) أمرا ما (وَلا يَهْتَدُونَ) ( 104 ) له والحاصل هم ما عملوا صلاح الأمر وما سلكوا مسالك السداد لا مال لسلوكهم إلّا الدرك .
لمّا حسر أهل الإسلام لطلاح أهل السدود وودّا إسلامهم ، أرسل اللّه
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (عَلَيْكُمْ) احرسوا (أَنْفُسَكُمْ) وداوموا إصلاحها (لا يَضُرُّكُمْ) حالا ومآلا (مَنْ) كلّ أحد (ضَلَّ) وما سلك مسلك الصلاح (إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) وحصل لكم سواء الصراط (إِلَى اللَّهِ) وحده
----------
(وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا) من الدين وتمسكهم بالتقليد دليل نقص عقلهم (أولو) همزة إنكار دخلت على واو الحال أي حسبهم ذلك ولو (كان ءاباؤهم لا يعلمون شيئا) من الحق (ولا يهتدون) إليه .
(يا أيها الذين ءامنوا عليكم أنفسكم) الزموا صلاحها ونصب أنفسكم بعليكم لأنه اسم لالزموا (لا يضركم من ضل) أي الضلال (إذا اهتديتم إلى الله
ص: 188
(مَرْجِعُكُمْ) معادكم (جَمِيعاً) كلّكم (فَيُنَبِّئُكُمْ) اللّه (بِما) كلّ عمل (كُنْتُمْ) أهل الإسلام والعدول (تَعْمَلُونَ) ( 105 ) لا لأعمال سواكم وهو معاملكم كأعمالكم ، والإعلام أوّلا لكمال عدله وهو واعد وموعد لأهلهما .
لمّا رحل مملوك محرّر ل « عمر » و « ولد العماص » ، ووصل مصمده وعلىّ ولاح له إعلام السام ومعه ردء السلوك ، وسطر طرسا ورسم كلّ ما معه وطرحه وسط رحله وما أعلمهما وأوصاهما ردّ المال لأهله ، وأدركه السام ولمّا عاد واسلّا وعاء مموها مملوّا مالا أوصلا لأهله أمواله وأهل أرحامه أدركوا الطرس المدسوس ، وراموا ما أسلاه وهما لطا مسلهما وأوصلوه رسول اللّه صلعم وصار رسول اللّه حكما لهم ، أرسل اللّه
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا ممّا أمركم اللّه (شَهادَةُ بَيْنِكُمْ) إعلام الأمر وإعلاؤه (إِذا حَضَرَ) أحمّ (أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) ولاح سواطع السام (حِينَ الْوَصِيَّةِ) حال العهد (اثْنانِ) كلاهما (ذَوا عَدْلٍ) صلاح وورع (مِنْكُمْ) الأحماء لما هم أعالم أحواله ، أو أهل الإسلام عموما (أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) لأهل الأرحام أو المراد أهل العدول أولو العهد والطوع لأهل الإسلام وح هو محوّل ( إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ
----------
مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون) فيجازي كلا بعمله .
(يا أيها الذين ءامنوا شهادة بينكم) أي الأشهاد الذي شرع بينكم وأضيفت إلى الظرف اتساعا (إذا حضر أحدكم الموت) أي أسبأبه ظرف للشهادة (حين الوصية) بدل منه (اثنان) خبر شهادة بحذف مضاف أو فاعلها أي عليكم أن يشهد اثنان (ذوا عدل منكم) مسلمان وهما صفتان (أو آخران) عطف على اثنان وظاهره اعتبار عدالتهما في دينهما (من غيركم) من أهل الذمة ولا تسمع شهادتهم إلا في هذه القضية عندنا (إن أنتم ضربتم) سافرتم
ص: 189
فِي الْأَرْضِ) حصل الرحل والسلوك لكم (فَأَصابَتْكُمْ) وصلكم وأحمّكم (مُصِيبَةُ الْمَوْتِ) وأدرككم حول السام ولاح لكم علم الهلاك (تَحْبِسُونَهُما) معا للاحلاط والعهد (مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ) وهو العصر لما هو عصر وسط عدل كرّمه الأمم كلّها (فَيُقْسِمانِ) كلاهما (بِاللَّهِ) عهدا مؤكّدا (إِنِ ارْتَبْتُمْ) ما صحّ عدلهما وسدادهما صددكم وعراكم الوهم ، وهو مع حواره المطروح كلام لا محلّ له ورد وسط العهد ، وحواره وهو (لا نَشْتَرِي بِهِ) اللّه أو العهد (ثَمَناً) مالا والمراد ما العهد لطمع المال (وَلَوْ كانَ) المعهود له (ذا قُرْبى) أهل رحم للعهد إلّا لإعلام السداد ، وحوار « لو » مطروح أو هو للوصل ولا حوار له (وَلا نَكْتُمُ) إسرارا (شَهادَةَ اللَّهِ) لما أمر اللّه إعلامها لا إسرارها (إِنَّا إِذاً) حال إسرارها (لَمِنَ الْآثِمِينَ) ( 106 ) أهل الإصر والطلاح .
(فَإِنْ عُثِرَ) اطلع أولو الأرحام أو سواهم (عَلى أَنَّهُمَا) ألسا وولعا و (اسْتَحَقَّا إِثْماً) صارا أهلا لإصر (فَآخَرانِ) سواهما صادعا عدل وسداد
----------
(في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت) أي قاربتم والجزاء محذوف دل عليه أو آخران (تحبسونهما) تقفونهما صفة آخران والشرط اعتراض يفيد أنه لا يعدل عن المسلمين إلا إذا تعذر مطلقا أو في سفر فقط (من بعد الصلاة) صلاة العصر كما روي لاجتماع الناس حينئذ أو أي صلاة (فيقسمان بالله إن ارتبتم) إن ارتاب الوارث وهو اعتراض يخصص القسم بحال الريبة (لا نشتري به) لا نستبدل بالقسم أو بالله (ثمنا) عوضا من الدنيا بأن يحلف به كاذبا لأجله (ولو كان) المقسم له (ذا قربى) قريبا منا (ولا نكتم شهادة الله) التي أمرنا بأدائها (إنا إذا لمن الآثمين) أي إن كتمنا .
(فإن عثر) اطلع (على أنهما استحقا إثما) بخيانة وتحريف (فآخران يقومان مقامهما) في الحلف (من الذين استحق
ص: 190
(يَقُومانِ مَقامَهُما) مسدّهما ومحلّهما (مِنَ) الملأ (الَّذِينَ اسْتَحَقَّ) مكسور الحاء (عَلَيْهِمُ) الإصر واللمم وهم أولو السهام ، ورووه معلوما (الْأَوْلَيانِ) وهما محمّا الهالك (فَيُقْسِمانِ) كلاهما (بِاللَّهِ) الحكم والعدل (لَشَهادَتُنا أَحَقُّ) أسدّ وأعدل سماعا (مِنْ شَهادَتِهِما) وعهدهما لما ألسا وولعا (وَمَا اعْتَدَيْنا) حدّ السداد والعدل كما هو (إِنَّا إِذاً) لولا سداد العهد (لَمِنَ الظَّالِمِينَ) ( 107 ) لإحلال الولع محلّ السداد .
(ذلِكَ) الحكم (أَدْنى) أكمل إحمالا وأسهل (أَنْ يَأْتُوا) الحولاء العدول (بِالشَّهادَةِ) المأمور أداءها (عَلى وَجْهِها) كما حمّلوها سدادا للّه (أَوْ يَخافُوا) أو لروعهم (أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ) ردّ عهودهم وكرّها لحولاء سواهم ، أو عودها لملأ ادّعوا (بَعْدَ أَيْمانِهِمْ) عهودهم لسطوع ولعهم ألسهم (وَاتَّقُوا اللَّهَ) روعوه ولعا وألسا (وَاسْمَعُوا) سمع طوع وسداد (وَاللَّهُ) العدل (لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) ( 108 ) العدّال عمّا هو السداد والطوع .
----------
عليهم) جيء عليهم وهم الورثة الأوليان الأحقان بالشهادة خبر محذوف أي هما (الأوليان فيقسمان بالله لشهادتنا أحق) أصدق (من شهادتهما وما اعتدينا) وما تجاوزنا الحق فيها (إنا إذا) إذا اعتدينا (لمن الظالمين) أنفسهم .
(ذلك) الحكم المذكور (أدنى) أقرب إلى (أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا) أدنى إلى أن يخافوا (أن ترد أيمان بعد أيمانهم) على الورثة المدعين فيحلفوا على كذبهم فيفتضحوا (واتقوا الله) أن تكذبوا أو تخونوا (واسمعوا) وصية سماع قبول (والله لا يهدي القوم الفاسقين) الخارجين عن طاعته إلى حجته أو الجنة .
ص: 191
(يَوْمَ) معمول لمطروح وهو ادّكروا أو روعوا أو معمول « واسمعوا » (يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ) والأمم كلّهم (فَيَقُولُ) اللّه للرسل ما للسؤال ذا للموصول (أُجِبْتُمْ) حال دعاء الأمم للإسلام (قالُوا) الرسل (لا عِلْمَ لَنا) أهم أطاعوا أمرك سرّا وحسّا أم لا ، أو المراد لا علم لهم لما عمل الأمم وراءهم ، أو أورده هصما وأرادوا علمهم معدوم صدد علم اللّه (إِنَّكَ أَنْتَ) لا سواك (عَلَّامُ) ورووه علّاما معمولا لا مدح (الْغُيُوبِ) ( 109 ) ولك كمال علم الأسرار كلّها ، ورووه مكسور الأوّل كلّما ورد .
ادّكر (إِذْ قالَ اللَّهُ) إحصاء للآلاء وعدّا لها (يا عِيسَى) روح اللّه (ابْنَ مَرْيَمَ) المطهّر المكرّم و (اذْكُرْ) أحص واحمد صروع (نِعْمَتِي عَلَيْكَ) كما عدّها اللّه (وَ) آلاء ادرّها اللّه (عَلى والِدَتِكَ) أمّك الطهور لما طهّرها اللّه وكرّمها (إِذْ أَيَّدْتُكَ) وهو حال (بِرُوحِ الْقُدُسِ) وهو الملك المرسل للرسل كلّهم أرسل لإسعادك وإمدادك (تُكَلِّمُ النَّاسَ) واردا محمولا (فِي الْمَهْدِ) حال مصّك درّ أمّك (وَكَهْلًا) حال الوكل وإرسالك وكمال حلمك وهما سواء لك (وَإِذْ عَلَّمْتُكَ) روح اللّه (الْكِتابَ) السطر والرسم (وَالْحِكْمَةَ) العلم
----------
(يوم يجمع الله الرسل) ظرف لأذكر مضمرا (فيقول) لهم توبيخا لقومهم (ما ذا) في موضع المصدر أي إجابة (أجبتم قالوا) تشكيا وردا للأمر إلى علمه بما كابدوا منهم (لا علم لنا) بما أنت تعلمه أي لا حاجة إلى شهادتنا (إنك أنت علام الغيوب) .
(إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس) جبرئيل أو ملك أعظم منه أو روحك المطهرة من الأدناس (تكلم الناس في المهد) طفلا (وكهلا) بلا تفاوت في كمال العقل (وإذ علمتك الكتاب والحكمة
ص: 192
والكلام المحكم والسداد (وَالتَّوْراةَ) طرس الهود (وَالْإِنْجِيلَ) اسم طرس روح اللّه (وَ) ادّكر (إِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ) الحماء الصلصال (كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ) عطلا كعطلها (بِإِذْنِي) أمر اللّه وطوله (فَتَنْفُخُ فِيها) كما أمر (فَتَكُونُ) لمصور (طَيْراً) لها حسّ وروح (بِإِذْنِي) وهو المصور أصلا (وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ) وهو ولد ولد مع عماه (وَالْأَبْرَصَ) وهو الأسلع الأسوأ ، والسوء داء مورده سطح الصرم ومولّده السوداء وما سواها (بِإِذْنِي) كرّره مؤكّدا (وَ) ادّكر (إِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى) ممّا رمسوا كسام وسواه (بِإِذْنِي) الكامل ، (وَ) ادّكر (إِذْ كَفَفْتُ) سوء (بَنِي إِسْرائِيلَ) الهود (عَنْكَ) لمّا همّوا إهلاكك (إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ) حال إعلامك الإدلاء لهم (فَقالَ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدوا وعدلوا عمّا أمروا (مِنْهُمْ) الهود (إِنْ) ما هذا ما صدر ومرّ (إِلَّا سِحْرٌ) سحره لإعلاء أمره وأسماء دعواه ، ورووه إلّا ساحر ومدلوله ما روح اللّه إلّا ساحر (مُبِينٌ) ( 110 ) ساطع .
(وَ) ادّكر (إِذْ أَوْحَيْتُ) إلهاما مسدّدا (إِلَى) رهط (الْحَوارِيِّينَ) ارداع روح اللّه وهم أكارم الصلحاء وأعادل الكمّل (أَنْ للمصدر) آمِنُوا أسلموا (بِي) أوّلا (وَبِرَسُولِي) روح اللّه المرسل (قالُوا) الأرداع سدادا
----------
والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني وتبرىء الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني) فسر في آل عمران (وإذ كففت بني إسرائيل) اليهود (عنك) عن قتلك (إذ جئتهم بالبينات) المعجزات (فقال الذين كفروا منهم إن) ما (هذا) الذي جئت به (إلا سحر مبين) .
(وإذ أوحيت إلى الحواريين) أمرتهم على ألسنة رسلي (أن ءامنوا بي وبرسولي) أن مصدرية أو مفسرة (قالوا
ص: 193
وطوعا (آمَنَّا) للّه ورسوله إسلاما كاملا ، والأمر أمر اللّه ورسوله (وَاشْهَدْ) روح اللّه وصر عالما عدلا (بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ) ( 111 ) مطاوعو أوامرك .
ادّكر (إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ) سؤالا (يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ) المرسل (هَلْ يَسْتَطِيعُ) اللّه (رَبُّكَ) أو هل هو معط لك سؤالك (أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا) كرما وعطاء (مائِدَةً) ملاءها الطعام ، وأصله كلامهم مادة أعطاه وأطعمه (مِنَ السَّماءِ) عالم العلو (قالَ) لهم روح اللّه (اتَّقُوا اللَّهَ) واطرحوا سؤالا ما سأله له الأمم الأوّل وراء ما لاح الإعلام السواطع والادلّاء اللوامع (إِنْ كُنْتُمْ) أهل السؤال (مُؤْمِنِينَ) ( 112 ) أهل إسلام لكمال طوله وسداد إرسال رسوله .
(قالُوا) رهطه (نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ) الطعام (مِنْها) أكلا موردا للعلم الكامل لما هو أكرم كلّ الطعام وأعلاه (وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا) لكمال علمهم ، وهم لمّا رأوا حصل لهم الوطود وهو ممّا أراد الرسل سؤالا (وَنَعْلَمَ) علما ساطعا واطدا ح (أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا) سداد كلامك حسّا كما حصل السداد علما (وَنَكُونَ عَلَيْها) ورودها (مِنَ الشَّاهِدِينَ) ( 113 ) للّه ولك أو لك صدد الهود لما حصل العود لهم .
----------
ءامنا واشهد بأننا مسلمون) مخلصون .
(إذ قال الحواريون) معمول لاذكر مضمرا (يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله) أن تقترحوا عليه (إن كنتم مؤمنين) كما ادعيتم .
(قالوا نريد) سؤالها من أجل (أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا) تسكن بزيادة اليقين (ونعلم أن) مخففة (قد صدقتنا) في ادعاء الرسالة (ونكون عليها من الشاهدين) لله بالوحدانية ولك بالرسالة عند من لم يحضرها .
ص: 194
ولمّا سألوا لحصول كمال العلم لا للردّ ، أراد روح اللّه كمالهم وماص طلله ورام المسح وكساه وركع وطأطأ رأسه وأعال و (قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) دعاء وسؤالا (اللَّهُمَّ رَبَّنا) كرّره مؤكّدا (أَنْزِلْ) أعط وأرسل (عَلَيْنا) سماعا للدعاء وإصلاحا للحال (مائِدَةً) مطعما مملوّا طعاما (مِنَ السَّماءِ) مصادر العطاء (تَكُونُ لَنا) عصر ورودها (عِيداً) سرورا وروحا (لِأَوَّلِنا) لأهل العصر السلّاك مسالكهم (وَآخِرِنا) أولاد أهل العصر وطوّعهم (وَآيَةً) علما دالا صادرا (مِنْكَ) لسداد أمر الألوك والإرسال (وَارْزُقْنا) وأعط ما هو السؤال (وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) ( 114 ) أكملهم وأرحمهم .
(قالَ اللَّهُ) سامعا لسؤال روح اللّه وواعدا لهم (إِنِّي مُنَزِّلُها) مرسلها (عَلَيْكُمْ) سماعا للدعاء (فَمَنْ) كلّ أحد (يَكْفُرْ بَعْدُ) لمّا أرسلها اللّه وأعطاها (مِنْكُمْ) أهل السؤال (فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ) أوله (عَذاباً) ألما لا (أُعَذِّبُهُ) لا أولمه ، والهاء للمصدر (أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) ( 115 ) حالا ومآلا ، والأصحّ أرسلها اللّه وأوردها الملك وأعطاهم كلّ طعام إلّا اللحم وردهم مدركو
----------
(قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا) قال كان يوم نزولها يوم عيد الأحد (لأولنا) أهل زماننا بدل من لنا بإعادة الجار (وآخرنا) من يأتي بعدنا (وآية) كائنة (منك) على قدرتك (وارزقنا) إياها أو شكرها (وأنت خير الرازقين) .
(قال الله) مجيبا لهم (إني منزلها) بالتخفيف والتشديد (عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه) الهاء للمصدر (أحدا من العالمين) فنزلت الملائكة بها عليها سبعة أرغفة وسبعة أحوات فأكلوا منها، وروي أنها كانت تنزل فيأكلون منها ثم ترفع فمنع مترفوهم سفلتهم منها فرفعت ببغيهم ومسخوا قردة وخنازير .
ص: 195
كلّ طعام أرادوا علاها ، ووردهم مدركوها أسحارا وآصالا حال الرموك والسلوك ، وورد ما أرسلها اللّه ولو أرسلها اللّه لصار السرور والروح سرمدا كما دلّ الكلام .
(وَ) ادّكر محمد رسول اللّه ( ص ) (إِذْ قالَ اللَّهُ) موسطا للملك (يا عِيسَى) روح اللّه (ابْنَ مَرْيَمَ) لمّا صعد مصاعد السماء ، أو حال المعاد إعلاما لطوالح أعمال رهطه وهو الأصحّ (أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ) لأهل عصرك وطلّاح رهطك إعلاما وأمرا لهم (اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ) طوعا كطوع اللّه (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (قالَ) روح اللّه محاورا لسؤال اللّه (سُبْحانَكَ) ممّا وصمك الأعماء وأهل الوهم والإعوار (ما يَكُونُ) صحاحا (لِي) أصلا (أَنْ أَقُولَ) أكلّم وأصدر ما أمرا وكلاما (لَيْسَ لِي بِحَقٍّ) سداد وما هو حراء لك (أَنْ) لو (كُنْتُ قُلْتُهُ) كلاما مرّ وصحّ صدوره (فَقَدْ عَلِمْتَهُ) ولك علم ما أكلّمه وما لم أكلّمه (تَعْلَمُ ما) ورد أو كلّ ما هو وارد (فِي نَفْسِي) ممّا هو السرّ (وَلا أَعْلَمُ) أصلا (ما فِي نَفْسِكَ) معلومك كما هو وهو لا حدّ ولا إحصاء له ، أولا أعلم معلومك المراد أسراره (إِنَّكَ أَنْتَ) لا سواك (عَلَّامُ الْغُيُوبِ) ( 116 ) أسرار الصدور وما سواها .
----------
(وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك) تنزيها لك أن يكون لك شريك (ما يكون) ما ينبغي (لي أن أقول ما ليس لي بحق) أن أقول قولا لا يحق لي أن أقوله (إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك) أي معلوماتك وذكر النفس للمشاكلة (إنك أنت علام الغيوب) يقرر الجملتين منطوقا ومفهوما .
ص: 196
(ما قُلْتُ لَهُمْ) للرهط (إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ) إلّا مأمورك وهو (أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ) وحدّوه وطاوعوا أوامره (رَبِّي وَرَبَّكُمْ) طرّا ومالك العالم كلّه (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ) الرهط (شَهِيداً) مطّلعا عالما (ما دُمْتُ فِيهِمْ) مدد العمر معهم (فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي) وأراد إعلاءه مصاعد السماء (كُنْتَ أَنْتَ) لا سواك الرَّقِيبَ الحارس المطّلع (عَلَيْهِمْ) كلّهم (وَأَنْتَ) لا سواك (عَلى كُلِّ شَيْءٍ) علما وعملا سرّا وكلاما (شَهِيدٌ) ( 117 ) مطّلع راصد ولك رصوده .
(إِنْ تُعَذِّبْهُمْ) أهل العدول لسوء أعمالهم (فَإِنَّهُمْ) كلّهم (عِبادُكَ) وألهو سواك وعملك عدل (وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ) كرما ورحما (فَإِنَّكَ أَنْتَ) لا سواك (الْعَزِيزُ) لا رادّ لحكمك وأمرك (الْحَكِيمُ) ( 118 ) أمرك مطاوع للحكم وعملك موام للمصالح .
(قالَ اللَّهُ) لروح اللّه (هذا) المعاد وهو محكوم علاه محموله (يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ) أهل السداد وصلحاء الأمم وهو المعاد الموعود وروده (صِدْقُهُمْ) سدادهم (لَهُمْ) لأهل الصلاح والسداد (جَنَّاتٌ) محالّ دوح وروح وحور وسرر وسرور (تَجْرِي) سرمدا (مِنْ تَحْتِهَا) دوحها وصروحها (الْأَنْهارُ) مسل الأمواه أو الماء والدرّ والعسل والمدام
----------
(ما قلت لهم إلا ما أمرتني به) أقر بأنه عبد مأمور (أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا) رقيبا أمنعهم أن يقولوا ذلك (ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم) تحفظ أعمالهم وتطلع على حالهم (وأنت على كل شيء شهيد) مطلع عالم به .
(إن تعذبهم فإنهم عبادك) الأحقاء بالعذاب إذ عبدوا غيرك (وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم) المنيع القادر على الثواب والعقاب بمقتضى الحكم .
(قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار
ص: 197
(خالِدِينَ) ورودا وركودا (فِيها) هؤلاء الرحّال الكرام (أَبَداً) دهرا داهرا (رَضِيَ اللَّهُ) إلههم (عَنْهُمْ) هؤلاء الأرهاط لمسعاهم المحمود (وَرَضُوا) هؤلاء (عَنْهُ) اللّه لإكرامه وسماحه لهم عدلا كاملا (ذلِكَ) الطول وإمداد السداد وإعطاء الآلاء (الْفَوْزُ) وصول المرام وحصول الإكرام (الْعَظِيمُ) ( 119 ) الكامل لدوامه .
(لِلَّهِ) لا لسواه (مُلْكُ السَّماواتِ) كلّها والمراد عالم العلوّ مع أسراره وحكمه (وَ) ملك (الْأَرْضِ) طرّا مع صروع أهلها (وَ) ملك كلّ (ما فِيهِنَّ) طهر حراه عمّا وهم رهط روح اللّه وهو وهمهم معه إلها سواه (وَهُوَ) اللّه (عَلى كُلِّ شَيْءٍ) عطاء وردّ وأسر وإهلاك (قَدِيرٌ) ( 120 ) لا رادّ لحكمه ولا مردّ لأمره .
----------
خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم) بعملهم (ورضوا عنه) بثوابه (ذلك) أي ما عدد من النفع هو (الفوز العظيم) إذ فيه سعادة الأبد .
(لله ملك السموات والأرض وما فيهن) من ذلك عيسى وأمه وغلب غير العقلاء لفرط بعدهم عن رتبة الألوهية (وهو على كل شيء قدير).
ص: 198
ص: 199
ص: 200
( سورة الأنعام )
موردها أمّ الرحم ومحصول أصول مدلولها : أسر الرمكاء والسماء وأسر اللمع والطرمساء ، وحكم إمهال أهل العالم والردّ الألوك ، وردّ أهل العدول المعاد ، وطمعهم العود لدار الأعمال ، وأحوال رسول اللّه صلعم وما سلاه اللّه عمّا ولعه أهل الولع ، والردع عمّا أكره الأرامل ، وروم أهل العدول ورودهم الإصر إسراعا ، وإعلام حصول علم الأسرار للّه وحده وإعلام سطوه وعلوّه ، والردع عمّا هو وودّ رهط ما هم أهلا له وأحكام أمر المعاد ، وولاد رسول مودود ، وأدلّاء وحوده حال صدوره عمّا هو مركده للمح السماء وما معها ، وإدلاؤه مع رهطه ، ولوم أهل الطرس وعوارهم حال ورودهم السام والمعاد ، وإعلاء أدلّاء الوحود مع أرواع الأعلام ، والأمر لأهل الإسلام لصدودهم عمّا كلّموا مع أهل العدول والردع لهم عمّا أسمعوهم ودماهم ، وإطراء أهل العدول مسلك الطّلاح ، والردع عمّا أكل مسحوطهم وكلامهم مع أهل الإسلام معادا وإعلام ما هو الحلال والحرام ، وأحوال محكم إعلام كلام اللّه وأوامره وروادعه ، وسطوح أعلام المعاد أمد الدهر وإعلام أحوال عدل صوالح الأعمال ، وحمد الرسول لطهره عمّا هو العدول وعوده لما هو السداد حالا ومآلا ، وإعلام أحوال العالم وصروع مراهصهم ، وأحوال إصر اللّه ورحمه مع الإسراع لأهلهما .
ص: 201
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الْحَمْدُ) المدح والإطراء كما هو (لِلَّهِ) لا لما سواه وهو المعاد للمحامد كلّها والمحمود للكلّ ، وهو أمر مدلولا والمراد احمدوا اللّه أورد الحمد للّه لما علّمه أهل الإسلام (الَّذِي خَلَقَ) أسر وصوّر وسمك السَّماواتِ عوالم العلو وما أعمد العمد لها ، ما وحدّها كما وحّد عدلها لعدم وئام أحكام صروعها وأوردها أوّلا لعلوّ محلّها وحصولها أوّلا (وَ ) مهّد (الْأَرْضَ) ووطّدها لحكم وأسرار ولا أصول ولا مراد لهما (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) أسرهما لصروع المصالح ، أو المراد العدول والإسلام ، أو الطلل والروح ، أو الوهم والعلم (ثُمَّ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا وردّوا الإسلام مع سواطع الأدلّاء (بِرَبِّهِمْ) مالكهم ومالك الكلّ (يَعْدِلُونَ) ( 1 ) السواع والودّ وكلّ
----------
(سورة الأنعام مائة وخمس وستون آیة مکبة وقیل لا)
(وما قدروا الله) الآيات الثلاث و(قل تعالوا) الثلاث.
بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله الذي خلق السموات والأرض) أي أوجدهما بمقدار تقتضيه الحكمة (وجعل الظلمات والنور) جمعت دونه لكثرة أسبأبها إذ لكل جرم ظل وقدمت لتقدم العدم على الملكة (ثم الذين كفروا بربهم يعدلون) عطف على الحمد لله أي هو حقيق بالحمد على ما خلق للعباد ثم الذين كفروا به يعدلون عنه .
ص: 202
ما ألهّوه ، أو عمّا أمر وحكم وما وحّدوه وما أطاعوه أصله العدل أو العدول .
(هُوَ) اللّه (الَّذِي خَلَقَكُمْ) صوّركم كلّكم وهم ولد آدم أو صوّر أصلكم آدم (مِنْ طِينٍ) حماء صلصال (ثُمَّ قَضى) حكم وأحكم وأمر وأعلم (أَجَلًا) معهودا أمد أعماركم (وَأَجَلٌ مُسَمًّى) موسوم معلوم (عِنْدَهُ) ما علمه إلّا اللّه ، وورده معاد الأمور وأمد الأعصار والدهور كلّها (ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ) ( 2 ) والحاصل مع هؤلاء الأمور حصل لكم الإعوار والمراء .
(وَهُوَ اللَّهُ) الواحد الأحد مالك الكلّ (فِي السَّماواتِ) إله مألوه (وَفِي الْأَرْضِ) إله مألوه (يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ) روعكم ومسحلكم مرامكم وكلامكم ساوكم وعملكم وهما له سواء (وَيَعْلَمُ) اللّه ما عملا (تَكْسِبُونَ) ( 3 ) محمودا أو ملوما .
(وَما تَأْتِيهِمْ) طلّاح أمّ رحم (مِنْ آيَةٍ) كلام أو علم (مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ) كلم إلههم وسور كلامه أو سواطع أعلامه ودواله عموما
----------
(هو الذي خلقكم) ابتداء خلقكم (من طين) إذ خلق عنه أصلكم آدم (ثم قضى أجلا) أجل الموت أو ما بين الخلق والموت (وأجل مسمى عنده) أجل القيامة أو ما بين الموت والبعث، وعنهم (عليهم السلام) ما حاصله قضا أجلا محتوما لموتكم لا يتقدم ولا يتأخر وأجل مسمى عنده يمحوه ويثبته (ثم أنتم تمترون) تشكون استبعاد لشكهم في البعث فإن القادر على الابتداء على الإعادة أقدر .
(وهو الله في السموات وفي الأرض) أي المعبود فيها كذلك هو الله في كل مكان (يعلم سركم وجهركم) تقرير له (ويعلم ما تكسبون) من خير وشر فيجازيكم به (وما تأتيهم من ءاية من ءايات ربهم) حجة من حججه المعجزات
ص: 203
(إِلَّا كانُوا عَنْها) طوعها وسماعها (مُعْرِضِينَ) ( 4 ) أهل العدول والصدود لوكس روعه موعدم دركهم لمعاد الأمور .
ولمّا عدلوا (فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ) محمّد رسول اللّه ( ص ) أو كلام اللّه (لَمَّا جاءَهُمْ) كلّما وردهم ساطعا لا معا وردّوه (فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ) معادا (أَنْباءُ) سداد (ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) ( 5 ) وأحواله وهو كلام اللّه أوعدهم اللّه سوء مآلهم ، أو حال إرسال الإصر حالا ، أو حال علوّ الإسلام وسطوع أمره .
(أَ) هم (لَمْ يَرَوْا) الرّداد وما علموا وما سمعوا (كَمْ أَهْلَكْنا) إهلاكا أسوأ (مِنْ قَبْلِهِمْ) أمامهم (مِنْ قَرْنٍ) أمم مرّ عهدهم كعاد ورهط صالح ، وأصله عصر محدود حاسم لأعمار أهله والمراد أهل العصر (مَكَّنَّاهُمْ) طولا (فِي الْأَرْضِ) وأهملوا عمرا ، أو المراد إعطاء الدور والآلاء (ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ) أهل أمّ الرحم كطول العمر ووسع المال (وَأَرْسَلْنَا) كرما (السَّماءَ) المطر والركام (عَلَيْهِمْ) أمم مرّوا (مِدْراراً) كامل درور واسع ماء حال وطرهم ، أصله الدرّ وهو حال (وَجَعَلْنَا) عطاء (الْأَنْهارَ) مسل الماء (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ) دوحهم (فَأَهْلَكْناهُمْ) طرّا (بِذُنُوبِهِمْ) طوالح أعمالهم ،
----------
كآيات القرآن وغيرها ومن الأولى مزيدة والثانية للتبعيض (إلا كانوا عنها) أي عن النظر فيها (معرضين) لم يلتفتوا إليه .
(فقد كذبوا بالحق) بالقرآن (لما جاءهم فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزءون) عند حلول العذاب بهم في الدنيا والآخرة .
(ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن) كثيرا من كل طبقة (مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم) أعطيناهم ما لم نعطكم (وأرسلنا السماء) السحاب أو المطر (عليهم مدرارا) غزيرا (وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم) تحت
ص: 204
والحاصل مدّوا أعصارهم سمع مدّ الأعمار وعدّ الأموال وحصول الآمال وما حرسهم آلاؤهم كعاد أمد الأمر وحال الإهلاك وصاروا كلّهم هلّاكا (وَأَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ) دمارهم وهلاكهم (قَرْناً) رهطا (آخَرِينَ) ( 6 ) سواهم .
ولمّا ألحّ الأعداء وسألوا إرسال كلام اللّه مرسوم الطرس ومعه ملك الاعلام ، أرسل اللّه (وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ) رسول اللّه (كِتاباً) مرسوما (فِي قِرْطاسٍ) وحمله الملك كما أرادوا (فَلَمَسُوهُ) رأوه ومسّوه (بِأَيْدِيهِمْ) لحصول كمال العلم لهم (لَقالَ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا وطرحوا العلم والسداد عداء وحسدا (إِنْ هذا) ما هو (إِلَّا سِحْرٌ) عمله محمد ( ص ) لا ممّا أرسله اللّه وأوحاه كما ادّعاه (مُبِينٌ) ( 7 ) ساطع .
(وَ) هم (قالُوا لَوْ لا) هلا (أُنْزِلَ) أرسل (عَلَيْهِ) الرسول محمّد صلعم (مَلَكٌ) لإعلاء إرساله (وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً) مسدّدا مسلّما لألوكه كما هو مرادهم (لَقُضِيَ الْأَمْرُ) حكم أمر هلاكهم وهو ممّا أراد اللّه لحكمه ومصالحه (ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ) ( 8 ) إمهالا لأولادهم وعودهم كما هو
----------
مساكنهم (فأهلكناهم بذنوبهم) ولم يغن ذلك عنهم شيئا (وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين) مكانهم فاحذروا أن يفعل ذلك بكم .
(ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس) مكتوبا في ورق كما اقترحوه (فلمسوه بأيديهم) أبلغ في نفي الريب من عاينوه وذكر الأيدي للتأكيد (لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين) تعنتا وعنادا .
(وقالوا لو لا) هلا (أنزل عليه ملك) نعاينه فنصدقه (ولو أنزلنا ملكا) كما اقترحوه فلم يؤمنوا (لقضي الأمر) لحق إهلاكهم بمقتضى الحكمة (ثم لا ينظرون) لا يمهلون بعد ذلك كعادة الله فيمن قبلهم بأنه تعالى إذا أوجد مقترح قوم ثم كذبوا بعد ذلك يهلكهم .
ص: 205
أمر اللّه المعهود المطرد .
(وَلَوْ جَعَلْناهُ) المرسل (مَلَكاً) كما أرادوا وسألوا (لَجَعَلْناهُ) الملك (رَجُلًا) مصوّرا كما أرسل الملك لمحمّد رسول اللّه كمرء (وَلَلَبَسْنا) ح (عَلَيْهِمْ) الأعداء ما أمرا (يَلْبِسُونَ) ( 9 ) أوّلا .
ولمّا أدركوا أملك هو أم مرء وما حسم مسماسهم ، ولمّا ساءه كلام رهطه صلعم وهمّه ، سلّاه اللّه وأرسل (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ) للحسد والطلاح (بِرُسُلٍ) كرام (مِنْ قَبْلِكَ) محمّد ( ص ) كداود وصالح كما هو عملهم معك (فَحاقَ) أحاط أو حلّ (بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ) الرسل أو الأمم مآل (ما كانُوا) الأمم الأول (بِهِ) وهو السداد (يَسْتَهْزِؤُنَ) ( 10 ) عداء وهو الإصر والهلاك أهلكوا لعملهم السوء .
(قُلْ) رسول اللّه لهؤلاء الحسّاد (سِيرُوا فِي) سطح (الْأَرْضِ) ودوروا محالّ أمم رسل مرّ عهدهم كهود وعاد وما سواه ، وارحلوا مراحل الدرك (ثُمَّ انْظُرُوا) أحسّوا أو اعلموا وأدركوا (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ) الرهط
----------
(ولو جعلناه) أي الذي طلبوه جواب ثان أو الرسول فهو جواب اقتراح آخر كقولهم لو شاء ربنا لأنزل ملائكة (ملكا) يعاينوه (لجعلناه رجلا) على صورة رجل كما مثل جبرائيل في صورة دحية الكلبي غالبا إذ لم يقدروا أن يروا الملك بصورته (وللبسنا) أي لو جعلناه رجلا لخلطنا (عليهم ما يلبسون) ما يخلطون على أنفسهم فيقولون ما هذا إلا بشر مثلكم وهذا من قبيل قوله تعالى: في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا .
(ولقد استهزىء برسل من قبلك فحاق) فأحاط (بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون) أي جزاؤه من العذاب وهو تسلية له (صلى الله عليه وآله وسلّم) .
(قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين) كيف أهلكوا
ص: 206
(الْمُكَذِّبِينَ) ( 11 ) الرسل ومعاد أعمالهم ومآل أمورهم .
(قُلْ) محمّد ( ص ) لهم واسأل (لِمَنْ ما) للموصول (فِي السَّماواتِ) عالم العلو (وَالْأَرْضِ) عالم الرهص ملكا وملكا لو صحّ كلامهم وحوارهم لك وإلّا (قُلْ) إعلاما لهم هو (لِلَّهِ) الملك العدل (كَتَبَ) رسم وسطر (عَلى نَفْسِهِ) والمراد وعد وعدا مؤكّدا الرَّحْمَةَ عموما حالا ومآلا ، وأوعدهم وأورد (لَيَجْمَعَنَّكُمْ) كلّكم اللام لام العهد ، لمّا عامّا (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) معاد الكلّ لعدل أعمالهم وإعلاء آصارهم (لا رَيْبَ فِيهِ) المعاد (الَّذِينَ خَسِرُوا) كسدوا وأعدموا (أَنْفُسَهُمْ) أرواحهم ورؤوس أموالهم وأصول أعمالهم لما أرادوا الطّلاح وردّوا الصّلاح (فَهُمْ) هؤلاء الطّلاح (لا يُؤْمِنُونَ) ( 12 ) إصرارا لما طرحوا روعا محصلا للعلم ، وهو سلكوا مهامه الحواس والأوهام ، وهمكوا مهامك الأهواء والآمال .
(وَ) أعلمهم (لَهُ) للّه كلّ (ما سَكَنَ) حلّ وركد (فِي) ساع (اللَّيْلِ وَ) ساع (النَّهارِ) والمراد هو آسر الكلّ ومصلحه (وَهُوَ) اللّه (السَّمِيعُ )
----------
لتعتبروا بالنظر في أحوالهم .
(قل لمن ما في السموات والأرض) ملكا وخلقا سؤال تبكيت (قل لله) إذ لا جواب غيره بالاتفاق (كتب) أوجب (على نفسه الرحمة) التي منها اللطف بكم بنصب الأدلة على توحيده في الدنيا وإثابة مطيعكم في الآخرة (ليجمعنكم) قسم للوعيد على إشراكهم وترك النظر (إلى يوم القيامة) أي فيه أو مبعوثين إليه فيجازيكم بعملكم (لا ريب فيه) في اليوم (الذين خسروا أنفسهم) أهلكوها بتعريضها للعقاب لاختيارهم الكفر نصب ذما أو رفع خبرا أي أنتم الذين أو مبتدأ خبره (فهم لا يؤمنون وله ما سكن في الليل والنهار) من
ص: 207
لكلّ مسموع (الْعَلِيمُ) ( 13 ) لأسرارهم وعلومهم .
(قُلْ) رسول اللّه لهم (أَ غَيْرَ اللَّهِ) سواه (أَتَّخِذُ) أعلم (وَلِيًّا) ممدّا ومألوها (فاطِرِ) مكسور الراء مدحا لاسم اللّه ، ورووه معمولا لأمدح ومحمولا لمطروح (السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) آسرهما ومصوّرهما (وَهُوَ) اللّه (يُطْعِمُ) كلّ (وَلا يُطْعَمُ) وهو المطهّر ممّا هو الوكس ، أورد الطعام لكمال الوطر (قُلْ) رسول اللّه لهم (إِنِّي أُمِرْتُ) أمرا مؤكّدا (أَنْ أَكُونَ) لأمره (أَوَّلَ مَنْ) مرء (أَسْلَمَ) للّه صار مسلما موحّدا له ، أو مطاوعا لأمر اللّه وكلّم معه وردع له (وَلا تَكُونَنَّ) محمّد ( ص ) (مَنْ) الرهط (الْمُشْرِكِينَ) ( 14 ) أعداء اللّه ، والحاصل أمر اللّه له الإسلام أوّل كلّ مرء ، وردعه عمّا عدل وصدّ .
(قُلْ) رسول اللّه لهم (إِنِّي أَخافُ) أروع (إِنْ) لو (عَصَيْتُ رَبِّي) طوعا لما سواه (عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) ( 15 ) إصر المعاد .
(مَنْ) كلّ أحد (يُصْرَفْ عَنْهُ) الإصر والألم ، ورووه معلوما (يَوْمَئِذٍ) مآلا لكلّ (فَقَدْ رَحِمَهُ) اللّه وأراد له صلاح الأمر وعدم مسّ الأهوال
----------
السكنى أي ما حل ما فيهما أو من السكون أي ما سكن وتحرك فاكتفى بأحدهما عن الآخر (وهو السميع) لكل صوت (العليم) بكل شيء .
(قل أغير الله أتخذ وليا) معبودا قدم لفظ غير وولي الهمزة لأن الإنكار لاتخاذ غير الله وليا لا اتخاذ الولي (فاطر السموات والأرض) مبدعهما (وهو يطعم ولا يطعم) يرزق ولا يرزق وخص الطعام لشدة الحاجة إليه (قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم) لله من أهل عصري (ولا تكونن) أي قيل لي لا تكونن (من المشركين قل إني أخاف إن عصيت ربي) كما عصيتموه بعبادة غيره (عذاب يوم عظيم) .
(من يصرف عنه) العذاب (يومئذ فقد رحمه) نجاه وأثابه
ص: 208
(وَذلِكَ) الرحم هو (الْفَوْزُ) لا سواه (الْمُبِينُ) ( 16 ) الساطع .
(وَإِنْ يَمْسَسْكَ) محمّد ( ص ) (اللَّهُ بِضُرٍّ) عسر وداء (فَلا كاشِفَ) لا حاسر ولا رادّ (لَهُ) أحد أصلا (إِلَّا هُوَ) اللّه (وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ) وسع وسلام (فَهُوَ) اللّه (عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ( 17 ) كامل طول لو أراد أدامه ولا طول لأحد لدسعه ، ولو أراد محاه ولا رادّ لمراده أحد .
(وَهُوَ الْقاهِرُ) له دوام الطول والسطو (فَوْقَ عِبادِهِ) عال علاهم كلّهم طولا (وَهُوَ الْحَكِيمُ) لإعلاء أمره وهو مطّلع لمصالح الأحكام (الْخَبِيرُ) ( 18 ) لأسرار الصدور .
وأهل أمّ الرحم لمّا راموا أدلّاء سداد محمّد رسول اللّه صلعم والهود ورهط روح اللّه مراه ، وما أحد مسدّدا لكلامه صلعم ومطاوعا لإرساله ، أرسل اللّه (قُلْ) رسول اللّه ردّا لهم (أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ) أعدل (شَهادَةً) إعلاما (قُلْ) لهم (اللَّهُ) أعدل وأكرم إعلاما وإعلاء (شَهِيدٌ) عدل (بَيْنِي) سداد الأمر (وَبَيْنَكُمْ) وولعكم (وَأُوحِيَ) أرسل (إِلَيَّ) سدادا (هذَا الْقُرْآنُ) كلام اللّه المرسل (لِأُنْذِرَكُمْ) أهوّلكم أهل أمّ الرّحم (بِهِ) كلام اللّه (وَ) أهوّل كلّ
----------
(وذلك) الرحم (الفوز المبين) (وإن يمسسك الله بضر) ببلاء كفقر ومرض (فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير) كغنى وصحة (فهو على كل شيء قدير) ومنه إدامته فلا يقدر أحد على رفعه (وهو القاهر فوق عباده) بالقدرة والغلبة (وهو الحكيم) في تدبيرهم (الخبير) بهم .
(قل أي شيء أكبر شهادة) تمييز نزلت حين قالوا له (صلى الله عليه وآله وسلّم) إن أهل الكتاب أنكروك فأرنا من يشهد برسالتك (قل الله) أي الله أكبر شهادة (شهيد بيني وبينكم) خبر محذوف أو الله ويلزمه أنه أكبر شهادة (وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ) عطف على مفعول أنذركم أي ولأنذر سائر من بلغه إلى يوم
ص: 209
(مَنْ بَلَغَ) وصله كلام اللّه ، وهو عمّ الأسود والأحمر (أَ إِنَّكُمْ) أهل العدول (لَتَشْهَدُونَ) عدلا (أَنَّ مَعَ اللَّهِ) الواحد الأحد (آلِهَةً أُخْرى) سواه (قُلْ) لهم محمّد ( ص ) (لا أَشْهَدُ) كما هو كلامكم (قُلْ) لهم محمّد ( ص ) كرّره مؤكّدا (إِنَّما) ما (هُوَ) اللّه إلّا (إِلهٌ واحِدٌ) لا مساهم له (وَإِنَّنِي بَرِيءٌ) طاهر (مِمَّا) إله (تُشْرِكُونَ) ( 19 ) مع اللّه .
(الَّذِينَ آتَيْناهُمُ) إعطاء (الْكِتابَ) هم الهود ورهط روح اللّه (يَعْرِفُونَهُ) محمّدا رسول اللّه حالا وأمرا ممّا دلّ طرسهم (كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ) أولادهم مع حلاهم وأحوالهم (الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) أرواعهم وأرواحهم ووكسوا رأس أموالهم سرّا وهم أهل الطّرس والعدال (فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) ( 20 ) سرمدا لإهمالهم ما هو محصّل للإسلام وداع له .
(وَمَنْ) لا أحد (أَظْلَمُ) أحدل وأطلح (مِمَّنِ افْتَرى) عمد (عَلَى اللَّهِ) الواحد الصّمد (كَذِباً) ولعا لكلامهم الأملاك أولاد اللّه وهؤلاء ممدّوهم ومسعدوهم حال العسر (أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ) كلام اللّه كما سمّوه سحرا ومعالم إرسال رسوله صلعم ، وهم مروها وسمّوه ساحرا (إِنَّهُ) الأمر (لا يُفْلِحُ) الرّهط (الظَّالِمُونَ) ( 21 ) معادا لكمال طلاحهم .
(وَ) ادّكر محمّد (يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ) الإله وطوّعهم (جَمِيعاً)
----------
القيامة (أإنكم لتشهدون أن مع الله ءالهة أخرى قل لا أشهد قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون الذين ءاتيناهم الكتاب يعرفونه) أي محمدا صلى الله عليه واله بنعته في كتابهم (كما يعرفون أبناءهم) بغير اشتباه (الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا) بنسبة الشريك إليه (أو كذب بآياته) كالقرآن (إنه لا يفلح الظالمون ويوم نحشرهم جميعا) عامل اليوم
ص: 210
كلّهم (ثُمَّ نَقُولُ) مهدّدا (لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا) مع اللّه سواه (أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ) سهماؤكم اللّاءوا صار كلّ أحد صددكم مساهما للّه لعماكم وهمكم ووكس روعكم (الَّذِينَ كُنْتُمْ) أهل العدول (تَزْعُمُونَ) ( 22 ) هم سهماء للّه .
(ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ) عدولهم والمراد مآل عدولهم ، أو كلامهم لمّا حاروا لردّ سؤالهم (إِلَّا أَنْ قالُوا) ولعا (وَاللَّهِ) الواو للعهد (رَبِّنا) مكسور مدحا لاسم اللّه ، ورووه معمولا لأمدح (ما كُنَّا) أصلا (مُشْرِكِينَ) ( 23 ) ومروا أعمالكم .
(انْظُرْ) رسول اللّه وأدرك هؤلاء الولّاع (كَيْفَ كَذَبُوا) ولعوا (عَلى أَنْفُسِهِمْ) معادا وهو الأصحّ كما دلّ الكلام وساعده المحلّ ، أو حالا ، والمعاد ما هو محل الولع (وَضَلَّ) طاح (عَنْهُمْ) هؤلاء الطّلاح (ما كانُوا يَفْتَرُونَ) ( 24 ) ما ادّعوه مساهما له وهو مألوههم المموّه .
والأعداء لمّا وردوا صدد رسول اللّه صعلم وسمعوا كلام اللّه وادعوا عدم علمهم كلامه ووهموا ما هو إلّا محرّكا لمسحله ، أرسل اللّه (وَمِنْهُمْ) الأعداء (مَنْ) رهط (يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ) كلامك محمّد ( ص ) حال إعلام أوامرك وإعلاء
----------
محذوف أي ويوم نحشرهم كان كيت وكيت (ثم نقول للذين أشركوا) توبيخا (أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون) أنهم شركاء .
(ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين) الفتنة الكفر أي لم تكن عاقبة كفرهم الذي لزموه طول أعمارهم وافتخروا به إلا التبرؤ منه .
(أنظر كيف كذبوا على أنفسهم) بنفي الشريك عنها (وضل) غاب (عنهم ما كانوا يفترون) من الشركاء (ومنهم من يستمع إليك) حين تقرأ القرآن
ص: 211
أحكامك لهم (وَجَعَلْنا) للمصالح (عَلى قُلُوبِهِمْ) محالّ العلم والدّرك (أَكِنَّةً) اسدالا لسدّها وردّها (أَنْ يَفْقَهُوهُ) كلام اللّه ورسوله (وَفِي آذانِهِمْ) مسامعهم (وَقْراً) صمما وهم ما سمعوا سماع نطوع ، وحدّه لما هو مصدر (وَإِنْ يَرَوْا) سطوعا (كُلَّ آيَةٍ) دال ومعلام راموه (لا يُؤْمِنُوا) سدادا (بِها) كمال طلاحهم ولددهم (حَتَّى إِذا جاؤُكَ) ورودك ورأوك (يُجادِلُونَكَ) صدودا وعدولا وهو حال (يَقُولُ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا (أَنْ) ما هذا الكلام وهو كلام اللّه المرسل (إِلَّا أَساطِيرُ) الأمم (الْأَوَّلِينَ) ( 25 ) صحاصح الأمم الأوّل وسطور أهل الولع وأسمار رهط لا أصل لها ، واحده سطر وأصله السّطر وهو الرّسم .
(وَهُمْ) الأعداء (يَنْهَوْنَ) طلاحا أهل السّداد (عَنْهُ) كلام اللّه وسماعه وطوعه ، أو الرّسول صلعم والإسلام له (وَيَنْأَوْنَ) أراد صدودهم (عَنْهُ) عمّا مرّ ، والحاصل هم ما أسلموا وصدّوا رهطا أرادوا الإسلام (وَإِنْ) ما (يُهْلِكُونَ) أحدا ردعا (إِلَّا أَنْفُسَهُمْ) لا سواهم لسوء أعمالهم (وَ) هم (ما يَشْعُرُونَ) ( 26 ) هلاكهم وما أدركوا مآل أعمالهم وأمورهم وعلموا هم أساءوا
----------
(وجعلنا على قلوبهم أكنة) أغطية كراهة (أن يفقهوه وفي ءاذانهم وقرا) ثقلا مانعا عن قبوله عقوبة لإصرارهم على الكفر أو كناية عن منع اللطف لسوء أفعالهم (وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها) عنادا وتقليدا (حتى إذا جاءوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن) ما (هذا إلا أساطير الأولين) أكاذيبهم أي إن تكذيبهم الآيات بلغ إلى أنهم يجادلونك فيجعلون أصدق الحديث خرافات الأولين .
(وهم ينهون عنه) عن القرآن أو الرسول وإثباته (وينأون) يتباعدون (عنه وإن يهلكون) بذلك (إلا أنفسهم وما يشعرون) أن ضرر ذلك وبال عليهم .
ص: 212
رسول اللّه وعكس أمرهم .
(وَلَوْ تَرى) رسول اللّه معادهم لحصحص لك أمر عسر (إِذْ وُقِفُوا) الأعداء وأمسكوا وحصروا (عَلَى النَّارِ) صعدوها وطلعوها ، أو أروها لإحساس محالّهم صراحا أو أوردوها ، ورووها معلوما (فَقالُوا) حصرا وأملا (يا لَيْتَنا نُرَدُّ) لدار الأعمال (وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ) اللّه (رَبِّنا) ودوال أوامره وأحكامه (وَنَكُونَ مِنَ) الملأ (الْمُؤْمِنِينَ) ( 27 ) للّه ورسوله .
(بَلْ بَدا) لاح (لَهُمْ ما) أعمال ومعاص (كانُوا يُخْفُونَ) كلّها (مِنْ قَبْلُ) دار الأوامر (وَلَوْ رُدُّوا) كما أرادوا (لَعادُوا) كلّهم طلاحا وإصرارا (لِما نُهُوا) لعمل صدّوا (عَنْهُ) وهو العدول وطوالح الأعمال (وَإِنَّهُمْ) كلّهم (لَكاذِبُونَ) ( 28 ) وعدا للإسلام .
(وَقالُوا) وهما (إِنْ) ما (هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا) لا عمر إلّا العمر المحسوس (وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) ( 29 ) ولا عود أصلا .
----------
(ولو ترى) يا محمد صلی الله علیه واله أو أيها الرائي (إذ وقفوا على النار) أروها أو اطلعوا عليها أو أدخلوها لرأيت أمرا هائلا (فقالوا يا ليتنا نرد) إلى الدنيا (ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين) للإضراب عن إرادة الإيمان المتمنى (بل بدا) ظهر (لهم ما كانوا يخفون من قبل) من الكفر أو القبائح بشهادة جوارحهم فتمنوا ذلك (ولو ردوا) إلى الدنيا (لعادوا لما نهوا عنه) من الكفر (وإنهم لكاذبون) في وعدهم بالإيمان .
(وقالوا إن هي) أي الحياة (إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين
ص: 213
(وَلَوْ تَرى) رسول اللّه (إِذْ وُقِفُوا) كلّهم (عَلى) حكم (رَبِّهِمْ) وأمره أو هو ممّا سومح والمراد حسروا للسّؤال (قالَ) اللّه لهم (أَ لَيْسَ هذا) العود (بِالْحَقِّ) والسّداد (قالُوا) وصرّحوا (بَلى) صحّ العود وعدّ الأعمال (وَرَبِّنا) وهو العهد المؤكّد (قالَ) اللّه لهم (فَذُوقُوا الْعَذابَ) أدركوه معلّلا (بِما) للمصدر (كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) ( 30 ) لعدولكم وعدم حصول الإسلام لكم .
(قَدْ خَسِرَ) الملأ (الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ) أراد معادهم وأمور المعاد كلّها ، أو المراد هو المدلول المصرّح له (حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ) هؤلاء الطّلاح (السَّاعَةُ) أعسر السّاع وأطولها معاد الكلّ ومآلهم (بَغْتَةً) ورودا ما علموا حصرها ، وهو حال أو مصدر (قالُوا) سدما وحسرا (يا حَسْرَتَنا) هلمّ العصر عصرك (عَلى ما) للمصدر (فَرَّطْنا) هو إهمالهم صوالح الأعمال (فِيها) أمرها أو مدد الأعمار (وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ) آصارهم وأعمالهم السّواء (عَلى ظُهُورِهِمْ) محال الآصار ومحالّ الأحمال (أَلا) للإعلام (ساءَ) كمال السّوء ما للمصدر أو للموصول (يَزِرُونَ) ( 31 ) حملهم .
----------
ولو ترى إذ وقفوا على ربهم) على جزائه أو عرفوه حق التعريف أو مجاز عن حبسهم للسؤال لرأيت أمرا عظيما (قال) توبيخا لهم (أليس هذا) البعث أو الجزاء (بالحق قالوا بلى وربنا) أكدوا إقرارهم بالقسم لوضوح الأمر (قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون) بكفركم .
(قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله) بالبعث وما يتبعه (حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة) فجأة حال أو مصدر (قالوا يا حسرتنا) احضري فهذا أو إنك (على ما فرطنا فيها) في الدنيا أو في الساعة أو في شأنها (وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم) كما اعتيد حمل الأثقال على الظهور (ألا ساء ما يزرون) بئس شيئا
ص: 214
(وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا) العمر الماصل وما أعمالها (إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ) لا حاصل لها ، أو المراد ما أهلها إلّا أهلهما (وَلَلدَّارُ) ورووه ولدار (الْآخِرَةُ) دار المعاد (خَيْرٌ) أصلح لدوامها (لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) طوالح الأعمال وما وراء أعمالهم لهو (أَ فَلا تَعْقِلُونَ) ( 32 ) أهل العدول ما هو أصلح لكم .
(قَدْ نَعْلَمُ) علما واطدا (إِنَّهُ) الأمر (لَيَحْزُنُكَ) رسول اللّه هؤلاء (الَّذِي يَقُولُونَ) لك ولعا حسدا (فَإِنَّهُمْ) الولّاع (لا يُكَذِّبُونَكَ) سرّا لعلمهم سداد كلامك (وَلكِنَّ) الرهط (الظَّالِمِينَ بِآياتِ) كلام (اللَّهِ) ودوالّ سدادك (يَجْحَدُونَ) ( 33 ) حسدا وحدلا .
(وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ) عموما مرّوا (مِنْ قَبْلِكَ) محمّد سلّاه إكراما له (فَصَبَرُوا) حصروا وحملوا المكاره (عَلى ما) للمصدر (كُذِّبُوا) الردّ والطرد (وَ) ما (أُوذُوا) الإكراه وحر الصدور (حَتَّى أَتاهُمْ) وردهم
----------
يحملونه حملهم .
(وما الحياة الدنيا) أي أعمالها (إلا لعب ولهو) اشتغال بما لا يعقب نفعا (وللدار الآخرة خير للذين يتقون) المعاصي أو الله وقرىء ولدار الآخرة (أفلا تعقلون) بالياء والتاء .
(قد نعلم إنه) أي الشأن (ليحزنك الذي يقولون) كقولهم ساحر كذاب (فإنهم لا يكذبونك) بقلوبهم أو بالحقيقة وقرىء لا يكذبونك من أكذبه أي وجده كاذبا أو نسبة إلى الكذب كما عن علي والصادق (عليهما السلام) (ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون) وضع موضع ولكنهم إيذانا بأنهم ظلموا بجحودهم القرآن والباء لتضمن الجحود معنى التكذيب .
(ولقد كذبت رسل من قبلك) تسلية له (صلى الله عليه وآله وسلّم) (فصبروا على ما كذبوا وأوذوا) ما مصدرية (حتى أتاهم نصرنا) فتأس بهم فاصبر حتى يأتيك نصرنا
ص: 215
(نَصْرُنا) وصاروا أهل السطو والعلوّ (وَلا مُبَدِّلَ) لا رادّ ولا محوّل (لِكَلِماتِ اللَّهِ) لأحكامه ومواعده لإعلاء أمر الرسل وإهلاك حسّادهم (وَلَقَدْ جاءَكَ) وردك محمّد ( ص ) (مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ) ( 34 ) أحوال الرسل وسلوكهم مع الأمم وعمل الأمم معهم .
(وَإِنْ كانَ كَبُرَ) عسر (عَلَيْكَ) محمّد ( ص ) لحرصك إسلامهم (إِعْراضُهُمْ) صدودهم عمّا أمروا (فَإِنِ اسْتَطَعْتَ) طولا (أَنْ تَبْتَغِيَ) لسلوكك (نَفَقاً) مسلكا وموردا (فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً) مصعدا (فِي السَّماءِ) لكمال رومك إسلامهم (فَتَأْتِيَهُمْ) أهل الصدود (بِآيَةٍ) علم دالّ لسداد إرسالك أسلك وأصعد والمراد إعلاء حرصه وهمّه الكامل لإسلام رهطه (وَلَوْ شاءَ اللَّهُ) صلاحهم وأراد إسلامهم (لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى) سلوكهم الصراط الأسدّ ، ولمّا علم عدم إسلامهم أهملهم اللّه مع ما أرادوا (فَلا تَكُونَنَّ) رسول اللّه (مِنَ) الملأ (الْجاهِلِينَ) ( 35 ) حكم اللّه ومصالحه .
(إِنَّما) ما (يَسْتَجِيبُ) دعاءك إلّا الملأ (الَّذِينَ يَسْمَعُونَ) سماع
----------
(ولا مبدل لكلمات الله) لمواعيده بنصر رسله (ولقد جاءك من نبإى المرسلين) بعض قصصهم .
(وإن كان كبر) عظم (عليك إعراضهم) عن دينك (فإن استطعت أن تبتغي نفقا) سربا (في الأرض أو سلما) مصعدا (في السماء فتأتيهم بآية) فافعل أي إنك لا تستطيع ذلك ولو استطعت لفعلت حرصا على إسلامهم (ولو شاء الله) جبرهم (لجمعهم على الهدى) بإلجاء لكن لم يفعل لمنافاته الحكمة (فلا تكونن من الجاهلين) بذلك .
(إنما يستجيب) إلى الإيمان (الذين يسمعون) وهؤلاء كالموتى
ص: 216
روع ودرك (وَالْمَوْتى) الطّلاح ، عدّهم اللّه ممّا لا أرواح لهم لعدم علمهم الموصل وعدم سماع الطوع ، وهو مصدر كلام ورد محكوما علاه محموله (يَبْعَثُهُمُ) كلهم (اللَّهُ) معادا (ثُمَّ إِلَيْهِ) اللّه (يُرْجَعُونَ) ( 36 ) لإحصاء الأعمال وإعطاء عدلها ، وهو حال سماعهم ولا حاصل له حّ أصلا .
(وَ) رؤساءهم (قالُوا لَوْ لا) هلّا (نُزِّلَ) أرسل (عَلَيْهِ) محمّد ( ص ) (آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) كلام أوامر مسدّد مصحّح لداواه ، وهم سألوا وراموا أمرا عسرا محالا ، كحئول الطود أحمر (قُلْ) لهم رسول اللّه (إِنَّ اللَّهَ) كامل الطول (قادِرٌ) له ألوّ (عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً) كما أرادوا وسألوا (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ) أهل العدول (لا يَعْلَمُونَ) ( 37 ) مآل الأمر وهو هلاكهم ، ولو أرسل اللّه ما سألوا وهم رأوه لهلكوا ك « عاد » ورهط « صالح » و « روح اللّه » .
(وَما مِنْ دَابَّةٍ) اسم لما له حراك (فِي) سطح (الْأَرْضِ) ومساسها (وَلا طائِرٍ يَطِيرُ) وسط الهواء (بِجَناحَيْهِ) صرّحه وأورده مؤكّدا أو دسعا لوهم عدم العموم (إِلَّا أُمَمٌ) أرهاط (أَمْثالُكُمْ) أعدالكم أسرا وهلاكا وعودا أو محروس أحوالها وما أهمل أمرها (ما فَرَّطْنا) طرحا أصلا (فِي الْكِتابِ)
----------
لا يسمعون (والموتى يبعثهم الله) من قبورهم (ثم إليه يرجعون) للجزاء فيستمعون حينئذ ولكن لا ينفعهم (وقالوا لو لا) هلا (نزل عليه آية من ربه) غير هذه الآيات (قل إن الله قادر على أن ينزل) بالتشديد والتخفيف (آية) يلجئهم إلى الإيمان أو يهلكون بجحودها (ولكن أكثرهم لا يعلمون) أن إنزالها وبال أمرهم (وما من) مزيدة (دابة) تدب (في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه) في الجو صفة لدفع مجاز السرعة (إلا أمم أمثالكم) في كسب أرزاقها وآجالها وأحوالها والقادر المدبر لذلك قادر على إنزال الآية (ما فرطنا) ما تركنا (في الكتاب
ص: 217
كلام اللّه أو اللوح المرسوم ، والمراد علمه الكامل (مِنْ شَيْءٍ) أمر عموما واللّه عالم الكلّ أحاط علمه العالم (ثُمَّ إِلى) أمر (رَبِّهِمْ) الملك وحكمه (يُحْشَرُونَ) ( 38 ) الأمم كلّها معادا لإعلاء العدل .
(وَ) الملأ (الَّذِينَ كَذَّبُوا) عداء وعدولا (بِآياتِنا) كلام اللّه وما طاوعوها وما أسلموا لها (صُمٌّ) ما سمعوا كلام الصلاح وأعلام وحوده وأدلّاء طوله (وَبُكْمٌ) ما كلّموا كلام السداد (فِي الظُّلُماتِ) سواد العدول وسواد عدم العلم وسواد الطلاح (مَنْ يَشَأِ اللَّهُ) اسوداد صدره وطلاح سره يضلله لا محالة ومن يشاء هداه (يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ) سالكا (عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ( 39 ) مسلك سواء وهو الإسلام .
(قُلْ) لهم سول اللّه (أَ) هل (رَأَيْتَكُمْ) والمراد اعلموا حالكم (إِنْ أَتاكُمْ) وردكم ووصلكم (عَذابُ اللَّهِ) إصره كما ورد رهطا أمامكم (أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ) أعسر الساع وأطولها وهو المعاد للكلّ (أَ غَيْرَ اللَّهِ) سواه (تَدْعُونَ) لحرسكم كما هو أمركم ولو مسّكم السوء ولا مدعوّ لكم سواه (إِنْ
----------
من شيء) في اللوح أو القرآن (ثم إلى ربهم يحشرون) فيقتص حتى للجماء من القرناء .
(والذين كذبوا بآياتنا) القرآن وغيره (صم) عن سماع الآيات (وبكم) عن النطق بالحق (في الظلمات) أي الكفر أو الجهل (ومن يشإ الله يضلله) يخذله بسوء اختياره (ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم) يلطف به لأنه أهل اللطف .
(قل أرأيتكم) أي أخبروني (إن أتاكم عذاب الله) في الدنيا (أو أتتكم الساعة) وهو لها من تدعون.
(أغير الله تدعون) تبكيت (إن كنتم صادقين) أن الأصنام آلهة فادعوها .
ص: 218
كُنْتُمْ) أهل العدول (صادِقِينَ) ( 40 ) أهل السداد كلاما وادّعاء لدماكم مآله ، وحواره مطروح وهو « أدعوها » .
(بَلْ إِيَّاهُ) اللّه لا إلها سواه (تَدْعُونَ) حال العسر (فَيَكْشِفُ) اللّه (ما) عسرا (تَدْعُونَ) اللّه (إِلَيْهِ) حسره (إِنْ شاءَ) أراد حسر العسر وردّه حالا لا معادا (وَتَنْسَوْنَ) طرحا ما مآله (تُشْرِكُونَ) ( 41 ) مع اللّه .
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا) رسلا (إِلى أُمَمٍ مِنْ) مؤكّد لا مدلول له (قَبْلِكَ) مرّ عهدهم لإصلاحهم وهم ما طاوعوا أوامرهم وما سلكوا مسالكهم وما سمعوا كلامهم (فَأَخَذْناهُمْ) سطوا وعدلا (بِالْبَأْساءِ) العسر والعدم أو المحل (وَالضَّرَّاءِ) السوء والمكروه أو الداء والألم ووكس الأموال (لَعَلَّهُمْ) لروم الوسع والروح (يَتَضَرَّعُونَ) ( 42 ) للّه .
(فَلَوْ لا) هلّا (إِذْ جاءَهُمْ) وردهم (بَأْسُنا) وهو الإصر والعسر (تَضَرَّعُوا) هودا أولا ، والحاصل ما دعوا اللّه وما ادّكروا وما هادوا مع حصول دواع (وَلكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ) كمل صمولها ولا رادّ لادّكارهم وطوعهم للّه إلّا هو الصمول (وَزَيَّنَ) لمّع وسوّل (لَهُمُ) لهؤلاء الطّلاح (الشَّيْطانُ) المارد المطرود (ما) للموصول (كانُوا يَعْمَلُونَ) ( 43 ) طوالح أعمالهم لإصرارهم .
----------
(بل إياه تدعون) لا غير (فيكشف ما تدعون إليه) الذي تدعونه إلى كشفه (إن شاء) كشفه (وتنسون) تتركون (ما تشركون) به من آلهتكم فلا تدعونها إذ لا نفع لغيره .
(ولقد أرسلنا) رسلا (إلى أمم من قبلك) فكذبوهم (فأخذناهم بالبأساء والضراء) بالفقر والمرض (لعلهم يتضرعون) يتذللون لنا فيؤمنون (فلو لا) فهلا (إذ جاءهم بأسنا) عذابنا (تضرعوا) أي لم يتضرعوا مع وجود الداعي (ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون) فذلك الذي
ص: 219
(فَلَمَّا نَسُوا) طرحوا (ما ذُكِّرُوا) وهوّلوا (بِهِ) وهو الإصر والعسر وما ادّكروا وما حصل لهم الطوع (فَتَحْنا عَلَيْهِمْ) ممحّصا لهم (أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ) موارد صروع الآلاء والمراحم كلّها كالصحّ والوسع (حَتَّى إِذا فَرِحُوا) سرّوا (بِما) آلاء (أُوتُوا) أعطوا ممّا أراد كرمه وما حمدوا للّه (أَخَذْناهُمْ) إصرا لآصارهم (بَغْتَةً) لا علم لهم أعلم وروده (فَإِذا هُمْ) كلّهم (مُبْلِسُونَ) ( 44 ) أولو الحسر والسدم والهمّ .
(فَقُطِعَ) حسم (دابِرُ الْقَوْمِ) أمدهم (الَّذِينَ ظَلَمُوا) عدوا حدود اللّه وما أطاعوا أوامره ، والمراد أهلك الأعداء كلهم وما طرح أحدهم (وَالْحَمْدُ) حاصل (لِلَّهِ) الملك العدل (رَبِّ الْعالَمِينَ) ( 45 ) مصلحهم ومسدّدهم إعلام لأداء المحامد له حال ورود العطاء وعلوّ الأمر وهلاك الأعداء ، أو المراد احمدوا اللّه لإهلاك رهط ما حمدوا اللّه .
(قُلْ) لهؤلاء الأعداء ، رسول اللّه (أَ) هل (رَأَيْتُمْ) والحاصل أعلموا (إِنْ أَخَذَ اللَّهُ) سطوا (سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ) أصمّكم وأعمالكم
----------
منعهم عن التضرع .
(فلما نسوا ما ذكروا) وعظوا (به) من البأساء والضراء فلم يتعظوا (فتحنا) بالتخفيف والتشديد (عليهم أبواب كل شيء) من أصناف النعم امتحانا لهم بالشدة والرخاء لتلزمهم الحجة أو استدراجا لهم (حتى إذا فرحوا بما أوتوا) من النعم وبطروا ولم يشكروا (أخذناهم) بالعذاب (بغتة فإذا هم مبلسون) آيسون متحسرون .
(فقطع دابر) آخر (القوم الذين ظلموا) أي استؤصلوا (والحمد لله رب العالمين) على إهلاكهم فإنه نعمة تحمد .
(قل أرأيتم) أخبروني (إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم) أصمكم وأعماكم
ص: 220
(وَخَتَمَ) أمسك (عَلى قُلُوبِكُمْ) ومحا العلم والإدراك (مَنْ) للسؤال (إِلهٌ) مألوه (غَيْرُ اللَّهِ) الواحد الأحد (يَأْتِيكُمْ بِهِ) ما عدّ (انْظُرْ) واعلم (كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ) أكرّرها وأعلّمها لهم (ثُمَّ هُمْ) الأعداء (يَصْدِفُونَ) ( 46 ) هو الصدود والعدول .
(قُلْ) لهم رسول اللّه (أَ رَأَيْتَكُمْ) أعلموا (إِنْ أَتاكُمْ) وردكم (عَذابُ اللَّهِ) إصره (بَغْتَةً) ما سطع علمه أوّلا (أَوْ جَهْرَةً) لمع علمه ولاح علمه (هَلْ) ما (يُهْلَكُ) أحد هلاك سوء ، ورووه معلوما (إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ) ( 47 ) أهل الحدل وهم رهط ما أحلّوا الأمور محالّهم ، والحاصل ما أهلكوا إلّا هم .
(وَما نُرْسِلُ) كرما (الْمُرْسَلِينَ) الرسل كلّهم (إِلَّا مُبَشِّرِينَ) لأهل الطوع ورود دارالسلام (وَمُنْذِرِينَ) لأهل الصدود عمّا هو إصر الساعور (فَمَنْ) كلّ أحد (آمَنَ) أسلم (وَأَصْلَحَ) عمله ودام مسلما (فَلا خَوْفٌ )
----------
(وختم على قلوبكم) أذهب عقلها بالتغطية عليها (من إله غير الله يأتيكم به) أي بما أخذ وختم عليه (انظر كيف نصرف الآيات) نبينها أو نوجهها حججا عقلية وترغيبا وترهيبا وتذكيرا بمن مضى (ثم هم يصدفون) يعرضون عنها بعد ظهورهما .
(قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة) فجأة بلا أمارة قبله (أو جهرة) أي تسبقه أمارتها أو ليلا ونهارا (هل يهلك) أي ما يهلك به هلاك سخط (إلا القوم الظالمون) الكافرون .
(وما نرسل المرسلين إلا مبشرين) من آمن بالجنة (ومنذرين) من كفر بالنار (فمن ءامن وأصلح) عمله (فلا خوف عليهم) من النار
ص: 221
هول (عَلَيْهِمْ) أهل الإسلام والصلاح حالا (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) ( 48 ) مآلا ، وهم صاروا أهل السرور والروح لما أطاعوا أوامر رسلهم كما أمروا .
(وَ) الملأ (الَّذِينَ كَذَّبُوا) حسدا وعداء (بِآياتِنا) سواطع الأدلّاء (يَمَسُّهُمُ) أهل الردّ مسّا مولما (الْعَذابُ) العسر أورده ماسا وعدّه مما له روح مسامحا عامل معهم ما أراد آلاما (بِما) للمصدر (كانُوا) مدد العمر (يَفْسُقُونَ) ( 49 ) لطلاحهم وطرحهم طوع اللّه .
(قُلْ) لهم رسول اللّه (لا أَقُولُ) ولا أصرّح (لَكُمْ) أهل الصدود (عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ) أسرار إلاه (وَلا) أصرّح (أَعْلَمُ الْغَيْبَ) ما لم أوح أو ألهم (وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ) لا ولد آدم وما المروم المأمور إلّا ما ادّعاه أولاد آدم وهو الألوك (إِنْ) ما (أَتَّبِعُ) أطاوع (إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ) والمراد ما أعلّمكم إلّا ما أوحاه اللّه لإعلامكم وإصلاحكم .
(قُلْ) لهم رسول اللّه (هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى) سالك صراط الطّلاح (وَالْبَصِيرُ) راحل مسلك الصّلاح (أَ فَلا تَتَفَكَّرُونَ) ( 50 ) ما هو ادّعاء
----------
(ولا هم يحزنون) بفوت الجنة (والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون) بخروجهم عن الطاعة .
(قل لا أقول لكم عندي خزائن الله) مقدوراته أو مرزوقاته (ولا) إني (أعلم الغيب) السموات ما لم يوح إلي (ولا أقول لكم إني ملك) من الملائكة أقدر على مقدورهم (إن أتبع إلا ما يوحى إلي) أي لم أدع ما يسبقه من إلهية وملكية بل أدعي النبوة وهي من كمالات البشر (قل هل يستوي الأعمى والبصير) الجاهل والعالم أو الكافر والمؤمن (أفلا تتفكرون) فتعلموا الحق أو فتؤمنوا .
ص: 222
السداد وما هو ادّعاء الولع .
(وَأَنْذِرْ) هوّل (بِهِ) ما أوحاه اللّه لك الملأ (الَّذِينَ يَخافُونَ) روعا (أَنْ يُحْشَرُوا) عودهم (إِلى) اللّه (رَبِّهِمْ) لإحصاء أعمالهم وهم أهل الإسلام أو أهل الطرس (لَيْسَ لَهُمْ) لهؤلاء الرهط وهو حال (مِنْ دُونِهِ) سواه (وَلِيٌّ) مولاهم ومؤكّلهم (وَلا شَفِيعٌ) ممدّ حال ورود آصارهم ومسعد لدسعها (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) ( 51 ) عمّا سمدوا وردعوا .
ورؤساء العدّال لمّا أدركوا رسول اللّه صلعم ومعه أهل العسر والعدم ك « عمّار » و « ولد مسعود » وسواهما ورأوهم حوله ووصموه وأرادوا طردهم حال ورود الرؤساء ، وسمع رسول اللّه سؤالهم لمصالح الإسلام وراء ما ردّهم ودعا أسد اللّه الكرّار لسطر الطرس كما عهد ، أرسل اللّه (وَلا تَطْرُدِ) الملأ (الَّذِينَ يَدْعُونَ) طوعا (رَبَّهُمْ) دعاء موصولا (بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ) أراد دواما أو المراد ما صلّوه سحرا وعصرا (يُرِيدُونَ) ممّا دعوا وهو حال (وَجْهَهُ) لا الحطام الماصل (ما) لسم (عَلَيْكَ) رسول اللّه (مِنْ حِسابِهِمْ) أهل العسر
----------
(وأنذر به) أي بالذي يوحى (الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم) من عصاة المؤمنين أو كل مقر بالبعث من مسلم أو كتابي أو مجوز له ولو متردد (ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع) حال من يحشروا (لعلهم يتقون) كي يخافوا ويتوبوا .
(ولا تطرد الذين يدعون ربهم) يعبدونه (بالغداة والعشي) بالدوام في صلاة الصبح والعصر (يريدون وجهه) حال أي يدعونه مخلصين فيه رد على المشركين القائلين أنؤمن لك واتبعك الأرذلون وطعنوا في إيمان الفقراء وقالوا إن إيمانهم إنما هو للطمع من المال والرفعة وسألوا رسول الله أن يطردهم فنزلت
ص: 223
والعدم وإحصاء أعمالهم وسؤال إسلامهم وطردهم طمعا لإسلام الرؤساء (مِنْ شَيْءٍ) أمر لعلّ إسلامهم أكمل صدد اللّه ، وأصلحوا ممّا هو إسلام هؤلاء الرؤساء لو أسلموا وما لسم علاك اطلاع أسرارهم وودّهم لك لما سلكوا مسلك أهل الورع حسّا ، ولو صار صدرهم كدرا كما وهمه أهل العدول ووصموا إسلامهم حسدا وعداء (وَما) لسم (مِنْ حِسابِكَ) محمّد ( ص ) (عَلَيْهِمْ) هؤلاء الأعاسر (مِنْ شَيْءٍ) وهو عكس الأوّل ، والحاصل لا أحمّلك أحمالهم ولا هم حمّال أحمالك (فَتَطْرُدَهُمْ) وما صلح لك طردهم وهو حوار « ما » (فَتَكُونَ) رسول اللّه (مِنْ) الرهط (الظَّالِمِينَ) ( 52 ) أهل الحدل والعدو وهو حوار الردع أو موصول مع حوار « ما » .
ولمّا ورد الملك وأوردها دعاهم رسول اللّه وسلّاهم وودّهم (وَكَذلِكَ) كما مرّ (فَتَنَّا بَعْضَهُمْ) محّص الرؤساء وأولو الأموال وأهل الوسع (بِبَعْضٍ) أهل العسر (لِيَقُولُوا) الرؤساء وأولو الأموال ، و « اللّام » لام الأمد
----------
(ما عليك من حسابهم من شيء) فتستحقر أعمالهم أو تطعن في إيمانهم (وما من حسابك عليهم من شيء) أي كما أن حسابك ليس عليهم وإنما ذكر هذا استطرادا لتكون الجملتان بمنزلة قوله ولا تزر وازرة وزر أخرى (فتطردهم) جواب النفي (فتكون من الظالمين) جواب النهي والمخاطب بالآية الرسول، والمراد توبيخ المشركين والآية نظير قوله تعالى قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون قال وما علمي بما كانوا يعملون إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون وما أنا بطارد المؤمنين .
(وكذلك) الفتن (فتنا) ابتلينا (بعضهم ببعض) الغني والشريف بالفقير والوضيع بأن وفقناه للسبق بالإيمان (ليقولوا) أي الأغنياء إنكارا
ص: 224
(أَ هؤُلاءِ) أهل العسر (مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ) أعطاهم الآلاء وأصلح أحوالهم (مِنْ بَيْنِنا) وكمّلهم إسلاما (أَ لَيْسَ اللَّهُ) عالم الأسرار (بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ) ( 53 ) له ، والحاصل اللّه أحاط الصلحاء والحمّاد علما .
(وَإِذا) كلّما (جاءَكَ) ورد محمّد ( ص ) الملأ (الَّذِينَ) هم (يُؤْمِنُونَ) سدادا (بِآياتِنا) كلام اللّه وساطع الدوالّ (فَقُلْ) لهم أوّلا (سَلامٌ عَلَيْكُمْ) دعاء لهم وهو مصدر سلّم مدلوله سلّمكم اللّه عمّا ساء أمره إصداره أوّلا إكراما لأهل الإسلام وأعلمهم (كَتَبَ) سطر وحكم (رَبُّكُمْ) الراحم (عَلى نَفْسِهِ) كرما (الرَّحْمَةَ) وعدها اللّه لكم وعدا مؤكّدا (أَنَّهُ) الأمر ، ورووا مكسور الأوّل (مَنْ) كلّ أحد (عَمِلَ مِنْكُمْ) أهل الإسلام (سُوءاً) لمما وإصرا (بِجَهالَةٍ) ما علم مآله ، وهو حال (ثُمَّ تابَ) هاد وعاد (مِنْ بَعْدِهِ) العمل أو السوء (وَأَصْلَحَ) ساوه وعمله أو محص هوده (فَأَنَّهُ) اللّه ، ورووه مكسور الأوّل (غَفُورٌ) محّاء لإصره (رَحِيمٌ) ( 54 ) كامل الرحم وواسع الكرم معه .
----------
واللام للعاقبة أو للعلة بتضمين فتنا معنى خذلنا (أهؤلاء) الفقراء (من الله) أنعم (عليهم) بالتوفيق للخير (من بيننا) دوننا ونحن الرؤساء وهم الضعفاء لو كان خيرا ما سبقونا إليه (أليس الله بأعلم بالشاكرين) فيوفقهم .
(وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة) نزلت فيمن أذنب ثم تاب (أنه) بدل من الرحمة وعلى الكسر استئناف (من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح) بالتدارك (فأنه غفور رحيم) به .
ص: 225
(وَكَذلِكَ) كما مرّ وسطر (نُفَصِّلُ الْآياتِ) كلاما كلاما ، وأعدّ أعمال أهل الصلاح والطلاح وأحوالهم ومعاد أمرهم لإعلاء أمر السداد (وَلِتَسْتَبِينَ) ساطعا كمال السطوع (سَبِيلُ) الرهط (الْمُجْرِمِينَ) ( 55 ) أهل الطلاح ومسلكهم المهلك .
والأعداء لمّا دعوا رسول اللّه صلعم لما دعوا ، أرسل اللّه (قُلْ) لهم رسول اللّه (إِنِّي نُهِيتُ) ردعا وصار محرّما (أَنْ أَعْبُدَ) أطاوع المأله (الَّذِينَ تَدْعُونَ) لهم طوعا (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (قُلْ) لهم لا (أَتَّبِعُ) لا أطاوع ولا اله (أَهْواءَكُمْ) آمالكم وأطواركم ، وهو مؤكّد لحسم أطماعهم ومصرّح لما هو داع للردع (قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً) لو أطاعكم وأسلك صراطكم (وَما أَنَا مِنَ) الملأ (الْمُهْتَدِينَ) ( 56 ) سلّاك مراحل هداه والمراد الرسل .
(قُلْ) لهم (إِنِّي) واطد (عَلى بَيِّنَةٍ) علم دالّ ساطع عموما ، أو هو كلام اللّه المرسل (مِنْ) اللّه (رَبِّي) ودرك هداه وهو المألوه ولا مصمد سواه (وَكَذَّبْتُمْ) أهل العدول (بِهِ) اللّه لعطوكم مساهما له أو الدالّ الساطع للأعداء ما للإعدام (عِنْدِي ما) إصر مهلك وأمر مصطلم (تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ) أرادوا
----------
(وكذلك) التفصيل (نفصل الآيات) نبين آيات القرآن ليظهر الحق (ولتستبين سبيل المجرمين) بالتاء خطابا للنبي وبالياء .
(قل إني نهيت) عن (أن أعبد الذين تدعون) تعبدونهم أو تسمونهم آلهة (من دون الله قل لا أتبع أهواءكم قد ضللت إذا) إن اتبعت أهواءكم (وما أنا من المهتدين) تعريض بهم .
(قل إني على بينة) حجة واضحة (من ربي) من معرفته أو كائنة منه (وكذبتم به) بربي حيث أشركتم به أو بالبينة بمعنى القرآن (ما عندي ما
ص: 226
إمطار الحصا ، أو ورود الإصر المؤلم لهم (إِنِ) ما (الْحُكْمُ) والأمر (إِلَّا لِلَّهِ) وهو مالك الأمور كلّها حالا ومآلا إسراعا وإمهالا (يَقُصُّ) اللّه (الْحَقَّ) ما هو السداد (وَهُوَ) اللّه الحكم العدل (خَيْرُ الْفاصِلِينَ) ( 57 ) للسداد والولع .
(قُلْ) لهم (لَوْ أَنَّ) لو حصل (عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ) وهو مرومكم السوء والإصر (لَقُضِيَ الْأَمْرُ) حسم الحكم (بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) وهو إهلاككم مسرعا (وَاللَّهُ) الملك العلّام (أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ) ( 58 ) الطّلاح وأحوالهم وعصر إهلاكهم ولا إسراع له لحكم ومصالح .
(وَعِنْدَهُ) اللّه (مَفاتِحُ الْغَيْبِ) معالم العلوم والأسرار كلّها (لا يَعْلَمُها) أحد (إِلَّا هُوَ) اللّه كحال الأرحام وهطل الأمطار وأمد الأعمار وسرّ الأعمال وورد المعاد (وَ) هو (يَعْلَمُ) كلّ (ما فِي الْبَرِّ ) كالكلاء والهوامّ (وَالْبَحْرِ) كالسماك واللال ، أو هما عالم الحسّ وعالم السرّ (وَما) للإعدام (تَسْقُطُ مِنْ) مؤكّد أورد لعموم الإعدام (وَرَقَةٍ) عموما (إِلَّا يَعْلَمُها) اللّه
----------
تستعجلون به) من العذاب (إن الحكم إلا لله) في عذاب وغيره (يقص) القصص (الحق) وقرىء يقضي الحق (وهو خير الفاصلين) القاضين .
(قل لو أن عندي) في قدرتي (ما تستعجلون به) من العذاب (لقضي الأمر بيني وبينكم) بأن أهلككم فأستريح ولكنه من عند الله (والله أعلم بالظالمين) وبما توجبه الحكمة من أخذهم وإمهالهم .
(وعنده مفاتح الغيب) ما يتوصل به إليه مستعار من المفاتيح جمع مفتح بكسر الميم وهو المفتاح أي هو المتوصل إليه وحده أو خزائنه جمع مفتح بالفتح وهو المخزن (لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة) من شجرة (إلا يعلمها) حال سقوطها وقبله وبعده.
ص: 227
عددا وحالا وحكما أحاط علمه الكلّ (وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ) محاطها (وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ) أراد الكلّ وورد الداماء والصحراء أو ما له روح وما لا روح له (إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) ( 59 ) لوح ساطع مرسوم معصوم ، أو هو علم اللّه وح هو مكرّر للأوّل ومدلولهما واحد .
(وَهُوَ) اللّه (الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ) معطّلا لحواسّكم ومروحا لأرواحكم والمراد عطو الحسّ لا الروح ، والكلام مع أهل الصدود والعدول (بِاللَّيْلِ) لصلاح أمركم (وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ) كدحكم وكدّكم آصارا (بِالنَّهارِ) وهو مكدحكم (ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ) اللّه (فِيهِ) وهو سهركم (لِيُقْضى أَجَلٌ) مدد أعماركم (مُسَمًّى) معدود معهود لكم ، والمراد إكمال الأعمار والأعمال (ثُمَّ إِلَيْهِ) اللّه (مَرْجِعُكُمْ) معادكم أمد الأمر (ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ) اللّه إعلاما ساطعا (بِما) عمل (كُنْتُمْ) دار الأعمال (تَعْمَلُونَ) ( 60 ) وهو معاملكم عدلا .
----------
(ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس) عطف على ورقة (إلا في كتاب مبين) هو علمه تعالى أو اللوح والاستثناء بدل كل من الاستثناء قبله أو بدل اشتمال منه .
(وهو الذي يتوفاكم بالليل) بقبض أرواحكم عند النوم كما قال يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها (ويعلم ما جرحتم) ما كسبتم (بالنهار ثم يبعثكم فيه) يوفقكم في النهار (وليقضى أجل مسمى) ليستوفي المستيقظ أجله المضروب له في الدنيا (ثم إليه مرجعكم) بالموت أو البعث (ثم ينبئكم بما كنتم تعملون) بمجازاتكم به .
ص: 228
(وَهُوَ) اللّه (الْقاهِرُ) كامل السطو (فَوْقَ عِبادِهِ) كلهم والكلّ مأسوره ومأموره (وَ) هو (يُرْسِلُ عَلَيْكُمْ) أملاكا كراما (حَفَظَةً) حرّاسا رسّاما لأعمالكم ما دام عمركم (حَتَّى إِذا جاءَ) ورد (أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) وحسم العمر (تَوَفَّتْهُ) الأحد المراد عطو الروح (رُسُلُنا) الأملاك والمراد الملك المعهود وأرداؤه (وَهُمْ) الأملاك (لا يُفَرِّطُونَ) ( 61 ) ما أمرهم اللّه عصرا ماصلا .
(ثُمَّ رُدُّوا) هم أهل المرامس كلّهم (إِلَى) حكم (اللَّهِ) وأمره (مَوْلاهُمُ) مالكهم (الْحَقِّ) الواطد العدل ، ورووه معمولا ك « امدح » (أَلا) اعلموا (لَهُ) للّه (الْحُكْمُ) والأمر لا لسواه ولا رادّ لحكمه ولا مردّ لأمره (وَهُوَ) اللّه (أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ) ( 62 ) حال إحصاء الأعمال لا طول مدد لعدّه .
(قُلْ) لهم رسول اللّه (مَنْ) للسؤال والمراد الإعدام (يُنَجِّيكُمْ) حال سلوككم (مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) مكارههما وأهوالهما كمرّ الرمال ومدّ
----------
(وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة) ملائكة تحصي أعمالكم وفيه لطف للعباد لأنهم إذا علموا أن أعمالهم تكتب وتعرض في القيامة كان أزجر عن الذنب (حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا) ملك الموت وأعوانه وقرىء توفاه (وهم لا يفرطون) لا يقصرون فيما أمروا به .
(ثم ردوا إلى الله) إلى حكمه (مولاهم) المتولي أمرهم (الحق) الثابت العدل في حكمه (ألا له الحكم) يومئذ لا لغيره (وهو أسرع الحاسبين) يحاسبهم بمقدار لمح البصر لا يشغله حساب عن حساب .
(قل من ينجيكم) بالتشديد والتخفيف (من ظلمات البر والبحر)
ص: 229
الأمواه (تَدْعُونَهُ) دعاء موصلا للمرام وهو حال (تَضَرُّعاً) وإعلاء ، وهو مصدر حلّ محلّ الحال (وَخُفْيَةً) سرّا ، ورووا مكسور الأوّل ، وكلامهم (لَئِنْ أَنْجانا) اللّه كرما ، اللام ممهّد للعهد (مِنْ هذِهِ) المعاسر (لَنَكُونَنَّ مِنَ) الملأ (الشَّاكِرِينَ) ( 63 ) للّه والحمّاد للإله .
(قُلِ) لهم (اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها) المعاسر الأعاسر (وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ) همّ وكمد سواها (ثُمَّ) لمّا حصل لكم الوسع (أَنْتُمْ) ملأ الأعداء (تُشْرِكُونَ) ( 64 ) عوّاد ممّا عهد .
(قُلْ) لهم رسول اللّه (هُوَ) اللّه (الْقادِرُ) كامل الطول (عَلى أَنْ يَبْعَثَ) الإرسال (عَلَيْكُمْ عَذاباً) مهلكا لكم (مِنْ فَوْقِكُمْ) كما أمطر الحصا ، وأهلك رهط « لوط » ، أو أكالمكم وحكامكم السوء (أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) كما أهلك ملك مصر وسط الطّم ، أو المراد مطاوعكم كالمملوك السوء (أَوْ يَلْبِسَكُمْ) اللّه (شِيَعاً) رهطا رهطا أعداء لهم أهواء وكلّهم سرّاع لملاحهم العماس كلّ واحد معاد لسواه ، والمراد كمال العداء (وَيُذِيقَ) اللّه (بَعْضَكُمْ) رهطكم (بَأْسَ بَعْضٍ) عسر رهط ، أو المراد طعوم الصوارم وعلس سمومها
----------
شدائدهما يقال لليوم الشديد مظلم وذو كواكب (تدعونه) حال (تضرعا وخفية) علانية وسرا حالان أو مصدران (لئن أنجانا) وقرىء أنجينا (من هذه) الظلمات (لنكونن من الشاكرين قل الله ينجيكم) بالتخفيف والتشديد (منها ومن كل كرب) سواها (ثم أنتم تشركون) به ولا تشكرون .
(قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم) هو الدخان والصيحة أو الطوفان والريح والحجارة (أو من تحت أرجلكم) وهو الخسف والغرق (أو يلبسكم شيعا) يخلطكم فرقا مختلفي الأهواء (ويذيق بعضكم بأس بعض)
ص: 230
(انْظُرْ) واعلم رسول اللّه (كَيْفَ نُصَرِّفُ) لهم (الْآياتِ) دوالّ العلوّ والكمال ، أو كلام اللّه المرسل واعدا وموعدا (لَعَلَّهُمْ) أهل العدول (يَفْقَهُونَ) ( 65 ) مدلولها .
(وَكَذَّبَ بِهِ) كلام اللّه (قَوْمُكَ) رهطك وأحمّاؤك وهم الحمس (وَهُوَ الْحَقُّ) السداد (قُلْ) لهم (لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ) ( 66 ) مسلّط أو حارس أموركم وموكّل مهامكم واللّه هو الحارس .
(لِكُلِّ نَبَإٍ) إعلام إصر (مُسْتَقَرٌّ) لحصوله وورده لا محال (وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) ( 67 ) مآل الأمر صدد وروده حالا أو معادا ، وهو كلام مهدّد .
(وَإِذا رَأَيْتَ) الملأ (الَّذِينَ يَخُوضُونَ) لهوا ووصما (فِي آياتِنا) كلام اللّه المرسل وهم الحمس (فَأَعْرِضْ) اعدل (عَنْهُمْ) وحسم الكلام معهم (حَتَّى يَخُوضُوا) هؤلاء الطّلاح (فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) معاده مدلولها وهو كلام اللّه (وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ) رسول اللّه (الشَّيْطانُ) المارد الموسوس ما هو
----------
يقتل بعضكم بعضا (انظر كيف نصرف الآيات) نبين الدلائل (لعلهم يفقهون) يميزون الحق من الباطل .
(وكذب به) بالقرآن أو العذاب (قومك وهو الحق) الصدق أو الثابت الوقوع (قل لست عليكم بوكيل) فأحفظكم من التكذيب أو أجازيكم إنما أنا منذر (لكل نبإى) خبر ومنه عذابكم (مستقر) وقت استقرار وحصول (وسوف تعلمون) ما يحل بكم تهديد لهم .
(وإذا رأيت الذين يخوضون في ءاياتنا) بالطعن والاستهزاء بها (فأعرض عنهم) فلا تقعد معهم (حتى يخوضوا في حديث غيره) غير الخوض فيها (وإما) هي إن الشرطية أدغمت في ما الزائدة (ينسينك) بالتخفيف والتشديد
ص: 231
المأمور (فَلا تَقْعُدْ) أصلا (بَعْدَ الذِّكْرى) ادّكارك المأمور (مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) ( 68 ) معهم أورده مورد معهم إعلاما لهدلهم .
(وَما) لسم (عَلَى) الملأ (الَّذِينَ يَتَّقُونَ) ممّا عملوا وهو اللهو مع كلام اللّه (مِنْ حِسابِهِمْ) هؤلاء الأعداء (مِنْ شَيْءٍ) لو كالموهم (وَلكِنْ) علاهم (ذِكْرى) لهم وإعلام لإصلاحهم وطرحهم اللهو مع كلام اللّه ، وهو مصدر (لَعَلَّهُمْ) أهل العدول (يَتَّقُونَ) ( 69 ) اللهو كرها وسلما .
(وَذَرِ) دع محمّد ( ص ) الملأ (الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ) عدوّا الإسلام (لَعِباً وَلَهْواً) أو طاوعوا أمرا لا حاصل له حالا ومآلا (وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) مكرهم العمر الماصل ، والحاصل دعهم لما لا عداد لردّهم ولهوهم ، أو هو مهدّد لهم ، وورد هو محوّل حوله أمر العماس والمراد حّ دعهم وأعمالهم واطرح العماس والمراء معهم (وَذَكِّرْ) أعلمهم مسالك السداد (بِهِ) كلام اللّه
----------
(الشيطان) بوسوسة مجالسهم ولا يلزم نسيانه (صلى الله عليه وآله وسلّم) لأن فرض الإنساء لا يستلزم وقوعه أو خوطب (صلى الله عليه وآله وسلّم) والمراد غيره (فلا تقعد بعد الذكرى) ذكرك النهي (مع القوم الظالمين) أي معهم، وأقيم الظاهر مقامه إيذانا بظلمهم بوضع الاستهزاء موضع التعظيم .
(وما على الذين يتقون) ما يلزمهم بمجالسة الخائضين (من حسابهم) مما يحاسبون عليه من القبائح (من شيء ولكن ذكرى) عليهم أن يذكروهم ذكرى ويبصرونهم ما استطاعوا (لعلهم يتقون) نزلت لما قال المسلمون إن كان كلما استهزأ المشركون قمنا وتركناهم فلا ندخل إذا المسجد الحرام .
(وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا) تهاونوا به أي أعرض عنهم ولا تبال بهم (وغرتهم الحياة الدنيا) فألهتهم عن العقبى (وذكر به) بالقرآن
ص: 232
(أَنْ) لا (تُبْسَلَ) أصله الحدّ والمراد الإسلام للهلاك (نَفْسٌ) أحد (بِما) عمل سوء (كَسَبَتْ) عداء وعدولا (لَيْسَ لَها) حال أسرا وهلاكها (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (وَلِيٌّ) ممدّ (وَلا شَفِيعٌ) مسعد لها داسع لإصرها معادا (وَإِنْ تَعْدِلْ) محلّها (كُلَّ عَدْلٍ) حماء صالح لها (لا يُؤْخَذْ مِنْها) عدل أصلا (أُولئِكَ) الملأ (الَّذِينَ أُبْسِلُوا) سلموا للهلاك (بِما) للمصدر (كَسَبُوا) وهو طوالح الأعمال (لَهُمْ) لهؤلاء الطّلاح (شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ) ماء حارّ كمال الحرّ (وَعَذابٌ) إصر (أَلِيمٌ) مؤلم (بِما) للمصدر (كانُوا يَكْفُرُونَ) ( 70 ) لعدولهم وعدم إسلامهم مع سطوع أمره .
(قُلْ) رسول اللّه (أَ نَدْعُوا) أأله والمراد ما إله (مِنْ دُونِ اللَّهِ) الواحد الصمد (ما) إلها (لا يَنْفَعُنا) لو أطاوعه (وَلا يَضُرُّنا) لو أهمله (وَ) أ (نُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا) ردّ السوء وعود الطلاح (بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللَّهُ) علّم معالم الإسلام كرما وأسلك مسالك هداه رحما (كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ )
----------
(أن تبسل نفس) مخافة أن تسلم إلى الهلكة (بما كسبت) بسوء عملها (ليس لها من دون الله ولي) ناصر (ولا شفيع) ينجيها من العذاب (وإن تعدل كل عدل) تفد كل فداء أو نصب كل مصدرا (لا يؤخذ منها) المسند إليه منها لا ضمير المصدر بخلاف ولا يؤخذ منها عدل أي فدية (أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا) أسلموا للهلكة بسوء عملهم (لهم شراب من حميم) ماء يغلي حار (وعذاب أليم) هو النار (بما كانوا يكفرون) بكفرهم .
(قل أندعوا) أنعبد (من دون الله ما لا ينفعنا) إن عبدناه (ولا يضرنا) إن تركناه (ونرد على أعقابنا) ونرجع إلى الشرك (بعد إذ هدانا الله) بالتوفيق للإسلام (كالذي) مشبهين الذي أو ردا كرد الذي (استهوته الشياطين) ذهبت
ص: 233
سوّلوا له هواه وطرحوه (فِي الْأَرْضِ) المهمة (حَيْرانَ) عمها وهو حال (لَهُ) للمعه (أَصْحابٌ) أرداء (يَدْعُونَهُ) إصلاحا (إِلَى الْهُدَى) سواء الصراط وكلامهم له (ائْتِنا) عد واطرح المهمة (قُلْ) رسول اللّه لهم (إِنَّ هُدَى اللَّهِ) وهو الإسلام (هُوَ الْهُدى) هو المسلك الأسدّ وما وراءه ما هو الصراط الأسلم (وَ) اعلم (أُمِرْنا) أمرا مؤكّدا (لِنُسْلِمَ) للإسلام والطوع (لِرَبِّ الْعالَمِينَ) ( 71 ) أداء أوامره وأحكامه .
(وَ) أمر (أَنْ أَقِيمُوا) لأداء (الصَّلاةَ) لأعصارها عدلا (وَاتَّقُوهُ) اللّه العدل (وَهُوَ) المالك الملك (الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) ( 72 ) معادا لإحصاء الأعمال .
(وَهُوَ) اللّه (الَّذِي خَلَقَ) صوّر (السَّماواتِ) مع أدوارها وأسرارها (وَالْأَرْضَ) مع مصالحها وحكمها (بِالْحَقِّ) السداد لإعلاء طوله (وَيَوْمَ يَقُولُ) اللّه للمعدوم الهالك (كُنْ) صر (فَيَكُونُ) كما أراد (قَوْلُهُ) كلامه
----------
به المردة من هوى أي ذهب (في الأرض) جعلته مردة الجن تائها في المفازة التي لا ماء فيها (حيران) متحيرا لا يدري كيف يصنع (له) المستهوى (أصحاب) رفقاء (يدعونه إلى الهدى) أي يدعونه إلى طريق الحق يقولون له (ائتنا) فيعرض عنهم فيهلك (قل إن هدى الله) أي الإسلام (هو الهدى) وحده (وأمرنا لنسلم) وقد أمرنا بالإسلام (لرب العالمين) أو أمرنا بذلك لنسلم، واللام بمعنى الباء أو للتعليل .
(وأن أقيموا الصلوة واتقوه) عطف على لنسلم أي لإقامتها أو بإقامتها (وهو الذي إليه تحشرون) بعد الموت للجزاء .
(وهو الذي خلق السموات والأرض) قائما (بالحق) والحكمة (ويوم يقول كن فيكون) خبر لقوله (قوله الحق) أي تكوينه الحق والحكم حين تكون
ص: 234
وأمره ممّا عد وأوعد (الْحَقُّ) الواطد الأسدّ (وَلَهُ) للّه (الْمُلْكُ) والملك عدلا وحكما (يَوْمَ) هو موصول مع له الملك (يُنْفَخُ) الأرواح (فِي الصُّورِ) الأطلال هو (عالِمُ) عالم (الْغَيْبِ) السّرّ (وَالشَّهادَةِ) الحسّ وهو عالم الملك كلّه (وَهُوَ) اللّه (الْحَكِيمُ) إهلاكا وإسرارا وأمرا (الْخَبِيرُ) ( 73 ) سرّا .
(وَ) ادّكر (إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ) المرسل مهدّدا (لِأَبِيهِ) اسمه (آزَرَ) مدلوله الهرم ، وورد هو اسم مألوه له سمّوه لدوام طوعه (أَ تَتَّخِذُ) طلاحا (أَصْناماً) لك (آلِهَةً) مآله سواه (إِنِّي أَراكَ) أعلمك (وَ) أعلم (قَوْمَكَ) هطا طاوعوا أمرك وسلكوا صراطك كلّهم (فِي ضَلالٍ) عمّا هو السّداد (مُبِينٍ) ( 74 ) ساطع .
(وَكَذلِكَ) كما أعلم له طلاح والده ورهطه (نُرِي) أعلم (إِبْراهِيمَ) الرّسول (مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) كمال ملكها وطول أمرها أعلمه ما
----------
الأشياء وقيل نصب عطفا على السموات أو الهاء في اتقوه (وله الملك) مختص به (يوم ينفخ في الصور) قرن من نور التقمه إسرافيل ينفخ فيه وفيه بعدد كل إنسان ثقب فيها روحه (عالم الغيب والشهادة) ما غاب وما شوهد (وهو الحكيم) في أفعاله (الخبير) بكل شيء .
(وإذ قال إبراهيم لأبيه ءازر) هو عمه والعم يدعى أبا، وأبوه تارخ إجماعا (أتتخذ أصناما ءالهة) نكر أصناما للتحقير والاستفهام للتوبيخ (إني أراك وقومك في ضلال) عن الحق (مبين وكذلك) التبصير (نري إبراهيم) تبصرة (ملكوت السموات والأرض) ملكهما والتاء للمبالغة روي كشط له عن الأرضين حتى رآهن وما تحتهن وعن السموات حتى رآهن وما فيهن من الملائكة
ص: 235
أعلم لإعلاء سواطع الأدلّاء له (وَلِيَكُونَ مِنَ) الملأ (الْمُوقِنِينَ) ( 75 ) كامل العلم كما رآها حسّا .
(فَلَمَّا جَنَّ) دمس (عَلَيْهِ) الرّسول (اللَّيْلُ) وملأ الدّهر سواده (رَأى كَوْكَباً) سعدا ساطعا لا معا مركده سماء علو سما العطارد (قالَ) لوالده ولرهطه وهم علموه إلها هذا الطالع اللامع (رَبِّي) كما هو وهمكم (فَلَمَّا أَفَلَ) ودسّ (قالَ) لهم ( لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ) ( 76 ) مآله لا دوام لها .
(فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً) طالعا صدد المطلع أوّل طلوعه (قالَ) لهم هذا (رَبِّي) اللّه (فَلَمَّا أَفَلَ) مال (قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي) اللّه (رَبِّي) كما علم الرسل الكمّل وأدام هداهم (لَأَكُونَنَّ) معدودا (مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ) ( 77 ) سلّاك مسالك الأهواء وسطع السحر ولمع الطلوع .
(فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً) مع كمال اللمع (قالَ هذا) الطالع اللامع (رَبِّي) اللّه هذا الطالع (أَكْبَرُ) سطوعا وأكمل لمعا مما طلعا
----------
وحملة العرش (وليكون من الموقنين فلما جن عليه الليل رءا كوكبا) أي الزهرة أو المشتري (قال هذا ربي) على طريق الإنكار أو على طريق من ينصف خصمه مع علمه أنه مبطل فيحكي قوله ثم يظهر بطلانه ليكون أدعى إلى الحق (فلما أفل) غاب (قال لا أحب الآفلين) أن أتخذهم أربابا لأن الأفول من صفات المحدث (فلما رءا القمر بازغا).
طالعا (قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي) بلطفه وتوفيقه (لأكونن من القوم الضالين) تعريض بضلال قومه بعبادة المصنوع (فلما رءا الشمس بازغة قال هذا ربي) ذكر المبتدأ لتذكير الخبر (هذا أكبر) من الأولين
ص: 236
(فَلَمَّا) لاح أوّل المساء و (أَفَلَتْ) ورآها كما رآهما (قالَ) موحّدا ومصلحا لرهطه ووالده (يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ) طاهر (مِمَّا تُشْرِكُونَ) ( 78 ) ممّا هو موهومكم ولا مساهم ولا معادل للّه وحده وهو إله الكلّ ومصوّر السماء وما أحاطها .
(إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ) عمدا وطراحا (لِلَّذِي فَطَرَ) أسر وصوّر (السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) وما هو حاولهما وهو اللّه وحده لا سواه (حَنِيفاً) عادلا عمّا عدا الإسلام وهو حال (وَما أَنَا) معدودا (مِنَ) الملأ (الْمُشْرِكِينَ) ( 79 ) مع اللّه إلها سواه مأسورا له .
(وَحاجَّهُ) صاداه لردّ الإسلام (قَوْمُهُ) رهطه وسط ما وحّد اللّه وردّ السهماء عمّاه (قالَ) الرسول لهم (أَ تُحاجُّونِّي) لددا وعداء (فِي) وحود (اللَّهِ) الواحد الأحد ولا مساهم له كمال هو موهومكم (وَ الحال) قَدْ (هَدانِ) هو هاد لا سواه ، ولمّا هدّدوه وهوّلوه عمّا أوصله مآلهم السوء ، حاورهم الرسول وصرّح (وَلا أَخافُ) لا أروع (ما تُشْرِكُونَ بِهِ) دماكم وما لها طول العود والسوء أصلا (إِلَّا أَنْ يَشاءَ) اللّه (رَبِّي شَيْئاً) مكروها وهو كامل الطول (وَسِعَ) اللّه (رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ) عموما
----------
(فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون) بالخالق من الأجرام المخلوقة المحتاج إلى محدث يحدثها .
(إني وجهت وجهي) نفسي وعبادتي (للذي فطر السموات والأرض) خلقهما وهو الله (حنيفا) مائلا إلى توحيده (وما أنا من المشركين وحاجه قومه) جادلوه في التوحيد (قال أتحاجوني في الله) في وحدانيته (وقد هدان) إلى توحيده (ولا أخاف ما تشركون به) من آلهتكم أن تضرني إذ لا تضر ولا تنفع (إلا أن يشاء ربي شيئا) من سوء يصيبني من جهتها (وسع ربي كل شيء)
ص: 237
(عِلْماً) أحاط علمه الكلّ وما وصل أحدا عود ولا سوء إلّا هو عالمه (أَ) طرأكم السهو (فَلا تَتَذَكَّرُونَ) ( 80 ) ما هو الأصل علما ودركا لإعلاء السداد .
(وَكَيْفَ أَخافُ) أهول (ما أَشْرَكْتُمْ) مألوهكم مع عدم طوله (وَلا تَخافُونَ) أصلا (أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ) عدولكم (بِاللَّهِ) الواحد طوعا مع كمال طوله وعلوّ أمره وسموّ حكمه (ما) مألوها (لَمْ يُنَزِّلْ) اللّه (بِهِ) طوعه (عَلَيْكُمْ) أهل العدول (سُلْطاناً) طرسا ودالّا ساطعا (فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ) المسلم الموحّد والعادل الملحد (أَحَقُّ) أسدّ وأصلح (بِالْأَمْنِ) السلام والصلاح صرّحوه (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ( 81 ) السداد .
(الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا وأصلحوا أعمالهم (وَلَمْ يَلْبِسُوا) وما سوّطوا (إِيمانَهُمْ) إسلامهم (بِظُلْمٍ) صدود وعدول (أُولئِكَ) الرهط الصلحاء (لَهُمُ الْأَمْنُ) والسلام ممّا أوعده اللّه (وَهُمْ مُهْتَدُونَ) ( 82 ) لما هداهم اللّه وهو أمد كلامه .
(وَتِلْكَ) الأدلّاء السواطع (حُجَّتُنا آتَيْناها) إعطاء (إِبْراهِيمَ) لإعلاء إرساله وسطوع أمره (عَلى قَوْمِهِ) رهطه حال عدولهم (نَرْفَعُ) كرما
----------
أحاط به (علما أفلا تتذكرون) فتميزوا الحق من الباطل .
(وكيف أخاف ما أشركتم) ولا يضر ولا ينفع (ولا تخافون أنكم أشركتم) أي إشراككم (بالله) الخالق القادر على الضرر والنفع (ما لم ينزل به) بإشراكه (عليكم سلطانا) حجة وهو آلهتكم المخلوقة العاجزة (فأي الفريقين) من الموحدين والمشركين (أحق بالأمن إن كنتم تعلمون) من أولي العلم (الذين ءامنوا ولم يلبسوا) ولم يخلطوا (إيمانهم بظلم) بشرك وشك (أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) من تمام قوم إبراهيم .
(وتلك حجتنا ءاتيناها إبراهيم) ألهمناه إياها (على قومه نرفع درجات)
ص: 238
(دَرَجاتٍ) علوما وحكما (مَنْ نَشاءُ) كماله وعلوّ حاله (إِنَّ رَبَّكَ) العلّام (حَكِيمٌ) لحكمه حكم (عَلِيمٌ) ( 83 ) عالم الكلّ .
(وَوَهَبْنا) عطاء (لَهُ) للرسول الولد المسعود (إِسْحاقَ) المرسل (وَ) ولد ولده المحمود (يَعْقُوبَ) الرسول (كُلًّا) كلّهم (هَدَيْنا) صاروا رسلا كراما (وَنُوحاً هَدَيْنا) وصار رسولا مكرّما علا أمره وطال عمره (مِنْ قَبْلُ) أمامه ومرّ طول الدهر (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ) رسول أطول العمر (داوُدَ) الرسول (وَ) ولده الأسعد والملك الأوطد (سُلَيْمانَ) الرسول (وَأَيُّوبَ) ولد أموص وهو ولد روم (وَيُوسُفَ) الرسول الأحمد الأملح (وَمُوسى) الرسول المكرّم والمكلّم (وَهارُونَ) الرّسول (وَكَذلِكَ) كإعطاء مرّ (نَجْزِي) الملأ (الْمُحْسِنِينَ) ( 84 ) كلّهم كما هو عملهم .
(وَزَكَرِيَّا) الرسول (وَ) ولده (يَحْيى) الرسول (وَعِيسى) روح اللّه (وَإِلْياسَ) الرسول (كُلٌّ) كلّهم (مِنَ) الملأ (الصَّالِحِينَ) ( 85 ) لهم كمال صلاح الأعمال وهم مصلحو الكلّ إصلاحا كاملا .
----------
في العلم والحكمة (من نشاء إن ربك حكيم عليم ووهبنا له إسحق ويعقوب كلا) منهما أو منهم (هدينا ونوحا هدينا من قبل) قبل إبراهيم (ومن ذريته) الهاء لنوح لقربه ولأن يونس ولوطا ليسا من ذرية إبراهيم وقيل لإبراهيم ومن ذكر في الآية الثالثة عطف على نوحا (داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهرون وكذلك) أي كما جزيناهم (نجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى) نسب الله عيسى إلى إبراهيم من قبل أمه فيدل على شمول الذرية لأولاد البنت كالحسنين (عليهما السلام) وأنهما ذرية النبي حقيقة (وإلياس كل) منهم (من الصالحين) عملا .
ص: 239
(وَإِسْماعِيلَ) الرسول (وَالْيَسَعَ) الرسول وهو علم مع اللّام (وَيُونُسَ) الرسول (وَلُوطاً) الرسول (وَكلًّا) كلّ هؤلاء الرسل (فَضَّلْنا) علوّا وحالا وإرسالا (عَلَى الْعالَمِينَ) ( 86 ) أهل أعصارهم طرّا .
(وَمِنْ آبائِهِمْ) ولّادهم الكرام لا الكلّ ، وهو موصول مع كلّا (وَذُرِّيَّاتِهِمْ) أولادهم لا كلّهم (وَإِخْوانِهِمْ) لا كلّهم (وَاجْتَبَيْناهُمْ) كلّهم أمرا وحالا (وَهَدَيْناهُمْ) كمالا وإكمالا (إِلى) سلوك (صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ( 87 ) مسلك سواء ، هو مكرّر لإعلاء ما هدوا له .
(ذلِكَ) الصراط (هُدَى اللَّهِ) صراط وصوله (يَهْدِي) اللّه (بِهِ) هداه (مَنْ) كلّ مرء (يَشاءُ) اللّه صلاحه (مَنْ) رهط (عِبادِهِ) وهم الرسل والصلحاء (وَلَوْ أَشْرَكُوا) هؤلاء الرسل الكرام مع علوّ حالهم وسمو أمرهم (لَحَبِطَ) عدم (عَنْهُمْ) كلّهم (ما) للمصدر (كانُوا يَعْمَلُونَ) ( 88 ) أعمالهم وهو كلام مهدّد لأهل الصدود والعدول .
----------
(وإسماعيل) ابن إبراهيم (واليسع) ابن أخطوب (ويونس) ابن متى (ولوطا) ابن هاران أخي إبراهيم وقيل ابن خالته (وكلا) منهم (فضلنا على العالمين) عالمي زمانهم بالنبوة (ومن ءابائهم وذرياتهم وإخوانهم) عطف على كلا ومن للتبعيض لأن بعضهم ليس نبيا أو على نوحا ويلزم أن يكون في والديهم من ليس بمهدي لجواز أن يراد ببعض آبائهم من عدا العمومة لأن أب العم أب (واجتبيناهم) اصطفيناهم (وهديناهم إلى صراط مستقيم) كرر لبيان ما هدوا إليه من الدين الحق .
(ذلك) الهدى الذي منحوه (هدى الله يهدي به من يشاء من عباده) ممن يعلمه أهلا له (ولو أشركوا) هؤلاء الأنبياء مع فضلهم وعلو شأنهم (لحبط ما كانوا يعملون) كما يحبط عمل غيرهم لو أشرك .
ص: 240
(أُولئِكَ) هؤلاء الملأ (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) الطرس (وَالْحُكْمَ) علمه ودركه أو حسم الأمر عدلا (وَالنُّبُوَّةَ) الألوك وهو أكمل الآلاء وأعلاها (فَإِنْ يَكْفُرْ بِها) الطرس والحكم والألوك (هؤُلاءِ) أراد رؤساء الحرم وهم الحمس (فَقَدْ وَكَّلْنا بِها) رعاء لأمر الألوك (قَوْماً) هم الرسل وكلّ رهط سلكوا صراطهم وكمّلهم اللّه ، أو المراد رحماء محمّد رسول اللّه صلعم ، أو كلّ رهط أسلموا له ووردهم الأملاك (لَيْسُوا بِها) ما مرّ (بِكافِرِينَ) ( 89 ) لمّا عصمهم اللّه .
(أُولئِكَ) الرسل الكرام الملأ (الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ) هداهم سواء الصراط وأسلكهم أسدّ المسلك (فَبِهُداهُمُ) سلوكهم الأسدّ (اقْتَدِهْ) أطع محمّد ( ص ) وطاوع ، والمراد اطّلع مسالكهم وأعط ما هو الأسدّ والأحمد وهو الإسلام للّه ووحوده وأصول الإسلام كلّها وصر أكملهم ، ورووه مطروح الهاء حال الوصل (قُلْ) رسول اللّه لهم (لا أَسْئَلُكُمْ) أرومكم وأدعوكم (عَلَيْهِ) أداء الأوامر والأحكام أو كلام اللّه المرسل (أَجْراً) كراء (إِنْ) ما (هُوَ) كلام اللّه المرسل (إِلَّا ذِكْرى) دعاء وإعلام (لِلْعالَمِينَ) ( 90 ) لأهل العالم كلّهم .
----------
(أولئك الذين ءاتيناهم الكتاب) جنسه (والحكم) الحكمة أو الفصل الحق (والنبوة) فإن يكفر بها بهذه الثلاثة (هؤلاء) أي أهل مكة (فقد وكلنا بها) بمراعاتها (قوما ليسوا بها بكافرين) وهم الأنبياء المذكورون أو الملائكة أو من آمن بالنبي .
(أولئك) الأنبياء (الذين هدى الله فبهداهم) بطريقهم من التوحيد والصبر والتبليغ (اقتده) الهاء للسكت (قل لا أسألكم عليه) على التبليغ أو القرآن (أجرا) كما لم يسأل الأنبياء قبلي وهذا مما يقتدى بهم فيه (إن هو) ما التبليغ أو القرآن (إلا ذكرى) عظة (للعالمين) للثقلين .
ص: 241
(وَ) أهل الطّلاح (ما قَدَرُوا) ما أكرموا أو ما عملوا (اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ) إكرامه أو علمه (إِذْ قالُوا) هم رهط الهود رأسهم مالك ووردهم أهل العدول (ما أَنْزَلَ اللَّهُ) أرسل اللّه (عَلى بَشَرٍ) ولد آدم (مِنْ شَيْءٍ) أمر وحكم ولمّا مرّوا أصل الإرسال أمره اللّه رسوله (قُلْ) لهم محمّد ( ص ) (مَنْ أَنْزَلَ) أرسل (الْكِتابَ) الطرس المعهود (الَّذِي جاءَ) ورد وصار مكرّما (بِهِ مُوسى) رسول الهود (نُوراً) لامعا ساطعا ، وهو حال (وَهُدىً) صراطا أسدّ (لِلنَّاسِ) سلوكهم (تَجْعَلُونَهُ) الطرس لكمال ألسكم (قَراطِيسَ) كرّاسا كرّاسا ، وطومارا طومارا (تُبْدُونَها) ممّا هو مرادكم (وَتُخْفُونَ) عداء وحسدا (كَثِيراً) مما حمد اللّه محمّدا ( ص ) ، وعد إرساله (وَعُلِّمْتُمْ) أهل الطرس أو أهل الإسلام والمراد مسلموا الحمس ما علما (لَمْ تَعْلَمُوا) أوّل الأمر (أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ) وهو الحلال والحرام والأوامر والأحكام (قُلْ) لهم محمّد ( ص ) أرسله (اللَّهَ) أو اللّه أرسله وصحّ إرساله (ثُمَّ ذَرْهُمْ) دعهم
----------
(وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء) ما عرفه اليهود حق معرفته حين أنكروا الرسل والوحي إذ من عرف الله أنه قادر حكيم لم يخلق الخلق عبثا وأنهم إليه راجعون ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى لزمه أن يقر بأنه يبعث إليهم رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة (قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا) وقرىء الأفعال الثلاثة بالياء وهو إلزام لهم وذم على تفريقهم التوراة في ورقات وإبداء ما يشتهون منها وإخفاء كثير كنعت محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) (وعلمتم) على لسان محمد (ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم) فإن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون (قل الله) أي أنزله الله إذ لا جواب غيره (ثم ذرهم في
ص: 242
(فِي خَوْضِهِمْ) أمرهم العاطل (يَلْعَبُونَ) ( 91 ) حال ، والحاصل أهملهم مع لهوهم وما الحال عصر إهلاكهم وهو أوّل عصر الإسلام وما هو صار مأمورا للعماس .
(وَهذا) كلام اللّه المرسل (كِتابٌ) مكرّم مرسل (أَنْزَلْناهُ) لإكرام محمّد صلعم ولسداد إرساله وإعلاء مراهصه (مُبارَكٌ) مسعود محمود وإصلاح للكلّ (مُصَدِّقُ) مسدّد ومصحّح الطرس (الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) وهو طرس الهود ، أو الطروس عموما (وَ) أرسله اللّه (لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى) لهولك أهل أمّ الرحم سمّاها لما عدوّها أصل الأمصار ووسطها (وَمَنْ حَوْلَها) هم أهل الأمصار كلّها (وَ) الملأ (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ) سدادا (بِالْآخِرَةِ) معاد الكلّ هم (يُؤْمِنُونَ بِهِ) كلام اللّه المرسل أو الرسول صلعم (وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ) أوردها لما هو عماد الإسلام وعلمه (يُحافِظُونَ) ( 92 ) مداوموها أداء وعدلا .
(وَمَنْ) لا أحد (أَظْلَمُ) أسوأ وأحدل (مِمَّنِ افْتَرى) رصّع وموّه (عَلَى اللَّهِ) مالك الملك وحاكم الكلّ (كَذِباً) ولعا وادعاءه رسولا وهو مالك أو أسود أو رصّع عمدا علاه أحكاما ما أرسلها اللّه ولا حكمها ك « عمرو »
----------
خوضهم) باطلهم (يلعبون) حال من ذرهم أو من خوضهم .
(وهذا) القرآن (كتاب أنزلناه مبارك) كثير النفع (مصدق الذي بين يديه) قبله من الكتب (ولتنذر أم القرى) عطف على محذوف ولتنذر أهل مكة لأنها قبلة أهل القرى ومحجهم أو لأن فيها أول بيت وضع أو لدحو الأرض من تحتها (ومن حولها) سائر الناس (والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون) فإن خوف المعاقبة يبعث على الإيمان بالرسول والقرآن .
(ومن) لا أحد (أظلم ممن افترى على الله كذبا) بادعاء النبوة أو الأعم منه
ص: 243
(أَوْ قالَ) وهو مرء ولّاع سواهم (أُوحِيَ) أرسل (إِلَيَّ) كلام مسدّد (وَ) الحال (لَمْ يُوحَ) ما أرسل (إِلَيْهِ) محمّد ( ص ) (شَيْءٌ) كلام أصلا وما ادّعاءه إلّا الولع (وَمَنْ قالَ) ولعا وصلاحا ولهوا وهو « ولد سعد » (سَأُنْزِلُ) سأكلّم وأورد وأحرّر (مِثْلَ ما) كلام (أَنْزَلَ اللَّهُ) كما أرسله لمحمّد ( ص ) ومراده كلاهما ادّعاء لا أصل لهما (وَلَوْ تَرى) محمّد ( ص ) لسطع لك أمر عسر مروّع (إِذِ الظَّالِمُونَ) هؤلاء الطّلاح وهم الهود ومدّعو الألوك ولعا ، واللام ح للعهد أو اللّام للعموم والمراد أهل الحد كلّهم (فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ) معاسرها وأهوالها (وَالْمَلائِكَةُ) أملاك الآلام والآصار (باسِطُوا أَيْدِيهِمْ) مادوها لإهلاكهم وعطو أرواحهم ومعهم عمود الساعور لإصرهم وكلامهم معهم (أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ) أرواحكم كرها إسراعا لا إمهالا (الْيَوْمَ) أرادوا عصر السام (تُجْزَوْنَ) عدلا كما أوعدكم اللّه (عَذابَ الْهُونِ) الإصر العسر (بِما) لما (كُنْتُمْ) مدد أعماركم (تَقُولُونَ) عداء وإصرارا (عَلَى
----------
(أو قال أوحي إلى ولم يوح إليه شيء) قيل نزلت في مسيلمة أو ابن أبي سرح كان يكتب للنبي فلما نزل ولقد خلقنا الإنسان إلى قوله خلقا آخر قال متعجبا فتبارك الله أحسن الخالقين فقال (صلى الله عليه وآله وسلّم) اكتبها فكذلك نزلت فشك فقال إن صدق محمد فقد أوحي إلي كما أوحي إليه وإن كذب فقد قلت كما قال (ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله) وهم الذين قالوا لو نشاء لقلنا مثل هذا وقيل هو ابن أبي سرح (ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت) شدائده وسكراته من غمره الماء إذا غشيه (والملائكة باسطوا أيديهم) لقبض أرواحهم أو بالعذاب يقولون تغليظا عليهم (أخرجوا أنفسكم) لنقبضها أو خلصوها من العذاب (اليوم تجزون عذاب الهون) الهوان وإضافته إليه لتمكنه فيه (بما كنتم تقولون على الله
ص: 244
اللَّهِ ) الملك العادل كلاما (غَيْرَ الْحَقِّ) وراء السداد وهو ادّعاء الولد والأهل له والمساهم معه وادّعاء الألوك لهم ولعا (وَكُنْتُمْ) دار الأعمال (عَنْ آياتِهِ) كلامه المرسل ودوالّ أمره (تَسْتَكْبِرُونَ) ( 93 ) ولكم كمال السمود والصدود .
(وَلَقَدْ جِئْتُمُونا) لإحصاء الأعمال (فُرادى) آحادا لا أهل ولا أولاد ولا أموال معكم ، أو لا أرداء ولا مآله معكم لإمدادكم وإسعادكم كما هو وهمكم وهو حال (كَما خَلَقْناكُمْ) آحادا وهو حال (أَوَّلَ مَرَّةٍ) حال الولاد ومحالكم الأرحام (وَتَرَكْتُمْ) أمد الأمر (ما) كلّ أمر (خَوَّلْناكُمْ) وهو الإعطاء (وَراءَ ظُهُورِكُمْ) وما حصل لكم حمله معكم (وَما نَرى مَعَكُمْ) أهل العدول (شُفَعاءَكُمُ) دماكم (الَّذِينَ زَعَمْتُمْ) لسوء درككم (أَنَّهُمْ فِيكُمْ) طوعكم (شُرَكاءُ) سهماء للّه الواحد الأحد (لَقَدْ تَقَطَّعَ) حصل الحسم (بَيْنَكُمْ) وسطكم ، ورووه مع ما (وَضَلَّ) راح وطاح (عَنْكُمْ ما) أمرا (كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) ( 94 ) وهما كاسدا وهو إمداد دماكم وإسعادهم لكم صدد اللّه حال ورودكم المعاسر والمكاره .
----------
غير الحق) كالإشراك ودعوى الإيحاء بالكذب (وكنتم عن آياته) عن الإيمان بها (تستكبرون) وجواب لو محذوف أي لرأيت أمرا فظيعا .
(ولقد جئتمونا فرادى) منفردين عن الأهل والمال (كما خلقناكم أول مرة) بدل منه أو حال مرادفة أو مداخلة أي مشبهين ابتداء خلقكم حفاة عراة غرلا (وتركتم ما خولناكم) ما أعطيناكم من الأموال (وراء ظهوركم) لم تحتملوا منه شيئا ولا قدمتموه (وما نرى معكم شفعاءكم) الأصنام (الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء) الله (لقد تقطع بينكم) وصلكم (وضل) ضاع (عنكم ما كنتم تزعمون) من شفاعتها أو أن لا بعث .
ص: 245
(إِنَّ اللَّهَ) كامل الطول (فالِقُ) صادع (الْحَبِّ) للسمراء (وَالنَّوى) أصل الدوح (يُخْرِجُ) اللّه (الْحَيَّ) الحساس المدرك (مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ) عادم الحسّ والحراك (مِنَ الْحَيِّ) الحسّاس المدرك (ذلِكُمُ) المصوّر هو (اللَّهَ) لا سواه (فَأَنَّى) للحال (تُؤْفَكُونَ) ( 95 ) والمراد لم صدودكم سلمّا سطع سواء الصراط .
هو (فالِقُ) ورووه معمولا ك « أمدح » (الْإِصْباحِ) صادع عمود السحر عمّا هو سواد السمر ، وهو مصدر (وَجَعَلَ) اللّه (اللَّيْلَ سَكَناً) مركدا لأهل الكدّ (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) ورووهما مع الكسر (حُسْباناً) وأدوارهما إعلاما لعدّ أموركم أحوالا وأعواما وهو مصدر (ذلِكَ) الأمر (تَقْدِيرُ) اللّه (الْعَزِيزِ) كامل السطو (الْعَلِيمِ) ( 96 ) كامل العلم .
----------
(إن الله فالق الحب) شاقه بالنبات (والنوى) وشاق النواة اليابسة فيخرج منها النخل والشجر (يخرج الحي من الميت) الحيوان من النطفة والطائر من البيضة والنامي من الحب والنوى (ومخرج الميت) هذه الأشياء (من الحي) الحيوان والنامي (ذلكم) الفالق والمخرج (الله) المستحق للعبادة (فأنى تؤفكون) تصرفون عنه مع وضوح الدليل (فالق الإصباح) شاق عمود الصبح من ظلمة الليل (وجعل الليل سكنا) يسكن الخلق فيه أو للاستراحة والطمأنينة (والشمس والقمر) نصبا بإضمار جعل أو بالعطف على محل الليل (حسبأنا) حسابا للأوقات (ذلك) المذكور (تقدير العزيز) في سلطانه (العليم) بتدبير خلقه .
ص: 246
(وَهُوَ) اللّه (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ) السعود أسرها وصوّرها لمصالحكم (لِتَهْتَدُوا بِها) لسلوككم سواء الصراط وهو أحد المصالح (فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ) معاسر المهمة ودمس المسالك للرمال (وَالْبَحْرِ) وسلوكه أعسر وأهول والسعود مدار سلوكهما (قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ) دوالّ الطول وأعلام الإلّ (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) ( 97 ) مدلولها وأسرارها .
(وَهُوَ) اللّه (الَّذِي أَنْشَأَكُمْ) أسركم وولدكم (مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) أراد آدم (فَمُسْتَقَرٌّ) لكم وهو الرحم أو المرمس أو الرمكاء (وَمُسْتَوْدَعٌ) محلّ أردعكم اللّه وهو محلّ ماء الوالد أو عالم الأمر أو العكس (قَدْ فَصَّلْنَا) إعلاما (الْآياتِ) إعلام كمال ألوّه وأدلّاء سطوعه (لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ) ( 98 ) حكمها ومصالحها .
(وَهُوَ) اللّه (الَّذِي أَنْزَلَ) أمطر (مِنَ السَّماءِ) العلوّ (ماءً) مطرا
----------
(وهو الذي جعل لكم) خلق لنفعكم (النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر) في ظلمات الليل فيهما وأضيفت إليهما للملابسة وهو تخصيص لبعض منافعهما بعد الإجمال، القمي النجوم آل محمد صلی الله علیه واله (قد فصلنا الآيات) بينا الحجج (لقوم يعلمون) لأنهم المنتفعون به (وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة) هو آدم (فمستقر ومستودع) فلكم استقرار في الأرحام أو فوق الأرض والاستيداع في الأصلاب أو القبور أو مكان استقرار واستيداع وقرىء بكسر القاف اسم فاعل أي قار (قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون) مواقعها وذكر في السابقة يعلمون وهنا يفقهون لأن إنشاء الإنس من آدم وتصريف أحوالهم أدق فيحتاج إلى دقة نظر .
(وهو الذي أنزل من السماء) من جهتها أو السحاب (ماءاً
ص: 247
(فَأَخْرَجْنا بِهِ) الماء (نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ) طرّ كلّ صرع مرعرع وهو صرع واحد (فَأَخْرَجْنا مِنْهُ) الماء أو الطرّ كلاء (خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا) حملا (مُتَراكِباً) ركاما (وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها) وهو أوّل ما طلع (قِنْوانٌ) مكسور الأوّل وهو حمل آمر (دانِيَةٌ) سهل عطوها لإحمامها لإصر حملها (وَجَنَّاتٍ) محالّ دوح وأوراد ، ورووا مطروح المحمول وهو « لكم » (مِنْ أَعْنابٍ) أحمال الكروم والمراد الكروم (وَالزَّيْتُونَ) دوحه (وَالرُّمَّانَ) دوحه (مُشْتَبِهاً) آحادها آحادا ، وهو حال (وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ) أحدهما أحدا طعوما وصورا (انْظُرُوا) أحسّوا وأدركوا (إِلى ثَمَرِهِ) حمل كلّ واحد ممّا مرّ (إِذا أَثْمَرَ) طلع حمله ولا عود (وَ) حال (يَنْعِهِ) إدراكه وكماله وحوله حلوا وهو مصدر أصلا (إِنَّ فِي ذلِكُمْ) المسطور كلّه (لَآياتٍ) دوالّ وأعلاما لوحود اللّه وطوله (لِقَوْمٍ) رهط (يُؤْمِنُونَ) ( 99 ) أهل الإسلام .
----------
فأخرجنا) التفات عن الغيبة (به) بالماء (نبات كل شيء) رزقه أو نبات كل صنف ينبت (فأخرجنا منه) من النبات أو الماء (خضرا) شيئا أخضر (نخرج منه) من الخضر (حبا متراكبا) يركب بعضه بعضا كالسنبل ونحوه (ومن النخل) خبر (من طلعها) بدل منه قنوان مبتدأ أي وحاصلة من طلع النخل (قنوان) جمع قنو وهو العذق (دانية) قريبة التناول أو قريب بعضها من بعض واقتصر عليها دون البعيدة لفهمها منها وفضلها (وجنات من أعناب) عطف على نبات وعن علي (عليه السلام) بالرفع مبتدأ أي ولكم جنات (والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه) حال من الجميع أي بعضه متشابه طعما ولونا وحجما وبعضه غير متشابه (انظروا) معتبرين (إلى ثمره إذا أثمر) أو إخراجه كيف هو (وينعه) وإلى نضجه إذا أدرك كيف يعود كبيرا ذا نفع ولذة (إن في ذلكم لآيات) دلالات على الصانع (لقوم يؤمنون) خصوا لأنهم المنتفعون به .
ص: 248
(وَجَعَلُوا) أهل العدول (لِلَّهِ) الواحد الأحد الصمد (شُرَكاءَ) سهماء (الْجِنَّ) الأملاك لما وهموا هم أولاد اللّه ، أو المراد أولاد المارد المطرود لما أطاعوهم كما أطاعوا اللّه أو ألهوا دماهم لما سولوهم ، ورووه مكسورا (وَ) الحال (خَلَقَهُمْ) اللّه طرّا لطوعه (وَ) هم (خَرَقُوا) ورهوا ودعّوا ولعا (لَهُ) للّه (بَنِينَ) كرهط روح اللّه ادّعوه ولد اللّه (وَبَناتٍ) كرهط وهموا الأملاك أولاد اللّه (بِغَيْرِ عِلْمٍ) لسداد ما ادّعوه أو ولعه ، وهو حال أو مصدر (سُبْحانَهُ وَتَعالى) علوّا (عَمَّا) مساهم وولد (يَصِفُونَ) ( 100 ) ادّعاء ووهما .
واللّه (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) مصورهما (أَنَّى) للمحلّ أو الحال (يَكُونُ لَهُ) للّه (وَلَدٌ) مولود (وَ) الحال (لَمْ تَكُنْ لَهُ) للّه (صاحِبَةٌ) عرس أهل لولود الأولاد (وَ) اللّه (خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ) عموما (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) ( 101 ) أحاط علمه الكلّ .
----------
(وجعلوا لله شركاء الجن) وقالوا الملائكة بنات الله وسموا جنا لاجتنانهم أو الشياطين إذ أطاعوهم في عبادة الأوثان (وخلقهم) حال أي وقد خلق الله الجاعلين دون الجن أو خلق الجن (وخرقوا) بالتخفيف والتشديد اختلفوا (له بنين وبنات) كقول أهل الكتابين عزير ابن الله والمسيح ابن الله ومشركي العرب الملائكة بنات الله (بغير علم) بحقيقة ما قالوا (سبحانه) تنزيها له (وتعالى عما يصفون) من الشريك .
(بديع السموات والأرض) مبدعهما من غير مثال سبق (أنى) كيف (يكون له ولد ولم تكن له صاحبة) زوجة (وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم) والخالق لكل مخلوق والعالم بكل معلوم غني عن الولد وغيره .
ص: 249
(ذلِكُمُ) المحمود (اللَّهُ رَبُّكُمْ) ومولاكم (لا إِلهَ) مألوه واطد (إِلَّا هُوَ) اللّه الواحد الأحد (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) عموما (فَاعْبُدُوهُ) وحدّوه وطاوعوه لا سواه ممّا هو مأسوره (وَهُوَ) اللّه (عَلى كُلِّ شَيْءٍ) مع كمال علوّه وسطوع أمره (وَكِيلٌ) ( 102 ) مالك للكلّ حارس وراصد للأعمال .
( لا تُدْرِكُهُ) اللّه (الْأَبْصارُ) إدراكه محال لعدم حدوده ولكلّ مدرك محاط حدود ، أو الإدراك هو الإحساس والمراد إعدام العموم لا عموم الإعدام ، أو اللام للعهد والمعهود أهل عدول مرّ أحوالهم (وَهُوَ) اللّه لكمال إدراكه (يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) وأعمالها عموما لما أحاط علمه لها كلّما (وَهُوَ) اللّه (اللَّطِيفُ) عالم الأسرار وموصل العطاء (الْخَبِيرُ) ( 103 ) المطّلع العلّام وهو لمّ لعدم إدراكها للّه ولإدراكه لها ولاء .
(قَدْ جاءَكُمْ) وردكم (بَصائِرُ) لوامع الروح والمراد كلام اللّه المرسل (مِنْ رَبِّكُمْ) مولاكم لإصلاحكم (فَمَنْ) كلّ أحد (أَبْصَرَ) أدركها وأسلم (فَلِنَفْسِهِ) عمل وعوده لها (وَمَنْ عَمِيَ) ما أدرك وما أسلم وصدّ عمّا أمر
----------
(ذلكم) الموصوف بما سبق مبتدأ خبره (الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه) فإن المستجمع لهذه الصفات هو المستحق للعبادة (وهو على كل شيء وكيل) متولي الأمور ومدبرها وحافظها (لا تدركه الأبصار) لا تحيط به الأوهام (وهو يدرك الأبصار) يحيط بها أو لا تدركه حواس النظر وهو يدركها فيراها ولا تراه (وهو اللطيف) النافذ في الأشياء الممتنع من أن يدرك (الخبير) لا يعزب عنه شيء .
(قد جاءكم بصائر) حجج (من ربكم) تبصركم الحق (فمن أبصر) الحق وآمن (فلنفسه) أبصر وإياها نفع (ومن عمي) عنه (فعليها) وبال عماه
ص: 250
(فَعَلَيْها) إصرها وألمها وئاما (وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ) ( 104 ) أحرس أعمالكم وأعصم أحوالكم ، وما الأمر إلّا الإعلام لا سواه والحارس هو اللّه .
(وَكَذلِكَ) كما مرّ (نُصَرِّفُ) أحوّل وأورد (الْآياتِ) ممّا وعد وأوعد لإصلاحكم (وَلِيَقُولُوا) الطّلاح أمد الأمر (دَرَسْتَ) طروس أهل الطرس وهم مدرّسوك ومعلّموك ، ورووه درس والمراد درس محمّد ( ص ) (وَلِنُبَيِّنَهُ) كلام اللّه أو معاده المصدر وأعلّمه (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) ( 105 ) السداد والولع .
(اتَّبِعْ) أطع واعمل (ما) كلاما (أُوحِيَ) أرسل (إِلَيْكَ) محمّد ( ص ) (مِنْ رَبِّكَ) لإعلاء أمرك وصلاح رهطك (لا إِلهَ) لا مألوه أصلا (إِلَّا هُوَ) اللّه الواحد الأحد ، وهو حال مؤكّد (وَأَعْرِضْ) اعدل وولّ (عَنِ) الرهط (الْمُشْرِكِينَ) ( 106 ) كلّهم حالا أمام ورود أمر العماس معهم .
(وَلَوْ شاءَ) أراد (اللَّهُ) إسلامهم (ما أَشْرَكُوا) ووحّدوه (وَما جَعَلْناكَ) محمّد ( ص ) (عَلَيْهِمْ) أهل العدول (حَفِيظاً) حارسا لأعمالهم
----------
(وما أنا عليكم بحفيظ) أحفظ أعمالكم إنما أنت منذر والكلام عن لسان النبي (وكذلك) التصريف (نصرف الآيات) نبينها (وليقولوا درست) نصرفها واللام للعاقبة أو بمعنى لئلا يقولوا درست أي قرأت وتعلمت وقرىء دارست أي ذاكرت أهل الكتاب (ولنبينه) الضمير للآيات بمعنى القرآن (لقوم يعلمون اتبع ما أوحي إليك من ربك) من الدين (لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين) لا تخالطهم .
(ولو شاء الله) جبرهم على ترك الإشراك (ما أشركوا) لكنه لم يشأ جبرهم على ذلك لمنافاته الحكمة (وما جعلناك عليهم حفيظا) رقيبا
ص: 251
وراصدا لأحوالهم (وَما أَنْتَ) رسول اللّه (عَلَيْهِمْ) هؤلاء العدّال (بِوَكِيلٍ) ( 107 ) مسلّط .
ولمّا أسمع أهل الإسلام دماهم ، حدّ اللّه وأرسل (وَلا تَسُبُّوا) دماهم وسهماؤهم (الَّذِينَ) هم (يَدْعُونَ) لهم طوعا (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (فَيَسُبُّوا) أهل العدول وهو حوار الردع (اللَّهَ عَدْواً) عداء وحدلا ، ورووه عدوّا (بِغَيْرِ عِلْمٍ) عدم درك للّه (كَذلِكَ) كما مرّ (زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ) رهط (عَمَلَهُمْ) صالحا أو طالحا (ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ) مولاهم (مَرْجِعُهُمْ) معادهم (فَيُنَبِّئُهُمْ) أمد لأمر (بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) ( 108 ) ما عملوا دار الأعمال .
(وَأَقْسَمُوا) عهدوا (بِاللَّهِ) الملك العلّام (جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) أوكد عهودهم ، وهو مصدر حلّ محلّ الحال ، واللّه (لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ) كما راموها (لَيُؤْمِنُنَّ بِها) وصاروا أهل الإسلام (قُلْ) لهم رسول اللّه (إِنَّمَا الْآياتُ) دوالّ علوّه وكلم سمّوه كلّها (عِنْدَ اللَّهِ) وهو مرسلها كما أراد ولا أعلم إلّا الإعلام وما الإرسال إلا له (وَما) للسؤال (يُشْعِرُكُمْ) أهل الإسلام ممّا أصدر الأعداء أو أهل العدول (أَنَّها) لعلّها ، ورووا مكسور الأوّل ، ورووا لعلها محلّها (إِذا جاءَتْ) سطوعا (لا يُؤْمِنُونَ) ( 109 ) والحاصل أعلم عدم إسلامهم حال سطوع الدوالّ وورود الأعلام ولا علم لكم مآل أحوالهم .
----------
(وما أنت عليهم بوكيل) فتجبرهم على التوحيد .
(ولا تسبوا الذين يدعون) يعبدونهم (من دون الله فيسبوا الله عدوا) تعديا للحق وقرىء بالتشديد (بغير علم) جاهلين بالله (وكذلك) التزيين (زينا لكل أمة) من الكفرة (عملهم) أي لم نكفهم حتى حسن عندهم سوء عملهم أو أمهلنا الشيطان حتى زينه لهم (ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون)
ص: 252
(وَنُقَلِّبُ) أحوّل (أَفْئِدَتَهُمْ) أرواعهم عمّا هو الطوع والسداد وعمد دركهم (وَ) أعطّل (أَبْصارَهُمْ) عمّا رأوا صوالح الأمور لما وردهم الأعلام اللواء راموها (كَما لَمْ يُؤْمِنُوا) ما أسلموا (بِهِ) ما أرسل لهم (أَوَّلَ مَرَّةٍ) كصدع العوس طالع السماء الأوّل (وَنَذَرُهُمْ) أدعهم وأطرحهم (فِي) مهالك (طُغْيانِهِمْ) عدم سواء سلوكهم (يَعْمَهُونَ) ( 110 ) هوّاما .
(وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا) إرسالا (إِلَيْهِمُ) أعداء الإسلام (الْمَلائِكَةَ) ورأوهم حسّا كما راموا (وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى) صراحا أراد ولّادهم الهلّاك كما سألوا (وَحَشَرْنا) لمّا (عَلَيْهِمْ) هؤلاء الأعداء (كُلَّ شَيْءٍ) أسر (قُبُلًا) رهطا رهطا لإعلاء أوامر اللّه وأحكام رسوله (ما كانُوا) أصلا (لِيُؤْمِنُوا) للّه ورسوله لما سطر لهم عدم الإسلام أوّلا ، وهو حوار لكلام أهل الإسلام لعلّه لو أرسل
----------
بالمجازاة عليه .
(وأقسموا بالله جهد أيمانهم) مجتهدين فيها (لئن جاءتهم آية) مما اقترحوه (ليؤمنن بها قل إنما الآيات عند الله) لا عندي فينزلها متى شاء كيف شاء (وما يشعركم أنها) أي الآية المقترحة (إذا جاءت لا يؤمنون) أي لا تدرون ذلك خطاب للمؤمنين إذ طمعوا في إيمانهم فتمنوا مجيء الآية وقيل لا زائدة وقيل إن بمعنى لعل وقرىء تؤمنون بالتاء خطابا للكفرة .
(ونقلب أفئدتهم وأبصارهم) نطبع عليها عقوبة فلا يفقهون الحق ولا يبصرونه فلا يؤمنون بها (كما لم يؤمنوا به) بما أنزل من الآيات (أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون) أي لا نكفهم عن ضلالهم حتى يترددوا متحيرين .
(ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى) كما اقترحوه وقالوا لو لا أنزل علينا الملائكة وقالوا فأتوا بآبائنا (وحشرنا) جمعنا (عليهم كل شيء قبلا) بضم أوليه جمع قبيلة أي جماعات أو جمع قبيل بمعنى كفيل أو كفلاء أو مصدر بمعنى مقابلة كما قرىء بكسر القاف وفتح الباء (ما كانوا ليؤمنوا) عند
ص: 253
الإعلام لهم كما سألوا لأسلموا (إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ) أرادهم ما أسلموا حالا ما إلّا حال ما أراد اللّه إسلامهم (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ) أهل الإسلام (يَجْهَلُونَ) ( 111 ) عدم إسلامهم ولو رأوا ما سألوا .
(وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ) ورسول (عَدُوًّا) كما صار لك أهل العدول أعداء صاروا لكلّ رسول أعداء لحكمه ومصالحه (شَياطِينَ الْإِنْسِ) أودّاء السوء (وَالْجِنِّ) ملأ الوسواس المار (يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ) موهم وموسوس آحادهم آحادا (زُخْرُفَ الْقَوْلِ) الكلام المموّه (غُرُوراً) للمكر أو هو مصدر حلّ محلّ الحال (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ) لو أراد اللّه إسلامهم (ما فَعَلُوهُ) ما صاروا أعداء للرسل وما عدوهم وما علّمهم الموسوس المطرود (فَذَرْهُمْ) الأعداء (وَما يَفْتَرُونَ) ( 112 ) دعهم رسول اللّه مع ولعهم وورههم ممّا سوّل لهم ، وهو حكم ورد أوّل الأمر وأمام العماس .
----------
هذه الآيات (إلا أن يشاء الله) جبرهم على الإيمان (ولكن أكثرهم يجهلون) ذلك فيطمعون في إيمانهم .
(وكذلك) كما جعلنا لك عدوا (جعلنا لكل نبي عدوا) أسند الجعل إليه تعالى لأنه بمعنى التخلية أي لم يمنعهم من العداوة (شياطين الإنس والجن) مردتهما بدل من عدو (يوحي) يوسوس (بعضهم إلى بعض زخرف القول) باطله المموه (غرورا) مفعول له (ولو شاء ربك ما فعلوه) أي الإيحاء أو الزخرف (فذرهم وما يفترون) من الكفر تهديد لهم، أو منسوخ بآية السيف .
(ولتصغى) عطف على غرور أي تميل (إليه) إلى الإيحاء أو الزخرف (أفئدة) قلوب (الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا) ليكتسبوا (ما هم مقترفون) من الآثام .
ص: 254
(وَلِتَصْغى) مكسور اللّام معلّلا لما أوحاه الأعداء وموصولا مع المعلّل الأوّل ، وورد اللّام لام الأمد أو لام العهد أو لام الأمر وهو العدول (إِلَيْهِ) الكلام المموّه (أَفْئِدَةُ) أرواع الملأ (الَّذِينَ) هم (لا يُؤْمِنُونَ ) سدادا (بِالْآخِرَةِ) المعاد (وَلِيَرْضَوْهُ) الكلام الموسوس ودادا (وَلِيَقْتَرِفُوا) وهو الكدّ والكدح ما عمل سوء (هُمْ مُقْتَرِفُونَ) ( 113 ) مداوموه .
سلهم رسول اللّه (أَ فَغَيْرَ اللَّهِ) سواه وهو معمول (أَبْتَغِي) أروم (حَكَماً) حاكما عدلا لإعلاء السداد ، وهو حال (وَهُوَ) اللّه (الَّذِي أَنْزَلَ) أرسل (إِلَيْكُمُ الْكِتابَ) كلام اللّه (مُفَصَّلًا) مصرّحا مسدّدا مكمّلا للسداد والصلاح وهو حال (وَ) الملأ (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) ك « ولد سلام » ورهطه وهو طرس الهود (يَعْلَمُونَ) علما كاملا (أَنَّهُ) كلام اللّه (مُنَزَّلٌ) مرسل لك محمّد ( ص ) (مِنْ رَبِّكَ) إعلاء لك وإصلاحا لرهطك (بِالْحَقِّ) والسداد (فَلا تَكُونَنَّ) محمّد ( ص ) (مِنْ) الملأ (الْمُمْتَرِينَ) ( 114 ) أهل الإعوار وهم علموا إرساله وسداده ورد الكلام مع كلّ أحد .
(وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ) ممّا وعد وأوعد وحرّم وحلّل والمراد كلام اللّه
----------
(أفغير الله أبتغي حكما) أي قل لهم أفغير الله أطلب من يحكم بيني وبينكم (وهو الذي أنزل إليكم الكتاب) القرآن (مفصلا) مبينا فيه الحق من الباطل وهو بإعجازه مغن عن كل آية (والذين ءاتيناهم الكتاب) أي مؤمنوهم كابن سلام وأضرابه (يعلمون أنه منزل) بالتخفيف والتشديد (من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين) في أنه منزل منه من باب التهييج أو في علمهم بذلك والخطاب لكل أحد، أو من باب إياك أعني .
(وتمت كلمة ربك) أخباره وأحكامه ووحدها الكوفيون أي ما تكلم به أو
ص: 255
(صِدْقاً) وسدادا (وَعَدْلًا) كما هو الصلاح ، وهو حال كالأوّل (لا مُبَدِّلَ) لا أحد محوّل (لِكَلِماتِهِ) اللّه دالّا ومدلولا كما حوّل طرس الهود ، أو المراد لا رسول ولا طرس محوّلا لها (وَهُوَ) اللّه (السَّمِيعُ) لكلام المطاوع (الْعَلِيمُ) ( 115 ) لإصرار المصرّ .
(وَإِنْ تُطِعْ) لو حصل طوعك محمّد ( ص ) (أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ) وهم الطّلاح عموما أو طلّاح أمّ الرحم وكلّ أحد صار مطاوعا لك (يُضِلُّوكَ) إطلاحا (عَنْ سَبِيلِ) وصول (اللَّهِ) لما هم مطاوعو الأهواء (إِنْ) ما (يَتَّبِعُونَ) أهل الطلاح (إِلَّا الظَّنَّ) الوهم الكدر لا العلم اللامع وهو وهمهم لمسلك الولّاد سدادا (وَإِنْ) ما (هُمْ) الطّلاح (إِلَّا يَخْرُصُونَ) ( 116 ) الوهم الكدر العلم اللامع وهو وهمهم لمسلك ولعا ولا سدادا لكلامهم ، وهو ادّعاؤهم الولد للّه وطوع دماهم محصّلا لودّ اللّه وإحرامهم الحلال وإحلالهم الحرام .
(إِنَّ رَبَّكَ) وإلهك (هُوَ) لا سواه (أَعْلَمُ) سطوا وكمالا (مَنْ) كلّ أحد وهو موصول أو للسؤال وح محكوم محموله (يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ) صراطه السواء (وَهُوَ) اللّه (أَعْلَمُ) علّام (بِالْمُهْتَدِينَ) ( 117 ) سلّاك مسالك هداه
----------
القرآن (صدقا) في الأخبار حال أو تمييز وكذا (وعدلا) في الأحكام (لا مبدل لكلماته) بخلف أو نقض أو لا أحد يبدلهما بما هو أصدق وأعدل (وهو السميع) لأقوالهم (العليم) بأعمالهم .
(وإن تطع أكثر من في الأرض) أي الكفار (يضلوك عن سبيل الله) دينه (إن يتبعون إلا الظن) وهو ظنهم أن آباءهم على حق أو آراؤهم الفاسدة (وإن هم إلا يخرصون) يكذبون أن الله أحل كذا (إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) أي أعلم بالفريقين .
ص: 256
والحاصل هو عالم أسرار أهل الطلاح والصلاح وعامل ما وعد وأوعد معادا .
(فَكُلُوا) أهل الإسلام (مِمَّا) مسحوط (ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ) حال السحط ، أو حال إرسال السهم ، أو المعلّم للمصطاد لا ممّا سحط مع اسم سواه ، أو المراد كلّ المطعوم عموما (إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ) دوالّ الحلال والحرام (مُؤْمِنِينَ) ( 118 ) كما هو مدلولها .
(وَما) الحاصل (لَكُمْ) وما رادعكم (أَلَّا تَأْكُلُوا) مأكولا (مِمَّا) مسحوط (ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ) أراد أهل الإسلام ، وهو مؤكّد للكلام الأوّل ، أو أراد الطلاح ومدلوله وحلال لكم كلوه (وَ) الحال (قَدْ فَصَّلَ) صرّح اللّه وعدّ (لَكُمْ ما) مأكولا (حَرَّمَ) اللّه أكله (عَلَيْكُمْ) ممّا أحلّ أكله كما مرّ (إِلَّا مَا) مأكولا (اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) أكله ممّا حرّم لكم ، وهو ح حلال لكم (وَإِنَّ) رهطا (كَثِيراً) لسوء دركهم (لَيُضِلُّونَ) أرهاطا لما حرّموا ما حلّله اللّه ، وحلّلوا ما حرّمه اللّه (بِأَهْوائِهِمْ) آمالهم وأوهامهم (بِغَيْرِ عِلْمٍ) دالّ (إِنَّ رَبَّكَ) العلّام العدل (هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ) ( 119 ) أهل العداء والعدول ممّا أحلّه اللّه وحرّمه .
(وَذَرُوا) دعوا (ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ) كلّ آصار ومعاص حسّا وسرّا
----------
(فكلوا مما ذكر اسم الله عليه) على ذبحه لا مما ذكر عليه اسم غيره (إن كنتم بآياته مؤمنين وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل) والحال أنه قد بين (لكم ما حرم عليكم) في آية حرمت عليكم الميتة (إلا ما اضطررتم إليه) مما حرم عليكم فهو حلال لكم للضرورة (وإن كثيرا ليضلون) بفتح الياء وضمها (بأهوائهم بغير علم) بغير حجة وبرهان يفيد علما (إن ربك هو أعلم بالمعتدين) المجاوزين عن الحلال إلى الحرام .
(وذروا ظاهر الإثم وباطنه) ما أعلن وما أسر وما بالجوارح وما بالقلب
ص: 257
(إِنَّ) لملأ (الَّذِينَ) هم (يَكْسِبُونَ) طلاحا (الْإِثْمِ) سرّا وحسّا (سَيُجْزَوْنَ) معادا (بِما) إصر (كانُوا) هم (يَقْتَرِفُونَ) ( 120 ) حالا وهو الكدّ والعسم .
(وَلا تَأْكُلُوا) أهل الإسلام (مِمَّا) مسحوط (لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ) عمدا كما دعوا أسماء دماهم حال السحط ، أو المراد طرح المسلم الموحّد اسم اللّه عمدا حال السحط (وَإِنَّهُ) معاده ما والمراد أكله أو معاده الأكل (لَفِسْقٌ) إصر لما أهلّ لاسم ما سواه (وَإِنَّ) رهط (الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ) أراد وساوسهم (إِلى أَوْلِيائِهِمْ) وهم أهل الطلاح كلّهم (لِيُجادِلُوكُمْ) أهل الإسلام وهو ما هو عملكم حلال وما هو عمل اللّه حرام (وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ) حصل لكم طوع أهل الطلاح لإحلال ما حرّم (إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) ( 121 ) لما هم ما وحّدوا اللّه ومطاوعهم مسلكا ما هو موحّد .
(أَ وَ) للسؤال ، و « الواو » للوصل (مَنْ كانَ مَيْتاً) طالحا (فَأَحْيَيْناهُ) هداه اللّه وصار صالحا (وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً) علما وإسلاما (يَمْشِي بِهِ) لمعه
----------
والإثم قيل الزنا وقيل كل معصية (إن الذين يكسبون الإثم سيجزون ما كانوا يقترفون) يكتسبون .
(ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه) أي الأكل منه (لفسق) خروج عن طاعة الله (وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم) الكفار (ليجادلوكم) في تحليل الميتة بقولهم ما قتل الله أحق أن تأكلوه مما قتلتم (وإن أطعتموهم) في ذلك (إنكم لمشركون) بترك دين الله إلى دينهم .
(أومن كان ميتا) أي كافرا بالتخفيف والتشديد (فأحييناه) بالهدى إلى الإيمان (وجعلنا له نورا يمشي به في الناس) علما بالحجج الفاصلة بين الحق
ص: 258
(فِي النَّاسِ) مسالك الصلاح والسداد (كَمَنْ) مرء (مَثَلُهُ) حاله هام (فِي الظُّلُماتِ) ومراحلها (لَيْسَ) المرء (بِخارِجٍ مِنْها) الطرمساء ، وهو حال وهو إعلاء حال مرء طالح ما عاد عمّا طلح وما هاد والأوّل حال طالح أصلحه اللّه وهاد عمّا ساء والحاصل ما هما سواء حالا (كَذلِكَ) كما سوّل للمسلم إسلامه (زُيِّنَ) سوّل (لِلْكافِرِينَ) أهل العدول ما للمصدر (كانُوا يَعْمَلُونَ) ( 122 ) أعمالهم السوء والمسوّل هو اللّه .
(وَكَذلِكَ) كما صار رؤساء أمّ رحم كمّل أهل الآصار لمكرهم وصدّهم (جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ) ومصر (أَكابِرَ) ورووا موحّدا (مُجْرِمِيها) رؤساء طلّاحها معلّله (لِيَمْكُرُوا) الرؤساء (فِيها) لما سلّطوا رأس كلّ صراط رهطا هاروا رسول اللّه ودعوه ساحرا والعا ، أورد الرؤساء لما لهم علوّ وسمود هو دعاهم للمكر والعدول (وَ) هم (ما يَمْكُرُونَ) مع أحد (إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ) لعود مكرهم لهم (وَ) هم (ما يَشْعُرُونَ) ( 123 ) لعود المكر وسرّ الأمر وهو كلام مسلّ لرسول اللّه صلعم وواعد له الإسعاد .
----------
والباطل (كمن مثله) صفته (في الظلمات) ظلمات الكفر (ليس بخارج منها) حال من فاعل الظرف (كذلك) كما زين للمؤمن إيمانه (زين للكافرين ما كانوا يعملون) زينه الشيطان أو الله بتخليتهم وشأنهم والآية نزلت في حمزة أو عمار وأبي جهل .
(وكذلك) كما جعلنا فساق مكة أكابرها (جعلنا في كل قرية أكابر) مفعول ثان (مجرميها) أول خليناهم (ليمكروا فيها) وخص الأكابر لأن الناس لهم أطوع (وما يمكرون إلا بأنفسهم) لعود وباله عليهم (وما يشعرون) بذلك .
ص: 259
(وَإِذا جاءَتْهُمْ) الرؤساء (آيَةٌ) علم لسداد رسول اللّه وإسلامكم (قالُوا) صدودا ولددا (لَنْ نُؤْمِنَ) عمدا أصلا (حَتَّى نُؤْتى) أعلاما وأدلّاء (مِثْلَ ما) إعلام (أُوتِيَ) إعطاء (رُسُلُ اللَّهِ) وهو الألوك والطرس والملك (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) وهو أعلم للمحلّ الصالح للألوك ، وهؤلاء ما هم أهلا لها وهم سمدوا لوسع أحوالهم وعدّ أموالهم وطول أعمارهم وكلّها ما صلح للألوك (سَيُصِيبُ) الملأ (الَّذِينَ أَجْرَمُوا) عصوا وما أطاعوا أوامر اللّه وأحكامه (صَغارٌ) عار وعوار (عِنْدَ اللَّهِ) معادا (وَعَذابٌ شَدِيدٌ) إصر عسر حالا ومآلا (بِما) للمصدر (كانُوا يَمْكُرُونَ) ( 124 ) لدوام مكرهم مدد العمر .
(فَمَنْ) كلّ أحد (يُرِدِ اللَّهُ) عطاء (أَنْ يَهْدِيَهُ) هداه (يَشْرَحْ صَدْرَهُ) روعه وروحه (لِلْإِسْلامِ) طوعا وروما وصار سرّه موسّعا (وَمَنْ يُرِدْ) اللّه طردا وردّا (أَنْ يُضِلَّهُ) عدم هداه (يَجْعَلْ صَدْرَهُ) روعه (ضَيِّقاً )
----------
(وإذ جاءتهم) أي كفار مكة (آية) على صدق النبي (قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله) قيل قال أبو جهل زاحمنا بني عبد مناف حتى إذا صرنا كفرسي رهان قالوا منا نبي يوحى إليه والله لا نرضى به إلا أن يأتينا وحي كما يأتيه فنزلت (الله أعلم حيث يجعل رسالته) وقرىء رسالاته (سيصيب الذين أجرموا صغار) ذل بعد كبرهم (عند الله) في القيامة (وعذاب شديد بما كانوا يمكرون) بمكرهم .
(فمن يرد الله أن يهديه) أي يلطف به (يشرح صدره للإسلام) بأن يفسح فيه وينور قلبه (ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا) يمنعه الطاقة حتى
ص: 260
لا واسعا (حَرَجاً) عسرا ما ورده الإسلام ، وهو مصدر ، ورووه مكسور الرّاء وح هو اسم (كَأَنَّما يَصَّعَّدُ) رام مصعدا (فِي السَّماءِ) ووهم ما المسلك له إلّا السماء وصار العالم مملوّا (كَذلِكَ) كما مرّ (يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ) الوسواس الركس المارد مسلّطا أو الإصر والألم والعوار معادا أو الطرد حالا (عَلَى) الملأ (الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) ( 125 ) حصل عدم إسلامهم وراء ما سطع لهم سداد الأمر .
(وَهذا) الإسلام مع أحكامه (صِراطُ رَبِّكَ) مسلك وصول إلهك (مُسْتَقِيماً) عادلا مطردا ، وهو حال مؤكّد (قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ) كلام اللّه المرسل وأوامره وروادعه (لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) ( 126 ) لادّكار صوالح الأرهاط .
(لَهُمْ) لهؤلاء الأرهاط (دارُ السَّلامِ) دار اللّه أو دار سلّمها اللّه عمّا كدر وكره أو سلّم أهلها أحدهم أحدا روحا وسرورا وهو دعاء لهم وهم ركّادها
----------
ينبو عن قبول الحق فلا يدخله الإيمان (حرجا) بفتح الراء وكسرها أي شديد الضيق (كأنما يصعد) يتصعد وقرىء يصاعد أي يتصاعد (في السماء) إذا كلف الإيمان لشدته عليه أو كأنما يتصاعد إليها نبوا عن الحق (كذلك) الجعل (يجعل الله الرجس) الخذلان وضع اللطف أو العذاب (على الذين لا يؤمنون) وضع موضع عليهم تعليلا .
(وهذا) البيان أو الإسلام أو التوفيق والخذلان (صراط ربك) والذي طريقه الذي ارتضاه والذي اقتضته حكمته (مستقيما) لا عوج له أو عادلا حال مؤكدة عاملها معنى الإشارة (قد فصلنا) بينا (الآيات لقوم يذكرون) يتذكرون أي يتعظون فإنهم المنتفعون بها .
(لهم) للمتذكرين (دار السلام) أي السلامة أو دار الله وهي
ص: 261
(عِنْدَ) اللّه (رَبِّهِمْ) الراحم (وَهُوَ) لا سواه (وَلِيُّهُمْ) وادّهم ومودودهم أو ممدّهم ومسعدهم (بِما) للمصدر (كانُوا يَعْمَلُونَ) ( 127 ) لأعمالهم الصوالح أو المراد هو وال لأمورهم وموصل لمحصول أعمالهم .
(وَ) ادّكر محمّد (يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ) أهل الصلاح والطلاح (جَمِيعاً) كلّهم وأكلّمهم (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ) رهط الوساوس (قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ) اطلاحا (مِنَ الْإِنْسِ) وهم صاروا طوّاعا لكم لمكركم (وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ) أودّاء أهل الوسواس (مِنَ الْإِنْسِ) اللاء أطاعوهم وصاروا موارد وساوسهم (رَبَّنَا) اللهم (اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ) وأوصل العود أحد أحدا ، أمّا وصول العود لولد آدم لما دلّهم أهل الوساوس للأهواء وما هو داع لها ولّوهم علاها ، وأمّا وصول العود له لرهط الوسواس لما أطاعهم ولد آدم وساعدوهم وحصّلوا مرادهم وسلكوا مسالكهم المهالك (وَبَلَغْنا أَجَلَنَا) الموعود وهو السام أو المعاد (الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا) وصار معهودا معدّا (قالَ) اللّه (النَّارُ مَثْواكُمْ) محلكم ومركدكم (خالِدِينَ فِيها) دواما وهو حال (إِلَّا ما) حالا (شاءَ اللَّهُ) أراد اللّه وأمهلكم وهو عصر أمام ورودهم الساعور (إِنَّ) اللّه ( رَبَّكَ
----------
الجنة (عند ربهم) في ضمانه (وهو وليهم) متولي أمرهم أو ناصرهم (بما كانوا يعملون) بسبب أعمالهم أو متوليهم بجزائها .
(ويوم نحشرهم جميعا) وقرىء بالياء بإضمار اذكر أو نقول (يا معشر الجن) أي الشياطين (قد استكثرتم من الإنس) من إغوائهم أو منهم بالإغواء (وقال أولياؤهم من الإنس) الذين أطاعوهم (ربنا استمتع بعضنا ببعض) هؤلاء دلونا على الشهوات ونحن أطعناهم (وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا) أي القيامة فكيف يكون حالنا اليوم (قال) الله لهم (النار مثواكم) مقامكم (خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك
ص: 262
حَكِيمٌ ) مطّلع للأسرار (عَلِيمٌ) ( 128 ) عالم للأعمال والأحوال .
(وَكَذلِكَ) كما مرّ (نُوَلِّي) أسلط (بَعْضَ) الرهط (الظَّالِمِينَ بَعْضاً) آحادهم آحادا إطلاحا (بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) ( 129 ) لعدولهم وطوالح أعمالهم .
(يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) اعلموا وصرّحوا وهو كلام اللّه معهم معادا مهدّدا لهم (أَ لَمْ يَأْتِكُمْ) أما أرسل لكم (رُسُلٌ مِنْكُمْ) كلّكم وصحّ رسل ولد آدم ، وأمّا رسلهم أطهارهم وهم ملأ سمعوا كلام الرسل وأوصلوه رهطهم (يَقُصُّونَ) درسا (عَلَيْكُمْ) لإصلاحكم (آياتِي) طروسا أرسلها اللّه (وَيُنْذِرُونَكُمْ) مهوّلوكم (لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا) وهو المعاد وهم (قالُوا) حوارا للّه (شَهِدْنا) كلّا (عَلى أَنْفُسِنا) صدّا وعدولا وإصرارا (وَ) الحال (غَرَّتْهُمُ) أهل الصدود (الْحَياةُ الدُّنْيا) العمر الماصل ومروا المعاد وأهملوا السداد وهو الإسلام (وَشَهِدُوا) كلّهم (عَلى أَنْفُسِهِمْ) لمّا سطع الأمر ولاح
----------
حكيم عليم) .
(وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا) أي ينتصر بعضهم ببعض أو نكل بعضهم إلى بعض في القيامة أو نقرنه في النار (بما كانوا يكسبون) من الشر .
(يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم) من مجموعكم وهم من الإنس خاصة كيخرج منهما اللؤلؤ والمرجان وقيل كل من الثقلين وقيل رسل الجن رسل الرسل إليهم، وروي أن الله بعث نبيا إلى الجن يقال له يوسف فقتلوه وأرسل محمدا صلی الله علیه واله إلى الثقلين (يقصون عليكم ءاياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا) مجيبين: (شهدنا على أنفسنا) بالكفر واعترفنا باستحقاق العذاب (وغرتهم الحياة الدنيا) فكفروا (وشهدوا على أنفسهم
ص: 263
المعاد (أَنَّهُمْ كانُوا) دار الأعمال (كافِرِينَ) ( 130 ) للرسل وعدلوا الإسلام ، لام اللّه لهم لسوء دركهم ووكس روعهم لما مكرهم العمر الماصل والآمال اللّواء لا دوام لها وطرحوا المعاد رأسا ، والأمر
(ذلِكَ) إرسال الرسل (أَنْ) للمصدر أو مطروح الاسم (لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ) الملك العدل (مُهْلِكَ الْقُرى) وما صحّ له إهلاكها وهو معلّل للحكم ، والحاصل صحّ الأمر كما ورد لعدم إهلاك إلهك أمصارهم (بِظُلْمٍ) صدّروه وعملوه (وَ) الحال (أَهْلُها غافِلُونَ) ( 131 ) ما أرسل لهم رسول هداهم صراط السداد وعلّمهم مسلك الصلاح .
(وَلِكُلٍّ) كلّ عمّال (دَرَجاتٌ) محالّ وموارد ومراهص (مِمَّا عَمِلُوا) أطاعوا أو عصوا (وَما رَبُّكَ) محمّد ( ص ) (بِغافِلٍ) ساه (عَمَّا) للمصدر (يَعْمَلُونَ) ( 132 ) صوالح الأعمال وطوالحها .
(وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ) عمّا عملوا (ذُو الرَّحْمَةِ) عموما لما أمرهم أحكام الإسلام وردعهم عمّا عصوا إكمالا لهم وأمهلهم مع الماصر كرما ورحما (إِنْ يَشَأْ) وصلح الأمر (يُذْهِبْكُمْ) أهلككم أهل الطّلاح والحدل (وَيَسْتَخْلِفْ)
----------
أنهم كانوا كافرين ذلك) أي إرسال الرسل خبر محذوف أي الأمر ذلك (أن) مخففة أو مصدرية بتقدير لام أي لأنه (لم يكن ربك) أي لانتفاء كونه (مهلك القرى) أو بدل من ذلك (بظلم) بسبب ظلم منها أو ظالما (وأهلها غافلون) لم ينبهوا برسول (ولكل) من المكلفين (درجات مما عملوا) من جزاء أعمالهم (وما ربك بغافل عما يعملون) فيخفي قدر جزائه وقرىء بالتاء .
(وربك الغني) عن خلقه وإطاعتهم (ذو الرحمة) يترحم عليهم بالتكليف ليعرضهم للنفع الدائم (إن يشأ يذهبكم) يهلككم أيها العصاة (ويستخلف من
ص: 264
لكمال الطّول ( من بعد ) إهلاك (كم ما يَشاءُ) رهطا مطاوعا (كَما أَنْشَأَكُمْ) أسركم اللّه وصوّركم (مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ) أولاد رهط (آخَرِينَ) ( 133 ) أهلكم وأمدّكم إكراما ورحما لكم .
(إِنَّ ما) ما موصول (تُوعَدُونَ) أهل العدول معادا أو إحصاء للأعمال (لَآتٍ) لوارد مآلا لا محال (وَما أَنْتُمْ) أصلا (بِمُعْجِزِينَ) ( 134 ) إلهكم هو ردّ لكلامهم كلّ أحد هلك لراح ولا عود له أصلا .
(قُلْ) لهم محمّد ( ص ) (يا قَوْمِ اعْمَلُوا) حالا (عَلى مَكانَتِكُمْ) كمال الوّكم أو حالكم ومحلّكم ، وهو مصدر والأمر مهدّد أوعدهم اللّه ، والحاصل اعصوا وطّادا (إِنِّي عامِلٌ) واطدا إسلاما حامل لآصاركم (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) معادا (مَنْ) كلّ أحد (تَكُونُ لَهُ) لصوالح أعماله (عاقِبَةُ الدَّارِ) صلاح المعاد والأمد المحمود وهو أكمل مسلك ومعلم لسداد المحوّل (إِنَّهُ) الأمر (لا يُفْلِحُ) الرّهط (الظَّالِمُونَ) ( 135 ) أهل الصّدّ والعدول وما لهم صلاح المال .
----------
بعدكم ما يشاء) من الحق (كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين) بيان لقدرته على استخلاف قوم مكان قوم (إن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين) الله من إتيان ما وعد .
(قل يا قوم اعملوا على مكانتكم) تمكينكم أو طريقكم أو حالتكم وقرىء مكاناتكم وهو تهديد أي اثبتوا على كفركم كقوله اعملوا ما شئتم (إني عامل) على ما أنا عليه من الإسلام ومغايرتكم (فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار) أي العاقبة الحسنى في الدار الآخرة (إنه لا يفلح الظالمون) وضع موضع الكافرين لعمومه .
ص: 265
(وَجَعَلُوا) أهل العدول (لِلَّهِ) الواحد الأحد (مِمَّا ذَرَأَ) أسر اللّه وأكمل (مِنَ الْحَرْثِ) والماكر (وَالْأَنْعامِ) كالدّواعر والكراع والعؤس (نَصِيباً) سهما ولدماهم سهما (فَقالُوا هذا) السّهم (لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ) ووهمهم الكدر وأعدّوه لأهل العسر والوراد هو أمصل وأوكس وأردأ (وَهذا) السّهم (لِشُرَكائِنا) للّه كما هو موهومهم وهو أكمل وأصلح ، ولو رأوا ما أعدّوا للّه أطهر حوّلوه لدماهم ولو رأوا ما لدماهم أصلح طرحوه لها ودّا لدماهم وهو مراد (فَما) سهم أطهر (كانَ) معدّ ومعدودا (لِشُرَكائِهِمْ) السّهماء للّه وهما (فَلا يَصِلُ) السّهم أصلا (إِلَى اللَّهِ) كما أرادوا (وَما كانَ) سهما أصلح (لِلَّهِ) معدوم المساهم (فَهُوَ) السّهم المعهود (يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ) السّهماء للّه الواحد الأحد كما هو ادّعاؤهم العاطل (ساءَ ما يَحْكُمُونَ) ( 136 ) ساء الحكم حكمهم أو ساء حكما حكمهم .
(وَكَذلِكَ) كما سوّل لهم ما مر (زَيَّنَ) سوّل ، ورووه معلوما (لِكَثِيرٍ مِنَ) الرهط (الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ) وأدا وسحطهم لدماهم وسوّل لهم
----------
(وجعلوا) أي المشركون (لله ما ذرأ) خلق (من الحرث) الزرع (والأنعام نصيبا) حظا يطعمونه الضيفان والمساكين ولآلهتهم منه نصيبا يصرفونه إلى سدنتها (فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله) إلى جهته (وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم) كانوا إذا رأوا نصيب الله أزكى بدلوه بنصيب آلهتهم وإن رأوا نصيبها أزكى تركوه لها وقيل إن سقط في نصيبه شيء من نصيبها التقطوه وإن عكس تركوه (ساء ما يحكمون) حكمهم هذا .
(وكذلك) كما زين لهم فعلهم (زين لكثير من المشركين قتل أولادهم)
ص: 266
(شُرَكاؤُهُمْ) أهل الإمداد لهم أو أهل الوساوس (لِيُرْدُوهُمْ) لإهلاكهم إطلاحا (وَلِيَلْبِسُوا) أهل الوساوس (عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ) لإعوارهم علما وإسلاما (وَلَوْ شاءَ) أراد (اللَّهُ ما فَعَلُوهُ) ما عمل أهل العدول ما سوّل لهم ، أو ما سوّل السهماء وأهل الوساوس ، أو المراد كلاهما والحاصل لو أراد اللّه صلاحهم لعصمهم (فَذَرْهُمْ) أهل العدول (وَما) للمصدر أو للموصول (يَفْتَرُونَ) ( 137 ) دعهم محمّد ( ص ) مع ما همّ عملوه ، وهو الادّعاء العاطل والولع المصرّح .
(وَ) هم (قالُوا هذِهِ) أسهم دماهم (أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ) حرام وهو مكسور الحاء (لا يَطْعَمُها) أحد (إِلَّا مَنْ نَشاءُ) إطعامه وهو مطاوع دماهم وسواه (بِزَعْمِهِمْ) ولا أصل لهم (وَ) هؤلاء الأسهم (أَنْعامٌ حُرِّمَتْ) إحراما (ظُهُورُها) للحمل وسواه كحوام (وَأَنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ) هؤلاء العدّال (اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا) حال السحط وهم أوردوا أسماء دماهم
----------
بالوأد ونحرهم للأصنام (شركاؤهم) من الشياطين أو السدنة وهو فاعل زين وقرىء بالبناء للمفعول ونصب أولادهم وجر شركائهم وفيه تعسف (ليردوهم) ليهلكوهم (وليلبسوا) يخلطوا (عليهم دينهم) أي ما كانوا عليه من دين إسماعيل واللام للعلة إن كان المزين الشيطان وللعاقبة إن كان السدنة (ولو شاء الله) قسرهم (ما فعلوه) ما فعل المشركون أو الشركاء ذلك (فذرهم وما يفترون) وافتراءهم أو ما يفترونه .
(وقالوا هذه أنعام وحرث حجر) حرام (لا يطعمها إلا من نشاء) من خدم الأصنام والرجال دون النساء (بزعمهم) بلا حجة (وأنعام حرمت ظهورها) فلا تركب كالبحائر والسوائب والحوامي (وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها) عند
ص: 267
(افْتِراءً) وولعا وهو مصدر أو حال (عَلَيْهِ) اللّه (سَيَجْزِيهِمْ) اللّه معادا (بِما كانُوا يَفْتَرُونَ) ( 138 ) لولعهم وهو ممّا أوعدهم اللّه .
(وَ) هم (قالُوا) طلاحا (ما فِي بُطُونِ) أرحام (هذِهِ الْأَنْعامِ) اللّواء أعدّوها لدماهم (خالِصَةٌ) حلال وطاهر وهو محمول « ما » ، ورووه مصدر مؤكّد طرح عامله وح محمول « ما » (لِذُكُورِنا) كلّهم أكلا (وَمُحَرَّمٌ) أكلها (عَلى أَزْواجِنا) الأعراس كلّها أو ولد وله روح (وَإِنْ يَكُنْ) مولودها (مَيْتَةً) لا روح له (فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ) المرء والأهل سواء حلّا وأكلا (سَيَجْزِيهِمْ) اللّه معادا (وَصْفَهُمْ) أوس ولعهم ممّا حلّلوا وحرّموا (إِنَّهُ) اللّه (حَكِيمٌ) مطّلع أسرارهم (عَلِيمٌ) ( 139 ) عالم صدورهم وأحوالهم .
(قَدْ خَسِرَ) أساع رأس ماله الملأ (الَّذِينَ قَتَلُوا) أهلكوا (أَوْلادَهُمْ) وأدا ورمسا لروع الأسر والعسر (سَفَهاً) هو مصدر أو حال (بِغَيْرِ عِلْمٍ )
----------
ذبحها ويذكرون اسم أصنامهم أولا يحجون عليها (افتراء عليه) حال أو مفعول له أو مصدر لأن قالوا بمعنى افتروا على الله بنسبة ذلك إليه (سيجزيهم بما كانوا يفترون) بسببه أو مقابله .
(وقالوا ما في بطون هذه الأنعام) أجنة البحائر والسوائب (خالصة لذكورنا) حلال لهم تأنيثها بمعنى ما أي الأجنة أو تاؤها للمبالغة كرواية الشعر (ومحرم) ذكر للفظ ما (على أزواجنا) أي الإناث إن ولد حيا (وإن يكن ميتة فهم) الذكور والإناث (فيه شركاء سيجزيهم وصفهم) جزاء وصفهم الكذب على الله (إنه حكيم) في فعله (عليم) بخلقه .
(قد خسر الذين قتلوا) بالتخفيف والتشديد (أولادهم) وبناتهم مخافة السبي والفقر والعار (سفها بغير علم) لخفة عقلهم وجهلهم
ص: 268
لوكس أحلامهم (وَحَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللَّهُ) ممّا مرّ (افْتِراءً) وولعا وهو حال أو مصدر (عَلَى اللَّهِ) الحكم العدل وهم (قَدْ ضَلُّوا) عمّا هو سواء الصراط (وَما كانُوا مُهْتَدِينَ) ( 140 ) ما سلكوا مسلك هداه .
(وَهُوَ) اللّه (الَّذِي أَنْشَأَ) أسر (جَنَّاتٍ) الكروم (مَعْرُوشاتٍ) لكرومها العمد والسمك لحملها (وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ) ما لها دعام وحوامل (وَ) أسر (النَّخْلَ) صروعا وأطوارا (وَالزَّرْعَ) كما كر السمراء وسواه (مُخْتَلِفاً) صورا وطعوما ، وهو حال (أُكُلُهُ) حمل كلّ واحد (وَ) أسر (الزَّيْتُونَ وَ) أسر (الرُّمَّانَ مُتَشابِهاً) صورهما وطعومهما (وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ) طعماهما (كُلُوا) أكلا حلالا طاهرا (مِنْ ثَمَرِهِ) حمل كلّ واحد (إِذا أَثْمَرَ) وما أدرك وهو أوّل حاله وعصر اطلاعه الحمل (وَآتُوا) أعطوا لأهل العسر (حَقَّهُ) الحمل كما أمركم اللّه (يَوْمَ حَصادِهِ) وما صلح لكم الإكراء والإمهال ، ورووا حصاده مكسور الحاء (وَلا تُسْرِفُوا) وهو إعطاؤكم كلّه وإهمالكم أهلا وأولادا (إِنَّهُ) اللّه العدل (لا يُحِبُّ) الرهط (الْمُسْرِفِينَ) ( 141 ) أهل
----------
(وحرموا ما رزقهم الله) مما ذكر (افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين) إلى الحق .
(وهو الذي أنشأ جنات) بساتين (معروشات) مرفوعات بالدعائم أو ما غرسه الناس فعرشوه (وغير معروشات) ملقيات على الأرض أو ما ينبت في البراري (والنخل والزرع مختلفا أكله) ثمره وحبه في الهيئة والطعم والضمير لكل واحد منها (الزيتون والرمان متشابها) أي بعض أفرادهما طعما ولونا (وغير متشابه) أي بعضها (كلوا من ثمره) ثمر كل من ذلك (إذا أثمر) وإن لم يدرك (وءاتوا حقه يوم حصاده) هذا في غير الزكاة في الضغث من السنبل والكف من البسر (ولا تسرفوا) في التصدق (إنه لا يحب المسرفين)
ص: 269
العدول واللّواء هم معطو الأموال كلّها .
(وَ) أسر (مِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً) صوالح للحمل كالداعر والكراع (وَفَرْشاً) ما لها صلاح الحمل لعدم وصولها حدّ الكمال (كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ) ما أحلّ اللّه لكم (وَلا تَتَّبِعُوا) طلاحا (خُطُواتِ الشَّيْطانِ) وساوسه وسرطه ومسالكه إحلالا وإحراما (إِنَّهُ) المارد (لَكُمْ) كلّكم (عَدُوٌّ مُبِينٌ) ( 142 ) ساطع العداء .
أسر (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) آحاد ، وهو معمول « كلوا » أو حال ممّا هو الموصول وهو ما (مِنَ الضَّأْنِ) صرعه ، أسر (اثْنَيْنِ) للولاد وحصول الأولاد (وَ) أسر (مِنَ الْمَعْزِ) صرعه (اثْنَيْنِ) لحصول الأولاد (قُلْ) محمّد ( ص ) للمحرّم وهما (آلذَّكَرَيْنِ) ممّا مرّ (حَرَّمَ) اللّه (أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ) ممّا مرّ حرّم ( أم ) حرم اللّه ( ما ) حملا (اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ) وحواه (أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ) ممّا مر ، والأرحام واحدها رحم مكسور الأوّل ، ورحم مكسور الوسط
----------
لا يرضى فعلهم .
(ومن الأنعام) وأنشأ منها (حمولة) ما يحمل الأثقال أو الكبار الصالحة للحمل (وفرشا) ما يفرش للذبح أو يفرش ما نسج من صوفه ونحوه أو الصغار الدانية من الأرض كالفرش لها (كلوا مما رزقكم الله) فإنه مباح لكم (ولا تتبعوا خطوات الشيطان) طرقه في التحليل والتحريم (إنه لكم عدو مبين) بين العداوة .
(ثمانية أزواج) بدل من حمولة وفرشا، والزوج ما معه آخر من جنسه (من الضأن اثنين) الكبش والنعجة وهو بدل من ثمانية أزواج (ومن المعز اثنين) جمع ماعز (قل) إنكار على من حرم ما أحل الله (ءالذكرين) من الضأن والمعز (حرم) الله (أم الأنثيين) منهما (أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين) أم ما
ص: 270
وهو محلّ حصول الولد وعاؤه (نَبِّئُونِي) اعلموا (بِعِلْمٍ) همّا حرّم وأمر معلوم مسدّد لإحرامكم (إِنْ كُنْتُمْ) لسداد دعواكم (صادِقِينَ) ( 143 ) حكما .
(وَ) أسر (مِنَ الْإِبِلِ) صرعه (اثْنَيْنِ) للولاد (وَ) أسر (مِنَ الْبَقَرِ) صرعه (اثْنَيْنِ) لحصول الأولاد (قُلْ) رسول اللّه للمحرّم وهما وادّعاء (آلذَّكَرَيْنِ) ممّا مرّ (حَرَّمَ) اللّه وأعلمكم (أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ) ممّا علم حرّم ( أم ) حرّم ( ما ) حملا (اشْتَمَلَتْ) أحاط (عَلَيْهِ) وحواه (أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ) ما علم (أَمْ كُنْتُمْ) أهل الادّعاء (شُهَداءَ) ورّادا صدد اللّه (إِذْ) لمّا (وَصَّاكُمُ اللَّهُ) الأعلم (بِهذا) الحكم لما لا إسلام لكم للرسل ، وح لا صراط لكم لعلمه إلّا الحسّ والسماع (فَمَنْ) لا أحد (أَظْلَمُ) وأسوأ (مِمَّنِ افْتَرى) وسطّر (عَلَى اللَّهِ) الملك السلام (كَذِباً) حكما والعا إحراما لما أحلّه والمراد رؤساؤهم أو عمر والمؤسس له (لِيُضِلَّ) المسطر (النَّاسَ) أولاد آدم (بِغَيْرِ عِلْمٍ) ورده عمّا أمره اللّه (إِنَّ اللَّهَ) العدل (لا يَهْدِي) عدلا (الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) ( 144 ) اللاؤا علم اللّه دوام سوءهم وكمال طلاحهم .
----------
حملت الإناث منهما ذكرا كان أو أنثى (نبئوني بعلم) بحجة تدل على أن الله حرم شيئا من ذلك (إن كنتم صادقين) فيه ألزمهم الله بأن التحريم إن كان للذكورة فكل ذكر حرام أو للأنوثة فكل أنثى حرام أو لاشتمال الرحم فالصنفان فمن أين التخصيص ببعض دون بعض .
(ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل ءالذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين) كما مر (أم) بل (كنتم شهداء) حضورا (إذ وصاكم الله بهذا) التحريم إذ لم تؤمنوا بنبي فلا طريق إلى معرفته إلا المشاهدة (فمن) أي لا أحد (أظلم ممن افترى على الله كذبا) بنسبة تحريم ذلك إليه (ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين) إلى ثوابه أو لا يلطف بهم .
ص: 271
(قُلْ) لهم محمّد ( ص ) (لا أَجِدُ) الحال (فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ) ما أوحاه اللّه عموما أو هو كلام اللّه لما حرّم كلام الرسول صلعم وعمله ما عداه ، أو المراد ممّا أعدّها لدماهم كما ساعده المحلّ طعاما (مُحَرَّماً) حرم أكله (عَلى طاعِمٍ) آكل (يَطْعَمُهُ) أكلا حلالا (إِلَّا أَنْ يَكُونَ) المطعوم المحرّم (مَيْتَةً) ممّا حرّمها اللّه (أَوْ دَماً مَسْفُوحاً) صلح لما سأل وما حرّم دم اللحم والطحال (أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ) ودمه (فَإِنَّهُ) لحمه أو هو (رِجْسٌ) حرام ركس لأكله الركس دواما (أَوْ فِسْقاً) هو موصول مع اللحم وما ورد وسطهما معلّل لا محلّ له (أُهِلَّ) حال سحطه (لِغَيْرِ) اسم (اللَّهِ بِهِ) وهم سحطوا لاسم دماهم (فَمَنِ اضْطُرَّ) دعاه العسر لأكل المحرّم أكله (غَيْرَ باغٍ) حادل لمعسر معادل (وَلا عادٍ) عادل حد الصلاح له طارح لإمداده وإسعاده ممّا أكل (فَإِنَّ) اللّه (رَبَّكَ) العدل (غَفُورٌ) له ما أكل (رَحِيمٌ) ( 145 ) لأكل المحرّم حال كمال عسره .
(وَعَلَى) الملأ (الَّذِينَ هادُوا) صاروا هودا (حَرَّمْنا) عصر رسولهم إصرا لهم (كُلَّ ذِي ظُفُرٍ) مما سار وطار لحمه وما سواه عموما كالداعر والهالع
----------
(قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه) يفيد أن لا تحريم إلا بالوحي (إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس) خبيث قذر (أو فسقا) عطف على لحم خنزير (أهل لغير الله به) ذبح على اسم الصنم وسمي فسقا لتوغله فيه (فمن اضطر) إلى تناول شيء من ذلك (غير باغ) اللذة (ولا عاد) حد الضرورة (فإن ربك غفور) له (رحيم) به .
(وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر) كل ما له إصبع كالإبل والطيور
ص: 272
(وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ) كلاهما (حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ) الهود (شُحُومَهُما) لا اللحم والدم أراد دسوم معدهما وكلاهما (إِلَّا ما) دسما (حَمَلَتْ ظُهُورُهُما) وملطهما (أَوِ) دسما ألماه وحمله (الْحَوايا) الأمعاء ، وورد هو معول حرّم ، وأو لمدلول الواو (أَوْ مَا) دسما (اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ) وهو دم موصول مع العصعص ومورود إلّا كلّه ممّا أحلّ اللّه (ذلِكَ) الإحرام وعدم إحلال الأطهار أو العدل (جَزَيْناهُمْ) رهط الهود (بِبَغْيِهِمْ) لحدلهم وطلاحهم والحاصل أحلّها اللّه لهم أوّلا ولمّا عصو حرّمها (وَإِنَّا لَصادِقُونَ) ( 146 ) حال الإعلام والإرسال أو حال ما وعد وأوعد وهو مؤكّد للإعلام المسطور .
(فَإِنْ كَذَّبُوكَ) محمّد ( ص ) وردّوا أوامرك وأحكامك (فَقُلْ) لهم اللّه (رَبُّكُمْ) إلهكم ومالككم (ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ) للكلّ لكم ولسواكم لما أهملكم وأمهلكم حالا (وَلا يُرَدُّ) أصلا (بَأْسُهُ) إصره وحدّه حال حلوله مع عموم كرمه ووسع رحمه (عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) ( 147 ) عمّال السوء ، أو المراد هو واسع الرحم لأهل الطوع وكامل الإصر لأهل الطلاح .
----------
والسبأع أو كل ذي مخلب وظفر (ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما) الثروب وشحم الكلى (إلا ما حملت ظهورهما) اشتملت عليها (أو الحوايا) أو ما اشتمل عليه الأمعاء جمع حاوية أو حاوتة (أو ما اختلط بعظم) هو شحم الألية لاختلاطه بالعصعص (ذلك) الجزاء (جزيناهم ببغيهم) بسبب ظلمهم (وإنا لصادقون) فيما نقول .
(فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة) لأهل طاعته أو لكم حيث أمهلكم (ولا يرد بأسه) عذابه (عن القوم المجرمين) إذا نزل .
ص: 273
(سَيَقُولُ) الملأ (الَّذِينَ أَشْرَكُوا) مع اللّه إلها سواه حال علمهم ولع حاله مع سوء مآلهم (لَوْ شاءَ اللَّهُ) الصلاح (ما أَشْرَكْنا) مع اللّه أحدا (وَلا) عدل (آباؤُنا) معه أحدا (وَلا حَرَّمْنا) أصلا (مِنْ) مؤكّد أورد لعموم الإعدام (شَيْءٍ) كحام وسواه ولولا روده ما حصل أمر ممّا مرّ وهو آمر وحاكم لكلّ ما صدر وردّهم اللّه وكلّم (كَذلِكَ) كما ولّعك هؤلاء العدّال (كَذَّبَ) الأمم (الَّذِينَ) مرّوا (مِنْ قَبْلِهِمْ) الرسل وردّوا ما أدّوه وأصرّوا (حَتَّى) حلّهم الإصر والحدّ (ذاقُوا) وطعموا (بَأْسَنا) وهلكوا (قُلْ) لهم (هَلْ عِنْدَكُمْ) رهط الأعماء (مِنْ عِلْمٍ) أمر معلوم دالّ لسداد دعواكم (فَتُخْرِجُوهُ) الأمر الدالّ ح (لَنا) ما الأمر كما هو موهومكم (إِنْ) ما (تَتَّبِعُونَ) أمرا (إِلَّا الظَّنَّ) الأمر الموهوم (وَإِنْ) ما (أَنْتُمْ إِلَّا) رهط (تَخْرُصُونَ) ( 148 ) ولعا كاملا .
(قُلْ) لهم لمّا علم حالكم وعلوكم (فَلِلَّهِ) الملك العدل (الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) أمد الكمال وحدّه أو وصل موردها السداد وصحّ دعواه ، وما لكم إلّا طوع أوامر اللّه وروادعه وما صحّ ادلاؤكم معه (فَلَوْ شاءَ) أراد اللّه صلاحكم وهداكم (لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ) ( 149 ) كلّكم .
----------
(سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء) تعللوا بقول المجبرة والأشاعرة (كذلك كذب الذين من قبلهم) الحجج (حتى ذاقوا بأسنا) عذابنا (قل هل عندكم من علم) حجة توجب علما فيما زعمتم (فتخرجوه لنا إن تتبعون) في ذلك (إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون) تكذبون فيه .
(قل فلله الحجة البالغة) البينة التي بلغت قطع عذر المحجوج (فلو شاء لهداكم أجمعين) بإلجائكم إلى الإيمان لكنه لم يشأ لمنافاته الحكمة .
ص: 274
(قُلْ) لهم رسول اللّه (هَلُمَّ) أصله ها لمّ أو هل أمّ سواء لها الواحد وعدلاه (شُهَداءَكُمُ) العدول (الَّذِينَ يَشْهَدُونَ) عدلا (أَنَّ اللَّهَ) الحكم العدل (حَرَّمَ هذا) ما وهموه محرّما (فَإِنْ شَهِدُوا) لسداد دعواهم (فَلا تَشْهَدْ) محمّد ( ص ) (مَعَهُمْ) وصر صادّا وعادلا ممّا أوردوا مصرّحا طلاحه وولعه لا مسلما لهم (وَلا تَتَّبِعْ) أصلا (أَهْواءَ) الطلاح (الَّذِينَ كَذَّبُوا) طلاحا (بِآياتِنا) دوالّ إرسالك وأعلام كمالك أورد الاسم المصرّح موردهم لإعلام ما هو داع لطوعهم الأهواء (وَ) لا أهواء الطّلاح (الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) سدادا (بِالْآخِرَةِ) المعاد للكلّ هم أهل العدول (وَهُمْ بِرَبِّهِمْ) آسرهم ومالكهم (يَعْدِلُونَ) ( 150 ) هم علموا له معادلا وعدلا .
(قُلْ) محمّد ( ص ) لهؤلاء الرهط (تَعالَوْا) هلمّوا واسمعوا (أَتْلُ) أدرس وأصرّح (ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ) ما حرّمه اللّه ، و « ما » للمصدر أو للموصول أو للسؤال (عَلَيْكُمْ) معمول حرّم (أَلَّا تُشْرِكُوا) أصلا (بِهِ) اللّه
----------
(قل هلم شهداءكم) أحضروهم (الذين يشهدون أن الله حرم هذا فإن شهدوا فلا تشهد معهم) فلا تصدقهم إذ التصديق كالشهادة معهم بالباطل (ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا) وضع موضع ولا تتبع أهواءهم ليدل على أن مكذب الآيات متبع هواه لا غيره (والذين لا يؤمنون بالآخرة) كعبدة الأصنام (وهم بربهم يعدلون) يجعلون له عديلا وتفيد الآية منع التقليد ووجوب اتباع الحجة دون الهوى .
(قل تعالوا أتل) أقرأ (ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به) أن مفسرة وتعليق المفسر وهو أتل بما حرم لا يمنع عطف الأوامر عليه لرجوع التحريم فيها إلى أضدادها وإن جعل ناصبة فهي منصوبة بعليكم على الإغراء أو بالبدل من ما
ص: 275
(شَيْئاً) ووحّدوه (وَ) اعلموا (بِالْوالِدَيْنِ) الوالد والأمّ (إِحْساناً) إعطاء وإكراما أسلكهما سلكا واحدا لما هو أهمّ ولمّا صار أمر الإكرام إحراما لطرحه أورده وسط المحارم وعدّه كأحدها (وَلا تَقْتُلُوا) وكاّس الأرواع (أَوْلادَكُمْ) وأدا (مِنْ إِمْلاقٍ) هول عسر وعدم (نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ) كرما (وَإِيَّاهُمْ) أولادكم ومصلح كلّ مملوك مولاه (وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ) الأسواء كالعهر وما هو داع له (ما) عملا (ظَهَرَ) سطع ولاح (مِنْها) وعلّمها أهل العالم (وَما بَطَنَ) ودمس ما علمه إلّا اللّه (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ) إهلاكها (إِلَّا بِالْحَقِّ) كإهلاك أوس أو إهلاك مرء ردّ الإسلام وعدل وراء ما أسلم والعاهر المعهود وما سواه ممّا عدّ (ذلِكُمْ) المسطور (وَصَّاكُمْ) اللّه (بِهِ) وأمركم حرسه (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) ( 151 ) لدرككم علوّه صدد اللّه .
(وَلا تَقْرَبُوا) كلّكم (مالَ الْيَتِيمِ) هو ولد هلك والده وما وصل هو حدّ الحلم (إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) أصلح لحاله كحرس ماله وإكماله (حَتَّى يَبْلُغَ) الولد (أَشُدَّهُ) حدّ حلمه (وَأَوْفُوا) كمّلوا (الْكَيْلَ) الصواع والأمداد
----------
على زيادة لا أو مجرور بلام مقدرة (شيئا) مفعول أو مصدر (وبالوالدين) وأحسنوا بهما (إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق) من خشية فقر (نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش) الكبائر أو الزنا (ما ظهر منها وما بطن) علانيتها وسرها كقوله ظاهر الإثم وباطنه (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق) كالقود وحد المحصن والمرتد (ذلكم) المذكور (وصاكم به لعلكم تعقلون) ما وصاكم ولا تضيعونه .
(ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي) بالخصلة التي (هي أحسن) ما يفعل بماله كحفظه وتنميته (حتى يبلغ أشده) قوته ويصير بالغا رشيدا (وأوفوا الكيل
ص: 276
(وَ) أدّوا (الْمِيزانَ) كما أمر (بِالْقِسْطِ) السواء والعدل (لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) وطولها وهو الصلاح لها وما وراء الوسع ممحوّ ما أمر أداؤه (وَإِذا قُلْتُمْ) كلاما لإعلاء الأمر حال الحكم وعدله (فَاعْدِلُوا) سدادا واحكموا مساعدا لأمر اللّه وحكمه (وَلَوْ كانَ) ذا المرء المحكوم له أو علاه (ذا قُرْبى) لكم كالأعمام والأصهار والأولاد وكلّ أهل الأرحام (وَبِعَهْدِ اللَّهِ) أمره وحكمه أو العهد الأوّل (أَوْفُوا) كمّلوا وأدّوا ودعوا كسره واطرحوا الألس (ذلِكُمْ) ما مرّ (وَصَّاكُمْ) اللّه (بِهِ) وعلّمكم وحكمكم (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ( 152 ) لادّكاركم .
(وَأَنَّ) معلّل لأمر ورد وراءه ، ورووه مكسور الأوّل وح هو صدر كلام لا معلّل (هذا) المدلول المعلوم أمرا وردعا وإحلالا وإحراما (صِراطِي) المسلك الموصل (مُسْتَقِيماً) سواء عدلا وهو حال (فَاتَّبِعُوهُ) اسلكوه سواء وطاوعوه عدلا (وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ) مسالك الهود وسواها (فَتَفَرَّقَ) الصرط (بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) صراط اللّه ومسلك وصوله (ذلِكُمْ) كلّ ما مرّ (وَصَّاكُمْ بِهِ) أمركم اللّه وأعلمكم (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ( 153 ) المحارم .
----------
والميزان بالقسط) بالعدل (لا نكلف نفسا إلا وسعها) إلا ما يسعها (وإذا قلتم) في حكم ونحوه (فاعدلوا) فيه (ولو كان) المقول له أو عليه (ذا قربى) قرابة (وبعهد الله) ما عهد إليكم مما أوجبه عليكم (أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون) تتعظون .
(وأن هذا) المذكور في السورة من بيان الدين (صراطي مستقيما) حال (فاتبعوه ولا تتبعوا السبل) الطرق المختلفة (فتفرق) تتفرق أي تميل (بكم عن سبيله) دينه (ذلكم) الإتباع (وصاكم به لعلكم تتقون) الضلال عن الحق .
ص: 277
(ثُمَّ) أعلمكم وادّكر (آتَيْنا) إرسالا (مُوسَى الْكِتابَ) المرسل المكرّم (تَماماً) كمالا وإكمالا للآلاء وهو حال أو مصدر (عَلَى) الرسول اسو المطاوع (الَّذِي أَحْسَنَ) إعلامه وأوصل كلّ ما أمر له أراد رسول الهود أو سمع وأطاع أوامره وأحكامه ، ورووه محمولا لمطروح وهو « هو » (وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ) صلح له عدّا وسطوعا وهو مصدر أو حال (وَهُدىً) مسلكا عدلا (وَرَحْمَةً) عطاء وكرما للهود (لَعَلَّهُمْ) الهود (بِلِقاءِ) اللّه (رَبِّهِمْ) معادا للعدل (يُؤْمِنُونَ) ( 154 ) سدادا وصلاحا .
(وَهذا) كلام اللّه المرسل لمحمّد رسول اللّه ( ص ) (كِتابٌ) طرس مرسوم محمود (أَنْزَلْناهُ) إرسالا سادا (مُبارَكٌ) مسعود كامل الصلاح وآمر العود (فَاتَّبِعُوهُ) طاوعوه علما وعملا (وَاتَّقُوا) عدم وئامه ودعوا ما سواه (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) ( 155 ) لكمال طوعكم .
كره (أَنْ تَقُولُوا) معادا صدّا وعدولا وهو معلّل للإرسال (إِنَّما) ما (أُنْزِلَ) أرسل (الْكِتابُ) إلّا (عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا) وهما الهود ورهط روح اللّه (وَإِنْ) مطروح الاسم كما دلّ اللام (كُنَّا) دار الأعمال (عَنْ دِراسَتِهِمْ) درس طروسهم وأداء كلامهم ودرك مرادهم (لَغافِلِينَ) ( 156 ) لا علم لدوالّه مدلوله والكلام لأهل أمّ الرحم .
----------
(ثم ءاتينا موسى الكتاب تماما) للنعمة مفعول له (على الذي أحسن) بالقيام به أو بتبليغه وهو موسى (وتفصيلا) بيانا (لكل شيء وهدى ورحمة لعلهم) أي أمة موسى (بلقاء ربهم يؤمنون) أي بالبعث .
(وهذا) القرآن (كتاب أنزلناه مبارك) كثير الخير (فاتبعوه) اعملوا بما فيه (واتقوا) مخالفته (لعلكم ترحمون) باتباعه (أن تقولوا) أي أنزلنا كراهة أن
ص: 278
(أَوْ تَقُولُوا) والمراد أرسل كلام اللّه كرها لكلامكم وهو (لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ) أرسل (عَلَيْنَا الْكِتابُ) كما أرسل للهود ورهط روح اللّه (لَكُنَّا أَهْدى) أسدّ سلوكا وأصلح طوعا وأسلم إسلاما (مِنْهُمْ) كلّهم ادّعاء لكمال العلم والحرس وسداد الدرك ولو صحّ كلامكم وسدّ وعدكم ودعواكم (فَقَدْ جاءَكُمْ) لإصلاحكم (بَيِّنَةٌ) عدل ساطع ودالّ حاسم محكم وهو كلام اللّه (مِنْ رَبِّكُمْ) مساعدا لكلامكم (وَهُدىً) مسلك صالح (وَرَحْمَةٌ) لمطاوعه (فَمَنْ) لا أحد (أَظْلَمُ) أحدل (مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللَّهِ) دوالّ أوامره وأحكامه لما علم سدادها (وَصَدَفَ) صدّ وعدل (عَنْها) حسدا ولدّا (سَنَجْزِي) الملأ (الَّذِينَ) هم (يَصْدِفُونَ) عدولا (عَنْ آياتِنا) السواطع مع درك مدلولها وسداد إرسالها (سُوءَ الْعَذابِ) أطلح الآصار وأعسر الآلام (بِما) للمصدر (كانُوا يَصْدِفُونَ) ( 157 ) لصدودهم عمّا أرسل لهم مع علمهم .
(هَلْ يَنْظُرُونَ) أهل أمّ الرحم أراد عدم رصدهم لما مرّوا لإرسال الرسول وما معه (إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ) حال ورودهم (الْمَلائِكَةُ) أملاك السام أو
----------
تقولوا (إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا) اليهود والنصارى (وإن) مخففة (كنا عن دراستهم) تلاوتهم (لغافلين) أي لا نعرف مثلها واللام فارقة .
(أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم) لذكائنا (فقد جاءكم بينة) حجة واضحة بلسانكم (من ربكم وهدى ورحمة) لمن اتبعها (فمن) أي لا أحد (أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف) صد أو أعرض (عنها سنجزي الذين يصدفون) بصدفهم .
(هل ينظرون) ما ينتظر كفار مكة (إلا أن تأتيهم الملائكة) لتوفيهم أو
ص: 279
الإصر لعطو الأرواح وإحساس الآصار حال السام (أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ) أمر اللّه وهو الإصر أو المعاد (أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ) اللّه (رَبُّكَ) أعلام المعاد كالطلوع محلّ الدلوك وما سواه (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ) اللّه (رَبُّكَ) صدد المعاد لإعلاء أحواله وأهواله (لا يَنْفَعُ نَفْساً) أحدا (إِيمانُها) وإسلامها أصلا كإسلام مرء حال ما أحمّ له السام وصار الأمر محسوسا له كما هو (لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ) أمام حلولها السام أو ورودها الإصر والإصر إدراك الإسلام والعمل الصالح أوّل الأمر وأمام ورود السام لا أمد الدهر وحال سطوع أهوال المعاد ، والإسلام ح مردود (أَوْ) ما (كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً) هودا وصراحا أو طوعا كاملا (قُلِ) لهم محمّد ( ص ) (انْتَظِرُوا) ارصدوا ورود أحد هؤلاء الأمور (إِنَّا) معكم (مُنْتَظِرُونَ) ( 158 ) راصدوا أحدها .
(إِنَّ) الملأ (الَّذِينَ) هم الأمم الأول (فَرَّقُوا دِينَهُمْ) صاروا أرهاطا كالهود ورهط روح اللّه ، أو اسلموا لآحاد الرسل وما أسلموا لآحادهم وما وطّدوا إسلامهم وطرحوه (وَكانُوا) صاروا (شِيَعاً) أرهاطا وكلّ رهط مطاوع لإمامه (لَسْتَ) محمّد ( ص ) (مِنْهُمْ) سؤالهم أو إصرهم (فِي شَيْءٍ) أمر
----------
بالعذاب وقرىء بالياء (أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك) أي أشراط الساعة كطلوع الشمس من مغربها وغيره (يوم يأتي بعض آيات ربك) عنهم (عليهم السلام) أنه العذاب في الدنيا (لا ينفع نفسا إيمانها) لزوال التكليف (لم تكن ءامنت من قبل) صفة نفسا (أو) لم تكن (كسبت في إيمانها خيرا) طاعة (قل انتظروا) إتيان أحد الثلاثة (إنا منتظرون) ذلك.
(إن الذين فرقوا دينهم) اختلفوا فيه فآمنوا ببعض وكفروا ببعض (وكانوا شيعا) فرقا كل فرقة تشيع إماما (لست منهم في شيء) أي من السؤال عن
ص: 280
لك عملك ولهم أعمالهم ، ورد هو ردع له عمّا ماصع معهم أرسل أوّل الإسلام وصار محوّلا لأمر العماس (إِنَّما) ما (أَمْرُهُمْ) إلّا لموكّل (إِلَى اللَّهِ) لو أراد أولمهم ولو أراد أعطاهم الهود (ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ) معادا (بِما) عمل (كانُوا) دواما (يَفْعَلُونَ) ( 159 ) مدد أعمارهم .
(مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ) كلّ أحد عمل أحد أعمال الصلاح (فَلَهُ) للعامل (عَشْرُ) صوالح (أَمْثالِها) كلّ أحد معادل له ، وهو أمصل ما وعد اللّه والموعود له لا إحصاء له أو المراد عدّ آلاء اللّه لا العدد (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ) كلّ عامل عمل أحد أعمال الطلاح (فَلا يُجْزى) العامل (إِلَّا مِثْلَها) الواحد للواحد كما هو العدل (وَهُمْ) أهل صوالح الأعمال وطوالحها (لا يُظْلَمُونَ) ( 160 ) وكسا للآلاء لو أطاعوا وعدّا للآصار لو عصوا .
(قُلْ) لهم محمّد ( ص ) (إِنَّنِي هَدانِي) اللّه (رَبِّي) ودلّ (إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) مسلك سواء لما أوحاه وأعلم الإدلاء وأراها (دِيناً) إعلاء عمّا هو محلّ الصراط ، أو معمول لعامل مطروح هو مدلول المسطور (قِيَماً) سادّا كامل سداد وهو مصدر لمدلول المدح أصله مع الواو أعلّ لإعلال عامله
----------
تفرقهم أو من عقابهم أو نهي عن قتالهم ونسخ بآية السيف (إنما أمرهم إلى الله) في مجازاتهم (ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون) بالمجازاة .
(من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) فضلا ورفع أمثالها صفة لعشر (ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها) أي جزاء عدلا منه تعالى (وهم لا يظلمون) بنقص ثواب وزيادة عقاب (قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا) بدل من محل صراط أي هداني صراطا (قيما) فيعل من قام كسيد من
ص: 281
(مِلَّةَ إِبْراهِيمَ) الرسول ، أصله الإملال وهو الإملاء وهو المرسوم المسموع (حَنِيفاً) عادلا عمّا أود وهو حال (وَما كانَ مِنَ) الملأ (الْمُشْرِكِينَ) ( 161 ) أهل العدول وهو الموحّد المرسل واللّه رهط الحمس .
(قُلْ) لهم (إِنَّ صَلاتِي) المأمور أداؤها (وَنُسُكِي) أعمال الحرم كلّها (وَمَحْيايَ) أعمال العمر كلّها (وَمَماتِي) الإسلام الواطد والعمل الصالح لمّا أدرك السام صرحا (لِلَّهِ) الواحد الأحد (رَبِّ الْعالَمِينَ) ( 162 ) مالكهم .
(لا شَرِيكَ ) ومساهم (لَهُ) لأمر ما (وَبِذلِكَ) الصرح أو الكلام (أُمِرْتُ) والكلّ أمر اللّه (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) ( 163 ) واسلام الرسل كلّهم صدر اسلام أممهم .
(قُلْ) لهم لسؤال مدلوله الردّ (أَ غَيْرَ اللَّهِ) عامله (أَبْغِي) أورده أوّلا عمّا هو عامله إعلاما لما هو أهمّ ، والمدلول أأروم سواه (رَبًّا) إلها لأطاوعه وهو محال (وَ) الحال (هُوَ) اللّه (رَبُّ) مالك (كُلِّ شَيْءٍ) لا سواه وما عداه مأسوره ، وهو حوار لهم عمّا دعوه صلعم لطوع مآلهم ودماهم (وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ) إصرا ولمما (إِلَّا عَلَيْها) سوءه
----------
ساد وقرىء بكسر القاف وفتح الياء مخففا كالقيام وصف به مبالغة (ملة إبراهيم) عطف بيان لدنيا (حنيفا) حال من إبراهيم (وما كان من المشركين قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي) عبادتي أو قرباني وحياتي وموتي أو ما آتيه في حياتي وأموت عليه من الإيمان (لله رب العالمين لا شريك له) لا أشرك فيها غيره (وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين) لأنه أول من أجاب في الذر أو من هذه الأمة .
(قل أغير الله أبغي ربا) أطلب غيره إلها (وهو رب كل شيء) فكل ما سواه مربوب لا يصلح للربوبية (ولا تكسب كل نفس إلا عليها) فلا تنفعني إن
ص: 282
(وَلا تَزِرُ) حملا (وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) لكلّ أحد حمل إصره وعمله لا إصر مرء سواه (ثُمَّ إِلى) اللّه (رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ) معادكم ومآلكم (فَيُنَبِّئُكُمْ) اللّه أمد الأمر (بِما) أمر (كُنْتُمْ) دار الأعمال (فِيهِ) سداده (تَخْتَلِفُونَ) ( 164 ) وهو الإسلام ومراسمه .
(وَهُوَ) اللّه (الَّذِي جَعَلَكُمْ) ولد آدم (خَلائِفَ الْأَرْضِ) ملوكها حكمهم اللّه للمصالح والحكم (وَرَفَعَ) اللّه (بَعْضَكُمْ) آحادكم (فَوْقَ بَعْضٍ) أحاد حكما وعدلا وكرما وعطاء (دَرَجاتٍ) مراهص ومصاعد كما هو الصلاح (لِيَبْلُوَكُمْ) أراد عمل الممحّص (فِي ما) علوّ ومآل (آتاكُمْ) أعطاكم لإعلاء حال مطاوع وعاص حامد وطارح حمد (إِنَّ رَبَّكَ) العدل يا محمّد (سَرِيعُ الْعِقابِ) لكلّ عصاه وما حمد آلاءه لو أراده (وَإِنَّهُ) اللّه (لَغَفُورٌ) محّاء لآصار أهل الإسلام وحمّاد الآلاء (رَحِيمٌ) ( 165 ) كامل الرحم لهم .
----------
أشركت به إشراككم (ولا تزر وازرة) لا تحمل نفس آثمة (وزر) نفس (أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون) بتميز الحق من الباطل .
(وهو الذي جعلكم خلائف الأرض) يخلف بعضكم بعضا أو خلفاء الأمم السالفة (ورفع بعضكم فوق بعض درجات) بالشرف والمال (ليبلوكم) ليختبركم (فيما ءاتاكم) من ذلك (إن ربك سريع العقاب) فاحذروه (وإنه لغفور) للمؤمنين (رحيم) بهم.
ص: 283
ص: 284
ص: 285
ص: 286
( سورة الأعراف )
موردها أمّ الرحم ومحصول أصول مدلولها مدح كلام اللّه المرسل لرسول اللّه صلعم ، وما سلّاه اللّه عمّا ولّعه أهل العدول ، وإعلام إحصاء الأعمال معادا وأسر آدم وحوّاء ، وسمود المارد الموسوس المطرود أمّا ركع لآدم ووسواسه لهما لأكل السمراء وما هدّد اللّه لولد آدم عمّا أطاعوا المارد وسمعوا وسواسه ، والردّ لأهل الولع والسمود وإحرام الآصار سرّا وحسّا وإصر الساعور لأهل العدول ، وإعلام معلم وسط أهل دارالسلام وأهل الساعور وأملهم العود لدار الأعمال ، وأحوال أطول الرسل عمرا ، وأحوال هود الرسول ، وهلاك رهط عاد ، وأحوال صالح وادمار رهطه ، وأحوال لوط الرسول وحوار رهطه ، وأحوال رسول الهود مع ملك مصر وسحّاره وموعده لإعطاء الطرس وعوده مع رهطه وحرده مع رسول هو ردؤه ، وأحوال محمّد رسول اللّه صلعم ، ورهط داود الرسول ولوم علماء أهل الطرس ، وإعلام عهد اللّه أوّلا مع أولاد آدم وهولهم لإحمام المعاد وإسرار العلوم وأحوال آدم مع حوّاء أوّل الأمر ، ولوم أهل العدول ودماهم وأمر الرسول صلعم لمكارم الإملاء مع أهل العالم والأمر لسماع كلام اللّه ، وإعلام هكوع الملك وطوعهم للّه .
ص: 287
ص: 288
(اتَّبِعُوا) طاوعوا واعملوا (ما) كلاما (أُنْزِلَ) أرسل (إِلَيْكُمْ) ولد آدم (مِنْ رَبِّكُمْ) لهداكم وهو كلام اللّه وكلام رسوله صلعم لمّا هو مرسل سرّا كما دلّ كلام اللّه (وَلا تَتَّبِعُوا) طلاحا (مِنْ دُونِهِ) اللّه أو ما أرسل (أَوْلِياءَ) هم دماكم وأهواءكم (قَلِيلًا) ادّكارا ماصلا أو عصرا ماصلا (ما) مؤكّدا للموصول (تَذَكَّرُونَ) ( 3 ) هو والادّكار واحد .
(وَكَمْ) محكوم (مِنْ قَرْيَةٍ) إعلام لمدلول المحكوم والمحمول (أَهْلَكْناها) حلول إهلاك أهلها (فَجاءَها) ورد أهلها (بَأْسُنا) الإصر والحدّ والدرك (بَياتاً) مصدر حلّ محلّ الحال ، والمراد ركّادا سمرا كرهط لوط وهم أهلكوا سحرا أو (أَوْ) الحال (هُمْ قائِلُونَ) ( 4 ) .
ركّاد حال وصول أكمل السعود وسط السماء كرهط رسول هو صهر رسول الهود وهو الركود ولو مع السهاد
(فَما كانَ) أصلا (دَعْواهُمْ) كلامهم ودعاؤهم (إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا) حال حلولهم الإصر وورودهم الدرك (إِلَّا أَنْ قالُوا) إلّا كلامهم (إِنَّا) طرّا (كُنَّا) دواما (ظالِمِينَ) ( 5 )
----------
(اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم) من القرآن والسنة (ولا تتبعوا من دونه) ولا تتخذوا غير الله (أولياء) تطيعونهم في معصيته تعالى (قليلا ما تذكرون) أي تذكرا قليلا تتذكرون .
(وكم من قرية) أي أهلها (أهلكناها) أردنا إهلاكها أو خذلناها (فجاءها بأسنا) عذابنا (بياتا) حال كونهم بائتين (أو هم قائلون) عطف عليه وحذفت واو الحال استثقالا والقيلولة استراحة نصف النهار وخص الوقتان مبالغة في غفلتهم ولأن مجيء العذاب فيهما أفظع .
(فما كان دعواهم) دعاؤهم (إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين) إلا إقرارهم بظلمهم .
ص: 289
أهل سوء ومعاص .
(فَلَنَسْئَلَنَّ) مآلا الأمم (الَّذِينَ أُرْسِلَ) الرسل (إِلَيْهِمْ) هؤلاء الأمم عمّا طاوعوا الرسل وعملوا أوامرهم (وَلَنَسْئَلَنَّ) الملأ (الْمُرْسَلِينَ) ( 6 ) الرسل عمّا أمروا الأمم وعمّا حووروا ، والسؤال للوم والردع لا لروم العلم لما أحاط علمه الكلّ .
(فَلَنَقُصَّنَّ) أحكو (عَلَيْهِمْ) الرسل والأمم (بِعِلْمٍ) أحاط أحوالهم وأسرارهم (وَما كُنَّا غائِبِينَ) ( 7 ) عمّا عملوا .
(وَالْوَزْنُ) للأعمال الصوالح والطوالح أو الحكم العادل وهو محكوم محموله (يَوْمَئِذٍ) المعاد الموعود لسؤال الرسل وأممهم (الْحَقُّ) العدل السواء (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ) أعماله الصوالح أو محالّها (فَأُولئِكَ هُمُ) الرهط (الْمُفْلِحُونَ) ( 8 ) أولو الوصول ودرك المرام ، وهم كمّل أهل الإسلام .
----------
(فلنسألن الذين أرسل إليهم) أي الأمم عن إجابتهم الرسل (ولنسألن المرسلين) عن تأدية ما حملوا من الرسالة (فلنقصن عليهم) على الرسل والمرسل إليهم أحوالهم (بعلم) عالمين بها أو بمعلومنا منها (وما كنا غائبين) عنها فتخفى علينا .
(والوزن) أي القضاء أو العدل أو وزن الأعمال بعد تجسيمها أو صحائفها بميزان له لسان وكفتان يراه الخلق إظهارا للعدل وقطعا للعذر (يومئذ) خبر الوزن أي يوم السؤال (الحق) العدل صفة الوزن (فمن ثقلت موازينه) حسناته أو ميزانها جمع موزون أو ميزان وجمع باعتبار تعدد الحسنات أو تعدد الميزان للعقائد والأعمال والأخلاق (فأولئك هم المفلحون) الفائزون بالثواب .
ص: 290
(وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ) لمّا لا صوالح له وهم رهط لا إسلام لهم ولا حاصل لعملهم ولا إصر لما أصدروا (فَأُولئِكَ) الملأ (الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) وأحلّوها الدرك (بِما كانُوا) دواما (بِآياتِنا) دوالّ السداد وأعلام الصلاح (يَظْلِمُونَ) ( 9 ) لما مروها وصدّوا عمّا أمروا وما طاوعوا .
(وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ) أولاد آدم والمراد ركودهم وحلولهم (فِي) سطح (الْأَرْضِ) أو حكمهم وملكهم (وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ) مطاعم ومعالس (قَلِيلًا) حمدا ماصلا أو عصرا ما صلا (ما) مؤكّد (تَشْكُرُونَ) ( 10 ) للآلاء .
(وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ) والدكم آدم وأصله صلصال حماء لا مصوّرا (ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ) وصار مصوّرا مكملا أكرم الصور (ثُمَّ قُلْنا) لإكرامه وإعلاء حاله (لِلْمَلائِكَةِ) كلّهم (اسْجُدُوا لِآدَمَ) طوعا وأمرا (فَسَجَدُوا) طرّا وأطاعوا أمر اللّه وسمعوا حكمه (إِلَّا إِبْلِيسَ) وهو صدّ وسمد وما أطاع أمره (لَمْ يَكُنْ) المارد المطرود (مِنَ) الملأ (السَّاجِدِينَ) ( 11 ) لآدم .
(قالَ) اللّه له (ما مَنَعَكَ) وردعك (أَلَّا) لا مؤكّد لا مدلول له ، أو
----------
(ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم) بتعريضها للعقاب (بما كانوا بآياتنا يظلمون) يكذبون .
(ولقد مكناكم في الأرض) في التصرف فيها (وجعلنا لكم فيها معايش) أسبأبا تعيشون بها جمع معيشة (قليلا ما تشكرون) على ذلك (ولقد خلقناكم) أنشأناكم أو أباكم آدم غير مصور (ثم صورناكم) أفضنا على مواد خلقكم هذه الصورة (ثم قلنا) بعد خلق آدم وتصويره (للملائكة اسجدوا لآدم) تكرمة له (فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين قال ما منعك ألا
ص: 291
المراد ما أكرهك لطرح الأمر ولعدم الطوع وح ل « لا » مدلول (تَسْجُدَ) لآدم (إِذْ) لمّا (أَمَرْتُكَ) أمرا ساطعا (قالَ) حوار للّه مصرّحا لمّا هو رادع له عمّا أطاع الأمر أو لمّا أكرهه لطرح الأمر (أَنَا خَيْرٌ) أكرم وأطهر (مِنْهُ) آدم لما أطاوعه (خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ) ومحلّها أصعد وحالها أحمد (وَخَلَقْتَهُ) آدم (مِنْ طِينٍ) ( 12 ) أسود وأركس وهمه معلّلا لكماله وطهره وما الأمر كما وهم المارد .
(قالَ) اللّه له مهدّدا (فَاهْبِطْ) حلّ وأحدر (مِنْها) السماء أو دارالسلام لما هو مركد أهل الطوع لا محلّ أهل السمود (فَما يَكُونُ) سحاحا (لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ) السمود والعلوّ (فِيها) دارالسلام وما صلح عدم طوعك والأملاك كلّهم طوع صلحاء (فَاخْرُجْ) مسرعا مطرودا (إِنَّكَ مِنَ) الملأ (الصَّاغِرِينَ) ( 13 ) الدحّار اللّواء دحرهم اللّه لسمودهم وعدم طوعهم أمره .
(قالَ) سؤالا (أَنْظِرْنِي) أمهل إمهالا ممدودا (إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) ( 14 ) الكلّ وهو عصر علم اللّه أمد مدده لا سواه .
(قالَ) اللّه (إِنَّكَ مِنَ) الرهط (الْمُنْظَرِينَ) ( 15 ) كما هو مسئولك .
----------
تسجد) لا زائدة أو أريد ما حملك على أن لا تسجد إذ الممنوع من شيء محمول على خلافه (إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) قاس ما بين النار والطين ولو قاس نورية آدم بنورية النار عرف فضل ما بين النورين (قال فاهبط منها) من الجنة أو السماء أو من المنزلة الرفيعة هبوطا معنويا (فما يكون لك أن تتكبر فيها) إذ لا يسكنها متكبر (فاخرج إنك من الصاغرين) الأذلاء فالتواضع رفعة والتكبر ضعة .
(قال أنظرني إلى يوم يبعثون) أمهلني إلى النفخة الثانية (قال إنك من المنظرين) وبين غاية الإنظار في الآية الأخرى بقوله (إلى يوم الوقت المعلوم) .
ص: 292
(قالَ) المارد المطرود (فَبِما) « ما » للمصدر (أَغْوَيْتَنِي) لعدم طوع أمرك أعهد (لَأَقْعُدَنَّ) لأرصد (لَهُمْ) لأولاد آدم (صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) ( 16 ) المسلك الموصل وهو الإسلام راصدا للردّ عامدا للصدّ كما هو حال العدوّ وحصّام الصراط .
(ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ) وأوهمهم وأسوّل لهم (مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) أمامهم وهو المعاد (وَمِنْ خَلْفِهِمْ) أحرّصهم وأودّدهم دار الآمال والأهواء (وَعَنْ أَيْمانِهِمْ) صوالح أعمالهم (وَعَنْ شَمائِلِهِمْ) طوالح أعمالهم (وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ) ولد آدم (شاكِرِينَ) ( 17 ) أهل اسلام حمّادا للآلاء طوّاعا للأوامر أورده وهما وصار الأمر كما وهم ، وورد سمعه ممّا كلّم الأملاك وهم علموا لإعلام اللّه لهم .
(قالَ) اللّه له مكرّرا (اخْرُجْ) احطط (مِنْها) دارالسلام أو السماء (مَذْؤُماً) موصوما ملوما (مَدْحُوراً) مطرودا (لَمَنْ) اللّام ممهّد للعهد ،
----------
(قال فبما أغويتني) دل على أنه أشعري أو جبري حيث إنه نسب الإغواء إليه تعالى (لأقعدن لهم) لبني آدم (صراطك المستقيم) طريق الحق .
(ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم) أي من جهاتهم الأربع فأضلهم عن سلوكهم ولم يقل من فوقهم لنزول الرحمة منه ولا من تحتهم لإيحاش الإتيان منه وقيل من بين أيديهم من قبل الآخرة ومن خلفهم من قبل الدنيا والآخران من جهة حسناتهم وسيئاتهم ومجيء من في الأولين لتوجهه منها إليهم ومن في الآخرين لانحراف الآتي منها إليهم (ولا تجد أكثرهم شاكرين) مؤمنين .
(قال اخرج منها مذءوما) مذموما (مدحورا) مطرودا (لمن
ص: 293
ورووه مكسور اللام لما هو محمول لأملأ : أو معلّل للأمر ولأملأ حوار عهد مطروح (تَبِعَكَ) أطاعك (مِنْهُمْ) أولاد آدم (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ) معادا وهو حوار عهد سادّ مسدّ حوار الموصول (مِنْكُمْ) أراد المارد وطوّعه عموما (أَجْمَعِينَ) ( 18 ) كلّلكم .
(وَ) كلّم اللّه وأمر (يا آدَمُ اسْكُنْ) أركد وأرمك (أَنْتَ) مؤكّد (وَزَوْجُكَ) حوّاء ممدودا (الْجَنَّةَ) دارالسلام وأدركاها مركدا ومحلّا لكما (فَكُلا) الأحمال والآلاء (مِنْ حَيْثُ شِئْتُما) ممّا هو مرادكما (وَلا تَقْرَبا) طمعا للأكل (هذِهِ الشَّجَرَةَ) الكرم أو السمراء وإلّا (فَتَكُونا) لعدم طوعكما الردع (مِنْ) الملأ (الظَّالِمِينَ) ( 19 ) لأهرمكما .
(فَوَسْوَسَ) وأوهم (لَهُمَا) آدم وحوّاء (الشَّيْطانُ) الموسوس (لِيُبْدِيَ لَهُما) الموسوس وسواسا ولامه لام الأمد (ما وُرِيَ) دمس (عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما) أسرارها العوراء (وَقالَ) الموسوس لهما (ما نَهاكُما) اللّه (رَبُّكُما عَنْ) أكل حمل (هذِهِ الشَّجَرَةِ) المحدود إحمامها (إِلَّا) كره (أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ) علوّا وحالا ورووه مكسور اللام (أَوْ تَكُونا مِنَ) الملاء
----------
تبعك منهم) لام الابتداء موطئة للام القسم في (لأملأن جهنم منكم أجمعين) منك ومن ذريتك ومنهم غلب الحاضر .
(ويا ءادم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة) بالأكل (فتكونا من الظالمين) فسر في البقرة (فوسوس لهما الشيطان) أوهمهما النصيحة لهما (ليبدي لهما) اللام للعاقبة أو للغرض أي ليظهر لهما (ما ووري) ستر (عنهما من سوءاتهما) عوراتهما وكانا لا يريانها من أنفسهما ولا أحدهما من الآخر (وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا) كراهة (أن تكونا ملكين أو تكونا من
ص: 294
(الْخالِدِينَ) ( 20 ) دارالسلام وما لهم الهلاك أصلا .
(وَقاسَمَهُما) عاهدهما المارد وحده أورده لما هما سلّما عهده صارا كما عهدا معه (إِنِّي لَكُما) لإصلاحكما (لَمِنَ) الملأ (النَّاصِحِينَ) ( 21 ) مصلح لأحوالكما وهاد لكما سواء الصراط .
(فَدَلَّاهُما) حطّهما وأرسلهما لأكلها الحال (بِغُرُورٍ) محل ومكر وسواس وعهد لما هما وهما ما عهد أحد ولعا (فَلَمَّا ذاقَا) أكلا (الشَّجَرَةَ) وأدركا طعمها (بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما) لاح لهما أسرارهما لما طاح كساهما وحللهما لأكلهما (وَطَفِقا) راما (يَخْصِفانِ) مع كمال العسر والسدم (عَلَيْهِما) أسرارهما (مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) وصار كلّ واحد كالسروال (وَناداهُما) دعاهما مهدّدا (رَبُّهُما) مصلح أمورهما (أَ لَمْ أَنْهَكُما) ألم أردعكما (عَنْ) أكل حمل (تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ) المردوع إحمامها (وَأَقُلْ لَكُما) مهوّلا (إِنَّ الشَّيْطانَ) المارد الموسوس (لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ) ( 22 ) ساطع العداء .
----------
الخالدين) في الجنة (وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين) أي أقسم لهما بالله على ذلك أخذ من فاعل مبالغة وقيل أقسما له بالقبول .
(فدلاهما) أي جعلهما عن درجتهما العالية إلى رتبة سافلة (بغرور) بأن غرهما بقسمه لظنهما أن أحدا لا يقسم بالله كذبا (فلما ذاقا الشجرة) أي ابتدءا بالأكل منها (بدت لهما سوءاتهما) أي ظهر لكل منهما قبله وقبل الآخر (وطفقا يخصفان) أي أخذا يرقعان ورقة على ورقة (عليهما من ورق الجنة) وهو ورق التين ليستترا به (وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلك الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين) عتاب على مخالفة النهي وإن كان نهي تنزيه .
ص: 295
(قالا) سدما وعودا (رَبَّنا) اللهم (ظَلَمْنا أَنْفُسَنا) لإصدار أسوأ معاص وهو عدم طوع أمر اللّه (وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا) كرما وسماحا (وَتَرْحَمْنا) طولا وعطاء (لَنَكُونَنَّ مِنَ) الرهط (الْخاسِرِينَ) ( 23 ) عملا وطوعا .
(قالَ) اللّه (اهْبِطُوا) والمراد « آدم » و « حوّاء » أورده لإلماء الأولاد أو الأمر لهما وللطاؤس والطوط والموسوس المارد (بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) أورد محلّ الحال وعداؤهم ساطع (وَلَكُمْ فِي) سطح (الْأَرْضِ) الحاسر (مُسْتَقَرٌّ) حلول وركود أو محلّ ومركد (وَمَتاعٌ) ومصالح (إِلى حِينٍ) ( 24 ) كمال أعماركم .
(قالَ) اللّه (فِيها تَحْيَوْنَ) مددا أرادها اللّه (وَفِيها تَمُوتُونَ) كلّكم أعصارا حدّها اللّه (وَمِنْها تُخْرَجُونَ) ( 25 ) معادا ولإحصاء الأعمال وإعطاء أوسها .
ولمّا حطّا وصار « آدم » حدّدا وأكر وحصد وداس وصار معمّرا وأدركه السام وماصه الملك وأكروا له مرمسا ولحدوه ورمسوه وهو المعهود لأولاده وراءه (يا بَنِي آدَمَ) أولاده عموما (قَدْ أَنْزَلْنا) أراد الأسر (عَلَيْكُمْ) كرما
----------
(قالا ربنا ظلمنا أنفسنا) بترك الأولى (وإن لم تغفر لنا) تستر علينا (وترحمنا لنكونن من الخاسرين) بتضييع حظنا .
(قال اهبطوا) خطاب لهما ولذريتهما أو لهما ولإبليس (بعضكم لبعض عدو) أي متعادين (ولكم في الأرض مستقر) مصدر أو اسم مكان (ومتاع إلى حين) إلى انقضاء آجالكم (قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون) بالبعث وقرىء بالبناء للفاعل .
(يا بني ءادم قد أنزلنا عليكم لباسا) خلقناه لكم بأسبأب سماوية ومثله
ص: 296
ورحما (لِباساً) مكسوّا لكم (يُوارِي) دامسا (سَوْآتِكُمْ) محلّ السوء (وَرِيشاً) مالا أو مهاها وكمالا (وَلِباسُ التَّقْوى) الورع وهو العمل الصالح أو الهدء الملاح أو الإسلام أو روع اللّه وهوله أو كساء العماس كالدرع وهو محكوم محموله (ذلِكَ) المسكوّ وهو مكسوّ الورع (خَيْرٌ) كامل (ذلِكَ) مكسوّ أو إرساله (مِنْ) عداد (آياتِ) كمال (اللَّهِ) ورحمه وإلّه وألوّه (لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) ( 26 ) طمع ادّكارهم وورعهم .
(يا بَنِي آدَمَ) أولاده (لا يَفْتِنَنَّكُمُ) هو الطرح وسط الكاداء (الشَّيْطانُ) المطرود والردع حسّا للمارد وسرّا لأولاد « آدم » والمراد دعوا طوعه وإلّا هو مورّطكم (كَما) ورّط و (أَخْرَجَ) وأطرد (أَبَوَيْكُمْ) « آدم » و « حوّاء » (مِنَ الْجَنَّةِ) دارالسلام (يَنْزِعُ) المطرود هو حال مرّ حكاها اللّه لما هو أمام الإصدار والمراد عمله ومكره للسلّ (عَنْهُما) معا (لِباسَهُما) مكسوّهما (لِيُرِيَهُما) المطرود (سَوْآتِهِما) محالّ السوء والكره (إِنَّهُ) الأمر (يَراكُمْ) المارد المطرود دواما (هُوَ) مؤكّد (وَقَبِيلُهُ) أولاده وعسكره (مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ) أعطالهم كما أسرهم اللّه أو لعدم صورهم إلّا حال
----------
وأنزلنا الحديد (يواري) يستر (سوءاتكم وريشا) جمالا أي ما يتجملون به أو مالا يقال تريش أي تمول (ولباس التقوى) خشية الله أو الإيمان أو العمل الصالح أو لباس الحرب (ذلك خير) لهم (ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون) فيؤمنون ويشكرون .
(يا بني ءادم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة) بفتنته (ينزع) حال من الفاعل أو المفعول (عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما إنه يراكم هو وقبيله) جنوده (من حيث لا ترونهم) للطافة أجسامهم أو شفافيتها وهذا لا
ص: 297
سطوعهم مع الصور وهو معلّل للردع ومؤكّد للهول ممّا ورّطهم أهل الوساوس (إِنَّا جَعَلْنَا) لحكم وأسرار (الشَّياطِينَ) صرعهم (أَوْلِياءَ) أودّاء وأرداء (لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) ( 27 ) للّه ورسله .
(وَإِذا) كلّما (فَعَلُوا) أهل الصدود (فاحِشَةً) كعدلهم مع اللّه إلها سواه ودورهم حول الحمساء عراء والمراد وادعوا عمّا عملوا .
(قالُوا وَجَدْنا) عوّادا (عَلَيْها) عملها (آباءَنا) الرؤساء الحكماء العلماء والأصح وئامهم ووطاؤهم (وَ) مع ما مرّ (اللَّهُ) العلّام (أَمَرَنا بِها) لهؤلاء الأعمال (قُلْ) رسول اللّه ردّا لهم ولولعهم (إِنَّ اللَّهَ) العدل (لا يَأْمُرُ) أصلا (بِالْفَحْشاءِ) السوءاء عملا وكلاما وهو أمر مكارم الأعمال ومحامدها (أَ تَقُولُونَ) ولعا وهورا (عَلَى اللَّهِ ما) أعمالا (لا تَعْلَمُونَ) ( 28 ) سدادها وهو ردع أوكد .
(قُلْ) لهم (أَمَرَ) وحكم (رَبِّي) الملك العادل (بِالْقِسْطِ) العدل وهو وسط كلّ أمر ورأس كلّ سداد (وَ) أمرهم (أَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ) للّه وصلّوا (عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) محل طاهر وهو مصلّاكم أو كلّ عصر معلوم
----------
يمنع تمثلهم لنا أحيانا (إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون) أي مكناهم من خذلانهم باختيارهم ترك الإيمان أو حكمنا بذلك لتناصرهم على الباطل .
(وإذا فعلوا فاحشة) ما يتناهى قبحا كالشرك أو طوافهم عراة فنهوا عنهما (قالوا) معتذرين (وجدنا عليها ءاباءنا) فقلدناهم (والله أمرنا بها) ولو كره الله ما نحن عليه لنقلنا عنه فهم مجبرة (قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون) إنكار لافترائهم على الله .
(قل أمر ربي بالقسط) بالعدل في كل الأمور (وأقيموا وجوهكم) نحو القبلة أو استقيموا متوجهين إلى عبادته (عند كل مسجد) وقت سجود أو مكانه
ص: 298
(وَادْعُوهُ) وحّدوا اللّه وطاوعوه (مُخْلِصِينَ) محاصا (لَهُ) للّه (الدِّينَ) الطوع والإسلام لمّا هو معادكم ومآلكم (كَما بَدَأَكُمْ) اللّه وأسركم وصوّركم أوّل الأمر وما معكم أمر (تَعُودُونَ) ( 29 ) أمد الأمر لإحصاء الأعمال .
(فَرِيقاً) رهطا (هَدى) هداهم اللّه وأوصلهم السداد وهم أهل الإسلام (وَفَرِيقاً) ردّهم اللّه وطردهم (حَقَّ) لسم وحلّ (عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ) الطلاح والسوء ، وهم أعداء الإسلام لما (إِنَّهُمُ) أهل السوء (اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ) أهل الوساوس (أَوْلِياءَ) أودّاء وأرداء (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (وَيَحْسَبُونَ) وهما وادّعاء (إِنَّهُمُ) حال طوعهم أهل الوساوس (مُهْتَدُونَ) ( 30 ) سواء الصراط
(يا بَنِي) أولاد (آدَمَ خُذُوا) واكسو (زِينَتَكُمْ) كساءكم الملاح (عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) وصلّوا أو دوروا (وَكُلُوا) ما راعكم وأحلّ لكم كاللحم والدسم ، وهو أمر وارد لإعلام الحلّ موردها ما ورد طرح أولاد عامر حال
----------
أي في كل صلاة أو في أي مسجد أدركتم صلاته ولا تؤخروها لمسجدكم (وادعوه) اعبدوه (مخلصين له الدين) العبادة فإنكم ملاقوه (كما بدأكم) خلقكم ابتداء (تعودون) أي يعيدكم أحياء للجزاء أو كما بدأكم من التراب تعودون إليه .
(فريقا هدى) لطف بهم فآمنوا (وفريقا) نصب بخذل الدال عليه الكلام (حق) وجب (عليهم الضلالة) الخذلان (إنهم اتخذوا الشياطين أولياء) يطيعونهم (من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون يا بني آدم خذوا زينتكم) لباسكم لستر عورتكم وللتجمل (عند كل مسجد) لصلاة أو طواف ويفيد
ص: 299
الإحرام وأداء مراسم الحرم أكل الطعام إلّا ماصلا وأكل الدسم إكراما لموسم الحرم ، وهمّ أهل الإسلام طرح ما أحلّه اللّه لهم كما طرحه أولاد عامر (وَاشْرَبُوا) الماء والدر وكلّ ما صلح للعلس (وَلا تُسْرِفُوا) حدّ العداء عمّا هو العدل وهو إحرام الحلال أو أكل الحرام (إِنَّهُ) اللّه ( لا يُحِبُّ) عمل الرهط (الْمُسْرِفِينَ) ( 31 ) أهل العداء والعدول .
(قُلْ) لهم رسول اللّه (مَنْ) للسؤال (حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ) كساهم حلّوها وما سواها (الَّتِي أَخْرَجَ) وأعدّ (لِعِبادِهِ) والمراد أصلها وهو الطوط والدود وهما أصلا الكساء (وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ) طواهر المأكل والمعالس (قُلْ) لهم (هِيَ) الكساء والمأكل والمعالس (لِلَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) لا صراحا لحصولها لأهل العدول حالا (خالِصَةً) صراحا وهو حال (يَوْمَ الْقِيامَةِ) الموعود وروده لا مساهم لهم أحد (كَذلِكَ) كما مرّ (نُفَصِّلُ الْآياتِ) أعلّم الحلال والحرام (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) ( 32 ) لهم علم ودرك .
----------
وجوب ستر العورة فيهما، وروي أجود ثيابكم في كل صلاة وروي التمشط عند كل صلاة، وروي الغسل عند لقاء الإمام (وكلوا واشربوا) ما طاب وأحل لكم (ولا تسرفوا) لا تتعدوا بتحريم حلال وبالعكس في المأكل والمشرب والملبس أو بالشره في الطعام جمع الله الطب في نصف آية كلوا واشربوا ولا تسرفوا (إنه لا يحب المسرفين قل من حرم زينة الله) من الثياب وسائر ما يتجمل به (التي أخرج) من الأرض (لعباده والطيبات من الرزق) المستلذات من المآكل والمشارب (قل هي للذين ءامنوا في الحيوة الدنيا) بالاستحقاق وإن شاركهم الكفرة فيها (خالصة لهم يوم القيامة) مختصة بهم (كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون) نبين الأحكام كذلك البيان .
ص: 300
(قُلْ) لهم (إِنَّما) ما (حَرَّمَ) اللّه (رَبِّيَ الْفَواحِشَ) أطالح الآصار كالعهر إلّا (ما ظَهَرَ مِنْها) وعلا حالها وعلمها أحد (وَما بَطَنَ) ما عمل سرّا (وَالْإِثْمَ) علس الراح وهو عام للآصار كلّها (وَالْبَغْيَ) الحدل والسمود والمرود والعداء (بِغَيْرِ الْحَقِّ) مع عدم داع مصحّح وهو مؤكّد له (وَ) حرّم (أَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ) الواحد الأحد (ما) مألوها (لَمْ يُنَزِّلْ) ما أرسل (بِهِ سُلْطاناً) دالّا (وَ) حرّم (أَنْ تَقُولُوا) ولعا وهورا (عَلَى اللَّهِ ما) كلاما (لا تَعْلَمُونَ) ( 33 ) ككلامكم اللّه أمر وحرّم .
(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ) عصر معلوم معهود لورود الإصر المهلك لهم لو أصرّوا عدولا وصدودا وهو موعد لأهل أمّ الرحم لورود الإصر كما ورد للأمم الأوّل (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ) ووردهم العصر المعهود لا (يَسْتَأْخِرُونَ) عمّا عهد (ساعَةً) أراد عدم الإهمال ولو ماصلا لمّا كمل أعصارهم ، أو المراد ما لهم روم الإمهال لكمال الهول (وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) ( 34 ) أصلا وما الردّ والعدول له .
(يا بَنِي آدَمَ) عموما (إِمَّا) « ما » مؤكّد لمدلولها ( يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ )
----------
(قل إنما حرم ربي الفواحش) الكبائر أو الزنا (ما ظهر منها وما بطن) جهرها وسرها (والإثم) الذنب أو الخمر (والبغي) الظلم والكبر (بغير الحق) تأكيد للبغي (وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به) بإشراكه (سلطانا) حجة (وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) بالافتراء عليه ومنه الفتوى بغير علم .
(ولكل أمة أجل) مدة أو وقت لاستئصالهم (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) لا يتأخرون ولا يتقدمون أو لا يطلبون التقدم والتأخر لدهشتهم (يا بني ءادم إما) إن الشرطية أدغمت في ما الزائدة (يأتينكم رسل
ص: 301
أرسلهم اللّه (مِنْكُمْ) صرعكم ورهطكم (يَقُصُّونَ) إعلاما ودرسا (عَلَيْكُمْ) لإصلاحكم (آياتِي) الطروس والكلم (فَمَنِ) كلّ أحد (اتَّقى) العدول والطوالح (وَأَصْلَحَ) أعماله (فَلا خَوْفٌ) هول (عَلَيْهِمْ) أهل الورع والصلاح أصلا (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) ( 35 ) سرمدا .
(وَ) الملأ (الَّذِينَ كَذَّبُوا) وعدوا ولعا (بِآياتِنا) دوالّ الأوامر والروادع (وَاسْتَكْبَرُوا) سمدوا (عَنْها) دوالّ الإسلام (أُولئِكَ) الرّواد العدّال (أَصْحابُ النَّارِ) أهلها (هُمْ) لا سواهم (فِيها خالِدُونَ) ( 36 ) دواما .
(فَمَنْ) لا أحد (أَظْلَمُ) أسوأ (مِمَّنِ) أحد (افْتَرى) هار (عَلَى اللَّهِ كَذِباً) ولعا وعد له مساهما (أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ) دوالّ الإسلام وأعلام الصلاح ، والمراد عوّروا الرسل وردّوا كلام اللّه (أُولئِكَ) الرهط الطّلاح (يَنالُهُمْ) وصلا (نَصِيبُهُمْ) سهمهم (مِنَ الْكِتابِ) ممّا سطر لهم أعمارا وماكل وورد هو اللوح (حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ) وردهم (رُسُلُنا) ملك السام وأرداؤه (يَتَوَفَّوْنَهُمْ) وهو عطو أرواحهم وهو حال (قالُوا) الأملاك (أَيْنَ ما) « ما » موصول والمراد الإله اللواء (كُنْتُمْ) مددا (تَدْعُونَ) طوعا وسدادا
----------
منكم يقصون عليكم ءاياتي فمن اتقى) التكذيب (وأصلح) عمله (فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) في الآخرة (والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها) تكبروا عن قبولها (أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) (فمن) أي لا أحد (أظلم ممن افترى على الله كذبا) بنسبة ما لم يقله إليه (أو كذب بآياته) بالقرآن (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب) مما كتب لهم من الرزق والأجل (حتى إذا جاءتهم رسلنا) الملائكة (يتوفونهم قالوا أين ما كنتم تدعون) تعبدون
ص: 302
(مِنْ دُونِ اللَّهِ) الواحد الأحد (قالُوا) هؤلاء الطّلاح (ضَلُّوا) راحوا وطاحوا (عَنَّا) وما وصل مددهم (وَشَهِدُوا) سدما وسددا (عَلى أَنْفُسِهِمْ) لسطوع الأمر (أَنَّهُمْ) الطّلاح (كانُوا) كلّهم (كافِرِينَ) ( 37 ) ردّاد السداد والمعاد .
(قالَ) اللّه لهم حال المعاد أو ملك مأمور أمرهم (ادْخُلُوا) ردوا (فِي) عداد (أُمَمٍ) أرهاط رسل وهو حال (قَدْ خَلَتْ) مرّ أعصارهم (مِنْ قَبْلِكُمْ) ولهم حال كحالكم (مِنْ) طلّاح رهط (الْجِنِّ وَ) طلّاح رهط (الْإِنْسِ) معا (فِي) مساعر (النَّارِ) وإدراكها (كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ) الساعور (لَعَنَتْ أُخْتَها) عملا كالهود للهود (حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا) واصلوا (فِيها) الساعور (جَمِيعاً) معا وهو حال (قالَتْ أُخْراهُمْ) ورودا أو حالا وهم طوّعهم (لِأُولاهُمْ) ورودا أو أمرا وهم الرؤساء وكلامهم مع اللّه لروم إصر الرؤساء لا معهم (رَبَّنا) اللهم (هؤُلاءِ) الرهط (أَضَلُّونا) لسوء سلوكهم (فَآتِهِمْ) أوصلهم (عَذاباً ضِعْفاً) إصرا مكرّرا (مِنَ النَّارِ) وأسعارها لما هم طلحوا وأطلحوا وأطلحوا (قالَ) اللّه لهم (لِكُلٍّ) للرؤساء والطوّاع (ضِعْفٌ) إصر
----------
(من دون الله) من الآلهة (قالوا ضلوا) غابوا (عنا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين) اعترفوا عند الموت بكفرهم (قال ادخلوا في أمم قد خلت) مضت على الكفر (من قبلكم من الجن والإنس في النار كلما دخلت أمة) في النار (لعنت أختها) التي خلت باتباعها (حتى إذا اداركوا) تداركوا وتلاحقوا (فيها جميعا قالت أخراهم) دخولا وهم الأتباع (لأولاهم) لأجلهم وهم القادة (ربنا هؤلاء أضلونا فأتهم عذابا ضعفا) مضاعفا (من النار) إذ ضلوا وأضلوا (قال لكل) من الفريقين (ضعف) عذاب
ص: 303
مكرّر للرؤساء لعدولهم وإطلاحهم ، وللطوّاع لطلاحهم وطوع ولّادهم عدولا (وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ) ( 38 ) ما لكم أو ما لكلّ رهط إصرا .
(وَقالَتْ أُولاهُمْ) الرؤساء (لِأُخْراهُمْ) الطوع لمّا سوّوا آصارا (فَما كانَ) ما صحّ (لَكُمْ) رهط الطوع (عَلَيْنا) أصلا (مِنْ فَضْلٍ) لما طلحا سواء وسلكا كلاهما سوء الصراط (فَذُوقُوا) أدركوا (الْعَذابَ) المولم (بِما) عمل (كُنْتُمْ) أوّلا (تَكْسِبُونَ) ( 39 ) طلاحا وهو الصدود عمّا أمر وهو كلام الرؤساء للطوع أو كلامهما أو كلام اللّه لهما .
(إِنَّ) الملأ (الَّذِينَ كَذَّبُوا) طلاحا (بِآياتِنا) وما طاوعوها وعدوّا ممّا ولع (وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها) إسلامها وما سمعوها وسمدوا سمودا (لا تُفَتَّحُ) ورووه معلوما (لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ) مواردها ولا صعود لأرواحهم أو لا إعلاء لاعمالهم ولما هو دعاؤهم كما صعد أرواح أهل الإسلام وأعمالهم ودعاؤهم موارد السماء ومسالكها (وَلا يَدْخُلُونَ) هؤلاء الولّاع (الْجَنَّةَ) لما لا صعود لهم (حَتَّى يَلِجَ) هو الورود (الْجَمَلُ) مع طوله ، ورووه كالكمل (فِي سَمِّ الْخِياطِ) وهو أمر محال ، ورووه سمّ مكسور الأوّل وسمّ
----------
مضاعف لاجتماع الكل على الكفر (ولكن لا تعلمون) ما لكل فريق وقرىء بالياء (وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل) بل تساوينا في استحقاق الضعف (فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون) من قولهم أو قول الله .
(إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها) فلم يؤمنوا بها (لا تفتح لهم أبواب السماء) لرفع أعمالهم أو لأرواحهم (ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط) يدخل البعير في ثقب الإبرة وهو مما لا يكون فكذا دخولهم
ص: 304
(وَكَذلِكَ) كما مرّ (نَجْزِي) الرهط (الْمُجْرِمِينَ) ( 40 ) أهل العدول والآصار كلّهم .
(لَهُمْ) هؤلاء الطّلاح (مِنْ) ساعور (جَهَنَّمَ مِهادٌ) وطاء ممهّد (وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ) كساء (وَكَذلِكَ) كعدل هؤلاء (نَجْزِي) الرهط (الظَّالِمِينَ) ( 41 ) أهل الحدل والعدول .
(وَ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) صوالح الأعمال (لا نُكَلِّفُ) لا أمر ولا حكم (نَفْساً) أحدا (إِلَّا وُسْعَها) ما وسعه وسعه وسهل حصوله وما عسر (أُولئِكَ) الرهط الصلحاء محكوم محموله (أَصْحابُ الْجَنَّةِ) أهل دارالسلام ، وأولاء مع محموله محمول الموصول وما وسطهما كلام لا محلّ له (هُمْ فِيها) دارالسلام (خالِدُونَ) ( 42 ) لهم الدوام مع كمال الروح والسرور .
(وَنَزَعْنا) كرما (ما فِي صُدُورِهِمْ) أرواحهم وأسرارهم مطهّرا لها (مِنْ) مواد (غِلٍّ) حسد ومراء حصل لهم أوّلا (تَجْرِي) وهو حال (مِنْ تَحْتِهِمُ) دورهم (الْأَنْهارُ) مسل الماء لسرورهم وروحهم (وَ )هم (قالُوا) حال دورهم ومحالهم (الْحَمْدُ لِلَّهِ) كلّ المدح له (الَّذِي هَدانا )
----------
(وكذلك) الجزاء (نجزي المجرمين لهم من جهنم مهاد) فراش (ومن فوقهم غواش) أغطية منها وتنوينه عوض عن الياء المحذوفة وقيل للصرف (وكذلك نجزي الظالمين والذين ءامنوا وعملوا الصالحات) وعد بعد الوعيد (لا نكلف نفسا إلا وسعها) ما دون طاقتهما من العمل (أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون ونزعنا ما في صدورهم من غل) أخرجنا من قلوبهم الغش والحقد حتى لا يكون بينهم إلا التوادد وعبر بالماضي لتحققه (تجري من تحتهم) تحت أبنيتهم (الأنهار وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا) المنزل أو لما هذا ثوابه
ص: 305
رحما (لِهذا) المسلك السواء وهو الإسلام (وَما كُنَّا) طولا ودركا ورووه لا مع الواو (لِنَهْتَدِيَ) سواء الصراط واللّام مؤكّد لما (لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللَّهُ) لولا هداه حاصل ، وحوار لولا مطروح وهو مدلول كلام أمامه (لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ) اللّه (رَبِّنا بِالْحَقِّ) والسداد والصلاح والإصلاح وهو كلام أهل دارالسلام إعلاء للسرّ والسرور (وَنُودُوا) واعلموا (أَنْ) مطروح الاسم محموله (تِلْكُمُ الْجَنَّةُ) الموعود ورودها والإعلام لهم حال ورودهم لها ، أو لمّا رأوها أمام ورودها (أُورِثْتُمُوها) عدّها سهما كسهام مال الهالك لما أعطاها لهم كرما محصا لا لعمل وهو حال (بِما) عمل (كُنْتُمْ) أهل الإسلام (تَعْمَلُونَ) ( 43 ) أوّلا .
(وَنادى) دعا وكلّم (أَصْحابُ الْجَنَّةِ) أهل دارالسلام (أَصْحابَ النَّارِ) أهل الساعور والطلاح (أَنْ) مطروح الاسم محموله (قَدْ وَجَدْنا) محسوسا (ما) موعودا (وَعَدَنا) اللّه (رَبُّنا) معادا وهو السرور والسلام والآلاء كلّها (حَقًّا) سدادا صحّ حصوله ووروده ، وهو حال (فَهَلْ وَجَدْتُمْ) أهل العدول وحصل لكم (ما) موعودا (وَعَدَ) اللّه (رَبُّكُمْ) مآلا وهو الهمّ والألم واللأواء طرّا (حَقًّا) وكلامهم معلم لسرور حالهم ومحسّر لأهل الساعور (قالُوا) أهل الطلاح (نَعَمْ) سطع ما وعد اللّه وصحّ ما أوعده ، ورووه
----------
(وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله) حذف جواب لو لا لدلالة ما قبله عليه (لقد جاءت رسل ربنا بالحق) فاهتدينا بهم (ونودوا أن تلكم الجنة) إذا رأوها أو دخلوها وأن مفسرة أو مخففة وكذا الأربع الآتية (أورثتموها بما كنتم تعملون) .
(ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار) تفريعا وتقريرا لهم (أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا) من العذاب (قالوا نعم
ص: 306
مكسور الوسط (فَأَذَّنَ) صاح (مُؤَذِّنٌ) وهو ملك الصور (بَيْنَهُمْ) أهل الصلاح والطلاح وأسمعهم (أَنْ) مطروح الاسم محموله (لَعْنَةُ اللَّهِ) وطرده (عَلَى) الملأ (الظَّالِمِينَ) ( 44 ) هم رهط عملوا عملا وأحلّوه محلّا ما هو محلّه .
هم (الَّذِينَ) أو معمول ل « ألوم » المطروح وح لا وصل له مع الأوّل (يَصُدُّونَ) أولاد آدم صدّا والصدّ الحد (عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) ومسلك وصوله (وَيَبْغُونَها) لها (عِوَجاً) أودا وعدم سداد ، وهو مكسور الأوّل (وَهُمْ) أهل الصدّ (بِالْآخِرَةِ) الموعود ورودها معادا (كافِرُونَ) ( 45 ) ما أسلموها .
(وَبَيْنَهُما) دارالسلام ودار الآلام أو أهلهما (حِجابٌ) حال وهو سور وحصار أصله المسك (وَعَلَى الْأَعْرافِ) مصاعد السور (رِجالٌ) أهل اسلام صوالح أعمالهم وطوالحها سواء ، أو رهط علا مراهصهم ومصاعدهم كالرسل والهلّاك لعماس أعداء الإسلام أو كمّل أهل الإسلام وعلماؤهم ، أو أملاك رأوا كولد آدم صورا (يَعْرِفُونَ كُلًّا) الصلحاء والطلاح (بِسِيماهُمْ) وسمهم وعلمهم لمعا وسدادا سرورا وهمّا ، وأصله سام أو وصم (وَنادَوْا )
----------
فأذن مؤذن) فنادى مناد (بينهم) بين الفريقين (أن لعنة الله على الظالمين الذين يصدون) الناس (عن سبيل الله) دينه (ويبغونها عوجا) يطلبون السبل معوجة أو يبغون لها العوج (وهم بالآخرة كافرون وبينهما حجاب) بين الفريقين أو أهل الجنة والنار سور حاجز (وعلى الأعراف) هو الحجاب أو أعرافه أي شرفه جمع عرف وهو ما ارتفع من الشيء (رجال يعرفون كلا) من أهل الجنة والنار (بسيماهم) بعلامتهم، روي الأعراف كثبان بين الجنة والنار يوقف عليها كل نبي مع المذنبين من أهل زمانه كما يقف صاحب الجيش مع ضعفاء جيشه وقد سبق المحسنون إلى الجنة (ونادوا) يعني هؤلاء المذنبين
ص: 307
أهل مصاعد السور (أَصْحابَ الْجَنَّةِ) أهلها لمّا رأوهم (أَنْ) مطروح الاسم محموله (سَلامٌ عَلَيْكُمْ) لورودكم دارالسلام (لَمْ يَدْخُلُوها) هم ما وردوا دارالسلام ، وهو كلام لا محلّ له لما هو حوار سؤال مطروح (وَ) الحال (هُمْ يَطْمَعُونَ) ( 46 ) ورودها .
(وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ) لمّا حوّلها الملك (تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ) ورأوا أحوالهم وآلامهم (قالُوا) دعاء (رَبَّنا) اللّهم (لا تَجْعَلْنا) كرما ورحما (مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) ( 47 ) الحدّال العدّال لورودهم الدرك .
(وَنادى) صاح (أَصْحابُ الْأَعْرافِ) أهلها (رِجالًا) وهم أهل الدرك ورؤساؤهم (يَعْرِفُونَهُمْ) كلّمهم (بِسِيماهُمْ) سوء الصور والأطوار (قالُوا) لهم (ما أَغْنى) وما ردّ (عَنْكُمْ) إصركم (جَمْعُكُمْ) المال والولد أو عدّ الأرداء وما حصل لكم عوده ، و « ما » للإعدام (وَما) للمصدر (كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ) ( 48 ) علوّكم وسمودكم .
(أَ هؤُلاءِ) والمراد أولو العسر والعدم ك « عمّار » و « ولد مسعود » وسواهما هم (الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ) أهل الساعور أوّلا (لا يَنالُهُمُ) أهل العسر
----------
(أصحاب الجنة) أي الذين سبقوا إليها (أن سلام عليكم) أي إذا نظروا إليهم سلموا عليهم (لم يدخلوها وهم يطمعون) دخولها بشفاعة النبي والإمام وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين) في النار .
(ونادى أصحاب الأعراف) هم الأنبياء والخلفاء (رجالا يعرفونهم بسيماهم) من رؤساء الكفار (قالوا ما أغنى عنكم جمعكم) في الدنيا (وما كنتم تستكبرون) واستكباركم (أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم
ص: 308
(اللَّهُ بِرَحْمَةٍ) وعطاء ، وهم لمّا رأوا أهل دارالسلام ودار الساعور وكلّموا معهم ما كلّموا ، أمرهم اللّه (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ) مع السرور والروح (لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ) ممّا أعدّ اللّه للطلّاح (وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) ( 49 ) لعدم حصول المرام .
(وَنادى) دعا (أَصْحابُ النَّارِ) أهلها (أَصْحابَ الْجَنَّةِ) طمعا وروما لكمال الأوام والسعار (أَنْ أَفِيضُوا) سحّوا (عَلَيْنا) رحما (مِنَ الْماءِ) الرّواء لهمود الحرّ (أَوْ مِمَّا) درّ وراح وعسل ، أو طعام وحمل (رَزَقَكُمُ اللَّهُ) وأعطاكم واسعا ، وسألوهما لمّا حاروا ، وكلّ أحد حار سأل ولو علم عدم سماع سؤاله ، (قالُوا) لهم أهل دارالسلام (إِنَّ اللَّهَ) الملك العدل (حَرَّمَهُما) الماء والطعام (عَلَى) الملأ (الْكافِرِينَ) ( 50 ) كلّهم .
(الَّذِينَ اتَّخَذُوا) عدّوا وعلموا (دِينَهُمْ) مسلكهم وصراطهم (لَهْواً وَلَعِباً) وحرّموا واحلّوا ما أرادوا (وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) مكرهم طول الإمهال المموّه (فَالْيَوْمَ) وهو المعاد (نَنْساهُمْ) أحلّهم دار الآلام وأمّهم وأدعهم (كَما نَسُوا) وأمهوا ، و « ما » للمصدر (لِقاءَ يَوْمِهِمْ) ورود العصر الموعود لآلامهم .
----------
الله برحمة) إشارة إلى أهل الجنة الذين كان الرؤساء يستضعفونهم ويحلفون أن لا يدخلهم الله الجنة (ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا) أصبوا (علينا من الماء أو مما رزقكم الله) من الطعام (قالوا إن الله حرمهما على الكافرين) منعهما عنهم .
(الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا) فحرموا وأحلوا ما شاءوا بشهواتهم (وغرتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم) نتركهم في النار فعل الناسي (كما نسوا لقاء يومهم هذا) فلم يعملوا ولم يتأهبوا له
ص: 309
وعدّ أعمالهم (هذا) الساطع الحاصل الحال (وَما) كما (كانُوا) دار الأعمال (بِآياتِنا) دوالّ الألوّ والكمال (يَجْحَدُونَ) ( 51 ) طرّا .
(وَلَقَدْ جِئْناهُمْ) كرما (بِكِتابٍ) أرسل لهم طرس مصلح مسدّد (فَصَّلْناهُ) حلاله وحرامه وأحكامه وحدوده (عَلى) مع (عِلْمٍ) كامل واطلاع حاو ، وهو حال (هُدىً) هدوّا ، وهو حال (وَرَحْمَةً) راحما (لِقَوْمٍ) رهط (يُؤْمِنُونَ) ( 52 ) للّه ورسوله .
(هَلْ) ما (يَنْظُرُونَ) وهو الرصد (إِلَّا تَأْوِيلَهُ) مآل أمر الطرس وورود أحكامه ممّا وعد وأوعد (يَوْمَ يَأْتِي) ورودا (تَأْوِيلَهُ) وهو المعاد والمآل (يَقُولُ) الملأ (الَّذِينَ نَسُوهُ) الطرس المسدّد وطرحوه وصدّوا عمّا عملوا أوامره وأحكامه (مِنْ قَبْلُ) دار الأعمال (قَدْ جاءَتْ رُسُلُ) اللّه (رَبِّنا بِالْحَقِّ) لاح ورودهم سدادا وعوّروا (فَهَلْ لَنا) الحال (مِنْ شُفَعاءَ) أراد للإمداد والإسعاد (فَيَشْفَعُوا لَنا) لمحو الآصار وهو حوار « هل »
----------
(وما كانوا بآياتنا يجحدون) وكما جحدوها.
(ولقد جئناهم بكتاب) هو القرآن (فصلناه) بيناه عقائد وأحكاما ومواعظ (على علم) حال من الفاعل أي عالمين بتفصيله أو من المفعول أي مشتمل على علم (هدى ورحمة لقوم يؤمنون) حال من الهاء .
(هل ينظرون) ما ينتظرون (إلا تأويله) ما يئول إليه أمره (يوم يأتي تأويله) وهو يوم القيامة (يقول الذين نسوه من قبل) تركوه كالمنسي (قد جاءت رسل ربنا بالحق) فليتنا لم نكذبهم (فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا
ص: 310
(أَوْ) هل (نُرَدُّ) لدار الأعمال (فَنَعْمَلَ) وهو حوار لسؤال الردّ (غَيْرَ) العمل (الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) مدد الأعمار وطوال الأعصار (قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) صاروا عدّالا وأعدّوها للإصر والهلاك (وَضَلَّ) راح وطاح (عَنْهُمْ ما) عمل (كانُوا) هم (يَفْتَرُونَ) ( 53 ) وهو طوع دماهم ودعواهم الحدد .
(إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ) مالككم ومصلحكم هو (الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ) وصوّرها (وَالْأَرْضَ) ومهّدها وما وسطهما (فِي) لهاء (سِتَّةِ أَيَّامٍ) أوّلها الأحد ، ولو أراد أسر الكلّ أسرع ممّا مرّ والعدول لإعلام الرسل (ثُمَّ ) (اسْتَوى) كما هو حراه (عَلَى الْعَرْشِ) الأطلس محدّد الحدود محرّك الكلّ أوسع الأكر كلّها وهو (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ) وما أورد عكسه لعمله أو للكلام محملهما ، والمراد كلّ واحد مدموس مطوه للمصالح والحكم (يَطْلُبُهُ) كلّ واحد لسواه روما (حَثِيثاً) مسرعا أو هو حال
----------
أو نرد) إلى الدنيا (فنعمل غير الذي كنا نعمل) جواب أو نرد (قد خسروا أنفسهم) أهلكوها بالعذاب (وضل) غاب (عنهم ما كانوا يفترون) من دعوى الشركاء وشفاعتهم .
(إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام) في مقدارها إذ لا شمس حينئذ ولا زمان والخلق التدريجي مع القدرة على الدفعي أعظم دليل على الاختيار (ثم استوى) من كل شيء فليس شيء أقرب إليه من شيء أو استقام أمره أو استولى (على العرش) الجسم المحيط بسائر الأجسام (يغشي الليل النهار) يغطيه بظلامه وحذف عكسه للعلم به وقرىء بتشديد يغشي (يطلبه) يعقبه كالطالب له (حثيثا) سريعا صفة مصدر أو حال من الفاعل أو
ص: 311
(وَالشَّمْسَ) مع سواطعها وصعودها (وَالْقَمَرَ) مع لوامعه وعلوّ أمرها (وَالنُّجُومَ) مع عدّها (مُسَخَّراتٍ) محكوما مطوّعا مسهّلا كلّها ، وهو حال (بِأَمْرِهِ) الأحكم (أَلا) اعلموا (لَهُ) للّه (الْخَلْقُ) طرّا (وَ) له (الْأَمْرُ) كلّه لما هو الآسر والحاكم لا سواه (تَبارَكَ اللَّهُ) علا علوّه وسما أمره (رَبُّ الْعالَمِينَ) ( 54 ) مالكهم ومصلحهم .
(ادْعُوا) اللّه (رَبَّكُمْ) هلّلوه ووحّدوه (تَضَرُّعاً) إلحاحا وحسّا ، وهو حال (وَخُفْيَةً) سرّا لمّا هو علم الودّ وعدم الإسماع (إِنَّهُ) اللّه (لا يُحِبُّ) الرهط (الْمُعْتَدِينَ) ( 55 ) حد العدل عمّا أمروا حال الدعاء كسؤالهم مراهص الرسل وصعود السماء .
(وَلا تُفْسِدُوا) ولد آدم (فِي الْأَرْضِ) عدولا أو طوعا للأهواء أو حدلا (بَعْدَ إِصْلاحِها) إسلاما أو عملا لصوالح الأعمال أو عدلا أو المراد وراء إصلاحها لإرسال الرسل والأحكام (وَادْعُوهُ) اللّه (خَوْفاً) ممّا أوعد أو ممّا ردّ دعاءكم لوكس أعمالكم أو ممّا هو إصر الساعور أو العدل ، وهو حال (وَطَمَعاً) لما وعد أو لسماعه دعاءكم كرما لكمال رحمه أو لدار السلام أو
----------
المفعول (والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره) مذللات بتصرفه ونصب عطفا على السموات ومسخرات حال وقرىء برفع الجميع على الابتداء والخبر (ألا له) وحده (الخلق والأمر) يخلق ما يشاء ويحكم ما يريد (تبارك الله) تعالى أو تكاثر خيره (رب العالمين ادعوا ربكم تضرعا وخفية) تذللا وسرا (إنه لا يحب المعتدين) للحد في الدعاء كطلب منزلة النبي والإمام أو الصباح أو في كل أمر .
(ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها) بالرسل والكتب (وادعوه خوفا) خائفين من رده أو عقابه أو عدله (وطمعا) في إجابته أو عفوه أو فضله
ص: 312
لكرمه الأكرم (إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ) رحمه (قَرِيبٌ مِنَ) الملأ (الْمُحْسِنِينَ) ( 56 ) هم أساءوا الأعمال .
(وَهُوَ) اللّه (الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ) صروعها ، ورووا موحدا (بُشْراً) للمطر ، وهو حال (بَيْنَ يَدَيْ) أمام (رَحْمَتِهِ) إلاه وهو الركام والمطر (حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ) وهو الحمل والصعود (سَحاباً) ممطرا (ثِقالًا) للماء (سُقْناهُ لِبَلَدٍ) مصر (مَيِّتٍ) ما له مطر (فَأَنْزَلْنا) رحما (بِهِ) المصر أو الرّكام (الْماءَ) الممطر (فَأَخْرَجْنا) كرما (بِهِ) المصر أو الرّكام أو الماء (مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) صروعا صروعا (كَذلِكَ) كإصدار الأحمال (نُخْرِجُ الْمَوْتى) ممّا هو مرمسهم لردّ أرواحهم وحواسهم لمواد أعطالهم (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ( 57 ) صلاح الأمر وحصل لكم علم المعاد ورودا .
(وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ) الصالح للاكر (يَخْرُجُ نَباتُهُ) رعراعا (بِإِذْنِ) اللّه (رَبِّهِ) وأمره وإصلاحه ، وهو حلّ محلّ الحال والمراد صالحا أعود وهو
----------
(إن رحمة الله قريب من المحسنين) تقوية للطمع وذكر قريب لإضافة الرحمة إلى الله أو لأنها بمعنى الرحم .
(وهو الذي يرسل الرياح) وقرىء الريح (بشرا) بالنون جمع نشور كرسول وبالباء جمع بشير (بين يدي رحمته) قدام المطر (حتى إذا أقلت) حملت (سحابا ثقالا) بالماء جمع للمعنى أي سحائب (سقناه) أفرد الضمير للفظ (لبلد ميت) لا نبات فيه أي لإحيائه (فأنزلنا به الماء) بالبلد أو السحاب (فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك) الإخراج (نخرج الموتى) من قبورهم بالإحياء (لعلكم تذكرون) فتوقنون بالصانع والبعث .
(والبلد الطيب) الأرض العذبة التراب (يخرج نباته) زاكيا (بإذن ربه)
ص: 313
كسمعود سمع كلام السداد وصلح حاله (وَ) المصر (الَّذِي خَبُثَ) مآكره وما صلح (لا يَخْرُجُ) محصوله (إِلَّا نَكِداً) عسرا ماصلا عادم العود ، وهو حال الطالح ، وهو حال (كَذلِكَ) كما مرّ (نُصَرِّفُ) أكرّر وأردّد (الْآياتِ) أو صروع مدلولها (لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ) ( 58 ) آلاء اللّه وهم أهل الإسلام .
واللّه (لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً) وهو ولد لمك أرسل وأعوام عمره معدود كلّ (إِلى قَوْمِهِ) لإصلاحه (فَقالَ) الرسول (يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ) وحّدوه وطاوعوه (ما لَكُمْ مِنْ) مؤكّد أورد لعموم الإعلام (إِلهٍ) مألوه مطاع (غَيْرُهُ) سواه واطرحوا دماكم ، ورووه مكسور الراء لكسر إله والأوّل لمحلّه (إِنِّي أَخافُ) أهوّله (عَلَيْكُمْ) لولا حصل لكم الإسلام (عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) ( 59 ) وهو المعاد أو عصر ورود الإصر لهم وهو الماء ومدّه وعلوّه وهو ممّا أوعد .
(قالَ الْمَلَأُ) الرؤساء وأهل السؤدد وسمّوا ملأ لمّا ملئوا الحواسّ رواء (مِنْ) عداد (قَوْمِهِ) للرسول (إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ) سوء مسلك (مُبِينٍ) ( 60 ) ساطع .
----------
بأمره وتيسيره (والذي خبث) ترابه كالسبخة (لا يخرج) نباته (إلا نكدا) قليلا بلا نفع (كذلك) البيان (نصرف الآيات) نبينها (لقوم يشكرون) نعم الله فيؤمنون به والآية مثل لمن اتعظ بالآيات ومن أعرض عنها .
(لقد أرسلنا نوحا إلى قومه) وهو ابن أربعين أو أكثر (فقال يا قوم اعبدوا الله) وحده (ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم) إن عبدتم غيره (عذاب يوم عظيم) هو يوم القيامة (قال الملأ من قومه) الأشراف الذين يملئون الصدر هيبة (إنا لنراك في ضلال) عن الحق (مبين) بين .
ص: 314
(قالَ) الرسول لهم (يا قَوْمِ) اعلموا (لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ) وحول عمّا هو سلوك السداد (وَلكِنِّي رَسُولٌ) مرسل (مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) ( 61 ) مالكهم .
(أُبَلِّغُكُمْ) أوصلكم (رِسالاتِ رَبِّي) أوامره وأحكامه ، وما وحدّها للمح عدّ أعصارها ، أو لصروع مدلولها كالعلوم والأحكام ، أو المراد مرسله ومرسل رسل أمامه كألواح آدم وسواه (وَأَنْصَحُ لَكُمْ) وأروم صلاحكم (وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ) طوله وكمال عطوه وإصره للأعداء أو إعلامه (ما) أمورا (لا تَعْلَمُونَ) ( 62 ) صلاحه ولا علم لكم لمصالحه .
(أَ) حصل لكم ردّ الرسل (وَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ) وردكم (ذِكْرٌ) أعلام مصلح وألوك مسدّد (مِنْ رَبِّكُمْ) الملك العدل (عَلى) مسحل (رَجُلٍ) مرء (مِنْكُمْ) ولد آدم ورهطكم (لِيُنْذِرَكُمْ) سوء العدول والطلاح مآلا (وَلِتَتَّقُوا) ممّا ساء للهول (وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) ( 63 ) معادا لو حصل إسلامكم وورعكم .
(فَكَذَّبُوهُ) وعدّوه والعا (فَأَنْجَيْناهُ) الرسول (وَ) الملأ (الَّذِينَ) أسلموا (مَعَهُ) ركدوا (فِي الْفُلْكِ) وهم سام وحام وسواهما ( وَأَغْرَقْنَا )
----------
(قال يا قوم ليس بي ضلالة) مبالغة في النفي وتعريض بهم (ولكني رسول من رب العالمين) .
(أبلغكم رسالات ربي) من العقائد والأحكام والمواعظ (وأنصح لكم وأعلم من الله) بالوحي (ما لا تعلمون) .
(أوعجبتم) إنكار عطف على محذوف أي أكذبتم وعجبتم من (أن جاءكم ذكر) رسالة (من ربكم على) لسان (رجل منكم) من جنسكم (لينذركم) وبال الكفر (ولتتقوا) الله (ولعلكم ترحمون) بالتقوى .
(فكذبوه فأنجيناه والذين
ص: 315
الملأ (الَّذِينَ كَذَّبُوا) طلاحا (بِآياتِنا) وعدّوها ولعا كإعلام ورود الماء وعلوّه لإهلاكهم (إِنَّهُمْ) هؤلاء الرهط (كانُوا) كلّهم (قَوْماً عَمِينَ) ( 64 ) عمّا هو السداد لصدورهم .
(وَ) أرسل اللّه (إِلى عادٍ) هم رهط سمّوا لاسم والدهم وهو عاد ولد عوص ولد إرم ولد سام (أَخاهُمْ) وأحدهم (هُوداً) الرسول وهو ولد ولد عاد ولد عوص ولد إرم ولد سام ، وورد هو ولد ولد ولد سام (قالَ) هود ل « عاد » ، أورده لا مع الوصل لعلّه حوار سؤال أحد سأل ما كلّمهم هود لما أرسل لهم (يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ) طاوعوه وحده (ما) حاصل (لَكُمْ مِنْ إِلهٍ) مألوه (غَيْرُهُ) سواه (أَ فَلا تَتَّقُونَ) ( 65 ) آصار المعاد .
(قالَ الْمَلَأُ) رؤوس الرهط وأكارمهم (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا وما طاعوه (مِنْ) عداد (قَوْمِهِ) لهود (إِنَّا لَنَراكَ) واطدا (فِي سَفاهَةٍ) وكس حلم وسوء درك (وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ) هود (مِنْ) الرهط (الْكاذِبِينَ) ( 66 ) لطرحك رسوم الكلّ وما هو مسلك رهطك وادّعاؤك الإرسال ادّعاء لا أصل له ولا سداد معه
(قالَ) هود (يا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفاهَةٌ) وأعلمكم ما هو أصل الحلم
----------
معه) ممن آمن به (في الفلك) السفينة (وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا) بالطوفان (إنهم كانوا قوما عمين) عمي القلوب عن الحق .
(وإلى عاد) أي أرسلنا إليهم (أخاهم) أي من هو منهم (هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون) نقمته (قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك) منغمسا (في سفاهة) خفة عقل (وإنا لنظنك من الكاذبين قال يا قوم ليس بي سفاهة
ص: 316
(وَلكِنِّي رَسُولٌ) مسدّد محدّد الحدود والأحكام (مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) ( 67 ) مالكهم .
(أُبَلِّغُكُمْ) أوصلكم (رِسالاتِ) اللّه (رَبِّي) أوامره وحدوده (وَأَنَا لَكُمْ) رسول (ناصِحٌ) هاد (أَمِينٌ) ( 68 ) سالم عاصم عمّا هو موهومكم .
(أَ) سهل لكم ردّ هود الرسول (وَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ) وردكم (ذِكْرٌ) كلام مصلح (مِنْ رَبِّكُمْ عَلى) مسحل (رَجُلٍ) معدود (مِنْكُمْ) عدادكم (لِيُنْذِرَكُمْ) ممّا أوعده اللّه (وَاذْكُرُوا) آلاء اللّه (إِذْ جَعَلَكُمْ) اللّه (خُلَفاءَ) للدور والأموال والأملاك أو للرمكاء وأصاركم ملوكا كولد عاد أعطاه اللّه الملك وملّكه كلّ الرمكاء (مِنْ بَعْدِ) هلاك (قَوْمِ نُوحٍ) طرّا (وَزادَكُمْ) اللّه (فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً) طولا وطولا ووسعا (فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ) احمدوه لحصولها (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ( 69 ) معادا .
(قالُوا) رؤساء الرهط لهود الرسول (أَ جِئْتَنا) رسولا آمرا رادعا (لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ) لا سواه (وَنَذَرَ) هو الطرح (ما) مألوها (كانَ يَعْبُدُ )
----------
ولكني رسول من رب العالمين أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين) كما عرفتموني بذلك .
(أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح) في الأرض ما بين عمان إلى حضرموت ذكرهم نعمة الله بعد تخويفهم نقمته (وزادكم في الخلق بسطة) قوة وطولا من ستين إلى مائة (واذكروا ءالاء الله) نعمة عليكم (لعلكم تفلحون) إذا ذكرتموها وشكرتم .
(قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد ءاباؤنا) من الأصنام (فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين) فيه (قال قد وقع) وجب أو حق فهو كالواقع
ص: 317
طوعا (آباؤُنا) الكرام ولا حاصل لكلامك ولا مآل لهولك وإلّا (فَأْتِنا) الحال (بِما) إصر (تَعِدُنا) ممّا أوعده اللّه (إِنْ كُنْتَ) هود (مِنَ) الرسل (الصَّادِقِينَ) ( 70 ) ولكلامك سداد .
(قالَ) لهم هود (قَدْ وَقَعَ) صحّ ولسم أو أرسل (عَلَيْكُمْ) لطلاحكم (مِنْ رَبِّكُمْ) العدل (رِجْسٌ) ركس وإصر (وَغَضَبٌ) أحاح وطرد (أَ تُجادِلُونَنِي) عداء ولددا (فِي أَسْماءٍ) أعلام دماكم أورد الأسماء وأراد مسماها كما دلّ (سَمَّيْتُمُوها) مآله ولا حصول لمسماها (أَنْتُمْ) رهط عاد (وَآباؤُكُمْ) لكمال الطلاح وعدم العلم (ما نَزَّلَ اللَّهُ) أرسل (بِها) طوعها (مِنْ) مؤكّد أورد لعموم الإعدام (سُلْطانٍ) دالّ لدعواكم ، ولمّا لاح السداد ولكم صدود وادّعاء وإصرار لطوع دماكم (فَانْتَظِرُوا) ارصدوا ورود آصار اللّه وآلامه (إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ) الرهط (الْمُنْتَظِرِينَ) ( 71 ) لآصاره .
(فَأَنْجَيْناهُ) هودا (وَ) الملأ (الَّذِينَ مَعَهُ) وأسلموا له (بِرَحْمَةٍ) رحم (مِنَّا) وعطاء لهم (وَقَطَعْنا) طردا (دابِرَ) أصل الرهط (الَّذِينَ كَذَّبُوا) طلاحا ومراء (بِآياتِنا) وما أسلموها (وَما كانُوا) للّه (مُؤْمِنِينَ) ( 72 ) أهل الإسلام وطاوعوا دماهم صداء وصمودا وما سواهما .
----------
(عليكم من ربكم رجس) عذاب (وغضب أتجادلونني في أسماء) أصنام (سميتموها أنتم وءاباؤكم) آلهة (ما نزل الله بها من سلطان) حجة (فانتظروا) حلول العذاب (إني معكم من المنتظرين) لحلوله بكم (فأنجيناه والذين معه) في الدين (برحمة منا) عليهم (وقطعنا دابر) القوم (الذين كذبوا بآياتنا) أي استأصلناهم (وما كانوا مؤمنين).
ص: 318
(وَ) أرسل اللّه (إِلى) رهط (ثَمُودَ) وهو ولد ولد إرم ولد سام ، وهم سمّوا لاسم والدهم أو لمصول الماء لهم (أَخاهُمْ) وأحدهم رسولا (صالِحاً) اسمه (قالَ) صالح (يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ) طاوعوه وحده (ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ ) مألوه أصلا (غَيْرُهُ) سواه وهو واحد لا مساهم ولا معادل له ، واطرحوا دماكم وطوعهم (قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ) صحّ ورودها لسداد الألوك ولإصلاحكم (مِنْ رَبِّكُمْ) كامل الطول (هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ) أسرها اللّه (لَكُمْ) لإعلامكم سداد رسول اللّه لما هو سألوها (آيَةً) علما للألوك وهو حال عاملها مدلول الومء (فَذَرُوها) دعوها (تَأْكُلْ) طوعا (فِي أَرْضِ اللَّهِ) كلاء وما لكم كدّ وكدح لأكلها سهّل اللّه لكم أمرها (وَلا تَمَسُّوها) مسّا (بِسُوءٍ) كعصو وكلم وطرد إكراما لها (فَيَأْخُذَكُمْ) حوار للردع (عَذابٌ أَلِيمٌ) ( 73 ) إصر مؤلم ووردهم الإصر المؤلم لإصرارهم لا لمسّها السوء وهو علم الإصرار .
(وَاذْكُرُوا) آلاء اللّه (إِذْ جَعَلَكُمْ) اللّه (خُلَفاءَ) أمراء وحكّاما للعالم (مِنْ بَعْدِ) هلاك رهط (عادٍ وَبَوَّأَكُمْ) أحلّكم (فِي الْأَرْضِ) رمكاء الصلد (تَتَّخِذُونَ) لركودكم (مِنْ سُهُولِها )
----------
(وإلى ثمود) قبيلة من العرب أبوهم ثمود بن عامر بن آدم من سام بن نوح أرسلنا (أخاهم صالحا) ولدا ثمود (قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم) معجزة على صدقي (هذه ناقة الله لكم آية) حال عاملها الإشارة وإضافتها إلى الله للشرف والتعظيم كبيت الله (فذروها تأكل في أرض الله) الكلأ (ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم) أسكنكم (في الأرض تتخذون من سهولها) يبنون
ص: 319
واحدها السهل (قُصُوراً) صروحا وحصورا (وَتَنْحِتُونَ) هو السحل (الْجِبالَ) الأطواد (بُيُوتاً) دورا لرموك مواسم الهرء دسعا له ، وهو حال (فَاذْكُرُوا) وعدّوا (آلاءَ اللَّهِ) ومراحمه عموما واحمدوها (وَلا تَعْثَوْا) هو كمال الطلاح (فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) ( 74 ) عمّادا للطلاح وهم صدّوا عمّا أمرهم صالح كما أرسل اللّه .
(قالَ) ورووا مع الواو أوّله (الْمَلَأُ) الرؤساء (الَّذِينَ) هم (اسْتَكْبَرُوا) سمدوا وصدّوا (مِنْ) عداد (قَوْمِهِ) رهطه السواء (لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) ولا سطو لهم وهم أهل الإسلام (لِمَنْ) لكلّ أحد (آمَنَ) أسلم (مِنْهُمْ) رهطه وهو أوس لكلام مرّ ومصرّح له (أَ تَعْلَمُونَ) سدادا (أَنَّ صالِحاً) رسول (مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ) أرسله اللّه لإصلاحكم وكلّموه لهوا (قالُوا) أهل الإسلام (إِنَّا بِما) أحكام (أُرْسِلَ بِهِ) صالح (مُؤْمِنُونَ) ( 75 ) مسلموه طوّاعا ، وهم سألوا علم إرساله وأهل الإسلام حاوروهم عمّا أسلموه وعلّموه محلّ الكلام لا علم إرساله لما عدوّا إرساله أمرا معلوما مسلما وللمحه صار حوارا لهم .
(قالَ) الرؤساء (الَّذِينَ) هم (اسْتَكْبَرُوا) سمدوا وعدلوا (إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ) طوعا (بِهِ) حلّه محلّ أرسل ردّا لما عدّه أهل الإسلام معلوما مسلما (كافِرُونَ) ( 76 ) ردّاد .
----------
في سهولها (قصورا وتنحتون الجبال بيوتا) حال مقدرة أو مفعول بتقدير من الجبال (فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين قال الملأ الذين استكبروا من قومه) من الإيمان به (للذين استضعفوا) أي استذلوهم (لمن ءامن منهم) بدل من الذين استضعفوا (أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه قالوا إنا بما أرسل به مؤمنون قال الذين استكبروا إنا بالذي ءامنتم به كافرون) لعلهم لم يقولوا بما
ص: 320
(فَعَقَرُوا) أهل العدول (النَّاقَةَ) وكلّموها وحسّموا حواملها (وَعَتَوْا) عدوا وعدلوا (عَنْ أَمْرِ) اللّه (رَبِّهِمْ) وهو ما أورده صالح وأعلمهم أو المراد طوع اللّه (وَ) هم (قالُوا) للرسول ( يا صالِحُ ائْتِنا ) الحال (بِما) إصر وألم (تَعِدُنا) مهدّدا ومهوّلا (إِنْ كُنْتَ مِنَ) الملأ (الْمُرْسَلِينَ) ( 77 ) أرسلك اللّه لإكمال أهل العالم .
(فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ) الحراك والواد (فَأَصْبَحُوا) صاروا كلّهم (فِي دارِهِمْ) أمصارهم أو مراكدهم (جاثِمِينَ) ( 78 ) هلّاكا .
(فَتَوَلَّى) صدّ صالح (عَنْهُمْ) هؤلاء العدّال لمّا أهلكوا سماطه (وَقالَ) صالح حسرا حال هلاكهم (يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ) لإصلاحكم (رِسالَةَ) اللّه (رَبِّي) كما هو المأمور أداؤها (وَنَصَحْتُ لَكُمْ) حال الأداء (وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ) الملأ (النَّاصِحِينَ) ( 79 ) لعدم علمكم المعاد . وكمال طوعكم الأهواء .
(وَ) أرسل اللّه أو ادّكر (لُوطاً) الرسول (إِذْ قالَ) إصلاحا (لِقَوْمِهِ) وهم أهل سدوم (أَ تَأْتُونَ الْفاحِشَةَ) العوراء وهم مسّوا الأمارد ولا وطؤهم
----------
أرسل به حذروا أن يفوهوا برسالته (فعقروا الناقة) أسند فعل البعض إلى الكل لرضاهم به (وعتوا عن أمر ربهم) استكبروا عن امتثاله (وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا) من العذاب (إن كنت من المرسلين)
(فأخذتهم الرجفة) صيحة من السماء وزلزلة فهلكوا (فأصبحوا في دارهم جاثمين) صرعى على وجوههم (فتولي) أعرض صالح (عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين) و من احب ناصحاً قبله قیل: والظاهر ان الخطاب بعد هلاکهم کما خاطب رسول الله صلی الل علیه واله اهل بدر.
(ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة) السيئة العظيمة القبح أي إتيان
ص: 321
(ما سَبَقَكُمْ بِها) ما عملها أوّلا (مِنْ) مؤكّد أورد لعموم الإعدام (أَحَدٍ) سواكم (مِنَ الْعالَمِينَ) ( 80 ) كلّهم .
(إِنَّكُمْ) أهل سدوم (لَتَأْتُونَ) لوطا (الرِّجالَ) المرد الملاح (شَهْوَةً) لأداء وطر وحده لا حامل لكم علاه سواه ، أو هو مصدر حلّ محلّ الحال (مِنْ دُونِ النِّساءِ) لا الأعراس والإماء (بَلْ أَنْتُمْ) كلّكم (قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) ( 81 ) أهل العداء والعدول عمّا هو حدود اللّه .
(وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ) حال كلام لوط معهم (إِلَّا أَنْ قالُوا) رهط أهل سدوم لرهط (أَخْرِجُوهُمْ) لوطا وكلّ أحد معه وأسلمه (مِنْ قَرْيَتِكُمْ) اسمها سدوم (إِنَّهُمْ) لوطا وطوّعه (أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ) ( 82 ) لهم أداء الطهر عمّا هو أسوأ الأعمال وأكرهها .
(فَأَنْجَيْناهُ) لوطا (وَأَهْلَهُ) طوعه (إِلَّا امْرَأَتَهُ) عرسه السوءاء (كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) ( 83 ) رهط ركدوا دورهم وما راحوا مع لوط وهلكوا .
(وَأَمْطَرْنا) سطوا وإهلاكا (عَلَيْهِمْ) رهط لوط عصوا أمره (مَطَراً) مهلكا وهو الصلد أو الساعور (فَانْظُرْ) محمّد ( ص ) واعلم (كَيْفَ كانَ
----------
الذكران (ما سبقكم بها من أحد من العالمين إنكم) بالاستفهام والإخبار (لتأتون الرجال) في أدبارهم (شهوة) مفعول له أو حال (من دون النساء) المخلوقة لكم (بل أنتم قوم مسرفون) أضرب عن الإنكار إلى الإخبار بأنهم مجاوزون الحلال إلى الحرام (وما كان جواب قومه إلا أن قالوا) لم يجيبوا نصحه إلا بالمقابلة بالسفه بقولهم (أخرجوهم من قريتكم) أي لوطا ومن اتبعه (إنهم أناس يتطهرون) يتنزهون عن أدبار الرجال (فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين) الباقين في العذاب (وأمطرنا عليهم مطرا) فظيعا وقد بين بقوله
ص: 322
عاقِبَةُ) الرهط (الْمُجْرِمِينَ) ( 84 ) طلّاح الأعمال .
(وَ) أرسل اللّه (إِلى) أولاد (مَدْيَنَ) وهم رهط سمّوا لاسم والدهم (أَخاهُمْ) وأحدهم (شُعَيْباً) وهو رسول محمود العمل وممدوح الكلام مع رهطه ، وهم كلّما كالوا وكسوا وما ادّعوا أمرا إلّا مكسوا (قالَ) رسولهم لرهطه (يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ) وحده وطاوعوا أوامره وأحكامه (ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ) مألوه (غَيْرُهُ) سواه ، وهو الواحد الأحد لا عدل له ولا مساهم معه (قَدْ جاءَتْكُمْ) وردكم (بَيِّنَةٌ) دالّ ساطع (مِنْ رَبِّكُمْ) العدل لسداد الألوك ولإصلاحكم (فَأَوْفُوا) كمّلوا وسدّدوا (الْكَيْلَ) كالصاع والرطل والمدّ (وَ) أدّوا (الْمِيزانَ) كما هو الأعدل الأصلح وله محمل المصدر كمصدر وعد (وَلا تَبْخَسُوا) وهو الوكس (النَّاسَ) طرّا (أَشْياءَهُمْ) وعاملوهم سواء وسدادا أوردها للعموم إعلاما لما وكسوا الماصل والآمر (وَلا تُفْسِدُوا) أهل الوكس (فِي الْأَرْضِ) وكسا وألسا (بَعْدَ إِصْلاحِها) وراء ما أصلح اللّه أمرها وأهلها إرسالا للرسل والطروس (ذلِكُمْ) العمل العدل ممّا أمركم اللّه وردعكم (خَيْرٌ) أصلح (لَكُمْ) حالا ومعادا (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ( 85 )
----------
(وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل) (فانظر كيف كان عاقبة المجرمين).
(وإلى مدين) أي وأرسلنا إليهم وهو أولاد مدين بن إبراهيم (أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم) معجزة على صدقي (فأوفوا الكيل) المكيال (والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم) لا تنقصوهم حقوقهم (ولا تفسدوا في الأرض) بالكفر والمعاصي (بعد إصلاحها) بالرسل والشرائع (ذلكم) المذكور (خير لكم إن كنتم مؤمنين) مريدين الإيمان فاعملوا .
ص: 323
أهل الإسلام سدادا .
(وَلا تَقْعُدُوا) أهل الطلاح (بِكُلِّ صِراطٍ) مسلك ومرحل للإسلام كالمارد والمطرود (تُوعِدُونَ) ورّاده ، والأعداء سدّوا الصرط وحدّوا كلّ أحد أراد الورود صدد الرسول صلعم وأوعدوه ، أو المراد حسّام الصراط وصلّامه وهو وما وصل معه حال .
(وَتَصُدُّونَ) طلاحا (عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) صراط وصوله (مَنْ آمَنَ) أسلم (بِهِ) اللّه أو كل صراط (وَتَبْغُونَها) الصراط (عِوَجاً) أودا وحولا (وَاذْكُرُوا) محامد اللّه (إِذْ كُنْتُمْ) رهطا (قَلِيلًا) عددا أو عددا (فَكَثَّرَكُمْ) اللّه أموالا وأولاد أو أكمل عددكم (وَانْظُرُوا) اعلموا وأدركوا (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ) الرهط (الْمُفْسِدِينَ) ( 86 ) مآل أمور الطّلاح وهؤلاء أمم ردّوا رسلهم كرهط هود وصالح ولوط وسواهم .
(وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ) رهط (مِنْكُمْ آمَنُوا) أسلموا (بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ) صلاحا وسددا (وَطائِفَةٌ) رهط (لَمْ يُؤْمِنُوا) لما أرسل لإصلاحهم وصدّوا عمّا أمروا (فَاصْبِرُوا) ارصدوا (حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ) الحكم العدل (بَيْنَنا)
----------
(ولا تقعدوا بكل صراط) طريق من طرق الدين أي شعبة من أصوله وفروعه (توعدون) تخوفونهم بالقتل وتمنعونهم عن الإيمان به وهو حال (وتصدون عن سبيل الله) دينه (من ءامن به) بالله (وتبغونها عوجا) وتطلبون السبل معوجة بإلقاء الشبه كقولكم هذا كذب ونحوه (واذكروا إذ كنتم قليلا) عددا أو عدة (فكثركم) بالنسل أو المال (وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين) من قبلكم واعتبروا بهم .
(وإن كان طائفة منكم ءامنوا بالذي أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا فاصبروا) فانتظروا (حتى يحكم الله بيننا) أي بين الفريقين بإنجاء المحق
ص: 324
رهط الإسلام ورهط الصدود وسطع ما وعد وأوعد ولاح ما هو الصّلاح والطلاح (وَهُوَ) اللّه (خَيْرُ الْحاكِمِينَ) ( 87 ) وحكمه أعدل وأكمل لا رادّ لحكمه ولا مردّ لأمره .
(قالَ الْمَلَأُ) الرؤساء (الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) سمدوا وما أسلموا وعصوا (مِنْ قَوْمِهِ) رهطه اللّاء أرسل لهم إمّا (لَنُخْرِجَنَّكَ) اطرادا (يا شُعَيْبُ) لدعواك الألوك (وَ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (مَعَكَ) معا (مِنْ قَرْيَتِنا) دار الملك (أَوْ لَتَعُودُنَّ) كلّكم (فِي مِلَّتِنا) والحاصل إمّا اطرادكم وإمّا عودكم حاصل لا وهم ولا محال (قالَ) رسولهم (أَ) أعود مع أهل الإسلام لرسومكم وأموركم (وَ) الحال (لَوْ كُنَّا كارِهِينَ) ( 88 ) لها المراد ولو حال الكره .
واللّه (قَدِ) ولام العهد مطروح (افْتَرَيْنا) طلاحا (عَلَى اللَّهِ) إله الكلّ ومالكه (كَذِباً) ولعا والمراد حصّل وعمل الولع (إِنْ) لو (عُدْنا) عودا أسوأ وحواره مطروح كما دلّ الكلام الأوّل (فِي مِلَّتِكُمْ) السوءاء (بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ) وسلّم (مِنْها) كرما ورحما (وَما يَكُونُ) صحاحا وحلالا
----------
وإهلاك المبطل (وهو خير الحاكمين) إذ لا جور في حكمه (قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين ءامنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا) غلبوا الجمع على الواحد في الخطاب إذ لم يكن شعيب في ملتهم قط (قال) إنكارا (أولو) أي أنعود ولو (كنا كارهين) لها .
(قد افترينا) اختلفنا (على الله كذبا إن عدنا في ملتكم) بأن نشرك بالله (بعد إذ نجينا الله منها) بتوفيقه والحجج الموضحة للحق (وما يكون) يصح (لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا) حسم لطمعهم في العود بتعليقه على الممتنع
ص: 325
(لَنا) أهل الإسلام أصلا (أَنْ نَعُودَ فِيها) حالا ما (إِلَّا) حال (أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّنا) ملك الكلّ العود (وَسِعَ) اللّه (رَبُّنا) وأحاط (كُلَّ شَيْءٍ) عموما (عِلْماً) والمراد وسع علمه كلّ أمر وحال صلاح وطلاح (عَلَى اللَّهِ) ملك الكلّ لا سواه (تَوَكَّلْنا) لدوام الإسلام وأحكامه (رَبُّنا) اللهم (افْتَحْ) احكم واصر (بَيْنَنا) أهل الإسلام والسداد (وَبَيْنَ قَوْمِنا) الأعداء الولّاع (بِالْحَقِّ) السداد (وَأَنْتَ) اللّهمّ (خَيْرُ الْفاتِحِينَ) ( 89 ) أصلح الحكّام وأحكمهم وأعدلهم .
(وَقالَ الْمَلَأُ) أحدهم لسواه (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا وما أطاعوا أمر الرسول (مِنْ قَوْمِهِ) واللّه (لَئِنِ) لام عهد (اتَّبَعْتُمْ) طوعا (شُعَيْباً) أمره (إِنَّكُمْ) وهو حوار العهد (إِذاً) حال طوعكم له (لَخاسِرُونَ) ( 90 ) أعمالا وأموالا .
(فَأَخَذَتْهُمُ) أعداء الرسول (الرَّجْفَةُ) الحراك المسرع المهلك (فَأَصْبَحُوا) صاروا (فِي دارِهِمْ) مصرهم (جاثِمِينَ) ( 91 ) هلّاكا .
الملأ (الَّذِينَ كَذَّبُوا) الرسول (شُعَيْباً) وهو محكوم والمحمول (كَأَنْ) مطروح الاسم والمراد اصطلموا وصاروا كرهط (لَمْ يَغْنَوْا) ما رمكوا
----------
وهو مشيئة الكفر (وسع ربنا كل شيء علما) أحاط علمه بكل شيء فيعلم حالنا وحالكم (على الله توكلنا) في كل أمورنا (ربنا افتح) احكم أو اكشف الأمر (بيننا وبين قومنا بالحق) ليتميز المحق والمبطل (وأنت خير الفاتحين وقال الملأ الذين كفروا من قومه) قال بعضهم لبعض (لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون فأخذتهم الرجفة) الزلزلة وفي هود الصيحة ولا منافاة (فأصبحوا في دارهم جاثمين) صرعى على وجوههم (الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها
ص: 326
وما ركدوا وما حكوا (فِيهَا) دارهم (الَّذِينَ كَذَّبُوا) رسول اللّه (شُعَيْباً) وهو محكوم والمحمول (كانُوا هُمُ) الرهط (الْخاسِرِينَ) ( 92 ) حالا ومآلا لا سواهم ممّا أطاعوا الرسول وسدّدوه كما وهم الأعداء ، أعاد الموصول روما للرد المؤكّد لكلامهم السوء ولمّا حلّهم الإصر (فَتَوَلَّى) الرسول وصدّ (عَنْهُمْ) أهل الردّ (وَقالَ) لرهطه الهلاك لمّا كمد لهم حسرا (يا قَوْمِ لَقَدْ) أمر اللّه إعلامكم (أَبْلَغْتُكُمْ) إعلاما ساطعا (رِسالاتِ) أوامر (رَبِّي) وأحكامه (وَنَصَحْتُ لَكُمْ) وما حصل إسلامكم وطوعكم وكلّم ردّا لوسواسه ودسعا لهمّه الحاصل له أوّلا لهلاك رهطه (فَكَيْفَ آسى) احسر (عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ) ( 93 ) ما هم أهلا للكمد والهمّ أو أعلم سرّ عدم كمده أصلا .
(وَما أَرْسَلْنا) إرسالا (فِي قَرْيَةٍ) مصر ما (مِنْ نَبِيٍّ) رسول أصلا وعوّروه وروّدوا أمره (إِلَّا أَخَذْنا) عدلا (أَهْلَها) إلّا سطوا ومحّصوا لسمودهم وردّهم أمر الرسول (بِالْبَأْساءِ) العسر والعدم (وَالضَّرَّاءِ) الداء والعلل أو المراد إهلاكهم ووكس أموالهم (لَعَلَّهُمْ) ردّاد الرسل معلّل (يَضَّرَّعُونَ) ( 94 ) المراد الطوع والإسلام ، وطرح رداء السمود وكساء الردّ .
----------
الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين) الدارين .
(فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم) فلم تصدقوني (فكيف ءاسى) أحزن (على قوم كافرين) وضع موضع عليكم للتعليل والاستفهام لمعنى النفي .
(وما أرسلنا في قرية من نبي) فلم تؤمنوا به (إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء) بالفقر والمرض (لعلهم يضرعون) كي يتذللوا .
ص: 327
(ثُمَّ بَدَّلْنا) محّصوا وأعطوا (مَكانَ) الحال (السَّيِّئَةِ) اللأواء الحال (الْحَسَنَةَ) السرّاء والملاء (حَتَّى عَفَوْا) أمروا عددا وعدّدا (وَقالُوا) طلاحا وردّا للآلاء وأمها لادّكارها ومحامدها (قَدْ مَسَّ) ووصل (آباءَنَا) الأطوار والأحوال (الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ) أرادوا هو معود الدهر وأطواره اللأواء طورا والسّرّاء طورا وما هو إصر اللّه للعدول والطّلاح (فَأَخَذْناهُمْ) سطوا وأوصل لهم الإصر والحدّ (بَغْتَةً) دروءا أو سرّا أسلم أحوالهم ، وهو حال سرورهم ووسعهم (وَ) الحال (هُمْ لا يَشْعُرُونَ) ( 95 ) وروده أصلا .
(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى) أهل الأمصار اللّاءوا عوروا الرسل وأهلكوا ، وورد المراد أهل أمّ الرحم وما حولها (آمَنُوا) أسلموا للّه ورسلهم وما عدلوا (وَاتَّقَوْا) الردّ وما عصوا لوسّع لهم العطاء و (لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ) لإسلامهم وورعهم (بَرَكاتٍ) أمطارا (مِنَ السَّماءِ وَ) مآكل (الْأَرْضِ) وصروع الطعام (وَلكِنْ كَذَّبُوا) الرسل وما أسلموهم (فَأَخَذْناهُمْ) عطوا وأوصل لهم الإصر والحدّ (بِما) آصار ومعارّ (كانُوا) دواما (يَكْسِبُونَ) ( 96 ) أو
----------
(ثم بدلنا) أعطيناهم (مكان السيئة) البلاء (الحسنة) النقمة (حتى عفوا) كثروا عددا أو عدة وأصله الترك أي تركوا حتى كثروا ومنه إعفاء اللحى (وقالوا) كفرا للنعمة (قد مس آباءنا الضراء والسراء) كما مسنا فهذه عادة الدهر بنا وبهم فلم يدعوا دينهم فنحن مثلهم (فأخذناهم) بالعذاب (بغتة) فجأة (وهم لا يشعرون) بنزوله .
(ولو أن أهل القرى) التي أهلكناها أو مطلقا (ءامنوا) بالله ورسله (واتقوا) المعاصي (لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) أي من كل جانب أو المطر والنبات (ولكن كذبوا) الرسل (فأخذناهم) بالقحط والشدة (بما كانوا يكسبون) من الكفر والمعاصي .
ص: 328
« ما » للمصدر والمراد لردّهم وسوء كدّهم .
(أَ فَأَمِنَ) أوراء ما مرّ المراد مع حصوله سلم (أَهْلُ الْقُرى) أعداء الرسل ، والمراد أهل أمّ رحم وما حولها (أَنْ يَأْتِيَهُمْ) ورودا (بَأْسُنا) الإصر والحدّ (بَياتاً) سمرا حال دلس ووكود وهمود وهو مصدر أصلا كالسلام (وَ) الحال (هُمْ نائِمُونَ) ( 97 ) ما لهم اطّلاع ورودها ولو سعواء .
(أَ وَ) « أ » للردّ والواو للوصل ، ورووا أو لا محرّك الواو (أَمِنَ) سلم (أَهْلُ الْقُرى) الأمصار (أَنْ يَأْتِيَهُمْ) لطلاحهم (بَأْسُنا) ورود الحرد والطرد (ضُحًى) حال لمع ومرور وكرور (وَ) الحال (هُمْ يَلْعَبُونَ) ( 98 ) عاملو لهو .
(أَ فَأَمِنُوا) أهل الأمصار (مَكْرَ اللَّهِ) عمل اللّه كعمل الماكر أو المراد عدل مكرهم أو عطوه وورد إصره دروءا (فَلا يَأْمَنُ) أصلا (مَكْرَ اللَّهِ) الملك العدل (إِلَّا الْقَوْمُ) الطّلاح (الْخاسِرُونَ) ( 99 ) اللّواء عدموا طول الأعمار وصار مأواهم الساعور .
(أَ وَلَمْ يَهْدِ) أما سطع وما لاح أو أما دلّ (لِلَّذِينَ يَرِثُونَ) أراد للرهط الملّاك (الْأَرْضَ) الرمكاء (مِنْ بَعْدِ) هلاك (أَهْلِها) ركّادها وملّاكها
----------
(أفأمن أهل القرى) المكذبون، الهمزة للتوبيخ والفاء للعطف وكذا في الثلاثة الآتية بالواو والفاء (أن يأتيهم بأسنا) عذابنا (بياتا) ليلا (وهم نائمون) في فرشهم .
(أوأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى) نهارا عند ارتفاع الشمس (وهم يلعبون) يلهون فيما لا ينفعهم (أفأمنوا مكر الله) استدراجه إياهم بالنعم وأخذهم بغتة (فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون) بالكفر وترك النظر .
(أولم يهد) بين (للذين يرثون الأرض من بعد أهلها) أي يخلفونهم في
ص: 329
(أَنْ) مطروح الاسم محموله (لَوْ نَشاءُ) سطوهم إصرا (أَصَبْناهُمْ) أرسل لهم الإصر وحلّهم كما حلّ أو لهم معلّلا (بِذُنُوبِهِمْ) آصارهم ومعارهم (وَ) لسرّ ما (نَطْبَعُ) اسم وسما سادّا أو اعلم علما صادّا (عَلى قُلُوبِهِمْ) أرواعهم وأسرارهم (فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) ( 100 ) سماع دهاء وادّكار .
(تِلْكَ الْقُرى) أمصار الأمم اللّاء مرّ كلام أحوالها (نَقُصُّ) أدرس وأحكو ، وهو حال أو محمول (عَلَيْكَ) محمّد ( ص ) ماصلا (مِنْ أَنْبائِها) أحوال أهلها لا كلّها ولها أحوال سواها لم أحكها (وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ) ورد أهلها (رُسُلُهُمْ) اللّاءوا أرسل لهم (بِالْبَيِّناتِ) مع الدوال السواطع (فَما كانُوا) أهل الأمصار (لِيُؤْمِنُوا) حال ورودهم الرسل معها ، واللّام مؤكّد للإعدام (بِما) أعلام (كَذَّبُوا) عوّروه وردّوه (مِنْ قَبْلُ) أمام ورود الرسل وأصرّوا عدولا وردّا ، أو المراد ما أسلموا مدد أعمارهم لما ردّوه أوّلا حال ورودهم الرسل وهلكوا عدّالا وردّادا (كَذلِكَ) الأعلام والوهم (يَطْبَعُ اللَّهُ) لسرّ داع (عَلى قُلُوبِ) أسرار الرهط (الْكافِرِينَ) ( 101 )
----------
ديارهم بعد هلاكهم (أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم) أي بجزائهم كما أصبنا من قبلهم (ونطبع) ونحن نختم (على قلوبهم) وإسناده إليه تعالى كناية من تمكن الكفر في قلوبهم أو إسناد إلى السبب أو مجاز عن ترك قسرهم على الإيمان (فهم لا يسمعون) الوعظ سماع قبول .
(تلك القرى) المذكورة (نقص عليك من أنبائها) بعض أخبار أهلها (ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات) بالمعجزات (فما كانوا ليؤمنوا) عند مجيئهم (بما كذبوا من قبل) بما كفروا به قبل مجيئهم بل استمروا على كفرهم (كذلك) الطبع (يطبع الله على قلوب الكافرين) يخليهم وشأنهم من رسوخ الكفر في
ص: 330
ردّاد الرسل .
(وَما وَجَدْنا) ما علم أصلا (لِأَكْثَرِهِمْ) الأمم أو ولد آدم (مِنْ عَهْدٍ) أداء عهد إسلام عوهدوه أوّلا لما هم كسروا ما عهد اللّه معهم إسلاما وورعا ، أو المراد ما عهدوا معه حال ما وصلهم العسر والعدم وهم سألوا الوسع (وَإِنْ) مطروح الاسم كما دلّ اللّام ، أو للإعدام واللّام ح لمدلول إلّا (وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ) الأمم أو ولد آدم (لَفاسِقِينَ) ( 102 ) أهل عداء الحدّ أو إلّا كسّارا للعهود .
(ثُمَّ بَعَثْنا) أرسل (مِنْ بَعْدِهِمْ) هؤلاء الرسل أو الأمم (مُوسى بِآياتِنا) الدوال السواطع والأعلام اللوامع (إِلى فِرْعَوْنَ) ملك مصر (وَمَلَائِهِ) رهطه (فَظَلَمُوا بِها) ردّوها وعوّروها وعملوا الطلاح محلّ الصلاح ، أو حدلوا ولد آدم لإسلامها وطوع أحكامها (فَانْظُرْ) وادّكر (كَيْفَ كانَ) صار (عاقِبَةُ) مآل حال الرهط (الْمُفْسِدِينَ) ( 103 ) لمّا أهلكهم الدّاماء .
----------
قلوبهم (وما وجدنا لأكثرهم) لأكثر الناس والآية اعتراض أو لأكثر المهلكين (من عهد) من وفاء بما عهده الله إليهم في الإيمان بنصب الحجج أو عهدوه إليه حين يقعوا في بلية أن يؤمنوا (وإن) مخففة (وجدنا أكثرهم لفاسقين) اللام فارقة وقيل بمعنى إلا وإن نافية .
(ثم بعثنا من بعدهم) بعد الرسل والأمم (موسى بآياتنا) المعجزات (إلى فرعون وملئه) أي أشراف قومه (فظلموا بها) بوضعها غير موضعها فأبدلوا الإيمان بها بالكفر (فانظر كيف كان عاقبة المفسدين) بالكفر من إهلاكهم .
ص: 331
(وَقالَ) الرسول (مُوسى) لملك مصر لمّا ورده (يا فِرْعَوْنُ) أراد ملك مصر (إِنِّي رَسُولٌ) مرسل لك (مِنْ رَبِّ) مالك (الْعالَمِينَ) ( 104 ) صروع العالم وعوّره الملك وردّ إرساله .
وأعلم الرسول محاورا لردّه وكلّم (حَقِيقٌ) حرّ أو مولع وهو محمول طرح محكومه (عَلى أَنْ لا أَقُولَ) لعدم إصدار الكلام أصلا (عَلَى اللَّهِ) الملك السلام (إِلَّا) الكلام (الْحَقَّ) الواطد الحاصل له (قَدْ جِئْتُكُمْ) لإصلاحكم مرسلا (بِبَيِّنَةٍ) أمر ساطع دالّ أراد العصا (مِنْ رَبِّكُمْ) مالككم ومصلحكم (فَأَرْسِلْ) سرّح (مَعِيَ) لركود محلّ الطهر ومركد ولّادهم الرسل والصلحاء (بَنِي إِسْرائِيلَ) ( 105 ) وحرّرهم ودعهم
(قالَ) الملك للرسول (إِنْ كُنْتَ جِئْتَ) كما هو وهمك (بِآيَةٍ) لدعواك (فَأْتِ بِها) أوردها وأرها (إِنْ كُنْتَ مِنَ) الملأ (الصَّادِقِينَ) ( 106 ) لو صحّ دعواك .
(فَأَلْقى) الرسول وطرح (عَصاهُ) سطح الرمكاء (فَإِذا هِيَ) عصاه (ثُعْبانٌ) أصمّ (مُبِينٌ) ( 107 ) ساطع لا إعوار ولا مسماس له .
وورد لمّا طرح الرسول العصا وصار صلّا مهوّلا وعمد الملك ، راع الملك وعرّد وصاح للرسول أعطه لأسلمك وأطاوعك وأرسلهم معك وعطاه الرسول وعاد عصا (وَنَزَعَ) سلّ (يَدَهُ) السمراء ممّا هو درعه
----------
(وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين) إليك (حقيق علي أن لا أقول على الله إلا الحق) أي بأن لا أقول (قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معي بني إسرائيل) أطلقهم من أسر العبودية وخل بيني وبينهم (قال فرعون إن كنت جئت بآية) تصدق دعواك (فأت بها إن كنت من الصادقين) فيها (فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين) حية عظيمة بينة لا يشك فيها (ونزع يده)
ص: 332
(فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ) لها احورار ولمع وراء الحدّ المعود داع (لِلنَّاظِرِينَ) ( 108 ) لإحساس أهل العالم وهطوعهم لها .
(قالَ الْمَلَأُ) الرؤساء (مِنْ قَوْمِ) رهط (فِرْعَوْنَ) الملك للملك (إِنَّ هذا) المرء (لَساحِرٌ عَلِيمٌ) ( 109 ) ماهر حول العصا أصمّ والآدم محوّرا لا معا .
(يُرِيدُ) حسدا (أَنْ يُخْرِجَكُمْ) كلّكم أهل مصر (مِنْ أَرْضِكُمْ) مصر لسحره وآمرهم الملك وسألهم (فَما ذا تَأْمُرُونَ) ( 110 ) ما أمركم وحلمكم لدسعه ودرء سحره ولعلّه همّ إهلاك الرسول .
(قالُوا) الملأ حوارا للملك (أَرْجِهْ) أمهل أمره أو أحصره ودع إهلاكه (وَأَخاهُ) وردأه (وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ) الأمصار رهطا (حاشِرِينَ) ( 111 ) لمّما لأهل السحر .
(يَأْتُوكَ) وهو حوار للأمر وهو أرسل (بِكُلِّ) مرء (ساحِرٍ عَلِيمٍ) ( 112 ) ما هو لعلم السحر ، ورووا « سحّار » محلّ « ساحر » والمراد كلّ ساحر مساو له سحرا . أو أكمله سحرا ، وورد الساحر عالم السحر لا معلّمه أو لا دوام لسحره والسحّار العالم المعلّم له أو لسحره دوام وأرسلهم الملك ولموّهم .
----------
أخرجها من جيبه (فإذا هي بيضاء) ذات شعاع يغلب نور الشمس (للناظرين) خلاف نورها من الأدمة .
(قال الملأ من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم) حاذق بالسحر (يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون) تشيرون في أمره (قالوا أرجه وأخاه) أخر أمرهما (وأرسل في المدائن حاشرين) جامعين (يأتوك بكل ساحر عليم) وقرىء سحار فحشروا .
ص: 333
(وَجاءَ) ورد (السَّحَرَةُ) واحدها الساحر صدد (فِرْعَوْنَ) الملك (قالُوا) له لعلّه حوار لسؤال أحد سأله ما كلّموا مع الملك لمّا وروده (إِنَّ لَنا لَأَجْراً) عدلا ومالا أو حلوا كاملا (إِنَّ) لو (كُنَّا نَحْنُ) رهط السحّار (الْغالِبِينَ) ( 113 ) كسّارا لسحره .
(قالَ) لهم الملك (نَعَمْ) لكم العدل والمال (وَإِنَّكُمْ) ح (لَمِنَ) الملأ (الْمُقَرَّبِينَ) ( 114 ) صدد الملك وحراه .
(قالُوا) السحّار (يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ ) عصاك أوّلا أمروه وراعوا حرمه (وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ) أهل السحر (الْمُلْقِينَ) ( 115 ) ما هو مدّ له وهو أعصى وأصداد وأكّدوا الكلام إعلاما لرومهم الطرح أوّلا .
(قالَ) رسول الهود للسحّار (أَلْقُوا) أمرهم الطرح أوّلا كرما وسماحا وإلهادا لأمره موعودا لعلوّ أمره (فَلَمَّا أَلْقَوْا) السحار ما معهم (سَحَرُوا) حصروا وحوّلوا (أَعْيُنَ النَّاسِ) عمّا هو أصل الأمر المدرك المعلوم وأروها ما هو عكسه ، ورد لمّا طرحوا أصدادهم وهراواهم الطوال راءها العالم صمّا طوالا ملاء الرمكاء ركم وعلا أحدها أحدا (وَاسْتَرْهَبُوهُمْ) هالوهم وراعوهم
----------
(وجاء السحرة فرعون) وهم سبعون أو أكثر (قالوا إن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين) وقرىء على الإخبار .
(قال نعم وإنكم لمن المقربين) أنعم عليهم بالأجر وزاد عليه (قالوا يا موسى إما أن تلقي) ما معك (وإما أن نكون نحن الملقين) ما معنا خيروه تجلدا أو تأديا ولكن لحرصهم على الإلقاء قبله غيروا الأسلوب إلى الأبلغ بتعريف الخبر وتوسيط الفصل .
(قال ألقوا) كرما وتوثقا بأمره (فلما ألقوا) حبالا طوالا وخشبا غلاظا (سحروا أعين الناس) صرفوها عن حقيقة إدراكها (واسترهبوهم) أرهبوهم
ص: 334
(وَجاؤُ) السحار (بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) ( 116 ) وسط صروع السحر أو إدراك الورّاد الرءاء .
(وَأَوْحَيْنا) إعلاما (إِلى) الرسول (مُوسى أَنْ أَلْقِ) اطرح (عَصاكَ) وطرحها وراءها العالم أصمّ طوالا (فَإِذا هِيَ) العصا (تَلْقَفُ) هو اللهم والسرط (ما) موصول أو للمصدر (يَأْفِكُونَ) ( 117 ) والمراد ما هم محوّلوه وطارحوه أو مسوّلهم ومموّههم ، ورد لمّا صار كلّ ما طرحوه ملهوما لها وهمّ الورّاد وهم راعوا وعرّدوا وهلك أمرهم وعطاها الرسول وعاد درؤها كما هو أوّلا وأعدم اللّه هؤلاء الأعطال الطوال كلّها علم السحار هو أمر اللّه وإلّا لما أرم وما عدم هؤلاء الأعطال .
(فَوَقَعَ) حصل وسطع (الْحَقُّ) الأمر الواطد (وَبَطَلَ) طاح وهلك ما سحر وعمل (كانُوا) أهل السحر (يَعْمَلُونَ) ( 118 ) ولاح لهم سداد الرسول .
(فَغُلِبُوا) الملك وعسكره وأهل السحر (هُنالِكَ) حال سطوع أمر الرسول وسداده (وَانْقَلَبُوا) ولّوا وعرّدوا أو عادوا للمصر أو صاروا (صاغِرِينَ) ( 119 ) دحورا أعاور عمّها .
----------
بالتخييل إليهم أنها حيات ملأت الوادي (وجاءوا بسحر عظيم) عند الناس.
(وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك) فألقاها فصارت حية (فإذا هي تلقف ما يأفكون) ما يقلبونه عن وجهه بالتمويه (فوقع الحق) ظهر وثبت (وبطل ما كانوا يعملون) من السحر (فغلبوا) أي فرعون وقومه (هنالك وانقلبوا صاغرين) صاروا أذلاء مبهوتين .
ص: 335
(وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ) طرحهم علم السداد والمراد أسرعوا هورهم ، أو ما اسطاعوا إمساك أعطالهم ممّا رأوا ، أو ألهمهم اللّه وحملهم وهووا وصاروا (ساجِدِينَ) ( 120 ) للّه .
(قالُوا) أهل السحر (آمَنَّا) إسلاما (بِرَبِّ الْعالَمِينَ) ( 121 ) مالك صروع العالم ومصلحها .
ولمّا وهم الملك هو مرادهم ومطاعهم صرّحوا ردّه وأوردوا إعلاما للمراد (رَبِّ) الرسول (مُوسى وَ) رسول هو ردؤه (هارُونَ) ( 122 ) .
(قالَ) لهم الملك (فِرْعَوْنُ) مهدّدا ومموّها (آمَنْتُمْ) إسلاما (بِهِ) اللّه أو الرسول (قَبْلَ أَنْ آذَنَ) وآمر (لَكُمْ إِنَّ) عملكم وعمل الرسول (هذا لَمَكْرٌ) ومحل (مَكَرْتُمُوهُ) معمول مواطأ لكم (فِي الْمَدِينَةِ) مصر أمام ورودكم الصحراء للموعد (لِتُخْرِجُوا مِنْها) مصر (أَهْلَها) أراد الإطراد أهلها وحصول ملكها لكم ممحوصا (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) ( 123 ) ما أوصلكم وأعاملكم هو كلام موعد مهدّد عمّاه أوّلا .
وأورد لإعلام مراده أمدا (لَأُقَطِّعَنَّ) واعلموا علما مؤكّدا واطدا لا إعوار معه أصرم (أَيْدِيَكُمْ) كلّكم (وَأَرْجُلَكُمْ) كلّكم (مِنْ خِلافٍ) كلّ ملاط
----------
(وألقي السحرة ساجدين) ألقاهم ما يبهرهم من الحق حتى يتمالكوا أنفسهم أو الله بإلهامهم ذلك ليكسر فرعون بمن أراد بهم كسر موسى .
(قالوا ءامنا برب العالمين) ولئلا يتوهم إرادة فرعون به أبدل منه (رب موسى وهرون قال فرعون) إنكارا عليهم (أءامنتم به) بموسى أو ربه (قبل أن ءاذن لكم إن هذا لمكر مكرتموه) شيء صنعتموه أنتم وموسى (في المدينة) في مصر قبل خروجكم (لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون) عاقبة أمركم (لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف) اليد اليمنى والرجل اليسرى
ص: 336
واحدا (ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ) أهل السحر (أَجْمَعِينَ) ( 124 ) ولا أدع أحدا لكم واعلاما لسواكم ، ورد هو أوّل مرء أسّسه وعمله .
(قالُوا) أهل السحر للملك (إِنَّا إِلى) كرم (رَبِّنا) إله الكلّ لا سواه (مُنْقَلِبُونَ) ( 125 ) لورود السام لا محال أو عوّاد مآلا ومعادا .
(وَما تَنْقِمُ) وما مكروه لك (مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا) إلّا الإسلام (بِآياتِ) أعلام اللّه (رَبِّنا) ودوالّه (لَمَّا جاءَتْنا) هؤلاء الدوال المراد وما مسوّؤك إلّا ما هو أصل المكارم وأكمل صوالح الأعمال وأسّها وهو الإسلام وسألوا دعاء (رَبِّنا) اللّهم مالك الملك والأمر (أَفْرِغْ) أعط إعطاء كاملا وأرسل إرسالا واسعا كما أرسل الماء إرسالا (عَلَيْنا صَبْراً) وطودا وحملا للمكاره حال عمل الملك ما هدّد وأوعد (وَتَوَفَّنا) وأعط الأرواح (مُسْلِمِينَ) ( 126 ) حصّاد الإسلام .
ورد عمل الملك معهم ما أوعدهم ، وورد ما أسطاع العمل معهم (وَقالَ الْمَلَأُ) الرؤساء (مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ) له (أَ تَذَرُ) هو الطرح والإرسال (مُوسى وَقَوْمَهُ) طوّعه (لِيُفْسِدُوا) للدعر والطلاح (فِي الْأَرْضِ) ممالك مصر
----------
(ثم لأصلبنكم أجمعين) لتفتضحوا ويعبر يعتبر بكم غيركم .
(قالوا إنا إلى ربنا منقلبون) إلى ثوابه راجعون بعد الموت .
(وما تنقم) تنكر (منا إلا أن ءامنا بآيات ربنا لما جاءتنا ربنا أفرغ علينا صبرا) عند فعل ما توعدونا به لئلا نرتد كفارا (وتوفنا مسلمين) ثابتين على الإسلام .
(وقال الملأ من قوم فرعون) له (أتذر موسى وقومه ليفسدوا في
ص: 337
ودعاء العالم للإسلام وطرحهم طوعك (وَيَذَرَكَ) وطرحه لك أو هو حوار للسؤال مع الواو (وَآلِهَتَكَ) المراد دماه اللاء أمر أهل العالم طوعها وأوهمهم وأعلمهم هو أعلاها (قالَ) الملك محاورا للملإ (سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ) رهط الرسول وأمر إهلاكهم إهلاكا عامّا (وَ) أملك سواهم وأسارهم أهل مصر ولا أمر إهلاكهم وهو مدلول (نَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ) كما عمل معهم أوّلا اعلاما وو ما لعدم حصول مولود موعود أعلم علماء الأسرار والأحكام ملكه وسطوه لأهل مصر (وَإِنَّا فَوْقَهُمْ) رهط الرسول (قاهِرُونَ) ( 127 ) أهل علوّ وسطو .
ورهط الرسول لمّا سمعوا ما هدّدهم الملك وحصر صدورهم وأعلموهم رسولهم (قالَ) رسولهم (مُوسى لِقَوْمِهِ) لرهطه وهو مسلّ لهم (اسْتَعِينُوا) روموا الإسعاد وحاولوا المدد وأمسكوا (بِاللَّهِ) ملك الملوك (وَاصْبِرُوا) سدادا (إِنَّ الْأَرْضَ) ممالك مصر ، واللّام للعهد أو المراد العموم ملك (لِلَّهِ) لا سواه (يُورِثُها) عطاء (مَنْ يَشاءُ) إعطاؤه (مِنْ عِبادِهِ) عموما (وَالْعاقِبَةُ) المحمود أمرها (لِلْمُتَّقِينَ) ( 128 ) اللّه وهو وعد لهم للإمداد وإعلام لادّكارهم ما وعدهم اللّه وهو إهلاك الأعداء وحصول
----------
الأرض) بدعاء الناس إلى مخالفتك (ويذرك وءالهتك) قيل اتخذ لقومه أصناما وأمرهم بعبادتها تقربا إليه ولذلك قال أنا ربكم الأعلى وقيل كان يعبد البقر ويأمرهم بعبادتها وعن علي (عليه السلام) (وءالهتك) أي عبادتك (قال سنقتل) بالتخفيف والتشديد (أبناءهم ونستحيي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون) متسلطون .
(قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا) على أذاه (إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة) المحمودة (للمتقين) وعد لهم بالنصر .
ص: 338
ملكهم ودورهم لهم .
(قالُوا) رهط الرسول له (أُوذِينا) أوصل الأعداء العسر والآلام وأهلكوا الأولاد (مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا) أمام إرسالك أو مولدك (وَ) أعادوا ما عملوا أوّلا (مِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا) رسولا (قالَ) لهم رسولهم (عَسى رَبُّكُمْ) لعلّ اللّه أراد آمل اللّه وأطمعه ، أورد الطمع لعدم علمه حصول ملك الأعداء لهم أو لأولادهم (أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ) إهلاك الأعداء الملك وعسكره (وَيَسْتَخْلِفَكُمْ) واحلالكم محالّهم وإملاككم ممالكهم (فِي الْأَرْضِ) ملك مصر ، واللّام للعهد (فَيَنْظُرَ) اللّه عملكم (كَيْفَ تَعْمَلُونَ) ( 129 ) حمدا وردّ إصلاحا وطلاحا وصار كما أمل الرسول وأهلك اللّه أعداءهم وملّكهم وأعطاهم ممالك مصر وعدّوا وطلحوا وألّهوا سواه ، وورد حصل ملك مصر لأولادهم عصر « داود » الرسول .
(وَلَقَدْ أَخَذْنا) سطوا (آلَ فِرْعَوْنَ) اطواعه (بِالسِّنِينَ) أصلها الأعوام عموما وصار اسما لأعوام العدم والمحل إعداما للأمواه والأمطار لأهل المهامة والصحراء (وَنَقْصٍ) وكس (مِنَ الثَّمَراتِ) الأحمال إرسالا للعلل والأدواء وهو لأهل الأمصار (لَعَلَّهُمْ) أله (يَذَّكَّرُونَ) ( 130 ) رود طرحهم السوء والإصرار وروم عملهم لحصول ادّكارهم الصوالح والمكارم .
----------
(قالوا) أي بنو إسرائيل (أوذينا) بقتل الأنبياء (من قبل أن يأتينا) بالرسالة (ومن بعد ما جئتنا) قالوه استبطاء لوعده إياهم بالنصر فجدده لهم (قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون) أخيرا أم شرا فيجازيكم به .
(ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين) بالقحط والجدب (ونقص من الثمرات)
ص: 339
(فَإِذا جاءَتْهُمُ) الحال (الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ) السرّاء (وَإِنْ تُصِبْهُمْ) حال (سَيِّئَةٌ) كأداء محل وعدم أحمال وأموال (يَطَّيَّرُوا) أصله علم أمر حسوما لوطا رصدا أو صرد أو سواهما وصار عاما للطور كلّها كالعطاس والآرام (بِمُوسى) رسول اللّه (وَمَنْ مَعَهُ) وأهل الإسلام موهومهم لا محصّل للسوء إلّا حصومهم (أَلا) اعلموا (إِنَّما) ما (طائِرُهُمْ) سرّ حسومهم وهو أعمالهم الطوالح أو سرّ سوءهم وصلاحهم إلّا مرسوم أو محكوم (عِنْدَ اللَّهِ) وهو مورده وموصله لحسوم معارهم وإصرارهم (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ) آل الملك (لا يَعْلَمُونَ) ( 131 ) سرّ حصوله وهو أعمالهم السوءاء .
(وَقالُوا) أهل مصر للرسول (مَهْما) أصله « ماما » الأوّل لحصول أمر لأمر ورصّع معه ما المؤكّد لمدلوله وعلّل وصار مهما ، أو أصله « مه » وهو كلام الرادع و « ما » المعهود رصّعا وحصل مهما ومدلوله كلّما أمر وهو محكوم أو معمول لعامل مطروح صرّحه (تَأْتِنا بِهِ) معاده مهما رعاء للدّال (مِنْ آيَةٍ) أمر دالّ هاد للسداد أوردوه وآما لدعواه وهو مصرّح لمهما (لِتَسْحَرَنا) أهل مصر المراد للمكر والسحر والردّ عما هو طوع الأول ومعود الرؤساء (بِها )
----------
بكثرة العاهات والآفات (لعلهم يذكرون) يتعظون.
(فإذا جاءتهم الحسنة) السعة والسلامة أو الخصب والرخاء (قالوا لنا هذه) استحقاقا (وإن تصبهم سيئة) حروب وبلاء أو جدب (يطيروا بموسى ومن معه) يتشاءموا بهم ويقولون ما أصابنا إلا بشؤمهم (ألا إنما طائرهم) سبب خيرهم وشرهم (عند الله ولكن أكثرهم لا يعلمون) ذلك وذكرت الحسنة معرفة مع إذا لكثرة وقوعها والسيئة منكرة مع أن لندورها.
(وقالوا مهما تأتنا به من ءاية) بزعمك (لتسحرنا) لتموه علينا (بها)
ص: 340
معاده مهما رعاء للمدلول (فَما نَحْنُ لَكَ) لألوكك أصلا ورأسا (بِمُؤْمِنِينَ) ( 132 ) طوّاعا .
(فَأَرْسَلْنا) إصرا وحدّا (عَلَيْهِمُ) أهل مصر (الطُّوفانَ) ما أحاطهم وكوّحهم وهو مطر ، أو مدّ علاهم ودمس محالّهم وماكرهم ، أو هلاك وسام عام ، أو امر للّه أحاطهم (وَالْجَرادَ) العسا وهو عسكر سطو اللّه وأكل مآكرهم وأحمالهم وحللهم وكساهم وسطوح محالّهم (وَالْقُمَّلَ) هو المعهود ، أو سوس أمّ الطعام ، أو هو أمّ سود وأكل ما أساره هؤلاء الأوّل ، وورد هو أولاد العسا (وَالضَّفادِعَ) ملاء أمواههم ومراكدهم وطعامهم واحده مدعوّ عدمولا (وَالدَّمَ) أراد دم معاطسهم أو صار أمواههم دما آياتٍ أعلاما ، وهو حال (مُفَصَّلاتٍ) معلوما حالها وأمرها ساطعا كمالها وحصولها أمرا وحكما لعلوّها عمّا هو المعود لأهل العالم ، أو أرسل كلّها أحاد أحاد مهلا وسط كلّ أمار وسواها دهر طوال ممدود (فَاسْتَكْبَرُوا) أهل مصر وعلوا وسمدوا وما أسلموا للرسول (وَكانُوا قَوْماً) ملأ (مُجْرِمِينَ) ( 133 ) أهل آصار ومعارّ وراء الحدّ .
----------
الهاء بمعنى ما، أو آية (فما نحن لك بمؤمنين) بمصدقين .
(فأرسلنا عليهم الطوفان) المطر الذي طاف بهم أو الطاعون أو الجدري روي أنه خرب دورهم ومساكنهم حتى خرجوا إلى البرية وضربوا الخيام (والجراد) فجردت كل شيء كان لهم من النبت والشجر حتى كانت تجرد شعورهم ولحيتهم (والقمل) كبار القردان فذهبت زروعهم وأصابتهم المجاعة (والضفادع) فامتلأت منها بيوتهم وثيابهم وأوانيهم (والدم) فصارت مياههم في فم القبطي دما وفي فم الإسرائيلي ماء (ءايات) حال (مفصلات) مبينات (فاستكبروا) عن الإيمان (وكانوا قوما مجرمين
ص: 341
(وَلَمَّا وَقَعَ) حلّ وحطّ (عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ) الإصر والحدّ وهو الدم أو كلّ ما مرّ واحدا واحدا (قالُوا) ولعا ومكرا (يا مُوسَى ادْعُ) واسأل (لَنا رَبَّكَ) إلهك موسّلا (بِما عَهِدَ) عهده ، أو هو معمول ل « ادع » (عِنْدَكَ) وهو الألوك أو المراد ما أوصاك أو عالمك أو وعدك ممّا هو سماع سؤالك واللّه (لَئِنْ كَشَفْتَ) لو سمع اللّه دعاءك وأماط (عَنَّا الرِّجْزَ) الإصر والسوء (لَنُؤْمِنَنَّ) سدادا (لَكَ) لألوكك (وَلَنُرْسِلَنَّ) إرسالا (مَعَكَ) كما هو مرامك (بَنِي إِسْرائِيلَ) ( 134 ) رهطك للمحلّ الأطهر والمركد الأكرم (فَلَمَّا) دعا الرسول وسمع دعاءه
و (كَشَفْنا عَنْهُمُ) أهل مصر (الرِّجْزَ) السوء والحدّ (إِلى أَجَلٍ) حدّ وأمد (هُمْ بالِغُوهُ) مدركوه وواصلوه لا محال ووارد لهم المكاره والآلام ، أو الإهلاك حال حلوله وإكماله (إِذا هُمْ) كلّهم (يَنْكُثُونَ) ( 135 ) حوار « لمّا » ، والمراد لمّا سلموا درءوا ودهموا كسر العهد وما أكروه والحاصل أسرعوا وكسروا العهد للحال لا مع مهل ودهاء .
(فَانْتَقَمْنا) هو عكس الإعطاء والإكرام (مِنْهُمْ) عدلا (فَأَغْرَقْناهُمْ) أوردوا وأهلكوا (فِي الْيَمِّ) هو داماء ما أدرك دركه ومحطه ، أو هو طمطامه ووسطه والمراد الداماء الملح أو داماء مصر وإهلاكهم معلّل (بِأَنَّهُمْ) أو لما هم (كَذَّبُوا) عوروا وما أسلموا (بِآياتِنا) الدوالّ السواطع ( وَكانُوا
----------
ولما وقع عليهم الرجز) العذاب وروي الثلج الأحمر ولم يروه قبل ذلك فماتوا عنه وجزعوا وأصابتهم ما لم يعهدوه (قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك) من إجابة دعوتك (لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه) ليتهيئوا فيه (إذا هم ينكثون) بادروا إلى نقض ما عهدوه (فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم) البحر (بأنهم) بسبب أنهم (كذبوا بآياتنا وكانوا
ص: 342
عَنْها ) علم سدادها وكمالها لا علم أمورهم وأحوالهم (غافِلِينَ) ( 136 ) مع إصعار وسهو .
(وَأَوْرَثْنَا) إعطاء (الْقَوْمَ) وملّك أمدا رهط الرسول (الَّذِينَ كانُوا) أوّلا (يُسْتَضْعَفُونَ) كوّحهم الأعداء وحوّلوهم أركّاء وحسّلوهم وأرسّوهم وأهلكوهم (مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا) مطالع ممالك مصر ومحادرها وممالك الطهر معا أو إحداهما والأوّل أصحّ (الَّتِي بارَكْنا) وسّع وعمّم (فِيها) الأكل والأحمال والدوح ومسل الماء (وَتَمَّتْ) كمل وعمّ أو حصل ودام (كَلِمَتُ) اللّه (رَبِّكَ الْحُسْنى) كلامه ووعده (عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ) رهط رسول اللّه وهو وعد إملاكهم ملك مصر وإهلاك الأعداء (بِما صَبَرُوا) لحملهم مكاره عدوّهم (وَدَمَّرْنا) إهلاكا وهدم واصطلم (ما) معامر وصروحا (كانَ يَصْنَعُ) عدوّ اللّه (فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ) رهطه وآله وسط ممالك مصر (وَ) هدم كلّ (ما كانُوا يَعْرِشُونَ) ( 137 ) مكسور الرّاء ، ورووا سواه والمراد كلّ ما أسّسوه وأعلوه وعمّروه للركود كصرح ردء ملك مصر أو ما أسّسوه للكروم والأحمال وهو أمد ما حكاه اللّه لإعلاء حال عدوه ملك مصر ورهطه .
----------
عنها غافلين) معرضين حتى صاروا كالغافلين عنها أو عن النقمة بقرينة فانتقمنا .
(وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون) بالاستعباد وهم بنو إسرائيل (مشارق الأرض ومغاربها) أرض مصر والشام تمكنوا في نواحيها بعد إهلاك العتاة (التي باركنا فيها) بالخصب والسعة (وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل) وهي قوله في القصص ونريد أن نمن إلخ (بما صبروا) على الشدائد (ودمرنا) أهلكنا (ما كان يصنع فرعون وقومه) من العمارات (وما كانوا يعرشون) من الشجر أو يرفعون من البنيان .
ص: 343
(وَ) لمّا هلك الأعداء (جاوَزْنا) إمرارا وسار الرسول (بِبَنِي إِسْرائِيلَ) وعدوا وصدعوا (الْبَحْرَ) الداماء المهلك لعدوّهم (فَأَتَوْا) مرّوا (عَلى قَوْمٍ) رهط أعماء (يَعْكُفُونَ) والمراد دوّام وهمّاك ، ورووه مكسور الوسط (عَلى) طوع (أَصْنامٍ) صور أطم (لَهُمْ) لهؤلاء الطّلاح الطوّع لها (قالُوا) ورها وعمها وطلاحا (يا مُوسَى) رسول اللّه (اجْعَلْ لَنا إِلهاً) عطلا مصوّرا مألوها لرهطك موسّلا موصّلا للّه (كَما) وما لا عمل لها إلّا صدّ عمل العامل الموصول معها (لَهُمْ) لهؤلاء الرهط العدّال وهو محمول محكومه (آلِهَةٌ) صور مألوه كلّها لهم (قالَ) لهم رسولهم (إِنَّكُمْ) لا إعوار (قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) ( 138 ) لا علم لكم أصلا لكلامكم السوء أوس كرم اللّه ورحمه وإهلاكه أعداءكم .
(إِنَّ هؤُلاءِ) الرهط العدّال (مُتَبَّرٌ) مكسّر مدمّر مهدوم ما عمل (هُمْ) أولاك الطّلاح همّاك (فِيهِ) والمراد اللّه هادم أمرهم وطوعهم الوالع وحاطم دماهم وكاسرها كسورا ومدمر رسومهم أعلامهم (وَباطِلٌ) معدوم ومعطّل (ما) عمل (كانُوا) الحال (يَعْمَلُونَ) ( 139 ) وهو طوعهم دماهم ولو حاولوا ممّا أطاعوا صدد اللّه لعدم وئامهم الأمر .
----------
(وجاوزنا) عبرنا (ببني إسرائيل البحر فأتوا) فمروا (على قوم) من العمالقة أو لخم (يعكفون على أصنام لهم) يقيمون على عبادتها (قالوا يا موسى اجعل لنا إلها) صنما نعبده (كما لهم ءالهة) ما كافة للكاف (قال إنكم قوم تجهلون) لبعد ما طلبتم وقد شاهدتم الآيات من العقل .
(إن هؤلاء) القوم (متبر) مهلك (ما هم فيه) من الدين (وباطل) مضمحل (ما كانوا يعملون) من عبادة الأصنام .
ص: 344
(قالَ) لهم رسولهم (أَ) للردّ (غَيْرَ اللَّهِ) الأهل للطوع وهو معمول (أَبْغِيكُمْ) أرومكم ، والأصل لكم طرح اللّام والمراد أحاول لكم (إِلهاً) مألوها (وَ) الحال (هُوَ) اللّه أعطاكم آلاء ما أعطاها سواكم (فَضَّلَكُمْ) كرّمكم وسوّدكم (عَلَى الْعالَمِينَ) ( 140 ) عوالم عصركم .
(وَ) ادّكروا إعطاءه الآلاء (إِذْ) حال ما (أَنْجَيْناكُمْ) سلّم رهطكم (مِنْ) سوء (آلِ فِرْعَوْنَ) عسكره وأطواعه والحال (يَسُومُونَكُمْ) أو هو كلام رأسا لا محلّ له ومدلوله هم موصلوكم ومطعموكم أو محاولوكم (سُوءَ الْعَذابِ) أحكمه وأكمله وهو (يُقَتِّلُونَ) أراد الإهلاك المدارك الكامل (أَبْناءَكُمْ) كلّهم (وَيَسْتَحْيُونَ) أصله روم العهر والمراد عدم الإهلاك (نِساءَكُمْ) المراد الحساكل وأورد ما هو اسم لسواها لمحا للمآل أو عام (وَفِي ذلِكُمْ) سلامكم وأمحاصكم أو إصركم (بَلاءٌ) إعطاء أو محاص وصعداء (مِنْ رَبِّكُمْ) المالك لأمركم أو المصلح لكم (عَظِيمٌ) ( 141 ) كامل أو عسر وادّكروا وارعووا عمّا هو كلام السوء .
(وَواعَدْنا) ورووا « وعد » محلّ « واعد » (مُوسى) الكلام وإعطاء الطرس صدد إكمال صوم (ثَلاثِينَ لَيْلَةً) ولاء ورد وعد الرسول المعهود رهطه
----------
(قال أغير الله أبغيكم إلها) أطلب لكم معبودا (وهو فضلكم على العالمين) في زمانكم بنعمكم الجسام فقابلتموها بأن قصدتم أن تشركوا به مخلوقة .
(و) اذكروا (إذ أنجيناكم من آل فرعون يسومونكم) يولونكم ويذيقونكم (سوء العذاب) أشده (يقتلون أبناءكم ويستحيون نساءكم) يستبقونهن للخدمة (وفي ذلكم) الإنجاء أو العذاب (بلاء) نعمة أو محنة ( ربكم عظيم وواعدنا) وقرىء ووعدنا (موسى ثلاثين ليلة) ذا القعدة
ص: 345
حال حلوله مصر لو أهلك اللّه عدوّهم أعطاهم طرسا للّه ، ولمّا هلك العدوّ سأل الرسول اللّه الطرس ، وأمره اللّه صوم عصر مرّ عدده ولمّا أكمل الصوم ساءه سهكه وساك وأعلمه اللّه وأوحاه أما معلوما لك روح الصوم أطهر وأروع صدد اللّه ممّا أراح المسك وأمره صوم عصر معدود وراء ما مرّ كما أورد .
(وَأَتْمَمْناها) صومها (بِعَشْرٍ) سواها (فَتَمَّ) وكمل (مِيقاتُ رَبِّهِ) عصر حدّ له وحكم له مالكه مدركا (أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) وهو حال (وَقالَ) الرسول (مُوسى) حال رواحه للطور روما وحوالا للسرار والطرس (لِأَخِيهِ) هو رسول ردئه المدعو (هارُونَ اخْلُفْنِي) صر موكّلا (فِي قَوْمِي) هؤلاء (وَأَصْلِحْ) أمورهم (وَلا تَتَّبِعْ) ودع (سَبِيلَ) سلوك صراط الرهط (الْمُفْسِدِينَ) ( 142 ) الدعار لو دعوك للدعر والطلاح .
(وَلَمَّا) ودّع ردؤه وسار و (جاءَ) ورد (مُوسى) الرسول (لِمِيقاتِنا) للعصر المحدود له الموعود لكلامه وإعطاء الطرس له (وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ) صراحا لا موسّطا أحدا كما كلّم الملك كلاما سمعه الرسول عامّا لكلّ المحالّ لا محدود حدّ ومحلّ ، ولمّا سمع كلامه طمع الإحساس والإدراك وسأل (قالَ) الرسول
----------
(وأتممناها بعشر) من ذي الحجة (فتم ميقات ربه) وقت وعده (أربعين ليلة) قيل وعد قومه أن يأتيهم بكتاب من الله فأمر بصوم ثلاثين فصامها فاستاك لخلوف فيه فأمر بعشر أخرى لإفساد السواك ريحه وقيل أمر بصوم ثلاثين ثم كلمه وأنزل عليه التوراة في العشر (وقال موسى لأخيه هرون) عند خروجه إلى الجبل للمناجاة (اخلفني) كن خليفتي (في قومي وأصلح) أمورهم (ولا تتبع سبيل المفسدين) طريقهم في المعاصي .
(ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه) بلا واسطة سمعه من كل جهة (قال
ص: 346
دعاء (رَبِّ) اللّهم (أَرِنِي) أعد وأعط الألوّ للاحساس والإدراك (أَنْظُرْ إِلَيْكَ) أحسك وأدركك وأرك (قالَ) اللّه للرسول (لَنْ تَرانِي) حالا مع كدر حسك أو لا ألوّ لك (وَلكِنِ انْظُرْ) ألمح (إِلَى الْجَبَلِ) الطور المسمهر الواطد المحكم (فَإِنِ اسْتَقَرَّ) رسا وركد الطور (مَكانَهُ) محلّه ومرساه (فَسَوْفَ تَرانِي) كما هو مسئولك وإلّا لا (فَلَمَّا تَجَلَّى) سطع ولاح (رَبُّهُ) مولاه مودوده (لِلْجَبَلِ) الطور وأعطاه الحسّ والإدراك أوّلا وهو رآه (جَعَلَهُ) حوّله (دَكًّا) مدكوكا وهو مصدر ، ورووا ممدودا ، ودكّا واحده دكّاء (وَخَرَّ) الرسول (مُوسى) صرعه هول ما رآه (صَعِقاً) معدوم الحسّ والحراك ، وهو حال (فَلَمَّا) أراح و (أَفاقَ) صحا وعاد حسّه وحراكه (قالَ) إكراما لما رآه (سُبْحانَكَ) أطهّرك وأعلم حراك طاهرا ممّا حام أحد حول حماك (تُبْتُ) سدادا (إِلَيْكَ) ممّا عمل لا مع علم الأمر كما هو ، وهو سؤال الإحساس حالا (وَأَنَا أَوَّلُ) الملأ (الْمُؤْمِنِينَ) ( 143 ) لعلوّ أمرك وسموّ كمالك وهم رهطه أو أهل عصره .
----------
رب أرني أنظر إليك) روي لما كرروا سؤال الرؤية وأوحى الله إليه يا موسى سألني ما سألوك فلن أؤاخذك بجهلهم (قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني) علق على المحال (فلما تجلى ربه للجبل) ظهر له أمره واقتداره أو نوره أو عظمته (جعله دكا) مدكوكا أي مدقوقا (وخر موسى صعقا) مغشيا عليه لهول ما رأى (فلما أفاق قال سبحانك) تنزيها لك عما لا يليق بك من الرؤية وغيرها (تبت إليك) من طلب الرؤية أو السؤال بلا إذن (وأنا أول المؤمنين) بأنك لا ترى .
ص: 347
(قالَ) اللّه (يا مُوسى) لمّا صار سرّك حراء للعلاء والكمال (إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ) أصله عطو الصراح والمحّ ، أو عدّ أمر صراحا والمراد حوله صراحا (عَلَى النَّاسِ) أهل عصرك (بِرِسالاتِي) الأوامر والأحكام أو ألواح الطرس ، ورووا مؤحّدا (وَبِكَلامِي) معك صراحا (فَخُذْ ما) أعداء ألوك وحكم (آتَيْتُكَ) إعطاء كرما وطولا (وَكُنْ مِنَ) الملأ (الشَّاكِرِينَ) ( 144 ) للالاء .
(وَكَتَبْنا) أمرا (لَهُ) للرسول (فِي الْأَلْواحِ) ألواح الطرس أصلها سدر دارالسلام (مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) مهمّ مروم (مَوْعِظَةً) أمرا معلما أهوال المآل (وَتَفْصِيلًا) إعلاما ساطعا كاملا (لِكُلِّ شَيْءٍ) حلال وحرام وحدود وأوامر وأحكام (فَخُذْها) أعط الألواح أورد الأمر لمحا لعهد مرّ (بِقُوَّةٍ) همك وكدّ وكدح وصرّ كعمل رؤساء الرسل (وَأْمُرْ قَوْمَكَ) رهطك (يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها) أصلح مرسومها وأولاه كالحلم وحمل المكاره والمحو للسوء رحما وكرما ومرسومها صالح كالإهلاك عرارا وأصلح كما مرّ (سَأُرِيكُمْ) رهط الإسلام والصلاح حالا أو معادا (دارَ) ممالك الرهط (الْفاسِقِينَ) ( 145 ) الدعار
----------
(قال يا موسى إني اصطفيتك) اخترتك (على الناس) من أهل زمانك (برسالاتي) وقرىء برسالتي (وبكلامي) وبتكليمي إياك (فخذ ما ءاتيتك) من النبوة والدين (وكن من الشاكرين) لنعمي .
(وكتبنا له في الألواح) ألواح التوراة وكانت سبعة أو عشرة من خشب أو ياقوت أو زمرد (من كل شيء) يحتاج إليه في الدين (موعظة وتفصيلا لكل شيء فخذها بقوة) بجد وعزيمة (وأمر قومك يأخذوا بأحسنها) أي بأحسن ما فيها من الفرائض والنوافل إذ هي أحسن من المباحات أو بحسنها وكلها حسن (سأريكم دار الفاسقين) فرعون وقومه وهي مصر أو منازل عاد وثمود وأمثالهم ليعتبروا بهم أو دارهم في الآخرة وهي جهنم .
ص: 348
حاكم مصر وأهلها ، أو مصارع أعداء الإسلام كعاد أو دار الآلام .
(سَأَصْرِفُ) سأصدّ (عَنْ) علم (آياتِيَ) وإدراكها وإسلامها المراد إدراك أحوال العالم الموصل لعلم الإلّ أو كلام اللّه ، والأوّل أصحّ الرهط (الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ) عملهم العلوّ والإصعار (فِي الْأَرْضِ) عالم الرهص (بِغَيْرِ الْحَقِّ) السداد وهو حال أراد والحال ما هم أهلا له والعلوّ مع السداد للّه وحده (وَإِنْ يَرَوْا) أهل السمود (كُلَّ آيَةٍ) أرسلها اللّه (لا يُؤْمِنُوا بِها) أصلا لعداهم وحسدهم أو لوكس أحلامهم (وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ) صراط (الرُّشْدِ) السداد وصلاح الأمر (لا يَتَّخِذُوهُ) طلاحا (سَبِيلًا) صراطا لسلوكهم (وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ) مسلك (الغَيِّ) العمة والطلاح (يَتَّخِذُوهُ) طوعا وإسراعا (سَبِيلًا) مسلكا لسلوكهم (ذلِكَ) الصدّ أو عطوهم ما مرّ صددا وهو صراط الطّلاح إلّا الأوّل معلّل (بِأَنَّهُمْ) هؤلاء الطّلاح (كَذَّبُوا) عوّروا (بِآياتِنا) دوالّ الإلّ والألوّ (وَكانُوا عَنْها) إدراك الدوال وإسلامها (غافِلِينَ) ( 146 ) حسدا ولددا لا إعوارا وسهوا .
(وَ) الملأ (الَّذِينَ كَذَّبُوا) عوّروا (بِآياتِنا) الدوال السواطع (وَلِقاءِ) ورود الدار (الْآخِرَةِ) وأحوالها أو حصول ما وعده اللّه معادا والموصول محكوم والمحمول (حَبِطَتْ) هلك (أَعْمالُهُمْ) الصوالح
----------
(سأصرف عن ءاياتي) عن إبطال دلائلي (الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق) متلبسين بالباطل وهو دينهم (وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها) لعنادهم (وإن يروا سبيل الرشد) الهدى (لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي) الضلال (يتخذوه سبيلا ذلك) الصرف (بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين) بسبب تكذيبهم بها وإعراضهم عنها .
(والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة) البعث وما يتبعه (حبطت أعمالهم
ص: 349
كوصل رحم وإعطاء مال للّه (هَلْ) ما (يُجْزَوْنَ إِلَّا ما) عدل أعمال سوء (كانُوا يَعْمَلُونَ) ( 147 ) وهو ردّ الرسل والمعاد وردّ دارالسلام والآلام مع أحوالهما .
(وَاتَّخَذَ) عمل (قَوْمُ) رهط (مُوسى) الرسول (مِنْ بَعْدِهِ) رواحه لموعد إلهه (مِنْ حُلِيِّهِمْ) اللّاء أعارها لهم أهل مصر لعرس وملكوها حال هلاكهم ، ورووه مكسور الحاء مطاوعا لكسر اللّام وموحّدا (عِجْلًا) عمل لهم الساحر المعهود المراد (جَسَداً) عطلا له لحم ودم أو عطلا عاطلا لا روح له و (لَهُ خُوارٌ) عرك مسموع كعراك الأطوم والمراد عطوه إلها (أَ لَمْ يَرَوْا) هؤلاء العدّال حال عطوهم له إلها (أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ) أصلا (وَلا يَهْدِيهِمْ) لسلوكهم (سَبِيلًا) ما (اتَّخَذُوهُ) إلها وألّهوه وعملوه عملا مردودا صدد أهل الأحلام أورده مكرّرا للومهم (وَكانُوا) حال عطوه إلها رهطا (ظالِمِينَ) ( 148 ) أحلّوا الطوع سواء محلها .
(وَلَمَّا) اسمهرّ سدمهم لإحلالهم الطوع سواء محلّها وهو مدلول (سُقِطَ) ورووه معلوما (فِي أَيْدِيهِمْ) وكمل همّهم (وَرَأَوْا) علموا علما
----------
هل) ما (يجزون إلا ما كانوا يعملون) إلا جزاء عملهم .
(واتخذ قوم موسى من بعده) بعد ذهابه للمناجاة (من حليهم عجلا جسدا) من ذهب لا روح فيه (له خوار) صوت قيل لما صاغه السامري ألقى في فمه من تراب أثر فرس جبرئيل فصار حيا وقيل احتال لدخول الريح جوفه فصوت (ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا) فكيف يتخذونه إلها (اتخذوه) إلها (وكانوا ظالمين) باتخاذه واضعين للعبادة في غير موضعها .
(ولما سقط في أيديهم) ندموا إذ النادم يعض يده فيصير مسقوطا فيها
ص: 350
معادلا للإحساس حال عود رسولهم (أَنَّهُمْ) لعدولهم (قَدْ ضَلُّوا) سواء الصرط (قالُوا) آحادهم (لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا) اللّه (رَبُّنا) سماعا للهود وإرسالا للطرس (وَ) لم (يَغْفِرْ لَنا) عمل السوء محوا له (لَنَكُونَنَّ) لا إعوار (مِنَ) الملأ (الْخاسِرِينَ) ( 149 ) حالا ومآلا .
(وَلَمَّا رَجَعَ) عاد (مُوسى) الرسول (إِلى قَوْمِهِ) رهطه (غَضْبانَ) حاردا وهو حال (أَسِفاً) كامل الحرد أو مهموما ، وهو حال (قالَ) الرسول لهم (بِئْسَما) عملا (خَلَفْتُمُونِي) الحاصل ساء عملا معمولا لكم (مِنْ بَعْدِي) الرواح الطور وهو طوعكم العطل المصوّر ، والكلام مع هؤلاء العدّال أو مع رسول هو ردؤه وأهل الإسلام (أَ عَجِلْتُمْ) أصله روم أمر أمام حلول عصره والمراد طوعهم العطل المصوّر إسراعا وطرحهم الأمر (أَمْرَ رَبِّكُمْ) والأمر رصود عود الرسول مع إحصاء عهده لإعطاء الطرس وحرس ما وصّاهم الرسول وحصر الرسول و (وَأَلْقَى) طرح (الْأَلْواحَ) حردا للّه (وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ) الرّدء الحمول حردا لما طرح الأمر والحال (يَجُرُّهُ إِلَيْهِ
----------
(ورأوا) علموا (أنهم قد ضلوا) بعبادة العجل (قالوا لئن لم يرحمنا ربنا) بقبول التوبة (ويغفر لنا) ذنبنا (لنكونن من الخاسرين).
(ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا) حزينا أو شديد الغضب (قال بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربكم) وعده الذي وعدنيه من الأربعين فلم تصبروا وقدرتم موتي وأشركتم (وألقى الألواح) ألواح التوراة غضبا لله وحمية للدين فمنها ما تكسر ومنها ما بقي ومنها ما ارتفع (وأخذ برأس أخيه) بذؤابته ولحيته (يجره إليه) غضبا إلى قومه كما يفعل الغضبان بنفسه أو
ص: 351
قالَ) ردؤه (ابْنَ أُمَّ) ورووا مكسورا أورد الأمّ لا الوالد لإسلامها ولروم الرّحم (إِنَّ) هؤلاء (الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي) حسلوا الأمر والردع (وَكادُوا) وأمّوا (يَقْتُلُونَنِي) ولم آل حولا لإعلامهم وحولهم (فَلا تُشْمِتْ) حردا (بِيَ الْأَعْداءَ) واطرح عملا هو معمول الأعداء اللّاءوا ألهّوا ولد الأطوم (وَلا تَجْعَلْنِي) موصولا معدودا (مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) ( 150 ) أهل العدول .
ولمّا لاح له أمره وحاله وسداده (قالَ) الرسول دعاء (رَبِّ) اللهم (اغْفِرْ لِي) ما عمل مع الرسول المعصوم (وَلِأَخِي) لو ألا أمرا وردعا (وَأَدْخِلْنا) معا (فِي رَحْمَتِكَ) حرسك حالا ودارك مآلا (وَأَنْتَ) اللّه (أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) ( 151 ) أرحم لكلّ أحد ممّا عطله .
(إِنَّ) الملأ (الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ) إلها (سَيَنالُهُمْ) هو الوصول (غَضَبٌ) هرد (مِنْ رَبِّهِمْ) مالكهم ومصلح أمورهم وهو أمرهم إهلاك
----------
سحبه معه حتى ينزل بهم العذاب (قال ابن أم) بفتح الميم وكسرها وذكر الأم استعطافا واستبعادا للعداوة بين بني أم واحدة وكان الأب واحد (إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني) لشدة إنكاري عليهم (فلا تشمت بي الأعداء) لا تسرهم بأن تفعل بي ما ظاهره الإهانة (ولا تجعلني مع القوم الظالمين) بعبادة العجل أي من جملتهم في إظهار الغضب علي .
(قال رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك) بالإنعام علينا (وأنت أرحم الراحمين) أرحم منا بأنفسنا .
(إن الذين اتخذوا العجل) إلها (سينالهم غضب من ربهم) عذاب الآخرة
ص: 352
آحادهم آحادا لسماع الهود (وَذِلَّةٌ) دحور (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) وهو إطرادهم أو عطو أموالهم كما عهد (وَكَذلِكَ) كما أوصل لهم العدل لطلاحهم (نَجْزِي) أوصل العدل الرهط (الْمُفْتَرِينَ) ( 152 ) حوّك الولع ولا ولع أكمل ممّا ولعوا وهو ادّعاءهم ولد الأطوم المصوّر إلها ولعلّه ما ولع أحد كولعهم لا أمامهم ولا ورائهم .
(وَ) الملأ (الَّذِينَ عَمِلُوا) الأعمال (السَّيِّئاتِ) وعصوا وردّوا الإسلام (ثُمَّ تابُوا) عادوا عمّا أساءوا (مِنْ بَعْدِها) طوالح الأعمال (وَآمَنُوا) أسلموا ومحصوا الإسلام (إِنَّ رَبَّكَ) اللّه (مِنْ بَعْدِها) أولاك الأعمال أو وراء الهود (لَغَفُورٌ) لهم محّاء لأعمالهم السوءاء ولو كوامل (رَحِيمٌ) ( 153 ) مولّ لهم دارالسلام .
(وَلَمَّا سَكَتَ) أورده لمّا أحلّ الحرد محلّ الآمر والمراد هدء (عَنْ مُوسَى) الرسول (الْغَضَبُ) الحرد (أَخَذَ) عطا (الْأَلْواحَ) اللاء طرحها (وَفِي نُسْخَتِها) مسطور الألواح ومرسومها (هُدىً) إعلام لسواء الصراط (وَرَحْمَةٌ) وصلاح (لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ) لا لسواه (يَرْهَبُونَ) ( 154 )
----------
أو أمرهم بقتل أنفسهم (وذلة في الحياة الدنيا) الجلاء أو الجزية (وكذلك) الجزاء (نجزي المفترين) على الله بالإشراك وغيره .
(والذين عملوا السيئات) من شرك وغيره (ثم تابوا) عنها (من بعدها وءامنوا) واستقاموا على الإيمان (إن ربك من بعدها) بعد التوبة (لغفور) لهم (رحيم) بهم .
(ولما سكت) سكن (عن موسى الغضب أخذ الألواح) التي ألقاها (وفي نسختها) فيما نسخ فيها أي كتب (هدى) بيان للحق (ورحمة) دعاء إلى الخير (للذين هم لربهم يرهبون) يخشون .
ص: 353
وهو الروع ورد المعمول مع اللام لما دلّ عمل عامله لورود المعمول أوّلا .
(وَاخْتارَ) أولا الماء (مُوسى) الرسول (قَوْمَهُ) اللّاء ما ألهو ولد الأطوم ، أصله مكسور وطرح كاسره وأوصل العامل (سَبْعِينَ رَجُلًا) مرءا (لِمِيقاتِنا) لموعد حدّ لسوادهم محو معارّ رهط الهواء ولد الأطوم (فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ) وصلهم (الرَّجْفَةُ) العرك المروّع المهلك أو الحراك الكامل المهلك لعدم حرودهم رهط السوء لمّا ألهوا ما ألهوا (قالَ) الرسول سؤالا (رَبِّ) مالك الأمر ومصلحه (لَوْ شِئْتَ) الإهلاك (أَهْلَكْتَهُمْ) هؤلاء الملأ لما أساءوا وما حردوا (مِنْ قَبْلُ) أمام الدلوع أراد لو أهلكوا أوّلا لمّا هاره رهطه إهلاكهم (وَإِيَّايَ) لمّا أهلك واحد أهل مصر (أَ تُهْلِكُنا) اللهم إصرا (بِما) عمل (فَعَلَ) الرهط (السُّفَهاءُ) عدماء العلوم واكسو الأحلام (مِنَّا) أهل الإسلام (إِنْ) ما (هِيَ ) السواء (إِلَّا فِتْنَتُكَ) أمرك الممحّص (تُضِلُّ) عمها معلولا (بِها) كلّ (مَنْ تَشاءُ) دحوره وطلاحه (وَتَهْدِي) كلّ (مَنْ
----------
(واختار موسى قومه) أي من قومه (سبعين رجلا لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة) قيل أمره الله أن يختارهم ليكلمه بحضرتهم ليشهدوا عند بني إسرائيل فلما سمعوا كلامه قالوا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة أو الزلزلة فصعقوا (قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل) قبل خروجي بهم (وإياي) لئلا يتهمني بنو إسرائيل (أتهلكنا بما فعل السفهاء منا) استفهام استعطاف أي لا تؤاخذنا بذنب غيرنا من طلب الممتنع وهو الرؤية فيكون الطالب بعضهم وقيل عبادة العجل (إن هي إلا فتنتك) ما الرجفة إلا ابتلاؤك ليتميز الصابر من غيره أو عذابك (تضل بها من تشاء وتهدي من
ص: 354
تَشاءُ) هداه وسداده وإكرامه (أَنْتَ) اللّهم (وَلِيُّنا) المالك أو الممدّ أو المصلح (فَاغْفِرْ) امح (لَنا) المعارّ (وَارْحَمْنا) وأوّل الآلاء (وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ) ( 155 ) لمحوك السوء وأوسك محلّه ما هو أصلح .
(وَاكْتُبْ) واحصى (لَنا فِي هذِهِ) الدار (الدُّنْيا حَسَنَةً) سلاما أو ألوا للطوع (وَ) أسطر (فِي الْآخِرَةِ) دارالسلام روحا وسرورا (إِنَّا هُدْنا) هو العود ، ورووه مكسور الهاء أصله هاده أماله (إِلَيْكَ) طوعك (قالَ) اللّه (عَذابِي) ما هو عاما حاله (أُصِيبُ بِهِ) أوصله (مَنْ أَشاءُ) حدّه وإصره (وَرَحْمَتِي) حالها العموم (وَسِعَتْ) عموما (كُلَّ شَيْءٍ) مسلم وسواه حالا (فَسَأَكْتُبُها) سأرسمها وأحوّلها مآلا (لِلَّذِينَ) لرهط محمّد اللّاءوا (يَتَّقُونَ) السوء (وَيُؤْتُونَ) إعطاء (الزَّكاةَ) المأمور أداؤها أوردها لما عسر أداؤها (وَ) للملإ (الَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا) الطروس كلّها (يُؤْمِنُونَ) ( 156 ) سدادا .
(الَّذِينَ) محمول ل « هم » المطروح أو محكوم (يَتَّبِعُونَ) طوعا والمراد مسلمو أهل الطرس (الرَّسُولَ) الموحى له الطرس الكامل وهو كلام اللّه (النَّبِيَّ) مطو أمور صوارم للمعود (الْأُمِّيَّ) ما حصّل الرسم ولا درس
----------
تشاء) بلطفك فيصبر (أنت ولينا) متولي أمرنا (فاغفر لنا) ذنوبنا (وارحمنا وأنت خير الغافرين).الساترین تستر و تبدلها بالحسنة
(واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة) نعمة وتوفيق طاعة (وفي الآخرة) حسنة الجنة (إنا هدنا) تبنا (إليك) من هاده أماله (قال عذابي أصيب به من أشاء) من العباد (ورحمتي وسعت كل شيء) في الدنيا البر والفاجر (فسأكتبها) أثبتها في الآخرة (للذين يتقون) الشرك والمعاصي (ويؤتون الزكاة) خصت بالذكر لفضلها أو لأنها أشق (والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين) مبتدأ خبره يأمرهم أو خبر محذوف أي هم الذين (يتبعون الرسول النبي) محمد صلی الله علیه واله(الأمي)
ص: 355
المرسوم أورده لما هو أحد أدلّاء سواطع إرساله محمدا صلعم (الَّذِي يَجِدُونَهُ) اسمه ومحامده أهل الطرس (مَكْتُوباً) مرسوما (عِنْدَهُمْ فِي) طرسهم (التَّوْراةِ وَ) طرسهم (الْإِنْجِيلِ) ومحموله (يَأْمُرُهُمْ) الرسول (بِالْمَعْرُوفِ) الإسلام وكلّ صلاح (وَيَنْهاهُمْ) ردعا (عَنِ) الأمر (الْمُنْكَرِ) طوع سواء اللّه وعدم وصل الأرحام (وَيُحِلُّ لَهُمُ) أكل (الطَّيِّباتِ) ممّا حرّمهم اللّه أوّلا كالدسوم أو ممّا حرّموه وهما كحام وسواه (وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ) لإصلاحهم (الْخَبائِثَ) ما هو مكروه سوسا كالدم والهالك لا مع السحط وما أهلّ لسواء اللّه حال سحطه أو حكما كالرماء والحلو (وَيَضَعُ) والحطّ (عَنْهُمْ) كلّهم (إِصْرَهُمْ) أحمالهم والمراد الأوامر الصعداء وأحكام الأعاسر كإهلاك المرء هودا أو صرم محلّ الركس صرما أو سواه ، ورووه آصارهم (وَالْأَغْلالَ) الأحكام (الَّتِي كانَتْ) أوّلا (عَلَيْهِمُ) كالإهلاك عرارا سواء حصل الإهلاك عمدا أو سهوا ولا وداء ولا إعطاء مال (فَالَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (بِهِ) محمّد الرسول صلعم (وَعَزَّرُوهُ) أكرموه أو ردعوا عدّوه (وَنَصَرُوهُ) أسعدوه وأمدّوه (وَاتَّبَعُوا) طاوعوا (النُّورَ) اللامع (الَّذِي أُنْزِلَ) أرسل له وهو كلام اللّه (مَعَهُ) مع طوع الرسول وهو
----------
المنسوب إلى أم القرى أو الذي لا يكتب ولا يقرأ (الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل) باسمه ونعته (يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات) مما حرم في شرعهم (ويحرم عليهم الخبائث) كالميتة ونحوها (ويضع عنهم إصرهم) ما يشق عليهم من التكاليف (والأغلال) العهود (التي كانت عليهم) بالعمل بما في التوراة (فالذين ءامنوا به وعزروه) وقروه (ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه) أي مع رسالته وهو
ص: 356
مصرّح لطوع كلام اللّه وكلام رسوله (أُولئِكَ) مسلموه ومطاوعوه (هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ( 157 ) واصلو كلّ سرور وسالمو كلّ سوء .
(قُلْ) محمّد ( ص ) (يا أَيُّهَا النَّاسُ) أولاد آدم عموما (إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ) مرسل إلهكم ومالككم (إِلَيْكُمْ) لإصلاحكم (جَمِيعاً) طرّا ، وهو مرسل لإصلاح الكلّ الأحمر والأسود ، والرسل الأول أرسلوا لإصلاح أرهاطهم لا للكلّ ، وهو حال لكم (الَّذِي) هو مدح للّه أو معمول ل « أمدح » ، أو محمول لمطروح ، ومحكوم محموله لا إله إلّا هو (لَهُ) للّه ملكا وأسرا (مُلْكُ السَّماواتِ) كلّها مع عمّارها (وَ) ملك (الْأَرْضِ) مع أهلها (لا إِلهَ) مألوه (إِلَّا هُوَ) اللّه أو هو اعلام لمراد له ملك ، ولا أهل للإلّ إلّا هو لمّا هو (يُحيِي) كلّ أحد أراد عمره (وَيُمِيتُ) كلّ أحد أراد عصوره (فَآمِنُوا) أسلموا (بِاللَّهِ) وحده (وَ) محمّد ( ص ) (رَسُولِهِ) أكمل الكمل (النَّبِيِّ) مطو أمور صوارم للمعود (الْأُمِّيَّ) معدم الرسم ودرس المرسوم (الَّذِي يُؤْمِنُ) سدادا (بِاللَّهِ) ملك الملوك (وَكَلِمَتُهُ) طروسه ، ورووا موحّدا لمّا أراد العموم أو كلام اللّه أو روح اللّه (وَاتَّبِعُوهُ) الرسول وطاوعوه (لَعَلَّكُمْ) لإسلامكم وطوعكم (تَهْتَدُونَ) ( 158 ) لسواء الصراط .
----------
علي (عليه السلام) أو القرآن (أولئك هم المفلحون) الفائزون بالثواب الناجون من العقاب.
(قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا) إلى الثقلين (الذي له ملك السموات والأرض) صفة الله أو مبتدأ خبره (لا إله إلا هو يحيي ويميت) تقرير لاختصاصه بها (فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته) القرآن والوحي والكتب المتقدمة (واتبعوه لعلكم تهتدون) إلى الثواب أو الجنة .
ص: 357
(وَمِنْ قَوْمِ) رهط (مُوسى) الرسول (أُمَّةٌ) ملأ والمراد مسلمو عصره أو مسلمو أهل الطرس ك « ولد سلام » وطوّعه (يَهْدُونَ) أهل العالم (بِالْحَقِّ) السداد وهو حال (وَبِهِ) السداد لا سواه (يَعْدِلُونَ) ( 159 ) حكما .
(وَقَطَّعْناهُمُ) رهط رسول الهود وصعصوا وحوّلوا (اثْنَتَيْ عَشْرَةَ) حال ، ورووا مكسور الوسط وأورد (أَسْباطاً) لا موحّدا كما هو الأصل لمّا أراد رهطا ، ومدلولها أولاد الولد والمراد حوّلوا (أُمَماً) أرهاطا (وَأَوْحَيْنا) إرسالا (إِلى مُوسى) الرسول (إِذِ) لمّا (اسْتَسْقاهُ) الرسول وحاوله مؤه الماء حال حلول المهمة (قَوْمُهُ) رهطه (أَنِ اضْرِبْ) وأغص (بِعَصاكَ الْحَجَرَ) المعهود وعصاه (فَانْبَجَسَتْ) صدع ولدع (مِنْهُ) عصو العصا أو الصلد حال عصوه (اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً) مسلا عدد الأرهاط (قَدْ عَلِمَ) وأدرك (كُلُّ أُناسٍ) كلّ رهط (مَشْرَبَهُمْ) مماههم ومحلّ علسهم (وَظَلَّلْنا) كرما (عَلَيْهِمُ) كلّهم (الْغَمامَ) السدد لحرسهم الحرّ (وَأَنْزَلْنا) إرسالا
----------
(ومن قوم موسى أمة) جماعة (يهدون بالحق وبه يعدلون) في الحكم هم الثابتون على الإيمان من أهل زمانه أو مؤمنوا أهل الكتاب، وروي هم قوم وراء الصين مسلمون يخرجون مع قائم آل محمد .
(وقطعناهم) فرقنا بني إسرائيل (اثنتي عشرة أسبأطا) قبائل بدل (أمما) صفة أسبأطا.
(وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه) في التيه (أن اضرب بعصاك الحجر) فضربه (فانبجست) انفجرت (منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس) كل سبط (مشربهم وظللنا عليهم الغمام) تقيهم الشمس (وأنزلنا
ص: 358
(عَلَيْهِمُ) لأكلهم الطعام (الْمَنَّ) طلّ السماء الوارد الحلو المحوّل حال وروده عسلا (وَ) لحم (السَّلْوى) المهرء المعدّ وأمروا (كُلُوا) أكلا واسعا (مِنْ طَيِّباتِ) أطهار (ما رَزَقْناكُمْ) مطعومكم (وَما ظَلَمُونا) لما حدلوا وطرحوا إحصاء الآلاء (وَلكِنْ كانُوا) هؤلاء الحدّال (أَنْفُسَهُمْ) لا سواهم (يَظْلِمُونَ) ( 160 ) لعود عدل حدلهم لهم .
(وَ) ادّكر محمّد ( ص ) (إِذْ) لمّا (قِيلَ) أمر (لَهُمُ اسْكُنُوا) أركدوا (هذِهِ الْقَرْيَةَ) صعد الطهر ومرامس الرسل (وَكُلُوا مِنْها) ما أعدّ لأكلكم (حَيْثُ) كلّ محلّ (شِئْتُمْ) مواما لرودكم (وَقُولُوا) الأمر والمراد المسؤول (حِطَّةٌ) حطّ الآصار والمعارّ (وَادْخُلُوا الْبابَ) ردوا واسلكوا مورد المصر ومسلكها (سُجَّداً) ركّعا (نَغْفِرْ) أمحو (لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ) معاركم ، ورووه موحدا (سَنَزِيدُ) ما أورده مع واو الوصل لمّا أعلم ما هو الأكرم محص صراح لا عدل لما أمروا الملأ (الْمُحْسِنِينَ) ( 161 ) الطوّع عدلا وعطاء وهو وعد لمحو الآصار .
(فَبَدَّلَ) الملأ (الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) حدلوا وعصوا (قَوْلًا) كلاما (غَيْرَ) الكلام (الَّذِي قِيلَ) أمر (لَهُمْ) وهو كلام مدلوله الهود وروم حطّا لآصار وسألوا محلّها السمراء (فَأَرْسَلْنا) طردا (عَلَيْهِمْ) هؤلاء الطّلاح
----------
عليهم المن والسلوى) وقلنا لهم (كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) فسر في البقرة .
(وإذا قيل لهم أسكنوا هذه القرية) بيت المقدس (وكلوا منها حيث شئتم وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدا نغفر لكم خطيئاتكم) وقرىء خطاياكم وخطيئتكم (سنزيد المحسنين) ثوابا (فبدل الذين ظلموا منهم قولا غير الذي قيل لهم فأرسلنا عليهم
ص: 359
(رِجْزاً) إصرا وحدّا (مِنَ السَّماءِ) عالم الأمر إرسالا معلّلا (بِما كانُوا يَظْلِمُونَ) ( 162 ) حدلهم .
(وَسْئَلْهُمْ) اسأل الهود محمّد ( ص ) (عَنِ) أحوال أهل (الْقَرْيَةِ) وما حصل لهم (الَّتِي كانَتْ) أوّلا (حاضِرَةَ الْبَحْرِ) صدد الداماء الملح (إِذْ) حال (يَعْدُونَ) أهلها الحدّ المحدود وهو سموّ السمك المحرّم (فِي) حال إكرامهم أمر (السَّبْتِ) وعدوهم (إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ) سمكهم (يَوْمَ) إكرامهم أمر (سَبْتِهِمْ) وهو مصدر ، وورد هو اسم (شُرَّعاً) سطّعا سطح الماء ، وهو حال (وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ) طرحهم إكرام أمره (لا تَأْتِيهِمْ) سمكهم أصلا (كَذلِكَ) كما محّصوا (نَبْلُوهُمْ) أمحصهم (بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) ( 163 ) لعدوهم الحدّ المحدود ، ولمّا صاد أهلها السمك صاروا أرهاطا رهط صادوا ورهط ردعوهم ورهط أمسكوا ما صادوا وما ردعوا .
(وَإِذْ) حال (قالَتْ أُمَّةٌ) صلحاء أمسكوا أو ردعوا وملّوا وكلّوا
----------
رجزا من السماء بما كانوا يظلمون) فسر في البقرة .
(واسئلهم) توبيخا (عن القرية) عن أهلها وما وقع بهم (التي كانت حاضرة البحر) بقرية وهي أيلة بين مدين والطور وقيل مدين (إذ يعدون) يتجاوزون حد الله (في السبت) بالصيد فيه وذلك أنهم نهوا عن ذلك فاتخذوا حياضا لا يتهيأ للحيتان الخروج منها فكانت تدخلها في السبت فيصيدونها يوم الأحد (إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا) ظاهرة على الماء (ويوم لا يسبتون) لا يعظمون السبت أي سائر الأيام (لا تأتيهم كذلك) البلاء (نبلوهم بما كانوا يفسقون) بفسقهم .
(وإذ قالت أمة منهم) وكانوا ثلاث فرق فرقة صادوا وفرقة نهوا وفرقة أمسكوا
ص: 360
(مِنْهُمْ) أهلها لرهط ردعوهم أو رهط ردعوا وما ملّوا وما كلّوا (لِمَ تَعِظُونَ) ما لمّ ردعكم (قَوْماً) رهطا (اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ) مدمّرهم ومدمدمهم (أَوْ مُعَذِّبُهُمْ) مؤلمهم (عَذاباً) ألما (شَدِيداً) صعدا محكما كاملا (قالُوا) أهل الردع حوارا لسؤالهم (مَعْذِرَةً) لحصول محال أو مصدر طرح عامله ، ورووه محمولا لمطروح (إِلى) اللّه (رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ) هؤلاء الطّلاح (يَتَّقُونَ) ( 164 ) سمو السمك والحاصل ولطمع الارعواء ولا حاسم للطمع إلّا هلاكهم .
(فَلَمَّا) أصعر أهلها سمودا (نَسُوا) طرحوا ما عملا (ذُكِّرُوا بِهِ) أمره الصلحاء وما عادوا (أَنْجَيْنَا) سلم الرهط (الَّذِينَ يَنْهَوْنَ) عملهم الردع (عَنِ) العمل (السُّوءِ) المكروه (وَأَخَذْنَا) أولم الرهط (الَّذِينَ ظَلَمُوا) وعدوا عما حدّ لهم وهم مصطادو السمك أو هم ورهط ما ردعوهم (بِعَذابٍ) ألم وحدّ (بَئِيسٍ) مكروه مؤكد محكم معلّل (بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) ( 165 ) عدوهم الحدّ .
(فَلَمَّا) ساءوا و (عَتَوْا) عدوا وعلوا (عَنْ ما) حدّ (نُهُوا) ردعوا
----------
فقالت الماسكة للناهية (لم تعظون قوما الله مهلكهم) في الدنيا (أو معذبهم عذابا شديدا) في الآخرة (قالوا) جوابا لسؤالهم موعظتنا (معذرة) وقرىء بالنصب مصدرا أي نعتذر معذرة (إلى ربكم) لئلا ننسب إلى ترك النهي عن المنكر (ولعلهم يتقون) الله فلا يعصونه .
(فلما نسوا) تركوا (ما ذكروا به) من الوعظ فلم ينتهوا (أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا) بتعدي الحد (بعذاب بئيس) شديد (بما كانوا يفسقون) بفسقهم .
(فلما عتوا عن ما نهوا عنه) تكبروا عن تركه
ص: 361
(عَنْهُ) عدوه (قُلْنا لَهُمْ) حردا وطردا (كُونُوا) أمروا أمرا صرّا والمراد حوّل أعطالهم لا أرواحهم أو أرواحهم لا أعطالهم (قِرَدَةً خاسِئِينَ) ( 166 ) دحّارا وسلم الرهط الممسك مع الصلحاء الردّاع لعدم عدوهم الحدّ وكرههم عمل الطّلاح أو سلم أهل الردع لا سواهم .
(وَ) ادّكر محمّد ( ص ) (إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ) أعلم وأحلّ محلّ العهد ودالّه ورود حواره مع اللّام وهو (لَيَبْعَثَنَّ) والمراد حكم وأكّد الإرسال (عَلَيْهِمْ) الهود (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) الموعود (مَنْ يَسُومُهُمْ) مرء راهكا لهم (سُوءَ الْعَذابِ) الألم الأحكم وسلّط لهم أوّلا ولد داود الرسول ، ولمّا مرّ عهده سلّط لهم ملكا سواه معلوما اسمه هدّم دورهم وأهلكهم وأسر أعراسهم وأولادهم وحدّ وحكم عطو أموال أسراهم كلّ عام وأدّوها لطوع الساعور ، ولمّا سطع الإسلام وكوّحهم أهله أمروهم إعطاء الأموال كما مرّ وحمّوا لكلّ عام لهاء (إِنَّ رَبَّكَ) اللّه (لَسَرِيعُ الْعِقابِ) والإصر والحدّ حالا لرهط عصاه (وَإِنَّهُ) اللّه (لَغَفُورٌ) لأهل الإسلام والطوع (رَحِيمٌ) ( 167 ) موّل لهم الآلاء .
(وَقَطَّعْناهُمْ) وصعصعوا وحوّلوا (فِي الْأَرْضِ أُمَماً) أرهاطا إعداما لسطوهم ومحوا لعلوّهم وهو حال (مِنْهُمُ) رهط الهود الملأ (الصَّالِحُونَ) وهم مدركو محمّد رسول اللّه ( ص ) ومسلموه (وَمِنْهُمْ) ملأ محطوط أمرهم
----------
(قلنا لهم كونوا قردة خاسئين) مطرودين .
(وإذ تأذن ربك) بمعنى أذن أي أعلم أجري مجرى القسم كعلم الله فأجيب بجوابه وهو (ليبعثن عليهم) ليسلطن على اليهود (إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب) يوليهم شدته بالذل وأخذ الجزية (إن ربك لسريع العقاب) لمن عصاه (وإنه لغفور) لمن آمن (رحيم) به .
(وقطعناهم) فرقناهم (في الأرض أمما) فرقا (منهم الصالحون ومنهم
ص: 362
(دُونَ ذلِكَ) المدح والصلاح وهم طلّاحهم (وَبَلَوْناهُمْ) ومحّصوا (بِالْحَسَناتِ) الصحّ ووسع الأكل (وَالسَّيِّئاتِ) عكسهما (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) ( 168 ) لطمع عودهم وطرحهم العدو .
(فَخَلَفَ) حصل ورد (مِنْ بَعْدِهِمْ) هلاكهم وحلّ محلّهم (خَلْفٌ) أوس سوء وهم رهط أدركوا عصر رسول اللّه صلعم ، وهو مصدر أورد للمدح كما دلّ وروده للواحد وما عداه (وَرِثُوا) ملكوا (الْكِتابَ) طرس اللّه ودرسوه وعلموا مدلوله أمرا وردعا وحلالا وحراما وما علموه (يَأْخُذُونَ) طلاحا وهو حال (عَرَضَ) حمّ أو حطام (هذَا) العالم (الْأَدْنى) المحمّ أو المحسول ، والمراد عطوهم حلوا لما حكموا وحوّلوا كلم طرسهم (وَ) مع عملهم ما مرّ (يَقُولُونَ) ورها وولعا ، والواو للوصل أو للحال (سَيُغْفَرُ لَنا) أعمال السوء (وَ) الحال (إِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ) حمّ أو حطام (مِثْلُهُ) حرام (يَأْخُذُوهُ) لكمال حرصهم والمراد إعلام طمعهم محو الآصار وهم مصرّوها وما أرسل اللّه ولا وعدهم الكرم وو محو الآصار مع الإصرار (أَ لَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ) أما عوهدوا والمراد وعوهدوا (مِيثاقُ الْكِتابِ) عهد الطرس أراد
----------
دون ذلك) منحطون عن الصلاح وهم كفرتهم وفسقتهم (وبلوناهم بالحسنات والسيئات) بالمنح والمحن (لعلهم يرجعون) عما هم عليه .
(فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب) التوراة عن أسلافهم يتلونها (يأخذون عرض هذا الأدنى) حطام هذا الشيء الدني أي الدنيا من الحرام كالرشاء وغيرها (ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه) حال من المستكن في لنا أي يرجون المغفرة مصرين على ذنبهم عائدين إليه (ألم يؤخذ) تقرير (عليهم ميثاق الكتاب) الإضافة بمعنى في
ص: 363
العهد المرسوم وسط طرسهم (أَنْ لا يَقُولُوا) كلاما أصلا (عَلَى اللَّهِ) إلههم ومالكهم (إِلَّا) الكلام (الْحَقَّ) الأسدّ (وَدَرَسُوا) وعلموا (ما فِيهِ) طرس ولا محال لهم ح (وَالدَّارُ الْآخِرَةُ) الموعود ركودها لأهل الصلاح (خَيْرٌ) أصلح ممّا عطاه هؤلاء حلوا (لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) المحارم (أَ فَلا تَعْقِلُونَ) ( 169 ) سداد كلام مرّ وما هو أصلحكم .
(وَ) الملأ (الَّذِينَ يُمَسِّكُونَ) أمسك ومسّك واحد ، وهو الارعواء عمّا ساء عطوا لأمر عاصم (بِالْكِتابِ) الطرس المرسل ك « ولد سلام » ورهطه (وَأَقامُوا) وأدّوا (الصَّلاةَ) المأمور أداؤها وأوردها لا ما سواها لكمالها وعلوّ حالها (إِنَّا) أرحم الرحماء (لا نُضِيعُ) وهو محمول للموصول (أَجْرَ) أعمال الملأ (الْمُصْلِحِينَ) ( 170 ) لأعمالهم .
(وَ) ادّكر محمّد ( ص ) (إِذْ) لمّا (نَتَقْنَا) أصله المعدّ (الْجَبَلَ) الطّور المراد سلّ مع أصله وسمك (فَوْقَهُمْ) رؤوسهم (كَأَنَّهُ) الطور المسموك (ظُلَّةٌ) هو كلّ ما حرسك الحرّ عماء أو صرحا أو سواهما (وَظَنُّوا) علموا (أَنَّهُ) الطّور (واقِعٌ بِهِمْ) هاو وهاد علو رؤوسهم لمّا وعد اللّه هوره لو ردّوا
----------
(أن لا يقولوا على الله إلا الحق) متعلق بالميثاق أي بأن أو عطف بيان (ودرسوا ما فيه) تركوه حتى صار دارسا (والدار الآخرة خير) من عرض الدنيا (للذين يتقون) الحرام (أفلا تعقلون) ذلك بالتاء والياء .
(والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلوة) عطف على الذين يتقون، وأ فلا تعقلون اعتراض أو مبتدأ خبره (إنا لا نضيع أجر المصلحين) بتقدير منهم وضع الظاهر موضع المضمر .
(وإذ نتقنا الجبل) رفعناه (فوقهم كأنه ظلة) وهو ما أظلك من غمامة أو سقيفة (وظنوا) أيقنوا وقوي في نفوسهم (أنه واقع بهم) ساقط عليهم إذ
ص: 364
أحكام الطرس وأمروا (خُذُوا ما) طرسا (آتَيْناكُمْ) إرسالا (بِقُوَّةٍ) همك وصرّ وكدح وحمل صعده وأحكامه الكاداء ، وهو حال (وَاذْكُرُوا) اعملوا ما أوامر وأحكاما (فِيهِ) الطرس وروعوا أمهه (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ( 171 ) كوالح الأمور ومكاره الأعمال .
(وَ) ادّكر (إِذْ) لمّا (أَخَذَ) اللّه (رَبُّكَ) وأصدر (مِنْ بَنِي) أولاد (آدَمَ) والمراد (مِنْ ظُهُورِهِمْ) الولّاد (ذُرِّيَّتَهُمْ) أولادهم كسدو الولاد الحال عصرا وراء عصر وأعلمهم دوالّ إلّه ورصّع لهم وأعطاهم دهاء وإدراكا (وَأَشْهَدَهُمْ) أوردهم وأعلمهم وأطلعهم (عَلى) سماع (أَنْفُسِهِمْ) أمر اللّه وهو (أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ) مالككم وصمدكم ومصلحكم (قالُوا) كلّهم (بَلى) مالك الكلّ وصمده ومصلحه (شَهِدْنا) حصل العلم والاطّلاع لهم (أَنْ) لا (تَقُولُوا) أو كره كلامكم (يَوْمَ الْقِيامَةِ) الموعود (إِنَّا كُنَّا) مدد الأعمار (عَنْ هذا) العهد (غافِلِينَ) ( 172 ) سهاء ما اطّلع أحد .
----------
وعدهم الله وقوعه إن لم يقبلوا أحكام التوراة وقلنا لهم (خذوا ما ءاتيناكم) من التوراة (بقوة) بجد وعزم (واذكروا ما فيه) بالعمل به (لعلكم تتقون) المعاصي .
(وإذ أخذ ربك من بني ءادم من ظهورهم) بدل اشتمال (ذريتهم) وقرىء ذرياتهم أي أخرج من أصلابهم على نحو توالدهم نسلا بعد نسل، وروي أخرج من ظهر آدم ذريته إلى يوم القيامة فخرجوا كالذر فعرفهم نفسه وأراهم صنعه (وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا) أي نصب لهم دلائل ربوبيته وركب في عقولهم ما يدعوهم إلى الإقرار بربوبيته حتى صاروا بمنزلة من شهدوا وأقروا (أن تقولوا يوم القيامة) كراهة أن تقولوا (إنا كنا عن هذا غافلين)
ص: 365
(أَوْ تَقُولُوا إِنَّما) ما (أَشْرَكَ) عدل مع اللّه إلّا (آباؤُنا) الولّاد والرؤساء (مِنْ قَبْلُ) أوّلا (وَكُنَّا ذُرِّيَّةً) أولادا (مِنْ بَعْدِهِمْ) طاوعوهم (أَ فَتُهْلِكُنا بِما) عمل سوء (فَعَلَ) أوّلا وأسّس الملأ (الْمُبْطِلُونَ) ( 173 ) الولّاد الطّلاح .
(وَكَذلِكَ) وكالإعلام الكامل المورد أوّلا (نُفَصِّلُ) أعلم لهم (الْآياتِ) دوالّ الإلّ لطمع إدراكهم (وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) ( 174 ) ولطمع عودهم وطرحهم العدل مع اللّه .
(وَاتْلُ) وادرس محمّد ( ص ) (عَلَيْهِمْ) الهود إعلاما لهم (نَبَأَ) حال العالم (الَّذِي آتَيْناهُ) سماها وكرما (آياتِنا) دوال الصلاح والمراد علم طرس مرسل (فَانْسَلَخَ) إملّص (مِنْها) الدوال وطرحها وورّاءها (فَأَتْبَعَهُ) طوّعه أو أدركه وصار مطوا له (الشَّيْطانُ) المدحور المطرود (فَكانَ) صار العالم (مِنَ) الملأ (الْغاوِينَ) ( 175 ) العمّه والورّه الولّه ، ورد سأله رهطه
----------
لم نتنبه له بحجة .
(أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم) فاقتدينا بهم (أفتهلكنا بما فعل المبطلون) من آبائنا .
(وكذلك) التفصيل والبيان (نفصل الآيات) نبينها ليستدلوا بها (ولعلهم يرجعون) عن الباطل إلى الحق .
(واتل عليهم) أي اليهود (نبأ الذي ءاتيناه ءاياتنا) بلعم بن باعور كان عنده الاسم الأعظم فسئل أن يدعو على موسى فدعا فانقلب عليه (فانسلخ) خرج (منها) بكفره كالذي ينسلخ من جلده (فأتبعه) لحقه (الشيطان فكان من الغاوين) فصار من الهالكين .
ص: 366
دعاء السوء لرسول الهود وطوّعه وهو ردّ سؤالهم وحاورهم لا أدعو لمرء معه الأملاك .
ولمّا ألحّوا وكرّروا السؤال دعا وسمع اللّه دعاءه لمّا هو عالم اسم اللّه الأكرم ، وصار الرسول مع طوّعه محصور المهمة أعواما
(وَلَوْ شِئْنا) سمك مراهصه (لَرَفَعْناهُ) مراهصه إصعادا له مصاعد العلماء الكمّل (بِها) هؤلاء الدوال (وَلكِنَّهُ) العالم المطرود ما حوول سمكه و (أَخْلَدَ) مال وهدء (إِلَى) آلاء (الْأَرْضِ) عالم الرهص (وَاتَّبَعَ) طاوع (هَواهُ) الكاسد لمّا دعاه لها (فَمَثَلُهُ) حاله الهكر (كَمَثَلِ) كحال (الْكَلْبِ) المحسول وهو (إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ) طردا وردعا (يَلْهَثْ) وهو إدلاع المسحل مع الصعداء (أَوْ تَتْرُكْهُ) ردعه (يَلْهَثْ) وهو حال والمراد مدلعا مسحله دواما حال الحمل والصول وحال الطرح والسراح ، ورد لمّا دعا العالم المورد حاله وسأل اللّه حصول سوء لرسول الهود دلع مسحله وهار علو صدره وصار حاله كحال ما مرّ (ذلِكَ) الحال (مَثَلُ) حال (الْقَوْمِ) الهود (الَّذِينَ كَذَّبُوا) عوّروا
----------
(ولو شئنا لرفعناه) إلى منازل العلماء (بها) بسبب الآيات قبل كفره لكن أبقيناه اختبارا له فكفر (ولكنه أخلد إلى الأرض) ركن إلى الدنيا (واتبع هواه) في إيثارها على العقبى (فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه) بالطرد والزجر (يلهث) يدلع لسانه (أو تتركه) وشأنه (يلهث) والشرطية حال أي لاهثا في الحالين بخلاف سائر الحيوانات والمراد التشبيه في الصفة والخسة، وقيل لما دعا على موسى اندلع لسانه على صدره (ذلك) المثل (مثل القوم الذين كذبوا
ص: 367
(بِآياتِنا) دوالّ أمر محمّد ومحامده صلعم وراء ما درسوها وسط طرسهم وعلموها علما كاملا (فَاقْصُصِ) ادرس محمد ( ص ) أو أعلم الهود (الْقَصَصَ) حال العالم المعلم حاله أو عام (لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) ( 176 ) أحوال الطلاح .
(ساءَ) الحال (مَثَلًا) حالا وأمرا (الْقَوْمُ) والمراد حال الرهط (الَّذِينَ كَذَّبُوا) عاملوا (بِآياتِنا) دوالّ الإلّ الولع والردّ وراء ما لاح لهم سدادها وحصل علمها (وَأَنْفُسَهُمْ) لا سواهم (كانُوا يَظْلِمُونَ) ( 177 ) لعود حكمه ورسمه لهم .
كلّ (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ) سواء الصراط كرما (فَهُوَ) وحدّه . رعاء للدال (الْمُهْتَدِي) للسداد (وَ) كلّ (مَنْ يُضْلِلْ) اللّه له (فَأُولئِكَ) ما وحده رعاء للمدلول (هُمُ) لا سواهم (الْخاسِرُونَ) ( 178 ) حالا ومآلا .
(وَلَقَدْ ذَرَأْنا) صعصع والمراد أسره (لِجَهَنَّمَ) دار الآلام رهطا (كَثِيراً مِنَ) أرهاط (الْجِنِّ) وسمّوا أرواحا (وَ) ملأ (الْإِنْسِ) آدم وأولاده
----------
بآياتنا فاقصص القصص) على اليهود (لعلهم يتفكرون) يتدبرونها فيعتبرون .
(ساء مثلا القوم) أي مثل القوم (الذين كذبوا بآياتنا) بعد علمهم بها (وأنفسهم) لا غيرها (كانوا يظلمون) بالتكذيب إذ وباله لا يتعداهم .
(من يهدي الله) إلى الإيمان بلطفه لعلمه أنه أهل اللطف أو إلى الجنة بسبب إيمانه (فهو المهتدي) الفائز بالنعيم الباقي (ومن يضلل) بالتخلية (فأولئك هم الخاسرون) وفي تغيير الأسلوب بإفراد المهتدي وجمع الخاسر إشارة إلى أن المهتدين كواحد لاتحاد طريقهم بخلاف الضالين .
(ولقد ذرأنا) خلقنا (لجهنم كثيرا من الجن والإنس) ممن علم الله أنهم
ص: 368
والمراد طلّاحهم ودعارهم وأولو الأصعار والسوء (لَهُمْ) لهؤلاء الدّعار (قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ) السداد والصلاح (بِها) لعمهما (وَلَهُمْ) لأهل الإصعار (أَعْيُنٌ) حواس (لا يُبْصِرُونَ) احساس دهاء وادّكار دوالّ سواء الصراط (بِها) لعماها (وَلَهُمْ) لهؤلاء الطّلاح آذانٌ مسامع (لا يَسْمَعُونَ) سماع إدراك سرّ وحصول عمل الكلام الرادع (بِها) لصممها (أُولئِكَ) عدماء الأرواح والحواسّ والمسامع (كَالْأَنْعامِ) لعدم حصول العلم والإحساس والسماء لهما سواء (بَلْ هُمْ) هؤلاء المعلوم حالهم (أَضَلُّ) أكمل عمها وورها ممّا سواه لما راعوا هؤلاء حسدا ومراء وردّا للسداد مع حصول علم السداد لهم (أُولئِكَ) العمّه الورة (هُمُ الْغافِلُونَ) ( 179 ) الكمّل سهوا وورها لا سواهم .
(وَلِلَّهِ) لا لسواه (الْأَسْماءُ الْحُسْنى) كلّها كالعالم والواحد والأوّل (فَادْعُوهُ) سمّوه أو سلوه (بِها) هؤلاء الأسماء (وَذَرُوا الَّذِينَ) دعوا دعاء الرهط (يُلْحِدُونَ) لحد وألحد مال وعدل (فِي أَسْمائِهِ) عمّا هو السداد .
----------
للنار باختيارهم واللام للعاقبة (لهم قلوب لا يفقهون بها) الحق لتركهم تدبر دلائله (ولهم أعين لا يبصرون بها) آيات قدرته (ولهم ءاذان لا يسمعون بها) مواعظه للقرآن سماع اتعاظ (أولئك كالأنعام) في عدم الفقه والإبصار والاستماع (بل هم أضل) لأنها لا تدع ما فيه صلاحها من جلب منفعة ودفع مضرة وهؤلاء يقدمون على النار عنادا (أولئك هم الغافلون) إذ لم يتنبهوا بالحجج .
(ولله الأسماء الحسنى) التي لا يسمى بها غيره (فادعوه بها) سموه بتلك الأسماء (وذروا) واتركوا (الذين يلحدون) يميلون عن الحق (في أسمائه)
ص: 369
وهو دعاؤهم مع أسماء سواها لها مدلول موهم لما وصم حراه (سَيُجْزَوْنَ) سأوصلهم عدل (ما) سوء وإلحاد (كانُوا يَعْمَلُونَ) ( 180 ) أو المراد دعوهم وإلحادهم مع ما سمّوا دماهم العواطل أسماء اللّه وح هو وارد أوّلا حال عدم أمر العماس .
(وَمِمَّنْ) أرهاط (خَلَقْنا) هم لدار السلام (أُمَّةٌ) رهط (يَهْدُونَ) سواهم (بِالْحَقِّ) السداد (وَبِهِ) السداد لا سواه (يَعْدِلُونَ) ( 181 ) أحكاما والمراد مطاء الرسول صلعم وطوّعهم وسالكو مسلك سلكوه .
(وَ) الرهط (الَّذِينَ كَذَّبُوا) عوّروا (بِآياتِنا) الكلام المرسل للصّلاح (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ) سأورّطهم ماصلا ماصلا (مِنْ حَيْثُ) مسلك وطور (لا يَعْلَمُونَ) ( 182 ) ما أحاولهم .
(وَأُمْلِي لَهُمْ) أمهلهم (إِنَّ كَيْدِي) هو العطو والسطو (مَتِينٌ) ( 183 ) محكم وعر .
----------
فيطلقونها على أصنامهم ويشتقون أسماءهم منها كاللات من الله والعزى من العزيز ومناة من المنان أو يسمونه بما لا يليق به أي ذروهم وإلحادهم فيها (سيجزون) في الآخرة جزاء (ما كانوا يعملون).
(وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) في الحكم هم الأئمة وأتباعهم .
(والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم) سنقربهم إلى الهلاك درجة درجة (من حيث لا يعلمون) ذلك بأن تتواتر عليهم النعم وهم يزدادون غيا حتى يحل بهم العذاب .
(وأملي لهم) وأمهلهم (إن كيدي متين) بطشي شديد سماه كيدا لمجيئه من حيث لا يشعرون .
ص: 370
أأهل العدول عموا أرواحا وأسرارا (أَ وَلَمْ يَتَفَكَّرُوا) وما عملوا دماء وما علموا (ما) مدلوله مدلول لا والمراد ما موصول (بِصاحِبِهِمْ) أراد محمّدا صلعم ماصل (مِنْ جِنَّةٍ) الآس موردها ما ورد دعاهم رسول اللّه صلعم رهطا رهطا وروّعهم سطو اللّه وكلّم أحدهم مطوكم مالوس ملموم (إِنْ) ما (هُوَ) مطوهم (إِلَّا) رسول (نَذِيرٌ) مروّع لهم سطو اللّه (مُبِينٌ) ( 184 ) ساطع إرساله .
(أَ) ورهوا (وَلَمْ يَنْظُرُوا) إدراكا ودهاء (فِي مَلَكُوتِ) ملك (السَّماواتِ) وأسرارها وأدوارها (وَ) ملك (الْأَرْضِ) وأحكامها وأحكام أهلها (وَما خَلَقَ) أسر (اللَّهُ) الملك (مِنْ شَيْءٍ) عموما ولا حصر لأعداد ماسوره وما علموا ملكهم ومالكهم (وَ) ما أدركوا (أَنْ) للمصدر أو مطروح الاسم وهو الأمر أو الحال أو الحكم محموله (عَسى) لعل (أَنْ يَكُونَ) الأمر (قَدِ اقْتَرَبَ) وأحمّ (أَجَلُهُمْ) أمد أعمارهم وهلاكهم طلّاحا مأواهم الساعور ولو أدركوا مآلهم لحاولوا السداد والسلام وسارعوا وما ساهلوا ،
----------
(أولم يتفكروا) فيعلموا (ما بصاحبهم) محمد صلی الله علیه و اله(من جنة) نزلت حين حذرهم بأس الله فنسبوه إلى الجنون (إن هو إلا نذير مبين) موضح للإنذار .
(أولم ينظروا) اعتبارا (في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شيء) من أصناف خلقه فيستدلوا به على الصانع (وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم) عطف على (ملكوت السموات) وأن مصدرية أو مخففة واسمها ضمير الشأن أي أولم ينظروا في اقتراب أجلهم فيتبادروا إلى الإيمان لئلا يموتوا
ص: 371
وورد المراد ورود السام درورا وحلول الإصر العسر (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ) كلام (بَعْدَهُ) كلام اللّه (يُؤْمِنُونَ) ( 185 ) لمّا ما أسلموا له ولا كلام أسدّ ممّا هو كلام اللّه .
كل (مَنْ) أحد (يُضْلِلِ اللَّهُ) له (فَلا هادِيَ) موصل مرام (لَهُ) أصلا ورأسا وهو كالمعلّل للكلام الأوّل (وَيَذَرُهُمْ) وأدع رهطا ما هدوا سواء الصراط وهو الإسلام للّه والطوع لإحكام كلامه (فِي طُغْيانِهِمْ) دعرهم وعدوهم حدودا والحال (يَعْمَهُونَ) ( 186 ) عمه حار ومار .
(يَسْئَلُونَكَ) محمّد ( ص ) أهل الحرم أو الهود (عَنِ) ورود (السَّاعَةِ) اسم للدهر الموعود لإحصاء أعمال العوالم وإكرام رهط أسلموا ودحور رهط سواهم ، وأصلها السعواء وسمّوا الدهر الموعود لوروده درورا أو لإسراع إحصاء الأعمال أو لما حالها مع طولها صدد اللّه كحال السعواء صدد العالم (أَيَّانَ) سؤال (مُرْساها) إرساءها وهو ورودها ووطدها مصدر ، أو
----------
كفارا فيصيروا إلى النار (فبأي حديث بعده يؤمنون) أي القرآن يؤمنون مع وضوح دلالته .
(ومن يضلل الله) يتركه وسوء اختياره (فلا هادي له) يقسره على الإيمان (ويذرهم في طغيانهم) بالرفع على الاستيناف وقرىء بالنون (يعمهون) متحيرين .
(يسألونك عن الساعة) القيامة أو وقت موت الخلق (أيان مرساها) متى
ص: 372
المراد عصر وطدها كالمكرّم مدلوله الإكرام أو عصر الإكرام (قُلْ) لهم رسول اللّه (إِنَّما) ما (عِلْمُها) علم حصولها إلّا (عِنْدَ) اللّه (رَبِّي) وما أطلع أحدا لا ملكا ولا مرسلا (لا يُجَلِّيها) ولا ملوّح ولا حاسر لها (لِوَقْتِها) المحدود لها (إِلَّا هُوَ) اللّه وحده (ثَقُلَتْ) صار أمرها صعدا (فِي) عمّار (السَّماواتِ) عالم الحكم والأسرار (وَ) أهل (الْأَرْضِ) مركد العلماء الكمّل لهولها أو لما أهمّ أهلهما أمر علمها وما حصل لهم مع ودادهم العلم وهو وماء لسرّ الأسرار وعدم الإعلام (لا تَأْتِيكُمْ) أهل العالم (إِلَّا بَغْتَةً) دهما ودرورا حال اللهو وعدم الاطلاع (يَسْئَلُونَكَ) محمّد ( ص ) هؤلاء السؤال (كَأَنَّكَ حَفِيٌّ) مدرك أمد السؤال أو مردّد السؤال (عَنْها) أو عالم أمرها كما هو وكلّ أحد ردّد سؤال أمر أو أدرك أمد سؤاله صار علمه له محكما (قُلْ) لهم محمّد ( ص ) (إِنَّما) ما (عِلْمُها) ورودها إلّا (عِنْدَ اللَّهِ) كرّره مؤكّدا (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) أولاد آدم (لا يَعْلَمُونَ) ( 187 ) ما مرّ وهو لا عالم لها إلّا هو وما أطلع أحدا .
(قُلْ) لهم (لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي) أمرا ما لا (نَفْعاً) أحصّله (وَلا ضَرًّا) أردّه (إِلَّا ما) أمرا (شاءَ) أراد (اللَّهُ) المالك وملّكه وألهمه
----------
إرساؤها أي إثباتها (قل إنما علمها عند ربي) لم يطلع عليه أحد (لا يجليها لوقتها) لا يظهرها في وقتها (إلا هو ثقلت في السموات والأرض) عظمت على أهلها لهولها (لا تأتيكم إلا بغتة) فجأة فتكون أعظم أو أهول (يسألونك كأنك حفي) مستقص في السؤال (عنها) حتى علمتها (قل إنما علمها عند الله) كرر تأكيدا (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) أن علمها عند الله استأثر به .
(قل لا أملك لنفسي نفعا) بجلب (ولا ضرا) بدفع (إلا ما شاء الله) أن
ص: 373
(وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ) وأدرك دهاء (الْغَيْبَ) عالم الأسرار (لَاسْتَكْثَرْتُ) لحصّل صروع (مِنَ الْخَيْرِ) الصلاح عموما (وَما) لما (مَسَّنِيَ السُّوءُ) وصل سوء ولمّا ورد عسر (إِنْ) ما (أَنَا إِلَّا) رسول (نَذِيرٌ) مروّع آلام وآصار لأهل الطلاح مآلا (وَبَشِيرٌ) معلم آلاء وسرور (لِقَوْمٍ) رهط (يُؤْمِنُونَ) ( 188 ) للّه ورسوله سدادا .
(هُوَ) اللّه (الَّذِي خَلَقَكُمْ) أسركم طرّا (مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) هو آدم (وَجَعَلَ) أسر (مِنْها) عطلها (زَوْجَها) عرسها حوّاء (لِيَسْكُنَ) وهو الهدوء أراد لأدومه (إِلَيْها) معها (فَلَمَّا تَغَشَّاها) مطأها ولامسها (حَمَلَتْ) حوّاء (حَمْلًا خَفِيفاً) لا عسر معه ولا كدّ لا كما هو المعهود للحوامل والمعود لها (فَمَرَّتْ) مع عدم العسر والكره طول الدهر ، ورووا مار محلّ مرّ وأصله المور (بِهِ) الحمل (فَلَمَّا) راع الولد و (أَثْقَلَتْ) وحصل لها العسر والكره وراء أحول الحمل أمرا مكروها (دَعَوَا) آدم وحوّاء (اللَّهَ رَبَّهُما) مالكهما وكلّما (لَئِنْ آتَيْتَنا) ولدا (صالِحاً) عمما لا سوء له (لَنَكُونَنَّ مِنَ) الملاء
----------
يملكنيه من ذلك بإلهامه (ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير) من المنافع (وما مسني السوء) من فقر وغيره لاحترازي من أسبأبه (إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون) فإنهم المنتفعون بالإنذار والبشارة .
(هو) أي الله (الذي خلقكم من نفس واحدة) آدم (وجعل منها) من ضلعها أو فضل طينتها أو جنسها (زوجها) حواء (ليسكن إليها) وذكر نظرا إلى المعنى (فلما تغشاها) جامعها (حملت حملا خفيفا) هو النطفة (فمرت به) فاستمرت به يجيء ويذهب لخفته (فلما أثقلت) بكبر الحمل في بطنها (دعوا الله ربهما لئن ءاتيتنا صالحا) ولدا سويا (لنكونن من
ص: 374
(الشَّاكِرِينَ) ( 189 ) لك .
(فَلَمَّا آتاهُما) أعطاهما اللّه ولدا (صالِحاً) كما حاولاه (جَعَلا) آدم وحوّاء كما رواه الحاكم وصحّحه وهو ما ورد لمّا حصل لها الولد المدعوّ وما عمّر ولد لها أوّلا وهواها عمر الولد ورد الوسواس المطرود ووسوسها لو صار اسمه ما أعلّمك لعمّر وطال عمره وأمرها وسموه ما أمر وطال عمره أو المراد أولادهما (لَهُ) للّه (شُرَكاءَ) سهماء عدلاء (فِيما) ولد (آتاهُما) أعطاهم اللّه أو أولادهما كما دلّ (فَتَعالَى) علا علوّا كاملا (اللَّهُ) الواحد الأحد (عَمَّا يُشْرِكُونَ) ( 190 ) عدل العدّال وهم أهل الحرم .
(أَ يُشْرِكُونَ) مع اللّه (ما لا يَخْلُقُ) ولا ألوّ له (شَيْئاً) ما والمراد دماهم (وَهُمْ) هؤلاء العدّال أو دماهم وأوردهم وأحلّ دماهم محلّ أهل إدراك وعلم وئاما لوهمهم لها مآله (يُخْلَقُونَ) ( 191 ) آحادهم عسرا وح علم لا آسر ولا مصوّر لهم إلّا اللّه وحده .
----------
الشاكرين) لك على ذلك .
(فلما ءاتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما ءاتاهما) أي جعل أولادهما له شركاء فيما آتى أولادهما فسموه عبد اللات وعبد العزى (فتعالى الله عما يشركون) وقيل ضمير جعلا للنسل الصالح السوي وثني لأن حواء كانت تلد توأما، وقيل المعنى خلق الله كل واحد منهم من نفس واحدة وجعل زوجها من جنسها وضمير جعلا للنفس وزوجها من ولد آدم وضمير يشركون للجميع .
(أيشركون) توبيخ (ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون) أي الأصنام التي
ص: 375
(وَلا يَسْتَطِيعُونَ) دماهم (لَهُمْ) لطوّعهم (نَصْراً) مددا وردّ أمر مكروه (وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ) ( 192 ) دسعا للسوء كالكسر وسواه وطوّعهم حارسوهم عمّا طرئهم .
(وَإِنْ تَدْعُوهُمْ) الأطواع أو دماهم ، وح الكلام مع أهل العدول (إِلَى) سلوك صراط (الْهُدى) ما هو سداد وهو الإسلام أو لإعلامه (لا يَتَّبِعُوكُمْ) لمرادكم (سَواءٌ عَلَيْكُمْ) أهل الإسلام أو أهل العدول (أَ دَعَوْتُمُوهُمْ) للسداد وهم عادوه كما مرّ (أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ) ( 193 ) طارحو الدعاء ما هم طوّعكم أو لا معلمو هداكم ولا محاور وسؤالكم .
(إِنَّ) الأعطال والصور (الَّذِينَ تَدْعُونَ) رهط الأعداء إلها (مِنْ دُونِ) سواء (اللَّهِ) أراد أعطالا وصورا ألهوهم وسمّوهم إلها (عِبادٌ) مملوك مأسور كلّهم للّه (أَمْثالُكُمْ) أعدالكم (فَادْعُوهُمْ) اسألوهم إعطاء مرام أو ردّ سوء (فَلْيَسْتَجِيبُوا) هو ردّ الحوار أو سماع الدعاء (لَكُمْ) أهل العدول (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ( 194 ) لو صحّ دعواكم هم أهل للطوع ، وأورد إعلاما لو كسهم وطول طوّعهم .
(أَ لَهُمْ) ألدماكم (أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها) كرودكم (أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها) كعصوكم (أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ) حواسّ (يُبْصِرُونَ بِها) كإحساسكم (أَمْ
----------
سموها آلهة وأفرد للفظ ما وجمع لمعناها (ولا يستطيعون لهم) أي لعبدتهم (نصرا ولا أنفسهم ينصرون) بدفع ما يعتريها (وإن تدعوهم) أي المشركين (إلى الهدى) الإيمان (لا يتبعوكم سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون إن الذين تدعون) تعبدون (من دون الله عباد) مملوكة مذللة (أمثالكم فادعوهم) في مهامكم (فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين) أنهم آلهة .
(ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم
ص: 376
لَهُمْ آذانٌ) مسامع (يَسْمَعُونَ بِها) كسماعكم المراد ما لهم الّا صورها ولا عمل لها أصلا (قُلِ) لهم محمّد ( ص ) (ادْعُوا) حاولوا (شُرَكاءَكُمْ) لمددكم (ثُمَّ كِيدُونِ) ودماكم معكم للهلاك (فَلا تُنْظِرُونِ) ( 195 ) إهمالا ماصلا .
(إِنَّ وَلِيِّيَ) الممد والرّدء (اللَّهُ) الواحد الأحد (الَّذِي نَزَّلَ) أرسل (الْكِتابَ) كلام اللّه لإعلام السداد (وَهُوَ) اللّه (يَتَوَلَّى) أمور (الصَّالِحِينَ) ( 196 ) أهل الورع والصلاح ومعوده إمداد الصلحاء وإكرامهم لا حردهم وطردهم .
(وَ) الأساود (الَّذِينَ تَدْعُونَ) لهم (مِنْ دُونِهِ) اللّه وهم دماهم (لا يَسْتَطِيعُونَ) حالا ومالا (نَصْرَكُمْ) لو عداكم أحد أصلا (وَلا أَنْفُسَهُمْ) هؤلاء الصور (يَنْصُرُونَ) ( 197 ) لو عداهم أحد .
(وَإِنْ تَدْعُوهُمْ) دماهم والكلام مع رسول اللّه صلعم (إِلَى الْهُدى) السداد (لا يَسْمَعُوا) دعاءك (وَتَراهُمْ) الصور محمّد ( ص )
----------
لهم أعين يبصرون بها أم لهم ءاذان يسمعون بها) أي ليس لهم شيء من ذلك مما لكم فأنتم أفضل وأتم منهم ولم يستحق بعضكم عبادة بعض فكيف يستحقون عبادتكم (قل ادعوا شركاءكم) وتظاهروا بهم علي (ثم كيدون) فاجتهدوا أنتم وهم في هلاكي (فلا تنظرون) فلا تمهلوني فإني لا أبالي بكم .
(إن وليي) متولي أموري وناصري (الله الذي نزل الكتاب) القرآن حجة لي عليكم (وهو يتولى الصالحين) بنصرهم بالدفع عنهم بالحجة (والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون) فكيف أبالي بهم .
(وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا) أي الأصنام (وتراهم
ص: 377
(يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَ) الحال (هُمْ لا يُبْصِرُونَ) ( 198 ) المحسوس .
(خُذِ الْعَفْوَ) هاك السهل لا العسر عملا أو ملاء (وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) الأمر المعلوم علما وحكما (وَأَعْرِضْ) وصدّ (عَنِ) الملأ (الْجاهِلِينَ) ( 199 ) واطرح مراهم واحلم وأهمل مكارههم ، وأوّلها الملك المرسل للرسل ، وكلّم صل مرء صرمك ، وأعط امرأ حرمك ، وامح حدل مرء حدلك ، والكلام حاو لمكارم الإملاء أمر لرسول اللّه صلعم .
(وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ) محمّد ( ص ) حالا ما (مِنَ الشَّيْطانِ) الموسوس المارد (نَزْغٌ) وسواس لعملها ووهم حامل وداع لعكس ما أمر اللّه لك (فَاسْتَعِذْ) وحاول المحكد وأمسك (بِاللَّهِ) العاصم واعكس وسواسه (إِنَّهُ) اللّه (سَمِيعٌ) لكلامك وسؤالك أو لوسواس المارد (عَلِيمٌ) ( 200 ) لما هو صلاح أمرك وحالك أو لردّ الوسواس والمرام .
(إِنَّ) الملأ (الَّذِينَ اتَّقَوْا) اللّه (إِذا مَسَّهُمْ) وصلهم (طائِفٌ) أمر رهط أو وسواس (مِنَ) صرع (الشَّيْطانِ) المدحور المطرود (تَذَكَّرُوا )
----------
ينظرون) كالناظرين (إليك) إذا قابلت صورهم (وهم لا يبصرون).
(خذ العفو) ما عفا وتسهل من أخلاق الناس أو من أموالهم (وأمر بالعرف) ما حسن عقلا وشرعا (وأعرض عن الجاهلين) فقابل سفههم بالحلم (وإما) إن الشرطية أدغمت في ماء الزائدة (ينزغنك من الشيطان نزغ) أي ينخسك منه نخس أي وسوسة من باب إياك أعني (فاستعذ بالله) يكفكه (إنه سميع) لدعائك (عليم) بما يصلحك .
(إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف) خاطر ولم يطوف حول القلب (من الشيطان) أي جنسه بقرينة جمع ضميره (تذكروا) عقاب الله وثوابه
ص: 378
علموا هو عمل الوسواس المارد ، أو ادكروا ما أمر اللّه وردع (فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) ( 201 ) أحسّوا السداد وردّوا مكره وهو مؤكّد لما أمامه .
(وَ) أولاد أدم اللاؤا هم (إِخْوانُهُمْ) أرداء الوسواس وعسكر (يَمُدُّونَهُمْ) الوسواس مع عسكره (فِي الغَيِّ) السوء والطلاح (ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ) ( 202 ) المراد عدم الإمساك والارعواء .
(وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ) أهل الحرم محمّد ( ص ) (بِآيَةٍ) ممّا أرسل أو ممّا حاولوها مراء (قالُوا) طلاحا وورها (لَوْ لا) هلّا (اجْتَبَيْتَها) درسا كدرسك سواها أو روما لإرسالها (قُلْ) لهم رسول اللّه (إِنَّما) ما (أَتَّبِعُ) أمرا إلّا (ما) أمرا (يُوحى إِلَيَّ مِنْ) اللّه (رَبِّي) ولا أعلم أمرا ولا أعمل عملا الّا ما علّم اللّه وأوحاه هذا الكلام المرسل (بَصائِرُ) أدلّاء (مِنْ) اللّه (رَبِّكُمْ) مالككم ومصلحكم (وَهُدىً) أعلام سداد (وَرَحْمَةٌ) إعطاء وإكرام (لِقَوْمٍ) رهط (يُؤْمِنُونَ) ( 203 ) للّه ولما أمر .
----------
(فإذا هم مبصرون) للرشد فيرهبون إليه بسبب التذكر .
(وإخوانهم يمدونهم) أي إخوان الشياطين من الكفار يمدهم الشياطين أو إخوان الكفار من الشياطين يمدون الكفار (في الغي) بتزيينه لهم (ثم لا يقصرون) لا يكفون عن إغوائهم أو لا يكف الإخوان عن الغي كما يكف المتقون .
(وإذا لم تأتهم بآية) مما اقترحوا ومن القرآن (قالوا لو لا اجتبيتها) هلا تقولتها من نفسك كسائر ما تتقوله، أو هلا طلبتها من ربك (قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي) لست بمتقول ولا بمقترح للآيات (هذا) القرآن (بصائر) دلائل تبصر القلوب بها الحق (من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون) مر تفسيره .
ص: 379
(وَإِذا) كلّما (قُرِئَ) درس الإمام أو رسول اللّه صلعم حال وروده أو عامّ والأوّل أصحّ (الْقُرْآنُ) كلام اللّه (فَاسْتَمِعُوا) اسمعوا أهل الإسلام (لَهُ) لكلام اللّه (وَأَنْصِتُوا) ودعوا كلاما سواه ولو درسا له (لَعَلَّكُمْ) أهل العمل والسماع (تُرْحَمُونَ) ( 204 ) حالا أو مالا .
(وَاذْكُرْ) وادرس أو ادع محمّد ( ص ) (رَبَّكَ) كلامه أو اسمه (فِي نَفْسِكَ) سرّا (تَضَرُّعاً) حسلا لعطله وروحه وأوها وروعا والمراد أواها ورواعا (وَخِيفَةً) إسرارا (وَ) مكلّما (دُونَ الْجَهْرِ) الإعلاء (مِنَ الْقَوْلِ) الكلام (بِالْغُدُوِّ) أوّله عصر ما صلّوا سحرا وأمده حال الطلوع وهو مصدر أصلا (وَالْآصالِ) الاعصار واحده أصل أو المراد الدوام (وَلا تَكُنْ مِنَ) الملاء (الْغافِلِينَ) ( 205 ) عمّا أمر اللّه .
----------
(وإذا قرىء القرءان فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون) روي أنه في الفريضة خلف الإمام وقيل بوجوب الإستماع والإنصات مطلقا تعظيما للقرآن .
(واذكر ربك في نفسك) يعم كل ذكر، وروي إذا كنت خلف إمام تأتم به فأنصت وسبح في نفسك يعني فيما لا يجهر الإمام فيه بالقراءة (تضرعا) مستكينا (وخيفة) خائفا من عذابه (ودون الجهر من القول) القراءة أي لافظا لفظا فوق السر ودون الجهر (بالغدو والآصال) بالبكر والعشيات (ولا تكن من الغافلين) عن ذكر ربك .
ص: 380
ص: 381
(إِنَّ) الأملاك (الَّذِينَ) لهم العلاء والعلوّ (عِنْدَ) صدد (رَبِّكَ) ملك الكلّ (لا يَسْتَكْبِرُونَ) سمودا وعلوّا (عَنْ عِبادَتِهِ) اللّه (وَيُسَبِّحُونَهُ) وهم مطهّروه عمّا هو وكس ووصم (وَلَهُ) للّه لا لسواه (يَسْجُدُونَ) ( 206 ) ركّع أو طوّع .
----------
(إن الذين عند ربك) يعني الملائكة (لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه) ينزهونه (وله يسجدون) يخصونه بالخضوع والتذلل تعريض بمعنى ليس كذلك.
ص: 382
ص: 383
ص: 384
( سورة الأنفال )
موردها مصر رسول اللّه صلعم وحاصل مدلولها حسم أطماع أهل الإسلام عمّا أموال أهل العدول اللاء سطوها لمّا أصارها اللّه له ولرسوله ، ومدح أهل الإسلام الكمّل وادّكار إعلام إسلامهم الكامل ووما هم لعماس معهود ، ووعد الإمداد لهم مع الأملاك الكرام ، وردعهم عمّا عردهم ممّا سماط أهل العدول ، وأمرهم لطوع اللّه ورسوله ، والردع عمّا حدّ عمّ الحادل والعادل والصالح والطالح ، وردعهم عمّا ألس اللّه ورسوله ، وإعلام مكر عدّال أمّ الرّحم لإهلاك رسول اللّه علاه السلام وسؤال رهط ممّا همّ أمطار العرامس ، أو ورود حدّ صعد علاهم لو ما أورده محمّد ( ص ) كلام اللّه ، وأصار ما أعطوه لسدّهم عمّا صراط اللّه سدما وعاطلا ، وصدع محال إعطاء أموال سطاها أهل الإسلام ممّا أهل العدول ، ووصول عسكر الإسلام لعسكر العدّال وكوحهم علاهم ، وأمرهم أهل الإسلام للرسوّ وسط سماط العماس ومكر الوسواس لرهط الأعداء ووعده لهم الإمداد ، ووصم أهل المكر لأهل الإسلام وأمر اللّه رسوله لمسمع كسّار العهد لادّكار ما سواهم ، وإعداد السلاح وما سواه لعماس الأعداد والصلح معهم حال صورهم له ، وو عدّ اللّه لأهل الإسلام لوام أرواعهم وإعطاء الوداد لهم ، وإعلام عدد عسكر أهل الإسلام وأهل العدول للسوم العماس ، وحلّ العدد وحكم أسراء العماس المعهود ، وأمر اللّه أهل الإسلام لإسعاد أهل إسلام ما رحلوا مع الرسول ممّا أمّ رحم لرومهم له حال عماس أهل العدول معهم ، وحدّهم عمّاه لو هؤلاء العدّال أهل العهد معهم وسمّ أهل الأرحام لعطو مال الهلاك لما هم أحماؤهم وعلم اللّه للأمور كلّها .
ص: 385
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
لمّا ملك عسكر الإسلام ، وعطوا أموال الأعداء سطوا ، وحاولوا الحاكم والمحصّ ، وحصل وسطهم لدد ومراء ، أرسل اللّه (يَسْئَلُونَكَ) محمّد ( ص ) عسكر الإسلام (عَنِ ) حكم (الْأَنْفالِ) أموال الأعداء الحاصل ملكها لعسكر الإسلام (قُلِ ) محمّد ( ص ) لهم (الْأَنْفالِ) احصاصها وحكمها (لِلَّهِ) مالك الكل (وَالرَّسُولِ) ولهما إعطاؤها كما أراد ولمّا ورد أحصّها رسول اللّه سواء رواه الحاكم (فَاتَّقُوا اللَّهَ) روعوه ودعوا اللدد والمراء (وَأَصْلِحُوا) وسدّدوا (ذاتَ بَيْنِكُمْ) أحوال وصلكم وودّكم وواسوا آحادكم آحادا
----------
(سورة الأنفال ست وسبعون وقيل إلا من) وإذ يمكر إلى آخر سبع آيات.
بسم الله الرحمن الرحيم
(يسألونك عن الأنفال) عن حكمها وهي كل ما أخذ من دار الحرب بغير قتال، وكل أرض لا رب لها، والمعادن والآجام وبطون الأودية وقطائع الملوك، وميراث من لا وارث له وقرىء يسألونك الأنفال أي أن تعطيهم (قل الأنفال لله والرسول) يختص بهما وجعله الرسول لمن قام مقامه من بعده (فاتقوا الله) في الاختلاف والخلاف (وأصلحوا ذات بينكم) الحال التي بينكم أو حقيقة
ص: 386
وساعدوا ممّا أعطاكم اللّه ، وسلّموا أمره اللّه ورسوله (وَأَطِيعُوا اللَّهَ) وألّهوه (وَ ) طاوعوا (رَسُولَهُ) أمره (إِنْ كُنْتُمْ) أهل الإسلام (مُؤْمِنِينَ) ( 1 ) سدادا والإسلام حكمه ومؤدّاه ما مرّ أو المراد كمال الإسلام .
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ) ما كاملو الإسلام إلّا الملأ (الَّذِينَ إِذا) كلّما (ذُكِرَ اللَّهُ) كلامه الموعد المهول (وَجِلَتْ) راع (قُلُوبُهُمْ) وأسرارهم لعلوّ أمره وكمال طوله وسطوه (وَإِذا تُلِيَتْ) درس (عَلَيْهِمْ) هؤلاء الرّواع (آياتُهُ) كلامه ودوالّ إله (زادَتْهُمْ) هؤلاء الدوال (إِيماناً) إسلاما لما هم ما أسلموا أحكامها أمام إرسالها (وَعَلى رَبِّهِمْ) إلههم ومالكهم ومصلحهم لا سواه (يَتَوَكَّلُونَ) ( 2 ) وهو معوّلهم .
(الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ) مؤدوها مع أحكامها (وَمِمَّا) مال (رَزَقْناهُمْ) كرما وعطاء (يُنْفِقُونَ) ( 3 ) روما للمراحم .
(أُولئِكَ) الرهط الممدوح (هُمُ الْمُؤْمِنُونَ) الكامل الإسلام لا سواهم إسلاما (حَقًّا) سادّا أو هو مصدر مؤكّد لمدلول الكلام
----------
وصلكم بالمواصلة وترك الشقاق (وأطيعوا الله ورسوله) في أوامرهما ونواهيهما (إن كنتم مؤمنين) كاملي الإيمان .
(إنما المؤمنون) الكاملو الإيمان (الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم) خافت لذكره تعظيما له أو إذا ذكر وعيده تركوا المعاصي خوفا من عقابه (وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا) أي تصديقا لرسوخ اليقين بظاهر الحجج (وعلى ربهم يتوكلون).
(الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون) فسر في البقرة .
(أولئك) المستجمعون لهذه الخصال (هم المؤمنون حقا) أي
ص: 387
(لَهُمْ) لهؤلاء الكمّل (دَرَجاتٌ) مراهص لهاء أعمالهم (عِنْدَ) اللّه (رَبِّهِمْ) مالكهم ، وورد المراد مراهص دارالسلام (وَ) لهم (مَغْفِرَةٌ) لآصارهم ومحو لمعارّهم (وَرِزْقٌ) أكل (كَرِيمٌ) ( 4 ) أعدّ لهم دارالسلام لا كدّ معه ولا هول لا أمد لعدده ولا حسم وحكم الأهوال للّه ولو كرهوا .
(كَما أَخْرَجَكَ) اللّه (رَبُّكَ) إلهك (مِنْ بَيْتِكَ) مأواك ومركدك أو مصرك موصولا (بِالْحَقِّ) السداد (وَ) الحال (إِنَّ فَرِيقاً) رهطا (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) أهل الإسلام (لَكارِهُونَ) ( 5 ) إدلاعك وهو ما ورد حال رهط حمس مع أموال وأعلم الملك رسول اللّه صلعم ، وأعلم الرسول أهل الإسلام وراعهم عطو الأموال ولمّا دلعوا علم أهل أمّ الرحم دلعوهم واداركوا وهداهم رأسهم مع أهل الحرم كلّهم سدو أهل الإسلام وأعلم له صلعم أهل الأموال
----------
إيمانا حقا لا يشوبه شك أو حق ذلك حقا (لهم درجات عند ربهم) في الجنة يرتقونها بأعمالهم (ومغفرة ورزق كريم) دائم كثير في الجنة .
(كما أخرجك ربك من بيتك بالحق) كما متعلق بما دل عليه الأنفال لله والرسول، أي جعلها لك وإن كرهوا ولم يعلموا أنها صالح لهم كإخراجك من وطنك بالمدينة للحرب وإن كرهوه، أو خبر محذوف أي هذه الحال في كراهتهم لها كإخراجك في كراهتهم له (وإن فريقا من المؤمنين لكارهون) حال أي أخرجك في حال كراهتهم، قيل إن عير قريش أقبلت من الشام وفيها أبو سفيان وجماعة فعلم بها النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) فانتدب أصحابه ليغنموها فخرجوا وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا فعلمت قريش فخرج أبو جهل بأهل مكة ليذبوا عنها وهم النفير وأخذت العير الساحل فنجت فأشير على أبي جهل بالرجوع فأبى وسار إلى بدر وقد وعد الله نبيه إحدى الطائفتين فاستشار أصحابه فكره بعضهم قتال النفير فقالوا لم نتأهب له
ص: 388
عطوا مسلك الساحل وراحوا وسلم أموالهم ، وورد الملك وأعلم الرسول اللّه وعدك إمّا الأموال وإمّا العسكر ، وأمر الرسول رهطه ، وكره آحادهم العماس وكلّموا أعطوا الأموال ودعوا العدوّ ، وحرد رسول اللّه صلعم عمّا كلّموا وكلّم آحادهم ماصعوا عسكر الأعداء وسرّ رسول اللّه صلعم ، ورحل لعماس عسكر الأعداء ، وكرههم إمّا لسوء أسرارهم وإمّا لعدم عددهم
(يُجادِلُونَكَ) ألوا الكره (فِي الْحَقِّ) أمر العماس (بَعْدَ ما تَبَيَّنَ) سطع ولاح إمداد اللّه لهم لما أعلمهم رسول اللّه صلعم سطوهم وعلوّهم (كَأَنَّما يُساقُونَ) دهورا وإكراها (إِلَى الْمَوْتِ) السّام والهلاك (وَ) الحال (هُمْ يَنْظُرُونَ) ( 6 ) أماره وأعلامه ، والحاصل هم كارهو لعماس كرهط كرهوا السام حال وروده وهم أحسّوا أعلامه .
(وَ) ادّكر (إِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ) الحاكم عالم الأسرار والحكم (إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ) وهما الأموال والأعداء (أَنَّها) إحداهما (لَكُمْ وَتَوَدُّونَ) لروم الأموال (أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ) الحدّ والسلاح والعدد (تَكُونُ لَكُمْ) المراد
----------
إنما خرجنا للعير فقال العير مضت وهذا أبو جهل قد أقبل فرادوه فغضب (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال سعد بن عبادة والمقداد وسعد بن معاذ امض لما أردت فإنا معك ولم يتخلف منا أحد عنك فسر بذلك وقال سيروا على بركة الله .
(يجادلونك في الحق) أي القتال إذ قالوا هلا أخبرتنا لنستعد له (بعد ما تبين) ظهر وعرفوا صوابه (كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون) أي هم في كراهتهم له كمن يساق إلى الموت وهو يعاين أسبأبه .
(وإذ) واذكر إذ (يعدكم الله إحدى الطائفتين) العير أو النفير (أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم) أي تريدون العير لقلة الناس والسلاح
ص: 389
مطاء الأموال (وَيُرِيدُ اللَّهُ) عكس مرادكم (أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ) إحكام السداد وإعلاءه (بِكَلِماتِهِ) ومواعده اللّاء وعدها اللّه وأوحاها أوّلا لإعلاء عسكر الإسلام أو أوامره للأملاك لإمداد أهل الإسلام ، ورووا موحّدوا (وَيَقْطَعَ دابِرَ) واصطلام كسوء الملأ (الْكافِرِينَ) ( 7 ) طلّاح أهل الحرم والحاصل مرادكم حصول المال وعدم وصول المكروه لكم ، ومراد اللّه إعلاء الإسلام والسداد وإمركم اللّه عماسهم .
(لِيُحِقَّ) اللّه (الْحَقَّ) الإسلام (وَيُبْطِلَ الْباطِلَ) عكس الإسلام (وَلَوْ كَرِهَ) الرهط (الْمُجْرِمُونَ) ( 8 ) إعلاء الإسلام واصطلام عكسه .
ادّكر (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ) روم المدد والسلام ، وهو حال وصول مكروه (رَبَّكُمْ) مالككم ومصلحكم ولمّا علموا لا محال ولا عدول ممّا أمر اللّه وهو العماس ، دعوا اللّه وحاولوا المدد والسلام (فَاسْتَجابَ) اللّه وأحار (لَكُمْ) وسمع دعاءكم وعالمكم ووعدكم أوّلا (أَنِّي) ورووه مكسور الأوّل (مُمِدُّكُمْ) ومسعدكم (بِأَلْفٍ) حاصل (مِنَ الْمَلائِكَةِ) عسكر اللّه (مُرْدِفِينَ) ( 9 ) واردا كلّ واحد أو مسرورا كلّ واحد كسوى سواه وهو
----------
فيها دون النفير لكثرة عدهم وعددهم والشوكة الحدة كنى بها عن الحرب (ويريد الله أن يحق الحق) يثبته ويظهره (بكلماته) السابقة بالوعد بظهور الإسلام (ويقطع دابر الكافرين) يستأصلهم (ليحق الحق ويبطل الباطل) أي أمركم بقتال النفير ليظهر الإسلام ويمحق الكفر (ولو كره المجرمون) ذلك .
(إذ تستغيثون ربكم) متعلق ب ليحق أو بمضمر أي اذكروا إذ تطلبون منه الغوث بنصركم عليهم (فاستجاب لكم إني ممدكم) معينكم (بألف من الملائكة مردفين)
ص: 390
الملك أو المرء المسلم .
(وَما جَعَلَهُ) الإمداد (اللَّهُ) مالككم (إِلَّا بُشْرى) إعلام مدد وحصول مرام لكم (وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ) الإمداد (قُلُوبُكُمْ) أرواعكم (وَمَا النَّصْرُ) المدد والإسعاد (إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) إلهكم لا ممّا عداه كالأملاك وسواهم (إِنَّ اللَّهَ) مالك الملك والأمر (عَزِيزٌ) لإمداد أهل وداده ولا رادّ لما حكم (حَكِيمٌ) ( 10 ) لسطو الأعداء وكسرهم ولحكمه أسرار وحكم .
ادّكر (إِذْ يُغَشِّيكُمُ) اللّه كمّا ورمسا (النُّعاسَ) الدكاس (أَمَنَةً) وسلاما والمراد لسلامكم ، أو مصدر لعامل مطروح أراد سلاما ممّا حصل لهم وهو روع الأعداء (مِنْهُ) اللّه (وَيُنَزِّلُ) اللّه كرما (عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ) العلو (ماءً) مطرا (لِيُطَهِّرَكُمْ) اللّه (بِهِ) الماء ممّا ساء سوسا وحكما (وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ) أهل الإسلام (رِجْزَ) وسواس (الشَّيْطانِ) المردود المطرود ، وهو لمّا
----------
متبعين بعضهم بعضا (وما جعله الله) أي الإمداد (إلا بشرى) بشارة لكم بالنصر (ولتطمئن به قلوبكم) تسكن إليه من الروع (وما النصر إلا من عند الله) لا من العدد والعدد والملائكة وإنما أمدهم بشارة وتقوية لقلوبهم (إن الله عزيز) لا يغالب (حكيم) يفعل للمصالح .
(إذ يغشيكم النعاس) يغلبكم بدل من إذ تستغيثون أو متعلق بجعل أو بالنصر أو بإضمار اذكر وقرىء يغشاكم (أمنة منه) أمنا من الله مفعول له (وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به) من الجنابة والحدث أو منهما ومن الخبث (ويذهب عنكم رجز الشيطان) الجنابة لأنها من تخييله أو وسوسته وذلك أنهم نزلوا على تل رمل تسوخ فيه أقدامهم فباتوا على غير ماء فاحتلم أكثرهم وقد غلب المشركون على الماء فتمثل لهم إبليس وقال تزعمون أنكم على الحق وقد
ص: 391
كوحهم الأعداء وعطو الماء ووصل أهل الإسلام عسر وهوّلهم الوسواس المارد عمّا هلكوا أواما ووسوس لهم لو سدّ أمركم ما كوّحكم الأعداء (وَلِيَرْبِطَ) لسداد (عَلى قُلُوبِكُمْ) وأسراركم (وَيُثَبِّتَ بِهِ) الماء أو أحكام السداد (الْأَقْدامَ) ( 11 ) معارك العماس ، ادّكر (إِذْ يُوحِي) اللّه (رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ) اللّاءوا أرسلهم اللّه إمدادا لأهل الإسلام (أَنِّي) ورووه مكسور الأوّل (مَعَكُمْ) أمدّكم وأسعدكم (فَثَبِّتُوا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا واعلموهم مدد اللّه أو ماصعوا أعداء أهل الإسلام إمدادا لهم (سَأُلْقِي) سأطرح (فِي قُلُوبِ) أسرار الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا وردّوا أمر اللّه (الرُّعْبَ) الروع الكامل (فَاضْرِبُوا) أمر لأهل الإسلام أو للأملاك (فَوْقَ الْأَعْناقِ) الرؤوس أو رءوسها (وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ) الأعداء (كُلَّ بَنانٍ) ( 12 ) عموما .
(ذلِكَ) صرم الأكراد وصرم الأوصال أو أمرهما ، والكلام مع الرسول
----------
سبقتم إلى الماء وتصلون بالجنابة والحدث وأنتم ظماء فمطروا فتلبد الرمل لتثبت عليه أقدامهم فصنعوا الحياض واغتسلوا وتوضئوا واطمأنوا وزالت الوسوسة (وليربط على قلوبكم) باليقين والثقة بالنصر (ويثبت به الأقدام) أي المطر بتلبيده الرمل أو بالربط .
(إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم) بالنصر فأعاينهم (فثبتوا الذين ءامنوا) بالبشارة بالنصر أو بقتل أعدائهم (سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب) كالبيان لأني معكم (فاضربوا فوق الأعناق) أي الرءوس (واضربوا منهم كل بنان) أطرافهم وأيديهم وأرجلهم .
ص: 392
صلعم أو مع كلّ أحد معلول (بِأَنَّهُمْ) أهل العدول (شَاقُّوا) عاكسوا (اللَّهَ) مالكهم (وَ) عاكسوا (رَسُولَهُ) معلّم الصلاح وعادوهما (وَ) كلّ (مَنْ) أحد (يُشاقِقِ اللَّهَ) إلهه (وَرَسُولَهُ) المصلح (فَإِنَّ اللَّهَ) عالم الحكم (شَدِيدُ الْعِقابِ) ( 13 ) كامل الحدّ وهو مؤكّد للمعلّل أو موعد لما أعدلهم معادا وراء ما وصلهم حالا .
(ذلِكُمْ) الحدّ وارد أو هو محمول لمطروح وهو الأمر أو معمول لعامل طرح صرّحه (فَذُوقُوهُ) رهط الأعداء الحال (وَ) هو للوصل أو لمدلول مع (أَنَّ) ورووه مكسور الأوّل (لِلْكافِرِينَ) مآلا (عَذابَ النَّارِ) ( 14 ) إصر الساعور .
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (إِذا لَقِيتُمُ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا عمّا أمروا (زَحْفاً) عسكرا دهما عرمرما وهو حال (فَلا تُوَلُّوهُمُ) الأعداء (الْأَدْبارَ) ( 15 ) الإكساء .
(وَ) كلّ (مَنْ) مسلم (يُوَلِّهِمْ) الأعداء (يَوْمَئِذٍ) حال العماس (دُبُرَهُ) كسوه (إِلَّا) مسلما (مُتَحَرِّفاً) ماكرا معرّدا أوّلا وكارا عاكرا أمدا
----------
(ذلك) الضرب (بأنهم شاقوا الله ورسوله) أي بسبب مخالفتهم لهما (ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب) بالإهلاك في الدنيا وبالنار في الآخرة (ذلكم) أي الأمر ذلكم (فذوقوه) أيها الكافرون في الدنيا (وأن للكافرين) عطف على ذلكم (عذاب النار) في الآخرة (يا أيها الذين ءامنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا) متدانين لقتالكم كأنهم لكثرتهم يزحفون أو يدنون إليكم وتدنون إليهم (فلا تولوهم الأدبار) منهزمين .
(ومن يولهم يومئذ) أي يوم لقائه (دبره إلا متحرفا لقتال) منعطفا يريهم الفر
ص: 393
(لِقِتالٍ) عماس (أَوْ) إلّا (مُتَحَيِّزاً) واصلا سالكا وهو حال كالأوّل وإلّا لا عمل له (إِلى فِئَةٍ) رهط أهل اسلام (فَقَدْ باءَ) آل وعاد (بِغَضَبٍ) حرد صادر (مِنَ اللَّهِ) الملك (وَمَأْواهُ) مآله ومركده (جَهَنَّمُ) دار السوء والآلام (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) ( 16 ) والمعاد مأواه .
ولمّا كسروا عدّال أهل الحرم وأهلكوهم وآسروهم ، وادّعوا الإهلاك والأسر سهوا وأمها لإمداد اللّه ردّهم اللّه وأورد (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ) أهل الادّعاء لأدّكم (وَلكِنَّ اللَّهَ) عالم الأسرار والحكم (قَتَلَهُمْ) لما أرسل الأملاك لإهلاكهم وسلّطكم وأطرح الروع وسط أرواعهم (وَما رَمَيْتَ) محمّد ( ص ) كلمحا طرحا موصولا لحواسهم كلّهم سرّا (إِذْ رَمَيْتَ) حسّا لما هو وراء طور العالم (وَلكِنَّ اللَّهَ) كامل الطّول (رَمى) سرّا وأوصل الكلمح للأعداء وكسرهم وعمل اللّه ما مرّ لسطو الأعداء وإهلاكهم (وَلِيُبْلِيَ) اللّه إعطاء الملأ (الْمُؤْمِنِينَ) أهل الإسلام (مِنْهُ) كرمه (بَلاءً) عطاء (حَسَناً) مددا ومالا (إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ) لكلامهم وسؤالهم (عَلِيمٌ) ( 17 ) لأحوالهم وأسرارهم .
----------
وهو يريد الكر مكيدة (أو متحيزا إلى فئة) منحازا إلى جماعة من المسلمين يستعين بها (فقد باء) رجع (بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير) المرجع هي .
(فلم تقتلوهم) ببدر بقوتكم (ولكن الله قتلهم) بنصره لكم وإرعابهم (وما رميت) يا محمد (إذ رميت) بها نحوهم (ولكن الله رمى) إذ لا قدرة للبشر أن يبلغ كفا من الحصى أعين الجيش الكثير (وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا) أي فعل ذلك ليقهر المشركين ولينعم على المؤمنين نعمة بالنصر والغنيمة (إن الله سميع) لدعائهم (عليم) بأحوالهم
ص: 394
(ذلِكُمْ) العطاء أو الإهلاك وهو محمول محكومه مطروح وهو الأمر أو المراد (وَأَنَّ اللَّهَ) علا اسمه (مُوهِنُ) ومكلّ (كَيْدِ) مكر الملأ (الْكافِرِينَ) ( 18 ) وداحرهم .
(إِنْ تَسْتَفْتِحُوا) أعداء الإسلام وهو دعاؤهم لمّا دلعوا للعماس ، اللهم اصرم امرأ هو أصرم للرحم وأهلكه (فَقَدْ جاءَكُمُ) ووردكم (الْفَتْحُ) والمدد والمراد حكم هلاك مرء السوء كما هو مدعوكم ، وورد الكلام مع أهل الإسلام (وَإِنْ تَنْتَهُوا) أهل العدول عمّا هو عملكم وهو عداء رسول اللّه صلعم (فَهُوَ) الارعواء (خَيْرٌ) وأصلح (لَكُمْ) وأسلم حالا ومالا (وَإِنْ تَعُودُوا) لعماسه صلعم (نَعُدْ) مددا لأهل الإسلام وإسعادا لهم (وَلَنْ تُغْنِيَ) وهو الردّ والدسع (عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ) رهطكم (شَيْئاً) ما ولو ماصلا (وَلَوْ كَثُرَتْ) رهطكم (وَإِنْ) ورووا مكسور الأوّل (اللَّهَ) مدده (مَعَ) الملأ (الْمُؤْمِنِينَ) ( 19 ) كمّل أهل الإسلام سددا .
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (أَطِيعُوا اللَّهَ) وأدّوا أوامره وأحكامه (وَ) طاوعوا (رَسُولَهُ) الأسد (وَلا تَوَلَّوْا) طلاحا (عَنْهُ) رسول
----------
(ذلكم) أي الأمر ذلكم (وأن الله موهن كيد الكافرين) عطف على ذلكم (إن تستفتحوا) تطلبوا الفتح أي النصر (فقد جاءكم الفتح) نصر محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) عليكم (وإن تنتهوا) عن الكفر وجواب الرسول (فهو خير لكم) عاجلا وآجلا (وإن تعودوا) لحربه (نعد) بنصره (ولن تغني) تدفع (عنكم فئتكم) جماعتكم (شيئا) من العذاب (ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين) بالنصر .
(يا أيها الذين ءامنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا) تعرضوا (عنه) عن
ص: 395
اللّه صلعم أو العماس أو طوع اللّه ورسوله (وَ) الحال (أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ) ( 20 ) كلام اللّه سماع درك وعلم .
(وَلا تَكُونُوا) أهل الإسلام (كَالَّذِينَ قالُوا) ولعا ومكرا (سَمِعْنا) والمراد ادّعوا السماع (وَ) الحال (هُمْ لا يَسْمَعُونَ) ( 21 ) سماع طوع وسماعهم كلا سماع لعدم ادكارهم .
(إِنَّ شَرَّ) أسوأ (الدَّوَابِّ) كلّها (عِنْدَ اللَّهِ) الملك (الصُّمُّ) عدماء سمع السداد (الْبُكْمُ) عدماء كلام الصلاح (الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ) ( 22 ) سداد أمر أصلا .
(وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ) العلّام (فِيهِمْ) هؤلاء الصم (خَيْراً) سدادا وصلاحا (لَأَسْمَعَهُمْ) لحوّلهم سماع السداد (وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ) اللّه مع ما علم حالهم وعدم سدادهم (لَتَوَلَّوْا) لعادوا صدودا وردّوا الإسلام وراء حصوله لهم (وَ) الحال (هُمْ مُعْرِضُونَ) ( 23 ) رادّوه حسدا .
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا (اسْتَجِيبُوا) طاوعوا
----------
الرسول (وأنتم تسمعون) القرآن والمواعظ (ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا) كالكفرة في دعواهم السماع (وهم لا يسمعون) سماع قبول فكأنهم لم يسمعوا (إن شر الدواب) ما دب على الأرض (عند الله الصم) عن سماع الحق (البكم) عن قوله (الذين لا يعقلون) جعلوا شرا من البهائم لإبطالهم ما ميزوا به .
(ولو علم الله فيهم خيرا) انتفاعا باللطف (لأسمعهم ولو أسمعهم) وقد علم أن لا خير فيهم (لتولوا وهم معرضون) عن قبوله عنادا (يا أيها الذين ءامنوا
ص: 396
(لِلَّهِ وَ) طاوعوا (لِلرَّسُولِ إِذا) كلّما (دَعاكُمْ) الرسول ودعاؤه كدعاء اللّه لما هو مسمعه ومعلمه وللمحه أورد دعاكم موحّدا محلّ دعواكم (لِما) أمر (يُحْيِيكُمْ) هو الإسلام أو كلام اللّه (وَاعْلَمُوا) علما واطدا (أَنَّ اللَّهَ) علا اسمه (يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ) وسط كلّ مرء ، ورووه المرّ (وَقَلْبِهِ) ومراد سرّه وهو مطّلع الأسرار وعالم الأحوال كلّها (وَأَنَّهُ إِلَيْهِ) اللّه لا سواه (تُحْشَرُونَ) ( 24 ) معادا وهو معاملكم كأسراركم وأعمالكم .
(وَاتَّقُوا) روعوا (فِتْنَةً) ورود لأواء عام ورودها للصالح والطالح والعادل والحادل (لا تُصِيبَنَّ) هو حوار للأمر أو حوار لعهد مطروح و « لا » للإعدام أو للردع ، الملأ (الَّذِينَ ظَلَمُوا) حدلوا (مِنْكُمْ) أهل الإسلام (خَاصَّةً) وورعها طرح عللها وموادّها (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ) الحاكم الكامل (شَدِيدُ الْعِقابِ) ( 25 ) الإصر والحدّ لأهل الحدل .
(وَاذْكُرُوا) كلام مع مطاء الرسول صلعم اللاؤا رحلوا وطرحوا الحرم واحمّاءهم حرسا وحرصا لإسلامهم (إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ) عددا (مُسْتَضْعَفُونَ )
----------
استجيبوا لله وللرسول) بالطاعة (إذا دعاكم) الرسول (لما يحييكم) من العقائد والأعمال المورثة للحياة الباقية (واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه) بالموت ونحوه (وأنه إليه تحشرون) فيجزيكم بأعمالكم .
(واتقوا فتنة) عذابا أي موجبة كإقرار المنكر بين أظهركم وترك الأمر بالمعروف (لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) بل تعمهم وغيرهم (واعلموا أن الله شديد العقاب) للعصاة .
(واذكروا) معشر المهاجرين (إذ أنتم قليل) قبل الهجرة (مستضعفون)
ص: 397
أركاء (فِي الْأَرْضِ) الحرم أوّل الإسلام (تَخافُونَ) سرّا وحسّا (أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ) أهل الحرم أو أولاد ماء السماء أو الورم (فَآواكُمْ) اللّه مصرا المراد مصر الرسول صلعم (وَأَيَّدَكُمْ) وأحكمكم (بِنَصْرِهِ) إسعاده وإرساله الأملاك مددا لكم (وَرَزَقَكُمْ مِنَ) الأموال (الطَّيِّباتِ) الأطهار صدد اللّه أراد الأموال الأعداء ، وما أحلّها اللّه لأحد أمامكم أصلا (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) ( 26 ) لطمع مدحكم وحمدكم الّالاء وعملكم ما أسركم اللّه له وهو الطوع للّه .
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (لا تَخُونُوا اللَّهَ) طرحا لأوامره وأحكامه (وَالرَّسُولَ) طرحا لسلوك صراطه أو المراد أسرارهم عكس ما أعلوه والسهم (وَ) لا (تَخُونُوا أَماناتِكُمْ) موادعكم وسطكم لعدم حرسكم لها (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ( 27 ) سوءها أو دركها وإصرها والمراد عمدا لا سهوا .
(وَاعْلَمُوا) أهل الإسلام (أَنَّما) ما (أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ) إلّا
----------
لقريش (في الأرض) أرض مكة (تخافون أن يتخطفكم الناس) يأخذكم بسرعة كفار قريش أو غيرهم (فآواكم) إلى المدينة (وأيدكم) قواكم (بنصره) يوم بدر بالملائكة أو بالأنصار (ورزقكم من الطيبات) الغنائم (لعلكم تشكرون) نعمه .
(يا أيها الذين ءامنوا لا تخونوا الله والرسول) بترك الفرائض والسنن أو بترك شيء من الدين (وتخونوا أماناتكم) ما ائتمنتم عليه من الدين وغيره (وأنتم تعلمون) أنها أمانة، أو قبح الخيانة .
(واعلموا أنما أموالكم وأولادكم
ص: 398
(فِتْنَةٌ) أمر محصّل للإصر وداع له أو أصر أو لأواء وعسر (وَ) اعلموا (أَنَّ اللَّهَ) الملك الصمد مودع (عِنْدَهُ أَجْرٌ) عدل (عَظِيمٌ) ( 28 ) لمرء محص للّه ورسوله وأوصل الموادع لأهلها وطرح ودّ المال والأولاد .
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ) سدادا (يَجْعَلْ) اللّه (لَكُمْ فُرْقاناً) مددا ساطعا أو لمعا حاكما وسط السداد وعكسه لإعلاء أمر أهل الإسلام وردّ أهل العدول وطردهم (وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ) كرما (سَيِّئاتِكُمْ) أعمالكم السوءاء أراد اللمم (وَيَغْفِرْ لَكُمْ) محو معارّكم أراد سوداء اللمم (وَاللَّهُ) أرحم الرحماء (ذُو الْفَضْلِ) والطول والكرم (الْعَظِيمِ) ( 29 ) الواسع كلّ العالم .
(وَ) ادّكر (إِذْ يَمْكُرُ بِكَ) محمّد ( ص ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا وردّوا أمر اللّه وهو الحمس وهو مكرهم رسول اللّه صلعم حال ركوده الحرم ادّاركوا محلّا وآمروا وسطهم أمر الرسول ودسعه ، ووردهم المارد الموسوس مصوّرا كأحدهم همّا هرما وكلّم أحدهم أحصروه محلّا واردعوه الطعام والماء وردّه الهرم وأمر أحدهم وهو ولد عمرو اطردوه وادلعوه لحصول روحكم واسمهرار أمركم وردّه الهرم المطرود ، ورأوا إرسال ارهاطهم واحدا واحدا لدهمهم محمّدا رسول اللّه ( ص ) وإهلاكهم له كإهلاك مرء واحد وهدر دمه
----------
فتنة) تلهيانكم عن ذكر الله أو ابتلاء واختبار (وأن الله عنده أجر عظيم) لمن أطاعه فيهم وآثر رضاه عليهم .
(يا أيها الذين ءامنوا إن تتقوا الله) بطاعته وترك معاصيه (يجعل لكم فرقانا) ما تفرقون به بين الحق والباطل (ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم) بالعفو عن ذنوبكم (والله ذو الفضل العظيم) يبتدىء بالنعم قبل استحقاقها .
(وإذ يمكر بك الذين كفروا) واذكر إذ يحتالون بمكة في أمرك
ص: 399
وسلّمه الهرم وسدّده ، ولمّا لمّوا همّهم وعمدوا لعمل ما رأوا ورد الملك وأعلم الرسول مكرهم وأمره الرحل ، ورحل رسول اللّه صلعم وعمد مصره وأمر ولده عمّه أسد اللّه وورك هو موركه وسلم رسول اللّه صلعم ، ولمّا ملك الحرم أرسلها اللّه لإعلام إكرامه (لِيُثْبِتُوكَ) لحصرك (أَوْ يَقْتُلُوكَ) كاهلاك مرء واحد (أَوْ يُخْرِجُوكَ) أو لإطرادك (وَيَمْكُرُونَ) لك (وَيَمْكُرُ اللَّهُ) لهم والمراد هو معاملهم كأعمالهم أو معلم سرّهم أو معدّلهم اسرارا ما هم أهله (وَاللَّهُ) أحكم الحكماء (خَيْرُ الْماكِرِينَ) ( 30 ) أعلمهم وأحكمهم مكرا .
(وَإِذا تُتْلى) درسا (عَلَيْهِمْ) طلّاح حمس (آياتُنا) الكلام الأكرم (قالُوا) ورها (قَدْ سَمِعْنا) (لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا) كلاما (مِثْلَ هذا) الكلام (إِنْ) ما (هذا) الكلام (إِلَّا أَساطِيرُ) واحدها اسطار أو اسطور كلاهما لا مع الهاء أو معها والمراد أسمار الأرهاط (الْأَوَّلِينَ) ( 31 ) اللواء سطروها .
(وَإِذْ قالُوا) ورها ووهما (اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا) الكلام المدروس لمحمد ( ص ) (هُوَ الْحَقَّ) لا سواه المرسل (مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ) أرسل كالأمطار (عَلَيْنا) رهط الحمس (حِجارَةً) وعرامس كما أمطر لعسكر ملك
----------
(ليثبتوك) ليحبسوك (أو يقتلوك أو يخرجوك) من مكة (ويمكرون ويمكر الله) بمجازاتهم بمكرهم أورده عليهم أو بمعاملتهم معاملة الماكر بهم بمبيت علي (عليه السلام) في الفراش حين أخرجوك إلى الغار (والله خير الماكرين) أعلمهم بالتدبير .
(وإذا تتلى عليهم آياتنا) القرآن (قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا) قالوه عنادا (إن هذا إلا أساطير الأولين) ما سطروه من القصص .
(وإذ قالوا اللهم إن كان هذا) الذي يتلوه محمد صلى الله عليه واله، أو قوله في علي (عليه السلام) من كنت مولاه فعلي مولاه كما روي (هو الحق) الثابت تنزيله (من عندك فأمطر علينا حجارة
ص: 400
السود (مِنَ السَّماءِ) العلو (أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) ( 32 ) أو أرسل إصرا مولما سواه .
(وَما كانَ اللَّهُ) مالكك وما صحّ له (لِيُعَذِّبَهُمْ) لسؤالهم الإصر ، واللام مؤكّد لما (وَ) الحال (أَنْتَ) محمّد ( ص ) (فِيهِمْ) لعموم ورود الإصر حال وروده ، وما أهلك اللّه رهطا إلّا سلّم رسولهم وأهل إسلامهم (وَما كانَ اللَّهُ) أرحم الرحماء (مُعَذِّبَهُمْ) مع طلاحهم (وَ) الحال (هُمْ) مسلموهم (يَسْتَغْفِرُونَ) ( 33 ) اللّه حال حومهم حول المحلّ الحرام أو المراد هم لو عادوا وهادوا لما أرسلهم الإصر المهلك .
(وَما) حصل (لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ) حال حرودك وحرود رهطك (وَ) الحال (هُمْ) أهل الطلاح (يَصُدُّونَ) الرسول وأهل الإسلام (عَنِ) الدور حول (الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) المحرّم المكرّم (وَما كانُوا) لا أوّلا ولا الحال (أَوْلِياءَهُ) وكلاء الحرم ومدارهه كما وهموا أو المعاد اللّه (إِنْ) ما (أَوْلِياؤُهُ) مدارهه (أَلَّا) الملأ (الْمُتَّقُونَ) أولو الإسلام وأهل الورع
----------
من السماء أو ائتنا بعذاب أليم) على جحوده وقائله النضر وأبو جهل أو النعمان بن الحارث تهكما وإظهارا للجزم ببطلانه .
(وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم) بيان لسبب إمهالهم فيما سألوه (وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) أي يستغفر فيهم بقية المؤمنين الذين لم يهاجروا عجزا .
(وما) أي شيء (لهم ألا يعذبهم الله) يمنع تعذيبهم بعد خروجك منهم وخروج البقية (وهم يصدون) يمنعون النبي والمؤمنين (عن المسجد الحرام) بإلجائهم إلى الهجرة وإحضارهم عام الحديبية (وما كانوا أولياءه) كما
ص: 401
(وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ) هؤلاء الورة والمراد كلّهم (لا يَعْلَمُونَ) ( 34 ) عدم ملكهم أمره .
(وَما كانَ صَلاتُهُمْ) طوعهم (عِنْدَ الْبَيْتِ) الحرام (إِلَّا مُكاءً) عركا كعرك المكاء وهو ممّا طار وملح عركه (وَتَصْدِيَةً) ولحكا المراد مكوا وصدّوا وما صلّوا (فَذُوقُوا الْعَذابَ) الإصر والألم وهو إهلاكهم عماسا معهودا وورد المراد أصر المعاد ، واللام محمل العهد والمعهود الإصر المسول وروده للمعلّل (بِما كُنْتُمْ) أوّلا (تَكْفُرُونَ) ( 35 ) إصرارا .
(إِنَّ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا وساءوا (يُنْفِقُونَ) اطعاما (أَمْوالَهُمْ) لعساكرهم لعماس رسول اللّه صلعم و (لِيَصُدُّوا) لصدهم سواهم (عَنْ) سلوك (سَبِيلِ) وصول (اللَّهِ) وهو الإسلام وطوع رسوله صلعم (فَسَيُنْفِقُونَها) أموالهم كلّها ولعلّه إعلام لما أعطوا لعماس أحد والإعطاء الأوّل للعماس الأوّل (ثُمَّ تَكُونُ) أموالهم معادا (عَلَيْهِمْ حَسْرَةً) سدما وهمّا
----------
زعموا أنهم ولاة البيت الحرام (إن أولياؤه إلا المتقون) لا المشركون (ولكن أكثرهم لا يعلمون) ذلك .
(وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء) صفيرا (وتصدية) تصفيقا باليدين أي وضعوا ذلك موضع الدعاء أو الصلاة التي أمروا بها فمن هذه صلاته لا يصلح لولاية المسجد، قيل كانوا يفعلون ذلك في طوافهم عراة رجالا ونساء، وقيل يفعلونه إذا صلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) ليخلطوا عليه (فذوقوا العذاب) أي القتل ببدر أو عذاب الآخرة (بما كنتم تكفرون) بكفركم .
(إن الذين كفروا ينفقون أموالهم) في حرب الرسول (ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها) بأجمعها (ثم تكون) تصير في العاقبة (عليهم حسرة) غما
ص: 402
لرواحها ورواح ما راموه (ثُمَّ يُغْلَبُونَ) أمد الأمر ولو دار العماس وسطهم أمامه طورا لأهل الإسلام وطورا لهم (وَ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) وما أسلموا أصلا (إِلى جَهَنَّمَ) دار الآلام لا سواها (يُحْشَرُونَ) ( 36 ) مآلا وحول الأموال همّا أو لمّهم مآلا .
(لِيَمِيزَ اللَّهُ) لإعلامه (الْخَبِيثَ) الداعر عدوّ الإسلام ، أو ما إعطاء الأعداء لعداء رسول اللّه صلعم ، أو الطّلاح (مِنَ الطَّيِّبِ) الطاهر المسلم ، أو ما أعطاه أهل الإسلام لإمداد رسول اللّه صلعم وإعلاء أمره ، أو الطّلاح (وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ) العدوّ أو ما سواه ممّا مرّ (بَعْضَهُ) معكولا (عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ) ركما (جَمِيعاً) طرّا (فَيَجْعَلَهُ) واردا (فِي جَهَنَّمَ) دار السوء والآلام (أُولئِكَ) الرهط الطّلاح (هُمُ الْخاسِرُونَ) ( 37 ) الكمّل أموالهم وأعطالهم .
(قُلْ) محمّد رسول اللّه ( ص ) (لِلَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا وساءوا (إِنْ يَنْتَهُوا) عمّا هو عملهم وهو ردّ الإسلام وعماس الرسول صلعم وعداؤه
----------
لفواتها وفوات مقصودهم (ثم يغلبون) في الحرب (والذين كفروا إلى جهنم يحشرون) يساقون (ليميز) بالتخفيف والتشديد (الله الخبيث من الطيب) الكافر من المؤمن (ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا) يجمعه حتى يتراكب بعضه على بعض لازدحامهم أو يضم ما أنفقوه إليهم ليعذبوا به كالكافرين (فيجعله في جهنم أولئك) المنفقون (هم الخاسرون) أنفسهم إذا اشتروا العذاب لها بأموالهم فخسروا الدنيا والآخرة .
(قل للذين كفروا) لأجلهم كأبي سفيان وأصحابه (إن ينتهوا) عن الكفر
ص: 403
(يُغْفَرْ) ورووه معلوما (لَهُمْ ما) سوء وطلاح (قَدْ سَلَفَ) مرّ عصره المراد ما عملوه أوّلا (وَإِنْ يَعُودُوا) هؤلاء الطّلاح لعماسه صلعم (فَقَدْ مَضَتْ) مرّ (سُنَّتُ) اللّه وطور إهلاكه الأرهاط (الْأَوَّلِينَ) ( 38 ) وهو واصلهم لا محال .
(وَقاتِلُوهُمْ) وهالكوهم (حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) سوء وطلاح وعدل مع اللّه (وَيَكُونَ الدِّينُ) الطوع (كُلُّهُ) معمولا (لِلَّهِ) وحده لا لسواه (فَإِنِ انْتَهَوْا) ارعدوا عمّا هو عملهم وهو العدول وأسلموا (فَإِنَّ اللَّهَ) مطّلع الكلّ (بِما) كلّ عمل (يَعْمَلُونَ) ومعامل معهم كأعمالهم (بَصِيرٌ) ( 39 ) وعالم .
(وَإِنْ تَوَلَّوْا) صدّوا وما أسلموا (فَاعْلَمُوا) أهل الإسلام (أَنَّ اللَّهَ) ملك الملوك (مَوْلاكُمْ) مالككم وممدّكم (نِعْمَ الْمَوْلى) هو (وَنِعْمَ النَّصِيرُ) ( 40 ) المسعد والممد لكم هو لا إله إلّا هو .
(وَاعْلَمُوا) أهل العماس علما كاملا (أَنَّما) موصول وما رسم موصولا (غَنِمْتُمْ) حصل لكم عطوا وسطوا (مِنْ شَيْءٍ) مال ومملوك ودار وروح وحمّ ولو سلكا أو حواصا ممّا هو حال العماس (فَأَنَّ) ورووه مكسورا
----------
وحرب الرسول (يغفر لهم ما قد سلف) من ذنوبهم (وإن يعودوا) إلى حربه (فقد مضت سنة الأولين) الذين حاربوا الأنبياء فدمروا .
(وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة) لا يوجد فيهم الشرك (ويكون الدين كله لله) بالاجتماع على الدين الحق (فإن انتهوا) عن الكفر (فإن الله بما يعملون بصير) فلا يضيع أجرهم (وإن تولوا) عن دين الله (فاعلموا أن الله مولاكم) متولي أموركم وناصركم (نعم المولى) يحفظ من تولاه (ونعم النصير) لا يخذل من نصره .
(واعلموا أنما غنمتم) استفدتم (من شيء) وإن قل (فأن
ص: 404
(لِلَّهِ) وللرسول ولما عداهما ممّا ورد وراءهما (خُمُسَهُ) وهو سهام سهم للّه (وَ) سهم (لِلرَّسُولِ) أو مدلول للّه وللرسول سهم لرسول اللّه أورد اسم اللّه إكراما (وَ) سهم (لِذِي الْقُرْبى) والمراد أولو أرحام رسول اللّه صلعم وهو أولاد والد والده ولمّا رحل رسول اللّه صلعم رهط طرحوا سهمه ورهط عدوّه عددا لعماس أهل الإسلام ومصالحهم كالكراع والصلاح وسهم أهل الأرحام مطروح رأسا (وَالْيَتامى) وسهم لأولاد أهل إسلام ما أدركوا الحلم وهلك ولّادهم ووصلهم العسر (وَالْمَساكِينِ) وسهم لرهط لهم إرماد وعدم (وَابْنِ السَّبِيلِ) وسهم لسالك صراط لا مال له معه ، والحاصل أهل السهام هؤلاء وما سواه لعسكر أرادوا العماس لإعلاء الإسلام وإهلاك الأعداء ، اعملوا ما علّمكم وما أمركم اللّه (إِنْ كُنْتُمْ) أهل الإسلام (آمَنْتُمْ) سدادا (بِاللَّهِ) الملك العدل وحصل لكم طوع اللّه وسماع حكمه (وَما) دوال وإملاك وإمداد (أَنْزَلْنا) إكراما (عَلى عَبْدِنا) محمّد رسول اللّه ( ص ) ، ورووه ك « سرر » والمراد رسول اللّه صعلم وأهل الإسلام (يَوْمَ) العماس (الْفُرْقانِ) الحكم المعلم للطلاح والصلاح أراد (يَوْمَ الْتَقَى) وطارد وصاول (الْجَمْعانِ) عسكر الإسلام وعسكر الأعداء (وَاللَّهُ) مالك الكلّ (عَلى كُلِّ شَيْءٍ) امداد وكسر (قَدِيرٌ) ( 41 ) كامل طول .
----------
لله خمسه) خبر محذوف أو مبتدأ أي فالحكم، أو فواجب أن لله خمسه (وللرسول ولذي القربى) الإمام (واليتامى) يتامى الرسول (والمساكين) منهم (وابن السبيل) منهم (وإن كنتم ءامنتم بالله) جوابه محذوف دل عليه اعلموا أي فاعلموا حكمه في الخمس واعلموا به (وما أنزلنا على عبدنا) من الفتح والآيات (يوم الفرقان) يوم بدر إذ فرق فيه بين الحق والباطل (يوم التقى الجمعان) المسلمون والكفار (والله على كل شيء قدير) ومنه نصركم .
ص: 405
ادّكروا (إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ) ساحل واد ومحل الرمال (الدُّنْيا) لمصر الرسول صلعم (وَهُمْ) وأعداؤكم (بِالْعُدْوَةِ) ورووا مكسور الأول كالأوّل (الْقُصْوى) الساحل الطروح لمصره صلعم (وَ) الحال (الرَّكْبُ) مطاء الأحمال والأموال محلّا (أَسْفَلَ) أحدر وأحطّ (مِنْكُمْ) محلّكم أراد الساحل (وَلَوْ تَواعَدْتُمْ) ولو حصل عهدكم وموعدكم مع أهل الحرم للعماس ولاح لكم حالكم وحالهم (لَاخْتَلَفْتُمْ) لهولهم أو لمّا حصل وصولكم ووصولهم (فِي) عصر (الْمِيعادِ) لما صدّكم عدّهم وصدّهم هول رسول اللّه صلعم وأهل الإسلام (وَلكِنْ) لمّكم اللّه مع الأعداء (لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً) أكرم إسلام وإعلاءه وكسر أعداء وإهلاكهم (كانَ) أوّلا (مَفْعُولًا) معمولا محكوما (لِيَهْلِكَ مَنْ) لطلاح مرء (هَلَكَ) وساء عمله طلاحا حاصلا (عَنْ) سطوع (بَيِّنَةٍ) ساطع إعلامها السداد وهو كسر أهل الإسلام مع مصولهم الأعداء مع عدّهم (وَيَحْيى مَنْ) ولحصول إسلام مرء (حَيَّ) أسلم إسلاما حاصلا (عَنْ) طوع (بَيِّنَةٍ) دوالّ سواطع (وَإِنَّ اللَّهَ) أحكم الحكماء (لَسَمِيعٌ) لكلام الكلّ ودعاء سرّه (عَلِيمٌ) ( 42 ) لحال الكلّ وساوه ولما حراه للسداد
----------
(إذ) بدل من يوم الفرقان (أنتم بالعدوة الدنيا) جانب الوادي الأدنى من المدينة (وهم) أي النفير (بالعدوة القصوى) جانبه الأبعد منها (والركب) العير بمكان (أسفل منكم ولو تواعدتم) أنتم والنفير للقتال ثم علمتم ضعفكم وقوتهم (لاختلفتم) أنتم (في الميعاد) رهبة منهم (ولكن) جمعكم بلا ميعاد (ليقضي الله أمرا كان مفعولا) واجبا كونه وهو نصركم وقهركم (ليهلك من هلك عن بينة) من حجة واضحة قامت عليه وهي وقعة بدر أو غيرها (ويحيى من حي) بالفك والإدغام (عن بينة) يعلم الباقون أن الله نصره (وإن الله لسميع) للأقوال (عليم) بالعقائد والأعمال .
ص: 406
وهو الإسلام أو الأولاد وهو العدول .
ادّكر (إِذْ يُرِيكَهُمُ) الأعداء (اللَّهُ فِي مَنامِكَ) محمّد ( ص ) رهطا (قَلِيلًا) وحصل لكم السرور وركود الأرواع (وَلَوْ أَراكَهُمْ) اللّه رهطا (كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ) لحصل لكم الهول والروع (وَلَتَنازَعْتُمْ) وطرأكم اللدد والمراء (فِي الْأَمْرِ) أمر العماس (وَلكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ) وعصمكم وما حصل لكم الروع ولا المراء (إِنَّهُ) اللّه (عَلِيمٌ) كامل علم (بِذاتِ الصُّدُورِ) ( 43 ) أحوالها وأطوارها وأسرارها .
(وَ) ادّكروا (إِذْ يُرِيكُمُوهُمْ) أراكم اللّه الأعداء (إِذِ الْتَقَيْتُمْ) حال وصول عسكركم عسكرهم (فِي) احساس (أَعْيُنِكُمْ) مع عدّهم عسكرا (قَلِيلًا) وهو حال (وَيُقَلِّلُكُمْ) أمام العماس (فِي) احساس (أَعْيُنِهِمْ) وأراكم كما أراهم حال العماس عكس الأمر (لِيَقْضِيَ اللَّهُ) الحكم العدل (أَمْراً) إعلاء عسكر إسلام وإعراء عسكر أعداء (كانَ) أوّلا مَفْعُولًا
----------
(إذ) اذكروا (يريكهم الله في منامك قليلا) أي يقللهم في عينك في نومك لتخبر أصحابك فيجترءوا عليهم (ولو أراكهم كثيرا لفشلتم) جبنتم (ولتنازعتم في الأمر) أمر القتال من الإقدام والإحجام (ولكن الله سلم) سلمكم من القتل والتنازع (إنه عليم بذات الصدور) بما يحدث في القلوب .
(وإذ يريكموهم) أيها المؤمنون (إذ التقيتم في أعينكم قليلا) أو سبعين أو مائة وهم نحو ألف لتثبتوا لهم (ويقللكم في أعينهم) ليجترئوا عليكم ولا يتهيئوا لكم (ليقضي الله أمرا كان مفعولا) كرر لأن المراد بالأمر هناك الالتقاء على تلك
ص: 407
معمولا محكوما كرّره لما كرّر المعلّل (وَإِلَى اللَّهِ) لا سواه (تُرْجَعُ الْأُمُورُ) ( 44 ) كلّها حالا ومآلا .
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا (إِذا) كلّما (لَقِيتُمْ) عماسا (فِئَةً) رهط أعداء (فَاثْبُتُوا) ورسوا واسمهرّوا لعماسهم (وَاذْكُرُوا اللَّهَ) ادعوه واسألوه المدد معرك العماس دعاء (كَثِيراً) مداوما (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ( 45 ) لوصول المراد .
(وَأَطِيعُوا اللَّهَ) طوعا (وَ) طاوعوا (رَسُولَهُ) وماصعوا الأعداء (وَلا تَنازَعُوا) أمر العماس كمراءكم عماس أحد (فَتَفْشَلُوا) كعوعا كسلا وهو حوار للردع أو موصول معه (وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) ادّكم وعلوّكم (وَاصْبِرُوا) وماصعوا العدوّ (إِنَّ اللَّهَ) مدده ورحمه وحرسه (مَعَ) الملأ (الصَّابِرِينَ) ( 46 ) أهل الكدّ والكدح وحمّال المكاره .
(وَلا تَكُونُوا) أهل الإسلام (كَالَّذِينَ خَرَجُوا) ودلعوا (مِنْ دِيارِهِمْ) محالّهم ومراكدهم لحرس الأموال (بَطَراً) مرحا ومطواء ، وهو
----------
الصفة وهنا إعزاز الإسلام وإذلال الشرك (وإلى الله ترجع الأمور يا أيها الذين ءامنوا إذا لقيتم فئة) قابلتم جماعة كافرة (فاثبتوا) لقتالهم ولا تنهزموا (واذكروا الله كثيرا) مستعينين بذكره ودعائه على قتالهم (لعلكم تفلحون) تظفرون بالنصر والثواب .
(وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا) باختلاف كلمتكم (فتفشلوا) فتجبنوا جواب النهي (وتذهب ريحكم) دولتكم، استعير لها الريح لمشابهتها لها في نفاذ الأمر (واصبروا إن الله مع الصابرين) بالنصر والحفظ (ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم) أي قريش خرجوا من مكة لمنع غيرهم (بطرا
ص: 408
مصدر حلّ محلّ الحال أو للمرح والمطواء (وَرِئاءَ) احساس (النَّاسِ) وإدراكهم أدّ هؤلاء وحدّهم ، وهم أهل الحرم لمّا سلم أحمالهم وأموالهم كلّموا عودوا ودعوا عماس أهل الإسلام لما سلم رواحلكم وحاوروا لا عود وعمدوا علس المدام وسماع ملاه ولهو إماء . لإسماع العالم سرورهم (وَ) الحال (يَصُدُّونَ) العالم أو وصدّا . للعالم (عَنْ) سلوك (سَبِيلِ) وصول (اللَّهِ وَاللَّهُ) العلّام (بِما) كلّ ما (يَعْمَلُونَ) طلاحا (مُحِيطٌ) ( 47 ) علما ومعامل كأعمالهم .
(وَ) ادّكر محمّد ( ص ) (إِذْ زَيَّنَ) سوّل وموّه (لَهُمُ) أهل العدول (الشَّيْطانُ) المدحور (أَعْمالَهُمْ) عداءهم الرسول صلعم وسواه ووردهم المارد مصوّرا كولد مالك مع عسكر وعلم .
(وَقالَ) ووسوس لهم (لا غالِبَ) ولا مكوّح (لَكُمُ الْيَوْمَ) الحال (مِنَ النَّاسِ) العالم لعدّ عددكم وعددكم (وَإِنِّي جارٌ) حارس (لَكُمْ فَلَمَّا) أحمّ العماس و (تَراءَتِ الْفِئَتانِ) أحسّ إحداهما سواها وهما عسكر الإسلام
----------
ورئاء الناس) حالان أو مفعولان له، قيل بعث إليهم أبو سفيان ارجعوا فقد نجت عيركم فقال أبو جهل لا نرجع حتى نرد بدرا أو ننحر الجزور ونشرب الخمور وتعزف لنا القيان ويسمع بها الناس فوافوها ولقوا ما لقوا (ويصدون عن سبيل الله) عطف على بطر (والله بما يعملون محيط) علما فيجازيهم به (وإذ) واذكر إذ (زين لهم الشيطان أعمالهم) من حرب الرسول وغيره بوسوسته إليهم (وقال) حين تصور بصورة سراقة بن مالك وأخذ الراية يقدمهم (لا غالب لكم اليوم من الناس) لكثرة عددكم وعددكم (وإني جار لكم) مجيركم (فلما تراءت الفئتان) التقى الجمعان
ص: 409
وعسكر الأعداء (نَكَصَ) عاد الوسواس (عَلى عَقِبَيْهِ) معرّدا (وَ) لمّا سألوه العود وحاولوه المدد (قالَ) الموسوس المعرّد محاورا (إِنِّي بَرِيءٌ) صادّ (مِنْكُمْ) حرسكم (إِنِّي أَرى ما) عسكرا (لا تَرَوْنَ) ورد أحسّ الملك معمّما أمام الرسول صلعم (إِنِّي أَخافُ اللَّهَ) إصره وألمه ولمّا كسر عسكر الأعداء ووصلوا أمّ الرّحم كلّموا كسرهم ولد مالك لما عرّد أوّلا ولمّا وصله كلّم واللّه لا أعلم رحلكم ولا عماسكم ، ولمّا أسلموا علموا ما وردهم إلّا المارد الموسوس المطرود المحرود (وَاللَّهُ) الملك العدل (شَدِيدُ الْعِقابِ) ( 48 ) كامل الإصر والحدّ ، وهو إمّا كلام المارد أو صدر كلام .
ادّكروا (إِذْ يَقُولُ) الملأ (الْمُنافِقُونَ) معلمو الإسلام ومسرّو عكسه (وَ) الملأ (الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ) أسرارهم (مَرَضٌ) عدم رسوّ اسلام وحوّلهم الأعداء عسكرهم وهم أهل العدول أو الرهط الأوّل أورده لإعلاء حالهم وكساد أسرارهم (غَرَّ) ومكر (هؤُلاءِ) أهل الإسلام (دِينُهُمْ) لما أرادوا مع مصولهم عماس الأعداء مع عدّهم وأورد اللّه ردّا لهم (وَ) كلّ (مَنْ يَتَوَكَّلْ) هو العول (عَلَى اللَّهِ) إله الكلّ وهو المعوّل (فَإِنَّ اللَّهَ) كامل الطول (عَزِيزٌ) مسلّط لعسكر ماصل وكاسر لعسكر عرمرم (حَكِيمٌ) ( 49 )
----------
(نكص على عقبيه) رجع هاربا أي بطل كيده (وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون) من جنود الملائكة (إني أخاف الله) أن يهلكني بأيديهم (والله شديد العقاب) من كلامه أو مستأنف .
(إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض) شك في الإسلام مع إظهاره (غر هؤلاء) أي المسلمين (دينهم) إذ خرجوا مع قلتهم إلى قتال الجيش الكثير ظانين النصر بسببه فأجيبوا (ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز) غالب لا يغلب حزبه وإن قل (حكيم) في تدبيره .
ص: 410
ممدّ لودوده لا عدوّه .
(وَلَوْ تَرى) محمّد ( ص ) حسّا وصراحا (إِذْ يَتَوَفَّى) هو العطو كملا والمراد عطو الأرواح الملاء (الَّذِينَ كَفَرُوا) ردّوا أمر اللّه (الْمَلائِكَةُ) الملك الموكّل مع الأرداء والحال (يَضْرِبُونَ) هؤلاء الأملاك الملاطس (وُجُوهَهُمْ) ما أحال أمامهم (وَأَدْبارَهُمْ) وإمطاءهم واكساءهم ولعلّ المراد عموم اللطس (وَ) الحال هؤلاء الأملاك آمروهم (ذُوقُوا) أطعموا (عَذابَ) ألم (الْحَرِيقِ) ( 50 ) الساعور وحوار « لو » مطروح وهو لحصل احساسك أمرا أمرا .
(ذلِكَ) اللطس أو الألم معلّل (بِما قَدَّمَتْ) كدّ أو اسلم (أَيْدِيكُمْ) وهو ردّ اسلام ومعاص وهو كلام اللّه أو كلام الأملاك (وَأَنَّ اللَّهَ) الملك العدل (لَيْسَ بِظَلَّامٍ) ك « علّام » للعدّ أورده لعدّ العوالم أو لردّ صروع الحدل أو المراد لا حدل له أصلا وإصر الطّلاح عدل (لِلْعَبِيدِ) ( 51 ) لكلّ مملوك مأسور .
ومعودهم (كَدَأْبِ) كمعود (آلِ) عسكر (فِرْعَوْنَ) ملك مصر (وَ) معود الملأ (الَّذِينَ) مرّوا (مِنْ قَبْلِهِمْ) الحمس أو آل ملك مصر
----------
(ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة) ببدر ومفعول ترى مقدر أي لو ترى الكفرة حين تتوفاهم الملائكة (يضربون وجوههم) حال منهم أو من الملائكة أو منهما (وأدبارهم) ظهورهم أو أستاههم (وذوقوا) أي يقال ذوقوا (عذاب الحريق) أي نار الآخرة أو مقامع حديد كلما ضربوا التهبت نارا وجواب لو محذوف تهويلا (ذلك) العقاب (بما قدمت أيديكم) أي بسبب ما فعلتم (وأن) بسبب أن (الله ليس بظلام للعبيد) بتعذيبهم بغير ذنب .
(كدأب) أي دأب هؤلاء وعاداتهم كدأب (ءال فرعون والذين من قبلهم)
ص: 411
(كَفَرُوا) اعلام لمعودهم (بِآياتِ) دوالّ إلّ (اللَّهِ) ووحوده وأصرّوا (فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ) العدل عطوا معلّلا (بِذُنُوبِهِمْ) آصارهم ومعارهم كما عطا هؤلاء (إِنَّ اللَّهَ) كامل السطو (قَوِيٌّ) صارد حكمه ولا رادّ لإصره أحد (شَدِيدُ الْعِقابِ) ( 52 ) كامل الحدّ والإصر .
(ذلِكَ) إهلاك هؤلاء وما حلّهم معلّل (بِأَنَّ اللَّهَ) الملك العدل (لَمْ يَكُ مُغَيِّراً) محوّلا (نِعْمَةً) سرّاء ومحلّا محلّها سوداء (أَنْعَمَها) أعطاها وأسداها (عَلى قَوْمٍ) رهط ما (حَتَّى يُغَيِّرُوا ما) حالا موصولا (بِأَنْفُسِهِمْ) وآل ملك مصر وأهل الحرم حالهم أوّلا حال سوء ولمّا حوّلوا حالهم أسوأ حوّل اللّه ما أعطاهم وهو الإمهال وأهلكهم مسرعا (وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ) لكلامهم (عَلِيمٌ) ( 53 ) لأعمالهم .
(كَدَأْبِ) كمعود (آلِ فِرْعَوْنَ وَ) معود الملأ (الَّذِينَ) مرّوا (مِنْ قَبْلِهِمْ) اله (كَذَّبُوا) عوّروا (بِآياتِ) أعلام وصال اللّه (رَبِّهِمْ) مالكهم (فَأَهْلَكْناهُمْ) إهلاكا معلّلا (بِذُنُوبِهِمْ) طوالح أعمالهم (وَأَغْرَقْنا آلَ) رهط (فِرْعَوْنَ) معه (وَكُلٌّ) كل رهط ممّا مرّ حالهم (كانُوا ظالِمِينَ) ( 54 )
----------
الأمم (كفروا بآيات الله) بيان لدأبهم (فأخذهم الله) بالعقاب (بذنوبهم) كأخذه هؤلاء (إن الله قوي) لا يمنع (شديد العقاب) لمستحقه .
(ذلك) التعذيب لهم (بأن) بسبب أن (الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم) مبدلا لها بنقمة (حتى يغيروا ما بأنفسهم) من النعم بكفرها (وأن الله سميع) لأقوالهم (عليم) بأفعالهم .
(كدأب ءال فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا ءال فرعون) كرر تأكيدا (وكل) من الأمم المكذبة (كانوا ظالمين)
ص: 412
كرّر حال الآل ورهط سدوا سدوهم وسلكوا مسلكهم مؤكّدا واعلاما لطرحهم حمد الآلاء وصرع هلاك الآل .
(إِنَّ شَرَّ) أسوأ (الدَّوَابِّ) كلّ ما له حسّ وحراك (عِنْدَ اللَّهِ) العلام الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) إصرارا ومردوا (فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) ( 55 ) أصلا ورأسا .
والمراد (الَّذِينَ عاهَدْتَ) رسول اللّه (مِنْهُمْ) وهم رهط الهود والمعهود عدم إمداد الأعداء وهم كسروه وامدّوا الأعداء وأعطوهم سلاحا وكلّموا حصل الإعطاء أمها وعاهدهم رسول اللّه صلعم مكرّرا (ثُمَّ يَنْقُضُونَ) كسرا (عَهْدَهُمْ) هودهم (فِي كُلِّ مَرَّةٍ) عاهدوا (وَهُمْ لا يَتَّقُونَ) ( 56 ) اللّه أو إسعاده لأهل الإسلام ، أو كسر العهد وما لهم روع أمد أمرهم .
(فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ) إدراكا (فِي الْحَرْبِ) العماس (فَشَرِّدْ) روع وألم أو اطرد والحاصل اعمل (بِهِمْ) وأوصلهم حدّا طاردا (مَنْ) أرهاطا (خَلْفَهُمْ) وراءهم وأعداء سواهم (لَعَلَّهُمْ) أعداء وراهم (يَذَّكَّرُونَ) ( 57 ) والحاصل طمعا لارعواء رهط سواهم ولادّكار ملاء عداهم .
----------
أنفسهم بالكفر .
(إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون) لإصرارهم على الكفر (الذين عاهدت منهم) بدل بعض من الذين كفروا وعدي بمن لتضمين المعاهدة معنى الأخذ (ثم ينقضون عهدهم في كل مرة) عاهدوا فيها وهم قريظة عاهدهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أن لا يعينوا المشركين عليه بالسلاح فأعانوهم وقالوا نسينا ثم عاهدهم فأعانوهم يوم الخندق (وهم لا يتقون) الله في نقض العهد (فإما تثقفنهم) تدركنهم في الحرب (فشرد بهم) ففرق ونكل بمعاقبتهم وقتلهم (من خلفهم) من الكفرة (لعلهم يذكرون) لعل من خلفهم يتعظون بهم .
ص: 413
(وَإِمَّا تَخافَنَّ) محمّد ( ص ) (مِنْ قَوْمٍ) رهط لك معهم عهد (خِيانَةً) كسر عهد لإعلام وآمار لها (فَانْبِذْ) واطرح (إِلَيْهِمْ) العهد (عَلى) علم (سَواءٍ) لكسر العهد والحاصل أعلمهم أوّلا كسر العهد (إِنَّ اللَّهَ) الملك العدل (لا يُحِبُّ) الرهط (الْخائِنِينَ) ( 58 ) كسّار العهود أصلا وهو معلّل لأمر الطرح .
(وَلا يَحْسَبَنَّ) أحد الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا وعصوا (سَبَقُوا) اللّه املصوا وسلموا (إِنَّهُمْ) هؤلاء الأعداء (لا يُعْجِزُونَ) ( 59 ) اللّه والمراد اللّه مدركهم ولا محال وما لهم إملاص ، وهو معلّل للردع .
(وَأَعِدُّوا) أهل الإسلام (لَهُمْ) لكسّار العهد أو للأعداء عموما (مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) عام لكلّ العدد وعمادها وملاكها طرح السهام لما ورد أو المراد الأطم (وَمِنْ رِباطِ) مصدر مدلوله الإصر والحسر وصار اسما لكراع حصروها للعماس (الْخَيْلِ) الكراع والمراد حصرها حدود الأعداء
----------
(وإما تخافن من قوم) عاهدك (خيانة) نقض عهد بأمارة تجدها (فانبذ) عهدهم (إليهم على سواء) أي مستويا أنت وهم في العلم بنقض العهد بأن تعلمهم به قبل حربك لهم لئلا يتهموك بالخيانة (إن الله لا يحب الخائنين) استئناف يعلل الأمر بالنبذ على سواء .
(ولا يحسبن) يا محمد ومفعولاه (الذين كفروا سبقوا) فأتوا الله وقرىء بالياء بجعل فاعله (الذين كفروا) والمفعول الأول محذوف أي أنفسهم (إنهم لا يعجزون) استيناف إن كسرت أو بتقدير اللام إن فتحت أي لأنهم لا يفوتونه .
(وأعدوا لهم) لحربهم (ما استطعتم من قوة) مما يتقى به في الحرب وروي أنها الرمي (ومن رباط الخيل) فعال بمعنى مفعول أي التي تربط في سبيل
ص: 414
(تُرْهِبُونَ بِهِ) ما هو مسطاعكم أو معاده الأعداد المدلول لأعدّوا (عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) أراد طلّاح أهل الحرم (وَ) أرهاطا (آخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ) سواهم وهم الهود ، أو معلمو الإسلام ومسرّو عكسه ، أو سواهم (لا تَعْلَمُونَهُمُ) أعطالهم (اللَّهِ) العلّام (يَعْلَمُهُمْ) أعطالهم (وَ) كلّ (ما تُنْفِقُوا) أحدا (مِنْ شَيْءٍ) مال وحال وسواهما (فِي سَبِيلِ) وصول (اللَّهِ يُوَفَّ) له أداء كملا (إِلَيْكُمْ) مالا (وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) ( 60 ) أصلا .
(وَإِنْ جَنَحُوا) مالوا (لِلسَّلْمِ) للصلح ، ورووه مكسور الأوّل (فَاجْنَحْ) ومل (لَها) للسلم وصالحهم وعاهد معهم (وَتَوَكَّلْ) عوّل (عَلَى اللَّهِ) وكل كلّ أمورك له واللّه عاصمك لو مكروا حال الصلح وهم محاطو مكرهم أمد الأمر (إِنَّهُ) اللّه (هُوَ السَّمِيعُ) لكلامك لا سواه (الْعَلِيمُ) ( 61 ) لأحوالك .
(وَإِنْ يُرِيدُوا) الأعداء أولو العهد (أَنْ يَخْدَعُوكَ) مكرا وإعداد عدد (فَإِنَّ حَسْبَكَ) وعاصمك (اللَّهُ هُوَ) اللّه (الَّذِي
----------
الله أو مصدر أي ربطها وحبسها فيه (ترهبون) تخوفون (به عدو الله وعدوكم) أي كفار مكة (وآخرين من دونهم) من غيرهم من اليهود أو المنافقين أو الفرس (لا تعلمونهم) بأعيانهم (الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم) أجره (وأنتم لا تظلمون) بنقص شيء منه .
(وإن جنحوا) مالوا (للسلم) بفتح السين وكسرها الصلح (فاجنح لها) للمسالمة وهو منسوخ بآية السيف أو خاص بأهل الكتاب (وتوكل على الله إنه هو السميع) لأقوالهم (العليم) بأسرارهم .
(وإن يريدوا أن يخدعوك) بالصلح (فإن حسبك) كافيك (الله هو الذي
ص: 415
أَيَّدَكَ) آداك (بِنَصْرِهِ) ومدده (وَبِالْمُؤْمِنِينَ) ( 62 ) طرّا وأهل مصرك
(وَأَلَّفَ) وآدم (بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) أرواعهم وأسرارهم (لَوْ أَنْفَقْتَ) محمّد ( ص ) ما مالا حصل وحلّ (فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) طرّا لإصلاحهم وودادهم وردّ عداء وسطهم (ما أَلَّفْتَ) أصلا (بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) لكمال وحر صدرهم (وَلكِنَّ اللَّهَ) مالك الملك والأمر (أَلَّفَ) آدم وأصلح (بَيْنَهُمْ) وأماط وحر صدرهم كرما ورحما (إِنَّهُ) اللّه (عَزِيزٌ) حدد حماه كهّار مكوّح أمره كامل طوله وسطوه (حَكِيمٌ) ( 63 ) ممدّ لطوّعه ولحكمه حكم وأسرار .
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ ) الرسول (حَسْبُكَ اللَّهُ) إله الكلّ (وَ) مع كلّ (مَنِ اتَّبَعَكَ) طاوعك (مَنِ) الملأ (الْمُؤْمِنِينَ) ( 64 ) .
ولمّا رسا الإسلام وسطع وأمر أهله أرسل اللّه (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ ) مطو الأمور الصوارم للعود (حَرِّضِ) ورووه « وحرّص » مع الصاد المهمل الملأ (الْمُؤْمِنِينَ) كلّهم (عَلَى الْقِتالِ) عماس أعداء الإسلام (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ) أهل الإسلام (عِشْرُونَ) مرء (صابِرُونَ) حمّال مكاره (يَغْلِبُوا) أعداء (مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ) رهط (مِائَةٌ) حمّال مكاره (يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ) الملأ
----------
أيدك بنصره وبالمؤمنين) جميعا (وألف بين قلوبهم) مع تضاغنهم (لو أنفقت ما في الأرض جميعا) من المال لتؤالف بينهم (ما ألفت بين قلوبهم) لشدة عداوتهم (ولكن الله ألف بينهم) بقدرته معجزة لك (إنه عزيز) غالب لا يعجزه شيء (حكيم) في صنعه .
(يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين) من عطف على الله أي كافيك الله والمؤمنون أو على الكاف على رأى، أو مفعول معه .
(يا أيها النبي حرض المؤمنين) حثهم (على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من
ص: 416
(الَّذِينَ كَفَرُوا) وكسرهم وإهلاكهم معلّل (بِأَنَّهُمْ) هؤلاء الأعداء (قَوْمٌ) صور (لا يَفْقَهُونَ) ( 65 ) أمرا وأسرارا ، ووعد اللّه أهل الإسلام العلوّ والسطو لو حمّلوا مكاره العماس وما عرّدوا وما طرحوا معاركه .
ولمّا أدهمّ امر العماس وعسر عماس الواحد الدّوكس سهل اللّه الأمر وأرسل (الْآنَ) الحال (خَفَّفَ اللَّهُ) سهّل وأماط عسر العماس (عَنْكُمْ) أهل الإسلام (وَعَلِمَ) حاصلا كما علم أوّلا (أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً) عدم آدّ وألوّ (فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ) رهط عددهم (مِائَةٌ صابِرَةٌ) حمّال مكاره وأعسار (يَغْلِبُوا) أعداء (مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ) عسكر عددهم (أَلْفٌ يَغْلِبُوا) أعداء ولو عددهم (أَلْفَيْنِ) وما مرّ معلّل (بِإِذْنِ اللَّهِ) أمره وحكمه وروده (وَاللَّهُ) مع الكلّ علما وحكما و (مَعَ) الملأ (الصَّابِرِينَ) ( 66 ) مددا وودّا .
لمّا أسروا الأعداء وأمر رسول اللّه صلعم عسكره وحاوره أوّل أمراء الإسلام أعطوا الحماء وسرّحهم لمّا هم أولو أرحامك وطمعا لإسلامهم أمدا ، وراع كلامه رسول اللّه صلعم ، وكلّم عمر أهلكهم لما هم أعداء عادوك وطردوك ، وما راع رسول اللّه صلعم كلامه ، وكلّم رسول اللّه صلعم لأوّل أمراء الإسلام حالك كحال رسول أمر اللّه طوعه ووأمه لما رحم رهطه ، وحالك عمر
----------
الذين كفروا) خبر معناه الأمر بمقاومة الواحد للعشرة والوعد بالغلبة إن صبروا (بأنهم) بسبب أنهم (قوم لا يفقهون) أنهم مغالبون الله ومغالبه مغلوب، أو يجهلون الآخرة فلا يرجون ثوابها .
(الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا) عن مقاومة الواحد للعشرة (فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين) بالعون والحفظ .
ص: 417
كحال أطول الرسل عمرا لما دعا اللّه إهلاك رهطه كلّهم وعطوا أوس كلّ مأسور حماء ومآلا وسرّحوه أرسل اللّه (ما كانَ) ما صحّ (لِنَبِيٍّ ) لرسول ما (أَنْ يَكُونَ لَهُ) رهط (أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ) المراد حسل ملل الأعداء وحسمها وإهلاكهم وإكرام الإسلام وأهله (فِي الْأَرْضِ) سطح الرمكاء (تُرِيدُونَ) أهل الإسلام (عَرَضَ) حطام الدار (الدُّنْيا) والمراد الحماء (وَاللَّهُ) إلهكم ومالككم (يُرِيدُ) لكم الدار (الْآخِرَةَ) عدلها أوس إهلاكهم (وَاللَّهُ عَزِيزٌ) كاهر للأعداء (حَكِيمٌ) ( 67 ) عالم للحكم والاسرار .
(لَوْ لا كِتابٌ) لولا حكم (مِنَ اللَّهِ سَبَقَ) ورسم اللوح المحروس وهو إحلال أموال الأعداء لرهط محمّد رسول اللّه صعلم (لَمَسَّكُمْ) لوصلكم (فِيما) حماء ومآل (أَخَذْتُمْ) وأعطاه اسراءكم (عَذابٌ) إصر وألم (عَظِيمٌ) ( 68 ) ورد لو حلّ الإصر لما سلم إلّا عمر وسعد لما علما إهلاك الأعداء أصلح .
ولمّا سمعوا الكلام الموعد وأمسكوا وطرحوا عطو أموال الأعداء أرسل
----------
(ما كان لنبي أن يكون) وقرىء بالتاء (له أسرى حتى يثخن في الأرض) يكثر قتل الكفار ويذلهم (تريدون) أيها المؤمنون (عرض الدنيا) حطام الدنيا بأخذ الفداء (والله يريد) لكم (الآخرة) أي ثوابها بقتلهم وقهرهم(والله عزيز) غالب لا يغلب (حكيم) في تدبيره .
(لو لا كتاب) حكم (من الله سبق) وهو أنه لا يعذب بما لم ينه عنه صريحا وأنه سيحل لكم الفداء (لمسكم) لأصابكم (فيما أخذتم) من الفداء (عذاب عظيم) من باب إياك أعني .
ص: 418
اللّه (فَكُلُوا مِمَّا) أموال وأملاك (غَنِمْتُمْ) مالا أو أكلا (حَلالًا) لا إصر معه ولا لمم (طَيِّباً) طاهرا سوسا وامرا (وَاتَّقُوا اللَّهَ) روعوه ودعوا عكس امره (إِنَّ اللَّهَ) أرحم الرحماء (غَفُورٌ) لسوء عملكم (رَحِيمٌ) ( 69 ) لمّا أحل لكم أموال الأعداء .
( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ ) المعلم للسداد (قُلْ لِمَنْ) لرهط (فِي أَيْدِيكُمْ) ملككم (مِنَ) الأعداء (الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ) العلّام (فِي قُلُوبِكُمْ) اسراركم (خَيْراً) سداد اسلام وصحّ ساو (يُؤْتِكُمْ) اللّه مالا حالا أو مآلا (خَيْراً مِمَّا) مال (أُخِذَ) عطاء أهل الإسلام (مِنْكُمْ) والمراد مال الحماء (وَيَغْفِرْ) اللّه (لَكُمْ) محوا لآصاركم (وَاللَّهُ) واسع الكرم (غَفُورٌ) محّاء السوءاء (رَحِيمٌ) ( 70 ) كامل الرحم والعطاء .
(وَإِنْ يُرِيدُوا) الأسراء (خِيانَتَكَ) كسر ما عاهدوك وهو الإسلام أو إعطاء الحماء (فَقَدْ خانُوا اللَّهَ) وعصوا أمره وكسروا عهده وردّوا الإسلام (مِنْ قَبْلُ) أوّلا (فَأَمْكَنَ) اللّه والحمك (مِنْهُمْ) إهلاكا وأسرا (وَاللَّهُ
----------
(فكلوا مما غنمتم) من الغنائم قيل أمسكوا عنها فنزلت أو من الفداء فإنه من الغنائم (حلالا) حال من ما أو أكلا حلالا كذا (طيبا واتقوا الله إن الله غفور) لذنوبكم (رحيم) أباحكم ما غنمتم .
(يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى) وقرىء الأسارى (إن يعلم الله في قلوبكم خيرا) إيمانا خالصا (يؤتكم خيرا مما أخذ منكم) من الفداء (ويغفر لكم والله غفور رحيم) نزلت في العباس وعقيل ونوفل .
(وإن يريدوا خيانتك) نقض العهد (فقد خانوا الله) بالكفر (من قبل فأمكن منهم) يوم بدر بالقتل والأسر فيمكن منهم إن خافوا (والله
ص: 419
عَلِيمٌ) للمال (حَكِيمٌ) ( 71 ) لما أمر الحال وله حكم ومصالح .
(إِنَّ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا (وَهاجَرُوا) رحلوا وطرحوا مراكدهم واحمّاءهم ودّا للّه ورسوله (وَجاهَدُوا) ماصعوا الأعداء (بِأَمْوالِهِمْ) أملاكهم أعطوها لمصالح العماس كالكراع والسلاح (وَأَنْفُسِهِمْ) أعطالهم وأولادهم (فِي سَبِيلِ) وصول (اللَّهِ وَ) الملأ (الَّذِينَ آوَوْا) أووهم دورهم (وَنَصَرُوا) واردوهم وامدّوهم (أُولئِكَ) المعلوم حالهم كلّهم (بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ) ملّاك (بَعْضٍ) أمواله أو مدّاده ومسعدوه ، ولو هلك أحدهم ملك ماله وملكه ودوده وهو حكم أوّل الإسلام وحوّله سهام أهل الأرحام (وَ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) سدادا (وَلَمْ يُهاجِرُوا) الحرم وما رحلوا وركدوا الحرم (ما لَكُمْ) رهط الرحال (مِنْ وَلايَتِهِمْ) أمرهم وملكهم ، ورووا مكسور الواو ورد مدلولهما واحد (مِنْ شَيْءٍ) والكاسر مؤكّد لا مدلول له (حَتَّى يُهاجِرُوا) ممّا هو مركدهم وهو الحرم (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ) حاولوا مددكم (فِي الدِّينِ) كما لو ماصعوا الأعداء وراموا مددكم (فَعَلَيْكُمُ
----------
عليم) بنياتهم (حكيم) في صنعه بهم .
(إن الذين ءامنوا وهاجروا) ديارهم (وجاهدوا بأموالهم) بالإنفاق (وأنفسهم) بالقتال (في سبيل الله) وهم المهاجرون (والذين ءاووا) النبي والمهاجرين (ونصروا) المذكورين على أعدائهم وهم الأنصار (أولئك بعضهم أولياء بعض) في النصرة أو الميراث كان المهاجرون والأنصار يتوارثون بالهجرة دون الأقارب فنسخه وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض (والذين ءامنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم) بفتح الواو وكسرها (من شيء) فلا توارث بينكم وبينهم (حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم) فواجب عليكم
ص: 420
النَّصْرُ) والإمداد لهم أمر مؤكّد (إِلَّا عَلى قَوْمٍ) أعداء (بَيْنَكُمْ) أهل الإسلام (وَبَيْنَهُمْ) هؤلاء الأعداء (مِيثاقٌ) عهد وح ما حلّ لكم إمدادهم (وَاللَّهُ بِما) كلّ عمل (تَعْمَلُونَ) صالحا أو طالحا (بَصِيرٌ) ( 72 ) راء وعالم كما هو .
(وَ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) ردّوا حكم اللّه (بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ) أداء (بَعْضٍ) ملّاك أموالهم والمراد لا ولاء وسطكم ووسط هؤلاء الأعداء (إِلَّا تَفْعَلُوهُ) مأمور اللّه وهو الودّ والإمداد مع أهل الإسلام وحسم الوداد مع العدّال (تَكُنْ) حصولا (فِتْنَةٌ) سطوع الأعداء وعلوّهم ووهاء أهل الإسلام (فِي الْأَرْضِ) ممالككم (وَفَسادٌ) دعر (كَبِيرٌ) ( 73 ) وهو عدم آد أهل الإسلام .
(وَ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا (وَهاجَرُوا) ورحلوا حرسا لإسلامهم (وَجاهَدُوا) وعاسروا (فِي) سلوك (سَبِيلِ) وصول (اللَّهِ) والمراد مسلمو أهل الحرم (وَ) الملأ (الَّذِينَ آوَوْا) أحلّوهم محالّ (وَنَصَرُوا) وأمدّوهم وهم أهل مصر الرسول صلعم (أُولئِكَ) المعلوم حالهم كلّهم (هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) الكمّل إسلاما لا سواهم (لَهُمْ) لهؤلاء
----------
(النصر) لهم على الكفار (إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق) عهد فلا تنصروهم عليهم (والله بما تعملون بصير والذين كفروا بعضهم أولياء بعض) في النصرة أو الميراث ومفهومه نفي الولاية بينهم وبين المؤمنين (إلا تفعلوه) أي تولى بعضكم بعضا أيها المؤمنون وقطع الكفار (تكن) تحصل (فتنة في الأرض) قوة الكفر (وفساد كبير) ضعف الإسلام .
(والذين ءامنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين ءاووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا) أي حق إيمانهم حقا وهم الكاملون في الإيمان (لهم
ص: 421
الكمّل (مَغْفِرَةٌ) محو آصار ومعارّ (وَرِزْقٌ) وأكل ومطعم (كَرِيمٌ) ( 74 ) لا درك له ولا كدد .
(وَ) امّا الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (مِنْ بَعْدُ) حال رواح عصر الرحل (وَهاجَرُوا) رحلوا (وَجاهَدُوا) هالكوا الأعداء (مَعَكُمْ) أهل الرحل والإمداد (فَأُولئِكَ) الملأ اللواء أكلاء إسلامهم (مِنْكُمْ) أهل الكمال لهم ما لكم وعلاهم ما علاكم (وَأُولُوا الْأَرْحامِ) عموما رحلوا أولا (بَعْضُهُمْ أَوْلى) احمّ وأوصل (بِبَعْضٍ) ماله وملكه وهو الحكم الوارد أمدا لإحصاص أهل الأرحام المحوّل لحكم ورد أوّلا (فِي كِتابِ اللَّهِ) اللوح المحروس أو حكمه أو كلام اللّه المرسل (إِنَّ اللَّهَ) احكم الحكماء (بِكُلِّ شَيْءٍ) كما هو (عَلِيمٌ) ( 75 ) كامل علم .
----------
مغفرة ورزق كريم) في الجنة .
(والذين ءامنوا من بعد) أي بعد السابقين بالإيمان والهجرة (وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم) أيها المهاجرون والأنصار (وأولوا الأرحام) ذوو القربات (بعضهم أولى ببعض) في الميراث من الأجانب (في كتاب الله) أي حكمه أو اللوح أو القرآن (إن الله بكل شيء عليم) ومنه الميراث.
ص: 422
ص: 423
ص: 424
( سورة براءة )
موردها مصر رسول اللّه صلعم ومحصول أصول مدلولها :
ردّ عهود أهل العدول ، والسلام لسامع كلام اللّه ، والإهلاك لأهل الصدود وردعهم عمّا عمروا المركع الحرام ، وردع أهل الإسلام عمّا ودّوا أهل الأرحام العدّال ، والردع لأهل العدول عمّا وردوا الحرم والأمر لإهلاك طلّاح أهل الطرس وعطو مالهم كلّ عام كما عهد ، وسوء كلام الهود ورهط روح اللّه وادّعاؤهم العاطل الوالع ، وأحكام ألوك الرسول صلعم .
ولوم علماء الهود لمّا أكلوا أموال العالم حلوا وألسا ، والإصر لرهط أمسكوا سهم مال أمروا أداءه ، والأمر لعماس الروم ولوم الركاد مع إملاه والع ، ورحل رسول اللّه صلعم مع أوّل أمراء الإسلام لهول الأعداء وعدم رحل أهل الولع والمكر لعماس الروم ورصدهم إهلاك أهل الإسلام ، وحول دولهم وردّ ما أعطوه كرها وإسماعا لأهل الإسلام لا لله وودّه والهادهم ولهوهم مع رسول اللّه صلعم وكلام اللّه ، ووئام أهل الإسلام وسطهم ووصولهم للوام مراهص وإعلاء اللّه أسرار أهل المكر وردّ إسلامهم ، والروع لرسول اللّه صلعم عمّا دعاهم ورام محو آصارهم وعطو ما أعطاه أهل العسر والعدم والدعاء لهم ، واسماع هود الهوّاد وإعلاء حال رهط أسّسوا المركع مع طلاح الأسرار ، وحال رهط سواهم أسّسوا المركع مع صلاح السأو لطوع اللّه ، وردع الرسول الأوّاه عمّا دعا للعدّال وسأل محو آصارهم لمّا لاح له طلاحهم وسوء مآلهم وسماع هود رهط ركدوا وما رحلوا للعماس مع سداد الأملاه والأمر رهط لروم العلم ، وإعلاء أسرار أهل الولع والمكر وطلاحهم كلّ عصر ، ورحم رسول اللّه صلعم لرهطه والأمر لوكولهم مع اللّه وحسم الوصل كلّها .
ص: 425
(بَراءَةٌ) محمول طرح محكومه حصل وصولها (مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) محمّد (إِلَى) الملأ (الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ) الأرهاط (الْمُشْرِكِينَ) ( 1 ) والحاصل اللّه ورسوله طرحا العهد الحاصل وسطكم ووسط أهل العدول ، ورد عاهد أهل الإسلام أعداءهم أولاد ماء السماء وهؤلاء كسروا العهد كلّهم إلّا ماصلا وطرح العهد للكسّار وأمروا الرود عصرا معدودا وهو (فَسِيحُوا) ساح سار مهلا (فِي الْأَرْضِ) ممالك الإسلام سلّاما (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) حرم لحرس حرمها ، وأمر رسول اللّه صلعم أوّل أمراء الإسلام موسم العام المعهود ، وأرسل « أسد اللّه » وراءها لدرسها وأهل الموسم ، ولمّا أدركه سأله مؤمّر أو مأمور ؟ ، حاور مأمور وسارا ووصلا وعلّمهم المؤمّر اعلام مطاوعهم ومراسم مراكدهم ، وأسمعهم « أسد اللّه » ما أمر رسول اللّه صلعم وكلّم أمر رسول اللّه صلعم ما حلّ لعدو احمام المحلّ الحرام وراء عام الحالّ ولا حلّ لعار الحوم حوله ، ودار
----------
(سورة التوبة مائة وتسع وعشرون آية مدنية وقيل)
إلا آيتين آخرها لم تصدر بالبسملة
روي عن علي (عليه السلام) أن البسملة أمان وهي نزلت لرفع الأمن بالسيف وروي أنها آخر سورة نزلت (أعوذ بالله من النار ومن شر الكفار العزة لله ولجميع المؤمنين) (براءة) واصلة (من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين) الناكثين أي خروج من عهودهم .
(فسيحوا) أيها المشركون أي سيروا (في الأرض أربعة أشهر) أجلهم
ص: 426
السلام مورد كلّ مسلم لا سواه وعهد كلّ معهود مكمّل واصل أمده ، ولمّا سمع الأعداء كلامه كلّموا أوصل وأعلم ولد عمّك هم ورّوا العهد وكلّموا لا عهد إلّا رمح الرماح وصرم الصوارم (وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ) رهط الأعداء (غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ) لا إملاص لكم ولو أمهلكم (وَأَنَّ اللَّهَ) الكهّاد (مُخْزِي الْكافِرِينَ) ( 2 ) حاسلهم وداحرهم أسرا وإهلاكا حالا وإصرا وألما مآلا .
(وَأَذانٌ) إعلام وهو كعطاء مدلوله الإعطاء واصل (مِنَ اللَّهِ) مالك الكلّ (وَرَسُولِهِ) محمّد ( ص ) (إِلَى النَّاسِ) أعداء الإسلام (يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ) عصر ركود المركد المعلوم لما هو أصل أعماله أو عصر السحط لما هو عصر كمال أعماله والمعلم المعهود هو (أَنَّ) ورووه مكسور الأوّل (اللَّهِ) إملاء الملاء (بَرِيءٌ مِنَ) الملأ (الْمُشْرِكِينَ) الأعداء كلّهم وعهودهم (وَرَسُولِهِ) لا عهد له مع أحد ، ورووه مكسور اللام وآما لكسر أمامه واوه واو العهد (فَإِنْ تُبْتُمْ) رهط الأعداء عمّا هو عملكم وهو الصدود والمكر وكسر العهود (فَهُوَ) الهود والعود (خَيْرٌ) أصلح وأملح (لَكُمْ) ممّا هو عملكم
----------
الله من يوم النهر إلى تمام أربعة أشهر حتى يرجعوا إلى مأمنهم ثم يقتلون حيث وجدوا (واعلموا أنكم غير معجزي الله) لا تفوتونه وإن أمهلكم (وأن الله مخزي الكافرين) مذلهم في الدارين .
(وأذان) إيذان إعلام (من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر) سمي الأكبر لأنها كانت سنة تحج فيها المسلمون والمشركون ولم يحج المشركون بعد تلك السنة (أن) بأن (الله بريء من المشركين ورسوله) عطف على المستكن في برىء وقرىء بالنصب عطفا على اسم أن أو بواو المعية (فإن تبتم) من الشرك (فهو) فتوبتكم (خير لكم
ص: 427
وهو الإصرار (وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ) لاح عدولكم وصدودكم عمّا صلح لكم وهو الهود أو الإسلام (فَاعْلَمُوا) أعداء الإسلام (أَنَّكُمْ) كلّكم (غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ) حاصله لا امّلاص لكم لو أراد اللّه إصركم (وَبَشِّرِ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) وأعلمهم (بِعَذابٍ) إصر وألم (أَلِيمٍ) ( 3 ) مؤلم وهو الإهلاك والأسر حالا والساعور مآلا .
واعلموا كلّهم كسر العهد (إِلَّا) الملأ (الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ) الأرهاط (الْمُشْرِكِينَ) الأعداء (ثُمَّ) كمّلوا ما عاهدوا وأدّوا كملا و (لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً) أمرا ممّا عوهدوا أو ما أهلكوكم وما أوصلوكم سوء أصلا (وَلَمْ يُظاهِرُوا) وما أردءوا وما أمدوا (عَلَيْكُمْ أَحَداً) عدوّا (فَأَتِمُّوا) ادّوا (إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ) عمما كملا (إِلى) أمد (مُدَّتِهِمْ) عصر عهدهم (إِنَّ اللَّهَ) الملك الودود (يُحِبُّ) الملأ (الْمُتَّقِينَ) ( 4 ) أهل الورع وهو معلّل لإكمال عهدهم .
(فَإِذَا انْسَلَخَ) مرّ (الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ) اللّاء عوهد الأعداء الكسّار للعهود
----------
وإن توليتم) عن الإيمان (فاعلموا أنكم غير معجزي الله) غير فائتيه في الدنيا (وبشر الذين كفروا بعذاب أليم) في الآخرة .
(إلا الذين عاهدتم من المشركين) استثناء من المشركين أو استدراك أي ولكن من عاهدتم منهم (ثم لم ينقصوكم شيئا) من شروط العهد (ولم يظاهروا) يعاونوا (عليكم أحدا) من عدوكم (فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم) إلى انقضاء مدتهم التي عاهدتم عليها (إن الله يحب المتقين) بإتمام العهد .
(فإذا انسلخ) انقضى (الأشهر الحرم) التي هي مدة الأمان للناكثين
ص: 428
مرورها (فَاقْتُلُوا) الملأ (الْمُشْرِكِينَ) الكسّار للعهود (حَيْثُ) كلّ محلّ (وَجَدْتُمُوهُمْ) حلّا أو حرما (وَخُذُوهُمْ) وأسروهم (وَاحْصُرُوهُمْ) واصروهم أو حاسروهم لو وردوا اطما (وَاقْعُدُوا لَهُمْ) وارصدوهم (كُلَّ مَرْصَدٍ) مسلك وممرّ (فَإِنْ تابُوا) عادوا وأسلموا وأصلحوا حالهم (وَأَقامُوا الصَّلاةَ) وأدّوها كما أمر اللّه (وَآتَوُا الزَّكاةَ) وأعطوها كملا إعلاما لهودهم وإحكاما لإسلامهم (فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ) ودعوهم أو سرّحوهم وراء الأسر والحصر (إِنَّ اللَّهَ) أرحم الرحماء (غَفُورٌ رَحِيمٌ) ( 5 ) لمرء عاد وهاد سدادا وهو معلّل للأمر والحاصل دعوهم لما محا اللّه لهم ما عملوا طلاحا ووعد لهم الآلاء لما هادوا .
(وَإِنْ أَحَدٌ) عدوّ (مِنَ) الملأ (الْمُشْرِكِينَ) المأمور إهلاكه وأسره (اسْتَجارَكَ) حاول عهدك لسماع كلام اللّه (فَأَجِرْهُ) عاهده وسلّمه والحاصل آلهة (حَتَّى يَسْمَعَ) سماع ادراك ودهاء (كَلامَ اللَّهِ) المرسل (ثُمَّ أَبْلِغْهُ) أوصله (مَأْمَنَهُ) داره ومحلّ سلامه لو كره الإسلام وماصعه ، لو راعك (ذلِكَ) ما مرّ معلّل (بِأَنَّهُمْ) هؤلاء الأعداء (قَوْمٌ) رهط ( لا
----------
(فاقتلوا المشركين) الناكثين (حيث وجدتموهم) في حل وحرم (وخذوهم) وأسروهم (واحصروهم) امنعوهم دخول مكة أو من الخروج إن تحصنوا (واقعدوا لهم كل مرصد) طريق يسلكونه (فإن تابوا) من الشرك (وأقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة) أي التزموا فعلهما وقبلوه (فخلوا سبيلهم) دعوهم ولا تعرضوا لهم (إن الله غفور رحيم).
(وإن أحد من المشركين) المأمور بقتلهم رفع بما يفسره (استجارك) استأمنك (فأجره) آمنه (حتى يسمع كلام الله) ويتدبره (ثم أبلغه مأمنه) موضع أمنه أي وطنه إن لم يؤمن (ذلك) الأمن (بأنهم قوم لا يعلمون) الإيمان فآمنهم حتى يستمعوا فيعلموا .
ص: 429
يَعْلَمُونَ) ( 6 ) أوامر اللّه وأحكامه وح الأصلح لهم اسماع كلام اللّه .
(كَيْفَ) والمراد لا (يَكُونُ) اسمه عهد ومحموله ما ورد أمامه أو (لِلْمُشْرِكِينَ) أعداء إلّا الإسلام (عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ) الملك الكهّار (وَعِنْدَ رَسُولِهِ) محمّد ( ص ) أكمل الكمّل (إِلَّا) الملأ (الَّذِينَ عاهَدْتُمْ) وهم الحمس (عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) المحرم (فَمَا) داموا (اسْتَقامُوا) سدّوا (لَكُمْ) وراعوا العهد وما كسروه (فَاسْتَقِيمُوا) وسدّوا (لَهُمْ) وارعوا عهدهم (إِنَّ اللَّهَ) العدل (يُحِبُّ) الملأ (الْمُتَّقِينَ) ( 7 ) وحرص رسول اللّه صلعم العهد وهؤلاء كسروا العهد .
(كَيْفَ) لهم عهد ، وهو مكرّر للأوّل ومعلم لعدم سداد عهود أهل العدول (وَ) الحال (إِنْ يَظْهَرُوا) علوّا (عَلَيْكُمْ) أهل الإسلام (لا يَرْقُبُوا ) رصدا ورعاء (فِيكُمْ إِلًّا) رحما وحلطا ، أو اللّه (وَلا ذِمَّةً) عهدا وهو مؤلموكم وموصلوكم ما اسطاعوا (يُرْضُونَكُمْ) مكرا وولعا (بِأَفْواهِهِمْ) كلامهم المسوّل المموّه والوعد الملمّع (وَتَأْبى) وهو الكره والصدود
----------
(كيف) إنكار أي لا (يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله) يفون به لهما مع إضمارهم الغدر (إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام) هم المستثنون قبل (فما استقاموا لكم) على العهد (فاستقيموا لهم) على الوفاء به (إن الله يحب المتقين) فسر .
(كيف) يكون لهم عهد وحذف للعلم به كرر إنكار وفائهم بالعهد أو بقاء حكمه مع ما بينهم العلة (وإن يظهروا) بكم يظفروا (عليكم) والواو للحال (لا يرقبوا) لا يرعوا (فيكم إلا) قرابة أو حلفا (ولا ذمة) عهدا أي لا يبقون عليكم بجهدهم (يرضونكم بأفواههم) يظهرون لكم الموالاة بكلامهم (وتأبى
ص: 430
(قُلُوبُهُمْ) الإسلام ورصد العهد وإكماله (وَأَكْثَرُهُمْ) الأعداء (فاسِقُونَ) ( 8 ) مرداء كسّار للعهد .
(اشْتَرَوْا) عطوا (بِآياتِ اللَّهِ) أوس كلام اللّه (ثَمَناً) مالا (قَلِيلًا) ماصلا وهو طوع الأهواء وآراء العواطل (فَصَدُّوا) عدلوا وحادوا وردّوا العالم (عَنْ) سلوك (سَبِيلِهِ) إسلامه أو مسلك الحرم المحرّم (إِنَّهُمْ ساءَ) وطلح ما عملا (كانُوا يَعْمَلُونَ) ( 9 ) عملهم المعهود .
(لا يَرْقُبُونَ) أصلا (فِي مُؤْمِنٍ) ما (إِلًّا) رحما وحلطا أو اللّه (وَلا ذِمَّةً) عهدا وما هو مكرّرا لمّا هو لإعلاء حال الهود وطلاح الحمس ، والأوّل عام لأحوال أهل الولع والمكر (وَأُولئِكَ) كسّار عهد كلّ مسلم (هُمُ الْمُعْتَدُونَ) ( 10 ) عادوا حدّ الحدل والسوء .
(فَإِنْ تابُوا) عادوا وهادوا عمّا أساءوا وطلحوا وهدوا (وَأَقامُوا الصَّلاةَ) كما أمر اللّه (وَآتَوُا الزَّكاةَ) كملا (فَإِخْوانُكُمْ) محمول طرح محكومه وهو « هم » (فِي الدِّينِ) الطوع والإسلام (وَنُفَصِّلُ) أعلم وأصرّح (الْآياتِ) دوالّ السداد (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) ( 11 ) علم دهاء .
----------
قلوبهم) إلا العداوة والغدر (وأكثرهم فاسقون) متمردون لا وفاء لهم .
(اشتروا بآيات الله) القرآن أي استبدلوا باتباعه (ثمنا قليلا) عرضا يسيرا من اتباع الشهوات (فصدوا) الناس أو أعرضوا (عن سبيله) دينه (إنهم ساء ما كانوا يعملون).
(لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة) لا تكرار إذ الأول عام (و) هذا يخص المشترين (أولئك هم المعتدون) في الطغيان .
(فإن تابوا وأقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة فإخوانكم) فهم إخوانكم (في الدين) كسائر المؤمنين (ونفصل الآيات) نبينها (لقوم يعلمون) يتأملونها .
ص: 431
(وَإِنْ نَكَثُوا) كسروا (أَيْمانَهُمْ) مواكدهم (مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ) أراد العهود اللاء أكّدها الأحلاط ، أو المراد كسروا ما عاهدوه وهو الإسلام ، أو أداء العهود (وَطَعَنُوا) وصموا ورموا (فِي دِينِكُمْ) الإسلام (فَقاتِلُوا) ماصعوا وهالكوا (أَئِمَّةَ) رؤساء أهل (الْكُفْرِ) وهم رؤساء حمس حاولوا اطراد الرسول صلعم أو الحمراء والروم (إِنَّهُمْ) هؤلاء الأعداء (لا أَيْمانَ) لا عهود ، ورووه مكسور الأوّل والمراد لا سلام ولا اسلام (لَهُمْ) لسطوع دعرهم وطلاحهم (لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ) ( 12 ) عمّا عملوا وهو ردّ الإسلام أو عواره .
(أَ) للسؤال وصل مع (لا) وحصل مدلول هلّا (تُقاتِلُونَ قَوْماً) رهطا (نَكَثُوا) كسروا (أَيْمانَهُمْ) أحلاطهم اللّاء حلطوها حال العهد أو عهودهم اللواء عهدوها مع رسول اللّه صلعم وأهل الإسلام لعدم إمدادهم أعداءهم وهم أسعدوهم وأمدّوهم (وَهَمُّوا) طلاحا (بِإِخْراجِ) اطراد (الرَّسُولِ) محمّد ( ص ) مما هو مولده ومركده وهو الحرم ووردهم الهود لما كسروا عهد الرسول صلعم وهمّوا اطراده ممّا هو مصر رسول اللّه (وَهُمْ بَدَؤُكُمْ) داء والعماس (أَوَّلَ مَرَّةٍ) لمّا ماصعوا رهطا هم معاهدو الرسول صلعم (أَ) طرحكم عماسهم لما (تَخْشَوْنَهُمْ) وصول المكروه (فَاللَّهُ )
----------
(وإن نكثوا أيمانهم) مواثيقهم (من بعد عهدهم) عقدهم (وطعنوا في دينكم) عابوه (فقاتلوا أئمة الكفر) وضعوا موضع المضمر لصيرورتهم بذلك (إنهم لا أيمان لهم) أي لا يحفظون أيمانهم وقرىء بالكسر كما عن الباقر (عليه السلام) أي الإيمان أو لا إسلام (لعلهم ينتهون).
(ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم) التي عقدوها معكم (وهموا بإخراج الرسول) من مكة حين تشاوروا في أمره في دار الندوة (وهم بدءوكم) بالمعاداة أو المقاتلة (أول مرة أتخشونهم فالله
ص: 432
إلهكم ومالككم (أَحَقُّ) مؤكّد حراه (أَنْ تَخْشَوْهُ) أمره وحكمه وروعوا أمره (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ( 13 ) والإسلام مؤدّاه روعه وحده .
(قاتِلُوهُمْ) لإعلاء الإسلام (يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ) والمراد هو مهلكهم (بِأَيْدِيكُمْ) أهل الإسلام (وَيُخْزِهِمْ) وهو داحرهم أسرا وسطوا (وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ) مددا عمما (وَيَشْفِ) إسراعا (صُدُورَ قَوْمٍ) أسرار رهط (مُؤْمِنِينَ) ( 14 ) أعلّها دعر الأعداء .
(وَيُذْهِبْ غَيْظَ) حرد (قُلُوبِهِمْ) وحصر صدورهم لوصول المكروه وحصّل اللّه هؤلاء المواعد كلّها وهو علم ساطع لسداد إرساله صلعم (وَيَتُوبُ) وهو سماع العود والهود (اللَّهُ) أرحم الرحماء (عَلى مَنْ) مرء (يَشاءُ) سماع عوده وهوده وإسلامه (وَاللَّهُ عَلِيمٌ) مآل كلّ أمر (حَكِيمٌ) ( 15 ) مراع للحكم والمصالح .
(أَمْ حَسِبْتُمْ) أهل الإسلام (أَنْ تُتْرَكُوا) هملا (وَلَمَّا) ولم (يَعْلَمِ اللَّهُ) علما حال الحصول الملأ (الَّذِينَ جاهَدُوا) صراحا للّه
----------
أحق أن تخشوه) في أمره (إن كنتم مؤمنين) فإن المؤمن لا يخشى إلا الله .
(قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم) يذلهم بالأسر والقهر (وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين).
(ويذهب غيظ قلوبهم) حنقها لما فعل بهم وقد وفى بما وعدهم ففيه إعجاز (ويتوب الله على من يشاء) ممن يتوب مخلصا منهم (والله عليم) بمن يتوب (حكيم) في أحكامه .
(أم) بل (حسبتم) إنكار خطاب للمؤمنين حين كره بعضهم القتال وقيل للمنافقين (أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا) ولم يظهر المجاهدون
ص: 433
(مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا) وما عطوا (مِنْ دُونِ اللَّهِ) الملك الودود (وَلا رَسُولِهِ) محمّد ( ص ) المأمور ودّه (وَلَا الْمُؤْمِنِينَ) كلّهم (وَلِيجَةً) ودودا صراحا (وَاللَّهُ) العلّام (خَبِيرٌ) عالم (بِما) سرّ كلّ عمل (تَعْمَلُونَ) ( 16 ) صالحا أو طالحا ومعاملكم عدلا .
(ما كانَ) ما صحّ وما سدّ (لِلْمُشْرِكِينَ) أعداء الإسلام (أَنْ يَعْمُرُوا) عمر محلّا حوّله آهلا (مَساجِدَ اللَّهِ) كلّها عموما أو مصلاهم المعهود كما دلّ ما رووا موحّدا (شاهِدِينَ) حال للواو (عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ) وطوع الصور العواطل وردّ أوامر اللّه (أُولئِكَ) الملأ العدّال (حَبِطَتْ) هلك ومحا (أَعْمالُهُمْ) الصوالح كلّها (وَفِي النَّارِ) لا سواها (هُمْ) لعدولهم وطلاحهم (خالِدُونَ) ( 17 ) دوّام مآلا .
(إِنَّما) ما (يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ) وإصلاح ما هدم وحرسها ممّا هو مكروه سوسا وأمرا إلّا (مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ) الواحد الأحد الملك الصمد ورسوله (وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) الموعود معاد الاعطال والأرواح وما أورد الإسلام للرسول
----------
(منكم) بإخلاص من غيرهم وأريد بنفي العلم نفي المعلوم مبالغة فإنه مهما كان شيء علمه الله (ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة) بطانة يناجونهم (والله خبير بما تعملون) بأعمالكم فيجازيكم عليها .
(ما كان) ما صح (للمشركين أن يعمروا مساجد الله) شيئا منها أو المسجد الحرام وجمع لأنه قبلة المساجد فكأنه الجميع (شاهدين) حال من الواو (على أنفسهم بالكفر) أي يدل قولهم وفعلهم على كفرهم (أولئك حبطت) بطلت (أعمالهم) التي هي من جنس الطاعة لفقد شرطها (وفي النار هم خالدون إنما يعمر مساجد الله من ءامن بالله واليوم الآخر
ص: 434
مصرّحا لعدم صحّ الإسلام لولاه لورود اسمه مع اسم اللّه مكرّرا وسط أحكام الإسلام أو لما دلّ له (وَأَقامَ الصَّلاةَ) أدّاها عمما (وَآتَى الزَّكاةَ) أعطاها كملا (وَلَمْ يَخْشَ) وما راع أحدا لإعلاء أحكام الإسلام وأوامره (إِلَّا اللَّهَ) الواحد الكهّار (فَعَسى) لعلّ (أُولئِكَ) الصلحاء (أَنْ يَكُونُوا مِنَ) الملأ (الْمُهْتَدِينَ) ( 18 ) صراط السداد وهو حسم لأطماع الأعداء عمّا عملوا .
(أَ جَعَلْتُمْ) رهط الأعداء وموردها ما ورد أسر عمّ الرسول صلعم مع رهط ، وسأله « أسد اللّه » ما لمّ هلاككم رسول اللّه وصرمكم الرحم وهما أسوأ الأعمال ؟ حاور هؤلاء أسوأ الأعمال وما لمّ عدم ادّكارك صوالح الأعمال والأملاء ، سأله « أسد اللّه » أو لكم صوالح الأملاء حاور عمر المحلّ الحرام وموه العمّار الكرام (سِقايَةَ) مؤه (الْحاجِّ) أمّ المحلّ الحرام (وَعِمارَةَ) مرّ مدلولها وهو مصدر عمر (الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) المحرّم المكرّم أراد أهلهما (كَمَنْ آمَنَ) كمرء أسلم أو المراد كإسلام مرء أسلم (بِاللَّهِ) الواحد الأحد (وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) معاد الكلّ (وَجاهَدَ) الأعداء (فِي سَبِيلِ) وصول (اللَّهِ )
----------
وأقام الصلاة وءاتى الزكاة) لا يعمرها إلا من جمع فيه هذه الخصال وعمارتها رمها وكنسها وفرشها والإسراج فيها وزيارتها وشغلها بالعبادة والذكر (ولم يخش) في أمر الدين (إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين) إلى طريق الجنة أي هم منهم لأن عسى من الله واجب وفيها ردع للمؤمنين أن يغتروا بحالهم .
(أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام) أي أهل السقاية والعمارة (كمن ءامن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله) كإيمان من آمن نزلت حين افتخر العباس وشيبة بالسقاية والحجابة وعلي وحمزة وجعفر بالإيمان
ص: 435
وإعلاء الإسلام (لا يَسْتَوُونَ) الموّاه العمّار وصلحاء أهل السلام (عِنْدَ اللَّهِ) العدل المكرام وهو مؤكّد للكلام الأوّل (وَاللَّهُ) عالم الأسرار (لا يَهْدِي) سواء الصراط (الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) ( 19 ) الطّلاح العدّال وهو إعلام لعدم السواء وسطهم ووردهم رهط سوّوا وسط العدّال وأهل الإسلام .
(الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا (وَهاجَرُوا) ورحلوا وطرحوا رحالهم ودورهم (وَجاهَدُوا) وماصعوا الأعداء (فِي سَبِيلِ) وصول (اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ) وأملاكهم (وَأَنْفُسِهِمْ) أولاك الملأ (أَعْظَمُ دَرَجَةً) وأكرم حالا (عِنْدَ اللَّهِ) لا الموّاه العمّار (وَأُولئِكَ) الملأ (هُمُ الْفائِزُونَ) ( 20 ) وأصلوا مرامهم ومدركو مرادهم .
(يُبَشِّرُهُمْ) هو إعلام الأمر السار اللّه (رَبُّهُمْ) مالكهم ومصلحهم (بِرَحْمَةٍ) عطاء (مِنْهُ وَرِضْوانٍ) وودّ (وَجَنَّاتٍ) محالّ دوح وأحمال وروح وسرور (لَهُمْ) لهؤلاء الصلحاء (فِيها) المحال (نَعِيمٌ) وألّا (مُقِيمٌ) ( 21 ) مدام .
(خالِدِينَ) ركودا (فِيها) هؤلاء المحالّ (أَبَداً) دواما (إِنَّ اللَّهَ )
----------
والجهاد في سبيل الله (لا يستون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين) الكافرين بل يتركهم وما اختاروا من الضلال وهو بيان لعدم استوائهم .
(الذين ءامنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله) أعلى رتبة وأكثر فضلا من غيرهم (وأولئك هم الفائزون) الظافرون بالبغية .
(يبشرهم) بالتشديد والتخفيف (ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم) دائم .
(خالدين فيها أبدا) زمانا لا نهاية له (إن الله
ص: 436
مالك الملك والأمر (عِنْدَهُ أَجْرٌ) وعدل للصلحاء (عَظِيمٌ) ( 22 ) مدام .
لما أمر اللّه الرسول الرحل ، وأعلم كلّ مسلم أهله وأطاع أهل آحاد ، وكره أهل رهط وحصر هؤلاء ودّ الأهل أرسل اللّه (يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا (لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ) ولّادكم (وَإِخْوانَكُمْ) وأولاد ولّادكم (أَوْلِياءَ) أودّاء ، وورد موردها رهط طرحوا الإسلام وردّوه ووصلوا أمّ الرحم كما دلّ (إِنِ اسْتَحَبُّوا) ولّادكم وأولادهم وودّوا ولووا (الْكُفْرَ) ردّ الإسلام (عَلَى الْإِيمانِ) الإسلام (وَ) كلّ (مَنْ يَتَوَلَّهُمْ) أعداء الإسلام ودّا وولاء (مِنْكُمْ) أهل الإسلام (فَأُولئِكَ) أولو ودّهم (هُمُ الظَّالِمُونَ) ( 23 ) الكمّل لمّا أحلّوا الودّ ما عدا محلّه .
(قُلْ) لهم محمّد ( ص ) (إِنْ كانَ آباؤُكُمْ) أصولكم وولّادكم (وَأَبْناؤُكُمْ) أولادكم (وَإِخْوانُكُمْ) أولاد أصولكم (وَأَزْواجُكُمْ) أعراسكم (وَعَشِيرَتُكُمْ) أحمّاؤكم وأولو أرحامكم (وَأَمْوالٌ) وأملاك (اقْتَرَفْتُمُوها) وهو العسم والكدّ (وَتِجارَةٌ) وأموالها اللّاء (تَخْشَوْنَ كَسادَها) رواح عصر طوالها (وَمَساكِنُ) محال ودور (تَرْضَوْنَها) وهو الروع والودّ (أَحَبَّ) أودّ
----------
عنده أجر عظيم).
(يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا ءاباءكم وإخوانكم أولياء) يصدونكم عن الدين قيل لما أمر الناس بالهجرة فمنهم من تعلق به أبواه وأهله وولده فترك الهجرة لأجلهم فنزلت (إن استحبوا الكفر) اختاروه (على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون) بوضع التولي في غير محله .
(قل إن كان ءاباؤكم وأبناؤكم وأزواجكم وعشيرتكم) أقرباؤكم وقرىء عشيراتكم (وأموال اقترفتموها) اكتسبتموها (وتجارة تخشون كسادها) عدم نفاقها (ومساكن ترضونها أحب
ص: 437
(إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ) مالككم (وَرَسُولِهِ) محمّد ( ص ) ودوده (وَجِهادٍ) عماس (فِي) سلوك (سَبِيلِهِ) وإعلاء أمره (فَتَرَبَّصُوا) وأرصدوا وأعكموا (حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ) الملك العدل (بِأَمْرِهِ) مأموره وهو حدّ حال أو مال أو إعطاء ملك الحرم لرسول اللّه صلعم وهو كلام مهدّد (وَاللَّهُ) عالم الأسرار والحكم (لا يَهْدِي) سواء الصراط (الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) ( 24 ) الطّلاح وراء الحدّ وهو أوكد موعد ومهوّل لعدم أحد هو ودود طوع اللّه لا الولّاد والأولاد والأموال والأعراس وسواها كما أمر اللّه .
(لَقَدْ نَصَرَكُمُ) أمدّكم (اللَّهُ) أهل الإسلام (فِي مَواطِنَ) محالّ عماس (كَثِيرَةٍ وَ) ادّكر (يَوْمَ حُنَيْنٍ) واد صدد الحرم محلّ عماس أهل الإسلام والأعداء ، ولمّا أحمّ العماس كلّم رسول اللّه صلعم ، أو أوّل أمراء الإسلام أو مسلم العدوّ مكوّح معطوط مكهور لمصول عسكرهم (إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ) راعكم (كَثْرَتُكُمْ) عدّ عسكركم وأدرك أهل الإسلام كلم الروع والمرح وأمهوا مدد اللّه ، وألهاهم عدّهم وحادوا وولّوا أكساهم وأدرك أوّلهم الحرم ، ورسا رسول اللّه صلعم وحده ما معه إلّا عمّه وهو ممسك مسحل هطاهطه وولد عمّه ، وأمر رسول اللّه صلعم عمّه لعلوّ عركه صح وادع أهل الإسلام ، ولمّا صاح سمعوا وكرّوا وعادوا وعدوا والحال كلامهم هاء هاء ، وورد الأملاك ومكسوهم أسود
----------
إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله) فأثرتموه على الهجرة والجهاد (فتربصوا) فانتظروا (حتى يأتي الله بأمره) بعقوبته أو بحكمه تهديد لهم (والله لا يهدي القوم الفاسقين) إلى ثوابه .
(لقد نصركم الله في مواطن كثيرة) عنهم (عليهم السلام) أنها ثمانون (ويوم حنين) واد بين مكة والطائف (إذ أعجبتكم كثرتكم) حتى قال أبو بكر وغيره
ص: 438
مع لمع اسحال وعطا رسول اللّه الحصحص ورملهم وكلّم ولّوا واللّه ولوا اكساءهم ، ودعاؤه صلعم ح اللّهم لك الحمد آه ، وهو دعاء رسول الهود حال صدع الداماء (فَلَمْ تُغْنِ) ما ردّ عدّكم (عَنْكُمْ شَيْئاً) ردّا ما (وَضاقَتْ) عسرا (عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ) الرمكاء (بِما رَحُبَتْ) مع وسعها لحسوم روع أدرككم (ثُمَّ وَلَّيْتُمْ) وهو العود (مُدْبِرِينَ) ( 25 ) والحاصل كسركم الأعداء .
(ثُمَّ أَنْزَلَ) أرسل (اللَّهُ) كرما (سَكِينَتَهُ) رحمه وإمداده (عَلى رَسُولِهِ) محمّد ( ص ) رسا وحده وما عرّد (وَعَلَى) الملأ (الْمُؤْمِنِينَ) عادوا وادّاركوا حول رسول اللّه صلعم ووردهم اللّواء ما عرّدوا أصلا وركدوا مع رسول اللّه صلعم (وَأَنْزَلَ) اللّه (جُنُوداً) عساكر (لَمْ تَرَوْها) وهم الأملاك (وَعَذَّبَ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) إهلاكا وأسرا (وَذلِكَ) الإهلاك والأسر (جَزاءُ) عمل الملأ (الْكافِرِينَ) ( 26 ) أعداء الإسلام .
(ثُمَّ يَتُوبُ) وهو سماع الهود والعود والإسلام (اللَّهُ) العلّام (مِنْ
----------
لن نغلب اليوم من قلة وكانوا اثنى عشر ألفا والعدو أربعة آلاف (فلم تغن) تدفع (عنكم) كثرتكم (شيئا) من السوء (وضاقت عليكم الأرض بما رحبت) برحبها أي مع سعتها فلم تطمئنوا إلى موضع تفرون إليه لشدة خوفكم (ثم وليتم) العدو ظهوركم (مدبرين) منهزمين .
(ثم أنزل الله) بعد الهزيمة (سكينته) طمأنينته ورحمته (على رسوله وعلى المؤمنين) حين رجعوا أو الثابتين منهم (وأنزل جنودا لم تروها) من الملائكة والتقى الجمعان (وعذب الذين كفروا) بالقتل والأسر (وذلك) التعذيب (جزاء الكافرين) في الدنيا .
(ثم يتوب الله من
ص: 439
بَعْدِ ذلِكَ) الكسر والأسر (عَلى) كلّ (مَنْ يَشاءُ) هداه (وَاللَّهُ) العدل (غَفُورٌ) محّاء لسوء العدوّ حال عوده وإسلامه (رَحِيمٌ) ( 27 ) مولّ للالاء .
( يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا (إِنَّمَا) ما الملأ (الْمُشْرِكُونَ) أعداء الإسلام إلّا (نَجَسٌ) ركس وسوء وهو مصدر ، والمراد أولو ركس لما عملهم وسرّهم كالركس وهو عدلهم مع اللّه أو لعدم أطهرهم أعمّ الأحوال أو هو ككلامهم حاكم عدل ورووه كركس (فَلا يَقْرَبُوا) للام المعهود ولا للعمر المعلوم (الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) المحرّم المكرم (بَعْدَ عامِهِمْ هذا) أراد عام ما أمر أوّل أمراء الإسلام وأمّ وعلّمهم المراسم وأسمعهم « أسد اللّه » إكمال العهد وأمرهم ما أمر رسول اللّه صلعم كما مرّ ، ولمّا اطرد اللّه الأعداء ووصل أهل الإسلام عسر وعدم أرسل اللّه (وَإِنْ خِفْتُمْ) أهل الإسلام (عَيْلَةً) عسرا وعدما (فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ) مموّلكم (مِنْ فَضْلِهِ) طوله وكرمه وهو عطو مال الأعداء وإرسال المطر مدرارا وأحمال الدوح (إِنْ شاءَ) إعطاءكم وحصل كما وعد وأسلم أرهاط ملاء ووردوا الحرم مع أموال وسلّموا ما راعوا ، وأرسل اللّه المطر مدرارا (إِنَّ اللَّهَ) مالك الكلّ (عَلِيمٌ) عالم أحوالكم
----------
بعد ذلك على من يشاء) ممن يتوب منهم مخلصا (والله غفور رحيم).
(يا أيها الذين ءامنوا إنما المشركون نجس) قذر مصدر نجس ولذا لم يجمع وقيل أريد نجاستهم عينا وقيل حكما لشركهم فإنه بمنزلة النجس أو لأنهم لا يتطهرون (فلا يقربوا المسجد الحرام) النهي عن القرب مبالغة أو للمنع من دخول الحرم (بعد عامهم هذا) عام براءة تسع (وإن خفتم عيلة) فقرا بانقطاع متاجرهم منكم (فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إن الله عليم) بالصالح
ص: 440
(حَكِيمٌ) ( 28 ) مراع لحكم ومصالح .
وأرسل اللّه اعلاما لحال أهل الطرس وأمرا لعماسهم (قاتِلُوا) الملأ (الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) سدادا (بِاللَّهِ) وحده (وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ) معاد الكلّ كما هو وإسلامهم له كلا إسلام لمّا وهموا لا أكل ولا علس معادا (وَلا يُحَرِّمُونَ) أصلا ما أمرا (حَرَّمَ اللَّهُ) طرس اللّه (وَرَسُولُهُ) وكلام رسوله (وَلا يَدِينُونَ) طوعا (دِينَ الْحَقِّ) طوع السداد وهو الإسلام (مِنَ) الملأ (الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) أعطوا الطرس المرسل (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ) المال المحدود كلّ عام (عَنْ يَدٍ) سطو ودحور وهو حال (وَ) الحال (هُمْ صاغِرُونَ) ( 29 ) حسل لا إكرام لهم .
(وَقالَتِ الْيَهُودُ) كلّهم أو أحدهم ولعا (عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ) علا حراه عمّا (وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ) وهموا (ذلِكَ) الكلام الوالع
----------
(حكيم) في التدبير .
(قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر) إيمانا صحيحا فإيمانهم كلا إيمان (ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق) الثابت الناسخ لغيره (من) بيانية (الذين أوتوا الكتاب) اليهود والنصارى وألحقوا بهم المجوس، وروي أن لهم نبيا قتلوه وكتابا حرفوه (حتى يعطوا الجزية) ما ضرب عليهم من المال (عن يد) حال من الجزية أي نقدا مسلمة عن يد إلى يد أو من الواو أي منقادين مسلمين بأيديهم لا بنائب أو عن قهر عليهم أي مقهورين (وهم صاغرون) أذلاء .
(وقالت اليهود) أي بعض أسلافهم أو من بالمدينة (عزير ابن الله وقالت النصارى) أي بعضهم (المسيح ابن الله) إنكار لحصول ولد بلا أب (ذلك
ص: 441
(قَوْلُهُمْ) كلامهم (بِأَفْواهِهِمْ) لا دال لهم ، وما هو إلّا كلام همل لا مدلول له كالمهمل (يُضاهِؤُنَ) معادل كلامهم (قَوْلَ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا مع اللّه (مِنْ قَبْلُ) أوّلا والمراد ولّادهم أو العدّال اللاؤا وهموا الأملاك أولاد اللّه أو الهود والمعاد ح رهط روح اللّه (قاتَلَهُمُ اللَّهُ) دحرهم وطردهم وهو دعاء سوء لإهلاكهم أو هكر مما كلّموا طلاحا (أَنَّى يُؤْفَكُونَ) ( 30 ) عمّا هو الأمر الأسدّ وهو الصدّ .
(اتَّخَذُوا) أهل الطرس عموما (أَحْبارَهُمْ) علماؤهم (وَ) عطا رهط روح اللّه (رُهْبانَهُمْ) وطوّعهم (أَرْباباً) إلها (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه لما أطاعوهم لإحرام ما احلّه اللّه وإحلال ما حرّمه اللّه (وَ) عطوا (الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ) روح اللّه إلها ، ولمّا ادّعوه ولدا علم هم أهلّوه للإلّ والطوع (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا) طوعا (إِلهاً) مألوها (واحِداً) أحدا وهو اللّه وطوع الرسل وطوّعهم الكمّل طوع اللّه سرّا لما أمر اللّه طوعهم (لا إِلهَ) مألوه (إِلَّا هُوَ) وحده (سُبْحانَهُ) مصدر طرح عامله (عَمَّا يُشْرِكُونَ) ( 31 ) معه .
----------
قولهم بأفواههم) لا حجة لهم عليه (يضاهئون) يضاهي قولهم (قول الذين كفروا من قبل) من قبلهم أي أسلافهم أو المشركون القائلون الملائكة بنات الله (قاتلهم الله) أهلكهم أو لعنهم (أنى يؤفكون) كيف يصرفون عن الحق مع قيام الحجة .
(اتخذوا أحبارهم) علماء اليهود (ورهبانهم) عباد النصارى (أربابا من دون الله) حيث اتبعوهم في تحليل ما حرم وتحريم ما أحل (والمسيح ابن مريم) إذ جعلوه ابنه وعبدوه (وما أمروا) في كتابهم (إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه) تنزيها له (عما يشركون) عن إشراكهم به .
ص: 442
(يُرِيدُونَ) هؤلاء الطّلاح (أَنْ يُطْفِؤُا) محوا واعداما (نُورَ اللَّهِ) الإسلام أو كلام اللّه أو إرسال محمّد رسول اللّه صلعم (بِأَفْواهِهِمْ) مساحلهم وكلمهم وعدولهم (وَيَأْبَى اللَّهُ) وما اللّه محاولا (إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ) إلّا إكمال إسلامه وإعلاء أمره (وَلَوْ كَرِهَ) الملأ (الْكافِرُونَ) ( 32 ) إكماله واعلاءه ، وحوار « لو » مطروح كما دلّ الكلام الاوّل .
(هُوَ) اللّه (الَّذِي أَرْسَلَ) رحما وكرما (رَسُولَهُ) محمّدا موصولا (بِالْهُدى) كلام اللّه وأوامره (وَدِينِ الْحَقِّ) الإسلام (لِيُظْهِرَهُ) لإعلاء الإسلام أو معاده الرسول صلعم (عَلَى) صرع (الدِّينِ كُلِّهِ) أو أهل الملل كلّهم (وَلَوْ كَرِهَ) الملأ (الْمُشْرِكُونَ) ( 33 ) أعلاه .
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا (إِنَّ) رهطا (كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ) العلماء (وَالرُّهْبانِ) الطوع (لَيَأْكُلُونَ) أكلا ملمّا أورد الأكل محلّ العطو لمّا هو أهمّ مرامه (أَمْوالَ النَّاسِ) وأملاكهم (بِالْباطِلِ) الحلو المحرّم
----------
(يريدون أن يطفئوا نور الله) يبطلوا برهانه ودينه والقرآن (بأفواههم) بتكذيبهم (ويأبى الله إلا أن يتم نوره) بإظهار حججه وإعزاز دينه (ولو كره الكافرون) إتمامه .
(هو الذي أرسل رسوله) محمدا صلى الله عليه واله (بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله) على جميع الأديان بالحجة والغلبة فينسخها أو على أهلها فيقهرهم، وعن الباقر (عليه السلام) أن ذلك يكون عند خروج المهدي من آل محمد (ولو كره المشركون) ذلك .
(يا أيها الذين ءامنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل) كالرشاء في الحكم وسمي الأخذ أكلا لأن معظمه له
ص: 443
(وَيَصُدُّونَ) العالم (عَنْ) سلوك (سَبِيلِ اللَّهِ) وهو الإسلام (وَ) الملأ (الَّذِينَ يَكْنِزُونَ) وهو الرمس والدس (الذَّهَبَ) الأحمر (وَالْفِضَّةَ) الطاوس وهم علماء أهل الطرس وطوّعهم اللواء مرّ أحوالهم ، أو أهل إسلام لمّوا المال ورمسوه ، وما أعطوا سهمه المأمور أداؤه لأهل العسر (وَلا يُنْفِقُونَها) الأحامر والدراهم أو الأموال (فِي) سلوك (سَبِيلِ اللَّهِ) وطوع أمره (فَبَشِّرْهُمْ) أعلمهم (بِعَذابٍ) إصر وحدّ (أَلِيمٍ) ( 34 ) مؤلم .
(يَوْمَ يُحْمى) حماه حوّله حارّا (عَلَيْها) الأموال (فِي نارِ جَهَنَّمَ) دار الدحور والآلام (فَتُكْوى بِها) هؤلاء الأموال (جِباهُهُمْ) لكلوحها حال سؤال معسر (وَجُنُوبُهُمْ) لصدودهم وعدولهم حال السؤال (وَظُهُورُهُمْ) لمّا ولّوا السؤال اكساءهم أو المراد العطل كلّه أوردها لمّا هؤلاء أصول الأعطال وأكارمها وكلّموا هذا المال ما مال (كَنَزْتُمْ) رمسا (لِأَنْفُسِكُمْ) وهما (فَذُوقُوا) وأطعموا درك ما للمصدر أو للموصول (كُنْتُمْ) أوّلا (تَكْنِزُونَ) ( 35 ) رود حصول مهام .
----------
(ويصدون عن سبيل الله) دينه (والذين يكنزون الذهب والفضة) من المسلمين وغيرهم (ولا ينفقونها في سبيل الله) لا يؤدون زكاتها قال (صلى الله عليه وآله وسلّم) ما أدى زكاته فليس بكنز (فبشرهم بعذاب أليم) مؤلم .
(يوم يحمى) يوقد (عليها في نار جهنم) حتى تصير نارا (فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم) لأنها أصول الجهات الأربع من مقاديم البدن ومؤخره وجنبه فيستوعبه الكي (هذا ما كنزتم) بتقدير القول (لأنفسكم) لنفعها صار ضررا لها (فذوقوا ما كنتم تكنزون) أي وباله .
ص: 444
(إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ) مدرك عددها (عِنْدَ اللَّهِ) الملك العلّام (اثْنا عَشَرَ شَهْراً) لا حور ولا كور محكما (فِي كِتابِ اللَّهِ) اللوح المحروس أو حكمه (يَوْمَ خَلَقَ) أسر عالم (السَّماواتِ) كلّها (وَ) أسر (الْأَرْضَ) عالمها والمراد هو عددها صدد اللّه سرمدا (مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) حرم لها العماس واحد وحد وسواه سرد (ذلِكَ) إكرام هؤلاء الاعصار (الدِّينُ) الطوع (الْقَيِّمُ) الأسدّ صراط ولّادكم الكرام (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ) الحرم (أَنْفُسَكُمْ) وهو عسم معاص وعمل معارّ (وَقاتِلُوا) الملأ (الْمُشْرِكِينَ) أهل العدول (كَافَّةً) طرّا ، وهو مصدر حلّ محلّ الحال (كَما يُقاتِلُونَكُمْ) هؤلاء الأعداء (كَافَّةً) طرّا (وَاعْلَمُوا) أهل الإسلام (أَنَّ اللَّهَ) الممدّ (مَعَ) الملأ (الْمُتَّقِينَ) ( 36 ) إمدادا وإعلاما للسرور .
(إِنَّمَا) ما (النَّسِيءُ) مصدر مدلوله الإكلاء ، والمراد اكراء إكرام عصر لعصر كلّما وردهم العصر الحرام وهم مما صعوا رهط عسر لهم طرح العماس ، وأحلّوا العصر الحرام وحرّموا محلّه عصرا سواه ، وعاودوا ما مرّ وطرحوا
----------
(إن عدة الشهور) المعتبرة للسنة (عند الله اثنا عشر شهرا) ثابتة (في كتاب الله) اللوح أو حكمه (يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم) ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب (ذلك) أي تحريمها (الدين القيم) القويم دين إبراهيم ومنه ورثه العرب (فلا تظلموا فيهن أنفسكم) بالمعاصي فإن الوزر فيهن أعظم، قيل نسخ تحريم القتال فيها لأن غزاة حنين والطائف في شوال وذي القعدة وقيل الضمير لكل الشهور (وقاتلوا المشركين كافة) جميعا مصدر وقع حالا (كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين) بالنصر والحفظ .
(إنما النسيء) مصدر نسأه أخره أي تأخير حرمة شهر إلى آخر كانوا إذا أهل
ص: 445
الأعصر الحرم كلّها وحرموا أوسها عصرا سواها إلّا (زِيادَةٌ) وطول (فِي الْكُفْرِ) السوء وردّ الإسلام لمّا هو إحرام ما أحلّه اللّه وإحلال ما حرّمه (يُضَلُّ) رووه معلوما (بِهِ) إكراء الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) ردّ الإسلام (يُحِلُّونَهُ) الإكراء (عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ) الإكراء عاماً والمراد أحلّوا عصرا حراما عاما وعادوا وحرّموه عاما (لِيُواطِؤُا) الوطاء والوام واحد (عِدَّةَ) عدد (ما حَرَّمَ اللَّهُ) وأكرم (فَيُحِلُّوا) لوطاء العدد وحده (ما حَرَّمَ اللَّهُ) وهو العماس أو طرح إكرامها (زُيِّنَ) سوّل ، ورووه معلوما والمراد سوّل المارد (لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ) ووهموه ملاحا (وَاللَّهُ) الملك العدل (لا يَهْدِي) سواء الصراط أصلا (الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) ( 37 ) أعداء الإسلام حال رسوهم طلاحا وعدولا وعملهم عملا سوء .
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا ما حصل (لَكُمْ إِذا قِيلَ) أمر (لَكُمُ انْفِرُوا) ارحلوا (فِي سَبِيلِ) وصول (اللَّهِ) وإعلاء أمره (اثَّاقَلْتُمْ) حصل لكم الكسل والركوح (إِلَى) أهواه
----------
المحرم وهم في حرب أحلوه وحرموا مكانه صفرا وعن الصادق (عليه السلام) تخفيف الياء بلا همز (زيادة في الكفر) إذ تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل كفر (يضل به الذين كفروا ويحلونه) أي الشهر المنسي (عاما ويحرمونه) يتركونه على حرمته (عاما ليواطئوا) ليوافقوا بتحليل أشهر وتحريم آخر بدله (عدة ما حرم الله) أي الأربعة الحرم (فيحلوا ما حرم الله) إذ لم يراعوا وقت العدة (زين لهم سوء أعمالهم) قبيحها فحسبوه حسنا والمزين الشيطان (والله لا يهدي القوم الكافرين) لا يلطف بهم بل يتركهم وما اختاروا من الضلال .
(يا أيها الذين ءامنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم) تثاقلتم
ص: 446
(الْأَرْضِ) وآمالها ووصلكم كره كأداء الرحل وعسره ، أو المراد الركود والرموك (أَ رَضِيتُمْ) أهل الإسلام (بِالْحَياةِ الدُّنْيا) ومكرها ومسارّها وموادّها (مِنَ الْآخِرَةِ) أوس المسارّ المدام حصولها (فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) وحطامها الهالك (فِي) ملاط (الْآخِرَةِ) وسرورها المدام (إِلَّا قَلِيلٌ) ( 38 ) ملهد .
(إِلَّا تَنْفِرُوا) أهل الإسلام مع الرسول للعماس (يُعَذِّبْكُمْ) اللّه (عَذاباً أَلِيماً) مؤلما وهو العسر والمحل والإهلاك حالا والآصار والآلام الأعاسر مآلا (وَيَسْتَبْدِلْ) اللّه والمراد الأسر أوسكم (قَوْماً) رهطا (غَيْرَكُمْ) سواكم طوّاعا أرداء لرسول اللّه صلعم (وَلا تَضُرُّوهُ) اللّه أو الرسول (شَيْئاً) ما واللّه ممدّه وعاصمه (وَاللَّهُ) كامل الألوّ (عَلى كُلِّ شَيْءٍ) مراد حصوله (قَدِيرٌ) ( 39 ) كامل طول .
----------
(إلى الأرض) والمقام فيها حين أمروا بغزاة تبوك في وقت عسر وحر مع بعد شقه فشق عليهم (أرضيتم بالحياة الدنيا) ودعتها بدلا (من الآخرة) ونعيمها (فما متاع الحياة الدنيا) أي فوائدها (في الآخرة) في جنب متاع الآخرة (إلا قليل) حقير .
(إلا تنفروا) إلى ما دعيتم إليه (يعذبكم عذابا أليما) في الدنيا والآخرة (ويستبدل) بكم (قوما غيركم) مطيعين كأهل اليمن أو أبناء فارس (ولا تضروه) أي الله (شيئا) بترك نصرة دينه (والله على كل شيء قدير) ومنه نصر دينه ورسوله ببلدكم وبلا مدد .
ص: 447
(إِلَّا تَنْصُرُوهُ) الرسول (فَقَدْ نَصَرَهُ) وأمدّه (اللَّهُ) الممدّ (إِذْ) حال ما (أَخْرَجَهُ) الرسول الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) ممّا هو مولده ومركده ومأواه وهو الحرم (ثانِيَ) أحد (اثْنَيْنِ) هما رسول اللّه صلعم وأوّل أمراء الإسلام وهو حال (إِذْ هُما) كلاهما (فِي الْغارِ) صدع رأس الطود المعلوم (إِذْ يَقُولُ) الرسول (لِصاحِبِهِ) مطوه لمّا طلع العدّال وأحسّ حواملهم وراع لرسول اللّه صلعم (لا تَحْزَنْ) أصلا (إِنَّ اللَّهَ) الممدّ (مَعَنا) إرداء وإمدادا وحرسا ، ودعا رسول اللّه صلعم اللهمّ أعم حواسهم ، وعموا وعمهوا حول الصدع وما أدركوهما (فَأَنْزَلَ) أرسل (اللَّهُ سَكِينَتَهُ) رسوّه ومهله (عَلَيْهِ) الرسول أو مطوه وعلم عدم وصولهم (وَأَيَّدَهُ) الرسول وأمدّه (بِجُنُودٍ) عساكر أملاك رسلهم لحرسه صلعم (لَمْ تَرَوْها) هؤلاء العساكر ( وَجَعَلَ )
----------
(إلا تنصروه) أي الرسول (فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا) ألجئوه إلى الخروج من مكة لما هموا بنفيه أو حبسه أو قتله (ثاني اثنين) حال أي معه واحد لا غير (إذ هما في الغار) نقب في ثور وهو جبل بقرب مكة (إذ) بدل ثان (يقول لصاحبه) ولا مدح فيه إذ قد يصحب المؤمن الكافر كما قال له صاحبه وهو يحاوره (لا تحزن) فإنه خاف على نفسه وقبض واضطرب حتى كاد أن يدل عليهما فنهاه عن ذلك (إن الله معنا) عالم بنا ما يكون من نجوى ثلاثة إلا وهو رابعهم - إلى قوله - إلا هو معهم أي عالم بهم (فأنزل الله سكينته) طمأنينته (عليه) على الرسول وفي إفراده (صلى الله عليه وآله وسلّم) بها هاهنا مع اشتراك المؤمنين معه حيث ذكرت ما لا يخفى وجعل الهاء لصاحبه ينفيه كونها للرسول قبل وبعد (وأيده بجنود لم تروها) بالملائكة في الغار وفي حروبه (وجعل) بنصره لرسوله
ص: 448
حوّل اللّه (كَلِمَةَ) لملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) ودعواهم الحدد (السُّفْلى) المعطوط أمرها (وَكَلِمَةُ اللَّهِ) وهو لا إله إلّا اللّه (هِيَ الْعُلْيا) المكوّح حكمها لا سواها (وَاللَّهُ) مالك الكلّ (عَزِيزٌ) مكوّح لا رادّ لأمره (حَكِيمٌ) ( 40 ) له حكم وأسرار .
(انْفِرُوا) وارحلوا للعماس (خِفافاً) ركاكا أو مراحا أو صحاحا أو عدماء سلاح أو رعارع (وَثِقالًا) أهل ألوّ أو كلالا أو علالا أو مسالح أو أهل هرم (وَجاهِدُوا) الأعداء (بِأَمْوالِكُمْ) وأملاككم (وَأَنْفُسِكُمْ فِي) سلوك (سَبِيلِ) وصول (اللَّهِ) وودّه والمأمور كلاهما ولو سهل وإلّا أحدهما (ذلِكُمْ) عماس الأعداء (خَيْرٌ) وأصلح (لَكُمْ) لأطرحه (إِنْ كُنْتُمْ) أهل الإسلام (تَعْلَمُونَ) ( 41 ) الأصلح سارعوا له .
(لَوْ كانَ) ما هو مدعوّك محمّد ( ص ) (عَرَضاً) مالا (قَرِيباً) سهل المدرك (وَسَفَراً قاصِداً) سهلا أو وسطا (لَاتَّبَعُوكَ) لطاوعوك ورحلوا معك روما للمال (وَلكِنْ بَعُدَتْ) وعسر ، ورووه مكسور الوسط (عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ)
----------
(كلمة الذين كفروا السفلى) أي الشرك أو دعوته (وكلمة الله هي العليا) أي التوحيد أو دعوة الإسلام (والله عزيز) في أمره (حكيم) في صنعه .
(انفروا خفافا وثقالا) نشاطا وغير نشاط أو ركبانا ومشاتا أو أغنياء وفقراء أو صحاحا ومرضى ونسخ بآية ليس على الأعمى وليس على الضعفاء (وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله) بما أمكن منهما (ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون) والخير علمتم أنه خير .
(لو كان) ما دعوا إليه (عرضا قريبا) غنيمة سهلة المأخذ (وسفرا قاصدا) وسطا (لاتبعوك) طمعا في المال (ولكن بعدت عليهم الشقة)
ص: 449
الرحل الطروح وما رحلوا معك ، ورووا مكسور الأوّل (وَسَيَحْلِفُونَ) ولعا (بِاللَّهِ) حال عودك وكلامهم واللّه (لَوِ اسْتَطَعْنا) الرحل عددا أو اعطالا (لَخَرَجْنا) طرّا (مَعَكُمْ) للعماس وهو سادّ مسدّ حوار العهد ، وحوار لو وهو علم ساطع لسداد إرساله صلعم لما حصل كما أعلم والحال (يُهْلِكُونَ) هؤلاء الورة (أَنْفُسَهُمْ) لمّا حلطوا ولعا (وَاللَّهُ) العلام (يَعْلَمُ إِنَّهُمْ) هؤلاء الحلّاط (لَكاذِبُونَ) ( 42 ) حلّاط ولعا .
ولمّا سمع رسول اللّه صلعم كلام رهط أملهوا وحاولوا الركود أرسل اللّه اعلاما للأمر كما هو (عَفَا) محا (اللَّهُ) أرحم الرحماء (عَنْكَ) محمّد ( ص ) ما صدر وهو سماع إملاههم (لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ) للكرود وهلّا أهملوا (حَتَّى يَتَبَيَّنَ) إعلاما (لَكَ) حال الملأ (الَّذِينَ صَدَقُوا) لمّا أمّلوا (وَتَعْلَمَ) الملأ (الْكاذِبِينَ) ( 43 ) لمّا أملهوا .
(لا يَسْتَأْذِنُكَ) للركود الملأ (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ) إسلاما كاملا (بِاللَّهِ) الواحد الأحد الصمد (وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) معاد الكلّ كره (أَنْ يُجاهِدُوا) الأعداء
----------
المسافة التي يشق قطعها (وسيحلفون بالله) قائلين اعتذارا (لو استطعنا) الخروج (لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم) بالحلف الكاذب حال من الواو (والله يعلم إنهم لكاذبون) في حلفهم .
(عفا الله عنك) كان (صلى الله عليه وآله وسلّم) أذن لجماعة في التخلف عنه وكان الأولى ترك الإذن فعوتب عليه (لم أذنت لهم) في التخلف (حتى يتبين لك الذين صدقوا) في عذرهم (وتعلم الكاذبين) فيه .
(لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر) بإخلاص في (أن يجاهدوا
ص: 450
(بِأَمْوالِهِمْ) وأملاكهم (وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ) العلّام (عَلِيمٌ) كامل علم (بِالْمُتَّقِينَ) ( 44 ) أحوال أهل الورع ، وهو وعد لهم لإعطاء محصول أعمالهم معادا .
(إِنَّما) ما (يَسْتَأْذِنُكَ) للركود إلّا الملأ (الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) سدادا (بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) معاد الكلّ (وَارْتابَتْ) وهم (قُلُوبُهُمْ) أسرارهم (فَهُمْ) أهل الوهم (فِي رَيْبِهِمْ) إعوارهم لا سواه (يَتَرَدَّدُونَ) ( 45 ) عمّه
(وَلَوْ أَرادُوا) هؤلاء الولّاع سدادا (الْخُرُوجَ) للعماس (لَأَعَدُّوا لَهُ) للرحل أو للعماس (عُدَّةً) كراعا وسلاحا وأكلا ، ورووه مكسور الأوّل (وَلكِنْ) ما أرادوا الرحل لما (كَرِهَ اللَّهُ) لطلاحهم وسواد صدوهم (انْبِعاثَهُمْ) رودهم للرحل (فَثَبَّطَهُمْ) كسلهم وحسرهم (وَقِيلَ) لهم والمراد أمرهم الرسول حردا أو الوسواس أو آحادهم لآحادهم أو ألهموا كسره العدواء (اقْعُدُوا) واركدوا (مَعَ) الملأ (الْقاعِدِينَ) ( 46 ) الأعلّاء والأعراس والأولاد اللاؤا لا أحلام لهم .
----------
بأموالهم وأنفسهم) أو بالتخلف عن أن يجاهدوا (والله عليم بالمتقين) ما ينافي الإخلاص .
(إنما يستأذنك) في التخلف (الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم) شكت (فهم في ريبهم يترددون) يتحيرون .
(ولو أرادوا الخروج) معك (لأعدوا له عدة) أهبة من سلاح وزاد (ولكن كره الله انبعاثهم) خروجهم لعلمه بما يكون فيه الفساد (فثبطهم) فكسلهم عنه لذلك (وقيل اقعدوا مع القاعدين) المرضى والنساء والصبيان أي ألقى الله في قلوبهم ذلك .
ص: 451
(لَوْ خَرَجُوا) أهل الإملاه معلمو الإسلام ومسرّو عكسه (فِيكُمْ) عسكركم أو معكم (ما زادُوكُمْ) أمرا (إِلَّا خَبالًا) دعرا وسوء (وَلَأَوْضَعُوا) أسرعوا (خِلالَكُمْ) وسطكم ، وأصل الكلام لأسرعوا رواحلهم وسطكم والمراد لسعوا والحال (يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ) مرامهم الدعر والسوء وحصول العداء وسطكم (وَفِيكُمْ) عسكركم أو معكم (سَمَّاعُونَ) كلامكم وموصلوه (لَهُمْ) أو كلامهم ومطاوعوهم (وَاللَّهُ) العلّام (عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) ( 47 ) ردّاد الإسلام وأسرارهم وما عملوا طلاحا .
(لَقَدِ ابْتَغَوُا) حاولوا (الْفِتْنَةَ) والمراد صدّهم الرهط المعلوم أو روم إهلاك الرسول صلعم وطرحهم عماس أحد وعودهم (مِنْ قَبْلُ) عماس الروم الحال (وَقَلَّبُوا) حوّلوا (لَكَ) محمّد ( ص ) (الْأُمُورَ) ودوّروا الآراء لهدم أمرك (حَتَّى جاءَ الْحَقُّ) ورد الإمداد وحصل الإسعاد (وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ) علا حكمه (وَ) الحال (هُمْ كارِهُونَ) ( 48 ) علوّه والكلام مسلّ لرسول اللّه صلعم وأهل الإسلام .
----------
(لو خرجوا فيكم ما زادوكم) شيئا (إلا خبالا) فسادا أو شرا (ولأوضعوا خلالكم) أسرعوا بإبلهم في الدخول بينكم بالنميمة والتخذيل من وضعت الناقة أي أسرعت (يبغونكم) حال يطلبون لكم (الفتنة) بتخويفكم (وفيكم سماعون لهم) أي قابلون لقولهم أو عيون ينقلون حديثكم إليهم (والله عليم بالظالمين) وما أضمروا لكم .
(لقد ابتغوا الفتنة) توهين أمرك وتخذيل أصحابك (من قبل) أي يوم أحد (وقلبوا لك الأمور) إجالة الرأي في كيدك وإبطال أمرك (حتى جاء الحق) نصر الله (وظهر أمر الله) علا دينه (وهم كارهون) ذلك .
ص: 452
(وَمِنْهُمْ) أهل الولع (مَنْ) مرء (يَقُولُ) لك (ائْذَنْ لِي) أركد (وَلا تَفْتِنِّي) إهلاكا للأهل والمال لما لا حارس لها أحد لو أرحل ، وورد لمّا سأله الرسول صلعم هل لك ركوح ممالك الروم ، حاور مولع الأعراس أروع لو أحسّ أعراس الروم أودّها أطرح امدّ لك مالا (أَلا) اعلموا (فِي الْفِتْنَةِ) اللاؤا لا سواها لمّا ركدوا (سَقَطُوا) هاروا (وَإِنَّ جَهَنَّمَ) دار الآلام (لَمُحِيطَةٌ) حالا للمح حصول موادّها أو مالا (بِالْكافِرِينَ) ( 49 ) الطّلاح .
(إِنْ تُصِبْكَ) محمّد ( ص ) (حَسَنَةٌ) إمداد ومال حال العماس (تَسُؤْهُمْ) لو حر صدورهم وكمال حسدهم (وَإِنْ تُصِبْكَ) معرك العماس (مُصِيبَةٌ) كسر أو لأواء وكأداء (يَقُولُوا) ورها (قَدْ أَخَذْنا) صلاحا (أَمْرَنا) المحكم وهو الركود (مِنْ قَبْلُ) أمام الكاداء (وَيَتَوَلَّوْا) عمّا أمر الرسول (وَ) الحال (هُمْ فَرِحُونَ) ( 50 ) أولو سرور لما وصلك الكاداء أو لما سلموا .
(قُلْ لَنْ) ورووا أهل محلّه (يُصِيبَنا) أمر (إِلَّا ما) أمر (كَتَبَ اللَّهُ) وصوله (لَنا) همّا أو سرورا (هُوَ) اللّه (مَوْلانا) الممدّ والحارس ( وَعَلَى
----------
(ومنهم من يقول ائذن لي) في التخلف قاله جد بن قيس (ولا تفتني) توقعني في الفتنة أي الإثم بمخالفتك بأن لا تأذن لي أو الفتنة ببنات الروم قال إني مولع بالنساء وأخاف أن أفتتن ببنات الأصفر (ألا في الفتنة سقطوا) بتخلفهم وحذرهم (وإن جهنم لمحيطة بالكافرين) لا خلاص لهم .
(إن تصبك حسنة) فتح وغنيمة (تسؤهم) لحسدهم (وإن تصبك مصيبة) نكبة (يقولوا قد أخذنا أمرنا) حذرنا بتخلفنا (من قبل) قبل المصيبة (ويتولوا) عنك وعن ناديهم (وهم فرحون) بما أصابك .
(قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) في اللوح من رخاء أو شدة أو في القرآن من نصر أو شهادة (هو
ص: 453
اللَّهِ) الملك الصمد لا سواه (فَلْيَتَوَكَّلِ) الملأ (الْمُؤْمِنُونَ) ( 51 ) الكمّل إسلاما .
(قُلْ) لهم رسول اللّه (هَلْ تَرَبَّصُونَ) وهو العكم والرصد (بِنا) أهل الإسلام أمرا (إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ) المدد أو وصول مراهص المعاد لو حصل الهلاك (وَنَحْنُ) أهل الإسلام (نَتَرَبَّصُ) رصدا (بِكُمْ) رهط الأعداء إمّا (أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ) الملك الكهّار (بِعَذابٍ) صادر (مِنْ عِنْدِهِ) كإرسال ساعور السماء وإهلاك الأمم الأول ك « عاد » ورهط طالح الرسول (أَوْ) إصر وألم (بِأَيْدِينا) وهو إهلاككم مع سوء إسرار وإصرار طلاح (فَتَرَبَّصُوا) وارصدوا مآل حال أهل الإسلام (إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ) ( 52 ) مآل حالكم وأمد أمركم .
(قُلْ) مرهم (أَنْفِقُوا) أعطوا أموالكم موارد الصّلاح (طَوْعاً) طوّعا (أَوْ كَرْهاً) كرّها وهو حال كالأوّل ورووه كرها وهو امر مدلوله اعلام المآل أو المراد (لَنْ يُتَقَبَّلَ) عطاؤكم (مِنْكُمْ) أصلا (إِنَّكُمْ) كلّكم (كُنْتُمْ) دواما (قَوْماً) رهطا (فاسِقِينَ) ( 53 ) مرداء وهو معلّل لردّ ما أعطوا طوعا أو كرها .
----------
مولانا) متولي أمرنا وناصرنا (وعلى الله فليتوكل المؤمنون) لا على غيره .
(قل هل تربصون) بحذف إحدى التاءين أي تنتظرون (بنا إلا إحدى) العاقبتين (الحسنيين) النصر أو الشهادة تثنية حسني مؤنثة أحسن (ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده) من السماء فيهلككم (أو بأيدينا) بأن يأمرنا بقتلكم (فتربصوا) عاقبتنا (إنا معكم متربصون) عاقبتكم .
(قل أنفقوا طوعا أو كرها) معناه الخبر أي (لن يتقبل منكم) ما أنفقتم طوعا أو كرها (إنكم كنتم قوما فاسقين) علة ما سبق .
ص: 454
(وَما مَنَعَهُمْ) هؤلاء الأعداء (أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ) إعطاء أموالهم (إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا) وساء عملهم (بِاللَّهِ) الواحد الأحد (وَبِرَسُولِهِ) محمّد ( ص ) (وَلا يَأْتُونَ) أهل الولع والمكر (الصَّلاةَ) المأمور أداؤها حالا (إِلَّا وَ) الحال (هُمْ كُسالى) كلال حسر (وَلا يُنْفِقُونَ) أموالهم حالا ما (إِلَّا وَ) الحال (هُمْ) لطلاحهم (كارِهُونَ) ( 54 ) له لا مؤمّلو عدل ولا راعو إصر .
(فَلا تُعْجِبْكَ) محمّد ( ص ) وهو السرور مع الودّ والهكر (أَمْوالُهُمْ) أملاكهم (وَلا أَوْلادُهُمْ) لما هو مكر ودرك (إِنَّما) ما (يُرِيدُ اللَّهُ) ممّا أعطاهم إلّا (لِيُعَذِّبَهُمْ بِها) الأموال والأولاد والمراد أهوالها ومعاسرها كلّمها وحرسها وعطو الأموال وأسر الأولاد (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَتَزْهَقَ) وهو الدلوع عسرا (أَنْفُسُهُمْ) أرواحهم (وَ) الحال (هُمْ كافِرُونَ) ( 55 ) طلّاح .
(وَيَحْلِفُونَ) ولعا ومكرا (بِاللَّهِ) الواحد الأحد (إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ) أهل الإسلام (وَما هُمْ مِنْكُمْ) لسوء أسرارهم (وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ) معلم الإسلام لما هم (يَفْرَقُونَ) ( 56 ) راعوا سطوكم وإهلاككم كما أهلك العدال .
(لَوْ يَجِدُونَ) هؤلاء الطّلاح (مَلْجَأً) محلّ سلام أراد حصارا أو رأس
----------
(وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله) فاعل (ولا يأتون الصلوة إلا وهم كسالى) متثاقلون (ولا ينفقون إلا وهم كارهون) إذ لا يرجون نفعا ولا يخشون بتركهما ضرا .
(فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم) لأنها استدراج لهم (وإنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا) بمشقة جمعها وحفظها والمصائب فيها (وتزهق أنفسهم) تخرج (وهم كافرون).
(ويحلفون بالله إنهم لمنكم) أي مؤمنون (وما هم منكم) لكفرهم باطنا (ولكنهم قوم يفرقون) يخافون القتل والأسر فيظهرون الإيمان .
(لو يجدون ملجأ) حرزا
ص: 455
طود (أَوْ مَغاراتٍ) صدوع طود (أَوْ مُدَّخَلًا) موردا للدس (لَوَلَّوْا) لأحالوا (إِلَيْهِ وَ) الحال (هُمْ يَجْمَحُونَ) ( 57 ) أسرعوا إسراعا مؤكّدا ما ردّهم أمر .
(وَمِنْهُمْ) الملأ اللّاءوا أعلموا الإسلام وأسرّوا عكسه (مَنْ) مرء (يَلْمِزُكَ) هو الوصم (فِي) إعطاء أموال (الصَّدَقاتِ) وإحصاصها (فَإِنْ أُعْطُوا) لهؤلاء الوصّام (مِنْها) سهما (رَضُوا) ودّوك (وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها) سهما (إِذا هُمْ) لكمال طلاحهم (يَسْخَطُونَ) ( 58 ) وهم كرههم وعدم ودّهم .
(وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا) وما كرهوا (ما) مالا وسهما (آتاهُمُ) أعطاهم (اللَّهُ وَرَسُولُهُ) محمّد ( ص ) أورد اسم اللّه للإكرام والمراد إعطاء الرسول صلعم (وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ) مالك الملك والأمر (سَيُؤْتِينَا اللَّهُ) عطاء أو مال عدوّ (مِنْ فَضْلِهِ) طوله وكرمه (وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ) لا سواه (راغِبُونَ) ( 59 ) وسّال لسد وصلح أمرهم .
----------
يلجئون إليه (أو مغارات) غيرانا (أو مدخلا) سربا يدخلونه (لولوا) عنكم (إليه وهم يجمحون) يسرعون لا يردهم شيء كالفرس الجموح .
(ومنهم من يلمزك) يعيبك (في الصدقات) في قسمتها (فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون) قال الصادق (عليه السلام) أهل هذه الآية أكثر من ثلثي الناس (ولو أنهم رضوا ما ءاتاهم الله ورسوله) من الصدقة أو الغنيمة (وقالوا حسبنا الله) كافينا (سيؤتينا الله من فضله) صدقة أو غنيمة أخرى (ورسوله) فيوفر حظنا (إنا إلى الله راغبون) أن يغنينا، وجواب لو مقدر أي لكان خيرا لهم .
ص: 456
(إِنَّمَا) ما (الصَّدَقاتُ) المأمور أداؤها إلّا (لِلْفُقَراءِ) هم اللاؤا ملكوا ماصلا وما سألوا أحدا لما حدّهم للحال (وَالْمَساكِينِ) وهم سوّال ما ملكوا مالا ولو ماصلا أو عكسه (وَالْعامِلِينَ) السعاة (عَلَيْها) هؤلاء الأموال (وَ) الأرهاط (الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ) المودم أسرارهم وهم أرهاط أكارم أعطاهم رسول اللّه صلعم سهما روما لإسلامهم ، وأسلم آحادهم ، أو أعطاهم الرسول أحكاما لإسلامهم (وَفِي) سراح (الرِّقابِ) المحرّر كلّها أوس مال (وَ) الملأ (الْغارِمِينَ) اللّاءوا علاهم أموال مؤكّد أداؤها لأهلها (وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ) معاسر عسكر الإسلام أو سلّاك مسالك المحلّ الحرام (وَابْنِ السَّبِيلِ) السالك المعدم المال (فَرِيضَةً) مصدر مؤكّد طرح عامله المدلول للكلام الأوّل أو حال ، ورووه محمولا لمحكوم مطروح حصل ورودها (مِنَ اللَّهِ) الملك العدل (وَاللَّهُ عَلِيمٌ) علّام المصالح (حَكِيمٌ) ( 60 ) مراع للحكم والاسرار وصحّ إعطاؤها للصروع كلّها أو لصرع واحد وهو الأصح .
----------
(إنما الصدقات للفقراء والمساكين) أي الزكاة للمذكورين لا غير واللام لبيان المصرف فلا يجب البسط على الأصناف كما عليه الأصحاب وأكثر الجمهور وقيل للملك فيجب البسط عليهم والفقير والمسكين العاجزان عن قوت السنة لهما ولواجبي نفقتهما (والعاملين عليها) السعاة في جمعها (والمؤلفة قلوبهم) من الكفار ليسلموا أو ليذبوا عن المسلمين أو قوم أسلموا يعطون لتقوى نياتهم وليرغب نظائرهم في الإسلام (وفي الرقاب) في فكها بإعانة المكاتبين وابتياع المماليك وعتقهم إذا كانوا في شدة أو عدم المستحق، وقيل مطلقا وعدل عن اللام إلى في إيذانا بأن الصرف في الجهة لا إلى الرقاب (والغارمين) المديونين في غير معصية أو تابوا وليس لهم وفاء أو في إصلاح ذات البين ولو أغنياء (وفي سبيل الله) الجهاد وجميع سبل الخير والمصالح (وابن السبيل)
ص: 457
(وَمِنْهُمُ) الملأ (الَّذِينَ يُؤْذُونَ) طلاحا وحسدا (النَّبِيَّ) محمّدا رسول اللّه صلعم (وَ) المراد (يَقُولُونَ) له ورها (هُوَ أُذُنٌ) أصله المسمع والمراد الأمحص (قُلْ) ردّا لهم ولوهمهم هو الرسول (أُذُنُ خَيْرٍ) مسمع صلاح (لَكُمْ) وهدّ المسمع والحاصل هو مسمع لا كما هو وهمكم لما هو (يُؤْمِنُ) إسلاما (بِاللَّهِ) وأحكامه (وَيُؤْمِنُ) سماعا للإملاه (لِلْمُؤْمِنِينَ) أهل الصلاح والسداد (وَ) هو (رَحْمَةٌ) ورووا مكسورا والمراد مسمع رحم (لِلَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا مسحلا لا سدادا (مِنْكُمْ) أهل الولع (وَ) الملأ (الَّذِينَ يُؤْذُونَ) محمّدا (رَسُولَ اللَّهِ) المرسل لإصلاح الكلّ (لَهُمْ) لطلاحهم (عَذابٌ) إصر وألم (أَلِيمٌ) ( 61 ) مؤلم حالا ومآلا .
(يَحْلِفُونَ) هؤلاء الولّاع (بِاللَّهِ) مطّلع الأسرار (لَكُمْ) أهل الإسلام
----------
المنقطع في السفر ولو غنيا في بلده (فريضة من الله) أي فرضها لهم فريضة (والله عليم) بخلقه (حكيم) في تدبيره.
(ومنهم الذين يؤذون النبي) باغتيابه ونم حديثه (ويقولون) لمن ينهاهم منهم عن ذلك لئلا يبلغه (هو أذن) يسمع كل قول ويقبله فإذا قلنا له لم نقل صدقنا، سمي بالجارحة مبالغة كالعين للربيئة أو من أذن أذنا استمع (قل أذن خير) مستمع خير (لكم) لا مستمع شر (يؤمن بالله) يصدق به لدلائله (ويؤمن للمؤمنين) يصدقهم لخلوصهم واللام زائدة للفرق بين إيمان الإذعان وغيره (و) هو (رحمة للذين ءامنوا منكم) ظاهرا إذ يقنع ذلك ولا يكشف سركم (والذين يؤذون رسول الله) في نفسه أو في أهل بيته لقوله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يا علي سلمك سلمي وحربك حربي وقوله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني (لهم عذاب أليم).
ص: 458
املاها هم ما عملوا ما وصلكم وما حصل لكم علمه (لِيُرْضُوكُمْ) وأمر لهم (وَاللَّهُ) إله الكلّ ومالكه (وَرَسُولُهُ) محمّد ( ص ) (أَحَقُّ) وأصلح (أَنْ يُرْضُوهُ) وحده مع عدّ المعاد لوحود طوع اللّه وطوع الرسول أو هو محمول واللّه ومحمول ورسوله مطروح (إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ) ( 62 ) سدادا .
(أَ لَمْ يَعْلَمُوا) هؤلاء الدعار (أَنَّهُ) الأمر كلّ (مَنْ يُحادِدِ اللَّهَ) حادّه حارده وعاداه (وَرَسُولَهُ) محمّدا ( ص ) (فَأَنَّ) ورووه مكسورا (لَهُ) للمحادّ وهو محكوم طرح محموله وهو حكم مؤكّد أو واطد أو سواهما (نارَ جَهَنَّمَ) ساعور دار الآلام (خالِداً) راكدا دواما (فِيها) دار الآلام (ذلِكَ) ركودها (الْخِزْيُ) الإهلاك (الْعَظِيمُ) ( 63 ) المدام .
(يَحْذَرُ) روعا الملأ (الْمُنافِقُونَ) معلم الإسلام ومسرّو عكسه وهو اعلام مدلوله الأمر (أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ) أهل الإسلام أو هؤلاء الطّلاح (سُورَةٌ) كلام محدود معلوم حدوده وهو أصله (تُنَبِّئُهُمْ) معلم مدلولها (بِما) داء وسوء ووحر (فِي قُلُوبِهِمْ) أرواح الولّاع وأسرارهم (قُلِ) محمّد ( ص ) لهم مهدّدا (اسْتَهْزِؤُا) احسلوا (إِنَّ اللَّهَ) العدل (مُخْرِجٌ) معل ومعلم ومسمع
----------
(يحلفون بالله لكم) أيها المؤمنون أنهم لم يقولوا ما بلغكم عنهم (ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه) بالطاعة وأفرد الضمير لتلازم الرضاءين أو يقدر الآخر (إن كانوا مؤمنين) حقا .
(ألم يعلموا أنه) الشأن (من يحادد) يشاقق (الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم).
(يحذر المنافقون) يخافون خبر أو أمر (أن تنزل عليهم) على المؤمنين (سورة تنبئهم بما في قلوبهم) من الشرك فتفضحهم وقيل أظهروا الحذر فيما بينهم استهزاء (قل استهزءوا) تهديد (إن الله مخرج)
ص: 459
(ما) اسرارا (تَحْذَرُونَ) ( 64 ) سطوعها .
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ) هؤلاء الورة عمّا عملوا وكلّموا حال رحلهم معك لعماس عسكر الروم وهو حسلهم أمر اللّه ووحر صدورهم ، وكلامهم لرسول اللّه صلعم هو مع عدم إعداده العدد محاول لممالك الروم وسطوهم وهو محال ، ولمّا اعلمه اللّه لرسوله ودعاه الرسول صلعم وسألهم عمّا كلّموا طلاحا مرؤه كما ورد (لَيَقُولُنَّ) لك واللّه ما كلّم وما وصم أمرك وأمر عسكرك (إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ) الكلام (وَنَلْعَبُ) لدسع عس الرحل (قُلْ) لهم محمّد ( ص ) (أَ بِاللَّهِ) مالككم (وَآياتِهِ) دوالّ إلّه (وَرَسُولِهِ) محمّد ( ص ) (كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ) ( 65 ) وما سمع إملاههم لولعهم .
(لا تَعْتَذِرُوا) اطرحوا الإملاه ولعا حال سطوع سرّكم لمّا لا عود له أصلا (قَدْ كَفَرْتُمْ) لاح سوءكم وطلاحكم (بَعْدَ إِيمانِكُمْ) إعلامكم الإسلام (إِنْ نَعْفُ) الآصار والمعارّ (عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ) لعودهم وهودهم واسلاهم سدادا أو لطرحهم عداء الرسول صلعم واللهو معه (نُعَذِّبْ طائِفَةً) سواهم معلّلا (بِأَنَّهُمْ كانُوا) دواما (مُجْرِمِينَ) ( 66 ) أهل الولع والمكر .
----------
مظهر (ما تحذرون) إظهاره من نفاقكم .
(ولئن سألتهم) عن استهزائهم بك وبالقرآن (ليقولن إنما كنا نخوض) في أمرنا لا في أمرك (ونلعب) نمزح (قل أبالله وءاياته ورسوله كنتم تستهزءون لا تعتذروا) بالأكاذيب (قد كفرتم بعد إيمانكم) إظهاركم الإيمان (إن نعف عن طائفة منكم) لتوبتهم وإخلاصهم (نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين) مصرين على نفاقهم .
ص: 460
الرهط (الْمُنافِقُونَ وَ) الأعراس (الْمُنافِقاتُ) لا ولاء لهم مع أهل الإسلام لما (بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ) علما وعملا وحالهم عكس حال أهل الإسلام كما دلّ (يَأْمُرُونَ) آحادهم لآحادهم (بِالْمُنْكَرِ) السوء وردّ الإسلام (وَيَنْهَوْنَ) ردعا (عَنِ) الأمر (الْمَعْرُوفِ) المعلوم أمرا وحكما وهو الطوع والإسلام (وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ) لؤما وإمساكا للمال (نَسُوا اللَّهَ) طرحوا أمره وطوعه وأهملوا ادّكاره (فَنَسِيَهُمْ) ما رحمهم اللّه (إِنَّ) الملأ (الْمُنافِقِينَ) المكّار (هُمُ الْفاسِقُونَ) ( 67 ) كاملو الدعر والمرود وطارحوا ما هو الصلاح والسداد .
(وَعَدَ اللَّهُ) الملك العدل الملأ (الْمُنافِقِينَ) كلّهم (وَ) أعراسهم (الْمُنافِقاتِ) كلّها (وَالْكُفَّارَ) معا (نارَ جَهَنَّمَ) دار الدحور (خالِدِينَ) دواما (فِيها) دار الدحور (هِيَ) الساعور (حَسْبُهُمْ) إصرا وألما (وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ) دحرهم وطردهم (وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ) ( 68 ) مدام لا حسم له والمراد إمّا إصر الحال وهو روع إعلاء أسرارهم وسطوع طلاحهم ، أو إصر المعاد وهو ما وعد اللّه لهم وعملكم رهط المكر .
----------
(المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض) في الدين أي النفاق (يأمرون بالمنكر) بالشرك وبالمعصية (وينهون عن المعروف) الإيمان والطاعة (ويقبضون أيديهم) عن الإنفاق في الخير (نسوا الله فنسيهم) تركوا طاعته فتركهم من لطفه (إن المنافقين هم الفاسقون) المتمردون في الكفر .
(وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها) حال مقدرة (هي حسبهم) عقوبة (ولعنهم الله) أبعدهم من رحمته (ولهم عذاب مقيم) دائم .
ص: 461
(كَالَّذِينَ) كعمل الرهط اللاؤا مرّوا (مِنْ قَبْلِكُمْ كانُوا) هم (أَشَدَّ) أكمل وأحكم (مِنْكُمْ قُوَّةً) أدّا (وَأَكْثَرَ أَمْوالًا) أملاكا (وَأَوْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا) حاولوا أهواءهم ووصلوا آمالهم (بِخَلاقِهِمْ) سهمه دار الأعمال (فَاسْتَمْتَعْتُمْ) روما للروح والسرور (بِخَلاقِكُمْ) سهمكم حالا (كَمَا اسْتَمْتَعَ) حاول الآمال الملأ (الَّذِينَ) مرّوا (مِنْ قَبْلِكُمْ) أمامكم (بِخَلاقِهِمْ) سهمهم (وَخُضْتُمْ) السوء والدعر (كَالَّذِي) كاللاءوا أو كالرهط أو كالورود ، وحاصل الكلّ كما (خاضُوا) وردوا (أُولئِكَ) الرهط الطّلاح (حَبِطَتْ) عطّل ومحا (أَعْمالُهُمْ) ولعهم ومكرهم (فِي) الدار (الدُّنْيا) وأسروا وأهلكوا (وَ) الدّار (الْآخِرَةِ) الموعود ورودها (وَأُولئِكَ) الممحوّ أعمالهم (هُمُ الْخاسِرُونَ) ( 69 ) حالا ومآلا .
(أَ لَمْ يَأْتِهِمْ) أما وردهم وما وصلهم (نَبَأُ) حال الملأ (الَّذِينَ) مرّوا (مِنْ قَبْلِهِمْ) أوّلا (قَوْمِ نُوحٍ) أهلكهم الماء (وَعادٍ) رهط هود أهلكهم
----------
(كالذين) أي أنتم أيها المنافقون مثل الذين (من قبلكم) وفيه التفات (وكانوا أشد منكم قوة) بطشا ومنعة (وأكثر أموالا وأولادا فاستمتعوا بخلاقهم) بنصيبهم من شهوات الدنيا الفانية وآثروها على نعم الآخرة الباقية (فاستمتعتم) أنتم (بخلاقكم) وآثرتم الحقير الفاني على الجليل الباقي (كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم) في الباطل (كالذي) كالذين (خاضوا) أو كخوضهم (أولئك حبطت أعمالهم) فلا يثابون عليها (في الدنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون) للدارين .
(ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح) أهلكوا بالغرق (وعاد) وقوم هود
ص: 462
الصرصر (وَثَمُودَ) رهط صالح أهلكهم رعس الرمكاء وحراكه (وَقَوْمِ إِبْراهِيمَ) أهلكهم الدود (وَأَصْحابِ مَدْيَنَ) أهلها أهلكهم الساعور (وَالْمُؤْتَفِكاتِ) أمصار رهط لوط دهدموا وأهلكوا عكسا وأمطروا صلدا (أَتَتْهُمْ) هؤلاء الأرهاط (رُسُلُهُمْ) لكلّ رهط رسول (بِالْبَيِّناتِ) الدوالّ السواطع (فَما كانَ اللَّهُ) العدل (لِيَظْلِمَهُمْ) مولما لهم أوّلا حال صلاحهم وعدم طلاحهم (وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ) لا سواهم (يَظْلِمُونَ) ( 70 ) لعملهم الآصار والمعارّ .
(وَ) الملأ (الْمُؤْمِنُونَ) كلّهم (وَ) أعراسهم (الْمُؤْمِناتُ) كلّها (بَعْضُهُمْ) آحادهم (أَوْلِياءُ) أودّاء (بَعْضٍ) آحادهم إسعادا وإمدادا (يَأْمُرُونَ) آحادهم لآحادهم (بِالْمَعْرُوفِ) المعلوم المأمور وهو الإسلام والطوع للّه (وَيَنْهَوْنَ) روعا (عَنِ) الأمر (الْمُنْكَرِ) المردود وهو الردّ والعدول (وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ) المأمور المؤكّد أداؤها (وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) المؤكّد عطاؤها (وَيُطِيعُونَ اللَّهَ) مأموره (وَرَسُولَهُ) محمّدا صلعم ما أوصل
----------
بالريح (وثمود) وقوم صالح بالرجفة (وقوم إبراهيم) بسلب النعم ونمرود ببعوض (وأصحاب مدين) قوم شعيب بعذاب يوم الظلمة (والمؤتفكات) قرى قوم لوط ائتكفت بهم أي انقلبت (أتتهم رسلهم بالبينات) بالمعجزات الواضحة فكذبوهم فأهلكوا (فما كان الله ليظلمهم) بإهلاكهم (ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) إذ عرضوها للهلاك بكفرهم .
(والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) ذكروا في مقابلة أضدادهم المنافقين (يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة ويطيعون الله ورسوله
ص: 463
وأمر (أُولئِكَ) الملأ الطوّع (سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ) أرحم الرحماء لا محال (إِنَّ اللَّهَ) أحكم الحكماء (عَزِيزٌ) مكوّح ولا رادّ لأمره (حَكِيمٌ) ( 71 ) مراع للحكم والأسرار .
(وَعَدَ اللَّهُ) كرما الملأ (الْمُؤْمِنِينَ) كلّهم (وَ) الأعراس (الْمُؤْمِناتِ) كلّها (جَنَّاتٍ) محالّ دوح وروح وأحمال وسرور (تَجْرِي) اطرادا (مِنْ تَحْتِهَا) دوحها وصروحها (الْأَنْهارُ) مسل الماء والعسل والدر والمدام (خالِدِينَ) دوما (فِيها) هؤلاء المحال (وَ) وعدهم (مَساكِنَ) مراكد ودورا وصروحا (طَيِّبَةً) طاهرا ركودها ، وورد هؤلاء صروح اللؤلؤ وما سواه (فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ) ركود ورموك وهو علم (وَرِضْوانٌ) ماصل حاصل (مِنَ اللَّهِ) مالك العالم كلّه (أَكْبَرُ) وأوسع ممّا مرّ لما هو موصل كلّ مرام ومحصّل كل مراد (ذلِكَ) ما وعد أو ودّه (هُوَ) وحده (الْفَوْزُ) حصول المهام (الْعَظِيمُ) ( 72 ) لا ما سواه .
( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ ) الرسول (جاهِدِ) الملأ (الْكُفَّارَ) ماصعهم وهالكهم (وَ) ماصع الملأ (الْمُنافِقِينَ) إعلاء الأسرار ومارّهم وصادّهم مع أدلّاء
----------
أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز) لا يمنع عما يريد (حكيم) يضع كل شيء موضعه .
(وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة) يطيب فيها العيش قصور من لؤلؤ وزبرجد (في جنات عدن) إقامة وخلدا واسم إحدى الجنان عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) عدن دار الله التي لم ترها عين ولم تخطر على قلب بشر لا يسكنها غير ثلاثة النبيين والصديقين والشهداء (ورضوان من الله أكبر ذلك) المذكور (هو الفوز العظيم).
(يا أيها النبي جاهد الكفار) بالسيف (والمنافقين) بالوعظ والحجة
ص: 464
السواطع (وَاغْلُظْ) صر حصحصا (عَلَيْهِمْ) كلّهم وحادّهم وعادهم ودع ودّهم (وَمَأْواهُمْ) مآلهم (جَهَنَّمُ) دار الدحور (وَبِئْسَ) ساء (الْمَصِيرُ) ( 73 ) دار الدحور .
(يَحْلِفُونَ) هؤلاء الورة ولعا (بِاللَّهِ) عالم الأسرار (ما قالُوا) لو سدّ أمر محمّد صلعم لهؤلاء أسوى حالا وراء الحمر ، وحاوره وردّ كلامه عامر وكلّم واللّه أمر محمّد أسدّ ، ووصل كلامهما رسول اللّه صلعم ، ودعاه رسول اللّه صلعم وسأله وما أمه العدوّ وحلط ما كلّم سوء وولّع عامرا ودعا عامر « اللّهم أعلم رسولك سداد الوالع وولع السادّ » وأرسلها اللّه (وَلَقَدْ قالُوا) عمدا (كَلِمَةَ الْكُفْرِ) وهو ما مرّ ، ولمّا أعلم اللّه حاله أمه صدد الرسول صلعم وهاد وأسلم وسدّ إسلامه وصلح حاله (وَكَفَرُوا) حسّا (بَعْدَ) اعلام (إِسْلامِهِمْ) وسدادهم (وَهَمُّوا) طلاحا (بِما) أمر وعمل (لَمْ يَنالُوا) وما وصلوا وهو إهلاك الرسول صلعم دهما ودروء ، أو إهلاك عامر لما ردّ كلام العدوّ كما مرّ الحال (وَما نَقَمُوا) وما كرهوا وما وصموا أمرا (إِلَّا أَنْ) أعطاهم و (أَغْناهُمُ اللَّهُ) أرحم الرحماء (وَرَسُولُهُ) محمّد (مِنْ فَضْلِهِ) طوله وكرمه ما رأوا أوّلا العسر واللأواء وملّكهم اللّه ورسوله أموال أعداء الإسلام
----------
(وأغلظ عليهم) بالقول والفعل (ومأواهم جهنم وبئس المصير) المرجع هي .
(يحلفون بالله ما قالوا) شيئا يسوؤك (وقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم) أظهروا الكفر بعد إظهار كلمة الإسلام (وهموا بما لم ينالوا) من قبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) ليلة العقبة في عوده من تبوك وهم اثنا عشر فأخبره الله بذلك فأمر حذيفة فضرب وجوه رواحلهم فردوا أو إخراجه من المدينة (وما نقموا) ما أنكروا (إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله) بالغنائم بعد فقرهم وحاجتهم أي
ص: 465
(فَإِنْ يَتُوبُوا) سدادا عمّا عملوا ولعا ومكرا (يَكُ) الهود والعود (خَيْراً) أصلح (لَهُمْ) مما عملوا وهو الحامل لإسلام مرء مرّ حاله (وَإِنْ يَتَوَلَّوْا) المراد الإصرار (يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ) العدل (عَذاباً) ألما (أَلِيماً) مؤلما (فِي) الدار (الدُّنْيا) إهلاكا (وَ) الدار (الْآخِرَةِ) ساعورا (وَما لَهُمْ) أصلا لا حالا ولا مآلا (فِي) سطح (الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ) موال ودود (وَلا نَصِيرٍ) ( 74 ) ممدّ رادّ لألمهم ، ورد سأل مسلم رسول اللّه صلعم ادع اللّه إعطاء مال له ، وحاوره الرسول المال الماصل مع الصلاح أملح لا الآمر مع الطلاح ، وأعار هو واللّه لو أمر المال لأوصل كلّ أحد ما هو أهله ، ودعا له الرسول صلعم وأمر ماله كالدود وما وسع المصر ماله ورحل وحلّ محلّا واسعا للمال وحرم حرس أهل الإسلام ، وسأل الرسول صلعم ما حاله ، وكلّموا أمر ماله وما وسعه واد وأرسل رسول اللّه صلعم عاملا مع عامل لعطو مال أمر اللّه إعطاءه مؤكّدا وأعطاهما كلّ مسلم حلّ الصحراء ما أمر اللّه أداءه ، وسألا المرء المعهود ما أمر أداؤه ، وما أعطاهما وكلّمهما عود الحال وعادا وكلّم رسول اللّه صلعم لمّا رآهما أمام كلامهما : آه له ، وأرسل اللّه .
(وَمِنْهُمْ) هؤلاء المكاره (مَنْ) مرء (عاهَدَ اللَّهَ) حال الإعسار والإرماد (لَئِنْ آتانا) المال (مِنْ فَضْلِهِ) وطوله (لَنَصَّدَّقَنَّ) أراد أداء ما أمر اللّه (وَلَنَكُونَنَّ) ح (مَنْ) الملأ (الصَّالِحِينَ) ( 75 ) لا أهل الإمساك .
----------
لم يصبهم منه إلا هذا وليس مما ينقم (فإن يتوبوا) عن النفاق ويخلصوا (يك) أي التوب (خيرا لهم وإن يتولوا) عن الخير (يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا) بالقتل (والآخرة) بالنار (وما لهم في الأرض من ولي) يمنعه منهم (ولا نصير) يدفعه عنهم .
(ومنهم من عاهد الله لئن ءاتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين
ص: 466
(فَلَمَّا آتاهُمْ) أعطاهم اللّه مالا أمرا (مِنْ فَضْلِهِ) طوله ووصلوا آمالهم (بَخِلُوا بِهِ) المال وطرحوا ما عاهدوا اللّه (وَتَوَلَّوْا) وصدّوا عمّا أمر اللّه (وَ) الحال (هُمْ مُعْرِضُونَ) ( 76 ) مصرّو صدودهم وطلاحهم .
(فَأَعْقَبَهُمْ) اللّه وآصار مآل أمرهم (نِفاقاً) مكرا محكما (فِي قُلُوبِهِمْ) ممدودا (إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ) اللّه حال ورودهم السام ، أو عدل عملهم حال إحصاء الأعمال معلّلا (بِما أَخْلَفُوا اللَّهَ) وما راعوا والمراد لعدم رصدهم (ما) وعدا (وَعَدُوهُ) وهو الطوع والصلاح (وَ) معلّلا (بِما كانُوا يَكْذِبُونَ) ( 77 ) ولعهم .
(أَ لَمْ يَعْلَمُوا) هؤلاء الورّه (أَنَّ اللَّهَ) العلّام (يَعْلَمُ سِرَّهُمْ) مكرا أسرّوه وما أعلموه أحدا ، أو هو همهم عكس ما وعدوه (وَنَجْواهُمْ) وما أعلموه وسطهم وهو وصمهم الإسلام (وَأَنَّ اللَّهَ) كما هو علّام المحسوس (عَلَّامُ الْغُيُوبِ) ( 78 ) .
الملأ (الَّذِينَ) وهو محمول لمحكوم مطروح ، أو معمول لألوم المطروح ، أو مكسور المحلّ صدع لمكسور سرّهم (يَلْمِزُونَ) وهو الوصم
----------
فلما ءاتاهم من فضله بخلوا به) منعوا حق الله منه (وتولوا) عن إعطائه (وهم معرضون) عن الدين هو ثعلبة بن خاطب كان محتاجا فعاهد الله فلما آتاه بخل به.
(فأعقبهم) أورثهم البخل (نفاقا) متمكنا (في قلوبهم إلى يوم يلقونه) يوم البعث (بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون) بسبب إخلافهم الوعد وكذبهم .
(ألم يعلموا) أي المنافقون (أن الله يعلم سرهم) ما يضمرون في أنفسهم (ونجواهم) ما يتناجون به بينهم (وأن الله علام الغيوب) بما غاب عن خلقه .
(الذين) بدل من الضمير في سرهم أو ذم مرفوع أو منصوب (يلمزون
ص: 467
الملأ (الْمُطَّوِّعِينَ) اطّوّع عملا عمله طوعا وودّا لا أمرا ، وموردها ما ورد اطوّع عاصم وسمع ما لا آمرا ، ووصمه الأعداء وكلّموا هو مراء ومسمع ، واطوّع سواه وسمح صاعا ووصموه هو ماصل وألهدوه (مِنَ) الملأ (الْمُؤْمِنِينَ) أهل الإسلام سدادا (فِي الصَّدَقاتِ) أموال سماحهم (وَ) الملأ (الَّذِينَ لا يَجِدُونَ) لإعصارهم (إِلَّا جُهْدَهُمْ) حولهم وألوهم (فَيَسْخَرُونَ) أولو المكر (مِنْهُمْ) أهل الطوع والإعسار (سَخِرَ اللَّهُ) الملك العدل (مِنْهُمْ) وعاملهم كأعمالهم وهو اعلام لا دعاء (وَلَهُمْ) لعدولهم وولعهم (عَذابٌ) ألم (أَلِيمٌ) ( 79 ) مؤلم .
(اسْتَغْفِرْ) واسأل محمّد محو الآصار (لَهُمْ) وهو أمر مدلوله إعلام حالهم (أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) وألو ما هو مرادك ، ولمّا ورد كلّم رسول اللّه صلعم أحاول سؤال محو الآصار (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) لهؤلاء الطّلاح (سَبْعِينَ مَرَّةً) المراد العدّ لا الحدّ وعلمه رسول اللّه صلعم الحدّ لمّا ورد سأسأل مرارا وراءها ، وأرسل اللّه إعلاما للمراد سواء آه (فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ) العدل (لَهُمْ) أصلا
----------
المطوعين) يعيبون المتطوعين (من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم) طاقتهم فيتصدقون به قيل لما نزلت آية الصدقة أتى رجل النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) بمائة وسق تمر فقالوا إنما أعطى رياء وأتاه آخر بصاع تمر فقالوا: إن الله غني عن صاعه (فيسخرون منهم) فيستهزءون بهم (سخر الله منهم) جازاهم على سخريتهم (ولهم عذاب أليم).
(استغفر لهم أو لا تستغفر لهم) أي الأمران سواء في عدم نفعهم (إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم) قيل أريد بالسبعين المبالغة في الكثرة وعنه (صلى الله عليه وآله وسلّم) لو أعلم أني لو زدت على السبعين
ص: 468
(ذلِكَ) عدم محو آصارهم وعدم رحمهم معلّل (بِأَنَّهُمْ) هؤلاء الطّلاح (كَفَرُوا) ما أسلموا (بِاللَّهِ) وردّوا أوامره وأحكامه (وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ) العدل (لا يَهْدِي) أصلا (الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) ( 80 ) ما داموا مرداء .
(فَرِحَ) مرح وسرّ الملأ (الْمُخَلَّفُونَ) اللاؤا سمع إملاههم الوالع رسول اللّه صلعم ، وركدوا وما رحلوا لعماس عسكر الروم ، أو رهط حصرهم الحسور والكسل (بِمَقْعَدِهِمْ) ركودهم (خِلافَ) وراء (رَسُولِ اللَّهِ) محمّد أو عداءه صلعم وح هو حال (وَكَرِهُوا) لطلاح أسرارهم (أَنْ يُجاهِدُوا) عماس الأعداء (بِأَمْوالِهِمْ) أملاكهم (وَأَنْفُسِهِمْ) أرواحهم معا (فِي سَبِيلِ) وصول (اللَّهِ) الأكرم والحاصل ما عملوا ما عمله أهل الإسلام وهو إعطاء المال والعماس مع العدّال للّه (وَقالُوا) آحادهم لآحادهم أو لأهل الإسلام (لا تَنْفِرُوا) للعماس (فِي الْحَرِّ) عصره (قُلْ) لهم محمّد ( ص ) وأعلمهم (نارُ جَهَنَّمَ) دار الطّلاح (أَشَدُّ) أعسر وأوكد (حَرًّا) لا ما هو مروعكم (لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ) ( 81 ) حاله ما ركدوا أصلا .
(فَلْيَضْحَكُوا) سرورا ومرحا عصرا (قَلِيلًا) مدد أعمارهم
----------
غفرت لزدت (ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين) لا يلطف بهم لإصرارهم على كفرهم .
(فرح المخلفون) عن تبوك (بمقعدهم خلاف رسول الله) بقعودهم خلفه أي بعده (وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله) إيثارا للراحة على طاعة الله (وقالوا) للمؤمنين تثبيطا أو بعضهم لبعض (لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا) وقد آثرتموها بهذه المخالفة (لو كانوا يفقهون) ما اختاروها .
(فليضحكوا قليلا) في الدنيا (وليبكوا كثيرا) في النار أو في الآخرة
ص: 469
(وَلْيَبْكُوا) همّا عصرا (كَثِيراً) سرمدا (جَزاءً بِما) أوس عمل (كانُوا) الحال (يَكْسِبُونَ) ( 82 ) وهو أمر والمراد اعلام حالهم وسوء مآلهم .
(فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ) ردّك وأعادك محمّد ( ص ) (إِلى طائِفَةٍ) رهط (مِنْهُمْ) هم رهط عمّرهم اللّه وما أسلموا وما أصلحوا أسرارهم (فَاسْتَأْذَنُوكَ) حاولوا وسألوك الإعلام والأمر (لِلْخُرُوجِ) معك لعماس (فَقُلْ) لهم (لَنْ تَخْرُجُوا) للعماس (مَعِيَ أَبَداً) أصلا (وَلَنْ تُقاتِلُوا) رأسا (مَعِيَ عَدُوًّا) ما وهو إعلام مدلوله الردع (إِنَّكُمْ) أهل الولع (رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ) ركود وعدم الرواح والرحل للعماس (أَوَّلَ مَرَّةٍ) أوّل مرار الدعاء لعماس الروم وهو معلّل للكلام الأوّل (فَاقْعُدُوا) الحال كركودكم أوّلا (مَعَ) الملأ (الْخالِفِينَ) ( 83 ) الأعلّاء والأولاد والأركّاء .
(وَلا تُصَلِّ) محمّد ( ص ) (عَلى أَحَدٍ) هالك (مِنْهُمْ) هؤلاء المكّار (ماتَ) هلك (أَبَداً) أمدا سرمدا ، ولو هلك أحدهم ركد صلعم صدد رمسه ودعا له وأرسل اللّه (وَلا تَقُمْ) أصلا (عَلى قَبْرِهِ) مرمس أحدهم الهالك
----------
إخبار عن حالهم بصيغة الأمر ليؤذن بتحتمه (جزاء بما كانوا يكسبون).
(فإن رجعك الله) ردك في تبوك (إلى طائفة منهم) ممن تخلف بالمدينة (فاستأذنوك للخروج) معك إلى غزوة أخرى (فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا) إخبار في معنى النهي معلل بقوله (إنكم رضيتم بالقعود أول مرة) أي في غزوة تبوك (فاقعدوا مع الخالفين) المتخلفين لعذر كالنساء والصبيان أو المخالفين .
(ولا تصل على أحد منهم مات أبدا) قيل ذهب (صلى الله عليه وآله وسلّم) ليصلي على ابن أبي حين مات فنزلت وقيل صلى عليه فنزلت (ولا تقم على قبره) لدفن أو دعاء
ص: 470
(إِنَّهُمْ كَفَرُوا) وما أسلموا (بِاللَّهِ) مالكهم (وَرَسُولِهِ) محمّد ( ص ) الأسدّ (وَماتُوا) ودرسوا ومحوا (وَ) الحال (هُمْ فاسِقُونَ) ( 84 ) عادوا حدّ السوء ، وهو معلّل للردع .
(وَلا تُعْجِبْكَ) وهو الودّ والروع مع الهكر (أَمْوالُهُمْ) أملاكهم (وَأَوْلادُهُمْ) والمراد عدّهما (إِنَّما) ما (يُرِيدُ اللَّهُ) أحكم الحكماء إلّا (أَنْ يُعَذِّبَهُمْ) كما أراد (بِها) الأموال والأولاد (فِي) الدار (الدُّنْيا) هلاكا وأسرارا (وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ) رواح أرواحهم (وَ) الحال (هُمْ كافِرُونَ) ( 85 ) كرّره مؤكّدا أو هو لإعلام حال رهط والأوّل لإعلاء حال رهط سواهم .
(وَإِذا) كلّما (أُنْزِلَتْ سُورَةٌ) أرسلها اللّه (أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ) أسلموا للّه والرسول (وَجاهِدُوا) الأعداء (مَعَ رَسُولِهِ) محمّد ( ص ) (اسْتَأْذَنَكَ) سألك أمر الرحل والعماس (أُولُوا الطَّوْلِ) الوسع والمال (مِنْهُمْ) هؤلاء الولّاع (وَقالُوا) طلاحا لك (ذَرْنا) دع (نَكُنْ مَعَ) الملأ (الْقاعِدِينَ) ( 86 ) الأعلّاء والأركّاء .
(رَضُوا) كسلا وكعوعا (بِأَنْ يَكُونُوا) ركّادا (مَعَ) الأعراس (الْخَوالِفِ) أو مع الرهط اللاؤا لا صلاح ولا سداد لهم أصلا
----------
(إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون) علة للنهي .
(ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم) الله (بها في الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون) فسرت وكررت تأكيدا أو في فريق آخر .
(وإذا أنزلت سورة أن) أي بأن (ءامنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولوا الطول) ذو السعة (منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين) المتخلفين لعذر .
(رضوا بأن يكونوا مع الخوالف) النساء جمع خالفة أي متخلفة أو السفلة
ص: 471
(وَطُبِعَ) وسم (عَلى قُلُوبِهِمْ) وحرموا الإصلاح (فَهُمْ) لكمال عمههم (لا يَفْقَهُونَ) ( 87 ) أسرار العماس ومصالحه .
(لكِنِ الرَّسُولُ) محمّد ( ص ) (وَ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (مَعَهُ جاهَدُوا) ماصعوا الأعداء (بِأَمْوالِهِمْ) وأملاكهم (وَأَنْفُسِهِمْ) معا (وَأُولئِكَ) الملأ الكرام (لَهُمُ) لا لسواهم (الْخَيْراتُ) المسارّ والمواد حالا ومالا ، السطو والعلوّ وعطو مال الأعداء حالا ، ودارالسلام والإكرام معادا ، وورد المراد الحور (وَأُولئِكَ) الملأ (هُمُ) لا سواهم (الْمُفْلِحُونَ) ( 88 ) واصلو كلّ مرام .
(أَعَدَّ اللَّهُ) أرحم الرحماء (لَهُمْ) لهؤلاء الأكارم (جَنَّاتٍ) محالّ روح وسرور (تَجْرِي) دواما (مِنْ تَحْتِهَا) دوحها وصروحها (الْأَنْهارُ) مسل الماء والعسل والدرّ والمدام (خالِدِينَ) دواما (فِيها) هؤلاء المحالّ (ذلِكَ) ما مرّ هو (الْفَوْزُ) حصول المهام (الْعَظِيمُ) ( 89 ) عموما .
(وَجاءَ) ورد الملأ (الْمُعَذِّرُونَ) أولو الإملاه وهم رهط عامر ، أو أراد أسدا وسواهم (مِنَ الْأَعْرابِ) ركّاد الدوّ والصحراء صدد الرسول محمّد
----------
(وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون) ما هو خير لهم .
(لكن الرسول والذين ءامنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات) حسنات الدارين الغنائم والثواب أو الحور (وأولئك هم المفلحون أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم) لدوامه بالإجلال والإكرام (وجاء المعذرون من الأعراب) المقصرون من عذر أي قصر معتذرا لا عذر له أو المعتذرون أدغمت التاء في الذال ونقلت فتحتها إلى العين قيل هم من لهم
ص: 472
صلعم (لِيُؤْذَنَ لَهُمْ) ومرادهم الركود وسمع الرسول إملاههم وركدوا (وَقَعَدَ) الملأ (الَّذِينَ كَذَبُوا) عوّدوا (اللَّهَ وَ) عوّروا (رَسُولَهُ) محمّدا سرّا وادّعوا الإسلام محسلا (سَيُصِيبُ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) اصرارا (مِنْهُمْ) هؤلاء الرهط (عَذابٌ) ألم (أَلِيمٌ) ( 90 ) مؤلم إهلاكا حالا ، وساعورا مآلا .
(لَيْسَ عَلَى) الملأ (الضُّعَفاءِ) الأركّاء وهم الهرام (وَلا عَلَى الْمَرْضى) الأعلاء (وَلا عَلَى) الملأ (الَّذِينَ لا يَجِدُونَ) أصلا (ما) مالا (يُنْفِقُونَ) ودّا للّه والرسول (حَرَجٌ) إصر وعسر للركود ولعدم الرحل للعماس (إِذا نَصَحُوا) أسلموا وأطاعوا سرّا وحسّا (لِلَّهِ) مالكهم (وَرَسُولِهِ) محمّد ( ص ) ما عَلَى الملأ (الْمُحْسِنِينَ) لأحوالهم وأسرارهم (مِنْ سَبِيلٍ) صراط إصر ووصم (وَاللَّهُ) كامل العطاء (غَفُورٌ) ماح لآصارهم وعدم عماسهم مع الأعداء (رَحِيمٌ) ( 91 ) مول لهم آلاء .
(وَلا) إصر (عَلَى) الملأ (الَّذِينَ) كسالم وسواه (إِذا ما أَتَوْكَ) سؤالا (لِتَحْمِلَهُمْ) لسماحك لهم حاملا ، أو لرحلهم معك للعماس
----------
عذر وهم نفر من بني غفار (ليؤذن لهم) في القعود لعذر باطل أو حق (وقعد) لا لعذر أو لعذر باطل (الذين كذبوا الله ورسوله) بادعاء الإيمان أو بعذرهم (سيصيب الذين كفروا منهم عذاب أليم) القتل والنار .
(ليس على الضعفاء) كالشيوخ (ولا على المرضى) كالزمنى (ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج) إثم في التخلف (إذا نصحوا لله ورسوله) في حال قعودهم بالطاعة وما فيه صلاح الدين (ما على المحسنين) بذلك أو الأعم منه (من سبيل) طريق بالعقوبة أو حجة (والله غفور) لهم (رحيم) بهم .
(ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم) على مركب للغزو معك وقيل على
ص: 473
(قُلْتَ) لهم وهو حال لك ( لا أَجِدُ ما) حاملا (أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ) أصلا (تَوَلَّوْا) عادوا (وَ) الحال (أَعْيُنُهُمْ) أهل السؤال (تَفِيضُ) وهو السحّ والإطراد (مِنَ) لإعلام المراد (الدَّمْعِ) الماء والمراد هاملا دموعهم (حَزَناً) همّا وحصرا وهو حال أو مصدر طرح عامله المدلول للكلام الأوّل (أَلَّا يَجِدُوا) أصلا (ما) مالا (يُنْفِقُونَ) ( 92 ) للعماس .
(إِنَّمَا) ما (السَّبِيلُ) صراط الإصر والوصم إلّا (عَلَى) الملأ (الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ) للركود (وَ) الحال (هُمْ أَغْنِياءُ) ملاء أولو الوسع والمال لما (رَضُوا) لوكس هممهم (بِأَنْ يَكُونُوا) ركّادا (مَعَ) الأعراس (الْخَوالِفِ) الرواكد (وَطَبَعَ اللَّهُ) الحاكم العدل ووسم وسما سادّا محكما (عَلى قُلُوبِهِمْ) أسرارهم (فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) ( 93 ) درك عملهم وسوء مآلهم .
(يَعْتَذِرُونَ) ولعا (إِلَيْكُمْ) أهل الإسلام (إِذا رَجَعْتُمْ) حال عودكم (إِلَيْهِمْ) لمأواكم (قُلْ) محمّد ( ص ) ردّا لهم (لا تَعْتَذِرُوا) ولعا (لَنْ نُؤْمِنَ) سماعا (لَكُمْ) لإملاهكم لما (قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ) أعلم (مِنْ
----------
الخفاف والبغال وهم سبعة من الأنصار أو من قبائل شتى (قلت لا أجد ما أحملكم عليه) حال بتقدير قد (تولوا) انصرفوا جواب إذا (وأعينهم تفيض) تسيل (من الدمع) نصب محلا تمييزا ومن بيانية (حزنا) مفعول له أو حال أو مصدر (ألا) لئلا (يجدوا ما ينفقون) في الجهاد .
(إنما السبيل) بالعقوبة (على الذين يستأذنوك وهم أغنياء) بالمال (رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون) مر تفسيره الایه 43 - 44من هذه السورة.
(يعتذرون إليكم) في التخلف (إذا رجعتم إليهم)من تبوك (قل لا تعتذروا) بالكذب (لن نؤمن لكم) لن نصدقكم إذ (قد نبأنا الله) أعلمنا (من
ص: 474
أَخْبارِكُمْ) أسرار أحوالكم لمّا أوحى اللّه لرسوله صلعم (وَسَيَرَى اللَّهُ) العلّام (عَمَلَكُمْ) عودكم عمّا هو الصدود أو رسوّكم طلاحا حاصلا كما علمه أوّلا (وَرَسُولُهُ) محمّد صلعم وهو روم للهود وإمهال له (ثُمَّ تُرَدُّونَ) مآلا (إِلى) اللّه (عالِمِ) عالم (الْغَيْبِ) السرّ (وَ) عالم (الشَّهادَةِ) الحسّ (فَيُنَبِّئُكُمْ) آصارا وآلاما (بِما) كلّ عمل (كُنْتُمْ) الحال (تَعْمَلُونَ) ( 94 ) أداء لعدل أعمالكم .
(سَيَحْلِفُونَ) ولعا (بِاللَّهِ لَكُمْ) صددكم (إِذَا انْقَلَبْتُمْ) لمّا حصل عودكم (إِلَيْهِمْ) وحلطهم (لِتُعْرِضُوا) لصدودكم (عَنْهُمْ) لؤما (فَأَعْرِضُوا) صدّوا (عَنْهُمْ) واطرحوا لومهم وأعطوهم مرامهم (إِنَّهُمْ) لكمال طلاحهم (رِجْسٌ) ركس ما هم أهلا للإصلاح ، وهو معلّل للأمر (وَمَأْواهُمْ) ومآلهم ومركدهم (جَهَنَّمُ) الساعور ووهّدهم الساعور آصارا (جَزاءً) عدلا وهو مصدر لعامل مطروح (بِما) أوس عمل (كانُوا) الحال (يَكْسِبُونَ) ( 95 ) عدولا ومكرا .
(يَحْلِفُونَ) ولعا (لَكُمْ) صددكم (لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ) ومرامهم ودّكم لهم وعملكم عهم دواما كعملكم مع أهل الإسلام (فَإِنْ تَرْضَوْا) أهل الإسلام
----------
أخباركم) بعضها وهو ما أضمرتم من النفاق (وسيرى الله عملكم ورسوله) هل تتوبون أو تصرون على كفركم (ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة) أي إلى الله (فينبئكم بما كنتم تعملون) بالجزاء عليه .
(سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم) رجعتم من تبوك أنهم تخلفوا لعذر (لتعرضوا عنهم) فلا توبخوهم (فأعرضوا عنهم إنهم رجس) قذر خبيث الباطن لا ينفع فيهم التوبيخ (ومأواهم جهنم جزاء) مصدر أو علة (بما كانوا يكسبون يحلفون لكم لترضوا عنهم) بالحلف (فإن ترضوا
ص: 475
(عَنْهُمْ) رحما وكرها (فَإِنَّ اللَّهَ) العدل (لا يَرْضى) أصلا (عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) ( 96 ) أهل الحدل والإلحاد وودّكم وحده ممّا لا حاصل له أصلا ، والمراد ردع أهل الإسلام عمّا ودّوا معهم وسمعوا إملاههم .
(الْأَعْرابُ) أهل الدوّ والمهمة (أَشَدُّ) أوكد وأحكم (كُفْراً) ردّا لأمر اللّه (وَنِفاقاً) مكرا لعدم إحمامهم أهل العلم ومصول سماعهم كلام اللّه وكلام رسوله صلعم (وَأَجْدَرُ) أصلح (أَلَّا يَعْلَمُوا) أصلا (حُدُودَ ما) أحكام وأوامر (أَنْزَلَ) أرسل (اللَّهُ) المكرام (عَلى رَسُولِهِ) محمّد (وَاللَّهُ عَلِيمٌ) علّام لأحوالهم (حَكِيمٌ) ( 97 ) مهمل لهم ومراع للحكم والأسرار .
(وَمِنَ) الرهط (الْأَعْرابِ) أهل الدوّ (مَنْ يَتَّخِذُ ما) مالا (يُنْفِقُ) وهو الإعطاء (مَغْرَماً) حدلا ووكسا لما إعطاؤه لاسماع العالم لا للّه وودّه (وَيَتَرَبَّصُ) هو العلم والرصد (بِكُمُ) الأحوال (الدَّوائِرَ) والمراد المعاسر وحول الأحوال وعكس الدول لحصول الإملاص لهم عمّا أعطوا كرها وهولا
----------
عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين) أي رضاكم لا ينفعهم مع سخط الله والمراد النهي عن الرضا عنهم .
(الأعراب) أهل البدو (أشد كفرا ونفاقا) من أهل المدن لغلظ طباعهم وبعدهم عن سماع القرآن ومخالطة العلماء (وأجدر أن) وأحق بأن (لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله) من الفرائض والسنن (والله عليم) بأحوال خلقه (حكيم) في حكمه فيهم .
(ومن الأعراب من يتخذ) يعد (ما ينفق) في سبيل الله (مغرما) غرما وخسرانا إذ لا يرجو ثوابا بل ينفقه خوفا ورياء وهم أسد وغطفان (ويتربص) ينتظر (بكم الدوائر) صروف الزمان وانقلابه عليكم ليخلصوا منكم
ص: 476
(عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) العسر وهو دعاء سوء لهم أو إعلام لورودهم ما رصدوه لأهل الإسلام وهو مصدر دار ورووا السوء (وَاللَّهُ سَمِيعٌ) لكلامهم (عَلِيمٌ) ( 98 ) لمرامهم وسأوهم .
(وَمِنَ) الملأ (الْأَعْرابِ) أهل الدوّ (مَنْ يُؤْمِنُ) سدادا (بِاللَّهِ) وحده (وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) الموعود للحكم والعدل (وَيَتَّخِذُ ما) مالا (يُنْفِقُ) لمصالح الإسلام (قُرُباتٍ) إصرا ووصلا (عِنْدَ اللَّهِ) الملك (وَصَلَواتِ الرَّسُولِ) دعاءه ككلامه اللّهمّ صلّ آه (أَلا) اسمعوا واعلموا (إِنَّها) أموالا أعطوها أو سواها (قُرْبَةٌ) طوع مصدّد (لَهُمْ) وهو إعلام اللّه لسداد ساوهم حال الإعطاء (سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ) ارحم الرحماء (فِي) دار (رَحْمَتِهِ) وكرمه وهو دارالسلام (إِنَّ اللَّهَ) كامل العطاء (غَفُورٌ) محّاء لآصارهم (رَحِيمٌ) ( 99 ) مول لهم آلاء أوس عملهم الماصل .
(وَ) الملأ (السَّابِقُونَ) وهو محكوم (الْأَوَّلُونَ) مدح لهم (مِنَ) الملأ (الْمُهاجِرِينَ) مع رسول اللّه صلعم وهم رهط أسلموا أمام رحله صلعم
----------
(عليهم دائرة) منقلبة (السوء) بالفتح الرد إنه مصدر وبالضم المكروه أي ينقلب عليهم البلاء والضرر لا عليكم (والله سميع) لمقالهم (عليم) بحالهم .
(ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر) قيل هم جهينة ومزينة (ويتخذ ما ينفق قربات) سبب تقرب (عند الله وصلوات الرسول) وسبب دعائه له إذ من السنة الدعاء للمصدقين ولو بلفظ الصلاة ومعها على غيره الأمنة لأنها منصبه فله التفضل به على غيره (ألا إنها) أي نفقتهم (قربة لهم) عند الله (سيدخلهم الله في رحمته) جنته (إن الله غفور) لمن أطاعه (رحيم) به .
(والسابقون الأولون من المهاجرين) أهل بدر أو من صلوا القبلتين
ص: 477
وهو إعلام للمراد (وَالْأَنْصارِ) والأرداء له صلعم (وَ) الملأ (الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ) طاوعوا الأوّل (بِإِحْسانٍ) إسلام وإصلاح لعملهم والمحمول (رَضِيَ اللَّهُ) الودود (عَنْهُمْ) كلّهم لصوالح أعمالهم (وَرَضُوا عَنْهُ) اللّه لما أعطاهم وسمحهم حالا ومآلا (وَأَعَدَّ) اللّه (لَهُمْ) لورودهم وركودهم (جَنَّاتٍ) حال دوح وروح وسرور (تَجْرِي) اطرادا (تَحْتَهَا) دوحها وصروحها (الْأَنْهارُ) مسل الماء والدرّ والعسل والمدام (خالِدِينَ) ركودا (فِيها) هؤلاء المحال (أَبَداً) سرمدا (ذلِكَ) كلّ ما أعطوا وما أعدّ لهم (الْفَوْزُ) حصول المرام ووصول السهام (الْعَظِيمُ) ( 100 ) .
(وَمِمَّنْ) أرهاط (حَوْلَكُمْ) حول مصركم وهو مصر رسول اللّه صلعم (مِنَ الْأَعْرابِ) أهل الدوّ رهط (مُنافِقُونَ) وهو أسلم وأرهاط سواهم (وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ) ركادها رهط (مَرَدُوا) عاودوا (عَلَى النِّفاقِ) المكر والطلاح (لا تَعْلَمُهُمْ) محمّد ( ص ) مع كمال عملك وسداد إدراكك (نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ) أسرارهم وأحوالهم (سَنُعَذِّبُهُمْ) حالا (مَرَّتَيْنِ) هما الإهلاك وألم المرمس ، أو عطو أموالهم ورهك أعطالهم ، أو إعلاء أسرارهم وإصر المرمس (ثُمَّ يُرَدُّونَ) مآلا (إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ) ( 101 )
----------
أو من أسلموا قبل الهجرة (والأنصار) أهل بيعة العقبة الأولى (الذين اتبعوهم بإحسان) في العقائد والأعمال إلى يوم القيامة (رضي الله عنهم) بطاعتهم (ورضوا عنه) بثوابه (وأعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم).
(وممن حولكم) حول مدينتكم (من الأعراب منافقون) غفار وأسلم وغيرهم (ومن أهل المدينة) منافقون أيضا (مردوا) مرنوا ونبتوا (على النفاق لا تعلمهم) بأعيانهم (نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين) بالفضيحة أو القتل وعذاب القبر (ثم يردون إلى عذاب عظيم) النار .
ص: 478
ألم الساعور .
(وَ) رهط (آخَرُونَ) سواهم ما أملهوا ولعا (اعْتَرَفُوا) أمهوا (بِذُنُوبِهِمْ) آصارهم ومعارّهم لمّا علموا سوء ما عملوا (خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً) رحلا للعماس (وَ) عملا (آخَرَ سَيِّئاً) ركودا وكرها للعماس ، أو هودا وإصرا (عَسَى) كاد (اللَّهُ) أرحم الرحماء (أَنْ يَتُوبَ) رحما وكرما (عَلَيْهِمْ) سماعا لهودهم (إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ) ماح للعمار (رَحِيمٌ) ( 102 ) مول للآلاء .
(خُذْ) أعط محمّد ( ص ) (مِنْ أَمْوالِهِمْ) أهل الهود والسدم وأملاكهم (صَدَقَةً) مالا أوس آصارهم أو سهم مال أمروا أداؤه كلّ عام وأعط أهل العسر والإرماد (تُطَهِّرُهُمْ) عمّا عملوا سوءا (وَتُزَكِّيهِمْ) محمّد ( ص ) (بِها) عمّا أساءوا (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ) ادع لهم وأرحم واسأل محو آصارهم (إِنَّ صَلاتَكَ) دعاءك لهم (سَكَنٌ) ركود روع وهداء روح (لَهُمْ) وعلم لسماع هودهم (وَاللَّهُ سَمِيعٌ) للدعاء (عَلِيمٌ) ( 103 ) .
(أَ لَمْ يَعْلَمُوا) المسموع هودهم أو سواهم (أَنَّ اللَّهَ) أرحم الرحماء
----------
(وآخرون) مبتدأ صفته (اعترفوا بذنوبهم) بتخلفهم وخبره (خلطوا عملا صالحا) اعترافهم بالذنب أو غيره (وءاخر سيئا) تخلفهم أو غيره (عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور) لمن تاب (رحيم) به .
(خذ من أموالهم صدقة) هي الزكاة المفروضة (تطهرهم) الصدقة أو أنت (وتزكيهم بها) تنمي حسناتهم (وصل عليهم) ترحم عليهم بالدعاء لهم (إن صلوتك سكن) طمأنينة (لهم والله سميع) لدعائك (عليم) بخلقه .
(ألم يعلموا) تقرير وحث على التوبة والصدقة (أن الله
ص: 479
(هُوَ) مؤكّد أو للحصر (يَقْبَلُ) سماعا (التَّوْبَةَ) حال صحّها (عَنْ عِبادِهِ) رحما وكرما (وَيَأْخُذُ) اللّه (الصَّدَقاتِ) حال سدادها لاداء عدلها (وَأَنَّ اللَّهَ) العدل (هُوَ التَّوَّابُ) سامع العود والهود (الرَّحِيمُ) ( 104 ) السامح للآلاء .
(وَقُلِ) محمّد ( ص ) لهم أو للعالم (اعْمَلُوا) ما هو مرادكم (فَسَيَرَى اللَّهُ) لك العلّام (عَمَلَكُمْ) حاصلا كما علم أوّلا (وَرَسُولُهُ) محمّد ( ص ) (وَ) لأ (الْمُؤْمِنُونَ) لإعلام اللّه لهم كما لاح لكم (وَسَتُرَدُّونَ) مالا (إِلى) اللّه (عالِمِ) عالم (الْغَيْبِ) السرّ والأمر (وَ) عالم (الشَّهادَةِ) الحسّ والملك (فَيُنَبِّئُكُمْ) اللّه العلّام (بِما) كلّ عمل (كُنْتُمْ) الحال (تَعْمَلُونَ) ( 105 ) لأداء العدل .
(وَ) رهط (آخَرُونَ) سواهم مما ركدوا وما رحلوا للعماس (مُرْجَوْنَ) محصور أمرهم (لِأَمْرِ اللَّهِ) لحكمه (إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ) اللّه لو أصرّوا طلاحا وسوء (وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ) لو عادوا وهادوا
----------
هو يقبل التوبة عن عباده) ضمن معنى التجاوز فعدي بعن (ويأخذ الصدقات) يقبلها (وأن الله هو التواب) يقبل توبة التائبين (الرحيم) بهم .
(وقل اعملوا) ما شئتم (فسيرى الله عملكم) من خير وشر ولا يخفى عليه (ورسوله والمؤمنون) أئمة الهدى فروي أن أعمال الأمة تعرض عليهم وفي قراءتهم والمأمونون (وستردون) بالبعث (إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون) بالمجازاة عليه .
(وءاخرون) من المتخلفين (مرجون) بالهمزة وبدونها أي مؤخرون وموقوفون (لأمر الله) فيهم (إما يعذبهم وإما يتوب عليهم) والترديد باعتبار
ص: 480
(وَاللَّهُ) العلّام (عَلِيمٌ) لأحوالهم (حَكِيمٌ) ( 106 ) مراع للحكم والمصالح ، والمراد هلال وولد مالك وواحد سواهما ، حرمهم الرسول صلعم سلام أهل الإسلام وكلامهم ، ولمّا رأوا حالهم محّصوا أسرارهم وسلّموا أمرهم للّه وهادوا سدادا ورحمهم اللّه (وَ) الملأ (الَّذِينَ) ورووه مع عدم واو الوصل (اتَّخَذُوا) أسّسوا وعمّروا (مَسْجِداً ضِراراً) لأهل الإسلام (وَكُفْراً) وامدادا له (وَتَفْرِيقاً بَيْنَ) الملأ (الْمُؤْمِنِينَ) اللاؤا مصلّاهم مركع رسول اللّه صلعم ومؤسّسه (وَإِرْصاداً) إعدادا (لِمَنْ حارَبَ اللَّهَ) الملك (وَرَسُولَهُ) محمّدا ( ص ) (مِنْ قَبْلُ) أمام الحال وهو والد عامر ورد صدد رسول اللّه صلعم ومكسّوه المسوح ودعاه الرسول صلعم للإسلام ، وكره وما أسلم وماصع مع رسول اللّه صلعم مكرّرا ، ولمّا كسر مع عسكر الأعداء عدّد ودعا الرسول اللّه وسأل هلاكه وحدا مطرودا ، وأرسل هو لأهل المكر وأعلمهم أروح صدد ملك الروم وأعود مع عساكر لعماس الرسول صلعم ، وأمرهم أسّسوا محلا حددا وادعوه مصلّاكم واسّسوا محلّا كما أمرهم وسألوا رسول اللّه صلعم صلّ وسطه ، وأراد صلعم إعطاء مرامهم لعدم علم حاله وأعلم اللّه حاله وهدمه الرسول
----------
عدم علم العباد بحالهم (والله عليم) بحالهم (حكيم) فيما فعل بهم .
(والذين اتخذوا مسجدا ضرارا) مضارة لأهل مسجد قبا إذ بنوه وسألوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أن يأتيهم فأتاهم وصلى فيهم فحسدهم منافقو بني غنم وبنوا مسجدا وسألوه (صلى الله عليه وآله وسلّم) أن يصلي فيه وكان متجهزا إلى تبوك فقال أنا على جناح سفر ولو قدمنا صلينا فيه إن شاء الله فلما رجع نزلت (وكفرا) وتقوية لما يضمرونه من الكفر (وتفريقا بين المؤمنين) الذين كانوا يجتمعون للصلاة في مسجد قبا (وإرصادا) ترقبا (لمن حارب الله ورسوله من قبل) قبل بنائه
ص: 481
وحسّه واساره محلّ السلاح والركس وهلك والد عامر مطرودا (وَلَيَحْلِفُنَّ) املاحا ولعا (إِنْ) ما (أَرَدْنا) حال سمك اسّه أمرا (إِلَّا الْحُسْنى) الصلاح ومآل العالم حال المطر والحرّ والوسع لأهل الإسلام (وَاللَّهُ) العلام (يَشْهَدُ) إعلاما (إِنَّهُمْ) هؤلاء الحلّاط (لَكاذِبُونَ) ( 107 ) ولّاع حلطا .
( لا تَقُمْ) محمّد ( ص ) لطوع اللّه (فِيهِ) مصلّاهم (أَبَداً) حالا ما (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ) حطّ أساسه ورصّص علوه وأحكم عمده ومؤسّسه هو رسول اللّه صلعم (عَلَى) أسس (التَّقْوى) والورع (مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ) أوّل عصر حلولك دار الرحل (أَحَقُّ) مما أسسوه حسدا وعداء (أَنْ تَقُومَ) لطوع اللّه (فِيهِ) مؤسّس الورع (فِيهِ رِجالٌ) هم إرداء الرسول صلعم (يُحِبُّونَ) لطهر أسرارهم (أَنْ يَتَطَهَّرُوا) الأطهر والارعواء عمّا كره ولو سوسا (وَاللَّهُ) الطاهر (يُحِبُّ) الملأ (الْمُطَّهِّرِينَ) ( 108 ) عمّا كره اللّه .
----------
(وليحلفن إن أردنا) ببنائه (إلا) الخصلة (الحسنى) من الصلاة والتوسعة على الضعفاء (والله يشهد إنهم لكاذبون) في حلفهم .
(لا تقم فيه أبدا) فبعث (صلى الله عليه وآله وسلّم) نفرا أحرقوه وهدموه وصار محلا للجيف (لمسجد أسس) بني أصله (على التقوى من أول يوم) بني حين قدمت دار الهجرة وهي مسجد قبا وقيل مسجده (صلى الله عليه وآله وسلّم) (أحق أن تقوم) أولى بأن تصلي (فيه رجال يحبون أن يتطهروا) بالماء عن الغائط والبول أو من الذنوب وهم الأنصار (والله يحب المطهرين) أصله بتاء أدغمت في الطاء قيل لما نزلت أتاهم (صلى الله عليه وآله وسلّم) مسجد قبا فقال ماذا تفعلون في طهركم فإن الله تعالى قد أحسن الثناء عليكم فقالوا نغسل أثر الغائط بالماء وفي رواية نتبع الغائط بالأحجار ثم نتبع الأحجار بالماء فتلا (رجال) إلخ .
ص: 482
(أَ فَمَنْ) مرء (أَسَّسَ) ورووه أسّس وأساس وأسّ وأسس وأساس وإساس (بُنْيانَهُ) مأواه ومحلّه وأساس إسلامه (عَلى تَقْوى) روع (مِنَ اللَّهِ) لك المألوه (وَ) أمل (رِضْوانٍ) ودّ للّه الودود (خَيْرٌ) أصلح (أَمْ مَنْ) مرء (أَسَّسَ بُنْيانَهُ) مأواه ومحلّه (عَلى شَفا) حدّ (جُرُفٍ) ساحل واد أكله المدّ ، ورووه ك « طهر » هارٍ هاو أو مطل للحطوط (فَانْهارَ) طاح وحطّ (بِهِ) مؤسّسه (فِي نارِ جَهَنَّمَ) لكمال الوهاء والوكس (وَاللَّهُ) العدل (لا يَهْدِي) أصلا (الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) ( 109 ) حدّال أعطاهم وأرواحهم لعدولهم عمّا هو صلاحهم وموصل مرامهم .
(لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ) مصدر والمراد هدم المؤسّس (الَّذِي بَنَوْا) أسّسوا (رِيبَةً) إعوارا وعمها ومكرا (فِي قُلُوبِهِمْ) أسرارهم دواما (إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ) إلّا حال هلاكهم أو سدمهم وحسرهم (وَاللَّهُ) العلّام (عَلِيمٌ) لساوهم (حَكِيمٌ) ( 110 ) مراع للحكم والأسرار .
(إِنَّ اللَّهَ) الملك (اشْتَرى) عطا (مِنَ) الملأ (الْمُؤْمِنِينَ) أهل الإسلام كلّهم (أَنْفُسَهُمْ) لمّا أهلكوا عماسا للأعداء (وَأَمْوالَهُمْ) أملاكهم
----------
(أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا) غير (جرف) جانب وهو ما يجرفه السيل أي يقلع أصله (هار) مستداع إلى السقوط (فانهار به) فسقط (في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين) بل يتركهم وما اختاروا .
(لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة) شكا (في قلوبهم) لازديادهم نفاقا ببنائه وهدمه (إلا أن تقطع قلوبهم) تنقطع بأن يموتوا (والله عليم) بضمائرهم (حكيم) في حكمه فيهم .
(إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم) أي جازاهم على بذلها
ص: 483
لمّا أعطوها لودّ اللّه (بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) والحاصل عطاها اللّه أوس محالّ دوح وروح وسرور (يُقاتِلُونَ) الأعداء (فِي) سلوك (سَبِيلِ اللَّهِ) وورد مدلوله الأمر (فَيَقْتُلُونَ) الأعداء عصرا (وَيُقْتَلُونَ) طورا (وَعْداً عَلَيْهِ) اللّه المراد وعدها اللّه لهم وعدا (حَقًّا) مصدر مؤكّد لمدلول الكلام الأوّل مسطورا (فِي التَّوْراةِ) طرس الهود (وَالْإِنْجِيلِ) طرس روح اللّه (وَالْقُرْآنِ) طرس محمّد صلعم (وَمَنْ) لا أحدا (أَوْفى بِعَهْدِهِ) المعهود (مِنَ اللَّهِ) المكرام (فَاسْتَبْشِرُوا) اعلموا علما سارّا معلّلا (بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ) مع اللّه (بِهِ وَذلِكَ) الأوس (هُوَ) لا سواه (الْفَوْزُ) حصول المهام (الْعَظِيمُ) ( 111 ) (التَّائِبُونَ) عمّا حرم اللّه وهو محمول طرح محكومه وهو « هم » والمراد أهل اسلام مرّ أحوالهم أو محكوم محموله (الْعابِدُونَ) الطوّع للّه سدادا (الْحامِدُونَ) له حال السرّاء والكأداء معا (السَّائِحُونَ) الصوّام أو الرحال للعماس أو للعلم (الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ) كلّما صلّوا والمراد حارسوا حدودها وأحكامها (الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) الإسلام والطوع (وَالنَّاهُونَ )
----------
(بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون) بالبناء للفاعل (ويقتلون) بالبناء للمفعول وقرىء بالعكس (وعدا عليه حقا) مصدران حذف فعلهما (في التوراة والإنجيل والقرءان ومن أوفى بعهده من الله) أي لا أحد أوفى منه (فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به) التفات (وذلك هو الفوز العظيم التائبون) خبر محذوف للمدح أو مبتدأ خبره ما بعده أي التائبون عن الكفر الجامعون لهذه الصفات (العابدون) لله مخلصين له الدين (الحامدون) له على السراء والضراء (السائحون) الصائمون فعنه (صلى الله عليه وآله وسلّم) سياحة أمتي الصوم (الراكعون الساجدون) أي المصلون (الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر) خصا بالعطف تنبيها
ص: 484
ردعا (عَنِ) الأمر (الْمُنْكَرِ) العدول والإصر واللمم (وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ) أوامره وروادعه أو معالم الإسلام وأحكامه والمراد مؤدّوها (وَبَشِّرِ) محمّد ( ص ) وسرّ الملأ (الْمُؤْمِنِينَ) ( 112 ) وأعلمهم ورود دارالسلام .
(ما كانَ) ما صحّ وما سدّ (لِلنَّبِيِّ) محمّد رسول اللّه صلعم (وَ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا (أَنْ يَسْتَغْفِرُوا) سؤال محو المعارّ والآصار (لِلْمُشْرِكِينَ) اللّاءوا ألّهوا مع اللّه إلها سواه (وَلَوْ كانُوا) أولاك الرهط العدّال (أُولِي قُرْبى) أهل رحم لهم (مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ) حصحص ولاح (لَهُمْ) الأمر وهو (أَنَّهُمْ أَصْحابُ) دار (الْجَحِيمِ) ( 113 ) وأهلها لمّا هلكوا عدّالا ، موردها ما ورد سأل رسول اللّه محو آصار عمّه والد أسد اللّه أو علّ أو عاده الرسول صلعم ، وأمره الإسلام وكره ووعده الرسول صلعم لأسأل اللّه محو آصارك ومعارّك ما لم أردع ، وأرسلها اللّه ردعا له أو أراد رسول اللّه صلعم محو الآصار والمعارّ لأمّه وردعه اللّه كما رواه مسلم .
(وَما كانَ) ما حصل (اسْتِغْفارُ) رسول اللّه (إِبْراهِيمَ) إمامكم (لِأَبِيهِ) والده (إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ) وعد (وَعَدَها) أمامكم (إِيَّاهُ) والده وعده
----------
على أنها خصلة واحدة وفي (والحافظون لحدود الله) بامتثال أوامره ونواهيه على أنه مجمل ما فصل (وبشر المؤمنين) وضع موضع بشرهم إشعار بأن إيمانهم دعاهم إلى ذلك وحذف المبشر به تعظيما .
(ما كان للنبي والذين ءامنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى) ذوي قرابة (من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم) بأن ماتوا على الشرك .
(وما كان استغفار إبراهيم لأبيه) أي عمه أو جده لأمه آزر (إلا عن موعدة وعدها إياه) وعده أن يسلم فاستغفر له أو قال لأبيه إن لم تعبد الأصنام أستغفر
ص: 485
سؤال إسلامه أو دعاء محو معارّه لو اسلم (فَلَمَّا) هلك والده أو اعلمه اللّه عدم إسلامه (تَبَيَّنَ) حصحص ولاح (لَهُ) الرسول (أَنَّهُ) والده (عَدُوٌّ لِلَّهِ) الملك (تَبَرَّأَ مِنْهُ) والده وطرح الدعاء له (إِنَّ) رسول اللّه (إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ) آمر الأوه لكمال رحمه وهمّه لوالده الطالح أو دعاء (حَلِيمٌ) ( 114 ) محّاء للسوء أو حمّال للمكاره أو إمام همام .
(وَما كانَ اللَّهُ) المكرام (لِيُضِلَّ قَوْماً) ما (بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ) للإسلام (حَتَّى يُبَيِّنَ) اللّه اعلاما (لَهُمْ ما) عملا (يَتَّقُونَ) أمر طرحه كالدعاء لأهل العدول ولو أعلمهم ردعه وطرحه وهم عملوه وما طرحوه صاروا أهلا للسوء (إِنَّ اللَّهَ) الملك العلّام (بِكُلِّ شَيْءٍ) عموما قوما (عَلِيمٌ) ( 115 ) عالم أمرهم أمام الإعلام ووراءه .
(إِنَّ اللَّهَ لَهُ) ملكه (مُلْكُ السَّماواتِ) عالم العلو (وَ) ملك (الْأَرْضِ) معا (يُحْيِي) كلّ أحد أراد (وَيُمِيتُ) كلّ أحد أراد (وَما لَكُمْ) أهل العالم (مِنْ دُونِ) أمر (اللَّهَ) وحده (مِنْ وَلِيٍّ) موال ودود (وَلا نَصِيرٍ) ( 116 ) ممدّ رادّ للسوء .
----------
لك (فلما تبين له أنه عدو لله) بالوحي أنه لن يؤمن أو بموته مشركا (تبرأ منه) ولم يستغفر له (إن إبراهيم لأواه) كثير الدعاء والبكاء أو رحيم بعباد الله (حليم) صبور على الأذى (وما كان الله ليضل قوما) يحكم بضلالهم (بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون) حتى يعرفهم ما يرضيه وما يسخطه (إن الله بكل شيء عليم) فيعلم حالهم .
(إن الله له ملك السموات والأرض يحيي ويميت وما لكم من دون الله من ولي) حافظ (ولا نصير) دافع .
ص: 486
(لَقَدْ تابَ اللَّهُ) أدام سماع هوده (عَلَى النَّبِيِّ) محمّد رسول اللّه صلعم لمّا سمع إملاء الولّاع للركود وعدم الرحل للعماس (وَ) الملأ (الْمُهاجِرِينَ) الرحّال مع رسول اللّه صلعم أو وحدهم لسلام إسلامهم (وَ) الملأ (الْأَنْصارِ) إرداء الرسول صلعم ، والكلام حامل لأهل الإسلام للهود وإعلام لعلوّ حاله لما هو عمل الرسول صلعم وطوّعه الكمّل (الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ) طاوعوا الرسول (فِي ساعَةِ) عصر (الْعُسْرَةِ) اللّاواء أراد عماس الروم (مِنْ بَعْدِ ما كادَ) الأمر أو الرهط (يَزِيغُ) وهو الركوح والعول (قُلُوبُ فَرِيقٍ) رهط معهود (مِنْهُمْ) عمّا أطاعوا اللّه الرسول صلعم (ثُمَّ تابَ) اللّه (عَلَيْهِمْ) هؤلاء العوال كرّه مؤكّدا (إِنَّهُ) اللّه (بِهِمْ) كلّهم (رَؤُفٌ) كامل المراحم (رَحِيمٌ) ( 117 ) مول للآلاء .
(وَ) عاد (عَلَى الثَّلاثَةِ) وسمع هودهم وهم مكة (الَّذِينَ خُلِّفُوا) ركدوا كسلا وعولا للروح لا مكرا وما املهوا ولعا كما أمله سواهم وحصر أمرهم دهرا وأمهوا صدد الرسول صلعم آصارهم وسدموا وحرّمهم الرسول صلعم حوس الأعراس والأولاد وأهل الإسلام (حَتَّى إِذا) عصر (ضاقَتْ) عسرا
----------
(لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار) افتتح به لأنه سبب توبتهم وفي قراءتهم (عليهم السلام) لقد تاب الله بالنبي على المهاجرين والأنصار (الذين اتبعوه في ساعة) في وقت (العسرة) في الخروج إلى غزوة تبوك مع قلة الظهر والماء والزاد وشدة الحر (من بعد ما كاد) أي الشأن أو القوم (يزيغ) بالياء والتاء (قلوب فريق منهم) إلى الانصراف عنه لشدة ما هم فيه (ثم تاب عليهم) بثباتهم (إنه رءوف رحيم) قدم الأبلغ إذ الرأفة شدة الرحمة للفاصلة .
(وعلى الثلاثة) وتاب على الثلاثة مرار بن الربيع، وهلال بن أمية، وكعب بن مالك (الذين خلفوا) عن الغزو، وفي قراءتهم خالفوا (حتى إذا ضاقت
ص: 487
(عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ) الرمكاء (بِما) للمصدر (رَحُبَتْ) مع وسعها والمراد حاروا وحصروا حصرا كاملا (وَضاقَتْ) همّا (عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ) أسرارهم وما وسعها روح ولا سرور لكمال كمدها وهمّها (وَظَنُّوا) علموا (أَنْ) مطروح الاسم وهو الأمر ( لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ ) حرده (إِلَّا إِلَيْهِ) اللّه ودعاء كرمه (ثُمَّ تابَ) عاد اللّه (عَلَيْهِمُ) وهداهم للهود (لِيَتُوبُوا) أو أرسل سماع هودهم لعدّهم مع الهوّاد أو عاد سماعا للهود لرسّوهم واسمهرارهم هودا (إِنَّ اللَّهَ) أرحم الرحماء (هُوَ التَّوَّابُ) العواد رحما وكرما لمرء هاد ولو عاد مرارا (الرَّحِيمُ) ( 118 ) كامل الرحم .
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا (اتَّقُوا اللَّهَ) روعوه (وَكُونُوا) دواما (مَعَ) الملأ (الصَّادِقِينَ) ( 119 ) إسلاما وعهودا وسأوا وكلاما وعملا .
(ما كانَ) ما صحّ وما سدّ (لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ) مدلوله الردع (وَمَنْ) حلّ (حَوْلَهُمْ) حول أهلها (مِنَ الْأَعْرابِ) أهل الدوّ والصحراء ( أَنْ يَتَخَلَّفُوا )
----------
عليهم الأرض بما رحبت) برحبها لهجر الناس لهم وهو مثل لحيرتهم (وضاقت عليهم أنفسهم) غار وحشة (وظنوا) أيقنوا (أن) المخففة (لا ملجأ من الله) من عقابه (إلا إليه ثم تاب عليهم) وفقهم للتوبة (ليتوبوا) أو قبل توبتهم ليثبتوا على التوبة (إن الله هو التواب) كثير التوبة (الرحيم) بعباده .
(يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله) في معاصيه (وكونوا مع الصادقين) في الإيمان والقول والعمل، وعن ابن عباس مع علي وأصحابه، وعنهم (عليهم السلام) مع آل محمد .
(ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا
ص: 488
الركود وعدم الرحل (عَنْ رَسُولِ اللَّهِ) محمّد كلّما رحل لعماس الأعداء (وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ) ولا حرسها (عَنْ نَفْسِهِ) عمّا لواه وما حرسها (ذلِكَ) الردع معلّل (بِأَنَّهُمْ) رهط الرحال (لا يُصِيبُهُمْ) أصلا (ظَمَأٌ) أوام (وَلا نَصَبٌ) عسر وحسور (وَلا مَخْمَصَةٌ) وطر أكل (فِي) سلوك (سَبِيلِ) وصول (اللَّهِ) وهو عماس الأعداء (وَلا يَطَؤُنَ) الوطاء الدوس (مَوْطِئاً) وطاء أو محلّا (يَغِيظُ) هو أو وطاءه الملأ (الْكُفَّارَ) أعداء الإسلام (وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ) للّه (نَيْلًا) ما إهلاكا أو أسرا أو كلما أو كسرا أو سواهما (إِلَّا كُتِبَ) رسم واحكم (لَهُمْ بِهِ) أوسه (عَمَلٌ صالِحٌ) لوصول العدل معادا (إِنَّ اللَّهَ) العدل لا (يُضِيعُ أَجْرَ) الملأ (الْمُحْسِنِينَ) ( 120 ) لأعمالهم وهو معلل للكلام الأوّل .
(وَلا يُنْفِقُونَ) ودّا للّه ورسوله (نَفَقَةً) ما (صَغِيرَةً) ولو سوطا (وَلا كَبِيرَةً) كإعداد عسكر العسر (وَلا يَقْطَعُونَ) رحلا ومرورا (وادِياً) مسل مدّ (إِلَّا كُتِبَ) رسم واحكم (لَهُمْ) عدله (لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ) أوسا (أَحْسَنَ
----------
عن رسول الله) إذا غزا، نفي معناه النهي (ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه) بأن يطلبوا لها الدعة وهو يكابد المشاق (ذلك) النهي عن التخلف (بأنهم) بسبب أنهم (لا يصيبهم ظمأ) عطش (ولا نصب) تعب (ولا مخمصة) جوع (في سبيل الله ولا يطئون موطئا بغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا) قتلا أو قهرا (إلا كتب لهم به عمل صالح) يستحقون عليه الثواب (إن الله لا يضيع أجر المحسنين) أي أجرهم، وفيه حث على الجهاد وأعمال الخير .
(ولا ينفقون) في سبيل الله (نفقة صغيرة) قليلة (ولا كبيرة) كثيرة (ولا يقطعون واديا) بسيرهم (إلا كتب) أثبت ذلك (لهم ليجزيهم الله) به (أحسن
ص: 489
ما ) عمل أو عدل عمل (كانُوا) الحال (يَعْمَلُونَ) ( 121 ) .
ولمّا وصم اللّه رهطا ما رحلوا للعماس وصار الرسول صلعم كلّما أرسل عسكرا ماصلا رحل أولو الإسلام كلّهم وطرحوا رسول اللّه وحده ، وما حصّلوا العلوم أصلا ردعهم اللّه وأرسل (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ) سدادا وما صحّ لهم أصلا (لِيَنْفِرُوا) للعماس اللّام مؤكّد لما (كَافَّةً) طرّا (فَلَوْ لا) هلّا (نَفَرَ) ورحل للعماس (مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ) رهط (مِنْهُمْ) أهل الإسلام (طائِفَةٌ) رهط ورسا وركد سواهم (لِيَتَفَقَّهُوا) أولو الرسوّ والركود (فِي) أحكام (الدِّينِ) الإسلام (وَلِيُنْذِرُوا) أولو الرسوّ (قَوْمَهُمْ) رهطهم الرحال آصار اللّه (إِذا رَجَعُوا) الرحال (إِلَيْهِمْ) هؤلاء الرّكاد (لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) ( 122 ) رود هو لهم سطو اللّه .
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا (قاتِلُوا) الملأ (الَّذِينَ يَلُونَكُمْ) دارا (مِنَ) الاملاء (الْكُفَّارِ) أعداء الإسلام وهم احمّاؤهم وأهل أرحامهم ، أو الهود الرّكاد حول مصر رسول اللّه صلعم أو الروم
----------
ما كانوا يعملون) جزاء أحسنه.
(وما كان المؤمنون لينفروا كافة) ما ساغ لهم أن ينفروا جميعا عن بلدانهم لغزو أو طلب علم (فلو لا) فهلا (نفر من كل فرقة) قبيلة (منهم طائفة) جماعة وبقيت جماعة أخرى (ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) ما ينذرونه أمرهم الله أن ينفروا إلى رسوله ويختلفوا إليه فيتعلموا ثم يرجعوا إلى قومهم فيعلمونهم، وقيل بل أمر طائفة أن ينفروا للغزو ويقيم طائفة مع النبي للتفقه وإنذار النافرة وتعليمها بعد رجوعهم .
(يا أيها الذين ءامنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار) أي الأقرب منهم
ص: 490
(وَلْيَجِدُوا) هؤلاء الأعداء (فِيكُمْ) أهل الإسلام (غِلْظَةً) عدم رحم ووعر سوس وحصرا للعماس (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ) الحكم العدل (مَعَ) الملأ (الْمُتَّقِينَ) ( 123 ) ارداء وامدادا وحرسا .
(وَإِذا ما) كلّما (أُنْزِلَتْ سُورَةٌ) أرسلها اللّه (فَمِنْهُمْ) أهل الولع والمكر (مَنْ) مرء (يَقُولُ) لرهطه ردّا وحسلا (أَيُّكُمْ) أهل الإسلام (زادَتْهُ هذِهِ) ما أرسل اللّه (إِيماناً) إسلاما وأرسل اللّه ردّا لهم (فَأَمَّا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سادا (فَزادَتْهُمْ إِيماناً) علما ووطودا أو هولا أو إسلاما لما أرسل ح (وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) ( 124 ) أهل سرور لورودها لما هو داع لكمالهم وعلوّ مراهصهم .
(وَأَمَّا) الملأ (الَّذِينَ) رسا (فِي قُلُوبِهِمْ) أسرارهم (مَرَضٌ) داء ودعر ومكر (فَزادَتْهُمْ رِجْساً) ركسا مرصوصا (إِلَى رِجْسِهِمْ) ركسهم وهو ردّها موصولا مع ردّ ما وراءها (وَماتُوا) طاحوا (وَ) الحال (هُمْ كافِرُونَ) ( 125 ) أعداء الإسلام وهو إعلام عمّا أصرّوا طلاحا وما عادوا أصلا .
----------
فالأقرب دارا ونسبأ (وليجدوا فيكم غلظة) شدة أي اغلظوا عليهم (واعلموا أن الله مع المتقين) بعونه ونصره .
(وإذا ما أنزلت سورة فمنهم) فمن المنافقين (من يقول) لباقيهم استهزاء (أيكم زادته هذه) السورة (إيمانا) تصديقا (فأما الذين ءامنوا فزادتهم إيمانا) بانضمام تصديقهم بها إلى إيمانهم (وهم يستبشرون) فرحا بها .
(وأما الذين في قلوبهم مرض) شك (فزادتهم رجسا إلى رجسهم) كفرا بها ضموه إلى كفرهم (وماتوا وهم كافرون) رسخوا في الكفر حتى ماتوا عليه .
ص: 491
(أَ وَلا يَرَوْنَ) هؤلاء الدّعار الولّاع (أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ) عسرا وداء وعماسا مع الرسول صلعم وهم احسّوا امداد اللّه له أو سواهما (فِي كُلِّ عامٍ) حول (مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ) لحسوم أسرارهم وطلاح أرواعهم (ثُمَّ لا يَتُوبُونَ) ممّا عاودوا (وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ) ( 126 ) ما لهم ادّكار وإرعواء أصلا .
(وَإِذا ما) كلّما (أُنْزِلَتْ سُورَةٌ) أرسلها اللّه (نَظَرَ) لمح (بَعْضُهُمْ) آحادهم (إِلى بَعْضٍ) آحاد وماء وكسرا ردّا لما أوحاه اللّه ، أو روعا لما هو حاو للومهم وإعلاء أسرارهم ، والحال كلامهم (هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ) أحد مسلم (ثُمَّ انْصَرَفُوا) عادوا أو عرّدوا (صَرَفَ) صدّ (اللَّهُ قُلُوبَهُمْ) سرارهم وحرمهم أسرار كلامه ، وهو إمّا إعلام حالهم أو دعاء سوء لهم معلّلا (بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ) عوام لا (يَفْقَهُونَ) ( 127 ) احكام اللّه لسوء إدراكهم .
(لَقَدْ جاءَكُمْ) وردكم (رَسُولٌ) محمّد صلعم (مِنْ) صرع (أَنْفُسِكُمْ) أصلكم (عَزِيزٌ) وعر عسر (عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ) إحساسكم المكروه
----------
(أولا يرون) أي المنافقون وقرىء بالتاء (أنهم يفتنون) أي يبتلون (في كل عام مرة أو مرتين) بالتشديد أو الغزو مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) فيعاينوا آيات نصره (ثم لا يتوبون) من نفاقهم (ولا هم يذكرون) يتعظون .
(وإذا ما أنزلت سورة) فيها ذكرهم (نظر بعضهم إلى بعض) تغامزا يريدون الهرب يقولون إشارة (هل يراكم من أحد) إن قمتم فإن لم يرهم أحد قاموا (ثم انصرفوا) عن المجلس خوف الفضيحة (صرف الله قلوبهم) عن رحمته خيرا ودعاء (بأنهم قوم لا يفقهون) بسبب عدم تدبرهم .
(لقد جاءكم رسول من أنفسكم) عربي من ولد إسماعيل وقرىء بفتح الفاء أي أشرفكم (عزيز) شديد (عليه ما عنتم) عنتكم أي مشقتكم
ص: 492
و « ما » للمصدر (حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ) إسلامكم وصلاحكم (بِالْمُؤْمِنِينَ) أهل الإسلام سدادا (رَؤُفٌ) كامل المراحم (رَحِيمٌ) ( 128 ) محاول لهم الصلاح .
(فَإِنْ تَوَلَّوْا) صدّوا عمّا أمر اللّه وعادوك وما أسلموك (فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ) ممدا ومالكا (لا إِلهَ) مألوه (إِلَّا هُوَ) اللّه وهو كالمعلّل للأوّل (عَلَيْهِ) لا سواه (تَوَكَّلْتُ) دواما (وَهُوَ) اللّه (رَبُّ) مالك (الْعَرْشِ) الملك أو العطل (الْعَظِيمِ) ( 129 ) محدّد عالم الملك ومحرّك الكلّ وسماء دارالسلام .
----------
(حريص عليكم) أن تؤمنوا (بالمؤمنين رءوف رحيم).
(فإن تولوا) عن الإيمان بك (فقل حسبي الله) كافي (لا إله إلا هو عليه توكلت) به وثقت، لا بغيره (وهو رب العرش) الملك (العظيم) أو الجسم الأعظم المحيط قيل هاتان الآيتان آخر ما نزل.
ص: 493