المؤلف: القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي
المحقق: السيد محمّد الحسيني الجلالي
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: 1
الموضوع : سيرة النبي (صلی اللّه عليه وآله) وأهل البيت (عليهم السلام)
تاريخ النشر : 1412 ه-.ق
الصفحات: 611
المكتبة الإسلامية
شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام
للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي
المتوفي سنة 363 ه. ق
الجزء الخامس
مؤسسة النشر الإسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
ص: 1
شابك (الدورة) 3-397-470-964-978
ISBN 978 - 964 - 470 - 397 - 3
شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام
ج 2
(5 - 10)
تأليف: القاضي النعمان بن محمد التميمي المغربي رحمه اللّه
تحقيق: السيد محمد الحسيني الجلالي
الموضوع: التاريخ
چاپ ونشر: مؤسسة النشر الإسلامي
عدد الصفحات: 612
الطبعة: الثانية
المطبوع: 500 نسخة
التاريخ: 1431 ه .ق .
شابك (ج 1): 3-397-470-964-978
ISBN 978 - 964 - 470 - 397 - 3
قم - شارع الأمين - ابتداء شارع الجمهورية الإسلامية ص . ب 749-37185
تلفون: 2933219 - 2932219 فاكس: 2933517
ص: 2
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[379] محمّد بن حميد ، عن أبي عبد الرحمن السلمي أنّه قال : شهدت صفين مع علي صلوات اللّه عليه ، وكنا قد وكلنا رجلين يحرسانه (1) ، فإذا حانت منهم غفلة ، هجم في القوم حتى يخالطهم ، فما يرجع إلينا حتى يخضب سيفه. وإنه حمل حملة من ذلك فرجع ، وقد انحني سيفه ، فرمى به. وقال : ما جئتكم حتى انثنى عليّ سيفي.
[380] أبو نعيم ، باسناده ، عن يحيى بن مطرف ، قال : مرّ علينا علي صلوات اللّه عليه يوم صفين ، ونحن وقوف تحت راياتنا.
فقال : لمن هذه الرايات؟
قلنا : رايات ربيعة ، يا أمير المؤمنين.
قال : بل هي رايات اللّه.
[ عصم اللّه أهلها وثبت أقدامهم ] (2).
[381] وبآخر عن عبد الرحمن بن أبي ليلى (3) ، قال : نادى (4) رجل من أهل
ص: 3
الشام يوم صفين بنا : أفيكم اويس القرني؟
قلنا : نعم [ وما تريد منه ] (1).
قال : فاني سمعت رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله يقول : اويس القرني من خير التابعين [ بإحسان ] (2)، ثم ضرب دابته ، فدخل في جملة أصحاب علي صلوات اللّه عليه.
[382] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن قيس بن أبي حازم (3) [ التميمي ] ، قال : سمعت عليا علیه السلام يستنفر الناس إلى قتال معاوية ، وهو يقول : انفروا الى بقية الأحزاب ، وأولياء الشيطان (4) ، انفروا الى من يقول : كذب اللّه ورسوله مع من يقول : صدق اللّه ورسوله.
[383] وبآخر ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : رأيت رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله في المنام ، فجعلت أشكو إليه ما لقيت [ من امته من الأود واللّدد ] (5) حتى بكيت.
فقال لي : يا علي لا تبك ، وارفع رأسك الى ما هاهنا ، فرفعت رأسي ، فنظرت الى معاوية وعمرو بن العاص مناطين بأرجلهما ، فجعلت ارضخ (6) رأسهما بالحجارة حتى يموتان (7) ، ثم يعودان.
ص: 4
[384] الحسن (1) بن عطية ، عن عمرو بن أبي جندب ، قال : كنا جلوسا عند سيّدنا سعيد بن قيس (2) بصفين ، إذ جاء أمير المؤمنين يتوكأ على عنزة (3) وان الصفين ليتراءيان بعد ما اختلط الظلام.
فقال له سعيد : يا أمير المؤمنين.
قال : نعم.
قال : سبحان اللّه أما تخاف أن يغتالك أحد [ وأنت قرب عدوك ] (4)؟
قال : لا ، إنه ليس من أحد إلا ومعه من اللّه حفظة أن يصيبه حجر ، أو أن يخر من جبل ، أو يقع في بئر ، أو تصيبه دابة حتى إذا جاء القدر خلوا بينه وبينه. [ وإن الأجل جنة حصينة ] (5).
[385] سعيد بن كثير ، باسناده عن الليث بن سعيد ، قال : لما اجتمع أهل الشام وأهل العراق بصفين ، امطروا دما عبيطا ، فهال ذلك أهل الشام ، فقال لهم عمرو بن العاص :
أيها الناس إنما هذه آية من آيات اللّه (6) اراكموها ، فليصلح كل
ص: 5
امرئ ما بينه وبين ربه ، ثم لا عليه أن ينتطح هذان الجبلان ، فقدموا الدروع وأخروا الحسر ، وأعيرونا جماجمكم ساعة من نهار.
قال : واقتتلوا بصفين أربعين يوما وكانت الهزيمة في أهل الشام ، فأمرهم عمرو بن العاص بأن يعلقوا المصاحف.
[386] أبو نعيم ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال للحكمين - حين بعثهما - : عليكما أن تحكما بما في كتاب اللّه فإن لم تحكما بما في كتاب اللّه فلا حكم لكما.
[387] وبآخر ، عن جعفر بن محمّد علیه السلام ، أنه قال : قال علي علیه السلام [ لهما ] - يعني الحكمين - : عليكما أن تحكما بما في كتاب اللّه ، فتحييان ما أحيى القرآن ، وتميتان ما أمات القرآن ، ولا تزيغا عنه.
[388] محمّد بن علي الدغشي ، باسناده ، عن علي صلوات اللّه عليه ، أنه قال : لما انصرف من صفين خاض الناس في أمر الحكمين. فقال بعضهم (1) : ما يمنع أمير المؤمنين من أن يأمر بعض (2) أهل بيته ليتكلم؟
فقال علي صلوات اللّه عليه للحسن : قم يا حسن ، فقل في أمر هذين الرجلين - عبد اللّه بن قيس وعمرو بن العاص -.
فقام الحسن علیه السلام ، فقال :
يا أيها النّاس إنكم قد اكثرتم في أمر عبد اللّه بن قيس وعمرو بن العاص ، وإنما بعثا ليحكما بالكتاب على الهوى ، فحكما بالهوى على الكتاب ، ومن كان هكذا لم يسمّ حكما ، ولكنه محكوم عليه ، وقد
ص: 6
أخطأ عبد اللّه بن قيس (1) في أن أومأ (2) بها الى عبد اللّه بن عمر ، فأخطأ في ذلك في ثلاث خصال : في أن أباه لم يرضه لها. وفي أنه لم يستأمره. وفي أنه لم يجتمع عليه المهاجرون والأنصار الذين عقدوها لمن قبله. وإنما الحكومة [ فضل من اللّه ] ، وقد حكم رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله سعدا (3) في بني قريظة ، فحكم فيهم بحكم اللّه لا شك فيه ، فنفذ رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله حكمه ، ولو خالف ذلك لم يجزه.
ثم قال علي علیه السلام لعبد اللّه بن عباس : قم ، فتكلم ثم جلس.
فقام عبد اللّه ، فقال :
أيها الناس إن للحق أهلا أصابوه بالتوفيق ، والناس بين راض به وراغب عنه. وإنما بعث عبد اللّه بن قيس بهدى لا بضلالة ، وبعث عمرو بن العاص بضلالة لا بهدى (4) ، فلما التقيا رجع عبد اللّه بن قيس عن هداه. وثبت عمرو بن العاص على ضلالته. واللّه لئن كانا حكما بالكتاب لقد حكما عليه ، وان كانا حكما بما اجتمعا عليه معا فما اجتمعا على شيء ، ولئن كانا حكما بما سارا عليه ، لقد سار عبد اللّه بن قيس وعلي إمامه وسار عمرو ومعاوية إمامه ، فما بعد هذا من عتب (5) ينتظر ، ولكنهم سأموا الحرب ، فاحبوا البقاء ودفعوا البلاء بمثله ورضي (6) كل قوم صاحبهم.
ص: 7
ثم جلس.
ثم قال علي صلوات اللّه عليه لعبد اللّه بن جعفر : قم ، فتكلم.
فقام عبد اللّه ، فقال :
أيها الناس إن هذا الأمر كان النظر فيه إلى علي علیه السلام والرضا فيه لغيره ، فجئتم بعبد اللّه بن قيس ، فقلتم : لا نرضى إلا بهذا ، فارض به فانه رضانا ، وأيم اللّه ما استفدناه علما ، ولا انتظرنا منه غائبا ، ولا أمّلنا ضعفه (1) ولارجونا توبة صاحبه ، ولا أفسدا بما فعلا العراق ، ولا أصلحا الشام ، ولا أماتا حق علي ، ولا احييا باطل معاوية ، ولا يذهب الحق رقية راق ، ولا نفخة شيطان ، وإنّا اليوم لعلى ما كنا عليه أمس.
ثم جلس.
[389] أبو نعيم ، باسناده ، عن علي صلوات اللّه عليه ، بينا هو يخطب يوما إذ وقفت إليه امرأة [ من بني عبس ].
فقالت : يا أمير المؤمنين ثلاث ملئت (2) القلوب عليك.
قال : وما هن ، ويحك؟
قالت : رضاك بالقضية ، وأخذك الدنيئة (3) ، وجزعك عند البلية.
فقال لها : ما أنت وهذا ، إنما أنت امرأة ، فارجعي الى بيتك ، واجلسي على ذيلك.
قالت : لا ، واللّه ما من جلوس إلا في ظلال السيوف (4).
ص: 8
[390] محمّد بن سلام ، باسناده ، عن عبد اللّه بن أبي رافع (1) قال : بينا أمير المؤمنين علي صلوات اللّه عليه يخطب بالكوفة بعد انصرافه من صفين ، إذ قام رجل من جانب المسجد ، فقال : لا حكم إلا لله.
فسكت أمير المؤمنين علیه السلام . وجلس الرجل.
فرجع علي علیه السلام الى خطبته. فقام آخر ، فقال : مثل ذلك.
فسكت علي علیه السلام ، وسكت الرجل. فرجع علیه السلام الى خطبته ، حتى قام كذلك جماعة. فقال علیه السلام :
كلمة حق يراد بها باطل (2) لكم عندنا ثلاث خصال : لا نمنعكم مساجد اللّه أن تصلّوا معنا فيها ، ولا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم مع أيدينا ، ولا نبدأكم بحرب حتى تبدءونا ، وأشهد لقد أخبرني النبي الصادق عن الروح الأمين عن رب العالمين ، إنه لا يخرج علينا منكم فئة - قلّت أو كثرت - إلا جعل اللّه عزّ وجلّ حتفها على أيدينا.
وذكر باقي الحديث.
[391] أبو غسان ، باسناده ، عن ابن أبّزى (3) ، قال : شهدت مع علي علیه السلام صفين ثمانمائة ممن بايع بيعة الرضوان ، قتل معه منهم ثلاثة وستون رجلا منهم عمار بن ياسر رضوان اللّه عليه.
[392] وبآخر ، عن الحكم ، قال : شهد (4) مع علي صلوات اللّه عليه صفين ثمانون من أهل بدر ، وخمسون ومائتان ممن بايع تحت الشجرة.
[393] وبآخر ، عن سعيد بن جبير ، قال : شهد مع علي علیه السلام ثمانمائة
ص: 9
من الأنصار ، وتسعمائة ممن بايع بيعة الرضوان.
[394] وبآخر ، عن السدي (1) ، أنه قال : شهد مع علي علیه السلام من أهل بدر ثلاثون ومائة.
[395] وبآخر ، يرفعه : أن رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله سار في بعض غزواته ليلة مع أصحابه ، فسمعوه يقول : جندب وما جندب ، والاقطع الخير زيد (2).
وكرر ذلك.
فقيل له : يا رسول اللّه سمعناك تذكر رجلين بخير ، فمن هما؟
قال : يكونان في هذه الامة ، يضرب أحدهما ضربة يفرق بين الحق والباطل (3) ، ويقطع يد الآخر في سبيل اللّه فتسبقه الى الجنة ثم يتبعها سائر جسده. فأما جندب (4) يقتل رجلا ساحرا كان قد افتتن الناس به. وأما زيد فقطعت يده يوم جلولاء ، وقتل مع علي علیه السلام يوم الجمل.
[396] اسماعيل بن أبان ، عن صلة (5) بن زفر ، قال : لما احتضر حذيفة بن اليمان وسجي ، جلست عند رأسه ، وأدخلت رأسي في الثوب معه ، وقلت : يا أبا عبد اللّه اذا وقعت الفتن فالى من تأمرني أن أفزع؟
قال : إذا كان ذلك فاشدد على راحلتك والحق بعلي علیه السلام
ص: 10
فإنه على الحق لا يفارقه.
قال : فلما مات حذيفة ، شددت على راحلتي ، ولحقت به علیه السلام .
[397] سعيد بن كثير بن عفير ، قال : خرج علي صلوات اللّه عليه الى صفين وخباب بن الأرت (1) مريض بالكوفة ، فرجع علي علیه السلام وقد توفي خباب.
قال : وكان مع علي علیه السلام من الأنصار البدريين : أبو أيوب الأنصاري (2) ، وأبو مسعود ، ورفاعة بن مالك العجلان (3) ، وسهل بن حنيف.
[398] أبو نعيم ، باسناده ، عن ابراهيم النخعي ، أنه سئل عن : أيهما كان الأفضل الأسود أو علقمة؟ قال : علقمة أفضل ، علقمة شهد صفين مع علي علیه السلام .
قيل لإبراهيم : أفقاتل علقمة في أيام صفين؟
قال : نعم قاتل حتى خضب سيفه.
وشهد عبد الرحمن بن أبي ليلى (4) صفين مع علي علیه السلام .
ص: 11
[399] شريك بن عبد اللّه ، عن يزيد (1) بن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى : قال : قتل اويس القرني (2) يوم صفين مع علي علیه السلام .
[400] عن الأصبغ بن نباتة ، قال : قال علي علیه السلام - يوم صفين - : أين شرطة الموت؟ فقام تسعة وتسعون رجلا.
فقال علي علیه السلام : ليس هذا تمام ما وعدت به. فقام (3) رجل عليه جبة من صوف (4).
فقال له علي علیه السلام : من أنت؟ قال : أنا اويس القرني.
فقال علي علیه السلام : اللّه اكبر ، وتقدموا الى القتال.
وكان اويس أول قتيل.
ص: 12
[401] عن الحسن (1) قال : قتل عبيد اللّه بن عمر يوم صفين مع معاوية ، قتله المسلمون ، وأخذوا سلبه ، وكان مالا كثيرا (2).
وقيل : إن عبيد اللّه بن عمر كان يرتجز ذلك اليوم ، ويقول :
أنا عبيد اللّه ينميني عمر *** خير قريش من مضى ومن غبر
الا رسول اللّه والشيخ الأغر (3)
وإنما نزغ عبيد اللّه بن عمر الى معاوية خوفا من علي علیه السلام لأنه كان أصاب دما في أيام عثمان ، وذلك أن عمر لما قتل وثب عبيد اللّه على رجل من العجم - يقال له الهرمزان - من المسلمين ، فقتله (4) ، فأقاموا (5) عليه عند عثمان. فقال : قتل أبوه بالأمس ويقتل هو اليوم ، فتواعده علي علیه السلام ، فلحق بمعاوية.
ص: 13
وقيل : إن أهل الشام فخروا به على أصحاب علي علیه السلام ، فقالوا : هذا عبيد اللّه بن عمر معنا! فقال لهم أصحاب علي علیه السلام : أو لم (1) تنظروا الى عدة من معنا من أخيار المهاجرين والأنصار من أهل بدر ومن بيعة الرضوان وممن شهد لهم رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله بالجنة وتنظرون الى غلام هرب بنفسه من قتل وجب عليه؟
فقالوا : إنه ابن عمر.
قال لهم أصحاب علي علیه السلام : أفعمر أفضل أم أبو بكر؟
قالوا : أبو بكر.
قال أصحاب علي علیه السلام : فهذا محمّد بن أبي بكر معنا فاضل لم يصب حدا ولا هرب من إقامته عليه.
سعيد بن عبد العزيز (1) ، قال : كان علي علیه السلام بالعراق يدعى أمير المؤمنين ، وكان معاوية بالشام يدعى الأمير ، فلما مات علي علیه السلام تسمى معاوية أمير المؤمنين.
[404] ابن الأعرابي (2) باسناده ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : دعا عمار يوم صفين بشراب ، فاتي بضياح من لبن ، فشربه ، ثم قال :
اليوم ألقى الأحبة محمّدا وحزبه
سمعت رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله يقول لي : تقتلك الفئة الباغية ، ويكون آخر زادك من الدنيا ضياح من لبن ، ثم تقدم إلى القتال ، فقاتل حتى قتل رحمة اللّه عليه.
قوله. ضياح من لبن : الضياح : اللبن الخاثر يصب فيه الماء حتى ينضح أي يرق ويطيب ، وكل دواء وما أشبهه يصب فيه الماء يقال فيه : ضيحته : يصب الماء عليه ، ولكن لا يقال : ضياح إلا في اللبن وحده. وقيل : إن تضيحه : تبريده.
[405] محمّد بن راشد ، باسناده ، عن علي صلوات اللّه عليه أنه لما دخل الكوفة بعد منصرفه من صفين سمع بكاء النساء على من قتل بصفين. فقال علیه السلام : ما صاح من نساء أهل الشام أكثر.
ص: 15
[406] محمّد بن سلام ، باسناده ، عن عون بن عبيد اللّه (1) عن أبيه - وكان كاتبا لعلي علیه السلام - أنه سئل عن تسمية من شهد مع علي صلوات اللّه عليه حروبه من المهاجرين والأنصار الذين بشرهم رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله بالجنة ، ومن التابعين ، ومن أفاضل العرب؟
- وكان عالما بذلك -.
فقال : شهد معه :
الحسن والحسين علیهماالسلام اللذان قال رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله فيهما : إنهما سيدا شباب أهل الجنة.
ومحمّد بن الحنفية الذي قال فيه رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله لعلي علیه السلام : إنه سيولد لك غلام بعدي فسمّه باسمي وكنّه بكنيتي (2) فسمّاه محمّدا ، وكنّاه أبا القاسم.
وعقيل بن أبي طالب.
وعبد اللّه بن عباس (3).
ص: 16
ومحمّد وعون ابنا جعفر الطيار في الجنّة.
وعبد اللّه بن جعفر الذي قال له رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله : إن أباك أشبه خلقي وخلقي وقد أشبهت خلق أبيك.
وعبد اللّه (1) وكثير وقثم وتمام بنو العباس بن عبد المطلب.
ومحمّد ومسلم ابنا عقيل بن أبي طالب.
ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب.
وربيعة وأبو رافع مولى رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله.
وأبو رافع الذي قال له رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله : كيف أنت يا أبا رافع وقوم يقاتلون عليا ، وهو على الحق وهم على الباطل؟
فقال : ادع اللّه لي يا رسول اللّه إن أدركتهم ألاّ يفتني (2) ويقويني على قتالهم. فدعا له بذلك.
فلما نكث على علي علیه السلام من نكث ، باع أبو رافع أرضه بخيبر وبني قريظة وداره ، وتقوّى بذلك وقوى ولده وأهله وخرج بهم ، وهو يومئذ ابن خمس وثمانين سنة ، وقاتل في جميع حروب علي صلوات اللّه عليه.
محمّد بن [ أبي ] حذيفة بن ربيعة ، وهو الذي كان عاملا لعثمان على مصر ، ثم قدم عليه المدينة ، فأعطاه مائة الف درهم ، فخرج بها الى المسجد ، فقال :
يا معشر المؤمنين من أين يعطيني عثمان هذا المال دونكم؟
هاشم بن عتبة (1) بن أبي وقاص ، قتل يوم صفين ، وكانت راية علي علیه السلام يومئذ [ بيده ] وأخذها بعده ابنه عبد اللّه.
وعبد اللّه بن خباب بن الارت ، وهو أول من قتلته (2) الخوارج حين انصرفوا من صفين ، دعوه الى البراءة من علي علیه السلام ، فأبى ذلك ، فقتلوه بالمدائن.
ومن بني تيم (3) :
محمّد وعبد الرحمن ابنا أبي بكر بن أبي قحافة.
عمار بن ياسر رحمة اللّه عليه.
ومحمّد بن عمار.
وعمار هو عمار بن ياسر بن عامر بن مالك بن عنس ، وعنس من مدحج من اليمن ، وأبوه ياسر كان قدم مكة وحالف أبا حذيفة بن المغيرة المخزومي ، وزوجه أبو حذيفة أمة له يقال لها : سمية ، فولدت منه
ص: 18
عمارا ، فأعتقه أبو حذيفة وكانت أمه - سمية - اول من قتل في الاسلام ، قتلها ابو جهل بمكة. ولحق ياسر الاسلام ، فأسلّم هو وعمار وسمية. ومات ياسر وخلف على سمية بعده الازرق ، وكان روميا ممن ترك من عبيد أهل الطائف الذين أعتقهم رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله فولدت منه سلمة بن الأزرق. فسلمة بن الأزرق أخو عمار لامه (1).
فمن أجل ذلك نسب عمار الى بني مخزوم. وعمار الذي قال فيه رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله : تقتله الفئة الباغية ، وبشر قاتله بالنار. قتل يوم صفين.
وممن كان مع علي علیه السلام سلمة ومحمّد ابنا أبي سلمة ، وامهما أمّ سلمة زوج النبي صلوات اللّه عليه وآله ، أتت بهما إلى علي علیه السلام ، فقالت : هما عليك صدقة ، فلو حسن بي أن أخرج لخرجت معك.
[ وعلي بن أبي رافع ] وكان علي بن أبي رافع صاحب خاتم علي علیه السلام وعلى بيت ماله.
وعبيد اللّه بن أبي رافع كاتبه.
خزيمة وعدي ابنا النجار.
وأبو أيوب بن زيد بدري (1) : وهو الذي نزل عليه رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله [ يوم ] مقدمه المدينة ، وكان على مقدمة علي علیه السلام يوم صفين ، وهو الذي خاصم الخوارج يوم النهروان ، وهو الذي قال لمعاوية - حين أظهر سب علي علیه السلام - : كف يا معاوية عن سبّ علي! قال معاوية : ما أقدر على ذلك. فتنحى أبو أيوب ، وقال : واللّه لا أسكن أرضا أسمع فيها سبّ علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه. وخرج من المدينة الى ساحل البحر (2) ، فأقام هنالك حتى مات رحمة اللّه عليه.
وعمرو بن حزم بدري ، وهو الذي فتح للناس بابا من داره ، فدخلوا على عثمان ، فقتل يومئذ.
وحارثة بن النعمان بدري ، وهو الذي مرّ على النبي صلوات اللّه عليه وآله وجبرائيل معه ، فلم يسلّم. فقال جبرائيل علیه السلام : لو سلّم لرددت عليه ، فلما انصرف جبرائيل أرسل النبي صلوات اللّه عليه وآله
ص: 20
الى حارثة فقال : ما منعك أن تسلّم عليّ وعلى من كان معي؟ قال : يا رسول اللّه رأيتكما في حديث قد أستفرغكما ، فكرهت أن أقطع عليكما بالسّلام ، فأشغلكما. فقال له النبي صلوات اللّه عليه وآله : ومن كان معي؟ قال : لا أدري ، قال : كان معي جبرائيل ولو سلّمت لردّ عليك.
وثعلبة بن عمير بدري ، وهو الذي أعطى عليا علیه السلام يوم الجمل مائة الف درهم أعانه بها ، قتل يوم صفين.
وربعي بن عمرو بدري.
وخزيمة بن أوس بدري.
وسراقة بن كعب بدري.
ومن بني الحرث بن الخزرج (1) :
سماك بن حرب بدري (2).
وعباس بن قيس بدري.
وعبد اللّه بن زيد بدري.
اسيد بن مالك بدري.
وكعب بن عامر بدري.
وعياش بن حي بدري.
عبادة بن الصامت - أحد النقباء ليلة العقبة ، وهو الذي بايع النبي صلوات اللّه عليه وآله على أن لا تأخذه لومة لائم - بدري.
وعمرو بن أنس بدري.
وعقبة بن وهب بدري.
وثابت بن هزال بدري.
أبو اليسر (3) كعب بن عمر بدري ، وهو الذي قال حين نزل على النبي صلوات اللّه عليه وآله ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ
ص: 22
الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) (1).
قال : قد وذرنا.
فلما نزلت : ( وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ ) (2).
قال : قد رضينا.
فلما نزلت ( وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ ) .
قال : قد أنظرنا.
فلما نزلت ( وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ ) (3).
قال : قد تصدّقنا.
وعقبة بن عمرو الليثي بدري.
وعمير بن حارثة بدري.
وعبد اللّه بن عبد مناف بدري.
وخليدة بن عمرو بدري ، وهو الذي قال لعبد اللّه بن سلول - وهو آخذ بلجام بغلة النبي صلوات اللّه عليه وآله - : كف يدك قبل أن تبين منك.
وثعلبة بن قيظي بن صخر (4) بدري.
مسعود بن خالد بدري.
ورفاعة بن رافع بدري.
ص: 23
وجبر بن أنيس بدري (1).
وعباد بن قيس بدري.
مرة بن عامر بدري.
وجبلة بن ثعلبة بدري.
وخليفة بن عدي بدري.
ومن بني عمر بن عوف (2) :
المنذر بن محمّد بدري.
وسهل بن حنيف بدري ، وهو الذي خلفه علي علیه السلام على المدينة حين خرج الى الكوفة (3).
والحارث بن النعمان بدري.
وعبيد بن أم عبيد بدري.
وأبو عبيدة (4) بن ربيعة بدري.
مالك بن التيهان بدري ، وهو أحد النقباء ليلة العقبة.
وعبيد بن التيهان بدري ، وهو أحد النقباء أيضا ليلة العقبة ، وقتلا جميعا يوم صفين بين يدي علي علیه السلام .
وسعد بن زيد بدري.
ص: 24
وعباد بن بشر بدري.
وعبد اللّه بن سعد بدري.
وسلمة بن ثابت بدري.
وواسى أصحاب بدر زيد بن أرقم - صاحب المنافقين - الذي اظهر عليهم نفاقهم.
وخزيمة بن ثابت ، وهو ذو الشهادتين الذي أجاز النبي صلوات اللّه عليه وآله شهادته بشهادة رجلين.
وعقبة بن عامر ، صاحب المنافقين ليلة العقبة ، وكان عاملا لعلي علیه السلام على الكوفة.
ورافع بن خديج.
والنعمان بن العجلان ، وكان عاملا لعلي علیه السلام على النهروان.
وقتادة بن ربعي ، وكان عاملا لعلي علیه السلام على مكة.
وحنظلة بن النعمان.
ومحمّد بن ثابت بن قيس بن شماس (1).
وأبو الورد ابن قيس (2).
والعلاء بن عمرو.
ص: 25
وعبد اللّه بن أبي طلحة وهو الذي دعا رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله لأبيه في حمل أمه به ، فقال : اللّهمّ بارك لهما في ليلتهما.
والخبر في ذلك : إن أبا طلحة هذا كان قد خلف على أم أنس بن مالك بعد أبيه مالك ، وكانت أم أنس من أفضل نساء الأنصار ، ولما قدم رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله المدينة مهاجرا أهدى إليه المسلمون على مقاديرهم ، فأتت إليه أم أنس بأنس ، فقالت :
يا رسول اللّه أهدى إليك الناس على مقاديرهم ولم أجد ما اهدي إليك غير ابني هذا ، فخذه إليك يخدمك بين يديك ، فكان أنس يخدم النبي صلی اللّه علیه و آله .
وكان لامه من أبي طلحة غلام قد ولدته أمه منه ، وكان أبو طلحة من خيار الأنصار ، وكان يصوم النهار ويقوم الليل ويعمل سائر نهاره في ضيعة له ، فمرض الغلام ، وكان أبو طلحة إذا جاء من الليل نظر إليه وافتقده ، فمات الغلام يوما من ذلك ولم يعلم أبو طلحة بموته وعمدت أمه فسجّته في ناحية من البيت ، وجاء أبو طلحة ، فذهب لينظر إليه ، فقالت له أمه : دعه ولا تعرض له فانه قد هدأ واستراح. وكتمته أمره. فسر أبو طلحة بذلك. وآوى الى فراشه وأوت إليه وأصاب منها.
فلما أصبح ، قالت له : يا أبا طلحة أرأيت قوما أعارهم بعض جيرانهم عارية ، فاستمتعوا بها مدة ، ثم استرجع العارية أهلها ، فجعل الذين كانت عندهم يبكون عليها لاسترجاع أهلها إياها من عندهم ، ما حالهم؟ قال : مجانين. قالت : فلا نكون نحن من المجانين إن ابنك (1) قد هلك ، فتعزّ عنه بعزاء اللّه وسلّم إليه وخذ في جهازه.
ص: 26
فأتى أبو طلحة النبي صلوات اللّه عليه وآله ، فأخبره الخبر. فعجب النبي صلوات اللّه عليه وآله من أمرها ، ودعا لها ، وقال :
اللّهمّ بارك لهما في ليلتهما ، فحملت تلك الليلة من أبي طلحة بعبد اللّه هذا.
فلما وضعته لفته في خرقة ، وأرسلت به مع ابنها أنس الى النبي صلوات اللّه عليه وآله ، وتقول : يا رسول اللّه هذه ثمرة دعائك ، فأخذه رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، فحنكه (1) ، ودعا له.
وكان من أفضل أبناء الأنصار.
وممن كان مع علي صلوات اللّه عليه :
قيس بن سعد بن عبادة.
وسعد بن عبادة من بني ساعدة من الخزرج ، يكنى : أبا ثابت ، وكان سيدا من ساداتهم ، وكان يدعى الكامل لأنه كان في الجاهلية يحسن العوم (2) والرمي ، وكان من وجوه قومه ، وأسلم ولم يشهد بدرا لأنه كان يومئذ قد نهش (3).
ثم شهد مع النبي صلوات اللّه عليه وآله المشاهد كلها ، وكان خيّرا فاضلا ، وامتنع يوم السقيفة من أن يبايع لأبي بكر.
وقيل : إن ذلك كان لما سبق عنده من رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وعقده البيعة لعلي علیه السلام ، فأبى أن يبايع لأبي بكر ، وخرج من المدينة خوفا على نفسه ، ولحق بحوران من أرض الشام ، فأقام بها الى أن توفي أبو بكر ، وصار الأمر الى عمر ، فامتنع أيضا من أن
ص: 27
يبايع (1) ، ومات بحوران بعد سنتين ونصف من أيام عمر.
وقيل : إنه سعى في قتله ، فقتل. وزعموا أن الجن قتله ، وأنهم سمعوا قائلا منهم يقول :
قتلتا سيّد الخزرج (2) *** سعد بن عبادة
رميناه بسهمين *** فلم نخط فؤاده
وهذا من المحال الذي لا تقبله العقول (3).
وابنه قيس هذا يكنى : أبا عبد الملك ، وكان فاضلا من شيعة علي صلوات اللّه عليه (4). وروي عن رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله أحاديث فيه ، وكان على مقدمة الحسن بن علي علیه السلام يوم المدائن.
وممن كان مع علي علیه السلام :
الحارث بن زياد.
وعبد اللّه بن زياد.
وجبلة بن عمرو.
وبشير بن أبي زيد.
وعمير بن زيد بن أحمر.
وثابت بن زيد بن وديعة.
ص: 28
وعبد الرحمن بن عبد ربه.
وعبد اللّه بن حراش (1) بن الحارث.
والبراء بن عازب.
وثابت بن قيس.
وقيس بن أحمد.
وعبد اللّه بن زيد.
وعبيد (2) مولى زيد ، قتل يوم النهروان.
والجعد بن رفاعة بن سعد (3).
وعثمان بن حنيف ، من أصحاب رسول اللّه قتل يوم صفين.
وأبو عباس الزرقي ، وهو فارس رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، واسمه عبيد بن معاوية.
وأبو حسن ، تميم بن عبد عمرو ، وكان عاملا لعلي علیه السلام على المدينة.
وعائذ بن عبد الرحمن.
وعمرو بن عزية بدري ، وهو الذي عقر الجمل يوم الجمل ، ويكنى : أبا حبة. قتل بالجزيرة.
والحجاج بن عمرو ، الذي كان يقول عند القتال : يا معشر الأنصار انصروا اللّه مرتين. يعني مع النبي ومع علي علیه السلام ، ويقول : أتريدون أن تقولوا لربنا : ( رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ) (4).
ص: 29
وعبد اللّه بن عامر.
وجابر بن عبد اللّه.
ومعاذ بن الصمة.
وعبد اللّه بن عامر بن مروان.
وجبير بن حباب بن المنذر.
وكعب بن عجرة.
ومرة بن النعمان.
وسهيل بن مسعود.
وسعيد بن سعد بن عبادة (1).
وخالد بن أبي دجانة.
وعثمان بن سعد.
وعامر بن زيد (2).
وزيد بن جارية (3).
وعبيد مولى زيد.
وبشر بن مسعود.
وصيفي (4) بن عبيد.
وعامر بن أوس.
ص: 30
ومسعود بن قيس.
ويزيد بن طعمة.
وجابر بن زيد.
وقيس بن قيس.
ومعاوية بن حرام بن عمرو.
ومحمّد بن عمرو بن حزم.
وخالد بن أبي خالد ، قتل يوم صفين.
ومحمّد بن هلال بن المعلا.
وأبو زيد بن قيس.
وعامر بن مسعود.
وعبد اللّه بن عامر بن الحصين.
وعبد اللّه بن ثابت.
وعبد اللّه بن المعاذ بن الجموع.
وممّن كان مع علي صلوات اللّه عليه من أصحاب النبي صلوات اللّه عليه وآله من مهاجري العرب والتابعين الذين أوجب لهم رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله الجنة ، وسماهم بذلك :
عمرو بن الحمق الخزاعي.
بقي بعد علي علیه السلام ، فطلبه معاوية ، فهرب منه نحو الجزيرة (1) ومعه رجل من أصحاب علي علیه السلام يقال له : زاهر (2).
ص: 31
فلما نزلا الوادي نهشت (1) عمرا حية في جوف الليل ، فأصبح منتفخا ، فقال : يا زاهر تنحّ عني فان حبيبي رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله قد أخبرني انه سيشترك في دمي الجن والانس ، ولا بدّ لي من أن اقتل. فبيناهما على ذلك إذ رأيا نواصي الخيل في طلبه. فقال : يا زاهر تغيب ، فاذا قتلت فانهم سوف يأخذون رأسي ، فاذا انصرفوا فاخرج الى جسدي فواره (2).
قال زاهر : لا بل أنثر نبلي ثم أرميهم به ، فاذا أفنيت نبلي قتلت معك. قال : لا ، بل تفعل ما سألتك ، ينفعك اللّه به. فاختفى زاهر ، وأتى القوم ، فقتلوا عمرا واحتزوا رأسه ، فحملوه فكان أول رأس حمل في الإسلام ، ونصب للناس (3).
فلما انصرفوا خرج زاهر فوارى جثته.
ثم بقي زاهر حتى قتل مع الحسين صلوات اللّه عليه بالطف (4).
وعبد الرحمن بن بديل (5) الخزاعي الذي بايع بيعة الرضوان تحت الشجرة ، قتل يوم صفين في ثلاثة آلاف رجل انفردوا للموت ، فقتلوا من أهل الشام نحوا من عشرين الفا ، ولم يزالوا يقتل منهم الواحد بعد الواحد حتى قتلوا عن آخرهم ، وكان عبد اللّه بن بديل يرتجز ، وهو
ص: 32
يقاتل ، فيقول :
أقتلكم ولا أرى معاوية *** هوت به في النار أم هاوية
وعبد اللّه بن بديل من الذين وصفهم اللّه تعالى بقوله : ( وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ ) (1).
قتل يوم صفين.
ومن بني أسلم :
بريد ، وعبد اللّه ، ومنقذ ، وعروة بنو مالك الذين يقول لهم علي علیه السلام وهو يرتجز :
جزى اللّه خيرا عصبة أسلمية *** حسان الوجوه صرعوا حول هاشم
بريد وعبد اللّه منهم ومنقذ *** وعروة أبناء مالك في الأقادم
وابن حصيب الأسلمي من المهاجرين وجهجاه (2) بن سعدا الغفاري ، وهو الذي نزع العصا من يد عثمان وكسرها ، ثم حصبه الناس وهو على المنبر.
وأبو شريح الخزاعي.
وصالح بن ناقد بدري.
وأبو راقد الحرث بن عوف الليثي ، وكان رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله بعثه الى قومه.
وعمير بن قرة الليثي ، وهو الذي حلف معاوية ليذيبنّ في اذنيه الرصاص.
ص: 33
وزيد بن خالد الجهني.
ومسعود بن أسلم.
وعامر بن ذهل. وربيعة بن قيس وهما من عدوان.
وعبد السّلام من المهاجرين.
ومن التابعين الذين بشرهم [ رسول ] اللّه صلی اللّه علیه و آله بالجنة وأوجبها لهم :
زيد بن صوحان وهو يدعى زيد الخير ، وهو الذي قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن من بعدي رجل يسبقه عضو منه الى الجنة ثم يتبعه سائر جسده.
فقطعت يده يوم جلولاء (1) ، وخرج مع علي علیه السلام يوم الجمل ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إني أرى يدا تشير إليّ من السماء أن تعال ولا أراها إلا يدي ولا أراني إلا لاحقا بها ، فإذا قتلت يا أمير المؤمنين فادفني في ثيابي ودمي ، فاني مخاصم القوم.
ثم تقدم بين يدي علي صلوات اللّه عليه حتى قتل.
سيحان بن صوحان.
وراشد بن سمرة.
وعبد اللّه بن رقبة.
ص: 34
وأبو عبيدة. كلهم يأخذ اللواء بعد صاحبه. ثم أخذه صعصعة (1) فأثبت ثم عاش بعد ذلك.
وجندب الخير (2) قتل يوم صفين ، وهو الذي كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يرتجز به ليلة وهو يسوق أصحابه ، وهو يقول : جندب وما جندب. فلما أصبح ، قالوا : يا رسول اللّه سمعناك تذكر جندبا. فقال : نعم ، رجل يقال له : جندب من امتي يضرب ضربة يفرق بين الحق والباطل ، يبعثه اللّه يوم القيامة امة وحده (3).
فرأى جندب ساحرا بين يدي الوليد بن عقبة ، وكان عاملا لعثمان على الكوفة ، فقتله.
فقال له الوليد : لم قتلته؟
قال : أنا آتيك بالبينة ، إن النبي صلی اللّه علیه و آله قال : من رأى ساحرا فليضربه بالسيف. فأمر به الوليد الى السجن.
وكان على السجن رجل مسلم يقال له : دينار. فأطلق جندبا. فبلغ ذلك الوليد ، فأمر بدينار ، فضرب بالسياط حتى مات.
واويس بن عامر القرني ، قتل مع علي صلوات اللّه عليه بصفين ، وهو الذي قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن من بعدي رجل يقال له : اويس به شامة (4) بيضاء ، من لقيه فليبلغه مني السّلام ، فانه يشفع يوم القيامة لكذا وكذا من الناس.
وعلقمة بن قيس من التابعين ، اصيبت رجله يوم صفين.
ص: 35
وهند الجملي (1) ، قتل يوم الجمل.
وعبد اللّه بن سلمة.
وزياد بن أبي حفصة التيمي.
ومحرز بن الصحصح (2) ، وهو الذي قاتل عبيد اللّه بن عمر بن الخطاب يوم صفين.
وهذه جمل من أخبار صفين وما في ذلك من فضائل علي أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه.
ص: 36
وأما محاربة علي علیه السلام للخوارج فقد تقدم من ذلك ما جاء عنه صلوات اللّه عليه من أمر النبي صلوات اللّه عليه وآله بحربهم وقتلهم وأخباره ، وما يكون منهم ، وما يؤول إليه أمرهم ، وما كان من فعله علیه السلام في ذلك ، ونحن نذكر - كما شرطنا بعد ذلك - جملا من أخبارهم :
[407] فمن ذلك ما رواه محمّد بن راشد ، باسناده ، عن عمرو بن علي ، قال :
لما نزل أمير المؤمنين علیه السلام في منصرفه من صفين بحروراء ، صف المحكمة ؛ وهم يومئذ ثلاثون الفا.
وأقبل علي علیه السلام على بغلة رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله - الشهباء - حتى وقف بينهم بحيث يسمعونه ويسمع كلامهم ، فخطبهم ، فقال :
الحمد لله الذي دنا في علوه فحال دون القلوب ، وقرب فلم تدركه الأبصار ، الأول والآخر ، والظاهر والباطن الذي طلع على الغيوب ، وعفا عن الذنوب ، يطاع بإذنه فيشكر ، ويعصى بعلمه فيغفر ويستر ، لا يعجزه شيء طلبه ، ولا يمتنع منه أحد أراده ، قدر فحلم ، وعاقب فلم يظلم ، وابتلى من يحب ، ومن يبغض.
ثم قال - فيما أنزل على نبيه صلی اللّه علیه و آله ( لِيُمَحِّصَ اللّهُ
ص: 37
الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ ) (1) - : ثم أنتم أيها القوم قد علمتم أني كنت للتحكيم كارها حتى غلبتموني ، واللّه شهيد بيني وبينكم ، ثم كتبنا كما علمتم كتابا ، وشرطنا فيه أن يحييا ما أحيى القرآن ، ويميتا ما أمات القرآن ، فان هما لم يفعلا ذلك فلا حكومة لهما ، وأنتم على الكتاب من الشاهدين (2) ، وقد علمت [ إنّا ] على هيئتنا الاولى ، فما ذا تقولون؟ والى أين تذهبون (3)؟
فامتاز (4) منهم أربعة وعشرون الفا ، فقالوا : اللّهمّ إنا نعلم إن هذا هو الحق. ودخلوا معه.
وخرج منهم الف ، فعسكروا بالنخيلة ، وقالوا : هذا مكاننا حتى يرجع إمامنا إلى قتال أهل الشام.
وخرج منهم خمسة آلاف حتى أتوا النهروان. وبايعوا عبد اللّه بن وهب الراسبي على الموت.
[408] الدغشي ، باسناده ، عن أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه ، أنه أمرني رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله أن اقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين.
[409] عن أبي سعيد الخدري ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : تفترق امتى فرقتين ، تمرق بينهما مارقة ، بقتلها أولى الطائفتين باللّه
ص: 38
وبرسوله.
قيل للخدري (1) : فإن عليا قتلهم. قال : وما يمنعه أن يكون أولاهم باللّه وبرسوله.
[410] وعن علي صلوات اللّه عليه ، أنه قال في خطبة خطبها :
أنا فقأت عين الفتنة ، [ لم يكن ليفقأها أحد غيري ] (2) ولو لم أك فيكم ما قوتل أهل الجمل ولا أهل الشام ولا أهل النهروان ، [ وأيم اللّه ] لو لا أن تتكلموا فتدعوا العمل لأخبرتكم بما سبق على لسان نبيكم صلوات اللّه عليه وآله لمن قاتلهم منكم مبصرا لضلالتهم عارفا بالهدى الذي نحن عليه.
ثم قال : سلوني قبل أن تفقدوني (3) ، فانكم لا تسألوني عن شيء فيما بينكم وبين الساعة ، ولا عن فئة تهدي مائة أو تضل مائة إلا حدّثتكم بناعقها وسائقها.
فقام إليه رجل ، فقال : يا أمير المؤمنين حدّثنا عن البلاء.
فقال علي علیه السلام : إذا سأل سائل فليعقل ، واذا سئل مسئول فليثبت ، [ ألا و ] إن من ورائكم امورا [ أتتكم جللا مزوحا وبلاء مكلحا مبلحا ] والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، لو ترأت ، وفقدتموني لفشل كثير من السائلين وأطرق كثير من المسئولين ، وذلك إذا قلصت حربكم عن ناب وكشف عن ساق ، وصارت الأنباء (4) بلاء على
ص: 39
أهلها حتى يفتح اللّه لبقية الأبرار.
فقام رجل ، فقال : حدّثنا يا أمير المؤمنين عن الفتن.
قال : إن الفتن إذا أقبلت اشتبهت وإذا أدبرت أسفرت ، وإنما الفتن تحوم كتحوم الرياح [ يصبن بلدا ويخطئن اخرى ] ، وإن أخوف الفتن عليكم عندي فتنة بني أميّة فانها عمياء مظلمة ، خصت رزيتها ، وعمت بليتها ، وأصاب البلاء من أبصر فيها ، وأخطأ البلاء من عمي عنها ، يظهر أهل باطلها على أهل حقها حتى تملأ الأرض عدوانا وظلما ، وإن أول من يكسر عمدها ، ويضع جبروتها ، وينزع أوتارها ، اللّه ربّ العالمين. ألا وستجدون في بني أميّة أرباب سوء لكم بعدي كالناقة الضروس تعض بفيها ، وتركض برجليها ، وتخبط بيديها ، وتمنع درها ، وإنه لا يزال (1) بلاؤهم بكم حتى لا يبقى في الأرض إلا نافع لهم ، أو غير ضار ، حتى لا تكون نصرة أحدكم إلا كنصرة العبد من سيده [ اذا رآه أطاعه ، واذا توارى عنه شتمه ] ، وأيم اللّه لو فرقوكم تحت كل كوكب لجمعكم اللّه لشرّ يوم لهم.
فقام رجل ، فقال : هل بعد ذلك جماعة ، يا أمير المؤمنين؟
فقال : نعم إلا أنها جماعة (2) شتى غير إن قبلتكم واحدة وحجكم واحد [ وعمرتكم واحدة ] والقلوب مختلفة كذا - وشبك بين أصابعه -.
قال : فيم ذلك يا أمير المؤمنين؟
قال : يقتل هذا هذا ، هجرا هجرا ، فتنة ، وقطيعة جاهلية ليس فيها إمام هدى ، ولا عالم بر ، ونحن أهل البيت فينا النجاة ولسنا فيها
ص: 40
الدعاة (1).
قال (2) : فما بعد ذلك يا أمير المؤمنين؟
قال : يفرّج اللّه البلاء برجل منا أهل البيت كتفريج الأديم (3) يأتي (4) ابن خير الامة يسومهم الخسف ويسقيهم كأسا مرة ، ودّت قريش بالدنيا وما فيها أن يقبل منهم بعض ما أعرض اليوم عليهم ويأبى إلا قتالا.
يعني الذي يفرج اللّه به البلاء المهدي صلوات اللّه عليه ، ومن يقوم بعده من ولده حتى يكون آخرهم الذي يجمع اللّه عزّ وجلّ له الامة كلها ويكون الدين كله لله كما أخبر عزّ وجلّ في كتابه ، ولا تكون فتنة ، وكما وعد سبحانه (5) ، ونسب ذلك الى المهدي علیه السلام لأنه أول قائم به ، وباذل نفسه فيه كما أن ذلك وغيره ممّا يكون في الإسلام من كل أحد يقوم من الأئمة فيه ، ويجري اللّه عزّ وجلّ به بركة على يديه فمنسوب الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لأنه أول قائم بدعوة الإسلام.
ومن ذلك قوله صلی اللّه علیه و آله وقد ذكر المهدي علیه السلام . فقيل له : ممن هو يا رسول اللّه؟ فقال : منا أهل البيت ، بنا يختم اللّه الدين كما فتحه بنا ،
ص: 41
وبنا يستنقذكم اللّه من الفتنة كما استنقذكم بنا من الشرك.
فنسب ذلك صلی اللّه علیه و آله الى نفسه لأنه أول قائم به وكذلك ينسب الى المهدي علیه السلام ما قام به وما يقوم به من بعده من وطد له الأمر من ولده.
وممّا يبيّن ذلك إيضاحا ما جاء نصا فيه ، عن النبي صلی اللّه علیه و آله ، أنه ذكر المهدي علیه السلام ، وما يجريه اللّه عزّ وجلّ من الخيرات والفتح على يديه.
فقيل له : يا رسول اللّه كل هذا يجمعه اللّه له؟
قال : نعم. وما لم يكن منه في حياته وأيامه هو كائن في أيام الائمة من بعده من ذريته.
وسنذكر القول في هذا بتمامه في الفصل الذي نذكر فيه أخبار المهدي علیه السلام - من هذا الكتاب - إن شاء اللّه ، وإنما ذكرت هاهنا ما ذكرت منه لما مرّ بي ما يوجب ذكره.
[411] المبارك بن فضالة ، عن أبي بصير العبدي ، عن أبي سعيد الخدري (1) ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : تقتتل فئتان عظيمتان من امتي ، فتمرق (2) من بينهما مارقة تقتلها أولى الفئتين بالحق.
قال علي بن زيد : فأخبر بذلك عدي بن بسر (3) بن أرطاة.
فأرسل الى أبي بصير يسأله عن هذا الحديث ، فقال : سمعت أبا سعد
ص: 42
الخدري يقول : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول ذلك.
ثمّ ضرب أبو بصير بيده على صدره ، وقال : لم تسأل عن هذا؟ قتلهم واللّه من أصحاب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعلي علیه السلام ، وكان أولاهم بالحق.
فغضب عدي بن بسر بن أرطاة لذلك ، لأنه كان من أصحاب معاوية ، ومن غضب من الحق فلا أرضاه اللّه عزّ وجلّ.
[412] ابن لهيعة ، باسناده ، عن أبي سعيد الخدري ، أنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : سيخرج من بعدي أقوام يقولون الحق بألسنتهم ، وتأباه قلوبهم ، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يرمق السهم من الرمية ، ينظر الى نصله ولا يرى شيئا ، ثم ينظر الى قدحه فلا يرى شيئا ، ثم ينظر الى ريشه فلا يرى شيئا ، ثم ينظر الى رصافه فلا يرى شيئا ، فلا يعلق بهم من الدين إلا كما يعلق ذلك السهم (1).
قوله : يمرقون. المروق : الخروج من الشيء من غير مدخله ، وكذلك الخوارج دخلوا الاسلام بالإقرار بالشهادتين وخرجوا منه بالنفاق على إمامهم الذي أمر اللّه عزّ وجلّ بطاعته ، وقرنها بطاعته وطاعة رسوله صلی اللّه علیه و آله ، فخرجوا من الدين من غير الموضع الذي دخلوا منه ، ويقال : مرق السهم من الرمية مروقا.
السهم : النبل الذي يرمى به. والرمية : ما يرمي الرامي من الصيد وغيره
ص: 43
فعيل في موضع مفعول بها وهي مرمية ، كما يقال : قتيل في موضع مقتول - ومروق السهم من الرمية : هو خروجه من غير الموضع الذي دخل فيها منه ، وذلك أن يرمي الرامي الطريدة (1) من الوحش ، يريد صيدها من قوسه فيصيبها بسهمه ، فيخرقها ، ويخرج من الجانب الثاني منها كله ، فتسقط الى الأرض لشدة الضربة.
والنصل : حديدة السهم ، يقال نصل السهم ، ونصل السيف لحديدته ، وانصلت السهم : إذا أخرجت نصله ، ونصلته : إذا جعلت له نصلا ، ونصل الشفرة : حديدتها ، ونصل البهمي : وهو نبات له رءوس حديدة ، يعلق بجلود الغنم ويدخل فيها ، كذلك أيضا يقال له : نصلها تشبيها بحديدة السهم.
والقدح : عود السهم وجمعه قداح.
والرصاف : عقب يلوى على موضع النوق (2) من السهم. وفي رواية اخرى من هذا الحديث ، ثم ينظر الى فرقه فلا يرى شيئا. والفرق : شق رأس السهم ، حيث يجعل الوتر من أراد أن يرمي عن القوس. والرصاف : جمع رصفة ، والرصفة : - كما ذكرنا - عقبة يلوى ويشد بالغراء (3) يعقب بها أسفل الفرق ليشتد لئلا ينشق السهم إذا نزع به الرامي ليرمي به عن القوس ، وكذلك قد يلوون مثل هذا العقب على ما يدخل من النصل في السهم إذا لم تكن فيه جبة (4) ، وكان إنما جعل في طرف النصل شوكة تدخل في السهم ، فيشدون عليه عقبة بالغراء لترم السهم. وتسمى أيضا : رصفة ، وجمعها رصاف ، وتسمى السهم التي يفعل بها ذلك ويشد بالعقب : موصوفة.
ص: 44
ومن السهام ما لا يرصف إذا كان لنصله جبة يدخل طرف السهم فيها ويترك الفوق أيضا بلا رصاف إذا أمنوا عليه أن ينكسر ، قال بعض شعراء العرب :
وذلك لما يتخوف من النبل إذا كانت نصالها غير مرصوفة وكان بحباب أن يبقى النصل في بدن الذي يصيبه إذا انتزع السهم منه.
والريش ، هو الريش يلصق في السهم تحت الفرق ، فشبه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله خروج الخوارج من الدين لا يعلق بهم شيء منه بالسهم ترمي به الرمية فينفذها ويخرج منها لشدة الرمي ، ولا يعلق به شيء من دمها ، وذلك قوله : ينظر في نصله ، يعني الرامي ، إذا مضت الطريدة تجود بنفسها ، فأصاب سهمه في الأرض فيظن أنه أصابها أو لم يصبها ، فينظر في نصله فلا يري شيئا ، يعني من الدم على الحديدة ، ثم ينظر الى قدحه فلا يرى شيئا - يعني لا يرى شيئا على العود أيضا من الدم - ثم ينظر الى ريشه فلا يرى عليه شيئا ، ثم ينظر الى رصافه - يعني العقب الذي تحت الفرق - فلا يرى شيئا به أيضا من الدم.
وفي حديث آخر : ثم ينظر الى فرقه - وهو الشق كما ذكرنا الذي يكون في آخر السهم - فلا يرى الدم علق بشيء منه ، كذلك لا يعلق شيء من الدين بالخوارج كما شبههم النبي صلی اللّه علیه و آله بذلك ووصفهم بصفته.
ص: 45
[413] وبآخر ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه قال : أرسلني علي أمير المؤمنين علیه السلام الى الخوارج الحرورية لاكلمهم ، فكلمتهم.
فقالوا : لا حكم إلا لله.
فقلت : أجل ، ولكن أما تقرءون القرآن (1) وقول اللّه عزّ وجلّ ( يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ ) (2) ، وقوله : ( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ ) (3) ، وقوله : ( فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها ) (4). وقد شهد من شهد منكم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إذ حكم سعدا في بني قريظة ، فلما حكم فيهم بالحق أجاز حكمه ، وقال : لقد حكمت فيهم بحكم اللّه من فوق سبعة أرفعة (5) ، فهل تقولون إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أخطأ في تحكيم سعد (6) في بني قريظة؟ وأيهم عندكم أوجب أن يحكم فيه أمر ما بين رجل وبين امرأته ، أو جزاء صيد يصيبه محرم ، أو الحكم في امة قد اختلفت وقتل بعضها بعضا ليرجع منها الى حكم الكتاب من خالفه ، فتحقن دماء الامة ويلم شعثها؟
ص: 46
فقال لهم ابن الكواء : دعوا ما يقول هذا وأصحابه ، وأقبلوا على ما أنتم عليه فان اللّه عزّ وجلّ قد أخبر أن هؤلاء قوم خصمون (1).
[414] أحمد بن شعيب النسائي (2) ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه قال : لما خرجت الحرورية اعتزلوا في دار (3) وكانوا ستة آلاف. فقلت لعلي علیه السلام : يا أمير المؤمنين أبرد بالظهرا (4) لعلّي اكلم هؤلاء القوم فاني أخافهم عليك ، فصلّى وصلّيت معه ، ثم دخلت عليهم الدار نصف النهار - وهم يأكلون -. فقالوا : مرحبا بابن عباس ، فما جاء بك؟ فقلت : أتيتكم من أصحاب النبي صلی اللّه علیه و آله المهاجرين والأنصار ، ومن عند ابن عم النبي وصهره وعليهم نزل القرآن ، وهم أعلم بتأويله منكم ، وليس فيكم منهم أحد لأبلغكم ما يقولون وأبلغهم ما تقولون.
فانتحى الى نفر منهم ، فقلت : هاتوا ما نقمتم على أصحاب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعلى ابن عمه.
قالوا : ثلاثا.
قلت : ما هن؟
قالوا : أما واحدة ، فإنه حكم الرجال في أمر اللّه [ فكفر ] وقد قال
ص: 47
اللّه عزّ وجلّ ( إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ ) (1).
قلت : هذه واحدة ، فما الثانية؟
قالوا : فانه أحلّ الغنائم (2) ، وحرم السبي ، فإن كان الذين قاتلهم وقتلهم كفارا لقد حلّ سبيهم ، وإن كانوا مؤمنين فما حلّ قتلهم ولا قتالهم ولا غنائمهم.
قلت : هذه اثنتان.
قالوا : نعم ، وأما الثالثة ، فانه محا من امرة المؤمنين ، فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين ، وإن كان أمير المؤمنين فلم محا اسمه من امرة المؤمنين؟
قلت : هذه ثلاثة.
قالوا : نعم.
فقلت : هل عندكم غير هذا؟
قالوا : لا ، وحسبنا هذا.
قلت لهم : أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب اللّه عزّ وجلّ ، وأخبرتكم عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بما لا تدفعونه ، بأن الذي أنكرتموه قد جاء عن اللّه تعالى وعن رسوله صلی اللّه علیه و آله أترجعون؟
قالوا : نعم.
قال : قلت : أما قولكم : إنه حكم الرجال في أمر اللّه ، فأنا أقرأ عليكم من كتاب اللّه عزّ وجلّ أنه قد صيّر حكمه الى الرجال في ربع
ص: 48
درهم ، وأمر الرجال أن يحكموا فيه ، وذلك أرنب قتله محرم. قال اللّه تعالى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ ) (1) فكان من حكم اللّه عزّ وجلّ بانه صيّره الى الرجال يحكمون فيه ، اناشدكم اللّه ، أحكم الرجال في صلاح ذات بينهم وحقن دمائهم (2) أفضل ، أم حكمهم في أرنب؟
قالوا : بل ذلك أفضل.
قال : وقلت : وقال اللّه عزّ وجلّ في المرأة وزوجها : ( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً ) (3) ، فاناشدكم اللّه أحكم الرجال في صلاح ذات بينهم وحقن دمائهم أفضل ، أم حكمهم في بضع امرأة (4)؟
قالوا : بل ذلك أفضل.
قال : قلت : أو لستم تعلمون أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله حكم سعدا في بني قريظة؟
قالوا : نعم.
قال : قلت : فهل خرجت من هذه؟
قالوا : بلى. قال : قلت : أما قولكم : إنه قاتل وقتل وأحلّ الغنائم ولم يسب الذراري ، فهو إنما فعل ذلك بتوقيف (5) من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إن ذلك هو الحكم في أهل القبلة ، ولم يفعله برأي نفسه ، وقد أنكر ذلك من أنكره في الوقت يوم الجمل ، فأخبرهم
ص: 49
بذلك ، وقال : فأيكم يضرب على عائشة ، فيأخذها في سهمه ، - إن أسهم -؟ قالوا : لا أحد ، واعترفوا له بالصواب فيما فعله ، فان قلتم أنتم إنكم تسبون امكم عائشة ، وتستحلون منها ما تستحلون من غيرها وهي امكم فقد كفرتم (1) ، وإن قلتم إنها ليست بامكم فقد كذبتم.
فأنتم في ذلك بين ضلالتين ، فالتمسوا المخرج.
فلم يحيروا جوابا إلا أن قالوا : صدقت.
قال : قلت : أفخرجت من هذه؟
قالوا : نعم.
قال : قلت : وأما محوه تسميته في المحاكمة - ، أمير المؤمنين - ، إذ قال معاوية وأصحابه : إنا اذا أقررنا أنه أمير المؤمنين لم يجب لنا أن نتحكم عليه ، أفلستم تعلمون أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لما قاضى المشركين بالحديبية (2) أمر عليا علیه السلام أن يكتب : هذا ما قاضى عليه محمّد رسول اللّه. فقال المشركون : إنا لو نعلم أنك رسول اللّه ما صددناك (3) ، ولكن اكتب محمّد بن عبد اللّه. فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام : امحه ، فأبى من ذلك تعظيما له. فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أرني إياه. فأراه مكان رسول اللّه ، فمحاه ، وأبقى : هذا ما قاضى عليه محمّد بن عبد اللّه ، وقال : اللّه يعلم أني لرسوله. ورسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أفضل من علي وقد محا ذكر رسالته. فهل محاه ذلك من الرسالة؟
ص: 50
قالوا : لا.
قال : قلت : وكيف يمحو مثله عليا من امرة المؤمنين.
فرجع منهم الفان ، وخرج سائرهم ، فخرج إليهم علي علیه السلام ، فقتلهم على ضلالتهم ، وقاتلهم (1) معه المهاجرون والأنصار وأهل البصائر من المسلمين.
ص: 51
[415] يحيى بن آدم ، باسناده ، عن حبيب بن أبي ثابت ، قال : أتيت أبا وائل (1) وهو في مسجد حي كذا (2) ، فاعتزلناه في المسجد.
فقلت : أخبرني عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي علیه السلام . فيم قاتلوه؟ وفيم استجابوا له حين دعاهم؟ وفيم فارقوه ، فاستحلّ قتال من قاتل منهم؟
قال : كنا بصفين ، واستمر القتل في أهل الشام ، فقال عمرو لمعاوية : أرسل الى علي بالمصحف فإنه لا يأبى عليك.
فجاء رجل على فرس بالمصحف ، فقال : ندعوكم الى كتاب اللّه بيننا وبينكم. فقال علي علیه السلام : نحن أولى بكتاب اللّه منكم. ومال أكثر الناس الى الموادعة (3).
وجاءت الخوارج - ونحن نسميهم يومئذ القراء - وأسيافهم على عواتقهم ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ، أتمنعنا أن نسير بأسيافنا الى هؤلاء ، فنقتلهم بحكم اللّه بيننا وبينهم.
ص: 52
فقام سهل بن حنيف (1) فقال : يا هؤلاء القوم اتهموا أنفسكم فإنا قد كنا مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوم الحديبية ، ولو نرى قتالا لقاتلنا. فجاء عمر ، فقال : يا رسول اللّه ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ قال : بلى. قال : أوليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار. قال : بلى. قال : فعلام نعطي الدنيئة في ديننا ، ونرجع لما يحكم اللّه بيننا وبينهم؟ فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا ابن الخطاب إني رسول اللّه ولن يضيعني اللّه.
فانطلق عمر وهو مغضب ، فأتى أبا بكر ، فقال له مثل ذلك. فقال له أبو بكر : إنه رسول اللّه ولن يضيعه اللّه أبدا. فانزلت سورة الفتح.
فأرسل الى عمر ، فقرأها عليه ، من أولها الى آخرها. فقال عمر : أفتح هو يا رسول اللّه.
قال : نعم.
ثم قال سهل للخوارج : إنّ هذا فتح.
فوضعت الحرب أوزارها بحكم الحكمين. ورجع علي علیه السلام الى الكوفة ، وفارقته الخوارج. ونزلوا حروراء وهم تسعة عشر الفا ، فأرسل علي علیه السلام إليهم فناشدهم اللّه ما الذي نقمتم عليّ ، أفي فيء قسمته؟ أم في حكم؟
وأتاهم صعصعة بن صوحان العبدي (2) فناشدهم اللّه أن
ص: 53
يرجعوا ، فأبوا.
فقال لهم : ما الذي نقمتم؟
فقالوا : نحاف أن ندخل في فتنة.
فقال : لا تعجلوا ضلالة العام مخافة فتنة قابل.
قالوا : نكون على ناحيتنا ، فان قبل القضية قاتلناه على ما قاتلنا عليه أهل الشام يوم صفين ، فان نقضها قاتلنا معه.
فساروا حتى قطعوا النهروان.
وافترقت منهم فرقة يقتلون الناس.
فقال أصحابهم : ما على هذا فارقنا عليا علیه السلام ، فلما بلغ عليا علیه السلام صنيعهم قام ، فقال : تسيرون الى عدوكم ، أو ترجعون الى هؤلاء الذين خلفكم في دياركم؟ قالوا : بل نرجع إليهم.
فقال علي علیه السلام : إني محدّثكم عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : إنّ طائفة تخرج من قبل المشرق عند اختلاف الناس ، لا يرون جهادكم مع جهادهم شيئا ولا صلاتكم مع صلاتهم شيئا ولا صيامكم مع صيامهم شيئا ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، علامتهم أن فيهم رجلا عضده كثدي المرأة يقتلهم أولى الطائفتين بالحق.
فسار علي إليهم ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، وجعلت خيل علي علیه السلام لا يقوم لهم.
فقال علي علیه السلام : أيها الناس إن كنتم انما تقاتلون لي فو اللّه
ص: 54
ما عندي ما اجازيكم به ، وإن كنتم تقاتلون لله فلا يكن هذا قتالكم ، فحملوا عليهم ، فقتلوهم كلهم.
فقال : اتبعوا المخدج ، فطلب فلم يوجد ، فركب علي علیه السلام دابته ، وانتهى الى وهدة (1) من الارض فإذا فيها قتلى بعضهم على بعض ، فاستخرج من تحتهم يجر برجليه ، فرآه الناس.
فقال علي علیه السلام : لا أغزو العلم.
فرجع الى الكوفة ، فقتل.
واستخلف على الناس الحسن بن علي علیه السلام ، فبعث قيس بن سعد في مقدمته في اثني عشر الف ، كما كان يفعل علي علیه السلام .
ثم بعث الحسن علیه السلام بالبيعة الى معاوية ، وكتب بذلك الى قيس بن سعد. فقام قيس في أصحابه ، فقال :
أيها الناس أتاكم أمران لا بدّ لكم من الدخول في أحدهما : دخول في فتنة ، أو قتال مع غير إمام.
قالوا : وما ذلك؟
قال : إن الحسن بن علي علیه السلام قد أعطى معاوية البيعة.
فرجع الناس فبايعوا لمعاوية.
ولم يكن لمعاوية همّ إلا الذين تألفهم يتساقطون عليه ، فيبايعونه حتى بقي منهم ثلاثمائة ونيف - وهم أصحاب النخيلة -.
[416] يحيى بن آدم (2) باسناده ، عن الأعمش ، قال : لما رأى أصحاب علي علیه السلام الخوارج قالوا : روحوا بنا روحة الى الجنة.
ص: 55
فقال عبد اللّه بن وهب الراسبي (1) : لعلها روحة الى النار.
قالوا : شككت؟
قال : أتألون (2) على اللّه؟
فاعتزل منهم فروة بن نوفل الأشجعي بألف رجل ، فقال لهم أصحابهم : أشككتم؟ أما لو أن تبقى منا عصابة من بعدنا يدعون الى أمرنا لبدأناكم.
فسار فروة بن نوفل (3) الى الديلم ، فأوقعوا بها وقعة لم ير مثلها.
ثم رجعوا الى النخيلة ، فلما جاء معاوية قاتلوه ، فأرسل الى الكوفة إني خلفت أهل الشام.
قال يحيى : فخرجوا إليهم يعني أصابوهم -.
[417] أبو هاشم ، باسناده ، عن حميد بن هلال ، قال : دخل المسجد رجل ، فنقر كما ينقر الديك.
فقال رجل من أصحاب السواري : ما أحسن هذه الصلاة؟
فقال حذيفة : إن حدثتكم ، أن أصحاب السواري شراركم أكنتم تصدقون؟
فقام رجل ، فقال : لا تحفظن أصحاب السواري فتحفظهم فوجدهم خمسة وعشرين رجلا يصلون الى الأساطين لا يفترون ليلا ولا نهارا.
ص: 56
- وقال ذلك الرجل - : فلما كان يوم النهروان عددت أربعة وعشرين رجلا منهم ممن قتل ، وظننت أن الخامس والعشرين معهم ، ولكن خفي عليّ.
قال : يعني ممن قتله علي صلوات اللّه عليه.
[418] عاصم بن كليب ، عن أبيه ، قال : إني لخارج من المسجد حتى جاء ابن عباس من عند معاوية ، وقد حكموا الحكمين ، فدخل دار سليمان بن ربيعة ، فجلس ، وأجلب الناس إليه (1) ، فما زال يؤتى إليه برجل بعد رجل وكثروا حتى خفت على نفسي ، فقال ابن عباس : إنكم قد أكثرتم ، فاختاروا رجلا منكم يتكلم عنكم ، فاختاروا رجلا أعور من بني تغلب يقال له : عتاب.
فقال : اللّه اكبر.
قال : اللّه كذا.
وقال : اللّه كذا ، ينزع بحجته من القرآن في سورة واحدة.
فقال ابن عباس : إني أراك عالما بما قد فصلت ووصلت.
انشدكم اللّه أيّ رجل كان فيكم أبو بكر؟
فأثنوا عليه خيرا.
قال : فانشدكم اللّه أيّ رجل كان فيكم عمر؟
فأثنوا عليه خيرا.
قال : فانشدكم اللّه لو أن رجلا أصاب ظبيا أو بعض الصيد وهو
ص: 57
محرم فحكم فيه أحدهما ، أيجوز ( حكمه ) (1)؟
قالوا : لا ، لأن اللّه عزّ وجلّ يقول : ( يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ ) (2).
قال : فدماؤكم أعظم.
ثم قال : انشدكم اللّه أنتم تعلمون أن أهل الشام سألوا القضية وكرهناها وأبيناها ، فلما أصابتكم الجراح وعضتكم الحرب ، ومنعتم ماء الفرات ، أنشأتم تطلبوها ، واللّه حدّثني معاوية انه أتى بفرس بعيد البطن من الأرض ليهرب عليه حتى أتاه آت منكم ، فقال : إني رأيت أهل العراق مثل الناس ليلة النفر ، فأقام.
ص: 58
[419] عبد الرحمن بن صالح ، باسناده ، عن ابن سيرين (1) قال : سمعت عبيدة يقول : ذكر علي علیه السلام أهل النهروان. فقال : فيهم رجل مخدوج اليد ، لو لا أن تبطروا لأنبأتكم بما وعد اللّه على لسان رسوله صلی اللّه علیه و آله الذين يقاتلونهم.
قال ابن سيرين : فقلت لعبيدة : أنت سمعته (2)؟
قال : إي وربّ الكعبة إي وربّ الكعبة إي وربّ الكعبة. [ يعني ثلاثا ].
[420] سفيان الثوري ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، انه لما قتل أهل النهروان ، قال : اطلبوا ذا الثدية. وطلبوه فلم يجدوه.
قال : فجعل يعرق جبينه ويقول : واللّه ما كذبت ولا كذبت ، هو رجل مخدوج اليد ، فاطلبوه. فلما استخرجوه ، فرآه ، سجد.
[421] محمّد بن داود ، باسناده ، عن مسروق ، قال : سألتني عائشة : من قتل الخوارج؟
ص: 59
قلت : علي بن أبي طالب علیه السلام .
قالت : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : هم شرّ الخلق والخليقة يقتلهم خير الخلق والخليقة ، وأقربهم الى اللّه وسيلة.
وقد سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ويقول : علي مع الحق والحق مع علي (1).
قال : ثم ذكرت لها أن عليا علیه السلام استخرج ذا الثدية من قتلى أهل النهروان الذين قتلهم.
فقالت : إذا أتيت الكوفة فاكتب إليّ بأسماء من شهد ذلك - من يعرف من أهل البلد -. قال : فلما قدمت الكوفة ، وجدت الناس أتباعا ، فكتبت من كل سبع عشرة ممن شهد ذلك - ممن نعرفه - ، فأتيتها بشهادتهم.
فقالت : لعن اللّه عمرو بن العاص ، فإنه زعم هو قتله على نيل مصر.
[422] عبد اللّه بن الحارث ، باسناده ، عن عاصم بن كليب (2) ، عن أبيه ، قال : بينا علي يحدّث الناس بالكوفة وحوله جماعة ، إذ وقف عليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين أتأذن لي في الكلام؟
فقال : تكلم.
قال : فإني خرجت للعمرة ، فلقيت عائشة ، فقالت لي : ما هؤلاء الذين خرجوا بأرضكم يسمون الحرورية؟ قلت : قوم خرجوا بأرض
ص: 60
تسمّى حروراء ، فنسبوا إليها. فقالت : واللّه لو شاء علي بن أبي طالب لأخبركم بما أخبره به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عنهم. وقد جئتك يا أمير المؤمنين أسألك عن ذلك.
فهلّل علي علیه السلام وكبّر مرتين.
ثم قال : نعم ، دخلت على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وليس عنده أحد غير عائشة. فقال : يا علي ، كيف أنت وقوم كذا وكذا؟
قلت : اللّه ورسوله أعلم. قال : هم قوم يخرجون من المشرق يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، فيهم رجل مخدج كأن يده ثدي امرأة (1).
ثم نظر الى الناس فقال : انشدكم اللّه هل أخبرتكم بهم؟
قالوا : نعم.
قال : فانشدكم اللّه هل أخبرتكم أنه فيهم؟ فقلتم : إنه ليس فيهم. فحلفت لكم أنه فيهم وإني ما كذبت ولا كذبت ، فأتيتموني به تسحبونه كما نعت لكم.
قالوا : نعم. [ صدق اللّه ورسوله ].
[423] يحيى بن اكثم (2) باسناده ، عن ابن عباس ، قال : لما قتل علي علیه السلام أهل النهروان ، قال : أيّ نهر هذا؟
قالوا : هو النهروان.
قال : اطلبوا في القتلى رجلا أخدج إحدى اليدين ليست له كف
ص: 61
ولا ذراع على موضع عضده مثل ثدي المرأة في طرفه حلمة مثل حلمة الثدي ، فيها سبع شعرات طوال.
فالتمسناه ، فلم نجده ، فما رأيته اشتدّ عليه شيء كما اشتدّ ذلك عليه. وقال : اطلبوه! فو اللّه ما كذبت ولا كذبت وأنه لفيهم.
فرجعنا ، وأتينا خندقا فيه قتلى بعضهم على بعض ، فاستخرجناه من تحتهم. فلما رآه فرح فرحا ما رأيناه فرح مثله.
[424] إسماعيل بن موسى ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه لما أتى بالمخدج سجد - سجدة الشكر - (1).
[425] الحكم بن سليمان ، باسناده ، عن أبي سعيد الخدري ، أنه قال : ذكر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الخوارج ووصفهم ، ثم قال : يقتلهم خير البرية علي بن أبي طالب علیه السلام .
[426] إسماعيل ، باسناده ، عن حبة العرني ، انه قال : لما فرغ علي علیه السلام من قتال أهل النهروان قام إليه رجل ، فقال : الحمد لله الذي قتلهم وأخزاهم وأفناهم.
فقال له علي علیه السلام : لقد بقي منهم من هو في أصلاب الرجال ومن هو في أرحام النساء ، ولا تزال الخارجة تخرج منهم بعد الخارجة حتى تخرج منهم فرقة - أو قال : طائفة - لا يناويهم أحد إلا قتلوه - أو قال : ظهروا عليه - ، قال : فيخرج إليهم رجل مني (2) - أو قال : من ولدي - فيقتلهم فلا يخرج منهم بعدها خارجة أبدا.
فاخلق أن يكون الخارج إليهم بعد ما كان منهم وصفه علي
ص: 62
صلوات اللّه عليه الإمام المنصور باللّه صلوات اللّه عليه ، فانه لم يكن للخوارج فئة أشد ولا أغلظ على الامة من فئة اللعين مخلد ، ولا فتنة أعظم من فتنته عمّت الأرض شرقا وغربا وبرا وبحرا حتى خرج إليه المنصور علیه السلام من دار ملكه ، فلم يزل يفله ويقل حده وجمعه ، ويقتلهم في كل موطن ، وهم يولون بين يديه ناكصين على أعقابهم هربا منه يتوغلون الصحاري والرمال ، ويقطعون الفيافي ، وينزلقون في قلل الجبال وهو على ذلك لا يثني عنهم عنان الطلب حيث ما أمعنوا ، وجدوا في الحرب متجشما في ذلك لفح الهجير والحر ، ومباشرة الثلج والقرّ والصرّ حتى أمكنه اللّه عزّ وجلّ من رمته وأفنى على يديه أكثر أهل نحلته. ولن تخرج إن شاء اللّه لهم بعد ذلك خارجة أبدا. وفيه إن شاء اللّه جاء الخير وبذلك عن علي صلوات اللّه عليه (1).
[427] الدغشي ، باسناده ، عن مسروق (2) ، قال : قالت لي عائشة : ترى قول علي علیه السلام « واللّه ما عبروا النهر ولا يعبرونه » حق؟
قلت : إي واللّه حق.
قالت : أفترى قوله في ذي الثدية : اطلبوه ، فو اللّه ما كذبت ولا كذبت؟
ص: 63
قلت : إي واللّه.
قالت : واللّه إني لأعلم أن الحق مع علي ، ولكني كنت امرأة من الأحماء.
[428] وبآخر ، عن غالب الهمداني ، قال : أخبرني رجل من كندة ، قال : خرجت من الكوفة اريد الحج ، فمررت بعائشة ، فدخلت عليها.
فقالت لي : ممن الرجل؟
قلت : رجل من أهل العراق.
فقالت : إني أسألك عن أمر ، ولا تقل بلغني ولا قيل لي ، فإن ذلك قد ينسو به الكذب ، ولا تخبرني إلا عمّا رأته عيناك وسمعته اذناك.
قلت : سلي عما شئت يا أم المؤمنين ، فإني لا اخبرك إلا بما رأيت وسمعت.
قالت : شهدت شيئا من حروب على علیه السلام ؟
قلت : قد شهدت جميعها ، فاسألي عمّا شئت.
قالت : صف لي الموضع الذي اصيب فيه الخوارج؟
قلت : نعم ، اصيبوا. بجانب نهر يقال لأسفله : النهروان ، ولأعلاه :
تأمر ، أصبناهم بين أخافيق وأودية وطرق ، بقرب بناء لبوران بنت كسرى ، هنالك أصبناهم.
قالت : فأصبتم فيهم ذا الثدية؟
قلت : نعم أصبناه ، رجلا أسود له يد كثدي المرأة ، إذا مديت امتدت ، وإذا تركت تقلصت.
قالت : فعل اللّه بعمرو بن العاص ما فعل به ، فقد قال : إنه أصابه على نيل مصر.
ص: 64
قلت : يا اماه ، وما أردت بسؤلك عن ذلك؟
قالت : لخبر.
قلت : فإني أسألك بحقّ رسول اللّه إلا أخبرتنيه.
قالت : سبحان اللّه ، سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : هم شرّ الخلق والخليقة يقتلهم خير الخلق والخليقة ، وأقربهم عند اللّه وسيلة يوم القيامة.
ص: 65
[429] وبآخر ، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه الكناني - من أهل المدينة - حليفا لبني أميّة ، قال : حجّ معاوية ، فأتى المدينة ، فجلس في المسجد في حلقة ، فيها أصحاب النبي صلی اللّه علیه و آله فيهم عبد اللّه بن عباس (1).
فقال له معاوية : أنا كنت أولى بالأمر منك من ابن عمك.
قال ابن عباس : ولم؟
قال : لأني ابن عم الخليفة المقتول ظلما.
قال ابن عباس : فهذا إذا أولى بالأمر منك ومن ابن عمك - وأشار الى عبد اللّه بن عمر - لان أباه قتل مظلوما قبل ابن عمك.
قال معاوية : إن أبا هذا ليس كابن عمي ، إن أبا هذا قتله مشرك ، وإن ابن عمي قتله المسلمون.
فضحك ابن عباس ، وقال : ذاك واللّه أدحض لحجتك إذ كان المسلمون قتلوه.
فسكت معاوية ولم يجر جوابا.
ثم أقبل على سعد بن أبي وقاص.
ص: 66
فقال : وأنت يا سعد الذي لم تعرف حقنا عن باطل غيرنا ، فتكون معنا أو علينا (1).
فقال سعد : إني واللّه لما رأيت الظلمة قد غشيت الأرض قلت لبعيري : هيج ، فلما أسفرت مضيت.
قال له معاوية : لقد قرأت ما بين اللوحين ، فما سمعت فيه هيج (2).
فقال سعد : أما إذا أبيت ، فإني سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول لعلي علیه السلام : أنت مع الحق والحق معك.
فقال له معاوية : لتجيئني بمن سمع ذلك معك أو لأفعلن أو لأصنعن -.
فقال سعد : بيني وبينك أمّ سلمة هي سمعته معي.
فقام معاوية وجماعة معه وسعد ، فأتوها.
فناداها معاوية.
فقال : يا أم المؤمنين إن الكذب قد فشى على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فلا يزال قائل يقول : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ما لم يقله ، وقد زعم سعد أنه سمع قولا من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله [ ما لم نسمعه ] سمعه يقول لعلي بن أبي طالب أنه مع الحق والحق معه (3) ، فإنك سمعت ذلك معه.
قالت : صدق سعد ، في بيتي قال ذلك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام .
ص: 67
قال سعد : اللّه اكبر.
فأقبل عليه معاوية ، فقال : الآن واللّه أنت ألوم ما تكون عندي ، واللّه لو سمعت هذا من رسول اللّه ما زلت خادما لعلي حتى أموت.
وكذب عدو اللّه قد سمع من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أكثر من ذلك ممّا ذكرناه ، وسمع قوله : من كنت مولاه فعليّ مولاه اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه. فما تولاّه ولا والاه بل حاربه وعاداه ولا رجع عما كان فيه ، إذ أخبره سعد وأمّ سلمة بما أخبراه به عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بل تمادى على ظلمه وأصرّ عليه.
ص: 68
[430] وبآخر ، عن عائشة ، أنها قالت : واللّه لوددت أني كنت غصنا رطبا ، ولم أسر مسيري - تعني الى البصرة - يا ليتني كنت حيضة ، يا ليتني كنت حممة.
والحممة : الفحمة الباردة ، وجمعها حمم. ويقال للمرأة السوداء حممة ، شبهوها بالفحمة لسوادها.
[431] وبآخر ، عن قيس بن أبي حازم ، أنه قال : قالت عائشة : لا تدفنوني (1) مع أزواج النبي ، فإني أحدثت بعده حدثا - تعني خروجها مع طلحة والزبير -.
[432] وبآخر ، عن جميع بن عمير ، أنه قال : دخلت على عائشة ، وأنا غلام
ص: 69
مع أمي وخالتي ، فسألتاها عن أشياء ، ثم قالتا لها : ما كانت منزلة علي فيكم؟
قالت : سبحان اللّه كيف تسألاني عن رجل قبض رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله على صدره ، وسالت نفسه في يده فمسح بها وجهه ، ولم يدر الناس وجهة حيث يدفنونه؟ فقال : إن أفضل بقعة بقعة قبض فيها ، فادفنوه بها.
فقالتا لها : وكيف رأيت الخروج عليه؟
قالت : واللّه لوددت أني افتديت من ذلك بما في الأرض من شيء.
[433] وبآخر ، عن فاطمة بنت الحسين ، أنها زاملت (1) عائشة الى مكة ، فرأت يوما عذرة ، فقالت :
واللّه وددت أني كنت هذه ، ولم أخرج في وجهي الذي خرجت فيه.
قال عبد اللّه بن الحسين : فقد تابت ، فلا تقولوا إلا خيرا (2).
ص: 70
[434] وعن عمرو بن أمّ سلمة ، أنه قال : قالت عائشة : واللّه لوددت أني شجرة ، واللّه لوددت إن كنت مدرة ، واللّه لوددت أن اللّه لم يكن خلقني شيئا ، ولم أسر سيري الذي سرت.
[435] وعن أبي جعفر - محمّد بن علي - صلوات اللّه عليه ، إن عيسى بن دينار المؤذن ، قال له : يا ابن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ما تقول في عائشة ، وقد سارت المسير الذي علمت الى أمير المؤمنين ، وأحدثت ما أحدثت في الدين؟
فقال أبو جعفر علیه السلام : أولم يبلغك ندامتها ، وقولها : يا ليتني كنت شجرة ، يا ليتني كنت حجرا؟
قال له عيسى : فما ذاك منها يا ابن رسول اللّه؟ قال : توبة.
[436] الليث بن سعد ، يرفعه الى عائشة ، أنها قالت :
لئن اكون قد قعدت عن يوم الجمل أحب إليّ من أن يكون [ لي ] من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله سبعون - أو قالت أربعون - ولدا ذكرا.
ص: 71
[437] وعن فاطمة بنت علي ، أنها قالت :
ما مات عبد اللّه بن عمر حتى تاب عن تخلفه عن علي علیه السلام [438] عن عبد اللّه بن عمر ، أنه قال : كان يقول : ما أسى على شيء من امور الدنيا إلا أن أكون قد قاتلنا الفئة الباغية مع علي بن أبي طالب علیه السلام .
[439] وعنه ، أنه قال :
ما أسى على شيء إلا على ظلماء الهواجر (1) ، وإني لم أكن قاتلت مع علي علیه السلام الفئة الباغية.
ولم يزل علي علیه السلام - بعد قتله الخوارج - يدعو الناس الى الخروج الى قتال معاوية وأصحابه ، ليقضي دين رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الذي أمره وتقدم إليه بقضائه عنه من جهاد المنافقين الذين أمر اللّه عزّ وجلّ به بقوله ( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ ) (1) ، لا يشغله عن ذلك شاغل ولا تدركه فيه سأمة ، والناس في ذلك يتثاقلون عنه ويتخلفون ويعتذرون لما أصابهم من طول الجهاد معه ، الى أن اصيب صلوات اللّه عليه على ذلك غير وان فيه ولا مقصر عنه.
ومن ذلك ما يؤثر من تحريضه ممّا رواه.
[441] الدغشي ، باسناده ، عنه علیه السلام ، أنه خطب الناس بالكوفة. فقال : بعد حمد اللّه ، والثناء عليه ، والصلاة على محمّد صلی اللّه علیه و آله :
أيها الناس المجتمعة أبدانهم ، المختلفة قلوبهم وأهواؤهم ، ما عزت دعوة من دعاكم ، ولا استراح قلب من قاساكم ، كلامكم يوهي (2) الصم الصلاب ، وفعلكم يطمع فيكم عدوكم ، إذا قلت لكم سيروا إليهم ، قلتم : كيت وكيت ، ومهما ، ولا ندري أعاليل وأضاليل (3) وفعل ذي
ص: 73
الدين المطلّ ، هيهات لا يمنع الضيم الذليل ، ولا يدرك الحق إلا بالصدق والجد ، أيّ جار بعد جاركم تمنعون؟ وعن أيّ دار بعد داركم تدفعون؟ ومع أيّ إمام بعدي تقاتلون؟ الذليل واللّه من نصرتموه ، ومن فاز بكم فاز بالسهم الأخيب ، أصبحت لا أطمع في نصرتكم ، ولا أرغب في دعوتكم ، فرق اللّه بيني وبينكم ، وأبدل لي بكم من هو خير لي منكم ، وأبدل لكم بي من هو شرّ مني لكم.
فلما كان بالعشي راح الناس إليه يعتذرون ، فقال لهم :
أما أنكم ستلقون بعدي ذلا شاملا ، وسيفا قاتلا ، وأثرة قبيحة ، يتخذها الظالمون عليكم حجة تبكي عيونكم ، ويدخل الفقر عليكم في بيوتكم ، ولا يبعد اللّه إلا من ظلم.
فكان كعب بن مالك بن جندب الأزدي إذا ذكر هذا الحديث ، يبكي ، ثم يقول : صدق واللّه أمير المؤمنين ، لقد رأينا بعده ذلا شاملا ، وسيفا قائلا ، وأثرة قبيحة.
[442] ومن ذلك ما رواه محمّد بن الجنيد ، عن أبي صادق ، قال : بعث معاوية خيلا فأغارت على الأنبار (1) ، فقتلوا عامل علي علیه السلام عليها ، وأصابوا من أهلها ، وانصرفوا. فبلغ ذلك عليا علیه السلام . فخرج من فوره مع من خفّ معه حتّى أتى النخيلة (2) ، فأدركه الناس ، وقالوا : ارجع يا أمير المؤمنين فنحن نكفيكهم.
فقال : واللّه لا تكفوني ولا تكفون أنفسكم.
ثم صعد المنبر : فحمد اللّه وأثنى عليه ، وصلّى على النبي صلی اللّه علیه و آله
ص: 74
ثم قال : أيها الناس إن الجهاد باب من أبواب الجنة ، فمن تركه ألبسه اللّه الذلة ، وشمله البلاء ، وضرب بالصغار ، هذا عامل معاوية قد أغار على الأنبار ، فقتل بها عاملي ابن حسان ، ورجالا كثيرا ، وانتهكت بها حرم من النساء ، فقد بلغني أن الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة والاخرى المعاهدة ، فينتزع خلخالها ورعاثها (1) لا تمتنع منه إلا بالاسترحام والاسترجاع ، ثم انصرفوا لم يكلم أحد منهم ، فو اللّه لو أن امرأ مات من دون هذا أسفا ما كان عندي ملوما ، بل كان عندي جديرا ، يا عجبا ، عجبت لبث القلوب ، وتشعب الآراء من اجتماع هؤلاء القوم على باطلهم ، وفشلكم عن حقكم حتى صرتم غرضا (2) ترمون ولا ترمون ، وتغزون ولا تغزون ، ويغار عليكم ولا تغيرون ، ويعصى اللّه وترضون. اذا قلت لكم : اغزوهم في البرد ، قلتم : هذه أيام صرّ وقرّ. واذا قلت لكم : اغزوهم في الحر ، قلتم : هذه حمارة القيظ (3) ، امهلنا حتى ينسلخ الحر. فأنتم من الحر والبرد تفرون ولأنتم واللّه من السيف أفر ، يا أشباه الرجال ولا رجال ، ويا طغام الأحلام ، ويا عقول ربات الحجال ، قد ملأتم قلبي غيظا بالعصيان والخذلان ، حتى قالت قريش : إن علي بن أبي طالب رجل شجاع ، ولكن لا علم له بالحرب ، ومن منهم أعلم بالحرب مني ، لقد نهضت فيها وما بلغت العشرين ، وأنا الآن قد عاقبت الستين ، لكن لا رأي لمن لا يطاع ، كم أمرتكم أن تغزوهم قبل أن يغزوكم ، وقلت لكم : إنه لم يغز قوم قط في عقر دارهم إلاّ ذلوا ، فما قبلتم أمري ، ولا استجبتم لي ، أبدلني اللّه بكم
ص: 75
من هو خير منكم ، وأبدلكم بي من هو شرّ لكم مني ، قد أصبحت لا أرجو نصرتكم ، ولا أصدق قولكم ، ولقد فاز بالسهم الأخيب من فاز بكم.
فقام إليه جندب بن عبد اللّه ، فقال : يا أمير المؤمنين هذا أنا وأخي (1) ، أقول كما قال موسى علیه السلام : ( رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي ) (2). فمرنا بأمرك. فو اللّه لنضر بن دونك ، وإن حال دون ما تريده جمر الغضا وشوك القتاد.
فأثنى عليهما خيرا ، وقال : وأين تقعان رحمكما اللّه ممّا اريد.
ثم نزل ، ولم يزل على ذلك يدعو الناس ويحضهم على جهاد عدوهم ، حتى اصيب صلوات اللّه عليه ورحمته وبركاته.
ص: 76
نكب من الاحتجاج على من حارب عليا ومن خذله
قد ذكرنا أنا لم نبسط هذا الكتاب إلا لذكر فضائل علي صلوات اللّه عليه ، وفضائل الائمة من ذريته علیهم السلام ، وما يدخل في ذلك ممّا يشبهه ، وإن ذكر ما يثبت إمامته ، ويوجب الحجة على من تقدم عليه ، ومن قال بذلك واعتقد يخرج عن حدّ هذا الكتاب لطوله ، واتساع القول فيه ، وكذلك الحجة فيه على مناصبيه والمتوثبين عليه وخاذليه ، تخرج أيضا إذا استقصيت عن حده. ولكنا لما ذكرنا من حاربه وناصبه ، ومن قام معه ونصره ، ومن تخلف عنه وخذله رأينا أن نذكر جملا من الحجة في ذلك ، لأن لا نخلي هذا الكتاب من ذكر شيء من ذلك ، فيلتبس الأمر في ذلك ، ويشكل على من قصر فهمه ، وقلّ علمه ، وإن كنا قد أوردنا فيه ما رواه الخاص والعام من فضل علي صلوات اللّه عليه ، وما يوجب إمامته وطاعته ، وينهى عن التقدم عليه ، وعن مخالفته ومناصبته والتخلف عنه ، وذكرت ما كان منه صلوات اللّه عليه من الصبر على تقدم من تقدم عليه بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، واستأثر دونه بحقه الذي جعله اللّه عزّ وجلّ ورسوله صلی اللّه علیه و آله مخافة ما يكون في ذلك من الاختلاف والتنازع واراقة الدماء ، وما يتخوف منه من الفتنة والردة لقرب عهد الإسلام وأهله بالجاهلية ، وكثرة من لم يعتقده
ص: 77
حق الاعتقاد ومن تسمى به من المنافقين والذين في قلوبهم مرض ، فسالم أبا بكر وعمر وعثمان أيام حياتهم مخافة ذلك ولما عهد إليه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، حتى أحدث عثمان ما أحدثه ، ممّا أنكره عليه جماعة من المسلمين الذين بتقديمهم إياه استحق فيما زعم! وزعم من أوجب ذلك له ما صار إليه ، وخيّروه بين أن يتوب عما أحدثه ويرجع عنه أو أن يعتزل ، فامتنع من كلا الأمرين ، وإذا كان من الواجب أن يقوم باقامتهم إياه ، فالواجب أن يعتزل بعزلهم له ، وتمالوا بأجمعهم في ذلك عليهم ، فلم يكن منهم إلا قائم في ذلك عليه ، حتى قتلوه ، أو خاذل له فيما أتوه إليه ، معرض عنهم فيه.
وكان علي صلوات اللّه عليه فيمن أعرض عن ذلك لم يكن منه فيه أمر ولا نهي ، خلا أنه نهاهم عن حصاره ، وأرسل الماء والطعام إليه ، فكان أكثرهم نفعا له.
فلما قتلوه أتوا عليا صلوات اللّه عليه بأجمعهم ، فبايعوه بعد أن دفعهم ، فلم يقبلوه منه ، ولا انصرفوا عنه ، وبعد أن شرط عليهم من السمع والطاعة في الحق والعدل ، ما تقدم ذكره ، وأخذ ميثاقهم ، وبيعتهم عليه ، بعد أن عقد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عليهم البيعة له في غير موطن - كما تقدم القول بذلك - فلما لم يجد أكثرهم عنده ما عودوه وأرادوه ، نكث من نكث منهم عليه ، وحاربوه ، وقعد من قعد منهم عن نصرته وخذلوه ، وقام أكثرهم معه وحاربوا من حاربه وناصبوا من ناصبه - كما تقدم القول باخبارهم - وما آلى إليه أمره علیه السلام وأمرهم.
وليس ترك علي صلوات اللّه عليه القيام على من تغلّب عليه بمسقط ما وجب له ، وقد أجمع المسلمون على أن سكوت ذي الحق عن طلب حقه ممن هو عنده وعليه ، ما سكت عن ذلك ولم يطلبه غير مسقط لشىء منه ،
ص: 78
وأن له إذا شاء أن يطلب ذلك منه طلبه ، والقيام فيه.
وكذلك امتناعه أن يبايعهم لما أتوه ليبايعوه ، ليس بمزيل ما وجب له ، كما أن ذا الحق إذا عرض عليه حقه ، فأبى في وقت ذلك أخذه ، وأخره الى وقت آخر لم يسقط ذلك ، مع ما أراد صلوات اللّه عليه في ذلك من التأكيد عليهم باشتراط ما شرطه لما تقدم - وعودوه من خلافه من غير الواجب.
وكان اول ما امتحن به علیه السلام بعد أن بويع ، وافضي الأمر إليه ، بعد أن أوغر صدور الخاصة بأن قطع عنهم من الإثرة ما عودوه ، والعامة بما حملهم من العدل عليه إلا من عصم اللّه جلّ ذكره ممّن امتحن اللّه بالايمان قلبه فخف عليه من ذلك ما استثقله غيره ، ما قد احتال به من أراد التوثب عليه من القيام بدم عثمان ممّن كان قد ألب عليه ، وقام مع قاتليه وممّن خذله ، وقعد عنه ، فامتحن علي صلوات اللّه عليه بذلك محنة لم يجد معها غير ما صار إليه ، لأن جميع الخواص والوجوه من جميع الصحابة والمهاجرين والأنصار كانوا قد حلوا فيه محلتين ونزلوا فيه منزلتين : بين قائم عليه مجاهر بذلك حتى قتل ، وبين راض بذلك ، خاذل له معرض عما حلّ به. وعامة من غاب عن ذلك من سواد الناس وجملتهم يكبرون قتله ، ويتعاظمونه مع ما قبحه لهم وألبهم به ، وأغراهم من قبح ذلك لهم ممّن خرج مع طلحة والزبير وعائشة ، واظهارهم أنهم إنما قاموا يطلبون بدم عثمان. وما اقتفاه معاوية وعمرو بن العاص في ذلك من آثارهم ، وسلكاه حتى صار ذلك عند العامة من أكبر الكبائر ، وأعظم العظائم لا يلتفتون فيه الى من قتله ، وأعان عليه ، ولا إلى من قعد عنه وخذله فيه من أكابر الصحابة الذين هم قدوتهم ، وعنهم يأخذون دينهم.
فوقف علي صلوات اللّه عليه من ذلك على أمرين ، المكروه في كليهما ، إن هو صرح بتصويب قتله استفسد العامة. وإن صرح بإنكاره استفسد الخاصة.
ص: 79
فكان أكثر ما عنده في ذلك إذا سئل عنه معاريض القول.
ومجمل الكلام كقوله صلوات اللّه عليه : ما سرني قتله ولا ساءني. فناولت الخاصة ذلك على الاستحقاق به. وناولته العامة على أنه أراد بقوله : ما سرني أنه قتل ، ولا ساءني إذا استشهد فدخل الجنة.
وكقوله علیه السلام : ما قتلته ولا أمرت بقتله ، وهذا بما أبان فيه عما كان منه.
وكقوله : قتله اللّه وأنا معه فتأول ذلك الذين قتلوه على أنه أراد به ، أنه مع اللّه عزّ وجلّ في قتله.
وتأولته العامة على أنه كان معه لما رووه عنه من النهي عن حصاره ، وارساله الماء إليه وهو محصور ، لأنه كان معه من لا ينبغي أن يقتل عطشا في كلام كثير يحتمل التأويل. وما سلم مع ذلك من الأقاويل كما أن سلطانا لو أسر أسيرا ، أو اعتقل رجلا مذكورا فمات الأسير ، أو المعتقل في سجنه لم يعد قائلا يقول : إنه هو الذي قتله ، أو سقاه سما ، أو احتال في موته حتى لو رأوا صاعقة وقعت عليه ، أو عذابا من السماء ، لما صرفهم ذلك عن أن يقولوا فيه.
وكان ما وقع من الفتنة ، وقتل من قتل فيها من الامة ، واختلاف الناس الى اليوم في ذلك مع شهرته ، واطباق من أطبق من الصحابة على قتل عثمان ، أو خذلانه ، ولحق من ذلك عليا علیه السلام وأولياء اللّه - الائمة من ذريته - ما لحقهم من السفلة والعوام مع ذلك ، فكيف لو قد قام علیه السلام على أبي بكر فقتله ، أو على عمر فقتله ، أو كان قد قام فيمن قام على عثمان؟
فمحنة أولياء اللّه ، وإن تحفظوا منها لا بدّ أن يمتحنوا بها ، ليكمل اللّه عزّ وجلّ بها لهم فضيلة الإمامة ، ويرفعهم في أعلى درجات الكرامة. وما كان عندي أن يكون جوابه وقوله وفعله غير السكوت عن ذلك كما سكت لما
ص: 80
نادى منادي أهل الشام بصفين أصحاب علي علیه السلام - وهم ما لم يحص عددهم يومئذ كثرة - : ادفعوا إلينا قتلة عثمان.
فقال أصحاب علي علیه السلام - عن آخرهم بلسان واحد - : كلنا قتلة عثمان.
أفكان يمكنه دفعهم كلهم الى أهل الشام ، فيقتلونهم؟ أو أن يقول لأهل الشام : هم مصيبون في قتلهم إياه؟ وليس كل من قال قولا بما لا يجب له يجب جوابه عليه ، ولو كان ذلك لوجب على كل سامع يسمع - محالا من الكلام - أن يجيب عنه ، أو يحتج على قائليه.
والطلب بالحقوق إنما يكون لأهلها عند إمام المسلمين ، وذلك ممّا أجمعوا عليه ، وعلى أن عليا علیه السلام إمامهم يومئذ ، وليس من أهل الشام ، ولا من غيرهم من يستحق القيام بدم عثمان ، ولا طلب ذلك أحد ممن يستحقه عند علي علیه السلام فيحكم له فيه بما يوجب الحق له عنده.
ولكن الذين قاموا عليه ، ونكثوا بيعته ، وقعدوا أمره جعلوا ذلك سببا يستدعون به الجهال الى القيام معهم لما أرادوه التغلب على ظاهر أمر الدنيا (1) ، والتوثب على أولياء اللّه.
وسنذكر جميع ما احتجوا به ، وأوهموا أهل الضعف من العوام أنهم على حق من أجله. ونقض ذلك وبيان فساده إن شاء اللّه.
ص: 81
فأما المتخلفون عن الجهاد مع علي صلوات اللّه عليه ، وقتال من نكث بيعته ، ومن حاربه وناصبه ، فإنه تخلف عنه في ذلك من المعروفين من الصحابة :
سعد بن أبي وقاص ، وكان أحد الستة الذين سماهم عمر للشورى. وعبد اللّه بن عمر بن الخطاب. ومحمّد بن سلمة.
واقتدى بهم جماعة ، فقعدوا بقعودهم عنه ، ولم يشهدوا شيئا من حروبه معه ، ولا مع من حاربه هذه الفرقة هم أصل - المرجئة - وبهم اقتدوا ، وذهب الى ذلك من رأيهم (1) جماعة من الناس ، وصوبوهم فيه ، وذهبوا الى ما ذهبوا إليه ، فقالوا في الفريقين - في علي علیه السلام ، ومن قاتل معه ، وفي الذين حاربوه وناصبوه - ومن قتل من الفريقين إنهم يخافون عليهم العذاب ، ويرجون لهم الخلاص والثواب ، ولم يقطعوا عليهم بغير ذلك ، وتخلفوا عنهم.
والإرجاء : في اللغة التأخير. فسموا : مرجئة لتأخيرهم القول فيهم ،
ص: 82
وتأخرهم عنهم ، ولم يقطعوا عليهم بثواب ولا عقاب لأنهم زعموا [ انهم ] كلهم موحدون ، ولا عذاب عندهم على من قال : لا إله إلاّ اللّه ، فقدموا المقال وأخروا الأعمال ، فكان هذا أصل الارجاء.
ثم تفرق أهله فرقا الى اليوم يزيدون على ذلك من القول وينقصون.
ورووا في الوقوف الذي وقفه من تقدم ذكرهم عن علي علیه السلام ، وعن الذين حاربوه ، وما ذكرناه عن أبي موسى الأشعري مما رواه أهل الكوفة ، لما أتاهم الحسن علیه السلام وعمار بن ياسر رضی اللّه عنه برسالة علي صلوات اللّه عليه ليستنفرهم ، فلما قرأ كتابه علیه السلام على جماعتهم قام أبو موسى الأشعري ، فقال : أما إني سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : إنه سيكون من بعدي فتنة ، القائم فيها خير من الساعي ، والجالس خير من القائم ، فاقطعوا أوتار قسيكم ، واغمدوا سيوفكم ، وكونوا أحلاس بيوتكم.
فقال عمار بن ياسر رضی اللّه عنه : تلك التي تكون أنت منها ، أما واللّه لقد سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قد لعنك.
فقال أبو موسى : كان ذلك ، ولكنه استغفر لي.
فقال عمار : اللعنة فقد سمعتها ، وأما الاستغفار فلم أسمعه. وقال عمّار رضوان اللّه عليه : أشهد لقد أمرني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بأن أقاتل مع علي الناكثين والقاسطين.
فتعلق أهل الارجاء بالحديث الذي رواه أبو موسى ، وقد أجابه عمار رضی اللّه عنه بجملة تفسيره بقوله : تلك التي تكون أنت منها ، يعني : من أهل الفتنة التي نهى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عن القيام مع أهلها.
وأهل الفتنة هم أهل البغي ، وأهل التخلف عن الجهاد ، وقد أبان اللّه عزّ وجلّ ذلك فيما أنزله في الذين سألوا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله
ص: 83
الإذن في التخلف عن الجهاد معه ، فقال جلّ من قائل : ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ ) (1).
وقتل أهل البغي جهاد ، وقد أمر اللّه عزّ وجلّ به في كتابه وافترضه على المؤمنين من عباده كما افترض عليهم قتال المشركين بقوله تعالى : ( فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللّهِ ) (2) ، والفتنة إلى أمره الدخول في طاعة من أوجب عزّ وجلّ طاعته ، ولو كان القعود واجبا عن كل مفتون ، وقائم بفتنته لسقط فرض جهاد أهل البغي ، وهذا أوضح وأبين من أن يحتاج الى بيانه لما فيه من نصّ القرآن ، فمن قعد عن الخروج مع علي علیه السلام وعن محاربة من حاربه معه لغير عذر يوجب ذلك فقد خالف أمر اللّه عزّ وجلّ ، وترك فرضه الذي افترضه على المؤمنين من عباده من جهاد أهل البغي ، وليس ذلك ممّا يلزم جميع الناس أن يخرجوا فيه ، ولا في جهاد المشركين ، إذا قامت به طائفة منهم لقول اللّه عزّ وجلّ ( وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ ) (3).
وأما قوله جلّ من قائل : ( انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً ) (4). وقوله تعالى : ( وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ) (5). فهو إذا دهم المسلمين من عدوهم ما يحتاجون فيه الى ذلك ، وهذا قول أهل البيت صلوات اللّه
ص: 84
عليهم ، وجملة المنسوبين الى الفتيا من العوام ولو لا ذلك لهلك كل من لم يجاهد في سبيل اللّه وكذلك من له عذر لم يطق الجهاد معه فلا شيء عليه في التخلف عنه إذا صدقت نيته. ومن ذلك ما روي :
[443] عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال لأصحابه ، وقد انصرف من غزاة - : إن بالمدينة قوما ما قطعتم واديا ، ولا شهدتم مشهدا إلا وهم معكم فيه.
قالوا : من هم يا رسول اللّه؟ قال : قوم قعد بهم العذر ، وصدقت نياتهم.
وقد بيّن اللّه عزّ وجلّ هذا في كتابه فقال جلّ من قائل : ( لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ ) (1). فقد يكون لمن تخلف عن علي صلوات اللّه عليه من الصحابة الذين اقتدى بهم غيرهم بتخلفهم عنه ، وجعلوا ذلك حجة لما ذهبوا إليه عذر في التخلف لا يعلم الناس به. أو أنهم رأوا ان عليا علیه السلام مكتف بمن خرج ، وقام معه من المسلمين ، فوسعهم التخلف عنه ، وإن كان الخروج معه أفضل من القعود عنه. ومن ذلك ما تقدم ذكره من ندامة عبد اللّه بن عمر على تركه جهاد الفئة الباغية مع علي علیه السلام ، وعلى تخلفه عنه ، وذلك من الأخبار المأثورة المشهورة عنه.
ص: 85
وجاء ذلك عنه من غير طريق ، وفي غير مقام.
وجاء مفسرا من قوله ، انه قال : ما آسي (1) على شيء إلا إني لم اكن قاتلت مع علي علیه السلام الناكثين - وهم أهل البصرة - ، والقاسطين - وهم أهل الشام - ، والمارقين - وهم أهل النهروان -. فذكرهم صنفا صنفا وشهد عليهم بما يوجب قتالهم ويحل دماءهم.
روى ذلك ، الوليد بن صبيح ، باسناده ، عن حبيب بن أبي ثابت ، أنه سمع عبد اللّه بن عمر بن الخطاب يقوله. فقد يكون غيره كذلك ندم على تخلفه عن علي علیه السلام ، إذ كان له عذر في التخلف ، أو تخلف لعلمه باستضلاع علي علیه السلام بمن معه دون أن يرى أن التخلف عنه لغير عذر تبعة.
وقد اعتذر الى علي علیه السلام جماعة ممن تخلف عنه ، فقبل عذر من اعتذر منهم. وقد ذكرت فيما مضى من هذا الكتاب ندامة عائشة على خروجها ، ورجوع طلحة والزبير لما ذكرهما علي علیه السلام قول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فيه (2). وقول سعد بن أبي وقاص بفضله وأنه على الحق (3).
فأما من تخلف عنه لغير عذر ، أو حاربه فقد عصى اللّه عزّ وجلّ ، وعصى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وقد ذكرت الأخبار المشهورة في ذلك ، عن النبي صلی اللّه علیه و آله قوله فيه :
اللّهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله.
ص: 86
فمن تخلف عنه لغير عذر فقد خذله ، ومن خذله فقد عاداه.
وقوله له : سلمك سلمي ، وحربك حربي. فمن حاربه فقد حارب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، ومن حارب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فقد حارب اللّه سبحانه.
وقوله : من آذى عليا فقد آذاني. ولا أذى أشد من المحاربة في غير ذلك ممّا ذكرناه ، ونذكره في هذا الكتاب ممّا هو في معنى ذلك.
وما جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من نصه على من يقاتله من بعده وأنهم الناكثون والقاسطون والمارقون ، ووصفه إياهم بصفاتهم ، وما يكون منهم وما يؤول إليه أمرهم ممّا جاء عن اللّه عزّ وجلّ.
فرؤساء الناكثين : - وهم أصحاب الجمل - طلحة والزبير وعائشة - قد تابوا من خروجهم عليه ، ورجعوا عليه وندموا على ما فرط منهم فيه ، فلم يجد أحد بعدهم سببا لذلك يتعلق به في أن يقول بقولهم ، أو يصوّب فعلهم ، أو أن يتخذ قولا يقول به ، ومذهبا يذهب إليه ، وهم قد رجعوا عنه.
وأما معاوية ، وأتباعه ، والخوارج ومن قال بقولهم ، فأصروا على باطلهم ، ولم يرجعوا عنه كما رجع من تقدمهم ، وأن معاوية وأصحابه ، إنما احتذوا على مثال أصحاب الجمل في انتحالهم القيام بطلب دم عثمان فلم يرعهم رجوع من استنّ ذلك لهم عن الرجوع عنه ، بل تمادوا على غيّهم ، وساعدتهم الدنيا فاستمالوا بها كثيرا من الناس ، فذهبوا الى مذهبهم ، وقالوا بمثل قولهم ، وتابع الخوارج على ما ذهبت إليه كل من أبغض عليا صلوات اللّه عليه أو ذهب الى التقصير به. وكل من أراد أن يأكل أموال الامة ، وسفك دمائها ، فجعل القول بذلك وسيلة الى ما أراده من ذلك.
وكان ممّا تهيأ لمعاوية بن أبي سفيان ممّا قوي به على مقاومة علي علیه السلام ، والخلاف عليه ، ووجد به أنصارا وأعوانا على ما أراده من ذلك ،
ص: 87
أنه كان مع أخيه يزيد بن أبي سفيان (1) ومع أبي عبيدة بن الجراح (2) ، وقد شهد فتوح الشام. والشام دار مملكة الروم ، وموضع أموالها وكنوزها وذخائرها وخيراتها.
ومعاوية من المؤلفة قلوبهم كما ذكرنا فيما تقدم ، وثبت ذلك ، وفيمن أعطاه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وأباه يوم حنين من غنائم هوازان ما أعطاهما مع جملة المؤلفة قلوبهم لرقة اسلامهم ليسترضيهم ويتألفهم على الإسلام ، ولم يكن ممن نزع عن الغلول ، والاستيثار بما قدر عليه من الفيء.
ثم هلك أخوه يزيد ، فاستعمله عمر بن الخطاب مكانه ، فاحتوى على مملكة الشام ، وبيوت أموال ملوك الروم ، وأموال أشرافهم ، فاكتسب من ذلك أموالا عظيمة وذخائر نفيسة ، فكان يرضي بها من معه ، ويستميلهم الى ما يريده ، ويعطي من أتاه.
ونزع إليه ممن يرغب في الدنيا ، وهم عامة الناس. واتفق له أن عليا صلوات اللّه عليه طالب عمال عثمان ، وكان من أقطعه عثمان قطيعة من مال المسلمين بما في أيديهم ممّا أقطعوه ، واقتطعوه ، ومن مثل ذلك خاف معاوية على ما في يديه ، ولعلمه بأن عليا صلوات اللّه عليه لا يدع له شيئا منه. فنزع إليه من كانت هذه حاله ومن خاف عليا علیه السلام واتقى جانبه أو من علم أنه ليس له من الدنيا عنده ما يريده.
وكان ممّا يشنعون به عليه وينذرون منه به ، أن بعضهم سأله (3) للحسن والحسين علیهماالسلام متكلفا لذلك من غير أن يسألاه فيه ولا أن يعلما بسؤاله ذلك لهما ، إلا أنه أراد الشناعة (4) عليه بذلك إذ قد علم أنه لا يفعله ، في أن
ص: 88
يزيدهما دراهم في عطائهما ، فانتهره من ذلك ، ولم يجبه إليه ، فجعل يبث ذلك عنه ، ويشنعه عليه ، ليؤنس أبناء الطمع منه (1) فلم يبق مع علي صلوات اللّه عليه إلا أهل البصائر في الدين الذين يجاهدون معه بأموالهم وأنفسهم ، كما افترض اللّه عزّ وجلّ كذلك الجهاد على كافة المؤمنين.
ولحق بمعاوية أبناء الدنيا ، وأهل الطمع ، وكل سخيف الدين عار من الورع ، وكل من استثقل العدل عليه ، وإقامة الحق فيه ، وعلم أن له عند معاوية ما يحبه من ذلك ويرضيه.
فلم يخلص مع علي صلوات اللّه عليه إلا أهل البصائر والورع من المهاجرين والأنصار ، والتابعين لهم بإحسان ، وأشراف العرب - من ربيعة ومضر - ممّن سمت همته إليه ، وأنف من الكون مع معاوية والانحياش إليه. حتى كان أكثر عسكره الرؤساء والأشراف والوجوه. حتى كان لكل رئيس منهم لواء ، ولكل سيد معسكر ، وقلّ ما تستقيم الامور على هذه الحال ، وقد قيل إن الشركة في الرئاسة شركة في الملك ، والشركة في الملك كالشركة في الزوجة.
وكان أصحاب معاوية الرؤساء منهم يطيعونه ويتبعونه لما يرجون من دنياه ، وسائرهم رعاع ، واتباع ، وبالطاعة تستقيم الامور.
[444] ومن ذلك ما قد روي عن علي صلوات اللّه عليه ، أنه امتحن أصحاب معاوية وأصحابه ، قبل أن يخرج الى معاوية ، فأرسل رجلا من الكوفة إلى حمص (2) وبها معاوية ، وقال للرجل :
ص: 89
اركب راحلتك وسر ، فاذا دخلت حمص ، فلا تعرج على شيء ، ولا تغيّر ثيابك ، واقصد المسجد الجامع ، فانخ راحلتك واعقلها ببابه ، وادخل المسجد على هيئتك. فإن الناس سيسألونك من أين قدمت؟
فقل : من الكوفة. فهم يسألونك عن امري ، فقل : تركته معتزما على غزوكم قد فرغ من عامة ما يحتاج إليه لذلك ، وما أظنه إلا وقد خرج على أثري. وانظر ما يكون منهم ، وارجع إليّ بالخبر.
ففعل الرجل ذلك.
فلما سمع أهل المسجد قوله خاضوا في ذلك وخاض الناس ، واتصل الخبر معاوية ، فأتى المسجد ، فرقى المنبر ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، وصلّى على النبي صلی اللّه علیه و آله ، ثم قال :
أيها الناس إنه قد انتهى إليّ ما قد فشى فيكم ، وانتهى إليكم من قدوم علي في أهل العراق إليكم لغزوكم ، فما أنتم قائلون في ذلك ، وصانعون؟
فسكتوا حتى كأن الطير على رءوسهم.
ثم قا [ م ] (1) رجل من سادات حمير ، فقال : أيها الأمير عليك المقال وعلينا انفعال.
( انفعال لغة حميرية يدخلون النون مكان اللام ).
فقال : أرى أن تبرزوا في غد على بركة اللّه.
ثمّ نزل ، فأصلحوا مبرزين.
وانصرف الرجل الى علي صلوات اللّه عليه وأخبره الخبر.
فأمر بالنداء في الناس بأن الصلاة جامعة ، وخرج الى المسجد
ص: 90
الجامع ، وقد اجتمع الناس فيه. فرقى المنبر ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، وصلّى على النبي صلی اللّه علیه و آله ، وقال :
أيها الناس إنه قد انتهى إليّ أن معاوية قد برز من حمص في أهل الشام ، ومن معه يريد حربكم ، فما أنتم في ذلك قائلون وصانعون؟
فقام رجل ، فقال : يكون الأمر كذا. وقال الآخر : بل الرأي كذا. وقام آخر فقال غير ذلك. حتى قام منهم عدة ، واعتكر الكلام.
فنزل علي صلوات اللّه عليه ، وهو يقول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، غلب واللّه ابن آكلة الأكباد.
وقيل أيضا : إن الناس خاضوا بصفين ، فاختلط أصحاب معاوية ، وترك أكثرهم مراكزهم ، فخرج منهم ، فوقف بينهم ، فأشار بكمه عن يمينه ، فرجع كل من كان في تلك الناحية ، وأشار عن يساره ، ففعلوا كذلك.
فقال له بعض من شهده : إن هذه للطاعة.
فقال : إني ما أخلفتهم قط في وعد ولا وعيد.
فمن أجل هذا وما قدمنا قبله ممّا يجري (1) مجراه تهيأ لمعاوية أن يقاوم عليا علیه السلام . وعلي صلوات اللّه عليه في الفضل والاستحقاق بحيث لا يخفى مكانه على أحد أن يقيسه بمعاوية في خصلة من خصال الخير.
حتى أن بعض أهل التمييز والمعرفة سمع من يقول علي أفضل من معاوية.
فقال : هذا من فاسد القول ، إنه ليس يقال إن العسل أحلى من
ص: 91
الصبر ، ولا إن الحنظل أمر من السكر ، [ ف- ] معاوية أقلّ من أن يقاس بعلي علیه السلام .
تمّ الجزء الخامس من كتاب شرح الأخبار في فضائل الائمة الأطهار تأليف سيّدنا القاضي الأجلّ النعمان بن محمّد بن منصور قدّس اللّه روحه ورزقنا شفاعته وانسته.
ص: 92
شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام
للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي
المتوفي سنة 363 ه. ق
الجزء السادس
ص: 93
ص: 94
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
فأما نزوع من نزع عن علي صلوات اللّه عليه الى معاوية ، فلم يكن أحد منهم نزع عنه إليه اختيارا لدينه ، ولا ناظرا لأمر آخرته ، وإنما نزع عنه إليه من نزع لما قدمنا ذكره من مطالبة علي صلوات اللّه عليه لهم بما أقطعوه واقتطعوه من مال اللّه ، وخوفهم من أن يقيم عليهم حدود اللّه ، ولما وثقوا به من إطعام معاوية إياهم مال اللّه وتبجيحهم (1) لديه في معاصي اللّه ، وتحرمهم (2) به من إقامة حدود اللّه التي لزمتهم ، كنزوع عبيد اللّه بن عمر بن الخطاب إليه لقتله الهرمزان - وقد ذكرنا قصته - وما كان من تخلية عثمان إياه ، وتواعد علي علیه السلام له بالقتل إن قدر عليه ، وإقامة الحق فيه ، والقود منه ، فلحق بمعاوية ، فأمنه.
ومثل النجاشي (3) لما شرب الخمر ، فأقام عليه علي علیه السلام الحد ، وخاف من ذلك ، فلحق بمعاوية ، فكان يشربها بالشام صراحا.
ومثل مصقلة بن هبيرة ، فإنه اشترى سبي بني ناجية (4) وأعتقهم فطلبه
ص: 95
علي علیه السلام بأثمانهم ، فهرب عنه الى معاوية في عامة بني شيبان ، وهم عدد كثير ، معروف كان عنده مقامهم ، ومشهورة أيامهم.
وكان يزيد بن حجبة من وجوه أصحاب علي علیه السلام فاستدرك عليه مالا من مال خراج المسلمين ، فطالبه به ، وحبسه لما له عن الأداء ، ففر من محبسه (1) ولحق بمعاوية في عدد كثير من قومه.
ولحق أيضا بمعاوية خالد بن معمر في عامة بني سدوس لأمر نقمه على علي صلوات اللّه عليه ، ولقدره ، وكثرة من جاء به الى معاوية من قومه. قال قائل شعرا :
معاوي أمر خالد بن معمر *** فإنك لو لا خالد لم تؤمر
وممّن هرب عن علي (2) صلوات اللّه عليه الى معاوية من مثل هؤلاء كثير من وجوه العرب ورؤسائهم ، ومن أهل البأس والنجدة والرئاسة في عشائرهم لما اتصل عن معاوية من بذله الأموال ، وإفضاله على الرجال ، وإقطاعه القطائع مثل إطعامه عمرو بن العاص خراج مصر ، وإقطاعه ذا الكلاع ، وحبيب بن سلمة (3) ، ويزيد بن حجبة ، وغيرهم ما أقطعهم ، وأنا لهم إياه ، وعلموا ما عند علي علیه السلام من شدته على الخائن ، وقمعه الظالم ، وعدله بين الناس ، واسترجاعه ما أقطعه عثمان ، وفشى ذلك عنه ، وتفاوض أهل الطمع ، وقلة الورع فيه ، حتى قال خالد بن المعمر للعباس بن الهيثم :
ص: 96
اتق اللّه في عشيرتك وانظر في نفسك ، ما تؤمل من رجل سألته أن يزيد في عطاء ابنيه الحسن والحسين دريهمات لما رأيته حالتهما (1) ، فأبى عليّ ، وغضب من سؤالي إياه ذلك.
فكان ذلك ممّا تهيأ به لمعاوية ما أراده ، وهو في ذلك مذموم غير مشكور ، بل مأثوم مأزور ، وممّا امتحن اللّه به عليا علیه السلام ، وهو فيه محمود مشكور ، مثاب مأجور ، وفيما منع منه معذور ، على أن أكثر من نزع عن علي علیه السلام ، ولحق بمعاوية لم يكونوا جهلوا فضل علي علیه السلام ، ولا غبي عنهم نقص معاوية ، ولكنهم إنما قصدوه للدنيا التي أرادوها وقصدوها.
وقد باين معاوية كثير منهم كالذي يحكى عن عمرو بن العاص ، أنه لما قدم عليه جعل يذكر له فضل القيام بدم عثمان ، وما في ذلك من الثواب والأجر (2) ، وما في اتباعه في ذلك إذا قام به (3).
فقال له عمرو : دعني من هذا يا معاوية إنما جئتك لطلب الدنيا ، ولو أردت الآخرة للحقت بعلي. فأقطعه مصر.
وكان ابنه قد كره له المسير (4) الى معاوية ، فلما سمع منه ما سمع قال : يا أبة وما عسى أن يكون من مصر في أن تؤثر بها الباطل على الحق؟
فقال عمرو : وان لم يشبعك مصر فلا أشبع اللّه بطنك (5).
وكالذي يحكى من قول معاوية للنجاشي ، وقد أقطعه وأرضاه : أينا (6)
ص: 97
أفضل ، أنا أو علي بن أبي طالب؟ فقال النجاشي شعرا :
نعم الفتى أنت لو لا أن بينكما
كما تفاضل ضوء الشمس والقمر
فرضي معاوية منه بذلك.
واخذ هذا على النجاشي من انتقد قوله ، فقال : ما علمت أحدا من أهل التمييز يقول إنه ليس بين علي علیه السلام وبين معاوية من الفضل إلا بقدر ما بين الشمس والقمر ، ولا من يجعل لمعاوية في الفضل حظا (1) ولا نصيبا مع علي علیه السلام إلا مثل ما بين هاشم وعبد شمس ، وبين عبد المطلب وحرب ، وبين أبي طالب وأبي سفيان ممّا تفاضل به البرّ والفاجر ، وتساوى فيه الجاهلي والإسلامي ممّا تفتخر به العرب فيما بينهما.
وقد الّفت كتابا سميته كتاب المناقب والمثالب ، ذكرت فيه فضل هاشم وولده وما له ولهم من المناقب في الجاهلية والإسلام ، وفضلهم في ذلك على عبد شمس وولده ، ومثالب عبد شمس وولده في الجاهلية والإسلام على الموازنة رجلا برجل الى وقت تأليفي ذلك ، وبسطي له ، فمن أحب معرفة ذلك نظر فيه ، ولو ذكرت ذلك في هذا الكتاب لخرج عن حده ، وهو في مثل قدر نصف هذا الكتاب.
على أن في قول النجاشي معنى لطيفا ، وذلك أن نور القمر إنما يكون عن نور الشمس ، كذلك معاوية إنما إسلامه من حسنات علي علیه السلام .
وعلى أن معاوية في كثير من مجالسه (2) ومقاماته لم ينكر ، ولا دفع فضل علي علیه السلام ، كالذي روي عنه أن رجلا (3) من أصحاب علي
ص: 98
علیه السلام نزع إليه ، فأدخله عليه وعنده جماعة من أهل الشام ووجوه من معه من غيرهم ، فقال له : من أين أقبلت؟
قال : من عند هذا العي الجبان البخيل - يعني عليا علیه السلام -. فسكت معاوية.
وقام عمرو بن العاص ، فقال لمعاوية : أيها الأمير لا يسرك من يغرك.
فقال له معاوية : اجلس يا أبا عبد اللّه وأنت كما قال الأول شعرا :
مهما تسرك من تميم خصلة *** فلما يسؤك من تميم أكثر
وكره أن يسمع ذلك من حضره ، فلما انصرفوا احضر عمرو بن العاص ، وأمر بالرجل ، فادخل إليه (1).
ثم قال له : من عنيت بالعي الجبان البخيل؟
قال : علي بن أبي طالب.
قال : كذبت واللّه فيما قلت ، ولو لم يكن للامة إلا لسان علي لكفاها (2). وما انهزم علي قط ولا جبن في مشهد من مشاهد حروبه ، ولا بارزه أحد إلا قتله. ولو كان له بيتان ، بيت من تبن ، وبيت من تبر لأنفق تبره قبل تبنه.
قال الرجل : فإذا كان علي عندك بهذه المنزلة ، فلم حاربته؟
قال : لأجل هذا الخاتم الذي من غلب عليه جازت طينته (3).
ص: 99
وكالذي جاء من خبر عقيل بن أبي طالب ، وذلك أنه أتى الى علي علیه السلام يسأله أن يعطيه ، فقال له علي علیه السلام : تلزم عليّ حتى يخرج عطائي فاعطيك.
فقال : وما عندك غير هذا؟
قال : لا.
فلحق معاوية فلما صار إليه ، حفل به (1) وسرّ بقدومه ، وأجزل العطاء له ، وأكرم نزله.
ثم جمع وجوه الناس ممن معه وجلس وذكر لهم قدوم عقيل ، وقال : ما ظنكم برجل لم يصلح لأخيه حتى فارقه وآثرنا عليه ، ودعا به.
فلما دخل رحب به وقربه ، وأقبل عليه ، ومازحه ، وقال : يا أبا يزيد من خير لك أنا أو علي؟
فقال له عقيل : أنت خير لنا من علي ، وعلي خير لنفسه منك لنفسك.
فضحك معاوية - وأراد أن يستر بضحكه ما قاله عقيل عمن حضر - وسكت عنه.
فجعل عقيل ينظر الى من في مجلس معاوية ويضحك.
فقال له معاوية : ما يضحك (2) يا أبا يزيد؟
فقال : ضحكت واللّه إني كنت عند علي ، والتفت الى جلسائه فلم أر غير المهاجرين ، والأنصار ، والبدريين ، وأهل بيعة الرضوان ، وأخاير
ص: 100
أصحاب النبي صلی اللّه علیه و آله ، وتصفحت من في مجلسك هذا فلم أر إلا الطلقاء (1) أصحابي وبقايا الأحزاب أصحابك.
وكان عقيل ممن أسر يوم بدر ، وفيمن اطلق بفكاك فكه به العباس مع نفسه (2).
فقال له معاوية : وأنت من الطلقاء يا أبا يزيد؟
فقال : إي واللّه ، ولكني أبت الى الحق ، وخرج منه هؤلاء معك.
قال : فلما ذا جئتنا؟
قال : لطلب الدنيا.
فاراد أن يقطع قوله ، فالتفت الى أهل الشام ، فقال : يا أهل الشام أسمعتم قول اللّه عزّ وجلّ : ( تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ ) (3).
قالوا : نعم.
قال : فأبو لهب عمّ هذا الشيخ المتكلم يعني عقيل - وضحك وضحكوا.
فقال لهم عقيل : فهل سمعتم قول اللّه عزّ وجلّ : ( وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ) . هي عمة أميركم معاوية ، هي ابنة حرب بن أميّة زوجة عمي أبي لهب وهما جميعا في النار ، فانظروا أيهما أفضل الراكب أم المركوب؟
فلما نظر معاوية الى جوابه قال : إن كنت إنما جئتنا يا أبا يزيد للدنيا فقد أنلناك منها ما قسم لك ، ونحن نزيدك ، والحق بأخيك ، فحسبنا ما لقينا منك.
ص: 101
فقال عقيل : واللّه لقد تركت معه الدين ، واقبلت الى دنياك ، فما أصبت من دينه ، ولا نلت من دنياك عوضا منه ، وما كثير اعطائك إياي ، وقليله عندي إلا سواء ، وإن كل ذلك عندي لقليل في جنب ما تركت من علي.
وانصرف على علي علیه السلام .
والأخبار في مثل هذا كثير ، وإن نحن أوردنا ما انتهى إلينا طال الكتاب بها ، وليس أحد يجهل فضل علي علیه السلام على معاوية إلا من لا علم له بأخبار الناس وأشرارهم ، ومن الفاضل ومن المفضول منهم ، وقد ذكرت فيما مضى من هذا الكتاب ، وأذكر فيما بقي منه ما في أقل قليل منه ما يبين لمن وفق لفهمه ما لعلي صلوات اللّه عليه من نهاية الفضل الذي لا يدعي لأحد بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله مثله.
وأن معاوية ليس يقاس به ، ولا يدانيه في ذلك ، ولا يقارنه (1) ، بل معايبه ومثالبه (2) أغلب عليه ، واكثر ما فيه ، ولو لم يكن له ما يعيبه ويثلبه إلا محاربته عليا صلوات اللّه عليه ومعاداته إياه مع قول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام : حربك حربي وسلمك سلمي ، وقوله : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللّهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه. فمن عاداه اللّه عزّ وجلّ ، وكان حربا لرسوله صلی اللّه علیه و آله ، فأيّ نصيب له في الإسلام ، فكيف بان يدعى له فضيلة فيه؟
ص: 102
وأكثر ما ادعى له من الفضل من ادعاه ممن مال إليه وتولاه لدنياه ، ومن تسبب به الى الباطل لنيل حطام الدنيا وإيثاره ذلك على الاخرى.
إنهم قالوا : كان حليما صبورا محتملا. والحلم والصبر والاحتمال إنما يحمد عليها من استعملها في طاعة اللّه عزّ وجلّ ، فحلم عما يجب في الدنيا الحلم عنه ، وصبر على طاعة اللّه ، وصبر عن معاصيه ، واحتمل المكروه في ذاته عزّ وجلّ.
فأمّا من حلم وصبر ، واحتمل في معاصيه عزّ وجلّ وما يوجب سخطه ، واستعمل ذلك فيما حادّ اللّه به ورسوله وأولياءه ليقوى بما استعمله من ذلك على ما ارتكبه من المعصية والعنود ، كما استعمل ذلك معاوية ليستميل به قلوب أهل الباطل إليه ليقوى بهم على مناصبة ولي اللّه ومحاربته ، فذلك فيما يعدّ من مثالبه ومعايبه وخطاياه ، وليس بأن يكون له في ذلك فضل.
وكذلك قالوا : كان سمحا جوادا وهوبا مفضالا ، وإنما يحمد السماحة والموهبة ، ويعدّ الإفضال ، ويذكر الجود (1) لمن جاد لماله في مرضات اللّه جلّ ذكره ، وأنفقه في سبيله.
ص: 103
فأما من غلّ أموال المسلمين وخانها واقتطعها وأقطعها ، وسمح بها ، ووصل من يستعين به على معصية اللّه جلّ ذكره ، وحرب وليه الذي أمر اللّه بطاعته وافترض مودته كما فعل معاوية ، فليس يعدّ من فعل ذلك في أهل (1) السماحة والجود والإفضال ، وإنما يعدّ من كانت هذه حاله في أهل الخيانة والغول والمحاربة لله عزّ وجلّ وللرسول صلی اللّه علیه و آله ، وقد جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : يسأل العبد يوم القيامة عن ماله مما جمعه وفيما أنفقه (2).
فجمع معاوية ما جمعه من الأموال معلوم ، وقد ذكرت ذلك وعطاءه وسخاءه ، فإنما كان على من نزع إليه كما ذكرنا ممن يطلب ذلك عنه.
وقالوا : كان ذا رأي وعقل وسياسة ، جمع بذلك قلوب من كان معه عليه إليه ، وانصلحت به أحوالهم له (3).
فإنما الرأي المحمود ما اصيب به الحق لا الباطل ، والرأي الذي يصيب به صاحبه الباطل مذموم غير واجب أن يستعمل ، والعاقل من عمل بطاعة اللّه ، فأما من عمل بمعاصيه فهو الجاهل.
وأما السياسة ، فقد أقام اللّه عزّ وجلّ منها للعباد في كتابه ، وعلى لسان رسوله صلی اللّه علیه و آله ، وفي سنّته ما إذا فعلوه استقام لهم به أمر دينهم الذي تعبّدهم بإقامته ، فمن جعل اللّه عزّ وجلّ إليه سياسة الخلق ، فساسهم بأمره ونهيه ، وحملهم على كتابه وسنّة رسوله كما فعل علي علیه السلام ، فقد
ص: 104
استنقذ نفسه واستنقذ من أطاعه منهم من عذاب اللّه ، وأحرز (1) واحرزوا به ثوابه جلّ ذكره.
ومن تغلب على ما لم يجعله اللّه عزّ وجلّ له كتغلب معاوية ، وساس من اتبعه بما يحملهم (2) به على معصية اللّه ومعصية أوليائه الذين تعبدهم بطاعتهم (3) كما ساس معاوية وأصحابه بذلك وحملهم عليه ، فقد أهلك نفسه وأهلك من اتبعه ، ولم يكن محمود السياسة عند أهل العلم بكتاب اللّه وسنّة رسوله صلی اللّه علیه و آله ، وإنما السياسة المحمودة ما جرت على واجب الكتاب والسنّة.
وقالوا : كان عالما بالحرب بصيرا بالمكايد والمكر (4) والحيل فيه (5) مع ما جمع إليه من مكر عمرو بن العاص.
فالمكايد والمكر والحيل في الحرب إنما يحمد ذلك لأهل الحق إذا استعملوا منه ما يجب ، ويحل في أهل الباطل.
فأما مكر أهل الباطل واحتيالهم على أهل الحق فغير محمود لهم بل هو زائد في سوء أحوالهم وخطاياهم وآثامهم.
وقد قيل مثل ذلك لعلي صلوات اللّه عليه ، وأشار عليه كما ذكرنا بعض من رأى المكر والاحتيال على معاوية ، بأن يكتب إليه بعهد على الشام ، فاذا بايع له واستقر ذلك عند الناس عزله.
فقال علي صلوات اللّه عليه : إن هذا الرأي في أمر الدنيا ، فأما في أمر
ص: 105
الدين فلا ينساغ ذلك ولا يجوز فيه ( وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً ) (1). وذلك أنه لو فعل ذلك لكان في توليته إياه وهو يعلم أنه لا يستحق الولاية ، ولا يجوز له الحكم في المسلمين معصية اللّه عزّ وجلّ ، ومخالف لما أمر به. وإن وزر ما يأتيه من محارم اللّه عزّ وجلّ ، ويذره من طاعته ، ويلحقه إثمه وإثم ما يرتكب من المسلمين ، وينال من الذنب (2) مذ توليه الى أن يعزله ، ولأنه إن عزله بعد أن ولاه ، وهو يوم يعزله على ما كان عليه يوم ولاه ، لم يكن له في عزله حجة إلا التوبة من فعله الذي فعل في توليته.
وقد قيل : ترك الذنب أوجب من طلب التوبة (3). وكان علي صلوات اللّه عليه يقول : لو استخرت (4) المكر - يعني في مثل هذا - ما كان معاوية أمكر مني (5).
وممّا أنكروه على علي صلوات اللّه عليه أنه سمى معاوية وأهل الشام القاسطين.
قالوا : فإن كان سمى طلحة والزبير وأصحابهم الناكثين لأنهم نكثوا بيعته ، والخوارج المارقين لأنهم مرقوا عنه ، فمن أين لزم أهل الشام اسم القاسطين ، ولم يأخذ على معاوية ولا عليهم جورا في حكم؟
فيقال لمن قال ذلك : إن عليا علیه السلام لم يسمهم بهذا الاسم ، وإنما
ص: 106
سماهم به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فإن كنت معترضا في ذلك فاعترض عليه.
وإنما ذكر علي صلوات اللّه عليه من ذلك ما سمعه وحكاه عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فإن اتهمته وأسقطت نقله عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فأنت أعلم ، ونفسك ، وقد فارقت بذلك جماعة المسلمين ، مع أن ذلك قد رواه كثير من الصحابة (1) ونقله عنهم ثقات الرواة من اصحاب الحديث.
وقد ذكرنا بعض من نقل ذلك عنه من الصحابة ممن آثره عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ونص بذلك عليهم : أنهم أهل الشام (2) روى ذلك عمار بن ياسر قدّس اللّه روحه وهو من الفضل في الموضع الذي لا يدفع عنه. ورواه عبد اللّه بن عمر ولم يشهد حربهم وتأسف على ذلك ، وندم عليه. ورواه عبد اللّه بن مسعود ، ومات قبل أن تكون هذه الحرب (3) في عدد كثير من الصحابة.
فأما جورهم في الحكم ، فأيّ جور أعظم من جور من جار على إمام زمانه ، وحاربه (4) ، واستحل قتل أفاضل الصحابة الذين شهد لهم رسول اللّه
ص: 107
صلی اللّه علیه و آله بالجنة من أهل بدر ، ومن أهل بيعة الرضوان ، وأخبر عن بعضهم أن الفئة الباغية تقتله (1).
والجور ، إنما هو في اللغة : الميل عن الحق. فأيّ ميل يكون أعظم من هذا ، ومن منع الزكاة من وجب له قبضها ، والصلاة من استحق أن يقيمها ، والأحكام من هو ولي تنفيذها ، وولي ذلك غيره؟ فهل بقي من الميل عن الحق الى الباطل شيء ، لم يدخل فيه من فعل هذا. وقد فعله معاوية ومن اتبعه من أهل الشام وغيرهم؟ ولو كانوا على الحق لكان علي علیه السلام ، ومن اتبعه من المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان على الباطل ، وإن لم يكن علي علیه السلام وأصحابه ممن ( جار عن الحق فالذين جاروا عنه هم ممن ) (2) حاربهم وخالفهم.
وقول هذا القائل ما حكيناه قول من لم يتعقب ما قاله ، ولا عرف الحق لأهله.
وهذه حجة ، ما علمنا أن معاوية ، ولا أحد من أصحابه احتج بها على علي علیه السلام ، ولا على احد ، لعلمهم بأنها لا تثبت لهم ، ولو ثبتت لكانوا أولى بأن يحتجوا بها. وكذلك أكثرها نحكيه من قول المحتجين له والذاكرين يزعمهم فضائله ، وإنما هم نوابت نبتوا بعد ذلك (3) ، وجاءوا بزخرف القول يبتغون به دنيا من زخرفوه له : من بني أميّة ، ومن تولاهم رغبة في دنياهم.
ولو كانت هذه الحجج (4) قد احتج بها معاوية ، أو أحد من أصحابه
ص: 108
لذكرت في أخبارهم ، فلم نردها مذكورة في شيء منها (1) ولكني اثبتها في هذا الكتاب ونقضتها لئلاّ يلتبس الحق بالباطل على من سمعها ممّن يقصر فهمه ، ويقل تمييزه ، وباللّه أستعين على مادة وليه وفي ذلك أعول ، ولا حول ولا قوة إلا باللّه ( العلي العظيم ) (2).
وقالوا : خال المؤمنين (3) ، لأنه أخو رملة (4) بنت أبي سفيان زوج النبي صلی اللّه علیه و آله ، ولقول اللّه عزّ وجلّ : ( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ ) (5) فتركوا أن ينزعوا بهذه الآية فيما نزع به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من ولاية علي علیه السلام في قوله : ألست أولى بكم منكم بأنفسكم؟ لقول اللّه عزّ وجلّ : ( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) . فقالوا : اللّهمّ نعم. قال : فمن كنت مولاه فعلي مولاه. فنزعوا بها فيما لا يوجب شيئا ممّا ذكروه (6) لأن قول اللّه عزّ وجلّ : ( وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ ) . إنما أوجب به تحريم نكاحهن على غيره ، كما قال جلّ من قائل : ( وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً ) (7).
ص: 109
وما علمنا أن أحدا من قرابة أزواج النبي صلی اللّه علیه و آله ادعى بذلك فضيلة لنفسه ، ولا تسبب به ، بذكر قرابة للمؤمنين إذ لم يرد اللّه عزّ وجلّ بذلك القرابة ولا النسب فتستحقه أقاربهن ، ولا استحققن ( بذلك ) (1) ميراثا من المؤمنين ، ولا حجبن به أحدا عن ميراث كما تحجب الام (2) ، وقد قال اللّه عزّ وجلّ : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) (3). فلم يتقرب بعضهم الى بعض تقرب القرابة بالأنساب ولا تقرب غيرهم بهم ممن ليس من أهل الإيمان ، وقد كان لأزواج النبي صلی اللّه علیه و آله قرابات من المسلمين ومن المشركين ، فما تقرب أحد منهم ولا تقرب له بهذه القرابة ، ولا قال أحد إن أبا بكر ولا عمر ولا أبا سفيان أجداد المؤمنين (4) ولا عبد اللّه بن عمر ولا يزيد بن أبي سفيان ولا محمّد بن أبي بكر أخوال المؤمنين ، ولا غيرهم من أقارب أزواج النبي صلی اللّه علیه و آله ممن علمناه تقرب الى المؤمنين بقرابته منهن.
وهذا القول من قائليه (5) سخف وضعف ، وما لا يوجب فضيلة لمن أراد أن يجعلها له به ، ولو كانت فضيلة لعدت لغيره من أمثاله ولأبيه ولأخيه من قبله ، ولأبي بكر ولعمر وغيرهم من قرابات أزواج النبي صلی اللّه علیه و آله ، ولا نعلم أحدا نسب أحدا منهم الى ذلك غير من نسب معاوية إليه لافتقاره الى ما يوجب الفضل وعدمه وذلك.
ص: 110
وقالوا : كان معاوية كاتب الوحي ، وقد كتب الوحي لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - وهو ما كان ينزل عليه من القرآن - جماعة ممن كان يومئذ يحسن الكتابة ، وكانوا قليلا (1) كعلي علیه السلام ، وقد كان يكتب ذلك وكتب ذلك قبل معاوية عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح ، ثم ارتد كافرا ، ولحق بمكة (2) قبل الفتح ، ونذر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله دمه يوم فتح مكة. وقد ذكرنا فيما تقدم خبره (3) واستنقاذ عثمان بن عفان إياه.
وما علمنا أحدا جعل كتابة الوحي فضيلة يتوسل بها الى أن يكون إماما بذلك ، والناس يكتبون القرآن الى اليوم. والتماس مثل هذا لمن يراد تفضيله ممّا يبيّن تخلفه عن الفضائل (4).
ص: 111
وأما تسبب معاوية الى الخلاف على علي علیه السلام ومناصبته له لما عزله من (1) العمل الذي كان عليه ، وانتحاله الطلب بزعمه بدم عثمان امتثالا منه لما سبق به من ذلك طلحة والزبير ، إذ لم يجدوا شيئا يتوسلون به الى القيام بأنفسهم يوجب عند العامة لهم ما أرادوا التوثب عليه بالتغلب من أمر الامة ، فجعلوا القيام بدم عثمان سببا لذلك.
فقد ذكرنا ما لم يختلف فيه الناس من قيام المهاجرين والأنصار وسائر المسلمين على عثمان في إحداثه ، وما أرادوه منه من الرجوع عما كان منه ، أو الاعتزال ، فأبى عليهم. فأجمعوا (2) عليه بين خاذل وقاتل. وقد ذكرنا خبره (3) ، وما كان من جواب من كان مع علي علیه السلام لأهل الشام لما قالوا : ادفعوا إلينا قتلة عثمان. فقالوا - بلسان واحد - : كلنا قتلته. وهم مائة الف أو يزيدون.
ولو كان الأمر الى الطلب بدم عثمان لكان ذلك إنما يكون لأولاده ، فقد خلف أولادا ، وأعقابهم الى اليوم كثيرة. وما علمنا أن أحدا منهم طلب بدمه ، ولو طلبوا لما جاز لهم أن يطلبوه إلا عند إمام المسلمين ، أو من أقامه
ص: 112
الإمام لتنفيذ الأحكام في القود والقصاص. فأما طلب معاوية بذلك وأهل الشام فليسوا بأولياء الدم ، ولا ممن يستحق الطلب به والقيام فيه ولذلك أعرض عنهم علي صلوات اللّه عليه ، كما أن طالبا لو طلب عند حاكم من الحكام ما ليس له ؛ لم يكن لقوله جواب عنده.
ولو كان المدعى عليهم دم عثمان قوم معروفون ممن كان مع علي علیه السلام ، ووجب عليهم القصاص ، فما جاز أن يدفعوا الى معاوية وأهل الشام ، وليسوا بأولياء الدم ، ولا ممن يجوز لهم القود ، أو العفو ، أو أخذ الدية ، ولأنهم مع ذلك غير مأمونين عليهم لو دفعوا إليهم.
ولو كان معاوية وأهل الشام أولياء للطلب بدم عثمان - كما زعموا - لم يكن لهم أن ينصبوا الحرب لإمام المسلمين قبل أن يطلبوا بحقهم عنده ، ويخاصموا إليه من ادعوا ذلك عليه. ثم يقولون له : إن لم تدفع إلينا من اتهمناه بدم ولينا قاتلناك ، وقتلناك إن قدرنا عليك ، ومن قدرنا عليه من أصحابك (1).
هذا هو الخروج والبغي على الأئمة وأهل الحق بعينه ، وليس سبيله سبيل الطلب بالحقوق. فإظهار معاوية وأصحابه الطلب والقيام بدم عثمان فاسد ومحال من جميع الجهات ، وفي كل المقالات ، ولم يكن معاوية يومئذ يدعي الإمامة ولا يدعها أحد له ممن كان معه ، ولا تسمى أمير المؤمنين إلا بعد أن تغلب على ظاهر أمر الحسن علیه السلام بعد أن قتل علي علیه السلام ، ولم ينته إلينا ولا سمعنا أن أحدا من أولياء دم عثمان قام عند معاوية فيه بعد تغلبه. ولا أنه أقاد أحدا منهم - من أحد ممن اتهم بقتله - بل قد أعولت ابنته - عائشة - لما دخل داره بالمدينة في حين تغلبه ، وذكرت مصاب أبيها.
ص: 113
فقال لها : يا ابنة أخي إن هؤلاء أعطونا سلطانا ، فأعطينا لهم أمانا ، وأظهرنا لهم حلما تحته غضب ، وأظهروا لنا طاعة تحتها حقد ، وابتعنا منهم هذا بهذا ، ومعهم سيوفهم ، وهم يرون مكان شيعتهم ، فإن نكثنا بهم نكثوا بنا ، ولا ندري أعلينا تكون الدائرة أم لنا ، ( ولئن تكوني بنت عم أمير المؤمنين ) (1) خير لك من أن تكوني امرأة من عرض الناس.
فهلا أعداها (2) على قتلة أبيها الذين قام عليهم ( قبيلة ) (3) بالأمس بدمه؟ أو قال لها : اطلبي بحقك واحضري خصمائك. وهلا طلب هو بذلك إن كان ولي الدم - كما زعم - وليس بوليه بإجماع الامة؟ ولو عفا عنه ولد عثمان ، لما كان له ولغيره أن يطلب به ، وكذلك إذا لم يطلبوا لم يجز الطلب لغيرهم.
وهذا قول جميع أهل القبلة في الطلب بالدم ، وقد قال اللّه عزّ من قائل : ( وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً ) (4). يعني يطلب عنده بحقه (5) ، فيبلغه الواجب له ، ولم يجعل للناس أن يقتصوا ويحكموا لأنفسهم ، ولا أن يأخذوا حقوقهم ممن كانت عليه عنوة بأيديهم ، ولا أن يطلب بذلك لهم غيرهم ممن لم يوكلوه لطلبه ، ولا أن يحكم لهم في ذلك إلا من جعل اللّه عزّ وجلّ الحكم إليه ، وهذا الذي لا يجوز غيره ، ولا يجزي الأحكام إلا به.
فالوجوه محيطة بفساد دعوى معاوية وغيره ممن ادعى دم عثمان والقيام
ص: 114
فيه فضلا عن سفك الدماء ، وقتال المسلمين ، وإمامهم ، وقتلهم دون ذلك ، وما شك ذو عقل ولا تمييز علم أمر معاوية وما كان منه في ذلك أن مدافعته وقتاله علي بن أبي طالب علیه السلام ومن معه إنما كان دون أن يعتزل له إذا أعزله.
وممّا يؤيد ذلك ما رووه عنه أنه احتج على علي إذ أراد عزله ، واحتج به له غيره من بعده إذ رأى أنه من حجته بزعمه أن قال :
هذا موضع وضعني (1) به عمر بن الخطاب ولم يعزلني منه مذ ولاني إياه. وكان لا يدع أميرا إلا استبدل به أو غضب عليه لبعض ما يكون منه ، وربما أمر بإشخاصه إليه ، ولم يغضب عليّ مذ رضي عني ، ولا عزلني بعد إذ ولاني. ثم جمع إليّ الأرباع بعد أن قد كان ولاني ربعا ، وقوى أمري وثبت وطأتي. ثم أكد ذلك عثمان وشدده وقواه ومكنه ، ثم أمرتني بالاعتزال من غير أن أخون أو أحدثت (2) حدثا ولا أويت محدثا ، وأنت لم تأخذها (3) من جهة التشاور كما أخذها عثمان ، ولا نص عثمان عليك كما نص أبو بكر على عمر ، ولا أجمعت عليك الامة كما أجمعت على أبي بكر. فلم يكن لي أن اسلم إليك علقا في الضرعة (4) كنت تسلمته من أهله في الجماعة ، فإن حاربتني على ما في يدي منعتك منه ، وإن تركتني سلمته الى من يجتمع عليه الناس إن أمروني بتسليمه إليه ، ولي أن أمنعك بالسلاح إن شهرت عليّ السلاح وبالحجة إن طلبته مني بالحجة.
وقيل : إنه قال ، أو قال ذلك من تقوله له :
ص: 115
احسبوا أن هذا العلق الذي صار في يدي كان لقطة التقطتها ثم طلبها مني علي ، وزعم أنها له ، أليس لي أن أمنعه منها ، حتى يتبين أنها له بعلامة أو دلالة؟ فإن قاتلني على ذلك قاتلته ، وإن كفّ عني حتى يتبين لي ذلك كففت عنه ، وأنا في منعي إياه إياها (1) محق ، وهو في طلب أخذها مني قبل البيان مبطل.
فهذه آكد حجة لمعاوية عند السفيانية وعند من تسبب بأسبابهم من المروانية (2) ، وقلّ من يعرفها منهم ، ومن عرف من حجة خصمه ما لا يعرفه الخصم من حجته ، كان أجدر بأن يكون أقوم بالحجة منه. ومن ضرب عن حجة خصمه عند الاحتجاج عليه كان جديرا بأن يجد من يقوم بها عليه.
وهذه الحجج وما قدمنا قبلها مما وضعه من أراد التقرب به الى المتغلبين من آل أبي سفيان ، وآل مروان ، يدل على ذلك ويبينه ، أنها لم تذكر في شيء من أخبار صفين ، ولا فيما جرى بين علي علیه السلام وبين معاوية. وقد صنف ذلك أهل الأهواء للفريقين وأهل الصدق في نقلهم ، وترك الميل في ذلك الى أحد دون أحد وهبه ، قال ذلك واحتج به فحججه بذلك أدحض وأفسد من أن يعبأ بها ، ويلتفت إليها. والحق بحمد اللّه معنا يدمغها ويدحضها ، ويبين لمن نظر بعين الإنصاف عوارها.
فأما قوله : إن عمر كان ولاه ولم يعزله ولا غضب عليه ، وإن عثمان
ص: 116
أقره على ما كان في يده وأكد ذلك له ، وإن ذلك مما رأى أنه لا ينبغي لعلي علیه السلام أن يزيله عنه.
فلو شئنا أن نقول في تولية من ولاه وإثبات من أثبته لقلنا ، ولكن لا أقل من أن يكون ما قال من توليته وإثباته وأن ذلك بحق واجب كما ذكر له أن يلي ما ولي عليه ويثبت فيما أثبت فيه ، فهل بين المسلمين اختلاف أن لمن ولاه أن يعزله ، وأنه إن عزله لم يكن له أن يعترض عليه في ذلك ، ولا أن يمتنع من العزل ، بأن يقول كما قال معاوية : إنه لم يحدث حدثا ولا آوى محدثا.
فإن أقرّ بذلك من احتج بهذه الحجة له قيل له : أو ليس ذلك كذلك يجب لمن ولي الأمر بعد الذي ولاه. والذي أثبته كما فعل ذلك أبو بكر وعمر وعثمان في توليتهم كثيرا ممن ولوه ، إذا أرادوا توليته ، وعزلهم لما أرادوا عزله. وولاه بعضهم وعزله من بعدهم لأنه إذا كان للأول أن يعزل من ولاه وارتضاه إذا رأى عزله كان ذلك أجوز لمن بعده إذا كان لم يرضه.
وهذا ممّا لا اختلاف فيه - فيما أعلمه - بينهم ، لأنه كثير موجود فيهم ، ولو ذكرنا من ولوه وعزلوه لطال ذكرهم ، وهو ما لا فائدة في ذكره لإجماعهم عليه ، ولكننا نذكر طرفا منه ليسمعه من قد لعله خفي ذلك عنه.
ص: 117
وقد كان سعد بن أبي وقاص من قريش - هو سعد بن مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب - يجتمع مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بعد أربعة آباء.
وكان سعد هذا فيما رووه أحد العشرة الذين شهد لهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بالجنة ، ودعا له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقال : اللّهمّ أجب دعوته وسدد رميته ، وكان منه أرمى الناس.
وكان على الناس يوم القادسية (1) فدعا على رجل ، فقال : اللّهمّ اكفنا يده ولسانه. فقطعت يده واخرس لسانه ، لدعاء النبي صلی اللّه علیه و آله ، بأن يستجيب اللّه عزّ وجلّ دعوته.
وقد ذكرت فيما تقدم أنه تخلف عن الخروج مع علي علیه السلام لعذر - إذ ليس مثله يتخلف عنه إلا لذلك - ، وأن معاوية قال له بعد ذلك بالمدينة : أنت يا سعد الذي لم تعرف حقنا من باطل غيرنا فتكون معنا أو علينا.
فقال له - فيما جرى بينهما - : أما إذا أبيت ، فإني سمعت رسول اللّه صلّى
ص: 118
اللّه عليه وآله يقول لعلي علیه السلام : أنت مع الحق ، والحق معك.
فكذبه معاوية في ذلك وتواعده ، إن لم يأت بمن سمع ذلك معه ، واستشهد بام سلمة رضوان اللّه عليها.
فقالت : نعم ، في بيتي قال ذلك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
وقد ذكرت الخبر بتمامه فيما تقدم (1).
وكان سعد من أفاضل الصحابة عندهم ، وكان أحد الستة الذين أقامهم عمر للشورى ، واستعمله عمر على الكوفة ، ثم عزله ، ورضيه للخلافة.
واستعمله بعد ذلك عثمان على الكوفة ، ثمّ عزله عنها.
وولي مكانه الوليد بن عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أميّة (2).
وكان أميّة بن عبد شمس (3) - فيما ذكر الكلبي - قد خرج الى الشام فوقع على أمة للخم (4) يهودية من أهل صفورية ، ولها زوج يهودي من أهل الصفورية ، فولدت ولدا سمي ذكوان ، فادعاه أمية ، وأخذه من أمه. وسلمه زوجها اليهودي الذي كان ولد على فراشه إليه ، وأتى به أمية الى مكة ، وكناه : أبا عمر. ولذلك قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، لما أمر بقتل عقبة بن أبي معيط - هذا الذي استعمله عثمان مكان سعد بن أبي وقاص - لما
ص: 119
استعطفه بالقرابة. فقال له رسول اللّه :
وأي قرابة لك ، إنما أنت يهودي من أهل صفورية. فقال : فمن للصبية (1)؟
قال : النار.
وكان معه من صبيته الوليد هذا. وهو ممن شهد له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بالنار.
وكان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قد استعمل الوليد على صدقات بني المصطلق.
وأتى فقال : منعوني الصدقة - وهو كاذب -.
فأمر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بالسلاح إليهم ، فأنزل اللّه عزّ وجلّ ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ) (2).
وقد وقع بينه وبين علي صلوات اللّه عليه كلام. فقال : لأنا ارد للكتيبة ، واضرب لهامة (3) البطل المشيح منك. فأنزل اللّه عزّ وجلّ فيها : ( أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً ) الآية (4).
وكان الوليد هذا أخا عثمان لامه (5) ، وكان جده - أبو عمر - قد تزوج
ص: 120
امرأة أبيه من بعده في الجاهلية. وكان الوليد مع هذا العرق الخبيث والأصل السوء ، وما أنزل اللّه عزّ وجلّ فيه ، وأنه من أهل النار ، وشهادة النبي صلی اللّه علیه و آله بالنار ، من سوء الحال بحيث لا يخفى حاله.
ولما ولاه عثمان الكوفة صلّى بالناس - وهو سكران - فلما سلّم التفت إليهم ، وقال : ازيدكم؟ (1) وشهد بذلك عليه عند عثمان ، فلم يجد بدا من عزله.
فهذا الوليد بهذا الحال قد عزل عثمان به سعد بن أبي وقاص على ما ذكرنا من حاله. فما امتنع سعد من أن يعتزل ، ولا قال لعثمان ، ولا لعمر قبله - إذ عزلاه - : لم تعزلاني؟ وما أحدثت حدثا ، ولا آويت محدثا ، كما قال معاوية ، أو تقول ذلك له ، ولا امتنع ، ولا كان أكثر ما قال في ذلك. إلا أنه لما قدم عليه الوليد بن عقبة عاملا مكانه وجاء بعزله ، قال له : ليت شعري اكست بعدنا أم حمقنا بعدك.
فقال له الوليد : يا أبا إسحاق ، ما كسنا ولا حمقنا ، ولكن القوم استاثروها.
فهذا فعل عثمان الذي يذكر معاوية أنه إمامه ومولاه ، فكان أولى به أن يقتدي بفعله ، ولا يحتج بشيء يخالفه فيه.
وأما قوله : إن عليا صلوات اللّه عليه لم يأخذ الخلافة من جهة التشاور
ص: 121
كما أخذها عثمان ، ولا نصّ عليه عثمان كما نصّ أبو بكر على عمر ، ولا اجتمعت الامة عليه كما اجتمعوا على أبي بكر.
فالإمامة فريضة من اللّه عزّ وجلّ افترضها على عباده ، وأمرهم بطاعة من افترضها له من ائمة دينه كما افترض عليهم طاعته وطاعة رسوله صلی اللّه علیه و آله ، ووصل هذه الطاعات الثلاث بعضها ببعض ، فقال جلّ من قائل : ( أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (1). ولم يفوض الطاعة إليهم فيقول لهم : أطيعوا من شئتم فيكون لهم أن ينصبوا إماما لأنفسهم يطيعونه ، وأن يقيموا نبيا أو الها من دونه ، ولكنهم إنما تعبّدوا بطاعة من اصطفاه عليهم ، وأقامه لهم من رسله ، فقال سبحانه : ( اللّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ ) (2) ، وقال سبحانه : ( إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) (3). وقال لإبراهيم : ( إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) (4) ولم يكن النبي صلی اللّه علیه و آله جعل للناس في حياته أن يولوا عليهم واليا ، ولا أن يؤمّروا على أنفسهم أميرا ، بل كان هو في أيام حياته الذي يؤمّر عليهم الأمراء ، ويولي الولاة ، وطاعته واجبة على العباد في حياته وبعد وفاته ، وسنّته متبعة من بعده كما كانت متبعه في وقته ، وقد أمّر عليهم عليا علیه السلام وأخذ عليهم بيعته في غير موطن ، كما ذكرنا ذلك وبيناه في هذا الكتاب (5) ، فكان علي صلوات اللّه عليه إمام الامة بنص رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله والتوقيف عليه كما يجب أن تكون كذلك الإمامة لا كما زعم هذا القائل : إنها تكون باختيار الناس وإجماعهم كما زعم أنهم أجمعوا على أبي بكر وما أجمعوا عليه كما قال :
ص: 122
ولا عقد له ذلك إلا نفر منهم ، وهذا ما لا يدفع ولا ينكر.
ولو لم تجب الإمامة للإمام حتى يجتمع الناس عليه ، ما أجمعوا على إنسان أبدا.
وإن كانت كما زعم إنما تجب باجماع الناس ، فلم أقام أبو بكر عمر دونهم ، وأنكروا عليه إقامته ، فلم يلتفت الى إنكارهم إذ اجتمعوا إليه ، فقالوا : نناشدك اللّه أن تولي علينا رجلا فظا غليظا.
فقال : أبا لله تخوفونني! أقعدوني.
فأقعدوه.
فقال : نعم إذا لقيت اللّه عزّ وجلّ ، قلت له : إني قد وليت عليهم خير أهلك.
فإن كانت الإمامة لا تجب إلا بإجماع الناس ، فقد أخطأ أبو بكر في توليته عمر عليهم ، وهم له كارهون ، وعمر في ولايته عليهم وهم عليه غير مجتمعين.
وفي اقتصار عمر بها على ستة من بعده جعلهم فيها يتشاورون دون جميع المسلمين. فلا هو اقتدى بفعلهم في أبي بكر ، ليجمعوا كما زعم هذا القائل على من رأوه ، ولا هو نصّ على رجل بعينه كما نصّ أبو بكر عليه.
والإمامة فريضة من فرائض الدين وليس للناس أن يحيلوا فريضة من فرائض دينهم ، ولا أن يزيدوا فيها ولا أن ينقصوا منها ، فالاستحالة إنما كانت في عقد الإمامة من قبل من جعلهم هذا القائل حجة لنفسه بزعمه ، وأخذ علي علیه السلام الإمامة إنما كان من الذي أوجب اللّه عزّ وجلّ أخذها منه عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
وقد تقرر (1) القول فيما تقدم من هذا الكتاب بذكر ذلك وما يؤيده
ص: 123
ويشهد له ويثبته (1) ويؤكد صحته.
وأما قوله : إنه لم يكن له أن يسلّم إليه علقا (2) في الفرقة كان تسلّمه من أهله في الجماعة.
فالجماعة في المتعارف في اللغة : قوم مجتمعون على أمر ما كان. فإن اجتمعوا على حق كانت جماعتهم جماعة محمودة ، وإن اجتمعوا على باطل كانت جماعتهم جماعة مذمومة.
والقول في الجماعة والاجتماع يخرج من حدّ هذا الكتاب ، وقد أثبتنا منه صدرا كافيا في كتاب اختلاف اصول المذاهب ، فمن أثر علم ذلك وجده فيه إلا أنا نذكر في هذا الكتاب طرفا منه يكتفي به إن شاء اللّه تعالى.
وذلك إنا إنما وجدنا ذكر الجماعة يجرئ مع قولهم أهل السنّة والجماعة. فالسنّة : سنّة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . والجماعة المحمودة : هي الجماعة المجتمعة عليها وعلى القول بكتاب اللّه عزّ وجلّ ، وبما جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، كما كانت الجماعة التي كانت كذلك مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله تتبعه وتأخذ عنه ولا تفارقه ، هي الجماعة المحمودة. والمفارقون له ، وإن اجتمعوا وكثروا ، فليسوا بجماعة محمودة. وعلى ذلك تكون الجماعات من بعده ، وقد جاء عنه صلی اللّه علیه و آله أنه قال : افترق بنو إسرائيل على اثنين وسبعين فرقة ، وستفترق امتي (3) على ثلاث وسبعين فرقة ، فرقة واحدة ناجية وسائرها هالكة في النار.
ص: 124
قيل : يا رسول اللّه ، ومن الفرقة الناجية؟
قال : أهل السنّة والجماعة.
قيل : ومن أهل السنّة والجماعة؟
قال : الذين هم على ما أنا اليوم عليه وأصحابي (1).
وقد ذكرت أن الذي كان عليه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأصحابه ، إنه لم يكن يتقدم عليهم ، ولا يتأمر عليهم إلا من قدمه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأمّره ، وهذا ما لا اختلاف فيه بين المسلمين أعلمه. فأصحاب السنّة والجماعة بعده كذلك من اتبع من قدمه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وأمن عليهم ، وإن قلّ عددهم ، ومن خالف في ذلك سنّته ، وقدم من لم يقدمه ، وأمرّ من لم يؤمره ، فليسوا من أهل السنّة والجماعة المحمودة وهم أهل جماعة مذمومة.
وقد سئل علي صلوات اللّه عليه من أهل السنّة ، ومن أهل الجماعة ، ومن أهل البدعة؟
فقال : أما أهل السنّة فالمستمسكون بما سنّه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وان قلوا ، وأما أهل الجماعة فأنا ومن اتبعني وإن قلّوا (2) ، وأما أهل
ص: 125
البدعة فالمخالفون لأمر اللّه عزّ وجلّ وكتابه ورسوله والعاملون بآرائهم ، وأهوائهم في دينه.
المبتدعون ما لم يأت عن اللّه تعالى ولا عن رسول صلی اللّه علیه و آله ، وليس يقع اسم الجماعة على قوم مختلفين في دينهم ، وأحكامهم ، وحلالهم ، وحرامهم يقول كل واحد منهم في ذلك برأيه ، حتى يجتمعوا على ما في كتاب اللّه عزّ وجلّ وسنّة رسوله صلی اللّه علیه و آله .
فالجماعة المحمودة إنما هي جماعة الحق التي اجتمعت عليه ، والحق جامعها وعلتها. فمن كان عليه فهو من الجماعة المحمودة ولو لم يكن إلا واحدا.
وقد جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنه قال للمؤمن : المؤمن وحده جماعة.
وقال اللّه عزّ وجلّ : ( إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً ) (1).
وقد جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنه قال - في غير واحد ذكره - : يبعث يوم القيامة امة وحده ، فليس ينقض صاحب الحق ولا يضعه (2) عن درجته افتراق الناس عنه ولا يزيده في ذلك اجتماعهم عليه.
وقد جاء عن بعض المتكلمين ، أنه قال - في أهل الفضل الذي تكلمنا عليه بعينه - : أكثر الناس يغلطون في حكم الإجماع في هذا المكان ويلحقون
ص: 126
بغير شكله ، ويقول : إن الناس إنما اجتمعوا على تفضيل الفاضل لفضيلة وجدوها فيه.
فالاجتماع تبع الفضيلة الموجودة ، وليست الفضيلة تبعا للإجماع الذي كان منهم.
واذا كان الفضل في الفاضل موجودا فعليهم الإجماع عليه ، فإن اختلفوا فلا يبعد اللّه إلا من ظلم وخالف الحق ، والحق حق الفاضل ولن يصل إليه مع ضعف الموافق ، وقوة المخالف ، فإن وافق صاحب الحق إجماعا عليه ، فعليه الشكر ، والحق حقه. وإن وافق اختلافا فعليه الصبر ، والحق حقه.
وقد كان فضل علي علیه السلام ظاهرا مكشوفا وبينا معروفا ، ونصّ الرسول عليه مذكورا ، والخبر بذلك معروفا مشهورا ، فمن أجمع عليه فقد أصاب حظّه ، وأخطأ المخالف له وحرّم رشده ، وقد أصابه ذلك علیه السلام فصير لما اختلفوا فيه ، وقلّ ناصروه ، وتابعوه ، وشكر لما أجمع منهم عليه ونصروه. وقام لما وجد الى القيام سبيلا على من خالفه كما يجب ذلك عليه. وكان ثوابه على البلاء والصبر كثوابه على العطاء والشكر. وليس إنما يجب الحق ويكون أحق بالإجماع عليه ، ولكن الحق حق. وعلى الناس أن يجمعوا عليه ، ولا يعيده باطلا إن اختلفوا فيه ، ولم يقبل أحد منهم عليه ، بل الباطل يلزم من فارقه ، وهو نقيضه وضده. ولو كان الحق إنما يكون حقا بالإجماع لكان الباطل أولى أن يكون حقا لأن أكثر الناس قد أجمعوا عليه ، وقد ذكر اللّه عزّ وجلّ ذلك في غير موضع من كتابه ، فقال تعالى : ( وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ) (1) وقال تعالى :
( وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) (2). ( وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ ) (3) وقال تعالى :
ص: 127
( الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ ) (1).
فهذه جملة من القول في الإجماع والجماعة ، والرد على ما قاله معاوية ، وتقول له بما لا يخفى الحق فيه على من وفق لفهمه وما فيه كفاية من كثير مثله ، واللّه يهدي من يشاء الى صراط مستقيم.
ص: 128
وأما ما احتجت فيه الخوارج في مفارقتها (1) عليا علیه السلام ومحاربته ، فقد ذكرت فيما تقدم عنه صلوات اللّه عليه وعنهم وعمن حكى قولهم ، أنهم إنما نقموا عليه تحكيمه الحكمين.
وقالوا : إن بيعته كانت هدى ، وإنها أكد وأصلح من كل بيعة تقدمتها ، كان الناس أتوه لها طوعا راغبين في بيعته ، مسارعين إليها.
وإن طلحة والزبير نكثا عليه وبغيا ، وكان في قتالهما مصيبا موفقا.
وفي قتال معاوية الى أن حكم الحكمين.
قالوا : فأخطأ في ذلك إذ حكم في دماء المسلمين وفي نفسه عمرو بن العاص ، وهو ممن لا يجوز شهادته ، فكيف حكمه.
وقالوا : وتحكيمه شك في أمره ، فإن كان كذلك ، فلم قاتل وقتل من قتل على الشك ، وإن لم يكن في شك من أمره ، فالتحكيم غير واجب فيما لا شك فيه.
قالوا : وإن كنا نحن وغيرنا من أصحابه قد رأينا ذلك التحكيم لما رفع معاوية وأصحابه المصاحف وأطبقنا في ذلك عليه ، فلم يكن له أن يرجع
ص: 129
إلينا - ونحن على الخطأ - وكان الواجب عليه أن يمضي على ما هو عليه من الحق والصواب ، فإذ قد فعل ذلك ، فقد زالت إمامته ، وسقطت طاعته ، ووجب جهاده إن أقام على ذلك ، أو ادعاه ولم يرجع عنه.
فهذه جملة (1) من قول الخوارج في علي علیه السلام .
فيقال لهم : إن عليا علیه السلام لم يكن في شك من أنه على الحق ، ومن معه ، وإن معاوية ومن معه على الباطل. ولا غاب عنه مكرهم في رفعهم المصاحف ، ولا أن ذلك كان منهم خدعة لما كانت عليهم الدائرة ، وفيهم الهزيمة ، وقد علم أن المصاحف التي رفعوها يشهد له وبحقه ما فيها ، فلم يقبل علي علیه السلام قولهم ، وأمركم بالجد في قتالهم (2) فأبيتم ذلك وانصرفتم عنه.
وقلتم له : قد دعوا الى الحق الذي كنا ندعوهم إليه ، وأجابوا الى ما سألناهم إياه من الرجوع الى ما في كتاب اللّه عزّ وجلّ ، فلسنا نقاتلهم.
فراجع من قال له ذلك منكم وبصرهم ، فلم يرجعوا الى قوله : ولم يستبصروا ، وهو على قولكم إمام مفترض الطاعة ، فعصيتموه ، وخالفتم ما أمركم به حتى تواعده منكم من تواعده بالقتل ، وبالقبض عليه ودفعه الى معاوية إن تمادى على ما هو فيه ، فيمن كان يقاتل معاوية إذ خذلتموه ، وبمن كان يمتنع عنكم لما به تواعدتموه من أثبت الحكومة التي. أنكرتموه ، وكفرتموه من أحلها. أنتم الذين أكرهتموه عليها ، أم هو الذي أتى منها ما لا حرج عليه فيه ، وما لم يجدوا غيره ، إذ عصيتموه وخالفتم أمره ، فقد دفع
ص: 130
الحكومة إذ كان دفعها يمكنه ، وإذ قد علم أنها خدعة ومكيدة من عدوه.
وأجاب إليها إذ لم يجد غير ذلك ولم يمكنه دفعها. وإذ قد علم أنها توجب حقه ، وتثبته على ما شرطه وأكده فيها ، وعلى ما كان دعا القوم إليه من الحكم بكتاب اللّه عزّ وجلّ.
واللّه جلّ من قائل يقول : ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) (1) ( فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ ) (2) ( فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ) (3). وقال تعالى ( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ ) (4).
وإنما قدم علي صلوات اللّه عليه من قدمه للحكم على أن يحكم بكتاب اللّه الذي دعوا يومئذ الى الحكم بما فيه ، وقد علم علیه السلام أن كتاب اللّه يشهد له ويشهد على معاوية ، فلو حكما بالكتاب لحكما بامامة علي علیه السلام ، وبعزل معاوية عما عزله عنه.
وهذا هو الذي دعا إليه علي علیه السلام ، وأراده من معاوية.
وأما ما أنكرتم من أن يحكم بذلك عمرو بن العاص ، فهل يكون عمرو بن العاص عندكم أسوأ حالا من النصارى؟ فقد قال اللّه عزّ وجلّ :
( وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللّهُ فِيهِ ) (5). لأنهم لو حكموا بذلك لدخلوا في الإسلام ، كما أن عمرو بن العاص لو حكم بالكتاب لدخل في إمامة علي صلوات اللّه عليه لان الكتاب يشهد بتفضيل علي صلوات اللّه عليه على معاوية.
قال اللّه عزّ وجلّ ( يَرْفَعِ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ ) (6) وقال تعالى : ( لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ
ص: 131
الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا ) (1) وقال تعالى : ( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) (2). وقال تعالى : ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (3).
فعلي علیه السلام أرفع درجة من معاوية في السبق الى الإسلام ، والعلم ، والجهاد ، والنفقة في سبيل اللّه من قبل الفتح ، وأقرب الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وأحق بالخمس من معاوية ، وعلى معاوية أن يعطيه خمس ما غنمه ، وليس له ممّا غنم علي علیه السلام شيء ، مع ما ذكرناه (4) ونذكره في هذا الكتاب من فضائله وما نزل فيه من القرآن ممّا يوجب له الفضل على معاوية وغيره.
وما من فضيلة تذكر لأحد من الصحابة إلا وعلي علیه السلام له مثلها فقد شاركهم كلهم في فضائلهم ، واجتمع فيه ما قد افترق فيهم ، وانفرد بكثير من الفضائل دونهم ، لم يشركه فيها أحد منهم.
ولما أجاب معاوية عليا علیه السلام الى حكم الكتاب ، فقد أجاب الى الدخول في طاعته وأقرّ بإمامته من حيث لا يدري ، وإنما أراد علي صلوات اللّه عليه اجتماع الناس للحكم بكتاب اللّه عزّ وجلّ لتقرير معاوية على إمامته من الكتاب ، إذ فاته قهره بالغلبة بالسيف لاختلاف أصحابه عليه ، لما أدخله معاوية عليهم من الشبهة بالحيلة التي دفع بها الغلبة عن نفسه.
فأراد علي علیه السلام انه يرى من شبه بذلك عليه فساد ما شبه به عليهم ، وليعلموا صحيح حقه من باطل معاوية الذي هو عليه ، وان الذي دعاهم إليه من رفع المصاحف إنما كانت خديعة منه ، ومكرا ، وحيلة.
ص: 132
وقد قال اللّه عزّ وجلّ لمحمّد صلی اللّه علیه و آله لما نازعه المشركون :
( فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ) (1) وقد علم أن المشركين هم الكاذبون.
وهذا من التحاكم الى اللّه عزّ وجلّ وما فيه إنصاف المتنازعين فيما بينهم ، وكذلك قال اللّه تعالى وهو أصدق القائلين ( قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللّهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ) (2).
أراد بذلك إنصافهم في ظاهر الأمر ، وهو يعلم أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله على الحق.
وكذلك لم يكن علي علیه السلام شك في أمره كما زعمتم ، وإنما أراد تقرير خصمه على ما أنكره من حقه وفضله بكتاب اللّه جلّ ذكره الذي دعا إليه لما أراده من المكر والخديعة بدعائه إليه ، وليعلم ذلك من شبه عليهم به.
فلما ترك الحكم بالكتاب من اقيم لذلك ، وحكم بالهوى دون الكتاب لم يجز حكمه بإجماع ، لأن من وكّل على شيء بعينه لم يكن له أن يتجاوزه الى غيره ، وقد مرّ فيما تقدم ذكر تحكيم اللّه عزّ وجلّ العباد في جزاء الصيد ، وفي شقاق ما بين الزوجين ، وتحكيم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله سعدا في بني قريظة مع ما قدمناه (3) أيضا من احتجاج علي علیه السلام واحتجاج عبد اللّه بن عباس عليهم فيما أنكروه من التحكيم ورجوع من رجع منهم لما سمع ذلك الى الحق ، وفي ذلك كفاية لمن وفق لفهمه ، وهدي لرشده.
ص: 133
وحكاية ما قيل إنه كان في كتاب القضية الذي كتب بين علي علیه السلام وبين معاوية ، واختلف فيه ، ولم يأت برواية صحيحة تثبت بنقلها صحته ، وأثبت ما جاء في ذلك ما أوقف عليه الزهري ، وعلي بن إسحاق ، ولم يلحق واحد منهما زمن ذلك. فلم يكن أيضا ما جاء عنهما من ذلك بثابت.
وطعن فيه لضعف ألفاظه ، وسخافة معانيه ، وأن فيه ما يضارع العجمة.
فقال الطاعنون في ذلك : إن كلام القوم كان معروفا ، وجوهره معلوما ، متى تكلفه (1) مولده لم يستطعه ، وما داخله من كلام غيره عرف فيه.
ونحن نذكر ما رووه من ذلك ، ولا أقل من أن يكون كذلك ، ونبيّن الحجة فيه على ما جاء مرويا عن الزهري وعن محمّد بن إسحاق انهما قالا كانت القضية بين علي علیه السلام وبين معاوية :
بسم اللّه الرحمن الرحيم ، هذا ما تقاضى عليه (2) علي أمير المؤمنين ومعاوية.
فقال معاوية : لو أقررت أنك أمير المؤمنين ما حاربتك ، ولو لا أنك أسن مني ما قدمتك ، فاكتب : هذا ما تقاضى عليه علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان ، ودع ذكر أمير المؤمنين.
فأبى علي علیه السلام من أن يدع ذلك مدة من نهار ، ثم سمح بأن يدعه.
فهذا مثل ما دار بين رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوم الحديبية ، وبين
ص: 134
مشركي قريش لما قاضاهم ، وكتب الكتاب بينه وبينهم. كتب : هذا ما قاضى عليه محمّد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
فقال المشركون : لو نعلم انك رسول اللّه ما صددناك ، ولكن اكتب - إن شئت - : هذا ما قاضى عليه محمّد بن عبد اللّه.
وكان الذي كتب القضية بين يدي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه.
فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : امح : رسول اللّه ، فاللّه يعلم أني رسوله ، وأكتب : محمّد بن عبد اللّه.
فتوقف علي صلوات اللّه عليه تهيبا لذلك.
فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أرني مكانه؟ فأراه إياه ، فمحاه.
( وقد ذكرنا (1) احتجاج الخوارج على ابن عباس بهذا ، وقولهم : لم محا اسمه من إمرة المؤمنين؟ فاحتج عليهم ابن عباس بما صنعه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من ذلك. وان ذلك لم يمح اسمه من الرسالة ، وكذلك ذلك لم يمح اسم علي علیه السلام من الإمامة ) (2) ، فكتب فيما رووه (3).
هذا ما تقاضى عليه علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان. قاضى علي على أهل العراق ومن كان معه من المؤمنين والمسلمين ، وقاضى معاوية على أهل الشام ومن كان معه من المؤمنين والمسلمين ، إنا ننزل عند حكم
ص: 135
اللّه في كتابه فيما اختلفنا فيه من فاتحته الى خاتمته ، نحيي ما أحياه ونميت ما أمات.
فما وجدنا في كتاب اللّه عزّ وجلّ مسمى أخذنا به ، وما لم نجده في كتاب اللّه مسمى فالسنّة العادلة الجامعة غير المفرقة فيما اختلفنا فيه.
والحكمان ، عبد اللّه بن قيس الأشعري. وعمرو بن العاص.
وأخذ علي ومعاوية على الحكمين عهد اللّه ، وميثاقه للحكمين بما وجدا في كتاب اللّه مسمى ، وما لم يجدا في كتاب اللّه مسمى فالسنّة العادلة الجامعة غير المفرقة.
وأخذ الحكمان من علي بن أبي طالب ، ومعاوية بن أبي سفيان الذي يرضيان من العهد والميثاق ليقبلا ما قضيا به لهما وعليهما من خلع من خلعا منهما ، وتأمير من أمّرا منهما.
وأخذا لأنفسهما من علي ، ومعاوية ، والجندين كليهما الذي ، يرضيانه من العهد والميثاق إنهما مأمونان على أنفسهما وأبدانهما وأموالهما ، والأمة لهما أنصار على ما يقضيان به لهما وعليهما ، وأعوان على من بدّل وغيّر منهما.
وان القضية قد أوجبت بين المؤمنين الأمن ووضع السلاح أينما ساروا ، وكانوا [ آمنين ] على أنفسهم وأهليهم وأموالهم وأرضيهم شاهدهم وغائبهم.
وعلى عبد اللّه بن قيس وعمرو بن العاص عهد اللّه وميثاقه ليقضيان بين الأمة [ بالحق ] ولا يذرانها (1) في الفرقة من الحرب (2) حتى يقضيان.
وآخر أجل القضية بين الناس انسلاخ (3) شهر رمضان ، وإن أحبا أن يعجلا ذلك عجلاه ، وإن أحبا أن يؤخرا ذلك أو رأيا ذلك عن
ص: 136
تراض منهما أخراه.
وان هلك أحد الحكمين قبل القضاء ، فإن أمير الشيعة والشيعة يختارون مكانه رجلا ، لا يألون في اختياره من أهل المعدلة والاقتصاد.
وأن ميعاد القضية أن يقضيا (1) بمكان يكون بين أهل الكوفة وأهل الحجاز وأهل الشام سواء ، لا يحضرهما فيه إلا من أراد ، وإن أراد أن يكون ذلك بدومة الجندل (2) كان ، وإن رضيا مكانا غيره حيث أحبا فليقضيان.
وعلى علي ومعاوية أن يجمعا على الحكمين. [ ونحن براء من حكم بغير ما نزل اللّه. اللّهمّ إنا نستعينك على من ترك ما في هذه الصحيفة ، وأراد فيها إلحادا وظلما ].
شهد [ على ما في الصحيفة ] عبد اللّه بن عباس وشهد الأشعث بن قيس.
وسعيد بن قيس.
وورقاء بن سمي البكري - ويقال الحارثي -.
وعبد اللّه بن الطفيل البكاوي (3).
ويقال عبد اللّه بن طليق.
ويقال عقبة بن زيد.
ويقال زياد بن كعب.
وحجر بن يزيد الكلبي.
وعبد اللّه بن جحفل العجلي (4).
وعقبة بن زياد المدحجي - أو الأنصاري -.
ص: 137
ومالك بن كعب البجلي - أو الهمداني -.
[ وكتب عميرة يوم الاربعاء لثلاث عشرة بقيت من صفر سنة سبع وثلاثين ] (1).
فهذا معنى ما جاء في القضية وما روي عن الزهري ، ومحمّد بن إسحاق فيهما.
وان كان ذلك لا يثبت عند أهل العلم بالحديث ، لأنه مقطوع ، ولكن لا أقل من أن يكون الأمر على مثل ذلك.
فالذي وقع عليه التحكيم وعقدت عليه القضية أن يكون الحكم بكتاب اللّه جلّ ذكره ، وسنّة محمّد رسوله صلی اللّه علیه و آله ، ولو لم يقع الحكم ، وتعقد القضية على ذلك لما وجبت لأن اللّه عزّ وجلّ يقول وهو أصدق القائلين : ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ ) (2) والظالمون والفاسقون. وقال تعالى : ( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ ) (3) فمن حكم بخلاف ذلك لم يجز حكمه.
ووجه آخر : إن التحكيم والقضية إنما عقد بين علي علیه السلام ، وبين معاوية فيما تنازعا فيه من الأمر ، وعلى ذلك حكما الحكمين بأن يتفقا على الحكم فيما تشاجرا فيه ، ويكون حكمها بكتاب اللّه عزّ وجلّ ، وسنّة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
فاتفق أن كان أحد الحكمين وهو عمرو بن العاص من أدهى العرب ، وأشدهم مكرا وحيلة وخديعة ، وهو عدوّ لعلي علیه السلام مباين بعداوته.
ص: 138
واتفق أن كانت في الآخر وهو أبو موسى الأشعري خلال غلبت عليه استمالته الى ما حاوله عمرو بن العاص من المكر به ، والحيلة عليه ، والخديعة له.
ص: 139
منها : ما قدمناه ذكره من أن رأيه كان الكفّ والقعود عن الفريقين.
وقد ذكرت أمره أهل الكوفة بالقعود لما جاءهم الحسن علیه السلام . وعمار بن ياسر بكتاب علي علیه السلام .
ومنها : أنه كان شديد الميل والمحبة لعبد اللّه بن عمر ، كما ذكرنا ، وقد آثر التخلف عن علي علیه السلام أولا ، ثم ندم على ذلك آخرا.
وقد ذكرنا ندامته على التخلف عن جهاد أصحاب الجمل و [ أصحاب ] معاوية و [ هم ] أهل الشام وأهل النهروان.
ومنها : أنه كان مائلا عن علي علیه السلام وعن ناحيته (1) ، وأنه كان يميل بعض الميل الى معاوية ، وقد وصفه بذلك علي علیه السلام ، وتقدم القول بذلك عنه فيه.
ومنها : أنه كان مائلا عن العدنانية الى القحطانية (2). ومن ذلك قوله يومئذ : لو كان الأمر لا ينال إلاّ بالقدم والشرف لكان رجل من ولد أبرهة
ص: 140
بن الصباح أولى به.
ومنها : تخلفه عن مقدار عمرو بن العاص في الدهاء والمكر والحيلة والخديعة.
فلما اجتمع مع عمرو بن العاص ، أظهر له عمرو - لما أضمره من المكر به - التبجيل والتعظيم والتقدمة على نفسه ، وأن ذلك واجب عليه لسنّه وعلمه وفضله حتى إذا استحكم ذلك فيه ، وان طبع عنده جعل عمرو يدخل عليه من حيث علم أنه يميل نحوه ، من أن الواجب والرأي القعود عن الحرب وترك الدخول في الفتنة والعمل في صلاح ذات البين ، حتى لم يشك أبو موسى أن رأي عمرو في ذلك كرأيه.
ثم جعل يذكر له فضل عبد اللّه بن عمر وحاله ، ويكرر ذلك عليه (1) ، ويكثر ذكره ويطريه (2) ، ويذكر أبو موسى مثل ذلك فيه ، حتى رأى أبو موسى أن عبد اللّه عند عمرو ، في الحال التي هو فيها عنده ، أو أفضل من ذلك.
وقلّ إنسان يؤتى من قبل محبوبه وشهوته وإرادته وموافقته ونحلته إلا مال الى من يوافقه على ذلك ، وركن الى من يرى رأيه ، ويذهب الى ما ذهب إليه. فلما تمكن ذلك لعمرو بن العاص عند أبي موسى مع ما قدمه إليه من تبجيله ، وتعظيمه ، والميل إليه ، والتواضع له ، ثم موافقته إياه على ما هو عليه.
قال له : يا أبا موسى ، إنا إن ذهبنا أن ننظر في فضل علي على معاوية ،
ص: 141
وفي فضل معاوية على علي ، وما ادعى به الأمر لنفسه لطال ذلك. ونخشى أنه لا يصلح لنا به حكومة ، لأنا إن حكمنا بخلع معاوية وإثبات علي لم نعدم طاعنا (1) في ذلك من أهل الشام علينا ، ورادا لما حكمنا به. وقد استمال معاوية اكثر أهل الشام ، فليسوا براجعين عن نصرته والقيام معه ، ولا يرجع هو عن الذي قام فيه وطلبه. وإن نحن أثبتنا معاوية ، وخلعنا عليا كان الخوف في ذلك منه ، ومن معه اكثر ، فتبقى الفتنة بحالها ويهلك الناس فيها.
ولكن هل لك في شيء يصلح اللّه به أمر الامة ، ويقطع به الفتنة ويجري ذلك على يديك ويجزل اللّه به مثوبتك؟
قال أبو موسى : وما هو؟
قال عمرو بن العاص : أن تخلع أنت عليا ، وأخلع أنا معاوية ، ثم نقول للناس : اختاروا من شئتم غيرهما ، فإن هذين قد صار لكل واحد منهما شيعة وأحزاب وأنصار لا يسلّمون الأمر لصاحبه ، لما وقع بينهم من الاختلاف وسفك الدماء ، ونختار نحن لهم عبد اللّه بن عمر. فحاله الحال التي قد علمت وقد اعتزل هذه الحروب ، فليس أحد ممن كان فيها يكرهه من اجلها ، وقد سئم الفريقان الحرب لما نالهم فيها من القتل والجراح وذهاب الأموال والاغتراب عن الأوطان ، فلا شك أنهم يجيبون الى ذلك ويرونه ويتلقونه بالقبول ، ويجيب أيضا الى ذلك ويسارع إليه كل من اعتزل الطائفتين إذ كان رأي عبد اللّه بن عمر في ذلك كرأيهم ، وكان فيه أحدهم ومكانه منهم ومكان أبيه ما قد علمت.
فجاء عمرو بن العاص من ذلك الى أبي موسى بكل ما يعتقده ، ويشتهيه ، ويحبه ، ويميل إليه ، كما قدمنا ذلك ممّا كان من أغلب طباعه
ص: 142
عليه ، ونقب عما في سويداء قلبه ، فأتاه من جهة ما يراه ويعتقده حتى كأنه هو ، ولم يأته من ذلك شيء ينكره ولا يكرهه ولا ينفر طباعه.
فأجابه أبو موسى الى ذلك ، واتفقا عليه ، ووجها الى من أحبا إحضاره ، والى عبد اللّه بن عمر بأن يوافقوهما للقضية - بدومة الجندل - (1) فلما وافى من بعثا إليه ، وحضر عبد اللّه بن عمر وهو لا يدري ما كان من الأمر بين عمرو بن العاص وبين أبي موسى ممّا عقداه في أمره.
فقال عمرو بن العاص لأبي موسى الأشعري : قم ، يا أبا موسى ، وفقك اللّه وقل بما أراك اللّه فيما قلدته وجعل إليك أمره وذلك بحسب ما واطأه عمرو بن العاص لما أراده من الحيلة والمكر به من تقديمه في كل شيء جرى قبل ذلك بينهما ، حتى أنهما كانا إذا مشيا جميعا تأخر عمرو عن أبي موسى ، وقدمه ، فإذا جبده ، وقدمه إليه ، وأراد أن يحدثه رنا قليلا لم يساوه.
فقام أبو موسى ، فتقدم عمرا ، كما جرت به سنّة ما بينهما (2) في تقديمه فحمد اللّه تعالى وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس إن عليا قد قدّمني كما علمتم وحكّمني ، وقد صار الناس الى ما صاروا إليه من الفتنة ، وسفك الدماء ، وقتل فيما بينه وبين معاوية من قد علمتم من الخلائق ، وقد رأيت أن الذي هو أصلح للأمة خلعه ليضع الحرب أوزارها ، وتحقن الدماء ، وتسكن الدهماء ، وقد خلعته كما خلعت خاتمي هذا. وأخذ خاتمه فخلعه من اصبعه ، ثم جلس.
وقام عمرو بن العاص. فحمد اللّه ، وأثنى عليه. ثم قال :
أيها الناس قد علمتم أن خليفتكم عثمان قتل مظلوما ، وأن معاوية ابن
ص: 143
عمه وولي الطلب بدمه ، وقد كان هو وعمر من قبله ولياه ما ولياه ، فهو على ذلك ، وقد أثبته كما أثبت خاتمي في إصبعي هذا ، وأخذ خاتمه فأدخله في إصبعه ، ثم جلس.
فقام أبو موسى ، فقال : معاذ اللّه ما كنا اتفقنا إلا على خلع علي ومعاوية. فقال عمرو : سبحان اللّه ، يا أبا موسى متى كان هذا؟
وتراجعا الكلام بينهما واعتكر الى أن لعن كل واحد منهما صاحبه.
وافترق الناس على غير إحكام شيء ، ولا يشك أكثرهم أن عمرا خدع أبا موسى. وأقام أهل الشام على ما كانوا عليه لمعاوية ، وأهل العراق على ما كانوا عليه لعلي علیه السلام . ومن كان من شيعة كل واحد منهما ، خلا الخوارج الذين قدمنا ذكرهم ، ومفارقتهم لعلي علیه السلام لما أنكروه من أمر التحكيم ، وندموا عليه بعد أن رأوه ودعوا إليه.
وبقي معاوية على حالته يدعى : أميرا ، وعلي علیه السلام على ما كان عليه يدعى : أمير المؤمنين ، الى أن قتل صلوات اللّه عليه. ولم يعقد أحد شيئا ممّا كان بين أبي موسى وبين عمرو بن العاص ، ولا احتج به. وانصرف عمرو بن العاص الى معاوية.
وانصرف أبو موسى الى علي علیه السلام يعتذر ممّا كان منه ، وبقي الأمر على ما كان عليه الى أن قتل علي علیه السلام .
فهذه جملة من القول فيما جرى بين علي وبين من حاربه ، ممن انتحل دعوة الإسلام.
والحجة في أنهم بغوا عليه ، وفي أنه وفئته فئة أهل العدل ، وكل فئة حاربته فئة أهل البغي الذين أمر اللّه عزّ وجلّ بقتالهم في كتابه حتى يفيئوا الى أمره (1).
ص: 144
وهذه نكت وجوامع من أخبار معاوية وسلفه وخلفه تبيّن عن سوء اعتقادهم وما كانوا عليه.
وقد ذكرت فيما تقدم من هذا الكتاب عداوة أبي سفيان لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وما تولاه من حربه والتأليب عليه والزحف بمن استنصر به من قبائل العرب إليه ، ومن لفّ لفيفه من بني عبد شمس كافة ، ومن بني أميّة خاصة ، وان معاوية ابنه كان في ذلك معه الى أن مكّن اللّه رسوله صلی اللّه علیه و آله ، وأعزّ دينه ، وفتح عليه مكة ، فاستسلم أبو سفيان والذين كانوا تمالئوا معه على حرب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من بنيه ، وأقاربه ، ومن كان على مثل رأيه من بنى أميّة وغيرهم ، وأظهروا الإسلام واعتصموا به لما غلب عليهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأتاهم (1) من المسلمين أنصار دين اللّه بما لا قبل لهم به ، واللّه عزّ وجلّ أعلم بما اعتقده في ذلك كل واحد منهم ، ولكنا نذكر في هذا الفصل من هذا الكتاب نكتا ممّا جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فيهم ، وما كان بعد إظهارهم الإسلام منهم.
وقد ذكرت في كتاب المناقب والمثالب عداوة بني عبد شمس لبني عبد مناف على القديم ، وعداوة بني أميّة لبني هاشم بعد ذلك. وذلك ما يخرج ذكره عن حد هذا الكتاب ، وليس هو ممّا بني عليه ، وذكرت فيه ، وفي بعض ما تقدم من هذا الكتاب ما استفرغوا جهدهم فيه من محاربة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، ومناصبته ، والسعي في إطفاء نور اللّه عزّ وجلّ الذي أبى اللّه إلا تمامه (2) وقطع دينه الذي كفل بإظهاره.
ص: 145
[445] فأما أبو سفيان ممّا يؤثر عنه بعد إسلامه.
أنه قال لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوما - وابنته أم حبيبة (1) عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وهو عنده في بيتها ، وهو يظهر المزاح لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - : واللّه إن هو إلا تركتك فتركتك العرب ، إن انتطحت جماء ، ولا ذات قرن.
فضحك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وقال : أنت تقول ذلك يا أبا حنظلة (2).
وهذا ممّا قيل في مثله : ما صدقك إلا مازح ، أو سكران.
ولو كان أبو سفيان يعتقد الإسلام حق الاعتقاد ، ويعرف لرسول اللّه فضل الرسالة لم يكن يمازحه بمثل هذا القول ، ولم يكن يعتقده.
[446] ومن ذلك أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله نظر يوما الى أبي سفيان مقبلا وخلفه ابنه معاوية ، فقال : اللّهمّ العن التابع والمتبوع ، اللّهمّ عليك بالأقيعس - يعني معاوية -.
ص: 146
[447] ورأى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أبا سفيان يوما راكبا ومعاوية يقود به ويزيد يسوق ، فقال : اللّهمّ العن الراكب والقائد والسائق.
[448] ودخل أبو سفيان بعد أن كفّ بصره المسجد لحاجة ، فاقيمت الصلاة.
فقام مع الناس ، فلما ركع الإمام أطال الركوع فجعل أبو سفيان يقول لقائده - وهو الى جنبه - : لم يرفعوا رءوسهم بعد؟
قال : لا.
قال : لا رفعوها. فهذا قول مستخف بالإسلام ، وممّا يبيّن أنه كان لا يعتقده ، وأن إظهاره إياه ودخوله في الصلاة إنما كان رياء.
[449] وممّا يؤثر : أنه دخل يوما على عثمان - وقد كفّ بصره - ، فجلس ، ثم قال لعثمان : أعليّ عين؟ قال : لا. قال : يا عثمان لا تكن حجر بن حجر (1) ، انظر هذا المال ، فاجعله دولة بينكم ، وتلقفوا هذه الإمارة تلقف الكرة. وكان البراء بن عازب بالحضرة. فاستحيى عثمان من البراء ، وقال له : خرف أبو سفيان.
[450] أبو ليلى عبد اللّه بن عبد الرحمن ، يرفعه الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنه كان جالسا في ملأ من أصحابه فيهم معاوية. فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام : إن هذا - وأشار بيده الى معاوية - سيطلب الإمارة ، فإذا فعل فابقروا بطنه.
[451] سيّان (2) بإسناده عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص ، قال : كنا عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقال : سيطلع عليكم من هذا الفج (3) رجل يموت وهو على غير ملتي. فقال عبد اللّه : وكنت قد
ص: 147
خلفت أبي وقد لبس ثيابه يريد أن يأتي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فكنت كحابس البول خوفا من أن يكون هو الطالع ، فطلع معاوية.
[452] سفيان الثوري ، عن ابن طاوس.
قال : مرض أبي فدخل عليه بعض ولاة بني أمية يعوده ، فجلس على كرسي.
فلما خرج ، أمر بالكرسي فغسل ، وغسل أثره في الدار.
فقيل له في ذلك.
فقال : إن حذيفة لو أدرك هؤلاء ما استظل في ظلهم ولا شرب من مائهم الذي يشربون.
[453] صالح بن أحمد ، باسناده ، عن عبد اللّه بن مسعود ، أنه كان يقول : لكل شيء آفة ، وآفة الإسلام بنو أميّة ، وبنو مروان.
[454] عبد اللّه بن عبيد (1) باسناده ، عن عمر بن الخطاب ، أنه قال : كنا نقرأ فيما نقرأ : ( وَجاهِدُوا فِي اللّهِ حَقَّ جِهادِهِ ) (2) في آخر الزمان ، كما جاهدتم في أوله.
فقيل له : فمتى يكون ذلك؟
فقال : إذا كان بنو أميّة الأمراء وبنو المغيرة الوزراء.
وهذا التوقيف على بني أميّة ، فليس ممّا يكون مثله موقوفا على
ص: 148
عمر لأنه من علم ما يكون ، ولا يكون ذلك إلا ممّا سمعه عمر من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وان لم يرفعه إليه.
[455] وبآخر ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، يقول : إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا ، اتخذوا دين اللّه دغلا ، وماله دولا ، وعباده خولا.
[456] يعلي بن عبيد ، باسناده ، عن سعيد المسيب (1) يرفعه ، قال : رأى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله شبان بني أميّة يطلعون على منبره وينزلون ، فاغتمّ لذلك ، فأنزل اللّه عزّ وجلّ : ( وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَ االَّتِي أَرَيْناكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) (2) - يعني بني أميّة -.
وقيل له : إنما هي دنيا يعطونها ثم يصيرون الى النار.
[457] الأعمش ، باسناده ، عن عبد اللّه بن مسعود أنه قال : لكل شيء آفة ، وآفة [ هذا ] الدين بنو أميّة.
[458] وكيع ، باسناده ، يرفعه أنه كان أبغض الأحياء الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بنو أميّة.
[459] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي (3) صلوات اللّه عليه أنه قال في قوله تعالى : ( وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا ) (4).
قال : عنى بني أميّة.
ص: 149
[460] حماد بن سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : ليرعفنّ جبار من جبابرة بني أميّة على منبري هذا [ فيسيل رعافه ].
قال علي بن زيد : فحدثني من رأى [ عمرو بن ] سعيد بن العاص رعف على منبر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فسال رعافه على درج المنبر.
[461] وبآخر ، يرفعه أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعن الحكم بن أبي العاص ، وقال : جاء حتى شق الجدار إليّ ، وأنا مع بعض أزواجي فكلح (1) في وجهي.
ثم قال صلی اللّه علیه و آله : كأني أنظر الى بنيه يصعدون على منبري وينزلون.
ثم نفاه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من المدينة ، فلم يزل منفيا بنفي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في حياة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأبي بكر وعمر وصدرا من أيام عثمان ، ثم رده عثمان ، ووصله وحباه وقربه وأدناه. وكان ذلك ممّا نقمه الناس عليه لنقضه حكم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فيه.
ولذلك قال الحسن بن علي علیه السلام لمروان : إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعن أباك وأنت في صلبه.
[462] إسحاق ، عن أبي إسرائيل ، باسناده ، عن محمّد بن كعب القرظي ،
ص: 150
أنه قال : لعن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الحكم وما خرج من صلبه إلا القليل.
قال عمرو بن أبي بكر القريشي : ففرحنا بها لعمرو بن عبد العزيز. يعني أنه القليل ممّن خرج من صلبه ممّن لم تدركه لعنه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
[463] الأعمش ، باسناده ، عن علي صلوات اللّه عليه ، أنه خطب الناس بخطبة ذكر فيها بني أميّة ، فقال فيهم : إن رأيتم رجلا من بنى أميّة في الماء الى حلقه ، فغطوه في الماء حتى يغرق ، فإنه لو لم يبق منهم إلا رجل واحد ، لبغي دين اللّه عوجا (1).
[464] عباد بن يعقوب ، باسناده ، عن حذيفة بن اليمان ، أنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : إذا رأيتم الحكم بن أبي العاص (2) ولو تحت أستار الكعبة فاقتلوه.
ونفاه الى دهلك من أرض الحبشة.
[465] عن عبد الرحمن بن صالح ، باسناده ، عن عبد اللّه بن الزبير (3) ، أنه قال - وهو على المنبر ، مستند الى الكعبة - : وربّ هذا البيت الحرام والبلد الحرام (4) ، إن الحكم بن أبي العاص وولده لملعونون (5).
ص: 151
[466] وبآخر ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أتي بمروان بن الحكم حين ولد ليحنكه (1) ، كما كان صلی اللّه علیه و آله يفعل بأولاد المسلمين إذا اتي بهم ، فرده ، ولم يحنكه ولا تناوله ، وقال : ائتوني بأزرقهم.
ص: 152
[467] حسن بن حسين ، باسناده ، عن جابر بن عبد اللّه ، أنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : يموت معاوية على غير ملتي (1).
[468] وبآخر ، عن طاوس (2) ، أنه قال : ما كان معاوية مؤمنا.
[469] وبآخر ، عن سعيد بن المسيب ، أنه قال : مرض معاوية ، مرضه الذي مات فيه ، فدخل عليه طبيب له نصراني ، فقال له : ويلك ما أراني أزداد مع علاجك إلا علة ومرضا؟ فقال له : واللّه ما أبقيت في علاجك شيئا أرجو به صحتك إلا وقد عالجتك به غير واحد ، فاني أبرأت به جماعة ، فان أنت ارتضيته وأمرتني بأن اعالجك به فعلت. قال : وما هو؟ قال : صليب (3) عندنا ما علق في عنق عليل إلا فاق. فقال له معاوية : عليّ به. فأتاه ، فعلقه في عنقه. فمات في ليلته تلك والصليب معلق في عنقه ، وأصبح وقد انزوت بين عينيه غصون انطوت من جلدة جبهته مكتوبة يقرأها كل من رآها ، كافرا.
ص: 153
[470] إسماعيل بن عامر ، باسناده : أن معاوية لما احتضر ، بكى! فقيل له : ما يبكيك؟
فقال : ما بكيت جزعا من الموت ، ولكني ذكرت أهل القليب ببدر.
فانزوي ما بين عينيه لبكائه كافر ، وبقي كذلك يراه كل من شهده ، وغسل ، وكفن ، ودفن وهو كذلك.
[471] محمّد بن علي (1) ، باسناده : أن أسقف (2) نجران كتب الى معاوية يستعينه في بناء كنيسة.
فأرسل إليه مائتي الف درهم من بيت مال المسلمين.
[472] يحيى بن عبيد اللّه ، باسناده عن أبي شيرين ، أنه تلا قول اللّه عزّ وجلّ : ( سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ. وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ) (3).
فقال : ان لم يكن هؤلاء معاوية وأصحابه فلسنا ندري من هم؟
[473] ابن عون ، باسناده ، قال : أول من غيّر حكم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله معاوية ، قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : الولد للفراش ، وللعاهر الحجر ، فألحق معاوية (4) زيادا بأبي سفيان ، لأنه زنى بأمه ، فحملته فيما قال منه.
ص: 154
[474] أبو نعيم (1) ، باسناده ، عن مسروق ، أنه مرت به سفينة فيها أصنام ، فقال : ما هذا؟
قالوا : معاوية بعث بهذه الأصنام الى الهند لتباع ممّن يعبدها.
فقال مسروق : واللّه ما أدري أيّ الرجلين معاوية ، أرجل قد يئس من الآخرة ، فهو يتمتع من دنياه؟ أو رجل زين له سوء عمله؟ أما واللّه لو أعلم أنه إنما يقتلني لغرقتها ، ولكني أخاف أن يعذبني ، فيفتنني.
[475] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن علي صلوات اللّه عليه لما نظر الى رايات معاوية - يوم صفين - قال : هذه رايات أبي سفيان التي قاتل بها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
ثم قال علي علیه السلام (2) : واللّه ما أسلم القوم ولكنهم استسلموا ، وأسرّوا الكفر حتى وجدوا عليه أعوانا.
[ رجعوا إلى عداواتهم منّا ، إلا أنهم لم يدعوا الصلاة ] (3).
[476] هودة بن خليفة ، باسناده [ عن ] أبي بكرة ، أنه قال : أيرى الناس أني إنما عتبت على هؤلاء - يعني بني أميّة - في أمر الدنيا ، فقد
ص: 155
استعملوا عبد اللّه على فارس ، واستعملوا داود على دار الرزق ، واستعملوا عبد الرحمن على بيت المال والديوان. أفليس لي في هؤلاء دينا ، كلا واللّه لكني إنما عتبت أنهم كفروا صراحة.
[477] سليمان بن عبد العزيز ، باسناده : أن معاوية نقم على رجل ، فأمر به فحلق رأسه ، وطيف به.
فبلغ ذلك ابن عباس وكعبا ، فقالا : ما لمعاوية قاتله اللّه ، ابتدع بدعة جعل الحلق عقوبة ومثلة وقد جعله اللّه نسكا وسنّة.
[478] يحيى الحماني ، باسناده ، عن سعد بن أبي وقاص ، أنه قيل له : إن معاوية ينهي عن متعة الحج.
قال : قد واللّه فعلها من آمن باللّه ورسوله ومعاوية كافر بهما.
[479] هودة بن خليفة ، باسناده ، عن أبي عالية قال : غزى يزيد بن أبي سفيان بالناس - وهو أمير على الشام - فغنموا ، وقسموا الغنائم ، فوقعت جارية في سهم رجل من المسلمين ، وكانت جميلة ، فذكرت ليزيد ، فانتزعها من الرجل.
وكان أبو ذر يومئذ بالشام ، فأتاه الرجل ، فشكا إليه ، واستعان به على يزيد ليردّ الجارية إليه. فانطلق إليه معه ، وسأله ذلك ، فتلكأ عليه.
فقال له أبو ذر : أما واللّه لئن فعلت ذلك ، لقد سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : إن أول من يبدل سنّتي رجل من بني أميّة.
ثم قام ، فلحقه يزيد ، فقال له : اذكرك اللّه عزّ وجلّ أنا ذلك الرجل؟
قال : لا. فردّ عليه الجارية.
[480] الشعبي ، باسناده ، عن عبد اللّه بن مسعود ، أنه قال : سمعت
ص: 156
رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : ائمة الكفر خمسة : معاوية وعمرو وذكر الثلاثة.
[481] يحيى بن يعلي ، باسناده ، عن صعصعة بن صوحان ، أنه قال : سمعت عبد اللّه بن مسعود يقول : خمسة من قريش ضالّون مضلّون معاوية وعمرو بن العاص (1) منهم.
[482] عبد اللّه بن صالح ، باسناده ، عن عمار بن ياسر ، أنه قال - يوم صفين - ، ونظر الى معاوية وأصحابه : واللّه ما أسلموا ولكن استسلموا وأسرّوا الكفر حتى وجدوا عليه أعوانا.
[483] يعلي بن عبيد ، باسناده ، عن سعيد بن سويد ، قال : خطبنا معاوية - بالنخيلة - (2) ، فقال : يا أهل العراق ، أترون إني إنما قاتلتكم لأنكم لا تصلّون ، واللّه إني لأعلم انكم لتصلّون وإنكم لتغتسلون عن الجنابة ، وإنما قاتلتكم لأتامر عليكم ، فقد تأمرت.
[484] أبو نعيم ، باسناده ، عن معاوية ، أنه قال : أنا أول الملوك.
[485] شهاب بن عباد (3) باسناده ، عن الشعبي ، أنه قال : اعتل معاوية ، فبكى.
فقال له مروان بن الحكم : ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟
قال : كبرت سني ، ودق عظمي ، ورق جلدي ، وكثر الدمع في عيني ، وراجعت ما كنت عنه عزوفا (4) لو لا هواي ( في يزيد ) (5)
ص: 157
لأبصرت رشدي.
[486] علي بن أبي الجعد ، باسناده ، عن الشعبي ، قال : خطب معاوية بالكوفة ، بعد أن بويع له.
فقال في خطبته : إنه لم يختلف امة بعد نبيها إلا غلب أهل باطلها ( على أهل حقها ).
وهذا حديث يروى عن النبي صلی اللّه علیه و آله أجراه اللّه على لسانه ، فلما قاله ندم.
فقال : إلا هذه الامة فإنها ، فتلجلج (1) لسانه ، ولم يدر ما يقول في ذلك ، فأخذ في غيره.
[487] حماد بن سلمة ، عن محمّد بن زياد ، قال : كتب معاوية الى مروان - وهو على المدينة - أن يبايع الناس ليزيد.
فقال عبد الرحمن بن أبي بكر : جاء بها معاوية هرقلية (2).
فقال مروان : أيها الناس إن هذا عبد الرحمن بن أبي بكر هو الذي أنزل اللّه عزّ وجلّ فيه : ( وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَتَعِدانِنِي ) (3) الآية.
فبلغ ذلك اخته عائشة ، فغضبت ، وقالت : لا واللّه ما هو به ولو شئت أن اسميه لسميته ، ولكن اللّه لعن أباك يامرون على لسان رسوله وأنت في صلبه ، فأنت قطعة من لعنة اللّه عزّ وجلّ.
[488] يحيى بن غيلان (4) ، باسناده ، عن عبد الملك قال : دخل سعيد بن العاص على معاوية ، فقال : السّلام عليكم.
ص: 158
فقال له معاوية : ما يمنعك أن تقول : السّلام عليك يا أمير المؤمنين؟
فقال له سعيد : لست بأمير المؤمنين ، واللّه ما رضيناك.
[489] يحيى بن عبد اللّه ، باسناده ، عن الحسن البصري ، أنه قال : قاتل اللّه معاوية سلب هذه الأمة أمرها ، ونازع الأمر أهله ، واستعمل على المؤمنين علجا (1) يعني زيادا.
[490] وبآخر ، عن الأسود (2) ، قال : قلت لعائشة : ألا تعجبين لرجل من الطلقاء ينازع رجلا من أهل بدر الخلافة - يعني منازعة معاوية عليا علیه السلام .
فقالت عائشة : لا تعجب ، فإن فرعون قد ملك بني إسرائيل أربعمائة سنة ، والملك لله يعطيه البرّ والفاجر (3).
ص: 159
[491] عبد الرحمن بن صالح ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عطاء ، أنه قال : لم تلد سمية ولدا على فراش ، غير زياد ، فإنها ولدته على فراش عبيد.
[492] وبآخر ، أن أبا سفيان مرّ ببلال وسلمان وصهيب. فقالوا : لقد كان في قصرة (1) عدو اللّه هذا مواضع لسيوف المسلمين.
فسمعهم أبو بكر ، فقال : تقولون مثل هذا لشيخ من شيوخ قريش؟
وانطلق الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وأخبر بما قالوه.
فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : لعلك أغضبتهم؟ فإن كنت أغضبتهم ، فإنما أغضبت ربك.
[ فجاء أبو بكر إليهم وترضاهم وسألهم أن يستغفروا له. فقالوا : غفر اللّه لك ] (2).
[493] وبآخر ، أن أبا سفيان مرض في أيام عمر ، فدخل عليه عثمان يعوده ، فلما أراد عثمان القيام تمسك به ، وقال له : يا عثمان لي إليك حاجة! قال : وما هي؟
قال : إن مت فلا يليني غيرك ، ولا يصلّي عليّ إلا أنت.
قال : وكيف لي بذلك مع عمر؟
قال : فادفني ليلا ولا تخبره.
قال : أفعل.
قال : فاحلف لي باللات والعزى لتفعلن ذلك! فقال له عثمان : خرفت يا أبا سفيان.
فنقه (3) من علته تلك ، ومات في أيام عثمان ، فصلّى عليه.
ص: 160
[494] وبآخر ، أنه نزل في قادة الأحزاب أبي سفيان والحكم وغيرهما : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ) (1) فأخبر اللّه عزّ وجلّ أنهم لم يؤمنوا بقلوبهم وإن أظهروا الإسلام بألسنتهم ، وفيهم نزلت : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ ) (2). ولم يسلم من قادة الأحزاب وأكابرهم غير أبي سفيان والحكم بن أبي العاص.
ولم يعتقدا ذلك لأن اللّه عزّ وجلّ قد أخبر أنهم لم يؤمنوا (3).
[495] وبآخر ، أن أبا سفيان قال بعد وفاة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ما علمت أنه نبي حتى رأيته بعرفة في حجة الوداع ، وهو يخطب ، ورأيت ما حوله من الخلائق ، فقلت في نفسي : لو كان معي مثل نصف هؤلاء لقمت عليه.
فترك الخطبة ، وأقبل إليّ بوجهه ، وقال : إذا يكبك اللّه في النار على وجهك ، فعلمت حينئذ أنه نبي.
ومرة اخرى ، مرّ بي ومعي هند ، فقلت لها : يا هند بما ذا غلبني هذا الغلام من بني هاشم؟ وأنا أكبر منه سنا وأعظم شرفا في قومي وكنا في سفر.
فلما نزل يومه ذلك مضيت ، فسلّمت عليه. فقال : باللّه واللّه غلبتك يا أبا سفيان.
وقلت في نفسي : متى لقيته هند فأخبرته ، واللّه ما سمع مني ذلك غيرها ولأضربنها ضربا وجيعا ، وسكت ، وتغافلت عن قوله.
ص: 161
فلما أردت أن أقوم ، قال : هيه (1) يا أبا سفيان ، أقلت في نفسك : إن هندا أخبرتني بما قلت ، وأردت أن تضربها (2) ، ولا واللّه ما هي أخبرتني.
قال أبو سفيان : فعلمت أنه يوحى إليه من اللّه.
وكان أبو سفيان وابنه معاوية من المؤلفة قلوبهم ، وقد ذكرت فيما تقدم من هذا الكتاب ما أعطاهما رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله مع من أعطاه من المؤلفة قلوبهم من غنائم هوازن يوم حنين.
والمنسوبون الى العلم بالأخبار من العامة قد اجتمعوا على ذلك. وذكروا المؤلفة قلوبهم في غير موضع من مؤلفاتهم. فقالوا : المؤلفة قلوبهم الذين كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يعطيهم العطايا ليتألفهم ويتألف بهم غيرهم على الإسلام إذا كانوا وجوه قومهم ، وإذ قد جعل اللّه له أن يعطيهم سهما من الصدقات ، فقال جلّ من قائل عند ذكر أهل الصدقات والمؤلفة قلوبهم.
قالوا : فكانوا : أبا سفيان بن حرب ، ومعاوية بن أبي سفيان ابنه ، وحكيم بن حزام ، وسهيل بن عمرو ، وحويطب بن عبد العزى (3) ، وصفوان بن أميّة (4) ، والعلاء بن حارثة الثقفي ، وعيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر ، والأقرع بن حابس ، ومالك بن العوف البصري ، والعباس بن مرداس
ص: 162
السلمي (1) ، وقيس بن محرمة ، وجبير بن مطعم (2).
وما علمنا أحدا ممن ينسب الى العلم يقول : إن أحدا من هؤلاء يقاس بعلي علیه السلام ولا بأحد من أهل السوابق في الاسلام من البدريين وغيرهم ، ولا إنه يصلح للخلافة فيكون يستحق ذلك ، أو يقاس بواحد من أهل السوابق في الإسلام ، فيكون لمعاوية أن ينافس عليا علیه السلام في الإمامة ، أو الحسن علیه السلام من بعده كما قد فعل ، ولا لمن تسبب بسببه أن يدّعيها ، أو ينافس فيها.
وقد ذكر ابن إسحاق صاحب المغازي في كتابه المؤلف في السير من كان قد حسن إسلامه من المؤلفة قلوبهم بعد أن تألفهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بما تألفهم به.
فقال : وممن حسن إسلامه من المؤلفة قلوبهم من قريش من مسلمي الفتح : قيس بن محرمة ، وجبير بن مطعم ، والحارث بن هشام ، وحكيم بن حزام ، وحويطب بن عبد العزى ، وسهيل بن عمرو.
فهؤلاء من الذين ذكر أنه حسن إسلامهم بعد ، ولم يذكر فيهم أبا سفيان ولا معاوية وهما من مسلمي الفتح الذين غلب عليهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوم فتح مكة ، فأسلموا للغلبة عليهم.
ولما فتح رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الطائف (3) سأله أهلها أن يدع لهم اللات - وكانوا يعبدونها - لمدة ذكروها ، وقالوا : إنا نخشى في هدمها سفهاءنا! فأبى عليهم.
ص: 163
وأرسل أبا سفيان لهدمها ومضى معه المغيرة بن شعبة (1) ، فتوقف أبو سفيان عن هدمها ، وأقام دونها ، وأرسل المغيرة ، وأبى أن يدخل الطائف.
وقال للمغيرة : امض أنت الى قومك ، فمضى فهدمها ولما رآها أبو سفيان تهدم جعل يقول : واها للاّت ، يتأسف على هدمها.
وقد ذكرت أنه خرج الى حنين مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله والأزلام معه ، وأنه أخرجها وضرب بها لما انهزم المسلمون ، وقال : هذه هزيمة لا ترجع دون البحر.
وقيل : إن عمر بن الخطاب نظر الى معاوية يوما ، فقال : هذا كسرى العرب (2).
[496] وبآخر ، عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري ، أنه قال : ما عادى معاوية عليا علیه السلام إلا بغضه لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، ولقد قاتله علي علیه السلام وقاتل أباه ، وهو يقول : صدق اللّه ورسوله ، وهما يقولان كذب اللّه ورسوله ، لا واللّه ما يساوي بين أهل بدر والسابقين ، وبين الطلقاء والمنافقين (3).
ص: 164
[497] وقيل لمعاوية - لما تغلب على الأمر - لو سكنت المدينة فهي دار الهجرة وبها قبر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
فقال : قد ضللت إذا ، وما أنا من المهتدين.
[498] وذكر علي علیه السلام معاوية فقال : معاوية طليق ابن طليق ، منافق ابن منافق ، وقد لعن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أبا سفيان ومعاوية ويزيد.
[499] وسمع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله معاوية وعمرو بن العاص يتغنيان ، وقال : اللّهمّ اركسهما في الفتنة ركسا (1) ودعهما الى النار دعّا.
[500] وسمع علي علیه السلام رجلا يلعن أهل الشام ، فقال : ويحك لا تلعنهم ، ولكن العن معاوية وعمرو بن العاص وشيعتهما.
[501] وكان علي علیه السلام يلعنهم في قنوته.
[502] وجاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه أشرف يوم أحد على عسكر المشركين ، فقال : اللّهمّ العن القادة منهم والأتباع.
فأما الأتباع فإن اللّه يتوب على من يشاء منهم.
وأما القادة والرءوس فليس منهم مجيب (2) ولا ناج. ومن القادة يومئذ أبو سفيان وابنه معاوية معه.
[503] وعنه صلی اللّه علیه و آله أنه قال : يكون معاوية في صندوق من النار مقفل عليه ، لا تحته إلا فرعون في أسفل درك من جهنم ، ولو لا قول فرعون : ( أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى ) (3) لما كان تحت معاوية.
ص: 165
[504] وقال صلی اللّه علیه و آله : يخرج من ادخل النار من هذه الامة بعد ما شاء اللّه ، ويبقى فيها رجل تحت صخرة الف سنة ينادي يا حنان يا منان.
فكان يقال : هو معاوية بن أبي سفيان.
[505] وعن صعصعة بن صوحان ، انه قال - في أيام يزيد - : ليت الأرض لفظت إلينا معاوية لننظر إليه كيف عذبه اللّه ، وينظر إلينا كيف عذبنا ابنه.
[506] وعن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، انه بعث يوما الى معاوية ، فقالوا : هو يأكل ، فمكث ساعة.
ثم بعث إليه ، فقالوا : هو يأكل ، فمكث ساعة.
ثم بعث إليه ثالثة. فقالوا : هو يأكل. فقال : لا أشبع اللّه بطنه.
فلم يكن بعد ذلك يشبع ، ولو أكل ما عسى أن يأكل (1).
[507] وعنه صلی اللّه علیه و آله أنه قال : إذا رأيتم معاوية يخطب على المنبر ، فاقتلوه.
قال الحسن البصري : قد واللّه رأوه يخطب فما فعلوا [ ولا أفلحوا ] (2).
[508] وعن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنه نظر يوما الى معاوية ، فقال : إن هذا سيطلب هذا الأمر بعدي ، فمن أدركه منكم يطلب ذلك ، فليبقر بطنه بالسيف.
ص: 166
[509] وعنه صلی اللّه علیه و آله أنه قال : إذا رأيتم عمرا مع معاوية ، فافرقوا بينهما ، فانهما لا يجتمعان لخير.
وأجرى معاوية ماء على موضع قبور الشهداء باحد ، فأمر بنبشهم ، فنبشوا واخرجوا من قبورهم رطابا يثنون ، وأصابت المسحاة رجل حمزة رضوان اللّه عليه ، فدميت ، وأزالهم معاوية من قبورهم ، وقد كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أمر بدفنهم هناك في مواضع مصارعهم ، وحمل بعضهم الى المدينة.
فأمر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بردهم وبدفنهم في مصارعهم ، فغير ذلك معاوية ، ونقض أمر رسول اللّه [ فيهم ] (1).
[510] وعن أبي سعيد الخدري ، أنه سئل عن قتال معاوية لعلي علیه السلام فقال : معاوية الفاسق نازع الحق أهله.
[511] وبلغ سعد بن أبي وقاص كلام تكلم به معاوية ، فقال : من أين يدري الفاسق هذا.
[512] وذكر الحسن البصري معاوية ، فقال : جبار فاسق.
[513] وعن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنه نظر الى معاوية يتبختر في برد حبرة وينظر الى عطفيه ، فلعنه.
وقال : أي يوم سوء لامتي منك ، وأي يوم سوء لذريتي من جرو يخرج من صلبك [ من ] يتخذ آيات اللّه هزوا ، ويستحل من حرمتي ما حرم اللّه تعالى.
[514] وعن أبي ذر رضوان اللّه عليه أنه قال : قد سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : ترد عليّ الحوض أمتي على خمس رايات - ثم ذكر حديثا طويلا ، قال فيه - :
ص: 167
ثم يرد فرعون أمتي في أتباعه ، فأخذ بيده (1) فإذا أخذ بها اسودّ وجهه و [ ر ] جفت قدماه وخفقت أحشاؤه ، ويفعل ذلك بأتباعه.
ثم قال : هو معاوية بن أبي سفيان.
فأقول : ما ذا أخلفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون : كذبنا الأكبر ومزقناه وقاتلنا الأصغر وقتلناه.
فأقول : اسلكوا طريق أصحابكم. فينصرفون ظمأ مسودة وجوههم لأنه لا يطعمون منه قطرة.
ومن أجل هذا الحديث وغيره ممّا رواه أبو ذر رحمة اللّه عليه عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في بني أميّة حلّ به ما حلّ من النفي والتكذيب ، وقد شهد له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بالصدق. فقال عليه الصلاة والسّلام : ما أقلّت الغبراء ولا أظلّت الخضراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر (2) فنفاه عثمان الى الربذة ، فمات بها طريدا وحيدا ، كما أخبر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بذلك ، ورآه يمشي في غزوة تبوك في آخر الناس وحده. فقال : رحم اللّه أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده.
[ من أعمال معاوية ] (3)
وقيل : إن معاوية سمّ سعد بن أبي وقاص ، فمات ، لما كان يرويه عن
ص: 168
رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فيه.
وقيل لمالك بن أنس : كان معاوية حليما ، فقال : وكيف يكون حليما من أرسل بسر بن أرطاة ما بينه وبين اليمن لا يسمع بأحد عنده خبر يخاف منه إلا قتله حتى إذا قتل الناس وحلم ، ما كان بحليم ولا مبارك.
وذكر الشعبي معاوية ، فقال : كان كالجمل الطب (1) إن سكت عنه أقدم ، وإن قدم عليه تأخر.
والجمل الطب : هو الذي يتعاهد موضع خفه أين يطاء به.
فكأنه شبهه بذلك الجمل. إنه ينظر في امور الناس كما ينظر ذلك الجمل أن يضع خفيه ، فمن رأى أنه يقدم عليه تأخر عنه ، ومن رأى أنه يحجم عنه أقدم عليه.
وقيل لشريك بن عبد اللّه : أكان معاوية - كما يقال - حليما؟
فقال : لا وكيف يكون حليما من سفه الحق.
[515] وقال الحسن البصري : غزوت الدوب (2) زمان معاوية ، وعلينا رجل من التابعين - ما رأيت رجلا أفضل منه -.
فانتهى إلينا ان معاوية قتل حجر بن عدي وأصحابه ، فصلّى بنا الظهر ، ثم خطب. فحمد اللّه وأثنى عليه وصلّى على النبي صلی اللّه علیه و آله ، ثم قال : أما بعد ، فقد حدث في الإسلام حدث لم يكن مذ قبض رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وذلك أن معاوية قتل حجر بن عدي
ص: 169
وأصحابه من المسلمين صبرا ، فإن يك عند الناس تغيير (1) وإلا فاني أسأل اللّه أن يقبضني إليه.
قال الحسن : فو اللّه ما صلّينا العصر من ذلك اليوم حتى مات رحمة اللّه عليه.
ص: 170
فقالت له : تدخل عليّ بعد أن قتلت حجرا وأصحابه ، أما خفت أن أقعد لك رجلا من المسلمين يقتلك.
فقال لها معاوية : لا اخاف ذلك ، لأني في دار أمان ، لكن كيف أنا في حوائجك؟
قالت : صالح.
قال : فدعيني وإياهم حتى نلتقي عند اللّه.
قالت : وكيف أدعك وقد أحدثت مثل هذا الحدث ، وغيّرت حكم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، [ حيث ] قال صلی اللّه علیه و آله : الولد للفراش ، فنفيت زيادا عمن ولد على فراشه ، ونسبته إلى أبيك ، ووليت يزيد برأي نفسك.
فقال : يا أم المؤمنين ، أما إذا أبيت ، فاني لو لم أقتل حجرا لقتل بيني وبينه خلق كثير ، واما زياد فإن أبي عهد إليّ فيه ، وأما يزيد فاني رأيته أحق الناس بهذا الأمر ، فوليته.
وكان عند عائشة المغيرة بن شعبة والمسور بن مخرمة (1) ، فقالت لهما : أما تسمعان عذر معاوية.
فأما المغيرة فرفق له في القول.
وأما المسور فغلظ عليه فيه ثم افترقوا. فوفد المسور بعد ذلك على معاوية في جماعة فحجبه دونهم فقضى حوائجهم وأخره ، ثم أدخله بعد ذلك إليه ، فقال له : أتذكر كلامك عند عائشة؟
قال : نعم واللّه ما أردت به إلا اللّه.
ص: 172
قال : دع هذا ، وهات حوائجك.
فأما اعتراف معاوية بقتل حجر وأصحابه فلشىء توهمه - قد يكون ، وقد لا يكون - فذلك القتل ظلما ، وقد تواعد اللّه تعالى عليه بالنار (1).
وأما اعتذاره في أن أباه عهد إليه في إلحاق زياد به ، فاتباعه أمر أبيه ومخالفته أمر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ممّا تواعد اللّه تعالى عليه الفتنة والعذاب الاليم (2).
وأما قوله : إنه رأى يزيد أحق الناس بالإمامة فذلك من رأيه الفاسد ، وقد لعنه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - كما ذكرت - ولعن أباه وابنه يزيد. ومن لعنه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فهو ملعون ، والملعون لا يكون إماما (3).
ص: 173
فهذه نكت قد ذكرناها كما شرطنا مختصرة من مثالب معاوية وبني أميّة. وقد ذكرنا تمام القول في ذلك في كتاب المناقب والمثالب ، ومن أراد استقصاء ذلك نظر فيه ، وإن كنا أيضا قد اختصرناه. ففي واحدة ممّا ذكرنا من ذلك ما يوجب إسفاط من ذكرت فيه ولا يقاس بأهل الفضل الذين نطق القرآن بفضلهم وأبانهم الرسول به صلی اللّه علیه و آله وهم على وصيه والائمة من ولده علیهم السلام .
وقد ذكرنا ونذكر في هذا الكتاب من فضائله وفضائل الائمة من ولده علیهم السلام ما لا يخفى فضلهم ، وفرق ما بينهم وبين من ادعى مقاماتهم ، مع ما ذكرنا ونذكره من ذلك على من وفق لفهمه ، وهدي لرشده إن شاء اللّه تعالى.
تمّ الجزء السادس من كتاب شرح الأخبار ، والحمد لله ربّ العالمين وصلّى اللّه على رسوله وآله أجمعين ، ويتلوه الجزء السابع منه ، تأليف سيّدنا القاضي الأجل النعمان بن محمّد رضوان اللّه عليه.
ص: 174
شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام
للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي
المتوفي سنة 363 ه. ق
الجزء السابع
ص: 175
ص: 176
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وممّا جاء من مناقب علي صلوات اللّه عليه وفضائله وسوابقه.
[517] الدغشي ، باسناده ، عن عبد اللّه بن رقيم الكناني ، قال : قدمت المدينة ، فلقيت سعد بن أبي وقاص ، فقال لي : من أين أقبلت؟
قلت : من العراق.
قال : كيف تركت عليا علیه السلام ؟
قلت : صالحا.
قال : فهل سمعته ذكرني بشيء؟
قلت : لا.
قال : إنه لرجل لا أزال أحبه بعد ثلاث سمعتهن من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، سمعته يقول لعلي علیه السلام : أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، غير إنه لا نبي بعدي.
وأمر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بسد الأبواب التي كانت تشرع الى مسجده ، وترك باب علي علیه السلام .
فقال بعض أعمامه : يا رسول اللّه ، سددت بابي ، وتركت باب هذا الغلام - يعني عليا علیه السلام -؟
فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ما أنا سددت أبوابكم
ص: 177
وتركت بابه ، ولكنّ اللّه فعل ذلك ، وأمرني به ، فامتثلت أمره.
وبعث رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أبا بكر ببراة الى أهل مكة ، فلما سار بها بعث عليا علیه السلام في أثره ، وأمره بأخذها منه ، ويؤدي عنه الى أهل مكة.
فقال أبو بكر : يا رسول اللّه ، أنزل فيّ شيء؟
قال : لا ، إلا أنه نزل عليّ ألا يبلغ عني إلا أنا أو رجل مني ، وعلي مني.
[518] وبآخر ، عن جميع بن عمير التميمي (1) ، قال : صلّيت في مسجد النبي صلی اللّه علیه و آله فرأيت عبد اللّه بن عمر جالسا ، فأتيته ، فسلمت عليه ، وجلست إليه ، وقلت : حدثني عن علي علیه السلام .
فقال : هذا منزل علي وهذا منزل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وإن شئت حدثتك عنه.
قلت : نعم حدثني عنه.
قال : آخى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بين أصحابه ، وترك عليا علیه السلام : فقال له : يا رسول اللّه آخيت بين المهاجرين وتركتني ، فمن أخي؟
قال : أما ترضى يا علي أن تكون أخي؟
قال : بلى ، يا رسول اللّه.
قال : فأنت أخي في الدنيا والآخرة.
وقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - يوم خيبر - : لأعطين الراية غدا رجلا يحب اللّه ورسوله ، ويحبه اللّه ورسوله ، فما منا أحد إلا رجا
ص: 178
أن يكون صاحبها. فلما أصبح ، قال : أين علي؟
قالوا : أرمد.
قال : ادعوه لي.
فدعي له ، فلما جاء تفل في عينه وأعطاه الراية ، وتقدم ، وسرنا معه فما تتامّ آخرنا حتى فتح اللّه به على أولنا.
قال : وبعث رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أبا بكر ببراة ، فلما أتى ذا الحليفة (1) أرسل عليا علیه السلام فأخذها منه. فقال أبو بكر لعلي علیه السلام : أنزل فيّ شيء؟
قال : لا ، إلا أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل من أهل بيتي.
قال : فرجع أبو بكر الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقال : يا رسول اللّه ، أنزل فيّ شيء؟
قال : لا ، ولكن لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل من أهل بيتي.
[519] وبآخر ، عن علي صلوات اللّه عليه ، أنه قال : لما أمرني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بأن ألحق أبا بكر ، فآخذ منه برأة ، وأمضي بها في أهل مكة ، فأقرأها عليهم ، وأودي عنه إليهم. قلت : يا رسول اللّه ، إني لست بالخطيب (2) ، وأنا رجل حدث (3) السن.
قال : لا بدّ من أن تذهب بها ، أو أذهب بها أنا.
قلت : أما إذا كان ذلك ، فأنا أذهب بها يا رسول اللّه.
ص: 179
قال : اذهب فسوف يثبت اللّه لسانك ويهدي قلبك (1).
[520] وبآخر ، عن أبي حازم ، قال : خرج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقال :
أيها الناس سدوا أبوابكم عن المسجد ، فكان الناس توقفوا. ثم خرج الثانية ، فقال ذلك ، فتوقفوا.
قال ابن عباس : فخرج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الثالثة ، فقال : أيها الناس سدوا أبوابكم غير باب علي قبل أن ينزل العذاب ، فسدوا أبوابهم غير باب علي.
فقال بعض الناس : إنما ترك باب علي لقرابته. وقال بعضهم : لو كان ذلك للقرابة لكان حمزة أقرب إليه منه ، هو عمه ، وأخوه من الرضاعة ، ولكن من أجل ابنته فاطمة.
فلما كثر خوضهم في ذلك ، خرج إليهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقال :
أيها الناس إنما أنا بشر ، واللّه ما أنا أصنع إلا بما أمرت به ، وما أعلم إلا بما علّمت ، وقد تعلمون أني نزلت قبا (2) ، فاتخذت بها مسجدا ومسكنا ، وما أردت التحويل ، فخرجت بي النافة ، واستقبلتني الأنصار ، فقلت : دعوها فإنها مأمورة ، فبركت حيث بنيت المسجد ، وإن اللّه أوحى إلى موسى علیه السلام أن اتخذ مسجدا طهرا تسكنه أنت وهارون وأبناء هارون ، وان اللّه قد أمرني أن أتخذ مسجدا طهرا أسكنه أنا وعلي وأبناء علي ، واللّه ما أنا سددت ، ولا أنا فتحت (3).
ص: 180
[521] عن أم سلمة ، أنها قالت : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : لا يحل هذا المسجد لجنب ولا لحائض إلا لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأزواجه وعلي وفاطمة بنت محمّد ، ألا إني قد بينت لكم لئلا تضلوا (1) [ مرتين ] (2).
[522] عن عبد اللّه بن عمر ، أنه قال : لقد اعطي علي بن أبي طالب علیه السلام ثلاث مناقب لئن تكون (3) لي إحداهن أحب إليّ من حمر النعم. زوّجه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فاطمة علیهاالسلام ، فولدت له السبطين الحسن والحسين علیهماالسلام . وأعطاه الراية يوم خيبر بعد أن قال : لأعطيّنها رجلا يحب اللّه ورسوله ، ويحبه اللّه ورسوله. وسد أبواب الناس كلهم عن المسجد (4) غير بابه.
[523] وبآخر ، عن أنس بن مالك ، أنه قال : بعث رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله مصدّقا الى قوم ، فعدوا عليه فقتلوه ، فأرسل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إليهم عليا علیه السلام فقتل المقاتلة وسبى الذرية ، وانصرف
ص: 181
بها ، فبلغ النبي صلی اللّه علیه و آله قدومه ، فسرّ بما كان منه ، وخرج فتلقاه خارجا من المدينة ، فلما لقيه اعتنقه ، وقبّل بين عينيه ، وقال : بأبي وأمي من شد اللّه به عضدي كما شد عضد موسى بهارون.
[524] وبآخر ، عن أبي إسحاق ، قال : [ سأل عبد الرحمن بن خالد قثم ] (1) ابن العباس : بأيّ شيء ورث علي بن أبي طالب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله دون العباس؟
قال : لأنه كان أشدّنا به لزوقا ، وأسرعنا به لحوقا.
[525] وبآخر ، عن الحسن البصري (2) ، أن رجلا أتاه ، فقال له : يا أبا سعيد (3) ، إن إخوانك من الشيعة يزعمون أنك تبغض عليا علیه السلام .
فأطرق طويلا ، ثم رفع رأسه ، وقال :
ذكرت واللّه سهما صائبا من سهام اللّه عزّ وجلّ على أعدائه ، ربانيّ هذه الامة [ بعد نبيها ] (4) وعالمها وذا فضلها ، وذا شرفها ، وذا قرابة قريبة من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، لم يكن بالنومة عن حق اللّه ، ولا بالسروقة من مال اللّه ، أعطى القرآن واللّه عزائمه فيما عليه وله. [ فأورده رياضا مونقة وحدائق معذقة ذاك ] علي بن أبي طالب علیه السلام ، فكيف أبغضه! يا لكع.
[526] وبآخر ، عن جابر بن يزيد (5) ، أنه قال : لقد فتّشت في فقهاء أهل
ص: 182
الحجاز وأهل العراق وأهل المغرب زيادة على ثمانمائة وسبعين رجلا ، فمحضتهم عما في صدورهم في رفق ولطف ، فما وجدت منهم إلا من يعرف لعلي صلوات اللّه عليه خلا ثلاثة نفر منهم ، فأخذت ما أصبت منهم فقذفته في الماء.
[527] وبآخر ، عن عبد اللّه بن علي بن الحسين ، يرفعه ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أتى مع جماعة من أصحابه الى علي علیه السلام مفتقدا له ، فنظر علي علیه السلام فلم يجد عنده شيئا يقربه إليهم.
فخرج يبتغي سلف دينار ، ليشتري لهم ما يتحفهم ، فمرّ غير بعيد ، فإذا هو بدينار على الأرض ، فتناوله ، وعرّف به فلم يجد له طالبا. فقال في نفسه : أشتري لهم به ما اقر به إليهم ، فإن جاء له طالب أديته إليه (1) ففعل ذلك ، واشترى بالدينار طعاما ، وأتى به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأصحابه ، فطعموا ، وانصرفوا وجعل ينشد الدينار فلم يجد له طالبا ، وأصابه عرضة ، فأتى به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأخبره بالخبر.
فقال : يا علي أعطاكه اللّه عزّ وجلّ لما اطلع على قلبك ، وما أردته وليس هو شيء للناس ، ودعا له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بخير.
[528] سعيد بن جبير (2) ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه قال : قال رسول اللّه صلّى
ص: 183
اللّه عليه وآله لعلي علیه السلام :
إن اللّه عزّ وجلّ أعطاك احدى عشرة خصلة ليس لأحد معك فيها دعوى ، ومن كفر فإن اللّه غني عن العالمين :
أنت أخي في الدنيا. وأنت أخي في الآخرة. وأنت صاحب رايتي في الدنيا. وأنت صاحب رايتي في الآخرة. وأنت في الدنيا وصيتي في أهلي. ومنزلك في الجنة بقرب منزلي. وعدوك عدوي ، وعدوي عدوّ اللّه. ووليك وليي ، ووليي ولي اللّه عزّ وجلّ. وحربك حربي. وسلمك سلمي.
ص: 184
[529] عن الأعمش ، عن عامر بن واثلة (1) ، قال : كنت على الباب يوم الشورى ، فارتفعت الأصوات بينهم ، فسمعت عليا علیه السلام يقول :
أيها الناس اللّه اللّه في أنفسكم ، إنها واللّه الفتنة العمياء الصماء البكماء المقعدة ، الى متى تعصون (2) اللّه ، أما تعلمون أنه ما من نفس تقتل ظلما أو يموت جوعا ، وما من ظلم يكون بعد اليوم أو جور أو فساد في الأرض إلا ووزر ذلك على من رد الحق عن أهله ، وأنا واللّه أهله.
واللّه ما الدنيا اريد ، ولقد علمت أنكم لن تفعلوا ، ولن تستقيموا ، ولن تجمعوا عليّ ، لكني أحتج عليكم ، واقيم المعذرة الى اللّه عزّ وجلّ بيني وبينكم.
بايع الناس أبا بكر ، وأنا واللّه أحقّ وأولى بها منه ، لكني خفت رجوع الناس على أعقابهم لما رأيت من طمع المنافقين في الكفر.
ثم جعلها أبو بكر من بعده لعمر ، فخفت آخرا ما خفته أولا ، وأنت يا عبد الرحمن بن عوف اقتديت بأبي بكر في عمر ، وحالك
ص: 185
ما قال اللّه عزّ وجلّ في أهل الضلالة : ( إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ ) (1) أستقيم (2) لكم كما استقمتم ، فإذا غدرتم تغيرت ، واللّه على ما نقول وكيل ، أما تعلم أن عمر جعلني في خمسة أنا سادسهم لا يعرف لهم عليّ فضل في وجه من الوجوه ، وأنا أحتج عليكم بحجج لا يستطيع العربي منكم ولا المولى ولا المعاهد أن يجحدني منها حجة ، ولا يرد علي منها خصلة.
اناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم أخ لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله غيري؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
قال : فاناشدكم اللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، هل فيكم من ولايته ولاية اللّه ، وعداوته عداوة اللّه غيري؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم من قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أنت مني بمنزلة هارون من موسى غيري؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم من له عم كعمي حمزة بن عبد المطلب أسد اللّه وأسد رسوله ، وسيد الشهداء عند اللّه [ غيري ]؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
ص: 186
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، هل فيكم من له زوجة كزوجتي فاطمة ابنة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وسيدة نساء عالمها ، وامها أول من آمن باللّه ورسوله [ غيري ]؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، هل فيكم من له سبطان مثل سبطي الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة [ غيري ]؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، هل فيكم أقرب الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله مني؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، هل فيكم وصي لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله غيري؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، هل فيكم من آمن باللّه ورسوله صلی اللّه علیه و آله قبلي؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، هل فيكم من قدم صدقته بين يدي نجواه غيري؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، هل فيكم أحد جاهد في سبيل اللّه كجهادي ، وقتل من المشركين كما قتلت ، وبذل نفسه بين يدي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله كبذلي
ص: 187
لنفسي؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، هل أفيكم أحد أعطاه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله سهمين - سهم في الخاصة ، وسهم في العامة - غيري؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، هل أفيكم أحد ولي من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ما وليته عند موته ، حتى سالت نفسه بيده باختصاصه إياه بذلك ، ودعائه له أن يلي ذلك منه غيري؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، هل فيكم أحد جاءته التعزية من اللّه عزّ وجلّ حين هتف بنا جبرائيل عند موت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وليس معه في البيت إلا أنا وفاطمة والحسن والحسين وهو مسجّى بيننا ، فقال :
السّلام عليكم أهل البيت ورحمة اللّه وبركاته ( كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ ) (1) إن في اللّه عزاء من كل مصيبة ، ودركا من كل فائت ، وخلفا من كل هالك ، فباللّه فثقوا ، وله فارجعوا ، وإياه فاعبدوا ، وأعلموا أن المصاب من حرم الثواب ، والسّلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته. غيري؟
ص: 188
قالوا : اللّهمّ ، لا.
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو ، أفيكم أحد ولي غسل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بالروح والريحان مع كرام الملائكة غيري؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم أحد كفن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وحنطه مع الملائكة غيري؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم أحد وضع رسول اللّه في لحده ، وكان آخر الناس عهدا غيري؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم أحد كان يسمع حفيف أجنحة الملائكة غيري؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم أحد كان يقاتل بين يدي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وجبرائيل عن يمينه ، وميكائيل عن يساره ، وملك الموت (1) أمامه غيري؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ،
ص: 189
أفيكم أحد شهد الكتاب بتطهيره في الخمسة أصحاب الكساء غيري؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم أحد قدمه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وولده وأهله معه للمباهلة لما أنزل اللّه عزّ وجلّ عليه : ( فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ) (1) وكان كنفس رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وقال : أنت كنفسي ، غيري؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم أحد ترك رسول اللّه بابه مع أبوابه يشرع الى المسجد وسد أبواب جميع أصحابه غيري؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم أحد ورث رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وصارت تركته إليه من بعده غيري؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم أحد استخلفه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله على أهله ، وجعل طلاق نسائه بيده ، غيري؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
ص: 190
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم أحد لا يجد حرا ولا بردا بدعاء رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، غيري؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم أحد أمره رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله على جميع الناس يوم جمع بني عبد المطلب وأندرهم كما أمره اللّه عزّ وجلّ أن ينذر عشيرته الأقربين ، وندبهم الى من يؤازره منهم على أمره على أن يجعله أخاه ووزيره في حياته ووصيه وخليفته على الأمة بعد وفاته ، فأبوا من ذلك ، وأجابه وعقد له ذلك وأمرهم بالسمع والطاعة له ، غيري؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، هل فيكم أحد أقامه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في حجة الوداع عند ما احتج إليه عامة الامة ، فقال لهم : ألستم تعلمون أني أولى بكم منكم بأنفسكم؟ قالوا : اللّهمّ ، نعم. قال : فمن كنت مولاه فهذا مولاه ، اللّهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، غيري؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، هل فيكم أحد نهض به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله على ظهره ليلة كسر أوثان الكعبة ، فألقاها عنها ، وكسرها ، غيري؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم أحد يعرف المنافقون ببغضهم إياه لما ابلي في المشركين غيري؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
ص: 191
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم أحد نودي باسمه من السماء يوم أحد « لا فتى إلا هو لا سيف إلا ذو الفقار » غيري؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم أحد أجابه الجن برسالة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، غيري؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم أحد قال فيه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : لأعطين الراية غدا رجلا يحبه اللّه ورسوله ، ويحب اللّه ورسوله ، كرار غير فرار ، لا يرجع حتى يفتح اللّه على يديه ، ثم أعطاه اياها ، ففتح اللّه على يديه ، غيري؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم أحد يشهد له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بأنه أعلم الناس بالقضاء ، وضرب على صدره ، ودعا له بالعلم بذلك ، غيري؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم أحد من نزل من القرآن بمدحه وفضله مثل ما أنزل اللّه فيّ؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، هل فيكم أحد يدعي شرف كل آية في القرآن أولها ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) لسبقه الى الإيمان ، غيري؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
ص: 192
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أمنكم أحد نزل فيه : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) (1) غيري؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم من أنزل اللّه عزّ وجلّ فيه : ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ) الى قوله : ( إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً ) (2) غيري؟
قالوا : اللّهمّ ، لا.
قال : فحسبي بما أقررتم به من مناقبي وفضائلي ، ولو شئت أن أذكر غير ذلك كثيرا لذكرته ، فاصنعوا بعد ذلك ما أنتم صانعون ، فاللّه الشاهد على ما تفعلون.
قال عامر بن وائلة : فهذا ما حفظته ممّا عدده علي علیه السلام يومئذ من مناقبه على أهل الشورى ، فأقروا بها ، وصدقوه فيها. ثم لم أسمعه كلّمهم بعد ذلك بشيء حتى عقدوا ما عقدوه بينهم ، وافترقوا. وقد ذكرت في فصل قبل هذا جرى فيه مثل هذا الكلام ما أوجب مثل هذا القول من علي علیه السلام ، وأن ذلك لما خصه اللّه به من فضل الإمامة ، فلم يكن ينبغي له الإعراض عن ذلك ، وتركه كما لا ينبغي لمن خصه اللّه عزّ وجلّ بالنبوة أن يعرض عنها ، ويزهد فيها ، لا على أن ذلك كان من علي صلوات اللّه عليه لرغبته في شيء من أمر الدنيا. وقد علم الخاص والعام زهده فيها قبل أن يصير أمر الإمامة إليه وبعد ذلك.
ص: 193
[530] الأعمش ، باسناده ، عن سعد بن أبي وقاص : أنه سمع قوما يسبون بعض أصحاب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . فقال : لا تسبوا أصحاب محمّد صلی اللّه علیه و آله فإنهم خير منكم ، وان عبتم عليهم ما عبتم.
فقال له رجل من القوم : أما واللّه ، إنا لنعيب عليكم ، ونجد في تخلفك عن سيد المسلمين (1) وإمام المتقين علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه.
فقال سعد : أما واللّه ما كان ذلك مني لموجدة عليه ، أو أن أكون لا أراه أحق الناس بها ، ولكنه رأي رأيت أخطأ أو أصاب ، وكيف يكون الذي تظنون بي ، وقد سمعت من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في علي علیه السلام من المناقب الشريفة ما إني وددت أن واحدة منهن لي بما طلعت الشمس عليه.
سمعت النبي صلی اللّه علیه و آله يقول - يوم غدير خم - : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللّهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر
ص: 194
من نصره ، واخذل من خذله. شايلا بيده ، قد أسمع أهل النادي من جميع الناس - الأقصين والأدنين -.
وسمعته يقول له - لما خرج الى تبوك واستخلفه على المدينة وعلى أهله - ، وقد قال له : يا رسول اللّه ، إن بعض الناس يقولون : إنك إنما خلفتني استثقالا لي. فقال له :
يا علي ، إنه لا بدّ من إمام وأمير ، فأنا الإمام وأنت الأمير ، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى حيث استخلفه على بني إسرائيل إلا أنه لا نبي بعدي يوحى إليه. واللّه ما خلفتك عن أمري ، ولا عاقبتك عن أمري ، ولا أمرتك عن أمري إن أنا إلا مأمور.
وقال يوم خيبر - وقد انهزم أبو بكر وعمر ومن معهما - : لأعطين الراية غدا رجلا يحبه اللّه ورسوله ، ويحب اللّه ورسوله ، وليفتحن اللّه تعالى على يديه إن شاء اللّه تعالى ، ليس بفرار ولا نكاص ولا غدار ، يعطي السيف حقه ، والقرآن عزائمه والنصيحة أهلها. فلما كان من غد تشوق لها كل ذي شرف ، فدعا بعلي علیه السلام - وكان أرمد - فأجلسه بين يديه ، وتفل في عينيه وعلى بدنه.
ثم قال : اللّهمّ أذهب عنه الحرّ والبرد ، وارحمه ، وترحم عليه ، وأعنه ، واستعن به ، وانصره ، وانتصر به ، فانه عبدك وأخو رسولك. ودفع الراية إليه ، فخرج يمشي كأنه أسد ، ففتح اللّه عليه خيبر ، ثم حمل باب المدينة حتى وضعه ناحية ، فاجتمع عليه بعد ذلك سبعون رجلا ، فلم يقدروا أن يحملوه (1) فو اللّه ما وجد علي علیه السلام بعد ذلك حرا ولا بردا.
ولقد أشرفت عليه يومئذ ، فقالوا للجيش : من عليكم؟
ص: 195
قالوا : علي بن أبي طالب.
فقال بعضهم لبعض : لا قوام لكم به ، هذا وصيّ محمّد وهو سيد الأوصياء ، ومحمّد سيّد الأنبياء ، ولكنا لا نرضى أن نكون عبيدا ونحن ملوك.
وأمر رسول اللّه أعمامه وسائر أصحابه بسد أبوابهم من المسجد ، وترك باب علي علیه السلام حتى قال في ذلك حمزة بن عبد المطلب :
العجب من فضل اللّه عزّ وجلّ يؤتيه من يشاء ، يخرج العم من المسجد ، ويترك ابن العم.
فبلغ ذلك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فلقي حمزة ونحن معه.
فقال : يا حمزة بن عبد المطلب ، قد بلغني قولك في أمر المسجد ، وسدّي أبواب عمومتي وترك باب علي ، واللّه ما عن أمري فتحت الأبواب ، لكنه عن أمر ربّ العالمين. ولا عن أمري سددت ما سددت ، وتركت ما تركت لكنه عن أمر ربّ العالمين ، فأيكم سخط أمر ربّ العالمين.
فقال حمزة : فداك أبي وأمي ما نسخط ذلك بل نرضى ونسلّم ، فقد بعث إلينا وفي قومك من هو أكبر سنا منك ، وأطوع فيهم ، وأكثر أموالا ، وأبعد صوتا ، لكن اللّه تعالى يعلم حيث يجعل رسالته ، فخصّك بذاك دونهم ، فأهل ذلك ربنا وأهل ذلك أنت عنه وأهل ذلك عليّ من اللّه ومنك يا رسول اللّه ، فقد آمن بك عليّ إذ كفرنا بك ، وصدّقك إذ كذبناك ، ورضي باللّه وبك وهو غلام وجحدنا نحن ذلك ، ونحن رجال ، ودعوتنا وجميع بني عبد المطلب ، وطلبت من يؤازرك منا على أن تجعله أخاك ووزيرك في حياتك ووصيك وخليفتك من بعدك ، فأحجمنا وامتنعنا من ذلك ونحن رجال ،
ص: 196
وبذل لك نفسه وهو غلام ، فهنيئا لعلي ما منحه اللّه عزّ وجلّ إياه وفضله به وما ننكر فضله.
فابتهج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لذلك من قول عمه ، وأثنى عليه خيرا.
[531] إبراهيم بن الفضل الكوفي ، باسناده ، عن موسى بن غسان ، قال : كان أهل الشام يسبون عليا صلوات اللّه عليه ، فاجتمعوا ذات يوم ، وقالوا : قد طال سبنا لهذا الرجل ، وهذا عبد اللّه بن عباس يفتي الناس بمكة ، فهلمّوا لترسلوا رسولا يسأله : لم قتل علي صلوات اللّه عليه من قتل من المسلمين؟ ولم يشركوا باللّه العظيم ، ولم يقتلوا من النفس التي حرم اللّه ، ولم يتركوا صلاة ولا زكاة ولا صوما ولم يكفروا بحجّ ولا بعمرة.
فاختاروا رجلا منهم ، واشتروا له زاحلة وزوّدوه ، وأرسلوه. فخرج حتى أتى مكة ، فوجد عبد اللّه بن عباس جالسا على زمزم يحدّث الناس ، فسلّم عليه ، فرد ابن عباس علیه السلام .
فقال له الرجل : رحمك اللّه إني رجل غريب ، فأقبل عليّ بسمعك وذهنك ، واسمع كلامي.
[ فوضع ] (1) يده على فمه يومي بها الى الناس أن اصمتوا ، فصمتوا ، ثم أقبل على الرجل ، فقال : ممن الرجل؟
قال : من أهل الشام.
ص: 197
قال له ابن عباس : أعوان كل ظالم إلا من عصم اللّه (1) فما حاجتك ، يا أخا أهل الشام؟
قال : إني من عند قوم يلعنون عليا.
وكان ابن عباس متكئا على درب بئر زمزم (2) ، فاستوى جالسا ، وقال : ولم ذلك؟ لعنهم اللّه لقرب قرابته من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أم لسابقته في الإسلام؟
قال : رحمك اللّه ، فعلى ما ذا قتل المسلمين الذين لم يشركوا باللّه العظيم؟ ولم يقتلوا النفس التي حرم اللّه ، ولم يتركوا صلاة ولا زكاة ولا صوما ولم يكفروا بحجّ ولا بعمرة؟
قال ابن عباس : ويحك يا أخا أهل الشام ، سل عما يعنيك ، ودع عنك ما لا يعنيك.
قال الرجل : واللّه ما جئت لحجّ ولا لعمرة ولا جئت إلا لتشرح لي أمر علي وقتله أهل لا إله إلا اللّه ، واهدني واهد معي خلقا كثيرا ، فاني إنما جئتك عن قوم اشتروا لي راحلتي وزودوني وأرسلوني إليك لأسألك عما سألتك عنه ، وأرجع إليهم بجوابك.
قال ابن عباس : يا أخا أهل الشام إن الحديث لا يحدّث به إلا من سمعه فأدّاه كما سمعه.
قال له الرجل : يرحمك اللّه لو أنهم لم يعلموا أني كما يريدون في الإبلاغ إليهم لم يختاروني.
قال له : ويحك يا شامي ، إنما مثل علي علیه السلام في هذه الامة
ص: 198
كمثل العبد الصالح الذي قال له موسى : ( هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً ) (1).
ويحك ، اجلس حتى اخبرك بما سمعت وحفظت عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، قال : إن اللّه عزّ وجلّ لما أعطى موسى التوراة وعلمه من كل شيء قال موسى : أنا أعلم الناس ، فلما لقي الخضر علیه السلام أقرّ له بعلمه ولم يحسده كما حسدتم أنتم عليا علیه السلام ، وكان خرقه للسفينة لله رضا ، وسخطا لأهل الجهالة من الناس ، وكان قتله الغلام لله رضا ، وسخطا لأهل الجهالة من الناس.
ويحك يا شامي ، إنا كنا عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وقد تزوج زينب بنت جحش (2) ، وكان يطعم الحيس ، وأقام اسبوعا يطعم الناس ، وكنا إذا دخلنا إليه جلسنا عنده نتحدث ، وكان ذلك يؤذيه ولم نعلم ، فانزلت هذه الآية : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ) (3). فكنا إذا اكلنا خرجنا من عنده ، فلما أتم اسبوعا خرج النبي صلی اللّه علیه و آله الى منزل أمّ سلمة ، وكان علي علیه السلام لم يأته في ذلك الاسبوع حياء منه ، فأقبل لما بلغه أنه خرج الى منزل أمّ سلمة حتى وقف على الباب ؛ فقرعه قرعا خفيفا ، فعرفه النبي صلی اللّه علیه و آله
ص: 199
ولم تعرفه أمّ سلمة. فقال لها النبي صلی اللّه علیه و آله : قومي فافتحي الباب.
قالت أمّ سلمة : وما بلغ من هذا الذي أقوم إليه ، فأستقبله بمعاصمي ومحاسني ، فأفتح له الباب ، وقد نزل فينا بالأمس ما قد نزل؟
فقال لها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - كالمغضب - : أمالي عليك من حق؟
قالت : بلى يا رسول اللّه.
قال : فقومي فافتحي الدار فإن بالباب رجلا ليس بالخرق ولا بالنزق ، وليس يدخل الباب بعد أن تفتحي الباب حتى يخفى عليه الوطء ، إن بالباب رجلا يحب اللّه ورسوله ويحبه اللّه ورسوله.
فقامت أم سلمة وهي تقول : بخ بخ لرجل يحب اللّه ورسوله ويحبه اللّه ورسوله ، ففتحت الباب. فأخذ علي صلوات اللّه عليه بعضادتي الباب ، ومكث حتى سكت عنه الوطء ، ودخلت أم سلمة خدرها ، فسلّم ثلاثا ، ثم دخل.
فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - ساعة رآه - : واللّه يا أبا الحسن لقد كنت مشتاقا إليك.
فقال له علي علیه السلام : وأنا واللّه بأبي أنت وأمي يا رسول اللّه أشدّ شوقا.
وقبّل كل واحد منهما بين عيني الآخر. ثم جلس علي علیه السلام ، والتفت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إلى أمّ سلمة - وهي في خدرها - فقال لها : أما تعرفين هذا؟
فقالت : بلى يا رسول اللّه ، هو أخوك وابن عمك علي علیه السلام .
ص: 200
فقال لها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا أمّ سلمة ، اسمعي واحفظي واشهدي ، هذا علي سيط لحمه بلحمي ، ودمه بدمي ، وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. يا أمّ سلمة ، اسمعي واحفظي واشهدي ، هذا علي قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين.
قال الشامي : من الناكثون والقاسطون والمارقون؟
قال ابن عباس : الناكثون الذين بايعوه بالمدينة ونكثوا بيعتهم ، وقاتلوه بالبصرة. والقاسطون معاوية وأصحابه. والمارقون أهل النهروان.
قال : ثم قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لام سلمة : يا أمّ سلمة ، اسمعي واحفظي واشهدي ، هذا أخي في الدنيا ، وقريني في الآخرة.
يا أمّ سلمة ، اسمعي واحفظي واشهدي ، هذا عليّ عيبة علمي ، والباب الذي أوتي من قبله. والوصي على الأحياء من أهل بيتي ، وهو معي في السنام الأعلى صاحب لوائي ، ولذائد عن حوضي ، وصاحب شفاعتي.
يا أمّ سلمة ، اسمعي واحفظي واشهدي ، إن اللّه عزّ وجلّ دافع إليّ يوم القيامة لواءين : لواء الحمد ولواء الشفاعة ، ولواء الشفاعة بيدي ، ولواء الحمد بيد علي ، وهو واقف على حوضي ، لا يسقى من حوضي من شتمه ، أو شتم أهل بيته ، ولا من قتله ، ولا من قتل أهل بيته.
فقال له الشامي : حسبك يا بن عباس رحمك اللّه فرجت عني كربتي واحييتني وأحييت معي خلقا. فأحياك اللّه الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة اشهد اللّه واشهدك ، ومن حضر ، أن عليا مولاي
ص: 201
ومولى كل مسلم.
ثم انصرف الى الشام. فأعلم الذين أرسلوه بما كان من ابن عباس. فرجع معه خلق من أهل الشام عن سبّ علي علیه السلام .
[532] وكيع ، باسناده ، عن سلمان الفارسي قدّس اللّه روحه ، قال : صعد علي أمير المؤمنين المنبر ، فحمد اللّه ، وأثنى عليه ، وصلّى على النبيّ صلی اللّه علیه و آله ، وذكر شيئا أراد ذكره.
فقال له الناس : أخبرنا يا أمير المؤمنين عن نفسك؟
فقال : أما تعلمون أن اللّه عزّ وجلّ قال في كتابه : ( فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى ) (1).
قالوا : يا أمير المؤمنين ، إنا نحب أن تخبرنا عن نفسك.
قال : إنا أهل بيت لا يقاس بنا أحد.
قالوا : تخبرنا ، يا أمير المؤمنين ، عما خصّك اللّه به ورسوله صلی اللّه علیه و آله .
قال : كنت إذا سألت أعطيت ، وإذا سكت ابتديت.
ثم نزل عن المنبر.
ص: 202
[533] وبآخر ، عنه ، أنه قال : إن اللّه عزّ وجلّ أوحى الى موسى وأخيه ( أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً ) (1).
فبنى موسى مسجدا ، وكان فيه هو وأخوه هارون علیهماالسلام ، وأهلوهما ، وان النبي صلی اللّه علیه و آله لما دخل المدينة (2) ابتنى المسجد ، وابتنى أصحابه حوله ، وفتحوا أبوابهم الى المسجد.
وان النبي صلی اللّه علیه و آله أرسل معاذ بن جبل (3) الى العباس ، فقال له : سدّ بابك الذي يلي المسجد.
فقال : سمعا وطاعة.
ثم أرسل الى حمزة فكان حديدا ، فتكلم بشيء ، ثم قال : سمعا وطاعة.
وأرسل الى أبي بكر ، فقال سمعا وطاعة.
ثم أرسل الى عمر بذلك ، فقال : ولكن يترك لي كوة (4) أنظر منها
ص: 203
الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إذا خرج الى الصلاة ، وإذا انصرف.
فقال النبي صلی اللّه علیه و آله : لا ولا ثقبة. فقال : سمعا وطاعة.
وأرسل الى عثمان ، والى كل من كان له باب الى المسجد ، أن يسدّوا أبوابهم غير علي صلوات اللّه عليه. فقالوا : سمعا وطاعة.
فقال علي علیه السلام لمعاذ : أمرك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في شيء؟
قال : لا.
قال : فاسأله.
فأخبره معاذ بقول علي علیه السلام .
فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ارجع إليه ، فقل له : أقم (1) طاهرا مطهرا.
فلما ترك عليا علیه السلام وحده ، وجد قوم في أنفسهم وتكلموا فيه.
فقال العباس (2) لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أخرجت عمك وبني عمك وأبا بكر وعمر وتركت عليا وحده.
فقال : يا عم واللّه ما أنا الذي خرجتهم ، ولا أنا الذي تركت عليا انما أنا مأمور ، ما أمرت به فعلته ، وانما امرت أن لا يجامع أحد في المسجد ، ولا يدخله جنبا إلا أنا وعلي علیه السلام . عليّ مني بمنزلة
ص: 204
هارون من موسى ، يحلّ له ما حلّ لي ، ويحرم عليه ما حرم عليّ. فقال العباس : سمعا وطاعة.
فقال النبي صلی اللّه علیه و آله : من تولاني تولى عليا ، ومن لم يقل بولاء علي فقد جحد ولايتي ، ومن كنت مولاه فعلي مولاه والى اللّه من والاه ، وعادى اللّه من عاداه. علي يبرئ ذمتي ويؤدي عني أمانتي ، وعلي ضامن عداتي ، وخافر ذمتي ، وعيبة علمي ، ومحيي شريعتي ، والذي يقاتل عن سنتي ، وهو مني وأنا منه ، وهو معي على السنام الأعلى ، يكسى معي إذا كسيت ، ويدعى معي إذا دعيت ، ويفد معي إذا وفدت ، يحلى معي إذا حليت ، وهو إمام المؤمنين ، وقائد الغرّ المحجلين ، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين.
[534] ابن لهيعة (1) ، باسناده ، عن معاذ بن جبل ، قال :
لما فشى أمر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بمكة ، وأسلم من أسلم من المسلمين ، ووثب عليهم قومهم يعذبونهم ليفتنوهم عن دينهم ، وأذن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لهم في الهجرة ، فهاجر من خاف من قومه على نفسه وتفرقوا في البلدان ، وأقام مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من حماة قومه ، افتقد عليا علیه السلام - ذات يوم - فلم يعلم مكانه حتى أمسى ، فاشتدّ غمه به ، فرأت أثر الغم عليه خديجة رضوان اللّه عليها ، فقالت : يا رسول اللّه ما هذا الغم الذي أراه عليك؟
ص: 205
قال : غاب علي منذ اليوم فما أدري ما صنع به ، وقد أعطاني اللّه عزّ وجلّ فيه ثلاثا في الدنيا وثلاثا في الآخرة لا أخاف معها عليه [ أن يموت ولا يقتل حتى يعطيني اللّه موعده إياي ] (1). إلا أني أخاف عليه واحدة.
قالت : يا رسول اللّه وما الثلاث الذي أعطاكها اللّه في الدنيا؟ وما الثلاث الذي أعطاكها اللّه في الآخرة؟ وما الواحدة التي تخشاها عليه؟
قال : يا خديجة ، إن اللّه عزّ وجلّ أعطاني في علي لدنياي : إنه يقتل أربعة وثمانين (2) مبارزا قبل أن يموت أو يقتل ، فإنه يواري عورتي عند موتي ، وإنه يقضي ديني وعداتي من بعدي. وأعطاني في علي لآخرتي إنه صاحب مفتاحي يوم أفتح أبواب الجنة ، وصاحب لوائي يوم القيامة ، وإنه صاحب حوضي. والتي أخافها عليه ضغائن له في قلوب قوم.
فخرجت خديجة في الليل تلتمس خبر علي علیه السلام ، فوافقته ، فأعلمته باغتمام رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بغيبته ، وألفته مقبلا إليه ، فسبقته تبشره ، فقام قائما ، فحمد اللّه تعالى رافعا يديه.
[535] وبآخر ، عن علي صلوات اللّه عليه ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : قال لي جبرائيل علیه السلام : يا محمّد ، إن حفظة علي تفتخر على الملائكة.
قلت : بما ذا يا جبرائيل؟
ص: 206
قال : تقول : إنها لم تكتب على عليّ خطيئة منذ صحبته.
[536] محمّد بن علي العنبري ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه كان جالسا في المسجد وحوله جماعة من أصحابه ، وفيهم علي إذ وقف عليه أعرابي ، فقال : يا رسول اللّه جئت إليك أسألك عن آية من كتاب اللّه تعالى سمعته يأمر فيها بما لم أدر ما هو.
قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : سل يا أعرابي.
قال : سمعت اللّه عزّ وجلّ يقول : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً ) (1) ، فما هذا الحبل الذي أمرنا أن نعتصم به؟
فأخذ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بيد الأعرابي ، فوضعها على كتف (2) علي علیه السلام ، وقال : هذا حبل اللّه الذي آمركم بالاعتصام به.
فدار الأعرابي من خلف علي علیه السلام ، فاعتنقه ، وقال : اللّهمّ إني أعتصم به.
فقال رسول اللّه : من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة ، فلينظر الى هذا الأعرابي.
[537] أحمد بن علي الروري (3) ، باسناده ، عن أبي سعيد الخدري ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن عليا اوتي ما لم يؤته إلا نبي ، إن عليا لم يشرك باللّه قط ، ولم يكذب كذبة قط ، ولم يشرب خمرا قط.
ص: 207
[538] سفيان ، باسناده ، عن علي صلوات اللّه عليه ، أنه قال :
لما نزلت : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ) (1) سألت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عن قدر الصدقة؟
فقال : دينار.
قلت : إن أكثر الناس لا يجده.
قال : فما استطعت.
قال : فتصدقت وناجيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
وأنزل اللّه عزّ وجلّ : ( أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ ) (2). وخفف اللّه ذلك عن الامة ولم يفعله غيري.
[539] أبو عبد الرحمن القصير (3) المقري ، باسناده ، عن عبد الرحمن بن سداد بن الهادبة (4) ، قال : وددت أني كنت قمت ، فذكرت مناقب علي بن أبي طالب علیه السلام ، وما قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فيه يوما الى الليل ثم أقدم فتضرب عنقي.
[540] وبآخر ، عن أبي رجا العطارديّ (5) ، أنه سمع قوما من الخوارج يسبون عليا علیه السلام ، فقال : مهلا ويلكم أتسبون أخا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وابن عمه ، وأول من صدقه ، وآمن به ، واللّه لمقام علي صلوات اللّه عليه مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ساعة من نهار خير من أعماركم بأجمعها.
ص: 208
[541] أبو عوانة (1) ، باسناده ، عن عمرو بن ميمون (2) ، قال : كنا عند عبد اللّه بن عباس ، فأتاه قوم (3) ، فقالوا : إنا نحبّ أن نخلو معك.
فقام ، فجلس معهم ناحية ، ثم انصرف ، وهو ينفض ثوبه ، ويقول : اف لهؤلاء وقعوا في رجل قال فيه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عشر خلال ، كل خلة منها خير من الدنيا وما فيها ، وقعوا في علي أمير المؤمنين.
وقد قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : لأعطين الراية غدا رجلا يحبّ اللّه ورسوله ، ويحبّه اللّه ورسوله لا يخزيه اللّه عزّ وجلّ ، فأعطاها عليا صلوات اللّه عليه.
وقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لبني عبد المطلب - وقد جمعهم - : أبكم يتولاّني؟
يعرض ذلك عليهم رجلا رجلا ويأبون حتى انتهى إلى علي علیه السلام - وهو أحدثهم سنا -.
فقال : أنا أتولاك يا رسول اللّه.
قال : فأنت أخي ووليي في الدنيا والآخرة.
ووضع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ثوبه عليه وعلى زوجته فاطمة علیهاالسلام وعلى ابنيه الحسن والحسين علیهماالسلام وقال : ( إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ
ص: 209
تَطْهِيراً ) (1).
وقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : من كنت مولاه فعلي مولاه.
وبعث رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ببراءة مع أبي بكر إلى أهل مكة ، ثم أردفه بعلي علیه السلام ، فأخذها منه ، وقال : إنه لا يبلغ عني إلا رجل مني ، وعلي مني وأنا منه.
وخرج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى تبوك ، واستخلفه على المدينة وعلى أهله ، فبكى ، وقال : أخرج معك يا رسول اللّه.
فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، وأنت وزيري وخليفتي في قومي كما كان هارون وزير موسى علیهماالسلام وخليفته في قومه.
وكان أول من أسلم منا.
وسدّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أبواب المسجد غير بابه [ فكان يدخل المسجد جنبا وهو طريقه ليس له طريق سواه ] (2).
ونام على فراش رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ليلة هاجر ليري المشركين الذين تواطأ واعلى قتله أنه لم يزل ، فواساه بنفسه وبذلها دونه.
وأخبر اللّه عزّ وجلّ في كتابه ، أنه قد رضي عنه وعن أهل الشجرة بقوله تعالى : ( لَقَدْ رَضِيَ اللّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ) (3) ، فكان علي علیه السلام أحدهم.
[542] يحيى بن أبي بكير ، باسناده ، عن معدان بن سنان ، أنه قال :
ص: 210
مرضت فاطمة علیهاالسلام بنت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فأتاها علیه السلام ليعودها ، فبكت وشكت إليه حالها. فقال : يا فاطمة أما ترضين أن زوجتك أقدم امتي سلما ، وأكثرهم علما ، وأعظمهم حلما؟
قالت : بلى ، رضيت يا رسول اللّه.
[543] الأعمش ، باسناده ، عن أبي أيوب الأنصاري (1) ، أنه قال : مرض رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فعادته فاطمة ابنته صلوات اللّه عليها ، فلمّا نظرت الى ما برسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من العلة بكت ، فقال : مه يا بنية ، أما علمت أن اللّه عزّ وجلّ اطلع الى الأرض اطلاعة ليختار لك قرينا ، فاختار لك عليا ، وأوحى إليّ أن أنكحك إياه ، فأنكحتك أعلمهم علما ، وأقدمهم سلما ، وأعظمهم حلما.
ومناقب علي وفضائله أكثر من أن يحيط بها هذا الكتاب فضلا عن هذا الباب ، ولكنا ذكرنا فيه نكتا منها بحسب ما شرطناه في أول هذا الكتاب.
فكلما يجري ذكره فيه فمن مناقبه وفضائله ، وقد شرحنا كثيرا ممّا تقدم ذكره منها في الأبواب التي قبل هذا الباب من هذا الكتاب وتكرر بعض ذلك في هذا الباب ممّا دخل فيه من جملة الأحاديث ممّا قبله ، فأغنى شرح ذلك في المتقدم عن إعادته وذكر في هذا الفصل ، ولم نذكر في هذا الكتاب إلا ما روته العامة من فضائل علي صلوات اللّه عليه ومناقبه دون ما رواه كثير من الشيعة ممّا ينكره العوام ، تركته اختصارا ، ولئلا اعرض به إن ذكرته
ص: 211
لظن المخالفين وإنكار الجاهلين وتكذيب المكذبين ، ولأن فيما رووه وأجمعوا عليه كفاية عما أنكروه واختلفوا فيه.
ولعل قائلا يقول إذا سمع بعض ما أثبتناه من هذا الكتاب من فضائل علي علیه السلام ومناقبه : إن لغيره مثل بعضها ، ويأتي بذلك ، وقلّ من يخلو من أن يكون فيه فضيلة ممن يذكر بخير.
ولكن لا يقاس من كثرت فضائله بمن قلّت فضائله أو نقصت عن فضائل من يقاس إليه ، كما يكون من يكون فيه أقل شيء من الفضائل أفضل ممن لا فضل له.
والفضائل التي تفاضل المؤمنون بها ممّا أجمعوا عليه ولم يختلفوا فيه ، ونطق الكتاب به وذكر اللّه عزّ وجلّ فيه فضل من كان من أهله وجوه :
ص: 212
أولها ما افترضه اللّه عزّ وجلّ أولا على عباده ذلك الإيمان به وبرسوله ، ونص على فضل السبق إليه ، فقال جلّ من قائل : ( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) (1) ، وقال تعالى : ( وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا ) (2) ، وقال تعالى : ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ ) (3) ، فأجمعوا على أن السبق الى الإسلام من أفضل الفضائل التي تفاضل المؤمنون بها. وقد ذكرنا فيما تقدم أن عليا علیه السلام أول من آمن باللّه وبرسوله من ذكور هذه الامة ، وذكرت ما ادخل في ذلك من ادخل من أهل العناد ، وما يبطل إدخاله ، ووجدناهم يذكرون السابقين الى الإسلام بفضيلة السبق على التقريب في الفضل ، ويسمّونهم ويعدّونهم فيقولون : إن السابقين من أصحاب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى الإسلام علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه ، وزيد بن حارثة ، وأبو بكر ، وعثمان ، وطلحة (4) ، والزبير (5) ، وسعد بن أبي وقاص ، وعبد الرحمن
ص: 213
بن عوف (1) ، وعمر بعد أناس كثير ، وسلمان الفارسي (2) ، وأبو ذر ، والمقداد (3) ، وعمار ، وعبد اللّه بن مسعود (4) ، وسعد بن زيد (5) ، وخباب بن الأرت (6) ، وصهيب (7) ، وبلال (8).
فلا أقلّ - إن تفاضل هؤلاء في درجة السبق وفضله - أن يكون علي علیه السلام أحدهم ، وإن كان قد سبقهم.
ثم ذكروا بعد السبق الى الإسلام في الفضل فضل القربى من الرسول
ص: 214
صلی اللّه علیه و آله لقول اللّه عزّ وجلّ : ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (1) ، وقوله تعالى : ( إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ. ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (2) ، وقوله تعالى : ( وَاتَّقُوا اللّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ ) (3) ، وقوله تعالى : ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) (4) ، وقوله تعالى : ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ) (5) ، وقوله تعالى : ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ ) (6) ، وقوله تعالى : ( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى ) (7). وكان الذين يعدّون من ذوي قرابة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : علي بن أبي طالب علیه السلام ، وحمزة بن عبد المطلب ، وجعفر بن أبي طالب ، والحسن ، والحسين صلوات اللّه عليهم ، والعباس بن عبد المطلب ، وبنوه : عبد اللّه ، وعبيد اللّه (8) والفضل (9) ، وعبيدة بن الحارث (10) ، وأخوه أبو سفيان ، ومن حلّ محلهم ممن
ص: 215
حرّم اللّه عزّ وجلّ عليهم الصدقة على لسان رسوله صلی اللّه علیه و آله لقرابتهم من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله كما حرّمها عليه ، لأنها طهارات الناس وغسالة ذنوبهم (1) وعوضهم منها الخمس إكراما لهم. وكان علي من أخصّهم برسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وألصقهم به - كما ذكرنا - وورثه دون جميعهم. وكان كما ذكرنا وصيه على الأحياء منهم ، ففضل أهل السبق الذين قدمنا ذكرهم بفضيلة القرابة ، إذ ليس لهم وبان بها عنهم ، وإن كان أيضا كما ذكرنا قد بان بالسبق فكان أفضلهم ، وليس أحد منهم يعد ويذكر معه في الفضل على ما بينا وقدمنا ، وهم أكابر الصحابة ، ومن تقدم عليه مستأثرا بحقه في الإمامة ، ومن ذكر معه من أهل الشورى وغيرهم.
ثم ذكروا أن الفضل بعد السبق والقرابة في العلم بكتاب اللّه عزّ وجلّ وأحكامه وحلاله وحرامه لقول اللّه سبحانه : ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (2) وقوله تعالى : ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) (3) وقوله تعالى : ( يَرْفَعِ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ ) (4) وقوله تعالى : ( لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) (5) وقوله تعالى : ( هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) (6) وقوله تعالى : ( وَما يَعْقِلُها إِلاَّ الْعالِمُونَ ) (7) وقوله تعالى : ( إِنَّما يَخْشَى اللّهَ مِنْ
ص: 216
عِبادِهِ الْعُلَماءُ ) (1) ، وقد ذكرت فيما تقدم ما جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من الشهادة لعلي صلوات اللّه عليه بالعلم ، وسوف نذكر بعد هذا ما يؤيد ذلك [ ما ] شهد له به الصحابة. وقوله : سلوني قبل أن تفقدوني ، فإنكم لن تجدوا من هو أعلم بما بين اللوحين مني. ولم يدّع مقامه في ذلك أحد غيره ، ولم يزالوا أيام حياته يسألونه ، ولم يسأل هو أحدا منهم. وقد عدوّا من الصحابة رجالا ذكروهم بالعلم ، فقالوا : المذكورون بالعلم من الصحابة : علي بن أبي طالب علیه السلام ، وأبي بن كعب ، وعبد اللّه بن مسعود ، وعثمان بن عفان ، وزيد بن ثابت (2) ، وجابر بن عبد اللّه ، وأبو موسى الأشعري ، وعمر بن الخطاب ، ومعاذ بن جبل ، وسلمان الفارسي ، وحذيفة بن اليمان ، وكل هؤلاء معترف لعلي صلوات اللّه عليه بالعلم ، مقرّ له بالفضل فيه ، وهم وإن عدوّا في العلماء فإنهم لا يبلغون مكانه من العلم ولا يقاس أحد منهم به فيه ، فقد فضلهم وفاقهم علي علیه السلام بما حار من درجات الفضل بما ذكرناه ونذكره عنه صلوات اللّه عليه.
ثم ذكروا فضل الجهاد في سبيل اللّه وأهله لقول اللّه عزّ وجلّ : ( لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً. دَرَجاتٍ
ص: 217
مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً ) (1) وقوله تعالى : ( إِنَّ اللّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ ) (2) الآية.
في آي كثير من القرآن ذكر اللّه عزّ وجلّ فيها فضل الجهاد وفضل أهله ، وقد ذكرت في هذا الكتاب جهاد علي صلوات اللّه عليه أيام حياة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وبعده ، وإنه لم يزل مجاهدا مذ أسلم حتى قبض صلی اللّه علیه و آله ، وختم اللّه له عزّ وجلّ له بالشهادة ، وأن جهاده فوق جهاد كل ذي جهاد ، وقد علم ذلك ، وأجمع عليه الخاصّ والعام ، واعترف له به كما ذكرنا أصحاب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وقد ذكر بالجهاد والعناء فيه قوم من الصحابة ، فكان ممن ذكر منهم بذلك : علي ، وحمزة ، وعبيدة بن الحارث ، والزبير بن العوام ، وطلحة ، وأبو دجانة الأنصاري ، ومحمّد بن سلمة (3) ، وسعد بن أبي وقاص ، والبراء بن عازب (4) ، وسعد بن معاذ ، وليس أحد من هؤلاء ولا من غيرهم يقاس بعلي علیه السلام في الجهاد والعناء فيه بل هو أفضلهم في ذلك ، وقد حاز دونهم من الفضائل ما تقدم القول به.
وَأَنْفُسِكُمْ ) (1). وقوله تعالى : ( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ ) (2). وقوله تعالى : ( ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ ) (3).
والجود ، جودان : جود بالنفس ، وجود بالمال. وقد جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : من جبن عن الجهاد ، فليجهز بماله رجلا يجاهد في سبيل اللّه.
والمجاهد في سبيل اللّه وإن جهزه بماله غيره فله فضل الجهاد ، ولمن جهزه فضل النفقة في سبيل اللّه ولكليهما فضل ، والجود بالنفس أفضل في سبيل اللّه من الجود بالمال فيه.
وقد جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : أجود الناس من جاد بنفسه في سبيل اللّه ، وأبخل الناس من يبخل بالسلام. ومن جمع الجود بنفسه وماله كان أفضل ممن انفرد بواحد منهما ، فقد علم الخاصّ والعام أن عليا علیه السلام كان أكثر الناس جهادا ، وأن جهاده كان بنفسه وماله وكان بعد ذلك لا يدع عند نفسه شيئا فضل نفقته في جهاده وقوته وقوت عياله إلا أنفقه في سبيل اللّه قليلا كان أو كثيرا (4) ، وقد جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه سئل عن أيّ النفقة أفضل في سبيل اللّه؟ فقال : جهد من مقل.
وقد ذكر المعروفون من الصحابة بالنفقة في سبيل اللّه ، فذكروا منهم عليا
ص: 219
صلوات اللّه عليه ، وفيه أنزل اللّه عزّ وجلّ كما تقدم القول بذلك : ( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً ) (1) الآية. قالوا - ومنهم أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعبد الرحمن بن عوف - : ولعلي صلوات اللّه عليه في ذلك من الفضل ما نزل فيه من القرآن ، ومن ذلك ممّا نزل فيه قوله : ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ) (2) الآية ، نزلت في علي علیه السلام كما ذكرنا فيما تقدم وغيرها ممّا ذكرناه ونذكره في هذا الكتاب. وكان علي صلوات اللّه عليه أفضلهم في ذلك ممّا انفرد به من الفضائل التي تقدم ذكرها دونهم.
ثم ذكروا فضل الورع بعد ذلك والأعمال الصالحة ، لقول اللّه عزّ وجلّ : ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ. إِلاَّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ. فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ ) (3) ( عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ. أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ. الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ ) (4). وقوله تعالى : ( رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ ) (5).
ص: 220
فكان علي صلوات اللّه عليه أفضل [ الناس في ] هذه الأعمال.
وكان أتم الناس بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله صلاة وأخشعهم فيها ، وجاء أن أحدا لم يقدر أن يحكي صلاة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من بعده إلاّ علي صلوات اللّه عليه ، ولا صلاة علي علیه السلام إلا علي بن الحسين ، كذلك الائمة بعده.
وكان أول من صلّى القبلتين.
وكان أكثر الناس إعراضا عن اللغو.
وكان أكثر الناس محافظة على إخراج زكاة ماله ، وفيه أنزل اللّه عزّ وجلّ كما تقدم بذلك في هذا الكتاب : ( الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) (1) وجرى ذلك في الائمة من ولده كما جاء القول بذلك فيما تقدم من هذا الكتاب.
وكان أحفظ الناس لفرجه ، وقد ذكرنا ما شهد به جبرائيل علیه السلام له عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من أن ملكيه يفخران على غيرهما ، بأنهما لم يكتبا عليه قط خطيئة ، ولأنه صحب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله طفلا فلم يعبد غير اللّه ، ولم يشرك به شيئا ، ولم يتخذ من دونه وليا ولا عبد صنما ، ولا اقترف إثما. وكان أورع الامة ، وقد عدّوا فيمن ذكروا بالورع جماعة من الصحابة فمنهم فيما قالوا : علي صلوات اللّه عليه ، وأبو بكر ، وعمرو بن مسعود (2) ، وأبو ذر ، وسلمان ، وعمار ، والمقداد ، وعبد اللّه بن عمر. وعلي أفضلهم في ذلك مع ما حازه - دونهم - من الفضل الذي تقدم ذكره.
ص: 221
ثم ذكروا بعد ذلك فضل الزهد في الدنيا لقول اللّه عزّ وجلّ : ( أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللّهِ وَرِضْوانٌ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ ) (1) وقوله تعالى : ( إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ) (2) وقوله تعالى : ( فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللّهِ الْغَرُورُ ) (3) فوصف عزّ وجلّ الدنيا ومتاعها وما فيها بالفناء والانقطاع ، والآخرة ونعيمها وما فيها بالبقاء والدوام ، ولم يحظر مع ذلك طلب الدنيا من وجهها وبحقها لأن معايش العباد منها بل قد اباح ذلك ، فقال سبحانه : ( وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ ) (4) وقال تعالى : ( وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالاً طَيِّباً ) (5) وقال تعالى : ( وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ) (6) وكرر ذلك في كثير من كتابه ، ولكنه إنما ذكر ما ذكر من صفة الدنيا ، وانقطاعها ، وذهاب متاعها لئلاّ يغتبط بها أهلها ويتشاغلون عن الآخرة التي هي دار البقاء والحيوان بها ، ولينظروا إليها ، والى ما بأيديهم منها بعين الزهادة فيه وفيها ، فلا يغتبطوا بشيء من ذلك فيشحّوا به عما أوجبه اللّه عزّ وجلّ عليهم فيه ، أو أن يقدموا منه الى
ص: 222
الآخرة ما يجدونه منه. فهذه حقيقة الزهد في الدنيا ليس على أنها تطرح بأسرها ، أو يكره كسب شيء منها ، ولو كان ذلك هو الفضل ، وإليه ندب اللّه عزّ وجلّ لم يكن أنبياؤه وأولياؤه ليملكوا منها علقا ولا يكتسبوا منها ، وقد ملكوا منها ، واكتسبوا كثيرا ، ولكنهم ينظرون الى ذلك بعين القلة والاحتقار ، وبها وصفه اللّه عزّ وجلّ به من الفناء والانقطاع ، ويزهدون فيه ويرغبون في الآخرة ومتاعها التي رغبهم اللّه عزّ وجلّ فيها ، ويقدمون بما في أيديهم من الدنيا لها ، ويقومون بما افترض اللّه عزّ وجلّ عليهم فيها ، ولو كانت الدنيا وما فيها مرفوضا لا ينبغي طلابه ولا اكتسابه لكان الواجب على العباد ذلك أن يفعلوه. وإذا ما فعلوا أخربوها وانقرضوا وشيكا منها ، وقد أمر اللّه عزّ وجلّ بالاستعداد منها لارهاب أعدائه وما يقوى على جهادهم به ، والنفقة في سبيله ، فقال سبحانه : ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ ) (1) وقال تعالى : ( وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) (2). وافترض النفقات على الزوجات ، فقال تعالى : ( وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً ) (3) وقال تعالى : ( لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللّهُ ) (4) فهل تكون النفقات إلا من اكتساب الدنيا ومتاعها ، والتصرف فيها وابتغاء الرزق منها ، وهذا ما لا يدفعه أحد من أهل العلم ولا ينكره.
[544] وقد جاء أن قوما ذموا الدنيا عند علي صلوات اللّه عليه ، فقام فيهم
ص: 223
خطيبا ، فحمد اللّه وأثنى عليه وصلّى على النبي صلی اللّه علیه و آله ، فقال :
علام تذموا الدنيا ، وفيها تعملون ، الدنيا دار صدق لمن صدقها ، ودار غنى لمن تزود منها ، ودار عافيه لمن فهم عنها ، مساجد أولياء اللّه ومهبط وحيه ومصلى ملائكته ، اكتسبوا منها الجنة ، وربحوا فيها المرحمة ، فمن ذا يذمها ، وقد آذنت بينها ، وحذرا من بلائها ، وشوقت بسرورها ترغيبا وترهيبا ، وإعذارا وإنذارا.
أيها الذام للدنيا المعتل بتغييرها متى استدمت إليك بل متى غرتك؟ أبمصارع آبائك من البلاء ، أم بمضاجع امهاتك من الثرى؟ كم مرضت بيديك من حبيب؟ وكم دعوت له من طبيب تبغي له الشفاء وتكرهه على مرّ الدواء؟ مثلت لك به الدنيا نفسك وبمصرعه مصرعك ، غداة لا ينفعك أحباؤك ، ولا يغني عنك بكاؤك. في خطبة له معروفة.
وقد ذكر بعض المتكلمين رهبانية النصارى وتركهم النكاح واطراحهم الدنيا وما فيها ، وما يدعوا إليها.
فقال : إن اللّه عزّ وجلّ إنما يبعث أنبياءه بإحياء شرائعه ، هذا لو كان من دين المسيح لكان ممّا تنقطع الشريعة لأنه إذا كان ممّا دعي إليه فواجب على الناس اتباعه فيه ، وإذا كان كذلك لم يتناسلوا ، فينقطعوا عمّا قليل ، وتنقطع الشريعة بانقطاعهم. قال : فدل ذلك على أن ليس الذي ابتدعه النصارى من ذلك ممّا جاءهم به المسيح علیه السلام .
والأخبار والشواهد على مثل هذا كثيرة ، وقد اعطى اللّه عزّ وجلّ كثيرا
ص: 224
من أنبيائه وأوليائه كثيرا من الدنيا ، ولو كان ذلك مكروها ما أعطاهم إياه ، وسأله سليمان علیه السلام ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فما أعاب ذلك عليه من سؤله ، بل ذكر عزّ وجلّ أنه أعطاه ذلك ، ونحن نشاهد ونرى في أيدي أولياء اللّه كثيرا ممّا خولهم اللّه عزّ وجلّ إياه ، وأعطاهم من الدنيا. ونعلم أن ذلك ممّا يعظم عندهم من فضل اللّه عزّ وجلّ لديهم ويكثر شكرهم إياه عليه ، وإن كانوا لا ينظرون إليه بعين الغبطة به ولا الرغبة فيه. ولا يلهيهم عظيم ما عندهم منه عما افترضه اللّه عزّ وجلّ عليهم واستخدمهم فيه من أمر دنياهم واخراهم بل ذلك في أعينهم أجل وفي صدورهم أعظم.
فهذه سبيل الزهد في الدنيا ومتاعها المحمود من فعله فيما اوتي منها ليس أن يكون ذلك رفضها وما فيها بالكلية وكراهته وتحريمه ، ومن حرم أو كره ما أحله اللّه عزّ وجلّ فقد خالف أمره وتعداه.
وقد ذكروا أيضا بالزهد من الصحابة رجالا ، فكان ممن ذكروه : علي علیه السلام ، وعمر بن الخطاب ، وعثمان بن مظعون (1) ، وأبو ذر ، وسلمان ، والمقداد. وعلي علیه السلام أفضلهم في ذلك مع ما بان به من الفضائل المتقدم ذكرها دونهم ، وقد ذكره رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بذلك فقال : علي لا يرزأ من الدنيا ولا ترزأ الدنيا منه ، يعني أنه لا يأخذ منها ما ليس له ولا تفتنه فتنقصه.
فهذه الفضائل التي عددتها ، وشهد الكتاب بها ، وأخبر الرسول صلی اللّه علیه و آله عنها قد تكامل في علي علیه السلام منها ما افترق في الناس ، وكان أفضلهم فيها ، وقد ذكرنا فضل من زاد الفضل فيه على من نقص منه ، والكامل الفضائل من اجتمعت فيه ولا يقاس به من لم تجتمع فيه ، وقد
ص: 225
أجهد بنو أمية أنفسهم في أن يستروا فضائل أمير المؤمنين علي صلوات اللّه عليه في أيام تغلبهم ، وظهور سلطانهم ، فأظهروا لعنه على المنابر ، وأخافوا كل من حمل من فضائله ، أو روى من مناقبه شيئا أن يذكرها فيه صلی اللّه علیه و آله ، وعاقبوا بأشد العقوبات من نشر شيئا منها ، أو ذكره أو حدّث به ، وأبى اللّه جلّ ذكره إلا إظهار فضله ومناقبه ، وما زاده لعنهم إياه إلا تعظيما له في قلوب الامة ، وإجلالا ومعرفة بحقه ، وإقرارا بفضله.
وقد ذكر محمّد بن عبد اللّه الاسكافي (1) ، وهو من أهل الكلام والجدل من العامة - اختلاف الفرق في تفضيل علي علیه السلام على سائر الصحابة والتفضيل عليه بعد أن ذكر فضله.
فقال : ونحن ذاكرون قول الذين قدموا غيره عليه وأفرطوا وقصروا فيه بين حروري وخارجي وبين حشوي ومعتزلي.
فقال هذا القائل : ففرقة زعمت أن أبا بكر أفضل الناس بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وبعده عمر بن الخطاب ، وبعد عمر عثمان ، ثم أمسكت. وفرقة دانت بفضل أبي بكر وعمر ثم توقفت في عثمان وعلي. وفرقة دانت بفضل أبي بكر ووقفت فيمن بعده. وفرقة وقفت في الجميع ، وقالت : اللّه أعلم بالفضل أين هو. وفرقة دانت بإكفار عليّ والبراءة منه. قال : وهم الخوارج جميعا هذا قولهم. قال : وعلة إكفارهم إياه بزعمهم تحكيم الحكمين (2). قال : وفرقة أظهرت الطعن على علي علیه السلام وتولت معاوية. قال : وفرقة تولت عليا في ظاهر قولها ، ثم أظهرت له البغض فيما عرف من لحن قولها كما قال اللّه عزّ وجلّ : ( وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ) (3).
ص: 226
فذكر هذا القائل من العامة هذه الفرق ، وما انتحلته رادا عليها بعد أن أثبت أن عليا علیه السلام أفضل الناس بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وهذا القائل ممن ينتحل إمامة أبي بكر ، ويزعم أنه جائز أن يلي المفضول على الفاضل للذي هو أصلح. وقد تقدم القول في هذا الكتاب بفساد هذه المقالة من نصّ الكتاب والسنّة ، ولكنا أردنا أن نذكر إقرار هذا القائل بفضل علي علیه السلام ، ومن يقول بقوله وهم أكثر العامة لنبين بذلك ما قدمنا ذكره من أنا لم نثبت في كتابنا هذا من فضائل علي علیه السلام إلا ما روته العامة وأثبتته دون ما انفردت به الشيعة.
فقال هذا القائل الذي حكينا قوله : وأما الذين زعموا أن أبا بكر أفضل هذه الامة بعد نبيها صلی اللّه علیه و آله بالإمامة وإجماع الامة على توليته لما قد ذكرنا من إجازة أن يلي المفضول على الفاضل للذي هو أصلح ، فقال : والاحتجاج على هؤلاء أن نذكر فضائل القوم ، ومناقبهم ، وأحوالهم ، فنجمع بعضها إلى بعض وننظر في ذلك نظر من يريد التماس الحق لأن اللّه عزّ وجلّ قد جعل لكل شيء من العلم طريقا لا يعلم الحق إلا به ، ولا يستدل عليه إلا من قبله.
قال : فاذا جمعنا هذه المناقب ، وذكرنا هذه الفضائل ، أرينا من خالفنا أن
ص: 227
الفضائل في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه مجتمعة ، وأن مناقبه منها أعظمها قدرا ، وأرجحها وزنا ، وأعلاها في وجه الحق ، ولسنا نذكر عن ذلك شيئا إلا مشهورا معروفا يعرفه من خالفنا ، ولا ينكره من نظر في كتابنا.
قال : فأما فضل أمير المؤمنين علي صلوات اللّه عليه على جميع المؤمنين فقد بان عندنا وصح بحجج قائمة باهرة ظاهرة ولا يذهب عنها عند كشفنا لها والإخبار بها إلا معاند أو جاهل قد غلب عليه الجهل.
قال هذا القائل للذين زعموا أن أبا بكر أفضل من علي علیه السلام لإجماع الناس على بيعته : لسنا نحتج عليكم بما روته الرافضة من أن بيعة أبي بكر كانت على المغالبة والقهر دون الاجتماع ، ولكنا نحتج عليكم بما رويتم أنتم أن القوم لما بلغهم اجتماع الأنصار بادروا لبيعة أبي بكر مخافة الفتنة. وذكر هذا القائل حديثهم في ذلك.
فقال لهم أبو بكر : قال لي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن هذا الأمر لا يكون إلا في قريش ، فبايعوا أي الرجلين شئتم ، عمر أو أبا عبيدة.
قال : ولم يحضر الموضع حينئذ من المهاجرين غيرنا.
قال عمر : فجعلت كلما ارتفعت الأصوات وخشيت الفتنة أقول لأبي بكر : مد يدك حتى ابايعك.
فمدّ يده ، فبايعته ، وبايعه أبو عبيدة ، ومن حضر من الأنصار خلا سعد بن عبادة فإنه لم يبايع حتى مات.
قال : وذلك أن التنازع كان بين الأوس والخزرج من الأنصار.
فكان بعضهم يقول : نبايع لسعد. وبعضهم يقول : لا نبايع إلا لرجل من الأوس.
وقال آخرون : يكون من الأوس أمير ومن الخزرج أمير. فحملهم ما كان بينهم من التنازع أن أخرجوها منهم وجعلوها لأبي بكر لما حضر.
قال هذا القائل : وكذلك قال عمر : كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى اللّه شرها.
الفلتة : الأمر الذي يقع على غير إحكام ويأتي مفاجأة.
قال : فلم يكن القوم مالوا الى أبي بكر بالتفضيل.
قال : وإنما دفع أبو بكر ما أراد به الأنصار بالقرابة من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وبأن الإمامة في قريش ، وإذا كان ذلك كما قال هذا القائل ، وكذلك كان ، والخبر به ثابت مشهور. وأن أبا بكر
ص: 229
إنما دفع الأنصار عنها واستحقها دونهم بقرابته من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فمن كان أقرب منه الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأفضل منه أولى بها منه مع نص رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الذي قدمنا ذكره.
ثم قال هذا القائل : وممّا يحقق ما قلنا ويصدقه قول أبي بكر : ولّيتكم ولست بخيركم. يعنى نسبا كان التأويل خطأ لأن الخير شيء خرج مرسلا عاما ، ثم حمل على الخصوص ، وإذا كان ذلك بطلت حجة الأخبار ، وسقط الاحتجاج بالآثار ، ولم يجب علم ، إلا بما يوجد في القرآن ، وسقطت المناظرة وتعلق كل مبطل بمثل هذه العلة ، وجعل العام خاصا والخاص عاما.
قال : ولو جاز ذلك لجاز لقائل أن يقول : إنما عنى بقوله لست بخيركم دينا ، والكلام على عمومه ، فمن ادعى الأمر الذي لا يوصل الى علمه إلا بخبر منصوص كان عليه أن يأتي بذلك ، وقائل هذا لن يذهب الى معنى. وذلك أن نسب أبي بكر قد كان معروفا عند القوم غير مجهول ، ولم يكن بينهم مشاجرة في النسب فيحتاج أبو بكر الى ذكر نسبه ، وقد كانوا جميعا يعلمون أن أبا بكر ليس بخيرهم نسبا ، ولا معنى لهذا التاويل أكثر من اللفظ في الجملة.
قال هذا القائل : وإنما معنى قول أبي بكر عندنا على جهة الإبانة ، وإن بعض الناس توهموا أن ولايته كانت من جهة الفضل والتقدمة ، فأبان ذلك عن نفسه ، ونفى غلط من غلط من الناس في ذلك ، وخطّأهم وردّهم الى الحق لأن هذا أمر كان يجب عليه أن يحمل الناس على الصواب فيه (1) ، ويبين ما أخطئوا فيه. فقال : وليتكم
ص: 230
ولست بخيركم ، فلا تجعلوا ولايتي سببا لغلطكم ، وقولكم : إني خير وأفضل من غيري.
قال هذا القائل : وقد احتال قوم لهذه الكلمة حيلة اخرى.
فقالوا : إنما كان ذلك منه على جهة التواضع والشفقة ، لأن المؤمن لا يمدح نفسه ولا يزكيها.
قال هذا القائل : وهذا التأويل أوضح خطأ من الأول مع ما يلزم قائله من النقص ، وذلك أن التواضع لا يكون في الكذب لأن هذا القول من غير أبي بكر كذب. فكيف يكون من غيره كذبا ومنه تواضعا ، وقد علمتم أن النبي صلی اللّه علیه و آله كان أكثر الناس تواضعا ، وأشدهم شفقة ، ولا يجوز أن يقول : ارسلت إليكم ولست بخيركم ، على التواضع والشفقة.
قال : وليس من التواضع أن يقول الزكي لست بزكي ، والمؤمن لست بمؤمن ، والعاقل لست بعاقل ، فيكون ذلك من قائله كذبا. وإنما التواضع أن يسكت الإنسان عن ذكر فضله وحسن المحاورة والمواساة لحسن العشرة. وقول هذا القائل في صفة التواضع ، قول غير مقنع ، ومن كان في المحل الذي حله أبو بكر محل الإمامة لم ينبغ له إذا كان محقا أن يسكت عن ذكر فضله تواضعا ، وقد جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : أنا أفضل ولد آدم علیه السلام ولا فخر ، وأنا سيد النبيين ولا فخر. وقال علي علیه السلام : أنا أفضل الأوصياء. وسلوني قبل أن تفقدوني فلن تجدوا أعلم بما بين اللوحين مني.
وقد ذكرت في هذا الكتاب ما عدده من مناقبه وفضائله على أهل الشورى وغيرهم. فمن الواجب على أهل الفضل الذين تعبّد اللّه العباد بمعرفة فضلهم أن يذكروه لهم وليعلموه ويعتقدوه لا أن يسكتوا عنه كما قال هذا
ص: 231
القائل. ولا أن يضعوا من أنفسهم ما رفعه اللّه عزّ وجلّ وافترض على العباد أن يعرفوه لهم ولن يعرفوه إلا بتعرفهم إياه ، ولو كان أبو بكر عند نفسه من أهل ذلك لم يقل ما قاله من أنه ليس بخيرهم ، ولو قال : إنه خيرهم لم يصدقوه ولم يقبلوا ذلك منه ، فصدقهم عن نفسه بما علم أنه لو قال غيره لم يقبل منه.
ثم قال هذا القائل الذي حكينا قوله : ثم نرجع الى المقدمين لأبي بكر على علي علیه السلام في المسألة فنقول : ما حجتكم في تفضيل أبي بكر على علي علیه السلام ؟
فإن لجئوا الى اجتماع الناس على اختياره ، وهو أكثر عللهم. قلنا لهم : إن تقديم أبي بكر باختيارهم لا يوجب له الفضل على غيره قبل الاختيار بلا فضل. وان قلتم : إنه إنما كان فاضلا باختيارهم. فإنما كان فاضلا بفعل غيره لا بفعل نفسه لأن اختيارهم له هو فعلهم ، فإذا كان إنما صار فاضلا باختيارهم ، فهو قبل اختيارهم غير فاضل.
فأرونا فضله على علي علیه السلام ، وتقدمه عليه بفضيلة يكون لاختيارهم بها مستحقا للامامة.
قال : فإن قالوا الدليل على ما قلنا صلاته بالناس أيام حياة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وقول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : مروا أبا بكر فيصلّي بالناس (1).
ص: 232
قلنا لهم : هذا خبر إنما جاء عن عائشة لم تقم به حجة ، ولم تنقله الأمة بالقبول له ، والاجتماع عليه. على أنا متى سلّمنا لكم هذا الحديث لم يجب به تقدمة لأبي بكر على علي علیه السلام . ومتى نظرنا الى آخر الحديث (1) احتجنا الى أن نطلب للحديث مخرجا من النقص والتقصير ، وذلك لأن في آخر الحديث : ان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لما وجد إفاقة وأحسّ بقوة خرج حتى أتى المسجد ، وتقدم فأخذ بيد أبي بكر ، فنحاه عن مقامه ، وقام في موضعه فصلّى بهم.
فقال بعض الناس : هذا من فعل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يدل على أن تقديم أبي بكر للصلاة لم يكن عن أمره ، لأنه لو كان ذلك بأمره لما خرج مبادرا مع الضعف والعلة حتى نحاه وصار في موضعه ، ولو كان ذلك عن أمره لتركه في مقامه ، ولصلّى خلفه كما صلّى خلف عبد الرحمن بن عوف لما جاء ، فوجده يصلّي بالناس. وقد شهدتم جميعا أن صلاة النبي صلی اللّه علیه و آله خلف عبد الرحمن بن عوف (2) لا يوجب له تقديما على النبي مع ما يدخل حديثكم هذا من الوهن والضعف والشذوذ.
وقد عارضتكم الرافضة في حديثكم هذا ، فقالوا لكم :
قبلتم قول عائشة في الصلاة وجعلتموها حجة ، ولم تقبلوا قول فاطمة علیهاالسلام في فدك! وشهادة أم أيمن لها ، وقد شهد لها رسول اللّه صلّى اللّه
ص: 233
عليه وآله بالجنة ، وقال : إنها سيّدة نساء العالمين.
فإن قلتم : لأن الحكم في الاموال لا يجب بشهادة امرأة.
قلنا لكم : وكذلك الحكم في الدين لا يقبل بقول امرأة.
ولئن كانت صلاة أبي بكر توجب له التقديم على من صلّى خلفه ، وأنه أفضل منهم ، فصلاة عمرو بن العاص بأبي بكر وعمر توجب له التقدمة عليهما.
فإن قال قائل : لعله قد كانت له فضائل لا نقف عليها ، وعلل لا نعرفها غير إنا نعلم أن اختيار الامة له عن تقديم وتفضيل.
قيل له : ما الفرق بينكم وبين من قال : إنهم اختاروا أبا بكر لعلة لا أقف عليها إلا أني أعلم أنهم لم يختاروه لأنه أفضل ، ولو كان قبل الاختيار أفضل من علي بن أبي طالب لبان ذلك وشهر ولكان ذلك ظاهرا غير مستتر. ولو كان اختيارهم له لعلة تفضيله ، وكانت إمامة المفضول غير جائزة لما حلّ للأنصار - وموضعهم من الدين والعلم ما قد علمتم - أن يقولوا : منا أمير ، ومنكم أمير ، ولكان حراما على أبي بكر أن يمدّ يده إلى عمر وأبي عبيدة ، ويقول : ابايع أيكما شاء فليمدّ يده ، وكيف يظن جاهل أن القوم قدموه لأنه كأن أفضلهم ، والأنصار لا تعرف له ذلك الفضل ، وتقول : منا أمير ، ومنكم أمير ، يا معشر المهاجرين. وأبو بكر أيضا قد أنكر ما ادعوا له من الفضل على غيره ، وكذب مقالتهم بقوله للأنصار : قد رضيت لكم أحد ذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم - يعني عمر وأبا عبيدة - وكيف يظن جاهل أنهم قدموه لأنه كان أفضلهم ، وعمر يقول : كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى اللّه شرها ، فلم يكن عند أحد منهم حجة يدعيها في تقديم أبي بكر على علي علیه السلام .
ثم نسق هذا القائل على قوله هذا ذكر فضائل أمير المؤمنين علي علیه السلام ، وجاء بمثل ما ذكرناه ونذكره في هذا الكتاب ممّا روى من
ص: 234
فضائله ومناقبه ، ونحن نقول : إنه من لم يستقص ذكر حجج خصمه عند ذكر الرد عليه ، أو ترك منها شيئا تعمدا له ، أو عن جهالة به فقد جعل لخصمه السبيل الى رد قوله والطعن عليه. ونرى هذا القائل قد ذكر أن حديث صلاة أبي بكر لم تأت إلا عن عائشة ، وضعفه من أجل ذلك بحجة غيره ، وأكثر مدار الحديث على عائشة كما وصف (1) ، ولكنه قد جاء من غير ذلك الطريق.
ونحن نذكر الطريق التي جاء منها لئلا يبقى لقائل في ذلك مقال ، ونؤيد قول هذا القائل في فساد الاحتجاج بالصلاة بما هو أقوى منه ، وكذلك حذف ذكره ما احتجوا به من فضائل أبي بكر ومناقبه بزعمهم ، فلم يذكر شيئا منها.
وقال : فإن قالوا : لعله قد كانت لأبي بكر فضائل لم نقف عليها.
قلنا لهم : كذا ، وهم يروون لأبي بكر فضائل كثيرة.
ونحن نذكر ما رووه منها ، واحتجوا به لفضله وإثبات إمامته ، وما يفسد ذلك من قولهم ، وإنما غرضنا في ذلك ذكر فضائل علي صلوات اللّه عليه ، ولأنا قد أثبتنا في هذا الكتاب أنه أفضل الناس بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، ولم نقصد فيه تأكيد الإمامة لأن ذلك يخرج كما قلنا عن حدّ هذا الكتاب ، وقد بسطناه في كتاب غيره.
فمن زعم كما زعم هذا القائل أن أبا بكر لم يستحق الإمامة بالفضل لأن عليا علیه السلام أفضل منه فقد كفانا مؤونة الردّ عليه في هذا الكتاب.
ومن زعم أن أبا بكر أفضل منه فلا بدّ لنا من بيان فساد قوله فيه ليثبت له ما أصلناه عليه من فضله علیه السلام على سائر الامة بعد رسول اللّه صلّى
ص: 235
اللّه عليه وآله.
فأما ما ذكرناه من روايتهم في صلاة أبي بكر بالناس ، فقد روي ذلك كما قال هذا القائل.
[ 1 - ] عن عائشة.
[ 2 - ] وعن أنس بن مالك.
[ 3 - ] وعن عبد اللّه بن عمر بن الخطاب.
[ 4 - ] وعن عبيد [ اللّه بن عبد اللّه ] بن عتبة.
[546] فرواه علي بن عاصم (1) ، عن عبد اللّه بن سعيد ، عن عبد اللّه بن أبي مليكة ، عن عائشة ، أنها قالت : ثقل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ليلة الاثنين ، وناداه بلال بالصلاة.
فقال : قولوا له ، فليقل لأبي بكر ، فليصلّ بالناس.
فقال بلال لأبي بكر : رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يأمرك أن تصلّي بالناس.
قالت : فتقدم أبو بكر ، وكان إذا صلّى لم يلتفت ، ولم يرفع رأسه ، فتقدم ، فكبّر ، ووجد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله خفة.
قالت : فخرج يتهادى بين رجلين.
ص: 236
قال علي بن عاصم : الرجلان علي بن أبي طالب علیه السلام واسامة بن زيد (1).
وقال غيره : علي والفضل بن العباس.
قالت : فلما رآه الناس تفرجت الصفوف ، فعلم أبو بكر أنه لا يتقدم ذلك التقدم إلا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فذهب ليتأخر ، فدفعه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فأقامه مقامه.
ثم جاء رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فقعد الى جانبه فجعل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يكبّر ، وأبو بكر يكبّر بتكبيره ، والناس يكبّرون بتكبير أبي بكر.
قالت : فصلّى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بالناس ، فلما سلّم استقبلهم بوجهه وأسند ظهره الى حجرتي ، فقام إليه أبو بكر.
فقال : يا رسول اللّه ، أراك أصبحت صالحا ، وهذا يوم بنت خارجة ، وكان منزلها خارجا من المدينة ، فائذن لي إن شئت.
قال : نعم ، أذنت لك.
قالت : فخرج أبو بكر الى منزل بنت خارجة ، وكان منزلها خارجا من المدينة ، وجلس رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يحدّث الناس ويحذرهم الفتن ، ويقول :
أيها الناس ، لا تمسكوا عليّ بشيء ، فإني لا احلّ إلا ما أحلّ اللّه عزّ وجلّ في القرآن ، ولا احرم إلا ما حرم فيه.
يا صفية بنت عبد المطلب يا عمة رسول اللّه ، يا فاطمة بنت محمّد ،
ص: 237
اعملا لما عند اللّه فإني لا اغني عنكما من اللّه شيئا.
قالت : وثقل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فدخل الى بيتي فمات عليه أفضل السّلام.
[547] فرواه يريد بن هارون ، عن سفيان ، عن الزهري ، عن أنس ، أنه قال : لما مرض رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله مرضه الذي مات فيه ، أتى بلال ، فنادى بالصلاة. فقال : قد بلغت فمن شاء ، فليصلّ.
قال : يا رسول اللّه ، فمن يصلّي بالناس؟
قال : مر أبا بكر فيصلّ بالناس.
فقال بلال لأبي بكر : قد أمرك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أن تصلّي بالناس.
فلما تقدم أبو بكر ، رفعت الستور عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فنظرنا إليه كأنه ورقة بيضاء وعليه قميصه ، فظن أبو بكر أنه يريد الخروج فتأخر ، فأشار إليه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أن صلّ مكانك ، فصلّى أبو بكر ، وما رأينا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بعد ذلك ، ومات من يومه عليه أفضل السّلام.
[548] فرواه مكي بن إبراهيم ، عن موسى ، عن أبي عبيدة ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أنه قال : جاء ابن أمّ مكتوم ، فأذن النبي صلی اللّه علیه و آله في موضعه الذي قبض فيه بالصلاة الاولى ، فلم يستطع أن
ص: 238
يقوم من شدة المرض ، فقال له : قل لأبي بكر يقيم للناس صلاتهم.
فقالت عائشة : يا رسول اللّه إن أبا بكر رجل رقيق القلب ، وإنه متى يقوم مقامك تخنقه العبرة.
قال : وانتظر ما يكون من جواب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لها.
فقالت له : مر أبا بكر أن يقيم للناس صلاتهم.
ولم يجب عائشة بشيء. فنظرت عائشة الى حفصة ، وأشارت إليها أن تسأله أن يأمر أباها عمر.
فقالت حفصة : يا رسول اللّه ، لو أمرت عمر.
فصفق رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بيده ، وقال : إنكن صويحبات يوسف علیه السلام ، فاشتد ذلك على حفصة.
قال : فكان أبو بكر يقيم للناس صلاتهم أياما حتى قبض رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
[549] فرواه سهل بن محمّد ، عن سفيان ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة ، أنه قال : كان أول شكوى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في بيت ميمونة. فقال لعبد اللّه بن عتبة : قل للناس فليصلّوا.
فخرج ، فلقي عمر بن الخطاب ، فقال : صلّ بالناس. فتقدم عمر ، فسمع النبي صلی اللّه علیه و آله صوته.
فقال : أليس هذا صوت عمر؟
قالوا : نعم.
قال : يأبى اللّه ذلك والمسلمون ليصلّ بالناس أبو بكر.
ص: 239
ثم استأذن أزواجه أن يمرض في بيت عائشة.
قالت : يا رسول اللّه إن أبا بكر رقيق القلب لا يملك دمعه إن قام مقامك ، فلو أمرت غيره أن يصلّي بالناس ، فو اللّه ما أشاء أن يكون أول من يقوم مقامك.
فأبى عليها ، فراجعته في ذلك مرتين أو ثلاثا.
فقال : ليصلّ بالناس أبو بكر ، فانكنّ صويحبات يوسف علیه السلام .
فهذا الذي انتهى إلينا عمّن حمل هذا الحديث من العامة. وقد اختلف فيه الذين نقلوه - هذا الاختلاف -.
ففي بعض النقل أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أمر بلالا أن يأمر أبا بكر بالصلاة وأنه افتتحها ، فخرج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فأخرجه ، وقام مقامه. وهذا حديث عائشة.
ولو ثبت هذا الحديث لكان الذي في آخره من إخراج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إياه من الصلاة ما يبين أن تقديمه لم يكن عن أمره ، لأنه لو قدمه لم يخرجه.
[550] وكذلك جاء الخبر عن الائمة صلوات اللّه عليهم : أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لما ثقل جاء بلال ليؤذن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بالصلاة.
فقالت له عائشة : إن رسول اللّه ثقيل (1) ، قد اغمي عليه ، فلا
ص: 240
تؤذه ، وقل لأبي بكر ، فليصلّ بالناس.
فخرج إليه ، فأخبره ، فتقدم ، فسمع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله صوته ، فقال : ما هذا؟
فقالوا : عائشة أمرت أبا بكر أن يصلّي بالناس.
فقال : إنكن صويحبات يوسف علیه السلام .
وأخذ بيد علي صلوات اللّه عليه يتوكأ عليه ، وخرج ، فأخرج أبا بكر من الصلاة ، وصلّى بالناس. ومات من يومه صلی اللّه علیه و آله .
وهذا هو الخبر الصحيح الذي يثبته أوله آخره ، ويثبت نقله بصحته.
فأما ما روته العامة في ذلك ، فقد اختلفوا فيه. ففي خبر عائشة ما قد ذكرناه. وفي خبر أنس بن مالك ، أن النبي صلی اللّه علیه و آله لم يخرج ، وأن أبا بكر صلّى بالناس دونه. والخبران جميعا عن وقت واحد وصلاة واحدة.
وفي حديث عبد اللّه بن عمر ، أن أبا بكر صلّى بهم أياما.
وفي حديث عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة ، أن النبي صلی اللّه علیه و آله قال لأبيه عبد اللّه - : قل للناس فليصلّوا ، ولم يأمره بأن يصلّي بهم أحد. وأن عبد اللّه لقي عمر ، فقال له : صلّ بالناس ، وأن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنكر صلاة عمر بهم. وقال : يصلّي بالناس أبو بكر.
وفي بعض هذه الأخبار أنه أمر بلالا. وفي بعضها أنه أمر ابن أمّ مكتوم. وفي بعضها أنه أمر عبد اللّه بن عتبة ، فلم يبق شيء من التناقض إلا دخل هذا الحديث.
ومن قولهم إن الخبر إذا اختلف فيه مثل هذا الاختلاف لم تقم به حجة إذ لا يعلم أيّ الوجوه كان وجهه ، فتقوم الحجة به.
ص: 241
ولو ثبت هذا الخبر ، وأن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أمر أبا بكر أن يصلّي بالناس لم يكن له في ذلك فضل علي علیه السلام لأن عليا صلوات اللّه عليه لم يكن بإجماع منهم في القوم الذين صلّى بهم أبو بكر ، وأنه كان عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ومسنده الى صدره ، ولم يكن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إن كان كما زعموا أمر أبا بكر بالصلاة أن يدع الصلاة بل قد صلّى ، فصلاة علي علیه السلام مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أفضل من صلاة أبي بكر بالناس لا يدفع ذلك دافع ، وقد قدّم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل على أبي بكر وعمر ، وكان يصلّي بهما ، فلم يقل أحد منهم إن عمرو بن العاص أفضل من أبي بكر وعمر. وكذلك فقد بعث رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بعوثا وسرايا ، وأمر عليهم الامراء ، وكانوا يصلّون بهم ، فلم يدع أحد منهم بذلك الإمامة. وقد استخلف رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عليا علیه السلام في غزوة تبوك على المدينة ، فأقام يصلّي بالناس مذ خرج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى أن انصرف. واستخلف أيضا في بعض غزواته أبا لبابة (1) ، وفي بعضها ابن أمّ مكتوم (2) ، وفي بعضها أبا ذر الغفاري. واستخلف عباد بن أسد بمكة ، فصلّى كل واحد منهم مدة ما غاب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عن الناس بالناس ، وذلك أكثر من صلاة أبي بكر ، لو قد ثبت أنه صلّى.
ولو كانت الصلاة توجب الإمامة كما قالوا لم يكن لأبي بكر أن يقدّم عمر على الناس. وقد أنكر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله كما رووا صلاته
ص: 242
بهم ، وفيهم جماعة قد قدّمهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله على الصلاة وأكثر ما تعلقوا به في تقديم أبي بكر بالصلاة. وقد بينا فساد النقل فيها ، واضطرابه وتناقضه ، وأن ذلك - لو ثبت وصلح - لم يكن فيه حجة توجب الإمامة.
وقد أقام عمر الستة أصحاب الشورى ، وقصر الخلافة عليهم وأخرجهم كلهم من التقدمة ، وجعل الصلاة لصهيب فصلّى بهم أيام الشورى حتى تقدم عثمان ، وأكثرهم يرى الصلاة جائزة خلف البر والفاجر.
فهذه حجتهم بالصلاة وهي آكد حجة عندهم قد بينا فسادها بعد أن أثبتنا كلما بلغنا من روايتهم فيها ، ولم نقتصر على ما اقتصر عليه من ذكرنا قوله ، إذ اقتصر على حديث عائشة وحده وضعفه لئلاّ يأتي من يريد إثبات ذلك بغيره ، ممّا ذكرناه فيشتبه الأمر فيه على من قصر علمه وقلّ فهمه.
فأما ما ذكره القائل الذي قدمنا ذكر قوله عنهم من أنهم قالوا لعل لأبي بكر فضائل لم نقف عليها ، فقد ذكروا له فضائل بزعمهم ، ولسنا نقول إنه لم تكن له فضيلة ولا سابقة ، بل قد ذكرنا أنه قلّ من يذكر من الناس بخبر إلا وله فضيلة يذكر بها ، ولكن قد ذكرنا أن من اجتمعت فيه الفضائل أفضل ممن لم يكن فيه إلا بعضها ، ومن له فضيلة ما لا يجب أن يقاس به أهل النقص منها.
وممّا رووا من فضائل أبي بكر قديم إسلامه ، وأن إسلام علي علیه السلام قبله كان وهو غير بالغ. وقد ذكرت فيما تقدم فساد ما احتجوا به من ذلك مختصرا وفيه كفاية من التطويل ، وقد ذكر هذا القائل الذي حكينا قوله في إسلام علي علیه السلام ، فقال : قد أجمعوا على أن عليا علیه السلام أسلم قبل أبي بكر ، إلاّ أنهم زعموا أن إسلامه كان وهو طفل.
ص: 243
قال : فقد وجب تصديقنا في أنه أسلم قبل أبي بكر ، ودعواهم في أنه أسلم وهو طفل غير مقبولة إلاّ بحجة.
قال : فان قال قائل : وقولكم إنه أسلم وهو بالغ ، دعوى مردودة (1).
قلنا : أما الإسلام فقد ثبت وحكمه قد وجب له بالدعوة والإقرار ، ولما دعاه النبي صلی اللّه علیه و آله إلى الإسلام وأمره بالإيمان ، وبدأ به قبل الخلق ، علمنا أنه لم يفعل ذلك به وإيمانه لا يجوز (2).
فإن قيل : قد يكون فعل ذلك به تأديبا.
قلنا : إنما يكون ذلك في دار الإيمان على النشوء والولادة ، فأما في دار الشرك والحرب ، فليس يجوز لا سيما عند بدء الدعوة والنبي صلی اللّه علیه و آله لم يكن ليدع ما امر به ، وأرسل إليه ، ويقصر الى دعاء الأطفال ودعاءهم لا يجوز ، والدار دار الشرك ، فليس يجوز أن يشتغل بالتطوع قبل الفريضة ، وما باله ولم يدع غير علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه ، وليس في سنّة أن يدعى أطفال المشركين إلى الإسلام ، ويفرق بينهم وبين آبائهم.
قال هذا القائل : وللبالغ حدّ وحدود في الناس تفاضل في سرعة البلوغ وكمال العقول ، وذلك معروف فيما عليه الناس من التفاضل في العلم. وقد كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في صغر سنّه يعرف بالوقار والحلم والصدق ورجاحة العقل ، وكانت منزلة النبي صلی اللّه علیه و آله في ذلك على خلاف ما يتعارف من منازل الاطفال ، وكان علي صلوات اللّه عليه لا حقا له في ذلك ، ولذلك استحق أن يكون منه بمنزلة هارون من موسى علیه السلام . وقد قال اللّه عزّ وجلّ في يحيى : ( وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) (3)
ص: 244
فاختصاص اللّه من يختصه بفضله لا يقاس بالمتعارف في الناس لأن الخصوص غير العموم ، وذكر هذا القائل في مثل هذا حججا كثيرة قد قدمنا قبل هذا ما يغني عنها ، ويكفي من جملتها وغيرها ، ولو لم يكن إسلام علي صلوات اللّه عليه يعد إسلاما ما كان يفخر به على أهل الشورى ويقروا بفضله ، ويذكره رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ويعده في مناقبه ، وقد تقدم القول بذلك في غير موضع من هذا الكتاب ، وهذا أيضا كما ذكرنا ممّا يدفعه فعل أبي بكر لأنه قد قدم عمر وفي المسلمين الذين قدمه عليهم كثير ممن هو أقدم إسلاما منه ، وممّا رووه من فضائله أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله سماه صديقا ، وقد ذكرنا فيما تقدم في روايات كثيرة أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال لعلي صلوات اللّه عليه : أنت الصديق الأكبر. وقد جاء هذا الاسم في كتاب اللّه عزّ وجلّ عاما للمؤمنين ، وذلك قول اللّه عزّ وجلّ : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ ) (1) وإن كان ذلك الخصوص فلم كانت لأبي بكر خاصة دون أن يكون بها أفضل دون غيره؟ ولذلك قال لهم : وليتكم ولست بخيركم.
للبرّ والفاجر ، وقد وصف اللّه تعالى في كتابه صحبة مؤمن لكافر فقال ) (1) : ( وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً. وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً. قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً. لكِنَّا هُوَ اللّهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً ) (2) قال : وقول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ( لا تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنا ) (3) نهى له عن الحزن الذي كان منه وكراهية له ، ولو لا أنه كان معصية لما نهاه عنه لأن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لا ينهى عن الطاعة ، وإنما ينهى عن المعصية.
وقالوا : فيما ادّعوه له من الفضل في قوله ( إِنَّ اللّهَ مَعَنا ) ؟
فإن اللّه عزّ وجلّ مع كل أحد كما قال سبحانه : ( ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ ) (4). وقال سبحانه : ( يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ ) (5). وقال سبحانه : ( إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ) (6). فقد ذكر انه مع البرّ والفاجر.
قال : وقد كان مقام علي علیه السلام في اضطجاعه على فراش رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله حينئذ باذلا نفسه دونه. وقد أخبره أن المشركين تمالئوا عليه ليقتلوه ، وكان في ذلك أفضل من أبي بكر.
وذكروا من فضائل أبي بكر أنه كان أسلم وهو ذو مال ، فأنفقه في سبيل اللّه وواسى به في حال العسرة ووقت هجرة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
ص: 246
فيقال لهم : ذلك لا يجهل ولا ينكر أن له فيه فضلا ، فأما أن يكون يساوي بذلك الفضل عليا علیه السلام فضلا أن يفوقه فلا ، لأن اللّه عزّ وجلّ فرض على المؤمنين الجهاد في سبيله بأموالهم وأنفسهم.
فالمجاهد بنفسه وبما قدر عليه من ماله وإن قلّ أفضل من المجاهد بماله دون نفسه وإن كثر ، لأن بذل النفس والقليل من المال الذي لا يبقى باذله لنفسه غيره أفضل من بذل بعض المال ، والشح بالنفس. ولم يزل علي علیه السلام مذ أسلم يبذل نفسه وما قدر عليه ووجده من المال في سبيل اللّه عزّ وجلّ ، وليس أبو بكر ولا غيره ممن يقاس به في ذلك ولا يدانيه فيه لأن بذل المال إذا ذهب قد يخلف وليس في ردّ النفس إذا ذهبت حيلة.
وزعموا أن من فضائل أبي بكر هجرته مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من مكة الى المدينة ، وصحبته إياه في هجرته هذه وحده دون سائر الناس غيره ، وفي ذلك فضل.
وفضل علي علیه السلام في المقام أياما بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لما استخلفه عليه ، وأقام له من الخلافة على أهله وقضاء ديونه وأداء ما كان عنده من الأمانات والودائع الى من كان ذلك له على حنق المشركين عليه لأنهم أرادوه ليلة خروجه ، فاضطجع لهم مضجعه ، وغيرهم بنفسه وستر عنهم أمره ولما يعلمون من محله منه ، فكانوا أشد الناس حنقا عليه ، لكن اللّه عزّ وجلّ حماه منهم ومنعه وصرف بأسهم عنه.
فكان مدة ما أقام علي صلوات اللّه عليه بمكة في خوف شديد وتهديد ووعيد ووحشة من فقد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وفقد ما جرت طباعه عليه من الأنس به والكون معه. وسار أبو بكر الى المدينة في حال أمن ودعة
ص: 247
وبرّ وسعة ، ففضل علي علیه السلام في ذلك على أبي بكر لا يجهل ولا يخفى ولا يستتر.
وممّا آثروه من فضائل أبي بكر أنهم زعموا أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة.
وذلك لم يثبت. وان ثبت فليس يوجب لهما فضلا على علي علیه السلام لأن الجنة لا يدخلها الكهول ولا الشيوخ وإنما يدخلها ( أهلها شبابا ) (1) كما جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . فقول النبي صلی اللّه علیه و آله إن كان قال ذلك ، فإنما سودهما على من شهد له بالجنة من كهول أصحابه. وعلي علیه السلام يومئذ دون الكهولية ، وقد قال النبي صلی اللّه علیه و آله :
الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وأبوهما خير منهما.
فهذا أبلغ من الفضل لأن سيادة الحسن والحسين لشباب أهل الجنة قد تكون لجميع من فيها إذ هم شباب كلهم ، وأبان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عليا صلوات اللّه عليه بدرجة فوق درجتهما ، فالذي جاء فيه أفضل ممّا جاء في أبي بكر.
وقالوا من فضائل أبي بكر : قول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : اقتدوا بالّذين من بعدي أبي بكر وعمر.
وقد روي أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عمّ بهذا جميع أصحابه ،
ص: 248
فقال : أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم. وقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : رضيت لامتي بما رضى لها ابن أمّ عبد - يعني ابن مسعود - (1). فهذا قول عمّ به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ولم يخصّ ، فيكون الفضل فيه لمن خصّ به.
وقالوا : من فضائل أبي بكر أن رسول اللّه صلوات اللّه عليه كان يقرب مجلسه.
وقرب المجلس ليس ممّا يوجب الفضل ، وقد كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يفد عليه من وفود العرب ، فيقرب ذوي الأسنان منهم وأهل التقدمة فيهم ، وبحضرته من أصحابه من هو أفضل عند اللّه وعنده ممن قربه منهم ، وفرش لأحدهم رداءه (2) ، وقال : إذا أتاكم كريم قوم ، فأكرموه. ومن المتعارف في الناس أن الرجل يقرب من أتاه ممن يبعد منه دون أهله وخاصته وولده ، مع أنه قد جاء من تقريبه لعلي صلوات اللّه عليه وقوله فيه ما ذكرناه ممّا لا يجهل فضله على أبي بكر وغيره ( وأشهر ذلك وأفضله ) (3) سدّه أبوابهم في مسجده وترك باب علي علیه السلام معه فيه وهذا هو القرب الحقيقي وأنه دعاه عند موته واستند الى صدره ومات كذلك مستندا إليه.
وقالوا : من فضائل أبي بكر أن سماه المسلمون خليفة رسول اللّه صلّى اللّه
ص: 249
عليه وآله لما استخلفه على الصلاة.
فقد ذكرنا فساد قولهم في الصلاة ، وأحق بأن يسمّى خليفة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من استخلفه على أهله وعلى امته ، وقد ذكرنا فيما تقدم استخلافه عليا علیه السلام ، وقوله : أنت مني بمنزلة هارون من موسى. وقد كان هارون (1) خليفة موسى في قومه. وحكى اللّه عزّ وجلّ عنه ذلك بقوله تعالى : ( اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي ) (2).
وقالوا : من فضائل أبي بكر ، قول النبي صلی اللّه علیه و آله : وزيراي من أهل السماء جبرائيل وميكائيل ، ومن أهل الأرض أبو بكر وعمر.
فهذا الحديث إن ثبت ، ليس بموجب لهما فضلا على علي صلوات اللّه عليه بما قاله رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فيهما ، لأن الوزارة إنما توجب المشاورة والرأي ورسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول لعلي علیه السلام : أنت أخي ووليي وأنت كنفسي ، وأنت مني وأنا منك. وهذه أحوال تفرق الوزارة وقد ذكرناها ، وغيرها ممّا هو في مثل حالها فيما تقدم ، وذكرت قول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لبني عبد المطلب إذ جمعهم : يا بني عبد المطلب إن اللّه لم يبعث نبيا إلا جعل له أخا ووزيرا ووارثا ووصيا وخليفة في أهله ، فمن يقوم منكم فيبايعني على أن يكون أخي ووزيري ووارثي ووصيي وخليفتي في أهلي ، وإمساكهم ، وقوله كذلك ثلاثا.
ثم قوله : لئن لم يقم قائمكم لتكونن في غيركم ، ثم لتندمن. وقيام علي علیه السلام من بينهم ومبايعته إياه على ما دعاهم إليه.
ص: 250
وقالوا : إن من فضائل أبي بكر أن عليا علیه السلام قال : أفضل هذه الامة بعد نبيها أبو بكر وعمر ، ولا أجد أحدا يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حدّ المفتري.
فهذا حديث لا يصح لما فيه من الباطل ، والحد لا يجب على من فضل مفضولا على فاضل. ولو قال : أفضل الناس أبو بكر لم يكن ذلك ممّا يوجب فضله عليه ، وقد قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ما أقلّت الغبراء ، ولا أظلّت الخضراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر. فلم يكن أبو ذر بهذا القول أصدق من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . وهذا من المتعارف في الكلام أن يقول الرجل : فلان أكرم الناس ، وأجود الناس ، ولا يعني بذلك أنه [ لا ] أكرم ولا أجود منه. ويحلف أنه لا دخل داره أحد من الناس ، ويدخل هو فلا يحنث ، ويقول : ما أجد في الناس أحبّ إليّ من فلان ، ونفسه أحبّ إليه منه.
وقد روى بعضهم هذا الخبر مفسرا ، وأنه قيل له : فأنت؟
قال : نحن أهل بيت لا يقاس بنا غيرنا.
وقد يكون قوله صلوات اللّه عليه خير هذه الامة بعد نبيها أبو بكر وعمر على معنى أن من ولي مكانهما بعدهما من المتغلبين شر على الامة. وأنهما خير منهم في سيرتهما في الناس.
تمّ الجزء السابع من شرح الأخبار في فضائل الائمة الأطهار ، والحمد لله على نعمه ، وصلواته على رسوله سيّدنا محمّد وعلى آله الائمة الطاهرين وسلامه وتحياته ، وحسبنا اللّه ونعم الوكيل ونعم المولى ونعم النصير ، ولا حول ولا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم.
ص: 251
ص: 252
شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام
للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي
المتوفي سنة 363 ه. ق
الجزء الثامن
ص: 253
ص: 254
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
ما جاء في الأمر بطاعة علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه واتباعه ، والكون معه.
[551] الدغشي ، باسناده ، عن عمران بن حصين (1) ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : علي ولي كل مؤمن بعدي.
[552] ( عن أبي إسحاق ، أنه قال ، قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : من كنت مولاه فعلي مولاه ) (2).
[553] وبآخر ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه قال : علي ولي كل مؤمن.
[554] وبآخر ، عن عبد اللّه بن المسحر ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : علي أولى المؤمنين بالمؤمنين بعدي.
[555] وبآخر ، عن البراء بن عازب (3) ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أقام عليا علیه السلام للناس ، وقال : هذا وليكم من بعدي.
فقال عمر : ليهنك يا علي أصبحت - أو قال : أمسيت ، أو أنت -
ص: 255
ولي كل مؤمن.
[556] وبآخر ، عن أبي إسحاق ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : من كنت وليه فعلي وليه.
[557] أبو قتادة ، باسناده ، عن أبي إسحاق ، عن جدي العامري ، قال : لما خرج علي علیه السلام الى أصحاب الجمل أردت الخروج معه ، فوجدت في نفسي ، فركبت الى المدينة ، فأتيت منزل ميمونة زوجة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فاستأذنت ، فأذنت لي ، فقالت : فمن الرجل؟
قلت : من بني عامر.
قالت : فما حاجتك؟
قلت : إن عليا خرج الى الوجه الذي علمت ، فأردت الخروج معه ، فوجدت في نفسي من ذلك ، وجئت أسألك.
قالت : اخرج معه ، فإنه لن يضل ولن يضل.
قال أبو إسحاق : وما شك [ في ] علي إلا فاسق.
[558] محمّد بن مخلد ، باسناده ، عن سلمان الفارسي رحمة اللّه عليه ، أنه قال : لما بايع الناس أبا بكر قام فيهم سلمان : فحمد اللّه تعالى ، وأثنى عليه.
ثم قال : أيها الناس اسمعوا مني حديثا واعقلوه ، فإني اوتيت علما كثيرا ، ولا احدثكم إلا بما أعلم ، إن لكم بلايا تتبعها منايا ، وإن عند علي علیه السلام علم ذلك ونبأه ، فاتبعوه واسألوه.
[559] زياد بن المنذر الهمداني ، عن أبي سخيلة (1) البصري ، قال : حججت
ص: 256
مع سليمان بن ربيعة (1) فمررنا بأبي ذر الغفاري رحمة اللّه عليه بالربذة (2) ، فأتيته ، فقلت : يا أبا ذر أوصني بما أنتفع به ، فإني أرى أمرا قد حدث ، واختلافا بين الناس قد وقع.
فقال : اوصيك باتباع كتاب اللّه عزّ وجلّ ، وعلي بن أبي طالب علیه السلام ، فإني أشهد على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لرايته وسمعته يقول : علي أول من آمن بي ، وأول من يصافحني (3) يوم القيامة ، وهو يعسوب المؤمنين ، وهو الصدّيق الأكبر ، وهو الفاروق يفرق بين الحق والباطل.
[560] حسن بن عطية العوفي ، عن أبيه ، عن عمران بن حصين ، قال : مرض علي علیه السلام على عهد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فعاده وعدناه معه ، ومعنا عمر. فجلس رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عند رأس علي علیه السلام ، وجلس عمر عند رجليه ، فقال عمر : يا رسول اللّه ما علي إلا لما به.
فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : والذي نفسي بيده ، يا عمر لا يموت حتى يملأ غيظا ويوسع عذرا ، ويؤخذ من بعدي صابرا.
[561] الزهري ، عن حميد بن عبد الرحمن ، قال : كنت عند عمر - وأنا غلام - فرأيته قد خلا برجل من الأنصار ، وليس معهما أحد غيري.
فقال : إنا نتحدث بأحاديث ونكره أن تذاع عنا.
قال : فرأيته إنما عرض بي ، فقلت : أما أنا فو اللّه عزّ وجلّ ما اجالس أحدا.
ص: 257
فقال عمر : لا هذا ، ولا هذا ، عليك بالصفحة الجميلة.
قال : يعني لا تدع مجالستهم ولا تذع السر.
ثم أقبل على الأنصاري فقال : من تحدثون أن يؤمر بعدي؟
فقال الأنصاري : يظن الناس (1) فلانا فلانا ، وعدد رجالا ، ولم يذكر فيهم عليا علیه السلام ، أظنه للذي يعلم له في نفس عمر.
فقال عمر : فما ذكروا عليا. فسكت الأنصاري. فقال عمر : أما واللّه إني لأظن أنه لو ولي من اموركم شيئا لحملكم على الحق.
[562] السري بن عبد اللّه ، باسناده ، عن عمران بن حصين الخزاعي (2) ، أن بريدة دخل عليه [ في منزله ] (3) لما بايع الناس أبا بكر ، فقال : يا عمران ، أترى القوم نسوا ما سمعوه من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في حائط بني فلان من الأنصار إذ كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ومعه علي بن أبي طالب علیه السلام ، فجعل لا يدخل عليه أحد يسلم عليه [ إلا ردّ ] ، ثم قال له : سلّم على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.
فلم يرد على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أحد إلا عمر ، فانه قال : أعن أمر اللّه أم أمر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ؟
فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : عن أمر اللّه وأمر رسوله.
فقال له عمران : بلى واللّه إني لأذكر ذلك وأعرفه ، ولا أظنهم نسوه.
فقال له بريدة : أفلا تنطلق بنا الى أبي بكر ، فنسأله عن هذا
ص: 258
الأمر ، فإن كان عنده عهد من عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عهده إليه بعد ما كان منه في علي ، فإنه لا يكذب على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
قال عمران : فانطلقنا حتى دخلنا على أبي بكر ، فذكرنا ذلك له.
وقلنا : قد كنت أنت يومئذ فيمن سلّم على علي علیه السلام بامرة المؤمنين. فهل تذكر ذلك أم نسيته؟
فقال أبو بكر : بل أذكره ، وما نسيته.
فقال له بريدة : فهل ينبغي لأحد من المسلمين أن يتأمر على أمير المؤمنين؟ أو هل عندك بعد ذلك عهد من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عهده إليك ، وأمرك به؟ فإن كان ذلك فعرفناه ، فإنا نعلم أنك لا تقول على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إلا ما قال لك ، وعهده إليك.
فقال أبو بكر : لا واللّه ما عندي عهد من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ولا أمر أمرني به ولكن المسلمين رأوا رأيا فتابعتهم على رأيهم.
فقال له بريدة : واللّه ما ذلك لك وللمسلمين أن يخالفوا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
فقال أبو بكر : أرسل الى عمر ، فلعل عنده من هذا علما.
فأرسل الى عمر ، فجاء.
فقال له أبو بكر : إن هذين سألاني عن أمر قد شهدته كما علمته.
وقصّ عليه القصة.
فقال عمر : قد سمعت ذلك وعندي المخرج منه.
فقال : وما هو؟
قال : إن النبوة والإمامة لا يجتمع في [ أهل ] بيت واحد.
ص: 259
فقال له بريدة (1) - وكان رجلا مفوها جريا على الكلام - : يا عمر ، قد أبى اللّه ذلك عليك ، أما سمعته يقول في كتابه : ( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً ) (2) فقد جمع اللّه عزّ وجلّ لهم النبوة والملك.
قال : فغضب عمر حتى رأيت عينيه توقدتا ، وقال : لا أراكما جئتما إلا لتفرقا جماعة هذه الامة وتشتتا أمرها.
فقمنا ، وما زلنا نعرف في وجهه الغضب حتى مات.
[563] سليمان [ بن ] أبي الورد ، باسناده ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، أنه قال : قلت لعلي علیه السلام : يا أمير المؤمنين ، أسألك لأحمل عنك ، وقد انتظرت أن تقول شيئا من أمرك فلم تقله ، أفلا تحدثني عن أمرك هذا؟ أكان على عهد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله منه ذكر ، أم كان منه إليك فيه عهد ، أم هو شيء رأيته؟ فإنا قد أكثرنا فيك الأقاويل ، وأوثقها ما سمعناه منك ، ونحن نقول : إن الأمر لو كان لك بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لم ينازعك فيه أحد ، فان كان هذا الرجلان أحق بما ولياه منك سلّمنا لهما ما مضى من فعلهما ، وأعطيناك بقدر ما انتهيت إليه ، واللّه ما أدري إذا سئلت ما أقول؟ أزعم أنهما أولى بما كانا فيه منك مع ما نصبك له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في حجة الوداع ، فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللّهمّ
ص: 260
وال من والاه ، وعاد من عاداه.
وان تك أولى بما كانا فيه منهما ، فعلام نتولاهما ، فان كان هذا الأمر يحل فيه الجواب والمسألة ، فأجبني. وإن لم يكن ذلك يحل ، فأبغض الامور إلينا ما كان كذلك.
فقال علي صلوات اللّه عليه : يا عبد الرحمن ، قبض واللّه نبيّ اللّه حين قبض وأنا أول الناس بالناس ، مني بقميصي هذا ، وقد كان من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إليّ عهد لو جنبوني بأنفي لأقررت سمعا وطاعة.
يا عبد الرحمن (1) ، إنه أول ما انتقصنا به إبطال حقنا في الخمس ، ثم طمع فينا رعيان البهم من قريش ، وقد كان لي على الناس حق ، لو قد ردوه إليّ عفوا لقبلته ، وقمت به ، وإن كان إلى أجل معلوم وكنت كرجل له على قوم حق إن عجلوه آخذه ، وحمدهم عليه ، وإن أخروه ، أخذه غير محمودين عليه ، إلا أني كنت رجلا اخذا السهولة ، وهو عند الناس قد أحزن ، وإنما يعرف الهدى بالأنوار ولست أستوحش في طريق الهدى لقلة من أجده من الناس ، فإذا سكت فاعفوني ، فإنه لو جاء أمر تحتاجون فيه الى الجواب لأجبتكم فيه ، كفوا عني ما كففت عنكم.
فقال عبد الرحمن : يا أمير المؤمنين لأنت في هذا كما قال الأول : لعمري لقد أيقظت من كان نائما ، وأسمعت من كانت له أذنان.
ص: 261
قوله : جنبوني : أي قادوني. الجنيبة : الدابة التي تقاد. والرعيان : الرعاة ، والبهم : صغار الغنم. وأحزن : أخذ في الوعر.
[564] وبآخر ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام : ما ينقم الناس منك يا علي؟
قال : ما ينقمون مني إلا أني منك يا رسول اللّه.
فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أيها الناس إنكم عباد اللّه وفي قبضته وأنا رسوله إليكم ، فإذا قلت لكم شيئا ، فاسمعوا لي وأطيعوا - وتبيّن الغضب في وجهه - ففزع لذلك من كان عنده.
وقالوا : يا رسول اللّه نعوذ باللّه من غضبه وغضبك!
فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا أيها الناس ، لا تعصوا عليا ، فإنه من عصاه فقد عصاني ، ومن عصاني فقد عصى اللّه.
[565] سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أنه قال :
وعظنا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقال : يا أيها الناس إنكم تحشرون يوم القيامة عراة. قال اللّه تعالى : ( كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ ) (1) وإنه سيؤتى يوم القيامة يقوم من أصحابي فيؤخذ بهم ذات الشمال. فأقول : أصحابي أصحابي.
فيقال لي : يا محمّد إنك لا تدري ما أحدثوا من بعدك.
ص: 262
فأقول كما قال العبد الصالح : ( وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ. إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) (1).
فيقال : يا محمّد ، إنهم ارتدوا بعدك حين فارقتهم على أعقابهم.
وقال اللّه تعالى : ( أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ ) (2).
قال ابن جبير : ثم قال لي ابن عباس : يا سعيد بن جبير ، إنه يعني بالشاكرين ، صاحبك علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه. والمرتدين على أعقابهم الذين ارتدوا عنه.
[566] جعفر بن محمّد ، عن أبيه صلوات اللّه عليهما ، أن رجلا سأله ، فقال : يا ابن رسول اللّه ، بما ذا فضل علي صلوات اللّه عليه على الناس؟
فقال : يقول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : من كنت مولاه فعليّ مولاه اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه.
فقال الرجل : فهذا حديث معروف عند الناس يعرفه الخاص والعام ، فهل غير ذلك؟
فقال له أبو جعفر علیه السلام : ويحك وهل تدري ما يجمعه هذا القول ، وما يقتضيه ، إن اللّه عزّ وجلّ جعل له به على الامة ما جعله لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عليها من السمع والطاعة.
ص: 263
[567] الأعمش ، عن أبي سخيلة (1) ، قال : قال أبو ذر رحمة اللّه عليه : يا أبا سخيلة ، إنما ستكون فتنة لا تشبه هذه التي نحن فيها فإن أدركتها فعليك بعلي بن أبي طالب ، فإني سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول وقد أخذ بيد علي علیه السلام :
هذا أول من آمن بي ، وصدقني ، وهو أول من يصافحني يوم القيامة ، وهو الصدّيق الأكبر ، وهو الفاروق الذي يفرق بين الحق والباطل ، وهذا سلم اللّه ، وهذا حرب اللّه ، وهذا الذي يعصم من الفتنة ، وهذا يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب الظالمين ، وقد خاب من افترى.
ثم قال له : يا علي ، إن للجنة أبوابا وطرقا ، وإن للنار طرقا وأبوابا ، وستكون فتنة وضلالة ، وإنك لسبيل الجنة ، وراية الهدى وعلم الحق ، وإمام من آمن بي ، وولي من تولاني ، ونور من أطاعني. يا علي ، بك يذهب اللّه الغل ، ويشفي (2) صدور قوم مؤمنين ، وأنت قصد السبيل إن استدلوا بك لم يضلوا ، وإن اتبعوك لم يهلكوا.
ثم قال : أيها الناس اتبعوه وصدقوه ووازروه ، وسامحوه ، ولا تحسدوه ، ولا تجحدوه ، فإن جبرائيل علیه السلام أمرني بالذي قلت لكم.
[568] أبو علي الكلبي ، عن عبد الوهاب (3) ، عن مجاهد [ عن ابن عمر ] (4) قال :
ص: 264
قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : من فارق عليا فقد فارقني ، ومن فارقني فقد فارق اللّه عزّ وجلّ.
[569] وبآخر ، عن سلمان الفارسي قدّس اللّه روحه ، أنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول لعلي علیه السلام : يا علي فيك (1) مثل قل هو اللّه أحد ، من قرأها مرة كان له أجر من قرأ ثلث القرآن ، ومن قرأها مرتين كان له أجر من قرأ ثلثي القرآن ، ومن قرأها ثلاث مرات كان له ثواب من قرأ القرآن كله ، وكذلك أنت يا علي من أحبك بقلبه ، كان له ثواب ثلث الإسلام ، ومن أحبك بقلبه ، وأثنى عليك بلسانه ، كان له ثواب ثلثي الإسلام ، ومن أحبك بقلبه وأثنى عليك بلسانه وأعانك بيده ، كان له مثل ثواب الإسلام كله.
[570] محمّد بن علي العنبري ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنه بينا هو بالمسجد ومعه جماعة من أصحابه ، وفيهم علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه ، إذ وقف عليهم أعرابي ، فقال : أيكم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فأومئوا إليه ، فسلم عليه.
ثم قال : يا رسول اللّه جئتك أسألك عن حرف سمعته من كتاب اللّه عزّ وجلّ.
قال : سل يا أعرابي.
قال : قول اللّه عزّ وجلّ : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ) (2) ما حبل اللّه الذي أمرنا بالاعتصام به؟
ص: 265
فأخذ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بكف الأعرابي فوضعها على كتف علي علیه السلام ، وقال : يا أعرابي ، هذا حبل اللّه ، اعتصم به.
فدار الأعرابي من خلف علي علیه السلام ، فالتزم به ، ثم قال : اللّهمّ إني أشهدك أني اعتصمت بحبلك.
قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : من سرّه أن ينظر الى رجل من أهل الجنة فلينظر الى هذا الأعرابي.
فالعجب لمن سمع هذا من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فتخلف عن أن يفعل ما فعله هذا الأعرابي ، ويقول ما قاله ، فيكون من أهل الجنة ، ولكنه الحسد الذي هو أصل كل خطيئة ، كما جاء ذلك عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
[571] يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، باسناده ، عن مسروق ، قال : قالت صفية بنت حي (1) لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا رسول اللّه إنك قد أجليت بني النضير ، فإن كان أمر ، فإلى من؟
قال : علي بن أبي طالب.
[572] الأعمش ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس. [ قال : ستكون فتنة فمن أدركها منكم فعليه بخصلتين : كتاب اللّه وعلي بن أبي طالب فإني سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ] (2) يقول - في علي علیه السلام وهو آخذ بيده - :
هذا أول من آمن بي ، وأول من يصافحني يوم القيامة ، وهو
ص: 266
الصدّيق الأكبر ، وهو فاروق هذه الامة ، يفرق بين الحق والباطل ، وهو يعسوب المؤمنين والمال يعسوب (1) الظلمة ، وهو بابي الذي اوتي منه ، وهو خليفتي من بعدي.
ص: 267
[573] محمّد بن مخلد ، باسناده ، عن زيد بن أرقم ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال - يوما لجماعة من أصحابه ، وعنده علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه - :
ألا أدلكم على من إن أنتم اتبعتموه لم تضلوا ، وإن قبلتم منه لم تهلكوا؟
قالوا : بلى ، يا رسول اللّه.
قال : هذا - وأومى الى علي علیه السلام - ، ثم قال : وآزروه ، وناصحوه ، وصدقوه ، فإن جبرائيل علیه السلام أمرني بذلك أن أقول لكم.
[574] يونس بن عبيد ، عن الحسن البصري (1) قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوما لأصحابه : ألا أنبئكم بذروة الإسلام وسنامه وعموده؟
قالوا : بلى يا رسول اللّه.
فضرب بيده على كتف علي علیه السلام ، وقال : ها هو هذا ، من أطاعه دخل الجنة ، ومن عصاه دخل النار.
ص: 268
[575] سفيان ، عن أبيه ، عن زيد بن أرقم [ و ] عن أبي ذر رحمة اللّه عليه ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، يقول :
من أنكر فضل علي بن أبي طالب وجحد ولايته فقد نزع ربقة الإسلام من عنقه ، أيها الناس : أنزلوا آل محمّد منكم منزلة الرأس من البدن. وبمنزلة العينين من الرأس ، إنما مثلهم فيكم مثل سفينة نوح علیه السلام من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها هلك.
[576] موسى بن داود ، باسناده ، عن زيد بن أرقم ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله :
من أراد أن يتمسك بقضيب الياقوت الأحمر الذي غرسه اللّه بيمينه لنبيه ، في جنة الخلد ، فليتمسك بعلي بن أبي طالب علیه السلام .
[577] عبد اللّه بن موسى (1) ، قال : تشاجر رجلان ، فقال أحدهما : أبو بكر أحق بالولاية من علي.
وقال الآخر : علي علیه السلام احق بذلك منه.
قال عبد اللّه بن موسى : فتراضيا بشريك بن عبد اللّه (2) ، فأتياه فاستأذنا عليه ، فخرج إليهما ، فوقف بين البابين ، وضرب بيده على عضادتي الباب ، فأخبرا بما تشاجرا فيه.
فقال شريك : سأخبركما بذلك ، حدثني الأعمش عن شقيق بن سلمة ، عن حذيفة بن اليمان : أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : إن اللّه عزّ وجلّ خلق عليا قضيبا في الجنة ، فمن تمسك به كان
ص: 269
من أهل الجنة.
فاستعظم الرجل ذلك. فضرب شريك الباب في وجهه ، ثم دخل. فقال الرجل لصاحبه : هذا حديث ما سمعناه ، فهل لك أن تأتي نوح بن دراج (1).
فأتياه ، فأخبراه بما كان بينهما ، وبقول شريك لهما.
فقال لهما نوح : أتعجبان من هذا ، حدثني الأعمش ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن اللّه عزّ وجلّ خلق قضيبا من نور ، فعلقه ببطنان عرشه ، لا يناله إلا علي ومن تولاه من شيعته. ففيم تعجبان؟
فقال الرجل لصاحبه : هذه اخت تلك ، فهل لك أن نمضي الى وكيع بن الجراح (2).
فمضيا إليه ، فأخبراه بما كان بينهما ، وبما قال لهما شريك ونوح ، فقال لهما وكيع : أتعجبان من هذا؟ حدثني الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن أركان العرش لا ينالها إلا علي ومن تولاه من شيعته.
قال : فلم يبرح الرجل حتى اعترف بولاية علي صلوات اللّه عليه ، وتولاه.
[578] سليمان بن عبد اللّه بن سنان ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه
ص: 270
علیه السلام ، أنه قال : من منعنا مودته وولايته ، وتولى عدونا وقرب منه ، خرج من ولاية اللّه عزّ وجلّ الى ولاية الشيطان ، وحق على اللّه أن يحشره الى جهنم. إن اللّه عزّ وجلّ سمى من لم يتبع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في ولاية علي علیه السلام منافقين. وجعل من جحد وصي رسوله صلی اللّه علیه و آله إمامته كمن (1) جحد محمّدا صلی اللّه علیه و آله نبوته ، فأنزل اللّه عزّ وجلّ : ( إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ ) يعنى الذين كذبوا بولاية الوصي ( قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللّهِ وَاللّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ ) لتكذيبهم بولاية علي علیه السلام . ( اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللّهِ ) هو وصي رسوله ( إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ) بولايته عدوّهم ( ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ) يعني برسالتك يا محمّد ( ثُمَّ كَفَرُوا ) بولاية وصيك ( فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ ) (2).
[579] عمرو بن ميمون ، عن جابر ، عن أبي جعفر محمّد بن علي صلوات اللّه عليه أنه قال :
قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أتاني جبرائيل ، فقال لي : يا محمّد ، قل لامتك ، من سرّه أن يكون مع اللّه واللّه معه ، فليتولّ علي بن أبي طالب ، وليتبرأ من عدوه ، وليسلم لفضله ، وليتبع أمره.
[580] محمّد بن زياد الاعرابي ، باسناده ، عن عطاء بن السائب (3) ، عن
ص: 271
سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أنه قال : لما نزلت : ( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) (1) قال النبي صلی اللّه علیه و آله : أنا المنذر ، وأنت يا علي الهادي ، بك يا علي يهتدي المهتدون.
[581] جابر ، عن أبي جعفر محمّد بن علي صلوات اللّه عليه ، قال :
بينما رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعلي صلوات اللّه عليه يمشيان خارجا من المدينة ، عرضت لهما جنازة رثة الهيئة قليلة التبع ، فقال النبي صلی اللّه علیه و آله - للذين يحملونها - : من هذا الميت الذي معكم؟
قالوا : يا رسول اللّه فلان عبد لبني رياح كان مسرفا على نفسه ، فجفاه الناس ، فقلّ تبعه.
قال : فهل صلّيتم عليه؟
قالوا : لا.
قال : امضوا. ومضى معهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله حتى انتهى الى موضع فسيح ، فأمر بوضعه فيه ، فصلّى عليه. ثم انتهى معهم إلى قبره ، فدفنه ، وسوى عليه التراب ، ثم تفرق القوم.
فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام : يا أبا الحسن ، أما سمعت ما قال هؤلاء في هذا الميت؟
قال : بلى يا رسول اللّه بأبي أنت وأمي ، وإني لأعرفه ، وله عندي قصة أخبرك بها.
قال. هات يا علي.
قال : واللّه ما أعلم أنه استقبلني قط إلا قال لي : أنا واللّه احبك
ص: 272
وأتولاّك.
فقال النبي صلی اللّه علیه و آله : بها واللّه أدرك ما أدرك ، لقد رأيت - يا أبا الحسن - معه قبيلا من الملائكة يشيعون جنازته (1) حتى صلّوا عليه ، ودفنوه.
[582] أبو الجارود (2) ، قال : كنت عند أبي جعفر محمّد بن علي صلوات اللّه عليه مع جماعة من أصحابه ، فقال له رجل (3) منهم : يا ابن رسول اللّه ، حدثنا الحسن البصري أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال :
إن اللّه أرسلني برسالة ، فضقت بها ذرعا ، فتواعدني إن لم ابلغها أن يعذبني ، ثم قطع الحديث ، فسألناه تمامه ، وأن يخبرنا بالرسالة ما هي ، فجعل يروغ.
فقال أبو جعفر علیه السلام : ما لحسن ، قاتل اللّه حسنا ، أما واللّه لو شاء أن يخبركم لأخبركم ، ولكني أخبركم.
إن اللّه عزّ وجلّ بعث محمّدا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بشهادة أن لا إله إلا اللّه وأن محمّدا رسول اللّه ، وأقام الصلاة ، فشهد المسلمون الشهادتين ، وصلّوا فأقلوا وأكثروا. فجاء جبرائيل علیه السلام إلى النبي صلی اللّه علیه و آله فقال : يا محمّد علّم الناس صلاتهم وحدودها ومواقيتها وعددها.
فجمع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الناس ، فقال : أيها الناس إن اللّه عزّ وجلّ فرض عليكم الصلاة في الفجر كذا وكذا عددها
ص: 273
والظهر كذا وكذا عددها ووقتها حتى أتى على الصلوات الخمس.
ثم قال أبو جعفر علیه السلام : فهل تجدون هذا في القرآن.
قالوا : لا.
قال : ثم أنزل اللّه عزّ وجلّ وآتوا الزكاة ، فتزكى المسلمون على قدر ما يرون ، أعطى هذا من دراهمه ، وأعطى هذا من دنانيره ، وهذا من تمره ، وهذا من زرعه ، فأتاه جبرائيل علیه السلام . فقال : يا محمّد علّم الناس من زكاتهم مثل ما علّمتهم من صلاتهم.
فجمع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الناس ، فقال : إن اللّه افترض عليكم الزكاة في الذهب من كذا وكذا وفي الفضة من كذا وكذا ، وعدّد جميع ما يجب فيه الزكاة وما يجب فيه منها.
ثم قال أبو جعفر علیه السلام : فهل تجدون هذا في كتاب اللّه؟
قالوا : لا.
قال : ثم أنزل اللّه عزّ وجلّ فريضة الحج ، فقال تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) (1). ليس فيه كيف يطوفون ولا كيف يسعون. فأتاه جبرائيل علیه السلام ، فقال : يا محمّد علّم الناس من حجهم ما علّمتهم من صلاتهم وزكاتهم.
فجمع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الناس ، فقال : أيها الناس ، إن اللّه عزّ وجلّ قد فرض عليكم الحج ، وأوقفهم على مناسك الحج ومعالمه شيئا شيئا.
ثم قال أبو جعفر علیه السلام ، فهل تجدون ذلك مفسرا في كتاب اللّه؟
ص: 274
قالوا : لا.
قال : ثم أنزل اللّه عزّ وجلّ فرض الصيام ، وإنما كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يصوم يوم عاشورا ، فأتاه جبرائيل. فقال : يا محمّد علّم الناس من صومهم ما علّمتهم من صلاتهم وزكاتهم وحجهم.
فجمع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الناس ، فقال : أيها الناس إن اللّه عزّ وجلّ قد فرض عليكم صيام شهر رمضان ، ثم [ علّمهم ] ما يجتنبون في صومهم وما يأتون وما يذرون.
ثم قال أبو جعفر علیه السلام : فهل تجدون هذا في كتاب اللّه تعالى؟
قالوا : لا.
قال : ثم أنزل اللّه عزّ وجلّ فريضة الجهاد ، فلم يعلموا كيف يجاهدون ، فأتاه جبرائيل ، فقال : يا محمّد علّم الناس من جهادهم ما علّمتهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم وحجهم.
فجمع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الناس ، فقال : أيها الناس إن اللّه عزّ وجلّ قد فرض عليكم الجهاد في سبيله بأموالكم وأنفسكم.
وبيّن لهم حدوده ، وأوضح لهم شروطه.
ثم أنزل اللّه عزّ وجلّ الولاية ، فقال : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) (1).
فقال المسلمون : هذا لنا ، بعضنا أولياء بعض.
فجاء جبرائيل ، فقال : يا محمّد علّم الناس عن ولايتهم ما علّمتهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم وحجهم وجهادهم.
ص: 275
فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا جبرائيل ، إن امتي حديثة عهد بجاهلية ، وأخاف عليهم أن يرتدوا ، فأنزل اللّه عزّ وجلّ : ( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) (1) ، فلم يجد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بدّا من أن خرج الى الناس ، فقال : أيها الناس إن اللّه عزّ وجلّ بعثني برسالته ، فضقت بها ذرعا ، وخفت أن الناس يكذبوني ، فتواعدني إن لم ابلغها ليعذبني.
ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه ، ثم قال : أيها الناس ألستم تعلمون أن اللّه مولاي وأني مولى المؤمنين ووليهم ، وأني أولى بكم من أنفسكم؟
قالوا : بلى.
قال : فمن كنت مولاه فعلي مولاه ، اللّهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وأدر الحق معه حيث دار.
قال أبو جعفر صلوات اللّه عليه : فوجبت ولاية علي صلوات اللّه عليه على كل مسلم.
[583] عباد بن يعقوب ، باسناده ، عن يعلي بن مرة (2) ، أنه قال : كنا جلوسا عند النبي صلی اللّه علیه و آله إذ دخل علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه ، فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : كذب من زعم أنه يتولاني ويحبني ويعادي هذا ويبغضه ، واللّه لا يبغضه ولا يعاديه
ص: 276
إلا كافر أو منافق أو ولد زنا.
[584] الحسن بن غالب ، باسناده ، عن أبي هارون العبدي ، أنه قال : كنت أرى رأي الخوارج ، فجلست يوما إلى أبي سعيد الخدري ، وهو يحدّث ، فقال : بني الإسلام على خمس ، فأخذ الناس بأربع وتركوا واحدة.
قلت : يا أبا سعيد ، ما هي الأربع التي أخذوا بها؟
قال : الصلاة والزكاة والصوم والحج.
قلت : وما الواحدة التي تركوها.
قال : ولاية علي بن أبي طالب علیه السلام .
قلت : انظر ما تقول ، هي مفروضة؟
قال : اي واللّه إنها لمفترضة (1).
[585] عبد الرحمن بن صالح ، باسناده ، عن البراء بن عازب ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : إن الصدقة لا تحلّ لي ولا لأهل بيتي ، لعن اللّه من ادعى الى غير أبيه ، ولعن من انتمى الى غير مواليه الولد لصاحب الفراش وللعاهر الحجر ، ليس لوارث وصية إلا وقد سمعتم مني ورأيتموني ، فمن كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ألا إني فرطكم على الحوض ، ومكاثر بكم الامم يوم القيامة ، فلا تسودوا وجهي ، ألا لأستنقذن من النار رجالا وليستنقذن مني آخرون. فأقول : يا رب أصحابي؟
فيقال لي : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. ألا وان اللّه وليي
ص: 277
وأنا وليّ كل مؤمن ، ومن كنت مولاه فعليّ مولاه.
[586] سعيد بن خيثم ، باسناده : أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : إنه لم تكن امة إلا وقد كان لها علم تعرف به طاعة اللّه من معصيته ، ابتلى اللّه قوما ، فقال : لا تأكلوا الحيتان يوم السبت ، وابتلى قوما بناقة ، فقال : لا تعقروها. وابتلى قوما بنهر ، فقال : ( فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي ) (1) ، وجعل سفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق ، وجعل باب حطة من دخله ساجدا غفر له.
وإن اللّه تبارك وتعالى لم يذر هذه الأمة حتى جعل لها علما تعرف به طاعته من معصيته ، وهو علي بن أبي طالب ، من تولاه فقد تولى اللّه ورسوله ، ومن عصاه فقد عصى اللّه ورسوله.
[587] عبد الرحمن بن محمّد ، باسناده ، عن أبي رافع ، قال : سير عثمان أبا ذر الى الربذة ، فأتيته لأسلم عليه ، فلما أردت الانصراف قال لي : إنه ستكون فتنة ، ولست أدري أدركها أم لا. ولعلك أن تدركها ، فان أدركتها فعليك بالشيخ علي بن أبي طالب ، فاني سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول له : أنت أول من آمن بي ويصافحني يوم القيامة ، وأنت الصدّيق الأكبر ، وأنت الفاروق الذي يفرق بين الحق والباطل ، وأنت يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب الكفرة.
[588] علي بن عابس ، باسناده ، عن أبي معشر ، قال : دخلت الرحبة ، فإذا علي صلوات اللّه عليه بين يديه مال مصبوب ، وهو يقول : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا يموت عبد وهو يحبني إلا جئت أنا وهو يوم القيامة كهاتين - وجمع بين اصبعيه المسبّحتين - ولو شئت لقلت كهاتين
ص: 278
وجمع بين المسبحة والوسطى - ، وهذه أفضل من هذه ، وأنا يعسوب المؤمنين ، وهذا - وأومأ بيده الى المال - يعسوب المنافقين ، بي يلوذ المؤمنون ، وبهذا يلوذ المنافقون.
[589] محمّد بن عبد الحميد السهمي ، باسناده ، عن عبد اللّه بن مسعود (1) ، قال : كنت عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فتنفس الصعداء.
فقلت : مالك ، يا نبيّ اللّه؟
فقال : نعيت إليّ نفسي.
قلت : ألا تستخلف علينا يا رسول اللّه.
قال : من؟
فذكرت أبا بكر ، وعمر ، وعثمان ، وطلحة ، والزبير. كل ذلك لا يقول شيئا حتى ذكرت علي بن أبي طالب علیه السلام .
فرفع رأسه ونظر إليّ ، وقال : والذي نفسي بيده يا ابن مسعود لئن سمعوا له وأطاعوا ليدخلن الجنة أجمعين أكتعين (2).
[590] حدثنا جعفر بن سليمان الهاشمي ، باسناده عن عمر بن الخطاب ، أنه قال : لا يتم إسلام مؤمن (3) إلا أن يتولى علي بن أبي طالب.
ومثل هذا كثير قد ذكرنا جملة منه فيما تقدم من هذا الكتاب ، ونذكر بعد في باقيه كثيرا منه إن شاء اللّه تعالى. ومن أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه
ص: 279
وآله بطاعته ، فمن أين يجوز لأحد أن يتأمّر عليه ، ويوجب لنفسه طاعة دونه ، وإنما تكون الطاعة لاولي الأمر ، كما افترض اللّه عزّ وجلّ ذلك لهم في كتابه ، وقرن فيه طاعتهم بطاعته وطاعة رسوله صلی اللّه علیه و آله ، فقال : ( أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (1) فجعلها طاعات مقرونة موصلة لا يجزي بعضها ولا يقوم بعضها إلا ببعض ، وكما لا تقوم ، ولا تجري طاعة اللّه عزّ وجلّ مع معصية رسوله صلی اللّه علیه و آله ، وكذلك لا تجزي طاعة اللّه وطاعة رسوله صلی اللّه علیه و آله مع معصية أولي الأمر الذين أوجب اللّه عزّ وجلّ طاعتهم ، لأن في معصية أولي الأمر معصية اللّه ، ومعصية رسوله صلی اللّه علیه و آله ، إذ قد أوجب اللّه عزّ وجلّ في كتابه وعلى لسان رسوله صلی اللّه علیه و آله طاعتهم ، فلم يطع اللّه من عصاهم ، إذ قد افترض طاعتهم ، وكذلك لن يطيع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من عصى أحدا منهم ، إذ قد أمر عن أمر اللّه عزّ وجلّ بطاعتهم ، وقد نصّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله كما ذكرنا فيما جاء عنه على طاعة علي علیه السلام ، ورغب في ذلك ، وذكر فضله وثوابه ، ونهى عن معصيته وحذر منها ، وذكر ما يوجبه من عقاب ربه.
وأكد ولايته وأقامه للامة مقامه ، ولم يقل شيئا من ذلك عبثا ولا تكلفا ، ولا من قبل نفسه ولا ليمرّ صفحا على من سمعه منه ، وانتهى إليه عنه ، لانه ليس من المتكلفين كما وصفه عزّ وجلّ في كتابه ، ولا ممن : ( يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ) (2) ، كما أخبر فيه عنه ، ولا يتبع كما وصفه عزّ وجلّ ( إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى ) إليه.
فأيّ بيان يكون أكثر من هذا البيان وأيّ نصّ يكون أوضح من هذا
ص: 280
النص على إمامة علي صلوات اللّه عليه من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وهو مع ذلك يؤكد قوله فيه ، بأنه عن اللّه عزّ وجلّ يقوله ، وبأمره يأمرهم بما أمرهم به من طاعته وولايته ومودته. فرحم اللّه امرأ سمع ذلك فوعاه ، واعتقده وعمل به ، ولم يمرّ صفحا عليه كما مرّ على كثير ممن سمعه. ( وَاللّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ ) كما قال عزّ وجلّ ( إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) ويضلّ كما أخبر سبحانه الظالمين ، هذا ما أسرّه (1) وعهده رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى علي علیه السلام .
[591] أبو نعيم الفضل بن دكين (2) ، باسناده ، عن سلمان الفارسي رحمة اللّه عليه أنه كان جالسا وحوله جماعة يحدّثهم ، إذ مرّ بهم علي صلوات اللّه عليه.
فقال سلمان لمن حوله : ألا تقومون إليه - يعني عليا صلوات اللّه عليه - فتأخذون بحجزته [ تسألونه ] فو اللّه ما يحدّثكم بسرّ نبيكم [ أحد ] غيره. [ وإنه لعالم الأرض وربانيها وإليه تسكن ، ولو فقدتموه لفقدتم العلم وأنكرتم الناس ] (3).
[592] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن جابر بن عبد اللّه ، أنه قال : ناجى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عليا صلوات اللّه عليه بحجرته - وهو محاصر للطائف - فأطال النجوى ، والناس ينظرون إليهما ، فتقدم أبو بكر وعمر ، فقالا : يا رسول اللّه ، لقد طالت منذ اليوم مناجاتك لعلي علیه السلام .
فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ما أنا انتجيته ، ولكن اللّه
ص: 281
انتجاه.
[593] أبو غسان ، باسناده ، عن علي صلوات اللّه عليه ، أنه قال : لما أنزل اللّه عزّ وجلّ : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ) (1) كان عندي دينار فصرفته بعشرة دراهم ، وكنت إذا أردت أن أناجي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله تصدقت بدرهم حتى فنيت ، ولم يفعل ذلك أحد من المسلمين ، فأنزل اللّه عزّ وجلّ : ( أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ) الآية (2) ، فلم يعمل بآية النجوى أحد غيري.
[594] أبو غسان ، باسناده ، عن أمّ سلمة - زوج النبي صلی اللّه علیه و آله - أنها قالت : كان علي علیه السلام أقرب الناس برسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عهدا. عدنا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوم قبض في بيت عائشة ، فجعل يقول : أجاء علي؟ مرارا.
قالت فاطمة صلوات اللّه عليها : كان بعثه لحاجة.
ثم جاء فظننا أن له إليه حاجة. فخرجنا من البيت وقعدنا من وراء الباب.
قالت : فكنت من أدناهن من الباب ، فأكبّ عليه علي علیه السلام ، فلم يزل يسارّه ويناجيه. ثم قبض من يومه ذلك ، وكان أقرب الناس به عهدا.
[595] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن علي بن الحسين صلوات اللّه عليه ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - في مرضه الذي قبض فيه -
ص: 282
ادعوا إليّ أخي.
فقالت عائشة : ادعوا أبا بكر ، فلعله أن يعهد إليه عهدا. فجاء أبو بكر ، فلما رآه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله سكت ، ولم يقل شيئا.
ثم قال : ادعوا إليّ أخي ، فأرسلت حفصة (1) الى أبيها عمر ، فلما جاء ، لم يقل له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله شيئا.
ثم قال : ادعوا إليّ أخي ، فأرسلت فاطمة الى علي علیه السلام .
فجاء ، فلما رآه قال : ادن مني ، فدنا منه. فقال : اجلسني. فأجلسه.
ثم قال : احتضني ، فاحتضنه. فقال : اسندني الى صدرك ، فأسنده.
قال علي صلوات اللّه عليه : فما زال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يسارّني ويحدّثني ، وإني لأجد برد شفتيه ولسانه في أذني ، حتى قبض صلی اللّه علیه و آله .
قال : وكان آخر ما عهده إليّ أن قال : الصلاة الصلاة ، وما ملكت أيمانكم.
قال علي علیه السلام : وهي آخر وصايا الأنبياء صلوات اللّه عليهم.
[596] يحيى بن حبيب ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عمر ، قال : كنا عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فدعا عليا صلوات اللّه عليه وأدناه ،
ص: 283
فسارّه طويلا ، ثم قام علي علیه السلام ، فمضى. فلما ولّى قال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا أبا الحسن.
قال : لبيك يا رسول اللّه.
قال : لا تسقه إليّ إلا كما تساق الشاة الى حالبها.
فلم ندر من أراد ، وتسامع الناس ، فاجتمع الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله جماعة من المهاجرين والأنصار ، فلم يبرح حتى أقبل عليه علي علیه السلام بالحكم بن أبي العاص (1) ، وقد أخذ باذنه ولهازمه يجره حتى أقعده بين يدي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فلعنه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ثلاثا.
ثم قال : إن هذا سيخرج من صلبه فتنا تبلغ السماء.
فقالوا : يا رسول اللّه ، هو أذل وأهون من أن يكون ذلك منه!
فقال : بلى ويحكم يومئذ من شيعته.
ثم أمر به ، فسير به الى الدهلك.
[597] محمّد بن منصور ، باسناده ، عن محمّد بن بشير ، قال : قدم عليّ رجل من أهل الكوفة ، فقال : إني اريد أن أسأل أنس بن مالك ، فانطلق بنا إليه.
قال : فانطلقت به الى أنس ، وكان أنس قد أصابته وضح ، وذهب بصره ، وكان لا يخرج إلا وعليه برقع ، فخرج إلينا كذلك.
ص: 284
فقلت له : إن هذا امرؤ من أهل الكوفة أحبّ لقاءك ، والنظر إليك.
قال أنس : نعم الناس أهل الكوفة ، إلا أنهم هلكوا في الرجل - يعني عليا علیه السلام -.
فقال لي الرجل بيني وبينه : قم بنا ننصرف.
قلت : لم؟
قال : إنما جئت أسأله عن علي علیه السلام ، وقد بدا منه ما بدا ، فما عسى أن يقول بعد هذا؟
قلت : سله عما شئت ، فإنه لن يكذبك.
قال : فسأله عن علي علیه السلام .
قال له أنس : عمّ تسأل من أمره؟
قال : تخبرني عن منزلته من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
قال : أما إذا أبيت يا كوفي ، فإني اخبرك! [ كانت ] له ثلاث خصال من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لئن تكون لي واحدة منهن أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشمس ، كان أول من آمن باللّه وبرسوله ، وكان صاحب سرّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعلانيته ، وكان وصيه من بعده.
[598] الأجلح (1) ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس ، أن عليا علیه السلام خطب الناس عند خروجه لحرب أهل الجمل ، فقال : أيها الناس ما هذه المقالة السيئة ، بلغتني عنكم ، واللّه ليقتلن طلحة والزبير ،
ص: 285
وليفتحن البصرة ، وليأتينكم مادة من الكوفة ستة آلاف وخمسمائة وستون.
قال عبد اللّه بن عباس : فقلت في نفسي : ومن أين يعلم هذا؟ ولكن الحرب خدعة ، وكان أول شيء من ذلك أن قدمت علينا مادة أهل الكوفة ، فخرجت ، فلقيتهم ، فسألتهم عن عدتهم.
فقالوا : ستة آلاف وخمسمائة وستون مثل ما ذكر.
ثم قتل طلحة والزبير ، وفتحت البصرة ، فعلمت أن ذلك ممّا أسرّه إليه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
[599] وقد جاء عنه علیه السلام أنه علّمه الف كلمة كل كلمة تفتح الف كلمة.
[600] سعيد بن حنظلة ، عن علقمة ، قال : سمعت عليا صلوات اللّه عليه ، يقول :
ما عن فئة تبلغ ثلاثمائة الى يوم القيامة إلا وقد علمت ناعقها وقائدها وسائقها.
[601] ابو مريم الأنصاري ، باسناده ، عن علي علیه السلام أنه خطب الناس ، فقال :
أيها الناس أنا فقأت عين الفتن بيدي ، ولم يكن [ أحد ] يجترئ عليها غيري ، ولو لم أكن فيكم ما قوتل أصحاب الجمل ، وأهل النهروان ، وايم اللّه لو لا أن تتكلوا فتدعوا العمل لأخبرتكم بما قضى اللّه على لسان نبيه علیه السلام لمن قاتلهم منكم مبصرا لضلالهم ، عارفا للهدى الذي نحن عليه.
ثم قال : سلوني قبل أن تفقدوني ، فاني ميت بل مقتول (1) ،
ص: 286
ما ينتظر أشقاها أن يخضبها بدم من فوقها - وأومى (1) بيده الى لحيته - فو الذي نفسي بيده لا تسألوني عن شيء فيما بينكم وبين الساعة ، ولا عن فئة تضل مائة وتهدي مائة إلا نبأتكم بناعقها وقائدها وسائقها.
فقام رجل ، فقال : يا أمير المؤمنين حدثنا عن البلايا.
فقال : إنكم في زمان ذلك ، فإذا سأل سائل فليفعل ، وإذا سئل مسئول فليثبت إلا أن من ورائكم امورا لو فقدتموني لأطرق كثير من السائلين ، وفشل كثير من المسئولين. وذلك إذا اتصلت حربكم ، وشمرت عن ساق ، وكانت الدنيا ثقلا عليكم حتى يفتح اللّه لبقية الأبرار ، فانظروا قوما كانوا أصحاب رايات يوم بدر فلا تسبقوهم فتعرككم البلية.
ثم قام رجل آخر ، فقال : حدثنا عن الفتن يا أمير المؤمنين.
فقال : إن الفتن إذا أقبلت اشتبهت ، وإذا أدبرت أسفرت ، يشتبهن مقبلات ، ويعرفن مدبرات ، وإنما الفتن تحوم كالرياح يصبن بلدا ، ويخطئن اخرى.
ألا إن أخوف الفتن عندي عليكم فتنة بني أميّة ، فإنها فتنة عمياء مظلمة عمّت فتنتها ، وخصّت بليتها ، فأصاب البلاء من أبصر فيها ، وأخطى من عمي عنها ، يظهر أهل باطلها على أهل حقها حتى يملأ الأرض عدوانا وظلما.
ألا إن أول من يضع منها جبروتها ويكسر ذريتها وينزع أوتادها اللّه ربّ العالمين ، وايم اللّه لتجدن بني أميّة أرباب سوء لكم من
ص: 287
بعدي كالناقة الضروس تعضّ بفيها ، وتخبط بيديها ، وتضرب برجليها ، وتمنع درّها ، ولا يزالون بكم حتى لا يتركون منكم إلا نافعا لهم أو غير ضار ، ولا يزال بلاؤهم بكم حتى يكون انتصاركم منهم كانتصار العبد من مولاه.
ألا إن قبلتكم واحدة ، وحجكم واحد ، وعمرتكم واحدة ، والقلوب مختلفة ، هكذا - وشبك بين أصابعه ، وأدخل بعضها في بعض -.
فقام رجل ، فقال : وما هذا يا أمير المؤمنين؟
وخالف بين أصابعه ، فقال : يقتل هذا هذا ، وهذا هذا فتنة ، وقطيعة جاهلية ، ليس فيها إمام هدى وعلم بر ، ونحن أهل البيت فينا نجاة ، ولسنا فيها.
فقام رجل آخر ، فقال : فما نصنع في ذلك الزمان يا أمير المؤمنين؟
فقال : تنظرون أهل بيت نبيكم ، فإن لبدوا فالبدوا (1) وإن استصرخوكم فانصروهم تنصروا وتؤجروا ، ولا تسبقوهم فتصرعكم البلية.
ثم قام رجل آخر ، فقال : ثم ما يكون بعد يا أمير المؤمنين؟
فقال : يفرج اللّه الفتن برجل من أهل البيت كتفريج الأديم يسومهم خسفا ويسقيهم بكأس مصبرة ، ولا يعطيهم إلا السيف. يضع السيف على عاتقه ثمانية أشهر ، فيجعلهم ملعونين أينما ثقفوا ، اخذوا وقتلوا تقتيلا.
[602] جعفر بن سليمان ، باسناده ، عن أبي سعيد الخدري ، أنه قال : أسرّ
ص: 288
رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى علي صلوات اللّه عليه ما يلقاه بعده.
فبكى علي علیه السلام ، وقال : يا رسول اللّه أسألك بقرابتي منك لما سألت اللّه عزّ وجلّ أن يقبضني في حياتك.
فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا علي ، تسألني أن أسأل اللّه أجلا مؤجلا.
فقال علي صلوات اللّه عليه : فعلى ما ذا أقاتلهم يا رسول اللّه؟
قال : على إحداثهم في الدين.
[603] يونس بن أبي يعقوب ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : كان فيما عهد إليّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أن اقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين.
فالناكثون أصحاب الجمل ، والقاسطون أهل الشام ، والمارقون الخوارج.
[604] عبد اللّه بن صالح الجهني ، باسناده ، عن سعيد بن أبي سالم ، عن أبيه ، أنه قال : كنا مع علي علیه السلام بالكوفة (1) ، فقال - يوما من الأيام - ونحن عنده :
إني (2) سبط من الأسباط ، اقاتل على حق ليقوم ، ولن يقوم ، والأمر لهم ، فإذا كثروا فتنافسوا بعث اللّه عزّ وجلّ عليهم أقواما من هذا المشرق ، فقتلهم بددا ، وأحصاهم بهم عددا. واللّه لا يملكون سنة إلا ملكنا سنتين ولا يملكون سنتين إلا ملكنا أربعا ، وما من فئة تخرج
ص: 289
إلى يوم القيامة إلا ولو شئت لسميت لكم سائقها وناعقها.
قال : فقلت لأصحابي : فما المقام ، وقد أخبركم أن الأمر لهم؟
قالوا : لا شيء.
واستأذناه الى مصر. فأذن لمن شاء ، وأقام معه قوم منا.
[605] الدغشي ، باسناده عن الأصبغ بن نباتة (1) ، قال : لما انهزم أهل البصرة قام فتى الى علي صلوات اللّه عليه ، فقال : ما بال ما في الأخبية لا تقسم؟
فقال علي علیه السلام : لا حاجة لي في فتوى المتعلمين.
قال : ثم قام إليه فتى آخر. فقال مثل ذلك. فردّ عليه مثل ما ردّ أولا.
فقال له الفتى : أما واللّه ما عدلت.
فقال له علي علیه السلام : إن كنت كاذبا فبلغ اللّه بك سلطان فتى ثقيف.
ثم قال علي علیه السلام : اللّهمّ إني قد مللتهم وملوني ، فأبدلني بهم ما هو خير منهم ، وأبدلهم بي ما هو شرّ لهم.
قال الأصبغ بن نباتة : فبلغ ذلك الفتى سلطان الحجاج ، فقتله.
[606] وبآخر عن رجل من أهل البصرة قال : قال علي علیه السلام - على المنبر - :
ص: 290
يا أهل البصرة ، إن كنت قد أديت لكم الأمانة ونصحت لكم بالغيب ، واتهمتموني ، وكذبتموني ، فسلط اللّه عليكم فتى ثقيف.
فقام رجل ، فقال له : يا أمير المؤمنين ، وما فتى ثقيف؟
قال : رجل لا يدع لله حرمة إلا انتهكها ، به داء يعتري الملوك ، لو لم تكن إلا النار لدخلها (1).
[607] يحيى بن السلم ، باسناده ، عن أبي الطفيل (2) ، قال :
دعا علي علیه السلام الناس الى البيعة ، فجاءه فيمن جاء عبد الرحمن بن ملجم لعنه اللّه ، فرده مرتين أو ثلاثا ، ثم بايعه ، فلما أخذ عليه قال : ما يحبس أشقاها ، والذي نفسي بيده لتخضبن هذه - وأومى الى لحيته - من هذا - وأومى الى رأسه -. ثم قال شعرا :
اشدد حيازيمك للموت
إذا حلّ بواديكا
ولا تجزع عن الموت
فإن الموت يأتيكا
[608] أبو نعيم ، باسناده ، عن عثمان بن المغيرة ، قال : لما دخل شهر رمضان الذي اصيب فيه علي صلوات اللّه عليه ، كان يفطر فيه ليلة عند الحسن وليلة عند الحسين علیه السلام [ وابن عباس ] (3) ولا يزيد على ثلاث لقم ، فيقولان له في ذلك.
فيقول : يا بني إنما هنّ ليال قلائل ، يأتي أمر اللّه تعالى ، وأنا خميص البطن أحبّ إليّ.
ص: 291
[609] عبد اللّه بن صالح البصري ، باسناده ، عن يحيى بن سعد ، قال :
قال علي علیه السلام يوما - وعنده رجل من مراد ، من أهل مصر - لكأني أنظر الى أشقى مراد يخضب هذه - وأومى بيده الى لحيته - من هذا - وأومى الى رأسه -.
فقال الرجل المرادي الذي كان عنده : يا أمير المؤمنين ، لا تؤكد ذلك في مراد.
قال : واللّه ما كذبت ولا كذبت عدّد عليّ قبائلكم.
فجعل يعدّد عليه حتى ذكر سدوسا أو دؤلا (1) ، فقال علیه السلام :
اشدد حيازيمك للموت *** فإن الموت يأتيكا
تجزع من الموت *** إذا حلّ بواديكا
[610] وبآخر ، عن أبي سنان (2) الدؤلي ، أنه عاد عليا علیه السلام من مرض أصابه وقد وجد خفة منه. فقال : يا أمير المؤمنين ، أصبحت بارئا بحمد اللّه ، ولقد كنا خشينا عليك من علتك هذه.
قال : لكني ما خشيت منها على نفسي لأن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول لي فيما عهده إليّ : ستضرب ضربة هاهنا - وأومى الى رأسه - تسيل دمها حتى تخضب لحيتك ، يكون صاحبها أشقاها كما كان عاقر الناقة أشقى ثمودا.
[611] إسماعيل بن أبان (3) ، باسناده ، عن ثعلبة بن زيد الجملي ، قال :
ص: 292
قال علي علیه السلام : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لتخضبن هذه من هذا.
فلما اصيب جعل يأخذ لحيته فيتلقى بها الدم ويقول : انظروا هل صدقتكم.
[612] وبآخر ، عن أبي يحيى ، قال : قال علي علیه السلام : لتخضبن هذه من هذا.
فقلنا : واللّه لا يفعل ذلك أحد إلا أبدنا عشيرته.
فقال : مه ، إن هذا لهو العدوان المبين ، إنما هي النفس بالنفس. [ ولكن اصنعوا به ما صنع بقاتل النبي. قتل ، ثم احرق بالنار ]. (1)
[613] أبو غسان ، باسناده ، عن علي صلوات اللّه عليه ، أنه قال : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، لتغدرن بي الامة عهدا عهده إليّ النبي الصادق صلی اللّه علیه و آله .
فهذه أخبار مشهورة عن علي صلوات اللّه عليه قد رواها الخاص والعام وغيرها ممّا هو مأثور عنه علیه السلام كثير ، تركت ذكره اختصارا ، إذ كان شرطي في هذا الكتاب أن لا أذكر من مثل ذلك إلا ما كان مشهورا عند العامة دون ما انفردت به الخاصة ، والذي آثره به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عن أمر اللّه جلّ ذكره واختصه به من العلم والحكمة ، وأودعه إياه ، وأسره إليه من تأويل الكتاب وغوامض العلم ومكنون الحكمة ، أجلّ وأكثر وأعظم من أن يحويه هذا الكتاب ، أو أن يكون ما يكون منه مطلقا إلا في صدور ذوي الألباب لأن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لما أقامه وصيا من بعده وإماما لامته ، أفضى إليه بسرّه وبما أطلعه اللّه عليه ممّا أمره أن يفضي
ص: 293
به إليه من علم غيبه ، وبأن ينقل من ذلك في الائمة من ولده ما جعل له أن ينقله فيهم ، ومن ذلك قوله اللّه جلّ من قائل : ( عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً. إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً. لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً ) (1) فقد ارتضى جلّ ذكره محمّدا صلی اللّه علیه و آله من رسله وأطلعه على ما شاء أن يطلعه عليه من علم غيبه ، الذي غيّبه عن جميع خلقه دون الرسل ، وأطلق الرسل من ذلك أن يعلموا أوصياءهم ما أطلقه لهم من ذلك ، وأطلق للأوصياء أن يودعوا الائمة ، وينقلوا إليهم ، وينقل بعضهم الى بعض من ذلك ما أطلقه سبحانه بالوحي الى رسله ليبلغوا ذلك عنه الى من أذن لهم في الإبلاغ إليهم ، ولم يفض ذلك العلم على الرسل وحدهم ، ومن ذلك قوله جلّ من قائل : ( وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ ) (2) ، يعني محمّدا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . ( وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ، وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ ) - والضنين : الشحيح - ، فلم يشح صلی اللّه علیه و آله بما علّمه اللّه من علم غيبه على وصيه بما جعل له منه ، ولا ضمن الوصي من ذلك بما جعل للأئمة من بعده عنده ، بل أعطى ذلك من يليه حسب ما جعل له منه ممّا ينتقل فيهم واحدا بعد واحد ، ورمز الوصي علیه السلام من ذلك وأبدى للامة ما ينبغي أن يبديه ويرمز به لهم ليكون ذلك شاهدا على وصيه ، وكذلك بيدي كل إمام ويرمز بقدر ما ينبغي أن يرمز ويبدي ممّا صار إليه ليكون ذلك شاهدا لإمامته كما ذكر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله للامة ما شهد لنبوته ، وسنذكر في هذا الكتاب بعض ما ينبغي أن نذكره فيه ممّا انتهى إلينا عن ائمتنا علیهم السلام من ذلك إن شاء اللّه. والذي ذكرته في هذا
ص: 294
الكتاب من سرّ النبي صلی اللّه علیه و آله الى علي علیه السلام وإخباره إياه بما يكون وذلك من علم غيب اللّه الذي أظهره عليه دليل وشاهد لمقامه الذي أقامه فيه ، إذ لم يكن غيره يدعي ذلك معه ، ولا يدعيه أحد له.
والحديث المأثور عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الذي يرويه عنه الخاص والعام ، أنه ذكر القرآن ، فقال : فيه نبأ من مضى من قبلكم وخبر من يأتي من بعدكم وحكم ما بينكم. هل يدعي أحد من الناس أو يدعي له أنه يعلم من القرآن خبر ما كان وما يأتي ، والحكم بين الناس غير من أودعه اللّه علم تأويله ، وهم ائمة دينه الّذين أودعهم ذلك ، ولسنا نقول إنهم يعلمون الغيب كله ، ولكنا نقول من ذلك ما قاله اللّه عزّ وجلّ من القول الذي حكينا من كتابه ، إنهم إنما يعلمون ما علّمهم اللّه ورسوله ممّا غيبه عن غيرهم وجعله شاهدا لإمامتهم من شيء قد خصوا به دون غيرهم ، كمثل ما حكيناه في هذا الكتاب عن علي علیه السلام ممّا قد رواه عنه الخاص والعام ولا يدفعه أحد من أهل العلم.
فأما حشو الناس وجهالهم وعوامهم ، فإنهم إذا سمعوا مثل هذا عن أولياء اللّه أنكروه وتعاظموه وكذبوا به ، وإذا جاءهم مثله عن أصحاب المخاريق ممن يدعي الكهانة والقضايا بالنجامة (1) وأمثالهم من المتخرصين (2) من شرار الناس ، قبلوه منهم وصدقوهم فيه. وقد جاء النهي من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عن تصديقهم والوعيد الشديد لمن قبل عنهم وصدقهم ، وجاءت الأخبار عنه صلی اللّه علیه و آله بالإخبار عما يكون ممّا كان كثير منه وينتظر ممّا يكون ما لم يكن بعد كثير ، روى ذلك عنه الخاص والعام ، وكان ذلك ممّا يشهد لنبوته ، ولذلك أودع ما أودعه من
ص: 295
ذلك الائمة من أهل بيته ، ليكون شاهدا لإمامتهم من مثل ما ذكرنا عن علي علیه السلام ونذكر بعد عن الائمة من ذريته إن شاء اللّه ، وبينا أن ذلك ممّا أبان به النبي صلی اللّه علیه و آله مقام علي صلوات اللّه عليه الذي أقام له دعاء النبي صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام بما دعا له به قد ذكرنا فيما تقدم من أبواب هذا الكتاب كثيرا من دعاء النبي صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام ممّا جاء في الأخبار التي جرى ذلك فيها ، ونذكر فيما بعد هذا الباب في مثل ذلك إن شاء اللّه.
ص: 296
[614] وممّا جاء في ذلك ما رواه الدغشي ، باسناده ، عن أبي الطفيل ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله كان دعا لعلي علیه السلام أن لا يجد حرا ولا بردا.
قال : فكان ربما خرج علينا في الشتاء في رداء وإزار وفي الصيف في جبة.
[615] محمّد بن حنبل ، باسناده ، عن المنهال بن عمرو (1) ، قال : راح الناس الى المسجد في يوم صائف في الأزر والأردية ، وراح علي علیه السلام في ثياب كثاف. ثم كان الشتاء فراح الناس في الأقبية والسراويلات وراح علي علیه السلام في ثوبي كتان ، ثم دعا بماء فشرب ، وجعلت أنظر إليه وهو على المنبر يتصابّ عرقا. ثم نزل يصلّي.
قال : قلت لعبد الرحمن بن أبي ليلى : أرأيت من أمير المؤمنين الذي رأيت؟ قال : وما هو؟ فأخبرته.
قال : فطنت له ، قال : فدخل إليه ابن أبي ليلى ، فسأله عن ذلك.
فقال : أو ما بلغك ما كان من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في ذلك؟
ص: 297
قال عبد الرحمن : وما هو يا أمير المؤمنين؟
قال : دعاني يوم خيبر ، وأنا أرمد فجئت اقاد بين رجلين فتفل في راحته ثم ألصقها بعيني.
ثم قال : اللّهمّ أذهب عنه الحرّ والبرد والرمد ، فو اللّه ما وجدت بعدها حرا ولا بردا ولا رمدا حتى الساعة ولا أجده حتى أموت.
[616] وكيع (1) ، باسناده ، عن علي علیه السلام أنه قال : لما مات أبو طالب ، أتيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقلت : يا رسول اللّه إن عمك الضال قد مات (2).
فقال لي : فواره ، ولا تحدثن شيئا حتى تأتيني.
قال : فواريته ، فأمرني فاغتسلت ثم دعا لي بدعوات. ما أحب أن لي بهن ما على الأرض من شيء.
[617] علي بن عبد الحميد ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي صلوات اللّه عليه ، قال : شكا علي الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه يفلت القرآن من قبله.
فقال له : يا علي ألا اعلمك كلمات يثبتن القرآن في قلبك؟ قل :
اللّهمّ ارحمني بترك معاصيك أبدا ما أبقيتني ، وارحمني من تكلف ما لا يعنيني ، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني ، والزم قلبي حفظ
ص: 298
كتابك كما علّمتني ، واجعلني أتلوه على النحو الذي يرضيك عني ، اللّهمّ نوّر بكتابك بصري ، وفرّج به قلبي ، واستعمل به جسدي ، ووفقني لذلك إنه لا يوفقني إلا أنت ، لا حول ولا قوة إلا باللّه.
قال : فقلت ذلك ، فما تفلت مني بعد ذلك شيء منه.
[618] أحمد بن شعيب النسائي ، باسناده ، عن عمرو بن ميمون (1) ، أنه قال : إني لجالس عند عبد اللّه بن عباس ، إذ أتاه تسعة رهط ، فقالوا له : إما أن تقوم معنا ، وإما أن يخلونا هؤلاء الّذين معك ، فإنا أردنا أن نسألك عن شيء فيما بيننا وبينك.
قال : بل أنا أقوم معكم [ قال : وهو يومئذ صحيح قبل أن يعمى ] (2) قال لنا : تحدثوا.
وقام فخلا معهم ، فلا أدري ما قالوا ، إلا أنه جاء وهو ينفض ثوبه ، ويقول : افّ وتفّ يقعون في رجل له عشر خصال (3) ما منها خصلة إلا وهي خير من الدنيا بما فيها. وقعوا في رجل قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : لأبعثن رجلا يحب اللّه ورسوله ، ويحبه اللّه ورسوله لا يخزيه اللّه أبدا ، فاستشرف لذلك من استشرف. فقال : أين علي؟ فوجد يطحن ، وما كان أحدهم ليطحن ، فدعي ، وهو أرمد ، ولا يكاد أن يبصر ، فنفث في عينيه ، ودعا له ، ثم أخذ الراية فهزها ثلاثا ، ثم دفعها إليه.
فجاء بصفية بنت حي ( فأخذها منه ) (4).
ص: 299
وبعث أبا بكر بسورة التوبة ، وبعث عليا خلفه فأخذها منه ، وقال : لا يذهب بها إلا رجل مني ، وعلي مني وأنا منه.
ودعا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عليا والحسن والحسين وفاطمة علیهم السلام ومدّ عليهم ثوبا ، وقال : اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
وكان أول من أسلم من الناس بعد خديجة.
وألبسه النبي صلی اللّه علیه و آله ثوبه في الليلة التي أمره جبرائيل بالخروج فيها الى الغار. [ وشرى على نفسه ] (1) ونام على فراشه فجعل المشركون يرمونه ، وهم يحسبون أنه نبي اللّه علیه السلام ، فجاء أبو بكر إليه ، فقال : أين رسول اللّه؟ فقال : ذهب نحو بئر ميمونه (2) ، فاتبعه ، فدخل معه الغار ، والمشركون يرمون عليا صلوات اللّه عليه حتى أصبح.
وخرج الناس في غزوة تبوك ، فقال علي صلوات اللّه عليه : أخرج معك يا رسول اللّه؟ فقال : لا. فبكى! فقال : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنك لست بنبي.
ثم قال : أنت خليفتي على كل مؤمن من بعدي.
وسدّ أبواب المسجد غير باب علي علیه السلام . وكان يدخل المسجد وهو جنب ، وهو طريقه ليس له طريق غيره.
وقال : من كنت وليه فعلي وليه.
قال ابن عباس : وأخبرنا اللّه سبحانه في القرآن أنه قد رضي عن
ص: 300
أصحاب الشجرة (1) وكان منهم ، وما أخبرنا بعد أنه سخط عليهم ، وقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعمر - حين قال له ائذن لي أن أضرب عنق حاطب (2) فقال : وما يدريك لعلّ اللّه قد اطلع على أهل بدر ، فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.
[619] وعنه ، باسناده ، عن علي صلوات اللّه عليه ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله :
يا علي ، ألا اعلمك كلمات إذا قلتهن غفر لك مع أنه مغفور لك. قل : لا إله إلا اللّه الحكيم الكريم ، لا إله إلا اللّه العلي العظيم ، سبحان اللّه ربّ السماوات السبع وربّ الأرضين السبع [ وما فيهن وما بينهن وما تحتهن ] (3) وربّ العرش العظيم والحمد لله ربّ العالمين.
[620] وعنه ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : بعثني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى اليمن وانا شاب فقلت : يا رسول اللّه تبعثني [ الى قوم ] (4) أقضي بينهم ولا علم لي بالقضاء.
فقال : ادن ، فدنوت. فضرب بيده على صدري.
ثم قال : اللّهمّ اهد قلبه وسدّد لسانه. فما شككت بعد ذلك في قضاء بين اثنين.
ص: 301
[621] وعنه ، باسناده ، عن زيد بن أرقم ، وذكر حديث الغدير - وقد تقدم ذكره -.
قال زيد : فسمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - وقد أخذ بيد علي علیه السلام - : من كنت مولاه اللّهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه.
[622] سعيد ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : أعللت علة بلغت مني.
فقلت : اللّهمّ إن كان أجلي قد حضر فأرحني ، وإن كان متأخرا فارفق بي ، وإن كان بلاء فصبرني.
فإذا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، يسمع ما أقول. فقال : كيف قلت يا علي؟
فأعدت عليه ما قلت.
فقال : اللّهمّ عافه واشفه. [ ثم قال : قم. فقمت ].
قال : فما اشتكيت وجعي ذلك بعد.
[623] جابر بن صبيح ، باسناده ، عن أم عطية (1) ، قالت : بعث رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه في بعث (2).
قالت : فسمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يدعو له وهو رافع يديه ، يقول : اللّهمّ لا تمتني حتى تجمع بيني وبين علي (3) بن أبي طالب.
ص: 302
فدعاء النبي صلی اللّه علیه و آله لعلي بأن يوالي اللّه عزّ وجلّ من والاه ، ويعادي من عاداه ، وينصر من نصره (1) ، ويخذل من خذله بيان منه صلی اللّه علیه و آله على استخلافه وإمامته ، لأن النصر والولاية لا يكونان إلا لاولي الأمر الذين أوجب اللّه عزّ وجلّ ذلك لهم على كافة العباد ، ونهاهم عن أن يخذلوهم أو يعادوهم ، ودعاؤه علیه السلام بعد ذلك له مما يبين اختصاصه إياه وموقفه من قبله ومكانه عنده.
ص: 303
علم علي صلوات اللّه عليه وما ذكر من أحكامه وقضاياه وأمر النبي صلی اللّه علیه و آله بردّ ما اختلف فيه إليه.
[624] أبو غسان ، باسناده ، عن علي علیه السلام قال : بعثني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى اليمن. فقلت : يا رسول اللّه تبعثني الى قوم ذوي أسنان وأنا حديث السن ، ولا علم لي بالقضاء.
فقال لي : اذهب ، فان اللّه تعالى يهدي قلبك ويثبت لسانك.
قال : فما شككت بعد ذلك في قضاء بين اثنين.
[625] عمر بن حماد ، باسناده ، عن عبادة بن الصامت (1) ، قال : قدم من الشام حجاج ، فأصابوا أدحى نعامة فيه خمس بيضات ، وهم مجرمون ، فشووهن وأكلوهن ، ثم قالوا : ما أرانا إلا وقد أخطأنا وأصبنا الصيد ونحن محرمون ، فأتوا المدينة ، وذلك في أيام عمر بن الخطاب ، فأتوه
ص: 304
فقصوا عليه القصة ، فقال : انظروا الى قوم من أصحاب النبي صلی اللّه علیه و آله فاسألوهم عن ذلك ليحكموا فيه.
فأتوا جماعة من أصحاب النبي صلی اللّه علیه و آله ، فسألوهم ، فاختلفوا في الحكم في ذلك.
فقال عمر : إذا اختلفتم فهاهنا رجل كنا أمرنا إذا اختلفنا في شيء أن نحكمه فيه.
فأرسل الى امرأة يقال لها أم عطية ، فاستعار منها أتانا (1) لها ، فركبها ، وانطلق بالقوم معه حتى أتى عليا علیه السلام وهو بينبع في أرض له يجري فيها ماء ، ومعه قنبر.
فلما نظر قنبر الى عمر ، قال لعلي علیه السلام : هذا عمر قد أطلّك ، فخرج علي علیه السلام ، فتلقاه ، ثم قال له : هلا أرسلت إلينا ، فنأتيك؟
فقال له عمر : الحكم يؤتى في بيته ، فقصّ عليه القوم القصة.
فقال علي علیه السلام لعمر : مرهم فليعمدوا الى خمس قلائص (2) من الإبل فيطرقوها الفحل ، فإذا أنتجت اهدوا ما نتج منها جزاء عما أصابوا.
فقال له عمر : يا أبا الحسن إن الناقة قد تجهض.
فقال له علي علیه السلام : وكذلك البيضة قد تمزق.
فقال عمر : لهذا أمرنا أن نسألك.
ص: 305
قوله - في هذا الحديث - : أدحى نعامة. الأدحى : الموضع الذي تبيض فيه النعامة لتجمع بيضها فيه ، ثم تحضنه هناك.
وقوله قلائص : فالقلائص : جمع قلوص ، والقلوص الانثى من الإبل.
وقوله فليطرقوها الفحل : أن يفحلوه عليها ، يقال منه : أطرق الفحل ضرابه إذا نزاهن. والناقة طروقة فحلها ، والامرأة طروقة زوجها.
وأما قوله : إن الناقة تجهض : يعني تسقط ولدها ، الجهيض السقط الذي قد تمّ خلقه ، ونفخ فيه روحه من غير أن يعيش. يقال للناقة خاصة : أجهضت إجهاضا ، وهي مجهض ، والجمع مجاهيض ، وهي تجهض إذا ألقت ولدها.
وقوله : إن البيضة تمزق : أي تفسد ، يقال منه : مزقت البيضة مزوقا ، إذا فسدت فصارت دما.
[626] عمرو بن حماد القتاد ، بإسناده ، عن أنس بن مالك ، قال : كنت مع عمر بمنى ، إذ أقبل أعرابي معه ظهر (1).
فقال عمر : يا أنس ، سله هل يبيع الظهر.
فقمت إليه ، فسألته ، فقال : نعم.
فقام إليه عمر ، فاشترى منه أربعة عشر بعيرا.
ثم قال : يا أنس الحقها بالظهر - يعني التي له -.
ص: 306
قال الأعرابي : يا أمير المؤمنين جردها من أحلاسها.
فقال عمر : إنما اشتريتها منك بأحلاسها وأقتابها.
فقال الأعرابي : يا أمير المؤمنين جردها من أحلاسها وأقتابها.
فقال عمر : إنما اشتريتها منك بأحلاسها وأقتابها. (1)
فقال الأعرابي : يا أمير المؤمنين ، جردها ، فما بعت منك أحلاسا ولا قتبا.
فقال عمر : هل لك أن تجعل بيننا وبينك رجلا كنا أمرنا إذا اختلفنا في شيء أن نحكمه.
ثم قال لي عمر : انظر هل نرى عليا في الشعب.
فأتيت الشعب فوجدت عليا علیه السلام قائما يصلّي ، ومعي الأعرابي ، فأخبرته. فقام حتى أتى عمر فقصّ عليه القصة.
فقال له علي علیه السلام : أكنت شرطت عليه أقتابها وأحلاسها؟
فقال عمر : لا ما اشترطت ذلك.
قال : فجردها له فإنما لك الإبل.
فقال أنس : فقال لي عمر : فجردها ، وادفع أقتابها وأحلاسها الى الأعرابي ، وألحقها بالظهر.
ففعلت. [ فدفع إليه عمر الثمن ] (2).
[627] محمّد بن سلام ، باسناده ، عن ضميرة ، قال : أصاب رجل محرم بيض نعام ، فأتى النبي صلی اللّه علیه و آله وسأله في ذلك فقال لعلي علیه السلام : احكم فيها يا علي!
ص: 307
فقال للرجل : اعمد الى أبكار من إبلك بعدد البيض ، فأحمل عليها الفحل وسمّ ما في بطونها هديا ، فما أنتجت فاهده.
فقال النبي صلی اللّه علیه و آله : الحمد لله جعل من أهل بيتي من يحكم بحكم داود.
[628] مكحول (1) ، باسناده ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله دعا عليا علیه السلام ليوجهه الى اليمن ، فدخلته هيبة ، فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ادن مني ، فدنا منه.
فقال : افتح فمك.
ففعل. فتفل فيه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وقال :
اللّهمّ املأه علما وزده حكما وفهما.
ثم قال له : اطبق فمك ، ولا تكلمن أحدا حتى تصلّي ركعتين تقرا في الاولى منهما آية الكرسي ، وفي الثانية آية من الأعراف : ( إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ ) الى قوله ( رَبُّ الْعالَمِينَ ) (2).
ففعل. فكان من بعد أعلم الامة وأقضاها.
[629] إبراهيم بن محمّد ، باسناده ، عن علي صلوات اللّه عليه أنه قال :
علمني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الف باب من العلم ، كل باب منها يفتح الف باب.
عمر بمال فقسمه بين المسلمين ففضلت منه فضلة ، فاستشار عمر فيها من حضره من الصحابة.
فقالوا : خذها لنفسك ، فإنها إن قسمتها لم يصب كل رجل منا منها إلا ما لا يلتفت إليه.
فقال لعلي علیه السلام : ما تقول يا أبا الحسن؟
فقال : اقسمها أصابهم من ذلك ما أصابهم ، والقليل والكثير في ذلك سواء.
فقسمها عمر ، ثم التفت الى علي صلوات اللّه عليه ، فقال : ويد لك مع أياد لم أجزك بها (1).
[631] إسماعيل بن عياش (2) ، باسناده ، أن عليا علیه السلام قضى على عهد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بقضية ، فأعجبت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
فقال : الحمد لله الذي جعل الحكمة فينا أهل البيت.
[632] حمزة الرباب المغربي ، باسناده ، عن الحارث الأعور ، قال : دخلت المسجد فرأيت الناس يخوضون في الأحاديث ، فأتيت عليا صلوات اللّه عليه ، فأخبرته.
فقال : وقد فعلوها ، إني سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : إنها ستكون فتنة.
قلت : فما المخرج منها يا رسول اللّه.
قال : كتاب اللّه فيه بناء ما قبلكم وخير ما بعدكم وحكم
ص: 309
ما بينكم ، هو الفصل ليس بالهزل ، من تركه من جبار قصمه اللّه ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله اللّه ، وهو حبل اللّه المتين والذكر الحكيم ، هو الذي لا يزيغ الأهواء ولا تلبس به الألسن ، ولا تنقضي عجائبه ، هو الذي لم تهنه الجن إذ سمعته : ( فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً ) (1) من قال به صدق ، ومن عمل به أجر ، ومن حكم عدل ، ومن دعا إليه هدي الى صراط مستقيم ، خذها إليك يا أعور.
[633] أحمد بن علي ، باسناده ، عن عائشة ، أنها قالت :
علي أعلم الناس بالسنّة.
[634] شريك ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال :
لئن لقيت نصارى بني تغلب لأقتلن المقاتلة ، ولأسبين الذرية ، فاني أنا الذي كتبت الكتاب بينهم وبين رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . وكان من الشرط عليهم فيه أن لا ينصروا أبناءهم.
[635] يحيى بن معن ، باسناده ، عن عطاء بن أبي رياح (2) ، أنه سئل : هل تعلم أحدا بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أعلم من علي علیه السلام ؟
فقال : لا واللّه ما أعلمه.
[636] علي بن هاشم ، باسناده ، عن سلمان الفارسي ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول :
علي بن أبي طالب أعلم امتي بعدي.
[637] جعفر بن محمّد ، عن أبيه علیهماالسلام أنه قال في قول اللّه عزّ وجلّ :
ص: 310
( قُلْ كَفى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ) (1).
قال : الذي عنده علم الكتاب علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه.
[638] علي بن الأعرابي ، باسناده ، عن ابن شبرمة ، أنه قال : ما أحد قال على المنبر سلوني قبل أن تفقدوني غير علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه.
[639] علي بن لهيعة ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال يوما عنده جماعة من أصحاب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وقد ذكروا أهل الكتاب.
فقال علي علیه السلام : أما لو كسرت لي الوسادة ، وجلست عليها لحكمت بين أهل الفرقان بقرآنهم ، وبين أهل التوراة بتوراتهم ، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم بالحكم الذي نزل به جبرائيل علیه السلام ، وما من قريش رجل إلا وقد نزلت فيه آية يسوقه الى الجنة أو يقوده الى النار.
فقال ابن عباس : فما الآية التي نزلت فيك يا أمير المؤمنين؟
قال : قول اللّه عزّ وجلّ : ( أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ ) (2).
[640] جعفر بن سليمان ، باسناده ، عن علي علیه السلام أن قوما ذكروا التشبيه في مجلسه ، فزجر القوم ، ونهاهم عن الكلام في ذلك فأمسكوا.
ثم قال : الحمد لله الذي بطن بخفيات الامور ، ودلت عليه أعلام الظهور واستتر بلطفه عن عين البصيرة ، فلا عين من لم يره تنكره ، ولا
ص: 311
قلب من أثبته يبصره ، سبق في العلو فلا شيء أعلا منه ، وقرب في الدنو فلا شيء أقرب منه. فلا استعلاؤه باعده عن شيء من خلقه ، ولا قربه ساواهم بالمكان به ، لم تطلع العقول على تحديد صفته ، ولم يحجبها السواتر عن يقين معرفته ، فهو الذي تشهد له عين الوجود على إقرار قلب ذي الجحود ، تعالى عما يقول المشبهون به الجاحدون له علوا كبيرا.
[641] علي بن زياد المنذر ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه قال :
قسم العلم ستة أجزاء فأعطي علي صلوات اللّه عليه منها خمسة ، وقسم بين الناس سدس ، فايم اللّه لقد شاركنا في سدسنا حتى لهو أعلم به منا.
[642] علي بن مسهر ، باسناده ، عن شريح القاضي (1) ، قال : خرج ثلاثة في سفر فرجع اثنان ، وبقي واحد.
فجاء أولياؤه إليّ بالرجلين. فقالوا : إن هذين خرجا مع ولينا في سفر ، فقتلاه ، فسألتما ، فأنكرا ذلك ، وقالا : مالنا به من علم ، فدعوت أولياء الرجل بالبينة على دعواهم ، فلم يجدوا بينة تشهد بذلك لهم. وأتوا عليا علیه السلام فذكروا ذلك له.
فقال : إنه لو حضرت بينة ما قتلاه بحضرتهما ، وأمر بالرجلين ففرق بينهما ، وسأل أحدهما عن قصة الرجل ، فقال : خرج معنا ، فمات في
ص: 312
سفره ، فدفناه.
فقال : أين مات؟ وفي أيّ يوم مات؟ وفي أيّ ساعة مات؟ وأين دفنتموه؟ وفيما ذا كفنتموه؟ ومن غسله؟ ومن صلّى عليه؟ ومن أنزله في قبره؟ يسأله عن ذلك شيئا شيئا ، ويجيبه الرجل عنه حتى أتى على ما أراد من سؤاله.
ثم كبّر علي صلوات اللّه عليه ، وأمر من حوله ، فكبّروا حتى ارتفعت أصواتهم ، فسمع صاحبه التكبير ، فلم يشك في أن صاحبه قد أقر.
ثم أمر بالذي خاطبه فأبعد ، وأتي بالآخر ، فقال : أصدقنا كما صدق صاحبك.
فقال : يا أمير المؤمنين ، قتلناه ، وأخذنا ما معه.
فقال : وما أخذتما له ، فذكر ذلك ، فردّ الأول ، وقرره فأقر ، فدفعهما الى أولياء المقتول.
وقال محمّد بن سيرين (1) : الذي قاله شريح وهو ما ينبغي للقاضي أن يقوله ويفعله في مثل ذلك ، وللإمام أشياء ليست للقاضي.
[643] سفيان بن عيينة ، باسناده ، عن محمّد بن يحيى ، قال :
كان لرجل امرأتان ، امرأة من الأنصار ، وامرأة من بني هاشم. فطلق الأنصارية (2) ، ثم مات بعد مدة ، فذكرت الأنصارية - التي
ص: 313
طلقها - أنها في عدتها ، وقامت عند عثمان بن عفان بميراثها منه ، فلم يدر ما يحكم به في ذلك ، وردّهم الى علي علیه السلام .
فقال : تحلف أنها لم تحض بعد أن طلقها ثلاث حيض ، وترثه.
فقال عثمان للهاشمية : هذا قضاء ابن عمك.
قالت : قد رضيته ، فلتحلف ، وترث.
فتحرجت الأنصارية من اليمين ، وتركت الميراث.
[644] إسماعيل بن موسى ، باسناده ، عن رجل من أهل الشام تزوج ابنة لرجل من امرأة مهرية ، فزوّجه إياها ، ثمّ زفّ إليه ابنة له اخرى من أمة ، فبنابها ، ثم علم بعد ذلك أنها غير التي تزوج ، فخاصم أباها الى معاوية.
فقال معاوية : ما أرى إلا أنها امرأة بامرأة. وقال ذلك من حوله.
ثم رفعهما الى علي ، فأتيا إلى علي علیه السلام ، فقصّا عليه القصة. فمد يده الى الأرض ، فأخذ منها شيئا بإصبعه.
ثم قال : القضاء بينكما في هذا أيسر من هذا لهذه ، ما سقت إليها بما استحللت من فرجها ، وعلى أبيها أن يجهز الاخرى بمثل ما سقت الى هذه ، ويسوقها إليك بعد أن انقضى عدة هذه التي قد وطئتها منك ، ويجلد (1) أبوها نكالا لما فعل.
ص: 314
[645] شريك بن عبد اللّه (1) ، باسناده ، عن ابن ابحر العجلي (2) ، قال : كنت عند معاوية ، فاختصم إليه رجلان في ثوب.
فقال أحدهما : ثوبي ، وأقام البينة. وقال الآخر : ثوبي اشتريته من السوق من رجل لا أعرفه.
فقال معاوية : لو كان لها علي بن أبي طالب.
قال ابن ابحر : فقلت له : قد شهدت عليا قضى في مثل هذا.
قال معاوية : وما الذي قضى به؟
قلت : قضى بالثوب للذي أقام البينة ، وقال الآخر : أطلب البائع منك.
فقضى معاوية بذلك بين الرجلين.
[646] عباد بن يعقوب ، باسناده ، عن علي بن الحسين صلوات اللّه عليه ، أنه قال لنفر من أهل الكوفة :
فيكم نثر علي علیه السلام علمه.
[647] أبو سعيد الخدري ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله :
أقضاكم علي بن أبي طالب.
[648] عطاء بن السائب ، عن أبي ظبيان ، أن عمر بن الخطاب اوتي بامرأة
ص: 315
قد زنت - وكانت مجنونة - فأمر بها عمر أن ترجم.
فمروا بها على علي علیه السلام فأرسلها ، وقال لعمر : لقد علمت أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : رفع القلم عن النائم حتى يستيقظ ، وعن المجنون حتى يعقل ، وعن الصغير حتى يكبر (1) ، وهذه مجنونة.
فقال عمر : صدقت يا أبا الحسن. وخلّى عنها.
[649] يزيد بن أبي جندب ، باسناده ، عن أبي رافع ، قال : تذاكر أصحاب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله العزل يوما عند عمر بن الخطاب في أيامه ، وفيهم علي علیه السلام وعثمان وطلحة ومعاذ بن جبل ، فاجتمع رأيهم على أن لا بأس له ، ثم أصغى رجل منهم الى صاحبه ، فقال : إنهم يزعمون أنها المودة الصغرى ، فقال عمر : ما تقول؟ فأخبره.
فقال : إذا اختلفتم وأنتم أهل بدر فإلى من نرجع؟ فقال علي علیه السلام : إنها لا تكون مؤدة حتى تمر بالتارات ، ألست تكون نطفة ، ثم تكون علقة ، ثم تكون مضغة ، ثم عظما ، ثم لحما ، ثم يكون خلقا آخر.
فقال له عمر : صدقت يا أبا الحسن ، فأبقاك اللّه للمعضلات.
[650] سلمان بن حرب ، قال : كان عمر بن الخطاب يقول لعلي علیه السلام - عند بعض ما يسأله عنه فيفرجه - :
لا أبقاني اللّه بعدك.
ص: 316
[651] سعيد بن المسيب (1) ، قال : كان عمر يقول :
اللّهمّ لا تبقني (2) لمعضلة ليس لها أبو الحسن.
[652] أبو سعيد الخدري ، قال : حججنا مع عمر ، فلما دخل الطواف ، استقبل الحجر الأسود ، فقبّله.
ثم قال : إنى لأعلم (3) أنك لا تضرّ ولا تنفع ، ولكني رأيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقبّلك ، فقبّلتك.
فقال له علي علیه السلام : بل إنه ليضرّ وينفع ويشهد يوم القيامة لمن وافاه بالموافاة.
فقال عمر : أعوذ باللّه أن أعيش في قوم ليس فيهم أبو الحسن.
[653] وفي رواية شعبة ، عن قتادة ، عن أنس : أن عمر لما قال :
إني لأعلم إنك حجر لا تضرّ ولا تنفع.
فقال له علي علیه السلام : لا تقل ذلك. فإن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ما فعل فعلا ، ولا سنّ سنّة إلا عن أمر اللّه عزّ وجلّ تدل على حكمة وتفيد معنى.
وذكر باقي الحديث.
[654] أبو عثمان البدري (4) ، قال : جاء رجل الى عمر بن الخطاب ، فقال :
ص: 317
إني طلقت امرأتي في الشرك تطليقة ، وفي الاسلام تطليقتين (1) فما ترى؟
فسكت عمر.
فقال له الرجل : ما تقول؟
فقال : كما أنت حتى يجيء علي بن أبي طالب.
فجاء علي علیه السلام ، فقال للرجل : قصّ عليه قصتك.
فقال علي علیه السلام : هدم الاسلام ما كان قبله ، هي عندك على واحدة.
[655] أبو عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن جده ، قال : كان رجل من أصحاب النبي صلی اللّه علیه و آله يقال له : الهيثم ، قد أرسله عمر بن الخطاب في جيش ، فغاب غيبة بعيدة ، ثم قدم ، فجاءت امرأته بولد بعد قدومه بستة أشهر فأنكر ذلك منها ، وجاء بها الى عمر بن الخطاب ، وقصّ عليه قصتها ، فقال لها عمر : ما تقولين؟
فقالت : واللّه ما فجرت ولا غشني رجل غيره ، وإنه لابنه.
فأمر بها أن ترجم ، فذهبوا بها ، وحفروا لها حفيرا ، وأنزلوها فيه لترجم.
وبلغ عليا علیه السلام خبرها ، فجاء مسرعا ، فأدركها قبل أن ترجم ، فأخذ بيدها ، فنشلها من الحفرة.
ثم قال لعمر : أربع على نفسك (2) إنها صدقت ، إن اللّه عزّ وجلّ
ص: 318
يقول : ( وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً ) (1). ( وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ ) (2) فالحمل والرضاع ثلاثون شهرا.
فقال عمر : لو لا علي لهلك عمر. وخلّى سبيلها. وألحق الولد بالرجل.
[656] إسماعيل بن صالح ، عن الحسن ، قال : بلغ عمر أن امرأة يتحدث عندها الرجال (3) ، فأرسل إليها ، فأتاها رسله ، وهي حامل ، فألقت ولدا ميتا ، فسأل عمر جلساءه.
فقالوا : يا أمير المؤمنين ، وإنما أنت مؤدب ولا عليك شيئا.
وكان علي علیه السلام بحضرتهم. فقال له عمر : ما تقول أنت يا أبا الحسن؟
فقال : قد قالوا.
قال : أعزم عليك لما قلت بما عندك.
قال : إن كانوا داروك فقد غشوك ، وإن كانوا اجتهدوا فقد أخطئوا ، أرى عليك الدية.
[657] عبد اللّه بن سليمان العرزمي ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه صلوات اللّه عليه ، قال :
أتى عمر بن الخطاب برجل وجد ينكح في دبره وقامت البينة
ص: 319
عليه أنهم رأوا ذلك كالمرود في المكحلة ، فلم يدر عمر ما يقضي فيه.
فأرسل الى علي صلوات اللّه عليه ، فأتاه ، فقصّ عليه قصته ، فأمر به فضرب عنقه ، ثم أمر بقصب فأضرب فيه نارا ، فأحرقه.
ثم قال : إن من الرجال من لهم أرحام كأرحام النساء ، في أجوافهم غدة كغدة البعير ، تهيج إذا هاجوا ، وتسكن إذا سكنوا.
فقال له رجل : فما لهم لا يحبلون كما تحبل النساء؟
فقال : لأن أرحامهم منكوسة.
[658] أبو القاسم الكوفي ، باسناده ، قال : رفع الى عمران عبدا قتل مولاه ، فأمر بقتله.
فدعاه علي علیه السلام ، فقال له : أقتلت مولاك؟
قال : نعم.
قال له : ولم قتلته؟
قال : غلبني على نفسي وأتاني في ذاتي.
فقال علي علیه السلام لأولياء المقتول : أدفنتم وليكم؟
قالوا : نعم.
قال : ومتى دفنتموه؟
قالوا : الساعة.
فقال علي علیه السلام لعمر : احبس هذا الغلام ولا تحدث فيه حدثا حتى تمر ثلاثة أيام.
ثم قال لأولياء المقتول : إذا مضت ثلاثة أيام فأحضرونا.
فلما مضت ثلاثة أيام حضروا ، فأخذ علي صلوات اللّه عليه بيد
ص: 320
عمر وخرجوا حتى وقفوا على قبر الرجل المقتول.
فقال علي صلوات اللّه عليه لأوليائه : هذا قبر صاحبكم؟
قالوا : نعم.
قال : احفروا.
فحفروا حتى انتهوا الى اللحد.
فقال : أخرجوا ميتكم.
فنظروا الى جوف القبر واللحد ، فلم يجدوه ، فأخبروه بذلك.
فقال علي صلوات اللّه عليه : اللّه أكبر ، واللّه ما كذبت ولا كذبت سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول :
من يعمل من امتي عمل قوم لوط ثم يموت على ذلك فما هو مؤجل الى أن يوضع في لحده ، فاذا وضع فيه لم يمكث أكثر من ثلاث حتى تقذفه الأرض الى جملة قوم لوط المهلكين فيحشر معهم.
[659] مصقلة بن عبد اللّه [ عن أبيه ] ، قال : جاء رجلان الى عمر بن الخطاب ، فسألاه عن طلاق العبد للأمة ، فمضى بهما الى حلقة فيها أمير المؤمنين علي صلوات اللّه عليه.
فقال له : ما طلاق العبد للأمة؟
فأشار إليه بإصبعه المسجة والتي تليها.
فقال للرجلين : تطليقتين.
فقال له أحدهما : سبحان اللّه جئناك وأنت أمير المؤمنين ، نسألك ، فجئت الى رجل فسألته وأجبتنا ما أفتاك به.
قال عمر : ويلك أتدري من ذلك الرجل؟ هو علي بن أبي طالب
ص: 321
علیه السلام سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : لو أن السماوات والأرض وضعتا في كفة ميزان ووضع إيمان علي في كفة اخرى لرجح إيمان علي (1).
[660] قيس بن الربيع ، عن جابر الجعفي (2) ، عن تميم بن حزام الأسدي ، قال : كان رجل له امرأتان ، وكانتا قد حملتا منه ، فولدتا في بيت واحد في ليلة مظلمة ابنا وابنة ، ومات الرجل ، فادعت كل واحدة منهما الابن ، فرفع ذلك الى عمر.
فقال : أين أبو الحسن ، مفرج الكرب؟
فدعا له به ، فقصّ عليه القصة ، فدعا بقارورتين فوزنها ثم أمر كل واحدة فحلبت في قارورة ، ووزن القارورتين ، فرجحت إحداهما على الاخرى.
فقال علي علیه السلام : لابن التي لبنها أرجح والابنة للتي لبنها أخف.
فقال له عمر : من أين قلت ذلك يا أبا الحسن؟
ص: 322
فقال : لأن اللّه عزّ وجلّ جعل للذكر مثل حظ الانثيين (1).
[661] سعيد بن المسيب ، قال : وجد رجل (2) من أهل الشام رجلا مع امرأته ، فقتلهما ، وأن معاوية بن أبي سفيان أشكل عليه القضاء في ذلك ، فكتب إلى أبي موسى الأشعري أن يسأل عن ذلك عليا علیه السلام ، فسأله.
فقال له : ما ذكرك هذا ، وهو شيء لم يكن ببلدي عزمت عليك لما أخبرتني ، فاخبره.
فقال : أنا أبو الحسن ، إن لم تقم أربعة شهداء ، فليعط برمته.
[662] الاسود بن قيس ، عن زيد بن همام ، قال : سمعت عليا علیه السلام يقول - على المنبر - :
وددت أن الخصوم أنصفوني فإن أخطأت في قضية كانت في مالي.
[663] قيس بن أبي حازم (3) ، قال : جاء رجل الى علي صلوات اللّه عليه برجل معه.
فقال : إن هذا زوجني ابنته ، فأصبتها مجنونة.
وقال الآخر : ما علمت ذلك بها.
ص: 323
فقال علي علیه السلام للزوج : وما جنونها؟
قال : إذا قعدت معها مقعد الرجل من المرأة ذهب عقلها.
فقال له علي صلوات اللّه عليه : وهل كنت لها أهلا ، هذه الربوخ.
[664] عمار الدهني ، عن أبي الصهباء ، قال : قام ابن الكواء الى علي صلوات اللّه عليه - وهو على المنبر - ، فقال : إني وطأت على دجاجة ميتة ، فخرجت منها بيضة ، أفآكلها؟
قال علي علیه السلام : لا.
قال : فإن استحضنتها ، فخرج منها فروج ، آكله؟
قال : نعم.
قال : وكيف؟
قال : لأنه حي خرج من ميت ، وتلك ميتة خرجت من ميتة.
[665] مطرف ، قال : طلّق رفاعة (1) امرأة ، فتزوجها عبد الرحمن بن الزبير ، ثم طلقها ، فأراد رفاعة أن يراجعها.
فأتت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فذكرت ذلك له ، وقالت : إن عبد الرحمن لم يصل الي ، وإنما كنت معه مثل هدبة الصوف.
فتبسم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقال : لا حتى تتزوجين زوجا يذوق عسيلتك وتذوقين عسيلته (2).
ص: 324
وأتى علي صلوات اللّه عليه في مثل ذلك ، فقال : لا تحل للزوج الأول الذي طلقها إلا أن تتزوج زوجا يهزها به ناحية.
[666] وعن عمه ، قال : لطمني رجل وأنا في السوق ، فقلت : وا غوثاه.
فإذا علي علیه السلام ورائي. فقال صلوات اللّه عليه : أتاك الغوث ، فالطمه كما لطمك ، فلطمته.
ثم أمر به فضرب تسع درر ، وقال : هذا حق السلطان لتعديلك ، وجرأتك.
[667] جابر بن عبد اللّه [ بن يحيى ] ، قال : جاء رجل الى علي بن أبي طالب علیه السلام . فقال : يا أمير المؤمنين ، اني كنت أعزل عن امرأتي ، وانها جاءت بولد.
فقال علي علیه السلام : اناشدك اللّه هل وطئتها ثم عاودتها قبل أن تبول؟
قال : نعم.
قال : فالولد لك.
[668] سعد بن طريف (1) عن الأصبغ بن نباتة ، قال : أتت امرأة الى شريح ، فقالت : يا أبا أميّة ، إن لي خصما.
ص: 325
قال : احضريه.
قالت : أنت هو ، فأخلني.
قال لمن حوله : تنحوا.
فقالت : إني امرأة لي ما للرجال ، ولي ما للنساء.
قال : فمن أيهما يكون البول؟
قالت : منهما جميعا.
قال : فأيهما يسبق (1).
قالت : ليس يسبق من أحدهما دون الآخر.
قال : إنك لتحدثين عجبا! قالت : وأعجب من ذلك وهو ما جئت فيه أنه تزوجني ابن عمي ، فحملت منه ، وولدت ، وأنه أخدمني جارية ، فمالت إليها نفسي ، فوطئتها ، فحملت مني ، وأتت بولد ، وإنما جئتك لتلحقني بالرجال إن كنت رجلا ، وتفرق بيني وبين زوجي.
فقام شريح من مجلس الحكم الى علي صلوات اللّه عليه ، فأخبره الخبر ، فأمر بها فدخلت إليه وسألها ، فأخبرته ، وأحضر ابن عمها ، فذكر مثل ذلك.
فقال علي علیه السلام : وهل وطئتها بعد ذلك؟
فقال : نعم.
قال : لأنت أجسر من خاصي الأسد (2).
ثم دعا بدينار الخادم وبامرأتين ، وقال لهم : أدخلوا بهذه بيتا ،
ص: 326
وجردوها ، وعدّوا اضلاع جنبيها ، [ ففعلوا ذلك ].
فقالوا : وجدنا في الجنب الأيمن اثني عشر ضلعا ، وفي الأيسر أحد عشر ضلعا (1).
فقال علي : اللّه أكبر ، جيئوني بالحجام؟ فجاءوا به. فأمره بأخذ شعرها وأعطاها حذاء ، ورداء ، وألحقها بالرجال.
فقال الزوج : يا أمير المؤمنين امرأتي ، من أين أخذت هذا؟
قال : من أبي آدم ، إن حواء خلقت من ضلع آدم. فأضلاع الرجل أقل من أضلاع المرأة بضلع.
[669] الفضل بن مختار ، عن أبي سكينة (2) ، قال : رفع إلى علي بن أبي طالب علیه السلام رجل مرّ بغلام على حائط يريد النزول عنه.
فقال له الرجل : ضع رجلك على هذه الخشبة - لخشبة كانت هنالك فوضعها عليها ، فزلت رجله عنها ، فسقط فمات. فقام عليه أولياؤه ، فودى علي صلوات اللّه عليه دية الغلام من بيت المال.
[670] وبهذا الاسناد ، أن عليا علیه السلام رفع إليه مملوك قتل حرا. فقال : يدفع الى أولياء المقتول. فدفع إليهم ، فعفوا عنه.
فقال له الناس : قتلت رجلا وصرت حرا.
فقال علي علیه السلام : لا ، هو ردّ على مواليه.
ص: 327
[671] يحيى بن سعيد ، عن عمر بن داود الرقي قال : قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد صلوات اللّه عليه :
مات عقبة بن عامر الجهني ، وترك خيرا كثيرا من الأموال ومواشي وعبيد ، وكان له عبدان ، يقال لأحدهما : سالم ، وللآخر : ميمون ، فورثه بنو عمّ له ، وأعتقوا العبدين. وجاءت امرأة الى علي علیه السلام تذكر أنها امرأة عقبة وأنكرها بنو العم. فشهد لها سالم وميمون ، وعدلا ، وذكرت المرأة أنها حامل.
فقال علي علیه السلام : توقف المرأة ، فإن جاءت بولد فلا شيء لها ولا للولد من الميراث لانه إنما شهد لها على قولها عبدان لهما ، وإن لم تأت بولد ، فلها الربع لانه شهد لها بالزوجية حران قد أعتقهما من يستحق الميراث.
[672] عمرو بن داود ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد صلوات اللّه عليه ، قال :
كانت لفاطمة علیهاالسلام جارية ، يقال لها : فضة (1) ، فصارت من بعدها الى علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه ، فزوجها من أبي ثعلبة الحبشي ، فأولدها ابنا ، ثم مات عنها أو ثعلبة ، وتزوجها من بعده سليك الغطفاني (2) ، ثم توفي ابنها من أبي ثعلبة ، فامتنعت من سليك أن يقربها ، فشكاها الى عمر وذلك في أيامه. فقال لها عمر :
ص: 328
ما يشتكي منك سليك ، يا فضة؟
فقالت : أنت تحكم في ذلك ، وما يخفى عليك لم منعته من نفسي! قال عمر : ما أجد لك في ذلك رخصة.
قالت : يا أبا حفص ، ذهبت بك المذاهب إن ابني من غيره مات فأردت أن أستبرئ نفسي بحيضة ، فإذا أنا حضت علمت أن ابني مات ولا أخ له. وإن كنت حاملا كان الذي في بطني أخوه.
فقال عمر : شعرة من [ آل ] أبي طالب أفقه من عدي.
[673] وبهذا الاسناد أن عقبة بن أبي عقبة مات ، فحضر جنازته علي علیه السلام ومعه جماعة من الصحابة فيهم عمر - وذلك في أيامه. -
فقال علي صلوات اللّه عليه لرجل كان حاضرا. إن عقبة لما توفي حرمت عليك امرأتك ، فاحذر أن تقربها.
فقال عمر : كل قضاياك يا أبا الحسن عجيب ، وهذه من أعجبها ، يموت إنسان فتحرم على آخر امرأته! قال : نعم. إن هذا عبد كان لعقبة تزوج امرأة حرة هي اليوم ترث بعض ميراث عقبة ، فقد صار بعض زوجها رقا لها ، وبضع المرأة حرام على عبدها حتى تعتقه ويتزوجها.
فقال عمر : لمثل هذا أمرنا أن نسألك عما اختلفنا فيه.
[674] الحسن بن الحكم ، باسناده ، عن علي صلوات اللّه عليه ، أنه بينا هو في الرحبة إذ وقف إليه خمسة رهط [ فسلّموا ] (1) ، فلما رآهم أنكرهم ،
ص: 329
فقال : أمن أهل الشام أنتم ، أم من أهل الجزيرة؟
قالوا : من أهل الشام.
قال : وما تريدون؟
قالوا : جئنا إليك لتحكم بيننا ، نحن إخوة هلك والدنا وتركنا خمسة اخوة ، وهذا أحدنا - وأوموا الى واحد منهم - له ذكر كذكر الرجل وفرج كفرج المرأة ، فلم ندر كيف نورثه ، أنصيب رجل أم نصيب امراة؟
قال : فهلا سألتم معاوية؟
قالوا : قد سألناه ، فلم يدر ما يقضي به بيننا ، وهو الذي أرسلنا إليك لتقضي بيننا.
فقال علي علیه السلام : لعن اللّه قوما يرضون بقضايانا ويطعنون علينا في ديننا.
ثم قال لمن حوله : إن من صنع اللّه تعالى لكم إن أحوج عدوكم إليكم في أمر دينهم يسألونكم عنه ويأخذونه عنكم.
ثم قال للرهط : انطلقوا بأخيكم ، فاذا أراد أن يبول فانظروا الى بوله ، فان جاء أو سبق مجيئه من ذكره فهو رجل فورثوه ميراث الرجل. وإن جاء أو سبق من الفرج ، فهو امرأة فورثوها ميراث امرأة. [ فبال من ذكره ، فورثه كميراث الرجل منهم ] (1).
[675] محمّد بن عبد اللّه بن علي بن أبي رافع ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي
ص: 330
علیه السلام أنه قضى في أربعة نفر تطلعوا الى أسد سقط في زبية (1) فسقط أحدهم ، فتمسك بالثاني ، وتمسك الثاني بالثالث ، والثالث بالرابع ، فسقطوا على الأسد ، فافترسهم ، فماتوا.
فقضى أن الأول فريسة الأسد ، وأن عليه ثلث دية الثاني ، وعلى الثاني ثلثا دية الثالث ، وعلى الثالث دية الرابع كاملة ، وليس على الرابع شيء ولا للأول شيء.
وقلّ من شرح هذه القضية ، وما علمت أن أحدا شرحها.
وشرحها : أن الرابع هو المجبوذ الى الموت ، وأن الثلاثة الذين هووا قبله ، وهم جذبوه ، فكانت ديته عليهم أثلاثا ، فغرم أولياء الأول ثلث الدية لأولياء الثاني ، وغرم أولياء الثاني ثلثي الدية لأولياء الثالث ، فزادوا من عندهم ثلث الدية كما غرم أولياء الأول ، فأخذ أولياء الثالث ثلثي الدية وغرموا دية كاملة ، فزادوا ثلثا من عندهم ، فصارت دية الرابع المجبوذ الذي لم يجن شيئا على الثلاثة الذين جنوا عليه ، وجرت كذلك من بعضهم على بعض لاستمساك بعضهم ببعض وضمن كل واحد ما يليه لمن تمسك به وضمن الثالث دية الرابع كاملة لانه هو الذي تمسك به ووجب له الرجوع على الثاني والأول بالثلثين لانهما جبذاه معه ، فكأن الثلث على كل واحد منهم.
[676] أحمد بن منيع (2) ، باسناده ، عن [ خش بن ] (3) المعتمر ، أن عليا
ص: 331
علیه السلام قال :
بعثني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى اليمن ، فوجدت قوما من أهل اليمن قد احتفروا للأسد زبية ، فوقع فيها ، فأصبح الناس ينظرون إليه ، وازدحموا على الزبية ، فسقط فيها رجل ، فتعلق بآخر ، وتعلق الثاني بالثالث ، والثالث برابع ، فوقعوا كلهم على الأسد ، فقتلهم. فقام أولياء الثلاثة على أولياء الأول ، وقالوا : صاحبكم قتل أصحابنا ، ولبسوا السلاح وتهيئوا للحرب.
فقلت لهم : أنا أقضي بينكم في هذا بقضاء ، فإن رضيتموه والا فاذهبوا إلى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فاسألوه.
قالوا : وما هذا القضاء؟
قلت : اجمعوا من القبائل الذين حضروا الزبية ، وازدحموا عليها ، لأولياء الأول ربع دية ، لانه جبذ ثلاثة وهو رابعهم. وثلث دية لأولياء الثاني ، لانه جبذ اثنين وهو ثالثهما ، ونصف الدية لأولياء الثالث ، لانه جبذ واحدا وهو ثانيه ، ودية كاملة لأولياء الرابع ، لانه جبذ ولم يجبذ أحدا.
فأمسكوا عن الحرب وأتوا النبي صلی اللّه علیه و آله ، فأخبروه الخبر.
فقال : القضاء ما قضاه علي بينكم.
فهذه الرواية ، قد جاءت مفسرة ، وليس هي من الاولى في شيء. هذه ذكر فيها أن الذين سقطوا في الزبية إنما كان سقوطهم بازدحام من حضر معهم ولذلك جعل علي علیه السلام الدية على من حضر وليس في الاولى ذكر زحام ، وانما فيها أن بعضهم جبذ بعضا.
والذي ذكرته في هذا الباب من ذكر علم علي علیه السلام ، وما جاء
ص: 332
من قضاياه في المشكلات التي لم يدر أحد من الصحابة كيف القضاء فيها غيره يخرج إن تقصيته عن حدّ هذا الكتاب ، وقد ذكرت ذلك وما جاء من مثله عن الائمة صلوات اللّه عليهم في كتاب ( الاتفاق والافتراق ) وفي كتاب ( الإيضاح ) وفي غيرها من كتب الفقه التي بسطت فيها قول الائمة من أهل البيت صلوات اللّه عليهم في الحلال والحرام والقضايا والأحكام ، وأثبت فيها فضل علمهم صلوات اللّه عليهم على كافة الناس غيرهم ، وأن ذلك منقول فيهم يتوارثونه عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ليس كالذي تعاطاه من خالفهم من العوام من القول في ذلك بآرائهم وقياسهم واستحسانهم واستنباطهم وغير ذلك ممّا نحلوه من الأسماء باختراعهم ، وقد أخبر اللّه عزّ وجلّ في كتابه بما رفعه من درجات اولي العلم على عباده فقال تعالى : ( يَرْفَعِ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا ) ( ... الْعِلْمَ دَرَجاتٍ ) (1) وقال جلّ من قائل : ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (2) وقد أبان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله رفع درجة علي علیه السلام على جميع امته بما ذكرناه في هذا الباب. من قوله علیه السلام : أعلم الناس من بعدي ، وقوله علیه السلام : علي أقضاكم ، وأمره صلوات اللّه عليه إياهم أن يسألوه عما اختلفوا فيه ، وذلك من أبين البيان على إمامته وإقامته من بعده مقامه في ذلك لامته ، مع ما ذكرناه ونذكره في هذا الكتاب ممّا يؤيد ذلك ويؤكده ويوضحه ويبينه مع ما ذكرت في هذا الباب وفيما قبله من هذا الكتاب ونذكره من إقرار الصحابة له بفضله وعلمه ممّا آثره ورواه المنسوبون الى الفقه والحديث من العامة فضلا عما رواه وآثره من ذلك الخاصة. فمن أين يجوز أو ينبغي لجاهل أن يتقدم على عالم أو لعالم أن يتقدم على من هو أعلم
ص: 333
منه ، أو لمن وضعه اللّه عزّ وجلّ أن يرتفع على من رفعه عليه درجة.
وهذا واضح لمن تدبره إذا هداه اللّه ووفقه ، ولو جاز للجاهل أن يتقدم على العالم ، وللمفضول أن ينافس الفاضل ، لبطل الفضل واتضعت درجة العلم التي رفع اللّه عزّ وجلّ أهلها وأبان في كتابه فضلهم وفضلها ، ومن كان محتاجا في دينه إلى من قد أبان اللّه عزّ وجلّ فضله بأن رفع بالعلم عليه درجته. وكيف يجوز له التقدم عليه ، أو أن يساوي نفسه به واللّه عزّ وجلّ يقول وهو أصدق القائلين : ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) (1) وقال تعالى : ( وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) (2) وقد أمر الناس رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بردّ ما اختلفوا فيه الى علي صلوات اللّه عليه ، وأبان بذلك أنه ولي أمرهم من بعده على ما أمره اللّه به جلّ ذكره.
تمّ الجزء الثامن من كتاب شرح الأخبار في فضائل الائمة الأطهار الأبرار الأخيار تأليف سيدنا القاضي الأجل النعمان بن محمّد رضی اللّه عنه وأرضاه وأحسن منقلبه ومثواه - وهو نصف الكتاب - يوم الأول من رجب الأصب سنة 1126.
ص: 334
شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام
للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي
المتوفي سنة 363 ه. ق
الجزء التاسع
ص: 335
ص: 336
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم
قد ذكرت في باب من أبواب هذا الكتاب ما نزل من الوحي والقرآن في علي علیه السلام ، وولاية الائمة من ذريته صلوات اللّه عليه ، وذكرت في سائره كثيرا من ذكر ما نزل فيه صلوات اللّه عليه ممّا جاء ذكره مع غيره (1).
ورأيت إفراد هذا الباب بذكر باقي ذلك ممّا جاء مجردا في ذلك ، وباللّه التوفيق.
[677] الدغشي ، باسناده ، عن [ أبي ] عبد اللّه الجدلي ، قال : أتيت عائشة ، فقلت : يا أم المؤمنين في أيّ شيء نزلت هذه الآية : ( إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ. أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (2).
قالت : ائت أمّ سلمة ، فاسألها عن ذلك ، ففي بيتها نزلت هذه الآية.
فأتيت أمّ سلمة فأخبرتها بمجيئي الى عائشة وبما سألتها ، فأحالتني عليها.
ص: 337
فقالت أمّ سلمة : أما أنها لو شاءت أن تخبرك أخبرتك في أيّ شيء نزلت هذه الآية ، لكني اخبرك.
أتاني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقال : لو أن عندي من أرسله الى علي وفاطمة والحسن والحسين ، فما كان غيري ، فدعوتهم ، وأجلس الحسن عن يمينه ، والحسين عن يساره ، وفاطمة بين يديه ، وعليا عند رأسه ، ثم أخذ ثوبا حبريا ، فجللهم الثوب.
ثم قال : اللّهمّ هؤلاء عترتي وأهل بيتي إليك لا الى النار ، اللّهمّ أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
قالت أمّ سلمة ، فقلت : يا نبيّ اللّه أدخلني معهم؟
فقال : لا يدخله إلا من هو مني وأنا منه ، وأنت من صالحات أزواجي ، وأنت الى خير.
[678] أبو غسان مالك بن إسماعيل (1) ، باسناده ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، عن أمّ سلمة ، قالت : لما نزلت هذه الآية ( في بيتي ) : ( إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) في علي وفاطمة والحسن والحسين صلوات اللّه عليهم.
قالت : فقلت : يا رسول اللّه ألست من أهل البيت؟
قال : إنك على خير ، إنك من أزواج النبي ، وأنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين أهل البيت (2).
[679] أبو نعيم الفضل بن دكين ، باسناده ، عن أبي سعيد الخدري ، أنه
ص: 338
قال : نزلت (1) هذه الآية : ( إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) في علي وفاطمة والحسن والحسين صلوات اللّه عليهم.
أدار النبي صلی اللّه علیه و آله عليه وعليهم كساءه ، ثم قال : اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
قال : وكانت أمّ سلمة على الباب ، فقالت : وأنا يا نبيّ اللّه. قال : إنك بخير أو على خير.
[680] عمرو بن بحر القتاد ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه قال : قدم وقد نجران على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وفيهم السيد (2) والعاقب وأبو حارث - وهو عبد المسيح بن ثوبان اسقف نجران - وهم يومئذ سادة أهل نجران.
فقالوا : يا محمّد لم تذكر صاحبنا؟
قال : ومن صاحبكم؟
قالوا : عيسى بن مريم ، تزعم أنه عبد اللّه؟
قال : أجل ، هو عبد اللّه.
قالوا : فأرنا فيمن خلقه اللّه عبدا مثله فما رأيت وسمعت.
ص: 339
فأعرض نبيّ اللّه صلی اللّه علیه و آله عنهم. ونزل جبرائيل علیه السلام فقال : ( إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) (1) الآية.
فقال لهم ذلك.
فقالوا : أما أنه ليس كما تقول.
فقال لهم : فإن اللّه عزّ وجلّ يقول : ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ) (2).
قالوا : نلاعنك.
فخرج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إليهم وقد أخذ (3) بيد علي علیه السلام ومعهما فاطمة والحسن والحسين.
فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : هؤلاء أبناؤنا ونساؤنا وأنفسنا.
فهموا يلاعنوه.
ثم إن السيد قال لأبي الحارث [ والعاقب ] (4) : ما تصنعون بملاعنة هذا؟ إن كان كاذبا لم نصنع بملاعنته شيئا ، وإن كان صادقا لنهلكن.
ص: 340
فصالحوا على الجزية.
فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، والذي نفسي بيده ، لو لاعنوني ما حال عليهم الحول وبحضرتهم (1) منهم بشر ، ولأهلك اللّه الظالمين.
[681] عبد اللّه بن صالح البصري ، باسناده ، عن الحسن البصري ، قال : جاء اسقفا نجران الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعرض عليهما الإسلام.
فقالا : إنا قد أسلمنا قبلك.
فقال لهما رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يبعدكما عن الإسلام ثلاث : عبادة الصليب. وأكل لحم الخنزير. وقولكما إن لله عزّ وجلّ ولدا (2).
فقال له أحدهما (3) : فمن أبو عيسى؟
فسكت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - وكان لا يعجل حتى يكون ربه عزّ وجلّ هو الذي يأمره - فأنزل اللّه عزّ وجلّ ( إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ. الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ. فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ) (4). فدعاهما رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى المبارزة للدعاء ، وأخذ بيد علي
ص: 341
وفاطمة والحسن والحسين صلوات عليهم أجمعين.
فقال أحدهما للآخر : قد أنصفك الرجل فإن بارزته بؤت باللعنة.
فقالا : لا نبارزك.
فأقرا بالجزية وكرها الإسلام.
[682] محمّد بن علي بن شافع ، يرفعه ، قال العباس بن عبد المطلب : أنا صاحب سقاية الحاج ، يفخر بذلك.
وقالت بنو شيبة : ونحن حجبة البيت.
وكان ذلك من قولهم لعلي علیه السلام يريدون بذلك الفخر عليه.
فقال علي علیه السلام : أنا أول من آمن باللّه وجاهد في سبيله. فأنزل اللّه عزّ وجلّ : ( أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللّهِ ) (1) الآية.
[683] بآخر ، أن الوليد بن عقبة بن أبي معيط (2) نازع عليا في شيء دار بينهما ، فقال له الوليد بن عقبه بن أبي معيط : أنا أشجع منك.
فأنزل اللّه عزّ وجلّ فيهما : ( أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً ) (3).
وقد ذكرت خبره بتمامه في موضع غير هذا من هذا الكتاب (4).
[684] عبد الوهاب ، باسناده ، عن أبي ذر أنه أقسم باللّه عزّ وجلّ أن هذه
ص: 342
الآية نزلت في علي علیه السلام وحمزة وعبيدة ، وفي الوليد وشيبة وعتبة لما تبارزوا يوم بدر ( هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ) (1).
[685] موسى بن سلمة ، باسناده ، أنه لما أنزل اللّه عزّ وجلّ ( أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ ) (2) قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : علي مني وأنا منه.
[686] مبدر (3) بإسناده ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه قال في قول اللّه عزّ وجلّ : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) (4).
قال : كونوا مع علي ، وأصحاب علي علیه السلام .
[687] الأصبغ بن نباتة ، باسناده ، قال : [ كنت جالسا عند أمير المؤمنين ] فقام ابن الكواء الى علي علیه السلام ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أخبرني عن قول اللّه عزّ وجلّ ( وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها ) (5).
فقال علیه السلام : يا ابن الكواء (6) ، ويحك نحن باب اللّه الذي يؤتى منه. [ فمن بايعنا وأقرّ بولايتنا فقد أتى البيوت من أبوابها ، ومن
ص: 343
خالفنا وفضّل علينا غيرنا فقد أتى البيوت من ظهورها ] (1).
[688] إسرائيل ، عن جابر ، عن أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن علي علیهم السلام عن قول اللّه عزّ وجلّ ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) (2).
قال : نحن أهل الذكر.
[689] سليمان (3) الحكيم بن سليمان ، باسناده ، عن محمّد بن الحنفية ، أنه قال : واللّه لقد نزلت في علي علیه السلام سبعون آية من كتاب اللّه عزّ وجلّ كلها أوجبت له الجنة ، وقدمته على الامة.
[690] عباد بن يعقوب (4) ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي علیه السلام ، أنه قال في قول اللّه عزّ وجلّ « ياسين » : يقول يا محمّد. وقوله ( سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ ) (5).
قال : هم آل محمّد علیهم السلام ، - أهل بيته -.
[691] وبآخر ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : فينا نزلت هذه الآية ( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ ) (6).
[692] وبآخر ، عن أبي جعفر محمّد بن علي علیه السلام ، أنه قال في قول
ص: 344
اللّه عزّ وجلّ ( وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) (1).
قال : فينا نزلت هذه الآية.
[693] وبآخر ، عنه علیه السلام ، أنه قال في قول اللّه عزّ وجلّ ( وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) (2).
قال : إيانا عنى بذلك ، منا شهيد على أهل كل زمان.
والوسط : العدل.
[694] أحمد بن عبد الرحمن ، باسناده ، عن السدي (3) أنه قال في قول اللّه عزّ وجلّ ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ ) (4).
قال : نزلت في علي بن أبي طالب علیه السلام لما نام على فراش رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في الليلة التي تواعد فيها المشركون أن يأتوه ، فيقتلوه (5).
ص: 345
[695] بآخر ، عن مجاهد ، أنه قال في قول اللّه عزّ وجلّ : ( وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) (1).
قال : الذي جاء بالصدق محمّد صلی اللّه علیه و آله ، والذي صدّق به علي بن أبي طالب علیه السلام .
[696] عبد الرزاق ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس أنه قال في قول اللّه عزّ وجلّ ( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً ) (2).
قال : نزلت في علي علیه السلام ، كانت له أربعة دنانير (3) ، فتصدّق بدينار منها نهارا ، وبدينار منها ليلا ، وبدينار منها سرا ، وبدينار علانية.
[697] عبد الوهاب ، باسناده ، عن عمر بن الخطاب ، أنه قال : أخرجت من مالي صدقة يتصدّق بها عني ، وأنا راكع [ أربعا و ] (4) عشرين مرة على أن ينزل فيّ مثل ما نزل في علي علیه السلام فما نزل في شيء.
ومثل ما نزل في علي علیه السلام لما تصدق وهو راكع ، وقد تقدم ذكره في قول اللّه عزّ وجلّ : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) (5). فأراد عمر أن يكون له ولاية المؤمنين ولا يكون ذلك إلا لمن خصّه اللّه عزّ وجلّ به.
ص: 346
[698] عبد اللّه أبو محمّد ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عطاء ، قال : كنت جالسا عند أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين علیه السلام ، فمرّ بنا ابن عبد اللّه بن سلام.
فقلت لأبي جعفر محمّد بن علي علیه السلام : هذا ابن الذي عنده علم من الكتاب.
قال : [ لا ] (1) الذي عنده علم من الكتاب علي بن أبي طالب علیه السلام نزلت فيه أربع آيات :
هذه الآية (2).
وقوله : ( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) (3). فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام : يا علي إنك تهدي المهتدين من بعدي.
ونزلت فيه : ( أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ ) (4). فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أنت مني وأنا منك.
وقوله : ( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) (5) فلما أن انزلت أخذ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بيد علي علیه السلام وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه.
ص: 347
[699] محمّد بن فضل (1) ، باسناده ، عن ابن عباس ، أنه قال في قول اللّه عزّ وجلّ : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) (2) قال : أتى عبد اللّه بن سلام ورهط من أهل الكتاب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عند الظهر.
فقالوا : يا رسول اللّه إن بيوتنا قاصية [ من المسجد ] (3) ولا نجد محدثا دون هذا المسجد ، وإن قومنا لما رأونا قد صدقنا اللّه ورسوله وتركناهم ودينهم أظهروا لنا العداوة وأقسموا أن لا يخالطونا ولا يجالسونا ولا يكلمونا ، فشقّ ذلك علينا [ ولا نستطيع أن نجالس أصحابك لبعد المنازل ].
فبيناهم يشكون ذلك الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إذ نزلت ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) .
فقرأها عليهم فقالوا : رضينا باللّه وبرسوله وبالمؤمنين [ وليا ].
ص: 348
وأذن بلال لصلاة الظهر ، فخرج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى المسجد والناس يصلّون بين راكع وساجد وقاعد ، ومسكين يسأل.
فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : هل أعطاك أحد شيئا؟
فقال : نعم.
قال : ما ذا [ أعطاك ].
قال : خاتم فضة.
قال : من أعطاكه؟
قال : ذلك الرجل القائم. وأشار الى علي علیه السلام .
قال : على أي حالة أعطاكه؟
قال : [ اعطانيه ] وهو راكع.
فكبّر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأخبر عليا بما نزل فيه (1).
[700] عبد اللّه بن حكيم بن جبير ، عن علي علیه السلام أنه قال لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا رسول اللّه ، هل نقدر على رؤيتك في الجنة كلما أردنا؟
ص: 349
فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن لكلّ نبي رفيقا وهو أول من يؤمن به من امته. وأنت أول من آمن بي ، فأنت لي رفيقي في الجنة (1).
فأنزل اللّه عزّ وجلّ : ( فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً ) (2).
فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام : يا علي قد أنزل اللّه عزّ وجلّ جواب ما سألت عنه وجعلك رفيقي في الجنة وأنت الصدّيق الأكبر ، لأنك أول من أسلم.
[701] أحمد بن محمّد بن زياد ابن الأعرابي ، باسناده ، عن ابن عباس ، قال (3) : لما أنزلت ( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) (4).
قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أنا المنذر ، وعلي الهادي ، بك يا علي يهتدي المهتدون.
[702] وبآخر ، عن ابن عباس أيضا ، أنه قال : في قول اللّه عزّ وجلّ ( السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) (5).
قال : سابق هذه الامة علي بن أبي طالب. (6)
[703] محمّد بن سنان ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد علیه السلام ، أنه قال
ص: 350
في قول اللّه عزّ وجلّ : ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ) (1).
قال : اختار محمّدا صلی اللّه علیه و آله وأهل بيته.
[704] وقال في قول اللّه عزّ وجلّ ( وَلَيَعْلَمَنَّ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا ) (2) : يعني بولاية علي علیه السلام ( وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ ) : يعني الّذين كفروا ولايته.
[705] ومنه قول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام :
لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق.
[706] وقول بعض أصحابه (3) : ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إلا ببغضهم عليا علیه السلام .
[707] وإنه سئل عن قول اللّه عزّ وجلّ : ( ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللّهَ وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ ) (4).
وقوله : ( ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللّهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ ) (5). قال : إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أخذ عليهم المواثيق مرتين لأمير المؤمنين علي علیه السلام :
فقال : هل تدرون من وليّكم بعدي؟
فقالوا : اللّه ورسوله أعلم.
قال : إن اللّه عزّ وجلّ يقول : ( وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) (6) وأشار الى علي علیه السلام فهو
ص: 351
وليّكم بعدي.
والثانية : أشهدهم على أنفسهم يوم غدير خم. وقد كانوا يقولون : إن قبض - يعنون محمّدا رسول اللّه - لا نرجع الأمر في آل محمّد ، ولا نعطيهم الخمس. فأطلع اللّه عزّ وجلّ نبيه صلی اللّه علیه و آله على أمرهم ، وأنزل عليه : ( أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ. أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ) (1). وأنزل عليه : ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ. أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ. أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها. إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ ) (2).
[708] وقال في قوله اللّه عزّ وجلّ : ( وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا ) إيمانهم لمحمّد و ( إِيماناً ) (3) بولاية علي علیه السلام .
[709] وسئل عن قول اللّه عزّ وجلّ : ( قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً. قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللّهِ أَحَدٌ ) إن عصيته فيما أمرني ( وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً. إِلاَّ بَلاغاً مِنَ اللّهِ وَرِسالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ ) في ولاية علي ( فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ) (4).
قال لهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : الذي كرهتموه من ولاية علي ليس هو لي ولا عن أمري هو لله عزّ وجلّ أمرني به ولا أعصيه ، ولو عصيته لعذبني كما تواعدني.
ص: 352
[710] وعنه علیه السلام ، أنه قال : نزل في علي علیه السلام من سورة هل أتى على الانسان (1) قوله : ( إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً ) الى [ قوله تعالى ] ( إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً ) (2).
وقال علیه السلام : من أراد أن يعرف ما أنزل اللّه عزّ وجلّ فينا وما أنزل في عدونا فليقرأ سورة : ( الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا ) (3) فإنها نزلت آية فيهم وآية فينا.
[711] الحسن بن واسم ، باسناده ، عن طاوس قال : نزلت في علي علیه السلام سبعون (4) آية من كتاب اللّه عزّ وجلّ ما يشركه فيها أحد من الناس.
[712] سعد (5) بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن علي علیه السلام أنه قال : نزل القرآن أرباعا ، فربع فينا ، وربع في عدونا ، وربع سير وأمثال ، وربع فرائض وأحكام. ولنا كرائم القرآن.
فهذا يغني عن التطويل والإكثار. ومن نزل فيه ربع القرآن وكان له كرائمه مع ما ذكرناه أنه نصّ عليه فيه بعد ما تركنا ذكر ما رأينا أن العامة لم نروه ، وكرهنا ذكره لأن لا تعرضه لتكذيبها به اذ فيها ذكرنا من ذلك مالا
ص: 353
يدفع فضل من نزل فيه من سمعه ، ولا يقس (1) به غيره وفي ذلك كفاية وبلاغ لذوي الألباب.
ص: 354
ومناقب ومآثر وفضائل لعلي علیه السلام من وجوه شتى
[713] محمّد بن مسلم أبو عبد اللّه الرازي ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس ، قال : كانت فاطمة علیه السلام تذكر لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وكان لا يذكرها أحد إلا صدّ عنه حتى يئسوا منها ، فلقي سعد بن معاذ الأنصاري (1) عليا علیه السلام ، فقال له : واللّه ما أرى النبي صلی اللّه علیه و آله يريد بها غيرك.
فقال علي علیه السلام : أترى ذلك؟ فو اللّه ما أنا بواحد من الرجلين ما أنا بصاحب دنيا يلتمس لها ما عندي منها. لقد علم أنه مالي صفراء ولا بيضاء ، وما أنا بالكافر الذي يترفق به عن دينه ويتألفه ، إني لأول من أسلم.
قال : أعزم عليك لتفرجها عني ، فإن لي فرجا. [ لتفعلن ] (2).
قال : أقول ما ذا؟
قال : تقول جئت خاطبا الى اللّه ورسوله فاطمة بنت رسول اللّه
ص: 355
صلی اللّه علیه و آله وعليها.
فانطلق علي حتى أتى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فأراد أن يتكلم ، فانحصر عن الكلام حياء وإجلالا لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
فلما رأى ذلك قال : كأن لك يا علي حاجة ، فتكلم بما تريده! قال : نعم إني جئت خاطبا الى اللّه ورسوله فاطمة بنت محمّد صلی اللّه علیه و آله .
فقال له النبي صلی اللّه علیه و آله : مرحبا ، كلمة ضعيفة (1).
فاستحى علي علیه السلام فرجع الى سعد.
فقال له : ما فعلت؟
قال : فعلت الذي أمرتني به. فما زاد عليّ أن رحب بي ، وقال كلمة ضعيفة.
فقال سعد : قد أنكحك والذي بعثه بالحق نبيا ، لأنه لا خلف عنده ولا كذب ، أعزم عليك لتأتينه ، فلتقولن متى تبنيني بأهلي يا رسول اللّه؟
قال علي علیه السلام : هذه أشد من الاولى ، بل أقول حاجتي لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ؟
قال سعد : قل كما أمرتك.
فانطلق علي علیه السلام حتى أتى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
فقال له : متى تبنيني بأهلي يا رسول اللّه؟
قال : الليلة إن شاء اللّه. [ ثم انصرف ].
ص: 356
ثم دعا بلالا ، فقال : يا بلال إني قد زوجت ابنتي بابن عمي ، وأنا أحب أن يكون من سنتي إطعام الطعام عند النكاح ، فاذهب فخذ لنا فخذ شاة وأربعة أمداد - أو قال خمسة أمداد - واجعل لي قصعة لعلي اجمع عليها المهاجرين والأنصار ، فإذا فرغت منها فأذني بها.
فانطلق بلال ، ففعل الذي أمره به ، ثم أتاه بالقصعة ، فوضعها بين يديه. فطعن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في رأسها (1).
ثم قال : ادخل على القوم رفقة رفقة ولا تغادرن أحدا.
فجعل الناس يردّون كلما فرغت رفقة دخلت اخرى حتى فرغ الناس وصدروا عنها ، وهي كما هي.
ثم عمد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إليها فتفل فيها وبارك عليها. ثم قال : يا بلال احملها الى امهاتك ، وقل لهن يطعمن من النساء من غشيهن ، ويأكلن. ففعلن ، وأكلن.
ثم قام رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى النساء ، فقال لهن : إني قد زوجت (2) ابنتي ابن عمي ، وقد علمتن منزلتها مني ، وأنا دافعها إليه الآن إن شاء اللّه ، فدونكن ابنتكن.
فقمن النساء إليها فعلقنها من طيبهن وعلقن عليها من حليهن.
ثم إن النبيّ صلی اللّه علیه و آله قام وبينه وبين النساء سترة. فلما أن رأينه وثبن ، وتخلفت أسماء بنت عميس (3). فقال لها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : من أنت؟ على رسلك.
ص: 357
قالت : أنا أسماء أحرس ابنتك فاطمة ، إن الفتاة ليلة بنيانها لا بدّ لها من امرأة تكون قريبا منها إن عرضت لها حاجة أو أرادت شيئا أفضت بذلك إليها.
فقال لها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أسأل الهي أن يحرسك من بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك ومن فوقك ومن تحتك من الشيطان الرجيم.
ثم خرج بفاطمة علیهاالسلام ، فأقبلت ، فلما أن رأت عليا علیه السلام جالسا الى جنب النبي صلی اللّه علیه و آله حصرت وبكت. فأشفق النبي صلی اللّه علیه و آله أن يكون بكاءها لأن عليا علیه السلام لا مال له (1).
فقال لها : ما يبكيك ما ألوتك (2) ونفسي ، وقد أصبت لك خير أهلي ، وايم اللّه لقد زوجتك سعيدا في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين.
ثم قال : يا أسماء املئي لي مخضب ماء وآتيني به.
فملأت وأتته به ، فأخذ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله منه ومجه فيه. ثم غسل فيه وجهه وقدميه ، ودعا فاطمة علیهاالسلام ، فأخذ كفا من ذلك الماء فنضحه على صدرها ، وأخذ كفا ثانيا فنضحه على ظهرها [ ثم أمرها أن تشرب بقية الماء ].
ص: 358
ثم دعا بعلي علیه السلام فصنع به مثل ذلك.
ثم قال : اللّهمّ إنهما مني وأنا منهما ، فكما أذهبت عني الرجس وطهرتني فأذهبه عنهما وطهرهما.
ثم قال : قوما الى بيتكما جمع اللّه بينكما ، وبارك لكما في سيركما ، وأصلح بالكما.
ثم إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قام فأغلق عليها بابهما بيده.
قال ابن عباس : خبرتني أسماء بنت عميس ، أنه لم يزل يدعو لهما لم يشرك (1) في دعائه أحدا حتى توارى في حجرته صلی اللّه علیه و آله .
[714] أبو غسان ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنه دخل على فاطمة علیهاالسلام بعد أن بنابها علي علیه السلام بأيام فصنعت له طعاما كما تصنع الجارية إذا رأت بعض أهلها ، وقدمته له وبكت.
فقال : ما يبكيك [ يا بنية ] ، وقد زوجتك خير من أعلم.
[715] اسماعيل بن أبان (2) ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، قال : خطب أبو بكر فاطمة علیهاالسلام الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فأعرض عنه ، وخطبها عمر ، فأعرض عنه.
فقال لي عمر : أنت لها يا علي.
فقلت : واللّه ما عندي إلا درعي وسيفي وحملي.
قال : فسألني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بعد ذلك ، ما عندك. فقلت : ذلك ، فزوجني فاطمة علیهاالسلام .
ص: 359
وقال : لقد زوّجتك أولهم إسلاما ، وأكثرهم علما ، وأفضلهم حلما.
[716] عمر بن حماد ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي علیه السلام أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بعث مصدقا الى قوم ، فوثبوا عليه ، فقتلوه ، فأرسل إليهم عليا علیه السلام فقتل المقاتلة وسبى الذرية ، وانصرف.
وبلغ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله خبره ، فتلقاه خارجا من المدينة. فلما لقيه اعتنقه ، وقبّل بين عينيه ، وقال : بأبي وأمي من شدّ اللّه به عضدي كما شدّ عضد موسى بهارون علیهماالسلام .
ص: 360
[717] سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال : قسم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام بيت المال حتى ما ترك فيه شيئا.
ثم قال : يا قنبر ، أدخل عليّ الغنم.
فقال : يا أمير المؤمنين وما تريد من الغنم؟
فقال أمير المؤمنين : تشهد لي يوم القيامة أنها لم تجد فيه شيئا تلوه.
ثم قال : تشهد لي هذه البقعة يوم القيامة أني قد أديت الى كل ذي حق حقه.
ثم قال : يا حمراء تحمري ، ويا صفراء تصفري ، ويا بيضاء تبيضي ، وغيري غرّي. ثم تمثل فقال علیه السلام :
هذا جناي وخياره فيه *** إذ كل جان يده الى فيه
[718] أبو نعيم ، باسناده ، عن عبد الرحمن الخولاني ، عن عمته - وكانت تحت عقيل بن أبي طالب رضوان اللّه عليه - قالت : دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام بالكوفة فأصبته جالسا على البرذعة (1) حماز.
ص: 361
ثم دخلت إلى امرأة له من بني سليم ، فأصبت في بيتها متاعا كثيرا ، فلمتها ، وقلت لها : في بيتك مثل هذا المتاع وأمير المؤمنين علیه السلام جالس على برذعة حماز؟
فقالت : لا تلوميني فانا لا نخرج إليه ثوبا ينكره إلا بعث به الى بيت المال ، فوضعه فيه.
[719] أبو نعيم ، باسناده ، عن علي علیه السلام أنه كان يأخذ الجزية (1) من أهل الذمة من كل ذي صنعة ممّا يعمله من صاحب الابر ابرا ، ومن صاحب المال مالا ، فإذا قسم ما في بيت المال قسم ذلك فيقولون لا حاجة لنا به.
فيقول : أخذتم خياره وتتركون عليّ شراره. لا واللّه لا بدّ لكم من أن تأخذوه.
[720] عمر بن عبد الكريم ، باسناده ، عن مالك بن أنس ، قال : سألت الزهري : من كان أزهد الناس في الدنيا؟
قال : علي بن أبي طالب علیه السلام كان يقسم كل ما في بيت المال ، ثم يكنسه ، ويرشه ، ويصلّي فيه ويفرش لبدة ، ثم ينام عليه. ويقول : الآن طاب فيك المقيل لا تخاف مسارقا ولا ثاقبا.
ثم يقول : [ يا بيضاء ] بيضي ، و [ يا صفراء ] صفري ، وغيري غرّي ، واللّه لا أنال منك إلا الحقير اليسير.
قال : ولقد بلغنا أنه اشتهى كبدا مشوية على خبزة لبنة ، فأقام حولا يشتهيها. ثم ذكر ذلك الحسن علیه السلام يوما وهو صائم ،
ص: 362
فصنعها له. فلما أراد أن يفطر قرّبها إليه ، فوقف سائل بالباب.
فقال : يا بني احملها إليه ، لا تقرأ صحيفتنا غدا ( أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيَ اوَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها ) الآية (1).
[721] أبو غسان ، باسناده ، عن الحسن البصري ، أنه ذكر يوما عليا علیه السلام فقال :
رحمة اللّه عليك يا أبا الحسن ومغفرته ورضوانه ، جمعت الدنيا حتى إذا اجتمعت بين يديك نكنتها بقضيبك ، ثم قلت : يا دنيا غرّي غيري.
[722] أبو نعيم ، باسناده ، أن عليا علیه السلام جمع المال في الرحبة بين جوالق (2) أبيض وأسود ، وقطيفة (3) بيضاء وسوداء ، وقوصرة (4) وجلد. ثم يقول :
هذا جناي وخياره فيه *** إذ كل جان يده الى فيه
ثم دعا بامراء الأسباع والعرفاء والمقاتلة فقال : هذا مالكم ، فاحملوه الى مساجدكم واقتسموه بينكم.
[723] وبآخر ، أن عليا علیه السلام استعمل سعد بن عمر الأنصاري ، فبقي عليه من الخراج ، فربطه الى اسطوانة في المسجد حتى وداه.
[724] الدغشي ، باسناده ، قال : اشترى علي علیه السلام بالكوفة قميصا بسبعة دراهم ، فلما لبسه خرج كمه عن يده ، فأمر بقطع ما خرج عن أطراف أصابعه.
ص: 363
وكان اشتراه من غلام ، ومولاه غائب. فجاء مولى الغلام ، فأخبره ، فلحق عليا علیه السلام فقال : يا أمير المؤمنين ، هذا القميص لي وهو يقوم على ستة دراهم ، وذكر لي غلامي أنه باعه منك بسبعة دراهم. وهذا الدرهم الذي تزيده عليك.
قال : لا آخذه قد اشتريناه بما رضيناه.
[725] وبآخر ، أن عليا علیه السلام كان يخرج من القصر بالكوفة ، وعليه قميص الى نصف ساقه وإزار ، ورداء قريب منه ، ومعه درة (1) يمشي بها في الأسواق يأمرهم بتقوى اللّه ، وحسن البيع ، ويقول : اوفوا الكيل والميزان ولا تغشوا ولا تنفخوا في اللحم.
[726] وبآخر ، عنه علیه السلام أنه استعمل عاملا على عكبرا (2) ، ثم قال له : بين يدي أهل عمله استوف الذي عليهم ولا يجدوا فيك ضعفا.
ثم قال له : رح الي عند الظهر! فراح إليه.
قال العامل : فدخلت إليه ، فأصبت بين يديه قدحا وكوزا فيها ماء ، وجرابا مختوما. فنظر الى الخاتم ، وأنعم النظر فيه ، ثم فكه. فقلت في نفسي : فيه مال أو جوهر أراد أن يعرضه عليّ ، فأخرج منه وسيقا فصير في القدح منه ، وصبّ عليها ماء ، وشرب ، وسقاني ، ثم ختم (3) الجراب. فقلت : يا أمير المؤمنين الطعام بالعراق أكثر من أن يختم عليه.
فقال : ما أنا بشيء أحفظ مني لما ترى أني أخاف أن يجعل فيه
ص: 364
غير ما جعلت ، فأدخل بطني حراما (1).
ثمّ قال لي : إني لم أستطع أن أقول لك بحضرة القوم إلا ما قلت ، فإذا صرت إليهم - ولا قوة إلا باللّه - فخذهم بما آمرك به ، فإن خالفتني فأخذك اللّه به دوني ، وإن بلغني خلاف ما أمرتك عزلتك. إذا قدمت عليهم ، فلا تبيعن (2) لهم كسوة شتاء في شتاء ، ولا كسوة صيف في صيف ، ولا دابة يعملون عليها ، ولا تقيمن منهم أحدا على رجليه ، ولا تضربنه سوطا في درهم ، [ إنما أمرنا ] أن نأخذ منهم العفو (3).
فقلت : يا أمير المؤمنين ، إذا أرجع إليك كما خرجت من عندك؟
قال : وإن رجعت كذلك.
قال العامل : فخرجت في وجهي ذلك ، وقدمت وما بقي عليهم درهم إلا أدوه.
[727] محمّد بن عبد النور المسمعي ، باسناده عن عمر بن الخطاب ، أنه ذكر عليا علیه السلام فقال :
ذلك صهر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله نزل جبرائيل علیه السلام على النبي صلی اللّه علیه و آله ، فقال :
يا محمّد زوج عليا فاطمة صلوات اللّه عليها ، فزوّجه إياها بوحي اللّه عزّ وجلّ.
[728] علي بن هاشم ، باسناده ، عن سلمان الفارسي رحمة اللّه عليه ، أنه
ص: 365
قال : كنت مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في جماعة من أصحابه ، فناداني ، فأتيته. فقال : يا سلمان ، اشهد أن علي بن أبي طالب خيرهم وأفضلهم.
[729] وبآخر ، أنه قال : دخلت على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوم قبض ، وهو في غمرات الموت ، فأفاق افاقة.
فقال : علي بن أبي طالب أفضل من أترك بعدي (1).
ص: 366
[730] أبو الزبير ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، لما سار الى معاوية بن أبي سفيان ، وانتهى الى البليخ (1) عن شاطئ الفرات من أرض الجزيرة (2) نزل بأصحابه بقرب دير فيه راهب يقال له : شمعون بن الصفا بن يحيى.
فلما أن رآه نزل إليه ، وسلّم عليه ، وقال : يا أمير المؤمنين ، إن عندنا كتابا ، يقال إنه من كتب (3) حواري عيسى بن مريم فان شئت أتيتك به (4) ، فقرأته.
فقال : قد شئت.
فأتاه بكتاب ، فيه وجدت هذا الحديث مكتوبا عند رحل - واللّه أعلم - ولم أسمعه من أحد :
بسم اللّه الذي قضى فيما قضى وسطر فيها كتب ، إنه يبعث في
ص: 367
الاميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة ، ويدلهم على طريق الجنة ، وليس بفظ غليظ (1) ، ولاصحاب (2) في الأسواق ، ولا يجزي بالسيئة ، ولكن يعفو ويصفح. أمته الحامدون ، يحمدون اللّه في كل هبوط ، وعلى كل شرف (3) وصعود ، يذلل ألسنتهم بالتهليل والتكبير ينتصر بهم على من ناواه ، فإذا قبضه اللّه إليه اختلفت امته ، ثم اجتمعت ، ثم اختلفت. فيقبل في ذلك الزمان رجل هو أولى الناس في الدين والقرابة ، وأولى الناس بالناس حتى ينزل هذا المكان ووصفه [ أنه ] يأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر ، ويقضي بالحق ، ولا يدلس في الحكم ، ينصح لله في العلانية ، ويخافه في السر ، ولا يخاف في اللّه لومة لائم ، الدنيا أهون عنده من رماد عصفت به الريح ، والموت عليه في جنب اللّه ألذ من شرب الماء البارد على الظماء ، فمن أدرك ذلك الزمان فليؤمن بذلك الرسول ، ويتبع هذا العبد الصالح ، ويقاتل معه ، فان القتل معه شهادة.
ثم قال شمعون : قد سمعت النبي صلی اللّه علیه و آله وآمنت به وصدقته ، وأدركتك ورأيت صفتك وما أنت عليه ، ونزلت إليك ، ولست بالذي أفارقك حتى يصيبني ما أصابك.
فبكى علي علیه السلام وبكى من [ كان ] حوله لبكائه. وقال : الحمد لله الذي لم يجعلني منسيا (4) ، الحمد لله الذي ذكرني في كتب
ص: 368
الأبرار عنده.
قال حبة العرني (1) : فكان ذلك الديراني رفيقي. وكان أمير المؤمنين علیه السلام إذا تغدى غذاه معه ، وإذا تعشى عشاه معه ، حتى إذا كانت ليلة الهرير أصبح الناس يطلبون قتلاهم ، وخرج أمير المؤمنين علیه السلام فوجد شمعون بن يحيى الديراني بين القتلى قتيلا ، فصلّى عليه ، ودفنه ، وترحم عليه.
وقال : هذا منا أهل البيت.
[731] عباد بن يعقوب [ الرواجني ] ، عن الحارث بن الخزرج الأنصاري (2) ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول لعلي علیه السلام : المتقدم بين يديك كافر ( يعني في الامرة التي ادعوها والبدعة التي شرعوها ) (3) وإن أهل السماوات يسمونك أمير المؤمنين.
[732] أبو مخنف ، باسناده ، عن كميل بن زياد (4) ، قال : أخذ بيدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه وخرج بي نحو الجبانة (5) ، فلما أصحر ، تنفس الصعداء.
ثم قال : يا كميل إن هذه القلوب أوعية ، وخيرها أوعاها ، احفظ عني ما أقول لك.
ص: 369
الناس ثلاثة ، فعالم رباني ، ومتعلم على سبيل النجاة ، وهمج رعاع ، أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح ، لم يستضيؤوا بنور الهدى ، ولم يلجئوا الى ركن وثيق.
يا كميل بن زياد ، العلم خير من المال ، العلم يحرسك (1) وأنت تحرس المال ، العلم حاكم ، والمال محكوم عليه ، المال تنقصه النفقة ، والعلم يزكو على الإنفاق.
يا كميل ، محبة العلم دين يدان به اللّه يكسب الطاعة من طلبه في حياته ، وحسن الاحدوثه بعد وفاته ، منفعة المال تزول بزواله ، ومنفعة العلم باقية ببقاء حامله.
يا كميل ، مات خزان الأموال وهم أحياء ، والعلماء باقون ما بقي الدهر ، أعيانهم مفقودة ، وأمثالهم في القلوب موجودة.
ثم قال : آه إن هاهنا - وأشار الى صدره - علما جما لو أصبت له حملة ، بل أصبت لقنا غير مأمون يستعمل آلة الدين للدنيا يستظهر بحجج اللّه على أوليائه ، وبنعمه على معاصيه ، أو مأمونا غير لقن منقادا لجملة الحق لا بصيرة له يقدح الشك في قلبه بأول عارض من الشبهة لا ذا ولا ذاك ، ورجلا منهمكا في اللذة سلس القياد للشهوة ، مغرما (2) بالادخار ليسوا من دعاة الدين ، بل هم أقرب شبها بالأنعام السائمة كذلك يموت العلم بموت حملته.
اللّهمّ لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة إما ظاهرا موجودا ، وإما خائفا مغمودا لئلا تبطل حجتك وبيناتك ، [ وان اولئك الاقلون
ص: 370
عددا ] (1) الأعظمون قدرا يحفظ اللّه عزّ وجلّ بهم حججه حتى يودعوها نظرائهم ، ويزرعوها في قلوب أشباههم هجم بهم العلم حتى عرفوا حقائق الامور فباشروا روح اليقين ، واستلانوا ما استوعره المترفون ، وآنسوا بما استوحش منه الجاهلون ، صحبوا الدنيا بأبدانهم ، وأرواحهم معلقة بالملإ الأعلى ، اولئك أولياء اللّه من خلقه ، والدعاة الى دينه ، آه شوقا إليهم.
أستغفر اللّه لي ولك ، انصرف إذا شئت.
[733] الأعمش (2) ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال لجابر بن عبد اللّه : يا جابر ما تقول في شجرة أنا أصلها وعلي فرعها والحسن والحسين ثمارها ، من تعلق بشيء منها اورده الجنة.
ص: 371
[734] سليمان الأعمش قال : وجّه في طلبي أبو الدوانيق (1) في جوف الليل. فقلت في نفسي : واللّه ما وجه في طلبي في هذا الوقت إلا ليسألني عن فضائل علي بن أبي طالب علیه السلام ، فإن أنا صدقته قتلني ، وإن أنا كتمته وكذبته خرجت من ديني. واللّه لئن أموت على الحق خير من أن أعيش على الباطل.
قال : فاغتسلت ولبست ثيابا نقية ، وتحنطت بحنوط الموتى ، ومضيت مع الرسول ، فأدخلني عليه ، فسلّمت. فردّ عليّ ، وأدناني من مجلسه وأمرني بالجلوس ، فجلست ، فوجد رائحة الحنوط.
فقال لي : يا سليمان ما هذه الرائحة؟
قلت : اصدّقك؟
قال : نعم. قلت : لما جاءني رسولك في هذه الساعة ، قلت في نفسي : ما وجّه إليّ إلا ليسألني عن فضائل علي ، فان أنا صدقته قتلني.
ص: 372
فاغتسلت وتكفنت وتحنطت موطنا على ذلك نفسي.
فقال لي : يا سليمان كم رويت من فضائل علي علیه السلام ؟
قلت : أكثر من ستة وثلاثين ألف فضيلة (1).
فقال لي : يا سليمان لاحدّثنك بفضيلة ما أحسبك رويتها فيما رويته! قلت : حدّثني.
قال : كنت هاربا من بني مروان في أطراف البلاد مختفيا في الخلق أتوسل الى الناس بما رويت من فضائل علي علیه السلام فكنت بحلوان ، فمررت يوما بمسجد من مساجدها ، فدخلت أصلّي وفي نفسي أن أسأل القوم في قوت أتقوت به ، فلما قضى الإمام صلاته ، استدبر القبلة وتوجه إلينا (2) ، وإذا نحن بغلامين قد دخلا من باب المسجد ما رأيت أجمل منهما ، فوثب الإمام من موضعه ، فقبّل ما بين أعينهما.
وقال : مرحبا بكما وبسميكما ، وكان الى جانبي شاب جالس.
فقلت : ما هذا الغلامان من الشيخ؟
فقال : هما ابنا ابنته ، وليس في هذه المدينة أحد يتشيع غيره ، وإنسان آخر.
فقلت : ومن أراد بتسميتها؟
قال : الحسن والحسين.
قال : فأقبلت على الشيخ ، وقلت : هل لك في حديث فيقرّ اللّه به عينك؟
ص: 373
قال : إن أقررت عيني أقررت عينيك.
قلت : حدثني أبي ، عن جدي (1) ، قال : بينا أنا جالس في مجلس النبي ، فإذا نحن بفاطمة صلوات اللّه عليها قد أقبلت ، فقالت : يا رسول اللّه ، إن الحسن والحسين خرجا من عندي وقد بطيا عني ، ولا أدري أين هما.
فقال صلی اللّه علیه و آله : يا فاطمة ، إن اللّه أرأف بهما مني ومنك.
ثم رفع يديه نحو السماء ، فقال : اللّهمّ احفظهما بعينك التي لا تنام حيث كانا ، وأين كانا.
فهبط جبرائيل علیه السلام ، فقال : يا محمّد إن اللّه يقرئ السّلام عليك ، ويقول لك : يا محمّد لا تحزن عليهما ، فإنهما في حفظي ، وهما نائمان في حظيرة بني النجار ، وقد وكلت بهما ملكين يحفظانهما.
فقام رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وقمنا معه حتى [ أتى ] الحظيرة. فوجدهما نائمين ، فأكبّ عليهما ، وجعل يقبّل بين عيني كل واحد منهما حتى استيقظا ، فحملهما على عاتقيه ، وجعل يسرع في مشيته ويقول : نعم المطي مطيكما ، ونعم الراكبان أنتما ، وأبوكما خير منكما حتى دخل بهما المسجد.
ثم قال : واللّه لاشرفنكما اليوم كما شرفكما اللّه عزّ وجلّ. ثم أقبل على جماعة أصحابه ، ثم قال :
أيها الناس ألا انبئكم بخير الناس أبا وأما؟
قالوا : بلى يا رسول اللّه.
ص: 374
قال : هذان الحسن والحسين أبوهما علي بن أبي طالب ، وأمهما فاطمة الزهراء سيدة النساء العالمين.
ألا انبئكم بخير الناس جدّا وجدة؟
قالوا : بلى يا رسول اللّه.
قال : هذان الحسن والحسين جدهما رسول اللّه ، وجدتهما خديجة أول من آمن باللّه ورسوله (1).
ألا أخبركم بخير الناس عما وعمة؟
قالوا : بلى يا رسول اللّه.
قال صلی اللّه علیه و آله : هذان الحسن والحسين عمهما جعفر ذو الجناحين ، وعمتهما أم هاني بنت أبي طالب ، ما أشركت باللّه طرفة عين.
ألا أخبركم بخير الناس خالا وخالة؟
قالوا : بلى يا رسول اللّه.
قال : هذان الحسن والحسين خالهما قاسم بن رسول اللّه ، وخالتهما زينب [ بنت ] رسول اللّه.
قال صلی اللّه علیه و آله : إن اللّه عزّ وجلّ ليعلم أن أباهما وأمهما وجدهما وجدتهما وخالهما وعمهما وعمتهما في الجنة.
قال : فلما سمع الشيخ مني هذا الحديث ، نظر ، وقال : من أين أنت يا فتى؟
قلت : من أرض الكوفة.
قال : أعربي أم مولى؟
ص: 375
قلت : عربي.
قال : أنت تحسن مثل هذا الكلام وتكون في مثل هذه الحال. فخلع عليّ خلعة وحملني على بغلة ورفع إليّ نفقة.
ثم قال لي : إن في مدينتا هذه أخا من إخوانك ، فإذا أنت خرجت من هذا الدرب الذي بين يديك ، فستراه جالسا على مسطبة له. فتقدم إليه ، وارو له من فضائل علي علیه السلام شيئا فانه سيغنيك عن جميع الناس.
فركبت البغلة ، فلما خرجت من الدرب الذي وصف لي بصرت بالرجل على ما وصفه لي فقصدت إليه ، ونزلت فسلّمت عليه.
فقال لي : إني لأعرف البغلة وأعرف الخلعة وما كساك وحملك من كساك إلا وأنت تحب أهل بيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
فقلت : أجل! قال : فحدثنا ممّا حدثته به.
فقلت : حدثني أبي عن جدي ، أنه قال : بينا نحن جلوس مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إذ دخلت فاطمة علیهاالسلام فقالت - وهي تبكي - : يا رسول اللّه ، إن نساء قريش يقلن لي إن أباك قد زوّجك رجلا فقيرا لا شيء له وقد خطبك أكابر قريش.
فقال لها النبي صلی اللّه علیه و آله : يا فاطمة والذي بعث أباك بالحق واصطفاه بالرسالة ما زوّجتك عليا حتى زوّجتك اللّه إياه من فوق عرشه. اعلمي يا فاطمة إنه لما أراد اللّه عزّ وجلّ تزويجك عليا ، اوحى الى جبرائيل أن ناد في السماوات السبع.
فنادى جبرائيل علیه السلام ، فاجتمع الملائكة الى السماء الرابعة بازاء البيت المعمور. ثم أمر جبرائيل فنصب منبرا من نور عرشه وأمره
ص: 376
أن يخطب ، ويزوجك عليا ، فكان الخاطب جبرائيل علیه السلام ، والولي اللّه ، والشاهد الملائكة.
ثم أوحى جلّ ثناؤه الى رضوان - خازن الجنان - أن زخرف الجنان ، وزين الحور. وأمر اللّه عزّ وجلّ شجرة طوبى أن احملي ، فحملت ، وأمرها أن تنثر على الحور من عجائب ما انتثر عليهم ، فكل حورية خلقت بعد ذلك ، فالتي خلقت قبلها تفتخر عليها بما عندها من نثار ملاكك.
يا فاطمة إن اللّه عزّ وجلّ نظر الى الأرض نظرة فاختار منها عليا فجعله لك بعلا.
يا فاطمة إن عليا وشيعته هم الفائزون.
قال : فلما سمع الرجل هذا الحديث ، قال لي : ممن تكون؟
قلت : رجل من أهل الكوفة.
قال : أعربي أم مولى؟
قلت : عربي.
فدفع لي ألف درهم وعشرين ثوبا (1) ، وقال لي : يا فتى قد وجب حقك وأراك محبا لعلي علیه السلام ومن شيعته ، وأنا أطرفك بشيء تحدث به من فضله فيه عبرة لمن سمعه.
قلت : وما هو؟
قال لي : إذا كان غدا ، فانطلق الغداة الى مسجد بني فلان لترى شيئا ما رأيت ولا سمعت مثله.
فو اللّه ما تمت ليلتي تلك ، ولقد طالت عليّ ، فلما أتيت المسجد ،
ص: 377
فوجدت الإمام يقيم الصلاة ، فنظر إليّ رجل ، فكأنه عرفني. فأخذ بيدي وتقدم معي الى الصف الأول ، فزحم بي ، فأدخلني بين رجلين.
فلما صلّينا أخذ بيدي وبيد أحد الرجلين ، ومال بنا الى ركن من أركان المسجد ، وتفرق الناس ، فنظرت الى الرجل الذي صلّيت الى جانبه متلثما ما يبين منه غير عينيه.
فقال له الرجل : هذا الرجل الذي بعث به إليك فلان.
فأقبل إليّ وسلّم عليّ ورحب بي ، وحدثني حتى آنست به ، ثم حسر اللثام عن وجهه. فنظرت الى وجهه وجه خنزير لا أشك فيه أنه كذلك ، فراعني ما رأيت.
فقال لي : يا بني أخبرك بما أرسلت إليّ أن أخبرك به. كنت من أجمل الناس وجها وأحسنهم خلقا ، وكنت أرى رأي الخوارج ، فغلوت في ذلك ، وكنت كلما أذنت لصلاة ، أسبّ عليا علیه السلام وألعنه - ما بين أذاني وإقامتي للصلاة - مائة مرة ، حتى كان بيوم جمعة ، فلعنته خمسمائة مرة ، ثم صلّيت.
فلما قضيت الصلاة انصرفت الى منزلي (1) ، فوضعت جنبي ، فنمت ، فرأيت من منامي روضة خضراء مزخرفة وفيها نفر جلوس لم أر أحسن منهم ، معهم شبابان بأيديهما إبريق وكأس من فضة ، ورجل هو أفضل الجماعة فيما يرى ، وأحسنهم وجها ، وهيئة. يقول للشابين : اسقياني. فسقياه. ثم قال : اسقيا أباكما. فسقيا رجلا الى جانبه. ثم قال : اسقيا عم أبيكما حمزة. فسقيا رجلا (2). ثم قال : اسقيا
ص: 378
عمكما (1) جعفر. فسقياه آخر. فكأني قد لغبت (2) عطشا.
فسألت الرجل أن يأمرهما أن يسقياني. فقال لهما : اسقيا هذا.
فقالا : لا يا رسول اللّه ، إنه يلعن أبانا كل يوم مائة مرة ، وقد لعنه اليوم خمسمائة مرة (3).
فقال : نعم لا تسقياه ، لا سقاه اللّه بل لعنه بكل لعنة ألف لعنة. ثم قال : اللّهمّ شوّه خلقه في الدنيا ، واجعله آية لمن رآه من عبادك.
فانتبهت من نومي ، وقد أنكرت نفسي ، وضربت بيدي الى وجهي ، فإذا هو على ما تراه ، فأنا منذ ذلك الوقت أترحم على علي علیه السلام واصلّي عليه أضعاف ما كنت ألعنه. فلعل اللّه أن يكفّر عني ما سلف.
قال الأعمش : ثم قال لي أبو جعفر ، فهل سمعت بهذا الحديث يا سليمان؟
قلت : لا (4).
ثم جعل يحدثني بفضائل علي علیه السلام ويسألني واحدثه حتى
ص: 379
أصبح.
[735] علي بن إبراهيم بن الهاشم ، باسناده ، عن سعيد بن جبير ، عن أبي الحمراء - خادم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله -.
قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : رأيت - ليلة اسري بي - على العرش مكتوبا لا إله إلا أنا وحدي ، خلقت جنة عدن بيدي ، محمّد صفوتي من خلقي ، أيدته بعلي.
[736] إسحاق بن أحمد البخاري ، باسناده ، عن أنس بن مالك ، أنه قال : نظر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى علي علیه السلام ، فقال :
سيد في الدنيا وسيد في الآخرة ، يا علي حبيبك حبيبي ، وحبيبي حبيب اللّه ، وعدوك عدوي ، وعدوي عدو اللّه. [ فطوبى لمن أحبك من بعدي ] (1).
[737] محمّد بن الحسين ، باسناده ، عن أبي علقمة ، قال : صلّى بنا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوما صلاة الفجر ، فلما سلّم ، التفت إلينا.
فقال : ألا أخبركم برؤيا رأيتها البارحة في منامي؟
قلنا : بلى يا رسول اللّه.
قال : رأيت عمي حمزة وابن عمي جعفر رضوان اللّه عليهما وبين أيديهما طبق فيه نبق ، فأكلا منه مليّا ، ثم تحول النبق عنبا ، فأكلا منه مليا ، ثم تحول العنب رطبا ، فأكلا منه مليا. فقلت لهما بأبي وأمي قد صرتما الى الآخرة وعملتما ، فأي الأعمال في الدنيا أفضل؟ فأخبراني أيها وجدتما أفضل؟
فقالا : فديناك بالآباء والامهات وجدنا أفضل الأعمال : الصلاة
ص: 380
عليك ، وسقي الماء وحب علي بن أبي طالب علیه السلام .
[738] [ وبآخر ] عن عبد اللّه بن أبان ، باسناده ، عن أنس بن مالك ، قال :
سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول :
النظر الى علي بن أبي طالب عبادة.
[739] سفيان الثوري ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : نادى مناد من السماء يوم احد :
لا فتى إلا علي ، ولا سيف إلا ذو الفقار (1).
[740] إسماعيل بن محمّد الكوفي ، باسناده ، عن جابر بن عبد اللّه الانصاري (2) ، أنه قال : لما قدم علي علیه السلام الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بفتح خيبر ، قال :
[ يا علي ] لو لا أن تقول فيك طائفة من امتي ما قالت النصارى في عيسى لقلت اليوم فيك مقالا لا تمرّ بملإ من الناس إلا أخذوا من تراب رجليك ، وفضل طهورك يستشفعون به. ولكن حسبك أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، وإنك لتبرئ ذمتي وتقاتل على سنّتي ، وإنك في الآخرة غدا معي أقرب الناس مني ، وإنك على الحوض خليفتي ، وإنك أول من يرد على الحوض لأنّك أول من [ آمن ] بي ، وإنك أول من يكسى معي ، وإنك أول من يدخل الجنة من امتي.
ص: 381
وإن شيعتك على منابر من نور مبيضة وجوههم [ حولي ] ، اشفع لهم حتى يكونوا في الجنة جيراني. وإن حربك حربي وسلمك سلمي ، وإن سريرة صدرك كسريرة صدري ، وإن ولدك ولدي ، وإنك تنجز عداتي ، وإن الحق على لسانك وفي قلبك وبين [ يديك ونصب ] (1) عينيك ، وإن الإيمان يخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي ، وانه لن يرد عليّ الحوض مبغض لك ، ولن يغيب عنه محب لك حتى يرده معك.
قال : فخرّ علي علیه السلام ساجدا ، وقال : الحمد لله الذي أنعم عليّ بالإسلام وعلّمني القرآن ، وحببني الى خير البرية خاتم النبيين وسيد المرسلين إحسانا منه إليّ وفضلا عليّ.
فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : لولاك يا علي ما عرف المؤمن من بعدي.
[741] أبو جعفر الاصبهاني ، باسناده ، عن علي علیه السلام : أن رجلا قال له : عظني يا أمير المؤمنين.
فقال له علیه السلام : اترك لما تبقي ما تشتهي أبدا ، كفى بمن عفّ عما يشتهي كرما.
[742] عبد الكريم الهشيم (2) ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، قال : لما أمر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يعرض نفسه على قبائل العرب ، إذا حضرت الموسم خرج لذلك ، وأمرني ، فخرجت معه ، وخرج معه أبو بكر ، وكان رجلا نسابة ، فدفعنا إلى قوم ، فوقف أبو بكر عليهم ،
ص: 382
فسلّم ، فردوا السّلام.
فقال : ممن القوم؟
قالوا : من ربيعة.
قال : من هامتها أو من لهازمها (1)؟
قالوا : من هامتها (2) العظمى.
قال : وأيّ هامتها العظمى أنتم؟
قالوا : ذهل الأكبر.
قال : أمنكم عوف الذي كان يقال : لا حر بوادي عوف؟
قالوا : لا.
قال : أفمنكم بسطام بن قيس (3) ذو اللوى ومنتهى الأحياء؟
قالوا : لا.
قال : أفمنكم حساس بن مرة حامي الذمار (4) ومانع البحار؟
قالوا : لا.
قال : أفمنكم الحوفدان قاتل الملوك وسالبها أنفسها؟
قالوا : لا.
قال : أفمنكم المزدلف (5) صاحب العمامة الفردة؟
ص: 383
قالوا : لا.
قال : أفمنكم أخوال الملوك من كندة؟
قالوا : لا.
قال : أفأنتم أصهار الملوك من لخم؟
قالوا : لا.
قال : أفلستم ذهل الأكبر وأنتم ذهل الأصغر.
فقام إليه غلام من شيبان ، كان بقل وجهه ، يقال له : دغفل.
فقال : إن على سائلنا أن نسأله ، والعباء لا نعرفه أو تحمله. يا هذا إنك قد سألتنا فلم نكتمك ونحن سائلوك فلا تكتمنا. ممن الرجل؟
قال : من قريش.
قال : بخ بخ ، أهل الشرف والرئاسة. فمن أيّ قريش أنت؟
قال : من تيم بن مرة (1).
قال : أمكنت واللّه الزامي من صفا الشغرة (2). أمنكم قصي بن كلاب بن مرة الذي جمع القبائل من فهر ، وكان يدعى مجمعا؟ (3).
قال : لا.
قال : أفمنكم هاشم الذي هشم (4) الثريد وأطعم الحجيج؟
ص: 384
قالوا : لا.
قال : أفمنكم شيبة الحمد مطعم طير السماء الذي كان وجهه قمر يضيء ليلة الظلام الداجي؟
قال : لا.
قال : أفمن المفيضين بالناس أنت؟
قال : لا.
قال : أفمن أهل الندوة أنت؟
قال : لا.
قال : أفمن أهل الرفادة؟
قال : لا.
قال : أفمن أهل الحجابة؟
قال : لا.
قال : أفمن أهل السقاية أنت؟
قال : لا. فاجتذب أبو بكر زمام ناقته ، فرجع الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
فقال دغفل : أما واللّه لو وقفت لأخبرتك إنك زمعان قريش (1) أو ما أنا دغفل.
قال علي علیه السلام : فلما سمع ذلك رسول اللّه تبسم. وقلت أنا لأبي بكر : لقد وقعت من الأعرابي على باقعة (2).
قال : أجل يا أبا الحسن لكل طامة موكل والبلاء موكل بالمنطق.
ص: 385
ثم دفعنا الى مجلس آخر عليه السكينة والوقار. فتقدم أبو بكر ، فسلّم ، فردوا علیه السلام . فقال : ممن القوم؟
قالوا له : من شيبان بن ربيعة.
فالتفت أبو بكر الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فقال له : بأبي وأمي أنت ليس بعد هؤلاء عزّ في قومهم. وكان في القوم مفروق بن عمرو (1) ، وهاني بن قبيصة (2) ، والمثنى بن حارثة ، والنعمان بن شريك. وكان مفروق بن عمرو قد أربى عليهم جمالا ولسانا. وكانت له غديرتان (3) تسقطان على تربيته ، وكان أدنى القوم من أبي بكر مجلسا.
فقال له أبو بكر : كم العدد فيكم؟
قال : إنا لنزيد على الف. ولن تغلب الف من قلة.
قال : فكيف المنعة فيكم؟
قال : علينا الجهد ولكل قوم جد.
قال : فكيف الحرب فيما بينكم وبين عدوكم؟
قال : إنا أشد ما يكون حين نغضب ، وأشد ما يكون غضبا حين [ التلقي ] ، وإنا لنؤثر جيادنا على أولادنا ، والسلاح على اللقاح ، والنصر من عند اللّه عزّ وجلّ بديل لنا وبديل علينا ، لعلك أخو قريش.
ص: 386
قال : إن كان قد بلغكم أمر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فهو هذا - وأشار إلى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله -.
قال : قد بلغنا أنه يقول ذلك.
وأقبل على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فقال : ما تدعونا إليه يا أخا قريش؟
فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أدعوكم الى شهادة أن لا إله إلا اللّه وأني محمّد رسول اللّه تؤوني وتنصروني ، فإن قريشا قد ظاهرت على أمر اللّه عزّ وجلّ وكذبت رسوله واستغنت بالباطل عن الحق إلا من عصم اللّه عزّ وجلّ منها ووفقه لدينه واللّه غنّي حميد.
قال : والى ما تدعونا أيضا؟
فتلا عليهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ( قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً ) الى قوله : ( ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ ) (1).
قال : والى ما تدعونا أيضا؟
فتلا عليهم : ( إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) (2).
قال مفروق بن عمرو : دعوت واللّه الى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال. ولقد أفك قوم ظاهروا عليك وكذبوك - وكأنه أحب أن يشركه هاني بن قبيضة في الكلام -. قال : وهذا هاني بن قبيصة وهو شيخنا وصاحب ديننا.
فتكلم هاني بن قبيضة فقال : يا أخا قريش قد سمعنا مقالتك ،
ص: 387
وإنا لنرى أن ترك ديننا والانتقال الى دينك في مجلس نجلسه ، ولم ننظر فيه - في أمرك ولم نرتئي في عاقبة ما تدعو إليه لزلة في الرأي ، أو عجال في النظر ، والزلة تكون مع العجلة ، وأن من ورائنا قوما يكرهون أن نعقد عليهم عقدا ، ولكن نرجع وترجع وتنظر وننظر - وكأنه أحب أن يشركه في الكلام المثنى بن حارثة -. فقال : وهذا المثنى بن حارثة وهو شيخنا وكبيرنا وصاحب حربنا.
فتكلم المثنى بن حارثة (1) ، فقال : يا أخا قريش قد سمعت مقالتك ، فأما الجواب في تركنا ديننا واتباعنا إياك على دينك فهو جواب هاني ، وأما الجواب في أن نؤويك وننصرك ، فإنا نزلنا بين صيرين : اليمامة (2) والسماوة (3).
قوله : بين صيرين. الصير - في كلام العرب - : الشق. وفي الحديث : من نظر في صير باب - أي في شق باب - ففقئت عينه فهي هدر.
والصير أيضا في كلامهم ، صير البقر : وهو موضع محدود كالحظيرة من أغصان الشجر والحجارة ونحوها ، فإذا كان ذلك للغنم ، قيل زريبة. وصير كل شيء مصيره.
فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ما هذان الصيران؟
قال : مياه العرب وأنهار كسرى ، فأما ما كان يلي مياه العرب فذنب صاحبه مغفور ، وعذره مقبول. وأما ما كان يلي أنهار كسرى
ص: 388
فذنب صاحبه غير مغفور ، وعذره غير مقبول. وإنما نزلنا هنالك على عهد أخذه علينا كسرى ألاّ نحدث حدثا ولا نؤوي محدثا ، ولسنا نأمن من أن يكون هذا الأمر الذي تدعو إليه مما تكره الملوك ، فان أحببت أن نؤويك وننصرك ممّا يلي مياه العرب آويناك ونصرناك.
فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ما أسأتم في الردّ إذا فصحتم بالصدق ، وليس يقوم بدين اللّه عزّ وجلّ إلا من حاطه من جميع جوانبه ، أريتم إن لم تلبثوا إلا يسيرا حتى يمنحكم اللّه عزّ وجلّ أموالهم ويورثكم ديارهم ، ويفرشكم نساءهم ، أتسبّحون اللّه تعالى وتقدّسونه؟
فقال النعمان بن شريك : اللّهمّ لك ذلك.
فتلا عليهم : ( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَداعِياً إِلَى اللّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً ) (1).
ووثب صلی اللّه علیه و آله فأخذ بيدي ، وقال لي : يا علي ، أيّ أحلام في الجاهلية يرد اللّه عزّ وجلّ بها بأس بعضهم عن بعض ويتحاجزون بها في هذه الدنيا.
وكان من اولئك من أسلم ووفد على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ونال بما وعدهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من مملكة كسرى.
ونصر عليا علیه السلام في حروبه.
وفي هذا الحديث من فضل علي علیه السلام :
[ 1 - ] استصحاب رسول اللّه إياه على حداثة سنّه يومئذ يعرضه مع نفسه على العرب.
[ 2 - ] وإقباله عليه يخبره عن أحوالهم.
ص: 389
[ 3 - ] واعتماده عليه بحضرتهم ليريهم اختصاصه إياه.
[ 4 - ] ومكانه منه على حداثة سنّه ، وقرب عهده.
وقد انتفع بذلك من لحقه منهم ونصره ، وكان مع حفظه للحديث وتركه لاعتراض ما اعترض غيره فيه ، وتقدمه بين يدي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، واللّه جلّ من قائل يقول : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (1).
ص: 390
[743] إسماعيل بن عبد اللّه ، عن محمّد بن يحيى ، باسناده ، عن محمّد بن غسان الكندي ، قال : قال معاوية بن أبي سفيان لضرار النهشلي (1) : يا ضرار ، صف لي علي بن أبي طالب؟
قال : أولا تعفيني عن ذلك؟
قال : أقسمت عليك لتفعلن.
قال [ ضرار ] : أما إذا أبيت ، فنعم.
كان واللّه شديد القوى ، بعيد المدى (2) ، يتفجر العلم من جوانبه ، وتنطق الحكمة على لسانه ، يستوحش من الدنيا وزهدتها ، ويأنس بالليل ووحشته ، كان واللّه غزير الدمعة طويل الفكرة يقلّب كفيه ويخاطب نفسه (3).
كان واللّه فينا كأحدنا يجيبنا إذا دعوناه ويقربنا إذا أتيناه ، ونحن مع قربه لا نبتديه لعظمته ، ولا نكلمه لهيبته. فإن ابتسم فعن مثل
ص: 391
اللؤلؤ المنظوم ، يقدّم أهل الدين ويفضل المساكين ، لا يطمع القوي في باطله ، ولا ييأس الضعيف من عدله.
وأقسم باللّه لقد رأيته في بعض أحواله ، وقد أرخى الليل سدوله ، وغارب نجومه ، وقد مثل في محرابه قابضا على لحيته يتملل تململ السليم ، ويبكى بكاء الواله الحزين ، ويقول في بكائه :
يا دنيا أبي تعرضت أم إليّ تشوقت ، هيهات هيهات لا حان حينك قد بتتك ثلاثا لا رجعة فيك ، عيشتك حقير ، وعمرك قصير ، وخطرك يسير ، آه آه من بعد السفر ، وقلة الزاد ، ووحشة الطريق.
قال : فانهملت دموع معاوية على خده حتى كفكفها بكمه. واختنق القوم جميعا - ممن حضر - بالبكاء.
فقال معاوية : رحم اللّه أبا الحسن فلقد كان كذلك ، فكيف كان جزعك عليه ، باضرار؟
قال : جزع من ذبح ولدها (1) في حجرها فما تسكن حرارتها ولا ترقأ دمعتها.
قال معاوية : لكن أصحابي لو يسألوا عني بعد موتي ما أخبروا عني من هذا بشيء.
[744] اسماعيل ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه بينما يطوف البيت الحرام ، إذ هو بشاب قد شال يديه حتى تبين بياض ابطيه ، وهو يقول : اللّهمّ اني أبرأ إليك من علي بن أبي طالب ، وما أحدث في
ص: 392
الاسلام.
فقال ابن عباس لبعض من حوله : لا يفتك الرجل.
فقبض عليه وأتي به إليه. فقال له عبد اللّه بن عباس : ممن الرجل؟
قال : من أهل الشام.
قال : ما اسمك؟
قال : ربيعة بن خارجة الخارجي.
قال : وأيّ شيء أحدث علي بن أبي طالب علیه السلام في الاسلام ، يا ربيعة؟
قال : قتله الموحدين يوم صفين ، ويوم النهروان ، ويوم الجمل ، ويوم النخيلة.
قال له : ويحك إنما قتل علي من خالف الملة ، وطعن في الاسلام ، وأمره بقتالهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فهل أنت راد على اللّه ورسوله؟
ويحك يا ربيعة إن لعلي علیه السلام أربع سوابق لو قسمت الواحدة منها على جميع الخلق لو سعتهم (1).
ص: 393
قال : وما هن يا ابن عباس؟
قال : إنه أول من آمن باللّه ورسوله صلی اللّه علیه و آله ، وصلّى مع النبي القبلتين ، وهاجر الهجرتين ، وبايع البيعتين [ والثانية ] (1) : لم يعبد قط صنما ، ولا شرب خمرا.
إن اللّه أوحى الى نبيه صلی اللّه علیه و آله أن زوّج عليا علیه السلام وفاطمة علیهاالسلام ، فاني قد زوّجتها منه ، فإن اللّه أمر شجرة في الجنة يقال لها : طوبى أن احملي ، فحملت ، ثم قال لها : اثمري ، فأثمرت ، ثم قال لها : انثري ، فنثرت درا كأمثال القلال (2) ، فالتقطه حور العين فهنّ في الجنة يتفاخرن به الى يوم القيامة ، يقلن : هذا نثار فاطمة بنت محمّد علیهاالسلام .
وكان يسمع وقع جناح جبرائيل علیه السلام على سطحه إذا هبط بالوحي على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
وكان صنم خزاعة مرفوعا فوق الكعبة. فقال النبي صلی اللّه علیه و آله :
انطلق بنا نلقي هذا الصنم عن البيت. فانطلقا ليلا. فقال له : يا أبا الحسن ارق على ظهري - وكان طول الكعبة أربعين ذراعا - فقال له : يا رسول اللّه بل ترق على ظهري فأنا أولى بذلك وأحق بحملك.
قال : يا علي إنك لن تقدر على ذلك ، ولو اجتمعت الامة على أن تحمل مني عضوا ما قدرت للإيمان الذي هو في قلبي.
وحمله رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فلما استوى عليه قال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : انتهيت يا علي؟
ص: 394
قال : والذي بعثك بالحق لو هممت أن أمسّ السماء بيدي لمسستها.
واحتمل الصنم فجلد به الأرض ، فتقطع قطعا ، ثم تعلق علي علیه السلام بالميزاب ، وتنحى عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إكراما وإجلالا له. ثم تخلى بنفسه الى الأرض ، فلما سقط ضحك.
فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ما يضحكك يا علي؟ أضحك اللّه سنك.
قال : ضحكت يا رسول اللّه تعجبا من أني رميت بنفسي من فوق البيت الى الأرض وما ألمت ، وما أصابني وجع.
فقال له النبي صلی اللّه علیه و آله : وكيف تألم يا أبا الحسن ، أو يصيبك وجع إنما رفعك محمّد ، وأنزلك جبرائيل.
ص: 395
[745] الحسن بن محبوب (1) ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : قال لي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا علي طوبى لمن أحبك وصدق عليك ، وويل لمن أبغضك وكذب عليك.
يا علي أنت العالم لهذه الامة من أحبك فاز ، ومن أبغضك هلك.
يا علي أنا المدينة وأنت الباب وهل تؤتى المدينة إلا من بابها.
يا علي أهل مودتك كل أوّاب حفيظ ، وكل ذي طمر (2) لو أقسم على اللّه لبرّ قسمه. رضيت بالضعفاء أتباعا ورضوا بك إماما ، إخوانك كل طاو (3) وزاك ومجتهد يحب فيك ويبغض فيك ، ويحقر عند الخلق (4) عظيم المنزلة عند اللّه.
يا علي محبوك جيران اللّه في دار [ الفردوس ] (5) لا يأسفون على ما خلفوا في الدنيا.
ص: 396
[ يا علي أنا ولي لمن واليت وأنا عدو لمن عاديت ] (1).
يا علي من أحبك أحبني ومن أبغضك أبغضني.
يا علي إخوانك يفرحون في ثلاث مواطن :
عند خروج أنفسهم وأنا وأنت شاهدهم.
وعند المساءلة في قبورهم.
وعند العرض على الصراط إذا سئل الخلق عن إيمانهم [ فلم يجيبوا ].
يا علي حربك حربي ، وسلمك سلمي ، من حاربك حاربني ، ومن سالمك سالمني ، ومن سالمني سالم اللّه.
يا علي بشر إخوانك ، إن اللّه قد رضي عنهم ، إذ أرضاك لهم قائدا ، ورضوا بك وليا.
يا علي أنت أمير المؤمنين وقائد الغرّ المحجلين.
يا علي شيعتك المنتجبون ولو لا أنت وشيعتك ما قام لله دين ، ولو لا من في الأرض منكم لما انزلت السماء قطرها.
يا علي أنت وشيعتك القائمون بالقسط ، وخيرة اللّه من خلقه.
يا علي أنت وشيعتك في ظل العرش تتحدثون الى أن يفرغ اللّه من الحساب.
يا علي أنت وشيعتك على الحوض تسقون من أحببتم وتمنعون من كرهتم ، وأنتم الآمنون يوم الفزع الأكبر في ظل العرش ، يفزع الناس ولا تفزعون. ويحزن الناس ولا تحزنون.
يا علي أنت وشيعتك في [ الموقف ] (2) تطلبون ، وأنتم في الجنان
ص: 397
تتنعمون ، وفيكم نزلت : ( وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ ) (1).
يا علي إن الملائكة وخزان الجنة يشتاقون إليكم ، وإن حملة العرش ليحبونكم ، ويسألون اللّه عزّ وجلّ المغفرة والجنة لكم ، ويفرحون بمن قدم عليهم منكم كما يفرح أهل الغائب بقدوم غائبهم بعد طول الغيبة.
يا علي شيعتك يخافون اللّه في السر ، ويتقونه في العلانية.
يا علي شيعتك يتنافسون في الدرجات لأنهم يلقون اللّه عزّ وجلّ وما عليهم من ذنب.
يا علي إن أعمال شيعتك تعرض عليّ في كل [ يوم جمعة ] فافرح بصالح ما عملوه ، واستغفر لسيئاتهم.
يا علي ذكرك في التوراة ، وذكر شيعتك قبل أن يخلقوا بخير ، وكذلك ذكركم في الانجيل ، وأعطاك اللّه من علم الكتاب ، وإن أهل الإنجيل ليعظمون عليا وشيعته وما يعرفونهم وأنت وشيعتك مذكورون في كتبهم.
يا علي أعلم أصحابك أن ذكرهم في السماء أفضل وأعظم من ذكرهم في الأرض ليفرحوا ويزدادوا اجتهادا. وأن أرواح شيعتك لتصعد الى السماء في رقادهم وعند وفاتهم ، فتنظر الملائكة إليها كما تنظر الناس الى الهلال شوقا إليهم ولما يرون من منزلتهم عند اللّه.
يا علي قل لأصحابك العارفين بك يتناهون عن الأعمال السيئة ، فانه ما من يوم وليلة إلا ورحمة اللّه تغشاهم ، فليتجانبوا الدنس.
ص: 398
يا علي اشتد غضب اللّه على من قلاك وقلاهم (1) وبراء منك ومنهم ، واستبدل بك وبهم ، ومال الى غيرك وتركك وشيعتك ، واختار الضلال ونصب الحرب لك ولشيعتك ، وأبغضنا أهل البيت ، وأبغض من تولانا ، وعظمت رحمة اللّه لمن أحبك ونصرك واختارك وبذل مهجته وماله فينا.
يا علي اقرأهم مني السّلام من لم أر منهم ومن لم يرني ومن رأيته ورآني ، وأعلمهم أنهم اخواني الذين أشتاق إليهم ، ومرهم أن يجتهدوا في العمل فإنا لا نخرجهم من هدى الى ضلالة ، وأخبرهم أن اللّه عنهم راض ، وأنه يباهي بهم ملائكته وينظر إليهم في كل جمعة برحمته ويأمر الملائكة أن يستغفروا لهم.
يا علي لا ترغب عن قوم بلغهم أني احبك ، فأحبوك لحبي إياك ، وأدانوا اللّه عزّ وجلّ بمودتك ، وأعطوك صفو المودة ، واختاروك على الآباء والامهات والأبناء والأخوات وسلكوا طريقك وصبروا على ما حملوا من المكاره فينا ، وأتوا الى نصرنا ، وبذل المهج فينا مع الأذى وسوء القول ما يستقبلون من مضاضة ذلك (2) ، فكن بهم رحيما واقنع بهم فإن اللّه اختارهم بعلمه لنا من بين الخلق ، وجعلهم من طينتنا ، واستودعهم سرنا ، وألزم قلوبهم معرفة حقنا ، وجعلهم متمسكين بحبلنا لا يؤثرون علينا من خالفنا مع ما زووا من الدنيا عنهم وميلهم بالمكروه عليهم والتلف ، قد أيدهم اللّه بالتقوى ، وسلك بهم طريق الهدى.
فأعداؤك يا علي في غمرة الضلال متحيرون عموا عن المحجة [ وما جاء
ص: 399
من عند اللّه ، وهم ] يصبحون ويمسون في سخطه. وشيعتك على منهاج الحق والاستقامة يصبحون ويمسون في رضاء اللّه عزّ وجلّ ، لا يستوحشون لكثرة من خالفهم [ ليسوا من الدنيا ، ولا الدنيا منهم ] (1) ، اولئك مصابيح الدجى - يقولها ثلاثا -.
ص: 400
[746] يحيى ، باسناده ، عن أبي سعيد الخدري قال : أصبح علي علیه السلام ذات يوم ، فقال لفاطمة علیهاالسلام : يا فاطمة هل عندك شيء [ تغذينيه ] (1).
قالت : والذي أكرم أبي بالنبوة ما أصبح اليوم عندي شيء اغذيكه ، وما كان عندي شيء منذ يومين إلا ما كنت اوثرك به على نفسي وعلى هذين - تعني الحسن والحسين علیهماالسلام -.
قال : فهلا كنت ذكرت ذلك لي ، فأبغركم شيئا؟
قالت : إني لأستحي من اللّه أن اكلّفك ما لا تقدر عليه ، ولا تجده.
فخرج علي علیه السلام من عندها ، واثقا باللّه ، حسن الظن به ، فأتى بعض الصحابة ، فاستقرض دينارا ، وأقرضه إياه. فمضى ليبتاع به لعياله ما يصلحهم ، فلقي المقداد بن الأسود (2) في يوم شديد الحر ، وقد لوحته الشمس من فوقه وأذته من تحته ، فلما رآه علي علیه السلام أنكر
ص: 401
حاله ، فقال : يا مقداد ما أزعجك هذه الساعة عن أهلك؟
فقال : يا أبا الحسن خلّ عن سبيلي ، ولا تسألني عما ورائي.
قال : يا أخي إنه لا ينبغي أن تجاوزني حتى أعلم علمك.
قال : يا أبا الحسن ، رغبة الى اللّه عزّ وجلّ وإليك أن تخلّي سبيلي ، ولا تكشفني عن حالي.
قال له : يا أخي لا يسعك أن تكتمني حالك.
قال : يا أبا الحسن ، أما إذا أبيت فو الذي أكرم محمّدا بالنبوة وأكرمك بالوصية ، ما أزعجني عن أهلي إلا الجهد ، وقد تركت عيالي يتضارعون جوعا. فلما سمعت ذلك منهم وبكاء العيال لم تحملني الأرض فخرجت مهموما راكبا رأسي ، فهذه قضيتي وحالي.
فهملت عينا علي علیه السلام بالبكاء حتى بلّت دموعه لحيته ، وقال له : أحلف بالذي حلفت به ما أزعجني وأخرجني عن أهلي غير الذي أخرجك وأزعجك عن أهلك ، ولكن قد استقرضت دينارا ، فهاكه قد آثرتك به على نفسي.
فدفع الدينار إليه ، وأتى المسجد ، فصلّى فيه الظهر والعصر والمغرب ، فلما قضى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الصلاة مرّ بعلي علیه السلام وهو يصلّي ، فغمزه [ برجله ] ، فأوجز في صلاته ، ثم لحق رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عند باب المسجد. فقال : يا أبا الحسن هل عندك شيء نتعشاه فنميل (1).
فأطرق علي علیه السلام ساعة لا يحير جوابا حياء من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وكان جبرائيل علیه السلام قد هبط على النبيّ
ص: 402
صلی اللّه علیه و آله ، فقال : يا محمّد إن اللّه عزّ وجلّ يأمرك ان تتعشى هذه الليلة عند علي علیه السلام ، فلما نظر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى سكوت علي علیه السلام قال : يا أبا الحسن ، مالك لا تقول شيئا ، أتقول : نعم ، فأمضي معك ، أم أنصرف؟
فقال - حياء من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - : نعم ، فامض بنا يا رسول اللّه.
فانطلقا ، فدخلا على فاطمة علیهاالسلام وهي في مصلاّها قد قضت صلاتها ، وخلفها في البيت جفنة تفور دخانها ، فلما أن أحست بالنبي وعلي علیهماالسلام قامت مبادرة الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وكانت من أحب الناس إليه ، فسلّمت عليه ، فردّ علیهاالسلام ، فمسح بيده على رأسها ، وقال : يا بنية كيف أمسيت رحمك اللّه [ عشّينا غفر اللّه لك ] (1) ، وجلس رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعلي علیه السلام وجلست فاطمة والحسن والحسين علیهم السلام بحسب ما كانوا يجلسون على الطعام ، وعلي علیه السلام [ يظن ] أن الطعام شيء عملته فاطمة علیهاالسلام ، وهي تظن أنه جاء به مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله حسب ما كان يفعل ذلك كثيرا ، وكشفت عن الجفنة ، فإذا ثريد يفور وعراق كثير ، فجعلوا يأكلون ، وعلي علیه السلام ينظر الى فاطمة علیه السلام نظرا شحيحا (2).
فقالت علیهاالسلام : يا أبا الحسن ، مالي أرى أكلك ضعيفا
ص: 403
وعهدي بك منذ أول النهار سألت الغذاء ، ثم لم أرك ، وأراك مع ذلك تنظر الي نظرا شحيحا ، كأن في نفسك عليّ شيء.
قال علي علیه السلام : كيف لا يكون ذلك وقد كدت أرد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وقد سألني العشاء عندي ، وأنا لا أعلم عندك شيء على قولك ، فمن أين هذا الطعام؟
قالت : والذي بعثه بالحق نبيا - وأشارت الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - ما عندي منه علم ، ولا ظننت إلا أنه شيء جئت به من عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
فأمسكت عن الطعام ، وأمسك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
وتغشى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الوحي ، فغمز بين كتفي علي علیه السلام ، ثم قال : كل يا علي ، كلي يا فاطمة ، ووضع يده فأكل.
وقال : هذا من عند اللّه ، يا علي هذا عوض دينارك ، هذا عوض إيثارك على نفسك ، هذه كرامة من عند اللّه عزّ وجلّ لنا أهل البيت.
فأنزل اللّه عزّ وجلّ فيه : ( وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (1). واستعبر رسول اللّه ، وقال : الحمد لله الذي أنالكما كما أنال زكريا ومريم بنت عمران ، إذ كان ( كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ ) (2).
ص: 404
[747] أحمد بن شعيب [ النسائي ] ، باسناده ، عن [ هلال ، عن عوار ] (1) ، قال : قلت لعبد اللّه بن عمر : أخبرني عن علي علیه السلام وعثمان ، ومنزلة كل واحد منهما.
قال : أما علي علیه السلام فهذا منزله وهذا منزل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ولا اخبرك بأكثر من هذا. وأما عثمان فإنه أذنب ذنبا عظيما ، كان ممن تولّى يوم التقى الجمعان ، وذلك يوم أحد ، فغفر اللّه له ذلك فيمن غفر ، وأذنب فيكم [ ذنبا صغيرا ] فقتلتموه.
[748] وبآخر ، عن علي علیه السلام أنه قال : قال لي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا علي يهلك فيك محبّ مفرط ، ومبغض مفرط ، ومثلك مثل المسيح غلت فيه النصارى ، فزعموا أنه ابن اللّه. وغلت فيه اليهود فزعموا أنه لغير رشده ، [ واقتصد قوم فنجوا ] (2).
[749] يحيى بن مساور ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنه قال - يوما وعنده جماعة من أصحابه - : نقيّ القلب ؛ نقيّ النفس ؛ يقول صوابا ، ويمشي سدادا ، تزول الجبال ولا يزول ، هو مني وأنا منه.
قالوا : يا رسول اللّه ، من هو هذا؟
قال : علي بن أبي طالب ، نور اللّه بين عينيه.
[750] وبآخر ، عن أبي موسى الأشعري ، أنه قال لعمرو بن العاص - لما أن تفاوض في الحكومة - :
ويحك يا عمرو ، ما يدعوك الى أن تجعل الخلافة في غير علي بن أبي
ص: 405
طالب علیه السلام ؟ أما سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح (1) من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق؟ أما تذكر يوم كنا بباب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فخرج إلينا ، فقال :
إن إبراهيم خليل اللّه ، وموسى كليم اللّه ، وعيسى روح اللّه ، وأنا حبيب اللّه ، وعلي بن أبي طالب وديعتي عند اللّه؟
أو ما تذكر إذ كنا في سفر مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إذ أقبل يسير على رجليه ، فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله :
والذي نفسي بيده لئن شئتم لأرينكم أيّ الناس شبها ومنطقا بابراهيم خليل الرحمن علیه السلام .
قالوا : ومن هو يا رسول اللّه؟
قال : هذا المقبل علي بن أبي طالب ، نور اللّه بين عينه.
فرفعوا أبصارهم فإذا وجه علي علیه السلام يضيء مثل الشمس.
[751] سعيد بن نوح العجلي ، باسناده ، عن أنس بن مالك. قال : كنت خادم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فسمعته يقول :
ليدخلن عليّ اليوم البيت رجل هو خير الأوصياء ، وسيد الشهداء ، وأقرب الناس يوم القيامة [ إليّ ] مجلسا (2).
ص: 406
قال أنس بن مالك ، فقلت : اللّهمّ اجعله رجلا من الأنصار ، فدخل علي علیه السلام في ذلك اليوم.
فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ومالي لا أقول هذا فيك ، وأنت تبرأ ذمتي وتحفظ وصيتي.
[752] حسن بن حريث بن عمارة (1) ، باسناده ، عن جابر بن عبد اللّه ، أنه سئل عن علي علیه السلام ، قال : ذلك خير البشر من شك فقد كفر.
ص: 407
قول الملائكة في علي علیه السلام وعونهم إياه وما جاء عنهم فيه
[753] سعد بن طريف ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي علیه السلام ، أنه قال : زارت الملائكة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فجاء عمر يريد أن يدخل إليه ، وعلي علیه السلام بالباب (1).
فقال له عمر : أتأذن لي؟
فقال له : إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله على حاجة.
وعلي علیه السلام يمسح العرق عن وجهه ويحسب بيده ، فانصرف عمر ، ثم عاد ، فقال له : إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله على حاجة ، ثم جاء الثالثة ، فقال : يا عمر إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله زاره اليوم ثلاثمائة وستون ملكا ، فهو معهم مشغول عنك وعن غيرك.
فانصرف عمر ، فلما أن صلّى الظهر أتى إلى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فقال : يا رسول اللّه أتيت اليوم إليك مرارا فردّني علي وزعم أنه زارك اليوم ثلاثمائة وستون ملكا.
فدعا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عليا علیه السلام ، فقال له :
ص: 408
يا علي ، ما أعلمك أنه زارني اليوم ثلاثمائة وستون ملكا.
قال : يا رسول اللّه ، أحصيت سلامهم عليك.
فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : والذي نفسي بيده ، ما زدت ولا نقصت قلامة ظفر ولقد أحصيت عددهم.
[754] محمّد بن عيسى النخعي ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي علیه السلام ، أنه قال : لما أن أمر اللّه عزّ وجلّ نبيه صلی اللّه علیه و آله بالهجرة ، وأعلمه بما عقد (1) المشركون من أن يثبوه ليقتلوه ، وأمر عليا علیه السلام بأن يضطجع مضجعه ، ففعل ، فأوحى اللّه عزّ وجلّ إلى جبرائيل وميكائيل علیهماالسلام :
إني قد آخيت بينكما وإني قابض روح أحدكما ، فاختارا ، أيكما أقبض روحه؟
فكلاهما أحبّ الحياة وكره الموت.
فأوحى اللّه عزّ وجلّ إليهما : ما أنتما في مواساتكما كمواساة علي لمحمّد. فانطلقا ، فاحفظاه من كل سوء من عدوي وعدوه حتى يصبح.
فهبطا ، فقعد أحدهما عند رأسه ، والآخر عند رجليه ، وهما يقولان : بخ بخ لك يا علي المحبوب المواسي بنفسه.
[755] أبو عثمان (2) قاضي الموصل ، باسناده ، عن أبي أيوب الأنصاري (3) أنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : لقد صلّيت وعلي بن أبي طالب سبع سنين وذلك أنه لم يؤمن ذكر من قبله ، وذلك قول اللّه عزّ وجلّ ( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ
ص: 409
يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ ) (1) لمن في الأرض وكان ذلك لي ولعلي وخديجة بنت خويلد ، ثم لمن آمن من بعد.
[756] محمّد بن مالك ، باسناده ، عن جابر بن عبد اللّه ، أنه قال : خرج علي علیه السلام ومعه إزار ، فباعه بستة دراهم في سوق المدينة ، وأقبل ليبتاع بها طعاما لعيال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فلقيه سائل.
فقال يا أبا الحسن عادتك الجميلة ، فدفع إليه الستة الدراهم ، وأقبل بلا شيء ، فلما أن صار في بعض الطريق لقي أعرابيا ومعه ناقة.
فقال له الأعرابي : هل تشتري مني هذه الناقة؟
قال له : ليس معي ثمنها.
قال : أنا أصبر عليك.
قال [ أمير المؤمنين ] : بكم هي؟
قال [ الأعرابي ] : بمائة درهم.
قال [ أمير المؤمنين ] : أخذتها.
قال : فدفعها إليه ، فأخذها علي علیه السلام منه ، ثم وقف عليهما أعرابي آخر.
فقال لعلي علیه السلام : أتبيع الناقة؟
قال : نعم.
قال [ الأعرابي ] بكم هي؟
قال : أخذتها من هذا بمائة درهم بنظرة فاعط ما شئت؟
ص: 410
قال : اعطيك مائة وستين درهما نقدا.
قال [ أمير المؤمنين ] : هي لك.
فوزن الدراهم ، فاستوفى البائع المائة ، وأتى علیه السلام بستين درهما فوضعها بين يدي النبي صلی اللّه علیه و آله . فضحك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وقال :
نعم البائع ، ونعم المشتري. يا علي ، أما البائع منك فجبرائيل ، وأما المشتري منك فميكائيل. أعطيت ستة ، فأعطيت ستين. ولو زدت لزادك ، ولو دنقت لدنق عليك ، ألا إن اللّه عزّ وجلّ انتجبك ، فهداك.
[757] محمّد بن إسماعيل ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه قال : قدم علي علیه السلام من بعض غزواته المباركة.
فقال له النبي صلی اللّه علیه و آله : يا على إن جبرائيل يقرئك السّلام ، وأخبرني أنه عنك راض.
قال : فبكى علي علیه السلام .
فقال له النبي صلی اللّه علیه و آله : أفرحا بكيت يا علي؟
قال : فكيف لا أفرح يا رسول اللّه ، وأنت تخبرني برضاء جبرائيل عني.
فقال : يا علي إن اللّه عزّ وجلّ وملائكته ورسوله عنك راضون ، ولو لا أني أخاف أن يقول فيك الناس ما قالت النصارى في عيسى بن مريم علیه السلام لقلت فيك اليوم قولا ما تمرّ بملإ من أمتي (1) إلا أخذوا التراب من تحت قدميك ، يرجون بذلك البركة والرحمة.
ص: 411
[758] إسحاق بن وهب بن زياد ، باسناده ، عن جابر عن عبد اللّه ، أنه قال : لما أن قدم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بفتح خيبر.
قال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا علي ، إني اخبرت خبرك واوتيت مناي فيك ، وإني عنك راض.
قال : فدمعت عينا علي علیه السلام .
فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : لا تبك فان اللّه وملائكته ورسله وجبرائيل وميكائيل وإسرافيل عنك راضون ، ولو لا أن تقول امتي فيك ما قالت النصارى في المسيح لقلت اليوم فيك مقالا لا تمرّ على ملأ من الناس قلّوا أو كثروا إلا أخذوا التراب من تحت قدميك ، وفضل طهورك ، يلتمسون به البركة ويستشفون به ، ولكن حسبك أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، وإنك ترثني وأرثك ، وإن ولدك ولدي ، وحربك حربي ، وسلمك سلمي ، وإن سرك سري ، وعلانيتك علانيتي ، وإن سريرة صدرك كسريرة صدري ، وإن الإيمان قد خالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي ، وإنك تنجز عداتي ، وتقاتل على سنتي ، وإنك أول من يرد الحوض عليّ ، وإنك على الحوض خليفتي ، وإن الحق بين عينك وفي قلبك وعلى لسانك ، وإنك تكسى إذا كسيت ، وتحلى إذا حليت ، وتعطى إذا اعطيت ، وإن شيعتك يوم القيامة على منابر من نور مبيضة وجوههم حولي ، أشفع لهم ، ويكونون في الجنة جيراني ، وكل مبغض لك وأهل بيتك يذاد عن حوضي.
قال : فخرّ علي (1) علیه السلام ساجدا. ثم رفع رأسه الى السماء
ص: 412
فقال : الحمد لله (1).
[759] محمّد بن ثابت ، باسناده ، عن عبد اللّه بن مسعود ، قال : كنا مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في غزوة من غزواته ، فنزل منزلا ونزل المسلمون معه على غير ماء ، والمشركون على ماء لهم ، فعطش النبي صلی اللّه علیه و آله .
فقال : من يسقني شرية من ماء وله الجنة؟
فلم يكن عند أحد ماء. فوثب علي علیه السلام فتناول القربة ، وقد غابت الشمس ، وخرج يمشي نحو الماء الذي عليه المشركون ، فأتاه ليلا فملأ القربة. فلما احتملها [ وخرج ، فجاءت ريح ] ، فوقع ، وهرق الماء فملأها ثانية ، فأصابه مثل ذلك. ثم ثالثة ، فأصابه مثل ذلك ، ثم ملأها (2) ، وأتى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بها مملوءة.
فقال : يا علي ، اسقطت ثلاث مرات؟
قال : نعم ، والذي بعثك بالحق يا رسول اللّه ، لقد أصابني ذلك ، فمن أخبرك؟
قال : جاء جبرائيل في جماعة من الملائكة ، فأخبرني أنهم أتوا إليك ، فسلّموا عليك ، فأصابك ريح أجنحتهم ، فسقطت ، ثم جاءني ميكائيل ، فأخبرني أنه أتاك في جماعة من الملائكة ، فسلّموا عليك ، فأصابك ريح أجنحتهم ، فسقطت. ثم جاءني إسرافيل ، فأخبرني أنه أتاك في جماعة من الملائكة ، فسلّموا عليك ، فأصابك مثل ذلك. وما
ص: 413
أتوك إلا ليحفظوك(1).
[760] محمّد بن عمرو ، باسناده ، عن جابر بن عبد اللّه ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ما عصاني قوم من المشركين إلا رميتهم بسهم اللّه.
قيل : وما سهم اللّه يا رسول اللّه؟
قال : علي بن أبي طالب ، ما بعثته في سرية ولا أبرزته لمبارزة إلا رأيت جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن يساره ، وملك الموت أمامه وسحابة تظله حتى يعطيه اللّه خير النصر والظفر.
[761] عبد الرحمن بن صالح ، باسناده ، عن الليث ، قال : كان لعلي علیه السلام في ليلة واحدة ثلاثة ألف منقبة وثلاث مناقب. بعثه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يستقى له ماء ، فبينا هو على البئر إذ هبت ريح شديدة حتى استمسك بالبئر ، ثم مرت ريح ثانية ، ثم ثالثة كذلك ، فأتى النبي صلی اللّه علیه و آله فذكر ذلك له.
فقال له : يا أبا الحسن ، أما الريح الاولى فانه جبرائيل مرّ بك في ألف من الملائكة ، فسلّم ، وسلّموا عليك. وأما الريح الثانية فانه ميكائيل مرّ بك بألف من الملائكة ، فسلّم ، وسلموا عليك. وأما الريح الثالثة ، فانه اسرائيل مرّ بك بألف من الملائكة ، فسلّم وسلّموا عليك (2).
ص: 414
[762] محمّد بن [ الجنيد ] (1) ، باسناده ، عن سعد بن المسيب ، قال : لقد أصابت عليا علیه السلام يوم احد ست عشرة ضربة ، وهو بين يدي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يذبّ عنه. كل ضربة منها يسقط الى الارض ، فإذا سقط رفعه جبرائيل علیه السلام .
[763] أحمد بن يحيى الأزدي ، باسناده ، عن إبراهيم النخعي (2) ، أنه قال. لما أسري برسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى السماء هتف به هاتف من السماوات : يا محمّد إن اللّه عزّ وجلّ يقرئ عليك السّلام ، ويقول لك أقرئ علي بن أبي طالب مني السّلام.
[764] يحيى بن عبد الحميد ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه سئل عن علي بن أبي طالب علیه السلام ، فقال : ما تسألون عن رجل طالما سمع وقع جبرائيل علیه السلام فوق بيت نبيه.
[765] سعد بن طريف ، باسناده ، عن ابي جعفر محمّد بن علي علیه السلام ، أنه قال : دخل علي علیه السلام على فاطمة علیهاالسلام وعندها رسول اللّه لما انصرف عن أحد.
فقال لها : يا فاطمة خذي السيف غير ذميم.
فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أجدت القتال اليوم ، يا أبا الحسن؟
قال : اللّه ورسوله أعلم.
قال : ألا ابشرك يا علي إن جبرائيل قال - وأنت تقاتل - : لا سيف
ص: 415
إلا ذو الفقار ، ولا فتى إلا علي (1).
[766] الدغشي (2) ، باسناده ، عن الأصبغ بن نباته ، قال : كنا مع علي علیه السلام يوما في مسجد الكوفة إذ أقبل رجل أصهب اللحية ذو ظفيرتين (3) عليه ثوبان أخضران حتى جلس الى جانب علي علیه السلام ، وعلي عند سارية المسجد ، فلما رآه علي قام ، وقام الرجل معه ، فخرجا من المسجد ، فمكثا مليا.
فقال بعض لبعض : ما صنعنا شيئا تركنا أمير المؤمنين مع رجل لا نعرفه.
فقمنا ، فلقينا عليا علیه السلام راجعا ، فقلنا له : أخذنا على أنفسنا يا أمير المؤمنين إن تركناك مع رجل لا نعرفه.
قال : أتدرون من ذلك الرجل؟
قلنا : لا.
قال : هو الخضر (4) علیه السلام ، وقد أتاني مرتين قبل هذا وأخبرني أنه سيعود إليّ ، وحدثني بأشياء منها ما عرفته ، ومنها ما لم أعرفه.
قلنا : يا أمير المؤمنين ، بما ذا حدثك ، إن رأيت أن تخبرنا به ، فافعل.
قال : أما في مقامي هذا فلا ، ولكني أخبركم ببعض ما قال. إنه
ص: 416
ذكر الكوفة ، فقال : أما إنها مدرة لا يريدها جبار بسوء إلا قصمه اللّه عزّ وجلّ.
ثم قال لي : أتدري لم سميت الكوفة؟
قلت : لا.
قال : شقّ نهرها ملك يسمى كوفان.
[767] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن أمّ سلمة - زوج النبي صلی اللّه علیه و آله - ، قالت : كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عندي فخرج. ثم قال لي : يا أم سلمة : إن جاء علي فقولي له يلحقني بهذه الأدوات الى الجبل ، وإن أبطأ عليك وجاء بلال فقولي له : يلحقني بها.
قالت : فأبطأ علي علیه السلام وجاء بلال. فقلت : إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يأمرك أن تأخذ هذه الأدوات فتلحقه بها الى الجبل.
قالت : فلما ذهب بلال ليتناولها جاء علي علیه السلام فأخبرته.
فقال لبلال : هلمّ بنا نتعاقبه (1) فمضيا يطلبان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في الجبل فلم يجداه ، فبينا هما في بعض الشعاب يطلبانه إذ لقيا رجلا يتوكأ على عصاه ، وكساء على عاتقه كأنه راع.
فقال له علي علیه السلام : هل رأيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ؟
فقال : وهل لله من رسول؟
فغضب علي علیه السلام وتناول حجرا فرماه ، فأصاب بين
ص: 417
عينيه ، فصاح صيحة ، فإذا الأرض كلها سوداء من خيل ورجال [ حتى أطافوا به. ثم أقبل علي علیه السلام فبيناهم كذلك ] (1) فأقبل طائران أبيضان ، فأخذ أحدهما يمنة والآخر يسرة [ فما زالا يضربانهم بأجنحتهما حتى ] انكشف ذلك السواد ، فلم ير منه شيء. [ ورجع الطائران حتى أخذا في الجبل ].
فقال علي علیه السلام لبلال : اتبع بنا هذين الطائرين فاني أراهما يعلمان حيث رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
فقصدا نحوهما ، فلقيا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله مقبلا من الجبل. فلما رأى عليا علیه السلام تبسم في وجهه ، وقال : يا علي مالي أراك مرعوبا (2) ، فقصّ عليه القصة.
فقال : إن ذلك الرجل إبليس اللعين أراد أن يكيدك ، وأن الطائرين جبرائيل وميكائيل كانا عندي فلما سمعنا الصوت أتياك ، يا علي ، ليعيناك.
[768] محمّد بن سلام ، [ عن علي ] بن يسار الكوفي ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : لما أخذت في غسل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أردت أن أنزع القميص ، فنوديت من جانب البيت : لا تنزع القميص ، فغسله في قميصه. وكنت اعان على تقليبه وأحسّ أن يدا غيري تقلبه معي ، وأردت أن أكبه لوجهه لأغسل ظهره ، فنوديت لا تكبه.
[769] الحلبي (3) ، باسناده ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد علیه السلام ، أنه
ص: 418
قال : أوصى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عليا علیه السلام أن يغسله.
فقال : يا رسول اللّه إني لا أستطيع غسلك وحدي ، أنت ثقيل البدن ولا أستطيع أن اقلبك وحدي.
فقال : إن جبرائيل علیه السلام يغسلني معك ويناولك الماء الفضل (1) ، وقل له : فليعصب عينيه ، فإنه لا يرى أحد عورتي غيرك إلا عمي.
فكان الفضل يناوله الماء وجبرائيل يغسله معه. فلما غسله علیه السلام وكفنه ، أتى العباس ، فقال له : يا علي إن الناس قد اجتمعوا للصلاة على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فمن يصلّي عليه؟
فقال علي علیه السلام : إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله كان إماما حيا وميتا.
قال : وأين (2) تدفنه؟
قال [ أمير المؤمنين علیه السلام ] : بالبقعة التي قبض فيها.
قال : الأمر إليك.
فوقف علي علیه السلام فصلّى عليه. ثم أمر الناس أن يدخلوا عشرة عشرة يصلّون عليه ، ففعلوا. ثم حفر له في المكان الذي قبض فيه في بيت عائشة ، ودفنه هناك صلی اللّه علیه و آله .
[770] سفيان بن عيينة ، قال : أتينا جعفر بن محمّد علیه السلام نعزّيه بابنه إسماعيل ، فتحدث معنا ، فذكر وفاة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله
ص: 419
وقال في الحديث :
فلما قبض رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أتاهم آت - يعني أهل بيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - يسمعون كلامه ولا يرون شخصه ، فقال :
السّلام عليكم أهل البيت ورحمة اللّه وبركاته ( كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ ) (1) إن في اللّه عزاء من كل مصيبة ، وخلفا من كل هالك ، فاللّه فارجوه وإياه فاعبدوه (2) واعلموا أن المصاب من حرم الثواب ، والسّلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته.
قال سفيان الثوري بن عيينه : فقلت لجعفر بن محمّد صلوات اللّه عليه : من كنتم ترون المتكلم؟
قال : كنا نراه جبرائيل علیه السلام (3).
وجاء أن فيما احتج به علي علیه السلام على النفر الخمسة يوم الشورى. وقد ذكرنا ذلك فيما تقدم ، أنه قال لهم :
اناشدكم اللّه هل تعلمون أن رجلا جاءته التعزية من اللّه غيري. إذ هتف بنا جبرائيل علیه السلام ونحن في البيت - لما قبض رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - ليس فيه إلا أنا وفاطمة والحسن والحسين ورسول اللّه صلّى اللّه
ص: 420
عليه وآله مسجّى بيننا. فقال :
السّلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته ، إن في اللّه عزاء من كل مصيبة ، ودركا من كل فائت ، وخلفا من كل هالك ، فباللّه فثقوا ، وإياه فارجو ، وأعلموا أن المصاب من حرم الثواب.
أم هل فيكم من كان يسمع حفيف أجنحة الملائكة غيري؟ أم هل فيكم أحد كان يقاتل بين يدي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وجبرائيل عن يمينه وميكائيل عن يساره وملك الموت أمامه غيري؟
قالوا : اللّهمّ لا.
فهل يقاس أحد بمن زوّجه اللّه عزّ وجلّ سيدة نساء العالمين من فوق عرشه ، وأشهد على ذلك وعلى عقده له ملائكته ، وأحضر (1) له الحور العين ونثرت له في ذلك طوبى عن أمره من درها ، وأنزل اللّه عزّ وجلّ فيه من آي القرآن ما قد أنزل ممّا ذكرناه ، وخصه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بالاختصاص الذي وصفناه ، وكلّمته الملائكة ، وراسلته وصحبته وأعانته ، وأخبر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بأنه خير البشر وخير البرية ، وخير من يخلفه من بعده ، وخليفته على امته ، ووصيه في أهله ، وشبهه بالمسيح عيسى بن مريم روح اللّه وكلمته ، ووصفه على لسان حواريه وتلامذته ، وذكره اللّه عزّ وجلّ في التوراة والانجيل والقرآن الكريم ، وكتب اسمه على عرشه ، وجعله خليفة رسوله على حوضه ، وفرق بين الحق والباطل به ، ووسم المؤمنين بمحبته والمنافقين ببغضه ، وعرف بهم بذلك ، ودلّ عليهم به ، وحمله على ظهره حين
ص: 421
أرقاه الى فوق الكعبة الرسول ، وأنزله عنه ودلاه جبرائيل علیه السلام ، وجعله اللّه عزّ وجلّ باب رسوله المنصوب من دونه الذي منه يؤتى إليه ، ومولى المؤمنين بشهادته الرسول بذلك له ، وأعز به أولياءه ، وقتل به أعداءه ، وجعله ولي المؤمنين بشهادة الرسول. وإمام المتقين ، وقائد الغرّ المحجلين الى جنات النعيم ، وصاحب لواء الحمد ، وأول من يدخل الجنة ، وجعله أخا لرسوله وبمنزلة هارون من موسى منه ، وأشبه الناس بابراهيم خليله ، وأول الناس إيمانا به وبرسوله ، وأحلّه محلّ نفسه ، وجعله وصيه من بعده ، والشاهد على الامة الذي يتلوه ، ومجاهد المنافقين ، والمقاتل على التأويل ، وأمر بسؤاله عما فيه يختلفون والردّ إليه ما لا يعلمون ، وأودعه علمه ، واختصه بسره ، وأخبر أنه مغفور له ، وورثه تراثه من بعده ، وافترض على الامة مودته ، وأخبر أنه ربانيها وحبرها ، والمعصوم منها ، وأودعه علم ما يكون من بعده ، وجعل الإمامة فيه وفي ولده ، وأمره بقتال الناكثين ، والقاسطين ، والمارقين ، وأخبر أنه أقرب الناس إليه أجمعين ، وأعلم بفضله ، وفضل الائمة من ذريته ، وفضل أهل ولايته وشيعته ، وبما أعده اللّه عزّ وجلّ لهم من ثوابه وكرامته ، وما شهد له به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ممّا آتاه اللّه عزّ وجلّ على يديه ، وأصاره بفضله إليه من الحكمة والعلم والمعرفة بالحلال والحرام والقضايا والأحكام ، وأخبر أنه أقضى الامة ، وأعلمهم بالكتاب والسنّة ، وما أمر به من اتباعه وطاعته وافترضه على الامة من ولايته ومودته ومودة أهل بيته ، وما نطق الكتاب به من ذلك وما اجتمعت الامة عليه من فضله وعفافه وزهده وورعه وحسن سيرته وسياسته وعدله ونصرته لأهل الحق ورأفته بهم ورحمته لهم وشدته على أهل الباطل ، وغلظته لا يشك محق في عدله ، ولا يطمع مبطل في ميله. أحب الناس إليه من اتقى اللّه عزّ وجلّ وعمل بطاعته ، وأبغضهم إليه من تعدى أمره ، وعمل بمعصيته ، لا يطمع من قرب منه في اثرته ، ولا يخاف من بعد عنه
ص: 422
نقص حقه ، الأثير عنده من أنصف نفسه ، والحقير لديه من تعدى الى ما ليس له.
فهذه بعض فضائل علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه ومناقبه وأخلاقه وخصائصه. وقد ذكرت في هذا الكتاب بيانها وكثير غيرها لم أذكره لكثرتها ، ولئلا يطول الكتاب بها ، فمن ذا يساويه بغيره بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أو يفضل منهم أحدا عليه إلا من عمي عن الحق ، وسلك سبيل الضلالة ، أو من تكلف عن العلم وغلبت عليه الجهالة (1) ، أعاذنا اللّه وجميع المؤمنين والمؤمنات من الضلالة والجهالة ، ووفقنا للهداية والعلم والدراية بمنه وطوله وفضله.
تمّ الجزء التاسع بحمد لله تعالى وفضل نبيه المختار وآله الائمة الأطهار عليهم صلوات اللّه العزيز الغفّار.
بخط صالح يوم التاسع من شهر شعبان سنة 1116 ه.
ص: 423
ص: 424
شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام
للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي
المتوفي سنة 363 ه. ق
الجزء العاشر
ص: 425
ص: 426
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
مصائب أمير المؤمنين (1)
[771] بكر بن عبد الوهاب ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي علیه السلام ، أنه سئل عن سنّ علي علیه السلام يوم اصيب كم كانت؟
فقال : كان يوم اصيب ابن ثلاث وستين سنة.
قيل له : فما كانت صفته؟
قال : كان أدم اللون (2) شديد الادمة ثقيل العينين عظيمهما ، ذو بطن ، أصلع.
قيل : أكان طويلا أو قصيرا؟
قال : هو إلى القصر. أقرب.
قيل له : فما كانت كنيته؟
قال : أبو الحسن.
قيل [ له ] : فأين دفن؟
قال : بالكوفة ليلا وعمّي قبره.
ص: 427
[772] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن محمّد بن الحنفية (1) ، أنه سئل عن صفة علي صلوات اللّه عليه.
فقال : كان ضخم الهامة ، عريض المنكبين ، عظيم المشاش ، ضخم البطن ، خمش الساقين ، كأنما كسرت عظامه ثم جبرت ، لو أخذ الأسد لافترسه.
[773] يحيى بن الحسن ، باسناده ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه صلوات اللّه عليهما ، أنه سئل عن صفات علي صلوات اللّه عليه.
فقال : كان ضخم الهامة ، عريض ما بين المنكبين ، اذا مشى لا يسرع ، وهو مع ذلك يقطع أصحابه ، له إكليل من شعر ، أشعر الجسد ، أبيض الرأس واللحية ، عظيم البطن ، أخشن من الحجر في اللّه عزّ وجلّ.
[774] وبآخر ، عن المغيرة ، قال : كان علي علیه السلام غليظ منه ما استغلظ ، دقيق منه ما استدق ، قال : وكذلك صفة الأسد.
قال المغيرة : وكذلك صفة أشدّ الرجال.
[775] وبآخر ، عن الشعبي (2) ، قال : رأيت عليا علیه السلام وكان عريض اللحية قد أخذت ما بين منكبيه ، على رأسه زغيبات (3).
[776] وبآخر ، عن زيد بن وهب ، قال : قدم على علي علیه السلام نفر من أهل البصرة منهم رجل يقال له : الجعد [ بن نعجة ] (4) فرأى خشونة
ص: 428
لباسه فكلّمه في ذلك.
فقال : ما لكم وللباسي هو أحصن لصلاتي ، وأجدر أن يقتدي بي المسلمون من بعدي (1).
فقال له : اتق اللّه يا أمير المؤمنين في نفسك ، ولا تحمل علينا فانك ميت.
فقال له علي علیه السلام : بل مقتول [ بضربة ] تخضب هذه - وقبض على لحيته - من هذا - وأومى الى رأسه - عهد معهود ، وقضاء مقضيّ ، وقد خاب من افترى.
[777] وبآخر ، عن أيوب بن خالد ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام : من أشقى الأولين؟ ومن أشقى الآخرين؟
قال : اللّه ورسوله أعلم.
قال صلی اللّه علیه و آله : أشقى الأولين عاقر الناقة ، واشقى الآخرين قاتلك.
[778] وبآخر ، عن الحكيم بن سعد (2) ، قال : ذكر لنا علي علیه السلام أنه سيقتل. فقلنا : لو علمنا قاتلك لأبدنا (3) عترته.
قال : مه ، ذلك الظلم [ النفس بالنفس ] ، ولكن اصنعوا به ما يصنع بقاتل نبي أو وصي نبي ، يقتل ثم يحرق [ بالنار ].
[779] وبآخر ، عن أبي رافع ، قال : كنت مع علي علیه السلام بالكوفة وهو يمشي عند دار الزبير بن العوام (4) ، وقوم يتبعونه حتى أدموا عقبيه (5).
ص: 429
فالتفت إليهم.
فقال : اللّهمّ أرحني منهم ، فرق اللّه بيني وبينكم ، اللّهمّ أبدلني بهم خيرا منهم وأبدلهم بي شرا مني.
قال : فما كان إلا يومه حتى قتل صلوات اللّه عليه.
[780] وبآخر ، عن الحسين علیه السلام ، أنه قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام : رأيت حبيبي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله البارحة في المنام (1) فشكوت إليه ما لقيته بعده من أهل العراق ، فوعدني بالراحة منهم عن قريب.
قال : فما لبث بعد ذلك إلا جمعة حتى قتل صلوات اللّه عليه.
[781] وبآخر ، عن عثمان بن المغيرة ، قال : لما دخل شهر رمضان جعل علي علیه السلام يتعشى ليلة عند الحسن ، وليلة عند الحسين [ وليلة عند ابن عباس ] (2) ، ولا يزيد على ثلاث لقم ، فيقولان له في ذلك ، فيقول : إنما هي أيام قائل يأتي أمر اللّه عزّ وجلّ.
وأنا خميص البطن أحب إليّ [ فقتل من ليلته ] (3).
[782] وبآخر ، عن الحسن ، أنه قال : سهر علي علیه السلام [ في الليلة التي قتل في صبيحتها ولم يخرج الى المسجد لصلاة الليل على عادته. فقالت أمّ كلثوم : ما هذا الذي قد أسهرك؟ ] (4). فقال : اني مقتول لو
ص: 430
قد اصبحت.
قال : فجاءه مؤذنه للصلاة ، فقام ثم رجع.
فقالت له ابنته : مر جعدة (1) فليصلّ بالناس؟
فقال : لا مفرّ من الأجل.
ثم قام ، فخرج ، فمرّ على صاحبه ، وقد سهر ليلته ينتظره ، فغلبته عيناه ، فنام فضربه برجله. وقال له : الصلاة. فقام ، فلما رآه ضربه.
[783] وبآخر ، عن الحسن بن كثير (2) ، عن أبيه ، قال : قام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام يريد الى صلاة الفجر ليلة قتله ، فاستقبله إوزّ كنّ في الدار عنده يصحن. قال : فجعلنا نطردهن عنه.
فقال : دعوهن فإنهن نوائح.
وخرج فأصيب صلوات اللّه عليه.
[784] وبآخر ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه علیه السلام ، أنه قال : كان أمير المؤمنين علیه السلام يخرج الى صلاة الفجر ، وبيده درة يوقظ بها النوام في المسجد. فألفى ابن ملجم نائما قد سهر ليلته لانتظاره ، فخفقه (3) بالدرة ، وقال له : قم للصلاة.
فقام وضربه ، فأخذ ، فأتي به إليه.
فقال : أطعموه واسقوه وأحسنوا إساره. فان عشت أعفو إن شئت ، وإن شئت استقدت.
ص: 431
[785] وبآخر ، عن الحسن علیه السلام ، أنه قال : أمر أمير المؤمنين علي علیه السلام بالمرادي أن يوثق. وقال : كفوا عنه ، فإن أعش فالحق حقي ، أرى فيه رأيي ، وإن مت فرأيكم في حقكم.
[786] وبآخر ، عن أبي عبد اللّه السلمي ، قال : كلّمت الحسن بن علي علیه السلام في رجل من قومي ، وكان أمير المؤمنين علي صلوات اللّه عليه قد بعث حبيب بن مالك (1) يحشر الناس من السواد ، فقال لي : تغدو إن شاء اللّه إليّ تجد كتابك ، وقد ختم ، وفرغ منه.
فلما أن كان من الغد خرجت من عند أهلي حتى إذا كنت عند أصحاب الرمان (2) ، استقبلني الناس يقولون : قتل أمير المؤمنين.
فقلت لغلامي : اسرع. فدخلنا القصر (3) فإذا حجرة فيها الحسن بن علي علیه السلام . فقال لي : ادن مني ، فدنوت منه. فإذا أمير المؤمنين علیه السلام متكئ ، فأتيته ، فسلّمت عليه ، وهو يحدّث الناس ، ويقول :
[ يا بني ] إني بتّ الليلة اوقظ أهلي للصلاة - وكانت ليلة الجمعة [ صبيحة بدر ] لتسع عشرة مضت من رمضان - فغلبتني عيناي ، وأنا جالس ، فسنح لي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقلت : يا رسول اللّه ما لقيت من امتك من التفرق بعدك. فقال لي : ادع اللّه عليهم. فقلت : اللّهمّ أبدلهم بي شرا مني ، وأبدلني بهم خيرا منهم.
ص: 432
قال : وجاء ابن النباح (1) ، فأذن بالصلاة ، وخرج أمامي وخرجت ، فلقيني الرجل ، وضربني.
قال : وجيء بابن ملجم الى علي علیه السلام .
فقالت له : أم كلثوم : يا عدو اللّه ، قتلت أمير المؤمنين؟
قال : لا ، ولكني قتلت أباك! قالت : أرجو أن لا يكون عليه من بأس.
قال ابن ملجم : أفعليّ تبكين إذا ، أما واللّه (2) لقد سممته أربعين ليلة - يعني سيفه الذي ضربه به - فإن أخلفني فأبعده اللّه.
فقالت : أما واللّه لتقتلن.
قال : لا واللّه إلا أن يموت أبوك.
قالت : أما واللّه ، ما عليه من بأس.
قال : أما واللّه لقد ضربته ضربة لو كانت بجميع أهل المصر ما أفاقوا منها (3).
[787] وبآخر ، عن عمر بن دينار ، قال : لما ضرب عدو اللّه ابن ملجم عليا علیه السلام وأخذ ، وجعل الناس يقولون : الحمد لله الذي أخزاك ، يا عدو اللّه ، وسلم أمير المؤمنين.
وقال : فعلى من تبكي رقية؟ - يعني ابنة علي علیه السلام ، وهي
ص: 433
أخت عمر بن علي لامه - (1).
[ ثم قال : واللّه لقد سممته شهرا - يعني سيفه - فإن أخلفني فأبعده اللّه وأسحقه ].
[788] وبآخر ، عن الحسن بن عمران (2) ، عن أبيه ، قال : رأيت الناس لما اخذ ابن ملجم ، وقد أحاطوا به لو استطاعوا لنشهوه بأسنانهم ، وهم يقولون له : يا عدو اللّه قتلت خير الناس. يا عدو اللّه أهلكت الامة.
قال : وهو ساكت لا يجيب أحدا منهم.
[789] وبآخر ، عن عمر بن ذمر (3) ، قال : لما ضرب علي علیه السلام دخلت عليه ، وقد عصب رأسه بعصابة. فقلت : يا أمير المؤمنين ، أرني الضربة ، فحلّ العصابة ، فنظرت إليها ، فقلت : ليست بشيء ، واللّه يا أمير المؤمنين ، وما هي إلا خدش.
فقال علیه السلام : إني مفارقكم ، إني مفارقكم - مرتين -.
فبكت أمّ كلثوم من وراء الحجاب.
فقال لها : امسكي لو ترين ما أرى ما بكيت.
فقلت : يا أمير المؤمنين ، ما ذا ترى؟
فقال : هذه الملائكة وقوف والنبيون. وهذا محمّد صلی اللّه علیه و آله يقول : يا علي ، ابشر فما تصير إليه خير ممّا أنت فيه.
ص: 434
[790] وبآخر ، عن الأصبغ بن نباتة : كنا نسمر عند علي علیه السلام ، فيتحدث منا عنده نفر كل ليلة ، ثم يتبعهم غيرهم حتى تدور الدولة ، فكانت ليلة سمري ليلة الجمعة ، ليلة تسع عشرة مضت من شهر رمضان. فلم أزل عنده وأصحاب لي حتى ذهبت ساعات من الليل ، فانصرفنا إلى منازلنا ، ولم تكن تفوتنا صلاة الفجر والعشاء الآخرة معه.
قال : فخرجت حين السحر لاصليّ معه ، فإذا المصابيح تتوقده ، وإذا هم يقولون : قتل أمير المؤمنين علي علیه السلام .
قال : فمكثنا ثلاثا لا نصل إليه ، ثم دخلنا عليه ليله إحدى وعشرين من شهر رمضان زمرة بعد زمرة نسلّم عليه ، وندعو له ، فدخلت في عشرة نفر فسلّمنا عليه ، ودعونا له. وقلت : واللّه يا أمير المؤمنين إني لاحبك.
فقال : اللّه الذي لا إله إلا هو.
فحلفت.
فقال : أما والذي أنزل التوراة على موسى ، والإنجيل على عيسى ، والقرآن على محمّد أبي القاسم صلی اللّه علیه و آله ، لقد ضربت في الليلة التي قبض فيها يوشع بن نون (1) ، ولاقبض في الليلة التي رفع فيها عيسى بن مريم علیه السلام .
قال الأصبغ : وهي ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان.
[791] وبآخر ، عن سويد بن غفلة (2) ، قال : قتل أمير المؤمنين علي
ص: 435
علیه السلام في شهر رمضان سنة أربعين ، أول ليلة من العشر الأواخر. وصلّى عليه الحسن ابنه ، وكبّر عليه خمسا.
[792] وبآخر ، عن هبيرة بن مريم (1) ، قال : لما دفن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام صعد الحسن بن علي علیه السلام المنبر ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، وصلّى على النبي وآله.
قال : أما بعد ، أيها الناس ، فانه قد اصيب فيكم الليلة رجل لم يسبقه الأولون ، ولا يدركه الآخرون ، ما ترك صفراء ولا بيضاء (2) إلا سبعمائة درهم بقيت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادما لأهله ، ولقد كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يبعثه البعث فتكتنفه الملائكة ، جبرائيل عن يمينه ، وميكائيل عن يساره ، وملك الموت أمامه ، فما ينثني حتى يفتح اللّه على يديه ، ولقد صعد بروحه في الليلة التي صعد فيها بروح يحيى بن زكريا علیه السلام (3).
ص: 436
[793] موسى بن عبد الحميد بن مسروق ، باسناده ، عن إسماعيل بن راشد ، أنه ذكر قصة قتل علي علیه السلام ، فقال :
كان من خبر ابن ملجم لعنه اللّه وأصحابه أن عبد الرحمن بن ملجم ، والحارث بن عبيد اللّه (1) ، وعمرو بن بكر التميمي اجتمعوا في جماعة من الخوارج بمكة ، فذكروا أمر الناس ، فأعابوا الولاة. ثم ذكروا أهل النهروان وأصحابهم ، فترحموا عليهم. وقالوا : واللّه ما في البقاء بعدهم خير. فقد كانوا دعاة المسلمين الى عبادة ربهم ، وكانوا لا يخافون في اللّه لومة لائم ، فلو شرينا أنفسنا من اللّه عزّ وجلّ ، وأتينا ائمة الضلال ، فالتمسنا قتلهم وأرحنا منهم البلاد ، وأدركنا ثأر إخواننا.
فقال ابن ملجم لعنه اللّه : أنا اكفيكم علي بن أبي طالب - وكان من أهل المصر - (2).
وقال الحارث : أنا اكفيكم معاوية.
وقال عمرو بن بكر : أنا اكفيكم عمرو بن العاص.
ص: 437
فتعاهدوا وتواثقوا أن لا ينكص (1) رجل منهم عن صاحبه حتى يقتله أو يموت دونه ، وأخذوا أهبتهم ( وأخذوا أسيافهم فسموها ، واتعدوا لتسع عشر ليلة يمضين من شهر رمضان ثبت كل واحد منهم على صاحبه يقتله أو يموت دونه ) (2).
وتوجه كل واحد منهم إلى صاحبه. وصار عبد الرحمن بن ملجم الى الكوفة ، ولقي بها من [ بقي ] (3) من أصحابه. فكاتمهم أمره كراهة أن يظهروا شيئا منه ، إلى أن رأى ذات يوم أصحابا له من تيم الرباب - وكان أمير المؤمنين علیه السلام قد قتل منهم يوم النهروان عدة - فذكروا قتلاهم ورأى يومئذ معهم امرأة من تيم الرباب ، يقال لها : قطام (4) - قد كان أمير المؤمنين علیه السلام قتل أباها وكانت فائقة الجمال - فلما رآها علقها قلبه ، وخطبها ، فقالت : لا أتزوجك حتى تشفي قلبي.
قال لها : وما يشفي قلبك؟
قالت : قتل علي بن أبي طالب (5).
قال : ما قلت هذا وأنت تريدينني.
قالت : بلى ، إن قتلته وسلمت تزوجتك وانتفعت بي ، وإن هلكت فلك عند اللّه ما هو خير مني.
ص: 438
قال لها : واللّه ما جئت الى هذا الموضع إلا لألتمس قتله! فإذا قلت ما قلت ، فهل عندك من معونة؟
قالت : نعم ، آخذ لك من يشد ظهرك ويساعدك على ذلك.
قال : افعلي.
فأتت رجلا من قومها يقال له : وردان. فأخبرته بالخبر ، وكلّمته في ذلك ، وذكرته مصاب من اصيب من قومه ، فأجابها الى ذلك. واجتمع مع عبد الرحمن بن ملجم لعنه اللّه. ( ولقي ابن ملجم ) (1) أيضا رجلا من النخع يقال له : شبيب (2) وكان يثق به ، فأطلعه على أمره ، ورغبه في معونته ومؤازرته على قتل علي علیه السلام إذ قد علم عدو اللّه شدته وجلده وخافه على نفسه ، وجبن من الإقدام عليه وحده. وأخبر شبيبا بخبر وردان بأنه قد أجابه الى ذلك وعاهده عليه ، وبما كان من قصة قطام. فتعاظم ذلك شبيب ، وقال : يا عبد الرحمن ، ويحك قد علمت سوابق علي علیه السلام في الاسلام ومكانه من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وشدته وشجاعته.
قال له : أفما تعلم من قتل من إخواننا ، ونحن ، فإنما نحتال في أن نفتك به ، ولسنا نبارزه ولا ننازله ، ولم يزل به حتى أجابه. فاجتمعوا ثلاثتهم ، وعرّفهما عبد الرحمن بن ملجم لعنه اللّه بالليلة التي واعد فيها أصحابه ، وقال : انظرا كيف يكون الرأي والعمل فيه ، وأتوا بها الى قطام. وكانت لها جزالة ورأي وحزم وتقشف ، وكانت تلزم المسجد مع النساء وتعتكف فيه. فأخبروها بما اجتمع أمرهم عليه ، وقالوا لها : هل عندك من حيلة في الوصول إليه في منزله.
ص: 439
قالت : لا ، ولكن أمكن من ذلك وقت خروجه الى صلاة الفجر ، فانه يغلس بالخروج فتكمنون له عند باب المسجد ، فاذا دخل ، وثبتم عليه ، وضربتموه ضربة رجل واحد ، وخرجتم وافترقتم في الغلس (1) ، فتعاقدوا على ذلك ، واشتمل كل واحد منهم على سيفه ، وأتوا المسجد ليلا. فباتوا فيه مع من يبيت من الناس مقابل سدة الباب التي يخرج منها علي علیه السلام ، فلما خرج شدّ عليه شبيب فضربه بالسيف ، فوقع سيفه في عضادة الباب ، وضربه ابن ملجم لعنه اللّه على أمّ راسه ، وخرج وردان فهرب خوفا من أن يدركه الناس ، وصرخ بهم الناس.
فأما وردان (2) ، فهرب حتى دخل عليه بعض من رآه ، فقتله في منزله.
وأما شبيب (3) ، فخرج نحو باب كندة في الغلس وتصارخ الناس به ، فلحقه رجل من حضر موت ، وشبيب بيده السيف ، فرماه به ، فأخذه الحضرمي ، فلما رأى الناس قد لحقوه خاف أن يظنوا أنه في القتلة ، فرمى السيف ، ونجا شبيب في غمار الناس (4).
[ وأما عبد الرحمن ] وشدوا على ابن ملجم ، فأخذوه بعد أن ضربه رجل من همدان على رجله ، فصرعه.
وحضر وقت الصلاة ، فدفع علي علیه السلام في ظهر جعدة بن
ص: 440
هبيرة بن أبي وهب المخزومي ، فصلّى بالناس الغداة ، واحتمل علي علیه السلام الى القصر. وادخل عليه عدو اللّه ابن ملجم.
فقال له علي علیه السلام : أي عدو اللّه ألم احسن إليك؟
قال : نعم.
قال : فما حملك على ما صنعت؟
فأطرق.
فقال له علي علیه السلام : لا أراك إلا مقتولا وصائرا الى النار ومن شر خلق اللّه (1).
[794] وبآخر ، عن محمّد بن حنيف ، أنه قال : واللّه إني لاصلي في الليلة
ص: 441
التي ضرب فيها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام في المسجد في رجال كثير من أهل المصر ، كانوا يصلّون فيه لا يزالون الليل قياما وركعا وسجدا ، إذ خرج علي علیه السلام كمثل ما كان يخرج لصلاة الغداة ، فجعل ينادي : أيها الناس ، الصلاة ، الصلاة.
حسب ما كان يفعل ، ليعلم المصلّون وقت صلاة الفجر قد دخل ، فما هو إلا أن قال ذلك حتى نظرت إذا بريق السيوف. وسمعت قائلا يقول : الحكم لله لا لك يا علي. وتحرك الناس ، وسمعت عليا علیه السلام يقول : [ فزت وربّ الكعبة ]. لا يفوتكم الرجل.
فلم يكن همي إلا القصد إليه ، فرأيته قد غشاه الدم ، فلم ألبث أن اتي إليه بابن ملجم لعنه اللّه. وقد ادخل الى القصر ، ودخل معه من دخل من الناس ، فسمعته يقول :
النفس بالنفس ، إن هلكت فاقتلوه كما قتلني ، وإن بقيت رأيت فيه رأيي.
ودخلت فرأيت الحسن علیه السلام ناحية ، وعدو اللّه مكتوفا بين يديه. وأم كلثوم بنت علي علیه السلام تبكي ، فلما رأت ابن ملجم لعنه اللّه قالت : يا عدو اللّه إنه لا بأس على أبي ، واللّه يجزيك.
فقال لها عدو اللّه : فعلى من تبكين إذن؟ واللّه لقد اشتريته - يعني السيف الذي ضربه به - بألف ، وسممته بألف ، ولو كانت هذه الضربة بجميع أهل المصر ما بقي منهم أحد.
ودخل على علي علیه السلام جندب بن عبد اللّه (1) رضی اللّه عنه ،
ص: 442
فقال : يا أمير المؤمنين ، فقدناك - ولا نفقدك إن شاء اللّه - فإلى من الأمر من بعدك؟
فدعا الحسن والحسين صلوات اللّه عليهما ، فقال :
اوصيكما بتقوى اللّه عزّ وجلّ ، ولا تأسيا على شيء من الدنيا زوي عنكما ، وعليكما بقول الحق ، ومواساة اليتيم ، وعون الضعيف ، ونصرة المظلوم ، وقمع الظالم ، اعملا بما في كتاب اللّه عزّ وجلّ ، ولا تأخذكما في اللّه لومة لائم.
ثم نظر إلى محمّد بن الحنفية ، فقال له :
اوصيك بتقوى اللّه ، وتوقير أخويك لعظيم حقهما عليك ، وإيثار أمرهما.
ثم نظر إليهما ، فقال :
اوصيكما به ، فإنه أخوكما.
ثم قال للحسن علیه السلام :
واوصيك يا بني بديا في ذات نفسك بتقوى اللّه ، واقام الصلاة لوقتها ، وإيتاء الزكاة عند محلها ، وحسن الوضوء فإنه لا صلاة إلا بطهور ، ولا تقبل الصلاة ممن منع الزكاة ، واوصيك بأن تغفر الذنب (1) ، وتكظم الغيظ ، وبصلة الرحم ، والحلم عن الجاهل ، والتفقه في الدين ، [ والتثبت في الأمر ] ، والتعاهد للقرآن ، وحسن الجوار ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر.
ثم قال : حفظكم اللّه أهل البيت وحفظ فيكم نبيكم وأستودعكم اللّه وأقرأ عليكم السّلام.
ص: 443
[795] وبآخر ، عن الواقدي ، أنه قال : قتل أمير المؤمنين علي علیه السلام ليلة الجمعة لتسع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان ، سنة أربعين ، وغسله الحسن والحسين علیهماالسلام وعبد اللّه بن جعفر (1) وكفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص ، وصلّى عليه الحسن علیه السلام ، وكبّر عليه سبع تكبيرات.
[796] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن جابر بن سمرة (2) ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام : يا علي ، من أشقى الأولين؟
قال : عاقر الناقة.
( أخذه من قوله اللّه عزّ وجلّ : (3) ( إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها ) (4).
قال : فمن أشقى الآخرين؟
قال : اللّه ورسوله أعلم.
قال : أشقى الآخرين قاتلك يا علي.
ص: 444
[797] يحيى بن سلام ، باسناده ، عن أبي الطفيل (1) ، قال : دعا علي علیه السلام الناس الى البيعة ، فجاءه عبد الرحمن بن ملجم ، فرده - مرتين -. وبايعه في الثالثة. ثم قال له :
ما يحبس أشقاها ، والذي نفسي بيده لتخضبن هذه - وأومى الى لحيته - من هذا - وأومى الى رأسه -.
[798] وبآخر ، عنه ، أن عليا علیه السلام قسم مالا ، فجاءه ابن ملجم ، فأعطاه ، فقال :
اريد حياته (2) ويريد قتلي
عذيرك من خليلك من مراد
[799] عبد اللّه بن صالح ، باسناده ، عن زيد بن أسلم (3) ، [ عن أبي سنان الدؤلي ] (4) ، أنه قال : مرض علي علیه السلام ، فدخلنا إليه نعوده.
فقال : اني ما أخشى الموت من مرض ، لأني سمعت الصادق المصدق - يعني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - يقول لي : يا علي إنك ستضرب ضربة هاهنا - وأومى الى رأسه - يسيل دمها حتى تخضب لحيتك ، يكون صاحبها أشقى هذه الامة كما كان عاقر الناقة أشقى ثمود.
[800] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن ثعلبة بن يزيد ، قال : قال علي علیه السلام : والذي نفسي بيده لتخضبن هذه - وأومى بيده الى لحيته - من هذا - وأومى بيده الى رأسه -.
ص: 445
فلما اصيب وخضبت لحيته بالدم ، أخذها ، وقال : ألم أقل لكم إنها ستخضب.
[801] أبو غسان ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، قال : قال لي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن هذه الامة ستغدر بك.
[ حبّك يا أمير المؤمنين ]
[802] الدغشي ، باسناده ، باسناده ، أن الأصبغ بن نباتة (1) قال : لما ضرب علي علیه السلام الضربة التي مات فيها ، كنا عنده ليلا ، فأغمي عليه ، فأفاق ، فنظر إلينا ، فقال : ما يجلسكم؟
فقلنا : حبك يا أمير المؤمنين.
فقال : أما والذي أنزل التوراة على موسى ، والإنجيل على عيسى ، والزبور على داود ، والفرقان على محمّد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لا يحبني عبد إلا رآني حيث يسرّه ، ولا يبغضني عبد إلا رآني حيث يكرهه. إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أخبرني أني اضرب في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان في الليلة التي مات فيها موسى علیه السلام - أو قال وصيّ موسى علیه السلام - وأموت في ليلة احدى وعشرين يمضي من شهر رمضان ، في الليلة التي رفع فيها عيسى علیه السلام .
قال الأصبغ : فمات والذي لا إله إلا هو فيها.
[803] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن محمّد بن عبد الرحمن ، قال : قال عبد الملك بن مروان (2) للزهري : أيّ واحد أنت؟ إن أعلمتني بعلامة
ص: 446
اليوم الذي قتل فيه علي علیه السلام .
فقال له الزهري : نعم ، اخبرك أنه لم يرفع ذلك اليوم حصاة ببيت المقدس إلا وجد تحتها دم عبيط.
فقال عبد الملك بن مروان : إني وإياك في هذا الحديث لغريبان (1).
يعني : إنه لم يروه غيرهما.
[804] وبآخر ، محمّد بن حميد الاصباعي ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي علیه السلام ، أنه قال : أوصى علي علیه السلام إلى الحسن ، وكتب وصيته فكان فيها :
بسم اللّه الرحمن الرحيم
هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب :
أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ، وأن محمّدا عبده ورسوله ، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون ، صلی اللّه علیه و آله ، وأن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين لا شريك له ، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين.
ثم إني اوصيك يا حسن ، وجميع [ أهل بيتي ] وولدي ومن بلغه كتابي هذا من المؤمنين بتقوى اللّه ربكم ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون. ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ) (2) ، فاني سمعت
ص: 447
رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : صلاح ذات البين خير من عامة الصلاة والصيام ، وإن المبيرة حالقة الدين فساد ذات البين ولا قوة إلا باللّه.
انظروا يا بنيّ في ذوي أرحامكم ، فصلوهم يهون اللّه عزّ وجلّ عليكم الحساب.
واللّه اللّه في الأيتام فلا يضيعن أحد منهم بحضرتكم (1).
واللّه اللّه في جيرانكم فإنهم وصية رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ما زال يوصينا بهم حتى ظننا أنه سيورثهم.
واللّه اللّه في القرآن فلا يسبقكم بالعمل به غيركم.
واللّه اللّه في الصلاة فإنها عماد دينكم.
واللّه اللّه في الزكاة فإنها تطفئ غضب ربكم.
واللّه اللّه في صيام شهر رمضان فإن صيامه جنة من النار لكم.
واللّه اللّه في بيت ربكم فلا يخلون منكم ما بقيتم فإنه إن ترك لم تناظروا.
واللّه اللّه في الجهاد في سبيل اللّه بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم.
واللّه اللّه في ذمة أهل بيت نبيكم (2) فلا يظلموا بين أظهركم.
واللّه اللّه في أصحاب نبيكم صلی اللّه علیه و آله ، فإن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أوصى (3) بهم.
واللّه اللّه في الفقراء والمساكين فشاركوهم في معايشكم.
ص: 448
واللّه اللّه فيما ملكت أيمانكم ، فإنه آخر ما تكلم به نبيكم.
قال علیه السلام : أوصيكم بالضعيف واليتيم ، والمرأة ، وما ملكت أيمانكم ، والصلاة الصلاة.
انظروا يا بنيّ ، لا تخافوا في اللّه لومة لائم يكفيكم اللّه من أرادكم (1) أو بغى عليكم ، قولوا للناس حسنا كما أمركم اللّه ، ولا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فيولي اللّه الأمر أشراركم ثم تدعون اللّه عزّ وجلّ فلا يستجاب لكم.
يا بنيّ ، عليكم بالتواصل والتباذل والتراحم ، وإياكم والتحاسد والتقاطع والتفرق والتباغض. وتعاونوا على البرّ والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ، واتقوا اللّه إن اللّه شديد العقاب.
حفظكم اللّه من أهل بيت وحفظ فيكم نبيكم وأستودعكم اللّه ، واقرئ عليكم السّلام ورحمة اللّه.
ثم لم ينطق بشيء إلا بلا إله إلا اللّه حتى قبض صلوات اللّه عليه أول ليلة من عشر شهر رمضان الأواخر (2).
[805] سعيد بن سليمان ، باسناده ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال : سمعت عليا علیه السلام وهو يقول على المنبر :
ص: 449
من هاهنا من بني عبد المطلب ، فليدن مني.
فجعلوا يتوثبون إليه.
قال لهم : اذكركم باللّه أن تقتلوا بي إلا قاتلي ، ولا تضعوا غدا سيوفكم على عواتقكم - أو قال : على رقابكم - تخبطون بها الناس تقولون : قتلتم أمير المؤمنين.
قال : فما لبث بعد ذلك إلا جمعة حتى قتل صلوات اللّه عليه.
[806] أحمد بن صالح البصري ، باسناده عن عبيدة ، قال : سمعت عليا علیه السلام وهو على المنبر يقول :
اللّهمّ إني سئمتهم وسأموني ، ومللتهم وملّوني فأرحني منهم وأرحهم مني ، فما يمنع أشقاها أن يخضبها بدم - ووضع يده على لحيته - من هذه - ووضع يده على رأسه -.
[807] عبيد اللّه بن أمية ، قال : دخل جويرية (1) بن مسهر يوما على أمير المؤمنين علي علیه السلام ، فأصابه نائما ، فناداه : أيها النائم استيقظ فو الذي نفسي بيده ، لتضربن ضربة على رأسك تخضب منها لحيتك ، وذلك بما سمعته من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
فانتبه علي علیه السلام ، فقال له : اجلس يا جويرية حتى احدثك
ص: 450
عن نفسك. وأنت والذي نفسي بيده لتحملن الى العتلّ الزنيم (1) ، فليقطعن يدك ورجلك ، ثم ليصلبنك بحذاء جذع كافر.
فأخذه عبيد اللّه بن زياد ، فقطع يده ورجله ، ثم صلبه الى جنب ابن معكبر. فكان جذع ابن معكبر أطول ، وكان جذع جويرية دونه.
[808] علي بن كثير ، عن أبي صالح ، قال : سمعت عليا علیه السلام - على المنبر - يقول :
أين شقيكم ، أما واللّه ليضربني في هذا - يعني رأسه - حتى يخضب هذه يعني لحيته -.
[809] عبد اللّه بن محمّد بن عقيل ، عن علي بن أبي طالب علیه السلام ، أنه قال : قال لي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا علي من أشقى ثمود؟
قلت : عاقر الناقة.
قال : فمن أشقى هذه الامة؟
قلت : اللّه ورسوله أعلم.
قال : قاتلك.
[810] أبو الجحاف ، باسناده ، وعن أبي عبد الرحمن السلمي ، قال : كان علي علیه السلام قد أخلى أهل السواد الى الكوفة ، وكان لي ابن عم بالسواد. فقلت للحسن علیه السلام : احب أن تعينني على أمير المؤمنين علیه السلام ، بأن يؤجل لابن عمي حتى يفرغ من ضيعته. فوعدني أن أغدو إليه ، فغدوت لميعاده ، فوجدت أمير المؤمنين علیه السلام قد ضرب الضربة التي ضرب ، ووجدت الحسن علیه السلام في اناس. فسمعته يقول : كانت البارحة ليلة بدر ، وكان أمير المؤمنين علیه السلام
ص: 451
يوقظ أهله للصلاة ، حتى كان في وجه الصبح ، فخفق خفقة ، ثم انتبه ، فنادى : يا حسن.
قلت : لبيك.
قال : رأيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قد أقبل ، فشكوت إليه ما لقيت من امته من اللأواء (1) واللدد (2) ، فقال لي : يا علي ادع اللّه عليهم. فقلت : اللّهمّ أبدلني بهم من هو خير لي منهم ، وأبدلهم بي من هو شرّ لهم مني.
ثم خرج فكان من أمره ما كان.
[811] إسماعيل البراز ، عن أم موسى (3) ، وليدة كانت لعلي بن أبي طالب علیه السلام ، قالت :
قال علي علیه السلام يوما لابنته أم كلثوم - وكانت خير بناته : يا بنية ما أراني إلا أقل ما أصحبك.
قالت : ولم يا أبتاه؟
قال : رأيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في منامي يمسح الغبار عن وجهي ، ويقول : يا علي لا عليك قد قضيت ما عليك.
قالت : فما لبث إلا يسيرا حتى قتل صلوات اللّه عليه.
[812] فطر بن خليفة (4) ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : أما واللّه إنه لعهد النبي صلی اللّه علیه و آله أن الامة ستغدر بي.
ص: 452
[813] بشر بن الوليد ، عن علي علیه السلام انه قال : أوصى فكان في وصيته علیه السلام :
بسم اللّه الرحمن الرحيم
هذا ما أمر به وقضى في ماله علي بن أبي طالب ، إنه تصدق بينبع أبتغي بذلك رضوان اللّه عزّ وجلّ ليولجني اللّه به الجنة ، ويصرفني به عن النار ، ويصرف النار عني ، وهي في سبيل اللّه ، ووجهه ينفق في كل نفقة في سبيل اللّه في الحرب والسلم ، وذي الرحم والقريب والبعيد. لا تباع ، ولا توهب ، ولا تورث. كل مال لي بينبع غير أن رياحا ، وأبا نيزر ، وجبيرا إن حدث بي حدث فهم محررون بعد أن يعملوا في المال خمس حجج ، وفيه نفقتهم ورزقهم ورزق أهاليهم ؛ [ ثم هم أحرار ] (1) فذلك الذي أقضي فيما كان لي بينبع حيّ أنا أو ميت ، ومع ذلك ما كان لي بوادي القرى من مال أو رقيق حيّ أنا أو ميت ، ومع ذلك الاذنية وأهلها حيّ أنا أوميت ، ومع ذلك دعد (2) وأهلها ، وأن زريقا له مثل ما كتبت لأبي نيزر ورياح وجبير. وإن ينبع (3) ومالي بوادي القرى (4) والاذنية ودعده (5) ينفق في كل نفقة يبتغي بها وجه
ص: 453
اللّه وفي سبيل اللّه وفي وجهه يوم تسودّ وجوه وتبيضّ وجوه لا يباع ذلك ولا يوهب ولا يورث حتى يرثه اللّه عزّ وجلّ ويتقبله بذلك قضيت ما بيني وبين اللّه ما قدمت حيّ أنا أو ميت.
هذا ما قضى علي بن أبي طالب في ماله وأوجبه ، يقوم على ذلك الحسن بن علي ما دام حيا ، فإن هلك فالحسين بن علي يليها ما دام حينا ، فإن هلك فالأول من ذوي السن والصلاح من ولده واحد بعد واحد ، يعدل فيها ، ويطعم بالمعروف ، ويصلحون فيها كإصلاحهم أموالهم ولا تباع من أولاد من بهذه القرى (1) الأربع من العبيد أحد ، وغلتها للمؤمنين أولهم وآخرهم ، فمن وليها من الناس فاذكره الاجتهاد والنصح والحفظ والأمانة.
وهذا كتاب علي بن أبي طالب بيده ، وهذه الصدقة في سبيل اللّه واجبة نبلة تصرف في كل نفقة في سبيل اللّه ووجهه ، وذوي الرحم ، والفقراء والمساكين ، وابن السبيل ، يقوم على ذلك أكبر ولد فاطمة علیهاالسلام من ذوي الأمانة والصلاح ، ويصلحها اصلاحه ماله يزرع ويغرس وينصح ويجتهد. لا يحل لأحد وليها أن يحكم فيها ، ولا أن يعمل بغير عهدي.
وكتب علي بن أبي طالب بيده ، لعشر خلون من جمادى الاولى سنة تسع وثلاثين.
وشهد عبيد اللّه بن أبي رافع (2).
ص: 454
وهياج بن [ أبي ] هياج (1).
قال عبيد اللّه : فكان بين كتابه هذا وبين قتله أربعة أشهر وثلاث عشرة ليلة (2).
__________________
(1) وفي بحار الانوار 42 / 42 : شهد أبو سمر بن أبرهة ، وصعصعة بن صوحان ، ويزيد بن قيس ، وهياج بن أبي هياج.
(2) ورثاه ولده الامام الحسن علیه السلام :
خلّ العيون وما أرد *** ن من البكاء على علي
لا تقبلن من الخلي *** فليس قلبك بالخلي
لله أنت إذا الرجا *** ل تضعضعت وسط الندي
فرجت غمته ولم *** تركن إلى فشل وعي
وقال آخر :
لقد هدّ ركني أبو شبر *** فما ذاقت العين طيب الوسن
ولا ذاقت العين طيب الكرى *** وألقيت دهري رهين الحزن
وأقلقني طول تذكاره *** حرارة ثكل الرقوب الشثن
قال صعصعة بن صوحان :
إلى من لي بأنسك يا أخيا *** ومن لي أن أبثّك ما لديّا
طوتك خطوب دهر قد توالى *** لذاك خطوبه نشرا وطيّا
فلو نشرت قواك لي المنايا *** شكوت إليك ما صنعت إليّا
بكيتك يا علي لدرّ عيني *** فلم تغن البكاء عليك شيئا
كفى حزنا بدفنك ثم إني *** نفضت تراب قبرك من يديّا
وكانت في حياتك لي عظات *** وأنت اليوم أوعظ منك حيّا
فيا أسفي عليك وطول شوقي *** إلى لو أن ذلك ردّ شيئا
وقال آخر :
دعوتك يا علي فلم تجبني *** وردّت دعوتي بأسا عليّا
بموتك ماتت اللذات عني *** وكانت حيّة إذ كنت حيّا
فيا أسفا عليك وطول شوقي *** إليك لو أن ذلك ردّ ليّا
وقال أبو الأسود الدؤلي ، وقيل : أم الهيثم بنت العريان النخعية :
ألا يا عين ويحك أسعدينا *** ألا تبكي أمير المؤمنينا
أتبكي أمّ كلثوم عليه *** بعبرتها وقد رأت اليقينا
ألا قل للخوارج حيث كانوا *** فلا قرّت عيون الشامتينا
أفي شهر الصيام فجعتمونا *** بخير الناس طرّا أجمعينا
قتلتم خير من ركب المطايا *** وذللها ومن ركب السفينا
ومن لبس النعال ومن حفاها *** ومن قرأ المثاني والمئينا
وكل مناقب الخيرات فيه *** وحبّ رسول ربّ العالمينا
لقد علمت قريش حيث كانت *** بأنك خيرها حسبا ودينا
إذا استقبلت وجه أبي حسين *** رأيت النور فوق الناظرينا
وكنا قبل مقتله بخير *** نرى مولى رسول اللّه فينا
يقيم الحق لا يرتاب فيه *** ويعدل في العدى والأقربينا
وليس بكاتم علما لديه *** ولم يخلق من المتجبرينا
كأن الناس إذ فقدوا عليا *** نعام حار في بلد سنينا
فلا تشمت معاوية بن صخر *** فإن بقية الخلفاء فينا
وقال السيد حيدر الحلي رحمه اللّه :
قم ناشد الاسلام عن مصابه *** اصيب بالنبي أم كتابه
أم أن ركب الموت عنه قد سرى *** بالروح محمولا على ركابه
بل قد قضى نفس النبي المرتضى *** وأدرج الليلة في أثوابه
مضى على اهتضامه بغضّة *** غضّ بها الدهر مدى أحقابه
عاش غريبا بينها وقد قضى *** بسيف أشقاها على اغترابه
لقد أراقوا ليلة القدر دما *** دماؤها انصببن بانصبابه
تنزل الروح فوا في روحه *** صاعدة شوقا الى ثوابه
فضجّ والاملاك فيها ضجة *** منها اقشعرّ الكون في إهابه
وانقلب السّلام للفجر بها *** للحشر إعوالا على مصابه
لله نفس أحمد من قد غدا *** من نفس كل مؤمن أولى به
غادره ابن ملجم ووجهه *** مخضب بالدم في محرابه
وجه لوجه اللّه كم عفّره *** في مسجد كان أبا ترابه
فأغبر وجه الدين لاصفراره *** وخضب الإيمان لاختضابه
ويزعمون حيث طللوا دمه *** في صومهم قد زيد في ثوابه
والصوم يدعو كل عام صارخا *** قد نضحوا دمي على ثيابه
أطاعة قتلهم من لم يكن *** تقبل طاعات الورى إلا به
قتلتم الصلاة في محرابها *** يا قاتليه وهو في محرابه
وشقّ رأس العدل سيف جوركم *** مذ شقّ منه الرأس في ذبابه
فليبك جبريل له ولينتحب *** في الملأ الأعلى على مصابه
نعم بكى والغيث من بكائه *** ينحب والرعد من انتحابه
منتدبا في صرخة وانما *** يستصرخ المهديّ في انتدابه
يا أيها المحجوب عن شيعته *** وكاشف الغمّا على احتجابه
كم تغمد السيف لقد تقطعت *** رقاب أهل الحق على ارتقابه
فانهض لها فليس إلاك لها *** قد سئم الصابر جرع صبابه
واطلب أباك المرتضى ممن غدا *** منقلبا عنه على أعقابه
فهو كتاب اللّه ضاع بينهم *** فاسأل بأمر اللّه عن كتابه
وقل ولكن بلسان مرهف *** واجعل دماء القوم في جوابه
يا عصبة الالحاد أين من قضى *** محتسبا وكنت في احتسابه
أين أمير المؤمنين أو ما *** عن قتله اكتفيت في اغتصابه
لله كم جرعة غيظ ساغها *** بعد نبيّ اللّه من أصحابه
وهي على العالم لو توزعت *** أشرقت العالم في شرابه
فانع الى أحمد ثقل أحمد *** وقل له يا خير من يدعى به
إن الألى على النفاق مردوا *** قد كشفوا بعدك عن نقابه
وصيّروا سرح الهدى فريسة *** للغيّ بين الطلس في ذيابه
وظلّ راعي إفكهم يحلب من *** ضرع لبون الجور في وطابه
فالأمة اليوم غدت في مجهل *** ظلّت طريق الحق في شعابه
لم يتشعب في قريش نسب *** إلا غدا في المحض من نيابه
حتى أتيت فأتى في حسب *** قد دخل التنزيل في حسابه
فيا لها غلطة دهر بعدها *** لا يحمد الدهر على صوابه
مشى الى خلف بها فأصبحت *** ارؤسه تتبع من أذنابه
وما كفاه أن أرانا ضلّة *** وهاده تعلو على هضابه
حتى أرانا ذئبه مفترسا *** بين الشبول ليثه في غابه
هذا أمير المؤمنين بعد ما *** ألجأهم للدين في ضرابه
وقاد من عتاتهم مصاعبا *** ما أسمحت لو لا شبا قرضابه
قد ألف الهيجاء حتى ليلها *** غرابه يأنس من عقابه
يمشي إليها وهو في ذهابه *** أشدّ شوقا منه في ايابه
كالشبل في وثبته والسيف في *** هيبته والصلّ في انسيابه
أرداه من لو لحظته عينه *** في مأزق لفرّ من ارهابه
ومرّ من بين الجموع هاربا *** يودّ أن يخرج من اهابه
وهو لعمري لو يشاء لم ينل *** ما نال أشقى القوم في أرابه
لكن غدا مسلما محتسبا *** والخير كل الخير في احتسابه
صلّى عليه اللّه من مضطهد *** قد أغضبوا الرحمن في اغتصابه
وقال السيد جعفر الحلي آل كمال الدين :
لبس الاسلام أبراد السواد *** يوم أردى المرتضى سيف المرادي
ليلة ما أصبحت إلا وقد *** غلب الغيّ على أمر الرشاد
والصلاح انخفضت أعلام *** وغدت ترفع أعلام الفساد
إن تقوض خيم الدين فقد *** فقدت خير دعام وعماد
ما رعى الغادر شهر اللّه في *** حجة اللّه على كل العباد
وببيت اللّه قد جدّ له *** ساجدا ينشج من خوف المعاد
يا ليال أنزل اللّه بها *** سور الذكر على أكرم هاد
محيت فيك على رغم العدى *** آية في فضلها الذكر ينادي
قتلوه وهو في محرابه *** طاوي الاحشاء عن ماء وزاد
سل بعينيه الدجى هل جفتا *** من بكاء أو ذاقتا طعم الرقاد
وسل الأنجم هل أبصرنه *** ليلة مضطجعا فوق الوساد
وسل الصبح اهل صادفه *** ملّ من نوح مذيب للجماد
سيّد مثلث الاخرى له *** فجفا النوم على لين المهاد
هو للمحراب والحرب اخ *** جاهد ما بين نفل وجهاد
نفسه الحرة قد عرّضها *** للظبا البيض وللسمر الصعاد
سامها بذلا فهابوا سومها *** فهي كالجوهر في سوق الكساد
طالما أقدم لا في صنعة *** من لبوس يتقي بأس الأعادي
فتحامتها وجوه تنجلي *** غبرة الهيجاء عنها بسواد
سلبوها وهو في غرّته *** حيث لا حرب ولا قرع جلاد
قسما لو نبهوه لرأوا *** دون أن يدنو له خرط القتاد
عاقر الناقة مع شقوته *** ليس بالأشقى من الرجس المرادي
فلقد عمم بالسيف فتى *** عمّ خلق اللّه طرا بالأيادي
فبكته الانس والجنّ معا *** و طيور الجوّ مع وحش البوادي
و بكاه الملأ الأعلى دما *** و غدا جبريل بالويل ينادي
هدمت واللّه أركان الهدى *** حيث لا من منذر فينا وهادي
ص: 455
ص: 456
ص: 457
ص: 458
فهل يدعي أحد أو يدعي له أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله اختصه من سره ، وأطلعه على علم ما يكون من بعده وعلى محاربة من حاربه ، وعلى أنه سيقتل من بعده ، ومن يقتله ، ومتى يكون ذلك ، وبشره بما له ولمن يقاتل معه من الثواب عند اللّه عزّ وجلّ. وهل يجوز أن يكون ذلك ويطلع عليه ، ويختصّ به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إلا من أقامه مقامه من بعده ، وأذن له بالجهاد في سبيل اللّه كما أذن اللّه عزّ وجلّ في ذلك له ، وكذلك إخباره اياه ، واطلاعه على ما يكون من بعده الى يوم القيامة ، وحكايته ذلك على المنبر على رءوس الأشهاد من الصحابة وغيرهم أنه ما من فئة تكون الى يوم القيامة إلا وهو يعلم ناعقها وقائدها وسائقها. وأنه يعلم ما بين اللوحين - يعني كتاب اللّه عزّ وجلّ - الذي أخبر سبحانه أن فيه بيان لكل شيء ، فأخبر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله كما حكي ذلك عنه في هذا الكتاب وهو خبر مشهور يرويه الخاصّ والعام.
إن في كتاب اللّه عزّ وجلّ نبأ من مضى وخبر ما يكون وما يأتي.
ص: 459
واذا كان ذلك لا يوجد في ظاهره ، فهل يكون موجودا إلا في تأويله الذي أبان اللّه عزّ وجلّ يعلمه أولياءه؟ فقال سبحانه : ( وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) (1). وهو الذي عنى علي علیه السلام بقوله :
سلوني ، فإنكم لن تجدوا من أعلم بما بين اللوحين مني. فلو كان ذلك إنما عنى بظاهره لكان في الامة كثير يعلم ذلك ولا يخطئ فيه حرفا ، ولم يكن عليه علیه السلام ليقول في ذلك على رءوس الأشهاد ما يعلم أنه لا يصح من قوله ، وأن غيره يساويه فيه ، أو يقارنه ، أو يدعي علم شيء منه معه ، ولو كان ذلك لنافسوه فيه وادعوه معه.
ففي هذا أبين البيان على مقامه ، وأنه ولي أمر الامة بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ووصيه على ذلك الذي أقامه له كما أقام من تقدم من النبيين أوصياؤهم من بعدهم وعمدوا إليهم في ذلك وأودعوهم سرهم وأخبروهم عما يكون من بعدهم مما أوحاه اللّه عزّ وجلّ إليهم ، وجعله من العلم والحكمة عندهم سنة اللّه عزّ وجلّ في عباده : ( الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللّهِ تَبْدِيلاً ) (2).
ص: 460
وذكر ما له في الآخرة
[814] الدغشي ، باسناده ، عن ابن الزبير ، أنه قال : كنت جالسا مع ابن عباس في المسجد نتحدث إذ دخل علينا رجل متلثم ، فجلس إلينا ، فقلنا له : من أنت؟
قال : إن آمنتموني تكلمت.
قلنا : لك الأمان.
فأرخى عمامته ، فإذا هو أبو ذر الغفاري رحمة اللّه عليه (1). وكان عثمان بن عفان قد نفاه من المدينة الى الربذة لما كان يحدث به عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من فضائل علي علیه السلام ، ورماه بالكذب ورسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : - فيما رواه الخاص والعام - ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر.
ص: 461
واظنه دخل المدينة حينئذ لحاجة له مترقبا.
قال ابن الزبير (1) فجعلت اتحدث وأبو ذر رحمة اللّه ورضوانه عليه يقطع حديثي بذكر فضائل علي علیه السلام . فقلت : يا أبا ذر إن المرء قد يحب المرء ثم يقصر. فأغاظ ذلك ابن عباس.
فقال : يا أبا ذر اناشدك اللّه بما لنا عليك من حق إلا حدثتنا بمناقب علي علیه السلام .
ثم قال أبو ذر : نعم ، إن لكم عليّ حقوقا لا أضرب لها أمدا ولا احصي لها عددا.
قال : فأسألك بحق حقوقنا عليك إلا حدثتنا؟
قال [ أبو ذر ] : نعم ، كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بحراء (2) ، وكان علي علیه السلام على الصفا عند دار حمزة بن عبد المطلب ، فدعاه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وقال : يا علي إني لأرجو أن تكون صاحبي في سفري هذا.
فقال : يا رسول اللّه ، وأيّ سفر هو؟
فقال : ذكرت لي أرض يقال لها : يثرب ، فان أعجل في القضاء ، فاتبعني.
فأقام بعده ليلتين ، ثم انطلق الى حراء ، فلم يجده ، فخنقته العبرة ، واقشعر ، فأراد أن ينطلق ليتبعه. فذكر أنه لا زاد معه وأنه لا يهتدي الطريق. وكان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قد أمره في الليلة التي خرج فيها أن يضطجع مضجعه ، وأن يؤدي عنه أمانات كانت
ص: 462
عنده (1) ، وأن يحكم أشياء (2) عهدها إليه في أهله ، ثم يلحق ، ففعل ذلك. فلما قضاه وأراد اللحوق برسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أتى أمه - فاطمة بنت أسد - ليلا ، فقرع الباب عليها.
فقالت : من هذا؟
فقال : أنا علي.
فقالت : إن اللات والعزى منك بريئان.
فقال لها علي : اخفضي من صوتك ولا توقظي نوامك واكرمي ضيفك ، فأما اللات والعزى فهما مني بريئان كما ذكرت ، وأنا منهما بريء.
ففتحت له الباب ، فجلس.
فقال لها : هل عندك من شيء آكله؟
فرقّت له ، فقالت : ارفع الكساء ، فثم خبزة وشيء من تمر.
فأخذه ، ثم جعل يلاطفها حتى نامت. فوثب الحائط ، ثم سار ليلته ويومه. فأمسى بالروحاء (3) واستبطاه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وظهر الغمّ به عليه.
فقيل له في ذلك ، فقال : ومالي لا أغتم وقد خلفت خليلي ، ابن أبي طالب بمكة أمرته باللحوق بي إذا قضى ما عهدت إليه ، ولا أدري ما فعل اللّه به ، وإن اللّه عزّ وجلّ قد أعطاني فيه ثلاثا في الدنيا وثلاثا
ص: 463
في الآخرة :
أعطاني في الدنيا ، فإنه صاحب لوائي ، وهو يواري عورتي ، وإنه صاحب مجلس القضاء من بعدي ، فأنا لا أخشى عليه أن يموت في حياتي.
وأما التي أعطاني به في الآخرة ، فإنه صاحب لوائي - لواء الحمد - يقدمني به الى الجنة ، وهو عون لي على مفاتيح خزائن الجنة ، وإنه صاحب حوضي يوم القيامة.
فأنا آمن عليه أن يرتد كافرا بعد إذ هداه اللّه ، ولكني أخاف عليه جهلة قريش. وذكر باقي الحديث.
[815] وبآخر ، عن أنس بن مالك (1) ، قال : خرج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعلي علیه السلام معه وخرجت معهما ، فمشينا في حدائق المدينة ، فمررنا على حديقة.
فقال علي علیه السلام لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ما أحسن هذه الحديقة يا رسول اللّه! فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : حديقتك يا علي في الجنة أحسن منها. حتى عدد سبع حدائق كل ذلك يقول له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله مثل ذلك.
ثم بكى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقال علي علیه السلام :
ص: 464
ما يبكيك يا رسول اللّه؟
قال : أبكاني اني ذكرت ضغائن لك في صدور قوم لا يبدونها لك حتى يفقدوني (1).
[816] وبآخر ، عنه ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ثلاثة تشتاق إليهم الجنة : علي بن أبي طالب وعمّار وسلمان.
[817] وبآخر ، أن عليا علیه السلام لما فرغ من قتال أهل البصرة وقف على أفواه ثلاث سكك. فقال : ألا اخبركم بخير الخلق يوم القيامة؟
قالوا : نعم يا أمير المؤمنين ، فمن هم؟
قال : سبعة من ولد عبد المطلب.
فقام إليه سلمان بن ربيعة ، فقال : أخبرنا بأسمائهم يا أمير المؤمنين.
قال : ما حدثتكم إلا وأنا اريد أن أخبركم به ، أولهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، ووصيه صاحبكم ، وحمزة ، وجعفر ، والحسن والحسين ، والمهدي منا أهل البيت صلوات اللّه عليهم.
ص: 465
[818] وكيع ، عن الحكم بن عبد الرحمن بن الأخنس ، قال : خطبنا المغيرة بن شعبة ، فنال (1) من علي علیه السلام ، فقام إليه سعد بن زيد (2) فقال : إني سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : علي في الجنة وهو خير البرية.
[819] وبآخر ، عن سلمان الفارسي (3) ، أنه قال : لما انصرف رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من غزوة بني المصطلق تقدم في مقدمة الناس ، وأمر عليا علیه السلام أن يكون في ساقتهم (4) يحفظهم ، فلما وصل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى المدينة أتى إلى باب المسجد ، فجلس ينتظر عليا علیه السلام لم يدخل منزله ، فرأيته يمسح العرق من وجهه.
ثم قال : يأتيكم الساعة من هذه الشعبة - وأشار بيده الى بعض الشعاب - رجل أشبه الناس بالمسيح ، وهو أفضل الناس بعدي يوم القيامة ، وأول من يدخل الجنة. فجعلنا ننظر الى الشعب.
فكان أول من طلع منه علي بن أبي طالب علیه السلام ، فلما انتهى
ص: 466
الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قام إليه ، فاعتنقه ، وقبّل بين عينيه ، ودخلا.
فقال قوم من المنافقين : يشبّه ابن عمه بالمسيح ويمثله به. أفآلهتنا التي كنا نعبدها خير أم علي. فأنزل اللّه عزّ وجلّ فيهم : ( وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ. وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ) (1).
[820] الحكم بن سليمان ، باسناده ، عن أبي رافع ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي صلوات اللّه عليه :
أنت خير امتي في الدنيا والآخرة ، زوجتك خير نساء امتي في الدنيا والآخرة ، وابناك سيدا امتي في الدنيا والآخرة.
[821] عبد اللّه بن محمّد بن عقيل ، عن جابر بن عبد اللّه ، أنه قال : جلسنا يوما مع النبي صلی اللّه علیه و آله فقال :
الآن يدخل عليكم رجل من أهل الجنة. ثم جعل يقول : اللّهمّ إن شئت جعلته عليا. فأقبل علیه السلام فدخل.
[822] الأشعث ، عن الحسن البصري (2) ، أنه سمع رجلا يقع في علي علیه السلام فقال : أما أن هذا وقع في رجل هو أخو رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في الدنيا (3) وأخوه في الآخرة.
ص: 467
[823] سليمان بن جعفر ، باسناده ، عن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين علیه السلام ، أنه قال : إذا كان يوم القيامة جمع اللّه عزّ وجلّ الخلق عراة ، فيوقفون بالمحشر ، حتى يعرقوا عرقا شديدا وتشتد أنفاسهم ، فيمكثون بذلك مقدار خمسين عاما ، وذلك قول اللّه عزّ وجلّ ( وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً ) (1).
قال : ثم ينادي مناد : وأين نبيّ الرحمة محمّد بن عبد اللّه الأمي فيتقدم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أمام الناس كلهم حتى ينتهي الى حوض طوله ما بين إيلة (2) الى صنعاء (3) ، فيقف عليه ، وينادي بصاحبكم - يعني عليا علیه السلام - فيتقدم أمام الناس ، وأنتم معه - يعني شيعة آل محمّد علیهم السلام - ، ثم يؤذن للناس فيمرون ، فمن بين وارد يومئذ ومصدود. فإذا رأى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من صرف عنه من محبينا بكى ، وقال : يا رب شيعة علي. فيبعث اللّه عزّ وجلّ إليه ملكا يقول له : ما يبكيك؟
فيقول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أبكي لاناس من شيعة علي أراهم قد صرفوا تلقاء أصحاب النار ، ومنعوا من ورود الحوض.
قال : فيقول له الملك : إن اللّه عزّ وجلّ يقول لك : إني قد وهبتهم لك ، وألحقتهم بك ، وصفحت عن ذنوبهم وجعلتهم مع من كانوا يتولّون ، وأوردتهم حوضك.
قال أبو جعفر علیه السلام : فكم من باك وباكية ينادون يومئذ :
ص: 468
يا محمّداه. إذا رأوا ذلك فلا يبقى أحد كان يتولانا ، ويتبرأ من عدونا إلا كان في حيزنا ومعنا (1).
[824] أبو بكر بن أبي داود البغدادي ، عن عبد اللّه بن عباس (2) ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يأتي على الناس يوم القيامة وقت ما فيه راكب إلا نحن ، أربعة.
فقيل : من هم يا رسول اللّه؟
قال : أنا على البراق ، وأخي صالح (3) على ناقته التي عقرها قومه ، وعمي حمزة على ناقتي العضباء ، وأخي علي على ناقة من نوق الجنة عليه حلّتان خضراوان وعلى رأسه تاج ، ينادي : لا إله الا اللّه محمّد رسول اللّه.
فيقول الخلائق من هذا؟ أنبيّ مرسل ، أم ملك مقرب؟
فيناديهم مناد : ما هو نبيّ مرسل ، ولا ملك مقرب ، هذا إمام المتقين وقائد الغرّ المحجلين الى جنات النعيم.
[825] أبو العباس أحمد ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا علي ، ألا ترضى إذا جمع اللّه عزّ وجلّ
ص: 469
الخلق في صعيد واحد (1) ، عراة حفاة مشاة فيها قد قطع أعناقهم العطش ، وكان أول من يدعى إبراهيم علیه السلام ، فيكسى ثوبين أبيضين.
ثم يقام عن يمين العرش ، ثم يفجر لي منقب الى الحوض (2) مثل ما بين بصرى وصنعاء (3) عليه قدحان من فضة بعدد نجوم السماء ، فأغترف منه ، وأتوضأ ، ثم اكتسي ثوبين أبيضين ، ثم أقوم عن يمين العرش ، وللعرش يمينان ، ثم تقوم أنت فتشرب وتتوضأ ، ثم تكسى ثوبين أبيضين ، ثم تقوم معي لا أدعى إلى حسنة إلا دعيت معي إليها.
[826] إسحاق بن أحمد البحراني ، باسناده ، عن أنس بن مالك ، أنه قال : كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله كثيرا ما إذا نظر الى علي علیه السلام قال : سيد في الدنيا سيّد في الآخرة.
[827] أحمد بن يحيى الأزدي ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يأتي على الناس يوم القيامة وقت ما فيه راكب إلا أربعة.
قال له العباس : فداك أبي وأمي من هؤلاء الأربع؟
قال : أنا على البراق ، وأخي صالح على ناقة اللّه عزّ وجلّ التي
ص: 470
عقرها قومه ، وعمي حمزة أسد اللّه وأسد رسول اللّه على ناقتي العضباء ، وأخي علي بن أبي طالب على ناقة من نوق الجنة مدلحة (1) الجنبين وعليه حلّتان خضراوان من كسوة الرحمن ، على رأسه تاج من نور ، في ذلك التاج سبعون ركنا ، في كل ركن ياقوتة حمراء ، تضيء مسيرة ثلاثة أيام للراكب المجد. بيده لواء الحمد ينادي : لا إله إلا اللّه محمّد رسول اللّه.
فيقول الخلائق : من هذا ، أملك مقرب ، أم نبيّ مرسل ، أم حامل عرش؟
فيناديهم مناد من بطنان العرش ليس بملك مقرب ، ولا نبيّ مرسل ، ولا حامل عرش. هذا علي بن أبي طالب وصيّ رسول اللّه ، وإمام المتقين ، وقائد الغرّ المحجلين الى جنات النعيم.
[828] أحمد بن يحيى الأزدي ، باسناده ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : لما أسرى بي إلى السماء أخذ جبرائيل علیه السلام بيدي ، فأدخلني الجنة ، فأجلسني على درنوك (2) من درانيك الجنة ، فخرجت عليّ حوراء (3) ، فقالت : السّلام عليك يا محمّد ، السّلام عليك يا أحمد ، السّلام عليك يا رسول اللّه.
قلت : وعليك السّلام ، من أنت يرحمك اللّه؟
ص: 471
قالت : أنا الراضية المرضية ، خلقني الجبار من ثلاثة أنواع ، أعلاي من مسك ، ووسطي من عنبر ، وأسفلي من كافور ، عجنت بماء الحيوان. ثم قال لي الجبار : كوني ، فكنت. خلقت لأخيك ووصيك وابن عمك علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه.
[829] الحسن ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس ، قال : اكتنفنا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في مسجد المدينة ، فتذاكرنا من أول أهل الجنة دخولا؟
فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن أولكم دخولا الجنة علي بن أبي طالب.
فقام أبو دجانة الأنصاري (1) ، فقال : بأبي وأمي أنت يا رسول اللّه ، لقد سمعتك تقول قبل هذا : إن الجنة محرمة على الأنبياء والامم حتى تدخلها أنت ، يا رسول اللّه.
قال : صدقت يا أبا دجانة ، إن لله عزّ وجلّ لواء من نور وعمودا من نور خلقها قبل أن يخلق الدنيا بألف عام مكتوب على ذلك اللواء : أنا اللّه لا إله إلا أنا ، محمّد عبدي ورسولي الى خلقي [ وآل ] (2) محمّد خير البرية.
ثم أهوى بيده الى علي علیه السلام فقال : هذا حامل ذلك اللواء بين يدي يوم القيامة ، وصاحب لواء القوم أمامهم.
ص: 472
فكبّر الناس تكبيرة واحدة ، وأشرق لون علي علیه السلام فقال : الحمد لله الذي شرفنا برسوله صلی اللّه علیه و آله (1).
[830] الليث بن سعد ، باسناده ، عن أبي امامة الباهلي (2) ، قال : كنا ذات يوم جلوسا عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى أن قام ، فجاء علي بن أبي طالب علیه السلام ، فوافق رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ( قائما ، فلما رآه جلس ، ثم قال له : يا علي أتدري لم جلست؟
قال : اللّهمّ لا.
قال : [ لأخبرك ] (3) إني ختمت النبيين وإنك يا علي ختمت الوصيين ، إن حقا على اللّه عزّ وجلّ أن لا يقف موسى بن عمران موقفا يوم القيامة إلا وقف معه وصيه يوشع بن النون ، واني واقف وتقف معي ، ومسئول وتسأل معي ، فأعدّ للجواب.
يا علي ، إنما أنت عضو من أعضائي تزول إذا زلت ، وإن اللّه عزّ وجلّ قد أخذ ميثاقي وميثاقك وميثاق أهل مودّتك وشيعتك الى يوم القيامة ، فلكم شفاعتي.
[831] حماد بن سلمة ، باسناده ، عن الحسن البصري ، أنه قال : شهد ثلاثة عشرة رجلا كلهم من أصحاب محمّد صلی اللّه علیه و آله أنهم رأوا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قبّل بين عيني علي علیه السلام . ثم قال
ص: 473
له : يا ابن أبي طالب إنما أنت عضو من أعضائي تزول إذا ما زلت. أبشر يا علي فما بيني وبينك في الجنة إلا درجة النبوة ، وهي درجة الوسيلة لم يعطها أحد قبلي ولا يعطاها (1) أحد بعدي ، طولها أربعة آلاف فرسخ.
ثم التفت ، فنظر فإذا هو بأبي بكر ، فقال : يا أبا بكر وأنت؟
قال : نعم.
فقال : يا رسول اللّه جعلت فداك لكدت أهلك فيمن هلك.
قال : أمّا [ ما ] آمنت باللّه ، وشهدت أني رسول اللّه ، وعرفت لهذا ما عرفت بنو إسرائيل لهارون ؛ فإنك لن تضيع.
ثم ضرب بيده على منكب علي علیه السلام ، وقال : يا ابن أبي طالب أبشر فإنه لا يخرج بعدي فئة ثلاثمائة فما فوقها أو دونها إلا كنت أنت صاحبها وقائدها وسائقها ، والذي نفس محمّد بيده لأول من يقف أنت وأعداؤك ، وأنا قائم خلفك يدي بين كتفيك يصل برد كفي الى قلبك ) (2) ، فيثبت اللّه قدميك ويصدق قولك ، فلا تخاصم منهم أحدا إلا خصمته ، وقذفته في النار.
[832] مجاهد ، قال : سئل ابن عمر (3) عن علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه ، فقال : أشهد أني سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول :
يا علي ، إني سألت اللّه عزّ وجلّ أن يعينني بك في سبع مواطن وعند حالات ، فأنت تلي غسلي من بين أهل بيتي ، وتنجز عداتي ، وتبري ذمتي ، وتقف معي على حوضي تسقي من يرد عليّ من امتي ، وسألت
ص: 474
اللّه عزّ وجلّ أن يعينني بك على فتح أبواب الجنة.
قيل : يا رسول اللّه ، وما فتح أبواب الجنة؟
قال : شهادة أن لا إله إلا اللّه ، وأني رسول اللّه ، والإقرار بولاية علي بن أبي طالب من بعدي.
[833] ابن عجلان ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : شكوت من حسد الناس لي الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
فقال : أما ترضى يا علي أن تكون أخي ووزيري في الدنيا والآخرة ، وأن أول من دخل الجنة أنا وأنت والحسن والحسين وفاطمة ، وذرياتنا ، وأزواجنا ، خلف ذرياتنا ، وشيعتنا عن أيماننا وشمائلنا.
يا علي ، أنا أكرم ولد آدم ولا فخر ، وليس بيني وبين ربي حجاب إلا النور. وأول من يكسى كسوة الجنة ولا فخر ، وأول من يؤذن له في الكلام ولا فخر ، وأول من يؤذن له في السجود ولا فخر ، وأول من يؤذن له في الشفاعة ولا فخر ، وأول من يسعى نوره أمامه ولا فخر ، وأول من يدخل الجنة ولا فخر ، وأول من يعطى سؤله ولا فخر ، وأول من يدخل الجنة بشفاعته ولا فخر ، واعطى لواء الحمد يوم القيامة ، فأعطيك يا علي تسعى به أمامي وتدخل الجنة بين يدي.
[834] وبآخر ، عن أبي امامة الباهلي (1) ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول :
إن اللّه عزّ وجلّ اختار يوشع بن نون وصيا لموسى علیه السلام ،
ص: 475
وجعله من بعده نبيا ، ولو لا أن اللّه عزّ وجلّ ختم بي المرسلين وقضى أنه لا نبيّ بعدي لكنت يا علي من بعدي نبيا. ولكن اللّه عزّ وجلّ قد اختارك لي وصيا هاديا لامتي من بعدي ، فأنت صدّيقها وسائقها وقائدها الى الجنة برحمة اللّه عزّ وجلّ.
[835] يحيى بن الحسن ، باسناده ، عن أنس بن مالك ، أنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول :
إن علي بن أبي طالب ليزهر في الجنة لأهل الجنة ككوكب الصبح لأهل الدنيا.
[836] وبآخر ، أنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوما - وأنا بين يديه أخدمه - يقول :
ليدخلن عليّ الساعة من هذا الباب رجل هو خير الأوصياء وسيد الشهداء ، وأقرب الناس من النبيين يوم القيامة مجلسا.
قال أنس بن مالك : اللّهمّ اجعله من الأنصار.
فدخل عليه علي بن أبي طالب علیه السلام .
[837] أبو البختري (1) ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه صلوات اللّه عليهما ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام : منزلتي ومنزلتك يا علي في الآخرة متواجهتان كمنزلتي الأخوان.
[838] مالك بن أنس (2) ، باسناده ، عن أنس بن مالك ، أنه قال : لما آخى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بين أصحابه جاء علي بن أبي طالب علیه السلام فقام قائما بين يدي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، ثم
ص: 476
قال : يا رسول اللّه ، قد رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت ، وتركتني. فإن يكن ذلك لموجدة منك عليّ فلك العتبى ، فقد ضاقت عليّ الأرض برحبها.
فتبسم إليه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وقال : ما الذي فعلت بأصحابي ، ولم أفعله بك يا علي؟
قال : آخيت بين كل اثنين منهم وأعطيت كل واحد منهم فضيلة ، وتركتني.
فقال له : مه يا علي ، تركتك لنفسي أنت أخي ووصيي ، وأنت معي في الجنة في قصر مع فاطمة زوجتك في الدنيا والآخرة ابنتي ومع الحسن والحسين ابنيّ وابنيكما.
يا علي إنما مثلنا مثل الشجرة أنا أصلها وأنت فرعها وفاطمة أغصانها والحسن والحسين ثمارها.
يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبيّ بعدي.
يا علي يدك في يدي حتى أدخل الجنة.
يا علي إن اللّه عزّ وجلّ يبعث مناديا يوم القيامة من بطنان العرش مناديا ينادي : معشر الخلائق ، غضوا أبصاركم وطأطئوا رءوسكم حتى تمرّ فاطمة بنت محمّد على الصراط.
يا علي إنه من أحبك في حياتي وبعد وفاتي كنت له آمنا وأمانا ما طلعت الشمس وما غربت.
يا علي إنه من أبغضك في حياتي وبعد موتي مات ميتة جاهلية ، وحوسب بعمله في الإسلام.
يا علي أنت معي في الجنة.
يا علي وخصلة اخرى ادّخرها اللّه عزّ وجلّ لك.
ص: 477
قال : يا رسول اللّه ، وما هي؟
قال : إن لواء الحمد يوم القيامة بيدي وأنت معي تسقي المؤمنين من حوضي ، فإذا سرنا الى الجنة أعطيتك لواء الحمد ، وقدمت به بين يدي ، وهم خلفي.
يا علي ومن أبغضك أبغضني ، ومن أبغضني أبغضه اللّه ، ومن أبغضه اللّه أصلاه جهنم وساءت مصيرا.
[839] عبد الرحمن بن صالح ، باسناده ، عن أبي ذر ، أنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول لعلي علیه السلام :
أنت أول عن آمن بي ، وأول من يصافحني يوم القيامة ، وأنت الصدّيق الأكبر ، وأنت الفاروق تفرق بين الحق والباطل ، وأنت يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب الظلمة.
قد ذكرت فيما تقدم من الأخبار كثيرا مما جرى فيها ذكر ما أفردت له هذا الباب من شهادة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي صلوات اللّه عليه بالجنة ، واختصاصه بما أعد اللّه عزّ وجلّ له فيها من الكرامة والمنزلة التي لا تنبغي إلا لمن قام مقامه ، وحلّ محله من الوصية والامامة ، والمقام الذي أقامه له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وإن كان قد عهد الجنة لغيره ، فإنه لم يأت عنه أنه بلغ بأحد منهم في ذلك مبلغه ، ولا ذكر فيه مثل ما ذكر في علي علیه السلام . وقد وعد اللّه عزّ وجل المؤمنين الجنة ، ولكنه لم يجعل لهم فيها مثل هذه المنازل والدرجات التي ذكرها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام وفي ذلك أبين البيان على مقامه ، وأنه كما قال فيه ، ونصّ عليه فيما ذكره وصيه من بعده كأحد أوصياء النبيين بعدهم وأفضلهم ، وصاحب أمر الامة بعده كما كان ، كذلك وصيّ كل نبي ، وصاحب أمر أمته من بعده ، وبانه لم يكن يجب لاحد أن يتقدم عليه ، ولا أن يدعي مقامه بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
ص: 478
وممّا جاء في الاخبار مجملا في ذكر أهل بيت رسول اللّه صلوات اللّه عليهم أجمعين :
[840] أبو غسان ، باسناده ، عن أبي ذر رضوان اللّه عليه ، أنه أخذ بحلقتي باب الكعبة ، وقد اجتمع الناس للموسم (1) ، وحوّل وجهه الى الناس وهم أجمع ما كانوا في الطواف حول البيت.
فقال : أيها الناس من عرفني فقد عرفني ، وإلا فأنا أعرفه بنفسي ، أنا أبو ذر الغفاري ، لا أخبركم إلا بما سمعت من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، سمعته يقول :
إني تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه ، وعترتي أهل بيتي ، لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، [ ألا وإن ] مثلهما فيكم (2) سفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق.
[841] وبآخر ، عن أبي سعيد الخدري ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إني تارك فيكم الثقلين أحدهما اكبر من الآخر : كتاب اللّه حبل ممدود من السماء الى الأرض طرف منه عند اللّه ، وطرف منه في
ص: 479
أيديكم ، فاستمسكوا به ، وعترتي.
قال فضيل : فقلت لعطية (1) : ما عترته؟
قال : أهل بيته.
[ أقول : ] وقول أصحاب اللغة في هذا أوضح وأصح.
قال الخليل (2) بن أحمد : عترة الرجل أقرباؤه من ولده وولد ولده وبني عمه.
فولد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فاطمة وولد ولده الحسن والحسين وابن عمه علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليهم أجمعين.
[843] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أن رجلا سأله ، فقال : يا أمير المؤمنين ، قوله اللّه عزّ وجلّ : ( أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ ) (3) من عنى به؟
فقال علي علیه السلام : والذي نفسي بيده ، ما أحد ضرب عليه المواسى من قريش إلا وقد نزل فيه من كتاب اللّه طائفة. والذي نفسي بيده ، ما قضاه اللّه عزّ وجلّ لنا أهل البيت على لسان نبيه صلی اللّه علیه و آله أحبّ إليّ من أن يكون لي [ ملء ] هذه الرحبة ذهبا وفضة ، وما بي إلا يكون قد جفّ وجرى القلم بما هو كائن. ولكن لتعلموا ، واللّه ما مثلنا في هذه الامة إلا كمثل سفينة نوح في قومه ، أو باب حطة في بني إسرائيل.
ص: 480
[843] أبو نعيم ، عن زيد بن أرقم ، أنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوم غدير خم وهو يقول :
إني تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه (1) من استمسك به كان على الهدى ، ومن تركه كان على الضلالة ، وأهل بيتي ، أذكّركم اللّه في أهل بيتي ، أذكّركم اللّه في أهل بيتي - يقولها ثلاثا -.
قال : فقلنا له : من أهل بيتك يا رسول اللّه (2) الدواوين؟
قال : آل علي وآل جعفر وآل العباس وآل عقيل الذي لا يأكلون الصدقة.
[844] أبو نعيم ، باسناده ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : قد خلفت فيكم الثقلين أحدهما اكبر من الآخر سببا موصولا من السماء الى الأرض : كتاب اللّه ، وعترتي أهل بيتي ، فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض.
[ فقلت لأبي سعيد : من عترته؟ قال : أهل بيته ] (3).
[845] أبو نعيم أيضا ، باسناده عن النبي صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : اشتدّ غضب اللّه على اليهود [ أن قالوا : عزيز بن اللّه ] واشتدّ غضب اللّه على النصارى [ أن قالوا : المسيح ابن اللّه ] (4) واشتدّ غضب اللّه على من
ص: 481
آذاني في عترتي من بعدي.
[846] الدغشي ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : إن في الجنة لؤلؤتين في بطنان العرش ، أحدهما بيضاء والاخرى صفراء ، في كل لؤلؤة منها سبعون الف غرفة أبوابها وأسرتها منها (1). فالبيضاء لمحمّد وأهل بيته ( علیهم السلام أجمعين ) والصفراء لإبراهيم وأهل بيته علیهم السلام .
قال الدغشي : فقلت لسعيد بن طريف : ما بطنان العرش؟
قال : وسطه.
[847] الليث بن سعد ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : إني كائن لكم يوم القيامة فرطا على الحوض ، وإني أسائلكم عن اثنتين : عن القرآن ، و [ عن ] عترتي.
[848] يحيى بن سلام ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : أتاني جبرائيل علیه السلام ، فقال : اللّه عزّ وجلّ قد بعثني إلى بلاده وعباده وهو أعلم بعباده وبلاده مني ، فقلبت أسفلها أعلاها ، فلم أجد فيها قبيلا أفضل من العرب.
ثم بعثني الى العرب ، فقلبت أسفلها أعلاها فلم أجد فيها قبيلا أفضل من قريش.
ثم بعثني الى قريش ، فقلبت أسفلها أعلاها ، فلم أجد فيها قبيلا أفضل من بني هاشم.
ثم بعثني الى بني هاشم فقلبت أسفلها أعلاها فلم أجد فيها أفضل من بني عبد المطلب.
ثم بعثني الى بني عبد المطلب فقلبت أسفلها أعلاها فلم أجد أحدا
ص: 482
أفضل منك فبعثك رسولا.
[849] أبو غسان ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : إن اللّه خلق الخلق وفرقهم فريقين ، ثم جعلهم قبائل فجعلني من خير القبائل (1) ، ثم جعلهم بيوتا فجعلني من خيرهم بيتا ، فأنا خيركم فريقا وقبيلا وبيتا.
[850] وبآخر ، عنه ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : والذي نفسي بيده ، لا يدخل قلب عبد إيمان حتى يحبّ أهل بيتي لله عزّ وجلّ ولي.
[851] عبد اللّه بن صالح ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : اختار اللّه عزّ وجلّ من الناس العرب ، واختار من العرب كنانة واختار من كنانة النضر ، واختار من النضر عبد مناف ، واختار من عبد مناف هاشما ، واختار من هاشم عبد المطلب ، واختار من عبد المطلب عبد اللّه ، واختارني من عبد اللّه.
[852] وبآخر ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول على هذا المنبر :
ما بال قوم يزعمون. أن رحمي لا ينفع ، واللّه إن رحمي لينفع في الدنيا والآخرة (2) ، وإني فرطكم على الحوض. وسيأتي قوم يقول أحدهم : أنا فلان ( بن فلان ) (3) ويقول الآخر : أنا فلان بن فلان.
ص: 483
فأقول : أما النسب فقد عرفته ، ولكنكم رجعتم على أعقابكم.
[853] محمّد بن حميد الاصباغي ، باسناده ، عن الحسن علیه السلام ، أنه قال : إذا أردت أن تعتبرنا وبني أميّة (1) فاقرأ سورة الذين كفروا (2) فإن فينا منها آية ، وفيهم آية الى آخرها.
[854] يحيى بن سلام ، عن حماد بن سلمة ، يرفعه ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : الناس معادن في الخير والشر خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا (3).
[855] أبو غسان ، باسناده ، عن المنهال (4) بن عمر ، قال : دخلت على علي بن الحسين ، فقلت : كيف أصبحتم - أصلحك اللّه -؟
فنظر إليّ ، وقال :
ما كنت أرى أن شيخا مثلك بلغ ما بلغت من السن لا يدري كيف أصبحنا. فأما إذا لم تعلم فسأخبرك.
ص: 484
أصبحنا بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون ، إذ كانوا يذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهم ، وأصبح شيخنا وسيدنا وأقربنا من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - يعني عليا علیه السلام - يتقرب الى عدونا بسبه على المنابر (1) ، وأصبحت قريش تعد أن لها الفضل على العرب لأن محمّدا صلی اللّه علیه و آله منها ، ولا تعدلها فضل إلا به. وأصبحت العرب تعد أن لها الفضل على العجم لأن محمّدا صلی اللّه علیه و آله منها ، وأصبحت العجم مقرة لهم بذلك ، فلئن كانت العرب صادقة أن لها الفضل على العجم ، وكانت قريش صادقة بأن لها الفضل على العرب بذلك ، فإن لنا الفضل أهل البيت على جميعهم فهم يأخذون بحقنا ولا يعرفون لنا حقا.
فهكذا أصبحت إن لم تكن تعلم كيف أصبحنا.
[856] الليث بن سعد ، باسناده ، عن عمر بن الخطاب ، أنه لما دوّن الدواوين قال الناس له : أنت أمير المؤمنين فابدأ بنفسك.
فقال عمر : لا بل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الإمام ، فابدءوا برهطه ثم الأقرب فالأقرب إليه. [ حتى يدعى عمر في بني عدي ] (2).
[857] أبو غسان ، باسناده ، عن زيد ابن أرقم ، أنه قال : آل محمّد الذين
ص: 485
لا تحل لهم الصدقة : آل [ علي ] (1) ، وآل جعفر ، وآل عقيل ، وآل عباس.
[858] يحيى بن سلام ، باسناده ، عن أبي هريرة ، قال : اتي الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بتمر من تمر الصدقة ، فأمر فيه بأمره. وكان الحسن علیه السلام بين يديه فأخذ تمرة من ذلك التمر - وهو يومئذ طفل صغير - فجعل يلوكها ولم يره رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله واحتمله على عاتقه ، فجعل لعابه يسيل عليه ، فنظر إليه ، فاذا التمر في فيه ، فانتزعها منه ، فألقاها في التمر ، وقال : إن آل محمّد لا يأكلون الصدقة.
[859] الليت بن سعد ، باسناده ، عن عائشة ، قالت : ذبح رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بقرة في حجة الوداع ، وقال : هذه عمن حج من آل محمّد.
[860] جندل بن والق (2) ، باسناده ، عن أبي رافع ، أنه قال : كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إذا أراد أن يضحي اشترى كبشين عظيمين أقرنين أملحين ، فإذا صلّى وخطب دعا بأحدهما وهو في المصلّى فذبحه بيده ، ثم يقول : اللّهمّ هذا عن امتي جميعا من شهد لك بالتوحيد وشهد لي بالبلاغ ، ثم يوتى بالآخر ، فذبحه بيده ، ثم يقول : اللّهمّ هذا عن محمّد وآل محمّد.
فمكثوا سنين ليس أحدهم يضحي ، قد كفاهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله المئونة.
[861] الليث بن سعد ، باسناده ، عن عبد اللّه بن الحارث بن نوفل الهاشمي (3) ، قال : إن ربيعة بن الحارث وعباس بن عبد المطلب قالا
ص: 486
[ لعبد المطلب ] (1) بن ربيعة وللفضل بن العباس (2) : ائتيا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقولا له : يا رسول اللّه إنا قد بلغنا ما ترى من السنّ وأحببنا أن نتزوج ، وأنت يا رسول اللّه أبرّ الناس وأوصلهم ، وليس عند أبوينا ما يصدقان عنا ، فاستعملنا يا رسول اللّه على الصدقات نؤدي إليك ما تؤدي العمال ونصيب ما كان فيها من مرفق (3).
فذكرا ذلك لعلي علیه السلام ، فقال : لا واللّه ما يستعمل أحدا منكما على الصدقات.
فقال ربيعة بن الحارث : هذا حسد منك.
فالقى علي علیه السلام رداءه ، ثم اضطجع ، وقال : أنا أبو الحسن ، واللّه إن برحت من منامي هذا حتى يأتيكما جواب ذلك.
فانطلقا فوافيا صلاة الظهر قد قامت ، فصلّيا مع الناس. ثم انصرف رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إلى منزل زينب بنت جحش ، فأتياه فاستأذنا عليه فأذن لهما.
قال عبد المطلب : فتواكلنا الكلام (4) قليلا. فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : اخرجا ما تسران ، فكلمناه بالذي أمرنا به أبونا ، فسكت ساعة. ثم رفع طرفه الى سقف البيت حتى طال علينا وظننا
ص: 487
أنه لا يرجع إلينا جوابا ، ورأينا زينب من وراء الحجاب تلمح بيدها أن اجلسا ، فإذا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إنما ينظر في أمرنا. ثم قال لنا :
إن هذه الصدقة إنما هي أوساخ الناس ، وإنها لا تحلّ لمحمّد ولا لآل محمّد ، ادع لي نوفل بن الحارث. فدعي له به.
فقال له : يا نوفل أنكح عبد اللّه ، فأنكحني (1).
ثم قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ادع لي محمّد بن حدي (2) - رجل من بني زبيد كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله استعمله على الأخماس - فدعي له به.
فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنكح الفضل.
فأنكحه ، ثم أمر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أن يصدّق عنهما من الخمس.
[862] أبو نعيم ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : أحبّ حبيب آل محمّد علیهم السلام ما أحبهم ، فإذا أبغضهم فأبغضه ، وابغض باغض آل محمّد ما أبغضهم ، فإذا أحبهم فأحبه ، وأنا ابشرك بالبشرى.
[863] أبو غسان ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال [ قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ] : ليس منا من لم يوقر كبيرنا ، ويرحم صغيرنا ، ويعرف لنا حقنا.
[864] وبآخر ، عن الحسن بن علي علیه السلام ، أنه قال : من أحبنا لله جئنا نحن وهو يوم القيامة كهاتين - وجمع بين اصبعيه المسبحة والوسطى
ص: 488
من يده - ولو شئت لقلت : كهاتين - وجمع بين المسبحتين من يديه جميعا -. من أحبنا للدنيا ، فإذا جاءت الدنيا اتسعت للبرّ والفاجر.
[865] الحسين بن عطية ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي علیه السلام ، أنه قال :
بحبكم إيانا تغفر ذنوبكم.
[866] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن جابر ، قال : كنا عند ( أبي جعفر محمّد بن علي علیه السلام فنظر الى غلام ينظر إليه ويبكي ، فقال له :
ما يبكيك يا غلام؟
قال : بكيت واللّه من حبّكم يا ابن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
قال : نظرت حيث نظر اللّه ، واخترت من اختار اللّه.
[867] أبو غسان ، باسناده ، عن أبي مسعود الأنصاري ، أنه قال :
لو صلّيت صلاة لا اصلي فيها على محمّد وعلى آل محمّد ما رأيت أنها تتم (1).
[868] إسماعيل بن موسى ، باسناده ، عن أمّ سلمة - زوج النبيّ صلی اللّه علیه و آله - ، قالت : صنعت لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله طعاما وهو في بيتي على منامة - والمنامة [ على ] دكان - (2) فأتيته بالطعام ، فوضعته بين يديه. فقال لي : ادع عليا وفاطمة والحسن والحسين. فدعوتهم له ، فأكلوا معه ، فقال :
اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
ص: 489
[869] المطلب ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه أتاه يوما علي وفاطمة والحسن والحسين صلوات اللّه عليهم أجمعين ، وكلهم يقول : أنا أحبّ الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . فأخذ فاطمة مما يلي بطنه وعليا مما يلي ظهره وحسنا وحسينا عن يمينه وعن شماله (1).
ثم قال لهم : أنتم مني وأنا منكم.
[870] أبو محمّد الهمداني ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال :
قال لي ربي - ليلة أسري بي - : من خلفت على امتك يا محمّد؟
قلت : أنت يا رب.
فقال لي : يا محمّد إني انتجبتك لرسالتي واصطفيتك لنفسي ، فأنت نبي وخير خلقي ، ثم الصدّيق الأكبر الذي خلقته من طينك ، وجعلته وزيرك وأبا سبطيك المهديين سيدي شباب أهل الجنة ، وزوجته خيرة نساء العالمين.
يا محمّد أنت شجرة وعلي أغصانها وفاطمة ورقها والحسن والحسين ) (2) ثمارها ، خلقتها من طينة عليين ، وجعلت شيعتكم منكم لأنهم لو ضربوا على أنوفهم بالسيوف لم يزدادوا لكم إلا حبا.
ص: 490
قلت : يا رب ، من الصدّيق الأكبر؟
قال : علي بن أبي طالب.
[871] الحسن بن عطية العوفي ، باسناده ، عن أنس بن مالك ، أنه قال :
كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يأتي باب علي علیه السلام إذا خرج الى صلاة الصبح ، فيقول :
السّلام عليكم أهل البيت ورحمة اللّه وبركاته ( إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (1) الصلاة ، الصلاة.
[872] سلمة بن كهيل (2) ، باسناده عن أمّ سلمة (3) زوج النبيّ صلی اللّه علیه و آله - ، أنها قالت : أرسل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى علي وفاطمة والحسن والحسين صلوات اللّه عليهم ، فأتوه وهو في بيتي ، فانتزع كساء كان تحتي فألقاه عليهم وعليه ، ثم قال :
اللّهمّ إن هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
فقلت : يا رسول اللّه ، أنا معهم؟
قال : إنك على خير والى خير ، إنك من قوم آخرين.
[873] إسماعيل بن موسى ، باسناده ، عن أمّ سلمة - زوج النبيّ صلی اللّه علیه و آله - قالت : كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في بيتي على
ص: 491
منامة - تعني الدكان - فأتيته بطعام قد صنعته له. فقال : ادع لي عليا وفاطمة والحسن والحسين ، فدعوتهم له ، فأكلوا معه ، فقال :
اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي وخاصتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
[874] وبآخر ، عن الليث بن سعد (1) ، قال : أتى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وفاطمة والحسن والحسين ، وكلهم يقول : أنا أحبّ الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
فأخذ فاطمة ممّا دون يلي بطنه وعليا ممّا يلي ظهره وحسنا عن يمينه وحسينا عن شماله ، ثم قال : أنتم مني وأنا منكم.
[875] مسدد بن مسرهد ، باسناده ، عن عبد اللّه بن ربيعة ، قال : اجتمع بنو عبد المطلب ، فقالوا : نسأل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله السعاية ، فأتوا عليا علیه السلام فكلموه في ذلك.
فقال : إن اللّه عزّ وجلّ قد أبى ذلك (2) عليكم أن يطعمكم اوساخ أيدي الناس - أو قال : غسالة أيدي الناس -.
قال عبد اللّه بن ربيعة : فأرسلني أبي وأرسل العباس الفضل ، فأتينا النبي صلی اللّه علیه و آله لنكلمه في ذلك ، فحضرنا.
فقال : هاتيا ما تقولان.
فقلنا : يا رسول اللّه أرسلنا أبوانا بكذا وكذا.
فقال : إن اللّه عزّ وجلّ قد أبى لكم ذلك ورسوله أن يطعمكم
ص: 492
أوساخ أيدي الناس - أو قال : غسالة أيدي الناس -.
[876] هارون بن معروف ، باسناده ، عن المطلب بن ربيعة ، قال : جاء العباس الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وهو مغضب.
فقال له : ما شأنك؟
فقال : يا رسول اللّه ، مالنا ولقريش.
قال : مالكم ولهم؟
قال : يلقى بعضهم بعضا بوجوه مسفرة ، فاذا لقونا لقونا بغير ذلك (1).
فغضب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله حتى اشتدّ عرق بين عينيه ، فلما استقرّ الغضب عنه قال : والذي نفس محمّد بيده لا يدخل قلب امرئ إيمان - أبدا - حتى يحبكم لله ولرسوله. ثم قال : ما بال رجال يؤذونني في العباس ، إن عمّ الرجل صنو أبيه.
[877] وبآخر ، عن عبد اللّه بن الحارث ، قال : قالت أمّ الفضل (2) : لما وجع (3) رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بكيت.
فقال : ما يبكيك؟
ص: 493
فقلت : يا رسول اللّه إني أخاف عليك ولا أدري ما نلقى من الناس من بعدك.
فقال : أنتم المستضعفون بعدي.
[878] سفيان الثوري ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : ستة لعنهم اللّه عزّ وجلّ ولعنهم كل نبيّ مجاب :
الزائد في كتاب اللّه. والمنكر لقدر اللّه. والتارك لسنتي. والمتسلط بالجبروت ليعزّ من أذله اللّه ويذلّ من أعزه اللّه. والمستحل من عترتي ما حرم اللّه. والمستحل حرم اللّه (1).
[879] أحمد بن صالح ، باسناده ، عن أم سلمة - زوج النبيّ صلی اللّه علیه و آله - [ قالت ] : (2) إن عمرة الهمدانية ذكرت عندها عليا علیه السلام ذات يوم.
فقالت لها أمّ سلمة : أتحبينه أم تبغضينه؟
فقالت : يا أمتاه ما أحبه ولا أبغضه.
قالت أمّ سلمة : واللّه لقد أنزل اللّه عزّ وجلّ على رسوله صلی اللّه علیه و آله في بيتي : ( إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ
ص: 494
وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (1) ، وما في البيت إلاّ جبرائيل علیه السلام ، ورسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعلي وفاطمة والحسن والحسين علیهم السلام وأنا.
فقلت : أنا يا رسول اللّه من أهل البيت؟
فقال : أنت صالح نسائي (2).
فلو قال : يا عمرة ، نعم ، لكان أحبّ إليّ ممّا تطلع عليه الشمس وتغرب.
[880] حسن بن حسين ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين علیه السلام ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله :
ما بال قوم إذا ذكر عندهم [ إبراهيم ] آل إبراهيم وآل عمران استبشروا ، وإذا ذكر عندهم أهل بيتي اشمأزت قلوبهم [ وكلحت وجوههم ] ، والذي نفسي بيده لو أن أحدهم لقي اللّه عزّ وجلّ بعمل سبعين نبيا ولم يلق بولايتهم ما تقبل منه (3).
[881] وبآخر ، عن المعروف المكي ، قال : قلت لأبي جعفر محمّد بن علي علیه السلام : إنكم لتعتدوا بفضل لكم على غيركم.
فقال : إن علينا من اللّه عزّ وجلّ لطهارة ، وإن لنا من رسوله صلّى
ص: 495
اللّه عليه وآله لولادة ، وإن لنا في كتاب اللّه لسهما ، وإن لنا الأنفال خاصة ، فعلى من ظلمنا لعنة اللّه.
[882] عبد اللّه بن أبي يعقوب ، قال : قلت لزيد بن علي بن الحسين (1) : إن الناس قد اختلفوا في أمركم ، فأخبرني بذلك بشيء أعلمه من كتاب اللّه عزّ وجلّ.
قال : أما تقرأ من سورة ياسين [ قوله تعالى ] : ( إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ ) (2).
قلت : نعم.
قال : مثلهم في هذه الامة مثل علي والحسن والحسين علیهم السلام والرابع بعدهم الرجل الذي جاء من أقصى المدينة يسعى ، قال يا قوم اتبعوا المرسلين ، وهو المنتظر من آل محمّد ، يدعوا الى ما دعوا إليه.
قلت : فأنت هو؟
قال : لو كنت أنا هو ، فإني إذن السعيد.
وهذا من زيد وجهل منه بالمنتظر. وإنما المنتظر هو المهدي صلوات اللّه عليه ، وسنذكر أخباره وما جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فيه في باب مفرد في هذا الكتاب. وهذا الجهل من زيد بالمنتظر من آل محمّد هو الذي حمله على القيام فيما ليس له ، فصار الى ما صار إليه ، وقد وعظه صاحب زمانه أخوه أبو جعفر محمّد بن علي علیه السلام في ذلك ، وحذره مصرعه ، وقال له : احذر أن تكون غدا المصلوب بالكناسة. فلم يقبل منه ، فكان كما حذره.
ص: 496
ولما بان عنه وانفرد برأيه ، وزعم أن الامام إنما هو من قام وشهر سيفه دون من جلس وأرخى عليه ستره وادعى لنفسه ما ليس له ، وقام معه من قام من الشيعة من لا علم له بحقيقة الأمر. وأرسل أبو جعفر علیه السلام إليه رجلا من خاصته (1) ، وأمره بما يقول. فأتاه ، ودخل في جملة من يدخل إليه.
فلما احتفل مجلسه بوجوه أصحابه قال له الرجل :
يا ابن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله هل أوصى إليك أبوك ، وأقامك هذا المقام بعده.
قال : لا أوصى إليّ ولا إلى غيري ، وإنما الإمام منا من قام بأمر الناس.
قال : فإن غيرك يقول إنه قد أوصى إليه وأقامه.
قال : لو كان ذاك ما كتمه أبي عني ، واللّه لقد كان ينفض لي المخ من العظم ليطعمنيه. فما يضعه في فيّ حتى ينفخ فيه ليبرده ، وهو يتقي عليّ حرارة المخ ولا يتقي عليّ حرارة النار ، فيخبرني بمن أوصى إليه ، وما كان ذلك لينبغي له.
قال الرجل : فكيف كتم يعقوب أمر يوسف على إخوته وأمره أن لا يقصص رؤياه عليهم فيكيدوا له ، واطلع على ذلك غيرهم ، وخصّ يوسف بذلك دونهم.
فلم يحر زيد في ذلك جوابا أكثر من أن نبذ الرجل وانتهره.
وعلم وجه الحق في ذلك أهل البصائر ممن حضره فانفضوا عنه (2). ذكرنا هذا لكي يرى من سمع في هذا الكتاب من فضائل أهل البيت علیهم السلام
ص: 497
أن فضلهم لا يكون إلا باتباع وليّ الأمر منهم ، فأما من صدف عنه منهم فهو كمن صدف عنه من سائر الناس ، وقد عرى من الفضل. قال اللّه عزّ وجلّ لنوح علیه السلام في ابنه : ( إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ ) (1).
ص: 498
[883] وبآخر ، عن المقداد (1) ، قال : حضرت الحج ، فتعلق أبو ذر بأستار الكعبة ، وحوّل وجهه الى الناس وقال :
أيها الناس من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي : أنا جندب بن جنادة ، أنا أبو ذر الغفاري ، سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قرأ هذه الآية : ( إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (2) ، ثم قال :
الأبوة من نوح ، والآل من إبراهيم ، والصفوة من إسماعيل ، والذرية الطاهرة من أهل بيت محمّد صلی اللّه علیه و آله ، وأهل بيت محمّد صلی اللّه علیه و آله هم السماء المرفوعة والأرض المبسوطة والشمس الضاحية والقمر المنير والنجوم الزاهرة والجبال الراسية والبحار الزاخرة والزيتونة المباركة ، أضاء زيتها وسطع شعاعها وملأ الأرض لمعانها. وعلي علیه السلام رأسها وهو الصدّيق الأكبر والفاروق الأعظم.
ص: 499
ألا أيتها الامة المتحيرة واللّه لو قدمتم من قدمه اللّه ورسوله ، وأخرتم من أخره اللّه ورسوله ، وسلّمتم الحكومات الى أهلها ووليها ما طاش أحد في حكم اللّه ولا اختلف اثنان في فرائض اللّه ، ولا ضلّت الامة بعد نبيها ، ( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) (1).
[884] أحمد بن محمّد بن عيسى المصري ، باسناده ، عن أبي هريرة ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول :
لما خلق اللّه عزّ وجلّ علیه السلام ونفخ فيه من روحه ، نظر آدم علیه السلام يمنة العرش ، فإذا من النور خمسة أشباح على صورته ركعا سجدا.
فقال : يا ربّ هل خلقت أحدا من البشر قبلي؟
قال : لا.
قال : فمن هؤلاء الذين أراهم على هيئتي وعلى صورتي؟
قال : هؤلاء خمسة من ولدك لولاهم ما خلقتك ولا خلقت الجنة ولا النار ولا العرش ولا الكرسي ولا السماء ولا الأرض ولا الملائكة ولا الانس ولا الجن.
هؤلاء خمسة اشتققت لهم أسماء من أسمائي. فأنا المحمود وهذا محمّد ، وأنا الأعلى وهذا علي ، وأنا الفاطر وهذه فاطمة ، وأنا الإحسان وهذا حسن ، وأنا المحسن وهذا الحسين. آليت بعزتي أن لا يأتيني أحد
ص: 500
بمثقال حبة من خردل من حبّ أحد منهم إلا أدخلته جنتي ، وآليت بعزتي أن لا يأتيني أحد بمثقال حبة من خردل من بغض أحد منهم إلا أدخلته ناري ولا ابالي.
يا آدم ، وهؤلاء صفوتي من خلقي بهم انجي وبهم اهلك (1).
[885] عباد بن يعقوب ، باسناده ، عن أبي رافع - مولى النبي صلی اللّه علیه و آله - أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله :
من لم يعرف حق عترتي فهو بإحدى ثلاث : إما منافق ، وإما الزانية (2) وإما أن تكون أمه حملت به بغير طهر.
[886] فرات ، باسناده ، عن أنس بن مالك ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول :
نحن سبعة من ولد عبد المطلب سادة أهل الجنة ، أنا وعلي وجعفر وحمزة والحسن والحسين والمهدي.
[887] عبد الرحمن بن نجران ، باسناده عن حذيفة بن أسد ، أنه قال : سمعت أبا ذر - وهو متعلق بحلقة باب الكعبة - : أنا جندب لمن عرفني ، وأنا أبو ذر لمن لم يعرفني ، سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول :
ص: 501
إنما مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح في لجة البحر من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق (1) ، ألا هل بلّغت.
[888] فضالة بن أيوب ، باسناده ، عن فضيل الرسان ، قال : كتب محمّد بن إبراهيم الى أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد علیه السلام يقول له : أخبرني عن فضل أهل البيت. فكتب إليه : كتبت تسألني عن فضلنا أهل البيت ، وأن من فضلنا أن جعل الكواكب أمانا لأهل السماء وجعلنا أمانا لأهل الأرض.
يعني حديث النبي صلی اللّه علیه و آله : إن النجوم أمان لأهل السماء ، فإذا ذهبت النجوم أتى لأهل السماء ما يوعدون. وأهل بيتي أمان لأهل الأرض ، فإذا ذهب أهل بيتي أتى أهل الأرض ما يوعدون.
[889] الحسن بن محبوب (2) ، باسناده ، عن زيان بن عمرانة ، قال رأيت أبا ذر متعلقا بأستار الكعبة وهو يقول :
أيها الناس أنا جندب من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر الغفاري ، أذكركم اللّه من سمع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : ما أقلّت الغبراء ولا أظلّت الخضراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر. ألا قال ذلك؟
ص: 502
فقال طوائف من الناس : اللّهمّ نعم ، لقد سمعناه يقول ذلك.
فقال : واللّه ما كذبت مذ عرفت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ولا اكذب حتى ألقاه. ولقد سمعته يقول :
أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي حبل ممدود من السماء الى الأرض ، طرف منه بيد اللّه ، وطرف منه بأيديكم.
فانظروا كيف تحفظوني في أهل بيتي ، وإن اللّه قد عهد إليّ أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض.
ولقد سمعته يقول :
يا أيها الناس إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق. ومثل باب حطة بني إسرائيل.
ص: 503
[890] فضالة بن أيوب (1) ، عن عثمان بن أبان ، قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد علیه السلام :
إذا سمعتم اللّه عزّ وجلّ ذكر أحدا في كتابه ممن مضى بخير ، فنحن مثلهم ، وإذا ذكر أحدا من هذه الامة بخير ، فنحن هم.
قال : وسألته عن قول اللّه عزّ وجلّ : ( وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنا ، مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً ) (2).
قال : نحن اولئك.
[891] محمّد بن خالد ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي علیه السلام ، أنه سئل عن قول اللّه عزّ وجلّ : ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (3)
ص: 504
فقال : إن اللّه عزّ وجلّ علم أن قوما يحبون رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ويبغضون قرابته ، وكره لنبيه صلی اللّه علیه و آله أن يكون في قلبه على أحد من المؤمنين شيء ، ففرض مودة أهل بيته ، فمن عمل ذلك عمل بفريضة اللّه ومن تركها ترك ما فرض اللّه عليه.
[892] حماد بن عيسى ، باسناده ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد علیه السلام أنه سئل عن قول اللّه عزّ وجلّ : ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ ) (1).
قال : فينا أنزلت ، أورث اللّه عزّ وجلّ الكتاب الائمة منا.
وقوله ( فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ ) يعني منهم من لا يعرف إمام زمانه ولا يأتمّ به فهو ظالم لنفسه بذلك.
وقوله : ( وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ ) : يعني من هو منهم في النسب ممن عرف إمام زمانه وائتمّ به واتبعه فاقتصد سبيل ربه بذلك و « السابق ( بِالْخَيْراتِ ) هو الإمام منا.
[893] محمّد بن إسماعيل ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي علیه السلام أنه سئل عن قول اللّه عزّ وجلّ حكاية عن إبراهيم علیه السلام : ( رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ) (2).
فقال : نحن تلك الذرية.
ص: 505
[894] موسى بن إسحاق ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد علیه السلام ، أنه قال في قول اللّه عزّ وجلّ : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) (1).
قال : نحن الصادقون ما حملناه (2) إليكم عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعنه تبارك اسمه.
[895] محمّد بن عبد اللّه الحلبي ، باسناده ، عن عبد اللّه بن مسعد ، أنه كان يقول :
النظر الى أهل بيت النبي عبادة ، والنظر الى الكعبة عبادة ، والنظر الى المصحف عبادة ، والنظر الى الوالدين عبادة.
[896] محمّد بن عبيد اللّه ، باسناده عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد علیه السلام ، أنه قال : خطب عمر بن الخطاب الى علي علیه السلام ابنته أمّ كلثوم.
فقال علي علیه السلام : إنها صغيرة.
فقال عمر : إنما أردت منها ، إني سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سبي ونسبي ، فأردت أن يكون لي بها سبب من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أتصل
ص: 506
به من أجله (1).
[897] جعفر بن الأحمر ، قال : دخلت على فطر الخياط - وقد اغمي عليه - ، فقرأت عند رأسه سورة ياسين ، فرفع رأسه إليّ.
ص: 507
فقال لي : جعفر.
قال : قلت : لبيك.
قال : ما يسرني بحبي أهل بيت محمّد صلی اللّه علیه و آله وعدد كل شعر في جسدي يذكر اللّه عزّ وجلّ وأنا أبغضهم.
[898] حسن بن حسين الأنصاري ، باسناده ، عن أبي سعيد الخدري ، أنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول :
لا يزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسال [ عن أربع ] :
عن عمره فيما أفناه ، وعن جسده فيما أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ، وعن حبنا أهل البيت.
[899] محمّد بن عبد اللّه ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : صلّى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله صلاة الفجر ، ثم التفت إلينا ، فنظر مليا ، ثم سجد ست سجدات.
فقال له العباس : يا رسول اللّه ، ما هذا السجود؟
ص: 508
فقال : هبط عليّ جبرائيل ، فقال : إنك يا محمّد في الجنة ، فسجدت. ثم بشّرني أن عليا في الجنة ، فسجدت. ثم بشرني أن فاطمة في الجنة ، فسجدت. ثم بشرني أن الحسن والحسين في الجنة وأنهما سيدا شبابها ، فسجدت. ثم بشرني أن عمي حمزة في الجنة ، فسجدت. ثم بشرني أن ابن عمي جعفر في الجنة يطير فيها بجناحين ، فسجدت.
قال : فكان العباس بعد ذلك يقول : منا سبعة ليس في الناس مثلهم : منا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعلي وفاطمة والحسن والحسين وحمزة وجعفر ذو الجناحين ، وليس من هذه الأمة أحد يعدلهم ، فمن ناصبنا حربا أو جحدنا حقنا فقد حارب اللّه ورسوله وجحد ما أنزل اللّه عزّ وجلّ على نبيه صلی اللّه علیه و آله .
[900] يحيى بن عبد الحميد ، باسناده ، عن أبي أيوب الأنصاري ، قال : مرض رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فأتته فاطمة علیهاالسلام تعوده ، فلما رأت ما به [ من الجهد والضعف ] بكت.
فقال لها : ما يبكيك يا فاطمة ، أما علمت أن اللّه عزّ وجلّ أطلع إلى أهل الأرض اطلاعة ، فاختار منهم أباك ، فجعله نبيا ، ثم أطلع إليهم ثانية ، فاختار منهم بعلك ، فجعله لي وصيا ، وأوحى إليّ أن ازوجك إياه ، أما علمت يا فاطمة أن لكرامة أباك زوّجك أعظمهم حلما ، وأقدمهم سلما ، وأكثرهم علما.
فسّرت فاطمة علیهاالسلام بذلك واستبشرت. فلما رأى ذلك منها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أراد أن يزيدها من مزيد الخير الذي قسمه اللّه له ولأهل بيته عليه و علیهم السلام .
ص: 509
فقال : يا فاطمة إن لعلي أربعة أضراس (1) ثواقب : إيمانه باللّه ورسوله ، وعلمه وحكمته ، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ، وقضاؤه بكتاب اللّه عزّ وجلّ.
يا فاطمة إنا أهل بيت اعطينا سبع خصال لم يعطها أحد من الأولين قبلنا ولا يدركها أحد من الآخرين بعدنا :
نبينا خير الأنبياء وهو أبوك ، ووصينا خير الأوصياء وهو بعلك ، وشهيدنا خير الشهداء وهو عمّ أبيك ، ومنا من له جناحان يطير بهما في الجنة حيث يشاء وهو ابن عمّ أبيك. ومنا سبطا هذه الامة وهما ابناك. ومنا مهدي هذه (2) الامة في آخر الزمان.
[901] عبد اللّه بن بشير ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ علیه السلام أنه قال :
عجبا للناس كيف غفلوا أو تناسوا أو نسوا قول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوم مشربة أم إبراهيم ، إذ وثبت قدمه ، وجاء الناس يعودونه ويسلّمون عليه حتى تضايق بهم المكان. ثم جاء علي علیه السلام فسلّم عليه ، وقد أخذ الناس مجالسهم ، فلم يوسعوا له ، ولم ير أن يتخطاهم الى رسول اللّه. فلما رآهم لا يوسعون قال له : ادن مني يا علي ، فدنا منه فأجلسه الى جانبه ، ثم قال :
ص: 510
أيها الناس هذا أنتم تفعلون بأهل بيتي في حياتي فكيف بعد موتي؟
أما واللّه لا تقربون من أهل بيتي قربة إلا تقربتم من اللّه منزلة. ولا تبعدون من أهل بيتي حتى تعرضوا عنهم إلا أعرض اللّه عنكم.
يا أيها الناس إن القرب والقرابة ، والبشرى والبشارة ، والرضا والرضوان ، والحب والمحبة لمن أحب عليا وتولاه وائتمّ به لفضله ، وبأهل بيته من بعده. وحق عليّ لأدخلنهم في شفاعتي. وحق عليّ أن يستجاب لي فيهم لأنهم أتباعي ، ومن تبعني فإنه مني مثل ما جرى في إبراهيم لأنني من إبراهيم ، وابراهيم مني ، فسنّته سنّتي وسنّتي سنّته ، وفضلي فضله وفضله فضلي ، وأنا أفضل منه فضلا ، يصدق قولي قول اللّه عزّ وجلّ ( ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (1).
[902] أحمد بن عمر ، عن جابر بن يزيد الجعفي (2) ، أنه قام في المسجد فقال : أيها الناس إني أبرأ من المرجئة والقدرية والحرورية وبني أميّة وشاهري السيف على آل محمّد.
فأقبل الناس يقولون : ما لجابر ، أجنّ جابر؟
ثم قام إليه شعبة ، فقال : يا جابر ، لأيّ شيء قلت ما قلت؟
قال : قال لي محمّد بن علي بن الحسين علیه السلام : إذا سمعت بزلزلة الشام ، واختلفت شيعا بنو أميّة ، وسقط جانب مسجد الكوفة الأيمن ، وطلعت راية آل عباس (3) ، فقم ، فأبرأ من المرجئة والقدرية
ص: 511
والحرورية وبني أميّة وشاهري السيف على آل محمّد. فكان ذلك ، ففعلت ما أمرني به أن أفعله.
[903] علي بن الحزور ، باسناده ، عن أبي ذر رحمة اللّه عليه ، أنه صعد درجة الكعبة حتى أخذ بحلقة الباب ، ثم أسند ظهره إليه ، وقال :
أيها الناس من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر الغفاري ، سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول :
من قاتل أهل بيتي في الاولى ، وتوفي في الثالثة فهو من شيعة الدجال (1).
وسمعته يقول : إنما مثل أهل بيتي في هذه الامة مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها هلك.
وسمعته يقول : اجعلوا أهل بيتي فيكم مكان الرأس من الجسد ومكان العينين من الرأس ، فإن الجسد لا يهتدي إلا بالرأس ، ولا يهتدي الرأس إلا بالعينين. ادخلوا حيث دخلوا ، واخرجوا من حيث خرجوا ، ولا تعلّموهم فهم أعلم منكم.
وسمعته يقول : ما تركت فئة تقتل مائة ولا تهدي مائة إلا وقد نبأت ناعقها وقائدها وسائقها ومنتهى أمرها ، وأودعت ذلك عند أهل بيتي يرث حيهم ميتهم حتى يقتل الدجال.
[904] محمّد بن حماد ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال لرجل : ألا
ص: 512
اخبرك بالحسنة التي من جاء بها دخل الجنة ، والسيئة التي من جاء بها كبّ على وجهه في النار؟
قال : بلى ، يا أمير المؤمنين.
قال : الحسنة حبنا أهل البيت ، والسيئة بغضنا.
[905] أحمد بن يحيى ، باسناده ، عن عائشة (1) - زوج النبي صلی اللّه علیه و آله - أنها قالت : لما ولد لأبي ابنه محمّد (2) ، فحمله الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
فقال : يا رسول اللّه سمّه باسم.
فسماه محمّدا. وقال : يا رسول اللّه ادع له بالبركة.
فقال : اللّهمّ بارك فيه وارزقه بره ، وأعنه على تأدية حقه ، واجعله محبا لنبيك ولأهل نبيه.
قالت عائشة : فقاتلني واللّه بالبصرة مع علي بن أبي طالب علیه السلام ، فذكرت يومئذ الدعوة ، فوددت أني كنت مقيمة عليلة سبع سنين ولم أخرج ذلك الخروج.
[906] علي بن حمزة ، باسناده ، عن الحسين بن علي علیه السلام ، أنه قال : من أحبنا أهل البيت لله لا لغيره نفعه اللّه يحبنا وإن كان أسيرا بالديلم (3) ، ومن أحبنا لغير ذلك فإن اللّه يفعل ما يريد. إن حبنا أهل البيت ليسقط الذنوب عن العباد كما يسقط الريح الورق من الشجرة.
ص: 513
[907] علي بن هاشم ، باسناده ، عن الحسن علیه السلام ، أنه قال :
من أحبنا أهل البيت لله جلّ ذكره لا لغيره نفعه اللّه سبحانه بحبنا ، إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات اللّه عليهم : أنا سلم لمن سالمكم ، وحرب لمن حاربكم.
[908] شريك بن عبد اللّه ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال :
إني تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه عزّ وجلّ وعترتي أهل بيتي. ألا إنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، ألا وهما الخليفتان من بعدي.
[909] محمّد (1) بن إبراهيم ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : ما من نبي إلا وقد أعطي سبعة نجباء رفقاء. وأن نبينا صلی اللّه علیه و آله قد أعطي أربعة عشر ، أنا ، وابني - حسنا وحسينا - ، وحمزة أسد اللّه وأسد رسوله صلی اللّه علیه و آله ، وجعفر له جناحان مضرّجان بالدم (2) يطير بهما في الجنة حيث يشاء ، وعبيدة بن الحارث (3) ، وزيد بن حارثة ، وبلال ، وسلمان ، وعمار ، والمقداد ، وحذيفة ، وابن مسعود رضوان اللّه عليهم أجمعين.
[910] عبد اللّه بن حكيم ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي علیه السلام
ص: 514
عن قول اللّه عزّ وجلّ : ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (1).
قال : هي قرابة ما بينه وبيننا (2) ، وتزعم قريش قرابة ما بينه وبينهم ، وكيف يكون ذلك ونحن أقرب إليه منهم! [911] أبو عبد الرحمن المسعودي ، باسناده ، عن أبي سعيد الخدري ، أنه قال :
نزلت هذه الآية في خمسة ( إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (3) في رسول اللّه وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات اللّه عليهم أجمعين.
تمّ الجزء العاشر بحمد اللّه تعالى وفضل سيّدنا المختار وآله الائمة الأطهار عليهم صلوات اللّه العزيز الغفّار.
ص: 515
ص: 516
ص: 517
ص: 518
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[380] رواه الخوارزمي في المناقب ص 156 ، ضمن رواية مفصلة أخذنا موضع الحاجة منها :
قال رضی اللّه عنه : وروي أن في اليوم العاشر من حرب صفين اقتتل الناس قتالا شديدا حتى عانق الرجال الرجال ، وانهزم طائفة من أصحاب أمير المؤمنين علیه السلام ، وأمير المؤمنين واقف ينظر إليهم ، وركض الأشتر في آثارهم يستردهم ، ويقول : أما تستحون تدعون أمير المؤمنين علیه السلام وسيد المسلمين.
وأقبل أمير المؤمنين ومعه الحسن والحسين ومحمّد ابنه ومحمّد بن أبي بكر وعبد اللّه بن جعفر حتى صاروا الى رايات ربيعة والنبل يقع عليهم ، فقال له ابنه محمّد : يا أبة ، لو بادرت الى هذه الرايات التي تلينا فإن فيها بقية لنا والنبل كما ترى. فقال : يا بني إن لأبيك يوما لن يعدوه.
ثم صاح بصوت عال جهير : لمن هذه الرايات؟
قالوا : رايات ربيعة.
قال : بل هي رايات اللّه ، عصم اللّه أهلها وثبت أقدامهم ، ... الحديث.
[381] رواه الحاكم في المستدرك 3 / 402 بسنده ، عن عبد الرحمن بن أبي
ص: 519
ليلى ، الحديث مع اختلاف يسير.
ورواه أبو نعيم أيضا في حلية الأولياء 2 / 896 ، وابن سعد في طبقاته 6 / 112.
[382] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 3 / 169 ، عن ابن مردويه ، عن ابن أبي حازم التميمي ، وأبو وايل ، قال أمير المؤمنين علیه السلام : ... الحديث.
ورواه إبراهيم بن محمّد الثقفي في الغارات 1 / 30 ، عن بكر بن عيسى ، عن الأعمش ، عن الحكم بن عيينة ، عن قيس بن أبي حازم ، قال : سمعت عليا علیه السلام يقول : ... الحديث مع تفاوت.
ورواه محمّد بن عقيل في النصائح الكافية ص 31.
[383] رواه نصر بن مزاحم في وقعة صفين ( باختلاف يسير ) ص 218 ، عن قيس بن الربيع ، وسليمان بن قرم ، عن الأعمش ، عن الحارث بن سعيد ، عن علي علیه السلام ... الحديث.
[384] رواه نصر بن مزاحم في وقعة صفين عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي إسحاق قال : خرج علي يوم صفين ... الحديث. ورواه أيضا ابن سعد في الطبقات 3 / 43. ورواه المجلسي أيضا في بحار الانوار 5 / 105 الحديث 31.
[385] روى قسما من الخطبة نصر بن مزاحم في وقعة صفين ص 223.
[386] رواه المفيد في الارشاد ص 144 - ضمن خطبة - مرسلا. والمجلسي في بحار الأنوار مجلد 8 / 611.
[388] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 3 / 193 ، عن محمّد بن عبد اللّه الرعيني ، باسناده ، عن علي علیه السلام ... الحديث.
[389] رواه ابن أبي الحديد في شرح النهج ، عن أبي نعيم الحافظ ، عن أبي عاصم الثقفي ، قال : جاءت امرأة ... الحديث.
ص: 520
ورواه إبراهيم بن محمّد الثقفي - أبو إسحاق - في الغارات 1 / 38 ، عن محمّد ، عن أبي عاصم الثقفي - محمّد بن أبي أيوب - عن أبي عون الثقفي بن عبيد اللّه ، قال : جاءت امرأة ... الحديث.
[391] رواه محمّد بن أبي بكر التلمساني في الجوهرة ص 102. ورواه ابن عبد البر في الاستيعاب 2 / 413. ورواه أيضا السيد المدني في الدرجات الرفيعة ص 256.
[392] رواه الحاكم في مستدرك الصحيحين 3 / 104 بطريقين ، عن الحكم ، ... الحديث.
[393] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 3 / 167 ، عن سعيد بن جبير.
[395] ذكر ابن حجر مقطعا من الحديث مع تفاوت الاصابة 1 / 250 ، عن ابن السكن ، عن يحيى بن كثير صاحب البصري ، عن أبيه ، عن الجريري ، عن عبد اللّه بن بريدة عن أبيه ... الحديث.
[396] روى الهيثمي في مجمع الزوائد 7 / 336 - بهذا المضمون والمعنى - عن زيد بن وهب ، عن حذيفة ، في الفتنة ، قال فيه زيد لحذيفة : فقلنا : يا أبا عبد اللّه وإن ذلك لكائن؟ فقال بعض أصحابه : يا أبا عبد اللّه ، فكيف نصنع إن أدركنا ذلك؟ قال : انظروا للفرقة التي تدعو الى أمر علي علیه السلام ، فالزموها فإنها على الهدى.
ورواه البزار ، ورجاله ثقات. والعسقلاني في فتح الباري 16 / 165.
[399] رواه نصر بن مزاحم في وقعة صفين ص 324 ، عن حفص بن عمران البرجمي ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي البختري ، قال : اصيب اويس القرني مع علي بصفين.
[400] رواه الشريف الرضي في خصائص أمير المؤمنين ص 21 ، عن أبي
ص: 521
نعيم - الفضل بن دكين - ، عن محمّد بن سليمان الاصبهاني ، عن يونس ، عن الاصبغ بن نباتة ، قال : ... الحديث.
[401] ورواه الطوسي في الفهرست ص 133 عن الدوري - أبي بكر - ، عن ابن الحسين زيد بن محمّد الكوفي ، عن أحمد بن موسى بن إسحاق. قال : حدثنا صرار ( ضرار ) بن صرد ، عن علي بن هاشم بن البريد ، عن محمّد بن عبيد اللّه بن أبي رافع ، عن عون بن عبيد اللّه ، عن أبيه ، الحديث. وذكره السيّد الخوئي في معجم رجال الحديث 11 / 69.
[405] روى المجلسي في بحار الأنوار المجلد 8 ص 484 ط قديم حديثا مرسلا يشابه النص ، قال : سمع أمير المؤمنين مرثية بعض نساء القتلى ، فقال : أما إنهم أضروا بنسائهم ، فتركوهن أياما حزانى بائسات ، قاتل اللّه معاوية ، اللّهمّ احمله آثامهم ، وأوزارا وأثقالا مع اثقاله ، اللّهمّ لا تعف عنه.
[407] روى المفيد في الارشاد مشابها لهذه الخطبة راجع ص 144.
[408] روى أحمد بن إسماعيل الطالقاني في كتاب الأربعين ، الحديث 48 ، عن أبي عبد اللّه ، عن الحنظلي ، عن محمّد بن سعيد العوفي ، عن أبيه ، عن عمرو بن عطية ، عن الحسن بن عطية ، عن سعد بن جنادة ، عن علي ، قال : امرت بقتال القاسطين والناكثين والمارقين ... الحديث.
وهذا الكتاب مطبوع في مجلة تراثنا العدد الاول سنة 1405.
[409] رواه أحمد بن حنبل في مسنده بخمسة طرق الى أبي سعيد الخدري ، بمضمون واحد : 3 / 48 ، و 3 / 64 ، و 3 / 82 ، و 3 / 95.
وعن أبيه ، عن يحيى ، عن عوف ، عن أبي نصرة ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يفترق أمتى فرقتين ، فيمترق بينهما مارقة يقتلها أولى الطائفتين بالحق.
ص: 522
ورواه أيضا الخوارزمي في المناقب ، ص 182 بسنده ، عن أبي سعيد الخدري ... الحديث.
[410] رواه أبو إسحاق ، إبراهيم بن محمّد الثقفي في الغارات 1 / 5 بطريقين :
1 - عن إسماعيل بن أبان ، عن عبد الغفار بن القاسم ، عن المنصور بن عمرو ، عن زر بن حبيش ، قال : سمعت أمير المؤمنين ، ... الحديث.
2 - عن أحمد بن عمران ، عن ابن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو عن زر بن حبيش قال : خطب علي علیه السلام ... الحديث.
ورواه سليم في قيس العامري في كتابه ص 156 مرسلا ، ... الحديث.
وروى قسما من الخطبة الكنجي في كفاية الطالب ص 180.
[412] رواه ابن المغازلي في المناقب ص 53 ، عن محمّد بن علي البيع ، عن أحمد بن موسى المالكي ، عن محمّد بن علي النحوي ، عن إسماعيل بن إسحاق القاضي ، عن عبد اللّه بن مسلمة ، عن مالك بن يحيى ، عن محمّد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة ، عن أبي سعيد ... الحديث باختلاف يسير.
ورواه أحمد بن حنبل في مسنده بعدة طرق واختلاف في الألفاظ 3 / 15 ، و 3 / 73 ، و 3 / 504.
[414] كما أشار المؤلف النسائي في الخصائص ص 147 : عن عمرو بن علي ، عن عبد الرحمن بن مهدي ، عن عكرمة بن عمار ، عن أبي زميل ، عن عبد اللّه بن عباس ... الحديث.
[419] رواه احمد بن حنبل في كتاب الفضائل 2 / 612 ، عن إبراهيم ، عن
ص: 523
عبد الرحمن بن حماد السبيعي ، عن ابن عون ، عن محمّد بن سيرين ، عن عبيدة ... الحديث.
ورواه مسلم في صحيحه - كتاب الزكاة -.
[420] روى الخوارزمي في المناقب ص 185 ، عن أحمد بن الحسين ، عن محمّد بن الحسين ، عن أبي أحمد الحافظ ، عن أبي عروبة ، عن إسماعيل بن يعقوب ، عن عقبة بن مكرم ، عن عبد اللّه بن عيسى ، عن يونس بن عبيد ، عن محمّد بن سيرين ، عن عبيدة السلماني :
أن عليا علیه السلام خطب أهل الكوفة ... الى قوله : فاطلبوه.
فطلبوه ، فلم يقدروا عليه ، ثم قال : اطلبوه ، واللّه ما كذبت ولا كذبت ، فطلبوه فوجدوه منكبا على وجهه في جدول من تلك الجداول ، فأخذوا برجله ، فجروه ، فأتوا به أمير المؤمنين علیه السلام ، فكبّر ، وحمد اللّه وخرّ ساجدا ومن معه من المسلمين.
ورواه المجلسي في بحار الأنوار المجلد 8 ص 612.
[421] كما أشرنا في الحاشية أن هذه الرواية التي ذكرها المؤلف تضمن روايتين منفصلتين جمعهما في رواية واحدة.
1 - رواه التلمساني في الجوهرة ص 110 ، عن يزيد بن أبي زياد ، قال : سألت سعيد بن جبير عن أصحاب النهر ، فقال : حدثني مسروق ، قال : سألتني عائشة ... الحديث.
ولا يخفى أن المؤلف ذكر في الجزء الأول - الحديث 74 - حديثا مشابها لما نقله هنا ، فراجع.
2 - روى ابن شهر اشوب في المناقب 3 / 62 عن طريق آخر : سلّم محمّد بن أبي بكر يوم الجمل على عائشة ، فلم تكلمه ، فقال : اسألك باللّه الذي لا إله إلا هو سمعناك تقولين الزم علي بن أبي طالب
ص: 524
علیه السلام فإني سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : الحق مع علي وعلي مع الحق لا يفترقان حتى يردا عليّ الحوض.
قالت : بلى قد سمعت ذلك منه.
وأتى عبد اللّه ومحمّد ابنا بديل الى عائشة وناشداها بذلك ، فاعترفت.
[422] رواه النسائي في الخصائص ص 142 مع تفاوت في بعض الكلمات :
عن علي بن المندر ، عن أبيه ، عن عاصم بن كليب الحرمي ، عن أبيه ، قال : ... الحديث.
[429] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 20 / 157. ونقله المحمودي في ترجمة الامام علي 3 / 121 .. ( ولا يخفى أننا كلما ذكرنا تاريخ دمشق كان قصدنا الاجزاء الثلاثة التي ألفها المحمودي من تاريخ دمشق ). متفاوت ، عن علي بن أحمد بن منصور ، عن أحمد بن عبد الواحد ، عن جده ، عن محمّد بن يوسف ، عن محمّد بن علي ، وأحمد بن حازم ، عن أبي غسان ، عن سهل بن شعيب النهمي ، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه المديني ، قال : حج معاوية ... الحديث.
ولا يخفى أن أكثر المصادر قسموا الرواية الى قسمين وذكروا قسما منها. ففي كتاب سليم بن قيس ص 202 ، وفي إثبات الهداة للحرّ العاملي 2 / 330 ذكرا القسم الأول وهو حوار معاوية مع عبد اللّه بن العباس.
وفي تاريخ ابن كثير 8 / 77 ، ومجمع الزوائد للهيثمي 7 / 235 ، والمناقب لابن شهر اشوب 3 / 62 القسم الاخير منها.
[431] رواه المجلسي في بحار الأنوار المجلد 8 ص 460 ط قديم :
عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، عن عائشة ،
ص: 525
قالت : ادفنوني مع أزواج النبي صلی اللّه علیه و آله فإني قد أحدثت بعده حدثا.
[432] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 15 ، عن عبد المنعم بن عبد الكريم ، عن محمّد بن عبد الرحمن ، عن محمّد بن أحمد بن حمدان.
حيلولة : وأخبرتنا أم المجتبى ، عن إبراهيم السلمي ، عن أبي بكر بن المقري ، قالا : أنبأنا أبو يعلي عن عبد الرحمن بن صالح ، عن أبي بكر بن عياش ، عن صدقة بن سعيد ، عن جميع بن عمير ... الحديث.
ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 112.
[438] روى فضل بن شاذان في الإيضاح ص 369 عن أبي نعيم - الفضل بن الدكين - ، عن عبد العزيز بن سياه ، عن حبيب بن أبي ثابت ، قال :
شهدت ابن عمر في مرضه الذي مات فيه ، فسمعته يقول : ما آسى على شيء إلا أن أكون قاتلت الفئة الباغية.
قلت : يا أبا عبد الرحمن مع من؟
قال : مع علي بن أبي طالب علیه السلام .
رواه ابن سعد في طبقاته 4 / 137. وابن الأثير في اسد الغاية 4 / 33.
[439] روى السيد محمّد بن عقيل في نصائح الكافية لمن يتولى معاوية ص 34 عن أبي حنيفة ، عن عطاء بن أبي رياح ، عن ابن عمر ، قال : ما آسى على شيء إلا أن أكون قاتلت الفئة الباغية ، وعلى صوم الهواجر.
وهكذا في الرياض النضرة 2 / 242 وأضاف قائلا : وفيه دليل على صحة خلافته عندهم.
وروى ابن سعد في طبقاته عن سعيد بن جبير ، قال ابن عمر :
ص: 526
ما آسى من الدنيا إلا على ثلاث : ظمأ الهواجر ، ومكابدة الليل ، وأن لا أكون قاتلت هذه الفئة الباغية التي حلّت بنا.
[440] رواه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 1 / 369 ، عن هيثم ، عن مجالد ، عن الشعبي : أن مسروقا ندم على إبطائه عن علي بن أبي طالب علیه السلام .
رواه ابن عبد البر في الاستيعاب ، عن إبراهيم النخعي : أن مسروق بن الأجدع لم يمت حتى تاب من تخلفه عن علي كرم اللّه وجهه.
[441] روى أبو إسحاق - إبراهيم بن محمّد الثقفي - في الغارات 2 / 482 ، عن إسماعيل بن رجاء الزبيدي ... الحديث.
وروى أيضا الشريف الرضي هذه الخطبة في النهج ، انظر شرح ابن أبي الحديد 1 / 152.
[442] رواه الميرزا حبيب اللّه الخوئي في منهاج البراعة 1 / 415 ، عن أحمد بن محمّد بن سعيد ، عن جعفر بن عبد اللّه العلوي وأحمد بن محمّد الكوفي ، عن علي بن العباس ، عن إسماعيل بن إسحاق ، جميعا ، عن فرج بن قرة ، عن مسعدة بن صدقة ، عن ابن أبي ليلى ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ... الحديث.
ورواه إبراهيم بن محمّد الثقفي في الغارات 2 / 475.
[446] رواه الاميني في الغدير 10 / 139 ، عن كتاب صفين ، عن البراء بن عازب ، قال : أقبل أبو سفيان ومعه معاوية ، فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : اللّهمّ العن التابع والمتبوع ، اللّهمّ عليك بالأقيعس.
فقال ابن البراء لأبيه : من الأقيعس؟
قال : معاوية.
[447] رواه الصدوق في الخصال 1 / 191 الحديث 264 ، عن أحمد بن محمّد
ص: 527
بن الصقر الصائغ ، عن محمّد بن جعفر ، عن أبي الاحوص ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن أبي غسان ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن الاعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد اللّه بن الحارث ، عن عبد اللّه بن مالك الزبيدي ، عن عبد اللّه بن عمرو ، أن أبا سفيان ... الحديث.
ورواه الطبري في تاريخه 11 / 357. ونصر بن مزاحم في وقعة صفين 220. والمجلسي في بحار الأنوار المجلد 8 ط قديم ، ص 380.
[449] روى السيد محمّد بن عقيل العلوي في النصائح الكافية ص 101 ، عن الحسن البصري : أن أبا سفيان دخل على عثمان حين صارت الخلافة إليه ، فقال : قد صارت إليك بعد تيم وعدي ، فأدرها كالكرة واجعل أوتادها بني أميّة ، فإنما هو الملك ، ولا أدري ما جنة ولا نار.
فصاح به عثمان : ثم عني فعل اللّه بك وفعل.
ورواه المجلسي في بحار الأنوار المجلد 8 ط قديم ، ص 326.
[450] رواه علي بن موسى الحسيني المتوفى 664 في الملاحم والفتن ص 111 ، الباب 19 ، عن كتاب الفتن للسليلي من أمر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بقتل معاوية إذا ادعى الإمارة. وذكر بإسناده ، عن محمّد بن لبيد ، عن نفر من قومي من بني عبد الأشهل شهد بدرا ، كنا عند النبي ومعنا معاوية ... الحديث.
ورواه المجلسي في بحار الأنوار المجلد 8 ، ص 565.
[451] رواه البلاذري في الجزء الاول من تاريخه الكبير عن عبد اللّه بن صالح ، عن يحيى بن آدم ، عن شريك ، عن ليث ، عن طاوس ، عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص ، قال : كنت جالسا عند النبي صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.
[453] وروى أبو نعيم عن علي علیه السلام أنه قال : لكل امة آفة ، وآفة هذه
ص: 528
الامة بنو أميّة ( كنز العمال 6 / 91 ).
[454] رواه إبراهيم بن محمّد الثقفي في الغارات 2 / 571 عن المسور بن مخرمة ، قال : لقي عمر بن الخطاب عبد الرحمن بن عوف ، فقال : أليس كنا نقرأ ... الحديث.
ورواه في النصائح الكافية لمن يتولى معاوية ص 134 وص 32.
[455] رواه محمّد بن الحسن العاملي في اثبات الهداة 1 / 365 الحديث 478 ، عن أبي سعيد الخدري ، مرسلا.
[456] رواه ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي وابن عساكر ، عن سعيد بن المسيب ، قال : رأى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث. ( راجع الغدير 8 / 248 ).
ورواه أيضا العلوي في النصائح الكافية ، ص 136. والمجلسي في بحار الأنوار مجلد 8 ط قديم ، ص 378.
[457] رواه السيد العلوي في النصائح الكافية ، ص 133 : عن نعيم بن حماد في الفتن ، عن ابن مسعود (رحمه اللّه) ، قال : إن لكل دين آفة ، وآفة هذا الدين بنو أميّة.
[458] أخرجه الحاكم في مستدرك الصحيحين 4 / 480 ، وصححه على شرط الشيخين عن أبي برزة ، ان أبغض الأحياء - أو الناس - الى رسول اللّه بنو أميّة ورواه الهيثمي في مجمعه 10 / 71.
[460] قال السيد العلوي في النصائح الكافية ص 63 : عن ابن قتيبة ، وغيره ، عن أبي هريرة - ره - قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.
[461] روى المتقي في كنز العمال 6 / 90 ، عن عبد الرحمن بن أبي بكر ، الحديث قريب لهذا المعنى.
ص: 529
ذكر السيد العلوي في النصائح ص 136 أن فخر الدين الرازي قال في تفسيره ... الحديث.
أما قول الامام الحسن علیه السلام لمروان فقد روى الهيثمي في مجمع الزوائد 10 / 72 ، عن أبي يحيى ، قال : كنت بين الحسن والحسين ومروان يتسابان فجعل الحسن يسكّت الحسين ، فقال مروان : أهل بيت ملعونون.
فغضب الحسن ، وقال : قلت أهل بيت ملعونون ، فو اللّه لقد لعنك اللّه ، وأنت في صلب أبيك.
وفي كنز العمال 6 / 90 ، عن يحيى النخعي ، وروى الحديث ، ولكن أضاف في قول الامام الحسن ، كما يلي :
أقلت : أهل بيت ملعونون ، فو اللّه لقد لعنك على لسان نبيه صلی اللّه علیه و آله وأنت في صلب أبيك.
[462] روى الحديث المتقي في كنز العمال 6 / 91 ، عن محمّد بن كعب القرظي ، قال : لعن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الحكم وما ولد إلا الصالحين وهم قليل.
قال : أخرجه عبد الرزاق في الجامع.
[463] رواه إبراهيم بن محمّد الثقفي في الغارات 2 / 570 ، عن المسيب بن نجبة الفزاري ، عن علي علیه السلام ، قال : من وجدتموه من بني أميّة ، فغطوا على صماخه وهو في ماء حتى يدخل الماء في فيه.
[464] روى المجلسي في بحار الانوار مجلد 8 ص 566 ، عن حماد بن عيسى العبسي ، عن بلال بن يحيى ، عن حذيفة بن اليمان ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إذا رأيتم معاوية بن أبي سفيان على المنبر ، فاضربوه بالسيف ، واذا رأيتم الحكم بن أبي العاص ، ولو تحت
ص: 530
أستار الكعبة ، فاقتلوه.
[465] رواه المتقي في كنز العمال 6 / 90 ، عن عبد اللّه بن الزبير ، وهو على المنبر ... الحديث.
وأخرجه الحاكم في مستدرك الصحيحين 4 / 481.
[466] روى علي بن موسى الحسيني في الملاحم والفتن ص 30 ، عن نعيم بن حماد في كتاب الفتن من أهل هلاك عامة أمته على يد بني أميّة ، قال : حدثنا عبد اللّه بن مروان المرائي ، عن أبي بكر بن سعد ، أن مروان بن الحكم لما ولد رفع إلى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ليدعو له ، فأبى أن يفعل ، ثم قال : ابن الزرقاء هلاك عامة أمتي على يديه ويدي ورثته.
وروى مثله المتقي في كنز العمال 6 / 40.
[467] رواه نصر بن مزاحم في وقعة صفين ص 217 ، عن جعفر الاحمر ، عن ليث ، عن محارب بن زياد ، عن جابر بن عبد اللّه ، قال : قال رسول اللّه : يموت معاوية على غير ملتي.
[469] روى المجلسي في بحار الأنوار المجلد 8 ص 560 ، عن الراغب أنه قال :
قال أمير المؤمنين علیه السلام : لا يموت ابن هند حتى يعلّق الصليب في عنقه.
وقد رواه الأحنف بن قيس ، وابن شهاب الزهري ، والاعثم الكوفي ، وأبو حيان التوحيدي وأبو الثلاج. فكأن كما قال علیه السلام .
[475] روى نصر بن مزاحم في وقعة صفين ص 215 ، عن أبي عبد الرحمن المسعودي ، عن يونس بن الأرقم بن عوف ، عن شيخ من بكر بن وائل قال :
كنا مع على بصفين ... والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما أسلموا
ص: 531
ولكن استسلموا ، وأسروا الكفر ، فلما وجدوا أعوانا رجعوا إلى عداوتهم منا ، إلا أنهم لم يدعوا الصلاة.
[478] ذكر السيد محمّد بن عقيل في النصائح الكافية ص 114 : أن الترمذي روى في جامعه حديثا عن ابن عباس ، قال فيه : تمتع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأبو بكر وعمر وعثمان ، وأول من نهى عنه معاوية.
[479] قال السيد العلوي في النصائح الكافية ص 134 : وأخرج الترمذي ، والنسائي ، وأبو داود ، وابن ماجة ، عن أبي ذر ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال :
أول من يبدل سنّتي رجل من بني أميّة.
وأما الهيثمي في الصواعق المحرقة ص 132 فقد ذكر عن مسند الروياني ، عن أبي الدرداء ، قال : سمعت النبي صلی اللّه علیه و آله :
أول من يبدل سنّتي رجل من بني أميّة يقال له يزيد.
[480] وروى ابن شهر اشوب في المناقب 3 / 164 ، عن ابن مسعود ، قال :
قال النبيّ صلی اللّه علیه و آله : ائمة الكفر معاوية وعمرو.
[482] روى نصر بن مزاحم في وقعة صفين ص 215 ، عن عبد العزيز بن سياه ، عن حبيب بن أبي ثابت ، قال : لما كان قتال صفين قال رجل لعمار : يا أبا اليقظان : ألم يقل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : قاتلوا الناس حتى يسلموا ، فإذا سلموا عصموا مني دماءهم وأموالهم؟
قال : بلى ولكن واللّه ما أسلموا ، ولكن استسلموا وأسروا الكفر حتى وجدوا عليه أعوانا.
ورواه السيد على المدني في الدرجات الرفيعة ص 269. والمجلسي
ص: 532
في بحار الأنوار المجلد 8 / 565.
[483] رواه أبو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 45 ، عن أبي عبيد ، عن الفضل المصري ، عن عثمان بن أبي شيبة ، عن أبي معاوية ، عن الأعمش.
وحدثني أبو عبيد ، عن فضل ، عن عبد الرحمن بن شريك ، عن أبيه ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن سعيد بن سويد ، قال : صلّى بنا معاوية بالنخيلة الجمعة في الصحن ثم خطبنا فقال :
إني واللّه ما قاتلتكم لتصلّوا ولا لتصوموا ولا لتحجوا ولا لتزكوا ، إنكم لتفعلون ذلك ، وإنما قاتلتكم لأتأمر عليكم ، وقد أعطاني اللّه ذلك وأنتم كارهون.
[484] قال السيد العلوي في النصائح الكافية ص 190 : وأخرج ابن أبي شيبة ، عن سعيد بن جمهان ، قال : قلت لسفينة : إن بني أميّة يزعمون أن الخلافة فيهم.
فقال : كذب بنو الرزقاء ، بل هم الملوك من شرّ الملوك ، وأول الملوك معاوية.
[486] رواه أبو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ، ص 45 ، عن أحمد بن عبيد اللّه بن عمار ، عن أحمد بن بشر ، عن الحسن بن الحسن ، وعيسى بن مهران ، قالوا : حدثنا علي بن الجعد ، عن قيس بن الربيع ، عن عطاء بن السائب ، عن الشعبي ، قال خطب معاوية .. الخبر.
[487] رواه الحاكم في مستدرك الصحيحين 4 / 481 بسنده عن محمّد بن زياد ... الخبر.
ورواه السيوطي عن أبي عثمان النهدي في ذيل تفسير قوله تعالى ( وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ ) - الدر المنثور 6 / 41 -.
ورواه المجلسي في بحار الانوار المجلد 8 ص 382.
ص: 533
[490] قال ابن كثير في تاريخه 8 / 131 أخرجه أبو داود الطيالسي ، قال الأسود بن يزيد ... الخبر.
ورواه السيد العلوي في النصائح الكافية ص 12 ، بتفاوت ، حيث قال : وأخرج ابن أبي حاتم عن الأسود بن يزيد ... الخبر.
[492] وروى السيد العلوي في فصل الحاكم ص 20 : جاء في الأخبار الصحيحة ، أن جماعة من أصحاب الصفة مرّ بهم أبو سفيان بن حرب بعد إسلامه ، فعضوا أيديهم عليه ، وقالوا : وا أسفاه ، كيف لم تأخذ السيوف مأخذها من عنق عدو اللّه.
وكان معه أبو بكر ، فقال لهم : أتقولون هذا لسيد البطحاء؟
فرفع قوله الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فأنكره ، وقال لأبي بكر : انظر لا تكون أغضبتهم فتكون قد أغضبت ربك.
فجاء أبو بكر إليهم وترضاهم وسألهم أن يستغفروا له.
فقالوا : غفر اللّه لك.
[494] روى علي بن موسى الحسيني في الملاحم والفتن ص 121 باب 33 عن ابن عباس في قوله تعالى : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها ) أنهم بنو المغيرة وبنو أميّة ، وأن بني المغيرة قتلوا يوم بدر وأن بني أميّة متعوا الى حين.
ورواه محمّد بن الحسن العاملي في إثبات الهداة 2 / 328 ، الحديث 27.
قال السيد العلوي في فصل الحاكم ص 11 : وقد صحح الحاكم حديث علي في قوله عزّ وجلّ : وأحلّوا ، الآية.
[499] رواه نصر بن مزاحم في وقعة صفين ص 218 ، عن محمّد بن فصيل عن يزيد بن أبي زياد ، عن سليمان بن عمرو ، أبي هلال أنه سمع
ص: 534
أبا برزة الأسلمي يقول : إنهم كانوا مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فسمعوا غناء ، فتشرفوا له. فقام رجل فاستمع له وذاك قبل أن تحرم الخمر. فأتاهم ، ثم رجع فقال : هذا معاوية وعمرو بن العاص يجيب أحدهما الآخر وهو يقول :
يزال حوارى تلوح عظامه
زوى الحرب عنه أن يحسّ فيقبرا
فرفع رسول اللّه يديه ، فقال : اللّهمّ اركسهم في الفتنة ركسا ، اللّهمّ دعّهم الى النار دعا.
ورواه أحمد بن حنبل في مسنده 4 / 421. والسيد العلوي في النصائح ص 117. والمجلسي في بحار الأنوار مجلد 8 ص 565 ط قديم.
[501] رواه أبو يوسف القاضي في الآثار ص 71 من طريق إبراهيم ، قال : إن عليا رضی اللّه عنه قنت يدعو على معاوية حين حاربه فأخذ أهل الكوفة عنه.
وروى الطبري في تاريخه 6 / 40 قال : كان علي إذا صلّى الغداة يقنت ، يقول : اللّهمّ العن معاوية وعمرا ... الخبر.
[502] أورد عبد اللّه البحراني في كتاب العوالم - قسم الامام الحسن علیه السلام ص 208 باب ما جرى بينه علیه السلام وبين معاوية - ذكر مناظرة طويلة الى قوله : « مواطن لعن الرسول صلی اللّه علیه و آله أبا سفيان ».
والسادس : يوم الأحزاب يوم جاء أبو سفيان بجمع قريش وجاء عيينة بن حصن بغطفان ، فلعن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله القادة والأتباع والساقة الى يوم القيامة.
فقيل : يا رسول اللّه أما في الأتباع مؤمن؟
قال : لا تصيب اللعنة مؤمنا من الأتباع ، وأما القادة فليس فيهم
ص: 535
مؤمن ولا مجيب ولا ناج.
[503] رواه نصر بن مزاحم في وقعة صفين بثلاث طرق :
1 - عن يحيى بن يعلي ، عن الأعمش ، عن خيثمة ، قال عبد اللّه بن عمر : إن معاوية في تابوت في الدرك الأسفل من النار ، ولو لا كلمة فرعون : « أنا ربكم الأعلى » ما كان أحد أسفل من معاوية الخبر ص 217.
2 - عن عمر ، عن يحيى بن يعلى ، عن عمار الدهني ، عن أبي المثنى ، عن عبد اللّه بن عمر ، الخبر ص 218.
3 - عن محمّد بن فضيل ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن عبد اللّه بن عمر ، الخبر ص 219.
[504] وروى الأميني في الغدير 10 / 142 حديثا مرفوعا مشهورا عن النبي صلی اللّه علیه و آله أنه قال : إن معاوية في تابوت من نار في أسفل درك منها ينادي : يا حنان يا منان الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين.
[506] قال السيد العلوي في النصائح ص 203 : رواه مسلم عن ابن عباس ره ، أنه كان يلعب مع الصبيان ، فجاء له النبي صلی اللّه علیه و آله فهرب وتوارى ، فجاءه وضربه بين كتفيه ، ثم قال : اذهب فادع لي معاوية.
قال : فجئت ، فقلت : هو يأكل.
ثم قال : اذهب ، فادع لي معاوية.
قال : فجئت ، فقلت : هو يأكل.
فقال : لا أشبع اللّه بطنه.
[507] رواه نصر بن مزاحم في وقعة صفين ص 216 ، عن الحكم ، عن
ص: 536
عاصم بن أبي النجود ، عن زر بن حبيش ، عن عبد اللّه بن مسعود ، ... الحديث.
ورواه أيضا ، عن الحكم بن ظهير ، عن إسماعيل ، عن الحسن ... الحديث.
[508] روى المجلسي في بحار الأنوار المجلد 8 ص 561 ، عن الحميري ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن الثمالي ، قال : سمعت أبا جعفر يقول : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - ومعاوية يكتب بين يديه ، وأهوى بيده الى خاصرته بالسيف - من أدرك هذا يوما أميرا ، فليبقر خاصرته بالسيف ... الخبر.
[509] رواه نصر بن مزاحم في وقعة صفين ص 218 ، عن أبي عبد الرحمن ، عن العلاء بن يزيد القرشي ، عن جعفر بن محمّد ، قال : دخل زيد بن أرقم على معاوية ، فإذا عمرو بن العاص جالس معه على السرير ، فلما رأى ذلك زيد جاء حتى رمى بنفسه بينهما.
فقال عمرو بن العاص : أما وجدت لك مجلسا إلا أن تقطع بيني وبين أمير المؤمنين؟
فقال زيد : إن رسول اللّه غزا غزوة وأنتما معه ، فرآكما مجتمعين فنظر إليكما نظرا شديدا ، ثم رآكما اليوم الثاني واليوم الثالث ، كل ذلك يديم النظر إليكما ، فقال في اليوم الثالث : إذا رأيتم معاوية وعمرو بن العاص مجتمعين ففرقوا بينهما ، فإنهما لن يجتمعا على خير.
[514] كما ذكر المؤلف الحديث طويل رواه السيد علي بن موسى في اليقين في امرة أمير المؤمنين علیه السلام ص 126 ، عن أحمد بن محمّد الهمداني ، عن محمّد بن جعفر ، عن أبيه ، عن محمّد بن أيوب ، عن نوح بن أبي النعمان الأزدي ، عن صخر بن الحكم الفزاري ، عن جنان
ص: 537
بن الحرب الأزدي ، عن ربيع بن حميد الضبي ، عن مالك بن ضمرة الرواسي ، عن أبي ذر الغفاري ، ثم ذكر الحديث بتفاوت.
[515] رواه البحراني في العوالم ص 259 ، عن علي بن مالك النحوي ، عن الحسين بن عطاء ، عن محمّد بن سعيد البصري ، عن أبي عبد الرحمن الأصباغي ، عن عطاء بن مسلم ، عن الحسن بن أبي الحسن البصري ، قال : كنت غازيا زمن معاوية بخراسان ، وكان علينا رجل من التابعين [ وفي النصائح ص 73 الربيع بن زياد الحارثي ] فصلّى بنا يوما الظهر ، ثم صعد المنبر فحمد اللّه وأثنى عليه وقال :
أيها الناس إنه قد حدث في الإسلام حدث عظيم لم يكن منذ قبض اللّه نبيه صلی اللّه علیه و آله مثله. بلغني أن معاوية قتل حجرا وأصحابه ، فإن يك عند المسلمين غير فسبيل ذلك ، فان لم يكن عندهم غير فأسأل اللّه أن يقبضني إليه ، وأن يعجل ذلك.
قال الحسن بن أبي الحسن : فلا واللّه ما صلّى بنا صلاة غيرها حتى سمعنا عليه الصياح.
[516] رواه أحمد بن حنبل في مسنده 4 / 92 ، عن عثمان ، عن حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب ، أن معاوية دخل على عائشة ، الخبر.
وذكر الأميني مقاطع من الخبر في الغدير 10 / 245.
[517] ذكر أحمد بن حنبل في مسنده 1 / 175 قطعة من الرواية ، عن حجاج ، عن فطر ، عن عبد اللّه بن شريك ، عن عبد اللّه بن الرقيم الكناني ، قال : خرجنا الى المدينة زمن الجمل ، فلقينا سعد بن مالك بها ... الحديث.
[518] ذكر الكنجي في كفاية الطالب ص 193 قطعة من الرواية. عن
ص: 538
القاضي أحمد بن محمّد ، عن عمر الدينوري ، عن الكروخي ، عن محمود بن القاسم ، عن عبد الجبار الجراحي ، عن محمّد بن أحمد المحبوبي ، عن محمّد بن عيسى السلمي ، عن يوسف بن موسى القطان البغدادي ، عن علي بن قادم ، عن علي بن حسن بن صالح بن حي ، عن حكيم بن جبير ، عن جميع بن عمير التيمي ، عن ابن عمر ، قال : آخى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بين أصحابه ، فجاء علي علیه السلام تدمع عيناه ، فقال : يا رسول اللّه ، آخيت بين أصحابك ولم تواخ بيني وبين أحد؟
فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أنت اخي في الدنيا والآخرة.
[519] رواه أحمد بن حنبل في مسنده 1 / 150 - بتفاوت - قال : حدثني أبو بكر ، حدثنا عمر بن حماد ، عن أسباط بن نصر ، عن نضر ، عن سماك ، عن حنش ، عن علي (رضي اللّه عنه) : أن النبي صلی اللّه علیه و آله حين بعثه ببراءة ، فقال : يا نبي اللّه إني لست باللسن ولا بالخطب.
قال : ما به أن أذهب أنا أو تذهب بها أنت.
قال : فإن كان لا بد فسأذهب أنا.
قال : فانطلق فإن اللّه يثبت لسانك ويهدي قلبك.
قال : ثم وضع يده على فمه.
ورواه أيضا في الفضائل ص 323.
[521] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 1 / 271 ، الحديث 334 : أخبرنا أبو علي ابن السبط وأبو بكر المقري وأبو عبد اللّه البارع وأبو غالب عبد اللّه بن أحمد بن بركة السمسار ، قالوا : أنبأنا أبو الغنائم بن المأمون ، أنبأنا علي بن محمّد الحربي ، أنبأنا جعفر بن أحمد بن محمّد بن المصباح. أنبأنا أحمد بن عبدة ، أنبأنا الحسن بن صالح بن الأسود ، عن عمه
ص: 539
منصور بن الاسود ، عن عمر بن عمير الهجري ، عن عروة بن فيروز ، عن جسرة ، عن أمّ سلمة ، قالت ... الحديث.
ورواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 194. ورواه الخوارزمي في مناقبه ص 229.
[522] رواه إبراهيم بن محمّد بن المؤيد في فرائد السمطين 1 / 207 ، عن عبد اللّه بن أحمد ، عن عبد الرحمن بن عبد السميع ، عن شاذان بن جبرائيل ، عن محمّد بن عبد العزيز ، عن محمّد بن أحمد بن علي النطنزي ، عن سعيد بن أبي الرجاء ، عن عبد الواحد بن أحمد ، عن أبي أحمد بن عبد اللّه ، عن إسحاق بن إبراهيم ، عن أحمد بن منيع ، عن أبي أحمد الزبيري ، عن هشام بن سعد ، عن عمرو بن أسيد ، عن ابن عمر ... الحديث.
ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 1 / 221 ، والكنجي في كفاية الطالب ص 136 ، وابن شهر اشوب في المناقب 2 / 190 ، والمجلسي في بحار الأنوار 39 / 38 بعدة طرق.
[524] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 12 ، عن أبي الفضل ابن البقال ، عن أبي الحسين بن بشران ، عن أبي عمرو بن السماك ، عن حنبل بن إسحاق ، عن مالك بن إسماعيل ، عن زهير ، عن أبي إسحاق ، قال : سأل عبد الرحمن بن خالد ، قثم بن العباس ... الحديث.
ورواه النسائي في الخصائص ص 108 ، وأبو نعيم في حلية الأولياء 1 / 68 ، والمجلسي في بحار الأنوار 38 / 340. وقد مرّ ذكر هذا الحديث في الجزء الثاني / الحديث 185. ورواه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 105.
ص: 540
[525] رواه بتفاوت ابن المغازلي في المناقب ص 73 ، عن محمّد بن القاسم ، عن أبيه ، عن العباس بن ميمون ، عن ابن عائشة ، عن أبيه ، عن عوف ، عن الحسن ... الحديث.
ورواه التلمساني أيضا في الجوهرة ص 74 ، والمجلسي في بحار الأنوار 40 / 117 الحديث 2 ، وفي 42 / 144 أيضا ، ورواه أيضا الصدوق في أماليه ص 352 الحديث 1.
[527] الخوارزمي في مناقبه ص 230 بطريق آخر ، عن شهردار ، عن عبدوس بن عبد اللّه ، عن أبيه ، عن أبي بلال ، عن القاسم بن بندار ، عن إبراهيم بن الحسين ، عن أبي المظفر ، عن جعفر بن سليمان ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري ... الحديث بتفاوت.
ورواه ابن المغازلي في مناقبه ص 366 ، عن أبي سعيد الخدري بطريق آخر.
ورواه نصا ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 76.
[528] روى الصدوق في الخصال 2 / 429 ، عن محمّد بن علي ، عن محمّد بن أبي القاسم ، عن محمّد بن علي الكوفي ، عن نصر بن مزاحم المنقري ، عن أبي خالد ، عن زيد بن علي بن الحسين ، عن آبائه ، عن علي علیه السلام قال : كان لي عشر من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لم يعطهن أحد قبلي ولا يعطاهن أحد بعدي قال لي : يا علي أنت أخي في الدنيا والآخرة ، وأنت أقرب الناس مني موقفا يوم القيامة ، ومنزلي ومنزلك في الجنة متواجهين كمنزل الأخوين ، وأنت الوصي ، وأنت الولي ، وأنت الوزير ، وعدوك عدوي وعدوي عدو اللّه ، ووليك وليي ووليي ولي اللّه.
[529] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 87 بتفاوت واختصار عن محمّد
ص: 541
بن إبراهيم ، عن أحمد بن عبد المنعم ، عن أبي الحسن العتيقي ، عن أبي الحسن الدار قطني ، عن أحمد بن محمّد بن سعيد ، عن يحيى بن زكريا ، عن يعقوب بن معبد ، عن مثنى ، عن سفيان الثوري ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن عاصم بن ضمرة ، وهبيرة ، وعن العلاء بن صالح ، عن المنهال بن عمرو ، عن عباد بن عبد اللّه الأسدي. وعن عامر بن وائله.
قالوا : قال علي بن أبي طالب يوم الشورى ... الحديث.
ورواه ابن المغازلي في مناقبه ص 112 بطريقين الى عامر بن وائلة.
ورواه إبراهيم بن محمّد في فرائد السمطين 1 / 319.
ورواه الطبرسي في الاحتجاج 1 / 134 والبحراني في غاية المرام ص 474.
[530] ويشابهه ما رواه الحاكم في مستدرك الصحيحين 3 / 499 بسنده عن قيس بن أبي حازم ، قال : كنت بالمدينة فبينا أنا أطوف في السوق إذ بلغت أحجار الزيت ، فرأيت قوما مجتمعين على فارس قد ركب دابة وهو يشتم علي بن أبي طالب علیه السلام ، والناس وقوف حواليه ، إذ أقبل سعد بن أبي وقاص ، فوقف عليهم فقال : ما هذا؟
فقالوا : رجل يشتم علي بن أبي طالب.
فتقدم سعد ، فأفرجوا له حتى وقف عليه ، فقال : يا هذا على ما تشتم علي بن أبي طالب؟ ألم يكن أول من أسلم.
ألم يكن أول من صلّى مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
ألم يكن أزهد الناس؟
ألم يكن أعلم الناس؟
ص: 542
وذكر حتى قال : ألم يكن ختن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله على ابنته؟
ألم يكن صاحب راية رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في غزواته؟
ثم استقبل القبلة ورفع يديه وقال : اللّهمّ إن هذا يشتم وليا من أوليائك فلا تفرق هذا الجمع حتى تريهم قدرتك.
قال قيس : فو اللّه ما تفرقنا حتى ساخت به دابته فرمته على هامته في تلك الاحجار ، فانفلق دماغه ومات.
قال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.
[531] سبق أن المؤلف ذكر هذا الحديث في الجزء الثاني الرقم 170 فراجع.
ورواه أيضا السيد بن طاوس في اليقين ص 106 : عن أحمد بن هشام الطبري ، عن محمّد بن نسيم القرشي ، عن الحسن بن الحسين ، عن يحيى بن يعلي ، عن الأعمش ، وعن جعفر بن محمّد الكوفي ، عن عبد اللّه بن داهر الرازي ، عن أبي داهر بن يحيى ، عن الأعمش ، عن عباية الأسدي ... الحديث.
ورواه أحمد بن حنبل في مسنده 1 / 330.
[532] روى أحمد بن شعيب في خصائصه ص 112 : عن محمّد بن المثنى ، عن أبي معاوية ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة عن أبي البختري ، عن علي علیه السلام ، قال : كنت إذا سئلت اعطيت ، وإذا سكت ابتديت.
ورواه أيضا أبو نعيم في حلية الاولياء 1 / 68 و 4 / 382 ، والحاكم في المستدرك 3 / 125 ، والهندي في كنز العمال 6 / 394 والترمذي في صحيحه 2 / 299 ، عن يوسف بن سعيد ، عن الحجاج بن خديج ، عن
ص: 543
أبي الحرب ، عن أبي الأسود ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : كنت واللّه إذا سئلت اعطيت وإذا سكت ابتديت.
[533] رواه ابن المغازلي - بتفاوت - في مناقبه ص 253 الحديث 303 ، عن محمّد بن أحمد بن عثمان ، عن محمّد بن المظفر ، عن محمّد بن الحسين ، عن جعفر بن عبد اللّه ، عن إسماعيل بن أبان ، عن سلام بن أبي عمرة ، عن المعروف بن خربوذ ، عن أبي طفيل ، عن حذيفة بن أسيد الغفاري ... الحديث.
أما القسم الأخير من الحديث قول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : من تولاني تولى عليا ... لم تكن مع الرواية التي ذكرها ابن المغازلي ووجدتها في كتاب اليقين لابن طاوس ص 35 - بتفاوت - عن أبي الفرج أحمد بن جعفر النسائي ، عن ابن جرير ، عن عبد اللّه بن داهر ، عن أبي زاهر الأحمري ، عن الأعمش ، عن عباية ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : هذا علي بن أبي طالب لحمه من لحمي ، ودمه من دمي ، وهو مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي. وقال : يا أم سلمة اشهدي واسمعي هذا علي أمير المؤمنين وسيد المسلمين ووعاء علمي ، وبابي الذي أوتي منه ، وأخي في الدنيا والآخرة ، ومعي في السنام الأعلى ، يقتل القاسطين والناكثين والمارقين.
ورواه أبو جعفر الطبري في بشارة المصطفى ، ص 167.
[534] رواه المجلسي في بحار الأنوار 40 / 64 الحديث 99 عن تفسير فرات : أبو القاسم الحسيني ، معنعنا ، عن معاذ بن جبل ... الحديث بتفاوت.
[535] رواه ابن المغازلي في مناقبه ، ص 127 الحديث 168 ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن محمّد العلوي ، عن محمّد بن محمود ، عن إبراهيم
ص: 544
بن مهدي ، عن معاذ بن شعبة ، عن شريك ، عن أبي الوقاص العامري ، عن محمّد بن عمار بن ياسر ، عن أبيه ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن حفظتي عليّ يفتخران على الحفظة بكينونتها معه ، وذلك أنهما لم يصعدا له إلى اللّه تبارك وتعالى بشيء يسخطه.
ورواه أيضا الخطيب في تاريخ بغداد 14 / 49. والخوارزمي في مقتل الحسين ص 37.
[536] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 3 / 76.
ورواه أيضا السيد البحراني في البرهان 1 / 306 ، وروايات اخرى بنفس المضمون مع اختلاف في الألفاظ والسند.
[538] رواه ابن المغازلي في مناقبه ، ص 325 الحديث 372 ، عن محمّد بن أحمد بن عثمان ، عن محمّد بن العباس ، عن أبي عبيد ابن حريويه ، عن الحسين بن محمّد الزعفراني ، عن علي بن عبيد اللّه ، عن يحيى بن آدم ، عن عبيد اللّه بن عبد الرحمن الأشجعي ، عن سفيان بن سعيد ، عن عثمان بن المغيرة الثقفي ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن علي بن علقمة ، عن علي بن أبي طالب ، قال : لما نزلت ... الحديث بتفاوت بسيط في الألفاظ.
ورواه أيضا النسائي في الخصائص ، ص 39. والطبري في تفسيره 28 / 14. وابن كثير في تفسيره 4 / 326.
[540] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 9.
[541] رواه الخوارزمي في مناقبه ، ص 73 - بتفاوت بسيط - ، عن أحمد بن الحسين ، عن أبي عبد اللّه الحافظ ، عن أحمد بن جعفر القطيعي ، عن عبد اللّه بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه ، عن يحيى بن معاذ ، عن أبي عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون قال ... الحديث.
ص: 545
ورواه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 86.
ورواه البحراني في غاية المرام ص 142.
[542] روى المجلسي في بحار الأنوار 37 / 40 الحديث 13 عن أمالي الطوسي بتفاوت ، عن أبي عمرو ، عن ابن عقدة ، عن أبي الفضل بن يوسف ، عن محمّد بن عكاشة ، عن حميد بن المثنى ، عن يحيى بن طلحة ، عن أيوب بن الحر ، عن أبي اسحاق السبيعي ، عن الحارث ، عن علي علیه السلام ، قال : إن فاطمة شكت إلى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقال : ألا ترضين ... الحديث.
وروى أبو جعفر الطبري في بشارة المصطفى ، ص 246 الحديث مفصلا.
ورواه الهندي في كنز العمال 6 / 153.
[543] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 296 ، عن عبد الملك بن قيبا الحريمي ، عن يحيى بن ثابت ، عن الحسن بن أبي نصر ، عن محمّد بن الحسين ، عن أبي القاسم بن أحمد ، عن محمّد بن عبد اللّه الحضرمي ، عن محمّد بن مرزوق ، عن حسين الاشقر ، عن قيس ، عن الأعمش ، عن عباية بن ربعي ، عن أبي أيوب الأنصاري ... الحديث.
ورواه الهندي في كنز العمال 6 / 153. والهيثمي في مجمع الزوائد 8 / 353.
ورواه الصدوق في الخصال ص 412 الحديث 16.
[544] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 213 ، عن أبي القاسم العلوي ، عن رشاء بن نظيف ، عن الحسن بن إسماعيل ، عن أحمد بن مروان ، عن محمّد بن عبد العزيز ، عن الفضل بن موفق ، عن السري بن القاسم ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عاصم بن ضمرة ، قال : ...
ص: 546
الحديث بتفاوت.
ورواه أيضا أبو جعفر الاسكافي في المعيار والموازنة ص 268. ورواه أيضا ابن الجوزي في تذكرة الخواص ص 141.
[545] رواه السيد البحراني في غاية المرام ص 560 الباب 57 من عدة مصادر فراجع.
[551] رواه ابن المغازلي في مناقبه ، ص 224 ، عن محمّد بن الحسين الزعفراني ، عن جعفر بن محمّد ، عن علي بن الحسين البزار وموسى بن محمّد البجلي ، قالا : حدثنا جعفر بن سليمان ، عن يزيد الرشك ، عن مطرف بن عبد اللّه ، عن عمران بن حصين أن رسول اللّه ... الحديث.
ورواه ابن كثير في البداية والنهاية 7 / 344 ، وأبو داود الطيالسي في مسنده ص 111 ، الحديث 829.
[552] لقد مرّ ذكر هذا الحديث في الجزء الأول ، الحديث 23 ، فراجع.
[553] لقد مرّ ذكر هذا الحديث أيضا في الجزء الأول الحديث 9 ، فراجع.
[556] انظر الحديث 552.
[557] روى الحرّ العاملي في اثبات الهداة 2 / 157 ... الحديث.
[696] روى محمّد بن عمر الكشي في كتاب الرجال ، عن محمّد بن حماد الساسي ، عن صالح بن نوح ، عن زيد بن المعدل ، عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام قال : خطب سلمان ، فقال :
الحمد لله الذي هداني لدينه ، الى أن قال : فإن عند علي علم البلايا ، وعلم الوصايا ، وفصل الخطاب ، على منهاج هارون بن عمران ... الحديث.
[559] رواه أبو جعفر الطبري في بشارة المصطفى ص 84 ، عن الحسن بن محمّد ، عن أبيه ، عن محمّد بن محمّد بن النعمان ، عن محمّد بن عمر
ص: 547
الجعابي ، عن أحمد بن محمّد بن سعيد ، عن محمّد بن يحيى الأودي ، عن إسماعيل بن أبان ، عن فضيل بن الزبير ، عن أبي عبيد اللّه ، عن أبي سخيلة : قال حججت ... الحديث.
ورواه ابن شهر اشوب في المناقب 3 / 91.
[560] روى ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 267 - قريبا منه - ، عن أبي الوفاء عمرو بن الفضل ، عن إبراهيم بن محمّد ، عن إبراهيم بن عبد اللّه ، عن عمر بن الحسن ، عن أبي يعلى المسمعي ، عن عبد العزيز بن الخطاب ، عن ناصح بن عبد اللّه المحلمي ، عن عطاء بن السائب ، عن أنس بن مالك ، قال : مرض علي ... الحديث.
[562] رواه ابن طاوس في اليقين ص 74 ، عن هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري ، ومحمّد بن عبد اللّه بن محمّد ، قالا : حدثنا محمّد بن القاسم بن زكريا ، عن عباد بن يعقوب الأسدي الرواجني ، عن السري بن عبد اللّه السلمي ، عن علي بن حزور ، قال : دخلت أنا والعلاء بن هلال الخفاف على أبي إسحاق السبيعي حين قدم من خراسان ، فجرى الحديث.
فقلت يا أبا إسحاق أحدثك بحديث حدثنيه أخوك أبو داود ، عن عمران بن حصين الخزاعي ... الحديث.
[564] روى الحرّ العاملي في اثبات الهداة 2 / 52 الحديث 225 ، عن محمّد بن عمر ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسن الخزاعي ، عن حسن بن حسين المدني ، عن عمرو بن ثابت ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي يحيى ، عن ابن عباس ، قال : صعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله المنبر - قريب لما ذكره المؤلف -.
[565] روى الكنجي في كفاية الطالب ص 86 ، عن أحمد بن عبد الدائم ،
ص: 548
وغيره ، محمّد بن صدقة الحراني ، عن أبي عبد اللّه بن الفضل الفراوي ، عن محمّد بن عبد الرحمن الكنجرودي ، عن عبد اللّه بن محمّد الرازي ، عن محمّد بن أيوب ، عن محمّد بن كثير ، عن سفيان الثوري ، عن المغيرة بن النعمان ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ... الحديث بتفاوت.
[566] روى الصدوق في أماليه ص 107 ، الحديث 2 ، عن محمّد بن عمر الحافظ ، عن جعفر بن محمّد الحسني ، عن محمّد بن علي بن خلف ، عن سهل بن عامر ، عن زافر بن سليمان ، عن شريك بن أبي إسحاق ، قال : قلت لعلي بن الحسين : ما معنى قول النبي صلی اللّه علیه و آله : من كنت مولاه فعلي مولاه؟
قال : أخبرهم أنه الإمام بعده.
[567] روى ابن عساكر في تاريخ دمشق 1 / 76 الحديث 122 قطعة منه ، عن أبي القاسم بن السمرقندي ، عن عاصم بن الحسن ، عن أبي عمر بن مهدي ، عن أبي العباس بن عقدة ، عن محمّد بن أحمد ، عن مخلد بن شداد ، عن محمّد بن عبيد اللّه ، عن أبي سخيلة قال ... الحديث.
ورواه البحراني في غاية المرام ، ص 506. وابن شهر اشوب في المناقب 2 / 91 و 3 / 315.
[568] رواه ابن المغازلي في مناقبه ، ص 240 الحديث 287 ، عن أحمد بن محمّد بن عبد الوهاب ، عن عمر بن عبد اللّه ، عن عيسى بن محمّد - الطوماري - ، عن محمّد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن صبيح الأسدي ، عن يحيى بن يعلى الأسلمي ، عن عمران بن عمران ، عن أبي إدريس ، عن مجاهد ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ... الحديث. ورواه الهندي في كنز العمال 6 / 156.
ص: 549
ورواه الخوارزمي ص 57 ، ورواه الحاكم في المستدرك 3 / 123 ، عن معاوية بن ثعلبة ، عن أبي ذر قال : قال النبي صلی اللّه علیه و آله : يا علي من فارقني فقد فارق اللّه ومن فارقك فقد فارقني.
[569] روى الصدوق ره رواية مفصلة في ضمنها هذه الرواية. - أمالي الصدوق - المجلس التاسع ص 37 الحديث 5 ، عن أحمد بن محمّد بن يحيى العطار ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه الدهقان ، عن عروة ، عن شعيب ، عن أبي بصير ، عن جعفر بن محمّد ، عن آبائه ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.
[570] راجع الحديث 536.
[571] رواه الشيخ المفيد في أماليه ص 166 ، عن علي بن خالد المراغي ، عن علي بن الحسن الكوفي ، عن جعفر بن محمّد بن مروان ، عن أبيه ، عن مسيح بن محمّد ، عن أبي علي ابن عمرة الخراساني ، عن إسحاق بن ابراهيم ، عن أبي إسحاق السبيعي ، قال : دخلنا على مسروق بن الأجدع ... الحديث بتفاوت.
ورواه أبو جعفر الطبري في بشارة المصطفى ص 48. ورواه الطبرسي في إعلام الورى ، ص 149.
[572] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 1 / 77 ، الحديث 124 ، عن أبي القاسم ابن السمرقندي ، عن أبي القاسم بن مسعدة ، عن عبد الرحمن بن عمرو الفارسي ، عن أبي أحمد ابن عدي ، عن علي بن سعيد بن بشير ، عن عبد اللّه بن داهر الرازي ، عن أبيه ، عن الأعمش ، عن عباية ، عن ابن عباس ... الحديث.
[576] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 217 ، الحديث 273 ، عن علي بن عمر
ص: 550
بن عبد اللّه ، عن أبيه ، عن الحسن بن علي بن زكريا ، عن الحسن بن علي بن راشد الواسطي ، عن شريك ، عن الأعمش ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي الطفيل ، عن زيد بن أرقم ... الحديث.
ورواه الجويني في فرائد السمطين 1 / 186 الحديث 148 والخوارزمي في مناقبه ص 35. ورواه البحراني في غاية المرام ص 581 الباب 71 ، الحديث 35.
[577] رواه المجلسي في بحار الأنوار 39 / 259 مرسلا.
[580] رواه الجويني في فرائد السمطين 1 / 148 الحديث 112 ، عن محمّد بن أبي القاسم ، عن أبيه ، عن شهردار بن شيرويه بن شهردار ، عن أبيه ، عن حمد بن أحمد بن حمدان ، عن عبد اللّه بن عمر ، عن أحمد بن محمّد بن الحسين ، عن أحمد بن محمّد بن أبي زيد البصري ، عن الفضل بن يوسف بن يعقوب ، عن الحسن بن الحسين الأنصاري ، عن معاذ بن مسلم ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن عبد اللّه بن العباس ... الحديث.
[581] رواه المجلسي في بحار الأنوار 39 / 254 الحديث 26 ، عن المحاسن :
أبي ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن رياح بن أبي بصير ، قال : سمعت أبا عبد اللّه علیه السلام ... الحديث بتفاوت.
[582] رواه المجلسي في بحار الأنوار 37 / 140 الحديث 34 ، عن زياد بن المنذر قال : كنت عند أبي جعفر ... الحديث.
وقد مرّ ذكره في الجزء الأول الحديث 25.
[583] وقد مرّت عدة روايات مشابهة في الجزء الأول 91 وما بعدها فراجع.
[584] رواه الشيخ المفيد في أماليه ص 90 ، عن علي بن بلال المهلبي ، عن عبد اللّه بن راشد الاصفهاني ، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي ، عن
ص: 551
إسماعيل بن صبيح ، عن سالم بن أبي سالم البصير ، عن أبي هارون العبدي قال : كنت أرى ... الحديث.
[585] لقد سبق ذكر هذا الحديث ، راجع الجزء الثاني الحديث 216 ، فراجع.
[587] رواه بتفاوت ابن عساكر في تاريخ دمشق 10 / 76 الحديث 123 ، عن محمّد بن يحيى القرشي ، عن علي بن الحسن بن الحسين ، عن أحمد بن الحسين ، عن الحسن بن رشيق العسكري ، عن محمّد بن رزين ، عن سفيان بن بشر الأسدي ، عن علي بن هاشم ، عن محمّد بن عبيد اللّه ، عن عبيد اللّه بن أبي رافع ، عن أبيه ، عن أبي ذر الغفاري ... الحديث.
وروى الحديث نصا البحراني في غاية المرام ص 486 الباب 15 الحديث 36. والجويني في فرائد السمطين 1 / 140 الحديث 103.
[588] لقد مرّ هذا الحديث في الجزء الثاني ... الحديث 212.
[589] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 72 الحديث 1115 ، عن هبة اللّه بن سهل بن عمر ، عن جده عمر بن محمّد بن الحسين البسطامي ، عن أبي عبد اللّه الحافظ ، عن محمّد بن علي الآدمي ، عن إسحاق بن إبراهيم الصنعاني ، عن عبد الرزاق بن همام ، عن أبيه ، عن مينا بن يحيى ، عن عبد اللّه بن مسعود ، قال : كنا مع النبي صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.
ورواه الخوارزمي ص 64 بطريق آخر. ورواه المفيد في أماليه ص 30 والحرّ العاملي في إثبات الهداة 2 / 102 الحديث 418.
[590] روى أبو جعفر الطبري في بشارة المصطفى ص 224 ، عن عبد ربه بن علقمة ، عن حماد بن سلمة ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، قال : قال عمر بن الخطاب : تحببوا الى الأشراف وتوددوا واتقوا على أعراضكم من السفلة ، واعلموا أنه لا يتمّ شرف إلا بولاية
ص: 552
علي بن أبي طالب.
[591] رواه المجلسي في بحار الأنوار 40 / 135 الحديث 22 نقلا عن أمالي الصدوق ، عن ابن ناتانة ، عن علي بن إبراهيم ، عن جعفر بن سلمة ، عن الثقفي ، عن المسعودي عن يحيى بن سالم ، عن إسرائيل ، عن ميسرة ، عن منهال بن عمرو ، عن زر بن حبيش ، قال : مرّ علي على بغلة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ان في ملأ ، فقال سلمان ره ... الحديث.
ورواه الطبري في بشارة المصطفى ، ص 265.
[592] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 125 الحديث 164 ، عن أحمد بن محمّد بن عبد الوهاب ، عن الحسين بن محمّد بن الحسين العلوي ، عن محمّد بن محمود ، عن أحمد بن عمار بن خالد ، عن مخول بن إبراهيم النهدي ، عن عبد الجبار بن العباس ، عن عمار الدهني ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد اللّه ، قال ... الحديث بتفاوت.
ورواه ابن الأثير في اسد الغابة 4 / 27. والهندي في كنز العمال 6 / 159. والمجلسي في بحار الأنوار 38 / 300. والبغدادي في تاريخه 7 / 402. والترمذي في صحيحه 2 / 300.
[593] رواه الحسكاني في شواهد التنزيل 2 / 234 الحديث 954 ، عن ابن يحيى الحيكاني ، عن يوسف بن أحمد الصيدلاني ، عن أبي جعفر العقيلي ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن يحيى بن عبد الحميد ، عن الاشجعي ، عن سفيان بن المغيرة الثقفي ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن علي بن علقمة ، عن علي بن أبي طالب ... الحديث بتفاوت.
ورواه أبو نعيم في النور المشتعل ص 251 ، عن ابن عباس. ورواه الصدوق في الخصال ص 574. وابن المغازلي ص 325.
ص: 553
[594] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 17 الحديث 1030 ، عن محمّد بن الفضل ، وأبي المظفر بن أبي القاسم ، قال : عن محمّد بن عبد الرحمن ، عن ابن حمدان ، عن زهير ، عن جرير بن عبد الحميد ، عن مغيرة ، عن أمّ موسى ، قالت : قالت أمّ سلمة : ... الحديث.
[595] روى أبو جعفر الصفار في بصائر الدرجات ص 313 الجزء السابع الباب الأول الحديث الأول ، عن أبي القاسم ، عن محمّد بن يحيى العطار ، عن محمّد بن الحسن الصفار ، عن محمّد بن عبد الجبار ، عن البرقي ، عن فضالة بن أيوب ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرمي ، عن عمرة بنت أبي رافع ، عن أمّ سلمة ... الحديث بتفاوت.
[599] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 483 الحديث 1003 ، عن أبي القاسم ابن السمرقندي ، عن أبي القاسم ابن مسعده ، عن حمزة بن يوسف ، عن أبي أحمد ابن عبد ، عن أبي يعلى ، عن كامل بن طلحة ، عن ابن لهيعة ، عن يحيى بن عبد اللّه ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد اللّه بن عمرو .. الحديث.
[601] رواه إبراهيم بن محمّد الثقفي في الغارات 1 / 4 ، عن أحمد بن عمران بن محمّد بن أبي ليلى الأنصاري ، عن أبيه ، عن ابن أبي ليلى ، عن المنهال بن عمرو ، عن زر بن حبيش ، قال : خطب علي علیه السلام ... الحديث. ورواه اليعقوبي في تاريخه 2 / 192.
[602] رواه الخوارزمي في مناقبه ص 109 ، عن سعد بن عبد اللّه المروزي ، عن الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد ، عن عبد الرزاق بن عمر ، عن أحمد بن موسى ، عن محمّد بن علي بن رحيم ، عن أحمد بن حازم ، عن شهاب بن عباد ، عن جعفر بن سليمان ، عن أبي هارون ، عن أبي
ص: 554
سعيد ... الحديث.
ورواه المجلسي في بحار الأنوار مجلد 8 ط قديم ص 11.
[603] رواه الخوارزمي في مناقبه ص 110 ، عن سعد بن عبد اللّه بن الحسن الهمداني ، عن الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد ، عن عبد الرزاق بن عمر بن إبراهيم ، عن أحمد بن موسى بن مردويه ، عن محمّد بن علي بن رحيم ، عن أحمد بن حازم ، عن عثمان بن محمّد ، عن يونس بن أبي يعقوب ، عن حماد بن عبد الرحمن الأنصاري ، عن أبي سعيد التميمي ، عن علي علیه السلام ... الحديث.
[607] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 279 الحديث 1365 ، عن أبي غالب ابن البناء ، عن محمّد بن أحمد بن محمّد ، عن موسى بن عيسى بن عبد اللّه السراح ، عن عبد اللّه بن أبي داود ، عن إسحاق بن إسماعيل ، عن إسحاق بن سليمان ، عن فطر بن خليفة ، عن أبي الطفيل ... الحديث.
ورواه سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص ص 159. والمحب الطبري في ذخائر العقبى ص 159.
[608] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 293 ، عن إسماعيل بن محمّد ، عن أبي بكر ابن الطبري ، عن أبي الحسين بن الفضل ، عن عبد اللّه بن جعفر ، عن يعقوب بن سفيان ، عن أبي نعيم ، عن عبد الجبار بن العباس الهمداني ، عن عثمان بن المغيرة ... الحديث.
[610] رواه الخوارزمي في مناقبه ص 274 ، عن علي بن أحمد العاصمي ، عن إسماعيل بن أحمد الواعظ ، عن أبيه ، عن محمّد بن عبد اللّه الحافظ ، عن إبراهيم بن اسماعيل المقري ، عن عثمان بن سعيد الدارمي ، عن عبد اللّه بن صالح ، عن الليث بن سعد ، عن خالد بن
ص: 555
يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن زيد بن أسلم ، عن أبي سنان الدؤلي ، أنه عاد عليا علیه السلام ... الحديث.
ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 277 الحديث 1363 ، والمجلسي في بحار الانوار 42 / 193 الحديث 10.
[612] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 293 الحديث 1390 ، عن أبي الحسن بن قيس ، عن أبي محمّد بن أبي نصر ، عن خيثمة ، عن إسحاق بن سيار ، عن أبي علقمة ، عن سفيان ، عن عمران بن ظبيان ، عن حكيم بن سعد.
[613] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 115 الحديث 1156 - مضمونا - : عن الحسين بن عبد الملك ، عن سعيد بن أحمد ، عن محمّد بن عبد اللّه ، عن عمر بن الحسن القاضي ، عن أحمد بن الحسن الخزاز ، عن أبيه ، عن حصين بن مخارق ، عن سعيد بن الخميس ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ثعلبة ، عن علي علیه السلام ، أن القرية تكون فيها من الشيعة ، فيدفع بهم عنها ، ثم قال : أيم اللّه إلا أن أقولها ، فو اللّه لعهد إليّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أن الامة ستغدر بي.
ورواه البغدادي في تاريخه 11 / 216. والحاكم في المستدرك 3 / 140 ، والهندي في كنز العمال 6 / 73 ، والهيثمي في مجمعه 9 / 137.
[614] رواه أحمد بن إسماعيل في كتاب الأربعين الحديث 52 ، عن علي بن الشافعي ، عن محمّد بن الحسين بن أحمد ، عن القاسم بن أبي القاسم ، عن علي بن إبراهيم ، عن محمّد بن يزيد ، عن عثمان بن أبي شيبة ، عن وكيع ، عن ابن أبي ليلى ، عن الحكم ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : كان أبو ليلى يسير مع علي ، فكان يلبس ثياب الصيف في الشتاء
ص: 556
وثياب الشتاء في الصيف ... الحديث بتفاوت.
ورواه أيضا ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 300.
[615] رواه بتفاوت الكنجي في كفاية الطالب ص 271 ، عن علي بن عبد اللّه ، عن المبارك بن الحسن ، عن أبي القاسم بن اليسرى ، عن عبيد اللّه بن محمّد العكبري ، عن أحمد بن هشام الأنماطي ، عن حسن بن سلام السواق ، عن عبيد اللّه بن موسى ، عن ابن أبي ليلى ، عن المنهال بن عمرو ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ... الحديث.
ورواه محمّد بن محمّد الشافعي في أسنى المطالب ص 64. والبحراني في حلية الأبرار 1 / 111. وابن المغازلي في مناقبه ص 74 الحديث 110.
[616] روى المجلسي في بحار الانوار 35 / 125 الحديث 67 : وأخبرني مشايخي محمّد بن إدريس وشاذان بن جبرائيل ومحمّد بن علي بأسانيدهم الى الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان يرفعه ، قال : لما مات أبو طالب رضی اللّه عنه أتى أمير المؤمنين علیه السلام النبي صلی اللّه علیه و آله فأذنه بموته ، فتوجع توجعا عظيما وحزن حزنا شديدا ، ثم قال لأمير المؤمنين :
امض يا علي فتولّ أمره وتولّ غسله وتحنيطه وتكفينه ، فإذا رفعته على سريرته فأعلمني.
ففعل ذلك أمير المؤمنين علیه السلام ، فلما رفعه على السرير اعترضه النبي صلی اللّه علیه و آله فرقّ وتحزن ، وقال : وصلت رحما وجزيت خيرا يا عم ، فلقد ربيت وكفلت صغيرا ، ونصرت وآزرت كبيرا ... الحديث.
[618] رواه النسائي في خصائصه ص 61 ، عن ميمون بن المثنى ، عن أبي
ص: 557
عوانة الوضاح ، عن أبي بلج ابن أبي سليم ، عن عمرو بن ميمون ، أنه قال : إني لجالس الى ابن عباس ... الحديث.
ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 1 / 187 الحديث 251.
ورواه الكنجي في كفاية الطالب ص 241.
ورواه أحمد بن حنبل في مسنده 1 / 330. والجويني في فرائد السمطين 1 / 327 الحديث 255. والخوارزمي في مناقبه ص 74. وابن طاوس في اليقين ص 109. والمجلسي في بحار الانوار 40 / 49. والمحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 87.
[619] رواه الخوارزمي في مناقبه ص 258 ، عن علي بن أحمد العاصمي ، عن إسماعيل بن أحمد الواعظ ، عن أبيه ، عن أحمد بن الحسين ، عن محمّد بن عبد اللّه الحافظ ، عن محمّد بن أحمد المحبوبي ، عن سعيد بن مسعود ، عن عبيد اللّه بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن علي علیه السلام قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.
ورواه الجويني في فرائد السمطين 1 / 141 الحديث 104. ورواه محمّد بن محمّد الشافعي في أسنى المطالب ص 94. ورواه أحمد بن حنبل في مسنده 1 / 158 و 1 / 92. والترمذي في صحيحه 2 / 264. والحاكم في المستدرك 3 / 138.
[620] رواه أحمد بن حنبل في الفضائل ، ص 580 الحديث 984 ، عن ابن نمير ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي البختري ، عن علي ... الحديث.
ورواه ابن ماجة في صحيحه ص 168 ، والحاكم في المستدرك 3 / 135. والبيهقي في سننه 10 / 86. والبغدادي في تاريخه 12 / 443.
ص: 558
[621] رواه النسائي في خصائصه ص 95 ، عن قتيبة بن سعيد ، عن ابن أبي عدي ، عن عوف ، عن ميمون ، عن زيد بن أرقم ... الحديث.
ورواه أيضا الخوارزمي في مناقبه ، ص 93 بطريق آخر ، عن زيد وابن المغازلي في مناقبه ص 20. وابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 5 الحديث 501.
[622] رواه أحمد بن حنبل في مسنده 1 / 83 ، عن يحيى ، عن شعبة ، عن عمرة بن مرة ، عن عبد اللّه بن سلمة ، عن علي رضی اللّه عنه ... الحديث.
ورواه الحاكم في المستدرك 2 / 620. وأبو نعيم في حلية الأولياء 5 / 96. والمحبّ الطبري في الرياض النضرة 2 / 216.
[623] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 122 الحديث 160 ، عن عبد الواحد بن علي بن العباس البزاز ، عن عبيد اللّه بن محمّد ، عن الحسين بن محمّد المحاملي ، عن علي بن مسلم ، عن أبي عاصم ، عن أبي الجراح ، عن جابر بن صبيح ، عن أم شراحيل ، عن أمّ عطية ، أن رسول اللّه ... الحديث.
ورواه الترمذي في صحيحه 2 / 301. والخوارزمي في مناقبه ص 30. والمجلسي في بحار الانوار 38 / 299.
[624] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 1 / 495 الحديث 1017 ، حيلولة ، عن أبي القاسم ابن الحصين ، عن أبي علي ابن المذهب ، عن أحمد بن جعفر ، عن أبي الربيع الزهراني ، وعلي بن حكيم الأودي ، ومحمّد بن جعفر الزركاني ، وزكريا بن يحيى ، وعبيد اللّه بن عامر بن زرارة الحضرمي ، وداود بن عمرو الضبي ، قالوا : أنبأنا شريك ، عن سماك ، عن حنش ، عن علي علیه السلام قال : بعثني النبي صلّى اللّه
ص: 559
عليه وآله .... الحديث.
ورواه الجويني في فرائد السمطين - بطريق آخر - 1 / 169 الحديث 130. والسيوطي في الدر المنثور.
[625] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 364 ، عن أبي القاسم الكوفي ... الحديث.
ورواه المجلسي في بحار الانوار 40 / 231 الحديث 10 ، عن عمر بن حماد ، عن عبادة بن الصامت ... الحديث.
[626] رواه الهندي في كنز العمال 2 / 221. ورواه المجلسي في بحار الانوار 40 / 229.
[629] رواه الصدوق في الخصال 2 / 645 الحديث 30 ، عن أبيه ومحمّد بن الحسن ، عن سعد بن عبد اللّه ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن عبد اللّه بن حماد الأنصاري ، عن صباح المزني ، عن حارث بن حصيرة ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن أمير المؤمنين علیه السلام ... الحديث.
[630] رواه المحبّ الطبري في الرياض النضرة 2 / 197 ، عن موسى بن طلحة بتفاوت.
ورواه المجلسي في 40 / 230 الحديث 9.
[631] رواه ابن المغازلي في مناقبة ص 288 الحديث 329 ، عن علي بن عمر بن عبد اللّه بن شوذب ، عن جده ، عن عبد الجليل بن أبي رافع ، عن عمار بن يزيد ، عن إسماعيل بن عياش ، عن صفوان بن عمرو ، عن عبد اللّه المازني ، قال : فصل علي علیه السلام على عهد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بقضية ... الحديث.
ورواه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى 85. والقندوزي في ينابيع المودة 75.
ص: 560
[633] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 48 الحديث 1081 ، عن أبي البركات الأنماطي ، عن أحمد بن الحسن ، عن عبد الملك بن محمّد ، عن أبي علي ابن الصراف ، عن محمّد بن عثمان بن أبي شيبة ، عن محمّد بن عبد اللّه بن نمير ، عن يحيى بن يمان ، عن سفيان ، عن حجدب بن حرعب التيمي ، عن عطاء ، عن عائشة ، قالت : علي أعلم الناس بالسنّة.
ورواه الخوارزمي في مناقبه بتفاوت ص 46.
ورواه التلمساني في الجوهرة ص 72.
[635] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 53 الحديث 1089 ، عن علي بن محمّد الواسطي ، عن أبي بكر ابن يبرى ، عن محمّد بن الحسين بن محمّد ، عن ابن أبي خيثمة ، عن يحيى بن معين ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، قال : قلت لعطاء بن أبي رياح : أكان في أصحاب محمّد صلی اللّه علیه و آله أعلم من علي علیه السلام ؟
قال : لا واللّه ما أعلمه.
ورواه المجلسي في بحار الانوار 40 / 147. وابن شهر اشوب في المناقب 2 / 30. وابن الأثير في أسد الغابة 6 / 22. والمحبّ الطبري في الرياض النضرة 2 / 194.
[636] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 332 ، عن محمّد بن طرخان ، عن الحسن بن أحمد ، عن شيرويه بن شهردار الديلمي ، عن أبي إسحاق القفال ، عن أبي إسحاق بن خرشيد ، عن أحمد بن محمّد ، عن نجيح بن إبراهيم الزهري ، عن ضرار بن صرد ، عن علي بن هاشم ، عن محمّد بن عبد اللّه الهاشمي ، عن محمّد بن عمرو بن حرم ، عن عباد بن عبد اللّه ، عن سلمان ، قال : أعلم امتي بعدي علي بن أبي طالب.
ص: 561
ورواه الخوارزمي في مناقبه ص 40. ورواه الحرّ العاملي في إثبات الهداة 2 / 50 الحديث 217. والاربلي في كشف الغمة 1 / 112 والمجلسي في بحار الأنوار 40 / 135 الحديث 24.
[637] رواه المجلسي في بحار الأنوار 35 / 434 الحديث 18 ، باسناده عن الثعلبي ، عن عبد اللّه بن محمّد القائني ، عن محمّد بن عثمان النصيبي ، عن أبي بكر السبيعي ، عن عبد اللّه بن محمّد بن منصور ، عن جنيد الرازي ، عن محمّد بن الحسين الاسكاف ، عن محمّد بن مفضل ، عن جندل بن علي ، عن إسماعيل بن شمعان ، عن أبي عمر زادان ، عن ابن الحنفية مثله. وبهذا الاسناد عن السبيعي عن الحسن بن إبراهيم الجصاص ، عن حسين بن الحكم ، عن سعيد بن عثمان ، عن أبي مريم ، عن عبد اللّه بن عطاء ، قال : كنت جالسا مع أبي جعفر في المسجد ... الحديث.
[638] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 24 الحديث 1044 ، عن أبي طالب ابن أبي عقيل ، عن أبي الحسن الخلعي ، عن أبي محمّد بن النحاس ، عن أبي سعيد بن الأعرابي ، عن عبد اللّه بن الحسين ، عن محمّد بن عقيل ، عن ابن شبرمة يقول : ما كان أحد على المنبر يقول : سلوني عن ما بين اللوحين إلا علي بن أبي طالب.
[639] رواه الجويني في فرائد السمطين 1 / 338 الحديث 261 ، عن محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن علي الطوسي ، عن محمّد بن العباس الغضائري ، عن محمّد بن سعيد الفرخزادي ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبي عبد اللّه القاشي ، عن أبي الحسين النصيبي ، عن محمّد بن الحسين السبيعي ، عن علي بن إبراهيم ، عن الحسين بن الحكم ، عن إسماعيل بن صبيح ، عن أبي الجارود ، عن حبيب بن يسار ، عن زادان ، قال :
ص: 562
سمعت عليا علیه السلام يقول : ... الحديث.
ورواه الصفار في بصائر الدرجات ص 135 الحديث 7. والمجلسي في بحار الانوار 40 / 136.
[641] رواه الخوارزمي في مقتله ص 44 ، عن علي بن أحمد الكرباسي ، عن أحمد بن عبد الرحمن ، عن محمّد بن إبراهيم ، عن محمّد بن جعفر بن هارون الكوفي ، عن عبد الرحمن بن حامد التميمي ، عن حميد بن مسعدة ، عن يونس بن أرقم ، عن الجارود ، عن عدي بن ثابت ، عن ابن عباس ... الحديث.
ورواه الاربلي في كشف الغمة 1 / 117. وابن شهر اشوب في المناقب 2 / 30. والمجلسي في بحار الأنوار 40 / 147 الباب 93.
[642] رواه المفيد في الارشاد ص 115 بتفاوت. والمجلسي في بحار الأنوار 40 / 259.
[643] رواه المجلسي في بحار الأنوار 40 / 236 ، عن الكشاف للثعلبي. والاربعين للخطيب ، عن سفيان بن عيينة ، باسناده عن محمّد بن يحيى ... الحديث.
ورواه مالك بن أنس في الموطأ - طلاق المريض - ص 36 ، روى بسنده ، عن محمّد بن يحيى بن حيان : كانت عند جدي حيان امرأتان - هاشمية وأنصارية - فطلق الأنصارية ... الحديث.
[644] رواه المتقي الهندي في كنز العمال 3 / 180 عن أبي الوضين ... الحديث.
ورواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 376 ، عن إسماعيل بن موسى ... الحديث.
[645] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 376 ، عن ابن بطة وشريك
ص: 563
باسنادهما ، عن ابن أبحر العجلي ، قال : كنت عند معاوية ... الحديث.
ورواه المتقي الهندي في كنز العمال 3 / 118 عن أحجار بن أبحر ... الحديث.
[647] ذكر ابن ماجة في صحيحه ، باب فضائل أصحاب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ص 14 ، عن أنس بن مالك ، قال : قال النبي صلی اللّه علیه و آله : وأقضاهم علي بن أبي طالب.
[648] رواه أبو داود في صحيحه 28 / 147 ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس ، قال : أتى عمر ... الحديث.
ورواه الخوارزمي في مناقبه ص 38 ، عن محمود بن عمر الزمخشري ، عن علي بن الحسين ، عن إسماعيل بن الحسين ، عن عبد الرحمن بن أحمد ، عن عبد الصمد بن علي بن محمّد ، عن السري بن سهل الجنديسابوري ، عن عبد اللّه بن رشيد ، عن عبد الوارث بن سعيد ، عن عمرو ، عن الحسن ، أن عمر بن الخطاب اتي بامرأة مجنونة ... الحديث.
ورواه الجويني في فرائد السمطين 1 / 349 الحديث 275.
ورواه المجلسي في بحار الانوار 40 / 250 الحديث 24.
[650] رواه المحبّ الطبري في الرياض النضرة 2 / 197 ، عن يحيى بن عقيل ، قال : كان عمر يقول لعلي : لا أبقاني اللّه بعدك يا علي.
قال : أخرجه ابن السمان في الموافقة.
[651] رواه الجويني في فرائد السمطين 1 / 344 الحديث 267 ، عن أبي الفضل ابن أبي الثناء ، عن أبي الفتح ابن عبد المنعم بن أبي البركات بن محمّد ، عن محمّد بن الفضل ، عن أحمد بن الحسين بن علي ، عن
ص: 564
يحيى بن محمّد الأسفرايني ، عن محمّد بن الحسين ، عن بشر بن موسى ، عن الحميدي ، عن سفيان ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، قال : قال عمر بن الخطاب : أعوذ باللّه من معضلة ليس لها أبو الحسن - يعني علي بن أبي طالب علیه السلام .
[652] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 40 الحديث 1073 ، عن أبي عبد اللّه الحسين بن عبد الملك ، عن إبراهيم بن منصور ، عن أبي بكر بن المقري ، عن الفضل بن محمّد بن إبراهيم ، عن محمّد بن عبد الملك ، عن محمّد بن أبي عمر البزاز ، عن عبد العزيز بن عبد الصمد ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري ... الحديث مفصلا.
ورواه الحاكم في المستدرك 1 / 457.
[654] رواه المجلسي في بحار الانوار 40 / 230 ، عن أبي عثمان النهدي.
[655] رواه بتفاوت الجويني في فرائد السمطين 1 / 346 الحديث 269 ، عن عثمان بن الموفق ، عن زينب بنت أبي القاسم ، عن محمّد بن عمر الزمخشري ، عن علي بن الحسين السمان ، عن محمّد بن محمّد بن زكريا التستري ، عن محمّد بن أحمد ، عن يحيى بن أبي طالب ، عن أبي بدر عن سعيد بن أبي عروبة ، عن داود بن أبي القصاب ، عن أبي حرب بن أبي الأسود ، عن أبي الأسود ، أن عمر ... الحديث.
ورواه المتقي الهندي في كنز العمال 3 / 328. والمحبّ الطبرى في ذخائر العقبى 82. والرياض النضرة 2 / 194. والبيهقي في سننه 7 / 442. والمفيد في الارشاد ص 110. والمجلسي في بحار الأنوار 40 / 232 الحديث 12.
[656] رواه البيهقي في سننه 6 / 123. ورواه المفيد في الارشاد ص 109 مرسلا.
ص: 565
[658] رواه المجلسي في بحار الانوار 40 / 230 الحديث 10 ، عن أبي القاسم الكوفي.
[659] رواه ابن المغازليّ في مناقبه ص 289 الحديث 330 ، عن أحمد بن محمّد ، عن عمر بن عبد اللّه ، عن محمّد بن عثمان ، عن محمّد بن سليمان ، عن جعفر بن محمّد ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن رقبة بن مصقلة بن عبد اللّه ، عن أبيه ، عن جده قال : أتى عمر ... الحديث.
ورواه الخوارزمي في مناقبه ص 77. والمجلسي في بحار الانوار 40 / 236 ، عن أبي عبيدة ، عن أبي صمرة.
[660] رواه المجلسي في بحار الأنوار 40 / 234. ورواه المتقي في كنز العمال 3 / 179 - مضمونا عن ابن عباس في قضية اخرى مشابهة.
[661] رواه الحرّ العاملي في وسائل الشيعة 19 / 102 ، باب 69 أن من قتل شخصا ثم ادعى أنه دخل بيته ... أو رآه يزني بزوجته ، الحديث 2 ، عن محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن علي بن إسماعيل ، عن أحمد بن النضر ، عن الحسين بن عمرو ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ... الخبر.
ورواه مالك بن أنس في الموطأ - كتاب الأقضية - ص 126.
[664] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 376.
[665] رواه الزمخشري في الكشاف 1 / 275.
[667] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 377 ، عن جابر عن عبد اللّه بن يحيى.
[668] رواه الخوارزمي في مناقبه ص 54 ، عن محمّد بن محمّد الشيخي ، عن محمّد بن محمّد الماهاني ، عن أحمد بن علي بن منصور ، عن محمّد بن أحمد بن أبي حفص ، عن أحمد بن هارون الهروي ، عن علي بن
ص: 566
إسماعيل الصفار ، عن علي بن عبد اللّه بن معاوية ، عن عبد اللّه بن معاوية ، عن أبيه ، عن جده ميسرة ، عن شريح القاضي ... الخبر.
ورواه المجلسي في بحار الأنوار 40 / 258 ، عن الحسن بن علي العبدي ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ... الخبر.
ورواه بهذا السند ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 376. والمفيد في الارشاد ص 114.
[672] رواه المجلسي في بحار الأنوار 40 / 227 الحديث 7 ، حيث قال : ومن ذلك ذكر الجاحظ عن النظام في كتاب الفتيا ما ذكر عمر بن داود عن الصادق علیه السلام ... الخبر.
ورواه ابن شهر اشوب في المناقب 1 / 493.
[673] رواه المجلسي في بحار الأنوار 40 / 225 ، الحديث 6 ، عن عمر بن داود ، عن الصادق علیه السلام ، أن عقبة بن أبي عقبة ... الخبر.
ورواه الجويني في فرائد السمطين 1 / 348 الحديث 272 ، باسناده ، عن ابن عباس ... الخبر.
ورواه أيضا الخوارزمي في مناقبه ، ص 51.
[674] رواه أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد الثقفي في الغارات 1 / 192 ، عن الحسن بن بكر البجلي ، عن أبيه ، قال : كنا عند علي ... الخبر.
[675] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 378 ، عن محمّد بن قيس ، عن أبي جعفر علیه السلام ، قال : قضى أمير المؤمنين في أربعة نفر ... الخبر.
وذكره المحبّ الطبري في الرياض النضرة 2 / 199. والطحاوي في مشكل الآثار 3 / 58.
[676] رواه أحمد بن حنبل في مسنده ، عن أبي سعيد ، عن إسرائيل ، عن سماك ، عن حنش ، عن علي علیه السلام ، قال : بعثني رسول اللّه
ص: 567
صلی اللّه علیه و آله الى اليمن ... الخبر.
ورواه المجلسي في بحار الأنوار 40 / 245. وأبو داود الطيالسي في مسنده 1 / 18. والبيهقي في سننه 8 / 111. وابن شهر اشوب في مناقبه 2 / 353.
[678] رواه الحبري في ما نزل من القرآن في علي علیه السلام ، عن حسن بن حسين ، عن أبي غسان ، عن فضيل بن مرزوق ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، عن أمّ سلمة ... الحديث.
[679] رواه الخطيب في تاريخ بغداد 10 / 278 ، بسنده ، عن أبي سعيد الخدري ... الحديث.
وابن جرير الطبري في تفسيره 22 / 5.
[680] رواه الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ص 122 الحديث 169 ، عن محمّد بن أبي سعيد المقري ، عن أحمد بن خليل ، عن يزيد بن زريع ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ... الخبر.
[682] رواه مفصلا الكنجي في كفاية الطالب ص 237 ، عن محمّد بن هبة اللّه ، عن علي بن الحسن الشافعي ، عن الحسين بن إسحاق ، عن أحمد بن محمّد البيروني ، عن خيرون بن عيسى ، عن يحيى بن سليمان ، عن عباد بن عبد الصمد ، عن أنس ... الحديث.
ورواه الرازي في تفسيره 4 / 422. والطبري في تفسيره 10 / 59.
[683] رواه ابن المغازلي في مناقبة 324 الحديث 371 ، عن أحمد بن محمّد بن عبد الوهاب ، عن عمر بن عبد اللّه ، عن محمّد بن جعفر العسكري ، عن محمّد بن عثمان ، عن عبادة بن زياد ، عن عمرو بن ثابت ، عن محمّد بن السائب ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ... الحديث.
وبهذا الصدد يقول حسان بن ثابت :
ص: 568
أنزل اللّه والكتاب عزيز *** في علي وفي الوليد قرآنا
فتبوأ الوليد من ذاك فسقا *** وعليّ مبوأ إيمانا
ليس من كان مؤمنا عرف اللّه *** كمن كان فاسقا خوانا
سوف يجزى الوليد خزيا ونارا *** وعليّ لا شك يجزى جنانا
فعليّ يلقى لدى اللّه عزا *** ووليد يلقى هناك هوانا
[684] رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 3 / 17 ، عن وكيع بن الجراح ، عن سفيان ، عن أبي هاشم ، عن أبي مجلز ، عن قيس بن عباد ، قال :
سمعت أبا ذر يقسم ... الخبر.
[686] رواه الكنجي في كفاية الطالب ، ص 235 ، عن محمّد بن هبة اللّه بن القاضي ، عن محمّد بن هبة اللّه بن محمّد ، عن علي بن الحسن الحافظ ، عن أبي القاسم بن السمرقندي ، عن عاصم بن الحسن ، عن أبي عمر بن مهدي ، عن أبي العباس بن عقدة ، عن يعقوب بن يوسف ، عن حسين بن حماد ، عن أبيه ، عن جابر ، عن أبي جعفر علیه السلام ... الخبر.
ورواه الخوارزمي في مناقبه ص 198 ، عن الحسن بن أحمد العطار الهمداني ، عن الحسن بن أحمد المقري ، عن أحمد بن عبد اللّه ، عن محمّد بن أحمد بن علي ، عن محمّد بن عثمان ، عن إبراهيم بن محمّد ، عن محمّد بن مروان ، عن محمّد بن السائب ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ... الخبر.
ورواه المجلسي في بحار الأنوار 35 / 410 الحديث 3.
[687] رواه السيد البحراني في البرهان في تفسير القرآن 1 / 190 الحديث الرابع ، عن الطبرسي في الاحتجاج عن الأصبغ بن نباتة ... الخبر.
[688] رواه البحراني في البرهان 2 / 369 الحديث 1 ، عن محمّد بن يعقوب ،
ص: 569
عن الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الوشاء ، عن عبد اللّه بن عجلان ، عن أبي جعفر علیه السلام ... الحديث.
[689] روى الحسكاني في شواهد التنزيل 1 / 39 الحديث 50 ، عن أبي سعيد المعادي ، عن أبي الحسين الكهبلي ، عن أبي جعفر الحضرمي ، عن إبراهيم بن عبد اللّه ، عن تليد بن سليمان ، عن ليث ، عن مجاهد ، قال : نزلت في علي سبعون آية لم يشركه فيها أحد.
[690] رواه الصدوق في معاني الأخبار ص 122 الحديث 2 ، عن محمّد بن إبراهيم ، عن عبد العزيز بن يحيى ، عن الخضر بن أبي فاطمة ، عن وهب بن نافع ، عن كادح ، عن الصادق ، عن أبيه - محمّد بن علي - ، عن آبائه ، عن علي ... الحديث.
ورواه ابن حجر في الصواعق المحرقة ص 88 ، عن ابن عباس.
[691] رواه البحراني في البرهان 3 / 217 الحديث 3 ، عن ابن بابويه ، عن محمّد بن عمر ، عن محمّد بن حسين ، عن أحمد بن تميم ، عن سريح بن سلمة ، عن إبراهيم بن يوسف ، عن عبد الجبار ، عن الأعشى الثقفي ، عن أبي صادق ، عن علي علیه السلام ... الحديث.
[692] رواه الحسكاني في شواهد التنزيل 1 / 442 الحديث 606 ، عن أبي الحسن الأهوازي ، عن أبي بكر البيضاوي ، عن محمّد بن القاسم ، عن عباد ، عن الحسن بن حماد ، عن زياد بن المنذر ، عن أبي جعفر علیه السلام ... الحديث.
ورواه فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره ص 118.
[693] رواه الحسكاني في شواهد التنزيل 1 / 92 الحديث 129 ، عن محمّد بن عبد اللّه بن أحمد الصوفي ، عن محمّد بن أحمد بن محمّد ، عن عبد العزيز بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عمر ، عن بشر بن المفضل ، عن عيسى
ص: 570
بن يوسف ، عن علي بن يحيى ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس ، عن علي علیه السلام ... الحديث بتفاوت.
[694] رواه المجلسي في بحار الأنوار 36 / 42 الحديث 5 ، عن الثعلبي ، عن محمّد بن عبد اللّه ، عن محمّد بن عثمان النصيبي ، عن محمّد بن الحسين ، عن أحمد بن محمّد بن سعيد ، عن محمّد بن منصور ، عن أحمد بن عبد الرحمن ، عن الحسن بن محمّد بن فرقد ، عن الحكم بن ظهير ، عن السدي ... الحديث.
[695] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 269 الحديث 317 ، عن علي بن الحسين ، عن علي بن محمّد بن أحمد ، عن عبد اللّه بن محمّد الحافظ ، عن الحسن بن علي ، عن محمّد بن الحسن ، عن عمر بن سعيد ، عن ليث ، عن مجاهد ... الحديث.
ورواه بطريق آخر الى مجاهد الكنجي في كفاية الطالب ص 233. والحاكم في المستدرك 3 / 129. والهندي في كنز العمال 1 / 251. وابن عساكر في تاريخه 2 / 418 الحديث 917. والسيوطي في الدر المنثور 5 / 328.
[696] رواه الحبري في ما نزل من القرآن في علي علیه السلام ، ص 47 ، عن حسن بن حسين ، عن حبان ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ... الحديث.
ورواه الحسكاني في شواهد التنزيل 1 / 114 الحديث 163.
ورواه بتفاوت الكنجي في كفاية الطالب ، ص 232. وابن المغازلي في مناقبه ص 280 الحديث 325. وابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 414 الحديث 912. والخوارزمي في مناقبه ص 198.
[697] رواه المجلسي في بحار الأنوار 35 / 203 ، عن الحسن بن محمّد العلوي ،
ص: 571
عن جده يحيى ، عن أحمد بن يزيد ، عن عبد الوهاب ، عن مخلد ، عن المبارك ، عن الحسن ، قال : قال عمر بن الخطاب ... الخبر.
[698] رواه الحبري في ما نزل من القرآن في علي علیه السلام ، ص 63 ، عن سعيد بن عثمان ، عن أبي مريم ، عن عبد اللّه بن عطاء ، قال : ... الخبر.
[699] رواه أبو نعيم في ما نزل من القرآن في علي ، ص 64 الحديث 7 ، عن إبراهيم بن أحمد المقري ، عن أحمد بن نوح ، عن أبي عمر الدوري ، عن محمّد بن مروان ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ... الحديث.
ورواه الكنجي في كفاية الطالب ص 249.
ولله درّ القائل :
وافى الصلاة مع الزكاة فقامها *** واللّه يرحم عبده الصبارا
من ذا بخاتمه تصدّق راكعا *** وأسره في نفسه إسرارا
من كان بات على فراش محمّد *** ومحمّد أسرى يؤم الغارا
من كان جبريل يقوم يمينه *** يوما وميكال يقوم يسارا
من كان في القرآن سمي مؤمنا *** في تسع آيات جعلن كبارا
[701] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 416 الحديث 916 ، عن أبي طالب ، عن أبي الحسن ، عن أبي محمّد ، عن أبي سعيد ابن الأعرابي ، عن الفضل بن يوسف ، عن الحسن بن الحسين الأنصاري ، عن معاذ بن مسلم ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ... الخبر.
ورواه الكنجي في كفاية الطالب ص 232.
[702] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 5 ، عن السدي ، عن أبي مالك ،
ص: 572
عن ابن عباس ... الحديث.
ورواه ابن المغازلي في مناقبه ص 320 الحديث 365. وأبو جعفر الطبري في بشارة المصطفى ص 88.
[703] روى البحراني في البرهان 3 / 236 الحديث 4 : ابن شهر اشوب ، عن علي بن الجعد ، عن شعبة ، عن حماد بن سلمة ، عن أنس ، قال النبي صلی اللّه علیه و آله : إن اللّه خلق آدم من طين كيف شاء ويختار كيف يشاء. إن اللّه اختارني وأهل بيتي ... الحديث.
[705] رواه محمّد بن محمّد الشافعي في أسنى المطالب ص 54 ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن وكيع ، عن الأعمش ، عن علي علیه السلام : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الامي إليّ أنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق.
[706] لقد سبق أن ذكر المؤلف الحديث في الجزء الأول فراجع. ورواه محمّد بن محمّد الشافعي في أسنى المطالب ص 56 ، عن ابن مريد ، عن علي بن أحمد بن محمّد ، عن ابن طبرزد ، عن أبي الفتح المروزي ، عن محمّد بن أحمد بن سليمان ، عن أبي هارون ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : إنا كنا لنعرف المنافقين نحن معاشر الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب.
[707] روى البحراني في البرهان 4 / 187 الحديث 5 : الطبرسي ، عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه علیه السلام : إنهم بنو أميّة كرهوا ما أنزل اللّه في ولاية علي علیه السلام قوله تعالى : ( ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ ... ) الآية.
وروى أيضا ، عن علي بن إبراهيم ، عن محمّد بن القاسم ، عن عبيد الكندي ، عن عبد اللّه بن الفارس ، عن محمّد بن علي ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، في قوله ( إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ ) عن الإيمان بتركهم ولاية أمير المؤمنين ( الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ ) يعني
ص: 573
الثاني قوله ( ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللّهُ ) وهو ما افترض على خلقه من ولاية أمير المؤمنين ... الحديث.
[708] رواه البحراني في البرهان 4 / 406 الحديث 1 : محمّد بن يعقوب ، عن علي بن محمّد ، عن بعض أصحابنا ، عن ابن محبوب ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الحسن الماضي [ موسى بن جعفر علیه السلام ] ... الحديث.
[709] رواه البحراني أيضا في البرهان 4 / 392 الحديث 1 : محمّد بن يعقوب ، عن علي بن محمّد ، عن بعض أصحابنا ، عن ابن محبوب ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الحسن [ موسى بن جعفر علیه السلام ] ... الحديث.
[710] روى القسم الأول من الرواية البحراني في البرهان 4 / 412 الحديث 4 ، عن المفيد في الاختصاص ... الحديث مفصلا.
أما القسم الثاني فقد رواه البحراني أيضا في البرهان 4 / 180 الحديث 3 ، عن محمّد بن العباس ، عن أحمد بن محمّد بن سعيد ، عن أحمد بن الحسن ، عن أبيه ، عن حصين بن مخارق ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : سورة محمّد صلی اللّه علیه و آله فينا ... الحديث.
[711] روى أبو نعيم في ما نزل من القرآن في علي ص 34 الحديث 5 ، عن أبي عبد اللّه الشيرازي ، عن أبي بكر الجرجرائي ، عن أبي أحمد البصري ، عن أبي علي هشام بن علي ، عن قيس بن حفص ، عن يونس بن أرقم ، عن ليث ، عن مجاهد ، قال : نزلت في علي سبعون آية ما شركه فيهن أحد.
[712] رواه الحبري في ما نزل من القرآن في علي علیه السلام ص 44 ، عن
ص: 574
حسن بن حسين ، عن حسين بن سليمان ، عن أبي الجارود ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن علي علیه السلام ، قال : نزل القرآن ... الحديث.
ورواه بعدة طرق أبو نعيم في ما نزل من القرآن في علي ص 36.
[713] رواه الهيثمي في مجمعه 9 / 207 ، عن ابن عباس ... الحديث.
ورواه الاربلي في كشف الغمة 1 / 370 ، عن ابن عباس ... الحديث.
[714] رواه الاربلي في كشف الغمة 1 / 373 ، أن النبي صلی اللّه علیه و آله دخل على فاطمة ... الحديث.
[715] رواه الهندي في كنز العمال 6 / 392. ورواه ابن الأثير في اسد الغابة 5 : 520 ، بسنده ، عن الحارث ، عن علي علیه السلام ... الحديث.
[716] رواه البحراني في البرهان 3 / 226 الحديث 1 ، عن محمّد بن العباس ، عن الحسن بن محمّد بن يحيى ، عن جده يحيى بن الحسين ، عن أحمد بن يحيى بن الحسن ، عن أحمد بن الاودي ، عن عمر بن خالد بن طلحة ، عن عبيد بن المهلب البصري ، عن المنذر بن يزيد الصيني ، عن أبان ، عن أنس بن مالك ، قال : بعث رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.
[719] روى ابن عبد البر في الاستيعاب 2 / 465 ، بسنده ، عن عنترة الشيباني ، قال : كان علي ... الحديث بتفاوت.
[724] روى ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 195 الحديث 1246 ، عن المختار بن عبد الحميد ، عن عبد الرحمن بن محمّد ، عن عبد اللّه بن حمد ، عن إبراهيم بن خزيم ، عن عبد بن حميد ، عن محمّد بن عبيد ، عن المختار بن نافع ، عن أبي المطر ... الحديث مفصلا.
ص: 575
ورواه الهندي في كنز العمال 15 / 162 الحديث 462.
[725] رواه ابن عساكر 3 / 192 الحديث 1243 ، عن محمّد بن عبد الباقي ، عن الحسن بن علي ، عن محمّد بن العباس ، عن أحمد بن معروف ، عن الحسين بن الفهم ، عن محمّد بن سعد ، عن الفضل بن دكين ، عن الحر بن جرموز ، عن أبيه قال : رأيت عليا وهو يخرج ... الحديث.
ورواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 3 / 28. والمتقي الهندي في كنز العمال 15 / 165. والمحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 101.
[726] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 198 ، الحديث 1249 ، عن محمّد بن إسماعيل الفضيلي ، عن أحمد بن محمّد ، عن علي بن أحمد ، عن الهيثم بن كليب ، عن محمّد بن علي ، عن أبي نعيم ، عن إسماعيل بن إبراهيم ، عن عبد الملك بن عمير ، قال : حدثني رجل من ثقيف أن عليا استعمله على عكبرا ... الخبر.
[727] روى الأمر تسري في أرجح المطالب ص 262 ، عن أنس بن مالك ، قال : كنت عند النبي صلی اللّه علیه و آله فغشيه الوحي ، فلما أفاق ، قال : هل تدري ما جاء به جبرائيل؟
قلت : اللّه ورسوله أعلم.
قال : أمرني ربي ان ازوج فاطمة من علي ... الحديث.
[728] رواه الأربلي في كشف الغمة 1 / 156 نقلا عن كتاب المناقب للحافظ أحمد بن موسى بن مردويه ، عن أبي سعيد الخدري ، عن سلمان ، أنه قال : رآني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فناداني.
فقلت : لبيك يا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
قال : اشهدك اليوم أن علي بن أبي طالب خيرهم وأفضلهم.
ورواه العلاّمة النوري ( صاحب المستدرك ) في فضائل سلمان ،
ص: 576
ص 113 ط حجري.
[729] رواه النوري صاحب المستدرك في فضائل سلمان ، ص 113 ، نقلا عن المناقب للحافظ أحمد بن موسى بن مردويه ، عن سلمان الفارسي ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : علي بن أبي طالب خير من اخلف بعدي.
[730] رواه مختصرا بتفاوت ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 256.
ورواه المجلسي باختلاف في بحار الأنوار 36 / 211.
[731] رواه ابن طاوس في اليقين ص 78 نقلا عن كتاب المعرفة لعباد بن يعقوب الرواجني ، قال : أخبرنا محمّد بن يحيى التميمي ، عن أبي قتادة الحراني ، عن أبيه ، عن الحارث بن الخزرج قال : سمعت رسول اللّه ... الحديث.
[732] رواه المفيد في أماليه ، ص 154 ، عن محمّد بن علي بن الحسين عن أبيه ، عن محمّد بن أبي القاسم ، عن محمّد بن علي الصيرفي ، عن نصر بن مزاحم ، عن عمرو بن سعيد ، عن فضيل بن خديج ، عن كميل بن زياد ... الخبر.
ورواه أبو اسحاق الثقفي في الغارات 1 / 148 ، عن يحيى بن صالح الحريري ، عن الفضل بن خديج ، عن كميل بن زياد.
ورواه أيضا سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص ، ص 132 بطريق آخر الى كميل بن زياد ... الخبر.
[733] روى الحسكاني ، في شواهد التنزيل 1 / 428 الحديث 588 ، عن أبي سهل الجامعي ، عن عمر بن أحمد ، عن ابن عبد اللّه بن علي ، عن إبراهيم بن الحسين التستري ، عن الحسن بن إدريس الحريري ، عن أبي عثمان الجحدري ، عن فضال بن جبير ، عن أبي امامة الباهلي ، قال :
ص: 577
قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن اللّه خلق الأنبياء من شجر شتى وخلقني وعليا من شجرة واحدة فأنا أصلها وعلي فرعها والحسن والحسين ثمارها وأشياعنا أوراقها ، فمن تعلق بغصن من أغصانها نجا ... الحديث.
[734] رواه الخوارزمي في المناقب ص 200 ، عن علي بن الحسين الغزنوي ، عن إسماعيل بن عمر بن أحمد ، عن أبي القاسم ابن سعد الاسماعيلي ، عن حمزة بن يوسف السهمي ، عن عبد اللّه بن عدي بن عبد اللّه ، عن الحسين بن عقر بن حماد ، عن يوسف بن عدي بن زريق ، عن جرير بن عبد الحميد الضبي ، عن سليمان بن مهران الأعمش ... الحديث مفصلا.
ورواه أبو جعفر الطبري في بشارة المصطفى ص 171 بالسند المتقدم ، وفي ص 113 بسند آخر الى الأعمش.
ورواه المجلسي في بحار الأنوار 37 / 88 الحديث 55.
[735] رواه المتقي الهندي 6 / 158 ، ورواه أبو نعيم في حليته 3 / 26.
ورواه المغازلي في مناقبه ص 39 الحديث 61 ، عن محمّد بن أحمد بن سهل النحوي ، عن محمّد بن أحمد ، عن العباد ، عن محمّد بن إسحاق ، عن أبي بكر الغرافي ، عن إسماعيل بن علية ، عن أبي الحمراء ، قال ... الحديث.
ورواه المحبّ الطبري في الرياض النضرة 2 / 272. والهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 121. والخوارزمي في مناقبه ، ص 229. ورواه المجلسي في بحار الأنوار 36 / 53 بعدة طرق.
[736] رواه أبو جعفر الطبري في بشارة المصطفى ص 160 ، عن أحمد بن محمّد بن سعيد المؤدب ، عن محمّد بن سليمان ، عن أحمد بن الأزهر ، عن
ص: 578
عبد الرزاق بن همام ، عن معمر بن راشد ، عن الزهري ، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه ، عن عبد اللّه بن عباس ... الحديث.
[737] رواه الخوارزمي في مقتله 1 / 41 ، عن علي بن أحمد الكرباسي ، عن أحمد بن عبد الرحمن ، عن محمّد بن إبراهيم ، عن عبد اللّه بن محمّد الأسدي ، عن محمّد بن الحسن المقري ، عن محمّد بن الحسين الخثعمي ، عن محمّد بن الوليد العقيلي ، عن علي بن سليمان المصري ، عن عياش ، عن ابن لهيعة ، عن الحارث بن يزيد ، عن أبي علقمة مولى بني هاشم ، قال ... الحديث.
[738] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 404 الحديث 902 ، عن أبي القاسم بن السمرقندي ، عن أبي القاسم ابن مسعدة ، عن حمزة بن يوسف ، عن أبي أحمد بن عدي ، عن حاجب بن مالك ، عن علي بن المثنى ، عن عبيد اللّه بن موسى ، عن مطر بن أبي مطر ، عن أنس بن مالك ، قال : قال النبي صلی اللّه علیه و آله : النظر الى وجه علي عبادة.
ورواه السيوطي في اللآلي 1 / 175 بطريق آخر عن أنس.
[739] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 197 الحديث 234 ، عن الفضل بن محمّد بن عبد اللّه ، عن محمّد بن علي ، عن محمّد بن عبد اللّه ، عن الهيثم بن خلف بن محمّد ، عن علي بن المنذر ، عن ابن فضل ، عن عمرو بن ثابت ، عن محمّد بن عبيد اللّه بن أبي رافع ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ... الحديث.
[740] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 237 الحديث 285 ، عن علي بن عبيد اللّه بن القصاب ، عن محمّد بن أحمد بن يعقوب ، عن علي بن سليمان ، عن عبد الكريم بن علي ، عن جعفر بن محمّد ، عن الحسن بن
ص: 579
الحسين العرني ، عن كادح بن جعفر ، عن عبد اللّه بن لهيعة ، عن عبد الرحمن بن زياد ، عن مسلم بن يسار ، عن جابر بن عبد اللّه [ الأنصاري ] ... الحديث مفصلا.
ورواه الخوارزمي في مقتله 1 / 45 ، وأبو جعفر الطبري في بشارة المصطفى ص 155.
[743] رواه أبو نعيم في حلية الأولياء 1 / 84 بسنده عن أبي صالح ... الخبر.
ورواه ابن عبد البر في الاستيعاب 2 / 463. والمحبّ الطبري في الرياض النضرة 2 / 212. وفي ذخائر العقبى ص 100. والتلمساني في الجوهرة ص 75.
[744] رواه فرات الكوفي في تفسيره ص 90 ، عن الحسن بن الحسين الزنجاني ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس ... الخبر.
[745] رواه المجلسي في بحار الأنوار 39 / 306 ، الحديث 122 ، باسناده ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين علیه السلام قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ... الحديث.
[746] رواه الكنجي في كفاية الطالب ، ص 367 ، عن محمّد بن هبة اللّه الشيرازي ، عن علي بن الحسن الشافعي ، عن عبد الرحمن بن محمّد ، عن محمّد بن علي بن محمّد ، عن عمر بن أحمد بن عثمان ، عن أحمد بن محمّد بن سليمان ، عن محمّد بن خلف الخدادي ، عن حسين بن حسن ، عن قيس بن الربيع ، عن أبي هارون ، عن أبي سعيد ... الحديث.
ورواه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 45. ورواه المجلسي في بحار الأنوار 37 / 103 الحديث 7 عن كتاب كشف الغمة ، عن أبي سعيد الخدري ... الحديث.
ص: 580
[747] رواه أحمد بن شعيب النسائي في خصائصه ص 106 ، عن هلال بن العلاء ، عن عرار ، أنه قال : سألت عبد اللّه بن عمر ... الخبر.
ورواه المتقي الهندي في كنز العمال 6 / 159 وص 392.
[748] رواه المجلسي في بحار الأنوار 35 / 319 الحديث 14 ، عن ابن الصلت ، عن ابن عقدة ، عن علي بن محمّد بن علي الحسيني ، عن جعفر بن محمّد بن عيسى ، عن عبيد اللّه بن علي ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن علي علیه السلام ... الحديث بتفاوت.
ورواه محمّد بن محمّد الشافعي في أسنى المطالب ص 68. ورواه أحمد بن حنبل في مسنده 1 / 160.
[751] رواه المجلسي في بحار الأنوار 37 / 300 الحديث 21 ، عن محمّد بن علي الأصفهاني ، عن الحسين بن محمّد بن ميمون ، عن علي بن عباس ، عن الحارث بن حصيرة ، عن القاسم بن محمّد ، عن أنس بن مالك ... الحديث بتفاوت.
ورواه أيضا في 38 / 134 الحديث 87. ورواه الكنجي في كفاية الطالب ص 212. وأبو نعيم في حلية الأولياء 1 / 63. ورواه الصدوق نصا في أماليه ، ص 175.
[752] رواه المفيد في أماليه ص 46 ، عن محمّد بن عمران المرزباني ، عن عبد اللّه بن محمّد الطوسي ، عن عبد اللّه بن أحمد بن حنبل ، عن علي بن حكيم الأودي ، عن شريك ، عن عثمان بن أبي زرعة ، عن سالم بن أبي الجعد ، قال : سئل جابر بن عبد اللّه الأنصاري ... الخبر.
[753] رواه الفرات الكوفي ص 22 ، عن جعفر بن محمّد بن يوسف ، بإسناده ، عن الحسن ، عن عبد اللّه بن عباس ... الحديث بتفاوت.
ورواه المجلسي في بحار الأنوار 39 / 111 الحديث 19.
ص: 581
[754] روى الحسكاني في شواهد التنزيل 1 / 96 الحديث 133 ، عن أبي سعد السعدي ، عن السلمي ، عن محمّد بن أحمد بن زكريا الطحان. عن إبراهيم بن أحمد البذوري ، عن سليمان بن أحمد المطلي ، عن سعيد بن عبد اللّه ، عن علي ، عن حكام الرازي ، عن شعبة ، عن أبي سلمة ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري ... الحديث بتفاوت.
ورواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 65 عن ابن عباس وأبي رافع وهند بن أبي هالة ... الحديث. ورواه السبط الجوزي في تذكرة الخواص ص 41. والهبراني في البرهان 1 / 207. ورواه الكنجي في كفاية الطالب ص 239.
[755] رواه البحراني في البرهان ، عن ابن فياض ، عن أبي أيوب الأنصاري ... الحديث.
ورواه بتفاوت الكنجي في كفاية الطالب ، ص 398.
[756] روى المجلسي في بحار الأنوار 41 / 44 الحديث 1 في حديث مفصل عن الهمداني ، عن عمر بن سهل ، عن زيد بن إسماعيل الصائغ ، عن معاوية بن هشام ، عن سفيان ، عن عبد الملك بن عمير ، عن خالد بن ربعي ... الحديث بتفاوت.
ورواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 244 مختصرا عن الفضائل لأحمد بن حنبل.
[757] روى القسم الأخير من الرواية الخوارزمي في مقتله 1 / 45 ، عن أبي منصور ، عن محمود بن إسماعيل ، عن أحمد بن فاشاده [ كذا ] ، عن الطبراني ، عن أحمد بن محمّد القنطري ، عن حرب بن الحسين ، عن يحيى بن يعلى ، عن محمّد بن عبيد اللّه بن أبي رافع ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا علي - والذي نفسي بيده - لو لا أن
ص: 582
تقول فيك ... الحديث.
[758] رواه بتفاوت الكنجي في كفاية الطالب ص 264 ، عن إبراهيم بن يوسف بن بركة الكتبي ، عن أبي العلاء الهمداني عن عبد اللّه بن عبدوس ، عن الحسين بن سلمة بن علي ، عن مسند زيد بن علي علیه السلام ، عن الفضل بن الفضل بن العباس ، عن محمّد بن سهل ، عن محمّد بن عبد اللّه البلوي ، عن إبراهيم بن عبد اللّه ، عن أبيه ، عن زيد بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن أبي طالب ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : - يوم فتحت خيبر - لو لا أن يقول ... الحديث.
ورواه الخوارزمي في مناقبه ص 74.
[759] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 242 ، عن محمّد بن ثابت ، باسناده ، عن ابن مسعود ... الحديث.
ورواه الفلكي المفسر باسناده ، عن محمّد بن الحنفية ... الحديث.
ورواه المجلسي في بحار الأنوار 39 / 94 ، عن ابن عوان ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن ابن عباس ... الحديث.
[760] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 239 ، عن محمّد بن عمرو ، باسناده ، عن جابر بن عبد اللّه ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ... الحديث.
ورواه المجلسي في بحار الأنوار 39 / 101.
[761] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 242 ، عن عبد الرحمن بن صالح ، باسناده ، عن الليث وكان يقول : كان لعلي ... الخبر.
[762] رواه ابن الأثير في اسد الغابة 4 / 20 بسنده ، عن سعيد بن المسيب ... الخبر.
ص: 583
ورواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 240 ، عن محمّد بن الجنيد ، باسناده ، عن سعيد بن المسيب ... الخبر.
[763] رواه البحراني في حديث طويل في غاية المرام ، ص 663 الباب 126 ، عن محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن اذينه ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ... الحديث.
[764] رواه البحراني في غاية المرام ، ص 662 الباب 125 الحديث 2 ، عن مسند أحمد بن حنبل ، عن عبد اللّه بن الحسين ، عن سعيد بن سعيد ، عن حسين ، عن ابن عباس ، قال : ذكر عنده علي بن أبي طالب ...
الخبر.
ورواه أيضا في الحديث الثالث ، عن يحيى بن عبد الحميد ، باسناده عن عبد اللّه بن عباس ... الخبر.
[765] روى ابن المغازلي في مناقبه ص 198 الحديث 235 ، عن عيسى بن خلف بن محمّد ، عن علي بن محمّد بن عبد اللّه ، عن إسماعيل بن محمّد بن إسماعيل ، عن الحسن بن عرفة ، عن عمار بن محمّد ، عن سعد بن طريف الحنظلي ، عن أبي جعفر محمّد بن علي ، قال ...
الحديث بتفاوت.
[766] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 246 ، عن الأصبغ بن نباتة ... الحديث بتفاوت.
ورواه المجلسي في بحار الأنوار 39 / 130 الحديث 1 ، عن الكاتب ، عن الزعفراني ، عن الثقفي ، عن إبراهيم بن ميمون ، عن مصعب بن سلام ، عن ابن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ... الحديث بتفاوت.
[767] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 249 عن كتاب إبراهيم ، عن أبي سارة الشامي ، باسناده ، عن أمّ سلمة. وعن ابن فياض ، عن إسماعيل
ص: 584
بن أبان ، باسناده ، عن أمّ سلمة ... الحديث.
[768] روى الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 36 ، عن ابن عباس قريبا منه.
ورواه أيضا البيهقي في سننه 3 / 388.
[769] رواه المحبّ الطبري في الرياض النضرة 2 / 178 ، عن حسين بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، قال : أوصى النبي صلی اللّه علیه و آله عليا ... الحديث بتفاوت.
[770] رواه المجلسي في بحار الأنوار 39 / 102 ، عن سفيان بن عيينة ، عن الصادق. ورواه أيضا عن الباقر علیه السلام .
ورواه ابن سعد في الطبقات 2 / 48 بسنده ، عن جعفر بن محمّد عن ابيه ... الحديث مفصلا.
[771] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 1 / 30 الحديث 56 ، عن محمّد بن شجاع ، عن أبي عمرو بن منة ، عن الحسن بن محمّد بن أحمد ، عن أبي الحسن النباني ، عن عبد اللّه بن محمّد ، عن محمّد بن سعد ، عن محمّد بن عمر ، عن أبي بكر بن عبد اللّه ، عن إسحاق بن عبد اللّه ، قال : سألت أبا جعفر ... الحديث.
ورواه المجلسي في بحار الأنوار 42 / 220 الحديث 27 ، عن إسحاق بن عبد اللّه بن أبي مروان ، عن الباقر علیه السلام ... الحديث.
ورواه الكنجي في كفاية الطالب ص 402.
[772] رواه المجلسي في بحار الأنوار 35 / 2 ، عن ابن الحنفية ... الحديث بتفاوت.
[774] رواه المجلسي أيضا في بحار الأنوار 35 / 2 عن المغيرة ... الخبر.
[775] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 1 / 27 الحديث 44 ، عن قراتكين
ص: 585
بن الأسعد ، عن أبي محمّد الجوهري ، عن أبي الحسن بن لؤلؤ ، عن محمّد بن الحسين بن شهريار ، عن أبي حفص الفلاس ، عن يحيى بن سعيد ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن عامر ، قال : ما رأيت رجلا أعظم لحية من علي ، قد ملأت ما بين منكبيه بيضاء ، وفي الرأس زغبات.
[776] رواه أبو اسحاق الثقفي في الغارات 1 / 107 ، عن محمّد ، عن الحسن ، عن إبراهيم ، عن يوسف بن بهلول السعدي ، عن شريك بن عبد اللّه ، عن عثمان الأعشى ، عن زيد بن وهب ، قال : قدم على علي علیه السلام ... الخبر.
ورواه المحبّ الطبري في الذخائر ص 112. وسبط الجوزي في تذكرة الخواص ص 158. والمجلسي في بحار الأنوار 42 / 195 الحديث 13.
[777] رواه الجويني في فرائد السمطين 1 / 385 ، الحديث 317 ، عن أبي الحسن بن يحيى بن الحسين ، عن أبي الحسين ابن محمّد بن محمّد ، عن محمّد بن أبي العباس العصاري ، عن محمّد بن سعيد الفرخزادي ، عن أحمد بن محمّد بن إبراهيم ، عن محمّد بن عبد اللّه بن حمدون ، عن عبد اللّه بن محمّد بن الحسن ، عن عبد اللّه بن هاشم ، عن وكيع بن الجراح ، عن قتيبة ، عن الضحاك بن مزاحم ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا علي أتدري من أشقى الأولين ... الحديث.
ورواه الكنجي في كفاية الطالب ، ص 462 بسندين عن النبي صلی اللّه علیه و آله .
[778] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 293 الحديث 1390 ، عن أبي الحسن ابن قيس ، عن أبي الفياض ، عن أبي محمّد ابن أبي نصر ، عن
ص: 586
خيثمة ، عن إسحاق بن سيار ، عن أبي علقمة ، عن سفيان ، عن عمران بن ظبيان ، عن حكيم بن سعد ، أنه قيل لعلي علیه السلام ... الخبر.
[779] روى ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 281 ، عن عبد اللّه بن أبي رافع.
سمعته يقول : اللّهمّ أرحني ... الخبر.
ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 295 الحديث 1395 ، عن الحسن بن علي ... الخبر.
[780] رواه بتفاوت المجلسي في بحار الأنوار 42 / 291 عن محمّد بن الحنفية ... الحديث مفصلا.
[781] رواه الخوارزمي في مناقبه ص 283 ، عن علي بن أحمد العاصمي ، عن إسماعيل بن أحمد ، عن أحمد بن الحسين ، عن أبي الحسين ابن الفضل ، عن عبد اللّه بن جعفر ، عن يعقوب بن سفيان ، عن أبي نعيم ، عن عبد الجبار ، عن عباس الهمداني ، عن عثمان بن المغيرة ... الخبر.
ورواه المتقي الهندي في كنز العمال 6 / 411. ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 293 ، الحديث 1393. ورواه المجلسي في بحار الأنوار 42 / 224 ، الحديث 34.
[782] رواه المجلسي في بحار الأنوار 42 / 226 الحديث 38 ، عن عبد اللّه بن موسى ، عن الحسن بن دينار ، عن الحسن البصري : قال سهر أمير المؤمنين ... الخبر.
[783] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 294 الحديث 1393 ، عن إسماعيل بن أحمد ، عن أبي الحسين ابن النقور ، عن عيسى بن علي ، عن عبد اللّه بن محمّد ، عن إسحاق بن ابراهيم المروزي ، عن عفيف بن سالم الموصلي ، عن الحسن بن كثير عن أبيه ... الخبر.
ص: 587
وابن الأثير في اسد الغابة 4 / 35. والمتقي الهندي في كنز العمال 6 / 413. والمحبّ الطبري في الرياض النضرة 2 / 245.
[784] روى المتقي الهندي في كنز العمال 6 / 413 ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، قال علي علیه السلام : ... الخبر.
ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 297 ، الحديث 1398 ، عن عبد اللّه بن محمّد بن محمّد ، وأبي القاسم ابن السمرقندي ، عن أبي محمّد الصريفيني ، عن محمّد بن عمر بن علي بن خلف ، عن عبد اللّه بن الأشعث ، عن كثير بن عبيد ، عن أنس - وهو ابن عياض - ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ... الخبر.
[786] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 295 الحديث 1396 ، عن أبي غالب ابن البناء ، عن أبي الحسين ابن الآبنوسي ، عن أحمد بن عبد الرحمن بن جعفر ، عن محمّد بن عبد اللّه بن غيلان ، عن أبي هاشم ، عن أبي اسامة ، عن أبي جناب ، عن أبي عون الثقفي ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ... الخبر.
ورواه مختصرا التلمساني في الجوهرة ص 115.
[789] رواه المجلسي في بحار الأنوار 42 / 223 الحديث 32 ، عن أبي حمزة ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن عمرو بن الحمق ... الخبر.
[792] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 334 الحديث 1480 بتغير في مواضع الكلمات مع حفظها في الرواية ، عن أبي غالب ابن البناء ، عن أبي الغنائم ابن المأمون ، عن أبي الحسن الدار قطني ، عن أحمد بن عبد اللّه بن محمّد ، عن إسحاق بن الصيف ، عن عبد الرزاق ، عن يحيى بن العلاء ، عن عمه شعيب بن خالد ، عن أبي إسحاق ، عن هبيرة بن بريم ... الخبر.
ص: 588
ورواه ابن المغازلي بتفاوت في مناقبة ص 13. والمتقي الهندي في كنز العمال 6 / 412. وأحمد بن حنبل في مسنده 1 / 199. والمسعودي في اثبات الوصية ص 133.
[793] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 460 ، عن أبي هشام محمّد بن يزيد الرفاعي ، عن أبي اسامة ، عن أبي جناب الكلبي ، عن أبي عون الثقفي ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ... الخبر مفصلا.
ورواه الاربلي في كشف الغمة 1 / 428 مرفوعا الى إسماعيل بن راشد ... الخبر. والمجلسي في بحار الأنوار 42 / 228 الحديث 41 ، من عدة طرق.
ورواه الخوارزمي في مناقبه ص 274 ، عن علي بن أحمد العاصمي ، عن إسماعيل بن أحمد الواعظ ، عن أحمد بن الحسين ، عن أحمد بن محمّد بن الحرث الاصفهاني ، عن محمّد بن حسان ، عن محمّد بن محمّد الجرجاني ، عن موسى ، عن عبد الرحمن الكندي.
قال أحمد بن الحسين : وفيما أجاز لي شيخنا أبو عبد اللّه الحافظ : حدثني أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد بن بطة ، عن محمّد بن العباس بن أيوب الاخرم وأحمد بن سعيد بن جعفر بن سعيد الأشعري.
قالا : محمّد بن عبد الرحمن بن محمّد بن مسروق ، عن عثمان بن عبد الرحمن الحراني ، عن إسماعيل بن راشد ... الخبر.
[794] ذكر المجلسي هذه الرواية في بحار الأنوار من عدة مصادر بصورة متقطعة فقد ذكر قسما منها في 42 / 239 ، وقطعة في ص 244.
[795] ورواه أيضا المجلسي في بحار الأنوار 42 / 254 ، الحديث 56 ، بتفاوت يسير.
[796] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 204 ، الحديث 231 ، عن عبد اللّه بن
ص: 589
محمّد الرفاعي ، عن الحسن بن أحمد ، عن عبد اللّه بن إسحاق ، عن محمّد بن يوسف بن الصباح ، عن إسماعيل بن أبان ، عن ناصح ، عن سماك بن حرب ، عن جابر بن سمرة ... الحديث.
ورواه ابن كثير في البداية والنهاية 7 / 325. والنسائي في الخصائص ، ص 39. والخطيب في تاريخ بغداد 1 / 135. والثعلبي في قصص الأنبياء ، ص 100.
[797] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 279 الحديث 1365 ، عن أبي غالب ابن البناء ، عن محمّد بن أحمد بن محمّد بن حسنون ، عن موسى بن عيسى بن عبد اللّه السراج ، عن عبد اللّه بن أبي داود ، عن إسحاق بن إسماعيل ، عن إسحاق بن سليمان ، عن فطر بن خليفة ، عن أبي الطفيل ... الخبر.
ورواه المجلسي في بحار الأنوار 42 / 192 ، الحديث 6 نقلا عن الارشاد ، عن علي بن المنذر الطريقي ، عن أبي الفضل العبدي ، عن فطر ، عن أبي الطفيل عامر بن وائلة ... الخبر.
[798] رواه ابن الجوزي في تذكرة الخواص ص 160 نقلا عن ابن مسعد في الطبقات ... الخبر.
والمجلسي في بحار الأنوار 42 / 196.
[799] رواه الخوارزمي في مناقبه ص 274 ، عن علي بن أحمد العاصمي ، عن إسماعيل بن أحمد الواعظ ، عن أحمد بن الحسين البيهقي ، عن محمّد بن عبد اللّه بن صالح ، عن الليث بن سعد ، عن خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن زيد بن أسلم ، أن أبا سنان الدؤلي حدثه أنه عاد عليا علیه السلام ... الخبر.
ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 276 ، الحديث 1361.
ص: 590
[800] رواه التلمساني في الجوهرة ، ص 118 ، عن الأعمش ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن تعلبة الحماني ... الخبر.
ورواه ابن عبد البرّ في الاستيعاب 2 / 470.
[801] روى الحاكم في المستدرك 3 / 140 ، عن أبي إدريس الأودي ، عن علي علیه السلام قال : إن ممّا عهد إليّ النبي صلی اللّه علیه و آله أن الامة ستغدر بي بعده.
ورواه الخطيب في تاريخ بغداد 11 / 216. والمتقي في كنز العمال 6 / 73. والهيثمي في مجمع الزوائد 3 / 140.
[802] وقد ذكر المؤلف هذا الخبر في الجزء الأول رقم (121).
[803] رواه الخوارزمي في مناقبه ص 281 ، عن محمّد بن سمان بن يوسف الهمداني ، عن شجاع بن المظفر بن شجاع ، عن أحمد بن علي بن هلال ، عن محمّد بن حمزة بن محمّد ، عن العباس بن محمّد الدوري ، عن أبي النصر ، عن أبي معشر ، عن محمّد بن عبد الرحمن القرشي ، عن الزهري ... الخبر.
ورواه الاربلي في كشف الغمة 1 / 433. والجويني في فرائد السمطين 1 / 388 ، الحديث 325.
[804] رواه المجلسي في بحار الأنوار 42 / 248 الحديث 51 نقلا عن فروع الكافي ( ج 7 / 51 ) : عن أبي علي الأشعري ، عن محمّد بن عبد الجبار ومحمّد بن إسماعيل ، عن الفضل ، عن صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : بعث إليّ أبو الحسن موسى علیه السلام بوصية أمير المؤمنين علیه السلام ... الخبر.
[805] ويقاربه ما رواه ابن شهر اشوب في المناقب 3 / 312 نقلا عن المحاسن ... ثم أوصى فقال : يا بني عبد المطلب لا ألفينكم تخوضون دماء
ص: 591
المسلمين خوضا تقولون : قتل أمير المؤمنين ، ألا لا يقتلن بي إلا قاتلي. ونهى عن المثلة.
ورواه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 116. والمجلسي في بحار الأنوار 42 / 239.
[806] روى ابن سعد في الطبقات 3 ص 22 بسنده عن عبيدة ، قال : قال علي علیه السلام : ... الحديث.
ورواه المجلسي في بحار الأنوار 42 / 196 ، عن محمّد بن عبيدة ، قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام : ... الحديث.
[807] رواه المفيد في الارشاد ص 170 : أن جويرية بن مسهر وقف على باب القصر ، فقال : أين أمير المؤمنين علیه السلام ... الخبر.
ورواه المجلسي في بحار الأنوار 42 / 148 ، الحديث 11.
[808] روى المجلسي في بحار الأنوار 42 / 191 الحديث 3 نقلا عن الأمالي :
باسناد أخي دعبل عن الرضا عن آبائه علیهم السلام ، قال : خطب الناس أمير المؤمنين علیه السلام بالكوفة فقال :
معاشر الناس إن الحق قد غلبه الباطل ، وليغلبن الباطل عما قليل ابن أشقاكم - أو قال : شقيكم ، شك أبي - هذا ، فو اللّه ليضربن هذه فليخضبنها من هذه - وأشار بيده إلى هامته ولحيته -.
[809] روى ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 287 الحديث 1379 ، عن أبي بكر ابن عبد الباقي ، وأحمد بن عبيد اللّه ، والحسن بن المظفر ، وأحمد بن الحسن ، قالوا : أنبأنا أبو محمّد الجوهري ، عن أبي بكر ، عن محمّد بن أحمد بن يحيى المعطشي ، عن إسحاق بن بنان بن معن الأنماطي ، عن يوسف بن موسى ، عن إسماعيل بن أبان ، عن ناصح ، عن سماك بن حرب ، عن جابر بن سمرة ... الحديث.
ص: 592
ورواه الطبراني في المعجم الكبير 1 / 101 ، والهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 136.
[810] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 295 الحديث 1396 ، عن أبي غالب ابن البناء ، عن أبي الحسين ابن الآبنوسي ، عن أحمد بن عبد الرحمن بن جعفر ، عن محمّد بن عبد اللّه بن غيلان ، عن أبي هاشم ، عن أبي اسامة ، عن أبي جناب قال : وحدثني أبو عون الثقفي ، قال : كنت أقرأ على أبي عبد الرحمن السلمي وكان الحسن بن علي يقرأ عليه. قال أبو عبد الرحمن ... الخبر.
ورواه ابن الأثير في اسد الغابة 4 / 36. وابن سعد في الطبقات 3 / 24. وابن عبد البرّ في الاستيعاب 2 / 470.
[811] رواه الخوارزمي في مناقبه ص 280 ، عن سعد بن عبد اللّه بن الحسن الهمداني ، عن الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد ، عن عبد الرزاق بن عمر ، عن أحمد بن موسى بن مردويه ، عن سعد بن عبد اللّه الهمداني ، وعن سليمان بن إبراهيم ، عن أبي بكر أحمد بن موسى ، عن محمّد بن علي بن دحيم ، عن أحمد بن خازم ، عن أحمد بن صبيح القرشي ، عن يحيى بن يعلى ، عن إسماعيل البزاز ، عن أمّ موسى سرية علي علیه السلام ... الخبر.
ورواه المجلسي في بحار الأنوار 42 / 225 الحديث 35 نقلا عن الارشاد : عن إسماعيل بن زياد ، عن أمّ موسى خادمة علي علیه السلام - وهي حاضنة فاطمة ابنته - قالت ... الخبر.
[812] روى الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 137 ، عن ثعلبة ، أنه قال - يعني أمير المؤمنين علیه السلام - على المنبر : واللّه إنه لعهد النبيّ صلی اللّه علیه و آله الامي إليّ أن الامة ستغدر بي. قال : ورواه البزاز.
ص: 593
[813] رواه المجلسي في بحار الأنوار 42 / 40 الحديث 19 نقلا عن فروع الكافي ( ج 7 / 54 ) : عن أبي علي الأشعري ، عن محمّد بن عبد الجبار ومحمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، قال : بعث إلى أبو الحسن موسى علیه السلام بوصية أمير المؤمنين علیه السلام ، وهي : ... الوصية مفصلا.
[815] رواه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 4 / 107 ، عن يونس بن خباب ، عن أنس بن مالك ... الحديث.
ورواه الكنجي في كفاية الطالب ص 273 ، عن عبد اللّه بن عمر بن حمويه ، عن علي بن الحسن بن هبة اللّه ، عن أحمد بن عبيد اللّه العكبري ، عن الحسن بن علي الجوهري ، عن علي بن محمّد بن أحمد ، عن عمر بن محمّد الباقلاني ، عن أحمد بن يزيد ، عن المفضل بن صالح الأسدي ، عن يونس بن خباب ، عن عثمان بن حاضر ، عن أنس بن مالك ... الحديث.
ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 325 الحديث 830.
[816] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 131 ، عن محمّد بن عبد الواحد بن المتوكل ، عن أبي القاسم بن اليسري ، عن عبيد اللّه بن محمّد الحافظ ، عن عبد اللّه بن سليمان ، عن إسحاق بن إبراهيم النهشلي ، عن يحيى بن أبي بكر ، عن الحسن بن صالح ، عن أبي ربيعه الأيادي ، عن الحسن ، عن أنس قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : اشتاقت الجنة الى ثلاثة ، الى علي وعمار وسلمان.
ورواه الترمذي 2 / 310. وابن الأثير في اسد الغابة 2 / 330. والمحبّ الطبري في الرياض النضرة 2 / 209.
[818] رواه أحمد بن حنبل في مسنده 1 / 189 ، عن علي بن عاصم ، عن
ص: 594
حصين ، عن هلال بن ليساف ، عن عبد اللّه بن ظالم المازني ، قال :
لما خرج معاوية من الكوفة استعمل المغيرة بن شعبه. قال : فأقام خطباء يقعون في علي ، قال : وأنا الى جنب سعيد بن زيد بن عمر بن نفيل ، قال : فغضب ، فقام فأخذ بيدي فتبعته ، فقال : ألا ترى الى هذا الرجل الظالم لنفسه الذي يأمر بلعن رجل من أهل الجنة.
وروى أيضا في 1 / 188 ، عن وكيع ، عن شعبة ، عن الحرّ بن الصباح ، عن عبد الرحمن بن الأخنس ، قال : خطبنا المغيرة بن شعبة ، فنال من علي علیه السلام ، فقام سعيد بن زيد ، فقال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : النبي في الجنة ، وعلي في الجنة.
[821] روى أحمد بن حنبل في مسنده 3 / 380 ، عن يزيد ، عن شريك بن عبد اللّه ، عن عبد اللّه بن محمّد بن عقيل ، عن جابر بن عبد اللّه ، قال : كنا مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : يطلع عليكم رجل من أهل الجنة ، اللّهمّ اجعله عليا ، اللّهمّ اجعله عليا.
قال : فجاء علي (رضي اللّه عنه).
[819] وروى في 3 / 356 ، عن إبراهيم بن أبي العباس ، عن أبي المليح ، عن عبد اللّه بن محمّد بن عقيل ، عن جابر ، قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يطلع من تحت هذا السور رجل من أهل الجنة ، اللّهمّ إن شئت جعلته عليا. ثلاث مرّات. فطلع علي (رضي اللّه عنه).
[823] رواه المفيد في أماليه ص 178 ، عن جعفر بن محمّد بن قولويه ، عن محمّد بن الحسين بن عامر ، عن المعلى بن محمّد البصري ، عن محمّد بن جمهور العمي ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي محمّد الوابشي ، عن أبي الورد ، قال : سمعت أبا جعفر محمّد بن علي الباقر علیه السلام ... الحديث.
ص: 595
[824] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 333 ، الحديث 837 ، عن أبي الحسن ابن قبيس وأبي منصور ابن خيرون ، عن أبي بكر الخطيب ، عن عبيد اللّه النجار ، عن محمّد بن المظفر ، عن عبد الجبار بن أحمد بن عبيد اللّه السمسار ، عن علي بن المثنى الطهوي ، عن زيد بن الحباب ، عن عبد اللّه بن لهيعة ، عن جعفر بن ربيعة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول اللّه ... الحديث مفصلا.
ورواه الجويني في فرائد السمطين 1 / 87. والكنجي في كفاية الطالب ص 185. والمجلسي في بحار الأنوار 40 / 12 الحديث 27. والمتقي في كنز العمال 6 / 403.
[825] رواه محمّد بن أبي القاسم الطبري في بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ص 249 ، عن المنهال بن عمرو ، عن عبد اللّه بن الحرث بن نوفل ، أنه سمع عليا ... الحديث.
ورواه المتقي الهندي في كنز العمال 6 / 403.
[826] روى المفيد في أماليه ص 19 ، عن محمّد بن المظفر ، عن محمّد بن حرير ، عن أحمد بن إسماعيل ، عن عبد الرحمن الوراق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة ، عن عبد اللّه بن عباس ، قال : نظر النبي صلی اللّه علیه و آله الى علي بن أبي طالب علیه السلام فقال : سيد في الدنيا وسيد في الآخرة.
ورواه المجلسي في بحار الأنوار 39 / 273 الحديث 48.
[827] رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 11 / 112.
[828] رواه المحبّ الطبري في الرياض النضرة 2 / 211 عن أنس ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.
[829] رواه فرات بن إبراهيم في تفسيره عن أبي القاسم الحسين معنعنا ، عن
ص: 596
جابر بن عبد اللّه ... الحديث.
ورواه المجلسي في بحار الانوار 39 / 218 ... الحديث.
[832] روى الجويني في فرائد السمطين 1 / 228 الحديث 178 ، عن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الملك وعبد الرحيم بن عبد الملك ، عن زاهر بن الثقفي ، عن زاهر بن طاهر بن محمّد المستملي ، عن محمّد بن الفضل الصاعدي ، عن أحمد بن الحسين البيهقي ، عن محمّد بن عبد اللّه الحافظ ، عن بشر بن محمّد بن ياسين ، عن محمّد بن إسحاق بن خزيمة ، عن عمرو بن عثمان بن راشد ، عن عبد اللّه بن مسعود ابن الشامي ، عن ياسين بن محمّد بن أيمن ، عن أبي صالح ، عن أبي حازم ، عن ابن عباس ، قال قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أعطاني ربي عزّ وجلّ في علي خصالا في الدنيا وخصالا في الآخرة. أعطاني به في الدنيا أنه صاحب لوائي عند كل شدة وكريهة. وأعطاني به في الدنيا أنه غامضي وغاسلي ودافني ... الحديث.
[835] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 140 الحديث 185 ، عن أبي نصر بن الطحان ، عن أحمد بن علي بن جعفر ، عن علي بن جامع ، عن أحمد بن محمّد بن عبد العزيز الوشاء ، عن أسد بن موسى ، عن حماد بن سلمة ، عن حميد الطويل ، عن أنس بن مالك ، أن النبي صلی اللّه علیه و آله قال : إن علي بن أبي طالب يضيء لأهل الجنة كما يزهر كوكب الصبح لأهل الدنيا.
ورواه الجويني في فرائد السمطين 1 / 295 الحديث 233. والمتقي الهندي في كنز العمال 6 / 153.
[837] رواه المفيد في أماليه ص 111 ، عن علي بن محمّد الكاتب ، عن الحسن بن علي الزعفراني ، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي ، عن عثمان بن
ص: 597
أبي شيبة ، عن عمرو بن ميمون ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جده قال : قال أمير المؤمنين ... الحديث مفصلا.
ورواه المجلسي في بحار الأنوار 38 / 155 ، الحديث 130.
[838] روى ابن عساكر في تاريخ دمشق 1 / 107 الحديث 148 عن أبي القاسم بن السمرقندي ، عن أبي الحسين ابن النقور ، عن عيسى بن علي ، عن عبد اللّه بن محمّد ، عن الحسين بن محمّد الذراع ، عن عبد الوبر بن عباد العبدي ، عن يزيد بن معن ، عن عبد اللّه بن شرحبيل ، عن زيد بن أبي أوفى.
وعن عبد اللّه بن محمّد البغوي ، عن محمّد بن علي الجوزجاني ، عن نصر بن علي الجهضمي ، عن عبد المؤمن بن عباد بن عمرو العبدي ، عن يزيد بن معن ، عن عبد اللّه بن شرحبيل ، عن رجل من قريش ، عن زيد بن أبي أوفى ، قال : دخلت على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله مسجده ... الحديث بتفاوت واختصار.
[839] قال المناوي في فيض القدير 4 / 358 : روى الطبراني والبزار عن أبي ذر وسلمان مطولا ، قال : أخذ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بيد علي علیه السلام فقال : هذا أول من يصافحني ... الحديث.
ورواه ابن حجر في الاصابة 1 / 167 ، عن إسحاق بن بشر الأسدي ، عن خالد بن الحارث ، عن عوف ، عن الحسن ، عن أبي ليلى الغفاري ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.
[840] رواه المجلسي في بحار الأنوار 23 / 135 الحديث 74 ، عن جعفر بن نعيم ، عن عمه محمّد بن شاذان ، عن الفضل بن شاذان ، عن عبيد بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن حبيش بن المعتمر ،
ص: 598
قال : رأيت أبا ذر الغفاري آخذا بحلقة باب الكعبة ... الحديث.
ورواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 247 الحديث 519 - الحديث بتفاوت -.
[841] رواه الصدوق في معاني الأخبار ص 90 الحديث الأول ، عن الحسن بن عبد اللّه بن سعيد ، عن محمّد بن أحمد بن حمدان ، عن المغيرة بن محمّد بن المهلب ، عن أبيه ، عن عبد اللّه بن داود ، عن فضيل بن مرزوق ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد الخدري ... الحديث.
ورواه أيضا في الخصال ص 65 الحديث 97.
ورواه المجلسي في بحار الأنوار 23 / 131 ، الحديث 64.
[842] رواه المتقي في كنز العمال 1 / 250 عن عباد بن عبد اللّه الأسدي.
ورواه البحراني في البرهان 2 / 213 الحديث 6. والشيخ المفيد في أماليه ، عن علي بن بلال المهلبي ، عن علي بن عبد اللّه بن أسد ، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي ، عن إسماعيل بن أبان ، عن الصباح بن يحيى المزني ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن عباد بن عبد اللّه ، قال : قام رجل الى أمير المؤمنين ، قال : يا أمير المؤمنين ، أخبرني ... الحديث.
[843] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 250 ، الحديث 520 ، عن أحمد بن محمّد ، عن عبد اللّه بن محمّد ، عن محمّد بن يحيى بن مندة ، عن حميد بن سعد ، عن حيان الكرماني ، عن سعيد بن مسروق ، عن يزيد بن حيان ، قال : دخلنا على زيد بن أرقم ... الحديث.
ورواه الشبراوي في الاتحاف بحبّ الأشراف ص 22 ، ورواه الحاكم في المستدرك 3 / 109.
[844] رواه الصدوق في معاني الأخبار ص 90 ، عن الحسين بن عبد اللّه ،
ص: 599
عن محمّد بن أحمد بن حمدان ، عن المغيرة بن محمّد بن المهلب ، عن أبيه ، عن عبد اللّه بن داود ، عن فضيل بن مرزوق ، عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري ... الحديث.
ورواه المجلسي في بحار الأنوار 23 / 131 الحديث 64. ورواه بطريق آخر باضافة الجملة الآتية في آخر الحديث : ( فانظروا ما ذا تخلفوني فيهما ) ابن المغازلي في المناقب ص 236 الحديث 283.
[845] رواه المتقي الهندي في كنز العمال 1 / 67 و 5 / 276 عن أبي سعيد الخدري. وقريب منه رواه المناوي في فيض القدير 1 / 515.
[846] رواه ابن البطريق في العمدة ص 37 ، عن محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن أبي السلطين ، عن أحمد بن سعيد ، عن محمّد بن أحمد ، عن أحمد بن أحمد ، عن محمّد بن إبراهيم ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن علي علیه السلام ... الحديث.
[847] رواه أبو نعيم في حلية الأولياء 9 / 64 بسنده عن علي علیه السلام ... الحديث.
[848] رواه ابن حجر في الصواعق المحرقة ص 13 ، عن عائشة باختصار. ورواه أيضا المناوي في فيض القدير 4 / 499.
[849] رواه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 10 ، عن العباس بن عبد المطلب ، قال : بلغ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بعض ما يقول الناس ، فصعد المنبر ، فقال : من أنا؟ قالوا : أنت رسول اللّه. فقال : أنا محمّد بن عبد اللّه بن عبد المطلب ، إن اللّه خلق الخلق فجعلني من خير خلقه وجعلهم فرقتين ... الحديث.
[850] رواه المجلسي في بحار الأنوار 36 / 322 الحديث 178 ، عن محمّد بن عبد اللّه ، عن محمّد بن جعفر بن محمّد ، عن محمّد بن عبد الرحمن ، عن
ص: 600
أبي أحمد الطوسي ، وأحمد بن محمّد المقري ، عن محمّد بن نجي ، عن داود بن الحسين ، عن خرام بن نجي الشامي ، عن عتبة بن نبهان ، عن مكحول ، عن واثلة بن الاسقع ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : لا يتم الايمان إلا بمحبتنا أهل البيت ... الحديث.
[851] روى الصدوق في الخصال ص 36 ، الحديث 11 ، عن محمّد بن الحسن بن أحمد ، عن محمّد بن الحسن الصفار ، عن محمّد بن عبد الجبار ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن ظريف بن ناصح ، عن إبراهيم بن يحيى ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : قسم اللّه تبارك وتعالى أهل الأرض قسمين فجعلني في خيرهما ، ثم قسم النصف الآخر على ثلاثة فكنت خير الثلاثة ، ثم اختار العرب من الناس ، ثم اختار قريشا من العرب ، ثم اختار بني هاشم من قريش ، ثم اختار بني عبد المطلب من بني هاشم ، ثم اختارني من بني عبد المطلب.
[852] رواه أحمد بن حنبل في مسنده 3 / 18 عن أبي عامر ، عن زهير ، عن عبد اللّه بن محمّد ، عن حمزة بن أبي سعيد الخدري ، عن أبيه ، قال سمعت النبي صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.
ورواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 288 الحديث 548.
[853] رواه البحراني في البرهان 4 / 180 ، الحديث 4 ، عن أحمد بن محمّد الكاتب ، عن حميد بن الربيع ، عن عبيد بن موسى ، عن قطر بن إبراهيم ، عن أبي الحسن موسى علیه السلام أنه قال : من أراد أن يعلم فضلنا ... الحديث.
[854] لم نعثر على سنده فقد ذكرنا في الحاشية أن النراقي ذكره في جامع السعادات 1 / 24 ورده.
ص: 601
[855] رواه علي بن إبراهيم القمي في تفسيره 2 / 134 ، عن أبيه ، عن النضر بن سويد ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي عبد اللّه الصادق علیه السلام قال : لقي المنهال بن عمر علي بن الحسين علیه السلام ...
ورواه المجلسي في بحار الانوار 24 / 170 ، الحديث 4.
[856] رواه مرسلا الخوارزمي في مقتل الحسين 1 / 94.
[857] راجع الحديث 843.
[858] روى ابن المغازلي في مناقبه ، ص 76 قريب منه ، عن الحسن بن أحمد ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن القاسم ، عن أحمد بن الهيثم ، عن مسلم بن إبراهيم ، عن الربيع بن مسلم ، عن محمّد بن زياد ، عن أبي هريرة ... الحديث.
ورواه أحمد بن حنبل في مسنده 2 / 476. والمتقي في كنز العمال 3 / 320.
[861] رواه باختصار ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 107.
[863] رواه المفيد في أماليه ص 17 ، عن علي بن محمّد ، عن علي بن الحسن بن فضال ، عن الحسن بن نصير ، عن أبيه ، عن عبد الغفار بن القاسم ، عن المنهال بن عمرو ، عن محمّد بن علي بن الحنفية ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.
[864] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 78 بتقديم وتأخير في الجمل مع حفظ المضمون ، عن أحمد بن محمّد ، عن أحمد بن الفضل ، عن أحمد بن عبد الرحمن ، عن محمّد بن أحمد بن حمدان ، عن أبي العباس ابن الحسن ، عن محمّد بن يزيد ، عن محمّد بن فضل ، عن السري بن إسماعيل ، عن الشعبي ، عن سفيان بن أبي ليلى ... الخبر.
ورواه الهيثمي في مجمعه 10 / 281 ، عن الحسين بن علي.
ص: 602
[865] سيأتي الحديث مفصلا في الجزء السادس عشر إن شاء اللّه.
[867] رواه البيهقي في سننه 2 / 379. والدار قطني في سننه ص 136.
[868] رواه ابن بطريق في العمدة ص 39 الحديث 22 ، عن أبي عبد اللّه ابن فنجويه ، عن أبي بكر ابن مالك القطيعي ، عن عبد اللّه بن أحمد بن حنبل ، عن ابي ، عن عبد اللّه بن نمير ، عن عبد الملك بن سليمان ، عن عطاء بن رياح ، عمن سمع أمّ سلمة تقول ... الحديث.
[869] رواه الصدوق في أماليه ص 21 الحديث 2 ، عن أحمد بن زياد ، عن علي بن إبراهيم ، عن جعفر بن سلمة الأهوازي ، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي ، عن عثمان بن أبي شيبة ومحرز بن هشام ، عن مطلب بن زياد عن ليث بن أبي سليم ... الحديث.
[871] رواه الترمذي في صحيحه 2 / 29. ورواه الحاكم في المستدرك 3 / 158. والمجلسي في بحار الأنوار 35 / 223.
[872] رواه الترمذي في صحيحه 2 / 209. والطحاوي في مشكل الآثار 1 / 335. وابن جرير الطبري في تفسيره 22 / 6.
[873] راجع الحديث 868.
[874] راجع الحديث 869.
[875] راجع الحديث 861.
[876] رواه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 9 ، عن ابن عباس. ورواه السيوطي في الدر المنثور في ذيل تفسير قوله تعالى : ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) ، عن المطلب بن ربيعة.
[877] رواه المفيد في أماليه - باختلاف يسير - ص 131 ، عن محمّد بن الحسين المقري ، عن عبد الكريم بن محمّد البجلي ، عن محمّد بن علي ، عن زيد بن المعدل ، عن أبان بن عثمان ، عن زيد بن علي بن الحسين ،
ص: 603
قال : وضع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في مرضه الذي توفي فيه رأسه في حجر أمّ الفضل ... الحديث.
[878] رواه الصدوق في الخصال ص 350 الحديث 25 ، عن محمّد بن عمر ، عن محمّد بن الحسين بن حفص ، عن ثابت بن غارم ، عن عبد الملك بن الوليد ، عن عمرو بن عبد الجبار ، عن عبد اللّه بن زياد ، عن زيد بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي علیه السلام ، قال : قال النبي صلی اللّه علیه و آله : سبعة لعنهم اللّه وكل نبي مجاب ... الحديث.
ورواه ابن حجر في الصواعق المحرقة ص 143.
[879] رواه المجلسي في بحار الأنوار 35 / 216 الحديث 22 ، عن الحسن بن حباش ، عن عمرة الهمدانية ... الحديث.
ورواه الطحاوي في مشكل الآثار 1 / 336.
[880] رواه المفيد في أماليه ص 75 ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن محبوب ، عن هشام ، عن مرازم ، عن جعفر بن محمّد الصادق علیه السلام ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ما بال أقوام من امتي ... الحديث.
ورواه البحراني في البرهان 1 / 279 ، الحديث 15.
[884] رواه الجويني في فرائد السمطين 1 / 36 الحديث 1 ، عن عبد القادر بن أبي صالح ، عن هبة اللّه بن موسى ، عن هناد بن إبراهيم ، عن الحسن بن محمّد ، عن محمّد بن فرحان ، عن محمّد بن يزيد ، عن قتيبة ، عن الليث بن سعد ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.
[885] رواه الصدوق في الخصال ص 110 الحديث 82 ، عن الحسن بن أحمد بن إدريس ، عن أبيه ، عن محمّد بن أحمد ، عن أبي نصر البغدادي ، عن
ص: 604
محمّد بن جعفر الأحمر ، عن إسماعيل بن العباس ، عن داود بن الحسن ، عن أبي رافع ، عن علي علیه السلام ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ... الحديث.
[886] رواه ابن ماجة في سننه 2 / 24 الحديث 4087 ، عن هدية بن عبد الوهاب ، عن سعد بن عبد الحميد ، عن علي بن زياد اليمامي ، عن عكرمة بن عمار ، عن إسحاق بن عبد اللّه ، عن أنس بن مالك ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ...
ورواه ابن المغازلي في مناقبه ص 38 الحديث 71. والمحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 15. والخطيب البغدادي في تاريخه 9 / 434. والحاكم في المستدرك 3 / 211.
[887] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 246 الحديث 519 ، عن عثمان بن الموفق ، عن المؤيد بن محمّد ، عن عبد الجبار بن محمّد ، عن علي بن أحمد ، عن الفضل بن أحمد ، عن أبي علي ابن أبي بكر ، عن محمّد بن إدريس ، عن الفضل بن صالح ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن حنش بن المعتمر الكناني ، قال : سمعت أبا ذر ، وهو آخذ بباب الكعبة ... الحديث.
ورواه المجلسي في بحار الأنوار 23 / 119 ، الحديث 38.
[888] روى الجويني في فرائد السمطين 1 / 45 الحديث 11.
حديثا طويلا يتضمن هذا المعني :
عن ابن بابويه ، عن محمّد بن أحمد ، عن أحمد بن يحيى ، عن بكر بن عبد اللّه ، عن فضل بن الصقر ، عن معاوية ، عن الأعمش ، عن جعفر بن محمّد الصادق علیه السلام ... الحديث.
ورواه بطريق آخر في الجزء الثاني ص 241 ، الحديث 515 ، عن
ص: 605
سلمة بن الأكوع عن النبي صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.
[896] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 282 ، عن المؤيد بن محمّد ، عن عثمان بن الموفق ، عن محمّد بن العباس ، عن محمّد بن سعيد ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبي عبد اللّه الثقفي ، عن عبد اللّه بن محمّد ، عن محمّد بن عمران ، عن محمّد بن إسحاق ، عن أبي عبيد القاسم بن سلام ، عن عبد اللّه بن صالح ، عن الليث ، عن هشام بن سعد ، عن عطاء ، قال : خطب عمر ... الخبر.
ورواه الشبراوي في الاتحاف بحبّ الأشراف ص 19 عن ابن عمر.
[898] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 159 الحديث 644 ، عن إسماعيل بن أبي القاسم ، عن عمر بن أحمد ، عن أحمد بن جعفر ، عن محمّد بن محمّد بن سليمان ، عن يعقوب بن إسحاق ، عن الحارث بن محمّد ، عن أبي بكر بن عياش ، عن معروف بن خربوذ ، عن أبي الطفيل ، عن أبي ذر ... الحديث.
ورواه الصدوق في الخصال ص 253 ، الحديث 125 ، عن أمير المؤمنين. وابن المغازلي في مناقبه ، ص 120 عن ابن عباس. والصدوق أيضا في أماليه ص 43 الحديث 9.
[899] روى المفيد رواية قريبة لهذا المعنى في أماليه ص 20. وروى المجلسي أيضا في بحار الأنوار 37 / 59.
[900] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 102 ، عن محمّد بن أحمد بن سهل ، عن محمّد بن الحسن ، عن جعفر بن نصير ، عن محمّد بن عبد اللّه ، عن محمّد بن مرزوق ، عن حسين الأشقر ، عن قيس ، عن الأعمش ، عن عباية بن ربعي ، عن أبي أيوب الأنصاري ... الحديث.
ص: 606
ورواه الصدوق في الخصال ص 312 ، الحديث 16. والمجلسي في بحار الأنوار 43 / 97 ، الحديث 8.
[901] رواه الطبري في بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ص 20 ، عن الحسن بن الحسين ، عن محمّد بن الحسن بن الحسين ، عن أبيه ، عن محمّد بن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن محمّد القبطي ، قال : قال الصادق علیه السلام : ... الحديث.
[903] رواه المجلسي في بحار الأنوار 23 / 121 الحديث 44 ، عن أبي المفضل ، عن محمّد بن محمّد بن سليمان ، عن سويد بن سعيد ، عن المفضل بن عبد اللّه ، عن أبي إسحاق الهمداني ، عن حنش بن المعتمر ، قال : سمعت أبا ذر الغفاري ... الحديث.
[904] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 297 الحديث 554 ، عن محمّد بن عبد اللّه ، عن محمّد بن عثمان ، عن محمّد بن الحسين ، عن الحسين بن إبراهيم ، عن حسين بن الحكم ، عن إسماعيل بن أبان ، عن فضيل بن الزبير ، عن أبي داود السبيعي ، عن أبي عبد اللّه الجدلي ، قال : دخلت على علي علیه السلام فقال : ... الخبر.
ورواه المجلسي في بحار الأنوار 24 / 42.
[906] رواه الطبري في بشارة المصطفى ص 2 : عن محمّد بن أحمد بن شهريار ، عن حمزة بن محمّد بن يعقوب ، عن أحمد بن محمّد الجواليقي ، عن محمّد بن أحمد بن الوليد ، عن سعدان ، عن علي ، عن حسين بن نصر ، عن أبيه ، عن الصباح المزني ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي رزين ، عن علي بن الحسين ، أنه قال : ... الخبر.
[907] روى القسم الأخير من الرواية ابن المغازلي ص 63 الحديث 90 ، عن
ص: 607
أحمد بن محمّد بن عبد الوهاب ، عن عمر بن عبد اللّه بن شوذب ، عن الحسين بن إسحاق ، عن زكريا بن يحيى ، عن فضيل بن عبد الوهاب ، عن تليد بن سليمان ، عن أبي الجحاف ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، قال : أبصر النبي عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : أنا حرب لمن حاربكم ، وسلم لمن سالمكم.
[908] رواه المجلسي في بحار الأنوار 23 / 126 الحديث 54 ، عن الحسن بن علي بن شعيب ، عن عيسى بن محمّد العلوي ، عن أحمد بن أبي حازم ، عن عبيد اللّه بن موسى ، عن شريك بن الركين ، عن القاسم بن حسان ، عن زيد بن ثابت ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ... الحديث.
[909] رواه الخوارزمي في مناقبه ص 210 ، عن محمود بن عمر ، عن علي بن مروك ، عن إسماعيل بن علي بن الحسين ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن علي ، عن أحمد بن حازم ، عن عبيد اللّه بن موسى ، عن فطر بن خليفة ، عن كثير النواء ، عن عبد اللّه بن مليك ، قال : سمعت عليا علیه السلام يقول : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.
[910] رواه المجلسي في بحار الأنوار 23 / 241 الحديث 13 ، عن جعفر بن محمّد الفزاري ، باسناده ، عن عباد بن عبد اللّه ، قال : كنت عند جعفر بن محمّد علیه السلام فسأله رجل عن قول اللّه : قل لا أسألكم ... الخبر.
[911] رواه المجلسي في بحار الانوار 35 / 208 الحديث 4 ، عن أبي عمرو ، عن ابن عقدة ، عن يعقوب بن يوسف ، عن محمّد بن إسحاق ، عن هلال بن أيوب عن عطية ، قال : سألت أبا سعيد الخدري عن قوله تعالى ... الخبر.
ص: 608
محتويات الجزء السادس
بقية أخبار صفيّن....................................................... 3
مقتل عبيداللّه بن عمر ................................................ 13
كتاب ابن أبي رافع .................................................. 16
حرب النهروان ...................................................... 37
ابن عباس والخوارج .................................................. 46
منشا الفتنة .......................................................... 52
نعود الى ذكر الأحاديث ............................................. 59
ابن عباس ومعاوية ................................................... 66
ندامة عائشة ........................................................ 69
التحريض على القتال ................................................ 73
الحجة على من حارب عليّا ........................................... 77
المتخلّفون عن أمير المؤمنين ............................................ 82
محتويات الجزء السادس
عدلوا الى معاوية ..................................................... 95
الفضائل المزعومة .................................................. 103
ص: 609
طلب الدم وسيلة .................................................. 112
سعد بن أبي وقاص ................................................. 118
حجة الخوارج ..................................................... 129
مواقف الأشعري .................................................. 140
أبو سفيان ......................................................... 146
معاوية بن أبي سفيان ............................................... 153
مقتل حجر بن عدي ............................................... 171
محتويات الجزء السابع
من فضائل أمير المؤمنين ............................................. 177
احتجاجه (عليه السلام) في الشورى .......................................... 185
سعد والسابّ عليّا ................................................. 194
حديث سدّ الأبواب ................................................ 203
أوجه التفاضل ..................................................... 213
الفاضل والمفضول .................................................. 227
محتويات الجزء الثامن
الأمر بطاعة أمير المؤمنين ............................................ 255
السير على خطى أمير المؤمنين ....................................... 268
دعاء النبي لعلي .................................................... 297
قضاء أمير المؤمنين ................................................. 304
محتويات الجزء التاسع
علي في القرآن ..................................................... 337
آية الولاية ........................................................ 348
ص: 610
زواج فاطمة بعليّ .................................................. 355
زهد أمير المؤمنين .................................................. 361
خبر الراهب ....................................................... 367
الأعمش والمنصور .................................................. 372
ضرار ومعاوية ..................................................... 391
الرسول وفضائل علي .............................................. 396
حديث الدينار ..................................................... 401
عليّ مع الملائكة ................................................... 408
محتويات الجزء العاشر
مصائب أمير المؤمنين ............................................... 427
التخطيط للجريمة .................................................. 437
شهادة رسول اللّه لعليّ بالجنّة ........................................ 461
فضائل أهل البيت (عليهم السلام) ............................................. 479
نعود إلى فضائل أهل البيت ......................................... 499
من هم المستضعفون؟ ............................................... 504
تخريج الأحاديث ................................................... 517
ص: 611