الفَوائِدُ الْبَدِيعْةُ
مِنْ جَامِعِ اَحَادیْثِ الْشِیْعَةْ
لِسَيّدِ الطَّائِفَةِ آيَةِ اللَّهِ العُظَمَى السَيّدِ حُسَینْ البُروجَردي(قدس سرّه)
الجُزءْ الاَوَلْ
اِنتِخابُ وَتَعليقُ
عَلاء السَيّد عَبْد الصَّٰاحِب المُوَسَوِيّ
1444 ه.ق
ص: 1
ص: 2
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
في أيَّام المحنة العامَّة للوباء الذي عمَّ الكرة الأرضيَّة وأجلس الملايين في بيوتهم وعطَّلهم عن أعمالهم، وجدتها فرصة مغتنمة لمطالعة الكتاب النفيس (جامع أحاديث الشيعة )لسيِّد الطائفة في زمنه آية الله العظمى السيِّد حسين البروجردي (قدَّس الله روحه الطاهرة)، من الجلد إلى الجلد، وحقَّقت أُمنيتي في انتخاب فرائد الروايات( وكلُّها فرائد وجواهر)، ممَّا اعتقدت أنها مؤثِّرة في تقريب الناس إلى الصلاح، وإرجاعهم إلى حظيرة أهل البيت علیهم السلام، وربطهم بثقافتهم التي هي ثقافة
عليها القرآن المجيد، وصيانتهم بتلك الروايات الشريفة من التأثُّر بالأفكار الزائفة العابرة التي لا تغني ولا تسمن من جوع، فإنَّ عقول الناس تحتاج إلى الغذاء الفكري السليم أكثر من حاجة أبدانهم للطعام الصحَّي، ولا نجد ذلك إلّا في رواياتهم الشريفة: فليُشرِّقوا ويُغرّبوا فلن يجدوا الحق إلَّا شيئاً خرج من هذا البيت. وقد روى الشيخ الصفَّار رحمه الله في (بصائر الدرجات) بسنده عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: قَالَ ِلي: إِنَّ اَلْحَكَمَ بْنَ عُتَيْبَةَ مِمَّنْ قَالَ اللَّهُ: «وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8)» [البقرة: 8] ، فَلْيُشَرِّقِ الحَكَمُ
وَلْيُغَرِّبْ، أَمَا وَاللَّهُ لَا يُصِيبُ الْعِلْمَ إِلَّا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ نَزَلَ عَلَيْهِمْ جَبْرَئِيلُ علیه السلام»(1).
ص: 3
وقد استوعب هذا العمل سنين ثلاث كانت من ألذّ السنين التي عشتها، إذ وجدت نفسي متقلَّباً بين أنوار أهل بيت العصمة (صلوات الله عليهم أجمعين) ألتقط من دُرّر كلماتهم، وأتعرَّف على جميل أخلاقهم وحلو طباعهم، وأتأمَّل في عميق حكمتهم، دون أن يجد الملل إلى نفسي سبيلاً، بل لم أجد لذَّة في قراءة نصِّ
دينيِّ أو غير دينيِّ كما وجدت ذلك في مطالعة هذه الموسوعة المباركة.
وقد حاولت التعليق على بعض تلك الروايات لشرحها أو بيان مشابهاتها من الروايات الأُخرى، ولإيضاح ما قد يخفى من معانيها على القارئ الكريم، راجياً أنْ ينتفع المؤمنون بهذه المجموعة المباركة من الروايات، ويجعلونها مادة للتداول في بيوتهم ومحافلهم، وحديثاً يُعطّرون به بيوتهم ويُمتِّعون به أسماع أبنائهم وأهاليهم ويملئون به حياتهم في ليلهم ونهارهم بدل ما انتشر من مواد هابطة مخرِّبة، ومضامين عابثة لا ثمرة من ورائها سوى تحمُّل الأوزار والتشبُّع
بالفساد .
حفظ الله الشيعة من كلِّ سوء، وأنار دروبهم بنور أهل بيت العصمة (صلوات الله عليهم أجمعين)، والحمد لله أوَّلاً وأخيراً، وصلَّى الله على محمَّد وآله الطاهرين وجعلنا في ركابهم وممَّن يأخذ بحجزتهم، فهم سُفُن النجاة وسرُّ الحياة، والله دَرُّ الفرزدق إذ يقول في مدحه للإمام السجَّاد علیه السلام :
من معشر حبُّهم دين وبغضهم *** كفر وقربهم منجى ومعتصم(1)
علاء السيِّد عبد الصاحب الموسوي
(26/ ذو القعدة /1444ه- )
النجف الأشرف
ص: 4
ص: 5
ص: 6
[ 1 / 1 ]قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «الْعَالِمُ بَيْنَ الْجُهَالِ كَالحَيُّ بَيْنَ الْأَمْوَاتِ، وَإِنَّ طَالِبَ الْعِلْم يَسْتَغْفِرُ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ حَتَّى حِيتَانُ الْبَحْرِ وَهَوَامُّهُ وَسِبَاعُ الْبَرِّ وَأَنْعَامُهُ، فَاطْلُبُوا الْعِلْمَ فَإِنَّهُ السَّبَبُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ اللهُ عزّو جلّ، وَإِنَّ طَلَبَ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ
مُسْلِمٍ »(1).
[2/2] قَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم : «مَنْ تَعَلَّمَ بَاباً مِنَ العِلْمِ عَمَّنْ يَيْقُ بِهِ كَانَ أَفْضَلَ
مِنْ أَنْ يُصَلِّيَ ألفَ رَكْعَةٍ » (2).
[3/3] عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیه السلام، قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ
الله صلی الله علیه و آله وسلم يَقُولُ : طَلَبُ العِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، فَاطْلُبُوا العِلْمَ مِنْ مَظَانِّهِ، وَاقْتَبِسُوهُ مِنْ أَهْلِهِ، فَإِنَّ تَعَلَّمَهُ الله حَسَنَةٌ، وَطَلَبَهُ عِبَادَةٌ، وَالْمُذَاكَرَةَ فِيهِ تَسْبِيحٌ، وَالعَمَلَ بِهِ جِهَادٌ، وَتَعْلِيمَهُ لَنْ لَا يَعْلَمُهُ صَدَقَةٌ، وَبَذْلَهُ لِأَهْلِهِ قُرْبَةٌ إِلَى الله تَعَالَى، لِأَنَّهُ مَعَالِمُ الحَلَالِ وَالحَرَامِ، وَمَنَارُ سَبِيلِ الجَنَّةِ، وَالْمُؤْنِسُ فِي الوَحْشَةِ، وَالصَّاحِبُ فِي الغُرْبَةِ وَالوَحْدَةِ، وَالْمُحَدِّثُ فِي الخَلْوَةِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَالسَّلَاحُ عَلَى الأَعْدَاءِ، وَالزَّيْنُ عَلَى الأَخِلَّاءِ، يَرْفَعُ اللَّهُ بِهِ أَقْوَاماً فَيَجْعَلُهُمْ فِي الخَيْرِ فَادَةً، تُقْبَسُ ،آثَارُهُمْ وَيُهْتَدَى بِأَفْعَاهِمْ، وَيُنْتَهَى إِلَى آرَائِهِمْ، [وَ] تَرْغَبُ اَلمَلَائِكَةُ فِي خَلَّتِهِمْ، وَبِأَجْنِحَتِهَا تَمْسَحُهُمْ،وَافِي صَلَاتِهَا تُبَارِكُ عَلَيْهِمْ، [وَ ] يَسْتَغْفِرُ هُمْ كُلَّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ حَتَّى حِيتَانُ البَحْرِ وَهَوَامُّهُ وَسِبَاحُ
ص: 7
البَرِّ وَأَنْعَامُهُ، إِنَّ العِلْمَ حَيَاةُ القُلُوبِ مِنَ الجَهْلِ، وَضِيَاءُ الأَبْصَارِ مِنَ الظُّلْمَةِ، وَقُوَّةُ الأَبْدَانِ مِنَ الضَّعْفِ، يَبْلُغُ بِالعَبْدِ مَنَازِلَ الأَخْيَارِ، وَعَجَالِسَ الأَبْرَارِ، وَالدَّرَجَاتِ العُلَى فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، الذِّكْرُ فِيهِ يَعْدِلُ بِالصِّيَامِ، وَمُدَارَسَتْهُ بِالقِيَامِ، بِهِ يُطَاعُ الرَّبُّ وَيُعْبَدُ، وَبِهِ تُوصَلُ الأَرْحَامُ، وَيُعْرَفُ الحَلَالُ وَالحَرَامُ، لعِلْمُ إِمَامُ العَمَلِ وَالعَمَلُ تَابِعُهُ، يُلْهَمُ بِهِ السُّعَدَاءَ وَيُحْرَمُهُ الأَشْقِيَاءَ، فَطُوبَى
لَمَنْ لَمْ يَحْرُمُهُ اللهُ مِنْهُ حَظَهُ » (1).
[4 / 4] قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام: «الشَّاخِصُ فِي طَلَبِ العِلْمِ كَالمُجَاهِدِ فِي السلام
سَبيل الله » (2).
[5/ 5] قَالَ الْمُفَضَلُ بْنُ عُمَرَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام يَقُولُ: «عَلَيْكُمْ بِالتَّفَقُهِ فِي دِينِ اللهِ، وَلَا تَكُونُوا أَعْرَاباً، فَإِنَّهُ مَنْ لَمْ يَتَفَقَّهُ فِي دِينِ اللَّهِ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلَمْ يُزَكُ لَهُ عَمَلاً» (3).
[6/ 6] قَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام : «لَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يَتَفَقَّهُ مِنْ أَصْحَابِنَا. يَا
بَشِيرُ، إِنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ إِذَا لَمْ يَسْتَغْنِ بِفِقْهِهِ اِحْتَاجَ إِلَيْهِمْ، فَإِذَا اِحْتَاجَ إِلَيْهِمْ أَدْخَلُوهُ
فِي بَابِ ضَلَالَتِهِمْ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ»(4).
[ 7 /7] عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ : قَالَ لَهُ رَجُلٌ : جُعِلْتُ فِدَاكَ، رَجُلٌ
عَرَفَ هَذَا الأَمْرَ لَزِمَ بَيْتَهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضُ إِلَى أَحَدٍ مِنْ إِخْوَانِهِ، قَالَ: فَقَالَ: «كَيْفَ يَتَفَقَّهُ هَذَا فِي دِينِهِ ؟ »(5).
[ 8/8] قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام فِي وَصِيَّتِهِ لاِبْنِهِ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحَنَفِيَّةِ : «يَا بُنَيَّ،
ص: 8
إِيَّاكَ وَالْاِتِّكَالَ عَلَى الْأَمَانِيُّ...»، إلى أنْ قال: «وَتَفَقَّهُ بِالدِّينِ فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ وَرَثَةٌ الْأَنْبِيَاءِ، لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَاراً وَلَا دِرْهَماً وَلَكِنَّهُمْ وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ مِنْهُ أَخَذَ بِحَظٌ وَافِرٍ، وَاعْلَمْ أَنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ حَتَّى الطَّيْرُ فِي جَوِّ السَّمَاءِ وَالْحُوتُ فِي الْبَحْرِ، وَأَنَّ الَمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِهِ، وَفِيهِ شَرَفُ الدُّنْيَا وَالْفَوْزُ بِالجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لِأَنَّ الْفُقَهَاءَ هُمُ اَلدُّعَاةُ إِلَى الْجِنَانِ وَالْأَدِلَّاء عَلَى الله عزّو جلّ» (1).
بيان :المراد من العلم الذي وردت هذه الروايات في فضل تعلُّمه والتزوَّد
به هو علم الأديان، وما يعرف به الإنسانُ ربَّه وما أراد منه وما نهاه عنه، أي علم التوحيد وعقائد الإسلام والأحكام الشرعيَّة العمليَّة التي نُسمّيها بعلم الفقه. ولا يُؤخَذ ذلك إلَّا من أهله ، ومعدنه وهم من نزل القرآن في بيوتهم وورثوا العلم والكتاب عن جدّهم الرسول الأعظم صلی الله علیه و آله وسلم، الذين نصَّ عليهم بالعصمة ونصبهم للإمامة، وأبلغ أُمَّته أنَّهم عيبة علمه، ومعادن كلماته، وأوجب على أُمَّته
التمسُّك بهم للنجاة من الضلالة، كما جاء في حديث الثقلين المتَّفق عليه بين الفريقين (2).
[9/9] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ علیهما السلام أَنَّهُ قَالَ: «أَطْلُبُوا الْعِلْمَ
ص: 9
وَتَزَيَّنُوا مَعَهُ بِالحِلْمِ وَالْوَقَارِ، وَتَوَاضَعُوا لَنْ تُعَلَّمُونَهُ اَلْعِلْمَ، وَلَا تَكُونُوا عُلَمَاءَ
جَبَابِرَةَ فَيَذْهَبَ بَاطِلُكُمْ بِحَقَّكُمْ ».(1)
بيان: التواضع مطلوب من جميع الناس وفي جميع الأحوال، وخصوصاً ممن يُعلَّم الناس ويُرشِدهم، فإنَّ مقتضى الأُستاذيَّة للناس أنْ يكون الأُستاذ عاملاً بعلمه، ملتزماً بأوامر الشريعة وآدابها مع طُّلَّابه، ومن أهمّ تلك الآداب التواضع، والذي يُسهّل التواصل مع الآخرين، ويُمهِّد عقولهم وقلوبهم لقبول العلم وتلقِّيه واستيعابه بالشكل الأكمل، وعكس ذلك التكبُّر والتجبُّر وسوء الخُلُق، فإنَّه يُفسِد الحقِّ بأجواء التجبر والباطل، ويحول دون وصول المتعلِّمين إلى مرادهم من التزكية والتعليم.
[ 10 / 10] مَسْعَدَةُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ : سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ علیه السلام وَقَدْ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَىٰ: ﴿فَلِلَّهِ الحُجَّةُ البَالِغَةُ﴾ (الأنعام: 149)، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: عَبْدِي أَكُنْتَ عَالِماً؟ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَفَلَا عَمِلْتَ بِمَا عَلِمْتَ، وَإِنْ قَالَ: كُنْتُ جَاهِلاً، قَالَ لَهُ: أَفَلَا تَعَلَّمْتَ حَتَّى تَعْمَلَ، فَيَخْصِمُهُ، وَذَلِكَ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ اللَّهِ عزَّ وَ جلَّ فِي خَلْقِهِ»(2).
بيان: لا عذر للَجاهل في ترك التعلُّم في هذه الدنيا، ولا يمكنه الاعتذار عن جهله بالأحكام الشرعيَّة والمعارف الدينيَّة المهمَّة والعقائد الحقَّة حينما يقف بين يدي الله تعالىٰ يوم الحساب، وذلك لأنَّه كان يجب عليه أن يتعلَّم مع تيسُّر ذلك له بحكم العقل السليم الذي يحكم بوجوب المعرفة للخالق وأحكامه،
ص: 10
ووجوب الالتزام بها دفعاً لضرر العقوبات الإلهيَّة المحتملة. نعم إذا كان محروماً من فرصة التعلُّم لعدم وجود من يُعلّمه، وعدم وجود وسائل الوصول إلىٰ المعارف من كُتُب واتِّصالات ،وغيرها، كان جاهلاً قاصراً ومعذوراً.
[11/11] قَالَ أَبو جَعْفَرٍ علیه السلام: مَنْ أَفْتَى النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى
لَعَنَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ العَذَابِ، وَحَقَهُ وِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِفُتْيَاهُ »(1) .
[12/12] عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام، قَالَ:
وَإِيَّاكَ وَخَصْلَتَيْنِ مُهْلِكَتَيْنِ: أَنْ تُفْتِيَ النَّاسَ بِرَأْيَكَ، وَأَنْ تَقُولَ مَا لَا تَعْلَمُ »(2).
قُل: لا أدري:
[ 13 / 13 ] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: «إِذَا سُئِلَ اَلرَّجُلُ مِنْكُمْ عَمَّا لَا يَعْلَمُ فَلْيَقُلْ لَا أَدْرِي، وَلَا يَقُلْ: اللهُ أَعْلَمُ، فَيُوقِعَ فِي قَلْبِ
صَاحِبِهِ شَكَّا، وَإِذَا قَالَ اَلمَسْؤُولُ: لَا أَدْرِي ، فَلَا يَتَّهِمُهُ اَلسَّائِلُ » (3).
[14 / 14 ]عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام : مَا حَقُّ الله
عَلَى العِبَادِ؟ قَالَ علیه السلام : ( أَنْ يَقُولُوا مَا يَعْلَمُونَ، وَيَقِفُوا عِنْدَ مَا لَا يَعْلَمُونَ »(4).
[15 / 15] ومن كلام لأمير المؤمنين علیه السلام في (نهج البلاغة): «مَنْ تَرَكَ
قَوْلَ لَا أَدْرِي أُصِيبَتْ مَقَاتِلُهُ»(5).
ص: 11
[16/16] قَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام: إِنَّ مَنْ أَجَابَ فِي كُلِّ مَا يُسْتَلُ عَنْهُ فَهُوَ
اَلَمَجْنُونُ» (1)
بيان: من المشاكل الكبيرة التي يقع فيها البعض هي التحدُّث عن الشريعة وأحكامها بلا علم ولا تثُّت، وهذا من شأنه أن يضيع تلك الأحكام ويُعرّضها للتحريف تدريجيَّاًّ على مدى الأزمنة والعصور، حتَّى تعود شريعة الله تعالى أثراً
بعد عين، وحتَّى يستفحل فيها التحريف كما وقع للشرائع السابقة على الإسلام، ولذا ورد التحذير الشديد في هذه الروايات وغيرها من الإفتاء بدين الله بدون علم، والإجابة عن أسئلة الناس دون تثبت ويقين. ولعلَّ شهوة البعض للأجابة على كلِّ سؤال يُوجَّه إليه ليكون في أنظار الناس عالماً لا يُجارى هي من أخطر ما يقع فيه طُلَّاب العلم من أمراض، وهذا ما حذَّرت منه الرواية، واعتبرت من يقع فيه مجنوناً، وأنّه يُصاب في مقاتله .
[17 / 17] قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام في وَصِيَّتِهِ لِابْنِهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ ... إلى أنْ قال: «وَعَلَيْكَ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَالْعَمَلِ بِمَا فِيهِ، وَلْزُومِ فَرَائِضِهِ وَشَرَائِعِهِ وَحَلَالِهِ وَحَرَامِهِ وَأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، وَالتَّهَجُدِ بِهِ، وَتِلَاوَتِهِ فِي لَيْلِكَ وَنَهَارِكَ، فَإِنَّهُ عَهْدٌ مِنَ الله تَعَالَى إِلَى خَلْقِهِ، فَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَنْظُرَ كُلَّ يَوْمٍ فِي عَهْدِهِ وَلَوْ خَمْسِينَ آيَةً، وَاعْلَمْ أَنَّ دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ عَلَى عَدَدِ آيَاتِ الْقُرْآنِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يُقَالُ لِقَارِئِ الْقُرْآنِ: اِقْرَأْ وَارْقَ، فَلَا يَكُونُ فِي الْجَنَّةِ بَعْدَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ أَرْفَعُ دَرَجَةً
منه »(2).
ص: 12
:بيان وصيَّة أمير المؤمنين علیه السلام لولده بتعاهد قراءة القرآن الكريم ولو خمسين آية يوميًا، وهذا ما ينبغي لنا أن لا نتغافل عنه ولا نهمله، وحبَّذا لو أهدى المؤمن ما يقرؤه يوميًا من القرآن لإمام زمانه، ليكون معه عجل الله فرجه كما ورد في الرواية التالية: عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِي الحَسَنِ علیه السلام، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنَّ أَبِي سَأَلَ جَدَّكَ عَنْ خَتْمِ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ، فَقَالَ لَهُ جَدُّكَ: «كُلَّ لَيْلَةٍ»، فَقَالَ لَهُ: فِي شَهْرِ رَمَضَانَ؟ فَقَالَ لَهُ جَدُّكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَقَالَ لَهُ أَبِي: نَعَمْ مَا اسْتَطَعْتُ، فَكَانَ أَبِي يَخْتِمُهُ أَرْبَعِينَ خَتْمَةً فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، ثُمَّ خَتَمْتُهُ بَعْدَ أَبِي، فَرُبَّما زِدْتُ وَرُبَّمَا نَقَصْتُ عَلَى قَدْرِ فَرَاغِي وَشُغُلِي وَنَشَاطِي وَكَسَلِي، فَإِذَا كَانَ فِي يَوْمِ الْفِطْرِ جَعَلْتُ لِرَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم خَتْمَةٌ، وَلِعَلي علیه السلام أُخْرَى، وَلِفَاطِمَةَ علیها السلام أُخْرَى، ثُمَّ لِلْأَئِمَّةِ لا حَتَّى إِنْتَهَيْتُ إِلَيْكَ، فَصَيَّرْتُ لَكَ وَاحِدَةً مُنْذُ صِرْتُ فِي هَذَا الْحَالِ، فَأَيُّ شَيْءٍ لِي بِذَلِكَ؟ قَالَ: لَكَ بِذَلِكَ أَنْ تَكُونَ مَعَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، قُلْتُ: الله أَكْبَرُ، فَلى بذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ »(1) .
[18/18] عَنْ سَاعَةَ، عَنْ أَبي الحَسَن مُوسَى علیه السلام، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَكُلُّ شَيْءٍ فِي كِتَابِ الله وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صلی الله علیه و آله وسلم أَو تَقُولُونَ فِيهِ؟ قَالَ: «بَلَى كُلُّ شَيْءٍ فِي كِتَابِ
الله وَسُنَّة نبيه صلی الله علیه و آله وسلم (2).
[19/19] عن أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْزَلَ فِي
اَلْقُرْآنِ تِبْيَانَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى وَالله مَا تَرَكَ اللهُ شَيْئاً يَحْتَاجُ إِلَيْهِ اَلْعِبَادُ حَتَّى لَا يَسْتَطِيعَ عَبْدٌ يَقُولُ: لَوْ كَانَ هَذَا أُنْزِلَ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا وَقَدْ أَنْزَلَهُ اللهُ فِيهِ » (3).
ص: 13
بيان: من الحقائق المؤكَّدة في كلام أهل البيت علیهم السلام لأنَّ القرآن الكريم محتوِ على جميع العلم وكلِّ ما يحتاجه الناس من أحكام وقضايا، إلَّا أنَّ المؤكَّد مع هذه الحقيقة أنَّ بيان ذلك وتفصيله إنَّما هو في عهدة أئمَّة الهدى علیهم السلام فقط، ومن
وجب على الناس الرجوع إليهم والوقوف عند أوامرهم وعدم التقدَّم عليهم وورد في الكتاب العزيز التأكيد على ذلك بقوله تعالى: «فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)» (النحل : 43) ، وقد جاء في العديد من الروايات أنَّ أهل الذكر هم أئمَّة الهدى علیهم السلام لا غير.
منها: ما رواه التقيُّ المجلسيُّ رحمه الله في ( روضة المتَّقين في شرح من لا يحضره الفقيه)(1)، قال: وفي القوِّي كالصحيح، عَنِ الْوَشَّاءِ، قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا علیه السلام فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، «فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)»[النحل: 43] ، فَقَالَ: «نَحْنُ أَهْلُ الذِّكْرِ، وَنَحْنُ المَسْؤُولُونَ»، قُلْتُ: فَانتم اَلمَسْؤُولُونَ وَنَحْنُ السَّائِلُونَ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قُلْتُ: حَقٌّ [حَقًّا خ] عَلَيْنَا أَنْ نَسْأَلُكُمْ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قُلْتُ: حَقٌّ [حَقًّا خ] عَلَيْكُمْ أَنْ تُجِيبُونَا؟ قَالَ: «لَا، ذَاكَ إِلَيْنَا إِنْ شِئْنَا فَعَلْنَا وَإِنْ شِئْنَا لَمْ نَفْعَلْ، أَمَا تَسْمَعُ قَوْلَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: «هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (39)»[ ص: 39]؟(2)
وفي القويِّ كالصحيح ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام فِي قَوْلِ الله عزّو جلّ: «فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)» [النحل : 43]: «قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: الذِّكْرُ أَنَا ، وَالْأَئِمَّةُ علیهم السلام أَهْلُ الذِّكْرِ»، وَقَوْلِهِ عزّو جلّ:«وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44)» [الزخرف: 44]، قَالَ أَبُو جَعْفَرِ علیه السلام:« نَحْنُ قَوْمُهُ، وَنَحْنُ اَلمَسْؤُولُونَ »
(3) .
ص: 14
[20/ 20] عَنِ الْأَصْبَحَ بْنِ نُبَاتَةَ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «وَالَّذِي
بَعَثَ مُحَمَّداً صلی الله علیه و آله وسلم بِالحَقِّ، وَأَكْرَمَ أَهْلَ بَيْتِهِ مَا مِنْ شَيْءٍ تَطْلُبُونَهُ مِنْ حِرْزِ مِنْ حَرَقٍ أَوْ غَرَقٍ أَوْ سَرَقٍ أَوْ إِفْلَاتِ دَابَّةٍ مِنْ صَاحِبِهَا أَوْ ضَالَّةٍ أَوْ آبِقِ إِلَّا وَهُوَ فِي الْقُرْآنِ، فَمَنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَلْيَسْأَلْنِي عَنْهُ » (1).
بيان: تكرّر ذلك من أمير المؤمنين علیه السلام وهو طلبه من الناس أنْ يسألوه،
كما اشتهر عنه قول: «سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي »(2)وأمثال ذلك، وما هذا التكرار إلَّا إتماماً للحجَّة على الناس، وإيفاء لواجبه إزاء الأمَّة في تعليمها، وبيان
الأحكام اللاَّزمة لصلاح أمرها.
وهو هنا يُذكِّرهم بأنَّ القرآن الكريم محتو لكلِّ ما يحتاجونه لحفظ أرواحهم وأموالهم، وما عليهم إلَّا أنْ يرجعوا إلى عدل القرآن والشارح له، وهو نفسه الشريفة، ليُبيِّن لهم تفاصيل ما يستغنون به عن علومهم البشريَّة الناقصة، وتجاربهم المشوبة بالأوهام والأخطاء.
إنّ هذا النصَّ يُنبِّهنا إلى ضرورة العودة إلى ثقافة الإسلام والقرآن بتفسير أهل البيت علیهم السلام، وإرشادهم في تربية أنفسنا وتقويم سلوكنا وتصحيح مسارات حياتنا، ولو انتبهنا إلى عظم تراثنا وأهميَّته وسداد طريقته لما وجدنا حاجة إلى اللجوء إلى النظريَّات البشريَّة المكتوبة بيد الأقلام الغربيَّة وغيرها، والتي اشتهرت هذه الأعصار باسم: (نظريَّات التنمية البشريَّة)، والتي يلهث خلفها الكثير من شبابنا بحثاً عن النجاح ووسائل تطوير الذات وعلاج المشاكل
ص: 15
النفسيَّة والأزمات الاقتصاديَّة وغيرها. لقد كُتِبَت تلك النظريَّات بأقلام لها ثقافتها البعيدة عن الإسلام وعن أهل بيت النبوَّة والوحي، ومع أنَّها قد تحتوي أحياناً على بعض التجارب المفيدة، إلّا أنَّها كثيراً ما تجانب الصواب وتضرب ضرب عشواء في عوالم علاج الأنفس والأرواح ، وهو العالم الذي لا يتمكَّن من ولوجه والخروج منه بنتيجة واضحة إلَّا من فتح الله لهم أبواب علمه، وأنزل
عليهم فرائد وحيه، وجعلهم أبواب علم رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم وخُزَّان معرفته.
إنَّ معرفة أسرار الخلق ضرورة حتمية لعلاج مشاكله وأزماته، ولا يعرف ذلك إلَّا الخالق عزّو جلّ:«أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)» (الملك: 14)،
ومَنْ أطلعه الله تعالى على أسرار خلقه، وجعله حجَّة منه عليهم، وراعياً لشؤونهم، ومُعلّماً لجاهلهم، وطبيباً لأرواحهم، وهم الأنبياء والأوصياء علیهم السلام .
وأنا أدعو كافَّة المهتمِّين بالتنمية البشريَّة أن ينفتحوا على ثقافة الإسلام من نافذة أهل البيت علیهم السلام ورواياتهم التي هي نافذة أمينة بلا شوائب، وشاملة بلا
عليها نواقص، ليطلَّعوا على عالم واسع من التوجيهات والتعليمات والحقائق التي تأخذ بهم إلى مواضع العلَّة في النفس الإنسانيَّة والتفاصيل اليوميَّة الحياتيَّة، وتدلَّهم على
طرائق علاجها وسُبل إصلاحها.
***
[21/21] عَنْ مَسْعَدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ وَقَدْ كَلَّمَه بِكَلَام كَثِيرٍ، فَقَالَ: «أَيُّهَا الرَّجُلُ تَحْتَقِرُ الْكَلَامَ وَتَسْتَصْغِرُهُ، اِعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عزّو جلّ لَمْ يَبْعَثْ رُسُلَهُ حَيْثُ بَعَثَهَا وَمَعَهَا ذَهَبٌ وَلَا فِضَّةٌ، وَلَكِنْ بَعَثَهَا بِالكَلَامِ، وَإِنَّما عَرَّفَ اللهُ عزّو جلّ نَفْسَهُ إِلَى خَلْقِهِ بِالكَلَامِ وَالدَّلَالَاتِ عَلَيْهِ وَالْأَعْلَامِ »(1).
ص: 16
بيان: الكلام من جملة أفعال الإنسان، بل من أخطر أفعاله، وقد أكَّدت الروايات العديدة على اعتبار الكلام من الأفعال التي يُحسَب لها حساب عسير بما يكون لها من الآثار الخطيرة على حياة الناس عموماً، وعلى مصير الإنسان في الآخرة، وقد يأتي بعض ما يدلُّ على ذلك، منها: ما رواه التقيُّ المجلسيُّ رحمه الله في (روضة المتَّقين) (1) ، قال : وفي القويُّ كالصحيح ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «مَنْ رَأَى مَوْضِعَ كَلَامِهِ مِنْ عَمَلِهِ قَلْ كَلَامُهُ إِلَّا فِيمَا يَعْنِيهِ » (2).
[22/ 22] عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ وَحَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ وَغَيْرِهِ، قَالُوا: سَمِعْنَا أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام يَقُولُ: حَدِيثِي حَدِيثُ أَبِي، وَحَدِيثُ أَبِي حَدِيثُ جَدِّي، وَحَدِيثُ جَدِّي حَدِيثُ الْحُسَيْنِ، وَحَدِيثُ الحُسَيْنِ حَدِيثُ الْحَسَنِ، وَحَدِيثُ الحَسَنِ حَدِيثُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام ، وَحَدِيثُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله وسلم، وَحَدِيثُ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم قَوْلُ الله عزّو جلّ»(3).
بيان: إنَّما يكون حديثهم واحداً وإنْ صدر من أيِّ واحد منهم (صلوات الله عليهم أجمعين)، لأنَّهم نور واحد، ومصدر علمهم واحد، وهذا أحد أدلَّة صدقهم وارتباطهم بمصدر الوحى والتنزيل ، وهو الرسول الأعظم صلی الله علیه و آله وسلم.
[23 / 23] عَنْ عَنْبَسَةَ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَلَيْلا عَنْ مَسْأَلَةٍ،
ص: 17
فَأَجَابَهُ فِيهَا، فَقَالَ اَلرَّجُلُ : إِنْ كَانَ كَذَا وَكَذَا مَا كَانَ الْقَوْلُ فِيهَا؟ فَقَالَ لَهُ: «مَهْمَا أَجَبْتُكَ فِيهِ بِشَيْءٍ فَهُوَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله وسلم، لَسْنَا نَقُولُ بِرَأْيِنَا مِنْ شَيْءٍ» (1).
[ 24 / 24] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «لَوْ أَنَّا حَدَّثْنَا بِرَأْينَا ضَلَلْنَا كَمَا
ضَلَّ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا، وَلَكِنَّا حَدَّثْنَا بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّنَا بَيْنَهَا لِنَبِيِّهِ فَبَيَّنَهَا لَنَا» (2).
[25 / 25] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَيْحٍ ، قَالَ : قَالَ لي أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام: «لَوْ لَا أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ وَلَا يَتَنَا وَمَوَدَّتَنَا وَقَرَابَتَنَا مَا أَدْخَلْنَاكُمْ وَلَا أَوْقَفْنَاكُمْ عَلَى بَابِنَا، فَوَالله مَا نَقُولُ بِأَهْوَائِنَا، وَلَا نَقُولُ بِرَأَينَا، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا قَالَ رَبُّنَا» (3) .
بيان: علوم الأئمَّة الأطهار مصدرها ،واحد، وهو ما ورثوه من جدَّهم النبيُّ الأعظم صلی الله علیه و آله وسلم، وما يُنكَت في قلوبهم من قِبَل بارئهم وخالقهم عزّو جلّ، وليس فيما يقولون شيء من الرأي الشخصي، وهذا ما أكَّدوا عليه مراراً كثيرة، ونهوا عن اتِّباع الرأي، وأنَّ الدِّين إذا أُخضع للقياس والرأي مُحِقَ.
[26/26] عَنْ عَبْدِ الله بْن سِنَانٍ، عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «إِنَّ عِنْدَنَا جِلْداً سَبْعُونَ ذِرَاعاً، أَمْلَى رَسُولُ الله وَخَطَّهُ عَلِيٌّ بِيَدِهِ، وَإِنَّ فِيهِ جَمِيعَ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ حَتَّى أَرْشُ اَلْخَدْش ) (4).
بيان: هذا بعض تراث رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم عند أهل البيت علیهم السلام والمحفوظ لديهم كابراً عن كابر ، وهو أوَّل ما كُتِبَ في الإسلام من كُتُب، والتي خطَّها عليُّ علیه السلام بيده من لسان رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، ومن تلك الآثار المكتوبة
ص: 18
مصحف فاطمة (بخطِّ عليِّ علیه السلام وإملاء جبرئيل علیه السلام)، والجفر الأبيض، والجامعة التي فيها كل شي من الأحكام حتَّى أرش الخدش، والمصحف الشريف الذي أملاه الرسول الكريم صلی الله علیه و آله وسلم على عليِّ علیه السلام وبيَّن له محكمه ومتشابهه وشرح له تفسيره، فكتبه أمير المؤمنين علیه السلام نصَّا قرآنيَّاً كاملاً بتفسيره وبيان أسباب نزوله وشرح المحكم منه والمتشابه والعامّ ّوالخاّصِّ والناسخ والمنسوخ، وخرج به إلى الصحابة وعرضه عليهم ليكون نسختهم المعتمدة، فأجابوه بقولهم: لا حاجة لنا بكتابك، فرجع واحتفظ به تراثاً للأئمَّة الطاهرين،
ينتقل فيهم من كابر إلى كابر محفوظ عندهم حتَّى ظهور الإمام المهدي عجل الله فرجه.
وقد روي في (بصائر الدرجات) عَنْ أَبي بَصِيرٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبي عَبْدِ الله علیه السلام ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّى أَسْأَلُكَ جُعِلْتُ فِدَاكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ لَيْسَ هَاهُنَا أَحَدٌ يَسْمَعُ كَلَامِي، فَرَفَعَ أَبو عَبْدِ الله علیه السلام سِتْراً بَيْنِي وَبَيْنَ بَيْتٍ آخَرَ، فَاطَّلَعَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ»، قَالَ: قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنَّ الشَّيعَةِ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهُ صلی الله علیه و آله وسلم عَلَّمَ عَلِيّا علیه السلام باباً يُفْتَحُ مِنْهُ أَلْفُ بَابٍ، قَالَ: فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام : «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، عَلَّمَ وَالله رَسُولُ الله عَلِيًّا أَلْفَ بَابٍ يُفْتَحُ لَهُ مِنْ كُلِّ بَابٍ أَلْفُ بَابٍ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: وَالله هَذَا لَعِلْمٌ، فَنَكَتَ سَاعَةً فِي الْأَرْضِ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّهُ لَعِلْمٌ، وَمَا هُوَ بِذَلِكَ»، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، وَإِنَّ عِنْدَنَا الْجَامِعَةَ، وَمَا يُدْرِيهِمْ مَا اَلْجَامِعَةُ»، قَالَ: قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ، وَمَا اَلْجَامِعَةُ؟ قَالَ: «صَحِيفَةٌ طُوها سَبْعُونَ ذِرَاعاً بِذِرَاعَ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم ، وَإِمْلَاءٍ مِنْ فَلْقِ فِيهِ، وَخَطَّ عَلِيٌّ بِيَمِينِهِ، فِيهَا كُلُّ حَلَالٍ وَحَرَامِ وَكُلُّ شَيْءٍ يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَيْهِ حَتَّى الْأَرْشُ فِي الْخَدْشِ، وَضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَيَّ، فَقَالَ: «تَأْذَنُ لِي، يَا أَبَا مُحَمَّدٍ؟»، قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنَّمَا أَنَا لَكَ اِصْنَعْ مَا شِئْتَ، قَالَ: فَغَمَزَنِي بِيَدِهِ ، فَقَالَ: حَتَّى أَرْشُ هَذَا كَأَنَّهُ مُغْضَبٌ، قَالَ: قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ، هَذَا وَالله اَلْعِلْمُ، قَالَ: «إِنَّهُ لَعِلْمٌ، وَلَيْسَ بِذَلِكَ»، ثُمَّ سَكَتَ
ص: 19
سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ عِنْدَنَا الجَفْرَ، وَمَا يُدْرِيهِمْ مَا اَلجَفْرُ، مِسْكُ شَاةٍ، أَوْ جِلْدُ بَعِيرِ، قَالَ: قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَا اَلْجَفْرُ؟ قَالَ: «وِعَاء أَحْمَرُ، أَوْ أَدَمُ أَحْمَرُ فِيهِ عِلْمُ النَّبِيِّينَ وَالْوَصِيِّينَ»، قُلْتُ: هَذَا وَالله هُوَ الْعِلْمُ، قَالَ: «إِنَّهُ لَعِلْمٌ، وَمَا هُوَ بذَلِكَ، ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: «وَإِنَّ عِنْدَنَا لَمُصْحَفَ فَاطِمَةَ هَا، وَمَا يُدْرِيهِمْ مَا مُصْحَفُ فَاطِمَةَ علیها السلام، قَالَ: مُصْحَفٌ فِيهِ مِثْلُ قُرْآنِكُمْ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَالله مَا فِيهِ مِنْ قُرْآنِكُمْ حَرْفٌ وَاحِدٌ، إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ أَمْلَاهَا اللهُ، وَأَوْحَى إِلَيْهَا»، قَالَ: قُلْتُ: هَذَا وَالله هُوَ الْعِلْمُ، قَالَ: «إِنَّهُ لَعِلْمٌ، وَلَيْسَ بِذَاكَ»، قَالَ: ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ عِنْدَنَا لَعِلْمُ مَا كَانَ وَمَا هُوَ كَائِنْ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ»، قَالَ: قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ، هَذَا وَالله هُوَ الْعِلْمُ، قَالَ: «إِنَّهُ لَعِلْمٌ، وَمَا هُوَ بِذَاكَ»، قَالَ: قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَأَيُّ شَيْءٍ هُوَ الْعِلْمُ؟ قَالَ: «مَا يَحْدُثُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، اَلْأَمْرُ بَعْدَ الْأَمْرِ، وَالشَّيْءُ بَعْدَ الشَّيْءِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ »(1).
[27/27] عَنْ زَيْدِ الشَّحَامِ، قَالَ: دَخَلَ قَتَادَةُ بْنُ دِعَامَةَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام، فَقَالَ: «يَا قَتَادَةُ، أَنْتَ فَقِيهُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ؟»، فَقَالَ: هَكَذَا يَزْعُمُونَ، فَقَالَ
أَبو جَعْفَرٍ علیه السلام: بَلَغَنِي أَنَّكَ تُفَسِّرُ الْقُرْآنَ، فَقَالَ لَهُ فَتَادَةُ: نَعَمْ، فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام:
بِعِلْمٍ تُفَسِّرُهُ أَمْ بِجَهْلِ؟»، قَالَ: لَا بِعِلْمٍ، فَقَالَ لَهُ أَبو جَعْفَرٍ علیه السلام : «فَإِنْ كُنْتَ تُفَسِّرُهُ بِعِلْمٍ فَأَنْتَ أَنْتَ، وَأَنَا أَسْأَلُكَ، قَالَ فَتَادَةُ: سَلْ، قَالَ: «أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ الله عزّو جلّ فِي سَبَا:«وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ (18)» [سبأ: 18]؟»، فَقَالَ قَتَادَةُ: ذَاكَ مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ بِزَادٍ حَلَالٍ وَرَاحِلَةٍ أَوْ كِرَاءٍ حَلَالٍ يُرِيدُ هَذَا الْبَيْتَ كَانَ آمِناً حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام : «نَشَدْتُكَ اللَّهَ يَا
ص: 20
قتَادَةُ هَلْ تَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ يَخْرُجُ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ بِزَادٍ حَلَالٍ وَرَاحِلَةٍ وَكِرَاءٍ حَلَالٍ يُرِيدُ هَذَا الْبَيْتَ فَيُقْطَعُ عَلَيْهِ الطَّرِيقُ فَتُذْهَبُ نَفَقَتُهُ وَيُضْرَبُ مَعَ ذَلِكَ ضَرْبَةٌ فِيهَا
اجْتِيَاحُهُ؟»، قَالَ قَتَادَةُ : اللهم نعم و أَبو جَعْفَرٍ: وَيْحَكَ يَا قَتَادَةُ إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا فَسَّرْتَ القُرْآنَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِكَ فَقَدْ هَلَكْتَ وَأَهْلَكْتَ، وَإِنْ كُنْتَ قَدْ أَخَذْتَهُ مِنَ
اَلرِّجَالِ فَقَدْ أَهْلَكْتَ وَأَهْلَكْتَ، وَيْحَكَ يَا فَتادَةُ ذَلِكَ مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ بِزَادٍ وَرَاحِلَةٍ وَكِرَاءٍ حَلَالٍ يَرُومُ هَذَا الْبَيْتَ عَارِفاً بِحَقِّنَا يَهْوَانَا قَلْبُهُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ عزّو جلّ: « فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ (37)»[إبراهيم: 37]، وَلَمْ يَعْنِ الْبَيْتَ فَيَقُولَ: إِلَيْهِ، فَنَحْنُ وَالله دَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَ علیه السلام الَّتِي مَنْ هَوَانَا قَلْبُهُ قُبِلَتْ حَجَّتُهُ، وَإِلَّا فَلَا يَا قَتَادَةُ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ آمِناً مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ قَتَادَةُ: لَا جَرَمَ وَالله لَا فَسَّرْتُها إِلَّا هَكَذَا، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام : «وَيْحَكَ يَا قَتَادَةُ إِنَّمَا يَعْرِفُ الْقُرْآنَ مَنْ خُوطِبَ بِهِ ».(1)
بيان :هذه الرواية تذكر مورداً من موارد تصدّي الأئمَّة علیهم السلام لتصحيح المفاهيم الخاطئة التي نشرها أعداؤهم في تفسير الكتاب العزيز وآياته، وتُثبِت أصلاً من أصول التفسير الصحيح للكتاب العزيز، وهو: أنَّه لا يعرف الكتاب كامل معرفته إلَّا من خُوطب به، وهم أهل بيت العصمة علیهم السلام، تراجمة وحي وقرناؤه وعِدله.
[28/ 28] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «اَلرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ
وَاَلْأَئِمَّةُ مِنْ بَعْدِهِ علیهم السلام (2).
ص: 21
[29/29 ]عَنْ سَمَاعَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام فِي هَذِهِ اَلْآيَةِ: «بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ (49)»[العنكبوت: 49] ثُمَّ قَالَ: «أَمَا وَالله يَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَا قَالَ بَيْنَ دَفَتَي المُصْحَفِ»، قُلْتُ: مَنْ هُمْ، جُعِلْتُ فِدَاكَ؟ قَالَ: «مَنْ عَسَى أَنْ يَكُونُوا غَيْرَنَا » . (1)
[35/35] عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام، فَوَرَدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَقَالَ: إِنِّي رَجُلٌ صَاحِبُ كَلَامٍ وَفِقْهِ وَفَرَائِضَ،
ص: 24
وَقَدْ جِئْتُ لِنَاظَرَةِ أَصْحَابِكَ، فَقَالَ أَبو عَبْدِ الله علیه السلام : «كَلَامُكَ مِنْ كَلَام رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم أَوْ مِنْ عِنْدِكَ؟»، فَقَالَ: مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمِنْ عِنْدِي، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الله : «فَأَنْتَ إِذا شَرِيكَ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم»، قَالَ: لَا، قَالَ: «فَسَمِعْتَ
الحْيَ عَنِ اللَّهِ جَل يُخبِرُكَ»، قَالَ : لَا ، قَالَ : فَتَجِبُ طَاعَتُكَ كَمَا تَجِبُ طَاعَةُ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم، قَالَ: لَا ، فَالتَفَتَ أَبو عَبْدِ الله علیه السلام إلَيَّ، فَقَالَ: «يَا يُونُسَ بْنَ يَعْقُوبَ، هَذَا قَدْ خَصَمَ نَفْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: «يَا يُونُسُ، لَوْ كُنْتَ تُحْسِنُ الْكَلَامَ كَلَّمْتَهُ، قَالَ يُونُسُ : فَيَا لَهَا مِنْ حَسْرَةٍ، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنِّي سَمِعْتُكَ تَنْهَى عَنِ الْكَلَامِ وَتَقُولُ: «وَيْلٌ لِأَصْحَابِ الْكَلَامِ يَقُولُونَ: هَذَا يَنْقَادُ، وَهَذَا لَا يَنْقَادُ، وَهَذَا يَنْسَاقُ، وَهَذَا لَا يَنْسَاقُ، وَهَذَا نَعْقِلُهُ، وَهَذَا لَا نَعْقِلُهُ»، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام: «إِنَّما قُلْتُ: وَيْلٌ هُمْ إِنْ تَرَكُوا مَا أَقُولُ وَذَهَبُوا إِلَى مَا يُرِيدُونَ»، ثُمَّ قَالَ لي: «اُخْرُجْ إِلَى الْبَابِ فَانْظُرْ مَنْ تَرَى مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ فَأَدْخِلْهُ»، قَالَ: فَأَدْخَلْتُ حُمْرَانَ بْنَ أَعْيَنَ، وَكَانَ يُحْسِنُ الْكَلَامَ ، وَأَدْخَلْتُ الْأَحْوَلَ، وَكَانَ يُحْسِنُ الْكَلَامَ، وَأَدْخَلْتُ هِشَامَ بْنَ سَالِمٍ، وَكَانَ يُحْسِنُ الْكَلَامَ ، وَأَدْخَلْتُ قَيْسَ بْنَ المَاصِرِ، وَكَانَ عِنْدِي أَحْسَنَهُمْ كَلَاماً، وَكَانَ قَدْ تَعَلَّمَ الْكَلَامَ مِنْ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ هلها ، فَلَما اسْتَقَرَّ بِنَا المَجْلِسُ - وَكَانَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام قَبْلَ اَلْحَجِّ يَسْتَقِرُّ أَيَّاماً في جَبَل في طَرَفِ اَلْحَرَمِ فِي فَازَةٍ لَهُ مَضْرُوبَةٍ -، قَالَ: فَأَخْرَجَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام رَأْسَهُ مِنْ فَازَتِهِ، فَإِذَا هُوَ بِبَعِيرٍ يَخْبُّ، فَقَالَ: هِشَامٌ وَرَبِّ الكَعْبَةِ»، قَالَ: فَظَنَنَّا أَنَّ هِشَاماً رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ عَقِيلٍ كَانَ شَدِيدَ المَحَبَّةِ لَهُ، قَالَ: فَوَرَدَ هِشَامُ بْنُ الْحَكَم، وَهُوَ أَوَّلَ مَا اِخْتَطَتْ خِيّتُهُ، وَلَيْسَ فِينَا إِلَّا مَنْ هُوَ أَكْبَرُ سِنَّا مِنْهُ، قَالَ: فَوَسَّعَ لَهُ أَبو عَبْدِ الله علیه السلام وَقَالَ: «نَاصِرُنَا بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ وَيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: «يَا حُمْرَانُ، كَلَّم الرَّجُلَ ، فَكَلَّمَهُ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ حُمْرَانُ ثُمَّ قَالَ: يَا طَاقِيُّ، كَلَّمْهُ»، فَكَلَّمَهُ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ الْأَحْوَلُ، ثُمَّ قَالَ: «يَا هِشَامَ بْنَ سَالِمٍ: «كَلَّمْهُ»، فَكَلَّمَهُ، فَتَعَارَفَا، ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ
ص: 25
الله علیه السلام لِقَيْسِ المَاصِرِ : «كَلَّمْهُ»، فَكَلَّمَهُ، فَأَقْبَلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام يَضْحَكُ مِنْ كَلَامِهِمَا مِمَّا قَدْ أَصَابَ الشَّامِيَّ، فَقَالَ لِلشَّامِي: «كَلَّمْ هَذَا الْغُلَامَ يَعْنِي هِشَامَ بْنَ
اَلْحَكَمِ، فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ هِشَامِ يَا غُلَامُ، سَلْنِي فِي إِمَامَةِ هَذَا، فَغَضِبَ هِشَامٌ حَتَّى ارْتَعَدَ، ثُمَّ قَالَ لِلشَّامِيّ : يَا هَذَا، أَرَبُّكَ أَنْظُرُ لِخَلْقِهِ أَمْ خَلْقُهُ لِأَنْفُسِهِمْ؟ فَقَالَ اَلشَّامِيُّ: بَلْ رَبِّ أَنْظَرُ لِخَلْقِهِ، قَالَ: فَفَعَلَ بِنَظَرِهِ هُمْ مَا ذَا؟ قَالَ: أَقَامَ هُمْ حُجَّةً وَدَلِيلاً كَيْلَا يَتَشَتَّتُوا أَوْ يَخْتَلِفُوا، يَتَأَلَّفُهُمْ وَيُقِيمُ أَوَدَهُمْ وَيُخْبِرُهُمْ بِفَرْض رَبِّهِمْ، قَالَ: فَمَنْ هُوَ؟ قَالَ : رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم ، قَالَ هِشَامٌ: فَبَعْدَ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم؟ قَالَ:
على علية الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، قَالَ هِشَامٌ فَهَلْ نَفَعَنَا الْيَوْمَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ فِي رَفْعِ الْاِخْتِلَافِ عَنَّا؟ قَالَ الشَّامِيُّ: نَعَمْ، قَالَ: فَلِمَ اِخْتَلَفْنَا أَنَا وَأَنْتَ وَصِرْتَ إِلَيْنَا مِنَ الشَّامِ فِي مُخَالَفَتِنَا إِيَّاكَ؟ قَالَ: فَسَكَتَ الشَّامِيُّ، فَقَالَ أَبو عَبْدِ الله علیه السلام لِلشَّامِي: «مَا لَكَ لَا تَتَكَلَّمُ؟»، قَالَ اَلشَّامِيُّ : إِنْ قُلْتُ: لَمْ نَخْتَلِفْ كَذَبْتُ، وَإِنْ قُلْتُ: إِنَّ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ يَرْفَعَانِ عَنَّا اَلْاِخْتِلَافَ أَبْطَلْتُ ، لأَنها يَحْتَمِلَانِ الْوُجُوهَ، وَإِنْ قُلْتُ: قَدِ اِخْتَلَفْنَا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا يَدَّعِي اَلْحَقِّ، فَلَمْ يَنْفَعْنَا إِذَنِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، إِلَّا أَنَّ لي عَلَيْهِ هَذِهِ الحُجَّةَ، فَقَالَ أَبو عَبْدِ الله علیه السلام: «سَلْهُ تَجِدْهُ مَلِيًّا، فَقَالَ الشَّامِيُّ: يَا هَذَا، مَنْ أَنْظَرُ لِلْخَلْقِ أَرَبُّهُمْ أَوْ أَنْفُسُهُمْ؟ فَقَالَ هِشَامٌ: رَبُّهُمْ أَنْظَرُ هُمْ مِنْهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ، فَقَالَ الشَّامِيُّ: فَهَلْ أَقَامَ هَمْ مَنْ يَجْمَعُ هُمْ كَلِمَتَهُمْ وَيُقِيمُ أَوَدَهُمْ وَيُخْبِرُهُمْ بِحَقِّهِمْ مِنْ بَاطِلِهِمْ؟ قَالَ هِشَامٌ فِي وَقْتِ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم أَوِ السَّاعَةِ؟ قَالَ اَلشَّامِيُّ: فِي وَقْتِ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم فِي وَقْتِ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم، وَالسَّاعَةِ مَنْ؟ فَقَالَ هِشَامٌ: هَذَا الْقَاعِدُ الَّذِي تُشَدُّ إِلَيْهِ الرِّحَالُ، وَيُخْبِرُنَا بِأَخْبَارِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وِرَاثَةٌ عَنْ أَبِ عَنْ جَدٌ، قَالَ الشَّامِيُّ: فَكَيْفَ لي أَنْ أَعْلَمَ ذَلِكَ؟ قَالَ هِشَامٌ: سَلْهُ عَمَّا بَدَا لَكَ، قَالَ الشَّامِيُّ: قَطَعْتَ عُذْرِي، فَعَلَيَّ السُّؤَالُ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام: «يَا شَامِيُّ، أُخْبرُكَ كَيْفَ كَانَ سَفَرُكَ، وَكَيْفَ كَانَ طَرِيقُكَ، كَانَ كَذَا وَكَذَا، فَأَقْبَلَ
ص: 26
الشَّامِيُّ يَقُولُ: صَدَقْتَ، أَسْلَمْتُ اللَّهِ السَّاعَةَ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: بَلْ آمَنْتَ بِالله اَلسَّاعَةَ، إِنَّ الْإِسْلَامَ قَبْلَ الْإِيمَانِ، وَعَلَيْهِ يَتَوَارَثُونَ وَيَتَنَاكَحُونَ، وَالْإِيمَانُ عَلَيْهِ يُثَابُونَ»، فَقَالَ الشَّامِيُّ: صَدَقْتَ فَأَنَا السَّاعَةَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم، وَأَنَّكَ وَصِيُّ الْأَوْصِيَاءِ ، ثُمَّ التَفَتَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام إِلَى حُمْرَانَ فَقَالَ: «تُجْرِي الْكَلَامَ عَلَى الْأَثَرِ فَتُصِيبُ، وَالتَفَتَ إِلَى هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ فَقَالَ: تُرِيدُ الْأَثَرَ وَلَا تَعْرِفُهُ»، ثُمَّ التَفَتَ إِلَى الْأَحْوَلِ فَقَالَ: «قَيَّاسُ رَوَّاغٌ تَكْسِرُ بَاطِلاً بِبَاطِل إِلَّا أَنَّ بَاطِلَكَ أَظْهَرُ، ثُمَّ التَفَتَ إِلَى قَيْسِ المَاصِرِ فَقَالَ: «تَتَكَلَّمُ وَأَقْرَبُ مَا تَكُونُ مِنَ الخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبْعَدُ مَا تَكُونُ مِنْهُ، تَزُجُ اَلحَقَّ مَعَ الْبَاطِلِ، وَقَلِيلٌ اَلْحَقِّ يَكْفِي عَنْ كَثِيرِ الْبَاطِلِ، أَنْتَ وَالْأَحْوَلُ قَفَّازَانِ (قفاران فقاران خ ل) حَاذِقَانِ»، قَالَ يُونُسُ : فَظَنَنْتُ وَالله أَنَّهُ يَقُولُ هِشَامٍ قَرِيباً مِمَّا قَالَ هَما، ثُمَّ قَالَ: «يَا هِشَامُ، لَا تَكَادُ تَقَعُ، تَلْوِي رِجْلَيْكَ إِذَا هَمَمْتَ بِالْأَرْضِ طِرْتَ، مِثْلُكَ فَلْيُكَلّم النَّاسَ ، فَاتَّقِ الزَّلَّةَ، وَالشَّفَاعَةُ مِنْ وَرَائِهَا إِنْ شَاءَ اللهُ ».(1)
بیان: تتضمَّن هذه الرواية أُصولاً مهمَة للحوار النافع، والذي حرص الإمام الصادق علیه السلام على تثبيتها عند أصحابه وتربيتهم على الالتزام بها تجنيباً لهم عن الدخول في الجدل الباطل ،المذموم، والذي لا يُؤدِّي إِلّا إلى الشحناء
والعداوات.
وما أجدر طُلَّاب العلم والحقيقة أن يتتبَّعوا مثل هذه النصوص ليلتقطوا منها أُصول وقواعد الحوار الموضوعي المنصف الذي يُراد منه الوصول إلى الحقيقة، وهداية التائهين إلى السبيل السويِّ، وتنبيه الغافلين على ما يُخرجهم من الظلمات إلى النور، لا للغلبة على الخصم فقط، فإنَّ طلب الغلبة ممَّا يجرُّ إلى عناد
ص: 27
الخصم وإصراره على الباطل، وهذا خلاف المراد والمطلوب الأساسي من
الحوار.
ويمكن استفادة أُسُس للحوار السليم من هذه الرواية:
منها: أنَّه لا ينبغي لكلِّ أحد أن يتصدَّى للحوار، بل لا بدَّ أنْ يكون عالماً عارفاً بأساليب الكلام والكرِّ والفرَّ ، لا يجانب الحقيقة ولا يستعين بالباطل، فإنَّ
قليل الحقِّ يُغني عن كثير الباطل.
ومنها: أنْ يسحب من الخصم اعترافاً بالحقائق الأساسيَّة، لينطلق منها إلى
الأمور المختلف فيها. ومنها: أنْ يعتمد الإنصاف في كلامه ويبتعد عن التعصُّب الأعمى،
فيكون تبعاً للحقيقة طالباً لها أينما كانت، مقرَّا بها ولو على نفسه.
ومنها: أنْ يُؤدِّي أفكاره ويعرضها بأسلوب واضح مختصر مفيد، بكلمات
محدَّدة غير مجملة، وبأساليب واضحة غير مبهمة.
[36/36] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام ، قَالَ: إِنَّ مَنْ عِنْدَنَا يَزْعُمُونَ أَنَّ قَوْلَ الله عزّو جلّ: « فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)»[النحل: 43]، أَنَّهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، قَالَ: إِذا يَدْعُونَكُمْ إِلَى دِينِهِمْ»، قَالَ: ثمّ قَالَ (أشار خ ل) بِيَدِهِ إِلَى صَدْرِهِ : نَحْنُ أَهْلُ الذِّكْرِ، وَنَحْنُ المَسْؤُولُونَ »(1) .
بيان: هذه إحدى محاولات تحريف الحقائق القرآنيَّة عن معانيها
ص: 28
الصحيحة، وهو ما نشره فريق الأموييّن المتخصِّص بالتحريف والجعل. إنّ هذه الآية تُرشِد إلى السؤال من أهل الكتاب لأنَّ أهل الذِّكر هم لا غيرهم، وكيف يُعقَل أنْ يحيل القرآن الكريم المسلمين عند تحيَّرهم في شؤون دينهم إلى اليهود والنصارى، وهم الحريصون على إبطال حُجَج المسلمين والمصرُّون على التمسُّك
بأديانهم المحرَّفة؟!
وقد أجاب الإمام علیه السلام عن تلك الشبهة بجواب بديهي واضح وهو انُّه
لو صحَّ ذلك لكان ذلك فرصة لأهل الكتاب أنْ يدعو المسلمين إلى دينهم
وباطلهم، وهو ما لا يمكن صدوره من الحكيم عزّو جلّ.
[37/ 37] عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ أَنَّهُ قَالَ: لَقَدْ قِيلَ مُعَاوِيَةَ : إِنَّ النَّاسَ قَدْ رَمَوْا أَبْصَارَهُمْ إِلَى اَلْحُسَيْنِ علیه السلام، فَلَوْ قَدْ أَمَرْتَهُ يَصْعَدُ الْمِنْبَرَ وَيَخْطُبُ، فَإِنَّ فِيهِ حَصَراً، وَفِي لِسَانِهِ كَلَالَةً، فَقَالَ هُمْ مُعَاوِيَةُ : قَدْ ظَنَنَّا ذَلِكَ بِالْحَسَنِ، لَمْ يَزَلْ حَتَّى عَظُمَ فِي أَعْيُنِ اَلنَّاسِ وَفَضَحَنَا ، فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّىٰ قَالَ لِلْحُسَيْنِ علیه السلام: يَا أَبَا عَبْدِ الله، لَوْ صَعِدْتَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبْتَ ، فَصَعِدَ الْحُسَيْنُ علیه السلام الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَسَمِعَ رَجُلاً يَقُولُ: مَنْ هَذَا الَّذِي يَخْطُبُ؟ فَقَالَ الْحُسَيْنُ علیه السلام: «نَحْنُ حِزْبُ اللَّهِ الْغَالِبُونَ، وَعِتْرَةٌ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْأَقْرَبُونَ، وَأَهْلُ بَيْتِهِ الطَّيِّبُونَ، وَأَحَدُ الثَّقَلَيْنِ اللَّذَيْنِ جَعَلَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ثَانِيَ كِتَابِ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى الَّذِي فِيهِ تَفْصِيلُ كُلِّ شَيْءٍ، لَا يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ) [فصلت: 42]، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْنَا فِي تَفْسِيرِهِ، لَا يُبْطِئُنَا تَأْوِيلُهُ، بَلْ نَتَّبِعُ حَقَائِقَهُ، فَأَطِيعُونَا فَإِنَّ طَاعَتَنَا مَفْرُوضَةٌ إِذَ كَانَتْ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ مَقْرُونَةٌ، قَالَ الله عزّو جلّ: «أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي
ص: 29
شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ (59)»[النساء : 59]، وَقَالَ:« وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ (83)» [النساء: 83] .... »(1).
بيان: لطالما حاول معاوية ومن حوله من المنافقين أنْ يحطُّوا من شأن أمير المؤمنين وولديه الحسن والحسين علیهم السلام ، وذلك بتلفيق الأكاذيب والقَصص المختلقة، وباختلاق المناسبات لإحراج الحسنين علیهما السلام أمام الملأ من المسلمين والتي كانت تنتهي جميعاً بظهور فضلهما وكمالهما وعلوِّ شأنهما في العلم والفصاحة وقوَّة العارضة، ويكفي مراجعة كتاب (الاحتجاج) للطبرسي رحمه الله للاطِّلاع على مدى خيبة أولئك المنافقين من النيل من مقام الحسنين علیهما السلام، وكيف كان الأمر
ينتهي دائماً بفضيحة المنافقين وحزبهم.
وهذه واحدة من تلك المناسبات التي نصح فيها معاوية جماعته وبطانته الرديئة بعدم تجربة الإمام الحسين علیه السلام ، وذكَّرهم بتجربة لهم سابقة مع أخيه الإمام الحسن علیه السلام، وكيف عادوا منها بالخيبة والفضيحة، لكنَّهم لم يرعووا وأصرُّوا عليه أن يطلب من الإمام الحسين علیه السلام أن يرتقي المنبر ويخطب بالناس، ظنَّا انَّه
منهم سيُحرَج ويُحصَر إذا فوجيء بمثل هذا الطلب، فكانت النتيجة هي النتيجة، إذ ظهر
للناس فصاحة الإمام الحسين علیه السلام وبلاغته وسعة معرفته وقوَّة عارضته.
[38/38] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام، قَالَ: «لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ السلام اَلْعَقْلَ قَالَ لَهُ: أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ ، فَقَالَ: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي مَا خَلَقْتُ
خَلْقاً أَحْسَنَ مِنْكَ، إِيَّاكَ آمُرُ ، وَإِيَّاكَ أَنْهَى، وَإِيَّاكَ أُثِيبُ، وَإِيَّاكَ أُعَاقِبُ »(2)..
ص: 30
[39/39] عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام، قَالَ: «إِنَّمَا يُدَاقُ اللَّهُ
الْعِبَادَ فِي الْحِسَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى قَدْرِ مَا آتَاهُمْ مِنَ الْعُقُولِ فِي الدُّنْيَا »(1).
[40/40] عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنَّ لِي جَاراً كَثِيرَ الصَّلَاةِ، كَثِيرَ الصَّدَقَةِ، كَثِيرَ الحَجِّ، لَا بَأْسَ بِهِ، قَالَ: فَقَالَ: «يَا إِسْحَاقُ، كَيْفَ عَقْلُهُ؟»، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، لَيْسَ لَهُ
عَقْلٌ، قَالَ: فَقَالَ: «لَا يَنْتَفِعُ بِذَلِكَ مِنْهُ » (2)
للعقل دور أساسي في تكوين العقائد الحقَّة حول الخالق والكون والرسالات الإلهيَّة، وقد أكَّد القرآن الكريم على ذلك الدور، ونبه في آيات كثيرة إلى أهميَّة استخدامه وإثارة كوامنه لفهم الأُمور الأساسيَّة في الكون والوصول إلىٰ حقيقة وجود الخالق عزَّوجلَّ. كما ورد في روايات أهل العصمة علیهم السلام الكثير من التوضيح لأهميَّة العقل، وضرورة الاهتمام بتقويته وتنميته واستعماله بالطريقة الصحيحة، إلَّا أنَّهم في نفس الوقت أوضحوا حدوداً لإمكانيَّة العقل، وأنَّه لا يتمكَّن من تجاوز تلك الحدود، ومن تلك الحدود المستحيلة علىٰ العقل فهم حقيقة القَدَر، فقد بيَّنت الروايات العديدة أنَّ الإنسان عاجز عن ذلك، وأنَّه لا ينبغي له ولوج هذا المجال، لأنَّه سيهلك ويضلُّ دون أن يصل إلى نتيجة صحيحة، فقد سُئِلَ أمير المؤمنين علیه السلام عن القَدَر، فقال: «طَرِيقٌ مُظْلِمُ فَلَا تَسْلُكُوهُ، وَبَحْرٌ عَمِيقٌ فَلَا تَلِجُوهُ، وَسِرُّ الله فَلَا تَتَكَلَّفُوهُ»(3) .
ص: 31
ومن تلك الحقائق المستحيلة الفهم لحقيقة ذات الله تعالى، فقد ورد عنهم علیهم السلام العديد من الروايات في ذلك، منها:
ما روي عن الإمام الصادق علیه السلام إذ سُئِلَ عن قول الله عزوجل: «وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (42)»(النجم : 42 ) ، قال : «فَإِذَا انْتَهَى الْكَلَامُ إِلَى اللَّه فَأَمْسِكُوا»(1) .
وروي عن أبي جعفر علیه السلام أنَّه قال: «تَكَلَّمُوا فِي خَلْقِ اللَّهِ وَلَا تَكَلَّمُوا فِي اللّٰه، فَإِنَّ الْكَلَامَ في اللّٰه لَا يَزِيدُ إِلَّا تَحَیُّراً »(2).
ومن الأمور التي لا يمكن لعقول البشر إدراكها ملاكات الأحكام الشرعيّة ومصالحها ، فإنَّنا نحن الإماميَّة نعتقد أنَّه ما من حكم شرعي إِلَّا ووراؤه مصلحة للنوع الإنساني، كما نعتقد أنَّ معرفة تلك المصالح جميعاً ليست في متناول البشر، نعم قد نعرف بعضها بتصريح من النصوص الشرعيَّة نفسها، نجهل الكثير منها، ومع ذلك نتعامل معها بخضوع وتسليم كامل، لأنَّنا
نعلم أنَّ تلك الأحكام صادرة من الحكيم العليم على لسان نبيِّ صادق كريم.
إنَّ من الجهل أنْ يقول القائل: إنّي لا ألتزم بحكم شرعي لا أعرف حكمته
ولا أعرف المصلحة من ورائه، لأنَّ هذا الكلام يستبطن أموراً غاية في البطلان :
منها : أنَّ هذا القائل يفترض أنَّه قادر على الوصول إلى كافَّة أسرار الحياة، وأقلّ تجربة تكفي لإبطال هذا الاعتقاد، فالإنسان جاهل بأكثر الحقائق ولم يصل إلى العلم إلَّا بأقل القليل منها، حتَّى فيما يرتبط بجسده وأسرار خلقته، ولنعم ما قال الشاعر أبو نؤاس:
ص: 32
فقل لمن يدَّعي في العلم فلسفة *** علمت شيئاً وغابت عنك أشياء (1)
ومنها : أنَّه يتعامل مع الأحكام الإلهيَّة تعامل الشريك مع شريكه، لا تعامل العبد مع خالقه ومالكه فالشريك هو الذي له حقٌّ معرفة الحكمة وراء قرارات الشريك الآخر، وله الحقُّ في الاستفهام بل الامتناع وعدم الخضوع لتلك القرارات حتَّى يتضح له المغزى منها والحكمة من ورائها، وأمَّا العبد المخلوق المملوك فمن أين جاءه هذا الحقِّ ؟ ومَنْ أعطاه إيَّاه؟
إنَّ القرآن الكريم يُصرِّح بأنَّ العبد ليس له حقُّ السؤال عن الحكمة من الأحكام الإلهيَّة، بل يجب عليه التسليم والاتِّباع والخضوع الله تعالى دون تشكيك ولا تردُّد، «فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)» (النساء: 65) ، وقد ورد عنهم علیهم السلام أَنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ التَّسْلِيمُ»(2).
[41/41] عَنْ هِشَامِ بْنِ اَلْحَكَمِ فِي حَدِيثٍ طَويلٍ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ علیه السلام: يَا هِشَامُ، إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَكْمَلَ لِلنَّاسِ اَلْحُجَجَ بالْعُقُولِ، وَنَصَرَ النَّبِيِّينَ بِالْبَيَانِ، وَدَلَّهُمْ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ بِالأَدِلَّةِ...»، إلى أن قال: «يَا هِشَامُ، إِنَّ الله عَلَى النَّاسِ حُجَتَيْنِ، حُجَّةً ظَاهِرَةً وَحُجَّةً بَاطِنَةً، فَأَمَّا اَلظَّاهِرَةُ فَالرُّسُلُ وَالْأَنْبِيَاءُ وَالْأَئِمَّةُ علیهم السلام ، وَأَمَّا اَلْبَاطِنَةُ فَالْعُقُولُ » (3).
بيان:الحجة هي بيان للحقِّ يقطع العذر ، وتارةً تكون ظاهرة كالرُّسُل
ص: 33
والأئمَّة والحُجَج الإلهيَّة الذين أرسلهم الله تعالى لهداية الخلق وبيان الحقائق، وتارةً تكون باطنة كالعقل الذي جعله الله تعالى قادراً على إدراك الحقائق وكشفها إذا استُخدِمَ بشكل صحيح. وبذلك فقد أكمل الله تعالى على الإنسان الحُجَج َّظاهراً وباطناً، ولم يبقَ إنسان عاقل إلا وقد بلغته تلك الحُجَج المبيِّنة للحقائق، ومَنْ غابَ عنه هدى الأنبياء، فلن يغيب عنه هدى العقل ومدركاته الأوَّليَّة الضروريَّة.
[ 42 / 42] عَلِيُّ بْنُ مُوسَى اَلرِّضَا علیه السلام ، قَالَ: «حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ عَلَيْهَا ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «لَا حَسَبَ إِلَّا بِالتَّوَاضُع وَلَا كَرَمَ إِلَّا بِالتَّقْوَى، وَلَا عَمَلَ إِلَّا بالنية »(1).
بيان: الأحساب هي الأعمال الشريفة والشهيرة والتي يتمتَّع أصحابها بحسن الفعال وفضائل الخصال، والرواية هنَا كأنّها تُنبِّه إلى أنَّ ما يترتَّب على الحسب من عزَّ ومنعة وشرف لا يترتَّب إلَّا بالتواضع للناس وخفض الجناح لهم، كما أنَّ الكرم لا يتمُّ بمجرَّد البذل للأموال وقرى الضيف، بل لا بدَّ أنْ يقترن بالتقوى، كما أنَّ الأعمال لا تتمُّ إلَّا بحسن النيَّة وتصحيح المقاصد.
[43/43] عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهُ علیه السلام فِي قَوْلِ الله عزّو جلّ: « لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7)» [هود: 7]، قَالَ: «لَيْسَ يَعْنِي أَكْثَرَكُمْ عَمَلاً، وَلَكِنْ أَصْوَبَكُمْ عَمَلاً ، وَإِنَّمَا الْإِصَابَةُ خَشْيَةُ الله، وَالنِّيَّةُ الصَّادِقَةُ وَالحَسَنَةُ»، ثُمَّ قَالَ: «اَلْإِبْقَاءُ عَلَى الْعَمَلِ حَتَّى يَخْلُصَ أَشَدُّ مِنَ الْعَمَلِ، وَالْعَمَلُ اَلْخَالِصُ الَّذِي لَا
ص: 34
تُرِيدُ أَنْ يَحْمَدَكَ عَلَيْهِ أَحَدٌ إِلَّا الله عزّو جلّ، وَالنِّيَةُ أَفْضَلُ مِنَ الْعَمَلِ ، أَلَا وَإِنَّ النِّيَّةَ هِيَ
الْعَمَلُ ، ثُمَّ تَلَا قَوْله عزّو جلّ: «قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ (84)» [الإسراء: 84]: يَعْنِي
عَلَى نِيَّتِهِ »(1).
لعلَّ من أصعب ما يواجه المسلم العامل بطاعة الله الحريص على مرضاته مشكلة تصفية النيَّة والإبقاء على أعماله خالصة دون تفاخر ورياء وعجب، وقد أرشدت العشرات من الروايات عنهم علیهم السلام إلى طُرُق علاج تلك المشكلة التي قد تُؤدّي إلى بطلان الأعمال وهدر الجهود، بل قد تجرُّ الأوزار وتجمع الأثقال على كاهل الإنسان.
ولعلَّ التأمُّل في أصل المشكلة يُؤدِّي إلى اكتشاف منبع النيَّة ومن أين تتحرَّك وإلى أين، فالقلب هو مصدر صناعة القرار وما فيه من حبِّ وبغض وانبهار ونفور وغير ذلك من مشاعر هو المحرِّك الأساسي للأعمال والموجَّه الحقيقي لها، فإذا كان القلب مأخوذاً بحبِّ الدنيا والجاه والشهرة ابِتُلِيَ صاحبه بمراعاة الناس ورضاهم حتَّى في أعماله العباديَّة التي يجب أن يُؤدِّيها خالصة لله تعالى دون شائبة، ولا نرى له عملاً إلَّا وتُحرِّكه الرغبة الشديدة في إرضاء الناس أو إحراز إعجابهم أو توجيه الأنظار إليه ليحصل على عبارات المدح والثناء والتمجيد منهم، وعلاج المرء في هذه الحالة صعب للغاية ما دام متشبِّعاً بحالة مراعاة الخلق والنظر إلى وجوههم وما يرضونه وما يكرهونه، إلّا أنَّه سهل للغاية في نفس الآن، إذا وضع الإنسان يده على العلَّة الأساسيَّة وعالجها بحسم وشجاعة، وبدَّل ما في قلبه من حبِّ الدنيا والجاه والسمعة والاهتمام بالخلق، إلى
ص: 35
حبِّ الله تعالى والاهتمام بالخالق عزّو جلّ و ما أراد وما أحبَّ، غير آبه بما سوى ذلك. إنَّ هذا الإنسان إذا تغلَّب على ولاءاته السابقة وغيَّرها إلى ولاء واحد، وترك التعامل مع الوجوه الزائلة للخلق إلى التعامل مع وجه الخالق الواحد الفارد عزّو جلّ ، سيجد برد اليقين في قلبه، ولذة الأعمال والإخلاص فيها، وسيعلم يقيناً أنَّ من يستحقُ الحُبَّ ويستحقُ الجهد ويستحقُ تحمُّل عناء الدنيا والطاعات فيها والتضحيات الجسيمة التي تصاحب حياة المؤمنين فيها، ليس سوى الخالق عزّو جلّ ، القادر على المكافأة، والمجزل للعطاء، والوفيِّ لعباده بما يَعِدُ، والمتفضّل عليهم بالثواب والأجر، والمتحمُّل لأخطائهم، والمتغاضي عن ذنوبهم وتقصيرهم والقادر على تحويل ذنوبهم حسنات.
[44/44] عَنِ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم أَنَّهُ سُئِلَ : مَا الْقَلْبُ السَّلِيمُ؟ فَقَالَ: «دِينُ بِلَا
شَكٍّ وَهَوًى، وَعَمَلٌ بِلَا سُمْعَةٍ وَرِيَاءِ )(1).
[45/45] عَنِ النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله وسلم «أَنَّ لِكُلِّ حَقٌّ حَقِيقَةٌ، وَمَا بَلَغَ عَبْدٌ حَقِيقَةَ
اَلْإِخْلَاصِ حَتَّى لَا يُحِبَّ أَنْ يُحْمَدَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ عَمَلِ الله» (2).
[46 / 46] عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَالِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهُ علیه السلام يَقُولُ: «قَالَ اللَّهُ عزّو جلّ: أَنَا خَيْرُ شَرِيكٍ، مَنْ أَشْرَكَ مَعِي غَيْرِي فِي عَمَلٍ عَمِلَهُ لَمْ أَقْبَلْهُ إِلَّا مَا كَانَ
لِي خَالِصاً » (3).
بيان: هذه إحدى الروايات التي تُحذِّر المؤمن من خسارة عمله وضياع
جهوده، فالله تعالى خير شريك، إذا أشرك العبد في نيّته فجعلها لربِّه وللناس تنازل الله تعالى عن هذا العمل إلى الناس ولم يقبله وأحال الإنسان إلى الناس
ص: 36
ليأخذ منهم أجره، وهذا معنى أفضل شريك، أنَّه يترك الأعمال للشركاء، ولا
يصطفي منها إلَّا ما كان خالصاً له وحده.
لطالما تعرَّض الإمام الصادق علیه السلام إلى الأذى من هذا الشخص الذي كان
يتظاهر بالزهد والورع وهو مراء منافق، وكان يعرض للإمام في مناسبات عديدة ويريد إحراجه أمام الناس، وكان الإمام علیه السلام يتعامل معه بالحلم والتغاضي ولا
يُفوّت فرصة لنصيحته، وهذه إحدى الروايات التي تنقل لنا بعض تلك الحالات:
قال التقيُّ المجلسيُّ رحمه الله في ( روضة المتَّقين)(1): في القويُّ كالصحيح، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام يَقُولُ: «بَيْنَا أَنَا فِي اَلطَّوَافِ وَإِذَا بِرَجُلِ يَجْذِبُ ثَوْبِي، وَإِذَا هُوَ عَبَّادُ بْنُ كَثِيرِ الْبَصْرِيُّ، فَقَالَ: يَا جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ، تَلْبَسُ مِثْلَ هَذِهِ الشَّيَابِ وَأَنْتَ فِي هَذَا المَوْضِع مَعَ الَمَكَانِ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ مِنْ على علیه السلام ؟ فَقُلْتُ : ثَوْبٌ فُرْقُبِيٌّ بتقدم الفاء على القاف وضمها ثوب مصري أبيض من كتَّان اِشْتَرَيْتُه بِدِينَارٍ، وَكَانَ عَلِيٌّ علیه السلام في زَمَانٍ يَسْتَقِيمُ لَه مَا لَبِسَ فِيه، وَلَوْ لَبِسْتُ مِثْلَ ذَلِكَ اللَّبَاسِ فِي زَمَانِنَا لَقَالَ النَّاسُ: هَذَا مُرَاءٍ مِثْلُ عَبَّاد»(2).
ومنها: عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام أَنَّهُ قَالَ لِعَبَّادِ بْنِ كَثِيرِ الْبَصْرِي فِي المَسْجِدِ:
وَيْلَكَ يَا عَبَّادُ، إِيَّاكَ وَالرِّيَاءَ فَإِنَّهُ مَنْ عَمِلَ لِغَيْرِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى مَنْ عَمِلَ لَهُ »(3).
[47/47] وَقَالَ صلی الله علیه و آله وسلم : «اِسْتَعِيدُوا بِالله مِنْ جُبِّ اَلْخِزْيِ»، قِيلَ: وَمَا هُوَ،
يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: «وَادٍ فِي جَهَنَّمَ أُعِدَّ لِلْمُرَائِينَ»(4).
ص: 37
[48 / 48] عَنْ زَيْدِ الشَّحَامِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله علیه السلام : إِنِّي سَمِعْتُكَ تَقُولُ: «نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ، فَكَيْفَ تَكُونُ النِّيَّةُ خَيْراً مِنَ الْعَمَلِ؟ قَالَ: «لِأَنَّ اَلْعَمَلَ رُبَّمَا كَانَ رِيَاءً لِلْمَخْلُوقِينَ وَالنِّيَّةُ خَالِصَةٌ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، فَيُعْطِي اللهُ عزّو جلّ عَلَى النِّيَّةِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعَمَلِ»(1).
بيان :المقصود نيّة المرء الخالصة لله أفضل من عمله، لأنَّ العمل قد يُبتلى
بالرياء، لكن النيَّة الخالصة سليمة من ذلك، ولذا فإنّ مدار الثواب هو تلك النيَّة
الخالصة.
49/49] قَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام : «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَنْوِي مِنْ نَهَارِهِ أَنْ يُصَلِّيَ بِاللَّيْلِ، فَتَغْلِبُهُ عَيْنُهُ ،فَيَنَامُ، فَيُثْبِتُ اللَّهُ لَهُ صَلَاتَهُ، وَيَكْتُبُ نَفَسَهُ تَسْبِيحاً، وَيَجْعَلُ
نَوْمَهُ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ »(2)
بيان: هذا أحد مصاديق أهميَّة النيَّة الخالصة وأفضليَّتها على العمل المجرَّد،
فإنَّها سبب للثواب حتَّى مع عدم تيسُّر أداء العمل خارجاً.
[50/50] عَنْ عَبْدِ الله بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: كُنَّا جُلُوساً عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام
إِذْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْجُلَسَاءِ جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا بْنَ رَسُولِ الله أَتَخَافُ عَلَيَّ أَنْ أَكُونَ
مُنَافِقاً؟ فَقَالَ لَهُ: «إِذَا خَلَوْتَ فِي بَيْتِكَ نَهَاراً أَوْ لَيْلاً، أَلَيْسَ تُصَلِّي؟»، فَقَالَ: بَلَى،
فَقَالَ: «فَلِمَنْ تُصَلَّى؟»، فَقَالَ: الله عزّو جلّ، قَالَ: «فَكَيْفَ تَكُونُ مُنَافِقاً وَأَنْتَ تُصَلَّى لله عزّو جلّ لا لِغَيْرِهِ ؟ (3).
ص: 38
بيان: للشيطان أساليب عديدة في إيذاء المؤمن وصدَّه عن الأعمال الصالحة، منها أنْ يوسوس له أنَّك مراء ومنافق إنَّما تريد بعبادتك الناس، فيُلقى في قلبه اليأس من نفسه ويُدخِل عليه الاضطراب والتشويش، ممَّا يُؤدِّي به إلى ترك العمل من أساسه، وفي هذه الرواية علاج لهذه الحالة بسيط وفاعل جدًّا، بيَّنه الإمام علیه السلام للسائل، وكشف له كيد الشيطان وحيلته وعلمه كيف يتغلَّب
على ذلك الشعور الخاطئ، وهو أن يهمل تلك الوسوسة وكأنَّها لم تكن.
[51/51] عَنِ السَّكُونِي، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام : الدُّعَاءُ مَفَاتِيحُ النَّجَاحِ ، وَمَقَالِيدُ الْفَلَاحِ، وَخَيْرُ الدُّعَاءِ مَا صَدَرَ
عَلا عَنْ صَدْرٍ نَقِيٍّ، وَقَلْبٍ تَقِيٍّ، وَفِي الْمَنَاجَاةِ سَبَبُ النَّجَاةِ، وَبِالْإِخْلَاصِ يَكُونُ
اَلْخَلَاصُ، فَإِذَا اِشْتَدَّ الْفَزَعُ فَإِلَى اللَّه اَلَمَفْزَعُ »(1).
[52/52 ]عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ علیه السلام، قَالَ: «لَيْسَ بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ إِلَّا قِلَّةُ الْعَقْلِ قِيلَ: وَكَيْفَ ذَاكَ، يَا بْنَ رَسُولِ الله؟ قَالَ: «إِنَّ الْعَبْدَ يَرْفَعُ رَغْبَتَه إِلَى
خلُوقٍ، فَلَوْ أَخْلَصَ نِيَّتَهُ الله لَأَتَاهُ الَّذِي يُرِيدُ فِي أَسْرَعَ مِنْ ذَلِكَ»(2).
بیان: ما أبلغ هذا الَدرس لنا جميعاً، فالعقل يقتضي وضع الأمور في محلِّها
وتوجيه الطلب إلى من يقدر عليه ويفي به، فإذا أخطأ الإنسان التقدير وظنَّ أنَّ الناس هو القادر على قضاء حاجته وإسعاف طلبته، غافلاً عن كون ذلك الإنسان بشر مثله، وحاله حاله من حيث الضعف والفقر والاحتياج، وإنْ
ص: 39
كان ظاهره التمكُّن والقدرة والرئاسة والثروة، لكن باطن كلُّ ذلك هو الافتقار والمسكنة، وأنَّ الغنيّ الحقيقي والقادر على قضاء جميع الحوائج هو الخالق عزّو جلّ، إذا غفل الإنسان عن جميع تلك الحقائق الواضحة البديهيَّة، واندفع إلى أبواب الناس يطلب ويلح ويتملّق، فقد فقد عقله في هذا العمل، وكان حاله حال من يطلب الماء من التنّور المشتعل، أو يطلب جذوة نار من وسط الماء، ولو أَنَّهُ إلى تلك الأمور الواضحة لعَلِمَ أنَّ حاجته ليست إلَّا عند الواحد الفرد الصمد، ولو توكَّل عليه وأخلص في الطلب إليه لقُضيت حوائجه بأقلّ مؤونة وأسرع مدَّة، دون أنْ يفقد ماء وجهه، ودون أن يتكبَّد عناء التردُّد على الأبواب والتوسُّل إلى أراذل البشر، ويتجرَّع كؤوس الذلَّة والمطل في المواعيد.
[53 / 53 ]عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: «مَنْ أَرَادَ الله عزّو جلَّ وَ بِالقَلِيلِ مِنْ عَمَلِهِ أَظْهَرَ اللَّهُ لَه أَكْثَرَ مِمَّا أَرَادَ ، وَمَنْ أَرَادَ النَّاسَ بِالكَثِيرِ مِنْ عَمَلِهِ فِي تَعَبٍ مِنْ بَدَنِهِ
وَسَهَرٍ مِنْ لَيْلِه أَبَى اللَّهُ عزّو جلّ وَ إِلَّا أَنْ يُقَلَّلَهُ فِي عَيْنِ مَنْ سَمِعَهُ»(1)
بیان: الله تعالى هو مقلب القلوب والأبصار، فهي بيده يُقلِّبها بين الحُبِّ والإعراض، فمن يريد من عمله الناس ورضاهم وثناءهم، لم يعد ذلك عليه إلَّا بكثرة التعب وقلَّة الثناء وتصغير العمل في أعينهم، ومن أراد الله تعالى بعمله عظَّمه الله تعالى في أعين الناس وإن كان قليلاً وصغيراً، هكذا أراد الله تعالى
وهكذا اقتضت حكمته.
[54/54] عَنِ السَّكُونِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: قَالَ أَمِيرُ
ص: 40
اَلمُؤْمِنِينَ علیه السلام : ثَلَاثُ عَلَامَاتِ لِلْمُرَائِي: يَنْشَطُ إِذَا رَأَى النَّاسَ، وَيَكْسَلُ إِذَا كَانَ وَحْدَهُ، وَيُحِبُّ أَنْ يُحْمَدَ فِي جَمِيع أُمُورِهِ (1).
[55/55] عَنْ أَبِي الْحَسَنِ علیه السلام ، قَالَ : دَعْوَةُ الْعَبْدِ سِرًّا دَعْوَةً وَاحِدَةً
تَعْدِلُ سَبْعِينَ دَعْوَةً عَلَانِيَةً » (2).
[56/56] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «مَا يَعْلَمُ عِظَمَ ثَوَابِ الدُّعَاءِ
وَتَسْبِيحِ الْعَبْدِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ إِلَّا اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى »(3) .
[ 30/30] عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهُ علیه السلام، قَالَ:
«قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ (40)»[النمل: 40] ، قَالَ : فَفَرَّجَ أَبو عَبْدِ الله علیه السلام بَيْنَ أَصَابِعِهِ فَوَضَعَهَا فِي صَدْرِهِ، ثُمَّ قَالَ: «وَعِنْدَنَا وَالله عِلْمُ الْكِتَاب كُلُّهُ »(4).
[ 31 / 31 ]عَنْ بُرَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام : « قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (43)» [الرعد: 43]، قَالَ:
إِيَّانَا عَنَى ، وَعَلِيُّ أَوَّلُنَا وَأَفْضَلْنَا وَخَيْرُنَا بَعْدَ النَّبي صلی الله علیه و آله وسلم(5).
[32/32] عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام في رِسَالَةِ: «وَأَمَّا مَا سَأَلْتَ مِنَ الْقُرْآنِ، فَذَلِكَ أَيْضاً مِنْ خَطَرَاتِكَ الْمُتَفَاوِيَّةِ الْمُخْتَلِفَةِ، لِأَنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ عَلَى مَا ذَكَرْتَ، وَكُلُّ مَا سَمِعْتَ فَمَعْنَاهُ غَيْرُ مَا ذَهَبْتَ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا الْقُرْآنُ أَمْثَالُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَلِقَوْمٍ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ، وَهُمُ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَعْرِفُونَهُ، فَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَما أَشَدَّ
ص: 22
إِشْكَالَهُ عَلَيْهِمْ وَأَبْعَدَهُ مِنْ مَذَاهِبِ قُلُوبِهِمْ، وَلِذَلِكَ قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: لَيْسَ شَيْءٌ بِأَبْعَدَ مِنْ قُلُوبِ الرِّجَالِ مِنْ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ، وَفِي ذَلِكَ تَخَيَّرَ الْخَلَائِقُ أَجْمَعُونَ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ، وَإِنَّمَا أَرَادَ اللَّهُ بِتَعْمِيَتِهِ فِي ذَلِكَ أَنْ يَنْتَهُوا إِلَى بَابِهِ وَصِرَاطِهِ، وَأَنْ يَعْبُدُوهُ وَيَنْتَهُوا فِي قَوْلِهِ إِلَى طَاعَةِ الْقُوَّامِ بِكِتَابِهِ، وَالنَّاطِقِينَ عَنْ أَمْرِهِ، وَأَنْ يَسْتَنْطِقُوا مَا حْتَاجُوا إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ عَنْهُمْ لَا عَنْ أَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ قَالَ: « وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ(83)» [النساء: 83]، فَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَلَيْسَ يُعْلَمُ ذَلِكَ أَبَداً وَلَا يُوجَدُ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ أَنْ يَكُونَ الخَلْقُ كُلُّهُمْ وَلَاةَ الأَمْرِ، إِذْ لَا يَجِدُونَ مَنْ يَأْتَمِرُونَ عَلَيْهِ، وَلَا مَنْ يُبَلِّغُونَهُ أَمْرَ اللَّه وَنَهْيَهُ، فَجَعَلَ اللهُ اَلْوِلَاةَ خَوَاصَّ لِيَقْتَدِي بِهِمْ مَنْ لَمْ يَخْصُصْهُمْ بِذَلِكَ، فَافْهَمْ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَإِيَّاكَ وَإِيَّاكَ وَتِلَاوَةَ الْقُرْآنِ بِرَأْيِكَ، فَإِنَّ النَّاسَ غَيْرُ مُشْتَرِكِينَ فِي عِلْمِهِ كَاشْتِرَاكِهِمْ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْأُمُورِ، وَلَا قَادِرِينَ عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى تَأْوِيلِهِ إِلَّا مِنْ حَدِّهِ وَبَابِهِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُ
فَافْهَمْ إِنْ شَاءَ اللهُ، وَأطلب الْأَمْرَ مِنْ مَكَانِهِ تَجِدْهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ » (1).
بيان: ترسم هذه الرواية خطوط المنهاج الصحيح لتفسير القرآن الكريم، والتي من أهمّها مرجعيَّة أهل البيت علیهم السلام في هذا المجال، وتُوضِّح الحكمة من الهام إجمال أو إبهام بعض مقاصد الكتاب العزيز وأحكامه، وهي: إلجاء الناس إلى أولي الأمر والسؤال منهم والتزام طاعتهم المفروضة، ليُسلِّموا لهم مقاليد أمورهم، ويكونوا لهم تبعاً في جميع شؤونهم.
[33/33] فِي وَصِيَّةٍ عَليّ علیه السلام لِكُمَيْلِ بْنِ زِيَادٍ: «يَا كُمَيْلُ، لَا تَأْخُذْ إِلَّا عَنَّا تَكُنْ مِنَّا »(2).
ص: 23
بيان :هذا نصٌّ صريح في انحصار الحقائق بهم علیهم السلام، وأنَّ العلم الحقَّ لا
يكون إِلَّا من طريقهم، وهو تأكيد لما ورد في الأحاديث النبويَّة الأخرى كحديث
السفينة، وحديث باب حِطَّة، وحديث الثقلين، وأمثالها ممَّا يأتي بعد قليل.
وما يُستفاد من مجموع هذه الروايات هو النهي المؤكَّد عن أخذ العلم من غيرهم والاستئناس بآراء من جانبهم ولم يستقِ علمه من نميرهم، بل خالفهم ونصب نفسه للناس عَلَماً بإزائهم، وروَّج غير كلامهم، وحكم بغير فقههم ممَّن تسمَّى بالإمامة أو غير ذلك من أسماء الرئاسة الدَّينيَّة التي تُضلَّل الناس وتُشبِّه عليهم الطريق وتصرفهم عن الأخذ من أئمَّة الهدى الذين قرنهم الله تعالى بكتابه وجعلهم الطريق الحصري للوصول إلى أحكامه وإلى مرضاته.
[34 / 34] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٌّ علیهما السلام، قَالَ: «أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ حَقٌّ وَلَا صَوَابٌ إِلَّا شَيْءٍ أَخَذُوهُ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ، وَلَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ يَقْضِي بِحَقِّ وَعَدْلٍ إِلَّا ذَلِكَ الْقَضَاءُ وَبَابُهُ وَأَوَّلُهُ سُنَّةٌ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیه السلام ، فَإِذَا اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِمُ الْأُمُورُ كَانَ اَخْطَأُ مِنْ قِبَلِهِمْ إِذَا أَخْطَنُّوا وَالصَّوَاب مِنْ قِبَلِ عَلِيَّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیه السلام إِذَا
أَصَابُوا »(1) .
[57/57] قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام فِي بَعْضِ خُطَبِهِ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، طُوبَى السَّلام
مَنْ شَغَلَهُ عَيْبُه عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ، وَطُوبَى مَنْ لَزِمَ بَيْتَهُ وَأَكَلَ قُوتَهُ وَاشْتَغَلَ بِطَاعَةِ
رَبِّهِ وَبَكَى عَلَى خَطِيئَتِهِ، فَكَانَ مِنْ نَفْسِهِ فِي شُغُلٍ، وَالنَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ »(2).
[58/58] عَنْ عُمَرَ بْنِ يَحْيَى بْنِ بَسَّامِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام
يَقُولُ: «إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِالْوَرَع آل مُحَمَّدٍ علیهم السلام وَشِيعَتُهُمْ كَيْ تَقْتَدِيَ الرَّعِيَّةُ بِهّم»(3).
بيان :مع أنَّ آل محمّد علیهم السلام وشيعتهم يأتون آمنين يوم القيامة إلَّا أنَّهم إنَّما
ص: 41
استحقُّوا ذلك بالتقوى والورع، وقد جعلهم الله تعالى قدوة للعالمين، وأُسوة لكافَّة الناس بما تحمَّلوه من ثقل الطاعة والصبر على النوائب، والثبات على
الصراط المستقيم.
[59 / 59] عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: «مَنْ دَخَلَهُ الْعُجْبُ هَلَكَ»(1).
[ 60 / 60] عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: بَيْنَها مُوسَى علیه السلام جَالِسٌ إِذْ أَقْبَلَ إِبْلِيسُ وَعَلَيْهِ بُرْنُسُ ذُو أَلْوَانٍ، فَلَمَّا دَنَا مِنْ مُوسَى علیه السلام خَلَعَ الْبُرْنُسَ، وَقَامَ إِلَى مُوسَى علیه السلام، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَه مُوسَى علیه السلام: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَنَا إِبْلِيسُ، قَالَ: أَنْتَ فَلَا قَرَّبَ اللَّهُ دَارَكَ، قَالَ: إِنِّي إِنَّمَا جِئْتُ لِأُسَلَّمَ عَلَيْكَ لِمَكَانِكَ مِنَ الله قَالَ: فَقَالَ لَه مُوسَى علیه السلام : فَمَا هَذَا الْبُرْنُسُ؟ قَالَ: به أَخْتَطِفُ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ فَقَالَ مُوسَى: فَأَخْبِرْنِي بِالذَّنْبِ الَّذِي إِذَا أَذْنَبَه اِبْنُ آدَمَ
اِسْتَحْوَذْتَ عَلَيْهِ، قَالَ : إِذَا أَعْجَبَتْه نَفْسُهُ ، وَاسْتَكْثَرَ عَمَلَهُ، وَصَغُرَ فِي عَيْنِهِ ذَنْبُهُ. وَقَالَ(2): قَالَ اللهُ وجل عنّ لِدَاوُدَ علیه السلام : يَا دَاوُدُ، بَشِّرِ الْمُذْنِبِينَ، وَأَنْذِرِ الصِّدِّيقِينَ، قَالَ:
عَمَل كَيْفَ أُبَشِّرُ المُذْنِبِينَ وَأُنْذِرُ الصِّدِّيقِينَ؟ قَالَ: يَا دَاوُدُ، بَشِّرِ المُذْنِبِينَ أَنِّي أَقْبَلُ التَّوْبَةَ وَأَعْفُو عَنِ الذَّنْبِ، وَأَنْذِرِ الصِّدِّيقِينَ أَنْ لَا يُعْجَبُوا بِأَعْمَالِهِمْ فَإِنَّه لَيْسَ عَبْدٌ أَنْصِبُهُ لِلْحِسَابِ إِلَّا هَلَكَ»(3).
بیان :ما يصيب العبد من ضرر العجب وآثاره المدمَّرة أكثر بكثير ممَّا يصيبه
من المعاصي واتَّباع الشهوات فرُبَّ معصية أدخلت صاحبها الجنَّة لأنَّه یصبح
ص: 42
و یمسی لائماً لنفسه نادماً على فعلته فيكتب له الله تعالى ثواب التائبين، ورُبَّ طاعة أدخلت صاحبها النار لأنَّها جرَّت إلى الإعجاب بنفسه وأوجبت له من الله تعالى المقت والطرد من رحمته. ومن هنا يجب أن يحذر الصدِّيقون من الشعور بالعجب، وأنّهم ذو و دالَّة على الله تعالى بما يأتون به من طاعة أو عبادة وليستبشر المذنبون النادمون على خطاياهم بفضل الله تعالى وعطفه عليهم ما داموا لائمين لأنفسهم قادحين في أعمالهم نادمين على تقصيرهم.
إنَّ أهل الصلاح أولى من أهل المعاصي بالشعور بالندم وملامة النفس، وذلك أنَّهم رغم صلاحهم لا بدَّ وأنْ يكون قد سبق منهم تقصير ومخالفة، وهذا بمجرَّده يوجب الخوف من الحساب والحذر من العقاب، ولا بدَّ أنْ لا يفارقهم هذا الشعور بالخوف والإقرار بالتقصير مدى حياتهم ومهما بلغوا من درجات في الطاعة والعبادة والجهد.
[61/61] عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ الْحَذَاءِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: قَالَ اللهُ عزّوجلّ: إِنَّ مِنْ عِبَادِيَ المُؤْمِنِينَ عِبَاداً لَا يَصْلُحُ لَهُمْ أَمْرُ
عَجَمَل دِينِهِمْ إِلَّا بِالْغِنَى وَالسَّعَةِ وَالصِّحَّةِ فِي الْبَدَنِ، فَأَبْلُوهُمْ بِالْغِنَى وَالسَّعَةِ وَصِحَّةِ الْبَدَنِ، فَيُصْلِحُ عَلَيْهِمْ أَمْرَ دِينِهِمْ ، وَإِنَّ مِنْ عِبَادِيَ الْمُؤْمِنِينَ لَعِبَاداً لَا يَصْلُحُ هُمْ أَمْرُ دِينِهِمْ إِلَّا بِالْفَاقَةِ وَالمَسْكَنَةِ وَالسُّقْم فِي أَبْدَانِهِمْ، فَأَبْلُوهُمْ بِالْفَاقَةِ وَالمَسْكَنَةِ وَالسُّقْم فَيُصْلِحُ عَلَيْهِمْ أَمْرَ دِينِهِمْ، وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا يَصْلُحُ عَلَيْهِ أَمْرُ دِينِ عِبَادِيَ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنَّ مِنْ عِبَادِيَ الْمُؤْمِنِينَ لَمَنْ يَجْتَهِدُ فِي عِبَادَتِي فَيَقُومُ مِنْ رُقَادِهِ وَلَذِيذِ وَسَادِهِ فَيَتَهَجَّدُ لِيَ اللَّيَالِي، فَيُتْعِبُ نَفْسَهُ فِي عِبَادَتِي، فَأَضْرِبُه بِالنُّعَاسِ اللَّيْلَةَ وَاللَّيْلَتَيْنِ نَظَراً مِنّي لَهُ وَإِبْقَاءَ عَلَيْهِ، فَيَنَامُ حَتَّى
ص: 43
يُصْبحَ، فَيَقُومُ وَهُوَ مَاقِتٌ لِنَفْسِه زَارِ عَلَيْهَا، وَلَوْ أُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يُرِيدُ مِنْ عِبَادَتِي لَدَخَلَهُ الْعُجْبُ مِنْ ذَلِكَ، فَيُصَيّرُه اَلْعُجْبُ إلَى الْفِتْنَةِ أَعْمَالِهِ، فَيَأْتِيهِ مِنْ ذَلِكَ مَا فِيه هَلَاكُهُ لِعُجْبِهِ بِأَعْمَالِهِ وَرِضَاهُ عَنْ نَفْسِهِ حَتَّىٰ يَظُنَّ أَنَّهُ قَدْ فَاقَ الْعَابِدِينَ وَجَازَ فِي عِبَادَتِهِ حَدَّ التَّقْصِيرِ فَيَتَبَاعَدُ مِنِّي عِنْدَ ذَلِكَ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّه يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ، فَلَا يَتَّكِلِ الْعَامِلُونَ عَلَى أَعْمَاهِمُ الَّتِي يَعْمَلُونَهَا لِثَوَابِي فَإِنَّهُمْ لَوِ اِجْتَهَدُوا وَأَتْعَبُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَفْنَوْا أَعْمَارَهُمْ فِي عِبَادَتِي كَانُوا مُقَصِّرِينَ غَيْرَ بَالِغِينَ فِي عِبَادَتِهِمْ كُنْهُ عِبَادَتِي فِيمَا يَطْلُبُونَ عِنْدِي مِنْ كَرَامَتِي وَالنِّعِيمِ فِي جَنَّاتِي وَرَفِيعِ دَرَجَاتِيَ الْعُلَى فِي جِوَارِي، وَلَكِنْ فَبِرَحْمَتِي فَلْيَتِقُوا، وَبِفَضْلِي فَلْيَفْرَحُوا ، وَإِلَى حُسْنِ الظَّنِّ بِي فَلْيَطْمَئِنُّوا، فَإِنَّ رَحْمَتِي عِنْدَ ذَلِكَ تَدَارَكُهُمْ، ومَنِّي يُبَلِّغُهُمْ رِضْوَانِي، وَمَغْفِرَتِي تُلْبِسُهُمْ عَفْوِي، فَإِنِّي أَنَا اللهُ الرَّحْمَنُ اَلرَّحِيمُ، وَبِذَلِكَ تَسَمَّيْتُ (1).
[62/62] عَنِ الثَّالِيُّ، عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام، قَالَ: «إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: إِنَّ مِنْ عِبَادِي لَمَنْ يَسْأَلُنِي الشَّيْءَ مِنْ طَاعَتِي لِأُحِبَّهُ، فَأَصْرِفُ ذَلِكَ عَنْهُ لِكَيْ لَا يُعْجِبَهُ عَمَلُهُ » (2).
[ 63/63 ]عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام، قَالَ: «أَتَى عَالِمٌ عَلا عَابِداً، فَقَالَ لَه كَيْفَ صَلَاتُكَ؟ فَقَالَ: مِثْلِي يُسْتَلُ عَنْ صَلَاتِهِ وَأَنَا أَعْبُدُ اللهَ مُنْذُ
كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: فَكَيْفَ بُكَاؤُكَ؟ قَالَ: أَبْكِي حَتَّى تَجْرِيَ دُمُوعِي، فَقَالَ لَهُ الْعَالِمُ.
ص: 44
فَإِنَّ ضَحِكَكَ وَأَنْتَ خَائِفٌ أَفْضَلُ مِنْ بُكَائِكَ وَأَنْتَ مُدِلٌ ، إِنَّ الْمُدِلَّ لَا يَصْعَدُ مِنْ
عَمَلِهِ شَيْء» (1).
بيان: المدلُّ هو الذي يرى لنفسه فضلاً ومنزلةً، فالعامل المجدُّ إذا كان
مدلَّا على الله تعالى في عمله، وكأنَّه يقول : ها أنا يا ربِّ عملت ما لم يعمله غيري وأجهدت نفسي لك، فمن يكون مثلي، ومن يطيق ما تحمَّلته في جنب طاعتك،
هو أبعد ما يكون عن رضا الله تعالى، وأبعد ما يكون عن القبول، لأنه نسي كلَّ ما أتى به من طاعة ووُفِّق له من عمل إنَّما هو بتوفيق الله تعالى وتيسيره، كما
نسي تقصيره الكثير وسوء أدبه مع خالقه فيما لا يحصيه من مرّات. ومن القبيح جدًّا أنْ يمنَّ الإنسان بعمله وطاعته على من يجب عليه شكره، ويلزمه الاعتذار منه، بل يلزمه أن يستحيي من ربِّه كلما ازداد عملاً ، لأنَّه إنَّما يزداد بذلك فضلاً من الله تعالى، ويزداد عجزاً عن الشكر، وقصوراً عن الحمد.
[64 / 64] قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام: « سَيِّئَةٌ تَسُوءُكَ خَيْرٌ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ حَسَنَةٍ تُعْجِبُكَ »(2).
بيان: ليس هذا حثٌّ على المعصية وتثبيط عن الطاعة، بل هو تنبيه إلى الروح التي يجب أنْ يتحلَّى بها العبد المطيع مع ربَّه، وهي روح التواضع ،والتصاغر، والشعور بالتقصير مهما عمل واجتهد.
[65/65] عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام، قَالَ: دَخَلَ رَجُلَانِ المَسْجِدَ أَحَدُهُمَا عَابدٌ
وَالْآخَرُ فَاسِقٌ، فَخَرَجَا مِنَ المَسْجِدِ وَالْفَاسِقُ صِدِّيقُ وَالْعَابِدُ فَاسِقٌ، وَذَلِكَ أَنَّه يَدْخُلُ الْعَابِدُ المَسْجِدَ مُدِلاً بِعِبَادَتِهِ يُدِلُّ بِهَا فَتَكُونُ فِكْرَتُه فِي ذَلِكَ، وَتَكُونُ فِكْرَةٌ
الْفَاسِقِ فِي التَنَدُّمِ عَلَى فِسْقِهِ وَيَسْتَغْفِرُ الله عزّو جلّ وَ مِمَّا صَنَعَ مِنَ الذُّنُوبِ» (3).
ص: 45
[66 / 66] عَنْ يُونُسَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: قِيلَ لَهُ وَأَنَا حَاضِرٌ: اَلرَّجُلُ يَكُونُ فِي صَلَاتِهِ خَالِياً فَيَدْخُلُه اَلْعُجْبُ، فَقَالَ: «إِذَا كَانَ (كانت خ ل) أَوَّلَ صَلَاتِهِ بِنِيَّةٍ يُرِيدُ بِهَا رَبَّهُ فَلَا يَضُرُّهُ مَا دَخَلَه بَعْدَ ذَلِكَ، فَلْيَمْضِ فِي صَلَاتِهِ وَلْيَخْسَا الشَّيْطَانَ »(1).
بيان: تقدَّم منَّا أنَّ الشيطان يحاول صدَّ المؤمن عن الطاعة بشتَّى الأساليب والطُّرُق الملتوية، حتَّى إذا آيس من صدَّه عن أصل الطاعة جاء ليُفسِد تلك الطاعة بما يوسوسه للعبد بأنَّك مراء في عملك، أو أنَّك أفضل مَنْ غيرك، ومَنْ مثلك في عبادته... إلخ. وهذا ما لا يخلو منه مؤمن عادةً، وقد علَّم الإمام علیه السلام المؤمنين ما يتحصَّنون به من كيد الشيطان، وهو أنْ يهملوا تلك الوسوسة ويمضوا في صلاتهم وعبادتهم دون اكتراث بتلك الوساوس، ما داموا قد بدأوا العمل الله تعالى وأرادوا به وجهه منذ بدايته.
[67 / 67] قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام في وَصِيَّتِهِ لِابْنِهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ: «إِيَّاكَ وَالْعُجْبَ وَسُوءَ الْخُلُقِ وَقِلَّةَ الصَّبْرِ ، فَإِنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ لَكَ عَلَى هَذِهِ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ صَاحِبٌ، وَلَا يَزَالُ لَكَ عَلَيْهَا مِنَ النَّاسِ مُجَانِبٌ»(2).
[ 68/68] عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ الشَّامِيُّ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام : «مَنْ
ص: 46
أَعْجِبَ بِنَفْسِهِ هَلَكَ، وَمَنْ أَعْجِبَ بِرَأْيِهِ هَلَكَ، وَإِنَّ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ علیه السلام قَالَ: دَاوَيْتُ المَرْضَىٰ فَشَفَيْتُهُمْ بِإِذْنِ الله، وَأَبْرَأْتُ اَلْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِ اللَّهِ، وَعَالَجَتُ اَلمَوْتَى فَأَحْيَيْتُهُمْ بِإِذْنِ اللهِ، وَعَالَجَتُ الْأَحْمَقَ فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَى إِصْلَاحِهِ، فَقِيلَ: يَا رُوحَ الله، وَمَا اَلْأَحْمَقُ ؟ قَالَ : اَلْمُعْجَبُ بِرَأْيِهِ وَنَفْسِهِ الَّذِي يَرَى الفَضْلَ كُلَّهُ لَهُ لَا
، عَلَيْهِ، وَيُوجِبُ اَلحَقَّ كُلَّهُ لِنَفْسِهِ وَلَا يُوجِبُ عَلَيْهَا حَقًّا، فَذَاكَ الْأَحْمَقُ الَّذِي لَا حِيلَةَ فِي مُدَاوَاتِهِ »(1).
بيان :الإعجاب بالنفس يسدُّ على الإنسان منافذ الفهم الصحيح، ويُشوِّش رؤيته لعيوب نفسه، أو يمنع من ذلك نهائيّاً، فلا يعود المرء قادراً على إدراك عيوب نفسه ومواضع الخلل في رأيه، كما أنَّه يمنعه من سماع نصائح الآخرين والانتفاع بآرائهم وخبراتهم، ونتيجة ذلك جميعاً هو العمى المطلق. فالمعجب بنفسه أعمى لا يبصر حقيقة ولا يهتدي سبيلاً. والأفظع من ذلك أنَّ عجبه بنفسه يُؤدِّي به إلى عدم تقبل أيِّ تنبيه أو توجيه حتَّى مع وقوعه في أشدّ المشاكل وأحرج المواقف. ومن أصبح علاج الأحمق مستعصياً إن لم يكن مستحيلاً، لأنَّه لا يُدرك خطأه ليستمع إلى التصحيح ، ولا يعترف بنقصه ليقبل التوجيه.
ولنعم ما قال الشاعر:
لكلُّ داء دواء يُستطَبُّ به*** إلَّا الحماقة أعيت من يداويها (2)
[69/69] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: «الْعُجْبُ صَارِفٌ عَنْ طَلَبِ الْعِلْمِ، دَاعِ إِلَى
الْغَمْطِ وَالجَهْلِ» (3).
ص: 47
بيان: وقد ورد الحثُّ على طلب العلم قبل الترؤُّس، لأنَّ الرئاسة تمنع من الخضوع لأجواء التعلَّم. وهكذا الإعجاب بالنفس مانع قويُّ من التعلُّم، لأنَّ
من شرائط تحصيل العلم هو الاعتراف بالجهل والحاجة إلى العلم، وأمَّا
الاعتقاد بالعلم والإعجاب بالنفس لن يبقى في النفس داع حقيقي للتعلُّم، بل سيكون ذلك مانعاً وحاجزاً دون تحصيل العلم والكمال.
[ 70/70 ] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ : قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام : «إِعْجَابُ
اَلمَرْءِ بِنَفْسِه دَلِيلٌ عَلَى ضَعْفِ عَقْلِهِ (1). »
[71/71] عَنْ سَعْدِ اَلْإِسْكَافِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام، قَالَ: «ثَلَاتٌ
فَاصِمَاتُ الظَّهْرِ : رَجُلٌ اِسْتَكْثَرَ عَمَلَهُ، وَنَسِيَ ذُنُوبَهُ، وَأُعْجِبَ بِرَأْيِهِ »(2).
[72/72]عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحَجَّاجِ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: قَالَ
إِبْلِيسُ لَعْنَةُ الله عَلَيْهِ جُنُودِهِ: إِذَا اسْتَمْكَنْتُ مِن ابْنِ آدَمَ فِي ثَلَاثٍ لَمْ أُبَالِ مَا عَمِلَ
فَإِنَّهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ مِنْهُ: إِذَا اسْتَكْثَرَ عَمَلَهُ، وَنَسِيَ ذَنْبَهُ، وَدَخَلَهُ الْعُجْبُ » (3).
[73/73] عَنْ أَبِي اَلْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ علیهما السلام أَنَّهُ قَالَ لِبَعْضٍ وُلْدِهِ:
ص: 48
«يَا بُنَيَّ، إِيَّاكَ أَنْ يَرَاكَ اللهُ عزّو جلّ وَ فِي مَعْصِيَةٍ نَهَاكَ عَنْهَا، وَإِيَّاكَ أَنْ يَفْقِدَكَ اللهُ تَعَالَى عِنْدَ طَاعَةٍ أَمَرَكَ بِهَا، وَعَلَيْكَ بِالجِدِّ، وَلَا تُخْرِجَنَّ نَفْسَكَ عَنِ ( في خ ل) التَّقْصِير عَنْ (في خ ل) عِبَادَةِ الله، فَإِنَّ اللَّهَ عزّو جلّ لَا يُعْبَدُ حَقَّ عِبَادَتِهِ»(1) .
[74 / 74] عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليهما السلام عَلَى عَبْدِ المَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، قَالَ : فَاسْتَعْظَمَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَا رَأَىٰ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ بَيْنَ عَيْنَيْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليهما السلام ، فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، لَقَدْ بُيِّنَ عَلَيْكَ الْاِجْتِهَادُ، وَلَقَدْ سَبَقَ لَكَ مِنَ الله اَلْحُسْنَى وَأَنْتَ بَضْعَةٌ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم . قَرِيبُ النَّسَبِ، وَكِيدُ السَّبَبِ، وَإِنَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ وَذَوِي عَصْرِكَ، وَلَقَدْ أُوتِيتَ مِنَ الْفَضْلِ وَالْعِلْمِ وَالدِّينِ وَالْوَرَعِ مَا لَمْ يُؤْتَ أَحَدٌ مِثْلُكَ وَلَا قَبْلَكَ إِلَّا مَنْ مَضَى مِنْ سَلَفِكَ، وَأَقْبَلَ عَبْدُ المَلِكِ يُثْنِي عَلَيْهِ وَيطريهِ. قَالَ: فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ: كُلُّ مَا ذَكَرْتَهُ وَوَصَفْتَهُ مِنْ فَضْل الله سُبْحَانَهُ وَتَأْبِيدِهِ وَتَوْفِيقِهِ، فَأَيْنَ شُكْرُهُ عَلَى مَا أَنْعَمَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقِفُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّىٰ تورّمت قَدَمَاهُ، وَيَظْمَأُ فِي الصِّيَام حَتَّى يُعْصَبَ فُوهُ، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ الله، أَلَمْ يَغْفِرْ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ؟ فَيَقُولُ صلى الله عليه وسلم : أَفَلَا أَكُونُ عَبْداً شَكُوراً؟ اَلْحَمْدُ اللهِ عَلَى مَا أَوْلَى وَأَبْلَى، وَلَهُ اَلْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى، وَالله لَوْ تَقَطَّعَتْ أَعْضَائِي وَسَأَلَتْ مُقْلَتَايَ عَلَى صَدْرِي لَنْ أَقُومَ اللهُ عزَّ وَ جلَّ بِشُكْرِ عُشْرِ الْعَشِيرِ مِنْ نِعْمَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ جَمِيعِ نِعَمِهِ الَّتِي لَا يُحْصِيهَا الْعَادُّونَ، وَلَا يَبْلُغُ حَدَّ نِعْمَةٍ مِنْهَا عَلَيَّ جَمِيعُ حَمْدِ الْحَامِدِينَ، لَا وَالله أَوْ يَرَانِيَ اللَّهُ لَا يَشْغَلُنِي شَيْءٌ عَنْ شُكْرِهِ وَذِكْرِهِ فِي لَيْلِ وَلَا نَهَارٍ، وَلَا سِرِّ وَلَا عَلَانِيَةٍ، وَلَوْ لَا أَنَّ لِأَهْلِي عَلَيَّ حَقًّا وَلِسَائِرِ النَّاسِ مِنْ
ص: 49
خَاصِهِمْ وَعَامِّهِمْ عَلَيَّ حُقُوقاً لَا يَسَعُنِي إِلَّا الْقِيَامُ بِهَا حَسَبَ الْوُسْع وَالطَّاقَةِ حَتَّى أُؤَدِّيَهَا إِلَيْهِمْ، لَرَمَيْتُ بِطَرْفِي إِلَى السَّمَاءِ وَبِقَلْبِي إِلَى اللَّهُ ثُمَّ لَمْ أَرْدُدْهُمَا حَتَّىٰ يَقْضِيَ
اللهُ عَلَى نَفْسِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ، وَبَكَى عليه السلام ، وَبَكَى عَبْدُ المَلِكِ (1) .
[75/75] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ عَائِشَةَ
لَيْلَتَهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ الله وَلِمَ تُنْعِبُ نَفْسَكَ وَغُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ ، أَلَا أَكُونُ عَبْداً شَكُوراً؟»، قَالَ: «وَكَانَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم
يَقُومُ عَلَى أَصَابع رِجْلَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: «طه (1)»«مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى(2)» [طه: 1 و 2]»(2)
بيان: حالة الشكر عند النبيِّ الأعظم والأئمَّة المعصومين عليهم السلام من الحالات المشهودة في عملهم وأقوالهم بكثرة وتأكيد ، وقد اعتبر القرآن الكريم ذلك من أفضل صفات المؤمنين والمخلصين من أنبيائه وأوليائه، حيث قال في
كتابه العزيز:
«وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا (2)» «ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3)» (الإسراء: 2 و 3) « اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13)»(سبأ: 13)،« وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ (144)» (آل عمران: 144)،« وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ
نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (144) »(آل عمران: 145) ،«بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66)» (الزمر : 66 ) .
ص: 50
[76/76 ]عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ هِلَالٍ اَلثَّقَفِيُّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: قُلْتُ لَه : إِنِّي لَا أَلْقَاكَ إِلَّا فِي السِّنِينَ، فَأَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ أَخُذُ بِهِ، فَقَالَ: «أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّه وَالْوَرَعِ وَالْاِجْتِهَادِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ اِجْتِهَادٌ لَا
وَرَعَ فِيه »(1) .
بيان: الاجتهاد هنا يعني الجدُّ في الأعمال الصالحة والإكثار منها والمواظبة عليها، لكن الإمام علیه السلام هنا يُنبَّه شيعته إلى أمر في غاية الأهميَّة، ويُعَدَّ شرطاً القبول الأعمال، وهو الورع، ويعني شدَّة التقوى، وتجنُّب الذنوب، والابتعاد عن الشُّبُهات، فلا ينفع عمل كثير مع عدم التقوى، لكن التقوى تُنجي حتَّى مع
العمل القليل.
[ 77/77] عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله الصَّادِقِ علیه السلام، قَالَ: «خَرَجْتُ أَنا وَأَبي علیه السلام حَتَّى إِذَا كُنَّا بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ إِذَا هُوَ بِأُناسٍ مِنَ الشَّيعَةِ، فَسَلَّمَ فَرَدُّوا عَلَيْهِ السَّلَامَ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي وَالله لَأُحِبُّ رِيحَكُمْ وَأَرْوَاحَكُمْ،
عَلَيْهِمْ
فَأَعِينُونِي عَلَى ذَلِكَ بِوَرَعِ وَاجْتِهَادِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ وَلَايَتَنَا لَا تُنَالُ إِلَّا بِالْعَمَلِ وَالْاِجْتِهَادِ، مَنِ اثْتَمَّ مِنْكُمْ بِعَبْدِ فَلْيَعْمَلْ بِعَمَلِهِ » (2).
بيان :من غادر هذه الدنيا بولاية أهل البيت علیهم السلام فهو من الناجين بلا شكَّ من النار، هذا ما صرَّحت به العشرات من الروايات، لكنَّه قد يتعرَّض
للتمحيص والعذاب في القبر والبرزخ.
ص: 51
وقد ورد في الرواية عن الإمام الصادق علیه السلام: « وَالله مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ إِلَّا
الْبَرْزَخَ، فَأَمَّا إِذَا صَارَ اَلْأَمْرُ إِلَيْنَا فَنَحْنُ أَوْلَى بِكُمْ »(1).
وورد عن أمير المؤمنين علیه السلام قوله لكميل: «يَا كُمَيْلُ، إِنَّهُ مُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ فَاحْذَرْ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُسْتَوْدَعِينَ، وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يَكُونَ مُسْتَقَرًّا إِذَا لَزِمْتَ اَلْجَادَّةَ الْوَاضِحَةَ الَّتِي لَا تُخْرِجُكَ إِلَى عِوَجِ، وَلَا تُزِيلُكَ عَنْ مَنْهَجِ »(2).
وورد في كتاب (المحاسن) : عَنْ جَابِرٍ الجُعْفِيَّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهُ علیه السلام ، قَالَ: إِنَّ الخَسْرَةَ وَالنَّدَامَةَ وَالْوَيْلَ كُلَّهُ لَنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِمَا أَبْصَرَ، وَمَنْ لَمْ يَدْرِ الأَمْرَ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ مُقِيمٌ أَنَفْعٌ هُوَ لَهُ أَمْ ضَرَرٌ؟»، قَالَ: قُلْتُ: فَبِمَا يُعْرَفُ النَّاجِي؟ قَالَ: «مَنْ كَانَ فِعْلُهُ لِقَوْلِهِ مُوَافِقاً فَأَثْبِتَ لَهُ الشَّهَادَةُ بِالْنَّجَاةِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ فِعْلُهُ لِقَوْلِهِ مُوَافِقاً فَإِنَّمَا
ذَلِكَ مُسْتَوْدَعْ » (3) .
فلا ينبغي أن يكون الوعد بنجاة الشيعة يوم القيامة داعياً إلى التساهل في ارتكاب المعاصي، لأنَّهم علیهم السلام أكَّدوا أن ولايتهم لا تُنال إلَّا بالورع والتقوى والصدق والأمانة، وهذا ما تُفسّره روايات الإيمان المستودع والمستقرِّ. فمن يصرُّ على المعاصي قد يُسلَب نعمة ولايتهم قبل موته، ويُحشر على غير موالاتهم ومحبَّتهم، فيكون مصيره إلى النار حاله حال الجاحدين لولايتهم والمنكرين
لفضائلهم.
[78/78] عَنْ مُفَضَّلِ، قَالَ: قَالَ أَبو عَبْدِ الله علیه السلام : «إِيَّاكَ وَالسَّفِلَةَ، فَإِنَّما
ص: 52
شِيعَةُ عَلِيٍّ مَنْ عَفَّ بَطْنُهُ وَفَرْجُهُ، وَاشْتَدَّ جِهَادُهُ ، وَعَمِلَ لِخَالِقِهِ، وَرَجَا ثَوَابَهُ، وَخَافَ عِقَابَهُ، فَإِذَا رَأَيْتَ أُولَئِكَ فَأُولَئِكَ شِيعَةٌ جَعْفَرِ» (1).
[ 79/79] عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْعَبَّاسِ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَبَا اَلْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام جَفَا أَحَداً بِكَلِمَةٍ .... إلى أنْ قال: وَكَانَ قَلِيلَ النَّوْمِ بِاللَّيْلِ، كَثِيرَ السَّهَرِ، يُحْيِي أَكْثَرَ لَيَالِيهِ مِنْ فَلَا يَفُوتُهُ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الشَّهْرِ،
أَوَّلِهَا إِلَى الصَّبْح ، وَكَانَ كَثِيرَ الصِّيَا وَيَقُولُ: «ذَلِكَ صَوْمُ الدَّهْرِ ، وَكَانَ كَثِيرَ المَعْرُوفِ وَالصَّدَقَةِ فِي السِّرِّ، وَأَكْثَرُ ذَلِكَ يَكُونُ مِنْهُ فِي اللَّيَالِي الْمُظْلِمَةِ، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ رَأَى مِثْلَهُ فِي فَضْلِهِ فَلَا تُصَدِّقُهُ»(2).
[80/80] عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام قَالَ: جَاءَ جَبْرَئِيلُ علیه السلام إلَى النبیَّ صلی الله علیه و آله وسلم، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ، وَأَحْبِبْ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ لَا قِيه (ملاقيه خ ل )»(3)
[81/81] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ، فَأَوْغِلُوا فِيهِ بِرِفْقِ، وَلَا تُكَرِّهُوا عِبَادَةَ [اللَّه إِلَى عِبَادِ الله ] فَتَكُونُوا كَالرَّاكِبِ المُنبَتْ الَّذِي لَا سَفَراً قَطَعَ وَلَا ظَهْراً أَبْقَى»(4).
ص: 53
[82/82] عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: مَرَّ بِي أَبي وَأَنَا السلام بِالطَّوَافِ وَأَنَا حَدَتْ وَقَدِ اجْتَهَدْتُ فِي الْعِبَادَةِ، فَرَآنِي وَأَنَا أَتَصَابُ عَرَقاً، فَقَالَ لي: يَا جَعْفَرُ يَا بُنَيَّ ، إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْداً أَدْخَلَهُ الجَنَّةَ وَرَضِيَ عَنْهُ بِاليَسِيرِ » (1).
[3 8/ 83] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَارِدٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: حَدِيثُ رُوِيَ لَنَا أَنَّكَ قُلْتَ: «إِذَا عَرَفْتَ فَاعْمَلْ مَا شِئْتَ»، فَقَالَ علیه السلام : «قَدْ قُلْتُ ذَلِكَ»، قَالَ: قُلْتُ: وَإِنْ زَنَوْا، أَوْ سَرَقُوا، أَوْ شَرِبُوا اَخَمْرَ؟ فَقَالَ لي: «إِنَّا الله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَالله مَا أَنْصَفُونَا أَنْ نَكُونَ أُخِذْنَا بِالْعَمَلِ وَوُضِعَ عَنْهُمْ، إِنَّمَا قُلْتُ: إِذَا
عَرَفْتَ فَاعْمَلْ مَا شِئْتَ مِنْ قَلِيل اَلخَيْرِ وَكَثِيرِهِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْكَ »(2).
[84/84] عَنْ أَبِي جَعْفَر علیه السلام، قَالَ: «سُئِل النَبيُّ صلی الله علیه و آله وسلم عَنْ خِيَارِ الْعِبَادِ، فَقَالَ: الَّذِينَ إِذَا أَحْسَنُوا اسْتَبْشَرُوا وَإِذَا أَسَاءُوا اِسْتَغْفَرُوا، وَإِذَا أُعْطُوا شَكَرُوا،
وَإِذَا ابْتُلُوا صَبَرُوا، وَإِذَا غَضِبُوا غَفَرُ وا »(3).
[85/85] عَنِ السَّكُونِي، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «مَا أَقْبَحَ الْفَقْرَ بَعْدَ الْغِنَى ، وَأَقْبَحَ الْخَطِيئَةَ بَعْدَ المَسْكَنَةِ، وَأَقْبَحُ مِنْ ذَلِكَ الْعَابِدُ الله ثُمَّ يَدَعْ عِبَادَتَهُ»(4).
ص: 54
[86/86] رُوِيَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثَّالِيِّ، قَالَ: قَالَ لَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ علیه السلام : أَيُّ الْبقاع أَفْضَلُ؟»، فَقُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَابْنُ رَسُولِهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِمْ أَعْلَمُ، فَقَالَ لَنَا: «أَفْضَلُ الْبِقَاعِ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمَقَامِ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً عُمرَ مَا عُمِّرَ نُوحُ علیه السلام فِي قَوْمِهِ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَاماً يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ فِي ذَلِكَ اَلَمَكَانِ ثُمَّ لَقِيَ اللَّهَ بِغَيْرِ وَلَايَتِنَا لَمْ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ شَيْئاً »(1).
[87/87] عَنِ ابْن أَبي لَيْلَى، عَن الحَسَن بْن عَلىُّ علیه السلام ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «الْزَمُوا مَوَدَّتَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فَإِنَّهُ مَنْ لَقِيَ الله وَهُوَ يَوَدُّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ دَخَلَ الجنَّةَ بِوِلَايَتِنَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَنْفَعُ عَبْداً عَمَلُهُ إِلَّا بِمَعْرِفَةِ حَقْنَا (2).
[88/88] عَن الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام
عن جَالِساً، فَدَخَلَ عَلَيْهِ دَاخِلٌ، فَقَالَ: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، مَا أَكْثَرَ اَلْحَاجَ الْعَامَ، فَقَالَ: إِنْ شَاءُوا فَلْيَكْثُرُوا، وَإِنْ شَاءُوا فَلْيَقِلُّوا، وَالله مَا يَقْبَلُ اللهُ إِلَّا مِنْكُمْ، وَلَا يَغْفِرُ إِلَّا
لَكُمْ »(3) .
[ 89/89] عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّد علیهما السلام ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم مَا بَالُ أَقْوَامٍ مِنْ أُمَّتِي إِذَا ذُكِرَ عِنْدَهُمْ إِبْرَاهِيمُ وَآل إِبْرَاهِيمَ إِسْتَبْشَرَتْ قُلُوبُهُمْ، وَتَهَلَّلَتْ وُجُوهُهُمْ، وَإِذَا ذُكِرْتُ وَأَهْلَ بَيْتِي اِشْمَأَزَّتْ قُلُوبُهُمْ، وَكَلَحَتْ وُجُوهُهُمْ؟ وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالحَقِّ نَبِيَّا لَوْ أَنَّ رَجُلاً لَقِيَ اللَّهَ بِعَمَلِ سَبْعِينَ نَبِيًّا ثُمَّ لَم
يَأْتِ بِوَلَايَةِ أُولِي الْأَمْرِ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ مَا قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفاً وَلَا عَدْلاً »(4).
ص: 55
[ 90 / 90] سُلَيْمانُ الأَعْمَشُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: «حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلى علیه السلام ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم : يَا عَلِيُّ ، أَنْتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِمَامُ المُتَّقِينَ. يَا عَلِيُّ، أَنْتَ سَيِّدُ الْوَصِيِّينَ، وَوَارِثُ عِلْم النَّبِيِّنَ، وَخَيْرُ الصَّدِّيقِينَ، وَأَفْضَلُ السَّابِقِينَ. يَا عَلِيُّ، أَنْتَ زَوْجُ سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، وَخَلِيفَةُ خَيْرِ اَلْمُرْسَلِينَ. يَا عَلِيُّ، أَنْتَ مَوْلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَالْحُجَّةُ بَعْدِي عَلَى النَّاسِ أَجْمَعِينَ، اِسْتَوْجَبَ اَلْجَنَّةَ مَنْ تَوَلَّاكَ، وَاسْتَوْجَبَ دُخُولَ النَّارِ مَنْ عَادَاكَ. يَا عَلِيُّ، وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالنُّبُوَّةِ وَاصْطَفَانِي عَلَى جَمِيعِ الْبَرِيَّةِ لَوْ أَنَّ عَبْداً عَبَدَ اللَّهَ تَعَالَى أَلْفَ عَام مَا قَبِلَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْهُ إِلَّا بِوَلَايَتِكَ وَوَلَايَةِ الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِكَ، وَأَنَّ وَلَايَتَكَ لَا تُقْبَلُ إِلَّا بِالْبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَائِكَ وَأَعْدَاءِ الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِكَ،
بِذَلِكَ أَخْبَرَنِي جَبْرَئِيلُ علیه السلام ، فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُر»(1).
[91/91]عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنَّا نَرَى اَلرَّجُلَ مِنَ الْمُخَالِفِينَ عَلَيْكُمْ لَهُ عِبَادَةً وَاجْتِهَادٌ وَخُشُوعٌ، فَهَلْ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ شَيْئًا؟ فَقَالَ: «يَا مُحَمَّدُ ، إِنَّ مَثَلُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ مَثَلُ أَهْلِ بَيْتٍ كَانُوا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَكَانَ لَا يَجْتَهِدُ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً إِلَّا دَعَا فَأُجِيبَ، وَإِنَّ رَجُلاً مِنْهُمْ اِجْتَهَدَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ دَعَا فَلَمْ يُسْتَجَبْ لَهُ، فَأَتَى عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ علیه السلام يَشْكُو إِلَيْهِ مَا هُوَ فِيهِ، وَيَسْأَلُهُ الدُّعَاءَ لَهُ، فَتَطَهَّرَ عِيسَى علیه السلام وَصَلَّى ثُمَّ دَعَا فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ : يَا عِيسَى، إِنَّ عَبْدِي أَتَانِي مِنْ غَيْرِ الْبَابِ الَّذِي أُوتَى مِنْهُ، إِنَّهُ دَعَانِي وَفِي قَلْبِهِ شَكٍّ مِنْكَ، فَلَوْ دَعَانِي حَتَّى يَنْقَطِعَ عُنْقُهُ وَتَنْتَشِرَ أَنَامِلُهُ مَا اسْتَجَبْتُ لَهُ، فَالتَفَتَ عِيسَى علیه السلام فَقَالَ: تَدْعُو رَبَّكَ وَفِي قَلْبِكَ شَكٍّ مِنْ نَبِيِّهِ؟ قَالَ: يَا رُوحَ اللَّهِ وَكَلِمَتَهُ، قَدْ كَانَ وَاللَّهِ مَا قُلْتَ، فَاسْأَلِ اللهَ أَنْ يَذْهَبَ بِهِ عَنِّي، فَدَعَا لَهُ عِيسَى علیه السلام ، فَتَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْهُ، وَصَارَ
ص: 56
فِي حَدٌ أَهْلِ بَيْتِهِ كَذَلِكَ نَحْنُ أَهْلَ الْبَيْتِ لَا يَقْبَلُ اللهُ عَمَلَ عَبْدِ وَهُوَ يَشْكُ فِينَا»(1).
[92/92] عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ، قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام ، فَجَاءَهُ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدِ، فَقَالَ : أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ الله : « وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى (81)» «وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (82)»[طه: 81 و 82]، قَالَ لَهُ أَبو جَعْفَرٍ علیه السلام: «قَدْ أَخْبَرَكَ أَنَّ التَّوْبَةَ وَالْإِيمَانَ وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ لَا يَقْبَلُهَا اللَّهُ إِلَّا بِالْاِهْتِدَاءِ ...»،
إلى أن قال علیه السلام: «وَأَمَّا الْاِهْتِدَاء فَبِؤُلَاةِ الْأَمْرِ، وَنَحْنُ هُمْ »(2).
بیان: كلُّ ما تقدَّم من الروايات المؤكَّدة على ولايتهم علیهم السلام وأنَّها شرط قبول الأعمال، تحكي عن حقيقة واحدة، وهي: أنَّ الله تعالى يريد منَّا أنَّ نعبده من حيث أراد هو لا من حيث يريد البشر. وقد شاء الله تعالى أَنْ يُعبَد بهذا الشكل، وأنْ يُسلَك إليه في هذا الطريق فقط، وهو طريق الولاء لآل محمّد علیهم السلام، والاعتراف بفرض طاعتهم والاتَّباع لأوامرهم.
[93/ 93] عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ علیهما السلام على يَقُولُ:« وَالله مَا كَلَّفَ اللهُ الْعِبَادَ إِلَّا دُونَ مَا يُطِيقُونَ، إِنَّمَا كَلَّفَهُمْ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَةِ
خَمْسَ صَلَوَاتُ، وَكَلَّفَهُمْ فِي كُلِّ أَلْفِ دِرْهَم خَمْسَةٌ وَعِشْرِينَ دِرْهَمَا، وَكَلَّفَهُمْ فِي اَلسَّنَةِ صِيَامَ ثَلَاثِينَ يَوْماً، وَكَلَّفَهُمْ حِجَّةً وَاحِدَةً، وَهُمْ يُطِيقُونَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ »(3).
ص: 57
[94 / 94] عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: ذُو النَّمِرَةِ، وَكَانَ مِنْ أَقْبَح النَّاسِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ ذُو النَّمِرَةِ مِنْ قُبْحِهِ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَخْبِرْنِي مَا فَرَضَ اللَّهُ لا عَلَيَّ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكَ سَبْعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَةِ، وَصَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ إِذَا أَدْرَكْتَهُ، وَالْخَجَّ إِذَا اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلاً، وَالزَّكَاةَ، وَفَسَّرَهَا لَهُ، فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ نَبِيًّا مَا أَزِيدُ رَبِّي عَلَى مَا فَرَضَ عَلَيَّ شَيْئاً، فَقَالَ لَهُ اَلنَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم: وَلِمَ، يَا ذَا النَّمِرَةِ؟ فَقَالَ: كَمَا خَلَقَنِي قَبِيحاً»، قَالَ: فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ اللام عَلَى النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله وسلم ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُبَلِّغَ ذَا اَلنَّمِرَةِ عَنْهُ السَّلَامَ، وَتَقُولَ لَهُ: يَقُولُ لَكَ رَبُّكَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَمَا تَرْضَى أَنْ أَحْشُرَكَ عَلَى جَمَالِ جَبْرَئِيلَ علیه السلام يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم : يَا ذَا النَّمِرَةِ، هَذَا جَبْرَئِيلُ يَأْمُرُنِي أَنْ أُبَلِّغَكَ السَّلَامَ، وَيَقُولُ لَكَ رَبُّكَ: أَمَا تَرْضَى أَنْ أَحْشُرَكَ عَلَى جَمَالِ جَبْرَئِيلَ؟ فَقَالَ ذُو النَّمِرَةِ: فَإِنِّي قَدْ رَضِيتُ يَا رَبِّ، فَوَعِزَّتِكَ
لَأَزِيدَنَّكَ حَتَّى تَرْضَى »(1).
[95 / 95] عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: «لَمَّا كَانَتِ اَللَّيْلَةُ الَّتِي أُصِيبَ حَمْزَةُ فِي يَوْمِهَا دَعَا بِهِ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم، فَقَالَ: يَا حَمْزَةُ، يَا عَمَّ رَسُولِ الله، يُوشِكُ أَنْ تَغِيبَ غَيْبَةً بَعِيدَةٌ، فَمَا تَقُولُ لَوْ وَرَدْتَ عَلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَسَأَلَكَ عَنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ وَشُرُوطِ الْإِيمَانِ؟ فَبَكَى حَمْزَةٌ وَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَرْشِدْنِي وَفَهُمْنِي، فَقَالَ: يَا حَمْزَةُ ، تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصاً، وَأَنِّي
ص: 58
رَسُولُ الله بَعَثَنِي بِالحَقِّ، فَقَالَ حَمْزَةُ: شَهِدْتُ، قَالَ: وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا، وَالصِّرَاطَ حَقٌّ، وَالمِيزَانَ حَقٌّ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ، وَفَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ، وَفَرِيقٌ فِي اَلسَّعِيرِ، وَأَنَّ عَلِيًّا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ حَمْزَةُ: شَهِدْتُ وَأَقْرَرْتُ وَآمَنْتُ وَصَدَّقْتُ، قَالَ: اَلْأَئِمَّةَ مِنْ ذُرِّيَّةِ وَلَدِهِ اَلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَفِي ذُرِّيَّتِهِ، قَالَ حَمْزَةُ: آمَنْتُ وَصَدَّقْتُ، وَقَالَ: فَاطِمَةَ سَيِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ ، قَالَ : نَعَمْ صَدَّقْتُ، قَالَ : وَحَمْزَةَ سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ، وَأَسَدُ الله، وَأَسَدُ رَسُولِهِ، وَعَمُّ نَبِيَّه، وَعَمُّ نَبِيِّهِ، فَبَكَى حَمْزَةٌ وَقَالَ: نَعَمْ صَدَّقْتُ وَبَرَرْتُ يَا رَسُولَ الله وَبَكَى حَمْزَةٌ حَتَّى سَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ، وَجَعَلَ يُقَبِّلُ عَيْنَيْ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم، وَقَالَ: جَعْفَرُ اِبْنُ أَخِيكَ طَيَّارٌ في الْجَنَّةِ مَعَ المَلَائِكَةِ ، وَأَنَّ مُحَمَّداً وَآلَهُ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ، وَتُؤْمِنُ يَا حَمْزَةُ بِسِرِّهِمْ وَعَلَانِيَتِهِمْ وَظَاهِرِهِمْ وَبَاطِنِهِمْ، وَتَحْيَا عَلَى ذَلِكَ وَتَمُوتُ، تُوَالِي مَنْ وَالَاهُمْ، وَتُعَادِي مَنْ عَادَاهُمْ، قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ الله أَشْهِدُ اللهَ وَأَشْهِدُكَ وَكَفَى بِالله شَهِيداً، فَقَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: سَدَّدَكَ اللهُ وَوَفَقَكَ» (1).
ص: 59
ص: 60
للعقل دور أساسي في تكوين العقائد الحقَّة حول الخالق والكون والرسالات الإلهيَّة، وقد أكَّد القرآن الكريم على ذلك الدور، ونبَّه في آيات كثيرة إلى أهمية استخدامه وإثارة كوامنه، لفهم الأمور الأساسيَّة في الكون والوصول إلى حقيقة وجود الخالق عزّو جلّ. كما ورد في روايات أهل العصمة علیهم السلام الكثير من التوضيح لأهميَّة العقل، وضرورة الاهتمام بتقويته وتنميته واستعماله بالطريقة الصحيحة، إلَّا أنَّهم في نفس الوقت أوضحوا حدوداً لإمكانيَّة العقل، وأنه لا یتمكّن من تجاوز تلك الحدود، ومن تلك الحدود المستحيلة على العقل فهم حقيقة القَدَر، فقد بينت الروايات العديدة أنَّ الإنسان عاجز عن ذلك، وأنَّه لا ينبغي له ولوج هذا المجال، لأنّه سيهلك ويضلُّ دون أن يصل إلى نتيجة صحيحة، فقد سُئِلَ أمير المؤمنين علیه السلام عن القَدَر، فقال: «طَرِيقٌ مُظْلِمٌ فَلَا تَسْلُكُوهُ، وَبَحْرٌ عَمِيقٌ فَلَا تَلِجُوهُ، وَسِرُّ الله فَلَا تَتَكَلَّفُوهُ » (1)
ص: 31
ومن تلك الحقائق المستحيلة الفهم لحقيقة ذات الله تعالى، فقد ورد ال العديد من الروايات في ذلك، منها:
ما روي عن الإمام الصادق علیه السلام إذ سُئِلَ عن قول الله عزّو جلّ: (وَأَنَّ إِلَى
رَبِّكَ المُنْتَهَى) (النجم: (42)، قال: «فَإِذَا انْتَهَى الْكَلَامُ إِلَى الله فَأَمْسِكُوا»(1).
وروي عن أبي جعفر علیه السلام أَنَّه قال: «تَكَلَّمُوا فِي خَلْقِ الله وَلَا تَكَلَّمُوا فِي
الله ، فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي اللَّه لَا يَزِيدُ إِلَّا تَخَير ا»(2).
[74/74] عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ هَلنَا عَلَى عَبْدِ المَلِكِ بْن مَرْوَانَ، قَالَ: فَاسْتَعْظَمَ عَبْدُ اَلَمَلِكِ مَا رَأَى مِنْ أَثر اَلسُّجُودِ بَيْنَ عَيْنَيْ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ علیهما السلام ، فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، لَقَدْ بُيَّنَ عَلَيْكَ اَلْاِجْتِهَادُ، وَلَقَدْ سَبَقَ لَكَ مِنَ الله اَلْحُسْنَى وَأَنْتَ بَضْعَةٌ مِنْ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم ، قَرِيبُ اَلنَّسَبِ، وَكِيدُ السَّبَبِ، بَيْتِكَ وَذَوِي عَصْرِكَ،
وَإِنَّكَ لَذُو فَضْل عَلَى أ وَلَقَدْ أُوتِيتَ مِنَ الْفَضْلِ وَالْعِلْمِ وَالدِّينِ وَالْوَرَع مَا لَمْ يُؤْتَ أَحَدٌ مِثْلُكَ وَلَا قَبْلَكَ إِلَّا مَنْ مَضَى مِنْ سَلَفِكَ، وَأَقْبَلَ عَبْدُ المَلِكِ يُثْنِي عَلَيْهِ وَيطريه. قَالَ: فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ: «كُلُّ مَا ذَكَرْتَهُ وَوَصَفْتَهُ مِنْ فَضْل الله سُبْحَانَهُ وَتَأْبِيدِهِ وَتَوْفِيقِهِ، فَأَيْنَ شُكْرُهُ عَلَى مَا أَنْعَمَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقِفُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى تورّمت قَدَمَاهُ، وَيَظْمَأُ فِي الصِّيَام حَتَّى يُعْصَبَ فُوهُ، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَمْ يَغْفِرْ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ فَيَقُولُ صلی الله علیه و آله وسلم: أَفَلَا أَكُونُ عَبْداً شَكُوراً؟ اَلْحَمْدُ للهِ عَلَى مَا أَوْلَى وَأَبْلَى، وَلَهُ اَلْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى، وَالله لَوْ تَقَطَّعَتْ أَعْضَائِي وَسَأَلَتْ مُقْلَتَايَ عَلَى صَدْرِي لَنْ أَقُومَ اللهُ عزّو جلّ بِشُكْرِ عُشْرِ الْعَشِيرِ مِنْ نِعْمَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ جَمِيعِ نِعَمِهِ الَّتِي لَا يُحْصِيهَا الْعَادُّونَ، وَلَا يَبْلُغُ حَدَّ نِعْمَةٍ مِنْهَا عَلَيَّ جَمِيعُ حَمْدِ الْحَامِدِينَ، لَا وَاللَّهُ أَوْ يَرَانِيَ اللَّهُ لَا يَشْغَلُنِي شَيْءٌ عَنْ شُكْرِهِ وَذِكْرِهِ فِي لَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ، وَلَا سِرِّ وَلَا عَلَانِيَةٍ، وَلَوْ لَا أَنَّ لِأَهْلِي عَلَيَّ حَقًّا وَلِسَائِرِ النَّاسِ مِنْ
ص: 49
خَاصٌهِمْ وَعَامِّهِمْ عَلَيَّ حُقُوقاً لَا يَسَعُنِي إِلَّا الْقِيَامُ بِهَا حَسَبَ اَلْوُسْع وَالطَّاقَةِ حَتَّى أُؤَدِّيَهَا إِلَيْهِمْ، لَرَمَيْتُ بِطَرْفِي إِلَى السَّمَاءِ وَبِقَلْبِي إِلَى اللَّه ثُمَّ لَمْ أَرْدُدُهُمَا حَتَّى يَقْضِيَ
اللَّهُ عَلَى نَفْسِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ»، وَبَكَى علیه السلام ، وَبَكَى عَبْدُ الَمَلِكِ »(1).
[22/117] قَالَ صلی الله علیه و آله وسلم: «إِنِّي لَأَعْرِفُ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِآثَارِ الْوُضُوءِ »(2).
[23/118] وَعَنْهُ صلی الله علیه و آله وسلم أَنَّهُ قَالَ: «تَأْتِي أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرّا مُحَجَّلِينَ مِنْ
آثَارِ الْوُضُوءِ »(3)
[ 10 / 10] مَسْعَدَةُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله وسلم عَلا وَقَدْ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلِلَّهِ الحُجَّةُ البَالِغَةُ) (الأنعام: 149)، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: عَبْدِي أَكُنْتَ عَالِماً؟ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَفَلَا عَمِلْتَ بِمَا عَلِمْتَ، وَإِنْ قَالَ: كُنْتُ جَاهِلاً، قَالَ لَهُ: أَفَلَا تَعَلَّمْتَ حَتَّىٰ تَعْمَلَ، فَيَخْصِمُهُ، وَذَلِكَ اَلْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ الله عزّو جلّ وَ فِي خَلْقِهِ »(4).
بيان: لا عذر للَجاهل في ترك التعلُّم في هذه الدنيا، ولا يمكنه الاعتذار عن جهله بالأحكام الشرعيَّة والمعارف الدّينيَّة المهمَّة والعقائد الحقَّة حينما يقف بين يدي الله تعالى يوم الحساب، وذلك لأنَّه كان يجب عليه أن يتعلَّم مع تيسُّر ذلك له بحكم العقل السليم الذي يحكم بوجوب المعرفة للخالق وأحكامه،
ص: 10
ووجوب الالتزام بها دفعاً لضرر العقوبات الإلهيَّة المحتملة. نعم إذا كان محروماً من فرصة التعلَّم لعدم وجود من يُعلِّمه، وعدم وجود وسائل الوصول إلى المعارف من كُتُب واتَّصالات ،وغيرها، كان جاهلاً قاصراً ومعذوراً.
[149 / 10] السيد علي بن طاوس في فلاح السائل: رأيت في بعض الأحاديث أَنَّ مَوْلَانَا عَلِيًّا علیه السلام كَانَ يَغْتَسِلُ فِي اللَّيَالِي الْبَارِدَةِ طَلَبَاً لِلنَّشَاطِ فِي
صَلَاةِ اللَّيْلِ»(1)
ص: 61
ص: 62
[96 / 1 ]عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنْ مَاءِ
الْبَحْرِ أَطَهُورٌ هُوَ؟ قَالَ: «نَعَمْ»(1).
[2/97] وَقَدْ سُئِلَ علیه السلام عَنِ الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ، فَقَالَ: «هُوَ الطَّهُورُ » (2).
[3/98] عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَخِي مُوسَىٰ بْنَ جَعْفَرٍ علیهما السلام عَنْ مَاءِ
الْبَحْرِ يُتَوَضَّأُ مِنْهُ؟ قَالَ: «لَا بَأْسَ » (3).
[4/99 ]قَوْلُهُ علیه السلام : «أَفْطِرُوا عَلَى الْخُلْوِ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوهُ فَأَفْطِرُوا عَلَى المَاءِ
فَإِنَّ المَاءَ طَهُورٌ »(4).
[ 100 / 5] عن أَبي يَعْفُورٍ، عَنْ أَبي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام، قَالَ: قَالَ: «لَا
- يَغْتَسِلْ مِنَ الْبِثْرِ التِي يَجْتَمِعُ فِيهَا غُسَالَةُ الْخَتَمَامِ فَإِنَّ فِيهَا غُسَالَةَ وَلَدِ الزِّنَا، وَهُوَ لَا يَطْهُرُ إِلَى سَبْعَةِ آبَاءِ، وَفِيهَا غُسَالَةَ النَّاصِبِ وَهُوَ شَرُّهُمَا ، إِنَّ اللهَ لَمْ يَخْلُقُ خَلْقاً شَرًا مِنَ الْكَلْبِ، وَإِنَّ النَّاصِبَ أَهْوَنُ عَلَى الله تَعَالَى مِنَ الْكَلْبِ»، قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ
ص: 63
مَاءِ الْحَمَام يَغْتَسِلُ مِنْهُ الْجُنُبُ وَالصَّبِيُّ وَالْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ وَالمَجُوسِيُّ، فَقَالَ: «إِنَّ مَاءَ اَلْحَمَّام كَمَاءِ النَّهَرِ يُطَهِّرُ بَعْضُهُ بَعْضاً»(1).
[6/101] عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام: «فِي اَخْرَةِ أَنَّهَا مِنْ
أَهْلِ الْبَيْتِ، وَيُتَوَضَّأُ مِنْ سُؤْرِهَا» (2).
[7/102] عَنِ الْفَضْلِ أَبِي الْعَبَّاسِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام عَنْ
فَضْلِ أَهِرَّةِ وَالشَّاةِ وَالْبَقَرَةِ وَالْإِبِلِ وَالْحِمَارِ وَاَخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْوَحْشِ وَالسَّبَاعِ، فَلَمْ أَتْرُكْ شَيْئاً إِلَّا سَأَلْتُهُ عَنْهُ، فَقَالَ: «لَا بَأْسَ بِهِ»، حَتَّى إِنْتَهَيْتُ إِلَى الْكَلْبِ، فَقَالَ: رِجْسٌ نجسٌ لَا يَتَوَضَّأُ بِفَضْلِهِ، وَأَصْبُبُ ذَلِكَ الَمَاءَ، وَاغْسِلْهُ بِالتُّرَابِ أَوَّلَ مَرَّةٍ، ثُمَّ بِالمَاءِ » (3).
[ 8/103] عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثَّالِيُّ، قَالَ: كُنْتُ جَالِساً فِي مَسْجِدِ الرَّسُول صلی الله علیه و آله وسلم إِذَ أَقْبَلَ رَجُلٌ فَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لَهُ: مَنْ أَنْتَ، يَا عَبْدَ الله؟ قَالَ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، فَقُلْتُ : مَا حَاجَتُكَ؟ فَقَالَ لِي: أَتَعْرِفُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيّ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَما حَاجَتُكَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: هَيَّأْتُ لَهُ أَرْبَعِينَ مَسْأَلَةٌ أَسْأَلُهُ عَنْهَا، فَمَا كَانَ مِنْ حَقٌّ أَخَذْتُهُ، وَمَا كَانَ مِنْ بَاطِل تَرَكْتُهُ، قَالَ أَبُو حَمْزَةَ : فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ تَعْرِفُ مَا بَيْنَ الحَقِّ وَالْبَاطِلِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقُلْتُ لَهُ: فَمَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ إِذَا كُنْتَ تَعْرِفُ مَا بَيْنَ اَلْحَقِّ وَالْبَاطِلِ؟ فَقَالَ لِي: يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ، أَنْتُمْ قَوْمٌ مَا تُطَاقُونَ، إِذَا رَأَيْتَ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام
ص: 64
فَأَخْبِرْنِي، فَمَا انْقَطَعَ كَلَامِي مَعَهُ حَتَّى أَقْبَلَ أَبو جَعْفَرٍ علیه السلام وَحَوْلَهُ أَهْلُ خُرَاسَانَ وَغَيْرُهُمْ يَسْأَلُونَهُ عَنْ مَنَاسِكِ ،اَلْحَجِّ فَمَضَى حَتَّى جَلَسَ تَجْلِسَهُ، وَجَلَسَ الرَّجُلُ
، قَرِيباً مِنْهُ. قَالَ أَبو حَمْزَةَ: فَجَلَسْتُ بِحَيْثُ أَسْمَعُ الْكَلَامَ وَحَوْلَهُ عَالَم مِنَ النَّاسِ، فَلَمَّا قَضَى حَوَائِجَهُمْ وَانْصَرَفُوا الْتَفَتَ إِلَى الرَّجُلِ ، فَقَالَ لَهُ: «مَنْ أَنْتَ؟»، قَالَ: أَنَا قَتَادَةُ بْنُ دِعَامَةَ الْبَصْرِيُّ، فَقَالَ لَهُ أَبو جَعْفَرٍ علیه السلام : «أَنْتَ فَقِيهُ أَهْل الْبَصْرَةِ؟»، قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ لَهُ أَبو جَعْفَرٍ علیه السلام : وَيْحَكَ يَا قَتَادَةُ إِنَّ اللهَ عزّو جلّ خَلَقَ خَلْقاً مِنْ خَلْقِهِ فَجَعَلَهُمْ حُجَجاً عَلَى خَلْقِهِ، فَهُمْ أَوْتَادٌ فِي أَرْضِهِ، قُوَّامٌ بِأَمْرِهِ، نُجَبَاءُ فِي عِلْمِهِ، اِصْطَفَاهُمْ قَبْلَ خَلْقِهِ أَظِلَّةٌ عَنْ يَمِينِ عَرْشِهِ»، قَالَ: فَسَكَتَ قَتَادَةُ طَوِيلاً، ثُمَّ قَالَ: أَصْلَحَكَ اللهُ وَالله لَقَدْ جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيِ الْفُقَهَاءِ وَقُدَّامَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَمَا اِضْطَرَبَ قَلْبِي قُدَّامَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا اِضْطَرَبَ قُدَّامَكَ، قَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام : وَيْحَكَ أَتَدْرِي أَيْنَ أَنْتَ؟ أَنْتَ بَيْنَ يَدَيْ«فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36)» «رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ (37)» [النور: 36 و 37]، فَأَنْتَ ثَمَّةَ، وَنَحْنُ أُولَئِكَ»، فَقَالَ لَهُ قَتَادَةُ: صَدَقْتَ وَالله جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ، وَاللَّهُ مَا هِيَ بُيُوتُ حِجَارَةٍ وَلَا طِينٍ، قَالَ قَتَادَةُ : فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْجُبُنٌ، قَالَ: فَتَبَسَّمَ أَبو جَعْفَرٍ علیه السلام ، ثُمَّ قَالَ: رَجَعَتْ مَسَائِلُكَ إِلَى هَذَا؟»، قَالَ: ضَلَّتْ عَلَيَّ، فَقَالَ: «لَا بَأْسَ بِهِ»، فَقَالَ: إِنَّهُ رُبَّمَا جُعِلَتْ فِيهِ إِنْفَحَةُ المَيِّتِ، قَالَ: «لَيْسَ بِهَا بَأْسٌ، إِنَّ الْإِنْفَحَةَ لَيْسَتْ لَمَا عُرُوقٌ، وَلَا فِيهَا دَمٌ، وَلَا مَا عَظُمْ، إِنَّمَا تَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمِ، ثُمَّ قَالَ: «وَإِنَّ اَلْإِنْفَحَةَ بِمَنْزِلَةِ دَجَاجَةٍ مَيْتَةٍ أُخْرِجَتْ مِنْهَا بَيْضَةٌ فَهَلْ تُؤكَلُ تِلْكَ البَيْضَةُ ؟»، فَقَالَ قتَادَةُ: لَا ، وَلَا آمُرُ بِأَكْلِهَا، فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام : «وَلم؟»، فَقَالَ: لِأَنَّهَا مِنَ المَيْتَةِ، قَالَ لَهُ: «فَإِنْ حُضِنَتْ تِلْكَ الْبَيْضَةُ فَخَرَجَتْ مِنْهَا دَجَاجَةٌ أَتَأْكُلُهَا؟»، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَمَا حَرَّمَ عَلَيْكَ الْبَيْضَةَ وَحَلَّلَ لَكَ الدَّجَاجَةَ؟»، ثُمَّ قَالَ علیه السلام : «فَكَذَلِكَ
ص: 65
الْإِنْفَحَةُ مِثْلُ الْبَيْضَةِ، فَاشْتَرِ اَلْجُنُنَّ مِنْ أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَيْدِي المُصَلِّينَ، وَلَا
تَسْأَل عَنْهُ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَكَ مَنْ يُخْبِرُكَ عَنْهُ» (1).
[9/104] عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدِ اَلسَّاعِدِي، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم يَوْمَ
أُحُدٍ وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ وَهُشِمَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ، وَكَانَتْ فَاطِمَةُ بنته علیها السلام
تَغْسِلُ عَنْهُ الدَّمَ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ علیه السلام يَسْكُبُ عَلَيْهَا بِالمِجَنِّ (2).
[10/105] عَنْ عَلِيٍّ علیه السلام، قَالَ: عَذَابُ الْقَبْرِ يَكُونُ مِنَ النَّمِيمَةِ،
وَالْبَوْلِ، وَعَزْبِ الرَّجُلِ عَنْ أَهْلِهِ »(3).
بيان: عَزَبُ الرجل عن أهله، يعني إعراضه عنهم.
[11/106] عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله علیه السلام : أَيُفْلِتُ مِنْ ضَغْطَةِ الْقَيْرِ أَحَدٌ؟ قَالَ: فَقَالَ: نَعُوذُ بِالله مِنْهَا ، مَا أَقَلَّ مَنْ يُفْلِتُ مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ، إِنَّ رُقَيَّةَ لَمَّا فَتَلَهَا عُثْمَانُ وَقَفَ رَسُولُ اللهُ صلی الله علیه و آله وسلم عَلَى قَبْرِهَا، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ، وَقَالَ لِلنَّاسِ: إِنِّي ذَكَرْتُ هَذِهِ وَمَا لَقِيَتْ، فَرَقَقْتُ لَهَا وَاسْتَوْ هَبْتُهَا مِنْ ضَمَّةِ الْقَبْرِ، قَالَ: فَقَالَ: «اللَّهُمَّ هَبْ لِي رُقَيَّةَ مِنْ ضَمَّةِ الْقَيْرِ ،
فَوَهَبَهَا اللهُ لَهُ»(4) .
ص: 66
[12/107] عَنْ مِسْمَع عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام : «إِنَّهُ نُهِيَ أَنْ يَبُولَ الرَّجُلُ فِي المَاءِ الْجَارِي إِلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ، وَقَالَ:
«إِنَّ لِلْمَاءِ أَهْلاً »(1).
[ 108 / 13] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كُرْدُوس، عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: «مَنْ
بَاتَ عَلَى وُضُوءٍ بَاتَ وَفِرَاشُهُ مَسْجِدُهُ، فَإِنْ تَخَفَّفَ وَصَلَّى ثُمَّ ذَكَرَ اللَّهَ لَمْ يَسْأَلِ اللهَ
شَيْئاً إِلَّا أَعْطَاهُ »(2).
[ 109 / 14] عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كُرْدُوسِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «مَنْ تَطَهَّرَ ثُمَّ آوَى إِلَى فِرَاشِهِ بَاتَ وَفِرَاشُهُ كَمَسْجِدِهِ، فَإِنْ قَامَ مِنَ اَللَّيْلِ فَذَكَرَ اللَّهَ تَنَاثَرَتْ عَنْهُ خَطَايَاهُ، فَإِنْ قَامَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَتَطَهَّرَ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَحَمِدَ الله وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله وسلم لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ شَيْئاً إِلَّا أَعْطَاهُ، إِمَّا أَنْ
يُعْطِيَهُ الَّذِي يَسْأَلُهُ بِعَيْنِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَ لَهُ مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنْهُ»(3).
[110/ 15] وَفِي حَدِيثٍ عَنْهُ صلی الله علیه و آله وسلم، قَالَ: «مَنْ نَامَ مُتَوَضّئاً كَانَ فِرَاشُهُ لَهُ مَسْجِداً، وَنَوْمُهُ لَهُ صَلَاةً حَتَّى يُصْبِحَ، وَمَنْ نَامَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ كَانَ فِرَاشُهُ لَهُ
قَبْراً، وَكَانَ كَالْخِيفَةِ حَتَّى يُصْبحَ »(4) .
[16/111] وَعَنْ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله وسلم: طَهَّرُوا هَذِهِ الْأَجْسَادَ طَهَّرَكُمُ اللَّهُ،
ص: 67
فَلَيْسَ مِنْ عَبْدِ يَبِيتُ طَاهِراً إِلَّا بَاتَ مَعَهُ مَلَكٌ فِي شِعَارِهِ لَا يَنْقَلِبُ سَاعَةٌ مِنْ لَيْلِ يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئاً مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ»(1).
بيان:( في شعاره) أي في داخل ثيابه فالشعار الثوب الذي يلامس الجسد، والدثار ما يُغطّي الشعار ويأتي فوقه، وقد ورد قوله صلی الله علیه و آله وسلم :« الْأَنْصَارُ
شِعَارٌ، وَالنَّاسُ دِثَارٌ » (2).
[17/112] عَنِ النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ نَامَ عَلَى الْوُضُوءِ إِنْ أَدْرَكَهُ
اَلمَوْتُ فِي لَيْلِهِ مَاتَ شَهِيداً »(3).
[113/ 18] عَنِ الْأَصْبَعِ بْنِ نُبَاتَةَ، قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي
طالب علیه السلام: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَرْتَفِعُ فِيهِ الْفَاحِشَةُ..... إلى أَنْ قال: «فَمَنْ
بَلَغَ مِنْكُمْ ذَلِكَ اَلزَّمَانَ فَلَا يَبِيتَنَّ لَيْلَةً إِلَّا عَلَى طَهُورٍ »(4).
[19/114] عَنْ عَبْدِ الله بْن سِنَانٍ، عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَنْ طَلَبَ حَاجَةً وَهُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَلَمْ تُقْضَ (حاجته) فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا
نَفْسَهُ »(5).
[20/115] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: إِنِّي لَأَعْجَبُ مِمَّنْ يَأْخُذُ فِي حَاجَةٍ وَهُوَ
عَلَى وُضُوءٍ كَيْفَ لَا تُقْضَى حَاجَتُهُ » (6). .
ص: 68
[21/116 ]قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم : « إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأَ . » (1).
[ 119 / 24] وَفِي الْخَبَرِ : إِذَا تَطَهَّرَ الْعَبْدُ يُخْرِجُ اللَّهُ عَنْهُ كُلَّ خَبَثٍ وَنَجَاسَةٍ،
وَإِنَّ مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ »(2).
[120 / 25] رُوِيَ أَنَّ تَجْدِيدَ الْوُضُوءِ لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ يَمْحُو (لَا وَالله)
وَ (َبَلَى وَالله)(3) .
[121 / 26] عَنْ سَاعَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبي الحَسَنِ مُوسَى علیه السلام ، فَصَلَّى عَلا
اَلظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بَيْنَ يَدَيَّ، وَجَلَسْتُ عِنْدَهُ حَتَّى حَضَرَتِ المَغْرِبُ، فَدَعَا بِوَضُوءِ،
ص: 69
فَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ قَالَ لي: «تَوَضَّأَ»، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَنَا عَلَى وُضُوءِ، فَقَالَ: «وَإِنْ كُنْتَ عَلَى وُضُوءِ، إِنَّ مَنْ تَوَضَّأَ لِلْمَغْرِبِ كَانَ وُضُوقُهُ ذَلِكَ كَفَّارَةٌ لِمَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِهِ فِي يَوْمِهِ إِلَّا الْكَبَائِرَ، وَمَنْ تَوَضَّأَ لِلصُّبْحِ كَانَ وُضُوقُهُ ذَلِكَ كَفَّارَةً
مَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِهِ فِي لَيْلَتِهِ إِلَّا الْكَبَائِرَ » (1).
[122 / 27] عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم : «يَا أَنَّسُ، أَكْثِرُ مِنَ الطَّهُورِ يَزِدِ اللَّهُ فِي عُمُرِكَ، وَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ عَلَى طَهَارَةٍ فَافْعَلْ، فَإِنَّكَ تَكُونُ إِذَا مِتَ عَلَى الطَّهَارَةِ شَهيداً » (2) .
[ 28/123] فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ شَكَا إِلَيْهِ صلی الله علیه و آله وسلم[رَجُلٌ ] قِلَّةَ الرِّزْقِ، فَقَالَ صلی الله علیه و آله وسلم:
« أَدِمِ الطَّهَارَةَ يَدُمْ عَلَيْكَ الرِّزْقُ، فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ، فَوُسعَ عَلَيْهِ الرِّزْقُ»(3).
[29/124] قَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم: «يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: مَنْ أَحْدَثَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ فَقَدْ جَفَانِي، وَمَنْ أَحْدَثَ وَتَوَضَّأَ وَلَمْ يُصَلُّ رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَدْعُنِي فَقَدْ جَفَانِي، وَمَنْ أَحْدَثَ وَتَوَضَّأَ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَدَعَانِي فَلَمْ أَجِبْهُ فِيمَا يَسْأَلُ مِنْ أَمْرِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ فَقَدْ
جَفَوْتُهُ، وَلَسْتُ بِرَبِّ جَافٍ» (4).
ص: 70
[30/125] قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم : «افْتَحُوا عُيُونَكُمْ عِنْدَ الْوُضُوءِ لَعَلَّهَا لَا
تَرَى نَارَ جَهَنَّمَ »(1).
[126/31] عَنْ عَلِيٌّ علیه السلام، قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «أَشْرِبُوا أَعْيُنَكُمُ
اَلَمَاءَ عِنْدَ الْوُضُوءِ لَعَلَّهَا لَا تَرَى نَاراً حَامِيَةً»(2) .
[127 / 32 ]دَاوُدُ الرَّقِّيُّ ، قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى أَبي عَبْدِ الله علیه السلام، فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، كَمْ عِدَّةُ الطَّهَارَةِ؟ فَقَالَ: «مَا أَوْجَبَهُ اللهُ فَوَاحِدَةٌ، وَأَضَافَ إِلَيْهَا رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم وَاحِدَةً لِضَعْفِ النَّاسِ، وَمَنْ تَوَضَّأَ ثَلاثاً ثَلاثاً فَلَا صَلَاةَ لَهُ»، أَنَا مَعَهُ فِي ذَا حَتَّى جَاءَ دَاوُدُ بْنُ زُرْبِيُّ، وَأَخَذَ زَاوِيَةٌ مِنَ الْبَيْتِ ، فَسَأَلَهُ عَمَّا سَأَلْتُ فِي عِدَّةِ الطَّهَارَةِ، فَقَالَ لَهُ: «ثَلاثاً ثَلاثاً مَنْ نَقَصَ عَنْهُ فَلَا صَلَاةَ لَهُ ، قَالَ : فَارْتَعَدَتْ فَرَائِصِي، وَكَادَ أَنْ يَدْخُلَنِيَ الشَّيْطَانُ، فَأَبْصَرَ أَبو عَبْدِ الله علیه السلام إليَّ وَقَدْ تَغَيَّرَ لَوْنِي، فَقَالَ: «اسْكُنْ يَا دَاوُدُ، هَذَا هُوَ الْكُفْرُ أَوْ ضَرْبُ الْأَعْنَاقِ، قَالَ: فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ، وَكَانَ إِبْنُ زُرْيٌّ إِلَى جِوَارِ بُسْتَانِ أَبِي جَعْفَرِ المَنْصُورِ، وَكَانَ قَدْ أُلْقِيَ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ أَمْرُ دَاوُدَ بْنِ زُرْيٌّ، وَأَنَّهُ رَافِضِيٌّ يَخْتَلِفُ إِلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: إِنِّي مُطَّلِعُ عَلَى طَهَارَتِهِ، فَإِنْ هُوَ تَوَضَّأَ وُضُوءَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ - فَإِنِّي لَأَعْرِفُ طَهَارَتَهُ - حَقَّقْتُ عَلَيْهِ الْقَوْلَ وَقَتَلْتُهُ، فَاطَّلَعَ وَدَاوُدُ يَتَهَيَّأُ لِلصَّلَاةِ مِنْ حَيْثُ لَا يَرَاهُ، فَأَسْبَغَ دَاوُدُ بْنُ زُرْبِيُّ الْوُضُوءَ ثَلاثاً ثَلَاثَاً كَمَا أَمَرَهُ أَبو عَبْدِ الله علیه السلام، فَما تَمَّ وُضُوؤُهُ حَتَّى بَعَثَ إِلَيْهِ أَبو جَعْفَرٍ فَدَعَاهُ، فَقَالَ دَاوُدُ: فَلَها أَنْ دَخَلْتُ عَلَيْهِ رَخَبَ بي، وَقَالَ: يَا دَاوُدُ، قِيلَ فِيكَ شَيْءٌ بَاطِلٌ، وَمَا أَنْتَ كَذَلِكَ، قَالَ: قَدِ اِطَّلَعْتُ عَلَى طَهَارَتِكَ، وَلَيْسَتْ طَهَارَتُكَ طَهَارَةَ الرَّافِضَةِ، فَاجْعَلْنِي فِي حِلَّ ، فَأَمَرَ لَهُ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، قَالَ: فَقَالَ دَاوُدُ الرَّفْيُّ: الْتَقَيْتُ
ص: 71
أَنَا وَدَاوُدُ بْنُ زُرْبِيٌّ عِنْدَ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام ، فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ بْنُ زُرْبيٌّ: جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ، حَقَنْتَ دِمَاءَنَا فِي دَارِ الدُّنْيَا، وَنَرْجُو أَنْ نَدْخُلَ بِيُمْنِكَ وَبَرَكَتِكَ اَلْجَنَّةَ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام: «فَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ بِكَ وَبِإِخْوَانِكَ مِنْ جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ»، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّه علیه السلام لِدَاوُدَ بْنِ زُرْبيٌّ: حَدَّثْ دَاوُدَ الرَّقِّيَّ بِمَا مَرَّ عَلَيْكُمْ حَتَّى تَسْكُنَ رَوْعَتُهُ»، قَالَ:
فَحَدَّثَهُ بِالْأَمْرِ كُلِّهِ، قَالَ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام : «لِهَذَا أَفْتَيْتُهُ، لِأَنَّهُ كَانَ أَشْرَفَ عَلَى
الْقَتْلِ مِنْ يَدِ هَذَا الْعَدُوِّ»، ثُمَّ قَالَ: «يَا دَاوُدَ بْنَ زُرْيٍّ، تَوَضَّأْ مَثْنَى مَثْنَى، وَلَا تَزِيدَنَّ عَلَيْهِ، وَإِنَّكَ إِنْ زِدْتَ عَلَيْهِ فَلَا صَلَاةَ لَكَ » (1).
بيان :وللإمام الكاظم علیه السلام نصيحة مشابهة لعليِّ بن يقطين أنجاه بها من بطش الرشيد، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الفَضْل أنّ عليَّ بن يقطين كتب إلى أبي الحسن موسى علیه السلام يسأله عن الوضوء، فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبو الحَسَنِ علیه السلام : «فَهِمْتُ مَا ذَكَرْتَ
مِنَ الْاِخْتِلَافِ فِي الْوُضُوءِ، وَالَّذِي بِهِ فِي ذَلِكَ أَنْ تُضْمِضَ ثَلَاثَاً، وَتَسْتَنْشِقَ ثَلاثاً، وَتَغْسِلَ وَجْهَكَ ثَلاثاً، وَتُخَلَّلَ شَعْرَ حِيَتِكَ، وَتَغْسِلَ يَدَكَ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثَلَاثَاً، وَتَمْسَحَ رَأْسَكَ كُلَّهُ، وَتَمْسَحَ ظَاهِرَ أُذُنَيْكَ وَبَاطِنَهُمَا، وَتَغْسِلَ رِجْلَيْكَ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثَلاثاً، وَلَا تُخَالِفٌ ذَلِكَ إِلَى غَيْرِهِ ، فَلَما وَصَلَ الْكِتَابُ إِلَى عَلِيِّ بْنِ يَقْطِين تَعَجَّبَ مِمَّا رُسِمَ لَهُ فِيهِ مِمَّا جَمِيعُ الْعِصَابَةِ عَلَى خِلَافِهِ، ثُمَّ قَالَ: مَوْلَايَ أَعْلَمُ بِمَا قَالَ، وَأَنا مُمتثل أَمْرَهُ، فَكَانَ يَعْمَلُ فِي وُضُوئِهِ عَلَى هَذَا اَلْحَدِّ، وَيُخَالِفُ مَا عَلَيْهِ جَمِيعُ الشَّيعَةِ، اِمْتِثَالاً لِأَمْرِ أَبي الحَسَنِ علیه السلام. وَسُعِيَ بِعَلِيِّ بْنِ يَقْطِينِ إِلَى الرَّشِيدِ، وَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُ رَافِضِيُّ
عَالِيَّا. مُخَالِفٌ لَكَ، فَقَالَ الرَّشِيدُ لِبَعْض خَاصَّتِهِ : قَدْ كَثُرَ عِنْدِيَ الْقَوْلُ فِي عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ، وَالْقَرَفُ (2) لَهُ بِخِلَافِنَا، وَمَيْلِهِ إِلَى الرَّفْضِ، وَلَسْتُ أَرَى فِي خِدْمَتِهِ لِي تَقْصِيراً، وَقَدِ اِمْتَحَنَتُهُ مِرَاراً، فَمَا ظَهَرْتُ مِنْهُ عَلَى مَا يُقْرَفُ بِهِ، وَأُحِبُّ أَنْ أَسْتَبْرِئَ أَمَرَهُ مِنْ حَيْثُ لَا
ص: 72
يَشْعُرُ بِذَلِكَ فَيَتَحَرَّزَ مِنِّي، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ الرَّافِضَةَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ تُخَالِفُ الجَمَاعَةَ فِي الْوُضُوءِ فَتُخَفِّفُهُ، وَلَا تَرَى غَسْلَ الرَّجْلَيْنِ، فَامْتَحِنَّهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ بِالْوُقُوفِ عَلَى وُضُوئِهِ، فَقَالَ: أَجَلْ، إِنَّ هَذَا الْوَجْهَ يَظْهَرُ بِهِ أَمْرُهُ، ثُمَّ تَرَكَهُ مُدَّةً وَنَاطَهُ بِشَيْءٍ مِنَ اَلشُّغُلِ فِي الدَّارِ حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ، وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ يَقْطِينٍ يَخْلُو فِي حُجْرَةٍ فِي اَلدَّارِ لِوُضُوئِهِ وَصَلَاتِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَقَفَ الرَّشِيدُ مِنْ وَرَاءِ حَائِطِ اَلحُجْرَةِ بِحَيْثُ يَرَى عَلِيَّ بْنَ يَقْطِينٍ وَلَا يَرَاهُ هُوَ، فَدَعَا بِالمَاءِ لِلْوُضُوءِ، فَتَمَضْمَضَ ثَلاثاً، وَاسْتَنْشَقَ ثَلاثاً، وَغَسَلَ وَجْهَهُ، وَخَلَّلَ شَعْرَ لِخِيَتِهِ، وَغَسَلَ يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثَلَاثَاً، وَمَسَحَ رَأْسَهُ وَأَذْنَيْهِ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ، وَالرَّشِيدُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا رَآهُ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَمْلِكُ نَفْسَهُ حَتَّى أَشْرَفَ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَرَاهُ، ثُمَّ نَادَاهُ: كَذَبَ يَا عَلِيَّ بْنَ يَقْطِينٍ مَنْ زَعَمَ أَنَّكَ مِنَ الرَّافِضَةِ، وَصَلَحَتْ حَالُهُ عِنْدَهُ. وَوَرَدَ عَلَيْهِ كِتَابُ أَبِي الْحَسَنِ علیه السلام : ابْتَدِى مِنَ اَلْآنَ يَا عَلِيَّ بْنَ يَقْطِينٍ، تَوَضَّأَ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ، اِغْسِلْ وَجْهَكَ مَرَّةً فَرِيضَةً، وَأُخْرَىٰ إِسْبَاعًا، وَاغْسِلْ يَدَيْكَ مِنَ الْمُرْفَقَيْنِ كَذَلِكَ، وَامْسَحْ بِمُقَدَّمِ رَأْسِكَ وَظَاهِرِ قَدَمَيْكَ مِنْ فَضْلِ نَدَاوَةِ وَضُوئِكَ، فَقَدْ زَالَ مَا كَانَ يُخَافُ عَلَيْكَ، وَالسَّلَامُ »(1) .
[128 / 33] عَنْ عَبْدِ الله بْن سِنَانٍ، قَالَ: ذَكَرْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله علیه السلام رَجُلاً مُبْتَى بِالْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ، وَقُلْتُ: هُوَ رَجُلٌ عَاقِلٌ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: «وَأَيُّ عَقْل لَهُ وَهُوَ يُطِيعُ الشَّيْطَانَ؟»، فَقُلْتُ لَهُ: وَكَيْفَ يُطِيعُ الشَّيْطَانَ؟ فَقَالَ: «سَلْهُ هَذَا الَّذِي يَأْتِيهِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ هُوَ، فَإِنَّهُ يَقُولُ لَكَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ»(2).
(34/129] عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّه علیه السلام فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ
ص: 73
وَالمَدِينَةِ، وَمَعَهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، فَأَصَابَ مِنْ جَارِيَةٍ لَهُ، فَأَمَرَهَا، فَغَسَلَتْ جَسَدَهَا وَتَرَكَتْ رَأْسَهَا، وَقَالَ لَهَا: إِذَا أَرَدْتِ أَنْ تَرْكَبِي فَاغْسِلِي رَأْسَكِ»، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ، فَعَلِمَتْ بِذَلِكَ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، فَحَلَقَتْ رَأْسَهَا، فَلَا كَانَ مِنْ قَابِل اِنْتَهَى أَبو عَبْدِ الله علیه السلام إِلَى ذَلِكَ الَمَكَانِ، فَقَالَتْ لَهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ: أَيُّ مَوْضِعِ هَذَا؟ قَالَ لَهَا: «هَذَا اَلمَوْضِعُ الَّذِي أَحْبَطَ اللَّهُ فِيهِ حَجَّكِ عَامَ أَوَّلَ ». (1)
بيان: إنَّما أحبط الله تعالى حجِّ أُمّ ِإسماعيل لأنَّها تجاوزت على الجارية في هذا الموضع من السنة الماضية وحلقت رأسها دون ذنب، فهي جارية الامام علیه السلام، وقد أصاب منها حلالاً، ولا ذنب لها في ذلك، لكنَّها الغيرة التي
تستولي على النساء وتوقعهنَّ في المحذور، فاستحقَّت إحباط ثواب الحجِّ. وقد ورد أَنَّ «غَيْرَةُ المَرْأَةِ كُفْرٌ، وَغَيْرَةُ الرَّجُل إِيمَانُ »(2)
[130 / 35] عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيًّا علیه السلام سُئِلَ : هَلْ يُوجِبُ اَلَمَاءَ إِلَّا اَلَمَاءُ؟ فَقَالَ : يُوجِبُ الصَّدَاقَ، وَيَهْدِمُ الطَّلَاقَ، وَيُوجِبُ اَلْخَدَّ، وَيَهْدِمُ الْعِدَّةَ، وَلَا يُوجِبُ صَاعاً مِنْ مَاءٍ، هُوَ لِصَاعِ مِنْ مَاءٍ أَوْجَبُ»(3).
بيان ا:لمراد من السؤال أنَّه هل يوجب المنىُّ إلَّا الغسل بالماء وهو كناية عن الجماع والدخول ؟ فأجاب علیه السلام ببعض الآثار المترتَّبة على وطيء المرأة، ومنها:
يوجب تمام الصداق للمرأة إذا كانت معقوداً عليها، ويوجب الحدَّ الشرعي إذا كان وطئاً محرَّماً، ويَهدِم العدِّة إذا كان أثناء طلاق رجعي فيُعَدُّ الوطئ من الرجل رجوعاً عن طلاقه وهدماً للعدَّة. فليس الأمر كما تصوَّره السائل أنَّ نزول لماء وهو المنيُّ لا يوجب إلَّا الغسل بالماء، لأنَّ لذلك آثاراً عديدة بحسب
اختلاف الحالات.
ص: 74
[131 / 36] عَنْ ثَوْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ سَعِيدِ بْن عِلَاقَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ
أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ علیه السلام يَقُولُ: «اَلْأَكْلُ عَلَى الْجَنَابَةِ يُورِثُ الْفَقْرَ » (1).
[132/ 37] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِ، عَنْ جَدِّي، عَنْ ،
آبَائِهِ علیهم السلام أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام قَالَ : لَا يَنَامُ الْمُسْلِمُ وَهُوَ جُنُبٌ، وَلَا يَنَامُ إِلَّا عَلَى طَهُورٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدِ المَاءَ فَلْيَتَيَمَّمْ بِالصَّعِيدِ، فَإِنَّ رُوحَ الْمُؤْمِنِ تَرُوحُ إِلَى الله عزّو جلّ فَيَلْقَاهَا وَيُبَارِكُ عَلَيْهَا ، فَإِنْ كَانَ أَجَلُهَا قَدْ حَضَرَ جَعَلَهَا فِي مَكْنُونِ رَحْمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَجَلُهَا قَدْ حَضَرَ بَعَثَ بِهَا مَعَ أَمَنَائِهِ مِنَ الَمَلَائِكَةِ فَيَرُدُّوهَا فِي جَسَدِهِ »(2).
[133 / 38] قَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم: «إِنَّ فَاطِمَةَ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهَا) لَيْسَتْ
كَأَحَدٍ مِنْكُنَّ ، إِنَّهَا لَا تَرَى دَماً فِي حَيْضِ وَلَا نِفَاسٍ كَالحُورِيَّةِ » (3).
[134 / 39] عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ فِي حَدِيثٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم: يَا عَلِيُّ، لَا يُبْغِضُكَ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَّا سِفَاحِيٌّ، وَلَا مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَّا يَهُودِيُّ، وَلَا مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا دَعِيٌّ، وَلَا مِنْ سَائِرِ النَّاسِ إِلَّا شَقِيٌّ، وَلَا مِنَ النِّسَاءِ
إِلَّا سَلَقْلَقِيَّةٌ، وَهِيَ الَّتِي تَحِيضُ مِنْ دُبُرِهَا »(4).
[135 / 40] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: «لَا يُبْغِضُنَا إِلَّا مَنْ خَبُثَتْ وِلَادَتُهُ، أَوْ
ص: 75
حَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ فى طَمْثِهَا » (1).
[ 136 / 41] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام فِي حَدِيثٍ : «إِنَّ لِوَلَدِ الزِّنَا عَلَامَاتٍ أَحَدُهَا ا بُغْضُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ ...». إلى أن قال: «وَرَابِعُهَا سُوءُ المَحْضَرِ لِلنَّاسِ، وَلَا يُسِيءُ مَحْضَرَ
إِخْوَانِهِ إِلَّا مَنْ وُلِدَ عَلَى غَيْرِ فِرَاشِ أَبِيهِ، أَوْ مَنْ حَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ فِي حَيْضِهَا »(2).
بيان: سوء المحضر هو عدم مراعاة آداب الاجتماع مع الآخرين وصدور ما لا يليق من الإنسان في محضر إخوانه ممَّا يسيء إليهم ويُعكّر الأجواء بأقوال وتصرُّفات غير لائقة، وهذه الصفة (سوء المحضر ) من علامات ولد الزنا، أو مَنْ حملت به أمُّه في حيضها.
[42/137] عن عُذَافِرِ الصَّيْرَفِ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام : تَرَى . هَؤُلَاءِ الْمُشَوَّهِينَ خَلْقُهُمْ؟»، قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «هَؤُلَاءِ الَّذِينَ آبَاؤُهُمْ يَأْتُونَ
نِسَاءَهُمْ فِي الطَّمْثِ (3).
[43/138] قَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم:«مَنْ جَامَعَ اِمْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضَ في الْوَلَدُ يَجْذُوماً أَوْ أَبْرَصَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ»(4).
[ 44/139] أُتِيَ عُمَرُ بِابْنِ أَسْوَدَ انْتَفَى مِنْهُ أَبُوهُ، فَأَرَادَ عُمَرُ أَنْ يُعَذِّرَهُ، قَالَ
عَلى علیه السلام لِلرَّجُلُ : هَلْ جَامَعْتَ أُمَّهُ فِي حَيْضِهَا؟»، قَالَ: بَلَى، قَالَ: «لِذَلِكَ سَوَّدَهُ
اللهُ، فَقَالَ عُمَرُ : لَوْ لَا عَلِيٌّ هَلَكَ عُمَرُ(5) .
ص: 76
ص: 77
ص: 78
[140 / 1] عَن الحُسَيْنِ بْن عُبَيْدِ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى الصَّادِقِ علیه السلام : هَل اِغْتَسَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام حِينَ غَسَّلَ رَسُولَ الله صلی الله علیه و آله وسلمعِنْدَ مَوْتِهِ؟ فَقَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهُ صلی الله علیه و آله وسلم طَاهِراً مُطَهَّراً، وَلَكِنْ فَعَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ علیه السلام ذَلِكَ، وَجَرَتْ بِهِ اَلسُّنَّةُ» (1).
بيان :لعلَّ اغتسال أمير المؤمنين علیه السلام بعد تغسيل النبيِّ صلی الله علیه و آله وسلم كان
التعليم الناس ، ولذا جرت بذلك السُّنَّة بعده، وإلَّا فإنَّ النبيَّ الأعظم صلی الله علیه و آله وسلم
طاهر مطهَّر .
[2/141] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ طَهُورٌ وَكَفَّارَةٌ مَا بَيْنَهُمَا
مِنَ الذُّنُوبِ مِنَ الجُمُعَةِ إِلَى الجُمُعَةِ»(2).
[3/142] عَنِ الْأَصْبَعْ، قَالَ: كَانَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ علیه السلام إِذَا أَرَادَ أَنْ يُوَبَّخَ اَلرَّجُلَ يَقُولُ لَهُ: وَاللَّهُ لَأَنْتَ أَعْجَرُ مِنْ تَارِكِ الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَإِنَّهُ لَا يَزَالُ فِي
طُهْرٍ إِلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى » (3).
ص: 79
[143 / 4] عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ علیهم السلام ، عَن النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله وسلم أَنَّهُ قَالَ
لِعَليّ علیه السلام مِنْ وَصِيَّتِهِ لَهُ: يَا عَلِيُّ، عَلَى النَّاسِ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ الْغُسْلُ، فَاغْتَسِلْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَوْ أَنَّكَ تَشْتَرِي لَمَاءَ بِقُوتِ يَوْمِكَ وَتَطْوِيهِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ
التَّطَوُّع أَعْظَمُ مِنْهُ»(1).
[5/144 ] وَعَنْهُ صلی الله علیه و آله وسلم أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَتْرُكُ غُسْلَ اَلْجُمُعَةِ إِلَّا فَاسِقٌ »(2).
[6/145] عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى، عَنْ أُمِّهِ وَأَمَّ أَحْمَدَ بِنْتِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَتَا كُنَّا مَعَ أَي الْحَسَنِ علیه السلام بِالْبَادِيَةِ وَنَحْنُ نُرِيدُ بَغْدَادَ، فَقَالَ لَنَا يَوْمَ اَلْخَمِيسِ : اِغْتَسِلَا الْيَوْمَ لِغَدٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّ المَاءَ بِهَا غَداً قَلِيلٌ،
فَاغْتَسَلْنَا يَوْمَ اَلْخَمِيسِ لِيَوْم الْجُمُعَةِ »(3).
[7/146] عَن الصَّادِقِ (صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِ): «مَنْ أَحَبَّ أَنْ لَا تَكُونَ اَلْحَكَةُ فَلْيَغْتَسِلْ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَإِنَّهُ مَنِ اِغْتَسَلَ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْهُ لَا يُصِيبُهُ
حَكَةٌ إِلَى شَهْرِ رَمَضَانِ الْقَابِلِ (قابل خ ل ) »(4) .
[8/147 عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُودَ الكَّيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام، قَالَ: دَخَلْتُ
عَلَيْهِ، فَأَنْشَأْتُ الْحَدِيثَ، فَذَكَرْتُ بَابَ الْقَدَرِ، فَقَالَ: «لَا أَرَاكَ إِلَّا هُنَاكَ ، أخرج - قَالَ: قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنِّي أَتُوبُ مِنْهُ، فَقَالَ: «لَا وَاللَّهُ حَتَّىٰ تَخْرُجَ إِلَى بَيْتِكَ وَتَغْتَسِلَ
وَتَتُوبَ مِنْهُ إِلَى اللَّه كَمَا يَتُوبُ النَّصْرَانِيُّ مِنْ نَصْرَانِيَّتِهِ»، قَالَ: فَفَعَلْتُه»(5).
ص: 80
بيان: الراوي معروف بن خرَّبوذ من أصحاب الإجماع كما ينقل الكشِّي رحمه الله (1)، ومن أجلة الرواة عن الإمام السجَّاد والإمامين الصادقين علیهم السلام ، وقد وقف الإمام الباقر علیه السلام منه هذا الموقف الشديد لأنَّه تكلَّم في مسألة القدر والتي طالما نهى الأئمَّة علیهم السلام عن الدخول فيها، لأنَّها بحر مظلم، وطريق يُؤدِّي
إلى الانحراف.
[9/148 ]قَوْلُهُ علیه السلام: «وَأَيُّمَا اِمْرَأَةِ تَطَيِّبَتْ لِغَيْرِ زَوْجِهَا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهَا صَلَاةٌ
حَتَّى تَغْتَسِلَ مِنْ طِيبِهَا كَغُسْلِهَا مِنْ جَنَابَتِهَا» (2).
[ 150 / 11] عَنْ أَبِي سَعِيدِ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
جَبَلَةَ، عَنْ أَبِي المَعْنَا، عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ علیه السلام، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَنْ كَانَتْ
لَهُ إِلَى اللَّه حَاجَةٌ وَأَرَادَ أَنْ يَرَانَا وَأَنْ يَعْرِفَ مَوْضِعَهُ مِنَ اللَّهِ، فَلْيَغْتَسِلْ ثَلَاثَ لَيَالٍ
یُنَاجِي بِنَا ، فَإِنَّهُ يَرَانَا ، [ وَيُغْفَرُ لَهُ بِنَا ، وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ مَوْضِعُهُ »(3).
ص: 81
[12/151] عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ ، قَالَ : دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام، فَقَالَ علیه السلام لَهُ : أَتَغْتَسِلُ مِنْ فُرَاتِكُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً ؟»، قَالَ: لَا،
ا السلام قَالَ: «فَفِي كُلِّ جُمْعَةٍ؟»، قَالَ: لَا ، قَالَ: «فَفِي كُلِّ شَهْرٍ؟»، قَالَ: لَا، قَالَ: «فَفِي
كُلِّ سَنَةٍ؟»، قَالَ: لَا ، قَالَ : فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام : «إِنَّكَ لَمَحْرُومٌ مِنَ الْخَيْرِ »(1)
[13/152] عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِمٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام عَن اَلرَّجُلِ يُجْنِبُ فِي السَّفَرِ فَلَا يَجِدُ إِلَّا الثَّلْجَ أَوْ مَاءً جَامِداً، فَقَالَ: «هُوَ بِمَنْزِلَةِ
اَلضَّرُورَةِ يَتَيَمَّمُ، وَلَا أَرَى أَنْ يَعُودَ إِلَى هَذِهِ الْأَرْضِ الَّتِي تُوبِقُ دِينَهُ »(2).
[153 / 14] عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ
الله صلی الله علیه و آله وسلم: «تَمَسَّحُوا بِالْأَرْضِ فَإِنَّهَا أُمَّكُمْ، وَهِيَ بِكُمْ بَرَّةٌ » (3).
[154 / 15] عَنْ عَبْدِ الله بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ الله صلی الله علیه و آله وسلم رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَتَبَسَّمَ ، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْنَاكَ رَفَعْتَ رَأْسَكَ إِلَى السَّمَاءِ فَتَبَسَّمْتَ، قَالَ: نَعَمْ، عَجِبْتُ لِلكَيْنِ هَبَطَا مِنَ السَّمَاءِ إِلَى اَلْأَرْضِ يَلْتَمِسَانِ عَبْداً صَالِحِاً مُؤْمِناً فِي مُصَلَّى كَانَ يُصَلِّي فِيهِ لِيَكْتُبَا لَهُ عَمَلَهُ فِي يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ، فَلَمْ يَجِدَاهُ فِي مُصَلَّاهُ، فَعَرَجًا إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَا: رَبَّنَا عَبْدُكَ فُلَانٌ
ص: 82
اَلْمُؤْمِنُ الْتَمَسْنَاهُ في مُصَلَّاهُ لِنَكْتُبَ لَهُ عَمَلَهُ لِيَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ فَلَمْ نُصِبْهُ، فَوَجَدْنَاهُ فِي حِبَالِكَ، فَقَالَ اللهُ عزّو جلّ: أَكْتُبَا لِعَبْدِي مِثْلَ مَا كَانَ يَعْمَلُهُ فِي صِحَّتِهِ مِنَ الخَيْرِ فِي يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ مَا دَامَ فِي حِبَالِي، فَإِنَّ عَلَيَّ أَنْ أَكْتُبَ لَهُ أَجْرَ مَا كَانَ يَعْمَلُهُ فِي صِحَتِهِ إِذَا
حبستهُ عَنْهُ»(1)
[155 / 16] عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُبْتَلَى فِي جَسَدِهِ إِلَّا قَالَ اللَّهُ عزّو جلّ وَ مَلَائِكَتِهِ: أَكْتُبُوا لِعَبْدِي أَفْضَلَ مَا كَانَ عَمِلَ فِي صِحَتِهِ » (2).
[17/156 ] عَنْ عَبْدِ الحَمِيدِ، عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ علیهما السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم : لِلْمَرِيضِ أَرْبَعُ خِصَالٍ: يُرْفَعُ عَنْهُ اَلْقَلَمُ، وَيَأْمُرُ اللهُ اَلَمَلَكَ يَكْتُبُ لَهُ فَضْلاً كَانَ يَعْمَلُهُ فِي صِحَّتِهِ، وَيَتْبَعُ مَرَضَهُ كُلُّ عُضْوِ فِي جَسَدِهِ
فَيَسْتَخْرِجُ ذُنُوبَهُ مِنْهُ، فَإِنْ مَاتَ مَاتَ مَغْفُوراً لَهُ ، وَإِنْ عَاشَ عَاشَ مَغْفُوراً لَهُ »(3).
[18/157 ]عَنْ كَثِيرِ بْنِ سُلَيْمانَ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: إِذَا مَرِضَ الْمُسْلِمُ كَتَبَ اللهُ لَهُ كَأَحْسَنِ مَا كَانَ يَعْمَلُهُ فِي صِحَتِهِ، وَتَسَاقَطَتْ ذُنُوبُهُ كَمَا يَتَسَاقَط وَرَقُ الشَّجَرِ» (4).
[19/158] عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم: إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا غَلَبَهُ ضَعْفُ الْكِبَرِ أَمَرَ اللهُ عزّو جلّ اَلَمَلَكَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ فِي حَالِهِ تِلْكَ مِثْلَ مَا كَانَ يَعْمَلُ وَهُوَ شَابٌ نَشِيطٌ صَحِيحٌ، وَمِثْلَ ذَلِكَ إِذَا مَرِضَ
ص: 83
وَكَّلَ اللهُ بِهِ مَلَكاً يَكْتُبُ لَهُ فِي سُقْمِهِ مَا كَانَ يَعْمَلُ مِنَ الْخَيْرِ فِي صِحَّتِهِ حَتَّى يَرْفَعَهُ اللَّهُ وَيَقْبِضَهُ، وَكَذَلِكَ الْكَافِرُ إِذَا اشْتَغَلَ بِسُقْمٍ فِي جَسَدِهِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ
مِنَ الشَّرِّ فِي صِحَّتِهِ »(1).
[20/159] عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام : سَهَرُ لَيْلَةٍ مِنْ
مَرَضِ أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ سَنَةٍ» (2).
[ 160 / 21] عَنْ يُونُسَ بْن يَعْقُوبَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ علیهما السلام يَقُولُ: «اَلْمُؤْمِنُ أَكْرَمُ عَلَى اللَّه أَنْ يَمُرَّ بِهِ أَرْبَعُونَ يَوْماً لَا يُمَحِّصُهُ اللهُ تَعَالَى فِيهَا مِنْ ذُنُوبِهِ، وَإِنَّ الْخَدْشَ وَالْعَشْرَةَ وَانْقِطَاعَ الشَّسْع وَاِخْتِلَاجَ الْعَيْنِ وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ لَيُمَحِّصُ بِهِ وَلِيْنَا مِنْ ذُنُوبِهِ، وَأَنْ يَغْتَمَّ لَا يَدْرِي مَا وَجْهُهُ، وَأَمَّا اَحْمَىٰ فَإِنَّ أَبِي
حَدَّثَنِي، عَنْ آبَائِهِ ، عَنْ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم، قَالَ : حُمَّى لَيْلَةٍ كَفَّارَةُ سَنَةٍ »(3) ،
[2/161] عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ اَلْحُسَيْنِ زَيْنَ الْعَابِدِينَ علیه السلام يَقُولُ: «حُمَّى لَيْلَةٍ كَفَّارَةُ سَنَةٍ، وَذَلِكَ أَنَّ أَلَمَهَا يَبْقَى فِي
اَلْحَسَدِ سَنَةٌ » (4).
ص: 84
[ 23/162] قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حُمَّ حُمَّى وَاحِدَةً تَنَاثَرَتِ : الذُّنُوبُ مِنْهُ كَوَرَقِ الشَّجَرِ، فَإِنْ أَنَّ عَلَى فِرَاشِهِ فَأَنِينُهُ تَسْبِيحٌ، وَصِيَاحُهُ تَهْلِيلٌ، وَتَقَلُّبُهُ عَلَى فِرَاشِهِ كَمَنْ يَضْرِبُ بِسَيْفِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَإِنْ أَقْبَلَ يَعْبُدُ اللَّهَ بَيْنَ إِخْوَانِهِ وَأَصْحَابِهِ كَانَ مَغْفُوراً لَهُ ، فَطُوبَى لَهُ إِنْ تَابَ ، وَوَيْلٌ لَهُ إِنْ عَادَ، وَالْعَافِيَةُ أَحَبُّ
إلَيْنَا » (1).
[24/163] عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیه السلام أَنَّ رَسُولَ الله صلی الله علیه و آله وسلم عَادَ رَجُلاً مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «اَلحُمَّى طَهُورٌ مِنْ رَبِّ غَفُورٍ، فَقَالَ المَرِيضُ : الحُمَّى يَقُومُ بِالشَّيْخ حَتَّى يُزِيرَهُ الْقُبُورَ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: فَلْيَكُنْ ذَا، قَالَ: «فَمَاتَ فِي مَرَضِهِ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ صلی الله علیه و آله وسلم».(2)
[164 / 25] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «اَلحُمَّى رَائِدُ المَوْتِ، وَسِجْنُ الله فِي أَرْضِهِ، وَفَوْرُهَا وَحَرُّهَا مِنْ جَهَنَّمَ، وَهِيَ حَظٍّ كُلّ
مُؤْمِنٍ مِنَ النَّارِ » (3).
[26/165] عَنْ عَبْدِ الله بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: سَمِعْتُهُ السلام يَقُولُ: «اَلحُمَّى رَائِدُ اَلَمَوْتِ، وَهُوَ سِجْنُ اللَّه فِي الْأَرْضِ، وَهُوَ حَقٌّ الْمُؤْمِنِ مِنَ
اَلنَّارِ »(4)
[27/166] عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام، قَالَ: «وُعِكَ أَبو ذَرِّ رضی الله عنه، فَأَتَيْتُ
ص: 85
رَسُولَ الله صلی الله علیه و آله وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّ أَبَا ذَرٍّ قَدْ وُعِكَ، فَقَالَ: اِمْضِ بِنَا إِلَيْهِ نَعُودُهُ، فَمَضَيْنَا إِلَيْهِ جَمِيعاً، فَلَمَّا جَلَسْنَا قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: كَيْفَ أَصْبَحْتَ ، يَا أَبَا ذَرِّ؟ قَالَ : أَصْبَحْتُ وَعِكاً، يَا رَسُولَ الله ، فَقَالَ : أَصْبَحْتَ فِي رَوْضَةٍ مِنْ رِيَاضِ ،اَلجَنَّةِ، قَدِ انْغَمَسْتَ في مَاءِ الْحَيَوَانِ وَقَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ، فَأَبْشِرْ يَا أَبا ذَرِّ، وَقَالَ صلی الله علیه و آله وسلم: اَلحُمَّى حَظٍّ كُلِّ مُؤْمِنٍ مِنَ النَّارِ، اَلحُمَّى مِنْ قَيْحِ جَهَنَّمٍ، اَلحُمَّى رَائِدُ اَلَمَوتِ» (1).
[28/167] عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُنْدَبٍ ، قَالَ : لَمَّا أَقْبَلَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ علیه السلام مِنْ صِفِّينَ، وَرَأَيْنَا بُيُوتَ الْكُوفَةِ، فَإِذَا نَحْنُ بِشَيْخِ جَالِسٍ فِي ظِلِّ بَيْتٍ عَلَى وَجْهِهِ أَثَرُ الْمَرَضِ، فَقَالَ علیه السلام لَهُ: «مَا لِي أَرَى وَجْهَكَ مُتَكَفَّنَا، أَمِنْ مَرَضِ ؟»، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَلَعَلَّكَ كَرِهْتَهُ؟»، فَقَالَ: مَا أُحِبُّ أَنَّهُ يَعْتَرِينِي، قَالَ: «أَلَيْسَ اِحْتِسَابٌ بالخَيْرِ فِيمَا أَصَابَكَ مِنْهُ؟»، قَالَ: بَلَى، قَالَ: «أَبْشِرْ بِرَحْمَةِ رَبِّكَ، وَغُفْرَانِ ذَنْبِكَ»، ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ أَشْيَاءَ، فَلَما أَرَادَ أَنْ يَنْصَرِفَ عَنْهُ قَالَ لَهُ: جَعَلَ اللهُ مَا كَانَ مِنْ شَكْوَاكَ حَطَّا لِسَيِّئَاتِكَ، فَإِنَّ المَرَضَ لَا أَجْرَ فِيهِ وَلَكِنْ لَا يَدَعُ لِلْعَبْدِ ذَنْباً إِلَّا حَطَّهُ، إِنَّما اَلْأَجْرُ فِي الْقَوْلِ بِاللَّسَانِ، وَالْعَمَل بِالْيَدِ وَالرّجُلِ، وَإِنَّ اللَّهَ وَمَا يُدْخِلُ بِصِدْقِ النِّيَّةِ
وَالسَّرِيرَةِ الصَّالِحِةِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ الْجَنَّةَ»، ثُمَّ مَضَى علیه السلام» (2).
[ 168 / 29] عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا كَثُرَتْ ذُنُوبُهُ وَلَمْ يَجِدْ مَا يُكَفِّرُهَا بِهِ إِبْتَلَاهُ اللَّهُ عزّو جلّ وَ بِالْحُزْنِ فِي
ص: 86
اَلدُّنْيَا لِيُكَفِّرَهَا بِهِ ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ وَإِلَّا أَسْقَمَ بَدَنَهُ لِيُكَفِّرَهَا بِهِ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ وَإِلَّا شَدَّدَ عَلَيْهِ عِنْدَ مَوْتِهِ لِيُكَفِّرَهَا بِهِ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ وَإِلَّا عَذَّبَهُ فِي قَبْرِهِ لِيَلْقَى
اللهَ عزّو جلّ يَوْمَ يَلْقَاهُ وَلَيْسَ شَيْءٌ يَشْهَدُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذُنُوبِه»(1).
[30/169] رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: «لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ (123)» [النساء: 123]، فَقَالَ رَجُلٌ لِرَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم: يَا رَسُولَ الله جَاءَتْ قَاصِمَةُ الظَّهْرِ ، فَقَالَ صلی الله علیه و آله وسلم: «كَلَّا، أَمَا تَحْزَنُ؟ أَمَا تَقَرَضُ؟ أَمَا تُصِيبُكَ اللَّأَوَاءُ وَالهُمُوم؟»، قَالَ : بَلَى ، قَالَ: «فَذَلِكَ مِمَّا
يُجْزَى به »(2).
[31/170] عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنْ حَجَّاجِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام،
قالَ: «اَلْجْسَدُ إِذَا لَمْ يَمْرَضُ أَشِرَ، وَلَا خَيْرَ فِي جَسَدِ لَا يَمْرَضُ بِأَشَرٍ» (3)
بيان: يأشر، أي يبطر.
[171/ 32] عَنْ مَسْعَدَةَ بْن صَدَقَةَ، عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم يَوْماً لِأَصْحَابِهِ: مَلْعُونٌ كُلُّ مَالٍ لَا يُزَكَّى، مَلْعُونٌ كُلُّ جَسَد لَا يُزَكَّىٰ وَلَوْ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ يَوْماً مَرَّةً، فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَّا زَكَاةُ المَالِ فَقَدْ عَرَفْنَاهَا، فَمَا زَكَاةُ الْأَجْسَادِ؟ فَقَالَ هُمْ أَنْ تُصَابَ بِآفَةٍ»، قَالَ: «فَتَغَيَّرَتْ وُجُوهُ
ص: 87
الَّذِينَ سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْهُ، فَلَمَّا رَآهُمْ قَدْ تَغَيَّرَتْ أَلْوَانُهُمْ قَالَ لَهُمْ: أَتَدْرُونَ مَا عَنَيْتُ بِقَوْلي؟ قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ الله قَالَ: بَلَى الرَّجُلُ يُخْدَشُ الخَدْشَةَ، وَيُنْكَبُ النَّكْبَةَ، وَيَعْثُرُ الْعَشْرَةَ، وَيَمْرُضُ المَرْضَةَ، وَيُشَاكُ الشَّوْكَةَ»، وَمَا أَشْبَهَ هَذَا حَتَّى ذَكَرَ فِي
حَدِيثِهِ اِخْتِلَاجَ الْعَيْنِ»(1).
33/172] عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثَّالِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: «مَنْ لَقِيَ الله مَكْفُوفاً مُحْتَسِباً مُوَالِياً لآلِ مُحَمَّد صلی الله علیه و آله وسلم لَقِيَ اللَّهَ وَلَا حِسَابَ عَلَيْه »(2).
[34/173] عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام، فَقُلْتُ
لَهُ: أَنْتُمْ وَرَثَةُ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قُلْتُ: وَرَسُولُ الله وَارتُ اَلْأَنْبِيَاءِ عَلَى مَا عَلِمُوا؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قُلْتُ: فَأَنْتُمْ تَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ تُحْيُوا اَلمَوْتَى، وَتُبْرِءُ وا الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ؟ قَالَ: نَعَمْ، بِإِذْنِ الله»، ثُمَّ قَالَ: «أَدْنُ مِنِّي، يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، فَدَنَوْتُ، فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَى عَيْنِي وَوَجْهِي، فَأَبْصَرْتُ اَلشَّمْسَ وَالسَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَالْبُيُوتَ وَكُلَّ شَيْءٍ فِي الدَّارِ، قَالَ: فَقَالَ: «تُحِبُّ أَنْ تَكُونَ عَلَى هَذَا وَلَكَ مَا لِلنَّاسِ وَعَلَيْكَ مَا عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَوْ تَعُودَ كَما كُنْتَ وَلَكَ اَلْجَنَّةُ خَالِصَةٌ؟»، قُلْتُ: أَعُودُ كَمَا كُنْتُ، قَالَ: فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَى عَيْنَيَّ، فَعُدْتُ كَمَا كُنْتُ »(3).
ص: 88
[174 / 35] قَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم: «إِذَا مَرِضَ الصَّبِيُّ كَانَ مَرَضُهُ كَفَّارَةً
لِوَالِدَيْهِ »(1).
[36/175] قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام فِي المَرَضِ يُصِيبُ الصَّبِيَّ، قَالَ:
كَفَّارَةٌ لِوَالِدَيْهِ »(2).
[176 / 37] عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «قَالَ اللهُ علیه السلام: مَنْ مَرِضَ ثَلَاثَاً فَلَمْ يَشْكُ إِلَى أَحَدٍ مِنْ عُوَادِهِ أَبْدَلْتُهُ لَحْماً خَيْراً مِنْ لَحْمِهِ، وَدَماً
: خَيْراً مِنْ دَمِهِ، فَإِنْ عَافَيْتُهُ عَافَيْتُهُ وَلَا ذَنْبَ لَهُ، وَإِنْ قَبَضْتُهُ قَبَضْتُهُ إِلَى رَحمَتی »(3)
[38/177] قَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم: أَرْبَعٌ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ : كِتُمَانُ الْفَاقَةِ، وَكِتَمانُ
اَلصَّدَقَةِ، وَكِثْمَانُ الْمُصِيبَةِ ، وَكِتْمَانُ الْوَجَعِ »(4).
[178/ 39] قَالَ صلی الله علیه و آله وسلم: أَوْحَى اللَّهُ إِلَى عُزَيْرِ علیه السلام : يَا عُزَيْرُ، إِذَا وَقَعْتَ فِي مَعْصِيَةٍ فَلَا تَنْظُرُ إِلَى صِغَرِهَا وَلَكِن أَنْظُرْ مَنْ عَصَيْتَ، وَإِذَا أُوتِيتَ رِزْقاً مِنِّي فَلَا تَنْظُرْ إِلَى قِلَّتِهِ وَلَكِن أَنْظُرْ مَنْ أَهْدَاهُ، وَإِذَا نَزَلَتْ إِلَيْكَ بَلِيَّةٌ فَلَا تَشْكُ إِلَى خَلْقِي
كَمَا لَا أَشْكُوكَ إِلَى مَلَائِكَتِي عِنْدَ صُعُودِ مَسَاوِئِكَ وَفَضَائِحِكَ »(5).
ص: 89
[40/179] قَالَ الْبَاقِرُ علیه السلام: يَا بُنَيَّ، مَنْ كَتَمَ بَلَاءٌ ابْتِليَ بِهِ مِنَ النَّاسِ
وَشَكَا ذَلِكَ إلى الله عزّو جلّ كَانَ حَقًّا عَلَى الله أَنْ يُعَافِيَهُ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَاءِ »(1).
[ 41/180] عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدِ، قَالَ: قَالَ أَبو عَبْدِ الله علیه السلام: يَا حَسَنُ إِذَا نَزَلَتْ بِكَ نَازِلَةٌ فَلَا تَشْكُهَا إِلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْل اَلْخِلَافِ، وَلَكِن أُذْكُرْهَا لِبَعْضٍ إِخْوَانِكَ، فَإِنَّكَ لَنْ تُعْدَمَ خَصْلَةٌ مِنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ
إِمَّا كِفَايَةً بِمَالٍ، وَإِمَّا مَعُونَةٌ بِجَاهِ، أَوْ دَعْوَةً تُسْتَجَابُ، أَوْ مَشُورَةً بِرَأْيِ » (2).
[ 42/181] عَنْ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم، قَالَ: «مَنْ أَبْدَىٰ إِلَى النَّاسِ ضَرَّهُ فَقَدْ
فَضَحَ نَفْسَهُ »(3).
[182 / 43] عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: سُئِلَ عَنْ حَدٌ اَلشَّكَايَةِ لِلْمَرِيضِ ، فَقَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ يَقُولُ: حُمِمْتُ الْيَوْمَ، وَسَهِرْتُ الْبَارِحَةَ، وَقَدْ صَدَقَ، وَلَيْسَ هَذَا شِكَايَةٌ، وَإِنَّمَا الشَّكْوَى أَنْ يَقُولَ: لَقَدِ ابْتُلِيتُ بما لَمْ يُبْتَلَ بِهِ أَحَدٌ، وَيَقُولَ: لَقَدْ أَصَابَنِي مَا لَمْ يُصِبْ أَحَداً، وَلَيْسَ اَلشَّكْوَى أَنْ يَقُولَ: سَهِرْتُ الْبَارِحَةَ، وَحُمْتُ الْيَوْمَ، وَنَحْوَ هَذَا »(4)
ص: 90
[183 / 44] عَنْ يُونُسَ، قَالَ: قَالَ أَبُو اَلْحَسَن علیه السلام: «إِذَا مَرِضَ السلام أَحَدُكُمْ فَلْيَأْذَنْ لِلنَّاسِ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَلَهُ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ»(1).
[45/184] عن النبيِّ صلی الله علیه و آله وسلم أَنَّهُ قَالَ: «أَيُّهَا مُؤْمِن عَادَ مَرِيضاً في الله خَاضَ فِي الرَّحْمَةِ خَوْضاً، وَإِذَا قَعَدَ عِنْدَهُ إِسْتَنْقَعَ اِسْتِنْقَاعاً، فَإِنْ عَادَهُ غُدْوَةً صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكِ إِلَى أَنْ يُمْسِي، فَإِنْ عَادَهُ عَشِيَّةٌ صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ إِلَى
أَنْ يُصْبحَ »(2).
[185 / 46] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ صلی الله علیه و آله وسلم: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ قَالَ:
بِخَيْرِ مِنْ قَوْمٍ لَمْ يَشْهَدُوا جَنَازَةٌ،
[ 187/ 48]عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم : شَارِبُ
اَلْخَمْرِ إِنْ مَرِضَ فَلَا تَعُودُوهُ (1).
[49/188] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام، قَالَ: «كَانَ غُلَامٌ مِنَ الْيَهُودِ يَأْتِي اَلنَّبِيَّ صلی الله علیه و آله وسلم كَثِيراً حَتَّى اِسْتَخَفَّهُ، وَرُبَّمَا أَرْسَلَهُ فِي حَاجَةٍ، وَرُبَّما كَتَبَ لَهُ الْكِتَابَ إِلَى قَوْم فَافْتَقَدَهُ أَيَّاماً، فَسَأَلَ تَرَكْتُهُ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا،
، فَقَالَ لَهُ قَائِل:
فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم له فِي نَاسِ مِنْ أَصْحَابِهِ ، وَكَانَ صلی الله علیه و آله وسلم بَرَكَةً لَا يَكَادُ يُكَلِّمُ أَحَداً فِي حَاجَةٍ إِلَّا أَجَابَهُ، فَقَالَ: يَا فُلَانُ، فَفَتَحَ عَيْنَيْهِ، وَقَالَ: لَبَّيْكَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، قَالَ صلی الله علیه و آله وسلم: اِشْهَدْ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ الله، فَنَظَرَ الْغُلَامُ إِلَى أَبِيهِ فَلَمْ يَقُلْ لَهُ شَيْئاً، ثُمَّ نَادَاهُ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم الثَّانِيَةَ، وَقَالَ لَهُ مِثْلَ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ، فَالتَفَتَ الْغُلَامُ إِلَى أَبِيهِ، فَلَمْ يَقُلْ لَهُ شَيْئاً، ثُمَّ نَادَاهُ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه و آله وسلم الثَّالِثَةَ، فَالتَفَتَ الْغُلَامُ إِلَى أَبِيهِ، فَقَالَ أَبُوهُ: إِنْ شِئْتَ فَقُلْ، وَإِنْ شِئْتَ فَلَا، فَقَالَ الْغُلَامُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّكَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله وَمَاتَ مَكَانَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم لِأَبِيهِ : أَخْرُجْ عَنَّا، ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: اِغْسِلُوهُ وَكَفِّنُوهُ وَائْتُونِي بِهِ أَصَلِّي عَلَيْهِ، ثُمَّ خَرَجَ وَهُوَ
يَقُولُ: اَلْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَنْجَى بِيَ الْيَوْمَ نَسَمَةً مِنَ النَّارِ»(2).
[ 19 / 50] حُسَيْنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَي عَبْدِ الله جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عليهما السلام عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِنَا، وَكَانَ مَرِيضاً ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام: «أَنْسَاكَ اللهُ
ص: 92
اَلْعَافِيَةَ، وَلَا أَنْسَاكَ الشُّكْرَ عَلَيْهَا، فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ الرَّجُل قُلْتُ لَهُ: يَا سَيِّدِي، مَا هَذَا الدُّعَاءُ الَّذِي دَعَوْتَ بِهِ لِلرَّجُلِ؟ فَقَالَ لِي: «يَا حُسَيْنُ، اَلْعَافِيَةُ مُلكٌ خَفِيٌّ. يَا حُسَيْنُ، إِنَّ الْعَافِيَةَ نِعْمَةُ إِذَا فُقِدَتْ ذُكِرَتْ، وَإِذَا وُجِدَتْ نُسِيَتْ، فَقُلْتُ لَهُ: أَنْسَاكَ الله اَلْعَافِيَةَ لِحُصُوهِا ، وَلَا أَنْسَاكَ الشُّكُرَ عَلَيْهَا لِتَدُومَ لَهُ. يَا حُسَيْنُ، إِنَّ أَبِي أَخْبَرَنِي عَنْ آبَائِهِ
عَنِ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم أَنَّهُ قَالَ: يَا صَاحِبَ الْعَافِيَةِ، إِلَيْكَ إِنْتَهَتِ الْأَمَانِيُّ»(1).
51/190] عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام: «إِذَا دَخَلَ
أَحَدُكُمْ عَلَى أَخِيهِ عَائِداً لَهُ فَلْيَسْأَلْهُ يَدْعُو لَهُ فَإِنَّ دُعَاءَهُ مِثْلُ دُعَاءِ المَلَائِكَةِ »(2)
[52/190] عَنِ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم : المَرِيضِ فَنَفْسُوا لَهُ فِي
ا دَخَلْتُمْ .
اَلْأَجَلِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَرُدُّ شَيْئاً، وَهُوَ يُطيِّبُ النَّفْسَ»(3).
[192 / 53] عَنْ مُوسَى بْنِ قَادِم ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: «تَمامُ الْعِيَادَةِ لِلْمَرِيضِ أَنْ تَضَعَ يَدَكَ عَلَى ذِرَاعِهِ، وَتُعَجِّلَ الْقِيَامَ مِنْ عِنْدِهِ فَإِنَّ
عِيَادَةَ النَّوْكَى أَشَدُّ عَلَى اَلَمَرِيضِ مِنْ وَجَعِهِ »(4).
بيان: النوكى هم الحمقى الذين يطيلون الجلوس عند المريض ويؤذونه
ص: 93
بثرثرتهم، فهم أشدّ عليه من مرضه. ومنهم من يقول عند المريض: فلان أُصيب بنفس علَّتك ومات منها، أو يتبرَّع بتطبيب المريض ويصف له ألوان الأدوية
والعلاجات دون أنْ يكون متخصصاً في ذلك.
[54/193] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ( صَلَوَاتُ الله
عَلَيْهِ) قَالَ: إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْعُوَّادِ أَجْراً عِنْدَ الله علیه السلام لَمَنْ إِذَا عَادَ أَخَاهُ خَفَّفَ الْجُلُوسَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ المَرِيضُ يُحِبُّ ذَلِكَ وَيُرِيدُهُ وَيَسْأَلُهُ ذَلِكَ »(1) .
[55/194] عَنْ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم أَنَّهُ قَالَ: «لَا تُكْرِهُوا مَرْضَاكُمْ عَلَى
اَلطَّعَامِ فَإِنَّ اللهَ يُطْعِمُهُمْ وَيَسْقِيهِمْ»(2).
[56/195] قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم : «القُنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَإِنَّ مَنْ
كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ »(3).
[57/196] قَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام : «مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ عِنْدَ مَوْتِهِ
دَخَلَ الْجَنَّةَ، قَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم: لَقَّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِنَّهَا تَهْدِمُ الْخَطَايَا، قِيلَ:
كَيْفَ مَنْ قَالَهَا فِي حَيَاتِهِ؟ قَالَ: هِيَ أَهْدَمُ وَأَهْدَمُ »(4).
ص: 94
[197/ 58 ]عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْوَفَاةِ: « وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ (2)»[المائدة: 2] ، ثُمَّ كَانَ يَقُولُ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ» حَتَّى تُوُفِّي( صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِ) (1).
[5/198] عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يَحْضُرُهُ اَلمَوْتُ إِلَّا وَكَّلَ بِهِ إِبْلِيسُ مِنْ شَيْطَانِهِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالْكُفْرِ، وَيُشَكِّكَهُ فِي دِينِهِ حَتَّىٰ تَخْرُجَ نَفْسُهُ، فَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ ، فَإِذَا حَضَرْتُمْ مَوْتَاكُمْ فَلَقْنُوهُمْ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، قَالَ: «فَلَقْتُهُ
كَلِمَاتِ الْفَرَج وَالشَّهَادَتَيْنِ، وَتُسَمِّي لَهُ الْإِقْرَارَ بِالْأَئِمَّةِ الله وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ
حَتَّى يَنْقَطِعَ عَنْهُ الْكَلَامُ »(2).
[ 60/199] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: إِنَّ وَليَّ عَلِيٌّ علیه السلام يَرَاهُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ ا السلام حَيْثُ يَسُرُّهُ: عِنْدَ اَلَمَوْتِ، وَعِنْدَ الصِّرَاطِ، وَعِنْدَ اَلْحَوْضِ، وَمَلَكُ المَوْتِ يَدْفَعُ الشَّيْطَانَ عَن المُحَافِظِ عَلَى الصَّلَاةِ، وَيُلَقِّتُهُ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله فِي تِلْكَ الْحَالَةِ الْعَظِيمَةِ » (3)
[61/200] عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام ، قَالَ: «إِذَا أَدْرَكْتَ اَلرَّجُلَ
ص: 95
عِنْدَ النَّزْعِ فَلَقْتُهُ كَلِمَاتِ الْفَرَج: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الحَلِيمُ الْكَرِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ، سُبْحَانَ الله رَبِّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ، وَرَبِّ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ، وَمَا فِيهِنَّ،
وَمَا بَيْنَهُنَّ، وَمَا تَحْتَهُنَّ، وَرَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ»(1)
[ 62/201] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام : «لَوْ أَدْرَكْتُ عِكْرِمَةَ عِنْدَ الْمَوْتِ السلام لَنَفَعْتُهُ، فَقِيلَ لِأَبِي عَبْدِ الله علیه السلام : بِمَا ذَا كَانَ يَنْفَعُهُ؟ قَالَ: «كَانَ يُلَقَّنُهُ مَا أَنْتُمْ
عَلَيْه »(2) .
[202/ 63] عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام أَنَّهُ كَانَ إِذَا رَأَىٰ مُؤْمِناً فِي حَالِ النَّزْعِ
لَقَّنَهُ كَلِمَاتِ الْفَرَج، فَإِذَا قَالَهَا قَالَ: «لَا أَخَافُ عَلَيْهِ الْآنَ »(3).
[ 64/201] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام : «مَا يَخْرُجُ مُؤْمِنٌ عَنِ الدُّنْيَا إِلَّا بِرِضَى مِنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَكْشِفُ لَهُ الْغِطَاءَ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى مَكَانِهِ مِنَ الْجَنَّةِ، وَمَا أَعَدَّ اللهُ لَهُ فِيهَا، وَتُنْصَبُ لَهُ الدُّنْيَا كَأَحْسَنِ مَا كَانَتْ لَهُ، ثُمَّ يُخَيَّرُ فَيَخْتَارُ مَا عِنْدَ الله عزّو جلّ، وَيَقُولُ: مَا أَصْنَعُ بِالدُّنْيَا وَبَلَائِهَا؟ فَلَقْنُوا مَوْتَاكُمْ كَلِمَاتِ الْفَرَج»(4).
[65/204] عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ علیهما السلام يَقُولُ: «إِنَّ رَسُولَ الله صلی الله علیه و آله وسلم حَضَرَ شَابًّا عِنْدَ وَفَاتِهِ، فَقَالَ لَهُ: قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، قَالَ: «فَاعْتُقِلَ لِسَانُهُ مِرَاراً، فَقَالَ لِاِمْرَأَةٍ عِنْدَ رَأْسِهِ: هَلْ هِذَا أُمْ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، أَنَا
ص: 96
أُمُّهُ، قَالَ: أَفَسَاخِطَةٌ أَنْتِ عَلَيْهِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، مَا كَلَّمْتُهُ مُنْذُ سِتٌ حِجَجٍ ، قَالَ لَهَا: إِرْضَيْ عَنْهُ، قَالَتْ: رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِرِضَاكَ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم : قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، فَقَالَهَا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم : مَا تَرَى؟ قَالَ: أَرَى رَجُلاً أَسْوَدَ الْوَجْهِ قَبِيحَ المَنْظَرِ وَسِخَ الشَّيَابِ نَتِنَ الرِّيحِ قَدْ وَلِيَنِي السَّاعَةَ وَأَخَذَ بِكَلِّمِي، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم: قُلْ: يَا مَنْ يَقْبَلُ الْيَسِيرَ، وَيَعْفُو عَنِ الْكَثِيرِ، اِقْبَلْ مِنّي الْيَسِيرَ، وَاعْفُ عَنِّي الْكَثِيرَ، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، فَقَالَهَا الشَّاتُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم : أَنْظُرْ مَا ذَا تَرَى، قَالَ: أَرَى رَجُلاً أَبْيَضَ اللَّوْنِ حَسَنَ الْوَجْهِ طَيِّبَ الرِّيحِ حَسَنَ الشَّيَابِ قَدْ وَلِيَنِي، وَأَرَى الْأَسْوَدَ قَدْ تَوَلَّى عَنِّي، فَقَالَ لَهُ: أَعِدْ، فَأَعَادَ، فَقَالَ لَهُ: مَا تَرَى؟ قَالَ: لَسْتُ أَرَى الْأَسْوَدَ، وَأَرَى الْأَبْيَضَ قَدْ وَلِيَني، ثُمَّ قَضَى عَلَى تِلْكَ الْحَالِ»(1).
[66/205] وَكَانَ زَيْنُ الْعَابِدِينَ علیه السلام يَقُولُ: «اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي فَإِنَّكَ كَرِيمٌ،
اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي فَإِنَّكَ رَحِيمٌ، فَلَمْ يَزَلْ يُرَدُّدُهَا حَتَّى تُوُفِّيَ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ»(2).
[206 / 67] وَكَانَ عِنْدَ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم قَدَحٌ فِيهِ مَاءٌ، وَهُوَ فِي المَوْتِ، وَيُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْقَدَح وَيَمْسَحُ وَجْهَهُ بِالمَاءِ، وَيَقُولُ صلی الله علیه و آله وسلم: «اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى سَكَرَاتِ اَلمَوْتِ »(3).
[ 68/207] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام، قَالَ: «إِنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم
ص: 97
مَكَثَتْ بَعْدَ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم سِتِّينَ يَوْماً، ثُمَّ مَرِضَتْ، فَاشْتَدَّتْ عِلَّتُهَا، فَكَانَ مِنْ دُعَائِهَا فِي شَكْوَاهَا: يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ فَأَعِتْنِي، اَللَّهُمَّ زَحْزِحْنِي عَنِ النَّارِ، وَأَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ، وَأَلْحِقْنِي بِمُحَمَّد صلی الله علیه و آله وسلم ، فَكَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام يَقُولُ هَا : يُعَافِيكِ اللهُ وَيُبْقِيكِ، فَتَقُولُ: يَا أَبَا الحَسَنِ مَا أَسْرَعَ اللَّحَاقَ بِاللهِ، وَأَوْصَتْ بِصَدَقَتِهَا وَمَتَاعِ الْبَيْتِ، وَأَوْصَتْهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيع،
وَدَفْنِهَا لَيْلاً(1).
بيان: لم تعش فاطمة علیها السلام إلّا ثمانية عشر سنة، وغادرت زوجها وأطفالها الصغار مبكَّراً متجرِّعين مرارة اليتم، وكأنَّ اليتم قدر لازم لهذا البيت الطاهر فأبوها المصطفى صلی الله علیه و آله وسلم كبر يتيماً، والزهراء علیها السلام فقدت كبر يتيماً، والزهراء علما فقدت أُمَّها الصدِّيقة خديجة الكبرى قبل البلوغ، ثمّ فقدت أباها أحوج ما تكون إليه، وها هم أبناء فاطمة ولا يتجاوز عمر أكبرهم الثمان سنوات يعودون أيتام الأُمُّ فهي عائلة الأيتام التي ملئت الدنيا صبراً وطهراً وعلماً وعصمةٌ وتضحيَّةٌ، هي العائلة الصغيرة عدداً، الكبيرة في الملأ الأعلى، والتي جعلها الله تعالى كوثراً لنبيَّه، وقرَّة عين له يوم القيامة.
[ 208/ 69] عَنْ حَرِيزِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنَّ أَخِي مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي التَّزْعِ ، وَقَدِ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ، فَادْعُ لَهُ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ سَهِّلْ عَلَيْهِ سَكَرَاتِ اَلَمَوْتِ»، ثُمَّ أَمَرَهُ وَقَالَ: «حَوِّلُوا فِرَاشَهُ إِلَى مُصَلَّاهُ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ، فَإِنَّهُ يُخَفَّفُ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ فِي أَجَلِهِ تَأْخِيرٌ، وَإِنْ كَانَتْ مَنِيَّتُهُ قَدْ حَضَرَتْ فَإِنَّهُ يُسَهَّلْ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللهُ »(2).
ص: 98
[ 70/20] عَنِ ابْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّهِ سَلْمَى، قَالَتْ: اِشْتَكَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام بَعْدَمَا قُبِضَ رَسُولُ اللهُ صلی الله علیه و آله وسلم بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، قَالَتْ: فَكُنْتُ أُمَرِّضُهَا، فَقَالَتْ لِي ذَاتَ يَوْمٍ: أَسْكُبِي غُسْلاً»، قَالَتْ: فَسَكَبْتُ لَمَا غُسْلاً، فَقَامَتْ فَاغْتَسَلَثَ كَأَحْسَن مَا كَانَتْ تَغْتَسِلُ، ثُمَّ قَالَتْ: يَا سَلْمَى، هَلُمِّي ثِيَابِيَ الْجُدُدَ»، فَأَتَيْتُهَا بهَا، فَلَبِسَتْهَا، ثُمَّ جَاءَتْ إِلَى مَكَانِهَا الَّذِي كَانَتْ تُصَلِّي فِيهِ، فَقَالَتْ: قَرِّبي فِرَاشِي إِلَى وَسَطِ الْبَيْتِ»، فَفَعَلْتُ، فَاضْطَجَعَتْ عَلَيْهِ وَوَضَعَتْ يَدَهَا الْيُمْنَى تَحْتَ خَدَّهَا، وَاسْتَقْبَلَتِ الْقِبْلَةَ، وَقَالَتْ: يَا سَلْمَى، إِنِّي مَقْبُوضَةٌ الْآنَ»، قَالَتْ: وَكَانَ عَلِيُّ علیه السلام يَرَى ذَلِكَ مِنْ صَنِيعِهَا ، فَلَمَّا سَمِعَهَا تَقُولُ: «إِنِّي مَقْبُوضَةٌ الْآنَ اسْتَبَقَتْ عَيْنَاهُ بِالدُّمُوعِ، فَقَالَتْ: يَا أَبَا الحَسَنِ، اِصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ اللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَيْكَ، وَضَمَّتْ حَسَناً وَحُسَيْناً علیهما السلام إِلَيْهَا ، قَالَتْ سَلْمَى: فَكَأَنَّهَا كَانَتْ نَائِمَةً قُبِضَتْ علیهما السلام، فَأَخَذَ عَلىُّ علیه السلام في شَأْنِهَا، وَأَخْرَجَهَا فَدَفَنَهَا لَيْلاً »(1) .
[ 210 / 71 ]عَنْ سُلَيْمَانَ الْجَعْفَرِي، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا اَلحَسَن علیه السلام يَقُولُ لابنه اَلْقَاسِم: «قُمْ يَا بُنَيَّ فَاقْرَأْ عِنْدَ رَأْسٍ أَخِيكَ«وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (1)»حَتَّى تَسْتَمَهَا»، فَقَرَأَ، فَلَمَّا بَلَغَ «أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا(11)»[الصافات: 11]، قَضَى الْفَتَى، فَلَا سُجِّيَ وَخَرَجُوا أَقْبَلَ عَلَيْهِ يَعْقُوبُ بْنُ جَعْفَرٍ، فَقَالَ لَهُ: كُنَّا نَعْهَدُ اَلَمَيِّتَ إِذَا نَزَلَ بِهِ اَمَوْتُ يُقْرَأُ عِنْدَهُ «يس »«وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2)»، فَصِرْتَ تَأْمُرُنَا بِالصَّافَّاتِ، فَقَالَ: »يَا بُنَيَّ، لَمْ تُقْرَأْ عِندَ مَكْرُوبٍ مِنْ مَوْتٍ قَطُّ إِلَّا عَجَلَ اللَّهُ رَاحَتَهُ» (2).
ص: 99
[211/ 72] عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام : «إِذَا حِيلَ بَيْنَهُ وبين الْكَلَام أَتَاهُ رَسُولُ اللهُ صلی الله علیه و آله وسلم وَمَنْ شَاءَ اللهُ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ
يَمِينِهِ، وَالْآخَرُ عَنْ يَسَارِهِ، فَيَقُولُ لَهُ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم : أَمَّا مَا كُنْتَ تَرْجُو فَهُوَ ذَا أَمَامَكَ، وَأَمَّا مَا كُنْتَ تَخَافُ مِنْهُ فَقَدْ أَمِنْتَ مِنْهُ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى الجَنَّةِ، فَيَقُولُ: هَذَا مَنْزِلُكَ مِنَ الْجَنَّةِ، فَإِنْ شِئْتَ رَدَدْنَاكَ إِلَى الدُّنْيَا وَلَكَ فِيهَا ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ، فَيَقُولُ: لَا حَاجَةَ لي فِي الدُّنْيَا، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَبْيَضُ لَوْنُهُ، وَيَرْشَحُ جَبِينُهُ، وَتَقَلَّصُ شَفَتَاهُ، وَتَنْتَشِرُ مَنْخِرَاهُ، وَتَدْمَعُ عَيْنْهُ الْيُسْرَى، فَأَيَّ هَذِهِ الْعَلَامَاتِ رَأَيْتَ فَاكْتَفِ بِهَا، فَإِذَا خَرَجَتِ النَّفْسُ مِنَ الْجَسَدِ فَيُعْرَضُ عَلَيْهَا كَمَا عُرِضَ عَلَيْهِ وَهِيَ فِي الْجَسَدِ، فَتَخْتَارُ الْآخِرَةَ، فَتُغَسْلُهُ فِيمَنْ يُغَسْلُهُ، وَتُقَلِّبُهُ فِيمَنْ يُقَلِّبُهُ، فَإِذَا أُدْرِجَ فِي أَكْفَانِهِ وَوُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ خَرَجَتْ رُوحُهُ تَمْشِي بَيْنَ أَيْدِي الْقَوْمِ قُدُماً، وَتَلْقَاهُ أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَيُبَشِّرُونَهُ بِمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ (جَلَّ ثَنَاؤُهُ) مِنَ النَّعِيمِ، فَإِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ رُدَّ إِلَيْهِ الرُّوحُ إِلَى وَرِكَيْهِ، ثُمَّ يُسْأَلُ عَمَّا يَعْلَمُ، فَإِذَا جَاءَ بِمَا يَعْلَمُ فُتِحَ لَهُ ذَلِكَ اَلْبَابُ الَّذِي أَرَاهُ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلمفَيَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ نُورِهَا وَضَوْئِهَا وَبَرْدِهَا وَطِيبٍ رِيحَهَا»، قَالَ: قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَأَيْنَ ضَغْطَةُ الْقَيْرِ؟ فَقَالَ: هَيْهَاتَ مَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنْهَا شَيْءٌ، وَاللَّهُ إِنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ لَتَفْتَخِرُ عَلَى هَذِهِ، فَتَقُولُ: وَطِئَ عَلَى ظَهْرِي مُؤْمِنٌ وَلَمْ ظَهْرِكِ مُؤْمِنٌ، وَتَقُولُ لَهُ الْأَرْضُ: يَطَأ عَلَى
وَالله لَقَدْ كُنْتُ أُحِبُّكَ وَأَنْتَ تَمْشِي عَلَى ظَهْرِي، فَأَمَّا إِذَا وُلِّيتُكَ فَسَتَعْلَمُ مَا ذَا أَصْنَعُ بِكَ، فَتَفْسَحُ لَهُ مَدَّ بَصَرِ »(1).
ص: 100
[73/212] فِقْهُ الرّضَا علیه السلام : وَإِيَّاكَ أَنْ تَمَسَّهُ، وَإِنْ وَجَدْتَهُ يُحَرِّكُ يَدَيْهِ أَوْ
رِجْلَيْهِ أَوْ رَأْسَهُ فَلَا تَمَنَعْهُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا يَفْعَلُ جُهَّالُ النَّاسِ»(1).
[74/13] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: «مَا مِنْ مُؤْمِن يُغَسِّلُ مُؤْمِناً مَيِّتاً وَيَقُولُ
وَهُوَ يُغَسْلُهُ: رَبِّ عَفْوَكَ عَفْوَكَ، إِلَّا عَفَا اللَّهُ عَنْهُ»(2).
[214 / 75] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام : «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتاً فَسَتَرَ وَكَتَمَ خَرَجَ مِنَ
اَلذُّنُوبِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ (3)(3).
[215 / 76] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام ، قَالَ: «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتاً مُؤْمِناً فَأَدَّى فِيهِ
اَلْأَمَانَةَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ»، قُلْتُ: وَكَيْفَ يُؤَدِّي اَلْأَمَانَةَ ؟ قَالَ: «لَا يُخْبِرُ بِمَا يَرَى» (4).
[ 216 / 77] عَنْ عَلِيٌّ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ) أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه و آله وسلم، قَالَ: «مَا مِنْ اِمْرِئٍ مُسْلِمِ غَسَّلَ أَحَاً لَهُ مُسْلِماً فَلَمْ يُقَذَّرْهُ، وَلَمْ يَنْظُرْ إِلَى عَوْرَتِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مِنْهُ سُوءاً، ثُمَّ شَيْعَةً وَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ جَلَسَ حَتَّى يُوَارِى فِي قَبْرِهِ إِلَّا خَرَجَ عطلا مِنْ ذُنویِهِ»(5).
بيان :من يتولَّى تغسيل الميِّت عليه أن ينتبه إلى هذه المسألة المهمَّة، وهي أنَّه
ص: 101
يجب عليه أن يستر ما يطلَّع عليه من أحوال الميِّت، فإنَّ الميِّت قد يكون متغيِّر الجسم مشوَّه المعالم بسبب حادث أو شبهه ومن يُغسِّله أمين على تلك الأحوال التي لا يُحِبُّ الله تعالى أنْ تُنشر على الملأ، إعزازاً لعبده المؤمن وتكريماً له وحفظاً لحرمته، ومن وُفِّق لتغسيل ميِّت مؤمن وحفظ تلك الأمانة ولم يتحدّث بما يراه من حالات جسد الميت غفر الله له ذنوبه، وخرج من التغسيل عطلاً منها، أي خلوا منها تماماً. وممِّا يُؤسَف له أنَّ بعضهم يبالغ في نشر صور الميِّت وهو مقتول ومشوَّه، ظنَّا منه أنَّه بذلك ينصر الميِّت ويُثبِت مظلوميَّته أمام الملأ، لكنَّه بذلك قد
يساهم في هتك حرمته، وهو ما لا يقبله الدِّين، وتُحرِّمه الأحكام الشرعيَّة.
[78/27] عَنْ صَالِحٍ بْنِ كَيْسَانَ، قَالَ: لَمَّا قَتَلَ مُعَاوِيَةٌ حِجْرَ بْنَ عَدِيٌّ وَأَصْحَابَهُ حَجَّ ذَلِكَ الْعَامَ، فَلَقِيَ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ علیه السلام، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، هَلْ
اليلا بَلَغَكَ مَا صَنَعْنَا بِحُجْرٍ وَأَصْحَابِهِ وَأَشْيَاعِهِ وَشِيعَةِ أَبِيكَ؟ فَقَالَ علیه السلام : «وَمَا صَنَعْتَ بِهِمْ؟»، قَالَ: قَتَلْنَاهُمْ وَكَفَّنَّاهُمْ وَصَلَّيْنَا عَلَيْهِمْ، فَضَحِكَ الْحُسَيْنُ علیه السلام ، فَقَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ، لَكِنَّنَّا لَوْ قَتَلْنَا شِيعَتَكَ مَا كَفَّنَّاهُمْ، [وَلَا
خَصَمَكَ القوم غَسَلْنَاهُمْ ]، وَلَا صَلَّيْنَا عَلَيْهِمْ، وَلَا قَبَرْنَاهُمْ»(1).
بيان: إنَّما قال له الإمام الحسين علیه السلام: «خَصَمَكَ الْقَوْمُ»، لأنَّ دفن حجر
وأصحابه إقرار من قِبَل معاوية بأنَّهم مسلمون يستحقُّون الصلاة عليهم والدفن، وإذا كانوا كذلك فلماذا قتلهم وبأيِّ ذنب؟ وأمَّا قوله علیه السلام: «لَكِنّنَّا لَوْ قتَلْنَا شِيعَتَكَ مَا كَفَّنَّاهُمْ، [وَلَا غَسَلْنَاهُمْ] ، وَلَا صَلَّيْنَا عَلَيْهِمْ....» فلأنَّ الإمام الحسين علیه السلام لا يستحلُّ قتل مسلم ولو استحلَّ قتلهم لكانوا خارجين من الإسلام، فلا يستحقُّون معاملة المسلمين من الصلاة والدفن.
ص: 102
[79/21] عَنْ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «تُوُفِّيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ اِبْنُ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ بِالْأَبْوَاءِ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَمَعَهُ اَلْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ علیهما السلام وَعَبْدُ الله بْنُ جَعْفَرٍ وَعَبْدُ الله وَعُبَيْدُ اللهِ اِبْنَا الْعَبَّاسِ، فَكَفَّنُوهُ وَخَمرُوا وَجْهَهُ وَرَأْسَهُ وَلَمْ
يُحَفِّطُوهُ، وَقَالَ: «هَكَذَا فِي كِتَابٍ عَلِيٌّ علیه السلام»(1).
[ 219 / 80]عَنْ عَلِيٌّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «لَمَّا أَوْصَى إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی الله علیه و آله وسلم أَنْ أُغَسْلَهُ وَلَا يُغَسِّلَهُ مَعِي أَحَدٌ غَيْرِي، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ رَجُلٌ ثَقِيلُ الْبَدَنِ لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْلِبَكَ وَحْدِي، فَقَالَ لي : إِنَّ جَبْرَئِيلَ مَعَكَ يَتَوَلَّى غُسْلِي، قُلْتُ: فَمَنْ
يُنَاوِلُنِي المَاءَ؟ قَالَ: يُنَاوِلُكَ الْفَضْلُ .... (2)».
[81/220] عن أَبِي عَبْدِ اللهِ الْحُسَيْنِ علیه السلام أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام
غَسَّلَ فَاطِمَةَ علیها السلام ثَلاثاً وَخَمْساً ، وَجَعَلَ فِي الْغَسْلَةِ الْخَامِسَةِ الْآخِرَةِ شَيْئاً مِنَ اَلْكَافُورِ، وَأَشْعَرَهَا مِثْزَراً سَابِغاً دُونَ الْكَفَنِ، وَكَانَ هُوَ الَّذِي يَلِي ذَلِكَ مِنْهَا، وَهُوَ إِنَّهَا أَمَتُكَ وَبِنْتُ رَسُولِكَ وَصَفِيكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ،
اَللَّهُمَّ لَقَّنْهَا حُجَّتَهَا، وَأَعْظِمْ بُرْهَانَهَا، وَأَعْلِ دَرَجَتَهَا، وَاجْمَعْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَبِيهَا
مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله وسلم».(3)
ص: 103
[ 82/221] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام قَالَ: «تَنَوَّقُوا فِي الْأَكْفَانِ فَإِنَّكُمْ ،
تُبْعَثُونَ بها »(1) .
بيان: التنوُّق في الشيء اختيار الأفضل والأجمل اختيار الأفضل والأجمل منه ومعنى التنوُّق
الأكفان هو اختيار أفضلها وأغلاها .
[83/222] عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي عَلِيِّ بْنِ رَاشِدِ فِي خَبَرٍ طَوِيلٍ أَنَّ الْكَاظِمَ علیه السلام قَالَ لِأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ النَّيْسَابُورِيُّ الَّذِي حَمَلَ إِلَيْهِ اَلْأَمْوَالَ مِنَ النَّيْسَابُورِ وَفِيهَا شِقَةٌ بِطَانَةٍ مِنْ شَطِيطَةَ: «هَاتِ الْكِيسَ»، قَالَ: فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ، فَحَلَّهُ وَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ وَأَخْرَجَ مِنْهَا شِقَّةَ قُطْنِ مَقْصُورَةً طُوها خَمْسٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعاً، وَقَالَ ِلي: «اِقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ كَثِيراً، وَقُلْ لَهَا: جَعَلْتُ شِفَّتَكِ فِي أَكْفَانِي، وَبَعَثْتُ بِهَذِهِ إِلَيْكِ مِنْ أَكْفَانِنَا مِنْ قُطْنِ قَرْيَتِنَا صِرْيَا قَرْيَةِ فَاطِمَةَ لَهَا ،
وَبَدْرِ قُطْنٍ كَانَتْ تَزْرَعُهُ بِيَدِهَا لِأَكْفَانِ وُلْدِهَا، وَغَزْلِ أُخْتِي حَكِيمَةَ بِنْتِ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، وَقِصَارَةِ يَدِهِ لَكَفَنِهِ، فَاجْعَلِيهَا فِي كَفَنِكِ» (2) .
بيان: قصارة أي صبغ، ومنه يقال: القصَّار هو الذي يُنظف الثياب أو يصبغها.
[223 / 84] عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَقْبَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ علیه السلام ذَاتَ يَوْمِ إِلَى النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله وسلم بَاكِياً، وَهُوَ يَقُولُ: «إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ»، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ
ص: 104
الله صلی الله علیه و آله وسلم: يَا عَلِيُّ مَه؟، فَقَالَ عَلِيٌّ علیه السلام: يَا رَسُولَ الله مَاتَتْ أُمِّي فَاطِمَةُ بنْتُ
الا أَسَدٍ، فَبَكَى اَلنَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم ، ثُمَّ قَالَ: «رَحِمَ اللهُ أُمَّكَ يَا عَلِيُّ، أَمَا إِنَّهَا إِنْ كَانَتْ لَكَ أُمَّا فَقَدْ كَانَتْ لِي أَمَّا، خُذْ عِمَامَتِي هَذِهِ، وَخُذْ ثَوْيَّ هَذَيْنِ، فَكَفِّنْهَا فِيهِمَا، وَمُرِ النِّسَاءَ
فَلْيُحْسِنَّ غُسْلَهَا، وَلَا تُخْرِجْهَا حَتَّى أَجِيءَ فَأَليَ أَمْرَهَا»، قَالَ: وَأَقْبَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ سَاعَةٍ، وَأُخْرِجَتْ فَاطِمَةُ أُمُّ عَلِيٌّ علیه السلام ، فَصَلَّى عَلَيْهَا النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم صَلَاةً لَمْ يُصَلِّ عَلَى
أَحَدٍ قَبْلَهَا مِثْلَ تِلْكَ الصَّلَاةِ ، ثُمَّ كَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعِينَ تَكْبِيرَةً، ثُمَّ دَخَلَ إِلَى الْقَبْرِ فَتَمَدَّدَ فِيهِ، فَلَمْ يُسْمَعْ لَهُ أَنِينُ وَلَا حَرَكَةٌ، ثُمَّ قَالَ: ادْخُلْ يَا عَلِيُّ، أَدْخُلْ يَا حَسَنُ، فَدَخَلَا الْقَبْرَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِمَّا اِحْتَاجَ إِلَيْهِ قَالَ لَهُ: يَا عَلِيُّ أَخْرُجْ يَا حَسَنُ أَخْرُجُ ، فَخَرَجَا، ثُمَّ
زَحَفَ النبيُّ صلی الله علیه و آله وسلم ، حَتَّى صَارَ عِنْدَ رَأْسِهَا، ثُمَّ قَالَ: «يَا فَاطِمَةُ، أَنَا مُحَمَّدٌ سَيِّدُ وُلْدِ آدَمَ
وَلَا فَخْرَ، فَإِنْ أَتَاكِ مُنْكَرُ وَنَكِيرٌ فَسَأَلَاكِ مَنْ رَبُّكِ؟ فَقُولي: الله رَبِّي، وَمُحَمَّدٌ نَبِيِّي، وَالْإِسْلَامُ دِينِي، وَالْقُرْآنُ كِتَابِي ، وَابْنِي إِمَامِي وَوَلِي»، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ ثَبِّتْ فَاطِمَةَ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ قَيْرِهَا وَحَثَا عَلَيْهَا حَشَيَاتٍ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فَنَفَضَهُمَا، ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَقَدْ سَمِعَتْ فَاطِمَةُ تَصْفِيقَ يَمِينِي عَلَى شِمَالِي، فَقَامَ إِلَيْهِ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ فَقَالَ: فِدَاكَ أَي وَأُمِّي يَا رَسُولَ الله لَقَدْ صَلَّيْتَ عَلَيْهَا [صَلَاةٌ لَمْ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ قَبْلَهَا مِثْلَ تِلْكَ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: «يَا أَبَا الْيَقْطَانِ، وَأَهْلُ ذَلِكَ هِيَ مِنِّي، وَلَقَدْ كَانَ لَهَا مِنْ أَبِي طَالِبٍ وَلَدٌ كَثِيرٌ، وَلَقَدْ كَانَ خَيْرُهُمْ كَثِيراً، وَكَانَ خَيْرُنَا قَلِيلاً، فَكَانَتْ تُشْبِعُنِي وَتُجِيعُهُمْ، وَتَكْسُونِي وَتُعْرِيهِمْ، وَتُدَهْتُنِي وَتُشَعَتُهُمْ، قَالَ: فَلِمَ كَبَّرْتَ عَلَيْهَا أَرْبَعِينَ تَكْبِيرَةً، يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: نَعَمْ يَا عَمارُ الْتَفَتُ عَنْ يَمِينِي فَنَظَرْتُ إِلَى أَرْبَعِينَ صَفًّا مِنَ المَلَائِكَةِ، فَكَبَّرْتُ لِكُلِّ صَفٌ تَكْبِيرَةً»، قَالَ: فَتَمَدَّدْتَ فِي الْقَيْرِ وَلَمْ يُسْمَعْ لَكَ أَنينُ وَلَا حَرَكَةٌ، قَالَ: «إِنَّ اَلنَّاسَ يُحْشَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عُرَاةً، فَلَمْ أَزَلْ أَطْلُبُ إِلَى رَبِّي عزَّ و جلَّ أَنْ يَبْعَثَهَا سَيِّيرَةً،
وَعَمَل
وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا خَرَجْتُ مِنْ قَيْرِهَا رَأَيْتُ مِصْبَاحَيْنِ مِنْ نُورٍ عِنْدَ
ص: 105
رَأْسِهَا، وَمِصْبَاحَيْنِ مِنْ نُورٍ عِنْدَ يَدَيْهَا، وَمِصْبَاحَيْنِ مِنْ نُورٍ عِنْدَ رِجْلَيْهَا، وَمَلَكَاهَا اَلْمُوَكَّلَانِ بِقَبْرِهَا يَسْتَغْفِرَانِ لَهَا إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ »(1).
بیان : قوله علیه السلام : «وَأَهْلُ ذَلِكَ هِيَ مِنِّي»، أي إنَّها أهلٌ لهذه العناية منِّي.
[ 224 / 85]عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا دُعِيتُمْ إِلَى الْعُرُسَاتِ فَأَبْطِنُّوا فَإِنَّهَا تُذَكَّرُ الدُّنْيَا، وَإِذَا دُعِيتُمْ إِلَى الْجَنَائِزِ
فَأَسْرِعُوا فَإِنَّهَا تُذَكَّرُ الْآخِرَةَ »(2).
[225 / 86] عَنِ الْحَلَبِيُّ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ أَوَّلِ مَنْ
جُعِلَ لَهُ اَلنَّعْشُ، فَقَالَ: «فَاطِمَةُ علیها السلام » (3).
[226/ 87] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام في حديث، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ الله علیه السلام: «أَوَّلُ تُحْفَةِ الْمُؤْمِنِ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ وَلَنْ تَبِعَ جَنَازَتَهُ »(4).
[88/227] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «أَوَّلُ مَا يُتْحَفُ بِهِ اَلْمُؤْمِنُ فِي السلام
قَيْرِهِ أَنْ يُغْفَرَ لَنْ تَبِعَ جَنَازَتَهُ »(5).
ص: 106
[228/ 89 ]عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «أَمِيرَانِ وَلَيْسَا بِأَمِيرَيْنِ، لَيْسَ لَنْ تَبِعَ جَنَازَةً أَنْ يَرْجِعَ حَتَّى يُدْفَنَ أَوْ يُؤْذَنَ لَهُ، وَرَجُلٌ يَحْجُ
مَعَ اِمْرَأَةٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْفِرَ حَتَّى تَقْضِيَ نُسُكَهَا»(1).
بيان: الأمير الأوّل هم أرباب الجنازة، فليس لمن تبع جنازة أنْ ينصرف إلَّا بإذنهم ، أو تُدفَن الجنازة. والأمير الثاني هي المرأة التي يحجُّ بها الرجل ، فليس له
أنْ ينفر حتَّى تقضي المرأة تلك مناسكها.
[90/229] عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: حَضَرَ أَبو جَعْفَرٍ علیه السلام جَنَازَةَ رَجُلٍ مِنْ وَأَنَا مَعَهُ، وَكَانَ فِيهَا عَطَاءٌ، فَصَرَخَتْ صَارِخَةٌ، فَقَالَ عَطَاءُ: لَتَسْكُتنَّ أَوْ
لَنَرْ جِعَنَّ ، قَالَ: فَلَمْ تَسْكُتْ، فَرَجَعَ عَطَاءُ، قَالَ: فَقُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام : إِنَّ عَطَاء قَدْ رَجَعَ، قَالَ: «وَلمْ؟»، قُلْتُ: صَرَخَتْ هَذِهِ الصَّارِخَةُ، فَقَالَ لَهَا: لَتَسْكُتِنَّ أَوْ لَنَرْجِعَنَّ، فَلَمْ تَسْكُتْ، فَرَجَعَ ، فَقَالَ: «اِمْضِ بِنَا، فَلَوْ أَنَّا إِذَا رَأَيْنَا شَيْئاً مِنَ الْبَاطِلِ مَعَ الحَقِّ تَرَكْنَا لَهُ الْحَقَّ لَمْ نَقْضِ حَقَّ مُسْلِمٍ»(2) .
[ 91/230] عَنْ عَجْلَانَ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام: «يَا أَبَا صَالِحٍ، إِذَا أَنْتَ حَمَلْتَ جَنَازَةً فَكُنْ كَأَنَّكَ أَنْتَ اَلَمَحْمُولُ، وَكَأَنَّكَ سَأَلْتَ رَبَّكَ الرُّجُوعَ إِلَى الدُّنْيَا فَفَعَلَ، فَانْظُرْ مَا ذَا تَسْتَأْنِفُ»، قَالَ : ثُمَّ قَالَ:
ص: 107
«عَجَبٌ لِقَوْمٍ حُبِسَ أَوَّهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ ثُمَّ نُودِيَ فِيهِمُ الرَّحِيلُ وَهُمْ
يَلْعَبُونَ»(1).
[92/231] عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنِ الرِّضَا علیه السلام في حديث
قَالَ: «وَمَا غَضِبَ اللَّهُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلا أَدْخَلَهُمْ مِصْرَ، وَلَا رَضِيَ * أَخْرَجَهُمْ مِنْهَا إِلَى غَيْرِهَا . وَلَقَدْ أَوْحَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى مُوسَى علیه السلام أَنْ يُخْرِجَ عِظَامَ يُوسُفَ مِنْهَا...»، إلى أنْ قال: «فَأُخْرِجَ مِنَ النِّيلِ فِي سَفَطِ مَرْمَرٍ، فَحَمَلَهُ مُوسَى علیه السلام»(2).
[ 232 / 93 ]عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام لَمَّا وَضَعَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم فِي الْقَبْرِ قَالَ: «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، «بِسْمِ الله وَبِالله، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ الله مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الله، سَلَّمْتُكِ أَيَّتُهَا الصِّدِّيقَةُ إلَى مَنْ هُوَ أَوْلَى بِكِ مِنّي، وَرَضِيتُ لَكِ بِمَا رَضِيَ اللهُ تَعَالَ لَكِ»، ثُمَّ قَرَأَ :«مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (55)»[طه: 55]، فَلَمَّا
سَوَّى عَلَيْهَا التُّرَابَ أَمَرَ بِقَيْرِهَا فَرُشَّ عَلَيْهِ اَلَمَاءُ، ثُمَّ جَلَسَ عِنْدَ قَبْرِهَا بَاكِياً حَزِيناً،
فَأَخَذَ الْعَبَّاسُ بِيَدِهِ، فَانْصَرَفَ بِهِ»(3)
[ 233 / 94] قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام : وَلَا شَفِيعَ لِلْمَرْأَةِ أَلْحَجُ عِنْدَ رَبِّهَا
مِنْ رِضَا زَوْجِهَا، وَلَمَّا مَاتَتْ فَاطِمَة علیها السلام قَامَ عَلَيْهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام وَقَالَ:
ص: 108
«اللَّهُمَّ إِنِّي رَاضٍ عَنِ اِبْنَةِ نَبِيِّكَ، اَللَّهُمَّ إِنَّهَا قَدْ أُوحِشَتْ فَآنِسْهَا، اَللَّهُمَّ إِنَّهَا قَدْ هُحِرَتْ فَصِلْهَا ، اَللَّهُمَّ إِنَّهَا قَدْ ظُلِمَتْ فَاحْكُمْ لَهَا، وَأَنْتَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ»(1).
بیان معنى الحج: أكثر حجَّةً وعذراً.
[234 / 95] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام : كُلُّ مَا جُعِلَ عَلَى الْقَيْرِ مِنْ غَيْرِ تُرَابٍ
الْقَبْرِ، فَهُوَ ثِقْلُ عَلَى المَيِّتِ»(2).
[96/235] عَنْ عُمَرَ بْنِ أَذَيْنَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهُ صلی الله علیه و آله وسلم يَصْنَعُ بِمَنْ مَاتَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ خَاصَّةٌ شَيْئاً لَا يَصْنَعُهُ بِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، كَانَ إِذَا صَلَّى عَلَى الْهَاشِمِيٌّ وَنَضَحَ قَبْرَهُ بِالمَاءِ وَضَعَ كَفَّهُ الْقَبْرِ حَتَّى تُرَى أَصَابِعُهُ فِي الطِّينِ، فَكَانَ الْغَرِيبُ يَقْدَمُ أَوِ الْمُسَافِرُ مِنْ أَهْل المَدِينَةِ فَيَرَى الْقَبْرَ الْجَدِيدَ عَلَيْهِ أَثَرُ كَفِّ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله وسلم، فَيَقُولُ: مَنْ
مَاتَ مِنْ آلِ مُحَمَّدِ صلی الله علیه و آله وسلم؟»(3).
[236/ 97 ]أَبُو عَلِيٌّ اَلْخَيْزَرَانِيُّ عَنْ جَارِيَةٍ لَهُ كَانَ أَهْدَاهَا لِأَبِي مُحَمَّدٍ علیه السلام فِي حَدِيثٍ: فَمَاتَتْ أُمُّ مَهْدِيٍّ فِي حَيَاةِ أَبِي مُحَمَّدٍ علیه السلام، وَعَلَى قَيْرِهَا لَوْحٌ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ: هَذَا قَبْرُ أُمّ مُحَمَّد علیه السلام»(4).
ص: 109
[237 / 98] عَنِ الصَّادِقِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ علیه السلام ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله علیه السلام لِعليِّ علیه السلام: «يَا أَبَا الحَسَنِ، إِنَّ اللهَ جَعَلَ قَبْرَكَ وَقَبْرَ وُلْدِكَ بِقَاعاً مِنْ بِقَاعِ اَلْجَنَّةِ، وَعَرَصَاتٍ مِنْ عَرَصَاتِهَا، وَإِنَّ اللهَ عَل جَعَلَ قُلُوبَ نُجَبَاءَ مِنْ خَلْقِهِ، وَصَفْوَةٍ مِنْ عِبَادِهِ تَحِنُّ إِلَيْكُمْ، وَتَحْتَمِلُ المَذَلَّةَ وَالْأَذَى فِيكُمْ، فَيَعْمُرُونَ قُبُورَكُمْ، وَيُكْثِرُونَ زِيَارَتَهَا، تَقَرُّباً مِنْهُمْ إِلَى اللهِ، وَمَوَدَّةٌ مِنْهُمْ لِرَسُولِهِ، أُولَئِكَ يَا عَلِى اَلمَخْصُوصُونَ بِشَفَاعَتِي، وَالْوَارِدُونَ حَوْضِي، وَهُمْ زُوَّارِي وَجِيرَانِي غَداً في الجنَّةِ. يَا عَلِيُّ، مَنْ عَمَرَ قُبُورَكُمْ وَتَعَاهَدَهَا، فَكَأَنَّمَا أَعَانَ سُلَيْمانَ بْنَ دَاوُدَ عَلَى بِنَاءِ بَيْتِ المَقْدِسِ، وَمَنْ زَارَ قُبُورَهُمْ عَدَلَ ذَلِكَ ثَوَابَ سَبْعِينَ حِجَّةً بَعْدَ حِجَّةِ اَلْإِسْلَامِ، وَخَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ زِيَارَتِكُمْ كَيَوْم وَلَدَتْهُ أُمُّهُ، فَأَبْشِرْ يَا وَبَشِّرْ أَوْلِيَاءَكَ وَمُحِبِّيكَ مِنَ النَّعِيمِ بِمَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، وَلَكِنَّ حُثَالَةٌ مِنَ النَّاسِ يُعَيَّرُونَ زُوَّارَ قُبُورِكُمْ بِزِيَارَتِكُمْ، كَمَا تُعَيَّرُ اَلزَّانِيَةُ بِزِنَاهَا، أُولَئِكَ شِرَارُ أُمَّتِي، لَا تَنَاهُمْ شَفَاعَتِي، وَلَا يَرِدُونَ وَلَا يَرِدُونَ حَوْضِي (1)».
[99/239] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام : التَّعْزِيَةُ الْوَاجِبَةُ بَعْدَ الدَّفْنِ»، وَقَالَ:
«كَفَاكَ مِنَ التَّعْزِيَةِ بِأَنْ يَرَاكَ صَاحِبُ المُصِيبَةِ»(2)
[ 239 / 100] عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «لَمَّا قُتِلَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي
ص: 110
طَالِب علیه السلام أَمَرَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم فَاطِمَةَ عليها السلام أَنْ تَتَّخِذَ طَعَاماً لِأَسْمَاءَ بِنْتِ
عَلَيْهَا عُمَيْسٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَتَأْتِيَهَا وَنِسَاءَهَا فَتْقِيمَ عِنْدَهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَجَرَتْ بِذَلِكَ اَلسُّنَّةُ أَنْ يُصْنَعَ لِأَهْلِ المُصِيبَةِ طَعَامٌ ثَلَاثاً»(1).
[101/240] عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبِي عَنِ الماتمِ ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ الله صلی الله علیه و آله وسلم لَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِ قَتْلُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ دَخَلَ عَلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ اِمْرَأَةِ جَعْفَرٍ، فَقَالَ: «أَيْنَ بَنِيَّ؟»، فَدَعَتْ بِهِمْ وَهُمْ ثَلَاثَةٌ: عَبْدُ الله ، وَعَوْنٌ، وَمُحَمَّدٌ، فَمَسَحَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم رُءُوسَهُمْ، فَقَالَتْ: إِنَّكَ تَمْسَحُ رُءُوسَهُمْ كَأَنَّهُمْ أَيْتَامُ، فَتَعَجَّبَ رَسُولُ اللهُ صلی الله علیه و آله وسلم مِنْ عَقْلِهَا، فَقَالَ: «يَا أَسْمَاءُ، أَلَمْ
تَعْلَمِي أَنَّ جَعْفَراً رضی الله عنه اسْتُشْهِدَ؟» ، فَبَكَتْ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم : «لَا تَبْكِي، فَإِنَّ جَبْرَئِيلَ علیه السلام أَخْبَرَنِي أَنْ لَهُ جَنَاحَيْنِ فِي الْجَنَّةِ مِنْ يَاقُوتٍ أَحْمَرَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله لَوْ جَمَعْتَ النَّاسَ وَأَخْبَرْتَهُمْ بِفَضْلِ جَعْفَرٍ لَا يُنْسَى فَضْلُهُ، فَعَجِبَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم مِنْ عَقْلِهَا ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: اِبْعَثُوا إِلَى أَهْلِ جَعْفَرٍ
طَعَاماً، فَجَرَتِ السُّنَّةُ إِلَى الْيَوْمِ »(2).
[102/241] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: الْأَكْلُ عِنْدَ أَهْل المَصِيبَةِ مِنْ عَمَل
أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَالسُّنَّةُ الْبَعْثُ إِلَيْهِمْ بِالطَّعَامِ كَمَا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم فِي آلِ جَعْفَرِ بْنِ
أَبِي طَالِبٍ لَمَّا جَاءَ نَعْيُهُ »(3).
ص: 111
[103/242] عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبي جَعْفَر علیه السلام، قَالَ: «مَاتَ [ابْنُ] الْوَلِيدِ بْنِ : إِنَّ آلَ المُغِيرَةِ قَدْ أَقَامُوا مَنَاحَةً،
اَلْمُغِيرَةِ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ لِلنَبيِّ صلی الله علیه و آله وسلم :
فَأَذْهَبُ إِلَيْهِمْ؟ فَأَذِنَ لَهَا، فَلَبِسَتْ ثِيَابَهَا وَتَهَيَّأَتْ، وَكَانَتْ مِنْ حُسْنِهَا كَأَنَّهَا جَانٌّ، وَكَانَتْ إِذَا قَامَتْ فَأَرْخَتْ شَعْرَهَا جَلَّلَ جَسَدَهَا، وَعَقَدَتْ بِطَرَفَيْهِ خَلْخَالَهَا، فَنَدَبَتِ اِبْنَ عَمِّهَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله وسلم ، فَقَالَتْ:
أَنْعَى الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيد *** أَبَا الْوَلِيدِ فَتَى الْعَشِيرَه
حَامِی اَلحَقبقَةِ ماجدٌ *** یَسمُو إِلَى طَلَبِ الْوَتِيرَه
قَدْ كَانَ غَيْثاً لِلسِّنِينَ *** وَجَعْفَراً غَدَقاً وَمِيرَه
قَالَ: «فَمَا عَابَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم في ذَلِكَ ، وَلَا قَالَ شَيْئاً »(1).
[104/243] عَنْ عَبْدِ الله اَلْكَاهِلِيَّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الحَسَنِ علیه السلام : إِنَّ اِمْرَأَتِي وَامْرَأَةَ اِبْنِ مَارِدٍ تَخْرُجَانِ فِي المَاتِم ، فَأَنْهَاهُمَا، فَتَقُولُ لِيَ اِمْرَأَتِي: إِنْ كَانَ حَرَاماً فَانْهَنَا عَنْهُ حَتَّى نَتْرُكَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَرَاماً فَلأَيِّ شَيْءٍ تَمْنَعُنَاهُ؟ فَإِذَا مَاتَ لَنَا يتُ لَمْ يَجِئْنَا أَحَدٌ، قَالَ: فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام : «عَنِ الْحُقُوقِ تَسْأَلْنِي، كَانَ أَبي علیه السلام يَبْعَثُ أُمِّي وَأَمَ فَرْوَةَ تَقْضِيَانِ حُقُوقَ أَهْلِ المَدِينَةِ »(2) .
[105/244] عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام، قَالَ: «لَمَّا مَاتَتْ رُقَيَّةٌ
ص: 112
بِنْتُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم : الحَقِي بِسَلَفِنَا الصَّالِحِ عُثْمانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَأَصْحَابهِ»، قَالَ: «وَفَاطِمَةُ علیها السلام عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ تَنْحَدِرُ دُمُوعُهَا فِي الْقَبْرِ، وَرَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم يَتَلَقَّاهُ بِثَوْبِهِ قَائِماً يَدْعُو، قَالَ: إِنِّي لَأَعْرِفُ ضَعْفَهَا،
وَسَأَلْتُ اللهَ عَل أَنْ يُجِيرَهَا مِنْ ضَمَّةِ الْقَبْرِ »(1).
[106/245] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: إِنَّ النَّبِيَّ حِينَ جَاءَتْهُ وَفَاةٌ جَعْفَرِ بْنِ طَالِبٍ وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ كَانَ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ كَثُرَ بَكَاؤُهُ عَلَيْهِمَا جِدًا، وَيَقُولُ: كَانَا
يُحَدِّثَانِّي وَيُؤْنِسَانّي، فَذَهَبًا جَمِيعاً »(2).
[246 / 107 ]عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: قَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ علیه السلام: مُرُوا أَهَالِيَكُمْ بِالْقَوْلِ اَلْحَسَنِ عِنْدَ مَوْتَاكُمْ، فَإِنَّ فَاطِمَةَ لَنَا لَمَّا قُبِضَ أَبُوهَا (عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلَامُ) أَسْعَدَتْهَا بَنَاتُ هَاشِمٍ، فَقَالَتِ : أَتْرُكْنَ التَّعْدَادَ، وَعَلَيْكُنَّ بِالدُّعَاءِ »(3).
بيان: التعداد هو ما تُعدّده النساء حين النياحة من فضائل للميِّت.
[247 / 108] عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهَبٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام فی
ص: 113
حَدِيثٍ قَالَ: كُلُّ الْجَزَعِ وَالْبُكَاءِ مَكْرُوهُ مَا سِوَى الْجَزَعِ وَالْبُكَاءِ لِقَتْلِ
اَلْحُسَيْن علیه السلام»(1).
[ 109/248] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ اَلصَّيْقَل ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: شَكَوْتُ إِلَى أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام وَجْداً وَجَدْتُهُ عَلَى ابْنِ لِي هَلَكَ حَتَّى خِفْتُ عَلَى عَقْلِي، فَقَالَ:
إِذَا أَصَابَكَ مِنْ هَذَا شَيْءٌ فَأَفِضْ مِنْ دُمُوعِكَ فَإِنَّهُ يَسْكُنُ عَنْكَ »(2).
[ 249 / 110 ] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام : مَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ وَجْدٍ بِمُصِيبَةٍ
فَلْيُفِضْ مِنْ دُمُوعِهِ فَإِنَّهُ يَسْكُنُ عَنْهُ »(3).
[ 250 / 111] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام : «إِذَا مَاتَ المُؤْمِنُ بَكَتْ عَلَيْهِ بِقَاعُ اَلْأَرْضِ الَّتِي كَانَ يَعْبُدُ اللهَ وَ فِيهَا ، وَالْبَابُ الَّذِي كَانَ يَصْعَدُ مِنْهُ عَمَلُهُ، وَمَوْضِعُ
سُجُودِهِ » (4).
[112/251] عَنْ عَبْدِ الله بْنِ بُكَيْرِ الرجانِي، قَالَ: ذَكَرْتُ أَبَا الخَطَّابِ وَمَقْتَلَهُ عِنْدَ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: فَرَقَقْتُ عِنْدَ ذَلِكَ، فَبَكَيْتُ، فَقَالَ: «أَتَأْسَى عَلَيْهِمْ؟»، فَقُلْتُ: لَا ، فَقَدْ سَمِعْتُكَ تَذْكُرُ أَنَّ عَلِيًّا علیه السلام قَتَلَ أَصْحَابَ النَّهْرَوَانِ، فَأَصْبَحَ أَصْحَابُ عَليَّ علیه السلام يَبْكُونَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ عَلِيٌّ علیه السلام: «أَتَأْسَوْنَ عَلَيْهِمْ؟»،
ص: 114
قَالُوا: لَا ، إِنَّا ذَكَرْنَا الْأَلْفَةَ الَّتِي كُنَّا عَلَيْهَا، وَالْبَلِيَّةَ الَّتِي أَوْقَعَتْهُمْ، فَلِذَلِكَ رَفَقْنَا عَلَيْهِمْ، قَالَ: «لَا بَأْسَ »(1)
[252 / 113] عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله، قَالَ: كَانَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام صَاحِبٌ يَهُودِيُّ ، قَالَ : وَكَانَ كَثِيراً مَا يَأْلَفُهُ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ أَسْعَفَهُ فِيهَا، فَمَاتَ الْيَهُودِيُّ، فَحَزِنَ عَلَيْهِ وَاسْتَبَدَّتْ وَحْشَتُهُ لَهُ، قَالَ: فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم وَهُوَ ضَاحِكٌ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا الْحَسَنِ، مَا فَعَلَ صَاحِبُكَ الْيَهُودِيُّ ؟»، قَالَ: «قُلْتُ: مَاتَ، قَالَ: اِغْتَمَمْتَ بِهِ وَاسْتَبَدَّتْ وَحْشَتُكَ عَلَيْهِ؟»، قَالَ: «نَعَمْ، يَا رَسُولَ الله»، قَالَ: «فَتُحِبُّ أَنْ تَرَاهُ مَحَبُوراً؟»، قَالَ: نَعَمْ بِأَي أَنْتَ وَأُمِّي، قَالَ: «اِرْفَعْ رَأْسَكَ»، وَكَشَطَ لَهُ عَنِ السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، فَإِذَا هُوَ بِقُبَّةٍ مِنْ زَبَرْجَدَةٍ خَضْرَاءَ مُعَلَّقَةٍ بِالْقُدْرَةِ، فَقَالَ لَهُ: «يَا أَبَا اَلْحَسَنِ، هَذَا لَنْ يُحِبُّكَ مِنْ أَهْل الذَّمَّةِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالمَجُوسِ، وَشِيعَتُكَ
اَلْمُؤْمِنُونَ مَعِي وَمَعَكَ غَداً فِي الْجَنَّةِ » (2)
بيان: مجبوراً، أي مسروراً.
[114/253] عن علي بن الحسين علیهما السلام أنَّ الحسين بن على علیهما السلام قال
لأُخته زينب: «يَا أَخَتَاهُ، إِنِّي أَقْسَمْتُ عَلَيْكِ فَأَبِرِّي قَسَمِي، لَا تَشُفّي عَلَيَّ جَيْباً،
وَلَا تَخْمِشِي عَلَيَّ وَجْهَا، وَلَا تَدْعِي عَلَيَّ بِالْوَيْلِ وَالنُّبُورِ إِذَا أَنَا هَلَكْتُ »(3).
ص: 115
[115/254] عَنْ جَابِرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٌّ [علیه السلام]، قَالَ: «لَمَّا هَمَّ الحُسَيْنُ علیه السلام بِالشُّخُوص عَنِ المَدِينَةِ أَقْبَلَتْ نِسَاءُ بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَاجْتَمَعْنَ لِلنِّيَاحَةِ، فَمَشَى فِيهِنَّ الحُسَيْنُ علیه السلام، فَقَالَ: أُنْشُدُكُنَّ اللهَ أَنْ تُبْدِينَ هَذَا الْأَمْرَ مَعْصِيَةٌ الله وَلِرَسُولِهِ، قَالَتْ لَهُ نِسَاءُ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ : فَلِمَنْ نَسْتَبْقِي النِّيَاحَةَ وَالْبُكَاءَ؟»(1).
[255/ 116] رُوِيَ أَنَّ الحَسَنَ بْن الحَسَنِ رضی الله عنه ضَرَبَتْ زَوْجَتُهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلى علیهما السلام عَلَى قَبْرِهِ فُسْطَاطاً، وَكَانَتْ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ ، وَكَانَتْ تُشَبَّهُ بِالْحُورِ الْعِينِ جِمالِهَا، فَلَمَّا كَانَ رَأْسُ السَّنَةِ قَالَتْ لِوَالِيهَا: إِذَا أَظْلَمَ اَللَّيْلُ فَقَوِّضُوا هَذَا الْفُسْطَاطَ ، [ فَلَا أَظْلَمَ اللَّيْلُ ]سَمِعَتْ قَائِلاً يَقُولُ: هَلْ وَجَدُوا مَا فَقَدُوا ؟ فَأَجَابَهُ آخَرُ : بَلْ يَئِسُوا فَانْقَلَبُوا (2).
الحسن حينما اعتقلهم المنصور وسيّرهم من المدينة إلى السجن:
[117/256] عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ نَجِيحٍ بْنِ الْمُطَهَّر الرَّازِي وَإِسْحَاقَ ِ عَمَّارٍ
اَلصَّيْرَفِيَّ، قَالَا مَعاً: إِنَّ أَبَا عَبْدِ اللهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدِ علیهما السلام كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الله بْنِ الحَسَن رضی الله عنه حِينَ حُمِلَ هُوَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ يُعَزِّيِهِ عَمَّا صَارَ إِلَيْهِ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِلَى اَلْخَلَفِ الصَّالِحِ، وَالذَّرِّيَّةِ الطَّيِّبةِ مِنْ وُلْدِ أَخِيهِ وَابْنِ عَمِّهِ. أَمَّا بَعْدُ، فَلَئِنْ كُنْتَ قَدْ تَفَرَّدْتَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ مِمَّنْ حُمِلَ مَعَكَ بِمَا أَصَابَكُمْ مَا انْفَرَدْتَ بِالْحُزْنِ وَالْغَيْظِ وَالْكَابَةِ وَأَلِيمِ وَجَعِ الْقَلْبِ دُونِي، فَلَقَدْ نَالَنِي مِنْ ذَلِكَ مِنَ الْجْزَعِ وَالْقَلَقِ وَحَرِّ المُصِيبَةِ مِثْلُ مَا
ص: 116
نَالَكَ، وَلَكِنْ رَجَعْتُ إِلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ عزّو جلّ بِهِ الْمُتَّقِينَ مِنَ الصَّبْرِ وَحُسْنِ الْعَزَاءِ حِينَ يَقُولُ لِنَبِيِّهِ صلی الله علیه و آله وسلم: «وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا (48)» [الطور: 48]، وَحِينَ يَقُولُ: «فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ (48)» [القلم: 48]، وَحِينَ يَقُولُ لِنَبِيِّهِ صلی الله علیه و آله وسلم حِينَ مُثلَ بِحَمْزَةَ علیه السلام : «وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126)» [النحل: 126]، وَصَبَرَ صلی الله علیه و آله وسلم وَلَمْ يُعَاقِبْ، وَحِينَ يَقُولُ: «وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132)» [طه: 132]، وَحِينَ يَقُولُ: «الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156)»«أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)» [البقرة: 156 و 157]، « إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)» [الزمر: 10]، وَحِينَ يَقُولُ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: « وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17)»[لقمان: 17]، وَحِينَ يَقُولُ عَنْ مُوسَى:«قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128)» [الأعراف: 128]، وَحِينَ يَقُولُ:«إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)»[العصر: 3] ، وَحِينَ يَقُولُ: «ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17)» [البلد: 17]، وَحِينَ يَقُولُ: «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155)» [البقرة: 155]، وَحِينَ يَقُولُ: «وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146)» [آل عمران: 146]، وَحِينَ يَقُولُ: «وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ (35)»
[الأحزاب: 35] ، وَحِينَ يَقُولُ :«وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (109)» [يونس: 109]، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِنَ الْقُرْآنِ كَثِيرٌ. وَاعْلَمْ أَيْ عَمَّ وَابْنَ عَمِّ أَنَّ اللهَ عزَّ وَ جلَّ لَم يُبَالِ بِضُرٍّ الدُّنْيَا لِوَلِيّهِ سَاعَةٌ قَطُّ، وَلَا شَيْءَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الضُّرِّ وَالْجَهْدِ وَالْأَذَى مَعَ
ص: 117
الصَّبْرِ، وَأَنَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يُبَالِ بِنَعِيمِ الدُّنْيَا لِعَدُوِّهِ سَاعَةٌ قَطُّ، وَلَوْ لَا ذَلِكَ مَا كَانَ أَعْدَاؤُهُ يَقْتُلُونَ أَوْلِيَاءَهُ وَيُخَوِّفُونَهُمْ وَيَمْنَعُونَهُمْ وَأَعْدَاؤُهُ آمِنُونَ مُطْمَئِنُّونَ عَالُونَ ظَاهِرُونَ، وَلَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا قُتِلَ زَكَرِيَّا وَاحْتُجِبَ يَحْيَى ظُلْماً وَعُدْوَاناً فِي بَغِيٌّ مِنَ الْبَغَايَا وَلَوْ لَا ذَلِكَ مَا قُتِلَ جَدُّكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِب( صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ) لَمَّا قَامَ بِأَمْرِ الله جَلَّ
( وَعَزَّ) ظُلْماً، وَعَمُّكَ الْحُسَيْنُ بْنُ فَاطِمَةَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهَا) اِضْطِهَاداً وَعُدْوَاناً، وَلَوْ لَا ذَلِكَ مَا قَالَ اللهُ عزّو جلّ في كِتَابِهِ «وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (33)» [الزخرف:33]، وَلَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا قَالَ فِي كِتَابِهِ:«أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55)»«نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ (56)»[المؤمنون: 55 و 56]، وَلَوْ لَا
وَبَنِينَ ذَلِكَ لَما جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: لَوْ لَا أَنْ يَحْزَنَ الْمُؤْمِنُ لَجَعَلْتُ لِلْكَافِرِ عِصَابَةٌ مِنْ حَدِيدٍ لَا يُصَدَّعُ رَأْسُهُ أَبَداً. وَلَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: أَنَّ الدُّنْيَا لَا تُسَاوِي عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، وَلَوْ لَا ذَلِكَ مَا سَقَى كَافِراً مِنْهَا شَرْبَةٌ مِنْ مَاءٍ. وَلَوْ لَا ذَلِكَ لَما جَاءَ في اَلْحَدِيثِ: لَوْ أَنَّ مُؤْمِناً عَلَى قُلَّةِ جَبَلٍ لَبَعَثَ اللَّهُ لَهُ كَافِراً أَوْ مُنَافِقاً يُؤْذِيهِ. وَلَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: أَنَّهُ إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ قَوْماً أَوْ أَحَبَّ عَبْداً صَبَّ عَلَيْهِ الْبَلَاءَ صَبَّا، فَلَا يَخْرُجُ مِنْ غَمٍّ إِلَّا وَقَعَ فِي غَمٌ. وَلَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: مَا مِنْ جُرْعَتَيْنِ أَحَبَّ إِلَى الله ولا أَنْ يَجْرَعَهُمَا عَبْدُهُ الْمُؤْمِنُ فِي الدُّنْيَا مِنْ جُرْعَةِ غَيْظٍ كَظَمَ عَلَيْهَا، وَجُرْعَةِ حُزْنٍ عِنْدَ مُصِيبَةٍ صَبَرَ عَلَيْهَا بِحُسْنِ عَزَاءٍ وَاحْتِسَابِ. وَلَوْ لَا ذَلِكَ لَما كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم يَدْعُونَ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُمْ بِطُولِ اَلْعُمُرِ ، وَصِحَّةِ الْبَدَنِ، وَكَثْرَةِ اَلَمَمالِ وَالْوَلَدِ. وَلَوْ لَا ذَلِكَ مَا بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ الله صلی الله علیه و آله وسلم كَانَ إِذَا خَصَّ رَجُلاً بِالتَرَحْم عَلَيْهِ وَالْاِسْتِغْفَارِ اسْتُشْهِدَ فَعَلَيْكُمْ يَا عَمَّ وَابْنَ عَمَّ وَبَني عُمُومَتِي وَإِخْوَتِي بِالصَّبْرِ وَالرّضَا وَالتَّسْلِيمِ وَالتَّفْوِيضِ إِلَى الله جَلَّ وَعَزَّ وَالرِّضَا وَالصَّبْرِ عَلَى قَضَائِهِ، وَالتَّمَسُّكِ
بِطَاعَتِهِ، وَالنُّزُولِ عِنْدَ أَمْرِهِ، أَفْرَغَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَعَلَيْكُمُ الصَّبْرَ، وَخَتَمَ لَنَا وَلَكُمْ بِالْأَجْرِ
ص: 118
وَالسَّعَادَةِ، وَأَنْقَذَنَا وَإِيَّاكُمْ مِنْ كُلِّ هَلَكَةٍ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ، وَصَلَّى اللهُ
عَلَى صَفْوَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَأَهْلِ بَيْتِهِ »(1).
[118/257] قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «مَا مِنْ بَيْتٍ إِلَّا وَمَلَكُ اَلَمَوْتِ يَقِفُ عَلَى بَابِهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، فَإِذَا وَجَدَ الْإِنْسَانَ قَدْ نَفِدَ أَجَلُهُ وَانْقَطَعَ أُكُلُهُ أَلْقَى عَلَيْهِ اَلَمَوْتَ، فَغَشِيَتَهُ كُرُبَاتُهُ، وَغَمَرَتْهُ غَمَرَاتُهُ، فَمِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ النَّاشِرَةُ شَعْرَهَا، وَالضَّارِبَةُ وَجْهَهَا، اَلصَّارِخَةُ بِوَيْلِهَا الْبَاكِيةُ بِشَجْوِهَا، فَيَقُولُ مَلَكُ المَوْتِ: وَيْلَكُمْ مِمَّ الْفَزَعُ؟ وَفِيمَ الْجْزَعُ ؟ وَالله مَا أَذْهَبْتُ لِأَحَدٍ مِنْكُمْ مَالاً، وَلَا قَرَّبْتُ لَهُ أَجَلاً، وَلَا أَتَيْتُهُ حَتَّى أُمِرْتُ، وَلَا قَبَضْتُ رُوحَهُ حَتَّى اِسْتَأْمَرْتُ، وَإِنَّ لي إِلَيْكُمْ عَوْدَةً ثُمَّ عَوْدَةً حَتَّى لَا أُبْقِيَ مِنْكُمْ أَحَدا»(2).
بیان: استأمرك، أي طلبت الأمر في ذلك والإذن منه تعالى.
[119/258] اَلْحَسَنُ [ علیه السلام] ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «لَئِنْ أُقَدِّمَ
سُقُوطاً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَخَلَّفَ مِائَةَ فَارِسِ كُلُّهُمْ يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ الله » (3).
المقصود: لئن يموت له ولد سقط أحبُّ إليه من مائة فارس... إلخ.
[259/ 120] عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلزُّبَيْرِ : يَا زُبَيْرُ، إِنَّكَ إِنْ تُقَدِّمُ سِقْطَاً خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَ بَعْدَكَ مِنْ وُلْدِكَ مِائَةٌ كُلٌّ مِنْهُمْ عَلَى فَرَسٍ
يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى»(4).
ص: 119
بيان: هذا من الموارد التي يصعب على المرء أن يُدرك مغزاها، وليس له إلَّا
التسليم والتفويض إليهم علیهم السلام.
[121/260] عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: «ثَوَابُ الْمُؤْمِن
مِنْ وَلَدِهِ إِذَا مَاتَ اَلْجَنَّةُ، صَبَرَ أَوْ لَمْ يَصْبرُ »(1).
[122/261] عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام، قَالَ: «دَخَلَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم، عَلَى خَدِيجَةَ حِينَ مَاتَ الْقَاسِمُ ابْنُهَا، وَهِيَ تَبْكِي فَقَالَ لَهَا: مَا يُبْكِيكِ؟ فَقَالَتْ: دَرَّتْ دُرَيْرَةٌ، فَبَكَيْتُ، فَقَالَ: يَا خَدِيجَةُ، أَمَا تَرْضَيْنَ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَنْ تَجِيئي إِلَىٰ بَابِ الْجَنَّةِ وَهُوَ قَائِمٌ، فَيَأْخُذَ بِيَدِكِ فَيُدْخِلَكِ الْجَنَّةَ، وَيُنْزِلَكِ أَفْضَلَهَا؟ وَذَلِكَ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ، إِنَّ اللَّهَ
أَحْكَمُ وَأَكْرَمُ أَنْ يَسْلُبَ الْمُؤْمِنَ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ ثُمَّ يُعَذِّبَهُ بَعْدَهَا أَبَداً »(2)..
بيان: الدريرة هو اللبن يدرُّ من ثدي الأُمّ فيُذكِّرها بولدها وأَنَّه يطلب الرضاع.
[262 / 123] عَن النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم، قَالَ: «تَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَطْفَالُ اَلمُؤْمِنِينَ
عِنْدَ عَرْض اَلْخَلَائِقِ لِلْحِسَابِ، فَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى جِبْرَئِيلَ علیه السلام : اذْهَبْ بِهَؤُلَاءِ إِلَى اَلْجَنَّةِ، فَيَقِفُونَ عَلَى أَبْوَابِ الْجَنَّةِ وَيَسْأَلُونَ عَنْ آبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ، فَتَقُولُ هَهُمُ الخَزَنَةُ: آبَاؤُكُمْ وَأُمَّهَاتُكُمْ لَيْسُوا كَأَمْثَالِكُمْ ، هُمْ ذُنُوبٌ وَسَيِّئَاتٌ يُطَالَبُونَ بِهَا، فَيَصِيحُونَ صَيْحَةً بَاكِينَ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: يَا جَبْرَئِيلُ، مَا هَذِهِ الصَّيْحَةُ؟ فَيَقُولُ: اَللَّهُمَّ أَنْتَ أَعْلَمُ، هَؤُلَاءِ أَطْفَالُ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُونَ: لَا نَدْخُلُ الْجَنَّةَ حَتَّى يَدْخُلَ آبَاؤُنَا وَأُمَّهَاتُنَا، فَيَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: يَا جَبْرَئِيلُ، تَخَلَّلِ الجُمْعَ وَخُذْ بِيَدِ آبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ
فَأَدْخِلْهُمْ مَعَهُمُ الجَنَّةَ بِرَحْمَتِي »(3)
ص: 120
[263 / 124] رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: بِئْسَ الشَّيْءُ الْوَلَدُ، إِنْ عَاشَ كَدَّنِي، وَإِنْ مَاتَ حَدَّنِي، فَبَلَغَ ذَلِكَ زَيْنَ العَابِدِينَ علیه السلام، فَقَالَ: «كَذَبَ وَالله ، نِعْمَ الشَّيْءُ الوَلَدُ ، إِنْ عَاشَ حَاضِرٌ ، وَإِنْ مَاتَ فَشَفِيعٌ ( حَاضِرٌ )(1) ،
وفي نسخة: (سَابِقٌ).
[264 / 125] قَوْلُهُ صلی الله علیه و آله وسلم : «وَمَنْ صَبَرَ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا
مَضَى مِنْ ذُنُوبِهِ» (2)
[265 / 126] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی الله علیه و آله وسلم إِذَا وَرَدَ عَلَيْهِ أَمْرٌ يَسُرُّهُ قَالَ: اَلْحَمْدُ لله عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ، وَإِذَا وَرَدَ عَلَيْهِ أَمْرٌ يَغْتَمُّ بِهِ قَالَ: اَلْحَمْدُ الله عَلَى كُلِّ حَالٍ » (3).
[127/266] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِذَا قبضَ وَلَدُ المُؤْمِنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا قَالَ الْعَبْدُ، قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِمَلَائِكَتِهِ : قَبَضْتُمْ وَلَدَ فُلَانِ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ رَبَّنَا، قَالَ: فَيَقُولُ: فَما قَالَ عَبْدِي؟ قَالُوا: حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ ، فَيَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَخَذْتُمْ ثَمَرَةَ قَلْبِهِ وَقُرَّةَ عَيْنِهِ فَحَمِدَنِي وَاسْتَرْجَعَ ، اِبْنُوا لَهُ بَيْتاً فِي الجَنَّةِ، وَسَمُوهُ بَيْتَ اَلْحَمْدِ »(4).
[ 128/267] عَنْ جَابِرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلى علیه السلام، قَالَ: «إِذَا أَصَابَ الْعَبْدَ مُصِيبَةٌ فَصَبَرَ وَاسْتَرْجَعَ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى غَفَرَ اللَّهُ لَهُ بِهَا مَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِهِ، ثُمَّ
ص: 121
لَمْ يَذْكُرِ المُصِيبَةَ فِيمَا بَقِيَ مِنَ الدَّهْرِ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلَ مَا كَانَ يَوْمَ اَلصَّدْمَةِ اَلْأُولَى إِذَا اسْتَرْجَعَ حِينَ يَذْكُرُهَا، وَحَمِدَ الله عزّو جلّ» (1).
[ 129/268] هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ فِي خَبَرٍ طَوِيلٍ، قَالَ: لَمَّا وَصَلَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام وَفَاةُ الْأَشْتَرِ جَعَلَ يَتَلَهَفُ وَيَتَأَسَفُ عَلَيْهِ، وَيَقُولُ: الله دَرُّ مَالِكٍ، لَوْ كَانَ مِنْ جَبَلٍ لَكَانَ مِنْ أَعْظَم أَرْكَانِهِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ حَجَرٍ كَانَ صَلْداً، أَمَا وَالله لَيَهُدَّنَّ مَوْتُكَ عَالَماً ] ، فَعَلَى مِثْلِكَ فَلْيَبْكِ الْبَوَاكِي»، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ،
[ وَاَلْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ، إِنِّي أَحْتَسِبُهُ عِنْدَكَ، فَإِنَّ مَوْتَهُ مِنْ مَصَائِبِ الدَّهْرِ ، فَرَحِمَ اللهُ مَالِكاً، قَدْ وَفَى بِعَهْدِهِ، وَقَضَى نَحْبَهُ، وَلَقِيَ رَبَّهُ، مَعَ أَنَّا قَدْ وَطَنَّا أَنفُسَنَا أَنْ نَصْبرَ عَلَى كُلِّ مُصِيبَةٍ بَعْدَ مُصَابِنَا بِرَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم، فَإِنَّهَا أَعْظَمُ المُصِيبَةِ(2).
[ 269 / 130] عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام: مَنِ اسْتَرْجَعَ عِنْدَ المُصِيبَةِ جَبَرَ اللهُ
مُصِيبَتَهُ، وَأَحْسَنَ عُقْبَاهُ، وَجَعَلَ لَهُ خَلَفاً صَالِحاً يَرْضَاهُ » (3).
[ 131/270] عَنْ أَمْ سَلَمَةَ، قَالَتْ: أَتَانِي أَبُو سَلَمَةَ يَوْماً مِنْ عِنْدِ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم ، فَقَالَ: سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم قَوْلاً سُررْتُ بِهِ، قَالَ: «لَا يُصِيبُ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَيَسْتَرْجِعُ عِنْدَ مُصِيبَتِهِ فَيَقُولُ: اَللَّهُمَّ أَجِرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَخْلُفْ لِي خَيْراً مِنْهُ، إِلَّا فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ»، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَحَفِظْتُ ذَلِكَ مِنْهُ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبو سَلَمَةَ اِسْتَرْجَعْتُ وَقُلْتُ: اَللَّهُمَّ آجِرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأخْلُفْ لي خَيْراً مِنْهُ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى نَفْسِي فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ لي خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ؟ فَلَمَّا انْقَضَتْ
ص: 122
عِدَّتِي اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه و آله وسلم وَأَنَا أَدْبُعُ إِهَاباً لِي، فَغَسَلْتُ يَدِي مِنَ الْقَرَظِ، وَأَذِنْتُ لَهُ، وَوَضَعْتُ لَهُ وِسَادَةً مِنْ أَدَم حَشْوُهَا لِيفٌ، فَقَعَدَ عَلَيْهَا، فَخَطَبَنِي إِلَى نَفْسِي، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ مَقَالَتِهِ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ، مَا بِي إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِكَ الرَّغْبَةُ، وَلَكِنِّي اِمْرَأَةٌ فِيَّ غَيْرَةٌ شَدِيدَةٌ، فَأَخَافُ أَنْ تَرَى مِنِّي شَيْئاً يُعَذِّبُنِي اللهُ بِهِ، وَأَنَا اِمْرَأَةٌ قَدْ دَخَلْتُ فِي السِّنِّ، وَأَنَا ذَاتُ عِبَالٍ، فَقَالَ صلی الله علیه و آله وسلم : «أَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنَ السِّنِّ فَقَدْ أَصَابَنِي مِثْلُ الَّذِي أَصَابَكِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنَ الْعِيَالِ فَإِنَّمَا عِيَالُكِ عِبَالِي، قَالَتْ: فَقَدْ سَلَّمْتُ نَفْسِي لِرَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم ، فَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی الله علیه و آله وسلم ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَقَدْ أَبْدَلَنِي اللهُ بِأَبي سَلَمَةَ خَيْراً مِنْهُ، رَسُولَ الله صلی الله علیه و آله وسلم »(1).
[132/271] رَوَى أَبُو بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ مَلَكاً مُوَكَّلاً بِالْمَقَابِرِ، فَإِذَا انْصَرَفَ أَهْلُ الَمَيِّتِ مِنْ جَنَازَتِهِمْ مِنْ مَيَّتِهِمْ أَخَذَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ فَرَمَى
بِهَا فِي آثَارِهِمْ، ثُمَّ قَالَ: إِنْسَوْا مَا رَأَيْتُمْ، فَلَوْ لَا ذَلِكَ مَا انْتَفَعَ أَحَدٌ بِعَيْش»(2).
[272 / 133 ]عَنْ مِهْرَانَ بْن مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام يَقُولُ:
إِنَّ المَيِّتَ إِذَا مَاتَ بَعَثَ اللَّهُ عزَّ و جلَّ مَلَكاً إِلَى أَوْجَعِ أَهْلِهِ، فَمَسَحَ عَلَى قَلْبِهِ، فَأَنْسَاهُ
لَوْعَةَ الْحُزْنِ، وَلَوْ لَا ذَلِكَ لَمْ تُعْمَرِ الدُّنْيَا»(3).
[273/ 134 ] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام : «إِنَّا قَوْمٌ نَسْأَلُ اللهَ مَا نُحِبُّ فِيمَنْ نُحِبُّ السلام
فَيُعْطِينَا، فَإِذَا أَحَبَّ مَا نَكْرَهُ فِيمَنْ نُحِبُّ رَضِينَا »(4) .
ص: 123
[135/274] عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّيِّ، قَالَ: قُلْتُ لأَبي عَبْدِ الله علیه السلام: يَقُومُ
اَلرَّجُلُ عِنْدَ قَبْرِ أَبِيهِ وَقَرِيبِهِ وَغَيْرِ قَرِيبِهِ، هَلْ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ؟ قَالَ: «نَعَمْ، إِنَّ ذَلِكَ يَدْخُلُ عَلَيْهِ كَمَا يَدْخُلُ عَلَى أَحَدِكُمُ اهْدِيَّةُ يَفْرَحُ بِهَا »(1) .
[136/275] عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِي وَجَمِيلِ بْنِ دَرَّاجِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام في زِيَارَةِ القُبُورِ، قَالَ: «إِنَّهُمْ يَأْنَسُونَ بِكُمْ، فَإِذَا غَبْتُمْ عَنْهُم
اِسْتَوْحَشُوا »(2)
[137/276] رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله علیه السلام : اَلَمَوْتَى نَزُورُهُمْ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ»، قُلْتُ : فَيَعْلَمُونَ بِنَا إِذَا أَتَيْنَاهُمْ؟ فَقَالَ: «إي والله ، إِنَّهُمْ لَيَعْلَمُونَ بِكُمْ، وَيَفْرَحُونَ بِكُمْ، وَيَسْتَأْنِسُونَ إِلَيْكُمْ»، قَالَ: قُلْتُ: فَأَيَّ شَيْءٍ نَقُولُ إِذَا أَتَيْنَاهُمْ؟ قَالَ: قُلِ: اَللَّهُمَّ جَافِ الْأَرْضَ عَنْ جُنُوبِهِمْ، وَصَاعِدْ إِلَيْكَ أَرْوَاحَهُمْ ، وَلَقَّهِمْ مِنْكَ رِضْوَاناً، وَأَسْكِنْ إِلَيْهِمْ مِنْ رَحْمَتِكَ مَا تَصِلُ بِهِ وَحْدَتَهُمْ، وَتُؤْنِسُ بِهِ وَحْشَتَهُمْ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » (3).
[277/ 138] عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «عَاشَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام بَعْدَ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم خَمْسَةٌ وَسَبْعِينَ يَوْماً، لَمْ تُرَ
عَلَيْهَا كَاشِرَةً، وَلَا ضَاحِكَةً تَأْتِي قُبُورَ الشُّهَدَاءِ فِي كُلِّ جُمْعَةٍ مَرَّتَيْنِ : الْاِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ،
ص: 124
فَتَقُولُ: هَاهُنَا كَانَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم ، وَهَاهُنَا كَانَ الْمُشْرِكُونَ»، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَبَانٌ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام : «أَنَّهَا كَانَتْ تُصَلِّي هُنَاكَ، وَتَدْعُو حَتَّى
مَاتَتْ » (1).
[ 278/ 139] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٌّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «كَانَتْ فَاطِمَةٌ ( صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهَا تَزُورُ قَبْرَ حَمْزَةَ ، وَتَقُومُ عَلَيْهِ، وَكَانَتْ فِي كُلِّ سَنَةٍ تَأْتِي قُبُورَ اَلشُّهَدَاءِ مَعَ نِسْوَةٍ مَعَهَا، فَيَدْعُونَ وَيَسْتَغْفِرْنَ»(2).
[ 279/ 140] عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَجْلَانَ، قَالَ: قَامَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام عَلَى قَبْرِ رَجُلٍ مِنَ الشَّيعَةِ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ صِلْ وَحْدَتَهُ، وَآنِسْ وَحْشَتَهُ، وَأَسْكِنْ إِلَيْهِ مِنْ
رَحْمَتِكَ مَا يَسْتَغْنِي بِهَا عَنْ رَحْمَةِ مَنْ سِوَاكَ »(3).
[141/280] رُوِيَ : مَنْ قَرَأَ عَلَى قَبْرِ: بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ
الله صلی الله علیه و آله وسلم، رَفَعَ اللهُ الْعَذَابَ عَنْ صَاحِبٍ ذَلِكَ الْقَيْرِ أَرْبَعِينَ سَنَةٌ»(4).
[142/281] عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام، قَالَ: «إِذَا زُرْتُمْ مَوْتَاكُمْ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ سَمِعُوا وَأَجَابُوكُمْ، وَإِذَا زُرْتُمُوهُمْ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ سَمِعُوا وَلَمْ يُجيبُوكُمْ»(5) .
ص: 125
[143/282] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: كُنْتُ بِفَيْدَ، فَمَشَيْتُ مَعَ عَلي بْنِ بِلَالٍ إِلَى قَبْرِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ، قَالَ: فَقَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ بِلَالٍ، قَالَ لِي صَاحِبُ هَذَا الْقَيْرِ، عَنِ الرِّضَا علیه السلام: «مَنْ أَتَى قَبْرَ أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ مِنْ أَيِّ نَاحِيَةٍ يَضَعُ يَدَهُ وَيَقْرَأُ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، أَمِنَ يَوْمَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ »(1) .
[ 283 / 144] قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم : «إِذَا قَرَأَ الْمُؤْمِنُ آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَجَعَلَ ثَوَابَ قِرَاءَتِهِ لِأَهْلِ الْقُبُورِ ، أَدْخَلَهُ اللهُ تَعَالَى قَبْرَ كُلِّ مَيِّتٍ، وَيَرْفَعُ اللَّهُ لِلْقَارِي
دَرَجَةً سَبْعِينَ نَبِيَّا، وَخَلَقَ اللهُ مِنْ كُلِّ حَرْفٍ مَلَكاً يُسَبِّحُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ »(2).
[284 / 145] قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام يَوْماً وَقَدْ تَبعَ جِنَازَةً، فَسَمِعَ رَجُلاً يَضْحَكُ، فَقَالَ علیه السلام : «كَأَنَّ اَلَمَوْتَ فِيهَا عَلَى غَيْرِنَا كُتِبَ، وَكَأَنَّ الْحَقِّ فِيهَا عَلَى غَيْرِنَا وَجَبَ، وَكَأَنَّ الَّذِي نَرَى مِنَ الْأَمْوَاتِ سَفْرٌ عَمَّا قَلِيل إِلَيْنَا رَاجِعُونَ، نُبَوِّتُهُمْ أَجْدَانَهُمْ وَنَأْكُلُ تُرَاثَهُمْ كَأَنَا مُخَلَّدُونَ بَعْدَهُمْ، ثُمَّ نَسِينَا كُلَّ وَاعِظٍ وَاعِظَةٍ، وَرُمِينَا بِكُلِّ جَائِحَةٍ ، طُوبَى مَنْ ذَلَّ فِي نَفْسِهِ، وَطَابَ كَسْبُهُ، وَصَلُحَتْ سَرِيرَتُهُ، وَحَسُنَتْ خَلِيقَتُهُ، وَأَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ، وَأَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ لِسَانِهِ، وَعَزَلَ عَنِ النَّاسِ شَرَّهُ، وَوَسِعَتْهُ السُّنَّةُ، وَلَمْ يُنْسَبُ إِلَى بِدْعَةِ »(3).
***
ص: 126
ص: 127
ص: 128
[1/285 ]عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهَبٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام عَنْ أَفْضَل ما يَتَقَرَّبُ بِهِ الْعِبَادُ إِلَى رَبِّهِمْ، وَأَحَبُّ ذَلِكَ إِلَى اللهِ عزّو جلّ، مَا هُوَ؟ فَقَالَ: «مَا أَعْلَمُ شَيْئاً بَعْدَ المَعْرِفَةِ أَفْضَلَ مِنْ هَذِهِ الصَّلَاةِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَبْدَ الصَّالِحَ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ علیه السلام قَالَ:
وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ) [مريم: 31](1).
[2/286] سُئِلَ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلمعَنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ، قَالَ: «اَلصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا»(2).
[3/287] قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم : «مَثَلُ الصَّلَاةِ مَثَلُ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ، إِذَا ثَبَتَ الْعَمُودُ نَفَعَتِ الْأَطْنَابُ وَالْأَوْتَادُ وَالْعِشَاءُ، وَإِذَا انْكَسَرَ الْعَمُودُ لَم يَنْفَعْ طُنُبٌ وَلَا وَيْدٌ وَلَا غِشَاءُ» (3).
[ 288 / 4] قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «الصَّلَاةُ عِمَادُ الدِّينِ، فَمَنْ تَرَكَ صَلَاتَهُ مُتَعَمِّداً فَقَدْ هَدَمَ دِينَهُ، وَمَنْ تَرَكَ أَوْقَاتَها يَدْخُلُ الْوَيْلَ، وَالْوَيْلُ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ، كَما قَالَ اللهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ أَرَأَيْتَ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون: 4 و 5 ] » (4).
[289 / 5 ]عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام يَقُولُ:
حَجَّةٌ أَفْضَلُ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَصَلَاةٌ فَرِيضَةٌ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ حَجَّةٍ »(5)
ص: 129
[290 / 6] عَنْ حَمَّادٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام عَنْ لُقْمَانَ وَحِكْمَتِهِ، وَذَكَرَ صِفَاتِ لُقْمَانَ وَوَصَايَاهُ لِابْنِهِ، إِلَى أَنْ قَالَ فِيهَا: «وَصُمْ صَوْماً يَقْطَعُ شَهَوَاتِكَ، وَلَا تَصُمْ صِيَاماً يَمْنَعُكَ مِنَ الصَّلَاةِ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ أَحَبُّ إِلَى اللَّه مِنَ
الصِّيَامِ »(1).
[291 / 7] عَنْ يَزِيدَ بْنِ خَلِيفَةَ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام يَقُولُ: «إِذَا : أَعْنَانِ السَّمَاءِ إِلَى أَعْنَانِ الْأَرْضِ،
قَامَ المُصَلِّي إِلَى الصَّلَاةِ نَزَلَتْ عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْ بِهِ المَلَائِكَةُ، وَنَادَاهُ مَلَكٌ: لَوْ يَعْلَمُ هَذَا المُصَلِّي مَا فِي الصَّلَاةِ مَا انْفَتَلَ»(2).
بيان: (مَا انْفَتَلَ) تعني ما انصرف.
[8/292] عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام فِي حَدِيثِ الْأَرْبَعْمائَةِ: «لَوْ يَعْلَمُ الْمُصَلِّي مَا يَغْشَاهُ مِنْ جَلَالِ الله مَا سَرَّهُ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنْ سُجُودِهِ»، وفيه: «إِذَا قَامَ اَلرَّجُلُ
إِلَى الصَّلَاةِ أَقْبَلَ إِبْلِيسُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ حَسَداً لِمَا يَرَى مِنْ رَحِمَةِ الله الَّتِي تَغْشَاهُ »(3).
[9/293] عَنْ أَبي بَصِيرٍ، عَنْ أَبي جَعْفَر علیه السلام، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: لَوْ كَانَ عَلَى بَاب دَارِ أَحَدِكُمْ نَهَرٌ فَاغْتَسَلَ مِنْهُ فِي كُلِّ يَوْم خَمْسَ مَرَّاتٍ، أَكَانَ يَبْقَىٰ فِي جَسَدِهِ مِنَ الدَّرَنِ شَيْءٍ؟ قُلْنَا: لَا ، قَالَ : فَإِنَّ مَثَلَ الصَّلاةِ كَمَثَلِ النَّهَرِ اَلْجَارِي كُلَّمَا صَلَّى صَلَاةً كَفَّرَتْ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ الذُّنُوبِ »(4) .
[294 / 10] عَنْ عَلِيٍّ علیه السلام، قَالَ : الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا
أجْتُنبَتِ الْكَبَائِرُ، وَهِيَ الَّتِي قَالَ اللهُ عزّو جلّ: إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ
وَغَجَمَل ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ﴾ [هود: 114](5).
ص: 130
[11/295] رَأَى النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم رَجُلاً یقول
: اَللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَلَا أَرَاكَ
تَفْعَلُ، فَقَالَ صلی الله علیه و آله وسلم لَهُ: «لِمَيَسوءُ ظَنُّكَ؟»، قَالَ: لِأَنِّي أَذْنَبْتُ فِي الجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَام، فَقَالَ صلی الله علیه و آله وسلم: «أَمَّا مَا أَذْنَبْتَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَدْ عَاهُ الْإِيمَانُ، وَمَا فَعَلْتَ فِي الْإِسْلَامِ
اَلصَّلَاةُ إِلَى الصَّلَاةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا »(1) .
[12/296] عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثَّمَالِيُّ، قَالَ : سَمِعْتُ أَحَدَهُمَا علیهما السلام يَقُولُ: «إِنَّ عَلِيًّا علیه السلام أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: أَيُّ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهُ أَرْجَى عِنْدَكُمْ؟ فَقَالَ
السلام بَعْضُهُمْ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ... (48)»الآية [النساء: 48] ، فَقَالَ: حَسَنَةٌ وَلَيْسَتْ إِيَّاهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: «قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ... (53)»الآية [الزمر: 53]، قَالَ: حَسَنَةٌ وَلَيْسَتْ إِيَّاهَا ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: «وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أ...(135)» الآية [آل عمران: 135]، قَالَ: حَسَنَةٌ وَلَيْسَتْ إِيَّاهَا»، قَالَ: «ثُمَّ أَحْجَمَ اَلنَّاسُ، فَقَالَ: مَا لَكُمْ، يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالُوا: لَا وَالله مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ، قَالَ: سَمِعْتُ حَبِيبِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: أَرْجَى آيَةٍ فِي كِتَاب الله: «وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ(114)» [هود: 114] وَقَرَأَ الآيَةَ كُلَّهَا، قَالَ: يَا عَلِيُّ، وَالَّذِي بَعَثَنِي بالحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً، إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَقُومُ مِنْ وُضُوئِهِ فَتَسَاقَط عَنْ جَوَارِحِهِ الذُّنُوبُ، فَإِذَا اسْتَقْبَلَ اللَّهَ بِوَجْهِهِ وَقَلْبِهِ لَمْ يَنْفَتِلْ عَنْ صَلَاتِهِ وَعَلَيْهِ مِنْ ذُنُوبِهِ شَيْءٌ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ، فَإِنْ أَصَابَ شَيْئًا بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ كَانَ لَهُ مِثْلُ
ذَلِكَ حَتَّى أَدَّى اَلصَّلَوَاتِ اَلْخُمُسَ، ثُمَّ قَالَ: يَا عَلِيُّ، إِنَّمَا مَنْزِلَةُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ لِأُمَّتِي كَنَهْرٍ أَحَدِكُمْ، فَمَا ظَنُّ أَحَدِكُمْ لَوْ كَانَ فِي جَسَدِهِ دَرَنٌ ثُمَّ اِغْتَسَلَ فِي ذَلِكَ اَلنَّهْرِ خَمْسَ مَرَّاتٍ أَكَانَ يَبْقَى فِي جَسَدِهِ دَرَنٌ؟ فَكَذَلِكَ وَالله
جَارٍ عَلَى بَابِ
اَلصَّلَوَاتُ اَلْخَمْسُ لِأُمَّتِى»(2).
ص: 131
[ 29 / 13] قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم : «مَا مِنْ صَلَاةٍ يَحْضُرُ وَقْتُهَا إِلَّا نَادَى مَلَكٌ بَيْنَ يَدَيِ الله تَعَالَى: أَيُّهَا النَّاسُ، قُومُوا إِلَى نِيرَانِكُمُ الَّتِي أَوْقَدْتُمُوهَا عَلَى
ظُهُورِكُمْ، فَأَطْفِئُوهَا بِصَلَاتِكُمْ»(1)
[14/298] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يَدْفَعُ بِمَنْ يُصَلِّي مِنْ السلام
شِيعَتِنَا عَمَّنْ لَا يُصَلِّي مِنْ شِيعَتِنَا، وَلَوْ أَجْمَعُوا عَلَى تَرْكِ اَلصَّلَاةِ فَهَلَكُوا »(2).
[ 299 / 15] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام قَالَ: «مَنْ قَبِلَ اللهُ مِنْهُ صَلَاةٌ وَاحِدَةً لَم ،
يُعَذِّبْهُ، وَمَنْ قَبِلَ مِنْهُ حَسَنَةٌ لَمْ يُعَذِّبْهُ »(3)
[16/300] قَوْلُهُ علیه السلام: «يَا أَبَا هَارُونَ، إِنَّا نَأْمُرُ صِبْيَانَنَا بِتَسْبِيحِ
فَاطِمَةَ كَمَا نَأْمُرُهُمْ بِالصَّلَاةِ»(4).
[17/301] عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام، قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم جَالِسٌ فِي المَسْجِدِ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَقَامَ يُصَلِّي، فَلَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ، فَقَالَ صلی الله علیه و آله وسلم: نَقَرَ كَنَقْرِ الْغُرَابِ لَئِنْ مَاتَ هَذَا وَهَكَذَا صَلَاتُهُ لَيَمُوتَنَّ عَلَى غَيْرِ
ديني »(5).
[302/ 18] قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «أَسْرَقُ السُّرَّاقِ مَنْ سَرَقَ صَلَاتَهُ، قِيلَ : يَا رَسُولَ الله كَيْفَ يَسْرِقُ صَلَاتَهُ؟ قَالَ: «لَا يُتِمُّ رُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا »(6).
[19/303] عَنِ السَّكُونِي، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ
ص: 132
الله صلی الله علیه و آله وسلم: «لَا يَزَالُ الشَّيْطَانُ ذَعِراً مِنَ الْمُؤْمِن مَا حَافَظَ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَإِذَا ضَيَّعَهُنَّ تَجَرَّأَ عَلَيْهِ، فَأَدْخَلَهُ فِي الْعَظَائِم»(1) .
[20/304 ]عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم : مَنْ صَلَّى لا اَلْفَرِيضَةَ لِغَيْرِ وَقْتِهَا رُفِعَتْ لَهُ سَوْدَاءَ مُظْلِمَةٌ، تَقُولُ لَهُ: ضَيَّعَكَ اللَّهُ كَمَا ضَيَّعْتَنِي. وَأَوَّلُ مَا يُسْتَلُ اَلْعَبْدُ إِذَا وَقَفَ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ عزّو جلّ وَ عَنْ صَلَاتِهِ، فَإِنْ زَكَتْ صَلَاتُهُ زَكَا سَائِرُ عَمَلِهِ، وَإِنْ لَمْ تَزْكُ صَلَاتُهُ لَمْ يَزْكُ عَمَلُهُ »(2).
[21/305] عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیه السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم : «مَا مِنْ عَبْدِ اهْتَمَّ بِمَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ وَمَوَاضِعِ الشَّمْسِ إِلَّا ضَمِنْتُ لَهُ الرَّوْحَ عِنْدَ اَلَمَوْتِ، وَانْقِطَاعَ اَهُمُوم وَالْأَحْزَانِ، وَالنَّجَاةَ مِنَ النَّارِ، كُنَّا مَرَّةً رُعَاةَ الْإِبِلِ ، فَصِرْنَا الْيَوْمَ رُعَاةَ الشَّمْسِ »(3).
بيان :معنى (رُعَاةَ الشَّمْسِ ) : أي رعاة أوقات الصلاة التي تدور مدار
الشمس طلوعاً وزوالاً وغروباً.
[22/306] كَانَ عَلِيٌّ علیه السلام يَوْماً فِي حَرْبِ صِفِّينَ مُشْتَغِلاً بِالحَرْبِ وَالْقِتَالِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ بَيْنَ اَلصَّفَّيْنِ يُرَاقِبُ الشَّمْسَ، فَقَالَ لَهُ اِبْنُ عَبَّاس: يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ ، مَا هَذَا الْفِعْلُ؟ قَالَ: «أَنْظُرُ إِلَى الزَّوَالِ حَتَّى نُصَلَّى»، فَقَالَ علیه السلام ابْنُ عَبّاس: وَهَلْ هَذَا وَقْتُ صَلَاةٍ؟ إِنَّ عِنْدَنَا لَشُغُلاً بِالْقِتَالِ عَنِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ : «عَلَى
لِيلا مَا تُقَاتِلُهُمْ إِنَّا نُقَاتِلُهُمْ عَلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: وَلَمْ يَتْرُكُ صَلَاةَ اللَّيْلِ قَطُّ حَتَّى لَيْلَةَ اَلهَرِیرِ(4).
ص: 133
[307/23] عَنْ أَبِي أُسَامَةَ زَيْدِ الشَّحَامِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام عَنْ قَوْلِ الله عزّو جلّ: «الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)» [الماعون: 5]، قَالَ: «هُوَ التَّرْكُ هَا، وَالتَّوَانِي عَنْهَا»، وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ علیه السلام،
قَالَ: «هُوَ التَّفْسِيعُ لَهَا »(1).
[24/308] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: «إِنَّ شَفَاعَتَنَا لَا تَنَالُ مُسْتَخِفًا
بالصَّلَاةِ » (2).
[25/309] عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أُمَّ حَمِيدَةَ أُعَزِّيهَا بأَبي عَبْدِ الله علیه السلام، فَبَكَتْ وَبَكَيْتُ لِبُكَائِهَا، ثُمَّ قَالَتْ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، لَوْ رَأَيْتَ أَبَا عَبْدِ
الله علیه السلام عِنْدَ المَوْتِ لَرَأَيْتَ عَجَباً، فَتَحَ عَيْنَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «إِجْمَعُوا إِلَى كُلَّ مَنْ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ قَرَابَةٌ»، قَالَتْ: فَلَمْ نَتْرُكْ أَحَداً إِلَّا جَمَعْنَاهُ، قَالَتْ: فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ شَفَاعَتَنَا لَا تَنَالُ مُسْتَخِفًا بِالصَّلَاةِ»(3).
[ 26/310] قَوْلُهُ علیه السلام : «إِذَا قَامَ الْمُؤْمِنُ فِي الصَّلَاةِ بَعَثَ اللَّهُ حُورَ الْعِينِ
حَتَّى يُحْدِقْنَ بِهِ، فَإِذَا انْصَرَفَ وَلَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ مِنْهُنَّ شَيْئاً اِنْصَرَفْنَ مُتَعَجِّبَاتٍ »(4).
[311/ 27] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام : إِنَّ وَليَّ عَلَى علیه السلام يَرَاهُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ
حَيْثُ يَسُرُّهُ: عِنْدَ اَلَمَوْتِ، وَعِنْدَ الصِّرَاطِ، وَعِنْدَ الْحَوْضِ. وَمَلَكُ اَلمَوْتِ يَدْفَعُ اَلشَّيْطَانَ عَنِ الْحَافِظِ عَلَى الصَّلَاةِ، وَيُلَقَّنَّهُ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله فِي تِلْكَ الْحَالَةِ العَظِيمَةِ»(5) .
[ 28/312 ]قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام : «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا صَلَّى الصَّلَاةَ فِي وَقْتِهَا
ص: 134
وَحَافَظَ عَلَيْهَا ارْتَفَعَتْ بَيْضَاءَ نَقِيَّةً، تَقُولُ: حَفِظْتَنِي حَفِظَكَ اللهُ، وَإِذَا لَمْ يُصَلَّهَ
لِوَقْتِهَا وَلَمْ يُحَافِظٌ عَلَيْهَا ارْتَفَعَتْ سَوْدَاءَ مُظْلِمَةٌ، تَقُولُ: ضَيَّعْتَنِي ضَيَّعَكَ اللهُ »(1).
[29/313] عَنْ مَسْعَدَةَ بْن صَدَقَةَ، قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الله: «اِمْتَحِنُوا شِيعَتَنَا عِنْدَ مَوَاقِيتِ اَلصَّلَاةِ» (2).
[30/314] في حَدِيثِ الْأَرْبَعْمائَةِ، قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام : «لَيْسَ عَمَلٌ أَحَبَّ إِلَى اللَّه صلی الله علیه و آله وسلم وَ مِنَ الصَّلَاةِ، فَلَا يَشْغَلَنَكُمْ عَنْ أَوْقَاتِهَا شَيْءٌ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ الله صلی الله علیه و آله وسلم ذَمَّ أَقْوَاماً فَقَالَ: «الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)» [الماعون: 5]، يَعْنِي
أَنَّهُمْ غَافِلُونَ اِسْتَهَانُوا بِأَوْقَاتِهَا » (3).
[31/315] قَوْلُهُ: «الذُّنُوبُ الَّتِي تُورِثُ اَلنَّدَمَ : قَتْلُ النَّفْسِ...، إلى أنْ
قال: «وَتَرْكُ الصَّلَاةِ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا » (4).
[ 316/ 32] السيِّد عليَّ بن طاوس في (فلاح السائل): رَوَى بِحَذْفِ الْإِسْنَادِ عَنْ سَيِّدَةِ النِّسَاءِ فَاطِمَةَ ابْنَةِ سَيِّدِ الْأَنْبِيَاءِ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهَا وَعَلَى أَبِيهَا وَعَلَىٰ بَعْلِهَا وَعَلَى أَبْنَائِهَا الْأَوْصِيَاءِ) أَنَّهَا سَأَلَتْ أَبَاهَا مُحَمَّداً صلی الله علیه و آله وسلم ، فَقَالَتْ: «يَا أَبَتاهُ، مَا لَمَنْ تَهَا وَنَ بِصَلَاتِهِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ؟»، قَالَ: «يَا فَاطِمَةُ، مَنْ تَهَاوَنَ بِصَلَاتِهِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ابْتَلَاهُ اللهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ خَصْلَةٌ، سِتُّ مِنْهَا فِي دَارِ الدُّنْيَا، وَثَلَاثٌ عِنْدَ مَوْتِهِ، وَثَلَاثٌ فِي قَبْرِهِ، وَثَلَاثٌ فِي الْقِيَامَةِ إِذَا خَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ. وَأَمَّا اللَّوَاتِي تُصِيبُهُ فِي دَارِ الدُّنْيَا، فَالْأُولَى: يَرْفَعُ اللَّهُ الْبَرَكَةَ مِنْ عُمُرِهِ، وَيَرْفَعُ اللَّهُ الْبَرَكَةَ مِنْ رِزْقِهِ، وَيَمْحُو الله عزَّ و جلَّ سِيمَاءَ الصَّالِحِينَ مِنْ وَجْهِهِ، وَكُلُّ عَمَلٍ يَعْمَلُهُ لَا يُؤْجَرُ عَلَيْهِ، وَلَا يَرْتَفِعُ
ص: 135
دُعَاؤُهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَالسَّادِسَةُ: لَيْسَ لَهُ حَقٌّ فِي دُعَاءِ الصَّالِحِينَ. وَأَمَّا اللَّوَاتِي تُصِيبُهُ عِنْدَ مَوْتِهِ، فَأَوَّهُنَّ : أَنَّهُ يَمُوتُ ذَلِيلاً، وَالثَّانِيَةُ: يَمُوتُ جَائِعاً، وَالثَّالِثَةُ: يَمُوتُ عَطْشَاناً، فَلَوْ سُقِيَ مِنْ أَنْهَارِ الدُّنْيَا لَمْ يُرَوِّ عَطَشَهُ. وَأَمَّا اللَّوَاتِي تُصِيبُهُ فِي قَبْرِهِ، فَأَوَّهُنَّ: يُوَكَّلُ اللهُ بِهِ مَلَكاً يُزْعِجُهُ فِي قَبْرِهِ، وَالثَّانِيَةُ : يُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ، وَالثَّالِثَةُ: تَكُونُ الظُّلْمة فِي قَبْرِهِ. وَأَمَّا اللَّوَاتِي تُصِيبُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا خَرَجَ مِنْ قَيْرِهِ، فَأَوَّهُنَّ أَنْ يُوَكَّلَ اللَّهُ بِهِ : مَلَكاً يَسْحَبُهُ عَلَى وَجْهِهِ وَالْخَلَائِقُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ ، وَالثَّانِيَةُ : يُحَاسَبُ حِسَاباً شَدِيداً، وَاَلثَّالِثَةُ: لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِ، وَلَا يُزَكِّيهِ، وَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ»(1).
[33/317] عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: سَأَلَهُ أبُو بَصِير - وَأَنَا جَالِسٌ عِنْدَهُ - عَنِ الْحُورِ العِينِ، فَقَالَ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَخَلْقُ مِنْ خَلْقِ الدُّنْيَا، أَوْ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ لَهُ: «مَا أَنْتَ وَذَاكَ؟ عَلَيْكَ بِالصَّلَاةِ، فَإِنَّ آخِرَ مَا أَوْصَى بِهِ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم وَحَتَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ إِيَّاكُمْ أَنْ يَسْتَخِفَّ أَحَدُكُمْ بِصَلَاتِهِ، فَلَا هُوَ إِذَا كَانَ شَابًّا أَتَهَا، وَلَا هُوَ إِذَا كَانَ شَيْخاً قَوِيَ عَلَيْهَا . وَمَا أَشَدَّ مِنْ سَرِقَةِ الصَّلَاةِ، فَإِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ فَلْيَعْتَدِلْ، وَإِذَا رَكَعَ فَلْيَتَمَكَّنْ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ فَلْيَعْتَدِلْ، وَإِذَا سَجَدَ فَلْيَنْفَرِج وَلْيَتَمَكَّنْ، فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ فَلْيَعْتَدِلْ، وَإِذَا سَجَدَ
فَلْيَنْفَرِجُ ، فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ فَلْيَلْبَثُ حَتَّى يَسْكُنَ »(2).
[ 34/318] قَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام : «وَالله إِنَّهُ لَيَأْتِي عَلَى الرَّجُل خَمْسُو سَنَةٌ وَمَا قَبلَ اللهُ مِنْهُ صَلَاةً وَاحِدَةً، فَأَيُّ شَيْءٍ أَشَدُّ مِنْ هَذَا؟ وَالله إِنَّكُمْ لَتَعْرِفُونَ مِنْ جِيرَانِكُمْ وَأَصْحَابِكُمْ مَنْ لَوْ كَانَ يُصَلِّي لِبَعْضِكُمْ مَا قَبِلَهَا مِنْهُ لِاِسْتِخْفَافِهِ بِهَا، إِنَّ اللهَ عزّو جلّ وَ لَا يَقْبَلُ إِلَّا الحَسَنَ ، فَكَيْفَ يَقْبَلُ مَا يُسْتَخَفْ بِهِ ؟»(3).
ص: 136
[319/ 35 ]عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام السلام وَسُئِلَ: مَا بَالُ اَلزَّانِي لَا تُسَمِّيهِ كَافِراً، وَتَارِكُ الصَّلَاةِ كَافِرٌ، وَمَا اَخْجَةُ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: «لِأَنَّ الزَّانِيَ وَمَا أَشْبَهَهُ إِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ لِكَانِ الشَّهْوَةِ، لِأَنَّهَا تَغْلِبُهُ، وَتَارِكُ اَلصَّلَاةِ لَا يَتْرُكُهَا إِلَّا اسْتِخْفَافاً بِهَا، وَذَلِكَ لأَنَّكَ لَا تَجِدُ الزَّانِيَ يَأْتِي اَلمَرْأَةَ إِلَّا وَهُوَ مُسْتَلِةٌ لِإِثْيَانِهِ إِيَّاهَا ، قَاصِداً إِلَيْهَا ، وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ قَاصِداً إِلَيْهَا، فَلَيْسَ يَكُونُ قَصْدُهُ لِتَرْكِهَا اللَّذَّةَ، فَإِذَا نُفِيَتِ اللَّذَّهُ وَقَعَ الْاِسْتِخْفَافُ، وَإِذَا وَقَعَ
اَلْاِسْتِخْفَافُ وَقَعَ الْكُفْرُ»(1).
[320 / 36] عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «مَا بَيْنَ الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ
إِلَّا تَرْكُ الصَّلَاةِ »(2).
[321/ 37 ]عَنْ عَلِيٍّ علیه السلام، قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «اِنْتِظَارُ اَلصَّلَاةِ السلام
بَعْدَ الصَّلَاةِ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ » (3).
[38/322] عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام فِي حَدِيثٍ، قَالَ : قُلْتُ: عا جُعِلْتُ فِدَاكَ، بِمَا ذَا اسْتَوْجَبَ إِبْلِيسُ مِنَ الله أَنْ أَعْطَاهُ مَا أَعْطَاهُ، فَقَالَ: «لِشَيْءٍ كَانَ مِنْهُ شَكَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ، قُلْتُ: وَمَا كَانَ مِنْهُ، جُعِلْتُ فِدَاكَ؟ قَالَ: رَكْعَتَيْنِ
رَكَعَهُمَا فِي السَّمَاءِ فِي أَرْبَعَةِ آلَافِ سَنَةٍ »(4).
[39/323] عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم:
: إِذَا قَامَ اَلْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ فِي صَلَاتِهِ نَظَرَ اللهُ إِلَيْهِ - أَوْ قَالَ: أَقْبَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ - حَتَّى يَنْصَرِفَ، وَأَظَلَّتْهُ الرَّحْمَةُ مِنْ فَوْقِ رَأْسِهِ إِلَى أُفُقِ السَّمَاءِ، وَالمَلَائِكَةُ تَحْفُهُ مِنْ
ص: 137
حَوْلِهِ إِلَى أُفُقِ السَّمَاءِ، وَوَكَّلَ اللَّهُ بِهِ مَلَكاً قَائِاً عَلَى رَأْسِهِ، يَقُولُ لَهُ: أَيُّهَا المُصَلِّي لَوْ تَعْلَمُ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ وَمَنْ تُنَاجِي مَا الْتَفَتَ وَلَا زِلْتَ مِنْ مَوْضِعِكَ أَبَداً»(1).
[40/324] عَنْ عَلِيٌّ علیه السلام ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «إِذَا أَتَى أَحَدَكُمُ عَالِيْلا الشَّيْطَانُ فِي صَلَاتِهِ، فَقَالَ: إِنَّكَ مُرَائِي، فَلْيُطِلْ أَحَدُكُمْ، وَإِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ آخِرَتِهِ فَلْيَمْكُتْ، وَإِذَا كَانَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا فَلْيَرْجِعْ، وَإِذَا دُعِيتُمْ إِلَى الْعُرُسَاتِ فَأَبْطِئُوا فَإِنَّهَا تُذَكَّرُ الدُّنْيَا، وَإِذَا دُعِيتُمْ إِلَى الْجَنَائِزِ فَأَسْرِعُوا فَإِنَّهَا تُذَكَّرُ الْآخِرَةَ »(2) .
[41/325 ]اَلْحُسَيْنُ بْنُ حَمْدَانَ الْحُضَيْنِيُّ فِي (هِدَايَتِهِ)، عَنْ عِيسَى بْنِ مَهْدِي الْجُوْهَرِيُّ، وَالحُسَيْنِ بْنِ غِيَاثٍ، وَالحَسَنِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَالحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَحَنَانِ بْنِ حَنَانٍ، وَطَالِبِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَاتِمٍ، وَأَحْسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، وَمِحْجَلِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَصِيبِ، وَعَسْكَرِ مَوْلَى أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام ، وَالرَّيَّانِ مَوْلَى الرِّضَا علیه السلام ، وَجَمَاعَةٍ تَبْلُغُ نَيْفاً وَسَبْعِينَ رَجُلاً خَرَجُوا إِلَى سُرَّ مَنْ رَأَى لِتَهْنِئَةِ مُحَمَّدٍ علیه السلام بولَادَةِ المَهْدِي علیه السلام في حَدِيثٍ طَوِيل، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ علیه السلام: «إِنَّ اللَّهَ عزّو جلّ وَ أَوْحَىٰ إِلَى جَدِّي رَسُولِ الله : إِنِّي خَصَصْتُكَ وَعَلِيًّا وَحُجَجِي مِنْهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَشِيعَتَكُمْ بِعَشْرِ خِصَالٍ: صَلَاةِ إِحْدَى وَخَمْسِينَ...» الخبر (3).
ص: 138
[42/326 ]رُوِيَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيٌّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «عَلَامَاتُ اَلْمُؤْمِن خَمْسٌ : صَلَاةُ [الْإِحْدَى] وَالْخَمْسِينَ، وَزِيَارَةُ الْأَرْبَعِينَ، وَالتَّخَتُمُ في الْيَمِينِ، وَتَعْفِيرُ الْجَبِينِ، وَالجَهْرُ ب-« بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ »(1).
[327 / 43] قَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام: «لَفَضْلُ الْوَقْتِ الأَوَّلِ عَلَى اَلْأَخِ
خَيْرٌ لِلرَّجُل مِنْ وُلْدِهِ وَمَالِهِ » (2).
بيان: الأوّل هو وقت فضيلة الصلاة، والآخِر هو أواخر وقت الصلاة.
[44/328] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: «إِنَّ فَضْلَ الْوَقْتِ الْأَوَّلِ عَلَى
الْآخِرِ كَفَضْلِ اَلْآخِرَةِ عَلَى الدُّنْيَا »(3)
[329/ 45 ]قَالَ [الصَّادِقُ ] علیه السلام : أَوَّلُ الْوَقْتِ رِضْوَانُ الله، وَآخِرُهُ عَفْو
الله ، وَالْعَفْو لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ ذَنْبٍ»(4)
[46/330] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام لِأَبِي بَصِيرٍ : مَا خَدَعُوكَ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَلَا يَخْدَعُونَكَ فِي الْعَصْرِ، صَلَّهَا وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: اَلَمَوْتُورُ أَهْلَهُ وَمَالَهُ مَنْ ضَيَّعَ صَلَاةَ الْعَصْرِ»، قِيلَ: وَمَا الْمَوْتُورُ أَهْلَهُ وَمَالَهُ؟ قَالَ: لَا يَكُونُ لَهُ عَهْدٌ وَلَا مَالٌ فِي الْجَنَّةِ»، قِيلَ: وَمَا تَضْيِيعُهَا؟ قَالَ: «يَدَعُهَا وَالله حَتَّى
تَصْفَرَّ أَوْ تِغِيبَ اَلشَّمْسُ »(5)
ص: 139
بيان :المال في الجنَّة يعني القصور والحور وأمثال ذلك. وقد ورد في روايات أخرى أنَّه يكون من ضيفان أهل الجنَّة، وهم من لا دار لهم ولا أهل في
الجنَّة، بل يتضيَّفون عند أهلها.
[ 331/ 47] عَنْ أَبِي سَلَام الْعَبْدِي، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبي عَبْدِ الله علیه السلام ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا تَقُولُ فِي رَجُل يُؤَخِّرُ الْعَصَرَ مُتَعَمِّداً؟ قَالَ: «يَأْتِي هَذَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَوْتِراً أَهْلَهُ وَمَالَهُ»، قَالَ: قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْل الْجَنَّةِ؟ قَالَ: «وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْل الْجَنَّةِ، قَالَ: قُلْتُ: وَمَا مَنْزِلَتُهُ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ: «مَوْتِراً أَهْلَهُ وَمَالَهُ، يَتَضَيَّفُ أَهْلَهَا لَيْسَ لَهُ فِيهَا مَنْزل»(1).
[ 332/ 48] قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم : «إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ
وَأَبْوَابُ اَلْجِنَانِ، وَاسْتُجِيبَ الدُّعَاءُ، فَطُوبَى لَنْ رُفِعَ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ عَمَلٌ صَالِحٌ »(2) .
[ 333 / 49] عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام يَقُولُ: «إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَأَبْوَابُ الْجِنَانِ، وَقُضِيَتِ اَلْحَوَائِجُ الْعِظَامُ، فَقُلْتُ: مِنْ أَيِّ وَقْتِ إِلَى أَي وَقْتٍ؟ فَقَالَ: «مِقْدَارُ مَا يُصَلِّي اَلرَّجُلُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ مُتَرَسُلاً »(3).
[50/334] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام: «إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ فُتِحَتْ أَبْوَابُ
السَّمَاءِ، وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ، وَقُضِيَ فِيهَا الْحَوَائِجُ »(4).
[51/335] قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام يَقُولُ: «إِذَا
كَانَتْ لَكَ إِلَى اللَّه حَاجَةً فَاطْلُبُهَا عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ »(5).
ص: 140
[52/336] عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیه السلام، قَالَ: «إِذَا فَاءَتِ الْأَفْيَاءُ، وَهَاجَتِ الْأَرْيَاحُ، فَاطْلُبُوا خَيْرَ الحُكْمِ مِنَ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَإِنَّهَا سَاعَةُ
الأوابين »(1).
[53/337] قَوْلُهُ علیه السلام: «إِنَّ أَبْوَابَ السَّمَاءِ تُفَتَّحُ إِذَا زَالَ النَّهَارُ »(2) .
[54/338] عَنْ عَبْدِ الله بْن سِنَانٍ، عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام،، قَالَ: سَمِعْتُه يَقُولُ: «وَقْتُ المَغْرِبِ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَغَابَ قُرْصُهَا»، قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «أَخَرَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَجَاءَ عُمَرُ، فَدَقَ الْبَابَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله نَامَ النِّسَاءُ، نَامَ الصَّبْيَانُ، فَخَرَجَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم،
فَقَالَ: لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُونِي، وَلَا تَأْمُرُونِي، إِنَّمَا عَلَيْكُمْ أَنْ تَسْمَعُوا وَتُطِيعُوا »(3)
[339/ 55 ]عَنْ سَعِيدِ بْن عِلَاقَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ علیه السلام يَقُولُ:
تَرْكُ نَسْجِ الْعَنْكَبُوتِ فِي الْبَيْتِ يُورِثُ الْفَقْرَ...»، إلى أَنْ قالَ: «وَإِجَابَةُ الْمُؤَذِّنِ
يَزِيدُ فِي الرِّزْقِ »(4).
[56/340] عَنِ البَاقِرِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «مَا مِنْ عَبْدِ عَبَدَ اللَّهَ بِشَيْءٍ مِنَ
ص: 141
اَلتَّمْجِيدِ أَفْضَلَ مِنْ تَسْبِيحَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ علیها السلام، وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ أَفْضَلَ مِنْهُ لَنَحَلَهُ
رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَاطِمَة َعلیها السلام»(1).
[ 57/341] عَنْ أَبِي خَالِدِ الْقَاطِ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام يَقُولُ: تَسْبِيحُ فَاطِمَةَ علیها السلام لَنَا فِي كُلِّ يَوْمٍ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ صَلَاةِ أَلْفِ رَكْعَةٍ
في كُلِّ يَوْمِ »(2).
[ 58/342 ]رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ الله عزّو جلّ: « اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41)»[الأحزاب: 41] ، مَا هَذَا الذِّكْرُ الْكَثِيرُ؟ قَالَ: «مَنْ سَبَّحَ
تَسْبِيحَ فَاطِمَةَ لَهَا فَقَدْ ذَكَرَ اللهَ الذِّكْرَ الْكَثِيرَ »(3).
[343 59/ ]عَنْ عَبْدِ الله بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَنْ سَبَّحَ تَسْبِيحَ فَاطِمَةَ علیها السلام فِي دُبُرِ المَكْتُوبَةِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَبْسُطُ رِجْلَيْهِ أَوْجَبَ اللهُ لَهُ اَلْجَنَّةَ »(4)
[60/344] عَنْ أَي هَارُونَ المَكْفُوفِ، عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: «يَا أَبَا السلام هَارُونَ، إِنَّا نَأْمُرُ صِبْيَانَنَا بِتَسْبِيح فَاطِمَة علیها السلام كَمَا نَأْمرُهُمْ بِالصَّلَاةِ، فَالْزَمْهُ فَإِنَّهُ لَم
يَلْزَمْهُ عَبْدٌ فَشَقِي»(5).
[61/345] قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام : «فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْ تَسْبِيحِ فَاطِمَةَ علیها السلام فَقُلْ اَللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ ، وَلَكَ السَّلَامُ، وَإِلَيْكَ يَعُودُ السَّلَامُ، سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ، اَلسَّلَامُ عَلَى الْأَئِمَّةِ
ص: 142
اَلرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ، اَلسَّلَامُ عَلَى جَمِيعِ أَنْبِيَاءِ الله وَرُسُلِهِ وَمَلَائِكَتِهِ، اَلسَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ الله الصَّالِحِينَ، ثُمَّ تُسَلَّمُ عَلَى الْأَئِمَّةِ وَاحِداً وَاحِداً لها ، وَتَدْعُو بِمَا
أَحْيَيْتَ »(1).
[62/3461] عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام: «إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَصْحَابِهِ ذَاتَ يَوْمٍ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ جَمَعْتُمْ مَا عِنْدَكُمْ مِنَ الشَّيَابِ وَالْآنِيَةِ ثُمَّ وَضَعْتُمْ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ تَرَوْنَهُ يَبْلُغُ السَّمَاءَ؟ قَالُوا: لَا، يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: يَقُولُ أَحَدُكُمْ إِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لله، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثِينَ مَرَّةً، وَهُنَّ يَدْفَعْنَ الْهُدْمَ وَالْغَرَقَ وَاَخْرَقَ وَالتَّرَدَّيَ فِي الْبِثْرِ وَأَكْلَ السَّبُعُ وَمِيتَةَ السَّوْءِ وَالْبَلِيَّةَ الَّتِي نَزَلَتْ عَلَى الْعَبْدِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ»(2) .
[ 63/347] عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، قَالَ: قَالَ لِي الصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ علیهما السلام: «مَنْ صَلَّى صَلَاةٌ مَكْتُوبَةً، ثُمَّ سَبَّحَ فِي دُبُرِهَا ثَلَاثِينَ مَرَّةً، لَمْ يَبْقَ عَلَى
لاهما بَدَنِهِ شَيْءٌ مِنَ الذُّنُوبِ إِلَّا تَنَاثَرَ »(3).
بيان :الظاهر أنّ المراد من التسبيح هو التسبيحات الأربعة.
[ 348 / 64] عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام : «مَنْ صَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ فِيمَا بَيْنَ
اَلظُّهْرَيْنِ عَدَلَ سَبْعِينَ رَكْعَةً »(4).
ص: 143
[65/349 ]عَنِ الصَّبَّاح بْنِ سَيَابَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: «أَلَا أُعَلِّمُكَ شَيْئاً يَقِي اللَّهُ بِهِ وَجْهَكَ مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ ؟»، قَالَ: قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: «قُلْ بَعْدَ اَلْفَجْرِ: اَللَّهُمَّ صَلَّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ مِائَةَ مَرَّةٍ يَقِي اللَّهُ بِهِ وَجْهَكَ مِنْ حَرِّ
جهنم»(1).
[ 350 / 66] عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ، قَالَ: كَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ إِلَى أَبِي اَلحَسَنِ علیه السلام: إِنْ رَأَيْتَ يَا سَيِّدِي أَنْ تُعَلِّمَنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي دُبُرِ صَلَوَاتِي يَجْمَعُ
اللَّهُ لِي بِهِ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَكَتَبَ علیه السلام : «تَقُولُ: أَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيم، وَعِزَّتِكَ الَّتِي لَا تُرَامُ، وَقُدْرَتِكَ الَّتِي لَا يَمْتَنِعُ مِنْهَا شَيْءٌ مِنْ شَرِّ اَلدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ،
وَمِنْ شَرِّ الْأَوْجَاعِ كُلِّهَا » (2).
[67/351] عَنْ أَبِي بَكْرٍ اَلْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام، قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلَا يَدَعْ أَنْ يَقْرَأَ فِي دُبُرِ الْفَرِيضَةِ ب- (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدُ )، فَإِنَّ مَنْ قَرَأَهَا جَمَعَ اللهُ لَهُ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَغَفَرَ لَهُ وَلِوَالِدَيْهِ وَمَا
وَلَدًا»(3).
[352/ 68] عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام أَنَّه قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا وَقَدْ تَخَلَّصَ مِنَ الذُّنُوبِ كَمَا يَتَخَلَّصُ الذَّهَبُ الَّذِي لَا كَدَرَ فِيهِ وَلَا يَطْلُبَهُ أَحَدٌ بِمَظْلِمَةٍ، فَلْيَقُلْ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ نِسْبَةَ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً ، ثُمَّ يَبْسُطُ يَدَيْهِ فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ المَكْنُونِ المَخْزُونِ الطَّاهِرِ الطُّهْرِ
ص: 144
اَلْمُبَارَكِ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْعَظِيمِ، وَسُلْطَانِكَ الْقَدِيم أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، يَا وَاهِبَ الْعَطَايَا يَا مُطْلِقَ الْأَسَارَى، يَا فَكَاكَ الرّقَابِ مِنَ النَّارِ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تُعْتِقَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ، وَأَنْ تُخْرِجَنِي مِنَ الدُّنْيَا آمِناً، وَأَنْ تُدْخِلَنِي اَلْجَنَّةَ سَالِمِاً، وَأَنْ تَجْعَلَ دُعَائِي أَوَّلَهُ فَلَاحاً، وَأَوْسَطَهُ نَجَاحاً، وَآخِرَهُ صَلَاحاً، إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ»، ثُمَّ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام: «هَذَا مِنَ المَخْبِيَّاتِ مِمَّا عَلَّمَنِي رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم، وَأَمَرَنِي أَنْ أُعَلَّمَهُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ عليهما السلام»(1).
بيان :المقصود من نسبة الربِّ سورة التوحيد.
[169/353 ]عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلى علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلی الله علیه و آله وسلم عَلَى أَعْوَادِ هَذَا الْمِنْبَرِ، وَهُوَ يَقُولُ: مَنْ قَرَأَ آيَةَ الكُرْسِيِّ عَقِيبَ كُلِّ فَرِيضَةٍ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ دُخُولِ اَلْجَنَّةِ إِلَّا اَلَمَوْتُ، وَلَا يُوَاظِبُ عَلَيْهِ إِلَّا صِدِّيقُ أَوْ عَابِدٌ، وَمَنْ قَرَأَهَا عِنْدَ مَنَامِهِ آمَنَهُ اللهُ فِي نَفْسِهِ وَبَيْتِهِ وَبُيُوتٍ مِنْ جِوَارِهِ » (2) .
[70/354] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى، عَنْ
أَبِيهِ مُوسَى سَى بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیه السلام، قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم وَعِنْدَهُ أُيُّ بْنُ كَعْبٍ، فَقَالَ لِي رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: مَرْحَباً بِكَ، يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، يَا زَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِينَ، قَالَ لَهُ أَبَيُّ: وَكَيْفَ يَكُونُ يَا رَسُولَ الله زَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِينَ أَحَدٌ غَيْرُكَ؟ قَالَ: يَا أَيُّ، وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالحَقِّ نَبِيًّا إِنَّ اَلْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ علیه السلام فِي السَّمَاءِ أَكْبَرُ مِنْهُ فِي الْأَرْضِ...»، إلى أن قال: «وَلَقَدْ لُقّنَ
ص: 145
دَعَوَاتٌ مَا يَدْعُو بِهِنَّ مَخَلُوقٌ إِلَّا حَشَرَهُ اللَّهُ عزَّ وَ جلَّ مَا مَعَهُ، وَكَانَ شَفِيعَهُ فِي آخِرَتِهِ، وَفَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كَرْبَهُ، وَقَضَى بِهَا دَيْنَهُ، وَيَسَّرَ أَمْرَهُ، وَأَوْضَحَ سَبِيلَهُ، وَقَوَّاهُ عَلَى عَدُوِّهِ، وَلَمْ يَهْتِكْ سِتْرَهُ، فَقَالَ لَهُ أَبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: وَمَا هَذِهِ الدَّعَوَاتُ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: تَقُولُ إِذَا فَرَغْتَ مِنْ صَلَوَاتِكَ وَأَنْتَ قَاعِدٌ: اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِكَلِمَاتِكَ، وَمَعَاقِدِ عَرْشِكَ، وَسُكَانِ سَمَاوَاتِكَ وَأَرْضِكَ ، وَأَنْبِيَائِكَ وَرُسُلِكَ أَنْ تَسْتَجِيبَ لي، فَقَدْ رَهِقَنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرٌ ، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَجْعَلَ لِي مِنْ أَمْرِي يُسْراً، فَإِنَّ اللهَ علیه السلام يُسَهِّلُ أَمْرَكَ، وَيَشْرَحُ صَدْرَكَ، وَيُلَقِّنُكَ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عِنْدَ خُرُوج نَفْسِكَ »(1).
[355 / 7] سُئِلَ أَبو جَعْفَرِ البَاقِرُ علیه السلام عَنْ وَقْتِ صَلَاةِ اللَّيْلِ إِلى أَنْ قال: قَالَ: «إِنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ فِي آخِرِهِ أَفْضَلُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَهُوَ وَقْتُ الْإِجَابَةِ، وَهِيَ هَدِيَّةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى رَبِّهِ ، فَأَحْسِنُوا هَدَايَاكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ يُحْسِنِ اللَّهُ جَوَائِزَكُمْ، فَإِنَّهُ لَا يُوَاظِبُ عَلَيْهَا إِلَّا مُؤْمِنٌ أَوْ صِدِّيقٌ »(2).
[72/356 ]سَأَلَ عُمَرُ بْنُ حَنْظَلَةَ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام، فَقَالَ لَهُ: زَوَالُ اَلشَّمْسِ نَعْرِفُهُ بِالنَّهَارِ، كَيْفَ لَنَا بِاللَّيْلِ؟ فَقَالَ: «لِلَّيْلِ زَوَالٌ كَزَوَالِ الشَّمْسِ»،
قَالَ: فَبِأَيِّ شَيْءٍ نَعْرِفُهُ؟ قَالَ: «بِالنُّجُومِ إِذَا إِنْحَدَرَتْ »(3).
ص: 146
[73/357] عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهَبٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام يَقُولُ:
أَمَا يَرْضَى أَحَدُكُمْ أَنْ يَقُومَ قُبَيْلَ الصُّبْحِ وَيُوتِرَ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، وَيُكْتَبَ لَهُ
صَلَاةُ اللَّيْلِ»(1).
[74/358 ]عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبي جَعْفَرٍ علیه السلام، قَالَ: «قُتِلَ اَلحُسَيْنُ بْنُ
عَلىِّ علیه السلام، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ خَزْ دَكْنَاءُ، فَوَجَدُوا فِيهَا ثَلَاثَةٌ وَسِتِّينَ مِنْ بَيْنِ ضَرْبَةٍ
بِالسَّيْفِ، أَوْ طَعْنَةِ بِالرُّمْحِ، أَوْ رَمْيَةٍ بِالسَّهْمِ »(2).
[75/359] لَمْ يُطْلِقِ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم لُبْسَ الحَرِيرِ لِأَحَدٍ مِنَ الرِّجَالِ، إِلَّا لِعَبْدِ
اَلرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ رَجُلاً قَمِلاً »(3).
[ 76/360] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام يَمْضَعُ عِلْكا، فَقَالَ: «يَا مُحَمَّدُ، نَقَضَتِ الْوَسْمَةُ أَخْرَاسِي، فَمَضَغْتُ هَذَا الْعِلْكَ لِأَشُدَّهَا»، قَالَ: وَكَانَتِ اسْتَرْخَتْ، فَشَدَّهَا بِالذَّهَبِ »(4).
[361/ 77] عَنْ بُرَيْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي
ص: 147
جَعْفَرٍ علیه السلام وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ حَمْرَاءُ جَدِيدَةٌ شَدِيدَةُ الْحُمْرَةِ، فَتَبَسَّمْتُ حِينَ دَخَلْتُ،
السلام فَقَالَ: «كَأَنِّي أَعْلَمُ لِمَ ضَحِكْتَ ؟ [ ضَحِكْتَ] مِنْ هَذَا الثَّوْبِ الَّذِي هُوَ عَلَيَّ، إِنَّ اَلثَّقَفِيَّةَ أَكْرَهَتْنِي عَلَيْهِ، وَأَنَا أُحِبُّهَا، فَأَكْرَهَتْنِي عَلَى لُبْسِهَا»، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّا لَا نُصَلِّي فِي هَذَا، وَلَا تُصَلُّوا فِي الْمُشْبَعِ الْمُضَرَّج»، قَالَ: ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَقَدْ طَلَّقَهَا، فَقَالَ:
سَمِعْتُهَا تَبَرَأُ مِنْ عَلَيَّ علیه السلام، فَلَمْ يَسَعْنِي أَنْ أُمْسِكَهَا وَهِيَ تَبَرَأُ مِنْهُ »(1).
[362/ 78 ]عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٌّ علیهم السلام ، قَالَ: «إِنَّ السلام
الْإِنْسَانَ إِذَا كَانَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّ جَسَدَهُ وَثِيَابَهُ وَكُلَّ شَيْءٍ حَوْلَهُ يُسَبِّحُ » (2).
[79/363 ]عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ رَفَعَهُ إِلَى أَبي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «مَنْ تَطَيَّبَ أَوَّلَ اَلنَّهَارِ لَمْ يَزَلْ عَقْلُهُ مَعَهُ إِلَى اللَّيْلِ، وَقَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام : «صَلَاةٌ
مُتَطَيِّبٍ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ صَلَاةً بِغَيْرِ طِيبٍ »(3).
[80/364 ]عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: «صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ بِفَصٌ عَقِيقٍ تَعْدِلُ أَلْفَ رَكْعَةٍ بِغَيْرِهِ »(4).
[81/365] عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلي علیهما السلام، قَالَ : «قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه و آله وسلم: يَا
ص: 148
بُنَيَّ، تَخَتَمْ بِالْيَاقُوتِ وَالْعَقِيقِ، فَإِنَّهُ مَيْمُونٌ مُبَارَكٌ، وَكُلَّمَا نَظَرَ الرَّجُلُ فِيهِ إِلَى وَجْهِهِ يَزِيدُ نُوراً، وَالصَّلَاةُ فِيهِ سَبْعُونَ صَلَاةَ...»، إلى أن قال: «وَلَا تَخَتَّمْ فِي الشَّمَالِ، وَلَا بغَيْرِ الْيَاقُوتِ وَالْعَقِيقِ»(1).
[366 / 82] عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: «مَا مِنْ مُؤْمِنِ يَمُوتُ فِي أَرْضِ غُرْبَةٍ يَغِيبُ عَنْهُ فِيهَا بَوَاكِيهِ إِلَّا بَكَتْهُ بِقَاعُ اَلْأَرْضِ الَّتِي كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ عزّو جلّ وَ عَلَيْهَا، وَبَكَتْهُ أَثْوَابُهُ، وَبَكَتْهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ الَّتِي كَانَ يَصْعَدُ فِيهَا عَمَلُهُ، وَبَكَى الْمَلَكَانِ
الْمُوَكَّلَانِ بِهِ »(2).
[ 367 / 83] اَلْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ رَفَعَهُ، عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله علیه السلام : إِنِّي لَأَكْرَهُ الصَّلَاةَ فِي مَسَاجِدِهِمْ، فَقَالَ: لَا تَكْرَهُ، فَمَا مِنْ مَسْجِدٍ بُنِي إِلَّا عَلَى قَبْرِ نَبِيٍّ أَوْ وَصِيٌّ نَبِيٍّ قُتِلَ، فَأَصَابَ تِلْكَ الْبُقْعَةَ رَشَةٌ مِنْ دَمِهِ، فَأَحَبَّ اللَّهُ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا، فَأَدَّ فِيهَا الْفَرِيضَةَ وَالنَّوَافِلَ، وَاقْضِ فِيهَا مَا فَاتَكَ » (3) .
[ 368 / 84 ]عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ علیه السلام، قَالَ: «مَنْ مَشَىٰ إِلَى المَسْجِدِ لَمْ يَضَعْ
رِجْلاً عَلَى رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا سَبَّحَتْ لَهُ الْأَرْضُ إِلَى الْأَرَضِينَ السَّابِعَةِ »(4).
ص: 149
[369/ 85] قَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم: «مَنْ كَانَ الْقُرْآنُ حَدِيثَهُ، وَالمَسْجِدُ بَيْتَهُ، بَنَى
اللهُ لَهُ بَيْتاً فِي الجَنَّةِ»(1).
[ 370 / 86] كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام يَقُولُ: «مَن اِخْتَلَفَ إِلَى المَسَاجِدِ أَصَابَ إِحْدَى الثَّمَانِ: أَخاً مُسْتَفَاداً في الله عزّو جلّ، أَوْ عِلْماً مُسْتَطْرَفاً، أَوْ آيَةً مُحْكَمَةً، أَوْ رَحْمَةٌ مُنتَظَرَةٌ، أَوْ كَلِمَةً تَرُدُّهُ عَنْ رَدَى، أَوْ يَسْمَعُ كَلِمَةً تَدُلُّهُ عَلَى هُدًى، أَوْ يَتْرُكُ
ذَنْباً خَشْيَةً أَوْ حَيَاءً » (2) .
[371/ 8] عَنْ عَلِيٍّ علیه السلام، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا نَزَلَتِ الا،
اَلْعَاهَاتُ وَالْآفَاتُ عُوفِيَ أَهْلُ اَلَمَسَاجِدِ»(3).
[88/372] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ علیه السلام، قَالَ: «إِنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْن علیهما السلامِ لمَّا اسْتَقْبَلَهُ
للا مَوْلًى لَهُ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ خَةٌ، وَمِطْرَفُ خَةٌ، وَعِمَامَةُ خَةٌ، وَهُوَ مُتَغَلِّفٌ بِالْغَالِيَةِ، فَقَالَ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، فِي مِثْلِ هَذِهِ السَّاعَةِ عَلَى هَذِهِ أَهْيَّأَةِ إِلَى أَيْنَ؟»، قَالَ:
فَقَالَ: إِلَى مَسْجِدِ جَدِّي رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم أَخْطُبُ الحُورَ العِينَ إِلَى الله عزّو جلّ. »(4).
بيان: من المستحبَّات المذكورة خروج المؤمن إلى المسجد بكامل زينة، وقد أجاب الإمام السجَّاد علیه السلام من استغرب من خروجه في تلك الليلة الباردة بأنَّه خرج طالباً ثواب الله تعالى، والذي منه الحور العين، وكأنَّه خرج يخطب الحور
ص: 150
من ربِّ العالمين، وقد ورد في (الكافي) عَنْ دَاوُدَ الْعِجْيُّ مَوْلَى أَبي المَغْرَاءِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام يَقُولُ: «ثَلَاتٌ أُعْطِينَ سَمْعَ اَلخَلَائِقِ: الجَنَّةُ وَالنَّارُ وَاَلْحُورُ اَلْعِينُ، فَإِذَا صَلَّى الْعَبْدُ وَقَالَ: اللَّهُمَّ أَعْتِقْنِي مِنَ النَّارِ، وَأَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ، وَزَوَّجْنِي مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، قَالَتِ النَّارُ: يَا رَبِّ، إِنَّ عَبْدَكَ قَدْ سَأَلَكَ أَنْ تُعْتِقَهُ مِنِّي فَأَعْتِقْهُ، وَقَالَتِ الْجَنَّةُ: يَا رَبِّ إِنَّ عَبْدَكَ قَدْ سَأَلَكَ إِيَّايَ فَأَسْكِنْهُ فِيَّ، وَقَالَتِ الْحُورُ الْعِينُ: يَا رَبِّ، إِنَّ عَبْدَكَ قَدْ خَطَبَنَا إِلَيْكَ فَزَوِّجُهُ مِنَّا، فَإِنْ هُوَ انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ وَلَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ شَيْئاً مِنْ هَذِهِ، قُلْنَ اَلْحُورُ الْعِينُ : إِنَّ هَذَا الْعَبْدَ فِينَا لَزَاهِدٌ، وَقَالَتِ اَلْجَنَّةُ: إِنَّ هَذَا الْعَبْدَ فِي لَزَاهِدٌ، وَقَالَتِ النَّارُ: إِنَّ هَذَا الْعَبْدَ فِي جَاهِلٌ»(1) .
[89/373] عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله وسلم فِي حَدِيثٍ طَوِيل أَنَّهُ رَأَى لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ مَكْتُوبَةً عَلَى الْبَابِ السَّادِسِ مِنَ الْجَنَّةِ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله عَلِيٌّ وَلِيُّ الله، مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ قَبْرُهُ وَاسِعاً
فَسِيحاً فَلْيَيْن اَلَمَسَاجِدَ »(2) .
[90/374 ]عَنِ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم فِي فَصْل مُعْجِزَاتِ أَقْوَالِهِ صلى الله عليه وسلم : "إِنَّكُمْ تَفْتَحُونَ رُومِيَةَ، فَإِذَا فَتَحْتُمْ كَنِيسَتَهَا الشَّرْقِيَّةَ فَاجْعَلُوهَا مَسْجِداً، وَعُدُّوا سَبْعَ بَلَاطَاتٍ، ثُمَّ اِرْفَعُوا الْبَلَاطَةَ الثَّامِنَةَ، فَإِنَّكُمْ تَجِدُونَ تَحْتَهَا عَصَا مُوسَى علیه السلام،
ص: 151
[ 91/375] عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ عَلِيٌّ علیه السلام أَنَّهُ رَأَى رَجُلاً
تَأْنِيتُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم،
، فَقَالَ لَهُ: «أخرُج مِنْ مَسْجِدِ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم:
يَا مَنْ لَعَنَهُ رَسُولُ الله»، ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لَعَنَ
اللهُ المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ»، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّهُمْ أَقْذَرُ شَيْءٍ »(1).
[376 / 92] عَنْ عَلِيٌّ علیه السلام، قَالَ : كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله وسلم جَالِساً فِي لا المَسْجِدِ حَتَّى أَتَاهُ رَجُلٌ بِهِ تَأْنِيةٌ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَكَبَّ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم فِي الْأَرْضِ يَسْتَرْجِعُ، ثُمَّ قَالَ: مِثْلُ هَؤُلَاءِ فِي أُمَّتِي، إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِثْلُ هَؤُلَاءِ فِي أُمَّةٍ إِلَّا عُذْبَتْ قَبْلَ السَّاعَةِ »(2).
بيان: موقف الإسلام من المخنَّثين والشاذَّين واضح وشديد، وذلك لشدَّة فساد هذا الانحراف وتأثيره على حياة الإنسان الطبيعيَّة، وعلى الحياة الاجتماعيَّة بشكل عامُّ، وعواقبه الوخيمة على الحشمة والعفَّة، وعلى الأُسلوب الطبيعي في علامات ،الجنين وما ينتج منها من تناسل شرعي و انتساب للأولاد للآباء.
كلُّ ذلك سينقلب رأساً على عقب بفسح المجال، والسكوت عن الشذوذ الجنسي، والانسياق وراء العناوين الكاذبة التي يُراد منها تسريب الانحراف والشذوذ إلى المجتمعات تمهيداً لتحطيم شخصيتها وقطع نسلها، ومن ثَمَّ تمزيق
نظام الأسرة المبنيَّ على الطبعة السليمة والفطرة السويَّة.
ص: 152
[93/377] عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «لِكُلِّ شَيْءٍ قُمامَةٌ، وَقُمامَهُ
اَلمَسْجِدِ: لَا وَالله وَبَلَى وَالله »(1) .
[ 94/378] سَمِعَ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم رَجُلاً يُنْشِدُ ضَالَّةٌ فِي المَسْجِدِ، فَقَالَ: «قُولُوا
لَهُ: لَا رَدَّ اللهُ عَلَيْكَ، فَإِنَّهَا لِغَيْرِ هَذَا بُنِيَتْ »(2).
[95/379] اِبْنُ شَهْرَآشُوبَ فِي( المَنَاقِبِ): رَأَى عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْن علیهما السلامِ اَلحَسَنَ الْبَصْرِيَّ عِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ يَقُصُّ ، فَقَالَ: «يَا هَنَاهُ، أَتَرْضَى نَفْسُكَ لَلْمَوْتِ؟»، قَالَ: لَا ، قَالَ: «فَعَمَلُكَ لِلْحِسَاب؟»، قَالَ: لَا، قَالَ: «فَثَمَّ دَارُ الْعَمَلِ؟»، قَالَ: لَا ، قَالَ: «فَلِلَّهِ فِي الْأَرْضِ مَعَاذْ غَيْرُ هَذَا الْبَيْتِ؟»، قَالَ: لَا، قَالَ: فَلِمَ تَشْغَلُ النَّاسَ عَن الطَّوَافِ؟»، ثُمَّ مَضَى، قَالَ اَحْسَنُ: مَا دَخَلَ مَسَامِعِي مِثْلُ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ مِنْ أَحَدٍ قَطُّ، أَتَعْرِفُونَ هَذَا الرَّجُلَ؟ قَالُوا: هَذَا زَيْنُ الْعَابِدِينَ علیه السلام ،
فَقَالَ اَلْحَسَنُ : ذُرِّيَّةٌ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ »(3).
[ 96/380] عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله علیه السلام :
ص: 153
اَلصَّلَاةُ فِي بَيْتِ فَاطِمَةَ عليها السلام أَفْضَلُ أَوْ فِي الرَّوْضَةِ؟ قَالَ: «فِي بَيْتِ
فَاطِمَة علیها السلام»(1).
[97/381] عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاج، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا إِبْرَاهِيمَ علیه السلام عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ غَدِيرِ حُمِّ بِالنَّهَارِ وَأَنَا مُسَافِرٌ، فَقَالَ: «صَلِّ فِيهِ فَإِنَّ فِيهِ فَضْلاً، وَقَدْ كَانَ أَبي علیه السلام يَأْمُرُ بِذَلِكَ »(2)
بيان: قال الشيخ صاحب الجواهر رحمه الله : ( وكذا يُستحَبُّ للراجع على طريق المدينة الصلاة في مسجد غدير خُمِّ، والإكثار فيه من الدعاء، وهو موضع النصِّ من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم على أمير المؤمنين علیه السلام ) (3).
وَقَدْ رُوِيَ فِي (الكافي) بِإِسْنَادِهِ عَنْ حَسَّانَ اَلْجَمَالِ، قَالَ: حَمَلْتُ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام مِنَ المَدِينَةِ إلَى مَكَّةَ، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى مَسْجِدِ الْغَدِيرِ نَظَرَ إِلَى مَيْسَرَةِ المَسْجِدِ فَقَالَ: ذَلِكَ مَوْضِعُ قَدَم رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم حَيْثُ قَالَ: مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيُّ
مولاه»(4) .
[153 / 98] رُوِيَ عَنِ الْأَصْبَغ بْنِ نُبَاتَةَ أَنَّهُ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ ذَاتَ يَوْمٍ حَوْلَ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ علیه السلام في مَسْجِدِ الْكُوفَةِ إِذْ قَالَ: «يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ، لَقَدْ حَبَاكُمُ اللهُ عزّو جلّ بِمَا لَمْ يَحْبُ بِهِ أَحَداً مِنْ فَضْلِ، مُصَلَّاكُمْ بَيْتِ آدَمَ وَبَيْتِ نُوحٍ وَبَيْتِ إِدْرِيسَ،
ص: 154
وَمُصَلَّى إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، وَمُصَلَّى أَخِي الخَضِرِ علیهم السلام ، وَمُصَلَّايَ، وَإِنَّ مَسْجِدَكُمْ
هَذَا لَأَحَدُ الْأَرْبَعَةِ المَسَاجِدِ الَّتِي اِخْتَارَهَا اللهُ عزّو جلّ وَلا لِأَهْلِهَا، وَكَأَنِّي بِهِ قَدْ أُتِيَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي ثَوْبَيْنِ أَبْيَضَيْنِ يَتَشَبَّهُ بِالْمُحْرِمِ ، وَيَشْفَعُ لِأَهْلِهِ وَمَنْ يُصَلِّي فِيهِ، فَلَا تُرَدُّ شَفَاعَتُهُ، وَلَا تَذْهَبُ الْأَيَّامُ وَاللَّيَالِي حَتَّى يُنْصَبَ اَلْحَجَرُ الْأَسْوَدُ فِيهِ، وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَيْهِ زَمَانٌ يَكُونُ مُصَلَّى المَهْدِي مِنْ وُلْدِي، وَمُصَلَّى كُلِّ مُؤْمِنٍ، وَلَا يَبْقَى عَلَى الْأَرْضِ مُؤْمِنٌ إِلَّا كَانَ بِهِ أَوْ حَنَّ قَلْبُهُ إِلَيْهِ، فَلَا تَهْجُرُوهُ، وَتَقَرَّبُوا إِلَى اللَّه عزّو جلّ وَ بِالصَّلَاةِ فِيهِ، وَارْغَبُوا إِلَيْهِ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِكُمْ ، فَلَوْ يَعْلَمُ اَلنَّاسُ مَا فِيهِ مِنَ الْبَرَكَةِ لَأَتَوْهُ مِنْ أَقْطَارِ الْأَرْضِ، وَلَوْ حَبْوا عَلَى الثَّلْجِ»(1) .
بيان: ذكر صاحب (معجم البلدان )أنَّه في سنة (317ه-) أُخِذَ الحجر الأسود من مكَّة من قِبَل القرامطة إلى أرض الأحساء، ثمّ قبل إرجاعه إلى مكَّة نُقِلَ إلى مسجد الكوفة، وعُلَّق على الأسطوانة السابعة، ثمّ أرجعوه إلى
مكَّة (2).
[99/383 ]عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِ) وَهُوَ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ، فَقَالَ: اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ، فَرَدَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنِّي أَرَدْتُ المَسْجِدَ الْأَقْصَى، فَأَرَدْتُ أَنْ أُسَلَّمَ عَلَيْكَ وَأَوَدْعَكَ، فَقَالَ لَهُ: وَأَيَّ شَيْءٍ أَرَدْتَ بِذَلِكَ؟ فَقَالَ: اَلْفَضْلَ جُعِلْتُ فِدَاكَ، قَالَ : فَبِعْ رَاحِلَتَكَ، وَكُلْ زَادَكَ، وَصَلِّ فِي هَذَا المَسْجِدِ، فَإِنَّ اَلصَّلَاةَ اَلمَكْتُوبَةَ فِيهِ حَجَّةٌ مَبْرُورَةٌ، وَالنَّافِلَةَ عُمْرَةٌ مَبْرُورَةٌ، وَالْبَرَكَةَ فِيهِ عَلَى اِثْنَيْ
عَشَرَ مِيلاً، يَمِينُهُ يُمْنٌ، وَيَسَارُهُ مَكْرُ، وَفِي وَسَطِهِ عَيْنٌ مِنْ دُهْنِ، وَعَيْنٌ مِنْ لَبَنِ. وَعَيْنٌ مِنْ مَاءٍ شَرَابِ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَعَيْنٌ مِنْ مَاءٍ طُهْرٍ لِلْمُؤْمِنِينَ، مِنْهُ سَارَتْ سَفِينَةٌ
ص: 155
نُوحٍ، وَكَانَ فِيهِ (نَسْرٌ وَيَغُوتُ وَيَعُوقُ)، وَصَلَّى فِيهِ سَبْعُونَ نَبِيًّا وَسَبْعُونَ وَصِيَّا أَنَا أَحَدُهُمْ، وَقَالَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِهِ، مَا دَعَا فِيهِ مَكْرُوبٌ بِمَسْأَلَةٍ فِي حَاجَةٍ مِنَ الحَوَائِج إِلَّا أَجَابَهُ اللهُ، وَفَرَّجَ عَنْهُ كُرْبَتَهُ »(1).
بيان: (نسر ويغوث ويعوق) تلك أسماء أصنام كانت في الجاهليَّة، كلُّ
منها لقبيلة من القبائل ،تعبدها، وروي عن ابن عبّاس أنّها كانت أصناماً تُعبد منذ
زمن نوح علیه السلام(2).
[100/384] عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثَّمَالِيٌّ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ علیهما السلام لَنَا أَتَى مَسْجِدَ الْكُوفَةِ عَمْداً مِنَ المَدِينَةِ، فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَاءَ حَتَّى رَكِبَ رَاحِلَتَهُ وَأَخَذَ
اَلطَّريقَ (3).
[ 11/385] عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَا عَرَفْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ علیه السلام أَنِّي رَأَيْتُ رَجُلاً دَخَلَ مِنْ بَابِ الْفِيلِ، فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَتَبِعْتُهُ حَتَّى أَتَى بِثْرَ الزَّكَاةِ، وَهِيَ عِنْدَ دَارِ صَالِحٍ بْنِ عَلِيٍّ ، وَإِذَا بِنَاقَتَيْنِ مَعْقُولَتَيْنِ، وَمَعَهُمَا غُلَامٌ أَسْوَدُ، فَقُلْتُ لَهُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: هَذَا عَلَى بْنُ الْحُسَيْنِ علیه السلام النَا، فَدَنَوْتُ إِلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ
ص: 156
عَلَيْهِ، وَقُلْتُ لَهُ: مَا أَقْدَمَكَ بِلاداً قُتِلَ فِيهَا أَبُوكَ وَجَدُّكَ؟ فَقَالَ: «زُرْتُ أَبِي،
وَصَلَّيْتُ فِي هَذَا المَسْجِدِ»، ثُمَّ قَالَ: «هَا هُوَ ذَا وَجْهِي »(1) .
[102/386] ذَكَرَ حَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ طَحَالٍ الْمِقْدَادِيُّ رضی الله عنه أَنَّ زَيْنَ الْعَابِدِينَ علیه السلام وَرَدَ الْكُوفَةَ، وَدَخَلَ مَسْجِدَهَا وَبِهِ أَبو حَمْزَةَ الثَّمَالِيُّ، وَكَانَ مِنْ زُهَادِ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَمَشَايِخِهَا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، قَالَ أَبُو حَمْزَةَ: فَمَا سَمِعْتُ أَطْيَبَ مِنْ هَجَتِهِ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ لأَسْمَعَ مَا يَقُولُ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «إِوِي إِنْ كَانَ قَدْ عَصَيْتُكَ فَإِنِّي قَدْ أَطَعْتُكَ فِي أَحَبِّ الْأَشْيَاءِ إِلَيْكَ اَلْإِقْرَارِ بِوَحْدَانِيَّتِكَ مَنَّا مِنْكَ عَلَيَّ لَا مَنَّا مِنِّي عَلَيْكَ، وَالدُّعَاءُ مَعْرُوفٌ ، ثُمَّ نَهَضَ، قَالَ أَبو حَمْزَةَ: فَتَبِعْتُهُ إِلَى مُناخ الْكُوفَةِ، فَوَجَدْتُ عَبْداً أَسْوَدَ مَعَهُ نَجِيبٌ وَنَاقَةٌ، فَقُلْتُ: يَا أَسْوَدُ، مَنِ الرَّجُلُ؟ فَقَالَ: أَوَ تَخْفَىٰ عَلَيْكَ شَمَائِلُهُ؟ هُوَ عَلِيُّ بْنُ اَلحُسَيْنِ علیه السلام، قَالَ أَبو حَمْزَةَ: فَانْكَبَيْتُ عَلَى قَدَمَيْهِ أَقَبلُهُم، فَرَفَعَ رَأْسِي بِيَدِهِ، فَقَالَ: «لَا
يَا أَبَا حَمْزَةَ، إِنَّمَا يَكُونُ السُّجُودُ الله عزّو جلّ »، فَقُلْتُ: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، مَا أَقْدَمَكَ إِلَيْنَا؟ قَالَ: «مَا رَأَيْتَ، وَلَوْ عَلِمَ النَّاسُ مَا فِيهِ مِنَ الفَضْلِ لَأَتَوْهُ وَلَوْ حَبْوا »(2).
بیان: قول الإمام علیه السلام: «مَا رَأَيْتَ »، أي ما رأيت من صلاتي في مسجد
الكوفة لفضله، «وَلَوْ عَلِمَ اَلنَّاسُ مَا فِيهِ مِنَ الفَضْلِ لَأَتَوْهُ وَلَوْ حَبْوا»، فمجيء الإمام علیه السلام من المدينة إنَّما هو فقط ليحصل على فضل الصلاة في مسجد الكوفة،
وهذا لا ينافي أنْ يكون الإمام علیه السلام قد زار جدَّه أمير المؤمنين علیه السلام، والإمام
الشهيد بكربلاء علیه السلام.
[387/ 103] عَنِ الْمُفَضَّل بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: صَلَاةٌ
فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ تَعْدِلُ أَلْفَ صَلَاةٍ فِي غَيْرِهِ مِنَ المَسَاجِدِ» (3).
ص: 157
[ 104/388] عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ اَلْكُوفَةِ: «أَتُصَلِّي فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ كُلَّ صَلَاتِكَ؟»، قَالَ: لَا، قَالَ: «أَتَغْتَسِلُ مِنْ فُرَاتِكُمْ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً؟»، قَالَ: لَا، قَالَ: «فَفِي كُلِّ جُمْعَةٍ؟»، قَالَ: لَا ، قَالَ: «فَفِي كُلِّ شَهْرٍ ؟»، قَالَ: لَا ، قَالَ: «فَفِي كُلِّ سَنَةٍ؟»، قَالَ: لَا ، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام : إِنَّكَ لَمَحْرُومٌ مِنَ الخَيْرِ»، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: «أَتَزُورُ قَبْرَ اَلْحُسَيْنِ فِي كُلِّ جُمْعَةٍ؟»، قَالَ: لَا ، قَالَ: «فَفِي كُلِّ شَهْرٍ؟»، قَالَ: لَا، قَالَ: «فِي كُلِّ سَنَةٍ؟»، قَالَ: لَا ، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: «إِنَّكَ لَمَحْرُومٌ مِنَ
الخير»(1).
105/389] عَنْ سَلَّامٍ الْخَنَّاطِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ المَسَاجِدِ الَّتِي لَهَا الفَضْلُ، فَقَالَ: «اَلمَسْجِدُ اَلْخَرَامُ، وَمَسْجِدُ اَلرَّسُولِ صلی الله علیه و آله وسلم، قُلْتُ: وَالمَسْجِدُ الْأَقْصَى، جُعِلْتُ فِدَاكَ؟ فَقَالَ: «ذَاكَ فِي السَّمَاءِ، إِلَيْهِ أُسْرِيَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم، فَقُلْتُ: إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ: إِنَّهُ بَيْتُ المَقْدِسِ، فَقَالَ:
مَسْجِدُ اَلْكُوفَةِ أَفْضَلُ مِنْهُ» (2) .
[ 106/390] عَنْ عَلِيِّ بْنِ شَجَرَةَ، عَنْ بَعْضِ وُلْدِ مِيثَمٍ، قَالَ: كَانَ أَمِيرُ
ص: 158
المُؤْمِنِينَ علیه السلام يُصَلِّي إِلَى الْأَسْطُوَانَةِ السَّابِعَةِ مِمَّا يَلِي أَبْوَابَ كِنْدَةَ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ
السَّابِعَةِ مِقْدَارُ تَمَرَّ عَنْزِ »(1).
[391/ 107] قَالَ أَبو عَبْدِ الله علیه السلام وَذَكَرَ مَسْجِدَ السَّهْلَةِ، فَقَالَ: «أَمَا إِنَّهُ
مَنْزِلُ صَاحِبِنَا إِذَا قَامَ بِأَهْلِهِ»(2).
[392/ 108] عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، 108] كَأَنِّي أَرَى نُزُولَ الْقَائِمِ فِي مَسْجِدِ اَلسَّهْلَةِ بِأَهْلِهِ وَعِيَالِهِ»، قُلْتُ: يَكُونُ مَنْزِلَهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ، هُوَ مَنْزِلُ إِدْرِيسَ علیه السلام ، وَمَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا وَقَدْ صَلَّى فِيهِ، فِيهِ، وَاَلَم- وَالْقِيمُ فِيهِ كَالمُقِيمِ فِي فُسْطَاطِ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم ، وَمَا مِنْ مُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِلَّا وَقَلْبُهُ يَحِنُ إِلَيْهِ، وَمَا مِنْ يَوْمٍ وَلَا لَيْلَةٍ إِلَّا وَالمَلَائِكَةُ يَأْوُونَ إِلَى هَذَا المَسْجِدِ يَعْبُدُونَ اللَّهَ فِيهِ. يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، أَمَا إِنِّي لَوْ كُنْتُ بِالْقُرْبِ مِنْكُمْ مَا صَلَّيْتُ صَلَاةَ إِلَّا فِيهِ، ثُمَّ إِذَا قَامَ قَائِمُنَا اِنْتَقَمَ اللهُ لِرَسُولِهِ وَلَنَا أَجْمَعِينَ»(3).
[109/393] عَنْ أَبِي بَكْرٍ اَلْحَضْرَمِيُّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَيُّ بِقَاعِ الْأَرْضِ أَفْضَلُ بَعْدَ حَرَمِ اللهِ وَحَرَم رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله وسلم؟ فَقَالَ: «الْكُوفَةُ. يَا بَكْرِ، هِيَ الزَّكِيَّةُ الطَّاهِرَةُ، فِيهَا قُبُورُ النَّبِيِّينَ الْمُرْسَلِينَ، وَغَيْرِ المُرْسَلِينَ، وَالْأَوْصِيَاءِ الصَّادِقِينَ، وَفِيهَا مَسْجِدُ سُهَيْلِ الَّذِي لَمْ يَبْعَثِ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا وَقَدْ صَلَّى
ص: 159
فِيهِ، وَمِنْهَا يَظْهَرُ عَدْلُ الله ، وَفِيهَا يَكُونُ قَائِمُهُ وَالْقُوَّامُ مِنْ بَعْدِهِ، وَهِيَ مَنَازِلُ
النَّبِيِّينَ وَالْأَوْصِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ » (1).
[110/394 ] عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدٍ الْخَزَّازِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ علیه السلام ، قَالَ:
قَالَ: بِالْكُوفَةِ مَسْجِدٌ يُقَالُ لَهُ: مَسْجِدُ السَّهْلَةِ، لَوْ أَنَّ عَمِّي زَيْداً أَتَاهُ فَصَلَّى فِيهِ وَاسْتَجَارَ اللَّهَ لَأَجَارَهُ عِشْرِينَ سَنَةً فِيهِ مُنَاخُ الرَّاكِبِ، وَبَيْتُ إِدْرِيسَ النَّبِيِّ علیه السلام
، وَمَا أَتَاهُ مَكْرُوبٌ قَطُّ فَصَلَّى فِيهِ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ وَدَعَا اللَّهَ إِلَّا فَرَّجَ اللهُ كُرْبَتَهُ »(2).
[395 / 111] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام : لَوِ اسْتَجَارَ عَمِّي زَيْدٌ بِهِ (أي بمسجد السهلة ل)َأَجَارَهُ اللهُ سَنَةٌ، ذَلِكَ مَوْضِعُ بَيْتِ إِدْرِيسَ علیه السلام الَّذِي كَانَ يَحِيطُ فِيهِ، وَهُوَ اَلمَوْضِعُ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ إِبْرَاهِيمُ علیه السلام إِلَى الْعَمَالِقَة، وَهُوَ المَوْضِعُ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ دَاوُدُ إِلَى جَالُوتَ، وَتَحْتَهُ صَخْرَةٌ خَضْرَاءُ، فِيهَا صُورَةٌ وَجْهِ كُلِّ نَبِيٍّ خَلَقَهُ اللهُ ، وَمِنْ تَحْتِهِ أُخِذَتْ طِينَةٌ كُلِّ نَبِيٍّ، وَهُوَ مَوْضِعُ الرَّاكِبِ، فَقِيلَ لَهُ: وَمَا الرَّاكِبُ؟ قَالَ: «اَلْخَضِرُ علیه السلام » (3).
[396/112] عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ، قَالَ: قَالَ لِي أَبو عَبْدِ الله علیه السلام : «تُصَلِّي فِي المَسْجِدِ الَّذِي عِنْدَكُمْ [الَّذِي]تُسَمُّونَهُ مَسْجِدَ السَّهْلَةِ، وَ نَحْنُ نُسَمِّيهِ مَسْجِدَ الشّرَى؟»، قُلْتُ: إِنِّي أَصَلِّي فِيهِ، جُعِلْتُ فِدَاكَ، قَالَ: «إِثْتِهِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَأْتِهِ مَكْرُوبٌ إِلَّا فَرَّجَ
اللهُ كُرْبَتَهُ - أَوْ قَالَ: قَضَى حَاجَتَهُ ، وَفِيهِ زَبَرْجَدَةٌ فِيهَا صُورَةٌ كُلِّ نَبِيٍّ وَكُلِّ وَصِيٍّ »(4).
ص: 160
[397/ 113] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قال: قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ هما :
مَنْ صَلَّى فِي مَسْجِدِ اَلسَّهْلَةِ رَكْعَتَيْنِ زَادَ اللهُ فِي عُمُرِهِ سَنَتَيْنِ»(1).
[114/398] عَنْ بَشَّارٍ الْمُكَارِي، قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام بِالْكُوفَةِ، وَقَدْ قُدِّمَ لَهُ طَبَقُ رُطَبٍ طَبَرْزَدٍ، وَهُوَ يَأْكُلُ، فَقَالَ لي: «يَا بَشَّارُ، اُدْنُ، فَكُلْ، فَقُلْتُ: هَنَاكَ اللهُ وَجَعَلَنِي فِدَاكَ، قَدْ أَخَذَتْنِي الْغَيْرَةُ مِنْ شَيْءٍ رَأَيْتُهُ فِي طَرِيقِي أَوْجَعَ قَلْبِي وَبَلَغَ مِنِّي، فَقَالَ لِي: «بِحَقِّي لَمَّا دَنَوْتَ فَأَكَلْتَ»، قَالَ: فَدَنَوْتُ وَأَكَلْتُ ، فَقَالَ لِي : حَدِيثَكَ؟»، قُلْتُ: رَأَيْتُ حِلْوَازاً
لي: يَضْرِبُ رَأْسَ اِمْرَأَةِ وَيَسُوقُهَا إِلَى الْخَبْسِ، وَهِيَ تُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهَا: المُسْتَغَاتُ بِالله وَرَسُولِهِ، وَلَا يُغِيتُهَا أَحَدٌ، قَالَ: «وَلِمَ فَعَلَ بِهَا ذَاكَ؟»، قَالَ: سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ: إِنَّهَا عَثَرَتْ، فَقَالَتْ: لَعَنَ اللَّهُ ظَالِمِيكِ يَا فَاطِمَةُ، فَارْتَكَبَ مِنْهَا مَا ارْتَكَبَ، قَالَ: فَقَطَعَ الْأَكْلَ، وَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى ابْتَلَّ مِنْدِيلُهُ وَحِيتُهُ وَصَدْرُهُ بِالدُّمُوعِ، ثُمَّ قَالَ: «يَا بَشَّارُ، قُمْ بِنَا إِلَى مَسْجِدِ اَلسَّهْلَةِ، فَنَدْعُوَ اللَّهَ عزّو جلّ وَ وَنَسْأَلَهُ خَلَاصَ هَذِهِ اَلَمَرْأَةِ»، قَالَ: وَوَجَّهَ بَعْضَ الشَّيعَةِ إِلَى بَابِ السُّلْطَانِ، وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ بِأَنْ لَا يَبْرَحَ إِلَى أَنْ يَأْتِيَهُ رَسُولُهُ، فَإِنْ حَدَثَ بِالمَرْأَةِ حَدَتْ صَارَ إِلَيْنَا حَيْثُ كُنَّا، قَالَ: فَصِرْنَا إِلَى مَسْجِدِ السَّهْلَةِ، وَصَلَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَفَعَ الصَّادِقُ علیه السلام يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: أَنْتَ اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ مُبْدِئُ الْخَلْقِ وَمُعِيدُهُمْ...»، الدعاء مذكور في كُتب الأدعية والمزار، قَالَ: ثُمَّ خَرَّ سَاجِداً لَا أَسْمَعُ مِنْهُ إِلَّا النَّفَسَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ
ص: 161
فَقَالَ: «قُمْ فَقَدْ أَطْلِقَتِ اَلَمَرْأَةُ»، قَالَ: فَخَرَجْنَا جَمِيعاً، فَبَيْنَمَا نَحْنُ فِي بَعْضِ اَلطَّرِيقِ إِذْ حَقَ بِنَا الرَّجُلُ الَّذِي وَجَّهْنَاهُ إِلَى بَابِ السُّلْطَانِ، فَقَالَ لَهُ: «مَا اَلْخَبَرُ؟»، قَالَ : لَقَدْ أُطْلِقَ عَنْهَا ، قَالَ : كَيْفَ كَانَ إِخْرَاجُهَا؟»، قَالَ: لَا أَدْرِي، وَلَكِنَّنِي كُنْتُ وَاقِفاً عَلَى بَابِ السُّلْطَانِ إِذْ خَرَجَ حَاجِبٌ فَدَعَاهَا، فَقَالَ لَهَا: مَا اَلَّذِي تَكَلَّمْتِ بِهِ ، قَالَتْ: عَثَرْتُ ، فَقُلْتُ: لَعَنَ اللهُ ظَالِمِيكِ يَا فَاطِمَةُ ، فَفَعَلَ بِي مَا فَعَلَ، قَالَ: فَأَخْرَجَ مِائَتَيْ دِرْهَم وَقَالَ: خُذِي هَذِهِ وَاجْعَلِي اَلْأَمِيرَ فِي حِلٌّ، فَأَبَتْ أَنْ تَأْخُذَهَا، فَلَا رَأَى ذَلِكَ مِنْهَا دَخَلَ وَأَعْلَمْ صَاحِبَهُ بِذَلِكَ، ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: انْصَرِ فِي إِلَى بَيْتِكِ، فَذَهَبَتْ إِلَى مَنْزِهَا»(1).
[399/ 115 عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام يَقُولُ: مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ كَانَ مَعَ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله وسلم، إِذَا قَامَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَفْتِحَ الصَّلَاةَ: اَللَّهُمَّ إِنِّي أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَقَدِّمُهُمْ بَيْنَ يَدَيْ صَلَاتِي، وَأَتَقَرَّبُ بِهِمْ إِلَيْكَ، فَاجْعَلْنِي بهمْ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ، مَنَنْتَ عَلَيَّ بِمَعْرِفَتِهِمْ، فَاخْتِمْ لِي بِطَاعَتِهِمْ وَمَعْرِفَتِهِمْ وَوَلَايَتِهِمْ، فَإِنَّهَا السَّعَادَةُ ، وَاخْتِمْ لِي بِهَا فَإِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، ثُمَّ تُصَلِّي، فَإِذَا اِنْصَرَفْتَ قُلْتَ: اَللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مَعَ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ فِي كُلِّ عَافِيَةٍ وَبَلَاءِ، وَاجْعَلْنِي مَعَ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ فِي كُلِّ مَثْوًى وَمُنْقَلَبٍ، اَللَّهُمَّ اجْعَلْ مَحْيَايَ حيَاهُمْ، وَمَمَاتِي فَمَاتَهُمْ، وَاجْعَلْنِي مَعَهُمْ فِي المَوَاطِنِ كُلِّهَا، وَلَا تُفَرِّقْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » (2) .
ص: 162
[ 400 / 116] كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: «مَنْ أَقَامَ الصَّلَاةَ وَقَالَ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ وَيُكَبِّرَ : يَا مُحْسِنُ قَدْ أَتَاكَ المُسِيءُ، وَقَدْ أَمَرْتَ المُحْسِنَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنِ المُسِيءِ، وَأَنْتَ اَلْمُحْسِنُ وَأَنَا المَسِيءُ ، فَبِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَتَجَاوَزْ عَنْ قَبيح مَا تَعْلَمُ مِنِّي، فَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى: مَلَائِكَتِي اِشْهَدُوا أَنِّي قَدْ عَفَوْتُ عَنْهُ، وَأَرْضَيْتُ عَنْهُ أَهْلَ تَبِعَاتِهِ » (1).
***
ص: 163
ص: 164
ص: 165
ص: 166
[1/401] عَنْ أَبِي غُرَّةَ، قَالَ: قَالَ لي أَبو عَبْدِ الله علیه السلام: «اَلْبَيْتُ قِبْلَهُ
المَسْجِدِ، وَالمَسْجِدُ قِبْلَةٌ مَكَّةَ، وَمَكَةُ قِبْلَةُ الْحَرَم، وَالْحَرَمُ قِبْلَةُ الدُّنْيَا »(1)
[ 402 / 2 ]قَالَ علیه السلام: «لَا تُصَلِّ المَكْتُوبَةَ فِي جَوْفِ الكَعْبَةِ، وَلَا بَأْسَ أَنْ لا تُصَلِّيَ فِيهَا النَّافِلَةَ»(2).
[3/403] عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَليَّ علیه السلام أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْأَذَانِ وَمَا يَقُولُ اَلنَّاسُ، قَالَ: «اَلْوَحْيُ يَنْزِلُ عَلَى نَبِيِّكُمْ، وَتَزْعُمُونَ أَنَّهُ أَخَذَ الْأَذَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، بَلْ سَمِعْتُ أَبِي عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ علیه السلام يَقُولُ: أَهْبَطَ اللَّهُ وَ مَلَكاً حِينَ عُرِجَ بِرَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم ، فَأَذَّنَ مَثْنَى مَثْنَى ، وَأَقَامَ مَثْنَى مَثْنَى، ثُمَّ قَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ يَا
مُحَمَّدُ، هَكَذَا أَذَانُ الصَّلَاةِ »(3) .
[4/404] عَنِ الْحَلَبِيُّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: «إِذَا أَذَنْتَ وَأَقَمْتَ
صَلَّى خَلْفَكَ صَفَانِ مِنَ المَلَائِكَةِ، وَإِذَا أَقَمْتَ صَلَّى خَلْفَكَ صَفٌ مِنَ المَلَائِكَةِ »(4).
ص: 167
[5/405] عَنْ عَلِيٍّ علیه السلام، قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: لِلْمُؤَذِّنِ فِيمَا بَيْنَ
اَلْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ مِثْلُ أَجْرِ الشَّهِيدِ المُتَشَحْطِ بِدَمِهِ فِي سَبِيل الله عزَّ و جلَّ»، قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّهُمْ يَجْتَلِدُونَ عَلَى اَلْأَذَانِ، قَالَ: كَلَّا، إِنَّهُ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ
يَطْرَحُونَ الْأَذَانَ عَلَى ضُعَفَائِهِمْ، وَتِلْكَ حُومٌ حَرَّمَهَا اللهُ عَلَى النَّارِ»(1).
[6/406] رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا قُبِضَ أَنَّهُ لَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم امْتَنَعَ بِلَالٌ مِنَ الْأَذَانِ، وَقَالَ: لَا أُؤَذِّنُ لِأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله وسلم، وَإِنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا قَالَتْ ذَاتَ يَوْمٍ: إِنِّي أَشْتَهِي أَنْ أَسْمَعَ صَوْتَ مُؤَذِّنِ أَبِي صلی الله علیه و آله وسلم بِالْأَذَانِ»، فَبَلَغَ ذَلِكَ
بِلَالاً، فَأَخَذَ فِي الْأَذَانِ، فَلَمَّا قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، ذَكَرَتْ أَبَاهَا صلی الله علیه و آله وسلم وَأَيَّامَهُ، فَلَمْ تَتَمَالَكَ مِنَ الْبُكَاءِ، فَلَمَّا بَلَغَ إِلَى قَوْلِهِ : أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله، شَهَقَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام شَهْقَةٌ، وَسَقَطَتْ لِوَجْهِهَا، وَغُشِيَ عَلَيْهَا، فَقَالَ النَّاسُ لِبِلالِ أَمْسِكْ يَا بِلالُ، فَقَدْ فَارَقَتِ ابْنَةُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم اَلدُّنْيَا، وَظَنُّوا أَنَّهَا
قَدْ مَاتَتْ، فَقَطَعَ أَذَانَهُ، وَلَمْ يُتِمَّهُ، فَأَفَاقَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام، وَسَأَلَتْهُ أَنْ يُتِمَّ اَلْأَذَانَ، فَلَمْ يَفْعَلْ، وَقَالَ لَهَا: يَا سَيِّدَةَ النِّسْوَانِ، إِنِّي أَخْشَى عَلَيْكِ مِمَّا تُنْزِلِينَهُ
بِنَفْسِكِ إِذَا سَمِعْتِ صَوْتِي بِالْأَذَانِ، فَأَعْفَتُهُ عَنْ ذَلِكَ»(2).
[7/407 ]عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ مَوَالِيهِ وَقَدْ وُعِكَ، فَقَالَ لَهُ: «مَا لِي أَرَاكَ مُتَغَيَّرَ اَللَّوْنِ؟»، فَقَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، وُعِكْتُ وَعَكاً شَدِيداً مُنْذُ شَهْرٍ، ثُمَّ لَم تَنْقَلِعِ
ص: 168
اَلْحُمَّى عَنِّي، وَقَدْ عَالَجَتُ نَفْسِي بِكُلِّ مَا وَصَفَهُ ليَ الْمُتَرَفِّقُونَ، فَلَمْ أَنْتَفِعْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ الصَّادِقُ علیه السلام: حُلَّ أَزْرَارَ قَمِيصِكَ، وَأَدْخِلْ رَأْسَكَ فِي قَمِيصِكَ، وَأَذَّنْ وَأَقِمْ، وَاِقْرَأْ سُورَةَ اَلْحَمْدِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ، فَكَأَنَّمَا نَشَطْتُ مِنْ عِقَالٍ(1).
[8/408]عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: «لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، أَذَّنَ جَبْرَئِيلُ وَأَقَامَ لِلصَّلَاةِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، تَقَدَّمْ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم : تَقَدَّمْ، يَا جَبْرَئِيلُ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّا لَا نَتَقَدَّمُ عَلَى
الْآدَمِيِّينَ مُنْذُ أُمِرْنَا بِالسُّجُودِ لِآدَمَ »(2) .
[9/409] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: «مَنْ لَمْ يَأْكُلِ اللَّحْمَ أَرْبَعِينَ يَوْماً سَاءَ
خُلْقُهُ، وَمَنْ سَاءَ خُلْقُهُ فَأَذْنُوا فِى أُذُنِهِ» (3).
[10/410] عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صلی الله علیه و آله وسلم عَنْ تَفْسِيرِ الْأَذَانِ، فَقَالَ: «يَا عَلِيُّ الْأَذَانُ حُجَّةٌ عَلَى أُمَّتِي...»، إلى أن قال: «إِجَابَةُ المُؤَذِّنِ
كَفَّارَةُ الذُّنُوب »(4)
بيان :معنى إجابة المؤذِّن أن يقول السامع للأذان ما يقوله المؤذِّن تبعاً له.
ص: 169
[ 411/ 11 ] عَنْ سَعِيدِ بْنِ عِلَاقَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام يَقُولُ:
«تَرْكُ نَسْجِ الْعَنْكَبوتِ فِي الْبَيْتِ يُورِثُ الْفَقْرَ ...»، إلى أن قال: «وَإجَابَةُ المُؤَذْنِ
يَزِيدُ فِي الرِّزْقِ »(1)
[ 412 / 12] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام : «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ أَذَانَ اَلصُّبْح: اَللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِإِقْبَالِ نَهَارِكَ ، وَإِدْبَارِ لَيْلِكَ، وَحُضُورِ صَلَوَاتِكَ، وَأَصْوَاتِ دُعَاتِكَ أَنْ تَتُوبَ عَلَيَّ، إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، وَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ حِينَ يَسْمَعُ أَذَانَ المَغْرِبِ،
ثُمَّ مَاتَ مِنْ يَوْمِهِ أَوْ لَيْلَتِهِ مَاتَ تَائِباً »(2) .
[ 13/413 ] قَدْ رُوِيَ فِي خَبَرِ آخَرَ أَنَّ الصَّادِقَ علیه السلام سُئِلَ عَنْ مَعْنَى حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ ، فَقَالَ: «خَيْرُ الْعَمَلِ الْوَلَايَةٌ»، وَفِي خَبَرِ آخَرَ: «خَيْرُ الْعَمَل بِرُّ
فَاطِمَةَ وَوُلْدِهَا علیهم السلام » (3).
[14/414] عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ، قَالَ: حَجَجْتُ مَعَ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام فِي السَّنَةِ الَّتِي حَجَّ فِيهَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ، وَكَانَ مَعَهُ نَافِعُ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَنَظَرَ نَافِعٌ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام فِي رُكْنِ الْبَيْتِ وَقَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ اَلمُؤْمِنِينَ، مَنْ هَذَا الَّذِي تَتَكَافَأُ عَلَيْهِ النَّاسُ ؟ فَقَالَ : هَذَا نَبِيُّ أَهْل الْكُوفَةِ، مُحَمَّدُ بْنُ
ص: 170
عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیه السلام ، فَقَالَ نَافِعُ: لَآتِيَنَّهُ، فَلَأَسْأَلَنَّهُ عَنْ
مَسَائِلَ لَا يُحِيبُنِي فِيهَا إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ وَصِيُّ نَبِيٍّ ..."، إلى أَنْ قالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّه : «وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا ...» (45)» الآية [الزخرف: 45]، [مَنْ ذَا
الَّذِي سَأَلَ مُحَمَّدٌ وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عِيسَى خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ؟ قَالَ: فَتَلَا أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام هَذِهِ الْآيَةَ: «سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ...(1)»الآية [الإسراء: 1]، كَانَ مِنَ الآيَاتِ الَّتِي أَرَاهَا اللهُ تَعَالَى مُحَمَّداً صلی الله علیه و آله وسلم حِينَ أُسْرِيَ بِهِ إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ، أَنَّه حَشَرَ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ، ثُمَّ أَمَرَ جَبْرَئِيلَ، فَأَذَّنَ شَفْعاً وَأَقَامَ شَفْعاً، وَقَالَ فِي إِقَامَتِهِ : حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ»(1) .
[15/415] عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام فِي حَدِيثٍ، قَالَ: «فَلَمَّا
دَخَلَ وَقْتُ صَلَاةِ الظُّهْرِ أَمَرَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم بِلَالاً، فَصَعِدَ عَلَى الْكَعْبَةِ، فَقَالَ
عِكْرِمَةُ: أَكْرَهُ أَنْ أَسْمَعَ صَوْتَ أَبِي رِيَاحٍ يَنْهَقُ عَلَى الْكَعْبَةِ »(2).
[416 / 16] عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: مَنْ سَجَدَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، فَقَالَ فِي سُجُودِهِ: سَجَدْتُ لَكَ خَاضِعاً خَاشِعاً ذَلِيلاً، يَقُولُ اللَّهُ: مَلَائِكَتِي وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَأَجْعَلَنَّ مَحَبَّتَهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِيَ الْمُؤْمِنِينَ، وَهَيْبَتَهُ فِي قُلُوبِ المُنَافِقِينَ »(3).
ص: 171
[17/417] عَنْ ذَرِيحٍ الْمُحَارِيُّ، قَالَ: قَالَ لِي أَبو عَبْدِ الله علیه السلام : صَلَّ
الجُمُعَةَ بِأَذَانِ هَؤُلَاءِ، فَإِنَّهُمْ أَشَدُّ شَيْءٍ مُوَاظَبَةً عَلَى الْوَقْتِ »(1) .
[18/418] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: «لَا تَجْتَمِعُ الرَّغْبَةُ وَالرَّهْبَةُ فِي قَلْبٍ إِلَّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، فَإِذَا صَلَّيْتَ فَأَقْبِلْ بِقَلْبِكَ عَلَى اللَّهُ عزَّ وَ جلَّ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ يُقْبِلُ بِقَلْبِهِ عَلَى الله عزَّ وَ جلَّ فِي صَلَاتِهِ وَدُعَائِهِ إِلَّا أَقْبَلَ اللَّهُ عزَّ وَ جلَّ وَ عَلَيْهِ بِقُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ
إِلَيْهِ، وَأَيَّدَهُ مَعَ مَوَدَّتِهِمْ إِيَّاهُ بِالْجَنَّةِ » (2).
من آثار الإقبال في الصلاة استجابة الدعاء:
[419 / 19] عَن النَّبي صلی الله علیه و آله وسلم ، قَالَ: «مَنْ صَلَّى صَلَاةَ لَا يَذْكُرُ فِيهَا شَيْئاً مِنْ
أَمْرِ الدُّنْيَا، لَا يَسْأَلُ اللهَ شَيْئاً إِلَّا أَعْطَاهُ » (3).
[20/420] عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، قَالَ : قَالَ رَجُلٌ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَأَنَا أَسْمَعُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنِّي كَثِيرُ اَلسَّهْوِ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: وَهَلْ يَسْلَمُ مِنْهُ أَحَدٌ؟»، فَقُلْتُ: مَا أَظُنُّ أَحَداً أَكْثَرَ سَهْواً مِنِّي، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام: «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، إِنَّ الْعَبْدَ
لَهُ ثُلُثُ صَلَاتِهِ وَنِصْفُهَا وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا وَأَقَلُّ وَأَكْثَرُ عَلَى قَدْرِ سَهْوِهِ فِيهَا، لَكِنَّهُ يَتِمُّ لَهُ مِنَ النَّوَافِلِ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ أَبو بَصِيرٍ : مَا أَرَى النَّوَافِلَ يَنْبَغِي أَنْ تُتْرَكَ عَلَى حَالٍ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام : «أَجَلْ، لَا »(4).
ص: 172
[21/421] عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا أَحْرَمْتَ فِي الصَّلَاةِ
فَأَقْبِلْ عَلَيْهَا، فَإِنَّكَ إِذَا أَقْبَلْتَ أَقْبَلَ اللهُ عَلَيْكَ، وَإِذَا أَعْرَضْتَ أَعْرَضَ اللَّهُ عَنْكَ،
فَرُبَّمَا لَمْ يُرْفَعْ مِنَ الصَّلَاةِ إِلَّا النِّصْفُ أَوِ الثُّلُثُ أَوِ الرُّبُعُ أَوِ السُّدُسُ عَلَى قَدْرِ إِقْبَالِ اَلمُصَلِّي عَلَى صَلَاتِهِ وَلَا يُعْطِي اللَّهُ الْغَافِلَ شَيْئاً »(1).
[422 / 22] جَاءَ أَبو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ - وَاسْمُهُ خَالِدُ بْنُ زَيْدِ - إِلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله وسلم، فَقَالَ : يَا رَسُولَ الله أَوْصِنِي، وَأَقْلِلْ لَعَلِّي أَنْ أَحْفَظَ، قَالَ: أُوصِيكَ بِخَمْسٍ: بِالْيَأْسِ عَمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ فَإِنَّهُ الْغِنَىٰ، وَإِيَّاكَ وَالطَّمَعَ فَإِنَّهُ الْفَقْرُ الْحَاضِرُ ، وَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعِ، وَإِيَّاكَ وَمَا تَعْتَذِرُ مِنْهُ، وَأَحِبَّ لِأَخِيكَ مَا تُحِبُّ
لنَفْسِكَ» (2).
[23/423] عَنِ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم أَنَّهُ قَالَ: «صَلَّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ، فَإِذَا دَخَلْتَ فِي اَلصَّلَاةِ فَقُلْ: هَذَا آخِرُ صَلَاتِي مِنَ الدُّنْيَا، وَكُنْ كَأَنَّ الْجَنَّةَ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَالنَّارَ تَحْتَكَ، وَمَلَكَ اَلمَوْتِ وَرَاءَكَ، وَالْأَنْبِيَاءَ عَنْ يَمِينِكَ، وَالمَلَائِكَةَ عَنْ يَسَارِكَ، وَالرَّبَّ مُطَّلِعُ عَلَيْكَ مِنْ فَوْقِكَ، فَانْظُرْ بَيْنَ يَدَيْ مَنْ تَقِفُ، وَمَعَ مَنْ تُنَاجِي، وَمَنْ يَنْظُرُ
إِلَيْكَ »(3).
ص: 173
[24/424] رُوِيَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ علیه السلام كَانَ يُسْمَعُ تَأَؤُهُهُ عَلَى حَدٌ مِيلٍ حَتَّى مَدَحَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ: «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (75)» [هود: 75] ، وَكَانَ يُسْمَعُ فِي صَلَاتِهِ لَهُ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ اَلْمِرْجَل، وَكَذَلِكَ كَانَ يُسْمَعُ مِنْ صَدْرِ سَيِّدِنَا رَسُولِ
الله صلی الله علیه و آله وسلم مِثْلُ ذَلِكَ، وَكَانَتْ فَاطِمَهُ لا تَنْهَجُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ خِيفَةِ اللَّه تَعَالَى(1).
[ 425 / 25] رَوَى اَلْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام ، قال: «حَدَّثني
عَنْ أَبِيهِ علیهما السلام أَنَّ اَلْحَسَنَ بْنَ عَلِيٌّ علیه السلام كَانَ أَعْبَدَ النَّاسِ فِي زَمَانِهِ...»، إلى أن قال: وَكَانَ إِذَا قَامَ فِي صَلَاتِهِ تَرْتَعِدُ فَرَائِصُهُ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ عزّو جلّ، وَكَانَ إِذَا ذَكَرَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ
اِضْطَرَبَ اِضْطِرَابَ السَّلِيمِ، وَسَأَلَ اللهَ اَلْجَنَّةَ، وَتَعَوَّذَ بِالله مِنَ النَّارِ»(2).
[426 / 26] إِنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ علیهما السلام كَانَ قَائِماً يُصَلِّي حَتَّى وَقَفَ ابْنُهُ
مُحَمَّدٌ علیه السلام وَهُوَ طِفْلْ إِلَى بِثْرٍ فِي دَارِهِ بِالمَدِينَةِ بَعِيدَةِ الْقَعْرِ، فَسَقَطَ فِيهَا، فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ أُمُّهُ، فَصَرَخَتْ وَأَقْبَلَتْ نَحْوَ الْبِيْرِ تَضْرِبُ بِنَفْسِهَا حِذَاءَ الْبِيْرِ وَتَسْتَغِيثُ وَتَقُولُ: يَا بْنَ رَسُولِ الله غَرِقَ وَلَدُكَ مُحَمَّدٌ، وَهُوَ لَا يَنْثَنِي عَنْ صَلَاتِهِ، وَهُوَ يَسْمَعُ اِضْطِرَابَ ابْنِهِ فِي قَعْرِ الْبثْرِ، فَلَا طَالَ عَلَيْهَا ذَلِكَ قَالَتْ حُزْناً عَلَى وَلَدِهَا: مَا أَقْسَىٰ قُلُوبَكُمْ يَا أَهْلَ بَيْتِ رَسُولِ الله فَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْهَا إِلَّا عَنْ كَمَالِهَا وَإِثْمَامِهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهَا وَجَلَسَ عَلَى أَرْجَاءِ الْبِثْرِ، وَمَدَّ يَدَهُ إِلَى قَعْرِهَا، وَكَانَتْ لَا تُنَالُ إِلَّا بِرِشَاءٍ طَوِيلِ،
ص: 174
فَأَخْرَجَ اِبْنَهُ مُحَمَّداً عَلَى يَدَيْهِ يُنَاغِي وَيَضْحَكُ، لَمْ يَبْتَلَ لَهُ ثَوْبٌ وَلَا جَسَدٌ بِالْمَاءِ، فَقَالَ: هَاكِ يَا ضَعِيفَةَ الْيَقِينِ بِالله فَضَحِكَتْ لِسَلَامَةِ وَلَدِهَا ، وَبَكَتْ لِقَوْلِهِ: يَا ضَعِيفَةَ الْيَقِينِ بِالله»، فَقَالَ: «لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكِ الْيَوْمَ ، لَوْ عَلِمْتِ أَنِّي كُنْتُ بَيْنَ يَدَيْ جَبَّارٍ لَوْ
مِلْتُ بِوَجْهِي عَنْهُ لَمَالَ بِوَجْهِهِ عَنِّي، أَفَمَنْ يُرَى رَاحِماً بَعْدَهُ ؟ »(1).
[27/427] قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم في حَدِيثِ: «أَيُّمَا عَبْدِ الْتَفَتَ فِي صَلَاتِهِ قَالَ اللهُ: يَا عَبْدِي إِلَى أَيْنَ تَقْصِدُ، وَمَنْ تَطْلُبُ، أَرَا غَيْرِي تُرِيدُ، أَوْ رَقِيباً سِوَايَ تَطْلُبُ، أَوْ جَوَاداً خَلَايَ تَبْغِي؟ وَأَنَا أَكْرَمُ الْأَكْرَمِينَ، وَأَجْوَدُ الْأَجْوَدَيْنِ، وَأَفْضَلُ اَلمُعْطِينَ، أُثِيبُكَ ثَوَاباً لَا يُحْصَى قَدْرُهُ، فَأَقْبلْ إِلَيَّ فَإِنِّي عَلَيْكَ مُقْبِلٌ، وَمَلَائِكَتِي عَلَيْكَ مُقْبِلُونَ، فَإِنْ أَقْبَلَ زَالَ عَنْهُ إِثْمُ مَا كَانَ مِنْهُ، فَإِنِ الْتَفَتَ بَعْدُ أَعَادَ اللهُ مَقَالَتَهُ، فَإِنْ أَقْبَلَ زَالَ عَنْهُ إِثْمُ مَا كَانَ مِنْهُ، وَإِنِ الْتَفَتَ ثَالِثَةٌ أَعَادَ اللَّهُ مَقَالَتَهُ، فَإِنْ أَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ غَفَرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَإِنِ الْتَفَتَ رَابِعَةً أَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ، وَأَعْرَضَتِ اَلمَلَائِكَةُ عَنْهُ، وَيَقُولُ: وَلَّيْتُكَ عَبْدِي مَا تَوَلَّيْتَ »(2).
[ 428 / 28] عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام : «إِذَا قُمْتَ فِي اَلصَّلَاةِ فَعَلَيْكَ بِالْإِقْبَالِ عَلَى صَلَاتِكَ، فَإِنَّمَا يُحْسَبُ لَكَ مِنْهَا مَا أَقْبَلْتَ عَلَيْهِ، وَلَا تَعْبَثْ فِيهَا بِيَدِكَ، وَلَا بِرَأْسِكَ، وَلَا بِلِحْيَتِكَ، وَلَا تُحَدِّثْ نَفْسَكَ، وَلَا تَتَنَاءَبْ، وَلَا
تَتَمَطَّ، وَلَا تُكَفِّرْ، فَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ المَجُوسُ»(3).
ص: 175
[29/429] عَنْ عَليّ علیه السلام أَنَّ رَسُولَ الله صلی الله علیه و آله وسلم أَبْصَرَ رَجُلاً يَعْبَتُ بِلِحْيَتِهِ
فِي صَلَاتِهِ، فَقَالَ: «إِنَّهُ لَوْ خَشَعَ قَلْبُهُ خَشَعَتْ جَوَارِحُهُ »(1) .
[ 30/430] عَنْ عَلِيٌّ علیه السلام، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم يَمَسُّ لِيَتَهُ أَحْيَاناً في الصَّلَاةِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ الله نَرَاكَ تَمَسُّ لِيَتَكَ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: إِذَا كَثُرَتْ هُمُومي»(2).
[431 / 31] رَوَى زُرَارَةُ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم إِلَى الصَّلَاةِ، وَقَدْ كَانَ اَلْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ علیه السلام أَبْطَأَ عَنِ الْكَلَامِ حَتَّى تَخَوَّفُوا أَنَّه لَا يَتَكَلَّمَ، وَأَنْ يَكُونَ بِهِ خَرَسُ ، فَخَرَجَ بِهِ علیه السلام حَامِلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ، وَصَفَّ النَّاسُ خَلْفَهُ، فَأَقَامَهُ عَلَى يَمِينِهِ، فَافْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلی الله علیه و آله وسلم الصَّلَاةَ، فَكَبَّرَ الحُسَيْنُ علیه السلام، فَلَمَّا سَمِعَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم تَكْبِيرَهُ عَادَ فَكَبَّرَ وَكَبَّرَ الْحُسَيْنُ علیه السلام حَتَّى كَبَّرَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلمسَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ، وَكَبَّرَ الْحُسَيْنُ علیه السلام، فَجَرَتِ السُّنَّةُ
بِذَلِكَ »(3).
[432 / 32] عَنْ حَرِيزٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرِ علیه السلام ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: «فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)» [الكوثر : 2]؟ قَالَ: «اَلنَّحْرُ الْاِعْتِدَالُ فِي الْقِيَامِ، أَنْ
ص: 176
يُقِيمَ صُلْبَهُ وَنَحْرَهُ، وَقَالَ: «لَا تُكَفِّرْ ، فَإِنَّمَا يَصْنَعُ ذَلِكَ المَجُوسُ، وَلَا تَلَثَّمْ، وَلَا
تَحْتَفِزُ، وَلَا تُقْعِ عَلَى قَدَمَيْكَ، وَلَا تَفْتَرِشُ ذِرَاعَيْكَ »(1) .
[33/433] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ علیهما السلام فِي فِنَاءِ الْكَعْبَةِ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ يُصَلِّي، فَأَطَالَ الْقِيَامَ حَتَّى جَعَلَ مَرَّةً يَتَوَكَّأُ عَلَى رِجْلِهِ الْيُمْنَى ، وَمَرَّةً عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى، ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ بِصَوْتٍ بَاكِ يَا سَيِّدِي، تُعَذِّبُنِي وَحُبُّكَ فِي قَلْبِي ؟ أَمَا وَعِزَّتِكَ لَئِنْ فَعَلْتَ لَتَجْمَعَنَّ بَيْنِي
وَبَيْنَ قَوْمٍ طَالَ مَا عَادَيْتُهُمْ فِيكَ » (2)
[34/434] عَنِ ابْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبي عَبْدِ اللَّهُ علیه السلام فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:«فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)» [الكوثر : 2]، قَالَ: «هُوَ رَفْعُ يَدَيْكَ حِذَاءَ وَجْهِكَ» (3).
[135/435 ]اَلْأَصْبَعُ بْنُ نُبَاتَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیه السلام ، قَالَ: «لَمَّا
نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله وسلم : فَصَلَّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ، قَالَ: يَا جَبْرَئِيلُ، مَا هَذِهِ النَّحِيرَةُ الَّتِي أَمَرَ بِهَا رَبِّيٌّ؟ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ ، إِنَّهَا لَيْسَتْ نَحِيرَةٌ، وَلَكِنَّهَا رَفْعُ الْأَيْدِي
فِي الصَّلَاةِ»(4).
ص: 177
[36/436] عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ فِي الرَّجُلِ يَرْفَعُ
يَدَهُ كُلَّما أَهْوَى لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَكُلَّمَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعِ أَوْ سُجُودٍ، قَالَ:
«هِيَ الْعُبُودِيَّة »(1).
[ 37/437] عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهُ علیه السلام : «رَفْعُكَ يَدَيْكَ فِي
الصَّلَاةِ زَيْنُهَا » (2).
[38/438] عَنْ صَفْوَانَ اَلْجَمَالِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «مَا نَزَلَ
كِتَابٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَّا وَأَوَّلُهُ: «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» (3).
[ 39/439] عَنْ خَالِدِ بْنِ مُخْتَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ علیهما السلام يَقُولُ: «مَا لَهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ عَمَدُوا إِلَى أَعْظَمِ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهُ فَزَعَمُوا أَنَّهَا بِدْعَةٌ إِذَا
أَظْهَرُوهَا، وَهِيَ :« بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ»(4) .
[ 440 / 40] عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ علیه السلام : «يَا تُعَالِيُّ، إِنَّ اَلصَّلَاةَ إِذَا أُقِيمَتْ جَاءَ الشَّيْطَانُ إِلَى قَرِينِ الْإِمَامِ، فَيَقُولُ: هَلْ ذَكَرَ رَبَّهُ؟ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ ذَهَبَ ، وَإِنْ قَالَ: لَا رَكِبَ عَلَى كَتِفَيْهِ، فَكَانَ إِمَامَ الْقَوْم حَتَّى يَنْصَرِفُوا»، قَالَ: فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَلَيْسَ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ؟ قَالَ: «بَلَى، لَيْسَ حَيْثُ تَذْهَبُ يَا تُماليُّ، إِنَّمَا هُوَ اَلْجَهْرُ بِ-« بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ»(5).
ص: 178
[41/441] عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام، فَذَكَرَ «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ»، فَقَالَ: «تَدْرِي مَا نَزَلَ فِي «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ »، فَقُلْتُ: لَا ، فَقَالَ: «إِنَّ رَسُولَ الله صلی الله علیه و آله وسلم كَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ صَوْتاً
؟»، بِالْقُرْآنِ، وَكَانَ يُصَلِّي بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ يَرْفَعُ صَوْتَهُ، وَكَانَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَأَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْهُمْ يَسْتَمِعُونَ قِرَاءَتَهُ»، قَالَ: «وَكَانَ يُكْثِرُ قِرَاءَةَ «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ »، فَيَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ»، قَالَ: «فَيَقُولُونَ: إِنَّ مُحَمَّداً لَيُرَدَّدُ اِسْمَ رَبِّهِ تَرْدَاداً ، إِنَّهُ لَيُحِبُّهُ، فَيَأْمُرُونَ مَنْ يَقُومُ فَيَسْتَمِعُ عَلَيْهِ، وَيَقُولُونَ: إِذَا جَازَ «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ »فَأَعْلِمْنَا حَتَّى نَقُومَ فَنَسْتَمِعَ قِرَاءَتَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي
ذَلِكَ :« وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي القُرْآنِ وَحْدَهُ »«بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ »« وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا (46)»[الإسراء: 46] (1)(2).
[42/442] عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَحَدِهِمَا ، قَالَ فِي «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ».
قَالَ: هُوَ أَحَقُّ مَا جُهِرَ بِهِ »(3).
[143/443] عن الرِّضَا عَنْ أَبِيهِ الْكَاظِم، عَنْ أَبِيهِ الصَّادِقِ علیهم السلام، قَالَ:
«اِجْتَمَعَ آل مُحَمَّدٍ آل مُحَمَّدٍ عَليَّ علیهم السلام عَلَى الْجَهْرِ ب- «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ »، وَعَلَى قَضَاءِ مَا
فَاتَ مِنَ الصَّلَاةِ فِي اللَّيْلِ بِالنَّهَارِ، وَقَضَاءِ مَا فَاتَ بِالنَّهَارِ فِي اللَّيْلِ » (4).
ص: 179
[44/444] أبو الفتوح الرازي في تقسيره عَنْ مُعَلَّى بْنِ زِيَادٍ فِي حَدِيثٍ طَوِيل أَنَّهُ قَرَأَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنَ الصَّلَاةِ الَّتِي ضَرَبَهُ فِيهَا إِبْنُ
مُلْجَمِ الحَمْدَ وَإِحْدَى عَشْرَةَ آيَةً مِنْ سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ»(1).
[445 / 45] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: مَنْ مَضَى عَلَيْهِ يَوْمٌ وَاحِدٌ وَلَمْ يَقْرَأْ هَذِهِ ا
اَلسُّورَةَ (أي «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ»)، فَلَيْسَ مِنَ الْمُصَلِّينَ »(2).
[446 / 46] فِقْهُ الرّضَا علیه السلام: مَنْ قَرَأَ «قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ »وَ«قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)»فِي فَرِيضَةٍ مِنَ الْفَرَائِضِ غَفَرَ اللهُ لَهُ وَلِوَالِدَيْهِ وَمَا وَلَدَ، فَإِنْ كَانَ شَقِيًّا ا فِي دِيوَانِ الْأَشْقِيَاءِ أُثْبَتَ فِي دِيوَانِ السُّعَدَاءِ، وَأَحْيَاهُ اللَّهُ سَعِيداً شَهِيداً، وَبَعَثَهُ اللهُ شَهيداً (3).
[447 / 47] عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: «اِقْرَءُوا سُورَةَ الْفَجْرِ فِي فَرَائِضِكُمْ وَنَوَافِلِكُمْ، فَإِنَّهَا سُورَةُ اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ علیه السلام، مَنْ قَرَأَهَا كَانَ مَعَ اَلْحُسَيْنِ علیه السلام يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي دَرَجَتِهِ مِنَ الْجَنَّةِ، إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ»(4).
[48/448] عَنِ الْخَرْثِ بْنِ حَصِيرَةَ الْمُزَيَّ، عَنِ الْأَصْبَغ بْنِ نُبَاتَةَ، قَالَ:
ص: 180
قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَلِيٌّ علیه السلام الْكُوفَةَ صَلَّى بِهِمْ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً، فَقَرَأَ بِهِمْ «سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى»(1) .
[49/449] عَنِ الْوَشَّاءِ، قَالَ: سَمِعْتُ الرّضَا علیه السلام يَقُولُ: «أَقْرَبُ مَا
يَكُونُ الْعَبْدُ مِنَ الله عزّو جلّ وَ وَهُوَ سَاجِدٌ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ عزّو جلّ:« وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)»
[العلق : 19] (2).
[ 450 /50 ]عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ العَبْدُ مِنَ الله
وَهُوَ سَاجِدٌ بَاكِ »(3).
[51/451] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام، قَالَ: «أَتَى رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ، فَقَالَ: ادْعُ الله أَنْ يُدْخِلَنِي الجُنَّةَ ، فَقَالَ: أَعِنِّي بِكَثْرَةِ السُّجُودِ »(4).
[ 452 / 52] عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: «إِنَّ قَوْماً أَتَوْا رَسُولَ الله صلی الله علیه و آله وسلم وَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهُ ، اِضْمَنْ لَنَا عَلَى رَبِّكَ اَلْجَنَّةَ»، قَالَ: «فَقَالَ: عَلَى أَنْ
تُعِينُونِي بِطُولِ السُّجُودِ» (5).
[ 53/453] عَنْ أَبِي جَعْفَرِ الْعَطَّارِ شَيْخِ مِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ، قَالَ: سَمِعْتُ الصَّادِقَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ علیهما السلام يَقُولُ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله كَثُرَتْ ذُنُوبِيوَضَعْفَ عَمَلِي
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : أَكْثِرِ السُّجُودَ فَإِنَّهُ يَحْطُ الذُّنُوبَ كَمَا تَحثُ الرِّيحُ وَرَقَ الشَّجَرِ » (6) .
ص: 181
[54/454] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: السُّجُودُ مُنْتَهَى الْعِبَادَةِ مِنْ بَنِي آدَمَ » (1).
[ 55/455] عَنْ حُسَيْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ رَفَعَهُ إِلَى سَلْمَانَ الْفَارِسِي رضی الله عنه أَنَّهُ
قَالَ: لَوْ لَا اَلسُّجُودُ الله، وَمُجَالَسَةُ قَوْمٍ يَتَلَفَظُونَ طَيِّبَ الْكَلَامِ كَمَا يُتَلَفَّظُ طَيِّبُ
التَّمْرِ، لَتَمَنَّيْتُ المَوْتَ (2).
[56/456] عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله علیه السلام :
لِمَ اتَّخَذَ اللَّهُ وَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً؟ قَالَ: «لِكَثْرَةِ سُجُودِهِ عَلَى الْأَرْضِ »(3).
بيان: وردت في روايات أخرى أسباب أخرى لاتَّخاذ إبراهيم خليلاً، مثل كثرة صلاته على محمّد وآل محمّد، وأنَّه لم يرد سائلاً ولم يكن يسأل أحداً شيئاً، ففي (علل الشرائع) عَنْ أَبِي اَلْحَسَن الرَّضَا علیه السلام، قَالَ: «.. إِنَّمَا اتَّخَذَ اللَّهُ وَل
إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً لِأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ أَحَداً ، وَلَمْ يَسْأَلُ أَحَداً غَيْرَ الله عزّو جلّ»(4).
وفيه أيضاً: عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ الله الحَسَنِي، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيَّ علیه السلام يَقُولُ: «إِنَّمَا اتَّخَذَ اللَّهُ عزّو جلّ وَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً لِكَثْرَةِ صَلَاتِهِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ (صَلَوَاتُ اللَّه عَلَيْهِمْ)»(5).
[57/457] عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله وسلم فَقَالَ: عَلَّمْنِي عَمَلاً يُحِبُّنِي اللهُ عَلَيْهِ، وَيُحِبُّنِي المَخْلُوقُونَ، وَيُثْرِي اللَّهُ مَالِي، وَيُصِحُ بَدَنِي، وَيُطِيلُ عُمُرِي، وَيَحْشُرُنِي مَعَكَ، قَالَ: هَذِهِ سِتُّ خِصَالٍ تَحْتَاجُ إِلَى سِتَّ خِصَالٍ، إِذَا أَرَدْتَ أَنْ يُحِبَّكَ اللهُ فَخَفْهُ وَاتَّقِهِ، وَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ يُحِبَّكَ المَخْلُوقُونَ فَأَحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَأرْفُضْ مَا فِي يَدَيْهِمْ، وَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ يُشْرِيَ اللَّهُ مَالَكَ فَزَكِّهِ، وَإِذَا
ص: 182
أَرَدْتَ أَنْ يُصِحَ اللهُ بَدَنَكَ فَأَكْثِرُ مِنَ الصَّدَقَةِ، وَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ يُطِيلَ اللهُ عُمُرَكَ فَصِلْ ذَوِي أَرْحَامِكَ، وَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ يَحْشُرَكَ اللَّهُ مَعِي فَأَطِلِ السُّجُودَ بَيْنَ يَدَيِ الله اَلْوَاحِدِ الْقَهَّارِ »(1) .
[ 458 / 58] عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «إِذَا نَامَ الْعَبْدُ وَهُوَ سَاجِدٌ، قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلْمَلَائِكَةِ: أنْظُرُوا إِلَى عَبْدِي قَبَضْتُ رُوحَهُ وَهُوَ فِي طَاعَتِي»(2).
[ 59/459] عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام وَهُوَ يَقُولُ: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَطَالَ السُّجُودَ حَيْثُ لَا يَرَاهُ أَحَدٌ قَالَ الشَّيْطَانُ: وَا وَيْلَاهُ،
أَطَاعُوا وَعَصَيْتُ، وَسَجَدُوا وَأَبَيْتُ »(3) .
[ 60/460] عَنْ أَبِي أَسَامَةَ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام يَقُولُ: «عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَالْوَرَعِ، وَالْاجْتِهَادِ، وَصِدْقِ الْحَدِيثِ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وَحُسْنِ الْخُلُقِ، وَحُسْنِ الْجَوَارِ، وَكُونُوا دُعَاةً إِلَى أَنْفُسِكُمْ بِغَيْرِ أَلْسِنَتِكُمْ، وَكُونُوا زَيْناً وَلَا تَكُونُوا شَيْئاً، وَعَلَيْكُمْ بِطُولِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَطَالَ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ
تَفَ إِبْلِيسُ مِنْ خَلْفِهِ وَقَالَ: يَا وَيْلَهُ ، أَطَاعَ وَعَصَيْتُ ، وَسَجَدَ وَأَبَيْتُ» (4)
[61/461] عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام يَتَخَلَّلُ بَسَاتِينَ الْكُوفَةِ، فَانْتَهَى إِلَى نَخْلَةٍ، فَتَوَضَّأَ عِنْدَهَا، ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ، فَأَحْصَيْتُ فِي
ص: 183
سُجُودِهِ خَمْسَمِائَةِ تَسْبِيحَةٍ، ثُمَّ اسْتَنَدَ إِلَى النَّخْلَةِ فَدَعَا بِدَعَوَاتٍ، ثُمَّ قَالَ: «يَا حَفْصٍ، إِنَّهَا وَالله اَلنَّخْلَةُ الَّتِي قَالَ اللهُ عزّو جلّ مَرْيَمَ علیها السلام: «وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25)»: [مريم : 25] » (1).
[62/462 ]عن أَبَی بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أَبو عَبْدِ الله علیه السلام : «يَا أَبَا مُحَمَّدُ،
عَلَيْكُمْ بِالْوَرَعِ وَالْإِجْتِهَادِ، وَصِدْقِ الْحَدِيثِ ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وَحُسْنِ الصُّحْبَةِ لَنْ صَحِبَكُمْ، وَطُولِ السُّجُودِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ سُنَنِ الْأَوَّابِينَ »(2)
[63/463] عَنْ عَلِيٌّ علیه السلام فِي حَدِيثِ الْأَرْبَعِمائَةِ، قَالَ: «وَلَا تَسْتَصْغِرُوا قَلِيلَ الْآثَامِ، فَإِنَّ الْقَلِيلَ يُحْصَى وَيَرْجِعُ إِلَى الْكَثِيرِ، وَأَطِيلُوا اَلسُّجُودَ، فَما مِنْ عَمَل أَشَدَّ عَلَى إِبْلِيسَ مِنْ أَنْ يَرَى اِبْنَ آدَمَ سَاجِداً، لِأَنَّهُ أُمِرَ بِالسُّجُودِ فَعَصَى، وَهَذَا أَمِرَ بِالسُّجُودِ فَأَطَاعَ فَنَجَا »(3).
[64/464] قَولُهُ صلی الله علیه و آله وسلم : «لَا تُطَوِّلْنَ صَلَاتَكُنَّ لِتَمْنَعْنَ أَزْوَاجَكُنَّ»(4).
[65/465] عَنْ عَلِيٍّ علیه السلام أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ الْأَرْضَ بِكُمْ
بَرَّةٌ، تَيَمَّمُونَ مِنْهَا، وَتُصَلُّونَ عَلَيْهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَهِيَ لَكُمْ كِفَاتٌ فِي المَماتِ، وَذَلِكَ مِنْ نِعْمَةِ اللَّه لَهُ اَلْحَمْدُ، وَأَفْضَلُ مَا يَسْجُدُ عَلَيْهِ الْمُصَلِّي اَلْأَرْضُ النَّقِيَّةُ »(5) .
[466 / 66]رَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: كَانَ لِأَبِي عَبْدِ الله علیه السلام خَرِيطَةٌ
ص: 184
دِيبَاج صَفْرَاءُ فِيهَا تُرْبَةُ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، فَكَانَ إِذَا حَضَرَتْهُ الصَّلَاةُ صَبَّهُ عَلَى سَجَّادَتِهِ وَسَجَدَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ علیه السلام: السُّجُودُ عَلَى تُرْبَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهُ علیه السلام يَخْرِقُ اَلحُجُبَ السَّبْعَ »(1).
[ 67/467] فِي( الْإِرْشَادِ)، قَالَ: كَانَ الصَّادِقُ علیه السلام لَا يَسْجُدُ إِلَّا عَلَى
تُرْبَةِ الْحُسَيْنِ علیه السلام تَذَلُّلاً الله وَاِسْتِكَانَةً إِلَيْهِ»(2).
[ 68/468] عن الشهيد رحمه الله أنَّ السجود على التربة الحسينية يُقبل به
الصلاة وإن كانت غير مقبولة لولا السجود عليها (3) .
بیان: لا بدَّ أن يكون الشهيد رحمه الله قد أخذ ذلك من الروايات.
[ 69/469] رَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم كَانَتْ مِسْبَحَتْهَا مِنْ خَيْطِ صُوفٍ مُفَتَل مَعْقُودٍ عَلَيْهِ عَدَدَ التَّكْبِيرَاتِ، فَكَانَتْ علیه السلام تُدِيرُهَا بِيَدِهَا تُكَبِّرُ وَتُسَبِّحُ إِلَى أَنْ قُتِلَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ سَيِّدُ عَلَيْهَا اَلشُّهَدَاءِ، فَاسْتَعْمَلَتْ تُرْبَتَهُ وَعَمِلَتِ المَسَابِيحَ (4).
[470 /70] عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «إِنَّ رَجُلاً أَتَى أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام ،
فَقَالَ لَهُ: أَصْلَحَكَ اللهُ إِنَّا نَتَّجِرُ إِلَى هَذِهِ الْجِبَالِ، فَنَأْتِي أَمْكِنَةٌ لَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نُصَلِّيَ
ص: 185
إِلَّا عَلَى التَّلْجِ، قَالَ: أَلَا تَكُونُ مِثْلَ فُلَانٍ - يَعْنِي رَجُلاً عِنْدَهُ - يَرْضَى بِالدُّونِ وَلَا يَطْلُبُ التَّجَارَةَ فِي أَرْضِ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُصَلِّي إِلَّا عَلَى التَّلْج ؟»(1).
[71/471] عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «إِنَّ قَوْماً أَتَوْا رَسُولَ الله صلی الله علیه و آله وسلم ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا رَأَيْنَا أُناساً يَسْجُدُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: لَوْ أَمَرْتُ أَحَداً أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ اَلَمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ
لِزَوْجِهَا » (2).
[ 472 / 72] عَنْ بَدْرِ بْنِ خَلِيلِ الْأَسَدِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّام، قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام : أَوَّلُ بُقْعَةٍ عُبِدَ اللهُ عَلَيْهَا ظَهْرُ الْكُوفَةِ لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ اَلمَلَائِكَةَ أَنْ يَسْجُدُوا لِآدَمَ سَجَدُوا عَلَى ظَهْرِ الْكُوفَةِ »(3).
[73/473] قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : «أَطْوَلُكُمْ قُنُوتاً فِي دَارِ الدُّنْيَا أَطْوَلَكُمْ
رَاحَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي المَوْقِفِ»(4).
[74/474] عن ابْنِ الْقَدَّاحٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام، قَالَ: «مَا أَبْرَزَ عَبْدٌ يَدَهُ إِلَى اللَّه الْعَزِيزِ الْجَبَّارِ إِلَّا اسْتَحْيَا اللَّهُ عزّو جلّ وَمَل أَنْ يَرُدَّهَا صِفْراً حَتَّىٰ يَجْعَلَ فِيهَا مِنْ
ص: 186
فَضْل رَحْمَتِهِ مَا يَشَاءُ، فَإِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلَا يَرُدَّ يَدَهُ حَتَّىٰ يَمْسَحَ عَلَى وَجْهِهِ
وَرَأْسِهِ »(1).
[75/475] قَالَ أَبو جَعْفَرٍ علیه السلام : «مَا بَسَطَ عَبْدُ يَدَيْهِ إِلَى اللَّهِ عزّو جلّ إِلَّا
اِسْتَحْيَى اللهُ...»، وذكر مثله، وزاد في آخره: وَفِي خَبَرٍ آخَرَ: عَلَى وَجْهِهِ
وَصَدْرِهِ »(2)(2).
[476 / 76] عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام يَقُولُ: «. اسْتَغْفَرَ اللَّهَ سَبْعِينَ مَرَّةً فِي الْوَتْرِ بَعْدَ الرُّكُوعِ فَدَامَ عَلَى ذَلِكَ سَنَةٌ كَانَ مِنَ
المُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ» (3).
***
ص: 187
ص: 188
ص: 189
ص: 190
[1/477 ]عَنْ أَبِي خَدِيجَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: «إِنَّ الدُّعَاءَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ، مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَالمَغْرِبِ تَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ ، وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَيُمِيتُ وَيُحْيِي، وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، بِيَدِهِ اَلْخَيْرُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، عَشْرَ مَرَّاتٍ. وَتَقُولُ: أَعُوذُ بِالله اَلسَّمِيعِ العَلِيمِ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ، وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ، إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، عَشْرَ مَرَّاتٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ، فَإِنْ نَسِيتَ قَضَيْتَ كَمَا تَقْضِي الصَّلَاةَ إِذَا نَسِيتَهَا » (1).
[ 478 / 2 ]عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله علیه السلام : الرَّجُلُ يُغْمَى عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ وَالْأَرْبَعَةَ وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، كَمْ يَقْضِي مِنْ صَلَاتِهِ؟ فَقَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكَ بِمَا يَجْمَعُ لَكَ هَذَا وَأَشْبَاهَهُ؟ كُلُّ مَا غَلَبَ اللَّهُ علیه السلام عَلَيْهِ مِنْ أَمْرٍ فَاللَّهُ أَعْذَرُ لِعَبْدِهِ»، قَالَ: وَزَادَ فِيهِ غَيْرُهُ أَنَّ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام قَالَ: «وَهَذَا مِنَ الْأَبْوَابِ الَّتِي يَفْتَحُ كُلُّ بَابٍ مِنْهَا أَلْفَ بَابٍ »(2).
[3/479] عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام : «إِنَّ الرَّبَّ لَيُعَجِّبُ مَلَائِكَتَهُ مِنَ الْعَبْدِ مِنْ عِبَادِهِ، يَرَاهُ يَقْضِي النَّافِلَةَ، فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي يَقْضِي مَا لَمْ أَفْتَرِضْ عَلَيْهِ (3).
ص: 191
[ 4/480] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: «مَا يَمْنَعُ الرَّجُلَ مِنْكُمْ أَنْ يَبَرَّ وَالِدَيْهِ حَيَّيْنِ وَمَيِّتَيْنِ؟ يُصَلِّيَ عَنْهُما ، وَيَتَصَدَّقَ عَنْهُمَا ، وَيَحُجَّ عَنْهُمَا ، وَيَصُومَ عَنْهُمَا، فَيَكُونَ الَّذِي صَنَعَ هَمَا وَلَهُ مِثْلُ ذَلِكَ، فَيَزِيدَهُ اللهُ عزّو جلّ وَ بِبِرِّهِ وَصِلَتِهِ خَيْراً كَثِيراً »(1).
[481 / 5 ]قَالَ عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ : قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله علیه السلام : يُصَلَّى عَنِ اَلَمَيِّتِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَكُونُ فِي ضِيقٍ فَيُوَسِّعُ اللَّهُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الضّيقَ، ثُمَّ يُؤْتَى فَيُقَالُ لَهُ: خُفِّفَ عَنْكَ هَذَا الضّيقُ بِصَلَاةِ فُلَانِ أَخِيكَ عَنْكَ»، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: فَأُشْرِكُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فِي رَكْعَتَيْنِ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، فَقَالَ علیه السلام : «إِنَّ المَيِّتَ لَيَفْرَحُ
بِالتَّرَكُم عَلَيْهِ وَالْاِسْتِغْفَارِ لَهُ كَمَا يَفْرَحُ الحَيُّ بِالهَدِيَّةِ تُهْدَى إِلَيْهِ» (2).
[ 482 / 6] قَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام : «إِذَا تَصَدَّقَ الرَّجُلُ بِنِيَّةِ اَلمَيِّتِ أَمَرَ اللهُ جَبْرَئِيلَ أَنْ يَحْمِلَ إِلَى قَبْرِهِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ، فِي يَدِ كُلِّ مَلَكِ طَبَقٌ، فَيَحْمِلُونَ إِلَى قَبْرِهِ، وَيَقُولُونَ: اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَليَّ اللَّه هَذِهِ هَدِيَّةٌ فُلَانِ بْن فُلَانِ إِلَيْكَ، فَيَتَلَأَ لَا قَبْرُهُ، وَأَعْطَاهُ اللهُ أَلْفَ مَدِينَةٍ فِي الْجَنَّةِ، وَزَوَّجَهُ أَلْفَ حَوْرَاءَ، وَأَلْبَسَهُ أَلْفَ حُلَّةٍ،
وَقَضَى لَهُ أَلْفَ حَاجَةٍ »(3).
[7/483] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام في إِخْبَارِهِ عَنْ لُقْمَانَ: «وَإِذَا جَاءَ وَقْتُ
اَلصَّلَاةِ فَلَا تُؤَخِّرْهَا لِشَيْءٍ، صَلِّهَا وَاسْتَرِحْ مِنْهَا ، فَإِنَّهَا دَيْنٌ » (4).
ص: 192
[8/484] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام : اجْتَنِبُوا المَعَاصِيَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّ السَّيِّئَةَ ا السلام وَالْحَسَنَةَ مُضَاعَفَةٌ، وَمَنْ تَرَكَ مَعْصِيَةَ اللَّه لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ غَفَرَ اللهُ لَهُ كُلَّ مَا سَلَفَ فِيهِ، وَقِيلَ لَهُ: اِسْتَأْنِفِ الْعَمَلَ، وَمَنْ بَارَزَ اللَّهَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِمَعْصِيَتِهِ أَخَذَهُ اللهُ بِكُلِّ مَا عَمِلَ فِي عُمُرِهِ، وَضَاعَفَ عَلَيْهِ الْعَذَابَ بِهَذِهِ المَعْصِيَةِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ رَفَعَتْ حِيتَانُ الْبُحُورِ رُءُوسَهَا وَدَوَابُّ الْبَرَارِي ثُمَّ نَادَتْ بِصَوْتٍ ذَلِقٍ : رَبَّنَا لَا تُعَذِّبْنَا بِذُنُوبِ الْآدَمِيِّينَ»(1) .
[ 9/485 ]رَوَى عَبْدُ العَظِيمِ بْنُ عَبْدِ الله اَلْحَسَنِيُّ رضی الله عنه، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَحْمُودٍ، قَالَ: قُلْتُ لِلرِّضَا علیه السلام : يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، مَا تَقُولُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي يَرْوِيهِ النَّاسُ عَنْ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَنْزِلُ فِي كُلِّ لَيْلَةِ جُمُعَةِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا »؟ فَقَالَ الله : «لَعَنَ اللهُ الْمُحَرِّفِينَ لِلْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ، وَالله مَا قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم ذَلِكَ ، إِنَّمَا قَالَ علیه السلام : إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُنْزِلُ مَلَكاً إِلَى اَلسَّمَاءِ اَلدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ فِي الثَّلُثِ الْأَخِيرِ، وَلَيْلَةَ الجُمُعَةِ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ، فَيَأْمُرُهُ فَيُنَادِي: هَلْ مِنْ سَائِلِ فَأَعْطِيَهُ؟ هَلْ مِنْ تَائِبٍ فَأَتُوبَ عَلَيْهِ؟ هَلْ مِنَ مُسْتَغْفِرِ فَأَغْفِرَ لَهُ؟ يَا طَالِبَ اَلْخَيْرِ أَقْبِلُ، وَيَا طَالِبَ الشَّرِّ أَقْصِرْ ، فَلَا يَزَالُ يُنَادِي بِهَذَا حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ ، فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ عَادَ إِلَى عَلَّهِ مِنْ مَلَكُوتِ السَّمَاءِ، حَدَّثَنِي بِذَلِكَ
أَبِي، عَنْ جَدِّي ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم »(2).
[10/486 ]عَنْ عَبْدِ الله بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «السَّاعَةُ الَّتِي يُسْتَجَابُ فِيهَا الدُّعَاءُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَا بَيْنَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنَ الْخُطْبَةِ إِلَى أَنْ
ص: 193
يَسْتَوِي النَّاسُ فِي الصُّفُوفِ، وَسَاعَةٌ أُخْرَى مِنْ آخِر اَلنَّهَارِ إِلَى غُرُوب
اَلشَّمْسِ»(1)
[11/487] القطب الراوندي في ( دعواته) عن عبد الله بن سنان نحوه
وزاد: وَكَانَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام تَدْعُو فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ » (2) .
[12/488] عَنْ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله وسلم، قَالَ: «خَيْرُ يَوْم طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ ساعة يَوْمُ الْجُمُعَةِ .... »إِلَى أَنْ قَالَ: «وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا مُسْلِمٌ يُصَلِّي، لَا يَسْأَلُ اللهَ حَاجَةً أَوْ خَيْراً إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، قال الراوي: وقد علمت أي ساعة هي، هي آخر يوم الجمعة، هي الساعة التي خلق الله تعالى فيها آدم، قال الله تعالى:
«خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ ... (37)» الآية [الأنبياء: 37](3).
[ 13/489] عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ النَّبِيِّ السلام( صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَعَلَيْهَا)، قَالَتْ: «سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلی الله علیه و آله وسلم يَقُولُ: إِنَّ فِي الجُمُعَةِ لَسَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ، يَسْأَلُ اللهَ وَ فِيهَا خَيْراً إِلَّا أَعْطَاهُ قَالَتْ: «فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله أَيُّ سَاعَةٍ هِيَ؟ قَالَ: إِذَا تَدَلَّى نِصْفُ عَيْنِ الشَّمْسِ لِلْغُرُوبِ»، قَالَ: وَكَانَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام تَقُولُ لِغُلَامِهَا: «اِصْعَدْ عَلَى الظُّرَابِ، فَإِذَا رَأَيْتَ نِصْفَ عَيْنِ الشَّمْسِ قَدْ تَدَلَّى لِلْغُرُوبِ فَأَعْلِمْنِي
حَتَّى أَدْعُوَ »(4)
ص: 194
[ 14/490] عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: قَالَ لِي أَبو عَبْدِ الله علیه السلام : «يَا عُمَرُ، إِنَّهُ إِذَا كَانَ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَلَائِكَةٌ بِعَدَدِ الذَّرِّ فِي أَيْدِيهِمْ أَقْلَامُ الذَّهَب وَقَرَاطِيسُ الفِضَّةِ، لَا يَكْتُبُونَ إِلَى لَيْلَةِ السَّبْتِ إِلَّا الصَّلَاةَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ، فَأَكْثِرُ مِنْهَا، وَقَالَ: «يَا عُمَرُ، إِنَّ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ جُمُعَةٍ أَلْفَ مَرَّةٍ، وَفِي سَائِرِ الْأَيَّامِ مِائَةَ مَرَّةٍ »(1).
[15/491] عَنِ الْمُفَضَّلِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام، قَالَ: «مَا مِنْ شَيْءٍ يُعْبَدُ
الله بِهِ يَوم اَلْجُمُعَةِ أَحَبَّ إِلَى اللَّه مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ» (2).
[16/492] عَنْ عَبْدِ الله بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى الْأَيَّامَ، وَيَبْعَثُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَمَامَهَا كَالعَرُوسِ ذَاتَ كَمَالٍ وَجَمَالٍ، تُهْدَى إِلَى ذِي دِينِ وَمَالٍ، فَتَقِفُ عَلَى بَابِ الجَنَّةِ وَالْأَيَّامُ خَلْفَهَا، فَتَشْفَعُ لِكُلِّ مَنْ أَكْثَرَ الصَّلَاةَ فِيهَا عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ علیهم السلام، قَالَ ابْنُ سِنَانٍ:
السلام فَقُلْتُ: كَمِ الْكَثِيرُ فِي هَذَا؟ وَفِي أَيِّ زَمَانِ أَوْقَاتِ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مِائَةُ مَرَّةٍ، وَلْيَكُنْ ذَلِكَ بَعْدَ الْعَصْرِ»، قَالَ: فَكَيْفَ أَقُوهُا؟ قَالَ: «تَقُولُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ» (3).
[ 17/493 ] عَنْ عَلِيٌّ علیه السلام أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَكْثِرُوا مِنَ الصَّلَاةِ
عَلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّهُ فِيهِ الْأَعْمَالُ»(4)
ص: 195
[494 / 18] عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ : أَخْبِرْنَا عَنْ أَفْضَل الْأَعْمَالِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: «الصَّلَاةُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ مِائَةَ مَرَّةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَمَا زِدْتَ فَهُوَ أَفْضَلُ»(1) .
[19/495] قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : «أَطْرِفُوا أَهَالِيَكُمْ كُلَّ يَوْمٍ جُمُعَةٍ بِشَيْءٍ
مِنَ الْفَاكِهَةِ وَاللَّحْمِ حَتَّىٰ يَفْرَحُوا بِالْجُمُعَة»(2).
[20/496] عَنِ السَّكُونِي، عَنْ أَبي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام ،
قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله علیه السلام: «مَنْ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَخْرَجَ اللهُ عزّو جلّ مِنْ أَنَامِلِهِ
وَعَجَل
اَلدَّاءَ، وَأَدْخَلَ فِيهِ اَلدَّوَاءَ» (3) .
[21/497] عَنْ أَبِي كَهْمَسٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله علیه السلام : عَلَّمْنِي دُعَاءً أَسْتَنْزِلُ بِهِ الرِّزْقَ ، فَقَالَ ِلي: «خُذْ مِنْ شَارِبِكَ وَأَظْفَارِكَ ، وَلْيَكُنْ ذَلِكَ فِي يَوْمِ
الجمعة »(4).
[ 498 / 22] عَنْ أَبِي كَهْمَسٍ، قَالَ : قَالَ رَجُلٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ اَلْحَسَنِ: عَلَّمْنِي شَيْئاً فِي الرِّزْقِ ، فَقَالَ: الْزَمْ مُصَلَّاكَ إِذَا صَلَّيْتَ اَلْفَجْرَ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَإِنَّهُ أَنْجَعُ فِي طَلَبِ الرِّزْقِ مِنَ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ ، فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام ،
ص: 196
فَقَالَ: «أَلَا أُعَلِّمُكَ فِي الرِّزْقِ مَا هُوَ أَنْفَعُ مِنْ ذَلِكَ؟»، قَالَ: قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: «خُذْ
مِنْ شَارِبِكَ وَأَظْفَارِكَ كُلَّ جُمعَةٍ »(1).
[23/499] عَنْ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله وسلم، قَالَ: «مَنْ أَخَذَ شَارِبَهُ، وَقَلَّمَ أَظْفَارَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَقَالَ حِينَ يَأْخُذُهُ: بِسْم الله وَبِالله، وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله وسلم، لَمْ يَسْقُطُ مِنْهُ قُلَامَةٌ، وَلَا جُزَازَةٌ إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ بِهَا عِتْقَ رَقَبَةٍ، وَلَمْ يَمْرَضُ إِلَّا مَرَضَهُ
اَلَّذِي يَمُوتُ فِيهِ » (2).
[24/500] عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطِ، عَنْ خَلَفٍ، قَالَ: رَآنِي أَبو الحَسَنِ علیه السلام بِخُرَاسَانَ وَأَنَا أَشْتَكِي عَيْنِي، فَقَالَ: «أَلَا أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَيْءٍ إِنْ فَعَلْتَهُ لَمْ تَشْتَكِ عَيْنَكَ ، فَقُلْتُ: بَلَى، فَقَالَ: خُذْ مِنْ أَظْفَارِكَ فِي كُلِّ حَمِيسٍ، قَالَ: فَفَعَلْتُ، فَما
اشْتَكَيْتُ عَيْنِي إِلَى يَوْمَ أَخْبَرْتُكَ »(3).
[25/501] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام، قَالَ: «مَنْ أَدْمَنَ أَخْذَ أَظْفَارِهِ كُلَّ خَمِيسِ لا
لَمْ تَرْمَدْ عَيْنْةٌ »(4).
[26/502] قَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام: مَنْ قَصَّ أَظْفَارَهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَتَرَكَ السلام
وَاحِداً لِيَوْم الْجُمُعَةِ نَفَى اللَّهُ عَنْهُ الْفَقْرَ »(5).
[27/503] قَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام: «مَنْ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ، وَقَصَّ شَارِبَهُ فِي كُلِّ
ص: 197
جُمعَةٍ، ثُمَّ قَالَ: بِسْم الله وَبِالله وَعَلَى سُنَّةِ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، أَعْطِيَ بِكُلِّ فَلَامَةٍ
وَجُزَازَةٍ عِتْقُ رَقَبَةٍ مِنْ وُلْدِ إِسْمَاعِيلَ »(1).
[28/504] عَنْ أَبِي اَلْحَسَنِ علیه السلام ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «قَالَ لِي حَبِيبي جَبْرَئِيلُ علیه السلام : تَطَيَّبْ يَوْماً وَيَوْماً لَا ، وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَلَا مَتْرَكَ لَهُ »(2).
[505/29] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «اليَتَطَيَّبْ
أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَلَوْ مِنْ قَارُورَةِ امْرَأَتِهِ»(3).
[30/506] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «قَالَ عُثْمَانُ بْنُ مَطْعُونٍ لِرَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم: قَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَدَعَ الطَّيبَ، وَأَشْيَاءَ ذَكَرَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : لا تَدَعَ الطَّيِّبَ، فَإِنَّ المَلَائِكَةَ تَسْتَنْشِقُ رِيحَ الطَّيبِ مِنَ الْمُؤْمِنِ، فَلَا تَدَعِ الطَّيِّبَ فِي كُلِّ جمعة »(4)
[ 31/507] عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ اَلنَّوْفَلِي، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الحَسَنِ علیه السلام : إِنِّي
أَفْطَرْتُ يَوْمَ الْفِطْرِ عَلَى طينٍ وَتَمرٍ ، قَالَ لِي: جَمَعْتَ بَرَكَةً وَسُنَّةٌ »(5).
[ 32/508] رُوِيَ : أَفْضَلُ مَا يُفْطَرُ عَلَيْهِ طِينُ قَبْرِ اَلْحُسَيْنِ علیه السلام»(6).
ص: 198
[509/33] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ جَعْفَرِ بْن مُحَمَّدِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام يُعْجِبُهُ أَنْ يُرْوَى شِعْرُ أَبِي طَالِبٍ علیه السلام وَأَنْ يُدَوَّنَ، وَقَالَ: تَعَلَّمُوهُ وَعَلّمُوهُ أَوْلَادَكُمْ، فَإِنَّهُ كَانَ عَلَى دِينِ الله، وَفِيهِ عِلْمٌ
كَثِيرٌ »(1).
[ 510 / 34] عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ يَاسِرٍ اَلْخَادِم وَالرَّيَّانِ بْنِ الصَّلْتِ جَمِيعاً، قَالَا: «لَمَّا انْقَضَى أَمْرُ المَخْلُوعِ، وَاسْتَوَى الْأَمْرُ لِلْمَأْمُونِ، كَتَبَ إِلَى الرِّضَا علیه السلام يَسْتَقْدِمُهُ إِلَى خُرَاسَانَ، فَاعْتَلَ عَلَيْهِ أَبو الحَسَنِ علیه السلام بِعِلَلٍ، فَلَمْ يَزَلِ المَأْمُونُ
يُكَاتِبُهُ فِي ذَلِكَ، حَتَّى عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَحِيصَ لَهُ، وَأَنَّهُ لَا يَكُفُّ عَنْهُ، فَخَرَجَ علیه السلام وَلأَبي جَعْفَرٍ علیه السلام سَبْعُ سِنِينَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ المَأْمُونُ: لَا تَأْخُذْ عَلَى طَرِيقِ الجُبَلِ وَقُمْ، وَخُذْ
عَلَى طَرِيقِ حَتَّى وَافَى مَرْوَ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ المَأْمُونُ أَنْ
الْبَصْرَةِ وَالْأَهْوَازِ وَفَارِسَ،
يَتَقَلَّدَ الْأَمْرَ وَالخِلَافَةَ، فَأَبَى أَبو الحَسَنِ علیه السلام ، قَالَ: فَوِلَايَةَ الْعَهْدِ، فَقَالَ: «عَلَى شُرُوطٍ أَسْأَلُكَهَا، قَالَ الْمَأْمُونُ: سَلْ مَا شِئْتَ، فَكَتَبَ الرِّضَا علیه السلام : «إِنِّي دَاخِلٌ فِي وِلَايَةِ الْعَهْدِ عَلَى أَنْ لَا أَمْرَ وَلَا أَنْهَى وَلَا أُفْتِي، وَلَا أَقْضِيَ، وَلَا أُوَلّي، وَلَا أَعْزِلَ، وَلَا أُغَيْرَ شَيْئاً مِمَّا هُوَ قَائِمٌ، وَتُعْفِينِي مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ»، فَأَجَابَهُ الْمَأْمُونُ إِلَى ذَلِكَ كُلِّهِ، قَالَ: فَحَدَّثَنِي يَاسِرٌ، قَالَ: فَلَما حَضَرَ الْعِيدُ بَعَثَ المَأْمُونُ إِلَى الرّضَا علیه السلام يَسْأَلُهُ أَنْ يَرْكَبَ وَيَحْضُرَ الْعِيدَ وَيُصَلِّيَ وَيَخْطُبَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ الرّضَا علیه السلام : «قَدْ عَلِمْتَ مَا كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ مِنَ الشُّرُوطِ فِي دُخُولِ هَذَا الْأَمْرِ»، فَبَعَثَ إِلَيْهِ المَأْمُونُ: إِنَّما أُرِيدُ
ص: 199
بِذَلِكَ أَنْ تَطْمَئِنَّ قُلُوبُ النَّاسِ، وَيَعْرِفُوا فَضْلَكَ، فَلَمْ يَزَلْ علیه السلام يُرَادُّهُ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ، فَأَلَحَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنْ أَعْفَيْتَنِي مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَإِنْ لَمْ تُعْفِنِي خَرَجْتُ كَمَا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه و آله وسلم وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام»، فَقَالَ المَأْمُونُ: أَخْرُجْ كَيْفَ شِئْتَ، وَأَمَرَ اَلَمَأْمُونُ الْقُوَّادَ وَالنَّاسَ أَنْ يَرْكَبُوا إِلَى بَابِ اَلْحَسَنِ، قَالَ: فَحَدَّثَنِي يَاسِرُ الْخَادِمُ أَنَّهُ فَعَدَ النَّاسُ لأَبي الحسن علیه السلام في الطُّرُقَاتِ
وَاَلسُّطُوحِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَالصَّبْيَانُ، وَاجْتَمَعَ الْقُوَّادُ وَالْجُنْدُ عَلَى بَابِ الْحَسَن علیه السلام ، فَلَما طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَامَ علیه السلام فَاغْتَسَلَ، وَتَعَمَّمَ بِعِمَامَةٍ بَيْضَاءَ مِنْ قُطْنِ، أَلْقَى طَرَفاً مِنْهَا عَلَى صَدْرِهِ، وَطَرَفاً بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَتَشَمَّرَ، ثُمَّ قَالَ جَمِيعِ مَوَالِيهِ: «اِفْعَلُوا مِثْلَ مَا فَعَلْتُ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ عُكَازاً، ثُمَّ خَرَجَ وَنَحْنُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَهُوَ حَافٍ قَدْ شَمَّرَ سَرَاوِيلَهُ إِلَى نِصْفِ اَلسَّاقِ، وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ مُشَمَّرَةٌ، فَلَما مَشَى وَمَشَيْنَا بَيْنَ يَدَيْهِ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ، فَخُيِّلَ إِلَيْنَا أَنَّ السَّمَاءَ وَاَحِيطَانَ تُجَاوِبُهُ، وَالْقُوَّادُ وَالنَّاسُ عَلَى الْبَابِ قَدْ تَهَيَّنُوا، وَلَبِسُوا السَّلَاحَ، وَتَزَيَّنُوا بِأَحْسَنِ الزِّينَةِ، فَلَمّا طَلَعْنَا عَلَيْهِمْ بِهَذِهِ الصُّورَةِ، وَطَلَعَ الرِّضَا علیه السلام، وَقَفَ عَلَى اَلْبَابِ وَقْفَةً، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا اللهُ أَكْبَرُ
، عَلَى مَا رَزَقَنَا مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، وَالْحَمْدُ الله عَلَى مَا أَبْلَانَا، نَرْفَعُ بِهَا أَصْوَاتَنَا»، قَالَ يَاسِرٌ : فَتَزَعْزَعَتْ مَرْوُ بِالْبَكَاءِ وَالضَّجِيج وَالصِّيَاحَ لَمَّا نَظَرُوا إِلَى أَبِي اَلْحَسَنِ علیه السلام، وَسَقَطَ الْقُوَّادُ عَنْ دَوَابِّهِمْ، وَرَمَوْا بِخِفَافِهِمْ لَمَّا رَأَوْا أَبَا اَلْحَسَنِ علیه السلام حَافِياً، وَكَانَ يَمْشِي وَيَقِفُ فِي كُلِّ عَشْرِ خُطُوَاتٍ وَيُكَبِّرُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالَ يَاسِرُ : فَتُخْيِّلَ إِلَيْنَا أَنَّ السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَالْجِبَالَ تُجَاوِبُهُ، وَصَارَتْ مَرْوُ ضَجَّةً وَاحِدَةً مِنَ الْبُكَاءِ، فَبَلَغَ المَأْمُونَ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ الْفَضْلُ بْنُ سَهْلِ ذُو اَلرِّئَاسَتَيْنِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنْ بَلَغَ الرِّضَا علیه السلام المُصَلَّى عَلَى هَذَا السَّبِيلِ اِفْتَتَنَ بِهِ
ص: 200
اَلنَّاسُ، وَالرَّأَيُّ أَنْ تَسْأَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ المَأْمُونُ، فَسَأَلَهُ الرُّجُوعَ، فَدَعَا أَبو
اَلْحَسَنِ علیه السلام بِخُفْهِ فَلَبِسَهُ وَرَكِبَ وَرَجَعَ »(1).
بيان: المخلوع هو محمّد الأمين الذي كان مستولياً على بغداد، وأرسل إليه
المأمون طاهر الخزاعي، فقتله سنة (198) هجريَّة، وصفت الخلافة بعد ذلك
للمأمون.
[511/ 35 ]عَنْ عَبْدِ الله بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام، قَالَ: قَالَ: «يَا عَبْدَ الله، مَا مِنْ عِيدِ لِلْمُسْلِمِينَ أَضْحَى وَلَا فِطْرِ إِلَّا وَهُوَ يُجدِّدُ لاِلِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ السَّلَامُ) فِيهِ حُزْناً»، قُلْتُ: وَلِمَ ذَاكَ؟ قَالَ: «لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَ حَقَّهُمْ فِي يَدِ غَيْرِهِمْ»(2).
بيان :ومن أوضح حقوقهم المسلوبة إمامة الناس في أيَّام الأعياد، وإقامة
الصلوات.
[36/512] أَبو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا، قَالَ: كَانَ الْمُعَلَّى بْنُ حُنَيْسِ رحمه اللهُ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْعِيدِ خَرَجَ إِلَى الصَّحْرَاءِ شَعِئاً مُغْبَرًا فِي زِيٍّ مَلْهُوفٍ، فَإِذَا صَعِدَ الْخَطِيبُ الْمِنْبَرَ مَدَّ يَدَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ هَذَا مَقَامُ خُلَفَائِكَ وَأَصْفِيَائِكَ، وَمَوْضِعُ أُمَنَائِكَ الَّذِينَ خَصَصْتَهُمْ بِهَا، لَا يُغْلَبُ قَضَاؤُكَ، وَلَا يُجَاوَزُ اَلمَحْتُومُ مِنْ
وهَا، وَأنْتَ المقدر . تَدْبِيرِكَ، كَيْفَ شِئْتَ وَأَنَّى شِئْتَ، عِلْمُكَ فِي إِرَادَتِكَ كَعِلْمِكَ فِي خَلْقِكَ، حَتَّى
ص: 201
عَادَ صَفْوَتُكَ وَخُلَفَاؤُكَ مَغْلُوبِينَ مَقْهُورِينَ مُسْتَتِرِينَ، يَرَوْنَ حُكْمَكَ مُبَدَّلاً، وَكِتَابَكَ مَنْبُوذاً، وَفَرَائِضَكَ مُحَرَّفَةٌ عَنْ جِهَاتِ شَرَائِعِكَ، وَسُنَنَ نَبِيِّكَ صَلَوَاتُكَ
( عَلَيْهِ وَآلِهِ) مَتْرُوكَةً، اَللَّهُمَّ الْعَنْ أَعْدَاءَهُمْ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَالْغَادِينَ وَالرَّائِحِينَ، وَالمَاضِينَ وَالغَابِرِينَ، اَللَّهُمَّ الْعَنْ جَبَابِرَةَ زَمَانِنَا، وَأَشْيَاعَهُمْ،
وَأَحْزَابَهُمْ، وَإِخْوَانَهُمْ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ »(1) .
بيان :لا يبعد أنْ يكون المعلَّى يكون المعلى رحمه الله قد سمع هذا الدعاء من الإمام
الصادق علیه السلام ، فالعبائر مناسبة لعبائر المعصومين عليهم السلام ، والله تعالى هو العالم.
[513 / 37] عَنْ رَزِينِ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام: «لَا ضُرِبَ اَلْحُسَيْنُ
اِبْنُ عَليَّ علیهما السلام بالسَّيْفِ، فَسَقَطَ ، ثُمَّ ابْتُدِرَ لِيُقْطَعَ رَأْسُهُ، نَادَى مُنَادٍ مِنْ يُطْنَانِ الْعَرْشِ: أَلَا أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ الْمُتَحَيّرَةُ الضَّالَّهُ بَعْدَ نَبِيِّهَا، لَا وَفَقَكُمُ اللهُ لأَضْحَى وَلَا لِفِطْرِ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام : «فَلَا جَرَمَ وَاللَّهُ مَا وُفِّقُوا، وَلَا يُوَفَّقُونَ
حَتَّى يَثْأَرَ ثَائِرُ اَلحُسَيْنِ علیه السلام»(2).
[ 38/514] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الرَّازِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي علیه السلام، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَا تَقُولُ فِي الصَّوْم ، فَإِنَّهُ قَدْ رُوِيَ أَنَّهُمْ لَا يُوَفَّقُونَ لِصَوْمِ؟ فَقَالَ: «أَمَا إِنَّهُ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَةُ المَلَكِ فِيهِمْ»، قَالَ: قُلْتُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ، جُعِلْتُ فِدَاكَ؟ قَالَ: «إِنَّ النَّاسَ لَمَّا قَتَلُوا الْحُسَيْنَ (صَلَوَاتُ اللَّه عَلَيْهِ) أَمَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلَكاً يُنَادِي أَيَّتُهَا الْأُمَّهُ الظَّالِةُ الْقَاتِلَةُ عِتْرَةَ نَبِيِّهَا، لَا وَفَقَكُمُ اللَّهُ لِصَوْمِ وَلَا لِفِطْرِ »(3)
ص: 202
[39/515] رُوِيَ عَنْ كَامِلٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام بِالعُرَيْضِ، فَهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَجَعَلَ أَبو جَعْفَرٍ علیه السلام يُكَبِّرُ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ التَّكْبِيرَ يَرُدُّ
الرِّيحَ»، وَقَالَ علیه السلام : «مَا بَعَثَ اللَّهُ عزّو جلّ رِيحاً إِلَّا رَحْمَةً أَوْ عَذَاباً، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَقُولُوا: اَللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ لَهُ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ
مَا أُرْسِلَتْ لَهُ، وَكَبِّرُوا وَارْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ بِالتَّكْبِيرِ، فَإِنَّهُ يَكْسِرُهَا »(1).
[516 /40]کان النبیّ صلی الله علیه و آله وسلم إِذَا هَبَّتْ رِيحٌ صَفْرَاءُ أَوْ حَمْرَاءُ أَوْ سَوْدَاءُ
تَغَيَّرَ وَجْهُهُ، وَاصْفَرَ لَوْنُهُ، وَكَانَ كَالخَائِفِ الْوَجِلِ، حَتَّى تَنْزِلَ مِنَ السَّمَاءِ قَطْرَةٌ مِنْ مَطَرٍ، فَيَرْجِعُ إِلَيْهِ لَوْنُهُ، وَيَقُولُ: «جَاءَتْكُمْ بِالرَّحْمَةِ » (2).
[ 517 / 41] قَالَ الصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ علیهما السلام : «إِنَّ الصَّاعِقَةَ لَا تُصِيبُ
ذَاكِراً الله عزّو جلّ» (3).
[ 42/518] عَنْ أَبِي الصَّبَّاحَ الْكِنَانِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام ، قَالَ: «يَمُوتُ
اَلمُؤْمِنُ بِكُلِّ مِينَةٍ إِلَّا الصَّاعِقَةَ لَا تَأْخُذُهُ وَهُوَ يَذْكُرُ الله عزّو جلّ»(4).
[43/519] عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ ،قَالَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: «الصَّاعِقَةُ
تُصِيبُ الْمُؤْمِنَ وَالْكَافِرَ، وَلَا تُصِيبُ ذَاكِراً » (5) .
ص: 203
[44/520] عَنْ أَبي الحَسَن عَلى بْن مُحَمَّدِ علیهما السلام أَنَّ رَجُلاً نُكِبَتْ إصْبَعهُ، وَتَلَقَّاهُ رَاكِبٌ فَصَدَمَ كَتِفَهُ، وَدَخَلَ فِي زَحْمَةٍ فَخَرَقُوا ثِيَابَهُ، فَقَالَ: كَفَانِيَ اللهُ شَرَّكَ، فَمَا أَشْأَمَكَ مِنْ يَوْمٍ، فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام: «هَذَا وَأَنْتَ تَغْشَانَا تَرْمِي بِذَنْبِكَ مَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ، ثُمَّ قَالَ: مَا حَتَّى صِرْتُمْ تَسْأَمُونَ بِهَا إِذَا جُوزِيتُمْ بِأَعْمَالِكُمْ فِيهَا؟»، فَقَالَ الرَّجُلُ : أَنَا أَسْتَغْفِرُ اللهَ، فَقَالَ: «وَالله مَا يَنْفَعُكُمْ، وَلَكِنَّ اللهَ يُعَاقِبُكُمْ بِذَمِّهَا عَلَى مَا لَا ذَمَّ عَلَيْهَا فِيهِ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللهَ هُوَ المُثِيبُ وَالمُعَاقِبُ
وَالمُجَازِي بِالْأَعْمَالِ ؟ فَلَا تَعُدْ، وَلَا تَجْعَلْ لِلْأَيَّامِ صُنْعاً فِي حُكْم الله »(1).
[521 / 45] قَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم: «لَا تَسُبُّوا الدُّنْيَا، فَنِعْمَ المَطِيَّةُ الدُّنْيَا لِلْمُؤْمِنِ، عَلَيْهَا يَبْلُغُ الْخَيْرَ، وَبِهَا يَنْجُو مِنَ الشَّرِّ ، إِنَّهُ إِذَا قَالَ اَلْعَبْدُ: لَعَنَ اللهُ الدُّنْيَا،
قَالَتِ الدُّنْيَا: لَعَنَ اللَّهُ أَعْصَانَا لِرَبِّهِ »(2)
[46/522] قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام : «تَوَقَّوُا الْبَرْدَ فِي أَوَّلِهِ، وَتَلَقَّوْهُ فِي
آخِرِهِ، فَإِنَّهُ يَفْعَلُ بِالْأَبْدَانِ كَمَا يَفْعَلُ بِالْأَشْجَارِ، أَوَّلُهُ يُحْرِقُ، وَآخِرُهُ يُورِقُ »(3).
[523 / 47] جَاءَ أَعْرَابِيُّ إِلَى النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله وسلم، فَقَالَ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ
أَتَيْنَاكَ وَمَا لَنَا بَعِيرٌ يَنطُ، وَلَا غَنَمٌ يَغِطُّ ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
أَتَيْنَاكَ يَا خَيْرَ الْبَرِيَّةِ كُلُّهَا *** لِتَرْحَمَنَا مِمَّا لَقِينَا مِنَ الْأَزْلِ
ص: 204
أَتَيْنَاكَ وَالْعَذْرَاءُ يَدْمَى لَبَانُهَا *** وَقَدْ شُغِلَتْ أُمُّ الْبَنِينِ عَن الطَّفْل
وَأَلْقَى بِكَفَّيْهِ الْفَتَى اِسْتِكَانَةٌ *** مِنَ الْجُوعِ ضَعْفاً لَا يُمِرُّ وَلَا يُخْلِي
وَلَا شَيْءَ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ عِنْدَنَا *** سِوَى اَلْحَنْظَلِ الْعَامِيِّ وَالْعِلْهِزِ الْفَسْلِ
وَلَيْسَ لَنَا إِلَّا إِلَيْكَ فِرَارُنَا *** وَأَيْنَ فِرَارُ النَّاسِ إِلَّا إِلَى الرُّسْلِ
فَقَالَ رَسُولُ اللهُ صلی الله علیه و آله وسلم لِأَصْحَابِهِ: إِنَّ هَذَا الْأَعْرَابِيَّ يَشْكُو قِلَّةَ المَطَرِ، وَقَحْطاً شَدِيداً»، ثُمَّ قَامَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى صَعِدَ الْمِنْبَرَ ، فَحَمِدَ الله وَأَثْنَى عَلَيْهِ، فَكَانَ فِيمَا حَمِدَهُ بِهِ أَنْ قَالَ: «اَلْحَمْدُ للهِ الَّذِي عَلَا فِي السَّمَاءِ فَكَانَ عَالِياً، وَفِي الْأَرْضِ قَرِيباً دَانِياً، أَقْرَبَ إِلَيْنَا مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: «اللَّهُمَّ اِسْقِنَا غَيْئاً مُغِيثاً مريئاً مريعاً غَدَّقاً طَبَقاً عَاجِلاً تَملَأُ
رَائِتٍ، نَافِعًا غَيْرَ ضَائِرِ، اَلضَّرْعَ، وَتُنْبِتُ بِهِ الزَّرْعَ ، وَتُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا، فَمَا رَدَّ يَدَيْهِ إِلَى نَحْرِهِ حَتَّى أَحْدَقَ السَّحَابُ بِالمَدِينَةِ كَالْإِكْلِيل، وَأَلْقَتْ السَّمَاءُ بِأَوْدَاقِهَا، وَجَاءَ أَهْلُ البِطَاح يَصِيحُونَ يَا رَسُولَ الله اَلْغَرَقَ الْغَرَقَ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم : «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا لَا عَلَيْنَا ، فَانْجَابَ السَّحَابُ عَن السَّمَاءِ، فَضَحِكَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم(1).
[48/524] عن ابی عَبْدِ اللهِ علیه السلام، قَالَ: «كَانَ عَلِيٌّ علیه السلام يَقُومُ فِي المَطَرِ
أَوَّلَ مَا يَمْطُرُ حَتَّى يَبْتَلَ رَأْسُهُ وَلِخِيَتُهِ وَثِيَابُهُ، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اَلْكِنَّ
اَلْكِنَّ، فَقَالَ علیه السلام: إِنَّ هَذَا مَاءٌ قَرِيبُ عَهْدِ بِالْعَرْشِ (2)».
بيان: قولهم: (الكنَّ الكنَّ) ، يعني أُطلب الكنَّ، وهو الملجأ من المطر، من
استكن يستكن.
ص: 205
[49/525] القطب الراوندي في ( دعواته): وَكَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام إذَا
أَصَابَهُ المَطَرُ مَسَحَ بِهِ صَلَعَتَهُ، وَقَالَ: «بَرَكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ لَمْ يُصِبْهَا يَدٌ وَلَا سِقَاءُ »(1).
[50/526] عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام ، قَالَ: «هَمَّ رَسُولُ
الله صلی الله علیه و آله وسلم بِإِحْرَاقِ قَوْمٍ فِي مَنَازِهِمْ كَانُوا يُصَلُّونَ فِي مَنَازِهِمْ، وَلَا يُصَلُّونَ الجَمَاعَةَ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ أَعْمَى، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي ضَرِيرُ الْبَصَرِ، وَرُبَّما أَسْمَعُ النَّدَاءَ وَلَا أَجِدُ مَنْ يَقُودُنِي إِلَى الْجَمَاعَةِ وَالصَّلَاةِ مَعَكَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم : شُدَّ مِنْ مَنْزِلِكَ إِلَى المَسْجِدِ حَبْلاً وَأَحْضُرِ الْجَمَاعَةَ »(2).
بيان: لعلَّ التشديد في حضور صلاة الجماعة في أوَّل أيَّام تأسيس الدولة الإسلاميَّة كان مردُّه إلى أنَّ حضور صلاة الجماعة كان هو المؤشِّر على دخول المؤمن في جماعة المسلمين، وغيابه بدون عذر عن جماعة المسلمين مؤشِّر على التربُّص والعداوة لكيان المسلمين، ومع ذلك لا بدَّ من ردّ هذا الحديث وتفسيره إلى أهله ، ومَنْ صدر منه علیه السلام .
[ 527 / 51] عَنْهُ صلی الله علیه و آله وسلم: «إِذَا سُئِلْتَ عَمَّنْ لَا يَشْهَدُ أَجْمَاعَةَ، فَقُلْ: لَا أَعْرِفُهُ (3).
بيان: لعلّه تأكيد على أهميَّة حضور الجماعة بحيث إنَّ من لا يحضرها لا
يكون جديراً بالاعتماد، وإذا سُئِلَ عنه المؤمن يُجيب أنه لا يعرفه توهيناً له،
وإسقاطاً له عن الاعتبار.
[52/528] قَالَ الصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ علیهما السلام : «أَوَّلُ جَمَاعَةٍ كَانَتْ أَنَّ
ص: 206
رَسُولَ الله صلی الله علیه و آله وسلم كَانَ يُصَلِّي، وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مَعَهُ، إِذْ مَرَّ أَبُو طَالِبٍ بِهِ، وَجَعْفَرٌ مَعَهُ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، صِلْ جَنَاحَ ابْنِ عَمِّكَ، فَلَما أَحَسَّهُ رَسُولُ
الله صلی الله علیه و آله وسلم تَقَدَّمَها ، وَانْصَرَفَ أَبو طَالِبٍ مَسْرُوراً ، وَهُوَ يَقُولُ:
إِنَّ عَلِيًّا وَجَعْفَراً ثِقَتِي *** عِنْدَ مُلِمٌ اَلزَّمَانِ وَالْكَرْبِ
وَالله لَا أَخْذُلُ النَّبِيَّ وَلَا *** يَخْذُلُهُ مِنْ بَنِيَّ ذُو حَسَبٍ
لَا تَخْذُلَا وَأَنْصُرَا اِبْنَ عَمِّكُما *** أَخِي لِأُمِّي مِنْ بَيْنِهِمْ وأبي
قَالَ: فَكَانَتْ أَوَّلَ جَمَاعَةٍ جُمعَتْ ذَلِكَ الْيَوْمَ »(1).
[53/529] عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ يَزِيدَ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ أَبِي اَلْحَسَنِ علیه السلام، قَالَ قُلْتُ لَهُ: أَصَلِّي خَلْفَ مَنْ لَا أَعْرِفُ؟ فَقَالَ: «لَا تُصَلُّ إِلَّا خَلْفَ مَنْ تَثِقُ بِدِينِهِ » (2) .
[54/530] عَنِ الرِّضَا علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ اَلحُسَيْنِ علیمها السلام: إِذَا رَأَيْتُمُ عَليْلا
اَلرَّجُلَ قَدْ حَسُنَ سَمْتُهُ وَهَدْيُهُ، وَتَمَاوَتَ فِي مَنْطِقِهِ ، وَتَخَاضَعَ فِي حَرَكَاتِهِ، فَرُوَيْداً لَا يَغُرَّنَّكُمْ، فَمَا أَكْثَرَ مَنْ يُعْجِزُهُ تَنَاوُلُ الدُّنْيَا وَرُكُوبُ الْحَرَامِ مِنْهَا، لِضَعْفِ بُنْيَتِهِ وَمَهَانَتِهِ قَلْبِهِ، فَنَصَبَ الدِّينَ فَظًّا لَهَا، فَهُوَ لَا يَزَالُ يَخْتِلُ اَلنَّاسَ بِظَاهِرِهِ، فَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ حَرَامِ اِقْتَحَمَهُ، وَإِذَا وَجَدْتُكُوهُ يَعِثُ عَنِ المَالِ اَلْحَرَامِ، فَرُوَيْداً لَا يَغُرَّنَّكُمْ فَإِنَّ شَهَوَاتِ اَلخَلْقِ مُخْتَلِفَةٌ، فَمَا أَكْثَرَ مَنْ يَنْبُو عَنِ المَالِ اَلْحَرَامِ، وَإِنْ كَثُرَ وَيَحْمِلُ نَفْسَهُ عَلَى شَوْهَاءَ قَبِيحَةٍ، فَيَأْتِي مِنْهَا مُحَرَّماً، فَإِذَا وَجَدْعُوهُ يَعِفُ عَنْ ذَلِكَ، فَرُوَيْداً لَا يَغُرَّنَّكُمْ حَتَّى تَنْظُرُوا مَا عُقْدَةُ عَقْلِهِ، فَما أَكْثَرَ مَنْ تَرَكَ ذَلِكَ أَجْمَعَ، ثُمَّ لَا يَرْجِعُ إِلَى عَقْلِ مَتِينٍ،
ص: 207
فَيَكُونُ مَا يُفْسِدُ بجَهْلِهِ أَكْثَرَ مِمَّا يُصْلِحُهُ بِعَقْلِهِ، فَإِذَا وَجَدْتُمْ عَقْلَهُ مَتِينَا، فَرُوَيْداً لَا يَغْرَكُمْ تَنْظُرُوا أَمَعَ هَوَاهُ يَكُونُ عَلَى عَقْلِهِ، أَمْ يَكُونُ مَعَ عَقْلِهِ عَلَى هَوَاهُ، وَكَيْفَ مَحَبَّهُ لِلرِّئَاسَاتِ الْبَاطِلَةِ، وَزُهْدُهُ فِيهَا، فَإِنَّ فِي النَّاسِ مَنْ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ، يَتْرُكُ اَلدُّنْيَا لِلدُّنْيَا، وَيَرَى أَنَّ لَذَّةَ الرِّئَاسَةِ الْبَاطِلَةِ أَفْضَلُ مِنْ لَذَّةِ الْأَمْوَالِ وَالنَّعَم المُبَاحَةِ المحَلَّلَةِ فَيَتْرُكُ ذَلِكَ أَجْمَعَ ، طَلَبَا لِلرِّئَاسَةِ حَتَّى إِذَا قِيلَ لَهُ: اِتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ، فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ، فَهُوَ يَقْبِطُ خَبْطَ عَشْوَاءَ، يُوقِدُهُ أَوَّلَ بَاطِل إِلَى أَبْعَدِ غَايَاتِ اَلْخَسَارَةِ، وَيُمِدُّهُ رَبُّهُ بَعْدَ طَلَبِهِ لِمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فِي طُغْيَانِهِ، فَهُوَ يُحِلُّ وَيُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ، لَا يُبَالِي مَا فَاتَ مِنْ دِينِهِ إِذَا سَلِمَتْ لَهُ الرِّئَاسَةُ الَّتِي قَدْ شَقِيَ مِنْ أَجْلِهَا، فَأُولَئِكَ الَّذِينَ غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ هُمْ عَذَاباً مُهِيناً، وَلَكِنَّ اَلرَّجُلَ كُلَّ الرَّجُلِ نِعْمَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي جَعَلَ هَوَاهُ تَبَعاً لِأَمْرِ اللَّهِ، وَقُوَاهُ مَبْذُولَةٌ فِي رِضَاءِ الله، يَرَى الذُّلُّ مَعَ الحَقِّ أَقْرَبَ إِلَى عِزَّ الْأَبَدِ مِنَ الْعِزْ فِي الْبَاطِلِ، وَيَعْلَمُ أَنَّ قَلِيلَ مَا يَحْتَمِلُهُ مِنْ ضَرَّائِهَا، يُؤَدِّيهِ إِلَى دَوَامِ النَّعِيمِ فِي دَارٍ لَا تَبِيدُ وَلَا تَنْفَدُ، وَأَنَّ كَثِيرَ مَا يَلْحَقُهُ مِنْ سَرَّائِهَا إِنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ، يُؤَدِّيهِ إِلَى عَذَابٍ لَا اِنْقِطَاعَ لَهُ وَلَا يَزُولُ فَذَلِكُمُ اَلرَّجُلُ نِعْمَ اَلرَّجُلُ فِيهِ فَتَمَسَّكُوا وَبِسُنَّتِهِ فَاقْتَدُوا، وَإِلَى رَبِّكُمْ فِيهِ فَتَوَسَلُوا، فَإِنَّهُ لَا تُرَدُّ لَهُ دَعْوَةٌ وَلَا تُخَيَّبُ لَهُ طَلِبَةٌ »(1).
[55/531] قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «إِمَامُ الْقَوْمِ وَافِدُهُمْ، فَقَدِّمُوا
أَفْضَلَكُمْ »(2) .
ص: 208
ص: 209
ص: 210
[532 / 1 ]عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَمَّنْ يَخْرُجُ مِنْ أَهْلِهِ بِالصُّقُورَةِ وَالْكِلَابِ يَتَنَزَّهُ اللَّيْلَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ هَلْ يُقَصِّرُ مِنْ صَلَاتِهِ أَوْ لَا؟ فَقَالَ:
لَا يُقَصِّرُ، إِنَّمَا خَرَجَ فِي هو»(1) .
[2/533] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ : سَأَلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ طَلَبِ اَلصَّيْدِ، وَقَالَ لَهُ: إِنِّي رَجُلٌ أَو بِطَلَبِ الصَّيْدِ، وَضَرْبِ الصَّوَالِج، وَأَهُو بِلَعْبٍ اَلشَّطْرَنْج، قَالَ: فَقَالَ أَبو عَبْدِ الله علیه السلام: «أَمَّا الصَّيْدُ فَإِنَّهُ مُبْتَغَى بَاطِلٌ، وَإِنَّا أَحَلَّ اَللهُ اَلصَّيْدَ مَن أَضْطُرَّ إِلَى الصَّيْدِ، فَلَيْسَ الْمُضْطَرُّ إِلَى طَلَبِهِ سَعْيُهُ فِيهِ بَاطِلٌ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ التَّقْصِيرُ فِي الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ جَمِيعاً إِذَا كَانَ مُضْطَرًا إِلَى أَكْلِهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَطْلُبُهُ لِلتِّجَارَةِ وَلَيْسَ لَهُ حِرْفَةٌ إِلَّا مِنْ طَلَبِ الصَّيْدِ فَإِنَّ سَعْيَهُ حَقٌّ، وَعَلَيْهِ السَّمَامُ فِي اَلصَّلَاةِ وَالصِّيَام، لأَنَّ ذَلِكَ تِجَارَتُهُ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الدَّوْرِ الَّذِي يَدُورُ فِي الْأَسْوَاقِ فِي طَلَبِ التِّجَارَةِ ، أَوْ كَالمُكَارِي وَالمَلَاح وَمَنْ طَلَبَهُ لَاهِياً وَأَشِراً وَبَطِراً، فَإِنَّ سَعْيَهُ ذَلِكَ سَعْيٌّ بَاطِلٌ، وَسَفَرٌ بَاطِلٌ، وَعَلَيْهِ النَّامُ فِي الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ، وَإِنَّ اَلْمُؤْمِنَ لَفِي شُغُلٍ مِنْ ذَلِكَ، شَغَلَهُ طَلَبُ اَلْآخِرَةِ عَنِ الَمَلَاهِي »(2)(3).
ص: 211
[534 / 3 ]عَنْ عِمْرَانَ الْقُمِّيِّ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: اَلرَّجُلُ يَخْرُجُ إِلَى الصَّيْدِ مَسِيرَةَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ يُقَصِّرُ أَوْ يُتِمُّ ؟ فَقَالَ: «إِنْ خَرَجَ لِقُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ فَلْيُفْطِرْ وَلْيُقَصِّرْ ،«إِنْ خَرَجَ لِطَلَبِ الْفُضُولِ فَلَا وَلَا كَرَامَةَ»(1) .
[4/535] عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِ علیه السلام، قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم : «أَرْبَعٌ الا يُفْسِدْنَ الْقَلْبَ، وَيُنْبِتْنَ النَّفَاقَ فِي الْقَلْبِ كَمَا يُنْبِتُ اَلَمَاءُ الشَّجَرَ : اِسْتِمَاعُ اللَّهْوِ . وَالْبَذَاءُ، وَإِثْيَانُ بَابِ السُّلْطَانِ، وَطَلَبُ الصَّيْدِ »(2).
[536/ 5] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام : مِنَ الْأَمْرِ اَلمَذْخُورِ إِثْمَامُ الصَّلَاةِ فِي أَرْبَعَةِ
مَوَاطِنَ: بِمَكَّةَ ، وَالمَدِينَةِ، وَمَسْجِدِ الْكُوفَةِ، وَحَائِرِ اَلْحُسَيْنِ علیه السلام »(3).
[537 / 6] عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ، عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ علیه السلام، قَالَ: قُلْتُ لَهُ:
إِنَّا إِذَا دَخَلْنَا مَكَّةَ وَالمَدِينَةَ، نُتِمُّ أَوْ نَقْصُرُ؟ قَالَ: «إِنْ قَصَرْتَ فَذَاكَ، وَإِنْ أَعْمْتَ
فَهُوَ خَيْرٌ يَزْدَادُ»(4).
[ 7/538] عَنْ حَمَّادِ بْنِ بَشِيرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «قَالَ اللهُ عزَّ و جلَّ: مَنْ أَهَانَ لِي وَلِيًّا فَقَدْ أَرْصَدَ مُحَارَبَتِي، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدٌ بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَإِنَّهُ لَيَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّافِلَةِ حَتَّى أُحِبَّهُ،
ص: 212
فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَلِسَانَهُ الَّذِي يَنْطِقُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، إِنْ وَإِنْ سَأَلَنِي أَعْطَيْتُهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ
عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ كَتَرَدُّدِي عَنْ مَوْتِ الْمُؤْمِنِ ، يَكْرَهُ المَوْتَ، وَأَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ»(1)
[8/539] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «إِنْ كَانَ اللَّهُ عزّو جلّ وَ قَالَ: «الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا (46)»[الكهف: 46] إِنَّ الثَّمَانِيَةَ رَكَعَاتٍ يُصَلِّيهَا الْعَبْدُ آخِرَ اللَّيْلِ زِينَةُ الْآخِرَةِ »(2).
[9/540] عَنْ عَبْدِ الله بْنِ سِنَانٍ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام يَقُولُ: ثَلَاثُ هُنَّ فَخْرُ الْمُؤْمِنِ، وَزَيْنُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ: اَلصَّلَاةُ فِي آخِرِ اللَّيْلِ، وَيَأْسُهُ
مِمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ، وَوَلَايَتُهُ لِلْإِمَامَ مِنْ آلِ مُحَمَّد صلی الله علیه و آله وسلم »(3).
[10/541] قَالَ [الصَّادِقُ علیه السلام]: وَثَلَاثَةٌ هُمْ شِرَارُ اَلخَلْقِ ابْتُلي بهم
خِيَارُ اَلْخَلْقِ أَبو سُفْيَانَ أَحَدُهُمْ قَاتَلَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وَعَادَاهُ، وَمُعَاوِيَةٌ قَاتَلَ عَلِيًّا علیه السلام وَعَادَاهُ، وَيَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ (لَعَنَهُ اللهُ) قَاتَلَ الحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٌّ علیه السلام
وَعَادَاهُ حَتَّى قَتَلَهُ » (4).
* قَالَ تَعَالَى: «وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (79)» (الإسراء: 79).
ص: 213
* وَقَالَ تَعَالَى: «فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130)»
(طه: 130).
* وَقَالَ تَعَالَى: «تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16)»«فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)» (السجدة: 16 و 17 ) .
* وَقَالَ تَعَالَى: «أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9)» (الزمر: (9).
* وَقَالَ تَعَالَى: «وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40)»(ق : 40 ) .
* وَقَالَ تَعَالَى: «كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17)» «وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18)» (الذاريات: 17 و 18).
[ 542 / 11] عَنْ عَبْدِ الله بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام ، قَالَ: «شَرَفْ
اَلْمُؤْمِنِ صَلَاتُهُ بِاللَّيْلِ، وَعِزُّ الْمُؤْمِنِ كَفَهُ عَنْ أَعْرَاضِ النَّاسِ»(1)
[12/543] عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: جَاءَ جَبْرَئِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله وسلم ، فَقَالَ: «يَا مُحَمَّدُ، عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ، وَأَحْبِبْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ تَجْزِيٌّ بِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ شَرَفَ الرَّجُلِ قِيَامُهُ بِاللَّيْلِ، وَعِزَّهُ اِسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ »(2).
[13/544] قَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم عِنْدَ مَوْتِهِ لِأَبِي ذَرِّ رحمه الله : «يَا أَبَا ذَرٍّ، اِحْفَظْ
وَصِيَّةَ [نَبِيِّكَ ] تَنْفَعْكَ : مَنْ خُتِمَ لَهُ بِقِيَام اللَّيْل ثُمَّ مَاتَ فَلَهُ الجَنَّةُ»(3)
ص: 214
[14/545] عَنْ عَلِيّ علیه السلام أَنَّه قَالَ: «أَفْشُوا اَلسَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ،
وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا اَلجُنَّةَ بِسَلَامٍ»(1).
[ 546 / 15] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: «مَا مِنْ حَسَنَةٍ يَعْمَلُهَا الْعَبْدُ إِلَّا الا وَلَا ثَوَابٌ مُبَيَّنٌ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا صَلَاةَ اللَّيْلِ ، فَإِنَّ اللهَ لَمْ يُبَيِّنُ ثَوَابَهَا لِعِظَم خَطَرِهَا عِنْدَهُ، فَقَالَ: فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) [الجسدة : 17](2).
[16/547] سَأَلَ الصَّادِقَ علیه السلام عَبْدُ الله بْنُ سِنَانٍ عَنْ قَوْلِ الله عزّو جلّ:
«سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ (29)»[الفتح: 29]، قَالَ: «هُوَ السَّهَرُ فِي
الصَّلَاةِ » (3).
[17/548] حَرِيشُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَرِيشٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَدِّي يَقُولُ:
سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «الرَّكْعَتَانِ فِي
جَوْفِ اللَّيْلِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا »(4).
[549/18] عَنْ النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله وسلم، قَالَ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مِنْ مَرْضَاةِ الرَّبِّ، وَحُبِّ
اَلمَلَائِكَةِ، وَسُنَّةِ الْأَنْبِيَاءِ، وَنُورِ المَعْرِفَةِ، وَأَصْلِ الْإِيمَانِ، وَرَاحَةِ الْأَبْدَانِ، وَكَرَاهِيَةِ
اَلشَّيْطَانِ، وَسَلَاحٌ عَلَى الْأَعْدَاءِ، وَإِجَابَةٌ لِلدُّعَاءِ، وَقَبُولُ لِلْأَعْمَالِ، وَبَرَكَةٌ فِي الرِّزْقِ، وَشَفِيعٌ بَيْنَ صَاحِبِهَا وَبَيْنَ مَلَكِ المَوْتِ ، وَسِرَاجُ فِي قَبْرِهِ، وَفِرَاضٌ مِنْ تَحْتِ جَنْبِهِ ، وَجَوَابُ مَعَ مُنْكَرِ وَنَكِيرِ ، وَمُونِسٌ وَزَائِرُ فِي قَبْرِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ كَانَتِ الصَّلَاةُ ظِلَّا فَوْقَهُ، وَتَاجاً عَلَى رَأْسِهِ، وَلِبَاسًا عَلَى بَدَنِهِ، وَنُوراً يَسْعَىٰ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَسِتْراً بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ، وَحُجَّةٌ لِلْمُؤْمِنِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهُ تَعَالَى، وَثِقْلاً
ص: 215
فِي الْمِيزَانِ، وَجَوَازاً عَلَى الصِّرَاطِ، وَمِفْتَاحاً لِلْجَنَّةِ، لِأَنَّ الصَّلَاةَ تَكْبِيرٌ وَتَحْمِيدٌ وَتَسْبِيحُ وَتَمَجِيدٌ وَتَقْدِيسٌ وَتَعْظِيمٌ وَقِرَاءَةٌ وَدُعَاءٌ، وَأَنَّ أَفْضَلَ الْأَعْمَالِ كُلِّهَا
اَلصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا »(1) .
[19/550] عَن أَبي يَعْقُوبَ، عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَخْبِرْنِي جُعِلْتُ فِدَاكَ أَيُّ سَاعَةٍ يَكُونُ الْعَبْدُ أَقْرَبَ إِلَى اللَّهُ، وَاللَّهُ مِنْهُ قَرِيبٌ؟ قَالَ: إِذَا قَامَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ وَالْعُيُونُ هَادِئَةٌ، فَيَمْشِي إِلَى وَضُوئِهِ حَتَّىٰ يَتَوَضَّأَ ، فَأَسْبَغَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ يَجِيءُ حَتَّى يَقُومَ فِي مَسْجِدِهِ، فَيُوَجِّهُ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ، وَيَصُفُ قَدَمَيْهِ، وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ، وَيُكَبِّرُ، وَافْتَتَحَ الصَّلَاةَ ، وقَرَأَ جُزْءاً وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَقَامَ لِيُعِيدَ صَلَاتَهُ، نَادَاهُ مُنَادٍ مِنْ عَنَانِ اَلسَّمَاءِ عَنْ يَمِينِ اَلْعَرْش: أَيُّهَا الْعَبْدُ المُنَادِي رَبَّهُ، إِنَّ الْبِرَّ لَيُنْشَرُ عَلَى رَأْسِكَ مِنْ عَنَانِ السَّمَاءِ، وَالمَلَائِكَةَ مُحِيطَةٌ بِكَ مِنْ لَدُنْ قَدَمَيْكَ إِلَى عَنَانِ اَلسَّمَاءِ، وَاللَّهُ يُنَادِي عَبْدِي لَوْ تَعْلَمُ مَنْ تُنَاجِي إِذا مَا انْفَتَلْتَ»، قَالَ: قُلْتُ:
جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا الْإِنْفِتَالُ؟ قَالَ: «تَقُولُ بِوَجْهِكَ وَجَسَدِكَ هَكَذَا - ثُمَّ وَلَى وَجْهَهُ ، فَذَاكَ اَلْاِنْفِتَالُ »(2).
[20/551] عَنْ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم أَنَّه قَالَ: «خِيَارُكُمْ أُولُو اَلنُّهَى»، قِيلَ: يَا
رَسُولَ الله، وَمَنْ أُولُو اَلنُّهَى؟ فَقَالَ: «المتَهَجَّدُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ »(3).
[ 21/552 ]عَن النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله وسلم، قَالَ: «رَحِمَ اللهُ عَبْداً قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ فَصَلَّوْا، أَلَا وَإِنَّ أَفْضَلَ الْأَعْمَالِ صَلَاةُ الرَّجُل بِاللَّيْلِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يُصَلِّي تُسَبِّحُ ثِيَابُهُ وَمَنْ حَوْلَهُ»(4) .
ص: 216
[22/553] فِي حَدِيثٍ أَنَّ عِيسَى علیه السلام نَادَى أُمَّهُ مَرْيَمَ بَعْدَ وَفَاتِهَا، فَقَالَ: يَا أُمَّاهُ، كَلَّمِينِي، هَلْ تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى الدُّنْيَا؟ قَالَتْ: نَعَمْ، لِأُصَلِّي لله فِي لَيْلَةٍ شَدِيدَةِ الْبَرْدِ، وَأَصُومَ يَوْماً شَدِيدَ اَلْخَرُ. يَا بُنَيَّ، فَإِنَّ الطَّرِيقَ تَخَوفٌ. وَقَالَ علیه السلام : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْصَانِي بِخَمْسَةِ أَشْيَاءَ.... إِلَى أَنْ قَالَ: دَاوِمْ عَلَى التَّهَجُدِ، فَإِنَّ أُمُورَ
اَلْمُؤْمِنِ تَسْتَقِيمُ فِي قِيَام اَاللَّيْلِ »(1).
[554 / 23] قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «إِذَا قَامَ اَلْعَبْدُ مِنْ لَذِيذ مَضْجَعِهِ
وَالنُّعَاسُ فِي عَيْنَيْهِ لِيُرْضِيَ رَبَّهُ تَعَالَى بِصَلَاةِ لَيْلِهِ، بَاهَى اللَّهُ تَعَالَى بِهِ الْمَلَائِكَةَ، وَقَالَ: أَمَا تَرَوْنَ عَبْدِي هَذَا قَدْ قَامَ مِنْ لَذِيذِ مَضْجَعِهِ لِصَلَاةٍ لَمْ أَفْتَرِضْهَا عَلَيْهِ، اِشْهَدُوا
أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُ»(2).
[24/555 ]عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «إِنَّ اللَّهَ عزّو جلّ وَحَىٰ إِلَى الدُّنْيَا أَن أَتَعِبِي مَنْ خَدَمَكِ، وَأخْدُمِي مَنْ رَفَضَكِ، وَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا تَخَلَّى بِسَيّدِهِ فِي جَوْفِ اللَّيْل اَلْمُظْلِم وَنَاجَاهُ، أَثْبَتَ اللهُ اَلنُّورَ فِي قَلْبِهِ، فَإِذَا قَالَ: يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، نَادَاهُ اَلجَلِيلُ عزّو جلّ : لَبَّيْكَ عَبْدِي، سَلْنِي أُعْطِكَ، وَتَوَكَّلْ عَلَى أَكْفِكَ، ثُمَّ يَقُولُ عزّو جلّ عامة مَلَائِكَتِهِ: يَا مَلَائِكَتِي، أَنْظُرُوا إِلَى عَبْدِي، فَقَدْ تَخَلَّى لِي فِي جَوْفِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، وَالْبَاطِلُونَ لَاهُونَ، وَالْغَافِلُونَ نِيَامٌ، اِشْهَدُوا أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُ » (3).
[556/ 25] عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْكَرْخِيَّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: قَالَ فِي
حَدِيثٍ : صَلَاةُ اَللَّيْلِ تَذْهَبُ بِذُنُوبِ النَّهَارِ، وَقَالَ: «تَذْهَبُ بِمَا جَرَحْتُمْ »(4).
ص: 217
[ 26/557] عَنِ ابْنِ حَرَاسِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: « إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ (114)») [هود: 114]، قَالَ: صَلَاةُ اللَّيْلِ تُكَفِّرُ مَا كَانَ مِنْ ذُنُوبِ اَلنَّهَارِ »(1).
[27/558] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ، فَإِنَّهَا سُنَّةٌ
نَبِيِّكُمْ، وَدَأْبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَمَطْرَدَةُ الدَّاءِ عَنْ أَجْسَادِكُمْ»(2) .
[28/559] يُرْوَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَامَ يُصَلِّي أَصْبَحَ طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِذَا نَامَ حَتَّى يُصْبحَ[ يُصْبِحُ] ثَقِيلاً مُوصَاً ، وَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى علیه السلام يا: «قُمْ فِي ظُلْمَةِ
اَللَّيْلِ [ بَيْنَ يَدَيَّ ]، أَجْعَلْ قَبْرَكَ رَوْضَةً مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ » (3).
[ 29/560] قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام : « قِيَامُ اللَّيْلِ مَصَحَةٌ لِلْبَدَنِ»(4).
[30/561] قَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام : «صَلَاةُ اَللَّيْلِ تُبَيِّضُ الْوَجْهَ، وَصَلَاةٌ
اَللَّيْلِ تُطَيِّبُ الرِّيحَ، وَصَلَاةُ اَللَّيْلِ تَجْلِبُ الرِّزْقَ » (5).
[562 / 31] فِقْهُ الرِّضَا علیه السلام: حَافِظُوا عَلَى صَلَاةِ اللَّيْلِ، فَإِنَّهَا
حُرْمَةُ اَلرَّبِّ ، تُدِرُ الرِّزْقَ ، وَتُحَسِّنُ الْوَجْهَ، وَتَضْمَنُ رِزْقَ النَّهَارِ، وَطَوِّلُوا اَلْوُقُوفَ فِي الوَتْرِ، فَإِنَّهُ رُوِيَ أَنَّ مَنْ طَوَّلَ الْوُقُوفَ فِي الْوَتْرِ قَلَّ وُقُوفُهُ يَوْمَ
اَلْقِيَامَةِ » (6) .
[563 / 32] عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ:
ص: 218
صَلَاةُ اَللَّيْلِ تُحَسِّنُ الْوَجْهَ ، وَتُحَسِّنُ الْخُلُقَ ، وَتُطَيِّبُ الرِّيحَ، وَتُدِرُّ اَلرِّزْقَ، وَتَقْضِي
الدَّيْنَ، وَتَذْهَبُ بِالهَمْ، وَتَجْلُو الْبَصَرَ »(1).
[33/564] قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «مَنْ صَلَّى بِاللَّيْلِ حَسُنَ وَجْهُهُ
بالنَّهَارِ »(2) .
[34/565] عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَخِيهِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى اَلرّضَا، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ علیهم السلام، قَالَ : سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ علیهما السلام: مَا بَالُ
ليهم، الْمُتَهَجِّدِينَ بِاللَّيْلِ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهَا؟ قَالَ: لِأَنَّهُمْ خَلَوْا بِالله فَكَسَاهُمُ اللهُ
مِنْ نُورِهِ »(3).
[ 566 / 35] عَنْ عَلِيٌّ علیه السلام، قَالَ: «لَا تَطْمَعْ فِي ثَلَاثَةٍ مَعَ ثَلَاثَةٍ: فِي سَهَرِ اللَّيْلِ مَعَ كَثْرَةِ الْأَكْلِ، وَفِي نُورِ الْوَجْهِ مَعَ نَوْمٍ أَجْمَعِ اللَّي، وَفِي الْأَمَانِ مِنَ الدُّنْيَا مَعَ صُحْبَةِ الفُسَّاقِ»(4).
[ 36/567] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام أَنَّهُ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَشَكَا إِلَيْهِ الْحَاجَةَ، فَأَفْرَطَ فِي الشَّكَايَةِ حَتَّى كَادَ أَنْ يَشْكُوَ الْجُوعَ ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام : «يَا هَذَا، أَتُصَلِّي بِاللَّيْل؟، قَالَ: فَقَالَ الرَّجُلُ : نَعَمْ، قَالَ: فَالْتَفَتَ أَبو عَبْدِ الله علیه السلام إلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: كَذَبَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ وَيَجُوعُ بِالنَّهَارِ، إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ضَمِنَ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ قُوتَ النَّهَارِ»(5).
[ 568 / 37] عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ فِي خَبَرِ: إِنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ فِي آخِرِهِ أَفْضَلُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَهُوَ وَقْتُ الْإِجَابَةِ، وَهِيَ هَدِيَّةُ اَلْمُؤْمِنِ إِلَى رَبِّهِ، فَأَحْسِنُوا
ص: 219
هَدَايَاكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ، يُحْسِنِ اللَّهُ جَوَائِزَكُمْ، فَإِنَّهُ لَا يُوَاظِبُ عَلَيْهَا إِلَّا مُؤْمِنٌ أَوْ صِدَّیقٌ »(1).
[ 569 / 38] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ الْبُيُوتَ الَّتِي يُصَلَّى فِيهَا بِاللَّيْلِ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، تُضِيءُ لِأَهْلِ السَّمَاءِ كَمَا تُضِيءُ نُجُومُ السَّمَاءِ لِأَهْلِ
الْأَرْضِ»(2).
[ 570 / 39] عَنْ النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله وسلم أَنَّهُ قَالَ: «الرَّكْعَتَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ فِيهِمَا الرَّغَائِبُ»(3).
[40/571 ]قَوْلُهُ علیه السلام : «فَإِنْ قَامَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَتَطَهَّرَ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَحَمِدَ الله، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله وسلم لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ شَيْئاً إِلَّا أَعْطَاهُ، إِمَّا أَنْ يُعْطِيَهُ الَّذِي يَسْأَلُهُ بِعَيْنِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَ لَهُ مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنْهُ» (4).
[572 / 41] قَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم في وَصِيَّتِهِ لِعَلي علیه السلام : «يَا عَلِيُّ، عَلَيْكَ بِصَلَاةِ عَلَ:
اَللَّيْلِ، وَعَلَيْكَ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ، وَعَلَيْكَ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ »(5).
[573 / 42] عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام، قَالَ: قُلْتُ لَهُ:«آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ (9)»[الزمر: 9]؟ قَالَ: «يَعْنِي صَلَاةَ اللَّيْلِ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ:« وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130)» [طه: 130]؟ قَالَ:
« يَعْنِي تَطَوَّعْ بِالنَّهَار»ِ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: «وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49)»﴾ [الطور : 49]؟ قَالَ: «رَكْعَتَانِ قَبْلَ الصُّبْح»، قُلْتُ:«وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40)»[ق: 40]؟ قَالَ: «رَكْعَتَانِ
بَعْدَ المَغْرب» (6).
ص: 220
[43/574] عَنِ الرِّضَا علیه السلام، قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ، فَمَا مِنْ عَبْدِ يَقُومُ آخِرَ اللَّيْلِ فَيُصَلِّي ثَمَانِي رَكَعَاتٍ وَرَكْعَتَي الشَّفْعِ وَ [رَكْعَةَ] الْوَتْرِ، وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ فِي قُنُوتِهِ سَبْعِينَ مَرَّةً إِلَّا أُجِيرَ مِنْ عَذَابِ الْقَيْرِ ، وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَمُدَّ لَهُ فِي عُمُرِهِ، وَوُسْعَ عَلَيْهِ فِي مَعِيشَتِهِ، ثُمَّ قَالَ علیه السلام: «إِنَّ الْبُيُوتَ الَّتِي يُصَلَّى فِيهَا بِاللَّيْل
يَزْهَرُ نُورُهَا مَا لِأَهْلِ السَّمَاءِ كَمَا يَزْهَرُ نُورُ الْكَوَاكِبِ لِأَهْلِ الْأَرْضِ »(1).
[44/575] قَالَ أَبو عَبْدِ الله علیه السلام : «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُصَلِّ صَلَاةَ اللَّيْلِ»(2).
[45/576] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: لَيْسَ مِنْ شِيعَتِنَا مَنْ لَمْ يُصَلِّ صَلَاةَ
اللَّيْلِ»(3).
[ 46/577] قَالَ أَبو عَبْدِ الله علیه السلام : «يَا سُلَيمانُ، لَا تَدَعْ قِيَامَ اللَّيْلِ، فَإِنَّ
اَلمَغْبُونَ مَنْ حُرِمَ قِيَامَ اللَّيْلِ »(4)
[47/578] رَوَى اَلْحَسَنُ الصَّيْقَلُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «إِنِّي لَأَمْقُتُ الرَّجُلَ يَأْتِينِي فَيَسْأَلْنِي عَنْ عَمَلِ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله وسلم، فَيَقُولُ: أَزِيدُ؟ كَأَنَّهُ
وياه يَرَى أَنَّ رَسُولَ الله صلی الله علیه و آله وسلم قَصَّرَ فِي شَيْءٍ، وَإِنِّي لَأَمْقُتُ الرَّجُلَ قَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ ثُمَّ يَسْتَيْقِظُ مِنَ اللَّيْلِ فَلَا يَقُومُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الصُّبْحِ قَامَ يُبَادِرُهُ بِصَلَاتِهِ »(5).
[ 48/579] عَنْ عَلِيِّ علیه السلام، قَالَ: «أَبْغَضُ الْخَلْقِ إِلَى اللَّه جِيفَةٌ بِاللَّيْلِ،
بَطَالٌ بِالنَّهَارِ »(6) .
ص: 221
[49/580] عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: «إِنَّ اَلرَّجُلَ لَيَكْذِبُ الْكَذِبَةَ
فَيُحْرَمُ بِهَا صَلَاةَ اللَّيْلِ، فَإِذَا حُرِمَ صَلَاةَ اللَّيْلِ حُرِمَ بِهَا الرِّزْقَ »(1) .
[50/581] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيُذْنِبُ الذَّنْبَ
فَيُحْرَمُ صَلَاةَ اللَّيْلِ، وَإِنَّ عَمَلَ السَّبِّي أَسْرَعُ فِي صَاحِبِهِ مِنَ السِّكِّينِ فِي اللَّحْمِ »(2).
[582 / 51] جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیه السلام، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي قَدْ حُرِمْتُ الصَّلَاةَ بِاللَّيْلِ، فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام: «أَنْتَ رَجُلٌ قَدْ قَيَّدَتْكَ ذُنُوبُكَ »(3).
[ 52/583] عَنِ الْخَلَبِي، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام فِي الْوَتْرِ: إِنَّمَا كَتَبَ
اللهُ الخَمْسَ ، وَلَيْسَتِ الْوَتْرُ مَكْتُوبَةً إِنْ شِئْتَ صَلَّيْتَهَا، وَتَرْكُهَا فَبِيحٌ »(4).
[ 53/584 ]عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «لَيْسَ مِنِّي وَلَا مِنْ شِيعَتِي
مَنْ ضَيَّعَ الْوَتْرَ، أَوْ مَطَلَ بِرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ »(5).
54/585] عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبي جَعْفَرٍ علیه السلام ، قَالَ: «إِنَّما جُعِلَتِ النَّافِلَةُ
لِيَتِمَّ بِهَا مَا يَفْسُدُ مِنَ الْفَرِيضَةِ » (6).
[55/586] عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِي، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: «يَا أَبَا
بَكْرٍ، تَدْرِي لِأَيِّ شَيْءٍ وُضِعَ عَلَيْكُمُ التَّطَوُّع؟ وَهُوَ تَطَوُّعٌ لَكُمْ، وَهُوَ نَافِلَةٌ
ص: 222
لِلْأَنْبِيَاءِ، إِنَّهُ رُبَّمَا قُبِلَ مِنَ الصَّلَاةِ نِصْفُهَا وَتُلْتُهَا وَرُبُعُهَا، وَإِنَّما يُقْبَلُ مِنْهَا مَا أَقْبَلْتَ
عَلَيْهَا بِقَلْبِكَ، فَزِيدَتِ النَّافِلَةُ عَلَيْهَا حَتَّى تُتِمَّ بِهَا »(1) .
[56/587] عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «أُوصِيكُمْ بِصَلَاةِ الزَّوَالِ،
فَإِنَّهَا صَلَاةُ اَلْأَوَّابِينَ»(2).
[57/588] عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ : «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله وسلم. الا فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله يَسْأَلُ اللهُ عَمَّا سِوَى الْفَرِيضَةِ؟ فَقَالَ: لَا ، قَالَ : فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بالحقِّ لَا تَقَرَّبْتُ إِلَى اللَّهُ بِشَيْءٍ سِوَاهَا، قَالَ : وَلِمْ؟ قَالَ: لأَنَّ اللهَ قَبَّحَ خَلْقِي»، قَالَ: «فَأَمْسَكَ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم، وَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ علیه السلام ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ، رَبُّكَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَيَقُولُ: أَقْرِئُ عَبْدِي فُلاناً السَّلَامَ ، وَقُلْ لَهُ: أَمَا تَرْضَى أَنْ أَبْعَثَكَ غَداً فِي الْآمِنِينَ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَقَدْ ذَكَرَنِي اللهُ عِنْدَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا بَقِيَ شَيْءٌ يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّه عِنْدَهُ إِلَّا تَقَرَّبْتُ بِهِ »(3).
[58/589] عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: «لَا تَتْرُكُوا رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ عِشَاءِ
الْآخِرَةِ، فَإِنَّهَا عَجَلَبَةٌ لِلرِّزْقِ »(4).
[59/590] عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام
ص: 223
يَقُولُ: «اَلرَّكْعَتَانِ اَللَّتَانِ بَعْدَ المَغْرِبِ هُمَا «وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40)»[ق: 40]
وَالرَّكْعَتَانِ اَللَّتَانِ بَعْدَ الفَجْرِ « وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49)» [الطور : 49]»(1) .
[60/591] قَوْلُهُ علیه السلام: كُلُّ سَهْوِ فِي الصَّلَاةِ يُطْرَحُ مِنْهَا، غَيْرَ أَنَّ اللَّهَ
تَعَالَى يُتِمُّ بِالنَّوَافِلِ»(2) .
[61/592] قَوْلُهُ علیه السلام : وَلَمْ يَتْرُكْ (عَلِىِّ علیه السلام) صَلَاةَ اللَّيْل قَطُّ حَتَّى لَيْلَةَ اَلهَریِر:(3).
[62/593] رَوَى أَبُو حَمْزَةَ الثَّمَالِيُّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «مَا نَوَى عَبْدٌ أَنْ يَقُومَ أَيَّةَ سَاعَةٍ نَوَى، فَعَلِمَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ذَلِكَ مِنْهُ إِلَّا وَكَّلَ بِهِ مَلَكَيْنِ
يُحَرِّكَانِهِ تِلْكَ السَّاعَةَ » (4).
[594 / 63] رَوَى هِشَامُ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «مَنْ صَلَّى بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، قَرَأَ فِي الْأُولَى الْحَمْدَ وَقَوْلَهُ: «وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا ... (87)» إِلَى قَوْلِهِ : «وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)» [الأنبياء: 87 و 88] ، وَفي
اَلثَّانِيَةِ الحَمْدَ وَقَوْلَهُ:«وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا ...(59)» إِلَى آخِرِ الآيَةِ [الأنعام: 59]، فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ رَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَفَاتِح
ص: 224
الْغَيْبِ الَّتِي لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا أَنْتَ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَفْعَلَ بِي وَكَذَا، وَتَقُولُ: اَللَّهُمَّ أَنْتَ وَلِيُّ نِعْمَتِي، وَالْقَادِرُ عَلَى طَلِبَتِي، تَعْلَمُ حَاجَتِي، فَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ عليهم السلام لَمَّا قَضَيْتَهَا لِي، وَسَأَلَ اللَّهَ حَاجَتَهُ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا
سأل»(1).
[64/595] تَهْجُ الْبَلَاغَةِ: قَالَ علیه السلام: «إِنَّ لِلْقُلُوبِ إِقْبَالاً وَإِدْبَاراً، فَإِذَا
أَقْبَلَتْ فَاحْمِلُوهَا عَلَى النَّوَافِلِ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاقْتَصِرُوا بِهَا عَلَى الْفَرَائِضِ »(2).
[596/ 65] قَالَ الرِّضَا علیه السلام: «إِنَّ لِلْقُلُوبِ إِقْبَالاً وَإِدْبَاراً ، أَوْ نَشَاطاً وَفُتُوراً، فَإِذَا أَقْبَلَتْ أَبْصَرَتْ وَفَهِمَتْ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ كَلَّتْ وَمَلَّتْ، فَخُذُوهَا عِنْدَ إِقْبَاهَا وَنَشَاطِهَا، وَاتْرُكُوهَا عِنْدَ إِدْبَارِهَا وَفُتُورِهَا »(3).
[66/597] عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ أَبي عَبْدِ اللَّه علیه السلام أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ رَجُلَيْنِ قَامَ أَحَدُهُمَا يُصَلِّي حَتَّى أَصْبَحَ، وَالْآخَرُ جَالِسٌ يَدْعُو، أَيُّهَا أَفْضَلُ؟ قَالَ:
الدُّعَاءُ أَفْضَلُ»(4) .
[598 / 67] عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطِ، عَنْ عَمِّهِ يَعْقُوبَ بْنِ سَالِمٍ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا
عبد الله علیه السلام عَنِ الرَّجُلِ يَقُومُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، فَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ، فَقَالَ:
ص: 225
يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ إِذَا صَلَّى فِي اللَّيْلِ أَنْ يُسْمِعَ أَهْلَهُ، لِكَيْ يَقُومَ الْقَائِمُ، وَيَتَحَرَّكَ
المتحرك »(1).
[68/599] مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الصَّوْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي أُمَّ أَبِي وَاسْمُهَا عُذْرٌ، قَالَتْ: أُشْتُرِيتُ مَعَ عِدَّةِ جَوَارٍ مِنَ الْكُوفَةِ، وَكُنْتُ مِنْ مُوَلَّدَاتِهَا، قَالَتْ: فَحْمِلْنَا إِلَى المَأْمُونِ، وَكُنَّا فِي دَارِهِ فِي جَنَّةٍ مِنَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالطَّيبِ وَكَثْرَةِ اَلدَّنَانِيرِ، فَوَهَبَنِي المَأْمُونُ الرِّضَا علیه السلام ، فَلَمَّا صِرْتُ فِي دَارِهِ فَقَدْتُ جَمِيعَ مَا كُنْتُ فِيهِ مِنَ النَّعِيمِ، وَكَانَتْ عَلَيْنَا قَيِّمَةٌ تُنبِّهُنَا بِاللَّيْلِ، وَتَأْخُذْنَا بِالصَّلَاةِ، وَكَانَ ذَلِكَ
مِنْ أَشَدَّ شَيْءٍ عَلَيْنَا »(2).
[6/600] عَنِ النَّبِي صلی الله علیه و آله وسلم ، قَالَ: «رَحِمَ اللهُ عَبْداً قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى،
وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ فَصَلَّوْا » (3).
[70/601] كَانَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام إِذَا قَامَ آخِرَ اللَّيْلِ يَرْفَعُ صَوْتَهُ حَتَّى
يُسْمِعَ أَهْلَ الدَّارِ(4) .
[ 602 / 71] عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ صلی الله علیه و آله وسلم لجَعْفَرٍ يَا جَعْفَرُ ، أَلَا أَمْنَحُكَ؟ أَلَا أُعْطِيكَ؟ فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ: بَلَى، يَا
ص: 226
رَسُولَ الله»، قَالَ: «فَظَنَّ اَلنَّاسُ أَنَّهُ يُعْطِيهِ ذَهَباً أَوْ فِضَةً، فَتَشَرَّفَ اَلنَّاسُ لِذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي أَعْطِيكَ شَيْئاً إِنْ أَنْتَ صَنَعْتَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ كَانَ خَيْراً لَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَإِنْ صَنَعْتَهُ بَيْنَ يَوْمَيْنِ غُفِرَ لَكَ مَا بَيْنَهُمَا ، أَوْ كُلَّ جُمْعَةٍ، أَوْ كُلَّ شَهْرٍ، أَوْ كُلَّ سَنَةٍ غَفِرَ اللَّهُ لَكَ مَا بَيْنَهُمَا، تُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، تَبْتَدِى فَتَقْرَأُ وَتَقُولُ إِذَا فَرَغْتَ: سُبْحَانَ الله وَالْحَمْدُ للهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، تَقُولُ ذَلِكَ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً بَعْدَ الْقِرَاءَةِ، فَإِذَا رَكَعْتَ قُلْتَهُ عَشْرَ مَرَّاتٍ، فَإِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنَ الرُّكُوعِ قُلْتَهُ عَشْرَ مَرَّاتٍ، فَإِذَا سَجَدْتَ قُلْتَهُ عَشْرَ مَرَّاتٍ، فَإِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنَ السُّجُودِ فَقُلْ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ عَشْرَ مَرَّاتٍ، فَإِذَا سَجَدْتَ اَلثَّانِيَةَ فَقُلْ عَشْرَ مَرَّاتٍ، فَإِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ قُلْتَ عَشْرَ مَرَّاتٍ وَأَنْتَ قَاعِدٌ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ، فَذَلِكَ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ تَسْبِيحَةٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلَاثُمَانَةِ تَسْبِيحَةٍ، فِي أَرْبَع رَكَعَاتٍ أَلْفٌ وَمِاتَنَا تَسْبِيحَةٍ وَتَهْلِيلَةٍ وَتَكْبِيرَةٍ وَتَحْمِيدَةٍ، إِنْ شِئْتَ صَلَّيْتَهَا بِالنَّهَارِ، وَإِنْ شِئْتَ صَلَّيْتَهَا
باللَّيْل
(1).
[ 72/603] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: «إِذَا عَسِرَ عَلَيْكَ أَمْرٌ، فَصَلَّ عِنْدَ اَلزَّوَالِ رَكْعَتَيْنِ، تَقْرَأْ فِي الْأُولَى بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَ «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » ، وَإِنَّا
وَقُلْ«إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ...(1)» ، إِلَى قَوْلِهِ: «وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3)» [الفتح: 1 - 3]، وَفِي الثَّانِيَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَ«قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ »، وَ «أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ »، وَقَدْ جُرِّبَ (2).
ص: 227
[73/604] عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: إِذَا كَانَتْ لَكَ حَاجَةٌ فَتَوَضَّأُ، وَصَل رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ اِحْمَدِ الله، وَأَثْنِ عَلَيْهِ، وَاذْكُرْ مِنَ آلَائِهِ، ثُمَّ اُدْعُ تُجَبْ »(1).
[74/605] عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام، قَالَ: «إِذَا
أَرَدْتَ حَاجَةٌ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَسَلْ تُعْطَهُ»(2).
[ 75/606] عَنْ شُرَحْبِيلَ الْكِنْدِي، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام ، قَالَ: «إِذَا أَرَدْتَ أَمْراً تَسْأَلُهُ رَبَّكَ فَتَوَضَّأْ، وَأَحْسِنِ الْوُضُوءَ، ثُمَّ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَعَظم الله عزّو جلّ، وَصَلَّ عَلَى النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله وسلم، وَقُلْ بَعْدَ التَسْلِيمِ: اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّكَ مَلِكٌ كَرِيمٌ، وَأَنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرٌ، وَبِأَنَّكَ عَلَى مَا تَشَاءُ مِنْ أَمْرٍ يَكُونُ، اَللَّهُمَّ إِنِّي أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ صلی الله علیه و آله وسلم ، يَا مُحَمَّدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى اللَّه رَبِّكَ وَرَبِّي لِيُنْجِحَ لي بِكَ طَلِبَتِي، اَللَّهُمَّ بِنَبِيِّكَ أَنْجِحْ لِي طَلِبَتِي بِمُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله وسلم ، ثُمَّ
سَلْ حَاجَتَكَ »(3) .
[76/607] عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْقَصِيرِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنِّي اِخْتَرَعْتُ دُعَاءً، قَالَ: «دَعْنِي مِنْ اِخْتِرَاعِكَ، إِذَا نَزَلَ بِكَ أَمْرٌ ، فَافْزَعْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله وسلم، وَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ تُهْدِيهِمَا إِلَى رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم، قُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ ؟ قَالَ: تَغْتَسِلُ، وَتُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، تَسْتَفْتِحُ بِهِمَا افْتِتَاحَ الْفَرِيضَةِ،
- الْفَرِيضَةِ، فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ التَشَهدِ وَسَلَّمْتَ قُلْتَ: اللهم .
وَتَتَشَهَدُ اَلسَّلَامُ ، وَمِنْكَ اَلسَّلامُ، وَإِلَيْكَ يَرْجِعُ السَّلامُ، اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ،
ص: 228
وَبَلِّغْ رُوحَ مُحَمَّدٍ مِنِّي السَّلَامَ، وَأَرْوَاحَ الْأَئِمَّةِ الصَّادِقِينَ سَلَامِي، وَارْدُدْ عَلَيَّ مِنْهُم اَلسَّلَامَ، وَاَلسَّلَامُ عَلَيْهِمْ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ، اَللَّهُمَّ إِنَّ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ هَدِيَّةٌ مِنِّي إِلَى رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم، فَأَثِبْنِي عَلَيْهِمَا مَا أَمَّلْتُ وَرَجَوْتُ فِيكَ وَفِي رَسُولِكَ، يَا وَليَّ الْمُؤْمِنِينَ. ثُمَّ تَخِرُّ سَاجِداً وَتَقُولُ : يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا حَيُّ لَا يَمُوتُ، يَا حَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، يَا ذَا الجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، أَرْبَعِينَ مَرَّةً. ثُمَّ ضَعْ خَدَّكَ اَلْأَيْمَنَ فَتَقُوهُا أَرْبَعِينَ مَرَّةً، ثُمَّ ضَعْ خَدَّكَ الْأَيْسَرَ فَتَقُوهُنَا أَرْبَعِينَ مَرَّةً، ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ وَتَمدُّ يَدَكَ فَتَقُولُ ذَلِكَ أَرْبَعِينَ مَرَّةً، ثُمَّ تَرُدُّ يَدَكَ إِلَى رَقَبَتِكَ، وَتَلُوذُ بِسَبَّابَتِكَ، وَتَقُولُ ذَلِكَ أَرْبَعِينَ مَرَّةً، ثُمَّ خُذْ خِيَتَكَ بِيَدِكَ الْيُسْرَى، وَابْكِ أَوْ تَبَاكَ، وَقُلْ: يَا مُحَمَّدُ يَا رَسُولَ الله أَشْكُو إِلَى اللهِ وَإِلَيْكَ حَاجَتِي، وَإِلَى أَهْلِ بَيْتِكَ الرَّاشِدِينَ حَاجَتِي، وَبِكُمْ أَتَوَجَّهُ إِلَى الله فِي حَاجَتِي، ثُمَّ تَسْجُدُ وَتَقُولُ: يَا اَللهُ يَا اللَّهُ، حَتَّى يَنْقَطِعَ نَفَسُكَ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَافْعَلْ بِي كَذَا وَكَذَا، قَالَ
أَبو عَبْدِ الله علیه السلام: «فَأَنَا الضَّامِنُ عَلَى الله عزّو جلّ و أَنْ لَا يَبْرَحَ حَتَّى تُقْضَى حَاجَتُهُ »(1) .
[ 77/608] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى سَيِّدِنَا الصَّادِقِ علیه السلام، فَقَالَ لَهُ: يَا سَيِّدِي ، أَشْكُو إِلَيْكَ دَيْناً رَكِبَنِي، وَسُلْطَاناً غَشَمَنِي، وَأُرِيدُ أَنْ تُعَلِّمَنِي دُعَاءَ أَغْتَنِمُ بِهِ غَنِيمَةً أَقْضِي بِهَا دَيْنِي، وَأَكفَى بِهَا ظُلْمَ سُلْطَانِي. فَقَالَ: إِذَا جَنَّكَ اللَّيْلُ، فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، اِقْرَأْ فِي الْأُولَى مِنْهُما اَلحَمْدَ وَآيَةَ اَلْكُرْسِيُّ، وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ الْحَمْدَ وَآخِرَ اَلْحَشْرِ: «لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى
ص: 229
جَبَلٍ... »إِلَى خَاتِمَةِ السُّورَةِ، ثُمَّ خُذِ الْمُصْحَفَ بِحَقِّ هَذَا
عَلَى رَأْسِكَ، وَقَل الْقُرْآنِ، وَبِحَقِّ مَنْ أَرْسَلْتَهُ بِهِ ، وَبِحَقِّ كُلِّ مُؤْمِنٍ مَدَحْتَهُ فِيهِ، وَبِحَقِّكَ عَلَيْهِمْ،
فَلَا أَحَدَ أَعْرَفُ بِحَقِّكَ مِنْكَ بِكَ، يَا اللَّهُ عَشْرَ مَرَّاتٍ. ثُمَّ تَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ عَشْرَ مَرَّاتٍ، يَا عَلِيُّ عَشْرَ مَرَّاتٍ يَا فَاطِمَةُ عَشْرَ مَرَّاتٍ، يَا حَسَنُ عَشْرَ مَرَّاتٍ، يَا حُسَيْنُ عَشْرَ مَرَّاتٍ، يَا عَلِيَّ بْنَ اَلْحُسَيْنِ عَشْرَ مَرَّاتٍ، يَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٌّ عَشْرَ مَرَّاتٍ، يَا جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَشْرَ مَرَّاتٍ، يَا مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ عَشْرَ مَرَّاتٍ، يَا عَلِيَّ بْنَ مُوسَى عَشْرَ مَرَّاتٍ، يَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ عَشْرَ مَرَّاتٍ، يَا عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ عَشْرَ مَرَّاتٍ، يَا حَسَنَ اِبْنَ عَلِيٌّ عَشْرَ مَرَّاتٍ، يَا اَلْحُجَّةُ عَشْرَ مَرَّاتٍ . ثُمَّ تَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى حَاجَتَكَ»، قَالَ: فَمَضَى الرَّجُلُ، وَعَادَ إِلَيْهِ بَعْدَ مُدَّةٍ، قَدْ قَضَى دَيْنَهُ، وَصَلَحَ لَهُ سُلْطَانُهُ(1).
[78/609] عن الصادق علیه السلام ، قَالَ: «تُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ كَيْفَ شِئْتَ، ثُمَّ
تَقُولُ: اَللَّهُمَّ أَثْبِتْ رَجَاءَكَ فِي قَلْبِي، وَاقْطَعْ رَجَاءَ مَنْ سِوَاكَ عَنِّي حَتَّى لَا أَرْجُوَ
إِلَّا إِيَّاكَ، وَلَا أَيْقَ إِلَّا بِكَ»(2).
[610 / 79] الشيخ إبراهيم الكفعمي في( البلد الأمين): تُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ،
فَإِذَا سَلَّمْتَ كَبْرِ اللَّهَ ثَلَاثَاً، وَسَبِّحْ تَسْبِيحَ الزَّهْرَاءِ عَلَيْهَا السلام، وَأَسْجُدْ وَقُلْ مِائَةَ مَرَّةٍ: يَا مَوْلَاتِي يَا فَاطِمَةُ أَغِيشِنِي، ثُمَّ ضَعْ خَدَّكَ الْأَيْمَنَ عَلَى الْأَرْضِ وَقُلْ كَذَلِكَ، ثُمَّ ضَعْ خَدَّكَ الْأَيْسَرَ عَلَى الْأَرْضِ وَقُلْ كَذَلِكَ، ثُمَّ عُدْ إِلَى السُّجُودِ وَقُلْ كَذَلِكَ مِائَةٌ وَعَشْرَ مَرَّاتٍ، وَاذْكُرْ حَاجَتَكَ تُقْضَى (3).
ص: 230
[611 / 80] عن الصَّادِقِ علیه السلام ، قَالَ: «مَنْ صَلَّى فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ رَكْعَتَيْنِ، يَقْرَأْ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ الْحَمْدَ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَالْإِخْلَاصَ وَالْكَافِرُونَ وَالنَّصْرَ وَالْقَدْرَ وَسَبِّح اِسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ، فَإِذَا سَلَّمَ سَبَّحَ تَسْبِيحَ الزَّهْرَاءِ علیها السلام، ثُمَّ سَأَلَ
اللهَ سُبْحَانَهُ أَيَّ حَاجَةٍ شَاءَ، قَضَاهَا لَهُ وَاسْتَجَابَ دُعَاءَهُ»، قَالَ الرَّاوِي: سَأَلْتُ
اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بَعْدَ هَذِهِ الصَّلَاةِ سَعَةَ الرِّزْقِ، فَاتَّسَعَ رِزْقِي، وَحَسُنَ حَالِي، قَالَ: وَعَلَّمْتُهُ رَجُلاً مُقْتَراً عَلَيْهِ، فَوَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ »(1) .
[81/612] قَوْلُهُ علیه السلام: مَا أَتَاهُ (أي مسجد السهلة) مَكْرُوبٌ قَطُّ، ا السلام
فَصَلَّى فِيهِ مَا بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ، وَدَعَا الله عزّو جلّ إِلَّا فَرَّجَ اللهُ كُرْبَتَهُ »(2).
[82/613 ]عَنْ جَمِيلِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ اِمْرَأَةٌ، وَذَكَرَتْ أَنَّهَا تَرَكَتِ ابْنَهَا، بِالمِلْحَفَةِ عَلَى وَجْهِهِ مَيِّتَا، فَقَالَ لَهَا: «لَعَلَّهُ لَمْ يَمُتْ، فَقُومِي فَاذْهَبِي إِلَى بَيْتِكِ، فَاغْتَسِي وَصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَأَدْعِي وَقُولِي: يَا مَنْ وَهَبَهُ لِي وَلَمْ يَكُ شَيْئاً جَدِّدْ هِبَتَهُ لي، ثُمَّ حَرِّكِيهِ، وَلَا تُخْبِرِي بِذَلِكِ أَحَداً ، قَالَتْ: فَفَعَلْتُ، فَحَرَّكْتُهُ، فَإِذَا هُوَ قَدْ بَكَى»(3).
[614 / 83] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَطَارِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: قَالَ ِلي: يَا فُلَانُ، أَمَا تَغْدُو فِي الْحَاجَةِ؟ أَمَا تَمرُّ بِالْمَسْجِدِ
اَلْأَعْظَمِ عِنْدَكُمْ بِالْكُوفَةِ؟»، قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: «فَصَلِّ فِيهِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، قُلْ فِيهِنَّ:
ص: 231
غَدَوْتُ بِحَوْلِ الله وَقُوَّتِهِ، غَدَوْتُ بِغَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ، وَلَكِنْ بِحَوْلِكَ يَا رَبِّ وَقُوَّتِكَ، أَسْأَلُكَ بَرَكَةَ هَذَا الْيَوْم وَبَرَكَةَ أَهْلِهِ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَنِي مِنْ فَضْلِكَ حَلَالاً طَيِّباً تَسُوقُهُ إِلَيَّ بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ، وَأَنَا خَافِضُ فِي عَافِيَتِكَ»(1).
[615 / 84] عن ابن عبّاس في حديث طويل أنَّ النبي صلی الله علیه و آله وسلم دخل على
فاطمة علیها السلام، فنظر إلى صفار وجهها، وتغير حدقتيها ، فقال لها: «يَا بُنَيَّةِ مَا الَّذِي أَرَاهُ مِنْ صُفَارِ وَجْهِكِ، وَتَغَتُرِ حَدَقَتَيْكِ؟»، فَقَالَتْ: يَا أَبَتِ، إِنَّ لَنَا ثَلاثاً مَا طَعِمْنَا طَعَاماً...»، إلى أن قال: ثُمَّ وَثَبَتْ حَتَّى دَخَلَتْ إِلَى مِخدَع لَهَا، فَصَفَّتْ قَدَمَيْهَا، فَصَلَّتْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَفَعَتْ بَاطِنَ كَفَّيْهَا إِلَى السَّمَاءِ، وَقَالَتْ: إِلهِي وَسَيِّدِي، هَذَا مُحَمَّدٌ نَبِيُّكَ، وَهَذَا عَلِيُّ ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكَ، وَهَذَانِ اَلْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سِبْطَا نَبِيِّكَ، إِهِي أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ كَمَا أَنْزَلْتَهَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَكَلُوا مِنْهَا وَكَفَرُوا بِهَا، اَللَّهُمَّ أَنْزِلْهَا عَلَيْنَا فَإِنَّا بِهَا مُؤْمِنُونَ»، قَالَ اِبْنُ عَبَّاس: وَالله مَا اِسْتَتَمَّتِ الدَّعْوَةُ، فَإِذَا هِيَ بِصَحْفَةٍ مِنْ وَرَائِهَا (2) .
[16 / 285 ]رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «مَا يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ غَمَّ مِنْ غُمُومِ الدُّنْيَا أَنْ يَتَوَضَّأَ ثُمَّ يَدْخُلَ المَسْجِدَ فَيَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ يَدْعُوَ اللَّهَ فِيهِمَا، أَمَا سَمِعْتَ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ: «وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ »[البقرة : 45] »(3).
ص: 232
[617 / 86 ]عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ لي أَبو عَبْدِ الله علیه السلام : «إِذَا تَزَوَّجَ أَحَدُكُمْ كَيْفَ يَصْنَعُ؟»، قُلْتُ: لَا أَدْرِي، قَالَ: «إِذَا هَمَّ بِذَلِكَ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَيَحْمَدُ اللهَ، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ ، فَقَدِّرْ لِي مِنَ النِّسَاءِ أَعَفَهُنَّ فَرْجاً، وَأَحْفَظَهُنَّ لِي فِي نَفْسِهَا، وَفِي مَالِي، وَأَوْسَعَهُنَّ رِزْقاً، وَأَعْظَمَهُنَّ بَرَكَةً، وَقَدِّرْ لي وَلَداً طَيِّباً ، تَجْعَلُهُ خَلَفاً صَالِحاً فِي حَيَاتِي وَبَعْدَ مَمَاتِي »(1).
[618 / 87] عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَجُلاً وَهُوَ يَقُولُ لِأَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنِّي رَجُلٌ قَدْ أَسْنَنْتُ، وَقَدْ تَزَوَّجْتُ اِمْرَأَةً بِكْراً صَغِيرَةً، وَلَمْ أَدْخُلْ بِهَا، وَأَنَا أَخَافُ أَنَّهَا إِذَا أَنْ تَكْرَهَنِي لِخِصَائِي وَكِبَرِي، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام
: «إِذَا دَخَلَتْ فَمُرْهُمْ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إِلَيْكَ أَنْ تَكُونَ مُتَوَفِّتَةً، ثُمَّ أَنْتَ لَا تَصِلُ إِلَيْهَا حَتَّى تَتَوَضَّأَ وَصَلَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَدْعُ وَمُرْ مَنْ مَعَهَا أَنْ يُؤَمِّنُوا عَلَى دُعَائِكَ، وَقُل: اَللَّهُمَّ ارْزُقْنِي الْفَهَا، وَوُدَّهَا، وَرِضَاهَا، وَرَضْنِي بِهَا، ثُمَّ اجْمَع بَيْنَنَا بِأَحْسَنِ اجْتِمَاعِ، وَأَسْتَرِ ابْتِلَافٍ، فَإِنَّكَ تُحِبُّ الْخَلَالَ وَتَكْرَهُ الْحَرَامَ »(2).
[ 619 / 88] عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام، قَالَ: «مَنِ
اسْتَخَارَ اللهَ رَاضِياً بِمَا صَنَعَ اللَّهُ لَهُ، خَارَ اللهُ لَهُ حَتْما »(3).
ص: 233
[620 / 89 ]عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، قَالَ: قَالَ أَبو عَبْدِ الله علیه السلام:« صَلَّ
رَكْعَتَيْنِ وَاسْتَخِرِ الله فَوَاللَّهُ مَا اسْتَخَارَ اللهَ مُسْلِمٌ إِلَّا خَارَ لَهُ البَتَّةَ »(1).
[621 / 90 ] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى اليَقْطِينِي وَعُثْمَانَ بْنِ عِيسَى، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله علیه السلام: مَنْ أَكْرَمُ الْخَلْقِ عَلَى اللَّه؟ قَالَ: «أَكْثَرُهُمْ ذِكْراً لله، وَأَعْمَلُهُمْ بِطَاعَتِهِ، قُلْتُ: فَمَنْ أَبْغَضُ الخَلْقِ إِلَى اللَّهُ؟ قَالَ: «مَنْ يَتَّهِمُ الله»، قُلْتُ: وَأَحَدٌ يَتَّهِمُ اللَّهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ، مَنِ اسْتَخَارَ اللهَ فَجَاءَتْهُ الخيَرَةُ بِمَا يَكْرَهُ فَسَخِطَ ، فَذَلِكَ يَتَّهِمُ اللَّهَ »(2).
[91/622] رَوَى حَمَّادُ بْنُ عُثْمَانَ النَّابُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهُ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ فِي
اَلْاِسْتِخَارَةِ: «أَنْ يَسْتَخِيرَ اللهَ الرَّجُلُ فِي آخِرِ سَجْدَةٍ مِنْ رَكْعَتَي الْفَجْرِ مِائَةَ مَرَّةٍ وَمَرَّةً، وَيَحْمَدَ اللَّهَ وَيُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ وَآلِهِ، ثُمَّ يَسْتَخِيرَ اللَّهَ خَمْسِينَ مَرَّةً، ثُمَّ يَحْمَدَ اللَّهَ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ وَآلِهِ، وَيُتِمَّ المانَةَ وَالْوَاحِدَةَ »(3).
[92/623] عَنْ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: يَسْجُدُ عَقِيبَ المَكْتُوبَةِ، وَيَقُولُ: اَللَّهُمَّ خِرْ لي مِائَةَ مَرَّةٍ ، ثُمَّ يَتَوَسَّلُ بِالنَّبِيِّ وَالْأَئِمَّةِ عليهم السلام ، وَيُصَلِّي عَلَيْهِمْ، وَيَسْتَشْفِعُ بِهِمْ، وَيَنْظُرُ مَا يُلْهِمُهُ اللهُ، فَيَفْعَلُ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ الله تَعَالَى»(4) .
[93/624] عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَالِ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام ، قَالَ: «مَا اسْتَخَارَ اللهَ عَبْدٌ قَطُّ فِي أَمْرِ مِائَةَ مَرَّةٍ عِنْدَ رَأْسِ الْحُسَيْنِ، فَيَحْمَدُ اللهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ، إِلَّا رَمَاهُ
اللَّهُ بِخَيْرِ الْأَمْرَيْنِ »(5).
ص: 234
بيان :الاستخارة هي طلب الخير من الله تعالى قبل الإتيان بالعمل، فهي دعاء لطلب الخير، وقد تُطلَق الاستخارة على التفوُّل بالقرآن الكريم أو بالسبحة بالطَّرُق المعروفة لمعرفة الصالح من الأعمال وكلاهما ورد فيه روايات عديدة جمعها العلامة المحدّث السيِّد عبد الله شُبَّر رحمه الله في كتاب (الاستخارات).
[625 / 94 ]كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٌّ علیه السلام إِذَا دَخَلَ شَهْرٌ جَدِيدٌ يُصَ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْهُ رَكْعَتَيْنِ، يَقْرَأُ فِي أَوَّلِ رَكْعَةِ الحَمْدَ مَرَّةً، وَ«قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » لِكُلِّ يَوْمِ إِلَى آخِرِهِ يعني ثلاثين مرَّة، وَفِي أَوَّلِ الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى الْحَمْدَ وَ«إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ »
مِثْلَ ذَلِكَ ، وَيَتَصَدَّقُ بِمَا يَتَسَهَّلُ ، يَشْتَرِي بِهِ سَلَامَةَ ذَلِكَ الشَّهْرِ كُلِّهِ » (1) .
[95/626 ]عَنْ عَلِيٍّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ اِمْرَأَةٌ تُعْجِبُهُ فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ، فَإِنَّ عِنْدَ أَهْلِهِ مِثْلَ مَا رَأَى وَلَا يَجْعَلَنَّ لِلشَّيْطَانِ إِلَى قَلْبِهِ سَبِيلاً، وَلِيَصْرِفْ بَصَرَهُ عَنْهَا، فَإِنْ لَمْ تَكُ لَهُ زَوْجَةٌ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَيَحْمَدُ اللَّهَ كَثِيراً، وَيُصَلِّي عَلَى
النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم ، ثُمَّ لْيَسْأَلِ اللهَ مِنْ فَضْلِهِ، فَإِنَّهُ يُبيحُ لَهُ بِرَأْفَتِهِ مَا يُغْنِيهِ »(2).
[ 627 / 96] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «إِذَا كَانَتْ لِأَحَدِكُمُ الْاِسْتِغَاثَةٌ إِلَى الله تَعَالَى، فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَسْجُدُ وَيَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ يَا رَسُولَ اللهِ، يَا عَلِيُّ يَا وَليَّ الله، يَا سَيِّدَي الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، بِكُمَا أَسْتَغِيثُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، يَا مُحَمَّدُ يَا عَلِيُّ،
ص: 235
أَسْتَغِيثُ بِكُمَا، يَا غَوْثَاهُ بِالله وَبِمُحَمَّدٍ وَعَلِيَّ وَفَاطِمَةَ - وَتَعُدُّ الْأَئِمَّةَ علیهم السلام - ، بِكُمْ
أَتَوَسَّلُ إِلَى اللَّه عزّو جلّ وَ، فَإِنَّكَ تُغَاثُ مِنْ سَاعَتِكَ »(1).
[97/628] مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحَسَنِ الصَّفَارُ يَرْفَعُهُ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام وَأَنَا مَحْمُومٌ، فَقَالَ لِي: «مَا لِي أَرَاكَ مُنْقَبِضاً؟»، فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ، حُمَّى أَصَابَتْنِي، فَقَالَ: «إِذَا حُمَّ أَحَدُكُمْ فَلْيَدْخُلِ الْبَيْتَ وَحْدَهُ، وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَيَضَعُ خَدَّهُ الْأَيْمَنَ عَلَى الْأَرْضِ، وَيَقُولُ: يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ عَشْرَ مَرَّاتٍ، أَتَشَفَّعُ بِكِ إِلَى اللَّهُ فِيمَا نَزَلَ بِي، فَإِنَّهُ يَبْرَأُ إِنْ شَاءَ اللهُ »(2).
[98/629] عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثَّالِيُّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام، قَالَ: «مَرَّ أَعْمَىٰ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم: تَشْتَهِي أَنْ يَرُدَّ اللهُ عَلَيْكَ بَصَرَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ لَهُ: تَوَضَّأْ وَأَسْبِعْ الْوُضُوءَ، ثُمَّ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَقُل: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ، وَأَرْغَبُ إِلَيْكَ، وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ إِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى اللَّه رَبِّي وَرَبِّكَ أَنْ يَرُدَّ عَلَيَّ بَصَرِي، قَالَ: فَمَا قَامَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم حَتَّى رَجَعَ الْأَعْمَى، وَقَدْ رَدَّ اللهُ عَلَيْهِ بَصَرَهُ »(3).
[99/630] قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام: «مَا أَهَمَّنِي ذَنْبٌ أُمْهِلْتُ بَعْدَهُ حَتَّى
أَصَلِّي رَكْعَتَيْنِ »(4).
ص: 236
[ 631 / 100] قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «مَا مِنْ عَبْدٍ أَذْنَبَ ذَنْباً فَقَامَ فَتَطَهَّرَ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ إِلَّا غُفِرَ لَهُ، وَكَانَ حَقِيقاً عَلَى اللَّه أَنْ يَقْبَلَهُ، لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ: «وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110)» [النساء: 110].»(1).
[ 101/632] عَنْ حَمَّادِ اللَّحَامِ، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام ، فَقَالَ: إِنَّ فُلاناً اِبْنَ عَمِّكَ ذَكَرَكَ ، فَمَا تَرَكَ شَيْئًا مِنَ الْوَقِيعَةِ وَالشَّتِيمَةِ إِلَّا قَالَهُ فِيكَ، فَقَالَ أَبو عَبْدِ الله علیه السلام لِلْجَارِيَة: «ايتيني بِوَضُوءٍ»، فَتَوَضَّأَ وَدَخَلَ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: يَدْعُو عَلَيْهِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَقَالَ: «يَا رَبِّ، هُوَ حَقّي قَدْ وَهَبْتُهُ، وَأَنْتَ أَجْوَدُ مِنِّي وَأَكْرَمُ، فَهَبْهُ لِي، وَلَا تُؤَاخِذْهُ بِي، وَلَا تُقَايِسْهُ، ثُمَّ رَقَّ، فَلَمْ يَزَلْ يَدْعُو، فَجَعَلْتُ
أَتَعَجَّبُ (2).
***
ص: 237
ص: 238
ص: 239
ص: 240
[1/633]عَنْ هِشَامِ بْنِ اَلْحَكَمِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: «مَنْ مَنَعَ
حَقا لله عزّو جلّ أَنْفَقَ فِي بَاطِل مِثْلَيْهِ»(1)
[ 2/634] عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: سَمِعْتُهُ
يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدِ ضَيَّعَ حَقًّا إِلَّا أَعْطَى فِي بَاطِلٍ مِثْلَهُ »(2).
[635 / 3] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام : «إِنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِقَاعاً تُسَمَّى المُنتَقِمَةَ،
فَإِذَا أَعْطَى اللهُ عَبْداً مَالاً لَمْ يُخْرِجْ حَقَّ الله عزّو جلّ وَ مِنْهُ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِ بُقْعَةٌ مِنْ تِلْكَ
الْبِقَاعِ، فَأَتْلَفَ ذَلِكَ اَلَمَالَ فِيهَا ، ثُمَّ مَاتَ وَتَرَكَهَا» (3).
[4/636] عَنِ الْحَسَنِ وَالحُسَيْنِ علیهما السلام أَنَّهَما كَانَا يُؤَدِّيَانِ زَكَاةَ الْفِطْرَةِ عَنْ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیه السلام حَتَّى مَاتَا، وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ مَا يُؤَدِّيهَا عَنِ عليُّ علیه السلام حَتَّى مَاتَ، قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّد علیهما السلام: (وَأَنَا أُؤَدِّيهَا عَنْ أَبي »
(ج 8 /ص 313 /ح 1/913)، عن دعائم الإسلام (ج 1 /ص 267).
[ 5/637 عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «زَكَاةُ الْعِلْمِ نَشْرُهُ، زَكَاةً اَلْجَاهِ بَذْلُهُ، زَكَاةُ الحِلْم اَلْاِحْتِمَالُ، زَكَاةُ المَالِ اَلْإِفْضَالُ، زَكَاةُ الْقُدْرَةِ الْإِنْصَافُ، زَكَاةً
ص: 241
اَلْجَمَالِ اَلْعَفَافُ، زَكَاةُ الظُّفَرِ الْإِحْسَانُ، زَكَاةُ الْبَدَنِ الْهَادُ وَالصَّيَامُ، زَكَاةُ الْيَسَارِ بر الجيرَانِ وَصِلَةُ الْأَرْحَامِ، زَكَاةُ الصَّحَّةِ السَّعْيُ فِي طَاعَةِ الله، زَكَاةُ الشَّجَاعَةِ
اَلْجِهَادُ فِي سَبِيلِ الله زَكَاةُ السُّلْطَانِ إِغَاثَةُ المَلْهُوفِ، زَكَاةً اَلنِّعَمِ اِصْطِنَاعُ المَعْرُوفِ،
، زَكَاةُ الْعِلْم بَذْلُهُ مُسْتَحِقَّهِ وَإِجْهَادُ النَّفْسِ فِي الْعَمَلِ بِهِ »(1).
[6/638] عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا
جَعْفَرٍ علیه السلام يَقُولُ: «إِنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى أَبِي عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ علیهما السلام ، فَقَالَ لَهُ: أَخْبِرْنِي
عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عزّو جلّ: «وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24)»«لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25)» [المعارج: 24 و 25] ، مَا هَذَا الْقُ المَعْلُومُ؟ فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ علیهما السلام : اَلْحَقُّ المَعْلُومُ الشَّيْءُ يُخْرِجُهُ الرَّجُلُ مِنْ مَالِهِ لَيْسَ مِنَ الزَّكَاةِ، وَلَا مِنَ الصَّدَقَةِ اَلمَفْرُوضَتَيْنِ، قَالَ: فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِنَ الزَّكَاةِ وَلَا مِنَ الصَّدَقَةِ، فَمَا هُوَ؟ فَقَالَ: هُوَ اَلشَّيْءُ يُخْرِجُهُ اَلرَّجُلُ مِنْ مَالِهِ إِنْ شَاءَ أَكْثَرَ وَإِنْ شَاءَ أَقَلَّ عَلَى قَدْرِ مَا يَمْلِكُ، فَقَالَ لَهُ اَلرَّجُلُ : فَما يَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: يَصِلُ بِهِ رَحِماً ، وَيَقْرِي بِهِ ضَيْفاً، وَيَحْمِلُ بِهِ كَلَّا، وَيَصِلُ بِهِ أَخاً لَهُ فِي الله، أَوْ لِنَائِبَةٍ تَنُوبُهُ، فَقَالَ الرَّجُلُ : اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ» (2).
بیان (كَلَّا) بالتشديد، أي حملاً ثقيلاً أو مؤونةً.
[639 / 7] عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
ص: 242
«وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ (84)» [البقرة: 84]: دَخَلَ أَبو ذَرِّ عَلِيلاً مُتَوَكَّناً عَلَى عَصَاهُ عَلَى عُثْمَانَ .... إلى أن قال: فَقَالَ عُثْمَانُ لِكَعْبِ الْأَحْبَارِ: مَا تَقُولُ فِي رَجُل أَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ، هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْءٌ؟ قَالَ: لَا ، لَوِ اتَّخَذَ لَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَلَبِنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ، فَقَالَ أَبُو ذَرِّ رضی الله عنه: يَا بْنَ الْيَهُودِيَّةِ، مَا أَنْتَ وَالنَّظَرَ فِي أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ: لَوْ لَا صُحْبَتُكَ لَقَتَلْتُكَ»(1).
[8/640] عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «جُهْدُ الْمُقِلَّ ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّه عزّو جلّ: ض«وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ (9)» [الحشر: 9] تَرَى هَاهُنَا فَضْلاً»(2).
[9/641] عَنِ ابْنِ أَبِي نَصْرِ، قَالَ: قَرَأْتُ فِي كِتَابٍ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ : يَا أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام، بَلَغَنِي أَنَّ المَوَالِيَ إِذَا رَكِبْتَ أَخْرَجُوكَ مِنَ الْبَابِ
لا «يَا الصَّغِيرِ، فَإِنَّما ذَلِكَ مِنْ بُخْلِ مِنْهُمْ، لِئَلَّا يَنَالَ مِنْكَ أَحَدٌ خَيْراً، وَأَسْأَلُكَ بِحَقِّي عَلَيْكَ لَا يَكُنْ مَدْخَلُكَ وَتَخَرَجُكَ إِلَّا مِنَ الْبَابِ الْكَبِيرِ، فَإِذَا رَكِبْتَ فَلْيَكُنْ مَعَكَ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ، ثُمَّ لَا يَسْأَلُكَ أَحَدٌ شَيْئاً إِلَّا أَعْطَيْتَهُ، وَمَنْ سَأَلَكَ مِنْ عُمُومَتِكَ أَنْ تَبَرَّهُ فَلَا تُعْطِهِ أَقَلَّ مِنْ خَمْسِينَ دِينَاراً وَالْكَثِيرُ إِلَيْكَ، وَمَنْ سَأَلَكَ مِنْ عَمَّاتِكَ فَلَا تُعْطِهَا أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَاراً وَالْكَثِيرُ إِلَيْكَ، إِنِّي إِنَّمَا أُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يَرْفَعَكَ اللَّهُ، فَأَنْفِقْ وَلَا تَخْشَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقْتَاراً» (3).
ص: 243
[642 / 10] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ علیه السلام، قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «إِنَّ اَلتَّوَاضُعَ لَا يَزِيدُ الْعَبْدَ إِلَّا رِفْعَةً، فَتَوَاضَعُوا يَرْفَعْكُمُ اللَّهُ، وَالصَّدَقَةَ لَا تَزِيدُ المَالَ إِلَّا كَثْرَةً، فَتَصَدَّقُوا يَرْحَمْكُمُ اللَّهُ وَالْعَفْوَ لَا يَزِيدُ الْعَبْدَ إِلَّا عِزّةً، فَاعْفُوا يُعِزَّكُم
الله (1). »
* قال الله تعالى في سورة (البقرة: 267): «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267)»
[11/643] عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ، عَنْ أَبِي الحَسَن ِعلیه السلام، قَالَ: اسْتَنْزِلُوا»
اَلرِّزْقَ بِالصَّدَقَةِ » (2).
[12/644] قَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام مُحَمَّدٍ ابْنِهِ: «يَا بُنَيَّ، كَمْ فَضَلَ مَعَكَ مِنْ تِلْكَ النَّفَقَةِ؟»، قَالَ: أَرْبَعُونَ دِينَاراً، قَالَ: «أَخْرُجْ فَتَصَدَّقْ بِهَا»، قَالَ: إِنَّهُ لَم يَبْقَ مَعِي غَيْرُهَا، قَالَ: «تَصَدَّقُ بِهَا، فَإِنَّ اللَّهَ عزّو جلّ وَ يُخْلِفُهَا، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ مِفْتَاحاً، وَمِفْتَاحَ الرِّزْقِ الصَّدَقَةُ، فَتَصَدَّقْ بِهَا ، فَفَعَلَ، فَمَا لَبِثَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام
( أ عَشَرَةَ أَيَّامٍ حَتَّى جَاءَهُ مِنْ مَوْضِعِ أَرْبَعَةُ آلَافِ دِينَارٍ، فَقَالَ: «يَا بُنَيَّ، أَعْطَيْنَا اللَّهَ أَرْبَعِينَ دِينَاراً، فَأَعْطَانَا اللَّهُ أَرْبَعَةَ الَّافِ دِينَارٍ »(3).
[13/645 ] قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام : «إِذَا أَمْلَقْتُمْ فَتَاجِرُوا اللهَ بِالصَّدَقَةِ »(4) .
ص: 244
[14/646] عَنْ غِيَاثِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «إِنَّ
اَلصَّدَقَةَ تَقْضِي الدَّيْنَ، وَتَخْلُفُ بِالْبَرَكَةِ » (1).
[15/647] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام: «الْبِرُّ وَالصَّدَقَةُ يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ، وَيَزِيدَانِ
فِي الْعُمُرِ، وَيَدْفَعَانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا سَبْعِينَ مِيتَةَ اَلسَّوْءِ»، وَفِي خَبَرِ آخَرَ : «وَيَدْفَعَانِ
عَنْ شِيعَتِي مِيتَةَ السَّوْءِ » (2).
[16/648] قَوْلُهُ علیه السلام: «هَلْ أَنْفَقْتَ اليَوْمَ شَيْئاً؟»، قَالَ: لَا وَالله،
فَقَالَ علیه السلام : «فَمِنْ أَيْنَ يُخْلِفُ اللَّهُ عَلَيْنَا ؟ أَنْفِقْ وَلَوْ دِرْهَماً وَاحِداً » (3)
[17/649] عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ، عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «أَرْضُ الْقِيَامَةِ نَارٌ مَا خَلَا ظِلَّ الْمُؤْمِنِ، فَإِنَّ صَدَقَتَهُ تُظِلُّهُ »(4).
[ 650 / 18] عَنِ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم أَنَّهُ قَالَ: «اِتَّقِ اللهَ وَلَوْ بِشِقٌ تَمرَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ
فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبة »(5).
[ 19/651] عَنْ مُعَلَّى بْنِ حُنَيْسٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهُ علیه السلام فِي حَدِيثٍ، قَالَ: «إِنَّ اللهَ لَمْ يَخْلُقُ شَيْئاً إِلَّا وَلَهُ خَازِنٌ يَخْزُنُهُ إِلَّا الصَّدَقَةَ، فَإِنَّ الرَّبَّ يَلِيهَا بِنَفْسِهِ، وَكَانَ أَي إِذَا تَصَدَّقَ بِشَيْءٍ وَضَعَهُ فِي يَدِ اَلسَّائِلِ ثُمَّ ارْتَجَعَهُ مِنْهُ فَقَبَّلَهُ وَشَمَّهُ ثُمَّ رَدَّهُ
ص: 245
فِي يَدِ اللهُ قَبْلَ أَنْ تَقَعَ فِي يَدِ اَلسَّائِلِ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ
أُقبِّلَهَا إِذْ وَلِيَهَا اللهُ »(1).
[652 / 20] رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله وسلم أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ اللهَ يَقْبَلُ الصَّدَقَاتِ، وَلَا يَقْبَلُ مِنْهَا إِلَّا الطَّيِّبَ، وَيَأْخُذُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهَا كَمَا يُرَبِّ أَحَدُكُمْ مُهْرَهُ تَصِيرَ اللُّقْمَةُ مِثْلَ جَبَل أُحُدٍ، وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الله :
وَفَصِيلَهُ،
«يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ (276)» [البقرة: 276]، وَإِنَّ اللهَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ
وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ» (2).
[21/653] عَنِ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَلَهُ مِثْلَاهَا فِي الْجَنَّةِ، فَقَالَ أَبُو دَحْدَاحٍ اَلْأَنْصَارِيُّ - وَاسْمُهُ عَمْرُو بْنُ الدَّحْدَاحِ -: يَا رَسُولَ الله، إِنَّ لِي حَدِيقَتَيْنِ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِإِحْدَيهُمَا فَإِنَّ لِي مِثْلَيْهَا فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ: «نَعَمْ، قَالَ: وَأُمُّ الدَّحْدَاحِ مَعِي؟ قَالَ: «نَعَمْ، قَالَ: اَلصِّبِيَةُ مَعِي ؟ قَالَ: «نَعَمْ، فَتَصَدَّقَ بِأَفْضَلِ حَدِيقَتَيْهِ، فَدَفَعَهَا إِلَى رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ، فَضَاعَفَ اللهُ صَدَقَتَهُ أَلْفَيْ أَلْفٍ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: « أَضْعَافًا كَثِيرَةً (245)»[البقرة: 245]، قَالَ: فَرَجَعَ أَبو الدَّحْدَاحٍ، فَوَجَدَ أُمَّ الدَّحْدَاحٍ وَالصَّبِيَّةَ فِي الحَدِيقَةِ الَّتِي جَعَلَهَا صَدَقَةٌ، فَقَامَ عَلَى بَابِ الْخَدِيقَةِ، وَتَحَرَّجَ أَنْ يَدْخُلَهَا، فَنَادَى: يَا أُمَّ الدَّحْدَاحٍ، فَقَالَتْ: لَبَّيْكَ، يَا أَبَا الدَّحْدَاحِ، قَالَ: إِنِّي جَعَلْتُ حَدِيقَتِي هَذِهِ صَدَقَةٌ، وَاشْتَرَيْتُ مِثْلَيْهَا فِي اَلْجَنَّةِ، وَأُمُّ الدَّحْدَاحِ مَعِي، وَالصَّبِيَّةُ مَعِي، قَالَتْ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيمَا شَرَيْتَ، وَفِيمَا اِشْتَرَيْتَ، فَخَرَجُوا مِنْهَا، وَأَسْلَمُوا الْحَدِيقَةَ إِلَى النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم مِنْ نَخْلٍ مُتَدَلٌ عُذُوقُهَا لِأَبِي الدَّحْدَاحِ فِي الجَنَّة»(3)
ص: 246
[22/654] عن النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم أَنَّهُ قَالَ: «اَلصَّلَاةُ عَمُودُ الدِّينِ وَالْإِسْلَامُ،
وَالْجِهَادُ سَنَامُ الْعَمَلِ، وَالصَّدَقَهُ شَيْءٌ عَجِيبٌ ،عَجِيبٌ، شَيْءٍ عَجِيبٌ»(1).
[23/655] عَنْ عَلِيّ علیه السلام، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم
وَذَخَائِرِهِ اَلصَّدَقَةُ » (2).
عَجِيبٌ «خَيْرُ مَالِ اَلَمَرْءِ
[24/656] عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام أَنَّهُ لَمَّا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الصِّدِّيقَةِ اَلطَّاهِرَةِ علیها السلام أَنَّى إِلَى الْقُبُورِ، وَقَالَ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْقُبُورِ، أَمَّا أَمْوَالُكُمْ فَقْسِمَتْ، وَأَمَّا بُيُوتُكُمْ فَسُكِنَتْ، وَأَمَّا نِسَاؤُكُمْ فَنْكِحَتْ، هَذَا خَبَرُ مَا عِنْدَنَا، فَمَا خَبَرُ مَا عِنْدَكُمْ؟»، فَنَادَاهُ هَاتِفٌ مَا أَكَلْنَاهُ رَبحْنَاهُ، وَمَا قَدَّمْنَاهُ وَجَدْنَاهُ، وَمَا
خَلَّفْنَاهُ خَسِرْنَاهُ » (3).
[ 25/657] عَنْ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم أَنَّهُ قَالَ: «لَا حَظَّ لَكَ فِي مَالِكَ إِلَّا مَا
أَكَلْتَهُ وَأَفْنَيْتَهُ، أَوْ لَبِسْتَهُ وَأَفْنَيْتَهُ، أَوْ تَصَدَّقْتَهُ وَأَجْرَيْتَهُ » (4).
[26/658] عَنْ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم أَنَّهُ ذَبَحَ شَاةٌ فِي حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَاطَّلَعَ عَلَيْهَا فُقَرَاءُ المَدِينَةِ، فَجَاءُوا وَسَأَلُوا رَسُولَ الله صلی الله علیه و آله وسلم، وَكَانَ يُعْطِيهِمْ، فَلَما دَخَلَ
ص: 247
اَللَّيْلُ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا رَقَبَتُهَا، فَسَأَلَ عَنْ عَائِشَةَ: مَا بَقِيَ مِنْهَا؟ فَقَالَتْ: لَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا رَقَبَتُهَا، فَقَالَ صلی الله علیه و آله وسلم: «قُولِي: بَقِيَ كُلُّهَا إِلَّا رَقَبَتَهَا » (1).
[27/659] عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «لَمْ يُرْزَقِ أَلَمَالَ مَنْ لَمْ يُنْفَقْهُ» (2).
[ 660 / 28] عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ، قَالَ: لَمَّا هَلَكَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ
عَليَّ الْبَاقِرُ علیه السلام ، قُلْتُ لِأَصْحَابِي : انْتَظِرُونِي حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ
بن مُحَمَّدٍ علیهما السلام فَأَعَزَّيَهُ بِهِ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَعَزَيْتُهُ، ثُمَّ قُلْتُ: إِنَّا الله وَإِنَّا إِلَيْهِ
للاما رَاجِعُونَ، ذَهَبَ وَالله مَنْ كَانَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم، فَلَا يُسْتَلُ عَمَّنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله وسلم، وَالله لَا يُرَى مِثْلُهُ أَبَداً ، قَالَ : فَسَكَتَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: إِنَّ مِنْ عِبَادِي مَنْ يَتَصَدَّقُ بِشِقُ ثَمَرَةٍ، فَأَرَبِّيهَا لَهُ كَمَا يُرَبِّ أَحَدُكُمْ فَلُوهُ حَتَّى أَجْعَلَهَا لَهُ مِثْلَ أُحُدٍ»، فَخَرَجْتُ إِلَى أَصْحَابِي، فَقُلْتُ: مَا رَأَيْتُ أَعْجَبَ مِنْ هَذَا كُنَّا نَسْتَعْظِمُ قَوْلَ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام: قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم بِلَا وَاسِطَةٍ، فَقَالَ لِي أَبو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى بِّلَا
وَاسِطَةٍ (3).
[661 / 29] نهج البلاغة: فيما كتبه علیه السلام لابنه الحسن علیه السلام بخاصرين
ص: 248
منصرفاً من صفين: «وَإِذَا وَجَدْتَ مِنْ أَهْلِ الْفَاقَةِ مَنْ يَحْمِلُ لَكَ زَادَكَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ فَيُوَافِيكَ بِهِ غَداً حَيْثُ تَحْتَاجُ إِلَيْهِ فَاغْتَنِمْهُ، وَحَمَلْهُ إِيَّاهُ، وَأَكْثِرُ مِنْ تَزْوِيدِهِ وَأَنْتَ قَادِرٌ عَلَيْهِ، فَلَعَلَّكَ تَطْلُبُهُ فَلَا تَجِدُهُ، وَاغْتَنِمْ مَنِ اسْتَقْرَضَكَ فِي حَالِ غِنَاكَ،
لِيَجْعَلَ قَضَاءَهُ لَكَ فِي يَوْمِ عُسْرَتِكَ » (1).
[30/662] عَنِ السَّكُونِي، عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «مَا أَحْسَنَ عَبْدٌ اَلصَّدَقَةَ في الدُّنْيَا إِلَّا أَحْسَنَ اللهُ الْخِلَافَةَ عَلَى وُلْدِهِ مِنْ بَعْدِهِ»، وَقَالَ: حُسْنُ
اَلصَّدَقَةِ يَقْضِي الدَّيْنَ، وَيَخْلُفُ الْبَرَكَةِ » (2).
[31/663] أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَسِيْنِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ الرِّضَا عَنْ أَبِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ علیهم السلام ، قَالَ: «كَانَ
، اَلصَّادِقُ علیه السلام في طَرِيقِ وَمَعَهُ قَوْمٌ مَعَهُمْ أَمْوَالٌ، وَذُكِرَ هُمْ أَنَّ بَارِقَةً فِي الطَّرِيقِ يَقْطَعُونَ عَلَى النَّاسِ ، فَارْتَعَدَتْ فَرَائِصُهُمْ ، فَقَالَ هُمُ الصَّادِقُ علیه السلام : مَا لَكُمْ؟ قَالُوا: مَعَنَا أَمْوَالُنَا نَخَافُ عَلَيْهَا أَنْ تُؤْخَذَ مِنَّا، أَفَتَأْخُذُهَا؟ فَلَعَلَّهُمْ يَنْدَفِعُونَ عَنْهَا إِذَا رَأَوْا أَنَّهَا لَكَ، فَقَالَ: وَمَا يُدْرِيكُمْ؟ لَعَلَّهُمْ لَا يَقْصِدُونَ غَيْرِي، وَلَعَلَّكُمْ تَعْرِضُونّي بِهَا لِلتَّلَفِ، فَقَالُوا : فَكَيْفَ نَصْنَعُ ؟ نَدْفِنُهَا؟ قَالَ: ذَلِكَ أَضْيَعُ لَهَا، فَلَعَلَّ طَارِئاً يَطْرِي عَلَيْهَا فَيَأْخُذَهَا، أَوْ لَعَلَّكُمْ لَا تَهْتَدُونَ إِلَيْهَا بَعْدُ، فَقَالُوا: كَيْفَ نَصْنَعُ ؟ دُلَّنَا، قَالَ: أَوْدِعُوهَا مَنْ يَحْفَظْهَا وَيَدْفَعُ عَنْهَا وَيُرْيِيهَا وَيَجْعَلُ الْوَاحِدَ مِنْهَا
ص: 249
أَعْظَمَ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، ثُمَّ يَرُدُّهَا وَيُوَفِّرُهَا عَلَيْكُمْ أَحْوَجَ مَا تَكُونُونَ إِلَيْهَا، قَالُوا: مَنْ ذَاكَ؟ قَالَ: ذَاكَ رَبُّ العَالَمِينَ ، قَالُوا: وَكَيْفَ نُودِعُهُ؟ قَالَ: تَتَصَدَّقُونَ بِهِ عَلَى ضُعَفَاءِ المُسْلِمِينَ، قَالُوا: وَأَنَّى لَنَا الضُّعَفَاءُ بحَضْرَتِنَا هَذِهِ؟ قَالَ: فَاعْزِمُوا عَلَى أَنْ تَتَصَدَّقُوا بِثْلُثِهَا لِيَدْفَعَ اللهُ عَنْ بَاقِيهَا مَنْ تَخَافُونَ، قَالُوا: قَدْ عَزَمْنَا، قَالَ: فَأَنْتُمْ فِي أَمَانِ الله ، فَامْضُوا، فَمَضَوْا، فَظَهَرَتْ هُمُ الْبَارِقَةٌ، فَخَافُوا، وَقَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: كَيْفَ تَخَافُونَ وَأَنْتُمْ فِي أَمَانِ الله عزَّ و جلَّ ؟ فَتَقَدَّمَ الْبَارِقَةُ وَتَرَجَلُوا وَقَبَّلُوا يَدَ
عَمَل الصَّادِقِ علیه السلام ، وَقَالُوا: رَأَيْنَا الْبَارِحَةَ فِي مَنَامِنَا رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه و آله وسلم يَأْمُرُنَا بِعَرْضِ أَنْفُسِنَا عَلَيْكَ، فَنَحْنُ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَنَصْحَبُكَ وَهَؤُلَاءِ لِنَدْفَعَ عَنْهُمُ الْأَعْدَاءَ وَاللُّصُوصَ، فَقَالَ الصَّادِقُ علیه السلام : لَا حَاجَةَ بِنَا إِلَيْكُمْ، فَإِنَّ الَّذِي دَفَعَكُمْ عَنَّا
يَدْفَعُهُمْ، فَمَضَوْا سَالِمِينَ، وَتَصَدَّقُوا بِالثَّلُثِ، وَبُورِكَ هُمْ فِي تِجَارَاتِهِمْ، فَرِبَحُوا لِلدَّرْهَم عَشَرَةً، فَقَالُوا: مَا أَعْظَمَ بَرَكَةَ الصَّادِقِ علیه السلام، فَقَالَ الصَّادِقُ علیه السلام : قَدْ
تَعَرَّفْتُمُ الْبَرَكَةَ فِي مُعَامَلَةِ اللَّهِ عزَّ و جلَّ ، وَدُومُوا عَلَيْهَا»(1).
[32/664] فِي وَصِيَّةِ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم لِعَلي علیه السلام: «يَا عَلِيُّ، اَلصَّدَقَةُ تَرُدُّ
الْقَضَاءَ الَّذِي قَدْ أُبْرِمَ إِبْرَاماً »(2).
[33/665] عَنْ لُقْمَانَ أَنَّهُ قَالَ لِابْنِهِ: «إِذَا أَخْطَأْتَ خَطِيئَةً فَأَعْطِ صَدَقَةٌ » (3).
ص: 250
[34/666] عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِي أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ
لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ: يَا كَعْبُ الصَّلَاةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ
الخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ اَلَمَاءُ النَّارَ »(1) .
[ 35/667] فِي حَدِيثِهِ صلی الله علیه و آله وسلم أَنَّ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَخَذَ وَلَدَهَا الذِّتْبُ، فَاتَّبَعَتْهُ وَمَعَهَا رَغِيفٌ تَأْكُلُ مِنْهُ، فَلَقِيَهَا سَائِلٌ، فَنَاوَلَتْهُ الرَّغِيفَ، فَألْقَى الذَّتْبُ
وَلَدَهَا، وَسَمِعَتْ قَائِلاً يَقُولُ وَهِيَ لَا تَرَاهُ: خُذِي اللُّقْمَةَ بِلْقْمَة»(2).
[ 668 / 36] السَّكُونِي، عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ صلی الله علیه و آله وسلم :«الصَّدَقَةُ تَدْفَعُ مِينَةَ السَّوْءِ »(3).
[37/669] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام ، قَالَ: «إِنَّ الصَّدَقَةَ لَتَدْفَعُ سَبْعِينَ بَلِيَّةٌ مِنْ بَلَايَا اَلدُّنْيَا مَعَ مِيتَةِ السَّوْءِ، إِنَّ صَاحِبَهَا لَا يَمُوتُ مِيتَةَ السَّوْءِ أَبَداً، مَعَ مَا يُدَّخَرُ لِصَاحِبِهَا فِي الْآخِرَةِ»(4).
[ 38/670] عَنْ عَلِيّ علیه السلام عَنِ النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله وسلم:« الْبَلَايَا لَا تَتَخَطَّى عَلَى ما
اَلصَّدَقَةِ، إِنَّ الصَّدَقَةَ لَتَدْفَعُ سَبْعِينَ بَاباً مِنَ السُّوءِ »(5) .
[ 39/671] عَنْ مُيَسِّرَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام : «يَا قَدْ حَضَرَ
أَجَلُكَ غَيْرَ مَرَّةٍ، كُلَّ ذَلِكَ يُؤَخِّرُكَ اللهُ بِصِلَتِكَ رَحِمَكَ وَبِرَكَ قَرَابَتَكَ»(6) .
ص: 251
[ 672 / 40] قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام : «الصَّدَقَةُ دَوَاءٌ مُنْجِحٌ»(1).
[41/673] فِقْهُ الرّضَا علیه السلام: أَرْوِي عَنِ الْعَالِم علیه السلام : «فِي الْقُرْآنِ شِفَاءٌ مِنْ عَليْلا
كُلِّ دَاءِ، وَقَالَ: «دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ، وَاسْتَشْفُوا لَهُ بِالْقُرْآنِ، فَمَنْ لَمْ يَشْفِهِ
فَلَا شِفَاءَ لَهُ»، وَقَالَ: «لَا يَذْهَبُ بِالْأَدْوَاءِ إِلَّا اَلدُّعَاءُ وَالصَّدَقَةُ وَالمَاءُ الْبَارِدُ»(2).
[42/674] عَنْ عَبْدِ الله بْن سِنَانٍ، قَالَ: قَالَ أَبو عَبْدِ الله علیه السلام: دَاوُوا السلام « مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ، وَادْفَعُوا الْبَلَاءَ بِالدُّعَاءِ، وَاسْتَنْزِلُوا الرِّزْقَ بِالصَّدَقَةِ، فَإِنَّهَا تُفَكُّ مِنْ بَيْنِ حِيَّ سَبْعِمائَةِ شَيْطَانٍ، وَلَيْسَ شَيْءٌ أَنْقَلَ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنَ الصَّدَقَةِ عَلَى اَلْمُؤْمِنِ، وَهِيَ تَقَعُ فِي يَدِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَبْلَ أَنْ تَقَعَ فِي يَدِ الْعَبْدِ »(3).
[675 / 434] عَنْهُ علیه السلام: «الصَّدَقَةُ تَدْفَعُ الْبَلَاءَ الْمُبْرَمَ، فَدَاوُوا مَرْضَاكُمْ بالصَّدَقَةِ »(4).
[44/676] عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ علیهما السلام أَنَّ رَجُلاً شَكَا إِلَيْهِ إِنَّنِي فِي عَشَرَةِ
نَفَرٍ مِنَ الْعِيَالِ كُلُّهُمْ مَرِيضٌ فَقَالَ لَهُ مُوسَى علیه السلام: «دَاوِهِمْ بِالصَّدَقَةِ، فَلَيْسَ
شَيْءٌ أَسْرَعَ إِجَابَةٌ مِنَ الصَّدَقَةِ، وَلَا أَجْدَى مَنْفَعَةً لِلْمَرِيضِ مِنَ الصَّدَقَةِ »(5).
[ 45/677] عَنْ مُعَاذِ بْنِ مُسْلِمٍ بَيَّاعِ الهَرَوِيُّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، فَذَكَرُوا الْوَجَعَ، فَقَالَ:« دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ، وَمَا عَلَى أَحَدِكُمْ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِقُوتِ يَوْمِهِ، إِنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ يُدْفَعُ إِلَيْهِ الصَّتُ بِقَبْضِ رُوحِ العَبْدِ
فَيَتَصَدَّقُ فَيُقَالُ لَهُ: رُدَّ عَلَيْهِ الصَّكَ »(6).
ص: 252
[ 46/678] عَنْ عَبْدِ الله بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ، وَادْفَعُوا أَبْوَابَ الْبَلَايَا بِالْاِسْتِغْفَارِ .... إِلَى أَنْ قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ نُدَاوِي مَرْضَانَا بِالصَّدَقَةِ؟ قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ الله صلی الله علیه و آله وسلم »، قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّه ، أَيُّ اَلصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «جُهْدُ اَلْمُقِلّ، وَإِذَا كَانَ عِنْدَكَ مَرِيضٌ قَدْ أَعْيَاكَ مَرَضُهُ، فَخُذْ رَغِيفَات مِنْ خُبْزِكَ، فَاجْعَلْهُ فِي مِنْدِيلٍ، أَوْ خِرْقَةٍ نَظِيفَةٍ، فَكُلَّمَا دَخَلَ سَائِلٌ، فَلْيُعْطَ مِنْهُ كِسْرَةً، وَيُقَالُ لَهُ: أَدْعُ لِفُلَانٍ، فَإِنَّهُمْ يُسْتَجَابُ هُمْ فِيكُمْ، وَلَا
يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ »(1)
[ 47/679] عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ ، قَالَ: قَالَ أَبو عَبْدِ الله علیه السلام : «اختبر شِيعَتَنَا فِي خَصْلَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَتَا فِيهِمْ وَإِلَّا فَاعْزُبُ ثُمَّ أَعْرُبْ»، قُلْتُ: مَا هُمَا؟ قَالَ: اَلمُحَافَظَةُ عَلَى الصَّلَوَاتِ فِي مَوَاقِيتِهِنَّ، وَالْمُوَاسَاةُ لِلْإِخْوَانِ وَإِنْ كَانَ الشَّيْءُ
قليلاً »(2)
[ 48/680] عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، قَالَ: كُنْتُ أَطُوفُ مَعَ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام ، فَعَرَضَ لِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا كَانَ يَسْأَلُنِي الذَّهَابَ مَعَهُ فِي حَاجَةٍ، فَأَشَارَ إِلَيَّ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَدَعَ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام وَأَذْهَبَ إِلَيْهِ ، فَبَيْنَا أَنَا أَطُوفُ إِذْ أَشَارَ إِلَيَّ أَيْضاً، فَرَآهُ أَبو عَبْدِ الله علیه السلام ، فَقَالَ: «يَا أَبَانُ، إِيَّاكَ يُرِيدُ هَذَا؟»، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «فَمَنْ هُوَ ؟، قُلْتُ: رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، قَالَ: «هُوَ عَلَى مِثْل مَا أَنْتَ عَلَيْهِ؟»، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «فَاذْهَبْ إِلَيْهِ»، قُلْتُ: فَأَقْطَعُ الطَّوَافَ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قُلْتُ: وَإِنْ كَانَ طَوَافَ
ص: 253
الْفَرِيضَةِ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: فَذَهَبْتُ مَعَهُ، ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَيْهِ بَعْدُ فَسَأَلْتُهُ، فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ حَقٌّ اَلْمُؤْمِنِ عَلَى الْمُؤْمِنِ، فَقَالَ: «يَا أَبَانُ، دَعْهُ لَا تَرِدُهُ»، قُلْتُ: بَلَى جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَلَمْ أَزَلْ أُرَدَّدُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «يَا أَبَانُ، تُقَاسِمُهُ شَطْرَ مَالِكَ»، ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ فَرَأَى مَا دَخَلَنِي، فَقَالَ: «يَا أَبَانُ، أَمَا تَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عزَّ وَ جلَّ قَدْ ذَكَرَ الْمُؤْثِرِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ؟»، قُلْتُ: بَلَى جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَقَالَ: «أَمَّا إِذَا أَنْتَ قَاسَمْتَهُ فَلَمْ تُؤْثِرُهُ بَعْدُ، إِنَّمَا أَنْتَ وَهُوَ سَوَاءٌ ، إِنَّمَا تُؤْثِرُهُ إِذَا أَنْتَ أَعْطَيْتَهُ مِنَ النَّصْفِ الْآخَرِ»(1) .
[681 / 49] عن ابی هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله وسلم، فَشَكَا إِلَيْهِ الجُوعَ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللهُ صلی الله علیه و آله وسلم إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِهِ، فَقُلْنَ: مَا عِنْدَنَا إِلَّا الَمَاءُ،
فَقَالَ صلی الله علیه و آله وسلم: «مَنْ هِذَا الرَّجُلِ اللَّيْلَةَ؟»، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ علیه السلام: «أَنَا لَهُ، يَا رَسُولَ الله » ، وَأَتَى فَاطِمَةَ ، وَسَأَلَهَا : مَا عِنْدَكَ ، يَا بْنَةَ رَسُول الله صلی الله علیه و آله وسلم؟»، فَقَالَتْ: مَا عِنْدَنَا إِلَّا قُوتُ الصِّبْيَةِ، لَكِنَّا نُؤْثِرُ ضَيْفَنَا بِهِ»، فَقَالَ عَلَى علیه السلام: «يَا بُنَةَ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله وسلم نَوِّمِي الصَّبْيَةَ، وَأَطْفِنِي الْمِصْبَاحَ»، فَلَما أَصْبَحَ عَلِيٌّ علیه السلام غَدًا عَلَى رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ، فَلَمْ يَبْرَحْ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَ: «وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9)»[الحشر : 9] (2).
[ 50/682] عَنِ الْخُدْرِيٌّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ عَلِيًّا علیه السلام أَصْبَحَ سَاغِباً، فَسَأَلَ فَاطِمَةَ طَعَاماً، فَقَالَتْ: مَا كَانَتْ إِلَّا مَا أَطْعَمْتُكَ مُنْذُ يَوْمَيْنِ أَثَرْتُ بِهِ عَلَى
عَلَيْهَا نَفْسِي وَعَلَى الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، فَقَالَ: «أَلَا أَعْلَمْتِنِي فَآتَيكُمْ بِشَيْءٍ؟»، فَقَالَتْ: يَا أَبَا الحَسَنِ، إِنِّي لَأَسْتَحْيِي مِنْ إِهِي أَنْ أُكَلِّفُكَ مَا لَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ؟»، فَخَرَجَ وَاسْتَقْرَضَ عَنِ النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله وسلم دِينَاراً ، فَخَرَجَ يَشْتَرِي بِهِ شَيْئاً، فَاسْتَقْبَلَهُ المُقْدَادُ قَائِلاً:
ص: 254
مَا شَاءَ اللَّهُ، فَنَا وَلَهُ عَلىُّ علیه السلام الدِّينَارَ ، ثُمَّ دَخَلَ المَسْجِدَ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ، وَخَرَجَ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم فَإِذَا هُوَ بِهِ فَحَرَّكَهُ فَقَالَ: «مَا صَنَعْتَ؟»، فَأَخْبَرَهُ، فَقَامَ وَصَلَّى مَعَهُ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم صَلَاتَهُ قَالَ: «يَا أَبَا اَلْحَسَنِ، هَلْ عِنْدَكَ شَيْءٌ نَفْطُر عَلَيْهِ فَنَمِيلَ مَعَكَ ؟»، فَأَطْرَقَ لَا يُجِيبُ جَوَاباً حَيَاءً مِنْهُ، وَكَانَ اللَّهُ أَوْحَىٰ إِلَيْهِ أَنْ يَتَعَشَىٰ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عِنْدَ عَلِيَّ علیه السلام، فَانْطَلَقَا حَتَّى دَخَلَا عَلَى فَاطِمَةَ وَهِيَ فِي مُصَلَّاهَا وَخَلْفَهَا جَفْنَةٌ تَفُورُ دُخَانَا، فَأَخْرَجَتْ فَاطِمَةُ الْجَفْنَةَ، فَوَضَعَتْهَا بَيْنَ أَيْدِيهِمَا، فَسَأَلَ عَلى علیه السلام: «أَنَّى لَكِ هَذَا؟»، قَالَتْ: «هُوَ مِنْ فَضْل الله وَرِزْقِهِ، إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ
يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ، قَالَ: فَوَضَعَ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم كَفَّهُ الْمُبَارَكَ بَيْنَ كَتِفَيْ عَلِيٌّ، ثُمَّ قَالَ: «يَا عَلِيُّ، هَذَا بَدَلُ دِينَارِكَ»، ثُمَّ اسْتَعْبَرَ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم بَاكِياً وَقَالَ: «اَلْحَمْدُ للهِ الَّذِي لَم يُمِثْنِي حَتَّى رَأَيْتُ فِي ابْنَتِي مَا رَأَى زَكَرِيَّا مَرْيَمَ علیهما السلام»، وَفِي رِوَايَةِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ: «وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ (9)»[الحشر: 9] (1).
[51/683] عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنَّ الشَّيعَةَ عِنْدَنَا كَثِيرٌ، فَقَالَ: «هَلْ يَعْطِفُ الْغَنِيُّ عَلَى الْفَقِيرِ؟ وَهَلْ يَتَجَاوَزُ اَلمُحْسِنُ عَنِ المُسِيءِ وَيَتَوَاسَوْنَ؟»، فَقُلْتُ: لَا ، فَقَالَ: «لَيْسَ هَؤُلَاءِ شِيعَةٌ، اَلشَّيعَةُ
مَنْ يَفْعَلُ هَذَا»(2).
[52/684] ذَكَرَ رَجُلٌ عِنْدَ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام الْأَغْنِيَاءَ وَوَقَعَ فِيهِمْ، فَقَالَ
ص: 255
أَبو عَبْدِ الله علیه السلام : «اسْكُتْ، فَإِنَّ الْغَنِيَّ إِذَا كَانَ وَصُولاً لِرَحِمِهِ، وَبَارًّا بِإِخْوَانِهِ،
السلام أَضْعَفَ اللَّهُ لَهُ الْأَجْرَ ضِعْفَيْنِ، لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: «وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ (37)»[سبأ: 37](1).
[53/685 ]عن النبیّ صلی الله علیه و آله وسلم أَنَّهُ قَالَ: «دِرْهَمْ يُعْطِيهِ اَلرَّجُلُ فِي صِحَتِهِ خَيْرُ مِنْ عِتْقِ رَقَبَةٍ عِنْدَ اَلَمَوْتِ» (2).
[ 54/686] سُئِلَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: أَيُّ الصَدَقَةً أفْضَلُ؟ قَالَ: «عَلَى ذِي
الرَّحِمِ الْكَاشِحِ » (3).
بيان: الرحم الكاشح هو الرحم الذي يضمر العداوة الشديدة.
[55/687] في وَصِيَّة النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله وسلم لِعَلي علیه السلام : «يَا عَلِيُّ، لَا صَدَقَةً
رَحِمِ مُحتاج»(4).
[ 56/688] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ أَبِي الحَسَنِ الأَوَّلِ علیه السلام، قَالَ: «مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَصِلَنَا فَلْيَصِلْ فُقَرَاءَ شِيعَتِنَا، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَزُورَ قُبُورَنَا فَلْيَزُرْ قُبُورَ صُلَحَاءِ إِخْوَانِنَا»(5).
ص: 256
[ 57/689] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام:« مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى صِلَتِنَا فَلْيَصِلْ صَالِحِي مَوَالِينَا يُكْتَبْ لَهُ ثَوَابُ صِلَتِنَا، وَمَنْ صَالِحِي مَوَالِينا يَقدِرْ عَلَى زِيَارَتِنَا فَلْيَزُرْ
يُكْتَبُ لَهُ ثَوَابُ زِيَارَتِنَا »(1) .
[ 58/690] قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «الصَّدَقَةُ بِعَشْرَةٍ، وَالْقَرْضُ بِثَمانِيَةَ
عَشْرَةٍ، وَصِلَةُ الْإِخْوَانِ بِعِشْرِينَ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ»(2) .
[59/691] قَالَ صلی الله علیه و آله وسلم: مَنْ مَشَى إِلَى ذِي قَرَابَةٍ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ لِيَصِلَ رَحِمَهُ أَعْطَاهُ اللَّهُ وَ أَجْرَ مِائَةِ شَهِيدٍ، وَلَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ أَرْبَعُونَ أَلْفَ حَسَنَةٍ، وَتَحَى عَنْهُ أَرْبَعُونَ أَلْفَ سَيِّئَةٍ، وَرَفَعَ لَهُ مِنَ الدَّرَجَاتِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَكَانَ كَأَنَّمَا عَبَدَ الله وَل
مِائَةَ سَنَةٍ صَابِراً مُحْتَسِباً »(3) .
[ 692 / 60] قَوْلُهُ علیه السلام : « صِلَةُ اَلرَّحِم لَتَزِيدُ فِي الْعُمُرِ »(4).
[61/693] قَوْلُهُ علیه السلام : «إِنَّ قَطِيعَةَ الرَّحِم وَالْيَمِينَ الْكَاذِبَةَ لَتَذَرَانِ الدِّيَارَ
بَلَاقِعَ مِنْ أَهْلِهَا، وَتُنْقِلَانِ الرَّحِمَ ، وَإِنَّ تَنَقَّلَ اَلرَّحِمِ اِنْقِطَاعُ النَّسْلِ »(5).
[62/694] عَنِ الثَّمَالِيُّ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ عَلِيّ بْن اَلحُسَيْنِ علیهما السلام الْفَجْرَ
صَلَاتِهِ
بِالمَدِينَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَلَا فَرَغَ مِنْ وَسُبْحَتِهِ نَهَضَ إِلَى مَنْزِلِهِ وَأَنَا مَعَهُ، فَدَعَا مَوْلَاةً لَهُ تُسَمَّى سُكَيْنَةَ، فَقَالَ لَهَا: لَا يَعْبُرُ عَلَى بَابِي سَائِلٌ إِلَّا
ص: 257
أَطْعَمْتُمُوهُ، فَإِنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ»، قُلْتُ لَهُ: لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَسْأَلُ مُسْتَحِقَّا، فَقَالَ: «يَا ثَابِتُ، أَخَافُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ مَنْ يَسْأَلُنَا مُحِقَّا فَلَا نُطْعِمَهُ وَنَرُدَّهُ فَيَنْزِلَ بِنَا أَهْلَ البَيْتِ مَا نَزَلَ بِيَعْقُوبَ وَآلِهِ، أَطْعِمُوهُمْ أَطْعِمُوهُمْ، إِنَّ يَعْقُوبَ علیه السلام كَانَ يَذْبَحُ كُلَّ يَوْمٍ كَبْشاً...»، وذكر حديثاً طويلاً في قصَّة يعقوب علیه السلام وفراقه ليوسف علیه السلام (1).
بيان :وخلاصة ما نزل بآل يعقوب علیه السلام أنَّهم كانوا يذبحون كلَّ يوم ذبيحة لطعامهم، فطرقهم إحدى الليالي فقير استطعمهم فلم يجيبوه، فبات ذلك الفقير على بابهم جوعاناً وباتوا بطاناً، فرأى يوسف علیه السلام تلك الليلة الرؤيا التي كانت بداية البلاء لآل يعقوب علیه السلام، هی أنَّه رأى أحد عشر كوكباً والشمس والقمر له ساجدين، وخاطب الله تعالى نبيَّه يعقوب علیه السلام معاتباً علی ذلك قائلاً:« اِسْتَعِدُّوا لِلْبَلَاءِ »
[463/695 ]عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «مَا
تَصَدَّقَ النَّاسُ بِصَدَقَةٍ أَفْضَلَ مِنْ قَوْلٍ حَسَنِ الْكَلِمَةُ، يُفَثُ بِهَا الْأَسِيرُ، أَوْ تَجُرُّ بِها
إِلَى أَخِيكَ خَيْراً، أَوْ تَدْفَعُ عَنْهُ مَكْرُوها أَوْ مَظْلَمَةٌ » (2).
[64/696] عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم : تَصَدَّقُوا الا وَلَوْ بِصَاعِ مِنْ تَرِ، وَلَوْ بِبَعْضٍ صَاعِ، وَلَوْ بِقَبْضَةٍ وَبِبَعْضٍ قَبْضَةٍ، وَلَوْ بِتَمْرَةٍ، وَلَوْ بشِقٌ تَرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ لَيْنَةٍ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَاقِ اللَّهَ فَقَائِلُ لَهُ: أَلَمْ أَفْعَلْ بِكَ؟ أَلَمْ أَجْعَلْكَ سَمِيعاً بَصِيراً؟ أَلَمْ أَجْعَلْ لَكَ مَالاً وَوَلَداً؟ فَيَقُولُ: بَلَى، فَيَقُولُ اللهُ
ص: 258
تَبَارَكَ وَتَعَالَى: فَانْظُرْ مَا قَدَّمْتَ لِنَفْسِكَ، قَالَ: فَيَنْظُرُ قُدَّامَهُ وَخَلْفَهُ وَعَنْ يَمِينِهِ
وَعَنْ شِمَالِهِ فَلَا يَجِدُ شَيْئاً يَقِي بِهِ وَجْهَهُ مِنَ النَّارِ »(1).
[65/697] عَنِ النَّبِي صلی الله علیه و آله وسلم أَنَّهُ قَالَ: «عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةً»، قِيلَ : مَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ ؟ قَالَ صلی الله علیه و آله وسلم : «إِمَاطَتْكَ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ، وَإِرْشَادُكَ اَلضَّالَّ إِلَى الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ، وَعِيَادَتُكَ المَرِيضَ صَدَقَةٌ، وَأَمْرُكَ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ،
وَنَهْيْكَ عَنِ الْمُنكَرِ صَدَقَةٌ، وَرَدُّكَ السَّلَامَ صَدَقَةٌ »(2).
[66/698] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: يَدْخُلُ عَلَى المَيِّتِ فِي قَيْرِهِ الصَّلَاةُ،
وَالصَّوْمُ، وَالحَجِّ، وَالصَّدَقَةُ، وَالبِرُّ، وَالدُّعَاءُ، وَيُكْتَبُ لِلَّذِي يَفْعَلُهُ
وَلِلْمَيِّتِ» (3).
[699 / 67] وَرَّامُ بْنُ أَبِي فِرَاسٍ فِي كِتَابِهِ، قَالَ: قَالَ علیه السلام : «إِذَا : تَصَدَّقَ اَلرَّجُلُ بِنِيَّةِ المَيِّتِ أَمَرَ اللهُ جَبْرَئِيلَ علیه السلام أَنْ يَحْمِلَ إِلَى قَبْرِهِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ، فِي يَدِ كُلِّ مَلَكِ طَبَقٌ، فَيَحْمِلُونَ إِلَى قَبْرِهِ، وَيَقُولُونَ: اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَليَّ الله ، هَذِهِ هَدِيَّةُ فُلَانِ بْن فُلَانِ إِلَيْكَ، فَيَتَلَالَةٌ قَبْرُهُ، وَأَعْطَاهُ اَللهُ أَلْفَ مَدِينَةٍ فِي الْجَنَّةِ، وَزَوْجَهُ أَلْفَ حَوْراءَ، وَأَلْبَسَهُ أَلْفَ حُلَّةٍ، وَقَضَى
لَهُ أَلْفَ حَاجَةٍ »(4) .
ص: 259
[ 68/700] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «لَوْ جَرَى المَعْرُوفُ عَلَى ثَمَانِينَ
كَفَّا لَأُجِرُوا كُلُّهُمْ فِيهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْقَصَ صَاحِبُهُ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا»(1).
[69/701 ]عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام قَالَ: «اَلْمُعْطُونَ ثَلَاثَةٌ: اَللهُ رَبُّ ا ،
اَلْعَالَمِينَ، وَصَاحِبُ المَالِ، وَالَّذِي يَجْرِي عَلَى يَدَيْهِ» (2).
[70/702] قَوْلُهُ:« صَدَقَةُ النَّهَارِ تَمِيثُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يَمِينُ الَمَاءُ الْمُلْحَ،
وَصَدَقَةُ اللَّيْلِ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ »(3).
[71/703] عن سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرٍو النَّخَعِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ
الله علیه السلام يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: بَكَّرُوا بِالصَّدَقَةِ، فَإِنَّ الْبَلَاءَ لَا
يَتَخَطَّاهَا » (4).
[72/704] عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ، قَالَ: قَالَ أَبو عَبْدِ الله علیه السلام : «اِفْتَتِحُوا نَهَارَكُمْ
ص: 260
بِخَيْرِ، وَأَمْلُوا عَلَى حَفَظَتِكُمْ فِي أَوَّلِهِ خَيْراً، وَفِي آخِرِهِ خَيْراً يُغْفَرْ لَكُمْ مَا بَيْنَ ذَلِكَ
إِنْ شَاءَ الله »(1).
[705 / 73] رَوَى كِرْدِينٌ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام، قَالَ: «مَنْ يَتَصَدَّقُ
بِصَدَقَةٍ حِينَ يُصْبِحُ أَذْهَبَ اللهُ عَنْهُ نَحْسَ ذَلِكَ الْيَوْمِ»(2).
[74/706] عن . وَأَعْرِفُ الطَّالِعَ، فَيَدْخُلُنِي شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، فَقَالَ: «إِذَا وَقَعَ فِي نَفْسِكَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَخُذْ شَيْئاً وَتَصَدَّقْ بِهِ عَلَى أَوَّلِ مِسْكِينٍ
أَبِي عُمَيْرٍ، قَالَ: كُنْتُ أَبْصِرُ بِالنُّجُوم وَأَعْرِفُهَا
تَلْقَاهُ ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يَدْفَعُ عَنْكَ » (3) .
[ 75/707] عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: مَنْ خُتِمَ لَهُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ خُتِمَ لَهُ بِصِيَامٍ يَوْمٍ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ
خُتِمَ لَهُ بِصَدَقَةٍ يُرِيدُ بِهَا وَجْهَ الله دَخَلَ الْجَنَّةَ »(4)
[76/708] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام أَنَّهُ كَانَ يَتَصَدَّقُ بِالسُّكَّرِ، فَقِيلَ لَهُ:
ص: 261
أَتَتَصَدَّقُ بِالسُّكَرِ، فَقَالَ: نَعَمْ، إِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْهُ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَتَصَدَّقَ
بِأَحَبُّ الْأَشْيَاءِ إِلَيَّ» (1).
[77/709] عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلَّادٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام أَكَلَ أُتِيَ بِصَحْفَةٍ فَتُوضَعُ بِقُرْبِ مَائِدَتِهِ، فَيَعْمِدُ إِلَى أَطْيَبِ الطَّعَامِ مِمَّا يُؤْتَى بِهِ، فَيَأْخُذُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ شَيْئاً، فَيَضَعُ فِي تِلْكَ الصَّحْفَةِ، ثُمَّ يَأْمُرُ بِهَا لِلْمَسَاكِينِ، ثُمَّ يَتْلُو هَذِهِ الْآيَةَ: «فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11)» [البلد: 11]، ثُمَّ قَالَ: «عَلِمَ اللَّهُ عزَّ و جلَّ أَنَّهُ لَيْسَ
كُلُّ إِنْسَانٍ يَقْدِرُ عَلَى عِتْقِ رَقَبَةٍ، فَجَعَلَ هُمُ السَّبِيلَ إِلَى الْجَنَّةِ »(2)
[78/710] عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتِ الْآيَةُ: «لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ (92)»كَانَ لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ فَرَسٌ جَمِيلٌ يُحِبُّهُ حُبًّا شَدِيداً، فَأَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله وسلم، وَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنِّي شَدِيدُ المَحَبَّةِ لِهَذَا الفَرَسِ، وَقَدْ تَصَدَّقْتُ بِهِ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم ابْنَهُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَكَرِهَ ذَلِكَ زَيْدٌ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنِّي تَصَدَّقْتُ بِهِ، فَقَالَ الرَّسُولُ صلی الله علیه و آله وسلم: «وَقَعَ فِي مَحَلَّهِ،
وَاللهُ تَعَالَى قَبلَهُ مِنْكَ » (3).
[711/ 79] عَنْ عَلِيّ علیه السلام ، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم : الصَّدَقَةُ عَجِيبٌ»، قَالَ: «فَقَالَ أَبُو ذَرِّ الغِفَارِيُّ: يَا رَسُولَ الله، فَأَيُّ الصَّدَقَاتِ أَفْضَلُ؟
ص: 262
قَالَ: أَغْلَاهَا ثَمَناً، وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا، قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ اَلَمَالُ؟ قَالَ: عَفْوُ طَعَامِكَ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَفْوُ طَعَامِ؟ قَالَ: فَضْلُ رَأْي تُرْشِدُ بِهِ صَاحِبَكَ، قَالَ : فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَأْي؟ قَالَ: فَضْلُ قُوتِ يُعْتَدُّ بِهَا عَلَى ضَعِيفٍ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ ؟ قَالَ: اَلصَّنِيعُ لِأَجْرٍ ، وَأَنْ تُعِينَ مَغْلُوباً، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّه، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ؟ قَالَ : فَيُنَجِّي عَنْ طَرِيقِ المُسْلِمِينَ مَا يُؤْذِيهِمْ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ؟ قَالَ : تَكْفُ أَذَاكَ عَنِ النَّاسِ، فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ تُطَهِّرُ بِهَا عَنْ نَفْسِكَ »(1).
[ 127/ 80]عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «اَلمَعْرُوفُ ابْتِدَاءٌ، وَأَمَّا مَنْ أَعْطَيْتَهُ بَعْدَ المَسْأَلَةِ فَإِنَّمَا كَافَيْتَهُ بِمَا بَذَلَ لَكَ مِنْ وَجْهِهِ، يَبيتُ لَيْلَتَهُ أَرِقاً مُتَمَلمِلاً يَمْثْلُ بَيْنَ الرَّجَاءِ وَالْيَأْسِ، لَا يَدْرِي أَيْنَ يَتَوَجَّهُ لِحَاجَتِهِ، ثُمَّ يَعْزِمُ بِالقَصْدِ لَتَا ، فَيَأْتِيكَ وَقَلْبُهُ يَرْجُفُ، وَفَرَائِصُهُ تُرْعَدُ، قَدْ تَرَى دَمَهُ فِي وَجْهِهِ، لَا يَدْرِي أَيَرْجِعُ
بِكَآبَةٍ أَمْ بِفَرَح »(2).
[ 81/713 ]نَهْجُ الْبَلاغَةِ : قَالَ علیه السلام: السَّخَاءُ مَا كَانَ اِبْتِدَاءٌ، فَأَمَّا مَا كَانَ
عَنْ مَسْأَلَةٍ فَحَيَاء وَتَذَمُّم »(3).
[714/ 82] رُويَ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام إِذَا أَتَاهُ طَالِبٌ فِي حَاجَتِهِ،
ص: 263
فَقَالَ لَهُ: «اكْتُبْهَا عَلَى الْأَرْضِ ، فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَرَى ذُلَّ اَلسُّؤَالِ فِي وَجْهِ
اَلسَّائِلِ »(1).
[715/ 83] عَنِ الْيَسَعِ بْنِ حَمْزَةَ، قَالَ: كُنْتُ فِي مَجْلِسِ أَبِي اَلْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام
أَحَدَّتُهُ، وَقَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ يَسْأَلُونَهُ عَنِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ طُوَالٌ آدَمُ، فَقَالَ: اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ رَسُولِ الله رَجُلٌ مِنْ مُحِيِّيكَ وَمُحِبِّي آبَائِكَ وَأَجْدَادِكَ علیهم السلام ، مَصْدَرِي مِنَ الحَجِّ ، وَقَدِ افْتَقَدْتُ نَفَقَتِي، وَمَا مَعِي مَا أَبْلُغُ مَرْحَلَةٌ ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُنْهِضَنِي إِلَى بَلَدِي وَالله عَلَيَّ نِعْمَةٌ، فَإِذَا بَلَغْتُ بَلَدِي تَصَدَّقْتُ بِالَّذِي تُوَلِّينِي عَنْكَ، فَلَسْتُ مَوْضِعَ صَدَقَةٍ، فَقَالَ لَهُ: «اِجْلِسْ رَحِمَكَ اللهُ، وَأَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ يُحَدِّثُهُمْ حَتَّى تَفَرَّقُوا وَبَقِيَ هُوَ وَسُلَيمانُ الجَعْفَرِيُّ وَخَيْثَمَهُ وَأَنَا، فَقَالَ: «أَتَأْذَنُونَ لِي فِي الدُّخُولِ؟»، فَقَالَ لَهُ سُلَيمانُ: قَدَّمَ اللَّهُ أَمْرَكَ، فَقَامَ فَدَخَلَ الْحُجْرَةَ وَبَقِيَ سَاعَةً، ثُمَّ خَرَجَ وَرَدَّ الْبَابَ وَأَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ أَعْلَى الْبَابِ، وَقَالَ: «أَيْنَ اَلْخُرَاسَانِيُّ؟»، فَقَالَ: هَا أَنَا ذَا، فَقَالَ: «خُذْ هَذِهِ الْائَتَيْ دِينَارٍ وَاسْتَعِنْ بِهَا فِي مَدُّونَتِكَ وَنَفَقَتِكَ، وَتَبَرَّكْ بِهَا، وَلَا تَصَدَّقْ بِهَا عَنِّي، وَأَخْرُجْ فَلَا أَرَاكَ وَلَا تَرَانِي»، ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ لَهُ سُلَيمانُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، لَقَدْ أَجْزَلْتَ وَرَحِمْتَ، فَلِمَاذَا سَتَرْتَ وَجْهَكَ عَنْهُ؟ فَقَالَ: «خَافَةَ أَنْ أَرَى ذُلَّ اَلسُّؤَالِ فِي وَجْهِهِ لِقَضَائِي حَاجَتَهُ، أَمَا سَمِعْتَ حَدِيثَ رَسُولِ اللهُ صلی الله علیه و آله وسلم الْمُسْتَتِرُ بِالْحَسَنَةِ يَعْدِلُ سَبْعِينَ حِجَّةً،
وَالمُذِيعُ بِالسَّيِّئَةِ تَخَدُولٌ، وَالْمُسْتَتِرُ بِهَا مَغْفُورٌ لَهُ؟ أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ الْأُوَلِ:
مَتَى آتِهِ يَوْماً لِأَطْلُبَ حَاجَةً *** رَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي وَوَجْهِي
ص: 264
[84/716] عَنْ بُنْدَارَ بْنِ عَاصِمٍ رَفَعَهُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام ، قَالَ: قَالَ:
مَا تَوَسَّلَ إِلَيَّ أَحَدٌ بِوَسِيلَةٍ، وَلَا تَذَرَّعَ بِذَرِيعَةٍ أَقْرَبَ لَهُ إِلَى مَا يُرِيدُهُ مِنْي مِنْ رَجُلٍ سَلَفَ إِلَيْهِ مِنّي يَدٌ أَتْبَعْتُهَا أُخْتَهَا وَأَحْسَنْتُ رَبَّهَا، فَإِنِّي رَأَيْتُ مَنْعَ الْأَوَاخِرِ يَقْطَعُ لِسَانَ شُكْرِ الْأَوَائِلِ، وَلَا سَخَتْ نَفْسِي بِرَدَّ بِكْرِ الْحَوَائِجِ، وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ :
وَإِذَا بُلِيتَ بِبَذْلِ وَجْهِكَ سَائِلاً *** فَابْذُلْهُ لِلْمُتَكَرِّمِ اَلْمِفْضَالِ
إِنَّ الْجَوَادَ إِذَا حَبَاكَ بِمَوْعِدٍ *** أَعْطَاكَهُ سَلِساً بِغَيْرِ مِطَا
وَإِذَا السُّؤَالُ مَعَ النَّوَالِ قَرَنْتَهُ *** رَجَحَ اَلسُّؤَالُ وَخَفَّ كُلُّ نَوَالِ»(1).
[85/717] عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ علیه السلام ، قَالَ: «لَا
يَدْخُلُ الْجَنَّةَ الْعَاقُ لِوَالِدَيْهِ، وَالمُدْمِنُ الْخَمْرِ ، وَالمَنَّانُ بِالْفِعَالِ الخَيْرِ إِذَا عَمِلَهُ»(2) .
[86/718] قَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام : «اَلَمَنْ يَهْدِمُ الصَّنِيعَةَ» (3).
[87/719] عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه علیه السلام أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ
( صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ) بَعَثَ إِلَى رَجُلٍ بِخَمْسَةِ أَوْسَاقٍ مِنْ تَرِ الْبُغَيْبِغَةِ، وَكَانَ الرَّجُلُ مِمَّنْ يَرْجُو نَوَافِلَهُ، وَيُؤَمِّلُ نَائِلَهُ وَرِفْدَهُ، وَكَانَ لَا يَسْأَلُ عَلِيًّا علیه السلام وَلَا غَيْرَهُ شَيْئاً، فَقَالَ رَجُلٌ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام: وَالله مَا سَأَلَكَ فُلَانٌ، وَلَقَدْ كَانَ يُجْزِتُهُ مِنَ الْخَمْسَةِ اَلْأَوْسَاقِ وَسْقُ وَاحِدٌ، فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام : «لَا كَثَرَ اللهُ فِي الْمُؤْمِنِينَ ضَرْبَكَ،
ص: 265
أَعْطِي أَنَا وَتَبْخَلُ أَنْتَ؟ الله أَنْتَ إِذَا أَنَا لَمْ أَعْطِ الَّذِي يَرْجُونِي إِلَّا مِنْ بَعْدِ المَسْأَلَةِ، ثُمَّ أَعْطَيْتُهُ بَعْدَ المَسْأَلَةِ فَلَمْ أَعْطِهِ إِلَّا ثَمَنَ مَا أَخَذْتُ مِنْهُ، وَذَلِكَ لِأَنِّي عَرَّضْتُهُ أَنْ يَبْدُلَ لي وَجْهَهُ الَّذِي يُعَفِّرُهُ فِي التُّرَابِ لِرَبِّي وَرَبِّهِ عِنْدَ تَعَبدِهِ لَهُ وَطَلَبِ حَوَائِجِهِ إِلَيْهِ، فَمَنْ فَعَلَّ هَذَا بِأَخِيهِ المُسْلِمِ وَقَدْ عَرَفَ أَنَّهُ مَوْضِعٌ لِصِلَتِهِ وَمَعْرُوفِهِ، فَلَمْ يُصَدِّقِ اللَّهَ عزّو جلّ وَمَا فِي دُعَائِهِ لَهُ حَيْثُ يَتَمَنَّى لَهُ الْجَنَّةَ بِلِسَانِهِ، وَيَبْخَلُ عَلَيْهِ بِالْحُطَامِ مِنْ مَالِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ العَبْدَ قَدْ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، فَإِذَا دَعَا هُمْ بِالْمَغْفِرَةِ فَقَدْ طَلَبَ هُمُ الجَنَّةَ، فَما أَنْصَفَ مَنْ فَعَلَ هَذَا بِالْقَوْلِ وَلَمْ يُحقِّقْهُ بِالْفِعْلِ »(1).
720/ 88] عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: كَانَ لِعَلِيِّ علیه السلام أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ لَا يَمْلِكْ غَيْرَهَا، فَتَصَدَّقَ بِدِرْهَم لَيْلاً، وَبِدِرْهَم نَهَاراً، وَبِدِرْهَم سِرًّا، وَبِدِرْهَم عَلَانِيَةً، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلی الله علیه و آله وسلم، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟»، قَالَ: «إِنْجَازُ مَوْعُودِ اللَّهِ»، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا
وَعَلَانِيَةً ... اَلْآيَةِ [البقرة : 274](2).
/ 18 عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِذَا أَعْتَمَ وَذَهَبَ مِنَ اللَّيْلِ شَطْرُهُ أَخَذَ جِرَاباً فِيهِ خُبْزُ وَحَمْ وَالدَّرَاهِمُ، فَحَمَلَهُ عَلَى عُنُقِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ إِلَى أَهْلِ الْحَاجَةِ مِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ، فَيُقْسِمُهُ فِيهِمْ وَلَا يَعْرِفُونَهُ، فَلَمَّا مَضَى
أَبو عَبْدِ الله علیه السلام فَقَدُوا ذَلِكَ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ كَانَ أَبَا عَبْدِ الله الي علیه السلام (3)
بيان: أعتم، أي دخل في عتمة الليل.
ص: 266
[90/22] عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْعَبَّاسِ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَبَا اَحْسَنِ الرِّضَا علیه السلام جَفَا أَحَداً بِكَلِمَةٍ قَطُّ .... إلى أن قال: وَكَانَ علیه السلام كَثِيرَ الْمَعْرُوفِ وَالصَّدَقَةِ فِي السِّرِّ، وَأَكْثَرُ ذَلِكَ يَكُونُ مِنْهُ فِي اللَّيَالِي المُظْلِمَةِ، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ رَأَى
مِثْلَهُ فِي فَضْلِهِ فَلَا تُصَدِّقُ (1).
[91/723] قَوْلُهُ صلی الله علیه و آله وسلم : «صَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَتُطْفِئُ
اَلْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ اَلَمَاءُ النَّارَ، وَتَدْفَعُ سَبْعِينَ بَاباً مِنَ الْبَلَاءِ »(2).
[92/724] عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ المَعْرُوفَ يَمْنَعُ مَصَارِعَ السُّوءِ، وَإِنَّ الصَّدَقَةَ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِم تَزيدُ فِي الْعُمُرِ، وَتَنْفِي الْفَقْرَ، وَقَوْلُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِالله فِيهِ شِفَاءٌ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ دَاءً أَدْنَاهَا أَهُمُ »(3)
[93/725] عَنْ عَبْدِ الله بْن سِنَانٍ، عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «يُسْتَحَبُّ لِلْمَرِيضِ أَنْ يُعْطِيَ السَّائِلَ بِيَدِهِ، وَيَأْمُرَ السَّائِلَ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ » (4).
ص: 267
[94/726] كَانَ زَيْنُ الْعَابِدِينَ علیه السلام يُقَبِّلُ يَدَهُ عِنْدَ الصَّدَقَةِ، فَسُئِلَ عَنْ
ذَلِكَ، فَقَالَ: «إِنَّهَا تَقَعُ فِي يَدِ اللهِ قَبْلَ أَنْ تَقَعَ فِي يَدِ اَلسَّائِل»، وَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام : إِذَا نَا وَلْتُمُ السَّائِلَ فَلْيَرُةَ الَّذِي يُنَاوِلُهُ يَدَهُ إِلَى فِيهِ فَيُقَبِّلُهَا، فَإِنَّ اللَّهَ عزَّ وَ جلَّ يَأْخُذُهَا قَبْلَ أَنْ تَقَعَ فِي يَدِ السَّائِلِ، فَإِنَّهُ عزّو جلّ وَمَا يَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ»، وَقَالَ رَسُولُ الله : «مَا تَقَعُ صَدَقَةُ المُؤْمِنِ فِي يَدِ السَّائِلِ حَتَّى تَقَعَ فِي يَدِ الله تَعَالَى»، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: «أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ(104)» وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) [التوبة: 104](1)
[95/727] عَنْ عَلِيٍّ علیه السلام، قَالَ: «إِذَا نَاوَلْتُمُ السَّائِلَ الشَّيْءَ فَاسْأَلُوهُ أَنْ يَدْعُوَ لَكُمْ، فَإِنَّهُ يُجَابُ فِيكُمْ، وَلَا يُجَابُ فِي نَفْسِهِ، لِأَنَّهُمْ يَكْذِبُونَ، وَلْيَرُدَّ الَّذِي يُنَاوِلُهُ يَدَهُ إِلَى فِيهِ فَيُقَبِّلُهَا، فَإِنَّ اللهَ عزّو جلّ يَأْخُذُهَا قَبْلَ أَنْ تَقَعَ فِي يَدِ اَلسَّائِلِ، كَمَا قَالَ اللهُ : أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ
[التوبة: 104 ](2).
[96/728] عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ
اَلْحُسَيْنِ علیهما السلام: «مَا مِنْ رَجُلٍ تَصَدَّقَ عَلَى مِسْكِينٍ مُسْتَضْعَفٍ وَدَعَا لَهُ المِسْكِينُ بِشَيْءٍ تِلْكَ السَّاعَةَ إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ » (3).
ص: 268
[97/729] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَسْتَخِفُوا بِدُعَاءِ الْمَسَاكِينِ
لِلْمَرْضَى مِنْكُمْ، فَإِنَّهُ يُسْتَجَابُ هُمْ فِيكُمْ، وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ»(1).
[ 98/730] عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهُم، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ علیه السلام، قَالَ: «لَا تُحَقِّرُوا الا دَعْوَةَ أَحَدٍ، فَإِنَّهُ يُسْتَجَابُ لِلْيَهُودِي وَالنَّصْرَانِي فِيكُمْ، وَلَا يُسْتَجَابُ هُمْ فِي
أَنْفُسِهِمْ »(2).
[99/731]عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ الْبَجَلِي، قَالَ: شَكَوْتُ إِلَى أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام حَالِي وَانْتِشَارَ أَمْرِي عَلَيَّ، قَالَ: فَقَالَ لِي: «إِذَا قَدِمْتَ الْكُوفَةَ فَبِعْ وِسَادَةٌ مِنْ بَيْتِكَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَادْعُ إِخْوَانَكَ، وَأَعِدَّ لَهُمْ طَعَاماً، وَسَلْهُمْ يَدْعُونَ اللهَ لَكَ، قَالَ: فَفَعَلْتُ، وَمَا أَمْكَنَنِي ذَلِكَ حَتَّى بِعْتُ وِسَادَةً وَاتَّخَذْتُ طَعَاماً كَمَا أَمَرَنِي، وَسَأَلْتُهُمْ أَنْ يَدْعُوا اللَّهَ لِي، قَالَ: فَوَالله مَا مَكَثْتُ إِلَّا قَلِيلاً حَتَّى أَتَانِي غَرِيمٌ لي، فَدَقَّ البَابَ عَلَيَّ، وَصَالَحَنِي مِنْ مَالٍ لِي كَثِيرٍ كُنْتُ أَحْسَبُهُ نَحْواً مِنْ عَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَتِ الْأَشْيَاءُ عَلَيَّ (3).
[ 732/ 100] عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام فِي قَوْلِ اللَّه عزّو جلّ:
«إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ...(55)»الآيَةَ [المائدة: 55]، قَالَ: «إِنَّ رَهْطَاً مِنَ الْيَهُودِ أَسْلَمُوا مِنْهُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَم وَأَسَدٌ وَثَعْلَبَةُ وَابْنُ يَامِينَ وَابْنُ
ص: 269
صُورِيَا، فَأَتَوُا النَّبِيَّ صلی الله علیه و آله وسلم، فَقَالُوا : يَا نَبِيَّ الله ، إِنَّ مُوسَىٰ علیه السلام أَوْصَى إِلَى يُوشَعَ بْنِ نُونٍ، فَمَنْ وَصِيُّكَ يَا رَسُولَ الله؟ وَمَنْ وَلِيَنَا بَعْدَكَ؟ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55)» [المائدة: 55] ثُمَّ قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: قُومُوا، فَقَامُوا فَأَتَوا اَلمَسْجِدَ، فَإِذَا سَائِلٌ خَارِجٌ فَقَالَ: يَا سَائِلُ أَمَا أَعْطَاكَ أَحَدٌ شَيْئاً؟ قَالَ: نَعَمْ، هَذَا ،اَلْخَاتَمَ قَالَ: مَنْ أَعْطَاكَهُ؟ قَالَ: أَعْطَانِيهِ ذَلِكَ اَلرَّجُلُ الَّذِي يُصَلِّى، قَالَ: عَلَى أَيُّ حَالٍ أَعْطَاكَ؟ قَالَ: كَانَ رَاكِعاً ، فَكَبَّرَ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم، وَكَبَّرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَلِيُّكُمْ بَعْدِي ، قَالُوا: رَضِينَا بِالله رَبَّا، وَبِالْإِسْلَام دِيناً، وَبِمُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله وسلم نَبِيًّا، وَبِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَلِيًّا، فَأَنْزَلَ اللهُ عزَّ وَ جلَّ: «وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56)» [المائدة: 56]، فَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: وَالله لَقَدْ تَصَدَّقْتُ أرْبَعِينَ خَاتَماً وَأَنَا رَاكِع لیَنَزَلَ
فِيَّ مَا نَزَلَ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَمَا نَزَلَ»(1) .
[733 / 101] عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّا علي هلاما
أَهْلُ بَيْتٍ لَا نَرْجِعُ فِي مَعْرُوفِنَا» (2).
[ 734/ 102] وَفِي كِتَابِ الْفُنُونِ: نَامَ رَجُلٌ مِنَ الْحَاجُ فِي المَدِينَةِ، فَتَوَهَّمَ أَنَّ
هِمْيَانَهُ سُرِقَ، فَخَرَجَ ، فَرَأَى جَعْفَرَ الصَّادِقَ علیه السلام مُصَلِّياً وَلَمْ يَعْرِفْهُ، فَتَعَلَّقَ وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ أَخَذْتَ هِمْيَانِي، قَالَ: «مَا كَانَ فِيهِ؟»، قَالَ: أَلْفُ دِينَارٍ، قَالَ: فَحَمَلَهُ
ص: 270
إِلَى دَارِهِ، وَوَزَنَ لَهُ أَلْفَ دِينَارٍ ، وَعَادَ إِلَى مَنْزِلِهِ وَوَجَدَ هِمْيَانَهُ، فَعَادَ إِلَى جَعْفَرٍ علیه السلام مُعْتَذِراً بِالمَالِ، فَأَبَى قَبُولَهُ ، وَقَالَ علیه السلام: شَيْءٌ خَرَجَ مِنْ يَدِي لَا يَعُودُ إِلَيَّ، قَالَ:
فَسَأَلَ اَلرَّجُلُ عَنْهُ، فَقِيلَ : هَذَا جَعْفَرٌ الصَّادِقُ علیه السلام ، قَالَ: لَا جَرَمَ هَذَا فَعَالُ
مثله »(1).
103/735] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام : شِيعَتُنَا مَنْ لَا يَسْأَلُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَوْ
مات جوعاً »(2).
104/136 عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: قَالَ عَلى ابْنُ الْحُسَيْنِ علیهما السلام: ضَمِنْتُ عَلَى رَبِّي أَنَّهُ لَا يَسْأَلُ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَّا اِضْطَرَّتْهُ اَلمَسْأَلَهُ يَوْماً إِلَى أَنْ يَسْأَلَ مِنْ حَاجَةٍ » (3).
[ 737/ 105] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام : «مَنْ يَسْأَلُ مِنْ غَيْرِ فَقْرِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الْجَمْرَ»(4).
[106/738] عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام يَقُولُ: «ثَلَاثُ
أُقْسِمُ أَنَّهُنَّ أَنَّهُنَّ حَقٌّ : مَا أَعْطَى رَجُلٌ شَيْئاً مِنْ مَالِهِ فَنَقَصَ مِنْ مَالِهِ، وَلَا صَبَرَ عَنْ مَظْلَمَةٍ إِلَّا زَادَهُ اللهُ بِهَا عِزَّا، وَلَا فَتَحَ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ
فقر »(5).
[107/739] عَنِ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم مَنِ اسْتَغْنَى أَغْنَاهُ اللهُ، وَمَنِ اسْتَعَفَّ
ص: 271
أَعَفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ سَأَلَ أَعْطَاهُ اللهُ، وَمَنْ فَتَحَ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ اَلَمَسْأَلَةِ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ
سَبْعِينَ بَاباً مِنَ الْفَقْرِ لَا يَسُدُّ أَدْنَاهَا بِشَيْءٍ »(1).
[108/740] قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْماً لِأَصْحَابِهِ: «أَلَا تُبَايِعُوني؟»، فَقَالُوا: قَدْ بَايَعْنَاكَ، يَا رَسُولَ الله قَالَ: تُبَايِعُوني عَلَى أَنْ لَا تَسْأَلُوا النَّاسَ»، فَكَانَ بَعْدَ
ذَلِكَ تَقَعُ الْمِخْصَرَةُ مِنْ يَدِ أَحَدِهِمْ، فَيَنْزِلُ لَهَا، وَلَا يَقُولُ لِأَحَدٍ: نَاوِلْنِيهَا »(2).
[ 741/ 109] مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْل اَلصَّيْرَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيّ
اِبْنِ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم: يَا رَسُولَ الله عَلَّمْنِي عَمَلاً لَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ، قَالَ: لَا تَغْضَبْ، وَلَا تَسْأَلِ النَّاسَ شَيْئاً، وَارْضَ لِلنَّاسِ مَا تَرْضَى لِنَفْسِكَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، زِدْنِي، قَالَ: إِذَا صَلَّيْتَ الْعَصْرَ فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ سَبْعاً وَسَبْعِينَ مَرَّةً يَحْطُ عَنْكَ عَمَلَ سَبْع وَسَبْعِينَ سَنَةٌ، قَالَ: مَا لِي سَبْعٌ وَسَبْعُونَ سَنَةٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم : اجْعَلْهَا لكَ وَلِأَبِيكَ، قَالَ: مَا لي وَلِأَبِي سَبْعٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: اِجْعَلْهَا لَكَ وَلِأَبِيكَ وَلِأُمِّكَ، قَالَ: يَا رَسُولَ الله مَا لِي وَلِأَبِي وَلِأُمِّي سَبْعٌ وَسَبْعُونَ سَنَةٌ، قَالَ لَهُ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: اِجْعَلْهَا لَكَ وَلِأَبِيكَ وَلِأُمِّكَ وَلِقَرَابَتِكَ »(3).
[110/742] عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: «جَاءَتْ فَخِذْ مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم ، فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِمُ السَّلَامَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله لَنَا إِلَيْكَ حَاجَةٌ، فَقَالَ: هَاتُوا حَاجَتِكُمْ، قَالُوا: إِنَّهَا حَاجَةٌ عَظِيمَةٌ،
ص: 272
فَقَالَ: هَاتُوهَا، مَا هِيَ؟ قَالُوا: تَضْمَنُ لَنَا عَلَى رَبِّكَ الْجَنَّةَ»، قَالَ: «فَنَكَسَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم رَأْسَهُ، ثُمَّ نَكَتَ فِي الْأَرْضِ ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: أَفْعَلُ ذَلِكَ بِكُمْ عَلَى أَنْ لَا تَسْأَلُوا أَحَداً شَيْئاً»، قَالَ: «فَكَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَكُونُ فِي السَّفَرِ فَيَسْقُطُ سَوْطُهُ فَيَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ لِإِنْسَانٍ: نَاوِلْنِيهِ، فِرَاراً مِنَ المَسْأَلَةِ، فَيَنْزِلُ فَيَأْخُذُهُ، وَيَكُونُ عَلَى المَائِدَةِ، وَيَكُونُ بَعْضُ الْجُلَسَاءِ أَقْرَبَ إِلَى المَاءِ مِنْهُ، فَلَا يَقُولُ: نَاوِلْنِي، حَتَّى
يَقُومُ فَيَشْرَبُ »(1).
[743 / 111] عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام، قَالَ: « سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا اتَّخَذَ اللَّهُ عزَّ وَ جلَّ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً لِأَنَّهُ لَمْ
يَرُدَّ أَحَداً، وَلَمْ يَسْأَلْ أَحَداً قَطُّ غَيْرَ الله عزّو جلّ»(2).
112/7446] قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ رضی الله عنه: أَوْصَانِي خَلِيلِي رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم بِسَبْعِ لَا أَدَعُهُنَّ عَلَى كُلِّ حَالٍ : أَنْ أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ دُونِي وَلَا أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقِي، وَأَنْ أُحِبَّ الْفُقَرَاءَ وَأَدْنُوَ مِنْهُمْ، وَأَنْ أَقُولَ اَلْحَقِّ وَإِنْ كَانَ مُرًا، وَأَنْ أَصِلَ رَحِمِي وَإِنْ كَانَتْ مُدْبِرَةٌ، وَأَنْ لَا أَسْأَلَ النَّاسَ شَيْئاً، وَأَوْصَانِي أَنْ أَكْثَرَ قَوْلَ : لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِالله العَلِيِّ العَظِيمِ، فَإِنَّهَا كَنْزٌ
مِنْ كُنُوزِ اَلجَنَّةِ (3)ک
[113/745] عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام :
ص: 273
رَحِمَ اللهُ عَبْداً عَفْ وَتَعَفَّفَ وَكَفَّ عَنِ المَسْأَلَةِ، فَإِنَّهُ يَتَعَجَّلُ الدَّنِيَّةَ في الدُّنْيَا، وَلَا
يُغْنِي النَّاسُ عَنْهُ شَيْئاً»، قَالَ: ثُمَّ تَمَتَّلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهُ علیه السلام بِبَيْتِ حَاتِم:
إِذَا مَا عَرَفْتُ الْيَأْسَ أَلْفَيْتُهُ الغِنَى *** إِذَا عَرَفَتْهُ النَّفْسُ وَالطَّمَعُ الفقر(1)
[114/746] قَالَ صلی الله علیه و آله وسلم لِأَي ذَرِّ رضی الله عنه: «يَا أَبَا ذَرِّ، إِيَّاكَ وَالسُّؤَالَ فَإِنَّهُ ذُلُّ حَاضِرٌ، وَفَقْرٌ تَتَعَجَّلُهُ، وَفِيهِ حِسَابٌ طَوِيلٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ...»، إلى أن قال: «يَا أَبَا
ذَرِّ ، لَا تَسْأَلُ بِكَفِّكَ، فَإِنْ أَتَاكَ شَيْءٌ فَاقْبَلُهُ »(2).
[ 115/747] عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَحَبَّ شَيْئاً لِنَفْسِهِ وَأَبْغَضَهُ خَلْقِهِ، أَبْغَضَ لِخَلْقِهِ المَسْأَلَةَ، وَأَحَبَّ لِنَفْسِهِ أَنْ يُسْتَلَ، وَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَى اللَّهُ مَا مِنْ أَنْ
يُسْتَلَ، فَلَا يَسْتَحْيِي أَحَدُكُمْ أَنْ يَسْأَلُ اللهَ مِنْ فَضْلِهِ وَلَوْ شِسْعَ نَعْلِ»(3).
[116/748] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: قَالَ أَبو جَعْفَرٍ علیه السلام : «يَا مُحَمَّدُ، لَوْ يَعْلَمُ اَلسَّائِلُ مَا فِي المَسْأَلَةِ مَا سَأَلَ أَحَدٌ أَحَداً، وَلَوْ يَعْلَمُ المُعْطِي مَا فِي العَطِيَّة مَا
رَدَّ أَحَدٌ أَحَداً»(4).
[117/749] عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ علیهما السلام أَنَّهُ قَالَ لَلزَّهَرِي: «وَاعْلَمْ أَنَّ علما أَكْرَمَ اَلنَّاسِ عَلَى النَّاسِ مَنْ كَانَ خَيْرُهُ عَلَيْهِمْ فَائِضاً، وَكَانَ عَنْهُمْ مُسْتَغْنِياً مُتَعَفِّفاً،
ص: 274
وَأَكْرَمُ النَّاسِ بَعْدَهُ عَلَيْهِمْ مَنْ كَانَ عَنْهُمْ مُتَعَفِّفاً، وَإِنْ كَانَ إِلَيْهِمْ مُحتاجاً، وَإِنَّما أَهْلُ اَلدُّنْيَا يَعْشَقُونَ أَمْوَالَ الدُّنْيَا، فَمَنْ لَمْ يُزَاحِمْهُمْ فِيمَا يَعْشَقُونَهُ كَرُمَ عَلَيْهِمْ، وَمَنْ لَمْ يُزَاحِمْهُمْ فِيهَا وَمَكَّنَهُمْ مِنْهَا أَوْ مِنْ بَعْضِهَا كَانَ أَعَزَّ وَأَكْرَمَ »(1).
[118/750 ] قَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم: شَهَادَةُ الَّذِي يَسْأَلُ فِي كَفِّهِ تُرَدُّ »(2) .
[751/ 119] عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ ، قَالَ : قَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام : «مَنْ
سَأَلَ اَلنَّاسَ شَيْئاً وَعِنْدَهُ مَا يَقُوتُهُ يَوْمٌ فَهُوَ مِنَ المُسْرِفِينَ »(3). .
[120/752] في حَدِيثِ وَصِيَّةِ النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله وسلم لعلي علیه السلام : «يَا عَلِيُّ، لَئِنْ لِعَلِيٌّ
أُدْخِلَ يَدِي فِي فَمِ التَّنْينِ إِلَى الْمِرْفَقِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَسْأَلَ مَنْ لَمْ يَكُنْ ثُمَّ كَانَ »(4)
بيان: (مَنْ لَمْ يَكُنْ ثُمَّ كَانَ) هو الجديد على النعمة.
[753 / 121] قَالَ عَلِيُّ علیه السلام: «فَوْتُ الْحَاجَةِ أَهْوَنُ مِنْ طَلَبِهَا إِلَى غَيْرِ
أَهْلِهَا »(5) .
[122/754] عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ لِوَلَدِهِ اَلْحَسَن علیه السلام: «يَا بُنَيَّ، إِذَا نَزَلَ بِكَ كَلَبُ الزَّمَانِ وَقَحْطُ الدَّهْرِ فَعَلَيْكَ بِذَوِي الْأُصُولِ الثَّابِتَةِ وعِ النَّابِتَةِ وَالْفُرُوعِ مِنْ أَهْلِ الرَّحْمَةِ وَالْإِيْثَارِ وَالشَّفَقَةِ، فَإِنَّهُمْ أَقْضَى لِلْحَاجَاتِ وَأَمْضَىٰ
ص: 275
لِدَفْعِ المُلِيَّاتِ، وَإِيَّاكَ وَطَلَبَ الْفَضْلِ وَاكْتِسَابَ الطَّسَائِحِ وَالْقَرَارِيطِ (1)مِنْ ذَوِي اَلْأَكُفِّ الْيَابِسَةِ وَالْوُجُوهِ الْعَابِسَةِ، فَإِنَّهُمْ إِنْ أَعْطَوْا مَنوا، وَإِنْ مَنَعُوا كَدُّوا»، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
وَاسْأَلِ الْعُرْفَ إِنْ سَأَلْتَ كَرِيماً *** لَمْ يَزَلْ يَعْرِفُ الْغِنَى وَالْيَسَارَا
فَسُؤَالُ الكَرِيم يُورِثُ عِزّا *** وَسُؤَالُ اللَّيْيم يُورِثُ عَاراً
وَإِذَا لَمْ تَجِدْ مِنَ الذُّلٌ بُدا *** فَالقَ بِالذُّلُّ إِنْ لَقِيتَ كِبَارَا
لَيْسَ إِجْلَالُكَ الْكِبَيرَ بِعَارٍ*** اِنَّمَا الْعَارُ أَنْ تُجِلَّ الصِّغَارَا(2)
بیان :(كَلَبُ اَلزَّمَانِ) شدَّته وصعوبة الأحوال فيه.
[123/755 ]عَنْ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم أَنَّهُ قَالَ: «أطْلُبُوا الْبَذْلَ مِنْ رُحَمَاءِ أُمَّتِي، فَعَلَيْهِمْ تَنْزِلُ الرَّحْمَةُ مِنَ اللهِ، وَلَا تَطْلُبُوهُ مِنَ الْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ، فَعَلَيْهِمْ تَنْزِلُ
اللَّعْنَةُ مِنَ الله (3).
[124/756] عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیه السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم:
«اُطلُبُوا الخَيْرَ عِنْدَ حِسَانِ الْوُجُوهِ، فَإِنَّ فِعَاهُمْ أَحْرَى أَنْ تَكُونَ حَسَناً »(4).
[125/757] عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: كُلُّ سُؤَالِ ذُلّ وَمَنْقَصَةٌ
ص: 276
إِلَّا مَا كَانَ مِنْ سُؤَالِ الرَّجُلِ لِإِمَامِهِ أَوْ عَالِمِهِ أَوْ وَالِدِهِ، فَإِنَّهُ لَا ذُلَّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ
وَلَا مَنْقَصَةَ» (1)
[ 758 / 126] عَنْ مُفَضَّلِ بْنِ قَيْسِ بْنِ رُمَّانَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبي عَبْدِ الله علیه السلام ، فَذَكَرْتُ لَهُ بَعْضَ حَالِي، فَقَالَ: «يَا جَارِيَةُ، هَاتِ ذَلِكَ الْكِيسَ، هَذِهِ أَرْبَعُمِائَةِ دِينَارٍ وَصَلَنِي بِهَا أَبُو جَعْفَرٍ، فَخُذْهَا وَتَفَرَّجُ بِهَا»، قَالَ: فَقُلْتُ: لَا وَالله جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَا هَذَا دَهْرِي، وَلَكِنْ أَحْبَبْتُ أَنْ تَدْعُوَ الله عزّو جلّ لي، قَالَ: فَقَالَ: «إِنِّي
سَأَفْعَلُ، وَلَكِنْ إِيَّاكَ أَنْ تُخْبِرَ النَّاسَ بِكُلِّ حَالِكَ فَتَهُونَ عَلَيْهِمْ»(2).
[ 127/759] عَنْ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ علیه السلام فِي وَصِيَّتِهِ لِكُمَيْل : «يَا كُمَيْلُ، لَا بَأْسَ بِأَنْ لَا يُعْلَمَ سِرُّكَ يَا كُمَيْلُ، لَا تُرِيَنَّ النَّاسَ افْتِقَارَكَ وَاضْطِرَارَكَ، وَاصْطَبِرْ عَلَيْهِ اِحْتِسَاباً تُعْرَفْ بِسِتْرِ. يَا كُمَيْلُ، أَخُوكَ أَخُوكَ الَّذِي لَا يَخْذُلُكَ عِنْدَ الشِّدَّةِ، وَلَا يَغْفُلُ عَنْكَ عِنْدَ الْجَريرَةِ، وَلَا يَخْدَعُكَ حِينَ تَسْأَلُهُ، وَلَا يَتْرُكُكَ وَأَمْرَكَ حَتَّى تُعْلِمَهُ، فَإِنْ كَانَ مُمِيلاً أَصْلَحَهُ »(3).
[128/760] عَنْ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ جَاعَ أَوِ اِحْتَاجَ فَكَتَمَهُ
النَّاسَ وَأَفْشَاهُ إِلَى اللَّه كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يَرْزُقَهُ رِزْقَ سَنَةٍ مِنَ الْحَلَالِ » (4).
[ 129/761] عَنْ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَبْدَى إِلَى النَّاسِ ضَرَّهُ
فَقَدْ فَضَحَ نَفْسَهُ »(5).
ص: 277
[130/762] نَهْجُ الْبَلَاغَةِ: وَقَالَ علیه السلام: «مَنْ شَكَا أَلْحَاجَةَ إِلَى مُؤْمِنٍ
فَكَأَنَّها شَكَاهَا إِلَى الله ، وَمَنْ شَكَاهَا إِلَى كَافِرٍ فَكَأَنَّمَا شَكَا الله »(1).
[131/763] عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ لِكُمَيْلِ بْنِ زِيَادٍ: يَا كُمَيْلُ، لَا بَأْسَ بِأَنْ تُطْلِعَ أَخَاكَ عَلَى سِرَّكَ ، وَمَنْ أَخُوكَ؟ [أَخُوكَ ] الَّذِي لَا يَخْذُلُكَ عِنْدَ اَلشِدَّةِ، وَلَا يَقْعُدُ عَنْكَ عِنْدَ الجَريرَةِ، وَلَا يَدَعُكَ حِينَ تَسْأَلُهُ، وَلَا يَذَرُكَ وَأَمْرَكَ
حَتَّى تُعْلِمَهُ »(2)
[764/132] عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَأَبِي عَبْدِ الله علیهما السلام ، قَالَ: «مَنْ
قنَعَ بِمَا رَزَقَهُ اللهُ فَهُوَ مِنْ أَغْنَى النَّاسِ »(3).
[133/765] عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله الله صلی الله علیه و آله وسلم
(مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ أَغْنَى النَّاسِ فَلْيَكُنْ بِمَا فِي يَدِ اللهِ أَوْثَقَ مِنْهُ بِمَا فِي يَدِ غَيْرِهِ »(4).
[134/766] عَنْ سَالِمِ بْنِ مُكْرَمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: «اِشْتَدَّتْ حَالُ رَجُلٍ مِنْ ، فَقَالَتْ لَهُ اِمْرَأَتُهُ: لَوْ أَتَيْتَ رَسُولَ الله صلی الله علیه و آله وسلم،
أصْحَاب النبي فَسَأَلْتَهُ، فَجَاءَ إِلَى النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم، فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم، قَالَ : مَنْ سَأَلَنَا أَعْطَيْنَاهُ وَمَنِ
ص: 278
اِسْتَغْنَى أَغْنَاهُ الله، فَقَالَ الرَّجُلُ : مَا يَعْنِي غَيْرِي، فَرَجَعَ إِلَى اِمْرَأَتِهِ فَأَعْلَمَهَا، فَقَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ الله صلی الله علیه و آله وسلم بَشَرٌ فَأَعْلِمْهُ ، فَأَتَاهُ، فَلَما رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی الله علیه و آله وسلم، قَالَ: مَنْ سَأَلَنَا أَعْطَيْنَاهُ، وَمَنِ اِسْتَغْنَىٰ أَغْنَاهُ اللَّهُ حَتَّى فَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ ثَلاثاً، ثُمَّ ذَهَبَ اَلرَّجُلُ فَاسْتَعَارَ مِعْوَلاً، ثُمَّ أَتَى الْجَبَلَ فَصَعِدَهُ، فَقَطَعَ حَطَبَاً، ثُمَّ جَاءَ بِهِ، فَبَاعَهُ بِنِصْفِ مُدَّ مِنْ دَقِيقٍ، فَرَجَعَ بِهِ فَأَكَلَهُ، ثُمَّ ذَهَبَ مِنَ الْغَدِ، فَجَاءَ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَبَاعَهُ، فَلَمْ يَزَلْ يَعْمَلُ وَيَجْمَعُ حَتَّى اِشْتَرَى مِعْوَلاً، ثُمَّ جَمَعَ حَتَّى اِشْتَرَى بَكْرَيْنِ وَغُلَاماً، ثُمَّ أَثْرَى حَتَّى أَيْسَرَ فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله وسلم فَأَعْلَمَهُ كَيْفَ جَاءَ يَسْأَلُهُ، وَكَيْفَ سَمِعَ النَّبِيَّ صلی الله علیه و آله وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلی الله علیه و آله وسلم ، قُلْتُ لَكَ: مَنْ سَأَلَنَا أَعْطَيْنَاهُ، وَمَن اِسْتَغْنَى أَغْنَاهُ اللهُ »(1) .
[ 767 / 135 ] سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ علیه السلام عَنْ أَفْضَل الْأَعْمَالِ، فَقَالَ: «هُوَ
أَنْ يَقْنَعَ بِالْقُوتِ، وَيَلْزَمَ السُّكُوتَ ، وَيَصْبِرَ عَلَى الْأَذِيَّةِ، وَيَنْدَمَ عَلَى الْخَطِيئَةِ »(2).
[ 136/768 ]اَلْآمِدِيُّ فِي( الْغُرَرِ ) ، عَنْهُ علیه السلام، قَالَ: «إِذَا طَلَبْتَ الْغِنَى فَاطْلُبْهُ بِالْقَنَاعَةِ»، وقال علیه السلام : إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدِ خَيْراً أَهْمَهُ الْقَنَاعَةَ، فَاكْتَفَى
بِالْكَفَافِ، وَاكْتَسَى بِالْعَفَافِ»، وَقَالَ علیه السلام: «مَنْ فَنَعَ شَبعَ، مَنْ تَقَنَّعَ فَنَعَ، وَقَالَ علیه السلام : «مَنْ قَنَعَ بِقِسْمِهِ اِسْتَرَاحَ » ، وَقَالَ علیه السلام : «مَنْ قَنَعَ لَمْ يَغْتَمَّ مَنْ تَوَكَّلَ لَمْ هتَمَّ ، وَقَالَ علیه السلام: مَنْ فَنَعَ حَسُنَتْ عِبَادَتُهُ، وَقَالَ علیه السلام : «مَنْ فَنَعَ قَلَّ طَمَعُهُ»،
وَقَالَ علیه السلام: مَنْ قَنَعَ بِقَسْم الله ،اِسْتَغْنَى وَمَنْ لَمْ يَقْنَعْ بِمَا قُدْرَ لَهُ تَعَنَّى،
وَقَالَ : مَنْ رَضِيَ بِالمَقْدُورِ اكْتَفَى بِالمَيْسُورِ»، وَقَالَ علیه السلام: «مَنْ عُدِمَ الْقَنَاعَةُ
لا عالم لَمْ يُغْنِهِ اَلَمَالُ»، وَقَالَ علیه السلام : «مَنْ رَضِيَ بِقِسْمِهِ لَمْ يَسْخَطْهُ أَحَدٌ، وَقَالَ علیه السلام: «مَنْ قَنَعَ بِرِزْقِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ اِسْتَغْنَى عَنِ الْخَلْقِ، وَقَالَ علیه السلام: «مَنْ قَنَعَ كُفِيَ مَذَلَّةَ
ص: 279
الطَّلَبِ»، وَقَالَ علیه السلام: مَنْ أَكْثَرَ ذِكْرَ المَوْتِ رَضِيَ مِنَ الدُّنْيَا بِالْكَفَافِ، مَنْ قَنَعَتْ نَفْسُهُ أَعَانَتْهُ عَلَى النَّرَاهَةِ وَالْعَفَافِ»، وَقَالَ علیه السلام: «الرِّضَا بِالْكَفَافِ يُؤَدِّي إِلَى
الْعَفَافِ »(1).
[ 769 / 137] عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام يَقُولُ: «طَلَبُ الْحَوَائِجِ إِلَى النَّاسِ اِسْتِلَابُ لِلْعِزِّ، وَمَذْهَبَةٌ لِلْحَيَاءِ، وَالْيَأْسُ مِمَّا فِي
أَيْدِي النَّاسِ عِزّ لِلْمُؤْمِنِ فِي دِينِهِ، وَالطَّمَعُ هُوَ الْفَقْرُ الْحَاضِرُ »(2)
[ 138/770] عَنْ حَفْصِ بْن غِيَاثٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام : «إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ لَا يَسْأَلَ رَبَّهُ شَيْئاً إِلَّا أَعْطَاهُ فَلْيَيْأَسْ مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ، وَلَا يَكُونُ لَهُ رَجَاءُ إِلَّا عِنْدَ اللهُ ، فَإذا علم الله عزّو جلّ ذَلِكَ مِنْ قَلْبِهِ لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ شَيْئاً إِلَّا
أَعْطَاهُ» (3)
[139/771] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام، قَالَ: «الْيَأْسُ مِمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ عِزُ
اَلْمُؤمِنِ فِي دِینِهِ ، أَوْ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ حَاتِمٍ .
إِذَا مَا عَرَفْتَ الْيَأْسَ أَلْفَيْتَهُ الْغِنَى *** إِذَا عَرَفَتْهُ النَّفْسُ وَالطَّمَعُ الْفَقْرُ ؟ »(4)
ص : 280
[140/772] عَنْ عَبْدِ الله بْن سِنَانٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله
اَلصَّادِقَ علیه السلام يَقُولُ: «ثَلَاثَةٌ هُنَّ فَخْرُ الْمُؤْمِنِ، وَزِينَةٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ: اَلصَّلَاةُ في آخِرِ اللَّيْلِ، وَيَأْسُهُ لِمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ، وَوَلَايَةُ الْإِمَامِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله وسلم»(1).
[141/773]عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثَّمَالِيُّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام ، قَالَ: «أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صلی الله علیه و آله وسلم، فَقَالَ: عَلَّمْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ شَيْئًا، فَقَالَ علیه السلام : عَلَيْكَ بِالْيَأْسِ مِمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ فَإِنَّهُ الْغِنَى الْخَاضِرُ، قَالَ: زِدْنِي، يَا رَسُولَ الله، قَالَ: إِيَّاكَ وَالطَّمَعَ فَإِنَّهُ اَلْفَقْرُ الْحَاضِرُ، قَالَ: زِدْنِي، يَا رَسُولَ الله، قَالَ: إِذَا هَمَمْتَ بِأَمْرٍ فَتَدَبَّرْ عَاقِبَتَهُ، فَإِنْ يَكُ خَيْراً أَوْ رُشْداً اِتَّبَعْتَهُ، وَإِنْ يَكُ شَرًا أَوْ غَيَّا تَرَكْتَهُ »(2).
[142/774] شَكَا رَجُلٌ إِلَى أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام أَنَّهُ يَطْلُبُ وَيُصِيبُ وَلَا يَقْنَعُ وَتُنَازِعُهُ نَفْسُهُ إِلَى مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَقَالَ: عَلَّمْنِي شَيْئاً أَنْتَفِعُ بِهِ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام : «إِنْ كَانَ مَا يَكْفِيكَ يُغْنِيكَ فَأَدْنَى مَا فِيهَا يُغْنِيكَ، وَإِنْ كَانَ مَا يَكْفِيكَ لَا
يُغْنِيكَ فَكُلُّ مَا فِيهَا لَا يُغْنِيكَ»(3).
كم عسى أن يكفي الإنسان؟! »(4)
[143/775] عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام : «مَا هَلَكَ مَنْ عَرَفَ قَدْرَهُ، وَمَا يَبْكِي النَّاسُ عَلَى الْقُوتِ، إِنَّمَا يَبْكُونَ عَلَى الْفُضُولِ»، ثُمَّ قَالَ:
« فَکَمْ عَسَی أَنْ یَکفَی اَلاِنْسَانَ ؟»(5).
[144/776] عَنِ الهُيْثَمِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام ، قَالَ: «مَنْ رَضِيَ
مِنَ الله بِالْيَسِيرِ مِنَ المَعَاشِ رَضِيَ اللهُ مِنْهُ بِالْيَسِيرِ مِنَ الْعَمَلِ »(6)
ص: 281
[ 145/777] عن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم أنه خطب لما أراد الخروج إلى تبوك
بثنية الوداع، وساق الخطبة إلى أن قال: «وَمَا قَلَّ وَكَفَى خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ وَأَهْى»(1) .
[146/778] عَنْ أَبِي أُسَامَةَ زَيْدِ الشَّحَّام ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: قَالَ: «مَا مَنَعَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم سَائِلاً قَطُّ، إِنْ كَانَ عِنْدَهُ أَعْطَى، وَإِلَّا قَالَ: يَأْتِي الله بِهِ»(2)
[779 / 147] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ يَوْماً لِبَعْض أَهْلِهِ: «لَا تَرُدُّوا سَائِلاً»، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ كَانَ بِحَضْرَتِهِ مِنْ أَصْحَابِهِ: يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ، إِنَّهُ قَدْ يَسْأَلُ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ، قَالَ: عَسَى أَنْ يَرُدُّوا مَنْ رَأَوْا أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُ وَيَكُونَ مِمَّنْ يَسْتَحِقُ ، فَيَنْزِلَ بِهِمْ - وَأَعُوذُ بِاللهِ - مَا نَزَلَ بِيَعْقُوبَ»، قَالَ: يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ، مَا الَّذِي نَزَلَ بِيَعْقُوبَ؟ قَالَ: «كَانَ يَعْقُوبَ النَّبِيُّ علیه السلام يَذْبَحُ لِعِيَالِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ شَاةً
عا وَيَقْسِمُ هُمْ مِنَ الطَّعَامِ مَعَ ذَلِكَ مَا يَسَعُهُمْ، وَكَانَ فِي عَصْرِهِ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ كَرِيمٌ عَلَى اللَّه لَا يُؤْبَهُ لَهُ، قَدْ أَخْمَلَ نَفْسَهُ، وَلَزِمَ السَّيَاحَةَ، وَرَفَضَ الدُّنْيَا، فَلَا يَشْتَغِلُ بِشَيْءٍ مِنْهَا، فَإِذَا بَلَغَ بِهِ الْجُهْدَ تَوَكَّىٰ دُورَ الْأَنْبِيَاءِ وَأَبْنَاءَ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ، وَوَقَفَ لَهَا وَسَأَلَ كَمَا يَسْأَلُ السُّؤَالُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْرَفَ بِهِ، فَإِذَا أَصَابَ بِمَا يُمْسِكُ بِهِ رَمَقَهُ مَضَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَلَمَّا اِعْتَرَىٰ لَيْلَةً بِبَابِ يَعْقُوبَ وَقَدْ فَرَغُوا مِنْ طَعَامِهِمْ وَعِنْدَهُمْ مِنْهُ بَقِيَّةٌ كَثِيرَةٌ، فَسَأَلَ، فَأَعْرَضُوا عَنْهُ، فَلَا هُمْ أَعْطَوْهُ شَيْئاً، وَلَا هُمْ صَرَفُوهُ، وَأَطَالَ الْوُقُوفَ يَنْتَظِرُ مَا عِنْدَهُمْ حَتَّى أَدْرَكَهُ ضَعْفُ اَلْجُهْدِ وَضَعْفُ
ص: 282
طُولِ الْقِيَام فَخَرَّ مِنْ قَامَتِهِ قَدْ غُشِيَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَقُمْ إِلَّا بَعْدَ هَوِيٌّ مِنَ اللَّيْلِ، فَنَهَضَ مَا بِهِ وَمَضَى لِسَبِيلِهِ، فَرَأَى يَعْقُوبُ فِي مَنَامِهِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَلَكاً أَتَاهُ، فَقَالَ: يَا يَعْقُوبُ، يَقُولُ لَكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ: وَسَعْتُ عَلَيْكَ فِي المَعِيشَةِ، وَأَسْبَغْتُ عَلَيْكَ النِّعْمَةَ، فَيَعْتَرِي بِبَابِكَ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ كَرِيمٌ عَلَيَّ قَدْ بَلَغَ الْجُهْدَ، فَتُعْرِضُ أَنْتَ وَأَهْلُكَ عَنْهُ وَعِنْدَكُمْ مِنْ فُضُولِ مَا أَنْعَمْتُ بِهِ عَلَيْكُمْ مَا الْقَلِيلُ مِنْهُ يُحْيِيهِ، فَلَمْ تُعْطُوهُ شَيْئاً، وَلَمْ تَصْرِفُوهُ فَيَسْأَلَ غَيْرَكُمْ حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ وَخَرَّ مِنْ قَامَتِهِ لَاصِقاً بِالْأَرْضِ عَامَّةَ لَيْلَتِهِ، وَأَنْتَ فِي فِرَاشِكَ مُسْتَبْطِنُ مُتَقَلِّبٌ فِي نِعْمَتِي عَلَيْكَ، وَكِلَاكُما بِعَيْنِي وَعِزَّتِي وَجَلَالِي، لَأَبْتَلِيَنَّكَ بِبَلِيَّةٍ تَكُونُ لَمَّا حَدِيثًا فِي الْغَابِرِينَ، فَانْتَبَهَ يَعْقُوبُ علیه السلام مَذْعُوراً، وَفَزِعَ إِلَى مِحْرَابِهِ، فَلَزِمَ الْبُكَاءَ وَالْخَوْفَ حَتَّى أَصْبَحَ أَتَاهُ بَنُوهُ يَسْأَلُونَهُ ذَهَابَ يُوسُفَ مَعَهُمْ، ثُمَّ ذَكَرَ أَبو جَعْفَرٍ علیه السلام قِصَّةَ يُوسُفَ علیه السلام
بطُولِهَا »(1).
[ 148/780] عَنْ عَلِيٌّ علیه السلام ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «لَا تَقْطَعُوا عَلَى
اَلسَّائِلِ مَسْأَلَتَهُ، دَعُوهُ فَلْيَشْكُو بَنَّهُ، وَلْيُخْبِرْ حَالَهُ » (2).
[149/781] عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلى علیهما السلام أَنَّ سَائِلاً كَانَ يَسْأَلُ يَوْماً، فَقَالَ علیه السلام: «أَتَدْرُونَ مَا يَقُولُ؟»، قَالُوا: لَا ، يَا بْنَ رَسُول الله، قَالَ علیه السلام: «يَقُولُ: أَنَا
رَسُولُكُمْ إِنْ أَعْطَيْتُمُونِي شَيْئاً أَخَذْتُهُ وَحَمَلْتُهُ إِلَى هُنَاكَ، وَإِلَّا أَرِدُ إِلَيْهِ وَكَفِّي صِفْرٌ» (3).
ص: 283
[ 150/72] قَالَ عَلِيٌّ علیه السلام : «إِنَّ الْمِسْكِينَ رَسُولُ الله، فَمَنْ مَنَعَهُ فَقَدْ مَنَعَ
الله، وَمَنْ أَعْطَاهُ فَقَدْ أَعْطَى الله » (1).
151/73] عَنْ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم ، قَالَ : «رُدُّوا اَلسَّائِلَ بِبَذْلٍ يَسِيرِ وَبِلِين وَرَحْمَةٍ، فَإِنَّهُ يَأْتِيكُمْ حَتَّى يَقِفَ عَلَى أَبْوَابِكُمْ مَنْ لَيْسَ بِإِنْسِ وَلَا جَانٌ، يَنْظُرُ كَيْفَ
صَنِيعُكُمْ فِيمَا خَوَّلَكُمُ اللهُ » (2)
[152/784] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: «اَلمُنْجِيَاتُ إِطْعَامُ الطَّعَامِ،
وَإِفْشَاءُ السَّلَامِ، وَالصَّلَاةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَام »(3).
153/785] عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام، قَالَ: «ثَلَاتٌ
دَرَجَاتٌ، وَثَلَاثُ كَفَّارَاتٌ، وَثَلَاثٌ مُوبِقَاتٌ، وَثَلَاتٌ مُنْجِيَاتٌ. فَأَمَّا الدَّرَجَاتُ، فَإِفْشَاءُ السَّلَامِ، وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ ، وَالصَّلَاةُ وَالنَّاسُ نِيَامٌ. وَأَمَّا الْكَفَّارَاتُ، إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِي السَّبَرَاتِ وَالمَشْيُّ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِلَى الْجَمَاعَاتِ، وَالْحَافَظَةُ عَلَى اَلصَّلَوَاتِ. وَأَمَّا المُوبِقَاتُ، فَشُحٌ مُطَاعٌ، وَهَوًى مُتَّبَعُ، وَإِعْجَابُ المَرْءِ بِنَفْسِهِ. وَأَمَّا المُنْجِيَاتُ، فَخَوْفُ الله في السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَالْقَصْدُ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ، وَكَلِمَةُ
اَلْعَدْلِ فِي الرِّضَا وَاَلسَّخَطِ »(4).
بيان: السَّبَرَاتُ : أوقات البرد الشديد.
ص: 284
[154/786] عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهُ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ
الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا اتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً إِلَّا لِإِطْعَامِهِ الطَّعَامَ، وَصَلَاتِهِ بِاللَّيْل
وَالنَّاسُ نِيَامُ »(1).
[155/787] عَنْ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم أَنَّهُ قَالَ: «أَهْوَنُ أَهْل النَّارِ عَذَاباً إِبْنُ
جَدْعَان»، فَقِيلَ : يَا رَسُولَ الله وَلِمَ ذَاكَ؟ قَالَ: «كَانَ يُطْعِمُ الطَّعَامَ »(2)
بيان: عبد الله بن جدعان كان من وجهاء قريش وأجوادها، وفي داره تمَّ
حلف الفضول الذي شارك فيه النبيُّ صلی الله علیه و آله وسلم (3).
[ 156/788] عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ علیهما السلام أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَطْعَمَ أَخاً لَهُ فِي اللَّه كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ مَنْ أَطْعَمَ فِئَاماً مِنَ النَّاسِ، وَالرِّزْقُ أَسْرَعُ إِلَى مَنْ يُطْعِمُ
اَلطَّعَامَ مِنَ السِّكِّينِ فِي السَّنَامِ »(4).
[157/157] عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ نُعَيْمٍ الصَّحَافِ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام: «أَتُحِبُّ إِخْوَانَكَ، يَا حُسَيْنُ؟»، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «تَنْفَعُ فُقَرَاءَهُمْ؟»، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «أَمَا إِنَّهُ يَحِقُ عَلَيْكَ أَنْ تُحِبَّ مَنْ يُحِبُّ اللَّهُ، أَمَا وَالله لَا تَنْفَعُ مِنْهُمْ أَحَداً حَتَّىٰ تُحِبَّهُ، أَتَدْعُوهُمْ إِلَى مَنْزِلِكَ؟»، قُلْتُ: نَعَمْ مَا أكُلُ إِلَّا وَمَعِيَ مِنْهُمُ اَلرَّجُلَانِ وَالثَّلَاثَةُ وَالْأَقَلُّ وَالْأَكْثَرُ ، فَقَالَ أَبو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام : «فَضْلُهُمْ عَلَيْكَ أَعْظَمُ مِنْ فَضْلِكَ عَلَيْهِمْ، فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ، طَعَامِي، وَأوطِيَّهُمْ
ص: 285
رَحْلِي، وَيَكُونُ فَضْلُهُمْ عَلَيَّ أَعْظَمُ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِنَّهُمْ إِذَا دَخَلُوا مَنْزِلَكَ دَخَلُوا بِمَغْفِرَتِكَ وَمَغْفِرَةِ عِيَالِكَ، وَإِذَا خَرَجُوا مِنْ مَنْزِلِكَ خَرَجُوا بِذُنُوبِكَ وَذُنُوبِ
عِيَالِكَ » (1).
[ 158/790] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام أَنَّه قَالَ: «أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّه شِبْعَةُ
جُوعِ المُسْلِمِ، وَقَضَاءُ دَيْنِهِ، وَتَنْفِيسُ كُرْبَتِهِ »(2).
[159/791] عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مُحَمَّدٍ وَيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «مَنْ أَطْعَمَ مُؤْمِناً مُوسِراً كَانَ لَهُ بِعِدْلِ رَقَبَةً مِنْ وُلْدِ إِسْمَاعِيلَ يُنْقِذُهُ مِنَ الذَّبْحِ، وَمَنْ أَطْعَمَ مُؤْمِناً مُحتاجاً كَانَ لَهُ بِعِدْلِ مِائَةَ رَقَبَةٍ مِنْ وُلْدِ إِسْمَاعِيلَ يُنْقِذْهَا مِنَ الذَّبْحِ » (3).
[ 160/792] عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام :
«أَمَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تُعْتِقَ كُلَّ يَوْمٍ رَقَبَةً؟»، قَالَ: لَا يَبْلُغُ مَالِي ذَلِكَ، قَالَ: «تُشْبِعُ كُلَّ
يَوْمٍ مُؤْمِناً ، فَإِنَّ إِطْعَامَ الْمُؤْمِنِ أَفْضَلُ مِنْ عِتْقِ رَقَبَةٍ »(4).
[161/793] عن تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِناً، وَلَا يَأْكُلُ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيُّ، وَلَا تَأْكُلْ طَعَامَ الْفَاسِقِينَ. يَا أَبَا
أَبي ذَرٍّ فِي وَصِيَّةِ رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «يَا أَبَا ذَرٍّ، لَا
ذَرِّ، أَطْعِمْ طَعَامَكَ مَنْ تُحِبُّهُ فِي الله، وَكُلْ طَعَامَ مَنْ يُحِبُّكَ فِي الله عزّو جلّ»(5).
[162/794] عَنْ عُبَيْدِ اللهِ اَلْوَصَّافِيٌّ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام، قَالَ: قَالَ
ص: 286
رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: «مَا آمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَانَ وَجَارُهُ جَائِعٌ، قَالَ: وَمَا مِنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ يَبِيتُ فِيهِمْ جَائِعٌ يَنْظُرُ اللهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ »(1) .
بيان: أي لا ينظر الله تعالى إلى أهل تلك القرية التي بات فيها جائع.
[163/795] عَنِ المُعَلَّى بْنِ حُنَيْسِ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام يَقُولُ: «لَيْسَ النَّاصِبُ مَنْ نَصَبَ لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ، لِأَنَّكَ لَا تَجِدُ أَحَداً يَقُولُ : أَنَا أُبْغِضُ آلَ مُحَمَّدٍ، وَلَكِنَّ النَّاصِبَ مَنْ نَصَبَ لَكُمْ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَتَوَلَّوْنَا وَتَتَبَرَّءُونَ مِنْ أَعْدَائِنَا»، وقال علیه السلام : «مَنْ أَشْبَعَ عَدُوًّا لَنَا فَقَدْ قَتَلَ
وَلِيًّا لَنَا »(2) .
[164/796] قَوْلُهُ علیه السلام: لَئِنْ أَعُولُ أَهْلَ بَيْتِ مِنَ المُسْلِمِينَ أُشْبعَ الا جَوْعَتَهُمْ وَأَكْسُوَ عَوْرَتَهُمْ وَأَكُفَّ وُجُوهَهُمْ عَنِ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحُجَّ
حَجَّةً وَحَجَّةً ...، إلى أن قال : حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى سَبْعِينَ (3).
[ 797 165] قَوْلُهُ علیه السلام : «كَانَ (عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ علیه السلام ) يُعْجِبُهُ أَنْ يَحْضُرَ طَعَامَهُ الْيَتَامَى وَالْأَضِرَّاءُ وَالزَّمْنَى وَالمَسَاكِينُ الَّذِينَ لَا حِيلَةَ هُمْ، وَكَانَ يُنَاوِهُمْ بِيَدِهِ، وَمَنْ كَانَ لَهُ مِنْهُمْ عِيَالٌ حَمَلَهُ إِلَى عِبَالِهِ مِنْ طَعَامِهِ، وَكَانَ لَا يَأْكُلُ طَعَاماً حَتَّى يَبْدَأَ فَيَتَصَدَّقَ بِمِثْلِهِ »(4).
[ 166/798 ] قَوْلُهُ علیه السلام : «وَلَقَدْ مَرَّ بِمَجْذُومِينَ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ يَأْكُلُونَ، فَمَضَى، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُتَكَبْرِينَ، فَرَجَعَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ:
ص: 287
إِنِّي صَائِمٌ، وَقَالَ: اِثْتُونِي بِهِمْ فِي المَنْزِلِ»، قَالَ: «فَأَتَوْهُ، فَأَطْعَمَهُمُ ثُمَّ
أَعْطَاهُمْ »(1).
بيان: إطعام الإمام علیه السلام المجذومين في داره لا يعني بالضرورة أنه خالطهم وجلس معهم، بل قد يكون ذلك قد حصل في إحدى نواحي داره
بأمره ليُكرمهم ويُطيِّب خواطرهم.
[167/799] عَنْ مِسْمَعِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ
إِبْرَادُ كَبِدِ حَرَّاءِ»(2).
[168/800] عَنِ النَّبِي صلی الله علیه و آله وسلم أَنَّهُ قَالَ: «أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ سَقْيُ اَلَمَاءِ »(3).
[169/801] عَنْ ضُرَيْسِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام ، قَالَ: «إِنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُحِبُّ إِبْرَادَ اَلْكَبِدِ الْخَرَّاءِ، وَمَنْ سَقَى كَبِداً حَرَّاءَ مِنْ بَهِيمَةٍ أَوْ
غَيْرِهَا أَظَلَّهُ اللهُ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ»(4).
[ 802 /170] عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: مَنْ سَقَى اَلَمَاءَ فِي مَوْضِعِ يُوجَدُ فِيهِ لَمَاءُ كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً، وَمَنْ سَقَى أَلَمَاءَ فِي مَوْضِعِ لَا يُوجَدُ فِيهِ اَلَمَاءُ كَانَ كَمَنْ أَحْيَا نَفْساً ، وَمَنْ أَحْيَا نَفْساً فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً »(5).
[171/803] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام قَالَ: «أَرْبَعُ مَنْ أَتَى بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ، دَخَلَ الْجَنَّةَ: مَنْ سَقَى هَامَّةٌ ظَامِثَةٌ، أَوْ أَشْبَعَ كَبِداً جَائِعَةٌ، أَوْ كَسَا جِلْدَةً عَارِيَةً، أَوْ
» أَعْتَقَ رَقَبَةً عَانِيَةً » (6).
ص: 288
172/804 ] عَنْهُ صلی الله علیه و آله وسلم، قَالَ: «مَنْ سَقَى ظَمْآناً سَقَاهُ اللَّهُ مِنَ الرَّحِيقِ اَلمَخْتُومِ، مَنْ سَقَى مُؤْمِناً شِرْبَةً مِنَ الَمَاءِ أَعْتَقَهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ، وَمَنْ سَقَى ظَمْآناً فِي
فَلَاةٍ وَرَدَ حِيَاضَ الْقُدْسِ مَعَ النَّبِيِّينَ »(1).
[805/ 173] عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم الصُّبْحَ ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا، فَقَالَ: مَعَاشِرَ أَصْحَابِي، رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ عَمِّي حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَخِي جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَبَيْنَ أَيْدِيهِهَا طَبَقٌ مِنْ نَبَقٍ، فَأَكَلَا سَاعَةً، فَتَحَوَّلَ هُمَا النَّبِقُ عِنَبَاً ، فَأَكَلَا سَاعَةً، فَتَحَوَّلَ الْعِنَبُ رُطَبَاً، فَدَنَوْتُ مِنْهُما وَقُلْتُ: بِأَي أَنْتُها ، أَيَّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلَ ؟ قَالَا: وَجَدْنَا أَفْضَلَ الْأَعْمَالِ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ، وَسَقْيَ المَاءِ، وَحُبَّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ»(2).
[174/806] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام، قَالَ: «إِنَّ أَبِي خَرَجَ إِلَى مَالِهِ وَمَعَهُ لا نَاسُ مِنْ مَوَالِيهِ وَغَيْرِهِمْ، فَوُضِعَتِ المَائِدَةُ لِنَتَغَذَّى، وَجَاءَ ظَبْيٌّ وَكَانَ قَرِيباً مِنْهُ، فَقَالَ: يَا ظَبْيُّ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَأُمِّي فَاطِمَةُ، هَلُمَّ إِلَى الْغَذَاءِ، فَجَاءَ الظَّبي
حَتَّى أَكَلَ مَعَهُمْ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَأْكُلَ »(3).
ص: 289
[ 175/807] عَنْ نَجِيحٍ، قَالَ: رَأَيْتُ اَلْحَسَنَ بْنَ عَلِيّ علیهما السلام يَأْكُلُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ كَلْبٌ كُلَّمَا أَكَلَ لُقْمَةٌ طَرَحَ لِلْكَلْبِ مِثْلَهَا، فَقُلْتُ لَهُ: يَا بْنَ رَسُولِ الله، أَلَا
أَرْجُمُ هَذَا الْكَلْبَ عَنْ طَعَامِكَ؟ قَالَ: «دَعْهُ، إِنِّي لَأَسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ عزَّ وَ جلَّ أَنْ يَكُونَ ذُو رُوحٍ يَنْظُرُ فِي وَجْهِي وَأَنَا آكُل ثُمَّ لَا أُطْعِمُه »(1).
[ 176/808] عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِي، قَالَ: كَانَ اَلْحُسَيْنُ علیه السلام سَيْداً زَاهِداً وَرِعاً صَالِحاً نَاصِحاً حَسَنَ الْخُلُقِ، فَذَهَبَ ذَاتَ يَوْمٍ مَعَ أَصْحَابِهِ إِلَى بُسْتَانِ لَهُ، وَكَانَ لَهُ فِي ذَلِكَ الْبُسْتَانِ غُلَامٌ يُقَالُ لَهُ: صَافِي، فَلَمَّا قَرَّبَ مِنَ الْبُسْتَانِ رَأَى الْغُلَامَ يَرْفَعُ الرَّغِيفَ فَيَرْمِي بِنِصْفِهِ إِلَى الْكَلْبِ وَيَأْكُلُ نِصْفَهُ، فَتَعَجَّبَ الحُسَيْنُ علیه السلام مِنْ فِعْلِ الْغُلَامِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْأَكْلِ قَالَ: اَلْحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِينَ، اَللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلِسَيْدِي، وَبَارِكْ لَهُ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى أَبَوَيْهِ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. فَقَامَ الْحُسَيْنُ علیه السلام وَنَادَىٰ: يَا صَافِي، فَقَامَ الْغُلَامُ فَزِعاً، وَقَالَ: يَا سَيِّدِي وَسَيِّدَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، إِنِّي مَا رَأَيْتُكَ فَاعْفُ عَنِّي، فَقَالَ الحُسَيْنُ علیه السلام: اِجْعَلْنِي فِي حِلٌّ يَا صَافِي،
لا دَخَلْتُ بُسْتَانَكَ بِغَيْرِ إِذْنِكَ، فَقَالَ صَافِي : بِفَضْلِكَ وَكَرَمِكَ وَسُؤْدُدِكَ تَقُولُ هَذَا، فَقَالَ الْحُسَيْنُ علیه السلام: إِنِّي رَأَيْتُكَ تَرْمِي بِنِصْفِ الرَّغِيفِ إِلَى الْكَلْبِ وَتَأْكُلُ نِصْفَهُ، فَمَا مَعْنَى ذَلِكَ؟»، فَقَالَ الْغُلَامُ : يَا سَيِّدِي إِنَّ الْكَلْبَ يَنْظُرُ إِلَيَّ حِينَ أَكُلُ، فَإِنِّي أَسْتَحْيِي مِنْهُ لِنَظَرِهِ إِلَيَّ، وَهَذَا كَلْبُكَ يَحْرُسُ بُسْتَانَكَ مِنَ الْأَعْدَاءِ، وَأَنا عَبْدُكَ وَهَذَا كَلْبُكَ نَأْكُلُ مِنْ رِزْقِكَ مَعاً، فَبَكَى اَلْحُسَيْنُ علیه السلام ، ثُمَّ قَالَ: «إِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَأَنْتَ عَتِيقٌ الله، وَوَهَبَ لَهُ أَلْفَ دِينَارٍ ، فَقَالَ الْغُلَامُ: إِنْ أَعْتَقْتَنِي فَإِنِّي أُرِيدُ الْقِيَامَ
ص: 290
بِبُسْتَانِكَ، فَقَالَ اَلْحُسَيْنُ علیه السلام : إِنَّ الكَرِيمَ إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلَام يَنْبَغِي أَنْ يُصَدِّقَهُ
بِالْفِعْلِ، اَلْبُسْتَانُ أَيْضاً وَهَبْتُهُ لَكَ، وَإِنِّي لَمَّا دَخَلْتُ الْبُسْتَانَ قُلْتُ: اجْعَلْنِي فِي حِلٌّ فَإِنِّي قَدْ دَخَلْتُ بُسْتَانَكَ بِغَيْرِ إِذْنِكَ، كُنْتُ قَدْ وَهَبْتُ الْبُسْتَانَ بِمَا فِيهِ، غَيْرَ أَنَّ هَؤُلَاءِ أَصْحَابِي لِأَكْلِهِمُ الثَّمَارَ وَالرُّطَبَ، فَاجْعَلْهُمْ أَضْيَافَكَ وَأَكْرِمْهُمْ لِأَخِلي أَكْرَمَكَ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَبَارَكَ لَكَ فِي حُسْنِ خُلُقِكَ وَرَأْيِكَ»، فَقَالَ الْغُلَامُ: إِنْ وَهَبْتَ لِي بُسْتَانَكَ فَإِنِّي قَدْ سَبَلْتُهُ لِأَصْحَابِكَ»(1).
[177/809] عَنْ عَبْدِ الله بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَنْ كَسَا مُؤْمِناً ثَوْباً مِنْ عُرْيِ كَسَاهُ اللهُ مِنْ إِسْتَبْرَقِ الجَنَّةِ، وَمَنْ كَسَا مُؤْمِناً ثَوْباً
مِنْ غِنِّى لَمْ يَزَلْ فِي سِتْرِ مِنَ الله مَا بَقِيَ مِنَ الثَّوْبِ خِرْقَ خِرْقَةٌ »(2).
[178/810] عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاج، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: مَنْ كَسَا
أَخَاهُ كِسْوَةَ شِتَاءٍ أَوْ صَيْفِ كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يَكْسُوَهُ مِنْ ثِيَاب اَلْجَنَّةِ »(3).
[179/811] عَنْ أَبِي عَبْدِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «أَيُّهَا مُؤْمِنٍ كَسَا مُؤْمِناً مِنْ
عُرْيِ لَمْ يَزَلْ فِي سِتْرِ الله وَحِفْظِهِ مَا بَقِيَتْ مِنْهُ خِرْقَةٌ»(4).
[812/ 180] عَنْ دَاوُدَ بْنِ كَثِيرِ الرَّفِّيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام، قَالَ:
«اَلنَّاسُ كُلَّهُمْ يَعِيشُونَ فِي فَضْل مَظْلِمَتِنَا إِلَّا أَنَّا أَحْلَلْنَا شِيعَتِنَا مِنْ ذَلِكَ» (5) .
ص: 291
[813/ 181] عَنِ الْحَرَثِ بْنِ الْمُغِيرَةِ النَّصْرِيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي
جَعْفَرٍ علیه السلام ، فَجَلَسْتُ عِنْدَهُ، فَإِذَا نَجِيَّةُ قَدِ اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ، فَأَذِنَ لَهُ، فَدَخَلَ، فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ قَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ وَاللَّهُ مَا أُرِيدُ بِهَا إِلَّا فَكَاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ، فَكَأَنَّهُ رَقَ لَهُ، فَاسْتَوَى جَالِساً، فَقَالَ لَهُ: «يَا نَجِيَّةُ، سَلْنِي فَلَا تَسْأَلُنِي الْيَوْمَ عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَخْبَرْتُكَ بِهِ»، قَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَا تَقُولُ فِي فَلَانٍ وَفُلَانِ؟ قَالَ: يَا نَجِيَّةُ إِنَّ لَنَا اَلْخُمُسَ فِي كِتَاب الله، وَلَنَا الْأَنْفَالَ، وَلَنَا
، صَفْوَ اَلْأَمْوَالِ، وَهُمَا وَالله أَوَّلُ مَنْ ظَلَمَنَا حَقَّنَا فِي كِتَابِ اللهِ، وَأَوَّلُ مَنْ حَمَلَ النَّاسَ عَلَى رِقَابنَا، وَدِمَاؤُنَا فِي أَعْنَاقِهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ بِظُلْمِنَا أَهْلَ البَيْتِ، وَإِنَّ النَّاسَ لَيَتَقَلَّبُونَ فِي حَرَامِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ بِظُلْمِنَا أَهْلَ البَيْتِ»، فَقَالَ نَجِيَّةُ : إِنَّا الله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ - ثَلَاثٌ مَرَّاتٍ ، هَلَكْنَا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، قَالَ: فَرَفَعَ فَخِذَهُ عَنِ الْوِسَادَةِ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَدَعَا بِدُعَاء لَمْ أَنْهَمْ مِنْهُ شَيْئاً إِلَّا أَنَّا سَمِعْنَاهُ فِي آخِرِ دُعَائِهِ وَهُوَ يَقُولُ: «اَللَّهُمَّ إِنَّا قَدْ أَحْلَلْنَا ذَلِكَ لِشِيعَتِنَا»، قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَيْنَا بِوَجْهِهِ وَقَالَ: «يَا نَجِيَّةُ، مَا عَلَى فِطْرَةِ إِبْرَاهِيمَ علیه السلام غَيْرُنَا وَغَيْرُ شِيعَتِنَا »(1) .
[182/814] سُئِلَ الصَّادِقُ علیه السلام ، فَقِيلَ لَهُ: يَا بْنَ رَسُولِ الله مَا حَالُ
شِيعَتِكُمْ فِيمَا خَصَّكُمُ اللهُ بِهِ إِذَا غَابَ غَائِبُكُمْ وَاسْتَتَرَ قَائِمُكُمْ؟ فَقَالَ علیه السلام: «مَا أَنْصَفْنَاهُمْ إِنْ وَاخَذْنَاهُمْ وَلَا أَحْبَيْنَاهُمْ إِنْ عَاقَبْنَاهُمْ، بَلْ نُبِيحُ هُمُ المَسَاكِنَ لِتَصِحَ عِبَادَتُهُمْ، وَنُبِيحُ هُمُ المَنَاكِحَ لِتَطِيبَ وِلَادَتُهُمْ، وَنُبِيحُ هُمُ المَتاجِرَ لِيَزْكُوَ
أَمْوَاهُمْ »(2).
[183/815] عَن الفُضَيْلِ، عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «مَنْ وَجَدَ بَرْدَ
ص: 292
حُبِّنَا فِي كَبِدِهِ فَلْيَحْمَدِ الله عَلَى أَوَّلِ النِّعَم»، قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَا أَوَّلُ النَّعَمِ؟ قَالَ: طِيبُ الْوِلَادَةِ»، ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ الله علیه السلام : «قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام لِفَاطِمَةَ علیها السلام : أَحِلِّي نَصِيبَكِ مِنَ الْفَيْءِ لَآبَاءِ شِيعَتِنَا لِيَطِيبُوا، ثُمَّ قَالَ أَبو عَبْدِ الله علیه السلام : «إِنَّا أَحْلَلْنَا أُمَّهَاتِ شِيعَتِنا لآبَائِهِمْ لِيَطِيبُوا »(1).
[816/ 184] عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، قَالَ : إِنَّ عِلْبَاءَ الْأَسَدِيَّ وُفِّيَ الْبَحْرَيْنَ، فَأَفَادَ سَبْعَمِائَةَ أَلْفَ دِينَارٍ وَدَوَابٌ وَرَقِيقاً، قَالَ: فَحَمَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ حَتَّىٰ وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي وُلّيتُ الْبَحْرَيْنَ لِبَنِي أُمَيَّةَ، وَأَفَدْتُ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ حَمَلْتُهُ كُلَّهُ إِلَيْكَ، وَعَلِمْتُ أَنَّ الله عزّو جلّ وَ لَمْ يَجْعَلْ هُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً، وَأَنَّهُ كُلَّهُ لَكَ،
فَقَالَ لَهُ أَبو عَبْدِ الله علیه السلام : «هَاتِهِ»، فَوَضَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: «قَدْ قَبِلْنَا مِنْكَ،
وَوَهَبْنَاهُ لَكَ، وَأَحْلَلْنَاكَ مِنْهُ، وَضَمِنَّا لَكَ عَلَى اللَّه الْجَنَّةَ » (2) .
[817 / 185] أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله، عَمَّنْ رَوَاهُ، قَالَ: «اَلدُّنْيَا وَمَا فِيهَا الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَلِرَسُولِهِ وَلَنَا ، فَمَنْ غَلَبَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا فَلْيَتَّقِ اللهَ، وَلْيُؤَدِّ حَقَّ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَلْيَبَرَّ إِخْوَانَهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَاللَّهُ وَرَسُولُهُ وَنَحْنُ بُرَآءُ مِنهُ»(3).
[ 186/818] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اَلرَّيَّانِ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى العَسْكَرِيّ علیه السلام:
ص: 293
جُعِلْتُ فِدَاكَ، رُوِيَ لَنَا أَنْ لَيْسَ لِرَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله وسلم مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا الْخُمُسُ، فَجَاءَ
اَلْجَوَابُ: «إِنَّ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا لِرَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم»(1).
***
ص: 294
ص: 295
ص: 296
[1/819 ]عَبَّادُ بْنُ صُهَيْبٍ، قَالَ: قُلْتُ لِلصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّد علیهما السلام : أَخْبِرْنِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَهُوَ أَفْضَلُ أَمْ أَنْتُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ؟ فَقَالَ: «يَا بْنَ صُهَيْبٍ، كَمْ شُهُورُ السَّنَةِ؟»، فَقُلْتُ: اِثْنَتَا عَشَرَ، فَقَالَ: «وَكَم اَلحُرُمُ مِنْهَا؟»، قُلْتُ: أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، قَالَ: «فَشَهْرُ رَمَضَانَ مِنْهَا؟»، قُلْتُ: لَا، قَالَ: «فَشَهْرُ رَمَضَانَ أَفْضَلُ أَمْ أَشْهُرُ اَخْرُم؟»، فَقُلْتُ: بَلْ شَهْرُ رَمَضَانَ، قَالَ: «فَكَذَلِكَ نَحْنُ أَهْلَ البَيْتِ لَا يُقَاسُ بِنَا أَحَدٌ، وَأَنَّ أَبَا ذَرِّ كَانَ فِي قَوْمِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله وسلم، فَتَذَاكَرُوا فَضَائِلَ هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَقَالَ أَبُو ذَرٌ: أَفْضَلُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَهُوَ قَسِيمُ اَلْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَهُوَ صِدِّيقُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَفَارُوقُهَا، وَحُجَّةُ اللَّهِ عَلَيْهَا، فَمَا بَقِيَ مِنَ اَلْقَوْمِ أَحَدٌ إِلَّا أَعْرَضَ عَنْهُ بِوَجْهِهِ وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَكَذَّبَهُ، فَذَهَبَ أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ مِنْ بَيْنِهِمْ إِلَى رَسُولِ الله صلی الله علیه و آله وسلم ، فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِ أَبِي ذَرٍّ وَإِعْرَاضِهِمْ عَنْهُ وَتَكْذِيبِهِمْ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: مَا أَظَلَّتِ الخَضْرَاءُ وَلَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ - يَعْنِي مِنْكُمْ يَا أَبَا أُمَامَةَ - مِنْ ذِي هَتَجَةٍ أَصْدَقَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ»(1)
[2/820] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی الله علیه و آله وسلم لَمَّا حَضَرَ شَهْرُ رَمَضَانَ وَذَلِكَ لِثَلَاثٍ بَقِينَ مِنْ شَعْبَانَ، قَالَ لِبِلالِ: نَادِ فِي النَّاسِ، فَجَمَعَ النَّاسَ، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ
ص: 297
قَدْ حَضَرَكُمْ، وَهُوَ سَيِّدُ الشُّهُورِ، لَيْلَةٌ فِيهِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، تُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ اَلنَّارِ، وَتُفَتَّحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْحِنَانِ فَمَنْ أَدْرَكَهُ وَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَأَبْعَدَهُ اللهُ، وَمَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ وَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَأَبْعَدَهُ اللهُ، وَمَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ فَلَمْ يَغْفِرُ اللَّهُ لَهُ
بْعَدَهُ اللهُ » (1).
[821/ 3 ]دَارِمُ بْنُ قَبِيصَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى اَلرِّضَا علیه السلام ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم: رَجَبٌ شَهْرُ اللَّهِ الْأَصَمُّ، يَصُبُّ اللَّهُ فِيهِ الرَّحْمَةَ عَلَى عِبَادِهِ، وَشَهْرُ شَعْبَانَ تَتَشَعَبُ فِيهِ الخَيْرَاتُ، وَفِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ شَهْرٍ رَمَضَانَ تُغَلُّ اَلَمَرَدَةُ مِنَ الشَّيَاطِينِ، وَيُغْفَرُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ لِسَبْعِينَ أَلْفاً، فَإِذَا كَانَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ غَفَرَ اللهُ بِمِثْلِ مَا غَفَرَ فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَشَهْرِ رَمَضَانَ إِلَى ذَلِكَ الْيَوْمِ إِلَّا رَجُلٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيَقُولُ اللهُ عزّو جلّ: أَنْظُرُوا هَؤُلَاءِ حَتَّى يَصْطَلِحُوا»(2) .
[4/822] عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبي عَبْدِ الله علیه السلام، قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ السلام (صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِ): «عَلَيْكُمْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِكَثْرَةِ الْاِسْتِغْفَارِ وَالدُّعَاءِ، فَأَمَّا اَلدُّعَاءُ فَيُدْفَعُ بِهِ عَنْكُمُ الْبَلَاءُ، وَأَمَّا الْاِسْتِغْفَارُ فَيَمْحي ذُنُوبَكُمْ »(3).
5/823] عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام، قَالَ: «لِكُلِّ شَيْءٍ رَبِيعٌ، وَرَبِيعُ
اَلْقُرْآنِ شَهْرُ رَمَضَانَ »(4).
[6/824 ]عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صلی الله علیه و آله وسلم، قَالَ: «أُعْطِيَتْ أُمَّتِي فِي شَهْرِ رَمَضَانَ خَمْساً لَمْ يُعْطَهُنَّ أُمَّهُ نَبِيٌّ قَبْلِي : أَمَّا وَاحِدَةٌ فَإِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرٍ
ص: 298
رَمَضَانَ نَظَرَ اللَّهُ عزّو جلّ وَ إِلَيْهِمْ، وَمَنْ نَظَرَ اللَّهُ إِلَيْهِ لَمْ يُعَذِّبْهُ أَبَداً، وَأَمَّا اَلثَّانِيَةُ فَإِنَّ خَلُوفَ أَفْوَاهِهِمْ حِينَ يُمْسُونَ عِنْدَ الله عزّو جلّ وَ أَطْيَبُ مِنْ رِيحَ المِسْكِ، وَأَمَّا اَلثَّالِثَةٌ فَإِنَّ اَلَمَلَائِكَةَ يَسْتَغْفِرُونَ هُمْ فِي لَيْلِهِمْ وَنَهَارِهِمْ، وَأَمَّا الرَّابِعَةُ فَإِنَّ اللهَ عزّو جلّ يَأْمُرُ جَنَّتَهُ أَن اِسْتَغْفِرِي وَتَزَيَّنِي لِعِبَادِي فَيُوشِكُ أَنْ يَذْهَبَ عَنْهُمْ نَصَبُ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا وَيَصِيرُوا إِلَى جَنَّتِي وَكَرَامَتِي، وَأَمَّا الخَامِسَةُ فَإِذَا كَانَ آخِرُ لَيْلَةٍ غَفَرَ هُمْ جَمِيعاً»، فَقَالَ رَجُلٌ: فِي لَيْلَةِ القَدْرِ، يَا رَسُولَ الله؟ فَقَالَ: «أَلَمْ تَرَ إِلَى العُمَمالِ إِذَا فَرَغُوا مِنْ أَعْمَاهِمْ
وُقُوا»(1).
[7/825] عَلِيُّ بْنُ حَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي اَلْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى اَلرِّضَا عَنْ أَبِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ الْبَاقِرِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ زَيْنِ الْعَابِدِينَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ سَيِّدِ اَلشُّهَدَاءِ الحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ سَيِّدِ الْوَصِيِّينَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهم السلام، قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ الله صلی الله علیه و آله وسلم خَطَبَنَا ذَاتَ يَوْمٍ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ
عليهم قَدْ أَقْبَلَ إِلَيْكُمْ شَهْرُ اللَّه بِالْبَرَكَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالمَغْفِرَةِ، شَهْرٌ هُوَ عِنْدَ الله أَفْضَلُ اَلشُّهُورِ، وَأَيَّامُهُ أَفْضَلُ الْأَيَّامِ، وَلَيَالِيهِ أَفْضَلُ اللَّيَالِي، وَسَاعَاتُهُ أَفْضَلُ السَّاعَاتِ، وَهُوَ شَهْرٌ دُعِيتُمْ فِيهِ إِلَى ضِيَافَةِ الله، وَجُعِلْتُمْ فِيهِ مِنْ أَهْلِ كَرَامَةِ الله، أَنْفَاسُكُمْ فِيهِ تَسْبِيحٌ، وَنَوْمُكُمْ فِيهِ عِبَادَةٌ، وَعَمَلُكُمْ فِيهِ مَقْبُولٌ، وَدُعَاؤُكُمْ فِيهِ مُسْتَجَابٌ، فَاسْأَلُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ بِنِيَّاتٍ صَادِقَةٍ، وَقُلُوبِ طَاهِرَةٍ أَنْ يُوَفِّقَكُمْ لِصِيَامِهِ وَتِلَاوَةِ كِتَابِهِ، فَإِنَّ الشَّقِيَّ مَنْ حُرِمَ غُفْرَانَ اللَّهِ فِي هَذَا الشَّهْرِ العَظِيمِ، وَاذْكُرُوا بِجُوعِكُمْ وَعَطَشِكُمْ فِيهِ جُوعَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَعَطَشَهُ، وَتَصَدَّقُوا عَلَى فُقَرَائِكُمْ وَمَسَاكِينِكُمْ،
ص: 299
وَوَكَّرُوا كِبَارَكُمْ، وَارْحَمُوا صِغَارَكُمْ، وَصِلُّوا أَرْحَامَكُمْ، وَاحْفَظُوا أَلْسِنَتَكُمْ، وَغُضُّوا عَمَّا لَا يَحِلُّ النَّظَرُ إِلَيْهِ أَبْصَارَكُمْ، وَعَمَّا لَا يَحِلُّ اَلْاِسْتِمَاعُ إِلَيْهِ أَسْمَاعَكُمْ،
وَتَحَنَّنُوا عَلَى أَيْتَامٍ النَّاسِ يُتَحَنَّنُ عَلَى أَيْتَامِكُمْ ، وَتُوبُوا إِلَى اللَّه مِنْ ذُنُوبِكُمْ، وَارْفَعُوا إِلَيْهِ أَيْدِيَكُمْ بِالدُّعَاءِ فِي أَوْقَاتِ صَلَوَاتِكُمْ، فَإِنَّهَا أَفْضَلُ السَّاعَاتِ، نَظَرَ اللَّهُ عزّو جلّ وَ فِيهَا بِالرَّحْمَةِ إِلَى عِبَادِهِ، يُجِيبُهُمْ إِذَا نَاجَوْهُ، وَيُلَيهِمْ إِذَا نَادَوْهُ، وَيُعْطِيهِمْ إِذَا سَأَلُوهُ، وَيَسْتَجِيبُ هُمْ إِذَا دَعَوْهُ. أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ أَنْفُسَكُمْ مَرْهُونَةٌ بِأَعْمَالِكُمْ فَفُكُوهَا بِاسْتِغْفَارِكُمْ، وَظُهُورُكُمْ ثَقِيلَةٌ مِنْ أَوْزَارِكُمْ فَخَفِّفُوا عَنْهَا بِطُولِ سُجُودِكُمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَقْسَمَ بِعِزَّتِهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَ الْمُصَلِّينَ وَالسَّاجِدِينَ، وَأَنْ لَا يُرَوِّعَهُمْ بِالنَّارِ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ. أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ فَطَّرَ مِنْكُمْ صَائِماً مُؤْمِناً فِي هَذَا الشَّهْرِ كَانَ لَهُ بِذَلِكَ عِنْدَ اللَّهُ عزّو جلّ وَ عِتْقُ نَسَمَةٍ، وَمَغْفِرَةٌ لَا مَضَىٰ مِنْ ذُنُوبِهِ. فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ الله وَلَيْسَ كُلُّنَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ، فَقَالَ صلی الله علیه و آله وسلم: اِتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِيٌّ تَمرَةٍ، اِتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ حَسَّنَ مِنْكُمْ فِي هَذَا اَلشَّهْرِ خُلْقَهُ كَانَ لَهُ جَوَازٌ عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ، وَمَنْ خَفَّفَ فِي هَذَا اَلشَّهْرِ عَمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ خَفَّفَ اللهُ عَلَيْهِ حِسَابَهُ، وَمَنْ كَفَّ فِيهِ شَرَّهُ كَفَّ اللَّهُ عَنْهُ غَضَبَهُ يَوْمَ يَلْقَاهُ، وَمَنْ أَكْرَمَ فِيهِ يَتِيماً أَكْرَمَهُ اللَّهُ يَوْمَ يَلْقَاهُ، وَمَنْ وَصَلَ فِيهِ رَحِمَهُ وَصَلَهُ اللهُ بِرَحْمَتِهِ يَوْمَ يَلْقَاهُ، وَمَنْ قَطَعَ فِيهِ رَحِمَهُ قَطَعَ اللَّهُ عَنْهُ رَحْمَتَهُ يَوْمَ يَلْقَاهُ، وَمَنْ تَطَوَّعَ فِيهِ بِصَلَاتِهِ كَتَبَ اللهُ لَهُ بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ، وَمَنْ أَدَّى فِيهِ فَرْضاً كَانَ لَهُ ثَوَابُ مَنْ أَدَّى سَبْعِينَ فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الشَّهُورِ، وَمَنْ أَكْثَرَ فِيهِ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَيَّ ثَقَلَ اللهُ مِيزَانَهُ يَوْمَ تَخِفُّ المَوَازِينُ ، وَمَنْ تَلَا فِيهِ آيَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ كَانَ لَهُ مِثْلُ مَنْ خَتَمَ الْقُرْآنَ فِي غَيْرِهِ مِنَ اَلشُّهُورِ. أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ أَبْوَابَ الْجِنَانِ فِي هَذَا اَلشَّهْرِ مُفَتَّحَةٌ فَاسْأَلُوا رَبَّكُمْ أَنْ لَا يُغَلِّقَهَا عَلَيْكُمْ، وَأَبْوَابَ النِّيرَانِ مُعَلَّقَةٌ فَاسْأَلُوا رَبَّكُمْ أَنْ لَا يُفَتِّحَهَا عَلَيْكُمْ، وَالشَّيَاطِينَ مَغْلُولَةٌ فَاسْأَلُوا رَبَّكُمْ أَنْ لَا يُسَلِّطَهَا
ص: 300
عَلَيْكُمْ، قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام : «فَقُمْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، مَا أَفْضَلُ اَلْأَعْمَالِ فِي هَذَا الشَّهْرِ ؟ فَقَالَ: يَا أَبَا اَلْحَسَنِ، أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ فِي هَذَا الشَّهْرِ الوَرَحُ عَنْ مَحَارِمِ الله عزّو جلّ، ثُمَّ بَكَى فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهُ، مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، أَبْكِي مَا يُسْتَحَلُّ مِنْكَ فِي هَذَا الشَّهْرِ ، كَأَنِّي بِكَ وَأَنْتَ تُصَلِّي لِرَبِّكَ، وَقَدِ انْبَعَثَ أَشْقَى الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، شَقِيقُ عَاقِرِ نَاقَةِ ثَمُودَ ، فَضَرَبَكَ ضَرْبَةً عَلَى قَرْنِكَ، فَخَضَبَ مِنْهَا لِيَتَكَ»، قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام : «فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، وَذَلِكَ فِي سَلَامَةٍ مِنْ دِينِي؟ فَقَالَ صلی الله علیه و آله وسلم: فِي سَلَامَةٍ مِنْ دِينِكَ، ثُمَّ قَالَ: يَا عَلِيُّ، مَنْ قَتَلَكَ فَقَدْ قَتَلَنِي، وَمَنْ أَبْغَضَكَ فَقَدْ أَبْغَضَنِي، وَمَنْ سَبَّكَ فَقَدْ سَبَّنِي، لأَنَّكَ مِنِّي كَنَفْسِي، رُوحُكَ مِنْ رُوحِي، وَطِينَتُكَ مِنْ طِينَتِي، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَلَقَنِي وَإِيَّاكَ، وَاصْطَفَانِي [وَإِيَّاكَ ]، وَاخْتَارَنِي لِلنُّبُوَّةِ وَاخْتَارَكَ لِلْإِمَامَةِ، فَمَنْ أَنْكَرَ إِمَامَتَكَ فَقَدْ أمتي
أَنْكَرَ نُبُوَّتِ. يَا عَلِيُّ، أَنْتَ وَصِيِّي، وَأَبو وُلْدِي، وَزَوْجُ اِبْنَتِي، وَخَلِيفَتِي عَلَى فِي حَيَاتِي وَبَعْدَ مَوْتِي، أَمْرُكَ أَمْرِي، وَنَهْيُكَ نَهْيِي، أُقْسِمُ بِالَّذِي بَعَثَنِي بِالنُّبُوَّةِ وَجَعَلَنِي خَيْرَ الْبَرِيَّةِ إِنَّكَ لَحَجَّةُ الله عَلَى خَلْقِهِ، وَأَمِينُهُ عَلَى سِرِّهِ، وَخَلِيفَتُهُ عَلَى
عِبَادِهِ » (1) .
[8/826 ]عَنْ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِهْزَمٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ [ زَيْدِ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه و آله وسلم يُفْطِرُ عَلَى التَّمْرِ فِي زَمَنِ اَلتَّمْرِ، وَعَلَى اَلرُّطَبِ فِي زَمَنِ الرُّطَبِ »(2) .
ص: 301
[9/827] عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ الله صلی الله علیه و آله وسلم
يُفْطِرُ عَلَى الْأَسْوَدَيْنِ»، قُلْتُ: رَحِمَكَ اللَّهُ، وَمَا اَلْأَسْوَدَانِ؟ قَالَ: «التَّمْرُ وَاَلَمَاءُ،
وَالرُّطَبُ وَاَلَمَاءُ»(1) .
[828 / 10 ]عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علیه السلام أَنَّهُ رَآهُ عَدِيُّ بْنُ حَاتِم وَبَيْنَ يَدَيْهِ شَنَّةٌ فِيهَا قَرَاحُ مَاءٍ وَكِسَرَاتٌ مِنْ خُبْزِ شَعِيرٍ وَمِلْحٌ، فَقَالَ: إِنِّي لَا أَرَى لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَتَظُلُّ نَهَارَكَ طَاوِياً مُجَاهِداً، وَبِاللَّيْل سَاهِراً مُكَايِداً، ثُمَّ يَكُونُ هَذَا فَطُورَكَ، فَقَالَ علیه السلام : عَلَّلِ اَلنَّفْسَ بِالقُنُوعِ وَإِلَّا طَلَبَتْ مِنْكَ فَوْقَ مَا
يَكْفِيهَا »(2)
[11/829] عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أبيه علیهما السلام ، قَالَ : جَاءَ قَنْبَرٌ مَوْلَى عَليّ علیه السلام بِفِطْرِهِ إِلَيْهِ»، قَالَ: «فَجَاءَ بِجِرَابٍ فِيهِ سَوِيقٌ عَلَيْهِ خَاتَمُ»، قَالَ: «فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ هَذَا هُوَ الْبُخْلُ، تَختِمُ عَلَى طَعَامِكَ»، قَالَ: «فَضَحِكَ عَلى علیه السلام»، قَالَ: «ثُمَّ قَالَ: أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ، لَا أُحِبُّ أَنْ يَدْخُلَ بَطْنِي شَيْءٌ إِلَّا شَيْءٌ أَعْرِفُ سَبِيلَهُ»، قَالَ: «ثُمَّ كَسَرَ علیه السلام الخَاتَمَ فَأَخْرَجَ مِنْهُ سَوِيقاً، فَجَعَلَ مِنْهُ فِي قَدَح ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، فَأَخَذَ الْقَدَحَ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَشْرَبَ بَ قَالَ: بِسْم الله، اَللّهُمَّ الله ، اَللَّهُمَّ لَكَ صُمْنَا، وَعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْنَا، فَتَقَبَّلْ مِنَّا، إِنَّكَ
أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ »(3)
ص: 302
[12/83 ] رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «دَعْوَةُ الصَّائِمِ تُسْتَجَابُ
عِنْدَ إِفْطَارِهِ »(1).
[13/831] القطب الراوندي في ( دعواته) عن أبي الحسن علیه السلام....،
وقال علیه السلام: «إِنَّ لِلصَّائِمِ عِنْدَ إِفْطَارِهِ دَعْوَةٌ لَا تُرَدُّ » (2).
[832/ 14 ]عَنْ مَوْلَانَا زَيْنِ الْعَابِدِينَ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ »عِنْدَ فُطُورِهِ وَعِنْدَ سُحُورِهِ كَانَ فِيمَا بَيْنَهُمَا كَالْمُتَشَحْطِ بِدَمِهِ فِي سَبيل الله » (3).
[15/833] عن إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله علیه السلام ، قَالَ: «إِفْطَارُكَ
لِأَخِيكَ اَلْمُؤْمِنِ أَفْضَلُ مِنْ صِيَامِكَ تَطَوُّعاً »(4) .
[16/834] عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله علیه السلام يَقُولُ: «لَإِفْطَارُكَ فِي مَنْزِلِ أَخِيكَ اَلْمُسْلِم أَفْضَلُ مِنْ صِيَامِكَ سَبْعِينَ ضِعْفاً - أَوْ تِسْعِينَ ضعفاً -» (5).
ص: 303
[17/835] عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ، عَنْ أَبِي الحَسَنِ مُوسَى علیه السلام، قَالَ:
«فِطْرُكَ أَخَاكَ الصَّائِمَ أَفْضَلُ مِنْ صِيَامِكَ »(1).
***
ص: 304
المقدّمة ... 3
فوائد الجزء الأوَّل ... 5
فضل طلب العلم، ومنزلة طالب العلم، ومنزلة العالم ... 7
التواضع في التعليم والتعلُّم ... 9
الله الحجَّة البالغة ... 10
خطر الإفتاء بغير علم قُلْ : لا أدري ... 11
الوصيَّة بقراءة القرآن يوميّاً ... 12
استيعاب الكتاب والسُّنَّة لأحكام الحياة ووقائعها ... 13
التنمية البشرية بأقلام غربيَّة أم بوحى ربَّاني ... 15
دور الكلام في بيان الحقِّ ... 16
حديث أهل البيت علیهم السلام حديث جدِّهم النبيِّ صلی الله علیه و آله وسلم / أئمَّة أهل البيت علیهم السلام ليسوا بأصحاب رأي ولا اجتهاد ... 17
تراث عليِّ علیه السلام المكتوب ... 18
إنَّما يعرف القرآن من خُوطب به ... 20
من هم الراسخون في العلم؟ ... 21
هم الذين أُوتوا العلم/ وعندهم علم الكتاب ... 22
الانقطاع إلى أهل البيت علیهم السلام في الطالب العلم وترك غيرهم ... 23
ص: 305
الصواب من أهل البيت علیهم السلام والخطأ من غيرهم/ قصَّة الشامي الذي جاء لمناظرة الإمام الصادق علیه السلام وخصم نفسه قبل أن يتكلَّم ... 24
السلام أُسس الحوار السليم والمنتج/ من هم أهل الذَّكر؟ ... 28
کید معاوية وفَلَجُ الحسين علیه السلام ... 29
منزلة العقل ... 30
بیان دور العقل ومنزلتُه وحدودُه ... 31
ملاكات الأحكام ممَّا لا تنالها العقول ... 32
العقل حجَّة الله الباطنة ... 33
معنى قوله تعالى: (أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) ... 34
بيان النيَّة ذلك السهل الممتنع ... 35
عبَّاد بن كثير البصري المرائي المؤذي ... 37
مخافة المؤمن أن يكون منافقاً ... 38
أهمّيّة الدعاء والإخلاص فيه/ العقل حدٌّ فاصل بين الإيمان والكفر ... 39
الفرق بين العمل الله تعالى والعمل للناس/ علامات المرائي ... 40
فضل الدعاء والتسبيح سرًّا /الاشتغال بعيوب النفس عن عيوب الناس/ من هم أحقِّ الناس بالورع ... 41
مخاطر العُجُب ... 42
كيف يُصلح الله تعالى شؤون عبده؟ ... 43
قد يصرفك الله تعالى عن بعض طاعاته حفظاً لك من العُجب/ الضحك وأنت خائف أفضل من البكاء وأنت مُدِلٌّ ... 44
وسوسة الشيطان وكيفية دفعها /عواقب العُجب الاجتماعيَّة /الأحمق هو المعجب برأيه ... 46
العُجب مانع من طلب العلم ... 47
ص: 306
العُجب دليل على ضعف العقل / قاصمات الظهر ثلاث، منها العُجب / متى يستحوذ الشيطان على الإنسان؟/ لا تُخرج نفسك من حُِّ التقصير ... 48
موقف لعبد الملك بن مروان مع الإمام السجَّاد علیه السلام ... 49
أفلا أكون عبداً شكوراً؟ ... 50
لا ينفع اجتهاد لا ورع فيه/ بشارة من الإمام الباقر علیه السلام للشيعة، ونصيحة لا غنى عنها ... 51
وصف شيعة جعفر علیه السلام ... 52
بعض أوصاف الإمام الرضا علیه السلام/ موعظة بالغة/ أوغلوا في الدِّين برفق ... 53
العمل الصالح بعد المعرفة /من هم خيار العباد؟ /قبح التحوُّل عن الطاعة إلى المعصية ... 54
لا عمل بغير ولاية أهل البيت علیهم السلام ... 55
ما كلّف الله العباد إلا دون طاقتهم ... 57
قصَّة ذي النمرة مع رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم / آخر ليلة من حياة حمزة سيِّد الشهداء علیه السلام خطأ ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
فوائد الجزء الثاني ... 61
ماء البحر طَهُور/ الإفطار على الحلو أو الماء الناصب أهون على الله من الكلب ... 63
سؤر الهِرَّة وبعض الحيوانات/ قتادة بن دعامة البصري بين يدي الإمام الباقر علیه السلام ... 64
فاطمة علیها السلام تغسل الدم عن وجه رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يوم أُحُد/ ضغطة القبر ودعاء النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم الرقيَّة عند دفنها ... 66
النهي عن البول في الماء الجاري المبيت على وضوء ... 67
الوضوء قبل السعي في الحوائج ... 68
الوضوء يُسكّن الغضب/ آثار الوضوء علامة هذه الأُمَّة يوم القيامة/ الوضوء طهارة
ص: 307
من الذنوب / فائدة تجديد الوضوء لصلاة العشاء ت/جديد الوضوء كفَّارة للكبائر ... 69
من مات على طهور مات شهيداً /دوام الطهور يُديم الرزق / لستُ بربِّ جافٍ ... 70
حكم الإمام بما يوافق التقيَّة حفظاً لدماء أصحابه ... 71
أي عقل له وهو يطيع الشيطان؟/ كيف أحبط حجُّ أُمِّ إسماعيل ... 73
النهي عن الأكل والنوم على الجنابة فاطمة علیها السلام كالحوريَّة /علامات بغض الوصیّ علیه السلام/ من علامات خبث مبغض أهل البيت علیهم السلام ... 75
من أسباب تشوُّه الجنين، إتيان النساء في الحيض ... 76
فوائد الجزء الثالث ... 77
لماذا اغتسل أمير المؤمنين علیه السلام بعد تغسيله للنبيّ صلی الله علیه و آله وسلم/ فضل غسل الجمعة / كيف يُوبّخ أمير المؤمنين علیه السلام الرجل ... 79
الحثُّ على غسل الجمعة / سأله عن القدر فأمره بغسل التوبة ... 80
نهي المرأة عن التطيب إلَّا لزوجها /اغتسال عليّ علیه السلام لطلب النشاط لصلاة الليل / عمل لمن أراد أنْ يَرى أهل البيت عليهم في الرؤيا ... 81
فضل الاغتسال من الفرات النهى عن السفر إلى أرض لا يتمكَّن فيها من الماء للغُسل والوضوء / الأرض أُمُّكم / يُكتب للمريض ما يُكتب له أيَّام عافيته من ثواب عمله الصالح ... 82
يُكتَب للمؤمن عند ضعفه وكبره ما كان يعمله في شبابه ... 83
ثواب السهر في مرض / تمحيص المؤمن كلَّ أربعين يوماً/ ثواب الحُمَّى ... 84
جزاء من ردَّ على رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم بالتشاؤم / كلام النبيِّ صلی الله علیه و آله وسلم مع أبي ذرِّ وهو مريض ... 85
كلام أمير المؤمنين علیه السلام مع مريض من شيعته / كيف تُكفَّر ذنوب المؤمن؟ ... 86
تفسير قوله تعالى: «مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ »/ المرض وقاية من الأشر والبطر/
ص: 308
زكاة الأبدان ... 87
ثواب المكفوف يوم القيامة/ أئمَّة الهدى علیهم السلام هم ورثة الأنبياء في علومهم وقدراتهم ... 88
مرض الطفل كفَّارة لوالديه / محاسن إخفاء المرض وعدم الشكوى/ حُسن الكتمان في أربعة أمور / تجنَّب الشكوى إلى الناس ... 89
حُسن كتم البلاء / كتمان البلاء عن أهل الخلاف /من كشف ضُرَّه فضح نفسه/ معنى الشكوى المذمومة ... 90
تَقَُّبل عيادة المؤمنين وفسح المجال لهم/ ثواب عيادة المريض / جواب النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم
لمن سأله كيف أصبحت؟/ عيادة النبيِّ صلی الله علیه و آله وسلم اليهودي ... 91
لا تعودوا شارب الخمر /علاقة يهودي برسول الله صلی الله علیه و آله وسلم أدت إلى هدايته ونجاته
/ قول الإمام الصادق علیه السلام المريض : «أنساك الله العافية»، وتفسير ذلك ... 92
أُطلبوا الدعاء من المريض / كيف يُكلَّم المريض ؟ / بعض آداب عيادة المريض ... 93
استحباب التخفيف في عيادة المريض لا تُكرهوا مرضاكم على الطعام كلمة (لا إله إلا الله )عند الموت ... 94
ماذا كان يُردِّد أمير المؤمنين علیه السلام عند شهادته ؟/ خطورة اللحظات الأخيرة قبل
/ الموت/ المؤمن يرى عليَّا علیه السلام في ثلاث مواطن/ استحباب تلقين الميِّت عند احتضاره كلمات الفرج ... 95
لا يموت المؤمن إلا برضا منه / تأثير رضا الأمّ في حُسن العاقبة ... 96
الدعاء الذي ردَّده الإمام السجَّاد علیه السلام عند وفاته /قول رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم عند :وفاته: «اللَّهُمَّ أعني على سكرات الموت» / دعاء فاطمة علیها السلام في أيام مرضها ... 97
ما يُقال عند من يُعاني من سكرات الموت ... 98
حديث أمِّ سَلَمة في كيفية وفاة فاطمة عليها السلام/ قراءة سورة الصافات عند المحتضر المكروب ... 99
ص: 309
ما يراه الميّت عند احتضاره ... 100
كراهة مسِّ المحتضر ومنعه من الحركة /ما يُقال عند تغسيل الميِّت /ستر ما يراه
المغسِّل للميّت ... 101
حوار الحسين علیه السلام مع معاوية بعد قتله حجر بن عدي الكندي ... 102
عدم تحنيط من مات مُحرما/ كيف تمكَّن عليٌّ علیه السلام من تغسيل النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم/ ماذا قال عليٌّ علیه السلام عند تغسيل الزهراء علیها السلام ... 103
عليك العناية في اختيار الكفن/ ما حظيت به شطيطة من عناية الإمام الكاظم علیه السلام/ اهتمام النبىِّ صلی الله علیه و آله وسلم بموت فاطمة بنت أسد وتكفينها ودفنها وتلقينها ... 104
الإسراع إلى تشييع الجنائز والإبطاء في حضور الأعراس/ أوَّل من استعمل النعش الزهراء علیها السلام/ ثواب اتِّباع جنازة المؤمن ... 106
أميران وليسا بأميرين/ لا يُترَك الحقُِّ لما يشوبه من الباطل/ موعظة لمن يحضر جنازة ... 107
أرض مصر / ما قاله أمير المؤمنين علیه السلام عند دفن فاطمة علیها السلام ... 108
ما يُجعَل فوق تراب القبر ثقل على الميِّت / صنع النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم بالميِّت من بني هاشم
خاصَّة /موت والدة الإمام المهدي عجل الله فرجه في حياة أبي محمّد علیه السلام ... 109
قبور الأئمَّة علیهم السلام من بقاع الجنَّة وعمارها الشيعة / التعزية بالميِّت بعد دفنه/ ما
فعله رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم بأيتام جعفر الطيَّار علیه السلام وبعائلته عند شهادته ... 110
كراهة الأكل عند أهل المصيبة ... 111
نعي أُمِّ سَلَمة لابن عمِّها أمام النبيِّ صلی الله علیه و آله وسلم / قضاء حقوق الناس والمشاركة في عزائهم /دموع فاطمة علیها السلام تتحدَّر على قبر أختها رقيَّة ... 112
حزن النبيِّ صلی الله علیه و آله وسلم على جعفر وزيد بن حارثة /ماذا قالت فاطمة علیها السلام في عزاء أبيها صلی الله علیه و آله وسلم؟ / كراهة الجزع إلَّا على الحسين علیه السلام ... 113
البكاء يُخفِّف الحزن والوجد /بكاء بقاع الأرض على المؤمن/ بكاء أصحاب
ص: 310
أمير المؤمنين علیه السلام على قتلى الخوارج بالنهروان ... 114
جزاء من يُحِبُّ عليَّا علیه السلام من الملل الأخرى /وصيَّة الحسين علیه السلام لأخته زينب علیها السلام قبل شهادته ... 115
نياحة نساء بني بني هاشم على الحسين علیه السلام قبل خروجه من المدينة/ رسالة الإمام الصادق علیه السلام لعبد الله بن الحسن ومن معه من بني الحسن حينما اعتقلهم المنصور وسيِّرهم من المدينة إلى السجن ... 116
تردُّد مَلَك الموت على البيوت يوميّاً خمس مرَّات / ثواب من مات له سقط ... 119
من مات ولده فله الجنّة صبر أم لم يصبر ... 12
کلام الحسن البصري عن الولد، وجواب الإمام السجَّاد علیه السلام له /الصبر عند صدمةالمصيبة ... 121
حزن أمير المؤمنين علیه السلام على الأشتر لمَّا استُشهِدَ/ قصَّة أُمَّ سَلَمة مع رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ... 122
النسيان رحمة من الله للبشر / تسليم أهل البيت علیهم السلام لقضاء الله تعالى ... 123
زيارة القبور تُدخل السرور والأنس على الأموات/ زيارة فاطمة علیه االسلام القبر حمزة والشهداء كل اثنين وخميس حتَّى ماتت شهيدة ... 124
ما يقال عند قبر المؤمن/ الفرق بين زيارة الموتى قبل طلوع الشمس وزيارتهم بعد طلوعها ... 125
ماذا تقرأ عند قبر الميت لتأمن من الفزع الأكبر ؟ /ثواب قراءة آية الكرسي واهدائها للأموات / كلام أمير المؤمنين علیه السلام عن تعامل الناس مع الموت ... 126
فوائد الجزء الرابع ... 127
فضل الصلاة ... 129
كيف نواجه وسوسة الشيطان؟ /وفدَّ من الشيعة يخرج إلى سامراء لتهنئة الإمام العسكري علیه السلام بولادة الإمام المهدي عجل الله فرجه ... 138
ص: 311
علامات المؤمن/ فضل أوَّل الوقت ... 139
إيذاء عمر لرسول الله صلی الله علیه و آله وسلم/ إجابة المؤذِّن تزيد في الرزق /فضل تسبيح فاطمة علیها السلام ... 141
فضل التسبيحات الأربعة / فضل الصلاة على محمّد وآل محمّد بعد الصلاة ... 143
فضل سورة التوحيد بعد الفريضة ... 144
فضل قراءة آية الكرسي بعد الفريضة وعند المنام ... 145
فضل صلاة الليل ووقتها زوال الليل ... 146
أقل ما تتحقق به صلاة الليل/ ماذا وجدوا في جُبَّة الحسين علیه السلام بعد قتله؟/ عبد الرحمن بن عوف كان رجلاً قملا فائدة العلك لشد الأضراس/ الامام
علیه السلام يُطلِّق زوجته الثقفية لأنَّها برأت من عليِّ علیه السلام ... 147
تسبيح الجسد والثياب وكلِّ شيء حول المصلِّي / فضل التطيُّب أوَّل النهار وعند الصلاة/ فضل العقيق في الصلاة ... 148
بقاع الأرض تبكي على المؤمن بعد موته /الصلاة في مساجد المسلمين ... 149
فضل التردُّد على المساجد أهل المساجد في سلامة من الآفات/ الإمام علیه السلام يخطب الحور العين من الله تعالى ... 150
ما كُتِبَ على باب الجنَّة / بعض ما أخبر به النبيُّ صلی الله علیه و آله وسلم عن المستقبل عن المستقبل ... 151
الموقف من المتشبهين من الرجال بالنساء والمخنَّثين ... 152
قمامة المسجد / كراهة الإعلان عن الضالَّة في المسجد/ نهي الإمام السجّاد علیه السلام الحسن البصري عن إشغال الناس عن الطواف بالقَصَص/ الصلاة في بيت فاطمة عليه أفضل من الصلاة في الروضة ... 153
فضل الصلاة في مسجد غدير خُمِّ /فضل مسجد الكوفة على لسان أمير المؤمنين علیه السلام ... 154
الإمام السجّاد علیه السلام يقصد مسجد الكوفة ليُصلِّي فيه ويعود إلى المدينة/ أوَّل لقاء
ص: 312
لأبي حمزة الثمالي مع الإمام السجّاد علیه السلام في الكوفة ... 156
نِعَمٌ مغفول عنها: الصلاة في مسجد الكوفة، والغسل في الفرات، وزيارة الحسين علیه السلام /مسجد الكوفة أفضل من المسجد الأقصى/ موضع صلاة أمير المؤمنين علیه السلام ما في مسجد الكوفة ... 158
ورد في صفة مسجد السهلة وفضله فضل الكوفة وما فيها من مساجد وفضل مسجد السهلة ... 159
لو استجار به لأجاره الله تعالى سنة ... 160
قصَّة المرأة التي عثرت فقالت: لعن الله قاتليكِ يا فاطمة، فأخذها السلطان، وأُطلقت بدعاء الإمام الصادق علیه السلام ... 161
كلمات من قالها قبل صلاته كان مع محمّد وآل محمّد علیهم السلام ... 162
كلمات من قالها قبل تكبير الصلاة أوجبت له العفو من الله تعالى والنجاة من التبعات التي هي حقوق الناس ... 163
فوائد الجزء الخامس ... 165
الحرم المكِّى قبلة الدنيا، ومكَّة قبلة الحرم، والمسجد قبلة مكَّة، والبيت قبلة المسجد الحرام/ الأذان نزل بوحي من الله تعالى لا برؤيا / فضل الأذان والإقامة ... 167
/ فاطمة علیها السلام وأذان بلال الأذان والإقامة شفاء من الحُمَّى ... 138
الملائكة لا تتقدم على بني آدم منذ أُمروا بالسجود لآدم علیه السلام/ سوء ترك أكل اللحم أربعين يوما استحباب إجابة المؤذن ... 169
كراهة ترك نسج العنكبوت في الدار وأنه يوجب الفقر/ ما يُستحَبُّ قوله عند أذان الصبح وعند المغرب / معنى خير العمل / نافع مولى عمر يسأل (نبيِّ أهل الكوفة) ... 170
عكرمة يصف أذان بلال على ظهر الكعبة يوم الفتح بأنَّه نهيق/ فضل السجود
ص: 313
والدعاء بين الأذان والإقامة ... 171
ضبط أوقات الصلاة عندهم/ الإقبال على الله تعالى في الصلاة يوجب إقبال قلوب المؤمنين/ من آثار الإقبال في الصلاة استجابة الدعاء/ ما يُجبَر به السهو والغفلة في الصلاة ... 172
إنَّما يُرفع من الصلاة بقدر الإقبال عليها وصيَّة النبيِّ صلی الله علیه و آله وسلم لأبي أيوب الأنصاري/ صلِّ صلاة مودِّع للدنيا ... 173
حال إبراهيم علیه السلام في صلاته، وخشوع النبيِّ صلی الله علیه و آله وسلم والزهراء علیها السلام في صلاتهما/ الإمام الحسن علیه السلام كان أعبد الناس في زمانه/ سقوط طفل للإمام السجّاد علیه السلام في البئر ... 174
عتاب من الله تعالى بعبده إذا غفل عنه في صلاته التأكيد على الإقبال في الصلاة ... 175
ماذا كان يفعل النبيُّ صلی الله علیه و آله وسلم و إذا كثرت همومه ؟/ كيف شُرّعت التكبيرات السبعة للصلاة معنى : «صَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ » ... 176
مناجاة الإمام السجَّاد علیه السلام لربِّه عند الكعبة/ معنى النحر ... 177
رفع اليدين أثناء تكبيرات الصلاة زينة الصلاة/ البسملة وفضلها ... 145
إجماع آل محمّد على ثلاث ... 179
ماذا قرأ أمير المؤمنين علیه السلام في الركعة التي صلاها قبل إصابته؟/ فضل قراءة
سورة التوحيد في الصلاة /سورة الفجر سورة الحسين علیه السلام/ قراءة أمير المؤمنين علیه السلام سورة الأعلى في صلاة الفجر أربعين يوماً ... 180
فضل السجود ... 181
النخلة التي هزّتها مريم عليها السلام في بساتين الكوفة، وصلاة الإمام الصادق علیه السلام عندها ... 183
النساء عن التطويل في صلاتهنَّ لمنع أزواجهنَّ حقَّهم /سجود الإمام
ص: 314
الصادق علیه السلام على تربة الإمام الحسين علیه السلام ... 184
عمل فاطمة علیها السلام مسبحتها من طين قبر حمزه علیه السلام/ النهي عن السفر للتجارة
السلام في بلاد يصعب فيها أداء الصلوات الاختياريَّة ... 185
لزوم خضوع الزوجة لزوجها /سجود الملائكة لآدم علیه السلام كان على ظهر الكوفة /استحباب طول القنوت ... 186
ردُّ اليد على الوجه بعد الدعاء /الاستغفار سبعين مرَّة في صلاة الوتر ......187
فوائد الجزء السادس ... 189
استحباب هذا الدعاء قبل طلوع الشمس وغروبها ... 191
برُّ الوالدين حيَّين وميِّتين/ إهداء الصلاة والأعمال الصالحة للميِّت /فضل الصلاة في أوَّل وقتها ... 192
فضل ليلة ويوم الجمعة والصلاة على محمّد وآله فيهما، والساعة التي يُستجاب فيها الدعاء ... 193
الساعة التي كانت تدعو فيها فاطمة علیها السلام ... 194
فضل الصلاة على محمّد وآله ليلة الجمعة ويوم الجمعة ... 195
إدخال السرور على الأهل والعيال الجمعة/ تقليم الأظفار
يوم الأظفار يوم الجمعة والأخذ من الشارب / نصيحة الإمام الصادق علیه السلام لمن أراد الرزق ... 196
تقليم الأظفار يوم الخميس ... 197
فضل التطيب يوم الجمعة وفي سائر الأيام الإفطار يوم عيد الفطر على التمر والتربة الحسينيَّة ... 198
حتُّ أمير المؤمنين علیه السلام على تعلّم شعر أبي طالب علیه السلام/ حادثة خروج الإمام
السلام الرضا علیه السلام إلى خراسان مكرهاً، وخروجه إلى أداء صلاة العيد بإصرار من
المأمون ... 199
الأحزان تتجدد لآل محمّد صلی الله علیه و آله وسلم أيَّام الأعياد / دعاء المعلَّى بن خُنَيس في الأعياد ... 201
ص: 315
النداء من السماء عند قتل الحسين علیه السلام ... 202
التكبير والدعاء عند هبوب الرياح الشديدة /الأمان من الصواعق بذكر الله تعالى ... 203
تعنيف الإمام علیه السلام لمن ذم الأيَّام/ قول الدنيا لمن يلعنها: لعن الله أعصانا لربِّه/ التوقِّي من البرد والتلقِّي له ... 204
استقبال أمير المؤمنين علیه السلام للمطر برأسه ... 205
التشديد في حضور الصلاة جماعة / أوَّل جماعة أُقيمت في الإسلام ... 206
میزان معرفة الرجال على لسان الإمام السجَّاد علیه السلام ... 207
فوائد الجزء السابع ... 209
سفر الصيد اللهوي سفر معصية ... 211
موارد إتمام الصلاة للمسافر تخييرا/ منزلة المؤمن عند الله تعالى، وفضل التقرُّب إلى الله تعالى بالنوافل ... 212
زينة الدنيا المال والبنون وزينة الآخرة صلاة الليل شرار خلق الله ثلاثة فضل صلاة الليل ... 213
النوافل تجبر الفرائض وتُتِمُّها ... 222
قصَّة الرجل القبيح الوجه ونزول جبرئيل علیه السلام برسالة إليه/ استحباب نافلة العشاء معنى أدبار السجود وإدبار النجوم ... 223
جبر الفرائض بالنوافل / صلاة عليّ علیه السلام ليلة الهرير / صلاة الغفيلة وفضلها ... 224
الرفق في العبادة / فضل الدعاء على الصلاة/ رفع الصوت في صلاة الليل تنبيهاً للأهل من رقادهم ... 225
قصَّة الجارية التي كانت في بيت الإمام الرضا علیه السلام في خراسان صلاة جعفر الطيّار وفضلها، وهي منحة رسول الله صلی الله علیه و آله وسلمالجعفر ... 226
ركعتان عند تعسُّر الأمور ... 227
ص: 316
التوسُّل برسول الله ... 228
رجل يشكو إلى الإمام الصادق علیه السلام دينه وخوفه من السلطان وما علَّمه الإمام علیه السلام وما لكشف ذلك ... 229
صلاة التوسُّل بالزهراء عليها السلام ... 230
التوسُّل في مسجدي الكوفة والسهلة / الدعاء الذي أحيا الميِّت ... 231
دعاء فاطمة علیها السلام في طلب المائدة من السماء /علاج الغمَّ ... 232
الدعاء للزواج الدعاء قبل الزواج لطلب الألفة/ استحباب الاستخارة قبل إتيان العمل ... 233
من سخط نتيجة الخيرة فقد اتّهم الله تعالى ... 234
صلاة أوَّل الشهر للسلامة /كيف يُحصِّن المؤمن نفسه؟/ الاستغاثة بمحمّد وعلىِّ (صلوات الله عليهما وعلى آلهما) ... 235
التوسُّل بفاطمة علیها السلام لرفع الحمَّى / دعاء لردّ البصر / كيف تكُفّر عن الذنوب؟ ... 236
دعاء الإمام علیه السلام لَنْ شتمه ... 237
فوائد الجزء الثامن ... 239
من منع حقا في طاعة بذل أضعافه في المعصية/ أداء زكاة الفطرة عن الأموات/ زكاة النّعَمِ ... 241
ما هو الحقُّ المعلوم؟ / عثمان يُهدد أبا ذرَّ رضی الله عنه بالقتل ... 242
جهد المقلِّ هو أفضل الصدقة /وصيَّة الإمام الرضا علیه السلام لولده الإمام الجواد علیه السلام في البذل والسخاء ... 243
فضل التواضع والعطاء والعفو /فضل الصدقة وبركاتها ... 244
الصدقة تُضِّل المؤمن يوم القيامة/ الصدقة تقع في يد الله تعالى قبل يد الفقير ... 245
الصدقة شيء عجيب / خطاب أمير المؤمنين علیه السلام مع أهل القبور /حظُّ الإنسان
ص: 317
من ماله المبذول من المال هو الباقي ... 247
الرزق الحقيقي /تعجُّب سالم بن أبي حفصة من قول الإمام الصادق علیه السلام: «قال الله تعالى»/ ابحث عمن يحمل زادك إلى الآخرة ... 248
حُسن الصدقة /مسير الإمام الصادق علیه السلام مع قافلة، وتعرُّضها لقُطُّاع الطريق، ونجاتهم ببركة الصدقة ووجود الإمام علیه السلام... 249
الصدقة تردُّ القضاء/ التصدُّق عند ارتكاب الخطيئة ... 250
من آثار الصدقة ... 251
صفتان في الشيعة فضل قضاء حوائج الإخوان ... 253
بعض صفات الشيعة / مدح بعض الأغنياء ... 255
فضل الصدقة حال الصحة/ فضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح /صلة فقراء الشيعة صلةٌ للأئمَّة علیهم السلام ... 256
ثواب صلة الرحم / أنحاء الصدقة وآثارها ... 257
القول الحسن أفضل الصدقة ... 258
أنحاء الصدقة /انتفاع الميِّت بما يُرسَل إليه من خيرات ... 259
ترتُّب ثواب المعروف وإن جرى على ثمانين يدا/ المعطون ثلاثة /فضل صدقة الليل على صدقة النهار /فضل التعجيل بالصدقة بكورا/ افتتحوا نهاركم واختموه بفعل الخير ... 260
التصدق عند التشاؤم بالنجوم/ حُسن الخواتيم/ «لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ »... 261
سفرة الإمام الرضا علیه السلام وإهداؤه أطيب طعامه للمساكين/ صدقة زيد بن حارثة /أنواع الصدقات ... 262
ابتداء المعروف قبل المسألة/ السخاء ما كان ابتداءً / حفظ حرمة السائل ... 263
تتابع الإحسان/ قُبح المنِّ ... 265
ص: 318
الإمام الصادق علیه السلام وصدقة الليل ... 266
الإمام الرضا علیه السلام وصدقة الليل/ آثار المعروف والصدقات طلب الدعاء من السائل ... 267
الصدقات تقع في يد الله تعالى يُجاب لهم فيكم ولا يجاب لهم في أنفسهم استجابة دعاء المسكين حال الصدقة ... 268
يُستجاب لليهودي والنصراني فيكم ولا يُستجاب لهم في أنفسهم / إطعام الطعام من وسائل الرزق نزول آية الولاية في عليِّ علیه السلام بعد تصدقه بالخاتم ... 269
إنَّا أهل بيت لا نرجع في معروفنا قصَّة الرجل الذي اتَّهم الإمام الصادق علیه السلامبسرقة هميانه ... 270
كراهة السؤال من الناس ... 271
لماذا اتَّخذ الله إبراهيم خليلاً/ وصية رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم السلمان ... 273
الشيء الذي أحبَّه الله تعالى لنفسه وأبغضه لخلقه / أكرم الناس عند الناس ... 274
شهادة من يسأل بكفّه مردودة / صفات من يُقصد بالسؤال حين الاضطرار ... 275
تجنُّب الطلب من القاسية قلوبهم /لا منقصة في الطلب من الإمام أو العالم أو الوالد ... 276
كتمان الفقر ... 277
لا بأس بالشكوى إلى المؤمن/ فضل القناعة/ الثقة بما عند الله تعالى /من سألنا أعطيناه ومن استغنى أغناه الله ... 278
الطمع فقر حاضر / اليأس عمَّا في أيدي الناس سبب لإجابة الدعاء ... 280
كم عسى أن يكفي الإنسان؟! ... 281
ما قال لا قطُّ /التحذير من ردِّ السائل، وقصَّة آل يعقوب ... 282
ترك السائل يبثُّ همه ويشرح مسألته / كيف نتعامل مع السائل ... 283
ص: 319
ثلاث مُنجيات /ثلاث وثلاث وثلاث وثلاث ... 284
سبب آخر لاتِّخاذ الله تعالى إبراهيم خليلاً /فضل إطعام الطعام ... 285
الناصب من نصب العداوة للشيعة ... 287
رؤيا النبىِّ صلی الله علیه و آله وسلم عمَّه حمزة وابن عمَّه جعفر الطيَّار بعد شهادتهما وما دار بينهم من حديث /دعوة الإمام السجَّاد علیه السلام ظبياً إلى الطعام ومجيء الظبي معهم على المائدة ... 289
الإمام الحسن علیه السلام يطرح الطعام أمام كلب ينظر إليه/ وصف الحسن البصري للإمام الحسين علیه السلام ... 290
ثواب كسوة المؤمن /فضل أهل البيت لها على كافَّة الناس ... 291
أوَّل النَّعَم طيب الولادة ... 292
علباء الأسدي بعدما تولى البحرين / الدنيا وما فيها الله ولرسوله وأهل بيته علیهم السلام ... 293
فوائد الجزء التاسع ... 295
فضل شهر رمضان /كلامٌ للنبيِّ صلی الله علیه و آله وسلم في استقبال شهر رمضان ... 297
خطبة النبيّ صلی الله علیه و آله وسلم أوّل شهر رمضان ... 299
الإفطار على التمر ... 301
الأسودان: التمر والماء ... 302
زهد علىَّ علیه السلام ... 302
الدعاء عند الإفطار / قراءة سورة القدر عند السحور والإفطار/ إجابة دعوة المؤمن أفضل من الصيام تطوُّعاً ... 303
الفهرس ... 305
ص: 320