اَلْفَاطِمِيَّاتِ
مَشَاعِرَ الوَلَاءِ في قَصَائِدِ الزَهَرَاءِ علیها السلام
اَلْفَاطِمِيَّاتِ
مَشَاعِرَ الوَلَاءِ في قَصَائِدِ الزَهَرَاءِ علیها السلام
اَلْخَطِيبُ اَلشَّيْخُ عَلِيٌ حَيْدَرُ اَلْمُوَيَّدُ
اَلْجُزْءُ اَلْخَامِسُ
دارالعلوم تحقیق و الطباعة و نشر و التوزیع
ص: 1
ص: 2
اَلْفَاطِمِيَّاتِ
مَشَاعِرَ الوَلَاءِ في قَصَائِدِ الزَهَرَاءِ علیها السلام
اَلْخَطِيبُ اَلشَّيْخُ عَلِيٌ حَيْدَرُ اَلْمُوَيَّدُ
اَلْجُزْءُ اَلْخَامِسُ
دارالعلوم تحقیق و الطباعة و نشر و التوزیع
ص: 3
جميع الحقوق محفوظة
الطبعة الأولى
1426 ه- - 2005 م
دار العلوم التحقيق والطباعة والنشر والتوزيع
المكتبة: حارة حريك - بئر العبد - شارع السيد عباس الموسوي -الهاتف:01/545182 - 03/47919 - ص.ب:13/6080 المستودع: حارة حريك - بئر العبد - مقابل البنك اللبناني الفرنسي - تلفاكس: 01/541650
www.daraloloum.com E-Mail: daraloloum@hotmail.com
ص: 4
بسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ* الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اَهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَاالضَّالِّينَ*
ص: 5
ص: 6
[بحر الطويل]
لأنت علي من أناس أكارمه *** متى طلب الإيمان كانوا علائمه
فلم قوم أنجبوك فأنهم *** بحق لعمر اللَّه كانوا ضراغمه
فإن جاش خطب و أدلهم بهوله *** تراهم أناساً في الشر أيد حازمه
قد ادعو الإيمان و العلم و التقى *** و هل في التقى و العلم و الدين لأيمّه
لقد أشربوا حب النبي وآله *** وحب نبي المختار ما فيه ساقمه
و أنت لعمري شبلهم و حفيدهم *** ترى صحبة الإيمان خير منادمه
ترى العلم لاتبغي بديلاً به و لو *** تراءت لك الدنيا و هل هي دايمه
لذاك و ربي لاتزال مثابراً *** بحبك للطهر البتولة فاطمه
جمعت مراثيها بجدّ و مدحها *** و خدمتها و اللَّه أعظم غانمه
فكانت و ربي خير سفر جمعته *** وتاللَّه قد أوضحت منه معالمه
کتاب بروق العين إما نظرته *** تلألأ كعقل الخور افرح ناظمه
و سمّيته بالفاطميات يا له *** کتاب له كف المودّة راقمه
ترى فيه اخلاص المولاة ظاهراً *** كما فيه أنوار الولاية حاكمه
به أدب قد سال في حبّها كما *** تدافع ويل من غمائم ساجمه
کتاب يلوح النور بين سطوره *** كما لاح نور الشمس ما فيه كاتمه
فيالكِ أشعاراً حساناً جمعتها *** بحب البتول الطهر كالورد باسمه
لك الخلد فابشر يوم حشر بطيبها *** و البشر بحور في جنابك ناعمه
أقول و قولي قد أردّ ختامه *** علی حیدرٍ دامت يمينك سالمه
للشيخ حسن القيسي البحراني
ص: 7
ص: 8
ص: 9
ص: 10
(بحر البسيط)
ابن الحجاج البغدادي(*)(1)
أجاب بها على قصيدة ابن سكرة المتحامل بها على آل اللَّه و شاعرهم ابن الحجّاج المترجم، أخذناها من ديوانه المخطوط سنة (620 ه-) بقلم عمر بن إسماعيل بن أحمد الموصلي أوَّلها:
لاأكذبُ اللَّهَ إِنَّ الصَّدْقَ يُنْجِينِي *** يَدُ الأَمِيرِ بِحَمْدِ اللَّهِ تُحْيِينِي
إلى أن قال:
فَمَا وَجَدْتَ شفاءً تَسْتَفِيدُ بِهِ *** إِلا ابتغاءَكَ تَهْجُو آلَ يَاسِينِ(2)
كَافَاكَ رَبُّكَ إِذْ أَجْرَتْكَ قُدْرَتُهُ *** بِسَبِّ أَهْلِ العُلاَ الغُرِّ المَيَامِينِ
فَقَرٌ وَ كُفْرٌ هَمِيعٌ أَنْتَ بَيْنَهُما *** حَتَّى المَمَاتِ بلادُنْيَا وَ لادِين(3)
فَكَانَ قَوْلُكَ فِي الزَّهْرَاءِ فَاطِمَةٍ *** قَوْلَ امْرِىءٍ لَهِجِ بِالنُّصْبِ مَفْتُونِ
عَيَّرْتَها بِالرَّحَى وَ الزَّادِ تَطْحَنُهُ *** لاَزَالَ زَادُكَ حَبّاً غَيْرَ مَطْحُونِ(4)
ص: 11
وَ قُلْتَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ زَوْجَهَا *** مِسْكِينَةً بِنْتَ مِسْكِينٍ لِمِسْكِينِ(1)
كَذِبْتَ يَابْنَ الَّتِي بَابُ إِسْتِها سَلِسُ *** الأَغْلاقِ بِاللَّيْلِ مَفْكُوكُ الزَّرَافِينِ(2)
سِتُّ النِّساءِ غَداً فِى الحَشْرِ يَخْدِمُها *** أَهْلُ الجِنَانِ بِحُورِ الخُرَّدِ العِينِ(3)
ص: 12
فَقُلْتَ: إِنَّ أَمِيرَالْمُؤْمِنِينَ بَغَى *** عَلَى مُعَاوِيَةٍ فِي يَوْمِ صِفِّينِ
وَ إِنَّ قَتْلَ الحُسَيْنِ السِّبْطِ قَامَ بِهِ *** فِي اللَّهِ عَزْمُ إِمَامٍ غَيْرِ مَوْهُونِ
فَلَا ابْنُ مَرْجَانَةٍ فِيهِ بِمُحْتَقِبٍ *** إِثْمَ المُسِيءِ وَ لاَشِمْرٌ بِمَلْعُونِ(1)
وَ إِنَّ أَجْرَ ابْنِ سَعْدٍ فِي اسْتِبَاحَتِهِ *** آلَ النُّبُوَّةِ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونِ
هذَا وَعُدْتَ إِلَى عُثْمَانَ تَنْدِبُهُ *** بِكُلِّ شِعْرِ ضِعِيفِ اللَّفْظِ مَلْحُونِ(2)
فَصِرْتَ بالطَّعْنِ مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ إِلَى *** مَا لَيْسَ يَخْفَى عَلَى الْبُلْهِ المَجَانِينِ
وَ قُلْتَ: أَفْضَلُ مِنْ يَوْمِ «الغَدِيرِ» إِذَا *** صَحَّتْ رِوَايَتُهُ يَوْمُ الشَّعَانِينِ(3)
وَ يَوْمُ عِيدِكَ عَاشُورا تَعُدُّ لَهُ *** مَا يَسْتَعِدُّ النَّصَارَى لِلْقَرَابِينِ
تَأْتِي بُيُوتَكُم فِيهِ العَجُوزُ وَ هَلْ *** ذِكْرُ العَجُوزِ سِوَى وَحْيِ الشَّيَاطِينِ؟!
عَانَدْتَ رَبَّكَ مُغْتَراً بِنَقْمَتِهِ *** وَ بَأْسُ رَبِّكَ بَأْسٌ غَيْرُ مَأْمُونِ
فَقَالَ: كُنْ أَنْتَ قِرْداً فِي أُسْتِهِ ذَنَبٌ *** وَ أَمْرُ رَبِّكَ بَيْنَ الكَافِ وَ النُّونِ
وَ قَالَ: كُنْ لِي فَتّى تَعْلُو مَرَاتِبُهُ *** عِنْدَ المُلُوكِ وَ فِي دُورِ السَّلاَطِينِ
وَ اللَّهُ قَدْ مَنَحَ الأَدْوَارَ قَبْلَكَ فِي *** زَمَانِ مُوسَى وَ فِي أَيَّامٍ هَارُونِ
بِدُونِ ذَنْبِكَ فَالحَقِّ عِنْدَهُمْ بِهِمُ *** وَدَعْ لِحَاقَكَ بِي إِنْ كُنْتَ تَنْوِينِي(4)
ص: 13
(بحر البسيط)
الشيخ أبو الحسن الخليعي(*)(1)
يا عَيْنُ لالِخُلُو الرَّبْعِ وَ الدِّمَنِ *** بَاكِي الرَّزَايَا سِوَى البَاكِي عَلَى السَّكَنِ(2)
وَاسِي بَنِي الهُدَى فِيمَا أُصِيبَتْ بِهِ *** وَ سَاعِدِي البَضْعَةَ الزَّهْرَا عَلَى الحُزْنِ
وَ قَابِلِيها بِأَرْض الطَّفْ صَارِخَةً *** عَلَى القَتِيلِ الغَرِيبِ النَّازِحِ الوَطَنِ
تَشْكُو إِلَى اللَّهِ وَ الأَمْلاَكُ مُحْدِقَةٌ *** بِالعِرْضِ تَسْتَصْرِخُ المَوْلَى أَبَاحَسَنِ
مِنْ حَوْلِهَا مَرْيَمُ العَذْرَا وَآسِيَةٌ *** تُكَرِّرُ النَّوْحَ بِالتَّذْكَارِ و الشجنِ
وَ النَّوْحُ مِنْ نَادِبَاتِ الجِنِّ مُرْتَفِعٌ *** وَ قَلْبُهَا مُوجَعُ بِالثُّكْلِ وَ المِحَنِ
لَهْفِي عَلَىٰ قَوْلِ مَوْلَاتِي وَ قَدْ نَظَرَتْ *** شِلْوَ الحُسَيْنِ بِلاَغُسْلِ وَ لَاكَفَنِ
مُلقَّى عَلَى الْأَرْضِ عَارِي الجِسْمِ مُنْعَفِرَ *** الخَدَّيْنِ مُخْتَضِبَ الأَوْدَاجِ وَ الذَّقْنِ(3)
لَهُفِي عَلَى زَيْنَبٍ حَرَّى مُجَرَّدَةً *** مَسْلُوبَةً تَسْتُرُ الأكتاف بالرُّدنِ(4)
تَقُولُ يَا وَاحِدي مَنْ لِي إِذَا نَزَلَتْ *** بِيَ الحَوَادِثُ يَحْمِينِي وَ يَكُننِي
لَهْفِي عَلَى فَاطِمِ الصُّغْرَى مُقَرَّحةً *** بِالدَّمْعِ أَجْفَاتُها مَسْلُوبَةَ الوَسَنِ(5)
تَدْعُو إِلَى زَيْنَبٍ يَا عَمَّا سَلَبَ العِلْجُ *** القِنَاعَ لِيَسْبِينِي وَ يَهْيَكُنِي
ص: 14
فَرُمْتُ أَسْتُرُ وَجْهِي عِنْدَ رُؤْيَتِهِ *** فَظَلَّ يَشْتَمُنِي عَمْداً وَ يَضْرِبُنِي
أَيْنَ الحُمَاةُ وَ أَيْنَ النَّاصِرُونَ لَنَا *** وَ اخَيْبَتِي جَارَ دَهْرِي وَ اعْتَدَى زَمَنِي
لَهْفِى عَلَى السَّيْدِ السَّجَادِ مُعْتَقَلاً *** فِي أَسْرِهِمْ مُسْتَذِلاً نَاحِلَ البَدَنِ
إِذَا شَكَا أَسْمَعُوهُ قُبْحَ شَتْمِهِمُ *** وَ إِنْ وَنَىٰ قَنَّعُوهُ فَاضِلَ الرَّسنِ(1)
وَاحَسْرَتَاهُ لِكَرِيمِ السِّبْطِ مُشْتَهِراً *** كَالبَدْرِ يُشْرِقُ فَوْقَ الدّلّ وَ اللَّدن(2)
فَيَا لَهَا مِحْنَةٌ عَمَّتْ مُصِيبَتُها *** وَ يا لَها حَسْرَةً فِي قَلْبِ ذِي شَجَنِ
يُهْنِي يَزِيدَ بِرَأْسٍ طَالَ مَا رَشَفَ *** المُخْتَارُ مِنْ ثَغْرِهِ تَقْبِيلَ مُفْتَتَنِ
وَ تُسْتَحَثُّ بَنَاتُ المُصْطَفَى ذُللاً *** عَلَى المَطَايَا إِلَى الأَطْرَافِ وَ المُدنِ
قَدْ قَابَلُونَا بَنُو حَرْبٍ بِمَا صَنعُوا *** وَ لَاشُفُوا غِلَلَ الأَحْقَادِ وَ الضِّغَنِ
بِفِعْلِهِمْ كَفَرُوا فِينا وَ اعْتَقَدُوا *** أَنْ لاجَزَاءَ عَلَى قُبْحٍ وَ لاًحَسَنِ
مَضَوْا عَلَى سُنَنِ المَاضِينَ وَ ارْتَكَبُوا *** نَهْجَ الضَّلالِ وَ مَالُوا عَنْ هُدَى السُّنَنِ
كَأَنَّنِي بِالبَتُولِ الظُّهْرِ وَاقِفَةً *** فِي الحَشْرِ تَشْكُو إِلَى الرَّحْمَنِ ذِي المِنَنِ
تَأْتِي وَ قَدْ ضَمَّخَتْ ثَوْبَ الحُسَيْنِ دَماً *** مِنْ نَحْرِهِ وَ هْيَ تُبْدِي الحُزنَ فِي حُزْنِ
تَدْعُو أَلاَ ابْنَ مَسْمُومِي وَ يَا أَسْفَي *** عَلَى قَتِيلِي وَ يا كَرْبِي وَ يَا حُزْنِي
يَا رَبِّ مَنْ نُوزعَتْ مِيراثَ وَالِدِها *** مِثْلِي وَ مَنْ طُولِبَتْ بالحِقْدِ و الإحَنِ؟(3)
وَ مَنْ تُرَىٰ جُرِّعَتْ فِي وُلْدِهَا غُصَصٌ *** كَمَا ابْنُ مِرْجَانَةَ المَلْعُونُ جَرَّعَنِي؟
وَ مَنْ تُرَى كُذِّبَتْ قَبْلِي وَ قَدْ عَلِمُوا *** أَنَّ الإِلهَ مِنَ الأَرْجَاسِ طَهَّرَنِي؟
وَ هَلْ لِبِنْتِ نَبِيَّ أُضْرِمَتْ شُعَلٌ *** كَمَا أُطِيفَ بِهِ بَيْتِي لِيَحْرِقَنِي(4)
ص: 15
خَرَجْتُ أَطْلُبُ لِلأَطفَالِ بُلْغَتَهُمْ *** دَفَعَنِي ظَالِمِي عَنْهَا وَ دَعَّنِي
رَبِّ انْتَصِفْ لِي مِمَّنْ خَانَ عَهْدَكَ *** فِي وُلْدِي وَ مِمَّنْ زَوَى إِرْنِي فَأَفْقَرَنِي(1)
وَ تَسْتَغِيثُ أَمَامَ العَرْشِ سَاجِدةً *** وَ المُصْطَفَى وَاقِفٌ وَ الدَّمْعُ كَالمُزْنِ(2)
فَیُبْرِزُ الأَمْرَ أَنِّي قَدْ سَمِعْتُ وَ قَدْ *** نَقَمْتُ مِمَّنْ عَصَى أَمْرِي وَ خَالَفَنِي
أَعْظِمْ بِها وَ مُنَادِي الحَشْرِ يَسْمَعُ بِالصَّوْتِ *** الرَّفِيعَ لَدَيْها كُلُّ ذِي أُذُنِ
غُضُّوا العُيُونَ فَخَاتُونُ القِيامَةِ قَدْ *** جَاءَتْ لِتَشْفَعَ فِيمَنْ بِالوَلَاءِ كُنِي
مِنْ كُلِّ مُحْتَرِقٍ مِنْ عَظْمِ فَجْعَتِها *** بَكَى وَ سَاعَدَها بِالمَدْمَعِ الهَتِن
يا سادَتِي الهادِي النَّبِيِّ وَ مَنْ *** أخْلَصْتُ وُدّي لَهُمْ فِي السِّرِّ وَ العَلَنِ
عَرفْتُكُمْ بِدَلِيلِ العَقْلِ وَ النَّظَرِ المَهْدِي *** فَلَمْ أَخْشَ كَيْدَ الجَاهِلِ اللَّكِنِ(3)
ظَفَرْتُ بِالكَنْزِ فِي عِلْم اليَقِينِ فَلَمْ *** أَخْشَ اعْتِرَاضاً لَدَى شَكٍّ يُنَازِعُنِي
فَلَسْتُ آسَى عَلَى مَنْ ظَلَّ يُبْعِدُنِي *** بِالقُرْبِ مِنْكُمْ وَ مَنْ بالَغَتْ تَرْحَمُنِي
وَ إِنَّنِي أَرْتَجِي أَن سَوْفَ يَلطف بِي *** رَبِّي فَيَصْفَحُ عَنْ جُرْمِي وَ يَرْحَمُنِي
وَ أَنْ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءَ تَشْفَعُ لِي *** وَ المُرْتَضَى لِجِنَانِ الخُلْدِ يُقْسِمُنِي(4)
فَازَ الخَلِيعِيُّ كُلَّ الفَوْزِ وَ اتَّضحتْ *** بِكُمْ لَهُ سُبُلُ الإِرْشَادِ وَ السُّنَنِ(5)
ص: 16
(بحر المنسرح)
الشيخ أبو الحسن الخليعي(*)(1)
لَمْ أَبْكِ مِنْ وَقْفَةٍ عَلَى الدِّمَنِ *** وَ لَا لِخِلٍّ نَأَى وَ لاَسَكَنِ
وَ لَمْ تَهِجْنِي الدِّيَارُ مُوحِشَةً *** وَ لاَشَجَتْنِي بَوَاكِرُ الظَّعَنِ
لكِنْ شَجَانِي بُكَاءُ فَاطِمَةٍ *** عَلَى أَبِيهَا بِمَدْمَعِ هَتِنِ(2)
وَ بَيْتُ أَحْزَانِهَا وَ وَحْدَتِهَا *** فِيهِ حَمَى مُقْلَتِي عَنِ الوَسَنِ(3)
وَ مَنْعُها مِنْ حُقُوقِهَا بِأَبَاطِيلِ *** أَحَادِيثِهِمْ يَرُوعُني
وَ قَوْلُهُمْ لَيْسَ لِلنَّبِيِّ مَوَارِيثٌ *** خِلافُ الفُرُوضِ وَ السُّنَنِ(4)
وَ مَشْیُها فِي مَلاَءَةٍ مِثْلُ مَشي *** المُصْطَفَى رَاعَنِي وَ أَرْقَنِي
مَعَ نِسْوَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ تَحْجِبُهَا *** وَ هْيَ تَشْكُو مِنْ لَوْعَةِ الحُزْنِ
وَاحَرَّ قَلْبِي لَهَا وَ أَنَّتها *** قَدْ أَجْهَشَتْهُمْ وَ الدَّمْعُ كَالمُزنِ(5)
ثُمَّ تُنَادِي الأَنْصَارَ يَا بَيْضَةَ الإِسْلامِ *** هَلْ مِنْ نَاصِرٍ فَيَنْصُرُنِي؟
ص: 17
أَنَا ابْنَةُ المُصْطَفَى النَّبِيِّ وَ مَنْ *** أَظْفَأَ نَارَ الضَّلاَلِ وَ الفِتَنِ
إِنْ لَمْ تَكُونُوا أَنْصَارَ آلِ رَسُولِ *** اللَّهِ فِيمَا يَنُوبُهُمْ فَمَنِ؟
خُذُوا بِحَقِّي مِنَ المُكَذِّبِ بِالدِّينِ *** فَقَدْ دَعَّنِي وَ دَافَعَني
بِأَيِّ شَرْع يُرْوَى تُرَاتُ أَبِي *** عَنِّي وَ يَجْتَاحُنِي وَ يَظْلُمُنِي؟
هَلْ دِنْتُ رَبِّي بِغَيْرِ مِلَّتِهِ *** أَوْ لَمْ أَطِعْهُ فَلا يُوَرْثُنِي؟
أَمْ خَصَّ هَذَا دُونِي وَ عَلَّمَهُ *** مَا لَمْ يَكُنْ وَالِدِي يُعَلِّمُنِي
حَتَّى احْتَوَىٰ نِحْلَتِي وَ بُلْغَةَ أَطْفَالِي *** عِناداً مِنْهُ وَ أَعْوَزَنِي
فَلْيَرْتَحِلْهَا مَخْطُومةٌ ذُللاً *** تَكُونُ فِي قَبْرِ مَعَ الكَفَنِ
وَ يَوْمَ حَشْرِ العِبَادِ أَلْقَاهُ وَ الحَاكِمُ *** رَبُّ الأنام ذُوالمِنَنِ
وَيْلاهُ مِنْ كُلِّ شَارِقِ بَهِجِ *** وَيْلَاهُ مِنْ كُلِّ غَارِبٍ وَجِنِ(1)
ماتَ اعْتِمَادِي وَفَتَّ فِي عَضُدِي *** وَ نِيْلَ مِنِّي وَ قَدْ وَ هَى رُكْنِي
وَ جَارَ فِي حُكْمِ ظَالِمِي سَفَها *** فَحَسْبِيَ اللَّهُ فَهُوَ يَنْصِفُنِي
وَ حَسْبُ خَصْمِي وَالِدِي وَ بِمَا *** أَوْدَعَنِي قَبْلَ أَنْ يُوَدِّعَنِي
يَا سَادَتِي يَا بَنِي النَّبِيِّ وَ مَنْ *** مَدِيحُهُمْ فِي المَعادِ يُنْقِذُنِي
حُبُّكُمْ فِي الوَرَى يُشَرِّفُنِي *** وَ بُغْضُ أَعْدَائِكُمْ يُخَلِّصُنِي
دِينِي هُوَ اللَّهُ وَ النَّبِيُّ وَ مَوْلاي *** إِمَامُ الهُدَى أَبُوحَسَنِ
عَرَفْتُهُمْ بِالدَّلِيلِ وَ النَّظَرِ المُبْصِرِ *** لاكَالمُقَلدِ اللَّكِنِ(2)-(3)
ص: 18
(بحر الرمل)
الأستاذ أبو زهراء الكوفي
قَدْ قَضَتْ بِاهْتِضَامُ *** بِنْتُ خَیرِ بِنْتُ خَير الأنامْ(1)
بالأسى و الأنِینْ *** فَلْنُعَزّ الأَمِينْ
***
يَا أَبِي بَعْدَكَ عِشْنا كَمْ مُصَابٍ وَ رَزِيَّهْ
فَالبَلاَيَا مِثْلَ قَطرٍ يَا أَبِي صُبَّتْ عَلَيَّهْ
مِنْ أُنَاس بِهَواها حَكَمَتْ كَالجَاهِلِيَّهْ
عُطِّلَ الشَّرْعُ وَ عادَتْ تحْكُمُ الرَّاعِي الرَّعِيَّهْ
حَصَلَ الإِرْتِدَادْ *** عَنْ طَريقِ السِّدادْ
وَ بِام الحُسَیْنْ *** فَلْنُعَزِّ الأمِینْ
***
يَا أَبِي لَيْتَكَ فِينا حَاضِراً كُنْتَ وَ تَشْهَدْ
وَ تَرَى الكَرَّارَ لِلْبَيْعَةِ قَدْ قِيدَ مُقَيَّدْ
ص: 19
وَ هُوَ مَنْ لَوْلاَهُ ظَلَّتْ هُبَل وَاللاتُ تُعْبَدْ
وَ هْوَ مَنْ نَصَّتْ عَلَيْهِ مُحْكَمَاتٌ لاَتُعَدَّدْ
وَ حَدِيثُ الغَدِيرْ *** شَاهِدٌ لِلأَمِیرْ(1)
خَیْبَرٌ وَ حُنَیْنْ *** فَلْمنُعَزِّ الأَمِینْ
***
أَبَتَاهُ لَمْ يُرَاعُوا تَوْصِيَاتٍ لَكَ فِيّا
فَوَراءَ البابِ لَمَّا لُذْتُ لاسِتَر عَلَيَّا
دَخَلُوا الدَّارَ وَ قَسْراً أَخَذُوا مِنِّي عَلِيَّا(2)
قُلْتُ إِنْ لَمْ تَتْرَكُوا لِي ابْنَ عَمِّي وَ الوَصِيَّا
أَلْتَجِیء بِالدُّعَاءْ *** نَحْوَ رَبِّ السَّمَاءْ
وَ بِدَمْعٍ سَحِیْنْ *** فَلنُعَزِّ الأمِینْ
***
بَضْعَةُ المُخْتَارِ وَ الهْفِي قَضَتْ بِالاهْتِضَام
بِجَنِينٍ أَسْقَطُوهُ عَصَرُوها بِانْتِقَامِ(3)
ص: 20
وَ يضِلْعِ ظَلَّ يُؤْذِيهَا إِلى وقتِ الحِمامِ(1)
وَ بِلَيْلٍ دَفَنُوها خِيفَةَ القَوْمِ اللِّئامِ(2)
وَ بِخَيْر النِّساءْ *** حَقِّ مِنَّا الَعَزاءْ
فَبِها كُلَّ حِينْ *** فَلنُعَزِّ الأمِینْ
***
وَ عَلَى الأَبْنَاءِ دَارَتْ بَعْدَها تِلْكَ الدَّوَائِرْ
بَعْدَما حَيْدَرُ أَضْحَى جُرْحُهُ في الدِّينِ ناغِرْ(3)
سَمُّوا السِّبْطَ وَ ثَنُّوا شَهَرُوا البِيضَ البَواتِرْ(4)
كَيْ يَنَالُوا بِحُسَيْنِ وِدَّ أَبْنَاءِ الكَوافِرْ
فی لَظی كَرْبَلاءْ *** ضَرّجُوا بِالدّماءْ
ثانِي الثَّقَلَیْنْ *** فَلْنُعَزِّ الأَمِينْ
***
ص: 21
ثُمَّ بِالحَوْرَاءِ سَارُوا وَ النِّسَاءِ الطَّاهِرَاتِ
حاسِرَاتٍ ظامِئاتٍ نادِباتٍ ثاكلاتِ
وَ سَبايا لِيزيدٍ قَدْ طَوَيْنَ الفَلَواتِ
لَهَفَ نَفْسِي حِينَمَا شاهَدْنَ نَسْلَ الفاجِراتِ
قد هَوَى بِانْتِقَامْ *** فَوْقَ رَأْسِ الإمامْ
يَضْرِبُ الشَّفَتَيْنِ *** فَلْنُعَزِّ الأَمِينْ
***
وَ كَمَا الزّهْرَاءُ كَانَتْ في الوَرَى أُمَّ أَبِيها
بَعْدَها الحَوْراءُ ثَارَتْ وَ اصَلَتْ نَهْجَ أَخِيهَا
بِسَجَايَا سَامِياتٍ فَلَكِ دَرْساً خُذِيها(1)
يَا بْنَةَ الإِسْلاَمِ قَالَتْ فَاطِمٌ هَيَّا اسْمَعِيها
لِلنَّسَاءِ الحِجَابْ *** زِينَةٌ لاَتُعَابْ
یُنجِی دُنْیا وَ دِينْ *** فَلْنُعَزِّ الأَمِينْ(2)
ص: 22
فَوْقَ الحَمُولَةِ لُؤْلُو مَكْنُونُ *** زَعَمَ العَوَاذِلُ أَنَّهُنَّ طُعُونْ
لِمْ لَقَّبُوها بالظُّعونِ وَ إِنَّها *** عُرَفُ الْجِنَانِ بِهِنَّ حُورٌ عِينُ؟
هَبْ زَعْمَهُمْ حقاً أَيَمْنَعُكَ الْهَوَى *** أَمْ لِلصَّبَابَةِ عَنْ هَوَاكَ تَبِينُ؟
إنّي بِمَنْ أَهْوَاهُ مَفْتُونٌ وَ ذَاكَ *** بِأَنْ يُؤنَّبَ بِالهَوَى مَفْتُونُ
كَلاً فَمَا شَأْنِي وَ شَأْنُ مُؤَنُبِي *** شَرعٌ سَوَاءٌ لِلرِّجَالِ شُؤُونُ
عُذْراً فَمَا لِلَّوْم تَهْجِينُ الْهَوَى *** إِنَّ المُلَامَ لِأَهْلِهِ تَهْجِينُ(1)
يَا أَيُّهَا الرَّشَأُ الَّذِي سَمَّيْتُهُ *** قَمَرَ السَّمَاءِ وَ إِنَّهُ لَقَمِينُ(2)
مَهُمَا نَظَرْت وَ أَنْتَ مِرْآةُ الهَوَى *** بِكَ بَانَ لِي مَا لاَيَكَادُ يَبِينُ
نَاظَرْتَ قَلْبِي رِقَةٌ فَمَلَكْتَهُ *** لكِنَّ مَا مَلَكَتْ يَدَاكَ ثَمِينُ
لَمْ تَجْرِ ذِكْرَىٰ نَيْرٍ وَ صِفَاتُهُ *** إِلا ذَكَرْتُكَ وَ الحَدِيثُ شُجُونُ
يَا قَلْبُ مَا هَذَا شِعَارُ مُتَيَّمٍ *** وَ لَعَلَّ حَالَ بِيَ الْغَرَامُ فُنُونُ(3)
ص: 24
خَفِّضْ فَخَطْبُكَ غَيْرُ طَارِقَةِ الهَوَى *** إِنَّ الهَوَى عَمّا لَقِيتَ يَهُونُ
مَا بَرَّحَتْ بِكَ غَيْرُ ذِكْرَىٰ كَرْبَلاً *** فَإِذَا قَضَيْتَ بِهَا فَذَاكَ يَقِينُ
وَرَدَ ابْنُ فَاطِمَةَ المَنونَ عَلَى ظَمَاً *** إِنْ كُنْتَ تَأْسَى فَلْتَرْدِكَ مُنُونُ(1)
وَدَع الحَنِينَ فَإِنَّهَا الْعُظْمَى فَلا *** تَأْتِي عَلَيْهَا حَسْرَةٌ وَ حَنِينُ
ظَهَرَتْ لَهَا فِي كُلِّ شَيْءٍ آيةٌ *** كُبْرَىٰ فَكَادَ بِهَا الفَنَاءُ يَحِينُ
بَكَتِ السَّمَاءُ دَماً وَ لَمْ تَبْرُدْ بِهِ *** كَبِدٌ وَ لَوْ أَنَّ النُّجُومَ عُيُونُ
نَدَبَتْ لَهَا الرُّسُلُ الْكِرَامُ وَ نَدْبُهَا *** عَنْ ذِي الْمَعَارِجِ فِيهِمُ مَسْنُونُ
فَبِعَيْنِ (نُوحٍ) سَالَ مَا أَرْبَىٰ عَلَى *** مَا سَارَ فِيهِ فُلْكُهُ الْمَشْحُونُ
وَ بِقَلْبِ (إِبْرَاهِيمَ) مَا بَرَدَتْ لَهُ *** مَا سَخَّرَ (النَّمْرُودُ) وَ هُوَ كَمِينُ
وَ لَقَدْ هَوَى صَعِقاً لِذِكْرِ حَدِيثِهَا *** مُوسَى وَ هَوَّنَ مَا لَقِي (هَارُونُ)
وَ اخْتَارَ (يَحْيَى) أَنْ يُطَافَ بِرَأْسِهِ *** وَ لَهُ التَأسي بِالْحُسَيْن يَكُونُ
وَ أَشَدُّ مِمَّا نَابَ كُلُّ مُكَوَّنٍ *** مَنْ قَالَ قَلْبُ (مُحَمَّدٍ) مَحْزُونُ
فَحَرَاكَ تَيْمِ بِالضَّلالَةِ بَعْدَهُ *** لِلْحَشرِ لايَأْتِي عَلَيْهِ سُكُونُ
عُقِدَتْ بِيَثْرِبَ بَيْعَةٌ قُضِيَتْ بِهَا *** لِلشِّرْكِ مِنْهُ بَعْدَ ذَاكَ دُيُونُ
بِرُقِيِّ منبرِهِ رُقِي فِي كَرْبَلاً *** صَدْرٌ وَ ضُرَّجَ بِالدِّمَاءِ جَبِينُ(2)
وَ بِكَسْرِ ذَاكَ الضّلْعِ رُضَّتْ أَضْلُعُ *** فِي طَيِّهَا سِرُّ الإِلَهِ مَصُونُ
ص: 25
لَوْلاً سُقوط جنِين فَاطِمَةٍ لَما *** أَوْدَى لَها فِي كَرْبَلاءَ جَنِينُ(1)
وَ كَمَا (عَلِيٌّ) فَوْدُهُ بِنِجَادِهِ *** فَلَهُ (عَلِيَّ )بِالوَثَانِ قَرِينُ
وَ كَمَا (الفَاطِمَ) رَنَّةٌ مِنْ خَلْفِهِ *** لِبَنَاتِهَا خَلْفَ الْعَلِيل رَنِينُ(2)
وَ بِزَجْرِهَا بِسِياطِ قُنْفُذَ وُشِّحَتْ *** بالطَّفِّ فِي زَجْر لَهُنَّ مُتُونُ
وَ بِقَطْعِهِمْ تِلْكَ الأَرَاكَةِ دُونَها *** قُطِعَتْ يَد فِي كَرْبَلا وَ وَتِينُ
لكِنَّمَا حَمْلُ الرُّؤوس عَلَى الْقَنَا *** أَدْهَي وَ إِن سَبَقَتْ بِهِ صِفِّين
کُلٌّ كِتَابُ اللَّهِ لكِنْ صَامِتٌ *** هَذَا وَ هُذَا نَاطِقٌ وَ مُبِينُ
ص: 26
(بحر الكامل)
الشيخ جواد الحلي(*)(1)
مِنْ شَامِخَاتِ المَجْدِ دَکَّ رِعَانَهَا *** خَطبٌ أَطاشَ مِنَ الوَرَى أَذْهَانَها(2)
فِي يَوْمٍ قَدْ عُصِبَ الخِلَافَةَ مَنْ لَهُ *** أَلْقَتْ بِرَغْمِ الحَاسِدِينَ عِنَانَها(3)
عَجَباً لِفِهْرٍ كَيْفَ قَرَّ قَرَارُها *** أَمْ كَيْفَ تَكْحَلُ بِالْكَرَى أَجْفَانَهَا؟(4)
هذِي بَنُو تَيْمٍ بِفَقْدِ مُحَمَّدٍ *** سَلَبَتْ أَطَائِبَ آلِهِ سُلْطَانَهَا
ص: 27
وَ عَلَى الضَّلالِ تَزَاحَمَتْ مُذْ أَعْرَضَتْ *** عَمَّنْ يُتِمُّ وَلاؤُهُ إِيمَانَها
وَ لِنَقْضِ بَيْعَتِهِ وَ عَقْدِ لِوَائِهِ *** خَفَّتْ فَخَفَّفَ وِزْرُها مِيزَانَها
وَعَدَتْ عَدِيٌّ فِي الأَنَامِ فَأَبْرَزَتْ *** مِنْ لُؤْمِ عُنْصُرِهَا لَهُ أَضْغَانَهَا
تَرَكَتْ ذَوِي القُرْبَى تُكَابِدُ مِنْهُمُ *** مِنْ بَعْدِ فَرْضِ مَوَدَّةٍ شَنآنها(1)
غَصَبُوا البَنُولَ تُرَاثهَا مِنْ بَعْدِ مَا *** أَبْدَتْ لِتَقْطَعَ عُذْرَهُمْ بُرْهَانَها(2)
لقِيَتْ خُطوباً مِنْهُمُ لَوْبَعْضُهَا *** تَلْقَى الرَّوَاسِيَ لَمْ تُطِقْ لُقيانَها(3)
لَطْماً وَ إِسْقاطاً وَ ضَرْباً مُدْمِیاً *** كَسْرَ الضُّلُوع وَ هَضْمَها حِرْمَانَها(4)
وَ غَدَتْ تُشَكِّي الظُّلْمَ مِنْهُمْ بَضْعَةُ *** الهَادِي وَلكِنْ لَمْ تَجِدْ أَعْوَانَهَا
لابُلَّ فِي مَاءِ الحَيامِنْ قَيْنَةٍ *** قَبْرٌ فَمِنْهُمْ شَاهَدَتْ خِذْلآنَهَا(5)
بُعْداً لَهُمْ نَقضُوا الدِّمَامَ وَ ضَيَّعُوا *** عَهْدَ النَّبِيِّ وَ حَاوَلُوا هِجْرَانَهَا(6)
وَ تَحَكَمَتْ تِلْكَ الذُّبَابُ بِبَاسِلٍ *** فِي يَوْمِ مِنْهُ تَيَقَّنَتْ إِمْكَانَها(7)
ص: 28
(بحر البسيط)
الشيخ حسن البحراني القيسي(*)(1)
ما لِي وَ لِلْبَيْنِ أَشْجَانِي وَ الَمَنِي *** كَأَنَّهُ بِتِراتٍ كَانَ يَطْلُبُنِي(2)
أَشْكُو إِلَى اللَّهِ ما لأقَيْتُ مِنْ كَمَدٍ *** مِنْهُ وَ قَاسَيْتُ مِنْ هَمْ وَ مِنْ شَجَنِ
حَسْبِي مِنَ الدَّهْرِ أَحْبَابِي أَبَادَهُمْ *** وَ كَأْسَ فُرْقَتِهِمْ وَ الشَّجُو جَرَّعَنِي
عَدَا عَلَيَّ وَ مَا رَاعَى بِقَسْوَتِهِ *** وَ جْدِي وَ ضَعْفِي وَ مِنْ عَدْوَاهُ أَكْرَبَنِي
كَأَنَّ لِلْبَيْنِ دَيْناً فَهُوَ يَطْلِبُنِي *** بِهِ فَهَا هُوَ بِالأَرزَاءِ يَقْصُدُنِي
خَلِّ العِتَابَ عَنِ الدَّهْرِ الخَؤُونِ فَذِي *** طَبَاعُهُ مُزِجَتْ بِالوَيْلِ وَ المِحَنِ
كُمْ جَرَّعَ الوَيْلَ وَ البَلْوَى بَنِيهِ وَ كَمْ *** أَبَادَ مِنْ أُمَمٍ عَزَّتْ وَ مِنْ مُدنِ
فَأَنْتَ لاتَغْتَرِرْ بِالدَّهْرِ يَا أَمَلِي *** فَالدَّهْرُ مَا فِيهِ عَيْشٌ فَارِهٌ وَهَنِي(3)
وَ لَوْ رَعَى الدَّهْرُ مِنْ أَبْنَائِهِ أَحَداً *** رَاعَى بَنِي أَحْمَدَ المُخْتَارِ ذِي المِنَنِ
أَمَا تَرَاهُ عَلَيْهِمْ جَارَ مُعْتَدِياً *** بِكُلِّ كَرْبٍ وَ بِالآهاتِ وَ الشَّجَنِ؟
فَأَصْبَحُوا مَا لَهُمْ مِنْ عَيْشِهِمْ رَغَدٌ *** وَ مَا لَهُمْ مِنْ حِمَى فِيهِ وَ لاَوَطَنِ(4)
وَ إِنْ نَسِيتَ فَلا تَنْسَ الَّتِي شَهِدَتْ *** أَيُّ الكِتَابِ لَهَا فِي السِّرِّ وَ العَلَنِ(5)
ص: 29
بِنْتُ النَّبِيَّ رَسُولِ اللَّهِ أُمُّهُمُ *** خَيْرُ البَرِيَّةِ رَبِّ الفَرْضِ وَ السُّنَنِ
أَعْنِي البَتُولَةَ أَمَّ الأَنْقِيَاءِ وَ مَنْ *** تَتْلُو الكِتَابَ بِجُنْحِ الحَالِكِ الدَّجِنِ(1)
ص: 30
هِي التِي شَهِدَ البَارِي تَبَتْلَها *** تِلْكَ الَّتِي شَأْنُها عَنْ وَاصِفيهِ غَنِي(1)
فَيَا لَها الله كَمْ قَاسَتْ مَصَائِبٌ لا *** تُحْصَى وَ كَمْ مِنْ أَفَانِينِ مِنَ المِحَنِ(2)
لَهْفِي لِمَنْ قَدْ عَلَتْ قَدْراً وَ مَرْتَبَةٌ *** جَلَّتْ فَكَيْفَ رَماهَا الدَّهْرُ بِالوَهَنِ
رَأَتْ أَبَاها الَّذِي عَمَّتْ مَكَارِمُهُ *** كُلُّ الوَرَى وَ بِهِ الدِّينُ الحَنِيفُ بُنِي
مفارقاً مالَهُ مِنْ عَوْدَةٍ أَبَداً *** تَرْنُو إِلَيْهِ وَ دَمْعُ العَيْنِ كَالمُزنِ(3)
ص: 31
حَنَّتْ وَ أَنَّتْ وَ نَادَتْ وَ هْيَ صَارِخَةٌ *** لَمَّا رَأَتْهُ وَ صَاحَتْ آهِ وَ احْزَنِي
أَبْكِي عَلَيْكَ بُكَاءَ لَاانْقِضَاءَ لَهُ *** أَبْكِي الَّذِي غُصَصَ الآلامَ جَرَّعَنِي
أَبْكِي أَبِي خَيْرَ ذُخْرِ كُنْتُ أَعْرِفُهُ *** أَبْكِي الَّذِي بَيْنَ أَهْلِ الحَقْدِ ضَيَّعَنِي
يَا وَالِدِي تِلْكَ أَيْتَامِي تَنُوحُ عَلَى *** فِرَاقِكَ اليَوْمَ نَوْحَ الوَالِهِ الحَزِنِ(1)
***
یابِنْتَ خَيْرِ نَبِيِّ لِلأَنَامِ أَتَى *** نُوراً يُضِيءُ ظَلامَ الحَالِكِ الدَّجِنِ
مُصَابُكُمْ يَا بُنَةَ المُخْتَارِ حَنَّ لَهُ *** قَلْبِي وَ أَجْرَىٰ دُمُوعَ العَيْنِ مِنْ جَفْنِي
لَمْ أَنْسَها حِينَ وَاقَتْ قَبْرَ وَالِدِها *** بِمَدْمَعِ سالَ مِثْلَ العَارِضِ الهَتِنِ(2)
تَدْعُو: أيا وَالِدِي يَا خَيْرَ مُدَّخَرٍ *** بِهِ أَلُوذُ لَدَى الأَرْزَاءِ وَ المِحَنِ
أَيُّ المَصَائِبِ أَشْكُوهَا وَ أَذْكُرُها *** إِلَيْكَ يا سَنَدِي مِنْ وَطْأَةِ الزَّمَنِ
يا وَالِدِي مَنَعُونِي مِنْ بُكَايَ عَلَى *** افْتِقَادِكَ اليَوْمَ وَ التَّبْرِيحُ أَرْقَنِي(3)
يا وَالِدِي مَنَعُوا إِرْنِي بِفِعْلِهِمُ *** بِأَيِّ حَقٌّ تُراثِي مِنْهُ يَمْنعُنِي
وَ اسْتَأْصَلُوا دَوْحَةٌ لِي أَسْتَظِلُّ بِهَا *** وَ مِنْ لِظَى الحَرِّ قَدْ كَانَتْ تُظَلِّلُنِي(4)
يَا وَلِدِي ما رَعَوْا حَقًّي وَ لاعَرَفُوا *** قَدْرِي إِلَيْكَ وَ مَا قَدْ كُنْتَ تَمْنَحُنِى(5)
مِنَ المَوَدَّةِ وَ التَّنْجِيلِ بَيْنَهُمُ *** يَا وَالِدِي دَخَلُوا بَيْنِي بِلاإِذْنِي
ص: 32
وَ أَسْقَطُونِي جَنِينِي مِثْلَمَا كَسَرُوا *** ضِلْعِي لَدَى البَابِ وَ المِسْمَارُ المَنِي(1)
يَا وَالِدِي أَخْرَجُوا الكَرَّارَ حَيْدَرَةً *** مُلَبَّباً وَ هُوَ رَبُّ الفَضْلِ وَ المِنَن(2)
مِنْ بَيْتِهِ وَ هُوَ مَأْسُورٌ وَ مُضْطَهَدٌ *** وَ حَالُهُ قَدْ شَجَا قَلْبِي وَ صَدَّعَنِي
فَرَاحَ جَهْراً ملبباً بَيْنَ جَمْعِهِمْ *** يُقَادُ وَ هُوَ حَمِي الدِّينِ وَ الوَطَنِ
فَرُحْتُ خَلْفَهُم أَعْدُو أَخافُهُمُ *** أَنْ يَقْتَلُوهُ جِهاراً وَ هُوَ يَنْظُرُنِي(3)
وَ قَدْ ظَننتُ يُراعُونِي فَما عَرَفُوا *** قَدْرِي وَ لَمْ أرَ مِنْهُمْ مَنْ يُقَدِّرُني
إِذَا بِهِم رَجَعُوا لِي بالسياط فَلَوْ *** رَأَيْتَنِي كُنْتَ تَبْكِينِي وَ تَنْدبَنِي
يَا وَالِدِي لَطَمُوا عَيْنِي بِحِقْدِهِمُ *** وَ قُنْفُذُ بِسِياطِ الحِقْدِ قَرَّعَنِي(4)
يَا بَضْعَةَ الطُّهْرِ يَاسِتَّ النِّسَاءِ وَ يا *** أُمَّ الشَّهِيدِ بِأَرْضِ الكَرْبِ وَ المِحَنِ(5)
ص: 33
لِلَّهِ ذَاكَ مُصَابٌ قَدْ أُصِبْتِ بِهِ *** مَا مِثْلُهُ قَدْ جَرَى فِي سَالِفِ الزَّمَنِ
صَلَّى الإِلهُ عَلَيْكُمْ مَا بَدَا قَمَرٌ *** فِي جُنْح لَيْل وَ نَاحَ الوَرقُ فِي الغُصُنِ(1)-(2)
ص: 34
(8) أشجى البتولة
(بحر البسيط)
الشيخ حسن البحراني القيسي(*)(1)
لاَ يَنْقَضِي أَبَداً وَ جْدِي وَ أَحْزَانِي *** أَبْكِي وَ قَدْ سَالَ مِنْ عَيْنَيَّ عَيْنَانِ
وَ النَّفْسُ مِنِّي فِي وَجْدِ وَ فِي كَمَدٍ *** كَأَنْ لَيْسَ لَهَا فِي الوَجْدِ مِنْ ثَاني(2)
أَكَادُ مِنْ أَلَم تُكْوَى بِهِ كَبِدِي *** أَحِنُّ مِثْلَ حَنِينِ الوَالِهِ العَانِي
أَوْ كَالسَّفِينَةِ فِي لُجِّ البحارِ غَدَتْ *** تَجْرِي وَلكِنَّهَا مِنْ غَيْرِ رُبَّانِ
جرَّتْ بِهَا عَافِياتُ الرِّيحِ فَانْقَلَبَتْ *** تَسِيرُ هَائِمَةً مِنْ غَيْرِ سُكَانِ
أَوْ أَنَّهَا كَعِطَاشِ الهِيمِ قَاطِعَةً *** عَرْضَ السُّهُولِ لآكَامِ وَ رُدْيَانِ(3)
هذَاكَ دَأْبِي وَ ذَا حَالِي أُقَلَّب مِنْ *** وَجْدِ لِوجدٍ وَ أَحْزَانٍ لأَحْزَانِ
مَا شَفَّنِي لَذَّةُ الدُّنْيَا وَ زَينَتُها *** وَ كَيْفَ أَبْكِي نَعِيماً زَائِلاً فَانِي؟
كَلاً وَ لاَزِبْرِجاً فِيها وَ مُنْتَزَهاً *** فِيهِ تُسَرَّحُ لِلْمَهْمُوم أشجانِ
وَ لَامَبَّانٍ أَرَاهَا شَاهِفَاتٍ وَ قَدْ *** سَارَتْ عُلوّاً بِأَشْكَالِ وَ أَلْوَانِ
فَفَاتَنِي حُسْنُهَا الزَّاهِي وَ بَهْجَتُها *** فَصِرْتُ أَقْرَعُ سِنِّي مِثْلَ نَدْمَانِ
لكِنْ شَجَانِي مَا أَشْجَى البَتُولَةَ مِنْ *** جَوْرِ اللَّيَالِي فاضحَى دمعُها القَانِي(4)
ص: 35
تَبْكِي بِلَهْفَةِ قَلْبٍ شَقَّهُ أَلَمُ *** الفِراقِ وَ الوَجُدُ وَ التَّذْكَارُ حَرَّانِ
تَصِيحُ: يَا وَالِدِي يا مَنْ أَلُوذُ بِهِ *** فِي النَّائِبَاتِ إِذَا مَا الهَمُّ أَضْنَانِي(1)
يا وَالِدِي كُنتَ بَدْراً يُسْتَضَاءُ بِهِ *** فَغِبْتَ فَاسْتَوْحَشَتْ أَهْلِي وَ أَوْطَاني
وَ البَدْرُ إِنْ غَابَ عَمَّتْ وَ حْشَةٌ أبداً *** مِنَ الظَّلام وَ هَلْ لِلْبَدْرِ مِنْ ثاني؟
إنِّي تَمَنَّيْتُ أَنَّ المَوْتَ عَاجَلَنِي *** وَ أَنَّ يَوْمِي قَبْلَ اليَوْمِ وَافَانِي
يَا وَالِدِي ضَاقَتِ الدُّنْيا بِرَحْبَتِهَا *** عَلَيَّ حَتَّى فَقَدْتُ اليَوْمَ سَلْوَانِي
لَمَّا مَضَيْتَ فَصَبْرِي صَارَ مُنْعَدِماً *** وَ انْهَدَّتِ اليَوْمَ بِالأَرْزَاءِ أَرْكَانِي
فَلَوْ تَرَانِي بَيْنَ البَابِ صَارِخَةً *** وَ حَيْدَرٌ حَالُهُ وَ اللَّهُ أَبْكَانِي
أَبْكِي مُكَسَّرَةَ الأضلاع نَادِيَةً *** أَيْنَ الَّذِي فِي بُيُوتِ العِز رَبَّانِي
حَتَّى وَقَعْتُ بِحَرِّ الحُزْنِ بَاكِيَةً *** يُغْشَى عَلَيَّ بِأَعْتَابٍ وَ تِرْبَانِ
قَدْ خَرَّ مِنّي جَنِينِي مِنْ حَشَا كَبِدِي *** وَ العَصْرُ بِالبَابِ أَرْزَانِي وَ أَضْنَانِي(2)
وَ قَدْ مَضَوْا بِكَفِيلِي فِي حَمَائِلِهِ *** يُقَادُ لَيْسَ لَهُ حَامِ وَ لَاحَانِي(3)
فَقُمْتُ مُسْرِعَةً أَبْكِي مُوَلُولَةً *** مِنْ خَلْفِهِمْ قَدْ هَمَتْ بِالدَّمْعِ أَجْفَانِي
وَ صِحْتُ: خَلّوا ابْنَ عَمِّي لاأَبا لَكُمْ *** أَوْ لاسَأَشْكُو إِلَى الجَبَّارِ أَحْزَانِي(4)
رَدُّوا إِليَّ بِأَحْقادٍ تَسُوقُهُمُ *** وَ سَوْطُ قُنْفُذَ بِالمَثْنَيْنِ أَلْوَانِي
أَبَاهُ قَدْ لَطَمُوا عَيْنِي وَ مَا رَحِمُوا *** حَالِي وَ لاَحَالَ أَبْنَائِي وَ صِبْيَانِي
ص: 36
فَلَوْ تَرَانِي أَئِنُّ اليَوْمَ مِنْ أَسَفٍ *** عَلَيْكَ وَ العَيْنُ يَجْرِي دَمْعُهَا القَانِي
لَسَاءَكَ اليَوْمَ مَا لأَقَيْتُ مِنْ أَلَمٍ *** جَرى عَلَيَّ وَ صِرْتَ اليَوْمَ تَنْعَانِي
يَا فَاطِمُ الطُّهْرُ يَا مَنْ كَانَ وَالِدُها *** خَيْرَ البَرِيَّةِ مِنْ قَاصِ وَ مِنْ دَانِ(1)
جَلَّتْ رزاياكِ فَالْتَاعَتْ لَهَا كَبِدِي *** لِمَا عَرَاكِ وَ وَجْدِي اليَوْمَ أَضْنَانِي
فَسَوْفَ أَبْكِيكِ دَوْماً ما حَيَيْتُ عَلَى *** طُولِ المَدَى وَ تَسُحُّ الدَّمْعَ أَجْفَانِي
ثُمَّ الصَّلاةُ عَلَيْكُمْ دَائِماً أَبَداً *** مَا سَارَ يَطْوِي الفَلا سَارٍ بِرُكْبَانِ
ص: 37
(بحر الكامل)
الشيخ حسن البحراني القيسي(*)(1)
ما لِي أَرَى لَوَّامَتِي تَلْحُونِي *** وَ بِلَوْمِها وَ عِتابِها تُؤْذِينِي؟(2)
وَ تَقُولُ لِي: قُلْ لِي بِرَبِّكَ صادِقاً *** فَعَلامَ أَنْتَ مَدَى المَدَى بِأَنِينِ
أَفَهَلْ تَرَى أَجْرَى دُمُوعَكَ وَ كَفاً *** فَقْدُ الأنيس وَ وَحْشَةُ المَسْكُونِ؟(3)
إِنَّ المَنازِلَ إِنْ بَقَتْ مَهْجُورَةً *** أَشْجَتْ فُؤَادَ أَخِي الجَوَى المَفْتُونِ
فَمَنازِلُ الأَحْبَابِ إِمّا أُقْفَرتْ *** وَ رَأَيْتُها تُشْجِيكَ أَيَّ شُجونِ
فَاحْمِلْ وَ كُنْ فِى الدَّهْر صَبَاراً فَمَاذَا *** الدَّهْرُ يَوْماً إِنْ وَ فَى بأَمِيِن
فَالدَّهْرُ جَوْرٌ وَ الزَّمانُ عَدَاوَةٌ *** وَ اعْلَمْ فَلَيْسَ الدَّهْرُ بِالمَأْمُونِ
غَدْرٌ وَ ظُلْمٌ دَأَبُهُ وَ مَضَرَّةٌ *** أَوَ لَيْسَ ذَلِكَ طَبْعُ كُلِّ خَؤُونِ؟
فَعَلَيْكَ بِالصَّبْرِ الجَمِيلِ فَإِنَّهُ *** دِرْعٌ حَصِينٌ كانَ أَيُّ حَصِينِ
وَدَعِ الوثوق مِنَ الزَّمانِ فَإِنَّهُ *** يَعْدُو عَلَيْكَ بِحِقْدِهِ المَدْفُونِ
فَمَن الَّذِي أَمِنَ الزَّمَانَ وَ شَرَّهُ *** الأَوَعادَ بِصَفْقةِ المَغْبُون؟(4)
أَوَمَا تَراهُ كَيْفَ يَلْعَبُ قاسياً *** بالمُؤْمِنِينَ كَلُعْبَةِ المَجْنُونِ؟
كَفِعَالِهِ بِبَنِي النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ *** خَيْرِ الأَنَامِ وَ خِيرَةِ المَسْكُونِ
ص: 38
وَ فِعَالِهِ بِالطُّهْرِ سَيِّدَةِ النّسا *** أم الهُداةِ وَ بِنْتِ خَيْرِ أَمِينِ
أَخْنَى عَلَيْهَا بِالمَضَرَّةِ وَ الأَذَى *** حَتَّى قَضَتْ بِالوَيْلِ وَ التَّوْهِينِ
مَا افْتَرَّ مَبْسِمُها وَ لاَعَرَفَتْ لَهَا *** يَوْماً مِنَ الأفراحِ وَ التَّزييِن
حَتَّى قَضَتْ مَحْزُونَةٌ مَكْرُوبَةٌ ** مِثلَ الضّرام بِقَلبِها المَحْزُونِ
لَقِيَتْ أَباها وَ هْيَ غَضْبَى وَ الشَّجا *** فِي حَلْقِها حَتَّى قَضَتْ بِأَنِين(1)
وَدَعَتْهُ: لَمَّا غِبْتَ عَنِّي يا أَبِي *** هَاجَتْ عَلَيَّ بَلابِلِي وَ شُجُونِي
وَ عَلَيَّ جَارُوا يا أَبَاهُ بِحِقْدِهِمْ *** فَكَأَنَّهُمْ يَبْغُونَنِي بِدُیونِ
قَدْ أَسْقَطُوا مِنّي الجَنِينَ بِحِقْدِهِمْ *** جَهْراً وَ بَيْنَ البَابِ هُمْ عَصَرُونِي(2)
كَسَرُوا ضُلُوعِي يا أباهُ بِغَدْرِهِمْ *** لَعَمُوا وَ حَقِّكَ يَا أَبَاهُ عُيُونِي
أَبَتاهُ لَوْ عايَنْتَهُمْ لَرَأَيْتَهُمْ *** مَمْلُوءَةً أَحْشَاؤُهُمْ بِضُغُونِ(3)
أبتاهُ إِنِّي قَدْ سَئِمْتُ مَعِيشَتِي *** يَا لَيْتَ حَانَ اليَوْمَ مِنِّي حِينِي
فَعَلَيْكِ يا بِنْتَ النَّبِيِّ تَلَهُفِي *** وَ فِداكِ مني ما حَوَتْهُ يَمِينِي
وَ لَكِ الفِدا رُوحِي وَقَدْ عَزَّ الفِدا *** أَفْدِي الَّتِي راحَتْ فِدّى لِلدِّينِ
تَالِلَّهِ قالِلو يا آل النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ *** أَرْزَاؤُكُمْ جَلَّتْ عَنِ التَّبيِينِ
وَ لَقَدْ بَكَتْ لِمُصابِكُمْ أَهْلُ السَّما *** وَ كَذَاكَ سَاكِنُ أَرْضِنَا بِأَنِينِ(4)
ص: 39
(بحر الكامل)
الشيخ حسن البحراني القيسي(*)(1)
أَرْزَاءُ بِنْتِ مُحَمَّدٍ تُشْجِينِي *** وَ لِمَا عَرَاهَا تَسْتَهلُ جُفُونِي
يمَدامِع مِثْلِ الجُمَانِ نَوَازِلٍ *** تَجْرِي كَمَا قَدْ سَالَ مَاءُ عُيُونِي(2)
أبْكِي لَهَا حُزْناً وَ قَدْ لَعِبَ الأَسَى *** بِفُؤادِهَا فَتَجَلْبَبَتْ بِشُجُونِ
تَبْكِي وَ لَوْ وَعَتِ الحَمَامُ بُكَاءَها *** نَاحَتْ لَهَا وَ بَكَتْ لَهَا بِأَنِينِ
يَا قَلْبَ فَاطِمَ ما حَمَلْتَ مِنَ الأَسَى *** أَرْزَاءَ قَدْ عَزَّتْ عَنِ التَّبْيِينِ
أَرْزَاءَ حُزْنٍ لو وعاها يَذْبُلُ *** لَهَوَى لَهُنَّ وَ زَالَ بَعْدَ سُكُونِ
نَظرَتْ إِلَى بَابِ النُّبُوَّةِ مُغْلَقاً *** وَ عَلَيْهِ وَ حْشَةُ شَاكِلِ مَغْبُونِ
وَ الوَحْيُ مِنْ بَعْدِ النَّبِيِّ مُفارقٌ *** أَيْنَ النُّزُولُ بُعَيْد حامِي الدِّينِ
أَيْنَ النُّزُولُ يُعَيْدَ خَيْرِ الأَنْبِيا؟ *** أَوَلَيْسَ طهَ في الثَّرا بِدَفِين؟
فَاليَوْمَ لاَوَحْيَّ وَ لاَ مِنْ آيَةٍ *** عَزَّ المَنَالَ هُبُوطُ خَيْرِ أَمِينِ
فَلَكِ العَزَا يَا بِنْتَ أَحْمَدَ بِالَّذِي *** هُوَ كَهْفُكُمْ بَلْ كَانَ خَيْرَ مُعِينِ
لَكُمُ وَ مَأْوَى الضَّائِعَاتِ مِنَ الوَرَى *** مَأْوَى الصَّعِيفِ وَ مَلْجَأَ المِسْكِينِ
مَاتَ النَّبِيُّ مُحَمَّدٌ فَتَصَبْرِي *** أَوَ لَيْسَ دَهْرُكِ فَاطِمٌ بِخَؤُونِ؟
فَلَقَدْ فُجِعْتِ بِهِ وَ قَدْ فُجِعَ الوَرَى *** حَقاً بِأَعْظَمِ رَاحِمَ وَ حَنُونِ
ص: 40
أَيَّامَ أُنْسِكِ يَا بَتُولُ قَدِ انْتَهَتْ *** فَاليَوْمُ يَوْمُ رَزِيَّةٌ وَ حَنِينِ
رَاحَ المُحَامِي وَ الكَفِيلُ أَلاَ اعْوِلِي *** وَ ابْكِي عَلَيْهِ بِدَمْعِكِ المَخْزُونِ
لَكُمُ العَزَايَا آلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ *** تَالِلَّهِ إِنَّ مُصَابَكُمْ يُبْكِينِي
أَبْكِيكُمُ بِمَدَامِع لاتَنْتَهِي *** وَ مَدَى المَدَى أَنَا مُعْلِنُ بِحَنِينِي
ما حَالُ أَحْمَدَ لَوْ رَاكِ حَزِينَةً؟ *** لَبَكَى وَ قَالَ بِلَوْعَةٍ وَ أَنِينِ
بِنْتَاهُ لاَتَبْكِي فَإِنَّكِ سَلْوَتِي *** وَ بُكَاكِ يَا سِتَ النِّسا يُؤْذِينِي
تَجْرِي دُمُوعِي إِنْ رَأَتْكِ حَزِينَةً *** وَ أَظُلُّ أَعْلِنُ لَوْعَتِي وَ شُجُونِي
فَلَقَدْ يَعِزُّ عَلَيْكَ خَيْرَ الأَنْبِيا *** وَجْدُ البَتُولِ بِقَلْبِها المَحْزُونِ(1)
ص: 41
(بحر الكامل)
الشيخ حسن البحراني القيسي(*)(1)
هَيْهَاتَ تَهْدَأُ زُفَرَتِي وَ حَنِينِي *** مِمَّا عَرَا وَ يَجِفُّ دَمْعُ عُيُونِي(2)
هَيْهَاتَ لِي فَالصَّبْرُ عَزَّ عَزَاوَهُ *** وَ مَسَرَّنِي قَدْ بُدِّلَتْ بِسُجُونِي
فَالطَّرْفُ مِنّي بَاكِياً يَجْرِي دَماً *** ما نَوْحُها الخَنْساءُ إِلا دُونِي؟(3)
مَا الوَرْقُ، مَا القُمْرِيُّ، مَا إِنْشَادُهُ *** فِي جَنبِ إِنْشَادِي وَ جَنْبِ حَنِينِي؟(4)
فَالجِسْمُ مِنِّي ناحِلٌ يَشْكُو الضَّنَى *** وَ مِنَ النُّحُول تَرَاهُ كَالْعُرْجُونِ؟(5)
تَالِلَّهِ لَوْ عَايَنْتَنِي مُتَمَلْمِلاً *** فَكَأَنَّنِي جُرِّعْتُ كأسَ مَنُونِي
لَرَقَقْتَ يا بنَ الأَكْرَمِينَ لِحَالَتِي *** وَ رَثَيْتَ لِي يا صاحِبِي تَبْكِينِي
فَبَكَى وَ أَنَّ وَ قَال: مَا هَذَا الَّذِي *** تَشْكُو لَحُزْنُكَ فَاقَ كُلَّ حَزِينِ!
أَفَهَلْ شَجَاكَ ظُعُونُ قَوْمٍ أُبْعِدُوا *** بِالسَّيْرِ مُذْ تَرَكُوا رُبَىٰ يَبْرِينِ؟(6)
أمْ هَلْ شَجَاكَ أَحِبَّةٌ فَارَقْتَهُمْ *** فَبَقَيْتَ كَالبُسْرَى بِغَيْرِ يَمِيْنِ؟
ص: 42
أَمْ لِلْمَشِيبِ عَدَا عَلَيْكَ فَصِرْتَ مِنْ *** ذِكْرِ الشَّبَابِ بِلَوْعَةٍ وَ حَنِينِ؟
فَأَجَبْتُهُ: كَلاً وَ سُورَةِ هَلْ أَتَى *** قَسَماً وَ حَقِّ التِّينِ وَ الزَّيْتُونِ(1)
مَا شَفَّنِي ذِكْرُ الشَّبابِ وَ رَوْقُهُ *** فِيهِ اللَّذَائِدُ نِعْمَةُ المَمْنُونِ(2)
كَلاً وَ لاً لأَحِبَّةٍ فَارَقْتُهُمْ *** سَارُوا وَ بَعْدَ فِرَاقِهِمْ تَرَكُونِي
لكِنْ شَجَانِي مَا دَهَى سِتَّ النِّسا *** مِنْ لَوْعَةٍ وَ كَابَةٍ وَ سُجُونِ
حُزْنِي لَهَا تَبْكِي شَجِّى وَ تَأَلُماً *** وَ دُمُوعُهَا كَالْوَابِلِ المَهْتُونِ(3)
تَدْعُو: أَلاَ يَا وَالِدِي ضَيَّعْتَنِي *** فَالْوَجْدُ بَعْدَكَ وَ الأَسَى يَحْدُونِي
دَأَبِي أَحِنُّ وَ مُهْجَتِي مَسْعُورَةٌ *** وَ تَصُبُّ دَمْعاً كَالجُمَانِ جُفُونِي(4)
سِبْططَاكَ يا أَبَتِي لِفَقْدِكَ أَصْبَحُوا *** يَبْكُونَ أَعْظَمَ رَاحِمٍ وَ حَنُونِ
يَا بَضْعَةَ الْهَادِي وَ حَقٌّ وَلَائِكُمْ *** أَرْزَاؤُكُمْ يا سادَتِي تُشْجِيْنِي
أَبْكِيكُمُ حُزْناً بِلَوْعَةِ ثَاكِلٍ *** لَعِبَ الجَوَى بِفُؤَادِهِ المَحْرُونِ
ثُمَّ الصَّلاَةُ عَلَيْكُمُ طُولَ المَدَى *** مِنْ خَالِقِ الأَكْوَانِ وَ التَّكْوِينِ(5)
ص: 43
(بحر الرمل)
الأستاذ حسن علي المرعي(*)(1)
من أنيسِ الحُورِ قدستُ اثنتينِ *** مريمَ العذرا، و أمَّ الحَسَنَيْنْ
عالَمٌ في أم عيسى طاهرٌ *** و على (الزهراء) طهرُ العَالَمَيْنْ
(فاطم) يا بنتَ من ضاءَتْ بهِ *** ظلمةُ الدنيا، فزانَ النشأتينْ
من ثمارِ الخُلدِ جاءتْ منحةً *** يومَ أسرى البدرُ بينَ الحَرَمَينْ
فمِن السدرةِ (طه) ضمَّها *** يومَ أضحى قابَ قوسين اللجينْ
جنةٌ في صلبِ طه أثمرتْ *** و إلى الكرارِ طرحُ الجنَّتَينْ
(فاطمُ الزهراءُ) يا أمُ الحسينِ *** ياعروسَ الحُور بين الرَوْضَتَينْ
يا بتولاً نُزَّهتْ عن ناقصٍ *** آخرَ الشهر... و عن ذينِ و ذينْ
أيُّها البكرُ حياةً كلَّها *** ما عجيبٌ... ليسَ بين الحُور بينْ
هبةْ المولى و ريحانُ النبيِّ *** أحلى عروسٍ لمصلّي القِبلَتَيْنْ
فإذا بالأرضِ يومٌ أزهرٌ *** و إذا بالنجمِ... عرسُ الأَزْهَرَينْ
و استحى التبرُ فلامهرِ به *** فحباها اللَّه ماءَ الرافِدَينْ
آهِ لو تدرينَ في شطَّ الفراتِ *** (فاطمَ الزهراءِ) ما حالُ الحُسينْ
إنهُ الدهرُ... و عاداتُ به *** في النعيمِ المحضِ. مشؤومُ اليدينْ
رحلتْ شمسُ النبيِّ المصطفى *** ليشعَّ الماسُ فيضاً مرّتينْ
ص: 44
فعويلٌ فاطميص يشربُ *** و دموعٌ إثرهُ في كل عينْ
و إذا الأعراب نارُ تصطلي *** و سياطُ الغدر تُدمي الساعدينْ
ضلعُها المكسورُ محنيًّ على *** (محسن) ما ذاقً عطفَ الأبوينْ
و علي الحرب صبرٌ كامل *** (أحمدُ) الموصي بأن الصبرَ زينْ
و قليلٌ ذاك في صبرِ الذي *** ضربةٌ منه تساويِ الثقلينْ
فبَنَتْ للحزنِ بيتاً (فاطم) *** قرشيُ اللبن... عد الحاكمينْ
و أتى وعدُ أبيها مسرعاً *** فإذا بالنورِ بينَ النيَرينْ
فاسألِ الأعرابَ عن رمثٍ لها *** و ماذا قبرُها لم ندرِ أينْ!؟
حدّثَ الرحمن وحياً مريماً *** و غريبٌ وحيُّ أم الطاهرينْ!!
قسماً... يبصرُ أملاكَ السما *** عابدٌ هاجر للَّه اثنتينْ
في صلاةِ حبلُها مستوثقٌ *** و منام صالح... بل رأي عينْ
و إذا طُهِّرَ قلبٌ خاشعٍ *** صار بيتُ اللَّه معصومَ البطينْ
فاسلكِ النجد الذي نقيتهُ *** ليس للنجدين دربُ بينَ بينْ
بعض حقٍ من فؤادٍ مؤمنٍ *** فعلينا لأبيِ الزهراءَ دَينْ
***
ص: 45
(بحر الوافر)
الشيخ الدرمكي
نُحُولُ جِسْمِي لايَنْفَكُ عَنِّي *** وَ قَدْ صَارَ البُكَا شُغْلِي وَفَنِّي(1)
وَ قَلْبِي فِيهِ نِيرانٌ وَ وَجْدٌ *** وَ هَمِّي صَارَ مَمْرُوجاً بِحُزْنِي
يَطِيبُ لِي البُكَا فِي كُلِّ وَقْتٍ *** وَ أُسْعِفُ فِي الرَّزايا مَنْ سَعَفْنِي(2)
كَفَانِيَ مَوْتُ خَيْرِ الخَلْقِ طُرّاً *** بِأَنَّ النَّفْسَ فِي السُّلْوَانِ أُشْنِي(3)
أَخَذْتُمْ نِحْلَنِي ظُلْماً وَ إِرْثِي *** وَ حُلْتُمْ دُونَ مَا رَبِّي رَزَقْنِي(4)
ص: 46
وَ سَبُّ البَضْعَةِ الزَّهْرَاءِ لما *** أنَتْ زَفْراً وَ قَالَتْ مَا نَصَفَنِي(1)
يَمَا فِي هَلْ أَتَى وَفَّيْتُ نَذْرِي *** فَيَا وَيْلٌ لِمَلْعُونِ غَصَبَنِي(2)
ص: 47
سَلُوا عَمَّ وَ طهَ إِنْ شَكَكْتُمْ *** سَلُوا يَاسِينَ ما رَبِّي رَزَقَنِي
فَقَالَ الرِّجْسَ ما تَرْضَى بِهذا *** و لاذا القَوْلُ فِي ذا اليَوْمِ يُغْنِي
فَمَاتَتْ وَ هُيَ فِي حَرْقٍ وَ كَرْبٍ *** تُواصِلُ حَرَّ زَفْرَتِهَا بِغَيْنِ(1)
ص: 48
(بحر الكامل)
الأستاذ سعيد العسيلي العاملي(*)(1)
بَحْرَانِ بالإيمانِ يَلْتَقِيانِ *** عَجَباً وَ هَلْ يَتَعَانَقُ البَحْرانِ؟
هِيَ تِلْكَ مُعْجِزَةُ السَّمَاءِ وَ حِكْمَةٌ *** فِيهَا بِأَمْرِ اللَّهِ يَلْتَقِيانِ
وَ هُناكَ بَيْنَهُما بِظُهْرِ بَرْزَخٌ *** لايَبْغِيَانِ وَ فِيهِ رِفْعَةُ شَانِ
وَ اللَّهُ أَخْرَجَ بِالطَّهَارَةِ مِنْهُمَا *** دُرَرَ الكَمَالِ وَ رَوْعَةَ المِرْجَانِ(2)
نَزَلَتْ بِذلِكَ آيَةٌ قَدْ سُمِّيَتْ *** عَلَوِيَّةٌ فِي سُورَةِ الرَّحْمَنِ(3)
فِيها رَسُولُ اللَّهِ قِمَّةُ فَضْلِها *** وَ عَلِيُّ وَ الزَّهْرَاءُ وَ الحَسَنَانِ(4)
صَدَفُ البِحَارِ وَ إِنْ غَزَا أَعْمَاقَها *** يَرْسُو بِلُجَّتِهَا عَلَى اطْمِثْنَانِ(5)
ص: 49
صَعْبُ المَنَالِ يَضُمُّ دُرّاً غَالِياً *** أَثْمَانُهُ تَغْلُو عَلَى الأَثْمَانِ
وَاصْطَفَّ حَوْلَ البَحْرِ أَمْلاَكُ السَّما *** وَبِكُلِّ نَاحِيَةٍ مَشَى صَفَّانِ
وَتَمَخَّضَ البَحْرُ المُحِيطُ وَأُخْرِجَتْ *** أصْدَافُهُ وَغَدَتْ عَلَى الشُّطآنِ
رَقَصَتْ عَلَى وَتَرِ الدَّلالِ بِفَرْحَةٍ *** وَكَأَنَّهَا النَّسَمَاتُ بِالأَغْصَانِ
وَبَدا سَنا القَمَرَيْنِ يُشْرِقُ باسِماً *** فَوْقَ الثّرى وَالعَالِمِ النُّورانِي(1)
وُلِدَ الزَّكِيُّ فَمَرْحَباً بِوِلادَةٍ *** فَرِحَتْ بِها الأَيَّامُ فِي رَمَضَانِ(2)
رَیْحانَةُ الأَمَلِ المُشِعِّ لأَحْمَدٍ *** سَمْحُ السَّجَايا عَاطِرُ الأَرْدَانِ(3)
وَمَنَارُ أَحْلاَمِ الزَّمانِ وَبَهْجَةٌ *** لِلْمُصْطَفَى وَهْوَ الإِمَامُ الثَّانِي
عَيْنٌ بِهَا نَظَرَ الزَّمانُ إِلَى المَدَى *** فَرَأَى مَدَارَ الكَوْنِ فِي نُقْصانِ
مِيزَانُ عَدْلٍ لا يَتِمُّ بِكَفَّةٍ *** بِالكَفَّتَيْنِ عَدَالَةُ المِيزَانِ
شَعَّتْ بِآفَاقِ البِطَاحِ(4) مَنَارَةٌ *** أَنْوَارُها سَطَعَتْ عَلَى الأَكْوانِ
وُلِدَ الحُسَيْنُ ويا لَها مِنْ بَهْجَةٍ *** ضَحِكَتْ لَها الآمالُ فِي شَعْبَانِ
وَكِلاَهُما هُوَنَفْحَةٌ مِنْ فَاطِمٍ *** بِنْتُ الرَّسُولِ وَأَفْضَلُ النِّسْوَانِ(5)
ص: 50
وَمِنَ الوَصِيَّ طَهَارَةٌ قُدْسِيَّةٌ *** وَإِلَى رَسُولِ اللَّهِ يَنْتَميَانِ
سِبْطا مُحَمَّدِ وَالحَنِينُ يَشُدُّهُ *** لَهُمَا اشْتِدَادُ العَيْنِ لِلأَجْفَانِ(1) (2)
ص: 51
(بحر الكامل)
الأستاذ سعيد العسيلي العاملي(*)(1)
هذا عَلِيٌّ فِي السِّقَايَةِ دَائِبٌ *** يَسْقِي النَّخِيلَ بِدَاخِلِ البُسْتَانِ
وإِذَا بِابْنِ مَعَاذَ يُقْبِلُ نَحْوَهُ *** مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ مِنَ الخِلاَّنِ(2)
قَالاً لَهُ إِنَّ الزَوَاجَ مُحَلَّلٌ *** وَالنَّصُّ بَتَّ عَلَيْهِ فِي القُرْآنِ
لِمَ لا تُخَاطِبُ ابْنَ عَمِّكَ فِي الَّتِي *** أَمْسَتْ بِعُمْرِ الوَرْدِ وَالرَّيْحَانِ
فَتَكُونُ بِنْتُ المُصْطَفَى لَكَ زَوْجَةً *** مَعَهَا تَعِيشُ بِرَاحَةٍ وَأَمَانِ(3)
فَأَجابَ هَلْ سَيُوافِقُ الهَادِي عَلى *** ما أَبْتَغِي وَأَنَا الفَقِيرُ العَانِي؟
قالا لَهُ أَنْتَ الرَّبِيبُ لأَحْمَدٍ *** وَحَبيبُهُ وَأَخُوهُ مُنْذُ زَمانِ
ص: 52
وَبَدَتْ عَلَيْهِ عِنْدَ ذَاكَ قَنَاعَةٌ *** جَعَلَتْ خَفَاياهُ عَلَى اطْمِئْنَانِ
لِمَ لاَ يُجَرِّبُ حَظَّهُ فَلَعَلَّهُ *** يَحْظَى بِمَا قَدْ صُدَّ عَنْهُ اثْنانِ
وَمَضَى يَسِيرُ بِمِشْیِهِ مُتَقلِّعاً *** كَالسَّيْلِ مُنصّباً عَلَى الوِدْيانِ
مُتَشَبِّهاً فِي سَيْرِهِ بِنَبِیِّهِ *** مِنْ غَيْرِ تَقْلِيدٍ وَلاَ نِسْيانِ
إِذْ إِنَّ خَلْقَهُما بِنُورٍ وَاحِدٍ *** بِمَشِيئَةٍ كَانَتْ مِنَ الرَّحْمَنِ
وَهُنَاكَ قُرْبَ البابِ قادَتْهُ الخُطَى *** وَفُؤَادُهُ يَشْتَدُّ بِالخَفَقَانِ
وَبِطَرْقَةٍ فِيها النُّعُومَةُ وَالحَيا *** دَفَعاهُ نَحْوَ البَيْتِ بِاسْتِئْذانِ
وَبِدَاخِلِ البَيْتِ الكَرِيمِ تَقَابَلَتْ *** عَيْنَاهُ فِي مَرْأَى النَّبِي العَدْنَانِ
ماذا يُريدُ عَلِيُّ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ *** فِي بَسْمَةٍ مَشْحُونَةٍ بِحَنَانِ؟
فَأَجابَهُ وَبِرُغْمِ اسْتِحْيَائِهِ *** إِنِّي ذَكَرْتُ لِفاطِمٍ بِجِنانِي
قَالَ النَّبِيُّ وَمَرحباً بِخُطُوبَةٍ *** كَانَتْ بِأَمْرِ الوَاحِدِ الدَّيَّانِ
اِذْهَبْ بِدِرْعِكَ ثُمَّ بِعْهَا وَأُتِنِي *** بِالمالِ مَهْراً دُونَ أَيِّ تَوَانِ(1)
ص: 53
فأَطاعَ ثُمَّ الدَّرْعَ راحَ فَباعَها *** فِي خَمْسِمَائِةِ دِرْهَم رَنَّانِ
وَأَتَى بِهَا عِنْدَ الرَّسُولِ فَصَبَّها *** فِي حِجْرِهِ مِنْ غَيْرِ ما نُقْصانِ
وَدَعا رَسُولُ اللَّهِ كَامِلَ صَحْبِهِ *** فَأَذاعَ خُطْبَةَ سَبِّدِ الشُّجْعَانِ
إِذْ قَالَ إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ وَحْيَهُ *** بَحْرانِ بِالإِيمانِ يَلْتَقِيانِ(1)
وَ هُما خُطُوبَةُ حَيْدَرٍ مِنْ فَاطِمٍ *** وَزَواجُهُ مِنْها عَلَى الإِيْمانِ (2)
يَا رَبِّ بارِكْ فِيهِما وَعَلَيْهِما *** وَاجْعَلْهُما خَيْراً عَلَى الأَكْوَانِ(3)
ص: 54
(بحر الطويل)
الشيخ سلمان البلادي البحراني
إِلَى كَمْ وُلُوعُ القَلْبِ بِالغَادَةِ الحَسْنَا *** وَ ذِكْرَى لَيَالِي وَصْلِ بُتْنَةَ أَوْ لُبْنَى
تَهِيمُ بِتَيْهاءِ الضّلالِ كَأَنَّما *** أَمِنْتَ الفَنا لَوْ قَدْ ضَمِنْتَ البَقا ضِمْنا(1)
فَجَافِ جُنُوبَ الحَزْمِ عَنْ مَضْجَعِ الهَوَى *** وَ عَنْ حَقٌّ تَقْوَى اللَّهِ لاتُعمِض الجَفْنَا(2)
فَهَذَا بِلالُ الشَّيْبِ حَيْعَلَ بِالسُّرَى *** وَ صَرَّحَ مَا الدُّنْيا لِمُسْتَوْطِنٍ سُكْنَى(3)
كَفَاكَ مِنَ الدُّنْيَا الغَرُور غُرُورُها *** قُروناً أَبَادَتْهَا وَ لَمْ تَأْتَلِفْ قَرْنا
تُعَوِّضُهُمْ بَعْدَ القُصُورِ قُبورَهُمْ *** وَ بَعْدَ هَناهُمْ حَسْرَةً لَمْ تَكُنْ تَفْنَى
فَكَمْ عَانَقُوا بَعْدَ الغَوَانِي جَوَامِعاً *** وَ لَمْ تُوحِش الآباء بالخَلْسِ لِلأَبْنا(4)
وَ لَوْ أَنَّها سَاوَتْ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ *** لَمَا اتَّخَذَتْهَا الأَوْلِيَاءُ لَهُمْ سِجْنا
وَ فِي غَدْرِهَا بِالمُصْطَفَى وَ بِآلِهِ *** سَلاطينها بُرْهانُ مِقْدارِها الأَدْنَى
لَهُمْ سَدَّدَتْ مِنْ أَقْوُسِ البَغْيِ أَسْهُماً *** أَصَمَّتْ وَ أَصْمَتْ لِلْهُدَى القَلْبَ وَ الأُذنا
فَكَمْ كَابَدَ المُخْتَارُ مِنْ قَوْمِهِ أَذًى *** يَهِيجُ أَسَى يَسْتَغْرِقُ السَّهْلَ وَ الحَزْنا(5)
ص: 55
فضَى نَحْبَهُ بِالسُّمُ وَ هُوَ مُعَالِجُ *** عَلَى رَغم أَنْفِ الدِّينِ سُقْماً لَهُ أَضْنَى
وَ قَدْ قَلَبَتْ ظَهرَ المِجَنْ لِحَيْدَرٍ *** فَكَمْ زَفَرَةِ أَبْدَى وَ كَمْ غُصَّةٍ جَنَا
يُسَبُّ عَلَى الأَعْوَادِ وَ هْوَ عَمِيدُها *** وَ رَبُّ الوَرَى فَرْضَ الوَلاءَ لَهُ سَنَّا
كَسَاهُ نَسِيجَ الدَّم سَيْفُ ابْنِ مُلْجَمٍ *** وَ كَمْ أَلْبَسَ الأَبْطَالَ مِنْ دَمِهَا الأَقْنَى(1)
وَ مَحْدُومَةُ الأَمْلاكِ سَيِّدَةُ النِّسَا *** سَلِيلَةُ خَيْرِ الخَلْقِ وَ الدُّرَّةُ الحَسْنا
أَتَاحَتْ لَهَا كَهْفُ العِدَى غُصَصَ الرَّدَى *** وَ ذَاقَتْ لَهَا سُمّاً مِنَ الحِقْدِ وَ الشُّحْنَا(2)
بِضَرْبٍ وَ ضَغَطٍ وَ اغْتِصَابٍ وَ ذِلَّةٍ *** وَ كَانَ حِمَاهَا العِزَّ وَ الأمْنَ وَ الحِصْنَا
عَلَى دَارِها دَارُوا بِجَزْلٍ لِحَرْقِهَا *** وَ كَانَتْ بِهَا الأمْلاَكُ تَلْتَمِسُ الإذْنَا(3)
وَ مِنْ بَعْلِهَا الهَادِي اسْتَحَلُّوا مُحَرَّماً *** كَمَا حَرَمُوها نِحْلَةَ المُصْطَفَى ضِغْنا
تَعَاوَتْ لِشِبْلَيْها كِلاَبٌ تَهِرُّ فِي *** وِ جَارٍ لَهَا فَاسْتَشْعَر الهُونَ وَ الوَهْنا
وَ مَا بَرِحَتْ مِنْ بَعْدِ حَامِي ذِمَارِها *** مُعَصَّبَةً رَأْساً وَ مُنْهَدَّةً رُكنا
عَلِيلَةَ جِسْمِ لِلنُّحُولِ مُلازِمٌ *** لِفَرْطِ الضَّنَا حَتَّىٰ حَكَىٰ قَلْبُهَا الْمُضْنَىٰ
إِذَا ذُكِرَتْ حَالاًتُهَا فِي حَيَاتِهِ *** تُؤَجَّجُ نَارُ الفَقْدِ فِي قَلْبِهَا حُزْنا
فَتَبْكِيهِ و الحِيطَانُ تَبْكِي لِصَوْتِهَا *** فَمَا بُقْعَةٌ إِلَّا وَ عَبْرَتُها سَخْنا
إِلَى أَنْ أَرَادَتْ رُوحُها العَالَمَ الَّذِي *** بَدَتْ مِنْهُ وَ اشْتَاقَتْ لِمَوْرِدِها الأَسْنَى
فَفَارَقَتِ الدُّنْيَا كَرَاهَةً لَبْئِهَا *** وَ رَافَقَتِ الأُخْرَى وَ غَايَتُهَا الحُسْنَى
فَنَاحَ لَهَا المِحْرَابُ إِذْ غَابَ نُورُهُ *** بِفُقْدَانِهَا وَ اسْتَبْدَلَ الطَّحْيَةَ الدَّجْنَا(4)
وَ عَيْنُ اللَّيَالِي أَفْرَحَ الدَّمُ جَفْنَها *** عَلَى أَنَّهَا تُحْيِي بِأَذْكَارِهَا وَهُنا
وَ بِشْرُ النَّهَارِ انْهَارَ طَوْدُ ضِيَائِهِ *** وَ عَادَ سِراراً وَجْهُهُ النَّيِّرُ الأَسْمى
وَ زَهْرَةُ ذِي الدُّنْيا ذَوَى غُصْنُ دَوْحِهَا *** لِفُقْدَانِهَا المَاءَ الَّذِي يُزْهِرُ الغُصْنا
ص: 56
وَ شَمْسُ النَّهَارِ اسْوَدَّ بِالكَسْفِ وَجْهَهَا *** وَ جَلَّلَ بَدْرَ التّم خَسْفٌ بِهِ اكْتَنا(1)
فَيَا غَبْنَةَ الدُّنْيَا لِغَيْبَةِ فَاطِمٍ *** فَصَفْقَتُهَا مِنْ بَعْدِ صَفْقَتِهَا غَبْنَا
لِيَبْكِ عَلَيْهَا بِالعَفَافِ صَلاتُها *** وَ حُسْنُ صَلاةِ بِالظَّلامِ إِذا جَنَّا
لِتَبْكِ المَعَالِي الزُّهْرُ إِذْ غَابَ نُورُها *** بِغَيْبَةِ زَهْرِ الكَوْنِ عَنْ ذلِكَ المَعْنَى
وَ مَنْ ذَا يُعَزّي المُرْتَضَى بِقَرِينَةٍ *** لَقَدْ كَسَرَتْ مِنْ رَأْسِ شَوْكَتِهِ قَرْنَا؟
وَ مَنْ ذَا يُعَزَّي الأَحْسَنَيْنِ بِفَادِحٍ *** نَفَىٰ عَنْ حِسَانِ المَكْرُمَاتِ أَسَى حُسْنا؟
وَ مَنْ ذا يُعَزَّي رَبَّةَ الحُزْنِ زَيْنَبَاً *** فَمَا بَرِحَتْ مِنْ بَعْدِها ثَاكِلاً حَزْنا؟
فَيَا غِيرَةَ اللَّهِ اغْضَبِيْ مِنْ مُصِيبَةٍ *** أَصَابَتْ لِدَانِي قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى
بِبَضْعَتِهِ الزَّهْرَا الَّتِي لَمْ يَزَلْ بِهَا *** يَشِيدُ ثَنَاهُ طَبَقَ الإِنْسِ وَ الجِنَّا(2)
أَتَقْضِي بِرَغْمِ الدِّينِ مَظْلُومةً وَ لَمْ *** تَنَلْ فِي سِوَى اللَّيْلِ البَهِيمَ لَهُ دَفْنَا؟
وَ يُسْتَرُ مِنْ خَوْفِ العِدَى جَدَتْ لَهَا *** وَ قَبْرُ عِدَاهَا ظَاهِرٌ شَاهِرُ يُعْنَى(3)
فَأَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ يَنْظُرُ جِسْمَها *** كَسَا السَّوْطُ مِنْهَا الظَّهْرَ وَ البَطْنَ وَ المَتْنَا؟(4)
وَ أَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ يَنْظُرُ ضِلْعَها *** يُكَسْرُهُ بَاغِ قَدِ اسْتَوْجَبَ اللَّعْنا؟(5)
وَ أَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ يَنْظُرُ مُحْسِناً *** وَ قَدْ أَسْقَعُوهُ قَبْلَ أَنْ يُحْمِلَ السَّنَّا؟(6)
ص: 57
(بحر الخفيف)
الأستاذ شفيق العبادي
علّمينا فقد سئِمنا الهوانا *** كيف يرقى إلى علاكِ مَدانا؟
كيفَ نسمو إليكِ يحدو بنا الشوقُ، *** و يعلو ذرى النجومِ عُلانا ؟
كيفَ نحيا و فوقنا يهتفُ العزّ *** و تمشي نحو السماءِ خُطانا؟
و نواري بعزمنا وإبانا *** حاضراً عائرَ الخُطى خزيانا
عقمتُ فيهِ للفضيلةِ رحمٌ *** و انطوى أمسُهُ العزيزُ مُهانا
***
کیفَ شاختْ بنا الأماني و كانتْ *** صرخاتُ الأمجاد رجعَ صدانا ؟
كيفَ أودى بنا الشتاتُ وعدنا *** يعثر الدربُ و الطريقُ سرانا؟
كيف يدنو إلى رحابك فكرٌ *** شَلَّهُ الوهمُ فانطوى و استكانا؟
و يغنّي -كما أردت- يراعٌ *** نسلَ الخوفَ من لهاهُ اللِّسانا
علّمينا فقدْ تهاوى عُلانا *** و كبا المجدُ صادياً ظمآنا
يا بنةَ المصطفى و غرسَ المعالي *** و صدى الحقِّ في ضميرِ سمانا
***
و صدى الحقِّ لم يزل يملأُ *** الآفاق شدواً و يُرهف الآذانا
و نسيجُ العفافِ تغزل منهُ *** مريمُ الطهرُ للتُّقى أرادنا
لكِ في خاطرِ المحبين يوم *** ملكَ القلبَ منهُمُ و الجنانا
***
ص: 58
کم وقفنا علیه نستلهمُ الذكرى *** و نحيي شروقَهُ مِهرجانا
«و نساقيه من كؤوسِ القوافي» *** خمرةَ الحبِّ و الوفاءِ دِنانا
و نفدْيه بالنفوسِ إذا ما *** أمَلَ البغيُ أن يهيضَ ولانا
طالعتنِي ذكراهُ تفترش الأُفق *** على مفرقِ الروْى عنوانا
و مشتْ بي إلى الوراءِ عصوراً *** شمتُ فيها وجهَ النبي عِيانا
حيث أحنى عليكِ مذ لحتِ نوراً *** منه يضفي على المدى إيوانا
و رأى فيكِ للرسالةِ ينبوعاً *** سيُثرِي معينُه الأزمانا
و تباهي بكِ الوجودُ و لم لا *** حيثُ لولاكِ ما استقامَ وكانا
***
و تلقاكِ طرفهُ راعفَ الجفن *** و قد كان خاشعاً وسْنانا
فنثرتِ الرجاء في نفسهِ *** الحيرى و أثلجتِ قلبَهُ الحرّانا
و فرشتِ الغدَ المهوم في الأفق *** على ضفةِ الرؤى ريحانا
يا بنةَ المصطفى وحسبُ منانا *** أن يرى عندكِ الولاء مَكانا
أتملاَك همسةً من جنونِ *** العشق تحدُو بخافِقي ألحانا
أسرتِ باحة الفؤاد فأرخى ** في يديِها كما تحبّ العنانا
***
أرهقت كبرياؤها عنت الدهر *** و أوهى صمودُها الأزمانا
كلّما شفّها الغرامُ تغنّتْ *** فأهاجتْ بشدوِها الأكوانا
و إذا مسّها الشعورُ تراءتْ *** فكرةً تملأُ الوجودَ بيانا
أتعبتْ مبدعاً و أقصت يراعاً *** و أهاضتْ فكراً و شلتْ لِسانا
یا بنةَ المصطفى ستبقين درباً *** يهب السائرينَ فيه الأمانا
و ستبقى ذكراكِ في مسمعِ الدهر *** نشيداً حلوَ البيانِ مصانا
ص: 59
كلما راعها المخاضُ بصبحٍ *** رقص الدهرُ حولَهُ نشوانا
و إذا أبطأ الزمانُ أطلّت *** من كُوى الخلدِ تستحثّ الزمانا
و احتضانُ الرسالة البكرِ طفلاً *** ذبت فيها مودةً وحنانا
فزكتْ بذرةً و طابت جذوراً *** و اشرأبتْ عبرَ المدى أغصانا
***
و رمالُ البطحاءِ تحضنُ *** للتاريخ فصلاً مضمخاً أشجانا
کم شرِبنا به الضنى و حملنا *** غصصَ الدهرِ في الحشا بركانا
***
واحتملنابه الهجيرَ و أرضُ *** الحقدِ تغلي رمالُها نیرانا
و عبرنا بهِ الرياح فما هيض *** جناحُ و لاخَفَضْنا بنانا
و الهديرُ الذي ملأَ الأرض *** دوياً قد استحالَ دخانا
علّمينا فقد سئمنا الهوانا *** كيف يدنو إلى علاكِ مَدانا
***
ص: 60
(بحر البسيط)
السيد صالح الحلي (*)(1)
لَوْ أَنَّ دَمْعِي يُطْفِي نَارَ أَشْجَانِي *** أَذَلْتُ دَمْعِيَ مِنْ قَلْبِي بِأَجْفَانِي(2)
أَوْ أَنَّ صَبْرِيَ يُجْدِينِي لَعُذْتُ بِهِ *** لكِنَّما مَلَّنِي صَبْرِي وَ سِلْوانِي
وَ كَيْفَ أَلْقَى سروراً وَ البَتُولُ بَنَى *** لَهَا عَلِيٌّ جِهاراً (بَيْتَ أَحْزَانِ)؟(3)
مَاتَتْ وَ لَمْ يَشْهَدُوا لَيْلاً جِنَازَتَها *** سِوَى (عَلِيٌّ وَ عَمَّارٍ وَ سَلْمَانِ)(4)
وَ فِي (الصَّحِيح) رَوَوْا أَنَّ النَّبِيَّ بِهَا *** قَدْ قَالَ فَاطِمَةٌ رُوحِي وَ جُثْمَانِي(5)
ص: 61
وَ أَنَّهَا قَدْ قَضَتْ غَضْبَى عَلَى (نَفْرِ) *** فَقَوْلُهُمْ وَ شَنِيعُ الْفِعْلِ ضِدّانِ(1)
لَمْ نَدْرِ مَا السِّرُّ أَنْ تُبْتَزَ بَضْعَتُهُ *** جَهْراً وَ تُدْفَنَ فِي سِرِّ وَ كِتْمَانِ(2)
قَدْ أَسَّسَ الظُّلْمَ فِي الإِسْلَامِ (أَوَّلُهَا) *** وَ قَدْ أَزَادَ عَلَى مَا أَسَّسَ (الثَّانِي)
(وَثَالِثُ القَوْم) يَهْدِي مِثْلَ هَدْيهِمَا *** وَ عَنْهُ قَدْ أَخَذَتْ (أَبْنَاءُ سُفْيَانِ)
وَ بَدَّلَتْ سُنَنَ الإِسلام فِي بَدَعٍ *** وَ أَحْكَمَتْ مَا اشْتَهَتْهُ (آلَ مَرْوَانِ)(3)-(4)
ص: 62
(بحر الكامل)
الشيخ صالح الكواز
هَلْ بَعْدَ مَوْقِفِنا عَلَىٰ يَبْرِينِ *** أُحْيِي بِطَرْفِ بِالدُّمُوعِ ضَنِينِ؟(1)
وَادٍ إِذَا عَايَنْتُ بَيْنَ طُلُولِهِ *** أَجْرَيْتُ عَيْنِي لِلظَّباءِ الْعِينِ
لَمُ تَخْبٌ نارُ قَطِيئَةٍ حَتَّى ذَكَتْ *** نَارُ الْفِرَاقِ بِقَلْبِيَ المَحْزُونِ(2)
وَ ابْتَاعَ جِدَّتَهُ الزَّمَانُ بِمُخْلَقٍ *** وَ رَمَى حِمَاهُ بِصَفْقَةِ المَغْبُونِ(3)
قَالَ الحُداةُ وَ قَدْ حَبَسْتُ مَطِيَّهُمْ *** مِنْ بَعْدِ مَا أَظْلَقْتُ مَاءَ شُؤُونِي
مَاذَا وُقُوفُكَ فِي مَلاعِب خُرَّدٍ *** جَدَّ العَفاءُ بِرَبْعِها الْمَسْكُونِ(4)
وَقَفُوا مَعِي حَتَّى إِذَا مَا اسْتَيْأَسُوا *** خَلَصُوا نَجِياً بَعْدَمَا تَرَكُونِي
فَكَأَنَّ يُوسُفَ فِي الدِّيارِ مُحَكُمٌ *** وَ كَأَنَّنِي بِصُواعِهِ اتَّهَمُونِي
وَيْلاهُ مِنْ قَوْمٍ أَسَاؤُوا صُحْبَتِي *** مِنْ بَعْدِ إِحْسانِي لِكُلِّ قَرِينِ
قَدْ كِدْتُ لَوْلاَ الحِلْمُ مِنْ جَزَعِي لِمّا *** أَلْقَاهُ أَصْفِقُ بِالشِّمَالِ يَمِينِي
لكِنَّمَا وَ الدَّهْرُ يَعْلَمُ أَنَّنِي *** القَى حَوَادِثَهُ بِحُلْم رَزِينِ
قَلْبِي يَقِلُّ مِنَ الهُمُوم جِبَالَها *** وَ نَسِيخُ عَنْ حَمْلِ الرَّدِاءِ مُتُونِي
ص: 63
وَ أَنَا الَّذِي لاَأَجْزَعَنُ لِرَزِيَّةٍ *** لَوْلاً رَزَايَاكُمْ بَنِي يَاسِينِ
تِلْكَ الرَّزَايَا الْبَاعِثَاتُ لِمُهْجَتِي *** مَا لَيْسَ يَبْعَثُهُ لَظَى سِجِّينِ(1)
كَيْفَ الْعَزَاءُ لَهَا وَ كُلُّ عَشِيَّةٍ *** دَمُكُمْ بِحُمْرَتِهَا السَّمَاءُ تُرِينِي؟
وَ الْبَرْقُ يُذْكِرُنِي وَ مِيضَ صَوَارِمٍ *** أَرْدَتْكُمُ فِي كَفَّ كُلِّ لَعِينِ
وَ الرَّعْدُ يُعْرِبُ عَنْ حَنِينِ نِسَائِكُمْ *** فِي كُلِّ لَحْنٍ لِلشُّجُونِ مُبِينِ
يَنْدُبْنَ قَوْماً مَا هَتَفْنَ بِذِكْرِهِمْ *** إِلأَتَضَعْضَعَ كُلُّ لَيْثِ عَرِينِ
السَّالِبِينَ النَّفْسَ أَوّلَ ضَرْبَةٍ *** وَ الْمُلْبِسِينَ الْمَوْتَ كُلَّ طَعِينِ
لَوْ كُلُّ طَعْنَةِ فَارِسٍ بِأَكُفِّهِمْ *** لَمْ يَخْلُقِ المِسْبَارُ لِلْمَطْعُونِ(2)
لاعَيْبَ فِيهِمْ غَيْرُ قَبْضِهِمُ اللُّوا *** عِنْدَ اشْتِبَاكِ السُّمْرِ قَبْضَ ضَنينِ
سَلَكُوا يحاراً مِنْ دِمَاءِ أُمَيَّةٍ *** بِظُهُورِ خَيْلٍ لاَبُطُونِ سَفِينِ
مَا سَاهَمُوا الْمَوْتَ الزُوْامَ وَ لَااشْتَكُوْا *** نَصَباً بِيَوْمِ بِالرَّدَى مَقْرُون(3)
حَتَّى إِذَا الْتَقَمَتُهُمُ حُوتُ الْقَنا *** وَ هُيَ الأَمَانِي دُونَ خَيْرٍ أَمِينِ
نَبَذَتْهُمُ الهَيْجاءُ فَوْقَ تِلاَعِهَا *** كَالنُّونِ يَنْبُذُ بالعرا ذَاالنُّونِ(4)
فَتَحالُ كُلأ ثمَّ يُونُسُ فَوْقَهُ *** شَجَرُ الْقَنَا بَدلاً عَنِ الْيَقْطِينِ(5)
خُذْ فِي ثَنَائِهِمُ الْجَمِيلِ مُقَرِّضاً *** فَالْقَوْمُ قَدْ جَلُّوا عَنِ التَّأْبِينِ(6)
هُمْ أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ وَ الْقَتْلَى الأَلَى *** مُدِحُوا بِوَحْيِ فِي الْكِتَابِ مُبِينِ
لَيْتَ المَوَاكِبَ وَ الْوَصِيُّ زَعِيمُهَا *** وَقَفُوا كَمَوْقِفِهِمْ عَلَى صِفِّينِ
ص: 64
بالطَّفْ كَيْ يَرَوُا الأَلَى فَوْقَ الْقَنا *** رُفِعَتْ مَصَاحِفَهَا اثْقاءَ مَنُونِ
جَعَلَتْ رُؤُوسَ بَنِي النَّبِيِّ مَكَانَها *** وَ شَفَتْ قَدِيمَ لَوَاعِجِ وَ ضَغونِ(1)
وَ تَتَبَّعَتْ أَشْقَى ثَمُودَ وَ تُبَّعَ *** وَ بَنَتْ عَلَى تَأْسِيسِ كُلِّ خَؤُّونِ
ألْوَاثِبِينَ لِظُلْم آلِ مُحَمَّدٍ *** وَ مُحَمَّدٌ مُلْقَى بِلاتَكْفِينِ
وَ الْقَائِلِينَ لِفَاطِم آذَيْتِنا *** فِي طُولِ نَوْحٍ دَائِمٍ وَ حَنِينِ(2)
وَ الْقَاطِعِينَ أَراكَةً كَيْلاً تَقِيلْ *** بِظِلِّ أَوْرَاقٍ لَهَا وَ غُصُونِ
وَ مُجَمْعِي حَطَبٍ عَلَى الْبَيْتِ الَّذِي *** لَمْ يَجْتَمِعْ لَوْلاهُ شَمْلُ الدِّينِ(3)
وَ الدَّاخِلِينَ عَلَى الْبَتُولَةِ بَيْتَها *** وَ المُسْقِطِينَ لَهَا أَعَزَّ جَنِينِ(4)
وَ الْقَائِدِينَ إِمَامَهُمْ بِنِجَادِهِ *** وَ الطَّهْرُ تَدْعُو خَلْفَهُمْ بِرَنِينِ(5)
خَلُّوا ابْنَ عَمِّى أَوْ لأَكْشِفَ فِي الدُّعا *** رَأْسِي وَ أَبْدِي لِلإلهِ شُجُونِي
مَا كَانَ نَاقَةُ صَالِحٍ وَ فَصِيلُها *** فِي الْفَضْلِ عِنْدَ اللَّهِ إِلا دُونِي
وَ رَنَتْ إِلَى الْقَبْرِ الشَّرِيفِ بِمُقْلَةٍ *** عَبْرَى وَ قَلْبِ مُکْمَدٍ مَحْزُونِ
قَالَتْ وَ أَظْفارُ الْمُصابِ بِقَلْبِهَا *** غَوْثاهُ قَلَّ عَلَى العُدَاةِ مُعِيني
أَبَتاهُ هُذَا السَّامِرِيُّ وَ عِجْلُهُ *** تُبِعَا وَ مَالَ النَّاسُ عَنْ هَارُونِ
أَيُّ الرَّزَايَا أَتَّقِي بِتَجَلُّدٍ *** هُوَ فِي النَّوَائِبِ مُذْ حَبِيتُ قَرِينِي؟(6)
ص: 65
فَقْدِي أَبِي أَمْ غَصْبٍ بَعْلِي حَقَّهُ *** أَمْ كَسْرِ ضِلْعِي أَمْ سُقُوطِ جَنِينِي(1)
أَمْ أَخْذِهِمْ إِرْثِي وَ فَاضِلِ نِحْلَتِي *** أَمْ جَهْلِهِمْ حَقِّي وَ قَدْ عَرَفُونِي(2)
فَهَرُوا يَتِيميكَ الْحُسَيْنَ وَ صِنْوَهُ *** وَ سَأَلْتُهُمْ حَقي وَ قَدْ نَهَرُونِي
بَاعُوا بَضَائِعَ مَكْرِهِمْ وَ بِزَعْمِهِمْ *** رَبِحُوا وَمَا بِالْقَوْمِ غَيْرُ غَبِينِ
وَإِذَا أَضَلَّ اللَّهُ قَوْماً أَبْصَرُوا *** طُرُقَ الْهِدَايَةِ ضَلَّة فِي الدِّينِ(3)
ص: 66
(بحر الكامل)
الملك الصالح نصير الدين
طلائع بن رزيك(*)(1)
لَوْلا قِوامُكَ يا قَضِيب البانِ *** لَمْ يَحْسُنِ القُضْبانُ فِي الكُثْبانِ(2)
وَ لَوْ أَنَّ رِيقَكَ لَمْ يَذُقْهُ ذَائِقٌ *** ما طابَ طَعْمُ المَاءِ لِلْعَطْشَانِ
فَانْهَ العَذُولَ عَنِ المَلَامِ وَ قُلْ لَهُ: *** إِنَّ المَلَامَ عَنِ السُّلُوِّ نَهَانِي
وَ الحُبُّ، لابِالرَّأْيِ يَنْجُوهارِبٌ *** مِنْهُ و لابِشَجَاعَةِ الشُّجْعَانِ
هُمَا بِخَصْرٍ كانَ لَوْلا لِيْنُهُ *** يَنْقَدُّ تَحْتَ مَعاقِدِ الهِمْيان(3)
وَ بِسِحْرِ أَجْفانِ سَرافِينا وَ لَمْ *** نَعْلَمْ كَسَرْيِ النَّوْمِ فِي الأَجْفانِ
إِنْ قال: قَدْ لأحَتْ عذاراهُ عَلَى *** وَ جَناتِهِ وَ هُمَا، لَنا غدرانِ
أَوْ كانَ يُوسُفَ أَوْلاً فِي عَصْرِهِ *** لا فِي مَلَاحَتِهِ فَهَذا الثَّانِي
أَوْ حَالَفَ الأَحْزَانَ يَعْقُوبُ بِهِ *** فَأنا الكَرِيمُ بِحَالِفِ الإِحْسَانِ
أَنْهَبْتُ مَنْ يَرْجُو نَدَى كَفِّي وَ مَا *** أَنْهَبْتُ خَيْلِي مِنْ ذَوِي التِّيجانِ
وَ جَعَلْتُ مُلْكِي دُونَ مُلْكِي جُنَّةً *** يَحْمِيهِ حَدُّ نَوَائِبِ الحَدَثَانِ(4)
ص: 67
وَ العِزُّ لَيْسَ يَحِلُّ فِي أَوْطَانِهِ *** حَتَّى يَحِلَّ المَالُ دَارَ هَوَانِ
عَمَّلْتُ خَيْلِي حِينَ رُضْتُ حِمامَها *** أَنْ تَهْتَدِي بِكَوَاكِبِ الخِرْصَانِ(1)
وَ سَلَكْتُ فِي حَرْبِي ثَلاثَةَ أَنْصُلٍ *** مِنْ عَزْمَتِي، وَ مُهَنَّدِي، وَ لِسانِي(2)
وَ تَحقَّقَ الأَعْداءُ إذْ وَاجَهتُهُمْ *** أَنْ لَيْسَ حِصْنِي غَيْرَ ظَهْرِ حِصانِي
لَوْ لَمْ يَكُنْ لِي مَفخراً أَسْمُو بِهِ *** الاَّ ولاِئي لِلنَّبِيِّ، كَفَّانِي
قالَ النَّبِيُّ : لَنَا الكِتَابُ وَ عِتْرَتِي *** مِنْ أَهْلِ بَيْتِي لَيْسَ يَفْتَرِقانِ(3)
أَبَداً كَأَنَّهُما إِلَى أَنْ يَأْتِيا *** حَوْضِي وَ ضَمَّ بَنَانَهُ هاتان
وَ بِحَسْبِ حُبِّهِمُ قَدِيماً أَنَّهُ *** عُرِفَ النّفاقُ بِهِ مِنَ الإيمانِ
وَإِذَا رَوَى قَوْمٌ فَضَائِلَ غَيْرِهِمْ *** رُويت فضائلهم من القرآنِ
جَهِلُوا فَظَنُّوا أَنَّهُمْ كَسِوَاهُمُ *** حَتَّى أَتَى الفُرْقَانُ بِالفُرْقَانِ
يَا أَيُّها الإِنْسَانُ إِنْ تَكُ جاهلاً *** فاسْأَلْ بِهِم هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ
ما يَسْتَوِي مَنْ يَعْبُدُ الأَوْثَانَ إِنْ *** أَنْصَفْتَهُمْ، وَ مُكَسِّرُ الأَوْثَانِ
كَلاً وَ لاَمَنْ لايُجِيبُ مُسائِلاً *** عن مُشْكلٍ وَ مُكَلِّمُ الثُّعْمَانِ
كَمْ بَيْنَ مُخْتَلِفَيْنِ فِي حَالَيْهِما *** فِي سَائِرِ الأَوْقاتِ وَ الأزمانِ
هذا يُعَاذُ بِهِ مِنَ الشَّيْطَانِ إِذْ *** يَعْتاذُ ذا مَسٌ مِنَ الشَّيْطَانِ
وَ بِيَوْم (خَيْبَرَ) إِذْ تَقَهُقَرَ أَوَّلٌ عَنْ *** حَوْمَةِ المَوْتِ الرُّوَامِ وَ ثَانِي(4)
لَمْ يُخْفٌ فَضْلُ الأَرْمَدِ العَيْنَيْنِ فِي *** غَمَراتِهِ عَمَّن لَهُ عَيْنَانِ(5)
ص: 68
ما كانَ فِي أَقْرانِهِ مُنْذُ الصِّبا *** أَحَدٌ سِوَاهُ، مُبارِزُ الأَقْرَانِ
أيَّامَ عَمْرُو العامِرِيُّ مُجهزٌ *** فِي الصَّفْ يَقْدُمُ أَوَّلَ الفُرْسانِ
أَفَغَيْرُهُ مِنْهُمْ يَقُولُ كَقَوْلِهِ *** إِنْ كَانَ يَسْمَعُ مَنْ لَهُ أُذُنَانِ؟
أللَّهُ رَبِّي ما عَبَدْتُ سِواهُ *** فِي عَصْرِ الصَّبا، و (مُحَمَّدٌ) رَبَّانِي
تاللَّهِ ما أَصْهارُهُ وَ نِسَاؤُه *** يَوْمَ الفَخَارِ وَ أَهْلُهُ سِيَانِ
أَوْلاهُمُ بالمُصْطَفَى فِي النَّاسِ مَنْ *** هُوَ، دُونَهُمْ وَ المُصْطَفَى إِخْوانِ
ما باهَلَ المُخْتَارُ أَهْلَ خِلافِهِ *** فِي دِينِهِ، بِفُلانَةٍ وَ فُلانِ
کَلاً، و لاصَلَّى وَ تِلْكَ وَ غَيْرِها *** مَعَهُ بِجُنْحِ اللَّيْلِ فِي الأَرْدانِ(1)
ما كانَ إِلا المُرْتَضَى في المرطِ *** بالإجماع، وَ الزَّهْراءُ، و السِّبطانِ(2)
أَفَخَرْتُمُ (بالغارِ) لَمَّا حَلَّهُ، مَعَهُ *** امرؤٌ فِي صَفْهِ وَ أَمانِ
وَ نَسِيتُمُ مَنْ بَاتَ فَوْقَ فِرَاشِهِ *** مُتَعَرِّضاً لِشِفَارِ كُلِّ يَمَانِ(3)
ما كانَتِ (الشُّورى) الَّتِي قَدْ لُفَقَتْ *** أَخْبارُها بِالزَّوْرِ وَالبُهتان
إِلا كَيَوْمِ بِالسَّقِيفَةِ شُیَّدَتْ *** فِيهِ مَبانِي الظُّلْمِ وَ العُدْوانِ
يَتَمَسْكُونَ لَهُمْ بِبَيْعَةِ فَلْتَةٍ *** وَ بِهَا نَقَضْتُمُ بيعَةَ الرِّضْوانِ
وَ رَوَيْتُمُ أَنَّ الوَصِيَّ أَجَابَهُمْ *** كُرْهاً، وَ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى العِصْيانِ
وَ الطُّهْرُ (فاطِمَةٌ) يُشَالُ لِبَيْتِها *** مِنْ أَجْلِهِ قَبَسٌ بِرَأْسِ سِنَانِ
أَفَمُنْقِذْ لَهُمُ مِنَ النِّيرَانِ مَنْ *** حَمَلُوا إِلَى ابْنَتِهِ لَظَى النِّيرانِ؟(4)
جَهَلُوا، وَ دِينُ الجَاهِلِيَّةِ فِيهِمُ *** باقٍ فَظَنُّوها مِنَ القُرْبانِ
ص: 69
وَ أَتَى ابْنُ هِنْدِ بَعْدَهُمْ فَأَثَارَ ما *** أَخْفَوْا مِنَ الأَحْقَادِ وَ الأَضْغَانِ(1)
وَغَدا يُنَازِعُهُمْ يَزِيدُ كَأَنَّما *** وَرِثَ الخِلافَةَ مِنْ أَبِي سُفْيَانِ
وَ اذْكُرْ ألالِ القَوْمِ إِذْ فَعَلُوا بِهِمْ *** أَضعاف ما فَعَلَتْ بَنُومَرْوَانِ
لاَحُرْمَةُ الإِيْمَانِ رَاعَوْهَا وَ لَمْ *** يُوفُوا بِمَا شَرَطُوا مِنَ الإِيمَانِ
وَ لَوَ أَنَّهُمْ كَانُوا نَصَارَىٰ عَظَّمُوا *** قَدْرَ الَّذِينَ لَقُوا مِنَ الرُّهْبَانِ
وَ بَنُو النَّبِيِّ المُصْطَفَى *** أَعْضاؤُه فِيكُمْ فَعُدُّوها مِنَ الصُّلْبانِ
أَوْ مِثْلَ حافِرِ غير عِيسَى إِنَّهُمْ *** جَعَلُوهُ قِبْلَتَهُمْ بِكُلِّ مَكانِ(2)-(3)
ص: 70
(بحر الرمل)
الشيخ عبد الستار الكاظمي(*)(1)
أحْرَقُوا الدَّارَ عَلَى فَاطِمَةٍ وَ الحَسَنَيْنْ
وَ رَسُولُ اللَّهِ أَوْصَاهُم بحِفظِ الثَّقَلَينْ(2)
***
بَعْدَ مَا أَوْصَى النَّبِيُّ المُصْطَفَى أُمَّتَهُ
بِوَصاياهُ التِي أَمْلَى بِهَا حِكْمَتَهُ
أَكَدَ الإِبْلاغَ فِي أَنْ يَحْفَظُوا عِتْرَتَهُ
وَإِذَا بِالقَوْمِ خَانُوا أَمْرَهُ عَيْناً بِعَيْنْ
***
حَارَبُوا حَيْدَرَ بَعْدَ المُصْطَفَى لَمّا مَضَى
كَانَ فِي تَكْلِيفِهِ مُوصَى لِمَحْتُومٍ القَضَا
ص: 71
فَرَأَوْهُ صَابِراً عَنْهُمْ عَلِيَّ المُرْتَضَى
فَعَتَوا مُذْ حَاصَرُوا بَيْتَ أميرالمُؤمِنِينْ(1)
***
حَاصَرُوا الدَّارَ لِثَارِ عَنْ ضَحَايَا مِنْ بَدِرْ
بَدَّلُوا الإِسْلامَ بِالكُفر لأمر قَدْ قُدِرْ
ضَرَبُوا الزَّهْرَاءَ بالسَّوْطِ فَهَلْ مِنْ مَدَّكِرْ
لِيَرَى الكُفْرَ تَجَلَّى فِي وُلاةِ المُسْلِمِينْ
***
رَوَّعُوا الزَّهْرَاءَ فِي الدَّارِ فَيَا لِلْعَجَبِ
أَوَ لَيْسَتْ فَاطِمٌ فِي دِينِهم بِنْتُ النَّبِي؟
فَلِمَاذَا أَمْرَمُوا النَّارَ بذَاكَ القَصَبِ؟
هَلْ رَسُولُ اللَّهِ أَوْصَاهُمْ بِحَرْقِ الطَّاهِرِينُ؟
***
رَوْعُوها يَوْمَ كَانَتْ لأَبِيهَا فِي عَزاءْ
أحرقوا الدَّارَ عَلَيْهَا وَ أَجَدُّوا فِي العِدَاءْ
فَعَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الجَزَاءْ
يَوْمَ يَأْتِي النَّاسُ فِي الحَشْر لِرَبِّ العَالَمِينْ
***
ثُمَّ لاذَتْ فَاطِم بِالبَابِ دَفْعاً لِلْخَطَرْ
فَعَلَيْهَا أَظبَقُوا البَابَ بِأَمْرِ مِنْ عُمَرْ
ص: 72
أَنَّتِ الزَّهْرَاءُ يَا فِضَّةُ ذا ضِلْعِی انْكَسَرُ
سَنِّدِيني سَنِّديني أَسْقَطُوا مِنِّي الجَنِينْ
***
بأَبِي مَكْسُورَةَ الضّلْع وَ فِي الصَّدْرِ انْحَنَى
بِأَبِي مِنْ عَصْرَةِ البَابِ فَأَلْقَتْ مُحْسِنا
سَقَطَتْ لَمّا أُذِيقَتْ مَا أُذِيقَتْ مِحَنا
وَ عَلَيْهَا ضَجَّتِ الأَمْلاَكُ فِي العَرْشِ المَكِينْ
***
قَضَتِ الزَّهْرَاءُ ظُلْماً ثُمَّ مَاتَتْ فِي الأَسَى
أَنَّتِ الدُّنْيَا وَ صَارَ الصُّبْحُ فِيها حِنْدِسَا(1)
وَ مُحَيَّا الدَّهْرِ مِنْ آلاَمِهَا قَدْ عَبسا
فَعَلى مَنْ ظَلَم العِتْرَةَ لَعْنُ اللاَّعِنينْ(2)
ص: 73
(بحر الرمل)
الشيخ عبد العظيم الربيعي(*)(1)
فَضْلُكَ السَّامِي عُلُوّاً يَا عَلِي *** لا يُدَانِيهِ مِنَ الخَلْقِ مُدَانْ(2)
***
أَنْتَ حَيَّرْتَ بِمَعْنَاكَ العُقُولْ *** أَ إِلَهٌ أَنْتَ أَمْ أَنْتَ رَسُولْ؟
لكِنِ الحَقُّ بِمَعْنَاكَ يَقُولْ *** أَنْتَ بَعْدَ اللَّهِ وَ الهَادِي وَلِي(3)
وَ قَسيمُ النَّارِ حَقاً و الجِنَانِّ(4)
ص: 74
فَاتَّخَذْنَا اللَّهَ رَبِّاً لاَ سِوَاهُ *** وَ نَبِيَّاً أَحْمَداً حَيْثُ اصْطَفَاه
وَ اتَّخَذْنَاكَ كَمَا قَالَ الإِلهْ *** وَ كَما قَدْ جَاءَ بِالنَّيِّ الجَلِي(1)-(2)
هَادِياً يَقْرِنُ رَكْباً بالأمانْ
***
لِعَلِي المُرْتَضَى رَبِّ العَلَاءْ *** كَانَ نَصُّ الحُب بَلْ فَرْضُ الولاء
في وضوحٍ غَايَةٌ بَلْ فِي جَلاءْ *** يَوْمَ حُمُ حَيْثُ خَيْرُ الرُّسُلِ(3)
جَعْجَعَ الوَحْيُ بِهِ فِی ذَا المَكَانْ
***
نَزَلَ الوَحْيُ عَنِ الرَّبِّ الكَبِيرْ *** لِلنَّبِيِّ المُصْطَفَى خَيْرِ نَذِيرٌ
يا سفيراً قَدْ أَتَى خَيْرَ سَفِيرْ *** حُلَّ أَجْيَادَ العُلَى عَنْ عَطَل(4)
بِعُقودِ الوَحْيِ تَزْهُو لا الجُمَانْ
***
يَا رَسُولَ اللهِ بَلْغ مَا أَتَى *** مِنْ الهِ الخَلْقِ فِي خَيْرِ فَتَى
ص: 75
وَ مَتَى خَالَفْتَ فِي أَمْرِ مَتَى *** لَمْ تُبلِّغ قَطُّ إذْ لَمْ تَفْعَلِ
وَ لَكَ العِصْمَةُ مِنَّا وَ الضَّمانْ
***
أَنْزَلَ الرَّكبَ عَلَى أَرْضِ تَفُورْ *** وَ ارْتَقَى مِنْبَرَ أَحْدَاجِ وَ كُورْ
أَيْنَ لاأَيْنَ مَزَامِيرُ الزَّبور *** مِنْ خِطَابِ المُصْطَفَى فِي المَحْفَلِ؟(1)
أخِذاً بِالسَّمْع مِنْهُم وَ الجَنانْ
***
بَيْنَمَا مِنْ جَرِّها تَغْلِي الرِّمَالْ *** وَ إِذَا الخُطْبَةُ مِنْ فَوْقِ الرِّحَال
أَرَأَيْتَ السَّيْلَ مِنْ رُوس الجِبَال *** وَلِذَا أَرْجُلُهَا لَمْ تَصْطَلِ(2)
أَمْ لَقَدْ أَسْكَرَهُمْ كَاسُ البَيَانْ
إِنَّ فِي الرَّوْعَةِ مِنْ خُطبَتِهِ *** إِنَّ فِي الصَّوْتِ وَ فِي صَيْحَتِهِ
كَأسَ لُطْف ظَلَّ فِي نَشْوَتِهِ *** كُلُّ ذِي لُبِّ مُضَاهِي الثَّمَلِ(3)
وَ عَلَى المُخْتَارِ مَعْقُودُ البَيَان
***
خاطباً فِي ذلِكَ الجَمُ الغَفِيرْ *** وَ لَقَدْ بَلَغَهُمْ وَحيَ القَدِيرْ
وَ هُوَ مَنْ أَسْمَعَهُمْ صَوْتَ النَّذِير *** مِثْلَ مُوسَى فِي الزَّمَانِ الأَوَّلِ(4)
وَ هُوَ خَیْرٌ مِنْهُ فِي كُلِّ زَمَانْ
***
ص: 76
أَيُّهَا النَّاسُ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونْ *** أَنَّنِي أَوْلَى بِكُمْ أَمْ تُنْكِرُونْ
مِلءَ أَسْمَاعِهِمُ مِلْءُ العُيُون *** أَحْمَد فِي صَوْتِهِ وَالهَيْكَلِ
مَا لَهُ قطُّ نَظِیرٌ أَوْ مُدَانْ
***
فَأَجَابُوهُ بَلَى ثُمَّ بَلَىٰ *** مَا تَشَا فِينَا فَقُلْ مُمْتَثَلا
وَإِذَا الشَّمْسُ تُنِيرُ ابْنَ جَلا *** رَافِعاً مِنْ ضِبْعِهِ الهَادِي عَلِي(1)
أَرَأَيْتَ البَنْدَ يَعْلُو بِالسِّنَانْ
***
مَنْ أَكُنْ مَوْلاَهُ هذَا المُرْتَضَى *** حَيْدَرٌ مَوْلاَهُ، وَاللَّهُ قَضَى
إِنَّهُ كَانَ مِنَ اللَّهِ الرِّضا *** إِنَّهِ كَانَ لَكُمْ نِعْمَ الوَلِي
نايباً بعدي عَلَى إنْسٍ وَ جَانْ
***
أَيُّهَا النَّاسُ هُوَ السِّرُّ العَظِيمْ *** وَ عَلَيْكُمْ بِالصِّرَاطِ المُسْتَقِيم
أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالعَلِيم *** كُلَّمَا جَاءَ بِوَحْي مُنْزَلِ
فِیهِ قَدْ جَاذَبَنِي فَضْلَ عِنَانْ(2)
***
إِنَّهُ الذِّكْرُ المُبينُ النَّاطِقُ *** إِنَّهُ البَرُّ الأمينُ الصَّادِقُ
إِنَّهُ الدُّرُ النَّمِينُ الرّائِقْ *** وَ هُوَ وَالقُرْآنُ فِيكُم ثَقَلِي
فَانْظُرُوا كَيْفَ يَكُونُ الثَّقَلاَنْ
***
ص: 77
فَالخَلفُونِي أُمَّتِي فِي الثَّقَلَيْن *** وَ أَرُونِي فِيهِمَا قُرَّةَ عَيْن
سَيَجُوزَانِ المَدَى مُقْتَرِنَيْن *** ثُمَّ عَنْ غَيْرِهِمَا لَمْ أَسْأَلِ(1)
يَوْمَ لِلَّهِ یَقُومُ الثَّقَلانْ
***
فَمِنَ الآنَ فَقُوموا بایِعُوهْ *** حَيْثُ لايُفْلِحُ الأَتَابِعُوهْ
وَ عَلَى الأَعْدَاءِ طَراً شَايِعُوه *** لاتَخُونُوا اللَّهَ في التَّسلِيِمٍ لِي
فسَيَشْقَى كُلُّ مَنْ لِلَّهِ خَانْ
***
فَأَجَابَ القَوْمُ مِنْ كُلِّ النَّوَاحْ *** قَدْ سَمِعْنَا الرُّشْدَ وَالحَقَّ الصَّراحْ
وَ عَلَيْهِ أَصْفَقُوا راحاً براحْ *** وَ غَلَتْ أَفْئِدَةٌ كَالمِرْجَلٍ(2)
وَ كَبَا بَیْهُما طرْفُ اللِّسَانْ
***
بَايَعُوهُ وَ عَلَيْهِ سَلَّمُوا *** وَ هُمُ مَا آمَنُوا بَلْ أَسْلَمُوا
بَعْدَ أَيَّامٍ عَلَيْهِ ازْدَحَمُوا *** وَ عَلَيْهِ كَبَسُوا فِي المَنْزِلِ
وَبِهِ فَاطِمَةٌ وَ الحَسَنَانْ
***
فَاطِمٌ لَمْ تُرْعَ لَكِنْ رُوِّعَتْ *** حَيْثُ فِي إِنْفَاذِهِ قَدْ طَلَعَتْ
إِنَّهَا بِالسَّوْطِ لَمّا فُنُعَتْ *** قُتِلَتْ وَ المُرْتَضَى لَمْ يُقْتَلِ
وَ فَدَتْهُ، يَا بِنَفْسِي الفادِيَان(3)
ص: 78
(بحر الرمل)
الشيخ عبد العظيم الربيعي(*)(1)
أَحْرُفُ الحُسْنِ بِخَطَّ حَسَنِ *** كُتِبَتْ فِي وَجْهِ مَنْ تَيَّمَنِي(2)
قُلْتُ لِلْعَاذِلِ فِي حُبِّي لَهُ *** هَاكَ فَاقْرَأَها وَ لاَتَفْتَينِ
وَإِذَا حَقَّقَتَ أَسْبَابَ الهَوَى *** لاَتُكَلِّفْنِي بِمَا لَمْ يُمْكِ يُمْكِنِ
هُوَ لِلْحُسْنِ، وَ لِلْحُبِّ أَنَا *** مَنْ تَرَاهُ عَافَ شَمَّ السَّوسَنِ(3)
كُلُّ شَيْءٍ جَاءَ مِنْ مَعْدَنِهِ *** يَجْلِبُ الفَخْرَ لِذَاكَ المَعْدِنِ
وَ إِذَا أَخْفَى مُحِب شَوْقَهُ *** فَأَنَا فِي حُبِّهِ ذُو عَلَن
كَيْفَ أَخْفِيهِ وَ إظْهَارِي لَهُ *** حِلْيَةُ الفَخْرِ لِجِيدِ الزَّمَنِ
كَيْفَ يَخْفَى، وَ شُهُودُ العَدْلِ قَدْ *** أَفْصَحَتْ عَنْ سِرِّهِ لَمْ تُلْحِنِ؟(4)
أَبْحُرُ الدَّمْعِ، وَ نِيرانُ الجَوَى، *** وَ سُهَادِي، وَ نُحُولُ البَدِنِ
غَيْرَ أَنِّي كُلَّمَا قَدَّمْتُ مِنْ *** شَاهِدِ فِي حُبِّهِ لَم يُوقِنِ
كَثْرَةُ الأَشْهَادِ لاتُغْنِي إِذَا *** نَظَرُ الفِكْرِ بِهَا لَمْ يُمْعَنِ
وَ انْظُرِ المَوْلَى عَلِيّاً، كَمْ لَهُ *** مِنْ شَهِيدٍ وَ دَلِيلِ بَيْنِ(5)
ص: 79
ص: 80
كَيْف قَدْ زُحْزِحَ بَعْدَ المُصْطَفَى *** عَنْ ذُرَى مَنْصِبِهِ العَالِي السَّنِي؟
إلى أن قال:
جُمِعَتْ فِيهِ مِنَ الأَصْدَادِ ما *** افْتَرَقَتْ لَكِنْ بِجَمْعِ حَسَنِ
أَزْهَدُ النَّاسِ وَ أَسْخَاهُمْ یَداً *** حَبْرُهُمْ أَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَنِ(1)
أطْعَنُ العَالَمِ بِالرُّمْحِ، سِوَى *** أَنَّهُ فِي دِينِهِ نِهِ لَمْ يُطْعَنِ
أَعْبَدُ العُبادِ أَتْقَاهُمْ سِوَى *** أَنَّهُ فِي دِينِهِ لَمْ يُدْهِنِ(2)
ص: 81
أحْلَمُ الأُمَّةِ، لَوْلاً حِلْمُهُ *** لَمْ يُلاَقُوهُ بِمَلْقَى خَشِنِ
قيْدَ فِي بَنْدِ حُسّام طَالَمَا *** نَحَر الأبطال نَحْرُ البُدُنِ(1)
فَتَأَمَّلْ صَاحٍ، هَذَا حَيْدَرٌ *** أَمْ تَرَى المَوْقِف قَدْ أَذْهَلَنِي
مَنْ تَرَاهُ اقْتَحَمَ الغَابَ وَ مَنْ *** قَادَ ضِرْغَامَ الشَّرَى بِالرَّسَنِ
خَلْفَهُ الزَّهْرَاءُ لَكِنْ جَفْنُهَا *** يُخْجِلُ الغَيْثَ بِدَمْعِ هَتِنِ
وَ هْيَ تَدْعُو القَوْمَ لاَ وَاللَّهِ لَنْ *** تُؤْتِمُوا اليَوْمَ شَقِيقَ الحَسَنِ
حَسْبُكُمْ كَسْرُ ضُلُوعِي، غَصْبُكُمْ *** نِحْلَتِي، إِسْقَاطُكُمْ لِلْمُحْسِنِ(2)
ص: 82
ص: 84
دَعْ عنكَ حَزْوَى وَ ذِكْرَى شِعْبِ سَعْدَانِ *** وَ اسْتَوْقِفِ العِيسَ فِي أَكْنَافِ كُوفانِ(1)
وَ أَنْتُمْ تَرَى بُقْعَةٍ أَرْسَتْ بِرِفْعَتِهَا *** دَعَائِمَ فَوْقَ عُيُوقٍ وَ كِيوانِ(2)
وَ اجْعَلْ شِعَارَكَ لِلَّهِ الْخُشُوعَ بِهَا *** وَ لُذيقَبْر إِمَامِ الإِنسِ وَ الْجَانِ
أَلْقَاهِرُ الْقَادِرُ الْفَرْدُ الْعَلِيُّ وَ مَنْ *** قَدْ أَظْهَرَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرَ أَدْيَانِ
أَلأَوَّلُ الآخِرُ العَلامُ مَنْ نَطَقَتْ *** بِهِ الزَّبُورُ وَ تَوْرَاةُ ابْنِ عِمْرَانِ
أَلْبَاطِنُ الظَّاهِرُ الْحَبْرُ الَّذِي شَهِدَتْ *** بِمَا أَقُولُ بِهِ آيَاتٌ قُرآنِ
أَصْلُ الْوُجُودِ وَ عَيْنُ الْوَاحِدِ الأَحَدِ *** الرَّبِّ الوَدُودِ وَ مُرْدِي كُلِّ شَيْطَانِ(3)
مَنْ يُوشُعُ الطُّهْرُ مُوسَى عِنْدَ مَفْخَرِهِ *** مَنْ آصفُ المُلْكِ الْمَوْلَى سُلَيْمَانِ؟
أَخُو الرَّسُولِ أَبُوالسَّبْطَيْنِ حَيْدَرَةٌ *** زَوْجُ الْبَنُولِ وَ مُنْجِي المُذْنِبِ الجَانِي
أَوْلَئِكَ الغُرُّ أَصْحَابُ الْكِسَاءِ وَ مَنْ *** قَدْ بَاهَلَ اللهُ فِيهِمْ (أَهْلَ نَجْرَانِ)
يَا با طالباً (لِلْكِسا) شَرْحاً نُبَيِّنُهُ *** اسْمَعْ مَقَالِي وَ مَا أَرْوِي بِتِبْيَانِ
رَوَى النّقاتُ الْكِرَامُ الصَّادِقُونَ لَنَا *** رِوَايَةً وَرَدَتْ عَنْ خَيْر نِسْوَانِ
بِنْتِ الرَّسُولِ البَتُولِ الطُّهْرِ(فَاطِمَةً) *** ذَاتِ الْفَخَارِ وَ ذَاتِ الفَحْرِ وَ الشَّانِ(4)
إِنَّ النَّبِيَّ أَتَى يَوْماً لِمَنْزِلِهَا يَشْكُو *** لَهَا الضَّعْفَ شَكْوَى المُدْنَفِ الْعَانِي(5)
قَالَتْ: فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّى أَعِيدُكَ با *** للَّهِ الْمُهَيْمِن مِنْ ضَعْفٍ وَ أَهْوَانِ
فَقَالَ: قُومِي وَ غَطِّينِي بُنَيَّةُ بِا *** الْكِسَا الْيَمَانِيِّ إِنَّ الصَّعْفَ أَضْنَانِي(6)
ص: 85
قَالَتْ: فَغَطَيْتُهُ مُذْ قَالَ لِي وَإِذَا *** ذَاكَ المُحَيّا وَ نُورُ البَدْرِ سِيَّانِ
فَمَا مَضَتْ سَاعَةٌ إلاَّ وَ قَدْ قَدِمَ *** السُبْطُ الزَّكِي إِلَى دَارِي وَ حَيَّانِي
وَ قَال: إنّي أَشُمُ الْيَوْمَ رَائِحَةَ *** الْمُخْتَارٍ جَدِّي بِلاَ زُورٍ وَ بُهْتَانِ
فَقُلْتُ هَا هُوَ ذَا تَحْتَ الْكِسَاءِ أَيَا *** سُرُورَ قَلْبِي وَ يَا رُوحِي وَ رَيْحَانِي
فَجَاءَهُ ثُمَّ حَيَّاهُ وَ قَالَ: أَلاَ *** هَلْ يَأْذَنُ الجَدُّ أَنْ أَغْدُو لَهُ ثَانِي
فَقَالَ: ادْخُلْ وَ كُنْ تَحْتَ الكِسَاءِ مَعِي *** يَا نُورَ عَيْنِي وَ يَا نَفْسِي وَ جُثْمَانِي
فَمَا مَضَتْ سَاعَةٌ مِنْ بَعْدِ ذَا وَ إِذَا *** بِالسِّبْطَ نَجْلِي غَرِيبِ الطَّفٌ وَافَانِي
فَقَالَ لِي بَعْدَ أَنْ حَيا تَحِيَّتَهُ *** مُسْتَبْشِراً جَزِلاً قَوْلاً بِإِعْلَانِ(1)
يَا أُمُّ: إِنِّي أَشُمُّ الْيَوْمَ رَائِحَةً *** لَدَيْكِ طَيِّبَةً أَوْدَتْ بِأَشْجَانِي
كَأَنَّهَا يَا بُنَةَ المُخْتَارِ رَائِحَةُ *** الجَدِّ العَطُوفِ وَ نَسْلِ الطُّهْرِ عَدْنَانِ
فَقُلْتُ هَا هُوَ ذَا وَ الْمُجْتَبَى وَلَدِي *** أَخُوكَ تَحْتَ الْكِسا السَّامِي ضَجِيعَانِ
فَجَاءَهُ ثُمَّ حَيَّاهُ وَ قَالَ لَهُ: *** هَلْ يَدْخُلَ الْيَوْمَ أَيْضاً سِبْطُكَ الثَّانِي
فَقَالَ ادْخُلْ وَ كُنْ تَحْتَ الْكِسَاءِ مَعِي *** يَا سَلْوَةَ البَضْعَةِ الزَّهرا وَ سِلْوَانِي
قَالَتْ: وَ جَاءَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى *** بَيْتِي سَرِيعا وَ حَيَّانِي وَ نَادَانِي
يَا بِنْتَ أَكْرَم مَبْعُوثٍ لأُمَّتِهِ *** وَ أَشْرَفِ الخَلْقِ مِنْ إِنْسِ وَ مِنْ جَانِ
إِنِّي أَشُمُّ لَدَيْكِ الْيَوْمَ رَائِحَةً *** الْهَادِي أَبِيكِ ابْنِ عَمِّي خَيْرِ خِلَانِ
فَقُلْتُ: هَا هُوَ ذَا تَحْتَ الكِسَاءِ مَعَ *** السِّبْطَيْنِ ابْنَيْكَ يَا حِصْنِي وَ إِحْصَانِي
فَجَاءَ نَحْوَ الْكِسَاء مُسْتَبْشِراً جَذِلاً *** مُسَلِّماً غَيْرَ كَسْلاَنٍ وَ لاَ وَانِي(2)
وَ قَالَ هَلْ يَأْذَنُ الْهَادِي الأمينُ بأَنْ *** أَكُونَ تَحْتَ الْكِسَا إِنْ كَانَ يَهْوَانِي؟
فَقَالَ ادْخُلُ أَخِي فِيهِ وَ كُنْ مَعَنا *** يَا خَيْرَ هَادٍ وَ مِطْعَام وَ مِطْعَانِ(3)
وَ جِئْتُ إِذْ دَخَلُوا فِيهِ مُسَلَّمَةً *** عَلَى النَّبِيِّ بِإِرْفَاقِ وَ إحْسَانِ
ص: 86
وَ قُلتُ: هَلْ يَأْذَنُ البَرُّ العَطُوفُ أَبي *** بأن أكونَ مَعَ السَّبْطَيْنِ سِلْوَانِي
فَقَالَ لِي مُؤذناً تَمَّ السُّرُورَ بِكِ *** فِيهِ بما أَتَمَنَّى (اللَّهُ) أَعْطَانِي
قَالَتْ فَلَمَّا اجْتَمَعْنَا فِيهِ خَمْسَتُنَا *** نَادَى الإِلهُ بِإِظْهَارِ وَ إعْلَانِ
أيَا مَلاَئِكَتِي وَ السَّاكِنِينَ مِنَ *** الغُرِّ الْكِرَام سَمَاوَاتِي وَ أَكْوَانِي
و عِزَّتِي وَ جَلالِي مَا خَلَقْتُ سَمَا *** مَبْنِيَّةَ لاَ وَ لاَأَرْضاً بِسُكَانِ
إلاَّ لِحُبِّ الْكِرَام الخَمْسِ مَنْ جُمِعُوا *** تَحْتَ الْكِسَاءِ بِهَذَا الْوَقْتِ وَ الآنِ
فَقَالَ جِبْرِيلُ: مَنْ تَحْتَ الكِسَاءِ أَيَا *** رَبَّ الْعِبَادِ وَ مَوْلَى كُلِّ سُلْطَانِ
فَقَالَ: هُمْ أَهْلُ بَيْتٍ لِلنُّبُوَّةِ بَلْ *** هُمْ مَعْدِنٌ لِرِسالاتِي وَ خُزَانِي
هُمُ فَاطِمُ الزَّهرا وَ وَالِدُها *** وَ بَعْلُهَا وَ بَنُوها آل عَدْنَانِ
فَقَالَ: فَاهْبِطُ وَ بَلْعُ لِلنَّبِيِّ أخي *** القَدْرِ الْعَلِي تَحِيَّاتِي وَ رِضْوَانِي
قَالَتْ: فَجَاءَ وَحَيَّاهُ وَ قَالَ أَلاَ *** إِنَّ (الْعَلِيَّ ) الْجَلِيل الْقَدْرِ وَ الشَّانِ
يُقرِيكَ مِنْهُ تَحِيَّاتٍ مُعَظْمَةً *** مَشْفُوعَةً بِكَرَامَاتٍ وَ إِيمَانِ
وَ إِنَّهُ مَا دَحَا أَرْضاً وَ لاَخَلَقَ *** السَّبْعَ الطَّبَاقَ بِتَشبِيدٍ وَ بُنْيَانِ
وَ لاَجَرَى أَبَداً بَحْرٌ وَ سَارَ بهِ *** فُلكٌ وَ لاضَاءَ فِي الْآفَاقِ بَدْرَانِ(1)
كَلأَ وَ لاَدَارَ فِي السَّبْعِ العُلَى فَلَكٌ *** الأَّ لأَجْلِكُمُ مِنْ غَيْرِ بُهْتَانِ
وَ قَدْ رَضِي يَا أَخِي أَنِّي أَكُونَ لَكُمْ *** تَحْتَ الكِسَا سَادِسَاً هَلْ أَنْتَ تَرْضَانِي
فَقَالَ: ادْخُلْ فَإِنِّي قَدْ رَضِيتُ بِمَا *** يَرْضَى الإِلهُ بِهِ يَا خَيْرَ إِخْوَانِي
قَالَتْ: فَقَالَ (عَلِيٌّ) لِلنَّبِيِّ: أَلاَ *** يا أَشْرَفَ الخَلْقِ مِنْ إِنسِ وَ مِنْ جَانِ
مَا فِي الجُلُوسِ لَنَا تَحْتَ الكِسَاءِ مِنَ *** الْفَضْلِ المُعَدَّ لَدَى رَبِّي وَ رَحْمَانِي
فَقَالَ: َاعْلَمُ وَمَنْ بِالْحَقِّ أَرْسَلَنِي *** ثُمَّ اصْطَفَانِي وَ أَنْبانِي وَ نَاجَانِي
مَا مَحْفِلٌ جَمَعَ الأَشْيَاعَ وَ اذْكَرُوا *** هَذَا الْحَدِيثَ بِهِ يَا خَيْرَ إِنْسَانِ
ص: 87
إلا وَ قَدْ أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ رَحْمَتَهُ *** عَلَيْهِمُ وَ جَزَاهُمْ خَيْرَ إِحْسَانِ
وَحَفَّ فِيهم إِلَى حِينِ افْتِرَاقِهِمُ *** غُرُّ المَلائِكِ مِنْ قَاصِ وَ مِنْ دَانِ(1)
وَ اسْتُغْفَرَتْ لَهُمُ عَنْ كُلِّ مَا اكْتَسَبَتْ *** أَيْدِيهِمُ وَ انْثَنَوْا عَنْهُمْ بِغُفْرَانِ
فَقَالَ وَاللَّهِ قَدْ قُرْنا وَ فَازَ بِنَا *** أَشْيَاعُنَا وَ الْعِدَى بَاتَتْ بِخُسْرَانِ
وَ قَالَ مَا اجْتَمَعَت أَشْيَاعُنَا وَ تَلَتْ *** هَذَا الْحَدِيثَ بِتَصْدِيقِ وَ إيمانِ
وَ فِيهِمُ كَانَ مَهْمُومٌ لِنَائِبَةٍ *** أَوْ فِيهِمُ كَانَ مَغْمُومٌ بِأَحْزَانِ
إلاَّ وَ فُرِّجَ عَنْهُ الْهَمُ وَ انْكَشَفَتْ *** تِلْكَ الهُمُومُ و فازَ بأمنِ رحمن
فَقَالَ (حَيْدَرَةٌ): فُرْنا وَ خَالِقُنَا *** يَوْمَ الْقِيَام وَ فِي الدُّنْيَا بِرِضْوَانِ
وَ فَازَ شِيعَتُنَا طَراً وَ قَدْ سُعِدُوا *** كَمَا سُعِدْنَا بِحُورٍ ثُمَّ وِلْدَانِ
يَا مُنْكِراً فَضْلَ أَصْحَابِ الْكِسَا سَفَهاً *** وَ رَاغِباً عَنْهُمُ مِنْ غَيْرِ رُهْبَانِ
إِنَّا عَذَرْنَاكَ تَصْدِيقاً لِسَيّدِنا *** الْهَادِي النَّبِيِّ وَ قَدْ نَادَى بِإِعْلَانِ
وَ حُرْمَةِ الْبَيْتِ وَ الهَادِي وَ عِتْرَتِهِ *** وَ تِلْكَ غَايَاتُ أَقْسَامِي وَ أَيْمَانِي
لَوْ أَجْمَعَ النَّاسُ طُرّاً فِي مَحَبَّتِهِمْ *** لَمَا طَغَا أَحَدٌ أَوْ عَالَ سَهْمَانِ(2)
ص: 88
(بحر الوافر)
عصام عباس(*)(1)
إلى الزهراءِ قَد رُفِع البَيانُ *** فَكانَ الرَّدُّ أن کُفلَ الأمانُ
فَقُلْ ما شاءَتِ الأقدارُ طُرَّاً *** مِنَ الرَّحمنِ قَد وُهِبَ الحَنانُ
فَسَّیِّدَتي بِها تُجلّى هُمومٌ *** أبوها المصطفَى بدرٌ يَبانُ
و حيدرُ بَعلُها نُورٌ تَجَلَّى *** وَ نَجلاهُ حِمى الإسلام صَانُوا
و بِضْعَتُها العقيلةُ لي مَلاذٌ *** سَيُرقِىءُ جرحَنا هذا اللِّبانُ(2)
فَأَرفَعُ دَعوَتي للَّهِ فيهِم *** وَ مِن رَبِّ العُلى كُتِبَ الضمانُ
***
بِزينِ العابدينَ رَفعْتُ كَفِّي *** دُعَاء بِالغَفيلَةِ يُسْتَعانُ
بِصِدقِ الصَّادِقِينَ دَعَوتُ رَبِي *** وَ في بَابِ الحَوائِج يُستَبَانُ
وَ بِالسُّلطانِ أُرقِئَتِ الجِراحُ *** وَ يُشري بالجوادِ شَدَا اللسانُ
وَ بِالهَادِي أزيلَ الهَمُّ كُلاً *** كَذَا بِالعَسكَرِيِّ أتَى الأمَانُ
وَ خاتَم عِترةِ الأطهارِ جُوداً *** بِقائِمِ آلِهِمْ يَصحُو الزَّمَانُ
فَهُمْ نورُ الإلهِ عَلَى البَرايَا *** وَسِيلَةَ دَعوةِ المضْطَرْ كَانُوا
بِهِمْ ضَمن الإلهُ جَوابَ دَاعٍ *** بِصِدْقٍ عَقِيدَةٍ تُعطى الحِسَانُ
ص: 89
وَ كَم مَن رَاهَنُوا في غَيرِ هذا *** فَقَدْ خَسِرُوا وَ قَدْ خَابَ الرِّهَانُ
لِذا فَادعُوا الإلة بسرِّ طه *** وَ بِالآلِ الكِرامِ فَذا يُصَانُ
وَ أرفعُ سِرَّ نَجوانَا لِحَقِّ *** وَ مِنْ رَبِّ الورى مُنِعَ الضَّمَانُ
ص: 90
(مجزوء الكامل)
عصام عباس(*)(1)
إِلَيكِ يَا أمَّ الحسَنْ *** كَتبْتُ شَوقاً وَ شَجَنْ(2)
وَ في حَنايَا خَافِقي *** شَکواي مَنْ بِهِ امتحَن
هَمٌ أَذابَ أذابَ حُشَاشَتي *** قولي لِمَنْ أَشْكُوهُ مَنْ؟(3)
فَرفَعت کَفّي طَالِباً *** وَ القلبُ مِنْ بَلْواهُ أنْ
فَهيَ الدَّواءُ لِمِحنتي *** بنتُ النَّبِيّ المؤتمنْ
بَل زوجةْ الكَرَّارِ مَنْ *** لَمْ یسجدنَّ إلي وَثَنْ
هِیَ أُمُّ سِبْطَي أحمدٍ *** أُمُّ الحُسينِ كَمَا الحسنْ
بَل أُمُّ زینبَ مَرجِعِي *** سراً حِمايَ وَ في العَلَنْ
مَن حَطَّ رَحلي عِندَها *** وَغَدَتْ مَلاذِي وَ الوَطَنْ
يَا رَبِّ سَکِّن رَوعَتي *** وَ أَزِلْ شِرارَ القوم عَنْ
دَربي فَدَربي بالنبي *** سَرَى بِصبر وَ ائتَمَنْ
بالمصطفى و المرتَضَى *** وَ الطَّيبُ مِنْ أُمِّ الحسنْ
ص: 91
(بحر الوافر)
عصام عباس(*)(1)
مَسَكْتُ بِريشَتي وَ شَدا حَنِيني *** لبنتِ المصطفَى الهادي الأمينِ
وَ غَنَّتْ رِيشَتي وَ شَدَتْ بِحُبِّ *** وَ قُلتُ لَهَا عَنِ الظُّهرِ اسْأَلِيني
فَقَالَت كَيفَ أَسأَلُ يَا رَفِيقي؟ *** فَقُلتُ هِيَ العَقِيدَةُ بَلْ يَقِيني
هي الزَّهراءُ مَنْ فِي الدَّهرِ خُصَّتْ *** بِتَطهِيرٍ بقرآنٍ مُبِينِ
فَخَطَّتْ رِيشتي ذَهَباً مُنَقَّى *** بِنورِ مُحَمَّدٍ وَ بِنُورِ ديني
فقَالَتْ أملٍ يَا مَنْ في غَرَامٍ *** تُحدثني شُعورَكَ في حَنينِ
فَقُلتُ لها ضَمِيني فَرطُ حُبّي *** لآلِ مُحمدٍ في كُلِّ حِينِ
فَحُبُّهم يُعبِّى جَوفَ قَلبي *** وَ يَسري في دَمي وَ شُعَاع عيني
فَمهلاً يَا فُؤَادِي لا تُبَالِ *** بِهَمِّ أنتَ في حِصنٍ حَصينِ
بِيَومِ وِلادَةِ الزَّهراءِ تَحلو *** تَهاني المؤمنينَ إلى الأمِينِ
وَ نَحن بأربعَاء قَد جُمِعنَا *** بِدارِ خُصِّصَتْ لِعُلومِ دِيني
بِمَجْلِسنَا يَطِيبُ نَسيمُ طه *** وَ يحضُرُ قائمُ البيتِ المتِيِنِ(2)
وَ يُدرسُ في كِتابِ اللَّهِ عِلمٌ *** يُفَسَّر ضِمن تَفسير مُبينِ
ص: 92
بِتَنْزِيلِ وَ تَرتِيبِ مُنَقَّى *** مِنَ الآفاتِ مِن سُوءِ الظُّنونِ
وَ مِن حقدٍ تَرَبَّع في قُلُوبٍ *** عَمَاهَا البُعدُ عَن فهم اليقينِ
وَ مُرشِدُهُ يَذوبُ بِحُب طه *** وَ بالزهراءِ والدةِ الحسينِ(1)
يُتابِعُ سَيرَهُ بِخُطى عَليَّ *** وصيِّ المصطفَى الهادي الأمينِ
ص: 93
(بحر الكامل)
الشيخ ملا علي آل رمضان(*)(1)
أَتَفِرُّ بَعْدَ الطَّفْ مِنْكَ عُيُونُ *** وَ بِهَا ضِيَا فَجْرِ الهُدَى مَدْفُونُ؟
بَشَرٌ بِيُمْنَاهُ جَرَى قَلَمُ القَضَا *** بِجَمِيعِ مَا هُوَ كَائِنٌ وَ يَكُونُ
فَجَرَى عَلَيْهِ بِهِ القَضَا عَنْ حِكْمَةٍ *** لِلَّهِ غَامِضُ سِرِّهَا مَكْنُونُ
فَأُصِيبَ فِي الزَّمَنِ القَدِيمِ بِفَادِحِ *** جَلَلٍ لَهُ يَوْمَ الطُّفُوفِ قَرِينُ
إلى أن قال:
وَ ابْنُ النَّبِيِّ رِدَاهُ َقَسْطَالُ الوَغَى *** فِي الطَّفْ لَمَّا حُزَّ مِنْهُ وَتِينُ(2)
بِحُسَامٍ مَنْ قَطَعَتْ يَدَاهُ أَراكةً *** مِنْهَا تُظلُّ عَلَى البَتُولِ غُصُونُ
فَكَمَا بِضَرْبِ السَّوْطِ وَ شَحَ جَنْبَهَا *** بِالخَيْلِ رُضَّتْ لِلْحُسَيْنِ مُتونُ(3)
ص: 94
وَ بِلَصٌ بَاب حِينَ أَجْهَضَ حَمْلَهَا *** بِالسَّهُم أَرْدِي لِلْحُسَيْنِ جَنِينُ(1)
وَ بِقَطْعِهِمْ أَصْلَ الأَرَاكَةِ حَيْثُ لاَ *** ظِلاً عَلَى الزَّهْرَا البَتُولِ تَكُونُ
في كَرْبَلاءَ مِنَ الحُسَيْنِ جَراءةً *** قُطِعَتْ يَسَارٌ شُرفَتْ وَ يَمِينُ
وَ كَذَلِكَ السَّجَّادُ بَعْدَأَبِيهِ مَا *** بِالأسْرِ هَلْ يَدَيْهِ وَ هُوَ حَزِينُ
إِلَّا إلا الَّذِي قَادَ الوَصِيَّ مُلَبَّباً *** وَ لِفَاطِم الزَّهْرَا وَرَاهُ حَنينُ(2)
مَضْعُوظَةً بَيْنَ الجِدَارِ وَ بَابِها *** وَ مِنَ الشَّجُونِ فُؤَادُها مَشْحُونُ
تَدْعُوهُمُ: خَلُوا ابْنَ عَمِّي قَبْلَما *** أَدْعُو وَ طَرْفِي بِالدُّمُوعَ سَخِينُ
لَمْ يُشْفِكُمْ إِسْقَاط حَمْلِي مِنْ حَشَا *** كَبِدِي وَ فِيها حُرْقَةٌ وَ شُجُونُ(3)
عَنْ أَخْدِكُمْ بَعْلِي يُقَادُ مَلیباً *** مِنْ وَسْطِ دَارِي مَا لَدَيْهِ مُعينُ(4)
فَالْيَوْمَ مِنْ نَبْكِيهِ مِنْ أَهْلِ العَبا *** وَ لَهُ تَسِيلُ مِنَ العُيُونِ شُؤُونُ
ص: 95
لِسُلالَةِ المُخْتَارِ لَمَّا وُشْحَتْ *** بِالسَّوْطِ مِنْهَا أَضْلُعٌ وَ مُتونُ(1)
أَمْ لِلْوَصِيِّ وَ قَدْ قَضَى مِنْ ضَرْبَةٍ *** بِشَبَا حُسَامٍ حَدُّهُ مَسْنُونُ؟(2)
أَمْ لِلْحُسَيْنِ المُبْتَلَى بِفَوَادِحٍ *** عَنْهَا جَمِيعُ الحَادِنَاتِ تَهُونُ؟
فَإِذَا جَرَى مِعْشَارُ ذِكْرِ مُصَابِهِ *** مِنْهَا الجِبَالُ الرَّاسِخَاتُ تَلِينُ(3)
ص: 96
(بحر الكامل)
الشيخ ملا علي آل رمضان(*)(1)
أَرْضُ المَدِينَةِ أَظْلَمَتْ أَوْطَانُهَا *** وَ تَنَكَّرَتْ لَمَّا قَضَى سُلْطَانُهَا
وَ بَكَى عَلَيْهِ المُرْسَلُونَ وَ كَيْفَ *** لَايَبْكِي لِمَنْ مِنْ سِرِّهِ بُرْهَانُها؟
وَ الأَرْضُ قَدْ عَجَّتْ عَلَيْهِ عَجَّةً *** مِنْ رَجْفَةٍ بَلَغَ السَّمَاءَ دُخانُهَا(2)
وَ عَلَيْهِ فَاطِمَةُ البَتُولَهُ أَصْبَحَتْ *** مِنْ حُزْنِهَا مُنْهَدَّةً أَرْكَانُها
تَبْكِيهِ تَحْتَ أَراكَةٍ وَدُموعُهَا *** تَجْرِي عَلَى وَجْهِ الثَّرَى مَرْجَانُهَا(3)
فَاسْتَأَصَلُوا أَصْلَ الأَرَاكَةِ خِيفَةً *** أَنَّ البَتُولَ تُظِلُّهَا أَغْصَانُهَا
فَإِذَا سَجَا جُنْحُ الدُّجَى وَ تَذَكَّرَتْ *** فِيهِ تَهَجَّدَهُ يَذُوبُ جَنانُها(4)
فَتَنُوحُ نَوْحَ الوَرْقِ مِنْ قَلْبِ بِهِ *** قَبَساتُ وَجْدِ تَصْطَلِي نِيرانُها(5)
قَدْ أَرَّقَتْ أَهْلَ المَدِينَةِ وَ اشْتَكَتْ *** عِنْدَ الوَصِيِّ المُرْتَضَى أَعْيَانُهَا(6)
يَدْعُونَهُ: يَا مَنْ أَشَادَ حِمَى الهُدَى *** وَ المُشْرِكُونَ بِهِ فَنَتْ أَوْثَاتُهَا
هذِي ابْنَةُ المُخْتَارِ فَاطِمُ بَعْدَهُ *** مِثْلُ الحَمَامَةِ لَمْ تَنَمْ أَجْفَانُها
ص: 97
إِمَّا تَنُوحُ عَشِيَّةً أَوْ عُدْوَةً *** مَهمَا اكْفَهَرَّتْ فِي الحَشا نِيرانُها
فَدَعاهُمُ خَيْرُ الوَرَىٰ وَ دُمُوعُهُ *** تَجْرِي لِذِكْرَى أَحْمَدٍ هَتَانُها(1)
يا قَوْمِ هَلْ تَدْرُونَ فَاطِمَ مِنْ عُلاَ *** تُبْدِي الحَنِينَ إِذَا بَدَتْ أَحْزَانُها؟
تَبْكِي لِوَالِدِهَا حِذَاراً بعْدَهُ *** فِي هَذِهِ الدُّنْيا يَطولُ زَمَانُها
مَهْضُومَةٌ مَا بَيْنَ شَرِّ عِصَابَةٍ *** عَانَتْ بِرقَةِ جِلْدِها سِيِطانُها
وَ بِدَارِها قَدْ أَضْرَمُوا ناراً وَرَتْ *** فَكَأَنَّ فِي قَلْبِ النَّبِيِّ لِسانُها
نارٌ قد اشتعلتْ بِمَنْزِلِ فَاطِمٍ *** قَدْ شَبَّ فَسْطَاطَ ابْنِهَا لُهْبَانُها(2)
ص: 98
(بحر الكامل)
الشيخ ملا علي آل رمضان(*)(1)
یا حَیَّ دارٍ کَثِيرَةِ الأَحْزَانِ *** بِنْتَ النَّبِيِّ المُصْطَفَى العَدْنَانِ(2)
كَمْ عَبْرَةٍ يَا دَارُ فِيكِ تَحَدَّرَتْ *** مِنْ أَعْيُنِ الزَّهْراءِ كالمَرْجَانِ(3)
حَتَّى قَدِ انْتَحَلَتْ لِطُولِ مُصابِها *** مِنْ فَقْدِ وَالِدِها عَظِيم الشَّانِ(4)
وَ عَنْ الْتِهابِ الشَّمْسِ كانَتْ تَلْتَجِي *** بِأَرَاكَةٍ مُلْتَفَّةِ الأَغْصَانِ
حَتَّى هُنالِكَ مِنْ تَمَادِي غَيْهِمْ *** قَطَعَ الأَراكَةَ ذانِكَ الرَّجُلانِ!!
دارٌ بِهَا الزَّهْراءُ طالَ حَنِينُها *** مِمَّا بِأخشاها مِنَ الأَشْجانِ(5)
ص: 99
الجزء الخامس
أَرْوَوْا بِمَرْجانِ المَدامِعِ أَرْضَها *** فِي كُلِّ وَقتٍ مِنْكُمُ وَ زَمَانِ
مُسْتَشْعِرِيْنَ بِها انْتِحابَ البَضْعَةِ *** الزَّهْرا البَتُولِ وَ حَوْلَها الحَسَنانِ(1)
الْفَرْقَدُ الأَسْنَى الزَّكِيُّ المُجْتَبَى *** وَ شَقِيقُهُ السِّبْطُ الشَّهِيدُ الثَّانِي
المُبْتَلَى فِي كَرْبَلابِفَوادِحٍ *** فِي نَفْسِهِ وَ حُماتِهِ الأَقْرانِ
نَفَرٌ وَ قَوْهُ مِنَ الرَّدَى فَاسْتُشْهِدوا *** مِنْ حَوْلِهِ فَبَقِي بِلاأَعْوَانِ(2)
وَ لَطَالَما قَدْ ضَيَّقُوا الوِدْيانَ مِنْ *** جَيْشِ العِدَى بِالْهامِ وَ الأَبْدانِ
وَ قَدِ اسْتَدارَتْ حَوْلَهُ لِقِتَالِهِ *** مِنْ آلِ حَرْبٍ أَلْفُ أَلْفِ عِنانِ
إلى أن قال:
أمِنَ المُعَنِّي البَضْعَةَ الزَّهْرَا عَلَى *** قَتْلِ الشَّهِيدِ الفَرْقَدِ الهَمَدانِي
: 100
(بحر الكامل)
الشيخ ملا علي آل رمضان(*)(1)
مَنْ جَدَّ عِرْنِينَ الْهُدَى وَ الدِّينِ *** مِنْ آلِ طهَ عِلَّةِ التَّكوينِ؟(2)
وَاجْتَتَ يُمْنَى هَاشِمٍ وَ شِمَالِهَا *** وَ آدَىٰ مِنْهُمْ كُلَّ لَيْثِ عَرِينِ(3)
مَنْ حَلَّ عَقْدَ نِظَامِ بَيْعَةِ أَحْمَدٍ *** لِوَصِيْهِ الْكَرَّارِ خَيْرِ أَمِينِ
وَ أَشَادَ أَفْنِيَةَ الضَّلالِ سَفاهَةً *** وَ اسْتَأَصَلَتْ يَدُهُ أُصولَ الدِّينِ
وَ أَنَّى إِلَى الزَّهْرا وَاجْهَضَ حَمْلَها *** سِقْطاً بِمَنْزِلِها فَنَايَاسِينِ
قَدْ لَصَّها بِالْبَابِ فَانْتَدَبَتْ أَلاَ *** يَا فِضَّةٌ قُومِي إِلَيَّ خُذِينِي(4)
قَتَلُوا جَنِينِي فِي الحَشَا يَا وَيْلَهُمْ *** لَمَا بِعَرْضِ الْبَابِ قَدْ عَصَرُونِي
أَوَ لَيْسَ قَالَ مُحَمَّدُ الْمُخْتَارُ: مَنْ *** آذى البتول سُلالَتِي يُؤْذِينِي(5)
وَ الْيَوْمُ قَدْ هَجَمُوا عَلَيَّ وَ أَخْرَجُوا *** بَعْلِي عَلِيّاً بَعْدَ مَا ضَرَبُونِي
فَلأَشْكِيَنَّ إِلَى الْجَلِيلِ بَلِيَّتِي *** وَ أَبُثُ دَمْعاً مِنْ جُفُونِ عُيُونِي
مَا كَانَ نَاقَةُ صَالِحٍ مِثْلِي وَ لَا *** فِي الْفَضْلِ كَانَ فَصِيلُهَا كَجَنِينِي
ص: 102
وَ أَنا ابْنَةُ الْمُخْتَارِ فَاطِمُ دُرَّةٌ *** قُدْسِيَّةٌ مِنْ جَوْهَرِ مَكْنُونِ
فَقَضَتْ وَ آثارُ السَّيَاطِ بِظَهْرِهَا *** وَ بِجَنْبِها حُزْنِي لَهَا وَ حَنِينِي(1)
ص: 103
(32) غصب الزهراء علیها السلام
(بحر الخفيف)
علي بن علي بن نما الحلي(*)(1)
يا غَزالاً غَازَلْتُ فِيهِ غَرَامِي *** فَأَبَى أَنْ يَدِينَ لِي أَوْ يَلِينِي
لا وَمَا رَقَ مِنْ مُدَامَةِ خَدَّيكَ *** وَ ماءٍ أُرِيقُهُ مِنْ جُفُونِي
وَ عَذَابِ يَحْمِلْنَ ظُلْمَكَ حَمْلِي *** لِعَذَابِ ظُلماً بِهِ تَبْتَلِينِي
منها في مدح علي بن أبي طالب «رضي الله عنه»:
أصِفُ السَّيِّدَ الَّذِي يَعْجَزُ الوا *** صِفُ عَنْ عَدْ فَضْلِهِ فِي السِّنِينِ
خَاصِفَ النَّعْلِ خَائِضَ الحربِ فِي بَدْرٍ *** وَ أُحْدٍ وَ الفَتْحِ حَوْضَ السَّفِينِ(2)
ذا القَضَايَا الَّتِي بِهَا حَصَلَ التَّمْيِيزُ *** بَيْنَ المَفْرُوضِ وَ المَسْنُونِ
سَلْ بَراةً عَمّنْ تَوَلَّتْ وَ أَفكرْ *** إِنْ طَلَبْتَ النَّجَاةَ فِكْرَ ضَنِينِ
أيُوَلَّى على البَرِيَّةِ مَنْ ليسَ *** عَلَى حَمْلِ سُورَةٍ بِأَمِينِ؟
إِنَّ فِي مَرْحَبٍ وَ خَيْبَرَ وَ البابِ *** بلاغاً لِكُلِّ عَقْلٍ رَصِينِ
وَ رُجُوعُ التَّيْمِي أَخْيَبَ بِالرّايَةِ *** كَفَّاً مِنْ صَفْقَةِ المَغْبُونِ
ص: 104
أَلِشَكُ مِنْ شَوْكَةِ الحَرْبِ حَادُّوا *** يَوْمَ أُحُدٍ أَمْ خِيفَةً لِلْمَنُونِ؟!
وَ أَرَى الحَالَتَيْنِ تُوجِبُ للإبْطالِ *** إِبْطالِ ما ادَّعَى مِنْ فُتُونِ
وَ كَفَىٰ فَتْحُ مَكَةٍ لِمَنِ اسْتَيْقَظَ *** أَوْ نَالَ رُشْدَهُ بَعْدَ حِينِ حِينَ
حِینَ وَلَّى النَّبِيُّ رَايَتَهُ سَعْدَ *** المُفَدَّى مِنْ قَوْمِهِ بِالعُيُونِ
فَشَجَاهُ الأَعْسَى عَلَيْهِم وَ *** للأوسِيِّ شِعبٌ مِنْ قَلْبِهِ غَيْرُ دُونِ
فَرَأَى أَنَّ عَزلَهُ بِعَلِيَّ *** هُوَ أَحْمَىٰ لِمَجْدِهِ مِنْ أُفُونِ(1)
عَجَبُ البَيْتِ إِذْ رَقَتْ قَدَماهُ *** كَتِفاً جَلَّ عَنْ يَدَيْ جِبْرِينِ(2)
رُتْبَةٌ لَوْ سَما سِوَاهُ إِلَيْها *** قَابَلَتْهُ الأَصْنامُ مِنْ غَيْرِ هُونِ
ثُمَّ قَالَتْ: أَتَكْسِرُونِيَ يا قَوْمِ *** وَ بِالأَمْسِ كُنْتُمُ تَعْبُدُونِي؟
وَ إِذَا مَا عَدَدْتَ سَبْقَ ذَوِي الهجرَةِ *** يَوْماً هِجَانِهِمْ وَ الهَجِينِ(3)
شَرِكَتْ لَيْلَةُ الفِرَاشِ بِفَضْلِ *** الكُلِّ شَتَّ النَّوَى بِحَيِّ قَطِينِ
وَ اشْرَحُوا القَلْبَ فِي أَسَامَةَ إِذَ *** أَبْطَلَ تَسْرِيحَ جَيْشِهِ وَ سُمُونِي
حيْثُ لاَيُمْكِنُ الوُثُوبُ أخو العَذْلِ *** وَ لاَعَادِلٌ أخو التَّمْكِينِ
إنَّ غَضبَ الزَّهْراءِ إِرْثَ أَبِيهَا *** وَ اذْكَارُ ارْتِجَاعِها بَعْدَ حِينِ(4)
لفَظِيعٌ لَمْ يَحْفَقُوا فِيهِ إِلاَّ *** لِلنَّبِيِّ الهَادِي وَ لاَ إِلَّ دينِ
يا لَهَا مِنْ فَرِيسَةٍ أَنْقَذَتْها *** بَعْدَ بُطْءٍ فَرَاسَةُ المَيْمُونِ
ص: 105
منها:
سَيْفَ صِدْقٍ لَمْ يَأْلُ فِي اللَّهِ جَهْداً *** بِجِهَادٍ مَسْتَحْقَبِ لِلضُّعُونِ(1)
فَاقْتِضاهُ يَوْمِ السَّقِيفَةِ مَا اسْتَسْلَفَ *** فِي بَدْرٍ سَيفَهُ مِنْ دُيُونِ
إحَنٌ أعْجَزَتْهُمُ أَنْ يَلُوها *** وَ هْيَ مِنْ طَيْ كُفْرِهِمْ فِي كَمِينِ(2)
ص: 106
(بحر الكامل)
السيد عمران المير
ذِكْرَاكِ يا بنتَ الأمينِ *** تَحْيَا عَلَى مَرُ السِّنِينِ
ذِكْرَاكِ أضْحَتْ شُعْلَةً *** وَضَاءَةً فَوْقَ الجَبِینِ
يا بِنْتَ الرِّسَالَةِ *** أَصْبَحَتْ نَبْعَ المَعِينِ(1)
یابِنت طة أَحْمَدٍ *** وَ أُمَّ أَشْبال العَرينِ(2)
ها قَدْ أَيثُكِ لَوْعَةً *** مِنْ قَلْبِي الواهِي الحَزِينِ
مَاذَا أَقُولُ وَ هَلْ سَتُجْدِي *** قَوْلَتِي نَفْعاً لِحِينِ؟
خَدَعُوا فَتاةَ العَصْرِ فِي *** أَسْلُو بِهِمْ ذَاكَ المُهِینِ
لَعِبُوا عَلَى عَقْلِ الفَتَاةِ *** نَصَبُوا لَهَا شَرَّ الکَمِینِ
قَدْ تَاجَرُوا بِعَفَافِها *** وَ أَصْبَحَتْ صِفْرَ اليَدَيْنِ
قَالُوا لَهَا إِنَّ التَّحَرُّرَ *** مِنْ ياءٍ خَيْرُ دِينِ
قَالُوالَهَا طَرْحُ الحِجَابِ *** تَقَدُّمٌ فِي العَالَمِینِ
هيّا اطْرَحِيهِ فَإِنَّكِ *** فِيهِ السَّجِينَةُ فِي سَجِينِ
قَالُوا لَها نُورِي عَلَى *** زَوْجِ لَكِ شَرِّ القَرِينِ(3)
ص: 107
قَالُوا لَهَا ثُورِي عَلَيْهِ *** وَ حَطْمِي غُلَّ اليَ الَيَدْينِ(1)
قُولِي لَهُ أَنَا حُرَّةٌ *** إِنْ شِئْتَ أُخْرُجْ يا قَرِينِي
إِنْي أُرِيدُ حَيَاةَ بِنْتِ *** الغَرْبِ فِي كُلِّ الشُّؤُونِ
خَطُّ... البَتُولَةِ وَاضِحٌ *** لاَلِلْيَسَارِ وَ لاَاليَمِينِ(2)
لا..لاتَكُونِي سِلْعَةً *** تُشْرَى الأَصْحَابِ المُجُونِ(3)
کُونِي مُرَبِّيَةٌ لِجِيلٍ *** شَاءَ رَبِّي أَنْ تَکُونِي
قُولِي سَأَحْمِلُ مَبْدَئِي *** حَتَّى وَ لَوْ قَطَعُوا يَمِينِي
لا لَنْ أَكُونَ بضَاعَةً *** جُلِبَتْ لِهَزِّ لِلْمُتُونِ
إِنِّي سَأَسْلُكُ دَرْبَ بَضْعَةِ *** أَحْمَدَ الهَادِي الأَمِ الأمِينِ
فَهِيَ الشَّفِيعَةُ يَوْمَ لا *** نَفْعٌ لِمَالٍ أَوْ بَنِینِ(4)
شَهِدَ الإِلهُ بِطُهْرِها *** فِي مُحْكَم الآي المُبِينِ(5)
صَلَّي عَلَيْهَا اللَّهُ ما *** غَنَّتْ طيورٌ فِي غُصُونِ
ص: 108
(بحر الخفيف)
الأستاذ فرات الأسدي(*)(1)
قمرٌ يشعُّ بهاءً حزينُ *** ملأ الليلَ وجهه المفتونُ
و تدانی فشفَّه خجل الأرض، *** و قد نمَّ طرفُها المرهونُ
لیتَها بالهوى تبوحُ إليه *** فيُناجى طيفٌ و تُروى شجونُ
كم أسرَّت جوّى يُلحُّ عليها *** و أذاع الأسرار حبُّ مكينُ
***
ضمّنَتْه الشكاةُ للألق المخضلِّ *** فيه أديمُها، و السنينُ
و لقاء سمعت إليه و طافتْ *** كل شوط حتى أضاء اليقينُ
طورُها مهدُ فاطم أين منه *** في التجلّي حراءُ أو سينينُ!
***
يا بنةَ النور، و العوالم جاءت *** كيف شاءت: تكونُ أو لاتكونُ
***
ص: 109
و بأفلاكها مداراتُ هذا *** الكون صلّتْ، و سبّح التكوينُ
أُنظرينا فنحنُ رهطُ مواليك *** و ما ضيَّعَ اليسار يمينُ
لك ودٌ مخضوضر بدمانا *** أنت فيه، و التينُ و الزيتونُ
جذره القلبُ والحنايا غصونُ *** و له من تُراب خطوك طينُ
رفِّ لم يختلفْ لديه و تينُ *** أو أطاحت بنبضه سکَینُ
بل مضى، يمنحُ المفاداةَ عمراً *** علويّاً، شهيدهُ و السجينُ!
***
قمرٌ شاحبُ... و دربٌ حزينُ *** و المدى في حداده مركونُ
... المدى شائه المسافة يهوي *** دونه الليل و السُرى و العيونُ
عثر النجم فيه وارتدَّ ركبٌ *** أسلمته إلى خطاه الظنونُ
فإذا التيهُ رايةٌ و الخطايا *** جندها، و الحداةُ صوتٌ هجينُ
***
وإذا غايةُ المسيرة أن يشدَّ *** رهجُ، وأن تُساق مُتونُ!
***
لُعنَ الغدرُ أيُّ نصر ذليلٍ *** راح يجنيه حدُّهُ المسنونُ
أيُّ ذكرى منسيّة لبريق *** كان في الفتح يلتظي و يبينُ
حسبُه اليوم غمدُهُ و غبارٌ *** صدىءٌ باردٌ عليه يَرينُ!
***
خُيلاء السيوف تملأُ عطفَيه *** ادّعاءً... وَ يشمخ العرنينُ
ثمَّ لا شيءَ غير عزم دعيِ *** هو في زحمة العزائم دُونُ
إيه يا أُمّة السقيفة هلاً *** رفَّ جفنٌ... هلّا تندّى جبينُ
ص: 110
ما نفضت الأكفَّ من تربِ طه *** بعد حتى استفاق حقدٌ دفينُ
و صدورٌ موغرةً و غضونُ *** في وجوهِ يؤودهُنَّ مجونُ
ما توضّأنَ بالغدير ولكن *** غار تحت الجلود جدبٌ ضنينُ
هل تراها تطيقُ طهرَ عليّ *** و هو يشذى بمائه النسرينُ
***
أم تراها تجلُّ فاطمة *** الزهراء، و الحق حلفْها و الدينُ
و هُداها القرآن و الدمع إلفُ *** و صلاةٌ محزونةٌ... و حنينُ
***
و أطاحت بالأزهر الفاطميّ *** المجد، و انصاع تحتَها يستكينُ
وإلى الآن لم تزل ورؤاها *** ينسَلُ الوهمُ بينها و الهونُ!
و الغريُّ الذي بها راح يصلى *** و البقيعُ الذي بها مطعونُ
و غداً يثقلُ الحسابُ عليها *** كم يُؤدّى غرمٌ، و تُوفى ديونُ؟
فوراء الغيوبِ اللَّه أمرٌ *** و لخيل المهديّ شوطُ يحينُ!
ص: 111
(بحر الكامل)
الشيخ كاظم بن المطر الأحسائي(*)(1)
لَوْ كُنْتَ تَدْرِي مَاشُجُونِي *** مَا لُمْتَ ذَا الطَّرْفِ الهَتُونِ(2)
وَ لَمّا عَذَلْتَ أَخَا جَوّى *** مِثْلِي عَلَى فَرْطِ الأنِيْنِ(3)
دَعْ يا خَلِيَّ الْقَلْبِ ما *** فِي القَلْبِ مِنْ دَاءٍ دَفِينِ
دَعْ طَرَفي الْمَقْرُوحِ دَعْ *** جِسْمِي المُذَابَ مِنَ الحَنِينِ
وَ هْلاً مَعِي إِنْ كُنْتَ مِمَّنْ *** دِينُهُمْ هُمْ فِي الحُبِّ دِينِي
أَوْلا فَقُمْ لاراشِداً *** فَاللَّوْمُ إِغْرَاءُ الْحَزِينِ
لاتَحْسَبَني ها زِلاً *** کَلاَ فما هُوَ مِنْ شُؤُونِي
لاتَعْجَبَنَّ فَفَوْقَ وُ سْعِي *** ماعرانِي مِنْ شُجُونِي
فِي الْحُزْنِ ما أَنَا مَفْرَدٌ *** وَ لَكُمْ بِهِ لِي مِنْ قَرِينِ
كَمْ وَالهِ مِثْلِي مَضَى *** فيما يَمُرُّ مِنَ السِّنِينِ
مُتَسَرْ بِلا لِلْحَشْرِ مِنْ *** فَرْطِ الأَسَى سِرْبالَ جُونِ(4)
لمُصَابِ سَيِّدَةِ النِّسَاء *** وَ رَبَّةِ الخِدْرِ الْمَصُونِ
بَقِيَتْ وَ يَا لَهْفِي عَلَيْهَا *** بَعْدَ وَالِدِها الأَمِينِ
مَا بَيْنَ كُلِّ مُنَافِقِ *** أَوْظَالِمِ رِجْسٍ لَعِینِ
ص: 112
خَانُوا النَّبِيَّ بِهَا وَكَمْ *** أَوْصَى فَوَيْلٌ لِلْخَؤُونِ
وَ ضَئِيلُهُمْ أَرْقَوْهُ مِنْبَرَ *** أَحْمَد بَدَل البطینِ(1)
یَا وَيْلَهُمْ إِذْ يَعْدِلُونَ *** إِلَى الْغَبِيِّ عَنِ الطَّبِينِ(2)
وَ الحُرَّةُ الزَّهْرَاءُ بَضْعَتُهُ *** أَرَوْها كُلَّ هُونِ(3)
مَنَعُوا عَلَيْهِ بُكَاءَهَا *** وَ اسْتَأْصَلُوا ذَاتَ الْغُصُونِ(4)
وَ تُرَاثُها اغْتَصَبُوهُ حَتَّى *** أَصْبَحَتْ صِفْرَ الْيَمِينِ
وَ أَمَضُّ خَطْبٍ مُقرِحٍ *** لِلْقَلْبِ أَنْ ذَوِي الضُّغُونِ
هَجَمُوا عَلَى الدَّارِ الَّتِي *** هِيَ مَهْبِطُ الْوَحْيِ الأَمِينِ
وَ الحُرْمَةُ الكُبْرَى اسْتَباحُوها *** مِنَ الخِدْرِ المَصُونِ
وَ الطّهْرُ ظُلماً ضِلْعَها *** كَسَرُوا فَعَجَّتْ بِالرَّنِينِ(5)
ص: 113
وَ دَعَتْ بِفِضَّةِ عَجِّلِي *** قَدْ مَاتَ فِي بَطْنِي جَنِينِي(1)
وَ تَرَفَّقِي بِي وَيَكَ فَالْمِسْمارُ *** فِي الجنبِ الْيَمِينِ(2)
والْقَوْمُ مَا انْعَطَفُوا بَلَى *** عَطَفُوا عَلَى الْحِلْمِ الرَّزِينِ
وَ اسْتَخْرَجُوهُ مُلَبَّباً *** وَ هُوَ الهِزَبْرُ مِنَ الْعَرِينِ(3)
فَأَعْجَبْ لِحَبْلِ أَسْوَدٍ *** يَلْوِي عَلَى الْحَبْلِ المَتِينِ(4)
لانَاصِراً إِذْ يَسْتَغِيثُ *** وَ مَا هُنَالِكَ مِنْ مُعِينِ(5)
إِلاَّ الَّتِي خَرَجَتْ تُعَثُرُ *** بِالذُّبُولِ مِنَ الشُّجُونِ(6)
ص: 114
تَعْدُو وَ تَدْعُو خَلْفَهُمْ *** وَ نَصِيحُ بِالصَّوْتِ الْحَزِينِ(1)
خلّوا ابْنَ عَمِّي لا أُطِيقُ *** فِرَاقَهُ أَوْ تَقْتُلُونِي(2)
ص: 115
(بحر الكامل)
الشيخ كاظم بن المطر الأحسائي(*)(1)
بُعْداً لِقَوْمٍ بَعْدَ فَقَدِ المُرْشِدِ *** ضَلُّوا فَمَا فِيهِمْ تَرَى مِنْ مُرْشِدِ
تَرَكُوا الْوَصِيَّ وَ آزروا تَيْماً عَدِي *** أَلْوَائِبِينَ لِظلم آلِ مُحَمَّدِ(2)
وَ مُحَمَّدٌ مُلقى بِلاتَكْفِينِ
***
نَبَذُو الْكِتَابَ وَ مَا بِهِ قَدْبُيْنَا *** وَ وَصِيَّةٌ طَعَ بِهَا قَدْ أَعْلَنا
بَلْ فِي ذَوِي الْقُرْبى اقْتَدَوْا بِبَنِي الْخِنا *** وَ القَائِلِينَ لِفَاطِمِ آذَيْنِنا
فِي طُولِ نَوْحٍ دَائِمٍ وَ حَنِینِ
***
فَتَرَى تَقِيَّهُمُ وَ مَا فِيهِمْ تَقِي *** عَنْ ظُلم آلِ نَبِيِّهِ لايَتَّقِي
فَغَدا بِمَنْ هَضم الْبَتُولَ سَيَلْتَقِي *** وَ الْقَاطِعِينَ أَراكةً كي ما تقيلَ(3)
ص: 116
بِظِلِّ َأوْرَاقٍ لَهَا وَ غُصُونِ
فَكُرُ وَ جَانِبُ كُلَّ ذِي طَرْفِ قَذِي *** مَا فِي الأُلَى لِلْحَقِّ غَيْرِ المُنْبَذِ(1)
وَ أَعْجَبْ لَهُمْ وَ لِخَالِدٍ وَ لِقُنْفُذِ *** وَ مُجَمِّعي خطباً عَلَى الْبَيْتِ الَّذِي(2)
لَمْ يَجْتَمِعْ لَوْلاهُ شَمْلُ الدِّينِ
***
مَا كَانَ أَجْسَرَ أُمَّةً يَا لَيْتَها *** فَنِيَتْ وَ مَا سَبَقَ الْحَرُونُ كُمَيْتَها(3)
کَيْفَ اصْطَبَرْتَ عَلَيَّ يَوْمَ رَأَيْتَها *** وَ الدَّاخِلِينَ عَلَى الْبَتُولَةِ بَيْتَها
وَ المُسْقِطِينَ لَها أَعَزَّ جَنِينِ؟(4)
***
نَادَتْ أَذِكْرُ أَبِي عَلَى أَعْوَادِهِ *** يُتْلَى وَ يُكْسَرُ ضِلْعُ ذَاتِ وِدَادِهِ؟
لَيْتَ النَّبِيَّ يَرَى انْقِلَابَ بِلادِهِ *** وَ الْقَائِدِينَ إمَامَهُمْ بِنجَادِهِ
وَ الطُّهرُ تَدْعُو خَلْفَهُمْ بِرَنِينِ
***
ص: 117
لَهَفِي لِفَاطِمَ حِينَ قَادُوا الأَنْزَعا *** مِنْ خَلْفِهِمْ تَعْدُو وَ تُدْرِي الأَدْمُعا
وَ تَصِيحُ وَيْلَكُمُ وَ كُلُّهُمْ وَعَى *** خَلُوا ابْنَ عَمِّي أَوْ لأَكْشِفَ بِالدُّعا
رَأْسِي وَ أَشْكُو لِلإِلَهِ شُجُونِي
***
لاصَبْرَ لاِمْرَأَةِ يُقَادُ كَفِيلُها *** قَسْراً لِقَوْم مَا اسْتَبَانَ جَمِيلُها
نَادَتْ وَ أَعْيُنُها هُنَاكَ تُجِيلُها *** مَا كَانَ نَاقَةُ صَالِحِ وَ فَصِيلُها
بِالفَضْلٍ عَنْدَ اللَّهِ إِلا دُونِي
***
هَمَّتْ بِرَفع قناعِهَا وَ لِعِلَّةٍ *** رَحِمَتْ طَعَاماً ما ارْعَوْوا عَنْ ضِلَّةٍ(1)
ثُمَّ انْتَنَتْ عَنْهُمْ بِشَكْوى ذِلَّةٍ *** وَ رَنَتْ إِلَى القَبْرِ الشَّرِيفِ بِمُقلةٍ
عبْرَى وَ قَلب مُكْمَدٍ مَحْزُونِ
***
عَجَّتْ بِوَالِدِها لِشِدَّةِ كَرْبِها *** نَشَجَتْ فَأَشْجَتْ مَنْ غَدا فِي قُرْبِهَا(2)
نَدَبَتْ فَصَدَّعَتِ الْجِبَالَ بِنَدْبِهَا *** قَالَتْ وَ أَظْفَارُ المُصَابِ بِقَلْبِها
أبتاهُ قَلَّ عَلَى العُدَاةِ مُعِينِي
***
أَبَتاهُ شَخْصُك مُذْ تَغَيَّبَ ظِلُّهُ *** أَبَتَاهُ جَمْعِي قَدْ تَبَدَّدَ شَمْلُهُ
أَبَتَاهُ لِي نَيْمٌ تَظَاهَرَ غِلُّهُ *** أَبَتَاهُ هَذَا السَّامِرِيُّ وَ عِجْلُهُ
تبعاً وَ مَالَ النَّاسُ عَنْ هَارُونِ
***
ص: 118
خَلَّفْتَنِي مَا بَيْنَ أَظْهُرِ حُسَّدِي *** دَأْبِي الْبُكَاءُ فَعَبْرَتِي لَمْ تَنْفَدِ
وَ لِكَثرَةِ الأَرْزَاءِ لَمَّا أَهْتَدِي *** أَيُّ الرِّزايا أَتَقّى بتَجَلُّدِ؟
هُوَ بِالنَّوَائِبِ مُذْحَیِيتُ قَرِينِي
***
حُمَلْتُ هَمّاً لَوْ تَحَمَّلَ شِقَّهُ *** رَضْوَى لَذَابَ ضَنَى وَ أَعْجَزَ طَوْقَهُ(1)
كَمْ ذا أُعانِي مِنْ أَسى لاأَفْقَهُ *** فَقْدِي أَبِي أَمْ غَصْبُ بَعْلِي حَقَّهُ
أَمْ كَسْرُ ضِلْعِي أَمْ سُقُوطُ جَنِينِي
***
أَمْ رَوْعَتِي يَوْمَ الْهُجُومِ وَ ذِلَّتِي *** مَا بَيْنَهُمْ أَمْ قَوْدُ كَافِلِ عَيْلَتِي(2)
أمْ مَنْعُهُمْ نَوْحِي عَلَيْكَ وَ عَوْلَتِي *** أَمْ أَخْذُهُمْ أَرْضِي وَ فَاضِلُ نِحْلَتِي
أمْ جَهْلَهُمْ قَدْرِي وَ قَدْ عَرَفُونِي(3)
ص: 119
(بحر الرمل)
السيد محمد جواد فضل اللَّه(*)(1)
يا بْنَةَ الطُّهْرِ وَ مَا أَرْوَعَهَا *** ذِكَرُ مِنْكِ تَزينُ المِهْرَ جانا
أَنْتِ تَارِيخُ رِسَالَاتٍ بِهَا *** يُشْرِقُ الواقِعُ مَجْداً وَ كِيَانا
عِزَّةُ الإِيمانِ فِي دَعْوَتِهَا *** شِرْعَةٌ مِنْهَا هُدَى اللَّهِ اسْتَبانا
قَدْ حَمَلْناها وَ إِنْ أَزْرَىٰ بِنا *** شَانِيءٌ يَرْعَفُ حِقْداً وَ لَحانا(2)
فَهْيَ مِنّا رَعْشَةٌ فِي دَمِنا *** وَ هُيَ فِينَا خَفْقَةٌ تُحْيِي الجَنانا
دَوْحَةٌ مِنْ أَحْمَدٍ مَطلَعُها *** بَاسِقٌ أَعْظِمْ بِهِ مَجْداً مُصانا
حَسْبُها أَنَّ رِضاهُ مَدَدٌ *** مِنْ رِضاها... وَ رِضاها مُبْتَغانا
***
إِنَّهَا ذِكْرَى انْفِتَاحِ لِلسُّرَى *** وَ انْطِلَاقِ لِلذَّرَىٰ يُغْرِي سُرَانا
دَعْوَةُ الحَقِّ عَلَى صَفْحَتِهَا *** أَحْرُفٌ عُلْوِيَّةٌ خَطَّتْ عُلَانا
يُشْرِقُ الإِيمَانُ فِيها أَمَلاً *** بَاسِماً يَحْتَضِنُ الرُّوحَ احْتِضانا
فَتَعُودُ الأَنْفُسُ الحَيْرَىٰ بِهِ *** حَيَّةٌ تُورِقُ بِالنُّعَمَى حَنانا
وَ عَبِيرُ الخَيْرِ يُذْكِي حِسَّها *** بِعَطَايَاهُ فَتَحْوِيهِ افْتِتانا
لَوْ وَعيْنَا رَوحَهُ لانْصَهَرَتْ *** لِمُنَانَا هَذِهِ الأَرْضُ جِنانا
ص: 120
وَ لَكُنَّا غَيْرَ مَا نَحْنُ بِهِ *** قَلَقٌ يُلْهِبُ بالشَّكْوَى نِدَانا
وَ صُداعٌ مُثْقَلٌ يَحْفِرُهُ *** مَطْمَعٌ غِرٌّ كَمَا شَاءَ هَوَانا
وَ انْفِلاتٌ مِنْ مَقَابِيسَ صَفَتْ *** نُظماً تَزرَعُ فِي الدَّرْبِ هُدانا
وَ انْصِهَارٌ بِمُيُولٍ مَزَّقَتْ *** بِالأَباطِيلِ عَلَى الدَّرْبِ إِخانا
يَا لَذُلٍّ الفِكْرِ أَنْ تَسْحَقَهُ *** صَرْعَةُ التَّجْدِيدِ مِنْ وَحْيِ عِدانا
قَدْ حَمَلْنَا العِبْءَ مِنْ الاَمِهَا *** وَ مَشَيْنا يَلْحَسُ الشَّوْكُ خُطَانا
تُثْقِلُ المِحْنَةُ مِنّا مَطْمَحاً *** لِلسَّرَى أَغْنَى بِهِ المَجْدُ وَزَانا
قَدْ شَرِبْنَاها كُؤُوساً أُتْرِعَتْ *** عَلْقَماً وَ اللَّيْلُ غَافٍ فِي ذرانا(1)
وَ أَفَقْنَا وَ الشَّجا يَسْحَقُنَا *** نَرْقَبُ الأطْلَالَ ذُلاً وَ هَوانا
ها هُوَ المَجْدُ الَّذِي عِشْنَا لَهُ *** عَادَ شِلُوا فِي يَدِ الغَازِي مُهَانا(2)
***
يَا لِذُلِّ المَجْدِ أَنْ تَحْرُسَهُ *** أَعْیُنٌ تَعْشَىٰ إِذَا مَا الصُّبْحُ بانا(3)
يَظْمَأُ النُّورُ عَلَى أَحْدَاقِهَا *** وَ الضُّحَى يَخْطُرُ زَهُواً فِي سَمَانا(4)
تَحْسَبُ اللَّيْلَ صَبَاحاً مُشرِقاً *** وَ هيَ لاتَعْرِفُ لِلصُّبْحِ مَكَانا
وَ السَّرَابَ الجَدْبَ وِرْداً مَائِجاً *** كَذِبُ الأَحْلامِ فِيهِ يَتَدَانَی(5)
ص: 121
وَ المَدَى صَحْواً لِيحْلُو صَفْوُهَا *** وَ هُوَ بِالإِعْصَارِ يَرْبَدُ احْتِقانا(1)
سَوْفَ يَصْحُو المَجْدُ مِنْ غَفْوَتِهِ *** وَ يَعُودُ الفَتْحُ زَهْواً فِي حِمَانا
وَ يُصَادُ الذِّئبُ فِي مَكْمَنِهِ *** بَعْدَ أَنْ شَلَّ عَلَى الدَّرْبِ الأَمَانَا
لِيَعُودَ الصَّحْرُ ضَاحِ فِي المَدَى *** يَمْسَحُ الجُرحَ وَيُرْوَى مِنْ ظَمانا
***
لانَعِي إِلا الصَّدَى مِنْ أَمْسِنَا *** سَاخِراً يَخْنُقُ بِالجُلَّى صَدانا
عَيْبُنَا أَنَّا عَلَى الدَّرْبِ إِذَا *** غَرَّبَ الحادي فَغَربي هَوانا
وَ إِذَا شَرَّقَ فَالشَّرْقُ لَنَا *** مَطْلَعٌ يَعْمُرُ بِالنُّورِ رُبانا
عَاطِفِيُّونَ فَأَنَّى الْتَفَتَتْ *** وُجْهَةُ السَّادِرِ تُسْدِيهِ العِنَانا(2)
نَحْسَبُ الصَّرْخَةَ مِنْ أَشْدَاقِهِ *** مُنْقِذاً مِنْ سَرَفِ الجُلَّى أَتانا(3)
وَ یَرِفُّ الفَتحُ فِي أَجْفَانِنَا *** حُلُماً تَرْشِفُ نُعْمَاهُ دُنَانا
وَ ليَمُتُ أمْسِ وَ يَحْيَا لِغَدٍ *** مَطلَعٌ يُرْكِزُ فِي الشَّمْسِ لِوانا
سَوْفَ نَسْقِي الأَرْضَ مِنْ أَشْلَائِهِمْ *** سَوْفَ لَنْ يَحْتَضِنَ الفَتْحَ سِوَانا
وَ هُنَا تَنْفَجِرُ السَّاحُ بِنَا *** وَ إِذَا نَحْنُ كَمَا كُنَّا وَكَانَا
***
يا أُسَاةَ الجُرْحِ إِنَّا هُهُنا *** لَمْ يَزَلْ يَرْعُتُ بِالبَلْوَى حِمَانا
قَدْ طَوَيْناها سِنِيناً حُمِّلَتْ *** بِالمَآسِي وَالَّذِي كَانَ كَفَانا
فَلْيَكُنْ مَاضِي أَسانا عِبْرَةً *** تَبْلُغُ الغَايَةَ فِيهَا بِسرانا
خَرِّ ما قُلْنَا وَمَا قَالُوا فَقَدْ *** مَلّتِ الأَسْمَاءُ مِنَا الهَدْيَانا
ص: 122
وَ ارْمُقِ الوَاقِعَ يَا رَائِدَهُ *** كَيْفَ شَقَّتْ بِالصَّلاَلَاتِ عَصَانا؟
وَ عَرَى الأُمَّةَ مَنْ فَرَّقَها *** فَتَلاشَى عَزْمُهَا الصَّلْدُ وَهَانَا(1)
إِنَّها الرِّدَّةُ شَلَّتْ عَزْمَها *** وَ أَبَادَتْ بِالأَعَاصِيرِ قِوَانا
كُلُّ حِزْبٍ فِي المَدَى مَمْلَكَةٌ *** عِلْمُهَا أَنْ تَسْتَحِلَّ الصَّوْ لَجَانا(2)
هذِهِ الصَّرْعَةُ فِي وَاقِعِنا *** كُمْ شَكا الحُرُّ مَآسِيها وَ عَانَي
السُّجُونُ السُّودُ يَا لَوْعَتَها *** ظُلَم تَصْطَلُّ رُعْباً بِأسانا
***
وَإِذَا شِئنَاهُ نَصْراً شَافِياً *** مِنْ لِظَى الجُرْح وَإِنْ عَزَّ شِفانا
فَإِلَى الإِسْلاَم يَا قَادَتَنَا *** فَهْوَ لِلدَّاءِكَمَا كَانَ دَوَانا(3)
ص: 123
(بحر المتقارب)
الشيخ محمد حسن الجواهر(*)(1)
أبَا صَالِحٍ كَلَّتِ الأَلسُنُ *** وَ قَدْ شَخَصَتْ نَحْوَكَ الأَعْيُنُ
نَعُجُّ إِلَيْكَ وَ أَنْتَ العَلِيمُ *** فِيمَا نُسِرُّ وَ مَا نُعْلِنُ(2)
أَتُغْضِي وَ قَدْ عَزَّ أَنْفُ الضَّلاَلِ *** وَ أَنْفُ الرَّشَادِ لَهُ مُذْعِنُ(3)
وَ يَمْلِكُ أَمْرَ الهُدَى كَافِرٌ *** فَيَغْدُو وَ فِي حُكْمِهِ المُؤْمِنُ
وَ أَهْلُ التُّقَى لَمْ تَجِدْ مَأْمَناً *** وَ أَهْلُ الشَّقا ضَمَّها المَأْمَنُ
ص: 124
فَهَذِي الْبَقِيَّةُ مِنْ مَعْشَرٍ *** قَدِيماً لَكُمْ بَغْيَهُمْ أَكْمَنُوا
هُمُ القَوْمُ قَدْ عَصَبُوا فَيْئَكُمْ *** وَ غَيْرَكُمُ مِنْهُ قَدْ أَمْكَنُوا(1)
أَزَاحُوكُمُ عَنْ مَقَام بِهِ *** بِرَغْمِ الْهُدَى شَرَّهُمْ أَسْكَنُوا
أفِي اللَّهِ يَظْعَنْ عَنْهُ الْوَصِيُّ *** وَ شَرُّ دَعِي بِهِ يَقْطُنُ؟(2)
تَدَاعَوْا لِنَقْضِ عُهُودِ الأُلَى *** أَسَرُّوا النِّفَاقَ وَ لَمْ يُؤْمِنُوا
فَأَيْنَ إِلَى أَيْنَ نَصَّ الغَدِيرِ *** أَلمْ يُغْنِهِمْ ذلِكَ المَوْطِنُ؟
فَيَا بِئسَ مَا خَلَّفُوا أَحْمَداً *** بعِشرَتِهِ وَ هُوَ المُحْسِنُ
لَقَدْ كَتَمُوهُ شِقَاقَ النُّفُوسِ *** فَلَمَّا قَضَى نَحْبَهُ أَعْلَنُوا
كَأَنْ لَمْ يَكُونُوا أَجَابُوا دُعَاهُ *** وَ لَمْ يَرْعَوا الحَقَّ أَوْ يَذْعَنُوا
وَ أَعْظَمُ خَطْبٍ يُطِيشُ الحُلُومُ *** وَ كُلُّ شَجَى دُونَهُ هَيِّنُ(3)
وقُوفُ ابْنَةِ المُصْطَفَى بَيْنَهُمْ *** وَ فِي القَلْبِ نَارُ الأَسَى تَكْمُنُ(4)
وَ قَدْ أَنْكَرُوا مَا ادَّعَتْ غَاصِبِينَ *** وَ كُلُّ بِمَا تَدْعِي مُوقِنُ(5)
ص: 125
(بحر الخفيف)
السيد محمد رضا القزويني(*)(1)
إِصْغِ يَا دَهْرُ وَ أَنْصِنِي يَا سنينُ *** بُرْهَةً إِنَّمَا الحَدِيثُ شُجُونُ
وَ اهْدِنِي يَا نَوَازِعَ النَّفْسِ عَلِّي *** أَهْتَدِي مَا يُرِيدُ شَوْقٌ دَفِينُ
فَلَقَدْ جَارَ مِنْ ضَنَاهُ فُؤَادِي *** وَ لَقَدْ خَارَ مِنْ قِوَايَ الحَنِينُ(2)
يَتَلَظَّى إِنْ مَرَّ فِي ذِكْرَيَاتٍ *** يَتَمَلَّى أَطْرَافَهُ يَسْتَبينُ
هَلْ إِلَى نَفْحَةِ النُّبُوَّةِ تَدْرِي *** مِنْ سَبِيلٍ يَا أَيُّهَا اليَاسَمِينُ؟
هَلْ إِلَى مَرْبَضِ الإِمَامَةِ يَمْشِي *** مِنْ دَلِيلِ وَ هَلْ يُطَالُ العَرِينُ؟
فَامُلئِي يَا سَمَاءُ قَلْبِي ابْتِهَاجاً *** فَلَقَدْ صَدَّقَتْ لَدَيَّ الظُّنُونُ
وَ افْرُشِي الدَّرْبَ يَا مُرُوجُ إِلَيْهِمْ *** نَفَحَاتٍ وَ ظَلِّلِي يَا عُصُونُ
فَلَقَدْ طَالَ فِي التَّأَملِ صَبْرِي *** ثُمَّ أَدْرَكْتُ وَ اسْتَقَرَّ اليَقِينُ
نُقْطَةُ الوَصْلِ لِلنُّبُوَّةِ حِينَ *** انْشَنَّ مِنْها أَئِمَّةً وَ بَنُونُ
إِنَّها مِحْوَرُ الحَيَاةِ تَجَلَّى *** عِنْدَهَا الحُكْمُ وَ النَّهْي وَ الدِّينُ
وَ بِأَنَّ الزَّهْرَاءَ سِرِّ سَيَبْقى *** شَامِخاً وَ الخُلُودُ فِيهِ كَمِينُ(3)
ص: 127
أَظْهَرَتْ مِنْ تُرَائِهَا بَعْضَ بَعْضٍ *** فَإِذَا البَعْضُ فِي الوَرَى قَانُونُ
وَ إِلَى الكَوْنِ قَدَّمَتْ وَلَدَيْها *** حَسَنْ ذلِكُمْ وَ ذَاكَ حُسَيْنُ
***
إِيهِ يَا ذِكْرَيَاتُ مُرِّي تباعاً *** وَ اشْهَدِي أَنَّنا عَبِيدٌ وَ قَيْنُ
نَتَغَنَّى الأَمْجَادَ غَيْرَ أُباةٍ *** وَ بَقَايَا الدِّيَارِ لَسْنَا نَصُونُ
قَدْ شَهَرْنا السُّيُوفَ لا لِلأَعَادِي *** إِنَّما الفَرْدُ مِنْ أَخِيهِ طَعِينُ
مِنْ هُنَا أَوْ هُنَاكَ بَعْضُ صُرَاخٍ *** مِثْلَمَا يُظلِقُ الصُّرَاخَ سَجِينُ
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ بِالدِّينِ كُنْتُمْ *** يَوْمَ كَانَ المُلْكُ العَرِيضُ المَتِينُ
يَوْمَ كَانَ الشَّرْعُ المُقَدَّسُ ظِلاٌّ *** وَارِفاً مُشرِقاً لَدَيْهِ الجَبِينُ
أَيُّ نَقْصٍ بِهِ دَعَاكُمْ لِتَرْجُوا *** شِرْعَةَ الكُفْرِ سَنّها (لينينُ)(1)
أَوْ غُزَاةُ البِلاَدِ بِالمَالِ وَ العَهْرِ *** تَوَارَى مِنْ خَلْفِهِمْ صِهْيُونُ
وَ فِلَسْطِينُ... يَا لَمَهْزَلَةِ العَصْرِ *** دَعُوهَا فَلَيْتَكُمْ لَمْ تَكُونُوا
مِنْ دُعَاةٍ لِنَصْرِهَا فَتَرَاهُمْ *** أَخَذُوا الفِلْسَ وَ اسْتُبِيحَ الطِّينُ
وَ بِلُبْنَانَ ضَيَّعَ اللُّبَّ فِيهِ *** عُقَلاءٌ فَضَاعَ فِيهِ البَنُونُ(2)
وَ حُرُوبُ الصَّلِيبِ شُنَّتْ عَلَيْنَا *** أَيُّ غَدْرٍ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ الجَنِينُ
مَا عَهِدْنَا لِمِثْلِ لُبْنَانَ رَبْعاً *** يُورقُ الحِقْدُ فِيهِ وَ الزَّيْزَفُونُ(3)
إِنَّمَا الدَّهْرُ قَدْيُرِينا الأعا *** جِيبَ وَ يَجْلُو مِنْهُ الخَفَاءُ الدَّفِينُ
وَ اعْتِدَاراً أُمَّاهُ يَا فَاطِمُ *** فَالْيَوْمَ تَمُرُّ الذِّكْرَى وَ قَلْبِي حَزِينُ
ص: 128
(بحر البسيط)
السيد محمد رضا القزويني(*)(1)
ظمآنَ أَصْبُو إِلَى الذُّكْرَىٰ فَتَرْوِينِي *** وَ الْيَوْمَ أَسْقِي بِهَا مَنْ كَانَ يَسْقِينِي
أَصْبُو لِذِكْرَاكِ وَ الدُّنْيا تَناقَلُها *** بُشْرَى السَّعَادَةِ لِلدُّنْيَا وَ لِلدِّينِ(2)
فَمُذْ وُلِدْتِ وَ يَا مِنْ فَرْحَةٍ عَظُمَتْ *** قَدْشَعٌ وَجُهُ رَسُولِ اللَّهِ في الحِينِ
وَ صَاحَ مُسْتَبْشِراً وَ الفَخْرُ يَمْلَؤُهُ *** إِنْ يَقْطَعُوا رحمي فاللَّهُ يُعْطِيني
أَيْنَ التَّوَارِيخُ عَنْ أَقْوَالِ شَانِئْهِ *** وَ حِكْمَةُ اللَّهِ فِي نَسْلِ المَيَامِينِ(3)
أَبْنَاءُ حَرْبٍ عَلَى تَارِيخِهَا انْقَرَضَتْ *** لكن بَنُو فَاطِمِ عَدُّ المَلَابِينِ
لقَدْ أَطلَّتْ عَلَى الدُّنْيا فَكَانَ بِهَا *** حِفْظُ الكَرَامَةِ لِلأُنْثَى بِمَقْرُونِ
وَ بُدِّلَتْ شِرْعَةُ الغَابِ الَّتِي حَكَمَتْ *** دُنْيا الأَعَارِيبِ فِي شَكْلٍ وَ مَضْمُون
بَيْنا يُبَرِّرُ عِلْجٌ قبحَ فِعْلَتِهِ *** وَ أَدِ البَنَاتِ بِأَعْرَافِ وَ قَانُونِ(4)
يَصِيحُ أَحْمَدُ هُذِي بَضْعَتِي وَ لَهَا *** قَلْبِي فَمَنْ كَانَ يُؤْذِيهَا فَيُؤْذِينِي(5)
ص: 129
حُكْمٌ مِنَ اللَّهِ لاَمِنْ نَزْوَةٍ خَطَرَت *** لكِنَّهُ الوَحْيُ فِي قَوْلِ وَ تَعْيِينِ
فِدَاكِ قَال أَبُوكِ أنتِ سَيْدَةُ *** النساءِ ما كانَتِ الدُّنْيَا عَلَى دِينِ(1)
***
نَمَتْ وَ شَبَّتْ وَ كَانَ الطُّهْرُ شِيمَتُها *** أَنْقَى مِنَ الطَّهْرِ بَيْنَ الحُورِ وَ العِين(2)
هذَا عَلِيٌّ لَهَا كُفْرٌ فَزَوْجَها *** البارِي مِنَ العَرْشِ فِي لَوْحٍ وَ تَدْوِينِ(3)
وَ قَالَ مَهْرُكِ أَنْهارٌ فَأَصْدَقَها *** خُمْساً وَ مَا حُزنَ مِنْ مَاءٍ وَ مِنْ طِين
قَالَتْ وَ أَكْرِمْ بِهِ زَوْجاً وَلِي أَمَلٌ *** أَنَّ الشَّفَاعَةَ يَوْمَ الحَشْرِ تُرْضِينِي
فَقَالَ هُذَا لَهَا وَ ازْدَادَ أَنَّ رِضَى *** الرَّحْمَنِ أَضْحَى لِمَا تَرْضَى بِمَرْهُونِ
فَاسْتَبْشِرُوا أُمَّةَ الهَادِي بِفَاطِم فِي *** أَمْرِ الشَّفَاعَةِ بِالزَّهْرَاءِ مَضْمُونِ(4)
***
يَا أَسْرَةَ الخَيْرِ لِلدُّنْيَا بِمَا نَذَرَتْ *** وَ مَا وَقَتْ فِي ثَلاثِ بِاسْمِ سِبْطَيْنِ
وَ أَطْعَمَتْ زَادَها المِسْكِينَ وَ ابْتَدَرَتْ *** إِلَى اليَتِيمِ لِمَأْسُورٍ وَ مَسْجُونِ
فَأَنْزَلَتْ (هَلْ أَتَى) فِيهِمْ تُبَشِّرُهُمْ *** بِجَنَّةِ الخُلدِ بِالأَنْهَارِ وَ التِّينِ(5)
ص: 130
أَلاَ نَظَرْتُمْ لأَسْرَانَا وَ قَدْ حَجَبَتْ *** بِهِمْ عِجَافُ سِنِينِ مِثْلَ ذِي النُّونِ(1)
أَلاَ رَغِيفٌ تَبَقَى مِنْ مَوَائِدِكُمْ *** إِلَى الأَسَارَى وَأَفْوَاجِ المَسَاكِينِ
وَ شَيْبَةُ الخَيْرِ فِيمَ زَادَ غَيْبَتُهُ *** شَيْباً عَلَى الرَّأْسِ فِي شَكْلِ الثَّمَانِينِ
غَدَوْتُ يَعْقُوبَ فِي هَمِّي لِفُرْقَتِهِ *** وَ وَالِدِي يُوْسُفاً فِي سِجْنِ فِرْعَوْنِ
أأَنْقُدُ الأمَلَ المَعْقُودَ نَحْوَكُمُ *** و أَنْتُمُ لأَمَانِي كُلِّ مَحْزُونِ؟
لاكَيْفَ أَنْقُدُ آمالاً شَبَبْتُ بِهَا *** وَ لَيْسَ تَفْقِدُها (لَيْلَى بِمَجْنُونِ)؟
ص: 131
(مجزوء الكامل)
الشيخ محمد سعيد المنصوري(*)(1)
بِنْتُ النَّبِيِّ غَدَتْ حَزِينَهْ *** لِفِرَاقِ سُلْطَانِ المَدِينَهْ
وَ حَنِينُها لَمَّاعَلاَ *** كُلٌّ لَهَا أَبْدَى حَنِينَهْ
وَ بَكَتْ مَلاَئِكَةُ السَّمَا *** لَمَّا بَكَى حَامِي عَرِينَهْ
اللَّهُ أكبرُ أَحْمَدٌ َ*** قضَى بِمِحْنَتِهِ سِنِينَهْ
لَمْ يَعْرِفُوا قَدْراً لَهُ *** شَجُوا بِأَحْجَارٍ جَبِينَهْ
وَ الْيَوْمَ مَاتَ فَحَيْدَرٌ *** مِنْ حُرْقَةٍ يَبْكِي قَرِينَهْ
قَدْ كَان في نُوبِ الزَّمَانِ *** وَ مِحْنَةِ الدُّنْيَا خَدِينهْ(2)
وَ مُذِ انْتَهَتْ أَيَّامُهُ الغَرَّا *** وَ حَالَ المَوْتُ دُونَهْ
نَادَاهُ بَعْدَكَ أَظْلِمَتُ *** دُنْيا لَهَا قَدْ كُنْتَ زِينَهْ
يا خَاتَمَ الرُّسُلِ الكِرَام *** وَ مَنْ سَقَى الظَّامِي مَعِينَهْ
الكَوْنُ بَعْدَكَ مُوحِشٌ *** وَ بِمِثْلِكَ الدُّنْيَا ظَنِينَهْ(3)
فَارَقْتَنا مِنْ بَعْدِمَا *** أَحْكَمْتَ لِلإِسلام دِينَهْ
وَ تَرَكْتَنَا رَهْنَ الخُطُوبِ *** وَ بَيْنَ أَحْقَادٍ دَفِينَهْ
ص: 132
يا وَيْلَ مَنْ ظَلَمَ البَتُولَ *** وَ عِشْرَةَ الهَادِي الأمينهْ
مَنْ بِالفَضِيلَةِ وَ التُّقَى *** وَ المَجْدِ وَ العُليا قَمِينَهْ
أَفَهَلْ جَزَاءُ مُحَمَّدٍ *** مِنْ تِلْكُمُ الزُّمَر اللَّعِينَهْ
غَصْبُ الشَّفِيعَةِ حَقَّهَا *** مِنْهُ وَ نِحْلَتِهَا الثَّمِينَهْ
وَ لِبَيْتِهَا مُذْ أَقْبَلُوا *** وَ بِلاً وقارٍ أَوْ سَكِينَهْ
قَتَلُوا هُنَاكَ جَنِینَهَا *** وَ المَرْءُ لاَيَنْسَى جَنِينَهْ(1)-(2)
ص: 133
(بحر الوافر)
السيد محمد صالح البحراني(*)(1)
عُقُودُ السَّعْدِ قَدْ نَثَرَتْ جُمَانَا *** وَ أَرْضُ الكَوْنِ قَدْ زَهَرَتْ جِنَانا(2)
وَ هَزَّ الدَّهْرُ مِنْ طَرَبٍ وَ أُنْسٍ *** بِأَعْمَاقِ القُلُوبِ رَقَى مَكَانا
وَ كَادَ بِكُلِّ رَوْضِ كُلُّ طَيْرٍ *** يَكُونُ بِمَدْحَ فَاطِمَةٍ لِسَانا
غَدَاةَ أَتَى النَّبِيَّ بَلاغُ وَحْيٍ *** حَبَا النُّورَينِ فِي السَّعْدِ اقْتِرَانا
بأن زَوْجُ مِنَ الزَّهْر عَليّاً *** فَمَا كُفْوٌ لَهَا لَوْلاهُ كانا(3)(*) ورد في الروايات ان اسماء بنت عميس حضرت زفاف فاطمة علیها السلام و اسماء كانت مهاجرة بأرض الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب و لم تعد هي و لازوجها الاّ يوم فتح خيبر ولم تشهد الزفاف و التي شهدت الزفاف سلمى بنت عميس اختها هي زوجة حمزة بن عبد المطلب و لعل الأخبار عنها و كانت اسماء اشهر من اختها عند الرواة فرووا عنها أو سها را و واحد فتبعوه و لعل اسماء المقصودة هنا هي اسماء بنت يزيد بن سكن. «الهامش لنفس الكتاب المذكور».(4)
ص: 134
فَلاَ هِيَ مِنْ سِوَاهُ تَنَالُ كُفُواً *** وَ لَا هُوَ غَيْرَهَا يَهْوَى الحِسَانا
فَقَامَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ يُبْدِي *** لِمَا بِالوَحْيِ فَاضَ لَهُ بَيانا
***
إِلَيْكُمْ يَا رِجَالَ العَصْرِ عُذْراً *** بمَنْ قَدْ تَمَّ خُطْبَتُهَا عِنانا(1)
فإنّي لَمْ أَكُنْ لأَرُدَّ عَنْهَا *** فَتَى إلا لأمرٍ لايداني
فَكُنْتُ الوَحْيَ أَنْتَظِرن مِمَّنْ *** إِلَيْهِ أَمْرُها يَلْقَى زَمَانا
وَ قَبْلَ مَجِيءٍ حَيْدَرَةٍ أَتَانِي *** لِزَامٌ أَنْ أَفُودَ لَهُ العِنانا(2)
ص: 135
وَ قَدْ زَوَّجْتُهُ بِالدِّرْع إذْ لَمْ *** يَكُنُ مِمَّا سِوَاهُ يَرَى احْتِضانا
فَهَنُّوهُ بِمَا قَدْ خَصَّ إنْساً *** وَ لاتَرْمُوهُ بالحَسَدِ امْتِهانا(1)
فَإِنَّ اللَّهَ زَوَّجَهُ بِهَا فِي السّما *** قَبْلِي وَ قَلَّدَهُ ضَمَانا
وَ قَدْ أَوْحَىٰ إِلَى رِضْوَانَ فِيهِ *** ابْتِهَاجاً أَنْ يَزِينَ لَهُ الجِنَانا
فَزُيِّنَتِ الجِنَانُ وَ فِيهِ طُوبَى *** لَهُ اليَاقُوتُ تُنْثَرُ وَ الجُمانا
وَ فِي الأُخْرَىٰ لِشِيعَتِهِ رِقاعاً *** تَنَالُ مِنَ الجَحِيم بها أَمانا
وَ جِئْنَ الحُورُ يَلْتَقِطْنَ نِثاراً *** تَهَادَاهُ ابْتِهاجاً وَ افْتِتانا(2)
وَ رَدَّدْنَ الغِنَاءَ لَهُ بِيَاسِينَ *** وَ الرَّحْمنِ آياتٍ حِسانا
فَهَزَّتْ جَنَّةُ الفِرْدَوْس أُنساً *** كَأَنَّ بِهَا المَعَازِف و القِيَانا
فَمَهُمَا وَقَعَ الأَطْيَارُ لَحْناً *** لَهُ الأَشْجَارُ تَهْتَزُ افْتِنانا
بِهَا لِلْمَاءِ إِذْ يَجْرِي حَنِينٌ *** عَلَيْهِ الطَّلُّ وَ قَصا قد ابانا(3)
وَ أَوْحَى لِلمَلائِكِ حَيْثُ قَامُوا *** لَهُ فِي بَيْتِهِ المَعْمُورِ شَانا
وَ قَامَ عَلَيْهِمُ رَاحِيلُ يَلْقَى *** بِعَقْدِ وِصَالِ فَاطِمَةٍ بَيَانا
فَأَبْلَغَ فِي الخِطَابِ وَ لَيْسَ أَعْلَى *** بِهِمْ مِنْهُ وَ لاَأَحْلَى لِسَانا
وَ بَعْدَهُنَّ لَئِنْ يَنى علي *** بِهَا مَدَّتْ نسا الهادِي بَنانا(4)
فَجَاءَ المُصْطَفَى يُهْدِيهِ كَبْشاً *** نَمَى فِي الأَكْلِ أَكْباشاً سمانا
فَأَشْبَعَ كُلَّ مَنْ جَاؤُوا عَلَيْهَا *** وَ عَنْهَا مَنْ نَأَى أَهْدَى جِفَانا(5)
وَجِيءَ بِحُرَّةٍ وَجَنَا عَلَيْهَا *** تُزَتُ لِزَوْجِهَا الزَّهْرا افْتِرَانا
فَقَائِدُها النَّبِيُّ وَ خَلْفُها الرُّوحُ *** وَ الأمْلاكُ تُمْطِرُها الجُمانا
وَ إِسْرَافِيلُ بِاليُمْنَى وَ مِيكالُ *** بِاليُسْرَى لِخِدْمَتِهَا تَدَانَى
ص: 136
وَ خَلْفَهُمُ نِسَاءُ الوَحْيِ تَسْعَى *** بِأَلْحَان تهزُّ بهِ الزَّمَانا
يُجِدْنَ بِمَدْحِهَا نَغَمَاً رَخاماً *** تَرَى شَبَحَ الهُمُوم بِهَا تَفَانَى(1)
تَوَدُّ لَهَا النُّجُومُ هَوَتْ نِثاراً *** وَ سَيَّارَاتُهَا أَلْقَتْ جِرانا(2)
بِهَا الأَمْلاَكُ تَحْتَفِلُ ابْتِهاجاً *** لِتَشْرَكَ فِي الهَنَا إِنْساً وَجَانا
***
وَ فِي يَدِ حَيْدَرٍ يَدُهَا رَمَى إِذْ *** جَلَى مِنْهَا لَهُ وَجْهاً مُصانا
وَ بَاركَ إِذْ دَعَا لَهُما بِخَيْرٍ *** وَ ثُمَّ سَقَاهُمَا مِنْهُ لِبَانا
وَ أَوْصَى بِنتَهُ بِالزَّوْجِ حُسْناً *** وَ أَوْصَاهُ بِهَا حُسْناً ضَمَانا
***
فَهَلْ يَلْقَى كَهَذَا الفَضْل فَضْلٌ *** وَ هَلْ أَحَدٌ حَوَى مِنْ ذَاكَ شَانا؟
أَلَيْسَ لِذَاتِ ذِي العَلْيا عجِيباً *** تُقَاسِي بَعْدَ وَالِدِها هَوانا؟
فَمَا يَوْمٌ تَحِتُ بِها زَفافاً *** مَلاَئِكَةُ السَّما عَجَباً أَرانا
وَلكِنَّ العُجَابَ نَهارَ جَاءَتْ *** لِمَنْزِلِهَا اللَّئَامُ وَ مَنْ أعانا
فَأَسْقِطَ حَمْلُها عَصْراً وَ رَضُّوا *** وَرَاءَ البَابِ أَضْلُعَها اضْطِغانا(3)
وَ مِنْ ضَرْبِ السَّيَاطِ تَمُوتُ نَهْكاً *** بَرَى جِسْماً و أَوْهَنَها جِنانا(4)
وَ كَمْ عَانَتْ خُطُوباً قَبْلَهَا لَمْ *** يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الأَحْيَاءِ عَانَي
***
أَتَقْضِي بَضْعَةُ المُخْتَارِ ضَرْباً *** وَ نَهْكاً وَ امْتِهاناً وَ امْتِحَانا؟
وَ تَقْضِي وُلْدُها بِالظُّلْمِ هَذَا *** سُقِيَ سُمّاً وَذَا قَتْلاً مُهانا
ص: 137
فَبَيْنَ فَتَّى يُقَاسِي السُّمَّ حَتَّى *** يَمُوتَ وَ بَيْنَ مَنْ يَلْقَى السِّنانا(1)
ص: 138
(بحر الرَّمل)
السيد محمد علي العلي(*)(1)
فَجْرِي الفِكْرَ وَ غَذّي بَيانا *** وَ أَحِيلِي العِيدَ فِينَا مِهْرَجانا
فَجْرِي الفِكْر فَرِيض يَجْتَلِي *** هِمَماً خَانَ بِهَا العَزْمُ زَمَانَا
فَهْي لَوْلاكِ سَتَعْفُوحِقَباً *** وَ سَيَخْبُو وَقْدُها أَوْ يَتَفَانَي(2)
عَادَتِ الذِّكْرَى فَمَا أَرْوَعَهُ *** بُلبُلُ الحَفْلِ إِذا غَنَّى لِسانا
عَادَتِ الذِّكْرَى وَ قَدْ عَوَّدَنا *** شَرَفَ الخِدْمَةِ وَ فَّيْنَا رَجَانا
وَ أَفِيضِي قَبْسَةَ النُّورِ عَلَى *** ظُلْمَةِ القَلْبِ لِيَنْجَابَ عَمَانا
وَ افْتَحِي آمَالَنَا فِي مدحٍ *** هِيَ سِرُّ الفَوْزِ فِي نُجحِ مُنانا
وَ هْيَ عُنْوَانٌ يُجَلِّي حُبَّنا *** وَ هُيَ تَعْبِيرٌ لِمَكْنُونِ وَلاَنا
***
مِهْرَجَانُ العِيدِ هَذَا مَوْعِدٌ *** قَدْ قَطَعْنَاهُ مَعَ الذِّكْرَى أَتانا
فَأَدِرْ كَاسَ حُمَيَّاكَ عَلَى *** مَحْفِل العِيدِ لِتُسْقِينَا رِوانا
فَلَنَا فِي كُلِّ عَامِ وَقْفَةٌ *** تَشْحَذُ الفِكْرَ وَ تُذْكِينا بَيَانا(3)
في جَلِيلِ الذَّكَرِ إِذْ يُتْلَى بِهِ *** مِنْ حَيَاةِ الطُّهْرِ قُرآنُ هَدَانا
ص: 139
فَنَرَاهَا وَ هْيَ فِي مَوْلِدِها *** وَ صِبَاهَا وَ بِهِ نَبْنِي صِبَانا
وَ هيَ فِي دَوْرِ شَبَابِ اذْ تَرَى *** حِكْمَةَ القَوْلِ وَ فِكْراً لايُدَانَى
وَ لَنَا التَّهْذِيبُ مِنْ مَنْطِقِهَا *** فَبِهِ نَنْعَمُ هَدْياً وَ اتَّزَانا
وَ نَرَاهَا وَ هُيَ أُمْ نَهَجَتْ *** لِبَنِيهَا أَعْظَمَ الأَخْلاقِ شَانا
وَ هُيَ دَرْسُ تَهْتَدِي أَبْنَاؤُنَا *** فِي عُلاهُ وَ بِهَا تَبْنِي الكيانا
وَ لَنَا مِنْ رِفْعَةِ الصَّوْنِ بِهَا *** مَنْهَجٌ تَأْخُذُهُ مِنْهَا نِسانا
وَ بِهِ تَرْكُولَهَا عِفَتُها *** وَ تَرَى الحِلْمَةَ عِزَّاً وَ أَمَانا
***
بَضْعَةَ المُخْتَارِ لأَزَالَ لَكِ *** مَوْقِفُ العِزَّةِ مَجْداً لَنْ يُدَانَى(1)
بضعَةَ المُخْتَارِ وَ الحَالُ وَ إِنْ *** مَرَّ بالجزأَةِ مَا أَوْهَى جِنَانا(2)
وَ أَبَادٍ لَعِبَتْ دَوْراً لَهَا *** وَ هُنَتْ شأناً وَ لَمْ تَنْقُصْكِ شَانا
مَا هُوَ الإِرْتُ وَ مَا السَّهْمُ وَ مَا *** فَدَكٌ عِنْدَكِ مَا كَانَ ضَمانا؟
ص: 140
مَا الَّذِي أَنْعَبَكِ مِنْ شَأْنِهَا *** غَيْرُ أَنْ تُنْفَقَ فِي اللَّهِ امْتِنَانَا؟
وَ لَئْنُ أَوْقَفَكِ الحَالُ بِهَا *** مُؤقِفَ الشَّاكِي مِنَ القَوْمِ هَوَاناً
موْقِفَ المُحْتَجٌ يُدْلِي حُجَجاً *** تَدْحَضُ البَاطِلَ رُوحاً وَكِيانا
لَمْ يَكُنْ ذَاكَ سِوَى أَنْ تَكْشِفِي *** وَاقِعَ الحَالِ بِهَا كَيْ يُسْتَبانا
وَ يَرَى التَّارِيخُ مَا أَغْفَلَهُ *** مِنْ صَرِيح الحَقِّ أَوْ عَنْهُ تَوَانَى(1)
إذْ يَرَى الحَقُّ بِهِ وَهُجَ الضُّحَى *** يَخْطَفُ الْأَبْصَارَ فِيهَا لمعانا
قَدْ عَرفْنَا الحَالَ إِذ أَلْزَمَهُمْ *** مَنْطِقَ الغَايَةِ أَخْذاً وَامْتِهَانا
وَ عَرِفْنَا مَنطِقَ الغَايَةِ لاَ *** يَعْرِفُ الإِنْصَافَ أَوْ يَرْضَى اتِّزَانا
غَيْرَ أَنَّا لانَرَى مَعْنَى بِهَا *** أَنْ نَرَى بِالبَابِ لِلْجَزَلِ مَكَانا
وَ نَرَى النَّارَ عَلَى شِدَّتِها *** حَيْثُ عَادَ البَيْتُ نَاراً وَ دُخانا
وَ هُجُوماً ضُيْعَ العَدْلُ بِهِ *** فِي حِماً قَدْ كَانَ أَحْرَى أنْ يُصَانَا
أيُّ مَعْنَى لِهُجُومٍ شُنَّ قَدْ *** عَادَ مِنْهُ الضّلْعُ فِي الصَّدْرِ مُبَاناً؟(2)
وَ عِمَادٌ لُبِّبَ الحَبْلُ لَهُ *** دُونَ أَن يُشْهرَ سَيْفاً أَوْ سِنانا
أَمِنُوا سَطوَتَهُ فَاسْتَأَسَدُوا *** مَنْ رَأَى الأمن مِنَ المَكْرِ اسْتِهَانا
وَ لَقَدْ كَانُوا عَلَىٰ عِلْمٍ بِهِ *** فَلَقَدْ كَانُوا وَ مَا كَانَ جَبَانا
قَدْ أَطَاعَ المُصْطَفَى فِي أَمْرِهِمْ *** حَيْثُ لَوْلاهُ لَهَابُوهُ طِعَانا
أكَذَا البَيْعَةُ لاَيُقْضَى لَهَا *** دُونَ أَن يُسْتَوْادَ العَدْلُ عَيَانا(3)
دُونَ أَنْ يَفْرِشَ فِي الدَّرْبِ لَهَا *** مِنْ ضَحايا الجَوْرِ أَكْباداً سِخَانا
وَيْحَ دُنْيَا الجَهْلِ مَا أَجْرَأَها *** أَنْ يَعِيش النَّاسُ مِنْهَا العُنْفُوانا
***
ص: 141
إِيهِ يَا أُخْتُ أَلَوْلاً كَمْ سَعِدَتْ *** أُمَّةٌ أَوْسَعَتِ العِرْضَ صِيانا
لَمْ تَكُنْ تَرْضَى بِأَنْ تَبْدُولَهَا *** كَاعِبٌ تَخْطَفُها الأَبْصَارُ آنا
وَ لَنَا نَحْنُ بِهِ الدِّينُ غِنّى *** حَيْثُ نَسْتَجْلِي مِنَ النَّهْجِ هُدَانا
فَلَكِ الزَّهْرَاءُ فِي حِشْمَتِها *** قُدْوَةٌ إِنْ رُمْتِهِ مَجْداً مُصَانا
وَ حَيَاةُ الجيل لأتُلزمنا *** أبَداً يَا أُخْتُ تَقْلِيدَ سِوَانا
فَحَيَاةُ الجِيل لأتُلْزِمُنا *** زَحْرَفَاتِ الفَنْ صِبْغاً وَ دِهانا(1)
ص: 142
(بحر الكامل)
الأستاذ محمود سبتي
كَمْ فِي سُوَيْدا قَلْبِهَا مِنْ غُلَّةٍ *** وَ بِجِسْمِهَا نَشَبَتْ مَخَالِبُ عِلَّةٍ؟(1)
لَمْ أَنْسَ إِذْ بَكَتِ النَّبِيَّ بِعَوْلَةٍ *** وَ رَنَتْ إِلَى القَبْرِ الشَّرِيفِ بِمُقْلَةٍ(2)
عَبْرَى وَ قَلْبٍ مُکْمَدٍ مَحْزُونِ
***
وَ سِيَاطُ قُنْفُذَ أَثَرَتْ فِي جَنْبِها *** وَ سَمَاءُ مُقْلَتِهَا تَدِرُّ بِسُحْبِها
حَتَّى إِذَا احْتَنَكَ الْجَوَى فِي لُبَّها *** قَالَتْ وَ أَظْفَارُ المُصَابِ بِقَلْبِهَا(3)
غَوْثَاهُ قَلَّ عَلَى العُدَاةِ مُعِ العُدَاةِ مُعِینِي
***
وَ بِقَلْبِها وَجْدٌ ثَوَىٰ فَأَقَلُّهُ *** ثُمَّ الرَّوَاسِي لاتُطِيقُ تقلّه(4)
فَدَعَتْ وَ مَدْمَعُهَا تَدَفَّقَ سَيْلُهُ *** أَبَتَاهُ هَذَا السّامِرِيُّ وَ عِجْلُه
تُبِعَا وَ مَالَ النَّاسُ عَنْ هَارُونِ
***
ص: 143
وَيْلٌ لِقَوْمٍ حَارَبُوا ابْنَةَ أَحْمَدِ *** هَتَكُوا حِمَاهَا قَبْلَ دَفْنِ مُحَمّدِ
فَغَدَتْ تُنَادِيهِ بِقَلْبِ مُكْمَدِ *** أَيُّ الرَّزَايَا أَتَّقِي بِتَجَلْدِ؟(1)
هُوَ فِي النَّوَائِبِ مُذْ حَیِيْتُ قَرِينِي
وَجْدِي تَنَاهَىٰ لَيْسَ وَجْدٌ فَوْقَهُ *** وَ شَجَايَ أَبْعَدَ عَنْ لِسَانِي نُطْقَهُ
أَيُّ الخُطُوبِ أَقلَّهُ إِنْ أَلقَهُ *** فَقْدِي أَبِي أَمْ غَصْبُ بَعْلِي حَقَّهُ
أَمْ كَسْرُ ضِلَعِي أَمْ سُقُوطُ جَنِينِ؟(2)
يَا لَيْتَنِي قَدْمُتُ قَبْلَ مَنِيَّتِي *** أَوْ أَنَّنِي أُلْحِدْتُ قَبْلَ مَذَلَّتِي
أَيُّ الخُطُوبِ لَهُ أَنُوحُ أَذِلَّتِي *** أَمْ أَخُذُهُمْ إِرْضِي وَ فَاضِلُ نِحْلَتِي
أمْ جَهْلُهُمْ حَقي وَ قَدْ عَرَفُونِي(3)
ص: 144
(بحر البسيط)
الأستاذ محمود مهدي
عَلَى البَقِيع ظِلالٌ مِنْ مَآسِينا *** تَبْكِي الطُّلُولُ لِشَجْوَاها وَ تُبْكِينا(1)
هُنَاكَ حَيْثُ تَقِرُّ الطُّهْرُ فَاطِمَةٌ *** بنتُ النَّبيِّ مفدانا وَ هادِينا
يَا بِنْتَ خَيْرِ الوَرَى يَا زَوْجَ حَيْدَرَةٍ *** يَا أَمَّ شِبْلَيْهِ يَا أَغْلَى أَمَانِينَا
مَا القَوْلُ مُجْدٍ بِمَا نَلْقَاهُ مِنْ عَنَتٍ *** مِمَّا أَصَابَكِ مِنْ بَغْيِ المُضِلِّينا
أَقْصَاكِ عَنْ إِرْثِكِ المَشْرُوعٍ لُؤْمُهُمُ *** وَ اسْتَحْدَمُوا بَعْدَ مَوْتِ المُصْطَفَى دِينا(2)
أَمْلَتْهُ أَهْوَاؤُهُمْ كُرْهاً وَ مَحْسَدةً *** حَتَّى غَدا الدِّينُ بِالأَهْوَاءِ مَرْهُونا
لازَالَ لِلْيَوْمِ مِنْ أَحْقَادِهِمْ نَبْذٌ *** فِيهَا رِيَاحُ عَوَادِيهِمْ تُفادِينا(3)
لَمْ يَكْفِ لَمَّا نَحَّوْا أَبا حَسَنِ *** عَنِ الخِلافَةِ وَ ابْتَزُوا لَهَا حِينا(4)
لَمْ يَكْفِ أَنَّهُمُ عَلَى الجَنِينِ قَضَوْا *** وَ حَطَّمُوا الضّلْعَ وَ اسْتَنُّوا الشَّجَا فِينا(5)
حَتَّى اسْتَبَاحُوا دِمَا السُبْطَيْن و أَسَفِي *** وَ أَحْرَقُوا كَيْدَ طَة وَ المُوَالِينا
***
يَا بَضْعَةَ المُصْطَفَى الهَادِي وَ حَقَّكُمُ *** إِنَّا عَلَى العَهْدِ لَازِلْنَا مُقِيمينا(6)
ص: 145
يَا بَضْعَةَ المُصْطَفَى الهَادِي مُصِيبَتِكُمْ *** لاشَيْءَ عَنْهَا بِذِي الدُّنْيَا يُعَزِّينا
كَيْف التَّجَلُدُ وَالآلامُ عَارِمَةٌ *** تَعُومُ فَوْقَ سُولٍ مِنْ مَآقِينا(1)
تَجْرِي الهُمُومُ وَ نَجْرِي فِي رَكَائِبِهَا *** مَعَ الزَّمَانِ وَ جَمْرُ الحُزْنِ يَكوِينا
يَا بَضْعَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ طَاهِرَةً *** وَ دُرَّةً بُلُورَتْ فَضْلاً وَ تَكوينا
فِي عَالَم النُّورِ خَطَّ اللَّهُ صُورَتَهَا *** وَ زَادَ فِي حُسْنِهَا الأَفْلاكَ تَزْيِينا(2)
بِالمَجْدِ جَلَّلَها، بِالفَخْرِ كَلَّلها *** بِالذِّكْرِ حَلَّلَها آياً وَ تَبْيِينا
بِاللُّطْفِ كَمَّلَها بِالعَطْفِ جَمَّلَها *** لِلْأَرْضِ أَنْزَلَهَا ذُخْراً لِتُنْجِينا(3)
نَجِيبَةُ المُصْطَفَى الدَّاعِي وَ فَلْذَتُهُ *** لِذِكْرِكِ اليَوْمَ شَامَ الحُزْنُ نَادِينا
ص: 146
إِنَّا نَقُولُ وَ صِدْقُ الفِعْلِ شَاهِدُنا *** مَا كَانَ يُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ يُؤْذِينا
حَيْثُ الوَلاَ لَكُمْ بِالشَّرْع مُفْتَرَضٌ *** كَسُورَةِ الحَمْدِ فِي شَأْنِ المُصَلِّينا
لَنْ يُقْبَلَ الفَرْضُ إِلا فِي تِلَاوَتِهَا *** إِذْ كَانَ فِيهَا قَبُولُ الفَرْضِ مَرْهُونا
لِذَا رَضِعْنَا مَعَ الأَلْبَانِ حُبَّكُمُ *** مُنْذُ الوِلادَةِ وَ اسْتَرْعَى حَوَانِينا
يَسْرِي مَسَارَ الدِّمَا فِي كُلِّ جَارِحَةٍ *** فِينا، فَيُنْعِشَ أَحْشَانا وَ يُحْيِينا
إِنْ لَمْ تُشَرَّفْ بِمَرْآكُمْ نَوَاظِرُنَا *** فَحَسْبُنَا أَنَّ ذِكْرَاكُمْ تُنَاجِينا
سَنُصْبرُ الأَنْفُسَ الحَرَّى عَلَى مَضَضٍ *** حَتَّى أَبُوالقَاسِمِ المَهْدِي يُوَافِينا(1)-(2)
ص: 147
(بحر الكامل)
السيد مرتضى النجفي البهبهاني
أَصْحَابُ أَضْغَانٍ وَ حِقْدِ أَسْوَدِ *** نَكَنُوا الْعُهُودَ كَأَنَّها لَمْ تُعْقَدِ
تَعْساً لَهُمْ مِنْ عُصْبَةٍ لَمْ تَرْشِدِ *** الْوَائِبِينَ لِظلم آلِ مُحَمَّدٍ
وَ مُحَمَّدٌ مُلقى بِلاتَكْفِينِ
***
يا عُصْبَةٌ كَمْ فِي الْهُدَى عَادَيْتِنا *** وَ لأَجْلِهِ بِعِداكِ قَدْ ناصَبْيِنا
وَ بِكُلِّ مُعْضَلَةٍ لَقَدْ آتَيْتنا *** وَ الْقَائِلِينَ لِفَاطِمٍ آذيْتِنا
في طُولِ نوْحٍ دَائِمٍ وَ حَنِینِ
***
مَتَعُوا سَلِيلَةَ أَحْمَدٍ أَنْ تَسْتَظِلْ *** ظِلَّ الأَرَاكَةِ فِي دُمُوعَ تَسْتَهِلْ
تَعْساً لأَفْئِدَةِ بِغِلُ تَسْتَعِلْ *** وَ الْقَاطِعِينَ أَرَاكَةً كَيْ مَا تَقِلْ(1)
بِظِلِّ أَوْرَاقٍ لَهَا وَ هُمْ وَ غُصُونِ
***
مِنْ كُلِّ مَنْ هُوَ فِي مَقَالَتِهِ بِذِي *** وَ مُنَافِي فِي قَعْرِ نارٍ مُنْبَذِ
المُجْلَبِينَ عَلَى الْهُدَى بِتَلَذّذِ *** وَ مُجَمْعِي حَطَبٍ عَلَى البَيْتِ الَّذِي
لَمْ يَجْتَمِعْ لَوْلاهُ شَمْلُ الدِّينِ
***
ص: 148
إنَّ البَتُولَةَ مَنْ يُلازِمُ سَمْتَها *** يَلْقَ السَّعَادَةَ فِي الْقِيَامَةِ وَقُنَها(1)
عجباً لِقَوْمٍ لَمْ يُرَاعُو صَوْتَها *** أَلدَّاخِلِينَ عَلَى الْبَتُولَةِ بَيْتها
وَ الْمُسْقِطِينَ لَهَا أَعَزَّ جَنِينِ
***
لَوْلا كِتَابُ اللهِ بَيْنَ عِبَادِهِ *** مَانَالَ قَط مُوَحَدٌ لِمُرَادِهِ
وَيْلٌ لِكُلِّ مُجَاهِرٍ بِعِنادِهِ *** وَ الْقَائِدِينَ إمَامَهُمْ بِنجَادِهِ(2)
وَ الطُّهْرُ تَدْعُو خَلفَهُمْ بِرْنِينِ
***
عَصَرُوا الزَّكِيَّةَ ثَمَّ عَصْراً مُوجِعا *** وَ هُناكَ أَلْقَتْ خَيْرَ حَمْلٍ أَبْدِعا
قَامَتْ وَرَاءَهُم تُنَادِي الأَجْمُعا *** خَلُوا ابْنَ عَمِّي أو لأكشف بِالدُّعا
أَوْ رَأْسِي وَ أَشْكُو للإلهِ شُجُونِي
***
في الذِّكْرِ نَاقَةُ صَالِحٍ تَفْصِيلُها *** نَبْلُ لَهَا وَ لِقَوْمِهِ تَنْوِيلُها
وَ مُذِ اعْتَدُوا عَقَرُوا فَهُدَّ مَقيلُها *** ما كانَ نَاقَةُ صَالِحٍ وَ فَصِيلُها
بِالفضْلِ عِنْدَ اللَّهِ إِلا دُونِي
لَمّا رَأَتْهُمْ مَا انْثَنَوْا عَنْ فِعْلَةٍ *** وَ لِشَخْصِها لَمْ يَحْفَظُوا مِنْ حُرْمَةٍ
ضَجَّتْ وَ مِنْهَا عَيْنُها فِي عَبْرَةٍ *** وَ رَنَتْ إِلَى الْقَبْرِ الشَّرِيفِ بِمُقْلَةٍ
عبْرَى وَ قَلبٍ مُکْمَدٍ مَحْزُونِ
ص: 149
ص: 150
ص: 151
ص: 152
(بحر المتدارك)
الأستاذ أبو زهراء الكوفي
فاطمٌ قد قَضتْ بِنْتُ طه *** فالعَزالِعَلِيٍّ ورَاها(1)
***
ذَهَبَتْ تَشْتَكِي لأَبِيها *** أُمَّةً قَدْ أضاعَتْ هُداها
نَسِيَتْ بيّناتِ المثَانِي *** وكذا سُنّةَ الهادِي طه
عَطَّلَتْ ما حَواهُ الكِتابُ *** وعَلى الآلِ دارَتْ رَحاها
وَالنَّبِيُّ مُسَجًّى أَثاروا *** فِتْنَةً فَاسْتَحَقُّوا لَظاها(2)
***
كَسَرُوا ضِلْعَها وَالجَنِينُ *** أَسْقَطُوهُ فنادَتْ أَباها(3)
قُمْ فشاهِدْ عليّاً وَحِيداً *** بَيْنَ مَنْ حَكَمَتْ بِهَواها
ويْلَهُمْ قيَّدُوهُ بِحَبْلٍ *** كَيْ يُبايِعَهُمْ مُرْتضاها
وَهْوَ مَن فَوْقَ كَتْفِ النَّبیِّ *** هُبَلٌ بالفِقارِ اعْتَلاها
ص: 153
قالَ بَايَعْتُكُمْ لا لِضَعْفٍ *** إنّما حاقِناً لِدِماها
قد عَلِمْتُمْ محلّي فَإِنِّي *** قُطْبُها لَوْ رَفَعْتُ لِواها
غَيْرَ أَنّي تَنَازَلْتُ عَنْهَا *** حامِياً للأُصولِ حِماها
فأَجابُوا عليّاً بغَدْرٍ *** قالَ فُزْتُ وَرَبِّ عُلاها
***
بَعْدَهُ المُجْتَبَى ماتَ سَمّاً *** وَحُسَيْنٌ قضَى بظُباها(1)
وَالرّزايا عَلَيْناتوالَتْ *** في العِراقِ يُدَوِّي صَداها
قُبَّةُ السِّبطِ قَدْ هَدَمُوها *** وَالضَّحايا أُلوفٌ فِداها
أَيُّها المَهْديُّ اظْهَرْفَهَا قَدْ *** بَلَغَ السَّيْلُ حَقَّ زُباها(2)
وَاستَقِمْ يا مُوالِي بِدَرْبٍ *** خَطَّهُ لكَ آلُ عباها(3)
ص: 154
(بحر البسيط)
الأستاذ أحمد بن الحاج رشيد منط
يا بَضْعَةً مِنْ زَعِيمِ الرُّسْلِ حَيّاها *** رَبُّ السَّمَاءِ وَحَيَّى الغُرَّ أَبْناها(1)
ما كانَ أَطْيَبها مِنْ زَهْرَةٍ نَبَتَتْ *** فَوْقَ الأَدِيمِ وَزَكَّى اللَّهُ مَنْشاها(2)
مِنْ مَعْشَرٍ وُدُّهُمْ فَرْضٌ وَرَبُّهُمْ *** لَمْ يَخْلُقِ الكَوْنَ لَوْلاهمْ وَلَوْلاها
فَاللَّهُ لمَّا بَرَى خَلْقاً وَكَوَّنَهُ *** مِن نُورِ أَحْمَدَ خَيْرِ الرُّسْلِ صَفّاها
وَمِن أَجَلِّ نِساءِ الخَلْقِ أَطْلَعَها *** كالشَّمْسِ تُشْرِقُ في الأَكْوانِ أَضْواها
وَرَبُّها مِنْ جَمِيعِ الرِّجْسِ طَهَّرَها *** وَفي دَررِ جَمِيعِ الفَضْلِ حَلاّها
ما بَيْنَ جِبْرِيلَ وَالمُخْتارِ والِدِها *** وَبَيْنَ صدِّيقَةِ المُخْتارِ مَرْباها
آباؤُها حُجَجُ البارِي وَصَفْوَتُهُ *** وَسَادَةُ الخَلْقِ فِي الدَّارَيْنِ أَبْناها
وَهْيَ الَّتِي بَضْعَةٌ مِنْ نُورِ وَالِدِها *** وَكانَ سِيما رَسُولِ اللَّهِ سيماها
وَكانَ جِبْرِيلُ بالآياتِ يُؤنِسُها *** وَمِنْ مَعارفِهِ المُخْتَارُ غَذّاها
يَقُولُ مَنْ أَغْضَبَ الزَّهْراءَ أَغْضَبَنِي *** وَاللَّهُ يَرْضَى عَلَى مَنْ كانَ أَرْضاها(3)
وَلَمْ يَكُنْ لنِسَاءِ الخَلْقِ سَيِّدَةٌ *** في النَّشْأَتَيْنِ عَلَى الإِطْلاقِ إِلاّها
ص: 155
مِنْ نورِها تَزْهَرُ السَّبْعُ الطِّباقُ إذا *** أُمُّ الحُسَيْنِ تَجَلَّتْ في مُصَلاّها
لأجْلِ ذا سُمِّيَتْ زَهْراءَ فاطِمَةً *** وَرَبُّها مَنْ بِهذا الاسْمِ سَمّاها
وَحَسْبُها سَيِّدُ الأَمْلاكِ جَلَّلَهُ *** كِساؤَها حينَ غَطّاهُ وغَطَّاهَا
وَهْيَ الّتي بَيْنَ أَهْلِيها قَدِ انْتُدِبَتْ *** حَتَّى تُباهِلَ أَهْلَ الكُفْرِ أَعْداها(1)
وهَلْ أَتى؟ هَلْ أَتى إلاّ بِمِدْحَتِها *** لَمّا وَفَتْ نَذْرَها وَاللَّهُ آتاها(2)
مُلْكاً كَبِيراً بهِ الرَّحْمنُ بَشَّرَها *** وَكَانَتِ الآيَةَ الغَرّا بِتَقْواها
وَكانَ يُجْلِسُها المُخْتارُ مَوْضِعَهُ *** إذا أتَتْهُ وَبِالتَّعْظِيمِ يَلْقاها
وَمِنْ جَمِيعِ فُنُونِ العِلْمِ عَلَّمها *** وَرَبُّها منْ جَمِيعِ الفَضْلِ أَعْطاها
وَعَقْدُها قَدْ تَولاّهُ الإلهُ عَلَى *** خَيْرِ البَرِيَّةِ إِيماناً وَأَقْضاها
وَلَمْ يَكُنْ مِنْ سِواها مَنْ بِمَقْدَمِهِ *** يُطَهِّرُ الأرْضَ مِنْ رِجْسٍ تَغَشّاها
تُنَكِّسُ النّاسُ يَوْمَ الحَشْرِ أَعْيُنَها *** حَتَّى تَمُرَّ وَنُورُ اللَّهِ يَغْشاها(3)
وَلَيْسَ يَعْرِفُ ما حازَتْهُ مِنْ شَرَفٍ *** إلاّ الذي صاغَها نُوراً وأَنْشاها
فَاقْصُرْ أُحَيْمِدُ عَنْ إِطْرَاءِ فَاطِمَةٍ *** مَهْما أَرَدْتَ بِقَرْضِ الشِّعْرِ إطْراها(4)
واللَّهِ واللَّهِ لا تُحْصِي فَضَائِلَها *** وَلَوْحُبِيتَ عَدِيدَ النَّجْمِ أَفْواها
فَهْيَ الّتِي عَنْ مَدِيحِ الخَلْقِ رُتْبتُها *** جَلَّتْ وَخالِقُها الرَّحْمنُ أَعْلاها
لَوْ كلُّ ماءِ بِحَارِ الأَرْضِ مِحْبَرةٌ *** وَأَصْبَحَتْ وَرَقاً عَلْياءُ دُنْياها
ص: 156
وَ كُلُّ عُودٍ على وَجْهِ الثَّرَى قَلَمٌ *** وَ كُلُّ نَفْسٍ إِلهُ العَرْشِ سَوّاها
كانُوا عَلَى الأرض كُتاباً وَكُلُّهُمُ *** رامُوا بأنْ يَنْعَتُوا ما الله أَوْلاها
لَمْ يَبْلُغُوا ذَرَّةٌ ممّا به مُنحَتْ *** مِنَ الفَضائل مِنْ ذِي العَرْشِ جِلّاها(1)
و هُيَ الّتي خُلِقَتْ من نُورِ بارئها *** فَأَيْنَ لِلْخَلْقِ الْمَامٌ بِمَعْنَاهَا(2)
لَكِنْ رَأَيْتُ عَلَى قَدْرِي مَدائِحَها *** فَرِيضةٌ وَ إِلهُ العَرْشِ زَكّاها
طُوبَى لِمَنْ صَيَّرَ الإِسْلامَ قائِدَهُ *** وَوَدَّ ابْناءَ ها طراً وَ والاها
وَ لَمْ أكُنْ أحْسِبُ الأَيَّامَ تَضْرِبُها *** وَ الدَّهْرَ يَجْهَلُ بَيْنَ النَّاسِ فَحْواها
وَ تُضْرَمُ النَّارُ في بَيْتٍ لَهَا سَكَنٌ *** فَرَّتْ به وَ هُوَ طُولُ العُمْرِ مَأواها(3)
وَ ذَلِكَ البَيْتُ أصْحابُ الكِساءِ به *** عَلِيُّ المُرْتَضَى الزَّاكِي وَ نَجْلاها
وَ تُمْنَعُ الإِرْثَ مِنْ طه وَ نِحْلَتَها *** مِنْهُ بأقوالِهِ القُرْآنُ يَأباها(4)
وَ فِي الدُّجى خُفْيَةً تُلْقَى بِحُفْرَتِها *** حَبِيبَةُ المُصْطَفَى خَيْرِ الوَرَى طه
وَ مَنْعُها صَيَّرَ الإسلام مُغْتَرباً *** وَ لَمْ يَزل لمقام الحَشْرِ يَنْعاها
وَ زَوْجُها المُرْتَضَى رُدَّتْ شَهادَتُهُ *** لها وَ كُذِّبَتِ الزَّهْرا وَ ابْناها
وَ إِنَّهُمْ كَالَّتِي قال الإلهُ بِهَا *** بِسْم المُهَيْمِن مُجْراها وَ مُرْساها
وَ كُلُّهُمْ شَهِدَ البارِي بِصِدْقِهِمُ *** وَإِنَّ مَنْ كَذَّبُوهُمْ كَذَّبوا اللَّه
وَ إِنَّ تَكْذِيبَها مِنْ بَعْدِ وَالِدِها *** أماتَها بَعْدَهُ غَضْبَىٰ وَ أَشْجَاها
وَ اللَّهُ يَخْزي الألى مِنْ بَعْدِ ما سَعِدُوا *** ما صَدَّقُوا بَضْعَةَ الهادِي بِدَعْواها
في يَوْمِ تَأْتِي إِلى الرَّحْمَنِ شاكيةً *** وَ العَرْسُ يَهْتَزُّ إِذعاناً لِشَكواها
ص: 157
وَ النَّارُ تَسْحَبُ كُلَّ الظَّالِمِينَ لَهَا *** وَ كُلَّ مَنْ في بنيها الغُر آذاها
وَ إِنْ أَشْقَى الوَرَى عِنْدَ الإِلَهِ غَداً *** مَنْ خَصْمُهُ عِنْدَهُ أَعْلَى الوَرَىٰ جاها
وَ حَسْبُها يَغْضَبُ البارِي إِذا غَضِبَتْ *** وَ عِنْدَهُ شَرُّ أَهْلِ النّارِ أَعْداها
صَلَّى الإِلهُ عَلَيْهَا كُلَّما طَلَعَتْ *** شَمْسُ النَّهارِ وَجَنَّ اللَّيْلُ عُقْباها(1)
ص: 158
(بحر الكامل)
الشيخ أحمد حسن الدجيلي(*)(1)
أَلشَّمْسُ ما سَطَعَتْ وَضَاءَ سَنَاها *** إلاّ و أَنْتِ مَدَارُها و رَحَاها(2)
وَالمَجدُ مِنْ آبَائِكِ الغُرُ الأُلَى *** إِرْثٌ بِهِ شَمَعَ الفَخَارُ وتَاها(3)
مِنْ عَهْدِ (إسماعِيلَ) جَدِّكِ مَنْ بَنَى *** فِي أَرْضِ مَكَّةَ كَعْبَةً وَ رَسَاها
ص: 159
وَ أَتى بِ- (زَمْزَمَ) وَ هْيَ آيَتُهُ الَّتي *** سَكَنَتْ لِهَاجَرَ نَفْسُها بِفِناها
حَتّى سَقَى بَطْحَاءَ مَكَّةَ وَارْتَقَتْ *** مِنْ أَصْغَرَيْهِ بَرَاعِمٌ رَبَّاها
أنْتِ المَنَارُ لَهُ وَ أَيُّ كَرَامَةٍ *** لَمْ تَبْلُغِي مِنْهَا أَعَزَّ عُلاها
وَ أَبوكِ (هَاشِمُ) مَنْ يُدَانِي فَضْلَهُ *** وَ هُوَ الرَّبِيعُ المُمْحِلاتِ رُبَاها(1)
قَدْ كَانَ صَيِّبُ كَفِّهِ لِقَبِیلِهِ *** كَالغَيْثِ إِذْ يَنْهَلُ فَوْقَ ثَرَاهَا(2)
إنَّ البُطولَةَ عِزَّةٌ وَ سَمَاحَةٌ *** وَ رَجاحَةٌ في العَقلِ لاتَتَناهى
أُولاءِ آباءٌ وَ تِلْكَ مَفَاخِرٌ *** كَبُرَتْ وَ نَاحَ عَلَى الأَنَامِ شَذاها
نُورُ النُّبُوَّةِ قَدْ مَشَى في صُلْبِهِمْ *** وَ أَظَلَّ في الدُّنْيا فَزَالَ عَمَاها
نُورٌ تَبلَّج في جَبِينِ مُحَمَّدٍ *** تَاهَتْ بهِ الدُّنيا وَ عَمَّ ضِيَاها(3)
لاغَرْوَ فَاللَّهُ اصْطَفَاهُ إِلَى الهُدَى *** يَحْمِي شَرِيعَةَ جَدْهِ فَحَماها
وَ اخْتَارَهُ مِرآة حَقٌّ مارَنَتْ *** عَيْن لَهُ إِلا أَزَالَ قَذَاها
وَإذا سُطورُ الغَيِّ بَانَ ضَلَالُها *** أَجْرى عَلَيْها رَوحَهُ فَمَحاها
***
مِنْ فَرْعِهِ الزَّاكِي البَتُولَةُ فَاطِمٌ *** لِلَّهِ مَنْشَؤُها وَ طِيبُ صِباها(4)
رَضَعَتْ نَدِيَ المَكْرُمَاتِ فَأُتْرِعَتْ *** كَاسَاتُها مِنْها فَكُنَّ حُلاها(5)
هِيَ بَضْعَةُ الهَادِي وَ زَوْجَةُ حَيْدَرٍ *** وَ السَّيْدَانِ الزَّاكِيَانِ ابْنَاها(6)
ص: 160
وَ هُمَا الإِمَامَانِ اللَّدَانِ تَبَوَّءَ *** اهَامَ السُّهَى وَ تَفَيَّئا بِذُراها
لَهُمَا مِنَ الآيَاتِ ما عَظُمابهِ *** فَلِذَا بِهِمْ أَثْنَى النَّبِيُّ وَ بَاهَى
كُلُ بأَحْكامِ الشَّرِيعَةِ عَالِمٌ *** فَكَأَنَّهُ عِنْدَ الفِطَامِ وَعَاها
مَشَيَا عَلَى مِنهاجها وَ صِراطِها *** وَ تَرَسَّمَا يَوْمَ الجِهَادِ خُطاها
وَ هُمَا قَدِ اتَّخَذَا النِّضَالَ سَفِينةُ *** الدِّينُ مَرْفَأَها وَ يُرْجُ سَماها
وَ شِراعُها الإيمانُ إِنْ عَصَفَتْ بها *** هُوجُ الرِّياحِ أَمَالَها فَثَناها(1)
لَكِنَّما الحَسَنُ الزَّكِيُّ بِثَاقِبٍ *** مِنْ فِكْرَةِ الإصلاحِ كَانَ يَراها
فَغَدا إمامَ المُصْلِحينَ وَ قَدْوَةً *** لِلمُتَّقِينَ وَ حُجَةً لِهُدَاها
***
وَ السِّبْطُ (عِنْوَانُ الإِباءِ) بِوَقْفَةٍ *** رَامُوا مَذَلَّتَهُ بِها فَأَبَاها(2)
للَّهِ مَوْقِفُهُ الكَرِيمُ بِسَاعَةٍ *** صُحُفَ الضَّلاَلِ بِكَرْبَلاءَ طَوَاها
قد لَقَّنَّ الأَحْرارَ دَرْساً لَمْ يَزَلْ *** ذِكْرَىٰ يَقُومُ عَلَى الرَّشادِ بِناها
إِنَّ العَقِيدَةَ في رَوَاقِ بِنائِهِ *** لِلْحَشْرِ مُرْتَفِعاً يَظَلُّ لِوَاها
غَذَّتْهُ فَاطِمَةُ البَتُولُ بِدَرِّها *** وَ حَبَتْهُ مِنْ الطافِها وَ مُنَاها
وَ حَبَاهُ وَالِدُهُ الوَصِيُّ بُطُولَةً *** ثَمَرَاتُهُ يَوْمَ الطُّفوفِ جَنَّاها(3)
هَذَانِ فَرْعَاهَا فَأَيَّةُ حُرَّةٍ *** مِثْلَ البَتُولِ سَمَا وَ عَزَّ حِمَاها؟
ما مَرْيَمُ العَذْرَاء أَعْلَى رُتْبَةً *** مِنْها ولا حوّاهُ أَعْظَمُ جَاهَا(4)
ص: 161
حَازَتْ مِنَ الشَّرَفِ الرَّفِيعَ مَكَانَةً *** في شَأْنِها قَالَ النَّبِيُّ وَفَاهَا
هِيَ (بَضْعَةٌ مِنِّي) فَمَنْ وَالَى الهُدَى *** وَ أَطَاعَ أَمْرَ نَبِيْهِ وَالآها
هذِي هِيَ الزَّهْرَاءُ نَسْلُ مُحَمَّدٍ *** جَمَعَتْ خِصَالاً لا يُرَامُ مَدَاها(1)
إِنَّ الدَّرَارِي في مَقَرْ سَمَائِها *** هَيْهَاتَ تَبْلُغُ شَأْوَها وَ سَمَاهَا(2)
ما في النِّسَاءِ لَوِ اخْتَبَرْتَ نَظيرُها *** كَلاّ... و لاغَيْرُ البَتُولِ سِواها
ص: 162
(بحر الخفيف)
الأستاذ أنور فرج اللَّه
قَدْ أَطَلَّتْ عَلى الدُّنَى بِسَناها *** وَجْهُها الصُّبْحُ وَ الضّياءُ رِداها
وَ اسْتَفاقَتْ مَعَ الرِّسالةِ طَلاًّ *** يَغْسِلُ الوَرْدُ قَلْبَه بِنَداها
وَ أريجُ المِيلادِ يَعْبَقُ في الدُّنيا *** عبيراً يَفُوحُ مِنْ بَيْتِ طه(1)
وَ الكمالُ انْحَنَى يُصلِّي إِلَيْهَا *** بِخُشُوع مُسْتَلْهِمَاً مِنْ هُداها
وَ الرّسولُ العَظِيمُ يَأْوِي إِلَيْهَا *** أَصْبَحَتْ أُمُّهُ وَ كانَ أَباها
تَهَبُ الحُبَّ لِلْجَدِيبِ فَيُضْحِي *** أَحْضَرَ الرَّوْحِ مُورِقاً مِنْ شَذاها(2)
فَهيَ فَوْقَ الخلودِ فَوْقَ قَوافِي *** الشَّعْرِ تَسْمُو على الرُّؤى بِعُلاها
أَلْهَمَ اللَّهُ حُبَّها كُلَّ طُهْرٍ *** وَ اصْطَفاها وَ كَوْثَراً سَمّاها
***
وَ أَتَيْناها نَحْمِلُ النَّبْضَ فَجْراً *** دَمَوِيّاً مُمَزَّقاً يَتَباهي(3)
وَ بهِ وَجْهُ صَدْرِنا وَ بِهِ لَوْنُ *** عُيُون تَوَرَّمَتْ بِقَذاها
رَسَمَ اللَّيْلُ في مَحاجِرِها الرُّعْبَ *** وَ أَلْقَى أَدْرانَهُ بِنقاها(4)
سَلَبَتْ قَلْبَنا نَزيفُ رُواهُ *** ضَيَّعَثنا تَشَتُّتاً في مَداها
ص: 163
وَ مَشَيْنا فما تَوانَتْ رِكَابٌ *** عَنْ مَنالِ المُنى وَ عَنْ مُبْتَغاها
***
أنْتِ يا فاطِمُ البتول حُداءٌ *** لِقَوَافِي السُّرَى وَ رَجع صَداها
تُلْهِمِينَ الرُّكْبانَ فَوْرَةَ عِشْقٍ *** لِقُلُوبِ مِنْ كَرْبَلا مُبْتَداها
شاطِىءَ الدِّفْءِ ضَيَّعَتْنا بِحارٌ *** يتنَاءى مع المَدى مِيناها(1)
شاطِيءُ الدَّفْءِ قَدْ أَتَيْنَا وَفِينا *** يَلْهَبُ الشَّوْقُ في العيونِ بُكاها
أَوْقِدِي لِلْعُيُونِ مِنْكِ ابْتِساماً *** كَفْكِفِي دَمْعَها وَ شُدّي خُطاها(2)
فَسَتَبْقَى القُلوبُ تَهْتَزُّ وَجْداً *** لِمَعِينٍ عَذبِ يُظفِي لَظاها
وَ سَتَبْقَى الزَّهراءُ قَبْضَ عَطاءٍ *** لِلْبَرايَا وَ نَرْتَجِي قُرْباها(3)-(4)
ص: 164
ص: 165
أشْقِياءُ وَ الإِبْنُ مِثْلُ أَبِيهِ *** نَقَضُوا عَهْدَ أَحْمَدٍ في أخِيهِ
وَ أذاقوا البتول ما أَشْجاها
مِنْهُمُ أَغْضَبَ البَتُولَةَ عِلْجُ *** إِذْ أَتَتْهُ تُراثَها مِنْهُ تَرْجُو
فَأَبَى الرّجُسُ إِذْ رآها تَعِجُّ *** وَ هِيَ العُروَةُ التي لَيْسَ يَنْجُو
غَيْرُ مُسْتَعْصِمٍ بِحَبْلٍ وَلاها
أَرْسَلَ اللَّهُ سَيْدَ الرُّسل طُرًّا *** بِالهُدَى وَ الشَّيْطَانُ يُعبَدُ جَهْرًا
وَمُذِ الحقُّ شَقَّ لِلْبَعْثِ فَجْرَا *** لَمْ يَرَ اللَّهُ لِلرِّسالةِ أَجْرَا
غَيْرَ حِفْظِ الوِدادِ في قُرباها
لَمْ تَزَلْ بَعْدَ أحْمَدَ الطُّهْرِ عَبْرَى *** بِغُمُومٍ مِنْ ذلِكَ الرِّجْسَ تَتْرَى(1)
وَيْلُ عِلْجٍ بها اسْتَخَفَّ وَ أَدْرَى*** لَسْتُ أُدْرِي إِدْ رُوِّعَتْ وَ هْيَ حَسْرَىٰ
عانَد القَوْمُ بَعْلها وَ أَباها
مُذ أضِيمَتْ مِنْ بَعْدِهِ أَيَّ ضَيْمِ *** لَمْ يَزَلْ حُزنُهُ لَدَيْها كَغَيْمِ(2)
جُرِّعَتْ مِنْ سِمامِ سامٍ وَ أَيْمِ *** يَوْمَ جَاءَتْ إلى عَدِيٍّ وَ تَيْمِ
وَ مِنَ الرّجدِ مَا أَطالَ بُكاها
قَدْ أَغاظُوا سَيْدَ الرُّسُلِ صِنْوَا *** حِينَ رَضُوا مِنْ فَاطِمَ الطُّهْرِ عُضْوا
وَ لَكَمْ بَشَّتِ المُهَيْمِنَ شَكْوَى *** فَدَعَتْ وَاشْتَكَتْ إلى اللَّهِ شَجْوَا
وَالرَّواسِيَ تَهْتَزُّ مِنْ شَكواها(3)
ص: 167
ثُمَّ عادَتْ بخُطبَةٍ وَ أَعادَتْ *** كَلِمَاتٍ لها الرَّواسِحُ مادَتْ(1)
وَ بَكَتْ وَاشْتَكَتْ بحزنٍ وَنَادَتْ *** فاطْمأَنَّت لها القُلُوبُ وَ كادَتْ
أَنْ تَزُولَ الأحْقادُ مِمَّنْ حَواها
حاجَجتْهُمْ بسُنَّةٍ وَ كِتَابِ *** أَفَلَجَتْهُمْ بِحِكْمَةٍ وَ صَوابِ(2)
حِينَ جاءَتْ وَ قَلْبُها بِالْتِهابِ *** تَعِظُ القَوْمَ في أتَمِّ خِطابِ
حَكَتِ المُصْطَفَى بهِ وحَكاها
وَ لِخَطب الخِطابِ أبْدَتْ حَنِيناً *** مَلاً الدهرُ رَنَّةً وَ أَنِينا
وَ أَسَى أَيْقَظَ النَّبِيَّ الأمينا *** أيُّها القَوْمُ راقبوا اللَّهَ فينا
نَحْنُ مِنْ رَوْضَةِ الجَلِيلِ جَناها
حُبُّنا دِينُ الحَقِّ وَ البُغْضُ كُفْرُ *** وَ وِلأنا يَوْمَ القِيامَةِ ذُخْرُ
وبهِ في الجِنانِ كَمْ شِیدَ قَصْرُ *** نَحْنُ مِنْ بارِي السَّماواتِ سِرُّ(3)
لَوْ كَرِهْنا وُجودَها ما بَراها
ص: 168
وَينا اللَّهُ أَكْمَلَ الإِيمانا *** وَ لَنا زيَّنَ الإِلهُ الجِنانا
ولأَعْدائِنا بَرَى النِّيرانا *** بَلْ بآثارِنا وَ لُطفِ رِضانا
سَطَحَ الأَرْضَ وَ السَّماءَ بَناها(1)
مَنْ تَنَحَّى عنّا فَلِلْغَيْ يَصْبو *** وَ الَّذِي عَنْ طَريقِنا حادَ يَكْبُو(2)
فَبِنا يَرْضَى اللهُ وَ الخَيْرُ يَرْبُو *** وَ بِأَضوانِنَا الَّتي لَيْسَ تَخْبُو(3)
حَوَتِ الشُّهْبُ ما حَوَتْ مِنْ سَناها(4)
ص: 169
فَحِمانَا لِلْوَحْيِ أَكْرَمُ مَنْزِلِ *** وَعُلانَا لِلدِّينِ أَعْظَمُ مَوْئِلِ
وَ هُدانا لِلْمُهْتَدِي خَيْرُ مَعْقِل *** وَ اعْلَموا أَنَّنا مَشاعِرُ دين اللَّهِ
فِيكُمْ فَأَكْرِمُوا مَثْواها
فَإِلَى فَضْلِنا لَدَى الحَشْرِ أَيْضٌ *** وَ لَدينا في جَنَّةِ الخُلْدِ حَوْضٌ(1)
وَ لنا في النَّعِيمِ أَزْهَرُ رَوْضٌ *** وَ لَنا مِنْ خَزائِنِ الغَيْبِ فَيْضٌ
تَرِدُ المُهْتَدُونَ مِنْهُ هُداها
إنّ رَبَّ السَّمَاءِ إِلَيْنَا تَجلَّى *** وَحَبانا أَمْرَ الجِنانِ وَ وَلَّى
وَبِها خَصَّ مَنْ بِنا قَدْ تَوَلَّى *** إِنْ تَرُومُوا الجنان فَهْيَ من اللَّه
إِلَيْنا هَديَّةٌ أَهْداها
بَلْ وِلانا الجِنانُ لاتَدَعُوها *** وَ الرّضا أُمُّ رَوْضِها وَ أَبُوها
فَاصْحَبُوا حُبَّنا وَ مِنَا خُذُوها *** هِيَ دارٌ لَنا وَ نَحْنُ ذَوُوها(2)
لايُرى غَيْرُ حِزْبِنا مَرْآها
خُلِقَتْ لِلَّذِي إِلَى الحَقِّ دانا *** لالِمَنْ خَانَ عَهْدَنَا وَجَفانا
فَجِنانُ النَّعِيمِ مَهْرُ وِلانا *** وَ كذاكَ الجَحِيمُ سِجْنُ عِدانا
حَسْبُهُم يَوْمَ حَشْرِهِم سُكْناها
لَيْتَ شِعْري وَ في الحَشَا أَيُّ كَيِّ *** لايُداوَى وَ أَيُّ داءٍ دَوِيٍّ(3)
ص: 170
وَ أَسَى قَدْ طَوَى الأَسَى أَي طَيِّ *** أيُّها النَّاسُ أَي بِنْتِ نَبِيِّ
عَنْ مَواريثِها أَبُوها زواها؟(1)
أَفهَلْ مِنْكُمْ بِحَقِّ حَقِيقُ *** وَ بِنَصْرِي مِنْكُمْ يَقُومٍ وَ ثِيقُ؟
فَبَراني وَ الدَّمْعُ مِني عقيقُ *** كَيْفَ يَرْوِي عَنِّي تُراثي عَتِيقُ
بِأَحَادِيثَ مِنْ لَدُنْهُ افْتَراها؟
أَنْكَرُوا النَّصَّ في أُمورٍ أَتَوْها *** وَ وَصايا الإلهِ فينا أَبَوْها(2)
فَالأحاديثُ إِنْ عَلَيْنَا افْتَرَوْها *** هذه الكُتْبُ فَاسْأَلُوها تَرَوْها(3)
بِالمَوَارِيثِ ناطقاً فَحْواها
لَيْسَ يُجْدِيكُمْ مِنَ الذِّكْرِ ذِكْرُ *** إِذْبكُمْ قَدْ أَحاطَ غَيٌّ وَ كُفْرُ
فَبِمَعْنَى مِنْ آلِ يَعْقُوبَ سِرُّ *** وَ بِمَعْنَى يُوصِيكُمُ اللَّهُ أمرُ
شامِلٌ لِلْعِبادِ في قُرْباها
كُلُّ فَضْلِ لنا المُهيمنُ أَوْلى *** إِذْرآنا بذاكَ أَحْرَى وَ أَوْلَى(4)
وَإلينا أَهْدَى الوَصِيَّةَ طَوْلاً *** كَيْفَ لَمْ يُوصِنَا بِذلِكَ مَوْلانا
و تَيْماً مِنْ دُونِنا أَوْصاها؟
يا لَخَطْبِ أعْيا الورى إِعياءَ *** ولِداءٍ أعْيا الطَّبيِبَ دَواءَ(5)
إنْ ربَّا بِنَا بَرَى أنبياءَ *** هَلْ رآنا لانَسْتَحِقُّ اهْتداءَ؟
وَ اسْتَحَقَّتْ تَيْمُ الهُدَى فَهَداها
وَ هْيَ كَمْ أَحْدَثَتْ حُدُوثَ الرَّزايا *** وَ تَخَطَّتْ إلى أَشدَّ الخَطايا
ص: 171
أتُراهُ لم يَرْعَ رُشْدَ الرَّعايا *** أمْ تُراهُ أَضلَّنا في البَرايا
بَعْدَ عِلْمٍ لِكَيْ نُصِيبَ خَطاها؟
أيُّها القَوْمُ هَلْ ذِمَامٌ يُراعى *** لِنَبِيَّ وَ فِي الدِّمَامِ وَ راعَى؟(1)
عادَ حَقّي في ظالِمِينَ مُضاعا *** أَنْصِفُوني مِنْ جَائِرَيْنِ أضاعا
ذمَّةَ المُصْطَفَى و ما رَعَياها
فَانظُروا مَنْ بِنا بِبَغْيِ تَحَكُمْ؟ *** وَ دَهانا بالجَوْرِ أَي مُذَمَّمْ؟
فَغَدَوْنَا مِنْ ظُلمَةٍ نَتَظَلَّمْ *** وَ انْظُرُوا في عواقبِ الدَّهْرِ كَمْ أَمْسَتْ
عُتاةُ الرّجالِ مِنْ صَرْعاها
قَدْ سَلَكْتُمْ مِنَ الصَّلالِ طُرُوقا *** وَ حَفِظْتُم مِنَ النّفاقِ شُقُوقا
و رأيتُم لِلغَيِّ وَ البَغْي سُوقا *** ما لَكُمْ قَدْ مَنعتُمونا حُقُوقا؟
أَوْجَبَ اللَّهُ في الكتابِ أَداها
وَ عَلَيْنَا عُتاتُكُمْ كَمْ تَعاتَتْ *** وَ عَلَى الحِقْدِ وَ الحَزَازَةِ باتَتْ(2)
وَ عَلَيْهِ عاشَتْ قُواكُمْ وَ مَاتَتْ *** وَ حَذَوْتُمْ حَذْوَ اليَهُودِ غداةَ
أَتخَذوا العِجْلَ بَعْدَ مُوسَى إِلَها
أَعلِمتُمْ إِذْ غَيَّكُمْ هَدَّ طَوْدا *** لِلْهُدَى كَمْ أَشَابَ لِلدِّينِ فَوْدا؟(3)
وَ لَكُمْ حِينَ ذُدْتُمُ الحَقَّ ذَوْدا *** قَدْ سَلَبْتُمْ مِنَ الخِلافةِ خَوْدا(4)
كانَ منّا قِناعُها وَرِداها
وَ رَمَيْتُمْ آلَ النَّبِيِّ بِغَدْرِ *** وَ قَعَدْتُمْ فِي الدِّينِ عَنْ كُلِّ نَصْرِ
ص: 172
وَ أَغَرْتُمْ عَلَى الرّشادِ بِكُفْرِ *** وَ سَبَيْتُمْ مِنَ الهُدَى ذاتَ خِدْرِ
عَزَّ يَوْماً عَلَى النَّبِيِّ سِباها
يا طُغامَ الأَنامِ زِدْتُمْ فُجُورا *** وَ أَبَيْتُم في الدِّينِ إلا كُفُورا(1)
لَكُمُ الوَيْلُ كَمْ أَتيتُمْ أُمُورا *** تَدعونَ الإِسلامَ إفكاً و زُورا
كذَبَتْ أُمَّهَاتُكُمْ بادِّعاها
لَسْتُ أَدْرِي إِذْ عَنْ رشادِ صَدَدْتُمْ *** وَ لأَزْرِ الضَّلالِ بَغْياً شَدَدْتُمْ
ألِبَعْل سَجَدْتُمْ إِذْ سَجَدْتُمْ؟ *** أَيُّ شَيْءٍ عَدْتُمْ إِذ عَبَدْتُمْ؟
أَنْ يُولَّى تَيْمٌ عَلَى آلِ طَه
قَدْ جَعَلْتُمْ عَلَيْكُمُ أُمراءَ *** أَشْقِياءَ خانوا الهُدَى أَدْعياءَ
وَ التَمَنْتُمْ فَخُمْتُمُ أُمَناءَ *** إِذْ رَضِيتُمْ مِنْ دُونِنَا خُلفاءَ
لاَشْتَفَتْ مِنْ قُلُوبِكُمْ مَرْضاها
أَوْ أَعَنْتُمْ عَلَى الصَّلالِ مُعِينا *** لأُسْقِيتُمْ صَوْبَ الغَمام مَعِينا(2)
أو نَكَلْتُمْ عَنّا شَلِلْتُمْ يَمِينَا *** أَوْ أَبَيْتُمْ عُهُودَ أحْمَدَ فِينا
لا وُقِيتُمْ مِنَ الرَّزايا سُطاها(3)
إنَّمَا البُرْدَةُ التي قَدْ تَحلَّى *** بِحُلاها مَنْ عَنْ وِلأنا تَخلَّى
وَ تَولّى بَغْياً وَ عَنَا تَوَلَّى *** هَذِهِ البُرْدَةُ التي غَضِبَ اللَّهُ
عَلَى كُلِّ مَنْ سِوانا ارْتَداها
قدْ تَلَقَّعْتُمُ بِأَثوابِ نارِ *** وَ حُبِيتُمْ مِنْهَا بأَيِّ اسْتعارِ(4)
وَ اشْتَمَلْتُمْ مِنْها بِبُرْدَةِ عارِ *** فَخُذُوها مَقَرُونَةٌ بشَنارِ
ص: 173
غَيْرَ مَحْمُودَةٍ لَكُمْ عُقْبَاهَا
سَلَبَتْكُمْ أَثوابَ كُلِّ فَخارِ *** وَ كَساكُم بها العُرَى كُلَّ عارِ
فَارْتَدُوها قَدْ طُرّزَتْ بشِرارِ *** وَ الْبَسُوْها لِباسَ عارٍ وَ نارِ
قَدْ حَشَوْتُمْ بالمُخْزِيَاتِ وِعاها
إِنْ نَسَلُكُمْ أَداءَ حَقٌّ جِوارِ *** أَوْ نَسَلْكُمْ وَفاءَ أَيِّ ذِمارِ(1)
أوْ نَسَلُكُمْ عَنْ نِحلَةٍ وَ عُقارِ *** لَمْ نَسَلُكُمْ لِحَاجَةٍ وَ اضْطِرارِ
بَلْ نَدلُّ الوَرَى عَلَى تَقْواها
إنْ بِغَدْرٍ سُدْتُمْ وَحَلٌ عُقُودِ *** وَ اتَّبَاعَ الهَوَى وَ نَقْضِ عُهُودِ
وَ بِبُخل وَ شِحْةٍ وَ جُمُودِ *** كُم لنا في الوُجُودِ رَشْحَةُ جُودِ
يُعْجِزُ السَّبْعَةَ البِحارَ غِناها
وَ لَنا حِكْمَةٌ ذَكَتْ لابزيتِ *** وَ سِباقٌ قَدْ فَاتَ كُلَّ كُمَيْتِ(2)
وَ عُلاً سادَ كُلَّ حَيَّ وَمَيْتِ *** عَلِمَ اللَّهُ أَنَّنا أَهْلُ بَيْتِ
ليس تأوي دَنِيَّةٌ مَأواها
فَوِلانا لِلنّاس أَعْظَمُ حِصْنٍ *** وَ مِنَ الهَوْلِ في غَدٍ أَيُّ أَمْنِ
كَمْ عَلَيْنا مَنَّ الإِلهُ بِمَنْ *** لَوْسَأَلْنَا الجَلِيل القاءَ عَدْنِ
أَوْ مَقَاليدَ عَرْشِهِ أَلقَاها
أيْنَ مِنْ شَأْوِ مَجْدِهِمْ كُلُّ شَانِ؟ *** قاصِرٌ عَنْ هِجَاهُ كُلُّ بَيانِ
إِنْ به فاءَ طُولُ دَهْرِي لِساني *** سَعْدُ دَعْنِي وَ هَجْوَ سُود المعاني
أَكْبَرُ الحَمْدِ في معاني هِجاها
قُلْ لِقَوْمِ سَعَتْ بِجُهْدِ فَسَادا *** وَ نَفتْ حَقَّقَ آل طة ارْتدادا
ص: 174
يا طَغاماً ضاهَتْ ثموداً وَ عَادا *** كيفَ تُنْفَى ابْنَةُ النَّبِيِّ عناداَ(1)
لانَفَى اللَّهُ مِنْ لَظَّيّ مَنْ نفاها
الأيِّ الأُمُورِ تُجْهَلُ قَدْراَ *** بنتُ خَيْرِ الوَرَى فَتُجْهَلُ قَبْراً؟
أم لأيِّ الأُمُورِ تُظْلَمُ جَهْراَ *** وَلأَيِّ الأُمُورِ تُدْفَنُ سرّاَ؟
بَضْعَةُ المُصْطَفَى وَ يُعْفَى ثَراها
نَغَّصُوا عَيْشَها وَ قَدْ كانَ رَغْداً *** وَ فُؤادُ الهُدَى لَها ذابَ وَقْداَ(2)
إذْ قَضَتْ وَهيَ أَوْفَرُ الخَلْقِ جُهْداً *** فمَضَتْ وَ هيَ أَعْظَمُ النَّاسِ وَجداً
في فَمِ الدَّهْرِ غُصَّةٌ مِنْ جَواها
فَاغْتَدَى قَلبُها عَلَى الصَّيْمِ يُطْوَى *** وَ اغْتَدَى دَمْعُها بِهِ الأَرْضُ تُرْوَى
تَخِذَتْ لِلأحزانِ كالقَبْرِ مَأْوَىٰ *** وَ ثَوَتْ لايُرى لها النَّاسِخُ مَثْوَى
أي قُدْسٍ يَضُمُّهُ مَثواها؟
قَدْ رَمَتْها يَدُ الحَقُودِ بِصَرْفِ *** لِلرَّزايا ذاقَتْ به أَي حَتْفِ
فَقَضَتْ وَ الزَّمانُ عَنْهَا بِخُلْفِ *** ثُمَّ هُمَّتْ بِبَعْلِهَا كُلُّ كَفِّ
وَاسْتَمدَّتْ لَهُ رِقاقَ مُداها
أُمَةٌ ضَلَّ إِذْ غَوَتْ مَسْعاها *** أُمَّةٌ خابَ حِينَ ضَلَّتْ رَجاها
أُمَّةً في الأنامِ ما أَشقاها *** أُمَّةٌ قاتَلَتْ إمامَ هُداها
يا تُرى أَيْنَ زالَ عَنْها حَياها
أَدْعِيَاءٌ قَدِ انْتَمَتْ لِطَغامِ *** لاتُبالِي في البَغْيِ مِنْ آثامِ
وَ ازَرَتْها في الغَيِّ أَيُّ سَوامِ *** كَمْ أرادَتْ إظفاءَ نارِ حُسامِ(3)
ص: 175
صاغَهُ اللّهُ تَمْرَةً لِحَشاها
حِلْفُ کَفِّ بها لَهُمْ أَيُّ كَفِّ؟ *** وَ نَكَالٌ لَهُمْ وَ ارْغامُ أَنْفِ
وَ لِطَّغْيانِهِم بها أَيُّ حَنْفِ؟ *** بأَبي مَنْ لَهُ مَطاعِنُ كَفِّ
لايُداوَى مِنَ الرَّدَى كَلْماها
كَمْ بِها لِلرَّشادِ أَسْدَى صَنِيعا *** وَ بَنَى للإِسْلامِ حِصْناً رفيعا
إِذْ غَدا لِلْعُلُومِ كَهْفاً مَنِيعا *** إنَّ ذاتَ العُلُومِ تُنمى جَمِيعا
لِعَليَّ وَ كانَ رُوحَ نَمَاها
مُذيَدُ الصُّنْعِ لِلْهُدَى كَوَّنْتُهُ *** وَ بِحَلْيِ مِنْ فَضْلِها زَيَّنَتُهُ
كُلُّ أُكْرُومَةٍ بِمَجْدٍ عَنَتْهُ *** وَ كَذَا كُلُّ حِكْمَةٍ مَكَّنَتَهُ
مِنْ أَعالي سَنامِها فَامْتَطاها
فَمَعَالِيهِ لِلْفَضائِلِ الْفُ *** وَ أَيادِيهِ لِلْفَواضِلِ حِلْفُ
فَمَتَى يَلْتَجِي العُلَى فَهُوَ كَهْفُ *** وَ مَتى يُذْكَرِ النَّدَى فَهُوَ لُطْفُ؟
إنَّ مُحْيِي المَوَتى بِهِ أَحْياها
فيهِ لِلْغَي ساخَ كُلُّ أَساسِ *** وَ رَسا لِلْهُدَى بِهِ كُلُّ راسِ(1)
فَلِصَمُصابِهِ القَضاءُ مُواسِ *** وَ لأَقْدامِهِ تَزُولُ الرواسِي(2)
وَ المقاديرُ تَقْشَعِرُّ حَشاها
كَمْ مَعَالٍ مِنْهُ لَدَيها التَطَوُّلُ *** وَ عُلُومِ لَهُ عَلَيْهَا التَفَضَّلْ
فلَهُ انْقَادَ صَعْبُها بِتَذَلُّلْ *** وَ مَرامِي الأشرارِ سَدَّدَ سهم
اللّهِ مِنْهُ لَها فما أَخْطاها
بَحْرُ فَيْضٍ أَغْنَى افْتِقَارَ عُفاةِ *** لِلْوُجوداتِ مِنْهُ في رَشَفاتِ
ص: 176
وَ هُوَ إنْ بِالنَّوالِ مُحيي رُفَاتِ *** كَمْ لَهُ مِنْ مَواهِبٍ مُرْدَفَاتِ(1)
هي كالشَّمْسِ لايَحُولُ ضِياها
ص: 177
(بحر الخفيف)
الحاج جواد بدقت الحائري(*)(1)
أهِيَ الشَّمْسُ في سَماءِ عُلاها *** أَخَذتْ كُلَّ وُجْهَةٍ بِسَناها؟
أمْ تَجلَّتْ بوَجْهَةٍ دونَ أُخرى ***و لِمَا أَنْتَ بالغي في هَوَاها
أَيْنَما تَنْبَرِي بِطَرْفَيْنِ في فَجٍّ *** مِنَ الدَّهْرِ لَم تَجِدْ إِلاّها
لاتَخَلْ حُبَّها مُصَاحِبَ نَفْسي *** أَخَرَتْهُ وَصْلاً بهِ عَنْ سِوَاها
كُلُّ قَلْبٍ يَضُمُّهُ صَدْرُ شرِّ *** وَجَهَتْهُ يَدُ الهَوَى تلَقَّاها
غَيْرَ أنّ الشُّؤونَ شَتَّى فَكُلٌّ *** بِسَبِيلِ بَدَتْ لَهُ وَ اهْتواها
وَ هُيامِي بها فَلَيْتَ مُحَلّيها *** بإِنشَاءِ مُهْجَتي جَلاَها(2)
هَيَ سِرُّ الهَوى فإِنْ تَلْقَ نفساً *** لِسِواها يَشُفُّها باحْتِواها
بَلَغَ الشَّوْقُ بِي إِلَيْهَا مُقاماً *** لَوْ تَرى النَّفْسُ تَرْكَهُ أعياها
كُلّ آنٍ قَلْبٌ يُمَزِّقُهُ البَيْنُ *** وَ عَيْنْ يَبينُ عَنْها کَراها
وَ رُبوعٌ تُرْوى بِقَبْضِ دُموعٍ *** كانَ مِنْ مَاءٍ مُهْجَتي مَجْراها
إِنما جَنَّةُ الفؤادِ تباهَتْ *** وَ وُجُوهُ الإشراق لاتَتَناها
و منها:
أَيُّهَا النَّاسُ عِشْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي *** لَنْ تَضِلُّوا إِنْدِنْتُمُ بِوِلاها
ص: 178
هَجَرَ اللَّهُ وَ النَّبِيُّ بِهَذا *** أمْ لِحَالٍ في الدِّينِ قَدْ أَحْكَماها
دونَ هذا يَرْعَى جَبِرَيْنِ كِنْعَانُ *** فَواسَوْأَتاه لاِسْتِرْعاها(1)
أحماها عَنْ أَنْ تَرَى الحَقَّ حَامٍ *** أَرَأَتْهُ فَأَنْرَتْ مَرْآهَا؟
لَيْسَ تَقْضِي بَرَاءَةٌ دَفَعَ مَنْ يُعْزَلَ *** عَنْهَا بِمَنْ مَضَى وَ تَلاها
ما رَآه الإلهُ كُفْوَ أَداها *** إذْ لَدَيْهِ الهُداةْ مِنْ أكفاها
فمولوهُ أم دين البَرَايا *** أيُّ شِرْكِ عَدَتْهُ في دُنْيَاها؟
لاتَقُلْ قالَ ما أَرَادَ مِراءً *** أتجنّيتُ ما عَلَيْها مِراها
كُلُّ حَالٍ أَوْرَدْتُها في عَلِيَّ *** كانَ مِنَّا وَ مِنْهُمُ مَنْ رَوَاها
مَنْ روى لِي أَكْرُومَةً لِعَتِيقٍ *** لَيْسَ فينا مَنْ رَدَّها وَ أَبَاها
وَ عَلَيْنا الوَلاَ لأجلاَفِ تَيْمٍ *** وَ عَلَيْنَا البَرَاءُ مِنْ شَنْآها(2)
وَإِذا ما رَمَتْ فَلِمْ أمَّلَتْ ذا *** دونَ هَذَا وَ أَيُّ حَادٍ حَداها
وَ أَقَامَتْ غَيْرَ الوَصِيَّ وَصِيّاً *** هَلْ قَضَى أَنْ تُقِيمَهُ بِاهْتِداها؟
فَلْتُؤَمِّلْ غَيْرَ النَّبِيِّ نَبيّاً *** فَلْتُؤَمِّلْ غَيْرَ الإلهِ إِلهاً
أَوَ لَيْسَ الإلهُ أَوْضَحَ في *** فُرْقانِهِ لِلْوَرَى سَبيلَ هُداها؟
إِنْ جَرَتْ طوْعَهُ فأَيَّةُ أَيٍ *** تُنْبِيءُ بِالَّذي جَنَتْ مَعْنَاهَا؟
بَلْ تَحَدَّتْ صَحِيفَةٌ أَنْشَأَتْها *** أَيَّ قَوْمٍ كُتَّابَها مَنْشَاها؟
وَ أَقَامَتْ بِنَصْها خُلَفاءً *** وَ أعادَتْ إِلى النَّبِيِّ انْتِماها
هي قامَتْ بِنَصِّها كَيْفَ كَانَتْ *** خُلَفَاءَ النَّبِيِّ بَلْ خُلَفَاها؟
وَ كَهذا آباؤُها عابِدُوَ *** الأَوْثان كانَتْ آباؤها أهواها
يَصْنَعُونَ الأَوْثَانَ فِيهِمْ وَ مِنْ **** بَعْدُ يَخِرُّونَ سُجَّداً لِرِضَاها
ص: 179
إِنَّهَا جَاهِلِيَّةٌ فَادْعَاءُ الدَّينِ *** إفك وَ ضلَّةٌ لإدِّعاها
إِنَّ عُقْبَاهُمُ لَظَّى وَ هْيَ عُقْبَى *** كُلِّ قومٍ ما راقَبَتْ عُقباها
كَيْف لم يَقْتَدِ بِهَذا وَصِيّاً *** كانَتِ الأَنْبِيَا بِهِ مُقتداها؟
بَلَغَتْ عُذْرَهَا فَأَيَّانَ تَعْشُو *** لِسَنَاهُ وَ الغَيُّ قَدْ أَعْمَاها(1)
وَا عَنائِي لِزَعْمِها نَهْجَها الحَقَّ *** فيا لَيْتَ لأَعْدَاهَا عَنَاها
أَيَّ حَقٌّ تَقْضِي لِمَا رَفَعَ الخالق *** عَنْ حَقَّهَا وَ نُكْرِ وَلاَها؟
تَدَّعِي أنَّها إرَادَةُ ذِي العَرْشِ *** فَأَيْنَ الإيمانُ مِنْ مُدَّعاها؟
أبغَير القُرآن أحْكُمُ احْكاماً *** إِلَيْهَا دونَ المَلاً أَوْحَاها؟
إِنْ أسالَتْ نَفْسُ النَّبِيِّ المَنايا *** فَاقْطَعُوا بَعْدَ فَقْدِها أَقْرِباها
أمْ دَعَتْ في الكِتابِ أَيِّ كَمَجْرَاهَا *** وَ حَاشَا الكِتَابُ عَنْ مَجْراها
كُلُّ مِصْدَاقِهِ المَوَدَّةُ في القُرْبي *** و مِنْ كُلِّ ما تُفِي اسْتَغْناها
فَلَعَلَّ النَّبِيَّ خَالَفَ ما جَاءَ *** فأوحَى بِقَطْعِها وَ قَلاها(2)
وَ أَقَامَتْ يَوْمَ السَّقِيفَةِ تَبْغِي *** أَنْ تُرَاعِي إنقاد ما أوْصَاها
ذاكَ يَوْمٌ لَوْلاَهُ ماخَلَقَ اللَّهُ *** جَحِيماً و لاتُشَبُّ لَظَاها
ما أَضَلَّ الأَنَامَ مِنْ مَبْدَأَ الدَّهرِ *** إلى أن يكادَ أَنْ يَتَناهى
غَيْرَ ما أَحْكِمَتْ بِهِ وَ مُضَلَاتِ *** جَمِيع الوَرَى بِهِ أحكمَاها
لَمْ يُوارَ النَّبِيُّ حَتَّى أُزِيلَتْ *** حُرْمَةُ الدِّينِ و اسْتُبِيحَ حِمَاها
ومنها:
لَيْتَ شِعْرِي ما قَادَهَا لِعَتِيقٍ *** أهدَاهُ أَمَالَهَا أَمْ عَمَاها
مَنْ رَأَى ذَا هُدًى رَأَىٰ غَصْبَ ذِي القُرْبَى *** حَباءً بهِ الإِلهُ حَبَاها
ص: 180
يَوْمَ قَامَتْ نَوَادِبُ الدِّينِ تَدْعُو *** هَلْ مُغِيثٌ ولا يُجَابُ دُعاها
فَادِحٌ أَوْرَثَ البَتُولَ عَنَّاءَ *** كَانَ مِنْها مَنْشأ وَرَد رَداها
يَوْمَ جَاءَتْ تَنثُّ مِنْ كُلِّ عُضْوٍ *** حَسْرَةً لِلمَعَادِ لاتَتَناهى(1)
ومنها:
فَلأَيِّ الأَحْوَالِ كَانَتْ تُنادِي *** وَلأَيِّ الأَشْيَاءِ قَدْ نَادَاها؟
فمَتى كانَ يَسْحَبُ الفَيْلَقُ المَجْدَ *** وَ يَنْجُو الكُمَاةُ يَوْمَ وَغَاها؟
وَ مَتَى أَبْصَرَتْهُ أُمَّةً حَرْبٍ *** في اقْتِحامِ الأَحْوَالِ قَدْ مَنَاها؟
أبِأُحْدٍ لَمَّا ارْتَقى ظُلْمَةَ الأَرْضِ *** وَ لَوْ نَالَ لاَرْتَقَى لِسَمَاهَا؟
وَإِذا كانَ مُؤْنِساً أَيؤَدِّي *** مِنْ دِمَا قَلْبِ أحمدٍ مِنْ دِماها؟
إِنْ مَنْ نابَ عَنْ نَبيَّ أَيَرْعى *** آله فيه أمْ يُبِيحُ حِمَاها؟
طارِقاً بَابَها بِجَذْوَةِ نَارٍ *** ما أُعِدَّتْ إِلا لِكَيْ يَصْلاها
زَعَما أَنْ أَحمداً وَ هُوَحَيَّ *** كانَ يُوصِيهِما بأَنْ يَزْوِياها(2)
بِمَراعِ الدِّينِ الحَنِيفِيَّ لَمْ يُوصِ *** وَ في قَطع بِنْتِهِ أَوْصَاها
هَلْ وَجَدْتَ النَّبِيَّ يُمْضِي عَنِ اللَّهِ *** أُمُوراً عَلَيْهِ ما أَمْضَاها
يَأْمُرُ النَّاسَ بِاتِّبَاعِ نُصوصِ *** الذِّكَرِ لْكِنْ لِنَفْسِهِ يَنْهاها
وَ نُصُوصٌ مِنَ الحَكِيمِ اللّوَاتِي *** بِالمَوَارِيتِ قَائِمٌ مَعْنَاها(3)
ص: 181
كلُّ مَفْهُومِها إِذا قَامَ قَوْمٌ *** لَمْ يَحُرُ إِرْنَها سَوَى ابْنَاها
وَ عَلَى مَا افْتَرَوْهُ مِنَ أنَّ أبناءَ *** النَّبِيِّينَ لَمْ تَرثْ آبَاهَا
لِمَ سُلَيْمَانُ قَدْ تَأَرَّثَ دَاوُدَ *** وَ لِمْ ذُو الجَلالِ قَدْ أَوْحَاها؟
هَلْ أَضَلاً أمْ لَمْ يَكُونَا نَبِيَّيْنِ *** وَ دَعْوَى النُّبُوَّةِ افْترَيَاها؟
أَمْ هُمَا خَالَفَا الجَمِيعَ وَ ضَلاَّ *** عَنْ سَبيل الإيمانِ و اغْتَصَبَاهَا
إنَّ رَبِّي على ادِّعاها شَهِيدٌ *** كُلُّ شِرْكِ فِيمَنْ يَوَدُّ ادِّعَاها
لَوْ دَرَى حِينَ اذْهَبَ الرِّجْسَ عَنْهَا *** أَنَّها تَفْتَرِي لَمَا زَكَّاها
إِنْ يَكُونَا دَانَا بِدینِ أَبيها *** ما أَغَصَّا فُؤادَها بِشَجَاها
دَهَياها مِنْ غَيْهِمْ بِدَوَاءٍ *** فَقَضَتْ وَ هُيَ تَشْتَكِي ما دَهَاهَا(1)-(2)
ص: 182
(بحر الخفيف)
الشيخ حسن بن حمود الحلي(*)(1)
لارَعى اللَّهُ قَيْلَةً وَ عَرَاها *** سُخْطُ مُوسى وَ حَلَّ مِنْهَا عُرَاها(2)
أغْضَبَتْ أَحْمَداً بِعَزْلِ إِمامٍ *** فيهِ كَمْ آيَةٍ جِهاراً تَلاها
واجَهَتْهُ بِما لِهَارونَ قِدْماً *** وَ اجَهَتْ قَوْمَهُ ضَلالاً سَفاها(3)
أَخَّرتْهُ وَ أَمَّرَتْ شَيْخَ تَيْمٍ *** سِرَّ كُفْرانِها وَ قُلبَ شَقاها
حَالَفَتْهُ على الضَّلالِ وَ حَادَتْ *** عَنْ أَخِي المُصْطَفَى مَنارِ هُدَاها
أَحْدَثَتْ لِلوَرَى أَحَادِيثَ كِذبٍ *** لانَبِي وَ لاوَصِيَّ رَوَاها
أَسْخَطَتْ رَبَّها فلارَضِيَ الرَّحْمَنُ *** عَنْهَا وَ خَالَفَتْ نَصَّ طه
فَلَكُمْ قال وارثي وَ وَصِيّي *** حَيْدرٌ وَ هُوَ لِلوَرَى مَوْلاها
هو مِنّي كَمِثْل هَارُونَ وَ هْوَ *** الفُلْكُ لِلعَالَمِينَ فيهِ نَجَاها
فَاحْفَظُوا لي وَصِيَّتِي بِابْنِ عَمِّي *** إِنَّهُ لِلعُلوم شَمْسُ سَماها
أَيُّها القَوْمُ إِنَّ بَعْدِي كِتَابَ اللَّهِ *** فِيكُمْ وَ عِتْرَتِي لَنْ تُضَاهَى
إِنْ مَنْ صَدَّ عَنْهُما كِبْرِيَاءً *** فَلَهُ النَّارُ في غَدٍ يَصْلاها
ص: 183
فغَدا مِنْهُمُ يُقاسِي كِتابُ اللَّهِ *** هَجْراً والآلُ فَرْطَ جَفاها
حارَبُوا (فاطماً) وَ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ *** على الخَلْقِ حُبَّها وَ وَلاَها(1)
لَقِيّتْ مِنْهُمُ خُطُوباً عِظَاماً *** لايُطِيقُ الطَّوْدُ الأَشَمُّ لُقاها
كَسْرَ ضِلْعِ وَ غَصْبَ إِرْثٍ وَ لَطْماً *** وَ اهْتِضَاماً مِنْهُ اسْتَطَالَ عَنَاها(2)
أَخْرَجُوها مِنَ المَدِينَةِ قَهْراً *** مُذْ أَطَالَتْ لِفَقَدِ طهَ نَعَاها
وَ عَلَى هَضْمِها تَواطَأَتِ الأَنْصَارُ *** سِرًّا وَ أَظْهَرَتْ بَغْضَاها
عَزَلَتْ بَعْلَها عَنِ الحِلِّ وَ العَقْدِ *** عِناداً وَ أَمَّرَتْ أَدْعِيَاها
غَصَبَاهَا تُرَاثَها وَ لَظَى الوَجُدِ *** وَ فَرْطَ السَّقَامِ قَدْ أَوْرَثاها
دَفَعَاهَا عَنْهُ عِناداً وَ ظُلْماً *** مَزَّقَا (صَلَّها) وَ مَا رَاعَيَاها
وَ ادَّعَتْ نِحْلَةً لَهَا مِنْ أَبيها *** سَيِّدِ الأَنْبِيَا فَلَمْ يَنْحَلاها
فَانْتَنَتْ وَ الفَضاءُ ضَاقَ عَلَيْها *** وَ شُواظُ الزَّفِيرِ حَشْوُ حَشَاهَا(3)
وَ أَتَتْ دَارَها تَجُرُّ رِدَاهَا *** وَ الجَوَى كادَ أَنْ يُرِيها رَداها(4)
فَأَتَوْا نَحْوَ دَارِها وَ أَدارُوا الجَزْ *** لَكَيْ يُحْرِقُوا عَلَيْها خِبَاها(5)
عَصَرُوها بِالبابِ قَسْراً إلى أنْ *** كَسَرُوا ضِلْعَها وَ هَدُّوا قُوَاها
ص: 184
أَلجؤوها إلى الجِدَارِ فَأَلْقَتْ *** مُحْسِناً وَ هِيَ تَنْدُبُ الطُّهْرَ طه(1)
دَخَلُوا الدّارَ وَ هْيَ حَسْرَى فَقَادُوا *** بِنَجَادِ الحُسَامِ (حَامِي حِمَاها)(2)
بَرَزَتْ خَلْفَهُمْ تَقُومُ وَ تَكْبُر *** وَ حَشَاهَا ذَابَتْ بِنَارٍ شَجَاها
وَ عَلَى رَأْسِهَا قَمِيصُ أَبيها *** وَ عَلَى مَتْنِها اسْتَوى فَرْخَاها
وَ هْيَ تَعْدُو خَلْفَ الوَصِيَّ وَ تَدْعُو *** بِالْكِسارٍ فَلَمْ يُجِيبوا نِدَاها
أَيُّهَا القَوْمُ أطلِقُوا صَفُوةَ اللَّهِ *** إِمَامَ الأنام عَقْدَ وَلاَها
أوْ لأَدْعُوَ اللَّهَ العَظِيمَ بِشَجْوٍ *** فَتَخِرُّ الخَضْرَا عَلَى غَبْرَاها
فَأَتَاها العَبْدُ المَشُومُ فَأَدْمَى *** مَتْنَها فَانْتَنَتْ تُطِيلُ بُكاها(3)
وَ هيَ مِنْهُمْ بِمَسْمَعِ وَ بِمَرْأَى *** نُصْبَ عَيْنَيْهِمُ تُقاسِي أَذاها
آذياهَا عِنْدَ الحَياةِ وَ لَمَّا *** حَضَرَتْها الوَفَاةُ ما شَيَّعاها
دُفِنَتْ في الدُّجى وَ عفَّى عَليَّ *** قَبْرَها لَيْتَهُ اسْتَطَالَ دُجَاها(4)
أَفَمِثْلُ ابْنَةِ النَّبِيِّ يُوَارَى *** شَخْصُها في الدَّجَى وَ يُعْفَى ثَرَاها(5)
ص: 185
(بحر الخفيف)
الشيخ حسين الشبيب(*)(1)
یا لَخَطْبَ في الدِّينِ هَدَّ قُوَاهُ *** يَوْمَ غَابَ النَّبِيُّ فِي مَثْواهُ
زَلْزَلَ الأَرضَ وَ السَّماءَ وَ أَبْكَى *** كُلَّ حَيَّ حُزناً تَعالَى اللَّهُ
وَ الهُدَى حِصْنُهُ تَزَلْزَلَ لَمّا *** قامَ جِبْرِيلُ فِي السَّما يَنْعَاهُ
صاحَ وَ الكائِنَاتُ بِالنَّوْحِ ضَجَّتْ *** وَ بَكى العَرْشُ حَسْرَةً لِبُكاهُ
قُبِضَ المُصْطَفَى فَوا فَجَعَةَ الدِّينِ *** مَاتَ غَوْتُ الأَنامِ وَ احَسْرَتاهُ
قُوّض اليَوْمَ سَيّدُ الرُّسل طه *** وَ النَّبِيُّونَ قَدْ أَقَامُوا عَزاهُ(2)
وَ غَدا الدِّينُ يَصْفِقُ الكَفَّ حُزْناً *** وَ الهُدَى بَعْدَهُ تَداعَى بِناهُ(3)
فَبِنَفْسِي وَ مُهْجَتِي وَ بِرُوحِي *** وَ بِقَوْمِي أَقِيهِ مِمّا دَهَاهُ
بَلْ وَيَا لَيْتَ جُمْلَةَ الخَلْقِ طُرّاً *** مِنْ جَمِيعِ اللُّغَاتِ راحُوا فِدَاهُ
لَهْفَ نَفْسِي عَلَيْهِ مات شهيداً *** مِنْ لهيبِ السُّمُومِ ذابَ حَشاهُ
وَ قَضى نَحْبَهُ حَمِيداً فَثَارَتْ *** بَعْدَهُ تَطلُبُ التّراتِ عِداهُ
نَقَضُوا عَهْدَهُ جِهاراً وَرَدُّوا *** كُلَّ ما قالَهُ وَ خانُوا أَخاهُ
ضَيَّعُوهُ في أَهْلِهِ وَ بَنِيهِ *** وَ أَذَاقُوهُمُ الذي أشجاهُ
ص: 186
عَزَلُوا حَيْدَراً كَأَنْ لم يَكُنْ فِي *** يَوْمِ خُمَّ دَعَاهُمُ لَوْلاهُ
وَ كَأَنْ لَمْ يَنادِ فِي يَوْمِ خُمِّ *** وَ هُوَ فَوْقَ الأَعْوادِ كُلَّ يَرَاهُ
واضِعاً كَفَّهُ بِضَبْع عَلِيَّ *** مُعْلِنَ الصَّوْتِ قائلاً في نِداه
أيها الناسُ سَلِّمُوا وَ أَطِيعُوا *** وَ لْيُبلغ كُلِّ إِلَى مَنْ وَراهُ
وَ اشْهَدُوا مَنْ أَنا لَهُ كُنْتُ مَوْلًى *** فَاعْلَمُوا أَنَّ حَيْدَراً مَوْلاه
هُوَ هذا وَليْكُمْ وَ عَلَيْكُمْ *** فَرَضَ الله حُبَّهُ وَ ولاهُ
هُوَ هَذا الإمامُ هذا ابْنُ عَمِّي *** شَرَّفَ اللهُ قَدْرَهُ وَ اجْتَباهُ
لاتَضِلُّوا فَتَخْسَرُوا وَ ازِرُوهُ *** لَيْسَ بَعْدِي فِيكُمْ إمام سِواهُ
ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ بَنُوهُ وَ مَنْ قال *** غَيْرَ قَوْلي فَسَوْفَ يَلْقَى جَزاهُ
إِنّ رَبَّ السَّماءِ وَ الأرضِ حَقاً *** قَد اصطفاه لِدِينِهِ وَ ارْتَضاهُ
قُمْتُ هذا المَقامَ عَنْ أَمْرِ رَبِّي *** وَ بِما قالَ لِي وَ ما أوْحاهُ
طاعَةُ المُرْتَضَى كطاعة ربيّ *** وَ كذا كُلَّ مَنْ عَصَاهُ عَصاهُ
وَ حَباهُ بِكُلِّ خَيْرٍ جَزِيلٍ *** وَ عَلَى كُلِّ خَلْقِهِ وَلاهُ
فَانْظُروا هَلْ يَكُونُ غَيْرَ عَلِيٍّ *** فَوْقَ كَتْفِ النَّبِي وَ طَتْ قَدَماهُ؟
أَمْ سَمِعْتُمْ في النَّاسِ غَيْرَ عَلِيٍّ *** قِيلَ خَيْرُ الوَرَى النَّبِيُّ أَخاهُ
وَلَكَمْ أَكَدَ الوَصِيَّةَ فِيهِ *** حَيْثُ صَفَاهُ رَبُّهُ وَاصْطَفَاهُ
لَمْ يَدَعْ حُجَّةً وَلكِنَّما القَوْمُ *** فِي العَمى وَالضَّلالِ وَ الغَيِّ تاهُوا
قَدَّمُوا غَيْرَهُ عَلَيْهِ وَ قَالُوا *** حِينَ أَعْيَوْا بِأَنْ يَنالُوا عُلاهُ
حَدَثُ السِّنّ في دُعابَةِ أَنْفٍ *** خَسِرُوا لاأبا إِلَيْهِمْ وَ شاهُوا(1)
سَلْهُمْ مَنْ بِسَيْفِهِ عُبِدَاللَّهُ *** وَ قَرُّوا أَنْ لَيْسَ رَبِّ سِواهُ
مَنْ أَبَادَ الكُماةَ في يَوْمِ بَدْرٍ *** وَ النَّبِي مَنْ بِنَفْسِهِ قَدْ فَداهُ؟
ص: 187
مَنْ تَلَقَّى ابْنَ وُدَّ مَنْ قَلَعَ البابْ *** مَنْ رَعَى حَوْزَةَ الهُدَى وَ حِماهُ؟
مَنْ بِهِ أَسْفَرَ الهُدَى وَ اسْتَقَرَّتْ *** وَطأة الدِّينِ وَ اسْتَقامَتْ فَنَاهُ؟
مَنْ رَمَى بِالأَصْنامِ عَنْ حَرَمِ اللَّهِ *** وَ عَلَا كَتْفَ أَحْمَدٍ وَ ارْتَقاهُ؟
مَنْ إِلى السَّاغِبِينَ يَحْتَمِلُ القُوت *** خِفْيَةً فَوْق مَثْنِهِ في رِداهُ؟
مَنْ سِواهُ في النَّاسِ قَدْ أَمَرَ اللَّهُ *** جُمْلَةَ الخَلْقِ يَهْتَدُوا بِهُدَاهُ؟
لَوْيَكُنْ ما لَهُ مِنْ الفَضْلِ إِلاّ *** يَوْمَ خُمَّ وَ خَيْبَر لَكَفاهُ
أوَ ما فَوْقَ زِنْدِهِ عَبَرَ الجَيْشُ *** بَعْدَما شَقَّ مَرْحَباً وَ بَراهُ
وَ أبادَ اليَهُودَ طُرّاً وَ أرْوَى *** مِنْ دماهُمْ حُسامَهُ وَ قَناهُ
وَ اخْتَصِرُ لاتُطِيلُ فمَنْ شَيَّد الدِّينَ *** بمنْ قامَ فَخْرُهُ لَوْلاهُ؟
وَ اسْأَلِ الصاحِبَيْنِ مِنْ بَعْدِ هَذا *** أَعَلى أَي ذَنْبٍ قَدْ ناصَباهُ
أَمِنَ العَدْلِ أَنْ يُقادَ أَسِيراً *** وَ إِلَى خَلْفِهِ تُشَدُّ يَداهُ؟
طَوَّقوا عُنُقَهُ بِحَبْلٍ وَ سَاقُوا *** ضارِعاً مُسْتَضاما يُبْدِي شَجاهُ(1)
وَ ابْنَةُ المُصْطَفى عداءَ وَ جَهْراً *** دَخَلُوا دَارَهَا وَ بِالظُّلمِ فاهوا(2)
ص: 188
وَ هْيَ حَسْرى القِناعِ وَ القَلْبُ مِنْهَا *** تَنْزِفُ العَيْنُ دَمْعَها مِنْ دِماهُ
كَسَرُوا ضِلْعَها أَراعُوا حَشاها *** أَسْقَطُوا حَمْلَها فَوا لَهْفَتاهُ(1)
لَطَمُوا خَدَّها وَ بالنَّارِ جَهْراً *** أَحْرَقُوا الباب وَ العُيونُ تَراهُ(2)
وَ مَضَوْا بِالوَصِيِّ أَسِيراً مِنْهُ *** كُلُّ عِلْجٍ قَدْ نالَ أَقْصَى مُناهُ(3)
وَ ابْنَةُ المُصْطَفَى تُنادِي بِصَوْتٍ *** زَلْزَلَ الكَوْنَ رَجْعُهُ وَ صَداهُ(4)
وَ تُنادِي يا قَوْمُ خَلُوا ابْنَ عَمِّي *** مَالَنَا كَافِلٌ وَحَامٍ سِواهُ
يا ذَوِي الارْتِدادِ وَ البَغْيِ خَلُّوا *** وَ هُيَ نُصْبَ العُيونِ تَعْدُو وَرَاهُ(5)
ص: 189
(بحر الخفيف)
الحاج سعود الشملاوي(*)(1)
شِرْعَةُ الحَقِّ حَيْدَرٌ قَدْ بَنَاهَا *** وَ عَلَيْهِ يَدُورُ قُطْبُ رَحَاهَا(2)
كَانَ مِنْ مَهْدِهِ إِلَى اللَّحْدِ يَسْعَى *** فِي رِضَى اللَّهِ رُوحُهُ يَرْعَاهَا(3)
مِثلُهُ فِي الْوُجُودِ عَزَّ وُجُوداً *** لايُضَاهِي فِي فَضْلِهِ لايُضَاهَي(4)
خَصَّهُ اللَّهُ ذُو العَلَا بِمَزَايَا *** مَا حَوَى عُشْرَ عُشْرِها أَنْبِيَاها
مِنْ مَزَايَاهُ كَعْبَةُ البَيْتِ فِيها *** كانَ مِیلادُهُ فَطَابَ شَذَاهَا(5)
لَمْ يُشَارِكُهُ بالولادَةِ فِيهَا *** أَحَدٌ لا وَ لاالمُفَضَّلُ طَه
أُمُّهُ الطُهْرُ أَقْبَلَتْ وَ هِيَ حُبْلَى *** بِوَلِيدِ التَّقَى وَ بَدْرِ دُجَاهَا(6)
أَمَّتِ الْبَيْتَ كَيْ تَطُوفَ وَ تَسْعَى *** وَ إِذَا بِالْمَخَاضِ قَدْ وَافَاهَا
رَفَعَتْ رَأْسَها إلَى اللَّهِ تَدْعُو *** بِخَلِيل الْبَارِي وَ مَنْ فِي حَشَاهَا
رَبِّ سَهَّلْ لِي الْمَخَاصَ لأُكْفَى *** شِدَّةَ الْوَضْعَ فَاسْتَجَابَ دُعَاهَا
وَإِذَا وإذا بالجِدَارُ شُقَّ إِلَيْهَا *** مِنْ مَعَالِيو هذِهِ إِحْدَاها
ص: 190
دَخَلَتْ وَ الجِدَارُ سُدَّ عَلَيْهَا *** آيَةٌ مِنْ إِلَههَا أَسْدَاها
وَ عَلَيْهَا الإِلهُ سَهَّلَ وَضعاً *** فَبَدَا البَدْرُ فَانْجَلَتْ ظَلْمَاها(1)
وَضَعَتْهُ عَلَى الرُّخَامَةِ فَانْسَابَ ***ضِيَاهُ فَأَشْرَقَتْ أَرْجَاهَا
مَنْ سِوَاهُ عَلَى الرُّخَامَةِ مَوْلُودٌ *** صَعْدَةٌ غَيْرُ حَيْدَرٍ مَا ارْتَقَاهَا
فَتَحَ العَيْنَ لِلْحَيَاةِ بِبَيْتٍ *** وَ خُرُوجَاً بِمِثْلِهِ أَغْضَاهَا(2)
فَحْيَاةٌ بِمَسْجِد هِيَ تُبْدَى *** وَ أَخِيراً بمثلِهِ مُنْتَهاها
هذِهِ غَايَةُ المَرَام وَلكِنْ *** لَيْتَ شِعْرِي مَنْ غَيْرُهُ يَحْضَاهَا(3)
فَهيَ فِيهِ عَلَى عُلَاهُ دَلِيلُ *** أَنَّهُ عِنْدَ رَبِّهِ أَعْلاَها
شَرَّفَ الكَعْبَةَ الوَلِيدُ لَعَمْرِي *** مَابِهَا شُرِّفَ الْوَلِيدُ وَ بَاهَى
إلى أن قال:
كَمْ تَلَقَّوا مِنَ الرَّسُولِ عَنِ اللَّه *** نُصُوصاً في حقهِ أَبْدَاها
فَلِمَاذَا لَمْ يَسْتَجِيبُوا إِلَيْها *** حَسَداً أَمْ قُلُوبُهُمْ تَأَبَاهَا(4)
أمْ أَتَى المُرْتَضَى بِشَيْءٍ يُنَافِي *** مَنْهَجَ الْحَقِّ بَعْدَ غَيْبَةِ طَه؟!(5)
لَمْ يَكُنْ ذَا مِنْ الوَصِيَّ وَ حَاشَا *** نَفْسُ قُدْسِ إِلهُهَا زَكَاهَا
بَلْ هُمُ بَدَّلُوا الهُدَى بِضَلالٍ *** وَ غَدَوا يَخْبِطُونَ فِي عُمْيَاهَا(6)
قَدَّمُوا غَيْرَهُ مَعَ العِلْمِ مِنْهُمْ *** أَنَّهُ بَعْدَ أَحْمَدٍ أُولاها
لَيْتَ شِعْرِي مَن الَّذِي قَدَّمُوهُ *** هَلْ عَلَى وَجْهِ فَرْضِهَا أَدَّاها؟
أَمْ غَدًا يَسْتَقِي العُلُومَ (مِنَ المَخْلُوع *** فِي زَعْمِهِم) فَكَيْفَ امْتَطَاهَا؟!
ص: 191
عَجَباً قَدَّمُوا الْمُؤَخَّرَ فِي الْفَضْلِ *** عَلَى سَابِقِ الْوَرَى مَوْلاَها!!
وَ غَدَوا يُلزمُونَ بَيْعَةً جَوْرٍ *** فَرَضُوهَا وَ اللَّهُ لَايَرْضَاهَا
فَأَبَى فَاعْتَدَوْا يُبيحُونَ بَيْتاً *** مِن بُيُوتِ إِلَهُهَا سَوَّاهَا
حَرَماً لاَيَجُوزُ أَنْ يَدْخُلُوها *** دُونَ إذْنِ وَ هُمْ أَبَاحُوا حِمَاهَا
وَ عَلَى بَضْعَةِ الرَّسُولِ تَجَرَّوا *** لَطَمُوا عَيْنَها أَرَاعُوا حَشَاها(1)
سَّرُوا ضِلْعَهَا أَهَاجُوا جَوَاهَا *** أَسْقَطُوا حَمْلَها أَسالُوا دِمَاها(2)
أسْقِطَتْ فَوْقَ عَنْبَةِ الْبَابِ وَ لْهَى *** تَنْتَخِي (فِضَّةٌ) وَ تَدْعُو أَبَاهَا
يَا رَسُولَ الْهُدَى عَلَيْكَ عَزِيزٌ *** أَنْ تَرَى ما تَجَشَّمَتْ أَعْدَاها
أَخَذُوا حَفَّنا تَبَاغَوا عَلَيْنَا *** أَخْرَقُوا بَيْتَنَا بِنَارِ لَظَاها
كَسَّرُوا أَضْلَعِي جَنِينِي أَلْقَوه *** قَتِيلاً يا وَيْلَ مَنْ سَواها
وَ اسْتَدَارُوا عَلَى عَلَيَّ وَقَادُو *** بِحَبْلٍ وَ هُوَ المُدِيرُ رَحَاها(3)
وَ غَدُوا يَسْحَبُونَ لَمْ يَرْهَبُوهُ *** وَ هُوَلَيْتُ الشَّرَى وَ رَبُّ وَغَاها(4)
أَوْقَفُوهُ كَيْ يَبْسُطُ الْكَتَ قَسْراً *** أَوْ يُذِيقُونَ بِالسُّيُوفِ رَدَاهَا
فَرَمَى نَحْوَ قَبْرِكِ الطُّهْرُ طَرْفاً *** بشُجُونٍ وَ دَمْعُهُ أَجْرَاها
ص: 192
يَا أَخِي قَوْمُكَ الألى: اسْتَضْعَفُونِي *** وَ أَرَادُوا قَتْلِي بِحَدْ ظُبَاهَا(1)
يَا أَخِي ضَيَّعُوا وَصَايَاك فِينَا *** فَإِلَى اللَّهِ نَشْتَكِي عَدْوَاهَا
ص: 193
(بحر الخفيف)
الحاج سعود الشملاوي(*)(1)
حَسْرَتِي لِلْبَتُولِ بَضْعَةِ طَهَ *** إِذْدَهَاهَا بَعْدَ النَّبِي ما دَهَاها(2)
ما رَعَوْهَا وَ لارَعَوْا الطُّهْرَ حَتَّى *** مُنِعَتْ حِينَ فَقْدِهِ عَنْ بُكَاهَا
أخَذُوا نِحْلَةً لَهَا مِنْ أبِيهَا *** أُقْصِيَتْ عَنْ تُرَائِهِ بِنْتُ طَه(3)
ثُمَّ لَمْ يَكْتَفُوا بِسَلْبِ حُقُوقِ *** فُرِضَتْ لِلْبَتُولِ مِنْ مَوْلاهَا
بَلْ أَدَارُوا بِبَابِها ذَلِكَ الجَزْلَ *** عِنَاداً وَ النَّارَ شَبُوا سِفَاهَا(4)
هَجَمُوا عَنْوَةٌ عَلَيْهَا بِلا إِذْ *** عَلى العَيْنِ لَطْمَةً سَتَراهَا(5)
عَصَرُوهَا بِالبَابِ فَانْكَسَرَ الضِّلْعُ *** وَ الْقَوْا جَنِينَها مِنْ حَشَاهَا
فَهَوَتْ فَوْقَ (عَتْبَةِ) البَابِ تَدْعُو *** لأبِيهَا وَ أيْنَ تَلْقَى أَبَاهَا
يَا رَسُولَ الهُدَى عَلَيْكَ عَزِيزٌ *** لَوْ تَرَى مُذْ عَدَتْ عَلَيَّ عِدَاهَا
عَصَرُونِي وَ أَسْقَطُونِي جَنِينِي *** وَ عُبُونِي بِلظمَةٍ تَلقاها
ص: 194
لَمْ تَزَلْ بَعْدَ حَادِثِ البَابِ ثَکْلَى *** فَرِحَتْ عَيْنُهَا لِطُولِ بُكَاهَا
تَتَلَظَّى عَلَى الفِرَاشِ وَتَشْكُو *** بِأَنِينٍ لِمَنْ يَعِي شَكْوَاهَا
ثُمَّ لَمَّا قَضَى إلهُ البَرَايَا *** بِقَضَاهُ وَيَوْمَهَا وافَاهَا
لِعَلِيٍّ أوْصَتْ بِكُلِّ الوَصَايَا *** وَدَّعَتْه وغُمِّضَتْ عَيْنَاهَا
وَقَضَتْ نَحْبَها وَدِيعَةُ طَه *** مِنْ أُنَاسِ قَدْ بَالَغُوا فِي عَدَاهَا
فَبَكَى حَيْدَرٌ لِفَقْدِ بَتُولٍ *** رَمَّلَتْهُ وَأيْتَمَتْ أَبْنَاهَا
شَالَ جُثْمَانَهَا المُقَدَّسَ لِلْغُسْلِ *** وَأَحْشَاؤُه يَشُبُّ لَظَاهَا
تَحْتَ أَثوَابِها يُغَسِّلُهَا الطُّهْرُ *** فَمَسَّتْ كُفُوفَهُ ضِلْعَاهَا
فَجَرَتْ دَمْعَةُ المُصَابِ عَلَى الخَدِّ *** وَأَوْدَى فُؤَادَهُ مَرْآهَا
فَتَقَوَّى لِرُزْئِها وَقَضَى الغُسْلَ *** عَلَيْهَا أَكْفَانَها سَوَّاهَا
وَضَعَ الظُّهْرَ في سَرِيرِ المَنَايَا *** وَانْبَرَى في وَدَاعِهَا وَلَدَاهَا(1)
هَوَيَا فَوْقَها - عَمْركَ اللَّهُ - *** فَضَمَّتْهُمَا إِلَيْهَا يَدَاهَا
فَجَرَتْ أدْمُعُ الفِرَاقِ كَجَمْرٍ *** مِنْ جُفُونٍ مَمْزُوجَةٍ بِدِمَاهَا
أُمِرَ المُرْتَضَى ألاَ أَرْفَعْهُمَا عَنْ *** صَدْرِهَا ... أَبْكَيَا جُنُودَ سَمَاهَا
وَلَهَا الحُورُ بالنِّيَاحَةِ عَجَّتْ *** وَقَدِ اشْتَاقَ أَحْمَدُ لِلِقَاهَا(2)
قَامَ نجَّاهُمَا وَنَادَى صِحَاباً *** حَمَلُوا فِي قُلُوبِهِمْ بَلْوَاهَا
شَيَّعُوهَا بِاللَّيْلِ سِرَّا فَأَوْرَتْ *** حَسْرَةً فِي القُلُوبِ مَا أَشْجَاهَا(3)
دَفَنُوهَا وفِي الفُؤَادِ رَزَايَا *** لَمْ يُطِقْ حَمْلَهُنَّ إِنْسٌ سِوَاهَا
ص: 195
جَاءَ في تُرْبَةِ البَتُولَةِ أقْوَالٌ *** لَعَلَّ الصَّوَابَ فِي قَوْلِ طه
بَيْنَ قَبْرِي ومِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ *** رَوْضِ تِلْكَ الجِنَان ذَا مَعْنَاهَا
مَعَ هَذَا رِوَايَةٌ (لابْنِ هَمَّامَ) *** عَلِيٌّ فِي رَوْضَةٍ وارَاهَا
فأحَادِيثُ فِي البَقِيعِ تَوَارَتْ *** تِلْكَ دَعْهَا فَهَذِهِ أَقَواهَا
فَإذَا شِئتَ أن تَزُورَ فَزُرْهَا *** عِنْدَ قَبْرِ النَبِي فَذَا مَنْوَاهَا
وَإذَا جِئْتَهَا فَصَلِّ وسَلِّم *** وَأكْثِر اللَّعْنَ لِلَّذِيْ عَادَاهَا
وَتَذَكَّرْ مِنَ الشَّجَى لَطْمَةَ العَيْنِ *** وأضْلاَعَها وَنَزْفَ دِمَاهَا
وَتَذَكَّرْ جَنِيْنها خَرَّمَيْتاً *** مِنْ حَشَاهَا بِالبَابِ مَاذَا عَرَاهَا
وَتَذَكَّرْ هُتَافَها يَومَ خَرَّتْ *** مِنْ جَوَى حُزْنِها تُنَادِي أَبَاهَا(1)
أبَتَا عَزَّ أنْ تَرَى مَا دَهَانِي *** مِنْ طُغَاةٍ قَدْ أسْخَطَتْ مَوْلاَهَا
كَسَرُوا أَضْلُعِي وَالْقَوْا جَنِينِي *** وَعُيُونِي بِلَطْمَةٍ أذْهَبَاهَا(2)
ص: 196
(بحر الهزج)
الشيخ سلطان علي الصابر(*)(1)
إِلَيْكُمْ يَا بَني طه *** تَحِيّاتٌ بِأَزْكاها
حبَاكُمْ رَبُّكُمْ طُرّاً *** بِعِزِّ دامَ ذِكْراها
***
وَأَنْتُمْ قَبْلُ أَنْوَارُ *** كِرامُ النّاسِ أطْهارُ
أُباةُ الضَّیْمِ أَحْرَارُ *** بِكُمْ ذُو الْعَرْشِ قَدْ باها
***
لَكُمْ بِاللَّوْحِ وَالقَلَمِ *** رُقِیٌّ شامخُ الْقِمَمِ
وَأَنْتُمُ سادَةُ الْأَمَمِ *** وَالنَّبیّ جَدُّكُمْ طه
***
أتانا خاتَمُ الرُّسُلِ *** دَليلاً أَحْسَنَ السُّبُلِ
فَزالَتْ عَثْرَةُ الزَّلَلِ *** فَمَنْ لَمْ يَتَّبِعْ تاهَا
***
وَفاقَتْ بِنْتُهُ الزَّهْرا *** بِمَجْدٍ مَرْيَمَ الْعَذْرا
ص: 197
فَأَكْثِر مِدْحَةَ الْحَوْرا *** أَذُقْ مِنْ فِيكَ أَحْلاها
***
وَصِهْرُ الْمُصْطَفَى الْهادي *** عَلِیٌّ حُبُّهُ زادی
وَهذا نَهْجُ هْجُ أَجدادي *** خُذوا يا وُلْد أنْباها(1)
***
وَلي فِي الْمُجْتَبَى الْحَسَنِ *** مُمِيتِ الجَوْرِ وَالفِتَنِ
وَمُحْيِي الدِّينِ وَالسُّنَنِ *** لَئالي الْمَدْحِ أَرْقاها
***
حُسَیْنٌ شِبْلُهُ الثّاني *** إِمامُ الإِنْسِ وَالْجانِ
بِنَفْسٍ مِنْ دَمٍ قانی *** فَدی لِلدِّينِ أَزْکَاها
***
فَزِدْ يا رَبَّنا أَجْرا *** وَأَكْرِمْنَا بِهِمْ حَشْرا
فَمَنْ يَبْقَى لَنا ذُخْرا *** إذا ما غابَ أَوْفاها
***
وَمَنْ لي يَمْدَحُ الزَّهراء *** أَذُقْ مِنْ فيهِ أَحْلاها
ص: 198
الحمدُ للَّهِ على ما أنعمَ، وَلهُ الشَّكرُ على ما ألهمَ، والثناءُ بما قَدّمَ من عموم نِعَمِ ابتداها، وَسُبُوغِ آلآءٍ أسداها، وَتَمَام مِنَنٍ والاها، جَمَّ عَنِ الإِحْصَاءِ عَدَدُها.
للأله العَظِيمِ حَمْدِي تَناهَى *** وَلَهُ الشُّكْرُ دُونَ أَنْ يَتَناهَى
فَلِنَعْمائِهِ الَّتِي لا تُجازَى *** وَلإِلْهامِهِ النُّفُوسَ هُداها
وَثَنائي بِطَيِّباتِ نَعِيمٍ *** لَمْ نُطالِبْهُ بَذْلَها فَابْتَداها
وَبِآلاءِ جُودِهِ سابِغاتٍ *** سائِغاتٍ إلى الوَرَى أَسْداها(1)
وَبِما جادَ مِنْ تمَامِ عَطايا *** جَمَّ أعْدادُهُنَّ عَنْ إِحْصاها
طالَ في مَرْقَدِ الزَّمَانِ نَواها *** تَناءَی عَنِ الجَزاءِ مَداها
ونأى عن الجزاءِ أمدُها، وتفاوتَ عن الإدراكِ أبَدُها، ونَدَبَهم لاستزادتِها بالشكرِ لاتصالِها، واستحمدَ إلى الخَلائِقِ بإجزالِها، وثنّى بالندبِ إلى أشباهِها، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللَّهِ وَحْدَهُ لا شريك لَهُ، كلمة جَعَل الإخْلاصَ تأويلها.
وتَنَاهى عَنِ النُّهَى دَرْكُ نُعْمَى *** أَبَدَ الدَّهْرِ تَسْتَمِرُّ عَطاها(2)
وَدَعاها لِتَسْتَزِيدَ نَداها *** بِاتّصالٍ - بِشُكْرِ مَنْ أَوْلاها
وَبِإِجْزالِها لَهُمْ طَلَبَ الحَمْدَ *** وثَنَّى بِنَدْبِها الأَشباها
ص: 200
أُشْهِدُ اللَّهِ أَنَّهُ لَيْسَ إِلا اللَّهَ *** رَبِّاً وَ خالقاً وَ إلها
وَحْدَهُ اللَّه لاشَرِيكَ لَدَيْهِ *** كَوَّنَ الكَوْنَ وَ البَرايا بَراها(1)
كلمةُ الحَقِّ وَ الهُدَى وَ التعالِي *** وَ لُبابُ الإخلاص في مَغزاها
و ضمَّن القلوبَ موصولَها و أنارَ في التفكير معقولها، الممتنع مِنَ الأبصارِ رؤيتُهُ و مِنَ الألسن صفتُهُ و منَ الأوهامِ كَيْفِيتُهُ.
ابتدعَ الأشياءَ لامنْ شيءٍ كان قبلها، و أنْشَأها بِلا احتذاءِ أمثلةً امتَثَلها.
في مَطاوِي القُلوبِ وَصْلُ لِقاها *** وَلَدى الفِكْرِ وَهْجُها وَ رُؤاها(2)
لَيْسَ عَيْنٌ تَرى جَلالَةَ ذاتٍ *** عَجَزَ الوَصْفُ أَنْ يُدانى مَداها
كَلَّتِ الألْسُنُ البَليغَةُ حَتَّى *** لَيْسَ تَعْلُو لِوَصْفِهِ أَعْلاها
جَلَّ حَتَّى الأَوْهَامُ لاتَتَرقى *** نَحْوَ أَقداس كَيْفه أَرْقاها
خَلَقَ الكائناتِ خَلْقَ ابْتِداعٍ *** لَيْسَ مِنْ شَيْءٍ قَبْلَهُ سَوَّاها
وَبَراها بِلا احْتِدَاءِ مِثالٍ ***كانَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُسَوِّي بِناها
كَوَّنها بقدرتِهِ، وَ ذرأها بمشيّتِهِ مِنْ غيرِ حَاجَةٍ مِنْهُ إلى تكوينها و لافائدة في تصويرها إلا تثبيتاً لحكْمَتِهِ وَ تنبيهاً على طاعَتِهِ وَ إظهاراً لقدرته وَ تعبداً لبريته، وَ إعزازاً لدعوته.
ثمّ جَعَلَ الثّوابَ على طاعَتِهِ، وَ وضَعَ العقاب على معصيته، زيادةً لعباده مِنْ نقمِتِه.
خَلَقَ الخَلْقَ بِالمَشيَّةِ مِنْهُ *** وَ برى بِاقْتِدارِیه أَشْياها
دُونَما حاجَةٍ لَهُ وَ انْتِفاعٍ *** مِنْهُ لِلصُّورَةِ الَّتي أبداها
بَلْ لِتَنْبِيهِها عَلى طاعَةِ اللَّهِ *** وَ تَثْبِيتِ حِكْمَةٍ جَلاّها
ص: 201
لِيُبِينَ اقْتِدارَهُ سَوَّاها *** وَ يُعَبّدْ عَبيدَهُ أَنْشاها(1)
وَ لإِعزاز دَعْوَةِ الحقِّ وَ الخَيرِ *** وَ تَبقى على المَدى دَعْواها
وَ يَذُودُ العِبادُ شَرَّ جَحيمٍ *** سَخَّرَتْ نِقْمَةُ الإلهِ لَظاها(2)
النبي صلي اللَّه علیه و آله و سلم الأكرم و فلسفة الرسالة
و حياشةٌ لهم إلى جنّتِهِ.
وَ أشهدُ أنّ أبي (محمداً) عبدُهُ و رسولُه، اختارَهُ وَ انتجبهُ قَبْلَ أَنْ اجتَبلَه، وَ اصطفاهُ قبلَ أن ابتعَثَهُ، إذ الخلائِقُ بالغيب مكنونةٌ، وَ بستر الأهاويلِ مصونة، وَ بنهايةِ العَدَمِ مقرونَةٌ،
وَ إلى جَنَّةِ الخُلُودِ يُحاشي *** كُلَّ نَفْسٍ قَدْ لا زَمَتْ تَقْواها
وَ أَبِي المُصْطَفَى مُحَمَّدُ عَبْدٌ *** وَ رَسُولٌ لِلَّهِ لَيْسَ يُضاهى
تلْكُمُ النَّفسُ رَبُّها أَعْلاها *** وَ اجْتَباهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَبْراها
قَبْلَ أَنْ يَبْعَثَ الأمِينَ نَبِيّاً *** قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ وَ اصْطَفاها
إذْ تَوارَتْ خَلائِقُ اللَّهِ بِالغَيْب، *** وَ سِتْرُ الأَهْوَالِ قَدْ غَطَّاها(3)
وَ بِأَقصى نِهايَةِ العَدَمِ المَحْضِ، *** تَلاقى الأَعْدامُ في أجواها(4)
ص: 202
علماً منَ اللَّه تعالى بمآلِ الأمور وَ إحاطةَ بحوادثٍ الدّهورِ وَ معرفة بمواقعِ المقدور.
ابتعثَهُ اللَّه إتماماً لأمْرِهِ، وَ عزيمةً على إمضاءِ حُكمِهِ
فَيعِرفانِهِ مَالُ أمور *** الكَوْنِ مِنْ بَديها إلى مُنْتَهاها(1)
وَ بِما حاطَ بالحَوادِثِ عِلْماً *** وَ المجارِي الَّتي بها أَجْراها
وَ بِعرفانِهِ المَواقِعَ مِمَّا *** حَدَّدَتْها الأَقْدَارُ مِنْ مَبْداها
بَعَثَ المُصْطَفى الأمين رسولاً *** وَ الرِّسالاتُ كُلُّها أَنْهاها
لِيُتِمَّ الأَمْرَ الحكيم، وَ يمْضِي *** حُكْمَهُ، لِلْمُقَدَّراتِ قَضاها
وَ لإِنْفاذِ ما تَقَدَّر قِدْماً *** مِنْ مَقاديرِ حَتْمِهِ أَمْضاها
وَ إنفاذاً لمقادير حَتْمِهِ، فرأى الأممَ فِرَقاً في أديانهما، عكفاً على نيرانِها، وَ عابدةً لأوثانِها، منكرةً للَّهِ مَعَ عِرفانِها، فَأَنارَ اللَّه بمحمد صلي اللَّه علیه و آله و سلم ظُلَمَها، وَ كَشَفَ عن القلوبُ بُهَمَها وَ جَلَّى عَن الأبصار غُمَمَها.
فَرَأى النّاسَ في الدُّروبِ حَيارى *** فرقاً في مسارها وَ رؤاها
بَيْنَ مَنْ يَعْبُدُ الحِجارةَ رَباً *** أَوْ عَلى النَّارِ عاكفاً يَهْواها
وَ بِرَغمٍ مِنْ عِلمِهِم يُنكرونَ اللَّهَ *** جَهْلاً وَ ضَلَّةً وَ سَفاها(2)
فَأَنارَ الجَلِيلُ بِالمُصطَفى المُختارِ *** ما اشْتَدَّ مِنْ ظَلام دُجاها
وَ قُلوبٌ في الغي طالَ بَقاها *** قَدْ أَرْاحَ النَّبِيُّ يُهمَ غَواها(3)
وَ عُيونُ عَشَتْ بِغُمَّةِ جَهْلٍ *** بِضِياءِ الهُدى المُنيرِ جَلاها
و قامَ في النَّاسِ بالهدايةِ، و أنقذهُمْ مِنَ الغوايَةِ، وبصَّرهم مِن العَمايَةِ، وَ هداهُمْ إلى الدّينِ القويم، وَ دعاهُمْ إلى الصّراطِ المُسْتَقِيم، ثم قبضَهُ الله إليهِ قَبضَ رأفَةٍ وَ اختيار، وَ رغبةٍ و إيثار.
ص: 203
فمحَمَّدٌ صلي اللَّه علیه و آله و سلم من تَعَب هذِهِ الدارَ في راحَةٍ،
قامَ في النّاسِ مُنْذِراً وَ بَشيراً *** وَ إِلَى الرُّشْدِ وَ الفَلَاحِ دَعاها
أَنْقَذَ القَوْمَ بَعْدَ طُولِ ضَلالٍ *** بَصَّرَ النَّاسَ مِنْ خَطِيرِ عَمَاها
مُسْتَقِيمَ الصِّراطِ قَدْ دَلاهَا *** وَ إلى دينِهِ القويم هَداها
ثُمَّ عَنْ رَافَةِ بِهِ وَ الخَتِيَارِ *** قَبْض الله رُوحَهُ وَ اقْتَناها(1)
رَغْبَةً في لِقائِهِ وَ اشْتِيَاقاً *** آثَرَ اللَّهُ رُوحَهُ وَ اجْتَباها
وَ اسْتَراحَ الحَبيبُ مُدْراحَ عَنّا *** عافَ أتْعاب دارِنا وَ عَناها
قد حُفٌ بالملائِكَةِ الأبرار، وَ رضوانِ الرَّبِّ الغفّار، وَ مجاورة الملكِ الجبّارِ صلى اللَّه على أبي وَ نبّيِهِ، وَ أميِنِه على الوحي و صفّيَهِ، وَ خيرتِهِ من الخَلْقِ ،وَ رضيّهِ، وَ السّلامُ عليه وَ رحمة اللَّه وَ بركاته.
ثمّ التَفَتَتْ إلى أهْلِ المجلسِ و قالتْ:
حُفَّ في مَوْكِبِ المَلائِكَةِ الأَبْرارِ *** فَازْدانَ مِنْ ضِياهُ ضِياها(2)
بِجِوار العَزيزِ المَلِكِ الجَبَّارِ *** في الرُّتبَةِ الَّتي يَرْضاها
فَعَلى خِيرَةِ النَّبِيِّين طَه *** صَلَواتٌ لاتَنْتَهي ذِكْراها
رَحْمَةُ اللَّهِ وابلاً وَ عَلَيْهِ *** بَرَكاتُ السَّماءِ لاتَتَناهي
ثُمَّ الوَتْ خِطابها إذ تجارى الناسُ *** وَ ازَاحَمَتْ إلى لُقْياها
مسؤولية الناس تجاه الرسالة الإسلامية
أنتمْ -عبادَ اللَّه نصبُ أمرِهِ وَ نهيِهِ وَ حَمَلَةُ دينِهِ وَ وحيهِ، وَ أمناءُ اللَّه على أَنْفُسِكُمْ، وَ بلغاؤهُ إلى الأممِ.
ص: 204
زعيمُ حقٍ لهُ فيكُمْ، وَ عهدٌ قدَّمَهُ إليكمُ، وَ بقيةٌ استخلفها عَلَيْكُمْ، كتابُ اللَّه الناطق، وَ القرآنُ الصّادق،
أيُّها النَّاسُ نُصْبَ أمْرِ وَ نَهي *** اللَّهِ أنْتُمْ وَ لِلرِّجَالِ نُهاها(1)
أَمَنَاءُ الإلهِ -جَلَّ-على *** أنفُسِكُمْ، وَ لِلْوَرى بُلغاها
قَدْ حَمَلْتُمْ ثِقَلَ الرِّسَالَةِ بَدْءاً *** وَ بِأَكْنَافِكُمْ أَبِي ألقاها
وَلَدَيْهِ فِيكُم مَنَارَةٌ حَقٌّ *** وَ لَهُ ذِمَّةٌ عَلَيْكُمْ وَفاها
وَ قَدِ اسْتَخْلَفَ النَّبِيُّ عَلَيْكُم *** إِذْ تَوَلَّى بَقِيَّةً أبْقاها
رَحْمَةُ اللهِ، آيةُ اللَّهِ *** نورُ اللَّهِ، وَ الحُجَّةُ التي جَلاّها
وَ النّورُ الساطع وَ الضياءُ اللامع بيّنَةٌ بصائِرهُ، منكَشِفَةٌ سرائرهُ متجلّيَّةٌ ظواهرهُ مغتبطٌ به أشيَاعُهُ قائِدٌ إلى الرضوانِ. اتِّباعُهُ، مؤد إلى النجاةِ استماعُهُ،
ساطِعٌ النّورِ دَفْتاء وَ مِنْهُ *** لَمْعَةُ الضّوءِ قَدْ تَلالاً ضِياها
بَيِّنَاتُ فِيهِ البَصائِرُ كَالصُّبْحِ *** وَ أَسْرَارُهُ الَّي أَبْدَاهَا
وَ تَجَلَّتْ ظَواهِرُ العِلم فِيهِ *** لَيْسَ تَخْفَى عَلَى العُقولِ رُؤاها
يَغْبِطُ العارِفونَ شِيعَةَ سِفْرٍ *** هَزَّ مِنْ أَنْفُسِ العِبادِ نُهاها(2)
قائِدٌ مَنْ مَشَى وَراهُ سَبيلاً *** كانَ رِضْوانُ رَبِّنا مَسْراها
وَ مُؤَدِّ إلى النَّجاةِ نُفوساً *** أَلْقَتِ السَّمْعَ عِنْدَهُ فَهَداها
بهِ تنالُ حُجَجُ اللَّه المنورة، وَ عزائمُهُ المفسّرة، وَ محارمُهُ المحذّرة، وَ بيّناتُهُ الجاليَة، وَ براهينُهُ الكافيَة، وَ فضائِلُهُ المندوبَة، وَ رخصُهُ الموهوبَة، وَ شرائِعُهُ المكتوبَة.
وَ بِهِ نالَتِ الوَرَى حُجَجَ اللَّه *** وَ أحكامَهُ الَّتي أَمْلاها
ص: 205
مِنْ فُرُوضٍ عَزائِمِ واجباتٍ *** وَ مَناهِ مُحَرَّمُ إيتاها
بَيِّنَاتٍ مُجَلَّياتٍ حَشاها *** وَ بَراهِينَ كافياتٍ مَلأها
وَ رِياض مِنْ الفَضائِلِ تَدْعو *** كُلَّ مَنْ رامَ خَيْرَها وَ جَناها(1)
وَ المُباحاتُ فِعْلُها مُرْخَصاتٍ *** وَهَبَ النّاسُ أَمْرَها وَ حَباها
كُلُّ مَكْتوبِ شِرْعَةٍ فِيهِ فَافُهُمْ *** سِرَّ آياته الَّتي آتاها
فلسفة الشريعة الإسلامية
فجعل اللَّه الإيمانَ تطهيراً لكمْ منَ الشركِ، وَ الصلاةَ تنزيهاً لَكُمْ مِنَ الكِبْرِ، وَ الزكاةَ تزكيَةً للنفسِ وَ نماءً في الرزقِ وَ الصيامَ تثبيتاً للإخلاصِ وَ الحجِّ تشييداً للدّينِ، وَ العدلِّ تنسيقاً للقلوبِ،
فَلِتَطْهيرةِ النُّفوسَ مِنَ الشَّرُکِ *** عُيون الإيمانِ قد أَجْراها
وَ لِتَنْزيهِها مُغَرّرةَ الكِبْرِ *** أَقَرّ الصَّلاةَ في آناها
وَ لِتَزْكُو النُّفوسُ وَ الرِّزْقُ يَنْمو *** أوْجَبَ الخُمْسَ وَ الزَّكَاةَ قَضاها
وَ لِتَثْبيتِ جَوْهَرِ الصِّدِقِ وَ الإخلاصِ *** في النَّفْسِ لِلصّيامِ دَعاها
وَ لِيُعَلي بُرْجَ الشَّريعةِ نادى *** النَّاسَ بالحَجِّ داعِياً إيّاها
وَ لِتَنْسيقِهِ القُلوبَ جَميعاً *** شِرْعَةَ العَدْلِ سَنّها وَ بناها
وَإطاعتَنا نظاماً للملّةِ، وَ إمامَتَنا أماناً للفرقِةِ، وَ الجهادَ عزّاً للإسلامِ وَ الصبرَ معونَةً على استيجابِ الأجْرِ، وَ الأمرَ بالمعروفِ مصلحةً للعامةِ، وَ بَرَّ الوالدين وقايةٌ منَ السخطِ،
وَ أَقرَّتْ لَنا الإطاعَةُ حَتَّى *** يَسْتَقيم العباد في مَسْراها
وَ أَماناً لَكُمْ إمَامَةُ أَهْلِ *** البَيْتِ مِنْ فُرْقَةٍ تَشُبُّ لَظاها(2)
ص: 206
وَ لِتَعْتَزُّ رايَةُ اللَّهِ في *** الأَرْضِ قَضى بالجهادِ ضِدَّ عِداها
وَ لِتَسْتَوْجِبوا المَثوبَةَ أَجْراً *** جَعَلَ الصَّبْرَ سُلَّماً لاجْتِنَاها
وَ صَلاحُ العُموم في الأمْرِ بالمَعْروفِ *** وَ النَّهْي عَنْ مَسيرٍ غَواها(1)
وَ اثْقاءَ مِنْ غَضْبَةِ الرَّبِّ أَوْصى *** البِرَّ بِالوَالِدَيْنِ مَنْ يَخْشَاهَا
وَصِلَةَ الأَرْحَامِ مِنْمَاةَ لِلْعددِ و القصاصَ حقناً للدماءِ، وَ الوفاءَ بالنذرِ تعريضاً للمغفرةِ، وَ توفيةَ المكاييلِ وَ الموازينِ تغييراً للبخسِ، وَ النهيَ عن شربِ الخَمرِ تنزيهاً عَنِ الرجْسِ، وَ اجتنابَ القذفِ حجاباً عن اللعنَةِ،
وَ صِلاتْ الأرحامٍ مَنْساةُ عُمْرٍ *** وَ نُمُؤْ لِجَمْع مَنْ يَرْعاها(2)
وَ لَكُمْ قالَ -في القِصاصِ حَيَاةٌ *** حَفِظَ اللَّهُ في دِماهُ دِماها(3)
عُرْضَةُ العَفْوِ مِنْ إِلَهِ البَرايَا *** مَنْ عُهُودَ النُّذورِ قَدْ وَفَّاها
وَ لِحِفْظِ الحُقُوقِ أَنْ تَبْخَسُوها *** لِلْمَوازين قَدْ قضى إِيفاها
وَ لِتَنْزِيهِكُمْ نَهى عَنْ شرابِ *** الخَمْرِ حِفْظاً لِلْعَقلِ مِنْ بَلْواها
ص: 207
وَحِجاباً لَكُم عَنِ اللَّعْنِ لَمَّا *** حَرَّمَ القَذْفَ لِلنِّساءِ تَياها(1)
وَ تَرْكَ السَّرِقَةِ إيجاباً للعفّة، وَ حرّمَ الشِّرك خلاصاً لَهُ بالربوبية.
فاتَّقوا اللَّه حقَّ تُقاتِهِ، و لاتموتَنَّ إلا و أنتم مسلمون، و أطيعوا اللَّه فيما أَمَرَكُمْ بهِ وَ نهاكُمْ عنه فإنّه إنما يخشى اللَّهَ من عبادِهِ العِلماءُ.
ثم قالتْ:
وَ عَفافاً عَنِ الخِيَانَةِ في المالِ *** يتَركِ السِّرْمَاتِ قَدْ وَصَاها
وَلِكَيْ تُخلصوا العِبادَةَ حَقًّا *** حَرَّمَ الشرك وَ الرِّياءَ نَزاها(2)
فَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ حَقٌّ تقوى *** وَ احْذَرُوا النَّارَ جَمْرَها وَ لَظاها
لاتَمُوتوا إلا على شِرعةِ الإسْلامِ، *** وَ اسْتَعْصِمُوا جَميعاً عُراها(3)
وَ أَطِيعُوا -بِفِعْلِ ما أَمَرَ اللَّهُ، *** وَ بِالتَّركِ للمَناهِي- الإلها
ثُمَّ قالَتْ وَ جَلجَلَتْ أيُّها النَّاسُ، *** وَرَجُ المكانَ رَجْعُ صَداها(4)
اعلموا أنّي فاطمة علیها السلام
أيّها النّاسِ اعْلَموا أنى فاطمةٌ علیها السلام وَ أبى محمّدٌ صلي اللَّه علیه و آله و سلم!(5) أقولُ عَوْداً و بدءاً و لاأقولُ ما أقولُ غلطاً، و لاأفعل ما أفعلُ شَططاً، لَقَدْ جَاءكُمْ رسولٌ مِنْ أنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عليه ما عنتم حريصٌ عليكُمْ.
ص: 208
أَيُّها النَّاسُ وَ اعْلَمُوا أَنّي الزَّهْرَاءُ، *** بِنْتُ الهَادِي المُبَشِّرِ طَه
وَ أَعِيدُ المَقالَ عَوْداً وَ بَدْءاً *** خَيْرُ ذِكْرَى لِمَنْ وَعَى ذِكْراها
حاش قَوْلِي مِنْ غَلطةٍ وَ تَعالى *** الفِعْلُ مِنِّي بِأَنْ يَشُطَّ تَياها(1)
قَدْ تَجَنَّبْتُ غَلطَةٌ وَ اشْتِباهاً *** وَ تَوَلَّقْتُ حِكْمَةَ وَ انْتِباها
جاءَكُمْ لِلْهُدَى رَسولٌ وَ مِنْ *** أنفُسِكُمْ جاءَ مُرشداً أهْداها
ماعَناها عَلى النَبيِّ عَزيزٌ *** وَ حَرِيصٌ بِكُلِّ خَيْرٍ أَتَاهَا
هكذا أنقذ الله العرب من الجاهلية
فبلَّغ بالرسالة، صادعاً بالنذارةِ، مائلاً على مدرجة المشركين، ضارباً ثبجَهُمْ، آخذاً بأكظامِهِم، داعياً إلى سَبيلِ ربّهِ بالحكمةِ وَ الموعظةِ الحسنةِ، يكسرُ الأصنامَ، وَ ينكتُ الهامَ.
فَلَقَدْ بَلغَ الرِّسالَةَ لِلَّهِ، *** وَ أعْلى إنْذارَ مَنْ عاداها
وَ عَلى المُشرِكينَ مالَ فَأقصى *** عَنْ طَريقِ العِبادِ شَرَّ أَذاها
ضارباً كاهِلَ التَجبُّرِ مِنْهُم *** سَدَّ أنظامِهِمْ عَلى مَجْراها(2)
وَ عَلَى حِكْمَةٍ وَ أَحْسَنِ وَعْظٍ *** كانَ يَدْعو إلى سَبيلِ هُداها
كُلَّما قامَ هَيْكَلِّ صَنَمِيٌّ *** هَدَّهُ مِنْ يَدِ النَبيِّ عَصاها
يَنْكُتُ الهامَ مِنْ رُؤُوسِ ضَلالٍ *** قَدْغَواها عَنْ رَبِّها طَغْواها(3)
بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم.
فإن تعزوهُ و تعرفوهُ تجدوهُ أبي دونَ نسائِكُمْ، وَ أخا ابنِ عمي دونَ رجالِكُمْ، و لنعمَ المعزّى إليه صلي الله علیه و آله و سلم.
ص: 209
أيُّ بَرْ بِالمُؤْمِنينَ رَحيمٍ *** أيُّ حِصْنِ لِعَزّها وَ حِماها
فَإذا ما عرفتموهُ جَلِيّاً *** وَ نَسَبْتُمْ خَيْرَ الورى أزكاها
دونَ نِسوانِكُمْ أَبي تَجِدُوهُ *** وَ كَفَتْني مَزيَّةً أُولاها(1)
وَ هُوَ مِنْ دُونِكُمْ أَخٌ لابنِ عَمِّي *** وَ كَفَتْهُ فَضيلَةٌ یُولاها(2)
وَ لَنِعْمَ الذي إلَيهِ انْتَسَبْنا *** حينَما الرَّبُ لِلنُّفوس بَراها
فَعَلَيْهِ وَآلِهِ اللَّهُ صَلَّى *** وَ عَلَيْهِ السَّلامُ لايَتناهى
حتى انهزم الجمعُ و ولّوا الدبُر، حتى تفرّى الليلُ عن صحبِهِ، وَ أسفرَ الحقُّ عن محضِه، وَ نطقَ زعيمُ الدين، وَ خرست شقاشِقُ الشياطين، وطاحَ وشيظُ النفاقِ، وَ انحلتْ عُقَدُ الكفرِ وَ الشقاقِ، و فهّم بكلمةِ الإخلاصِ في نفرٍ من البيضِ الخماص.
و كنتمُ على شُفا حفرَةٍ منَ النّارِ مذقة الشارب.
ذَاكَ حَتَّى الجُمُوعُ وَلَّتْ جَمِيعاً *** هَزَمَ اللَّهُ جَيْشَها وَقُواها
وَ تَوَلَّتْ أَدْبارَها وَ اسْتَغاثَ *** الجَيْشُ أُولى صُفوفِهِ أُخْراها
وَ انجَلى اللَّيلُ عَنْ مَنار صباحٍ *** و رُؤى الحقِّ أسْفَرَتْ مَرآها
وَ الشَّيَاطِينُ حينَ قامَ زَعيمُ *** الدِّينِ بِالنُّطْقِ حُرِّسَتْ أَفْواها
ص: 210
وَ وَشيطُ النّفاقِ طاحَ وَ حُلَّتْ *** عُقَدُ الكفر والشقاق عُراها(1)
بِشَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ كُنْتُمْ *** مُذقَةَ الشرب مَجها مَنْ دَناها(2)
وَ نهزةَ الطَامع، و قبسةَ العُجلانِ، وموطىءَ الأَقدام، تشربونَ الطَّرْقَ و تقتاتونَ القدَّ و الورق، أذلَّةٌ خاسئينَ، تخافون أن يتخطفكُمُ الناسُ من حولكُمْ.
فأَنقذكُمُ اللَّه بمحمّدِ صلي اللَّه علیه و آله،
نُهْزَةُ الظَّامِعِينَ جَاعُوا والْعَجْلان *** في الدَّرْبِ قَبْسَةٌ أَوْراها(3)
وَ مَداساً كُنْتُمْ لِرَكْبِ السَّرايا *** أيُّ هَوْنٍ عَلى الذي ساراها
إذْ تَقِتُونَ وَرْقَةٌ أَوْ قَديداً *** وَ تَشِفُونَ خَبْطَ طَرْقٍ مِياها(4)
وَ مِنَ الذُّلِ خاسِئُونَ هُمودٌ *** وَ مِنَ النَّاسِ خائِفونَ أَذاها
خَوْفَ مَنْ حَوْلَكُمْ إذا ما أرادوا *** خَطفَكُمْ لَيْسَ رادِعٌ يَنْهاها
وَ قَضى اللَّهُ بالنَّبيِّ خَلاصَ *** العُرْبِ مِن بؤْسِها وَ شَرِّ بَلاها
بعد اللّتيّا، و التي بعد أن مُنيَ ببهم الرجالِ و ذؤبانِ العَربِ، وَ مردةِ أهلِ الكتابِ، كلّما أوقدوا ناراً للحربِ أطفأها اللَّه، أو نَجَمَ قرن للشيطانِ، أو فغرتْ فَاغرةٌ منَ المشركين،
فَنَجَوتُم إِذْ ذاكَ -بَعْدَ اللُّتيا *** وَ الَّتي- مِنْ عَذابِها وَ شَفَاهَا
بَعْدَ أَنْ رَدَّ لِلْفَناءِ عُلُوجاً *** تَتَحدَّى الكُماة لاتَخْشاها(5)
بُهَماً صَدَّتِ السَّبِيلَ عَلَيْهِ *** وَ كِتاباً لِيَعْرُب أَرْداها
ص: 211
و مِنْ أَهْل الكِتابِ كُلُّ عَنِيٍّ *** مَارِدٍ رَدَّ ضَرَّها وَ ضَراها(1)
كُلَّما أوقدوا إلى الحَرْبِ ناراً *** أظفَا اللَّهُ -عَزَّشَأناً- لَظاها
أَوْ نَبا لِلرَّجِيمِ قَرْنٌ وَ إِمّا *** فَتَحَ المُشْرِكونَ لِلشَّرِ فاها(2)
دور الإمام علي علیه السلام في بناء الإسلام
قذف أخاهُ في لهواتِها، فلاينكفىءُ حتى يطأ صِماخَها بأخمَصِهِ، و يخمد لهبَها بسيْفِهِ.
مكدوداً في ذاتِ اللَّه مجتهداً في أمر اللَّه، قريباً مِنْ رسولِ اللَّه صلي اللَّه علیه و آله و سلم، سيداً في أولياء اللَّه،
قَذَفَ المُصْطَفى أَخاهُ عَليّاً *** في خِضَمِّ الأهوالِ وَسْطَ لَهاها(3)
لا يُوَلِّي أو أنْ بِأَخْمَصِ رِجْلَيْهِ *** لأَصْماخ كِبْرِياها يَطاها(4)
ص: 212
سَيْفُهُ يُخْمِدُ الحُرُوبَ وَ لَوْلاً *** سَيْفَهُ ذُوالفِقارِ دامَ بَقاها(1)
تِلْك ذاتٌ مکْدودَةُ النَّفس في اللَّهِ، *** وَ في أَمْرِهِ ارْتِهانُ قُواها
وَ عَليَّ لِلْمُصْطَفى لَمْعَةُ الضَّو *** لِلضَّوْءِ أو لمن أدْناها
سَيِّدُ المُؤْمِنِينَ في أَوْلِياءِ اللَّهِ، *** كَالبَدْرِ نَيْراً في سَماها
مُشمراً ناصحاً، مجداً كادحاً.
و أنتم في رفاهيةٍ مِنَ العَيْشِ وَ ادعونَ فاكهونَ آمنونَ تتربصونَ بنا الدوائر، و تتوكفّونَ الأخبارَ، و تنكصونَ عِنْدَ النزال، وَ تفرَّون مِنَ القتالِ.
ناصِحَ الفِعْلِ، كادِحاً وَ مُجِداً هِمَّةُ النَّفْسِ في رِضا مَوْلاها حينَ أَنْتُمْ فِي رَفرَفِ العَيشِ غَرْقى في حَياةٍ خَصيبَةٍ مَرْعاها في جنان مِنَ النَّعِيمِ وَدَاعٌ تَسْتَطيبون -آمِنينَ- جَناها
وَ لأَخْبارِنا مسامِعَ رَصْدٍ *** ضِدَّنَا أَمْ لَنا تَدور رَحاها
قَدْ تَرَبَّصْتمُ بِنا أَيَّ بَلْوى *** سَوْفَ تُكْفِي بِرَأْسِنَا بَلْواها(2)
فَبَسُوحِ القِتَالِ سَرْجُ فِرَارٍ *** وَ بِأَرْضِ النِّزالِ منْ أَخْزاها
الردّة و بدء المؤامرة ضد أهل البيت علیهم السلام
فلما أختار اللَّهَ لنبّيِهِ صلي اللَّه علیه و آله و سلم دارَ أنبيائِهِ، وَ مَأوى أصفيائِهِ، ظَهَرَ فِيكُمْ حَسَكَةُ النّفاقِ، وَ سَمُلَ جلبابُ الدينِ، وَ نَطَقَ كاظمُ الغاوينَ وَ نَبَغَ خامِلُ الأقلّينَ، وَ هدرَ فَنِيقُ المُبطلينَ، فَخَطرَ في عَرَصاتِكُمْ.
ثُمَّ لمّا الآلهُ خارَ لِذاتِ *** المُصْطَفى دارَ قُرْبِهِ أُخْراها(3)
دارَةَ الأنبياءِ وَ الرُّسُلِ مَأوى *** الأصْفياء الكِرامَ دونَ سِواها
ص: 213
سَلَّ فِيكُمْ سِلَّ النِّفَاقِ وَ أَبْدَى *** كُلَّمَا كَانَ فِي النَّفُوسِ اخْتفَاها
سَمُلَ الدين ثوبُهُ وَ عَلَيهِ *** غَيَّرتْ كُلُّ عُرْوَةٍ مَرْساها(1)
وَغَدًا السَّاكِتُ الغَوِيُّ نَطُوقاً *** وَ الخَمُولُ الرَّدِيُّ في أعْلاها
وَ اسْتَوى كُلُّ مُبْطِلٍ ذَا هَديرٍ *** يَتَخطّى بِعُجْبِهِ مَسعَاها
وَ أطلَعَ الشيطانُ رأسَهُ مِنْ مَغرِزِهِ هاتفاً بِكُمْ، فَألْفاكُمْ لدعوتِهِ مُستَجيبينَ، وَ للغرّة فيهِ مُلاحظين، ثم استنهضكُمْ فَوجَدَكُمْ خِفافاً ، وَ أحمشَكُمْ فَألفاكُمْ غضاباً ، فوسَمْتُمْ غَيْرَ إبلكُمْ، وَ أورَدَتُمْ غَيْرَ مشربكُمْ.
هذا و العَهْدُ قَريبٌ، وَ الكَلْمُ رَحيبٌ، وَ الجُرحُ لمّا ينْدَمِلْ،
و أَطَلَّ الشَّيْطَانُ مِمَّا تَخَفَّى *** رَأْسَهُ هاتِفاً بِكُمْ أَنهياها
فَراكُمْ مُطَوَّعينَ لَدَيْهِ *** مُسْتَجيبين دَعْوةً أَبْداها
وَ خِفافاً مُبادِرينَ رَكَضْتُمْ *** حِينَمَا فِتْنَةَ الهَوى أَلْقاها
وَ غِضاباً مُحَمَّسينَ وَ ثَبتُمْ *** حِينَمَا جَمرة الحَماسِ حَماها
فَنِياقاً لِغَيْرِكُمْ قَدْ وَ سَمْتُمْ *** وَ وَرَدْتُمْ لِمَنْ سِواكُمْ مياها
كُلُّ هذا وَ الْعَهْدُ مِنْهُ قَريبٌ *** وَ جُروحُ الفِراقِ رَحْبٌ فَضاها
المزاعم الباطلة للمتآمرين
وَ الرسولُ لمّا يُقْبَرُ.
ابتداراً زَعَمْتُمْ خَوْفَ الفتنةِ، ألا في الفتنةِ سَقطوا وَ إن جهنم محيطةٌ بالكافرين، فهيهاتَ مِنْكُمْ!
وَ كَيفَ بِكُمْ؟ وَ أنّى تؤفكون؟ و كِتابُ اللَّهِ بينَ أظْهُرِكُمْ، أمورهُ ظَاهِرَةٌ، و أحكامه زاهرةٌ، وَ أعلامُهُ باهرةٌ،
ص: 214
قَبْلَ أَنْ تَسْكُنَ النُّفوسُ وَ لمّا *** يُقْبَرُ المُصْطَفى بِطَيِّ ثَراها
وَ زَعَمْتُمْ: خَوفَ افْتِتَانِ بَدَرتُمْ *** فَلَعَمْري سَقَطْتُمُ في لَهاها(1)
سَعَّرَ اللَّهُ لِلْعُصاةِ جحيماً *** قَدْ أحاطت بِنارِها نُزلاها(2)
كَيْفَ هَيْهاتَ مِنْكُمُ ثُمَّ أَنَّى *** يُؤفَكُ القَوْمُ عَنْ سَبيلِ نَجاها(3)
وَ مَناراتُ ذِكْرِهِ لَيْسَ يَخْفى *** نورُها لِلَّذِي اسْتَنَارَ ضِياها
زاهراتُ الأحكام لاتَتَخَفَّى *** باهراتُ الأعْلامِ لاتَعْماها
وَ زواجرهُ لايحةٌ، وَ أوامِرُهُ، واضحةٌ، و قَدْ خَلَفْتُموهُ وَراءَ ظُهوركُمْ.
أَرَغبةً عَنْهُ تريدونَ؟ أم بغيره تحكمون؟ بِئسَ للظالمينَ بَدَلاً.
وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام ديناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ.
واضحاتٌ أوامراً لائِحاتٌ *** تلكُمُ الزّاجِراتُ عَنْ أَهْواها
أَوَخَلَّفْتموا الكتابَ وَراكُمْ *** رائِدَ العالَمينَ دَرْبَ هُداها(4)
أَبِغَيْرِ القُرآنِ حُكْماً رَضِيتُمْ؟ *** أَمْ عَنِ الذِّكْرِ قَدْ رَغِبْتُمْ سِفاها؟(5)
ص: 215
بئسَ لِلظَّالِمينَ ذاك بديلاً *** كَيْفَ بِالدُّونِ بَدَّلَتْ أزكاها؟(1)
وَ بِغَيْرِ الإسلام مَنْ دانَ دِيناً *** فَهُوَ في الخاسرين في أخْراها
أبَداً لَيْسَ يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ *** شِرعَةً غير ما بها وَصّاها
ثمّ لَم تلبثوا إلا ريثَ أن تسكن نُفرتُها وَ يسلس قُيُادها.
ثمّ أخَذْتُمْ تورونَ و قُدتَها، و تُهيجونَ جَمرتها، و تَسْتجيبون لهتافِ الشيطانِ الغَويّ، و إطفاء أنوارِ الدِّينِ الجَليّ،
ثُمَّ لَمْ تَلْبَعُوا هُنالِكَ إِلاَّ *** رَيْتَ أَنْ يَسْتَقِرَّ مَنْ وَلاّها
نُفْرَةُ الحُكْم تَسْتَريحُ وَ نَخْبُو *** وَ تَسير الأحداث في مَجْراها
فَتَقودُوا السَّوادَ سَلْساً عَلَيْنَا *** وَ تُثِيروا بوجهنا غَوْغاها(2)
وَ بِصَدْرِ الثَّاراتِ تُورون ناراً *** وَ تُهيجُونَ جَمْرَها وَ لَظاها(3)
وَ هناكَ الشَّيْطَانُ أَلْقَى إِلَيكُمْ *** دَعْوَةَ الشَّرِّ فَانْطَلَقْتُم وراها
فَسَعَيْتُمْ تُطّفون أنوارَ دينِ اللَّهِ *** مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُتِمَّ ضِياها
التآمر.. عودة إلى الجاهلية
و إخمادِ سنن النبي صلي الله علیه و آله و سلم الصّفيِّ،
تسرونَ حسواً في ارتغاء وَ تمشونَ لأهلِهِ و ولدِهِ في الخَمَر و الضَّرَّاءِ و نصبرُ منكم على مِثْلِ حزّ المُدى و وخزِ السنانِ في الحشى.
وَ أنتم -الآنَ- تزعمون أن لاإرث لنا، أفحكمُ الجاهليِةِ يَبغون؟
ص: 216
سُنَنَ المُصْطَفى الأمِينِ قَصَدْتُمْ *** مَحْوَآثارها... وَ هَدْمَ بِناها
وَ تُسِرُّونَ حَسْوةً في ارْتِغَاءٍ *** وَ تُراؤُونَ لِلْعُيُونِ سِواها(1)
وَلالِ النَّبِيِّ تَمْشَونَ مَكْراً *** مَشْيَ مَن يَخْتَمِرُ إِلى ضَرَّاها
مِثْلَ وَخْز السِّنانِ مِنْكُمْ صَبَرنا *** أَوْ كَحَرُ المُدى تَحَمَّلْناها
وَ تَصدُّونَنا افْتِراءٌ وَزوراً *** عَنْ مَواريث رَبُّنا أَعْطاها(2)
أَفَمِنْ جاهِلِيَّةٍ قَدْتَولَّتْ *** تَبْتَعُونَ الْأَحْكامَ بَعْدَ جَلاها
القرآن الكريم يفنّد مزاعم المتآمرين في غصب فدك
وَ مَنْ أحسنُ مِنَ الله حُكماً لِقومٍ يُوقنونَ؟ أفلا تعلمون؟ بلى تجلّى لكم کالشمس الضاحية أني ابنُتُه.
أيها المسلمونَ! أَأُغْلَبُ على إرثيِهِ.
يا بنَ أبي قُحافَةِ،
أفي كتابِ اللَّه أن تَرِثَ أباكَ وَ لاأرِثُ أبي؟؟
أتُرى مَنْ يَكونُ أحْسَنَ في الحُكْم *** مِنَ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ نَزاها؟
إنّما يَعْقِلُ الحَقيقَة قَوْمٌ *** أيقنوا أنها سَبيلُ نَجاها
أفَلا تَعْلَمونَ بَلْ قَدْ تَجَلَّى *** أَنَّني بنتُه كَشَمْسِ ضُحاها؟
ص: 217
أيُّها المُسْلِمُونَ بِنْتُ رَسولِ اللَّهِ *** في إرثها يُرَدُّ ادِّعاها(1)
أو في الذِّكْرِ آيَةٌ يَابنَ تَيْمٍ *** نَزَلَتْ فيك دونَنا مَعْناها؟
حَظْوَةَ الإِرْثِ مِنْ أَبِيكَ تَلِيها *** وَ أَنا مِنْ أبي فلا أُولاها(2)
لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً فَريّاً !!.
أفَعَلى عَمَدٍ تَرَكْتُمْ كِتابَ اللَّهِ و نبذتموهُ وَراءَ ظُهورِكُمْ؟ إِذْ يَقُولُ:
«وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ».
وَ قالَ -فيما اقتص من خبر زكريا- إذْ قالَ:
«فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ».
فَلَقَدْ جِلتَ إِن زَعَمْتَ فَريّاً *** سَتَرى سَاعَةَ الحِسابِ جَزاها(3)
ص: 218
أَكِتابَ السَّمَاءِ عَمْداً تَرَكْتُمْ *** أَمْ تُرى قَدْ تَرَكْتُمُوهُ اشْتباها؟
هاكُمُ مِنْ نُصوصِهِ أَجْلاها *** إِنْ أَرَدْتُمْ إلى هُداهُ هُداها
لِسُلَيْمانَ إرْثُ داودَ أَضْحى *** سورَةَ النَّمْلِ أَرَّخَتْ ذِكْراها(1)
قالَ فِيما قَدْ قَصَّ عَنْ زَكَرِيَّا *** قِصَّةٌ بُيِّنَتْ لَكُمْ مَغْزاها
رَبِّ هَبْ لي مِنَ البَنِين وَليّاً *** وارِثاً لِي جَنى الحياة وراها
و قال: «وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ».
وقال: «يُوصيكُمُ الله في أولادِكُمْ ِللذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيين».
و قال: «إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ». وَ زعَمْتُمْ أن لاحَظوةَ لي! و لاإرثَ من أبي! أَفَخَصِّكُمْ الله بآيَةٍ أخرج أبي مِنها ؟ أم تقولون: إن أهلَ مِلّتين لايتوارثانِ؟ أَوَ لَستُ أنا و أبي من أهل مِلَّةٍ واحدةٍ؟
وَ قَضى اللَّهُ أَنَّ بَعْضَ أولي الأرْحامِ *** أولى بالبَعْضِ إذ أوْلاها
كُلّ أُنْثَى لَها مِنَ الإِرْثِ حَقِّ *** إِنَّمَا لِلذُّكورِ مِثلا عَطاها
وَ عَلى التَّارِكِينَ خَيْراً وَ قُرْبَى *** أَنْ يُوَصُوا بخَيْرِهِمْ قُرْباها
وَ زَعَمْتُمْ فِي الإِرْثِ مالي نَصيبٌ *** أجْتَنيهِ أَوْ حَظوةٌ أُولاها
أَوَ خصصْتُمُ بِآيَةِ إِرْثٍ *** وَ زَوى اللَّهُ والِدي مَعْناها؟(2)
أمْ تُرىْ لَيْسَ والدي وَ أنا مِنْ *** مِلَّةٍ وَاحِد المَرامِ اتْجَاها؟
ص: 219
الإنذار
أم أنتُم أعلَمُ بخصوصِ القرآنِ و عُمومِهِ مِنْ أَبِي وَ ابْنِ عَمّي؟
فدونَكَها مَخطومةً مرحولةً تلقاك يَومَ حشرك.
فَنِعْمَ الحَكَمُ الله، و الزعيم محمّدٌ، و المَوعِدُ القيامَةُ و عندَ السّاعَةِ يخسرُ المُبطِلونَ، و لاينفعُكُمْ، إذ تَنْدمونَ،
أَوَ أَنْتُمْ مِنْ والِدِي وَ ابْنِ عَمِّي *** بِمَعاني القُرآنِ مِنْ أَدْراها؟
هاكَ مخطومَةً بِدُونِ عَناءٍ *** وَ اسْتَلِمُها مَرْحولَةً طَرَفاها(1)
فَسَتَلْقاكَ يَوْمَ حَشْرِكَ فَانْظُرْ *** أَي وِزْرٍ من الحرامِ عَلاها
إِنَّمَا المَوْعِدُ الحِسابُ وَ نِعْمَ *** الحَكَمُ اللَّهُ وَ المُدَافِعُ طه
ساعَةَ الحَشْرِ إذْ تُدَوّي صَداها *** يَخْسَرُ المُبْطِلُونَ في مَلْقاها
ثُمَّ لاتَنْفَعُ النَّدامَةُ نَفْساً *** ذكرَتْ ثُمَّ خَالَفَتْ ذِكْراها
استنهاض الأنصار للدفاع عن الحق
ولِكُل نبأ مستقر، فَسَوفَ تَعلمونَ من يأتيه عذابٌ يُخزيه، و يحل عليهِ عذابٌ مُقيمٌ.
ثمّ رَمَتْ بِطَرفِها نحو الأنْصارِ فَقَالَتْ:
يا معشر النقيبة! و أعضادَ الملةِ و حَضَنَةَ الإسلام:
ما هذِهِ الغَمِيزَةُ في حقي؟
ولأنبائِها بذاتِ صَباحٍ *** مُسْتَقَرٌ إلى هُناكَ انْتِهاها
ص: 220
وَغَداتَعْلَمونَ مَنْ يَتَلَظَّى *** بِعَذَابِ يُخزيه في أُخراها
ثُمَّ مَالَتْ بِطَرْفِها طَرَف *** الأنْصار وَ القومُ في عَظيمٍ کَراها
مَعْشَرَ النَّصْرِ وَالنَّقيبةِ إيهاً *** بالأعضادِ ملةٍ وَ قواها(1)
أَيُّها الحاضِنونَ رايَةَ دِينِ اللَّهِ *** تَحْمُونَ عِزَّهَا وَ عُلاها
عَجَباً هَذِهِ الغَميزَةُ وَ الغَفْلَهُ *** مِنْ جَمْعِكُمْ بِحَقِّي أَراها(2)
و السَّنةُ عَن ظلامتى؟ أما كانَ رسول الله صلي اللَّه علیه و آله و سلم أبي يَقولُ:
«المرءُ يُحفَظُ في وُلدِهِ»؟
سرعانَ ما أحدثتُم، و عجلانَ ذا إهالَةٍ، و لَكُمْ طاقَةٌ بما أُحاولُ، و قوةٌ على ما أطلبُ و أزاولُ.
أتَقولونَ: مات محمد صلي اللَّه علیه و آله و سلم، فَخَطْبٌ جَليلٌ، اسْتَوسَعَ وَ هنُهُ
ما لَكُمْ عَنْ ظُلامَتي في منامٍ *** لاتَرُدُّونَ ضَرها و أَذاها
يُحْفَظُ المَرْءُ في بَنيهِ- أَماكانَ *** يَقولُ الرَّسُولُ- مَنْ يَرْعاها
فَلَعَجْلانَ ذا إهالَةٍ! فَانْظُرْ *** كَيْفَ سُرعان ما قَلبْتُم بِناها؟(3)
وَ لَكُمْ طاقَةٌ وَ قُوَّةُ رَهْطٍ *** لِلَّتي قَدْ طَلَبْتُ مِنْكُمْ أداها
أَتَقولونَ قَدْ تُوُفِّيَ طه؟ *** فَانْدَفَعْتُمْ إِلَى الوَرا عُقباها
فَلَقَدْ جَلتِ المُصيبَة وَاللَّه *** وَهَدَّتْ مِنَ الجَميعِ قِواها
و استَنْهَرَ فتقُهُ و انفَتَقَ رتقهُ، و أظلمت الأرضُ لِغَيْبَتِهِ، و کُسفَت النجومُ لمصيبَتِهِ، و أكْدَتِ الآمالُ و خَشعَتِ الجبالُ، وَ أُضِيعَ الحَرِيمُ وَ أُزِيلَت الحُرْمَةُ عند مماته.
ص: 221
فتلك -واللَّه- النازلةُ الكبرى.
وَ قَدِ اسْتَنْهَرَ الفَتِيقُ عَرِيضاً *** مِثْلَما اسْتَنْفَقَ الرَّتيقُ وَراها(1)
غابَ وَ الأَرْضُ أَظْلَمَتْ وَ ادْلَهَمَّتْ *** وَ نُجومُ السَّماءِ غارَ ضِياها(2)
وَ عُروشُ الأمالِ مالتْ و زالَتْ *** عَن قُلوبِ المُؤملين مُناها
خَشَعَتْ ذِرْوَةُ الجِبالِ وَ ضاعَتْ *** حُرُماتُ الإسلام بَعْدَ إباها
وَ أَزِيلَتْ بِمَوْتِهِ وَ أُبِيحَتْ *** حُرْمَةٌ كَانَ رَبُّنَا أَغْلَاهَا
تِلْكَ وَاللَّهِ -في النَّوازِلِ- عُظمى *** وَقَعَةٍ لن يَكِرَّ مِثلُ بَلاها
و المصيبةُ العظمى، لامثلها نازلة و لابائِقَةُ عاجلة أعلنَ بها كتاب اللَّه -جل ثناؤهُ- في أفنيتكم، في ممساكم و مصبحكم، هتافاً و صراخاً، و تلاوةً و ألحاناً و لَقَبْله ما حلّ بأنبيائِهِ و رسلِهِ، حكمٌ فصلٌ،
و قضاءٌ حتمٌ.
وَ هْيَ عُظمى مُصيبَةٍ لَنْ يَرى الدهرُ *** قَريناً لها و لاأشباها
لَيْسَ مِنْ بائِقاتِ سُودِ اللَّيالي *** مِثْلَ ما عُجِّلَتْ عَلَيْكُمْ -سِواها(3)
وَ لَقَدْ أَعْلَنَ الكِتابُ السَّماويُّ *** بأَحْدائِها وَ سُوءِ انْقضاها
وَ عَلَيْكُمْ تُتْلَى صَباحاً مَساءً *** آيَةُ الرِدَّةِ الَّتي أنباها
وَ لَقَبْلَ النَّبي ماخل قدماً *** بِالنَّبيِّينَ مِنْ عَظيم بَلاها
فَضلُ حُكُم مُقَرَّرٍ وَ بَلايا *** حَتَّمَ اللَّهُ مِنْ قَديم قَضاها
«وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ».
ص: 222
إيهاً بني قيلَةَ! أأهضم تراث أبي؟ و أنتم بمرأى مِنّي و مَسمعٍ وَ منتدى و مَجْمَعٍ.
إنَّما المُصْطَفى الأمينُ رَسُولٌ *** قَدْ خَلَتْ قَبْلَ بَعْدِهِ أَنْبِياها
أفَإِنْ ماتَ أَوْ تُوُفِّيَ قَتْلاً *** إِنْقَلَبْتُمْ إِلى الوَرَاءِ وَراها
وَ لَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ *** وَ يُوَلِّي فَلَن يَضُرَّ الإلة
سَيَجْزي الذي أتاهُ شَكوراً *** جَنَّةَ الخُلْدِ نِعْمَةً وَرِفاها
يا بَنِي قيلَةَ النّجادَةِ إيهاً *** أَوَ هَلْ أَهْضَمَنَّ في إرْثِ طه؟(1)
وَ لَأَنْتُمْ بِمَسْمَعِ مِنْ نِدَائِي *** وَ بِمَرْآيَ جَمْعُكُمْ وَ قِوَاها
تلبسُكمُ الدعوةُ، و تشملكم الخبرةُ و أنتم ذوو العددِ و العُدّةِ، و الأداة و القوة، و عندكم السلاحُ و الجُنَّةُ، توافيكم الدعوة فلاتجيبون؟ و تأتيكم الصرخةُ فلاتُعينونَ؟ و أنتم موصوفون بالكفاح، معروفون بالخير والصلاحِ
تَتَغَشَّاكُمُ الدَّعاوَةُ لِلنَّصْرِ، *** وَ يُمْني لِسَمْعِكُمْ أَنباها
وَ لأَنْتُمْ ذو عُدَّةٍ وَلَدَيْكُمْ *** عَدَدْ تَتَقي العدى بأساها
فَأَداةٌ وَ قوَّةٌ لا تُبارى *** وَ سِلاحٌ وَ جُنَّةٌ لاتُضاهى
أَسكوتٌ وَ دَعْوَةُ الحَقِّ صَکَّتْ *** سُورَآذانِكُمْ وَ دَوَّى صَداها؟(2)
أَجُمودٌ وَ دَعْوَةُ العَدْلِ هَزَّتْ *** مَجْدَ تاريخكُمْ وَ رَنَّ نِداها؟
أَوَلَسْتُمْ عَلى الصَّلاح عُرِفتُمْ *** وَ بِسَيْفِ الكِفاحِ في هَيْجاها
و النخْبَةُ التي انتخبتْ و الخيرةُ التي اختيرتْ قاتلتمُ العربَ و تحملتم
ص: 223
الكَدّ و التعبَ و ناطحتمُ الأمَمَ، وَ كافحتمُ البُهم، لانبرحُ أو تبرحونُ، نأمُركُمْ فتأتمرون.
نُخْبَةَ النَّاصِرينَ لِلْحَقِّ كُنتُمْ *** خِيرَةَ المُصْطَفى الَّتي اسْتَصْفاها
أَوَلَسْتُمْ قاتَلْتُمُ العُرْبَ حَتَّى *** رُدَّ بَأسَاؤُها بصَدْرِ أَساها؟
وَ تَحَمَّلْتُمُ المَتاعِبَ دَهْراً *** وَ تَحَمَّلْتُمُ عَظيمَ عَناها
وَ تَناطَحْتُمُ بِدون تَوَانٍ *** أُمَمَ الأرْضِ في بَعيدِ قُرَاها(1)
وَ صَدَدْتُمْ مُكافِحِينَ عُلوجاً *** بُهَماً لاتَخافُ مَنْ يَلْقاها
فَلَنا الأمْرُ حَيْثُ كُنَا، وَ مِنْكُمْ *** -حَيْثُ كُنْتُمْ- إِطَاعَةٌ عِشناها
حتى إذا دارت بنا رحى الإسلام، و دَرّ حلب الأيام و خَضَعَتْ ثغرة الشرك، و سكنتْ فورةُ الإفكِ و خمدت نيرانُ الكفر و هدأتْ دعوةُ الهرج و استوسقَ نظامُ الدينِ.
فأنّى حِرتم بعد البيانِ؟ و أسررتم بعد الإعلان؟ و نكصتمْ بعدَ الإقدامِ؟
ذاكَ حَتّى رَحى الشَّريعَةِ دارَتْ *** حين دارَتْ بنا مدار رَحاها
حَلَبُ الدَّهْرِ دَرَّ خَيْراً وَ عَاضَتْ *** نَعْرَةُ الشِّرْكِ وَ انْتَهى غَوْغاها(2)
وَ خَبَا الكُفْرُ والشَّفَاقُ وَ قَرَّتْ *** فَوْرَةُ الإِفْكِ وَ انْمَحَى غَلْواها(3)
وَ هَديرُ الهَرْجِ اسْتَقَرَّ وَ قامَتْ *** نُظُمُ الدِّينِ في أَتَم بِناها
كَيْفَ بَعْدَ البَيانِ حِرْتُمْ وَ أَنَّى *** قَدْ نَكَصْتُمْ إِلى الوَرَاءِ تَياها؟
كَيْفَ ألحقيْتُمُ الوِلاية سِرّاً *** بَعْدَ إِعْلانِها وَ رَفْعِ لِواها؟
ص: 224
حبّ الراحة سبب خذلان الحقّ!
و أشركتم بعدَ الإيمان؟
«أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ».
ألا: قد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفْضِ.
كَيْفَ بَعْدَ الإيمانِ لِلشِّرْكِ مِلْتُمْ *** وَ سَبيلَ الهُدى تَرَكْتُمْ هُداها
أولا تُعْلِنونَ حَرْبَ عَسيرٍ *** نَكَنَتْ ذِمَّة اليمين وَفاها؟
و بإخْراج خاتَمٍ الرُّسُلِ هَمُّوا *** بَدَوُوا حَرْبَكُمْ وَ أَجُوا لَظاها(1)
أَفَتَخْشَوْنَهُم فَلَلَهُ أَوْلَى *** بِتُقاكُمْ، وَ اللَّهُ أَعْظَمُ جاها
إِنْ تَكونوا عَبَدْتُموه بِصِدْقٍ *** وَ لَهُ عَفَرَ التُّرابُ الجِباها
إِنَّما قَدْ أَرى إلى الخَفْضِ مِلْتُمْ *** وَ اسْتَطَبْتُمْ مِنَ الحَيَاةِ حَلاهَا
وأبعدتم من هو أحقُّ بالبسط و القبض، و خلوتم إلى الدعة، و نجوتم من الضيق بالسعةِ، فمججتم ما وعيتم ودَسعتمُ الذي تسوغتم.
«إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ».
ألا: قَدْ قُلْتُ ما قُلت على معرفةٍ مني بالخذلةِ التي خامرتكُمْ و الغدرةِ التي استشعرَتْها قلوبكُمْ.
فَنَفَيْتُمُ مَنْ بِالخِلافَةِ أَوْلى *** وَ أَحَقُّ الأنام في استِعْلاها
وَ خَلَدْتُمْ لِراحَةٍ لَيْسَ تَبْقَى *** وَ هَرَبْتُمْ إِلَى نَعيم هَناها
ما وَعَيْتُمْ مَجَجْتُمُ وَ دَسَعْتُمْ *** ما تَسَوَّفُتُموهُ غِب امْتِلاها(2)
ص: 225
فلئنْ تَكْفُرُوا وَ مَنْ حَلَّ في الأَرْضِ *** جَميعاً لاتُعْجِزونَ الإله
إِنَّما قُلْتُ ما ذكَرْتُ وَ إِنِّي *** عارِف مِنْ نُفوسِكُمْ مَخْباها
خَذْلَةٌ جالَتِ النُّفوسَ وَ غَدْرٌ *** شَعَرَتْهُ القُلوبُ في مَخْفاها
المستقبل الخطير للمتخاذلين
ولكنّها فيضةُ النفس، ونفثةُ الغيظ، و خَورُ القنا، و بثّةُ الصدر، و تقدمَةُ الحّجةِ.
فدونَكموها، فاحتقبوها دَبرَة الظَّهْرِ نَقبَةَ الخُفْ.
لكِنِ الظُّلْمُ أَنْرَعَ النَّفْسَ غَيْظاً *** فَاسْتَفاضَتْ عَلَى الَّذِي آذاها
وَقَنا لأنَ عودُهُ بِعَوادِي *** الجَوْرِ فَانْشَقَّ بِالأنين جَواها
وَ مِنَ القَلْبِ إذْ تَمَيَّزَ غَيْظاً *** نَفْئَةٌ يُحْرِقُ اللَّهيبَ لَظاها
وَ لِتَقْديمِ حُجَّةِ لَيْسَ إِلاَّ *** حَيْثُ لاعُذرَ عندَكُمْ عُقباها
دونَكُمُ للرِّكابِ فَاحْتَقِبوها *** ناقَةً صَعْبَةَ المِراس خُطاها(1)
فَوْقَ ظَهْرِ مُقَرّحٍ وَ بِحُفِّ *** رَقَّ دونَ الخُطى إلى مَرقاها
باقِيَةَ العارِ، موسومةٌ بِغَضب اللَّه، و شنارِ الأبدِ موصولةً بنارِ اللَّه الموقَدَةِ التيِ تطلعُ على الأفئدةِ فبعينِ اللَّه ما تفعلون «وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ».
وَ ضمَةُ العَارِ وَالشَّنارِ وَ تَبْقى *** أَبَداً لَيْسَ يَنمحي سِيماها(2)
ص: 226
وَ هْيَ مَوْسومَةٌ مِنَ اللَّهِ بِالسُّخْطِ، *** وَ بِاللَّعْنَةِ التي تَصْلاها
شَرَّ مَوْصولةٍ بِنارِ جَحِيمٍ *** جَمَّرَ اللَّهُ مِنْ قَديم حَصاها
تِلْكَ نارٌ تُطِلُّ حَتَّى عَلى أَفُئِدَةِ *** الظَّالِمينَ مِنْ أَبْناها
وَ بِعَيْنِ المُهَيْمِنِ الفَرْدِ يَجْري ***كُلُّ ما قَدْ فَعَلْتُموهُ سِفاها
سَيَرَى الظَّالِمُونَ أَيَّ مَرَدِّ *** سَيُرَدُّونَ فِي غَدٍ عُقْبَاها
و أنا ابنة نذير لكم بين يدي
عذاب شدید .
فاعملوا إنا ،عاملون و انتظروا إنا منتظرون.
جواب أبي بكر
فأجابها أبوبكر (عبد الله بن عثمان) و قال:
وَ أَنا تَعْلَمونَ بِنْتُ نَذِيرٍ *** لَكُمُ مِنْ أَليم نارٍ بَراها
فَاعْمَلُوا نَحنُ عامِلُونَ وَ إِنَّا *** مِثْلُكُمْ فِي انْتِظارِ يَوْمَ جَزَاها
فَاسْتَوى الخَصْمُ لِلْجَوابِ وَكَانَ *** الخَصْمُ في ذِرْوَةِ الدَّهاءِ إزاها(1)
فَاسْتَهَلَّ الكَلامَ مَدْحاً طويلاً *** جَاءَ فِي أَهْلِهَا وَ خَصَّ أَبَاهَا
فَهُوَ أَدْرى بِفَضْلِها وَ عُلاها *** وَ هْيَ أَغْنى مِنْ مَدْحِهِ إِيَّاها
فَلَقَدْ جَلْجَلَ الكِتابُ وَ تَكْفي *** آيةُ الطُّهْرِ وَحْدَها مَعْناها(2)
ص: 227
يابنة رسول الله صلي اللّه علیه و آله و سلم!
لقد كانَ أبوكِ بالمؤمنينَ، عطوفاً كريماً، رؤوفاً رحيماً، على الكافرينَ عذاباً أليماً و عقاباً عظيماً،
كانَ أَوْلى أَنْ يَقْبَلَ الحَقَّ مِنْها *** لَوْ أَرادَ الهُدى إلى مَرْضاها
غَيْرَ أنَّ المَقْصود كانَ سِوى الحقُ، *** وَإلأ ما لَجَّ في إيذاها
وَ عُثاءُ الجُمْهُورِ أَسْلَسُ حُكْماً *** حينَ بِالمَكْرِ يُسْتَعْلُّ هَواها(1)
يَابْنَةَ المُصْطَفى الأمينِ رَسولِ *** اللَّهِ وَ الرَّحْمَةِ التي أَهْداها
كانَ بالمُؤمنينَ بَراً أَبوكِ *** أرْأَفُ النَّاسِ بِالوَرَى أَرْجاها
وَ عَلى الكافرينَ كانَ عَذاباً *** وَ عَظيمَ العِقابِ ضِدَّ طُغاها
إن عزوناهُ وجدناهُ أباكِ دونَ النّساءِ، وَ أخا الفِكِ دون الأخلاء، آثرهُ على كل حميم، و ساعدهُ في كلِّ أمْرٍ جسيم، لايحبّكُمْ إلا كلّ سَعِيدٍ، و لايبغضكمْ إلا كَلُّ شقي.
فأنتم عترةُ رسولِ اللَّه صلي اللّه علیه و آله و سلم الطيبون، و الخيرةُ المُنتجبون،
إِنْ عَزَوْنَا مُحَمَّداً لَوَجَدْنا *** أَباكِ مِن دونِ كُل نِساها
دونَنا احتارَ الْفَكِ وتاخى *** حينَ أَحْبابَ دينه آخاها
وَ عَلَى كُلِّ صاحِبٍ وَ حَميمٍ *** آثر المُصْطَفَى عَلِيّاً وَ باهی(2)
ساعَدَ المُصْطَفى على كلِّ أَمْرٍ *** مِنْ أُمورٍ عَصَتْ عَلى أَقْواها
كُلُّ مَنْ يَرْتَضِي المَوَدَّةَ فِيكُمْ *** لَسَعيد وَ مَنْ شَقى يَأَباها(3)
ص: 228
أنْتُمُ الخِيرَة التي انتَجبَ اللَّهُ *** وَ الطَّيبِّونَ عِتْرةُ طهِ
الحديث -الفرية
على الخير أدلّتُنا، وإلى الجنّة مسالِكُنا. و أنتِ يا خيرةَ النساءِ، وَ ابنَةَ الأنبياءِ، صادقَة في قولِكِ سابقة في وفوِرِ عقلِكِ، غير مردودةٍ عن حقِّكِ، و لامصدودةٍ عن صدقكِ و اللَّه ما عدوت رأيَ رسول اللَّه صلي اللّه علیه و آله و سلم!!! و لاعملتُ إلا بإذنِهِ و إن الرائدَ لايكذبُ أهله و إني أشهدُ اللَّه و كفى به شهيداً، أني سمعتُ رسول الله صلي اللّه علیه و آله و سلم يقول: «نحن معاشرَ الأنبياءِ لانورّث ذهباً و لافضةً و لاداراً و لاعقاراً .
وَ عَلى الخَيْرِ دَرْبُنَا، وَ جِنانُ *** الخُلدِ، أَنْتُمْ سَبيلُ مَنْ يَهْواها
أَنْتِ يا خِيرَةَ النِّسا، بِنْتَ خَيْرِ *** النّاسِ مِنْ بَدْئِها إلى مُنْتَهاها
قَوْلُكِ الصَّدْقُ دُونَ رَيْبٍ و أَنْتِ *** في وُفُورِ النُّهى على أَرْقاها
غَيْرَ مَرْدودَةٍ عَنِ الحَقِّ شَيْئاً *** أَوْ بِمَصْدودةٍ صَديقَ ادِّعاها
بَيْد أنّي سَمِعْتُ يَوْماً أَباكِ *** قال لي -قَبْلَ أَنْ يَموتَ- شِفاها
مَعْشَرُ الرُّسُل لاتورثُ داراً *** أَوْ نُضاراً أَوْ فِضَّةً أَوْ شِياها(1)
الدفاع الهزيل
و إنما نورثُ الكتاب و الحكمةَ و العلم و النبوّةَ، و ما كانَ لنا من طُعَمةٍ فلولي الأمرِ بعدَنا أن يحكمَ فيه بحكمهِ».
و قدَ جعلنا ما حاولته في الكراعِ و السلاحِ يقاتلُ بها المسلمونَ، و يجاهدونَ الكفارَ، و يجالدونَ المَرَدةَ الفَجَّار.
ص: 229
إنَّما العِلْمُ وَ النُبُوَّةُ وَ الحِكْمَةُ *** وَ الذِّكْرُ إِرْتُها وَ ثَراها
إِنَّهُم لايُوَرّثونَ سِواهُمْ *** مِثْلَما تُورِثُ الوَرى ابْناها
كُل ما كانَ طُعْمَةً فَلِوالي *** الأمْرِ مِنْ بَعْدِنا كما يَهواها
فَلَهُ دونَ غَيْرِهِ الحُكْمُ فيها *** كَيْفَما شاءَ يَسْتَطِيعُ قَضاها
وَ جَعَلْنا الذي طَلبْتِ كِراعاً، *** و سِلاحاً، و جُنَّةً لِوَغاها(1)
لِجِهادِ الكُفَّارِ في ساحة الحربِ، *** وَ دَحْرِ الفُجَّارِ في لُقياها
و ذلك بإجماع من المسلمين!!
لم أنفردْ به وحدي و لم استبد بما كانَ الرأي فيه عندي و هذه حالي و مالي، هي لكِ و بين يديك، لا تزوى عنكِ، و لاتُدْخِرُ دونكِ
أنتِ سيّدةُ أُمةِ أبيكِ، و الشجرةُ الطيبةُ لبنيكِ،
ها هُمُ المُسْلِمُونَ بَيْنَ يَدَيْكِ *** فَرَّروا كُلُّهُمْ عَلَى اسْتيفاها
أنا لَمْ أَنْفَردْ بذاك لوَحْدي *** مُسْتَبِداً بما ارْتَأَيْتُ إزاها
ثُمَّ هذا حالي و مَالي لَدَيْكِ *** هَذِهِ ثَرْوَتِي إِلَيْكِ عَطاها
لَيْسَ تُزْوى الأمْوالُ عَنْكِ وَ إِنّى *** دونَكِ لَسْتُ داخراً مَغْناها(2)
أنتِ بنْتُ النّبي سَيِّدَةُ النسوانِ *** مِنْ أُمَّةٍ أَبوك بَناها
أَنْتِ للرَّوْضَةِ المُطَهَّرَةِ الأطْيابِ: *** أَبْناكِ، أَصْلُها وَ بِناها
لايُدفعُ مالكِ من فضلك و لايوضعَ في فرعِكِ و أصلكِ، حكمُكِ نافذ فيما مِلكتْ يداي.
فهل تَرين أن أخالف في ذلك أبا صلي الله علیه و آله و سلم؟
جواب فاطمة الزهراء علیها السلام.
ص: 230
وَ لَكِ الفَضْلُ لَيْسَ يُدْفَعُ عَنْكِ *** مِنْ مَزايا جَلالِكِ أَدْناها
وَ لَكِ ذِرْوَةُ المعالى فروعاً *** و أصولاً سَمَتْ بكِ أفْصَاها
حُكْمُكِ الآنَ نَافِةٌ فَمُريني *** أتُريدينَ أن أخالِفَ طهَ؟!
قَدْ أَتَتْهُمْ بِحُجْةٍ مِنْ كِتاب اللَّهِ *** کَالشمسِ في أتَمِّ ضِياها
وَ أَتَوْها بِفِرْيَةٍ لَفَّقُوها(1) *** لِيُضِلُّوا بِذَلِكُمْ بُسطاها
فَتَصَدَّت وَ مَزَّقَتْ حُجُبَ الزُّورِ *** وَ أَلْقَتْ عَن الوجوه غِطاها
الحديث فرية و الرسول صلي الله علیه و آله و سلم لايخالف القرآن
فقالت (صلي الله علیه و آله و سلم): سبحانَ اللَّه! ما كان رسولُ اللَّه صلي الله علیه و آله و سلم عن كتاب الله صادفاً و لالأحكامِهِ مخالفاً، بل كان يتبّع أثَرَه و يقفو سوَرَهُ، أفتجمعون إلى الغدر اعتلالاً عليه بالزور؟ و هذا بعدَ وفاتِهِ شبيهٌ بما بُغيَ لهُ من الغوائل في حياتِهِ.
وَ أَجابَتْ: سُبْحانَ رَبِّي وَحاشا *** المُصطفى بِالَّذِي افْتَرَيْتُمُ فاها
لَمْ يَكُنْ سَيِّدُ الوَرَى يَتَخَطَّى *** شِرْعَةَ الذِّكْرِ أَوْ يَرُومُ سِواها(2)
أَوْ لأَحْكامِهِ يُخالِفُ نَهْجاً *** وَ هُوَ يَدْعُو الوَرى لِنَهْجِ خُطاها
بَلْ لَقَدْ كانَ إِثْرَهُ يَتَقَفَى *** سُوَرَ الذِّكْرِ تابعاً إيّاها
أَمَعَ الغَدْرِ تُجْمِعُونَ عَلَيْهِ *** الزُورًا واها لِقَوْلِكُمْ ثُمَّ واها(3)
إِنَّ ذا بَعْدَ مَوْتِهِ لَشَبيهٌ *** بِالَّتي في حَياتِهِ لاقاها
هذا كتابُ الله حَكَماً عدلاً، و ناطقاً فصلاً، يقول:
«يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ».
«وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ».
ص: 231
فبينَ (عزّوجلّ) فيما وزّع عليه من الأقساط،
كَمْ مِنَ الغَدْرِ وَ الغَوَائِلِ كِيدَتْ *** ضِدَّهُ لكن الإله کَفاها(1)
هذِهِ المُحْكَمَاتُ تَنْطِقُ فَضلاً *** وَ هُيَ تَقضي بالعَدْلِ في فَحواها
سُورَةَ الأنبياءِ إِذْ زَكَرِيّا *** سَأَلَ اللَّهَ فَاسْأَلُوا مَعْناها
في (يرثني... و آل يَعْقُوبَ) حُكْمٌ *** لاتَرى فِيْهِ شُبْهَةً وَ اشِتباها(2)
و سُلَيْمانُ إِذْ تَوَرَّثَ داوُوْدَ، *** كَمِثْلِ الأَبْناءِ مِنْ آباها(3)
و أبانَ الجَليلُ مِنْ كُلِّ قِسْطٍ *** وَ سِهام قَدْ وُزّعَتْ مَرْماها
و شرّعَ من الفرائِضِ و الميراثِ و أباحَ من حطّ الذكرانِ و الإناث.
ما أزاحَ علَّةَ ،المبطلين و أزال التظني والشُّبُهَاتِ في الغابرين.
كلاً، بل سوّلتْ لكم أنفُسكُمْ أمراً، فصبرٌ جميلٌ.
و الله المستعانُ على ما تصفون.
و المواريثَ وَ الفَرائِضِ لَمّا *** فَرَضَ اللَّهُ شَرْعَها وَ عَطاها
فَلِذُكْرانِها حظوظ وَ أُخرى *** للإناثى، أَباحَ حين قَضاها
ما أزاحَ التَعَلَّلاتِ، و أقصى *** عِلَّةَ المُبْطِلين في إجْراها(4)
لَيْسَ هذا... كَلاً...، وَلَكِنَّ أَمْراً *** سَوَّلَتْهُ نُفوسُكُمْ مِنْ غَواها(5)
و عزائي الصَّبْرُ الجَميلُ وَ رَبِّي *** مُسْتَعانِي عَلَى عَظيمِ جَناها
ثُمَّ لَمَّا رَأَى أَخُو تَيْمِ أَنَّ الحَقَّ *** أَقْوىٰ مِنْ فِرْيَةٍ سَمَّاها
ص: 232
جواب أبي بكر و الاعتراف بالخطأ
فقال أبوبكر:
صدقَ اللَّه، و صدق رسولُه صلي الله علیه و آله و سلم و صدقت ابنتُهُ علیها السلام، أنتِ معدن الحكمةِ، وَ موطنُ الهدى و الرحمَةِ، و ركنُ الدينِ، و عينُ الحجّة لاأبعد صوابكِ، و لاأنكر خطابكِ.
فَضَحَ الحقُّ كِذْبَهُ وَ تَعَرَّى *** الزُّورُ الثَّلْجِ تَحْتَ شَمْسِ نِداها
وَلَدى الصُّبْحِ طَلْعَةٌ إِنْ تَبَدّى *** يَنْمحي اللَّيْلُ فِي الْتِماعِ سَناها(1)
أَيَرُدُّ القُرآنَ أَمْ مَنْ أَتَاهُ؟ *** أَعَليا يَرُدُّهُ أَمْ أَباها؟
لَيْسَ يُجْدِي الإنكارُ للشَّمْسِ مَهُما *** لَجَّ في حَجْبِ نُورِها وَ ضِياها
صَدَقَ اللَّهُ وَ الرّسولُ وَ بِنْتُ *** المُصْطَفى فاطِمُ البَتولَةِ فاها
مَعْدِنُ الحِكْمَةِ الأَصِيلَةِ رُكُنُ *** الدِّينِ أَنْتِ، وَ لِلْهُدى مَرْساها
هؤلاء المسلمونَ بيني و بينك قلّدوني ما تقلّدتُ، و باتفاق منهم أخذتُ ما أخذتُ غيرُ مكابر و لامستبد، و لامستأثر، و هم بذلك شهود.
فاطمة الزهراء علیها السلام توجه الخطاب إلى الحاضرين.
فالتفتت فاطمة علیها السلام إلى الناس و قالت:
معاشرَ الناس!
لَسْتُ مُسْتَنْكِراً عَلَيْكِ خِطاباً *** أَوْ صَواب احتجاجةٍ آتاها
ها هُمُ المُسْلِمُونَ بَيْنِي وَمَا *** بَيْنَكِ فَاسْتَوْضِحي الجُمُوعَ رُؤاها
قَلَّدوني الَّذي تَقَلَّدْتُ لَوْلا *** القَوْمُ، ما كُنْتُ لَحْظَةً أُولاها
بِاتِّفاقِ مِنْهُمْ أَخَذْتُ رُبوعاً *** كَانَ لِلْمُصْطَفى الأمين رَعاها
لابِمُسْتَكْبِرٍ وَ لامُسْتَبِدِّ *** أَوْ بِمُسْتَأْثِرِ عَنِّي ثَراها
ص: 233
فأشارَتْ بِنْتُ الرَّسول إلى النَّاس، *** وَ قَهْرُ المُسْتَضْعَفينَ طَواها
عناد المتواطئين على الباطل
المُسرعةَ إلى قيل الباطل المُغضيةَ على الفعل القبيحِ الخاسِرِ ، أفلاتتدبرون القرآن أم على قلوبِ أقفالُها؟
كلا، بل رانَ على قلوبِكُمْ ما أسأتُمْ من أعمالِكمْ فأخذ بسمعكُمْ و أبصاركُمْ ،
أَيُّها المُسْرِعونَ نَحْوَ الأَباطيلِ *** تُحامِي عَنْ شِقْشِقاتِ رُغاها(1)
أَتَغُضُّونَ عَنْ قَبيح فعالٍ *** هِيَ مِنْ أَخْسَرِ الَّتي تَغْشاها
أَفَلا -يا عُصاةُ- تَدَّبرونَ *** الذُكْرَ أَمْ مَلَّتِ النُّفوسُ هُداها؟
أَمْ بِأَقفالها اسْتَبَدَّتْ قُلوبٌ *** فَاسْتَحبَّتْ عَلَى الرَّشادِ عَماها
لَيْسَ للقُلوبِ رانَ عَلَيْها *** لِلَّذِي قَدْ أسأتموهُ صَداها(2)
وَ لِهذا بِسَمْعِكُمْ أَخَذَ اللَّهُ *** وَ أَبْصارَكُمْ فَأَعْمَى ضِياها
ولبئسَ ما تأولْتُمْ و ساءَ ما بِهِ أشرتُمْ و شرّ ما منه اعتضتُمْ.
لتجدنَّ -واللَّه- محملهُ ثقيلاً، و غبّهُ وبيلاً إذا كشَفَ لكُمُ الغطاءَ و بانَ ما وراءه الضرّاء، و بدا لكُم من ربِّكُمْ ما لَمْ تكونوا تحتسبونَ، و خَسِرَ هنالِكَ المبطلون.
بِئْسَ نَهْجٌ أَوَّلْتُموهُ ضَلالاً *** وَ سَفَاهاً لِما أَشَرْتُمْ سَفاها(3)
ص: 234
شَرَّ ما أَعْتَضْتُمُ بِآسِنِ ماءٍ *** مِنْ غَدِير تَرَقْرَقَتْ أَمْواها(1)
ستلاقونَ -والعظيم- ثقيلاً *** مَحْمِلاً لايُطيقه ثَقَلاها
إذْ لَكُمْ كُشِفَ الغِطَاءُ وَ بانَ *** الضُرُّ مِمّا جَنَتْ يَداكُمْ وَراها
وَ بَدَتْ مِن الهِكُمْ سَطَواتٌ *** لَمْ تَكونوا لِتَحْسَبوا أدْناها
وَ هُنَاكُمْ سَتَعْلَمُونَ هُنَاكُمْ *** خَسِرَ المُبْطِلُونَ في عُقباها
وعادت فاطمة علیها السلام إلى دار علي علیه السلام!
ثُمَّ انكَفَأَتْ (علیه السلام).
و أميرالمؤمنينَ علیه السلام لايَتَوقعُ رُجوعها إليهِ و يَتَطلَّعُ طُلوعَها عَلَيْهِ.
فلمّا استقَرتْ بها الدارُ قالَتْ لأميرالمؤمنينَ علیه السلام:
يابنَ أبي طالب علیه السلام!
ثُمَّ مَالَتْ إلى ضريح أبيها *** تُودِعُ المُصْطَفى الأمينَ شَكاها(2)
وَ تَوارَتْ كَسيرَةَ القَلْبِ عَنْهُمْ *** فَلَقَدْ خَيَّبَ الجَميعُ رَجاها
ثُمَّ عادَتْ لِدارِها وَ دموعُ *** الوَجْدِ خَطَّتْ عَلَى الخُدودِ خُطاها
وَ أَميرُ الإيمانِ في كُلِّ آنٍ *** كانَ يَرْجُوْ طُلوعَها وَلِقاها
وَ هُنَاكُمْ لَمَّا اسْتَقَرَّبِها الدارُ، *** تَمادى الأسى بِصَدْرِ شَكاها
فَرَمَتْ نَحْوَهُ بِطَرْفِ كَسيرٍ *** وَ جَرَتْ في دُموعِها عَيْناها
استنهاض الإمام الممتحن علیه السلام!
اشتَمَلتَ شِمْلَةَ الجنينِ، وَ قَعَدت حُجْرةَ الظنين.
ص: 235
طَمعَتْ أَنْ تُثيرَ في عَليَّ *** العَزْمَ و النَّجدَةَ المُدَوّي صَداها
وَ بُطولاتِ خَيْبَرٍ وَ حُنَيْنِ *** وَ مُرُوا ايه التي أَبْداها
فَلَعَلَّ الَّذي مَضى مِنْ مِياهِ *** النَّبْعِ غَفْلاً يَعودُ في مَجْراها
خاطَبَتْهُ يَابْنَ المُحامي أبي طالِبٍ *** زَيْنَ الرِّجالِ رَمْزَ إباها
كَيْفَ يا فاتِحَ الحُصونِ اسْتَمَلتَ *** اليَوْمَ مِنْ شَمْلَةِ الجَنينِ رِداها
قاعِداً حُجْرَةَ الظَّنينِ كَأَنْ لَمْ *** تَكُ لِلْحَرْبِ سَيْفَها وَفَتاها(1)
نَقَضتَ قادِمةَ الأجدلِ فَخانكَ ريسُ الأعزلِ.
هذا ابنُ أبي قحافَةَ يبتزني نحلَةَ أبي و بِلُغةَ ابنيِّ.
لَقَدْ أَجهَرَ في خصامي و ألفَيْتهُ الألدّ في كلامي، حتى حبستني قيلةُ نصرَها.
أَوَ ما قَدْ نَقَضْتَ مِنْ أَجْدَلِ الطَّيْرِ *** قَواديمَ يُتَقى بأساها؟
كَيْفَ قَدْ خانَ أَعْزَلُ الرِّيشِ شَهْماً *** كانَ في كُلِّ وَقْعَةٍ «لافَتاها»؟(2)
أَوَيَبْتَزُّها نُحَيْلَةَ. طه *** بُلْغَةَ ابْنَيَّ يَسْتَحِلُّ جَناها؟(3)
جاهِراً في عَداوَتي دونَ تَقْوى *** ماضياً في خُصومتي أَقْصاها
قَدْ وَجَدْتُ العَنيد لازالَ خَصْماً *** مِنْ ألد الخِصامِ في دَعْوَاها
ذاكَ حَتَّى الأَنْصَارُ قَدْ حَبَسَتْني *** النَصْرَ وَ اسْتَعْفَتِ الحُماةُ حِماها
وَ المهاجرةُ و صلَها و غضَّت الجماعةُ دونَ طرفها.
فلادافِعَ، و لامانع.
خرجتُ كاظمةُ و عدتُ راغمةً أضرعتَ خدّكَ يومَ أضعتَ حدّكَ افترستَ الذئاب و افترشتَ الترابَ.
ص: 236
و قُرابي المُهاجرين رِباطَ *** الوَصْلِ قَدَّتْ وَ مزَّقَتْ قُرْباها(1)
وَ الجماعاتُ غَضَّتِ الطَّرْف عَنِّي *** وَ كَأنّي مُخاطِبٌ ما سِوَاهَا
لَيْسَ مِنْ دافِعِ مُهججة الظُّلْمٍ، *** وَ لامانعٍ أليمَ أذاها(2)
رِحْتُ مَكْظومَةً بِصَبْرِيَ حَسْرى *** ثُمَّ مَرْعَومَةً رَجَعْتُ وَراها
حَدَّكَ الحَقَّ قَدْ أَضَعْتَ فَأَضحى *** ضارِعاً خَدُّكَ الذي لايُضاهي
إِفْتَرَسْتَ الذُّتَابَ كَيْفَ أَفْتَرَضْتَ *** اليَوْمَ وَجْهَ التُّرابِ مِنْ بَوْغَاها؟(3)
ما كففتَ قائلاً و لاأغنيتَ باطلاً و لاخيارَ لي ليتني مِتَّ قبل هينتي و دونَ ذلّتي.
عذيري اللَّه منكَ عادياً، و منكَ حامياً.
ويلاي في كلّ شارق!
ماتَ العَمَدُ و وهنَّ العضَدُ!!
ما كَفَفْتَ المُهَرِّجِينَ مَقالاً *** وَ عَنِ الظّالمينَ شَرَّ أذاها
وَ أَنا لاخَيارَ لي... فَلَوْ أَنَي *** كُنْتُ أَسْتطيعُ أَنْ أَرُدَّ بَلاها
لَيْتَني قَبْلَ هَيْئَتي كانَ مَوْتِي *** وَ الرَّدى دونَ ذلِّتي أَسقاها(4)
فَکَفاني مُحامياً وَ كَفاني *** مِنكَ رَبِّي مِنَ العِدى عَدْواها
آه... وَيُلايَ كُلَّما طَلَّ صُبْحٌ *** فَوْقَ دُنْيا مِنَ الأسى وَيْلاها
قَدْ تَوفّى العِمَادُ فَانْهَدَّ مِنّي *** عَضُد العِزَّ وَ الرَّجاءِ وَراها
شكواي إلى أبي!
و عدواي إلى ربي!
ص: 237
اللَّهمَّ أنتَ أشدُّ قوةً و حولاً، و أحَدُّ بأساً و تنكيلا.
فَشَكاتي إلى أَبي وَ لِرَبِّ العَرْشِ *** عَدْوى ظُلامَتي مَرْساها
يا إلهي لأنتَ أعْظَمُ بَأساً *** وَ أَشَدُّ النّكال في عُقباها(1)
هَزَّهُ في خطابها الوَجْدُ و المَجْدُ *** وَ عِزُّ الإيمانِ في تَقْواها
وَ هُوَ لَوْلا وَصِيَّةٌ مِنْ نَبِيِّ *** اللَّهِ، أَحْرى بِأَنْ يُجيبَ نِداها
وَ يُعيد الأُمورَ ظَهْراً لِبَطْنٍ *** وَ يُنِيلَ المُنافِقينَ جَزاها
فَهوَ في البَأسِ لايُدانيهِ و بَاسٌ *** وَ هُوَ اقوى بِاللَّهِ مِن أَعْداها
كَيْفَ لَا، وَ هُوَ فِي الحُروبِ جَميعاً *** قُطبُ مِهْرَاسِها، وَ جَمْرُ وَغاها(2)
مَنَعَتْ سيّد الوَغَى أَنْ يُثير *** الحَرْبَ أَنَّ الأُمورَ في مَبْداها
كانَ دينُ الإسْلامِ عوداً طَريّاً *** والجماهيرُ هَشَّةٌ في انتِماها
أَشْفَقَ المُرْتَضى عَلَى نَبْتَةِ الإسلامِ *** مِنْ فِتْنَةٍ تَشُبُّ لَظاها(3)
غارِسُ الرَّوْضَةِ البهيّةِ أَوْلى *** أَنْ يُحامي بِرَوْحِهِ أَفْياها
وَ هُوَ ثاني بُناتِها، وَ المُرَوِّي *** زَرْعَها الغَضَّ وَ هُوَ حَامي حِماها
فقال أميرُالمؤمنين علیه السلام:
لاويلَ عليكِ، الويل لشانئكِ.
نَهْنِهِي عَنْ وجدكِ يا بنَةَ الصَّفْوَةِ و بَقيّة النُّبوّةِ، فما و نيتُ عن ديني و لاأخطأتُ مقدوري.
فإن كنتِ تريدينَ البُلغَةَ فَرزقُكِ مَضمونٌ.
قالَ مَهْلاً بِنْتَ النُّبوَّةِ مَهْلاً! *** إنَّما الصَّبرُ لِلتُّقاةِ حُلاها
ما لَكِ الوَيْلُ، بَلْ لِشانِكِ الوَيْلُ *** وَ أَقْسَى العَذابِ في أَخْراها
ص: 238
يَابْنَةَ الصَّفْوَةِ الصَّفِيَّةِ عِطرِ *** النُّورِ، بُقيا نُبوّةٍ أَبْقاها
نَهْنِهي النَّفْسَ وَجْدَها وَ اسْتَقِرِّي *** حانَ لِلنَّفْسِ أَنْ تُريحي جَواها(1)
فَعَنِ الدِّينِ ما وَنَيْتُ وَ عَمّا *** قَدَّرَ اللَّهُ ما خَطَوْتُ اشْتِباها
فَاطْمَئِنِّي لِبُلْغَةِ العَيْشِ أَنَّ اللّهَ *** في سابِقِ الزَّمانِ قَضاها
الكلمة الأخيرة لفاطمة علیها السلام!
وَ كفيلُكِ مَأمونٌ، و ما أعدّ لَكِ خيرٌ ممّا قُطع عنكِ، فاحتسبي اللَّه.
فقالت: حَسبي اللَّه و أمْسَكَتْ.
وَ كَفِيلُ ابْنَةِ النَّبي أَمِينٌ *** وَ هوَ اللَّه حافِظُ إيّاها
وَ جِنانٌ قَدْ مُهّدتْ لَكِ خَيْرٌ *** مِنْ قُرَى حَرَموكِ عَنْ مَغْناها
فَلَكِ اللَّهُ -جَلَّ- فَاحْتَسِبيهِ *** هَضْمَةُ الحَقِّ حَاسَ أَنْ يَنْساها
فَأَجابَتْ (اللَّهُ حَسْبِي) وَ فَرَّتْ *** وَ عَلَى الدَّهْرِ رَنَّةٌ مِنْ صَداها
وَ مَضَتْ إِذْ مَضَتْ عَلَى القَهْرِ حَسْرَىٰ *** ثُمَّ مَاتَتْ مَطوِيَّةٌ بأَساها(2)
ص: 239
(بحر الخفيف)
الشيخ عبد الحسين الحويزي(*)(1)
لِمَنِ العِيسُ في البطاح بَرَاها؟ *** مِثْلَ بَري القداح جَذْبُ بُرَاها(2)
حَائِراتٌ كَأَنَّهَا سِرْبُ طَيْرٍ *** حَسِبَتْ لُجَّةَ السَّرَابِ مِيَاها
وَ بِها الآلُ في المَفاوِزُ وَ القَفْرِ *** ريَاضٌ تَنَشَّقَتْ رَبَّاهَا(3)
ترْتَعِي جَمْرَةَ الهَجِيرِ غِذَاءً *** فَيَقِيها عَنْ جُوعِها وَ ظَمَاها
سَبَقَتْ أَرْبعَ الرِّيَاحِ بِمَجْرَى *** أَرْبَعَ وَ ارْتَمَتْ قَصِيَّ نَوَاها
شَمْأَلَ الرِّيحُ بُكْرَةً وَ النَّعَامَى *** وَ عَشِيّاً جَنُوبُها وَ صَبَاها(4)
وَ نَواصِي الآكَامِ في كلِّ نَصَّ *** مِنْ سُرَاهَا طَيُّ الفَلَاةِ فَلاها
يَعْمَلاتٌ شَقَّتْ بُطُونَ المَوانِي *** جَائِباتٌ بِطَاحَهَا وَ رُبَاها(5)
ساقَها لِلْورُودِ رَجْعُ حَنِينٍ *** مِنْ مَشُوقٍ حَيْثُ الزَّفِيرُ حَدَاها
قد أَقلَّتْ هَوادِجاً زَيَّنَتْها *** مِنْ هَوانِ النَّقى وُجوهُ مِيَاها
مَرَحاً تَنْثَنِي وَ تَهْوِي مِرَاحاً *** بِشَرَى وَجْرَةٍ ففَاقَتْ ظِبَاها(6)
ص: 240
صَرَعَتْنا عُيونُ عِين كَعابٍ *** أَوْسَعَتْ طَعْنَةَ القَنا نَجلاَها(1)
وَ أَرَى أَضْعَفَ الجُفُونِ فُتوراً *** حينَ تَرْمِي حُبَّ الحَشَا أَقْوَاهَا
إنْ يُسَالِمُ لِجِيرَةِ الحَيَّ قَلْبِي *** فَلِحَرْبِ الهَوَى هوى سَلْمَاها
إلى أن يقول:
مِثْلُ زُهْرِ النُّجُومِ أَفْعَالُهُ الغُرُّ *** أَضَاءَتْ وَ بِنْتُهُ زَهْراها(2)
فَاطِمٌ بِنْتُ أَحْمَدٍ سَادَتِ الخَلْقَ *** جَمِيعاً رِجَالها وَ نِسَاها(3)
لَمْ تَنَلْ مَرْيَمَ وَآسِيَةُ الزَّهرا *** و لاسارَةٌ و لاحَوَّاهَا(4)
ذَكَرَ اللهُ قَائِلاً مَرَجَ البَحرَيْنِ *** لَكِنْ بِذِكْرِهِ قَدْ عَنَاها(5)
ص: 241
صَاغَها مِنْ سَبائِكِ المَجْدِ تِبْراً *** خالصاً يَوْمَ صُنْعِهِ صَفَّاها(1)
هي صِدِّيقَةُ الخَليقَةِ جَمْعاً *** بِبَهَاهُ الجَلِيلُ فَضْلاً حَبَاها(2)
وَ هْيَ تُدْعَى شَفيعَةَ الخَلْقِ في *** الحُشْرِ وما في المَلاً شَفِيعٌ سِواها(3)
رَحْمَةٌ لِلأَنَامِ بِاللُّطْفِ جَاءَتْ *** أَبْعَدَ اللَّهُ كُلَّ مَنْ آذاها
يَغْضَبُ اللَّهُ حِين يُغْضِبُها الخَلْقُ *** وَ يَرْضَى عَن خَلْقِهِ لِرِضَاها(4)
بَضْعَةٌ مِنْ فُؤادِ خَيْرِ البَرَايَا *** وَ قَدِ اشْتُنَّ مِنْ حَشَاهُ حَشَاهَا(5)
وَ اجْتَبَى أُمَّها خَدِيجَةَ زَوْجاً *** بَذَلَتْ لِلْهُدَى جَمِيعَ ثرَاها
ص: 242
أَوّلُ المُؤْمِنَاتِ بِاللَّهِ كَانَتْ *** وَ بِحِفْظِ النَّبِيِّ طَالَ عَنَاها
تِلكَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَرْافُ أَمْ *** عَنْهُمُ كُلُّ فِتْنَةٍ تَأباها
إن عَيْن النَّبيَّ أكْرَمُ عَيْنٍ *** لَمْ تُكَرَّمُ لأَجْلِها عَيْناها
يَوْمَ وَافَتْ بِالوَعْظِ تَزْجُرُ قَوْماً *** تَرَكَتْ رُشْدَها وَ وَافَتْ هَوَاها(1)
أثْبَتَتْ في الكِتاب حقاً مُبِيناً *** و الأبَاطِيلُ حُكْمُهُ قَدْ نَفَاها
فَدَكٌ في حَيَاةِ أَحْمَدَ أَعْطَتْهُ *** يَمِينُ الهُدَى إلى قُرْبَاها(2)
ص: 243
هل إلى الأنْبِياءِ أُنزِلَ حُكْمٌ *** إرْثُها لايَكُونُ في ابْنَاها؟(1)
أَوْ كَانَ الرَّسُولُ يَبْغِي إِلهاً *** وَاحِداً وَ البَتُولُ تَبْغِي إلها؟
أَمْ دَرَتْ ما لَها مِنَ الفَرْضِ لكِنْ *** طَمَعُ النَّفْسِ بِالمُنَى مَنَّاها
أَمْ تَرَى أَشْكَلَتْ عَلَيها الأَحَادِيثُ *** و فيما ادَّعَتْهُ كانَ اشْتِباها
وَ عَليّ ٌلايَعْرِفُ الحُكْمَ لَمَّا *** عَاجَلَتْهُ شَهَادَةً أَدَّاها(2)
جَرَّ فيها لِقُرْصِهِ النَّارَ وَ السِّبْطانِ *** كَانَا بِالحَقِّ مِنْ شُهَدَاها
ثُمَّ قَالُوا بِامْ أَيْمَنَ لَمْ تُفْصِحْ *** بَيَاناً مميزاً عَجْمَاها(3)
ضَيَّعَتْ عَهْدَ أَحْمَدٍ فِي بَنِيهِ *** وَ غُرُورُ الشَّيْطَانِ قَدْ أَغْراها
أوْصَتِ الطّهْرُ لايُصَلِّي عَلَيْها *** أَحَدٌ مِنْهُمُ لِيَوْمٍ فِنَاها(4)
ص: 244
وَ عَلِيٌّ في الأرض لَمَّا تَوارَتْ *** تُرْبَةُ القَبْرِ عَنهُمْ عَفاها
لَمْ تُراعَ البَتُولُ وَ هْيَ مِنَ العِصْمَةِ *** فِيهِمْ بَقِيَّةُ أَبْقَاهَا(1)-(2)
ص: 245
(بحر الخفيف)
الشيخ عبد الحسين شكر(*)(1)
وَيْحَ قَوْمٍ رَضُوا عَنِ الدِّينِ بِالدُّنُيَا *** فما لِلْقُلُوبِ ما أَعْماها؟
ستَرَاهَا غَداً تُنَادِي ولَكِنْ *** لَيْتَ (لَمْ أتَّخِذْ فُلاناً) نِدَاها
أَيُوَلَّى مَنْ لَمْ يُوَلَّ لِعَجْزٍ *** مِنْهُ تَبْلِيغَ سُورَةٍ وَ أَدَّاها
غاصِبٌ بَضْعَةَ النَّبِي عِناداً *** مُسْقِط للجنين مِنْ أَحْشَاها(2)
رامَ إِحْرَاقَ دَارِها وَ مِنَ اللَّهِ *** تَعالى تَطْهِيرُها قَدْ أَتَاهَا(3)
أسْخَطُوا المُصْطَفَى بما خالَفُوهُ *** في وَصايا قَاصٍ ودَانِ وَعَاها
كُمْ وَ كَمْ بِالبَتُولِ أوْصى جِهاراً *** حَيْثُ أَوْصَى إِلهُهَا بِوَلاها(4)
ص: 246
فَاطِمٌ مِنْ مُحَمَّدٍ بَضْعَةٌ بَلْ *** سَخَطِي سُخطها رِضَايَ رِضَاها(1)
فَاحْفَظُونِي يا أَيُّها النَّاسُ فِيها *** فَهِيَ القَصْدُ مَنْ وِ لاقُرباها
لَسْتُ أَنْسى لَمّا أَتَتْ وَ هْيَ ثَكُلى *** يَوْمَ بالإِرْثِ طَالَبَتْ مَنْ زَوَاها(2)
أشبَهَتْ أَحْمَداً أَباها بِمَشْيِ *** وَ حَكَتْهُ فِي نُطْقِهِ و حَکَاها
وَدَّعَتْ وَ العُيونُ عَبْرَى وَقَانِي *** الدَّمْعِ كَالمُعْصَراتِ يَرْوِي ثَراها(3)
أيّها النَّاسُ لاَتَخُونُوا عُهُوداً *** أَوْجَبَ اللَّه وَ الرَّسُولُ وَفاها
أَمِنَ العَدْلِ َكانَ غَصْبُكُمْ إِرثِي *** هَلِ المُصْطَفَى بِذَلِكَ فَاهَا؟
جئتُم بِالخِلافِ حَيْثُ نَبَذْتُمْ *** مابِهِ عَنْ إِلهِهِ جَاءَ طَه
أوْ مَا أَنْبَأَ الإلهُ بِهِ عَنْ *** إِرْثِ يَحْيى لِمَنْ أَرَادَ انْتِبَاها؟
هَلْ أَتَتْ آيَةٌ بِمَنْعِيَ أَمْ هَلْ *** خَالَفَتْ ابْنَةُ النَّبِيِّ أَبَاها؟
أَمْ سِوَانا أَدْرى بِمَا أَنزَلَ *** اللَّهُ بِصُحْفِ فِي بَيْتِنا أَوْحاها
ثُمَّ أَبْدَتْ لَهُمْ كِتابَ رَسُولِ *** اللَّه و في نِحْلَةٍ بِهَا قَدْ حَبَاها
فَنَفَوْها وَ كَذَّبوا فِتْيَةٌ قَدْ *** شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُمْ أَزْگاها
آهِ وا ذِلَّةَ الهُدَى بَعْدَ عِزّ *** وَ انْتِهَاكَ الأسْتارِ بَعْدَ رَخَاها
ص: 247
فَتَولَّتْ مَكْسُورَةَ القَلْبِ تَدْعُو *** بِأَبيها وَ هَلْ يُفيدُ دُعاها
يَا كَفِيلَ الأيتام أَبْدَتْ رِجَالٌ *** بَعْدَمَا غِبْتَ في الثرى شَحْنَاها(1)
غَصَبَ القَوْمُ نِحْلَتي وَ تُراثِي *** و عَليَّ الأيامُ صَبَّتْ بَلاَها
كُنتُ لاأَخْتَشِي عَظِيمَ الرَّزَايَا *** وَ أَنَا اليوم أنقي أَذْناها(2)
ص: 248
(بحر البسيط)
الأستاذ عبد العزيز العندليب(*)(1)
شَنْفٌ مَسامِعَنا في يَوْمِ ذِكراها *** بِاسْمِ البَتُولِ وَحَدِّثْ عَنْ سَجاياها(2)
مُبَيِّناً بَعْضَ بَعْضٍ مِنْ فَضَائِلِها *** وَ مُبْدِياً جُزْءَ جُزءٍ مِنْ مَزاياها
بِحَسْبِها أَنَّها الزَّهْراءُ فَاطِمَةٌ *** وَ أَنَّها بَضْعَةٌ لِلْمُصْطَفَى طه(3)
مَا لَيْلَةُ القَدْرِ إلا رمزُ رِفْعَتِها *** وَ الشَّمْسُ إلا شعاعٌ مِنْ مُحَيَّاها؟
وَ هي التي فاقَتِ النِّسْوانَ قاطِبَةً *** وَ لَم يَكُنْ لَها مَن فِي الفَضْلِ أَشبَاها
حَبيبَةُ الخَالِقِ البَارَي وَ مَنْ فُطِمَتْ *** مِنَ اللَّظى هِيَ مَعْ مَنْ قَدْ تَوَلآها
وَ اللَّهُ في مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ طَهَّرَها *** مِنْ كُلِّ رِجسٍ وَ صفَّاهَا وَ أَصْفاها(4)
وَ اللَّهُ كَرَّمَها وَاللَّهُ عَظَّمَها *** وَ اللَّهُ مَجْدَها وَ اللَّهُ أَعْلاها
وَ اللّهُ مِنْ جَوْهَرِ التَّقْدِيسِ أَنْشأها *** وَ في مَجالَي العُلى وَالنُّورِ سَوّاها
ص: 249
لَهَا النَّبِيُّ أَبٌ وَالبَعْلُ حَيْدَرَةٌ *** أَبُو الأَئِمَّةِ وَالسِّبطانِ إِبناها
ماذا أَقُولُ وَفَوْقَ القَوْلِ رُتَبَتُها *** وَاللَّفْظُ يَقْصُرُ عَنْ إِدراكِ مَعْناها
واللَّهُ يَرْضَى بما تَرْضى بهِ وكَفَى *** فَضْلاً ويُؤْذِيهِ ما قَدْ كانَ آذاها(1)
وَالمُصْطَفَى بالعُلَى وَالْمَجْدِ أَوْلاها *** وَقَدْ دَعاها لَهُ أُمّاً فأَسْماها
حَوْراءُ إنْسِيَّةٌ عَذْراءُ زاكِيَةٌ *** فَرِيدَةٌ في مَعالِيها وَتَقْواها(2)
فَلَمْ تَكُنْ (هَاجَرٌ) يَوْماً وَإن عَظُمَتْ *** كَمِثْلِ فاطِمَةٍ قَدْراً ولا جاها
وَبِنْتُ عِمرانَ لا تَرْقَى وإِنْ بَلَغَتْ *** في الفَضْلِ ما بَلَغَتْ مِعْشَارَ مَرْقاها(3)
وَلَمْ يَكُنْ في بَني حَوّاءَ قاطِبَةً *** لَوْلا عَلِيٌّ لَها كُفْؤٌ فَيَغْشاها(4)
يا بَضْعَةَ المُصْطَفَى الهادِي الّتي عَجِزَتْ *** عَنْهَا العُقُولُ وَفِيها الفِكْرُ قَدْ تاها(5)
صَلَّى عَلَيْكِ إِلهُ العَرْشِ مَا طَلَعتْ *** شَمْسُ الضُّحَى وَجَرتْ فُلْكُ بِمَجْراها
ص: 250
(بحر المجتث)
الأستاذ عبد العزيز العندليب(*)(1)
يا بَضْعَةَ المُصْطَفَى طه *** يامَن بِها الفِكرُ قَدْ تَاهَا(2)
يا مَن غَدا العَقْلُ مَبْهُوتاً *** حَيْرانَ في دَرْكِ مَعْنَاهَا
يا مَن بَرَاهَا فَأَصْفَاهَا *** رَبُّ البَرايا وَزكّاهَا(3)
وَالمَجْدَ وَالعِزَّ أَوْلاَهَا *** وَالخَيْرَ وَالفَضْلَ أعطَاهَا
يا مَن إلهُ الوَرَى يَرْضَى *** لِكُلِّ مَنْ كانَ أرضَاهَا(4)
ص: 251
رَيْحَانَةُ المُصْطَفَى الهَادِي *** عَمَّ الدُّنَى طِيبُ رَيّاهَا(1)
نالَت مِنَ الفَضْلِ أَقْصاهُ *** وَمِنْ ذُرَى المَجدِ أعلاَهَا
زَهْراءُ يا آيَةَ البارِي *** في (لَيْلَةِ القَدْرِ) أَجْلاَها(2)
يا أُسْوَةَ الخَيْرِ وَالتَّقْوَى *** لِكُلِّ مَن يَعْرِفُ اللَّهَ
قَدْ فُقْتِ كُلَّ النِّسا قَدْراً *** اللَّهَ ما أَعْظَمَ الجَاهَا
یا كَوْثَرالفَضْلِ وَالنُّعْمَى *** وافَی بِهِ رَبُّهُ طه
يَا مَن سَمَتْ في مَعالِيها *** وَأعجَزَ الوَهْمَ مَرقَاهَا
ما كانَ أعْلَى مَزَايَاها *** حَقّاً وَأَحْلَى سجَايَاهَا(3)
طُوبَى لِمَنْ قَدْ تَولاّهَا *** وَوَيْلُ مَنْ كانَ عادَاهَا
يا رَبِّ إِنّا تَوَجّهْنَا *** إِلَيْكَ في يَوْمِ ذِكرَاهَا
فآتِنا مِنْكَ ما نَرْجُو *** وَمِن مُنَى النَّفْسِ أَقْصاها
و (ديرةَ الخيرِ) فَاحْفَظْها *** وَفُكَّ يا رَبِّ أَسْرَاهَا(4)
ص: 252
(بحر الخفيف)
الشيخ عبد الله الوائل الأحسائي(*)(1)
قال هذه القصيدة في مدح ورثاء النبي صلی اللّه علیه و آله وسلم وأهل بيته علیهم السلام. وقد جارى بها قصيدة الأزري، وعدد أبياتها (1524) بيتاً، وقد بدأها بالنّسيبِ على ما تعارفه غيره من سائر الشعراء:
هذِهِ رامَةٌ وَهذِي رُبَاهَا *** فَاحْبِسا الرَّكْبَ سَاعةً في حِمَاها(2)
وَأَنِيْخا بها المَطَايا وَمِيلاً *** لِلثَّرَى وَانْشُقَا أَرِيجَ شَذَاها(3)
وَقِفَا بي ولو كَلَوْثِ إِزارٍ *** عَلَّ نَفْسي تَنالُ منها مُناها
واسألالي طُلُولَها عَنْ ظُعُونٍ *** سَارَ قَلْبِي لِسَيْرِها وَتَلاَها(4)
وَأُؤَدِّي لَهَا يَسِيرَحُقُوقٍ *** مِنْ كَثِيرٍ وأَيْنَ مِنّي أَدَاها
بِمَغَانٍ حَوَتْ حِسَانَ غَوَانٍ *** تَتَوارى الشُّمُوسُ حَوْلَ ضِيَاها(5)
مِنْ ظِباءٍ کَوَانِسٍ بِخُدورٍ *** حَجَبَتْها لُيُوثُها بِظُبَاها(6)
ص: 253
يا خَلِيلَيَّ لاتَلُوما خَلِيعاً *** خَلَعَتْ نَفْسُهُ غَرَامَ سِوَاها(1)
وَاسْعِدَانِي سُعِدْتُما في غَرَامِي *** إِنَّ خَيْرَ الصِّحَابِ أَهْلُ وَفَاها
أَوْدَعَاني بِها أَبُثُّ شُجُوناً *** كَلَّمَتْ مُهْجَتي حُدودُ مُدَاها(2)
أَنَا فيها مُتَيَّمٌ وَغَرَامِي *** شَاهِدٌ أَنَّنِي قَتِيلُ هَوَاها؟
كيفَ تَهْوَى المُلاَمَ نَفْسُ مُعَنًّى *** كَثْرَةُ اللَّوْمِ في الهَوى أَغْراها
مالِنَفْسِي ولِلسُّلُوِّ وَهَذَا *** دَمُها أَهْرَقَتْهُ سِرْبُ دُمَاها(3)
صَبَّرَتْهُ خِضَابَها لأَكُفٍّ *** وَخُدودٍ قَضَيْتُ مِنْ قُبْلاَها
لَسْتُ أَنْسى وَكَيْفَ أَنْسى زَمَاناً *** قَدْ تَجَلَّتْ أَيَّامُهُ بِصَفاها؟
إلى أن يقول:
وزَوى نِحْلَةَ البَتولِ وَعَنْ إِرْثِ *** أَبِيها النَّبِيِّ قَدْ أَقْصَاها(4)
وَعَلى دَارِها دَارَها حَرِيقَ *** النَّارِ في عُصْبَةٍ له أَغْراها(5)
ص: 254
أُمُّها أَدْلَمٌ وأَدْلَمُ لازالَ *** في كُلِّ فِتْنَةٍ أَوْلاها(1)
لا رَعَى اللَّهُ أَدْلَما أيُّ دارٍ *** رَاعَها بِاللَّظَى وما رَاعَاها(2)
تِلكَ دَارٌ عَزَّتْ لَدَى اللَّهِ شَأْناً *** وبِتَنْزِيلِ وَحْيِهِ قَدْ حَباها
تِلكَ دارٌ بها نَشَا أَصْلُ طُوبَى *** وَالبَرَايَا تَعِيشُ في أَفْيَاها(3)
تِلكَ دارٌ حَوَتْ نُفُوسا إِذَا مَا *** نُمِيَتْ لِلنَّبِيِّ كانَ انْتِماها(4)
وَهْيَ في الأَرْضِ خِيرَةُ اللَّهِ فِي الخَلْقِ *** وَاللُّطْفُ الخَفيُّ في إِبْقاها(5)
حَيْدَرٌ والبَتُولُ فَاطِمَةُ الطُّهْرُ *** وُغُرُّ الوُجوهِ مَنِ ابْناها
أَمِنَ العَدْلِ أَنْ تُشَبَّ عَلَيْها *** النَّارُ وَاللَّهُ قَدْ أَعزَّ حِمَاها؟
أيُّ نَارٍ أَورى عَلَيْها لأَمْرٍ *** حَسْبُهُ أَنَّهُ غَداً يَصْلاها(6)؟
تِلكَ نارٌ مِنْ وَقْدِها مَالِكُ النَّارِ *** عَلى أَهْلِها بِهِ أَوْراها
لَسْتُ أَنْسى البَتُولَ حينَ أَتَتْهُ *** وَمِنَ الرَّوْعِ قَدْ أُرِيعَ حِجاها
تَبْتَغِي رَأْفَةً فلم تَرَ الاّ مِنْهُ *** ضَرْباً بهِ وَهَتْ جَنَباها(7)
مِنْهُ أَلْقَتْ جَنِينَها وَهْوَ لَمَّا *** يَرْعَوِي مِن فَظِيعةٍ قَدْ نَحَاها(8)
وجَرى ما جَرَى بِحَيْدَرَةٍ مِنْ *** مُفْظِعَاتٍ لَمْ أَسْتَطِعْ إِمْلاَها
ص: 255
يَا لَقَوْمِي مِنْ مِحْنَةٍ أَوْرَثَتْنا *** ثَلْمَةٌ لَيْسَ يَلْتَقِي طَرَفَاها
أَبهَذا أَوْصى النَّبِيُّ بأَنْ تُؤذَى *** ذَرُوهُ الكرام في دُنْيَاها؟
أَبِنَصُ الكِتَابِ قَدْ خَصَّها اللَّهُ ***بِهَذا دُونَ الوَرى وَقَلاها؟
وِلتَيْمِ الوَلاَ وَ رِجْسِ عَدِيٌّ *** وَ هُمَا الأشْقَيانِ في أشْقِياها
زَحْزَحًا صِنْوَهُ اللَّصِيقَ وَداقا *** بَعْدَهُ لِلبَتُولِ ما أَضْناها(1)
أَوَمَا قَالَ أَحْمَدُ الظُّهْرُ فيها *** فَاطِمٌ بَضْعَتِي مِرَاراً حَكَاهَا؟(2)
فَرِضَاها رِضَايَ في كُلِّ حَالٍ *** وأَذائِي مُسْتَجْلَبٌ مِنْ أَذاها
لَعَنَ اللَّهُ مَنْ تَجَرَّى عَلَيْها *** وَ رَعَى اللَّهُ مُؤْمِناً رَاعَاها
بِأَبي دُرَّةُ الجَلالَةِ في سُوقِ *** البَلاَيا بِهِنَّ كَانَ اشْتَراها
دُرَّةٌ قَدْ عَلَتْ لَدَى اللَّهِ شَأناً *** وَ بِحُسْنِ الحِفَاظِ تُسَامُ في بَلْوَاها(3)
بَعْدَمَا أُودِعَتْ لَدَى صَدَفِ الحِكْمَةِ *** أَضْحَتْ تُسامُ في بَلْوَاهَا
جَلِيَتْ بَيْنَ كُلِّ وَغْدٍ دَنِيَّ *** وَ عَزِيزٌ عَلَى الجَلالِ جَلاها
حَجَرُ الحِكْمَةِ الَّذِي مِنهُ سَالَتْ *** أَعْيُنُ أَنْعَمَ الوجودَ نِدَاها(4)
كُنيَتْ في الوَرَى بِأَمْ أَبيها *** حَسْبُها سُؤدداً بهِ وكَفَاها(5)
ص: 256
فَطَمَتْ مَنْ أَحَبَّها مِنْ لظى النَّارِ *** وَ اللَّهُ فَاطِماً أَسْمَاها(1)
وَ بِزَهْرَاءٍ لُقِّبَتْ حَيْثُ أَنْ قَدْ *** أَزْهَرَ الكَوْنُ مِنْ جَمَالِ بَهَاها
بِأَبِي وَ البَنِينَ وَ النَّفْسِ مِنِّي *** أَفْتَدِيها وَ قَلَّ مِنِّي فِداها
يَوْمَ جَاءَتْ أَبا الشرورِ وَ فِيها *** قَبَسَاتُ الأَسَى تَشُبُّ لَظَاها(2)
قَدْ اَلَمَّتْ بِقَلْبِها زَفَراتٌ *** قَلَّبتْها على مَقَالِي جَوَاها(3)
زَفَراتٌ بِقَلْبِها كَرَبَتْ أَنْ *** تَنْسِفَ الكائناتِ في أَفْنَاها
لَكِنِ اللَّهُ بِالوَصِيِّ عَلِيٍّ *** وَ بِشِبْلَيْهِ وَ البَتُولِ وَقَاها
تَشْتَكِي وَ المُهَاجِرين مَعَ *** الانْصارِ قَدْ أَحْدَقَتْ به زُعماها(4)
وَ تُنَادِي بِهمْ وَ كُلُّ لَدَيْها *** مُظرِقٌ لايَعِي بَليغَ نِدَاها
ص: 257
أَيُّهَا النَّاسُ كَيْفَ أُظْلَمُ فِيما *** بَيْنِكُمْ نِحْلَتي وَ إِرْثِي شِفَاهَا
وَ بمَرْآكُمُ جَمِيعُ اهْتِضَامي *** مِنْ مُرِيدَيْنِ أَقْصَياني سَفاها(1)
أَبِهَذا أَوْصاكُمُ اللَّهُ فِينَا *** و أَبِي لي وَصِيَّتي أَخْفاها؟
وَ بِأَمِّ الكِتَابِ أَنْزَلَ «قُلْ لا» *** وَ هْيَ فينا وَ كُلُّكُمْ قَدْ تَلاها
وَ بِإِرِثِي يقولُ «يُوصِيكُمُ اللَّهُ» *** وَ كُلُّ الوَرَى بِهَذِي عَنّاها
لِمَ أَبْتُرُّ ما لَدَيْكُمْ تُراثِي *** وَذِهِ النَّاسُ أَوْرَثَتْ آباها؟(2)
أوْ تَقُولُونَ إِنَّنَا أَهْلُ دِينٍ *** لَيْسَ مِنْ دِينِكُمْ وَذَا أَدْهَاها
أَأَبِي قَالَ دِينُ آلِي فِيكُمُ *** مِلَةٌ وَحْدَها وَ دِينِي سِواها؟
أوْ تَقُولون إِنَّ آل النَّبِيِّينَ *** مِنْ بَيْنِها قَدِاسْتَثناها
آيَةٌ خَصَّتِ الأباعِدَ بِالإرْثِ *** وَ لِلآلِ نَضُها أَقْصَاها
أَوَمَا قَدْ أَتى بايَةِ دَاوُودَ *** بأَنْ قَدْ تَوَرَّثَتْ أَبْنَاها؟(3)
وَ بِأَخرَى مُذْ قَدْ دَعَا زَكَريَا *** رَبَّهُ دَعْوَةٌ له أَخْفَاها
أَوَمَا قَالَ رَبِّ هَبْنِي وَلِيّاً *** وَ جَمِيعُ الوَرَى وَعَتْ مَعْناها؟(4)
أَمْ هُما في الأَنامِ غَيْرُ نَبِيَّيْنِ *** لَهُمْ وَ النُّبُوَّةَ ادَّعَياها
وَ الكِتَابُ المُبينُ أَعْرَبَ عَنْ أَنَّهما *** مِنْ إِلهِهِ انْتَحلاها
أنْصِفُونِي فَإِنَّني ابْنَتُهُ دُونَ *** رِجالاتِكُمْ وَ كُلِّ نِساها
وَإِذا ما أَبَيْتُمْ غَيْرَ هَضْمِي *** لِمُضِلَّيْنِ بُلْغَتِي انْتَزَعاها
حَكَمَ اللَّهُ وَ الخَصِيمُ أَبِي والسِّجْنُ *** نَارٌ تَرَوْنَ حَرَّا أَصْطِلاها
ص: 258
فَأَصَرُّوا وَاسْتَكبَرُوا اسْتِكْباراً *** كَالسُّكَارَىٰ وَ لَمْ يَعُوا دَعْواها
جَرَّعُوها مِنَ الجَفَا غُصَصاً قَدْ *** أَوْرَدَتْها بورْدِهِنَّ جَفاها(1)
يَا أَخِلَّايَ فَاعْجَبُوا مِنْ نُفوسٍ *** بَذَلَتْ جُهْدَها بِمَحْضِ جَفَاها
لم يَفِدْ وَ عْظُها بها وَ هُيَ فيها *** شَابَهَتْ بَعْلَها تُقَى وَ أَبَاها
وَ كَفَاهَا بِأَنَّها هِيَ إِحْدَى كُبَرٍ *** أَنْذَرَتْ بها عَنْ غَواها
قَدْ زَكَتْ ذَاتُها وَ لَوْلاً زَكَاها *** ما مِنَ الرِّجْسِ رَبُّها زَكَّاها(2)
وَ هيَ فيها مواقع لِنُجومٍ *** نُورُها مُشْرِفٌ عَلى أَرْجاها
قَدْ تَجَلَّتْ جَلالةُ اللَّهِ فيها *** لِلبَرايا فَطابَ فيها اجْتِلاها
فَهْيَ قرآنُهُ الكَريمُ وَ تَفْصِيلٌ *** لآياتِ الهُدَاةِ مِنْ أَبْناها
قَسَماً بالسَّمَا َو رَبِّ بَناها *** وَ مِهَادٍ مِنْ تَحْتِها قَدْ طَحاها(3)
وَ جِيادٍ ضَوايحٍ شامِسَاتٍ *** بِسُرَاتٍ تَدَرَّعتُ بإباها(4)
ص: 259
وَ مَهارِ بِسَيْرِها رَاقِصَاتٍ *** وَ إِلَى البَيْتِ سَيْرُها وَ سُرَاهَا(1)
إِنَّ تلكَ النُّفُوسَ أَمْرَضَها الكُفْرُ *** وَ أَعْيَا الطَّبِيبَ منه دَواها
أنْفُسٌ ذُو الجَلالِ لَمْ يَخْلُقِ النّيرَانَ *** إلالَهَا لِكَيْ تَصْلاها
عُذْيَتْ مَنْ إلى الدَّواهِي وَ مِنْ *** أَخْلافِ أَخْلاقِهِ بما قَدْ دَهاها(2)
شَارَكَتْهُ بما جَنِّى وَ هُيَ مَعْ ذا *** تَدَّعِي أَنَّها أَصابَتْ هُداها
ما لها وَ الهُدَى وَفي ظُلْمَةِ الجَهْلِ *** أَبُوجَهْلٍ كُلّها أَهْواها
ذاتُ سُوءٍ تَذَوَّتَتْ كُلَّ ذاتٍ *** مِنْ ذَواتِ الصّلالِ مِنْ طِخْياها(3)
مُجْرِياً ظُلْمَهُ على كُلِّ نَفْسٍ *** مِنْ لَدُنْ آدمٍ إلى مُنْتَهَاهَا
ظُلُماتٌ أَبْعَاضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ *** وَ عَلَيْهِ اسْتَدارَ لُجُّ عَمَاها(4)
كَيْفَ يُرْجَى خَلاصُهَا وَ هْيَ مِنْهُ *** كُوَّةٌ تَسْتَمِدُّ مِنْهُ اسْتِواها
ضاقَتِ الأَرْضُ مِنْ دَواهِيهِ حَتَّى *** عُدَّ مِنْها لأَنَّهُ مُسْتواها
وَ مُذِ اسْتَكْمَلَتْ لَهُ دَرَكَاتٌ *** فِي لَظَى ثُمَّ آنَ أَنْ يَلْقاها
نَصَّ بِالأمْرِ في الخِلافَةِ لِلرِّجْسِ *** أَخِيهِ وَ عَنْ عَلِيٍّ لَوَاهَا
عَجَبٌ مَا أَتَى وَ أَيُّ عَجيبٍ *** وَ هْيَ حال قَدْ أَعْجَبَتْ مَنْ وَعاها
هُوَ بِالأمس مُنْكِرُ خِيرَةَ الرُّسل *** بِإِيصاء مَنْ لَهُ يُعْطاها(5)
ص: 260
وَ هُوَ أَوْصى بها إِلَيْهِ وَ لَمَّا *** يَدَعَ النَّاسَ تَقْتَفِي أَهْواها
لَيْتَ شِعري أهذهِ سُنَّةٌ كانَ *** أزكى العِبَادِ قَدْ أَخْطاها؟
وَ هُوَ فيها اهْتَدى وَ أَحْمَدُ في النَّاسِ *** مِنْ قَبْلُ ضَلَّ عَمَّا أَتَاها
إِنْ تَكُنْ سُنَّةٌ مِنَ اللَّهِ فَاللَّهُ *** بِهِ لِلْعِبادِ قَدْ أَجْرَاها
وَمَتى أَبْصِرَ النَّبِيُّ دَعَا النَّاسَ *** لأَمْرِ و نَفْسُهُ يَنْهاها
يَا لَقَومِي لِمَاجَنَاهُ عَدِيٌّ *** مُذْ علی کَوْرِها اسْتَوی بِوَلاها(1)
فَلَكَمْ سُنَّةٍ بها عَفاها *** وَ أَبَاطيلَ قَدْ أَشَادَ بِنَاها
بَاذِلاً جُهْدَهُ بإِخفاءِ أَحْكامِ *** نَبِيَّ الهُدَى بِجَعْلِ سِوَاها
وَ بِآلِ النَّبِيِّ لازالَ يُغْرِيِ *** النَّاسَ مِنْ بُغْضِهِ عَلى بَغْضاها
مُسْتَطِيلاً بِحِفْظِها وَ إذا مَا *** أَمَّهُ مُعْضِلٌ أَبَانَ عُلَاها(2)
وَ مِرَاراً يَقولُ لَوْلاً عَلِيٌّ *** عُمَرٌ هالِكٌ كَثِيراً حَکَاها(3)
وَ هْيَ منه جَرَتْ بِغَيْرِ اخْتِيِارٍ *** لَكِنِ اللَّهُ مِنْهُ قَدْ أَبْدَاها
لِتَرَى فِرْقَةٌ قَدِ ائْتَمَنَتهُ *** دِينها أَنَّها عَدَتْ مَنْجاها
ص: 261
لَمْ يَزَل هكذا إلى أَنْ أَجابَتْ *** نَفْسُهُ في اللَّظى دَواعِي شَقَاها
ثُمَّ في صُحْبَةٍ أَشَارَ لِشُورَى *** فَأَشارَتْ بِبَغْيِها شُورَاهَا
أَنْ يكونَ الزَّعِيمُ فيها ابنُ عَفَّانَ *** وَ مَا أَبْصَرَتْ بِسَيْلِ خَطاها
جَعَلَتْ حَيْدراً بها وَاحِداً مِنْها *** وَ عَنْهُ قَدِ اسْتَدارَتْ سِفاها
لَمْ تَدَعْهُ بها سِوَى لِلمُمارَاةِ *** بِهِ فَاسْتَبانَ فِيه مُرَاها(1)
فَسَعَى نَعْثَلٌ بها سَعْيَ مَنْ كَانَ *** مِنْ قَبْلِهِ وَ بَعدُ جَفَاها(2)
وَ بِهَا قَرَّبَ الأباعِدَ مِمَّنْ *** كانَ طَهَ عن دِينِهِ قَدْ نَفاها
مِثْل مَرْوانَ وَ الطَّلِيقَ ابْنَ سُفيانَ *** مع آلِهِ وَ هُمْ طُرَدَاها
ثُمَّ أَفضَى لها الخِلافَةَ سِرّاً *** لِيَكِيدَ الهُدَاةُ مِنْ أُمَنَاها
فَاسْتَطالَتْ لها القُرودُ على الأشدِ *** وَ مَنْ قَبْلُ أَحْمَدُ قَدْ رآها(3)
وَ هْيَ تَنْزُو بِظُلْمِها فَوْقَ أَعُوادِهِ *** عَدْراً قَدْ حَمَّ مِنْها أَذَاها
بَلْ هِيَ الدَّوْحَةُ التي لَعَنَ اللَّهُ *** و فِي الذِّكْرِ مَقْتُهُ قَدْ عَناها
ماسمعناخَليفةً لِنَبِيَّ *** قَطُّ أَعْدَاهُ غِيرَةً أَدْنَاهَا(4)
ص: 262
(بحر الكامل)
الأستاذة عزيزة صندوق
نُورٌ أَضَاءَ الكَوْنَ لايَتناهى *** باهَتْ بِطَلْعَتِهِ السَّماءُ وَ طَهَ
حَقَّتْ بِمَهْدِ النُّورِ أَفْضَلُ نِسْوَةٍ *** حَنَّتْ مَلائِكُ ربِّنا تَلْقاها(1)
وَ تَعطَّرَتْ أرْجاءُ مَكَّةَ وَ ازْدَهَتْ *** أَرْضُ الحِجَازِ بِهَا وَ طَابَ ثَراها
أَلحورُ تُهْرِقُ كَوْثَراً مِنْ خُلْدِها *** وَ اللَّهُ أَحْسَنَ صورَةٍ أَعْطاها(2)
اللَّهُ أَكْبَرُ فاطِمٌ قَدْ أَقْبَلَتْ *** مَلأ الدُّنا وَ الخافِقَيْن سَناها
صِيغَتْ مِنَ الأَنْوَارِ تُبْهِرُ مَنْ رأى *** فَأَتَتْ فَريدَةَ دَهْرِها بِبَهاها
في يَوْم مَوْلِدِها السّلامُ لِفَاطِمٍ *** وَ مَحَبَّةٌ مِنْ مُهْجَتِي أَقْراها
رُبِّيتِ في كَنَفِ النُّبُوَّةِ و التُّقى *** تَحْمِيكِ عَيْنُ خَديجَةٍ وَ دُعاها
تَرجو إله العرشِ حِفْظُكِ مِنْ أَذِى *** وَ هُوَ العَلِيمُ بهَمْسِهَا وَ هَواها
ص: 263
تَرويكِ مِنْ فَيْضِ المَحَبَّةِ نَهْلَةً *** وَ تَشُمُّ نَحْرَكِ كَيْ تَبَلَّ صَدَاها(1)
وَ مُحَمَّدٌ يُؤْوِيكِ بَيْنَ ضُلُوعِهِ *** وَ النَّفْسُ تَسْكُنُ إذ رأَتْ مَأَواها(2)
شَرَفٌ تَفَضَّلَتِ السّماءُ بِمَنْحِهِ *** خَيْرَ النّساءِ فَتُوجَتْ بِعُلاها
هِيَ كَوْثَرٌ حُورِيَّةٌ صِدِّيقَةٌ *** بَلَغَتْ كمالَ الخَلْقِ في مَحْياها
مَنْ كَالبتول بِنُسْكِها وَ عَفَافِها *** مَنْ مُثلُها في زُهْدِها وَتُقاها؟(3)
مَنْ هاجرتْ وَالدِّينُ قائِدُ رَكْبِها *** وَ البِشْرُ وَ الإيمانُ في مَسْراها؟
مَنْ قَدَّمَتْ للدِّينِ خِيرَةَ وُلْدِها *** أَعْطَتْ وَ لَمْ تَغْتَر فِي دُنْيَاهَا؟
عِلْمٌ و حِلْمٌ عِفَةٌ وَ مُروءَةٌ *** وَ الصَّبْرُ في اللأَوَاءِ بَعْضُ سَماها(4)
لاغَرْوَ إِنْ هِيَ كَابَدَتْ أَوْ عُذِّبَتْ *** فَالنَّصْرُ لِلإِسْلام كُلُّ مُناها
العِلْمُ يَنْهَلُ صافياً مِنْ نَبْعِهِ *** وَ الوَحْيُ يَهْبِطُ كَيْ يُعَلِّمَ طَه
فسَقاهُ ربِّي مِنْ بُحورِ عُلومِهِ *** وَ مُحَمَّدُ لِبَتُولِهِ لَقَّاها
وَ اخْتَارَ رَبُّ العَرْشِ أَفْضَلَ خَلْقِهِ *** فَامْتَازَ رَبِّي بَعْلَها وَ أَباها
قَدْ بَارَكَ الرّحمن آل المُصْطَفَى *** فَمُحالُ أنْ تَلْقَى لَهُمْ أَشْباها
ص: 264
وَ مُقَدّرٌ في عِلْمِ غَيْبِ إلهِنا *** هُمْ سادَةُ البَطْحاء مُنْذُ دَحاها(1)
زَهْراءُ رُوحِي وَ هْيَ بَضْعَةُ أَحْمَدٍ *** يَأْوِي لها يُؤْذِيهِ مَنْ آذاها(2)
أَعْطَتْ سِنينَ حَياتِها إِسلامَها *** وَ يَزِيدُ عَنْ ذاكَ العَطَاءِ جَزاها(3)
فَسَقَى هَوَاهُ دَماً لِفِلْذَةِ قَلْبِها *** وَ رَمَى بِظَاهِرِ جِلَّقٍ أسْراها(4)
لالَنْ تَكونَ فواطم أسطورَةٌ *** أَوْ صَفْحَةٌ كَفَّ القَضَاءِ طَواها
يَكْفِي لفاطِمَ أَنْ نَقولُ بِمَدْحِهَا *** لَمْ يَبْقَ دينُ مُحَمّدٍ لَوْلاها
يا آيةٌ حَوَتِ الفَضَائِلَ كُلَّها *** مِنكِ القَصَائِدُ أَلْحَمَتْ مَعْنَاها
فَفَضَائِلُ الزّهراءِ يُعْيِي حَصْرُها *** عَبَثاً يُحَاوِلُ مُدَّعِ إِحْصاها(5)
مَهمَا وَصَفْتُ فَإِنْ شِعْرِي قاصِرٌ *** فَالوَصْفُ يَعْجَرُ عَنْ بُلوغٍ مَداها
لالَنْ تَكُونَ كما ادعى أَعْداؤُها *** زَهْرَاءُ أَعْظَمُ أَن يُنالَ عُلاها
فَوَلاؤُها فَرْضٌ بِأَعْناقِ الوَرى *** وَ قُلوبُنا لاتَرْتَضِي بِسِوَاها(6)
امنَحْ إلهي رَحْمَةً أَبْناءَها *** شَفَعْ بِنَا يَوْمَ الحِسَابِ أَباها
أَیْتَامُها نَحْنُ الضُّعَافُ وَ حِزْبُها *** لَمْ نَدْرِ ما دَرْبُ الهُدى لَوْلاها
کَمْ زادَنا عزّاً بِفَاطِمَ عِنْدَما *** أُمّاً لِنَفْسِ مُحَمّدٍ أَسْماها
ص: 265
مُهُمَا أَقمْنا فَالحَيَاةُ هُنَيْهَةٌ *** وَ الرُّوحُ رَاجِعَةً إِلَى مَوْلاها
وَاللَّهُ أَنْزَلَ في جَليل كِتَابِهِ *** نَفْسُ الشقاوةِ خابَ مَنْ دَسّاها
أمَّا التَّقيُّ ففي النَّعيمِ مُقامُهُ *** قَدْ فَازَ كُلُّ مُوَحَدٍ زَكَّاها
فَمُبَارَكٌ يا آلَ أحْمَدَ عَيْشُكُمْ *** فَنُفُوسُكُمْ وَجَدَتْ هُناكَ حماها
فالصدرُ في دار الخُلُودِ لأَحْمَدٍ *** وَ يَطُوفُ حَيْدَرُ حَوْلَهُ وَ ابْنَاها
رَبَّاهُ عَهْداً لَنْ نَحِيدَ بِخُطوَةِ *** لنُتَابِعَنَّ السَّيْرَ في مَسْراها
فَحَيَاتُها مِنْهاجُنا وَ نَجَاتُنا *** وَ مَدَى الحَياةِ سَنَقْتَدِي بِهُداها
مَنْ يُرْضِها يَظْفَرُ بِجَنَّةِ رَبِّهِ *** فَرِضا البتولةِ مِنْ رِضَا مَوْلاها(1)
ص: 266
(بحر الخفيف)
الشيخ علي بن حسن الجشي
كُلُّ نَفْسٍ لَمْ تَتَّبِعْ أَهْواها *** أَدْرَكَتْ في المعادِ أَقصى مُناها
وَ لَقَدْ نَوَّهَ النَّبيُّ بِذِكْرَى *** فاطِمِ وَ ارْتِضائِها وَ اجْتِباها
فَتَوَلَّوْا مُسْتَكْبِرِينَ كَأَنْ *** لم يَسْمَعُوا مَدْحَها وَ طِيبَ ثَناها
صَغَّرتْ قَدْرَها و قَدْ شاهِدَتْ مِنْ *** جُمَلِ الفَضْلِ جُمْلَةً لاتَناهى
وَرأَوْا عِزّةً لَهَا لَمْ تَنَلُها *** ذاتُ عِزّ في العالَمينَ سِواها
وَ هْيَ مَخدومَةُ المَلائِكِ كُلِّ *** فَخْرُهُ أَنْ يَنَالَ مِنْها رِضاها
كَيفَ لا وَهْيَ بِنْتُ خَيْرِ نَبِيَّ *** سَادَ مَنْ في سمائها وَثَراها
ضَرَبَ الدَّهْرُ ضَرْبَةً فإذا النّارُ *** تَلَظَّى ظُلماً بِبَابِ فِناها
لَمْ يَرَوا حَرْقَهُ بِمَنْ فيه أمراً *** مُنْكَراً فِعْلُه وَ عَنْهُ تَناهى
وَ عَلَيْهَا فِي بَيْتِها وَ هْيَ حَسْرَىٰ *** هَجَمُوا أَسْقَطُوا جَنِينَ حَشاها
لطَمُوا الخَدَّ لطْمَةً أَوْرَثَتْها *** حُمْرَةَ العَيْنِ لَيْتَ نَفْسِي فِداها
كَسَرُوا الضِّلْعَ وَرَّمُوا المَتْنَ وَ الجَنْبَ *** بِضَرْب السِّياطِ ما أَجْفاها!(1)
ص: 267
يَا بِنَفْسي مَحْرُومَةٌ مِنْ تُرَاثٍ *** مِنْ أَبيها وَ نِحْلَةٍ أَعْطاها(1)
فَأَتَتْ مَسْجِدَ النَّبِيِّ بِعَيْنٍ *** ماؤها لم يَقُمْ بإطفا جَواها
ثُمَّ أَنَّتْ بِأَنَّةٍ أَجْهَشَ القَوْمُ *** لها بالبُكا وَ هُمْ أَعْداها
فتأَنَّتْ عَنِ المَقالِ إلى أَنْ *** سَكَنُوا مِنْ نَشِيجِهِمْ لِبُكاها(2)
ثُمَّ أَلْقَتْ مَقَالة حار فيها *** حُكَماها وَ أَخْرَسَتْ بُلغاها
وَ أَبانَتْ هُنا لِكُمْ حِكْمَةَ التّكْوِین *** لِلْخَلْقِ وَ افْتِراضِ وَلاها
وَ تَجلّى الحَقُّ الصُّراحُ عِياناً *** و رَأَوْهُ كَالشَّمْسِ رَأْدَ ضُحاها(3)
فَطَوَوْا كُلَّ حُجَّةٍ نَشَرَتْها *** بِحَدِيثِ مُخَلَّقٍ بِافْتِراها
وَ اسْتَغانَتْ بِالمُسْلِمِينَ فَأَغْضَى *** الكُل عَنْها وَ لَمْ يُلَبُوا نِداها
أهْيَ تَشْكُو مِمَّنْ سِواها إِلَيْها *** أَمْ إِلَيْهَا مِنْها المتدت شَكْواها!
لَسْتُ أَنْسى عِتابَها لِعليِّ *** حينَ آبتْ مَرْغُومة بِجَواها
أنْتَ مَنْ وَ ابْنُ مَنْ ويُعْصَبُ حَقي *** بأباطِيلِها وَ أَنْتَ تَراها؟
وَ أَبوك الحامِي أَبِي مِنْ قُرَيْشٍ *** حِينَ هَمَّتْ به بماضِي شَباها(4)
وَ بِمَاضِيكَ كَمْ كَشَفْتَ كُروباً *** عَنْهُ إِذْ فرَّ صَحْبَهُ في وَغاها
أنتَ سيفُ الإلهِ ضارِبُ عَمْروٍ *** ضَرْبةٌ فَخْرُهَا لِيَوْمِ جَزاها
كَيْفَ لم تَحْمِني مِنَ القَوْمِ بالسَّيفِ *** وَ شَأْنُ الرجالِ تَحْمِي نِساها
كُنتُ في عِزّة على بابِ داري *** يَطْلُبُ الإذنَ والدي إن أتاها
ص: 268
وَ بِمَرْأَى وَ مَسْمعِ مِنْكَ قَهْراً *** دَخَلُوا حيثُ لاخِمارَ فِناها(1)
وَ تَحَمَّلْتُ مِنْهُمُ فيكَ ما لَمْ *** أَسْتَطِعْهُ وَ مَا كَفَفْتَ أَذاها
لَيْتَني مُتُّ قَبْلَ ذُلّي وَمَنْ لَمْ *** تَرْتَضِ الذُّل كان فيه مُناها
لاتَخَلْ عَنْبَها عَلَى المُرْتَضى عَنْ *** سُخْطِ فِعْلٍ أَتاهُ لاوعُلاها
كَيْفَ لَاتَرْتَضِي فِعال عليَّ *** وَ هُوَيَقْفُو في كُلِّ فِعْل أباها؟
هِيَ مَنْ يَسْخَطُ الإِلهُ وَ يَرْضَى *** عِنْدَ سُخْطٍ مِنْهَا وَ عِنْدَ رِضاها
أترى يَسْخَطُ الإله وَ يَرْضى *** لِرِضاها لو كان عَنْ أَهْواها
يا بِنَفْسي عَلِيمَةً كَانَ فيما *** صَنَعَتْهُ أَحْيا شَريعَةَ طه
كَشَفَتْ عَنْ سَرائِرِ القَوْم فيما *** فَعَلَتْهُ وَ بَانَ خُبْثُ انْطِواها
وَ لِسُخْطٍ مِنْهَا عَلى القَوْمِ أَوْصَتْ *** لِعَليَّ بدَفْنِها في دُجاها(2)
فَهُنَاكَ ازْدادوا عُنُوا وَ هَمُّوا *** مِنْ عِنادِ أن يَنْبُشُوا مَثْواها(3)
ص: 269
(بحر البسيط)
الأستاذ علي عبد اللطيف البغدادي(*)(1)
من أيِّ بابٍ يراعُ المدحِ يدخلها؟ *** من ألف بابٍ بإحداها تكاملُها
و كيفَ لاشيء يأتي الشيء أجمعهُ *** و كيف يدرك مغزاها مُبَجّلها
و كيف يُدرِكُ عمقَ البحرِ ساحلُهُ *** و هي البحارُ و ما بانت سواحلُها؟
بل كيف يجرؤ حرف أن يكلِّمَها *** و أحرفُ اللَّه (بالتطهيرِ) تحملُها؟
ص: 270
وما يُقالُ لمن في «هل أتى» عظمتْ *** و «قل تعالوا» بها حقتْ منازِلُها
لكنّها قطرةٌ من فيضِ وابلِها *** و قولةٌ هام بالزهراءِ قائلُها
عسى شفاعتُها في الحشرِ تشملُهُ *** إذ خيرُ (مدخل صدق) لهوَ مدخلُها
و تلك قربان روحٍ علِّ تقبلُها *** وَ أدمعٌ من ضميرٍ جلِّ مُنْزِلُها
مولاةُ كل نساءٍ الكونِ أجمعِهِ *** فما على الأرضِ حوّاءٌ تُشاكلْها
فكلُّ مقولِ حمدٍ حينَ يحمدُها *** يعيا فكلُّ صفاتِ الحمدِ تشملُها(1)
هي البيانُ بلانطق فإنْ نَطَقَتْ *** فالحقُّ ترسلُهُ شمساً و يرسلُها
بتولُ صديقةٌ زهراءُ طاهرةً ***حوراءُ إنسيّةٌ تمّتْ فضائلُها
شفيعةٌ لمواليها مشفّعةٌ *** بأي وجهٍ مُعاديها يُقابلُها؟
يرضى الإلهُ إذا ترضى ووالدُها *** و النارُ موعدُ من بالفضلِ يغفلُها
فويلُ من قد بكتْ من غدرهِ الَمَاً *** و ويلٌ مَنْ بضعةُ المختارِ يخذُلها
و لا يجوزُ صراطَ اللَّه مبغضُها *** بها الجنانُ عِبادُ اللَّه يدخلُها
ص: 271
(بحر الخفيف)
الشيخ فرج العمران القطيفي(*)(1)
هِيَ شَمْسٌ رِدا الكمالِ تَرَدَّتْ *** وَ بِبَحْرِ النُّورِ الإلهي مُدَّتْ(2)
وَ لإصلاحِ كُلِّ شَيْءٍ أُعِدَّتْ *** هِيَ شَمْسُ شَمْسُ النَّهَارِ اسْتَمَدَّتْ
فاسْتَنَارَتْ أفلاکُها بِضِياها(3)
هذِهِ مَعْدِنُ العَطا و التَفَضُّلْ *** مَنْ بها يَنْفَعُ الرِّجا و التَّوَسُّلْ
للّذي اخْتارَها نجاةٌ إِلَى الكُلْ *** هذِهِ فاطِمُ البَتُولَةُ أُمُّ(4)
الأَوْصِيَاءِ الكِرَام بَضْعَةُ طه(5)
ص: 272
هذِهِ مَنْ بِبَيْتِها الوَحْيُ أُنْزِلْ *** وَلَدَيْها الأَمْلاكُ تَرْقَى وَتَنْزِلْ
هذهِ مَنْ لِلدِّين مَأْوَى وَ مَعْقِلْ *** زَوْجَةُ المُرْتَضَى عَلِيٌّ أَميرِ
الْمُؤْمِنِينَ الكَرارِ حامِي حِماها(1)-(2)
ص: 273
(بحر الخفيف)
الشيخ قاسم محيي الدين
كَيْفَ تَنْسَى مُصَابٌ بَضْعَةِ طَه *** إذْ دَهَاهَا مِنَ الأَسَى مَا دَهَاهَا؟(1)
أَنْحَلَتْ جِسْمها الرّزَايَا فَأَبْدَتْ *** لَهُفَ نَفْسِي لِمَا بِهَا شَكْوَاهَا(2)
وَ أَقَامَتْ بِهَا الدَّوَاهِي كُرُوباً *** لَمْ يُطِقُ حَمْلَ بَعْضِهِنَّ سِوَاهَا
وَبِها الحُزْنُ مُنْذُ شَبَّ زَفيراً *** مُصْعِداً صَوْبَ الدّموعِ مِيَاهَا
فَهيَ رَهْنٌ لِلْمُرْجِفَاتِ الَّتي قَدْ *** أَوْقَدَتْ نَارَها وَ أَبْدَتْ أَسَاهَا(3)
قَدْ أَبَى قَلَبُها السُّلُوَّ فَأَمْسَتْ *** وَ هْيَ حَرَّى الفُؤَادِ تَنْعَى أَبَاهَا
أَحْرَقَتْها أحْشَاؤُهَا حَيْثُ قَدْ *** أنْفَذَتِ الدَّمْعَ فِي سَبِيلِ بُكاها
وَدَهَاهَا القَضَا بِكُلِّ مُلِمًّ *** مُؤلم و الجَوَى أَبَادَ قُواها
أَوْ هَنَتْهَا الخُطُوبُ لمّا رَمَتْها *** بِعَظِيمِ الأسَى وَ طُولِ عَنَاهَا
فَكَانَّ الهُمومَ نَبْلُ فِسِيِّ *** وَ كَأَنَّ المَرْمَى لَهَا أَحْشَاهَا
شَابَ مِنْها الوَرْدَ الرِّدَى بِرَزَايَا *** شَابَ مِنْها لَمّا دَهَت فَوْدَاهَا(4)
وَ عَرَاهَا الوَجْدُ المُبَرِّحُ قَسْراً *** لَهْفَ نَفْسِي لِفَرْطِ وَجْدٍ عَرَاها
ص: 274
ذَابَ مِنْها فُؤَادُهَا وَحَشَاهَا *** لَمْ يَزَلْ مِنْ جَوَاهُ رَهْنَ لَظَاهَا
أحْرَقَتْها نَيْرانُهَا فَأَذَالَتْ *** أَدْمُعاً تُشبه الحَيَا عَيْنَاهَا
إِنَّ فِي قَلْبِها جِرَاحَاتِ حُزْنٍ *** لَيْسَ تَوْسَى وَ قَدْ أَطَالَتْ أَسَاهَا
لَوْ تَرَاهَا وَ هيَ الشَّجِيَّةُ حُزناً *** وَ مُمِضُّ الأسْقامِ قَدْ أَضْنَاهَا
وَ هيَ تَبْكِي بَكَاءَ فَاقِدَةِ الصَّبْرِ *** لِمَا قَدْ أَلَمَّ عَزَّ عَزَاهَا(1)
شَأْنُها النّوْحُ مُذْ يَدُ الخَطْبِ شَجُواً *** فَدَحَتْ نَارَهَا بِزِنْدِ جَوَاهَا
حَرُّ قَلْبِي لَهَا وَ قَدْ أَسْلَمَاهَا *** لِمُلِمٌ مِنَ الأَسَى جِبْتَاهَا
أَبْعَداهَا عَنْ فَيْنِهَا غَصَبَاهَا *** نِحْلَةَ المُصْطَفَى وَمَا وَرَّثَاهَا
قَصَدًا دَارَهَا عِنَاداً وَ حِقْداً *** بِأَفَاعِيلٍ مُنْكَرِ أَضْمَرَاهَا
أَحْرَقَا بَيْتَها وَ قَدْ أَسْقَطَاهَا *** مُحْسِناً بِالَّذِي بِهِ روّعَاهَا
كَسَرَا ضِلْعَهَا مُذِ انْتَهَزَاهَا *** فُرْصَةً بَعْدَ أَنْ أَبَاحًا حِمَاهَا
نَثَرا قُرْطَهَا انْتِثَارَ عُقُودِ *** الدَّمْعِ مِنْ عَيْنِهَا لِفَرْطِ بُكَاهَا
خَرَقَا صَكَّهَا عُنُوَّاً وَ كُفْراً *** لَطَمَا خَدَّهَا وَ لَمْ يَرْعَيَاهَا(2)
ص: 275
قَصَدَاهَا بِكُلِّ هَوْلٍ مُلِمٍّ *** وَ بِسَوْطِ الزَّنِيم قَدْ أَوْجَعَاهَا
غَصَبَا بَعْلَهَا وَ مَا رَاعَيَاهُ *** لاَوَ عَلْيَائِهِ وَ لاَرَاعَيَاهَا
لَمْ تَزَلْ بِالهَوَانِ بَعْدَ أَبِيهَا *** حَيْثُ سِيمَتْ ضَيْماً تُقَاسِي أَذَاهَا
أخْرَجَتْ بَعْلَهَا يُقَادُ هَوَاناً *** أُمَةٌ مَا اهْتَدَتْ فَما أشْقَاها
قَعَدتْ مُذرَأتْ حِمَاهَا أَسِيراً *** بِيَدَيْ كُلِّ مُلْحِدٍ مَا رَعَاهَا
شَأْنُهَا النَّوْحُ و البُكَا لا تَرَى مِنْ *** مَفْزَعِ غَيْرَ نَوْحِهَا وَ بُكَاهَا
حَرُّ قَلْبِي لَهَا وَ قَدْ مَنَعُوهَا *** أَنْ تُطِيلَ الأَسَى وَ تَبْكِي أَبَاهَا
فَهيَ مُنْهَدَّةُ القُوَىٰ بِمُصَابٍ *** جَلَّ وَقعَاً وَ السُّقْمُ قَدْ أَضْنَاهَا
لاَتَلُمْهَا إنْ أَعْوَلَتْ بِنَحِيبٍ *** أَوْ أَذَالَتْ دُمُوعَهَا مِنْ حَشَاهَا(1)
حيْثُ قَدْ رَوَّعُوا حِمَاهَا وَ فِيها *** أَوْدَعُوا حُرْقَةٌ يَشُبُّ لَظَاهَا
فَقَضَتْ نَحْبَهَا وَ شَيْعَهَا خَيْرُ *** إِمَام وَ فِي الدُّجَى وَارَاهَا
دُفِنَتْ بِنْتُ أَحْمَدِ الظُّهْرِ سِرّاً *** وَ بِرَغْمِ العَلْيَاءِ عَنَّى ثَرَاهَا
يَا إِمَامَ الهُدَى إِلاَمَ التَّغَاضِي *** وَالعِدًا قَدْ عَدَوْا عَلَى أَبْنَاهَا(2)
قَتَلُوا المُجْتَبَى وَ أَرْدَوْا حُسَيْناً *** دَامِيَ النَّحْرِ مُودَعَاً غَيْرَاهَا
قَدْ كَسَتْهُ الدِّمَا بُرُودَا بِنَفْسِي *** مُنْ غَدَا رَهْناً بِفَتْكِ ضُبَاهَا(3)
ص: 276
نَهَبَتْ شِلْوَهُ المَوَاضِي وَ أَرْدَتْهُ *** صَرِيعاً مُوَسَّداً رَمْضَاهَا
رَفَعَتْ رَأسَهُ عَلَى الرِّمْح جَهْرًا *** وَ سَبَتْ نِسْوَةٌ يَعُزُّ سَبَاهَا(1)-(2)
ص: 277
لِمَنِ الشَّمْسُ في قِبابِ قُباها *** شَكٍّ جِسْمُ الدُّجَى بِرُوح ضِياها؟(1)
وَ لِمَنْ هذِهِ المَطايا تَهادَى *** حَي أَحْياءَها وَ حَيَّ سُرَاها؟
يَعْمَلاتٌ تُقِلُّ كُلَّ غَرِيرِ *** قَدْ حَكَنَهُ شَمْسُ الضُّحَى وَحَكاها(2)
ما أراني بَعْدَ الأَحِبَّةِ إِلاَّ *** رَسُمَ دارٍ قَدِ انْمَحَى سيماها
كُمْ شَجَتْنِي ذات الجناح سُحَيْراً *** حِينَ طَارَ الهَوَى بِها فشَجَاها
ذَكَّرتْني وَ ما نَسِيتُ عُهُوداً *** لَوْ سَلا المَرْءُ نَفْسَهُ ما سَلاها
نَبَّهَتْ عَيْنِي الصَّبابَةُ وَ الوَجْدُ *** وَ إنْ كانَ لَمْ يَنمُ جَفْناها
فَتَتَبَّهتُ لِلَّتِي هِيَ أَشْقَى *** وَ الهَوَى لِلْقُلُوبِ أَقْصَى شَقاها
يا خَلِيلَيَّ كُلَّ بِاكِيَةٍ لَمْ *** تَبْكِ إلا لِعِلَّةٍ مُقلَتاها
لاتَلُوما الوَرْقاءَ في ذلِكَ الوَجْدِ *** لعَلَّ الَّذِي عَراني عَراها(3)
ص: 279
خَلْياها وَ شَأْنَهاخَلِّياها *** فَعَساها تُبَلُ وَجْداً عَساها
كانَ عَهْدِي بها قَرِيرَةَ عَيْنٍ *** فَاسْأَلُأَهَا بِاللَّهِ مِمَّ بُكاها؟
لَيْتَ شِعْرِي هَلْ لِلْحَمائم نَوْحِي *** أَمْ لَدَيْها لَوَاعِجِي حاشاها؟(1)
إلى أن يقول:
نَقَضُوا عَهْدَ أحْمَدٍ في أَخِيهِ *** وَ أَذَاقُوا (البَتُولَ) ما أَشجاها؟
وَ هيَ العُرْوَةُ الَّتِي لَيْسَ يَنْجُو *** غَيْرُ مُسْتَعْصِمٍ بِحَبْلِ وَلاها
لم يَرَ اللَّهُ لِلنُّبُوَّةِ أَجْراً *** غَيْرَ حِفظ الوِدادِ في قُرباها(2)
لَسْتُ أدْرِي إِذْ رُوِّعَتْ و هَيْ حَسْرَىٰ *** عانَدَ القَوْمُ بَعْلَها وَ أَباها
يَوْمَ جَاءَتْ إِلى عَدِيٍّ وَ تَيْمٍ *** وَ مِنَ الوَجْدِ ما أَطالَ بُكاها
فَدَعَتْ وَ اشْتَكَتْ إلى اللَّهِ شَجُوا *** وَ الرَّواسِي تَهْتَزُّ مِنْ شَكْواها(3)
فَاطْمَأَنَتْ لَهَا القُلُوبُ وَ كادَتْ *** أَنْ تَزُولَ الأحْقادُ مِمنْ حَواها
تَعِظُ القَوْمَ في أَتّمِ خطابٍ *** حَكَتِ المُصْطَفَى بِهِ وَحَكاها
أَيُّها القَوْمُ راقِبُوا اللَّهَ فينا *** نَحْنُ مِن روضَةِ الجَليلِ جناها
نَحْنُ مِنْ بارى السَّمَواتِ سِرُّ *** لَوْ كَرِهْنا وُجُودَها ما بَراها
بَلْ بِآثَارِنا وَ لُطْفِ رِضانا *** سَطَحَ الأَرْضَ وَ السَّماءَ بَنَاها
وَ بِأَضْوَائِنَا الَّتِي لَيْسَ تَخْبُو *** حَوَتِ الشُّهْبُ ما حَوَتْ مِنْ ضِيَاهَا(4)
ص: 280
وَاعْلَمُوا أَنَّنا مَشاعِرُ دِينِ اللَّهِ *** فيكُمْ فَأَكْرِمُوا مَثواها
وَ لَنا مِنْ خَزائِنِ الغَيْبِ فَيْضٌ *** تَرِدُ المُهْتَدُونَ مِنْهُ هُداها
إِنْ تَرُومُوا الجنان فهي مِنَ *** اللَّهِ إلينا هَدِيَّةٌ أهداها(1)
هِيَ دارٌ لَنا وَ نَحْنُ ذَوُوها *** لايرى غَيْرُ حِزينا مَرْآها
وَ كَذاكَ الجَحِيمُ سِجْنُ عِدانا *** حَسْبُهُمْ يَوْمَ حَشْرِهِ سُكْناها
أيُّها النَّاسُ أَي بِنْتِ نَبِيَّ *** عَنْ مَوَارِيشِهِ أَبوها زَواها؟(2)
كَيْفَ يَرْوِي عَنِّي تُراثي عَتِيقٌ *** بأحادِيثَ مِنْ لَدُنْهُ افْتَراهَا؟(3)
هذِهِ الكُتبُ فَاسْأَلُوها تَرَوْهَا *** بِالمَوَارِيثِ ناطقاً فَحْواها(4)
وَ بِمَعْنَى (يُوصِيكُمُ اللَّهُ) أَمْرٌ *** شامِلٌ لِلْعِبادِ في قُرْباها
كَيْفَ لَمْ يُوصِنَا بِذلِكَ مَوْلانا *** وَ تَيْماً مِنْ دُونِنَا أَوْصاها؟
هَلْ رَآنَا لانَسْتَحِقُّ اهْتِداءً *** وَ اسْتَحقَّتْ تَيْمُ الهُدَى فَهَداها؟
أمْ تُراهُ أَضَلَّنا في البَرايا *** بَعْدَ عِلْمٍ لِكَيْ نُصِيبَ خَطاها
أنْصِفُونى مِنْ جائِرَيْن أضاعا *** ذمَّةَ المُصْطَفَى وَ ما رَعَياها
وَ انْظُروا في عَواقِبِ الدَّهْرِكَمْ *** أَمْسَتْ عُتاةُ الرِّجالِ مِنْ صَرْعاها
ص: 281
ما لَكُمْ قَدْ مَنَعْتُمونا حُقوقاً *** أَوْجَبَ اللَّهُ فِي الكِتابِ أَداها؟(1)
وَ حَذَوْتُم حَذْوَاليَهُودِ غَداةَ *** اتَّخَذُوا العِجْلَ بعدَ مُوسَى إلَها
قَدْ سَلَبْتُمُ مِنَ الخِلافَةِ خَوْداً *** كَانَ مِنْا قِنَاعُها وَرِداها(2)
وَ سَبَيْتُمْ مِنَ الهُدَى ذاتَ خِدْرٍ *** عَزَّيَوْماً عَلَى النَّبِيِّ سِباها
إِنْ رضِيتُمْ مِنْ دُونِنا خُلَفَاءً *** لااشْتَفَتْ مِنْ قُلُوبِكُمْ مَرْضاها
أَوْ أَبَيْتُمْ عُهُودَ أَحْمَدَ فِينا *** لأوُقِيتُمْ مِنَ الرزايا سُطاها
تَدْعُونَ الإسْلامَ إِفْكاً وَ زُوراً *** كَذَبَتْ أُمَّهَاتُكُم بادِّعاها
أَيُّ شَيْءٍ عَبَدْتُمُ إِذْ عَبدْتُمْ *** أَنْ يُولّى تَيْم عَلى آلِ طَهَ؟
هذهِ البُرْدَةُ التي غَضِبَ اللَّهُ *** عَلَى كُلِّ مَنْ سِوانَا ارْتَداها
فَخُذُوها مَقْرُونِةٌ بِشَنارٍ *** غَيْرَ مَحْمُودَةٍ لَكُمْ عُقباها
وَ أَلْبَسُوها لِباسَ عار وَ نارٍ *** قَدْ حَشَوْتُمْ بالمُخْزِيَاتِ وِعاها
لَمْ نَسَلَّكُمْ لِحَاجَةٍ وَ اضْطِرارٍ *** بَلْ نَدلُّ الوَرَى على تَقْواها
كُمْ لَنا في الوُجُودِ رَشْحَةُ جُودٍ *** يُعْجِزُ السَّبْعَةَ البِحَارَ غِناها
عَلِمَ اللَّهُ أنَّنا أَهْلُ بَيْتٍ *** لَيْسَ تَأْوِي دَنِيَّةٌ مأواها
لَوْ سَأَلْنَا الجَلِيلَ إلقاء عَدْنٍ *** أو مقاليدَ عَرْشِهِ ألقاها
سَعْدُ دَعْنِي وَ هَجْوَ سُودِ المَعَانِي *** أَكْبَرُ الحَمْدِ في مَعانِي هِجاها
ص: 282
كَيْفَ تُنْقَى ابْنَةُ النَّبِيِّ عِناداً؟ *** لانَفَى اللَّهُ مِنْ لَظَى مَنْ نفاها
وَلأَيِّ الأُمُورِ تُدْفَنُ سِراً *** بَضْعَةُ المُصْطَفَى وَ يُعْفَى ثَراها؟(1)
فَمَضَتْ وَ هُيَ أَعْظَمُ النَّاسِ وَجَداً *** فِي فَمِ الدَّهْرِ غُصَّةٌ مِنْ جَواها
وَ تَوَتْ لايَرى لَها النَّاسُ مَثْوَى *** أَيُّ قَذَسٍ يَضُمُّهُ مَثْواها
ثُمَّ هَمَّتْ بِبَعْلِهَا كُلُّ كَفِّ *** وَ اسْتَمدَّتْ له رِقاقَ مُداها
أمَّةٌ قائلَتْ إمامَ هُداها *** يا تُرى أَيْنَ زَالَ عَنْهَا حَياها؟
كَمْ أَرادَتْ إظفاءَ نارِ حُسام *** صاغَهُ اللَّهُ تَمْرَةٌ لِحَشاها(2)
بأبي مَنْ لَهُ مَطاعِنُ كَفَّ *** لايُداوِي مِنَ الرَّدَى كَلْماها
إِنَّ ذاتَ العُلُومِ تُنْمَى جميعاً *** لِعَلِيَّ وَ كانَ رُوحَ نَمَاها
وَكَذا كُلُّ حِكَمَةٍ مَكَّنَتْهُ *** مِنْ أَعالي سَنامِها فَامْتَطاها
وَ مَتى يُذْكَرِ النَّدَى فَهُوَ لُطْفٌ *** إِنَّ مُحْيِي المَوْتَى بهِ أَحْياها
وَ لأَقْدامِهِ تَزُولُ الرَّواسِي *** وَ المَقادِيرُ تَقْشَعِرُّ حَشاها
وَ مَرامِي الأسْرارِ سَدَّدَ سَهُم *** اللَّهِ مِنْهُ لَها فما أخْطاها
كُمْ لَهُ مِنْ مَواهِبٍ مُرْدَفَاتٍ *** هِيَ كَالشَّمْسِ لايَحُولُ ضِياها
ص: 283
المَجْدُ يُشْرِقُ مِنْ ثَلاثِ مَطالِع *** في مَهْدِ فَاطِمَةٍ فَما أعلاها(1)
هِيَ بنتُ مَنْ؟ هي زَوْجُ مَنْ؟ *** مَنْ ذَا يُدانِي في الفخار أَباها؟
هِيَ وَ مُضَةٌ مِنْ نُورِ عَيْنِ المُصْطَفَى *** هَادِي الشعوبِ إِذا تَرُومُ هُدَاها(2)
هُوَ رَحْمَةٌ لِلعَالَمِينَ وَ كَعْبَةُ *** الامَالِ في الدُّنيا وَ في أُخراها
مَنْ أَيْقَظَ الفِطرَ النِّيَامَ بِرُوحِهِ؟ *** وَ كَأَنَّهُ بَعْدَ البِلَى أَحْيَاهَا
وَ أَعَادَ تَارِيخَ الحَيَاةِ جَدِيدَةً *** مِثْلَ العَرَائِسِ في جَدِيدِ حُلاَها
وَ لِزَوْجِ فَاطِمَةٍ بِسُورَةِ (هَلْ أَتَى) *** تَاجٌ يَفُوقُ الشَّمْسَ عِندَ ضُحاها
أَسَدٌ بِحِصْنِ اللَّهِ يَرْمِي المُشْكِلاتِ *** بِصَيْقَلٍ يَمْحُو سُطُورَ دُجاها(3)
إيوانُهُ كُوخٌ وَ كَنْزُ ثَرَائِهِ *** سَيْفٌ، غَدَا بِيَمِينِهِ تَیّاها(4)
في رَوْضِ فَاطِمَةٍ نَما غُصْنَانِ لَمْ *** يُنْجِبْهُما في النَّيِّرَاتِ سِوَاها(5)
ص: 285
فَأَمِيرُ قافِلَةِ الجِهَادِ، وَ قُطْبُ دايرَةِ *** الوِئام والانْحَادِ ابْنَاها
حَسَنُ الَّذي صَانَ الجَمَاعَةَ بَعْدَما *** أَمْسَى تَفَرَّقُها يَحِلُّ عُراها(1)
تَرَكَ الخِلافَةَ ثُمَّ أَصْبَحَ في الدِّيَا *** إِمَامَ أَلْفَتِهَا، وَ حُسْنَ عُلاها
وَ حُسَيْنُ في الأَبْرارِ، و الأَحْرَارِ، ما *** أَزْكَى شَمَائِلَهُ وَ مَا أَنْدَاها
فَتَعلَّمُوا دِينَ اليَقِينِ مِنَ الحُسَيْنِ *** إِذا الحَوَادِثُ أَظمَاتْ بلَظَاها
و تَعَلَّمُوا حُريَّةَ الإِيمَانِ مِنْ *** صَبْرِ الحُسَيْنِ، وَ قَدْ أَجَابَ نِدَاها
الأمهاتُ يَلِدْنَ لِلشَّمس الضياءِ *** و للجَوَاهِرِ حُسْنَها وَ صَفَاها
ما سِيرَةُ الأَبْنَاءِ، إلا الأُمَّهَاتُ، *** فَهُمْ إذا بَلَغُوا الرقيَّ صَدّاها؟
هِيَ أَسْوَةٌ لِلأُمَّهاتِ، وَ قُدْوَةٌ *** بِتَرَسمِ القَمَرِ المُنيرِ خُطاها
لَمّا شكا المُحْتَاجُ خَلْفَ رِحَابِها *** رَفَّتْ لِتِلْكَ النَّفْسِ في شَكْوَاها
جَادَتْ لِتُنْقِذَهُ بِرَهُن خِمَارِها *** یا سُحْبُ أَيْنَ نَدَاكِ مِنْ جَدواها؟(2)
نُورٌ تَهَابُ النَّارُ قُدْسَ جَلالِهِ *** وَ مُنَى الكَواكِبِ أَنْ تَنالَ ضِيَاهَا
جَعَلَتْ مِنَ الصَّبْرِ الجَمِيلِ غِذَاءَهَا *** وَ رَأَتْ رِضَا الزَّوْجِ الكَرِيمِ رِضَاها(3)
ص: 286
فَمُها يُرَتِّلُ آيَ رَبِّكَ، بَيْنَمَا *** يَدُها تُدِيرُ عَلَى الشَّعِيرِ رَحَاها
بَلَّتْ وَ سادَتَها لآلِى دَمْعِها *** مِنْ طُولِ خَشْيَتِها، وَ مِنْ تَقْوَاها(1)
جِبْرِيلُ نَحْوَ العَرْشِ يَرْفَعُ دَمْعَها *** كالطَّلِّ يَرْوِي فِي الجِنانِ رُبَاها(2)
لَوْلاً وُقُوفي عِنْدَ أمْر المُصْطَفَى *** وَ حُدُودِ شِرْعَتِهِ، وَ نُحْنُ فِدَاها
لَمَضَيْتُ لِلتَّطْوَافِ حَوْلَ ضَرِيحِها *** وَ غَمَرْتُ بِالقُبُلاتِ طِيبَ ثَرَاها(3)
ص: 287
(بحر الخفيف)
الشيخ محمد بن علي آل نتيف(*)(1)
يَابْنَ طه حتّى مَتى يابنَ طه *** برعاياكَ يَسْتَقِيمُ أذَاها
شَفَّها السُّقْمُ وَ البَلايَا كَسَتْها *** وَ حَكَى لَيْلَها الظَّلامَ ضُحاها(2)
وَ رَزاياكُمُ عَرَتْنا وَ مِنْ عَيْنِ *** المَعَالي أظفَتْ مُنِيرَ ضِياها
لِهَاشِمٍ حَرَّ قلبي فَمَا لِهَاشِمٍ مِنْ ذَنْبٍ *** إِذا قِيسَ فَضلُها بِعِداها
بِهِمُ الكَوْنُ قَدْ أَنَارَ ولُوْلَاهُمْ *** لَما كانَ أَرْضُها وَ سَماها
أو عميٌّ عَنْ مَنْقَبٍ كان للهادي *** قَديماً لما السماءَ رَبَّاهَا
قِيلَ للطُّهْرِ يا مُحَمَّد لولاكْ *** ما دَحَى الأَرْضَ وَ السَّماء بناها(3)
فَرَضَ اللَّهُ في القَدِيمِ وَ لاهُمْ *** وَ وَلا العَهْد في الورى مُذْ بَراها(4)
ص: 288
لَوْ خَلَتْ مِنْهُمُ البلاد لزالَتْ *** ثُمَّ لَوْلاهُمُ النَّدَى مَا سَقاها
وَيْلَ قَوْمٍ قَدْ زاحَمُوهُمْ عِناداً *** وَ مَقامَاتِهِمْ أَحَلُّوا سِفاها
وَ نَفَتْهُمُ بالقَهْرِ ظُلْماً وَ حِقْداً *** لَعَنَ اللَّهُ كُلَّ رِجْسٍ نَفاها
وَثَبُوا بَعْدَ أَحْمَدٍ وَ أَبانُوا *** لِقُلُوبِ عَلَى الحُقودِ انْطَواها
غَشِيَتْ آلَهُ المصائِبُ وَ الطُّهر *** طريحاً ما ضُمَّ في القَبْرِ طاها
ثُمّ قادُوا مَنْ لَوْ رَآهُمْ وَمَنْ في *** الأَرْضِ بِالسَّيْفِ لَحْظَةً لمحاها
أَوْقَفُوهُ كَالعَبْدِ وَقْفَةَ ذُلُّ *** فَتداعى مِنَ المَعَالي بِناها
وَ الّتي لَمْ تَزَلْ رَبيبَةً خِدْرٍ *** بَعْدَ طه الأمين أجَّ حِماها(1)
قَنَّعُوها ضَرْباً عَلَى الرَّأْسِ حتَّى *** سَكَبَتْ نَفْسَها بقَيْضِ دِماها
عُصِرَتْ بَيْنَ بابِها يا لَقَوْمِي *** عَصْرَةٌ أَسْقَطَتْ جَنِينَ حَشاها(2)
عَجَباً كَيْفَ َخالَفُوا لِرَسُولِ *** اللَّهِ فيها وَ طالَما قَدْ حَباها
لَمْ تَزَلْ بِنْتُ أَحْمَدِ في قَليلِ *** العُمْرِ تَشْكُو للَّهِ طُولَ أَذاها
ص: 289
وَ قَضَتْ رَحْمَةُ الوُجودِ بِشَجوِ *** وَ هِيَ النُّقْطَةُ التي لَوْلاها
وَ النَّرى ضَمَّ جِسْماً في ظَلامٍ *** الليلِ خَوْفاً وَفِيهِ أَعْفَى ثَراها(1)
فَجَمِيعُ الوُجُودِ تَهْتِفُ شَجُواً *** (في فَمِ الدَّهْرِ غُصَّةٌ مِنْ جَواها)(2)
ص: 290
(بحر الخفيف)
الشيخ محمد جواد الخراساني
طَلَعَتْ نَجْمَةٌ فَلاحَ ضِيَاهَا *** فِي الثّرى وَانْتَهى الثَّريا بَهاها(1)
أَشْرَقتْ في حَرِيمِ مَكَّةَ شَمْسُ *** فَاسْتَنَارَتْ بِمَرْوِها وَ صَفَاها
نَوَّرَتْ شَمْسُ احْمَدَ إِذْ تَجَلَّتْ *** عَرَفَاتٍ وَمَشْعَراً وَمِنَاها
هِيَ شَمْسُ وَلا تَقُلْ شَمْسُ كَوْنٍ *** في سَماءِ الهُدَاءِ شَمْسُ هُدَاها
نَجْمَةٌ لاكَنَجْمَةٍ فِي السَّمَاءِ *** هي أُمُّ النُّجومِ رُوحي فِدَاها
هِيَ واللَّه للنُّبُوَّةِ شَمْسٌ *** تُشْرِقُ الوَحْيَ وَ النَّبيُّ سَماها
هِيَ مِنْ دَوْحَةِ الوِلايَةِ فَرْعُ *** وَ عَلَيْها يَدُورُ قُطب رَحاها
هِيَ أُمُّ القُرى الّتيِ بارَكَ اللَّهُ *** بِهَا كَانَ آمِناً مَنْ أَتَاهَا
هِيَ مِشْكاةُ عِصْمَةِ اللَّهِ حَقّاً *** فَأَضاءَتْ بِهَا لِذاكَ اصْطَفاها
سُمِّيَتْ فَاطِماً لأنْ فَطَمَ اللَّه *** عَنْ جَحِيمٍ مُحِبَّها بِوَلاها(2)
وُلِدَتْ مِنْ خَدِيجَة الظُّهْرِ طُهْراً *** إِذْ مِنَ الرِّجْسِ رَبُّها صَفَّاها(3)
ص: 291
هِيَ في العِلْمِ نُخْبَةٌ مِنْ أبيها *** مَثَلٌ مِنْهُ في صِفاتٍ حَوَالها
دارُها مَهْبِطُ المَلائِكِ لا *** لِلْوَحْيِ بَل لاِقْتِبَاسِهِم مِنْ ضِيَاها
خَدَمَتْها مُقَرَّبُوهُمْ كِجِبْرِيل *** وَ مِيكالَ آمِلينَ حِمَاها
بَلَغَتْ في العُلى مَعَارِجَ حَتَّى *** بَدَأَ اللَّهُ بِاسْمِها حِينَ بَاهى(1)
في مَلَيكِ السَّمَا فَبانَ عَلَيهِم *** فَضْلُها وَ ارْتِفَاعُها وَ عُلاها
وَ بَدا فَضْلُها لَهُم إِذْ دَهَتْهُم *** ظُلْمَةٌ قَدْ تَخَبَّطُوا في دُجَاها(2)
فَعَلَتْ ضَجَّةُ المَلائِكَ مِنْهَا *** فَأَتَاهُم بِنُورِها فَزَواها
فَمِنَ اليَوم سُمِّيت في السَّماءِ *** باسْمِ زَهْراءَ حِلْيَةً لِسَناها(3)
وَ تَجَلَّتْ بِهِ بِطَيْبَةَ دَهْراً *** في غُدُوِّ وَ ضَحْوَةٍ وَ مَساها
أبْيَضاً أَصْفَراً وَ أَحْمَرَ لَوْناً *** حِينَ قَامَتْ لِفَرضِها وَ دُعاها
بضْعَةُ المُصْطَفى أَذَاه أَذاها *** وَ رِضَا اللَّهِ مُنْطَوٍ في رِضَاها(4)
حُبُّها حُبُّهُ وَ حُبُّ رَسولٍ *** بُغْضُها بُغْضُه عِداهُ عِداها
لَعَنَ اللَّهُ أُمَّةٌ انْكَرَتْها *** ظَلَمَتْهَا وَ لَمْ تُراعِ أَباها
غَصَبُوا النِّحْلَة التي خَصَّها اللَّهُ *** بِها وَ النَّبِيُّ أَيْضاً حَبَاها(5)
أخرَقُوا بَابَ دَارِها وَ هِيَ تَدْعُو *** مِن وَرا البابِ يَسْمَعُونَ نِداها(6)
ص: 292
عَصَرُوا بابَها عَلَيْهَا إِلَى أَنْ *** كَسَرُوا ضِلْعَها وَكَلَّ نِداها(1)
ذا بِسَوْطٍ وَذَا بِنَعْلِ حُسَامٍ *** ذَاكَ بِاللَّوْمِ وَ الشَّمَاتَةِ فَاهَا(2)
أسْقَطُوا مُحْسِنَا وَ قادُوا عَلِيّاً *** وَ هِيَ مِنْ خَلْفِهِم تُنادِي أَبَاهَا(3)
عَجَباً مِنْ حَيَائِهِم مَنَعُوها *** بَعْدَ ذا عَنْ بُكاتِها وَرِثاها
يَا بْنَةَ المُصْطَفَى فِدَاكِ جَوَادٌ *** بِئْسَ مَا قَدْ جَزَوْكِ يَا ابْنَةَ طه!
قِصَّةُ العِجْل لاتكونُ عَجيباً *** بَعْدَما أحْدَثوا وَ سَنّوا أذاها(4)
ص: 293
(بحر الكامل)
الشيخ محمد سعيد الجشي(*)(1)
صلّى الإلهُ على البتولِ وَ آلِها *** من تخضعُ الأملاكُ عندَ جلالِها
الطهرُ فاطمةٌ سليلةُ (أحمدٍ) *** من يشرقُ الإعجازُ في أقوالِها
ما قورِنَتْ شمسُ الضحى بسنائِها *** إلا تسامَتْ رفعةً بكمالِها
هي شعلةٌ من (أحمدٍ) وضاءةٌ *** و الشمسُ تمنحُ ضوءَها لهلالِها
مانالها غيرُ (الوصي) لأنهُ *** ورثَ المكارمَ من أجلِّ رجالِها
فاقَ الأنامَ مَنَاقِباً وَ فضائلاً *** رُدت إليه الشمسُ بعدَ زوالِها
***
ما أعظمَ (الزهراء) درّة عصمةٍ *** قد عمّ هذا الكون فيضُ نوالِها
قد أزهرَ الملكوتُ من أنوارِها *** وَ سما رواقُ المجدِ تحتَ ظلالِها
نبويةُ الأعراقِ طيبةُ الشذا *** عطر الجنانِ يضوعُ من أذيالِها
اللَّه شرفها وَ عظّمَ شأنها *** وَ إمامةُ الإسلامِ في أنجالِها
سادتْ نساءَ العالمين بفضلها *** و بطهرِها وفخارِها وَ مقالِها
ص: 294
هي شعلةٌ للحق ناطقةٌ به *** يزهوُ الهدى بيميِنِها و شِمالِها
الكوثرُ العذبُ الطهورُ بنطقِها *** نبعُ الهدى ينسابُ من سلسالِها
شبه (الرسولِ) شمائلاً و خلائقاً *** ما (مريمٌ) في الفضلٍ من أمثالِها
مَن ذا يمثالُها (ففاطمُ) علّة *** يهمي سحابُ الفضلِ من أفضالها
***
ما كانَ يُشبهها بنهجِ خصالها *** الأوريثةُ نهجِها و خصالِها
هي (زينبٌ) من أشعلتَ بخطابِها *** قبساً يضيءُ على مدى أجيالِها
قد ورثتها كل فضلٍ باذخ *** و لذا سمتْ كالشمسِ في أفعالِها
ص: 295
(بحر البسيط)
السيد مرتضى القزويني(*)(1)
قُمْ وَاسْقِنَا مِنْ كُؤُوسِ الرَّاحِ أَحْلاها *** وَ رَوِّنَا بِرَحِيقٍ مِنْ حُمَياها(2)
وَ أَنْشِدُ لنا مِنْ أَغانِي الحُبَّ أَعْذَبَها *** و غَنّنا من نِعَامِ البِشْرِ أَشْجاها
دَعْنا نَبِيتُ نَشَاوَى إذ يُجَلُلُنَا *** سِتْرٌ من اللَّهِ يَمْحو ما اقْتَرفْناها(3)
نُحْيِي بِهَا لَيْلَةً قَمْرَاءَ زَاهِرَةٌ *** طُوبَى لِمَنْ بِالهَوى وَالحُبِّ أَحْياها
ما أَسْعَدَ العَيْشَ فيها بَلْ وَ أَرْغَدَهُ *** ما أَجْمَلَ الطَّقْسَ فيها ما أُحَيْلاها
لَيْلٌ بِهِ ضَاءَتِ الدُّنْيا بِسَيْدَةٍ *** لَمْ يَخْلُقِ اللَّهُ هَذا الخَلقَ لَوْلاها
هِيَ البَتُولُ وَمَا أحْلى اسمها بِفَمِي *** هِيَ الزَّكِيَّةُ بِنْتُ المُصْطَفَى طَه(4)
أُمُّ القُرى ازْدَهَرَتْ وَ البَرْقُ جَلَّلَها *** حَتَّى أَحَاطَ بِأَقْصاها وَ أَدْناها
مِنْ دُرَّةٍ سَطَعَتْ قَدْ طَابَ مَغْرِسُها *** وَ غُرَّةٍ لَمَعَتْ قَدْ جَلَّ مَعْنَاهَا
وَ زَهْرةِ أَيْنَعَتْ فَاحَتْ رَوائِحُها *** وَ زَهْرَةٍ طَلَعَتْ فَاقَتْ بِأَضْواها
وَ وَمُضَةٍ تَخْطُفُ الأَبْصارَ لَمْعَتُها *** وَ آيَةٍ حَيْرَ الأَلْبَاب مَغْزَاها(5)
ص: 296
297
قافية الهاء
(1)
فَسُورَةُ الكَوْثِر اختصَّتْ بها شَرَفاً *** وَ حَسْبُها سُورَةٌ تَسْمُو بِعَلْياها(1)
أُمُّ الإمامَةِ لا أُمَّ تُساجِلُها *** فَضْلاً و لاأَحَدٌ في الفَضْلِ ضاهاها(2)
بنتُ الرِّسالةِ لابنتُ تُمَاثِلُها *** نُبْلاً و لاكائِنٌ في العِزَّ جَارَاها
مَنْ أَذْهَبَ الرِّجْسَ عَنْهَا اللَّهُ جَلَّ وَ مَنْ *** بها مَلائِكَةُ الرَّحْمَنِ قَدْ باهي(3)
إنْ أَقْبَلَ الصُّبْحُ صَامَتْ عَنْ لذَائِذِها *** أَوْ عَسْعَسَ اللَّيْلُ قَامَتْ في مُصَلاَها(4)
إذا أَقَامَتْ صَلاةٌ بِاسْمِ بَارِئْها *** أَوْحَى إِلَى مَلَكِ أَمْراً فَنَادَاها
يا بِنْتَ أَحْمَدَ إِنَّ اللَّهَ طَهَّرَكِ *** ثُمَّ اصْطَفَاكِ عُلا أَعْظِمْ بِذَا جَاهَا
فَاللَّهُ شَرَّفَها وَ اللَّهُ فَضَّلَها *** وَ اللَّهُ طَهَّرَها وَ اللَّهُ زَكَّاها
وَ اللَّهُ زَوْجَهَا وَ اللَّهُ أَصْدَقَها *** وَ خُطبَةَ العَقْدِ فَوْقَ العَرْشِ أَلْقاها(5)
أنَّى لِمِثْلِيَ أَنْ يُحْصِي مَآثِرَها *** وَ كَيف لي شَرْحُ نُبْذٍ مِنْ سَجاياها؟
هذِي شَرِيعَةُ جُودِ سَاغَ مِنْهُ لَها *** مَنْ جَاءَها عاطِشاً يَحْظَى بِرَيَّاها
ص: 297
هَذِي شَفِيعةُ يَوْمِ الحَشْرِ سَيِّدَةُ *** النِّسوانِ قَدْ فَازَ مَنْ بِالقَلْبِ وَالأَها(1)
هذِي رَبيبَةُ وَحْيِ اللَّهِ قَدْ فَظَمَتْ *** مِنَ العَذَابِ مُحِبيِّها وَ أَبْنَاها(2)
وذِي خِزانَةٌ سِرِّ اللَّهِ فَاطِمَةٌ *** طُوبَى لِشِيعَتِها تباً لأعْداها
يا بِنْتَ أَشْرَفِ خَلْقِ اللَّهِ كُلِّهِمْ *** وَ سَيِّدِ الرُّسُلِ عَقْلَي فِيكِ قَدْ تَاهَا
يا بَضْعَةَ المُصْطَفَى قَدْ حِرْتُ فِيكِ وفي *** ما قَالَهُ المُصْطَفَى فِيكِ وَ مَا فَاها(3)
أَعْطَاكِ رَبُّ العُلا جَاهاً وَ مَنْزِلَةٌ *** مَا جَاوَزَتْكِ وَ لالِلْغَيْرِ أَعْطاها
آتاكِ مِنْ عِنْدِهِ في الحَشْرِ مَرْتَبَةً *** مَا لِلأَئِمَّةِ أَوْ لِلرُّسُلِ آتاها
يا رَبَّةَ الوحْي نَفْسي فِيكِ جائِشَةٌ *** بِحُبُها فَاشْفَعِيها يَوْمَ بَلْوَاها
وَ أَنْقِذِيها مِنَ الأَهْوَالِ سَيِّدتي *** لِتُسْعِدِيها بِدُنْيَاهَا وَ عُقباها
هذِيِ صحِيفةُ حُبِّي فِيكِ نَاصِعَةٌ *** مُبْيَضَةٌ فَاشْهَدِي لى يَوْمَ أَوْتَاهَا
فَأَرْشِدِينِي إِلَى مَا كُنتُ أَطْلُبُه *** وَ أَبْلِغِينِي مِنَ الغاياتِ قُصْوَاها
ص: 298
(بحر الوافر)
الأستاذ محمود مهدي
تَجَلَّتْ شَمْسُ هَدْي في ضُحاها *** وَ أَشْرَقَتِ المَعَالِمُ مِنْ سَناها
وَ فِي دَلَجِ السُّرى الحادِي تَغنَّى *** بِمَوْلِدِها وَ فِيها الكون قد باهَى(1)
فلا تُخْفِي السُّؤالَ خَلاكَ ذَمُّ *** عَنِ الشَّمْسِ الَّتي الحادِي عَناها
وَ شَعْشَعَ نُورُها في كُلِّ مَنْحًى *** وَ طَوَّقَ فُسْحَةَ الدُّنْيا صَداها
هِيَ الرَّيحانَةُ الذاكِي شَذاها *** لِسِرِّ الطُّهْرِ مَولاها اصْطَفاها
هِيَ الكَنْزُ المَصونُ لِكُلِّ جِيلٍ *** مِنَ الإعجاز باريِنا بَراها
هِيَ المشكاةُ مِشْكاةُ الدَّرَارِيْ *** هِيَ القُدْسِيَّةُ السَّامِي عُلاها
هِيَ الفَحْوَى لِقامُوسِ المَعالي *** هِيَ الزَّهْرا البَتُولُ فَتاةُ طه
وَ ايْمُ اللَّهِ لاتُعْطَى صِفَاتٌ *** كَهْذِي مِنْ بَني الدنيا سِواها
يَضِيقُ الوَصْفُ عَنْ حَصْرِ المَعاني *** الَّتِي فِيها مُكوِّنُها حَباها(2)
فَمِنْ حَقِّ المَعالي أن تُباهِي *** بِبِنْتٍ كانَ هادِينا أباها
وَ مِنْ حَقِّ المفَاخِرِ أَنْ تُحَبِّي *** عَلِيّاً فارِسَ الهيجا فتاها(3)
فلا التَّقْدِيرُ يَبْلُغُ مُسْتَواهَا *** وَ لَوْ لَتَمَتْ ثَرايانا ثَراها(4)
وَ مَنْ تِلْكَ الّتي تَدْنُو لِبنتٍ *** جَرَى طَبْعُ النُّبُوَّةِ في دِماها
ص: 299
لَقَدْ حَازَتْ فَتَاةُ الدِّينِ مَجْداً *** إِلَيْهَا مِنْ مُرَبِّيها تَناهَى
تَتَالَي مِنْ أَبِيها مِنْ عَلِيٌّ *** لِذاكَ الفِكْرِ لم يُحْصَرْ مَداها
لَها صِلَةٌ بِرُوح اللَّهِ عِيسَى *** يَدُ الأَقْدارِ قَدْ حَاكَتْ عُراها(1)
لِمُوسَى لِلْخَلِيلِ بِكُلِّ داعٍ *** إِلى دَرْبِ الهُدَى تُنْمَى ذُراها
كَرِيمَةُ أحْمَدَ المُخْتارِ طَهُ *** رَقَى فَوقَ التَّصوُّرِ مُسْتَواها
مَصُونَةٌ حُرَّةٌ فُضْلَى كَفاهَا *** مِنَ الرِّجْسِ المُهَيْمِنُ قَدْكَفاها
ضئيل كُلُّ مَدْح في بَتُولٍ *** رِضا الرَّحْمَنِ يُقْرَنُ في رِضاها(2)
وَ إِنَّ الدَّينَ في زوجٍ كريمٍ *** لها وابنَيْن عَليَاهُ بناها
يَميناً قاطعاً لَوْلا عَلِيٌّ *** لَظَلَّ الرَّفْضُ يَجْبَهُ مَنْ أَتَاها(3)
قرانٌ لَمْ يَكُن فيه اختيَارٌ *** سوَى لِلَّهِ تكريماً وجَاها
أَلا هَنّوا أباحَسَن بزَوْجٍ *** تخَّطّى دُرّة العليا مداها
وَ هَنُوها به إذ قد تساوت *** شَوَامِعُ مُرْتَقاهُ بِمُرْتَقاها(4)
ص: 300
(بحر الکامل)
منذر الساعدی
في ذكرى شهادة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء علیها السلام:
يا يومَ فاطمةٍ و يا بلواها *** فَتتْ فؤاداً هاجَ في ذكراها
يا يومَ فاطمةٍ كأنك مأتمٌ *** فيك الصباح و ليلُهُ ينعاها
ساعاتك الأولى اقضّت مضجعي *** اللَّه أكبر يا سعيرَ لظاها
كيف التصبّر و ابنة المختار قد *** غيلت و أُرسل للسماء نداها؟
كيف التصبّر و هي تشكوهمّها *** و من الذي ستهزهُ شكواها؟
أفذا جزاءُ للنبي وآلهِ *** غدروا ببضعته وطالَ بكاها؟
لمّا المنيّة عاجلته سريعةً *** الناس بالزهراء قد أوصاها
إذ قال من كبدي البتول لقَطعة *** يؤذي فؤادي من يرومُ أذاها
و يسرَّني مَن لايعاديها و *** لايبدي النفورَ و نِعم مَن والاها
أُمي البتول و ياانثيال حنانها *** لي ما عرفت وداعةً لولاها
كم ضلّلتني بالمودة والصفا *** ما عفّت البضع البتول أباها
قد قال هذا للخلائق كلّها *** فهل استجاب المغرضون لطه؟
أم ابغضوا الزهراء بعد وفاته *** و تزاحموا من أجل حرق خباها؟
غصبوا لها حقاً فراحت تشتكي *** من ظلم قومٍ يغصبون حماها
دخلوا إلى البيت المقدس عنوةً *** لم يرحموها في اشتداد أساها
ص: 301
دفعوا عليها الباب و هي أسيّةُ *** و على الدموع تعوَدت عيناها(1)
فعلى أبيها لايخفُّ بكاؤها *** و رحيله أودى بعزّ مناها
و ترى الأعادي هشمت أضلاعها *** من بعده و مصائباً تلقاها
اليوم قرب الباب تسقط حملها *** من بعد أن خارت جميع قواها
سقطت و نزف الضلع يحكي ما جنت *** زمر العتاة بما أراد هواها
يا حفنةً خانت وصايا أحمدٍ *** يوم القيامة نارها تصلاها
هتكوا وصيته بفاطمة التي *** هي قدوة في خُلقها و تقاها
هي في النشور شفيعةُ لمن ارتدى *** ثوب الكرامة وانتقى تقواها
أما الذي عادى البتول و أهلها *** يُصلى بنارٍ يُستدام لظاها
***
يايوم فاطمةِ أراكَ بمدمعٍ *** جارٍ كساقية لها مجراها
دُمْ فالبتول اليوم في غصص الأسى *** و تجهمت من حولها دنیاها
لو جفَّ في عينيك دمعُ مصابها *** فاندب بقلبك و امتثل لصداها
و كذاك يا شيعيَ أذكر محنةً *** دارت على الزهراء في بلواها
واصنعْ من الدمع الغزير مودّةً *** يندى وفاءً خالصاً معناها
واستصرخ الإحساس في صدر الجوى *** أن يستجيب لهمّها وأساها
ما ماتت الزهراء في أرواحنا *** هي حيّةُ بل مات من عاداها
ستظل ينبوع القداسة والتقى *** و نظل نُسقى من نمير عطاها(2)
ص: 302
(بحر الخفيف)
السيد ميرزا مهدي الشيرازي(*)(1)
دُرَّةٌ أَشْرَقَتْ بِأَبْهَى سَنَاها *** فَتَلاَلا الوَرَى فَيَا بُشْرَاها
لَمَعَ الكَوْنُ مِنْ سَنَانُورِ قُدْسٍ *** بِسَنَا نَارِهِ أَضَاءَ طُوّاها
يالَهَا لمْعَةً أَضَاءَتْ فَأَبْدَتْ *** لَمَعَاتٍ أَهْدَى الأنامَ هُدَاها
یا جُمادی كَفاكَ فَخْراً لَدَى *** الأشُهُرِ مَهُما تَفَاخَرَتْ في عُلاها
كَشَفَ اللَّهُ فيكَ عَنْ سِرِّهِ الغَيْبَ *** وَ أَهْدَى البَتُولَ لِلطُّهْرِ طه(2)
طلَعَتْ في سَما العُلاَ شَمْسُ قُدْسٍ *** زَهَرَتْ عَنْ ذُرَى النُّهى زَهْرَاها
حَبَّذا هَاشِمٌ وَ حَبَّ قَصِيٌّ *** حَبَّذا مِنْ كَرِيمَةٍ وَلَدَاها
هِيَ نورُ اللَّهِ الَّذي لَيْسَ يُطْفَى *** وَ هْيَ الصَّفْوَةُ التي أصْفَاها(3)
ص: 303
دَوْحَةٌ عَمَّتِ البَسِيطَ ثِمَاراً *** زَهْرَةٌ نَوَّرَ الوَرَى قَمَرَاها(1)
حُرَّةٌ سَادَتِ البَرَايَا جَمِيعاً *** مِنْ لَدُنْ بَديها إلى مُنْتَهاها
لَمْ يَكُنْ فِي الْوُجُودِ لَوْلا عَلِيٌّ *** كُفْؤُهَا آدَمَ فَمَنْ عَزَّ جَاهَا(2)
بَلَغَتْ مَبْلَغاً سَمَتْ عَنْ عَدِيلٍ *** لَيْلَةُ القَدْرِ نُخْبَةٌ لاتُضَاهى(3)
يا لَها نُخْبَةً حَوَتْ مَكْرُمَاتٍ *** قَصَّرَ العَالِمُونَ عَنْ إِحْصاها
لا وَ لَمْ يُحْصِ فَضْلَها غَيْر مَنْ أَحْصى *** نُجُومَ السَّمَا وَ عُشْبَ ثَراها
كَيْفَ يُحْصى مَدِيحُ بَحْرِمَعَانٍ *** خَفِيَتْ مُنْتَهى وَ مَا أَخْفَاها؟
أو يُحْصَى مَدِيحُ طَوْدٍ مَعَالٍ *** رُفِعَتْ حَيْثُ طَائِرُ العَقْلِ تَاها(4)
أَيْنَ يُحْصَى مَدِيحُ كَنْزِ لَآلٍ *** لَمْ يَبِن للأنام إلا ثَرَاها؟
لاتَرُمُها فَإِنَّهَا سِرُّغَيْبٍ *** إِنْ تَجَلَّتْ أَوِ اخْتَفَتْ لَنْ تَرَاها
شَمْسُ قَدْسٍ تَجَلَّتْ بِالمَعالي *** وَ عَلتْ في ذُرّى العُلا أعْلاها
فَأَبَتْ أَنْ يَنَالَها الوَهُمُ إلاَّ *** أنها آيةٌ تَعَالي عُلاها
مَرْيَمُ الطُّهْرُ لَمْ تَنَلُها عَلاهٌ *** لا وَ لا کَلثمٌ وَ لا مَنْ سِواها(5)
خَيْرَاتُ النِّسَاءِ طُرّاً نُجُومٌ وَهِيَ *** البَدْرُ مُذْ بَدَا أخْفَاها
كَيْفَ لا وَ الرِّجَالُ لاَكُفْوَ فِيها *** أَفَيُرْجى كُفْوٌلَها في نِسَاها؟
ص: 304
خِيرَةٌ فاقَتِ البَرَايَا وَ فَاقَتْ *** آيَةٌ خَيْرُ الوَرَى مَعْنَاها
زَهْرَةٌ جَنْبُها ذَكَاءٌ وَ جَنْبٌ *** حَلَّ بَدْرٌ وَ جانبٌ فَرْقَداها(1)
فالأُلَى هُمْ قُطبُ العَوالِم طُرّاً *** هِي فيهم قُطْبٌ تُدِيرُ رَحاها
ذلِكَ الفَضْلُ لايُدانِيهِ فَضْلُ *** تِلكَ أُقْسُومَةٌ أَبَتْ أَنْ تُضَاهَى
هِيَ حَوْرَاءُ فاقَتِ الحُورَ حَتَّى *** خَدَمَتْ في وِلادِها لِعَيَاها(2)
فَاطِمَ لِلْوَلاَءِ عَنْ كُلِّ هَوْلٍ *** لأيَخَافُ العَذَابَ مَنْ والاها(3)
خَلَقَ اللَّهُ آلَ أَحْمَد أَنْواراً *** فَكَانَتْ مِنْ بَيْنِهَا زَهْرَاهَا(4)
عَرِفَتْها الأَمْلاكُ يَوْمَ تَجِلَّتْ *** فَغَدَتْ عُرْفَةٌ لأَهْلِ كِسَاها
سَادَ آبَاؤُها قَدِيماً فَزَادُوا *** سُؤدُداً مِنْ نَدَى سَمَا عَلياها
بَيْتُها بَيْتُ سُؤدُدٍ وَ مَعَالٍ *** فَاقَ هَامَ السَّمَاءِ عَنِ ابْنَاها
كَيْفَ أُحْصِي مَدِيحَهَا بِبَيَانٍ *** وَ بِهَا اللَّهُ في السَّمواتِ باهى؟(5)
ص: 305
بَلَغَتْ مِنْهُ رُتْبَةً كان فيها *** سُخْطُهُ سُخْطَها رِضاهُ رِضاها
جُعِلَتْ أَوْلِيَاؤُهُ مِن بَنيها *** بُعِثَتْ أَنبياؤُهُ بِوَلَاها
زُوجَتْ مِنْ سَمِيهِ في سَمَاهُ *** شُفَعَتْ في عِبادِهِ في جَزَاها(1)
جَنَّةٌ عَرْضُها السَّمَوَاتُ وَ الأَرْضُ *** أُعِدَّتْ لِمُتَّقِ وَالاَها
وَ يُناغِي لِوُلْدِها حَامِلُ الوَحْيِ *** وَ تَرْعَى الأَمْلالُ عِزَّ حِمَاها
أَشْرَفُ العَالَمِينَ أَنْجَالُها الغُرُّ *** وَ هُمْ يَفْخَرُونَ في مُنْتَهاها
أَشْرَفُ العَالَمِينَ أنْجالُها الغُرُّ *** أُصولُ الوَرَى بُدُورُ هُداها
وَ هُمُ في عُلاهُمُ لا يُداني *** تُلْفِهِمْ يَفْخَرُونَ في مَنْماها
تِلْكَ أَكْرُومَةٌ تُبِينُ عَلاءً *** فَلْيُباهِ مَنْ يَنْتَمِي لِعُلاها(2)
لَعَنَ اللَّهُ أُمَةً ضَيَّعُوها *** لَمْ يُرَاعُوا لَها مَقاماً وجاها
رَجَعُوا جَاهِلِيَّةً فأَباحُوا *** حُرْمَةَ اللَّهِ وَ اسْتَبَاحُوا أذاها
جَعَلُوا غَنِيمَةً إِذْرَأَوْهَا *** فَقَدَتْ حِصْنَها المَنِيعَ أَبَاها
فتَنَادَوا أَخْلافُ ثَارَاتِ بَدْرٍ *** أَشْقِيَاءٌ يَقُودُها أَشْقَاها
ذَاكُمُ يَوْمُكُمْ هَلُمُوا عِجَالاً *** لِتَنَالُوا الأَحْقَادَ مِنْ آلِ طَهَ
تِلْكُمُ فُرْصَةٌ فلا تَغْفَلُوها *** وَ الْقَفُوا دَوْلَةً لَهُمْ لاتُنَاهى
فَجَثَوْا هَجْمَةً بَابَ دَارٍ *** حَكَمَ اللَّهُ أَنْ يُهَابَ حِماها
وَ اسْتَطالُوا حِلْماً وَ صاحُوا صِياحاً *** تَرَكَتْ في الدُّهورِ رَجْعَ صَدَاها
ص: 306
وَ عَلى البَابِ أَضْرَمُوا نَارَ حِقْدٍ *** تَتَلَظَّى إلى النُّشورِ لَظَاها(1)
هَتَكُوا عُنْوَةً حِمَاهَا حِمَى اللَّهِ *** وَ آذَوْا نَبِيَّهُ بِأَذاهَا(2)
مَنَعُوها تُراثَهَا مِنْ أَبِيها *** غَصَبُوا حَقَّها الَّذي آتاها(3)
كَذَّبُوها حَيْثُ ادَّعَتْهُ وَجَاءَتْ *** بِشُهود لها على دَعْواها
بِشُهودِ عَدْلٍ وَ أَيِّ شُهودٍ *** رَبُّها وَ النَّبِيُّ قَدْ زَكَياها
بِشهودٍ مُطَهَّرينَ مِنَ الرِّجْسِ *** كِرَامٍ مِنَ الوَرَى أَتْقِياها(4)
ص: 307
هِيَ دُنْيا وَ لِلْفَنامُنْتَهاها *** لَعِبٌ جِدُّها وَوَاءٍ قُواها(1)
إِنَّما هذِهِ الأَنامُ نِيامٌ *** سَتَرى بَعْدَ أنْ تَمُوتَ انْتِباها
هي دارُ جَوامِع الضّدِّ فِيها *** صُبْحُها مُضْحِكَ وَمُبْكٍ مَساها
بَدَأَ اللَّهُ خَلْقَهُ فَابْتَلاهُمْ *** فِتَناً أَظْهَرَ الكِتابُ خَفاها
هِي أُمُّ النَّجْدَيْنِ رُشْدِ وَتِيهٍ *** سَلَكَ المُهْتَدُونَ نَهْجَ هُداها(2)
حَفِظوا عِتْرَةَ النَّبِيِّ بِيَوْمٍ *** سَفكَتْ عِتْرَةُ الضَّلالِ دِماها
يَوْمَ قَدْ سَخَّرَ الحُرُوبَ ابْنُ حَرْبٍ *** بِجُمُوعِ قَدْ سَدَّ فِيها فَضاها(3)
وَ أحاطوا عَلَى الأطائِبِ مِمَّنْ *** أَكْمَل اللَّهُ دِينَهُ بِوَلاها
فَاسْتَثَارَتْ مِنَ الخِيامِ رِجالٌ *** كَبُدورٍ تَطالعتْ مِنْ سَمَاهَا
كَشَفوا لَيْلَ نَفْعِها بِسُيوفٍ *** بَرَقَ المَوْتُ تَحْتَ وَ مُضِ شَباها(4)
یَلْبَسُونَ الدروعَ وَ هُيَ قُلوبٌ *** مُحْكَماتِ العُرى بِيَوْمِ لِقاها
ثَبَتَتْ لِلْجِلادِ وَ هْيَ عِضابٌ *** بالتِلْكَ الهِضابِ ما أرْساها
شَكَرَتْ صُنْعَها الوَغَى أَفْتِدِي مَنْ *** شَكَرَتْ صُنْعَها الجَمِيلَ وغاها
أَرْخَصَتْ أَنْفُساً عَلَى الدِّين عَزَّتْ *** يا لِتِلْكَ النُّفُوس ما أَغلاها
وَ بِجَرْعاءِ كَرْبَلا يَوْمَ حَلُّوا *** فِيهِمُ حَلِّ كَرْبُها وَ بَلاها
بُورِكَتْ أَرْضُ كَرْبَلا فَهيَ أَرْضٌ *** تَتمنَّى الأفلاكُ لَثْمَ ثَراها(5)
تُرْبَةٌ قَدَّسَتْ بِالِ عَلِيَّ *** طُهُرَتْ يَوْمَ صُرِّعُوا بِفناها
بِأَبي المحرمين عَجِّتْ إِلى اللَّهِ *** بِإِهْلالِها فَوَدَّ لِقاها(6)
ص: 309
قَدَّمَتْ هَدْيَها وَ هُنَّ نُفُوسٌ *** يَا لِتِلْكَ النُّفوسِ مَا أَهْداها
تَرَكَتْها سُيوفُ أَبْناءِ حَرْبٍ *** في (مِنی) كَرْبَلا أَضاحِي مِناها
مُذْ تَعَرَّتْ عَنِ المَخِيطِ بُروداً *** خَلَعَ الدِّينُ بُرْدَها فَكَساها
بَرَزَتْ لِلطَّوافِ دُونَ بُيُوتٍ *** شَرَّفَ اللَّهُ بَيْتَهُ بِحِماها
یا حِمى الحِجْرِ وَ الحَجُونَ اغتبقها *** وَقْعةً فَجَّر الصُّخُورَ شَجاها
هذِهِ أَنْجُمُ الهِدايَةِ غَابَتْ *** بَعْدَما أَشْرَقَ الوُجُودَ سَناها
فَلَوْ أَنَّ البُكاءَ يُجْدِي عَلَيْهِمْ *** نَشَرتْ زَهْرَها السَّما بِبُكاها
أَوْجُهُ في الصَّعِيدِ تُشْرِقُ نُوراً *** وَ أبُوالفَضْلِ فِيهمْ أَسْناها
حَفِظَ الدِّينَ فَادِياً أيَّ نَفْسٍ *** وَدَّ جِبْرِيلُ أَنْ يَكُونَ فِداها
تَرَكَ الجَمْعَ كالسَّوامِ شُروداً *** وَ هُوَ ذُو لُبْدَةٍ يَكرُ وَرَاها(1)
عُرقَتْ فِيهِ نَحْوَةٌ مِنْ أَبِيهِ *** وَ كَذا الأسْدُ تَقْتَفِي أَباها
لَمْ يَطأُ طَرْفُهُ ضُحى الحَرْب إلاَّ *** قَنَنَ الهامَ مِنْهُمْ وَالجباها
راجِزاً فِيهمْ أَنا ابْنُ مُقيمٍ *** أوَدِ الدِّينِ فاستقام بِناها(2)
مَلَكَ الماءَ ظامياً لَمْ يَرِدُهُ *** بِمواساتِهِ الحَياةَ سَلاها
فَعَلَى الدِّينِ عَزَّ قَطْعُ يَدي مَنْ *** حَوْزَةُ الدِّينِ في يَدَيْهِ حَماها
وَ هَوى بِالعَمُودِ مِنْهُ عِمَادٌ *** بَعْدَهُ نُكِّسَتْ لَوِيَّ لِواها
وَ نَضى السَّيْف بَعْدَهُ ابْنُ أَبِيهِ *** وَ هُوَ فِيهِ لولا القَضا أَفْناها
هُوَ سِرُّ الإِلَهِ سِبْطُ نَبِيَّ *** خَتَمَ اللَّهُ بِاسمِهِ أَنْبِياها
وَ هُوَ الخِيرةُ الَّتي جَهِلَتْها *** فِئةُ الغيّ وَ الإلهُ ارْتَضاها
إِنَّ للَّهِ حِكْمَةٌ فِيهِ يَغْدُو *** ثاوِياً طَعْمَ سُمْرِها وَ ضُباها
ص: 310
أَدْرَكَتْ ثارَها أُمَيَّةُ منْهُ *** وَ شَفَتْ فِيهِ حِقْدَها طُلَقاها
حَرَّمتْ ماءهَا المُباحَ عَلَيْهِ *** بَعْدَما أَوْرَدَ السُّيوف دِماها
أَوْطَأَتْهُ سَنابِكَ الخَيْلِ عَدْواً *** بَعْدَما أَوْطَأ الخُبُول طُلاها(1)
سَوَّدَ اللَّهُ بِالعِراقِ وُجوهاً *** قَتَلتْ خَيْرَ مَنْ يُرِيدُ هُداها
قتلَتْ خِيرةَ الأَنامِ حُسَيْناً *** بِضُبا أَلْعَنِ الوَرَى أَشْقاها
أَسْفَرَ الصُّبْحُ عَنْ دُجى لَيْلِ وَ هُمٍ *** إِنَّ تِلْكَ الأَرْجاسَ مِنْ أَوْلاها
طَمِعُوا بِالحَياةِ وَ هُيَ مَتاعٌ *** بِئْسَ ما قَدَّمُوا لِيَوْمِ جَزاها
ظَهَرَ الانْقِلابُ مِنْهُم بِفَقَدِ *** المُصْطَفَى وَ النُّصُوصِ شَقُوا عَصاها
وَ بِقاعُ الغَدِيرِ في يَوْمِ خُمِّ *** شَهِدَتْ أَنَّ حَيْدَراً مَوْلاها
غَصَبُوا نِحْلَةَ البَتُولِ عِناداً *** وَ إِلهُ السَّمَاءِ قَدْ أَوْلاها(2)
إِنَّما نارُها التي أَضْرَمُوها *** عِنْدَ بابِ الزَّهْراءِ ما أَوْراها(3)
أُضْرِمَتْ بِالطُّفُوفِ مِنْها خِيامٌ *** لِبَني الوَحْيِ فَاسْتَمَرَّ سَناها
دَخَلُوا دارَ خِدْرِ مَنْ عَلِمُوها *** أنَّ في وَحْیِهِ الإِلهُ حَباها
أَسْقَطُوها الجَنِينَ رَضَاً وَقادُوا *** مَنْ لَهُ الأَمْرُ لَوْ يَشاءُ مَحاها(4)
مَنْ لَهُ في الحُروبِ أَعْلامُ فَخْرٍ *** عَقَدَتْها الأفلاكُ فَوْقَ ذُراها
يَوْمَ بَدْرٍ وَ خَيْبَرٍ وَ حُنَيْنِ *** هُوَ مِصْباحُها وَ قُطبُ رَحاها
ص: 311
وَ بِيَوْمِ الفُتُوحِ أَسْنى المَعالي *** حازهَا المُرْتَضَى وَ حَازَ سِواها
كَمْ لَهُ في المُبِيتِ ثُمَّ شِعارٌ *** فِيهِ أَمْلاكَهُ المُهَيْمِنُ باهِي
وَ لَهُ المَوْلِدُ الشَّرِيفَ مَحَلاًّ *** عَنْ مَزايا تَقَدَّسَتْ أَنْ تُضاهي(1)
ص: 312
عجيبةٌ هذه الدنيا وبلواها *** كمْ حلَّ في آلِ طهَ من رزاياها
كَمْ كابَدُوا محناً لم يَلْقَها أحدٌ *** و هم من الناس أزكاها و أتْقاها
قاسُوا من الظُلمِ ألواناً و نالَهُم *** من البلا ما صروف الدهر أنساها(1)
ما منهُم من قضى إلا و مهجتُه *** قد قطَّعَتْ بلظى الأشجانِ أحشاها
شتّى مصارعُهُم منهم قضى ظماً *** ذبحاً و منْهُم سمومُ الغدرِ يُسقاها
و في السجونِ عديدٌ منهمُ قُتِلوا *** و في المباني لَقَت بعضٌ مناياها
منهُم بطيبةَ قد حَلُّوا و بعضُهُم *** بكربلاءَ و أرضِ الكرخِ مثواها
و بالغريِ و سامراءَ بعضُهُم *** و في خراسانَ بدرٌ حلِّ أقصاها
لكنَّ أم الرَّزايا بلْ وأفضَعَها *** ما حلَّ بالطُّهر بنتِ المصطفى طه
لهفي لها كمْ رأتْ من بعدِ والدها *** من الأذى ما لِعَيْنِ الذين أدماها
تجرَّعتْ غصصاً لو أن أيسَرَها *** قد حَلَّ بالراسياتِ الشُمَّ أفناها
يا للخطوبِ ابنةُ المختارِ فاطمةٌ *** لم يُرْعَ بعدَ رسولِ اللَّه قَرباها
جارُوا عليها و لم يرعَوْا مكانَتَها *** و هي التي بُعلاها الذكرُ قد فاها
(فقل تعالوا) أتتْ فيها كذاك أتى *** في فضلها (هل أتى) واللَّه زكّاها
و كمْ أشادَ بها المختارُ وهو بها *** أدرى و كم علناً أوصى بإرضاها
فكيفَ يُجنى عليها كيفَ يظلمها الزَّمانُ *** ما أظلمَ الدنيا و أَقساها؟
من البكا مُنِعت من إرثها حُرِمت *** وحقَّها غُصبتْ والكلُّ عاداها
و كم بهم خطبتْ كم أعلنَتْ و دعتْ *** لم يحفظوها و لم يَرْعَوا وصاياها
***
ص: 314
و أعظمَ الخطبِ أن يؤتى لمنزلِها *** بالجزل(1) و النارِ كي للنارِ تصلاها؟
و قال قائلُهم للدَّار أحرِقها *** حتى و إنْ حلَّها الزهراءُ و ابناها
اللَّهُ أكبرُ أينَ المسلمونَ مضَوْا *** كيفَ ابنةُ المصطفى يُؤتى لإيذاها؟
لدارِها دخلُوا ظُلماً و ما أخذُوا *** إذناً و جبريلُ دوماً كانَ يَغشاها
فلاذتِ الطهرُ خلفَ البابِ تسترُها *** فنالَها منهمُ ما أسخَطَ اللَّه
لضلعِها كَسَرُوا و الخدَّ قد لَطَمُوا *** و أسقَطَتْ مُحسناً واهاً لها واها
ما أجرأَ القومَ ما أقسى قلوبَهُمُ *** كيفَ البتولةُ منها رضَّ ضلعاها؟
بصدرِها أنبتُوا المسمارَ فانبعثَتْ *** منهُ الدماءُ ألا ويلٌ لأعداها
حنَّت وأنَّتْ وخرَّت بالثرى وبكَتْ *** و المرتضى قيدَ مكتوفاً لأَشقاها
***
اللَّه كم عانتِ الزهراءُ من محنٍ *** كَمْ جَرَّعُوها من الأقذاءِ أشجاها
كم روّعوها و كم أجروا مدامِعَها *** دماً و لم يحفظوا للمصطفى جاها
حتى غدتْ بفراشِ الموتِ من مرضٍ *** و من أذًى نالها تشكُو لمولاها
و مذدنا الموتُ منها أصبحتْ بأسّى *** أصابَها الحزنُ إشفاقاً لأَبناها
أوصَتْ بهم حيدراً و القلبُ في قلقٍ *** عليهِمُ و جَرَتْ بالدمِ عيناها
ما أدري ما حالُ مولانا الوصيِّ و قد *** رأى البتولة تمليهِ وصاياها؟
قالتْ له هل بدا مني إليكَ خطاً *** يوماً و هل خنتُ حاشا الطهرُ حاشا
فأظلمَ الأفق في وجهِ الإمام أسّى *** على الزكية كيفَ الدهر أضناها؟
أجابَها أنتِ أتقى أن أو بخَكِ *** و أنتِ خيرُ نساء الأرض أَرضاها
قالت إذا أنا فارقت الحياةَ فلا *** تدع بني يصيبُ الضيمُ إياها
و ارفقْ بهم وتزوجْ من أمامةَ إذ *** تكون مثلي لأولادي بِرحماها
ص: 315
اللَّه اللَّه في نجليِ الزكي وفي *** شبليِ الحسين و في الحوراءِ فارعاها
و لاتدع عصبةً جارتْ عليَّ بأن *** تأتي إليَّ لتشييعي لطَغْواها
لايحضُرُوا أبداً نعشي و في جِنحِ *** الظلامِ جثتي واريها بمثْواها
يا ساعدَ اللَّه قلبَ المرتضى فلكم *** رأى خطوباً يُشيبُ الطفلَ مرآها
ما حالهُ و يرى الزهراءَ من كمدٍ *** لقد دنا حينَها و السُّقمُ أعياها
حتى قَضتْ و هي من ضيمٍ ألمَّ بها *** تبث للخالقِ الرحمن شكواها
ماتتْ بغضتها ظلماً فوا أسفي *** على البتولةِ كيفَ الموتُ وافاها
في زهرةِ العمرِ كيف الحتفُ عاجلها *** كيف الخطوب دهتها و البلا جاها؟
ماتتْ سليلةُ طه المصطفى كَمَداً *** ماتتْ و لما تَمُتْ منها سجاياها(1)
و المرتضى و بنُوه الغُر أفجعهم *** وقعُ المصابِ على الزهرا وبلواها
والكلُّ أجرى عليها دمعَهُ بدمٍ *** و الحزنُ للنار في الأحشاء أوراها(2)
ماتتْ و في ليلها بالسرِّ قد دُفنت *** بنتُ النبي فكيفَ الدهرُ أخفاها
أعفي ثراها و لم يُعرف له أثر *** ما السرُكيف و من للقبرِ أعفاها
أوه لبنتِ الهدى ماتتْ بغَصَّتها *** أوه لمرقدِها المعفِي و مثواها
ص: 316
(بحر الرّمل)
الأستاذ هيثم سعود الكربلائي
يا ربِّي عَجِّلْ بِوَفاتِي *** ضاقَتْ في عَيْنَيْ حَياتي(1)
فأَنَا بِنْتُ رَسُولِ اللَّهْ *** وَ لِمَنْ أَشْكُو يا رَبّاه؟
***
يا إلهَ الكَوْنِ إنّي بِنْتُ خَيْرِ الأَنْبِيَاءِ
فأبي المُخْتارُ طَهَ وَ أَنَا خيرُ النِّسَاءِ(2)
جئتُ يا ربّاهُ أَشْكُو عُظمَ هَمِّي و شَقائي
أَنا في عِزِّ شَبابِي امْتُحِنْتُ بِالبَلاءِ
فَبِعُمْرِ الزُّهور -ابْتَمَثْنِي الدُّهورُ- وَ سَكَنْتُ القبورْ
ص: 317
موتُ أَبِي قَدْ أَنْقَضَ ظَهْرِي *** و أُنادِيهِ بِدَمْعِ يَجْرِي(1)
مَنْ لِي بَعْدَكَ يا أبتاهُ؟ *** و لِمَنْ أَشْكُو يا ربّاهُ؟
***
أَفْجَعْتني يا إلهي تِلْكُمُ البَلْوى الأليمهْ
لَمْ أكُنْ أَعْلَمُ أنّى بَعْدَهُ أَحْيا يَتِيمَهْ
بَيْنَ قَوْمِ إسْتحِلّوا حُرْمَةَ الهَادِي العَظِيمَهْ
كُنْتُ أَبْكِيهِ ولكنْ زُمْرَةُ البَغْيِ اللَّئِيمهْ
مَنَعَتْنِي البُكا -غَصَبَتْ فَدَكا- لِمَنِ المُشْتَكَى(2)
ما زالَ يَرِنُّ بِآذاني *** مَنْ آذاها قَدْ آذانِي(3)
وَ بِقَلْبِي تَشْتَعِلُ الآهُ *** وَ لِمَنْ أَشْكُويا ربّاهْ
***
وَ أَبي قد كانَ أَوْصى قائِلاً يا كُلَّ صَحْبِي
ص: 318
ابْنَتِي الزَّهْراءُ رُوحِي بينَ جَنْبَيَّ وَ قَلْبِي(1)
إنّ مَنْ أرْضى بتولاً فَهُوَ فِي الحَشْرِ بِقُرْبي(2)
إِنْ مَنْ يُرْضِي بتولاً يُرْضِيَ المَعْبُودَ رَبِّي
يا إلهَ الوَرى-لَيْتَهُ قَدْ دَرَى- بَعْدَهُ ما جَرَى
كافَأَهُ الأصْحابُ بِقَدْرِ *** إِذْ دَفَعُوا البابَ إِلى صَدْري
وَ قَضَى المُحْسِنُ واوَيْلاهُ *** و لِمَنْ أَشكُو يا رَبَّاهُ؟
***
بَيْنَ آهاتِي وَ حُزْنِي وَ مُصابِي وَ احْتضاري
وَ أَنيني لِجَنِينِي وَدَمِ في الصَّدرِ جارِي
دَخَلَ الأصْحابُ دارِي وَيْلَ أعْدائِي بِداري(3)
ص: 319
أَسْرَعُوا نَحْوَ عَليَّ يا لَمصابي وَانْكِسارِي
وَ رَأَيْتُ اللَّئامُ -كَيْفَ قادُوا الإمامْ- بِحبَالِ الخِصامْ
وَ رَكَضْتُ و يَسْبِقُني هَمِّي *** زَاجِرَةٌ خَلُوا ابْنَ عَمِّي(1)
لاأَمْك يا قَوْمُ سِوَاهْ *** و لِمَنْ أَشْو يا ربّاهْ؟
***
ليسَ لي غَيْرُ عَلِيٌّ وَ هُوَ بِالصَّبْرِ مُقَيَّدْ
وَلَظى الصَّبْرِ لَهِيبٌ يا إِلهِي كَيْفَ تُخْمَدْ(2)
إن قَوْمِي أسْخَطُوني أيها المَعْبُودُ فَاشْهَدْ؟(3)
إنّهمْ قَدْ أَغْضَبوني أَغْضَبُوا الهادي مُحَمَّدْ
أنا بِنْتُ الرَّسُولُ -كَيْفَ حُزْنِي يَزُولُ؟- وَ جَبِيني يَقُولْ
وَ لولا المِسْمَارُ وَ إِسقاطي *** كنْتُ الثَّالِثَ لِلأَسْبَاطِ
سِبْطُ أَخَواهُ افْتَقَداهْ *** وَ لِمَنْ أَشْكُو يا ربّاهُ؟
ص: 320
ربِّي عَجِّلْ بوَفَاتِي ضَاقَ فِي عَيْنَيَّ عُمْرِي
قَدْ سَئِمْتُ العَيْش حُزناً بَيْنَ آلامِي وَ دَهْرِي
وَ لَقَدْ أَوْصَيْتُ أَنْ لاَيَعْلَمَ القَوْمُ بِقَبْرِي(1)
وَ إِذا ما حانَ حَشْرِي أُبْلِغُ النَّاسَ بسرِّي
إنّ سِرِّي الدَّفينُ -يَوْمَ حَشْرِي يَبِينْ- حِينَ يَبْكِي الجَنِينْ
وَ يَصيحُ بِحُزْنِ يا رَبِّي *** أُسْقِطَتُ جَنيناً ما ذَنْبي
وَ لِيَسْتَمِع الكُل نَداهُ *** وَ لِمَنْ أَشْكُو يا ربَّاُهُ؟
***
ص: 321
(بحر الخفيف)
لأحد الشعراء
أَشْرَقَتْ شَمْسُ أَحْمَدٍ بِضِيَاهَا *** فَأَضَاءَتْ بِنُورِها ما سِوَاها
طَلَعَ الصُّبْحُ بِعْدَما طَلَعَتْ *** شَمْسُ آلِ الرَّسُولِ مِنْ بَطْحَاها
شَمْسُ أُمِّ القُرَى وَ أُمّ أبيها *** بِأَبِي تِلْكَ أَفْتَدِي وَ أَباها(1)
يَا لَشَمْسٍ إِذا تَجَلَّتْ بِأَرْضٍ *** بَدَّلَ اللَّهُ بِالنُّجُومِ حَصاها
يَا لَشَمْسِ إِذا أَفاضَتْ قُبوراً *** قَامَ أَمْواتُها على أَحْيَاها
يَا لَشَمْسِ إِذا تَجَلَّتْ لأَعْمَتْ *** عَيْنَ كُلِّ الوَرى بِأَنْ لاتَراها
يَا لَشَمْسِ لَوْ أَسْفَرَتْ مِنْ حِجَابٍ *** وَ الخَتَفَتْ مِنْ حِجَابِها مِنْ حَياها(2)
قَدْ تَجَلّى الإله فيها بنورٍ *** مِثل ضَوْءِ النَّهَارِ بَلْ أَجْلاها
أَحْمَدُ اللَّهَ أَنَّ شهر الجمادى *** قَدْ مَضَى ما مَضَى وَها أُخْرَاها(3)
ص: 322
وُلِدَتْ فَاطِمٌ بِمَكَّةَ طُهْراً *** يالَنَفْسٍ زَكِيَّةٍ زَكَاها(1)
إِنَّ أَرْضَ الحِجازِ مَاسَتْ سُروراً *** كَعَرُوسٍ تُزَفُّ في مَثْواها(2)
فأنارَتْ بُيُوتَ مَكَّةَ بَلْ مِنْ *** فَوْقِ سَبْعِ الطَّبَاقِ شَعَّ سَناها
ضَحِكَ المَشْعَرانِ وَ الرُّكْنُ وَ *** البَيْتُ لِميلادِها وَ مَا قَدْ تَلاها(3)
وَ تَلالا جَمَالُها فَوْقَ عَرْشٍ *** وَ تَعَالَى جَلالُها في ذُرَاها
يَا لَبُشْرَىٰ بِمَوْلِدِ البَضْعَةِ *** الزَهْرَاءِ مَنْ قَد تَقَدَّسَتْ أَسْماها
يالبُشرى لأمها مِنْ وَليدٍ *** عِوَضاً لِلذُّكورِ مِنْ أُنْثاها(4)
هِيَ وَاللَّهِ قَدْ تَقَبَّلَها الرَّحْمنُ *** مِنْهَا وَ بِالقَبُولِ اصْطَفاها(5)
ص: 323
آنَسَتْ أُمَّهَا لِوَحْدَتِها إِذْ *** حَدَّثَتْها بِالحَمْلِ مِنْهَا شِفَاها(1)
طَابَ مِنْ طِيبِها المَشَاعِرُ جَمْعاً *** وإلى الآنَ طَابَ فيهِ شَذَاها
جَمَعَ اللَّهُ أُمَّهَاتِ بَتُولٍ *** عِندَ ميلادها إلى حَوَّاها(2)
فَتبادَرْنَ مُشْفِقاتٍ عَلَيْهَا *** مَعَ سَطْلٍ وَ كَوْثَرٍ في إِناها(3)
ثُمَّ حَفَّتْ مِنْ حَوْلِها باسماتٍ *** مِثْلَ حَفٌ النُّجومِ مِنْ جَوْزَاها(4)
وَحْدَتْ رَبَّها بِحُسْن ثناءٍ *** عَجِزَ النَّاسُ عَنْ أَداءِ ثَناها
ص: 324
شَهِدَتْ في نُبوَّةٍ لأَبِيها *** وَ عَلَى بَعْلِها إِمَامٍ هُدَاها(1)
نَسَمَّتْ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ *** مِنْ بَنِيها وَ مِنْهُمُ سِبْطاها
بِأَبِي ثُمَّ أُسْرَتي ثُمَّ أَهْلي *** ثُمَّ مالِي و ما سِوَاها فِدَاها
بِأَبِي فاطماً وَ قَدْ فُطِمَتْ *** بِاسْمِها نَارُ حَشْرِها وَلَظَاها(2)
بأَبِي كُفُرُها عَلِيُّ تَعَالَى *** هُوَ لَوْ لَمْ يَكُنْ وَ مَنْ أَكْفاها(3)
هِيَ عَيْنُ الحياة في ظُلُمَاتٍ *** وَ حَياةُ القُلُوبِ مِنْ جَدْوَاها
هِيَ وَاللَّهِ آيَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ *** بَلْ رَحْمَةٌ لَهُ أَهْدَاها
هِي عِندَ الإلهِ أَعْظَمُ خَلْقاً *** وَ بِهَا دَارَ في القُرونِ رَحاها(4)
هي مشكاةُ عِصْمَةٍ عُلِّقَتْ *** مِنْ سَمَاءِ الوُجُودِ مِثْلَ ذَكاها
هَلْ يَكُن في الوُجُودِ مِنْها شَبيةٌ *** قُلْ أَبُوها وَ بَعْلُها وَلَداها
إنّها خِيرَةُ النِّسَاءِ جَميعاً *** وَ لَها الفَضْلُ مِنْ جَميع نِسَاها(5)
ص: 325
ما أَرَادَتْ مِنَ الدَّنِيَّةِ شَيْئاً *** فَأَبَى اللَّهُ عَاجِلاً في عَطَاها
أَثْبَتَتْ نَفْسَها بِزُهْدٍ وَ قَالَتْ *** في الصَّبَاحِ ليُحْمَدَنَّ سُراها
إنّما الحُورُ أَشْرَقَتْ مِنْ قُصُورٍ *** بِعُيونٍ حَوْراءَ حَتَّى تَرَاها
فَأَتى قَوْمُهَا إِلَيْهَا بِظُلْمٍ *** يَا لَها خُطَةٌ فَمَا أَقْساها(1)
ما رَعَوْا حُرْمَةَ النَّبِيِّ بِرَهْطٍ *** وَ نَسُوا ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ جَاها
مَنَعوها حُقوقَهَا مِنْ عِنَادٍ *** مِنْ عَوالٍ وَ حَائِطٍ وَ زَواها(2)
يا لَقَوْمٍ طَغَوْا بِظُلْمِ إِمَامٍ *** مِثْلَ عَادٍ تَزْدادُ في طَغْوَاهَا(3)
كَسرُوا ضِلْعَها بِرَفْسٍ فيا *** لَلَّهِ مِنْ كَسْرَةِ آلَمَتْ أَعْضَاها(4)
ص: 326
أينَ مِنْ ذِي الفِقَارِ مُرْهَفٌ حَدِّ *** سُلَّ عَنْ غَمْدِهِ وَغَدَاةَ يَرَاها؟
كُفَّ عَنْ عَزْمِهِ بِعِزْمَةِ صِدْقٍ *** وَ عَلى ما قَضَى به أَمْضَاها
كَفَّهُ عَهْدُهُ لَهُ وَلَوْلا *** ذَاكَ طَيَّ السِّجِلِّ كان طَوَاها(1)
ص: 327
أمْ لِخَوْدٍ غَرِيرةِ الطَّرْفِ تَهُوا *** فِي بِصِدق الوداد أو أهواها
أم لصافي المُدامِ مِنْ مُزَّةِ الطَّعْمِ *** عقارٍ مِشْمُولَةٍ أسْقاها
حاش للَّهِ لَسْتُ أَطْمِعْ نَفْسِي *** آخر العُمْرِ فِي اتباع هَواها
بَلْ بُكائِي لِذِكْرِ مَنْ خَصَّها اللهُ *** تَعَالَى بِلُطْفِهِ وَ اجْتَباها
خَتَمَ اللَّهُ رُسُلَهُ بِأَبِيها *** وَ اصْطَفاهُ لِوَحْبِهِ وَاصْطَفاها(1)
وَحَباها بِالسَّيْدَيْنِ الزَّكيِّیْنِ *** الإمامَيْنِ مِنْهُ حِينَ حَباها
وَ لِفِكْرِي في الصَّاحِبَيْنِ اللَّذَيْنِ *** استَحْسَنا ظُلمَها و ما راعَياها
مَنعا بَعْلَها مِنَ العَهْدِ وَ العَقْدِ *** وَ كَانَ المُنِيبَ وَالأَوّاها(2)
وَ اسْتَبَدا بإمْرَةٍ دَبَّراها *** قَبْلَ دَفْنِ النَّبِيِّ وَ انْتَهراها
وَ أَتَتْ فاطِمٌ تُطالِبُ بِالإِرْثِ *** مِنَ المُصْطَفَى فَما وَرَّقاها(3)
لَيْتَ شِعْرِي لِمْ خُولِفَتْ سُنَنُ القُرْآنِ *** فِيها وَاللَّهُ قَدْ أَبْداها؟
رَضِيَ النّاسُ إِذْتَلَوْهَا بِمَا لَمْ *** يَرْضَ فيها النَّبِيُّ حِينَ تَلاها
نُسِخَتْ آيَةُ المَوارِيثِ مِنْها *** أَمْ هُما بَعْدَ فَرْضِها بَدَّلاها
أمْ تَرَى آيةَ المَوَّدَةِ لَمْ تَأْتِ *** بِوُدَّ الزَّهْراءِ فِي قُرُباها(4)
ثُمَّ قالاً أبُوكِ جاءَ بِهذا *** حُجَّةٌ مِنْ عِنادِهِمْ نَصَباها
ص: 329
قالَ لِلأَنْبِياءِ حُكْمٌ بأَنْ لا *** يُورِثُوا في القديم وانْتَهراها(1)
أفَبِئْتُ النَّبِيِّ لَمْ تَدْرِ إِن كانَ *** ذَنَبِيُّ الهُدَى بِذلِكَ فاها
بَضْعَةٌ مِنْ مُحَمَّدٍ خالَفَتْ ما *** قال حاشا مَوْلاتَنا حاشاها(2)
سَمِعَتْهُ يقولُ ذاكَ وَجاءَتْ *** تَطلُبُ الإِرْتَ ضَلَّةً وَسَفَاها
هي كانَتْ لِلَّهِ اتْقَى وَكانَتْ *** أفْضَلَ الخَلْقِ عِفَّةً وَ نَزاها
أَوَ أو تَقُولُ النَّبِيُّ قَدْ خَالَفَ القُرُآنَ *** وَيْحَ الأَخْبَارٌ مِمَّنْ رَوَاهَا؟
سَلْ بِإِبْطالِ قَوْلِهِمْ سورة النَّمْلِ *** وَ سَلْ مَرْيَم التي قَبْلَ طاها
فَهُمَا يُنْبِتَانِ عَنْ إِرْتِ يَحْيَى *** وَ سُلَيْمَانَ مَنْ أرادَ انْتِباها
فَدَعَتْ وَاشْتَكَتْ إلى اللَّهِ مِنْ ذاكَ *** وَ فاضَتْ بِدَمْعِها مُقْلَتاها
ثُمَّ قَالَتْ فَنِخلةٌ لي مِنْ وا لِدِي *** المصطفى فَلَمْ يَنْحَلاها(3)
فَأَقامَتْ بها شُهُوداً فَقالُوا *** بَعْلُها شاهِداً لها وَ ابْناها
لَمْ يُجِيزُوا شهادةَ ابْنَي رَسُولِ اللَّهِ *** هَادِي الأنام إِذْ ناصباها
لَمْ يَكُنْ صادِقاً عَلِيٌّ و *** لافا طِمَةٌ عِنْدَهُمْ وَلاَ وَلَداها
كَانَ أَتْقَى للَّهِ مِنْهُمْ عَتِيقٌ *** قُبِّحَ القائِلُ المُحالَ وَشاها
جَرْعاها مِنْ بَعْدِ والدها الغَيْظَ *** مِراراً فَبِئسَ ماجَرَّعاها
أَهْلُ بَيْتٍ لم يَعْرِفُوا سُنَنَ الجَوْرِ *** الْتِباساً عَلَيْهِمْ وَ اشْتِياها
لَيْتَ شِعْرِي ما كانَ ضَرَّهُما الحِفْظُ *** لِعَهْدِ النَّبِيِّ لَوْ حَفِظاها
ص: 330
كان إكْرامُ خاتَمِ الرُّسُلِ الهادِي *** البَشِيِر النَّذِير لَوْ أَكْرَمَاها(1)
إِنَّ فِعْلَ الجَمِيل لَمْ يَأْتِياهُ *** وَ حِسانُ الأَخْلاقِ مَا اعْتَمَدَاها
وَ لَوِ ابْتِيعَ ذاكَ بِالثَّمَنِ الغالِي *** لِي لَما ضاعَ في اتْباعِ هَواها
وَ لَكانَ الجَمِيلُ أَنْ يُقْطِعاها *** فَدَكاً لاالجَمِيلَ أَنْ يَقْطَعاها
أتُرَى المُسْلِمِينَ كَانُوا يَلُومُو *** نَهُما فِي العَطاءِ لَوْ أَعْطَياها؟
كانَ تَحْتَ الخَضْراء بِنْتِ نَبِيِّ *** صادقٍ ناطِقٍ أمِينٍ سِواها
بنْتُ مَنْ أُمُّ مَنْ حَلِيلَةُ مَنْ؟ وَيْلٌ *** لِمَنْ سَنَّ ظُلمَها وَ أَذاها
ذاكَ يُنْبِيكَ عَنْ حُقُودِ صُدُورٍ *** فَاعْتَبِرْها بالفِكْرِ حينَ تَراها
قُلْ لَنا أَيُّها المُجادِلُ في القَوْلِ *** عَنِ الغَاصِبَيْنِ إِذْ غَصَباها
أَهُما ماتعمَّداها کَما قُلتَ *** بِظُلْمٍ كَلاً وَ لااهْتَضماها
فَلِماذا إذْ جُهَّزَتْ لِلقاءِ اللَّهِ *** و عِنْدَ المَمَاتِ لَمْ يَحْضُراها؟(2)
شَبعَتْ نَعْشَها مَلائِكَةُ الرَّحْمنِ *** رِفقاً بِها وَ ما شَيَّعاها
كانَ زُهْداً في أجْرِها أمْ عِناداً *** لأبيها النَّبِيِّ لَمْ يَتْبَعَاها؟
ص: 331
أَمْ لأَنَّ البَتُولَ أَوْصَتْ بِأَنْ *** لايَشْهَدا دَفْنَها فَما شَهِداها
أَمْ أَبُوها أَسَرَّ ذاكَ إِلَيْها *** فأَطاعَتْ بِنْتُ النَّبِيَّ أَباها
كَيْفَ ما شِئْتَ قُلْ كَفاكَ فَهُذِي *** فِرْيَةٌ قَدْ بَلَغَتْ أَقْصَى مَداها(1)
أَغْضَباها وَ أَغْضَبا عِنْدَ ذاکَ اللَّهَ *** رَبَّ السَّمَاءِ إِذْ أَغْضَباها
وَكَذا أَخْبَرَ النَّبِيُّ بأَنَّ اللَّهَ *** يَرْضَى سُبْحَانَهُ لِرِضاها(2)
لانَبِيُّ الهُدَى أُطِيعَ وَ *** لَافاطِمَةٌ أُكْرِمَتْ وَ لاحَسَناها
وَحُقُوقُ الوَصِيَّ ضُبِّعَ مِنْها *** ماتَسامَى فِي فَضْلِهِ وَ تَناهَى
تِلْكَ َكانَتْ حَزازَةٌ لَيْسَ تِبْرا *** حِينَ رُدّا عَنْها وَ قَدْ خَطَباها(3)
وَغَداً يَلْتَقُونَ وَ اللَّهُ يَجْزِي *** كُلَّ نَفْسٍ بَغْيَها وَ هُداها
فَعَلَى ذلِكَ الأَساسِ بَنَتْ صاحِبَةُ *** الهَوْدَجِ المَشُومِ بِناها
وَ بِذاكَ اقْتَدَتْ أُمَيَّةٌ لَمّا *** أَظْهَرَتْ حِقْدَها عَلَى مَوْلاها
لعَنُوهُ بالشَّامِ سَبْعِينَ عاماً *** لَعَنَ اللَّهُ كَهْلَها وَفَتاها
ذَكَرُوا مَصْرَعَ المَشايخ في بَدْ *** روَقَدْ ضَمَّخَ الوَصِيُّ لحاها(4)
وَ بِأَحْدٍ مِنْ بَعْدِ بَدْرٍ وَ قَدْ أَتْعَسَ *** فِيها معاطِساً وَجِباها
فاسْتَجادَتْ لَهُ السُّيوف بِصِفينَ *** وَجَرَّتْ يَوْمَ الطُّفُوفِ قَناها
لَوْ تَمَكَّنْتُ بِالطُّفوفِ مدَى الدَّهْرِ *** لَقبَّلْتُ تُرْبَها وَ ثَراها
أَدْركَتْ ثارَها أُمَيَّةُ بِالنّارِ *** غَداً في مَعادِها تَصْلاها
أشْكُرُ اللَّهَ أَنَّنِي أَتَوَالَى *** عِشْرَةَ المُصْطَفَى وَأَشْنَا عِداها(5)
ص: 332
ناطقاً بِالصَّوابِ لاأَرْهَبَ الأعْداءَ *** في حُبِّهِمْ و لاأَخْشاها
نُحْ بِها أيُّها الجَذُوعِيُّ وَ اعْلَمْ *** أَنَّ إِنْشَادَكَ الَّذِي أَنْشاها
لَكَ مَعْنِّى فِي النَّوْحِ لَيْسَ يُضاهَى *** وَ هْيَ تاج للشِّعْرِ في مَعناها
قُلْتُها لِلثَّوابِ وَاللَّهُ يُعْطِي *** الأَجْرَ فيها مَنْ قالَها وَ رَواها
مُظْهِراً فَضْلَهُمْ بِعَزْمَةِ نَفْسٍ *** بَلَغَتْ في وِ دادِهِمْ مُنْتَهاها
فَاسْتَمِعْهَا مَنْ شَاعِرِ عَلَوِيِّ *** حَسَنِيَّ في فَضْلِها لايُضاهَى
سادَةُ الخَلْقِ قَوْمُهُ غَيْرَ شَكِّ *** ثُمَّ بَحاءُ مَكَةٍ مَأواها
ص: 333
ص: 334
ص: 335
ص: 336
(بحر الكامل)
الأستاذ سلمان هادي آل طعمة(*)(1)
حَسْبِي جَوّى إِنْ ضاقَتِ السَّلوى *** عَلَيَّ أَنالُ الغَايَةَ القُصْوَى
وَ أَصِيحُ (فاطِمَتاهُ) مِنْ وَلَهٍ *** كَيْما أَفُورٌ بِجَنَّةِ المَأْوَى
اللَّهُ جَلَّلَها وَ أَكْرَمَها *** بِالعِلم وَ الإِيمان وَ التَّقوَى(2)
أيَلُومُنِي في حُبِّ فاطِمَةٍ *** مَنْ قَدْ أَطَاعَتْ رَبَّهَا نِضْوَا؟(3)
إنَّ السماواتِ العُلى شَرُقَتْ *** بِطُلُوعِها وَ اسْتَأنَسَتْ حَوَّا
کَرَمٌ کما نَبْعُ الزُلالِ لَهُ *** طَعْمُ لَذيذٌ يُشْبِهُ الحَلْوَى
قالَ الرسولُ بِانَّ فاطِمَةً *** هِيَ بَضْعَةٌ مني بها نَجْوَى(4)
ص: 337
تَعْنُولها السَّبْعُ الشَّدادُ كما *** بنْتُ الغُصونِ تَحلّقتْ نَشْوَى(1)
أنا قَدْ فُتِنْتُ بِفَاطِم وَلَكُمْ *** أَهْفُو لِذِكْراهَا وَ كَمْ أَهْوَى
يا مَنْ لها قِيثارَتي عَزَفتْ *** كالطَّيْرِ يَشْدُو مُلْهِما شَدْوَا(2)
هِيَ رَحْمَةٌ جاءَ البَشِيرُ بِها *** لِلْعَالَمِينَ لِتَمْحَقَ البَلْوَى(3)
امَّا مُحِبُّوها فَإِنَّ غداً *** يَتناولونَ المَنَّ وَ السَّلْوَى
سَأظلُّ بِالزَّهْراءِ مُفْتَتَناً *** كالمُسْتَهام يَضِحُ بِالشَّكْوَى(4)
ص: 338
(بحر المتقارب)
الشيخ عبد الحسين شكر(*)(1)
أمِنْ ذِكرِ وادي النقا فاللِّوى *** بدا في المحاجرِ ما في الجوى
أم القلبُ في أدمعِ العينِ سالَ *** غداةً تذكرتُ يوم النَّوى
و صَحباً رعَوْا في رياضِ الجنان *** و صرفُ الزمانِ بهم ما ارعوى
إلى أن يقول:
فمن مبلغنْ بني هاشمٍ *** برزءِ لوى عَضْبَهم فالتوى
لقد ألبسَ الرسلَ ثَوبَ الحدادِ *** و أبكى ملائِکَها في الهوا
بني الوحي هل تغمضونَ الجفونَ *** و غصنُ المكارم منكُمْ ذوى
ألستم بيومِ الوغى معشراً *** يخوضونَ نَزَّاعةَ للشوى(2)
أطلّتْ رزاياً على مجدِكُم *** طوينَ رواقَ العُلا فانطوى
حرائرُكُم في السِّبا ثُكَلٌ *** أضرَبهنَّ الظما و الطَّوى
متى شمنَ فوقَ الصعادِ الرؤوس *** بأدمعهِن الصعيدٌ ارتوى
و تلكَ بنُو الوحي أجسامُهُم *** تضيءُ بها أمُ وادي طوى
و طالت علی شهبِها مذحوتْ *** مليكاً على المكرماتِ احتوى
فقومُوا بني هاشم علکم *** تجازُون کل امری مانوی
ص: 339
دُهیتم بدهماءَ من معشرٍ *** أقامُوا من الغَيِّ بيتاً خوى
فما آلُ سفيانَ لولا الأُلى *** و لولا السقيفةُ مانينوى
هم ابتدعُوا غصبَ ميراثكم *** و قام بهم ليزيدش اللوا
و هم جرَّأوُا القومَ من قولهم *** لأحمدَ قد ضلَّ أوقد غوى
زَوَوْا حقَّ فاطمةٍ و الوصيِ *** لذا عن حسينٍ يزيدٌ زوی(1)
لئِن آمنُوا اليومَ من مكرِكُمْ *** فلا يأمنُوا من شديدِ القوى
فسوفَ يبددُهم صارمٌ *** ردی نفخةً الصورِ فيه انطوى
يكفِ إمامٍ يُقيمُ الهدى *** و يورقُ للدِين غصناً ذوى
ص: 340
(بحر الوافر)
الأستاذ علي محمد الحائري(*)(1)
بَكَيْتُ بمَأْتَمِ الزَّهْرَاءِ شَجْوَا *** مُصاباً هَزَّ تَهْلاناً وَ رَضْوى(2)
إذا رَقْرَقْتُ دَمْعِي في المآقي *** نَضَوْتُ مَلاءَةَ الأفراح نَضْوا(3)
وَ مَنْ أَلِفَ الخُطُوبَ مُبرِّحاتٍ *** رَأَى الدُّنْيا خِلال أسِّى وَبَلوى(4)
أَنِضويْ لا بَرَكَتْ على صَعِيدٍ *** ضُلُوعُكَ من حمارٍ لَيْسَ تُكْوى(5)
وَ صَبْرِي لارَكَمْتَ إلى شَفِيفٍ *** مِنَ السِّلْوانِ مُحْتَقَب لِسَلوى(6)
وَ عَيْني لا مَللْتِ صِحَابَ سَهْدٍ *** يُؤَرِّقُ مِنْ مَنَامِكِ رَيْتَ يُطوى(7)
تَلَذِّينَ الكَري دَعَةٌ وَ خَفْضاً *** وَ آلُ البَيْتِ مَذْعُورونَ مأوى(8)
و تَرْتَكنين للأحلامِ تَسْجُو *** وَ مَا عَيْنُ الهَوائِم ثَمَّ سَجُوا(9)
ص: 341
تُقاذِفُهُمْ تَنائِفُ مُلْبِداتٌ *** بِهَا الذُّؤْيانُ طَاوِيَةً تَلوى(1)
ركابُهُمُ طوائِحُ في البَرارِي *** وَ رَكْبُهُمُ تَزَيَّغَ حَيْثُ يُضوا(2)
كَأَنَّهُمُ الدَّيالِمُ في سَباءٍ *** عُيونُ السُّوءِ تَخْرُرُهُم رُنُوّا
وَ إِنَّهُمُ وَ لازالَتْ حُباهُمْ *** عَواقِدَ فِي ذُرىّ شَمَخَتْ سُمُوا
بُيُوتُ أنْزَلَ الرَّحْمٰنُ فِيها *** جَلالَ الوَحْيِ فَاسْتَعْلَتْ عُلُوَّا
عَلَى عَتَباتِها جِبْرِيلُ أَرْسَى *** جَناحاً وَ اسْتَعزَّ لها دُنُوَّا
وَ فاطِمُ من سِراجِ الوَحْي ضَوْءٌ *** تُزاحُ بهِ الدُّجُنَّةُ حَيْثُ ضَوَّى(3)
وَ فاطمُ مِنْ نَسيج الخُلْدِ رَوْحٌ *** تَضَوَّعَ مِسْكُها الدُّنيا زُهُوا(4)
وَ فاطِمُ مِنْ رُؤى الإيمانِ طَيْفٌ *** وَ فاطِمُ في فم الأجيالِ نَجْوَى
ص: 342
وَ سَيّدةُ النّساءِ بِدُونِ رَيْبٍ *** وَ رَوْضُ عَقِيدَةٍ وَمَنارُ تَقْوَى(1)
رَعَتْ ذِمَمَ الأُنوثة في احتشامٍ *** وَ إِصرارٍ من الإِصرارِ أقوَى(2)
مِنَ وَ فَرْعُ الغُصْنِ بالأَعْياصِ جئلٌ *** مِنَ الثَّمَراتِ مُكْتَسِبٌ نُمُوَّا(3)
أرادَ اللَّهُ لِلنِّسْوانِ شَأُواً *** فَقَدَّمَ آدَماً مِنْ قَبْلِ حَوَّا
وَ كُلُّ نَسْجُ خَلْقِ لاسَواءٍ *** وَ سُبْحانَ الَّذي في البَدْءِ سوّى
و تَربِيَةُ الأوانِسِ مِنْ قَلِيبٍ *** يُمَرُّ أُجَاجُهُ وَ يُسَرُّ خُلْوَا(4)
أَلا إِنْ شِئْتَ فَاسْتَجْلِ السَّجايا *** مِنَ الزَّهْرَاءِ وَ اتَّرِكِ العُتُوَا(5)
هِي القِمَمُ الأَصائِلُ في كَيانٍ *** تَناسَقَ وَ اسْتوى جِذراً وَ عُلُوا
ص: 343
(بحر الطويل)
السيد غياث آل طعمة
إِلاَمَ بِنَارِ الْبُعْدِ يَا سَيِّدِي نُكْوَى؟ *** وَ هَلْ يُسْتَلَذُّ العَيْسُ مِنْ دُونِ مَنْ نَهْوَى(1)؟
وَ هَلْ يُؤنِسُ الأَرْوَاحَ مِيلادُ حُجَّةٍ *** وَ نَفْرَحُ وَ المَوْلُودُ حَقَّتْ بِهِ البلوى؟
تَفَاذَفَهُ هَمُ الْعَوَالِم فَانْتَنَتْ *** جَوَائِحُهُ بِالحُزْنِ مِمَّا بِهَا تُكْوَى
فَأَنَّى أَدَارَ الطَّرْف جَوْرٌ وَ مِحْنَةٌ *** وَ مُضْطَهَدٌ فِي الْبُؤْسِ يَرْجُو النَّجَا رَجُوا(2)؟
وَ نَحْنُ جَرَتْ فِي الْقَلْبِ أَبْحُرُ وُدُكُمْ *** فَأَثْمَرَتِ الإِيمَانَ وَ اعْشَوْشَبَ التَّقْوَى
فَصُبَّتْ عَلَيْنَا الْعَادِيَاتُ بِحُبِّكُمْ *** لِتَصْرِفَنَا عَنْكُمْ فَزِدْنَا بِكُمْ زَهُوا
تُصَبُّ عَلَيْنَا النَّائِبَاتُ كَأَنَّمَا *** خُلِقْنَ لَنا وَ الدَّهْرُ يَلْهُو بِنَا لَهُوا(3)
كَأَنَّ لَدَى الْبَاقِينَ مِنْ نَسْلِ تَيْمِها *** بَقِيَّةَ نَارِ أَدْرَكُوهُ بِنَاتَوّا
فشتِّتَ مِنَا الشَّمْلُ حَتَّى كَأَنَّنَا *** هَشِيمٌ ذَرَتْهُ الرِّيحُ فِي عَاصِفٍ دَوّى
يَؤُوبُ إِلَى أَوْ كَارِهِ الطَّيْرُ آمِناً *** وَ نَحْنُ نَجُوبُ التِّيهَ لَيْسَ لَنَا مَأوى(4)
إِلَيْكَ شَكَوْنا ما بِنَا مِنْ مُلِمَّةٍ *** فَإِنْ أَنْتَ لاتُصْغِي لَنَا لِمَنِ الشَّكوى(5)
ص: 344
فَهَبْنا الْمَعَاصِي أَخْجَلَتْنَا لَدَيْكُمُ *** أَلَسْنَا بِكُمْ نَسْتَمْطِرُ الصَّفْحَ وَ الْعَفْوا؟
وَ هَبْنَا الْخَطايا أَسْقَطَتْنا أَلَمْ يَكُنْ *** لِرُضَعِنا شَأْنٌ بِهِ تُکْشَفُ الْبَلْوَى؟
وَ لالِعَفَافِ الطَّاهِرَاتِ كَرَامَةٌ *** وَ تَغْفُو عَلى ما نالَهُنَّ أَسَى غَفُوا(1)
وَ إِنْ تَكُ قَدْ أَعْرَضَتْ عَنا أَمَا تَرَى *** عَلَى عِتْرَةِ الْمُخْتَارِ كَيْفَ بَغَوْا بَغْوا(2)؟
أمَا غَاضَكَ الْمُخْتَارُ مُلْقَى بِدَارِهِ *** وَ حَيْدَرَةٌ عَنْ حَقِّهِ جَهْرَةً يُرْوَى؟
يُقَادُ أَسِيراً وَ هُوَ نَفْسُ مُحَمَّدٍ *** أَعَزُّ عَلَى ذِي الأَرْضِ مَنْ وَلَدَتْ حَوّا(3)
وَ لَوْ شَاءَ أَنْ يُغْنِي الْوُجُودَ أَبَادَهُ *** فَفِي كَفِّهِ الأَفْلاَكُ ما إِنْ يَشَأْ تُطْوَى(4)
وَ لَوْلاَهُ لاَ الإِسْلامُ قَامَ عَمُودُهُ *** وَ لَاصَوْتُ دَاعِي اللَّهِ فِي الْكَوْنِ قَدْ دَوَّى
أَتُغْضِي عَنِ الزَّهْرَاءِ أَسْقِطَ حَمْلُها *** وَ سَوْطُ لِمَمْلُوكِ عَلَى مَثْنِهَا يُلْوَى(5)؟
وَ تُلْطَمُ مَنْ طه يَقُولُ لِفَضْلِهَا *** فِدَاهَا أَبُوها فَهْيَ مِدْحَتُها القُصْوَى(6)
وَ تُحْرِقُ دَارٌ عَظَمَ اللَّهُ شَأْنَها *** فَلِلْوَحْيِ وَ الأَمْلاكِ تُرْبَتُها مَهْوَى(7)
ص: 345
وَ أَنَّتْ أَنِيناً ضَمَّنَتْهُ مُصَابَها *** وَ لَوْ نَالَهُ بَعْضُ لَذَابَ أَسَى رَضْوَى(1)
وَ تُحْرَمُ مِنْ بَكِّ الرَّسُولِ لَوَاعِجاً *** وَ تُمْنَعُ أَنْ تُبْدِي الْمَصَائِبَ وَ الشَّجُوا
وَ يُعْفَى ثَرَاها وَ هْيَ سَيِّدَةُ النِّسا *** وَ لَكِنَّما فِي كُلِّ قَلْبٍ لَهَا مَثْوَي(2)
وَ إِنْ تَنْسَ هَلْ تَنْسَى الحُسَيْنَ مُجَدَّلاً *** وَ خَيْلُ بَنِي سُفْيَانَ قَدْ رَضَتِ الشَّلُوا(3)؟
وَ زَيْنَبُكُمْ تُسْبَى وَ خِدْرُ سُمَيَّةٍ *** مَصُونٌ فَيَا لِلَّهِ مَا أَعْظَمَ الْبَلْوَى
تَصَفَّحَها وَ هْيَ العَزِيزَةُ حَاسِراً *** أَرَاذِلُ لَوْ بَالَغْتَ فَلْساً فَمَا تَسْوَى
أَثِرُها فَأَطْرَافُ الطُّفُوفِ غَلِيلَةٌ *** وَ لَيْسَ سِوَى مِنْ فَيْض أَعْدَائِكُمْ تَرْوَى(4)
أَثِرُها يَذُوبُ الكَوْنُ مِنْ جَمْرٍ غَيْظِهَا *** وَ طَهُرْ تُرَابَ الأَرْضِ وَ امْحُ العِدَى مَحُوا
وَ نَحْنُ عَلَى عَهْدِ الوِلايَةِ لَمْ تَزَلْ *** تَهِيجُ بِنَا فِي الشَّرْقِ أَفْئِدَةٌ تَهْوَى
عَشِقْنَا المَآسِي فِي هَوَاكُمْ فَإِنَّنَا *** نَرَى عَلْقَمَ الآهَاتِ مِنْ أَجْلِكُمْ حُلُوا(5)
وَ مِنْكُمْ غَذَيناها فَمَهُما تَعَاظَمَتْ *** تَهُونُ لِمَا يَلْتُمْ لَنَا بِكُمُ السَّلوى
فَإِنْ نَكُ ظُلْماً قَدْ أُبِيحَتْ دِمَاؤُنَا *** وَ أَعْنَاقُنَا لِلهِ فِي حُبِّكُمْ تُلْوَى
وَ قَدْ سَامَنَا الأَعْدَاءُ أَلْفَ مَهَانَةٍ *** وَ مِنْهُمْ سَمِعْنَا فِي مُوَالاَتِكُمْ هَجُوا(6)
فَذَرْهُم يَخُوضُوا فِي الحَيَاةِ وَ يَلْعَبُوا *** وَ يَتَّخِذُوا أَنا أَطَعْنَاكُمُ هُزْوا
وَ لَاتَحْسَبَنْ أَنَا نَحِيدُ لِمِحْنَةٍ *** تُلِمُ بِنَا أَوْفَادِحٍ كَدَّرَ الصَّفْوا
ص: 346
فَعِزَّتُنَا أَنَا أَرِقَاهُ حُبِّكُمْ *** وَ ذِلَّتُنَا إِنْ نَنْأَى عَنْكُمُ وَ لَنْ نَقْوى(1)
فَطِينَتُنَا مِنْ فَاضِلِ الطِّينِ نَشْؤُها *** فَمَا مِنْ سَبِيلٍ أَنْ نَضِلَّ وَ أَنْ نَغْوَى
وَ تِلْكَ لَعَمْر واللَّهِ أَعْظَمُ نِعْمَةٍ *** حَبَانًا بِهَا مِنْ فَضْلِهِ عَالِمُ النَّجْوَى(2)
ص: 347
ص: 348
ص: 349
ص: 350
(بحر الكامل)
أبوالقاسم الصنوبري
في المنازِلِ حاجَةٌ نَقْضِيها *** إلاالسَّلامُ وَ أَدْمُعٌ نُذْرِيها
وَ تَفَجَّعٌ لِلْعَيْن فيها حَيْثُ *** لاعَيْشٌ أُوازيهِ بِعَيْشي فيها
أَبْكِي المنازِلَ وَ هْيَ لَوْ تَدْرِي الذي *** بَعَثَ البُكاء لَكُنْتُ اَسْتَبْكِيها
باللَّهِ يا دَمْعَ السَّحَائِب إسْقِهَا *** وَ لَئِنْ بَخِلْتَ فَأَدْمُعِي تَسْقِيها
يا مُغْرِياً نَفْسي بِوَصْف عَزيزَةٍ *** أَغْرَيْتَ عَاصِيَةٌ عَلَى مُغْرِيها
لاخَيْرَ في وَصْفِ النِّساءِ فَأَعْفِنِي *** عَمَّا تُكلفنيهِ مِنْ وَصْفيها
يا رُبَّ قافيَةٍ حَلا إمضاؤُها *** لم يَحْلُ مَمْضاها إلى مُمْضِيها
لاتُظمِعَنَّ النفسَ في إعطائِها *** شَيْئاً فَتَطْلُبَ فوق ما تُعْطِيها
حُبُّ النَّبيِّ مُحَمَّدٍ وَ وَصِيْهِ *** مَعْ حُبِّ فاطِمَةٍ وَ حُب بنيها(1)
ص: 351
أَهْلُ الكساءِ الخَمْسَةُ الغُرَرُ الَّتي *** يَبْنِي العُلاَ بِعُلاهُمُ بانيها
كَمْ نِعْمَةٍ أَوْلَيْتَ يا مولاهُمُ *** في حُبِّهِمْ فَالحَمْدُ لِلْمَوْلِيها
إِنَّ السَّفاءَ بِشِغْلِ مَدْحِي عَنْهُمُ *** فَيَحِنُّ لي أن لاأكونَ سَفيها(1)
هُمْ صَفْوَةُ الكَرَم الَّذي أصفاهُمُ *** وُدّي وَ أَصْفَيْتُ الذي يُضفِيها
أَرْجُو شفاعَتَهُمْ فَتِلْكَ شفاعةٌ *** يَلْتَذْ بَرَدَ رَجائِها راجيها
صَلُّوا عَلَى بِنْتِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ *** بَعْدَ الصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ أبيها(2)
وَ ابْكُوا دِمَاءٌ لو تُشَاهِدُ سَفكَها *** في كَرْبَلاءَ لما وَنَتْ تَبْكِيها
تِلْكَ الدّماءُ لَوْ أَنَّها تُرقى إذَنْ *** كانَتْ دِماءُ العَالَمينَ تَقِيها
لَوْ انَّ مِنْهَا قَطرَةٌ تُقدى إذَنْ *** كُنَّا بنا و بغَيْرِنا نَفْدِيها
إنّ الذينَ بغَوْا إراقَتَها بَغَوْا *** مَشْؤُومَةَ العُقْبَى عَلَى بَاغيها
قُتِلَ ابْنُ مَنْ أَوْصى إِلَيْهِ خَيْرُ مَنْ *** أَوْصَى الوصَايا قطُّ أو يُوصِيها
رَفَعَ النّبِيُّ يَمينَهُ بِيَمِينِهِ *** لِيَرى ارْتِفَاعَ یمینه رائيها
في موضِعٍ أَضْحَى عَلَيْهِ مُنَبِّهاً *** فيه و فيه يُبدِىءُ التَّنْبِيها
آخاه في «خُمِّ» وَ نوَّه باسمِهِ *** لم يَأْلُ فِي خَيْرِ به تَنْوِيها(3)
هُوَ قالَ: أَفْضَلُكُمْ على إنَّه *** أَمْضَى فَضِيتَه الَّتِي يُمْضِيها
ص: 352
هُوَ لي كهارون لموسى حَبَّذا *** تَشْبِيه هارونَ بِهِ تَشْبِیها
يَوْمَاهُ يَومٌ لِلْعِدى يَرْوِيهِمُ *** جَوْراً وَ يَوْمَ لِلْقَنَا يَرْوِيها
يَسَعُ الأنامَ مَشُوبَةٌ وَ عُقُوبَةٌ *** كِلْتاهُما تَمْضِي لِما يُمْضِيها(1)
ص: 353
(بحر الطويل)
السيد إسماعيل الحميري(*)(1)
وَحَدَّثنا عَنْ حارث الأغورِ الّذي *** نُصَدِّقُهُ في القَوْلِ مِنْهُ وما يَرْوي(2)
بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ نَفْسي فِداؤُهُ *** وَ أَهْلي وَمَالي طاوِي الحَشَا يَطْوِي(3)
لِجُوعِ أصابَ المُصْطَفَى فَاغْتدى إلى *** كَرِيمَتِهِ وَ النَّاسُ لاهُونَ في سَهْوِ(4)
ص: 354
فَصادَفَها وَ ابْنَي عليَّ وَ بَعْلَها *** و قَدْ أطْرَفُوا مِنْ شِدَّةِ الجُوعِ كالنِّضْوِ(1)
فقالَ لها يا فَطْمُ قُومي تَناولي *** وَ لَمْ يَكُ فيما قال يَنْطِقُ بالهَزْوِ(2)
هَدِيَّةُ رَبِّي إنّهُ مُترَحِّمٌ *** فقامتْ إلى ما قالَ تُسْرِعُ بالخَطْوِ
فَجاءَتْ عليها اللَّهُ صلّى بِجَفْنَةٍ *** مُكَرَّمة باللَّحْمِ جزْواً على جزْوِ
ص: 355
فَسَمُّوا وَ ظَلُّوا يُطْعِمُونَ جميعَهُمْ *** فبخَ بخَّ لَهُمْ نَفْسي الفداء وَ ما أَحْوِي
فَقَالَ لها ذاك الطعام هديّةٌ *** مِنَ اللَّهِ جبريلٌ أتاني به يَهْوِي
و لَمْ يَكُ مِنْهُ طَاعِماً غَيْرَ مُرْسَلٍ *** وَ غَيْرَ وَصِيَّ خَصَّهُ اللهُ بالصَّفْوِ(1)
ص: 356
(بحر الكامل)
حسين بن علي العشاري البغدادي
لَهْفِي عَلى قَمَرِ وَ سَيْفِ مُعْمَدٍ *** وَ عَلَى أبي الطُّهْرِ(1) البَتُولِ مُحَمَّدِ
ص: 357
قالَتْ وَ قَدْ نادَتْ بِقَلْبِ مُوقَدِ *** (ماذا على مَنْ شَمَّ تُرْبَةَ أَحْمَدِ)
(أَنْ لايَشُمَّ مَدى الزمانِ غَواليا)(1)
غابَتْ محاسِنُ في القرى فَكَأَنها *** شَمْسُ وَ قَدْ غابَتْ وَآوَتْ كِنَّها(2)
مُذْ حَقَّقَتْ نصي البعادَ وَ ظَنَّها *** (صُبَّتْ عَلَيَّ مَصائِبٌ لَوْ أَنَّها)
(صُبَّتْ على الأيَّامِ صِرْنَ لَياليا)
و أيضاً لحسين بن علي العُشاري البغدادي -مصدراً و معجزاً:
(ماذا على مَنْ شَمَّ تُربةَ أَحْمَدٍ) *** أَنْ لايَكُونَ عَنِ المَوَدَّةِ نَائِيا
وَ وَدْتُ قَلْباً قَدْ وَ هَى(3) لِفِراقِهِ *** (أنْ لايَسمَّ مَدَى الزَّمانِ غَواليا)
(صُبَّتْ عَليَّ مصائب لو أنّها) *** وَرَدَتْ عَلَى جَبَلٍ لأَصْبَحَ هَاوِيا
و مُصيبتي في المُصْطَفَى لَوْ أَنّها *** (صُبَّتْ على الأيام صِرْنَ لياليا)(4)
ص: 358
(بحر البسيط)
السيد حسين الغريفي
الشاخوري
سَلْ جِيرَةَ الدَّارِ عَنْ تَرْحَالِ أَهْلِيهَا *** هَلْ أَزْمَعَ العُوْدَ بِالأَظْعَانِ حَادِيهَا(1)
وَانْزِل لَكَ الخَیْرُ، وَ اسْتَمْطِرْ بِهَا جَزعاً *** سَحَابَ دَمْعِكَ بِاسْمِ اللَّهِ مُجْرِيهَا؟
دَمْعُ يُذِيبُ أَدِيمَ الخَدَّ سَائِلُهُ *** وَ زَفْرَةٌ يُحْرِقُ الأَحْشَاء وَارِيها(2)
بُعْداً لِيَوْمِ النَوَى عَنْ سَاحَتِي فَلَقَدْ *** أَقْوَى مَعَالِمَ صَبْرِي مِنْ مُقَاوِيهَا(3)
سَارُوا وَ مَا خَلَّفُوا رَغْمَا عَلَيَّ سِوَى *** رَعِي النُّجُومِ لِعَيْنِي فِي دِيَاجيهَا(4)
وَ لَا عَلَى العِيسِ قَدْ شَدَّت حُمُولَهُمُ *** إِلا بِبُغْيَةِ نَفْسِي مَنْ تُسَلِّيهَا(5)
خَلَفْتُ لَمْ أَسْتَمِعُ نَدْباً لِثَاكِلَةٍ *** كَلأَ وَ لاَحُزْنِي تَرْجِيعُ نَاعِيهَا
وَ لابَكَيْتُ لِذِكْرَىٰ رَبِّعِ كَاظِمَةٍ *** وَ لاشَجَانِي مِنَ الأَظلالِ عَافِيهَا(6)
حَتَّى ذَكَرْتُ قَتِيلَ الطَّلِف فَانْبَعَثَتْ *** كَالسُّحْبِ حُمراً دُمُوعِي مِنْ أَمَاقِيها(7)
ص: 359
مِنْ حَوْلِهِ فِتْيَةٌ صَرْعَى كَأَنَّهُمُ *** بُدُورُتَم تَهَاوَتْ مِنْ مَعَالِيهَا
فَاعْتَضتُ بِالبِشْرِ حُزْناً وَالنَّعِيمِ شَقَاٌ *** وَ الأَهْلِ وَحْشاً وَ عَنْ دَارِي تَقَاصِيهَا(1)
فَالدَّمْعُ مَا بَيْنَ مَنظوم وَ مُنْتَشِرٍ *** وَ الرِّزْهُ يَنْشُرُ أَحْزَانِي وَ يَطْوِيهَا
وَ احَسْرَتَاهُ لِقَتْلَى الطَّفِّ قَدْ نَسَجَتْ *** عَلَيْهِمُ الرِّيحُ قُمْصاً مِنْ سَوَافِيهَا(2)
يَبُلُّ أَجْسَادَهُمْ طَلُّ الرُّبى بَدَلاً *** عَنِ الخَلِيطَيْنِ مِنْ أَدْنَى مَثَاوِيها(3)
وَ الوَحْشُ تَرْتَاعُ أَنْ تَدْنُو لِمَصْرَعِهِمْ *** كَمَا تُرَاعُ ظِبَاهَا مِنْ ضَوَارِيهَا(4)
قَدْ أَلْبِسُوا مِنْ نَجِيعِ الطَّعْنِ بُرْدَهُمُ *** قَدْ نَمَّقَتْهُ الأَعَادِي مِنْ عَوَالِيهَا(5)
وَ جُرْعُوا مِنْ حُدُودِ البِيضِ كَأسَ رَدَى *** وَ فِي المَعَادِ رَحِيقُ الخُلْدِ يَرْوِيهَا(6)
كَأَنَّ فَيْضَ دِمَاهُمْ مِنْ مَنَاحِرِهِمْ *** عَلَى البَسِيطَةِ نَشْرٌ مِنْ غَوَالِيهَا(7)
صَرْعَى عَلَى التَّرْبِ مَا أَيْدِ تُقَلِّبُهُمُ *** الأَّ يَدُ الرِّيح أَوْ أَيْدِي عَوَادِيهَا
لِلَّهِ كَمْ لَهُمُ فِي نَيْنَوَىٰ جِئَثُ *** مِنْ غَيْرِ غُسْلِ وَ لاَلَحْدٍ يُوَارِيهَا(8)
وَ كَمْ لَهُمْ فِي رُؤُوسِ السُّمْرِ وَ الهفِي *** مِنْ شَيْبَةٍ حُضْبَتْ مِنْ حُمْرِ قَانِيهَا
وَ كَمْ لَهُمْ مِنْ أَسِيرٍ لَايَضُرُّ لَهُ *** يَشْكُو عَظِيمَ صُبَابَاتٍ يُقَاسِيهَا(9)؟
يَا قَاصِداً كَرْبَلا مَهْلاً بِنَا فَعَسَى *** تَلْقَى بِهَا البَضْعَةَ الزَّهْرا نُعَزِّيهَا
قِف سَاعَةً نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى الحُسَيْن وَمَا *** أَصَابَهُ مِنْ مُصِيبَاتِ بِوَادِيهَا
ص: 360
لَهْفِي لَهَا حِينَمَا جَاءَتْ لِمَصْرَعِهِ *** مَعْ حُورٍ عِيْنِ حَزِينَاتٍ تُبَاكِيهَا
قَدْ ضَمَّحَتْ جَيْبَهَا مِنْ فَيْضِ مَنْحَرِهِ *** وَ خَضَبَتْ شَيْبَهَا حُزْناً وَ كَفَّيْهَا(1)
تَقُولُ وَ الدَّمْعُ فَوْقَ الحَدْ مُنْطَلِقٌ *** وَاحَسْرَتَا لِصَرِيعِ فِي یَوَادِيها
يَرْنُو إِلَى الشَّطُ مَوْقُودَ الحَشَا ظَمَاً *** مَا بَلَّهُ مِنْ قَلِيلِ المَاءِ تُظفِيهَا(2)
وَ الوَحْشُ مُنْقَعَةُ الأحشاء تَكْرَعُ فِي *** نمِيِرها لَمْ تَخَفْ غَابَاتِ ضَارِيهَا(3)
يَا عَارِي الطَّفْ مَا حَاكَتْ لِجِثَّتِهِ *** إِلا الصَّبَا حُلَلاً مِنْ نَسْجِ دَارِيهَا(4)
أفْدِيكَ تَهْوِي طَعِيناً آه وَاحُزْنِي *** مَنْ ذَا لِطَعْنَتِكَ النَّجْلاَ يُدَاوِيها(5)
كَيْفَ الدَّوَاءُ لِمَجْرُوحِ الْحَشَاءِ وَ قَدْ *** مَضَتْ أَنَابِيبُ أَرْمَاحِ العِدًا فِيهَا
أَفْدِيكَ شِلُوا عَلَى الرَّمْضَاءِ مُنْعَفِرَاً *** قَطِيعَ رَأْسِ وَحِيداً فِي مَحَانِيهَا(6)
أفْدِيكَ ظَمْآنَ مَمْنُوعَ الوُرُودِ وَ *** لاَتُسْقَى بِغَيْرِ نَجِيعِ مِنْ مَوَاضِيهَا(7)
أَفْدِيكَ يَا طَوْدَ عِزّ بَعْدَهُ انْهَدَمَتْ *** أَطْوَادُ عِزِّي مِنْ أَعْلَا رَوَاسِيهَا
خَابَتْ ظُنُونِي وَ أَخْطا فِيكَ صَائِبُهَا *** لَمْ أَلْقَ غَيْرَ المَنَايَا مِنْ أَمَانِيهَا(8)
مَا كُنْتُ أَحْسَبُ أَنْ أَلْقَاكَ مُنْجَدِلاً *** تَرُضُّ جُنَّتَكَ العُلْيَا مَدَاكِيهَا
ص: 361
لَيْتَ الجِيَادَ الَّتِي رَضَتْ سَنَابِكُهَا *** جِثْمَانَهُ عُقْرَتْ فِي الرَّكْضِ أَيْدِيهَا(1)
أَمَا دَرَتْ أَنَّهُ فِي شَأْوِ حَلْبَتِهَا *** يَوْمَ الرِّهَانِ وَ فِي الهَيْجا مُجْلِيهَا(2)
ذَابَتْ مِنَ الحُزْنِ أَحْشَائِي عَلَيْكَ وَ قَدْ *** شَابَتْ ذَوَائِبُ رَأْسِي بَعْدَ دَاجِيهَا(3)
وَ أَلْبَسَتْنِي يَدُ البَرْحَاءِ ثَوْبَ ضَنَا *** وَ جَرَّعَتْنِي كُؤوساً مِنْ مَرَازِيهَا
وَ أَظْلَمَتْ بَهْجَةُ الأَيَّامِ بَعْدَكَ يَا *** شَمْسَ المُسَرَّةِ بَدْرِي فِي لَيَالِيهَا
آهِ و مِنَ الْبَيْنِ بَعْدَ الاجْتِمَاعِ فَهَلْ *** لَنَا اجْتِمَاعٌ بِأَيَّامٍ نُقَضِّيهَا(4)؟
وَيْلاهُ مَنْ ذَا إِلَى الأَبْنَامِ يَجْمَعُهَا *** وَ مَنْ لِنسْوَتِكَ التَكْلَى يُسَلِّيهَا؟
وَ مَنْ لأَمْكَ يَا مَنْ عَزَّ نَاصِرُهُ *** عَلَى رَزِيَّتِهَا الشَّنْعَا يُعَزِّيهَا؟
وَيْلاَهُ مَا رَحِمَتُكَ القَوْمُ يَا وَلَدِي *** أَلَمْ تَكُنْ نَجْلَ دَاعِيهَا وَ سَاقِيهَا(5)؟
كَفَى بِأُمِّكَ حُزْناً حَزُّ رَأْسِكَ مِنْ *** فَفَاكَ يَا فَجْعَةٌ جَلَّتْ مَرَاثِيهَا(6)
كَفَىٰ بِهَا حُزْناً أَنْ يَتْرِكُوكَ بِلاَ *** سِتْرِ لِجُنَّتِكَ الغَرّا يُغَطِّيها
وَ لَهْفَ نَفْسِي لِزَيْنِ العَابِدِينَ لَهُ *** نَوْحٌ كَنَوْحِ الثَكَالَىٰ فِي نَوَاعِيهَا
يَطْوِي الفَلاَ كَابياً ذَا غُلَّةٍ وَ ضَنَا *** عَلَى الطَّوَى بَاكِياً لَهْفِي لِطَاوِيهَا(7)
يُنَاوِحُ الوُرْقَ شَجُوا مِنْ جَوَاهُ إِذَا *** جَنَّ الظَّلامُ عَلَيْهِ فِي فَيَافِيها
إِذَا رَنَتْهُ النِّسا حَنَّتْ عَلَيْهِ أَسَى *** يُسْرَى بِهَا حُسْراً أَسْرَى لِطَاغِيهَا
وَ رَأْسُ وَالِدِهِ مَعَ رُوس فِتْيَتِهِ *** يَجْرِي عَلَى سُمْرِهَا قَانِي تَرَاقِيهَا(8)
يَتْلُو أَمَامَهُمُ الآيَاتِ لاَعَجَباً *** مِنْ سَيْدٍ فِيهِ قَدْ أَثْنَتْ مَثَانِيهَا
ص: 362
يَا نَكْبَةً عِنْدَهَا الزَّهْرَا قَدِ انْتُكِبَتْ *** وَ هُدِّمَتْ مِنْ ذُرَى التَّقْوَى سَوَامِيهَا(1)
يُمْسِي الحُسَيْنُ غَرِيبَ الدَّارِ مُنْعَفِراً *** وَ تَعْلُو حَرْبٌ عَلَى أَعْلاَ مَبَانِيهَا
وَآلُ أَحْمَد[...] الخِدْرُ سَافِرَةٌ *** وُجُوهُهَا نَادِبَاتٌ فِي صَحَارِيهَا
وَآلُ سُفْيَانَ مَضْرُوبٌ أَكِلَّتُهَا *** تُنَاطُ سِتراً عَلَيْهَا فِي مَغَانِيهَا
يَا أُمَّةً فَسَقَتْ فِي دِينِهَا فَسَقَتْ *** آلَ الرَّسُولِ كُؤوساً مِنْ دَوَاهِيهَا(2)
يَا وَيْلَهَا كَفَرَتْ فِي دِينِهَا قَعرت *** أَعْنَاقَ آل رَسُولِ اللَّهِ هَادِيهَا
دَارَتْ عَلَيْهِمْ وَ مَا دَارَتْ وَمَا رَقَبَتْ *** إِلا وَ لَاذِمَّةٌ فِي جَنْبِ وَالِيهَا(3)
فِي كُلِّ يَوْمٍ ذَبِيحٌ مِنْ مَوَاضِيهَا *** لِلآلِ أَوْ بِنَقيع السُّمِ تُرْدِيها
أَلَمْ يَكُونُوا ذَوِي القُرْبَى أَمَا نَزَلَتْ *** فِي وُدِّهِمْ آيَةٌ مِنْ عِنْدِ بَارِيهَا؟
وَ هَلْ أَتَى «هَلْ أَتَى» فِي غَيْرِ فَضْلِهِمُ *** أَلَمْ تَكُنْ آيَةُ النَّظهير تَكْفِيهَا
مَتَى نَرَى بَهْجَةً يَجْلى بِطَلْعَتِهَا *** عَنْ غُرَّةِ الحَقِّ جَهْراً جَوْرَ مُخْفِيهَا
قُمْ وَامْلاً الأَرْضَ عَدْلاً مِثْلَ مَا مُلِئَتْ *** جَوْراً فَإِنَّكَ هَادِيهَا وَحَامِيهَا
يَا آلَ أَحْمَدَ يَا مَنْ دَوْحُ حُبِّهِمُ *** وَ فَضْلِهِمْ أَثْمَرَتْ عَفْواً لِجَانِيهَا
إلى أن يقول:
(أَيْنَ الشَّفِيقُ عَلَى الزَّهْرَا يُوَاسِيهَا؟) *** قُومُوا إِلَى فَاطِم الزَّهْرَا نُبَاكِيهَا
سَلْ جِيرَةَ الدَّارِ عَنْهَا فَهْيَ عَالِمَةٌ *** بِهَا فَقَدْ طوقت مِنْ جُودِ أَهْلِيهَا(4)
ص: 363
(بحر الخفيف)
الشيخ سلمان بن أحمد البحراني
(الملقب بالتاجر)(*)(1)
أيُّ رُزْءٍ شَجَا الرَّسُولَ النَّبِيا *** وَ البَتُولَ العَذْرَا وَ أَبْكَى الزِّكِيَّا(2)
وَ لَزِنْدُ الأحْزانِ فِيهِ حُسَيْنٌ *** قَدَحَ الكَائِنَاتِ نَعْياً شَجِيّا(3)
يَوْمَ جبْرِيلُ في المَلائِكِ نَادَى *** في السَّمَا نَاعِياً إِلَيْهِمْ عَلِيًّا
يَوْمَ فِيهِ ابن ملجم لِقَطَامٍ *** غَالَ بِالسَّيْفِ في السُّجُودِ الوَصِيَّا(4)
كَمْ حَبَاهُ وَ كَمْ كَسَاهُ وَ رَبَّاًهُ *** وَ أَدْنَاهُ حَيْثُ كَانَ قَصِيَّا
لَمْ يَزِدْ في العُتُل إلاعُتُوَّاً *** وَ نُفُوراً مِنْهُ وَ كَانَ شَقِيّا(5)
لَوْ تَرَاهُ وَ اللَّيْلُ دَاجٍ يُنَاجِي *** وَسْطَ مِحْرَابِهِ الفَخيم العَليَّا(6)
ص: 364
قُلْتُ مُوسَى بِطُورِ سِينَا لَهُ اللَّهُ *** تَجَلَّى فَخَرَّ يَدْعُو نَجِيَّا
يَغْسِل الأرْضَ بِالدُّمُوع خُشُوعاً *** لَوْسَقَتْ مَيْتَ زَرْعِهَا قَامَ حَيًّا(1)
يُلْبِسُ اللَّيْلَ خِلعَةٌ مِنْ سَنَاهُ *** فَيُجِيلُ الظَّلامَ صُبْحاً مُضِيَّا
وَ المُرَادِي فِيْهِ يَخْتَلِسُ *** الخِيلَةَ إِذْ ذَاكَ بُكْرَةً وَ عَشِيا
خَضَّبَ الشَّيْبَ مِنْهُ في عِشْقٍ رود *** أَرْشَفَتْهُ رُضَابَهَا السُّكَرِيَّا(2)
فَغَشَى الخَطْبُ أَرْضَ كُوفَانَ حَتَّى *** زَلْزَلَ الحَيْرَةَ الأَسَى وَالغَرِيَّا
فَارَ تَنُّورُ نَوْحِهَا بِزَفِيْرٍ *** فَاضَ فِيهِ طَوْفَانُ نُوحٍ دَوِيّا
ص: 365
وَ لأَهْلِ السّماءِ قَامَ عَزَاءٌ *** وَ دَّعَرْشُ الإلهِ فِيهِ الهُوِيَّا
غِيلَ شَهْرُ الصَّيَام في خَيْرِ مَنْ صَامَ *** وَ صَلَّی بِهِ وَ نَاجَى مَلِیَّا(1)
فَخَلاً مِنْبَرٌ حَلاً فِيهِ بِالوَعْظِ *** وَ أَضْحَى بِالعُطْلِ يُكسَى حُليًّا
وَ نَعَاهُ المَيْمُونُ وَ الدَّرْعُ وَ السَّيْفُ *** وَلَدْنٌ بالبأسِ طَالَ الثُّريِّا
وَ اسْتَعدَّتْ لِلثُّكْلِ عَلْيَا قُصَيِّ *** مُذْ عَلاهَا قَدْ كانَ فِيهِ قَصِيّا
غَلَبَ الحزنَ غَالِباً حَيْثُ فِيهِ *** فَقَدَتْ حَبْلَها المتِينَ القَوِيَّا
جدعَتْ فِيهِ أَنْفَ فِهْرِ بِغَيِّ *** قَتَلَتْ هاشماً وَ أَحْبَتْ أُمَيَّا(2)
فَغَدَتْ تَلْطِمْ الوجُوهَ لُؤَيّ *** وَ لَوَتْ جِيدَهَا تَنِخُ بُكِیًّا
وَ أَنَا خَتْ عَلَى نِزَارِ شُجُونٌ *** لَفَعَتْ بِالدَّمُوع مِنْها المُحَيَّا(3)
يَا سَمَاءً مَا طَاوَلَتْهَا سَمَاءٌ *** كَيْفَ طَالَ الشَّقِيُّ مِنْكِ الثَّرَيَّا
عَجَباً كَيْفَ شُقَّ مِنْكَ جَبِيناً *** وَ لَكَ السَّيْفُ كَانَ خِلاً و فِيّا
كَيْفَ لَمْ تَنْكَفِي عَلَيْهِ سَمَا *** بَاسِكَ سُخطاً فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ شَيَّا
جَفْنُ كَعْبٍ قَدْ كَانَ يَبْخَلُ بالدِّمْعِ *** فَلَمّا فُقِدْتَ صَارَ سَخِيًّا
كَادَتِ الأَرْضُ أَنْ تَميدَ بِمَنْ فِيها *** وَ تُطْوَى السَّمَا لِرُزُئِكَ طَیًا
يَابْنَ شَيْخ البَطْحَا وَمَنْ كَانْ فينا *** الفَارِسَ الشَّهْمَ وَ الفَتَى العَبْقَرِيَّا
كُنتَ بَاباً إلى مَدِينَةٍ عِلمٍ *** المُصْطَفَى وَ المُهَذبَ المَوْذَعِيّا(4)
ص: 366
وَ بِكَ اللَّهُ قَدْ تَجَاوَزَ عَنْ آدَمَ *** و اخْتَارَهُ إِلَيْهِ صَفِيّا
وَ عَلَا فِيكَ شَانُ ادْرِيسَ حَتَّى *** نَالَ مِنْ رَبِّهِ مَكَانَاً عَلِيًّا
وَ ابْنُ مَتَى لَوْلاَكَ بَاتَ بِبَطْنِ *** الحوتِ لِلْحَشْرِ دَائِماً سَرْمَدِيَّا(1)
وَ خَلِيلُ الرَّحْمَن لَوْلاكَ مَا *** كَانَتْ عَلَيْهِ النيرانُ بَرْداً دَفِيّا
وَ لِيَعْقوب يُوْسُفَ حُزْتُهُ وَفْقَ *** بُكَا أَحْمَدٍ عَلَى ابْنِكَ حَيّا
وَ بِيَحْيَى جِبْرِيلُ بَشْرَ قُدْماً *** حَيْثُ وَ الاَكَ شَيْخُهُ زَكَرِيَّا
وَ بِكَ الرّوحُ بِكْرُ مَرْيَمَ يَدْعُو *** فَإِذَا الطَّينُ صَارَ خَلقاً سَويّا
طِبْتَ في السّاجِدِينَ حَلْياً وَ رَحْماً *** فَعَلَيْكَ السّلامُ مَيْتاً وَ حَيَّا
كَيْفَ تُرْوَى مِنَ الخِلافَةِ يَا مَنْ *** كَانَ لِلْمُصْطَفَى أَخَاً وَ وَصِيَّا
فِيكَ قَدْ شُدَّ أَزْرُ أَحْمَدَ حَتَّى *** شِدْتَ مِنْ دِينِهِ بِنَاءٌ عَلِيًّا
وَ عَجِيباً تُقَادُ يَا قَائِدَ الغُرِّ *** بِحَبْلٍ وَ كُنتَ لَيْئاً جَرِيَّا
مَا خَلاَ مِنْكَ مِنْبَرُ الحَرْبِ يَوْماً *** وَ أَرَى مِنْبَرُ النَّبِيِّ خَلِيَّا
أَدَرَوْا في عُدُو لَهُمْ عَنْكَ أنْ قَدْ *** قَلدُوا عَهْدَ أَحْمَدَ السَّامِرِيَّا
بِكَ بَاهَى الإلهُ في الحُجْبِ أَمْلاَ *** كاً وَ سَماك في السِّماءِ إليَّا
لَكَ عِلْمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ *** وَ مَزَايَا تَفُوقُ بِالنُدْرِيَّا
وَ مَعَانٍ تَجِلُّ في الحُسْنِ مِنْ أنْ *** يُدْرِكَ العَقْلُ كُنْهَها المَعْنَويَّا
أيْنَ يَا نَدْبُ رَاحَ عَنْكَ إِيَاءٌ *** فِيكَ قَدْ شَخَصَ الإِبَا الهَا شِمِيَّا
حين بالنّارِ حِيطَ مَنْزِلُكَ السَّامِي *** وَ لَاحِطْتَ بِالْعَذَابِ عَدِيَّا
وَلَدى البَابِ فَاطِماً أَسْقَطُوهَا *** مُحْسِناً فَاشْتَكَتْ وَ نَادَتْ إِليَّا
يَابْنَ عَمِّي يَا كَاشِفَ الكَرْبِ *** أَدْرِكْنِي وَ أَظْهِرْ مِنَ العَجَائِبِ شَيَّا
لَمْ تُغِتْهَا مِمَّا دَهَاهَا بِهِ قُنْفُذُ *** اذْكُنْتَ أنْتَ ذَاكَ الأبِيَّا(2)
ص: 367
يا لَلْحَمِيَّةِ لِلنَّبِيْ *** وَآلِهِ يالَلْحَمِيَّهْ
راحَتْ حرائِرُهُمْ *** سَبايا لِلدَّعِيِّ ابْنِ الدَّعِيَّهْ
وَ جُسُومُهُمْ صَرْعى *** تُناهِبُها السُّيوفُ المَشْرَفِيّهْ(1)
ما بالُ أَرْؤُسِهَا تُدارُ *** عَلَى القَنا بَيْنَ البَرِيّهْ
ماتت عُطاشى لأحشاً *** بَرَدَتْ و لاكَبْدٌ نَدِيَّهْ
يا غُلَّةَ القَلْبِ الضَّرُومِ *** وَ حَرَّةَ النَّفْسِ الشَّجيّهْ(2)
باللَّهِ أُقْسِمُ وَالنَّبِيِّ *** وَ لَيْسَ بَعْ وَلَيْسَ بَعْدَهُمُ اليَّهْ
ما شاعَ في الأرض الفسادُ *** و أَظْهَرَ المَغْويُّ غَیَّهْ
إلا الألَى قَصَدُوا الوَصِيَّ *** وَ نَازَعُوهُ في الوَصِيَّهْ
لاتَنْسَ بَضْعَةَ أَحْمَدٍ *** وَ اذْكُرْ مُصِيبَتَها الجَلِيَّهْ(3)
إِذْ أَقْبَلَتْ تَمْشِي *** تَحُفُّ بها نِسَاءٌ هَاشِمِيَّهْ
اللَّهُ بْنَ الله يا بن أبي قحافَةَ *** كَمْ حَمَلْتَ لنا الأذيهْ
يَوْمَ السَّقِيفَةِ مَاخَلَقْتَ *** عَلَى الوَرى إلا بَليّهْ
ما كانَ أذهى مِنْكَ يَوْمَ *** مُحَرَّم في الغاضريهْ
كمْ لَيْلَةٌ باتَتْ وَ لَيْسَ سِوي *** الحَنِینِ لَهَا عَشِيَّهْ
(حتى إِذا ماتتْ وَ مَا *** ماتَتْ مكارِمُها السَّنِيَّة)
(ماتَتْ وَ بَيْنَ ضُلوعِها *** آثارُ ضَرْبِ الأَصْبَحِيَّهْ)(4)
ص: 369
(اللَّهُ ما قاسَتْ بِهِ *** كَبِدُ البَتُولِةِ مِنْ سُمَيَّهْ)(1)
ص: 370
(بحر البسيط)
الأستاذ عادل الكاظمي(*)(1)
وَقَوْلَةٍ لِ- (عَليَّ) قالَها (عُمَرُ) *** ما نَحْنُ فيه بقايا مِنْ مَآسيها(2)
(حَرَقْتُ دارَكَ لا أَبْقي عَلَيْكَ بِها *** إِنْ لَمْ تُبايِعُ وَ بِنْتُ المُصطفى فيها)
يَوْماً أَتى دارَ وَحْيِ اللَّهِ مُنْتَفِضاً *** بِالنَّارِ يُوعِدُها حَرْقاً يُمَحْيها
قالوا لَهُ: (فاطم) في الدّارِ قال: (وَإِنْ) *** بِغِلْظَةٍ أَعْجَزَتْ حَتَّى مُداريها(3)
فَقَوْلَةٌ أَفْصَحَتْ عَنْ دِينِ صاحِبِها *** هَلْ كَانَ بِالحَقِّ أَمْ بِالظُّلْم مُلْقيها؟
وَ قُلْ لِمَنْ عَدَّ هذا القَوْلَ مَكْرُمَةً *** لِلْمَكْرُماتِ بِسَهُم الإِفْكِ تَرْميها(4)
سائِلْ (أباحَفْصَ) هَلْ كَانَتْ مَقولَتُهُ *** وَفْقَ الشَّرِيعَةِ؟ أَمْ حُكْماً تُنا فيها؟
أفي الكِتاب؟ وَذا القُرْآنُ شاهِدَةٌ *** آيَاتُهُ أَنَّهَا لِلْكُفْرِ تُنْميها
أمْ سُنَّةُ المَصْطَفَى جاءَتْ بِها وَ لَهُ *** عِلْمٌ بِأَسْرارِها فَانْصاعَ يُحْيِيها
ص: 371
إِنَّ الَّذي يَهْتِكُ (الزَّهْراءَ) حُرْمَتَها *** ما كانَ يَوْماً لأي الذِّكْرِ تاليها
أَلَيْسَ قَوْلُ رَسولِ اللَّهِ: فاطِمَةٌ *** بَقيَّتي فيكُمُ بِالفَضْلِ يُضفيها؟
وَ (فاطِمٌ) بَضْعَةٌ مِنّي فَيُؤْلِمُني *** ما كانَ يُؤْلِمُها يا بِئْسَ مُؤْذِيها(1)
يا لَهْفَ (فاطِمَ) خَلْفَ البابِ إِذْ وَقَفَتْ *** تَدْعو أَباها عَسَى يَأْتِي فَيَحْمِيها
لَمْ يَبْلُ جِسْمُكَ وَالأحْكامُ قَدْ بُلِيَتْ *** وَ السّامِرِي بِحُكم الجَوْرِ ماحِيها
(قَدْ كانَ بَعْدَكَ أَنْباءُ وَ هَنْبَئَةٌ *** لَوْ كُنْتَ شَاهِدَها) هانَتْ دَواهيها(2)
قتْلُ الجَنينِ وَ كَسْرُ الضّلعِ أَعْظَمُها؟ *** أَمْ غَصْبُ حَقّي وَ أَهوالٌ الاقيها؟
يا بابَ (فاطِمَ) ما لاقيْتَ مِنْ مِحَنٍ *** تُشْجِي الكرامَ وَ ما زالَتْ تُقاسِيها(3)
ص: 372
(بحر الطويل)
السيد عباس المدرسي(*)(1)
كَفَّائِي أَسْى لاتُوقِظَنَّ جِرَاحِيَا *** وَدَعْ وَجْدَ قَلْبِي فِي مَطاوِيهِ ثَاوِيَا(2)
أرَى الْحَقِّ يَهْدِي إِنْ مَلَكْتَ بَصِيرَةً *** وَ لَيْسَ لأَعْمَى الفِكْرِ وَ القَلْبِ هَادِيَا
هُوَ العَقْلُ يَهْدِي مَنْ يَرُومُ هِدَايَةً *** وَ مَنْ رَامَ مَهْوَاةَ الضَّلَالِ المَهَاوِيَا(3)
إِذَا أَنْتَ أَنْكَرْتَ الصَّبَاحَ وَضَوْءَهُ *** فَحَظُكَ قَدْ أَنْكَرْتَ لاالصُّبْحَ صَاحِيَا
فَلاَالشَّمْسُ يَخْبُو نُورُهَا لِمُعَانِدٍ *** وَ لَااللَّيْلُ يَهْدِي لِلطَّرِيقَةِ سَارِيا(4)
وَ مَا النَّجْمُ فِي جوّ السَّمَاءِ يُضِيرُهَا *** عَلَى الأَرْضِ أَعْمَى يُنْكِرُ النَّجْمَ ضَاوِيَا
بَصَائِرُ فَافْتَحْ فِي الضَّمِيرِ شُعَاعَهَا *** تَرَى الدَّهْرَ دَوَّاراً عَلَى الغَدْرِ طَاوِيَا
عَلَى خَاطِرِي ذِكْرَىٰ وَفِي الْقَلْبِ لَوْعَةٌ *** يُصَعْدُ مِنْ جَمْرِ المَصَائِبِ آهيا
دَعِ العَيْنَ تَسْقِي الْجُرْحَ فَالْقَلْبُ لاَهِبٌ *** ضَرَاماً وَدَعْ فِي النَّائِبَاتِ سُؤَالِيَا(5)
غَدَاةَ بِدَارِ الوَحْيِ أَلْقَتْ رِحَالَهَا *** فَوَافِلُ حُزْنٍ مُنْقَلَاتٌ مَآسِیَا
وَسَلْ قِصَّةَ الغَدْرِ القَدِيمِ سَقِيفَةً *** فَثَمَّةَ عَادتْ دَوْرَةُ الشِّرْكِ ثَانِيا(6)
ص: 373
وَسَلْ عَنْ أَرَاكَ هَاطِلاَتٍ دُمُوعِهَا *** وَ عَنْ قَدَكِ سَلْ قَهْرَهَا وَ الخَوَافِيَا(1)
وَ عَنْ بَيْتِ أَحْزَانِ المَدِينَةِ حُزْنَهَا *** وَ دَمْعِ جَرَى فِيهَا وَ لَازَالَ جَارِيَا(2)
وَ قَبْرَ رَسُولِ اللَّهِ مُرَّ أَنِينِهَا *** وَ عَنْ طُولِ شَكْوَاهَا المَرِيرِ اللَّيَالِيَا(3)
وَ عَرِّجُ عَلَى بَيْتِ الْبَتُولَةِ فَاطِمٍ *** فَإِنَّ أَنِينَ الدَّارِ يَكْفِيكَ هَادِيَا
تَئِنُّ وَ قَدْ هَدَّ الفِرَاقُ قَرَارَهَا *** وَ ذَوَّبَهَا جِلْداً عَلَى العَظم ذَاوِيَا(4)
إِلْهِيَ ! قَدْ هَدَّ الأَسَى قَلْبَ فَاطِمٍ *** وَ لَمْ يُبْقِ إِلا الوَجْدَ وَ الحُزْنَ وَارِيَا
ص: 374
فَوَا وَحْشَةَ الأَيَّامِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ! *** وَوَا ذِلَّةَ الأَيَّامِ مِمَّا دَهَانِيَا
رَمَتْنِي مُصِيبَاتُ الزَّمَانِ لَوْ أَنَّهَا *** رَمَتْ وَضَحَ الأَيَّامِ صِرْنَ لَيَالِيَا(1)
إلهِي وَ قَدْ عِفْتُ الحَيَاةَ وَ أَهْلَهَا *** فَعَجُلْ وَ قَاتِي لاأُرِيدُ حَياتِيَا
وَ مَا طَالَ مِنْ بَعْدِ الحَبِيبِ فِرَاقُهَا *** وَ سُرْعَانَ مَا كَانَ الفِرَاقُ تَلاَقِيَا
عَلَى الجَمْرِ أَتْلُو ذِكْرَيَاتِ بَلَائِهَا *** تَمُرُّ عَلَى قَلْبِي فَأَنْسَى بَلائِيَا
غَداةَ عَلَى دَارِ البَتُولةِ جَمَّعَا *** جُمُوعاً مِنَ الغَوْغَاءِ ضَلَّتْ مَرَامِيَا(2)
عَلَىٰ بَابِ دَارٍ كَانَ لِلْوَحْيِ وَالهُدَى *** مَنَاراً وَ مِيعَاداً وَ لِلدين رَاعيَا
فَجَاءَتْ وَقَدْ مَضَّ المُصَابُ فُؤَادَهَا *** تُنَادِي بِهِ مَا لِلْعَتِيقِ وَ مَالِيَا(3)
وَ يَا وَيْلَكُمْ فِي الدَّارِ أَحْفَادُ أَحْمَدٍ *** أَبِالنَّارِ جِئْتُمْ تُحْرِقُونَ صِغَارِيَا(4)
أَبَوْا وَأصَرُّوا فِي العِنَادِ وَأَضْرَمُوا *** عَلَى البَابِ أَحْطَابَ الصَّغَائِنِ ضَارِيَا
فَدَارَتْ إِلَى جَنبِ الجِدارِ وَلَمْ يَكُنْ *** سِوَى البَابِ يَحْمِيهَا الهُجُومَ المُعَادِيَا
ص: 375
وَ لَجُوا بِهِ دَهْساً وَ قَدْ هَدَّهُ اللَّظى *** وَرُدَّ عَلَى أَضْلاعِهَا البَابُ دَاوِيَا
فَوَيْلِي لِبنْتِ المُصْطَفَى حِينَ حُوصِرَتْ *** تُنَادِي أَبَاهَا وَ الوَصِيَّ المُحَامِيَا
أَكَانَ عَلَى مَرْأَى الإِمَام وَ مَسْمَعِ *** غَدَاةَ أَصَابُوا ضِلْعَهَا؟ لَسْتُ دَارِيَا؟
سَلِ البَابَ وَ المِسْمَارَ ثَمَّةً مَا جَرَى *** تَفَاصِيلُ آلام البتولةِ وَافِيَا(1)
هَوَتْ وَ هَوَى وَرْدٌ تَكَسَّرَ غُصْنُهُ *** عَزِيزاً عَلَى بَيْتِ النُّبُوَّةِ غَالِيَا
وَدَارُوا عَلَى لَيْثِ العَرِينِ بِدَارِهِ *** وَ بِالحَبْلِ قَادُوا سَيْدَ القَوْمِ نَاثِيَا
يَصِيحُ أَلا وَاجَعْفَرَاهُ وَلاَ أَخٌ *** وَ يَدْعُو أَلاَ وَاحَمْزَتَاهُ مُحَامِيَا
وَ تَسْأَلُنِي عَنْ فَاطِمِ وَمُصَابِهَا *** تَفَاصِيلِ مَاسَاةٍ تَوَالَتْ مَآسِيَا
فَسَلْ لَيْلَةٌ تُخْفِي الجُرُوحَ بِمَتْنِهَا *** وَ نَعْشاً عَلَى كَفَّ الأَحِبَّةِ عَالِيَا
وَسَلَّ عَنْ يَتَامَىٰ فَاطِمٍ عُمْرَ فَاطِمٍ *** وَ عَنْ حَسَنٍ سَلْ وَالحُسَيْنِ المَرَاثِيَا
وَ عَنْ قَاهِرِ الأَحْزَابِ فَائِحِ خَيْبَرٍ *** إِذِ انْهَدَّ وَهُوَ الشَّامِحُ الطَّوْدِ باكيَا
يَقُولُ أَيَا مَاضُونَ بِالنَّعْشِ مُهْلَةً *** فَمَا بَعْدَ هَذَا اليَوْمِ أَرْجُو تَلاَقِيَا
دَعُوهَا يُوَدِّعْهَا اليَتَامَى فَإِنَّهَا *** مَضَتْ لَمْ تُوَدِّعْ -حِينَ غَابَتْ- صِغَارِيَا
وَ يَا نَعْشُ رِفقاً بالعَزِيزَةِ إِنَّهَا *** مُجَرَّحَةٌ لاتُخْدِسُ الجُرحَ ثَانِيَا
ألا آخرَ اللَّهُ الوَصِيَّ .. وَكَفَّهُ *** تَدُرُّ إِلَى عُمقِ التُّرَابِ الأَمَانِيا
رَنَا نَحْوَ قَبْرِ المُصْطَفَى وَ دُمُوعُهُ *** تُشاطِرُهُ أَحْزَانَهُ وَ التَّعَازِيا(2)
ص: 376
وَدِيعَتُكَ الزَّهْرَاءُ عَادَتْ كَمَا تَرَىٰ *** وَلَكِنَّهَا عَادَتْ وَ لَيْسَتْ كَمَا هِيَا(1)
مُكَسَّرَةَ الأَضلاع مَقْهُورَةَ الهَوَى *** مُفَرَّحَةَ الأَجْفَانِ حُمْراً مَافِيَا
فَسَلْ كَعْبَةَ الأَسْرَارِ حَالِي وَ حَالَهَا *** وَ سَلْ قِبْلَةَ الأَحْزَانِ حُزْنِي وَافِيَا
فَكَمْ مِنْ غَلِيلِ لاَيَزَالُ بِصَدْرِهَا *** مُقِيماً، وَ مَا بَثْتُ إِلَيَّ الشَّكَاويا
سَتَعْرِفُ عَنْ مُسْوَدَّةِ المَتْنِ مَا بِهَا *** وَ تَعْلَمُ عَنْ مُحْمَرَةِ العَيْنِ مَابِيَا
وَدِيعَةُ كَنْزِ العَرْشِ عَادَتْ لِدَارِهَا *** وَ فَرَّتْ وَلكِنْ سَلَّبَتْنِي قَرَارِيَا
عَلَى زَفَرَاتِ الحُزْنِ نَفْسِي حَبِيسَةٌ *** فَيَا لَيْتَهَا قَدْ رَافَقَتْ زَفَرَاتِيَا(2)
ص: 377
(بحر البسيط)
الأستاذ عبد المسيح الأنطاكي(*)(1)
عرج عَلَى طَيْبَةٍ وَ انْزِلْ مَغَانِيهَا *** وَسَائِلِ النَّاسَ شاكيها وَ بَاليها(2)
لعلَّ يَلْقاكَ فيها مَنْ يُجِيبُكَ عَنْ *** تلكَ الشُّجونِ الّتي عَمَّتْ أَهاليها
الأ تَرى النَّاسَ في خافِي مَنازِلِها *** إلفَ الهُمومِ بها تُقضِي لِبارِيها
وَكُلٌّ خِلْ يُسِرُّ الكَرْبَ يُنْفِسُهُ *** لِصَحْبِهِ وَ بِهِ هَمْساً يُناجِيها
أَسِحْ لَعَلَّكَ تَدْرِي مَا يُضَعْضِعُ سُكِّانَ *** المَدِينَةِ مَكِّيها وَ طَيِبِيها(3)
أَوْ عَلَّ صَفْوَةَ هاتِيكَ الوُجُوهِ بها *** تُغني عَنِ القَوْلِ أَنْ تُبْدِيهِ مَنْ فيها
ص: 378
نَعَمْ لَقَدْ جَزَعَتْ مِنْ مِحْنَةٍ دَهَمَتْ *** بِإِثرِ أُخْرى فأَنْسَتْها تُهنيها(1)
في أَمْسِها رُزِنَتْ رُزْعاً بهادِيها *** وَ اليَوْمَ ابْنَتَهُ الأَقْدَارُ تَنْعِيها
وها لَها أَنَّ بِنْتَ المُصْطَفَى ذَهَبتُ *** غَضبى إليه فَتَشْكُو وَ هُوَ مُشْكِيها
وَمَنْ بِحَقِّكَ لايُعْنى بِفَاطِمَةٍ *** وَ مَنْ بِكُلِّ عزيز لَيْسَ يَفْدِيها؟
وَ كَيْفَ قَدْ أَصْبَحَتْ مِنْ بعدِ ما عَلِمَتْ *** بأَنَّ لِلْمَوْتِ كَانَ الحُزْنُ حَادِيها؟
وَ إنّها لَقَضَتْ عَنْ لَوْعَةٍ وأسى *** قَدْ أَوْهَياها فما أجدى تَداوِيها(2)
وَ إِنَّهَا احْتَرقَتْ في نَارِ زَفْرَتِها *** وَ لَمْ يَكُنْ دَمعُها الهامي مُطفّيها
وَ إِنْها غَرقَتْ في سَيْلِ أَدْمُعِها *** وَ مَا الزَّفيرُ مِنَ التَّغْرِيقِ مُنْجِيها
وَ إِنّها قَدْ غَدَتْ في قُرْب والِدِها *** تَأْوِي الجنانَ التي الأَبْرارُ تَأْويها
أَجَلْ فَبِنْتُ رَسولِ اللَّهِ ما صَبَرتْ *** عَلى اللّيالي الّتي أَدْجَتْ دَياجيها
وَ مَا اسْتَطَاعَ عَلِيٌّ مَعْ بَلاغَتِهِ *** بِسَرْدِ آي التَأَسِّي أَنْ يُؤَسِّيها
وَ لَمْ تَزل كارِثَاتُ الدَّهْرِ تُنْحِلُها *** وَ لِلْمَنِيَّةِ بِالإسْراعِ تَمْشِيها
حتّى قَضَى اللَّه أنْ تَقْضِي بِكُرْبَتِها *** حَزينَةَ النَّفْسِ كانَ اليَأْسُ غاشِيها
بِذمّةِ اللَّهِ ذاتُ الطُّهْرِ فَاطِمَةٌ *** وَ اللَّهُ في رَحَباتِ الخُلْدِ مُثْوِيها(3)
ص: 379
لَئِنْ فَضَتْ وَ هْيَ يا لِلَّهِ ساخِطَةٌ *** فَالمُصْطَفَى في السَّما العُليا يُراضِيها
وَ إِنْ تَكُنْ حُرِمَتْ في الأَرْضِ تَسْلِيَةً *** فَفِي الجِنانِ تُلاقِي ما يُسَلِّيها(1)
لكنّها تَرَكَتْ مِنْ بَعْدِها الحَسَنَيْنِ *** يَبْكِيان على وافي تَنَحيِّها
وَ غادرتْ بَعْلَها يَبْكِي لِفُرْقَتِها *** أَمْناً وَ يُمْناً وَ تَوْجِيهاً وَ تَرْفيها
وَ خَطْبُها ضاعَفَ الحُزنَ المُبَرِّحَ في *** نَفْسِ العَلي الذي ما انْفَكَ يَرْثِيها
وَ بَعْدَ ما أُودِعَتْ في وَسَطِ حُفْرَتِها *** لِرَحْمَةِ اللَّهِ والإجلال عاشِيها
تَطَلَّعَ المُرْتَضَى اسْتِطلاع ذي لَهَفٍ *** إلى التُّرابِ الّذي أَمْسى مُغَطّيها
ثُمَّ إِلى تُرْبَةِ الهادِي تَوَجَّهَ في *** أَليمِ أَحْزانِهِ ما استطاع يُخْفِيها
وَ قالَ يا أَحْمَدُ الهادي عَلَيْكَ سَلامي *** مَعْ سَلَامِ الَّتِي تَهْوَىٰ تُلاقِيها
هذِي الَّتي لَحِقَتْ عَلْياكَ مُسْرِعَةً *** وَ فِي جِوارِكَ حَلَّتْ كَيْ تُواسِيها
قَلَّ اصْطِبارِي قَلاً عَنْ صفيّتكَ *** الزَهْرًا وَ نَفْسِي هذا الخَطْبُ مُوهِيها(2)
لَكِنْ بِفُرْقَتِكَ العُظمى وَجَدْتُ *** لِنَفْسي في المُصِيبَةِ هذي ما يُسَلِّيها
ما بَيْنَ نَحْرِي وَصَدْرِي إِنَّ نَفْسَكَ قَدْ *** فاضَتْ ولَبَّتْ نِدا رَبِّ يُناديها
وَ في حُفَيْرَتِكَ العُلْيا دَفَنْتُكَ *** مَحْزوناً وَ لَوْعَةُ نَفْسِي أَنْتَ تَدْرِيها
ص: 380
لِلَّهِ نَحْنُ وَ نَحْنُ الرَّاجِعونَ إِلَيْه *** رَجْعَةٌ لَيْسَ منَّا مَنْ يُعاصِيها
إِنَّ الوَدِيعَةَ مني اليَومَ قَدْ أُخِذَتْ *** وَ اسْتُرْجِعَتْ لَمْ تَكُ الأقدارُ تُرْجِيها
و إِنْ حُزْنِيَ باقٍ سَرْمَداً أَبداً *** به طِوالَ اللَّيالي ظَلْتُ أُحْيِيها
حَتَّى يَخَارُ لِيَ اللَّهُ الرَّحِيمُ دِياراً *** أنت يا خَيْرَ خَلْقِ اللَّه تَئْوِيهَا(1)
وَ إِنَّ ابْنَتَكَ الزَّهراءَ تُخْبِرُكَ *** الأخْبارَ عَنْ حالنا السوأى وَ تَرْوِيها(2)
وَ سَوْفَ تَعْلَمُ مِنْهَا أَنْ أُمَتَكَ العَربا *** على هَضْمِها أَمْسَى تَجَنِّيها
فَأَحِفّها كَرَماً مِنْكَ السَّؤَالَ وَكُنْ *** مُسْتَخْبِراً حَالَنَا مِنْها فَتَحْكِيها
هذا وَلَمْ يَظْلِ العَهْدُ المَجيد بنا *** عَهْدُ النبوَّةِ في سامِي تجَلِّيها
وَ الذِّكْرُ مِنْكَ الذي يَحْلُو تَذَكُرُهُ *** ما أَخلَقَتْهُ الليَّالي في تَتَالِيها
ثُمَّ السّلامُ عَلَى رُوحَيْكُما عَطِرٌ *** أَتْلُوهُ ما في السما لاحَتْ دَرارِيها(3)
سَلامُ غَيْرِ بَغِيض لا و لاسَئِمٍ *** مُوَدّع زَهْرَةَ الدُّنيا وَمَا فيها
إِن انْصَرَفْتُ فَلَيْسَ الانصراف مَلا *** لا و المَلالَةَ مِثلي لايُدانِيها
وَ إِنْ أَقَمْتُ فما عَنْ سُوءٍ ظَنِّي باللَّهِ *** المُعَزِّي الحَزاني في تَعازِيها
و لا بما وَعَدَ اللَّهُ الأُلى صَبَرُوا *** على المَصَائِبِ داهِيها وَ قاسِيها
بِذَا لَقَدْ وَدَّعَ المَحْزُونُ حَيدَرَةٌ *** بِنْتَ الرَّسُول التي يبْكِي تَنائِيها(4)
وَ الحُزنُ أَشْغَلَهُ عَمَّا أَهَمَّ سِواه *** مِنْ مَطامِع دنيا خابَ راجِيها(5)
ص: 381
(بحر البسيط)
الأستاذ عبد المسيح الأنطاكي(*)(1)
شَبَّتْ بِحِجْرِ رَسولِ اللَّهِ فَاطِمَةٌ *** كَما تُحِبُّ المَعالِي أَنْ تُلاقيها(2)
وَ في حِمى رَبِّهِ العَلْيا خديجةُ قَدْ *** نَشَتْ كما الظُّهْرُ وَ الآدابُ تَشْهِيها
وَ نَفْسُها الْبَتَقَتْ مِنْ نَفْسٍ وَالِدِها *** وَ أَنها فَهِيَ تَحْكِيهِ وَ تَحْكِيها(3)
ص: 382
تَفرَّدت بالذكا وَ العِلْم و اتَّخَذَتْ *** منَ الخَلائِقِ و الآداب سامِيها
وَاللَّهُ كَمَّل تكميلاً مَحَاسِنَها *** الزَّهراء فَسَافِرُها زاءِ وَ خافِيها(1)
وَ إِنّها غُرَّةٌ بَيْنَ النِّساءِ فَلا *** بنت لحَوَّاءَ تَدْنُو مِنْ مَعاليها(2)
و ما القَرائِحُ تَقْوى أَنْ تُصَوِّرَ ما *** فَوْقَ القُروسِ وَ إِنْ تَزْكُو معَانيها(3)
وَ حَسْبُنَا أنَّ له كانَ مُعْطِيها *** عِنايَةً لَمْ يَكُنْ لِلْغَيْرِ يُعْطِيها(4)
وَ كَانَ مُنْزِلُها تاللَّهِ مَنْزِلَةً *** عَليَاءَ مِنْ نَفْسِهِ بِاليُمْنِ تأويها
و كانَ يَنْظُرُها في بَيْتِهِ مَلِكاً *** بادِي السَّنَا مَا انْتَنَتْ تُبْدِيهِ تَنْبِيها
كانَتْ تَعُزُّ عليه عِزّةٌ حُرِمَتْ *** لها شَقيقاتُها مِثْلاً وَ تَشْبِيها
ص: 383
وَ كانَ يَذْكُرُ فيها أُمَّها وبها *** يَلْقى خديجةَ في أسْمى مَبَادِيها
وَ كانَ صلّى عليهِ اللَّهُ يُبْهِجُهُ *** مِنْ دَهْرهِ ساعَةٌ فيها يُوافِيها(1)
وَ قَدْ أَزاحَ إِلهُ العَرْشِ غُمَّتَهُ *** بها وَ سَرّى تباريحاً يُعانيها(2)
وَ نَفْسُهُ وَجَدَتْ في برِّ فاطِمَةٍ *** لَدى الخُطوبِ الَّتي تُدْهِي تَعازِيها(3)
كانَتْ تُواسِيهِ في راضِي تَبَسُّمِهَا *** وَ كانَ في عَطْفِهِ الأَسْمَى يُؤَاسِيها
ما قال فاطِمَةً إِلا وَ أَفْرَحَهُ *** ذِكْرُ اسْمِها فَهْوَ لا يَنْفَكُ يُسْمِيها
وَ قَدْ أَذَلَّتْ عَلَيْهِ وَهُوَ وَالِدُها *** وَ قَدْ تَجَنَّتْ وما أَشهى تَجَنِّيها
وَ كانَ يَسْعَى إلى تفريحها أبداً *** حتى تَبِيتَ على هانِي تَلَهِّيها
وَ يَسْأَلُ اللَّهَ في سِر وفي عَلَنٍ *** أَنْ يَصْطَفِيها مِنَ الأيَّامِ صافِيِها
فما دَعَتْهُ لِحَاجِ وَهْيَ تَطْلُبُها *** إِلا وكانَ لِمَا تَرْجُو مُلَبِّيها
وما دَعاها لِغَيْرِ الابتهاج بها *** إذا تَجَلَّتْ عَلَيْهِ مِنْ مَخابِيها
يقومُ إِنْ أَقْبَلَتْ كَيْما يَسير إلى *** عالي مَكانَتِها في القَوْمِ تَنْوِيها(4)
ص: 384
حَسْبُ النِّساءِ فَخاراً أَنَّ فاطمةً *** مِنَ النسا ولها أَنْ تُكْثِرَ التّيها(1)
نَعَمْ فَقَدْ شَرَّفَ اللهُ النساء بهَا *** وَ إِن تَكُن جميعاً مِنْ حَواشِيها
وَ عَمْرُكَ اللَّهُ مَنْ كانَتْ كَفَاطِمَةٍ *** وَ قَدْ تَناهى كما قُلْنا تَعالِيها(2)
و مَنْ أَبُوها خِيارُ الخَلْقِ أَجْمَعِها *** وَ أَنها خَيْرُ أُمْ في أَناسِيها
وَ مَنْ قُرَيْسٌ وَ هُمْ أَسْمَى الأَعارِبِ *** أَهْلُوها وَ مَجْدُهُمُ جازَ الأَتاوِيها(3)
وَ مَنْ غَدَتْ خَيْرَ أُنثى في شَمائِلِها *** الحَسْنا التي تُبْهِرُ الدنيا زَواهِيها(4)
وَ مَنْ نَشِعُ شُعاعَ الشَّمسِ جَبْهَتُها *** و لاتَلالِيَ إذ لأحَتْ تَلالِيها(5)
وَ مَنْ تُقِيمُ المعالي وَ المَفاخِرُ حَوْلِيها *** إذا جَلَسَتْ في صَدْرِ نادِيها
هِيَ الجديرةُ بالكَفِّ الكريمِ لها *** من المَفاخِرِ وَ العَلْيا يُحاكيها(6)
وَ العُرْبُ تَطْلُبُ أَكْفَاءَ تُزَوِّجُهُمْ *** بَناتِها سُنَةٌ تَأْبَى تَعَدِّيها
ص: 385
وَ كُلٌّ عَقْدِ بِغَيْرِ الكفءِ تَحْسَبُهُ *** عاراً عَلَيْهَا لَدَى الأَقْرانِ يُخْزِيها
فَمَنْ يَلِيقُ بِبِنْتِ المُصْطَفَى حَسَباً *** ومَنْ مِنَ العَرَبِ العَرْباءِ كافِيها(1)؟
وَ مَنْ يُناسِبُ طَه كَيْ يُصاهِرَهُ *** وَ هيَ المُصاهَرَةُ المسعودُ مُلْفِيها؟
غَيْرَ العَلِيِّ رَبيبِ المُصْطَفَى وَ لَهُ *** سَبْقُ الهِدَايَةِ مُذْ نادى مُنادِيها
فَإِنَّهُ بعدَ طه خيرُ مَنْ ولَدَتْ *** قُرَيْسُ منذُ بَا البارِي ذَراريها
وَ إِنَّهُ بَطلُ الإسلام تَعْرِفُهُ *** تِلْكَ الحروب التي أمسى مُجَليها
وَ أَعْلَمُ النَّاس بالشَّرْع المُشرَّفِ بَعْدَ *** المُصْطَفى لا و أَجْلَى النَّاسِ تَفْقِيها
وَ أَظْهَرُ النَّاسِ نِيّاتٍ وَ أَطْيَبُها *** قَلْباً إِذا ما أَرَدْنَا أَنْ نُجَارِيها
وَ أَبْلَغُ النَّاسِ أَقوالاً وَ أَفْصَحُها *** خِطابَةٌ وَ هُوَ يُنْشِيها وَ يُلْقِيها
وَ أَزْهَدُ النَّاسِ في الدُّنيا وَ زُخْرُفِها *** وَ أَبْعَدُ النَّاسِ عَنْ مُغْرِي مَلاهِيها
وَ أَرْحَبُ النَّاسِ صَدْراً بِالعُفاةِ إذا *** وافَتْهُ ما في يَدَيْهِ كَانَ يُوليه
هذا العميدُ المُفدّى كُفْءُ فَاطِمَةٍ *** وَ خَيْرُ نِدِّ لها مِنْ دُونِ أَهْلِيها
لِذَلِكَ اخْتارَهُ رَبُّ السماء لها *** بَعْلاً و أَمْسَتْ به الدُّنْيا تُهَنِّيها(2)
و قَبْلَهُ عُمَرُ وافى بِإِثْرِ *** أَبي بَكْرٍ وَ كُلُّهما قَدْ كانَ يَبْغِيها(3)
جاء الخُطبَتِها طه فقالَ أَنَا *** مُسْتَنْظِرٌ لابنتي حُكْمَ القَضا فيها
كذاكَ رَدَّهُمَا الرَّدَّ الجميل *** لامُرِ اللَّهِ لِلْمُرْتَضَى العالِي مُهَيِّيها
ص: 386
حتى إذا أَذِنَ البارِي بِخُطبَتِهَا *** إلى عَلِيٌّ سَعى طَه يُراضِيها(1)
فجاءَها قائِلاً: إنّ العليَّ فَتى *** قُرَيْشٍ يَبْغِي فَتاتِي جَاءَ رَاجِيها
قالَتْ : أَتُزَوِّجُني من مُتْرَبِ أَبتا *** وسائِلُ الدَّمْعِ يَهْمِي مِنْ مَآقيها(2)
فقال: وَاللَّهِ لَمْ آذَنْ بِزِيجَتَكِ *** الزَّهراءِ إلا لأَنَّ اللَّة راضيها
وَ مَا تَكَلَّمْتُ فيها قَبْلَ أَمْرِ الهي *** فَهُوَ لِي مِنْ سَماهُ كانَ مُوحِيها
قالَتْ: إذن يُعيةُ الخَلاقِ نافذةٌ *** وَ قَدْ رضيتُ بها إِنِّي أُجَرِّبها
و كانَ أَوْعَزَ طهُ لِلْعَلِيِّ بأنْ *** يَأْتِيهِ لِلْخُطْبَةِ المَغْبُوطِ حاظِيها(3)
فقد أتاه أبوبَكْرِيُبَشِّرُهُ *** بِنِعْمَةٍ لَيْسَ الأَهُ مُلاقِيها(4)
ص: 387
وَ كانَ مَعْهُ أَبُوحَفْصِ يُرافِقُهُ *** بِذِي المُهمَّةِ حَسْبَ الأَمْرِ يَقْضِيها
قالاً: التّمِسُ مِنْ رَسولِ اللَّهِ فَاطِمَةً *** فما لِغَيْرِكَ يَابنَ الوُدْ مُعْطِيها
فقالَ: ذَكَرْتُمانِي لاعَدِمْتُكُما *** بِنِيَّةٍ طالما قَدْ كُنْتُ ناوِيها
وَ سَار يَخْطُبُ بِنْتَ المُصْطَفَى عَجَلاً *** فَلَمْ يَخِبُ بِرِغابٍ كانَ مُسْدِيها
كذا أبوقاسِمٍ باليُمْنِ زَوَّجها *** مِنْهُ وَ أُمَّتُهُ تُهْدِي تَهَانِيها
زُفَّتْ إِلَيْهِ بإجلالٍ وَ أَحْمَدُ يَدْعُو *** أَنْ يَزِيدَهُما الرَّحْمَنُ تَرْفِيها(1)
جَزَى يُرفه في هذا القِرانِ كَما *** مَضى إلى بِنْتِهِ الزَّهْراءِ يُرْفِيها(2)
و قالَ: بارِكْ إلهَ العَرْشِ عَقْدَهُما *** أَكْثِرُ ذَراريهما المَحْمُودَ ناشِيها(3)
ص: 388
زفافُ سَعْدِ به الأَمْلاكُ قَد شَرِكَتْ *** أَهْلَ الدُّني بالتهاني مِنْ أَعاليها
أَيُّ البَشائِرِ أَسْمى من يشارَةِ ذَيَاكَ *** القِرانِ وهَلْ بُشرى تُسَامِيها
بَدْرُ الحَنيفيةِ السَّمْحَاءِ قارَنَ شَمْساً *** قَدْ أَضَاءَتْ سَنَى مِنْ صُلْب واليها
وَمِنْهُما انْتَظَرَ النَّسْلُ المبارَكُ تَمْلأُ *** الأَرضَ خَيْراتُهُ الكَثْرى فَتُحْيِيها
فاللَّهُ كَفَرَهُمْ وَاللَّهُ طَهَّرَهُمْ *** وَ اللَّهُ أَوْلاهُمُ عِزّاً وتَوْجِيها
وَ اللَّهُ أَوْجَبَ وافي الاَحترامِ لَهُمْ *** وَحُبُّهُمْ إِنَّ ذا ذِكْرَى لِنَّاسِيها
فَمَنْ يُناوِيهِمُ ناوَى الرِّسالَةَ في *** شَخْصِ الرَّسولِ فَكُفْرٌ مَنْ يُناوِيها(1)
وَ إِنْ عَائِشَةٌ مِنْ نَفْسِها شَهِدَتْ *** شهادةً لَمْ تَذَرْ شَكَّا لِراويها(2)
قالَتْ: عَلِيٌّ وَذَاتُ الظُّهْرِ زَوْجَتُهُ *** كَانَا أَحَبَّ الوَرى طراً لهادِيها(3)
ص: 389
(بحر البسيط)
الشيخ علي أبو المكارم
أتى بها اللّهُ إظهاراً لِقُدْرَتِهِ *** مِنْ جَنَّةِ الخُلْدِ لا أُنثى تُباريها
وَ لَيْسَ تَهْوِى سِوى العَدْلِ الَّذِي اتَّسقَتْ *** بِهِ الشَّريعةُ في أَعْلَى مَباديها
تَضُمُّ في جَنْبِها الإحسانَ مُنْبَثِقاً *** يَرْمي الصَّرامةَ قاصِيها وَدانيها
بُرْدَ التقى من نسيج الدِّينِ قَدْ لَبِسَتْ *** وَ خَوْفُ ذي العِزَّةِ العَلْياءِ مُضْنِيها(1)
نديّها الفَضْلُ مهما رُمتَ من حِكَمٍ *** فَاقْصُدْ كفيتَ التَّواني فَضْلَ ناديها(2)
نَفْسي فداؤكِ أُمَّ المُجْتَبَى حَسَنٍ *** زَوْجَ الوَصِي وَ بِنتَ الطّهْرِ هَادِيها
أمُّ الحسينِ وَ مَنْ فاقَ الورى شَرَفاً *** وَ ثَوْرَةٌ في الوَرى عَزَّتْ مَبَانيها
أَهْلُ الكِساءِ وَ حَسْبِي أَنَّهُ شَرَفٌ *** تَعْنُو لَهُ النَّاسُ تَقْديساً وَ تَنْزِيها
وَ صَفْوَةٌ طَهَّرَ الجَبَّارُ ساحَتَها *** وَ أَنْزَلَ الذِّكْرَ لُطفاً في مَغانِيها(3)
وَ دَوْلَةٌ لايَهِدُّ الجَوْرُ ما رَسَمَتْ *** على جَبِينِ البَرايا مِنْ أياديها
قَدْ بِاهَلَ المُصْطَفَى خَيْرَ الأَنامِ بِهِمْ *** نَجْرَانَ حِينَ تَرامَتْ في دَواهِيها
فكانَ خَيْبَتُهُمْ في الأَمْرِ تَفْضَحُ ما *** قَدْ بَيَّتُوهُ وَعَزَّ اللَّهُ داعيها
وَليْتَهُمْ حَيْثُ لايَبْقى بهم أَحَدٌ *** تُرمى به شِرْعَةَ الهادِي وَ نَادِيها
ص: 390
لَوْ أَنَّهُمْ باهَلُوهُ لَمْ يَعُدْ لَهُمُ *** مِنْ نَافِحَ جَذْوَةٌ لِلنَّارِ مُذْكِيها
وَ كَانَ دَأَبُهُمْ هَوْناً عَلَى نَفَرٍ *** فَأَوْتَرَتْ أُسْهُما فِي وَجْهِ رَامِيها
سَلِ البريّةَ عَنْ أسمى دَراريها *** وَ عَنْ مَنارِ ضُحاها في مَعاليها
عَنْ عِلةِ الكَوْنِ عَنْ أَسمى جَواهِرِهِ *** عَنِ الرِّسالة في دُنيا لآليها
عَنْ نُسْخَةِ الحَقِّ مَنْ أَعْطَاهُ مالِكُهُ *** مُلْكَ الحياة و كانَ المرتجي فيها
عَنْ حِكْمَةِ اللهِ في يَوْمِ القِيَامَةِ مَنْ *** لَهُ بِهَا الأمرُ فَالمُخْتَارُ قاضيها
عَنِ النَّبيِّ الرَّسُولِ الطُّهْرِ خَيْرِ بني *** حوّاءَ في مُبْدِيءِ الدُّنيا وَ تَاليها
مُحَمَّدٌ شَرَّفَ الدُّنيا بسيرَتِهِ *** و لاتَزالُ سَل التاريخ يَروْيِها
تِلْكَ الجَهالةُ في تيّارِ نَقْمَتِها *** أَوْدَتْ بِكُلِّ امْرى زُوراً وَ تَمْوِيها
وَ كان فيها حصيداً كُلُّ ذي عِظم *** و المؤمِنُ الصُّلْبُ أَضْحَى مِنْ مَراعيها
وَ أَصْبَحَ النَّاسُ لادِينٌ و لاشرَفٌ *** فَالخَمْرُ أَصْغَرُ ذَنْبٍ في مَعاصيها
فازْدانتِ الأرْضُ في ميلادِهِ وَ سَمَتْ *** تَطاولاً فَهُوَ دُونَ الخَلْقِ مُحْييها
وَ تِلْكَ آيَاتُهُ في الكَوْنِ ساطِعَةُ *** المَجْدُ يَحْدِمُها وَ الحَقُّ يَحْمِيها
مَنْ ذا رَأى النَّارَ تَخْبُو في طَبيعَتِها *** كَأَنَّ طول المدى قَدْ َعادَ يُخْبيها(1)
مَنْ ذا رأى لِصروح المُلْكِ خاشِعَةً *** ما بَيْنَ مَنْ رَفَعَتْ قِدْماً بِأَيْدِيها
هذا أذان بأنّ الظُّلْمَ مُنْدَثِرٌ *** وَ أَنَّ أَحْمَدَ يَبْقى وَ هُوَ راعيها
يَقْتَادُ سُفْنَ نَجاةِ الخَلْقِ قاطِبَةً *** يقولُ فيها ارْكَبوا فاللهُ مُجْرِيها
وَ يَوْمَ مَبْعَثِهِ قَدْ جاءَ مُنْبَثِقاً *** بِشِرْعَةٍ تُنْقِذُ الدُّنْيا وَ مَنْ فيها
و خطَّ في جَبْهَةِ الأَجْيالِ حِكْمَتَه *** وَ كانَ لِلْغايةِ القْصوى مُجَلِّيها
آياتُهُ الغُرُّ وَ القرآنُ أَعْظَمُها *** أَعْظِمْ بآياتِهِ أَعْظِمْ بوَاعيها
وَ في صعيدِ الوَرى خَطَّ السَّلامَ وَ لَمْ *** يَبْغِ الحُروب وَ أَعْطَى القَوْسَ باريها
ص: 391
نَعمْ يُناضِلُ عَنْ أَقداسِ شِرْعَتِهِ *** فَلَمْ يَكُنْ بِجَبَانِ الطَّبْعِ خاوِيها
عَلَى جَنَاحَ الليالي كُنتَ قاضيها *** هل ذُقْتَ عَلْقَمها في صَفْوَ حالِيها؟
وَ هَلْ قَضَيْتَ عَلَيْها في خُصومَتِها *** أَمْ صَدَّعَتْ جَنْبَك العالي مَخَازيها؟
وَ هَل كُشَفْتَ إلى الأجيالِ كُلْفَتُها *** أم كَلَّفَتْكَ مِنَ الدُّنْيا مآسِيها؟
هِيَ اللَّيالي وَ كَمْ في سُودِها نَكَدٌ *** تُودي النَّهارَ جِهاراً في حَرابيها(1)
خانَتْ عليّاً أميرالمؤمنينَ *** و أبناءَ الرسولِ و ما أَخْطَتْ مَرامِيها
مَنْ أَنْتَ يا دَهْرُ ماذا أنتَ مُحْدِثُهُ *** بِالمُرْتَضَى خِيرَةِ الدُّنيا وَ راعِيها؟
وَ أَشْرَفِ النَّاسِ مَجْداً في أرومَتِهِ *** مَا بَيْنَ غايرها طراً وَ مَاضيها
ما بَيْنَ ساقي ضيوفِ اللَّهِ مُقْرِيْها *** وَ سادِنِ الكَعْبَةِ الغَرَا وَ حَاميها(2)
وَ بَيْنَ أُمِّ سَمَتْ بَيْنَ النِّساءِ هُدى *** وَذَيْلِ طُهْرٍ تَعَالَى اللَّهُ مُهْدِيها
أَعْظِمْ بِأُمِّ عَلِيَّ مِنْ سُلالَتِها *** تَسْمُو النِّسَاءَ فَخَاراً في مَعَالِيها
أَعْظِمْ بِوَالِدِه الزَّاكي وَمَنْ شَمَخَتْ *** أُمُّ القُرى بِعُلاهُ في الوَرى تِيها(3)
فَدّى الرَّسُولَ و والاهُ وَشايَعَهُ *** وَ للرِّسالةِ أَضْحَى وَ هُوَ حاميها
وَآثَرَ اللَّهَ إيماناً بِنَزْعَتِهِ *** حَتَّى مَضى طَاهِرَ الأَبْرادِ ناقِيها
تَهَنى أَبَا الحَسَنِ الهَادِي بِخَيْرِ أَبٍ *** مِنْ بَيْنِ أُمَّتِهِ بِالطُّهْرِ سَامِيها
وَ هَلْ تَنالُ المُرَيَّا ساعِدٌ جُدِمَتْ؟ *** إِنَّ المُرَيّا لَتَسْمُو مَنْ يُجاريها
ضَلَّتْ أُميِّ بِنُكْرانِ الحَقِيقَةِ مِنْ *** عَلْيَاكَ حتّى أَتَى الشَّحْناءَ آتيها(4)
نُكرانُ فَضْلِ أبيكَ الظُّهْرِ شِنْشِنَةٌ *** جَنَى المخازي بها في الناسِ جانيها(5)
ص: 392
وَ حمَلَتْ أَلْسُنُ الأَزْمَانِ شَقْوَتَها *** وَ ضَلَّ مُنْكَرُ فَضْلِ مِنْهُ تَمْوِيها
و أَنكَرُوا بَيْعَةً قامَ النَّبِيُّ بِهَا *** (يَوْمَ الغَديرِ) وَ أَرْسَى مِنْ صَيَاصِيها
لازِلْتَ في النَّاسِ مَظْلُوماً أَبا حَسَنٍ *** وَ الحُرُّ تَفْقِدُهُ الدُّنيا تَهانيها
بنْتُ النَّبِي رَسولِ اللهِ سَيِّدَةُ النِّسَاءِ *** مَنْ فِى النّسَا طُرّاً تُحاكيها(1)؟
ص: 393
لَم يَفْقِدِ الناسُ مِنْ ظَه أظلَّتَهُ *** إِنَّ امتداد حياةِ المُجْتَبى فيها
لِذاك كنّى رَسُولُ اللَّهِ بَضْعَتَهُ *** حقاً بأم أبيها في مَعانيها(1)
فالسِّلْمُ في الحَسَنِ الزاكي لها سَبَبٌ *** في نَسْجِ بُرْدَتِهِ فِي طُهْرٍ مُسْدِيها
وَ ثَوْرَةٌ للحُسَيْنِ الظُّهْرِ تَجْبُرُ مِنْ *** كَسْرِ عراها وَحْيَ اللَّه آسيها
وَ فَلْسَفَاتُ مَعالي الدِّينِ تَظْهَرُ في *** صَحيفةِ السيِّدِ السَّجادِ هاديها
وَ باقرُ العِلْم مَنْ أَسْمى أَشِعَّتِها *** وَ جَعْفَرُ الصَّادِقُ المِعْوَارُ مُبْدِيها
وَ كَاظِمُ الغَيْظِ رَمْنٌ مِنْ قَداسَتِها *** وَ فِي الرِّضا مَجْدُ راعيها وَراوِيها
وَ في الجوادِ لها عُمْرٌ وإِنْ قَصُرَتْ *** أَيَّامُهُ فَهُوَ بدر في لياليها
و في أبي الحَسَنِ الهادي مَكارِمُها *** و في ابْنِهِ شَمُخَتْ عزّاً مَغانيها
وَ في ابنها الحُجَّةُ الباقي مَنابِرُها *** سَمُونَ عِزّاً أَعَزَّ الله حاميها
إِلَيْهِ تُعْزى معالي الحقِّ أَجْمَعُها *** فجلَّ فيما لَهُ يُعزى وَ عازيها
به الحَقَائِقُ تَبْدُو وَ هْيَ ضَاحِكةٌ *** مِنْ بَعْدِ مَا قَدْ أَساءَ الصُّنْعَ طاويها
وَ تَمْلأُ الأَرْضَ عَدْلاً في حُكومَتِهِ *** وَ دَوْلَةُ الجَوْرِ دُكَّتْ في مَهَاوِيَها
لذاك أَنْكَرَتِ الظُّلامُ دَولَتَهُ *** وَنِيَّةُ الفُحْشِ تُبْدِي خُبْتَ ناويها
يا مَنْ بِهِ بَشَرَتْ كُتُبُ السَّماءِ ويا *** عِدل الكتاب وآيَ الحقِّ حاويها
يا صاحِبَ العَصْرِ يا صَرْحَ الرِّسالَةِ قُمْ *** وَ انقُذْ شَريعَةَ طَهَ مِنْ أَعادِيها
فَالنَّاسُ ضَلَّتْ فَمِنْهُمْ أَنْفُسٌ كَفَرتْ *** وَ ساقَها لِجَحِيم النار حاديها
وَ أَنْفُسٌ عَصَتِ الباري بِنِعْمَتِهِ *** وَأصبَحَتْ شِيْماً في حُبِّ مُغْرِيها
مَا أَبْصَرَتْ رُسُداً طاشَتْ حُكُومَتُها *** وَ الْمُؤْمِنُونَ ضحايا في مَواميها(2)
نَبْعُ الرِّسالة في صافِي لآلِيهَا *** سِبْطُ الرَّسولِ مُجَليها وَ حَاويها
ص: 394
فَاللُّؤلؤ المُنتقى في الذِّكرِ مِنْ (حَسَنٍ) *** به تَسامي من الأخيادِ حاليها
لِلْمُصْطَفَى وَعَلِي خَيْرُ ما نَسَبَتْ *** أَطرافُ قَوْم وَ فَازَ المُجْتَبَى فيها
سيادتان له في الناسِ جَمْعُهُما *** قِيَادَةٌ جَمَعَ الزاكي نَواحِيها
مَنْ مِثْلُهُ في البرايا كلُّ مَكْرُمَةٍ *** تُعَدّ لِلأنبياء الغُرُ أُوتيها؟
تَحدَّثَ اللَّهُ عَنْهُ بَيْنَ أُمَّتِهِ *** فَكَانَ لِلْغَايَةِ القصوى مُجَلِّيها
هذا هُوَ الذَّكرُ في الآياتِ يَنْعَتُهُ *** وَ كانَ عِدْلاً له فضلاً وَ تَشبيها
خَطَّى بأُمَةِ خَيْر المُرْسَلينَ إلى *** أَسمى الفَضَائِلِ فِي أَرْقى مَبانيها
قدْ أَمْسَ المُصْطَفَى للسلم خُطَّتَهُ *** وَ لِلزَّكِي بِهِ رُوح تُناجيها
حتّى أقام لها الزاكي وَ رَوَّجَهَا *** وَ كانَ للأُسُسِ العَليَاءِ بانيها
هذا القُعودُ الّذي أَرْسَى قَواعِدَهُ *** في أُمَّةِ المُصْطَفَى الزَّاكي مُرَبِّيها
لِكَيْ يَقُومَ أَبي الصَّيْم مُنْتَقِماً *** مِن الطَّعَاةِ لِتَرْدَى نَفْسُ تيها
حتى إذا ما انتهى في شوْطِهِ ومَضى *** جاءَ الحُسَيْنُ أَبُو الأحرارِ يُطْرِيها
أقامها ثَوْرَةٌ عَصْمَاءَ صارخةً *** أَحْيَا بها شِرْعَةَ الهادِي وَ دَاعيها(1)
نورانِ قَدْ نشرا للْمُصْطَفَى عَلَماً *** تَقْضِي الظُروفُ به في حُكمٍ باريها
حياتُهُ كُلُّها سِلْمٌ وَ مَصْلَحَةٌ *** لِلْمُسْلِمِينَ بِرَهُم مِنْ أَفاعيها
بِهِ قَدْ اقتلِعَتْ آلامُ أُمَتِهِ *** و قَطَّعَ اللَّهُ فيهِ كُلَّ داحِيها
و أَبْصَرَتْ رُشْدّها من بعدِ هُدْنَتِهِ *** لكنّها قَدْ تَعامَتْ في مَناَفيها
وَدَسَّ فِرْعَوْنُها سُمّاً لِيَقْتلَهُ *** فنالَ مِمَّا ابتغى فيه أَمانيها
مَضى و ما زالَ مظلوماً مصائِبُهُ *** على اِمْتِدَادِ اللّيالي لَيْسَ نُحْصِيها
أَللمكارِمِ فَضْلُ الذِّكْرِ عالِيها *** أم للخُرافاتِ في دنيا سَعاليها(2)
ص: 395
لِلْبَيْتِ لِلْكَعْبَةِ الغَرَاءِ مِنْ حَرَمِ *** أَمْ لِلْمَتَاهَاتِ فِي أَشْقَى صَحاريها
لِلْمَنبع الظهر في وادي العُلى شَرَفٌ *** أَمْ لِلدعارة في مَرْمَى سَواقيها
لكن، ويا للأسى الأيامُ تَرْفَعُ مَنْ *** دَنَى وَ تَخْفِضُ عالي الرُّوح ساميها
يُدعى يزيد أميرالمؤمِنينَ و َيُضْحِي *** السَّبْطُ مُلْقَى عَلَى الرَّمضاءِ داميها
أيْنَ الخِلافَةُ باللَّه قَدْ هَزُلَتْ *** إذا يزيدُ الخَنا في الناسِ داعيها؟
يَزيدُ ما كانَ الأنَتْنُ سَيِّئةٍ *** قَضَتْ على شِرْعَةِ الهادي وَ ناديها
مَنْ ذا معاويةٌ في عِهْرِ مَنْبَعِهِ *** خَلْطُ الفجورِ تَرامَتْ في مجاريها؟
قَدْ حرّمَ اللهُ والهادي خلافَتَهُ *** لكنْ تَعدّى لها مِنْ كَفَّ طَاغِيها
حُكْمُ الوِرَاثَةِ مِنْ صَخر الضَّلال رَمَى *** بِالعِهْرِ ابْنَاهُ قاصِيها ودانيها
هَذِي مَعَالِمُ خَيْرِ المُرْسَلِينَ غَدَتْ *** تُبَاحُ مَبْنِّى وَ مَعْنِّى بَيْنَ أَهْلِيهَا
قَدْ غَيَّرُوا سُنّةَ الهادي وَكَمْ رُمِيَتْ *** أرضُ الحجازَيْنِ مِنْهُم في دواهيها
لذاك أضحى رَسُولُ الفَتْح يُعْلِنُها *** بصَرْخَةٍ يَمْلأُ الأَرْجَاءَ داويها
حيّوا حُسَيْنَ المعالي في تَحرُّرِهِ *** وَ الصَّحْبُ تَرْفَعُ بَنْدَ الحقِّ أيديها
وعَظَّمُوا فيه أُختاً لامثيلَ لها *** في ثَوْرَةٍ شَبَّ للإيمان زاكيها
عقيلةُ الطالبِييْنَ الأُباةَ وَ مَنْ *** هَذَتْ عروش البغايا في نواديها
أَمْلَتْ على الدَّهْرِ آياتِ البُطُولَةِ في *** عَزم به تُنْعِش المَوْتى و تُحيِیِها
ما ضَعْضَعَ الخَطْبُ منها بيتَ نَجْدَتِها *** وَ تِلْكَ خُطْبَتُها أَمْضَى مَواضيها
و قد رَأَتْ في الثَّرى صَرْعى أَحِبَّتَها *** وَ فَوْقَها صَبَّتِ الدُّنيا دَواهيها
إنَّ الرِّسالة لا تَخْبُو أَشِعَتُها *** وَ العِشرَةُ الغُر أبواب لأَهْلِيها
ص: 396
أوْ كَمِثْل الزَّهْرَا وَكُلٌّ غدا مِنْهُمْ *** قَرِيباً مِنْ ذِي الجَلالِ وَجِيها
بَلَغُوا رُتْبَةً فَكُلُّ قريبٍ *** عاجِرٌ أَنْ يُنالَ أَوْ يَرْتَقِيها
نَجِّنِي مِنْ عَذَابٍ حَشْرِي وَخَلَّصْني *** مِنْ شِدَّةِ تَوَرَّطت فيها
وَ بِحُبِّي لَهُمْ وَ حُسْنِ رَجَائِي *** لَقْني بُغْيَتِي الَّتي أرْتَجِيها
فلَعَلِّي أَرى بِنَوْمِي بَشِيراً *** مُخْبِراً لِي بِنُجْح ما أَبْتَغِيها
لَيْسَ عِنْدِي مِنْ فِعْلِ خَيْرِبِهِ *** أَرْجُو سِوى حُبِّهِمْ يُبَلِّغُنِيها
وَ سِوىَ بُعْضٍ مَنْ تَعدّى عَلى *** الزَّهْرا وَعَنْ أَخْذِ حَقْهَا يَزْوِيها(1)
كَذَّبُوها واللَّهُ طَهَّرها مِنْ كُلِّ *** رجس بآية يُبْدِيها(2)
ص: 398
خاصَمُوها وَاللَّهُ خَصْمُ لِمَنْ *** خاصَمَها في غَدٍ وَمَنْ يُؤذيها(1)
مَنْ أَبُوها مَنْ بَعْلُها مَنْ بَنُوها *** أَنْكَرُوا حَقَّها بِنَصْ أَبِيها
وَ أَبيها لَوْ أَضْمَرُوا بَعْضَ حُبِّ *** لأبيها لراقَبُوا اللَّهَ فيها
ما أَرى القَوْمَ يُؤْمِنُونَ بِبَعْثٍ *** وَ عَذابٍ وجَنَّةٍ تُؤويها
أَنَسَوْا آيَةَ المَوَدَّةِ في القُربی *** وأَجْرَ النَّبيِّ إِذْ يَقْتَضِيها(2)
غَصَبُوها وَبَعْدَ إِذْ أَسْقَطُوها *** وَ تَمادَوا بالظلم في أَهْليها(3)
ص: 399
لَسْتُ أدْرِي خِلافَةٌ خَلَعُوها *** مِنْ عليَّ لِمَنْ تُرى تُعْطِيها؟
وَ هيَ الرُّتْبَةُ الَّتِي خَصَّهُ اللَّهُ *** بها دونَ كُلِّ مَنْ يَبْتَغِيها
أَنَسَوْا بَيْعَةَ الغَدير وما ظَنِّي *** نَسَوْها وَ المُصْطَفَى يُجْرِيها
وَ تَنادَوْا إلى سَقِيفَةِ شِرْكٍ *** وتَواطَوْا عَنِ اجتبابِ ذَوِيها(1)
ص: 400
(بحر الكامل)
الشيخ علي منصور المرهون
و له مخمساً قول بعضهم عن لسانها علیها السلام
عَرِّجُ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ مُحَمّدٍ *** وَ الْقَمْ تُراباً خَالَطَ العِطْرَ النَّدِي(1)
وَاهْتِف بأخزانٍ وقَلْبِ مُكْمَدِ *** ماذا عَلَى مَنْ شَمَّ تُرْبَةَ أَحْمَدِ(2)
أنْ لاَ يَشُمَّ مَدَى الزَّمانِ غَوالِيا(3)
عَفِّرْ جَبينَكَ نادِباً خَيرَ الوَرى *** وَ ارْفَعْ لَهُ ُصوتَ الشَّكَايَةِ مُخْبِرا
أَسْمِعْهُ قولاً لَمْ يَكُن فيه افترا *** قُلْ لِلْمُغَيَّب تَحْتَ أطباق الثَّرى
إِنْ كُنْتَ تَسْمَعُ صَرْخَتِي وَ نِدائِيا
قَدْ أَظْهَرَتْ كُلُّ الصَّحابةِ ضِعْنَها *** وَ تَعَمَّدَتْ ظُلْمي وَفِعْلاً سَنَّها(4)
وَ عَلَى وَصيَّكَ غارةٌ قَدْ شَنّها *** صُبَّتْ عليّ مَصائِبٌ لو أنّها
ص: 401
صُبَّتْ عَلَى الأَيَّامِ صِرْنَ لياليا(1)
ص: 402
(بحر السريع)
الشيخ فاضل الصفار(*)(1)
أو لِبنْتِ المُصْطَفَى الزَّاكِيَهْ *** كَمْ لَوْعَةٍ أَمْسَتْ بها باكيهْ(2)
***
آه لَها بَعْدَ أَبيها الرَّسولْ *** دائِمَةُ الحُزْنِ عَلَيْهِ تَجُولْ
تَنْدُبُهُ طَوْراً وَ طَوْراً تَقُولْ *** يا أبتاه بالعَزا بَاقِيَهْ
***
مَقْرُوحةَ العَيْنِ عَلَيْهِ بَكَتْ *** ناحِلَةَ الجِسْمِ بِسُقْمِ قَضَتْ
زافِرَةَ الأَحْشاءِ مِمّا رَأَتْ *** لَهُفِي لها شاكِيَةً باكِيَهْ
***
لَهُفِي لَها إِذْ أَحْرَقُوا دارَها *** وَ البَضْعَةُ الزّهرا بأَخْدارِها(3)
ص: 403
صائِنَةُ المَجْدِ بأَسْتَارِها *** يَا وَيْلَهُمْ مِنْ زُمْرَةٍ جانِيَهْ
***
يا لَيْتَ شِعْرِي كَمْ رَأَتْ مِنْ مُصابْ *** يُصَدْعُ الصَّخْرَ وَيُبْكِي السَّحابْ(1)
لما استجارَتْ عَنْهُمُ خَلْفَ بابْ *** فَلَمْ يُراعُوا تِلْكُمُ الهَادِيَهْ
***
لَهْفِي لها مِنْ لَوْعَةِ المِسْمَارِ *** باتَتْ بِهَا مَسْلُوبَةَ القَرَارْ
تسِحُ نُورَ الوَحْي بالإِهْدارِ *** تنزفُهُ أَضْلاعُها الزَّاكِيّهْ(2)
***
حَزِينةَ القلبِ قَضَتْ بالدموعْ *** تَنْدُبُ حقاً ضائعاً بالخُنوعْ(3)
وَ صَرْحَةُ الأعضاءِ عِنْدَ الضلوعْ *** أَمْسَتْ بها صارِخَةَ دامِيَهْ
***
إِنْ أَنسَ لاأنسى عليّاً يُقادْ *** يَأْسِرُهُ الصَّبْرُ بِحَبْلِ النَّجادِ(4)
حَيْثُ يَرى بَضْعَةَ خَيْرِ العِبادْ *** تَلْطِمُها عِقْدَاً يَدُ الطَّاغِيَهْ
***
وَكَيْفَ أَنسى لظمةَ الخُدودِ *** وَ قُرْطَها المَنْفُور فَوْقَ الجِيدِ؟
وَ ضَرْبَها وَ سَقْطَةَ الوَلِيدِ *** وَ حُمْرَةَ العَيْنِ لها ناعِيَهْ(5)
***
ص: 404
بِمُهْجَتِي أَفْدِي سُقوط الجنينْ *** مِنْ لَهْفَةِ الطُّهْرِ عَلَيْهِ رَنينْ
نَوْحٌ بِدَمْعٍ ساكِبٍ أَوْ أنينْ *** في مُسْمَعِ الدَّهْرِ له حاكِيّهْ
***
لِلَّهِ رَيْبُ الدَّهْرِ فيماجَرى *** خَطبٌ فَظيع رُزُؤُهُ قَدْ سَرَى
في آلِ بَيْتِ الوَحْي خَيْرِ الوَرَى *** قُلْ لي فَهَلْ أَبقى لَهُمْ باقيهْ؟(1)
ص: 405
(بحر الوافر)
المهندسة كوثر شاهين
دَعُوني أَبْتَدِي حَرْفي صَلاةً *** عَلَى المُخْتارِ طه وَالوَصِيِّ
وَ لِلسِّبْطَيْنِ وَ الزَّهْرَاءِ حَرْفي *** وَ لِلْحَوْراءِ بِالدَّمْعِ السَّخِيِّ
وَ مَنْ نَزَلَتْ بِها الآياتُ تَتْرى *** وَ مَنْ فُطِمَتْ بِأَكْنَافَ النَّبِيِّ (1)
وَ مَنْ في كُلِّ فاتِحَةٍ تَجَلَّتْ *** بِأَنْوارٍ مِنَ اللَّهِ الوفيّ
و مَنْ وُلِدَتْ بِمَكَّة بَعْدَ خَمْسٍ *** وَ في الإسراء في الصُّلْبِ الزَّكيِّ
بِها حَمَلَتْ خَدِيجَةُ بَعْدَوَهُنٍ *** تُحَدِّثها مِنَ الرَّحِمِ الوَضِيّ (2)
وَ تَحْضُرُ أَرْبَعٌ سُمْرٌ طوالٌ *** وَ حُورُ العين بالطَّيبِ النَّديِّ
وَ مَاءٍ كَوْثرٍ عَذْبِ طَهُورٍ *** لِغَسْلِ بَتُولِ طة والوليِّ
وَ إِذْ نَطَقَت تَباشَرَ رُسُلُ رَبِّ *** سَلاماً طيباً باسم العَلِيِّ
وَ بالسِّبْطَينِ مِنْ بَعْلٍ كَرِيمٍ *** لِنَسْل قَدْ تَبارك بِالوَصِيَ
فأَشْهَدَتِ السَّماءَ بِلا إلهٍ *** سِوَى الرحمنِ أَنْزَلَ لِلنَّبِيِّ
بِسُورَةِ (هَلْ أَتَى) في كُلِّ بَابٍ *** سَلامُ اللهِ لِلْوَجْهِ البَهيَّ (3)
ص: 406
لِخَيْرِ النِّسْوَةِ اللأتِي اصْطَفِينَ *** مِنَ الدَّارَيْنِ بِالخُلْقِ الرَّضِيِّ
بِها بَحْرُ النُّبُوَّةِ بَحْرُ طه *** وَ بَحْرُ المُرْتَضَى الهادِي النقي
لِيَخْرُجَ مِنْهُما السِّيْطَانِ نُوراً *** وَ زَيْنُ العابِدينَ مِنَ التَّقيِّ
هُوَ البَكَّاءُ لِلْحَوراءِ يَهْدِي *** بِبَيْتِ الحُزْنِ بِالدَّمْعِ السَّخيّ
صَلاةٌ في قيام في قُعودٍ *** بِذكرِ اللَّهِ بِالقَوْلِ السَّمِيِّ
فَيا حَوْراءَ له لي صَلاةٌ *** إِلَيْكِ بِأَدْمُعِ المُزْنِ الرَّوِيِّ(1)
أجِيءُ لِرَوْضَةٍ مَابَيْنَ قَبْرٍ *** وَ مِنْبَرِ سَيِّدِ الخَلْقِ العَليّ
أُعَفِّرُ جَبْهَتِي وَأَمُدُّ كَفَي *** لأَضْرَعَ بِالصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ (2)
وَ مَنْ قَدْ أَحْصَنَتْ لِلَّهِ نَفْساً *** بِقَوْلِ الحَقِّ وَ النَّهْجِ السَّوِيِّ
فَحَرّمَ نَسْلَها مِنْ لَمْسِ نَارٍ *** وَ شِيعَتَها، فَيا مَنْ بِالغَرِيِّ(3)
عَلَيْكَ سَلامُ رَبِّكَ في جِنانٍ *** مَعَ الحَوْراءِ بِالنُّورِ البَهِيِّ
فَحَيُّوا بِالصَّلاةِ مُقامَ طه *** وَ حَيُّوا بِالوِلايَةِ لِلطالبي
وَخَيْرِ الخَلْقِ مِنْ إِنسِ وَجِنَّ *** وَ بابِ العلم من بعد الهدي(4)
بهِ الآيَاتُ قَدْ نَزَلَتْ تباعاً *** و في خُمِّ وَ خَيْبَرَ مِنْ عَلِيّ
لأُمّ أبيها فاطِمَةُ البَتُولُ *** وَ وَارِثَةُ الطّهارَةِ وَ النَّبِي
قَرِينَةُ سَيْدِ الثَّقَلَيْنِ تَشْكُو *** لِرَبِّ العَرْشِ مَظْلَمَةَ الجَنِيِّ
هي الحَوْراءُ لا أَبْغِي سواها *** بِبِرَّ أَقْتَفِي نَهْجَ الرَّضيّ
قَسِيمٍ النَّارِ وَ الجنّاتِ رُوحِي *** فِداكَ أبا تُرابٍ مِنْ وَصِيِّ
ص: 407
وَ مِنْ زَوْجِ لِخَيْرِ نِساءِ أَرْضٍ *** وَ في الدَّارَيْنِ بِالنُّورِ البَهِيِّ
سَلامُ اللَّهِ حَوْراءٌ لِطه *** لآلِ البَيْتِ مِنْ رَبِّ سخيّ
لِكُلِّ المُؤْمِنِينَ بِهِمْ جَمِيعاً *** أَئِمَّةِ طُهْرِ آلَاءِ العَلِيِّ
فَصلُّوا إِخْوَتي في ذكرِ أُمِّ *** هِيَ الزَّهْراءُ مِن نُورٍ الجَليِّ (1)
هِيَ الحَوْراءُ بَحْرٌ مِنْ عُلومٍ *** وَ مِنْها نَسْلُ له وَ الوَصِيَّ
مُبارَكةٌ طَهُورٌ في سماءٍ *** وَ نُورُ المُصْطَفى، أُمّ الصَّفيّ (2)
ص: 408
(بحر الكامل)
الشيخ محسن أبو الحب (الكبير)(*)(1)
لاتَعْبسي وَجْهاً عَليَّهْ *** ما راعَ مِنْكِ القَلْبَ رَبَّهْ
كَلاً وَ لاحاوَلَتُ قُرْباً *** مِنْ منازِ لكَ القَصِيَّهْ
إِنْ تَقْرُبي أَوْ تَبْعُدي *** سيّان أَمْرهُما لديَّهْ
إِنّي لآنِفُ أَنْ يَقُولَ *** النّاسُ فيكِ هُزاً وَ فِيَّهْ(2)
شَيْءٌ عجيبٌ قَبْلَهُمْ *** شيخٌ تَعَشَّقَهَا صَبِيَّهْ
یا حَبَّذا لَوْ أَنَّ لِي *** نَفْساً مِنَ البَلوى خَلِيَّهْ
هِيَ أَقْلَقَتْ كَبِدِي وَ أَسْكَنَتِ *** القَذى في ناظِريَّهْ
يا بئسَمَا نُمْسي وَ نُصْبِحُ *** فِيهِ مِنْ فِعْلٍ وَنِيَّة
هذا عَلى هذا يَصُولُ *** و ذاكَ يُغْضِبُ ذاكَ فِيَّهْ
باللَّهِ أُقْسِمُ وَ النَّبيِّ *** وَ لَيْسَ بَعْدَهما البَنِيَّهْ
ما شاعَ في الأَرْضِ *** الفَسادُ وَ أظهَر البِدْعَ الخفيهْ
إلا الأُلى جَحدوا الوَصِيَّ *** وَ نَازَعُوهُ في الوَصيَّهْ(3)
وَهُمُ الَّذِينَ عَدَوا على *** دارِ المُطَهَّرَةِ الزَّكِيّهْ
ص: 409
جَمَعُوا لَها حَطباً و جاؤوا *** يَتْبَعُ المَغْرِيُّ غَيَّهْ(1)
لَمْ يَحْفَظُوارب السَّما *** فيها و لاحَفِظُوا نَبِيَّهْ
آلَوْا على أن لايُبقُّوا *** من بَني الهادي بَقِيَّهْ
ألقَوْمُ قَصْدهُمُ النَّبِي *** وَ مُذْ مَضَى قَصَدُوا وَصِيَّهْ
إِنْ لَمْ تُصَدِّقْ ما أقولُ *** فَسَلْ عَنِ القَوْمِ ا الثَّبيَّهْ
نَزَعُوا لَها سَهُما وَلَكِنْ *** أخطأَ السَّهْمُ الرَّمِيَّهْ
لاتَنْسَ بَضْعَةَ أَحْمَدٍ *** وَ اذْكُرْ مُصِيبَتَها ال الجَلِيّهْ(2)
إِذْ أَقْبَلَتْ َتمْشِي تَحُفُّ *** بها نِسَاءٌ هَاشِميَّهْ(3)
جَاءَتْ لتَطْلُبَ إِرْثَها *** إِذْ لَمْ تَزَلْ عَنهُ غَنِیَّهْ
لكنْ لِتُنْبي النَّاسَ أَنَّ *** النَّاسَ عَادُوا جاهليّهْ
ولعلّها تَهْدِي نفوساً *** عَنْ غَوايَتها غَوِيَّهْ
وَ دَعَتْ وَكانَ دعاؤُها *** أجْلى مِنَ الشَّمْسِ المُضِيَّهْ
فَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا *** وَ كأَنَّ دَعْوَتَها خَفِیَّهْ
ياقومُ مَالَكُمُ سَكَتُمْ *** عَنْ ظُلامَتي الشَّنِيَهْ
إِرثي يَفوزُ بِهِ بَنو اللَّخْنا *** وَ يُحْبَسُ عَنْ بَنِیّهْ(4)
ص: 410
اللَّه يابن أبي قحافة *** كَمْ تَرُومُ بنا الأذيّهْ(1)
لاتَمْنَعُوني نِحْلَتي *** وَ دَعُوا حُقودَ الجاهليهْ
اللَّهُ يَحْكُمُ لي بها *** وَيَجُورُ حُكْمُكُمُ عَلَيْهْ
مَا كُنتُمُ إِلا بهائِمَ *** عِمايَتِها وَدِيَّهْ
حتّى بنا رَبُّ السَّما *** أعْطَاكُمُ هذي العَطِيّهْ
فَغَدَوْتُمُ تَجْنُوه مِنْ *** ثَمرِ العُلا فِينَا جَنِيَّهْ
لو أنَّ لي بكُمُ يَداً *** فيما أحاولُهُ قَويهْ
لَنَسِیتُمُ أَيَّامَ بَدْرٍ *** وَ الحُروبِ الأَوَّليّهْ
لَكِنَّ دَهْرِي خان بي *** قسراً وَ أَوْهَنَ سَاعِدَيّهْ(2)
هذا رَهِين التُرْبِ *** مَدفوناً وذَا رَهْنُ الرَّزية
مَنْ لِلْخِلَافَةِ مُذْ سَلَبْتُمْ *** جِيَدها الخالي حِليّهْ
هذا أبوحَسنٍ لها *** أَكْرم بهِ راعِي رَعِيّهْ
هذا عَلِيٌّ خَيْرُكُمْ *** حَسَباً وأَحْسَنُكُمْ سَجِيّهْ
مَاذَا نَقَمْتُمْ مِنْهُ وَ هُوَ أَشَدُّ *** حُكْماً في القَضِيَّهْ
يَوْمَ السَّقِيفةِ ما خَلَقَتْ *** على الوَرى إِلا بَلِيَّهْ
ما كانَ أَدْهى مِنْكَ *** يَوْمَ مُحَرَّم في الغاضريهْ
أَنْتَ الَّذّي البَسْتَ ثَوْبَ *** الشُّكل فاطمَةَ الرَّضِيّهْ
کَم لَيْلَةٍ باتَتْ وَ لَيْسَ *** سِوَى الحنينِ لها خَشِيّهْ
حَتَّي إذا ماتتْ وما *** ماتَت مكارِمُها السَّنِيّهْ
بأَبى الّتي دُفِنَتْ وَ عُفّيَ *** قَبْرُها السامي بَقِيّهْ
ص: 411
دُفِنَتْ وَ بَيْنَ ضُلوعِها *** آثارُ ضَرْبِ الأَصْبَحِيَّهْ
يَا بِنْتَ خَيْرِ العَالَمِينَ *** وَ صَفْوَةِ اللَّهِ الصَّفيّهْ
أرجوكِ لی غَوْثاً *** إِذا مَدَّ الزَّمانُ يداً إِليهْ
وَ لِحَاجَةٍ أَوْفاقةٍ *** لايَشْمُت الأعدَاءُ بِيَّهْ
ص: 412
(بحر البسيط)
الأستاذ محمد أحمد الشاخوري
فِي كَرْبَلا فَاطِمٌ فَرْحَى أَمَاقِيها *** تَنْعَى حُمَاةَ حُمَاةٍ ذُبحوا فِيها(1)
تَبْكِيهِمُ وَ تَقُولُ اليَوْمَ وَاحُزْنِي *** أَيْنَ النَّبِيُّ أَبِي يَأْتِي يُوَارِيها(2)؟
وَ أَيْنَ بَعْلِي أَمِيرُالمُؤْمِنِينَ؟ مَضَى *** وَ خَلِّفَ الوُلدَ صَرْعَى فِي بَرَارِيها
آهٍ عَلى جُتَثٍ بِالطَّفِّ قَدْ قُطَعَتْ *** رُؤُوسُها وَ هَجِيرُ الصَّيْفِ يَصْلِيها(3)
آهٍ عَلَى جُتَثٍ فِيها الْقَنَا لَعِبَتْ *** وَ أُرْكِزَتْ مَاضِياتٌ فِي تَرَاقِيها(4)
آهٍ عَلَى فِتْيَةٍ صَرْعَى وَكَانَ بِهَا *** لِلدِّينِ وَ الحَقِّ قَدْ نَادَى مُنَادِيها
حُزْناً عَلَيْهَا وَ مَا الأَحْزَانُ مُبَرِدَةٌ *** غَلِيلُ قَلْبٍ عَطُوفٍ غَيْرِ سَالِيهَا(5)
يا فِتْيَةً ذُبِحَتْ فِي كَربلا وَثَوَتْ *** عَلَى الْوُجُوه عَرَايَا فِي صَحَارِيها
بِنْتُمْ فَبَانَ لَكُمْ سَلْوَانُ فَاطِمَةٍ *** وَ لاَعِجُ الوَجْدِ بِالأَشْجَانِ يُشْجِيها(6)
ص: 413
يَا نَازِلِينَ عَلَى الْبَوعًا مَلاَبِسُهُمْ *** فَيْضُ النُّحورِ الْجَوَارِي وَيْل مُجْرِيها
هَلْ عِنْدَكُمْ خَبَرٌ مِنْ أُمِّكُمْ؟ فَلَقَدْ *** مِنْ رُزْهِكُمْ فِي الْعَزَا شَابَتْ نَوَاصِيها
تَكَادُ حِينَ تُنَاجِيكُمُ ضَمَائِرُها *** يَقْضِي عَلَيْهَا الأَسَى لَوْلاَ تَأْسِّيها
حَالَتْ لِفُقْدَانِكُمُ أَيَّامُهَا فَغَدَتْ *** سُوداً وَكَانَتْ بِكُمْ بيضاً لَيَاليها(1)
إِنَّ الزَّمَانَ الَّذِي قَدْ كَانَ يُضْحِكُها *** أُنساً بِقُرْبِكُمُ قَدْ عَادَ يُبْكِيها
تَقُولُ وَاحُزْنِي، بَلْ آهِ وَاحْسَنِي *** هَذَا حُسَيْنِي قَتِيلٌ فِي فَيَافِيها
هَذَا حُسَيْنِي رَضِيضُ الصَّدْرِ مُنْجَدِلاً *** تَسْفُو عَلَى جِسْمِهِ الْعَارِي سَوَافِيها(2)
مَنْ يَكْسِبُ الأَجْرَ يَأْتِي بِالسَّرِيرِ إِلَيَّ وَمَنْ *** إِلَى الصَّلاةِ يَقُمْ سَرْعاً يُصَلِّيها؟
وَ مَنْ مِنَ الآلِ وَ القُرْبَى يَوْمِ لِكَيْ *** فِي قَبْرِها رَحْمَةً مِنْهُ يُوَارِيها؟
ومنها:
تَبْكِي عَلَى فِتْيَةٍ كَانَتْ مَجَالِسُهُمْ *** أَنْوَارَتِمُ بِها تُجلى دَياجِيهَا(3)
تَبْكِي مَصَابِيحُ نُورِ اللهِ قَدْ خَمِدَتْ *** أَنْوَارُها وَنَعَى الأَكْوَانَ نَاعِيها(4)
بُعْداً لِقَوْمٍ دَعَتْ سَادَاتِها غَرَضاً *** لِنَبْلِها وَ رُفاتاً مِنْ مَدَاكِيها(5)
سُحْقاً لِقَوْمٍ دَعَتْ بِالطَّفِّ سَادَتَها *** غَرِيبةً تَرْتَوِي مِنْها مَوَاضِيها
ص: 414
(بحر البسيط)
الشيخ محمد بن أحمد آل
عصفور
أَيْنَ الشَّفِيقُ عَلَى الزَّهْراً يُوَاسِيهَا *** فِي نَوْحِهَا وَنَعَاهَا فِي غَوَالِيهَا(1)؟
وَ يَبْدُلُ العُمْرَ وَقْفاً لِلبُكَاءِ عَلَى *** أُمِّ الحُسَيْن فَقَدْ جَزَّتْ نَوَاصِيهَا(2)
قَدْ خَانَهَا الدَّهْرُ كَيْداً فِي أَطَائِبِهَا *** وَافَجْعَتَاهُ لَهَا قُومُوا نُعَزِّيهَا(3)
وَ يَجْعَلُ العُمْرَ دَأْباً وَالنِّياحَ عَلَى *** تِلْكَ الحَزِينَةِ إِنْ كُنَّا نُوَالِيها
تُبْدِي الحَنِينَ مِنَ القَلْبِ الحَزِينِ عَلَى *** فَقْدِ الْبَنِينَ وَ مَا جَفَّتْ أَمَاقِيهَا(4)
تُبْدِي الصُّرَاخَ كَمَا تَنْعَى الحَمَامُ عَلَى *** فَقَدِ الْفِرَاحَ وَ مَا تَفْنَى نَواعِيها
لَمْ يُوفِهَا الدَّهْرُ شَيْئاً مِنْ أَطَائِبِهَا *** مَفْجُوعَةٌ قَلْبُهَا قَرْحَى أَمَاقِيهَا(5)
عَاشَتْ عَلَى غُصَص تُبْدِي نَوَادِبَهَا *** لَمْ يَتْرِكِ الْبَيْنُ شَخصاً مِنْ ذَرَارِيهَا(6)
يَكُوا لَهَا إِذْ أَتَتْ بِالطَّفْ زَائِرَةٌ *** مَعْ نِسْوَة نُكَلٍ كُلِّ تُعَزّيها
ص: 415
تَبْكِي عَلَى نَجْلِهَا وَالشَّعْرَ نَاشِرَةٌ *** وَ الجَيْب مَازَقَةٌ تُنْشِي مَرَاثِيهَا(1)
يَا سَاكِنَ الطَّفْ وَالغَبْرَاءِ مُرْتَهَناً *** بِالرَّغْمِ فِيكَ العَدا أَمْضَتْ مَوَاضِيها(2)
لاقَوْكَ مُنْفَرِداً أَلْقُوكَ مُنْصَرِعاً *** تَسْفِي عَلَى جِسْمِكَ السَّامِي سَوَافِيها(3)
أَرْدَوْكَ يَا وَلَدِي مِنْ غَيْرِ مَا سَبَبٍ *** وَ رَكَّبُوا رَأْسَكَ العَالِي عَوَالِيهَا(4)
آهٍ عَلَيْكَ وَ مَا وَافَاكَ حَيْدَرَةٌ *** يَوْمَ الظُّفُوفِ لَأَفْنَى كُلَّ مَنْ فِيهَا
قرمُ الحُرُوبِ وَمَنْ تُحْمَد مَوَاهِبُهُ *** لَكِنَّ قَبْلَكَ أَرْدَاهُ مُرَادِيهَا
یَعْزُزُ عَلَى شُبَّرٍ يُبْصِركَ مُنْجَدِلاً *** تَجْرِي عَلَى صَدْرِكَ العَالِي مَدَاكِيهَا
أَوْدَاهُ بَعْدَ أَبِيهِ السُّمُّ وَاحْزَنِي *** مِنْ كَفْ جَعْدَةَ قَدْ خَابَتْ أَمَانِيهَا(5)
یَعْزُزُ عَلَى أَمكُم صُنْعَ العَدَاةِ بِكُمْ *** يَا طَالَ مَا سَهَرَتْ فِيكُم لَيَالِيهَا(6)
يَا غَائِبِينَ وَ مَنْ أَبْكَتْ مَصَائِبُكُمْ *** عَيْنِي وَ صَارَتْ بِكُمْ قَرْحَى أَمَاقِيهَا
عُودُوا عَلَى أُمِّكُمْ بَعْدَ الشَّتاتِ عَسَى *** تَشْفِي الغَلِيلَ فَقَدْ ضَاقَتْ مَسَاعِيهَا(7)
عُودُوا عَلَيَّ لَعَلِّي عِنْدَ رُؤْيَتِكُمْ *** تَقِرُّ عَيْنِي وَ نَارَ الوَجْدِ أُطْفِيهَا(8)
عُودُوا عَلَى أُمِّكُمْ فَالْحُزْنُ أَنْحَلَها *** بَعْدَ الفِرَاقِ وَقَلَّ اليَوْمَ وَالِيهَا
أَوْ حَشْتُمُونِي وَمَا عُودْتُ هَجْرَكُمْ *** فَمَنْ لأَمكُمُ النَّكْلَى يُسَلِّيها
يَا رَاحِلِينَ قِفُوا لِي كَيْ أَوَدْعَكُمْ *** تِلْكَ العُهُودُ الَّتِي كُنّا نُوَافِيهَا
وَ كَيْفَ تَهْنَى لِيَ الدُّنْيَا وَ بَهْجَتُهَا *** لَمَّا رَحَلْتُمْ عَنِ الدُّنْيَا وَ مَنْ فِيهَا
ص: 416
لَمْ تَهْنَ لِي لَذَّةٌ مِنْ بَعْدِ رُزْنِكُمْ *** بَدَلْتُمُ حَيَاتِي بِالمُرُ حَالِيها
يَا قَاتِلِي وَلَدِي أَوْجَعْتُمُوا كَبِدِي *** مَا جُرُمَتِي عِنْدَكُمْ حَتَّى أَوَافِيهَا؟
مَنْ ذَا يُسَاعِدُنِي بِالرزْء فِي وَلَدِي *** وَ يَكْسِبُ الأَجْرَ فِي المَقْتُولِ هَادِيهَا؟
رَبَّيْتُهُ وَ بَذَلْتُ الجُهْدَ مِنْ شَغَفِي *** وَ قُلْتُ يَبْقَى لأَيْتَامِ يُوَالِيهَا
مَا كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ الدَّهْرَ يَحْسِدُنِي *** فِيمَنْ أُحِبُّ فَيَا شَوهاً لِجَانِيهَا
أفْدِيكَ يَا وَلَدِي عَظشَانَ مُلْتَهفاً *** تَرْنُو الفُرَاتَ وَ لَمْ تَسْطِعْ تُوَافِيهَا(1)
آهٍ عَلَيْكَ وَقَدْ عَزَّ النَّصِيرُ وَ مَا *** تَلْقَى سِوَى البَتْرَ لِلأَعْدَا تُصَالِيهَا
حَتَّى رَمَوكَ عَلَى البَوْغَاءِ مُنْجَدِلاً *** يَا لَيْتَ أُمَّكَ تَحْتَ البَتْرِ تَبْرِيهَا(2)
رُوحِي فِدَاكَ وَمَا أَلْقَاكَ مُنْصَرِعاً *** وَ الشِّمرُ بِالسَّيفِ لِلأَرْوَاحِ يَفْرِيهَا(3)
يَا رَاكِبَ الصَّدْرِ رِفْقاً بِالحُسَيْنِ فَقَدْ *** أَوْجَعْتَ قَلْبِي بَلْ أَغْضَبْتَ بَارِيها
يَعْزُزُ يعزز عَلَى جَدّكَ المُخْتَارِ یا وَلَدِي *** تَأْوِي القِفَارَ وَ ثَاوِ فِي بَرَارِيهَا
مَنْ كَانَ بَعْدَكَ لِلشَّرْعِ الشَّرِيفِ وَمَنْ *** يُولِي القُرَى وَمَنْ لِلصُّحُفِ تَالِيهَا(4)؟
مَنْ كَانَ يُؤْنِسُها بِالذِّكْرِ فِي سَحَرٍ *** أَوْ كَانَ فِي المِحَنِ الشَّنْعا يُسَلِّيهَا؟
قَدْ كُنتَ مَفْزَعَها حِيناً يَلُمُ بِهَا *** ضُرُّ الزَّمَانِ وَمَا شَحُصُ يُعَادِيها
وَ اليَوْمَ يَا وَلَدِي بِالقَهْرِ تَأْسُرُهَا *** شَرُّ الأَنَامِ وَ مِنْ حُليّ تُعَرِّيهَا
لَهَفِي لِزَيْنَبٍ مِنْ حُزْنٍ وَ مِنْ كَمَدٍ *** تَدْعُو بِفَاطِمَةِ الصُّغْرَى تُنَادِيهَا
يَا بِنْتُ قومي إلى الْمَوْلَى نُوَدِّعُهُ *** حَانَ الرَّحِيلُ وَقَدْ نَادَى مُنَادِيها
هَاكِ الدَّوَاءَ لَعَلَّ اللَّهَ يَشْفِيهِ *** مِنْ ذِي الجُرُوح الَّتِي فِيهِ وَ دَاوِيهَا
ص: 417
قَالَتْ أَيَا عَمَّتَا كَيْفَ العِلاجُ؟ وَ قَدْ *** شِيلَ الكَرِيمُ عَلَى أَعْلَا عَوَالِيهَا(1)
وَالكَفُّ مُنْقَطِع وَالصَّدْرُ مُنْصَدِعٌ *** قُومِي إِلَى جُنَّةِ العَارِي نُوَارِيهَا
لِلَّهِ كَمْ جُنَثٍ مِنْ غَيْرِ مَا جَدَثٍ *** تَسْدُو عَلَيْهَا الظَّبا وَ الشَّمْسُ تُبْلِيهَا(2)
وَ الطَّيْرُ يَفْرُسُهَا وَالوَحْشُ يُؤنِسُهَا *** وَ الثَّرْبُ مَلْبَسُهَا وَالحَرُّ يَصْدِيها(3)
حَتَّى حُمِلْنَ عَلَى الأَقْتَابِ عَارِيةً *** تَرْنُو هُنَاكَ لَهَا شَزْراً أَعَادِيهَا(4)
يَا سَائِقَ الطَّعْن بالأَسْرَى يُعْنِفُهَا *** سَيْراً تَرَفَّتْ بِهَا بِاللَّهِ حَادِيها
رِفْقاً فَفِي الرَّكْبِ أَوْلادِي فَوَاحَزَنِي *** لَمْ يَكْفِكُمْ مَا فَعَلْتُمْ فِي مَوَالِيهَا(5)
قَتْلَى وَأَسْرَى عَلَى الأَقْتَابِ تَحْمِلُهُمْ *** أَمَا مُحَمَّدٌ فِي الأبنا يُوصِيهَا
أَيُجْمَعُ الشَّمْلُ مِنْ هِنْدِ وَقَدْ مَلَأَتْ *** كُلَّ الفِجَاجِ وَمَا شَخْصٌ يُعَادِيهَا(6)؟
وَ وُلْدُ حَيْدَرَةٍ شَتَّى وَقَدْ صَرَعَتْ *** مِنْهَا العِدَاةُ لُيُوناً فِي صَحَارِيهَا
وَ وُلْدُ أَهْل الْخَنَا فِي الدُّورِ نَازِلَةً *** جَمْعاً وَدُورِي خَوَالٍ مِنْ أَهَالِيهَا
فَفْرَاءُ مُوحِشَةً بَعْدَ الأنيس وَ مَا *** فِيهَا سِوَى البُومُ سَكْنَى فِي نَوَادِيهَا(7)
يَا أُمَّةً رَضِيَتْ قَتْلَ الحُسَيْنِ وَ قَدْ *** أَرْضَتْ يَزِيدَ الْخَنَا خَابَتْ مَسَاعِيهَا
مَا زَالَ لَعْنُ عَلَيْهَا اللَّهُ يُرْسِلُهُ *** وَ فِي عَذَابِ سَعِيرِ النَّارِ يُلْقِيهَا
يَا شِيعَةً جَعَلُوا عَقْدَ الوَلاَءِ لَهُمْ *** دِرْعاً مِنَ النَّارِ قَدْ فُرْتُمْ وَ بَارِيهَا
بِنْتَ النَّبِيِّ أَتَاكِ القِنُ مُلْتَجِئْاً *** يَا رَحْمَةَ اللَّهِ مَنْ يَرْجُو مُرجِيهَا(8)
ص: 418
لاَتَتْرُكِينِي لَدَى نَارِ الوُقودِ لِقى *** حَاشَا مُحِبِّكِ تُؤْذِيهِ أَفَاعِيها
إِنِّي رَقَدْتُ إِذَا شَخْصُ [...] *** لَمَّا شَكَرْتُ لَهُ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا
يَقُولُ إِنَّكَ مِنْ خُدام فَاطِمَةٍ *** بَعْدَ المَمَاتِ فَلَايَخْشَىٰ مُوَالِيهَا
إِلَيْكَ مِنِّي عَرُوساً قَدْ نَشَتْ وَنَمَتْ *** فِي الهِنْدِ لَكِنْ بِكُمْ دَابَاً أَزَكيها
إِنِّي بِكُمْ أَرْتَجِي وَضْعَ الذُّنُوبِ مَعاً *** وَالسَّامِعُونَ قَصِيدِي ثُمَّ قَارِيها
إنِّي أُومِلُ بِالمُخْتَارِ يَشْفَعُ لِي *** يَوْماً يَكُونُ عَلَى الْجَنَّاتِ وَاليها
حَاشَاهُ يَحْرِمُنِي يَوْماً أَلُوذُ بِهِ *** وَ المُؤْمِنُونَ بِهِ كُلُّ يُرَجِّيها
وَ كَيْفَ يَطْرِدُنِي وَ الفَضْلُ شِيمَتُهُ *** أَمْ هَلْ تَضِيق بِعُصْفُورٍ يؤاويها
صَلَّى اللهُ عَلَى المُخْتَارِ رَحْمَتَهُ *** وَآلِهِ مَا حَدَى بِالعِيسِ حَادِيهَا
ص: 419
(بحر الكامل)
الشيخ محمد جمعة(*)(1)
(يا راكباً هَيْماءَ مِرْقا *** لأجُسُوراً شَدْقَميَّهْ)(2)
باللَّهِ إِنْ جُزْتَ الحِجا *** زَوجِلتَ هاتيك الثَّنِيَّهْ(3)
عَرِّج على مَهْوى النُّبُوَّةِ *** وَ الإمامَةِ والوَصِيّهْ
وَ امْرُرٌ عَلَى بَيْتِ البَتُولِ *** وَ مَوْثِلِ الشَّرَفِ العَلِيَّهْ(4)
وَ انْشُرْ حَديث البابِ *** وَ اتْلُ رُزْهُ سَمعَ الزَّكيّهْ
يا باب فاطِمَةَ البتولِ *** و ما شَهِدْتَ مِنَ الرزيَّهْ
ص: 420
قَدْ كُنْتَ باباً للمُصابِ *** بِيَشْرَبِ لِلْغاضِرِيَّهْ(1)
أَوَ ما شَجاك دماؤُها *** سالَتْ كَمِیزابِ جَرِيَّهْ؟
وَ بِعَتْبَةٍ زُهِقَ الجنينُ *** وَذاقَ لَوْعاتِ المَنِيّهْ(2)
مَهَّدْتَ أَنْواع المصابِ *** لآلِ حربٍ أَوْ أُمَيَّهْ
فيكسرِ ذاكَ الضّلْعِ *** رُضَتْ أَضْلُعٌ بالأَعْوَجِيَّهْ(3)
وَ بِذَلِكَ مِسْمَارِ قَدْ *** ساَلَتْ دماء الفاطميهْ
لُطِمَتْ على الخَدَّ الأَسيلِ *** فكَمْ تُقاسِي مِنْ بَلِيّهْ(4)
لُطِمَتْ بِمَحْضَرِ صاحِبِ *** النَّفْسِ المُعزَّزَةِ الأَبِيَّهْ
لُكِزَتْ بِغِمْدِ السَّيْفِ *** فَانْتدَبَتْ إلى خَيْرِ البَرَيّهْ(5)
وَ دِماؤُها قَدْ خَضَّبَتْ *** باب الإمامةِ وَ الوَطِيّهْ(6)
یا باب فاطِمَ قَدْ أَحَلُتَ *** صباحَهَا سُودَ المَسِيّهْ
أَذْبَلَتْ زَهْرَةَ عُمْرِهَا *** لَم تَبْتَسِمْ حَتَّى المَنِيّه
ص: 421
باتتْ مُعَصَّبَةَ الجَبِينِ *** وَ عَيْنُها تَهْمِي سَخِيّهْ
وَ أَحَلْتَ أيّامَ الأَئِمَةِ *** كُلَّهُمْ رُزُءاً عَزي عَزِيهْ
وَ نَحَرْتَ أفراحَ النَّبِيِّ *** وَ آلَهُ بالمش وَآلَهُ بالمَشْرَفِيّهْ(1)
ص: 422
(بحر الرمل)
الأستاذ محمد طاهر حسين جلواح
يا مُزُونَ النَّسَمَاتِ الْفَاطِمَيَّة *** رَطْبِي تِلْكَ الْقُلُوبَ الْحَجَرِيَهْ(1)
رَطَّبِیها بِغَزِيرِ الْمَاءِ حَتَّى *** يَرْتَوِي الْمَاءُ وَتُروى الْبَشَرِيَّهْ(2)
صَدِئَتْ مُنْذُ قُرُونِ وَتَهَاوَتْ *** وَ تَهَاوَى مَجْدُها وَالأَبْجَدِيَّهْ
شُغِلَتْ فِي تُرَّهاتٍ وَاسْتَرَاحَتْ *** لِهَبَاءِ الْهَرْجُ فِي كُلِّ قَضِيَّهْ(3)
جُعِلَتْ لِلنَّوْمِ عُمْراً... دُونَ لَيْلٍ *** خُصَّ لِلنَّومِ... فَنَامَتْ سَرْمَدِيَّهْ(4)
إِجْعَلِيها يَا مُزُونَ الطُّهْرِ.. طُهْراً *** وَاغْسِلِيها مِنْ تَفَاهَاتٍ غَبِيَّهْ
هُزِّي مِثْلَ الأَرْضِ إِذْ تَهْتَزُّ شَوْقاً *** حِينَ تَهْمِي السُّحُبُ الْحُبْلَى الْهَمِيَّهْ(5)
إِغْضَبِي لِلشَّعْرِ فِي سَاحِ الْقَوَافِي *** كَيْفَ صَارَ الشَّعْرُ سُوقاً... بَرْبَرِيَّهْ؟
(فَرْنَجُوهُ) أَوَّلُوهُ قَطَعُوهُ... *** صَادَرُوهُ نَزَعُوا مِنْهُ . . الشَّظِيَّهْ(6)
انْظُرِيهِ بَاكِياً فِي كُلِّ يَوْمٍ *** بَعْدَ أَنْ أَبْكَى مُلوكاً وَ رَعِيَّهْ
ص: 423
هَا هُوَ الشَّعْرُ غَدَا لُعْبَةَ عَاثٍ *** مِثْلَمَا عَاثَ بِبَحْرِ الْعَرَبِيَّهْ(1)
اغْضَبِي لِلْحُبُ قَدْ جَاءَ بِجَلْدٍ *** يَحْمِلُ الْغِلَّ... بِأَيْدِ عَاطِفِيَّهْ(2)
وَ يَمِيناً لِلرِّعَابِ السُّودِ تُرْمَى *** وَ جُسُوراً لِلنَّوَايا(التَّتَرِيَّه)(3)
إغْضَبِي لِلحُبِّ قَدْ جَاءَ بِجَلْدٍ *** يَحْمِلُ الْغِلَّ بِأَيْدِ عَاطِفِيَّهْ
آهٍ... يَا نِعْمَةَ وَهَّابِ الْعَطَايَا *** آهِ يَا أَجْمَلَ إِحْسَاسِ الْبَرِيَّهْ
آهِ يا حُبًّا غَدًا (نُكْتَةَ) لاءٍ *** بَعْدَكِ الْعُمْرُ لَيَالٍ هَا مِشِيَّهْ(4)
إِغْضَبِي لِلأَرْضِ فِي كُلِّ الزَّوَايَا *** تَنْقُصُ الأَرْضُ وَ لَمْ تُبْقِ بَقِيَّهْ
قُلْتُ لِلأَرْضِ: أَهْنِيكِ سَلاماً *** قَالَتِ الأَرْضُ: سَلامَ الهَمَجِيَّهْ
قُلْتُ لِلأَرْضِ: أهنيك... يساراً *** قَالَتِ الأَرْضُ: يَسَارَ الشَّغَبِيَّهْ
قُلْتُ يَا أَرْضُ: أَمِيطِي عَنْ هُمُومٍ *** قَالَتِ: الْجَهْلُ وَ أَمْرَاضٌ خَفِيَّهْ
اِغْضَبِي لِلْحَقِّ مَسْلُوباً مُغَطَى *** يَدَّعِيهِ الْكُلُّ... حَتَّى الْوَثَنِيَّهْ
كُلُّ حِزْبٍ فَرح... فيما لَدَيْهِ *** وَ سِوَاهُ فِي الْجَحِيمِ الأَبَدِيَّهْ
يَا مُزُونَ البَضْعَةِ الزَّهْرَا أَطِلِّي *** إِنْ تَطلي... فَلَقَدْ حِزتِ البَغِيَّهْ
يَا بُنَةَ الْهَادِي و َيَا مِحْوَرَ فِكْرٍ *** أَشْعِلِي دَيْجُورَنَا شَمْساً مُضِيَّهْ
ص: 424
(مَسَّنا الضُّرُ) وَ أَثْقَالُ وَ دَهُرٌ *** وَ (اسْتِمانات) لإِثْبَاتِ الْهَوِيَّهْ(1)
أَرْشِدِينا إِنَّنَا حَقَّاً... حَيَارَى *** قَرِّبِينَا... لِلدِّيَارِ الْعَلَوِيَّهْ
أخَذَتْنَا (بَهْرَجَاتٌ) فَاتِنَاتٌ *** مُهْلِكَاتٌ عَنْ تَعَالِيم سَنِيَّهْ(2)
حَرَفَتْنا نَحْوَ بَحْرِ طَلْسَمِيٍّ *** كَيْفَ نَنْجُو مِنْ بُحُورٍ طَلْسَمِيَّهْ؟
بَيْنَ... أَحْلامِ، وَصَوْتٍ فَزَجِيِّ *** وَ حُرُوفِ تَسْلِبُ العَيْنَ الجَلِيهْ
ثُمَّ آمالٍ، وَ قَمْعِ وَ انْتِقَاصٍ *** وَ ابْتِسَامَاتٍ وَ جَلْدٍ وَ أَذِيَّهْ
يَا بْنَةَ الْهَادِي وَيَا أُمَّ أَبِيهَا *** طِبْتِ يَا سَيْدَتِي... نَفْساً زَكِيَّهْ(3)
اعْذُرِينِي إِنْ بَدَتْ مِنِّي هُمُومٌ *** وَ مَآسٍ وَأَحَادِيتٌ شَجِيَّهْ
طَابَ يَوْمٌ لَكِ يَنْسَابُ رَذاذاً *** نَاعِماً كَالهَمْس فِي أُذُنِ صَبيَّهْ
نَاعِماً كَالْبَرَدِ الْغَافِي بِسَفْحٍ *** طَابَ طَعْماً، وَ ارْتَوَتْ مِنْهُ صَدِيهْ(4)
طَابَ يَوْمٌ لَكِ... شَلالاً وَ سِحْراً *** وَ احْتِفَالاً وَأَهَازِيجَ... نَدِيَّهْ(5)
ص: 425
(بحر الخفيف)
الأستاذ المفجع البصري
أَيُّهَا اللأَيْمِيُّ لِحُبِّي عَلِيًّا *** قُمْ ذَمِيما إلى الجَحِيم خِزْيَا
أَبِخَيْرِ الأَنَامِ عَرَّضْتَ لازِلْتَ *** مَذُودا عَنِ الهُدَى مَزْوِيَّا(1)؟
أَشْبَهَ الأَنْبِيَاءَ كَهْلاً وَ زَوْلا *** وَ فَطِيما وَ رَاضِعا وَ غَذِيَّا(2)
كَانَ فِي عِلْمِهِ كَادَمَ إِذْ عُلْمَ *** شَرْحَ الأَسْمَاءِ وَ الْمَكَنِيّا(3)
وَ كَنُوحٍ نَجَّى مِنَ الْمُلْكِ مَنْ سَیَّرَ *** فِي الْفُلْكِ إِذْ عَلاَ الجُودِيَّا(4)
وَ عَلِيٌّ لَمَّا دَعَاهُ أَخُوهُ *** سَبَقَ الحَاضِرِينَ وَ البَدَوِيَّا(5)
ص: 426
وَ عَلِيُّ قَبْلَ الْبَرِيَّةِ صَلَّى *** خَاضِعاً حَيْثُ لايُعَايَنُ رَیَّا(1)
كَانَ فِي السّلْمِ عَابِداً ذَا اجْتِهَادٍ *** وَلَدى الحَرْبِ ضَيغَماً قَسْوَرِيا(2)
كَانَ لِلطَّعْنِ وَالجِرَاحَاتِ فِي اللَّهِ *** صَبُوراً وَ فِي الحُرُوبِ جَريَّا(3)
ص: 427
كَانَ صَدِّيقَها وَ فَارُوقَهَا الأَعْظَم *** حَقَّاً وَالسَّابِقَ الأَولِيَّا(1)
وَ أَمِيراً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَعْسُوباً *** لَهُمْ يَنْهَجُ الصِّرَاطَ السَّوِيا(2)
ص: 428
كَانَ مِثَلَ النَّبِيِّ زُهْداً وَ عِلْماً *** وَ سَرِيعاً إِلَى الْوَغَى أَحْوَذيَا(1)
كَانَ لِلأُمَّةِ الضَّعِيفَةِ كَهْفاً *** كَافِلاً إِنْ ضَاعَ رَاعٍ رَعِيّا(2)
وَ عَلِيُّ مِنْ كَسْبِ كَفَّيهِ قَدْ *** اعْتَقَ أَلفاً بِذَاكَ كَانَ حَرِيَّا
(فَحَبَاهُ فِي خِيرَةِ النِّسْوَانِ *** عُرْسا وَجَنَّةَ وَ صْفِيّا)(3)
ص: 429
وَكَذَا كَفَّلَ الإِلهُ عَلِيّاً *** خِيرَةَ اللَّهِ وَارْتَضَاهُ كَفِيّا(1)
فَرْعُ عُودٍ أَغْصَانُهُ حَسَنَاهِ *** زاكياً غَرْسٌ أَصْلُهُ أَبَطحِيَّا(2)
وَ رَأَى جِفْنَةٌ تَفُورُ لَدَيْهَا *** مِنْ طَعَامِ الجِنَانِ لَحْماً طَرِيّا(3)
خِيرَةٌ بِنْتُ خِيرَةٍ رَضِيَ *** اللَّهُ لَهَا الخَيْرَ وَالإِمَامَ رَضِيّا
وَ إِذَا ارْتَاسُ وَالبَتُولُ وَنَجْلاَهُ *** مَعَ المُصْفَى الْكِسَا الحَضْرَمِيّا(4)
ص: 430
و بِهِمْ بَاهَلَ النَّبِيُّ فَحَازُوا *** شَرَفاً يَشْرِكُ الرِّقَابَ حَنِيّا(1)
فَعَلَيْهِمْ أَزْكَى وَأَذْكَى صَلَاةٍ *** وَ سَلَامِ يَقْفُو الزَّكِيَا الذَّكِبًا(2)
ص: 431
(بحر البسيط)
الشيخ مهدي حسن المصلي(*)(1)
إني احتميتُ بحب جَلَّ باريهِ *** ما خاب من فاطمُ الزَّهراء تَحِميه
يا زهرةَ الكونَ يا لحناً يُردّدهُ *** كُلّ الوُجود یحبِّ في نَواديه
يا زهرةَ الكون يا نوراً أطلَّ على *** الكون الفَسيح فجلى كل ما فيه
منك استمدَّ شُعاعُ الشَّمس رونَقَهُ *** و الرّوضُ منك جمالٌ في نواحيه
يا زهرةً فاحَ منها العطرُ فَانْطَلَقَتْ *** أشذاؤُه لنعيم الخُلْد تَرْويه
أنتِ الجمالُ و أنت الخيرُ أنت على *** درب الهُدى مشعلٌ مَا ضَلَّ رائيه
أنتِ الصِّراطُ وَ خَطُ الحَقِّ سَيِّدتي *** وَمَنْ أَحَبَّكَ فَالرَّحمنُ يُدنيه
يا بَسْمَةَ الكَوْن يَا إشعاع خافقه *** يَا نَسْمَةً عَبقَتْ منْهَا لياليه
***
زَهْرَاءُ أُمُّ أبيها قدوةً خُلقَتْ *** للنَّاس كي يَنْقُذَ الظَّمْآن راويه
ما زلتِ تلقين درساً للنساء وَ هَلْ *** رأيٌ لفاطم يَنْبُو حَدَّ ماضيه
ص: 432
علمتهنّ دروب الحقِّ واضحةً *** لالبس فيها وأنَّ الله يحمِيه
علمتهنّ لماذا خلقهنَّ و ما *** حُبُّ الإله ليمشي في مراضيه
أنتِ اقتنعتِ بتسبيحٍ على طهرٍ *** عن خادم و الضَّنا بالجسمِ يدويه
لتعلون فعلكِ المعطاء صرخته *** هذا رضا اللَّه في أجلى معانيهِ
***
یا فرحةَ الخلق یا میلاد فاطمةٍ *** ولاك كلّ زوايا الأرض تحييه
طوبي فيا أيها الميلادُ هل سمعت *** أذناك نصاً عن الزَّهراء ترويه
فقال -إي- ذا رسول اللَّه كم نَطَقَت *** شفاهُهُ بحديث الفضل تحويه
هي سادتِ الأجيال وَ انْطَلَقتُ *** إلى العُلا لتدوي في مرافيه
تجيءُ تلتقطُ الأحبابَ فاطمةٌ *** كالطَّير يلقطُ من حَبِّ غواليه
إلى الجنان و قد فازَ الَّذي علقت *** بفضل فاطمةٍ في الحشر أيديه
فإنَّه سائر للخُلدِ تخدمُهُ *** الحورُ الحسانُ و في أعلى مَراقيه
مَنْ كانَ أعماله في النار تلقيه *** لحب فاطمة الزَّهراء يُنجيه
***
زهراءُ إنّي محبّ كل جارحة *** غَنَّتْ فرقت بذكراكِ قوافيه
زهراءُ إِنِّي مُحبٌ ليس معضلة *** عن حبِّك المخصبِ الريَّان تثنيه
زهراءُ إن فؤادي صفة نغماً *** هدية لجمال الكون أهديه
إليك عُمُري و ما أغلاك يا عُمْري *** لكنَّني لكِ يا زهراءُ أفديه
زهراء عبدُك يوم الحشر في خطرٍ *** و العبدُ حقِّ على مولاهُ يحميه
بك أحتمي و بحُبِّ الطُّهر قد فُطمت *** ذرّاتُه من عذاب خابَ صاليه
لا لن تمسَّ ذُيُول النَّار نضرته *** من كانَ حُبُّك من أسْمَى مباديه
ص: 433
ص: 434
ص: 435
ص: 436
(بحر الرجز)
أبومحمد المنصور باللَّه
الْحَمْدُ لِلْمُهَيْمِنِ الجَبَّارِ *** مُكَوِّرِ اللَّيْلِ عَلَى النَّهَارِ(1)
وَ مُنْشِي الغَمَامِ وَ الأَمْطَارِ *** عَلَى جَمِيعِ النِّعَمِ الْغِزَارِ
***
ثُمَّ صَلاَةُ اللَّهِ خَصَّتْ أَحْمَدا *** أَبَا البَتُولِ وَ أَخَاهُ السَّيِّدا(2)
وَ فَاطِماً وَ ابْنَيْهما سُمَّ العِدَى *** وَآلَهُمْ سُفْنَ النَّجاةِ وَ الهُدَى
***
يا سَائِلِي عَمَنْ لَهُ الإِمَامَهْ *** بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ وَالزَّعامهْ(3)
ص: 437
وَ مَنْ أَقَامَ بَعْدَهُ مُقَامَهُ *** وَ مَنْ لَهُ الأمْرُ إِلَى القِيَامَهْ
***
خُذْ نَفَثَاتِي عَنْ فُؤَادٍ مُنْصَدِعْ *** يَكَادُ مِنْ بَثْ وَحُزْنٍ يَنْقَطِعْ(1)
لِحَادِثِ بَعْدَ النَّبِيِّ مُتَّسِعْ *** شَتَّت شمْلَ المُسْلِمِينَ المُجْتَمِعْ
***
الأَمْرُ مِنْ بَعْدِ النَّبِيُّ المُرْسَلِ *** مِنْ غَيْرِ فَصْلِ لابْنِ عَمِّهِ عَلِي
كَانَ بِنَصِّ الوَاحِدِ الفَرْدِ العَلِي *** وَ حُكْمِهِ عَلَى العَدُوِّ وَ الوَلِي
***
وَ الأَمْرُ فِيهِ ظَاهِرٌ مَشْهُورُ *** فِي النَّاسِ لامُلغَى وَ لاَمَسْتُورُ
وَ كَيْفَ يُخْفَى مِنْ صَباحٍ نُورُ؟ *** لَكِنْ يَزِلُّ الخَطِلُ المَحْسُورُ(2)
ويقول فيها:
وَكَانَ فِي البَيْتِ العَتِيقِ مَوْلِدُهْ *** وَ أُمُّهُ إِذْ دَخَلَتْ لاَتَقْصِدُهْ(3)
وَ إِنَّما إِلَهُهُ مُؤَيَّدُهْ *** فَمَنْ نَفَاهُ فَالجَحِيمُ مَوْعِدُهْ
***
ثُمَّ أَبُوهُ كَافِلُ الرَّسُولِ *** وَ مُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَ التَّنْزِيلِ(4)
ص: 438
فِي قَوْلِ أَهْلِ العِلْمِ وَ التَّحْصِيلِ *** فَهَاتِ فِي آبَائِهِمْ كَفِيلي
***
وَ أَمُّهُ رَبَّتْ أَخَاهُ أَحْمَدا *** وَاتَّبَعَتْهُ إِذْ دَعَا إِلَى الهُدَى
فَكَمْ دَعَاهَا أُمُّهُ عِنْدَ النَّدا *** وَ قَامَ فِي جِهَازها مُمَجّدا
***
الْبَسَها قَمِيصَهُ إِكْرَامًا *** وَ نَامَ فِي حَفِيرِها إعْظاما
وَ مَدَّ لِلْمَلائِكِ القِياما *** حَتَّى قَضَوْا صَلاتها تَمَاما
***
وَ هُوَ الَّذِي كَانَ أَخاً لِلْمُصْطَفَى *** بِحُكْمِ رَبِّ العَالَمِينَ وَ كَفَى
وَ اقْتَسَما نُورَهُما الْمُشَرَّفا *** فَاعْدِدْ لَهُمْ كَمِثْلِ هذا شَرَفا(1)
***
وَ زَوْجُهُ سَيدة النساءِ *** خَامِسَةَ الْخَمْسَةِ فِي الْكِسَاءِ(2)
ص: 439
أَنْكَحَها الصِّدِّيقُ فِي السَّمَاءِ *** فَهَلْ لَهُمْ كَهْذِهِ العَلْيَاءِ؟
***
اللَّهُ فِي إنْكَاحِهَا هُوَ الوَلِي *** وَ جِبْرَئِيلُ مُسْتَنابٌ عَنْ عَلِي
وَ الشُّهَداءُ حَامِلُو العَرْشِ العَلِي *** فَهَلْ لَهُمْ كَمِثْل ذَا فَاقْصُصْهُ لِي؟
***
حُورِيَّةٌ إنْسِيَّةٌ سَيَّاحَهْ *** خَلَقَها اللهُ مِنَ التَّفَّاحهْ(1)
وَأَكْرَمَ الأَصْلَ بِهَا لِقَاحَهْ *** فَهَلْ تَرَى إِنْكَاحَهُمْ إِنْكَاحَهْ؟
***
وَابْناهُ مِنْهَا سَيِّدا الشَّبابِ *** وَابْنَا رَسُولِ اللَّهِ عَنْ صَوَابِ
مُرْتَضِعا السُّنَّةِ وَالْكِتَابِ *** فَهَلْ لَهُمْ كَهْذِهِ الْأَسْبَابِ
***
هُما إمامانِ بنّصُ أَحْمَدا *** إذ قال: قاما هكذا أَوْ قَعَدا
إِذْ وَخَصَّ فِي نَسْلِهِما أَهْلَ الهُدَى *** أَئِمَّةَ الحَقِّ إِلَى يَوْمِ النِّدا(2)
***
ص: 440
(بحر الرّجز)
ديك الجن الحمصي
إِنَّ الرَّسُول لَمْ يَزَلْ يَقُولُ *** وَ الخَيْرُ ما قالَ بِهِ الرَّسُولُ
إِنَّكَ مِنِّي يا عَلِيَّ الأَبِي *** بِحَيْثُ مِنْ مُوساه هرونُ النَّبِي(1)
لكِنَّهُ لَيْسَ نَبِيٌّ بَعْدِي *** فَأَنْتَ خَيْرُ العَالَمِينَ عِنْدِي
وَ أَنْتَ مِنِّي الزِّرُّ مِنْ قَمِيصِي *** وَ مَا لَمِنْ عَادَاكَ مِنْ مَحِيصِ(2)
وَ أَنْتَ لِي أَخٌ وَأَنْتَ الصِّهْرُ *** زَوَّجَكَ الَّذِي إِلَيْهِ الأَمْرُ
رَبُّ العُلى بِفَاطِم الزَّهْراءِ *** ذَاتِ الهُدَى سَيِّدَةِ النِّسَاءِ
أَوَّلُ خَلْقٍ جَاءَ فِيهَا خَاطِبا *** عَنْكَ إِلَيَّ جَائِياً وذاهِبا
وَ قَالَ: قَدْ قَضَى إِلهُكَ العَلِي *** بِأنْ تُزَوِّجَ الْبَتُولُ بِعَلِي(3)
ص: 441
فَزَيَّنَ الجَنَّاتِ أَحْلَى زِينَهْ *** وَ اجْتَلَتِ الحُورُ عَلَى سَكِينَهْ
وَلاَحَتِ الأَنْوَارُ مِنْهُ السَّاطِعَهْ *** وَصَفَّ أَمْلاكَ السَّمَاءِ السَّابِعَهْ
وَ قُمْتُ عَنْ أَمْرِ إِلهِي أخطبُ *** فِيهِمْ وَأَعْطَاهُمْ كَمَا قَدْ طَلَبُوا(1)
ثُمَّ قَضَى اللَّهُ إِلَى الجِنَانِ *** أَنْ يُجْتَنَى الدَّانِي مِنَ الأَغْصَانِ(2)
فَأَمْطَرَتْهُمْ حُلَلاً وَحُلْيا *** حَتَّى رَعَوْا ذُلِكَ مِنْهَا رَعْيا(3)
فَمَنْ حَوَى الأَكْثَرَ مِنْهُنَّ افْتَخَرْ *** بِالفَضْلِ فِيمَا حَازَهُ عَلَى الأَخَرْ
فَرُدَّ مَنْ يَخْطُبُ فَاللَّهُ قَضَى *** بِأَنْ تَكُونَ زَوْجَةً لِلْمُرْتَضَى(4)
وَ قَدْ حَبَانِي مِنْكُمُ السِّبْطَيْنِ *** هُمَا بِحُلْي العَرْشِ كَالقُرْطَيْنِ(5)
فَالحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا قَدْحَباً *** لِخَمْسَةِ الأَشباح أَصْحَابِ العَبا(6)
ص: 442
هُمُ لِمَنْ والاهُمُ أَمَانُ *** إِذْ كَانَ فِيهِمْ يَكْمُلُ الْإِيْمَانُ
وَ هُمْ يَدْعُونَ الَّذِي لَهُمْ قَلَى *** لِلنَّارِ دعاً حَيْثُ كَانَ المُصْطَلَى(1)
وَ هُمْ هُداةُ الخَلْقِ لِلرَّشادِ *** وَ الفَوْزُ فِي المَبْدَا وَالمَعَادِ(2)
ص: 443
(بحر الرجز)
الشيخ سلطان علي الصابر(*)(1)
حَديثُنا عَنْ جابِرِ الْأَنْصَارِي *** فَاصْغِ لَهُ فِي الْخَمْسَةِ الْأَطْهَارِ
قالَ: رَوَتْ سَيِّدَةُ النِّساءِ *** حَديثَهَا المَوْسومَ بِالْكِساء
تَقولُ: جاءَ سَيِّدُ الْأَنامِ *** يَزورُني يَوْماً مِنَ الْأَيَّامِ
فَقالَ لي: في بَدَني ضَعْفاً أَرى *** جِئْتُ أَذوقُ عِنْدَكِ طيبَ الْكَرى(2)
فَقُلْتُ: بِاللُّطْفِ وَبِالْإِحْسانِ *** أُعِيذُكَ بِالْمَلِكِ الْمَنّانِ
فَقالَ: یا بِنْتاهُ ناوِليني *** ذاكَ الْكِسَاءَ وَبِهِ غَطَّيني
وَقَدْ أَتَيْتُ بِالْكِسَا الْيَماني *** وَفِيهِ غَطَّيْتُ سَنَا الْإِيمَانِ
ثُمَّ تَلألأ وَجْهُهُ كَالْبَدْرِ *** في لَيْلَةِ الْكَمالِ بَعْدَ الْعَشْرِ
وَما قَضَيْتُ ساعَةً مِنَ الزَّمَنُ *** إلا رأيت قادماً إبني الْحَسَنْ
فَجاءَ نَحْوي ولَدي مُسْلِّماً *** فَقُلْتُ: أَقْدِمُ يا فُؤادي مُكْرَما
فَقالَ: يا أُمّاهُ بِنْتُ الْخِيَرَة *** في بَيْتِنا أَشَمُّ ريحاً عَطِرَة
طَيِّبَةً فَيالَها مِنْ رائِحَة *** كَأَنَّها مِنْ طِيبِ جَدّي فائِحَة
ص: 444
قُلْتُ: نَعَمْ يا وَلَدي تَحْتَ الْكِسا *** جَدُّكَ ذا فِيهِ تَغَطّى وَاكْتَسَى
فَجاءَ نَحْوَهُ ابْنُهُ مُبْتَسِماً *** كَمَنْ رَأى أمامَهُ بَدْرَ السَّما
ما إِنْ دَنَا السِّبْطُ لَدَيْهِ وَقَفا *** مُسَلِّماً عَلَى النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى
فَفاهَ بِالْمَدْحِ لَهُ لَمْ يَحِدِ *** فَأَطْرَبَ الأَفْنَانَ وَالْغُصْنَ النَّدي(1)
فَقالَ: یا جَدّاهُ هَلْ تَأْذَنُ لي *** أَنْ أَدْخُلَ الْكِسا لِنَيْلِ الْأَمَلِ؟
أَجابَهُ هَيّا إِلَيَّ أَسْرَعِ *** نَعِمْتَ عَيْناً وَلَدَي فَكُنْ مَعي
***
ثمَّ أتاني ثانِيُ السِّبْطَيْنِ *** مُهْجَةُ قَلْبِ سَيِّدِ الْكَوْنَيْنِ
مُبَجِّلاً لي بَهْجَةُ الأَزْمَانِ *** مُسَلِّما يُبْدِيهِ بِالْإِحْسَانِ
فَقَالَ لي مُذْ شَمَّ تِلْكَ الرَّائِحَة *** ذا طيبُ جَدّي وَشَذاهُ فائِحَة
قُلْتُ: نَعَمْ جَدُّكَ ذا شَمْسُ الْعُلَى *** وَذا أخوكَ فِي الْكِساءِ دَخَلا
فَجَاءَ نَحْوَ جَدِّهِ مُسَلِّما *** حَتَّى يَفوزَ بِالْكِسا وَيَنْعَمَا
ماسَ دَلالاً يَنْثَنِي وَيَمْدَحُ *** كَبُلبُلٍ فَوْقَ الْغُصونِ يَصْدَحُ
فَقَالَ: يَا جَدَّاهُ هَلْ تَأْذَنُ لي *** فَأَكْتَسِي عِندَكُما يا أَمَلي
قالَ: أَذِنْتُ لَكَ يا رَجايا *** وَنورَ عَيْني شافِعَ الْبَرايا
فَأَفْسَحَ الْمَجَالَ في ذاكَ الْكِسا *** ثُمَّ دَنَا السِّبْطُ إِلَيْهِ وَاكْتَسَى
***
ثُمَّ أَتى مِن بَعْدِهِ الْوَصِيُّ *** ذاكَ الْإِمَامُ الْمُرْتَضى عَلِيُّ
ص: 445
فَقالَ لي: يا بِنْتَ خَيْرِ الْبَشَرِ *** أَراكِ مُسْتَبْشِرَةً فَأَبْشِري
ما هذِهِ الرّائِحَةُ المُعَطَّرَة *** أَشَمُّها في بَيْتِكِ مُنْتَشِرَة
فَطالَما شَمَمْتُ تِلْكَ الرّائِحَة *** مِنِ ابْنِ عَمّي وَحَبيبي فائِحَة
قُلْتُ: نَعَمْ تَحْتَ الْكِساءِ هذا *** وَإِنَّ شِبْلَيْكَ بِهِ قَدْ لاذا
فَمُذْ رَأى أنَّ أباها عِنْدَها *** وَجْهُهُ بِالْبُشْرِ أَنَارَ وَازْدَهَى
ثُمَّ دَنا أَبُو الْأَئِمَّةِ الْهُدَى *** مُسَلّماً عَلَى النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى
مُسْتَأْذِنَا مِنْ سَيِّدِ الْأَنامِ *** ذِي الْعِزِّ والإِجْلالِ والْإِكْرامِ
قالَ: نَعَمْ أَبَا الْهُداةِ الْخِيَرَة *** وَوارِثي مِنَ الْكِرامِ الْبَرَرَة
أَنْتَ أَخي شارِكْني في كِسائي *** طوبى لِمَنُ في يَدِهِ لِوائي
فاغْتَنَم الفَخْرَ بِهَذَا السُّؤْدَدِ *** حِينَ اكْتَسَى لَدَى النَّبِيِّ الأَمْجَدِ(1)
فَتابَعَتْ فاطِمُ سَيْرَ الْخَبَرِ *** لِتَقْتفي لِما لَهُمُ فِي الْأَثَرِ
لِذا دَنَتْ نَحْوَ الْكِسا مُسَلِّمَة *** قالَ ادْخُلي مَحْبُوَّةً مُكَرَّمَة
أَلْفُ سَلامٍ وَجَميلُ مِدْحَتي *** عَلَيْكِ مِنّي ابْنَتي وَبَضْعَتي
رَيْحانَتي هَيّا إلَيَّ وَادْخُلي *** مَحْبُوَّةٌ أَنْتِ بِهِ فَأَكْمِلي
وَدَخلتْ تحتَ الْكِساءِ فاطِمَة *** خامِسَةً لهم بذاك خاتِمَة
وَعِنْدَمَا الْجَمِيعُ فيهِ اجْتَمَعوا *** فَشَعَّ بِالْأَنْوَارِ ذاكَ الْمَوْضِعُ(2)
ثُمَّ تَقولُ إِذْ بِهِ أَحَلَّنا *** أَظْهَرَ لِلْأَنَامِ فَرْضَ حُبِّنا
فَأَوْمَا إلَى السَّماءِ راجِياً *** بِرَفْعِهِ طَرْفَ الْكِسَاءِ داعِيا
فَقالَ: رَبِّ هؤلاءِ عِشْرَتي *** وَأَهْلُ بَيْتي وَأَعَزُّ أَسْرَتي
ص: 446
أَبْدانُهُمْ مِنْ بَدَني حَيْثُ تَرى *** وَدَمُهُمْ مِنْ دَمي أَيْضاً قَدْ جَرى
فَكلّ ما يُؤْلِمُهُمْ يُؤْلِمُني *** وَكُلُّ ما يُحْزِنُهُمْ يُحْزِنُني
فَإِنَّني حَرْبٌ لِمَنْ حارَبَهُمْ *** وَإِنَّني سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَهُمْ
كَما أُعادي كُلَّ مَنْ عاداهُمُ *** كَما أُوالي كُلَّ مَنْ والاهُمُ
هُمُ الْغِياثُ لا غِنَاءَ عَنْهُمُ *** وَهُمْ كَنَفْسي أَنَا أَيْضاً مِنْهُمُ
فَاجْعَلْ عَلَيْنَا رَبَّنَا الْغُفْرانا *** وَرَحْمَةً مِنْكَ كَذَا الرِّضْوانا
وَمِنْ لَدُنْكَ صَلَواتٌ واصِلَة *** توصِلُها في بَرَكاتٍ حافِلَة
وَأَذْهِبِ الرِّجْسَ إِلهَ النَّاسِ *** وَطَهِّرِ الْجَمْعَ مِنَ الأَدْنَاسِ(1)
ثُمَّ دَعَا لِكُلِّ مَنْ وَلانَا *** فَنَشْكُرُ الْبارِي بِما أَوْلانا
فنودِيَ الْأَمْلاكُ حِينَ اجْتَمَعوا *** مِنْ صاحِبِ الْعَرْشِ أَلا فَاسْتَمِعوا
أنْبِتُكُمْ مَعَاشِرَ الْأَمْلاكِ *** لَوْلاهُمُ لَمْ أَخْلُقَنْ أَفْلاكي
وَلا سَماخَلَقْتُها مَبْنِيَّة *** وَلَيْسَ أَرْضٌ هَكَذا مَدْحِيَّة
وَلا تَرَوْنَ قَمَراً مُنِيراً *** وَلَيْسَ شَمْسٌ لِتُضِيءَ نورا
وَلا خَلَقْتُ فَلَكاً يَدورُ *** وَلا تَدورُ فِي الْفَضا بُدُورُ
وَلَيْسَ ماءٌ فِي الْبِحارِ يَجْري *** كَلاّ وَلا فُلْكُ الْبِحَارِ تَسْري
وَلَمْ يَكُنْ إلاّ لِحُبّي وَالْوِلا *** لِهَؤُلاءِ الْخَمْسِ ساداتِ الْمَلا
فَقالَ جَبْرَئيلُ يَا رَبَّ الْعُلَى *** أَخْبِرْني يا مَوْلايَ مَنْ هُمُ الْأُلى
قالَ نَعَمْ هُمْ دَوْحَةُ النُّبُوَّة *** وَمَعْدِنُ التَّنْزِيلِ وَالْفُتُوَّة
هُمْ فاطمٌ وَضَيْفُها أبوها *** وَبَعْلُها بِجَنْبِه بَنُوها
قالَ الْأَمينُ أَفَهَلْ تَأْذَنُ لي *** أَنْ أَهْبِطَ الْأَرْضَ لِذاكَ الْمَحْفِلِ؟
ص: 447
حَتّى أَكونَ فِي الْكِساءِ سادِسا *** مُقْتَبِساً مِنْ نُورِهِمْ مَقابِسا
قالَ أَذِنْتُ لَكْ يا جِبْريلُ *** بَلِّغْ سَلامي مِلؤُه التَّبْجيلُ
وَقُلْ: بِلُطفٍ الْعَلِيُّ ذُو الْعُلى *** يَخُصُّكُم بِالْفَضْلِ مِنْ دونِ الْمَلا
فَهَبَطَ الْأَمينُ جَبْرَئيلُ *** يَحُفُّهُ السَّلامُ وَالتَّبْجِيلُ
وَاسْتَأْذَنَ الدُّخولَ مِنْ مُحَمَّدِ *** لِكَيْ يُباهي بِعَظِيمِ السُّؤُدَدِ
قالَ: أَذِنْتُ، لَكَ أنْ تُباهي *** فَكُنْ مَعي أمِينَ وَحْيِ اللَّهِ
فَدَخَلَ الْكِسَاءَ بِالتَّبْشِيرِ *** وَكانَ يَتْلو آيةَ التَّطْهِيرِ
فَقالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْحاها *** طوبى لِمَنْ فازَ بِها فَباها(1)
قَالَ عَلِيٌّ لِلرَّسولِ الْأَعْظَمِ *** فَما لَنا عِنْدَ الْإِلهِ الْمُنْعِم
قالَ يَمِيناً بِالَّذِي اصْطَفاني *** وَاخْتَارَني بِالْوَحْيِ وَاجْتَباني
إذا جَرى حَديثُنا في مَحْفِلِ *** وَاسْتَشْفَعوا بِنا لِنُجْحِ الْأَمَلِ
إلَيْهِمُ الرَّحْمَةُ كانَتْ واصِلَة *** وَفيهِمُ حَفَّتْ جُنودٌ نازِلَة
وَاسْتَغْفَرَتْ لِلْجَمْعِ ما تَطَرَّقوا *** في ذِكْرِنَا حَتَّى إِذا مَا افْتَرَقوا
وَمَنْ يَكُن في جَمْعِهِمْ مُهْموما *** يَرْفَعُ عَنْهُ الْكَرْبَ وَالْهُمُوما
أَوْ كانَ فيهِمْ أَحَدٌ مَغْموما *** يَكْشِفُ عَنْهُ الْحُزنَ وَالْغُمُوما
وَكُلُّ طالِبٍ لِحاجَةٍ دَعا *** إلاّقَضَى اللَّهُ لَهُ وَاسْتَمَعا
قالَ عَلِيٌّ فَوَرَبِّ الْكَعْبَةِ *** فُزْنا إِذاً وَفازَتِ الْأَحِبَّة
فاحَ شَذاهُ ما رَوَتْهُ فَاطِمَة *** نُطْفي بِها حَرَّ الْجَحِيمِ الْحَاطِمَة
مُذْ شَعَرَتْ زَوْجَتُهُ الْمُكَرَّمَة *** قَدْسُعِدَ الْخَمْسُ بِتِلْكَ الْمُكْرُمَة
فَأَقْبَلَتْ إِلَى الْحَبِيبِ فَعَسَى *** أَنْ تُدْرِكَ الدُّخُولَ في ذاكَ الْكِسا
ص: 448
أَجابَها حِينَ دَنَتْ مُسَلِّمَة *** أَنْتِ بنفسِ الخير أُمْ سَلَمَة
وَفِي الْخِتَامِ يَسْأَلُ الرَّحْمانا *** عَبْدُهُمُ مَنْ يُدَّعَى سُلْطانا
أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُ الزَّلاّتِ *** وَيَدْرَأَ الْهُمُومَ وَالْعِلاّتِ(1)
وَيَغْفِرَ اللَّهُ لِرَاعِي الْمَحْفِلِ *** وَقارِىءِ الْحَدِيثِ وَالْمُحْتَفِلِ
أَلْفُ سَلامٍ وَصَلاةٍ عَطِرَة *** عَلَى النَّبِيِّ وَالكِرامِ البَرَرَة
ص: 449
(بحر الرجز)
سليمان ظاهر
هل كانَ في النّساءِ مثلُ فاطمِ **** في غابرٍ وحاضرٍ وقادمِ؟
أختُ البتولِ مريمِ الّتي ارتقى *** جلالُها عن وصمةِ اللوائمِ
في حَرَمِ الوحيِ وفي حجرِ التقى *** قد نشأت في أمنعِ المحارمِ
سيّدةُ أعظِمْ بها سيّدةً *** كان لها جبريلُ خيرُ خادمِ
جوهرةٌ نظَّمَها الرحمن في *** سمطِ العلى أعظِمْ به من ناظمِ(1)
وحسبُها فخراً بأنّ الفخرَ لا *** يُعزى إذا يُعزى لغيرِ الفاطمِ
معصومةٌ أُمٌّ لمن نفوسُهُم *** لم تنوِ حتّى لمم المآثمِ
ولو بها بناتُ حوّاء اقتدتْ *** ما وُلِدت من آثمِ وجارمِ
ولوسبيلَها سلكنَ في العلى *** لم يلدنْ غيرَ الأبيِّ الحازمِ
ولو تقاسَمْنَ تُقاها لم يكنْ *** في النّاس من يصبُو إلى المحارمِ
ماكانتاآسيةٌ ومريمُ *** لتدركا في الفخرِ شأو فاطمِ(2)
من قاسَ فيها غيرَها كان كمنْ *** راح يَقيسُ الدوَّ بالنعاثمِ(3)
مخلوقةٌ من جوهرِ الفضلِ الذي *** عنه تشظَّى صدفُ المكارمِ
ص: 450
مشتقةٌ من نبعةِ الوحي و لم *** تنشأ بغيرِ حرمِ الفواطمِ(1)
كانتْ ضياءَ قبلَ أن ينشقَّ عن *** وجه الوجودِ سُدف الكمائمِ
و حسبُها بأنّهاخامسةٌ *** لخمسةٍ هم خيرُ ولدِ آدمِ
و من تكنْ والدةُ السبطين و *** التسعةُ غوثُ الخلقِ في العظائمِ
أئمةُ النَّاسِ وجحدُ فضلِهم *** جريمةٌ من أعظمِ الجرائمِ
إن جهلتْ أقدارُهم فطوْلُهم *** بادٍ على الأشرافٍ و الأعاظمِ
والأرضَ إن تجهل بها أقدارُهُم *** ففي السماءِكم بها من عالمِ
ما كانَ إلا ناشراً حديثَهُم *** و فضلَهم في الكونِ كلَّ كاتمِ
و زوجةُ الوصيَّ و ابنةُ الذي *** كانَ لرسلِ اللَّه خيرَ خاتمِ
و بنتُ من قد أسلمتْ و أحمد *** ليس لهُ في الخلقِ من مسالمِ
فهل لها في الفخرِ من مشاركِ *** و في العلاء المحضِ من مسالمِ
قد ذهبتْ في طرفي كلّ علاً *** و من مزايا الفضلِ بالكرائمِ
من لم يكنْ بها و في أبنائِها *** معتصماً فماله من عاصمِ
صلّى عليها اللَّهُ ما أومضت بروقُ *** و انحلّت عرى الغمائمِ(2)
ص: 451
(بحر الرجز)
شفيق عبد القادر
الشيخ علي أبو المكارم
بسمِ الإلهِ الرَّاحِم الرَّحيمِ *** خَالق هذا العَالَمِ العَظيمِ
فَاتِحِ بَابِ الرَّحمةِ البَدِيعِ *** رَبِّ كريمٍ مُبصِرٍ سَمِيعِ
مَنْ يَكشِفُ الضُّرَّ وَيُذهِبُ الحَزَنْ *** مُقتَدِرُ بالعِزّ قَطُ لم يُعَنْ
وَ كُلُّ شيءٍ كائنٌ بقولِهِ *** «كُنْ» لَيسَ يَمضي أبداً عَنْ حولِهِ
أعلى مقامَ العَابدينَ صِدقا *** لهمْ بيومِ الحشرِ خَيرٌ يَبقى
وَ أركَسَ الظَّالمَ في الحضِيضِ *** مَنْ قَدْ دَعا بالكُفرِ والنَّقِيض
لأنَّهُ العَادِلُ فوقَ مَنْ عَدَلْ *** أهدَى الطَّريقين لِكُلِّ مَنْ عَقلْ
ثمَّ الصَّلاةُ مَابقى الزَّمانُ *** يُثقَلُ مِنْها بالرِّضَا الميزانُ
على النَّبيِّ المُصطفى وَالخِيَرَةُ *** مِنْ آلِهِ الأطهَارِ دَومَاً عَطِرَةُ
وَاتْلُ إذا شِئتَ بأن تَنالا *** خَيْراً مِنْ الرَّحمنِ بَلْ كَمالا
حَديث صِدقٍ قَدْ رَوَاهُ الفُضَلا *** مِنْ كُلِّ ذي عِلمٍ عَظِيمٍ كَمُلا
کَجابرِ المبرورِ مَاجِدِ الذُّرَى *** راوي الأحاديثِ بصدقٍ لامِرَا
صَاحبِ خير المرسَلين المصطفى *** وآلهِ السَّادَةِ أصحَابِ الصَّفا
فقد رَوى و ذي معاني مَا روَى *** تأتيكَ كالدُّرُ فَخُذْ ذَا المُحتوَى
وَ اطلُبْ بها النَّجاة يومَ الحشرِ *** يومَ الزُّحامِ وَ البَلا وَ العُسْرِ
ص: 452
لِتَسكنَ الجنَّةَ في ارِتفَاعِ *** مُجَاوِراً آلَ النَّبيِّ الدَّاعي
رَوى عَنِ الزَّهرَاءِ قَولاً يمجدُ *** قدْ جاءني يوماً أبي «مُحَمَّدُ»
قَالَ السَّلامُ يَا بنتَيْ وَ إنَّني *** ضَعفاً أرى بُنَيَّتي في بَدني
قَالتْ: مِنَ الضَّعفِ أُعيذُ وَالِدي *** أشرفَ مخلوقٍ وَ خيرَ عابدِ
فقال يا بنتَاهُ بالكِسَاءِ *** فَلتأتِني يا خِيرَةَ النِّسَاءِ
فَأَسْبَلَتْ فَاطِمَةٌ عَليهِ *** ذاكَ الكِسَا ناظرة إليهِ
ثمَّ أتانَيْ الحَسَنُ الكَرِيمُ *** بَعدَ مُضِيِّ سَاعَةٍ يَحُومُ
سَلَمَ، قَالَ الدَّارُ أُمِّي عَطرةُ *** كانَّ فيها وَالِدَ المُطَهَّرَةُ
قالَتْ نَعَمْ يا خِيرَة الأولادِ *** تحت الكِسَاءِ أَفضَلُ الأجدَاد
فَرَاحَ شِبلي لِلكِسَا وَ سَلَّمَا *** مُسْتَأْذِناً، وَ لِلرَّسُولِ عَظَمَا
فقالَ طَه مرحباً بابني *** يا صَاحِبَ الحوضِ ألا اذنُ مِنِّيْ
تَقولُ بعد ساعةٍ أتانيْ *** مُسلِّماً سبط الرَّسُولِ الثانيْ
يَقُولُ: إِنِّي قَدْ شممتُ عِطرا *** كَعِطرِ جَدِّيْ مَنْ تَعَالَى قَدرا
فَقُلْتُ حَقّاً قُرَّةَ العيونِ *** فَالمصطفى تحتَ الكسَا الثَّمِينِ
مع الزكيِّ المجتَبيْ، فَأَقْبَلْ *** إليهمَا إِذَنَّ الدُّخولِ يَسألْ
قَالَ: سَلامٌ أيْ نبيَّ الرحمةْ *** وَ كاشِفَ الكربَةِ وَالمُلِمَّةْ
يَا دَاعِي اللَّهِ ألا مِنْ إذنِ *** إليَّ بالدُّخولِ يُمضي حُزني
قَالَ: نَعَمْ، فَادْخُلْ شَفيع أُمَّتي *** يا قرَةَ العَينِ وَ حَاميْ شِرعَتيْ
فَجاءَ في الأثناءِ مَولى البَرَرَةُ *** وَ قالَ مِن بعدِ السَّلامِ حيدرةْ
أشمُّ في الدَّارِ عَبيراً ذاکیا *** کَطیبِ طه مَنْ لَهُ وَلائِيا
قالت: نعمْ فذا أخوك المصطفى *** مع الكريمينِ هذا مُلتَحِفَا
نجاءَ سيفُ اللَّهِ كن يستَأْذِنَا *** مُسلّماً على الرَّسول مُعلِنا
ص: 453
قَالَ لهُ المختَارُ أهلاً بعليْ *** خَليفتيْ وَ صاحبِ اللوا العليْ
فَأَقْبَلَتْ نَحْوَ الكسا البتُولُ *** أُم أبيها المصطفى تقُولُ
خيرُ سلام يا أبي وَ رَحمةْ *** يا مُظهِرَ الدِّينِ وَ نُورَ الأُمَّةُ
أيأذنُ الوَالِدُ خَيرُ مُرسَلِ *** أنْ أغتديْ تَحتَ الكِسَاءِ الأمثَلِ
قَالَ: نَعَمْ بُنَيَّتِي وَ بَضعَتي *** فَلتَدخُليْ يَا أُمَّ خَيرِ عِشرَةِ
فَاجْتَمَعُوا وَ اكتَمَلوا تحتَ الكِسَا *** مِثلَ نُجُومِ قد أضاءَتْ حِندِسَا
فَأَمْسَكَ النَّبِيُّ بالكِسَاءِ *** رافعاً اليمنى إلى السَّمَاءِ
يَقولُ: يَا رَبَّ الأنام هؤْلا *** هُمْ أهل بيتي سيدي دُونَ الملا
وَ خَاصَّتيْ، وَ حامَّتيْ، وَ لَحمُهُمْ *** لَحميْ، وَ دَمِّيْ يا إلهي دَمُهُمْ
يُؤْلِمُني ذاكَ الَّذي يُؤلِمُهُمْ *** وَ يُحْزِنُ المختار ما يُحْزِنُهُمْ
وَ إِنَّنِي حَربُ لِمَنْ يُحَارِبُ *** وَ لِلذيْ سَالَمَهُمْ مُقَارِبُ
وَ مَنْ يُعَادِهم أعادِهِ وَ مَنْ *** أحبَّهمْ فذا حبيبُ المُؤتَمَنْ
مِنّي إلهي إِنَّهُمْ وَ إِنَّني *** مِنهُمْ (فَهُمْ رُعَاةُ هذي السُّنَنِ)
فَاجْعَلْ إلهي الصَّلَوَاتِ (الهادِيَةْ) *** وَ البَرَكَاتِ (العَالِيَاتِ) البَاقِيَةْ
وَ الرَّحْمَةَ (الحُسْنَى) و(أزهى) مَغْفِرَةْ *** وَ (حُسنَ) رِضْوانِ لِيَومِ الآخِرَةْ
على الكرام عترةِ النبيِّ *** و المرتضى سيفِ الهدى الأبيِّ
وَ أذهِبِ الرِّجسَ إِلَهِي عَنهُمُ *** يَا مَالِكَ المُلكِ كذا طَهَّرَهُمُ
قالَ: إلَهُ العَالَمِينَ الأعظَمُ *** يَا سَاكِنِي هَذي السَّمَوَاتِ اعْلَمُوا
بِأَنَّني لَمْ أبنِ هَذهِ السَّمَا *** وَ لادَحَوتُ الأَرضَ مَنْ فِيهَا المَلا
وَ لاأثرتُ البَدرَ، وَ الشَّمسُ لَمَا *** ضَاءَتْ وَ لاالأفلاكُ دارتْ في السَّمَا
وَ البَحْرُ مَا كَانَ لَهُ أَنْ يجريْ *** وَ الفُلْكُ في مِيَاهِهِ أَنْ تَسرِيْ
الاَّ لحُبِّ خَمسةٍ كِرامٍ *** مَنْ ضَمَّهُم ذَاكَ الكسَاءُ السَّاميْ
قَالَ الأُمِينُ أيْ إلهَ الورى *** مَنِ الذينَ ضَمَّهُم ذاكَ الكِسَا
ص: 454
فَقالَ: بَيتُ الوَحي مَعدِنُ الرَّسَالَةِ *** التي عَلَتْ، وَهُمْ سِتْ النِّسَا
فَاطِمَةٌ وَ المصطَفَى أَبُوهَا *** وَ بَعْلُها كذلِكُمْ بَنوهَا
فَقَال جبريلُ أيَا رَبِّي فَهَلْ *** تَأْذَنُ أن أكونَ مَعهُمْ في العَجَلْ؟
قَالَ: نَعَمْ، فَجَاءَ جِبْرِيلُ إِلى *** رَبِّ الكَمَالِ المصطَفَى مُبَجِّلا
مُسلّماً، وَ قَالَ رَبُّكَ العَليْ *** يُقرِئُكَ السَّلامَ يا خير نَبيْ
وَ بالتَّحِيَّاتِ وَبالإكْرَام قَدْ *** خَصَّكُمُ يَا خَيرَ مَنْ تَعَبَّدْ
وَ إِنَّهُ يُقسِمُ بالجلالِ *** وَ العِزَّةِ العُليَا بلامِثَال
بأَنَّهُ مَا كَانَتِ السَّمَاءُ ** تُوجَدُ، لاالأرضُ، وَلاالضّياءُ
وَ الفَلَكُ العَظِيمُ مَا دَارَ، وَ *** لاجَرَتْ بحَارٌ وَ بِهَا الفُلكُ سَرَى
إلا لعظمِ شأنِكم بينَ الورى *** عند إلهِ العالمين ذي العلا
وَ أنْ أكونَ سَادِساً قَدْ أذِنَا *** وَ أَنتَ هَلْ تَأْذَنُ يَا نُورَ الدُّنَا
قَالَ: سَلامَ يا أمينَ الوحيِّ قَدْ *** أذنتُ فَأَدخلْ بجَلالٍ لايُحدْ
فَصَارَ إِيَّاهُمْ وَ نَالَ الفَخرَا *** يتلوْ عَلَيهِمْ بالخُشُوعِ ذِكرَا
يَقُولُ: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ...» *** وَحيَّ مِنَ اللَّهِ لَكُمْ أَوحَاهُ
قَالَ عَليَّ: يا خِتَامَ الأنبيا *** مَا فَضْلُ ذَا عِنْدَ الهِ الاتْقِيَا
فَقَالَ طه والذي إصطَفَانِي *** مَا ذكر الأنَامُ في مَكانِ
حَديثنَا هذا وَفِيهمْ شِيعَةْ *** إِلا وَ نَالُوا رحمةً وسيعةْ
وَ اسْتَغْفَرَتْ لَهُمْ مَلائِكُ السَّمَا *** بِرَحْمَةٍ تَحُفُهُمْ، فَذَا حِمَى
هذا لَهُمْ مَا دَامُوا في استِمَاعِ *** يَتلُونَ هذا القول في اجتِمَاع
قال عَليُّ : إي وَرَبِّ الكعبة *** فُرْنَا وَ فَازَتْ شِيعَةٌ مُحِبَةْ
فَقَالَ خَيرُ الخَلقِ وَ هوَ يقسمُ *** مُعَدِّدَاً فَضلَ الكِسَاءِ يُعلِمُ
بهِ يَنَالُ كُلُّ ذِي هَمْ فَرَجْ *** وَ غَمُ مَغْمومِ بفضلِهِ اندَرَجْ
وَ طَالِبُ الحاجّةِ تُقضَى حَاجَتُهْ *** فالخيرةُ الأطهارُهُم سادَتُهْ
ص: 455
فَقَالَ سَيف اللَّهِ فَرْنَا حَقًّا *** ثمَّ سُعِدنا بتعيم يَبقى
وَ الشَّيعَةُ الأبْرَارُ فازُوا أَبَداً *** بمَا سَيلقَاهُمْ مِنَ الخَيرِ غَدَا
***
يا عَالِماً بالحال يا أكرمَ مَنْ *** يُعطي بلا خوفٍ وَ لايُحْلِ وَ مَنْ
مُنَّ عَلَينَا بالذيْ نَرجُوهُ مِنْ *** دِينِ وَدُنياً وعلى الأخرى أعِنْ
بحَقِّ خَيرِ المُرسَلِينَ المصطَفَى *** وَ صِهرهِ الكرَّارِ مَنْ لَهُ وَفَى
وَ ابنَةِ طَه فَاطم سَيِّدَتي *** وَ المُجْتَبى كَذَا شَهِيدِ الأُمَّةِ
وَآلِهِ الأبْرَارِ رَبَّاهُ استَجِبْ *** وَ اظْهِرَنْ مَنْ غَابَ عَنا وَ حُجِبْ
وَ أَفْعَلْ بنَا مَا أَنتَ أهلُ لَهُ *** وَأَعطِ مِسكِينَكَ مَأمُولَهُ
يَا رَبِّ وَ اخْتِمْ لَنَا بِالسَّلامِ *** وَ اعْظِمْ لَنَا المِنحَةَ في الخِتَام
تِجَارَةً لَدَى الخِتَامِ رَائِحَةْ *** أعلَى صَلاةٍ، ثُمَّ تُتْلَى الفَاتِحَةْ
ص: 456
(مجزوء الرَّجز)
السيد صالح الحلي(*)(1)
ليتَ يرَى الَّذِي جَرَى الهَادِي النَّبِيُّ المُؤْتَمَنُ *** مِنْ بَعْدِ مَا غَابَ عَلَى أُمِّ الحُسَيْنِ وَ الحَسَنُ
***
قَدْ هَجَمُوا الدَّارَ عَلَيْهَا وَ هْيَ حَسْرَى لَاتَرَى *** مِنْ رَاحِم يَرْحَمُهَا إِلا الوَصِيَّ حَيْدَرا
أَوْصَى النَّبِيُّ حَيْدَراً مِنْ بَعْدِهِ أَنْ يَصْبِرَا *** فَيَا لَهَا وَصِيَّةٌ أَلْقَتْهُ فِي لُجُ المِحَنْ(2)
يَا بِئْسَ مَا قَدْ خَلَّفُوا نَبِيَّهُمْ فِي عِتْرَتِهْ *** كَأَنَّهُمْ أَوْصَاهُمُ أَنْ يَكْسِرُوا ضِلْعَ ابْنَتِهْ
وَ أَنْ يَقُودُوا بَعْلَهَا الكَرَّارَ فِي عِمَامَتِهْ *** كَمَا يُقَادُ (الفَحْلُ) قَسْراً بِالعِنَانِ وَ الرَّسَنْ
***
مَا صَالِحٌ أَعْظَمَ عِنْدَ اللَّهِ قَدْراً مِنْ أَبِي *** كَلأَ وَ لانَاقَتهُ فِي شَأْنِهَا تُقْرَنُ بِيْ
أَمْ لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُوا أَنِّيَ بَضْعَةُ النَّبِي *** أَهْكَذَا يُصْنَعُ بِي بِالسِّرِّ فِيكُمْ وَ العَلَنْ(3)؟
***
لَمَّا رَأَوْهَا خَرَجَتْ مِنْ خَلْفِهِمْ بِابْنَيْهَا *** عَادَ الزَّنِيمُ لأَطِمَا تَعْساً لَهُ خَدَّيْهَا(4)
ص: 457
لَطْمَتُهُ قَدْ أَنْثَرَتْ مِنْ أُذُنِهَا قُرْطَيْهَا *** وَ أَوْدَعَتْ فِي عَيْنِهَا الحُمْرَةَ فِي مَدَى الزَّمَنْ
***
فَمُذْ رَأَتْهُمْ خَرَجَتْ تَعْثَرُ بِالثِّيَابِ *** حَاسِرَةً وَ الجِسْمُ قَدْ ذَابَ مِنَ الأَوْصَابِ(1)
مُذْ دَخَلُوا مَنْزِلَهَا لأَذَتْ وَرَاءَ البَابِ *** وَ اسْتَتَرَتْ بِالبَابِ مِنْ ذَوِي الحُقُودِ وَالإِحَنْ(2)
***
دَعَا الزَّنِيمُ عَبْدَهُ ارْجِعْ إِلَيْهَا رُدَّهَا *** فَأَقْبَلَ العَبْدُ لَهَا يَضْرِبُ مِنْهَا زِنْدَها(3)
وَ كُلَّمَا رَامَ اللعِينُ رَدُّها وَ طَرْدَها *** عَنْ بَعْلِها لَمْ يَسْتَطِعْ ما رامَ عُباد الوَثَنْ
***
حَتَّى أَتَتْ تَعْدُو عَلَى إِثْرِهِمُ لِلْمَسْجِدِ *** ثَاكِلَةً فِي عَبْرَةٍ تَجْرِي وَ قَلْبٍ مُوقَدِ
لاَأَدَعُ البَابَ وَلاالعَضَادَ نَيهَا مِنْ يَدِيْ *** أَوِ اتْرُكُوا أَبَا الحُسَيْنِ سَالِماً أَهْلَ الفِتَنْ
***
فَيَا لَهَا مِنْ لَوْعَةٍ لا تَنْقَضِيْ مَدَى الأَبَدْ *** مَا تَرَكَتْ رُوحاً لَنَا فِي رَاحَةٍ وَ لَاجَسَدْ
وَ هَلْ لَنَا مِنْ رَاحَةٍ فَاطِمُ مَاتَتْ فِي كَمَدْ *** مَا ذُكِرَتْ إِلا وَ قَدْ فَارَقَتِ الرُّوحُ البَدَنْ(4)-(5)
ص: 458
(بحر الرَّجز)
الشيخ صالح الطرفي(*)(1)
لِبِضْعَةِ المُخْتَارِ أُمِّ الْحُجَجِ *** مَناقِبٌ وَضاءَةٌ كَالسُّرُجِ
بِهَديِها يُسْلَكُ مِنْهَاجُ الْهُدَى *** مِن دُونِ أي عَثَرةٍ أَوْ عِوَجِ
وَ لِلنّسا سَيِّدَةُ النِّسَا غَدَتْ *** سِيرَتُها الْمُثْلَى كَأَسْنَى مَنْهَج(2)
أُمَّ أَبِيها كُنْيَتْ فَاطِمَةٌ *** فَهيَ ابْنَةُ أَمِّ وَ لامِنْ حَرَجٍ
بِبِرِّها بِهِ نَسَمَّتْ أُمَّهُ *** بِهَا يُرى في الْكَرْبِ بابُ الفَرَجِ
لَكِنَّهَا مِنْ بَعْدِهِ قَدْ أَصْبَحَتْ *** مِنْ غَمِّهَا لَهْفِي لَهَا فِي لُجَجِ(3)
قَدْ عايَنَتْ مِنَ الرَّزايا كَثْرَةٌ *** لَوْلا نُهَاهَا لَمْ تَجِدْ مِنْ مَخَرَجِ
فَيا لِضِلْع فِي في الأسى مُضَمَّدٍ *** وَ يَالِجِسْمِ بِالصَّنَا مُنْدَرجِ(4)
ص: 459
(8) أفضل النساء
(بحر الرجز)
الشيخ عبد علي الماحوزي
إلى قوله (ما سار كوكب وحل في السماء) و الباقي للشيخ فرج العمران
أفْتَتِحُ الكَلاَمَ بِاسْم الخَالِقِ *** مُصَلِّياً عَلَى النَّبِيِّ الصَّادِقِ
وَ آلِهِ الأَظهَارِ سَادَةِ الوَرَى *** ما حَلَّ فِي السَّمَاءِ نَجْمٌ وَسَرى
يَقُولُ رَاجِي العَفْوِ يَوْمَ يَذْهَلُ *** يَوْمَ تَرَى العِبَادَ فِيهِ تَعُولُ
أَقلُّ خَلْقِ اللَّهِ عِلْماً وَ عَمَلَ *** أَكْثَرُهُمْ خَطَأَ وَ ذَنْباً وَ زَلَلْ(1)
عَبْدُ عَلي الأَسِيرُ الجَانِي *** أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنَ النِّيرانِ
وَ بَعْدُ: فَالإِنْسانُ فِي دَارِ العَنا *** لازالَ فيها بِالبَلا مُمْتَحَنا
أَعْنِي بِهِ الجَامِعَ لِلْوَصْفِ الحَسَنْ *** لاكُلُّ فَرْدِ يُبْتَلَى وَ يُمْتَحَنْ
بَل الَّذِي قَدْ حَازَ عِلْماً وَ تُقَى *** وَ لِلْمَعَالِي وَ الكَمَالِ قَدْ رَقَى
ذاكَ الَّذِي يُحِبُّهُ اللَّهُ وَ مَنْ *** يُحِبُّهُ فَهُوَ حَقِيقٌ بِالمِحَنْ
وَ أَسْأَلُ اللهَ بِأنْ يَهْدِينِي *** مُتَّكِلاً عَلَيْهِ أَنْ يُعِينَنِي
فِي رِحْلَتِي فِي سَفَرٍ وَ فِي حَضَرْ *** أَذْكُرُ فِيهَا مَا جَرَى مِنَ القَدَرْ
رَوَى النّقاتُ مِنْ رُواةِ الخَبَرِ *** خَيْرٌ حَدِيثٍ مُسْتَدٍ مُعْتَبَرِ(2)
ص: 460
عَنْ أَفْضَلِ النِّساءِ ذاتِ المِحَنِ *** فاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ أُمِّ الحَسَنِ
قالَتْ عَلَيْها أَفْضَلُ السَّلامِ *** بَيْنا أَنَا يَوْماً مِنَ الأَيَّامِ
فِي مَنْزِلِي إِذْ بِالنَّبِيِّ قَدْ دَخَلْ *** أَبِي رَسُولُ اللَّهِ خَاتَم الرُّسُلْ
فَقَالَ يا فَاطِمُ إِنِّي لأَجِدْ *** في بَدَنِي آثَارَ ضَعْفٍ لَمْ يُجَدْ(1)
فَقُلْتُ بِاللَّهِ أَبِي أُعِيذُكَا *** مِنْ كُلِّ ضَعْفٍ وَأَذًى يُؤْلِمُكا
فَقَالَ یا فاطِمُ يا سِنَّ النِّسا *** مُسْرِعَةٌ قُومِي وَهاتِي لِي الكَسا
بِلاَ تَوَانٍ وَبِهِ غَطَّينِي *** ثُمَّ اسْأَلِ اللَّهَ بِأَنْ يَشْفِينِي
فَقَالَتِ الحَوْرَاءُ ثُمَّ جِئْتُهُ *** بِمَا أَرَادَ وَ بِهِ غَطَيْتُهُ(2)
فَصِرْتُ نَحْوَهُ أَكَرُرُ النَّظَرُ *** وَ وَجْهُهُ كَالبَدْرِ فِي الرَّابِعُ عَشَرْ(3)
فَمَا مَضَى إِلا قَلِيلٌ مِنْ زَمَنْ *** إِذْ جَاءَنَا مُسَلِّماً ابْنِي الحَسَنْ
فَقَال يا أُمُّ أَشُمُّ مِنْكِ *** رَائِحَةٌ طَيِّبَةً كَالمِسْكِ
ص: 461
كَأَنَّها رَائِحَةُ المُختارِ *** جَدِّي رَسُولِ المَلِكِ الجَبَّارِ
قُلْتُ نَعَمْ جَدُّكَ وَهُوَ نَائِمْ *** تَحْتَ الكِسَا فَجَاءَ وَ هُوَ العَالِمُ
سَلَّمَ ثُمَّ قال يا جداهُ *** يا مَنْ بِهِ شَرَّقَنَا الإِلهُ
تَأْذَنُ لِي أَدْخُلُ يا جَدِّي مَعَكْ *** تَحْتَ الكِسا فَقَالَ قَدْ أَذِنْتُ لَكْ
قَالَتْ عَلَيْهَا أَفْضَلُ الثَّناءِ *** ثُمَّ أَتَى الحُسَيْنُ فِي الأثناءِ
فَقالَ يا أُمَّ أَشُمُ رَائِحَهْ *** طَيِّبَة عِنْدَكِ وَهْيَ فَائِحَهْ
كَأَنَّها رَائِحَةُ المِسْكِ النَّدِي *** أَظُنُّها أَنْفاسُ جَدِّي أَحْمَدِ
قُلْتُ نَعَمْ تَحْتَ الكِسا مَعَ الحَسَنْ *** أَخِيكَ جَدُّكَ النَّبِيُّ المُؤْتَمَنْ
فَجَاءَ نَحْوَ جَدِّهِ مُسْتَبْشِرًا *** وَ قَالَ يا جَدّاهُ يا خَيْرَ الوَرَى
صَلَّى عَلَيْكَ اللَّهُ ثُمَّ سَلَّما *** ما سار كَوْكَبٌ وَ حَلَّ فِي السَّما
ياجَدُّ يا جَدُّ هَلْ تَأْذَنُ لِي أَنْ أَدْخُلاَ *** تَحْتَ الكِسا؟ قالَ ادْخُلَنْ مُبَجَّلا(1)
فَمَا مَضَى الأَقَلِيلٌ إِذْ أَتَى *** مُسَلِّماً حَيْدَرَةُ الظهرُ الفَتَى(2)
فَقُلْتُ: يا أبا الحُسَيْنِ وَ الحَسَنْ *** صَلَّى عَلَيْكَ اللهُ ما دَامَ زَمَنْ
فَقَالَ يا أُمَّ الكرام البَرَرَهْ *** أَشُمُّ فِي بَيْتِكِ ريحاً عَطِرَهْ(3)
كَأَنَّها رِيحُ النَّبِيِّ المُصْطَفَى *** أَشْرَفِ مَنْ لَهُ المُهَيْمِنُ اصْطَفَى
قَالَتْ لَهُ سِبُّ النِّساءِ فاطِمُ *** تَحْتَ الكِسا والحَسَنَيْنِ نائِمُ
فَجَاءَ نَحْوَ ذَلِكَ الكِسا الَّذِي *** مِنْهُ فَشَتْ رَوَائِحُ المِسْكِ النَّدِي
ص: 462
مُسلّماً عَلَى النَّبِيِّ الفاضِل *** مُسْتَأْذِنَاً قالَ لَهُ ادْخُلْ يا عَلِي
وَ بَعْدَ ذَا سِتُّ النِّسا أَتَتْ إِلَى *** نَحْو الكِسا تُبْدِي السَّلامَ أَوَّلا
تَطْلُبُ إِذْنا مِنْ أَبِيها الهَادِي *** قَالَ ادْخُلِي وَالِدَةَ الأَمْجَادِ
فَاکْتَمَلُوا خَمْسَتُهُمْ تَحْتَ الكِسا *** عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ صُبْحاً وَمَسا(1)
فَعِنْدَ ذاكَ خَالِقُ الأفلاكِ *** سُبْحَانَهُ قَدْ قَالَ لِلأَمْلاكِ(2)
وَ عِزَّتِي مَلائِكَ السَّماءِ *** وَ قُدْرَنِي أَنْ لَيْسَ مِنْ سَمَاءِ
مَبْنِيَّةٍ وَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ تُرى *** مَدْحِيَّةً وَ لاأَنَرْتُ قَمَرا(3)
وَ مَا خَلَقْتُ شَمْسَها المُنيرهْ *** وَ الفَلَكَ الدَّوَّارَ لَنْ أُدِيرَهْ
وَمَا خَلَقْتُ البَحْرَ وَالفُلْكَ الَّتِي *** تَجْرِي إِلَى نَفْعِ الوَرَى بِرَحْمَتِي
إلا لِحُبْ مَنْ حَوَاهُمُ الكِسَا *** وَ مَنْ هُمُ؟ كَانُوا لأَرْضِ حَرَسا
فَقالَ جِبْرِيلُ الأَمِينُ رَبَّنا *** وَ مَنْ هُمُ قَالَ الكِرَامُ الأُمَنا
وَ مَنْ هُمُ بَيْتُ النُّبُوَّةِ العَلِي *** كَانُوا لَهُ أَهْلاً وَ فَضْلُهُمْ جَلِي؟
وَ لِلرِّسالَةِ اغْتَدَوْا مَعَادِنَا *** مِنْ قَبْلِ أَنْ أُنشي بِصُنْعِي كائِنا
هُمْ فَاطِمٌ وَالمُصْطَفَى النَّبِيُّ *** وَالِدُها وَبَعْلُها عَلِيُّ
وَ الحَسَنانِ السَّيِّدانِ ابْناها *** وَ رَحْمَتِي تَخُصُّ مَنْ وَالاها
فَقَالَ هَلْ تَأْذَنُ لي يا ذَا الكَرَمِ *** أَهْبِطُ سَادِساً لَهُمْ؟ قَالَ نَعَمْ
ص: 463
فَجَاءَهُمْ نَحْوَ الكِسا الَّذِي سَما *** عَلَى النَّبِيِّ المُصْطَفَى مُسَلِّما
يَقُولُ إِنَّ خَالِقَ البَرِيَّهْ *** يُقرِيكُمُ السَّلامَ وَالتَّحِيَّهْ
وَ هُوَ يَقُولُ قَدَّمَتْ أَسْماهُ *** مُخاطباً لِسَاكِنِي سَمَاهُ
مُنَوِّهاً بِفَضْلِكُمْ أَهْلَ الرِّضا *** ثُمَّ أَعَادَ جِبْرَئِيلُ ما مَضَى
وَ إِنَّهُ لِي بِالدُّخُولِ يَأْذَنُ *** فَيَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لِي تَأْذَنُ؟
قَالَ بَلَى فَعِنْدَ ذَاكَ دَخَلا *** وَ آيَةَ التَّطْهِيرِ (إِنَّما) تَلاَ
قَالَ عَلِيٌّ ما لذا الجُلُوسِ *** مِنَ الكَرَامَاتِ لَدَى القُدُّوسِ
فَقَالَ وَالَّذِي اصْطَفَانِي يا عَلِي *** ما كَانَ مَحْفِلٌ مِنَ المَحَافِلِ
مَحَافِلِ الشَّيعَةِ ذِكْرُ ذا الخَبَرْ *** جَرَى بِهِ إِلا وَخَالِقُ البَشَرْ
عَلَيْهِمُ الرَّحْمَةَ فِيهِ أَنْزَلا *** وَ عَمَّهُمْ بِجُودِهِ تَفَضُّلا
وَ حَفَّتِ المَلائِكُ الكِرَامُ *** بِهِمْ لَهُمْ تَحْرِسُ مَا اسْتَقَامُوا
يَسْتَغْفِرُونَ الوَاحِدَ المَنّانا *** لَهُمْ وَ يَسْأَلُونَهُ الجِنَانا
قَالَ عَلِيٌّ نَحْنُ وَ الشَّيعَةُ قَدْ *** فُرْنا وَرَبِّ الكَعْبَةِ الفَرْدِ الصَّمَدْ
فَقَالَ خَيْرُ الأَنْبِياءِ مُقْسِما *** بِالقَسَم الَّذِي مَضَى وَأَعْلَمَا
ما فِيهِمُ مَهْمُومُ الأَفَرَّجا *** ذُو العَرْشِ هَمَّهُ وَنَالَ الفَرجا
وما بِهِمْ مَعْمُومُ إِلا وَكَشَفْ *** عَنْهُ الإله الغَمَّ والضُّر انْكشَفْ
وَ لَيْسَ فِيهِمْ طالِبٌ لِحَاجَهْ *** الأَ لَهُ قَضَى الإِلهُ الحَاجَهْ
فَقَالَ حَامِي حَوْزَةِ الإسلامِ *** إذا وَ رَبِّ البَيْتِ وَ المَقَامِ
فُزْنا كذا أشياعُناقَدْ فَازُوا *** فَوْزاً عَظِيماً وَالجِنَانَ حَازُوا
وَقَدْ سُعِدْنَا فِي ذِهِ الدُّنْيَا وَ فِي *** دَارِ الخُلُودِ بِعَظيم الشَّرَفِ
فَيَا إِلهِي اخْتِمُ لَنَا بِالحُسْنَى *** وَ اسْلُكْ بِنَا إِلَى المَقَام الأَسْنا
وَ حِينَ فَاحَ مِسْكُ خَتْمِها النَّدِي *** فَعَطَّرَ الكَوْنَ بِعِطرِ جَيْدِ
ص: 464
سميتها يا صاح مِفْتَاحَ الفَرَجْ *** أَرْجُو بِهَا تَنْحَل عَنْيَ الرَّتَجْ(1)
ثُمَّ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ العَالِي *** عَلَى النَّبِيِّ المُصْطَفَى وَالآلِ(2)
ص: 465
(بحر الرجز)
الشيخ عبد الله بن معتوق(*)(1)
ما العُذْرُ لِلأُمَّةِ فِيمَا سَلَكَتْ *** عَنْ لَيْلَةِ القَدْرِ الَّتِي قَدْ هُتِكَتْ(2)؟
ما العُذْرُ عَنْ زُجَاجَةِ المِصْباحِ *** اذْ كُسِرَتْ ظُلماً لَدى الصَّباحِ(3)؟
ما العُذْرُ عَنْ مَوْؤُودَةٍ إِذْ سُئِلَتْ *** يَوْمَ الجَزا بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ(4)؟
ما العُذْرُ لِلأُمَّةِ عَنْ أُمِّ القُرَى *** إِذْ عُقلَتْ أَبْيَاتُها عَنِ القرّى؟
ص: 466
ما العُذْرُ عَمَّا فَعَلُوا مِنْ مُنْكَرِ *** مِمَّا قَدِيماً مِثْلُهُ لَمْ يُذْكَرِ؟
وَ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أُولِي الأَدْيَانِ *** وَ غَيْرِهِمْ فِي سَالِفِ الأَزْمَانِ
فَهَلْ جَرَى مِنْ أُمَّةٍ فِيمَا سَلَفْ *** عَلَى بَنَاتِ الأَنْبِيا أَهْلِ الشَّرَفْ؟
كَمَا جَرَى عَلَى ابْنَةِ الرَّسُولِ *** فاطِمَةَ الزَّكِيَّةِ البَتُولِ
مِنَ الأذَى وَالذُّلُّ وَالإِهَانَةٍ *** مِنْ بَعْدِ ذَاكَ العِزَّ وَالصَّيانَةِ
ما فَاطِمٌ وَ هَجْمَةُ الأَشْرَارِ *** فِي دَارِها وَهْيَ بِلاَخِمَارِ(1)؟
ما فاطمٌ ما البابُ و الجِدَارُ *** ما الضَّغطُ ما الإِسْقَاط وَالمِسْمَارُ؟
ما فاطِمٌ ما حُمْرَةُ العَيْنَيْنِ *** ما الضَّرْبُ وَ اللَّظمُ عَلَى الخَدَّيْنِ؟
ما الطُّهْرُ ما إِضْرَامُ تِلْكَ النَّارِ *** بِبَابِهَا وَ هُيَ ابْنَةُ المُخْتَارِ(2)؟
ما فَاطِمٌ ما مَجْلِسُ الرِّجالِ *** ما الطُّهرُ ما التَّكْذِيبُ فِي المَقَالِ؟
مَا الطُّهْرُ ما الدَّعْوَى بِغَيْرِ حَقِّ *** وَ الحَقُّ شَاهِدٌ لَهَا بِالصِّدْقِ(3)؟
ص: 467
(بحر الرّجز)
الشيخ عبد الله الوائل الإحسائي(*)(1)
تَباً لِدُنْيا غادَرَتْ أَهْلَ الْعَبا *** بِصُروفِها فَتَشَتَّتُوا أَيْدِي سَبا(2)
أوَ لَمْ تَكُنْ تَدْرِي بِأنْ وُجودَهُمْ *** سَبَبٌ لِكُلِّ الكَائِنَاتِ تَسبَّبا(3)
لَكَنَّها طُبِعَتْ عَلَى كَدَرٍ فَلا *** تَصْفُو لِذي نَفْسٍ عَليْها مَشْرَبا
ما لاح بارِقُها بإقبالِ امْرِىءٍ *** إلاوَعَادَ عَلَيْهِ بَرْقاً خُلَّبا(4)
فَاحْذَرْ أَبَيْتَ اللَّعْنَ مِنْهَا وَاحْتَرِزْ *** عَنْ سُمِّها إِنْ كُنْتَ حُرّاً طَيِّبا
ص: 468
ما سالمتْ أحداً وَ راحَ مُسَلَّماً *** مِنْهَا وَلَوْ بَلَغَ الثَّرَيَا مَنْصِبا
أَيْنَ الجَبَابِرَةُ الأُولى عَركَتْهُمُ *** عَرْكَ الأَديم فَأَصْبَحُوا فيها نَبا
وَ قُصورُهُمْ مِنْ بَعدِ مَنْعَةِ عِزَّهِمْ *** أَمْسَتْ خَراباً لاتردْ لَهُمُ نَبا
نَعَبَ ابنُ دايةَ بالفَنَاءِ عَلَيْهِمُ *** فَبِشُومِ طَائِرِهِ بِهِمْ طارُوا ثبا(1)
سَكَنُوا اللحودَ فهَلْ تَرى لِوُجودِهِمْ *** أَثَراً فَكُلُّ فَنَائِهَا قَدْ غُيَّبا
وَ كَفاكَ مِنْهَا مَا أَصَابَ بَني الهُدَى *** مِمَّا يَرُوحُ الطِّفْلُ منهُ أَشيَبا
آلُ النَّبِيِّ الأَكْرَمِينَ وَ مَنْ لَهُمْ *** مَجْدٌ عَلَى أَوْجَ المَجَرَّةِ طنَّيا(2)
سامَتْهُم الخَسْفَ الذَّرِيعَ عِصابَةٌ *** فيها قَدِ امْتَطَوا الصَّلالَةَ مَرْكَبا(3)
قُبِضَ النَّبِيُّ وَ قَدْ سَقَوْهُ بِبَغْيِهِمْ *** مَضَضاً بِهَا قَدْ رَاحَ مُضْنِّى مُتْعَبا(4)
وَ البَضْعَةُ الزَّهْرا سَقَوْها بَعْدَهُ *** غُصَصاً مِثَالَ دُعافِها لَنْ يُشْرَبا(5)
وَ جَنينَها أَلْقَوْا وَبَزُوا إِرْثَها *** ظُلْماً وَ مَنْزِلُها بِنَارِ أُلْهِبَا
وَ جَؤُوا أَضالِعَها وَقادُوا جُرْأَةً *** مِنْ عُقْرِ مُنْزِلِها الوَصِيَّ مُلَبَّبا
حَتّى قَضَتْ وَ لْهَا لايَرْقَى لها *** دَمْعٌ وَ عَبْرَتُها تَزيدُ تَصَوُّبا(6)
ص: 469
وَ المُرْتَضَى مِنْ بَعْدِ غَصْبٍ مَقامِهِ *** أَرْداهُ في مخرابه ماضي الشَّبا(1)
وَ المُجْتَبَى أَوْدَى بِسُم جُعَيْدَةٍ *** في الصَّوْمِ لِلَّهِ العَلِيِّ تَقَرُّبا(2)
ص: 470
(بحر الرجز)
الشيخ عبد المجيد أبو المكارم(*)(1)
الحَمْدُ لِلَّهِ ذي الجَلالِ *** وَ خَالِقِ الخَلْقِ بِلا تِمْثالِ
الوَاحِدِ الفَرْدِ العَظِيم الأَحَدِ *** رَبِّ العِبَادِ ذلِكَ المُوَحَّدِ
هُوَ الإِلهُ مُوجِدُ الأَكْوَانِ *** وَ مُغْدِقُ النَّعْمَا عَلَى الإِنْسَانِ(2)
الواحِدُ الفَرْدُ بِلاً مُعِينِ *** وَ القَادِرُ الحَيُّ بِلاَ قرين
وَ خَالِقُ الخَلْقِ إِلَى العِبادَهْ *** حَقَّاً حَقِيقاً لَيْسَ لِلرِّفادَهْ(3)
بِقَوْلِهِ الكَرِيمِ فِي التُّبْيَانِ *** فَخُذْ بَيَانَهُ مِنَ القُرْآنِ
وَ مَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَى *** غَيْرِ عِبَادَةٍ كَصَوْمِ وَصَلا
وَ مَا أَرَدْتُ مِنْهُمُ ارْتِزَافَا *** كَلأَ وَ لاَطَعَامَ مُسْتَشاقا
إِنِّي أَنَا الرَّزَّاقُ فِي طُولِ الأَبَدْ *** وَ قُوَّتِي مَتِينَةٌ فَلا تُحَدْ
ثُمَّ الصَّلاَةُ لِلنَّبِيِّ الهَادِي *** المُصْطَفَى المُخْتَارِ نُورِ النَّادِي
وَ خَاتَمِ الرُّسُلِ وَ سَيْدِ الأُمَمْ *** مِنْ كُلِّ مَخْلُوقِ لِعُرْبِ وَ عَجَمْ
وَ آلِهِ الأَطْهَارِ ساداتِ الوَرَى *** وَ مَنْ بِهِمْ تَنَوَّرَتْ أُمُّ القُرَى
كَذَا الوَصِيُّ حَيْدَرُ الكَرَارُ *** أَخُو النَّبِيِّ سَيِّدُ الأَبْرَارِ
ص: 472
وَ هُوَ ابْنُ عَمُ المُصْطَفَى الرَّسُولِ *** وَ الزَّوْجُ لِلطَّاهِرَةِ البَتُولِ
بنْتُ الرَّسُولِ فَاطِمُ الزَّهْراءِ *** حَوْرَاءُ قُدْسِ سَيْدَةُ النّساءِ(1)
قدْ أَوْصَلَتْ رِسَالَةُ النَّبِيِّ *** إِمَامَةَ المَوْلَى الوَصِي الزَّكيِّ
مِنَ الإِلهِ الوَاحِدِ المَنَّانِ *** وَ فَضْلُها قَدْ بَانَ فِي التِّبْيانِ
صِدِّيقَةٌ طَاهِرَةٌ مُطَهَّرَهْ *** شَفِيعَةٌ شَافِعَةٌ مُقَدَّرَهْ(2)
هذَا النَّبِيُّ المُصْطَفَى يَقُولُ *** فَاطِمَةٌ بَضْعَتِي البَتُولُ(3)
ص: 473
فَمَنْ لَيُؤْذِي بَضْعَتِي يُؤْذِينِي *** كذا رِضاؤها نَعَمْ يُرْضِينِي
وَ إِنَّها لَيَغْضَبُ اللَّهُ لَها *** كذا لَيَرْضَى اللَّهُ فِي رِضائِها(1)
كَيْفَ وَ قَدْ قَاسَتْ مَصَائِبَ الزمن *** بَعْدَ أَبِيها مِنْ تَوَفَّرِ الفِتَنْ؟
مَنْعُ بُكَائِها عَلَى الرَّسولِ *** قَدْ قَلَعُوا أَراكَةَ البَتُولِ
فَمَا لِبَيْتٍ سِيمَ بِالأَحْزَانِ *** إِذْنَكَبُوها بِأَذَى الإِعْلانِ
حاشُوا عَلَيْهَا فِي مَصَائِبِ الزَّمَنْ *** وَ أَلْحَقُوا بِهَا أَكَابِرَ المِحَنُ
قاستْ مِنَ المَصَائِبِ العَدِيدَهْ *** أَهْوالُها مَعْرُوفةٌ شَدِيدَهْ
مِنْ أُمَّةٍ ما راقَبَتْ إِسْلاما *** وَ خَالَفَتْ لِلْمُصْطَفَى النّظاما
جَاءَتْ تُؤَدِّي حِقْدَها لِلْهادِي *** وَ أَقْبَلَتْ تَسْعَى عَلَى مِرْصَادِ(2)
قَدْ مَنَعُوا فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ *** عَنْ حَقَّها مِنْ مُوجِدِ النَّعْمَاءِ(3)
أَنْحَلَها الهَادِي بِأَمْرِ الخَالِقِ *** فَانْتَهَبُوها بِعِنادِ زاهِقِ
وَ لَيْتَ هذا صارَ بِالكِفَايَهْ *** كَيْفَ وَهُمْ قَدْ رَكَبُوا الغِوَايَهْ
ص: 474
فَوَصَلُوا لِدَارِهَا بِالنَّارِ *** وَ أَضْرَمُوا الجَزَلَ بِبابِ الدَّارِ(1)
فَخَاطبتْهُمْ بِخِطَابِ لَيْنِ *** لَعَلَّهُمْ يَرْتَدِعُوا عَمَّا عُنِي
وَ ذَكَرَتْهُمْ عَلَّهُمْ يَسْتَرْجِعُوا *** أَوَامِرَ الحَقِّ فَلَمْ يَرْتَدِعُوا(2)
بَلْ أَضْرَمُوا النَّارَ وَ أَنَّى تَخْتَرقْ *** باباً إِلَى اللَّهِ فَكَيْفَ يَحْتَرقْ؟
نَعَمْ فَكَانَ مِنْ عِصِيِّ النَّخْلِ *** وَ كَانَتِ النَّارُ لَهُمْ مِنْ جَزْلِ
فَظَهَرَ العُجابُ مِنْهُمْ كَيْفَ لَا *** تَأْكُلُ هَذِي النَّارُ باباً حَصَلا؟
كَيْفَ وَ هَذِي النَّارُ نارُ الجَزْلِ؟ *** شَيء كذا يَأْبَاهُ حُكْمُ العَقْلِ
ظَنُّوا بِبِنْتِ المُصْطَفَى المِصْدَاقِ *** أَبْعَدَتِ النَّارَ عَنِ الإِحْراقِ
لذا تَجَشَّمُوا إِلَى الإِيذَاءِ *** وَ آلمُوا لِفَاطِمِ الزَّهْرَاءِ(3)
إِذْ أَدْخَلَ الرِّجْسُ لِسَوْطِهِ وَ قَدْ *** آذَى لبنتِ المُصْطَفَى حَيْثُ وَرَد
آلمَ لِلْكَفْ مِنَ البَنُولِ *** بِنْتِ الشَّفِيعِ المُصْطَفَى الرَّسُولِ
وَ بَعْدَ أنْ تَالمَتْ بنْتُ النَّبِي *** طَهَ الرَّسُولِ الهَاشِمِي العَرَبِي
فَانْفَتَحَ البابُ عَلَى إِجْبارٍ *** وَلاَذَتِ الزهراء لِلجِدَارِ(4)
ص: 475
رَاعِيَةً لِلسِّتْرِ وَ الحِجَاب *** فَعُصِرَتْ بِالعَمْدِ بَيْنَ البَابِ
فَارْتَكَرُ المِسْمَارُ وَسْطَ الصَّدْرِ *** وَ اسْتَرْسَلَ الدَّمُ عَلَيْهَا يَجْرِي
وَ انْكَسَرَ الضّلْعُ بِهَا لَها الفِدا *** وَ وَقَعَتْ مَغْشِيَّةٌ بَيْنَ العِدى(1)
وَ أَسْقَطُوا لِلْمُحْسِنِ الجَلِيلِ *** وَ لَطَمُوا لِخَدِّها الأَسِيلِ(2)
فَاحْمَرَّتِ العَيْنُ بِلَظمِ الكَفِّ *** وَ انْخَسَفَتْ وَاللَّهِ كُلَّ الخَسْفِ
فَهَجَمُوا وَلَمْ يَكُنْ مِنْ إِذْنِ *** فِي دَارِها دُونَ احْتِرَام أَمْنِ
وَ فَاطِمُ الزّهرا عَلَى الأَعْتابِ *** مُغْشَى عَلَيْهَا نُخْبَةُ الأَطْيَابِ
فَأَخَذُوا حَيْدَرَةَ المِغْوَارِ *** وَ حُجَّةَ اللَّهِ الوَلِي القَهَّارِ(3)
قادُوهُ بِالحَبْلِ إِلَيْهِ أَخْرَجُوا *** وَ ارْتَجَتِ الأُفُقُ لَهُ وَ أَزْعَجُوا
لِلدِّينِ مَعَ أَوْلادِهِ وَ فاطِمَهْ *** وَ قَدْ أَفَاقَتْ بِنْتُ طُهَ قَائِمَهْ
ص: 476
قَدْ نَسِيَتْ جَمِيعَ ما كانَ بِهَا *** نَاظِرَةٌ فِي الحَالِ رَحْبَ دارِها
قَائِلَةٌ أَيْنَ عَلِيُّ المُرْتَضَى؟ *** وَ قَدْ أَجَابَتْ فِضَّةٌ قَالَتْ مَضَى
بِالحَبْلِ قَدْ قَادُوهُ يا أُمَّ الحَسَنْ *** فَخَرَجَتْ فَاطِمُ فِي ذَاكَ الحَزَنْ(1)
هَاتِفَةً فِي القَوْم خَلُّوا المُرْتَضَى *** هذا ابْنُ عَمِّي مُبْعِدٌ كُلَّ لَظَى(2)
فَاسْتَدْرَكُوها بالسياط المُؤلِمَهْ *** صَاحَتْ إِلهِي أَنْتَ جَبَّارُ السَّمَا
فَدَمْلَجُوا مُتونَها بِالضَّرْبِ *** وَ أَثَّرُوا أَعْضَادَها يا رَبِّي(3)
فَلَمْ تَعُدْ لِلدَّارِ لَكِنْ وَصَلَتْ *** لِبَابِ مَسْجِدِ الرَّسُولِ وَقَفَتْ
قَائِلَةٌ خَلُوا الوَصِيَّ عَلِيا *** بَابَ الهُدَى وَ المُرْتَضَى الصَّفِيَّا(4)
ص: 477
أَوْ لافَأَدْعُو دَعْوَةٌ مُجَابَهْ *** نَعَمْ وَ إِنِّي بَضْعَةُ النَّجابَهْ
هُناكَ كادَتْ تَرْفَعُ القِناعا *** بِدَعْوَةِ تَهْلِكُ لِلْجَمَاعَهْ
مَدَّتْ إِلَى القِنَاعَ يُمْنَى اليَدِ *** إِذِ العَذَابُ قَدْ أَتَى بِجَدِّ
فَارْتَفَعَتْ حِيطَانُ ذَاكَ المَسْجِدِ *** هذا عَذَابٌ قَدْ أَتَى لِلْمَعْهَدِ
جَاءَ العَذابُ بِغُبارِ مُحْرِقِ *** وَ عَمَّ فِي العَالَمِ لكِنِ التَّقِي
دَامَ الحِفاظ مِنْهُ لِلْكَرَامَهْ *** إِلَى الرَّسُولِ صَاحِبِ الغَمَامَهْ
فَقَالَ يَا سَلْمَانُ رُمْ لِلْبابِ *** فَإِنَّ بِنْتَ أَحْمَدَ فِي البابِ(1)
بَلِّغْ رسالةً إِلَيْها قَائِلا *** إِنَّ أَباكِ رَحْمَةٌ قَدْ أُرْسِلا
بَلِّغْ فَلاَتَكُونِي نِقْمَةٌ لِلْعَالَمِ *** وَ الصَّبْرَ يا بِنْتَ النَّبِيِّ الأَكْرَمِ
فَجَاءَ سَلْمانُ بِدَمْعِ مُنْحَدِرْ *** يا بِنْتَ طَهَ سيدي خَيْرِ البَشَرْ
أَخْبَرَها بِمَا يَقُولُ الْمُرْتَضَى *** وَ هُوَ القَسِيمُ لِلْجِنانِ وَ اللَّظَى(2)
ص: 478
فَأَجْهَشَتْ بِنْتُ النَّبِيِّ صَائِحَهْ *** سَلْمانُ دَعْ لَوْمَكَ عَن ها لفادِحهْ
ما قَصَّرَ الأَعْداءُ فِيمَا فَعَلُوا *** قَدْ هَجَمُوا دارِي وما قَدْ عَمِلُوا
صَابِرَةٌ فِي كُلِّ ما قَدْ وَقَعا *** إِلأَعَلِيَّ لاَ يَكُونُ مَرْتَعا
رَادُوا لِقَتْل المُرْتَضَى العَظِيمِ *** كَلاَّ وَ حَقِّ الخَالِقِ الرَّحِيمِ
أَلاَ تَرَى سَلْمانُ مَتْنِي كُلْما *** وَ اتْرَكَزَ المِسْمارُ نابعاً دَما؟
وَ أَسْقَطُوا حَمْلِيَ مُحْسِناً وَ قَدْ *** آذُونِي بِالعَصْرِ اعْتِداءَ وَ عَمَدْ
وَ كَسَرُوا ضِلْعِي وَخَدِّي لَطَمُوا *** وَ غَصَبُوا حَقّي وَ دَارِي هَجَمُوا
وَ مَزَّقُوا ما كانَ مِنْ كِتَابِ *** قَدْ حُقَّ فِيهِ الحَقُّ بِالصَّوابِ
أَما عَلِيٌّ لَيْسَ عَنْهُ صَبْرُ *** فَإِنَّهُ الإيمانُ وَ هْوَ الذِّكْرُ
ما رَجَعَتْ إِلا عَلِيٌّ مَعَها *** مَظْلُومَةٌ مَغْبُونَةٌ لكِنَّها(1)
نَفْسِي فِداها بَقِيَتْ عَلِيلَهْ *** بِكَثْرَةِ المَصَائِبِ الجَلِيلَهْ
ضَرْباً وَ لَطْماً مَعْ وَقَع الحَمْلِ *** مَصَائِبٌ لَمْ تَنْحَصِرْ بِالعَقْلِ
وَ قَدْ غَدَتْ فَاطِمَةُ البَتُولُ *** مَحْمُودَةٌ لَيْسَ لَهَا مَقِيلُ(2)
وَ أَصْبَحَتْ فَوْقَ الفِرَاشِ بِحُزَنْ *** تُعَالِجُ الآلامَ مِنْ تِلْكَ المِحَنْ
قَدْ بَقِيَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ المُصْطَفَى *** بُرْهَةَ وَقْتٍ نُورُها فِيهِ اخْتَفَى
حِينَ أَرادَ الخَالِقُ الكَرِيمُ *** وَقتَ اعْتِلالٍ صابَها عَظِيمُ
أَنْ تُرْفَعَ الزَّهْرا لِمَوْضِع العُلُى *** بِأَمْرِ رَبِّ الخَلْقِ جَلَّ وَعَلا
فَأَقْبَلَ الوَعْدُ لِبنْتِ أَحْمَدِ *** وَ فِيهِ فَارَقَتْ لِطِيب المَحْتِدِ(3)
أَلْقَتْ وَصاياها إِلَى الكَرَّارِ *** وَ اعْتَكَفَتْ فِي طَاعَةِ الجَبَّارِ(4)
ص: 479
حَتَّى قَضَتْ لِنَحْبِها مَضْرُوبَهْ *** مَنْهُوبَةٌ لِحَقِّهَا مَغْصُوبَهْ(1)
وَ مَاجَتِ الأَرْضُونَ فِي فِرَاقِهَا *** كَذَا السَّمَاءُ السَّبْعُ عِنْدَ مَوْتِهَا(2)
وَ الشَّمْسُ غَابَتْ وَ كَذَاكَ البَدْرُ *** وَ أَظْلَمَ الكَوْنُ وَ حَلَّ الضُّرُّ
مِنْ مَوْتَةِ الزَّهْرَاءِ أُمِّ الحَسَنِ *** وَ بَضْعَةِ المُخْتَارِ نُورِ الزَّمَنِ
عَلَيْكِ يا بِنْتَ الهُدَى سَلامُ *** مِنَ الإِلهِ وَلَكِ الإِنْعَامُ
مِنْ خَادِمٍ أَبْدَى لَكِ التَّحِيَّهُ *** سَيِّدَتِي يَا فَاطِمُ الزَّكِيَّة
أَرْجُو شِفالي يا بِنْتَ المُعَظَّمِ *** طهَ النَّبِيِّ الأَوْحَدِي الأَكْرَمِ(3)
كَذَا سَلاَمِي لَكِ مَعْ أَبِيكِ *** وَ بَعْلِكِ الكَرارِ مَعْ بَنِيكِ
وَ الحَمْدُ لِلَّهِ العَظِيمِ الشَّانِ *** وَ خَالِقِ التَّكْوِينِ وَ الإِمْكَانِ(4)
ص: 480
(بحر الرجز)
الشيخ عبد المجيد أبوالمكارم(*)(1)
آهِ مِنَ المِسْمَارِ كَيْفَمَا فَعَلْ *** فِعْلَتَهُ لِلْحَشْرِ لَمّا تَضْمَحِلْ(2)
نَكَّسَ عَامُودَ الهُدَى وَالدِّينِ *** بِفِعْلِهِ بِبَضْعَةِ الأَمِينِ
مَزَّقَ لِلصَّدْرِ وَأَوْهَاهَا عَلَى *** عَتْبَةِ دَارٍ أَسْقَطَتْ سِنَّ المَلاَ(3)
وَ أَحْرَقَ البابَ وَ أَوْهَى العَضُدا *** وَ قَادَ نُورَ اللَّهِ سُلْطَانَ الهُدَى
هَدَّمَ رُكْنَ الدِّينِ حِينَمَا فَعَلْ *** فِعْلَتَهُ السَّوْداءَ مِنْ خَيْرِ العَمَلْ(4)
ذَاكَ الهُجُومُ سَوَّدَ التَّارِيخَ فِي *** كُلِّ الدُّهورِ أَبداً لَمْ يَخْتَفِ(5)
وَ قَدْ بَغَتْ شَوْكَاتُهُ طُولَ الدُّنَى *** لِلْحَشْرِ لا تُحْمَدُ نِيرانُ الخَنَى(6)
ص: 481
ضَرْبٌ وَلَظمْ ثُمَّ إِسْقاط حَصَلْ *** عَصْرُ لِبِنْتِ المُصْطَفَى ضَيمٌ نَزَل
حَرْقٌ لِبابِ اللَّهِ مَعْ كِتَابِهِ *** سَبَبُهُ المِسْمَارُ فِي جَرَائِهِ
وَ قَادَ خَيْرَ الخَلْقِ بَعْدَ المُصْطَفَى *** بِالحَبْلِ قَسْراً وَبِهِ الدِّينُ اخْتَفَى(1)
وَ أَوْرَتَ الدُّلَ لِيَوْمِ الحَشْرِ *** فَأَحْزَنَ المُخْتَارَ كُلَّ الدَّهْرِ
جَاءَ بِهِ فِرْعَوْنُ هَذِي الأُمَّهْ *** قَدِ اسْتَحقَّ اللَّعْنَ مِنْ ذِي الرَّحْمَهْ
كَمَا لَهُ العَذَابُ فِي طُولِ الزَّمَنْ *** مِنْ يَوْمِ عَصْرِ الظُّهْرِ بِنْتِ المُؤْتَمَنْ
مَنْ جَاءَ بِالإيذا لبِنتِ المُصْطَفَى *** آذى اللهَ حَيْثُمَا قَدْ وَصَفَا(2)
طُولَ الزَّمانِ بَائِسٌ لَعِينُ *** نَعَمْ كَمَا بَيْنَهُ الأَمِينُ
كَذَا الصَّلاَةُ وَالسَّلامُ لِلنَّبِي *** وَ آلِهِ الأظهَارِ أَهْلِ الأَدَبِ(3)
ص: 482
كَذَا سَلاَمٌ مِنْ خَدِيمٍ أَبَدا *** يَرْجُوهُمُ الصَّلاحَ فِي يَوْمِ النِّدا
كَذاكَ يَرْجُو صِحَةٌ فِي نِعَم *** لِلْجِسْم وَالعَيْنِ فَأَنْعِم مَغْنَمِي
عَبْد المَجِيدِ وَحَفِيدُ جَعْفَرٍ *** وَ ابْنُ عَلِيَّ القَد ذَاكَ الأنْوَرِ(1)
ص: 483
(بحر الرجز)
الخطيب ملا عطية الجمري(*)(1)
وَ لهَني تَجَاوُبُ الأَرزاءِ *** بِالمُصْطَفَى والآلِ وَ الزَّهْراءِ
ص: 484
أَبْدَتْ لها الأُمَّةُ ما قَدْ أَضْمَرَتْ *** لها مِنَ الأَضْغَانِ وَ الشَّحْنَاءِ(1)
فكابَدَتْها محناً لولا مَسَتْ *** طَوْداً لزال عن ثَرى البَوْغاءِ(2)
وَ جَرَّعَتْ سِنَّ النِّسا مِنَ الأَسَى *** فَوادِحاً جَلَّتْ عن الإحْصاءِ
سَلْ عَنْ دُخُولِ الدّار فِيهِ ماجَرَى *** يا صاحِ مِنْ داهِيَةٍ دَهْياء(3)
ص: 485
مِنْ عَصْرِها وَ لَظْمِها عَداوَةً *** و مِن جَنين غيل في الأَحْشاءِ(1)
و مُذْ بَدَتْ تَدْفَعُ عن حَيْدَرَةٍ *** إِذ أَخْرَجُوهُ جُرْأَة الأَعْداءِ
صاغَ لها الدَّملَجَ في ساعِدِها *** سوطٌ تلوّى في يَدٍ لعناءِ
وَ انْدَفَعَتْ خَلْفَهُمُ لِمَسْجِدٍ *** غَصَّ بأهلِ البَغْيِ وَ الغَوْغاءِ(2)
تَدْعو وَ كَفَّاها على هامَتِها *** خَلُّوا عَلِيّاً رُعْتُمُ أبنائي(3)
فَما جَتِ الأَرْضُ وَ مَارَتِ السَّما *** وَ اضْطَرَبَتْ جَوانِبُ الأَرْجاءِ(4)
وَ لم تَكُنْ تَقْصِدُ إِهْلاكَهُمُ *** إِذْ شَأْنُها الصَّبْرُ على البَلْواءِ
بَلْ لِتُرِيهم ما به رَبُّ الورى *** أَكْرَمَهَا مِنْ سابِغِ النَّعْمَاءِ
كُمْ خُطبَةٍ صَمَّتْ بها آذانَهُمْ *** تَكْشِف كُلَّ طَخْبَةٍ عَمْياءِ(5)
لكِنَّهُمْ عن الهُدى في صَمَمٍ *** فَقابَلوا بالأُذُنِ الصَّمّاءِ
فَأَمَّتِ القَبْرَ له شَاكِيَةً *** فِعَالَهُمْ بِالمُهْجَةِ الحَراءِ
ص: 486
وَ انْكَفَات للمُرْتَضى مُبْدِيَةً *** باللرِّجالِ رِنّةَ النِّساءِ
فعادَ قَلْبُ المُرْتَضى في حَرَقٍ *** مُضْرَمَة بالهمَّةِ الشَّمَاءِ(1)
يَقولُ صَبْراً يابْنَةَ الهادي فَكَمْ *** اللَّهِ مِنْ حُكْمِ وَ مِنْ إِمضاءِ
وَ هكذا بِنْتُ الرَّسولِ كابَدَتْ *** حتَّى دَهاها عاجِلُ الفَناءِ(2)
قَدْ لَزِمَتْ فِراشَها مِنْ بَعْدِهِ *** لِعُظم ما لاقَتْ من البَلاءِ
فَفارَقَتْ دار الفنا لْكِنَّها *** تَحِنُّ لِلْكَرَارِ وَ الأَبْناءِ
ص: 487
(بحر الرجز)
الشيخ علي بن حسن الجشي
رُوي لنا عن معدنِ الأسرارِ *** بضعةِ طه مظهرِ الأنوارِ
قالتْ أبي المختارُ سلطانُ الرسل *** عليَّ في المنزلِ يوماً قد دَخَلْ
فقالَ لي في بدني ضعفاً أجدْ *** قلتُ كفيتَ بالإلهِ ما تجدْ
قال عليَّ بالكسا اليمانِي *** كيما تغطي بالكسا جثمانِي
قالتْ فغطيتُ أبي و لم أزلْ *** ناظرةً إليه إذ أضا المَحَلْ
و وجههُ يسطعُ منهُ النورُ *** كالبدرِ في تمامِه ينيرُ
فما مضتْ ساعةُ إلاّ وأتى *** قرّةُ عيني المجتبى خيرُ فتى
فقال يا أمُّ و يا بنتَ الهدى *** عليكِ مني السلامُ سَرْمَدا
قالت بنيَّ و السلامُ الأسنى *** عليكِ يا من تمَّ حسناً معنى
فقال يا أماه إني لأشمُ *** رائحةٌ بطيبها تحيى الرِّمَم(1)
كأنها تضوّعت من أحمدا *** جدي فمثلُ طيبِه لن يُوجدا(2)
قالتْ نعم ها جدّكَ المختارُ *** تحتَ الكسا و هو لهُ دثارُ
فأقبلَ السِّبط الزكيُّ المجتبى *** نحوَ الكسا حتى دنا و اقتربا
قال السلامُ من إلهِ العالمِ *** عليكَ يا سيدَ ولدِ آدمِ
ص: 488
و قال هل أدخلُ يا أفضلَ مَنْ *** كان يكُن قال: أجل بُني حَسَنْ
تقولُ ثم جاءَ من بعدِ الحسنْ *** قرّة عينيَّ الشهيدُ الممتحَنْ
و بالسلامِ افتتحَ الكلاما *** أجبته برده إكراما
فقال إنّي لأشمُ رائحةً *** كأنها من طيبِ جدي فائحةْ
قلتْ نعم جدك مع أخيكَ *** تحتَ الكسا بمهجتِي أفديكا
ثم دنا و كرَّر السلاما *** على النبيِّ جدِهِ إِعظاما
و استأذنَ النبيَّ في الدخولِ *** قال له أدخلْ في لقاكَ سولي(1)
قالتْ فعندَ ذاك جاءَ المؤتمنْ *** نفسُ النبي المصطفى أبوالحسَنْ
قال السلامُ بضعةَ المختارِ *** عليكِ في الأدوارِ والأكوارِ
قلتْ وهكذا السلامُ الدائمُ *** عليكَ ما قامتْ بكَ العوالمُ
فقالَ لي: أشمُّ طيباً فاحَ و لمْ *** أَخَلْهُ إلاطيبَ صِهِرِي و ابن عمْ(2)
قلتُ نعمْ ها هو معَ نجليكَ قَدْ *** ضمهمُ الكساءُ يا باب الرَشَدْ
هناكَ أقبل الوصيُّ المرتضى *** يؤمُ خير مصطفى و مرتضى
قال عليكَ مني السلامُ مما *** قرَّت بك الأرضُ و قامت السَّما
و قال هل أدخلْ معكَ يا بنْ عَم؟ *** قال نعم أنتَ شقيقي في القِدمْ
ثم دنتْ والدةُ السبطينِ *** كفوِ الوصي مجمعِ البحرينِ
تكرّر السلام و المخاطبةْ *** بیا رسول اللَّه طوراً و أبهْ
يا منْ له الولايةُ الكبرى هلْ *** تأذن بالدخول لي؟ قال أجَلْ
قالتْ فلما اكتملُوا تحت الكسا *** و فيهمُ طاولَ حتى الأطلسا
لم تدرِ ما هذا الكساءُ قد جمَعْ *** إذ ضمَّ خيرَ من لهُ الباري ابتدعْ
ص: 489
طوى مكارماً وأسرارَ جمَعْ *** لنشرِها فضا الوجودِ لم يسعْ
وكم لهذا الاجتماعِ من أثرْ *** مباركٍ عمَّ الوجودَ واستمرْ
وقد تجلّی اللّهُ للتنويهِ في *** سمائِه بما حووا من شرفِ
أوحى هناكَ مالكُ الأملاكِ *** إليهُم يا ساكِني أفلاكي
وعزّتي وبجلالي لم أكُنْ *** أوجِد موجوداً من الخلق يكُنْ
وما رفعت من سما مبنيّه *** ولا دحوتُ أرضها المدحيّه
ولم تكن من قمرٍ منيرِ *** ولم تكن شمسٌ تضي بالنورِ
ولم يكنْ من فلكِ دوّارِ *** أو أبحرٍ تجري وفُلكٍ ساري
ألاّ وكانَ في محبةِ الأُلى *** تحتَ الكساءِ اجتمعُوا أهل الوِلا
فهؤلاءِ الخمسةُ الذين هُمْ *** تحتَ الكساءِ رحمتي بهمْ تَعُمْ
فدلَّ أن لولاهُمُ لمْ يَكنِ *** في الأرضِ والسماءِ من مكوِّنِ
إذ كلُ شيءٍ للمكانِ مفتقرْ *** وبانتفاهُ ينتفي مايفتقرْ
فقال جبريلُ وَمَنْ تحتَ الكسا *** يا ربُّ؟ قال ربُّنا تقدّسا
هم من لهمْ بيتُ النبوّةِ انتسبْ *** ومعدنُ الرسالةِ السامي لقبْ
همُ فاطمٌ والمصطفى أبوها *** وبعلُها وخيرتي بنُوها
وإن تقديمَ الجليلِ الزهرا *** عليهُم ذكراً أبانَ سِرّا
لا يسعُ التصريحُ لكن من فهِمْ *** بأنها أم أبيها يغتنِمْ
فقال جبريلُ فهل تأذنُ أَنْ *** أكونَ سادساً لهُمْ يا ذا المِنَنْ؟
أرادَ أَنْ يجعلَ حلَّ منصبهْ *** متمماً لما اقتضتْهُ المرتبهْ
قال نعمْ هنالكُم تنزلا *** مسلماً يُنهي سلامَ ذي العُلا
وهو يقولُ ثمَّ قَصَّ مامضى *** وإنه جاءَ ليبلغَ الرِّضا
فهلْ تری یا صاحبَ الولايةْ *** تأذنُ لي حتى أنال الغايهْ؟
وربما يسألُ سائلٌ فطِنْ *** لِم يطلبِ الإذن وربُّه أَذِنْ
ص: 490
قلتُ هنا أجوبةٌ تنوعَتْ *** لكنها عن واحدٍ تفرعَتْ
الإذنُ لم يحوّلْ الماهيّةْ *** في الروحِ بلْ المصطفى العليّه(1)
وإن للعلةِ أعلى هيمنَهْ *** فيستحيلُ أن تزولَ السلطنَهْ
قال إليكَ قد إذنتُ فدخَلْ *** فقال قد أوحى لكم عزَّ وجَلْ
وهو يقولُ إنما يريدُ *** بها خُصصتم ولكُم مزيدُ
بوحيهِ جلَّ لها اقتضى المحَلْ *** حيث أبانت سرَّ جعلِهم عللْ
دلت بأنْ ليسَ سواهُمُ اتصف *** بما تضمنتْ لعمرِي من شرفْ
قد أذهبَ الرجسَ وبالتطهيِر مَنْ *** فلم يشب كمالهم نقصٌ دَرَن(2)
فتمَ فيهمُ اقتضى الإيجادِ *** من الحكيم المطلقِ الجوادِ
وغيرهمْ ما تمَّ فيه الإقتضا *** إلاّ إذا شاؤوا فهم سرُّ القَضا
وكم لذي الآيةِ من أسرارِ *** يرجعُ عنها ثاقبُ الأفكارِ
قال عليّ وهو البابُ لما *** مدينةَ العلم حوَتْ مستفْهِما
ما لجلوسِنا من الفضلِ لدى *** ربِّ الورى يا خيرَ داعٍ للهدی
فقالَ خیرُمخبرٍ أمينِ *** يؤكدُ الأخبارَ باليمينِ
ليعلمَ المؤمنَ أن للخبرْ *** منزلةً شامخةً ذاتَ خَطَرْ
فيطمئنَ وينالَ ما قصَدْ *** إذ نجحهُ نِيطَ بحسنِ المعتَقَدْ
قال ومن صيَّرَني نبيّا *** وبالرسالةِ اصطفى نجيّا
لم تذكرِ الشيعةُ هذا الخبرا *** بمجمعٍ إليهم فوقَ الثرى
إلا عليهمْ أنزلَ الجبارُ *** رحمتَهُ والمَلَكُ الأبرارُ
حفتْ بهم واستغفرت لهمْ إلى *** أنْ يتفرَّقُوا بأمرِ ذي العُلا
ص: 491
قال إذاً فُزنا وربِّ الكعبةْ *** ومن لَنا يُدِينُ بالمحبَّهْ
قالَ وقد أقسَم بالذي سبَقْ *** خيرُنبيِّ لم يفُهْ إلاّ بحَقْ
وما بهِم مهمومُ أو مغمومُ *** إلاّ وزالَ الغمُ والهمومُ
ولم يكنْ من طالبٍ الحاجة *** الاّ قضى الربُّ الكريمُ الحاجَةْ
فقالَ فُزنا وسَعُدنا المرتَضَى *** دنيا وعُقبى والذي لنا ارتَضَى
و هكذا شيعتُنا فازوا بنا *** في النشأتين وبنا نالُوا المُنى
ص: 492
(بحر الرّجز)
الشيخ علي بن حسن الجشي
حَبِيبَةُ الحَبِيبِ بِنْتُ المُصْطَفَى *** كُفْؤُ عَلِيِّ وَكَفاهَا شَرَفا(1)
وَفَضْلُها كالشَّمْس ما بِهِ خَفا *** حتّى على الرُّسْلِ لها تَفضيلُ
***
وربَّما يَكْبُرُ عندَ مَنْ جَهِلْ *** تَفْضِيلُها عَلَى الوَرَى حتّى الرُّسُلْ
ألَمْ يَكُنْ أهْلُ الكِسا هُمُ العِلَلْ *** وَهَلْ يُساوِي العِلَّةَ المَعْلُولُ؟
***
ألَم تَكُنْ من نورِ أَفْضَلِ الرُّسُلْ *** ومَنْ بَراهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ؟
مِن نورِهِ المُشْرِقِ مِنْ صُبْحِ الأَزَلْ *** إِذْ لا مُعَلَّلٌ ولا تَعْليلُ
***
ص: 493
وكَمْ لها في البَدْءِ والخِتامِ *** وَهذِهِ الدَّارُ مَقامٌ سامِي
خُصَّتْ به مِنْ خالقٍ الإنْعامِ *** أثْبَتَهُ المَنْقُولُ وَالمَعْقُولُ
***
وَهْيَ لَعَمْرِي عِلَّةُ الإيجادِ *** وَكَمْ عَلَى الخَلْقِ لَها أَيادِي(1)
في هذِه الدّارِ وَفِي المَعادِ *** وَالكُلُّ مِنْ أَهْوالِهِ مَذْهُولُ
***
وكَمْ لها هُنَالِكُمْ مِنْ مَوْطِنِ *** يَنْفَعُ حبُّها لِكُلِّ مُؤْمِن
أَيْسَرُها المَوْتُ فَهُمْ بِمَأمَنِ *** حَيْثُ عَلَى وِدادِها التّعويلُ(2)
ص: 494
(بحر الرَّجَز)
الشيخ علي بن مقرب العيوني
يَا وَاقِفاً بِدِمْنَةٍ وَمَرْبَعِ *** إِبْكِ عَلَى آلِ النَّبِيِّ أَوْ دَعِ
يَكْفِيكَ مَا عانَيْتَ مِنْ مُصابِهِمْ *** مِنْ أَنْ تَبَكَّى طَلَلاً بِلَعْلَعِ(1)
تُحِبُّهمْ قُلْتَ وَتَبْكِي غَيْرَهُمْ *** إِنَّكَ فِيمَا قُلْتَهُ لَمُدَّعِ
أمَا عَلِمْتَ أَنَّ إفراط الأَسَى *** عَلَيْهِمُ عَلامَةُ التَّشَيُّعِ؟
أَقْوَتْ مَغَانِيهم فَهُنَّ بِالبُكا *** أَحَقُّ مِنْ وادي الغَضا وَالأَجْرَعِ(2)
يَا لَيْتَ شِعْرِي مَنْ أَنُوحُ مِنْهُمُ *** وَمَنْ لَهُ يَنْهَلُ فَيْضُ أَدْمُعِي؟
ألِلْوَصِيَّ حِينَ فِي مِحْرابِهِ *** عُمِّمَ بِالسَّيْفِ وَلَمَّا يَرْكَعِ؟
أَمْ لِلْبَتُولِ فَاطِم إذ مُنِعَتْ *** عَنْ إِرْثِهَا الحَقِّ بِأَمْرِ مُجْمَعِ؟(3)
وَقَوْلُ مَنْ قَالَ لَهَا يَا هذِهِ *** لَقَدْ طلَبْتِ باطِلاً فارْتَدِعِي
أبوكِ قَدْ قَالَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ *** مُصَرِّحاً في مَجْمَعٍ فَمجْمَعِ
ص: 495
نَحْنُ جَمِيعُ الأَنَبِيَاءِ لانُرِي *** أَبْنَاءَنا لإرثنا مِنْ مَوْضِعِ
وَمَا تَرَكْنَاهُ يَكُونُ مَغْنَماً *** فَارْضَيْ بِمَا قَالَ أَبوكِ وَاسْمَعِي
قَالَتْ فَهَاتُوا نِحْلَتي مِنْ وَالِدي *** خَيْرِ الأَنامِ الشَّافِعِ المُشَفَّعِ
قَالُوا فَهلْ عِنْدَكِ مِنْ بَيِّنَةٍ *** نَسْمَعُ مَعْنَاها جَمِيعاً وَنَعِي
فَقَالَتْ أَبنائِي وَبَعْلِي حَيْدَرٌ *** أَبُوهُما أَبْصِرْ بهِ وَأَسْمِعِ
فَأَبْطَلُوا إِشْهادَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ *** نَصُّ الْكِتَابِ عِنْدَهُمْ بِمُقْنِعِ
وَلَمْ تَزَلْ مَهْضُومةٌ مَظْلُومةً *** بِرَدِّ دَعْواها وَرَضِّ الأَضْلُعِ(1)
وَأُلْحِدَتْ فِي لَيِلها لِغَيْظِها *** عَلَيْهِمُ سِرًّا بِأَخْفَى مَوْضِع(2)الذبالة : الفتيلة.(3)علّبَة أثر فيه وخدشه.(4)التأنيب : المبالغة في التوبيخ.(5)المأفون: الضعيف الرأي.(6)
ص: 496
(بحر الرجز)
السيد فاخر آل فاخر الموسوي
بسم الذي قد برَأ الخلائقْ *** وللهدى قد أظهَرَ الحقائقْ
والحمدُ اللّه على نوالهْ *** حب النبيِّ المصطفى وآلهْ
العترةُ الطاهرةُ الهداةُ *** عليهمُ السلامُ والصلاةُ
يُستنزلُ الخيرُ بهم والرحمهْ *** بذكرهم تُكشفُ كلُّ غمهْ
من ذلكم رَوت لنا قضيهْ *** بلفظها فاطمة الزكيهْ
حديثَها الموسومَ بالكساءِ *** من ألْفه مفصلاً للياءِ
قالت ففي يوم من الأيامِ *** قد خصني النبيُّ بالسلامِ
فزارني في حجرتي وحيد *** وهو لما قد خصني سعيدا
فقلت يا أبي لك التحيهْ *** مني عليك سيدَ البريهْ
فقال يا فاطمُ إني أجدُ *** ضعفا ويشكو اليومَ مني الْجسدُ
أجبتُهُ ه أعيذكَ باللَّهِ *** من كل ضعفٍ يا عظيمَ الجاهِ
فقال لي يا خيرة النسوانِ *** غطيني قومي بالكسا اليماني
فأقبلت والدةُ الأئمهْ *** تُنفِّذ الأمر له بهمهْ
تقولُ جئتُ له بالكساءِ *** غطيتُهُ فيه رجا الشِّفاءِ
فبينما إليه كنتُ أنظرُ *** أرى الضيا ووجهُهُ منوّرُ
كأنهُ البدرُ بذا الجمالِ *** في ليلةِ التمامِ والكمالِ
ص: 497
فلم تمرَّ ساعةٌ من الزمنْ *** حتى رأيتُ مقبلاً نحوي الحسنْ
أهدى بكلِّ أدبٍ سلامَهْ *** أجبتهُ ودائمُ السلامهْ
فقال يا أماهُ هذي رائحه *** كأنّها من ثوبِ جدي فائِحَه
قلتُ نعم ياسيدَ الأبناءِ *** مغطّى جدك بالكساءِ
فجاءَهُ مُسلماً منادي *** تأذنُ لي يا رحمةَ العبادِ
أجابه يا صاحبَ الحوضِ أجلْ *** أدخل معي يا نورَ عيني بالعجلْ
فضمهُ إليه بالكساءِ *** كما تقولُ خيرةُ النساءِ
فلم تمرَّ ساعةٌ حتى أتى *** قرةُ عينيَّ شهيدُ كربلا
بكل إجلالٍ علي سلما *** وعن نسیمِ شمَّها مستفهِما
فقال يا أماه فيكِ رائحهْ *** كأن جدي عندكِ يا صالحهْ
أجبته يا قرةَ العيونِ *** ذا صنوكَ الزكيُّ معْ ياسينِ
تحتَ الكساءِ جالساً بجنبهْ *** فاذهب إليه يا نجيعَ قلبهْ
فجاءَهُ مسلَّماً حسينُ *** نحوَ الكسا و كلُّه يقينُ
وقال يا خيرَ من اصطفاهُ *** ربُّ العلى وللهدى اجتباهُ
أ أدخلُ في جنبكم تحت الکسا *** صلی عليكَ اللّه صبحاً ومسا
أجابَهُ النبيُّ يا ريحانتي *** أنتَ الحسينُ حاملٌ شفاعتي
أجل أذنتُ لك في الدخولِ *** يا سيدَ الشبابِ والشبولِ
فالتحفَ السبطُ كما تقولُ *** تحتَ الكسا فاطمةُ البتولُ
قالت وجاء حينها أبو الحسنْ *** أميرُ كل مؤمنٍ مسلَّمَنْ
فقال يا فاطمةٌ أشمُّ *** رائحةً طيبةً تعمُّ
كأنها رائحةُ النبیِّ *** ذي العبق المعطّرِ الذكيِّ
أجبتُ يا من سُمِّيَ بالأميرِ *** لكل من آمنَ بالغديرِ
عليكُمُ السلامُ من ربِّ السما *** ذا ولديَّ والنبيُّ تحتَ الكسا
ص: 498
فجاء نحوَ الكساالوصيُ *** منادياً يا أيها النبيُ
في حجرك الميمونِ قد ربیتُ *** بكلِّ فضل لك قد عنيتُ
تأذنُ أن أنضمّ في الكساءِ *** قال نعم يا واجبَ الولاءِ
أجل وأنتَ حاملٌ لوائي *** بغيركُم لا خيرَ في وِلائي
فانضمَ في الكسا أبو الأئمهْ *** صنوُ الهدى بالبرِ والمَلَمَّهْ
وبعدَ ذاك نادت البتولُ *** مقبلةً يا أيها الرسولُ
أتأذنُ للبضعةِ الزكيهْ *** ياصاحبَ المكارمِ السنيهْ
أجابَها بإذنه يابنتي *** بالمكرمات والكسا خُصِصتي
يا بضعتِي وخيرةَ النساءِ *** تدثري بجنبي في الكساءِ
قالت فعندَ ذلكم أقبلتُ *** مع الجميعِ في الكسا دخلتُ
و حینما تحتَ الکسا اكتملنا *** دعا أبي وبعدَهُ آمنّا
قد رفعَ اليمنى إلى السماءِ *** وممسكاً بحرفيِ الكساءِ
منادياً يا محيي كل مَيْتِ *** إهدِ الورى لحبِّ أهلِ بيتي
فهؤلاء حامتي وخاصَّتي *** قد كملتْ بودِّهم رسالتي
فإن من دمي غدت دماؤهمْ *** كما وهم من لحمتِي لحومهمْ
وكلُّ ما يؤلمهم يؤذيني *** كما الذي يحزنهم يُشجيني
وحبُّهم حبٌّ لنا يكونُ *** وودُّهم كما في الذكرِ دينُ
وإنني حربٌ لمن حاربتمْ *** كما أنا سلم لمن سالمتمْ
فاجعل عدائيَ لمن عاداهمْ *** وزد إلهي الحب من والاهمْ
لأنني منهُم وهم مني هدًى *** من وَدَّهم فهو إلى الدين اهتدى
فإننا محمدٌ جميعُ *** من جاءنا كناله شفیعُ
وكُلُّناسفينةٌ واحدةُ *** للعالمين رحمةٌ نازلةُ
فصلِّ يا ربِّ عليهمُ كما *** طهَّرتهم من كلِّ ذنب عاصما
ص: 499
وبارك اللهم في ذرّيتي *** واجعل رضاكَ عنهمُ بعصمةِ
وأذهبنَّ عنهمُ كل دَنسْ *** وزکِّهم من كلّ رجس ونَجَسْ
فقال ربُ البيت والمقامِ *** ومُسمِعُ الملائكِ الكرامِ
فإنني أُقسم في جلالي *** وعزّتي الشأواء في جمالي
ما كنتُ قط خالقُ الضياءا *** ولم أكن أن أبرأ القضاءا
كلا ولا من طُلّعٍ عشيهْ *** وليس من شمس بها مضیهْ
كما ولامن قمرٍينيرُ *** وليس فيها فَلَك يدورُ
ولا بحارا في الأراضي تجري *** كلا ولا فُلْكاً عليها تسري
وإني لم أخلق سما مبنیهْ *** كلا ولا أرضٌ غدت مدحيّهْ
إلا لأجل حبِّ هؤلاءِ *** الخمسةِ الأطهار في الكساءِ
أفضلُ من جميعِ ما برئتُ *** لأجلهم كل الذي خلقتُ
فقال جبرائيلُ الأمينُ *** يارب مَنْ تحت الكسا يكونُ
فقال أعني أحمدا وآلَهْ *** أهلَ النبيِّ معدنَ الرسالهْ
هم فاطمُ والمصطفى أبوها *** وبعلُها وبعدَها بنوها
فقال يا ربُّ ألا أكونُ *** سادسَهُم بخدمةٍ معينُ
أجابه فاهبط كما تريدُ *** واتل اليهم: إنما يريدُ
فجاءَ جبريلُ لنا مسلِّماً *** على الرسول المجتبى المكرَّما
مبشّراً يقول إن اللَّهَ *** في الملا الأعلى بكم قد باها
ومقسماً بالعز والجلالِ *** وحق ما برئتُ من جمالِ
فإنني لم أخلقِ الخضراءا *** كلا ولم أمهّد الغبراءا
ولا جعلتُ قمراً منيراً *** كلا ولا من فَلَكٍ يدورا
وليس بحرٌ في الوطاء يجري *** ولا بها فُلُكاً هناك تَسري
وليسَ شمسٌ في السماء تشرقُ *** كلا ولا خلقٌ هناك يُرزَقُ
ص: 500
إلا لأجلِ هؤلاءِ الخمسِ *** تحتَ الكسا قد طهروا من رجسِ
وجئتكم بآيةِ تذكيرا *** بأنه طهَّركم تطهيرا
و قد تحدّث له كما سبقْ *** من نظمِ ذا العبد على نحوِ النسقْ
و قال أهدَى لكُمُ الكرامهْ *** كما وقد خصكَ بالسلامهْ
و مؤذناً بأن أكونَ بالعبا *** فتأذنُ يا خيرَ من قَدْ صَحبا
قال نعم فأقبل الأمينُ *** تحتَ الكسا بجنبِه قرينُ
فكانَ جبريلُ بنا يفتخرُ *** ما إن تُلي في الخلق هذا الخبرُ
قالتْ فقال المرتضى مستفهِما *** ما الفضلُ للجلوس ذا تحتَ الكسا
فأقسمَ الرسولُ بالنبوّهْ *** يا أيها المختصُ بالأخوهْ
فوالذي بحقِّه اصطفاني *** و للورى لدينهِ اجتباني
حتى جُعلتُ للهدى نبياً *** و حاملاً رسالتِي نجيا
مهما تُلي حديثنا الكساءُ *** فواجبٌ أن يُرفع الدعاءُ
و ما تلاه محفلٌ مجتمعُ *** و فيه من شيعتِنا يستمعُ
إلا وهم يستوجبونَ الرحمهْ *** و زيدَ كلُّ واحدٍ في النعمهْ
هذا و حفتْ بهمُ الملائكْ *** و استغفرتْ في جمعهِم لذلكْ
فقال لما سمعَ الوصيُّ *** فاز بربِّ الكعبة الوليُ
فقال عند ذلك الرسولُ *** أيا أخي وذا لهم قليلُ
فوالذي بالحقِّ قد نبئتُ *** من عندهِ و بالهدى بُعثتُ
ما إن تلى الحديثَ ذا أولئكْ *** إلا عليهم نزلتْ ملائكْ
تحفوفيهم و لهم تستغفرْ *** و جمعُها بذكرنا منوّرْ
و ليس فيهمُ يوجد مهمومُ *** أو أحدٌ من بينهم مغمومُ
إلا و فرَّج اللَّه همومَهْ *** و يكشفنْ عن ذلكم غمومهْ
أو طالبٌ لحاجةٍ قضاها *** و كلُّ نفس أُعطيت رِضاها
ص: 501
فقال يا رسولَ اللَّه فُزنا *** إذن و ربِّ الكعبة قد سَعُدنا
فالحمدُللَّه على الآلاءِ *** ماخصَّ فيه شيعةُ الولاءِ
واشمُلهُم يا ربُّ بالصلاةِ *** و نجهم في الحشرِ و المماةِ
و تم معنّى خبر الكساءِ *** ما قد روي عن خيرةِ النساء
فالعنْ بحقِّهم إلهي المُنكِرا *** و ابعث إليه ناكراً ومنکَرا
و أصله يا عدلُ في جهنمِ *** في غمرةٍ من العذاب المؤلمِ
و نجني بحقِّهم في الدنيا *** كذا أكون معهم في الأخرى
و احشرنِ في شفاعة الزهراءِ *** بذكرنا حديثَها الكساءِ
تلك التي قد طلبَ الأمينُ *** بالبابِ منها خادماً يكونُ
يستشرفُ الأمين عند بابِها *** و يهتكوا منها العدى حجابَها
تعساً لهم أيرفعونَ النارا *** و هي بحزن ترثُ المختارا
قد كبسُوا على الزهراءبيتَها *** ياليتها لم تأتهم ياليتَها
قد كسروا بالبابِ منها الضِّلعا *** و احمرتْ العين و أدموا الدَّمعا
قد سقطت من شدةِ المصابِ *** و أسقطُوا محسنَها بالبابِ
فانتدبتْ بفضةٍ خذيني *** بصدركِ يا هذي سنديني
فقد واللَّه أسقطوا جنيني *** كما أصبتُ ضربةً بعيني
و خلفَ بابي عصروني عصرا *** فأدركوا من النبيِّ وترا
و قد جرى الدمَّ من المسمارِ *** وذاك سقطي محسنٌ في الدارِ
و حينما درت بإبن عمِّها *** قامت و لاشيءَ بها أهمَّها
تندبُ شجوا و تنادي الناسا *** خلُّوا الهدى أو اكشفنَّ الراسا
يا عجباً أتستباحُ الحرمهْ *** من النبي و يضربون الحرمهْ
و ههنا ينقطعُ البيانُ *** فإن عنهُ يقصرُ اللسانُ
و نختمُ بالحمدِ و الثناءِ *** لمن هدانا خالصَ الولاءِ
ص: 502
مصلياً على الهدى النبيِّ *** و ابنيه و الزهراءِ و الوصيِّ
فالسرُّ في الكساهي الصلاةُ *** عليهمُ كما رَوى الرواةْ
فصلِّ ياربِّ عليهم دائماً *** واجعلني للسبطِ الشهيدِ خادما
وإني من نسلِ البتول فاخرْ *** بين الملا بحبِّها مفاخرْ
من أهلِ بيت العلماءِ العلوي *** ذاك فخارُ بن معدِّ الموسوي
فارحم إلهي الوالدين العلما *** بحقِ أصحابِ الكساءِ الكُرما
ص: 503
(بحر الرجز)
إبراهيم غلوم حسين أحمد(*)(1)
أبدأُ باسمِ الواحدِ الكريمِ *** إلهِنا المنعمِ والرحيمِ
ثم أصلّي أفضلَ الصلاةِ *** على أبي القاسمِ والهداةِ
عترتِهِ الأطائبِ الأطهارِ *** سادةِ الأماجدِ الأبرارِ
لقد رووا عن جابرِ الأنصارِي *** عليه رضوانُ العلى البارِي
قال بأنني سمعتُ فاطمهْ *** أم أئمةِ الهدى والعالمهْ
قالت أتاني سيدُ البريه *** متجهاً إليّ بالتحيّه
قال سلامُ ربِّنا عليكِ *** تحیةً أهديتُها إليكِ
ص:504
أجبتهُ يا سيدَ الأنامِ *** يهديكَ ربّي أفضلَ السلامِ
فقال لي أشعرُ في جسمي وَهَنْ *** قلتُ أعاذك الجليلُ ذو المِنَنْ
فقالَ إيتيني وغطِّي بدني *** ببردةٍ جيءَ بها من يَمَنِ
لما أتيتُهُ بما كانَ أمَرْ *** رأيتُه كالبدرِ في الليلِ اِزدَهَرْ
وبعدهَ جاءَ الإمامُ المُجتبى *** مسلماً قلتُ له يا مَرَحَبا
فقال يا أُمّي أشمُّ غاليهْ *** كأنَّها من النبيِّ آتيهْ
قلتُ بأنَّ جدكَ المؤيدْ *** تحتَ الكساءِ ههنا مُمَدَّدْ
وثم إذ دنا الإمامُ الممتحنْ *** مستأذناً من النبيِّ المؤتمَنْ
أجابَهُ يا زهرةً في الروضِ *** أدخل فأنتَ صاحبُ للحوضِ
ما هي إلا ساعةٌ من الزمَنْ *** إذ بالحسينِ قد أتَى بعدَ الحَسَنْ
قال سلاماً أُمَّناالزكيّه *** حبيبةَ النبيِّ يا رضيِّه
قلتُ سلاماً يا حبيبَ ربِّي *** وقرةَ العينِ ونورَ القلبِ
فقالَ ما أطيبَ هذي الرائحةْ *** كأنها من النبي فائِحةْ
قلتُ نعم فداك روحي والبدنْ *** فالمصطفى تحتَ الكسا معَ الحَسَنْ
ونحو جدهِ الحسينُ مذ دنا *** مسلماً وبعدَهُ مستأذناً
أجابَهُ النبيُّ بابتسامة *** أدخل فأنْتَ شافعُ القيامَة
جاء عليُّ بعدَهُمْ للدارِ *** قال سلاماً بضعةَ المختارِ
إني أشمُّ عندكِ العشيّةْ *** رائحةً طيبةً زكيّةْ
مصدرُها أَيَّتُها البتولُ *** هو ابن عمي المصطفى الرسولُ
قلتُ نعم يا أيها الوصيُّ *** تحتَ الكسا والدي النبيُّ
فجاءَ حيدرٌ إلى الكساءِ *** قال سلامٌ يا أبا الزهراءِ
أريد إذناً منكَ بالدخول *** تحتَ الكسا بالبشرِ والقبولِ
قال النبيُّ يا حبيبَ ربِّنا *** أدخل على الرحبِ وكن بقربِنا
ص: 505
ثم أتيتُ بعدَهُم نحوَ النبي *** استأذنُ الدخولَ في تأدبِ
قال أدخلي يا فاطمُ تحتَ الكسا *** يا زهرةَ الخلدِ وخيرةَ النسا
وثم كلنا إذ اجتمعنا *** من النبي المصطفى سَمِعنا
يا ربِّ إن هؤلاء عترتي *** سيرتُهُم مشتقةٌ من سيرتي
دماؤُهُم ولحمُهُم من قِدمِ *** مخلوطةٌ أصلاً بلحمِي ودمِي
إن ما يرضيهُمُ يرضيني *** كذا وما يؤذيهُمُ يؤذيني
سِلمٌ أنا ربِّ لمن سالمَهُمْ *** حربٌ أنا ربِّ لمن حاربَهُم
همُ بضعةٌ مني وإني منهمُ *** ولا تطيقُ النفسُ بعدا عنهُمُ
ياربِّنا صلِّ عليهم وعلى *** إليهم الرحمة أرسل وإلى
ربِّ وطهرهم من الأرجاسِ *** دوماً وأبعدهِمْ عن الأنجاسِ
اللّه نادى في السماواتِ العلا *** مخاطباً من كان فيها مِنْ مَلا
أنْ ما خلقتُ من سماً أو أرضِ *** وما فرضتُ فيهما من فرضِ
كلا وما خلقتُ شمساً أو قمرْ *** ولا الجبالَ والبحارَ والشجَرْ
إلا لأجلِ خمسةٍ تحتَ العَبا *** هم الكرامُ الأتقياءُ النُّجبا
هنا انبرى مستوضحاً جبريلُ *** منادياً يا أيها الجليلُ
بيِّن لنا من الأُلى يا حقُّ *** لكل ذلك الثنا استحَقُّوا
أجابَهُ الخالقُ يا جبريلُ *** هم فاطمُ الزهراءُ والرسولُ
معَ الوصيِّ والدِ السبطين *** والحسنِ الزاهرِ والحسينِ
قال الأمينُ ربِّ هل تأذنُ لي *** لأصبحَ السادسَ في بيتِ علي
قال لهُ اللّه نعم أذنتُ لكْ *** والروحُ دربَ منزلِ الهادي سلَكْ
حيّا وقال: أطيبُ السلام *** من ربِّنا وأوفرُ الإكرامِ
عليكَ يا واسطةَ الإيجادِ *** وشافعَ الأمةِ في المعادِ
أقسَمَ ربّي بجلالِ قدرتِهْ *** وبارتفاعِ شأنِهِ وعِزّيِهْ
بأنّهُ لم يخلقِ الأكوانا *** والنارَ والجنةَ والزمانا
ص: 506
إلا لأجلِكُم وأجلِ حبِّكُمْ *** وخصَّني بأن أكونَ قُرْبَكُمْ
قال النبيُّ يا رسولَ ربَّنا *** أهلاً والفُ مرحباً بقربِنا
فقالَ جبريلُ من الخبيرِ *** جئتكُمُ بآيةِ التطهيرِ
فأنتمُ صفوتُهُ من الورى *** وخيرُ من يمشي على وجهِ الثرى
وعندها قال الوصيُّ المجتبى *** ما فضلُ اجتماعنا تحتَ العَبا
أجابَه الهادي البشيرُ يا علي *** ما ذكرُوا مجلسنا في محفلِ
وفيه جمعٌ من جموعِ الشيعهْ *** وهي التي لربها مطيعَهْ
إلا وحلتْ نعمٌ الرحمنِ *** عليهمُ بالفضلِ والرضوانِ
ومن دعاءِ الملأ الأعلى لهم *** يصلحُ ربُّنا الكريمُ بالَهُم
فاستبشرَ الوصيُّ من هذا الخبرْ*** وقال فازَ من بجمعنا حَضرْ
قال النبيُّ للإمامِ المرتضى *** إعلمْ بأن اللّه قُدما قد قضى
بأن شيعةً لنا إن شكَرُوا *** خالقَهُم وأمرَنا إن ذكَرُوا
يفرّجُ اللّه عن المهمومِ *** ويكشفُ الغمَّ عن المغمومِ
وحاجةُ المحتاج تقضى بكمُ *** كرامةً من اللطيفِ لكمُ
قال عليُّ فازت الأحبة *** ونحنُ فزنا بإلهِ الكعبة
وقد روى إمامُنا الشيرازي *** حديثَهُم بالسندِ الممتاز
فارجع إلى (الدعاء والزيارة) *** ترى الحديثَ واضحَ العِبارة
وارجع إِلى كتابِ (فقه فاطمهْ) *** وراجعِ الدليل في المقدمهْ
معنعناً في ذلكَ الكتابِ *** بلفظهِ البديعِ والجذابِ
فأسألِ اللّه بأن ينفعَهُ *** وللفراديس العلى يرفعَهُ
ويعلي اللّه بهِ مقامَهُ *** ثمَّ ويسعى نورَهُ أمامَهُ
وفي الختامِ أشكر الشيخ علي *** الدائمِ التوجيهِ والتشجيعِ لي
مع التحياتِ إلى الحبيبِ *** العندليبِ الشاعرِ الأديبِ
ص: 507
(بحر الرجز)
الشيخ كاظم آل نوح
أَیُّ رَشَاً أَهَاجَنَا بُغَامُهُ *** أَرَاعَهُ القَانِصُ أَوْ أُوَامُهُ(1)
يتْلَعُ بِالجِيدِ حَذَارِ قَانِصٍ *** أَمْ شَافَهُ مِنَ الحِمَى بَشَامُهُ(2)
فَالرَّوْضُ قَدْ حَفَّ كِنَاسَهُ وَذِي *** مِنْ نُورِهِ تَفَتَّحَتْ أَكْمَامُهُ(3)
أَيُّ كِنَاسٍ ضَمَّ ظَبْياً شَادِناً *** أَمْ ذَاكَ رِئْبَالٌ وَذَا أَجَامُهُ؟
وَأَحَرباً مِنْ لَحْظِهِ وَفَتْكِهِ *** أَمَا رَثَا لَمْ تُخْطِنَا سِهَامُهُ؟
منْ مُنْصِفِي مِنْهُ وَمِنْ قَوَامِهِ *** أَمَا يَحُسُّ طَاعِناً قَوَامُهُ؟
لَمْ يَصْحُ مِنْ سُكْرٍ وَكَيْفَ تَرْتَجِي *** صَحْوَتَهُ وَرِيقُهُ مُدَامُهُ(4)؟
رِيمٌ رَمَى الصَّبَّ بِسَهْمِ صَدّهِ *** مِنْ قَبْلِ أَنْ يَقْضِي بِهِ مَرَامَهُ
هَامَ بِهِ القَلْبُ فَقَلْبِي أَبَداً *** لاَ يَنْقَضِي وَقَدْ جَفَا هُيَامَهُ(5)
وَمَا عَسَى يُجْدِي الهُيَامُ رَامِقاً *** مِنْ بَعْدِ مَا شَابَتْ أَسًى لِمَامُهُ
بِمَفْرَقِي الشَّيْبُ بَدَا وَقَدْ مَضَى *** شَرْخُ الشَّبَابِ وَانْقَضَتْ أَيَّامُهُ
لِفَادِحٍ بَعْدَ النَّبِيِّ قَدْ جَرَى *** فِي القَلْبِ يُورِي أَبَداً ضِرَامُهُ
ص: 508
قَدْ رُفِضَتْ شِرْعَتُهُ وَغَیِّرَتْ *** سُنَّتُهُ وَبُدِّلَتْ أَحْكَامُهُ
إِنْ تَتْلُ مِنْهَا وَأَولو الأَرْحَامِ فِي *** الذِّكْرِ يُرَى قَدْ قَطِّعَتْ أَرْحَامُهُ
أَبْرَمَ عَقْداً لاَ يُحَلُّ فَاغْتَدَى *** مُنْتَقَضاً مِنْ بَعْدِهِ إِبْرَامُهُ(1)
عَدَوْا عَلَى دَارِ البَتُولِ بَعْدَهُ *** قَسْراً وَلَمْ يُرْعَ بِهَا ذِمَامُهْ(2)
وَمُذْ قَضَتْ الْحَدَهَا حَيْدَرَةٌ *** وَاللَّيْلُ كَانَ غَامِراً ظَلاَمُهُ(3)
فِيْ رَوْضَةِ النَّبِيِّ أَوْ حُجْرَتِهَا *** أَوْ فِي البَقيعِ ضَمَّهَا رِغَامُهُ
وَظَلَّ حَيْدَرٌ جَلِيسَ بَيْتِهِ *** يَبْكِي وَتَبْكِي حَوْلَهُ أَیْتَامُهُ
وَلَمْ يَزَلْ بَعْدَ النَّبِيِّ صَابِراً *** مُضْطَهَداً حَتَّى دَهَى حِمَامُهُ(4)-(5)
ص: 509
(بحر الرجز)
ملا محسن سلمان البحراني
الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا *** بِالمُصْطَفَى وَالمُرْتَضَى مَوْلانا
أَخْرَجَنَا مِنْ ظُلْمَةِ النِّفَاقِ *** بِالمُصْطَفَى مُهَذَّبِ الأَخْلاَقِ
وَبِالوَصِيِّ المُرْتَضَى مِنْ بَعْدِهِ *** وَبِالأَئِمَّةِ الهُدَى مِنْ وُلْدِهِ(1)
صَلَّى عَلَيْهِمْ رَبُّنَا وَشَرَّفا *** مَا إِنْ سَعَى مَا بَيْنَ مَرْوَ وَالصَّفَا
وَهَا أَنَا شَرَعْتُ فِي الرِّثَاءِ *** مُنَظِّماً رِوَايَةَ الكِسَاءِ
رَوَتْ لَنَا فَاطِمَةٌ هُذَا الخَبَرْ *** لِكَيْ يُزِيلَ الهَمَّ عَنَّا وَالكَدَرْ(2)
تَقُولُ يَوْماً جَاءَنِي المُخْتَارْ *** تَشِعُّ فِي جَبِينِهِ الأَنْوَارُ
فَقَالَ لِي يَا خِيرَةَ النِّسْوَانِ *** ضَعْفٌ أَرَاهُ اليَوْمَ قَدْ عَرَانِي
عَلَيَّ بِالكِسَا بِهذَا الحِينِ *** وَفِيهِ يا فَاطِمَةٌ غَطِّينِي
قَالَتْ فَجِئْتُهُ بِذلِكَ الكِسا *** فَقَالَ لِي أَحْسَنْتِ يَا سِتَّ النِّسا
فَصِرْتُ أَرْنُو وَجْهَ سَيِّدِ البَشَرْ *** إِذَا بِنُورِهِ عَلاَ نُورَ القَمَرْ(3)
وَمُذْ مَضَتْ هُنَيْئةً مِنَ الزَّمَنْ *** جَاءَ أَبُو مُحَمَّدِ الطُّهْرُ الحَسَنْ
ص: 510
فَقَالَ يَا بِنْتَ النَّبِيِّ الهَادِي *** وَمَنْ أَبُوهَا سَيِّدُ العِبَادِ
أَشُمُّ رِيحَ المِسْكِ فِي حِمَاكِ *** كَأَنَّهَا رِيحُ النَّبِيِّ الزَّاكِي
قَالَتْ نَعَمْ تَحْتَ الكِسا قَدِ اضْطَجَعْ *** وَنُورُهُ مِنْ وَجْنَتَيْهِ قَدْ سَطَعْ
فَرَاحَ نَحْوَهُ الإِمَامُ السَّامِي *** مُسْتَئْذِناً مِنْ سَیِّدِ الأَنامِ
يَقُولُ يَا جَدَّاهُ يَا خَيْرَ المَلا *** تَأْذَنُ لِي تَحْتَ الكِسَا أَنْ أَدْخُلا
قَالَ النَّبِيُّ المُصْطَفَى يَا مَرْحبا *** ادْخُلْ مَعِي تَحْتَ الكِسا يَا مُجْتَبَى
تَقُولُ بِنْتُ المُصْطَفَى فَاطِمَةٌ *** لَمْ تَمْضِ بَعْدَ ذَاكَ إِلاَّ سَاعَهٌ
إِذْ جَاءَ سِبْطُ المُصْطَفَى حُسَيْنُ *** وَمِنْ ضِياهُ يَزْهَرُ الجَبِينُ
فَقَالَ لِي يَا أُمِّي الشَّفِيقَهْ *** وَأَظْهَرَ النِّسَاءِ فِي الحَقِيقَهْ
رِيحٌ أَشُمُّها بِهذَا المَنْزِلِ *** أَظُنُّها رِيحَ النَّبِيِّ المُرْسَلِ
فَقُلْتُ يَا رَيْحَانَةَ المُخْتَارِ *** وَمَنْ أَبُوهُ حَيْدَرُ الكَرَّارِ(1)
ها هُوَذا تَحْتَ الكِسا مُدَّثِرُ *** مَعَ أَخِيكَ المُجْتَبَى مُسْتَتِرُ(2)
فَأَقْبَلَ السِّبْطُ بِثَغْرٍ بَاسِم *** مُسْتَئْذِنَاً مِنَ النَّبِيِّ الهَاشِمِي(3)
فَقَالَ يَا جَدّاهُ هَلْ تَأْذَنُ *** أَنْ ادْخُلْ مَعَكُمْ فِي الكِسا يا مُؤْتَمَنْ
قَالَ النَّبِيّ يَا أَيُّها الحَبيبُ *** أَدْخُلَ معانا أَيُّهَا النَّجِيبُ
ص: 511
تَقُولُ بِنْتُ المُصْطَفَى فَمَا مَضَى *** إِلاَّقَلِيلٌ ثُمَّ جَاءَ المُرْتَضَى
فَقَالَ يَا سَيِّدَةَ النِّسَاءِ *** وَتُحْفَتِي مِنْ خَالِقِ السَّمَاءِ
إِنِّي أَشُمُّ عِنْدَكِ فِي الدَّارِ *** رِيحاً كَرِيحِ المُصْطَفَى المُخْتَارِ
قَالَتْ نَعَمْ تَحْتَ الكِسا مُكْتَنِفا *** أَيْضاً وَشِبَلاَكَ مَعَاهُ الْتَحَفَا(1)
فَجَاءَ نَحْوَ المُصْطَفَى الطُّهْرُ عَلِي *** مُسْتَئْذِناً مِنَ النَّبِيِّ الأَفْضَلِ
يَقُولُ هَلْ تَأْذَنُ لِي يَا مُؤْتَمَنْ *** أَن مَعَكُمُ تَحْتَ الكِسَا أَدْخُلَنْ؟
قَالَ النَّبِيُّ المُصْطَفَى ذُو الجَاهِ *** ادْخُلْ مَعَانا يَا وَلِيَّ اللَّهِ
فَعِنْدَها بِنْتُ النَّبِي البَتُولُ *** جَاءَتْ إِلَى نَحْوِ الكِسَاءِ تَقُولُ
تَقُولُ يَا خَيْرَ الوَرَى تَأْذَنُ لِي *** أَدْخُلْ مَعَاكُمْ فِي الكِسَا؟ قَالَ ادْخُلِي
وَمُذْهُمُ تَحْتَ الكِسَاءِ اجْتَمَعُوا *** أَشْرَقَ بِالأَنْوَارِ ذَاكَ المَوْضِعُ
هُنَالِكَ اللَّهُ العَلِيُّ الأَكْبَرُ *** أَسْمَعَ أَمْلاَكَ السَّمَاءِ يُخْبِرُ
يَقُولُ ما خَلَقْتُ شَيْئاً بِالفَلاَ *** كَلاَّ وَلاَ بَدْراً وَلاَ شمْساً وَلاَ
عَرْشاً وَلاَ كُرْسِي وَلاَ أَمْلاكا *** كَلاَّ وَلاَ فُلْكاً وَلاَ أَفْلاكا
وَمَا خَلَقْتُ اللَّوْحَ كَلاَّ وَالقَلَمْ *** وَلَمْ يَكُنْ وُجُودُ شَيْءٍ مِنْ عَدَمْ
إلاَّ لأَجْلِ الخَمْسَةِ الَّذِينَ هُمْ *** تَحْتَ الكِسَا وَإِنَّنِي شَرَّفْتُهُمْ
فَقَالَ جِبْرَئِيلُ مَنْ عَنَيْتَهُمْ *** وَمَنْ عَلَى كُلِّ المَلاَ فَضَّلْتَهُمْ؟
فَقَالَ هُمْ وَعِزَّتِي أَهْلُ الوَفا *** وَمَنْ هُمُ قَدَّمْتُهُمْ فِي الاصْطِفا
فَاطِمَةُ وَالمُصْطَفَى أَبَاها *** وَبَعْلُهَا وَالسَّيِّدَانِ ابْنَاها
فَقَالَ جِبْرَئِيلُ هَلْ تَأْمُرُنِي *** أَنْ أَهْبِطَ الأَرْضَ لِذَاكَ المَوْطِنِ؟
فَقَالَ قَدْ أَذِنْتُ يا جِبْرِيلُ *** فَاهْبِطْ وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا أَقُولُ
فَجَاءَ جِبْرِيل بِإِذْنِ البَارِي *** مُسْتَئْذِناً مِنْ صَفْوَةِ الجَبَّارِ
ص: 512
مُذْ صَارَ جِبْرَائِيلُ فِي الكِسا مَعا *** النُّبَلاَ وَالنُّجَبَاءُ الشُّفَّعا
بَلَّغَهُمْ ما قالَهُ رَبُّ السَّما *** ثُمَّ ابْتَدَا يَتْلُو عَلَيْهِمْ إِنَّما
هُنَاكَ قَالَ المُرْتَضَى الأَمِيرُ *** لِلْمُصْطَفَى أَخْبِرْنِي يَا بَشِيرُ
مَا فِي جُلُوسِنا مِنَ النَّفْضِيلِ *** عِنْدَ الإِلهِ الوَاحِدِ الجَلِيل؟
قَال النَّبِيُّ المُصْطَفَى وَحَقِّ مَنْ *** أَرْسَلَنِي بالحق يا أبَا الحَسَنْ
ما إِن تُلِي هذَا الخَبَرْ فِي مَحْفِلِ *** وَفِيهِمُ ذُو عَاهَةٍ أَوْ مُبْتَلِي(1)
إِلاَّ أزالَ اللَّهُ عَنْهُ عَاهَتَهْ *** وَصاحِبُ الحاجاتِ يَقْضِي حَاجَتَهْ
لا وَالَّذِي صَیَّرَنِي نَبِيّا *** واخْتَارَنِي لِوَحْيِهِ نَجِيّا
ما إِنْ قُرِي فِي مَحْفَلٍ هذا الخَبَرْ *** وَفِيهِمُ جَمْعٌ مِنَ الشِّيعَة الغُرَرْ
وَفِيهِمُ مَغْمُومُ أَوْ مَكْرُوبُ *** إلاَّ وَعَنْهُ تُکْشَفُ الكُرُوبُ
أَوْ دَاعِياً لِدَيْنِهِ تُقْضَى لَهُ *** دُيُونُهُ وَيُجْلا عَنْهُ غَمُّهُ
وَرَحْمَةُ الباري بِهِمْ تَحُفُّهُمْ *** وَتَنْزِلُ الأَمْلاكُ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ
هُناكَ قَالَ المُرْتَضَى إِمَامُنا *** فُزْنا وفازَتْ شِيعَةٌ تَودُّنا
فُزْنا وَرَبِّ المَسْجِدِ الحَرَامِ *** وَزَمْزَمٍ وَالرُّكْنِ والمَقَامِ
لكِنَّنِي فِي غايَةِ التَّعَجُبِ *** مِنْ أَهْلِ بَيْتِ المُصْطَفَى المُنتَجَبِ
يَسْتَأْذِنُ الأَمِينُ جِبْرَئِيلُ *** عَلَيْهِمُ وَيَهْجُمُ الضَّلِيلُ
وَقَدْ رَوَى سَلِيمُ عَنْ سَلْمَانِ *** قَدْ دَخَلُوا الدَّارَ بِلاَ اسْتِئْذانِ(2)
ص: 513
وَأَسْقَطُوا بِنْتَ النَّبِي المُخْتَارِ *** جَنِينَها بِالبَابِ وَالجِدَارِ
وَأَثْبَتُوا فِي صَدْرِها مِسْمارا *** وَأَخْرَجُوا مُلَبَّباً کَرَّارا
هذَا وَبِنْتُ المُصْطَفَى المَرْضِيَّهْ *** قَدْ وَقَعَتْ لَحِينِها مَغْشِيَّهْ
وَقَدْ أَفاقَتْ فاطِمُ البَتُولُ *** وَانْتَدَبَتْ بِفِضَّةٍ تَقُولُ
يا فِضَّةٌ قُومِي لَكِ خُذِينِي *** قَدْ أَسْقَطُوا يا فِضَّةٌ جَنِينِي
فَهاكُمُ يا آلَ بَيْتِ الهَادِي *** ماقالَهُ الجانِي مِنَ الإِرْشَادِ
مَنِ اسْمُهُ مُعاكِسٌ لِفِعْلِهِ *** مَنْ لَمْ يَزَلْ مُشْتَمِلاً بِجَهْلِهِ
والحَمْدُ لِلَّهِ العَلِيِّ المُقْتَدِرِ *** وَفَّقَنِي لِنَظْمِ هذَا الخَبَرِ
لِكَيْ بِهِ فِي مَحْشَرِي أَفُوزُ *** وَالأَجْرَ مِنْ رَبِّ السَّما أَحُوزُ
وَلْنَجْعَلِ الصَّلاةَ فِي كَمَالِهِ *** عَلَى النَّبِيِّ المُصْطَفَى وَآلِهِ
مِنْ بَعْدِها نَسْتَغْفِرُ اللَّهَ العَلِي *** لِلنَّفْسِ وَالإِخْوَانِ ثُمَّ مَنْ يَلِي
وَمُحْسِنٌ طَالِبُ مِنْ مَوْلاَهُ *** الْخَيْرَ فِي الدُّنْيا وَفِي أُخْراهُ
وَكَاتِبُ الأَحْرُفِ يَرْجُو رَبَّهُ *** يَغْفِرُ فِي يَوْمِ الحِسَابِ ذَنْبَهُ(1)
ص: 514
(بحر الرجز)
الدكتور محمد إقبال(*)(1)
نَغَمَاتُ المَرْءِ عَزْفُ المَرْأَةِ *** هُوَ مِنْ مِحْنَتِها فِي عِزَّةِ
عَشِقَ الحَقَّ، رَبَّاهُ حِجْرُها *** ذَلِكَ اللَّحْنُ حَوَاهُ صَدْرُها
الَّذِي قَدْ بَهَرَ الكَوْنَ سَنَاهْ *** قَرَنَ الطِّيبَ إِلَيْهَا وَالصَّلاَهْ(2)
جَهِلَ القُرآنَ جَهْلاً مُسْلِمُ *** قَدْ رَآها أُمَّةً لا تَعْظُمُ
كُشِفَتْ بِالأُمِّ أَسْرَارُ الحَيَاهْ *** بِخِلاَلِ الأُمِّ تِسْيَارُ الحَيَاهْ
أَيُّها العَاقِلُ مَالُ الأُمَّةِ *** لَيْسَ مِنْ عِقيانِها وَالفِضَّةِ(3)
إِنَّهُ أَوْلاَدُها مِلْءُ الأَمَلْ *** فِي ذَكَاءٍ وَنَشَاطٍ وَعَمَلْ
تَحْفَظُ الأُمُّ إِخاءَ الأُمَّةِ *** وَقُوَىٰ قُرْآنِنَا وَالمِلَّةِ
أُمُّ عِيسَى نِسْبَةٌ وَاحِدَةٌ *** بِثَلاَثٍ تَزْدَهِي فَاطِمَةٌ(4)
قُرَّةُ العَيْنِ لِخَيْرِ الأَوَّلِينْ *** خاتَمِ الرُّسْلِ، وَخَيْرِ الآخِرِينْ
نَافِخُ الرُّوحِ بِدُنْيا الوَهَنِ *** خَالِقُ العَصْرِ جَدِيدِ السُّنَنِ
وَهْيَ زَوْجُ المُرْتَضَى ذَا البَطَلِ *** أَسَدُ اللَّهِ، الحَكِيمِ، الفَيْصَلِ
مَلِكٌ فِي الكوخِ، زُهْداً قَدْ أَقَامْ *** كُلَّ ما يَمْلِكُ وِرْعٌ وَحُسَامْ
ص: 515
وَ هْيَ أُمُّ السَّيِّدَيْنِ الأَكْرَمَيْنْ *** حَسَنٍ، خَيْرِ حَلِيمٍ وَحُسَيْنْ
ذَا سِرَاجٌ فِي ظَلاَمِ الحَرَمِ *** حَافِظٌ وَحْدَةَ خَيْرِ الأُمَمِ
ازْدَرَى المُلْكَ ابْتِغَاءَ الأُلْفَةِ *** أَطْفَأَ النِّيرانَ بَيْنَ الإِخْوَةِ
ذَاكَ فِي الأَبْرَارِ رَبُّ العَلَمِ *** أُسْوَةُ الأَحْرَارِ فِي الخَطْبِ العَمِي
سِيرةُ الأَوْلاَدِ صُنْعُ الأُمَّهاتْ *** وَخِلاَلُ الخَيْرِ طَبْعُ الأُمَّهاتْ
زَهْرَةٌ فِي رَوْضَةِ الصِّدقِ البَتُولْ *** أُسْوَةُ النِّسْوَةِ فِي الحَقِّ البَتُولْ
فَاقَةُ السَّائِلِ أَذْرَتْ دَمْعَها *** لِيَهُودِيِّ أَبَاعَتْ دِرْعَها
كُلُّ مَنْ فِي الأَرْضِ قَدْ طَاعَ لَهَا *** وَرِضَاهَا حِينَ تُرْضِي بَعْلَها
نُشِئتْ ما بَيْنَ صَبْرٍ وَرِضَى *** فِي الفَمِ القُرْآنُ، وَالكَفِّ الرَّحَى
دَمْعُهَا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ جَرَى *** فِي مُصَلاّها يَفُوقُ الجَوْهَرَا
لَقَطَ الرُّوحُ الأَمِينُ الدُّرَرا *** وَعَلَى العَرْشِ المُعَلَّى نَثَرا
أنَّا لَوْلاَ الشَّرْعُ عَنْ هذا نَهَى *** وَإِلَى شَرْعِ الرَّسُولِ المُنْتَهَى(1)
ص: 516
طُفْتُ حَوْلَ القَبْرِ إِجْلالاً لَهَا *** نَاشِراً مِنْ سَجَدَاتِي حَوْلَها
فِيكِ تَسْمُو لِلْمَعَالِي فِطْرَةُ *** فَاتَّبِعِي الزَّهْرَاءَ نِعْمَ الأُسْوَةُ
عَلَّ غُصْناً مِنْكِ يَأْتِي بِحُسَيْنْ *** فَتَرَى النُّضْرَةَ رَوْضَاتٌ ذَوَيْنْ(1)
ص: 517
ص: 519
وَوُلِدَتْ فَاطِمَةُ الزَّهْراءُ *** البَضْعَةُ الزَّكِيَّةُ الحَوْرَاءُ
بِمَكَّةَ الغَرّاءِ يَوْمَ الجُمُعَهْ *** فِي مُلْكِ يَزْدَجَردَ مُبْدِي السُّمْعَهْ
وَذَاكَ قَبْلَ رَجَبٍ بِعَشْرِ *** وَقِيلَ قَبْلَهُ بِنِصْفِ شَهْرِ
لِخَمْسَةٍ مِنْ مَبْعَثِ النَّبِيِّ *** المُصْطَفَى المُكَرَّمِ الزَّكِيِّ
وَقَدْ رَوَوْا مُخَالِفُونَا قَبْلَهُ *** بِخَمْسَةٍ وَمَنْ رَوَاهُ أَبْلَهُ(1)
وَعِنْدَ هذَا عُمْرُهُ عِشْرُونا *** ثُمَّ ثَمَانِي كَمُلَتْ سِنِينا
وَفِيهِما عَشْرُ سِنِينَ خَلْفُ *** وَالخَبَرُ الأَخِيرُ فِيهِ ضَعْفُ(2)
جَاءَتْ كَمَرْيَمٍ وَمَنْ لِمَرْيَمَا *** بِمَا حَوَتْ مِنْ مُنْتَمٍ وَمُنْتَمَى
بِنْتُ النَّبِيِّ المُصْطَفَى المُخْتارِ *** أُمُّ الهُدَاةِ السَّادَةِ الأَبْرَارِ
ص: 520
زَاهِدَةٌ عَابِدَةٌ عَلِيمَهْ *** تَقِيَّةٌ نَقِيَّةٌ كَرِيمَهْ(1)
أَمَّا المَدَايِحُ الَّتِي جَاءَتْ لَهَا *** وَقَدْ أَبَانَتْ فَضْلَها وَنُبْلَها
فَهْيَ كَثِيرَةٌ فَلَيْسَتْ تُحْصَى *** وَلَوْ بَذَلْتَ الجُهْدَ أَوْ تُسْتَقْصَى
مِنَ الإِلهِ وَالنَّبِيِّ وَعَلِي *** وَوُلْدِهِ فِي فَضْلِ بِنْتِ المُرْسَلِ
مَعْصُومَةٌ نَأَتْ عَنِ الذُّنُوبِ *** بَرِيَّةٌ مِنْ جُمْلَةِ العُيُوبِ(2)
مِنْ أَهْلِ بَيْتِ المُصْطَفَى بِالنَّصِّ *** قَدْ برُعَتْ بِفَضْلِهَا المُخْتَصِّ
وَشَارَكَتْ يَوْمَ الكِسَاءِ وَالعَبا *** فِي المَجْدِ بَعْلاً وَبَنِينَ وَأَبا
وَهْيَ لَعَمْرِي أَمْجَدُ الأَنامِ *** وَأَشْرَفُ الأَماجِدِ الكِرَامِ
مَنْ كَأَبِيهَا بَيْنَ آباءِ الوَرَى *** وَمِثْلُ مَجْدِ بَعْلِها لَيْسَ يُرى(3)؟
ص: 521
وَوُلْدُها ناهِيكَ مِنْ أَوْلادِ *** أَزْكَى العِبادِ أَشْرَفُ العُبّادِ
لَوْ فَاخَرَتْ لَمْ تَرَ مِنْ مُفَاخِرِ *** يَقْدِرُ أَنْ يَفُوهَ بِالمَفَاخِرِ
مَنْ ذا الَّذِي يُفَاخِرُ البَتُولا *** وَمَنْ حَوَى كَمَا حَوَتْ تَفْضِيلا
يُؤْذِي النَّبِيَّ كُلُّ ما يُؤذِيها *** نَصٌّ جَلِيلٌ فَدَع التَّمْوِيها(1)
طَلَّقَتِ الدُّنْيا كَفِعْلِ بَعْلِها *** وَاشْتَغَلَتْ عَنْهَا بِحُسْنِ فِعْلِها
لاَ تَعْرِفُ اللَّذَّاتِ وَالتَّنَعُّما *** وَالحُلَي وَاللِّبسَ عُلاً وَكَرَما
وَقَوْلُهَا دُونَ النِّساءِ حُجَّهْ *** يُوضِحُ لِلْمُسْتَرْشِدِ المَحَجَّهْ(2)
ص: 522
أَنْصَحُ أَهْلِ دَهْرِهَا وَأَبْلَغُ *** وَنِعْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهَا أَسْبَغُ
ما مِنْ عُلاً وَشَرفٍ إلاَّ لَها *** قَدْ أُعْطِيَتْ كَمَا لَهَا كَمَالَها
مَظْلُومةٌ صَابِرَةٌ مُحْتَسِبَهْ *** إِلَى الكَمَالِ وَالعُلَا مُنْتَسِبَهْ(1)
قَدْ صَبَرَتْ طَوْعاً عَلَى أَذَاها *** وَاسْتَبْشَرَتْ بِالمَوْتِ إِذْ أَتاها
وَمِثْلُها مِنَ المَماتِ يَجْزَعُ *** إِذْ هِيَ فِي سِنِّ الشَّبابِ تَرْتَعُ(2)
جاءَ إِلَى خَدِيجَةٍ إِذْ وَلَدَتْ *** أَرْبَعَةٌ مِنَ النِّساءِ قَدْ بَدَتْ(3)
ص: 523
فِيهِنَّ مَرْيَمُ البَتُولُ العَذْرا *** إِذِ النِّساءُ قَدْ أَرَتْها هَجْرا
قُلْنَ لَها اخْتَرْتِ اليَتِيمَ المُعْدَمَا *** قَالَتْ بَلِ المُعَظَّمَ المُكَرَّما
تَقَبَّلَتْها مَرْيَمٌ لَمَّا أَتَتْ *** نَاهِيكَ مِنْ فَضِيلَةٍ قَدْ ثَبَتَتْ
وَجَاءَها مِنْ بَعْدِها اثْنَتَا عَشَرْ *** حَوْرَاءَ قَدْ فِقْنَ مَحَاسِنَ البَشَرْ
غَسَلْنَ فَاطِمَاً بِمَاءِ الجَنَّهْ *** فَكَانَ مِمَّا تَتَّقِيهِ جُنَّهْ
أَلْقابُها البَتُولُ وَالزَّهْرَاءُ *** وَالطُّهْرُ وَالصِّدِّيقَةُ الحَوْرَاءُ(1)
سَيِّدَةُ النِّساءِ وَالمُبارَكَهْ *** لَيْسَتْ بِفَضْلِ مَجْدِها مُشَارَكَهْ
وَبَضْعَةٌ طاهِرَةٌ زَكِيَّهْ *** رَضِيَّةٌ زَاكِيةٌ مَرْضِيَّهْ
عَدِيلَةٌ لِمَرْيَمٍ مُحَدَّثَهْ *** لِكُلِّ مَجْدٍ وَعَلًى مُورّثَهْ
ص: 524
وَقَدْ رَوَتْ كُنْيَتُها أُمُّ أَيْمَنا *** أُمُّ الأَئِمَّةِ الهُدَاةِ الأُمَنا
أُمُّ الحُسَيْنِ المُجْتَبَى أُمُّ الحَسَنْ *** فَاسْمَعْ إِلَى جَمْعٍ وَتَعْدَادٍ حَسَنْ
خَصَّ بِهَا مِنْ دُونِ غَيْرِهِ عَلَى *** نَقْدٍ غَدالَهُ بِها فَخْرٌ عَلاَ
وَفَخْرُها بِهِ لَعَمْرِيْ أَعْظَمُ *** وَمَا عَسَى فِي مِثْلِ هذَا يُنْظَمُ
خَطَبَهَا أَكَابِرُ الصَّحَابَهْ *** كُلُّ دَعا السَّعْدَ فَمَا أَجَابَهْ
وَكَمْ لَقَدْ عُودِيَ فِيهَا وَحُسِدْ *** مِمّنْ أَرَادَها سِوَاهُ وَاضْطُهِدْ
نَسَبُها أَعْرَفُ مِنْ أَنْ يُذْكَرا *** فَقَدْ غَدا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أَشْهَرا
وكانَ عُمْرُها مِنَ الأَعْوَامِ *** ثَمَانِ عَشْرٍ وَمِنَ الأَيَّامِ
خَمْسَةَ عَشْرٍ فِي حَدِيثٍ صَدَقَهْ *** وَقَوْلِ مَنْ تَبِعَهُ وَصَدَّقَهْ
وَقِيلَ بَلْ تَزِيدُ أَيْضاً عَشْراً *** مِنَ السِّنِينَ قِيلَ بَلْ وَأُخْرَى
ثَمَانِ أَعْوَامٍ قُبَيْلَ الهِجْرَهْ *** وَبَعْدَ ذَاكَ مَعْ أَبِيهَا عَشْرَهْ
وَبَعْدَهُ مُخْتَلَفٌ كَمْ يَوْمَا *** عَاشَتْ فَدَعْ عَنْكَ المَرا وَاللَّوْما
خَمْسٌ وَسَبْعُونَ وَأَرْبَعُونا *** خَمْسٌ وَتِسْعُونَ أَوِ التَّسْعُونا
أَوْ نِصْفُ حَوْلٍ فَاعْتَبِرْ أَقْوَالَهُمْ *** وَانْظُرْ وَحَقِّقْ أَيُّهَا أَقْوَى لَهُمْ
وَانْظُرْ إِلَى مِيلاَدِهِمْ ثُمَّ احْسِبِ *** ثُمَّ اجْبُرِ النَّفْسَ وَتَمِّمْ تُصِبِ
وَلِيُّها اللَّهُ الَّذِي زَوَّجَهَا *** بِالمُرْتَضَى وَبِالتُّقَى تَوَّجَها
فَيَا لَهَا مِنْ شَاهِدٍ بِفَضْلِهَا *** وَفَضْلِ خَيْرِ الأَوْصِياءِ بَعْلِها
لَمْ يَتَوَلَّ اللَّهُ تَزْوِيجَ أَحَدْ *** مِنْ خَلْقِهِ إِلاَّ ثَلاَثَةً فَقَدْ
تَزْوِيجَ آدَمٍ بِحَوَّا أَمَتِهْ *** وزَيْنَبٍ مِنَ النَّبِيِّ خِيرَتِهْ
وَفَاطِمَ الزَّهْراءِ بِالإِمامِ *** خَيْرِ الأَنامِ كَاسِرِ الأَصْنَامِ
أَوْلاَدُها الخَمْسُ الحُسَيْنُ وَالحَسَنْ *** وَزَيْنَبٌ مِنْ أُمِّ كُلْثُومٍ أَسَنْ
وَأَسْقَطَتْ بِمُحْسِنِ يَوْمَ عُمَرْ *** وَفَتْحِهِ البَابَ كَما قَدِ اشْتَهَرْ
وَنالَها بَعْدَ النَّبِيِّ إِذْ مَضَى *** وَانْقادَ طَوْعاً رَاضِياً عَنِ القَضا
ص: 525
لِذاكَ ما يُوجِعُ كُلَّ قَلْبِ *** وَيُسْتَهانُ مِنْهُ كُلُّ خَطْبٍ
حُزْنٌ وَذُلٌّ وَاضْطِهادُ ظَالِمِ *** وَوَحْشَةٌ لاحَتْ عَلَى المَعَالِمِ
إِذْ مَنَعَتْ مِمَّا أَبُوها قَدْ تَرَكْ *** وَزَادَها غَصْبُ العَوَالِي وَفَدَكْ
وَقِيلَ إِنَّ ابْنَ أَبِي قُحَافَهْ *** لَمَّا أَتَتْهُ تَرْتَجِي إِنْصَافَهْ
ثُمَّ أَقَامَتِ الشُّهُودَ كَتَبا *** لَهَاكِتاباً شَافِياً وَمَا أَبَى
ثُمَّ رَآها فِي طَرِيقِها عُمَرْ *** فَأَخَذَ الكِتَابَ مِنْها وَبَقَرْ(1)
قَالَتْ بَقَرْتَها الإِلهُ يَبْقَرُ *** بَطْنَكَ فَاستَهْونَ ذَاكَ عُمَرُ
فَانْظُرْ إِلَى دُعائِهَا المُجَابِ *** ما دُونَهُ لِلَّهِ مِنْ حِجَابِ
وَفَاتَهَا فِي صُحْبَةِ الاثْنَيْنِ *** ثَالِثُ شَهْرٍ جَاءَها بِالبَيْنِ
وَهُوَ جُمادى الثانِ مِنْ بَعْدِعَشَرْ *** سِنِينَ مِنْ هِجْرَةِ سَيِّدِ البَشَرْ
سَبَبُهُ قِيلَ حُضُورُ الأَجَلِ *** وَقِيلَ مِنْ ضَرْبَةِ ذَاكَ الرَّجُلِ
إِذْ سَقَّطَتْ لِوَقْتِها جَنِينَها *** وَلَمْ تَزَلْ تُبْدِي لَهُ أَنِينَها
وَقِيلَ فِي حَادِي وَعَشْرِ رَجَبِ *** تُوُفِّيَتْ نَجِيبَةُ المُنْتَجَبِ
وَدَفْنُها لَيْلاً لَهُ أَسْبَابُ *** وَلَيْسَ فِي ثَبُوتِهِ ارْتِيابُ
مَدْفَنُها قِيلَ البَقِيعُ الأَنْوَرُ *** عِنْدَ الأَئِمَّةِ الَّذِينَ اشْتُهِرُوا
وَقِيلَ فِي الرَّوْضَةِ بَيْنَ القَبْرِ *** وَالمِنْبَرِ العَالِي الشَّرِيفِ القَدْرِ
وَقِيلَ بَل فِي بَيْتِها المُشَرَّفِ *** أَوْبَيْتِ الأَحْزَانِ الشَّرِيفِ فَاعْرِفِ
وَكَوْنُها فِي بَيْتِها الصَّدُوقُ *** حَقَّقَهُ وَشَأْنُهُ التَّحْقِيقُ
وَعِنْدَما زَادَتْ بَنُو أُمَيَّهْ *** فِي الحَضْرَةِ الشَّرِيفَةِ البَهِيَّهْ
صَارَ ضَرِيحُ بَضْعَةِ البَتُولِ *** وَبَيْتُهَا فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ
وَيَنْبَغِي لِمُبْتَغِي الزِّيارَةِ *** لَها عَلَى الطَّرِيقَةِ المُخْتَارَةِ
ص: 526
تَعْمِيمُ كُلِّ هذِهِ المَواضِعِ *** بِذَاكَ إِذْ كُلٌّ يَرَى كَالشَّايِعِ
وَدَفْنُها فِي بَيْتِها أَصَحُّ *** نَقْلاً وَهَلْ يُشْبِهُ لَيْلاً صُبْحُ
أَذْكُرُ مَا أَذْكُرُهُ وَمَا عَسَى *** أَقُولُ فِيهَا وَهْيَ أَشْرَفُ النِّسا
آلُ مُحَمَّدٍ أَجَلُّ الخَلْقِ *** لأَجْلِهِمْ كَانَ ابْتِدَاءُ الخَلْقِ
وَإِنَّهُمْ خُلاَصَةُ الوُجُودِ *** أَشْرَفُ ما فِي الكَوْنِ مِنْ مَوْجُودِ
شَرَفُهُمْ وَفَضْلُهُمْ لَا يُجْحَدُ *** بِهِ يَقِرُّ نَاطِقٌ وَجَلْمَدُ(1)
إِذَا اعْتَبَرْتَ لَمْ تَجِدْ فَضِيلَةْ *** إِلاَّلَهُمْ وَلَمْ تُصِبْ رَذِيلَهْ
وَانْظُرْ إِلَى أَعْدَائِهِمْ أَقَرُّوا *** بِفَضْلِهِمْ هَلْ فَوْقَ ذَاكَ فَخْرُ؟
صَلاَتُنا عَلَيْهِمُ مَفْرُوضَهْ *** تَبْطُلُ إِنْ لَمْ تُذْكَرِ الفَرِيضَهْ
فَهَلْ تَرَىٰ شَارَكَهُمْ إِلاَّ النَّبِي *** فِي ذَاكَ مَعْ عَظِيمِ مَا بِهِ حُبِي
وَفَاطِمٌ مِنْهُمْ بِغَيْرِشَكِّ *** فامْدَحْ وَبَالِغْ آمناً مِنْ إِفْكِ
فَكُلُّ ما يُقَالُ فِيهِمْ حَقٌّ *** مِنَ المَدِيحِ وَالثَّنا وَصِدْقُ
وَكُلُّ مَا قَالَ لِسَانِي فِيهِمُ *** فَدُونَ ما فِي القَلْبِ مِنْ حُبِّهِمُ
وَإِنَّنِي أَرْجُو بِهِمْ خَلاَصِي *** وَالفَوْزُ يَوْمَ الأَخْذِ بِالنَّوَاصِي
وَلَنْ يَخِيبَ فِيهِمُ رَجَاءُ *** بَلْ يُسْتَجَابُ بِهِمُ الدُّعَاءُ(2)
ص: 527
(بحر الرّجز)
الشيخ محمد حسن سميسم(*)(1)
يا أَيُّها الرَّسُولُ بَلِّغْ بِعَلِي *** ما فِيهِ أُنْزِلَتْ مِنَ النَّصِّ الجَلِي(2)
قُلْ يا عِبَادِي خَيْرُ بُشْرَى لَكُمُ *** اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمُ
اليَوْمَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي *** فَلاَ تَخَافُوا بَعْدَ ذَاكَ نِقْمَتِي
وَقَدْ رَضِيتُ لَكُمُ الإسْلاما *** وَقَدْ جَعَلْتُ المُرْتَضَى إِماما(3)
ص: 528
فَقَامَ قَائِماً نَبِيُّ الرَّحْمَةِ *** يَخْطُبُ فِي مَحْضَرِ جُلِّ الأُمَّةِ
يَقُولُ مَنْ كُنْتُ أَنَا مَوْلاَهُ *** فَالمُرْتَضَى مَوْلًى لَهُ يَرْعَاهُ
مَنْ لاَ يُوَالِيهِ فَمَا وَالاَنِي *** وَمَنْ يُعَادِيهِ فَقَدْ عَادَانِي(1)
فَجِسْمُهُ جِسْمِي وَلَحْمِي لَحْمُهُ *** وَعَظْمُهُ عَظْمِي وَمِنِّي دَمُهُ(2)
هذَا الَّذِي رَبُّ السَّما قَدْ عَيَّنَهْ *** وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَهْ(3)
ص: 529
هذَا هُوَ التَّوْرَاةُ وَالإِنْجِيلُ *** هذَا فَتًى يَخْدِمُهُ جِبْرِيلُ
هذَا هُوَ الزَّبُورُ وَالفُرْقانُ *** هذَا هُوَ الْأَزْمَانُ وَالأَكْوَانُ
هذَا الَّذِي آدَمُ لَمَّا أَنْ غَوَى *** بِجَاهِهِ دَعَا وَإِلاَّ لَهَوَى
وَهُوَ الَّذِي قَدْ سَيَّرَ السَّفِينا *** وَيُونُسٌ بِهِ رَأَى اليَقْطِينا(1)
وَفِيهِ نَاجَى رَبَّهُ الخَلِيلُ *** وَفِيهِ عُوفِي ذَلِكَ العَلِيلُ(2)
لَوْلاَهُ ما جَازَ بِبَحْرٍ مُوسى *** كَلاَّ وَلاَ كَالَّم مَوْتاً عِيسَى
كَلاً وَلاَ كَانَتْ نُجُومٌ تَسْرِي *** كَلاً وَلاَ كَانَتْ بِحَارٌ تَجْرِي
هذَا عَلِيٌّ عِلَّةُ الإِيجَادِ *** هذَا هُوَ الحَاكِمُ فِي المِيعادِ(3)
إِلَيْهِ فِي مَحْشَرِكُمْ مَصِيرُكُمْ *** وَقَدْ قَرَأَتُمْ إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ(4)
هذَا الَّذِي شَيَّدَ رُکْنَ الدِّينِ *** بِسَيْفِهِ القَاطِعِ لِلْوَتِينِ(5)
يَقُولُ كُلُّ مَنْ إِلَيْهِ يَصِلُ *** إِنَّ أَخَاكَ مُكْرَهٌ لاَ بَطَلُ
لَهُ مَزَايا قَطُّ لا تُضاها *** لَمْ يُحْصِهَا سِوَى الَّذِي سَوَّاها(6)
ص: 530
أَلَيْسَ بَلَّغْتُ بِما أُرْسلْتُ بِهْ *** فَاحْتَفِظُوا فَالأَمْرُ غَيْرُ مُشْتَبِهْ(1)
فَقَامَ قَوْمٌ مِنْهُمُ وَسَلَّمُوا *** عَلَيْهِ بِالأَمْرِ الَّذِي قَدْ أَلْزَمُوا
لكِنَّهُمْ سُرْعَانَ مَا قَدْ غَدَرُوا *** وَالنَّصُّ فِي غَدِيرِ خُمِّ أَنْكَرُوا
وَلِلَّذِي قَدْ بَايَعُوهُ قَهَرُوا *** وَضِلْعَ بَضْعَةِ الهُدَى قَدْ كَسَرُوا
وَغَلَّقُوا مِنْ دُونِهَا الأَبْوَابا *** وَنَبَذُوا المِيثاقَ وَالكِتَابا
يَا لَهَفَ نَفْسِي لاِبْنَةِ النَّبِيِّ *** إِذْ خَرَجَتْ تَعْدُو مَعَ الوَصِيِّ
تَقُولُ خَلُّوا وَالِدَ السِّبْطَيْنِ *** يا قَوْمُ هذَا سَيِّدُ الكَوْنَيْنِ
تَبْغُونَ فِي أَنُ تُيْتِمُوا أَوْلادِي *** أَلَيْسَ رَبُّ العَرْشِ بِالمِرْصَادِ(2)
فَقَالَ... يا غُلامُ أَرْجِعْها *** وَإِنْ أَبَتْ فَبِالعَصَا أَوْجِعْها
وَلَسْتُ أَقْوَى أَنْ أَقُولَ ما جَرَى *** وَأَنْتَ عَالِمٌ وَتَدْرِي الخَبَرا
ص: 531
جَوْهَرَةُ الْقُدْسِ مِنَ الكَنْز الْخَفِي *** بَدَتْ فَأَبْدَتْ عالِياتِ الأَحْرُفِ
وَقَدْ تَجَلَّى مِنْ سَمَاءِ الْعَظَمَهْ *** فِي عَالَمِ الأَسْمَاءِ أَسْمَى كَلِمَهْ
بَلْ هِيَ أُمُّ الكَلِماتِ المُحْكَمَهْ *** فِي غَيْبِ ذاتِها نُكَاتٌ مُبْهَمَهْ
أُمُّ أَئِمَّةِ العُقُولِ الغُرِّبَلْ *** (أُمُّ أَبِيها) وَهْوَ عِلَّةُ العِلَلْ(1)
رُوحُ النَّبِيِّ فِي عَظِيمِ المَنْزِلَهْ *** وَفِي الكَفاءِ كُفْؤٌ مَنْ لا كُفْوَ لَهْ(2)
ص: 533
تمَثَّلَتْ رَقِيقَةَ الوُجُودِ *** لَطِيفَةً جَلّتْ عَنِ الشُّهُودِ
تَطَوَّرَتْ فِي أَفْضَلِ الأَطوَارِ *** نَتِيجَةَ الأَدْوَارِ وَالأَكْوار(1)
تَصَوَّرَتْ حَقِيقَةَ الكَمالِ *** بِصُورَةٍ بَدِيعَةِ الجَمَالِ
فَإِنَّهَا الحَوْرَاءُ فِي النُّزولِ *** وَفِي الصُّعُودِ مِحْوَرُ العُقُولِ
يُمَثِّلُ الوُجُوبَ فِي الإِمْكانِ *** عِيَانُهَا بِأَحْسَنِ العِيانِ
فَإِنَّهَا قُطْبُ رَحَى الوُجُودِ *** فِي قَوْسَي النُّزُولِ وَالصُّعُودِ
وَلَيْسَ فِي مُحِيطِ تِلْكَ الدَّائِرَهْ *** مَدَارِها الْأَعْظَمِ إِلاَّ (الطَّاهِرَهْ)
مَصُونَةٌ عَنْ كُلِّ رَسْمٍ وَسِمَهْ *** مَرْمُوزَةٌ فِي الصُّحُفِ المُكَرَّمَهْ
(صِدِّيقَةٌ) لا مِثْلُها صِدِّيقَهْ *** تُفْرِغُ بِالصِّدْقِ عَنِ الحَقِيقَهْ(2)
بَدَا بِذلِكَ الوُجُودِ الزَّاهِرِ *** سِرُّ ظُهُورِ الحَقِّ فِي المَظَاهِرِ
ص: 534
هِيَ البَتُولُ الطُّهْرُ وَالعَذْرَاءُ *** كَمَرْيَمَ الطُّهْرِ وَلاَ سَوَاءُ(1)
فَإِنَّها سَيِّدَةُ النَّساءِ *** وَمَرْيَمُ الكُبْرَى بِلاَ خَفَاءِ(2)
وَحُبُّهَا مِنَ الصَّفاتِ العالِيَهْ *** عَلَيْهِ دَارَتِ القُرُونُ الخَالِيَهْ
تَبَتَّلَتْ عَنْ دَنَسِ الطَّبِيعَهْ *** فَيَالَها مِنْ رُتْبَةٍ رَفِيعَهْ(3)
مَرْفُوعةُ الهِمَّةِ وَالعَزِيمَهْ *** عَنْ نَشْأَةِ الزَّخارِفِ الذَّمِيمَهْ
فِي أُفُقِ المَجْدِ هِيَ الزَّهْرَاءُ *** لِلشَّمْسِ مِنْ زَهْرَتِهَا الضِّياءُ(4)
بَلْ هِيَ نُورُ عَالَمِ الأَنْوَارِ *** وَمَطْلَعُ الشُّمُوسِ وَالأَقْمَارِ
رَضِيعَةُ الوَحْيِ مِنَ الجَلِيلِ *** حَلِيفَةٌ لِمُحْكَمِ التَّنْزِيلِ
مَفْطُومَةٌ مِنْ زَلَلِ الأَهْوَاءِ *** مَعْصُومَةٌ عَنْ وَصْمَةِ الخَطاءِ(5)
مُعْرِبَةٌ بِالسِّتْرِ وَالحَيَاءِ *** عَنْ غَيْبِ ذاتِ بَارِیءِ الأَشْياءِ
ص: 535
رَاضِيَةٌ بِكُلِّ ما قَضَى القَضا *** بِمَا يَضِيقُ عَنْهُ وَاسِعُ الفَضا
زَكِيَّةٌ مِنْ وَصْمَةِ القُیُودِ *** فَهُيَ غَنِيَّةٌ عَنِ الحُدُودِ
يا قِبْلَةَ الأَرْوَاحِ وَالعُقُولِ *** وَكَعْبَةَ الشُّهُودِ وَالوُصُولِ
مَنْ بِقُدُومِها تَشَرَّفَتْ (مِنَى) *** وَمَنْ بِهَا تُدْرَكُ غَايَةُ المُنَى
وَبَابُها الرَّفِيعُ بَابُ الرَّحْمَه *** وَمُسْتَجارُ كُلِّ ذِي مُلِمَّهْ(1)
وَمَا الحَطِيمُ عِنْدَ بَابِ فَاطِمَهْ *** بِنُورِها تُطْفَأُ نَارُ الحَاطِمَهْ(2)
وبَيْتُهَا المَعْمُورُ كَعْبَةُ السَّما *** أَضْحَى ثَرَاهُ لِلثَرَايا مَلْثَما(3)
وَخِدْرُها السَّامِي رِواقُ العَظَمَهْ *** وَهْوَ مَطَافُ الكَعْبَةِ المُعَظَّمَهْ
حِجَابُها مِثْلُ حِجَابِ الباري *** بَارِقَةً تَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ
تُمَثِّلُ الوَاجبَ في حِجَابِها *** فَكَيْفَ بِالإشْرَاقِ مِنْ قُبابِها
يا دُرَّةَ الْعِصْمَةِ وَالْوِلايَهْ *** مِنْ صَدَفِ الحِكْمَةِ وَالعِنَايَهْ
مَا الكَوْكَبُ الدُّرِّيُّ فِي السَّمَاءِ *** مِنْ ضَوْءِ تِلْكَ الدُّرَّةِ البَيْضاءِ؟
وَالنَّيِّرُ الْأَعْظَمُ مِنْها كَالسُّها *** كَيْفَ وَلاَ حَدَّ لَهَا وَمُنْتَهَى
أَشْرَقَتِ الْعَوَالِمُ الْعُلْوِيَّهْ *** بِنُورِ تِلْكَ الدُّرَّةِ البَهِيَّهْ
يا دَوْحَةً جَازَتْ سَنامَ الفَلَكِ *** بَلْ جَاوَزَ السِّدْرَةَ فَرْعُها الزَّكِي
يَا دَوْحَةً أَغْصَانُها تَدَلَّتْ *** بِمَوْضِعٍ فِيهِ العُقُولُ ضَلَّتْ
دَنَتْ إِلَى مَقامِ أَوْ أَدْنَى فَلا *** تَتْبَعُ مِنْ ذلِكَ أَعْلَى مَثَلاَ
يَا شَجَرَ الطُّورِ وَأَيْنَ الشَّجَرَهْ *** مِنْ دَوْحَةِ المَجْدِ الأَثِيلِ الْمُثْمِرَهْ(4)
وَإِنَّما السِّدْرَةُ وَالزَّيْتُونَهْ *** عُنْوَانُ تِلْكَ الدَّوْحَةِ المَيْمُونَهْ
ص: 536
أَثْمَارُها الغُرُّ مَجالِي الذَّاتِ *** مَظَاهِرُ الأَسْمَاءِ وَالصِّفاتِ
مَبادىءُ الحَيَاةِ فِي البِدايهْ *** وَمُنْتَهَى الغَاياتِ فِي النِّهَايَهْ
أَثْمَارُها عَزَائِمُ الْقُرْآنِ *** فِي صَفَحَاتِ مُصْحَفِ الْإِمْكَانِ
أَثْمَارُها مَنَابِتٌ لِلْمَعْرِفَهْ *** مِنْ جَنَّةِ الذَّاتِ غَدَتْ مُقْتَطَفَهْ
لَكَ الهَنَا (يا سَيِّدَ الوُجُودِ) *** فِي نَشَآتِ الْغَيْبِ وَالشُّهودِ
بِمَنْ تَعَالَى شَأْنُها عَنْ مِثْلِ *** كَيْفَ ولا تَكْرارَ فِي التَّجَلِّي
لا يَتَثَنَّى هَيْكَلُ التَّوْحِيدِ *** فَكَيْفَ بِالنَّظِيرِ وَالنَّديدِ؟
وَمُلْتَقَى الْقَوْسَيْنِ نُقْطَةٌ فَلاَ *** تَرَى لَها ثانِيَةً أَوْ بَدَلاَ
وَحِيدَةٌ فِي مَجْدِها الْقَدِيمَ *** فَرِيدةٌ فِي أَحْسَنِ التَّقْوِيمِ
بُشْراكَ (يا أَبا العُقُولِ العَشَرهْ) *** بِالبَضْعَةِ الطَّاهِرَةِ المُطَهَّرَهْ
مُهْجَةُ قَلْبِ عَالَمِ الْإِمْكَانِ *** وَبَهْجَةُ الفِرْدَوْسِ فِي الجِنَانِ
غُرَّتُها الْغَرّاءُ مِصْباحُ الهُدَى *** يُعْرَفُ حُسْنُ الْمُنْتَهَى بِالمُبْتَدَا
وَفِي مُحَيَّاها بِعَيْنِ الْأَوْلِيا *** عَيْنَانِ مِنْ مَاءِ الحَياةِ وَالحَيا
بَلْ وَجْهُهَا الكَرِيمُ وَجْهُ البَارِي *** وَقِبْلَةُ العَارِفِ بِالأَسْرَارِ
بُشْرَاكِ يا خُلاَصَةَ الإِيجادِ *** بِصَفْوَةِ الْأَنْجَادِ وَالْأَمْجَادِ
أُمُّ الكِتَابِ وَابْنَةُ التَّنْزِيلِ *** رَبَّةُ بَيْتِ العِلْمِ بِالتَّأْوِيلِ
بَحْرُ النَّدَى وَمَجْمَعُ البَحْرَيْنِ *** قَلْبُ الهُدَى وَبَهْجَةُ الكَوْنَيْنِ(1)
وَاحِدَةُ النَّبِيِّ أَوَّلُ العَدَدْ *** ثَانِيَةُ الوَصِيِّ نُسْخَةُ الأَحَدْ
وَمَرْكَزُ الخَمْسَةِ مِنْ أَهْلِ العَبا *** وَمِحْوَرُ السَّبْعِ عُلوّاً وَإِبا
لَكَ الهَنا يا سَيِّدَ الْبَرِيَّهْ *** بِأَعْظَمِ المَوَاهِبِ السَّنِيَّهْ
أَتَاكَ طَاووسُ رِياضِ الأُنْسِ *** بِنَفْحَةٍ مِنْ نَفَحاتِ القُدْسِ
ص: 537
مِنْ جَنَّةِ الصِّفَاتِ وَالأَسْمَاءِ *** جَلَّتْ عَنِ المَدِيحِ وَالثَّنَاءِ
فَارْتَاحَتِ الأَرْوَاحُ مِنْ شَمِيمِها *** وَاهْتَزَّتِ النُّفُوسُ مِنْ نَسِيمِهَا
بِهَا انْتَشَى فِي الكَوْنِ كُلُّ صَاحِ *** وَطَابَتِ الأَشْبَاحُ بِالأَرْوَاحِ(1)
تُحْيِي بِهَا الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها *** وَمَرْجِعُ الأَمْرِ غَدَا إِلَيْها
لَهْفِي لَهَا لَقَدْ أُضِيعَ قَدْرُها *** حَتَّى تَوَارَى بِالحِجَابِ بَدْرُها(2)
تَجَرَّعَتْ مِنْ غُصَصِ الزَّمَانِ *** مَا جَاوَزَ الحَدَّ مِنَ البَيَانِ
وَمَا أَصَابَهَا مِنَ المُصَابِ *** مِفْتَاحُ بَابِهِ «حَدِيثُ البَابِ»
إِنَّ حَدِيثَ البَابِ ذُو شُجُونِ *** مِمّا بِهِ جَنَتْ يَدُ الخَؤُونِ
أَيَهْجُمُ العِدَى عَلَى بَيْتِ الهُدَى *** وَمَهْبِطِ الوَحْيِ وَمُنْتَدَى النَّدَى(3)؟
أيَضْرُمُ النَّارَ بِبَابِ دَارِها *** وَآيَةُ النُّورِ عُلاَ مَنَارِها؟
وَبابُها بابُ نَبِيَّ الرَّحْمَهْ *** وَبَابُ أَبْوَابِ نَجَاةِ الأُمَّهْ(4)
بَلْ بَابُهَا بَابُ العَلِيِّ الأَعْلَى *** فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ قَدْ تَجَلَّى
ما اكْتَسَبُوا بِالنَّارِ غَيْرَ العَارِ *** وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابَ النَّارِ
مَا أَجْهَلَ القَوْمَ فِإِنَّ النَّارَ لاَ *** تُطْفِيءُ نُورَ اللَّهِ جَلَّ وَعَلاَ(5)
ص: 538
وَإِنَّ كَسْرَ الضِّلْعِ لَيْسَ يَنْجَبِرْ *** إِلاَّ بِصَمْصَامِ عَزِيزٍ مُقْتَدِرْ(1)
إِذْ رَضَّ تِلْكَ الأَضْلُعَ الزَّكِيَّهْ *** رَزِيَّةٌ لاَ مِثْلُها رَزِيَّهْ
وَمِنْ نُبوعِ الدَّمِ مِنْ ثَدْيَيْها *** يُعْرَفُ عِظْمُ ما جَرَى عَلَيْهَا
وَجَاوَزَ الحَدَّ بِلَطْمِ الخَدِّ *** شُلَّتْ يَدُ الطُّغْيَانِ وَالتَعَدِّي(2)
فَاحْمَرَّتِ العَيْنُ وَعَيْنُ المَعْرِفَهْ *** تُذْرَفُ بِالدَّمْعِ عَلَى تِلْكَ الصِّفَهْ
وَلاَ تُزِيلُ حُمْرَةَ العَيْنِ سِوَى *** بِيضِ السُّيُوفِ يَوْمَ يُنْشُرُ اللِّوا
وَلِلسِّیَاطِ رَنَّةٌ صَداها *** فِي مَسْمَعِ الدَّهْرِ فَمَا أَشْجَاهَا
وَالأَثَرُ البَاقِي كَمِثْلِ الدُّمْلُجِ *** فِي عَضُدِ الزَّهْرَاءِ أَقْوَى الحُجَجِ(3)
وَمِنْ سَوَادِ مَتْنِهَا اسْوَدَّ الفَضَا *** يا سَاعَدَ اللَّهُ الإِمَامَ المُرْتَضَى
ص: 539
وَوَكْرُ نَعْلِ السَّيْفِ فِي جَنْبَيْها *** أَتَى بِكُلِّ ما أَتَى عَلَيْها(1)
وَلَسْتُ أَدْرِي خَبَرَ المِسْمَارِ *** سَلْ صَدْرَها خُزَانَةَ الأَسْرَارِ
وَفِي جَبِينِ المَجْدِ ما يُدْمِي الحَشَا *** وَهَلْ لَهُمْ إِخْفَاءُ أَمْرٍ قَدْ فَشَا؟
وَالبَابُ وَالجِدَارُ وَالدِّمَاءُ *** شُهُودُ صِدْقٍ ما بِهِ خَفَاءُ
لَقَدْ جَنَى الجَانِي عَلَى جَنِينِها *** فَانْدَكَّتِ الجِبَالُ مِنْ حَنِينِهَا(2)
أَهكَذَا يُصْنَعُ بِابْنَةِ النَّبِي؟ *** حِرْصاً عَلَى المُلْكِ فَيَا لِلعَجبِ
أَتُمْنَعُ المَكْرُوبَةُ المَقْرُوحَهْ *** عَنِ البُكَا خَوْفاً مِنَ الفَضِيحَهْ
تَاللَّهِ يَنْبَغِي لَهَا تَبْكِي دَما *** ما دَامَتِ الأَرْضُ وَدَارَتِ السَّما
لِفَقْدِ عِزِّها أَبِيها السَّامِي *** وَلاِهْتِضَامِهَا وَذُلِّ الحَامِي(3)
أَتُسْتَباحُ نِحْلَةُ الصِّدِّيقَهْ *** وَإِرْثُها مِنْ أَشْرَفِ الخَلِيقَهْ(4)؟
كَيْف يُرَدُّ قَوْلُها بِالزُّورِ *** إِذْ هُوَ رَدُّ آيَةِ التَطْهِيرِ؟
ص: 540
أَيُؤْخَذُ الدِّينُ مِنَ الأَعْرَابِي *** وَيُنْبَذُ المَنْصُوصُ بِالكِتَابِ(1)؟
فَاسْتَلَبُوا ما مَلَكَتْ يَداها *** وَارْتَكَبُوا الخِزْيَةَ مُنْتَهَاها
يَا وَيْلَهُمْ قَدْ سَأَلُوها البَيِّنَهْ *** عَلَى خِلافِ السُّنَّةِ المُبَيَّنَهْ(2)
وَرَدُّهُمْ شَهَادَةَ الشُّهُودِ *** أَكْبَرُ شَاهِدٍ عَلَى المَقْصُودِ
وَلَمْ يَكُنْ سَدُّ الثُّغُورِ غَرَضا *** بَلْ سَدُّ بَابِها وَبَابُ المُرْتَضَى
صَدُّوا عَنِ الحَقِّ وَسَدُّوابَابَهْ *** كَأَنَّهُمْ قَدْ أَمِنُوا عَذَابَهْ
ص: 541
أَبَضْعَةُ الطُّهْرِ العَظِيمُ قَدْرُهَا *** تُدْفَنُ لَيْلاً وَيُعْفى قَبْرُها(1)؟
ما دُفِنَتْ لَيْلاً بِسِتْرٍ وَخَفا *** إِلاَّ لِوَجْدِهَا عَلَى أَهْلِ الجَفَا
ما سَمِعَ السَّامِعُ فِيمَا سَمِعَا *** مَجْهُولَةً بِالقَدْرِ وَالقَبْرِ مَعَا
يَا وَيْلَهُمْ مِنْ غَضَبِ الجَبَّارِ *** بِظُلْمِهِمْ رَیْحَانَةَ المُخْتَارِ(2)
ص: 542
ما لَكَ لا العَيْنُ تَصُوبُ أَدْمُعا *** منكَ ولا القَلْبُ يَذُوبُ جَزَعا(1)؟
فأَيُّ قَلْبٍ قَدْ أَتاهُ نَبَأُ *** الزَّهَراء ما ذابَ ولا تَصدَّعا؟
أَمَا وَعى سَمْعُكَ ما جَرى لَها *** فَأَيُّ سَمْعٍ فاتَهُ وما وَعى؟
وما دَرَيْتَ باللّذَيْنِ اسْتَنْهَضا *** جاثِيَةَ الغَيِّ فَهَبَّتْ سُرَّعا؟
سَلاّ مِنَ الأحْقادِ سَيْفَ فِتْنَةٍ *** عادَبها أَنْفُ الرَّشادِ أَجْدَعا
وَأَلْقَحاها فِتْنَةً تَحْمِلُ في *** نَتاجِها مِنَ الضَّلالِ البِدَعا
وَانْتَهَزاها فُرْصَةً فَاحْتَلَبا *** مِنْ ضَرْعِها كَأْسَ النِّفاقِ مُتْرَعا(2)
وَاتَّبَعا نَهْجَ الهَوَى وَخَالَفا *** مِنَ الرَّسُولِ شَرْعَهُ المُتَّبعا
فَلَيْتَ شِعْرِي أَيُّ عُذْرٍ لَهُما؟ *** وَقَدْ أَساء بَعْدَهُ ما صَنَعا
وَأَيَّ قُرْبَى وَصَلا مِنْهُ وَعَنْ *** عِتْرَتِهِ حَبْلَ الوَلا قَدْ قَطَعا؟
فَقُلْ لِتَيْمٍ لا هُدِيتَ بَعْدَ ما *** طافَ أَخُوكَ بالضَّلالِ وَسَعَى
خَفَّ لِداعِي الكُفْرِ نَهْضاً فَانْثَنَى *** بِثِقْل أَعْباء الشَّقا مُضْطَلِعا
فَقامَ وَهْوَ يَسْتَقِيلُ عَثْرَةً *** كَبا على الغَيِّ بِها فَلا لَعا(3)
دَرَوْا بأَنَّ فاطِماً بَضْعَتُهُ *** فَما رَعَوْا حُرْمَتَها ولا رَعَى(4)
ص: 544
كَيْفَ يَطِيبُ شِيمةً وعُنْصُراً *** وعَنْ أَرُومِ البَغْيِ قَدْ تَفَرَّعا(1)
وَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ ضَلَّةً *** فَفَرَّقُوا مِنَ الهُدَى ما اجْتَمعا
وَأَظْهَرُوا باطِنَةَ الكُفرِ عَمًى *** مُذْ أَبْصَرُوها فُرْصَةً وَمَطْمَعا
وَخالَفُوا نَصَّ الوَلاءِ بَعْدَما *** أَماطَ عَنْ وَجْهِ الرَّشادِ بُرْقَعا(2)
وَغادَرُوا حقَّ البَتُولِ نَهْلَةً *** تَجَرَّعُوها بالضَّلالِ جُرَعا
وَافْتَتَنُوا مِنْ وَلَعٍ بِسَورَةِ *** الدُّنْيا فَهامُوا بالدَّنا يا وَلَعا
قَدْ اَوْدَعَ الثٍّقْلَيْنِ فيهم فأَبَوْا *** أَنْ يَحْفَظُوا لأحْمَدٍ مَا اسْتَوْدَعا
وَأَجْمَعُوا النارَ لِيُحْرِقُوا بِها *** البَيْتَ الَّذِي بِهِ الهُدَى تَجَمَّعا(3)
بَيْتُ عُلاً سَما الضُّرَاحَ رِفْعَةً *** وَكانَ أَعْلَى شَرَفاً وأَرْفَعا(4)
ص: 545
أَعَزَّهُ اللّهُ فما تَهْبِطُ فِي *** كَعْبَتِهِ الأمْلاكُ إِلاَّخُضَّعا
بَيْتٌ مِنَ القُدْسِ وَناهِيكَ بِهِ *** مَحَطَّ أَسْرارِ الهُدَى وَمَوْضِعا
وَكانَ مَأْوَى المُرْتَجِي والمُلْتَجِي *** فَما أَعَزَّ شَأْنَهُ وأَمْنَعا
فَعادَ بَعْدَ المُصْطَفَى مَهْتُوكَةً *** حُرْمَتُهُ وفَيْئُهُ مُوَزّعا
وَأَخْرَجُوا منه عَلِيًّا بعدَما *** أُبِيحَ مِنْهُ حَقُّهُ وانْتُزِعَا
قادُوهُ قَهْراً بِنَجادِ سَيْفِهِ *** فَكَيْفَ وَهْوَ الصَّعْبُ يَمْشِي طَیِّعا(1)
مانَقِمُوا مِنْهُ سِوَى أَنَّ لَهُ **** سابِقَةَ الإِسلامِ والقُرْبَى مَعا
وَأَقْبَلَتْ فاطِمُ تَعْدُو خَلْفَهُ *** وَالعَيْنُ مِنْها تَسْتَهِلُّ أَدْمُعا
فَانْتَهَرُوها بِسِياطِ قُنْفُذٍ *** وَكَسَّرُوا بِالضَّرْبِ مِنْها أَصْلُعا
فَانْعَطَفَتْ تَدْعُو أَباها بِحَشًى *** تَساقَطَتْ مَعَ الدُّمُوعِ قِطَعا
يا أَبَتا هذا عَلِيُّ أَعْرَضُوا *** عَنْهُ ضَلالاً وَابْنُ تَيْم تُبِعا
أَهْتِفُ فِيهِمْ لا أَرَى واعِيَةً *** تَعِي نِدائِي لا ولا مُسْتَمِعا
ص: 546
أمْسَى تُراثِي فِيهِمُ مُغْتَصَبا *** مِنِّي وَحَقِّي بَيْنَهُمْ مُضَيَّعا
وَانْكَفَأَتْ إِلى عَلِيٍّ بَعْدَما *** تَجَرَّعَتْ بِالغَيْظِ سُمًّا مُنْقَعا(1)
قالَتْ أَتُغْضِي وَالنِّفاقُ صارِخٌ *** حَتَّى اسْتَعاذَ الدِّينُ منه فَزَعا؟
وَنِمْتَ عَنْ ظَلامَتي عَفْواً وَأنْتَ *** المُوقِظُ العَزْمَ إِذا الدَّاعِي دَعا
أَحْجَمْتَ وَالذِّئابُ عَدَتْ واثِبةٌ *** فَاقْتَحَمَتْ منك العَرِينَ المَسْبَعا
وَكَيْفَ أَضْرَعْتَ عَلَى الذُّلِّ لهمْ ***خَدَّكَ وَهْوَ لِلْعِدَىٰ ما ضَرَّعا
عَزَّ عَلَيْكَ أنْ تَرى تَسُومُني *** مِنْ بَعْدِ عِزِّي قَبْلَةُ أَنْ أَحْضَعا
تَهَضَّمَتْنِي بالأَذَى وَلَمْ أَجِدْ *** مأوًى إلَيْهِ أَلْتَجِي وَمَفْزَعا
ألِفْتُها مُعْرِضَةً عَنِّي وَما *** أَبْقَتْ بِقَوْسِ الصَّبْرِ مِنِّي مَنْزَعا
فَقالَ يَا بِنْتَ النِّبيِّ احْتَسِبي *** حَقَّكِ في اللّهِ وخَلِّي الجَزَعا
وَأَجْمِلي صَبْراً فَما وَنَيْتُ عَنْ *** دِينِي ولا أخْطَأَ سَهْمِي مَوْقِعا(2)
ص: 547
فَاسْتَرْجَعَتْ كاظِمَةً لِغَيْظِها *** مُبْدِيَةً حَنِينَها المُرَجَّعا
حَتَّى قَضَتْ مِنْ كَمَدٍ وَقَلْبُها *** كادَ بِفَرْطِ الحُزْنِ أنْ يَنْصَدِعا(1)
قَضَتْ وَلكِنْ مُسْقَطاً جَنيتُها *** مُوَلَّعاً فُؤادُها مُروَّعا
قَضَتْ وَمِنْ ضَرْبِ السِّياطِ جَنْبُها *** ما مَهَّدَتْ لَهُ الرَّزايا مَضْجَعا
قَضَتْ على رَغْمِ العُلَى مَقْهُورةً *** ما طَمِعَتْ أَعْيُنُها أنْ تَهْجَعا
قَضَتْ وَما بينَ الضُّلوعِ زَفْرَةٌ *** مِنَ الشَّجَى غَلِيلُها لَنْ يَنْقَعا(2)
ص: 548
إِنْ كُنتَ حَقّاً بَاكِياً شَجَاها *** هَلاّ كَفَفْتَ النَّفْسَ عَنْ أَذاها
غَصَبْتَ مِنْهَا النِّحْلَةَ المَعْلُومَهْ *** فَأَصْبَحَتْ مَظْلُومَةً مَهْمُومَهْ(1)
وَمِنْكَ كَانَ الأَمْرُ لِلْخِطابِ *** بِكَسْرِ ضِلْعِ الطُّهْرِ خَلْفَ البابِ
فَأَسْقَطَتْ مُحْسِنَها قَتِيلا *** وَذَاكَ أَمْرٌ أَغْضَبَ الجَلِيلا
وَضَرْبُ مَتْنَيْها مَعَ اليَدَيْنِ *** وَلَطْمَةُ الخَدِّ وَجُرْحُ العَيْنِ
أَبْكَى رَسُولَ اللَّهِ وَالكَرَّارا *** وَأَحْزَنَ الأَمْلاَكَ وَالأَبْرَارا
وَثَمَّ تَأْتِي قِصَّةُ المِسْمَارِ *** مُذْ رَدَّ ذاكَ العِلْجُ بَابَ الدَّارِ
فَكَمْ شَكَتْ حَرارةَ المُصابِ *** لِبَارىء الكَوْنِ مِنْ الصَّحابِ
حَتَّى مَضَتْ لِرَبِّها قَتِيلَهْ *** كَئِيبَةً حَزِينَةً نَحِيلَهْ(2)
وَأُلْحِدَتْ بِاللَّيْلِ بِنْتُ الهادِي *** وذَاكَ رُزُءٌ فَتَّ فِي الأَعْضادِ(3)-(4)
ص: 550
مَنْ مُبْلِعٌ عَنِّي النَّبِيَّ الهادِي *** سَلامَ عَبْدٍ خالِصِ الْوِدَادِ؟
أغْنِي النَّبِيَّ صَفْوَةَ الْأَمْجَادِ *** وَالْأَنْجَادِ بَلْ وَعِلَّةَ الإِيجَادِ
وَهْوَ الَّذِي لَوْلاهُ لَمْ تُخْلَقْ سَما *** كَلاَّ وَلا مِنْ كَوْكَبٍ وَقَّادِ
أَفْدِيهِ مِنْ رَسُولِ حَقٍّ صادِقٍ *** أَرْسَلَهُ (الحَقُّ) إلَى العِبادِ
قَدْ قَالَ لَمَّا نَزَّلَ الْوَحْيَ لَهُ *** فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ بِالرَّشَادِ
مُبَلِّغاً أَحْكامَ دِينِ رَبِّهِ *** مُؤَيَّداً بالنَّصْرِ وَالسَّدادِ
وَبَعْدَ ذا هاجَرَ مِنْ (أُمِّ القُرى) *** (لِيَثْرِبٍ) لِلْأَمْرِ بِالْجِهادِ
وَشَاطَرَتْهُ (الأَوْسُ َوالْخَزْرَجُ) *** فِي أَمْوَالِها الطّارِفِ وَالتِّلادِ
وَوَازَرَتْهُ في الحُرُوبِ كُلِّها *** عَلى جُمُوعِ الشِّرْكِ والْإِلْحادِ
لكِنَّها قَدْ خَسِرَتْ صَفْقَتَها *** فَانْقَلَبَتْ عَنِ الْهُدَى والهادِي
فَإِنْ تَكُنْ قُرَيْشُ قَدْ تَظَاهَرَتْ *** بِمَا تَجُنُّهُ مِنَ الْأَحْقَادِ
فَإِنَّهَا تَطْلُبُ أَوْتاراً لها *** تَوَدُّ هَدْمَ البَيْتِ وَالعِمادِ
فَهَلْ لِإِبْنَا (قَيْلَةٍ) مِنْ تِرَةٍ *** عِنْدَ النَّبِيِّ خِيرَةِ الْأَمْجَادِ(1)
ألَمْ يُبَايِعُوهُ أَنْ يُدافِعُوا *** عَنْ أَهْلِهِ بِالنَّفْسِ وَالْأَوْلادِ؟
سُرْعانَ أَنْ ساءَتْ عَواقِبُ رُشْدِهِمْ *** فَاسْتَبْدَلُوا الصَّلاحَ بِالفَسَادِ
وَبایَعُوا (ضَئِيلَ تَيْمٍ) وَيْحَهُمْ *** أَهَلْ يُقاسُ الذَّرُّ بِالأَطْوادِ(2)
وَأَصْبَحُوا أَعْضَادَ (تَيْمٍ) كُلُّهُمْ *** وَلَيْسَ لِلْوَصِيَّ مِنْ أَعْضَادِ
وَأَبْعَدُوا مَنْ هُوَ أَوْلَى بِهِم *** وَقَرَّبُوا الْحَرِيَّ بِالإِبْعادِ
وَاغْتَصَبُوا مِنْ فَاطِمٍ وَيْلَهُمُ *** (نِحْلَتَها) بِالْبَغْيِ وَالْعِنادِ(3)
ص: 552
وَقَدْ أَضَاعُوا حَقَّها وَأَثْبَتُوا *** حَدِيثَ إِفْكِ كاذِبِ الْإِسْنادِ
للَّهِ مِنْ مَصائِبٍ أَهْوَنُها *** تَهُدُّ رُكْنَ السَّبْعَةِ الشِّدادِ
فَهَلْ رَأَيْتَ قَبْلَها ثَعالِباً *** تَدُوسُ في عَرِينَةِ الْاسادِ
فَأَخْرَجُوا الوَصِيَّ مِنْ مَنْزِلِهِ *** مُلَبَّباً يُقادُ بِالنِّجادِ
وَفاطِمُ الزَّهْرَاءِ تَعْدُو خَلْفَهُمْ *** صارِخَةً لا تُؤتِمُوا أَوْلادِي(1)
وَرَنَّةُ السِّياطِ فَوْقَ مَتْنِها *** لَهاصَدًى باقٍ إلَى المِعادِ(2)
وَلَمْ يُغِثْها أَحَدٌ مِنْهُمْ وَهُمْ *** قَدْ سَمِعُوها بَيْنَهُمْ تُنادِي
تَدْعُو أَباها تَشْتَكِيهِمْ عِنْدَهُ *** وَدَمْعُها يَصُوبُ كَالْعِهادِ(3)
تَدْعُو وَنارُ الْوَجْدِ في فُؤادِها *** كَأَنَّها تَقْدَحُ في زِنادِ
ص: 553
مَنْ يُخْبِرُ المُخْتارَعَمَّا لَقِيَتْ *** بَضْعَتُهُ مِنْ صَحْبِهِ الْأَوْغادِ؟
عَزَّ عَلَيْهِ أَنْ يَراها بَعْدَهُ *** ناحِلَةً حَلِيفَةَ السُّهادِ
وَدَعْ حَدِيثَ البابِ عَنْكَ جانِباً *** فَرُزْؤُهُ يَفُتُّ بِالْأَكْبادِ(1)
أيُّ رَزاياها أعُدُّها وَقَدْ *** جَلَّتْ رزاياها عَنِ التَّعْدَادِ
أنارَهُم أَنْسَى وَهَا شُعْلَتُها *** لا تَنْطَفِي تَشُبُّ في الفُؤادِ؟
أَمْ ضِلْعَها المَكْسُورَ وَهْيَ لَمْ تَزَلْ *** مَمْنوعَةً مِنْهُ عَنِ الرُّقادِ(2)
أَمْ كَيْفَ أَنْسَى عَضُدَ الزَّهْرَا وَذا *** دُمْلُجُهُ قَدْ فَتَّ بالْأَعْضادِ(3)
أَمْ حُمْرةَ العَيْنِ وَتِلْكَ نَكْبَةٌ *** واللَّهِ لا تُنْسَى مَدَى الآبادِ
وَاطْوِ حَدِيثَ السِّقْطِ لا تَنْشُرُهُ *** فَنَشْرُهُ يُذِيبُ قَلْبَ الهادي(4)
وَسَلْ عَنِ (المِسْمارِ) مِنْها صَدْرَها *** وَفي الدِّمَا يُغْنِي عَنِ الْأَشْهَادِ
وَلا تَسَلْ عَنْ فِعْلِ سَيْفِ (خالدٍ) *** ماذا جَنَى وَاللَّهُ بِالْمِرْصَادِ
وَدَفْتُها لَيْلاً وَسَتْرُ قَبْرِها *** دَلاّ عَلى فَضِيحَةِ الْأَعادِي(5)
ص: 554
يا فَجْعَةَ الدِّينِ أَبِنْتَ أَحْمَدٍ *** فاطِمَةٍ تُدْفَنُ بِالسَّوادِ(1)؟
ص: 555
(بحر الرجز)
الشيخ محمد علي قسّام(*)(1)
قال: هذه القصيدة قبل وفاته في رثاء السيدة زينب بنت علي علیه السلام وما جرى عليها مع أخيها الحسين علیه السلام ويقارن بينها وبين أمها سيدة نساء العالمين علیها السلام، يقول فيها:
لَوْلاَكُمُ يَا آلَ بَيْتِ المُصْطَفَى *** مَا كَانَ مِنْ لَوْحٍ وَلاَ مِنْ قَلَمِ
وَلَمْ تَكُنْ أَرْضٌ وَلَمْ تَكُنْ سَماً *** كَلاّ وَلاَ غَيْثٌ هَمَى مِنْ دِيَمِ(2)
وَأَنْتُمُ عِلَّةُ إِيجَادِ الوَرَى *** أيْ وَالَّذِي أَوْجَدَهُمْ مِنْ عَدَمِ
وَإِنَّنِي بِحُبِّكُمْ مُعْتَصِم *** فَأَنْتُمُ يَا سَادَتِي مُعْتَصَمِي
وَإِنْ تَعُدُّ نِعْمَةَ اللَّهِ فَلاَ *** تُحْصَى وَمَنْ يَسْطِيعُ عَدَّ الأَنْجُم
لكِنَّمَا وَلاَؤُكُمْ أَفْضَلُ مَا *** قَدْخَصَّنَا اللَّهُ بِهِ مِنْ نِعَمِ
وَهْوَ لَنَا يَوْمَ المَعَادِ عُدَّةٌ *** نَرْجُو بِهِ الخَلاَصَ مِنْ جَهَنَّم
وَلَيْسَ لِي مِنْ عَمَلٍ عَمِلْتُهُ *** أَرْجُو نَجَاةً فِيهِ غَيْرَ مَأْتَمِ
لِزَيْنَبَ الحَوْرَاءِ بِنْتِ فَاطِم الزَّهْرَاءِ *** بِنتِ المُصْطَفَى المُكَرَّمِ
بنْتُ عَليِّ الطُّهْرِ مَنْ هَدَى الوَرَى *** بِسَيْفِهِ إِلَى الصِّرَاطِ الأَقْوَمِ
وَهْيَ الَّتِي لاَ شَكَّ فِي عِصْمَتِهَا *** قَدْ جَاءَ هَذَا فِي بَيَانٍ مُحْكَمِ
ص: 556
وَآيَةُ التَّطْهِيرِ فِي عِصْمَتِهَا *** شَهَادَةً أَعْظِمْ بِهَا مِنْ أَعْظَمِ
مِنْ ذلِكَ السَّجّادِ قَدْ قَالَ لَهَا *** عَالِمَةٌ أَنْتِ بِلاَ تَعَلُّمِ
اللَّهُ مَاذَا كَابَدَتْ مِنْ مِحَنٍ *** زَيْنَبُ لاَ يَسْطِيعُ نَشْرَهَا فَمِي
شَاطَرَتِ الحُسَيْنَ فِي نَهْضَتِهِ *** صَابِرَةً وَالصَّبْرُ أَحْلَى مَطْعَمِ
قَدْ شَاطَرَتْهُ عَنْ بَصِيرَةٍ بِهَا *** عَالِمَةً بِسِرِّهَا وَالحِكَمِ
وَهْيَ لَعَمْرِي مَثَّلَتْ وَالِدَهَا *** لاَ سِيَّمَا فِي الصَّبْرِ وَالنَّكَلُّمِ
وَلَيْتَ شِعْرِي عَلِمَتْ فَاطِمَةٌ *** مَا لَقَتْ زَيْنَبُ أَمْ لم تَعْلَمِ(1)؟
أَمْ هَلْ رَأَتْ فَاطِمَةٌ كَمَا رَأَتْ *** زَيْنَبُ مِنْ خَطْبٍ مُرِيعٍ مُؤلِمِ(2)؟
وَإِنْ تَكُنْ مَصَائِبُ الزَّهْرَاءِ قَدْ *** هَدَّتْ قوى الدينِ الحَنِيفِ الأَعْظَمِ
لكِنَّهَا مَا حُمِلَتْ مَسبيَّةً *** أَسِيرةً مِنْ ظَالِمٍ لأَظْلَمِ
وَلاَ رَأَتْ جِسْمَ الحُسَيْنِ فِي الثَّرَى *** مُبَضَّعاً مِنْ قَرْنِهِ لِلْقَدَمِ(3)
قَدْ هَشَّمَتْ خَيْلُ العِدَاةِ صَدْرَهُ *** لِلَّهِ مِنْ صَدْرٍ لَهُ مُهَشَّمِ
وَلاَ رَأَتْ فَوْقَ السِّنَانِ رَأْسَهُ *** مُرَتِّلاً آيَ الكِتَابِ المُحْكَمِ
ص: 557
لِلَّهِ مِنْ رَأْس عَلَى رأْسِ القَنَا *** يُشْرِقُ كَالبَدْرِ بِلَيْلٍ مُظْلِمِ
وَلاَ رَأَتْ يَزِيدَ فِي مَجْلِسِهِ *** جَذْلاَنَ يَتْلُو الشِّعرَ فِي تَرَنُّمِ(1)
يَا لَيْتَ أَشْيَاخِي بِبَدْرٍ شَهِدُوا *** يَنْشُرُهَا وَلَيْسَ بِالمُسْتَعْظَمِ
يُدْنِي إِلَيْهِ الرَّأْسَ وَهْوَ بَاسِمٌ *** شَمَاتَةً يُقْرِعُهُ بِالمَيْسَمِ(2)
ص: 558
(بحر الرجز)
الشيخ محمد علي اليعقوبي(*)(1)
الاَمَ فِي كُلِّ صَباحٍ وَمَسا *** نُعَلِّلُ النَّفْسَ بِعَلَّ وَعَسى(2)؟
نَرْقَبُ مِنْكَ طَلْعَةً نَيِّرَةً *** تَجْلُو دُجَى الغَيِّ إِذَا مَا عَسْعَسا(3)
فَأَنْتمُ النُّورُ الَّذي قَدْ خَالَهُ *** (الكليمُ) نَاراً فَأَتَى مُقْتَبِسا
يَابْنَ الأُلَى تُسْتَدْفَعُ الْبَلْوَى بِهِمْ *** وَالْقَطْرُ يُسْتَسْقَى بِهِمْ إِنْ حُبِسا
قَدْ كَادَ أَنْ يُمْحَى الْهُدَى وَأَوْشَكَتْ *** أَعْلامُ دِينِ الْحَقِّ أَنْ تَنْطَمِسا
تُغْضِي وَآبَاؤُكَ قَدْ تَجَرَّعَتْ *** مِنِ المَنَايا أَكْؤُساً فَأَكْؤُسا
عَزّ عَلَى الْهَادِي النَّبيِّ لَوْ يَرى *** رَبْعَ الهُدَى مِنْ بعدِهِ قَدْ دَرَسا
أَوْصَى بِوَصْلِ آلِهِ أَصْحابَهُ *** فَعادَ مَا أَوْصَى بِهِ مُنْعَكِسا
فَيَا بِنَفْسِي أَسَدَ اللّهِ غَدا *** فَرْداً وَفِي أَيْدِي الذِّئابِ افْتُرِسا
يَرى تُراثَ فَاطِمٍ بَيْنَ الْعِدَى *** مُقْتَسَماً وَفَيْئَهُ مُخْتَلَسا(4)
ص: 559
وَاقْتَطَعُوا مِنْ دُونِها أَراكَةً *** قَدْ مَنعُوها تَحْتَها أَنْ تَجْلِسا
وَإِنَّ ناراً أُضْرِمَتْ فِي بَابِها *** شَبَّتْ بِأَطْنابِ الْحُسَيْنِ قَبَسا(1)
وَاهاً لآِلِ اللّهِ بَعْدَ الْخِدْرِ قَدْ *** طافُوا بِهِنَّ مَجْلِساً فَمَجْلِسا
غَادَرْنَ أَجْسادَ الْحُمَاةِ بِالْعَرا *** وَقَدْ صَحِبْنَ بِالْعَوالِي الأَرْؤُسا
سَوافِراً بَعْدَ الْحِجالِ لَمْ يَكُنْ *** شِعارُها إِلا الزَّفيرَ والأسَى(2)
ص: 560
(بحر الرجز)
الشيخ محمد علي اليعقوبي(*)(1)
أَيَّ الْمَعَالِي لَمْ يَنَلْ غاياتِها *** أَمْ أَيَّ فَخْرٍ لِذُراهُ ما ارْتَقَى
قَدْ خَصَّهُ (الْمُخْتَارُ) دَوْنَ غَيْرِهِ *** بِفاطِمٍ خِيرَةِ نِسْوانِ الْوَرَى
لَوْلا عَلِيٌّ لَمْ يَكُنْ كُفْوٌ لَها *** مِنْ أَوَّلِ الدُّنْيَا إِلَى يَوْمِ الْفَنَا(2)
زَوَّجَهُ اللّهُ بِها وَقَبْلَهُ *** كُمْ خاطِبٍ جاءَ أباها فَأَبَى(3)
ص: 561
رامُوا الْعُلَى فَأَخْطَأوا مَنارَها *** هيهات ما أَصابَ كُلُّ مَنْ رَمَى
(لَوْ لَمْ يَكُن خَيْرَ الرّجالِ لَمْ تَكُنُ *** زَوْجَتَهُ فاطِمَةٌ خَيْرُ النسا)(1)
إنَّ الَّذِي كانَ مِنَ الْمَهْرِ لَها *** فَوْقَ السَّمَا أَوْفَرُ مِمَّا فِي الثَّرَى(2)
واعجبا ماءُ الْفُراتِ مَهْرُها *** وَ مِنْهُ يُحْرَمُ ابْنُها فِي كَرْبَلا(3)
ص: 562
(بحر الرجز)
السيد محمد علي بن
محسن الموسوي الغريفي
هاكَ حديثاً جاءَ عن خيرِ النِّسا *** خامسةِ الأَقطابِ أصحابِ الكِسا
و غيرَهُ مما اقتضاهُ النظمُ *** وصحَّ حيثُ لايسوغُ الكَتْمُ
مما أبانَ فضْلَهُم واشتَهَرا *** وإن أغاضَ ذكرَهُ مَنْ كَفَرا
أذكرُ في الحديثِ ماقد وَقَعا *** في غيرِهِ كأنما صارَ مَعَا
مرتبطاً كما اقتضاهُ الحالُ *** و ما اقتضى أن يَحسُنَ المقالُ
مضمّناً إياه في المقالِ *** أجعلهُ نحو لسانِ الحالِ
قلتُ أتاني زائراً يوماً أبي *** فاطمةُ الزهراءِ بضعةُ النبي
و قالَ إنّي واجدٌ في بدنِي *** ضعفاً عليّ بالكساءِ اليَمَنِي
غطّي به جسمَ أبيكِ المصطفى *** فاطمة لكي تنالِي الشَرَفا
بما حبانا ربُّنا الودودُ *** من إننا من أجلنا الوُجودُ
قلتُ أعيذُ المصطفى من ضعفِ *** بواجبِ الوجودِ خيرِ كهفِ
قالتْ أتيتُ بالكسا اليمانِي *** غطيتُهُ به كما أوصانِي
فصرتُ بعد ذا إليهِ أنظرُ *** و وجههُ کالبدرِ نوراً يُزهر
قالتْ وجاءَ بعدَه الرضيُّ *** نجلِي سبطُ المصطفى الزكيُّ
ذاك شبيهْ المجتبى والمؤتمنْ *** خلقاً و خلقاً ذاك ابنهُ الحسنْ
مسلّماً يقول من في الدارِ؟ *** أشمُّ طِيبَ أحمدِ المختارِ
ص: 563
قلتَ عليكَ ولدي السلامُ *** فذا الكساءُ تحتَهُ الهمامُ
و جاءَهُ مسلّماً مستأذناً *** عليهِ بالدخولِ لما أَنْ دَنا
قال عليكَ جدّي السلامُ *** صلّى عليكَ المفضلُ العلامُ
قال و هلْ أَدخلُ في الكساءِ *** عليكَ كي أهنأَ بالحباءِ؟
قال نعمْ أذنتُ في الدخولِ *** عليكَ منّي أحسنَ المقولِ
قالتْ و جاءَ بعدَهُ الشهيدُ *** سبطُ النبيِّ المصطفى الرشيدُ
أعني حسيناً من به السعادهْ *** و من لهُ في الجنةِ السيادهْ
أقبلَ بالسلامِ و التحيهْ *** مبتدءاً بأمهِ المرضيّةْ
يقولُ يا بنةَ النبيِّ الهادِي *** أشمُّ طيب المصطفى الجوادِ
قلتُ عليكَ سيدَ العبادِ *** منّي السلامُ طيبُ الميلادِ
تحتَ الكساءِ جدُّكَ الرضيُ *** وسبطُ طهَ الحسنُ التقيُّ
أما ترى نورُهُما تلالا *** علی ضیاءِ البدر قد تعالى؟
جاءَ الحسينُ نحو سيدِ البشرْ *** مستبشراً يحكِي محيَّاه القمرْ
مسلّماً عليهِما مستأذناً *** من النبيِّ من له تمَّ الهنا
اكتَنَفا جدَّهُما تحتَ الكِسا *** و ارتضعا منهُ النُّهى و اقتَبَسَا
قالتْ و لما كانَ بعد ساعةْ *** جاءَ الوصيُّ صاحبُ الشفاعَةْ
ذاك قسيمُ النارِ و الجنانِ *** ذاكَ شريكْ الوحيِ و البيانِ
ذاك إمامُ الإنسِ و الجنِ الوليُّ *** ذاكَ أبوالسبطينِ مولانا عليُّ
يقولُ يا بنةَ النبيِّ ذي الرَشَدْ *** و سيدِ الرسلُ البشيرِ المعتمَدْ
عليكِ مني أفضلُ السلامِ *** ما خُطَّ في الألواحِ بالأَقلامِ
أشمُ طيبَ المصطفى الرسولِ *** أخي ابنِ عمِي الصادقِ المقولِ
فقلتُ منّي عادتْ التحيَّهْ *** عليكَ يا خيرَ الورى سجيَّه
هذا الرسولُ حاضنٌ شبليكا *** مشرفاً تحت الكِسا لابنيْكا
ص: 564
قالتْ وراحَ المرتضى و اقترَبا *** نحوَ الهداةِ الغرِّ أصحابَ العَبا
يقولُ يا مَنْ ُخصَّهُ الرحمنُ *** من بينِنا و اختارَهُ المنَّانُ
أرسله الباري نذيراً للبشَرْ *** ينقذُهُمُ يومَ الجزاءِ من سَقَرْ
عليكَ صلَّى مالكُ البريّهْ *** عليكَ منّي أفضلُ التحيّهْ
يا هَل ترى لي معكُمْ تحتَ الكسا *** مقتبِساً منكَ الهُدى ملتمِسا؟
أدخلْ كي أفوزَ بالكرامهْ *** و أبتغِي من ذي العُلى الزعامَهْ
قال مجيباً والدُ البتولِ *** لأجلكُم تحتَ الكسا دُخولي
عليكَ فادخلْ معنَا السلامُ *** و أنتَ بعدِي القائدُ الهُمامُ
قالتْ و لما اجتمعَ الأبرارُ *** تحتَ الكسا و أحمدُ المختارُ
فاطمةُ الزهراءِ نورُهم سطَعْ *** حتى أضاءَ البيتَ منهُمْ و اتَّسَعْ
قالتْ و قمتُ نحوَهُم مسلّمهْ *** عليهم و من أبي مستعلِمَهْ
و قلتْ صلّى الملكْ الجليلُ *** عليكَ هل لي يصلُحُ الدخولُ؟
فيمنْ حواهُ ذا الكِسا اليمانِي *** ادخَلنَي بفضِلِه غطّاني
و قال لي أنتِ غذاة الجنةْ *** سيدةٌ دونَ نساءِ الأمَّةْ
عليكِ مني بضعتِي السلامُ *** ما دامتِ الألواحُ و الأقلامْ
لما حواهمْ ذلكَ الكساءْ *** و كلُّ صيدِ حازَه الفراءُ
بفضلهم جلَّ و عزَّ أعلَما *** على البرايا مُعلناً أهلَ السَّما
نادي بسكانِ السما أملاكِي *** عصمتُكُمْ أسكنتُكُم أفلاكِي
لكنْ برأتُ أشرف البرايا *** حازُوا النُهى و أفضلَ السجايا
هم خمسةٌ أودعتُهُمْ أسراري *** قد سُترتْ عن غيرِهِم أستارِي
بعزّتي أُقسِمُ و الجلالَهْ *** همْ حجّتي واضحةُ الدلالهْ
و ما خلقتُ من سما مبنيّهْ *** كذا و لاأرضاً لها مدحيّهْ
و ما خلقتُ فلَکَاً یدورُ *** كلا و لابدراً له ينيرُ
ص: 565
و ما خلقتُ من بحارٍ جاريَهْ *** كلا و لافُلكاً ترَوها سارِيَهْ
وما برأتُ الشمسَ و النهارا *** و لاخلقتُ الحُجْبَ و السِّتارا
ألا لأجلِ من حوَى الكساءُ *** و من بهم يُستدفعُ البلاءُ
فقالَ جبرائيلُ ياربِّ و مَنْ *** تحتَ الكساءِ من على السرِّ ائتمنْ؟
فقالَ هُمْ فاطمة و طه *** والدُها و بعلُها و ابناها
هم أهلُ بيتِ الوحي و الدلالَةْ *** و معدنُ التنزيلِ و الرسالَةْ
هذا الحديثُ فضلُهُم أبانا *** كفى بهِ مستنداً بُرهانا
هم علةُ الإيجادِ و الدوامِ *** هم أسسُ الإيمانِ و الإسلامِ
لولاهُمُ ما خُلِقَتْ جنان *** لولاهم ما سُجّرت نیرانُ(1)
لولاهُمُ ما كانَ شمسٌ و قمرْ *** لولاهُمُ ما كان أرضٌ و شَجَرُ
لولاهُمُ ما كانتْ الأفلاكُ *** لولاهُمُ ما عُبدَتْ أملاكُ
لولاهُمُ ما كانَ جنَّ و بشرْ *** لولاهُمُ ما كانَ بحرٌ و مدَرْ
هم سفنُ النجاةِ بابُ حطَّهْ *** يهلكُ من دانَ بغيرِ الخُطَّهْ
هم آيةْ التطهيرِ و القُربى هُمُ *** هم آيةُ الخمسِ هم التقدمْ
هم شركاءُ الوحيِ في التمسكِ *** هم مرجعُ الأمةِ في التشككِ
قالَ الأمينُ بعد ذا البيانِ *** مستأذناً من ذِي العُلى المنّانِ
يا ربِّ هل تأذنُ في السعاده *** فاجتنِي بقريِهم سيادهْ؟
أهبطُ فيهم سادساً أكونُ *** مبشراً لفضلِهم أبينُ
فقال ذو العزةِ و الجلالَهْ *** إبنْ لهُم في هذهِ العَجَالَهْ
حبوتُهُم بما أشا من رحمهْ *** منحتهم دونَ الورى بالعصمهْ
جاء الأمينُ ها بطاً نحو الكسا *** مسلّماً مسترفداً مقتبِساً
ص: 566
يقول يا من خُصَّ بالسفارهْ *** و اختارَهْ اللطيفُ للنذارهْ
إلهنا أقراكَ بالسلامِ *** و خَصَّكَ الباريءُ بالإكرامِ
و هو يقولُ قَسَماً مبروراً *** و عزّتي فكنْ بذا مسروراً
و بالحلالِ ما خلقتُ خَضرا *** مبنيةً و لادحوتُ غَبْرا
و لاخلقتُ الفُلكَ و البحارا *** و لابرأتُ قمراً أنارا
و لاخلقتُ فَلَكاً يدورُ *** كلا و لاشمساً به تسيرُ
ألا و في محبةِ الأبرارِ *** محمدٍ و آلهِ الأطهارِ
لأجلكُمْ كان الوجودُ عن عَدَمْ *** بحبّكُم نلنا من اللَّهِ النِّعَمُ
مَنَّ عليَّ أن أكونَ الباري *** سادسُكم مصاحبَ الأبرارِ
فامننْ عليَّ أن أحوزَ ذا الشرفْ *** و أسكَنَ الفردوسَ فيكم و الغُرَفْ
قال النبيُّ أُدخل و ما إنْ دَخَلْ *** طوبى لهُ حيث اجتنى خيرَ العمَلْ
تلا عليهمْ آيةَ التطهيرِ *** عن اللطيفِ العاصمِ القديرِ
قال عليٍّ عندما تمَّ العَددُ *** أَبِنْ لناخيرَ الوَرى و المحتَشَدْ
ما الفضلُ عندَاللَّهِ في الجلوسِ *** تحتَ الكِسا هل من هدَّى مأنوسِ؟
قال مجيباً والذي بالرحمهْ *** و بالهدى أرسلَنِي في الأمّهْ
ذا خبرٌ يشيّدُ الإمامهْ *** يجعلُكم لدينِهِ الدعامَهْ
يثبتُ فيكُم عصمةَ المنّانِ *** بما به من واضح البُرهانِ
فيه حديثُ قدْسُهُ المبينُ *** جاءَ بهِ من عندِهِ الأمينُ
ذا خبرٌ من الأمينِ مستمعْ *** ما ذُكِرَتْ آياته في مجتَمَعْ
و فيه جمع شايعُوا أولادِي *** لهم عليهِم سمةُ الودادِ
ألا وفيهم حُلتِ الكرامهْ *** من ذي العُلى الفزعةِ القيامهْ
حُفَّتْ بهم ملائكُ الغفرانِ *** حلت بهم نفائسُ الرحمنِ
و استغفرتْ لمن حواهُ المحفلُ *** ممنِ إليه المنتهى و المَؤئِلُ
ص: 567
حلّتْ بهم رحمتُهُ ما دامُوا *** كأَنَّهُم قامُوا له أو صَامُوا
قال عَليُّ عندَ ذاكَ فُزنا *** بما حبانا رَبُّنا سَعُدنا
قال النبيُّ والذي اصطفانِي *** أرسلنِي بالحقِّ و اجتبانِي
مبشّراً و منذراً نَجِيا *** و داعياً و هاديّاً مرضيّا
ذا خبرٌ بفضلِنَا يُنادي *** حياشةً للخلقِ و العبادِ
ما ذُكِرَتْ في محفلٍ أو نادِي *** يجمعِ أهلِ الرشدِ و السدادِ
آياتُهُ الناصعةُ المنوّرهْ *** محكمةٌ عن فضلِنا المعبّرهْ
و فيهِ جمعٌ من ذوي الولايهْ *** شيعتُنا و من لهُم درايهْ
و من لهُمْ في لبِّنا المكانُ *** كما لنا في لبِّهم حنانُ(1)
و كانَ فيهمْ أحدٌ مهموماً *** إلا و كانَ همُّه معدُوما
أو كانَ فيهمْ أحدٌ ذا غمِّ *** إلا و كانَ هَمُّه ذا عُدمِ
و لم يكنْ ذا حاجةٍ و مسألهْ *** إلا قَضى ربُّ العلى الحاجة لَهْ
قال عليٍّ صاحبُ الولايهْ *** من في غدٍ في كفّهِ السِّقايهْ
فاز إذاً شيعتنا و فُزنا *** كسَعْدِهم و ربِّنا سَعُدنا
دنيا و أخرى كانتِ السَّعادهْ *** و نبتغي من ذي العُلى الزيادَهْ
أعظِم بِهِ كمْ رحمةٍ أولاها *** أعززْ به كمْ نعمةٍ والأها
أحمُدُه في السرِّ و الإعلان *** أشكُرُه بالفضلِ و الإحسانِ
أقولُ فيمن قد حوى الكساءُ *** بهم لنا قد كَمُلَ الولاءُ
بهم علينا قد أتمَّ النعمهْ *** خالقُنا فيها لها من رحْمَهُ
به أعوذْ و الكسا و من حوى *** و بالوِلا وحبِّ من فيهِ ثَوى
و بالهْدى و من به قد نزَلا *** و بالحديثِ و بمنْ له تَلا
ص: 568
بهمْ أعيذْ بدنِي من المرضْ *** وصيني من كلِ داء و عرضْ
اعيذُ ديني و كذاكَ أهلي *** كذاك عامِي أن يرى كالجَهْلِ
أختمُ ذا النظمِ بصلّى اللَّهُ *** على محمدٍ و ذي قرباهُ
أرجُو بذاكَ الفوزَ و السعادهْ *** أرجُو بذاك العفوَ و الرِّفادهْ(1)
أرجُو بذاكَ سعةً في المالِ *** و عصمة في القول و الفعالِ
حتى أعودَ للجزا بلا لمم *** أأمن العقبى فلا أخشى أَلَم(2)
أجاورُ الأقطابَ أصحابَ الكسا *** أرجو بهم ذاك المُنى ملتمِسا
ناظمُها يرجو أن يكونا *** محمدُ الفِعال مستعينا
بربِّه و رهطِه آلِ العبا *** على همة إليه اقتربا
ينظمُها خالصةً مقبولهْ *** لحشرهِ نافعةً مرحولهْ
ثمَّ السلامُ و بهِ الختامُ *** عليهمُ ما قامتِ الأعلامُ
ص: 569
(بحر الرّجز)
السيد محمد القزويني(*)(1)
روَتْ لَنَا فَاطِمَةً خَيْرُ النّسا *** حَدِيثَ أهْل الفَضْل أَصْحاب الكِسا
تقُولُ إِنَّ سَيْدَ الأَنَامِ *** قَدْ جَاءَنِي يَوْماً مِنَ الأَيَّامِ
ص: 570
فَقَالَ لِي إِنِّي أَرَى فِي بَدَنِي *** ضَعْفاً أَراهُ اليَوْمَ قَدْ أَنْحَلَنِي
قُومِي عَلَيَّ بِالكِسا اليَمَانِي *** وَ فِيهِ غَطْنِي بِلا تَوَانِي(1)
فَقُمْتُ نَحْوَهُ وَ قَدْ لَبَّيْتُهُ *** مُسْرِعَةَ وَ بِالكِسا غَطَيْتُهُ
وَ صِرْتُ أرنُو وَجْهَهُ كَالبَدْرِ *** فِي أَرْبَعٍ بَعْدَ لَيَالٍ عَشْرِ
فَمَا مَضَى إلا اليَسِيرُ مِنْ زَمَنْ *** حَتَّى أَتَى أَبُو مُحَمَّدِ الحَسَنُ
فَقَالَ يَا أُمَّاهُ إِنِّي أَجِدُ *** رَائِحَةَ طَيِّبَةً أَعْتَقِدُ
بِأَنَّهَا رَائِحَةُ النَّبِيِّ *** أَخِي الوَصِيِّ المُرْتَضَى عَلِيٌّ
قُلْتُ نَعَمْ هَا هُوَ ذَا تَحْتَ الكِسا *** مُدَّثِرٌ بِهِ تَغَطَّى وَاكْتَسَى
فَجَاءَ نَحْوَهُ ابْنُهُ مُسَلِّما *** مُسْتَأْذِناً فَقَالَ ادْخُلْ كَرَمَا
فَمَا مَضَى إِلا القَلِيلُ إِلاَّ *** جَاءَ الحُسَيْنُ السُبْط مُسْتَقِلا
فَقَالَ يا أُمَّ أَشُمُ عِنْدَكِ *** رَائِحَةٌ كَأَنَّهَا المِسْكُ الذَّكِي
وَ حَقٌّ مَنْ أَوْلاكِ مِنْهُ الشَّرَفا *** أَظُنُّها رِيحُ النَّبِيِّ المُصْطَفَى
قُلْتُ نَعَمْ تَحْتَ الكِسَاءِ هَذَا *** بِجَنْبِهِ أَخُوكَ فِيهِ لاذا
فَأَقْبَلَ السِّبْطُ لَهُ مُسْتَأْذِنَا *** مُسَلِّما قَالَ لَهُ ادْخُلْ مَعَنا
فَمَا مَضَى مِنْ سَاعَةِ إِلا وَقَدْ *** جَاءَ أَبُوهُمَا الغَصَّفَرُ الأَسَدْ
أبُوالأَئِمَّةِ الهُدَاةِ النُّجُبَا *** المُرْتَضَى رَابِعُ أَصْحَابِ العَبا
فَقَالَ يا سَيِّدَةَ النِّساءِ *** وَ مَنْ بِهَا زُوِّجْتُ فِي السَّمَاءِ
إنِّي أَشُمُّ فِي حِماكِ رَائِحَهْ *** كَأَنَّهَا الوَرْدُ النَّدِيُّ فَاتِحَهْ
يَحْكِي شَدَّاها عُرْفَ سَيِّدِ البَشَرْ *** وَ خَيْرِ مَنْ طَافَ وَ لَبَّى وَ اعْتَمَرْ(2)
قُلْتُ لَهُ تَحْتَ الكِسَاءِ الْتَحَفَا *** وَ ضَمَّ شِبْلَيكَ وَ فِيهِ اكْتَنَفَا
فَجَاءَ يَسْتَأْذِنُ مِنْهُ سَائِلا *** مِنْهُ الدُّخُولَ قَالَ ادْخُلُ عَاجِلاً
ص: 571
قَالَتْ فَجِلتُ نَحْوَهُمْ مُسَلَّمَهْ *** قَالَ ادْخُلِي مَحْبُوةٌ مُكَرَّمَهْ(1)
فَعِنْدَمَا بِهِمْ أَضَاءَ المَوْضِعُ *** وَ كُلُّهُمْ تَحْتَ الكِسَاءِ اجْتَمَعُوا
نَادَى إِلهُ الخَلْقِ جَلَّ وَ عَلاَ *** يُسْمِعُ أَمْلاَكَ السَّمَوَاتِ العُلَى
أُقْسِمُ بِالعِزَّةِ وَ الجَلالِ *** وَ بِارْتِفَاعِي فَوْقَ كُلِّ عَالِي
مَا مِنْ سَما رَفَعْتُها مَبْنِيَّهْ *** وَ لَيْسَ أَرْضُ فِي الثّرَى مَدْحِيَّهْ(2)
وَ لاَخَلَقْتُ قَمَراً مُنيرا *** كلاً وَ لاشَمْساً أَضَاءَتْ نُورا
وَ لَيْسَ بَحْرٌ فِي المِيا و ِيَجْرِي *** كَلاً وَ لاَفُلْكُ البِحَارِ تَسْرِي
إلا لأَجْلِ مَنْ هُمُ تَحْتَ الكِسا *** مَنْ لَمْ يَكُنْ أمْرُهُمُ مُلْتَبسا
قَالَ (الأَمِينُ) قُلْتُ يَا رَبِّ وَمَنْ *** تَحْتَ الكِسا بِحَقِّهِمْ لَنا أَبِنْ؟
فَقَالَ لِي هُمْ مَعْدِنُ الرِّسَالَةِ *** وَ مَهْبِطُ التَّنْزِيلِ وَالجَلالَةِ
وَ قَالَ هُمْ فَاطِمَةٌ وَ بَعْلُها *** وَ المُصْطَفَى وَ الحَسَنَانِ نَسْلُها
فَقُلْتُ يا رَبَّاهُ هَلْ تَأْذَنُ لِي *** أنْ أهْبِطَ الأَرْضِ لِذَاكَ المَنْزِلِ؟
قَالَ نَعَمْ فَجِئْتُهُمْ مُسَلِّماً *** مُسْتَأْذِنَا أَتْلُو عَلَيْهِمْ (إِنَّما)
يَقُولُ إِنَّ اللّهَ خَصَّكُمْ بِهَا *** مُعْجِزَةٌ لِمَنْ غَدًا مُنْتَبِها
أقْرَأَكُمْ رَبُّ العُلَى سَلامَهْ *** وَ خَصَّكُمْ بِغَايَةِ الكَرَامَهْ
وَ هُوَ يَقُولُ مُعْلِناً وَ مُفْهِما *** أَمْلاكَهُ الغُرَّ بِمَا تَقَدَّما
قَالَ (عَلِيَّ) قُلْتُ يَا حَبِيبِي *** مَا لِجُلُوسِنَا مِنَ النَّصِيبِ؟
قَالَ النَّبِيُّ وَالَّذِي اصْطَفَانِي *** وَ خَصَّنِي بِالوَحْيِ وَ اجْتَبَانِي
مَا إِنْ جَرَى ذِكْرٌ لِهَذَا الخَبَرِ *** فِي مَحْفِلِ الأَشْيَاعِ خَيْرِ مَعْشَرٍ
إِلَّا وَ أَنْزَلَ الإِلهُ الرَّحْمَهْ *** فِيهِمْ وَ حَقَّتْهُمْ جُنُودُ جَمَّهْ
منَ المَلائِكِ الَّذِينَ صَدَقُوا *** تَحْرِسُهُمْ فِي الدَّهْرِ مَا تَفَرَّقُوا
ص: 572
كَلاً وَ لَيْسَ فِيهِمُ مَغْمُومُ *** الأَوَ عَنْهُ تُحْشَفُ الهُمُومُ
كَلاً وَ لاَطَالِبُ حَاجَةٍ يَرَى *** قَضَاءَهَا عَلَيْهِ قَدْ تَعَسَرا
الأقضَى اللَّهُ الكَرِيمُ حَاجَتَهْ *** وَ أَنْزَلَ الرِّضْوَانَ فَضْلاً سَاحَتَهْ
قَالَ (عَلِيَّ) نَحْنُ وَالأَحْبَابُ *** أَشْيَاعُنَا الَّذِينَ قِدْماً طَابُوا
فُرْنَا بِمَا نِلْنَا وَ رَبِّ الكَعْبَهْ *** فَلْبَشَكُرَنَّ كُلَّ فَرْدِ رَبَّهْ
یا عَجَباً يَسْتَأْذِنُ الأَمِينُ *** عَلَيْهِمُ وَ يَهْجُمُ الخَؤُونُ
قَالَ سَلِيمٌ قُلتُ باسَلْمَانُ *** هَلْ هَجَمَ القَوْمُ وَ لَااسْتِتَذَانُ(1)؟
فَقَالَ إي وَ عِزَّةِ الجَبَّارِ *** وَ مَا عَلَى الزَّهْرَاءِ مِنْ خِمَارِ(2)
لكِنَّها لأذَتْ وَرَاءَ البَابِ *** رِعَابَةً لِلسِّتْرِ وَ الحِجَابِ
فَمُذْ رَأَوْما عَصَرُوها عَصْرَةً *** كَادَتْ بِنَفْسِي أَنْ تَمُوتَ حَسْرَةً(3)
تَصِيحُ يا فِضَّةُ أَسْنِدِينِي *** فَقَدْ وَ رَبِّي قَتَلُوا جَنِينِي
فَأَسْقَطَتْ بِنْتُ الهُدَى وَاحُزْنَا *** جَنِينِهَا ذَاكَ المُسَمَّى (مُحْسِنا)
وَ لَمْ يَرُعْهَا كُلَّما قَدْ فَعَلُوا *** لَكِنَّها قَدْ خَرَجَتْ تُوَلُولُ
فَالبَعَثَتْ نَصِيحُ بَيْنَ النَّاسِ *** خَلُوهُ أَوْ لأَكْشِفَنَّ رَاسِي(4)
وَ لَوْ يَشاءُ فَرَّقَ الجُمُوعا *** وَ تَرَكَ العَاصِي لَهُ مُطِيعا
ص: 573
بصَوْلَةٍ تَرَى الجَنِينَ أَشْيَبا *** تُذَكَّرُ المُنَافِقِينَ (مَرْحَبا)(1)
وَ ضَرْبَةٍ يَبْرِي لَهَا أَعْنَاقَها *** مِنْ قَبْلِهَا عَمْرُو بْنُ وُدْ ذَاقَهَا(2)
لكِنَّهُ أَمْرٌ مِنَ المُخْتَارِ *** أَنْ يَعْمِدَنَّ سَيْفَ ذِي الفِقَارِ(3)
ص: 574
(بحر الرجز)
السيدة معاذة أُم س سعد بن معاذ(1)
أقولُ قَوْلاً فيهِ ما فيهِ *** و أَذْكُرُ الخَيْرَ وَ أُبْدِيهِ
مُحَمَّدٌ خَيْر بَني آدمٍ *** مافِیهِ مِنْ كِبْرِ وَ لاتيهِ
بِفَضْلِهِ عَرَّفنا رُشْدَنا *** فاللَّهُ بِالخَيْرِ يُجازِيهِ
وَ نَحْنُ مَعْ بِنْتِ نَبيِّ الهدى *** ذِي شَرَفٍ قَدْمُكِّنَتْ فیهِ(2)
ص: 575
في ذِرْوَةٍ شامِخَةٍ أَصْلُها *** فما أَرى شَيْئاً يُدانِيهِ(1)
ص: 576
(بحر الرجز)
السيد مهدي الأعرجي(*)(1)
مَا بَالُ عَيْنَيْكَ دَمَاً تَنْسَكِبُ *** وَ نَارُ أحشاك أسى تَلْتَهبُ؟
أَهَلْ تَذَكَّرْتَ عُهُوداً سَلَفَتْ *** لَزَيْنَبٍ فَأَرْقَتْكَ زَيْنَبُ؟
أم هل تشَوَّقت ظِباءً سَنَحَتْ *** بِالجَزَع أم راك ذاك الرَّبْرَبُ(2)؟
أمْ َهلْ شَجَتْكَ أربعٌ قَدْ دَرَسَتْ *** فَأَخْلَقَتْ جَدْتَهُنَّ الحُقَبُ؟
أمْ هَلْ دَهَتْكَ الحَادِثَاتُ مِثْلَما *** دَهَتْ فؤادي يَوْمَ طه النُّوبُ؟
يَوْمَ قضى فيهِ النَّبِيُّ نَحْبَهُ *** فظَلّتِ الدُّنيا لَهُ تَنتَحِبُ
وَ انْقَلَبَ النَّاسُ عَلَى أعقابِهِمْ *** وَ لَنْ يَضُرُّ اللَّهَ مَنْ يَنْقَلِبُ(3)
ص: 577
وَ أَقْبَلُوا إلَى (البَتُولِ) عَنْوَةً *** وَحَوْلَ دارِها أُديرَ الحَطَبُ
فَاسْتَقْبَلَتْهُمْ فاطِمٌ وظَنُّها *** إِنْ كلَّمَتْهُمْ رَجَعُوا وَانْقَلَبُوا
حَتّى إذا خَلَتْ عَنِ البابِ وَقَدْ *** لاذَتْ وَرَاهَا مِنْهُمُ تَحْتَجِبُ
فَكَسَرُوا أَصْلاعَها وَاغْتَصَبُوا *** مِیراثَها وَ لِلشُّهودِ كَذَّبُوا(1)
ص: 578
وَ أخْرَجُوا (الكَرارَ) مِنْ مَنْزِلِهِ *** وَ هُوَ بِبَنْدِ سَيْفِهِ مُلَبَّبُ(1)
يصبحُ أَبْنَ اليَوْمَ مِنّي (حَمْزَةٌ) *** يَنْصُرُنِي (وَجَعْفَرٌ) فَيَغْضَبُ
وَ خَلْفَهُمْ (فاطِمَةٌ) تَعْثر في *** أذيالِها وَقَلْبُها مُنشَعِبُ
تَصِيحُ خَلّوا عَنْ (عَلِيٍّ) قَبْلَ أَنْ *** أَدْعُو وَفِيكُمْ أَرْضُكُمْ تَنْقَلِبُ(2)
فَأَقْبَلَ (العَبْدُ) لَهَا يَضْرِبُها *** بالسَّوْطِ وَ هيَ بِالنَّبِيِّ تَنْدُبُ
يا والدي هذا (عَلِيَّ ٌ) بَعْدَ *** عَيْنَيْكَ عَلَى اغْتِصابِه تَأَلَّبُوا
ص: 579
وَ أعْزَلُوهُ جَانِباً وَ أَمَّرُوا *** ضَئِيلَ تَيْمِ بَعْدَهُ وَ نَصَّبُوا(1)
تَجاهَلُوا مَقَامَهُ وَهُوَ الَّذِي *** بِسَيْفِهِ في الحَرْبِ قَدْ (مَرْحَبُ)
وَ لَوْ تَرانِي وَالْعِدَى تَحالَفُوا *** عَليَّ لَمّا غَيَّبَتكَ التُّرَبُ
وَ جَرَّعُونِي صَحْبُكَ الصَّابَ وَقَدْ *** تَراكَمَتْ مِنْهُمْ عَلَى الْكُرَبُ(2)
وَ لَمْ تَزلَ تَجْرَعُ مِنْهُمْ غُصَصاً *** تَنْدَكُ مِنْهَا الراسياتُ الهُضَّبُ
حتى قضتْ بِحَسْرَةِ مَهْضُومَةً *** حُقُوقُها وَقَيْتُها مُسْتَلبُ(3)
ص: 580
وَ أَخْرَجَ الكَرَارُ لَيْلاً نَعْشَها *** (وَزَيْنَبٌ) مِنْ خَلْفِهِمْ تَنْتَحِبُ(1)
فَقَالَ لِلزكي سكتها فَلا *** يُسْمَعُ جَهْراً صَوْتُها الْمُحَجَّبُ
فَلوْ يراها بالطُّفوفِ وَالْعِدى *** مِنْهَا الرِّداءَ وَالْخِمَارَ تَسْلُبُ
تَجُولُ في وادي الطُّفوفِ كَيْ تَرى *** أظفَالَها مِنَ الْخِيام هَرَبُوا
ثُمَّ انْتَنَتْ نَحْوَ أَخِيها وإذا *** بهِ علَى وَجْهِ الثّرى مُخَضَّبُ(2)
ص: 581
(بحر الرجز)
السيد مهدي الأعرجي(*)(1)
يَا أَيُّهَا الرَّبْعُ الَّذِي قَدْ دَرَسًا *** بَاكَرَكَ الغَيْثُ صَبَاحاً ومسا
كمْ زَمَنِ فِيكَ قَضَيْتُ لاأرى؟ *** الأحَبيباً أَوْ نَدِيماً مُؤنِسا
حَيْثُ تَرى وَجْهَ النَّرى مِنْ نَسْج *** كَفَّ الْغَيْثِ ثَوْباً سُنْدُسِيًّا لَبِسَا
وَ الرَّاحَ يَجْلُوهَا الرَّشَا فِي أَكْوسٍ *** قَدْ طَابَ ساقِيها وَ طابَتْ أَكْوسا(2)
أَرْدَتْنِي الأَوْزارُ لَكِنِّي تَخَلَّصْتُ *** بِمَدح (فَاطِم) خَيْرِ النّسا
مَنْ شَرَّفَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْرَها *** وَ أَذْهَبَ الرَّحْمَنُ عَنْهَا الدَّنَسَا(3)
بِنْتُ النَّبيِّ الطُّهْرِ بَلْ بَضْعَتُهُ *** خَامِسَةُ الأَطْهَارِ أَصْحَابِ الكِسَا
فَكَمْ بِهَا كَانَ يَقُولُ (أحْمَدٌ) *** لِلْمُسْلِمينَ مَجْلِساً فَمَجْلِسا؟
فَاطِمَةٌ مِنِّي فَمَنْ أَغْضَبَها *** أَغْضَبَ جَبّارَ السَّمَاءِ وَأَسا(4)
ص: 582
يَا وَيْحَ مَنْ أَغْضَبَها فِي فَيْئِها *** وَ مَا رَعاهَا بَلْ تَجافى وَقَسَا(1)
إِذْ قَالَ يَا قَوْمِ احْفَظُونِي فِي ابْنَتِي *** فَعادَ قَوْلُهُ لَهُمْ مُنْعَكِسا
أَصْبَحَ مِنْ بَعْدِ النَّبيِّ ضِلْعُها *** مُنْكَسِراً وَفَيْتُها مُخْتَلَسا(2)
وَ أَقْبَلُوا بِجَمْعِهِمْ لِدارِها *** وَ أَضْرَمُوا بِالْبَابِ مِنْهَا الْقَبَسا(3)
ص: 583
وَ فِي نِجَادِ السَّيْفِ قَادُوا بَعْلَها *** (عَلِيّاً) النَّدْبَ الهزبِرَ الأَشْوَسا(1)
تَاللهِ لَوْلا أَنَّهُ مُوصَى لِمَا *** أَلْفَوْاقِيادَهُ لَدَيْهِمْ سَلِسَا
وَ فَاطِمٌ خَلْفَهُمُ وَ دَمْعُها *** يَنْهَل مِنْ أَجْفَانِها مُنْبَجا
تَصِيحُ خَلّوا عَنْ عَلِيٌّ وَهُيَ فِي *** أَذْيَالِها تَعْمُرُ مِنْ فَرْطِ الأَسى
وَ لَمْ تَزل تَجْرَعُ مِنْهُمْ غُصَصَاً *** يَدُلُّ (رَضْوى) وَقَعُها وَ إِنْ رَسَا(2)
حَتَّى فَضَتْ غَضْبَى عَلَيْهِمْ وَ بِهَا *** لِقَبْرِها لَيْلاً (عَلِيٌّ) هَمَسا(3)
ص: 584
(بحر الرجز)
الشيخ مهدي الحجار
صلّوا على الخمسةِ أصحابِ العَبا *** أفضلِ خلقِ اللَّه أُمّاً و أبا
روتْ لنا البتولُ خيرَ القِصصِ *** حديثَ سبطيها و طهَ و الوصِي
قالتْ أتاني والدي محمدُ *** فقال يابنتاه ضعفاً أجدُ
فقلتُ عوّذتكَ بالرحمنِ *** يا أبتاهُ من طارقِ الزمانِ
فقال يابنتاهُ ناوِلينِي *** الكسااليمانِي و بِهِ غطَّيني
فمذ تغطّى فيه صرتُ أنظُرُ *** لوجهه كالبدرِ حينَ يُسفَرُ
فما تقضتْ ساعةٌ من الزمنْ *** حتى أتى قرةُ عيني الحسَنْ
فقال يا أماهُ ما هذا الشذا *** جدّي هنا قلتُ بلی ها هوذا
فجاءَ نحو جدِّه ملتمسا *** بأن يكونَ معهُ تحتَ الكسا
مسلماً عليه بالتبجيلِ *** مستأذناً عليه بالدخولِ
فقال یا ریحانتي وشبحي *** أدخل معي فأنت روحِ الروحِ
فما استمرَ ساعةٌ من الأمدْ *** حتى أتى الشهيدُ فلذةْ الكبدْ
و بالسلام بعد ما حيّاني *** يا أمُّ يا سيدِتِي نادانِي
إني أشمُّ نفحةً في الدارِ *** كأنهار رائحةُ المختارِ
قلتُ أجل يا ولدي إن أبيّ *** و ابني في هذا الكساءِ مختبِي(1)
ص: 585
فقالَ و هو للسرورِ يُبدي *** عليك صلى ربُّنا يا جَدّي
تأذنُ يا جدَاهُ بالدخولِ *** قال نعمْ و أنعمِ القبولِ
ألستَ مِني يا حسينُ وأنا *** منك فما الحاجةُ أن تستأذنا؟
ثمَّ أتى من بعدهم عليُّ *** أبوالحسين السيدُ الوصيُّ
فقالَ يا فاطمةُ الزكيهْ *** عليكِ مني أفضلُ التحيهْ
أشمُ في داركِ خيرَ شمِ *** كأنها رائحةُ ابن عمّي
قلتُ أجل إن أخاك المصطفى *** و ابنيك في هذا الكساءِ التحفِا
فأقبلَ الكرارُ خيرُ البشرِ *** بعد النبي الطاهرِ المطهرِ
و بالصلاةِ والسلامِ أعلنا *** على النبيِّ ثم منه استأذنا
قال أخي تأذنُ أن أغدو معكْ *** قال بلى أخي قد أذنتُ لكَ
فادخل فأنتْ ياعليِّ مني *** هارونُ من موسى فبلّغ عنّي
ثم أتتْ سيدةُ النساءِ *** من بعدهم تمشِي إلى الكساءِ
و افتتحتْ بأفضلِ السلامِ *** على أبيها سيدِ الأنامِ
و بعد ذاكَ استأذنتْ عليهِ *** بأن تضمَّ نفسَها إليهِ
فقالَ يا بضعةً خيرِ الرسلِ *** ريحانتِي أنتِ هلّمي فادخلِي
فقال لما اكتملوا و اجتمعوا *** ربُّ السما يا ساكنِيها استمعُوا
و عزَّتي و رفعتي وجُودي *** أهلُ الكساءِ علةُ الوجودِ
لولاهمُ لم أخلقِ الأملاكا *** كلا و لاالنجومَ و الأفلاك
كلاَ و لاأرضاً و لاسَما و *** لاشمساً و لابدراً و لاكان المَلا
غايةُ خلقي للورى حبُّهُمُ *** فقال جبريلُ إلهي من هُمُ
قال هم خمسةُ وهم طه *** و فاطمٌ و بعلُها و أبناها
فقال جبرائیلُ ياربِّ العلى *** تأذنُ لي عليهمُ أن أنزِلا
لكَي أكونَ سادسَ الأشباحِ *** قال إذاً تفوزُ بالنجاحِ
ص: 586
فأنزل عليهمْ و اتل قولِي إنما *** يريد تطهيركُمُ ربُّ السما
فجاءَ وهو رافعٌ للصوتِ *** بآيةِ الطهرِ لأهلِ البيتِ
و قال يا من قد هدى الأناما *** ربُّ السما يقرِئُكَ السَّلاما
و هو يقولُ لك أي وحقّي *** من أجلِ حبكم خلقتُ خلقِي
و أنه آذن بالمصیرِ *** لكي أكونَ سادسَ العشيرِ
فهل ترى لي يا نبيَّ الرحمةْ *** بأن أكونَ معكُم للخدمةْ؟
قال نعم حبيبي ياجبريلُ *** أدخل فقد جاز لكَ الدخولُ
فعندها قال عليُّ ذو العلى *** لأحمدَ المختارِ يا مولى المَلا
بيَّن لنا يا عاليَ الجنابِ *** مالجلوسِنا من الثوابِ؟
فقال و هو الصادقُ الأمينُ *** و عنه يُروى الخبرُ اليقينُ
حديثنا ما ذكرتهُ الأمهْ *** في محفلِ إلا ونالُوا الرحمهْ
و لادعا اللَّهَ به مهمومُ *** الاَ وعنه زالتِ الهمومُ
و طالبُ الحاجة إن دعا بهِ *** فوراً يرى قضاءَها من ربهِ
قال إذاً فزنا وربِّ الكعبهْ *** و نالت الشيعةْ أعلى الرُتبهْ
ص: 587
مِنْ غيرِ جُزمِ الحُسَيْنُ يُقْتَلُ *** وَ بِالدِّمَاءِ جِسْمُهُ يُغَسَّلُ
وَ يُنْسَجُ الأَكْفانُ مِنْ عَفْرِ الثَّرَى *** لَهُ جُنُوبُ وصَباً وَ شَمالُ(1)
وَ قُطْنُهُ شَيْبَتُهُ وَ نَعْشُهُ *** رُمْحٌ لَهُ الرِّجْسُ «سنانٌ» يَحْمِلُ
ص: 589
وَ يُوطِئُونَ صَدْرَهُ خَيْلُهُمُ *** وَ العِلْمُ فِيهِ وَ الكِتابُ المُنزَلُ
وَ يَشْتَكِيْ حرَّ الظَّما وَ السَّيْفُ مِنْ *** أَوْداجِهِ يُرْوَى دَماً وَيُنْهَلُ
وَ المُرْتَضَى السّاقِي عَلَى الحَوْضِ غداً *** أَبوهُ وَ الجَدُّ «النبيُّ المُرْسَلُ»
و أُمُّهُ (الطُّهْرُ) (الفُرَاتُ) مَهْرُها *** وَ كَفُهُ كَمْ فاضَ منها جَدْوَلُ(1)
وَ المُسْلِمُونَ لايُبالُونَ بما *** جَرَى وَ قَدْ خَرَّتْ لِذاكَ الأَجْبُلُ
وَ هَدَّ رُكْنَ العَرْشِ مِمّا نالَهُ *** وَ الأَرْضُونَ أَصْبَحَتْ تَزَلْزَلُ
وَ قَدْ بَكَى رَكنُ السَّمَوتِ دَماً *** وَ أَمْسَتِ الأملاكُ فيها تَعْولُ
وَ (المُصْطَفَى) وَ(فاطمٌ) وَ الحَسَنُ) *** السِّبْطُ بَكَوْا ممّا دَها وَ وَلْوَلُوا(2)
أَفْدِيهِ فَرْداً مَا لَهُ مِنْ ناصِرٍ *** سِوَى أَسَى وَ عِبْرَةٍ تَسَلْسَلُ
قَدْ حَرَّمُوا المَاءَ عَلَيْهِ قَسْوَةٌ *** وَ هُوَ لِخِنْزِيرِ الفَلا مُحَلَّلُ
وَ صَرَّعُوا أَصْحَابَهُ مِنْ حَوْلِهِ *** فِيا لِشهبٍ في الترابِ تَأفُلُ
وَ يا لأسادٍ عَلَيْها قَدْ سَطَتْ *** بَنُو كِلابِ لاسَقاها مَنْهَلُ
وَ أَرْكَبُوا نِساءَهُ عاريةً *** على مَطايا لَيْسَ فِيها ذُلُلُ
ص: 590
وَ نِسْوَةُ الطاغِي يَزِيدَ في حِمَى *** أَمْنِ عَلَيْهِنَّ السُّجُوفُ تُسْبَلُ
وَ أَرْضَعُوا ثَدْيَ المَنايا طِفْلَهُ *** و مَهْدُهُ صُخُورُها وَ الجَنْدَلُ(1)
وَ أَطْلَقُوا دَمْعَ عَلَيَّ ابْنِهِ *** وَ كَيْفَ لا وَهُمْ لَهُ قَدْ غَلَّلوا
فَيا لَهِيفَ القَلْبِ لاتُظف و لو *** همى من الدَّمْعِ سَحابٌ يَهْطُلُ(2)
و يا لِساني جُدْ بأنواع الرَّثا *** على إمام قَدْ بَكَتْهُ الرُّسُلُ
وَ ساعِدِ الزَّهْراءَ إِنَّ نَوْحَها *** عَلَيْهِ مِنهُ (يَذْبُلُ) يُقَلْقَلُ
كَيْفَ بها إذا أَتَتْ وَ شَعْرُها *** مِنْ فَوْقِ عَيْنَيْها عَنَاءٌ مُسْبَلُ(3)؟
وَ في يَدَيْها ثَوْبُهُ مُضَمَّخٌ *** بِالدَّمِ وَ الأعْداءُ طراً ذُهَلُ
وَ هُوَ بلارَأْسٍ فَتُبْدِي صَرْخَةً *** مِنْها جَمِيعُ العَالَمِينَ تَذْهَلُ(4)
فَيأمُرُ الجَبَّارُ جَلّ شَأْنُهُ النَّارُ *** و قد أظلَمَ مِنْهَا المَدْخَلُ
فَتَلْقِط الأرْجاسَ عَنْ آخِرِهِمْ *** فَيَصْهَلُونَ وَسْطَها وَتَصْهَلُ(5)
ص: 591
يا آلَ «طه» أنْتُمُ ذَخِيرَتي *** وَ لَيْسَ لي سِوَى وَلاكُمْ مَوْثِلُ
فاتحِفُوني في غَدٍ بِشَرْبَةٍ *** تُظفى بها نارٌ بقلبي تَشْعَلُ(1)
صلّى عَلَيْكُمْ رَبُّنا ما أَرْقَلَتْ(2) *** شَوْقاً إلى قَصْدِ حِماكُمْ إِبلُ(3)
ص: 592
(بحر الرجز)
القاضي النعمان
قبايَعَاهُ جَهْرَةً وَ قَالاَ *** بَلْ أَنْتَ خَيْرُ مَنْ نَرَاهُ حالا(1)
وَ قَامَ مِنْهُمْ أَهْلُ قَتْلَى بَدْرِ *** وَ غَيْرُها وأَهْلُ حِقْدِ الأَسْرِ
فَبَايَعُوا، وَ هُمْ رُؤُوسُ قَوْمِهِمْ *** فَبَايَعَ النَّاسُ لَهُ مِنْ يَوْمِهِمْ
الأَّ قليلاً مِنْهُمُ قَدْ عَلِمُوا *** مَا كَانَ مِنْ نَبِيْهِمْ فَاعْتَصَمُوا
وَ قَصَدُوا إِمَامَهُمْ عَلِيًّا *** فَقَالَ: لَسْتُمْ فَاعِلِينَ شَيّا
قَالُوا: بَلَى نَفْعَلُ، قَالَ: انْطَلِقُوا *** مِنْ فَوْرِكُمْ هَذَا إِذَنْ فَحَلْقُوا(2)
ص: 593
رُؤُوسَكُمْ كُلكُمُ لِتُعْرَفُوا *** مِنْ بَيْنِهِمْ بِدالِكُمْ وَانْصَرِفُوا
إِلَيَّ كَيْما أنْصِبُ القِتالا *** حَتَّى يَكُونَ رَبُّنا تَعَالَى
يَحْكُمُ فِينَا بَيْنَنَا بِحُكْمِهِ... *** فَفَشِلُوا لَمّا رَأَوْا مِنْ عَزْمِهِ
وَ لَمْ يَكُنْ يَأْتِيهِ الأَسَبْعَهْ *** وَ اسْتَحْسَنَ البَاقُونَ أَخَذَ البَيْعَهْ(1)
وَ كُنْتُ قَدْ سَمَّيْتُهُمْ فَقَالا *** لَسْتُ أَرَى عَلَيْكُمُ قِتالا
لأَنَّكُمْ فِي قِلَّةٍ قَلِيلَهْ *** لَيْسَ لَكُمْ بِجَمْعِهِمْ مِنْ حِيلَهْ
فَجَلَسُوا إِلَيْهِ حَتَّى يَنْظُرُوا *** ماذا يَرَى فِي أَمْرِهِمْ وَ يَأْمُرُ
فَجَاءَهُمْ عُمَرُ فِي جَمَاعَهْ *** إِذْ لَمْ يَرَوْا لِمَنْ أَقَامَ طَاعَهْ(2)
حَتَّى أَتَوْا بَابَ البَتُولِ فَاطِمَهْ *** وَ هْيَ لَهُمْ قَالِيَةٌ مُصَارِمَهْ(3)
فَوَقَفَتْ مِنْ دُونِهِ تَعْذِ لُهُمْ *** فَكَسَّرَ البَابَ لَهُمْ أَوَّلُهُمْ
فَاقْتَحَمُوا حِجَابَهَا فَعَوَّلَتْ *** فَضَرَبُوها بَيْنَهُمْ فَأَسْقَطَتْ
فَسَمِعَ القَوْلَ بِذَاكَ فَابْتَدَرُ *** إِلَيْهِمُ الزُّبَيْرُ -قَالُوا- فَعَثَرْ
فَبَدَرَ السَّيْفَ إِلَيْهِمْ فَكَسَرْ *** وَ أَطْبَقُوا عَلَى الزُّبَيْرِ فَأُسِرْ
فَخَرَجَ الوَصِيُّ فِي بَاقِيهِمْ *** إِذْ لَمْ يَرَوْا دِفَاعَهُمْ يُنْجِيهِمْ
فَاكْتَنَفُوهُمْ وَ مَضَوْا فِي ضِيقِ *** حَتَّى أَتَوْا بِهِمْ إِلَى عَتِيقِ
ص: 594
إلى أن قال:
يَا حَسْرَةً مِنْ ذَاكَ فِي فُؤَادِي *** كَالنَّارِ يُذْكِي حَرَّهَا اعْتِقَادِي
وَ قَتْلُهُم فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ *** أَضْرَمَ حَرَّ النَّارِ فِي أَحْشَائِي
لأنَّ فِي المَشْهُورِ عِنْدَ النَّاسِ *** بِأَنَّهَا مَانَتْ مِنَ النَّفَاسِ
وَ أَمَرَتْ أَنْ يَدْفِنُوها لَيْلا *** وَ أَنْ يُعَمّى قَبْرُهَا لِكَيْ لا(1)
يَحْضُرُها مِنْهُمْ سِوَى ابْنِ عَمِّهَا *** وَ رَهْطِهِ ثُمَّ مَضَتْ بِغَمها
صَلَّى عَلَيْهَا رَبُّهَا مِنْ مَاضِيَهْ *** وَ هْيَ عَنِ الأُمَّةِ غَيْرُ رَاضِيَهْ
فَبَايَعُوا كُرْهاً لَهُ تَقِيَّهْ *** وَ اللَّهُ قَدْ رَخَضَ لِلْبَرِيَّهْ
لأَنَّهُ الرَّؤُوفُ بِالعِبَادِ *** فِي الكُفْرِ لِلْكُرْهِ بِلاَ اعْتِقَادِ
إلى أن قال:
وَ قَدْ رُوِيَ فِي ذَاكَ فِيمَا ثَبَتَا *** بِأَنَّهُ قَالَ لَهُ لَمّا أَتَى
بايِعُ: فَقَالَ: إِنْ أَنَا لَمْ أَفْعَلْ *** قَالَ: إِذَنْ آمُرُهُمْ أَنْ تُقْتَلْ(2)
فَأشْهَدَاللَّهَ عَلَى اسْتِضْعَافِهِ *** وَ بَايَعَ الغَاصِبَ فِي خِلافِهِ
خَوْفاً مِنَ القَتْلِ، وَبَايَعَ النَّفَرْ *** لَهُ عَلَى الكُرْهِ لِخَوْفِ مَنْ حَضَرْ
ص: 595
فَإِنْ يَكُونُوا اسْتَضْعَفُوا الأَمِينا *** فَقَبْلَهُ مَا اسْتَضْعَفَتْ هَارُونا
أُمَّةٌ مُوسَى إِذْ أَرَادُوا قَتْلَهُ *** فَقَدْ أَرَادَتْ قَتْلَ ذَاكَ قَبْلَهُ
وَ سَلَكُوا سَبِيلَهَا فِي الفِعْلِ *** فِي الأَوْصِيَاءِ مِثْلَ حَذْوِ النَّعْلِ
بِالنَّعْلِ وَ القُذَّةِ إِذْ تَمَثَلُوا *** كَمِثْلِ مَا قَالَ النَّبِيُّ المُرْسَلُ(1)
ص: 596
فَاطِمَةٌ خَيْرُ نِسَاءِ الأُمَّهْ *** مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ عُصِمَتُ وَ وَضَمَهْ(1)
خَيْرُ النَّسَاءِ فَاطِمُ الزَّهْرَاءِ *** يُرْهِرُ نُورُها إِلَى السَّمَاءِ
قَدْ فَطَمَتْ عَنِ الجَحِيمِ الحَاطِمَهْ *** شِيعَتَها فَسُمِّيَتْ (بِفَاطِمَهْ)(2)
مامِثلُها في كُلِّ أَقْرَبَائِهِ *** لامِنْ بَنَاتِهِ وَلا نِسَائِهِ
قَدْ وُلِدَتْ مِنْ بَعْدِ عَامِ البِعْثَهْ *** وَ قَدْ حَوَتْ دُونَ بَنِيهِ إِرْثَهْ(3)
وَ كَانَ مِنْهَا دُونَ مَنْ عَدَاهَا *** مِنْ أَهْلِهِ نَسْلُ النَّبِيِّ طاها
(أُمَّ أَبِيها) وَ هْيَ أُمُّ ابْنَيْهِ *** أَحَبُّ أَهْلِ بَيْتِهِ إِلَيْهِ
لَوْلاً (عَلِيٌّ) لَمْ يَكُنْ كُفْوٌ لَهَا *** مِنْ (آدَمٍ) إِلَى مِنَ الخَلْقِ انْتَهَى
مَنْ بِهِمُ تَابَ الإِلهُ وَ عَفا *** عَنْ آدَمِ وَ قَدْ كَفَاهُ شَرَفا
وَ مَنْ بِهِمْ بَاهَلَ سَيِّدُ الوَرَى *** وَ قُلْ تَعَالَوْا أَمْرُهَا لَنْ يُنْكَرا(4)
(وَ هَلْ أَتَى) فِي حَقِّهَا وَ كَمْ أَتَى *** مِنْ آيَةٍ وَ مِنْ حَدِيثٍ ثَبَتا
لَمَّا رَوَوْهُ فِي الصَّحِيحِ المُعْتَبَرْ *** مِنْ أَنَّها بَضْعَةُ سَيِّدِ البَشَرْ
وَ بَضْعَةُ المَعْصُومِ كَالمَعْصُومِ *** فِي الحُكْمِ بِالخُصُوص وَ العُمُومِ
لأَنَّهَا مِنْ نَفْسِهِ مُقْتَطَعَهْ *** فَحَقُها فِي حُكْمِهِ أَنْ تَتْبَعَهْ
إِلاَّ الَّذِي أَخْرَجَهُ الدَّلِيلُ *** فَإِنَّنا بذاك لاتَقُولُ
بِذَاكَ وَ لَمْ يَرِدْ فِي غَيْرِها مَا وَرَدا *** فِي شَأْنِها فَالحُكْمُ لَنْ يَطَّرِدا
ص: 598
وَآيَةُ التَّطْهِيرِ قَدْ دَلَّتْ عَلَى *** عِصْمَتِها مِنَ الذُّنُوبِ كَمَلا
أَذهَبَ عَنْهَا رَبُّهَا الرِّجْسَ كَمَا *** طَهَّرَها فِي الخَلْقِ عَمّا وصَما
صَلِّ عَلَيْهَا إِنَّ مَنْ صَلَّى عَلَى *** فَاطِمَةٍ يُغْفَرْ لَهُ مَا فَعَلا
وَ رَبُّهُ يُلْحِقُهُ امْتِنَانَا *** بِالمُصْطَفَى فِي الخُلْدِ حَيْثُ كانا
وَيْلٌ لِمَنْ مَاتَتْ عَلَيْهِ غَضْبَى *** فِي شَأْنِهَا لَمْ يَرْعَ حَقَّ القُرْبَى
قَدْ بَقِيَتْ بَعْدَ أَبِيهَا المُصْطَفَى *** شَهْراً وَ عُشراً فَعَلَى الدُّنْيَا العَفَا(1)
وَ قِيلَ شَهْرَيْنِ وَ نِصْفَ شَهْرِ *** قَدْ بَقِيَتْ بَعْدَ أَبِيهَا الطُّهْرِ
وَ قِيلَ تِسْعِينَ مِنَ الأَيَّامِ *** وَ خَمْسَةٍ تَكُونُ بِالتَّمَامِ(2)
وَ قِيلَ فِي ذلِكَ أَقْوَالٌ أُخَرْ *** وَ مَا ذَكَرْنَاهُ هُوَ الَّذِي اشْتَهَرْ
هذَا وَلكِنْ أَوَّلُ الأَقْوَالِ *** أَنْسَبُها بِمُقْتَضَى الأَحْوَالِ
فَإِنَّهَا لأَقَتْ مِنَ الأَهْوَالِ *** وَ سَيّىء الأَفْعَالِ وَالأَقْوَالِ
مَا لَوْ يُلاقِي بَعْضُهُ الجِبَالا *** لَزُلْزِلَتْ مِنْ وَقْعِهِ زِلْزِالا
وَ كَيْفَ تَبْقَى مُدَّةٌ مِنَ الزَّمَنْ *** مِنْ بَعْدِ هَاتِيكَ الخُطُوب وَ المِحَنْ
يَكْفِي لِمَوْتِهَا مِنَ الأَخْطَارِ *** وَقْعَةُ بَيْن (البابِ وَالجِدَارِ)
في دَارِها قَدْ هَجَمُوا عَلَيْهَا *** قَدْ رَوْعُوها وَ أَخَافُوا ابْنَيْها
وَ شَاهَدَتْ بِعَيْنِهَا مَا قَدْ جَرَى *** مِنْهُمْ عَلَى ابْنِ عَمُها مَوْلَى الوَرَى
ص: 599
مِنْ بَيْتِها قَدْ الخَرَجُوهُ قهرا *** يُقَادُ بِالنَّجَادِ قَوْدَ الأَسْرَى(1)
رَأَتْ مِنَ الذُّلَّةِ وَ الهَوَانِ *** وَ قِلَّةِ الأَنْصَارِ وَ الأَعْوَانِ(2)
وَمِنْ أَبِيهَا مَنَعُوا مِيرَاثَهَا *** وَ لَمْ تَجِدْ فِي القَوْمِ مَنْ أَغَاثَهَا
لَمْ يَحْفَظُوا بَضْعَتَهُ مِنْ بَعْدِهِ *** وَ يُحْفَظُ المَرْءُ بِحِفْظِ وُلدِهِ
لقَدْ أَضَاعُوا حَقَّها جهارا *** وَ أَنْكَرُوا حُجَّتَها إنكارا
وَ طَلَبُوا بَيْنَةً مِنْهَا عَلَى *** مَا كَانَ تَحْتَ يَدِها مُسْتَعْمَلا(3)
ما طَلَبَتْ لأن يُصِيبُوا رُشدا *** ما طَلَبَتْ إلأ لأنْ تُرَدًا
كَأَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا أَمْرَ (فَدَكَ) *** وَ لادَرَوْا بِمَنْ لَهَا كَانَ مَلَكْ
أَكَانَ يَحْفَى أَمْرُهَا عَلَيْهِمُ *** وَ لَمْ يَصِلُ مِنْ خَبَرِ إِلَيْهِمُ
وَ هَلْ بهذا الأمْرِ مِنْ خَفَاءِ *** وَ إِنَّهَا نُحَيْلَةُ الزَّهْرَاءِ(4)
وَ كَيْفَ تَسْتَعْظِمُ غَصْبَهُمْ فَدَكْ *** أَوْ يَعْتَرِيكَ اليَوْمَ فِي ذلِكَ شَكٍّ؟
وَ قَدْ جَنَوْا مَا هُوَ أَدْهَى وَأَمَرْ *** وَ ارْتَكَبُوا أَمْراً عَظِيماً ذا خَطَرْ(5)
خِلافَةٌ تَقَمَّصُوها غَصْبا *** مِنْ أَهْلِهَا وَانْتَهَبُوها نَهْبا(6)
ص: 600
وَاغْتَصَبُوا مِنَ الوَصِيَّ حَقَّهْ *** وَ لَمْ يُرَاعُوا قُرْبَهُ وَ سَبْقَهْ
لَوْ رَاقَبُوا مَعَادَهُمْ وَ أَنْصَفُوا *** لأَذْهَنُوا لأَمْرِهِ وَ اعْتَرَفُوا
هَلْ فِيهِمُ مَنِ اقْتَفَى آثَارَهُ *** أَوْ شَقَّ فِي مَكْرُمَةٍ عُبَارَهُ
وَ هَلْ لَهُمْ مِنَ العُلُومِ وَ الحِكَمْ *** مِعْشَارُ مَا قَدْ صَحَ عَنْهُ وَارْتَسَمْ؟
لَهُ مِنَ الفَضَائِلِ الْمَاثُورَهْ *** مَا لَمْ تَسَعُهُ الصُّحُفُ المَنْشُورَهْ
عِلْماً تُقَى شَجَاعَةٌ فَصَاحَهْ *** زُهْداً حِجّى عِبادَةٌ سَمَاحَهْ
هذَا مَعِ الغَضْ عَنِ النُّصُوصِ *** عَلَيْهِ بِالعُمُومِ وَالخُصُوصِ
مِنْ آيَةٍ تُتْلَى وَمِنْ نَصَّ خَبَرْ *** عَنِ النَّبِيِّ المُصْطَفَى قَدِ اشْتَهَرْ
وَ أَوْضَحَ الحَقَّ النَّبِيُّ الأُمِّي *** لِلنَّاسِ طُرّاً فِي (غَدِيرِ خُمْ)(1)
فَمَنْ تَرَى أَوْلَى بِهَذَا الأمر؟ *** فَاحْكُمُ بِوجْدَانِكَ ياذَا الخُبْرِ
وَ كَيْفَ وَ التَّقْدِيمُ لِلْمَغْضُولِ *** تَمْنَعُهُ أَوَائِلُ العُقُولِ
باسم أَمِيرِالمُؤْمِنِينَ الحُتُصّا *** وَ كَمْ عَلَى هَذَا حَدِيثٍ نَصَّا
فلاً تُسَمَّ أحَداً سِوَاهُ *** وَ إِنْ يَكُنْ ذلِكَ مِنْ أَبْنَاهُ
أخُو النَّبِيِّ وَ أَبُوسِبْطَيْهِ *** وَ نَفْسُه نَحُلُ فِي جَنْبَيْهِ
أَخُوهُ وَ ابْنُ عَمِّهِ وَ صِهْرُهُ *** بِهِ كَهَارُونَ يَشُدُّ أَزْرَهْ(2)
ص: 601
أفضلُ مَنْ صَلَّى وَ صَامَ وَ اقْتَرَبْ *** بَعْدَ نَبِي الحَقِّ سَيْدِ العَرَبْ
مَنْ لَمْ يُوالِهِ فَلا إيمانَ لَهْ *** وَ اللَّهُ لَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ عَمَلَهْ
لاَتَصْبِرُ الشُّمُّ الرِّعانُ صَبْرَهْ *** وَ لاَتُدَانِي حِلْمَهُ وَ قَدْرَهْ(1)
شاهَدَ فِيهِمْ (فَاطِماً) وَ ظُلْمَها *** وَ غَصْبَها حقوقها وَ هَضْمَها
يَسْمَعُ مِلْءَ سَمْعِهِ شَكْواها *** ثُمَّ يَرَى بِعَيْنِهِ بُکَاها
ما كانَ يَرْضَى أَنَّهَا تُهْتَضَمُ *** أَوْ أَنَّها بَعْدَأَبِيهَا تُظْلَمُ
أَكَانَ مِنْهُ ذَاكَ جُبْناً وَ حَذَرْ *** أَوْ عَجْزاً عَنِ النضال وَ خَوَرْ(2)؟
لاوَالَّذِي كَوَّنَهُ بِجُودِهِ *** أَكْبَرُ آيَةٍ عَلَى وُجُودِهِ
بَلْ ذَلَّلَ النَّفْسَ لِعِزَّ الدِّينِ *** وَ مَا انْطَوَى فِي عِلْمِهِ المَكْنُونِ(3)
ص: 602
(بحر الرجز)
الشيخ هادي اليعقوبي(*)(1)
و من أرجوزته في المعصومين علیهم السلام عند ذكر الصديقة الزهراء علیها السلام قوله:
لفاطمِ الزهراءِ خيرُ مولدِ *** سُرّ بهِ قلبُ النبي أحمدِ
و سرَّ قلبُ الدينِ والدنيا زهتْ *** بنورِ بنتِ المصطفى و أشرقَتْ
و ضاءتِ الأرضُ و قد شعَّ الفضا *** به وعرشُ اللَّه ليلاً قد أضا
و أزهرتْ مكةُ ثم كلُّها *** بنورِ من يذكرُ دهراً فضلَها
و الناس يرنونَ السماءَ زاهرةْ *** بنورِ أم الحسنين الطاهرة
ص: 603
بهذهِ الليلة قد باتَ المحبْ *** بفاطمِ الزهراء مسروراً طَرِبْ
ذي ليلةٌ بها لنا أفراحُ *** و للأعادي كلُّها أترَاحُ
بها نهنّي المصطفى محمدا *** عالي الفخارِ والمقامِ الأمجدا
ثم نهتّي الدينَ في خيرِ النسا *** فاطمةٍ بكلِ خير و مسا
ص: 604
(بحر الرجز)
السيد هاشم محسن الموسوي(*)(1)
قَالَ ابْنُ مُحْسِنِ اللعيبي هاشِمُ *** مَنْ قَدْ نَمَاهُ المُرْتَضَى وَ فَاطِمُ
الحَمْدُ لِلَّهِ مُصَلّياً عَلَى *** مُحَمَّدٍ وَالآلِ أَرْبابِ العُلَى
وَ بَعْدُ: إِنِّي قَدْ نَظَمْتُ خَبَراً *** لَنَا رَوَتْهُ العُلَماءُ الخُبرا
عَنِ البَتُولِ فَاطِم تَقُولُ *** يَوْماً أَتَى مَنْزِلِي الرَّسُولُ(2)
ص: 605
سلَّمَ ثُمَّ قَالَ لِي آتِينِي *** بِذَا الكِسَاءِ وَبِهِ غَطيني
قُلْتُ لَهُ أَفْدِيكَ يَا خَيْرَ الوَرَى *** ماذا تَحِسُّهُ وَمَا الَّذِي عَرَا
قَالَ أُحِسُّ ضَعْفاً أَعْتَرَانِي *** فِي بَدَنِي يا خيرَةَ النِّسْوَانِ(1)
لَمَّا سَمِعْتُ مِنْ أَبِي أَتَيْتُهُ *** بِذلِكَ الكِسَاءِ قَدْ غَطَيْتُهُ
وَ بَعْدَ سَاعَةٍ مِنَ النَّهارِ *** أَتَى ابْنِي الزَّكِي ذُو الأَنْوَارِ(2)
سَلَّمَ قَائِلاً أَشُمُ رَائِحَهْ *** عِنْدَكِ يَا أُمَّاهُ كَانَتْ فَائِحَهْ(3)
كَأَنَّهَا رَائِحَةُ المُخْتَارِ *** المُصْطَفَى جَدِّي حَبِيبِ البَارِي
قُلْتُ نَعَمُ يا زَهْرَةَ الزَّمَانِ *** ذَا نَايَمٌ تَحْتَ الكِسا اليَمَانِي
جَاءَ لَهُ مُسَلِّماً مُسْتَأْذِنَا *** بِأَنْ يَكُونَ مَعَهُ فَأَذِنَا
فَدَخَلَ الزَّكِيُّ مَعْ خَيْرِ البَشَرْ *** وَ تَحْتَ ذُلِكَ الكِسا قَدِ اسْتَقَرْ
بَعْدَ مُضِي سَاعَةٍ أَتَانِي *** فَلْذَةُ قَلْبِ المُصْطَفَى حَيَّانِي(4)
سَلَّمَ ثُمَّ قَالَ إِنِّي لَأُشُمْ *** ريحاً كَرِيح المُصْطَفَى ذَيْنِ الشَّيَمْ
قُلْتُ نَعَمْ بُنَيَّ هَذَا جَدُّكَا *** تَحْتَ الكِسَاءِ نَائِمٌ فَدَيْتُكا
مُذْ سَمِعَ الحُسَيْنُ بِاسْم جَدْهِ *** أَبْدَى السَّلامَ طَالِباً مِنْ عِنْدِهِ
لأَنْ يَكُونَ مَعَهُ تَحْتَ الكِسا *** قَالَ لَهُ ادْخُلِ الكِسَ المُقَدَّسا
ص: 606
وَ بَعْدَ سَاعَةٍ أَتَى ابْنُ عَمِّي *** كَاشِفَ كَرْبِي وَ مُزِيلُ غَمِّي
سَلَّمَ ثُمَّ قَالَ لِي إِنِّي أَشُمْ *** رِيحاً ذكياً لِلْوَرَى حيثُ يَعُمْ
قُلْتُ أَبِي يَا كَاشِفَ الكُرُوبِ *** عَنْ وَجْهِهِ عِنْدَ لِقا الحُرُوبِ
فَجَاءَ نَحْوَ المُصْطَفَى مُسَلِّما *** مُسْتَأْذِنَاً قَالَ ادْخُلَنْ حَامِي الحِمَى(1)
قدْ أذِنَ المُخْتَارُ لِلْكَرارِ *** بِأَمْرِ خَلاقِ السَّما الجَبَّارِ
فَدَخَلَ الإِمَامُ حَامِي الجَارِ *** تَحْتَ الكِسا مَعَ النَّبِي المُخْتَارِ
تَقُولُ فَاطِمٌ هُنَاكَ قُمْتُ *** عَلَى أَبِي خَيْرِ الوَرَى سَلَّمْتُ
وَ قُلْتُ هَلْ تَأْذَنُ لِي؟ قَالَ نَعَمْ *** قَدْ أَذِنَ اللَّهُ الكَرِيمُ ذُو النَّعَمْ
هُنَا لِكُمْ سَيِّدَةُ النِّسْوَانِ *** قَدْ دَخَلَتْ تَحْتَ الكِسَا اليَمَانِي(2)
فَکُمِّلُوا تَحْتَ الكِسَاءِ الصَّفْوَهْ *** مَنْ لَيْسَ فِي الكَوْنِ سِوَاهُمْ صَفْوَهْ(3)
هُنَاكَ نَادَى المَلِكُ الجَلِيلُ *** أَمْلاكَهُ وَ عِزَّتِي يَقُولُ(4)
ص: 607
مَا خُلِقَ الخَلْقُ وَ لا الأَكْوَانُ *** إِلا لِمَنْ تَحْتَ الكِسَاءِكَانُوا
فَقَال جِبْرِيلُ لِرَبِّ العِزَّهْ *** يَا سَيِّدِي مَنْ هَؤُلاَ الأَعِزَّهْ
فَقَالَ هُمْ فَاطِمُ مَعْ أَبِيهَا *** وَ بَعْلِهَا وَ الأَصْفيا بنيها
مُذْ سَمِعَ الأَمِينُ مِنْ رَبِّ العُلَى *** ذِكْرَ الأُولَى قَدْ شُرِّفُوا عَلَى المَلا
فَعِنْدَ ذاقَدْ طَلَبَ الأَمِينْ *** يَنزِلُ صَادِساً لَهُمْ يَكُونُ
فَجَاءَهُ الندا مِنَ السَّلامِ *** كُنْ مَعَهُمْ وَاقْرَأَهُمُ سَلامِي
فَهَبَط الأمِينُ بِالسَّلام *** عَلَى النَّبِي وَآلِهِ الكِرَامِ
ثُمَّ تَلاَجِبْرِيلُ ذَاكَ القَسما *** وَ هُوَ الَّذِي بِهِ الإِلهُ أَقْسَما(1)
وَ قَال لِلنَّبِي هَلْ تَأْذَنُ أَنْ *** أَدْخُلَ سَادِسَاً لَکُمْ؟ قَالَ ادْخُلَنْ
فَدَخَلَ الرُّوحُ الأمينُ مَعَهُمْ *** تَحْتَ الكِسَا وَصَارَ سَادِساً لَهُمْ
وَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلاَ *** أَوْحَى إِلَيْكُمْ ثُمَّ (إِنَّمَا) تَلاَ(2)
قَالَ عَلِيَّ لِلنَّبِيِّ الأَكْرَمِ *** ما فَضْلُ هَذَا المَجْلِسِ المُعَظَّمِ(3)
قَالَ النَّبِيُّ وَالَّذِي اصْطَفَانِي *** وَ خَصَّنِي بِالوَحْيِ وَ اجْتَبَانِي
ص: 608
لَمْ يَجْرِ ذِكْرُ ذا الحَدِيثِ الأَقْدَسِ *** بَيْنَ المُحِبينَ لَنَا فِي مَجْلِسِ
الأ عَلَيْهِمْ مِنْ وَلِيِّ النِّعْمَهْ *** قَدْ هَطَلَتْ مُؤْنُ الرضا والرَّحْمَهْ
وَحُفَّ بِالأمْلاكِ ذَاكَ المَوْضِعُ *** وَ اسْتَغْفَرُوا اللهَ لَهُمْ مَا اجْتَمَعُوا(1)
وَ فَرَّجَ اللَّهُ عَنِ المَهْمُومِ *** مَا كَانَ قَدْ عَرَاهُ مِنْ هُمُومِ
وَ كَشَفَ اللَّهُ عَنِ المَغْمُوم *** مَا قَدْ أَصَابَهُ مِنَ الغُمُوم
وَ قُضِبَتْ لِطالِبِ الحَاجَةِ مَا *** قَدْ كَانَ طَالِباً وَنَالَ المَغْنَماً
فَقَالَ حَيْدَرٌ وَرَبِّ الكَعْبَهْ *** فُزْنَا كَمَا حُزْنَا عَظِيمَ الرُّتْبَهْ
وَ هَكَذا أَشْيَاعُنَا قَدْ فَازُوا *** لأَنَّهُمْ نُورَ الهُدَى قَدْ حَازُوا
وَ مَنْ يُوَالِي غَيْرَنا مِنَ البَشَرْ *** فَالنَّارُ مَثْوَاهُ وَبِئْسَ المُسْتَقَرْ(2)
وَالحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى الهِدَايَهْ *** إِلَى طريق الحَقِّ وَالوِلايهْ(3)
ص: 609
(بحر الرجز)
لأحد الشعراء
أَنْوَارُهُمْ سَاطِعَةٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ *** يُكْتَبَ فِي اللَّوْحِ وُجُودٌ وَ زَمَنْ(1)
ص: 610
وَجَاءَ عَنْ سَلْمَانَ فِي نَصِّ الخَبَرْ *** ما قَالَهُ النَّبِيُّ سَيِّدُ البَشَرْ(1)
لعَمِّهِ العَبَّاسِ إِذْ أَتَاهُ *** يَسْأَلُ عَمّا فُضِّلَتْ ابناهُ
وَحَيْدَرٌ وَابْنَتُهُ الزَّهْرَاءُ *** وَكُلُّهُمْ مِنْ هَاشِمِ سِوَاءُ
فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَرَانِي *** مِنْ نُورِهِ القُدْسِيِّ وَاصْطَفَانِي
وَالخْتَارَ حَيْدَراً إِلَى الوِلاَيَهْ *** وَالحَسَنَيْنِ حُجَّةً وَآيَهْ(2)
ص: 611
وَالعَرْشُ قَدْ كَرَّمَهُ الرَّحْمنُ *** مِنْ فَضْلِ نُورِي فَلِيَ الإِحْسَانُ(1)
وَالأَرْضُ وَالسَّبْعُ العُلَى السَّوَارِي *** وَغَيْرُها مِنْ نُورِ (حَامِي الجَارِ)(2)
وَقَدْ قَضَى اللَّهُ عَلَى الغَزَالَهْ *** أَنْ لاَ يَكُونَ نُورُها أَصالَهْ(3)
فَهْيَ تَشِعُّ مِنْ ضِيَاءِ الحَسَنِ *** وَالقَمَرِ الزَّاهِرِ طُولَ الزَّمَنِ(4)
مِنَ الحُسَيْنِ خَامِسِ الكِسَاءِ *** يَسْطَعُ نوراً فِي دُجَى الظُّلْمَاءِ(5)
وَضَجَّتِ الأَمْلاَكُ بِالدُّعَاءِ *** إِلَى الإِلهِ فاطِرِ السَّماءِ
وَاسْتَمْنَحَتْهُ يَوْمَ عَمَّها العَنا *** أَنْ يَكْشِفَ الظَّلْماءَ عَنْهُمْ بِسَنا(6)
فَعِنْدَها أَظْهَرَ نُوراً لامِعاً *** مِنْ نُورِ فَاطِمٍ أزَالَ البُرْقُعا(7)
فَلَقَّبَ البَتُولَ بِالزَّهْرَاءِ *** رَمْزٌ إِلَى ذَيَّالِكَ النِّساءِ(8)
ص: 612
ص: 613
(بحر الرجز)
الأحد الشعراء
أَلْقابُ بِنْتِ المُصْطَفَى كَثِيرَهْ *** نَظَمْتُ مِنْهَا نُبْذَةً يَسِيرَهْ
نَفْسِي فِدَاها وَفِدا أَبِيهَا *** وَبَعْلِها الوَلِيِّ مَعْ بَنِیهَا
سَيِّدَةٌ إلنْسِيَّةٌ حَوْرَاءُ *** نُورِيَّةٌ حَانِيّةٌ عَذْراءُ(1)
كَرِيمَةٌ رَحِيمَةٌ شَهِيدَهْ *** عَفِيفَةٌ قَانِعَةٌ رَشِيدَهْ(2)
شَرِيفةٌ حَبِيبَةٌ مُحْتَرَمَهْ *** صَابِرَةٌ سَلِيمَةٌ مُكَرَّمَهْ
صَفِيَّةٌ عَالِمَةٌ عَلِيمَهْ *** مَعْصُومَةٌ مَغْصُوبَةٌ مَظْلُومَهْ(3)
ص: 614
مَيْمُونَةٌ مَنْصُورَةٌ مُحْتَشِمَهْ *** جَمِيلَةٌ جَلِيلَةٌ مُعَظِّمَهْ(1)
حَامِلَةُ البَلْوَى بِغَيْرِ شَكْوَى *** حَلِيفَةُ العِباده وَالتَّقْوَى
حَبِيبَةُ اللَّهِ وَبِنْتُ الصَّفْوَهْ *** رُكْنُ الهُدَى وَآيَةُ النُّبُوَّهْ
شَفِيعَةُ العُصاةِ أُمُّ الخِيَرَهْ *** تُفَّاحَةُ الجَنَّةِ وَالمُطَهَّرَهْ(2)
ص: 615
سَيِّدَةُ النِّسَاءِ بِنْتُ المُصْطَفَى *** صَفْوةُ رَبِّها وَمَوْطِنُ الهُدَى(1)
قُرَّةُ عَيْنِ المُصْطَفَى وَبَضْعَتُهْ *** مُهْجَةُ قَلْبِهِ كَذَا بَقِيَّتُهْ(2)
حَكِيمَةٌ فَهِيمَةٌ عَقِيلَهْ *** مَخرُونَةٌ مَكْرُوبَةٌ عَلِيلَهْ
عَابِدَةٌ زَاهِدَةٌ قَوَّامَهْ *** بَاكِيَةٌ صَابِرَةٌ صَوَّامَهْ
عَطُوفَةٌ رَؤُوفَةٌ حَنّانَهْ *** الْبَرَّةُ الشَّفِيقَةُ الأَنَّانَهْ
وَالِدَةُ السِّبْطَيْنِ دَوْحَةُ النَّبِي *** نُورٌ سَمَاوِيٌّ وَزَوْجَةُ الوَصِي(3)
بَدْرٌ تَمامٌ غُرَّةٌ غَرَّاءُ *** رُوحُ أَبِيها دُرَّةٌ بَيْضَاءُ
وَاسِطَةُ قِلادَةِ الوُجُودِ *** دُرَّةُ بَحْرِ الشَّرَفِ وَالجُودِ
وَلِيَّةُ اللَّهِ وَسِرُّ اللَّهِ *** أَمِينَةُ الوَحْيِ وَعَيْنُ اللَّهِ
ص: 616
مَكِينَةٌ فِي عَالَمِ السَّمَاءِ *** جَمَالُ الأبا شَرَفُ الأَبْنَاءِ
دُرَّةُ بَحْرِ العِلْمِ وَالكَمالِ *** جَوْهَرَةُ العِزَّةِ وَالجَلاَلِ
قُطْبُ رَحَى المَفَاخِرِ السَّنِيَّهْ *** مَجْمُوعَةُ المَآثِرِ العَلِيَّهْ
مِشْكاةُ نُورِ اللَّهِ وَالزُّجاجَهْ *** كَعْبَةُ الآمالِ لأَهْلِ الحَاجَهْ
لَيْلَةُ قَدْرٍ لَيْلَةٌ مُبَارَكَهْ *** ابْنَةُ مَنْ صَلَّتْ بِهِ المَلائِكَهْ(1)
قَرَارُ قَلْبِ أُمَّها المُعَظَمَهْ *** عَالِيَةُ المَحَلِّ سِرُّ العَظَمَهْ
مَكْسُورَةُ الضِّلْعِ رَضِيضُ الصَّدْرِ *** مَغْصُوبَةُ الحَقِّ خَفِيُّ القَبْرِ(2)
ص: 617
(بحر الرجز)
لأحد الشعراء
مِيلادُ بِنْتِ المُصْطَفَى المُخْتَارِ *** شَقَّ ظَلاَمَ اللَّيْلِ بِالأَنْوَارِ(1)
***
عَلَّقَتِ الأَيَّامُ أَبْرَاد الهَنَا *** إِذْ بَلَغَ الرَّاجُونَ غَايَاتِ المُنَى
لَقَدْ جَلاَ جُلَّ مَيَادِينِ السَّمَا *** وَفَاقَ ضَوْءَ السُّحْبِ وَالأَقْمَارِ
***
وَقَرَّ فِي صَدْرِ الهُدَى أَفْرَاحُهُ *** وَأَوْغَلَ الرُّشْدُ بِهِ إِصْلاَحُهُ(2)
فَكُلُّ عَيْنٍ نَظَرَتْ إِيضَاحَهُ *** يَحْكِي ضِيَاءَ الكَوْكَبِ السَّيّارِ(3)
***
لِمَوْلِدِ الزَّهْرَاءِ جَنَّاتُ العُلَى *** تَزَخْرَفَتْ وَالحُورُ مَا بَيْنَ المَلاَ
ص: 618
تَزَيَّنَتْ وَالكَوْثَرُ العَذْبُ حَلاَ *** مُصَفِّقاً فِي صَفْوِ مَاءٍ جَارِي
***
وَالكَوْنُ طُرّاً عَجَّ فِيهَا فَرَحاً *** وَقَدْ نَفَى الرَّحْمَنُ عَنْهَا التَّرحَا(1)
وَبَابُ جَنَّاتِ النَّعِيمِ انْفَتَحَا *** لِفَضْلِهَا وَسُدَّ بَابُ النَّارِ
***
وَأَعْلَنَتْ بِالْبِشْرِ سُكَّانُ السَّمَا *** وَالمَلأُ الأَعْلَى بَدَا مُبْتَسِما
وَجَاءَتِ الأَمْلاَكُ كُلاً خَدَمَا *** لِفَاطِمٍ أَمْراً مِنَ الجَبَّارِ(2)
***
فَأَحْدَقَتْ حَوْلَ أَبِيهَا المُصْطَفَى *** وَالرُّوحُ فِي الصَّفِّ احْتِرَاماً وَقَفَا(3)
هَنَّتْهُ بِالزَّهْرَاءِ أُمِّ الشُرَفا *** عَلَى البَرَايَا أَمَنَاءُ البَارِي
***
بِالنَّیِّرَيْنِ زَيَّنَتْ سِبْطَي الهُدَى *** هُمَا إِمَامَانِ عَلَى طُولِ المَدَى
لاَ فَرْقَ إِنْ قَامَا هُمَا أَوْقَعَدَا *** أَمْرُهُمَا مَاضٍ عَلَى الأَقْطَارِ
***
صدِّيقَةٌ لَهَا الرَّسُولُ وَالِدُ ** وَبَعْلُهَا حَيْدَرُ ذَاكَ المَاجِدُ
ص: 619
وَالغُرُّ مِنْ أَبْنَائِهَا الفَرَاقِدُ(1) *** أَوْ إِنَّهُمْ كَوَاكِبُ الأَسْحَارِ
***
زَوَّجَهَا فَوْقَ السَّماخَلاّقُهَا *** وَمَنْ بِهِ تَشَرَّفَتْ بُرَاقُهَا(2)
وَكُلُّ نَهْرٍ فِي الدُّنَا صَداقُهَا *** هَذَا الصَّحِيحُ جَاءَ فِي الأَخْبَارِ(3)
***
نَالَتْ بِهَا المَلاَئِكُ المَرَاتِبَا *** وَقَدْ رَأَتْ فِي عُرْسِهَا عَجَائِبَا
فَقَامَ (رَاحِيلُ) عَلَيْهِمْ خَاطِبَا *** وَذَلِكَ سِرٌّ مِنَ الأَسْرَارِ(4)
ص: 620
حوّا وَسَارَةٌ وَهَاجَرٌ مَعَا *** وَأُمُّ مَنْ لِلَّهِ قُدْماً رُفِعَا
كَرَائِمٌ سُدْنَ النِّسَاءَ أَجْمَعَا *** لكِنَّ لِلزَّهْرَاءِ عُدْنَ جَوَارِي(1)
***
طَاهِرَةٌ مَعْصُومَةٌ صِدِّيقَهْ *** سَالِكَةٌ مِنَ الهُدَى طَرِيقَهْ
شَرِيفَةٌ فِي نَسَبٍ عَرِيقَهْ *** وَالِدَةُ الأَطْهَارِ وَالأَبْرَارِ
***
شَفِيعَةُ الشِّيعَةِ فِي يَوْمِ الجَزَا *** وَرَسْمُهَا فِي اللَّوْحِ سِرّاً رُمِزَا(2)
ص: 621
بِاسْمِهَا قَلْبُ الهُدَى تَحَرَّزا *** مِنْ كُلِّ دَاءٍ فِي الزَّمَانِ سَارِي
***
لِذَاتِهَا الجَلِيلُ فَضْلاً مَنَحَا *** وَقَدْ بَنَى السَّمَاءَ وَالأَرْضَ دَحَا(1)
ص: 622
وَالشَّمْسُ مِنْ نُورِ هُدَاهُ وَالضُّحَى *** تَبَلَّجَتْ مِنْ تِلْكُمُ الأَنْوَارِ(1)
ص: 623
ص: 624
1- فهرس الشعراء
2- فهرس التراجم
3- فهرس القصائد و البحور
4- فهرس الموضوعات
ص: 625
ص: 626
الإسم *** المقطوعة
إبراهيم غلوم حسين أحمد *** الأراجیز(18).
ابن الحجاج البغدادي *** ن(1).
الشيخ أبوالحسن الخليعي *** ن(2)، ن(3).
الأستاذ أبوزهراء الكوفي *** ن(4)، ه_(1).
أبوالقاسم الصنوبري *** ي(1).
الأستاذ أبومحمد المنصور باللَّه *** الأراجیز(1)
الأستاذ أحمد بن رشيد منط *** ه_(2).
الشيخ أحمد حسن الدجيلي *** ه_(3).
السيد إسماعيل الحميري *** ي(2).
الأستاذ أنور فرج اللَّه *** ه_(4).
الشيخ جابر الكاظمي *** ه_(5).
الحاج جواد بدقت الحائري *** ن(5)، ه_(6).
الشيخ جواد الحلي *** ن(6).
الشيخ حسن البحراني القيسي *** ن(7)، ن(8)، ن(9)، ن(10)، ن(11).
الشيخ حسن بن حمود الحلي *** ه_(7).
حسن بن علي العشاري *** ي(3).
الأستاذ حسن علي المرعي *** ن(12).
الشيخ حسين الشبيب *** ه_(8).
السيد حسين الغريفي الشاخوري *** ي(4).
الشيخ الدرمكي *** ن(13).
ديك الجن الحمصي *** الأراجیز(2).
ص: 627
الحاج سعود الشملاوي *** ه_(9)، ه_(10).
الأستاذ سعيد العسيلي العاملي *** ن(14)، ن(15).
الشيخ سلطان علي الصابر *** ه_(11)، الأراجیز(3).
الشيخ سلمان البحراني (التاجر) *** ي(5).
الشيخ سلمان البلادي البحراني *** ن(16).
الشيخ سلمان المحسني الفلاحي *** ي(6).
الأستاذ سلمان هادي آل طعمة *** و(1).
سليمان ظاهر *** الأراجیز(4).
الأستاذ شفيق العبادي *** ن(17).
شفيق عبدالقادر *** الأراجیز(5).
السيد صالح الحلي *** ن(18)، الآراجیز(6).
الشيخ صالح الطرفي *** الأراجیز(7).
الشيخ صالح الكواز *** ن(19).
الملك الصالح طلائع بن رزيك *** ن(20).
الأستاذ عادل الكاظمي *** ي(7).
السيد عباس المدرسي *** ه_(12)، ي(8).
الشيخ عبدالحسين الحويزي *** ه_(13).
الشيخ عبدالحسين شكر *** ه_(14)، و(2).
الشيخ عبدالستار الكاظمي *** ن(21).
الأستاذ عبد العزيز العندليب *** ه_(15)، ه_(16).
الشيخ عبد العظيم الربيعي *** ن(22)، ن(23).
الشيخ عبد علي الماحوزي *** الأراجیز(8).
الشيخ عبد الله بن معتوق *** الأراجیز(9).
الشيخ عبد الله الوائل الإحسائي *** ه_(17)، الأراجیز(10).
الشيخ عبدالمجيد أبوالمكارم *** الأراجیز(11)، الأراجیز(12).
الأستاذ عبد المسيح الأنطاكي *** ي(9)، ي(10).
السيد عدنان الغريفي البحراني *** ن(24).
الأستاذة عزيزة صندوق *** ه_(18).
عصام عباس *** ن(25)، ن(26)، ن(27).
ص: 628
الخطيب ملاعطية الجمري *** الأراجیز(13).
الشيخ ملا علي آل رمضان *** ن(28)، ن(29)، ن(30)، ن(31).
الشيخ علي أبوالمكارم *** ي(11).
علي بن علي بن نما الحلي *** ن(32).
الشيخ علي بن حسن الجشي *** ه_(19)، الأراجیز(14)، الأراجیز(15).
الشيخ علي بن مقرب العيوني *** الأراجیز(16).
السيد علي خان المشعشعي الحويزي *** ي(12).
الأستاذ علي عبداللطيف البغدادي *** ه_(20).
الأستاذ علي محمد الحائري *** و(30).
الشيخ علي منصور المرهون *** ي(13).
السيد عمران المير *** ن(33).
السيد غياث آل طعمة *** و(4).
السيد فاخر آل فاخر الموسوي *** الأراجیز(17).
الشيخ فاضل الصفار *** ي(14).
الأستاذ فرات الأسدي *** ن(34).
الشيخ فرج العمران القطيفي *** ه_(21).
الشيخ قاسم محيي الدين *** ه_(22).
االشيخ كاظم آل نوح *** الأراجیز(19).
الشيخ كاظم الأزري *** ه_(23).
الشيخ كاظم بن المطر الإحسائي *** ن(35)، ن(36).
المهندسة كوثر شاهين *** ي(15).
لأحد الشعراء *** ه_(35)، الأراجیز(42)، الأراجیز(43)، الأراجیز(44).
لأحد أشراف مكة المكرمة *** ه_(36).
الشيخ محسن أبوالحب الكبير *** ي(16).
ملا محسن الحاج سلمان البحراني *** الأراجیز(20).
الدكتور محمد إقبال *** ه_(24)، ي(17)، الأراجیز(21).
ص: 629
الشيخ محمد بن أحمد آل عصفور *** ي(18).
الشيخ محمد بن حسن الحر العاملي *** الأراجیز(22).
الشيخ محمد بن علي آل نتيف *** ه_(25).
الشيخ محمد جمعة *** ي(19).
الشيخ محمد جواد الخراساني *** ه_(26).
السيد محمد جواد فضل اللَّه *** ن(37).
الشيخ محمد حسن الجواهر *** ن(38).
الشيخ محمد حسن سميسم *** الأراجیز(23).
الشيخ محمد حسين الأصفهاني *** الأراجیز(24).
السيد محمد حسين الكيشوان *** الأراجیز(25).
السيد محمد رضا القزويني *** ن(39)، ن(40).
الشيخ محمد سعيد الجشي *** ه_(27).
الشيخ محمد سعيد المنصوري *** ن(41)، الأراجیز(26).
السيد محمد صالح البحراني *** ن(42).
الأستاذ محمد طاهر حسین جلواح *** ي(20).
محمد علي بن محسن الموسوي الغريفي *** الأراجیز(31).
السيد محمد على العلى *** ن(43).
الشيخ محمد علي قسام *** الأراجیز(27)، الأراجیز(28).
الشيخ محمد علي اليعقوبي *** الأراجیز(29)، الأراجیز(30).
السيد محمد القزويني *** الأراجیز(32).
الأستاذ محمود سبتي *** ن(44).
الأستاذ محمود مهدي *** ن(45)، ه_(29).
السيد مرتضى القزويني *** ه_(28).
السيد مرتضى النجفي البهبهاني *** ن(46).
السيدة معاذة أم سعد بن معاذ *** الأراجیز(33).
المفجع البصري *** ي(21).
منذر الساعدي *** ه_(30).
السيد مهدي الأعرجي *** الأراجیز(34)، الأراجیز(35).
الشيخ مهدي الحجار *** الأراجیز(36).
ص: 630
الشيخ مهدي حسن المصلي *** ي(22).
السيد ميرزا مهدي الشيرازي *** ه_(31).
الحاج مهدي الفلوجي *** ه_(32).
السيد نصر الله الحائري *** الأراجیز(37).
القاضي النعمان *** الأراجیز(38).
الشيخ هادي آل كاشف الغطاء *** الأراجیز(39).
السيد هاشم محسن الموسوي *** الأراجیز(41).
الأستاذ هيثم سعود الكربلائي *** ه_(34).
ص: 631
الإسم *** الصفحة
إبراهيم علوم حسين أحمد *** 504
ابن الحجاج البغدادي *** 11
الشيخ أحمد حسن الدجيلي *** 159
الشيخ جابر الكاظمي *** 166
الحاج جواد بدقت الحائري *** 23
الشيخ جواد الحلي *** 27
الشيخ سلمان المحسني الفلاحي *** 368
السيد عباس المدرسي *** 199
الأستاذ عبد المسيح الأنطاكي *** 378
السيد عدنان الغريفي البحراني *** 24
الخطيب ملا عطية الجمري *** 484
علي بن علي بن نما الحلي *** 104
السيد علي خان المشعشعي الحويزي *** 397
الأستاذ علي عبد اللطيف البغدادي *** 270
الأستاذ فرات الأسدي *** 109
الشيخ كاظم الأزري *** 278
الدكتور محمد إقبال *** 284
الشيخ محمد بن حسن الحر العاملي *** 518
الشيخ محمد حسن الجواهر *** 124
الشيخ محمد حسين الأصفهاني *** 532
السيد محمد حسين الكيشوان *** 543
ص: 632
الشيخ محمد سعيد الجشي *** 294
الشيخ محمد علي قسام *** 551
السيد محمد القزويني *** 570
الشيخ مهدي حسن المصلي *** 432
السيد مهدي الفلوجي *** 308
السيد نصر الله الحائري *** 588
الشيخ هادي آل كاشف الغطاء *** 597
الشيخ هادي اليعقوبي *** 603
السيد هاشم الشخص *** 313
السيد هاشم محسن الموسوي *** 605
ص: 633
-النون-
لا أكذب اللَّه إن الصدق ينجيني *** يد الأمير بحمداللَّه تحييني *** 11
(المقطوعة 1/بحر البسيط)
يا عين لالخلوّ الربع و الدمن *** باكي الرزايا سوى الباكي على السكن *** 14
(المقطوعة 2/بحر البسيط)
لم أبك من وقفة على الدمن *** و لالخل نأى و لاسكن *** 17
(المقطوعة 3/بحر المنسرح)
قد قضت باهتضام *** بنت خیر الأنام *** 19
(المقطوعة 4/بحر الرمل)
فوق الحمولة لؤلؤ مكنون *** زعم العواذل أنهن ظعون *** 23
(المقطوعة 5/بحر الكامل)
من شامخات المجد دك رعانها *** خطب أطاش من الورى أذهانها *** 27
(المقطوعة 6/بحر الكامل)
مالي وللبين أشجاني وآلمني *** كأنه بترات كان يطلبني *** 29
(المقطوعة 7/بحر البسيط)
لاينقضي أبداً وجدي و أحزاني *** أبكي و قد سال من عيني عينان *** 35
(المقطوعة 8/ بحر البسيط)
مالي أرى لوّامتي تلحوني *** و بلومها و عتابها تؤذيني *** 38
(المقطوعة 9/بحر الكامل)
أرزاء بنت محمد تشجیني *** و لما عراها تستهل جفنوني *** 40
(المقطوعة 10/بحر الكامل)
هیهات تهدأ زفرتي و حنيني *** مما عرا و يجف دمع عيوني *** 42
(المقطوعة 11/ بحر الكامل)
ص: 634
من أنيس الحور قدست اثنتين *** مريم العذرا، و أمّ الحسنين*** 44
(المقطوعة 12/بحر الرمل)
نحول جسمي لاينفك عني *** و قد صار البكا شغلي و فني *** 46
(المقطوعة 13/بحر الوافر)
بحران بالإيمان يلتقيان *** عجباً و هل يتعانق البحران *** 49
(المقطوعة 14/بحر الكامل)
هذا علي في السقاية دائب *** يسقي النخيل بداخل البستان *** 52
(المقطوعة 15/ بحر الكامل)
إلى كم ولوع القلب بالغادة الحسنا *** و ذكرى ليالي وصل بثنة أو لبني *** 55
(المقطوعة 16/بحر الطويل)
علّمينا فقد سئمنا الهوانا *** كيف يرقى إلى علاك مدانا *** 58
(المقطوعة 17/ بحر الخفيف)
لو أن دمعي يطفي نار أشجاني *** أذلت دمعي من قلبي و أجفاني *** 61
(المقطوعة 18/بحر البسيط)
هل بعد موقفنا على يبرين *** أحبي بطرف بالدموع ضنين *** 63
(المقطوعة 19/بحر الكامل)
لولا قوامك يا قضيب البان *** لم يحسن القضبان في الكثبان *** 67
(المقطوعة 20/بحر الكامل)
أحرقوا الدار على فاطمة و الحسنين *** و رسول اللَّه أوصاهم بحفظ الثقلين *** 71
(المقطوعة 21/بحر الرمل)
فضلك السامي علواً يا علي *** لايدانيه من الخلق مدان *** 74
(المقطوعة 22/بحر الرمل)
أحرف الحسن بخط حسن *** كتبت في وجه من تيمني *** 79
(المقطوعة 23/بحر الرمل)
دع عنك حزوى و ذكرى شعب سعدان *** و استوقف العيس في أكناف كوفان *** 83
(المقطوعة 24/بحر البسيط)
إلى الزهراء قد رفع البيان *** فكان الرد أن كفل الأمان *** 89
(المقطوعة 25/ بحر الوافر)
إلیک یا أم الحسن *** کتبت شوقاً و شجن *** 91
(المقطوعة 26/مجزوء الكامل)
ص: 635
مسکت بريشتي و شدا حنيني *** لبنت المصطفى الهادي الأمين *** 92
(المقطوعة 27/ بحر الوافر)
أتقر بعد الطف منك عيون *** و بها ضيا فجر الهدى مدفون *** 94
(المقطوعة 28/بحر الكامل)
أرض المدينة أظلمت أوطانها *** و تنكرت لما قضى سلطانها *** 97
(المقطوعة 29/بحر الكامل)
يا حي دار كثيرة الأحزان *** بنت النبي المصطفى العدنان *** 99
(المقطوعة 30/بحر الكامل)
من جذ عرنين الهدى و الدين *** من آل طه علة التكوين *** 102
(المقطوعة 31/بحر الكامل)
يا غزالاً غازلت فيه غرامي *** فأبى أن يدين لي أويليني *** 104
(المقطوعة 32/بحر الخفيف)
ذكراك يا بنت الأمين *** تحيا على مر السنين *** 107
(المقطوعة 33/بحر الكامل)
قمر یشع بهاء حزين *** ملأ الليل وجهه المفتون *** 109
(المقطوعة 34/بحر الخفيف)
لوکنت تدري ما شجوني *** ما لمت ذا الطرف الهتون *** 112
(المقطوعة 35/بحر الكامل)
بعداً لقوم بعد فقد المرشد *** ضلّوا فما فيهم ترى من مرشد *** 116
(المقطوعة 36/بحر الكامل)
يابنة الطهر و ما أروعها *** ذكر منك تزين المهرجانا *** 120
(المقطوعة37/ بحر الرمل)
أبا صالح كلّت الألسن *** و قد شخصت نحوك الأعين *** 124
(المقطوعة38/ بحر المتقارب)
إصغ يا دهر وانصتي يا سنين *** برهة إنما الحديث شجون *** 127
(المقطوعة 39/بحرالخفيف)
ظمآن أصبو إلى الذكرى فترويني *** و اليوم أسقي بها من كان يسقيني *** 129
(المقطوعة40/ بحر البسيط)
بنت النبي غدت حزينة *** لفراق سلطان المدينة *** 132
(المقطوعة 41/مجزوء الكامل)
ص: 636
عقود السَّعد قد نشرت جمانا *** و أرض الكون قد زهرت جنانا *** 134
(المقطوعة 42/بحر الوافر)
فجري الفكر و غذّي بيانا *** و أحيلي العيد فينا مهرجانا *** 139
(المقطوعة 43/بحر الرمل)
كم في سويدا قلبها من غلة *** عبرى و قلب مكمد محزون *** 143
(المقطوعة 44/بحر الكامل)
على البقيع ظلال من مآسينا *** تبكي الطلول لشجواها و تبكينا *** 145
(المقطوعة 45/بحر البسيط)
أصحاب أضغان و حقد أسود *** و محمد ملقى بلاتکفین *** 148
(المقطوعة 46/بحر الكامل)
-الهاء-
فاطم قد قضت بنت طه *** فالعز العلي وراها *** 153
(المقطوعة 1/ بحر المتدارك)
يا بضعة من زعيم الرسل حياها *** ربّ السماء وحتى الغر أبناها *** 155
(المقطوعة 2/بحر البسيط)
الشمس ما سطعت وضاء سناها *** إلا وأنت مدارها و رحاها *** 159
(المقطوعة 3/بحر الكامل)
قد أظلت على الدّني بسناها *** وجهها الصبح و الضياء رداها *** 163
(المقطوعة 4/بحر الخفيف)
بايعوا كل ذي ضلال سفيه *** و تخطوا من الرشاد لتيه *** 166
(المقطوعة 5/بحر الخفيف)
أهي الشمس في سماء علاها *** أخذت كل وجهة بسناها *** 178
(المقطوعة 6/بحر الخفيف)
لارعى اللَّه قيلة و عراها *** سخط موسى و حلّ منها عراها *** 183
(المقطوعة 7/بحر الخفيف)
يا لخطب في الدين هدّ قواه *** يوم غاب النبي في مثواه *** 186
(المقطوعة 8/بحر الخفيف)
شرعة الحق حیدر قد بناها *** و عليه يدور قطب رحاها *** 190
(المقطوعة 9/ بحر الخفيف)
ص: 637
حسرتي للبتول بضعة طه *** إذ دهاها بعد النبي مادهاها *** 194
(المقطوعة 10/بحر الخفيف)
إلیکم یا بني طه *** تحیات بأزکاها *** 197
(المقطوعة 11/بحر الهزج)
للإله العظيم حمدي تناهی *** و له الشكر دون أن يتناهى *** 199
(المقطوعة 12/ بحر الخفيف)
لمن العيس في البطاح براها *** مثل بري القداح جذب براها *** 240
(المقطوعة 13/بحر الخفيف)
ویح قوم رضوا عن الدين بالدنيا *** فما للقلوب ما أعماها *** 246
(المقطوعة 14/بحر الخفيف)
شنف مسامعنا في يوم ذكراها *** باسم البتول و حدّث عن سجاياها *** 249
(المقطوعة 15/بحر البسيط)
يا بضعة المصطفى طه *** یا من بها الفكر قد تاها *** 251
(المقطوعة 16/بحر المجتث)
هذه رامة وهذه رباها *** فاحبسا الركب ساعة في حماها *** 253
(المقطوعة 17/بحر الخفيف)
نور أضاء الكون لايتناهى *** باهت بطلعته السماء و طه *** 263
(المقطوعة 18/ بحر الكامل)
كل نفس لم تتبع أهواها *** أدركت في المعاد أقصى مناها *** 267
(المقطوعة 19/بحر الخفيف)
من أي باب يراع المدح يدخلها *** من ألف باب بإحداها تکاملها *** 270
(المقطوعة 20/ بحر البسيط)
هي شمس ردا الكمال تردت *** و يبحر النور الإلهي مدت *** 272
(المقطوعة 21/بحر الخفيف)
كيف تنسى مصاب بضعة طه *** إذ دهاها من الأسى مادهاها *** 274
(المقطوعة 22/ بحر الخفيف)
لمن الشمس في قباب قباها *** شف جسم الدجی بروح ضياها *** 278
(المقطوعة 23/بحر الخفيف)
المجد يشرق من ثلاث مطالع *** في مهد فاطمة فما أعلاها *** 284
(المقطوعة 24/بحر الكامل)
ص: 638
یابن طه حتى متى يا بن طه *** برعاياك يستقيم أذاها *** 288
(المقطوعة25/ بحر الخفيف)
طلعت نجمة فلاح ضياها *** في الثرى وانتهى الثريا بهاها *** 291
(المقطوعة 26/بحر الخفيف)
صلى الإله على البتول وآلها *** من تخضع الأملاك عند جلالها *** 294
(المقطوعة 27/بحر الكامل)
قم واسقنا من كؤوس المراح أحلاها *** و رونا برحيق من حميّاها *** 296
(المقطوعة 28/بحر البسيط)
تجلت شمس هدي في ضحاها *** و أشرقت المعالم من سناها *** 299
(المقطوعة 29/بحر الوافر)
یایوم فاطمة ويا بلواها *** فتّت فؤاداً هاج في ذكراها *** 301
(المقطوعة 30/بحر الكامل)
درّة أشرقت بأبهى سناها *** فتلالا الورى فيا بشراها *** 303
(المقطوعة 31/بحر الخفيف)
هي دنيا وللفنا منتهاها *** لعب جدّها وواه قواها *** 308
(المقطوعة 32/بحر الخفيف)
عجيبة هذه الدنيا وبلواها *** كم حلّ في آل طه من رزاياها *** 313
(المقطوعة 33/بحر البسيط)
يا ربي عجَّل بوفاتي *** و لمن أشكو یا رباه *** 317
(المقطوعة 34/ بحر الرمل)
أشرقت شمس أحمد بضياها *** فأضاءت بنورها ماسواها *** 322
(المقطوعة 35/بحر الخفيف)
ما لعيني قد غاب عنها كراها *** و عراها من عبرة ما عراها *** 328
(المقطوعة 36/بحر الخفيف)
-الواو-
حسبي جوى إن ضاقت السلوى *** علي أنال الغاية القصوى *** 337
(المقطوعة 1/ بحر الكامل)
أمن ذكر وادي النقا فاللَّوى *** بدا في المحاجر ما في الجوى *** 339
(المقطوعة 2/بحر المتقارب)
ص: 639
بكيت بمأتم الزهراء شجوا *** مصاباً هز ثهلاناً و رضوى *** 341
(المقطوعة 3/بحر الوافر)
إلام بنار البعد يا سيدي نكوى *** و هل يستلذ العيش من دون من نهوى *** 344
(المقطوعة 4/بحر الطويل)
-الياء-
ما في المنازل حاجة نقضيها *** إلا السلام و أدمع نذريها *** 351
(المقطوعة 1/بحر الكامل)
و حدّثنا عن حارث الأعور الذي *** نصدقه في القول منه و ما يروي *** 354
(المقطوعة 2/بحر الطويل)
لهفي على قمر و سيف مغمد *** أن لا يشم مدى الزمان غواليا *** 357
(المقطوعة 3/بحر الكامل)
سل جيرة الدار عن ترحال أهليها *** هل أزمع العود بالأظعان حاديها *** 359
(المقطوعة 4/بحر البسيط)
أي رزء شجا الرسول النبيَّا *** و البتول العذرا و أبكي الزكيا *** 364
(المقطوعة 5/ بحر الخفيف)
الله ما فعلت أميه *** ببني المطهرة الزكيّه *** 368
(المقطوعة 6 /مجزوء الكامل)
وقولة ل_(علي) قالها (عمر) *** ما نحن فيه بقايا من مآسيها *** 371
(المقطوعة 7/بحر البسيط)
كفاني أسّى لاتوقظن جراحيا *** ودع وجد قلبي في مطاويه تاویا *** 373
(المقطوعة8/بحر الطويل)
عرّج على طيبة و انزل مغانيها *** وسائل الناس شاكيها و باليها *** 378
(المقطوعة 9/ بحر البسيط)
شبت بحجر رسول اللَّه فاطمة *** كما تحب المعالي أن تلاقيها *** 382
(المقطوعة 10/بحر البسيط)
أتى بها اللَّه إظهاراً لقدرته *** من جنة الخلد لاأنثى تباريها *** 390
(المقطوعة 11/بحر البسيط)
يا إلهي بفاطم بأبيها *** بعلي و بالهداة بنيها *** 397
(المقطوعة 12/بحر الخفيف)
ص: 640
عرّج على قبر النبي محمد *** و الثم تراباً خالط العطر الندي *** 401
(المقطوعة 13/ بحر الكامل)
آه لبنت المصطفى الزاكية *** كم لوعة أمست بها باکیه *** 403
(المقطوعة 14/ بحر السريع)
دعوني أبتدي حرفي صلاة *** على المختارطه و الوصي *** 406
(المقطوعة 15/بحر الوافر)
لاتعبسي وجهاً عليّه *** ما راع منك القلب ريه *** 409
(المقطوعة 16/ بحر الكامل)
في كربلا فاطم قرحى أماقيها *** تنعي حماة حماة ذبحوا فيها *** 413
(المقطوعة 17/بحر البسيط)
أين الشفيق على الزهرا يواسيها *** في نوحها ونعاها في غواليها *** 415
(المقطوعة 18/ بحر البسيط)
يا راكباً هيماء مرقالاً *** جسوراً شدقميّه *** 420
(المقطوعة 19/بحر الكامل)
يا مزون النسمات الفاطمية *** رطبي تلك القلوب الحجريه *** 423
(المقطوعة 20/ بحر الرمل)
أيها اللائمي لحبي عليَّا *** قم ذميماً إلى الجحيم خزيا *** 426
(المقطوعة 21/بحر الخفيف)
إني احتمیت بحب جلّ باریه *** ما خاب من فاطم الزهراء تحميه *** 432
(المقطوعة 22/ بحر البسيط)
-الأراجيز-
الحمد للمهيمن الجبار *** مكوّر الليل على النهار *** 437
(المقطوعة 1/ بحر الرجز)
إن الرسول لم يزل يقول *** و الخير ما قال به الرسول *** 441
(المقطوعة 2/بحر الرجز)
حديثناعن جابر الأنصاري *** فاصغ له في الخمسة الأطهار *** 444
(المقطوعة 3/ بحر الرجز)
هل كان في النساء مثل فاطم *** في غابر وحاضر و قادم *** 450
(المقطوعة 4 / بحر الرجز)
ص: 641
بسم الإله الراحم الرحيم *** خالق هذا العالم العظيم *** 452
(المقطوعة 5/ بحر الرجز)
ليت يرى الذي جرى الهادي النبي المؤتمن *** من بعد ما غاب على أم الحسين و الحسن *** 457
(المقطوعة6/ بحر الزجر)
لبضعة المختار أم الحجج *** مناقب و ضّاءة كالسرج *** 459
(المقطوعة 7/ بحر الرجز)
أفتتح الكلام باسم الخالق *** مصلّياً على النبي الصادق *** 460
(المقطوعة 8 /بحر الرجز)
ما العذر للأمة فيما سلكت *** عن ليلة القدر التي قد هتكت *** 466
(المقطوعة 9/بحر الرجز)
تباً لدنيا غادرت أهل العبا *** بصروفها فتشتتوا أيدي سبا *** 468
(المقطوعة 10/بحر الرجز)
الحمد للّه ذي الجلال *** وخالق الخلق بلا تمثال *** 472
(المقطوعة 11/بحر الرجز)
آه من المسمار كيفما فعل *** فعلته للحشر لما تضمحل *** 481
(المقطوعة 12/بحر الرجز)
ولّهني تجارب الأرزاء *** بالمصطفى والآل والزهراء *** 484
(المقطوعة 13/بحر الرجز)
روي لنا عن معدن الأسرار *** بضعة طه مظهر الأنوار *** 488
(المقطوعة 14/بحر الرجز)
حبيبة الحبيب بنت المصطفى *** كفؤ عليّ وكفاها شرفا *** 493
(المقطوعة 15/بحر الرجز)
يا واقفاً بدمنة ومربع *** إبك على آل النبي أودع *** 495
(المقطوعة 16/بحر الرجز)
بسم الذي قد برأ الخلائق *** وللهدى قد أظهر الحقائق *** 497
(المقطوعة 17/بحر الرجز)
ابدأ باسم الواحد الكريم *** إلهنا المنعم والرحيم *** 504
(المقطوعة 18/بحر الرجز)
أيّ رشاً أهاجنا بغامه *** أراعه القانص أو أوامه *** 508
(المقطوعة 19/بحر الرجز)
ص: 642
الحمد لله الذي هدانا **** بالمصطفى و المرتضی مولانا *** 510
(المقطوعة 20/بحر الرجز)
نغمات المرء عزف المرأة *** هو من محنتها في عزّة *** 515
(المقطوعة 21/ بحر الرجز)
و ولدت فاطمة الزهراء *** البضعة الزكية الحوراء *** 518
(المقطوعة 22 /بحر الرجز)
يا أيها الرسول بلّغ بعلي *** ما فيه أنزلت من النص الجلي *** 528
(المقطوعة 23/بحر الرجز)
جوهرة القدس من الكنز الخفي *** بدت فأبدت عاليات الأحرف *** 532
(المقطوعة 24 /بحر الرجز)
مالك لاالعين تصوب أدمعا *** منك و لاالقلب يذوب جزعا *** 543
(المقطوعة 25/ بحر الرجز)
يا طالباً من بضعة المختار *** أن تبكي بالليل و النهار *** 549
(المقطوعة 26/بحر الرجز)
من مبلغ عني النبي الهادي *** سلام عبد خالص الوداد *** 551
(المقطوعة 27/بحر الرجز)
لولاکم یا آل بيت المصطفى *** ما كان من لوح و لامن قلم *** 556
(المقطوعة28/ بحر الرجز)
إلام في كل صباح و مسا *** نعلل النفس بعلّ و عسى *** 559
(المقطوعة 29/بحر الرجز)
أي المعالي لم ينل غاياتها *** أم أيّ فخر لذراه ما ارتقى *** 561
(المقطوعة 30/بحر الرجز)
هاك حديثاً جاء عن خير النسا *** خامسة الأقطاب أصحاب الكسا *** 563
(المقطوعة 31/بحر الرجز)
روت لنا فاطمة خير النسا *** حديث أهل الفضل أصحاب الكسا *** 570
(المقطوعة 32/ بحر الرجز)
أقول قولاً فيه مافيه *** و أذكر الخير و أبديه *** 575
(المقطوعة 33/بحر الرجز)
ما بال عينيك دماً تنسكب *** و نار أحشاك أسًى تلتهب *** 577
(المقطوعة 34/بحر الرجز)
ص: 643
يا أيها الرّبع الذي قد درسا *** باكرك الغيث صباحاً و مسا *** 582
(المقطوعة 35/ بحر الرجز)
صلّوا على الخمسة أصحاب العبا *** أفضل خلق الله أمّاً و أبا *** 585
(المقطوعة 36/ بحر الرجز)
من غير جرم الحسين يقتل *** و بالدماء جسمه يغسّل *** 588
(المقطوعة 37/ بحر الرجز)
فبایعاه جهرة و قالا *** بل أنت خير من نراه حالا *** 593
(المقطوعة 38/بحر الرجز)
فاطمة خير نساء الأمة *** من كل ذنب عصمت و وصمه *** 597
(المقطوعة 39/بحر الرجز)
لفاطم الزهراء خير مولد *** سرّ به قلب النبي أحمد *** 603
(المقطوعة 40/بحر الرجز)
قال ابن محسن اللعيبي هاشم *** من قد نماه المرتضى و فاطم *** 605
(المقطوعة 41/بحر الرجز)
أنوارهم ساطعة من قبل أن *** يكتب في اللوح وجود و زمن *** 610
(المقطوعة 42/ بحر الرجز)
ألقاب بنت المصطفى كثيرة *** نظمت منها نبذة يسيره *** 614
(المقطوعة 43/بحر الرجز)
ميلاد بنت المصطفى المختار *** شقّ ظلام الليل بالأنوار *** 618
(المقطوعة 44/ بحر الرجز)
ص: 644
سورة الفاتحة *** 5
تقریظ *** 7
قافیة النون
(1) أهل الجنان *** 11
(2) البتول الطهر واقفة *** 14
(3) أنا ابنةُ المصطفى صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 17
(4) بنتُ خير الأنام *** 19
(5) جنين فاطمة علیها السلام *** 23
(6) شامخات المجد *** 27
(7) أمُّ الأتقياء علیها السلام *** 29
(8) أشجى البتولة *** 35
(9) أُمُّ الهداة علیها السلام *** 38
(10) وجد البتول *** 40
(11) يا بضعة الهادي علیها السلام *** 42
(12) أم الحسنين علیها السلام *** 44
ص: 645
(13) يطيب لي البكا *** 46
(14) نفحةٌ من فاطمٍ علیها السلام *** 49
(15) خمسمائة درهم *** 52
(16) مخدومة الأملاك *** 55
(17) صدى الحق *** 58
(18) بيتُ أحزان *** 61
(19) الواثبين لظلم آل محمد صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 63
(20) الطهر فاطمة علیها السلام *** 67
(21) الزهراء علیها السلام في الدار *** 71
(22) فاطمة علیها السلام و الحسنان علیهما السلام *** 74
(23) يُخجلُ الغيث *** 79
(24) خير نسوان علیها السلام *** 83
(25) دعاء الأبرار *** 89
(26) رسالة إلى الزهراء علیها السلام *** 91
(27) ريشتي و الزهراء علیها السلام *** 92
(28) بين الجدار *** 94
(29) أرّقت أهل المدينة *** 97
(30) دار بها الزهراء علیها السلام *** 99
(31) درّةٌ قدسية *** 102
(32) غصب الزهراء علیها السلام *** 104
ص: 646
(33) خط البتولة علیها السلام واضحٌ *** 107
(34) هُداها القرآن *** 109
(35) الحرمة الكبرى *** 112
(36) بعد فقد المرشد *** 116
(37) يابنة الطهر صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 120
(38) فداها علیها السلام النفوس *** 124
(39) الزهراء علیها السلام سِرُّ سيبقى *** 127
(40) الشفاعة بالزهراء علیها السلام *** 129
(41) من ظلم البتول علیها السلام *** 132
(42) قائدها النبي صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 134
(43) مهرجان العيد *** 139
(44) لم أنس *** 143
(45) نجيبة المصطفى صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 145
(46) سَلِيلَةُ أَحْمَدٍ صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 148
قافية الهاء
(1) نادت أباها صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 153
(2) صلى الإله عليها *** 155
(3) هذه هي الزهراء علیها السلام *** 159
(4) وستبقى الزهراء علیها السلام *** 163
(5) بنت خير الورى *** 166
ص: 647
(6) في سماء عُلاها *** 178
(7) حاربوا فاطماً علیها السلام *** 183
(8) يوم غاب النبي صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 186
(9) بضعة الرسول صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 190
(10) حسرتى للبتول علیها السلام *** 194
(11) إِلَيْكُمْ يا بَني طه *** 197
(12) منظومة خطبة الزهراء علیها السلام *** 199
النبي صلي اللَّه علیه و آله و سلم الأكرم و فلسفة الرسالة *** 202
مسؤولية الناس تجاه الرسالة الإسلامية *** 204
فلسفة الشريعة الإسلامية *** 206
اعلموا أني فاطمة علیها السلام! *** 208
هكذا أنقذ اللَّه العرب من الجاهلية *** 209
دور الإمام عليّ علیه السلام في بناء الإسلام *** 212
الردّة و بدء المؤامرة ضد أهل البيت علیهم السلام *** 213
المزاعم الباطلة للمتآمرين *** 214
التآمر... عودة إلى الجاهلية *** 216
القرآن الكريم يفنّد مزاعم المتآمرين في غصب فدك *** 217
الإنذار *** 220
استنهاض الأنصار للدفاع عن الحق *** 220
حبّ الراحة سبب خذلان الحقّ! *** 225
ص: 648
المستقبل الخطير للمتخاذلين *** 226
جواب أبي بكر *** 227
الحديث -الفرية *** 229
الدفاع الهزيل *** 229
الحديث فرية و الرسول صلي اللَّه علیه و آله و سلم لايخالف القرآن *** 231
جواب أبي بكر و الاعتراف بالخطأ *** 233
عناد المتواطئين على الباطل *** 234
و عادت فاطمة علیها السلام إلى دار عليّ علیه السلام! *** 235
استنهاض الإمام الممتحن *** 235
الكلمة الأخيرة لفاطمة علیها السلام! *** 239
(13) صديقة الخليقة *** 240
(14) يا كفيل الأيتام *** 246
(15) فريدة في معاليها *** 249
(16) يا كوثر الفضل *** 251
(17) لست أنسى البتول *** 253
(18) فضائل الزهراء علیها السلام *** 263
(19) بنت خير نبي صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 267
(20) من أيّ بابٍ *** 270
(21) هذه معدن العطاء *** 272
(22) حرّ الفؤاد *** 274
ص: 649
(23) بضعة المصطفى صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 278
(24) هي أسوة للأمهات *** 284
(25) ربيبة خدرٍ *** 288
(26) سميت فاطِماً علیها السلام *** 291
(27) ما أعظم الزهراء علیها السلام *** 294
(28) هي البتول علیها السلام *** 296
(29) القدسية السامي عُلاها *** 300
(30) يا يوم فاطمة علیها السلام *** 301
(31) حرةٌ سادت البرايا *** 303
(32) نحلة البتول *** 308
(33) كم عانت الزهراء علیها السلام *** 313
(34) عمر الزهور *** 317
(35) شمس أم القرى *** 322
(36) وأتت فاطمُ علیها السلام *** 328
قافیة الواو
(1) هي رحمة *** 337
(2) بني الوحي *** 339
(3) مأتم الزهراءِ علیها السلام *** 341
(4) فداها أبوها *** 344
ص: 650
قافیة الیاء
(1) صلّوا على بنت النبي صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 351
(2) هدية ربي *** 534
(3) صبّت علي مصائبٌ *** 357
(4) قوموا إلى فاطم علیها السلام *** 359
(5) كاشف الكرب *** 364
(6) لا تنس بضعة أحمد صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 368
(7) فاطمة علیها السلام في الدار *** 371
(8) كفاني أسًى *** 373
(9) بنت المصطفى صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 378
(10) محبوبة النبي صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 382
(11) جوهرة الكون *** 390
(12) يا إلهي بفاطمٍ علیها السلام *** 397
(13) عرّج على قبر النبي صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 401
(14) صائنة المجد *** 403
(15) هي الحوراء علیها السلام *** 406
(16) اللَّه يحكم *** 409
(17) في كربلا فاطم علیها السلام *** 413
(18) أم الحسين علیه السلام *** 415
(19) یا باب فاطمة علیها السلام البتول *** 420
ص: 651
(20) النَّسماتِ الفاطمية علیها السلام *** 423
(21) خيرة اللَّه *** 426
(22) زهراءٌ علیها السلام أُمُّ أبيها *** 432
الأراجیز
(1) حورية إنسية *** 437
(2) زَيْنُ الْجِنَانِ *** 441
(3) خامس الأطهار علیها السلام *** 444
(4) جوهرة الرحمن *** 450
(5) طَريقُ الكَمَال *** 452
(6) بضعة النبي صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 457
(7) أم أبيها علیها السلام *** 459
(8) أفضل النساء *** 460
(9) ليلةِ القدرِ *** 466
(10) آل النبي صلي اللَّه علیه و آله و سلم الأكرمين *** 468
(11) طاهرة مطهّرة *** 472
(12) بضعة الأمين *** 481
(13) بنت الرسول صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 484
(14) مَظْهَرُ الأنوار *** 488
(15) حبيبة الحبيب *** 493
(16) آل النبيّ صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 495
ص: 652
(17) هدية الولاء في نظم حديث الكساء *** 497
(18) أرجوزة الكساء *** 504
(19) روضة النبي صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 508
(20) يستأذن الأمين جبرئيلُ *** 510
(21) روضة الصدق *** 515
(22) أم الأئمة علیها السلام *** 518
(23) بضعة الهدى *** 528
(24) جَوْهَرَةُ الْقُدْسِ *** 532
(25) حق البتول علیها السلام *** 543
(26) بضعة المختار *** 549
(27) حديث الباب *** 551
(28) مصائب الزهراء علیها السلام *** 556
(29) تراث فاطم علیها السلام *** 559
(30) عليّ علیه السلام كفؤ فاطمة علیها السلام *** 561
(31) خير النساء *** 563
(32) فاطمة علیها السلام خيرُ النساء *** 570
(33) بنت نبيّ صلي اللَّه علیه و آله و سلم الهدى *** 575
(34) ما بال عينيك *** 577
(35) خامسة الأطهار علیها السلام *** 582
(36) الكساء اليماني *** 585
ص: 653
(37) ساعد الزهراء علیها السلام *** 588
(38) باب البتول فاطمة علیها السلام *** 593
(39) خَيْرُ نِسَاءِ الْأُمَّةِ *** 597
(40) أزهرت مكة *** 603
(41) تحت الكساء *** 605
(42) نور فاطم علیها السلام *** 610
(43) تفاحة الجنة *** 614
(44) طاهرةٌ معصومةٌ صديقة *** 618
الفهارس العامة
1- فهرس الشعراء *** 627
2- فهرس التراجم *** 632
3- فهرس القصائد و البحور *** 634
4- فهرس الموضوعات *** 645
ص: 654