الْفَاطِمِيَّاتُ
مَشَاعِر الولاء في قَصَائِدِ الزَهَرَاءِ علیها السلام
الْفَاطِمِيَّاتُ
مَشَاعِرَ الوَلَاءِ في قَصَائِدِ الزَهَرَاءِ علیها السلام
اَلخطَیب الشیخ علی حیدر المؤید
الجزء الرابع
دارالعلوم للتحقيق والطباعة والشر والتوزيع
جميع الحقوق محفوظة الطبعة الأولى 1426 ه_ - 2005م
ص: 1
ص: 2
الْفَاطِمِيَّاتُ
مَشَاعِرَ الوَلَاءِ في قَصَائِدِ الزَهَرَاءِ علیها السلام
اَلخطَیب الشیخ علی حیدر المؤید
الجزء الرابع
دارالعلوم للتحقيق والطباعة والشر والتوزيع
ص: 3
جميع الحقوق محفوظة الطبعة الأولى 1426 ه_ - 2005م
دارالعلوم للتحقيق والطباعة والنشر والتوزيع
المكتبة : حارة حريك - بئر العبد - شارع السيد عباس الموسوي - الهاتف: 01/545182 - 03/473919 ص.ب: 13/6080 المستودع حارة حريك - بئر العبد - مقابل البنك اللبناني الفرنسي - تلفاكس: 01/541650
www.daraloloum.com .E-Mail:daraloloum@hotmail.com
ص: 4
بسمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اَهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الذينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيهمِ وَلَاالضَّالِينَ
ص: 5
ص: 6
مُصابُ ابنةِ الهادي النبيِّ مُحَمَّدِ *** بكته الورى حزناً بلوعةِ مُجهَدِ
هي البضعةُ الزهراء سيدةُ النِّسا *** تسامت بعلياها على كلِّ فرقدِ
فبورك مَحياها بِتَطهيرِ ذاتِها *** و بُورِك مسعاها بعزّ و سُؤددِ
قرینةُ کرّارٍ بیومِ جهادِها *** و بنتُ نبيَّ بالمقال المُسَدَّدِ
أبت أن ترى ذاكَ (الوصيَّ) مُبعَّداً *** عن الحقِّ و هو الحقُّ في كلِّ مَشْهَدِ
غداةَ أنت و الحادثات تحوطُها *** إلى مَسجدِ المختار لَمْ تَتَردَّدِ
تُخاطبُهم و هي العليمةُ أنَّهم *** بعصيانِهم ما مِنهم من مُؤَيّدِ
ولكنَّها قد ألزَمتهم بحُجَّةٍ *** تُوافيهُم في عرصةِ الحشرِ في غدِ
(وما برحت مظلومةً ذاتَ عِلَّةٍ) *** إلى أن قضت حُزناً بلوعةِ مُكمَدِ
و وافت لها الأشعار تبكى مُصابها *** لَدى كلِّ محزون الفؤادِ مُقدَّدِ
لدى أمَّةٍ من هؤلاء و هؤلا *** توافيكَ منها بالقريضِ المُقصَّدِ
و قد وُزّعت في كلِّ سِفرٍ يَضُمُّ مِن *** روائِعها بعضاً كَدُرٍّ مُبَدَّدِ
وجاء بهذا اليوم يَجمعُ شملَها *** غيورُ مُحِبُّ للبتولِ و أحمدِ
(عليٌّ) فأكرم بالجهود عَظيمَةً *** أتانا بها سِفراً بعزمِ مُسَدَّدِ
كتاب حوى ما أنشأته قرائحٌ *** من الشِّعر في الزهراءُ مِن جَهدِ مُفرَدِ
و قد جاء باسم (الفاطميات) يَزدهي *** مُؤَلَّفه في خيرِ فعلٍ وَ مَقصَدِ
(عليٌّ) و حسبُ المرء في يوم حَشرِه *** و في الذِّكرِ ما يبني له جَدَّ أسعدِ
و خُذ ما إليك اليومَ منّي عواطفاً *** تُقرِّض ما حبَّرته منك باليدِ
و سوفَ يُوفّي الله أجَركَ مُنعماً *** هنالك إذ تلقاه في خيرِ مَقعدِ
الخطيب الشيخ جعفر الهلالي
الكويت في /25 صفر لسنة 1420 ه_
ص: 7
ص: 8
ص: 9
ص: 10
(بحر الطويل)
الشيخ حبيب شعبان(*)(1)
سَقاكَ الحَيا الهطالُ يا مَعْهَدَ الإِلْفِ *** و يا جَنَّةَ الفِرْدَوْسِ دانِيَةَ القَطْفِ
فَكَمْ مَرَّ لِي عَيْشٌ حَلا فيكَ طَعْمُهُ *** ليالي أُصَفِّي الوُدَّ فيها لِمَنْ يُصْفِي
بَسَطنا أَحادِيثَ الهَوَى وَ انْطَوَتْ لَنا *** قُلُوبٌ على صافي المَوَدَّةِ والعَطْفِ
فَشَتَّتَنا صَرْفُ الزَّمَانِ وَ إِنَّهُ *** لَمُنْتَقِدٌ شَمْلَ الأَحِبَّةِ بِالصَّرْفِ
كَأَنْ لَمْ تَدُرْ مَا بَيْنَنا أَكؤُسُ الهَوَى *** وَ نَحْنُ نَشَاوِى لانَمَلُ مِنَ الرَّشْفِ(2)
وَ لَمْ نَقْضِ أَيَّامَ الصَّبا وَ بِها الصَّبا *** تَمُرُّ عَلَيْنا وَ هُيَ طَيِّبَةُ العَرْفِ
أيا مَنْزِلَ الأَحْبابِ ما لَكَ مُوحِشاً *** بِزَهْرَتِكَ الْأَرْياحُ أَوْدَتْ بما تُسْفِي(3)
تَعَقَّيْتَ يا رَبِّعَ الأَحِبَّةِ بَعْدَهُمْ *** فَذَكَرْتَنِي قَبْرَ البَتُولَةِ إِذْ عُفِّي
رَمَتْها سِهامُ الدَّهْرِ وَ هْيَ صَوائِبٌ *** بِشَجو إلى أَنْ جُرْعَتْ غُصَصَ الحَتْفِ
شَجاها فِراقُ المُصْطَفَى و احْتِفَارُها *** لدى كلِّ رِجْسٍ مِنْ صَحابته الجُلْفِ(4)
لقدْ بالغُوا فِي هَضْمِها وَ تَحَالَفُوا *** عَلَيْها وَ خانُوا الله في ذلِكَ الحِلْفِ
ص: 11
و ما وَرَّثُوها مِنْ أَبِيها و أَثْبَتُوا *** حَدِيثاً نَفاهُ اللَّه في مُحْكَمِ الصُّحْفِ(1)
و شَحَّتْ على النَّزْرِ القَلِيلِ نُفُوسُهُمْ *** فَما كانَ فِيهِمْ مِنْ كَرِيمٍ وَ لَاعَفِّ(2)
فَحُجَّتُهُمْ لَوْ أَنْصَفُوها وَ صَدُّهُمْ *** عَنِ الحَقِّ غِلٌّ فِي قُلوبِهِمُ الغُلْفِ
وَ قَدْ أَمْرَضَتْ كَفُّ الرَّزِيَّةِ جِسْمَها *** فَتَجْهَشُ شَجُواً بِالبُكاءِ و لايَشْفِي
فَابَتْ وَزنْدُ الغَيْظِ يَفْدَحُ في الحَشَا *** تَعَثَرُ بالأديال مُثْنِيَةَ العِطْفِ
وَجاءَتْ إِلى الكَرّارِ تَشكُو اهْتِضامَها *** ومَدَّتْ إليه الطَّرْفَ خاشِعَة الطَّرْفِ
أبا حَسَنٍ يا راسِخُ الحِلْمِ وَالحِجَا *** إِذا فَرَّتِ الأبْطالُ رُعْباً من الزَّحْفِ
و يا واحِداً أفْتَى الجمُوعَ وَ لَمْ يَزَلْ *** بِصَيْحَتِهِ فِي الرَّوْعِ يَأْتِي عَلى الأَلْفِ
أراكَ تَرانِي وَ ابْنُ تَيْمِ و صَحْبُهُ *** يَسُومُونَنِي ما لاأُطِيقُ مِنَ الخَسْفِ(3)
ويَلْطِمُ وَجْهِي نُصْبَ عَيْنَيْكَ نَاصِبُ *** العَداوَةِ لي بالضَّرْبِ مِنِّي يَسْتَشْفِي
فَتُغْضِي و لاتَنْضِي حُسامَكَ آخِذاً *** بِحَقِّي وَ مِنْهُ اليَوْمَ قَدْ صَفِرَتْ كَفِّي
لِمَنْ أَشْتَكِي إلا إليكَ وَمَنْ بِهِ *** أَلُوذُ وَ هَلْ لِي بَعْدَ بَيْتِكَ مِنْ كَهْفِ؟!
و قد أَضْرَمُوا النيران فيه وَ أسْقَطُوا *** جَنِينِي فَوَا وَيْلاهُ منهُمْ و يا لَهْفِي(4)
ص: 12
وَما بَرِحَتْ مَهْضُومَةً ذاتَ عِلَّةٍ *** تُؤَرِّقُها البَلْوَى وَ ظَالِمُها مُغْفِ
إلى أن قَضَتْ مَكْسُورَةَ الضِّلعِ مُسْقَطاً *** جَنينٌ لها بِالضَّرْبِ مُسْوَدَّةَ الكَتْفِ(1)
ص: 13
(بحر الطويل)
السيد حيدر الحلي
عَلَى كُلِّ وَادٍ دَمْعُ عَيْنَيْكَ يَنْطِفْ *** وَ مَا كُلُّ وَادٍ جُزْتَ فِيهِ المُعرَّفُ(1)
أَظُنُّكَ أنْكَرْتَ الدِّيَارَ فَمِلْ مَعِي *** لَعَلَّكَ دَارَ العَامِرِيَّةِ تَعْرِفُ
نَشَدْتُكَ هَلْ أَبْقَيْتَ للدَّمْعِ مَوْضِعاً *** مِنَ الْأَرْضِ تَهْمِي الغَيْثَ فِيهِ وَ تَنْطِفُ؟(2)
فَهَذَا وَ لَمْ تَذْرِفْ دُمُوعاً وَ إنّما *** دَمُ القَلْبِ مِنْ أَجْفانِ عَيْنيكَ يُدْرَفُ
فَلاَ تَكُ مِمَّنْ يَنْبِذُ الصَّبْرَ بِالْعَرَا *** إِذَا غَدَتِ الوَرْقاءُ في الأيْكِ تَهتِفُ؟(3)
فَمَا ذَاكَ مِنْ شَجْرٍ فَيُشْجِيكَ نَوحُها *** وَ هَلْ يَسْتَوِي يَوْماً صَحِيحٌ و مُدْنَفُ؟(4)
أَلَمْ تَرَها لَمْ تَذْرِ دَمْعَةَ ثَاكِلٍ *** وَ لم يَنْصِدِعْ شَمْلٌ لَهَا مُتألفُ
وَ قَدْ لَبِسَتْ في جيدِها طَوْقَ زينةٍ *** وَجِيدُكَ فِيهِ طَوْقُ حُزْنٍ مُعطَّفُ
إِذَا مَا شَدَتْ فَوْقَ الأَرَاكِ تَرنّما *** فَإِنَّكَ تَنْعَى وَ الجَوَانِحُ تَرْجُفُ
أُعِيدُك أنْ يَهْفُوبِحِلْمِكَ مَنْزِلٌ *** تَعَفَّى وَ فِيهِ للأَوَابِدِ مَأْلَفُ(5)
فَلاَ تَبْكِ في اطْلالِهِ بِتَلهفٍ *** فَلَيْسَ يَرُدُّ الذَّاهِبينَ التَّلهُّفُ
ص: 14
وَ لَوْ عَادَ يَوْماً بالتأسُّفِ ذَاهِبٌ *** عَذَرْتُكَ لَكِنْ لَيْسَ يُجدِي التَّاسُّفُ
و إِنَّ جَزوعاً شَأْنُه النَّوْحُ وَ البُكَا *** لِغَيْر بَني الزَّهْرا مُلامٌ مُعنّفُ(1)
بِنَفْسِي وَ آبَائِي نُفُوسَاً أَبِيَّةً *** يُجرِّعُها كَأْسَ المنيَّة مُتْرَفُ
إلى أن يقول :
فَلِلَّهِ مِنْ خَطْبٍ لَهُ كُلُّ مُهْجَةٍ *** يَحِقُ مِنَ الوَجْدِ الْمُبَرِّحِ تَتْلَفُ
وَ أُقْسِمُ مَا سَنَّ الضَّلال -سِوَى الأُلَى *** عَلَى أُمَّةِ المختارِ بَغْياً تَخلَّفُوا
فَيَوْمٌ غَدَوا بَغْياً عَلَى دَارٍ فَاطِمٍ *** أَتَتْ جُنْدُهم بالغَاضِرِيَّة تَرْحَفُ(2)
وَ قَتَلُ ابْنِهَا مِنْ يَوْم رُضُتْ ضُلُوعُها *** وَ مِنْ هَنْكِهَا هَتْكُ الفَواطِم يُعْرَفُ(3)
وَ مِنْ يَوْمٍ قادوا حَيْدَرَ الظُّهْرَ قَدْ غَدَوْا *** بِهِنَّ أَسَارَى شَأْنُهُنَّ التَّلهُّفُ(4)(5)
ص: 15
(بحر الرّمل)
الشيخ عبد الستار الكاظمي(*)(1)
آيَةُ الظُلمِ دَلِيلٌ وَ كَفى *** لَيْسَ مِنْ قَبْرٍ لِبِنْتِ الْمُصْطَفى
***
يَنْقُلُ الْقُرآنُ كَلاً لا وَزَرْ *** وَ مِنَ الآياتِ تَأتِيكَ الْعِبَرْ
كَيْفَ مِنْ فاطِمَةَ الضّلْعُ انْكَسَرُ؟ *** وَ بِهَا الإسلام نال الشَّرفا
***
إنْ يَكُ الأَصْحابُ حَقّاً آمَنُوا *** وَ لِحِفْظ الشَّرْعِ شُورَى عَيَّنُوا
فَلِماذا بَعْدَه أَعْلَنُوا *** حَرْب أَهْل الْبَيْتِ كُفْراً و جفا؟
***
لَسْتُ أَنْسى فَاطِماً فى المُعْتَرَكْ *** حَيْثُ فِرْعَوْنُ إلى الْحَقِّ انْتَهَكْ
وَ بِظُلْمٍ غَصَبُوا مِنْهَا فَدَكْ *** هكَذَا الخصْمَانِ مِنْهَا وَقفا
***
رَوَّعَاهَا مَنَعاها حَقَّها *** حَارَباها كَذَّباها صِدْقَها
وَ إِلَى الدَّارِ أَجازا حَرْقَها *** وَ إِلَى الآنَ لَظاها مَا انْطَفَى(2)
***
ص: 16
رَجَعَا لِلشِّركِ في حَرْبِ البَتُول *** أَغْضَباها عَنْهُمَا مَاذَا نَقُول؟
رَجَعَا لِلشِّركِ الضّلْع كَسْرٌ لِلرَّسُول *** هَكَذَا الْحَقُّ إِذَا مَا أُنْصِفا
***
فِي غِيابِ الْمُصْطَفَى قَدْ أَوْشَكا *** أَنْ يُعِيداً هُبَلاً لَوْ تُرِكا(1)
مَنَعاها منْ عَويلٍ وَبُكا *** هَكَذَا رَاحَتْ مَوَازِينُ الْوَفا(2)
***
عَجَباً مِنْ أُمَّةِ الهادِي تَرَى *** حُكْمَ اجْلافٍ بِلَيْلِ دُبُرا(3)
وَ لِماذا رَضِيَتْ فِيمَا جَرَى؟ *** وَإِلَى العُسْرِ مَضَتْ وَا أَسَفا
***
ما أَتَتْ قَصْداً لإحدى الْحُسْنَيَيْن *** حَيْثُ بَاءَتْ فَشَلاً في النَّشْأَتَيْن
كَيْفَ تَرْضَى أَنْ تَرى أُمَّ الحُسَيْن *** في حِياضٍ الْمَوْتِ تَقْضِيَ تَلَفا؟
***
ص: 17
مَاتَتِ الزَّهْراءُ غَضْبَى واحِدَهْ *** تَبَّتِ الأيْدِي الحَقُودَه الجَاحِدَهْ(1)
فَاطِمٌ تَأْتِي عَلَيْهِمْ شَاهِدَهْ *** لِيَرَى الأَصْحابُ ذاك المَوْقِفا
***
دُفِنَتْ وَ الضّلْعُ في الصَّدْرِ انْخَسَفَ *** قَبْرُها يَجْهَلُه ذاكَ السَّلَفْ(2)
وَ إِلى تَعْيِينِهِ الكُل المختلفْ *** عِندما الحقيتِ الحقُّ الحتَفَى
***
قَبْرُها في كُلِّ قَلْبِ طَاهِرٍ *** نُورُها في كُلِّ حَقٌّ ظَاهِر
لَعَنَ الله الزَّعِيمَ السَّامِرِي *** قَبْرُها مِنْ جَوْرِهِ لَنْ يُعْرَفا
***
قَبْرُها الْمَجْهُولُ رَمْزُ الْمُعْتَقدْ *** هي سِرُّ الْوَاحِدِ الفَرْد الصَّمَدْ
نُورُها في جَبْهَةِ الدَّهْرِ اتَّقَدْ *** وَ العُلا نَحْوَ هُداها ازْدَلَفَا(3)
ص: 18
(بحر المتقارب)
الاستاذ علي محمد الحائري الحائري(*)(1)
هُوَ الدَّهْرُ يُزْجِي المُنَى وَ الحُتُوفا *** تَناوَبُ يَومَيْهِ جَدْباً وَ رِيفا(2)
وَ لَيْسَ النُّهَى شَفَعاً لِلقُسُومِ *** وَلَكِنَّهُ الْحَظُّ يَجْرِي صُروفا
قُصَارَى الَّذِي أَنْتَ تَشْقَى بِهِ *** حَيَاةٌ سَتَرْحَلُ عَنْها كَسِيفا(3)
وَ مَا مَلَكَتْكَ زُروعُ اللُّهى *** تُنَازِعَكَ فِيهِ الْمَنايا قُطُوفا
وَ مَنْ يَغْتَرِرْ بِسَرابِ الْوُعودِ *** دَرَّ بَكِيناً وَ غاضَ خُلُوفا(4)
عجِيبٌ تَقلُّبُ هَذا المَدارِ *** إِذا أَنْتَ مَزَّقَتَ مِنْهُ السُّفوفا
يُصِيبُكَ مِنْ حَيْثُ لا يَدَّرِي *** وَ يَخْتِلُ إِذْ تَصْطَفِيهِ رَدِيفا
وَ يُغْشِيكَ في غَفَلاتِ الْكَرَى *** لِيَأْنَسَ مِنْكَ قَنِيصاً أَلُوفا(5)
مَتَى كانَتِ الأُمْنِياتُ الرِّطَابُ *** يُبَلِّلْنَ مِنْكَ فُؤاداً لَهُوفا
و في أيِّ مُنتجعٍ تَسْتَحِمُّ *** وَ حَشْوُ إهابك يَنْكي قُروفا(6)
لعاً في عِثارِ الرَّزايا *** خُطَايَ فَأَوْفَى مَسِيرَكَ كَانَ الوَجِيفا(7)
ص: 19
وَ رُجْعِى لِّطَيْفِكَ صُبْحُ الشَّبَابٍ *** فَأَفْواقُ وَ رْدِكَ تَزْهو صُنُوفا
تَفَيَّانَ في ظُلَلِ الأَكْرَمِينَ *** وَ أَسْبَلْنَ في كُلِّ رِجْسٍ سُجُوفا(1)
وَ وَثِقَنَ مِنْ حُبِّ آلِ الرَّسُولِ *** وِثَابَ خُطى مَا عَرَفْن الرَّسِيفا(2)
هُمُ انْتَزَعُوا الدُّجْنَ عَنْ نَاظِري *** وَ هُمْ رَفَعُوا صَرْحَ شِعْرِي مُنِيفا(3)
إِذا قُلْتُ قَافِيَةٌ فِي هَواهُمْ *** نَفَجْتُ اللَّطِيمَ بِهِ فَأُدِيفا(4)
رَعَيْتُ بِشَرْحِهِمُ ضامِنین *** مَرْعَّى خَضِيلاً وَ نَبْتاً لَفِيفا(5)
وَعَيَّفْتُ طَيْرِي بِعَنقائِهِمْ *** وَ طَيَّرْتُهُنَّ أُلوفاً أُلُوفا
وَ مَنْ جَعَلَ الشَّمْسَ مِشْكَاتَهُ *** تَأَوّبَ لَيْلاً وَ جَابَ تُنُوفا(6)
وَ مَنْ جَعَلَ النَّهْجَ نَهْجَا لَهُ *** تَبَوَّأَ في الضَّادِ ظِلاً وَرِيفا
إمامُ البَلاغَةِ زَوْجُ الْبَتُولِ *** أَبُوالحَسَنَيْنِ كَفَى أَنْ أُضِيفا
وَمَنْ كَفَكَفَ الدَّمْعَ عَنْ فَاطِمٍ *** وَ قَدْ سَيَّلَ الْخَطْبُ مِنْها صَلِيفا(7)
وَ كَانَتْ حُشاشَةَ قَلْبِ الرَّسُولِ *** يَرُوحُ بِها رَيْثَ يَغْدُو عَطُوفا
وَ كَانَتْ لَطِيمَةَ مِسْكِ الْعَفَافِ *** وَ قَدْ عَزَفَتْ عَنْ دُنَاهَا عُزُوفا(8)
كَفَى حَرَمُ الدِّينِ صَوْناً لها *** وَ حَلي الفضائِلِ فيها رَفيفا
وَ هَذَا الْبِنَاءُ الرَّفِيعُ الْعِمَادُ *** مناراً مَعَ الرُّوحِ يَبْقى حَلِيفا
تَلُوذُ الْمَجَرَّةُ في قُدْسِهِ *** وَ تَأْبَى الغَزالَةُ فِيها كُسُوفا
ص: 20
وَ لَيْسَ زَرِيّاً بِجُهْدِ البُنَاةِ *** إِذا ثَلَمَ الهادِمُون السُقُوفا(1)
ص: 21
(مجزوء الكامل)
الشيخ قاسم الملا الحلي(*)(1)
مَامُقْلَتِي هَتَنَتْ ذَروفَهُ *** فِي حُبِّ غَانِيَةٍ ظَرِيفَهْ(2)
هَيْفَاءُ مِنْ خَمْرِ اللَّمى *** ثَمِلَتْ مَعاطِفُها النَّزيفهْ(3)
کَلا وَ لافَتَكَتْ بِنَا *** أَسْيَافُ لَحْظَتِها الرَّهِيفَهْ(4)
كَلاً وَ لاَطيْرُ الفُؤادِ *** أَدامَ مِنْ شَعَف رَفِيفَهْ
لَكِنْ أَذابَ حُشاشَتِى *** رُزُهُ المُطَهَّرَةِ العَفِيفَهْ
بِنْتُ النَّبِيِّ مُحَمَّدِ الْمُخْتَارِ *** بِالرُّتَبِ الْمُنِيفَهْ(5)
الْغَوْا بِهَا نَصَّ الْكِتَابِ *** وَ مُزَقَتْ مِنْهَا الصَّحِيفَهْ
ص: 22
وَ بِنِحْلَةِ الهادي اسْتَبدُّوا *** إِذْ زَوَوْا إِرْتَ الشَّريِفَهْ(1)
عَجَباً لِمُنْتَصِرِ لَهُمْ *** وَ الغَيُّ لَمْ يَنْصُرْ خَلِيفَهْ
رَأْسُ الضَّلالَةِ شَيْخُ تَيْمٍ *** وَ الْأَلِيف حَكَى أَليفَهْ
أنْشَدْتُ قَوْلَةَ خَائِفٍ *** مِنْ دَهْرِه يَخْشَى صُروفَهْ
ابن قريعة:
يَا مَنْ يُسَائِلُ دَائِباً *** عَنْ كُلِّ مُعْضِلَةٍ سَخِيفَهْ
لاتَكْشِفَنَّ مُغَطَّئاً *** فَلَرُبَّما كَشَفْتَ جِيفَهْ
وَ لَرُبَّ مَسْتُورٍ بَدا *** كَالطَّبُل مِنْ تَحْتِ الْقَطِيفَهْ
إنّ الْجَوَابَ لَحاضِرٌ *** لكِنَّني أخفِيهِ خِيفَهْ
لوْلاَ اعْتِدَارُ رَعِيَّةٍ *** الغَى سِيَاسَتَهَا الْخَلِيفَهْ
وَ سُیُوفُ أَعْداءٍ بِهَا *** هَامَاتُنا أَبَداً نَقِيفَهْ(2)
ص: 23
لَكَشفتُ مِنْ أَسْرارِ آلِ *** مُحَمَّدٍ جُمَلاً ظَرِيفَهْ
يُغْنِيكُمُ عَمّا رَواهُ *** مالِكٌ وَ أَبُوحَنَيفَه
وَ نَشَرَتُ طَيَّ صَحِيفةٍ *** فيها أحاديثُ الصَّحيفَهْ
وَ أُرِيكُمُ أنّ الحُسَيْنَ أُصِيبَ *** في يَوْمِ السَّقِيفَهْ
وَلأيِّ حَالٍ لُحِّدَتْ *** في اللَّيْلِ فَاطِمَةُ الشَّرِيفَهْ
وَ لِمَا حَمَتْ شَيُخَيْكُمُ *** عَنْ وَطْيءِ حُجْرَتِها الْمُنيفَهْ(1)
آهِ لِبِنْتِ مُحَمَّدٍ *** ماتَتْ بِغُصَّيْها أَسِيفَهْ(2)
ص: 24
(بحر الكامل)
السيد محمد صالح البحراني(*)(1)
صَبٌ جَفَوْهُ وَ عَنْ كَراهُ تَجافى *** مَهْما سَقَى طَرْداً نَما إِلْحافا(2)
خَطَفَ الهَوى منه الفُوَّادَ فَلَمْ يَزَلْ *** حَتَّى القيامَةِ يَذْكُرُ الخَطَّافا
وَ لْهَانُ وافاهُ الحَبِيبُ بِوَصْلِهِ *** وَقتاً فَظَنَّ الخُلْدَ فِيهِ وافي(3)
ما لَذَّ طَعْمُ الوَصْلِ حَتَّى سامَهُ *** هَجْراً فَظَنَّ الوَصْلَ طَيْفاً طَافا
وَ لَمَوْتُهُ بِالحُبِّ أبْرَدُ للحشا *** مِنْ مَحْضِهِ بَعْدَ الوَفَاةِ خِلافا
فَالهَجْرُ بَعْدَ الوَصْلِ لامَوْتُ يَلي *** دَفْناً و لاسُقُمٌ فَمِنْهُ يُعافي
الرَّاحَ يَشْرَبُها فَيَحْسَبُها لَظِّى *** وَ يَخَالُ أصْناف الطَّعامِ ذُعافا(4)
یَمْشِي فَتَحْسَبُ أنَّه ثَمِلٌ وَ لَمْ *** يَشْرَبْ سِوَى خَمْرِ الفِراقِ سُلافا(5)
لاهَمَّ بعدَ الوَصْلِ أَكْبَرُ مِنْ جَفا *** إذْ لاحَياةَ بِهِ و لاإثلافا
لاعِيْشَةٌ تُشْفِي و لاسُقْماً و لا *** بِالمَوْتِ حَتَّى لَوْ يَمُوتُ يُشافى
وَ لَئِنْ يَكُنْ هَجْرٌ و بُعْدَ يُرْتَجِي *** وَ ضَلَّ وَ قُرْبٌ بَعْدَهُ إِسعافا
ص: 25
فَالْمَوْتُ مُفْتَرقُ و يُعدّ لالِقاً *** مِنْ بَعْدِهِ يُرجَى و لاإيلافا
فَمَن الذي في الموتِ يَعْدِلُ مَنْ بَكَى *** لِحَبِيبِهِ أَوْ عَدَّهُ إسْرافا
***
أَمْ هَلْ تَرى فِي مَنْعِهِمْ سِتّ النِّسا *** عَنِ نَدْبِها خَيْرَ الوَرَى إِنْصافا
أفَمِنْ بُكا المختارِ تَمْنَعُ عينَها *** وَيَجَدُّ عَنْهَا الظَّلَّ والأَرْيافا
و تُبِيحُ عائشةٌ قِتَالَ وَصِيِّهِ *** ظُلْماً وَ ما أَحَدٌ بِنُكْرٍ نافي
اللَّه ماذا كابَدَتْ سِتُ النِّسا *** بَعْدَ النَّبِيِّ مِنَ البَلا أَصْنافا
مِنْ بيتِها تُنْفى لِنَدْبِ كَفِيلِها *** وَ عَنِ البقيعِ تَسُومُها إِرْجافا(1)
أَسِفُوا لأَنْ تَحْظى بِظِلٍّ أَراكَةٍ *** فِيهِ فَوَلَّوْا قَطْعَها الأَجْلافا(2)
قَغَدَتْ عَزيزةُ أَحْمَد مَنْ لَمْ يَزَلْ *** يُوصِي بِها وَ بِنَسْلِها الأحْلافا
تُصْلى بِنارِ الضَّيْم و الإذْلاَلِ ما *** لِلسُّقْمِ أَلقى جِسْمَها أَهْدافا
فَقَدتْ بِفَقَدِ وَلِيّها كُلَّ الهَنا *** إِذْخَلْفَهُ دَرَّ البَلا أخلافا
مَنَعُوا الوَصِيَّ مَقامَهُ وَ مِنَ البُكَا *** مَنَعُوا البتول وَ ما اكْتَفَوْا أسْلافا
حتَّى انْتَهَوْا فِي مَنْعِها عَنْ إرْثِها *** فَدَكاً بما قَدْ زَوَّرُوهُ جُزافا(3)
ص: 26
فَأَتَتْهُمُ في لِمَّةٍ مِنْ نِسْوَةٍ *** و المَسْجِدُ امْتَلأَ الذَّرى أَشرافا
فأُنِيطَ دُونَهُمُ لَهُنَّ مَلاءَةٌ *** إِذْ عَنْ ضَلالَتِهِمْ رَفَعْنَ سِجافا(1)
أنَّتْ بِصَوْتٍ أَجْهَشَتْهُمْ بِالبُكا *** و بِنُطقِها حَكَتِ النَّبِيَ هُتافا(2)
وَ اسْتَرْسَلَتْ في خُطبةٍ أَهْدَتْ بها *** الفُصَحاءَ عِيّاً و الرِّياض جَفافا(3)
لَهُمُ مِنَ السِّحْرِ الحَلالِ و مَنْطِقٌ *** ذَلِقٌ يَفِيضُ بهِ البَيَانُ نِطاقا
مُعْنِّى يَدِقُ عَن النُّهى حُسْناً له *** لَفْظُ أَرَقُّ مِنَ النَّسِيمِ مَطافا
تَدْعُو و قَدْ عَلَتِ العيونَ غِشَاوَةٌ *** و الغيُّ ناطَ على القُلوبِ لحافا
أَنَيَذْتُمُ القُرْآنَ خَلفَ ظُهُورِكُمْ *** عَمْداً لدين الجاهلي زِحافا؟
أمِنَ السَّدادِ تُصِيبُ ارْثَ أبيكَ يا *** هذا وَ تَمْنَعُ ارْلِيَ اسْتِتكافا؟
فَاحْتارَ كَيْفَ يَسُدُّ عَشْرَتَهُ الّتي *** أبْدَتْ عَماهُ عَنِ السَّبِيلِ كَشافا
***
لَمْ يَلْف إلا أنْ يَقُومَ بِفِرْيَةٍ *** لِيَسُومَ ضَعْفاً ما رَبَى أضْعافا
إِنِّي سَمِعْتُ أباكِ قال الأَنْبِيا *** لَسْنا نُورّثُ بَعْدَنا أَخْلافا
ص: 27
قالَتْ مَعاذ الله لَيْسَ يَرَى أَبي *** قَوْلاً يَحِيدُ عَن الكتابِ خِلافا
هذا الكِتابُ يَقُولُ قَدْ وَرَّثَ ابْنَهُ *** دَاوُدُ منه كما لِيَحْيى انْصافا
وَ جَمِيعُ آياتِ الكِتابِ تَعُمُّهُمْ *** حُكْماً و ما أَحَدٌ خُصوصاً وافي
أَمْ خَصَّكُمْ دونَ النَّبيِّ بِآيَةٍ *** أَمْ انْتُمُ أَدْرى بها اسْتِكْشافا
أمْ لَمْ أَكُنْ مِنْ أُمَّةٍ أنا مَعْ أَبي *** لَوْ كانَ إِرْثاً لَمْ يَكُنْ إِتحافا(1)
***
إيهٍ بَني أَوْسٍ أَأَمْنَعُ بَيْنَكُمْ *** إِرْنِي وَ ما أَحَدٌ جميلاً كافّي؟
لَمْ تَسْمَعُوا ما قالَ فيِّ طه كَأَنَّكُمْ *** و لاكُنْتُمْ لَهُ أَعْرافا
هذا التُّراثُ بِمَسْمَعٍ و بِمَنْظَرٍ *** مِنْكُمْ زَوَى عَنْ أَهْلِهِ أَوْقافا
اللَّهُ ما فِيكُمْ فَتَى ذُو غَيْرَةٍ *** فَيُبِينُ إنصافاً لَنا إنْ صافَي
هَبْكُمْ نَبذْتُمْ دِينَ أحْمَدَ فَاحْفَظُوا *** حِلْفَ الفُضُولِ وَ رَاجِعُوا الإنْصافا
فَكانَّما بَكِمُوا وَ صَمُّوا إِذْ عَمُوا *** وَ عَلَى العَمَى عَنْهَا ثَنَوْا أَعْطافا
وَ بِراحَةٍ صَفْرا انْتَنَتْ عَنْهُمْ لَها *** عَيْنٌ تَفِيضُ بِدَمْعِها وَكَافا(2)
***
وَ مَضَتْ لِبَيْتِ كَفِيلها و قَدِ امتلا **** مِنها الفُؤادُ بِهَمِّهِ إرْجافا
فَاسْتَعبَرتْ حُزْناً وَ هاجَ بها الجَوَى *** لمّا رَأَتْهُ فَلَمْ تُطِقُ إسْدافا(3)
قالَتْ أَراك قد اشْتَمَلتَ الذُّل إذْ *** أَضْرَعْتَ خَدَّكَ في الجَفا إسْرافا
إِذْ أصْداكَ يَفْتَرِسُ الذَّتَابُ بِرَجْعِهِ *** وَ يَداكَ يُرثِقُها الذُّبابُ كِتافا
ص: 28
وَ تُمِيتُ نَظْرَتُكَ الأجادِلَ خِيفَةً *** وَيَبرُّ مِنْكَ الأَعْزَلُ الأسْيافا(1)
ألِكُلِّ هذا الحَدِّ تُصْبِحُ ضارعاً *** وحَشاكَ مِنْ قَلْبٍ يَخافُكَ خافا؟
هذا ابن تَيْمٍ عادَ يَغْصِبُ نِحْلَتِي *** مِنِّي وَ قدْ عَدَّ الصِّفاحَ صِحافا
فَأَمَضَّنِي فِيمَا افْتَراهُ وَ لَمْ يَدَعْ *** ظُلْماً وَ هَضْماً ما عَلَيه أنافا(2)
أَرْمي بطرفي لاأرَى لي ناصِراً *** في القَوْمِ إلا قاطِعاً أطْرافا
نادَيْتُ فِيهِمْ مَا اسْتَجَابَ لِيَ امرؤٌ *** وَ دَعَوْتُ فيهم لم أُصِبْ إسعافا
لامانعٌ ضيماً و لا لي دَافِعٌ *** شَرّاً و لامُهْدٍ لنا ألْطافا
فَخَرَجْتُ كاظِمَةً وَعُدْتُ رَغِيمَةً *** أَشْكُو لِرَبِّي الظُّلم و الإعْسافا(3)
وَيْلاهُ عَنِّي غابَ حامي حَوْزَتِي *** فَبقِيتُ أَخْتَلِبُ الأسَى أَخْلافا
***
فَرَثَى الوَصِيُّ لها بِلُطْفٍ قائِلاً *** وَيْلٌ لِمَنْ أَوْلاكِ مِنْهُ خِلافا
مَهْلاً كريمةَ أهل بَيْتٍ المُصْطَفَى *** فَلأَنْتِ أَكْرَمُ مِنْ سَما الأَشْرافا
ماذا التَّضَجُرُ وَ الأَسَى مِنْ فَائِتٍ *** لم يُغْنِ عَنْكَ وَ عَنْ بَنِيكِ كَفَافا
وَ الرِّزْقُ إِمّا شِئْتِ عندَ كَفِيلِهِ *** مَنْ لَمْ يَسُمُكِ بِوَعْدِهِ إِخلافا
وَ لَقَدْ حَمَلْتِ العُشْبَ لاعَجْزاً و لا *** خَوْفاً ولكنْ رَحْمَةً و عَفافا
وَ لِمَالِكِ الباري أَعَدَّ بِقُرْبِهِ *** مِنْ ذاكَ خَيْراً جَنَّةً أَلْفافا
وَ بِرَبِّكِ احْتَسِبي فَقالَتْ حَسْبِيَ *** اللَّهُ الخَبِيرُ و لَمْ تُطِلْ إلْحافا
***
حَتَّى بذاكَ الهَمِّ فاضَتْ نَفْسُها *** كَمَداً لَها يَصِفُ الرَّدَى أَوْصافا
ص: 29
وَغَدَتْ تُغَسْلُها الخُطُوبُ بأَدْمُعٍ *** ما زالَ مِنْهَا غَيْتُها وَكَافا
وَغَدَتْ تُكَفِّنُها السِّياطُ بِمَا اكْتَسَتْ *** مِنْ ضَرْبها ما مَضَها إرْهافا(1)
وَ عَلى سَرِيرِ الصَّبْرِ شَيْعَها الوَلاَ *** مِنْهُ لَمِضَجَعِها ارْتَقَتْ اکْشافا
وَ اسْتَوْظَنَتْ أرْضَ البقيع بِبُقْعَةٍ *** شَقَّتْ إِلى دُرَرِ الهُدَى أصْدافا(2)
ص: 30
يا بْنَةَ المُختارِقُومي *** وَ احْضُرِي أَرْضَ الظُّفُوفِ
فَابْنُكِ المَظْلُومُ أمَسْى *** اليَوْمَ طُعْماً لِلسُّيُوفِ
***
قُومِي يا زَهْراءُ قُومِيْ *** وَ انْدُبِي حُزْناً وَ نُوحِي
وَ انْثُرِي الدَّمْعَ وُرُوداً *** فَوْقَ أَشلاء الذَّبيحِ
والطُمِي الخَدَّ عَلَيْهِ *** وَ انْشُرِي الشَّعْرَ وَ صِیحِي
و اذبِیحا غادَرُوهُ *** وَسْطَ ساحاتِ الحتُوفِ(1)
***
أُنْدُبِي السِّبْطَ وَ نُوحِي *** للشَّهیدِ ابْنِ الشَّهِیدِ
وَ الْثُمي شَيْباً خَضِيباً *** زَانَهُ فَيْضُ الوَرِيدِ(2)
وَ امْسَحِي خَداً تَرِيباً *** مُشرِقاً فَوْقَ الصَّعِیدِ
فَهُوَ البَدْرُ الَّذِي لا *** تَدَاعَى لِلْخُسُوفِ
***
وَإِذَا مَرَّتْ يَداكِ *** فَوْقَ صَدْرٍ هَشَموهُ(3)
فَانْزَعِي السَّهم بِرِفْقٍ *** و العَنِي مَنْ قَدْ رَموْهُ
ص: 32
فَبِهذا السَّهُم قَلبُ *** السِّبْطِ ظُلْماً مَزَّقُوهُ
مَزِّقِي الأَحْشاءَ حُزْناً *** لذَوي القَلْبِ العَطُوفِ
***
وانْهَضِي يا بِنْتَ طه *** وَ ابْحَثِي بَیْنَ الرُّبُوعِ
خِنْصرُ السِّبطِ قَطِيعٌ *** ضَاعَ ما بَيْنَ الجُمُوعِ
و اطلُبِيْ بَيْنَ الضَّحَايَا *** جُنَّةَ الطَّفْلِ الرَّضِيعِ
وَ بِلُطْفٍ غَسْلِيها *** مِنْكِ بِالدَّمْعِ الذَّرُوفِ
***
كَانَ عَطَشاناً وَ لمّا *** رامَ ثَدْيَ المُرْضِعاتِ(1)
عِوَض الماءِ سَقَوْهُ *** بسِهامِ النّائباتِ
وَ عُيُونُ الطِّفْلِ كانَتْ *** شاخِصاتٍ للفُراتِ
فَخُذِیهِ وَدَعِیهِ *** عِندَ ذِي القَلْبِ الرَّؤُوفِ
***
وَ مَعَ القَتْلَى عَريسٌ *** لَم يَرَ عُرْساً هَنِيّا
بِدِماءٍ خَضَّبُوهُ *** وَ هُوَ ما زالَ فَتِیا
وَ شبَابٌ قَطَعُوهُ *** في الوَغَى يُدْعَى عَلِيا(2)
حَوْلَ مَنْ أَضحى رَهِينَ *** التربِ يا زَهراءُ طُوفي
ص: 33
وَ شُيُوخٌ و شبَابٌ *** ناصَرُوا سِبْط الرَّسُولِ
جُزِّروا جَزْرَ الأَضاحِي *** فَوْقَ هاتِيكَ الرُّمُولِ(1)
وَ نُجومُ العِزِّ تَأْبى *** كُلَّ آثارٍ الأُفُولِ
وَ شَحُوا طِرْسَ الخُلُودِ *** بِجَمِيلاتِ الْحُرُوفِ(2)
***
وَ بِجَنْبِ النَّهْرِ شِلْو *** لأَيي الفَضْلِ وُجُودُ
مَزَّقَ الغَدْرُ كُلاها *** حِينَ حاطَتْهُ الحُشُودُ
خَرَّ لِلأَرْضِ صَرِيعاً *** حِينَ أَرْداهُ العَمُودُ(3)
فاندُبِي رَأْسا هَشيماً *** وَ لِمَقطوعِ الكُفوفِ
***
قَطّعوا کَفَّيْهِ غَدْراً *** عِندما لِلْماءِ أَحْضَرْ
كَيْ بهِ يَرْوِي قُلُوباً *** مِنْ ظَماها تَتَفَطَّرْ
و اذْخَرِيها كَيْ تَحُجّي *** قاطِعِيها يَوْمَ تُحْشَرُ
فَإِلهُ الكَوْنِ عَدْلاً *** لِعُهودِ الصَّبْرِيُوفي
***
ثُمَّ عُودِي لِلْخِیامِ *** وَ انْظُرِيْ حالَ اليتَامَى
وَ امْسَحِي فَوْقَ الرُّؤوسِ *** وَ اسْمَعِي نَوْحَ الأَيامَى
أَحْرَقَ القومُ خِباها *** أَلْهَبُوا القَلْبَ ضَراما
وَ لکِ الأَجْرُ علی ما *** مَرَّ مِن جَوْرِ الصُّرُوفِ
ص: 34
ص: 35
ص: 36
(بحر البسيط)
الأستاذ إبراهيم محمد جواد (*)(1)
لَهُفِي لِفَاطِمَةٍ قَدْ عَضَّهَا الرَّهَقُ *** فَالْعَيْنُ بَاكِيةُ و القَلبُ مُحْتَرِقُ
هَذا أَبُوها مُسَجِّى تَحْتَهُ طَبَقُ *** وَ عَنْ قَرِيبٍ يُوارِي جِسْمَهُ طَبَقُ
كَمْ كانَ يَرْفَعُها قَدْراً وَ مَنْزِلَةً *** كَمْ كَانَ يَمْطِرُها مِنْ كَفْهِ الْغَدَقُ(2)
فَالْيَوْمَ إِذْ أَطْبَقَتْ عَيْنَيْهِ غَائِلَة *** قَدْ اطْبَقَ الْقَوْمُ أَنْ يَحْطَى بِهَا الْغَرَقُ
قَدْ أَقْبَلُوا يَسْرِقُونَ الْمَجْدِ مِنْ غَدِها *** وَ يَنْهَبُونَ وَ قَدْ أَوْدى بِهِمْ حَمَقُ
وَ يَرْشُقُونَ عَلَى أَبْوابِها حَطباً *** وَ يُضْرِمُونَ بِنَارِ الْحِقْدِ مَا رَشَقُوا
هَبْتُ إلى الْبَابِ تَرْمِي نَارَهُمْ بِنَدِّى *** قَدْراحَ يُطْفِتُها مِنْ سُحْبِها الْوَدَقُ(3)
ص: 37
فَانحازَ ذُو أَنَقٍ وَ انْحَازَ ذُو حَنَقٍ *** وَ عاجَلَ الْبابَ مِنْهُ العُنْفُ وَ النَّزَقُ(1)
فَدَقْ أَضْلُعَها بِالبَابِ يَعْصِرُها *** وَ رَاحَ يَرْكُلُها قَوْمٌ غَداةَ شَقُوا(2)
يَا لِلْبَتُولِ وَ قَدْ صَارَتْ لَهُمْ غَرَضاً *** وَ كُلَّهُمْ فِي وَهادِ الْحِقْدِ قَدْ غَرِقُوا(3)
لِلْأَرْضِ قَدْ سَقَطَتْ قَدْ أَسْقَطَتْ دُرَراً *** مِنْ مُقْلَتَيْها وَ مِنْ أَحْشائِها تَلِقُ
وَ غَادَرَتْ «مُحْسِناً» مِنْ غَدْرِهِمْ مِزْقاً *** يَا لِلبَتُولِ وَ قَلْبُ الظُّهْرِ يَحْتَرِقُ(4)
غَصْبُ الْخِلافَةِ قَدْ أَعْمَى بَصَائِرَهُمْ *** لَوْلا الخِلافَة ما ضَلَّتْ بِهِمْ طُرُقُ
حَيْثُ المَطامِعُ تَحْدُوهُمْ إِلَى فَدَكٍ *** لِيَغْصِبُوها وَ إِنْ أَمْرَ السَّما خَرَقُوا(5)
ص: 38
حَبْلُ المَودَّةِ لِلْقُرْبَى قَدِ انْعَقَدَتْ *** فَما رَعَوْها (وَفَاضَ) الْحَقْدُ وَ الْحَنَقُ(1)
وَ أَغْضَبُوها وَ بَاتُوا غِبَّ غَضْبَتِها *** فِي حَيْرَةِ عَضَّهُمْ مِنْ خَوْفِهِمْ أَرَقُ(2)
وَ كَمْ تَباكَوْا وَ أَبْدَوْا عِنْدَها فَرَقاً *** فَمَا اسْتَجَابَتْ وَ لَمْ يُجِدِهِمُ الفَرَقُ(3)
مَضَوْا حَيَارَى وَ قَدْ ضَلَّتْ طَرائِقُهُمْ *** وَزَادَهُمْ رَهَقاً أَنْ حَضَهُمْ وَهَقُ(4)
ص: 39
(بحر الوافر)
الاستاذ أحمد رشيد مندو(*)(1)
إِذَا أَهْلُ العُلاَ رَامُوا السباقا *** بَنِي الزَّهْراءِ لاتَخْشَوْا لِحاقا
فَمَنْ فِي الْكَوْنِ يَلْحَقُكُمْ بِفَضْلٍ *** وَجَدُّكُمُ الَّذي رَكِبَ البُراقا؟
وَ حَلَّقَ فَوْقَ مِريخ البَرايا *** وَشَقَّ الحُجْبَ وَ السَّبْعَ الطِّباقا
وَ وَالِدُكُم أَخُوه أبُوتُرابٍ *** عَلىٌّ خَيْرُ مَنْ رَكِبَ العِتاقا(2)
وَ أَشْجَعُ مَنْ أَثَارَ النَّقَعَ فِيها *** وَهَرُ السُّمْرَ و البِيضَ الرِّقاقا(3)
وَ أَعْظَمُ كُلِّ أَهْلِ الْأَرْضِ كَرّاً *** إِذا رَحْبُ الوَغَى بِالأُسْدِ ضَاقا
وَ أَمْكُمُ التي مِنْ نُورِ طه *** إلَهُ الْعَرْشِ شاءَ لَها انْبِثاقا
و كانتْ بَضْعَةً زَهْراءُ مِنْهُ *** وَ أَفْضَلَ كلِّ مَنْ ضَرَبَتْ نِطاقا(4)
ص: 40
وَ خَالِقُها غَدَاةَ عَلَى أَبِيكُمْ *** تَولَّى عَقْدَها وَ المَهْرَ ساقا(1)
أَصارَ بِيَوْمِها البَارِي تَعالى *** لها الجَنّاتِ في الدُّنيا صَداقا(2)
ص: 41
وَ يَوْمَ الحَشْرِ حَرَّمَها عَلَى مَنْ *** لَهَا نَصَبَ العَداوَةِ وَ الشّقاقا(1)
وَ لَمْ يَجْعَلْ إِلَهُكُمُ تَعالى *** لِمنْ آذاكُمُ فِيها خَلاقا(2)
وَ يَكْفِي أَنْتُمُ السَّاداتُ فيها *** عَلَى رَغم الألى اتَّبَعُوا النِّفاقا
وَ أَنْتُمْ عِتْرَةُ الْهَادِي وَ طه *** مَعَ القُرْآنِ خَلَّفَكُمْ رِفاقا
وَ خلَّفَهُ هُدًى مَعَكُمْ وَ عَنْكُمْ *** لِيَوْمِ الْحَشْرِ لايَرْضَى افْتِراقا
وَ فَضْلُكُمُ كَنُورِ الشَّمْسِ يَأْبَى *** يَرَى مِثلاً له وَ كَفَى فَواقا(3)
ص: 42
(بحر الخفيف)
الشيخ حسن الدمستاني(*)(1)
هَلْ لِلَمَذْعِ الْجَوَى المُبرِّحِ رَاقِي؟ *** إِنَّ قَلْبِي بِنَارِهِ في احْتِراقِ(2)
صَعْدَ الوَجْدُ مُهْجَتي فَاسْتَحالَتْ *** عَبَرَاتٍ تَفِيضُ مِنْ آمَاقي(3)
و أطارتْ رِيحُ الصَّبَابَةِ رُوحِي *** فَلَها الآنَ عُلقَةٌ بِالتّراقِي
حَقَّ واللَّه أنْ أموتَ غَراماً *** لِمُصَابِي بِصِفْوَةِ الخَلاقِ
عِتْرَةِ الْمُصْطَفَى شُمُوسِ الْهُدَى بَلْ *** أَوْلِياءُ الْوَرَى عَلَى الإطلاقِ
سُلِبُوا سُلْطانَهُمْ فَاسْتَكَانوا *** سُوقةٌ في إمارَةِ الْفُسّاقِ(4)
نَكَثُوا بَيْعَةَ الْغَدِيرِ وَ أَطواق *** مَواثِيقِها عَلَى الأَعْنَاقِ
غَصَبُوا مَنْصِبَ الخِلافَةِ قَهْراً *** وَ اسْتَطَالُوا في عِزَةٍ وَ شِقَاقِ(5)
ص: 43
زَوَّجُوهَا مِنْ غَيْرِ كَفْوِ وَ كَانَتْ *** تَحْتَ كُفْوِ مُهَذَّبِ الأَخْلاقِ
أَلَهُمْ فَسْخُ عَقْدِهَا حَيْثُ شَاؤوا؟ *** فَانْبَرتْ بائِنَا بِغَيْرِ طَلاقِ(1)
قَلدُوا أَمْرَهُمْ... وَ جَاؤوا *** تَحْتَ ظِلَّ الْمُجَرْداتِ الرِّقاقِ(2)
وَ ادْعَوْا بَعْدَهَا الوفاقَ وَ لاَرَيْب *** ظُبا الهِنْدِ جَالِبَاتُ الوِفاقِ(3)
لَسْتُ أَنْسَى إِذْ مَهْبِطُ الْوَحْيِ فِيهِمْ *** مُسْتَباحُ لِلهَتْكِ وَ الإحْراقِ(4)
بِأَبِي مَوثِق الأُسُودِ مُهَاناً *** مُسْتَضاماً مُلبَّباً في وِثَاقِ(5)
ص: 44
قَائِلاً مِثْلَ قَوْلِ هَارُونَ لَمّا *** خَالَفَ القَوْمُ قَوْلَهُ بِاتِّفاقِ
إِنَّ قَوْمِي اسْتَضْعَفُونِي وَ كَادُوا *** يَقْتُلُونِي فَاللَّه لِي خَيْرُ وَاقِ
بِأَبِي فاطِمُ الجَلِيلةُ قَدْراً *** في احْتِقَارٍ وَ قَلْبُهَا فِي احْتِراقِ(1)
نَطقَتْها صُمُ السَّبَاطِ نِطَاقاً *** مَا سَمِعْنَا بِمِثْلِهِ مِنْ نِطَاقِ(2)
وَ لَقَدْ أَسْقَطَتْ بِمِصْرَاعِ بَابٍ *** حَمْلَهَا فَهيَ للأذى في اخْتِنَاقِ(3)
ص: 45
(بحر الكامل)
الشيخ عبد الأمير النصراوي(*)(1)
يا سِرُّ قَدْ هَامَتْ بِكَ الْعُشَاقُ *** يَا مَنْ إِلى نَيْلِ الْعُلَى سَبَاقُ
أفْدِيكَ في رُوحِي وَ كُلِّ جَوارِحِي *** قَلبي إِلَيْكَ عَلَى المَدَى تَواقُ
أَنْتَ العُلَى وَ في عُلاكَ تَفاخُرٌ *** وَ إلى سَماكَ تَهزُّنِي الأَشْواقُ
أَنْتَ أَبْنُ مَكّةَ مَنْ وُلِدْتَ بِبَطْنِها *** وَ عَلَى تُرابِكَ يَنْحَنِي العِمْلاقُ
أَنْتَ الْكِتَابُ وَ سِرُّهُ وَ بَيانُهُ *** بَلْ أَنْتَ مُعْجِزَةٌ لَهُ مِصْداقُ(2)
فِيكَ الْعُقُولُ تَحَيَّرتْ وَ تَبَصَّرَتْ *** وَ إِلَى عُلاكَ تَطاوَلَتْ أَعْناقُ
عَادَتْ مُطَاطِنَةً إِلَيْكَ رُؤُوسَها *** تَهْوِي عَلَيْكَ تَواضُعاً تَنْساقُ
فِي كُلِّ مَعْرَكَةٍ تَخُوضُ غِمَارَها *** وَ أَمَامَ بَأْسِكَ جُنْدُها أَوْراقُ
وَ تُحَتُمُ المَوْتَ الزوامَ عَلَى الْعِدَى *** تَقْضِي بها حُكْماً وَ أَنْتَ بُراقُ(3)
في حُبِّكَ المَولودُ يُولَدُ طَيِّبا *** طابَتْ بِه الآباءُ و الأَعْراقُ
وَإِلى صَرِيحِكَ كَمْ أنَا مُتَلَهُفٌ *** وَ إِلى مَزارِكَ كَمْ أَنَا مُشتاقُ
لكنَّنِي زُرْتُ البَقِيعَ بِلَهْفَةٍ *** وَ بِحَسْرَةِ رُوحِي إِلَيْهِ تُساقُ
فَسَأَلْتُ عَنْ قَبْرِ الْبَتُولَةِ فَاطِمٍ *** أَمْشِي وَ كُلُّ عَواطِفِي أَشواقُ
ص: 46
قالُوا غَدًا ذاكَ الصَّرِيحُ مُغَيَّباً *** قَدْ غَيَّبَتْهُ غِوَايَةٌ وَ نِفَاقُ(1)
إِنَّ الألى غَصَبوا البَتُولَةَ حَقَّها *** مِنْ يَوْمِهِمْ بَدَتِ الدِّماءُ تُراقُ(2)
ص: 47
رُوحِي فِداها رُوِّعَتْ مِنْ ظُلْمِهِمْ *** وَ الظَّالِمُونَ لِرُشْدِهِمْ ما فاقُوا(1)
يَا سَيِّدِي قَسَماً عَلَيْكَ بِفَاطِمٍ *** أُمّ الأيمَةِ مَنْ لَهَا إِشْفَاقُ
يَا سَيِّدي كُنْ لي مُعِيناً في غَدٍ *** يَوْمَ الْمَمَاتِ إِذا يَحِينُ فِراقُ
ص: 48
(بحر الكامل)
الشيخ عبد الكريم صادق(*)(1)
كَمْ سارَ خَلْفُكَ يا عَلِيُّ الفَيْلَقُ *** وَ لِواءُ أَحْمَدَ فَوْقَ رَأْسِكَ يَحْفُقُ
وَ أَمَامَكَ الرُّعْبُ الَّذي كَمْ أُرْعِدَتْ *** مِنْهُ الفَرائِصُ وَ الصَّوارِمُ تَبْرقُ(2)
وَ غِرارُ سَيْفِكَ كَمْ غَدَتْ لِهَوِيِّهِ *** تَهْوي الرِّجالُ عَلَى الْوُجُوهِ وَ تُصْعَقُ
فتَطيرُ جُمْجُمَةٌ وَ يَنْدُرُ كَاهِلُ *** وَ سَواعِدٌ تَهْوِي وَ تَسْقُطُ أَسْوُقُ
وَ فُتوحُ أَحْمَد كُلُّها لَكَ تَنْتَمِي *** إِذ مِنْكَ فُضَّ رِتاجُها المُسْتَغْلِقُ
لَوْلاكَ مَا حَجَّ الحَجِيجُ مُلبياً *** وَ سَرَتْ بِهِمْ نَحوَ الْحُجُونِ الأَيْنُقُ
وَ عَلَا عَلَى الْبَيْتِ الْحَرامِ بِلالُهُمْ *** مِنْهُ الأذانُ بُيُوتَ مَكَّةَ يَخْرِقُ
وَ غَدا طَرِيدُ قُرَيْشٍ مالِكَ أَسْرِهِمْ *** وَ لِعَظفِهِ مَدُّوا الْعُيُونَ فَأَطْلَقُوا
وَ الشِّرْكَ أَنْتَ مَحقَّتَهُ وَ بكَ الهُدَى *** رَسَخَتْ قَواعِدُهُ التى لاتُمْحَقُ(3)
لَكَ هَذِهِ إِحْدَى مَنا قِبِكَ الّتي *** لَيْسَتْ تُعَدُّ و شَاوُها لايُلْحَقُ
كُمْ رَامَ قَوْمٌ دَرُكَ شَوْطِكَ في العُلى *** لكنَّهمْ طَلَبُوا المُحالَ فَأَخْفَقُوا
آخاكَ أَحْمَدُ يَوْمَ آحَى بَيْنَهُمْ *** وَ بِكُلِّ شَكْلٍ شَكْلُهُ هُوَ أَلْيَقُ
ص: 49
وَ حَبَاكَ بالزَّهْرَاءِ إِذْ خُطَابُها *** رُدُّوا وَ قَدْ نَكَسُوا الرُّؤْوسَ وَ أَطرَقُوا
إذْ كُنْتَ وَحْدَكَ كُفأها وَ بَنُو الْوَرَى *** طُرّاً لِشَأْوِ مَقامِها لَمْ يَرْتَقُوا
هِي تِلْكَ سَيْدَةُ النِّسَاءِ وَ فَضْلُها *** كَالشَّمْسِ وَضَاحُ المَباسِم مُشْرِقُ(1)
وَ هْيَ التي مِنْ كُلِّ رَجُسٍ طُهَرَتْ *** فَالرّجُسُ في أَذْيالها لا يَعْلَقُ(2)
هِيَ رَبَّةُ الشَّرَفِ الأَصِيلِ وَ مَنْ لَها *** شِيمُ بِعَرْفِ شَذا النُّبُوَّةِ تَعْبَقُ(3)
و الدُّرَّةُ العَصْماءُ في التَّاجِ الذي *** لِلْفَخْرِ مِنْهُ غَدا يَزانُ المَفْرِقُ
وَ هْيَ الّتي في الأرضِ عَقْدُ زَواجِها *** فَرْعُ لَعَقْدٍ فِي السَّمَا هُوَ أَسْبَقُ(4)
راحيلُ يَخْطِبُ وَ المَلائِكُ شُهَّدٌ *** واللَّهَ يَمْهَرُها الجِنانَ و يَصْدِقُ
وَ الحورُ تَنْثُرُ فَوْقَهَا طُوبَى الحُلَى *** فَمُقَرِّطُ منها بها و مُطَوَّقُ(5)
ص: 50
هِي تِلْكَ زَهْرَاءُ الْجَبِينِ فَنُورُها *** يُمْحَى بِهِ حَلَكُ الظَّلامِ المُطبِقُ(1)
كُمْ شَعَّ في مِحْرَابِها وَ اللَّيْلُ قَدْ *** أَرْخَى السُّدُولَ وَ دَمْعُها يَتَرقْرَقُ
هِيَ فيه راكِعةٌ و ساجدَةٌ *** وَ رَافِعةُ الدُّعاءِ لِرَبِّها تَتَحَرَّقُ
هِيَ مَنْ لَها مِنْهُ الشَّفَاعَةُ فِي غَدٍ *** فَتَفُكُ أَسْرَ الخاطِئِينَ و تُطْلِقُ(2)
وَإِلَى الْجِنانِ تُزَفُّ بِنْتُ محَمّدٍ *** زَفَّ الْعَرُوسِ وَ كُلُّ طَرْفٍ يَرْمُقُ
في هَوْدَجِ مِنْ جَوْهَرِ أَرْكَانُهُ *** وَ سِتارُهُ الدِّيباجُ و الإِسْتَبْرَقُ
وَ الحُورُ مِنْ طَرَبٍ تَميلُ و تَنْتَنِي *** رَقصاً وَ أَوْرَاقُ الجِنانِ تُصَفِّقُ(3)
ص: 51
(بحر الوافر)
الأستاذ علي محمد الحائري(*)(1)
عَلَى ذِمَم المُروءَةِ ما أُلاقي *** أُذَمُّ لَهَا وَ لاتَأْلُو رِهاقِي(2)
نَوَارٌ تَخْلِسُ الْحَسَنَاتِ مِنّي *** لِتُرْجِعَها إِلى بُغْضِ الشَّقاقِ(3)
وَ تُلْجِئُنِي الضَّرُورَةُ فِي كَثِيرٍ *** مِنَ الخَلَاتِ أَنْ أَنْسَى احْتِراقِي
وَ لَسْعُ الجَمْرِ يَنْخُرُ في أَتُونِي *** وَ نَارُ الْيَأْسِ تُصْلِي مِنْ حِداقي(4)
وَ لَيْسَتْ خُلَّتى فَرْكاً لِصَوْنِي *** وَ لاالتَّنْهِيزُ ضِئْراً مِنْ خَلاقِي(5)
أَرُومُ مِنْ مَناسبَ جاذَبَتْني *** إلى عُمقِ الْفَضِيلَةِ وَ اللّياقِ(6)
أَبَتْ دَهْياءَ كَاسِفَةً أَلَمَّتْ *** وَلَكِنْ فَاتَها شَمَاً خِناقي(7)
وَ لا أُدْلِي بِدَلْوِي في قَلِيبٍ *** تَأَسَّنَ مِنْ مُجاجَاتِ النِّفاق(8)
شَرِبْتُ دَمِي عَلَى ظَمأٍ حِذاراً *** مِنَ الْكَأْسِ المُرَنَّقِ في الدّهاقِ(9)
ص: 52
وَ أَسْبَلْتُ الْجُفُونَ وَ قَدْ تَلالَتْ *** قَنادِيل بأطياف رِقاقِ
يُواعِدْنَ الْمُذَذِبَ بِالأَمانِي *** وَ يُوعِدْنَ المُخاتِلَ بِالمِحَاقِ(1)
وَ يَنْثُرْنَ الحَدَائِقَ زَاهِياتٍ *** عَلَى مُقَلٍ مُلَبَّدَةٍ طِباقِ
فيا عَجبي لِشِدْقِ الذُّنْبِ يُخْفِي *** نَواجِدَهُ وَ يَركَنُ لِلْوِفاقِ(2)
وَ يَا أَسْفِي عَلَى الأحلام ألاّ *** أُعَيْف طَيْرَهُنَّ إِلَى المَراقِي
وَ يَا قَدَمَيَّ أنْ تَطَارِ مَالاً *** عَلَى الرَّمْضَاءِ دَامِيَةَ الْمُساقِ؟
لَشَلَّتْكِ الخُطُوبُ وَ لاأُبالي *** وَ لَوْ كُنَّ الأوابِدُ مِنْ رِفاقي
وَ خُضْتُ بِكِ الْمَنايا كَالِحاتٍ *** وَ لَوْ جُوبِهتُ مِنْ ضُنَنِ الإباقِ(3)
أُذِيقُكِ مِنْ وَجَا أَلَمِ التَخَطَّي *** عَلَى حَسَكِ التَّغَرُّبِ في الزَّقاقِ
وَ أَبْلُو مِنْكِ في الكَبَواتِ صَبْراً *** يُبَرِّحُ غِبَّ أَوْ شَابِ المَذاقِ(4)
أَلَسْتِ عَلَى المَحَجَّةِ مِنْ وَلاءٍ *** لآلِ الْبَيْتِ وَ القمَمِ السِّماقِ
فَكُونِي نِدَّ شَأْوِكِ فِي هَواهُمْ *** وَ لُزِّي خَيْرَ خَيْلِكِ لِلسِّباقِ
ويا لسِناً تَجَلْبَبَ مِنْ يَرَاعِ *** وَ وَرَّثَ مِنْ بَلاغاتٍ عِتاقِ(5)
هُنا في ساحَةِ الزَّهْرَاءِ يَحْلُو *** طِرادُكَ فَالْتَمِسُ جُنْحَ البُراقِ
و حُتَّ خيارَ شِعْرِكَ في هَواها *** بِمَضَمَارَيْنِ مُحْتَرِمٍ وَ بَاقي(6)
ص: 53
تَرَى الدُّنيا مُوَثَقَةً عُراها *** وَ آلُ الْبَيْتِ خَيْرُ عُرا وِثاقِ(1)
وَ مَنْ وَالَى البَتُولَ وَ لاذَمِنْها *** إِلى أُفُقِ الفَضِيلَةِ وَ الوفاقِ
يُثَابُ الجَنَّتَيْنِ عَلَى هَواها *** رِضَاءِ اللَّهَ وَ الذِّكْرِ البَواقِي
وَ يَا عَيْنُ امْنَجِي الزَّهراءَ دَمْعاً *** فَواتِقُهُ تَجِلُ عَنِ الرِّتاقِ
فَمَا أَشْنا الحِباسَكِ في الطَّوايا *** وَ مَا أخرَى انْهمَا لَكِ في المَاقِي
ص: 54
(7) يا رب جئتك أشتكي
(بحر الكامل)
الشيخ ملا علي آل رمضان(*)(1)
يَوْماً بِهِ تُطوى السَّما مِنْ بَعْدِ ما *** تُمْحَى ثَواقِبُها مِنَ الآفاقِ(2)
وَ الْخَلْقُ تُحْشَرُ في صعيدٍ واحدٍ *** يَغْلي و ليس لَهُمْ به مِنْ وَاقِي
وَ بِه إلى الْجَبَّارِ تَأْتِي فاطمٌ *** مِنْ حُزْنِها مَشْقُوقَةَ الأَزْيَاقِ(3)
تَدْعُو و أَدْمُعُها عَلَى وَ جَناتِها *** لِمُصابها تَجْرِي مِنَ الآماقِ(4)
يا رَبِّ جئْتُكَ أَشْتَكِي مَغْصُوبَةٌ *** مِنْ إِرْثِ طهَ َوالِدِي اسْتحقاقِي(5)
ص: 55
وَ بِمَنْزِلِي هَجَمُوا عَلَيَّ وَ أَخْرَجُوا *** مِنْهُ عَليّاً طيب الأَعْراقِ(1)
مِنْ دارِهِ ساقُوهُ وَ هُوَ مُلَبَّبٌ *** مُتَكَاثِرِينَ عَلَيْهِ، أَي مَساقِ
فَرَجَعْتُ كاظِمَةً وَ لَمْ يُصْغَ إلى *** قَوْلِي وَ فَاضَتْ بالدُّموع أماقِي
فَتَتبَّعوا بِالْقَتْلِ إبْنَاهُ وَ لَمْ *** تُبْقِ لَهُمْ عُصَبُ الضَّلالِ بَواقي
قَتَلُوا ابنهُ الحَسَنَ الزَّكيَّ الْمُجْتَبَى *** بالسُّمُ يَا رَبَّاهُ بَعْدَ فِراقي
وَ بِكَرْبَلا قَتَلُوا حُسَيْناً ظَامِناً *** و الما بِخُمْسِ الْأَرْضِ كَانَ صَداقي(2)
وَ مُخَدَّراتِي شَهْرُوها بَعْدَهُ *** مشقوقَةَ الأَزْياقِ في الأَسْواق
يَسْتَرْنَ بِالأَيْدِي الوُجوهَ لأَنَّها *** عَن أَعْيُنِ الأعْدا بِغَيْرِ رِواقِ(3)
ص: 56
زَفَرَاتُها المُتَرادِفاتُ طَعَامُها *** وَ شَرابُها مِنْ دَمْعِها المُهْراقِ
تُطوى بها بيدُ الشهولِ هَدِيَّةً *** لِيَزيدَ وَ هُيَ عَلَى ظُهُورِ نِياقِ
وَ كَريمُ كافِلِها يَلُوحُ أمامها *** يَحْكِي بُدورَ التِّمْ بالإشَراقِ
فَإِذَا رَأَتْهُ تَناثَرَتْ عَبَراتُها *** أَسَفاً عَلَيْهِ دَماً مِنَ الأَحْداقِ
و عَلَيلُهَا زَيْنُ العِبَادِ مُصَفَّداً *** مُصنِّى أسيراً في أشدّ وثَاقِ
يَدْعُو الحَوادِي وَيْلَ أَمْكُمُ ارْحَمُوا *** ذُلّي فَإِنَّ القَيْدَ جَرَّحَ سَاقِي
فَتُساقُ أَعْداها إلى أقْصى لَظَى *** مَغْلُولةَ الأَيْدِي إِلَى الأَعْنَاقِ(1)(2)
ص: 57
ص: 58
ص: 59
ص: 60
(بحر الطويل)
الأستاذ عبد العزيز العندليب(*)(1)
علَيْكِ سَلامُ الله في يَوْمِ ذِكْراكِ *** وَ رَحْمَتُهُ يا بَضْعَةَ المُصْطَفَى الزَّاكِي(2)
وَ يا (لَيْلَةَ القَدْرِ) التي دُونَ قَدْرِها *** وَ إدراك معنى كُنْهِ ما كُلُّ إِدراكِ(3)
وَ يا آيةَ (الفَجْرِ) الذي نَسَمَاتُهُ *** إلى أَبَدِ الآبادِ تُنْبِي بِرَيَّاكِ(4)
وَما قَدْرُ قَوْلي فِيكِ يا خيرةَ النِّسا *** وَ رَبُّكِ عَنْ مَدْحَ البَرِيَّةِ أَغْناكِ(5)
وَ ذُلِكَ إِذْ أَثنى عَلَيْكِ مُمَجْداً *** بِمُحْكَمِ آيَاتِ الكِتابِ فَأَعْلاكِ
ص: 61
فَفِي (آيَةِ القُرْبَى) بِفَرْضِ مَوَدَّةٍ *** و (هَلْ أَتى) بَعْضُ الذي هُوَ آتاكِ(1)
وَ أَذْهَبَ قِدْماً عَنْكِ كُلَّ دَنِيَّةٍ *** وَ صَفَاكِ عَمَّا عُدَّ رِجْساً و أَصْفاكِ(2)
وَ لَقَبَكِ المُخْتَارُ (سيدة النسا) *** وَ بِالعِزَّ وَ العَلْياءِ و المَجْدِ أَوْلاكِ(3)
فَنِلْتِ مِنَ الفَخْرِ التَّلِيدِ بِأَحْمَدٍ (صلي الله علیه و آله و سلم) *** وَ حُزْتِ مِنَ الفَضْل الطَّرِيفِ بِتَقْوَاكِ(4)
وَ لَمْ أَرَ في مَعْناكِ وَصْفاً وَ إِنَّما *** يَتِيهُ ذَوُو الْأَلْبَابِ فِي وَصْفِ مَعْناكِ
ص: 62
وَ ما اللَّيْلُ إلا مِنْ حَيائِكَ آيَةٌ *** وَ ما الصُّبْحُ إِلا لَمْعَةٌ مِنْ مُحيَّاكِ(1)
وَ أَنْتِ لِخَيْرِ الخَلْقِ فِي الحَقِّ كَوْثَرٌ *** بِرَغْم عَدُوٍّ شانِي جِدَّ أَفَاكِ(2)
فأَعْطَاهُ مِنْكِ الله نَسْلاً مباركاً *** وَ فِيكِ لَهُ النُّعْمى واللَّه نُعْماكِ
فيا مَطلَعَ الأَقْمارِ في أُفُقِ الهُدَى *** تَبَدَّدَ مِنْ أنْوَارِها كُلُّ إحْلاكِ(3)
وَ يا مَجْمَعَ البَحْرَيْنِ وَ الدُّرِّ فِيهِما *** وَ يا مَنْبِتَ الأَزْهَارِ مِنْ دُونِ أَشْواكِ
حَباكِ الَّذِي سَوَّاكِ ذاتاً كَريمةً *** فَسُبْحانَهُ مِنْ جَوْهَرِ القُدْس سَوَاكِ(4)
و خَصَّكِ منه بالمَكارِمِ كُلِّهَا *** وَ كُلُّ المَعالِي وَ المَحامِدِ أَعْطَاكِ(5)
ص: 63
يَتِيهُ ذَوُو الْأَلْبابِ في وَصْفِ مَعْناكِ *** وَ يَعْيا الوَرَى عَنْ ذِكْرِ بَعْضِ سَجاياكِ(1)
وَ حَسْبكِ أَنَّ الله يَسْخَطُ لِلَّذِي *** سَخَطَتِ وَ يَرْضَى بِالَّذِي كَانَ أَرْضاكِ(2)
و ما ابْنَةُ عِمْرَانٍ بِرَغْمِ جَلالِها *** لِتَرْقَى إِلَى أَدْنَى مَاتِبِ مَرْقاكِ(3)
و ما أُمَّ إِسْمَاعِيلَ (هاجَرُ) في العُلَى *** بِبالِغَةٍ مِعْشَارَ مِعْشَارِ عَلْيَاكِ(4)
وَ كَيْفَ وَ خَيْرُ المُرْسَلِينَ مُحَمَّدٌ (صلي الله علیه و آله و سلم) *** أَبُوكِ وَ سِبْطاهُ الإمامانِ إبْناكِ؟
و ما في النِّسا في العالَمِينَ بِأَسْرِها *** لِحَيْدَرَةِ كُفْو إلى الحَشْرِ لَوْلاكِ(5)
وَ أَنْتِ وِعاءُ لِلإِمَامَةِ فَالأُلى *** هُمُ صَفْوَةُ البارِي مِنَ الخَلْقِ أَبْناكِ(6)
ص: 64
وَ هُمْ حُحَجُ البارِي تَعَالى عَلَى الوَرَى *** فما كانَ أَسْمَاهُمْ بِحَقِّ وَ أَسْماكِ(1)
وَ لا عَجَباً أَنْ كانَ يَدْعُوكِ أَحْمَدٌ(صلي الله علیه و آله و سلم) *** بأمَّ أَبِيها فَهُوَ بِالصِّدْقِ سَمَاكِ(2)
فَعِتْرَةُ طَهَ نَفْسُهُ دُونَ رِيبَةٍ *** وَ لَيْسَ لَهُمْ أُمّ و لا رَيْبَ الآكِ(3)
فيا بَضْعَةَ الهادِي الأمينِ تَحِيَّةٌ *** مبارَكَةٌ في عِيدِ مَوْلِدِكِ الزَّاكي(4)
ص: 65
أَتَيْتِ فَعَمَّ الكَوْنَ نُورٌ وَذبَهْجَةٌ *** وَفاحَ عَلَى الدُّنْيا أَرِيجُ الهُدَى الذَّاكِي(1)
وَ قَدْ بَعَثَ الرَّحْمَنُ حُورَ جِنانِهِ *** وَ خَيْرَ نِساءِ الخُلْدِ كَيْ تَتَلَقَّاكِ
وَ قالَ لَهُنَّ اهْبِطَنَّ بالبِشْرِ وَ الهَنا *** إلى بَيْتِ طَهَ (صلي الله علیه و آله و سلم) وَ هْوَ مَهْبِطُ أَمْلاكِ
فَجِئْنَ وَبَلَّغْنَ السَّلامَ (خَدِيجَةٌ) *** وَ قُلْنَ لَها بُورِكْتِ فَالْخَيْرُ و افاكِ
فلا تَحْزَنِي وَ اسْتَبْشِرِي بِوَلِيدَةٍ *** مُبارَكَةٍ مَيْمُونَةٍ هِيَ زَهْراكِ
بِفاطِمَةٍ خَيْرِ النِّساءِ وَ إِنَّها *** هِيَ التَّحْفَةُ المُهْداةُ مِنْ عِندِ مَوْلاكِ
وَذِي أُمُّنا حَوْا، وَها أَنا مَرْيَمٌ *** وَ تلكَ صَفُوراءٌ وَ هاجَرُ أُخْتاكِ
أَتيْنا نَلِي عِنْدَ الوِلادَةِ مِنْكِ ما *** تَلِيهِ النّساءُ مِمَّنْ يَلِدْنَ فَبُشْراكِ
فَوَلَّدْنَها وَ الكَوْنُ يَعْمُرهُ السّنا *** وَقَرَّ رَسُولُ الله (صلي الله علیه و آله و سلم) عَيْناً بِلُقياكِ
فيا بنتَ خَيْرِ الخَلْقِ مِنْ وُلْدِ آدَمٍ *** عَلَيْكِ سلامُ الله في يَوْمِ ذِكْراكِ
ص: 66
و يا نَفَراً ما كانَ لَوْلاً وَجُودُهُمْ *** سَماء وَ لاالأَرْضُ وَ لادُورُ أَفْلاكِ(1)
غَدا حُبُّكُمْ مِنْ أَضْلَعِي مُتَمَكِّناً *** وَ سارَ بها كالكهرباء بِأَسْلاكِ
وَ حَسْبِيَ أَنِّي في الوَلاءِ مُوَحُدٌ *** لَكُمْ وَ أرى في الغَيْرِ مِدْحَاةَ إِشْرَاكِ
عليكُمُ سَلامُ الله ما ذَرَّ شارِقٌ *** وَ ما ناحَتِ القُمْرِي شَجُواً عَلَى الرّاكِ(2)
لَقَدْ فَازَ مَنْ والاكِ يا بَضْعَةَ الهُدَى *** وَ قَدْ خَابَ يَوْمَ الحَشْرِ مَنْ كانَ ناواكِ(3)
و تَعْساً لقوم ضَيْعُوا فِيكِ أَحْمَداً *** وَ ما قَالَهُ إِذْ كَدَّرُوا صَفْوَ دُنياكِ(4)
ص: 67
تَجرَّعَتِ أصناف الأذى مِنْ عِصابَةٍ *** أَرَتْكِ مِنَ الظَّيْمِ الكَثِير فَأَضْناكِ(1)
فَقَدْ حاوَلُوا أَنْ يَمْنَعُوكِ عَنِ البُكا *** عَلى المُصْطَفَى المختارِ إذْ طَالَ مَبْكاكِ(2)
كما منعوك الإِرْثَ في (فَدَكِ) و قَدْ *** أَتاهُمْ بِهِ الوَحْيُ المُؤَيِّدُ دَعْواكِ(3)
و كَمْ أَظْهَرُوا مِنْ خِشَةٍ وَدَناءَةٍ *** فما كانَ أَدْنَاهُمْ نُفوساً وَ أَعْلاكِ(4)
ص: 68
و ما كانَ أَقْسَى القَوْمِ حِينَ تَجَمَّعوا *** عَلَيْكِ وَ بِالنِّيرانِ أُخْرِقَ مَأْواكِ(1)
و إِذْ أَسْقَطُوا مِنْكِ الجَنِينَ وَ يا لَهُ *** مُصابٌ جَليلٌ قد دهاكِ فَأَوْهَاكِ(2)
إلى أَنْ قَضَيْتِ النَّحْبَ بِالحُزْنِ وَ الأَسَى *** وَ أَخْفى عَلِيٌّ خِيفَةَ القَوْمِ مَثْواكِ(3)
لَئِنْ يَكُ لايُدْرَى لِقَبْرِكِ مَوْضِعٌ *** فَقَبْرُكِ فِعْلاً في قُلُوبِ أَحِبَاكِ
ص: 69
قَدْ أَطالَ السُّهادَ طُولُ نَواكا *** فَمَتى تَسْعَدُ الوَرى بِلِقاكا؟
وَ أَسالَ القُلُوبَ منّا عُيوناً *** مُعْصراتٍ مِنَ العُيُونِ هَواكا؟(1)
يا إمامَ الهُدَى وَ خَيْرَ مَلِيكٍ *** جَعَلَ الله جُنْدَهُ الأَمْلاكا
غِبْتَ عَنْ أَنْفُسٍ قَضَتْ فيكَ صَبْراً *** وَ هُيَ مُشتاقة إلى مَرْآكا
إلى أن يقول :
فقضى المُصْطَفَى عَظِيمَ مُصابٍ *** جَلَّ خَطْبٌ دَهَى الهُدَى و دهاكا
أنَبِيُّ أُنِيبَ في فادحاتٍ *** ما أُنِيبَ النَّبِيُّ لا وعُلاكا
ما لَقِي المُرْسَلُونَ في الدَّهْرِ إِلَّا *** بَعْضَ بَلْوَى مُحَمَّدٍ وَ بَلاكا
بَثَّ فِي قَوْمِهِ الهُدَى فَعَدَوْهُ *** عَنْ فُسُوقٍ كَمَنْ ضَلالاً عِدَاكَا
أَوَ تَنْسَى ما أَحْدَثُوهُ قَدِيماً *** وَ حَدِيثاً مِن الشّقاقِ انْتِهاكا
أَوَ تَنْسَى حاشاك ما قَدْ جَنَى الجِبْتَانِ *** فِي غَصْبِ فاطم حاشاكا(2)
أَوَ تَنْسَى إِذْ لَبَّبُوا صِنْوَطه *** و أَباحا حِمَى الوَصِيِّ حِماكا(3)
أَوَ تَنْسَى إِذْ أَوْقَفاهُ مُقاداً *** مُوثَقاً في بُنُودِهِ إمْساكا
فَدَعَا بِالنَّبِي دَعْوَةً هارونَ *** لِموسَى إِذْ كَانَ هَذا كَذاكا
قَائِلاً: يَابْنَ أُمِّ وَ البَضْعَةُ الزَّهْراءُ *** تَقْفُو الوَصِيَّ عدواً أباكا(4)
ص: 71
هؤلاء المَلا قَدِ اسْتَضْعَفُونِي *** كَوَصِيِّ الكَلِيمِ عِندَ أُولاكا
ما دَرَوْا أَنَّكَ ابْنُ أُمِّي قُرْباً *** حَيْثُ أُدْعَى دونَ الأَنامِ أَخاكا
أَنْكَرُونِي مِنْ بَعْدِ أَنْ عَرَفُونِي *** آنفاً أَنَّني هُدًى مُرْتَضاكا
جَهِلُوا مِنكَ مَنْزِلِي بَعْدَعِلْمٍ *** مِنْهُمُ أنَّ لِي مُقامَ عُلاكا
وَدَروْا أَنَّنِي الأَمِيرُ عَلَيْهِمْ *** يَوْمَ حُمُ إِذْ بايَعُونِي هُناكَا
نَكَثُوا عَهْدَكَ الوَثِيقَ انْتِقاضاً *** وَ بِسُخْطِ الإِلهِ باؤُوا ائتِفاكا
غادَرُونِي غَدْراً حليف شُجُونٍ *** حَيْثُ قَدْ أَعْرَضَ الوَرَى عَنْ هُداكا
وَ أَرادُوا إطْفاءَ نُورِكَ بَغْياً *** و أبى رَبُّكَ انْطِفَاءَ سَناكا(1)
ما كَفَاهُمُ عَزْلي عَنِ الحَقِّ حَتَّى *** غَصَبُوا فاطِماً وَ أَعْفَوْا بِناكَا
مَزَّقُوا الصَّكَّ وَ اسْتَباحُوا حِمَى *** رِبِّكَ في هَضْمٍ فاطِمٍ و حِماكا(2)
وَ أَراعَ الجِبْتَانِ بِنتَكَ ظُلماً *** وَ يتَرْويعِها أَسَى رَوَّعاكا
أَوْجَعاها بِالسَّوْطِ قَرْعاً وَ ضَرْباً *** مُؤلِماً جِسْمَها كَما أَوْجَعاها(3)
جَرَّعاها كَأْساً أمر من الصّابِ *** مَذاقاً كَما الرَّدى جَرَّعاکا(4)
ص: 72
كَيْفَ يَابْنَ الوَصِيِّ لاتضْرِم النَّارَ *** على مَنْ لظى الأَسَى أَصْلَياكا(1)
أو تَنْسى إذ أَضْرَما النَّارَ بالبابِ *** وَ عَصْرَ البابِ الّذي أشْجاكا
کَسَرا ضِلْع فاطِمٍ أسْقَطاها *** مُحْيِناً هَیّجا أَساها هُناکا(2)
غادَراها عَلِيلَةَ الجِسْمِ غَدْراً *** مِنْ عَناها لا تَسْتَطيعُ حِراكا
فَقَضَتُ بالشُّجُونِ وَ الظُّلْمَ مِمَّنْ *** عَنْ مُوالِيكَ نَيْراً غَيْباكا
قَدْ قَضَتْ نَحْبَها نَحيباً مِنَ الجِبْتَيْنِ *** تَيْمِ الضَّلالِ وَ ابْنِ صَهاکا(3)(4)
ص: 73
(بحر الخفيف)
الأستاذ عبد القادر الجيلاني
لاَ وَربِّي، وَ حَقِّ طه أَبِيكِ *** لايَطِيبُ المَديحُ إلّا فيكِ
بَضْعَةُ المُصْطَفى وَ للجزءِ حُكْمُ الكُلِّ *** يُرْضِيهِ كُلُّ ما يُرْضِيكِ(1)
فَلْذَةٌ مِنْهُ فِي المَشاعِر و الإحساس *** يُؤذِيهِ كُلُّ ما يُؤذِيكِ(2)
إنْ بَدَتْ مَسْحَةٌ مِنَ الحُزنِ يَوْماً *** في مُحَياكِ شُوهِدَتْ في أَبِيكِ(3)
وَحدةُ الذَّاتِ لِمْ يَنلُها انْفِصامٌ *** وَ هُيَ سِرٌّ وَرَثْتِهِ لِبَنِيكِ
***
ص: 74
أنتِ شِبْهُ النَّبِيِّ في كُلِّ شَيْءٍ *** يَشْهَدُونَ النَّبِيَّ إِن شاهَدُوكِ(1)
أنتِ رَيْحَانَةُ النَّبِيِّ إذا ما *** شَمَّهَا سُر، كَيْفَ لا يُدْنِيكِ؟(2)
حينما تُقبِلينَ يَنْهَضُ مَسْرُو *** راٌ وَ مِنْ بَحْرِ عَظفِهِ يَرُويكِ
رُتْبةٌ دُونَها المَراتِبُ فِي القُرب *** وَ فَضْلٌ منَ الإِلهِ المَليكِ(3)
رُتْبةٌ الخرَجَتْ ضَعَائِنَ أَقْوامٍ *** فَبَثُوا الأَحقادَ بالتَّشكِيكِ(4)
***
ص: 75
فَسَّرُوا قَوْلَهُ «المودةَ في القُرْبى *** بِقُرْبَى الجَمِيعِ، لا بِذَوِيكِ
و أَحادِيثَ أَنْكَرُوها وَ أُخْرَىٰ *** ضَعَّفُوها لأَنَّها تَعْنِيكِ
حَسَداً مِنْهُمْ وَجَهْلاً فَلَوْلا *** جَهْلُهُمْ بِالمَقامِ ما حَسَدُوكِ
لَوْ أَحَبُّوا أَباكِ حَقّاً أَحَبُّو *** لكِ ويَقْلِيهِ كُلٌّ مَنْ يَقْلِيكِ(1)
فَهِمُوا مِنْ «لَوْ أَنَّ فاطمَ» فَهُماً *** وَ مِنْ جَهْلِهِمْ بِهِ انْتَقَصُوكِ
ضَرَبَ المُصْطَفَى بكِ المَثَلَ الأعْلَى *** و هذا التَّفْضِيلُ لَوْ أَنْصَفُوكِ
***
ثُمَّ قَالُوا أَزْواجُهُ «أَهْلُ بَيْتِ» *** قَدَّرُوهُنَّ بالَّذي قَدَّرُوكِ
وَ«حديثُ الكِساءِ» خَصَّصَ مَعْنى *** الآلِ فِي ابْنَيْكِ و الوَصِيِّ وَ فِيكِ(2)
وَ «حَدِيثُ الكساءِ» حِصْنٌ مَنيعٌ *** وَ هُوَ سُورٌ من كلِّ «رِجْسِ» یَقیِکِ
وَ «حَديثُ الكساءِ» تاجُ مِنَ المُختارِ *** يُزْرِي بتاج كُل المُلُوكِ
وَ دَلِيلُ التَّطْهِيرتاجٌ من اللَّهِ *** فَتِيهي بِفَضْلِ مَنْ تَوَجُوكِ(3)
هُمْ مِنَ «الرِّجْسِ» طَهَّروكِ فَطُهُرْتِ *** وَ هُمْ عَنْ جَهَنَّمَ فَطَمُوكِ(4)
***
ص: 76
قَدْ قَضَى اللهُ أَنْ يُتِمَّ بكمْ نُورَ *** هُداهُ بالرغم من شانِتيكِ(1)
أنتِ كالبَحْرِ في العَطاءِ و أَوْلادُكِ *** كالدُّرِّ مالِئاً شاطِيكِ
قدْ دَعا المُصْطَفَى بأنْ يُخْرِجَ اللَّهُ *** كَثِيراً من نَسْلِكِ المَبْرُوكِ(2)
فَكَأَنِّي بِهِ يُهَمْهِمُ يَدْعُو *** في لَيالِي الزَّفافِ إِذْ يَحْبُوكِ
بِدُعاءِ الأَبِ الشَّفِيقٍ ويُولِي *** زَوْجَكِ المُرْتَضَى بما يُولِيكِ
أنتِ آثَرْتِهِ بِخُبْزِ وَ قَدْجاعَ *** ثَلاثاً وَ لَيْسَ بالمَنْهُوكِ(3)
و بلا خادِم صَبَرْتِ على البيتِ *** و بالصَّبْرِ دائماً يُوصِيكِ(4)
وَ الرَّحَى أَثْرَتْ بِكَفَّيكِ لَوْ تَدْري *** الرَّحَى من تَمَسُّها تَقْدِيكِ
ص: 77
و أَسرَّ النَّبِيُّ في ساعَةِ الكَرْبِ *** فَأَبْكاك، ما الذي يُبْكِيكِ؟(1)
قدْ أَلِفَتِ الحَياةَ بالقُرْبِ مِنْهُ **** فَتَاثَرْتِ بالفِراقِ الوَشِيكِ
ثُمَّ أَدْناكِ ثانياً فتَبسَّمْتِ *** فَهذا أَبُوكِ يَسْتَرْضِيكِ
باللّحاقِ السَّرِيعِ بَعْدَ شُهورٍ *** كُلُّ شَيْءٍ يَهُونُ بعدَأَبِيكِ
***
تِلْكَ َو اللَّهِ رُتْبَةٌ وَ مَقامٌ *** لايُسامی، سُبْحانَهُ مُعْطِيكِ
فَهَنِيئاً أمَّ الحُسَيْنِ هَنيئاً *** و حَناناً أماهُ إِنَّا بَنُوكِ
أوَ تُنْسِيكِ جَنَّةُ الخُلْدِ أَوْلادَكِ؟ *** حاشا و إِنْ هُمُ قَدْ نَشُوكِ(2)
فَاسْأَلِي اللَّه أَنْ يَمُنَّ عَلَيْنا *** بالرِّضَى فِي السُّكُونِ و التَّحْرِيكِ
و اذْكُرينا عِنْدَ النَّبِيِّ فَإِنَّا *** قَدْ بَعُدنا عن سَيْرِةِ و السُّلُوكِ
و اذْكُرِينا أمّاهُ في مَوْقِفِ الحَشْرِ *** و نادِي بَنِيكِ فَلْيَتْبَعُوكِ
أَنْقِذِينا مِنَ الزّحامِ و أَهْوال *** عِظامٍ فاللَّهُ لايُخْزِيكِ
ص: 78
غيرَ انّا نَخافُ قَوْلَة طه *** اعْمَلِي فاطِمٌ فلاأُغنيكِ
و لَنا في الإلهِ ظَنَّ جَمِيلٌ *** مِنْهُ وَعْدُ في «هَل أتى» يُنْبِيكِ
***
قَدْ وَقاكِ شُرُورَ يَوْمٍ عَبُوسٍ *** وَ شوراً و نَضْرَةٌ يَجْزِيكِ(1)
وَ لَكُمْ يُعْقَدُ اللِّواءُ وَ في ظِلِّ *** ظَلِيلِ الهُنا يُؤْوِيكِ
فإِذا رَفْرَفَ اللِّواءُ عَلَيْكُمْ *** فَاذْكُرِينا لَعلَّنا نَأْتِيكِ
وَ اذْكُرِينا إِذا وَرَدْتِ على الحَوْضِ *** لنُسْقى بكفِّ مَن يَسْقِيكِ
فعَسى الله أنْ يَمُنَّ بِرُؤياكِ *** و مِنا ما تَرْتَضِينَ يُرِيكِ
وَ سَلامٌ عَلَيْكِ في كُلِّ حِينٍ *** هُوَيَغْشاكِ مِنْ لَدُنْ بارِيكِ
ما هَمَى ما طِرٌ وما قالَ حادٍ *** لايَطيْبُ المَدِيحُ الا فِيكِ
ص: 79
(بحر الكامل)
الشيخ عبد الكريم صادق(*)(1)
أَيُّ النِّساءِ رقَتْ لأوج عُلاكِ *** يا بِنْتَ راقِي السَّبْعَةِ الأفلاكِ(2)
فَلأَنْتِ سَيّدة النِّساءِ وَ مَرْيَمٌ *** تَمَشي بِمِضْمارِ الفَخَارِ وَراكِ(3)
إِنْ أشرقَتْ هِيَ نَجْمَةٌ بسمائِها *** و لأنتِ يا زَهْرَاهُ شَمْسُ سَماكِ(4)
وَ لَئِنْ أَتَتْ هِي بِالمَسِيحَ فَإِنَّهُ *** سَيَؤُمُهُ المَهْدِيُّ مِنْ أَبْناكِ(5)
ص: 80
ولأنتِ خامِسَةُ الّذينَ تَجَمَّعُوا *** تحتَ الكِساءِ و كُلْهُمْ قُرْباكِ(1)
وَ هُمُ أَبُوكِ أَجلَّ ساداتِ الوَرَى *** قَدْراً وَ بَعْلُكِ ذُوالعُلى وَ ابْناكِ
و بآيةِ التَّطهير عَمَّكِ رَبِّهُمْ *** مَعَهُمْ وَإِذْ زَكَاهُمُ زَكَاكِ(2)
سَوَاكِ رَبُّكِ دُرّةً مَكْنُونةً *** وَ ضَاءَةٌ سُبْحانَ مَنْ سَوَاكِ(3)
ص: 81
ولأنتِ مَنْ أَوْلاكِ رَبُّكِ صُورَةً *** بَشَرِيَّةً لكِنْ بِرُوح مَلاكِ(1)
ولَكُمْ خُدمتِ مِنَ المَلائِكِ ذا يلي *** مهْدَ الصَّبي و ذا يُدِيرُ رَحاكِ(2)
و مُسَبِّحٌ ذا عَنْكِ رَبَّكِ إِنْ غَفَتْ *** عَيْنَاكِ وَ امْتَلَكَ اللّسانَ كَراكِ(3)
و لأَنْتِ إذ املكتِ كانَتْ في السما *** لَكِ عُقْدَةُ التَّزْوِيجِ و الإمْلاكِ(4)
ص: 82
و زفافُكِ المَيْمُونُ فيهِ تَباشَرَتْ *** حُورُ الجِنانِ و قُلْنَ يا بُشراكِ(1)
و كَفاكِ أَنَّكِ بنتُ أكْرَم مَنْ مَشَى *** مِنْ مُحْتَفٍ أو عاقِدٍ لشراكِ(2)
و كفاكِ أَنّكِ لَبْوَةُ الأَسَدِ الَّذِي *** قَهَرَ الأسودَ بكلِّ يومِ عِراكِ
و كفاكِ أنكِ أنتِ أُمُّ المُجْتَبَى *** حَسَنٍ و والدةُ الحُسَيْنِ الزاكي
السَّيْدَيْنِ لِكُلِّ شُبّانِ الوَرى *** وَ المُشْبِهَيْنِ أَبَاهُما و أباكِ
وَ كَفَاكِ أَنَّكِ بَرَّةٌ مَيمُونةٌ *** بِالقُدْسِ رَبُّكِ وَ الصَّلاحِ كَساكِ(3)
ص: 83
تغفين ليلَكِ بالتَّبَتُلِ و الدعا *** و نهارَهُ بِالصَّوْمِ و الإمْساكِ(1)
ص: 84
(بحر الكامل)
الأستاذ عبد النبي بَزِّي(*)(1)
فَاضَ القَريضُ هُدًى لدى ذِكْراكِ *** وَ تَضَوَّعَتْ أَلْحانُهُ بشَذاكِ(2)
وَسَما بأَجْنِحَةِ البَيانِ مردَدَّاً *** آياتِه بِمَسَامِعِ الأْفْلاكِ
فشَدَتْ وَردَّدتِ المَلائِكُ خُشْعاً *** زَهْراءُ سُبْحانَ الَّذي سَوَّاكِ(3)
يا نورَ أَحْمَدَ يا وفاءَ خَدِيجَةٍ *** مَهْدُ الرِّسالةِ و الهُدَى أَبَواكِ
ص: 85
أَشْرَقْتِ مِنْ بَيْتِ الطَّهارَةِ والهُدَى *** وَ الظُّهْرُ نَفْحُكِ وَ الهُدى رَیَّاكِ(1)
سَمَاكِ فاطِمَةً و طَهَّرَكِ الذي *** خَلَقَ الوَرى جَلَّ الَّذِي سَمَاكِ(2)
يا كَوْثَرَ الهادِي الحبيب ونُورَهُ *** قَرَّتْ نَواظِرُهُ لَدى مَرْآكِ(3)
بالحُبِّ وَ الخُلُقِ الكَرِيمِ و بالتُّقَى *** و رَحِيقِ وَحْى الله قَدْ غَذَّاكِ
و عَلى رِسالَتِهِ السَّنِّية و الهُدَى *** و عَلى عَظِيمِ صِفاتِهِ رَبَّاكِ
يا جَوْهَرَ الطُّهْرِ المُصَفَّى و التُّقَى *** اللَّهُ يَا بِنْتَ الهُدَى زَكَاكِ
وَ عَلَى نِساءِ العَالَمِينَ بِفَضْلِهِ *** شَرَفَ السيادَةِ و العُلا أَعطاكِ(4)
و اخْتارَ رَبُّ العَرْشِ جَلَّ جَلالُهُ *** لَكِ خَيْرَ كُفْءٍ فَاهْنَنِي بُشْراكِ(5)
هذا عليُّ أَخُو النَّبِيِّ و نَفْسُهُ *** وَفَتَى الحنيفةِ يا بَتُولُ فَتاكِ(6)
ص: 86
و المَهْرُ مِنْ عند الكَرِيم شَفاعَةٌ *** سُبْحانَهُ مِنْ فَضْلِهِ أَهْدَاكِ(1)
و اخْتارَ نَسْلَكِ كَوْثَراً مِنْ كَوْثَرٍ *** و سَنا الإمامَةِ ذُخْرُهُ حَسَنَاكِ(2)
و سَنَنْتِ نَهْجاً لِلأُمُومةِ خَالِداً *** عَبْرَ العُصور يَشِعُّ منه سَناكِ
يَكْفِيكِ مِنْ شَرَفِ الأُمُومِةِ أَنَّهُ *** يَدْعُوكِ أُمّاً ما أَبُوكِ دَعاكِ(3)
قَدْ عِشْتِ في قَلْبِ الرَّسُولِ وَ رُوحِهِ *** وَ سَمَوْتِ حَتَّى لا يُنالَ عُلاكِ
خُلُقُ الرَّسُولِ يَفُوحُ منكِ و نُورُهُ *** بادٍ عَلَيْكِ وَ مِنْ نُهَاه نُهَاكِ
و بِعَطفِهِ و حنانهِ وَ وَدَادِهِ *** وَ بِظِّلِّهِ السَّمْحَ الكَرِيم رَعَاكِ
حَتَّى دَعاهُ إِلَيْهِ جَلَّ جَلالُهُ *** عَزَّتْ مَشِينَتُهُ عن الإدراكِ
و قَضَى الرَّسُولُ إلى لِقاءِ حَبِيبِهِ *** وَ جَرى القَضاءُ و أَظْلَمَتْ دُنْياكِ(4)
ص: 87
زَهْراء كَيْفَ غَدَوْتِ يَوْمَ فِراقِهِ *** اللَّهُ أَكْبَرُ كَيْفَ كان أساكِ؟
لِلَّهِ أي مُصِيبَةٍ وَ فَجِيعَةٍ *** وَ جَلِيل خَطبٍ يا بَتُولُ دَهاكِ؟
الكونُ أظْلَمَ يا بَتُولُ لِمَوْتِهِ *** وَ الكائناتُ عَلَى أَبِيكِ بَواكِ
وَ عَلِيُّ مَفْجُوعُ الحُشَاشَةِ ثاكِلٌ *** باكٍ يُجَهَّزُّ لِلْوَداعِ أباكِ
وَ القَوْمُ تَحْتَ سَقِيفَةٍ مَشْؤُومَةٍ *** كانت بِدَايةَ فِتْنَةٍ وَ هَلاكِ
يَتَامَرُونَ عَلَى الوَصِيِّ المُرْتَضَى *** مَن دَكَّ صَرْحَ الكُفْرِ و الإشْراكِ
هَتَكُوا الخِلافَة و اسْتَباحُوا قُدْسَها *** حَتَّى غَدَتْ لِعِصابةٍ فَتَّاكِ
مُلْكاً تَوَارَثَهُ لِئَامُ أُمَيَّةٍ *** من مُجرمٍ طاغٍ إلى سَفّاكِ
ماتَ الّذِي ملأ الوُجُودَ ضِياؤُهُ *** عَظُمَ المصابُ وَزادَ في بَلْواكِ
قَوْمٌ على إرْثِ النَّبِيِّ تَجَرَّأَوا *** سَلَبُوهُ مِنْكِ و أَوْرَثُوهُ سِواكِ(1)
ص: 88
غَصَبُوا عَلِياً حَقَّهُ حَسَداً له *** و بَغَوْاعَلَيْكِ وَ أَسْرَفُوا بأذاكِ
سَلَبُوكِ إِرْتَك من أبيكِ وَ أَسْقَطُوا *** حَنَقاً جَنِينَكِ يا لَعُظم بَلاَكِ(1)
زَهراءُ لَوْ حَمَلَتْ مُصَابَكِ وَ الأسَى *** صُمَّ الصُّحُور تَصَدَّعَتْ بأَساكِ(2)
أمُّ الأئِمَّةِ يا بَقِيَّةَ أَحْمَدٍ *** رُوحِي وَ أَرْواحُ الأَنَامِ فِدَاكِ(3)
زَهْراءُ كُنْتِ أمانَةً في أُمَّةٍ *** غَدَرتُكِ حَانَتْ حَيْدَراً و أباكِ
يا صَرخَةَ الحَقِّ المقدَّس لم يَزَلْ *** يَدْوِي بأَسْماعِ الزَّمانِ صَدَاكِ(4)
يا شُعْلَةَ الحَقِّ المبارَكِ لم يَزلْ *** ألقاً يَشعُّ على الوُجودِ سَناكِ
يا ثَوْرَةٌ بَيْضاءَ جَلَّلَها الهُدَى *** الْحَقُّ يا بِنْتَ الهُدَى ناداكِ
و الحَقُّ نَهْجُكِ والإباء وما سَعَتْ *** الأَلِنَشْرِ فَضِيلَةٍ قَدَمَاكِ
فَقَصَدْتِ بَيْتَ اللهُ مَسْجِدَ أَحْمَدٍ *** وَ اللَّهُ بارَكَ شَاكِراً مَسْعاكِ(5)
ص: 89
و تَهلَّلَ البَيْتُ الكَرِيمُ وَ ما رَأَى *** مِحْرَابُهُ صِدِّيقَةً إلآكِ(1)
وَقَفَتْ يُجَلّلُها الكَمالُ خَطِيبَةً *** اللَّه یا زَهراءُ ما أَسْماكِ
خَشَعَتْ لِهَيْبَتِكِ القُلُوبُ وَ قَدْ بَدا *** نُورُ النُّبُوَّةِ مُشرِقاً بِضُحَاكِ
وَ جَرَى البَيانُ عَلَى لِسانِكِ سَلْسَلاً *** و الحَقُّ يَنْفَحُ بالبَلاغَةِ فَاكِ
ذكَرْتِ قَوْماً خاصَمُوكِ بِرَبِّهِمْ *** وَ الحِكْمَةُ الغَرَّاءُ فَيْضُ هُداكِ
بيَّنَتِ دِينَ مُحَمَّدٍ وَ فَضَحْتِ مَنْ *** لِهَوَاهُ عانَدَ رَبَّهُ وَ عَصاكِ
ذكَّرتِهِمْ بِمُحَمَّدٍ وَ وَصَيِّهِ *** وَ بَلِيعُ قَوْلِكَ مُتَرَعٌ بِشَجاكِ
هَفَتِ المَسامِعُ وَ المَدامِعُ رَقْرَقَتْ *** لأساكِ يا بنتَ الهُدَى وَعِداكِ(2)
يَتَمَلْمَلُونَ مَكانَهُمْ وَ كَأَنَّهُمْ *** جَلَسُوا بِرَغْمِهِمُ عَلَى الأَشْواكِ(3)
طالبتهم بالإرثِ إِرثِ مُحَمَّدٍ *** لِلْحَقِّ لَيْسَ لِمَطْمَعِ حاشاكِ(4)
فالزُّهْدُ عِنْدَكِ قِطْرَةٌ و سَجِيَّةٌ *** وَ البِرُّ و الإحسانُ بَغْضُ تُقَاكِ
ص: 90
ما كانَتِ الدُّنْيا مُناكِ و لم تَكُنْ *** فَدَكَ سِوَى سَهمٍ إلى مَرْماكِ
حاجَتِهِمْ فَحَجَجْتِهِمْ وَ تَسافَظَتْ *** لمَّا تَكَلَّمَ حُجَّةُ المُتباكِي
أَيُعَدُّ في شَرْع الحَنِيفَةِ مُؤْمِناً *** مَنْ عامداً مُتَعَمداً آذاكِ
وَاللَّهُ يَغْضَبُ إِنْ غَضِبْتِ وَإِنَّهُ *** يَرْضَى تَعالى ذِكْرُهُ لِرَضاكِ(1)
يا نُورَ مَجْدٍ مُشْرِقِ أركانُهُ *** الْمُصْطَفَى و المُرْتَضَى وَ ابْناكِ
يا كَعْبَةَ الطُّهْرِ المُصَفّى وَالتَّقَى *** فَوْقَ البَلاغةِ و البيانِ مَداكِ
وَالشَّعْرُ مَهُمَا غَذّ في طَيْرانِهِ *** صُعُداً يُقَصِّرُ عَنْ بلوغِ عُلاكِ(2)
مَعْناكِ سَيِّدَتي عَظِيمٌ لَيْسَ لِي *** بِالشَّعْرِ أنْ أُرقى إلى مَعْناكِ
لكِنَّها نَفَحَاتُ حُبِّ خَالِص *** مُتَخَشِّعاً قَلْبِي بِها ناجاكِ
أنا يَا بُنَةَ الهادِي الحَبِيبِ مُتَيَّمٌ *** بِهَوَى أَبِيكِ وَ حَيْدَرٍ و هَواكِ
وَ هَوَى الأَئِمَّةِ مِنْ بَنيكِ و حُبُّكُمْ *** ذُخْرِي و فَيْضُ نَداهُمُ ونَداكِ(3)
زادي إلى يوم الحِسابِ وعُدَّتِي *** مَنْ لِي سِواهُمُ شافِعٌ و سِواكِ
ص: 91
يا أُمَّةً نَقَضَتْ عُهُودَ نَبيِّها *** أَفَمَنْ إلى نَقْضِ العُهُودِ دَعَاكِ؟
وَصَّاكِ خَيْراً بالوَصِيِّ كَأَنَّما *** مُتَعمداً في بُغْضِهِ وَصَاكِ
أَوَلَمْ يَقُلْ فِيهِ النَّبِيُّ مُبلغاً *** هذا عَلِيٌّ في العُلا أَعْلاكِ؟
وَ أَمِينُ وَحْي اللَّه بَعْدِي وَ هُوَ فِي *** إدْراكِ كُلِّ قضيِّةِ أدراكِ
وَ المُؤثِرُ المُتَصدِّقُ الوَهَابُ إذْ *** أَلْهَاكِ في دُنْياكَ حُبُّ لُهاكِ(1)
إياكِ أنْ تَتَقَدَّمِيهِ فَإِنَّهُ *** فِي حُكْم كُلِّ قَضِيَّةٍ أَقْضَاكِ
فَأَطَعْتِ لَكِنْ بِاللَّسانِ مَخافَةً *** مِنْ بَأْسِهِ وَ الغَدْرُ حَشْوُ حَشاكِ
حَتَّى إِذا قُبِضَ النَّبِيُّ وَ لَمْ يَطُلْ *** يَوْماً مَداكِ لَهُ سَلَلْتِ مُداكِ
وَ عَدَلْتِ عَنْهُ إِلى سِواهُ ضَلالَةً *** وَ مَدَدْتِ جَهْلاً في خَطاكِ خُطاكِ
و زَوَيْتِ بَضْعَةَ أَحْمَدِ عن إرثها *** و لِبَعْلِها إِذْ ذاكَ طَالَ أذاكِ(2)
يا بَضْعَةَ الهادِي النَّبِيِّ وَ حقٌّ مَنْ *** أَسْماكِ حِينَ تَقَدَّسَتْ أَسْماكِ(3)
لاحادَ عَنْ نارِ الجحيم مُعانِدٌ *** عَنْ إِرْثِ والدِكِ النَّبِيِّ زَواكِ
أَتَرَاهُ يَغْفِرُ ذَنْبٌ مَنْ أَقْصَاكِ عَنْ *** فَدَكِ وأَسْخَطَ إِذْ أَباكِ أباكِ
کَلاً و لانالَ السَّعادةَ مَنْ غَوَى *** وَعَدَاكِ مُحْتَسِكاً بِحَبْلِ عِداكِ(4)
ص: 93
ياتَيْمُ لا تَمَّتْ عَلَيْكِ سَعادَةٌ *** لَكِنْ دعاك إلى الشقاء شَقاكِ
لَوْلاكِ ما ظَفِرَتْ عُلوج أُمَيَّةٍ *** يَوْماً بِعِتْرَةِ أَحْمَدٍ لولاكِ
تَاللَّه ما نِلْتِ السَّعادَة إِنَّما *** أهواك في نارِ الجَحِيمِ هَواكِ
إنِّي اسْتَقَلْتُ و قَدْ عَقَدْتِ لآخرِ *** حُكْماً فَكَيْفَ صَدَفْتِ فِي دَعْواكِ
وَ لأَنْتِ أَكْبَرُ يَا عَدِيُّ عَداوةً *** وَاللَّه ما عَضَدَ النِّفاقَ سِواكِ
لاكانَ يَوْمُ كُنْتِ فيهِ وَ سَاعَةٌ *** فَضَّ النَّفِيلُ بها خِتامَ صُهاكِ(1)
وَ عَلَيْكِ خِزْيٌ يا أُمَيَّةُ دائِماً *** يَبْقى كما في النَّارِ دارُ بَقاكِ
فَلَقَدْ جَمَعْتِ من الأثامِ جَهالَةً *** ما عَنْهُ ضَاقَ لِمَنْ وَعاكِ وِعاكِ
هَلاً صَفَحْتِ عَنِ الحُسَيْنِ وَ رَهْطِهِ *** صَفْحَ الوَصِيِّ أَبِيهِ عَنْ آباكِ
وَ عَفَفْتِ يَوْمَ الطَّفِّ عِفَّةَ جَدِّهِ *** المَبْعُوثِ يَوْمَ الفَتْحِ عَنْ طُلَقاكِ(2)
أَفَهَلْ يَدٌ سَلَبَتْ إِمَاءَكِ مِثْلَما *** سَلَبَتْ كَرِيمَاتِ الحُسَيْنِ يَداكِ؟
أمْ هَلْ بَرَزُنَ بفتحِ مكةَ حُسْراً *** كَنِسائِهِ يَوْمَ الطُّفُوفِ نِساكِ(3)
يا أُمَّةٌ باءَتْ بِقَتْلِ هُداتِها *** أَفَمَنْ إِلى قَتْلِ الهداة هَداكِ؟(4)
أمْ أَيُّ شَيْطانِ رماكِ بِغَيْهِ *** حتّى عَرَاكِ وَ حَلَّ عَقْدَ عُراكِ(5)
بئس الجزاء لأحْمَدٍ في آلِهِ *** وَ بَنِيهِ يَوْمَ الطَّفِّ كَانَ جَزاكِ
فَلَئِنْ سَرَرْتِ بِخِدعةٍ أَسْرَرْتِ في *** قَتْلِ الحُسَيْنِ فَقَدْ دَهَاكِ دهاكِ
ما كان في سَلْبِ ابن فاطِمَ مُلْكَهُ *** ما عَنْهُ يَوْماً لَوْ كَفَاكِ كَفَاكِ
لَهْفِي على الجَسَدِ المُعَرَّى بِالعَرا *** شِلواً تُقبله حدودُ ظُباكِ
ص: 94
لَهْفِي عَلَى الخَدِّ التَّرِيبِ تَخُدُّهُ *** سَفَهاً بأطرافِ القَنا سُفَهاكِ
لَهْفِي لآلِكَ يا رسولَ اللَّه في *** أيدي الطُغاة نوائحاً و بَواكي
ما بَيْنَ نادِبةٍ وَ بَيْنَ مَرُوعَةٍ *** فِي أسْرِ كُل مُعانِدِ أَفَاكِ
تَاللَّه لا أنساكِ زَيْنَبُ وَالعِدَى *** قَسْراً تُجاذِبُ عَنْكِ فَضْل رِداكِ
لم أَنْسَ لاواللَّه وَجْهَكِ إِذْ هَوَتْ *** بِالرُّدْنِ ساتِرَةٌ لَهُ يُمْناكِ
حَتَّى إذا هَمُوا بِسَلْبِكِ صِحْتِ باسْمِ *** أبيكِ وَ اسْتَصْرَخْتِ ثَمَّ أَخَاكِ
لَهْفِي لِنَدْبِكِ بِاسْمِ نَدْبِكِ وَ هُوَ مَجْرُوحُ *** الجَوارحِ بالسِّباءِ يَراكِ
تَسْتَصْرِخِيهِ أَسى وَ عَزَّ عَلَيْهِ أَنْ *** تَسْتَصْرِخِيهِ وَ لايُجِيبُ نِداكِ
وَاللَّه لَوْ أَنَّ النَّبِيَّ وَ صِنْوَهُ *** يَوْماً بِعَرْصَةِ كَرْبَلا شَهِدَاكِ
لم يُمْسِ مُنْهَتِكاً حِماكِ وَ لَمْ تُمِطْ *** يَوْماً أُمَيَّةُ عَنْكِ سِجْفَ خَباكِ(1)(2)
ص: 95
(بحر الخفيف)
الشيخ محسن أبوالحب (الكبير)(*)(1)
قَصَّرَ القومُ عن بُلوغِ مَداكا *** فلذا حاوَلُوا انْحطاط علاكا
مَا وَ رَبِّ السَّمَاءِ لَوْيَك فيما *** حاوَلُوه إلا ارتفاعُ ذُراكا
كان دينُ النبيِّ حقاً ولكنْ *** لم يكنْ واضح الهُدىَ لولاكا
لم تَزَلْ ناصِحاً له و أميناً *** و أخاً حيثُ دُونَهُمْ آخاكا
ثُمَّ لَمَّا مَضى أقامَكَ للنَّاس *** إماماً كيْ يَهْتَدُوا بِهُداكا
فأَبَوْا بعد ذاكَ إِلا عَمَّى *** قادَهُمْ فيه خابطين سواكا
ويْلَهُمْ ما عليهمُ لَوْ أجابوا *** يومَ حاوَلتَ نَصْرَهُمْ دَعواكا
داعياً واظلامتاه وَلِكنْ *** أجْمَعَ القومُ أنْ يَرُدُّوا دُعاكا
كانَ إنكارُهُمْ لبيعتِكَ الغرّاءِ *** خِطْئاً يُزَعُزِعُ الأَفْلاكا
انكَرُوها بغياً و قَدْ أَشْهَدَ اللَّهُ *** عليها جَمِيعَها الأَمْلاكا
قَسَماً بالَّذي أَقامَكَ دُونَ *** الْخَلْقِ طراً لِدِينِهِ سمّاكا
لو أَطاعوكَ لارْتَقَوْا كلَّ عالٍ *** لم تُؤَمِّلْ له السُّها إدراكا(2)
ولا صُدّرتُم بِطاناً كما تصْدِرُ *** مِنْ جاءَ وَارِداً جَدْواكا(3)
ص: 96
لو رَعوْا حَقَّك القديمَ عليهمْ *** سَجَدُوا خاضِعِينَ تَحتَ لواكا
لكن اسْتَشْعَروا النِّفاق و آلَوْا *** في مجاري النفاقِ إلا انْهِماكا
خَلق الله أحمداً فاضطفاهُ *** ثُمّ مِنْ بعدِ ما اصْطفاهُ ارُتضاکا
و على الأنبياءِ ولاهُ طُرّاً *** وَ عَلَى أوصيائِها و لاَكا
أمَر اللَّه أنْ تكفَّ فأحجَمْتَ امتثالاً *** و لأمرٍ من سواكا
كلّما أوْقَدُو الحربِكَ ناراً *** اطْفأ اللَّه حَرَّها بسناكا
أيَّ يومٍ أصبحتَ فيه فريداً *** ناصِباتٍ لكَ الرَّزايا شِباكا
يومَ أضْحى النبيُّ ميتاً و لَمْ تَسْطِعْ *** لمَا ذابَ من قواكَ حراكا
ليتَ شعري عن أيَّ خَطبٍ أعزّبک *** و أيْنَ العزاءُ؟ نَفْسي فِداكا
لَيْسَ عَمّنْ رُزِيتَ فيه عزاء *** أحْسَن اللَّه في العزاءِ عزاكا
كان ظلمُ البتولِ فاطِمَ كافٍ *** لك من كلِّ ما لَقَيْتَ هناكا
لا أقَرَّ الإلهُ أَعْين قومٍ *** أسْخَطُوا فاطِماً و أرْضَوْا صهاكا(1)
يومَ جارَ ابنها يَسُلُّ حُسامَ الغَيِّ *** كَيْ يُثكلَ السماءَ السِّماكا
ص: 97
ليتَ ما جاء لم يجيءْ من رزايا *** كان من ماءِ سَجُلها سُقياكا(1)
لستُ أنْساكما أسيرَيْ كُروبٍ *** لم تَرُوما مِنْ أسرِهِنَّ فكاكا
بِتَّ تَبْكِي بُكَاءَها و بعينِ اللَّهِ *** أمْسى بكاءَها و بُكاكا
رَوَعُوا فاطماً بضربٍ عنيفٍ *** شاهَدَتْ سُوءَ ما جرَى عيناكا
أسقَطُوهاجنينَها ثُمَّ رَضُّوا *** ضِلْعَها بئْسما جَزَوْا نُعماکا(2)
فعجيبٌ فيها اصْطباركَ و الصَّبرُ *** جميلٌ لو كانَ في غيرِ ذاكا(3)
ما لهارونَ لم يواسِكَ في الحُزْنِ *** و لو كانَ شاهِداً واساكا
و لكانَتْ شَكْواهُ من قومِ موسى *** دونَ شكواكَ لَوْ وعى شَكْواكا
يوم قال ابنَ أُمِّي اسْتَضْعَفوني *** مثلَ ما قلتَ يومَ تَدْعُو أخاكا
این هارونُ منك بل این موسى؟ *** إنما يقضيانِ إثْرَ ثَراكا
أنتَ أَعْلى قَدْراً و أعظَمُ صَبْراً *** و لذا جَلَّ في القُلوبِ بلاكا
ص: 98
بأَبي أنتم و أُمي كراماً *** لاأرى لي بغيرها اشتماكا
خَلِّصوني مما أَخافُ فإنّي *** عُدْتُ ضَعْفاً أغالِطُ المِواكا
و اجْعَلُونِي من همُكُمْ يومَ *** لايَرْجُو امرؤٌ من عَظيمِ هَمٍّ فكاكا
لم نَزَلْ نَسْتَقِي بجوارِ نِداكُمْ *** و كذاكَ الكِرامُ حَقاً کَذاکا
ص: 99
(بحر الكامل)
الحاج محمد آل رمضان الاحسائي
يا بَضْعَةَ المُخْتارِ طابَ ثَراكِ *** رُوحِي فِداكِ وَ ما أَقَلَّ فِداكِ(1)
ماذا عَسايَ أقُولُ في مَعْفاكِ *** أَوْلاكِ رَبُّكِ جَلَّ ما أَوْلاكِ(2)
مِنْ نِعْمَةٍ لا تُبْتَغَى لِسِواكِ
نِلْتِ المكانَةَ و المَحلَّ الأَقْدَسا *** وَ عُرِفْتِ عَنْ حَقٌّ بِسَيْدَةِ النِّسا(3)
ص: 100
ماذا يَقُولُ المادِحُونَ و ما عَسى *** وَاللَّهُ قالَ لِسائِلٍ مَنْ فِي الكِسا؟(1)
هُمْ فاطِمٌ و أبنانِ ثُمَّ عُلاکِ
آيَاتُ فَضْلِكِ في الوُجودِ جَلِيَّةٌ *** وَ شُهُودُ جُودِكِ في العَوالِم جَمَّةٌ
وَ الغَيْثُ مِنْ رَشَحاتِ فَيُضِكِ رَشْحَةٌ *** وَ الشَّمْسُ مِنْ فَيّاض نُورِكِ قَبْسَةٌ
وَ الرَّوْضُ يَعْبَقُ مِنْ أرِيجِ شِفاكِ
ذَهَبَتْ يَداكِ مِنَ الثَّنا بِأَجَلْهِ *** وَ مِنَ الكمالِ بِفَرْعِهِ و بِأَصْلِهِ
ص: 101
وَمِنَ التُّقَى ما لا وُجودَ لِمِثْلِهِ *** وَ كفَاكِ مِنْ نِعَمِ الإلهِ و فَضْلِهِ
أَنْ لاطريقَ إِلَيْهِ غَيْرَ وَلاكِ
رِيحُ السَّعادَةِ مِنْ عُلاكِ مَهَبُّها *** يا زَهْرَةً أَجْرُ الرِّسالَةِ حُبُّها(1)
ما زال يَعْبَقُ بالفخارِ مُحِبُّها *** غَشَاكِ رَبُّكِ بِالجَلالَةِ وَالبَها
وإلى حَظِيرَةِ قُدْسِهِ أَدْنَاكِ
أَصْبَحْتِ لِلْمُخْتارِ خَيْرَ حَبِيبَةٍ *** وَ لِمَهْبِطِ التَنْزِيلِ أَيَّ رَبيبَةٍ(2)
ص: 102
وَ لَئِنْ عُدِمْتِ النَّدَّ غير عَجِيبةٍ *** أَصْبَحْتِ مِنْ رَبِّ السَّمَا بِمَثُوبَةٍ
لَمْ تَمْتَلِكُها في النِّساءِ سِواكِ
وَ حَلَلْتِ مِنْ قَلْبِ الرَّسُولِ مَحَلَّةً *** مُلِئَتْ لَها كُتُبُ الحَدِيثِ أَدِلَّةً
وَ الله أَلْبَسَكِ الفَضائِلَ حُلَّةً *** وَ رَبيتِ في كَنَفِ النُّبُوَّةِ طِفْلَةً
وَ لبانُ حِكْمَةِ ذِي الجَلالِ غِذاكِ
ما زِلْتِ في كَنَفِ النَّبِيِّ الأَشْرَفِ *** يَحْنُو عَلَيْكِ بَرأُفَةٍ وَ تَعَطَّفِ
وَحَفَاوَةٍ مِنْ قُدْسِ أَكْرَمٍ مُحْتَفِي *** حَتَّى إذا حُزْتِ الكَمالَ غَدَوْتِ في(1)
كَنَفِ الإمامَةِ تَسْحَبِينَ رِداكِ
زُوِّجُتِ يا أهْدَى البَرِيَّةِ هاديا *** وَ بَلَغَتِ مِنْ أَوْج الرُّقيَّ تناهيا
وَ سَمَوْتِ حتّى ما تَرَكْتِ تَساميا *** الخلَصْتِ نَفْسَكِ للإله تفانيا
فَحَباكِ بُرْدَ بَهَائِهِ وَكَساكِ(2)
ص: 103
بُوِّثَتِ مِنْ عَرْشِ الجَلالِ جَلِيَّهُ *** وَ بَلَغَتِ شَأْواً من يَرُومُ رُقِيَّهُ
وَمَلَكتِ مُعْتَرَبَ العُلا وَ قِصِيَّهُ *** أَوَلَيْسَ زَوَّجَكِ المَلِيكُ وَلِيَّهُ(1)
فَوْقَ الضّراح بِمَشْهَدِ الأَمْلاكِ؟
أَشْبَهتِ وَالِدَكِ المُطَهَّرَ سِيرَةٌ *** وَ غَدَوْتِ في تاج الهداية دُرَّةً(2)
حَتَّى إذا للَّهِ طِبْتِ سَرِيرَةً *** آناكِ ما لَمْ يُؤْتَ غَيْرُكِ جَهْرَةً(3)
أَوْ لَيْسَ شَنْفا عَرْشِهِ وَلَدَاكِ؟(4)
سَمَّاكِ رَبُّكِ في الكتاب الكَوْثَرا *** وَ حَبابِكِ العِلْمَ الأَعَزَّ الأَطْهَرا(5)
أما والذي ذَرَأَ الوُجُودَ وَ قَدَّرا *** لَوْلا عَلَيٌّ لَمْ يَكُنْ لَكِ فِي الوَرَى
كُفُواً يُمائِلُ في عَلاءِ عُلاكِ(6)
ص: 104
آثَرْتِ بِالقُوتِ الفَقِيرَ تَعَبُّدا *** و طَرَدْتِ نَوْمَكِ بِالكِتابِ تَهَجُّدا
ما كانَ بَيْتُكِ قَطُّ إلا مَسْجِدا *** يا مَرْيَمَ الإسلامِ يا بَدْرَ الهُدَى
أنَّى لِمَرْيَمَ وَقُفَة بحذاكِ؟(1)
ص: 105
الْفَضْلُ رَفْرَفَ في يَدَيْكِ لِواؤُهُ *** وَ المَجْدُ أنْتِ جَلالُهُ وَ يَهاؤُهُ
وَ عَلَى جَبينِكِ تاجُهُ وَضِياؤُهُ *** أَثْنَى عَلَيْكِ اللَّهُ جَلَّ تَناؤُهُ
وَبِآيَةِ التَّطْهِيرِ قَدْ زَكَّاكِ(1)
ص: 106
(بحر الكامل)
الشيخ محمد بن حسين أبوخمسين
يا فَاطمٌ سُبْحَانَ مَنْ صَفَاك(1) *** يا زَهْرَةً في القُدْس ما أزهاكِ(2)
يا فاطِمُ الزَّهْرَا بِنُورِكِ أَزْهَرَتْ *** زُهْرُ النُّجُومِ وَ سْبعَةُ الأفلاكِ(3)
وَ العَرْسُ وَ الكُرْسِيُّ وَ الحُجِبُ الَّتي *** بِالنُّورِ تُشْرِقُ مِنْ مَنارِ سَناكِ(4)
وَ كَذَلِكَ الأكْوارُ و الأدوارُ بَلْ *** شَمْسُ النَّهارِ تُضِيءُ مِنْ أَضْوَاكِ
وَ عَجَائِبُ القُرآنِ وَ الفُرْقانِ وَ *** البُرهَانِ مِنْ وادِي طُوىَ سيناكِ
قَدْ شَقَّ خَالِقُكِ لَكِ اسماً كاسْمِهِ *** قَدْ حَارَ في مَعْنَاهُ ذِهْنُ كلُّ ذَاكِي(5)
ص: 107
أنتِ المَواقِعُ لِلنُّجُومُ ذَوِي النَّدَى *** آلى بِكِ الْجَبَّارُ مُذْ سَماكِ
وَ لأَنْت مِشكاةٌ لِنُورِ مُحَمَّدٍ *** فِيها مَصابِيحُ هُمُ ابْنَاكِ
وَ البارِىء المُنْشي أَفَاضَ إِلَيكِ عِلماً *** مِنْ عُلُومُ الغَيْبِ مُذ أنْشاكِ(1)
فَلِذاكَ عِلْمُ الغَيْب عَنْكِ فَلَمْ يَغِبْ *** وَ خَفِيُّ سِر السِّرٍّ لا يَخْفاكِ
قَدْ كانَ عِنْدَكِ عِلْمُ مَا قَدْ كانَ أَوْ *** سَيَكُونُ في الأولى وَ في أُخْراكِ
هذَا عَطَاءٌ مِنْ عَطاءِ اللَّه مِنْ *** مَخرُونِ عِلم مِنْهُ قَدْ أَعْطَاكِ
فَالوَا صِفُونَ لِوَصْفِكِ القُدْسِيِّ قَدْ *** حارُوا وَتَاهَ الكُلُّ في مَعنَاكِ
وَ لأَنْتِ صُنْعُ اللَّه جَلَّ جَلالُهُ *** وَ النَّاسُ بَعْدُ صَنائِعٌ لِعُلاكِ
قد كُنتِ كَنزاً مِنْ كُنوزِ العَرْشِ *** و الكُرْسِيّ يا سُبْحَانَ مَنْ أَبْداكِ(2)
ص: 108
كَتَبَ الإلهُ عَلَى سُرادِقٍ عَرْشِهِ *** اسْماً عَظِيماً وَ هُوَ مَنْ أَسْمَاكِ(1)
تَدْعُو بِهِ الأملاك في أفلاكِها *** و الأنبياءُ وَ كُلُّ مَنْ والاكِ(2)
وَ الأنبيا ما كُونُوا في عالمِ التَّكْوِيُنِ *** إِلا مِنْ شُعَاعِ ضِيَاكِ(3)
ص: 109
هذَا وَ فَضْلُكِ فاقَ فَضْلَ *** الأنْبِيا يَا بَضْعَةَ الهادِي لِنُورِ هَداكِ(1)
وَكذا الوُجُودُ فَإِنَّما إيجادُهُ *** مِنْ بَحْرِ جُودٍ مِنْ بُحُور نَدَاكِ(2)
وَ مَناقِبٌ لَكِ لَيْسَ بَحْصِي عَدَّها *** إلا الذي أنشا الوَرى وَ بَراكِ(3)
قَدْ كُنْتِ أُسْاً لِلنَّبِيَّ مُحَمَّدٍ *** وَ مُحَمَّدٌ في الأصْلِ كانَ أباكِ
لازِلْتِ قائِمَةً لِرَبِّكِ فِي الدُّعا *** وَ مِنَ القيام تَوَرَّمَتْ قَدماكِ(4)
قَدْ كانَ إسْرائيلُ عَنْكِ مُسَبْحاً *** بِالكَفْ مِنْ يُمنَاهُ عَنْ يُمْنَاكِ
وَ يُمِين ميكائيل تَطْحَنُ بِالرَّحَى *** حبّاً لِقُوتِكِ إذْ غَمَا جَفْنَاكِ
وَ الرُّوحُ مُذْ ناغی حُسَيناً هَزَّهُ *** بِالمَهْدِ لَمَّا أَنْ هَدَتْ عَينَاكِ(5)
ص: 110
كانَتْ لِخِدْمَتِكِ الملائِكُ في السَّما *** يَتَفاخَرُونَ وَ ذاكَ مِنْ عَلْيَاكِ
تَتَعفَّرُ الأمْلاكُ بِالجَبَهَاتِ فِي *** قُدْسِي تُرْبٍ من سنا رُحْماكِ
إنّ الإلهَ أحَبَّ مَنْ والاكِ مِنْ *** قَلْبِ وَ عَادَى الله مَنْ عَاداكِ(1)
بَلْ إنّهُ وَ الرُّسُلَ وَ الأملاك قَدْ *** لَعَنُوا دَوَاماً كُلَّ مَن آذاكِ
وَ لأَنْتِ في السَّبْعِ المَثانِي فاطِمٌ *** قَبِلَ الإلهُ صَلاةَ مَن والاكِ
وَ لَقَدْ أَتَى فِي هَلْ أَتَى سَامٍ سَما *** وَ عَلَاءُ مَدْحِ في عُلُوّ عُلاكِ(2)
ص: 111
وَلأَنْتِ بَضْعَةُ احْمَدٍ وَ حَبِيبةُ *** اللَّه العَلِي أَحَبَّ مَنْ يَرْعَاكِ(1)
قَدْ كُنْتِ مِنْ أَهْلِ الكِسا خَيْرَ النِّسا *** اللَّه طَهَّرَ بِالصَّفاءِ صَفاكِ(2)
لَوْلاكِ ما خُلِقَتْ سَماءٌ لا ولا *** أَرْضَ وَ لا بَحرٌ جَرَى لَوْلاكِ(3)
كَلاً وَ لاشَمْسٌ وَ لاقَمَرُ و *** لاكَوْنُ تُعايِنُ كَوْنَهُ عَيْنَاكِ
باهَى النَّبِيُّ بِكِ النَّصَارَى فَانْتَنَوْا *** مِنْ أنْ يُباهوهُ بِنُرْبِ حِذاكِ(4)
سَجَدَتْ لَك الأملاك طَوْعاً ما *** سِوَى إبْلِيسَ لَمْ يَسْجُدُ لِرَفَع سَمَاكِ
أذِنَ الإِلهُ بِرَفْعَ بَيْتِكِ وَ هُوَبَيْتُ *** الوَحْي عُدَّ لِمَهْبَطِ الأَمْلاكِ
أَيَجُوزُ عِنْدَ الله يا الله أمْ *** عِنْدَ النَّبِي أَبِيكِ أمْ أبْناكِ
ص: 112
يَأْتِي لِبَيْتِ الوَحْيِ يَحْرِقُ بابَهُ *** جِبْتُ خَبِيثُ الأَصْلِ ابنُ صَهَاكِ(1)
بِالبَابِ يَضْغُطُكِ اللَّعِينُ وَ يَكْسِرُ *** الأَضْلاعَ مِنْ جَنْبِيْكِ لايَخْشَاكِ(2)
فأتاكِ في حالِ المَخاضِ تَوجُعٌ *** وَ تَرَوعٌ و تَصَدُعٌّ أضْنَاكِ(3)
فَرَمَيْتِ مُحسِنَكِ الَّذي لَمْ يَكْتَمِلْ *** لِتَمامِ حَمْلٍ في قرارٍ حَشاكِ
وَ عَلَاكِ بالأسْواطِ فَوْقَ الرَّأْسِ *** بَلْ فَوْقَ اليَدَيْنِ وَ قَدْ أَسالَ دِماكِ
وَ عَلاكِ مِنْ فَوْقِ الجَبِينِ بِلَطْمَةٍ *** بِخَواتِمٍ فَتالَّمتْ عَیْناكِ
و تَنَاثرتْ مِنْ أُذُنِكِ الأقْراطُ بَلْ *** مال القِناعُ وَ مَالَ عَنْكِ رِداكِ(4)
ص: 113
أَزْرَيْقُ تَمْنَعُنِي تُراثي مِنْ أبي *** وَ تَحُوزُ إِرْثُكَ مِنْ أبٍ أَفَاكِ(1)
أمْ كَيْفَ تَغْصِبُني العَوالي مَعْ قُرَى *** فَدَكٍ و سُخْطُ مالِكَ الأمْلاكِ(2)
مِنْ بَعْدِ ما رُدَّتْ شُهودُكِ إِذْهُمُ *** شَهِدُوا بَحقِّ اللَّه في دَعْواكِ(3)
عَجَباً يُساقُ المُرْتَضَى حَامِي الحِمَى *** سَيْف الإلهِ مُدَمِّرُ الإشْراكِ(4)
ص: 114
لِيُبايِعَ الطَّاغُوتَ مُهلِكَ عُصْبَةِ *** الهلاكِ مَا أَشْفَاهُ في الهلاكِ
تَباً لِمَنْ قَدْ قَال لي يا فاطِمٌ *** لاتَبْكِ دأباً في البِلادِ أباكِ(1)
وإلى البقيع أرُوحُ أبْكِي وَالدِي *** حَتَّى أرُوحَ إلى ظِلالِ أَراكِ
كَيْ أَبْكِهِ عِنْدَ الأراكَةِ إِذْ مَعَ *** الأَمْلاكِ تَبْكِيهِ مَعَ الأفلاكِ
يا والِدي إنّ الأراكَةَ جَذْهَا *** كَفُّ ابْن سَلمى جَّذَّ و ابْنُ صَهاكِ(2)
وَرَزيَّةُ السُبْط الشهيدِ بَكَرْبَلا *** عَظُمَتْ رَزيَّتُهُ عَلَى أَرْزَاكِ
يا لَيْتَ يَا زَهْرا تَرَيْنَ بِكَرْبَلا *** شَخْصَ الحُسَيْنِ مُجَدَّلاً بإزَاكِ
شِلْواً ذَبِيِحاً فِي الطُّفُوفِ مُعَفَّراً *** ظام عَلى حَرِّ الصَّفا تِلْقاكِ
يَبْقَى ثَلاثاً لَمْ يَجِدْ مِنْ غَاسِلٍ *** كَلا و لامِنْ حُفْرَةٍ بفناكِ
وَ الخَيْلُ قَدْ رَضَّتْ قُوَى صَدْرٍ حَوَى *** عِلْمَ الغُيُوبِ غَوامِضَ الإدْراكِ
ص: 115
بالحَرِّ مسْلُوبَ العِمامَةِ و الرِّدى *** قُومِي إجعلي كفناً بِنَشرِ رِداكِ
لَنَشَرْتِ شَعْراً شابَ مِنْ حُزْنٍ لَهُ *** وَ شَقَقْتِ جَيْباً بَعْدَ شَقٌ حَشاكِ
وَ لَطمْتِ خَدَّكِ حَسرَةً وَ تَفَجَّعاً *** وَ بَكَيْتِهِ في رَمْ قُدْسِ ثَراكِ
وَ كَرِيمُهُ يَتْلو الكتابَ على القَنا *** كالبَدْرِ يُشْرِقُ في ظلمة الأحلاكِ(1)
وَ مُصَابُهُ أَبْكَى العِبَادَ جَمِيْعَهُمْ *** وَ هُمُ عَلَيْهِ في المعَادِ بَواكي
وَ حُمَاتُهُ صَرْعَى على عَفْرِ الثَّرَى *** كَكَواكِبٍ خَرَّتْ مِنَ الأفلاكِ
مِنْ بَعْدِ مَا بَذَّلُوا لِرُوحِ الكَوْنِ أرْ *** واحاً لَهُمْ طُوبَى لهمُ لِرِضاكِ
و مضَوْا إلى دَارِ النَّعِيمِ وَ شاهَدُوا *** الفَوْزُ العَظِيمَ لأَنَّهُمْ شُهَداكِ
و نساؤُه تلكَ الحرائرُ قَدْ غَدَتْ *** تُسْبَى كَسَبي الزُّنجِ و الأَتْراكِ
مِنْ تِلْكَ يُنْزَعُ قُرطُهَا مِنْ إذْنِها *** وَ الحِجْلُ مِنْ ذِي إِذْ سُبِي أَشْجاكِ(2)
وَ بَراقِعٌ و قَلائدٌ وَمَعاضِدٌ *** نُهِبَتْ جَهاراً وَ اسْتُبِيحَ خِباكِ(3)
وَ عَلائِمُ الأشواط في أجْسَادِها *** كَعَلائِم الأشواط في أعضَاكِ
أَسْرى حَواسِرُ لمْ تَجِدْ مِن حاجِبٍ *** الاحجاباً مِنْ حِجَابٍ بَهَاكِ
إِذْ هُنَّ بَينَ صَوائِحٍ وَنَوائِحِ يَندُ *** بْنَ غَوْثَ المُستَغِيثِ الشاكي
بِتَرَوْعِ وَ تَفَجُّعِ وَ بِلَوْعَةٍ *** تُلْقِي الجِبَالَ وَ أَعْمُدَ الأفلاكِ
بِأَبِي الحَرائِرُ كَيْفَ تُهْدَى كالإما *** فَوقَ الهزالِ لِكَافرٍ أفْاكِ
أللَّه أكْبَرُ يا وَدائِعَ أَحْمَدٍ *** مَاذَا عَراكِ منَ البَلا وَدَهَاكِ
لو تَنْظُريِ يا فَاطِمُ الزَّهْرا إلى *** السجادِ مأسُوراً لطَالَ نَعَاكِ
و عظَائِمُ الأرْزًا دَهَتْهُ وَ البَلا *** وَ مَصَارعُ الشُّهدا و سَبْيُ نِساكِ
ص: 116
حَتّى العِدًا سَاقَتْهُ بالضَّرَّا عَلَى *** عَجْفا تُقَلْقِلُهُ بكِلْ حَراكِ(1)
أبنِي أميّةَ كيف جُرْتِ لِعِتْرة *** الهَادِي؟ فَيَا اللَّه ما أجراكِ
فَغَداً تَذوُقِينَ العَذَابَ مُضاعَفا *** وَ النّارَ دَأْباً حَرُّها يَصْلاكِ
يا فَاطِمُ الزَّهْراءُ أَقْسِمُ بِالَّذِي *** رَفَعَ السَّماءَ وَ زَانَها بسَناكِ
فَغَداً لكِ الحكمُ الجَل فَإِنَّهُ *** حُكْمُ العَلِي عَلَيْه قد ولاكِ
فَلَتُدْخِلَنَّ إلى جِنانِ الخُلْدِ مَنْ *** وَالى وَلاكِ وَفي لَظىَ أعْداكِ(2)
وَإِلَيْكِ عَقْدُ نِظامٍ مَدْحٍ قَدْ صَفَا *** كَصَفَا الجَواهِرِ لِلنُّجُومِ يُحاكي
فَتَقَبَّلي مِنْ ذِي الوَلاء (مُحَمَّدٍ) *** ما قالَ مِنْ مَدْح بحُسْنِ جَزَاكِ
وَ تَشفَّعِي لي في ذُنُوبِ أثْقَلَتْ *** ظَهْرِي بِجُودٍ مِنْ نَدَى جَدْواكِ
وَلِوالديَّ كذلِكَ الأولادُ و *** الإِخْوانُ مَنْ عَلِقُوا بِحَبْلِ وَلاكِ
وَ سَلامُ رَبِّي عُدَّمافي عِلْمِهِ *** لازالَ دَأْباً مُشرِقاً يَغْشَاكِ
ص: 117
(بحر الخفيف)
السيد محمد الشيرازي(*)(1)
أيُّ قَدْرٍ لِقَوْلَتِي في رثاكِ *** أنتِ يا بَضْعَةَ النَّبِيِّ الزَّاكِي(2)
لَعَنَ اللَّهُ مَنْ جَفاكِ عِناداً *** وَ هُوَ يَدْرِي رِضَى الإلهِ رِضاكِ(3)
أَسْخَطَ البارِيءَ المُهَيْمِنَ حَقّاً *** وَ الرَّسُولَ المُخْتارَ إِذْ آذاكِ(4)
هَلْ لَهُمْ، قالَ أحْمَدُ، اقتلُوها؟ *** أولَمْ يَسْمَعُوا: أَبُوكِ فِداكِ؟(5)
ص: 118
كَسَرُوا الضّلْعَ مِنْكِ حِقْداً و كُفْراً *** وَ مِنَ الجَوْرِ أُدْمِعا جَفْنَاكِ
عَصَرُوكِ بالبابِ بالمُصابٍ *** سَقَط الطفلُ، فِيهِ، مِنْ أَحْشاكِ(1)
هَلْ رَسُولُ الإله قال اضْرِبُوها؟ *** عَذَبَ اللَّه ظالماً أَدْماكِ
مَعْضِداً وَرَّثُوكِ إِثْرَ سِياطٍ *** وَ مِنَ اللَّطْمِ قَدْ هَوَى قُرطاكِ(2)
قَتَلَتْكِ العِداجَفاءً وَ ظُلْماً *** قاتَلَ اللَّهُ كُلَّ مَنْ عاداكِ(3)
و تُوفِّيتِ بَعْدَ عُمْرٍ قَصِيرٍ *** وَ بِلَيْلِ أُنْزِلْتِ في مَشْواكِ(4)
ص: 119
أَنْظُري زَيْنَبَ اليَتِيمَةَ تبكي *** في الدَّيَاجي وَ حَوْلَهَا إيناكِ
أنْظُرِي المُرْتَضى يُغَسْلُ جِسْماً *** مِثْلَ بانٍ(1) ضَعْفاً، بغير حِراكِ(2)
أُنْظُرِي النَّعْشَ في انتظارِكِ يَرْنُو *** وَ انْظُرِي البَيْتَ فاقداً لِضِياكِ(3)
فَصَلاةٌ يَا بَضْعَةَ الطُّهْرِ تَتْرَى *** وَ سَلامٌ عَلَيْكِ مِمَّن بَراكِ(4)
ص: 120
(بحر الرّمل)
مهيار الديلمي
یا بْنَةَ القَوْمِ تُراكِ *** بالِغٌ قَتْلي رِضاكِ؟!
أَمْ دَمي وَهْوَ عَزِیزٌ *** هَانَ في دِينِ هَواكِ؟
إنْ يَكُنْ طاحَ فما أوّلُ *** ما طَلَّتْ یَداکِ
حُبَّ يَومُ «السَّفْحِ» إلا *** أَنَّهُ يَومُ نَواکِ(1)
لَعِبَتْ ساعاتُهُ بِي *** ما كَفَاهَا وَكَفاكِ
كَمْ غَزال بالمُصَلَّي *** صامَ صَلَّى فَحَاكِ(2)
جارياً في حَلْبَةِ الحُسْنِ *** وَ لَمْ يَبْلُغْ مَداكِ
مَرَّ لا أَرْهَفَ عَيْنَیْکِ *** وَ لا أَرْشَفَ فاكِ(3)
غَيْرَ أَنَّى قُلْتُ: حَيْيتَ *** علي ما أنتَ حاکِي
وَ قَصِيراتِ الخُطَي غَيْرَكَ *** لَدْناتِ العِراكِ(4)
عادلاتٍ عِلَلَ الوَجدِ*** بلذّاتِ التَّشاكِي
رُعْنَ في «مكْةَ» نَوْمِي *** قَبْلَ تَعْرِيدِ المَكاكي(5)
ص: 121
كُلُّ عَطْرَى شَفَتاها *** عِترَةٌ فَوْقَ مُداكِ(1)
يَغْتَدِي مِسْواتُها *** رَيْحانةٌ غِبَّ السِّواکِ
فَرَأَتْ عَيْنِي وَلكِنْ *** ما رَأَي قَلْبِي سِواکِ
أَجْتَدِي النَّوْمَ وَ هَلْ فِي النَّوْمِ *** إلا أَنْ أراکِ؟(2)
ماعَلَی مَنْ حَظَرَ الرَّاحَ *** لَوِ اسْتَثْنَى لمَاكِ!(3)
كُنْتُ صَعباً لا أُلَوَّى *** بالخَشاشاتِ الرِّكاكِ(4)
فَمَضَى حُكْمُ اكْتِهالي *** تابِعاً حُكْمَ صِباكِ
يا سَمِيرِي لَيْلَةَ «السَّفْحِ» *** وَ قَدْ نادَوْا: بَراكِ(5)
وَ المَطايا تَخْلِطُ المَعْجَ *** کَلالاً بالسِّواکِ(6)
أتباکَیْتَ نِفاقاً *** «باللّوى» أم أن أنتَ باكي؟
أمْ أراکَ الشَّوْقُ أَشْباهَ *** «سُلَيْمَى» في الأراكِ؟
سَأَلَتْ بي أمُّ «سَلْمي» *** أيْنَ حَزْمي و احْتِناكي؟
وَرَأَتْ ضَعْضَعَةٌ بَيْنَ *** سُكُوني و حِراكِي(7)
طاوِياً كَشْحَ مَهِیضٍ *** ناشِراً أَنْفاسِ شاکي(8)
لاتَخَالِي خَوراً ذاكَ *** فإنِّي أنا ذاکِ(9)
ص: 122
بَلْ رُزَيْناتُ تَواصَينَ *** شَماتاً بانْتِهاكِي(1)
كلُّ يَوْمٍ حادِث ینکأُ *** قَرْفي بالحِكاكِ(2)
أَنتَحِي أَعْزَلَ فِیهِ *** وَ سِلاحُ الدَّهْرِ شاکي(3)
كَمْ عَرَكْتُ الصَّبْرَ حَتَّى *** جاءَ ما فَلَّ عِراكي
وَ تَسَتَّرْتُ وَرُزْءُ *** «الفاطِمِيّينَ» انْهتاکِي
خَمَدَ الجَمْرُ وَ وَجْدِي *** بِبَنِي «الزَّهْراءِ» ذاكي(4)
بأبي في قَبْضَةِ الفُجَّارِ *** مِنْهُمْ كلُّ زاكي
مُلْصَقٌ بِالأَرْضِ جِسْماً *** نَفسُهُ فَوْقَ السُّكاكِ(5)
مُفْرَدٌ تَرْمِيهِ كَفُ *** البَغْي عن قَوْسِ اشتراكِ
أَظْهَرتْ فِرقَةُ «بدرِ» *** فيه أضْغانَ النَّواكِي(6)
كلُّ ذاكِى الحِقْدِ أو يخضبُ *** أعرافَ المَذاكي(7)
و غَريبُ الدَّارِ يُلفَي *** مَوْطِنَ الطَّعْنِ الدِّراكِ(8)
طاهِرٌيخطَفُ بالأيْدِي *** الخَبِيثَاتِ السِّهاكِ(9)
يَخْرَسُ المَوْتُ إذا سمَّتْه *** أفواهُ البواکِي
يابْنَةَ الطَّاهِرِ كَمْ تَقشَرُ *** بالظُّلْمِ عَصاكِ
ص: 123
غَضِبَ اللَّهُ لِخَطْبٍ *** لَيْلَةَ «الطَّفٌ» عَراكِ(1)
وَ رَعَى النَّارَ غَداً جِسْمٌ *** رَعَي أمسِ حِسماکِ
شَرَعَ الغَدْرَ أَخُو غِلَّ *** عَنِ الإِرِثِ زَواکِ(2)
يا قُبُوراً بالغَرييْنِ *** إلى الطَّفْ سقاكِ(3)
كُلُّ مَحْلولٍ عُرى المرزِمَ *** مَحْلُوبِ السّماكِ(4)
حَامِلُ مِنْ صَلَواتِ *** اللَّهِ ما يُرْضِي ثَرَاكِ
وَ إِنِ اسْتَغْنَيْتِ عن وَ كُفِ *** حَياً غَيْرِ حَياكِ
إِنَّهُ لَوْ أَجْدَبَ البَحْرُ *** اجْتَدَى فَضْلَ نداكِ
أَوْ أَضَلَّ البَدْرُ في الأفْقِ *** سَناه لاهتَداكِ
يا هُداةَ اللَّه وَ النَّجوَةً *** في يَوْمِ الهَلاکِ
بكُمُ اسْتَدْلَلْتُ في حَيْرِةَ *** أمْرِي و ارَتِباکِي
أَظْلَمَ الشَّکُّ وَ کُنْتُمْ *** لي مَصابِيحَ المَشاكي(5)
وقد ذيّل عليها بعضُ الشّيعة و أتمَها، و الأبيات:
يا بْنَةَ الطَّاهِرِ كَمْ تُقْرَعُ *** بِالظُّلْم عَصاکِ
غَضِبَ اللَّهُ لِخَطبٍ *** لَيْلة الطَّفَ عَراكِ
ص: 124
و رَعَى النّارَ غَداً *** قطَّ رعَى أمسِ حماكِ
مَرّ لم يعطِفّه شَكْوَى *** و لا اسْتَحْيَا بُكاكِ(1)
وَ اقْتَدَى النّاسُ بِهِ بَعْدُ *** فأردَي وَلَدَاکِ
يا بْنَةَ الرّاقي إلى السِّدُرَةِ *** في لَوْحٍ السکاکِ
لَهْفَ نَفْسِي وَ عَلَى مِثْلِك *** فَلْتَبکِ البَواکِي(2)
كَيْفَ لم تُقْطَعْ يَدٌ مَدَّ *** إِلَيْكِ ابن صهاکِ
فَرَحُوا یَوْمَ أهانوکِ *** بما ساء أباکِ
وَ لَقَدْ أَخْبَرَهم أنّ *** رضاه في رِضاكِ(3)
دَفعا النَّصَّ على إرثِكِ *** لمَّا دَفَعاكِ(4)
ص: 125
وَ تَعَرَّضْتِ لِقَدْرٍ *** تافِهٍ و انتَهَذاکِ
وَ ادْعَيْتِ النَّحْلةَ المشهودَ *** فيها بالصِّكاكِ(1)
فاستشاطَا ثم ما إن *** كذبا إن كذباكِ(2)
ص: 126
فَزَوَى اللَّه عن الرَّحْمةِ *** زِنْدِیقاً زَواکِ(1)
وَ نَفَى عَنْ بابهِ الوا *** سِعٍ شَیْطاناً نَفاکِ(2)
ص: 127
(بحر الكامل)
الشيخ هادي البحراني
تَعْيَى القَرائحُ في مُقامِ عُلاكِ *** حَياكِ يا بنةَ أَحْمَدٍ حَيَّاكِ(1)
يا فاطِمٌ أنْتِ المَكارِمُ كُلُّها *** يا فاطِمٌ قَدْ طَابَ مَنْ والاكِ(2)
یا فاطِمٌ يا رَمْزَكُلِّ فَضِيلةٍ *** يا فاطِمٌ يا عِصْمَةَ النُّساكِ
يا فاطِمٌ يا لَيْلَةَ القَدْرِ انْجَلَتْ *** بكِ ظُلمةً مُذ لُحْتِ في أَضْواكِ(3)
ص: 128
يا فاطِمٌ يا كوثراً في الوحي يا *** مَنْ حارَتِ الألبابُ في مَعْناكِ(1)
یا فاطِمٌ يا بَضْعَةً لِمُحَمَّدٍ *** يا فاطمٌ و رضا الإلهِ رضاكِ(2)
يا فاطِمٌ يا زَوْجَةً لِوَصيِّهِ *** يا فاطِمٌ وَالْخَيْرُ مِنْ أَبْناكِ
يا فاطِمٌ ماذا أقولُ و أنتِ يا *** بنتَ الرَّسُولِ مَحَجَّةُ الأمْلاكِ
في يَوْمٍ مَوْلِدِكِ انْتَشَيْتُ وقَدْ غَدا *** شِعري يُعطرُهُ عَبِيرُ نَداكِ
أنا خادِمٌ لِبَنِيكِ دَوْماً مُولَعٌ *** بِكُمُ وإنَّي لا ئِذٌ بِحِماكِ
أرْجُو الشفاعة في النُّشور لِعَبْدِكُمْ *** (هادي) لِيُحْشَرَ مُنْعَماً بوَلاكِ(3)
إِنِّي بَرِيء مِنْ أُناسٍ ضَيَّعُوا *** حَقَّ الوَصِيَّ وَ كُلِّ مَنْ عاداكِ
بَدَنِي مَرِيضٌ وَ الشَّفاءُ لَدَيْكُمُ *** روحِي وَ جِسْمِي يا بَتُولُ فِداكِ(4)
ص: 129
بالعُروة الوثقى وَثِقْتُ وَإِنَّني *** أَهْوَى الّذِي في حُبِّهِ يَهواك
صَلَّى عَليكِ اللَّه جَلَّ جَلالُهُ *** يا بَضْعَةَ الهادِي النَّبِيِّ الزَّاكِي
ص: 130
(بحر البسيط)
السيد هاشم حسين الموسوي
أُمُّ الأَئِمَّةِ مَا أَنْدَى عَطَايَاكِ *** وَ مَا أَشَدَّ شَفَاءَ الدَّهْرِ لَوْلاكِ(1)
إنَّ العَطَاءَ الَّذِي مَا زَال كَوْثَرُهُ *** يُهْدِي الحَيَاةَ روَاءٌ فَيْضُ يُمْنَاكِ(2)
عِظَرُ النُّبُوَّةِ فِيهِ خَالِدٌ عَبِقٌ *** يَسْتَافُهُ كُلُّ مَنْ بِالحَقِّ وَالاكِ(3)
إِنَّ الإِمَامَةَ نَهْرٌ أَنْتِ مَنْبَعُهُ *** حَيَّاكِ مِنْ مَنبعِ لِلْفَضْلِ حَیَّاكِ
يَجْرِي الزَّمَانُ وَ يَعْلُو الحَقُّ فِي فَمِهِ *** أَنْشُودَةً لَحْنُهَا أَوْتَارُ عَلْيَاكِ
فَلا نُضُوبَ لِنَهْرٍ أَنْتِ مَنْبَعُهُ *** وَ لالِقِيثَارَةٍ تَشَدُو بِحُسْنَاكِ(4)
بنتَ النَّبِي وَ يَكْفِي الدَّهْرَ فَاطِمَةَ *** اسْمٌ يُذِيبُ القَذَى فِي دَرْبِهِ الزَّاكِي(5)
ص: 131
اِسْمٌ هُوَ البَلْسَمُ الشَّافِي وَ مَا شَقِيَتْ *** نَفْسٌ كَمَا أَمَرَ القُرْآنُ تَهْوَاكِ(1)
أمُّ الحُسَيْن وَ قَدْ جَلَّتْ فَضَائِلُهَا *** مِنْ أَنْ تُقَاسَ فَلَاحَدٌ لِمَرْقَاكِ(2)
فَأَنْتِ سَيِّدَةُ الدُّنْيَا وَ عَالَمِها *** مِنَ النِّسَاءِ بِلارَيْبٍ و أُخَرَاكِ(3)
وَ أَنْتِ عَالِمَةٌ قَدْ أَيْنَعَتْ وَ نَمَتْ *** فِي مَنْزِلِ الوَحْيِ حَيْثُ اللَّهُ يَرْعَاكِ
قَبَسْتِ مِنْ نُورِهِ مَا كَانَ مُمْتَنِعاً *** عَلَى الخَلَائِقِ مِنْ أَبْعَادِ مَعْنَاكِ(4)
وَفُقْتِ كُلَّ نِسَاءِ الأَرْضِ قَاطِبَةً *** مِنْ أَوَّلِ الدَّهْرِ حَتَّى يَوْمَ نَلْقَاكِ
فِقْها وَ تَقْوَى وَبِالإِسْلَام مَعْرِفَةً *** عَلَى الحَقِيقَةِ حَيْثُ الوَحْيُ رَبَّاكِ
وَ سُورَةُ الدَّهْرِ تَكْفِي المَرْءَ مَعْرِفَةً *** بِمَا حَبَاكِ بِهِ المَوْلَى وَ أَعْلاكِ(5)
ص: 132
وَ خُطْبَةٌ لَكِ فَجَّرْتِ العُلُومَ بِهَا *** حَتَّى غَدَا الخَصْمُ مَفْضُوحاً بِدَعْوَاكِ(1)
بلاغَةٌ يُدْهِشُ الأَلْبَابَ مَنْطِقُهَا *** كَأَنَّهَا الوَحْيُ فِي بُعْدِ وَإِدْرَاكِ
أَقَمْتِ حُجَّتَكِ الكُبْرَى وَ كُنْتِ بِهَا *** فِي مَوْقِفِ الحَقِّ نِعْمَ الصَّادِقُ الشَّاكِي
وَ أَنْتِ صِدِّيقَةٌ مَحْفُوفَةٌ أَبَداً(2) *** بِالطُّهْرِ، وَ الحَقُّ طَبْعُ مِنْ سَجَايَاكِ(3)
أيَطلُبُونَ شُهُوداً؟ لا أباً لَهُمْ *** وَ اللَّهُ فِي مُحْكَم التَّنْزِيلِ زَكَّاكِ
أَمَا وَعَوْا حَقَّكِ المَضْمُونَ إِذْ حَكَمُوا *** بَلَى وَ حَقِّ الذِي بِالحَقِّ سَوَّاكِ؟
سَيَعْرِفُونَ غَداً عُقْبَى زَوَابِعِهِمْ *** إِذْ تَعْرِضِينَ بِيَوْمِ الحَشْرِ شَكْوَاكِ
يَا بَضْعَةَ المُصْطَفَى يَا مَنْ مَآثِرُهَا *** بِلا عَدَادٍ وَ لاَيُرْقَى لِتَقْوَاكِ(4)
مَاذَا يَخُطُّ يَراعٌ فِيكِ يا أَلَقاً *** مِنَ السَّمَاءِ، وَ رَبُّ العَرْشِ أَدْنَاكِ(5)
وَ كَيْفَ يَبْلُغُ شِعْرٌ فِيكِ غَايَتُهُ *** وَ إِنْ تَفَنَّنَ فِي وَصْفِ وَ أَطْرَاكِ؟(6)
فَأَنْتِ فَوْقَ فُنُونِ الشَّعْرِ سَيِّدَتِي *** وَ الحَرْفُ لَايَهْتَدِي يَوْماً لِمَغْزَاكِ
رَبِيبَةُ الوَحْي هَذَا يَوْمُ مَوْلِدِهَا *** مَا كَانَ أَعْطَرَهُ مِنْ مَوْلِدٍ زَاكِي
ص: 133
مَا كَانَ أَعْظَمَهُ يَوْماً وَ أَزْهَرَهُ *** يُشَرِّفُ الخَلْقَ مِنْ إِنسِ وَ أَمْلاكِ
يَوْمٌ هُوَ الشَّمْسُ فِي الْآفَاقِ بَازِغَةٌ *** تُنَوِّرُ الكَوْنَ مِنْ جُرْم وَ أَفَلاَكِ(1)
وَ قُرَّةُ العَيْنِ لِلْمُخْتَارِ تَمْنَحُهُ *** عِطر الجِنَانِ بِلاَ هَم وَأَشْوَاكِ
فَازَتْ خَدِيجَةُ بِالإِيمَانِ سَابِقَةً *** وَ الْيَوْمَ فَاقَتْ عَلَى سَبْقٍ وَ إِدْرَاكِ
يَا أُمَّ فَاطِمَةٍ يَكْفِي العُلاَ شَرَفاً *** أَنْ يَسْتَقي الدَّهْرُ مِنْ أَنْهَارِ حُسْنَاكِ
فَتِلْكَ فَاطِمَةٌ تُغْنِي الحَيَاةَ هُدًى *** بِلا تَرَاجُع أَوْ عَجْزِ وَ إِمْسَاكِ(2)
دَرْبُ اشَّهَادَةِ مِنْ آثَارِهَا عَبِقٌ *** مِنْ كُلِّ مِغْوَارٍ حَقٌّ لِلْوَغَى شَاكٌ
مُنْذُ الحُسَيْنُ وَ فَيْضُ الدَّمُ مُلْتَهِبٌ *** عَلَى الطَّغَاةِ وَ حَتَّى صَدْرِنَا الزَّاكِي
أم المَيَامِينَ بِنْت الْوَحْيِ سَيِّدَتِي *** تِلْكَ الغُصُونُ نَمَتْ مِنْ نَفْحِ رِيَاكِ
كُلُّ الأَئْمَةِ مِنْ أَبْنَاءِ فَاطِمَةٍ *** كَانُوا كُهُوفَ الوَرَى مِنْ كُلِّ أَفَاكِ(3)
صَاغُوا الحَيَاةَ طَهُوراً مِثْلَمَا رَسَمَتْ *** مَشِيئَةُ اللَّهِ رَبِّ العَرْشِ مَوْلاَكِ
قَدْ أَزْهَرَتْ فِيهِمُ آثَارُ تَرْبِيَةٍ *** بِمِثْلِ مَا أَحْمَدُ المُخْتَارُ رَبَّاكِ
خَطُّ الرِّسَالَةِ صَانُوهُ وَ قَدْ حَمَلُوا *** كُلَّ الأَذَى فِيهِ مِنْ بَاغٍ وَ سَفَّاكِ(4)
زَهْرَاءُ يَا عَبْقَ التَّاريخِ مُنْتَشِراً *** مُني عَلَيْنَا بِعَطْفِ يَوْمٍ ذِكْرَاكِ
بِنْتَ الرِّسَالَةِ يَا زَهْرَاءُ يَا شَرَفاً *** بهِ يُطَوْقُ مَنْ فِي اللَّهِ وَالآكِ
تِلْكَ اللَّيَالِي لَقَدْ وَلَّتْ وَ مَا ظَفِرَتْ *** يَدُ المُسِيءٍ بِشَيْءٍ عَنْهُ أَقْصَاكِ(5)
فَأَنْتِ رَبَّهُ حَقٌّ رَغْمَ مَا افْتَعَلُوا *** مِنَ المَوَاقِفِ أَوْ شَكٍّ وَإِرْبَاكِ
وَ أَنْتِ فِي قِمَّةِ العَلْيَاءِ خَالِدَةٌ *** وَ سَوْفَ يَلْقَى الجَزَا مَنْ كَانَ عَادَاكِ
ص: 134
(بحر الكامل)
لأحد الشعراء
يا نُورَ بَيْتِ المُصْطَفَى بُشْراكِ *** لَوْلاكِ ما عَمَّ الهُدَى لَوْلاكِ
يا خَيْرَ فاطِمَةٍ وَ يا أُمَّ الهُدَى *** نُورَ الإمامة من صميم بَهاكِ(1)
لَوْلاكِ يا زَهْراءُ يا نُورَ الوَرَى *** ما هَلَّتِ الأَنْوارُ تَحْتَ سَماكِ(2)
أنتِ الهُدَى لِلْهائِمِينَ بِلا هُدًى *** يا كَعْبَةَ المُشتاقِ نَحْوَ حِماكِ(3)
صَلَّى عَلَيْكِ الله يا ذاتَ الهُدَى *** وَ عَلى أبِيكِ وَ عِتْرةٍ تَهْواكِ
***
قَسَماً بِرَبِّ العَرْشِ أَنْتِ هِدايةٌ *** لِلْقاصِدِينَ إلى العُلا بِهُداكِ
ص: 135
يَكْفِيكِ قَوْلُ المُصْطَفَى فِي مَوْقِفٍ *** مِنْ كُلِّ مَنْ عاداكِ أو حاباكِ(1)
يُؤْذِيهِ ما يُؤذِيكِ هذا قَوْلُهُ *** يُرْضِيهِ ما يُرْضِيكِ نِعْمَ رِضاكِ(2)
يَكْفِيكِ أَنَّ المُرْتَضَى عَلَمُ الهُدَى *** بابُ العُلوم وَلِيُّ مَنْ والاكِ
صَلَّى عَلَيْكِ اللَّهُ قَدْرَ كَمَالِهِ *** وَ عَلَيْكِ صَلَّى اللَّه قَدْرَ عُلاكِ
***
يا خَيْرَ مَنْ بَكَتِ الدُّمُوعَ غَزِيرَةٌ *** بَعْدَ الحَبِيبِ صَفِي مَنْ صافاكِ(3)
يا مَنْ بَكَى جِبْرِيلُ بعدَ بُكائِها *** وَ مَلائِكُ الرَّحْمَنِ حَوْلَ حِماكِ(4)
ص: 136
أنتِ المَنارُ هِدايَةٌ لِمَنِ اهْتَدَى *** وَ لِمَنْ يَلُوةُ اليَوْمَ تَحْتَ لِواكِ
هذا عطاؤكِ أنْتِ أَهْلُ عَطائِهِ *** جَلَّ العَطاء وَ جَلَّ مَنْ أَعْطَاكِ
صَلَّى عَلَيْكِ اللَّهُ قَدْرَ كَمَالِهِ *** وَ عَلَيْكِ صَلَّى اللَّهُ قَدْرَ عُلاكِ
***
سُبْحانَ رَبِّي لَوْنَظَرْنَا حَوْلَنا *** فإِذا الطَّوائِفُ كُلُّها تَهْواكِ
كُلُّ المَشارِبِ عِنْدَ بابِكِ تَلْتَقِي *** في بَحْرِ حُبِّ لَمْ يَكُنْ لِسِواكِ
وَاللَّهِ يا زَهْراءُ إِنَّكِ ثَوْرَةٌ *** وَ الْحَقُّ وَالميزانُ تَحْتَ لِواكِ
ذكراكِ تُلْهِمُ كُلَّ قَلْبِ ثائِرٍ *** هَذِي قُلُوبُ الثَّائِرِين تراكِ
باللَّهِ يا زَهْراءُ جُودِي نَفْحَةً *** فِيها الرّضا وَ النُّورُ مِنْ مَوْلاكِ(1)
صَلَّى عَلَيْكِ الله يا ذاتَ الهُدَى *** وَ عَلَى أَبِيكِ وَ عِشْرَةٍ تَرْضاكِ
ص: 137
ص: 138
ص: 139
ص: 140
(بحر الكامل)
الشيخ إبراهيم آل مبارك البحراني(*)(1)
بَيْنِي وَ بَيْنَ قَبِيلَتِي مَخْطُومَةٌ *** كَانَتْ قَضَيْتُها الخصام الأوَّلا(2)
ضَرَبُوا يَدِي فِيها وَساقُوها إلى *** أَزْوادِهِمْ حينَ اقْتَضَتْ أَنْ تَرْحَلا(3)
و أنا الذي أَخرَزُتُها و قَنَصْتُها *** مِنْ بَيْنِ بُرْتُن ضَيْغَمٍ أَوْ أَجْدَلا
فَخِطامُها قَتْلِي وَ مَبْرَكُ صَدْرِها *** رَحْلِي وَ لَوْلا عِزَّتِي لَنْ تُذْلَلا
رَبَّضْتُها وَ هِيَ العَسُوفُ شَمُوسَةً *** أَهْلَتُها وَ هِيَ الَّتي لَنْ تُؤْهَلا(4)
أَوَ لَسْتُ مَنْ هَدَمَ الصَّياصِي دَوْنَها *** أَوْجَبْ غارِبَ فَحْلِها فَتَجَنْدَلا؟(5)
مَنْ كانَ طَلاعاً على إصْطَبْلِها *** قَلَعَ الرِّتاج وَ كانَ حِضناً مُقْفَلا(6)
أَوَ لَسْتُ سائِقَها عَلَى عِلاتِها *** سِيّان مَنْ جَلى عليها أَوْ جَلا؟
أوَلَسْتُ سابِقَها المُجَلِّي يَوْمَ لا *** صَلَّى مِنَ السُّوس الخماص ولاتلا؟(7)
ص: 141
مَنْ ذا الّذي أَقْنَى قناها أو طلى *** بيضَ المُهَنَّدَةِ الظُّبا بِدَمِ الطِّلا؟(1)
مَنْ صَکَّ بُهْمَتَها وَ طَوَّقَ قَرْنَها *** مَلْمُومَةٌ تُغْنِيهِ عَنْ طَوْقِ الحُلا(2)
مَنْ لَفَّ راياتِ الكتائبِ ضارِباً *** أَلْباجَها فَتَطَأَطَأَتُ حَتَّى اعْتَلَى؟
مَنْ هَذَها مَنْ بَذْهَا مَنْ ساقَها *** أسْرَى لِتَفْدِيَ نَفْسَها أَوْ تَقْتُلا؟(3)
مَنْ غَائِصٌ لُجَجَ الجُرُوبِ وَ طالِعٌ *** منها الثّنايا و الدُّرَى وَ ابْنُ الجَلا؟
وإِذا الوَغَى حَمِيَتْ فَمَنْ غَيْرِي لها؟ *** أَلْقَى وَقائِدُها لها ومَنِ اصْطَلَى
وإِذا الخَطابَةُ أَقْحَمَتْ خُطَبَاءَها *** أَفْنا و لاسُحْبانَ وائِلَ مِقْوَلا؟
وإذا المَعاضِلُ أَعْجَزَتْ بِورودِها *** سَعْداً فَمَنْ غَيْرِي لِبُورِدَ مُعْضِلا؟
وَإِذا تَغَلْغَلَتِ الأمُور فَمَنْ لَها *** فَيَسِفٌ إِنْ سَفَّتْ و إِنْ يَتَغَلْغَلا(4)
وإذا الحُكُومَةُ بالقَضاءِ تَبَلْبَلَتْ *** فَمَنِ المُخَرِّزُ وَ المُطَبق مُفْضِلا
وإذا أتاهَتْ بِالعُقُولِ حَنادِسٌ *** فَغَوَتْ حَمَلْتُ إلى الهدايةِ مِشْعَلا(5)
وإِذا تَقَهْقَرَتِ الرِّجالُ وَ أَحْجَمَتْ *** كُنْتُ المُقَدَّمَ عِندَها و الأَمْثَلا
حتى إذا انْتَهَتِ الشَّدائدُ كُلُّها *** وَ تَقَطَّعَ اللَّيْلُ المُحندَسُ وَ انْجَلَى(6)
تَرَكَ القَطا فَغَفى و نامَ مُطَمْناً *** وَ صَفَالَهُ جَرُّ الصَّحاري وَ الفلا
فَتَحاشَدُوا وَ تَعاقَدُوا أَنْ يَرْكَبُوا *** مَخْطُومَتِي وَ يُمَلكُوها حَنْبَلا
مَنْ حَنْبَل ما كُنتُ أعْرِفُ حَنْبَلاً؟ *** مِنْ أَيْنَ جاءَكَ حَنْبَلٌ يا مُبْتَلَى؟
ما جاءَ يَوْمِ الخَيْسِ تَزارُ أَسْدُها *** لَكِنْ بِيَوْمِ الحَيْسِ جاءَ لِيَأْكُلا(7)
ص: 142
وَ قَبِيلَتِي أَخَذَتْ له في فلْتَةٍ *** لَمْ تَرْعَ حقاً أَوْ تُحَكِّمَ فَيْصَلا
فَلْيَأْخُذُوها ما حَلَتْ أوْساقُها *** إِلا لِتُطْعِمَهُمْ ذُعافاً حَنْظَلا
لَهْفِي لِبَابِ مَدِينَةِ العِلْمِ الَّذِي *** أَدَّى العُلوم لِذِي المَعارِفِ والملا
أَضْحَى يُقادُ مُلَبَّباً بِثِيَابِهِ *** قَوْدَ البَعِيرِ مَتَى يَخشَ تَسَهْلا(1)
مَنْ هؤُلاءِ وَ مالَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا *** ما لا يُباحُ لِمِثْلِهِمْ أنْ يَفْعَلا
فَمَتَى تَجَهَّمَتِ الظَّباءُ بِضَيْغَمٍ *** وَ نَفَتْ بِذاتِ الصَّيْدِ مِنْ قالي قلا
فَكَأَنَّ لَيْئاً نا وَأَتْهُ تَعَالِبٌ *** وَ كَأَنَّمَا الهَمَجُ اسْتَتَبَّتْ جُعَلا
وَالضَّيْمُ أضْرَعَ خَدَّهُ وَلَهُ العُلا *** أدْنَى مَراتِبِه السَّمواتُ العُلا(2)
وَ البَضْعَةُ الزَّهْراءُ تَعُولُ خَلْفَهُ *** وَ لَقَدْ يَعُزُّ عَلَى الحَيا أنْ تَعْوِلا(3)
وَ أَخافَها ذُلُّ التَّرَمُّلِ بَعْدَهُ *** وَ أَشَدُّ ما تَخْشَاهُ أَنْ تَتَرمَّلا
صاحَتْ فَحَرَّكَتِ السَّواكِنَ كُلَّها *** وَ تَزَلْزَلَتْ وَالحَقُّ أن تَتَزَلْزَلا(4)
خَلُّوا ابْنَ عَمِّي أَوْ لأَدْعُو دَعْوَةً *** فَيَحُطُ أعْلَى الكَوْنِ مِنْهَا أَسْفَلا
ص: 143
أوَلَيْسَ مِنْ رَبَطَ الوُجودَ وَجُودُهُ *** نَحْنُ و سبَّبَ كَوْنَهُ فَتَعَلَّلا
هَلْ كَانَ ناقَةُ صالِحٍ وَفَصِيلُها *** أولى بِسَمْعِ اللَّهِ أنْ يُتَقَبَّلا
أَوْ صَالِحٌ هَلْ كانَ أَفْضَلَ مِنْ أَبِي *** فَيَكُوْنَ أَجْدَرَ بالإِجَابَةِ أَعْجَلا
أوَ لَسْتُ عِنْدَكُمُ البَقِيَّةَ مِنْ أَبِي *** وَ أَنا وَدِيعَتُهُ وَ أَسْلَمُ لِلْبَلا؟
قَدْ قال إِني بَضْعَةٌ مِنْهُ وَ إِنِّي *** فِي المَلا مِنْ سِتْ نِسْوانِ المَلا(1)
ما كانَ يَنْطِقُ عَنْ هَوَى وَاللَّهُ وفى *** القُرْآنِ قَدْ بَرَاهُ أَنْ يَتَقَوَّلا
فَبِأَيِّ وَجْهِ إِنْ تُلاقوا أحمداً *** يَرْضاهُ أَوْ عُذْرٍ يُقالُ فَيَقْبَلا؟
إحْسانُكُمْ أَخْذُ الحقوقِ و برُّكُمْ *** صَفْعُ الوُجُوهِ وَرُدُّكُمْ فينا قَلا(2)
ص: 144
لَمْ أَبْكِ رَبْعاً لِلأَحِبَّةِ قَدْخَلا *** وَ عَفَا وَ غَيَّرَهُ الجَدِيدُ وَ أَمْحَلا(1)
کَلاً وَ لاكَلَّفْتُ صَحْيِي وَقُفَةً *** في الدَّارِ إِنْ لَمْ أُشْفَ صَباً عُلَّلا(2)
وَمَطَارِحُ النَّادِي وَ غُزْلانُ النَّقا *** وَ الجَزْعُ لَمْ أَحْفل بها مُتَغَزلا(3)
وَ بَواكِرُ الأَضْعَانِ لَمْ أَسْكُبُ لَها *** دَمْعاً وَ لَاخِلْ نَأَى وَ تَرَحَّلا
لكِنْ بَكَيْتُ لِفاظِمِ وَ لِمَنْعِها *** (قَدْكاً) و قَدْ أَتَتِ الخَؤُونَ الأَوَّلا(4)
إِذْ طَالَبَتْهُ بِإِرْثْها فَرَوَى لها *** خَبَراً يُنا فِي المُحْكَمَ المُتَنَزِّلا
لَهُفِي لها و جُفُونُها قَرْحَى وَ قَدْ *** حَمَلَتْ من الأحزانِ عِبْئاً مُثْقَلا
وَ قَدْ اعْتَدَتْ مَنْفِيَّةً وَ حَمِيُّها *** مُتَطَيْراً بِبُكائِها مُتَثَقَلا
تُخْفِي تَفَجَّعَها وَ تَخْفِضُ صَوْتَها *** وَ تَظَلُّ نادِبَةً أَباها المُرْسَلا
تَبْكِي على تَكْدِيرِ دَهْرٍ ما صَفا *** مِنْ بَعْدِهِ وَ قرِيرِ عَيْش ما حَلا
لَمْ أَنْسَها إِذْ أَقْبَلَتْ في نِسْوَةٍ *** من قومِها تَرْوِي مَدامِعُها المَلا
وَ تَنَفَّسَتْ صُعَداً و نادَتَ أَيُّها *** الأنصاريا أَهْلَ الحِمايَةِ و الكَلا
أَخَذَ الإلهُ لَكَ العُهودَ عَلَى الوَرى *** فِي الذُّرْ لَمَا أنْ يرى و بِكَ ابْتَلَى
في يوم قالَ لَهُمْ: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ *** و علىُّ مَوْلاكُمْ؟ مَعاً قالوا: بَلى
ص: 146
قَسَماً بِوِرْدِي مِنْ حِياضِ مَعارِفي *** وَ بِشُرْبِيَ العَذْبَ الرَّحِيقَ السَّلْسَلا(1)
وَ مَن اسْتَجَارَكِ مِنْ نَبِيِّ مُرْسَلٍ *** وَ دَعَا بحقِّكِ ضَارِعاً مُتَوَسِّلا
لَوْ قُلْتُ إِنَّكِ رَبُّ كُلِّ فضيلةٍ *** ماكنتُ فيما قُلْتُهُ مُتَنَحِّلا(2)
أَوْ بُحْتُ بالخَطَرِ الذي أعْطَاكِ رَبُّ *** العَرْشِ كادُونِي و قَالُوا قَدْ غَلا(3)
فَإِلَيْكِ مِنْ تقْصِيرِ عَبْدِكِ عُذْرَهُ *** فَكَثِيرُ ما أَبْكِي أَراهُ مُقَلَّلا
بَلْ كَيْفَ يَبْلُغُ كُنْهَ وَصْفِكِ قائِلٌ *** وَ أَبُوكِ في عَلْياكِ أَبْلَعْ مَقْوَلا؟
وَ نَفَائسُ القُرْآنِ فِيكِ تَنَزَّلَتْ *** وَ بِكِ اغْتَدَى مُتَحلِّياً مُتَجَمِّلا
فَاسْتَجْلِها بكْراً فَأَنْتِ مَلِيْكَها *** و على سواكِ تَجلُّ مِنْ أَنْ تُجْتَلى
وَ لَمْنُ بَقِيتُ لأنْظَمَنَّ قَلائِداً *** يُنْسِي تَرَضُعُها النظام الأولا
شَهِدَ الإِلهُ بِأَنَّنِي مُتَبَرِّىءٌ *** مِنْ حَبْتَرٍ وَمِنَ الدِّلامِ وَ نَعْثَلا
وَ بَراءَةُ الخُلْعِيّ مِنْ عَصَبِ الخَنَا *** تُبْنَى عَلى أَنّ البَرا أَصْلُ الولا(4)
ص: 147
(بحر الخفيف)
الشيخ أبو الحسن الخليعي(*)(1)
لَسْتُ مِمَّنْ يَبْكِي رَسُولاً حَمُولا *** وَ دِياراً أَعْفَى البَلا وَ طُلُولا
لا وَ لَمْ تُلْهِني مَلاعِبُ أَتْرَابِي *** وَ لَمْ أَبْكِ مَرْبَعاً مَأهُولا
ما شَجاني النَّوى فَأَسْتَوْقِفَ الحادِي *** وَ لا أَحْبِسُ الرِّكابَ قَلِيلا(2)
بَلْ شَجَانِي ناعِي الحُسَيْنِ فَأَجْرَيْتُ *** دُموعاً لمّا شَجاني هَمُولا(3)
كَيْفَ لا أَنْدُبُ الغَرِيب الوَحِيدَ *** المستضَامَ المُشَرَّدَ المَقْتُولا(4)
كَيْفَ لا أَساعِدُ البَتُولَ عَلَى الحُزْنِ *** وَ قَدْباتَ قَلْبُها مَبْتُولا(5)
يَوْمَ ذاقَتْ مُرَّ المَذاقِ وَ كانَ *** السِّبطُ في حِجْرِهِ مَحْمُولا(6)
ص: 148
وَ النَّبِيُّ الهادِي بِهِ فَرحٌ يَحْنُو *** عَلَيْه و يُكْثِرُ التَّقْبِيلا
فَأَتاهُ الأمينُ جِبْرِيلُ يَنْعَاهُ *** به فَاغْتدَى يُطِيلُ العَوِيلا
فأَتَتْ فاطِم إلَيْهِ وَ قَالَتْ *** قَدْ تَبَيَّنَتُ مِنْكَ أَمْراً مَهولا(1)
سَيّدِي ما الّذِي دَهاكَ وَ لَمْ *** تُعْرِض ما دُمْتَ بي رَحِيماً وَ صُولا
قال إِنِّي أبى لِقليكَ أنْ يُصْبِحَ *** يوماً لِلنَّائِباتِ هَمُولا
إنّ هذا الحُسَيْنَ يُضْحِي بأَرضِ *** الطَّفْ مِنْ بَعْدِنَا طَرِيحاً قَتِيلا
بعد أنْ يَطلُبَ النَّصِيرَ *** فَلايَنظُرَ إلا مُحارِباً و خَذُولا
وَ العَزيزاتُ مِنْ بَناتِكَ يَشْهَرْنَ *** حُرُوناً بين الورى و سُهولا
فَدَعَتْ عند قولِهِ و اغَريباهُ *** و واعُظْمَ ذاك خَطباً جَلِيلا
مَنْ تَرَى يُلْحِدُ الغَريبَ و مَنْ ذا *** يَتَولَّى التَّكْفِينَ وَ التَّغْسِيلا؟
مَنْ تَرى يَعْمَلُ العَزاء و مَنْ يَبْكي *** عَلَيْهِ و مَنْ يُراعي الرَّسُولا؟
ص: 149
فبكى المصطفى فأوحى إليه اللَّهُ *** قُلْ للبتول قَوْلاً جَمِيلا
سوف أُنْشِي قَوْماً كِراماً يُقيمونَ *** عَزاء الحُسَيْنِ جِيلاً فَجِيلا(1)
و أُجازِيهُمُ على الوُدْ لِلْقُربى *** و أُعْطِيهُمُ العَطاء الجَزِيلا
فَتَوَلَّتْ تُثني عَلَى الشَّيعَةِ الغُرِّ *** وَ تَدْعُو دعاءَها المَقْبولا
فَإذا كانَ قَلْبُها من كلام قبلُ *** لاقَى أَسَى وَداءً دَخِيلا
كَيْفَ لَوْ أَبْصَرَتْهُ مُلْقَى عَلَى التُّرْبِ *** تُجِيلُ العِدَى عَلَيْهِ الخُيُولا
وَ السَّبايا مِنْ حَوْلِهِ يَتَصارَخْنَ *** وَ قَدْ نالَتِ الجُيوبُ الذُيُولا
وَ اليَتَامَى كُلّ تُخَفَى مِنَ الخَوْفِ *** وَ تُدْمِي باللَّطْمِ خَداً أَسِيلا
و بدورُ السَّمَاء صَرْعَى عَلَى الأَرْضِ *** تُلاقِي عِندَ التَّمامِ أُفْولا(2)
وَ قُدودُ الغُصُونِ منْ بَعْد ذاكَ *** اللِّينِ فوقَ الثَّرَى تُعانِي الذُّبُولا
و الإِمامُ السجّادُ في الأسْرِ موثوقاً *** بنفسي أفْدِي الأسيرَ العَليلا
إِذْ رَأتْ زينبٌ تُمرِّغُ خَدَّيْها *** عليه و تَسْتَغِيثُ الجَليلا(3)
و تُنادِي و افَجْعَتِي و اشَقائي *** يا لَها حَسْرة و حُزناً طَويلا
ص: 150
ليتَني كنتُ فِدْتُهُ لكِ من كَرْبِ *** المَنايا و كانَ ذاكَ قليلا
يا أخي ما تَرى سكينةَ خوف *** السبي تُؤمي إليك طَرْفاً كليلا
يا أخي هَلْ لفاطمٍ من كفيلٍ *** حيثُ قَدْ أَعْوَز الزمانُ الكفيلا
يا أخي ماترى عليّاً بِذُلٍّ *** و بِرُغْمٍ يُضْحِي العزيزُ ذليلا
لو رأَتْ صفوةُ النساءِ كريماتِ *** حسينٍ على المسيرِ عَجُولا
مُتْعَباتٍ يَعْثُرْنَ في بَهْرَجِ السيرِ *** و حادِي السّرى يَجدُّ الرَحيلا(1)
أَوْ رَأَتْ رَأْسَهُ على الرُّمْحِ مشهوراً *** إلى أَرْذَلِ الوَرى محمولا
لَرأَتْ ما يَسُوؤُها من جَوى الثكلِ *** و أَمْسى لها العَراءُ نزيلا
و رَوى الحِمْيَرِيُّ وَ هُوَ صَدوقٌ *** قال عايَنْتُ في المنَامِ البَتُولا
مَعْ لفيفٍ من الملائكةِ قَدْزارَتْ *** ضَريح الحسينِ عبَرْى ثُكُولا
ثمّ قالَتْ و وابِلُ الدَّمْعِ لا يُظفِي *** لَهيباً و لايَبُلُّ غَليلا
لَمْ تُقَلِّبُهُ يومَ أُرْدِيَ كَفُّ *** غيرَ كَفَّيْ نَجِيِّه جبريلا(2)
يا بني أحمدٍ ذكَرْتُمُ فروعاً *** عَطراتِ الحَنا و طبْتُمْ أُصولا
و شَرَعْتمْ محجَّةَ الرُّشْدِ للناس *** و لولاكُم تَضَلُّوا السَّبيلا
شَهِدَ اللَّهُ جاهِداً في يَميني *** و كَفَى اللَّهُ شاهِداً و وكيلا
ما أراقَتْ أَرْجاسُ حَرْبٍ دَمَ *** السبطِ و أَغْرَتْ به الطُّغاةُ النُّغولا(3)
وَ اسْتَطالُوا إلا بِمَنْ جَحَدَ النصَّ *** و في حُكْمه غدا مُسْتَقِيلا(4)
و بيومِ التّنادِ فَهُوَ المُنادي *** ليتَني لم أَتَّخِذْ فُلاناً خليلا
ص: 151
فإليكُمْ جَواهِرٌ من وَليِّ *** عارف يُشبِعُ المَقال الدليلا
لازمٌ ما أَمَرْتُموهُ من التقوى *** مقيمٌ على الوَلا لَنْ يَحُولا
تَعِسَ القائلونَ أنّ الخليعيَّ *** بَغى بالهُداةِ يَوْماً بَديلا
حاشَ للَّهِ ليسَ يَدَّعي لبيباً *** مَنْ يُساوي بالفاضِل المَفْضُولا(1)
: 152
(بحر الطويل)
الأستاذ أحمد رشيد مندو(*)(1)
أيا بيعةٌ قامتْ لإِحْراقِ مَنْزِلِ *** لِفَاطِمَ وَ السِّبْطَيْنِ وَ المُرْتَضَى عَلِي(2)
وَ قامَتْ عَلَى إِكْرَاءِ صِنْوِ مُحَمَّدٍ *** وَ تَهْدِيدِهِ إِنْ لَمْ يُبَايِعْكَ يُقْتَلِ
و نادَى أنا الأولى بميراثِ أَحْمَدٍ *** فَلا تَجْهَلِي حَقي و لاتَتَقَوَّلي
وَإِنِّي لأقضاكُمْ وَ أَعْلَمُ مِنكُمْ *** وَ أَقْواكُمُ عَزْماً بِسَيْفِي وَ مِقْوَلي
وَ كُنْتُ عَلَى حَقٌّ بما قَدْ أَتيتُهُ *** وَ الأعَنِ الحَقِّ الحَقِيقِ بِمَعْزِلِ
ص: 153
وَ كَيْفَ أَباكَ المُرْتَضَى وَ هُوَدائِماً *** معَ الحقِّ وَ الذِّكْرِ الحَكِيمِ المُنَزَّلِ؟
وَ أَسْبَقُ كُلِّ الخَلْقِ لِلْحَقِّ وَ الهُدَى *** وَ عَنْ حُبِّهِ لِلْحَقِّ لَمْ يَتَحوَّل
و كان أمِيرَالمُؤْمِنِينَ عَلَى الوَرَى *** بِنصُ مِنَ الرَّحْمَنِ و المصطفى جَلِي
وَ دَوْماً عَلَيْكُمْ في حَياةِ مُحَمَّدٍ *** عَلىٍّ أَمِيرُالمُؤمِنينَ هُوَ الوَلِي
و في كُلِّ زَحْفِ تَهْرُبُونَ وَ دائِماً *** به تُدْفَعُ الغَمّاءُ عَنْ خَيْرِ مُرْسَلِ(1)
وَ لَوْ كُنْتِ فِيها ذاتَ حَقٌّ لَما أَبَى *** عَلَيْكِ وَ لاأَبْدَى لِذاكَ التَّعَلُّلِ
وَ في مَنْعِكِ الزَّهْراء فاطِمَ إرْثَها *** رَمَيْتِ بَني الإسلام في كُلِّ مُشْكِلِ
وَ لَمْ تَقْبَلِي من آل طه شَهادَةٌ *** لَها وَ لَهُمْ في الدين أَعْظَمُ مَنْزِلِ
وَ لَمْ تَقْبَلِي فيها شَهَادَةً رَبِّها *** وَ والِدِها مِنْ كُلِّ نَصَّ مُجَلْجِلٍ(2)
وَ طَهَّرَها الباري مِنَ الرِّجْسِ كُلِّهِ *** وَ مِنْ غَيْرِ نُورِ المُصْطَفَى لَمْ تُفْصلِ
وَ جِبْرِيلُ نالَ الفَضْلَ تَحْتَ كِسائِها *** و حازَ على ذاكَ الفَخارِ المُبَجَّلِ(3)
ص: 154
و حاشا ابْنَةَ المختارِ تَطْلُبُ باطِلاً *** وَ لايَتَحدَّى حَقَّها غيرُ مُبْطِلِ(1)
وَ حَسْبُكَ بِاسْتِضْعافِ هَارُونَ أَحْمدٍ *** عَمِلْتِ على اسْتِعْبادِ كُلِّ مُفَضَّلِ
وَ صَيَّرْتِ دِينَ المُسْلِمِينَ مَذاهِباً *** وَ لَمْ تَبْرَحِي أَسْبابَ كُلِّ التَّبَلُّلِ(2)
وَ قُولي متى كانَ الوَصِيُّ وَ لَمْ يَكُنْ *** بِمَيْدَانِ نَيْل الفضل أوَّلَ أَوَّلِ
وَلكِنْ به خَلاقُهُ امْتَحَنَ الوَرَى *** فَفِيهِ ابْتَلاكِ اللَّهُ وَ هُوَ بِكِ ابْتُلِي
و ما قاسِمُ الجَنَّاتِ وَ النّارِ غَيْرُهُ *** يَقُولُ لِمَنْ والاهُ لِلْجَنَّةِ ادْخُلِي
وَ يَبْعَثُ مَنْ عاداه لِلنَّارِقائِلاً *** خُذِي لَكِ هذا وَ المُوالِي دَعِيهِ لي
و وَيْلٌ لِمَنْ يومَ القيامَةِ خَصْمُهُ *** عَلِيٌّ شَقِيقُ الهاشمي المُكَمَّلِ
إذا قامَ رِضْوانٌ هُناكَ وَ مَالِكٌ *** بِتَنْفِيذِ ما يَقْضِي بِدُون تَمَهُلِ(3)
ص: 155
(بحر الوافر)
الأستاذ بدر شبيب الشبيب(*)(1)
يُحورُ الشُّعر أَسْكَرَهَا الجمالُ *** فَرفُرَفَ في شواطئها الخَيَالُ
و ظنَّتْ حين لامَسَها شُعاعٌ *** بأنَّ الشَّمسَ جَوْهَرُهَا يُنَالُ
فشَمَّرت السَّواعدَ عن طماحٍ *** و أطْلَقَت العنان فلاعقالُ
وَ جَادت بالقصائد مترفاتٍ *** تحتُ بها النَّوارسُ و الدلالُ
وَ جاءت بالعُيون النُّجل منها *** لتبصرَ كُنْهُ ما صَاغَ الكمالُ
وَ لم تدرك بأنَّ السِّر أخفى *** و أن مرادها وهم وآلُ
محالٌ أن يُضيء الشَّعرُ شمساً *** أيُبدي الشَّمْسُ إن خفيت هلالُ
محالٌ أن يُحيط الشَّعرُ وصفاً *** بشمس لا يُمائِلُها مثالُ
محالٌ وصف فاطمة بلفظ *** محالٌ ما يُحاولُه مَحالُ
***
أيا بنتَ النَّبي و ذاكَ يكفي *** وَ يَا أمَّ النَّبِيِّ فَمَا يُقالُ
وَ يَا بَعْضَ النَّبيِّ بلا جدال *** وَيَا خَيْرَ النّساء و لاجدالُ
وَ يَا صوتَ النُّبُوَّة مُشرئباً *** يَهُزُّ ضمير من ماتوا و مالوا
وَ يَا نَبْعَ الإمامة مُستطاباً *** إليه إليه ينتسبُ الزُّلالُ
ص: 156
فَدَيْتُكَ منْهَجاً ثَراً قويماً *** تَرَعْرَع في صوامعه الجلالُ
لشعري حين يذكركم مقامٌ *** تَطُوفُ به الزَّنَابقُ و الطَّلالُ
يُنَافِعُ دُونَكُم لَمْ يستملهُ *** لغيركُم جلاوزةٌ و مالُ
ألفنَا الحُبَّ تنكيلاً وَ نَفْياً *** ألفْنَّا الحُبَّ تَضْحِيَة تُذالُ
ألفنا في هواكُنم كُلَّ مُر *** فَغيظَ القَهْرُ و ابتسمَ الرِّجالُ
بنا منْ بعض جُرحك ألف بَحر *** وَ قافية يضيقُ بها المقالُ
بنا من بعض جُرحك ألف جُرح *** يُعَمقُها التَّمَرُّق و الفصالُ
تُوحَدُنا الهمومُ و نحنُ شتَّى *** و تهتفُ ضدَّ وحدتنا الفعالُ
كأنَّ سيوفَنا عشَقَتْ دمانَا *** و بعضُ جُنُونا عشقاً نَخالُ
حبالُ الوصلِ يَخْنقُها التجَّافِي *** وَ حَوْلَ رقابنا التفَّتْ حبالُ
وَ نَحْوَ جُذُورنا امتدَّتْ أيادٍ *** وَ نَحْوَنحُورنا استبقتْ نبالُ
أبعَدْ خَرابها يصحُوضميرٌ *** وَ مَا بالبصرة استبقى الثّمالُ
نخيلات العراق تموتُ ظمأى *** وَ دجلةَ تستحمُّ به البغالُ
وآمالُ العراق بلا طعام *** تَعوذ من نحافتها الهزالُ
و أهوارُ العراق غَدَتْ يباباً *** و ليس لها بنهريها وصالُ
و أعراض العراق و ما يقال *** سُؤالٌ يَسْتَحي منه السُّؤالُ
و أشراف العراق بلا عراق *** و أخلافُ العراق به استَطالوا
***
تَحنَّنْ أيها الزمن الموشى *** بجمر الْقَهْر فَالْقَلْبُ اشتعالُ
يعيش الحر موطنه المنافي *** و في عينيه للوطن احتفالُ
تحنن أيها الزمن المحال *** تَحَنّنُ أيّها الوطن المحالُ
ص: 157
(بحر الكامل)
الأستاذ تسنيم مهدي (أبوزكي)
هُبّي نسيماً في الصَباحِ عَليلا *** فَوْقَ الجِراحِ وَ أَشْعِلي قَنْديلا
وَ تَجَوَّلي کَالطيبِ ضَمَّخَهُ السَّنا *** في الروحِ سالت في الولاء مسيلا(1)
و تَمَعَّني في النَّفْسِ لَمْ يَسْتَهْوِها *** غَيْرَ الرَدى في وِدِكمْ إكْليلا
رَغْمَ السِنينِ الماضِياتِ عَلى القَذى *** تبقى و ليس ترى لها تحويلا(2)
رَغْمَ الرِماحِ الْمُشْرَعَاتِ تَنالُنا *** وَ السَيْف فَوْقَ نُحورِنا مسْلولا
رَغْمَ العِداء بِنا لِبَعْضِ أحِبَّةٍ *** سَقَط التَشَيُّعُ إِثْرَهُ مَقْتولا
رَغْمَ الظَّلامَاتِ التي مِنْ هَوْلِها *** نَسِيَ الزَمَانُ تَتَارَهُ وَ مَغولا
رَغْمَ الدّعِي بِأَنَّ آلَ مُحَمَّدٍ *** لَمْ يُنْجِبوا الْمَهْدِيَّ وَ الْمَأْمولا
رَغْمَ التَغَيُّر في العَقيدَةِ وَ الْهَوى *** رَغْمَ الحَدَاثَةِ قَدْ أَتَتْنا غولا
رَغْمَ الفَضاءِ، وَ قَدْ تَزاحَمَ جوُّه *** بِالْمُرْسِلاتِ الحامِلاتِ مَهولا
وَ بِرَغْمَ أَنَا لَمْ يَعُدْ أَظفالُنَا *** يَدْرُونَ عَنْ آلِ النبيٍّ فَتيلا
قَدْ أُفْسِدوا في ظِلّ مُتْرِقَةٍ أَتَت *** عَصَفَتْ بِروحِ ولائِكُمْ تَقْتِيلا
شَبّوا عَلى جَهْلٍ فَصارَ سَجِيَّةً *** أَنْ يحضنَ الجَيلُ الْجَديدُ جَهولا(3)
ص: 158
لكنّنا مازالَ فينا مَنْ بَقى *** حُبُّ الرَّسولِ وَآلِهِ مَوْصولا
في الروح و الأنفاس و القلب الذي *** نبضت دماه ولاءَه المصقولا
ما زال حياً فيه حب محمد *** عبقاً طرياً كالنسيم فيه مثيلا(1)
ما زال رغمَ الريح و الموج الذي *** جرف الجميع موالياً و نبيلا
ما زال رغمَ النارِ حياً، شامخاً *** بالحبِ، و الطهر النقيّ أصيلا
و لذا أيا أمَّ الأئمة فاشرقي *** نوراً على هذي النفوسِ جميلا
هبّي نسيماً في الصباح عليلاً *** فوق الجراح و أشعلي قنديلا
أفديكِ بالحُزنِ المُلَفِّعِ خافِقي *** و بِجِفْنِ روحي ذابَ فيكِ ذُبولا
أفديكِ بالخوفِ المُؤَجِّحِ أَضْلُعي *** أن أستريحَ إلى الحياةِ ذَليلا
أفديكِ بالنورِ المَليءِ بخاطِري *** من لايزال على الولا مجبولا
أفديكِ بالأهلِ الحنانِ و عطرِهمٍ *** أفديكِ بالألمِ المسافرِ طولا
أفديكِ يا أُمَّ الرسولِ و بضعَةً *** مِنْ روحِهِ، و لقد رَعَيْتِ رسولا
أفديكِ يا زوجَ الوصيّ وَ صِنْوَهُ *** يا خَيرَ امْرَأَةٍ سَمَوْتِ بتولا
أفديكِ يا أُمَّ المَصائَبِ و النُهى *** ما زالَ فَضلُكِ مُطْمَساً مَجْهُولا(2)
ما زالَ بيتُ الحُزنِ شاهدَ ماجرى *** و بقيعُ تُرْبِكِ نَحْوَنَا مَقْفولا
ما زالَ دَمْعُكِ في حَنايانا لَظَّى *** بُرْكانَ نورٍ لَمْ يَزَلْ مَشْعولا(3)
ما زالَ حَرْفُكِ يَسْتَفِزُ عُروقَنا *** وَ يُحيلُها غَضَباً بِنا وَصَليلا
ما زالَ كَفُّكِ وَ النَّبِيُّ يُذيقُهُ *** مِنْ فَرْطِ مَنْزِلَةٍ لَكِ تَقْبيلا
ما زالَ آخِرَ مَنْ يُوَدِّعُ بَيْتَكِ *** وَ تَفيضُ غُرَّتُهُ بِكِ تَهْليلا
وَ يَعودُ يَفْتَتِحُ اللّقاءَ بِعَتْبَةٍ *** قَدْ شَرَّفَتْ ذرّاتُها جِبْريلا
ص: 159
وَ الذِكرُ مِنْ كَلِم الإله يموجُ في *** أَجوائِهِ قَدْ رُتْلَتْ تَرْتيلا
وَ بِهِ الزبورُ تَلَتْهُ أَمْلاكُ السَّما *** وَ صَدَى الْمَسِيحَ يُرَتِّلُ الإنْجيلا
يا مَنْ إذا رَضِيَتْ يُسَرُّ الهُنا *** وَ تُضيءُ جَنَّاتُ النَعيمِ حُقولا
و إذا تَقولُ تسمَّرَتْ حُكَمَاؤُهُمْ *** لِسَماع أصْدَقِ لَهْجَةٍ تأْويلا
يامَنْ بِها سِرُّ عَظيمٌ، مُودَعٌ *** وَ الرّحْمَةُ الكُبرى تَضوعُ شُمولا(1)
وَ الكَوْثَرُ الْمِعْطاءُ مِنْ رَبِّ السَّما *** كانَ الإلهُ لِوارِديه کَفيِلا
هُبّي نَسيماً في الصَباحِ عَليلا *** فَوْقَ الجِراحِ وَ أَشْعِلي قِنْدِيلا
بُورِكتِ في يومٍ أَغَرَّ باسمٍ *** لمْ تَرتضِ الأملاكُ عنهُ بَديلا(2)
صَلّى الإلهُ عليكِ يا حوريةً *** عُجنَتْ بنورِ العرشِ وَ هْيَ الأُولى
صَلّى على الغضبِ الجَموحِ تُحيلُهُ *** خِطَبٌ تَناثَرَ حُزنَهَا إزميلا
في الناسِ يَنحتُ حُبَّ آلِ محمدٍ *** رغمَ الزمانِ إِذا يَمُرُّ عَليلا
صَلّى على الدَمعِ المُقَدَّسِ غامرٍ *** ينسابُ من تلك العيونِ طويلا
صَلّى على الأناتِ في بيتٍ سَمَتْ *** أحزانُ روحكِ ليلكاً، و نخيلا
في كلِّ رُكن فيهِ وَ اصْطَفَت بِهِ *** أَملاكُ رَبِّي تستفيضُ عَويلا
يا رحمةَ الرحمنِ زادي نافِذٌ *** و العمرُ حَثَّ إلى الفناءِ رَحيلا
خَفَّتْ مَوازيني فَعُذْتُ بحبّكُمْ *** وَ غدا المُقَصَّرُ في وَلاك ثقيلا
وَ تَجَسَّدَ الحُبُّ المُطَهَّرُ في دمي *** في الروح و الجسمِ الكليل جزيلا(3)
فأَحالني صَباً، سقيماً في الهوى *** صَرَعَتْهُ أَخلاقُ الكِرامِ قَتيلا
و بنارِ وجدي ذُبتُ و لهاناً بكم *** و قدالتَمَسْتُ إلى الإلهِ سبيلا
ص: 160
وَهَفا رمادي نَحوَ يومِكِ قاصداً *** أرنو من الأوزار فيه غَسيلا(1)
أَمَّلْتُ نفسي بالأمانِ يَلفُّني *** وَ هَرعْتُ نَحْوَكِ آملاً، وَ دَخيلا
و لقد عرفتُكِ باب رحمةِ خالقي *** ظِلاًّ سخياً و ارِفاً، و ظليلا
فَأَتيتُ و الأوزارُ تُثْقِلُ مِشْيَتي *** والياسُ أَخَّرَني وزادَ قَليلا
لكنّما بابُ النجاةِ تَفَتَّحتْ *** وَغدا الفؤادُ بحبّكُم مَغسولا
والحاقدُ المأفونُ إبليسٌ غَدا *** في عُرس يومِك صاغِراً مَغلولا(2)
فتعالي يا سرَّ الإلهِ بِخَلْقِهِ *** نَحْوَ النفوس التائقاتِ وصولا
هُبّي نَسيماً في الصباحِ عَليلا *** فوق الجراحِ و أشعِلي قنديلا
ص: 161
سائلاً بِالْمُصابْ *** مَنْ يَرُدُّ الجَوابْ؟
يابنَ عَمِّ الرَّسُولْ *** أيْن قَبْرُ البَتُولْ؟
***
ياعليّاً أَنْتَ رَمُزٌ *** وَ لَكَ التاريخُ يَشْهَدْ
يا أميراً يا مُجِيراً *** ياضَمِیراً لایُحَدَّدْ
أنتَ للأَيْتامِ کَهْفٌ *** أَنْتَ للمظلومِ مَقْصَدْ
كَيْفَ تَرْضَى بِمُصابٍ *** يَعْتَرِي بِنْتَ مُحَمَّدْ؟
أَرْضُنا وَالسَّماءْ *** حَلَّ فیها العَزاءُ
وَالمَعالِي تَقُولْ *** أَيْن قَبْرُ البَتُولُ؟
***
يا عَلِيّاً هُوَ خَطْبٌ *** جازَ آفاقَ الالخَیالِ
مِنْ مَلاعَيْن دِهاقاً *** شَرِبُوا كَأَسَ الضَّلاَلِ(1)
قتَلُوا الزَّهْراءَ حُزْناً *** دُونَ حَرْبٍ أَوْقِ اللَّيالِي
اللّیالِي حارَبَتْها *** حارَبَ اللَّه اللَّيالِي
وَ بِقَلْبِ حَزينْ *** نَسْأَلُ العَالَمِينْ
وَ نْرِيدُ الحُلُولْ *** أَيْنَ قَبْرُ البَتُول؟
***
قُتِلَتْ بِنْتُ مُحَمَّدْ *** إِنَّما حُزْناً و صَبْرا
فَمَنِ المَسْؤُولُ عَنْها *** ياعَلِيّاً أَنْتَ أَدْرى؟
قَوْمُ عادٍ وَ ثَمُودٍ قَدْ *** سَعَوْا في الأَرْضِ جَوْرا
ص: 163
وَ بِدَفْعِ البابِ عَمْداً *** سَحَقُوا لِلظُّهْرِ صَدْرا
بِفُؤادٍ جَرِیحْ *** ذاكَ صَوْتٌ يَصِيحْ
وَ بِدَمْعٍ هَطُولْ *** أينَ قَبْرُ البَتُولْ؟
***
أَوْصَت الزَّهْراءُ قالَتْ *** حِينَما تَدْفُنُ نَعْشِي
إِحْمِلِ النَّعْشَ مَساءً و *** ظَلامُ اللَّيْلِ يُغْشِي(1)
لا أُرِيدُ القَوْمَ تَأْتِي *** عندَ تَشْیِيِعِي وَ تَمْشِي
إِنَّهُمْ قَوْمٌ قُساةٌ *** نَهَشُونِي أَي نَهشِ(2)
إِنَّهُم مُجرمُون *** وَ إِذا یَسْأَلُونُ
حَذَراً لا تَقُولْ *** أَیْنَ قبرُ البَتُولْ
***
یا عَلِیّاً لکَ قَلْب *** ذابَ مِنْ هَوْلِ السِّنِینِ
وَ دَفَنْتَ الطُّهْرَ سِرّاً *** بِدُمُوعٍ و أَنِینِ
وَ عَلَى القَبْرِ تُنادِي *** خاطِبِينِي کَلِّمِینِي
أَلِكَسْرِ الضّلْعِ أَبْكِي *** أَمْ لإسقاطِ الجَنِينِ؟
وَ بِصَدْرٍ کَئِيبْ *** ضاقَ صَدْرٌ رَحِيبْ
وَ سُؤالٌ يَجُولْ *** أَيْنَ قَبْرُ البَتُولْ؟
***
دُفِنَتْ أُمُّ أَبیها *** بَیْنَ أَطْباقِ التُّرابِ
ص: 164
فَلْنُنادِيا مُحَمَّدْ *** بِدُمُوعِ الإکْتِئابِ
كُنْتَ تُوصِي القَوْمَ جَهْراً *** بِالبَنين وَ الكِتابِ
هَكَذَا حِفْظُ الوَصايا *** جاءَ مِنْ شَرِّ الصِّحابِ
خاتَمُ الأنبياءْ *** قَدْ َأتاك الجَزاءْ
مِنْ زَمانٍ جَهُولْ *** أينَ قَبْرُ البَتُولْ؟
***
أَيُّها الأَجْيالُ قُومُوا *** البَسوا ثَوْبَ العَزاءِ
وَ خُذُوا الثَّأَرَ جِهاراً *** مِنْ بُغاةٍ أَدْعِیاءِ
خَاطِبُوا البابَ وَ قُولُوا *** بِعَوِيلٍ وَ بُكاءِ
أَيُّ ضِلْعِ کَسَرُوهُ *** وَ جَرَتْ أَيُّ دِماءِ
فاضَ دَمْعُ الجفُونْ *** مِنْ بُحور العُيونْ
حُزننا لَنْ يَزُولُ *** أَينَ قَبْرُ البَتُولْ؟
ص: 165
(بحر الوافر)
الأستاذ جعفر عباس الحائري(*)(1)
تَجَلَّدْ إنْ عَدَتْ غِبَرُ اللَّيالِي *** عَلَيْكَ وَ كُنْ كَأَطْوادِ الجِبالِ(2)
وَ لاتَجْعَلْ قَناتَكَ ذاتَ لِينٍ *** وَ صَيِّرْها كَأَعْوادِ العَوالِي(3)
تَدَرَّعْ في التَّصْبُّرِ فَهُوَ دِرْعٌ *** تَقِي الصَبَّارَ مِنْ حَدِّ الصَّقالِ(4)
فَإِنَّ حَوادِثَ الأيام تَثرَى *** وَ في الأَغْلالِ نَرْسُفُ وَ الحِبال(5)
و بالإِجْبارِ قَدْ غادَرْتُ دارِي *** وَمِنْ بَعْدِ الوصالِ أتى انْفِصالِي
مِنَ الأَحْبابِ وَ الأصْحابِ طُرّاً *** وَ مِنْ أختي -أخي- أبناءِ خالي
رَأيْتُ معَالمِي تَنْهارُ عَسْفاً *** وَ تَشْتِيتاً لعائِلَتِي وَآلِي(6)
وَ جَنّاتي تُحالُ إلى بَوارٍ *** بَلاقِعَ لَيْسَ فِيها مِنْ ظِلالِ(7)
و يُقْلَعُ جَذْرُ أغْراسِي اقْتِلاعاً *** وَ بالإكراهِ قَدْ شُدَّتْ رِحالي
وَ غَادَرْتُ العِراقَ على اكْتِرابٍ *** وَ أحْزانٍ و في إقلالِ بالِي
ص: 166
وَ كانَ تَوغُّلي في الشَّيْبِ يَقْضِي *** عَلَى الأَمالِ في تَغْيِيرِ حالِي(1)
يؤوساً قانِطاً أُحْيِي ليالِ *** وَ أَشْهَدُ في مَواقِدِها اشْتِعالِي
عَواصِفْ صَیَّرَتْ دارِي طُلُولاً *** كَأني قد بَنَيْتُ عَلَى الرِّمالِ
وَمَا أَنَا بِالَّذِي قَدْنُؤْتُ ظَهْراً *** بأَحْمالٍ من الكُرَبِ الثِّقالِ(2)
وَحِيداً في تَحَمُّلِيَ الرَّزايا *** وَ ما أَفْرَرْتُ في هذا المَجال
فَمَنْ رُزِقَ الحَياةَ رَأى غراماً *** وَ عاشَ يَنُوءُ بالدّاءِ العُضالِ(3)
وَ قَدْ هَدَّتْ أضالِعَهُ سِهامٌ *** وَ صارَ فُؤادُهُ غَرَضَ النَّبالِ(4)
فهذي بنتُ أَحْمَدَ حَيْثُ كَانَتْ *** عَلَى قِمَمِ المَكارِمِ و الكَمالِ
تَرَبَّتْ في حُجُورٍ طَاهِراتٍ *** و أحضانِ الفَضِيلةِ و المَعالِي
حَباها المُصْطَفَى حُبّاً وَ أعْطَى *** دَلِيلاً في المَقالِ و في الفِعالِ(5)
يُوَدِّعُها لَدَى التَّرْحالِ وُدّاً *** وَ يَقْصُدُها لَدَى حَطِّ الرِّحالِ
يُقَبلُ كَنَّها عَجَباً أَبُوها *** رَسُولُ اللَّهِ يَا عِظَمَ الدَّلالِ(6)
ص: 167
وَ قال أحَبَّنِي مَنْ وَدَّ بِنْتِي *** وَ فِي إِغضابها إيَّايَ قالِي(1)
وإجلالاً لِفَاطِمَةٍ يَرَاها *** كأم في المَهَابةِ و الجلالِ
يُصَرِّحُ أَنَّها بِنْتِي وَ أُمِّي *** وَ مِني بَضْعَةٌ و بِها اكْتِمالي(2)
ص: 168
بِفَرْحَتِها سُرُورِي و ابْتِهاجِي *** و في إِيذاءِ فاطِمَةٍ أَذًى لِي
أعَزَّ اللَّهِ إِيَّاها وَ فِيها *** أَبانَ بَدِيعَ صَنْعَةِ ذِي الجَلالِ
مُطَهَّرَةٌ بَراهَا فَهيَ أَنْقَى *** مِنَ الأنْداءِ و الماء الزُّلالِ(1)
أَبُوها سَيْدُ الكَوْنَيْنِ أَثْنى *** عَلَيْهِ اللَّهُ في طِيبِ الخِصالِ
عَلِيٌّ بَعْلُها هَلْ مِنْ شَبِيهٍ *** لِصِنْوِ المُصْطَفَى أَوْ مِنْ مِثال؟
أما كانَتْ إلى الحَسَنَيْنِ أُمَّاً *** وَ لِلْمرْجانِ بَحْراً والَّلآلِي؟(2)
لَها أَصْلابُ أَفذاذٍ كِرامٍ *** شَوامخَ وَ هْيَ تَعْلُو كُلَّ عَالِي(3)
ص: 169
عَلَى عَدَدِ النُّجومِ لَها الدَّرَارِي *** وَ هُمْ عَمَدُ البِلادِ بِلا جِدالِ
و زِينَتُها و رَوعَتُها وَ فِيهِمْ *** جَمَالُ الأرْضِ أَعْظَمُ مِنْ جَمالِ
فَهَلْ لِلشَّانِئِينَ لَها وَجُودٌ *** لأَنْسالِ لَهُمْ بَيْنَ الرِّجالِ(1)
لَها في آيةِ النَّظَهِيرِ شَانٌ *** وَ فِي القُرْبَى لَها أَقْوَى اتِّصالِ(2)
بِطه فَهُوَ والِدُها فَأَكْرِمْ *** بِبِنْتِ أَحْرَزَتْ صِفَةَ الكَمالِ
و دُرَّتُهُ الثَّمِينَةُ حَيْثُ تَبْقَى *** مَدَى الأغصارِ أَغْلَى كُلِّ غالي
وَ كانَتْ في مُباهَلَةِ النَّصَارَى *** تَرى عَلَماً غَداةَ الابتهالِ(3)
ص: 170
وَآياتٌ مِنَ القُرْآنِ جاءَتْ *** يُشَمُّ بِذِكْرِها طيب الغَوالِي
أتى في «هَلْ أَتى» ذِكْرٌ جَمِيلٌ *** لَها فِي الرائعات من الخِلالِ(1)
لفاطِمَةَ المَكارِمُ سَجَّلَتْها *** يَدُ التاريخ في صِدْقِ المَقالِ
و أَعْطَى المُصْطَفَى الرَّحْمَنُ خَيْراً *** بِكَوْثَرِهِ فَأَعْظِمْ مِنْ نَوالِ(2)
هِيَ الزهراءُ تَزْهَرُ في سَناها *** وَ تَدْفَعُ بالظلام إلى الزَّوالِ(3)
هِيَ الصَّدِّيقَةُ الكُبْرَى تَجَلَّتْ *** صِفاتُ الخَيْرِ فيها و الجَمالِ(4)
ص: 171
هي الإِنْسِيَّةُ الحَوْراءُ تَسْمُو *** وَ تَرْقَى فَوْقَ هاماتِ القِلالِ(1)
هِيَ المَرْضِيَّة العَذراء طابَتْ *** بنَفْحَتِها الأواخِرُ والأوالي(2)
ص: 172
وَ سَيّدَةُ النِّساءِ وَ مَن سواها *** لَها شَرَفُ السِّيادَةِ و التَّعالي(1)
رضا الرَّحمن يَحْصُلُ في رضاها *** و دُونَ رِضائها طَلَبُ المحالِ(2)
و رَغْمَ جَلالِها وعظيم قَدْرٍ *** أُحِيطَتْ بالمَكارِهِ و الكَلالِ
رَأَتْ ظُلماً و هَضْماً و انْتِهاكاً *** لِحُرْمَةِ دارِها ذاتِ المَعالِي(3)
عَلِمْنا أَنّها عاشَتْ زَماناً *** قَصِيراً بَعْدَ طه في اعْتِلالِ
فما أَسْبابُ عِلَّتِها؟ لماذا *** تَعِيش على التَّضَجُرِ و المَلالِ؟(4)
غَدَتْ تَشْكُو لوالِدِها هُمُوماً *** و تَسْأَلُ هَلْ دَرَيْتَ بما جَرَى لِي؟
ص: 173
مَصائِبُ لَوْعلى الأيَّامِ صُبَّتْ *** احالَتْها إلى سُود الليالي
أَبِي مِنْ بَعدِ وَجْهِكَ ضِقْتُ ذَرْعاً *** و قَلْبِي بِالتَّصَبُرِ غَيْرُ سالِي
رفاقُكَ في جَفاءٍ عامَلُونِي *** بماما مرَّ في خَلَدِي وَ بَالِي(1)
قَضَتْ بِنْتُ النَّبِيِّ أسى و حُزْناً *** وَ أَحْزَنَتِ المُقالِي و المُوالِي(2)
و أَبْكَتْ أَعْيُنَ الدُّنْيا اكْتِراباً *** و ما انْفَكَّتْ بِحُزْنِ و انْذِهَالِ(3)
مِنَ المَأساةِ إِذْ فِيها عَلِيٌّ *** لَهُ قَلْبٌ بِنارِ الفَقْدِ صالي(4)
وَ لِلْحَسَنَيْن أَدْمُعُ جارياتٌ *** وَ أَنَاتٌ لِزَيْنَبُ و العِيالِ
وباتَتْ أُمَّةُ الإسلام تَبْكِي *** بِرغْمِ مُرورِ أَعْوامِ طِوالِ
كَبَدْرٍ قَدْ أَضاءَتْهُمْ وَ غابَتْ *** عَنِ الأَنْظارِ في عُمْرِ الهِلالِ
وَ في تَشْيِيعها نَفَرٌ قَلِيلُ *** أَعانُوا الفاقِدِينَ مِنَ الرِّجالِ
وَ قالُوا إِنَّها دُفِنَتْ بِلَيْلٍ *** لِماذا مَنْ يَرُدُّ على سُؤالي
ص: 174
وَ أَخْفَوْا قَبْرَها وَ أَسَى عَلَيْها *** أَبَلُوا القَبْرَ بالدَّمْعِ المُذالِ(1)
وَ لَسْتُ أمِيلُ في ذِكْرِ الرَّزايا *** و ما حَفِلت بها الحِجَجُ الخَوالي
مِنْ الأحْداثِ مِنْ تَفْرِيق شَمْلٍ *** وَ مِنْ فِتَنِ ومِن قِيل وَ قالِ
: 175
نَتِيجَةَ ظُلم فاطِمَةٍ أراها *** و مَا فِي قَوْلَتي هذي أُغالِي(1)
بأَجْفانِ مُقَرَّحَةٍ بَكَيْنا *** وَ صَفَّقْنا اليَمِينَ عَلَى الشِّمَالِ
فَمَا بَرأتْ جُرُوحُ القَلْبِ فِيها *** وَ لَيْسَ لها لنا أمَلُ إِنْدِمالِ
أسلمُ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ دَوْماً *** عَلَيْها بعدَ ذِكْرِي و ابْتِهالي
و أَرْجُو أَنْ يَكُونَ جَزاءُ وُدّي *** إلى أعْتابِ مَرْقاها مآلِي
ص: 176
هَجَرْتُ الغَواني و أَطْلالَها *** غَداةَ أَحالَ النَّوَى حالَها(1)
وَ لَمْ أَحْف عن حالِ سَلْمى السُّؤالْ *** وَ لَمْ أَسْأَلِ الأمْرَ سُؤَالَها(2)
وَ لَمْ أُتْبَع الحَيَّ طَرْفَ الشَّجي *** وَ قَدْ قَوَّضَ البَيْنُ أَحْمالَها(3)
لِرُزْءِ الَّذينَ بِهِمْ في الطّفُوفِ *** قَدْ بَلَغَتْ (حَرْبُ) آمالها
وَ أَمْسَتْ ديارُ الهُدَى بَعْدَها *** بِرَغْمِ الإمامةِ تَنْعَى لها
أَلا دَعْ قُرَيْاً وَ تَرْكاضَها *** بلَيْلِ الضَّلالِ وَ تَجْوالَها
وَدَعْ عنكَ ما فَعَلَ الأوَّلُونَ *** وإِن زَلْزَلَ الأَرْضُ زِلْزَالَها
ص: 178
هُم مَنعوا فاطماً إرْثَها *** وَ حازُوا عَنِ الفَرْضِ انْفالَها(1)
و هُمْ نَقضُوا عَهْدَ (يَوْمَ الغَدِيرُ) *** لِمَنْ في المواقِفِ أَوْفَى لَها
وَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ في حِفْظِهِ *** لِشِرْعَةِ أحمدَ إِكْمالَها
وَ هُمْ أَضْرَمُوا النّارَ في بيتِ مَنْ *** بِهِمْ يَقْبَلُ الله أَعْمالَها
و قَطْعُ الأَراكَةِ ظُلْماً أَبانَ *** مِنْ آلِ «قَيْلَةً» أَضْلالها
وَقَوْدُ «عَليَّ » بمَرْأى العُيُونِ *** أَعادَ مِنَ القَوْم أَذْحالَها
فما وَتْر «ضَبّةَ» في «هاشمٍ» *** لِتَطْلُبَ في كَرَّبَلا آلَها(2)
وَ ما ذَنْبُ «فاطِمَةٍ» عِنْدَهَا *** لِتَحْمِلَ في الأَسْرِ أطْفالَها
غَداةَ عَلَى حَرْبِ بَدْرِ الهُدَى *** غَدَتْ حَرْبُ تَجْمَعُ ضُلالَها(3)
ص: 179
(بحر الخفيف)
الشيخ جعفر الهلالي(*)(1)
أَوْرَثَ الخَطْبُ زَفْرةً و عَوِيلا *** يَوْمَ نالَتْ كَفُّ المَنُونِ الرَّسُولا
ذاكَ خَطبٌ دَهَى البَسِيطةَ بِالحُزْنِ *** وَغَطَى جِبَالَها وَ السُّهولا
وَ السَّماواتُ عَمَّها الحُزْنُ شَجُواً *** فَتَوارَتْ بها النُّجُومُ أُفُولا(2)
وَغَدَتْ هَذِهِ الشَّرِيعَةُ ثَكْلَى *** تَنْدُبُ اليَوْمَ قُطْبَها المَرْسُولا
وَ البَرايَا أَضْحَتْ تَنُوحُ اكتِئاباً *** لِمُصابٍ أَجْرَى الدُّموعَ سُيُولا
خاتَمُ الرُّسُلِ فَقْدُهُ قَدْ شَجانا *** فَأَطالَ المُصابُ مِنَّا العَويلا
و عَرَى الخَطْبُ لِلنّفوسِ فَأَضْحَتْ *** تَأْلَفُ الوَجْدَ بُكْرةً و أَصِيلا
طُوِيتْ صَفْحَةٌ مِنَ الخَيْرِ كَانَتْ *** لِلْمُنِيبِينَ هَادِياً وَ دليلا
و تَداعَتْ لِلانْقِلاب رِجالٌ *** حِينَ راحُوا يَسْتَجْمِعُونَ الذُّحُولا(3)
أَبْعَدُوا المُرْتَضَى الوَصِيَّ عَنِ الحُكْمِ *** عِناداً وَ أَوْسَعُوهُ نُكُولا(4)
تَرَكُوا الطُّهْرَ أَحْمَداً لَمْ يُوارُوهُ *** وَ هَبوا لايَهْتَدُونَ السَّبِيلا
ص: 180
وَ اسْتَضامُوا الزَّهْراءَ وَ هْيَ الَّتِي لَمْ *** يَتْرُكِ المُصْطَفَى سِواها سَلِيلا(1)
بَضْعَةٌ مِنْهُ ما رَعَوْهَا وَلكِنْ *** أَغْضَبُوها و حارَبُوا التَّنْزِيلا
جرَّعُوها مِنَ المصائب و الآلام *** أَنْواعَها فَأَبَتْ نُحُولا
فَغَدَتْ تَنْدُبُ النَّبِيَّ أَباها *** بِلِسانٍ يُبْدِي الشَّجا فُصُولا(2)
تارَةٌ عِنْدَ قَبْرِهِ تَنْثُرُ الدَّمْعَ *** غَزِيراً يَحْكِي السَّحابَ سُيولا(3)
وَ تَراها تَحْتَ الأَراكَةِ شَجُواً *** تارَةً في البَقيعِ تَبْكِي طَوِيلا
ص: 181
غَيْرَ أنَّ الأقوامَ قَدْ قَطَعُوها *** قَطَعَ اللَّه مِنْ عُرَاهُمُ أصُولا
فَبَنَى المُرْتَضَى هُنالِكَ بَيْتاً *** ذاكَ بَيْتُ الأَحْزَانِ شِيدَ مَقِيلا(1)
فِيهِ تَقْضِي نَهارَها بِبُكاءٍ *** وَ تُنادِي شَجُواً أباها الرَّسُولا
وَإِذا جَنَّها الظَّلامُ وَآبَتْ *** لِفِناها عادَ البُكاءُ خَلِيلا
و بُكاءُ الزَّهْراءِ كانَ نَذِيرَ السُّخطِ *** لِلْقَوْمِ مُذْ أَضاعُوا الدَّلِيلا
فَأَرَادُوا إِسْكاتَها مُذْ عَلَيْهِمْ *** كَانَ حَقّاً ذاكَ البُكاءُ ثَقِيلا
فَعَدَوْا نَحْوَ بَيْتِها بِهُجُومِ *** وَ هُوَ بَيْتُ لِلْوَحْي كانَ نَزِيلا(2)
أَضْرَمُوا فِيهِ نارَهُمْ بِعِنادٍ *** عادَ مِنْها بابُ الهدى مَشْعُولا(3)
وَ مُذِ البَضْعَةُ الزَّكِيَّةُ وافَتْ *** نَحْوَهُمْ كَيْ تَرُومَهُمْ تَحْوِيلا
عَصَرُوها فَأَسْقَطَتْ مُحْسِناً *** في البابِ مِنْ جَوْرِهِمْ هُناكَ قَتِيلا(4)
وَ هُوتْ عند ذاكَ تَصْرُخُ يا فِضَّةُ *** قُومِي وَ اسْنُدِينِي قَلِيلا(5)
ص: 182
واسْتَدارُوا بِالمُرْتَضَى الظهْرِ قَسْراً *** وَ أَحاطُوا بِهِ قَبِيلاً قَبِيلا(1)
و أَفاقَتْ بِنْتُ النَّبِيِّ فَلَمْ تَبْصِرُ *** حِماها وَ عِزَّها المَأْمُولا
فَعَدَتْ خَلْفَهُمْ تَقُومُ وَ تَهْوِي *** وَ هُيَ تُبْدِي نِداءَها وَ العَوِيلا(2)
أَيُّها القَوْمُ لاتَفُودُوا ابْنَ عَمِّي *** وَدَعُوهُ أَوْ لاسأشْكُو الجَليلا(3)
ما رَعَوْا شَخْصَها وَ عادُوا إِلَيْهَا *** بِسِياطِ قَدْ أَوْرَثَتْها نُحُولا
وَ أَصَرَّتْ حَتَّى أعَادَتْ عَلِيّاً *** وَ غَدَتْ بَعْدَ ذاكَ تَشْكُو الرَّسُولا
يا أَبي بَعْدَكَ الصَّحَابُ تَناسَوْا *** قَدْرَنا مُذْ تَبَدَّلُوا تَبْدِيلا
غَصَبُوا حَقَّنا وَداسُوا حِمانا *** فَكَأَنْ يَطْلُبُونَ مِنَّا ذُحُولا(4)
لَوْ رَأتْ عَيْنُكَ الكَرِيمَةُ ما أَلْقَى *** اهْتِضاماً إذَنْ رأيْتَ جَلِيلا
فَإِلَيْكَ الشَّكوى إلى يَوْمِ أَلْقاكَ *** فَقَدْرِي الْقَيْتُهُ مَجْهُولا
ص: 183
(بحر الطويل)
حسن بن علي بن جابر الهبل
مَلكْتُمُ فُؤاداً لَيْسَ يَدْخُلُهُ العَذْلُ *** فَذِكْرُ سِوَاكُمْ كُلَّمَا مَرَّ لَايَحْلُو(1)
يُؤَذِّبُنِي فِي حُبِّكُمْ كُلُّ فَارِغ *** وَلِي بِهَوَاكُمْ عَنْ مَلَامَتِهِمْ شُغْلُ
وَ مَاذَا عَسَى تُجْدِي المَلامَةُ في الهَوَى؟ *** لِمَنْ لا لَهُ فِي الحُبِّ لُبٍّ وَ لاَعَقْلُ
لَئِنْ فَرَضُوا مِنّي السُّلوَّ جَهَالَةٌ *** فَحُبُّكُمُ عِنْدِي هُوَ الفَرْضُ وَ النَّفْلُ
أَأَسْلُو وَ لاَصِبْعُ المَشِيبِ بِعَارِضِي *** يَلُوحُ وَ لاَصِبْعُ الشَّبِيبَةِ مُنْحَلُ؟
وَ لَوْ فِي سِوَاكُمُ (أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ) *** غَرَامِي لَكَانَ العَذْلُ عِنْدِي هُوَ العَدْلُ
حَمَلْتُ هَوَاكُمْ فِي زَمَانِ شَبِيبَتِي *** وَ قَدْ كُنْتُ طِفْلاً وَ الغَرَامُ بِكُمْ طِفْلُ
فَيَا عَاذِلِي فِي حُبِّ آلِ مُحَمَّدٍ *** رُوَيْدَكَ إِنِّي عَنْهُمُ قَطُّ لاأَسْلُو(2)
أَأَسْلُو هَوَى قَوْمٍ قَضَى بِاجْتِبَائِهِمْ *** وَ تَفْضِيلِهِمْ بَيْنَ الوَرَى العَقْلُ وَ النَّقْلُ(3)
ص: 184
أُولئِكَ أَبْنَاءُ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ *** فَقُلْ مَا تَشَا فِيهِمْ فَإِنَّكَ لاتَغْلُو(1)
فُروعُ تَسَامَتْ أَصْلُهَا سَيِّدُ الوَرَى *** وَ حَيْدَرَةٌ يَا حَبَّذَا الفَرْعُ وَ الأَصْلُ
تَفَانَوْا عَلَى إِظْهَارِ دِينِ أبِيهِمُ *** كِرَاماً وَ لاَجُبْنٌ لَدَيْهِمْ وَ لاَبُخْلُ
إلَى اللَّهِ أَشْكُو عُصْبَةٌ قَدْ تَحَامَلُوا *** عَلَيْهِمْ وَ دَانُوا بِالأَباطِيلِ وَ اعْتَلُوا
يَرُومُونَ إِطْفاءً لأَنْوَارِ فَضْلِهِمْ *** وَ مَا بَرِحَتْ أَنْوَارُ فَضْلِهِمُ تَعْلُو
هُمُ عَصَبُوا حَقَّ الوَصِي جَهَالَةً *** وَ مَا جَهِلُوا ما فِيهِ لكِنَّهُمْ ضَلُّوا
وَ هُمْ أَنْكَرُوا فِي شَأْنِهِ بَعْدَ أَحْمَدٍ *** مِنَ النَّصَّ أَمْراً لَيْسَ يُنْكِرُهُ العَقْلُ
وَ قَدْ نَوَّهَ (المُخْتَارُ) (طة) بِذِكْرِهِ *** وَ قَالَ لَهُمْ: هذا الخَلِيفَةُ وَ الأَهْلُ
وَ وَلاهُ فِي يَوْمِ الغَدِيرِ وِلايةً *** عَلَى الخَلْقِ طُرّاً مَا لَهُ أَبَداً عَزْلُ
وَ نَصَّ عَلَيْهِ بِالإِمَامَةِ دُونَهُمْ *** وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ نَصَّ لَقَدَّمَهُ الفَضْلُ
أَلَيْسَ أَخاهُ وَ المُوَاسِي بِنَفْسِهِ *** إِذَا مَا الْتَقَى يَوْمَ الوَغَى الخَيْلُ وَ الرَّجُلُ؟
أَمَا كَانَ أَدْنَاهُمْ إِلَيْهِ قَرَابَةً *** وَ أَعْظَمُهُمْ حِلْماً إِذَا زَلَّتِ النَّعْلُ؟
أَمَا كَانَ أَوْفَاهُمْ إِلَيْهِ قَرَابَةً *** وَ أَكْثَرُهُمْ عِلماً إِذا عَظُمَ الجَهْلُ؟
وَ أَفْصَحُهُمْ عِنْدَ التَّلاَحِي وَ خَيْرُهُمُ *** نَوالاً إِذَا مَا شِيمَ نَائِلُهُ الجَزْلُ(2)
يَحُجُّونَ أَنْصَارَ الإلهِ بِأَنَّنَا *** قَرَابَتُهُ مِنَا بِهِ اتَّصَلَ الحَبْلُ
وَ هَلْ كَانَتِ الأَصْحَابُ أَدْنَى قَرَابَةً *** وَ أَقْرَبَ رَحماً لَوْ عَقَلْتُمْ -أم الأَهْلُ؟
وَ هُمْ أَخَذُوا بَعْدَ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ *** مِن (ابنتِهِ) مَا كَانَ أَنْحَلَها قَبْلُ
ص: 185
تَمَالَوْا عَلَيْها غَاصِبينَ لِحَقِّها *** وَ قَالُوا: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ تُورَثَ الرُّسُلُ(1)
وَ حُكْمُهُمُ لاشَكَّ فِي ذَاكَ بَاطِلٌ *** وَ كَيْفَ يَصِحُ الفَرْعُ وَ الأَصْلُ مُخْتَلُّ؟
فَصَبْراً (بَنِي الْمُخْتَارِ) إِنَّ أَمَامَنا *** لَمَوْقِفَ عَدْلٍ عِنْدَهُ يَقَعُ الفَضْلُ
وَ عِنْدِي لِمَنْ عَادَاكُمُ نَصْلُ مِقْوَلٍ *** إِذَا مَا انْبَرَى يَوْماً يُحَاذِرُهُ النَّصْلُ
ص: 186
(بحر الطويل)
الملا حسن عبداللَّه آل جامع
أَعَيْنَي جُودا بِالدُّمُوع الهَوَاطِلِ *** لِفَقَدِ رَسُولِ اللَّهِ أَفْضَل راحِلِ(1)
نَبِيٌّ كَرِيمٌ شَرَّفَ اللَّهُ قَدْرَه *** وَ طَهَّرَهُ مِنْ كُلِّ رِجْسٍ وَ بَاطِلِ
نَبِيُّ أَتَى يَدْعُو إِلَى الرُّشْدِ وَ الهُدَى *** بِخُلْقٍ عَظِيمٍ مَا لَهُ مِنْ مُمَائِل
لَقَدْ كَذَّبَتْهُ عُصْبَةُ الكُفْرِ وَ ابْتَغَتْ *** لأَفْضَلِ خَلْقِ اللهِ شَتَّى الغَوَائِلِ(2)
فَقَدْ دَحْرَجُوا تِلْكَ الدِّبَابَ عداوة *** عَلَى خَيْرِ مَبْعُوثٍ حَوَى لِلْفَضَائِلِ
وَ ذَلكَ لَمّا عَادَ مِنْ أَرْضِ مَكَةٍ *** وَ بَيَّنَ في الإِسْلامِ كُلَّ المسَائلِ
وَ قَدْ عَقَدَ المختَارُ في خُمَّ بَيعَةً *** لِحَيْدَرَةَ الكَرَارِ مُرْدِي البَوَاسِلِ(3)
وَ قَالَ: أَلاَ هَذا وَصِيّي وَ نَاصِرِي *** بمَحْضَرِ حَشْدٍ مِنْ جَمِيعِ القَبَائِلِ
بعَقْدِ وِلاهُ اكْمَلَ اللَّهُ دِينَكُمْ *** فَكُونُوا لَهُ عَوْناً بِكُلِّ المَعاضلِ
فَقَالُوا: رَضِينا بِالَّذي قُلْتَ طَاعَةً *** لأَمْرِ إِمَامٍ طَيِّبِ الذِّكْرِ عَادِلِ
فَمَا زَالَ بالثّقْلينِ يُوصِي مُبَيِّناً *** لِكُلِّ بَنِي الإِسْلامِ عَالٍ وَ سَافِلِ(4)
ص: 187
أَلاَ فاحْفَظُوهُمْ لايَضِيعونَ بَيْنَكُمْ *** فَإِنْ ضُيعوا صِرْتم لأُدْنَى المَنازِلِ
فَلمّا قَضَى حَادُوا عَنِ الرُّشْدِ وَ الهُدَى *** وَ مَالُوا عَنِ الحَقِّ المُبِينِ لِبَاطِلِ(1)
قَضَى فَلَهُ الإِسْلامُ لازَالَ مُعْوِلاً *** يَنُوحُ كنَوْحِ الفَاقِدَاتِ الثَّوَاكِل(2)
وَ نَاحَ عَلَيْهِ المُرْتَضَى وَابْنَةُ الهُدَى *** و أولادها أهْلُ العُلا و الفَضَائِل
و أعْوَلَتِ الأَرْضُ البَسِيطَةُ إذْ قَضَى *** نَبِيُّ الهُدَى غَوْتُ الوَرَى و الأَرَامِلِ
وَ قَدْ بَكَتِ السَّبْعُ الطَّبَاقُ لَهُ دَماً *** وَ اثْكَلَ شَرْعَ اللَّهِ افَضَلُ رَاحِل
لَقَدْ فَقَدَ الإِسْلامُ أفْضَلَ مُرْسَلٍ *** و أَكْرَمَ مَبْعُوْثٍ أَتَى بالدّلائِلِ
قَضَى وَ عَلى الزهراءِ ظُلماً تَواثَبُوا *** وَ قَادُوا عَلِيَّ المُرْتَضَى بالحَمَائِل
لَقَدْ كَسَروا أَصْلاعَها خَلْفَ بَابِهَا *** وَ هُمْ أَسْقَطُوهَا حَمْلَها غَيْرَ كَامِلِ
وَ قَدْ عَصَبُوهَا إرْتَهَا فَانْتَنَتْ إِلَى *** عَلِيَّ تُنَادِي يَا مُبيدَ البَوَاسِل
أَبا حَسَنٍ تَرْضَى بَهَضْمِي وَ ذِلَّتِي *** وَ إِرْنِي مَغْصُوبٌ بِأَيْدِي الأَرَاذِلِ(3)(4)
ص: 188
(بحر الوافر)
حسين بن علي العُشاري(*)(1)
أبوحَسَنٍ له القِدْحُ المُعَلَّى *** وَ قَدْرٌ فَوْقَ اوجِ النَّجْمِ عَلَّى
كَرِيمُ الأصلِ مِنْ قَوْمٍ كِرامِ *** إمامٌ زادَهُ الرَّحْمَنُ فَضْلا
هُوَ البَحْرُ المُحِيطُ بِكُلِّ عِلمٍ *** فما أصْفى مَوارِدَهُ وَ أَحْلَى
(عَلِيٌ) نَعْتُهُ في الكُتب بادٍ *** تَقِيٌّ فَضْلُهُ في النَّاسِ يُتْلَى
ص: 189
أمِيرٌ للمؤمِنِينَ أبوتُرَابٍ *** وَ صَفْوَةُ هاشم فَرْعاً و أصْلا
(حَبيبُ المُصْطَفَى وَ قَدِ ارْتَضاهُ *** لفاطمةَ البَتُولِ الظهر بَعْلا)
(فكانَ المُرْتَضَى كُفُواً كَريماً *** وَ قَدْ كانَتْ لَهُ الزَّهْراءُ أَهْلا)(1)
أَميرُ النَّحْلِ يعسوبٌ غَضُوبٌ *** على الدينِ القويمِ لِمَنْ تَولّى(2)
فَسَلْ عَنْهُ القَنا و البِيْضَ أَما *** أبادَ الأَشقِيا طَعْناً و قَتْلا
وَ سَلَّ عن بابِ خَيْبَر إِذْ دَحاها *** وَ أَوْرَثَ أَهْلَها ضَعْفاً و ذُلاً
هُوَ البَطلُ الغَبُور إذا تَلاقَتْ *** جُمُوعُ الكُفْرِ وَ المِغْوارُ وَلّى(3)
فكَمْ بَطلٍ أبادَ و كُمْ شجاعٍ *** يُسقيهِ القَنا عَلاًّ و نَهْلا(4)
إذا ضَرَبَ الكرامَ بِكُلِّ سَهُمٍ *** فَإِنَّ لِمِثْلِهِ القِدَحَ المُعَلّى
بدا للأجلَح المفضال فضلٌ *** و قَدْرٌ فَوْقَ أَوْجِ النجمٍ عَلَى(5)
أَعِدْ لي ذِكْرَهُ في كُلِّ آنٍ *** فَيَا أَهْلاً بِذِكْراهُ وَسَهْلا
فَمَنْ لي أنْ أَشُمَّ ثَرَاهُ يَوْماً *** وَ اكْحَل نَاظِرِي وَ الطَّرْفُ يجلى
وَ مَنْ لي أن أرى قَبْراً مُنِيراً *** بِجانِبِهِ قَدِيمُ الوَحْي يُتْلى
وَمَنْ لي أن أقابِلَهُ بِذُلٍّ *** وَ مَدْمَعُ مُقْلَتي يَزْدادُ هَطْلا
دَخِيلٌ يا هُداةَ الخَلْقِ إِنِّي *** ذَلِيلاً جِئتُكُمْ وَ الذُّلُّ أولى
ص: 190
صلوني وَ اجْبُروا كَسْرِي وَ داوُوا *** جِراحَ القَلْبِ إِنَّ العُمْرَ وَلّى
بجاهِكُمُ رَفَعْتُ الوِزْرَ عَنّي *** فَلم أَسْطِعْ لذاكَ الوِزْرِ حَمْلا
فَكَيْفَ يُضامُ مادِحُكُمْ وَ أَنْتُمْ *** نَبِيَّكُمُ عَلَيْهِ اللَّهُ صَلَّى؟
بِجاءِ حُسَيْنِكُمْ داوُوا حُسَيْناً *** فَتًى أَضْحَى لَكُمْ عَبْداً وَ مَوْلَى(1)
ص: 191
(بحر المنسرح)
الشيخ حمزة البصير(*)(1)
لم يُشْجِني ذِكْرُ جِيرَةِ رَحَلُوا *** عَنِّي وما وَدَّعُوا مُذِ ارْتَحَلُوا
كَلاً و لاأَرْبُعٌ هُناكَ غَدَتْ *** مِنْ ساكنيها قَفْرى وَ لاطَلَلُ(2)
لكنْ شَجاني رُزُءُ البَتُولِ وَ ما *** جَنَتْ عليها الأَوْصابُ وَ العِلَلُ(3)
فيا لِخَطبٍ تَبْكِي السماءُ له *** دَماً وَ جُرْح هَيْهاتَ يَنْدَمِلُ(4)
ص: 192
كأنَّني مُذْ قَضَى النَّبِيُّ أَرَى *** عَلَى بَنِيهِ قَدْ ضَاقَتِ السُّبُلُ
تَظاهَرَتْ في حُقودِها نَفَرٌ *** وَ عَنْ وَصِيَّ الرَّسُولِ قَدْ عَدَلُوا
يَبْغُونَ هَدْمَ الذي بناه فلا *** بُلّتْ بِيَوْمِ الظَّمَا لَهُمْ غُلَلُ(1)
وَ سَوْت للَّهِ يَرْجِعُونَ غداً *** وَ اللَّهُ يَجْزِيهِمُ بما عَمِلُوا
و ختمها بقوله:
سيّدتي يا بُنَةَ النَّبِيِّ وَ مَنْ *** حُبَّكِ عِنْدَ الباري هُوَ العَملُ(2)
وَ إنّني (حمزةُ) المُسيءُ غداً *** أنتِ رَجائي و أنتِ لي أَمَلُ
فاستنْقِذْيني مِنَ الذُّنوبِ ففي *** حُبّكِ للمَرْءِ يُغْفَرُ الزَّلَلُ
صلّى عليكِ اللَّهُ المُهَيْمِنُ ما *** رَغَتْ بطلابِ نيلِكُمْ إِبِلُ(3)
ص: 193
(بحر الطويل)
الأستاذ زين العابدين الحكيم
(ألا أَيُّها المَوْتُ الذي لَيْسَ تارِكي *** أَرِحْني فَقَدْ أَفنَيْتَ كُلَّ خَلِيلِ)
(أراكَ خَبِيراً بالذينَ أُحِبُّهُمْ *** كَأَنَّكَ تَسْعَى نَحوَهُمْ بِدَلِيلِ)(1)
كَأَنَّكَ جَاتٍ فَوْقَ صَدْرِي مُوكَلٌ *** بِقَطْعِ فُرُوعِي وَ اجتِئاتِ أُصُولي(2)
تُراقِبُها حَتَّى إِذا ما تَكَوَّرَتْ *** كُرُومِي وَ احْمَرَّتْ عُذُوقُ نَخِيلِي(3)
وَ حتّى إذا ما أَنْضَجَتْها مَدامِعِي *** وَ حُرْقَةُ آهاتِي وَ لَذْعُ غَلِيلِي
هَوَيْتَ عَلَى قَلْبِي تُبَضْعُ حُبَّهُ *** بِسَيْفِ رَقِيقِ الشَّفْرَتَيْنِ صَقِيلِ(4)
أيا مَوْتُ ما أشجاك لاهِبُ أضْلَعِي *** وَ سُهْدِي وَ جارِي أَدْمُعِي و ذُهُولِي؟(5)
خَطَفْتَ حَبِيبِي أَحْمَداً ثُمَّ عُدْتَ لي *** لِنَخْتَلِسَ الزَّهْراءَ بَعْدَ قَلِيلِ(6)
ص: 194
وَ كُنْتُ إذا ما اشْتَقْتُ رُؤْيَةَ أَحْمَدٍ *** وَ تَاقَتْ إِلى وَصْلِ الحَبِيبِ طُلُولي(1)
أَرَتْنِيهِ في تَبْتِيلِها وَ خُشُوعِها *** وَ أَذْكَرَنِي تَرْتِيلُها بِخَلِيلِي
فَضُمَّ أَبا الزَّهراءِ زَهْرَتَكَ الَّتي *** غَرَسْتَ مَشوباً غُصْنُها بِذُبُولِ
وَسَلْهَا تُجِبْكَ «الآهُ» عَنْ كُلِّ صَرْخَةٍ *** بَأَحْشائِها مَخنُوقَةٍ وَ عَوِيل
وَ أَلحِفْ فَكَمْ مِن حُرْقَةٍ بِفُؤادِهَا *** مُخَبَّأَةٍ لم تُبْدِها وَ غَلِيلِ
وعُدَّ رَسُولَ اللَّهِ أَصْلاعَ صَدْرِهَا *** وَ أَرفِقْ فَمَكسُورٌ بِجَنْبِ عَلِيلِ
وَ أَمْرِرْ عَلَى الْمَثْنَيْنِ كَفَّيْكَ مَاسِحاً *** سَوَادَةَ حِقد فاحم وذُحُولِ(2)
وَأطْفِي بِطَرْفَيْها الجريحَيْنِ جَمْرَةً *** بِطِيبٍ مِنَ الشَّعَرِ الرَّحِيمِ جَمِيلِ
ص: 195
(بحر الرمل)
السید سعئ النجاوی
(ندبة للحجة في طلب ثأر الزهراء علیها السلام):
أيَّها المهديُّ مِنْ آلِ الرسولْ *** قُمْ ونادِ يالثارات البَتولْ
***
سيّدي قَد طالَ لَيل الانتظارْ *** فَمتى تُشرقُ شَمسُ الانتصارْ
نَحنُ ندعوكَ لِتطبيقِ الشعارْ *** هكذا الفتيَانُ تدعو و الكهول
قُمْ ونادِ يالثاراتِ البتولْ
***
مَنْ يُداعي بذِحول الأنبياءْ *** وَ بضلعِ الطُّهرِ منْ خيرِ النساءْ
لكَ نحرٌ نازفٌ في كربلاءْ *** ما عسانا أيُّها المهديْ نقولْ
قُمْ ونادِ يالثارات البتولْ
***
فاطمٌ تَدعوكَ في أشجى خِطابْ *** فمتى للثأرَ تَنسّلُ الحِرابْ
هل سَنبقى نحتسي كأسَ العَذَابْ *** لَيلُنا رُحماكَ قد أرخى السِدولْ
قُمْ ونادِ يالثاراتِ البتولْ
***
ص: 196
لَكَ ضِلع سيدي قَدْ كَسَروهْ *** لكَ صدرٌ بالخيول سَحقوهْ
لكَ طِفلٌ بنبالٍ فَطَموهْ *** لكَ بدرٌ غابَ في برجِ الأفولْ
قُمْ ونادِ يالثاراتِ البتولْ
***
أنَّ كَسرَ الضلعِ لا لَنْ ينجَبرْ *** بسوى سيفِ عزيزِ مُقتَدرْ
سيدي ندعوكَ هلاتنتصر *** مسّنا الضُّرُ تَعَشانا الذُّبُولْ
قُمْ ونادِ يالثاراتِ البتولْ
***
أنّ دعواها ستبقى قائمهْ *** و على الشيخينِ تَدعو ناقِمهْ
أيّ ضلع كسروا من فاطمه *** ذاك في الزندين جرح لن يزول
قُمْ ونادِ يالثاراتِ البتولْ
***
أينَ قَبرُ الطُهرِيا خَيرَخَلَفْ *** قَولُ إفكٍ فيهِ قالوا و سَخَفْ
دُلَنا عَنهُ يقولون انكشفْ *** هذه دعواهمُ ماذا تقولْ
قُمْ ونادِ يالثاراتِ البتولْ
***
بينَ شكٍ و ارتيابٍ وَ جَفا *** يَزعُمُونَ الودّ لكنْ جَحفا
بانفتاحٍ و حوارٍ کَشَفا *** ذلك الزيفَ الذي جَنَّ العُقولُ
قُمْ ونادِ يالثاراتِ البتولْ
***
فتنَةٌ فيها أُناسٌ فُتِنوا *** و بكسرِ الضلعِ لا لَنْ يوقنوا
ص: 197
كم بسقط المحسنِ قد داهنوا *** أفتِنا نحنُ اختلفنا في الأصولْ
قُمْ ونادِ يالثاراتِ البتولْ
***
لاتَلْمني بل اجرني وانتقمْ *** إنّ دين اللَّهِ فيكمْ يستَقمْ
قَبسٌ من نارِ وجدٍ تَضطرمْ *** لا و لَنْ يُطفتُها دمعٌ هطولْ
قُمْ ونادِ يالثاراتِ البتولْ
***
سيدي ما آنَ للقلبِ الجريحْ *** أنْ يرى خَلفَكَ يأتمُّ المَسيحْ
و تنادي يالثاراتِ الذبيحْ *** فمتى يومُ القصاصِ بالنُصولْ
قُمْ ونادِ يالثاراتِ البتولْ
***
ص: 198
(بحر الكامل)
الأستاذ سعيد العسيلي العاملي(*)(1)
وَ تَرَعْرَعَ الغُصْنُ الرَّطِيبُ بَدَوْحَةٍ *** نَبَوَّيَةٍ كانَتْ حُلاً وجَمالا
يَنْمُو وَ يَنْهَلُ مِنْ مَعِينٍ مُحَمَّدٍ *** ماءَ النُّبُوَّةِ صافياً سَلسالا
وَ يَعْبُّ من شَفَتَيْهِ عِلْماً خالصاً *** فِيهِ الحنانُ مِنَ البلاغَةِ سالا(2)
وَ يَضُمُّهُ تَحْتَ الكِساءِ كَأَنَّهُ *** أَسَدٌ يَضُمُّ بِعَطْفِهِ الأَشبالا
رَيْحَانَتاهُ وَ فاطِمٌ وَ المُرْتَضَى *** كانُوا لَهُ دونَ الأَنامِ عِيالا(3)
فِيهِمْ يُباهِلُ مَنْ يَجِيءُ مُباهِلاً *** وَ بِهِمْ يُجادِلُ مَنْ أرادَ جِدالا(4)
وَ يُحِبُّهمْ وَ يُحِبُّ مَنْ فِي حُبِّهِمْ *** زَرَعَ القُلوبَ وَ أَنْبَتَ الآمالا(5)
ص: 199
وَ يَقولُ إنّي تاركُ الثَّقَلَيْنِ مِنْ *** بَعْدِي وَ كَمْ أَوْصى بِذاكَ و قالا
هَذا كِتابُ اللَّهِ في آياتِهِ *** هَدْيٌ يُزِيلُ عَنِ القُلوبِ ضَلالا
وَ تَمَسَّكُوا في هَدِيهِ وكَمالهِ *** إِذْ باتَ للدِّينِ الحَنِيفِ كَمالا
وَ بِأَهْلِ بَيْتي عِشْرَتي وَ وَلاؤهُم ** عَنْكُمْ يَرُدُّ الكَيْدَ وَ الأهوالا
وَ تُوفّي الهادِي وَ راحَ لِرَبِّهِ *** وَ اخْتارَهُ سُبْحَانَهُ و تَعالى
وَ تَأَلَّم الحَسَنُ الزَّكِيُّ لِفَقْدِهِ *** وَ الحُزنُ مَدَّ عَلَى الجُنونِ ظِلالا
وَ رَأَى مَدامِعَ أُمِّهِ وَ بُكاءَها *** في مَشْهَدٍ قَدْ قَطَّعَ الأَوْصالا(1)
تَبْكِي عَلَى فَقَدِ النَّبِيِّ وَما رَأَتْ *** مِنْ بَعْدِهِ وَ الجَوْرُ صالَ وَجَالا(2)
وَ تَرُوحُ شاكِيَةَ الفُؤادِ لِقَبْرِهِ *** وَ الدَّمْعُ بَيْنَ جُفُونِها يَتلالا(3)
ص: 200
حَزِنَتْ عَلَيْهِ لَيْلَها وَ نَهارَها(1) *** حُزناً دعاها بالنُّحول خَيالا(2)
و رأَى تَجَرُّعَها مَرَارَةَ ظُلْمِ مَنْ *** أَمْسَى على جزمانها يَتوالي
وَ ذُوتُ مِنَ الأَحْزانِ زَهْرَةُ عُمْرِها *** وَ المَوْتُ أَوْدَعَ في التُّرَابِ هِلالا
وَبَكَى عَلَيْهَا المُجْتَبى وَدُموعُهُ *** سالَتْ وَ أَضْحَى جِفْنُهُ سَيَّالا
وَ رَأَى الصَّحابَةُ غير ما كانُوا لَهُ *** قَبْلاً وَ عَنْهُ غَيَّرُوا الأَحْوالا
وَ رَأَى وَصِيَّةَ جَدْهِ قَدْ أُهْمِلَتْ *** فِيهِ وَ عاينَ بَعْدَهُ الإهْمالا
وَ رأَى أباهُ في صراعٍ دائمٍ *** ما بَيْنَ مُجْتَمِع أَحَبَّ المالا
وَ الحَقُّ باتَ مُغيَّباً إذ لم يَجِدْ *** مِنْ حَوْلِهِ رَغْمَ الرِّجالِ رِجالا
هِذِي الحَوادِثُ مَرَّفِيها المُجْتَبى *** وَ بِنَفْسِهِ قَدْ أَحْدَثَتْ زِلْزالا
عادَتْ بِهِ الذِّكْرَى لِقَوْلِ المُصْطَفَى *** وَ حَنانِهِ إِذْ لَمْ يَجِدْ إِجْلالا
ص: 201
مَنْ ذا سِوَى الحَسَنَيْنِ أَعْطَى بَيْعَةً *** لِلْمُصْطَفَى وَلَهُ الهُدَى قَدْ مالا؟
رَغْمَ الطُّفُولَة مِنْهُما صَحَّتْ و مَا *** كانا بِعَيْنِ المُصْطَفَى أَطْفالا
وَ رآهما يَتَصرفانِ بِحِكْمَةٍ *** قَدْ ضَارَعَتْ حِكَمَ الرِّجالِ فِعالا(1)(2)
ص: 202
(مجزوء) الرّمل)
الأستاذ سلمان الربيعي(*)(1)
زَهْراءُ نُورُ عَیْنِي *** يا نُورَ كُلِّ عَيْنِ
بَضْعَةُ الهادِي البَتُولْ *** هکَذا قَالَ الرَّسُولْ
***
نَزَلَ الوَحْيُ بَشِيراً *** كَيْ يُهَنِّي اليَوْمَ طة
بالّتي نُورُ الثُرَيّا *** كانَ وَهْجاً مِن ضِياها(2)
مَوْلِدُ الزَّهْراءِ عِيدٌ *** لابْنَةٍ سَرَّتْ أباها
بُشراكَ يا مُوالي *** لابْنَةِ سَرَّتْ أَباها
حِينَ والَيْتَ البَتُولْ *** هكذا قالَ الرَّسُولْ
***
إِنَّ لِلزَّهْراءِ شَأناً *** و لَها القُرْآنُ يَشْهَدْ
فَهْيَ جُزْءٌ من أبيها *** وَ هْيَ أُمّ لمحمدْ
حُبُّها في الحَشرِ فَوْزٌ *** للّذي و الی وَ وَحَّدْ
و النارُ في المَعادِ *** تَشْتَدَّ للمُهادي
ص: 203
بئسَ مَنْ آذى البَتُولْ *** هكذا قالَ الرَّسُولْ
***
بَعْلُها خَيْرُ الرِّجالِ *** وَ هْيَ عُنْوانُ النّساءْ
حَسْبُها أنَّ أباها *** شافِعٌ يَوْمَ الجَزاءْ
حَسْبُها أَنَّ حُسَيْناً *** في الوَرى رَمْزَ الإباءْ
لولاهُ ما وَجَدْنا *** لِلعزَّ أيَّ مَعْنَي
هوذا نَجْلُ البَتُولْ *** هکذا قالَ الرَّسُولْ
***
إنّما الزّهراءُ وَصْلُ *** بَيْنَ طهَ و الإمامَهْ(1)
وَ هْيَ مَنْ في الكَوْنِ يُرْجَى *** عَظفُها يَوْمَ القِيامَهْ
إِنَّها لَولا بَنُوها *** لَيْس لِلْمَرْءِ كَرامَهْ
سُبْحانَ مَنْ بَراها *** مِنْ نُوْرٍ وَ اصْطَفاها
فَهْيَ مصْباحُ العُقُولْ *** هَكذا قال الرَّسُولْ
***
ص: 204
أَوْدَعَ الباري تعالى *** سِرَّ كُلِّ الخَلْقِ فِيها
غَيْرَ أنَّ القَوْمَ بُغْضاً *** خالفوا نَهجَ أييها
وَ بِيَوْمِ الطَّفْ حِقْداً *** جَزَّرُوا كُلَّ بَنِیها(1)
واللَّة بالمرصادِ *** لِلْقَوْمِ في المَعادِ
وَيْلُهُمْ سَوْفَ يَطولْ *** هكذا قال الرَّسُولْ
***
خَصّها البارِي تَعَالى *** بالكراماتِ الكَثِيرهْ
فَلِذا كانَتْ بِحَقِّ *** لِلنِّسا طُرّاً أمِيرهْ
کَمْ لها بالفضلِ تَحْكِي *** في كتابِ اللَّهِ سُورَهْ
قدْخابَ كُلُّ شانِي *** في السِّرِّ وَ الإِعْلانِ(2)
يَوْمَ مِيلادِ البَتُولْ *** هكذا قالَ الرَّسُولْ(3)
***
ص: 205
(بحر الخفيف)
الشيخ سلمان نوح(*)(1)
ذهَبَ الشَّيْبُ بِالشَّبابِ وَ وَلَّى *** وَ القُوَى قَدْ وَهَتْ بِضَعْفٍ أَطَلاَ(2)
فَأَفِقْ وَ اتَّخِذ لِيَوْمٍ مَعَادٍ *** حُبَّ آلِ النَّبِيَّ كَهفاً أَظلاً
سادَةٌ قادةٌ هُداةٌ حُماةٌ *** طَبَّقُوا الكائناتِ جُوداً و فَضْلاً
ص: 206
طَوْعُ أَيْدِيهِمُ القضَا لَيْتَ شِعْرِي *** كَيْفَ حَلَّ القَضا بِهِمْ وَ اسْتَقَلاً
كُلُّ مَنْ في الوُجُودِ دُونَ عُلاهُمْ *** فَهُمُ الطَّيِّبُونَ فَرْعاً وَ أَصْلا
عَجَباً لِلزَّمَانِ أَخْنَى عَلَيْهِمْ *** وَرَمَاهُمْ بِكُلِّ دَهْياءَ جُلّى(1)
فَقَضَى المُصْطَفَى وَ في القَلْب وَجْدٌ *** مِنْ عُتاةٍ قَدْ أَضْمَرُوا الغَدْرَ قَبْلا
فَعَدَوْا بَعْدَهُ على آلِهِ الغُرُ *** وَ سامُوهُمْ هَواناً و ذُلاً
إنْ تَكُنْ آمَنَتْ فَماذا عَلَيْها *** لَوْ رَعَتْ لِلنَّبِيِّ بَيْتاً وَ أَهْلا؟
أَحْرَقُوا بَيْتَهُ وَآذوا بَنِيهِ *** أَتُرَى الجَوْرَ كَانَ قِسْطاً وَ عَدْلا؟(2)
لَسْتُ أَنْسَى البَتُولَ تَطْلُبُ إِرْثاً *** وَ كِتابُ الرَّحْمَنِ يَنْطِقُ فَضْلا(3)
فانْثَنَتْ وَ الشَّجونُ مِلْءُ حَشاها *** وَ هُيَ تَدْعُو عَزَّ المَجِيرُ وَقَلاً
لَمْ تَزَلْ بَعْدَ ذاكَ حَتَّى حَباها *** رَبُّها المَنْزِلَ الرَّفِيعَ الأَجَلَا(4)
ص: 207
ص: 210
سَوْفَ تَأْتِي الزَّهْرَاءُ تَلْتَمِسُ الحُكْمَ *** إذا حانَ مَحْشَرُ التَّعْدِيلِ(1)
وَ أَبُوها و بَعْلُها و بَنُوها *** حَوْلَها و الخِصام غيرُ قَليلِ
وَ تُنادِي يا ربّ ذُبَحَ أَوْلا *** دِي لماذا وَأَنْتَ خَيْرُ مُدِيلِ؟
فَيُنادَى بِمالِك أَلْهِبِ النّارَ*** وَ أَجُجْ وَ خُذْ بِأهْل الغُلُولِ(2)
ص: 211
وَ يُجازَى كُلُّ بما كان منهُ *** مِنْ عِقابِ التَّخْلِيدِ وَ التَّنْكِيلِ(1)
يا بَنِي المُصْطَفَى بَكَيْتُ وَ أَبْكَيْتُ *** وَ نَفْسِي لَمْ تَأْتِ بَعْدُ بِسُولي(2)
لَيْتَ رُوحِي ذابَتْ دُموعاً فَأَبْكِي *** لِلَّذِي نالَكُمْ مِنَ التَّذْلِيلِ
فَوَلائي لَكُمْ عَتادِي و زادِي *** يَوْمَ أَلْقاكُمُ على سَلْسَبِيلِ
لِيَ فِيكُمْ مَدائِعٌ وَ مَراثٍ *** حُفِظَتْ حِفْظَ مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ
قَدْ كَفاني في الشَّرْقِ وَ الغُرْبِ فَخَراً *** أنْ يَقُولوا: مِنْ قِيل إسْمَاعِيلِ
وَ مَتى كادَنِي النَّواصِبُ فِيكُمْ *** حَسْبِيَ اللَّهُ وَ هُوَ خَيْرُ وَكِيلِ(3)
ص: 212
(بحر الرّمل)
السيد صالح الحلي(*)(1)
بأَبِي مَنْ أَصْبَحَتْ بَعْدَ الرَّسُولْ *** جِسْمُها زادَ سِقاماً وَنُحُولْ
***
آهِ وا وَيْلاهُ مِنْ أُمَّتِهِ *** قَبْلَ أَنْ يُدْفَنَ في حُفْرَتِهِ
تَرَكُوا الضَّيْغَمَ رَهْنَ بَيْتِهِ *** وَ سَرِيعا غَصَبُوا ارْتَ البَتُولْ
***
جَحَدُوا مَنْ كانَ فِيهِمْ مُحْسِنا *** عَصَرُوها أَسْقَطُوها (مُحْسِنا)(2)
أَلَّمُوها لَيْسَ فِيهِمْ مُحْسِنا *** تَرَكُوا أَجْفَانَها تَجْرِي هَمُولْ(3)
***
بِأَبِي ذاكَ الأبِي بَعْدَ النَّبِي *** عِوَضُ السَّيْفِ بِأمرٍ مُغصبٍ
أهِ مِنْ (تَيْمٍ) وَ آهِ مِنْ (عَدِي) *** لَيْتَ شِعْرِي فيهما ماذا أقولْ؟
ص: 213
جَرَّعاها غُصَصاً غصَّتْ لها *** لهواتُ الدَّهْرِ إذ لامِثْلَها
(فاطمٌ) قَدْ أَسْقَطُوها (حَمْلَها) *** يالَهُ رُزْهُ عَظِيمٌ وَ مَهولْ
***
هَجَمُوا لَما رَأَوْا مِنْ ضَعْفِهِ *** لَبيوه بِنِجادِ سَيْفِهِ(1)
قِيْدَ لِلْمَسْجِد رَغْمَ أَنْفِهِ *** وَ هُو ذا اللَّيثُ الهِزَبُرُ الصَّؤولْ(2)(3)
***
ص: 214
(بحر الرّمل)
السيد صالح الحلي(*)(1)
دَعْ تَفاصيلاً وَ سَلْنِي جُمَلا *** لَمْ تُطِقْ تَسْمَعُ مَا قَدْ فُصَّلا
قد بَنَتْ أساسَها القَوْمُ الأُلى *** وَ أَخِير القَوْمِ يقفو (الاوَّلا)
كَذَّبَ القَوْمُ (النَّبِيَّ ) المُرْسَلا *** يومَ (خُمِّ) وَ الكِتابَ المُنْزَلا
أغْضَبُوا مُذْ أَغْضَبُوا رَبَّ العُلَى *** صِنْوَطه وَ أبَوْا نَصْرَ الوَلا(2)
أَأمِيراً (شَيْخُ تَيْمٍ) جُعِلا *** وَمنِ اللَّهُ ارْتَضاهُ عُزِلا؟
(شيخُ تَيْمٍ) مِنْبَرَ الهادِي عَلا *** وَ (عَلِيّاً) اجْلَسُوه المَنْزِلا
قسماً لولا القضا لَنْ يَصِلا *** مِنْ عَلَيَّ الطُّهر ما قَدْ أمّلا
عَجَباً بِالحَبْلِ قادُوا البَطَلا *** مِثل ما قادَ الحُداةُ (الجَملا)
خَلْفَهُ فَاطِمَةُ تَدْعُو ألا *** فَاتْرُكُوهُ أوْ لأَدْعُو (الكافِلا)(3)
عَجَباً مِنْ حَبْلِهِ ما انْفَصَلا *** بِيَتامى كَرْبَلاءَ اتَّصلا
ص: 215
فَمَتَى (المَهْدِيُّ) يَشْفِي الغَلَلا؟ *** كَمْ نُقاسي مِنْ عِداها العِلَلا
امْتَطُوا الخَيْلَ بَنِي عَمْرو العُلَى *** وَ ابْعَثُوها شُرباً تطَّوي الفَلَا(1)
وَ اشْرَعُوا السُّمْرَ العوالي الذُّبَّلا *** وَ اجْعلوا الأغْمادَ لِلْبَيِضِ الطّلا(2)
وَ عَلَى الحَرْبِ ألا (حَيَّ هَلا) *** فَمَذاقُ المَوْتِ فِي الحَرْبِ حَلا
أيها المُدْلِجُ خُذْ مِنِّي إلى *** هاشِمِ شَكْوى تُزِيلُ الجَبَلا(3)
قِفْ عَلَى البَطْحا وَ قُلْ قُوموا فلا *** عُذر إلا أن تَقُومُوا عَجَلا
أَقُعوداً لَمْ تُثِيرُوا القَسْطلا *** وَ حُسَيْن عارياً في كَربلا؟(4)
يا حُماةَ المَجْدِ عُدْتُمْ ذُلُلا *** وَ غَدَوْتُمْ لِلْبَرايا مَثَلا
أَفَما هاجَكُمُ مانَزَلا *** مِنْ مُلِمٌ للرَّواسي زَلْزَلا؟
ضَرَبَتْ نِسْوةُ حَرْبِ كِلَلا *** في المَقاصِيرِ وَ سِتْراً مُسْدَلَا(5)
وَنِساكُمْ بالمَهاجِيرِ اصْطَلا *** وَجْهُها مُذْ سَلَبُوها الحُللا(6)
عَجَباً نِسْوَتُكُمْ تُسرى بلا *** كافِلٍ بارزةً بَيْنَ المَلا
وَ تَجُوبُ البِيدَ حَسْرَى وَ عَلى *** قُتَبِ النَّاقَةِ أَضْحَتْ مَثلا(7)
حُسْراً قَدْ ارْكَبُوها الهُزَّلا *** وَ بها جابُوا دَيَامِيمَ الفَلا(8)
وَ سَلِيبَاتٍ حُلِيّاً وَ حُلَى *** قَفَلَ الرَّكْبُ بها القُفَلا
وَ بِعَيْنِ اللَّهِ جَلَّ وَ عَلاَ *** حُجَّةُ اللَّهِ مُضاماً غَلَلا
ص: 216
أيزيد في حَرِيرِ قَدْ تَلا؟ *** (لَعِبَتْ هَاشِمُ بالمُلْكِ فَلا)
وَ حُسَيْنُ في حَرُورٍ جُدلا *** ظامِناً تُروى دماء الأسلا
يا قَتِيلاً فيه صَبْرِي قُتِلاَ *** وَ بِهِ نَوْمِي عادَى المُقَلا
كَيْفَ سُلْوانِي وَ هُلْ قَلْبِي سَلا *** عَنْ مُصابٍ زَعْزَعَ السَّبْعَ العُلا؟
إِنَّ صَبْرِي وَسُلُوِّي رَحَلا *** و شُجُونِي وَ شهادِي نَزَلا(1)
ص: 217
ما على الرَّكْب لَوْ أَقامَ قَليلاً *** فَشَفَى لَوْعَةً وَ أَطْفَيَ غَلِيلا
وَ سَقَى السَّفْحَ وَ العَقيق عقيقَ *** الدَّمْعِ سَفْحاً مَعالِماً و طُلولا
وَ رَعَى بالصَّفا زَماناً تَقَفَّى *** كَمْ سَقانا مِنْ صَفْوِهِ سَلْسَبيلا
طالَما لِلْهَوَى شَرِبْنا كُؤُوساً *** كانَ صِرْفاً مِزاجُها زَنْجَبِيلا
كَمْ لَبِسْنا بِهِ مَطارِف أُنَسٍ *** و سَحَبُنَا مِنَ النَّعيم ذُيولا(1)
كانَ وِرْدِي عُلاً و عَيْشي رَغِيداً *** و شَبابِي غَضَّاً و ظِلِّي ظَليلا(2)
جادَ كالعارِض الأَجَشِّ هَلُولاً *** مَرْبَعَ الذِّكْرِ بُكْرَةً وَ أَصِيلا(3)
وَ تَمْشي بِكَ الشَّمالُ بأنفاسِ *** الخُزُامى وَ هُناً يَضُوعُ بَليِلا(4)
كُلَّما هَبَّتِ السّمالُ انْتَشَيْنا *** فكأنَّ الشمال كانَتْ شَمُولا
ما لَهُ مُوحِش المعالِم قَفْراً *** بعدَما كانَ آئِساً مَأهُولا
كَمْ على سَفْحِهِ سَفَحْتُ عقيقاً *** مِنْ دَمِ القَلْبِ مَدْمَعاً مَطْلُولا
أَظْلَقُوا الدَّمْعَ وَ الحَشَا كَبَّلُوهُ *** ما عليهِمْ لَوْ أَظْلَقوا المَكْبُولا
ص: 219
ما لنا و الخُطُوبُ تَعْدُو علينا *** كُلّ يومٍ مُفَوّقاتٍ نُصُولا
فَكَأَنَا لِلنَّائِباتِ خُلِقْنا *** لانَرى للفرار عنها سَبِيلا
أنا جَلْدٌ على نُزولِ الرَّزايا *** و لَئْنُ هَدَّتِ الجبال نُزُولا
وإذا سامَنِي الزَّمانُ اختباراً *** بِرَزاياهُ قُلْتُ صَبراً جميلا
ما أَرى صَبْرِي الجَمِيلَ جَمِيلاً *** إِنْ تَذَكَرْتُ ما أصابَ البَتُولا
فَقَدَتْ أَحْمداً و ناحَتْ طويلا *** وَ بَكَتْ حَسْرَةً و أَبْدَتْ عَويلا
و أَقامَتْ عَبْراء لكلاء حتى *** لَحِقَتْ بِالنَّبِيِّ عَبْرَى ثَكُولا
طالَما المُصْطَفَى بِثِقَلَيْهِ أَوْصَى *** مُنْذِراً قَوْمَهُ قَبيلاً قَبيلا
أَشْهَدَ الله يومَ خُمِّ عَلَيْهِمْ *** وَ كَفَى شاهِداً بِهِ وَ وَكِيلا
فَضِّلُوا المرتضى فَقَدْ فَضَّلَ *** اللَّهُ عَلَيْكُمْ مَقامَهُ تَفْضِيلا
وَاحْفَظُوا الله في وَلاءِ ابْنِ عَمِّي *** إِنَّه كانَ عَهْدُهُ المَسؤولا
وَ احْفَظُونِي بَأَهْلِ بَيْتِي ولا *** تَبْغُوا نُكولاً عنهُمُ وَ لاتَحوِيلا
إِنَّ إن ربِّي قَدِ اصْطَفَانِي رَسُولاً *** وَ ارْتَضَى لي أخِي عَلِيّاً خَليلا
وَ هُوَ حَبْلُ اللَّهِ المَتِينُ فَطُوبى *** لامْرِى لَمْ يَزَلْ بِهِ مَوْصُولا
فاطِمُ بَضْعَتِي وَ مَنْ ساءَهَا مِنْكُمُ *** فَقَدْ ساءَني و ساءَ الجَليلا(1)
أنا مِنْ فاطِمٍ وَ فاطِمُ مِنِّي *** قالَها أَحْمَد لها تَبْجِيلا
ص: 220
ثُمَّ لَمَّا اسْتَقَلَّ هادي البَرايا *** سَبِّحُوا في الضَّلالِ سَبْحاً طَويلا
لَسْتُ انْسَى يَوْمَ السَّقِيفَةِ وَ *** القَوْمُ بها أَصْلُوا الشَّقا تَأْصِيلا
يومَ حادُوا عن مَنْهَج الرُّشْدِ غَيّاً *** وَ اقْتَفَوْا مَنْهَجَ القُرُونِ الأُولى(1)
إنْ يَكُونُوا لأَحْمَدٍ خُلَفَاءً *** فَلِماذا لَمْ يَحْضُرُوا التَّغْسيلا
أَشْغَلَتْهُمْ دَعْوى الخِلافَةِ عنه *** وَ بِهِ كَانَ حَيْدِرٌ مَشْغُولا
عَقَدُوا عُقْدَةَ الصَّلالِ وَحَلُّوا *** عُقْدَةً كَانَ حَلُها مُسْتَحِيلا
أَضْمَرُوا الكُفْرَ وَالهُدَى أَظْهَرُوهُ *** حِينَ شامُوا سيف الهُدَى مَسْلُولا(2)
رَكِبُوا مَنْهَجَ الضَّلالِ وَ حادُوا *** عَنْ طَرِيقِ الهُدَى فَضَلُّوا السَّبِيلا
عَجَباً كَيْفَ لاتَضِلُّ وَ قَدْ قَلَّدَتِ *** الأَمْرَ غاصِباً ضِلِّيلا
لَهْفَ نَفْسِي على ابْنَةِ المُصْطَفَى *** أَمْسَتْ تُقاسِي مِنَ الخُطوبِ الجَليلا
مَكَئَتْ بَعْدَهُ قَليلاً وقاسَتْ *** مِنْ عِداهُ شَجّى وَ حُزْناً طَوِيلا
لَمْ يُخَلّفْ خَيْرُ النَّبِيِّينَ فِيهِمْ *** غَيْرَ بِنْتِ فَجَرَّعُوعا وَبِيلا(3)
أَيُّ بِنْتِ لَهُ تُكابِدُ مِنْهُمْ *** مَضَضاً أَضْرَمَ الفُؤادَ غَليلا(4)
بَضْعَةُ المُصْطَفَى التي فَضَّل الرحمنُ *** فِي الذِّكْرِ مَدْحَها تَفْضِيلا(5)
مَنْ بها باهَلَ الرَّسُولُ وَ باهى *** وَ بِها لِلْهُدَى أَقَامَ دَلِيلا(6)
ص: 221
مَنْ لَدَيْها سِرُّ الهُدَى وَإِليها *** أَرْسَلَ اللَّهُ خادِماً جبريلا
نَهَرُوها وَ مَزَّقُوا صَکَّها وَ *** انْتَحَلُوها تُراثَها المَنْحُولا(1)
هَتَكُوا بِانْتِهاتِها حَرَمَ الدِّينِ *** وَ أَلْقَوا حِجَابَهُ المَسْدُولا
دَخَلُوا مَنْزِلَ البَتُولِ عَلَى اللَّهِ *** اجْتِراءً وَ أزْعَجُوها دُخُولا
أَضْرَمُوا بَيْتَها بنارٍ ودَقُوا *** ضِلْعَها يا لَهُ مُصاباً جَليلا(2)
أسْقَطُوها ضَرْباً وَ قادُوا عَلِيّاً **** مُسْتَضاماً فَأَدْرَكوا المَأْمُولا(3)
لَم تَزَلْ منهُمُ تُکابِدُ شَجُواً *** منهُ كادَتْ شُمُّ الرَّبى أنْ تَزُولا
كم دَعَتْهُمْ و اسْتَصْرَخَتْهُمْ وَلكِنْ *** لَمْ تُشاهِدْ إِلا نَكُولاً خَذُولا
كَذَّبُوا قَوْلَها عَلَى العِلْمِ مِنْهُمْ *** أَنَّهَا قَوْلَ باطِل لَنْ تَقُولا
وَ هْيَ بنتُ الأمين أم الميامِينِ *** فُرُوعاً زَكَتْ وَ طابَتْ أَصُولا
لَهْفَ نَفْسِي لَها تُشاهِدُ تَيْماً *** وَ الِياً وَابْنَ عَنْها مَعْزُولا
وَ تَرَى حَقَّها مِنَ الإِرْثِ مَمْنُوعَاً *** عَلَيْها وَ لِلْعِدى مَبْذُولا
ضَيَّعُوا حَقَّها عِناداً و حِقْداً *** رَوَّعُوها و لَمْ يُراعُوا الرَّسُولا
وَ لَها جُدْرُ بِثْرِبَ ارتَفَعَتْ لَمّا *** شَكَتْهُمْ وَ أَوْ شَكَتْ أَنْ تَزُولا
زَعَمُوا لَمْ تُورّثِ الرُّسُلُ إبْناها *** ضَلالاً وَ بَدَّلُوا تَبْدِيلا
أَنَسُوا آيةَ المواريث في التنزيلِ *** نَصّاً وَ حَرَّفُوا التَّنْزِيلا
ص: 222
ألَمْ يَكُنْ وارِثاً أَبَاهُ سُليمانُ *** فَلِمْ لَمْ تَرِتْ أباها الرَّسُولا؟
وَ ادَّعَتْ نِحْلَةً فما صَدَّقُوها *** وَ هْيَ أَزْكَى نَفْساً و أصْدَقُ قِيلا(1)
شَهِدَ المُرْتَضَى لها وَ الشَّهِيدَانِ *** فَلَمْ يَرْتَضُوا بهمْ تَضْليِلا
لم يَكُنْ حَيْدَرٌ وَ قَدْ شَهِدَ اللَّهُ *** بِتَقْواهُ شَاهِداً مَقْبُولا
جَهِلُوا فَضْلَهُ وَ فَضْلَ الزَّكِييْنِ *** وَ ما كانَ فَضْلُهُمْ مَجْهُولا
عَدَلُوها عَن الوَصِيَّ وَرَدُّوْا *** رِدَّةً منهُمُ الشُّهودَ العُدُولا(2)
و العُتُلانِ أقْبَلا يَسْتَقِيلانِ *** وَ عَمّا تَجَرَّمَا لَنْ يَحُولا(3)
سَأَلا إِذْنَ فاطم مِنْ عَليَّ *** بِدُخُول أكرم بِهِ مسؤُولا
وَ أَجَازَتْ لما أتاها عَلِيٌّ *** لَهُمَا سائلاً عَلَيْها الدُّخُولا
سَأَلا إِذْنَها دُخُولاً فَلِمَ لا *** سَأَلاَ الإذن في الهجوم البَتُولا؟
أَتَيَاها مُطَاطِئَيْن وَ كُلُّ *** مِنْهُما كَانَ مُبْطِلاً وَ مُحِيلا
يَسْتَقِيلانِها العِثارَ دَهاءً *** وَ هُما يَعْلَمانِ أنْ لاتُقِيلا(4)
لَم يَكُنْ عَنْ حَقِيقةٍ مِنْهُما لَكِنْ *** قُلُوبُ الأنام كَيْ يَسْتَمِيلا
أبْعَدَ اللَّهُ أُمَّةً يَتَولَّى *** ابْنُ تَيْم أُمُورُها مُسْتَطِيلا
ما لَهُمْ أَغْضَبُوا البَتُولَ وَ أَرْضَوْا *** ضِلَّةً منهُمُ الظُّلُومَ الجَهُولا
ص: 223
ما كَفَاهُمْ خِذْلانُهمْ فاطماً حَتَّى *** عَلى الطُّهْرِ وازرُوا المَخْذُولا(1)
وَ عَلَى المُرْتَضَى أَعانُوا الحُمَيْراً *** وَ عَلَى الرِّجْسَ لَمْ يُعِينوا البَتُولا
جَرَّعُوها كَأسَ الرَّدى فَقَضَتْ *** غَضْبَى إِلى اللَّهِ تَشْتَكِي المُسْتَقِيلا(2)
وَ كَما أَوْصَتْ لَهُ واراها عَلِيٌّ *** وَ اللَّيْلُ أَوْفَى السُّدُولا(3)
قائِلاً وَ الثَّرى أُهِيلَ عَلَيْها *** لَعَلَيْكِ النَّرى بِرَغْمِي أُهِيلا
كُنْتِ لِي لاتُفارِقِينَ بِحالٍ *** كَيْفَ أَزْمَعْتِ فُرْقَةً وَ رَحِيلا
فَهَبِينِي أَقَمْتُ بَعْدَكِ لَكِنْ *** كَيْفَ صَبْرِي عَلَيْكِ وَ الصَّبْرُ عِيلا
إِنَّ فَقْدِيَ البَتُولَ بَعْدَ أَبِيها *** دَلَّ أَنْ لايُبْقِي الزَّمانُ خَلِيلا
عَنْ أبِيها كانَتْ سُلُوِّي وَ إِنِّي *** لَمْ أَجِدْ بَعْدَهَا إِلَيْهِ سَبِيلاً
أَمَّلَ المانعون تَشْبِيعَها وَ القَوْمُ *** صُبْحاً فَأَخْطَأوا المأمُولا
حَظَّرَتْ أنْ يُصَلِّي الرِّجْسُ تَيْمٌ *** حَذَراً فِي الصَّلاةِ أنْ يَسْتَطيلا
فاتَهُمْ أَنْ يُشَبُعُوها وَ مَا نالُوا *** بِتَشييعها الثَّوابَ الجَزِيلا
وَ عَلَيْها لم يُحْضِرِ المُرْتَضَى إلأ *** وَلِيّاً عَنِ الوَلا لَنْ يَحُولا
حَمَلُوا نَعْشَها وَ وارَوْهُ لَيْلاً *** بِأَحبَّايَ نَعْلَها المَحْمُولا
زَوروا حَوْلَها قُبُوراً لِئَلاً *** تَتَحَرّى العِدى إليه سَبِيلاَ(4)
ص: 224
حاوَلُوا نَبْسَ قَبْرِها لِيُصَلُّوا *** وَ نَضَا الطُّهْرُ سَيْفَهُ المَصْقُولا(1)
فَانْثَنَوْا عَنْ مَرامِهِمْ حَذَراً مِنْ *** حَيْدَرٍ أَنْ يُنَكَّلُوا تَنْكِيلا(2)
قُمْ فَعَنِّي السَّبْعَ المثانِي وَ *** الذْكُرَ و عَزّ التَّكْبِيرَ وَ التَّهْلِيلا
وَ بِها عَنْ أَحْمداً و أُولي العَزمِ *** و عَزّ الأمِينَ جِبْرَائيلا
وَ بِها عَزَّ حَيْدَراً وَ الشَّهِيدَيْنِ *** بِكُلِّ غَدا بِها مَثْكُولا
ما انْقَضَى رُزْؤُهُمْ بِأَحمدَ حَتَّى *** فَقَدُوا وَالعُيونُ عَبْرَى البَتُولا
إِنَّ يَوْمَ البَتُولِ أَجْرى عُيُونَ *** الآلِ شَجُواً دَماً وَ دَمْعاً هَمُولا(3)
إِنَّ يوم البتول أَوْرَثَ قَلْبَ *** الدِّينِ وَ المُسْلِمِينَ دَاءً دَخِيلا
إِنَّ يَوْمَ البَتُولِ أبْكَى عَلِيّاً *** وَ بَنِيهِ وَ الرُّسُلَ وَ التَّنْزِيلا
طالَمَا في الظَّلامِ للَّهِ صَلَّتْ *** وَ إليهِ تَبَلَتْ تَبْتِيلا(4)
كَمْ لها في الزَّمانِ آياتُ فَضْلٍ *** ضاقَ مِنْها الزَّمانُ عَرْضاً و طُولا
كَمْ إِلَيْهَا الجَلِيلُ أَهْدَى لِباساً *** منهُ فَضْلاً مِنَ الجِنانِ جَليلا
وَ حَباها فَواكِها وَ طَعاماً *** طَيِّباً مُكَرِّماً لها وَ مُنِيلا(5)
وَ بِها مَرْيَمٌ دَعَتْهُ فَأَعْطاها *** نَوالاً مِنُه العَطاء الجَزيلا
وَ بِها أُمُّ أَيْمنِ سَأَلَتْهُ *** لِغَليل قبل مِنْها الغليلا
وَ إلَيْها أدْلى مِنَ الأفْقَ دَلُواً *** فَتَروت به زماناً طَوِيلا
وَ غَزا المُرْتَضَى العِدَى فَأَسرَّتْ *** لَيْتَهُ قَدْ أَقامَ عَنْهُ وَكِيلا
وَ بأسْرارِها المُهَيْمِنُ أَوْحَى *** تَخِذُونِي لَكُمْ وَكِيلاً كَفيلا(6)
ص: 225
وَ الرَّحَى قَدْ أَدارَها الرُّوحُ لَمّا *** رَقَدَتْ في الضُّحَى لها تَبْجِيلا
بِأَبِيها وَ بَعْلِها وَ بَنِيها *** وَ بِها اللَّهُ قَدْ هَدانا السَّبِيلا
وَ بها آمَّنَ اليَهودُ کَمافي *** مَرْيَمٍ آمَنَتْ قَبِيلاً قَبِيلا
وَ نِساهُمُ خَرَّتْ سُجُوداً وَ قَدْ *** قَبَّلَتِ الأرض عندَها تَقْبِيلا
مُذْ رَأَوْا مِنْ مَلاءَةِ الطُّهْرِ *** نُوراً كُلُّ طَرْفِ يَرُدُّ عنه کَلیلا
وَ حَباها بِعِتْرَةِ ما حَباها *** مَرْيَماً قَبْلَها و لاَراحيلا
عَلِمَ اللَّهُ ما سِواهُ کفیلٌ *** فارْتَضاهُ كُفُواً لَها وَ كَفيلا(1)
يا مُقِيمَ الأفلاكِ أنْتَ بِكَ *** الأمْلاكُ للَّه هَلَّلُوا تَهْلِيلا
حارَ فِيكَ العَقْلُ المُجرَّدُ حَتَّى *** لم يَكُنْ يَهْتَدِي إليك وُصُولا
لم يُوالي النَّبِيَّ مَنْ لايُوالِيكَ *** وَ لاكانَ سَعْيُهُ مَقْبُولا
يا دَلِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ وَ يَا مَنْ *** كُلُّ شَيْءٍ عَلَيْهِ كَانَ دَلِيلا
نَكَلّ المُسْلِمُونَ عَنْكَ فَكَانُوا *** بِالنبييَّنَ كافِرِينَ نُكُولا
قَدْ تَعَدَّوْا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللَّه *** بكمْ (جَهْرَةٌ) خانُوا الرَّسُولا
هَدَمُوا دِينَهُ وَ كان قويماً *** وَ أقامُوا الشَّقا وَ كانَ ضَئيلا
مَنْ سِواكُمْ لِلعِلْمِ كَانَ وَ لِلْحِلْمِ *** مَقِيلاً وَ لِلْعِثارِ مُقِيلا
عشتَ ما بَيْنَهُمْ تُقاسِي كُرُوباً *** لاتُقاسَى حَتَّى مَضَيْتَ قَتِيلا
وَ تَواصَوْا على الشَّهِيدَيْنِ و انثا *** لُوا رِكاباً عَلَيْهُمُ وَ خُيُولا(2)
أَدْرَكُوا بِالزَّكي ما أَمَّلُوهُ *** مِنْ مَرامِ وَ بِالشَّهِيدِ الذُّحُولا
ص: 226
جَلَبُوها عَلَيْهِ خَيْلاً وَ رَكْباً *** وَ شُيُوخاً تَأَلَّبُوا وَ كُهولا(1)
طاوَلُوهُ وَ هُمْ ثلاثُونَ الفاً *** فَتَجَلَّى عَلَيْهِمُ مُسْتَطيلا
كَمْ بجَيْشِ لِعَزْمِهِ أفْزَعَ الجَيْشَ *** يُرَى عِنْدَهُ الكَثِيرُ قَلِيلا
كُلَّما أَضْرَمَ العِدَى شُعَلَ الهَيْجا *** ءِأَظْفَى ضِرامَها المَشْعُولا
كُلّما جَلْجَلَتْ رَعِيلاً رَعِيلاً(2) *** دَقَ فَرْداً على الرَّحِيلِ الرَّعِيلا
كَرَّ فيهمْ فَرْداً فَأَرْوَى القَنا مِنْ *** دَمِهِمْ وَ المُهَنَّدَ المَصْقُولا
حَلَّقُوهُ عَنِ الشَّرائِع ظُلماً *** وَ سَقَوْهُ أَسِنَّةٌ وَ نُصُولا
وَ قَضى ظامِئاً وَ ما بُلَّ منه *** ظَمَأٌ في الحَشَى يَشِيبُ عليلا
ماضياً لَمْ يَزَلْ يَغُلُّ مَواضِي *** الشِّرْكِ حَتَّى اغْتَدَى بها مَفْلُولا
إِنَّ سَيْفاً بِهِ قُتِلْتَ لَعَمْرِي *** فيهِ أَضْحَى الدِّينُ الحَنِيفُ قَتِيلا
إنَّ سَهْماً أَصْمَى فُؤادَكَ أصْمَى *** حَيْدَراً بعدَ أحْمدٍ وَ البَتُولا
حَرَّمُوا أَنْ تَبُلَّ أَحْشاهُ حَتَّى *** كَانَ مِنْ نَحْرِهِ الثَّرى مَبْلُولا
كيفَ أَضْحَى مُجدِّلُ الشَّوَسِ بالسَّيْفِ *** مُلاقي الكماةِ مُلْقَى جَدِيلا(3)
نَهَبُوا ثِقَلَهُ وَ اوَرُوا خِباهُ *** وَ سَبَوْا آلَهُ وَ قادُوا العَليلا
وَ ثَوى بِالعَرَى ثلاثَ لَيالٍ *** بِدِماهُ مُزَمَلاً تَزْمِيلا(4)
قَتَلُوهُ وَ سَلَّبُوا الفاطميات *** وَ سارُوا بِنَجْلِهِ مَغْلُولا
بِأَبِي مُوثَقاً عَلِيلاً تَسنَّى *** نُقَّباً عارِيَ المَطَى مَهْزُولا
بأَبِي مَنْ نَساهُ فَوْقَ المطايا *** تَنَشَكَّي رَسِيمِها وَ الذَّمِيلا(5)
ص: 227
تَتَهاوى مِنَ العِجافِ إِذا ما *** تَتَرامَى بها حُزوناً سُهولاً(1)
وَ بنفسي سَبْعاً وَ عَشْراً من الآلِ *** شباباً قَضَوْا ظَماً وَ كُهُولا
كُلّما تَسْجَعُ الأسِنَّةُ في الهام *** تَشَنُّوا تَحْتَ الأسنة مِيْلا
بأبي فِتْيَةٌ تَسامَوْا وَ حازُوا *** شَرَفاً باذخاً وَ مَجْداً أثِيلا
وَ لَكُمْ جَدَّلُوا عَلَى التُّرْبِ مِنْهُمْ *** سَيْداً أَصْيَداً و قَرْماً نَبِيلا
أَيُّ دَمْعٍ للآلِ ظَلَّ لَدَيْهِمْ *** وَ دَمِ كانَ بَيْنَهُمْ مَطْلُولا؟
أَيُّ رَأْسٍ عَلَى القَنا رَفَعُوهُ *** أَيُّ جِسْمِ أَجْرَوْا عليهِ الخُيُولا؟
كَيْفَ يَقْوَىٰ رُمْحٌ عَلَى حَمْلٍ رَأْسٍ *** فَوْقَهُ العَرْسُ قَدْ غَدا مَحْمُولا؟
فَلَئِنْ أَدْرَكَتْ بِالِ عَلِيٌّ *** آلُ حَرْبِ يَوْمَ الظُّفُوفِ الذُّحُولا
وَ شَفَتْ مِنْهُمْ غَلِيلَ حقُودٍ *** فَسَيَشْفِي بها المُرَجَّى غَلِيلا
مَلِكٌ يَمْلِكُ الزَّمَانَ وَ يَنْقادُ *** إِلَيْهِ قَوْدَ الذُّلُولِ ذَلِيلا
وَ يَسُومُ العِدَى هَوَاناً وَ يَسْقِيهِمْ *** نَكالاً كَأسَ المَنايا وَبِيلا(2)
أسَدٌ مِنْ بَني الضَّراغِمَةِ الأُسْدِ *** تَرَاهُ بِبَأْسِهِ مُسْتَطِيلا
قائِداً لِلْوغَى أُسُودَ عَرِينٍ *** تَخَذَتْ في الوَغَى الأَسِنَّةَ غِيلا
كُلّما لاحَ لِلْجُموعِ تَوَلَّتْ *** فَرَقاً منهُ خِيفَةً أنْ يَصُولا
وَ تَرى الجَيْشَ كَالكَثِيبِ إِذا *** هَبَّ عليه أضْحى كَثيباً مَهِيلا(3)
كَمْ ذَرَتْهُمْ منهُ عَواصِفُ عَزْمٍ *** وَ كَذا العاصِفاتُ تَذْرُو الرُّمُولا
يا سَلِيلَ البَتُولِ تُغْضِي عَنِ السُّقُومِ *** جُفُوناً وَ قَدْ أَساؤُوا البَتُولا
قَتَلُوا وُلدَها الكِرامَ وَ أَجْرَوْا *** دَمَهُمْ كالدُّموعِ منها سُيولا
كَمْ أَذَلُّوا مِنْكُمْ عَزِيزاً كَرِيماً *** وَ أَعَرُّوا مِنْهُمْ لَئِيماً ذَلِيلا
ص: 228
فَأطلب الشارَ وَ انْعَش الطُّهْرَ فِيهِ *** وَ بَنيها المَسْمُومَ و المَقْتُولا
وَ أقِمْ عَرْشَ دِينِهِمْ بِالعَوالي *** ماتَرى عَرْشَ دِينِهِمْ مَشْلُولا
وَ تَعَطَّفْ عَلَى مَوالِيكَ وَ ارْحَمْ *** مَدْمَعاً منهمْ عَلَيْهِمْ هَمُولا
مَلَكُوا أَمْرَهُمْ بِسَيْفِكَ حَتَّى *** تَكْلُوهُمْ عَلَى الوَلا تَنكيلا
كانَ يَوْمٌ لَهُمْ كَفِيلٌ وَ إِنَّا *** لَمْ نَجِدْ سَيْدِي سِواكَ كَفِيلا
فَإلى مَ إِلَيْكَ أرْفَعُ يَا مَوْلايَ *** شَكْوَى مُقَصْراً وَ مُطِيلا؟
فَاقْبَليْ بِنْتَ أحْمَد من سَلِيلٍ *** مَدْحًا يرتجي منك القَبْولا
صاغَها من جَواهِرِ المَدْح فيكم *** وَ کَساها جُمانَهُ إكْليلا(1)
هَزَّها بالحِما هَواكُمْ فَوافَتْ *** طَرباً بِشرَةٌ تَجرُّ الذَّیولا
وَ اصَلَتْكُمْ مِنَ الجليلِ صَلاةً *** أَبَدَالدَّهْرِ بُكْرة وَ أصِيلا
ص: 229
قَدْ هَاجَنِي شَوقُ إِذْ بَانَ لي ظَلَلُ *** فَرُحْتُ أسألُهُ: قُلّي مَتَى رَحَلُوا؟(1)
وَ دَارَ في فِكْرِي مَا فَاتَ مِنْ عَهْدٍ *** أيَّامَ لانَدْري ما الحُزنُ ما الوَجَلُ؟(2)
هَلْ كانَ من ذَنْبٍ كنَّا فَعَلْنَاهُ *** حَتَّى تَفَرَّقْنَا كُلُّ لَهُ سُبُلُ؟(3)
أمْ هَكَذَا الدّنيا في أَصْلِ فِطْرَتِها *** في الشرِّ قد جُبلَتْ و النّاسُ قد جُبِلوا
ما لي أرى القَوْمَ تاهُوا وَ ما سَأَلُوا *** كيف السبيلُ إلى رضوانَ أَمْ جَهَلُوا؟
جبريلُ أنبأ أَنَّ اللَّه أنبأَهُ *** أَنْ بالولاية حبلُ الدِّين يتّصلُ(4)
تلكَ العلائِمُ وَ الآياتْ واضحةً *** أنْ المودَّةَ في الآلِ أما عَقَلُوا
هُمُ الأئمة إن قاموا وَ إن قَعَدُوا *** وَ رحمةُ اللَّه في البيتِ الّذي نَزَلُوا(5)
ص: 231
يومُ الغَدِيرِ وَ أخبارٌ تناقَلَها *** جَمْعُ الرُّواةِ بأنّ الدِّينَ يَکْتَمِلُ(1)
بعد الولايةِ للآلِ وَ طاعَتِهمْ *** يا لَلرجالِ لما قالوا وما نَقَلُوا
أمْاهُ يا زهراءُ قد هدّدني حَزَنُ *** من هَولِ ما اقْترفوا -غدراً- و ما فعلوا
نَسوا حَدِيثاً رسولُ اللهِ قائِلُهُ *** (يُرْضِينى إِنْ رَضِيتُ) وَ المبعَثُ الأَجَلُ
حتى النّصارى من في حقّها شَهِدُوا *** يَوْمَ المباهلةِ الغَرَاءِ مَا ابْتَهَلُوا(2)
ص: 232
فاخْتَرْتُ في عَقْلِ كَلَّتْ مَدَارِكُهُ *** كيف استَبَاحوا لذاك الخدْرِ وَ ابْتَذَلُوا؟(1)
سَيُحْشَرُ القومُ يَوْماً لبارِئِهمْ *** فما يكونُ جَوابُهُم إذا سُئِلوا؟
ص: 233
دَعْني قَبِيلُ اللَّهْوِ غَيْرُ قَبِيلِي(1) *** وَ سَبيلُ أَهْلِ اللَّوْمِ غيرُسَبيلي(2)
لم أَشْتَغِلْ عَنْ جَمْعِ أَشْتاتِ العُلا *** بمليح وَجْهِ أو بَكَأْسٍ شَمُولِ
لاتَعْذِلَنِيِّ إِنَّني لاأُقْتَفِي *** سُبُلَ الضَّلالِ لقولِ كُلِّ عَذُولِ(3)
قَوْلِي لِمَنْ قَدْ سامني الرُّجْعَى إلى *** ما لايَجُوزُ أَتَيْتَ غيرَ جَمِيلِ
إنّ الخَلِيلَ، إذا تَجَنَّبَ مَذْهَبِي *** قُلْتُ: ابْتَعِدُ ما أَنْتَ لي، بخليلِ
أَتَحَمَّلُ الأَثقال إلا أَنَّني *** لِمُبايِني في الدِّينِ غَيْرُ حَمُولِ
اليْتُ لاألقى عداةَ أَئِمَّنِي *** إِلابِعَضَبِ الشَّفْرَتَيْنِ صَقِيلِ(4)
وَ أَئِمَّتِي قَوْمٌ، إذا ظُلِمُوا فَهُمْ *** لايَظْلِمُون النّاسَ وَزْنَ فَتِيلِ(5)
كانَ الزَّمانُ لِحُسْنِهِ بِوُجُوهِهِمْ *** يَخْتالُ بالأوضاحِ و التَّحْجِيل(6)
وَ مُسَجِّلٌ لَهُمُ الفَخارَ عَلَى الَّذِي *** ناواهُمُ إِذْ صَحْ لي تَسْجِيلي(7)
وَ هُمُ الأئِمّةُ ماعَدِمْتُ فَضِيلَةً *** فِيهِمْ فما ميلي إلى المَفْضُولِ
فَأَنا إذا مَثَّلْتُ غَيْرَهُمُ بِهِمْ *** في فَضْلِهِمْ أَخْطَأْتُ في تَمْثِيِلِي
آلُ النَّبِيِّ بِهِمْ عَرَفْنا مُشكِلَ *** القُرْآنِ، وَ التَّوْرَاةِ، وَ الإِنْجِيلِ
هُمْ أَوْضَحُوا الآياتِ حتّى بَيَّنُوا *** الغاياتِ فِي التَّحْرِيمِ، وَ التَّحْلِيلِ
ص: 235
عِنْدَ التَّباهُلِ ما عَلِمْنا سادِساً *** تَحْتَ الكِسا مَعَهُمْ سِوَى جِبْرِيلِ
إِنَّ الكَثِيرَ مِنَ المدائح فِيهِمُ *** قُلْ، و مَدْحُ اللَّهِ غَيْرُ قَلِيلِ
قالَ النَّبِيُّ : صِلُوا بهمْ حَبْلِي فَلَمْ *** يَكُ مِنْهُمُ أحَدٌ لَهُمْ بِوَصُول
ماذا يَكُونُ جوابُ قَوْمٍ أَخْلَدُوا *** إِذْ ماتَ لِلتَّعْبِيرِ وَ التَّبْدِيل؟
إنْ قالَ: في الحَشْر ابنتي لِمْ فيكُمُ *** لَمْ تَخْلُ من حُزْنٍ، و طولٍ عَوِيلِ؟
هِيَ بَضْعَةٌ مِنّي، ففي إضْرارِها *** ضُرِّيْ كما تَبْجِيلُها تَبْجِيلِي(1)
يلْقَوْنَها بِتَبسُّمٍ في عِزَّكُمْ *** وَ تَروْنَها جاءَتْ بِدَمْعٍ ذَلِيلِ
كَذَّبْتمُوني إذْ لها كَذَبْتُمُ *** وَ عَدَلْتُمُ عَنْ مُحْكَم التَّنْزِيل
ما بالُكُمْ عَنْها تَغَاضَيْتُمْ و قَدْ *** نَطَقَ الكِتابُ لَها بِكُلِّ دَلِيلِ(2)
ما ذاك إلا أَنَّكُمْ أَمْسَكْتُمُ *** الدُّنْيا فَقَدْ حَصَلَتْ بِكَفِّ بَخِيلِ
في حقِّها أَنْتُمْ تَواكَلْتُمْ إلى *** أَنْ ضاعَ، وَ الرَّحْمَنُ خَيْرُ وَكِيلِ(3)
ص: 236
خالفتُمُ ايَ الكِتابِ كَأَنَّما *** خُلِقَتْ رُؤُوسُكُمُ بِغَيْرِ عُقُولِ
وَ اللَّهُ يَحْكُمُ لا مَرَدَّ لِحُكْمِهِ *** وَ مَقِيلُ أَهْلِ الظُّلْم شَرُّ مَقِيلِ(1)
اخْتَرْتُ لَوْ كنتُ الفِداءَ لِسادَتي *** في النائباتِ وَ أَسْرَتي وَ قَبِيلي
إنّى -ابْنُ رُزيك- الذي بوَلائِهِمْ *** اسْخَنْتُ عَيْنَ مُعانِدٍ وَ جَهُولِ(2)
إن طالَ وَجْدِي فِيهِمُ فَأَنَا الَّذِي *** نَوْمِي بطُول اللَّيلِ غَيْرُ طَويلِ
كَمْ مِنْ عَرُوسٍ في فَمِي أَبْرَزُتُها *** فِيهِمْ حَكَتْ غَيْداءَ ذاتَ حُجُولِ(3)
لمّا شَحَذْتُ لَهُمْ عِدَارَ تَفَكَّرِي *** ما كانَ فِيهِمْ خاطري بِكَلِيلِ(4)
أَقْسَمْتُ لَوْ أَنِّي وَقَفْتُ بِغَيْرِهِمْ *** لَحَكَيْتُ نادِبَ دارِساتِ طُلولِ
وَ على عليّ إنْ عَدَدْتُ فَضِيلَةً *** لِسِوَى النَّبِيِّ عُرّيتُ مِنْ مَحْصُولي
قَدْ ضَلَّ آلُ السّامِرِيِّ بعِجُلِهِمْ *** وَ أَرَى أناساً كُفْرُهُمْ بِفَصِيلِ
ما مَوْقِعُ الإجماع فيه وَ مَعْشَرٌ *** جُرُّوا لأخْذِ العَهْدِ بالتَّنْكِيلِ(5)
وَ الخَزْرَجِيُّ وَ غَيْرُهُ أَضْحَى لَهُ *** في القَيْدِ تَحْتَ الضَّرْبِ رَجْعَ الليلِ
أَيَصحُّ إجْماعٌ، وَ قَومٌ جُلُّهُمْ *** ما بَيْنَ مَسْحُوبٍ وَ بينَ قَتِيلِ؟
قَوْلاً إذا ما لم يَكُنْ مِنّي يدي *** بَلَغَتْ منايَ فقد شَفيتُ غَلِيلِي(6)
ص: 237
(بحر المنسرح)
الملك الصالح نصير الدين
طلائع بن رزُيك (*)(1)
با نَفْسُ كَمْ تَخْدَعِينَ بالأَمَلِ *** وَ كَمْ تُحَبينَ فُسْحَةَ الأَجَلِ
وَ كَمْ تَجدِّينَ في تَطَلُّبِكِ *** العِلْمَ و لاتَجْهَدِينَ بالعَملِ(2)
لو تَعْرِفُ الطيرُ، و البهائمُ أنَّ *** الموتَ يَفْنَى لها على عَجَلِ
و أَنَّها لاتَرُدُّه أبداً *** إذا أَتَى بالخِداعِ وَ العِللِ
لكانَ يُمْسِي لها بذاكَ عَنِ *** الأوْكارِ وَ الرَّعْي أَكْبَرَ الشُّغلِ
هذا وَ قد أُعْفِيَتْ من الحشرِ *** وَ النَّشْرِ وَ مَا فِيهِمَا مِنَ الوَجَلِ
وَ كانَ مَوْتُ النُّفُوسِ غايَتَها *** قَضَى بذاكَ الإلهُ في الأَزَلِ(3)
وَ قَدْ عَلِمْنا ما لَوْبِه عَمِلَتْ *** نُفوسُنا آمَنَتْ من الزَّلَلِ
وَ كانَ فيه نَجاةُ أنْفُسِنَا *** لَوْلا اعْتِباءُ الفُتُورِ وَ الكَسَلِ(4)
فَلَيْسَ في مِلةٍ من المِللِ *** ما صارَ في المُسْلِمِينَ مِنْ مَلَلِ
وَ لاجَرَى في شَرِيعَةٍ سَلَفَتْ *** عَلَى اختلافِ الأَدْيانِ وَ النِّحَلِ(5)
ص: 238
ما قَدْ جَرَى من فَعالِ أُمَّتِنا *** بِظُلْمِهِمْ آلَ خاتَمِ الرُّسُلِ
لما اسْتَبدُّوا عَنْهُمْ بِبُغْيَتِهِمْ *** وَ صاحِبُ الأمْرِ عَنْهُ في شُغْلِ
في البَيْتِ ما غاب عَنْ جهازِ رَسُولِ *** اللَّهِ في دَفْنِهِ و لاالغُسُل
وَ لا رَأى أَنْ يُسابق القَوْمَ في *** الأمْرِ إِذْ كانَ غَيْرَ مُحْتَفِلِ
بَلْ ظَنَّ أَنَّ الحَقَّ المُبِين سَيَأُتيهِ *** بما يَنْبَغِي عَلَى مَهَلِ
وَ ظَنَّ أنَّ الّذي تَفَرَّر في *** -الغدير- لَمْ يُنْتَقَض و لم يَحِلِ
ما ظَنَّ أنَّ العَهْدَ الوَثِيقَ مِنَ *** النَّبِيِّ وَ الأمْرَ غَيْرُ مُمْتَثَلِ
وَ مَنْصِبُ الوَحْيِ يَنْبَغِي بغيرِ أَنْ *** تَعْتَدِي دَوْلَةٌ من الدُّوَلِ
يَمْلِكُها ناقصاً شَرائِطها *** وَ أخْذهمْ دائماً عَنِ الأُوَلِ
حتى أتاهُ التَّكْبِيرُ مِنْ جَانِبِ *** المَسْجِدِ إِذْ أَجْمَعُوا عَلَى الرَّجُلِ
فقالَ: ما قالَهُ هناكَ أَبُوسُفيانَ *** حَتَّى رَشُوهُ بالجَمَلِ
فَباعَ أُخْراهُ بِالحَقِيرِ مِنَ المالِ *** وَ فِي الخُسْرِ قَطُّ لَمْ يَزلِ
ثُمَّ تَعَدَّوْا إلى اغتصابِهِمُ *** الزهراءَ ما نُفِلَتْ من النَّفَلِ(1)
وَ صَيَّرُوا إرْتَها لِوَالِدها *** مُقَسَّماً في الرُّعاعِ وَ السِّفَلِ(2)
نَعمْ وَ قالوا: عنه هنالِكَ ما لَمْ *** يُوصِ يَوْماً بِهِ وَ لَمْ يَقُلِ(3)
وَ القَصْدُ أنْ يَنْقلُوا الخِلافَةَ *** عَنْ بَنيهِ، وَ الحَقُّ غَيْرُ مُنْتَقِلِ
ما النُّورُ شَيْءٌ يَزُولَ يَوْماً عَنِ *** الشَّمْسِ إِلى أَنْ يَصِيرَ في زُحَلِ
ص: 239
وَ لاصعاب المُقلَّدِينَ أمُورُ *** النَّاسِ مِمّا يُصْطادُ بالحِيَلِ
هَيْهاتَ، هَيْهاتَ، ما لمنْ حَوَتِ *** الأَرْضُ بما قَدْ ذُكِرَتْ من قَبلِ
ذاكَ سِرُّ الإلهِ قَدَّرَهُ في *** خَلقِهِ لم يَدَعْ وَ لم يَزَلِ
بَيَّنَهُ لِلْعُقُولِ إِنْ نَظَرَتْ *** تَبارَكَ اللهُ مَوْضِعُ السُّبُلِ
يا عَجَباً لِلَّذِينَ ظَلَّ بِهِمْ فَرْطٌ *** عمّا لايَحِلُّ في المُقَلِ
كَيْفَ أَجازُوا قِياسَ قايسِهِمْ *** بَيْنَ عَتِيقٍ بِجَهْلِهِ وَ (عَلِي)؟
كَمْ بَيْنَ مَنْ فِي الصَّلاةِ مُعْتَكِفٌ *** وَ عاكِفٌ عُمْرَهُ على هُبَلِ(1)
وَ هازِمُ الجَيْشِ وَحْدَهُ أبداً *** وَ قاعِدٌ للضَّلال في الظُّلَلِ
وَ حامِلٌ رايَةَ النَّبِيِّ وَ مَنْ *** فَرَّبها في الجِبالِ كالوَعِلِ(2)
(بخيبَرٍ) وَ الخبيرُ يَعْرِفُ ما ذَكَرْتُ *** من ذاكَ غَيْرِ مُنْتَحِلِ
سَلُّوا الحَمَيْراءَ عنه فَقَدْ عَرَفت *** له مُصاعَ المُحْربِ البَطَلِ
إذ هُتِكَتْ في رِضا أقاربها *** عنها سُنُورُ النَّبِي َو الحِجَل
وَ أَقْبَلَتْ بِالعِراقِ تَقْصُدُهُ *** زَحْفاً إليه في مَوْكِبٍ زَجِلِ
هَلْ غادَرَ القَوْمُ حَوْلَ هَوْدَجِها *** تَسِيلُ أَرواحُهُمْ على الأسلِ؟(3)
فَلَيْسَ يَسْطِيعُ أَنْ يَقُولَ لنا *** (لاناقَتِي فيهِمْ و لاجَمَلِي)
وَحَرْبُ (صِفِّينَ) قَدْ أَعادَ بَنِي حَرْبٍ *** بِها مِثلَهُ من المثلِ
يَوْمَ اتَّقاهُ، عَمْرُو بِسَوْأَتِهِ *** وَ هَلْ تَبَدَّتْ إِلا مِنَ الوَهَلِ؟(4)
لَوْ لَمْ يُبادِرُ مثل الحِصانِ غَداً *** مُشَمْراً جُلَّهُ عَنِ الكَفَلِ
وَ تُرْسُهُ ظَاهِرُ لِوَقْع قنا *** لكِنَّها لَيْسَ بالقنا الذُّبُلِ
ص: 240
لَذاقَ ما ذاقَ يَوْمَ خَنْدَقِهِ *** (عمرُو بنُ وُدُ) عَلاً على نَهَلِ
يا أَيُّها النَّاسُ قَدْ نَصَحْتُ لكمْ *** فَأَنْصِفُوا وَ احكمُوا عليَّ ولِي
يا أَيُّها النَّاسُ هاتُوا لي بمثل بَني *** الزَّهْراءِ مِثْلي في العالَمينَ وَلِي
أنا -ابْنُ رُزَيْكٍ- لاأُقَصِّرُ في *** الجِلادِ عن دِينِهِمْ وَ لَمْ أَمِلِ
سَيْفَانِ عِنْدِي أَسْطُوا بِهذا *** عَلَى العَرْضِ وَ هذا يَسْطُو على القُلَلِ
أنْطقتني أنَّني بِفَهْمِي مَتَى *** شِئْتُ وَ عَزْمِي في الحالَتَيْنِ مُلِي(1)
***
ص: 241
(بحر الكامل)
الشيخ عبد الحسين آل صادق العاملي(*)(1)
خُذ في مَدِيحِكَ لِلبَتُولِ *** حَظَّينِ مِنْ طُولٍ وَ طُولِ
قُلْ لِلْقَرِيحَةِ فِي مُهَدَّبِ مِدْحَةٍ *** فِيضِي وَ سِيلِي
وَ لِفِيكَ قُلْ فُهُ في حَدِيَثِكَ *** غَيْرَ مَحْسُودٍ كَلِيلِ(2)
قُلْ لِلْبَتُولِ عَظِيمُ فَضْلٍ *** لَمْ يُدَنَّسُ بِالفُضولِ
هِيَ قَبْلَ كُلِّ مَكَوَّنٍ *** قِنْدِيلُ عَرْشِ لِلْجَلِيلِ(3)
هِيَ صَفْوَةٌ لِلْخَلْقِ سَيِّدَةٌ *** لِنِسْوَةِ كُلِّ جِيلِ(4)
هِيَ لِلنِّسَاءِ عَقِيلَةٌ *** وَ مَلِيكَةٌ هِيَ لِلْعُقُولِ
هِيَ لِلنَّبِيِّ وَ لِلْوَصِيِّ *** وَ لِلزَّكِي وَ لِلْقَتِيل
مَقْرُونَةٌ في عِصْمَةٍ *** عَنْ كُلِّ مَذْمُومٍ وَ بِيلِ(5)
ص: 242
هِيَ لَبْوَةٌ نَبَوِيَّةٌ *** مَحْجُوبةٌ في خَيْرِ غِيلِ(1)
سَكَنٌ لِحَيْدَرَةٍ وَ حَيْدَرَةٌ *** هِزَبْرٌ لِلرَّسُولِ(2)
مِنْ ذَيْنِ قَرَّتْ عَيْنُهُ *** في مُشْبِلَيْنِ وَ في شُبُولِ
كُفُوَيْنِ في نَسَبٍ قَصِیرٍ*** مُسْتَنِیرٍ مُسْتَطِيلِ
بَحْرَيْنِ مُلْتَقَيَيْنِ لَيْسَ *** لِكُلِّ بَحْرٍ مِنْ عَديلِ
كلِّ يَفِيضُ مَعِینُهُ *** بِعُذُوبَةٍ مِنْ سَلْسَبِيلِ
جَلَّتْ حَلِيلةُ حَيْدَرٍ *** لَوْ لَمْ يَكُنْهُ عَنْ حَليلِ
سَبَقَتْ بِحَلْبَةِ كُلِّ فَضْلٍ *** كُلَّ ذِي فَضْلٍ نَبِیلِ
صَعَدَتْ مُحَلَّقَةٌ فَصَوَّبَ *** كلُّ عَقْلٍ لِلنُّزُولِ
وَصَلَتْ لِحَدِّلم يَصِلْهُ *** كُلُّ ذي شَرَفٍ جَلِيلِ
هِيَ رَحْمَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ *** وَ نِعْمَةٌ لِلْمُسْتَنِیلِ(3)
ص: 243
وَ شفِيعَةٌ مَرضِيَّةٌ *** لِلَّهِ في يَوْم مَهُولِ(1)
شَخَصَتْ بِهِ مُقَلٌ وفَرَّبِهِ *** خَلِيلٌ عَنْ خَليلِ
هَلْ غَيْرُ بِنْتِ مُحَمَّدٍ *** لِلْخَلْقِ مِنْ ظِلِّ ظَلِيلِ؟(2)
ص: 244
(بحر الوافر)
السيد عبد الرزاق
الموسوي البهبهاني(*)(1)
يحِنُ القَلْبُ للخِلُ الوَصُولِ *** وَ يَنْعَاهُ مَدَى الزَّمَن الطَّويلِ
وَ يَشْتاقُ الغَوانِي كُلَّ يَوْمٍ *** لِذاكَ تَرَاهُ كَالغُصْنِ الذَّبُولِ
وَ يَنْظُرُ دارَ مَنْ يَهْوَى إليهِ *** فَيَهْمِي الدَّمْعَ كالغَيْثِ الهَطُولِ
يُنادِي كَمْ لَيالِي الوَصْلِ صارَتْ *** قِصاراً فِيكَ يا رَبعَ المَحِيلِ(2)
وَ كَمْ كانَتْ بِبابِكَ مِنْ رِجالٍ *** تُطالِبُ بِالنَّوالِ وَ مِنْ نِزيلِ؟
قصارَتْ لِلأوابد فِيكَ مَثْوّى *** دِيارُهُمُ غَدَتْ مِثْلَ الطُّلُولِ
أَلا يا دَهْرُ قَدْ أَدْمَيْتَ مِنّا *** جُفُوناً إذْ هَجَمْتَ عَلَى البَتُولِ
وَ حَرْقُكَ دارَها في نارِ جَزْلٍ *** وَ عَصْرُكَ فاطماً عند الدُّخولِ
ص: 245
لِذا قَدْ أسْقَطَتْ ما في حَشاها *** حَلِيلَةُ حَيْدَرٍ فَحْل الفُحُولِ(1)
وَ قَدْ قال النَّبِيُّ أَلا احْفَظُوها *** فَإِنِّي قَدْ دَنَا عَنْكُمْ رَحِيلِي(2)
فإنّ اللَّه يَرْضَى في رِضاها *** وَ يَغْضَبُ إِنْ شَكَتْ بِنْتُ الرَّسولِ(3)
وَ أَعْظَمُ حَادِثِ جَلَلٍ فَظِيعِ *** لَهُ تَهْوِي الجِبالُ عَلَى السُّهُول
وَ كَيْفَ يُقادُ مِثلُ (أبي تُرابِ) *** فَیالِلَّهِ مِنْ خَطبٍ مَهُولِ
ص: 246
(بحر البسيط)
الأستاذ عبد الرسول الفراتي(*)(1)
في مقلتيكِ عيونُ الفجرِ تكتحلُ *** و في معانيكِ يحلو المدحُ و الغزلُ
و الحظُّ وافى بهذا الكونِ بهجتَه *** في مولدٍ كُنههُ الإلهامُ و النُّبُلُ
وَ مولدٍ شعّت الآمالُ ساطعةً *** من وحيهِ ألَقٌ قرَّت به المُقَلُ
و مولدٍ قد سما عن كل مفردةٍ *** جاهاً و بالأماني يُضربُ المَثلُ
و مولدٍ بشرَّ المختارَ بارثُهُ *** فقام بين يديه و هو يبتهل
هذي الطبيعةُ سعدٌ من ولادتها *** فاقت ضحى الشمس لاكَيْوان لازُحل(2)
بنتُ النبي لها الأمجادُ راقصةٌ *** حتى الخمائلُ و الأزهارُ تحتفلُ
و ترتقي فوق هام المجدِ ألويةٌ *** غراءُ تخطفُها الأرواحُ و القبُلُ
شعَّت فلاهذهِ الأَزمانُ تحصرُها *** و للذُّرى من شذاها العطرُ ينتقلُ
يا فاطم الطهرُ يا روحاً مرفرفةً *** في عرش ربكِ لم يدنو لها الأجلُ
يا كبرياءَ الشذى و النفسِ يا ألقاً *** في الأفق بانَ فضاءَ الغَيُّ و الجهلُ
ص: 247
يا فاطمُ الطهرُ يا روحاً ملمّعةً *** تفيضُ بين حنايا قلبِها المُثلُ
أنتِ البتولُ و للمختارِ مهجتُهُ *** و بين جَنْبَيْهِ الشوق و الأملُ
و أنتِ جنةُ دنيانا إذا لعِبت *** بنا الليالي و أنت الجِدُّ وَ الجَبَلُ
حویتِ سرَّ رسولِ اللَّهِ فِي وَضحٍ *** و سايرتُكِ خِلالٌ منه تكتملُ
وجاء تَزويجُكِ للفذِّ حيدرةٍ *** من السماء كما قد شاءه الأزلُ
خفَّفت عنه رزاياه التي اشتدّت *** فكنتِ ما يتمنى الفارسُ البطلُ
أنجبتِ من ریِّكِ الفياضِ كم حَسنٍ *** ومن مَعِينهُمُ الأنسامُ تنتهلُ
يا ثورةً شمُخت بالنصرِ فاندحرت *** بوجهِها الزيفُ و الشحناءُ و الحِيَلُ(1)
يا ثورةً وهبت للدين مُنْيَتَهُ *** فأخرست کل باغٍ همُهُ الختلُ
يا صرخةً هدرت بالجدِّ و انتصرتِ *** و أرغمت كل أنفِّ لفّهُ الزَغَلُ
أنت على موعدٍ و المسلمون غدوا *** كالزرع تضرمُهُ نار فيَشتعلُ
أنت على موعدٍ و الشرعُ تحكمُه *** شراذَمٌ و عُتاةٌ قادهم هُبَلُ(2)
و جسدتْ من سنا القرآنِ رؤيتَها *** و استبسلتْ فيه لا وهيٌ و لا مَلَلُ
و كان منطلقُ الميدانِ حيدرةً *** يقودُها للفدى الأقدامُ لاالكسلُ
و أيقظت غفواتِ الناسِ صيحتُها *** لينفني تحتَ أقدامٍ لها الدجلُ
تصارعُ الشرَّ أياً كان مصدُرُه *** و تحرسُ الدين إن أزرى به الشلَلُ
قد مارسوا كل تنكيلٍ و غطرسةٍ *** و كلَ ما قد نووْا في زجرِها عمِلُوا
و ما رعْوا لأبيها الفذِّ حرمتَهَ *** و استأسَدُوا خوراً يا بئسَ ما فعلُوا(3)
حتى اعتلتْ و بحولِ اللَّهِ رايتُها *** فموضعُ الجرحِ بعد النزفِ يندملُ
و في هُداها ستصحُوا كل غافيةٍ *** ما دامَ حبلٌ لها باللَّهِ يتَّصلُ
و سوف يعلو بيومِ الحشر بيرقُها *** و خلفه موكبٌ قَدْ أُمَّهُ الرسلُ
ص: 248
(مجزوء الخفيف)
الشيخ عبد العظيم الربيعي(*)(1)
أسْفَرَتْ في جَمالِهَا *** وَ اخْتَفَتْ في جَلاَلِهَا(2)
وَ دَنَتْ، غَيْرَ أنَّها *** بَعُدَت في مَنَالِهَا
وَ تَثَنَّتْ كَأَنَّها *** غُصُنُ باخْتِيَالها
تَجْمَعُ الخَيْرَ كُلَّهُ *** سَاعةٌ مِنْ وِصَالها
رَبَّةَ الحُسْنِ فَارْحَمي *** مُغْرَماً فِيْكِ وَالِها(3)
آنسَ النَّارَ في مُحيَّاكِ *** عِنْدَ اشْتِعَالِها
وَ هْيَ عَيْنُ الحَيَاةِ، لَو *** يَرتَوِي مِنْ زُلالها(4)
فَهْيَ نَارُ الخَلِيلِ، يا *** لَيْتَنِي في خِلاَلِها
أشكُر اللَّه أنَّ ذِكْرِي *** أَتَي فيِ مَقَالِهَا
فَتبَیَّنتُ أنَّ لِي *** صُورَةً في خَيَالِها
فَسَلُوها وَ بالِغُوا *** رَغْبَةَ في سُؤَالِهَا
رَدّدي اسْمِي لِتُكْمِلي *** نِعْمَةٌ بِاتّصَالَهَا
نِعْمَةُ الحُبِّ لَمْ أَزَلْ *** حَذِراً مِنُ زَوَالهَا
ص: 249
250
كَمُلَتْ في وِلاَءِ مَن *** كانَ عَيْنَ كَمالهَا
حَيْدَرٍ خيرةِ الوَرَى *** فِيْ جَمِيعِ خِصَالها (1)
يَوْمَ قَامَ النَّبِيُّ فِي *** مِنْبَرٍ مِنْ رِحَالهَا
خَاطِباً أَيَّ باً أيَّ خُطبَةٍ *** مُبْدِعاً في ارْتِجالهَا
قائِلاً ذَاتُ حَیْدَرٍ *** قُدَّسَتْ عَنْ مِثَالهَا
لَیْسَ للَّه مُسْلِماً *** کُلُّ مَنْ لَمْ یُوالهَا
وَهْوَ مِيزانُ شِرْعَتِي *** وَهُوَ عَيْنُ اعْتِدَالهَا
زَيَّنَتْهُ بِهَدْيِها *** وَ هْوَ سِرُّ جَمالها
مُمْكِنٌ حَصْرُ فَضْلِه *** لِلْوَرَى مِنْ مُحالهَا
وَاجِبٌ عِنْدَ فِرقَةٍ *** أفْرَطَتْ في مَقَالهَا
ناصِرٌ رَایَةَ الهُدَی *** دُونَ کُلَّ رِجَالهَا
سائِل العُرْبَ مَنْ رَأَتْ *** مِنْهُ لَيْثَ نِزَالها (2)الخضارم: جمع خضرم و هو الكبير العظيم.(3)الضراغم: جمع ضرغام و هو الاسد.(4)
ص: 250
لَو رَمَتْهُ بكُلِّ ما *** أوتِيتَ مِن مِحَالهَا (1)
لم تَجِدْهُ مُوَلَّياً *** رَغْبةً عَن قِتَالَها
وَ اعْتَقِدْ في مدينةِ *** العِلمِ عِنْدَ سُؤَالهَا (2)
أيُّهُمْ كَانَ بابَها *** وَ هْوَ مُفْتِي حَلالِهَا (3)
ص: 251
لاتَلُمْنِي بمَقُتِ مَنْ *** كُنْتُ أدْرِي بِحَالِهَ (1)
کَيْفَ مَعَ فَرْطِ نُورِه *** خَبَطَتْ في ضَلالِها؟
نازَعَتُه خِلافَةً *** بَالَغَت في اخْتِزَالِهَا
عَجَباً قَادَتْ البطل *** حَيْدَراً في حِبَالِهَا
وَهْوَ لَو شاءَ دَكَّ في *** السَّهْلِ رَأْسِي جِبالِهَا (2)
أفَصَبْراً، وَ قَدْ بَدَتْ *** زَوْجُهُ مِنْ حِجَالِهَا
بَعْدَ ارْزاءٍ حُمِّلَت *** أغْرَبَتْ بِاحْتِمَالهَا
دَافَعَتْ عَنْ قِتَالِهِ *** فَانْتَهَوْا في قِتَالِهَا (3)
ص: 252
(بحر الطویل)
الإمام علي بن أبي طالب علیه السلام
أنشدها علیها السلام بعد وفاة فاطمة علیها السلام:
أَلاَ هَلْ إِلَى طُولِ الحَيَاةِ سَبِيلُ *** وَ أَنَّى وَ هَذَا المَوْتُ لَيْسَ يَحُولُ؟
وَ إِنِّي وَ إِنْ أَصْبَحْتُ بِالمَوْتِ مُوقِناً *** فَلِي أَمَلٌ مِنْ دُونِ ذَاكَ طَوِيلُ
وَ لِلدَّهْرِ أَلْوَانٌ تَرُوحُ وَ تَعْتَدِي *** وَ إِنَّ نُفُوساً بَيْنَهُنَّ تَسِيلُ (1)
وَ مَنْزِلُ حَقٍّ لاَمُعَرَّجَ دُونَهُ *** لِكُلِّ امْرِىءٍ مِنْهَا إِلَيْهِ سَبِيلُ (2)
قَطَعْتُ بِأيّامِ التَّعَرُّرِ ذِكْرَهُ *** وَ كُلُّ عَزِيزٍ مَا هُنَاكَ ذَلِيلُ
ذَكَرْتُ أَبَا وُدِّي فَيتُّ كَأَنَّنِي *** بِرَدِّ الهُمُومِ المَاضِيَاتِ وَكِيلُ
أرَى عِلَلَ الدُّنْيَا عَلَيَّ كَثِيرَةً *** وَ صَاحِبُها حَتَّى المَمَاتِ عَلِيلُ
وَإِنِّي لَمُشْتَاقٌ إِلَى مَنْ أُحِبُّهُ *** فَهَلْ لِي إِلَى مَنْ قَدْ هَوَيْتُ سَبِيلُ؟
وَإِنِّي وَإِنْ شَطَّتْ بِي الدَّارُ نَازِحاً *** وَقَدْ مَاتَ قَبْلِي بِالفِرَاقِ جَمِيلُ (3)
فَقَدْ قَالَ فِي الأَمْثَالِ فِي البَيْنِ قَائِلٌ *** أَضَرَّ بِهِ يَوْمِ الفِرَاقِ رَحِيلُ
لِكُلِّ اجْتِمَاعٍ مِنْ خَلِيلَيْنِ فُرْقَةٌ *** وَكُلُّ الَّذِي دُونَ الفِرَاقِ قَلِيلُ
وَإِنّ افْتِقَادِي فَاطِماً بَعْدَ أَحْمَدٍ *** دَلِيلٌ عَلَى أَنْ لا يَدُومَ خَلِيلُ
ص: 253
وَ كَيْفَ هُنَاكَ العَيْشُ مِنْ بَعْدِ فَقْدِهِمْ *** لَعَمْرُكَ شَيْءٌ مَا إِلَيْهِ سَبِيلُ
سَيُعْرَضُ عَنْ ذِكْرِي وَتُنْسَى مَوَدَّتِي *** وَ يَظْهَرُ بَعْدِي لِلْخَلِيلِ عَدِيلُ
وَ لَيْسَ خَلِيلِي بالملُولِ وَ لاَالَّذِي *** إِذَا غِبْتُ يَرْضَاهُ سِوَايَ بَدِيلُ
وَلكِنْ خَلِيلِي مَنْ يَدُومُ وِصَالُهُ *** وَ يَحْفَظُ سِرِّي قَلْبُهُ وَدَخِيلُ
إِذَا انْقَطَعَتْ يَوْماً مِنَ العَيْشِ مُدَّتِي *** فَإِنَّ بُكَاءَ البَاكِيَاتِ قَلِيلُ
يُرِيدُ الفَتَى أَنْ لاَيَمُوتَ حَبِيبُهُ *** وَلَيْسَ إِلَى مَا يَبْتَغِيهِ سَبِيلُ
فَلا بُدَّ مِنْ مَوْتٍ وَ لابُدَّ مِنْ بُكاً *** وَ إِنَّ بَقَائِي بَعْدَكُمْ لَقَلِيلُ
وَ لَيْسَ جَلِيلاً رُزْهُ مَالٍ وَفَقْدُهُ *** وَلَكِنَّ رُزُءَ الأَكْرَمِينَ جَلِيلُ (1)
لِذَلِكَ جَنْبِي لاَيُؤَاتِيهِ مَضْجَعٌ *** وَ فِي القَلْبِ مِنْ حَرِّ الفِرَاقِ غَلِيلُ
ص: 254
(بحر الکامل)
الشيخ علي بن حسن الجشي
يَوْمُ البَتُولةِ فِي الوُجُودِ مُهُولُها *** وَ مُصِيبَةٌ أَشْجَى الرِّشادَ حُلُولُها
يَوْمٌ بِهِ أَبْنا الهُدَى قد أُيتِمَتْ *** فَكَأَنَّمَا قَدْ ماتَ فِيهِ رَسُولُها
لَوْلاَ تَحَمُّلُها المَشَقَّةَ وَالعَنا *** لِرَشادِها ضَلَّ السَّبِيلَ نَبِيلُها
بِأَبِي وَ بي الصِّدِّيقةُ الكُبْرَى الَّتِي *** بَرَكاتُها عَمَّتْ وَدامَ جَمِيلها
لم تَعْدُ عَنْ سِنْ الشَّبابِ وَلَمْ يَطُلْ *** مِنْ جَوْرِهِمْ بَيْنَ الأَنامِ حُلُولها (1)
لَمْ تُشْرِقِ الدُّنْيا بِنُورِ جَبِينِها *** الاّ تَعَجَّلَ بالحِمامِ أفُولُها (2)
ما طالَ فِي الدُّنْيا بَقَاهَا إِنَّما *** الخَيْرُ الَّذِي قَدْ أَعْقَبَتْهُ طَوِيلُها
فأَئِمّةُ الإسلامِ وَ الحُجَجُ الأُلَى *** لَهُمُ ارْتَضى بارِي الأَنامِ شُبُولها
وإِذِ الوَرَى انْقَلَبَتْ عَلَى أَعْقابِها *** بَعْدَ الرَّسُولِ وَسَادَها ضِلِّيلُها
قَضَتِ المَشِيئَةُ أَنْ يَكُفَّ المُرْتَضَى *** وَبِفاطِم يبْقَى الهُدَى وخَلِيلُها
فَتَحمَّلَتْ نُوباً لَوِ انْصبَّتْ على *** الأيّامِ كانتْ لِلَيالِ تُحِيلُها (3)
عادَتْ عَزِيزَةُ أحْمَدٍ وَ عَدُرُّها *** ما شَاءَ يَفْعَلُ وَ العَدُوُّ جَهُولُها
ص: 255
اللَّهُ كَيْفَ َتتَبَّعُوها بالأَذى *** حتّى بمَثْوَى كانَ فيهِ حُلولها؟
لَيْسَتْ كَفاطِمَةَ الرَّضِيَّةِ مَرْيَمٌ *** أَنَّى يُقاسُ بِعِلَّةٍ مَعْلُولُها
فَلَئِنْ تَكُنْ سادَتْ نِساءَ زمانِها *** فَبِسِرِّ فَاطِمَةٍ غَدا تَفْضِيلُها
أَوْ أَعْقَبَتْ عِيسَى المُبارَكَ فَهْوَ مِنْ *** أتباعِ مُحْيِي الحَقِّ وَهْوَ سَلِيلُها
أَوْ أَنّها ابْتُلِيَتْ بِبَعْضِ مَصَائِبٍ *** فَعَنِ القَضا المَحْتُومِ كانَ نُزُولُها
وَالطُّهْرُ ما ابتُلِيَتْ وَقَدْ عَظُمَ البَلا *** لَوْلا رِضاها بِالبَلا وَقَبولُها
وَلَئِنْ تَكُنْ وَضَعَتْ بِعِيسَى وَحْدَها *** في القَفْرِ لم تَرَ ما هناكَ يَهُولُها (1)
وَ الطُّهْرُ في بَيْتِ النُّبُوَّةِ وَضْعُها *** وَ بها أَحَاطَ عَدوُّها وعَذُولها (2)
وَ وَلِيدُها فَرَّتْ به عَيْناً على *** رَغمِ العِداةِ وَ لَمْ يَخِبْ مَأْمُولُها
وَ جَنِينُ أخشا فاطِمٍ في قَتْلِهِ *** سُرِّ الأعادِي وَ البَتُولُ ثَكُولُها
وَ لَئِنْ تَكُنْ صِدِّيقةً و لِغُسْلِها *** وَلِيَ ابنُها إِذْ ليسَ ثَمَّ مَثيلُها
فالمُرْتَضَى قَدْ غَسَّلَ الزَّهْراءَ إِذْ *** هُوَ كُفْؤُها في عِصْمَةٍ وعَدِيلُها
لَكِنَّ رُوحَ اللَّهِ غَسَّلَها وَ ما *** أَشجاهُ إلاّ بُعْدُها وَ رَحِيلُها
وَ المُرْتَضَى أَلَمُ الفِراقِ هُناكَ قَدْ *** أَنْساهُ ما منه تَطِيشُ عُقُولُها (3)
أمُغَسِّلَ الزَّهْرَاءِ عَزَّ عَلَيْكَ ما *** قَدْ نالَها مَنْ ذا سِواكَ كَفِيلُها؟
أتُراكَ تَعْلَمُ ما بِجِشمٍ قُمْتَ فِي *** تَغْسِيلِهِ ممَّا جَنَى ضِلِّيلُها؟
إنْسِيَّةٌ حَوْراءُ حلَّ بجسمِها *** ما لَوْ يَحِلُّ عَلَى الجِبالِ يُهيلُها (4)
ص: 256
عُذْراً بإيصائي إلَيْكَ وَأنْتَ مِن *** كُلِّ الوَرَى أَوْلى وَأنْتَ حَلِيلُها
فَارْفُقْ لَدَى التَّغْسِيلِ بِالجَسَدِ الَّذِي *** لَوْلا مَسَتْهُ يَدٌ أَضَرَّ حُلُولُها
لَمْ يَبْقَ عُضْوٌ سالماً فتَمَسّه *** بَلْ كُلُّ عُضْوٍ عَادَ وَ هُوَ عَلِيلُها
والضِّلعُ مَكْسُورٌ وَجُرْحٌ مُؤلِم *** بِالثَّدْيِ وَالجِسْمُ اعْتَراهُ نُحُولُها
وَالَهْفَتا لِلْمُرْتَضَى لَمَّا عَلى *** قَبْرِ البَتُولَةِ قامَ وَ هْوَ ثَكُولُها
يَدْعُو بِخَيْرِ الرُّسْلِ إِذْ غَلَبَ الأسَى *** فِي زَفْرَةٍ وَالدَّمْعُ مِنْهُ هَمُولُها
قَلَّ اصْطِباري عَنْ صَفِيَّتِكَ الَّتِي *** ما في نِساءِ العالَمِينَ مَثِيلُها
وَ بِعَيْنِ رَبِّ العَرْشِ تُدْفَنُ فَاطِمٌ *** سِرّاً وَ يُجْهَلُ قَبْرُها وَ مَقِيلُها
ص: 257
فَلْتُحْفِ فاطِمَةَ السُّؤالَ فَحَقَّ أن *** تَسْتَخْبرَ الأحْوالَ ما تَفْصِيلُها
وبأيِّ شَيءٍ تُخْبِرُ الهادِي وما *** لاقَت مِنَ الأَغدا الجِبالَ تُزِيلُها؟
أَتَقُولُ: أَضْرِمَ بابُ دارِي جَهْرَةً *** إِذْ هُنْتُ عِنْدَهُمُ وَعَزَّ ذَليلُها ؟
أَتَقُولُ: داري حَيْثُ لا إذنٌ ولا *** لي من خِمارٍ قد أُبِيحَ دُخُولُها؟
أتقولُ: مِن حَنَقٍ جَنِينِي أَسْقَطُوا *** وَ عَداوَةٌ لَطَمَ الجَبِينَ جَهُولُها؟ (1)
مَوْلايَ عَزَّ عَلَيْكَ خَيْرُ وَدِيعَةٍ *** مِنْ أَحْمَدٍ ضاعَتْ وأنتَ كَفِيلُها
أَتُرَدُّ بَضْعَةُ أحْمَدٍ في حالةٍ *** مِنْهايُساءُ عَدوُّها و خَلِيلُها؟
وَ عِداكَ لَوْمٌ سَيِّدِي لَكِنَّه *** صَعْبٌ عَلَى النَّدْبِ الغَيُورِ ثَقِيلُها (2)
لَوْلاَ الوَصِيَّةُ ضاقَ من قَتْلى العِدَى *** مِنْ قَبْلِ ذاكَ حُزونُها وَ سُهولُها (3)
فَإِليكِ سَيِّدةَ النِّساءِ قَصِيدَةٌ *** هِيَ قَدْرُ جُهْدِي وَ الرَّجاءُ قَبولُها (4)
ص: 258
(بحر الرّمل)
السیدغیاث آل طعمة(*)(1)
هَلْ رَسُولٌ مُخبرٌ طه الرَّسُولْ *** ما رَأَتْ مِنْ بَعْدِهِ الظهرُ البتولْ
***
فَلَقَدْ أَمْسَتْ مِنَ المُسْتَضْعَفِينْ *** وَزَواها حَقَّها رِجْسٌ لَعِينْ
كذَّبَ الظُّهرَ وَذا الرُّوحُ الأَمِينْ *** أنْزَلَ التَّظْهِيرَ مِنْ رَبِّ جَلِيلْ
***
يا رَسُولَ اللَّهِ وَالدَّمْعُ هَتِنْ *** إِذْ نَوَى لِلدَّارِ حَرْقاً مَن أُبِنْ (2)
قِيلَ فِيها فاطِمٌ قالَ وإِنْ *** لَيْتَ شِعْرِي أَكَذا يُجْزَى الرَّسُولْ (3)؟
***
قال إبْتُونِي بأَغوادٍ وَ نارْ *** لا بَقِيتُ إِنْ بَقِي لِلآلِ دارْ
فَهُمُ قَدْ وَتَرُونا بِشِفارْ *** أطْلُبُ الآلَ بثَأُرٍ وَ ذُحُولْ (4)
ص: 259
دَخَلُوها وَهْيَ مِنْ غَيْرِ حِجابْ *** وَ لِحِفْظِ السِّتْرِ قَدْ لاذَتْ بِبَابِ
خالفوا في ذَلِكُمْ نَصَّ الكِتَابِ *** دُونَما استئذان ما صَحَّ الدُّخُولْ
***
مُذْ أَحَشُّوا عَصَرُوها فَثَبتْ *** في ضُلُوعِ الصَّدْرِ مِسْمارٌ نَبَتْ
صَرَخَتْ مِمَّا دَهاها وَ بَكَتْ *** أَبَتا أَصْبَحْتُ في عَيْشٍ ذَلِيلْ
***
أسْقَطَتْ بِنْتُ الهُدَى وَ احَزَنا *** مِن شَدِيدِ العَصْرِ ذاكَ المُحْسِنا
لَيْتَ شِعْرِي أَيَّ ذَنْبٍ قَدْ جَنَى *** لِيَذُوقَ المَوْتَ مِنْ غَدْرِ جَهُولْ
***
بَعْدَها اقْتادُوا عَلِيّاً ذا العُلَى *** بِحِبالِ البَغْيِ ظُلماً كُبِّلا
أعلِيّاً أسَرُوا يالَلْبَلا *** وَ هُوَ لَيْثُ الحَرْبِ فِي اليَوْمِ المَهُولْ؟
***
قَسَماً ما قَيِّدُوا ذاكَ الأبِیْ *** إنّما قَيَّدَهُ أمْرُ النَّبِيْ
فَهْوَ لايُؤْسَرُ بَلْ لَمْ يُقْربِ *** حِينَما في ساحَةِ الحَرْبِ يَصُولْ
***
نَسِيَتْ خَيْرُ النِّسا ما قَدْ جَرَى *** وَ سَعَتْ تَدْعُو أَعِيدُوا حَيْدَرا
أوْ لأَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَمْحُو الوَرَى *** ضَاقَ صَدْرِي مِنْكُمُ أَهْلَ النُّكُولْ (1)
ص: 260
فاطِمٌ أمُّ الهُداةِ الأَطْيَبِينْ *** وَ بِها يُغْفَرُ ذَنْبُ المُؤْمِنِينْ
لرِضاها يَرْضَى رَبُّ العَالَمِينْ *** فَوَلاها عَنْ لَظَى سِتْرٌ يَحُولْ
***
فَلَها قَدْ خَلَقَ اللَّهُ الوُجُودْ *** وَ لَهَا الأَشْرافُ قِنّ وَعَبِيدْ
فَهْيَ في الحَشْرِ عَلَى الخَلْقِ تَسُودْ *** عِندَها يُعْرَفُ ما قَدْرُ البتولْ (1)
***
يومَ تَدْنُو مِنْ تَراقِيها النُّفُوسْ *** وَيُنادَى طَأُطِمُوا كُلَّ الرُّؤوسْ (2)
كَيْ تَمُرَّ فاطِمٌ شَمْسُ الشُّمُوسْ *** نَحْوَ عَدْنٍ وَنَعِيمٍ لايَزُولْ
***
ما يَقُولُ المَرْءُ فِيها ما يَقُولْ *** فَهْيَ سِرُّ عَجِزَتْ فيهِ العُقُولْ
عِصْمَةُ الخَلْقِ لَدَى الخَطْبِ المَهُولْ *** وَ لِمَنْ لاذَبها خَيْرُ كَفِيلْ
***
فاطِمٌ تُضْربُ مُوتُوا أسَفا *** إنْ يَكُنْ الاّهُ هَمُّ لَكَفى
ص: 261
قَدْ بَكَى مِمّا دَهاها المُصْطَفَى *** وَ لَها قَدْ غَضِبَ الرَّبُّ الجَلِيلْ
***
شِيعَةَ الزَّهْراءِ نُوحُوا وَ الْطِمُوا *** فَحَرامٌ بَعْدَها أَنْ تَبْسِمُوا
فَاذْكُروها وَ الْعَنُوا مَنْ ظَلَمُوا *** وَ انْدُبُوها الدَّهْرَ في دَمْعٍ هَطُولْ
***
يا بْنَةَ المُخْتارِهاكِ أدْمُعِي *** وَالرَّجا في الحَشْرِ لي أنْ تَشْفَعِي
فَمُصِيباتُكِ أَحْنَتْ أضْلُعِي *** ما لَها في صَفْحَةِ الدَّهْرِ مَثِيلْ
***
ص: 262
(بحرالكامل)
الشيخ محسن أبوالحب (الكبير)(*)(1))
يا صاحِ ما هذا الكتابُ المُنْزَلُ؟ *** يا صاح ما هذا النبيُّ المُرْسَلُ؟(2)
ما هَذِه الآياتُ تُتْلى بينَنا؟ *** فَمُفَصَّلٌ منها وَ مِنْها مُجْمَلُ
هَلْ غيرُ طه كانَ عنها مُخْبِراً *** أم غيرُ خالقنا لهنَّ مُنزِّلُ؟
أترى المَبلِّغَ كانَ فيها كاذِباً *** أمْ هذه الأَنباءُ منهُ تقوّل؟
يا صاحِ ما الإسلامُ ما الإيمانُ *** ما التوحيدُ ما العَدْلُ الّذي هُوَ أَعْدَلُ؟
أتراهُ لم يَتْرُكْ وصيّاً بعدَهُ *** في النّاس يَحْكُمُ بالكتابِ وَ يَفْصِلُ؟
أم قال مختارونَ أَنْتُمْ وانْصِبُوا *** مَنْ شِئْتُمُ بَعْدِي إماماً وَ اعْربوا
فَغَدوْا شُعُوباً بَعدَهُ وَ قبائلاً *** فمحرِّفٌ وَ مغيِّرٌ وَ مُبدِّلُ
كُلُّ يُحاوِلُ أن يكونَ خليفةً *** حتّى ابنُ آكلةِ الذُّبابِ الأرْذَلُ
فأصابَ منها ما أصابَ وَ بَعْدَه *** ذَهَبَتْ سفالاً يَدَّعيها الأَسْفَلُ
ماذا ترى في أُمَّةٍ لَعِبتْ بها *** تيمٌ وراحَتْ إثْر تيمٍ نَعْثَلُ؟(3)
وَ بها عليُّ وَهُوَ أَوْلَى مَنْ بها *** بالأَمْرِ لو أنّ المخاصِمَ يَعْدِلُ
أوَلم يكنْ يومُ الغديرِ ألَمْ يَكُنْ *** جبريلُ فيه بالزَّواجِرِ يَنْزِلُ؟
ص: 263
أوَلم يَقُلْ مَنْ كُنْتُ مولاه فذا *** مولاه بَعْدي وليّكمْ لاتَجْهَلُوا ؟
هذَا هُوَ البابُ الّذي مِنْ قبلِ ذا *** كُلِّفْتُمُ أنْ تَدْخُلُوهُ فَادخُلُوا
الأنبياءُ جَمِيعُهمْ قَبْلِي كذا *** فَعَلُوا فما لي بَعْدَهُمْ لاأَفْعَلُ
ولكلّ بيتٍ في الأنام دَعامةٌ *** وَ دعامة الإسلام هذا فَاعْقِلُوا
واللَّهِ ما أنا بالَّذي أمَّرتُهُ *** اللَّهُ أمَّرهُ عليكُمْ فَاقْبَلُوا
وأنا المدينةُ وابْنُ عَمِّي بابُها *** هَلْ مِن سِوَى البابِ المدينة تُدخَلُ؟
أنا من عليِّ وَهُوَ منّي مِثْلَما *** هارونَ من موسى فلا تَتَعلَّلوا
یا قوم إنَّ نُبُوَّتِي ما لم تَكُنْ *** فيها ولاية حَيْدرٍ لا تَكْمُلُ
إِن تُسْعِدُوه تُسْعَدُوا أَوْ *** تَنصرُوهُ تُنْصروا أو تُحْذِلُوه تُخْذَلُوا
وأقولُ هذا والقلوبُ كَأَنَّها *** تَغْلي عليَّ من الحرارةِ مرجلُ
إيَّاكُمُ أَن تَجْحَدُوا إِيَّاكُمُ *** أَن تُلْحِدوا إياكُمُ أنْ تَنْكَلُوا
هذا الكتابُ وعترتي فتمسَّكوا *** بِهما وإِنْ لم تَفْعَلُوا لَنْ تُقْبَلُوا
وَيْلٌ لمنْ ناواهما وقَلاهُما *** ويلٌ لِمَنْ هُوَ فيهما لا يَحْفلُ(1)
إنَّ الخلافَةَ لا تحلُّ لغيرهِ *** هذا أخي فيها المعُّم المخولُ
إنّ الخلافةَ لا تُلِيقُ لغيرِهِ *** من جبرة من أدْلَم من نعْثلُ
إنّ الخلافَةَ كالنبُوَّةِ رُتبةٌ *** تلكَ الأخيرةُ والنبوَّةُ أوّلُ
إِنَّ النبيَّ مُعَلَّمٌ من رَبَّهِ *** وَكَذَا خليفَتُهُ فلا تَتَبَدَّلُوا
ليسَ الخلافَةُ مَنْ يحيرُ وَيَجْهَلُ *** ليسَ الخليفةُ من يَشحُّ وَ يَبْخُلُ
ليسَ الخلافةُ مَنْ يَقولُ لدَى الوَغى *** حِيدِي حيادِ وقَلْبُهُ متزلزلُ
إنّ الخليفَة كائنٌ مثلي أنا *** مانابَ يوماً مُعْضِلُ أوْ مُشْكِلُ
ص: 264
فَكَأَنّني بكُمُ غداً تَأتُونَني *** وَ سيوفكُمْ تعِلّ منّي وَ تنهلُ
تَرِدُونَ حَوْضي وَ هو غير محللٍ *** لِمَن اعْتدى وَ دمي لديه مُحَلَّلُ
وَ مَضَى بإيرادِ الثناءِ مرسلاً *** نَفْسي فداؤُكَ أيّها المزّملُ(1)
فهنالِكُمْ عمَّا دعاهُمْ أدْبَرُوا *** وعلى عليِّ بالضغَائِنِ اقْبَلُوا(2)
فَعَلُوا وما أدراكَ ما فَعَلُوا أنا *** أخبرك عنه تسأل أوْ لاتسألُ
فكأَنَّهُمْ لم يَسْمَعُوا وَكَأَنَّهُمْ *** لم يُبْصِروا وَ كَأَنَّهُمْ لم يَعْقِلُوا
أتَراكَ تَذكُرُ ما أحلَّ بفاطم *** ممّايَخِرُّ له السِّماك الأعَزَلُ(3)
إِنْ قيلَ حَوّا قلتُ فاطِمُ فخرُها *** أو قيلَ مريمَ قلتُ فاطِمُ أفْضَلٌ(4)
أفَهَلْ لمريم والِدٌ كمحمّدٍ *** أَم هل لمريَم مثلُ فاطِمَ اشبُلُ؟
كلّ لها حين الولادةِ حالَةٌ *** منها عُقُولُ ذَوِي البَصائِر تَذْهَلُ
هذِي لنخلتِها التَجثْ فتساقَطَتْ *** رُطباً جنّياً وهيَ منها تأكُلُ
وضَعتْ بعيسى وهْيَ غير مَروعَةٍ *** أنّى وحارِسُها السَّريُّ الأَبْسلُ(5)
وإلى الجَدارِ وَ صَفْحةِ البابِ التَجثْ *** خيرُ النساءِ فَاسْقَطَتْ ما تَحْمِلُ(6)
ص: 265
سَقَطتْ وَ أسْقَطَتِ الجنينَ وَ حولَها *** من كلِّ ذي حَسبٍ لئيمٍ جَحْفَلُ(1)
هذا يُعنِّفُها وذاكَ يَدُعُّها *** ويَسُبُّها هذا وهذا يَرْكلُ(2)
وَ أمامَها أسدُ الأسود يَقُودُهُ *** بالحبلِ قنفُذُ هلْ كهذا مُعْضِلُ
وبعينِ رَبِّ العرشِ يَلْطمُ خَدَّها *** أشقى البريةِ ثمّ لايتوجَّلُ
لاتدّعي بعدُ الشّهامة هاشِمٌ *** ما للشّهامة عندَ هاشمَ منزلُ
نال ابْن حنتمَ ما يُؤمِّلُ منهمُ *** حسبُ ابنُ حنتمَ نَيْلُهُ ما يأمُلُ
أوَ يَهْجَعُونَ وطفلُ فاطِمَ مُسْقَطٌ *** أوْ يَصْبِرُونَ ودَمْعُ فاطِمَ مُرسَلُ؟
وَ تراهُمْ لا يَعْضَبونَ لمثلِها *** وَ هُمُ على غيرِ الإِبا لَمْ يُجْبَلُوا
لكنّما العبّاس لم يَعْبُسْ لها *** وَ عقيلُ أمسى في عقالٍ يُعْقَلُ
وَ اقولُ ماذا والسياطُ بمتنِها *** حتّى القيامةِ ما لَهُنَّ تَجوُّلُ
وَ لسوفَ تأتي في القيامة هكذا *** تشْكو إلى ربِّ السّماءِ وَ تُعَوِّلُ
وَ لَترْفَعَنَّ جنينَها وَ حَنيَّها *** بشكايةٍ منها السّماءُ تُزَلْزِلُ
رَبّاهُ ميراثي وَ بَعْلِي حَقه *** غَصبوا وابنائي جميعاً قُتِّلُوا(3)
فَرْخايَ ذا بالشُّمّ أمْسى قلبُهُ *** قِطَعاً وَ هذا بالدّماء مُزَّمَّلُ
لم يَبْقَ سيفٌ من سيوفِ أميةٍ *** الاّ وَ عاد بلحمِه يتأكَّلُ
لم يبقَ رمحٌ من رماحِ أميّة *** إلاّ وَ عادَ بصدرِه يَتَرَسَّلُ
لم يَبْقَ سَهُمٌ مِنْ سِهامِ أميّة *** إلا وَ صار لِقَلْبِهِ يتوصَّلُ
وَ تَقُومُ بعد صوارِخاً من حولها *** فتيانُها وَ الكلُّ منها ثُكّلٌ
ص: 266
فتقومُ ثمَّ قيامةٌ أخرى لها *** كلُّ الأنامَ عن القيامةِ تَشْغَلُ
ما عذر تَيْمٍ عندها وعدَيّها *** وَ عليهما تلكَ الجرائمُ تُحْمَلُ
فهناكَ يَعْلَمُ مِنْ على اثريهما *** أمْسى وَ اصْبَحَ في الضّلال يُهَرْوِلُ
إذ ليسَ تَنْفعُهُ شفاعةُ شافعٍ *** هيهاتَ ليسَ له هناكَ مُعوِّلُ
فَلْيَعْرِفِ الأشهادُ أنّ وَ لاهما *** اجن وبعضهما الرحيقُ السّلسلُ(1)
اسراجُ ليلِ الوحي شمسُ نهارِهِ *** يا كوكبَ السّعدِ الّذي لايأفلُ(2)
زَعَموا بأنّك رابعُ الخُلَفاءِ لا *** واللَّهِ انتَ اخيرُهُمْ وَ الأَوَّلُ
ما من سواكَ خليفةٌ هيهاتَ *** انتَ الخليفةُ الّذي لايُعْزَلُ
خُذْها أميرَالمؤمنين قصيدةً *** وَ افَتْكَ في حُلَلِ الصّبابةِ تَرْفُلُ
ان كنتَ تَقْبَلُها فعَبْدُكَ محسنٌ *** أولا فإِني ما تَدُوسُ الأَرْجُلُ
لكنما بكَ يَرْحَمُ اللَّهُ الورى *** وَ عليهمُ برَكاتُهُ تَتَنزَّلُ
انتُمْ الئمَّتُنَا ونحنُ عبيدكُم**** وَ عليكُمُ فيما يَنُوبُ نُعَوِّلُ
أنا لَمْ ازلْ بكَ سيّدي مستشفعاً *** عندَ الإِلهِ وَ لم ازَلْ اتوَسَّلُ
حتّى أراكَ مُخلِّصي من كلِّ ما *** أخشاه في الدّارَيْن يا متفضّلُ
لاسيّما العظمى الّتي تدْري بها *** فما به أغني يشيرُ وَ يَذْبُلُ
وَ عليكَ صلْى اللَّه ما لاحتْ ضحى *** شَمْسُ النهار وَ جاء ليلٌ أليَلُ
ص: 267
(بحر الخفيف)
السيد محمد رضا القزويني(*)(1)
قَسماً بِالمَعادِ وَ السَّلْسَبِيلِ *** وَ بِما جاءَ في الوَرَى مِنْ رَسُولِ(2)
وَ بِرَبِّي وَ عَدْلِهِ وَ هُداهُ *** وَ بِكُلِّ الفُرُوعِ تِلْوَ الأُصولِ
وَ بِكُلِّ الأدْيانِ أَقْسَمْتُ حَقاً *** إنّ دِينَ الإسْلامِ حُبُّ البَتُولِ(3)
مَثَلُ الظُّهْرِ وَالشَّهامَةِ وَالنُّبْل *** وما لَمْ يُصبهُ دَرْكُ العُقولِ
بنتُ طه وَزَوْجُ حَيْدَرَ وَالسِّبطانِ *** مِنْها وَزَيْنَبٌ كَالشُّبُولِ
جَمَعَتْها فَطَأُطَأَ الدَّهْرُ إجْلالاٍ *** لها خَدَّه فَهَلْ مِنْ مَثِيلِ؟ (4)
ص: 268
أَنْتِ يَا رَمْزَكُلِّ خَيْرٍ وَكُلُّ *** الخَيْرِ ذُرِيَّةٌ نَمَتْ لِلرَّسُولِ
أنْجَبَتْ لِلْوَرى ألمَّةَ طُهْرٍ *** فَتَسامَى بِهِمْ كِيَانُ الشُّمُولِ
كُلُّ فَرْدٍ مِنْهُمْ إلى العزِّ طَوْدٌ *** لَيْسَ يَحتاجُ قَصْدُهُ مِنْ دَلِيلِ
كُنْتِ إِذْ كُنتِ لِلْفَتاةِ مِثالاً *** لاِبْنةِ الخَيْرِ تَحْتَ ظِلِّ ظَلِيلِ
كُنْتِ بِنْتاًلَهُ وَأُمّاً حَنُوناً *** بَضْعَةٌ مِنْهُ لَمْ يَجِدْ مِنْ بَدِيلِ (1)
قَدْ تَعَاهَدْتِ منهُ قَلْباً وَ رُوحاً *** كَمْ هَوَى في يَدَيكِ بِالتَّقْبِيلِ
أَنْتِ يا زَهْرَةَ النُّبُوَّةِ وَ العِصْمَةِ *** دُنْيا مَلِيئةٌ بالفُصُولِ
أَيَّما جانِبٍ تَطَرَّقَ فِيكِ *** القَوْلُ فَالعَجْزُ ظَاهِرٌ في المَقُولِ؟
فَدَعِينِي أُدْلِي بِدَلْوِيَ فيهِ *** رُبَّ قَوْلٍ بهِ رِضاً للجليلِ
عُرْسُكَ الفَدُّ إِذْ يَزِفُّونَكِ *** لَيْلاً إلى عَلَيَّ أَصِیلِ
كيفَ باللَّهِ قَدْ تَصَدقْتِ بِثَوْبِ *** العُرْسِ الجَدِيدِ الطَّوِيلِ
أما وَ اللَّهِ قَدْ مَلَكْتِ عِلِيّاً *** بِصَنِيع للَّهِ فَذِّ جَمِيلِ
كيفَ بَيْتٌ حلَلْتِ سَيِّدَةٌ فِيهِ *** وَ كَيْفَ الحَياةُ عِنْدَ النَّبِيلِ؟
بَيْتُكِ الشَّامِخُ العَرِيقُ تَحَدَّى *** أَنْ يُرَى فِيهِ غَيْرُ كُوخٍ هَزِيلِ
ص: 269
الرَّحَى أَتْعَبَتْ يَدَيْكِ دَواراً *** وَ رَحَى الكَوْنِ في يَدَيْكِ فَدِيل
حدِّثينا عَنِ الصَّبايا عَنِ الأطفالِ *** عَنْ سَيِّدِي فَتى كُلِّ جِيلِ
أَيَّ رُوحٍ بَثَثْتِ فيهِمْ فَأَضْحَوْا *** سادَةَ الكَوْنِ عندَ كُلِّ قَبِيلِ؟
يَتَحَدَّوْنَ كُلَّ طَاغٍ فَيَهْوِي *** صاغراً دُونَهُمْ كَصَبِّ ذليلِ
ثُمَّ بَعْدَ النَّبِيِّ يَا لَهْفَ قَلْبِي *** كَيْفَ قَدْ خَلَّفُوكِ باللَّه قُولي؟
إنّما خُطْبَةٌ تَكَرَّمْتِ فِيها *** سَمِعُوها بَيْنَ البُكاءِ وَالعَوِيْل
الحبرْتنا بِأنّما صُدِّع الإسْلامُ *** مِنْ يَوْمِ كَسْرِ ضِلْعِ البَتُولِ(1)
ص: 270
(بحر البسیط)
الشيخ محمّد الساعدي
الكَوْنُ أَجْمَعُ بِالميلادِ يَحْتَفِلُ *** فَبِنْتُ طه بها الإسْلامُ يَکْتَمِلُ
نُورُ الهِدَايةِ شَعَّتْ في مَرابِعِنا *** فاسْتَبْشَرَ الوَحْيُ وَ الأملاكُ وَ الرُّسُلُ
طارَتْ قُلُوبُ المَلا في يَوْمِها فَرَحاً *** فَالكُلُّ مُبْتَهِجٌ وَ الكُلُّ مُبْتَهِلُ(1)
وَ باتَ قَلْبُ رَسُولِ اللَّه مُنْشَرِحاً *** فَفَاطِمُ الْخَيْرِ فِيها البِشْرُ وَ الأَمَلُ
ماذا أَقولُ عَنِ الزَّهْراءِ إِنَّ لها *** مِنَ المَكارِمِ ما ضاقَتْ بِها الجُمَلُ؟
بِنْتُ النُّبُوَّةِ غَذّاها بِحِكْمَتِهِ *** وَ زَوْجُ حَيْدرَ عِمْلاقُ الوَرى البطلُ
أُمُّ الأئمّةِ مَنْ شَوْقاً لِطَلْعَتِها *** مَلائِكُ العَرْشِ تَأْتِيها وَتَتَّصِلُ(2)
ص: 271
تَهْفُو لِطَلْعَتِها الغَرّاءِ باسِمةً *** وَتَسْتَزِيدُ سَنى مِنْ نُورِها المُقَلُ(1)
قد كانَ مَوْلِدُها لِلدِّينِ مَدْرَسَةً *** من وِرْدِها العَذْبِ كلُّ النّاسِ تَنْتَهِلُ(2)
ما كانَ فيها سِوَى المَعْرُوفِ تَنْشُدُه *** بِنْتُ الرِّسالَةِ مَضْرُوبٌ بِها المَثَلُ
تَضَوَّعُ مِسْكاً حَياةُ الطُّهْر فاطِمَةِ *** «والزَّنْبَقُ الوَرْدُ مِنْ أَرْدانِها شَمِلُ» (3)
قَدْ خَصَّها اللَّهُ فِي أَلْطَافِهِ فَغَدَتْ *** مِشْكاةَ عِلْمٍ بِنُورِ اللَّهِ تَشْتَعِلُ (4)
ص: 272
لَنْ يَبْلُغَ الشِّعْرُ أنْ يُحْصِي مَكارمَها *** فَدُونَ وَصْفِ عُلاها انْتابَني الخَجَلُ
فَهْيَ الشفيعةُ في يَوْمِ الحسابِ لنا *** وَهْيَ المَلاذُ لنا إن قَلِّتِ الحِيَلُ (1)
ص: 273
(بحر الكامل)
الشيخ محمد سعيد المنصوري(1)
مَنْ ذا الفَقِيدُ عَلا عَلَيْهِ عَوِيلُ *** فَعَرى جميعَ العالمينَ ذُهُولُ؟
وَ لِفَقْدِهِ جِبْريلُ نادَى في السَّما *** صَوْتاً وَجِبْرِيلٌ بِهِ مَثْكُولُ
يا خَاتَمَ الرُّسْلِ الكِرامِ ومَنْ إلى *** هَدْيِ الأَنامِ مِنَ الإلهِ رَسُولُ
إنَّ البَسِيطَةَ أَظْلَمَتْ أَرْجاؤُهَا *** مِنْ بَعْدِ شَخْصِكَ فَالخَطِيبُ مَحِيلُ(2)
قَدْ كُنْتَ يا خَيْرَ البَرِيَّةِ حَاجَتِي *** فيها فما لي مُذْ رَحَلْتَ نُزُولُ
بَيْنا أسائِلُ إِذْ سَمِعْتُ بِأنَّ ذا *** الهادِي وهذا نَعْشُهُ المَحْمُولُ
يا مَنْ تُسائِلُ أَيُّ خَطْبٍ قَدْ عَرَىٰ *** وَتَكادُ مِنْهُ الرّاسياتُ تَزُولُ؟(3)
أوَ ما تَرى الزَّهْراءَ تَنْدُبُ خَلْفَهُ *** وَ دُمُوعُها سَيْلَ الغَمامِ تَسِيلُ؟
وَ تَحِنُّ مِنْ قَلْبٍ مَلِيءٍ بالأَسَى *** طَوْراً وطَوْراً تَنْثَنِي فَتَقُولُ
حُزْنِي لِفَقْدِكَ سَرْمَدٌ لا تَنْقَضِي *** أَيّامُهُ حَتَّى يَحِينُ رَحِيلُ
ما كانَ فِي الحُسْبَانِ يَحْجُبُ بَيْنَنا *** رَيْبُ المَنُونِ بِسَهْمِهِ وَ يَحُولُ
ابَتاهُ بَعْدَكَ لا يَطِيبُ لِيَ الكَرَىٰ *** كَلاّ وَلا عَيْنِي إِلَيْهِ تَمِيلُ
وَ لَحِقْتُ مِنْ شَوْقِي بِرَكْبِكَ عاجِلاً *** لَوْ كَانَ ثَمَّةَ لِي يَصِحُّ سَبِيلُ
ص: 274
أَبْكِي وَما جَزَعاً بَكَيْتُ مِنَ القَضا *** لكِنَّما أَخْشَى الفِرَاقَ يَطولُ
أَبتاهُ تَنْعاكَ الصَّلاةُ وَفَرْضُها *** وَكَذلِكَ التَّكْبِيرُ وَالتَّهْلِيلُ
يَوْمٌ سَرَيْتَ بهِ عَنِ الدُّنْيا سَرَى *** عَنّابِهِ لِلتّائِهِينَ دَلِيلُ(1)
أبَتاهُ إنْ أوذِيتُ في دارِ الفَنا *** فَإِلَيْكَ فِي دارِ البَقاءِ مُقِيلُ(2)
ص: 275
(بحر الخفيف)
السيد محمد علي العلي(*)(1)
ها هُوَ العِيدُ قُمْ فَحَيَّ البَتُولا *** حَيِّ فَرْعَ الهُدَى الزَّكِيَّ الأصِيلا
حَيّ أُمَّ الحُسَيْنِ وَ ابنَةً طه *** ها هُوَ الحَفْلُ وَفِّها التَّبْجِيلا(2)
حَيِّ فيه خَدِيجَةَ النُّبْلُ أُمّاً *** صاغَ مِنْها الإيمانُ مَجْداً أثيلا(3)
ص: 276
حَيِّ فيه قَلْباً لَها طَهَّرَتْهُ *** بِمَعين الهُدَى فَعافَ الذُّحُولا(1)
قدر زَکا لاتَرَى بهِ غَيْرَحُبَّ *** الخَيْرِ طَبْعاً لايَرْتَضِي التَّبْدِيلا
حَيِّ فِيهِ جَفْناً لَها أَسْهَرَتْهُ *** فِي انْتِظارِ الفَجْرِ الجَدِيدِ وُصُولا
فَجْرُ يَوْم يُدْني لها ساعَةَ البُشْرِ *** وَتَلْقَى في سَعْدِهِ المَأمُولا
لم يَرُعْها اللَّيْلُ البَهِيمُ وَ إِنْ ضاقَ *** انْتِظاراً قَلْبٌ لها أَنْ يَطُولا
زَمَنُ البُعْدِ لِلَّذِي تَرْتَجِيهِ *** وَ تُعَدُّ الأَيَّامُ عِبْئاً ثقِيلاً
فَتراها بُطْأً يَسيرُ بها الخَطْوُ *** تَمَنَّتْ مِنْ ثِقْلِها أَنْ تَزُولا
وَ السَّمِيرُ الأَنيسُ كانَ لها الحَمْلُ *** وَ كانَ النَّجيُّ كانَ الخَلِيلا
ربِّ يَوْم جاءَ الرِّسُولُ وَ كانَ *** الصَّوْتُ يَبْدُو في أُذُنِهِ مَوْصُولا
مَنْ تُناجِينَ يا خَدِيجَةُ؟ يَبْدُو *** السّؤْلُ مِنْهُ وَ إِذْ تُجيبُ الرَّسُولا
يُنْبِها عَنْ بِشَارَةِ اللَّهِ فِيها *** فَهْيَ أُنْثى وَاختارَ مِنْها السَّلِيلا(2)
***
إِيْهِ يا رَبَّةَ الفَخارِ وَقَدْ أَسْهَرْتِ *** جَفْناً وقَدْ تَعِبْتِ طَويلا
ص: 277
وَ سُقِيتِ كَأْسَ المقاطَعةِ الكُبْرى *** وَ عما كانَ كَأسُها مَعْسُولا
عابكِ نِسْوَةٌ بِقَوْلٍ هُراءٍ *** قَدْ أرادوا بذكرِهِ التَّهْوِيلا
خَسِؤوا إِنّ ذاكَ قَوْلُ حَسُودٍ *** خَسِرَ الرِّبحَ مَنْ أَضاعَ السَّبِيلا
وَلَقَدْ فاتَهُ رَبِيعُ الأَماني *** وَسَيَلْقى فيما رَجاهُ المحُولا(1)
فَاهْنَئي هذِهِ التَّباشِيرُ *** احَالَتْ أرْضَ الرَّجاءِ جمِيلا(2)
بالأَماني الّتي تَحَقَّقَ وَعْدُ الحَقِّ *** فِيها بِالفَوْزِ هاكَ البتُولا
شَمْسُ مَجْدٍ لا يَنْطَفِي وَهَجُ *** النُّورِ وَ لاصُبْحُها يَعودُ أَصِيلا
أَبَداً شُعْلَةٌ تُضيءُ بِنُورِ *** الهَدْيِ دُنْيا الحَياةِ جِيلاً فَجِيلا
***
يا بْنَةَ المُصْطَفَى وَ قَدْ حارَ مِنِّي *** الفِكْرُ لا أَهْتَدي إلى المَدْحِ قِيلا
أنْتِ أَسْمَى مِنَ المَدِيحِ وَ أَسْمى *** أَنْ يَصُوغَ الیَراعُ مَدْحاً هَزِيلا(3)
أوْ يَلوكَ اللِّسانُ فِيكِ بياناً *** فَيَعُودُ البَيانُ فِيكِ عَلِيلا
حَسْبُنا أَنَّنا أَطَعْنا وَ أَنّا قَدْ *** حَفِظْنا بِالوُدِّ فِيكِ الرَّسُولا
وَ غَضِبْنا كما غَضِبْتِ وَ نَرْضَى *** في رضاك نُعْطِيهِ عَهْداً جَلِيلا(4)
قَدْ عَلِمْنا عَلَى اليَقِينِ بأَنَّ الحَقِّ *** رَهْنٌ في نَهْجِكُمْ لَنْ يَزُولا
وَعَلَيْهِ أَنْتُمْ تَسِيرونَ قُدْماً *** قَدْنَهَجْتُمْ فُرُوعَهُ والأُصُولا
ص: 278
هكذا دِينُنا عَلَيْهِ عَقَدْنا *** عَزَماتِ القلوبِ جِيلاً فَجِيلا
***
إخْوَةَ العِلْمِ لا أُرِيدُ مَدِيحاً *** لا وَ لاأَبْتَغِي البَيانَ الهَزيلا
فَلَنا بَيْنَ ذَيْنِ واقِعَنا الحُرُّ *** فَلا عُذْرَ إِنْ نَطَقْتُ فُضُولا
إِنَّنا عُصْبَةٌ إذا ما اتَّخَذْنَا *** الجَدَّنَهجاً وَالهَدْيَ فيه الدَّلِيلا
ومَزَجْنا الإخْلاصَ بالخُلُقِ السّا *** مِي طَبْعاً فكانَ نَهْجاً أَصِيلا
وَسَرَيْنا نَقْفُوخُطى السَّالِكِينَ *** الغُرِّ فيما هُمْ رَأَوْهُ السَّبِيلا
في هُدَى شَيْخِنا المُفِيد الأجَلَّ *** ومَعَ المُرْتَضَى نَسِيرُ قَبيلا
ورَسَمْنا الطّوسِيَّ في حَوْزَةِ العِلْمِ *** عَلَى نَهْجِهِ نعدّ الفُصولا
وَشفَعنا المَجْهُودَ في صالح المَرْ *** ضِيِّ منّا فكان فيه العَدِيلا
فَسَنَعْلُوا فِيما نَرُومُ المُرَيّا *** وَنُسامِي أَرْضَ السِّماكَيْنِ طُولا(1)
كلُّ أَمْرٍ ضَرَعْتَ فيهِ إلى اللَّهِ *** بخَيْرِ الأَعْمَالِ لَنْ يَسْتَحِيلا
هانَرى حَفْلَها البَتُولُ فَذا *** خَيْرُ سَبِيل ننالُ فيهِ الوُصُولا
شَرَّفَتْنا بهِ وَقَدْ اتْحَفَتْنا *** فِيه مِنْ كفِّها الوِسامَ الجَلِيلا(2)
وَاعْتِزازاً أقُولها إِنَّهُ الفَخْرُ *** إذا نالَ مِنْ عُلاها القَبُولا
وَلَنا بَعْدَهُ رَجاءٌ أكِيدُ *** أن يَعِيشَ الشّعُورُ فينا طَوِيلا
أبَداً لا يَحُدُّ منّا نَشاطٌ *** أبداً يَتْبَعُ القبيل القبيلا
في احْتِفاءِ الذِّكْرَى نُقيمُ لها *** الحفلَ رَتيباً وَقَدْ نَفَيْنا الخُمُولا
حَيْثُ تُنْمِي آثارُه الزاكياتُ *** البِيضُ فِينا عَقِيدَةً ومُيُولا
ص: 279
فَيُغذِّي جَوَانِحَ النَّفْسِ بِالإيمانِ *** حُرّاً ما شِيْبَ فِكْراً دَخِيلا
إنّنا في الحَياةِ أغْراضُ مَفتونٍ *** يَحُوکُ التَّشْكِيكَ والتَّضْلِيلا
وَيَصُوعُ الإلحادَ طَرْزَ ثَقافاتٍ *** يَراها الغَيُّ فِكْراً أَصِيلا
وَلَوْ أَنَّ الحَياةَ فِيما نَراها *** قَدْ بَدَتْ عَنْ مَسارِها تَحْوِيلا
إذْ بَدَا الخَيْرُ طارِفاً يَفْتَحُ *** الآمالَ أنّ الحياةَ تبْنِي بَدِيلا
عن حَيَاةِ الضَّياعِ فِيما نُقَضِّي *** مِنْ زمانٍ وَنَسْتَعيدُ السَّبِيلا
نَحْوَ دنيا الإيمانِ نَرْسُو عَلَيْها *** في ثَباتٍ لا نَرْتَضِي التَّبْدِيلا
حَيْثُ ينشي المَهْدِيُّ دَوْلَةَ حَقِّ *** قَدْ دَنَا عَهْدُهُ وَدَانَى وُصُولا(1)
ص: 280
(بحر الخفيف)
الشيخ محمد علي اليعقوبي(*)(1)
أمَلُ النّاسِ في البقَاءِ طَوِيلُ *** وَ هُوَ ظِلُّ عَمّا قَلِيلٍ يَزولُ
لاتَغُرَّنْكَ غُدْوَةٌ بِسُرُورٍ *** وَ انْتَظِرُ ما يَجِيءُ فيهِ الأَصيلُ(2)
وَ عَظَتنا الدُّنْيا وَكَمْ قَدْ أَرَتْنا *** عِبَراً لَوْ تَدَبَّرَتْها العُقُولُ
خُذْ مِنَ الزّادِ ما اسْتَطَعْتَ كَثِيراً *** لِغَدٍ فَالبَقاءُ فِيها قَلِيلُ
لَيْسَ فِيها وإنْ يَكُنْ جَلَّ وَقْعاً *** بَعْدَ يَوْمِ النَّبِيِّ خَطْبٌ جَلِيلُ
يَوْمَ فِيهِ قَدْ أَجْهَشَ المَلأُ الأَعْلَى *** وَصَكَّ الأَسْماعَ مِنْهُ العَوِيلُ(3)
أيُّ يَوْمٍ بهِ البَتُولَةُ ثَکْلَى *** وَ بِهِ شَخْصُ أَحْمَدٍ مَثْكُولُ
زَلْزَلَ الأَرْضَ مُذْ أَطَلَّ وَ كادَتْ *** راسِياتُ الجِبالِ مِنْهُ تَزولُ
غابَ نَجْمُ السّارِين إِنْ عَسْعَسَ *** اللَّيْلُ وَ ضَلَّ الهادِي وَ حارَ الدَّلِيلُ(4)
هَلْ مُقْيلٌ مِنْ عَثْرَةِ الدَّهْرِ أَمْ هَلْ *** بَعْدَظِلِّ الإلهِ فِيها مَقِيلُ؟
فَمَنِ الغَوْثُ وَ الزَّمانُ مَهُولٌ *** وَ مَنِ الغَيْثُ وَ السُّنُونُ مُحُولُ؟(5)
ص: 281
صَعَدَ الرُّوحُ منه في رُوحِ قُدْسٍ *** مالَهُ بَعْدَها بِوَحْيٍ تَزُولُ(1)
أَيّها المُدْلِجُ المُعِذُّ بِحَرْفٍ *** شَفَّها الوَحْدُ بالفَلا وَالذَّمِيلُ(2)
إِنْ تَجِيء طَيْبَةً فَقَبِّلْ ضَرِيحاً *** مِنْ شَذاهُ طابَتْ صَباً وقَبُولُ(3)
قُلْ لَهُ واسْکُبِ المَدامِعَ عَنْ ذِي *** مُهْجَةٍ مِلْؤها جَوًى وَغَلِيلُ
يا رَسُوَل اللَّهِ الأَمِينَ عَلَى *** الوَحْيِ لَقَدْ خانَكَ المَلا والقَبِيلُ
إِنَّ يَوْماً مَضَيْتَ فيه لَيَوْمٌ *** لَيْسَ يَسْلُوهُ لِلقِيامَةِ جِيلُ
غَيْرَ أَنَّ الأَعْداءَ بَعْدَكَ لَمّا *** غِبْتَ ها جَتْ أَحْقادُهُمْ والذُّحُولُ(4)
مالَ فيها نَحْوَ الضَّلالِ هَواها *** عَنْ سَنا الحَقِّ وَالهَوَى يَسْتَمِيلُ
نَقَضُوا عَهْدَ حَيْدَرٍ فَأَعادِيهِ *** كَثِيرٌ وَالنَّاصِرُونَ قَلِيلُ
جَحَدُوا نَصَّكَ الصَّرِيحَ عَلَيْهِ *** وَ بِإِجْماعِهِمْ أُقِيمَ الدَّلِيلُ
إِنَّ يَوْمَ الغَدِيرِ أَنْكَرَهُ القومُ *** وَغالَتْ خِلافَةَ الحَقِّ غُولُ(5)
إنَّ تِلْكَ الذِّئابَ بَعْدَكَ غالَتْ *** أَسَدَ اللَّهِ وَاسْتُبِيحَ الغِيلُ(6)
وَتَواصَوْا على اغْتِصابِ حُقُوقٍ *** قَدْ حَوتْها بالإرْثِ مِنْكَ البَتُولُ
ص: 282
جَرَّعُوهَا مِنْ بَعْدِ عَيْنَيْكَ غَيْظاً *** ما إِلى بَثِّهِ إِلَيْكَ سَبِيلُ
لَمْ يَصُونُوا رَيْحانَةً كُنْتَ تَجْنِیها *** وَ سُرْعانَ ما عَراها الذُّبُولُ
وَ سَقَوْا أَكْؤُسَ المَنيَّةِ سِبْطَبْكَ *** وَ لَمْ أَدْرٍ بَعْدُ ماذا أَقُولُ
أَدْرَكُوا وَ تْرَهُمْ فَذَلِكَ مَسْمُومٌ *** و هذا بِثَأْرِ بَدْرٍ قَتِيلُ
بِسَنا رَأْسِهِ تَنُوءُ العَوالي *** (وَعَلَى صَدْرِهِ تَجُولُ الخُيُولُ(1)
ص: 283
أَلا عَدِّ عَنْ ذِكْرى بُنَيْنَةَ أَوْ جملِ *** فَما ذِكْرُها عندي يُمِرُّ ولا يُحْلي
وَلاَ أَطْرَبَتْنِي البِيضُ غَيْرَ صَحائِفٍ *** مُحبَّرةٍ بالفَضْلِ ما بَرحَتْ شُغلي
وعُوجٍ يُقِيمُ الاعْوجاجَ انْسِلالَها *** إذا حانَ منها الحينُ حَنَّتْ إلى السَلِّ
وعُذْ للأُلى هُمْ أَصْلُ كُلِّ فَضِيلةٍ *** ويَمِّمْ منارَ الفَضْلِ من رَبْعِهِ الأصْلي(1)
ص: 285
وسَلِّمْ على خَيْرِ الأَنامِ مُحَمَّدٍ *** وَعِتْرَتِهِ الغُرِّ الكِرامِ أُولي الفَضْلِ
وَخُصَّ عَلِيّاً ذا المناقِبِ وَالعُلا *** وَصِيَّ النبيَّ المُرْتَضَى خِيرَة الأَهْلِ
إلى أن يقول :
وَزَوَّجَهُ المُخْتارُ بَضْعَتَهُ وما *** لَها غَيْرُهُ في النَّاسِ من كُفُؤٍ عَدْلٍ(1)
وَقال لَها زَوَّجْتُكِ اليَوْمَ سَیِّدا *** تَقيّاً نَقيّاً طاهِرَ الفَرْع والأَصلِ (2)
وَ أَنْتِ أَحَبُّ النّاسِ عِنْدِي وإِنّهُ *** أَعزُّ وأَوْلَى الكُلِّ بَعْدِيَ بالكُلِّ(3)
وإِنَّ إِله العَرْشِ رَبَّ العُلى قَضَى *** بِذا وَتَوَلَّى الأَمْرَ وَالعَقْدَ مِنْ قَبْلي
فَأَبدَتْ رِضاها وَاسْتَجابَتْ لِرَبِّها *** وَوالِدِها رَب المَكارِمِ والفَضْلِ(4)
ص: 286
وَ كَمْ خاطِبٍ قَدْ رُدَّ فيها ولَمْ يُجَبْ *** وَ كَمْ طالِبٍ صِهْراً وما كانَ بالأَهْلِ
وَ لَوْلا عَلِيٌ ما استُجِيبَ لِخاطِبٍ *** وَ لاكانَتِ الزَّهْرا تُزَفُّ إلى بَعْلِ
و أكْرِمْ بمَن يُعْلِي النَّبِيُّ بشَأْنِها *** وَأَسْمِعْ بما قَدْ قَالَ مِنْ قولِهِ الفَصْلِ!
ألا فاطِمٌ مِنّي وَمَنْ هِيَ بَضْعَةٌ *** وَمَنْ قَطْعُها قَطْعِي وَمَن وَصْلُها وَصْلي(1)
وَمَنْ لرِضاها اللَّهُ يَرْضَى وَسُخْطُها *** لَهُ سَخَطٌ أَعْظِمْ بذلكَ مِنْ فَضْلِ (2)
لذَا اختارَها المُخْتارُ لِلْمُرْتَضَى الّذي *** رِضاها رِضاهُ في العَزِيمةِ وَالفِعْلِ
وَمَن لا يَزالُ الحَقُّ مَعْهُ وَلَمْ يَزَلْ *** مَعَ الحَقِّ لا يَنْفَكُ كُلٌّ عن الكُلِّ
فأَعْظِمْ بزَوْجَيْنِ الإِلهُ ارْتَضاهُما *** جَلِيلَيْنِ جَلاً عَنْ شَبِيهٍ وَعَنْ مِثْلِ
فَكُلٌّ لِكُلِّ صالِحٌ غَيْرُ صَالِحٍ *** لَهُ غَيْرُهُ وَالشَّكْلُ يَأبَى سِوَى الشَّكْلِ
لِذلِكَ ما هَمَّ الوَصِيُّ بِخُطبةٍ *** حَيَاةَ البَتُولِ الطُّهْرِ فاقِدَةِ المِثْلِ(3)
بِذا خَبَّرَ المُختارُ وَ الصَّدْقُ قَوْلُهُ *** أَبا حَسَنٍ ذاكَ المُصَدِّقِ في النَّقلِ
فَأَضْحَى بَرِيئاً وَالرَّسُولُ مُبَرِّناً *** (وَقَدْ أَبْطَلا دَعْوَاكُما الرَّثَّةَ الحَبْلِ)(4)
ص: 287
بِذلِكَ فَاعْلَمْ جَهْلَ قَوْمٍ تَحَدَّثُوا *** (بِخُطْبَتِهِ بِنْتَ اللّعِينِ أَبي جَهْلِ)
نَعَمْ رَغِبَتْ مَخْزومُ فيه وَحاوَلَتْ *** بِذَلِكَ فَضْلاً لو أُجِيبَتْ إلى الفَضْلِ
فَلمّا أبى الطُّهْرُ الوَصِيُّ وَلَمْ يُجِبْ *** رَمَتْهُ بِما رَامَتْ ومالَتْ إلى العَذْلِ
فَبَرّأَهُ المُخْتارُ ممّا تَحَدَّثَتْ *** وَما أَظْهَرَ الرِّجْسانِ من كامِنِ الغِلِّ
وَقَدْ طُوِّقا إِذ ذاكَ مِنْهُ بِلَعْنَةٍ *** فَسامَتْهُما خَسْفاً وذُلا على ذُلِّ(1)
وقَدْ جاءَ تَحْرِيمُ النِّكَاحِ لِحَيْدَرٍ *** عَلى فاطِمٍ فِيما الرُّواةُ له تُمْلِي
فإنْ كانَ حَقّاً فَالوَصِيُّ أَحَقُّ مَن *** تَجَنَّبَ مَحْظُوراً مِنَ القَوْلِ وَالفِعلِ
وَكَيْفَ يُظَنُّ السُّوءُ بِالطُّهْرِ حَيْدرٍ *** وَرَبُّ العُلَى فِي ذِكْرِهِ فَضْلَه يُعْلِي؟
وَكَيْفَ يَحُومُ الوَهْمُ حَوْلَ مُطَهَّرٍ *** مِنَ الرِّجْسِ فِي فَصْلٍ من القَوْلِ لا هَزْلِ؟
ومِثْلُ عليَّ هَلْ يَرُومُ دَنِيَّةً *** كفَى حاجِزاً عن مِثْلِها حاجِزُ العَقلِ
وَلَيْسَ يَشاءُ المُسْتَحِيلُ الّذي شَأى *** جَمِيعُ الوَرَى في العَقْلِ وَالفَضْلِ وَالنُّبْلِ
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَقّاً وَكانَ مُحَلَّلاً *** له كُلُّ ما قَدْ حَلَّ من ذاكَ للكُلِّ
فما كانَتِ الزَّهْرا ليُسْخِطَها الَّذي *** به اللَّهُ راضِ حاكِمٌ فيه بالعَدْلِ
وَلَا كَانَ خَيْرُ الخَلْقِ مَنْ لا يَهيجُهُ *** سِوَى غَضَبٍ للَّهِ يَغْضَبُ مِنْ جَهْلِ
وَلَيْسَ عَلِيٌّ حاشَ للَّهِ بالَّذي *** يَسُوءُ أَخاهُ أو يُسِيءُ إلى الأَهلِ
وَهَلْ ساءَ نَفْساً نَفْسُها وسُرُورُها؟ *** إذا سَرَّها مُرُّ المَساءَةِ مِنْ مَحْلِ(2)
وما ساءَ خيرُ النّاس غيرَ شِرارِهِمْ *** كَعِجْلِ بني (شرِّ) وصاحِبِهِ الرَّذْلِ
بهم سيئَتِ الزّهرا وَأوذِيَ أَحْمَدٌ *** وصِنْوْ النَّبِيَّ المُصْطَفَى خَاتَمِ الرَّسْلِ
ص: 288
إنی أن یقول:
و لاسيئَتِ الزَّهْرا ولا ابتُزَّ حَقُّها *** و لاَدُفِنَتْ سِرّاً بمُحْلَوْلَكِ الطَّفل(1)
و لا عُمِّيَ القَبْرُ الشَّرِيفُ وقُرَّبَ *** البَعِيدُ إلى الهادي وَبُوعِدَ بالأهْلِ(2)(3)
ص: 289
(بحر الوافر)
السيد مرتضى السندي الحائري (*)(1)
سَحابُ الدَّمْعِ طابَ لَها الهُطُولُ *** وَ فِي الخَدَّيْنِ جَمَّلَها المَسِيلُ
وَقَدْ هَمَسَتْ بِصَوْتٍ فاطِمِيِّ *** بِأُذْن ما لَها أَبداً مَثِيلُ
أَمُحسِنُ يا بْنَ خَيْرِ النَّاسِ طُراً *** وَ يا فَرْعاً به تَزْهُو الأُصُول(2)
تَعَجَّلْتَ الشَّهادَةَ يا بْنَ طه *** وَتاجُ الفَوْزِ يَخْطَفُهُ العَجُولُ
وَلَمْ يُمْهِلُكَ مِسْمارُ الأَعادِي *** لِتُولَدَ في الدُّنا وبها تَجُولُ(3)
***
ورَغْمَ بَنِى ذَوِي الراياتِ دَوْماً *** دماؤُكَ يا بْنَ فاطِمَةٍ تَقُولُ
قَتَلْتُمْ يا شِرارَ الخَلْقِ قَهْراً *** حَبِيبَةَ أَحْمَدٍ وَهْيَ البَتُولُ(4)
كَسَرْتُمْ ضِلْعَها طَمَعاً بِدُنْيا *** سَجِيَّتُها الخِيانَةُ والحُؤولُ(5)
ص: 290
وَ أَسْقَطْتُمْ جَنِيناً مِنْ حَشاها *** وَدَمْعُ الحَقِّ رائِقُهُ هَمُولُ(1)
***
أَأَعْداءَ الحَقِيقَةِ ما عَسَى أَنْ *** تَقُولُوا يَوْمَ يَرْهَقُكُمْ ذُهُولُ؟
وَأَيُّ العُذْرِ يَنْفَعُ يَوْمَ حَشْرٍ *** وَمَنْ مِنْكُمْ سَيُهْنِيهِ المُثُولُ؟
هَتَكْتُمْ حُرْمَةَ الهادِي مُراراً *** وَما فاتَتْ دَناءَتَكُمْ ذُحُولُ
وَجَرَّأتُمْ بَنِي الدُّنْيا عَلَيْنا *** غَدَاةَ لِخَيْلِها قُرِعَتْ طُبُولُ
أَلا لُعِنَ الَّذِينَ بَغَوْا عَلَيْنَا *** وَفازَ المُؤمِنُ البَرُّ الوَصولُ
وَعاقِبَةُ الأمُورِ وَحَقِّ رَبِّي *** جِنانُ الخُلدِ يَسْكُنُها الأَصِيلُ
***
فيا بْنَ عَلِيَّ الكَرَّارِ، إِشْهَدْ *** عَلَى أَعْداءِ جَدِّكَ يا قَتِيلُ
فَقَدْ ظَهَرَتْ لأَعْداكُمْ حُماةٌ *** وَصارَ لِقاتِلِ الزَّهْرا قَبِيلُ
بِإسمِ الوَحْدَةِ الشَّوْها أشاعُوا *** البَلابِلَ إِذْ بَدا قالٌ وقِيلُ
وصارَ المؤمِنُ الباكِي عَلَيْكُمْ *** كَما وَصفَتْ عَمالَتُهُمْ عَمِيلُ(2)
أُحِلَّ حَرَامُ جَدِّكَ فِي *** فَتاوَى وحُرِّمَ ما بِهِ تَزْكُو العقُولُ
ص: 291
فَلا تَغْفِرْ لَهُمْ فِئَنٌ أَتَوْها *** وأَفكارٌ يَسُرُّ بها دَخيلُ
أعَانُوا ظالِماً مِنْ بعدِ دَهْرٍ*** بِلاسَنَدٍ وَخانَهُمُ الدِّلِيلُ
فيا عِزِّ الأُباةِ فَدَتْكَ نَفْسِي *** وَنَفْسُ الكَوْنِ دُونَكُمُ قَلِيلُ
فَدَيْتُكَ يا بْنَ حَيْدرَ مِنْ شَهِيدٍ *** وَمَظْلُومٍ لَهُ حُزْنِي يَطُولُ
فَمِنْ ظُلْمِ الأوائِلِ نِلْتَ قِسْطاً *** وَمِنْ ظُلْمِ الأَواخِرِ ما يَهُولُ
***
يَعِزُّ عَلَى المُوالي أَنْ يَراكُمْ *** وَقَدْ غاصَتْ بقلبِكُمُ النُّصُولُ(1)
وَلا عَجَباً إذا مالَ الأَعادِي *** عَلَيْكُمْ أَوْ عَلا لَهُمُ صَهِيلُ
وَلَكِنَّ العَجِيبَ غَدَاةَ أَضْحَى *** سَلِيلُكُمُ لِخصمِكُمُ يَمِيلُ
وَباباً عِنْدَ عَتْبَتِها أُرِيقَتْ *** دماءُ الطُّهْرِ يُنْكِرُها خَلِيلُ
وَجدَّدَ دَعْوةَ الإنْكارِ مَنْ لَمْ *** تُهَذِّبْهُ الفَقاهَةُ والأُصُولُ
***
إلى مَنْ نَشْتَكِي ظُلْمَ ابْنِ وُدِّ *** يَشُكُّ بمِا رَواهُ جَبْرَئيلُ
عَزيزٌ أَنْتَ يا نَبْعَ المَعالي *** فَكَيْفَ يَطالُ مَجدَكُمُ ذَلِيلُ؟
فلا واللَّهِ أُقسِمُ لَستُ أَرْضَى *** تُداسُ لَكُم بَنِي الزَّهْرا ذُيُولُ
أُجرِّدُ صارِمي وَالكُلُّ يَدْرِي *** بِأَنَّ حُسامَ ناصِرِكُم صَغِيلُ(2)
وَأَحْطِمُ كُلَّ طَاغُوتٍ وَجِبْتٍ *** وَفَي ساحاتِ نُصْرَتِكُمْ أَصُولُ
ص: 292
أَذُودُ عن الحَقِيقَةِ لا سِواها *** وَأَصْنَعُ في الهَوَى ما يَسْتَحِيلُ
وَأَبْذُلُ ما بِوُسْعِي في رِضاكُمْ *** رِضائِي حُبُّكُمْ والسَّلْسَبِيلُ
نَزَلْتُ بِحَیِّكُمْ يا آل طه *** أَما يَنْجُو بِحَيِّكُمُ النَّزِيْلُ؟
فيا سِبْطَ الرَّسُولِ وَحَسْبُ نَفْسِي *** مَوَدَّةً سادَتِي فَهْيَ السَّبيلُ
شَهِيدَ الحَقِّ فَاقْبَلْنِي نَصِيراً *** وَأُمْنِيَةُ النَّصِيرِ هِيَ القَبُولُ
ص: 293
شاءٌ مِنَ النّاس راتِعٌ هامِلْ *** يُعَلِّلُونَ النُّفُوسَ بِالباطِلْ(1)
تُقْتَلُ ذُرِّيَّةُ النَّبِيَّ وَيَرْ *** جُونَ جِنانَ الخُلودِ لِلْقاتِلْ
وَيْلَكَ يا قاتِلَ الحُسَيْنِ لَقَد *** بُؤْتَ بِحِمْلٍ يَنُوءُ بالحامِلْ
أَيِّ حِباءٍ حَبَوْتَ أحْمَدَ في *** حُفْرَتِهِ مِنْ حَرارةِ الثّاكِلْ(2)
بأَيِّ وَجْهٍ تَلْقَى النَّبِيَّ وَقَدْ *** دَخَلْتَ في قَتْلِهِ مَعَ الدّاخِلْ
هَلُمَّ فَاطْلُبْ غَداً شَفاعَتَهُ *** أَوْ لا فَرِدْ حَوْضَهُ مَعَ النَّاهِلْ
ما الشَّكُّ عِنْدِي في كُفْرِ قاتِلِهِ *** لكِنَّني قَدْ أَشُكُّ في الخاذِلْ
نَفْسي فداءُ الحسينِ حِينَ غدا *** إلى المنايا غُدوَّ الأقافِلْ(3)
ذلكَ يَوْمٌ أَنْحَى بِشَفْرَتِهِ *** على سَنامِ الإسْلامِ وَالكاهِلْ(4)
حَتّى مَتَى أَنْتِ تَعْجَلينَ؟ أَلا *** تَنْزلُ بِالقَوْمِ نِقْمَةُ العاجِلْ
لا يَعْجَلُ اللَّهُ إِنْ عَجِلتِ وَمَا *** رَبُّكِ عَمّا تَرَينَ بالغَافِلْ
أَعاذِلي إِنَّنِي أُحِبُّ بَنِي *** أَحْمَدَ فَالتُّرْبُ في فَمِ العاذِلْ
قَدْ دِنْتُ ما دِينُكُمْ عَلَيْهِ فما *** رَجَعْتُ مِنْ دِينِكمْ إلى طائِلْ
جَفَوْتُمُ عِتْرَةَ النَّبِيِّ وَما الجافي *** لآلِ النُّبِيِّ كالواصِلْ
مَظْلُومَةٌ وَالنَّبِيُّ وَالِدُها *** تُدِيرُ أَرْجاءَ مُقْلَةِ حافِلْ(5)
ص: 295
(بحر الطويل)
السيد مهدي الأعرجي
تَبلَّجَ وَجْهُ الأرضِ حَزْناً على سَهْلِ *** بِمِيلادِ بِنْتِ المُصْطَفَى خاتَمِ الرُّسْلِ(1)
وَأَشْرَقَتِ الآفاقُ طُرّاً بِنُورِها *** كإشراقِ أَزْهارِ الرُّبَى عَقِبَ المَحْلِ(2)
وَمُذْ شَكَتِ الأَمْلاكُ لِلَّهِ ظُلْمَةً *** عَلَيْهِمْ كَأَمْثَالِ السَّحائِبِ تَسْتَوْلي
بَدا خَلْقُها نُوراً فَزَیَّنَ عَرْشَهُ *** بِهِ مِثْلَ تَزْيِينِ الفَتاةِ مِنَ العُظلِ(3)
وَكانَتْ مِنَ الفِرْدَوْسِ نُطْفَةُ فی نسائِها *** (بتُفّاحةٍ) طابَتْ لأحْمَدَ في الأَكْلِ
فَإِنْ أُمُّ (عيسى) فُضِّلَتْ في نسائِها *** فَفاطِمَةٌ خُصَّتْ عَلَى الكُلِّ في الفَضْلِ(4)
وَ قَدْ خَصَّها رَبُّ السَّمَا بِأَئِمَّةٍ *** غَطارِفَةٍ صِيدٍ جَحاجِحَةٍ تُبْلِ(5)
ص: 297
وَ أَسْماؤُها مِنْها (الزَّكِيَّةُ) حَيْثُ قَدْ *** زَكَتْ وَحَباها اللَّهُ في أَطْيَبِ النَّسْلِ
وَ(مَرْضِيّةٌ) حَيْثُ ارْتَضاهَا لِحَيْدَرٍ *** وَ(رَاضِيَةٌ) قالَتْ رَضِيتُ بِهِ بَعْلِي(1)
وَ (فاطِمَةٌ) إِذْ فاطَمَ مَنْ أَحبَّها *** بها اللَّهُ مِنْ نارٍ غَدا حَرُّها يَصْلِي(2)
(مُحَدِّثَةٌ) كَانَتْ تُحَدِّثُ أُمَّها *** وَ تُؤْنِسُها عَنْ وَحْشَةٍ مُدَّةَ الحَمْلِ(3)
(مُحَدِّثَةٌ) إِذْ بعدَ وَالِدِها غَدَتْ *** مَلائِكَةُ اللَّهِ الحَدِيثَ لَها تُمْلى(4)
وَمِنْها (بَتُولٌ) إِنْ أَرَدْتَ بَيانَها *** فَدُونَكَ راجِعْ باحِثاً لَفْظَةَ البَتْلِ (5)
وَ(زَهراءُ) كانَتْ إِذْ تَقومُ لربّها *** تُضيءُ وَمِنْها النُّورُ لِلأُفْق يَسْتَعْلِي (6)
ص: 298
وَ فِي خَبَرٍ كانَتْ نِسا أهْلِ (يَثْرِبٍ) *** عَلى نورِها في اللّيْلِ تَشْرَعُ بالغَزْلِ
(شَفِيعَةُ) يَوْمِ الحَشْرِ أَرْجُو بِمَدْحِها *** غَداً مَحْوَما أَجْنِيهِ مِنْ سَیّيءِ الفِعْلِ (1)
وَ(حَانِيَةٌ) أَحْنَتْ على الطُّهْرِ بَعْلَها *** وَحامَتْهُ لمّا قادَهُ (القَوْمُ) بِالحَبْل
بِنَفْسِي وَأهْلِي أَفْتدِيها وَلَمْ أَكُنْ *** أغالي وَمَنْ نَفْسِي تَكُونُ ومَنْ أَهْلِي؟
فَوَاللَّهِ لا أَنْسَى (الصَّهاكِيَّ) إِذ أَتى *** إلى دارِها مَعْ كُلِّ جِلْفٍ لَهُ رَذْل(2)(3)
ص: 299
فَمِنْها تَكْتَسِي الأفْلاكُ نُوراً *** وَمِنْها يُشْرِقُ القَمَرُ الجَمِيلُ
إذا كانَ النَّبِيُ لنا وجوداً *** فقطبُ رحَى الوجود هي البتولُ
لَئِنْ رَضِيَتْ فَإنّ اللَّهَ يَرْضَى *** وَإِنْ غَضِبَتْ لها غَضِبَ الجَلِيلُ(1)
أبُوها مِحْوَرٌ لِلْكَوْنِ نُورٌ *** وَهَذِي بِنْتُه أُمِّ أُصُولُ
تُحاكِي إِنْ مَشَتْ طهَ أبَاها *** وَتَفْرِغُ عَنْ أَبِيها إِذْ تَقُولُ(2)
مَتَى نَظَرَ الوَصِيُّ لِوَجْنَتَيْها *** تَجَلَّى فِي مُحَيّاها الرَّسُولُ
يُخاطِبُهُ ألا يا خَيْرَ تالٍ *** إِلَيْكَ وَدِيعَنِي أَنْتَ الكَفِيلُ(3)
ص: 301
وَإنْ في قَلْبِهِ ازْدَحَمَتْ هُمُومٌ *** تأمَّل وَجْهَها فَغَدَتْ تَزُولُ
فَوَاعَجَبا لِقَوْمِ مُذأَتَوْها *** وَقَدْ قامَتْ بِهِم تِلْكَ الذُّحُول
وَنادَتْ فِيهمُ يَا قَوْمَ طةَ *** أهَذَا ما بِهِ أوْصى الجليل؟
أَلَسْتُ وَدِيعَةَ المُخْتارِ فِيكُمْ *** أهَذا ما بِهِ يُجْزَى الجَمِيلُ(1)؟
فَبَيْنَا كانَتِ الزَّهْرَاءُ حَيْرَى *** عَلَيْهَا عُنْوَةً هَجَمَ القَبِيلُ
وَخَلْفَ البابِ خَطْبٌ ما عَساني *** بِدَاهِيةٍ جَرَتْ مَاذَا أَقُولُ؟
عَلَيْها أَطْبَقُوا باباً وَمِنْها *** جَنيناً أَسْقَطُوا وَبَدا العَوِيلُ
فَنادَتْ يا رَسُولَ اللَّهِ تَرْضَى *** عَلى بَيْتِ الهُدَى هَجَمَ الرَّعِيلُ؟(2)
جَنِينِي أَسْقَطُوا صَدْرِي أَعَابُوا *** وَمَتْنِي سَوَّدُوا دَمْعِي هَطُولُ
وَلَوْلاَ ضِلْعُها ما كانَ صَدْرٌ *** بِوادِي الطَّفِّ رَضَّتْهُ الخُيُولُ
وَلَوْلا طِفْلُها ما كانَ طِفْلٌ *** بِيَوْمِ الطَّفِّ مَذْبُوحٌ قَتِيلُ
وَمُذْ قَادُوا عَلِيّاً في نِجادٍ *** سُبِينَ الطُّهرُ وَانْقَادَ العَلِيلُ
ص: 302
(بحر الوافر)
الشيخ نزار سنبل(*)(1)
قوافي الشعرِ تسبقني عُجالى *** وترقصُ في مخيّلتي دلالا
تطيرُ إلى معانقةِ المعاني *** فتبرزُ كالسراجِ إذا تلالا
و شلالُ الشُّعورِ إذا تهادى *** يضيءُ لفرحةِ الهادي احتفالا
فسوسنةُ الجنانِ تفوحُ عطراً *** و تنشرُ في الدُنا أرجا زَلالا
ترانيمُ الملائكِ وهي جذلى *** و تغريدُ الثغورِ إذا تعالى
تبثُ الوحيَّ في شفتَيَّ شعراً *** و ألحاناً تشفُ لها اختيالا
فما غنّت طيورُ الأيكِ إلاّ *** لتسكبَ من فضائِلِها الخصالا
وما عطرتْ زهورُ الروض حُسناً *** تعبَّقُ منه أخيلةٌ ثمالي
و ما بزغتْ خيوطُ الفجر إلاّ *** و نورُ الطهرِ يكسُوها الجمالا
أيا زهراءُ يا ألقَ المعاني *** و يا فجراً تبلّجَ واستطالا
ص: 303
ويا إشراقةَ التاريخ نالتْ *** بها الأيامُ أوسمةً تلالا
نشرتِ الهديَ في الآفاق نوراً *** تسلسلَ في الزمانِ رؤى جذالا
و يا نبعاً تحفُّ به ورودٌ *** و يملأُ كلَّ جادبةٍ ظلالا
و يا أُمّاً لوالدها المصفَّى *** و ذا سرّ عرفت به الجلالا
حملتِ العبءَ من صغرٍ وناغت *** على كفيك أنغام حُبالي
فتحتِ القلب إذ ضاقت رحابٌ *** فلا سهلاً يضمُ ولا جِبالا
فرشتِ الكون في عينيه زهرا *** وكنت الأُمّ تمنحهُ الدلالا
فلا عجبٌ إذا غنّت سماءٌ *** ترتِّلَ من مناقبها مقالا
فما خلقَ الإلهُ لها مثيلاً *** وماعرفَ الزمانُ لها مثالا
وكم أنثى تطوفُ إلى المعالي *** وتسبقُ في مساعيها الرِّجالا
يقولُ الناصبيُّ نطقتَ هجراً *** و ذاك الرافضي هذى وغالى
وجرّد من ضغائنهِ حُساما *** و سدّد حقدهُ الغاوي نبالا
تخبّطَ في الظلام عمًى وتيهاً *** وصالَ بفكرهِ الخاوي وَجالا
وزمجرَ والغُرورُ له سلاحٌ *** وما عرفَ القراعَ ولا النِّزالا
و ذنبي أنّني أهوى عليّاً *** وأني قد عشقتُ به الكمالا
وسيري في هدى القرآن ذنبٌ *** عظیمُ استحق به القتالا
أإيماني وتوحيدي وحبّي *** لآل البيتِ يجعلُكُم خَبالي؟!
أليسَ اللّه كلّلهُمْ بتاجٍ *** تقدّس في الورى وعلا وطالا؟
فذي (القربى) و ذي (الإنسان) تحكي *** و ذي (التطهيرُ) تتحفُهم نوالا
أحاديثُ الرسول غدت توالى *** و أقوالُ الصَّحابِ بدتْ سِجالا
أزيلُوا عن عيونِكُمُ غشاها *** فلا بدراً تَرَوْنَ ولا هلالا
سأبقى ما حييتُ على هداهم *** وأنعمُ في جحيمِ الحبّ بالا
فلي وعيٌ يساندهُ دلیلٌ *** فلا شكاً أقولُ ولا احتمالا
ص: 304
وإن سدَّت دروبٌ في وجوهٍ *** ولكنَّ الحياةَ لمن توالى
أيا تفاحةَ الفردوسِ مُدّي *** إلينا المجدَ نقتطفُ الكَمالا
فقدتهنا وأُفقُ البحرِ صفوٌ *** و لم يدَع الضبابُ لنا مجالا
فهبِّي من نسيمِ الخلد روحاً *** لتبعثَ مايعزُّ لنا منالا
ص: 305
(بحر الخفيف)
السيد هاشم حسين الموسوي
قَدْ وَفَدْتِ التَّارِيخَ فَهْوَ أَثِيلُ *** وَحَمَيْتِ الإِيْمَانَ فَهْوَ جَمِيلُ(1)
أَنْتِ مَنْ أَنْتِ؟ فَلْتَةُ دَهْرٍ *** مَالَهَا فِي العُصُورِ نَةٌّ مَثِيلُ
أَنْتِ مِنْ جَنَّةِ الخُلْدِ حَوْرَاءٌ *** عَلَى الْأَرْضِ عَاشَتْ فَمَارَعَاهَا الجَهُولُ(2)
أَنْتِ كُلُّ العَطَاءِ يَا بِنْتَ طَةَ *** أَنْتِ نُورُ الهُدَى وَ أَصْلٌ أَصِيلُ
فُقْتِ فِي الفَضْلِ كُلِّ ذَاتِ سِوَارٍ *** خَصَّكِ اللَّهُ دُونَهُمْ يَا بَتُولُ(3)
مِنْ أَبُوهُ مُحَمَّدٌ لَيْسَ تَرْقَى *** نحْوَهُ فِي الكَمَالِ يَوْماً أُصُولُ
اءَ جِبْرِيلُ كَيْ يَنَالَ مَقَاماً *** عِنْدَهُمْ فِي الكِسَاءِ وَهْوَ مَثِيلُ (4)
طَلَبَ الإِذْنَ بِالدُّخُولِ وَ هَذَا *** شَرَفٌ قَدْ سَمَا بِهِ جِبْرَئِيلُ
ص: 306
فَاطِمُ حَازَتِ المَفَاخِرَ طَرّاً *** وَهْوَ سَبْقٌ يُحِلُّهُ التَّنْزِيلُ(1)
فَهْيَ أُمُّ العَطَاءِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ *** وَهْيَ بِنْتُ القُرْآنِ أَمْرٌ جَلِيلُ
قَدْ تَرَبَّتْ بِحِجْر أَعْظَمِ مَوْلًى *** وَلَهَا مِنْهُ صَبْرُهُ المُسْتَطِيلُ
وَرِثَتْ مِنْهُ كُلَّ وَصْفٍ جَمِيلٍ *** إِنَّ كُلَّ الأَوْصَافِ مِنْهُ جَمِيلُ
وَلَقَدْ صَاغَهَا الجَلِيلُ كَمَالاً *** قُدْوَةً لِلْوَرَى وَعَزَّ الجَلِيلُ
زَوْجُهَا المُرْتَضَى عَلِيُّ المَعَالِي *** لَيْسَ تَرْقَى إِلَى سَمَاهُ الفَحُولُ
هُوَ نَفْسُ النَّبِيَّ فِي نَصِّ آي *** أَيْنَ مِنْهُ زَعَانِفٌ وَذُيُولُ
وَهْوَ عِدْلُ الكِتَابِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ *** فَمَتَى يَفْهَمُ الغَوِيُّ الجَهُولُ؟(2)
وَبَنُوهَا عَلَى العُصُورِ نُجُومٌ *** تَتَلألأ فَمَا هُنَاكَ أُفُولُ
كُلَّمَا أَظْهَرَ الزَّمَانُ نَجِيباً *** فَهُوَمِنْ فَاطِمِ المَعَالِي سَلِيلُ
عَرَفَ الدَّهْرُ مُعْجِزَاتِ اللَّيَالِي *** مِنْ بَنِيهَا تَحَارُ فِيهِ العُقولُ
فَهُمْ قَادَةُ الزَّمَانِ وَمِنْهُمُ *** شَعَّ فِي الأَرْضِ مَوْطِنٌ وَقَبِيلُ
وَهُمْ قَادَةُ الكِفَاحِ وَعَنْهُمْ *** شَقَّ دَرْبَ الجِهَادِ وَاعٍ نَبِيلُ
وَهُمْ مَعْدِنُ الكِتَابِ وَعَنْهُمْ *** يُؤْثَرُ النَّفْسِيرُ وَالتَّأْوِيلُ
وَهُمْ مَصْدَرُ العُلُومِ وَمِنْهُمْ *** أَنْهُرُ النُّورِ فِي البِلادِ تَسِيلُ
يَرْتَوِي العِلْمَ عِنْدَهُمْ كُلُّ شَهُمٍ *** مِنْ مَعِينٍ كَأَنَّهُ السَلْسَبِيلُ(3)
وَبِهِمْ يَبْلُغُ الشَّفَاءَ يَؤوسٌ *** وَبِهِمْ يَبْلُغُ العُلاَ بُهلُولُ(4)
وَ بِهِمْ تُرفَعُ الشَّدَائِدُ حَتْماً *** فَهُمْ عِصْمَةٌ وَظِلٌّ ظَلِيلٌ
وَ بِهِمْ يَهْتَدِي التُّقَاةُ لِمُنجًى *** يَوْمَ لايَنْفَعُ العُصَاةَ سَبِيلُ
ص: 307
وَ لَدَيْهِمْ لِكُلِّ سُؤَالٍ جَوَابٌ *** وَ عَلَيْهِ مِنَ الكِتَابِ الدَّلِيلُ
أفْحَمُوا كُلَّ مُلْحِدٍ وَعَنِيدٍ *** بِوَجِيزِ كَأَنَّهُ التَّفْصِيلُ
فَهُمْ سَادَةُ البَلاغَةِ عَنْهُمْ *** يُؤْثَرُ الحُسْنُ وَالبَيَانُ الجَمِيلُ
بِاقْتِضَابٍ مِنْ قَوْلِهِمْ يُعْرَفُ *** اللَّهُ وَالهُدَى وَالرَّسُولُ
وَقَفُوا يَدْرَؤُونَ كَيْدَ الأَعادِي *** بِقُلُوبٍ لاَ يَعْتَرِيهَا الذُّبُولُ
دَفَعُوا كُلَّ شُبْهَةٍ وَانْحِرَافٍ *** يَوْمَ عَادَى الإِسْلاَمَ فِكْرٌ عَلِيلٌ(1)
مَا تَوَانَوْا عَنْ مَوْقِفِ الحَقِّ يَوْماً *** وَهُمْ مِقْوَلٌ وَسَيْفٌ صَقِيلُ
كُلَّمَا لاَحَ فِي المَطَالِعِ نَجْمٌ *** قِيلَ هَذَا قَدْ أَنْجَبَتْهُ البَتُولُ(2)
غَمَرَ الأَرْضَ بِالمَكَارِمِ حَتَّى *** مَلأَ الحَافِقِيْنَ مِنْهُ القَلِيلُ
وَسَيَبْقَى أَبْنَاءُ فَاطِمٍ حُصْناً *** لَيْسَ يَقْوَىٰ عَلَيْهِ بَاغٍ ذَلِيلُ
لَهُمُ المَجْدُ والمَسِيرَةُ حَتَّى *** يَبْسُطَ العَدلَ غَائِبٌ مَأْمُولُ
ص: 308
ص: 309
ص: 310
(بحر الوافر)
الشيخ إبراهيم البلادي (*)(1)
بَدَأْتُ بِحَمْدِ مَنْ خَلَقَ الأَنَاما *** وَ أَشْكُرُهُ عَلَى النَّعْمَا دَوَاما
هُوَ المَوْجُودُ خَالِقُنَا وُجُوباً *** وَ لَمْ أُثْبِتْ لِمُوجِدِنَا انْعِداما
لَقَدْ خَلَقَ الوَرَى إِظْهَارَ كَنْزِ *** تَسَتَرَ فَاسْتَفَضَّ لَهُ الخِتَاما(2)
أصولٌ خَمْسَةٌ لِلدِّينِ مِنْهَا *** لَهُ العَدْلُ الَّذِي فِي الحُكْمِ دَامَا
ص: 311
وَ ثَانِي الخَمْسَةِ التَّوْحِيدُ فِيهِ *** وَ نَفْيْ شَريكهِ أَبَداً دَواما
وَ ثَالِتُهَا النُّبُوَّةُ وَ هْيَ لُطفٌ *** عَظِيمٌ دَائِم عَمَّ الأَناما
وَ رَابِعُها الإمامَهُ وَ هْيَ لُطفٌ *** مِنَ البَارِي بِهِ الدِّينُ اسْتَقَاما
وَ خَامِسُها المَعَادُ لِكُلِّ جِسْمٍ *** وَ رُوحِ وَ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَامَا
وَ إِنَّ إِلْهَنا فِي الحُكْم عَدْلُ *** يُخَاصِمُ كُلَّ مَنْ ظَلَمَ الإماما
وَ إِنَّ النَّارَ وَ الجَنَّاتِ حَقٌّ *** عَلَى رَغْم الَّذِي جَحَدَ القِيَاما(1)
وَ إِنَّ المُؤْمِنِينَ لَهُمْ جِنَانٌ *** وَ نَارُ الكَافِرِينَ عَلَتْ ضِراما(2)
وَ إِنَّ الرُّسُلَ أَوَّلُهُمْ أَبُوهُمْ *** وَ ذَلِكَ آدم خصَّوا السَّلاما
وَ أَفْضَلُهُمْ أُولُوالعَزمِ الأَجِلاً *** وَ مَنْ عَرَفُوا لِرَبِّهِمُ المَقَاما
وَ هُمْ نُوحٌ وَ إِبْرَاهِيمُ مُوسَى *** وَ عِيسَى وَ الأَمِينُ أَتَى خِتَاما
مُحَمَّدُ هُمْ وَ أَحْمَدُ هُمْ تَعَالاً *** وَ أَعْلاهُمْ وَ قاراً وَ احْتِشاما(3)
فَأَشْهَدُ مُخْلِصاً أَنْ لاإلهَ *** سِوَى اللَّهِ الَّذِي خَلَقَ الأَنَاما
وَ أَنَّ مُحَمَّداً لِلنَّاسِ مِنْهُ *** نَبِيٌّ مُرْسَلٌ بِالأَمْرِ قَامَا
وَ أَشْهَدَ أَنَّهُ وَلَّى عَلِيًّا *** وَلِيَّ اللَّهِ لِلدِّين اهْتِمَاما(4)
ص: 312
وَ صَیّرَهُ الخَلِيفَةَ يَوْمَ «خُمُ» *** بِأَمْرِ اللَّهِ عَهْداً وَ الْتِزَاما
وَ نَصَّ عَلَى الأَئِمَّةِ مِنْ بَنِيهِ *** هُنَاكَ عَلَى المَنَابِرِ حِينَ قَاما
فَأَخَاهُ النَّبِيُّ وَ فِي البَرَايا *** بحُكْمِ اللَّهِ صَيَّرَهُ إِمَاما
وَ عَظَمَهُ وَ لَقَّبَهُ بِوَحْي *** أَمِيرَالمُؤْمِنِينَ فَلَنْ يَرَاما
وَ زَوَّجَهُ البَتُولَ لَهَا سَلاَمٌ *** مِنَ اللَّهِ الوُصُولَ وَ لَاانْصِراما
فَكَانَ لَهَا الفَتَى كُفُواً كَريماً *** فَأَوْلَدَهَا أَيْمَّتَنَا الكِرَاما(1)(2)
ص: 313
(بحر الرمل)
الأستاذ تسنيم مهدي (أبوزكي)
أَزْهَرَ الكَوْنُ بِنورِ الفاطِمَة *** وَ تَبَدَّتْ ظُلُماتٌ قاتِمَة(1)
وَ ثَوى الغُفْرانُ مِنْ رَبِّ السَّما *** في نُفوسِ الْخَلْقِ تِلْكَ الأَئِمَة
وَالتَهاني مِنْ سَماواتِ العُلى *** تَمْلأُ الآفاق شَوْقاً هائِمَة
وَ تَهادى مَوْكِبُ النورِ بها *** وَ تَوالَتْ قَبَات عارِمَة
تَطْرُدُ الشَيْطَانَ مِنْ أَرْوَاحٍ مَنْ *** حُبُّهُمْ فيها عدا الناسِ سِمَة
شايَعوها وَ أَباها مِثْلَما *** بَعْلَها وَ النَّسْلَ مِنْها الكاظِمَة
فَرِضاها مِنْ رِضا خالِقِنا *** وَ هَواها في النفوسِ الْحالِمَة
وَ لِمَنْ يُغْضِبُها مُحْضَرَةٌ *** نارُ جَبّارِ السَماءِ الْحَاطِمَة(2)
وَ هيَ أُمّ لأبيها فُدِيَتْ *** بِجَمِيعِ الْخَلْقِ طراً سالِمَة
وَ هيَ سِرُّ أَقْدَسٌ مُسْتَوْدَعُ *** روحُ رَبِّي لمداها عالِمَة
كَبَّرَ الأَمْلاكُ في العَرْشِ لَها *** حينَما هَلَّتْ عَلَيْهِمْ قائِمَة
أعْتَقَتْ في حُبِّها شيعَتَها *** وَ هَوَتْ في النار أُخْرَى ظالِمَة
نَحْنُ في يَوْمِكِ يا سَيِّدَتي *** وَ قُلوبُ الود فيكُمْ مُغْرَمَة
فَفُؤادُ الحُبُّ فينا مُمْتَلي *** بِالهَوى، وَ النَّفْسُ فينا مُفْعَمَة
ص: 314
وذا أنفاسُنا تَلْهَجُ في *** حُبِّكِ الطاهِرِ دَوْماً ساهِمَة(1)
نَحْنُ أَحْبابكِ يا سَيِّدَتي *** نَحْنُ أَنْباعُ البتول الغانِمَة
نَرْتَجِي رِضْوانَ رَبِّ غافِرٍ *** يَوْمَ تَلقى الخلُق طرّاً واجمة(2)
أَنَّكِ حِصْنُ حَصينٌ راسخً *** وَ طَريقٌ آمِنٌ يا عالِمَة
وَ رِضاكِ مِنْ رِضا اللَّهِ كَما *** سُخْطُكِ يُسْخِطُ يا غَانِمَة
وَ هَواكِ جُنَّةٌ مِنْ سَقَرٍ *** وَ مُوالاتُكِ مِنْهُ فَاطِمَة
ص: 315
(بحر البسيط)
السيد حميد الأعرجي(*)(1)
ماذا أقولُ و قلبي قال قبلَ فَمِي *** حبُّ البتول سرى في أعظُمي وَ دَمي
حبُّ لبنتِ رسول الله الهَمَهُ *** ربُّ البريةِ نفسي فانجلَتْ غممي
هى الشفيعةُ يوم الحشر تنقذُنا *** من حرِّ نار لظّى من كلِّ مضطرِم
بحبِّها يستحيلُ الياسُ مرحمةً *** لليائسين فيضحِي الكلُّ في نِعمِ
تعلمُوا الصبرَ منها فهي مدرسةً *** للصابرين بلا جُهدٍ وَ لاسأم
أُستاذُها خيرُ خلقِ اللَّه أجمَعِهِم *** هو النبيُّ أبو الزهراءِ ذو الشَّيَم
نصَّ الإلهُ على أخلاقِهِ و أتت *** آياتُهُ في مديحِ الخلقِ بالعظمِ
نورٌ براهُ إلهُ الكونِ من قدمٍ *** وَ قبلَ خلقِ صفيحِ اللوحِ و القلمِ
نشَعَّ نورُ نبيِّ اللَّه منطلقاً *** من عالم الذرِّ حتى زاحَ للعتمِ
ص: 316
و أشرقت أرضُ إبراهيم حيثُ بَدَتْ *** أنوارُ أحمد تجلو غيهب الظلمِ
فأسقطتْ كل زيفٍ كان متبعاً *** و أهلكت كل طاغوتٍ و منتقمٍ
و شاءَ ربُّك أن يهدي محمَّدَهُ *** هديةً من صنيعِ الله ذي الكرمِ
فأنعم اللَّه بالزهراءِ حيثُ غدَتْ *** ينبوع خيرٍ لكلِ الخلقِ و الأممِ
فاسترِّ قلبُ رسولِ اللَّه و ابْتَهَجَتْ *** بها خديجةُ ذاتُ المجدِ و الشممِ
حتى غدا بیتُ طه في ولادِتِها *** يزهُو بنوريهما كالبدرِ في الظُلمِ
واستبشرتْ كلُّ أملاكِ السما فرحاً *** أما الطيورُ فغنَّت أعذبَ النغمِ
وَ انسابَ صوتُ زلالِ الماء في طربٍ *** يشدو بأنغامهِ فِي أجملِ الكَلِمِ
أما النسائمُ هبتْ فاعتلتْ و رختْ *** تحِكي بفضلِ كريمٍ بارىء النَّسَمِ
و عبّرتْ بلسانِ الحالِ قائلةً *** يا أيها المصطفى المختارُ لاتنمِ
فاليومَ جاءَتْ إلى الدنيا مطهرةً *** ريحانةً قد هداها اللَّهُ فاستلمِ
واهنأ بها غرسةً ما مثلُها نبتتْ *** في الخلدِ من نبتةٍ كلا و لم تقمِ
ریحانةُ ابدعتها كفُّ صانعِها *** سبحانَهُ مبدعُ الدنيا من العدمِ
و أينعتْ نبتةُ الأيمانِ وازدهرتْ *** فأثمرتْ في ظلالِ الخيرِ و الكرمِ
ریحانتين هما سبطا هدًى و تقّى *** أبوهما حيدرُ الكرارُ ذو الشيمِ
أعني الزكيَّ إمام الحقِّ ذا حسناً *** و هو الذي قد سما في الخلقِ من قدمِ
أما حسينُ فيكفي الاسمُ عن بطلٍ *** فذٍ شجاعٍ تحدى الظلمَ خيرِ كمي
صوتٌ يدوّي على الأيام من زمنٍ *** عبر القرونِ يصيبُ الزيفَ في صممِ
و مشعلٍ قد أضاءَ اللَّهُ شعلتَهُ *** من نورهِ كي يضيء الدربَ بالقيمِ
أولاء من فاطمٍ من حيدرٍ ولدوا *** أكرم به في التُّقى و العلمِ من عَلَمِ
ص: 317
(بحر البسيط)
الحافظ البرسي الحلي(*)(1)
ما هاجَنِي ذِكْرُ ذَاتِ البَانِ وَ العَلَم *** وَ لَاالسَّلاَمُ عَلَى سَلْمَى بِذِي سَلَم(2)
وَ لاَصَبَوْتُ لِصَبِّ صَابَ مَدْمَعُهُ *** مِنَ الصَّبَابَةِ صَبَّ الوَابِلِ الرّزِمِ(3)
وَ لاعَلَى طَلَلٍ يَوْماً أَطَلْتُ بِهِ *** مُخاطباً لأهَيْلِ الحَيَّ وَ الخِيَمِ
وَ لاتَمَسَّكْتُ بِالحَادِي وَ قُلْتُ لَهُ: *** إِنْ جِئْتَ سَلْعاً فَسَلْ عَنْ جِيرَةِ العَلَمِ(4)
لكِنْ تَذَكَّرْتُ مَوْلاَيَ الحُسَيْنَ وَ قَدْ *** أَضْحَى بِكَرْبِ البَلا فِي كَرْبَلاءَ ظَمِي
فَقَاضَ صَبْرِى وَ فَاضَ الدَّمْعُ وَ ابْتَعَدَ *** الرُّقَادُ وَ اقْتَرَبَ السُّهَادُ بِالسَّقَم(5)
وَ هَامَ إِذْ هَمَّتِ العَبَرَاتُ مِنْ عَدَمِ *** قَلْبِي وَ لَمْ أَسْتَطِعْ مَعَ ذَاكَ مَنْعَ دَمِي
لَمْ أَنْسَهُ وَ جُيُوشُ الكُفْرِ جَائِشَةٌ *** وَ الجَيْشُ فِي أَمَل وَ الدِّينُ في ألم
تَطُوفُ بِالطَّفْ فُرْسَانُ الضَّلالِ بِهِ *** وَ الحَقُّ يُسْمَعُ وَ الأَسْمَاعُ فِي صَمَمِ
وَ لِلْمَنَایَا بِفُرْسَانِ المنى عَجَلٌ *** وَ المَوْتُ يَسْعَى عَلَى سَاقٍ بِلا قَدَمٍ
مُسَائِلاً وَ دُمُوعُ العَيْنِ سَائِلَةٌ *** وَ هُوَ العَلِيمُ بِعِلْمِ اللَّوْحِ وَ القَلَمِ
ص: 318
مَا اسْمُ هَذَا الثَّرَى يَا قَوْمُ فَابْتَدَرُوا *** بِقَوْلِهِمْ يُوصِلُونَ الكَلمَ بِالكَلِمِ
بِكَرْبَلا هُذِهِ تُدْعَى. فَقَال: أَجَلْ *** أَجَالُنَا بَيْنَ تِلْكَ الهُضْبِ وَ الأَكَمِ
حُطُّوا الرِّحَالَ فَحَالُ المَوْتِ حَلَّ *** بِنَادُونَ البَقَاءِ وَ غَيْرُ اللَّهِ لَمْ يَدمِ
يَا لِلرِّجَالِ لِخَطب حَلَّ مُخْتَرمَ *** الآجَالِ مُعْتَدِياً فِي الأَشْهُرِ الحُرُمِ
و يقول فيها:
أَيْنَ النَّبِيُّ وَ ثَغْرُ السِّبْطِ يَقْرَعُهُ *** يَزِيدُ بُغْضاً لِخَيْرِ الخَلْقِ كُلِهِمِ؟
أيَنْكُتُ الرِّجْسُ ثَغْراً كَانَ قَبْلَهُ *** مِنْ حُبِّهِ الظهرُ خَيْرُ العُرْبِ وَ العَجَمِ؟
وَ يَدَّعِي بَعْدَهَا الإِسْلامَ مِنْ سَفَةٍ *** وَ كَانَ أَكْفَرُ مِنْ عَادٍ وَ مِنْ إِرَمِ؟
يَا وَيْلَهُ حِينَ تَأْتِي الطُّهرُ فَاطِمَةٌ *** فِي الحَشْر صَارِخةً فِي مَوْقَفِ الأُمَمِ(1)أي أنهم يشفعون للإنسان لأنه اتسم بصفة المحبة لآل البيت.(2)الغدير، ج7، ص62.(3)
ص: 319
تَأْتِي فَيُطْرِقُ أَهْلُ الجَمْعِ أَجْمَعُهُمْ *** مِنْهَا حَيَاءٌ وَ وَجْهُ الأَرْضِ فِي قَتَمِ
وَ تَشْتَكِي عَنْ يَمِينِ العَرْشِ صَارِخَةً *** وَ تَسْتَغِيثُ إِلَى الجَبَّارِ ذِي النِّقَمِ
هُنَاكَ يَظْهَرُ حُكْمُ اللَّهِ فِي مَلاٍ *** عَضُوا وَ خَانُوا فَيَا سُحْقاً لِفِعْلِهم
وَ فِي يَدَيْهَا قَمِيصُ لِلْحُسَيْنِ غَدا *** مُضَمَّخاً بِدَمٍ قَرْنا إِلَى قَدَمِ(1)
ص: 320
(بحر الخفيف)
الشيخ حبيب آل إبراهيم العاملي
أَصْبَحَ الدَّهْرُ ضَاحِكَ الثَّغْرِ بَاسِمُ *** يَوْمَ مِيلادِ بِنْتِ أَحْمَدَ فَاطِمُ
مَلأ العَالَمِينَ نُورُسَنَاها *** أَي نُورٍ مَلاً سَنَاهُ العَوَالِمْ(1)
زَهْرَةٌ فَتَحَتْ بِرَوْضِ قُرَيْشٍ *** فِي عُلاَ الدَّوْحَةِ الشَّرِيفَةِ هَاشِمُ
بَسَقَتْ لِلسَّمَاءِ مَجْداً وَ عِزَّاً *** وَ عُلَى وَ هْيَ فِي كُمَامِ البَرَاعِمْ
إِن تَسَلْنِي أُنْبِتكَ عَنْهَا فَإِنِّي *** مَا أَنَا اليَوْمَ عَنْكَ ذلِكَ كَاتِمْ
هِيَ إِحْدَى الأَشْبَاحِ إِذْ قَدْ تَجَلَّتْ *** يَمْنَةَ العَرْشِ كَالنُّجُومِ لَآدَمُ(2)
ص: 321
حَدَرَتْ مِنْ سَمَا الوُجُودِ تَهَادَى *** مِنْ كَرِيمٍ لأُمَّهَاتِ كَرَائِمُ(1)
مِنْ أَبٍ سَابِقٍ وَ أُمْ أَصِيلٍ *** مِنْ لَدَى المُبْتَدَا لآخَرَ خَاتِمْ
ظهُرَتْ مَحْئِداً وَ نَفْساً وَ طَابَتْ *** وَ تَعَالَتْ مَنَاقِباً وَ مَكَارِمُ(2)
وهيَ لَوْلاً أَنَّ الوَصِيَّ عَلِيٌّا *** خِيرَةُ العُرْبِ كُلِّهَا وَ الأَعَاجِمُ
كُفُؤُهَا لَمْ يَكُنْ لِفَاطِمَ كُفْوٌ *** إِنَّ عَنْ كُفْرِهَا النِّسَاءَ عَقَائِمُ(3)
فَتَجَلَّى الوَحْيُ المُبِينُ فَوَفَّى *** مَادِحاً صَادِعاً يَشُقُ الصَّلادِمُ(4)
يُلْزِمُ المُسْلِمِينَ فَرْضُ وَلاهَا *** وَ جَدِيرٌ بِأنْ تُوَالِي الأعَاظِمُ
مُعْلِناً طُّهرَها وَ أَنَّى لِبنْتٍ *** المُصْطَفَى المُجْتَبى اقْتِرَافُ المَائِمُ؟
ص: 322
(بحر الوافر)
الشيخ حسن البحراني القيسي(*)(1)
فَبِالزَّهْرَا مُصِيبَتُنَا عَظِيمَهْ *** وَ أَدْمُعُنَا حَكَتْ سُحُباً سَجِيمَهْ(2)
نَحِنُّ لَهَا وَ حُقَّ لَنَا بُكَانَا *** إِذَا ذُكِرَتْ مَصَائِبُهَا الأَلِيمَهْ
أَلاَ يَا وَيْلَتَا رُوحِي فِدَاهَا *** وَ أَحْزَانِي عَلَيْهَا مُسْتَقِيمَهْ
إِذَا ذُكِرَتْ يَحِنُّ لَهَا فُؤَادِي *** وَ أَنْدُبُهَا كَمَا تَبْكِي السَّقِيمَهْ
إِذَا جَنَّ الدُّجَى حَنَّتْ وَ أَنَّتْ *** فَيَا حُزنَاً لَهَا وَ هِيَ الكَرِيمَهْ
تُنَادِي: يَا أَبِي وَحِمَايَ مَنْ لِي *** إِذَا أَبْدَى الظَّلامُ لَنَا نُجُومَهْ؟
أبِي خَلَّفْتَنِي يَا نُورَعَيْنِي*** كَنَوْحٍ حَمَامَةٍ أَبْكِي يَتِيمَهْ
وَ هذِيْ أَدْمُعِي تَجْرِي بِخَدي *** لِفَقْدِكَ مِثْلَ عَادِيَةٍ عَمِيمَهْ(3)
وَ ذِي عَيْنِي مِنَ التَّسْكَابِ حَمْرَا *** تَسِيلُ دَماً وَ تَهْمِلُ مُسْتَدِيمَهْ(4)
فَمِثْلُكَ يَا أَبِي مَنْ لِي رَحِيمٌ *** وَ مَنْ لِي مِثْلُ نَفْسِكَ مِنْ رَحِيمَهْ؟(5)
ص: 324
أُمَثْلُ حُزْنَهَا مُذْ فَارَقَتْهُ *** فَعَادَتْ بَعْدَ فُرْقَتِهِ سَقِيمَهْ
إذَا نَظَرَتْ إِلَى المِحْرَابِ نَادَتْ *** بِصَوْتٍ مِثْلَمَا نَاحَتْ سَلِيمهْ(1)
و أَدْمُعُهَا تَسِيلُ بِلَاانْقِطَاعٍ *** كما تجْرِي مِنَ الأنظار دِيمَهْ(2)
فَيَا سِنَّ النِّسَاءِ وَمَنْ أَبُوهَا *** أَيَادِيهِ عَلَى الدُّنْيَا عَمِيمَهْ
عَلَيْكِ صَلاةُ رَبِّي مَا تَرَامَتْ *** نُجُومُ الأُفُقِ رَامِيَةً رَجِيمَهْ(3)
ص: 325
(بحر البسيط)
الشيخ حسن البحراني القيسي(*)(1)
الدَّمْعُ مِنّي عَلَى الخَدَّيْنِ مُنْسَجِمُ *** وَ القَلْبُ مِنِّي بِنَارِ الحُزْنِ مُضْطَرِمُ(2)
أَبْكِي كَمَا نَاحَ تُمْرِيٌّ عَلَى شَجَرٍ *** يَحْدُو بِجُنْح دُجى تَنْتَابُهُ الظُّلَمُ(3)
يَبْكِي وَ يَنْدُبُ إِلفاً شَطَ مُبْتَعِداً *** عَنْهُ فَلَذَّ لَهُ التَّغْرِيدُ وَ النَّغَمُ
مَنْ لِي بِسَلْوَةِ قَلْبٍ فِيهِ قَدْ لَعِبَتْ؟ *** مِنَ الخُطُوبِ رَزَايَا كُلُّهَا أَلَمُ
وَ مُهْجَةٌ بِضِرَامٍ كُلُهَا سُعُرٌ *** كَأَنَّهَا بِلَهِيبِ الجَمْرِ تَحْتَدِمُ
بِاللَّهِ بِاللَّهِ يَا خِلِّي أَلَمْ تَرَنِي *** أَرْعَى النُّجُومَ وَ دَمْعُ العَيْنِ يَنْسَجِمُ؟
مَا مَرَّ جَفْنِي هُجُوع لا وَ لاَوَسَنٌ *** وَ لَمْ يَطِبْ لِي نَعِيمٌ لاوَ لانِعَمُ(4)
فَقَالَ مَا تَشْتَكِي بِاللَّهِ قُلْ فَأَرَى *** عَلامَةَ الوَجْدِ فِي خَدَّيْكَ تَرْتَسِمُ
أَهَلْ شَجَتْكَ لَيَالٍ قَدْ نَعِمْتَ بِهَا *** فَفَارَقَتْكَ فَدَمْعُ المُقْلَتَيْنِ دَمُ؟
أَم الأحَبَّةُ شَطُوا عَنْكَ وَ ارْتَحَلُوا *** فَسَارَ يَطْوِي فَيَا فِي البِيدِ رَكْبَهُمُ(5)
فَيَافِي فَقُلْتُ حَاشَا وَكَلا مَا شَجَيْتُ لِذَا *** وَ لاَ لِهَذَا وَ إِنْ قَدْ مَضٌ بُعْدُهُمُ
ص: 326
لكِنْ شَجَانِي مَا أَشْجَى البَتُولَةَ بِنْتَ *** المُصْطَفَى خَيْرَ مَنْ دَاسَتْ لَهُ قَدَمُ
أَرْضَ البَسِيطَةَ فَاهْتَزَّتْ جَوَانِبُهَا *** بِعَدْلِهِ وَانْجَلَتْ عَنْ وَجْهِهَا الغُمَمُ
أَبْكِي لَهَا وَ عَلَيْهَا كَيْفَ قَدْ جُمِعَتْ *** مَصَائِبٌ كَظَلامِ اللَّيْلِ تَزْدَحِمُ؟
تَبْكِي فَيُشْجِي بُكَاهَا القَلْبَ إِنْ نَحَبَتْ *** وَ الدَّمْعُ فِي صَحْنِ خَدَّيْهَا لَهُ كُلُمُ(1)
تَدْعُو:أَبِي يَا أَبِي ضَيَّعْتَنِي فَأَنَا *** مِنْ بَعْدِ فَقْدِكَ تَكْلَى شَفَّنِي السُّقُمُ(2)
يَا وَالِدِي تِلْكَ أَطْفَالِي فَلَيْتَ تَرَىٰ *** عَلَيْهِمُ كَيْفَ لاَحَ الضُّرُّ وَ اليُتُمُ
وَ تِلْكَ رَيْحَانَنَاكَ الطَّاهِرَانِ هُمَا *** يَسْتَصْرِخَانِ وَ فِي قَلْبَيْهِمَا ضُرَمُ
وَ يَنْدِبَانِ أَلاَ يَا جَدُّ لَيْسَ لَنَا *** مِنْ بَعْدِ فَقَدِكَ أَفرَاحٌ وَ مُبْتَسَمُ
يَا بِنْتَ خَيْرِ نَبِيَّ كُلُهُ كَرَمٌ *** وَ لِلْبَرِيَّةِ حَقاً فَضْلُهُ عَمَمُ
هَذِي رَزَايَاكِ أَبْكَتْنَا فَأَدْمُعُنَا *** لِرُزَيكُمْ وَ لِما قَدْ نَالَكُمْ دِيَمُ
أَبْكِيكِ مَكْسُورَةَ الطِّلْعَيْن بَاكِيَةً *** بَيْنَ الجِدَارٍ عَلَيْكِ القَوْمُ قَدْهَجَمُوا
أبْكِيكِ وَ الصَّدْرُ فِيهِ لَوْعَةٌ وَ شَجَا *** قَدْ سَالَ مِنْ وَ حْزَةِ المِسْمَارِ مِنْهُ دَمُ
قَدْ أَسْقَطُوكِ جَنِيناً كَانَ أَحْمَدُ قَدْ *** سَمَاهُ مُحْسِنَ لَمّا بَيْتَكِ اقْتَحَمُوا(3)
ثُمَّ انْتَنَوا لأمير المُؤْمِنِينَ وَقَدْ *** قَادُوهُ وَ هُوَ الإِمَامُ الطَّاهِرُ العَلَمُ
فَرُحْتِ خَلْفَهُمُ تَدْعِينَ نَادِبَةً: *** خَلُوا ابْنَ عَمِّي، وَمِنْكِ الدَّمْعُ مُنْسَجِمُ
خَلُوا عَلِيّاً وإلا قُمْتُ شَاكِيةً *** إِلَى الإِلهِ فَيُفْنِي اليَوْمَ جَمْعَكُمُ
رَوَّعْتُمُ صِبْيَتِي يَبْكُونَ وَ الِدَهُمْ *** لأَدْعُوَنَّ عَلَيْكُمْ لاأَبا لَكُم
رَدُّوا إِلَيْكِ وَرَاحَ السَّوْطُ مُلْتَوِياً *** عَلَيْكِ قَسْراً وَ مَا رَاعَاكِ جَمْعُهُمُ
ص: 327
يَا سَوْطَ قُنْفُذَ قَدْ أَلَمْتَ فَاطِمَةً *** عَادَتْ وَفِي مَتْنِهَا كَالدُّمْلُحِ الوَرَمُ(1)
ص: 328
يَا بِنْتَ أَحْمَدَ يَا مَنْ فَضْلُهَا أَبداً *** بَادٍ مَدَى الدَّهْرِ فِي أَنْوَارِهِ عَلَمُ
مَا مَرَّ رُزُوكِ يَا بِنْتَ النَّبِيِّ عَلَى *** قَلْبِي وَحَقِّكِ إِلا انْتَابَهُ الأَلَمُ
صَلَّى اللهُ عَلَيْكُمْ مَا بَدَا قَمَرٌ *** بِجُنْحِ لَيْلٍ وَ عَنْهُ انْجَابَتِ الظُّلَمُ(1)
ص: 329
(بحر الكامل)
الشيخ حسن البحراني القيسي(*)(1)
مَنْ ذَاكَ يَعْذِرُنِي مِنَ الأَيَّامِ؟ *** فِيهَا طَغَى وَجْدِي وَزَادَ سَقَامِي
أَنَا كُلَّمَا حَاوَلْتُ مِنْهَا مَهْرَباً *** جَارَتْ عَلَيَّ بِجَيْشِهَا المِقْدَامِ
وَ الدَّهْرُ يُسْعِفُهَا عَلَيَّ فَتَنْثَنِي *** تَعْدُو عَلَيَّ كَعَدْوَةِ الصِّرْ غَامِ(2)
مَا لِلزَّمَانِ بِجَوْرِهِ وَ عِنَادِهِ *** كَالذُّنْبِ إِذْ يَعْدُو عَلَى الأَغْنَامِ
يَقْسُو عَلَيَّ فَسَاوَةً فَتَخَالُهُ *** دَيْناً يُطَالِبُنِي مَدَى الأَعْوَام
الأَنْنِي أُرْخِي إِلَيْهِ جَوَانِبِي *** وَ أَلِينُ مِثلَ تَلايُنِ الآجَامِ؟
أمْ أَنَّ دَهْرِي تَابِعُ أَبْنَاءَهُ *** يُجْزُونَ بِالسُّوأى عَلَى الإِنْعَام؟
هَيْهَاتَ لاتَعْجَبْ لِدَهْرِكَ إِنْ قَسَا *** فَالدَّهْرُ شِيمَتُهُ طِبَاعُ لِئَامِ
فَالدَّهْرُ لاَتَأْمَنُهُ مِنْ خُدَع فَلا *** يَرْعَى إِلَيْكَ الدَّهْرُ أَيَّ ذِمَامِ(3)
أَوَمَا رَأَيْتَ فِعَالَهُ بِبَنِي الهُدَى *** آلِ النَّبِيِّ وَ صَفْوَةِ العُلامِ؟
وَ لَقَدْ رَمَى قَلْبَ البَنُولَةِ فَاطِمٍ *** بِمَصَالِبٍ وَ نَوَائِبٍ كَسِهَامِ
فَقَدَتْ أَبَاهَا وَ الشَّجَاءُ أَمَضَّهَا *** وَ الهَمُّ عَاجَلَ جِسْمَهَا بِسَقَامِ
ص: 330
فَإِذَا بِهَا مِمَّا عَرَاهَا مِنْ أَسَى *** وَ شَجِّى تَنُوحُ لَهُ كَنَوح حَمَامِ
فَتَرَى المَنَازِلَ وَحْشَةً مِنْ بَعْدِهِ *** وَ ضِيَاءَهُ مُسْتَبْدَلاً بِظَلامِ
لَمْ أَنْسَهَا إِذْ أَقْبَلَتْ لِضَرِيحِهِ *** وَ لِقَبْرِهِ ذَاكَ الضَّرِيحُ السّامِي
أخَذَتْ تُرَابَ القَبْرِ تَنْشُقُ عِطْرَهُ *** وَ الدَّمْعُ فِي الوَجَنَاتِ سَيْلٌ هَامِي
يَا وَالِدِي ضَيَّعْتَنِي أَوْ حَشْتَنِي *** اثْكَلْتَنِي يَا صَفْوَةَ العَلامِ
يَا وَالِدِي الْفُرْ إِلَيَّ حَزِينَةً *** أَضمَتْ فُؤَادِي لَوْعَةُ الآلامِ(1)
مَكْسُورَةَ الأَضْلاعِ جِسْمِي نَاحِلٌ *** وَ مَدَامِعِي حُمْرٌ تَسِيلُ دَوَامِ(2)
مَلْطُومَةً عَيْنِي أَحِنُّ تَألُّماً *** مَنَعَتْ شُجُونِي سَلْوَتِي وَ مَنامِي
يَا وَالِدِي امْنُنْ عَلَيَّ بِنَظْرَةٍ *** تَشْفِي بِهَا قَلْبِي مِنَ الأَسْقَامِ
يا وَالِدِي جُدْ بِالجَوَابِ عَلَى الَّتِي *** رَبَّيْتَهَا فِي العِز وَالإِكْرَامِ
يَا وَالِدِي يَا خَيْرَ ذُخْرِ كُنْتَ لِي *** يَا وَالِدِي انْظُرْ إِلَى أَيْتَامِي
أنْظُرُ لأطْفَالِي وَ قَدْ رَبَّيْنَهُمُ *** فِي حِجْرِكَ المَيْمُونِ بِالإنْعَامِ
ص: 331
عَادُوا يَتَامَى بَعْدَ فَقْدِكَ دَمْعُهُمْ *** يَجْرِي عَلَى الخَدَّيْنِ مِثْلَ غَمَامِ
اللَّهُ مَا أَدْهَى مُصَابَكَ فَاطِمٌ *** يَنْهَد مِنْهُ شِمَامُ كُلّ شِمَام
ثُمَّ الصَّلاةُ عَلَيْكِ مَا شَمْسُ الضُّحَى *** قَدْ بَدَّدَتْ بِالنُّورِ وَجْهَ ظَلامِ(1)
ص: 332
(بحر الخفيف)
الشيخ حسن الجامد(*)(1)
يَا إِمَاماً بِهِ الوُجُودُ اسْتَقَامًا *** قُمْ سَرِيعا وَ اسْتَنقِذ الإِسْلَامَا
كُلُّ عَامِ بَلْ كُلُّ يَوْمٍ جَدِيدٍ *** مِنْكَ نَرْجُو يَابْنَ النَّبِيِّ القِيَامَا
الوحى الْوَحَى يَا نَجْلَ طَهَ *** عَلَّنَا نَشْتَفِي وَ نَقْضِي المَرَامَا(2)
أفَتَنْسَى مَا قَدْ جَرَى بَعْدَ طَهَ *** مِنْ خُطُوبِ تُحَبرُ الأَحْلامَا؟
نَكَثَ القَوْمُ بَيْعَةَ المُرْتَضَى الهَادِي *** وَ لَمْ يَرْقُبُوا لِطه دِمَامَا(3)
ص: 333
عزلُوا حَيْدَراً وَ قَدْ أَخَرُوهُ *** عَنْ مُقَامِ فِيهِ الإِلهُ أَقاما
وَ أَتَوْا دَارَهُ وَ جَرُّوهُ حَتَّى *** أَخْرَجُوهُ مَلبَّباً مُسْتَضَاما(1)
وَ البَتُولُ العَذْرَاءُ بَضْعَةٌ طَهَ *** كَابَدَتْ مِنْهُمُ أُمُوراً عِظَاما
غَصَبُوا إِرْثَهَا عِنَاداً وَ ظُلْماً *** لَطَمُوا خَدَّهَا وَ رَضُوا العِظَاما
أَسْقَطُوهَا وَ قَنَّعُوا مَتْنَهَا السَّامِي *** وَ لَمْ يَجْعَلُوا لِطهَ احْتِراما
ثُمَّ عَاشَتْ بِالذُّلْ وَ الهَضْمِ حَتَّى *** لَحِقَّتْ بِالنَّبِيِّ تَشْكُو اهْتِضَاما(2)
ص: 334
ص: 335
(بحر الخفيف)
الشيخ الملا حسن عبد الله آل جامع
كَيْفَ يَهْتَىٰ جِسْمِي بِطِيبِ مَنَامِ *** وَ نَبِيُّ الهُدَى طَرِيحُ سَقَامِ؟(1)
فَلَقَدْ كَابَدَ الأذِيَّةَ وَ التَّكْذِيبَ *** فِي بَدهِ دَعْوَةِ الإسلام
مِنْ قُرَيْشٍ وَكُلِّ رِجْسٍ غَوِيٍّ *** قَابَلَ المُصْطَفَى بِأَقْسَى الكَلامِ(2)
كَمْ أَرَادُوا قَتْلَ النَّبِيِّ مِرَاراً *** وَ لَهُ اللَّهُ نَاصِرٌ وَ مُحَامِي
حَجَّ حِجَ الوَدَاعِ عَنْ أَمْرِ *** مَوْلاَهُ لِإِثْبَاتِ حُجَةٍ وَ مَقَامِ
فَقَضَى حِجَّهُ وَأَوْضَحَ لِلنَّاسِ *** جَمِيعَ الأُمُورِ فِي الأحْكَامِ
وَانْثَنَى رَاجِعاً وَقَدْ جَاءَ جِبْرَئِيلُ *** رَسُولاً مِنْ رَبِّهِ بِالسَّلاَمِ
قَائِلاً: أَيُّهَا الرَّسُولُ فَبَلِّغْ *** شِرْعَةَ اللَّهِ فِي عَلِيِّ الإِمَام(3)
وَ انْصِبِ المُرْتَضَى عَليًّا إِمَاماً *** ذَاكَ أَمْرُ المُهَيْمِنِ العَلامِ
وَ أَتَتْهُ عَلَى مَشَارِفِ خُمِّ *** عِصْمَةُ اللَّهِ مِنْ جَمِيعِ الأَنَامِ(4)
أمَرَ النَّاسَ بِالنُّزُولِ فَلَبَّوا *** طاعةٌ لِلنَّبِي نَسلِ الكِرام
نَصَبُوا مِنْبَرَ الحَدَائِج وَ الكُورِ *** لِخَيْرِ الوَرَى النَّبِيِّ التَّهَامِي(5)
ص: 336
فَرَقَى فَوْقَهُ النَّبِيُّ وَ أَرْقَى *** المُرْتَضَى الطُّهْرَ فَارِسَ الإِسْلامِ
وَ دَعَاهُمْ أَلا أَنْصِتُوا لِمَقَالِ *** أَنَا مُلْقِيهِ بَيْنَكُمْ فِي مُقَامِي
رَافِعَاً فِي الجُمُوعِ كَفَّ عَلِيَّ *** سَيِّدِ الأَوْصِيَاءِ بَدْرِ التَّمَامِ
إِنَّ هذا خَليفَتِي وَ وَصِيَّي *** وَ وَزِيرِي و ناصري في الزَّحامِ
إِنَّ هَذَا مَوْلاكُمُ وَ وَلِيُّ *** الأَمْرِ بَعْدِي وَ حُجَّةُ العَلامِ
فَأَجَابُوهُ: إِنَّنَا قَدْ سَمِعْنَا *** وَ أَطَعْنَاكَ فِي جَمِيعِ الكَلاَمِ
بَايَعُوا المُرْتَضَى وَ بِالحِقْدِ أَخْفُوا *** مَا أَكَنَّتْ صُدُورُهُمْ مِنْ مَرَامِ(1)
ثُمَّ لَمَّا مَاتَ النَّبِيُّ المُفَدَّى *** سارَعُوا بِالأَذَى لِذَاكَ الإِمَامِ
قَبْلَ أَنْ يُودَعَ النَّبِيُّ بِقَبْرٍ *** نَكَثُوا بَيْعَةَ الإِمَامِ الهُمَامِ
ثُمَّ جَاءَتْ لِبَيْنِهِ وَ أَدَارَتْ *** خَطَبَ الجَزْلِ عُصْبَةُ الأَثَامِ(2)
فَانْثَنَتْ فَاطِمُ البَتُولُ وَ نَادَتْ *** مَا تُرِيدُونَ مِنْ عَلِيِّ المُقَامِ؟
ص: 337
فَدَعَا بَعْضُهُمْ عَلَيَّ بِنَارٍ *** أَوْعَلِيُّ يُقَادُ بِالإِرْغَامِ(1)
فَأَتَتْ فَاطِمُ البَتُولُ لِلبَابِ *** وَلاَذَتْ بِهِ عَنِ الأقوامِ
هَجَمَ القَوْمُ وَ البَتُولُ تَوَارَتْ *** وَ هْيَ مِصْدَاقُ عِفّةٍ وَ احْتِشامِ
عَصَرُوهَا وَ مُحْسِناً أَسْقَطُوهَا *** وَ عَلِيَّا قَادُو بِحَبْلِ الحُسَامِ(2)
كَسَرُوا ضِلْعَهَا فَيَا لَهْفَ نَفْسِي *** لِلَّذِي نَالَهَا مِنْ الآلامِ
رَوَّعُوهَا وَ عَيْنَهَا لَطَمُوهَا *** وَ دَعَوهَا رَهِينَةَ الأَسْقَامِ
فَقَضَتْ بِالأَسَى وَ بِالهَضْم حَتَّى *** لَحِقَتْ بِالنَّبِيِّ عِنْدَ السَّلامِ
وَ كَأَنِّي بِهَا اشْتَكَتْ مَا عَرَاهَا *** لأَبِيهَا مِنَ البُغَاةِ اللِّئَامِ(3)(4)
ص: 338
(بحر الطويل)
الشيخ حسن علي الخطي
وَ مَنْ يَنْظُرِ الدُّنْيَا بِعَيْنِ بَصِيرَةٍ *** يَجِدْهَا أَغَالِيطاً وَ أَضْغَاثَ حَالِمِ(1)
وَ يُوقِظُهُ نِسيانُ مَا قَبْلَ يَوْمِهِ *** إِلَى أَنَّهَا مَهمَا تَكُنْ طَيْف نَائِمِ
وَلكِنَّهَا سَحَّارةٌ تُظهِرُ الفَنَا *** بِصُورَةِ مَوْجُودٍ بِقَالَبٍ دَائِمِ
وَ لافَرْقَ فِي التَّحْقِيقِ بَيْنَ مَرِيرِها *** وَ مَا يُدْعَى حُلُوا سِوى وَ هُم وَاهِم
فَكَيْفَ بِنُعْمَاهَا يُغَرُ أَخُوحِجَى *** فَيَقْرَعُ إِنْ فَاتَتْ لَهَا سِنَّ نَادِمِ؟(2)
وَ هَلْ يَنبَغِي لِلْعَارِفِينَ نَدَامَةً *** عَلَى قَائِتٍ غَيْرَ اكْتِسَابِ المَكَارِمِ؟
وَ مَا هَذِهِ الدُّنْيَا بِدَارِ اسْتِرَاحَةٍ *** وَ تَحْصِيلِ لَذَّاتٍ لِغَيْرِ البَهَائِم
عَلَى قَدْرِ بُعْدِ المَرْءِ مِنْهَا ابْتِعَادُهُ *** عَنِ الرُّوحِ وَ اللَّذَاتِ ضَرْبَةُ لأَزِمِ
أَلَمْ تَرَ آلَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَاكَمَتْ *** عَلَيْهِمْ صُرُوفُ الدَّهْرِ أَي تَرَاكُمِ؟(3)
أَمَا شَرَقَتْ بِنْتُ النَّبِيِّ بَرِيقَهَا *** وَ جَرَّعَهَا الأَعْدَاءُ طَعْمَ العَاقِمِ؟(4)
ص: 339
أَمَا عُصِرَتْ بَيْنَ الجِدَارِ وَ بَابِهَا *** أَمَا نَبَتَ المِسْمَارُ فِي صدرِ فَاطِمِ؟(1)
أَمَا أَسْقَطُوهَا لاَرَعَى اللَّهُ قَوْمَهَا *** جَنِينَ حَشَاهَا مُحْسناً يَا لِهَاشِمِ؟(2)
ص: 340
أَمَا رُوِّعَتْ بِالسَّوْطِ قنع رَأْسِهَا *** وَ وَشَّحَ مَثْنَيْهَا بِهِ شَرُّ غَاشِمِ؟(1)
ص: 341
أَمَا نَابَتِ الكَرارَ مِنْهَا نَوَائِبُ *** نَوَائِبُ لكِنْ عَنْ سُمُوم الأَرَاقِمِ؟(1)
أَمَا قَيَّدُوهُ فِي حَمَائِلِ سَيْفِهِ *** لأَخْبَثِ ضِلَّيلِ وَ أَخْبَثِ ظَالِمِ؟
أَمَا أَوْقَفُوهُ لاَرَعَى اللَّهُ قَوْمَهُ *** عَلَى رَأْسِ عِجْلِ القَوْمِ وَقْفَةَ آثِمِ؟
أَلَمْ يَعِدِ الزَّاكِي ابْنَهُ وَ هُوَ مُلْجَأَ *** إِلَى سِلْم حَرْبٍ وَ هُوَ غَيْرُ مُسَالِمِ؟
أَمَا هَجَمُوا فُسْطَاطَهُ وَ تَنَاهَبُوا *** بِهِ رَحْلَهُ نَهْبَ الغُزَاةِ الغَنَائِمِ؟
أَمَا دَسَتِ الأعدا لَهُ السُّمَّ غِيلَةً *** فَأَلْقَى بِهِ فِي الطَّشْتِ قَلْبُ المَكَارِم؟
أَمَا رَشَفُوهُ النَّيْلَ وَ هُوَ جَنَازَةٌ *** عَلَى النَّعْش لابَلْ فَوْقَ هَام النَّعَائِمِ؟
وَ إِنْ أَنسَ لا أَنْسَى الحُسَيْنَ وَ قَدْ غَدَا *** عَلَى رَغْم أَنْفِ الدِّينِ نَهْبَ الصَّوَارِمِ
قَضَى بَعْدَ مَا ضَاقَتْ بِهِ سَعَةُ الفَضَا *** فَضَاقَ لَهُ شَجْراً فَضَاءُ العَوَالِمِ
قَضَى بَعْدَ مَا اسْوَدَّ النَّهَارُ بِوَجْهِهِ *** عَلَى خَيْرِ صَحْبٍ مِنْ ذُؤَابَةِ هَاشِمِ(2)
قَضَى وَ هُوَ حَرّانُ الفُؤَادِ مِنَ الظَّمَا *** عَلَى غُصَصٍ فِيهَا قَضَى كُلُّ هَاشِمِ
فَمَا لِنِزارٍ لاَتَقُومُ بِثَارِهَا *** فَتُرْضِعُ حَرْباً مِنْ ضُرُوعَ اللَّهَاذِمِ(3)
وَ تَمْلَؤُها خَيْلاً قَدْ تَسَابَقَ طَرْفُهَا *** عَلَى آلِ حَرْبٍ تَحْتَ أَسْدِ ضَرَاغِمِ
فَتُوطِئَ هَاتِيكَ السَّنَا بِكُ هَامَهُمْ *** كَمَا أَوْظَؤُوهَا صَدْرَ سَيْدِ هَاشِمِ(4)
هَل اسْتَبْدَلَتْ بِاللَّطْمِ فَوْقَ وُجُوهِهَا *** عَنِ الضَّرْبِ بِالأَسْيَافِ وَجْهَ الضَّيَاغِمِ؟
وَ هَلْ رَضِيتَ عَنْ سَفْكِ آلِ أُمَيَّةٍ *** دِمَاهَا بِإِجْرَاءِ الدُّمُوعِ السَّوَاجَمِ؟(5)
هُبُوا القَتْلَ فِيكُمْ سِيرَةٌ مُسْتَمِرَةً *** فَهَلْ عَرَفْتَ كَيْفَ السَّبْيَ ابنةُ فَاطِمِ؟
ص: 342
أَهَانَ عَلَيْكُمْ أَنَّهَا بَيْنَ شَامِتٍ *** يُرَوِّعُهَا شَانٍ وَآخَرُ لاَطِمِ
أَهَانَ عَلَيْكُمْ أَنَّهَا اخْتَلَفَتْ عَلَى *** مَقَانِعِهَا الأَيْدِي كَسَبْيِ الدَّيَالِم
أَهَانَ عَلَيْكُمْ هَجْمَةُ الخَيْلِ خِدْرَها *** كَأَنْ لَمْ يَكُنْ ذَاكَ الخِبَا خِدْرَ هَاشِمِ؟
لَهَا اللَّهُ مِنْ مَذْعُورَةٍ حِينَ أَضْرَمُوا *** عَلَيْهَا فَفَرَّتْ كَالحَمَامِ الحَوَائِمِ
لَهَا اللَّهُ حَسْرَى قَدْ تَقَطَّعَ قَلْبُهَا *** زَفِيراً إِلَى أنْ سَالَ عَتْباً عَلَى فَم
فَمَا بَالُ قَوْمِي لاعَدِمْتُ انْعِطَافَهُمْ *** وَ كَانُوا أُباةَ الضَّيْم مَاضِي العَزَائِمِ؟(1)
أَعَارُونِي الصَّمَا أَلَمْ يَسْمَعُوا النَّدا *** وَ فَرُّوا كَأَنْ لَمْ يَدْرُوا أَنِّي بِلاحَمي؟(2)
ص: 343
سَلِ الدَّارَ عَنْ أَرْبَابِهَا أَيْنَ يَمَّمُوا *** أَفَاجَأَهُمْ مِنْ حَادِثِ الدَّهْرِ صَيْلَمُ؟(1)
فَعَهْدِي بِهْذِي الدَّارِ تَزْهُو بِأَهْلِهَا *** وَهَا هِيَ تَحْكِي الوَيْلَ لَكِنَّهُ دَمُ
عَلَى جِيرَةِ حَازُوا الفَضَائِلَ وَ التَّقَى *** وَ لَوْلاهُمُ مَا كَانَ نُوحٌ وَآدَمُ(2)
ص: 345
وَ لَوْلاَهُمُ مَا كَانَ دَاوُودُ وَ ابْنُهُ *** وَ مَا كَانَ عِيسَى وَ البَتُولَةُ مَرْيَمُ
وَ لَوْلاَهُمُ مَا لابْنِ عِمْرَانَ نَاصِرٌ *** يُدَافِعُ فِرْعَوْناً وَ هَامَانَ مِنْهُمُ
وَ لَوْلاَهُمُ مَا لِلنَّبِيِّينَ أُسْوَةٌ *** وَلَكِنْ بِهِمْ قَدْ شُرِّفُوا حِينَ يَمَّمُوا
وَ لَوْلاهُمُ مَا كَانَ شَمْسُ مُضِينَةٌ *** وَ لَوْلاهُمُ مَا كَانَ بَدْرٌ وَ أَنْجُمُ
وَ لَوْلاَهُمُ مَا كَانَ إِنْسٌ وَ جِنَّةٌ *** وَ لَوْلاهُمُ مَا حَجَّ لِلَّهِ مُحْرِمُ
فَبُعْداً لِمَنْ عَادَاهُمْ يَوْمَ حَشرهِ *** وَ قُرْباً لِمَنْ قَدْ كَانَ يُعْزَى إِلَيْهِمُ(1)
وَ إِنْ أَنْسَ لاَأَنْسَى مُصِيبَةَ فَاطِمٍ *** هِيَ الطحيّةُ العَمْيَا بِهَا النَّاسُ قَدْ عَمُوا(2)
أَتُعْصَرُ مَا بَيْنَ الجِدَارِ وَ بَابِهَا؟ *** وَ ذَلِكَ أَمْرٌ فِي الوَصِيَّةِ مُحْكَمُ(3)
ص: 346
ص: 347
(بحر المتقارب)
الشيخ سلطان علي الصابر(*)(1)
سَلامٌ عَلَى الظُّهر بِنْتِ الْهُدَى *** سَلامٌ عَلى نورٍ أَهْلِ الْحَرَمِ
هَنِيئاً لَها مِنْ فِعَالٍ جَمِيلٍ *** نَوالِ غَزِيرٍ لَها فِي النِّعَمِ
فَخَيْرُ الْبَرايا أبوهَا الرَّسُولُ *** يَشُعُ كَبَدْرِ السَّمَا فِي الظُّلَمِ
سَلامٌ عَلى زَوْجِهَا الْمُرْتَضَى *** هِزَبْرِ النّزالِ وَ أَصْلِ الْكَرَمِ(2)
لَهَا وَلَدَانِ إماما هُدىً *** وَ لَيْثا عَرِينِ لَدَى الْمُزْدَحَمِ
وَإِنَّ الْإِبَاءَ هُما رَوَّجاه *** کَنارٍ تَراهُ بِأَعْلَى عَلَمِ
وَ ذُرِّيَّةٌ أصْلُهَا ثَابِتٌ *** وَ فَرْعٌ لَهَا فِي السَّمَاءِ أَشَمّ(3)
وَ ها لَيْلَةٌ جَمَعَتْ شَمْلَنا *** وَ نَجْمُ السُّعودِ بِها قَدْ نَجَمَ
ص: 348
فَغَرِّدْ أَيَا عَنْدَلِيبَ الْوِصالِ *** عَلَى الْأَيْكِ وَ الْبانِ ذا مُعْتَتَنم
بِميلادِها كُلُّ رَوْضِ بَهِيجٍ *** تَأَرَّجَ مِسْكاً لَها وَ ابْتَسَم
فَدارَ الرَّحِيقُ الْمُصَفَا الرَّقِيقُ *** عَلى نَشْوَةٍ ذُقْتُهُ بِالنَّغَمِ
وَ صَلَّى الْإِلَهُ عَلى أَحْمَدٍ *** إِذا مَا اسْتَوى نَظْمُ دُرٍ وَتَمِ
وَ سُلْطانُ عَبْدَ لدى بابِهِ *** عَلى تُرْبِهِ كَمْ بَكَى وَ الْتَثَمْ(1)
ص: 349
(بحر البسيط)
الأستاذ سلمان الربيعي(*)(1)
أَيُّ الفَضَائِل فِيها يَبْدَأُ الكَلِمُ *** وَ هَلْ يُوَفِّي إِذَا مَا دَوِّنَ القَلَمُ؟
و كَيْفَ يُوصَفُ يَوْمٌ شَعَّ مُؤْتَلِقاً *** بِهِ العَقِيدَةُ لِلإِسْلاَمِ تَبْتَسِمُ؟
حَيْثُ السُّرُورُ وَقَدْ لاَحَتْ بَوارِقُهُ *** عَلَى مُحَيّا رَسُولِ اللَّهِ تَرْتَسِمُ(2)
وَ مَكَّةُ مَا رَأَتْ فِي أُفُقِها أَبداً *** نُوراً كَنُورِ الَّتِي تُجلَى بِهِ الظُّلَمُ
نُورٌ تَلأَلأَ فِي أَرْوَاحِ مَنْ جَعَلُوا *** حُبَّ البَتُولِ نَجاةً مِنْ لَظَى لَهُمُ
فَلَيْسَ يَخْشَى امْرُؤٌ فِي الدَّهْرِ طارِقَةٌ *** مادامَ بِالمُصْطَفَى والآلِ يَعْتَصِمُ
***
یا ساقِیَيَّ اسْقِيانِي تَرُوِيا ظَمَئِي *** فَبَيْنَ جَنْبَیَّ نارُ الوَجْدِ تَضْطَرِمُ
فَما عَهِدْتُكُما أَنْ تُحْرِقا شَفَةً *** لَوْ لاَمَسَتْها شِفاهُ الكَأُسِ تَبْتَسِمُ
مِنْ حُبِّ فاطِمةٍ كَأْساً إِذَا ارْتُشِفَتْ *** تُجْلَىٰ هُمُومِي بِهَا تَالِلَّهِ وَالسَّقَمُ
لاَ تَسْقِيَانِي سِوَى ما يُذْهِبَنْ شَجَنِي *** فَأَطْيَبُ الكَأْسِ مَا يُنْسَى بِهِ الأَلَمُ
وَأَسْمِعَانِي مِنَ الصَّدّاحِ زَغْرَدَةً (3) *** فَلَيْسَ يَحْلُو لِقَاءٌ ما بِهِ نَغَمُ
إِنّي وَإِنْ كُنْتُ لِلأَحْزَانِ مُرْتَهَناً *** يَنْتَابُنِي الغَمُّ وَاللَّأَوَاءُ وَالسَّأَمُ(4)
ص: 350
فَكَلْكَلِي بَاتَ هذَا اليَوْمَ مُنْشَرِحاً *** حَيْثُ المَبَاهِجُ وَالآلآءُ وَالكَرَمُ(1)
يَوْمٌ بِهِ بَضْعَةُ المُخْتَارِ قَدْ وُلِدَتْ *** لِيُولَدَ الحَقُّ وَالإِيمَانُ وَالنَّعَمُ
مَا كَانَ أَعْظَمَهُ يَوْماً غَدَاةَ سَما *** لِلدِّينِ وَ المُصْطَفَى فِي مَكَّةٍ عَلَمُ !
فَالشَّانِئُونَ شَتَاتٌ بَعْدَ جَمْعِهِمُ *** وَظَهْرُ مَنْ شَانَأَ المُخْتَارَ مُنْقَصِمُ
ما ضَرَّ فاطِمَةً مِنْ كَوْنِهَا امْرَأَةً *** إِنْ صَرَّحَتْ بِاسْمِهَا الآيَاتُ وَالحِكَمُ؟(2)
ما ضَرَّها وَهْيَ لِلنِّسْوَانِ سَیِّدةٌ *** وَكُلُّ مَنْ فِي الوَرى طُرّاً لَهَا خَدَمُ؟(3)
تَبْقَى البَتُولُ وَيَبْقَى حُبُّها سَبَباً *** يَوْمَ الجَزَاءِ بِهِ تَسْتَشْفِعُ الأُمَمُ(4)
***
ما لِي إِذَا قُلْتُ قَوْلَ الحَقِّ عَنَّفَنِي *** بَعْضُ الأُنَاسِ وَمِنْ آرَائِي انْتَقَمُوا؟
أَلَمْ تَمُتْ خِيرةُ النِّسْوَانِ وَاحِدَةً *** عَلَى فُلاَنٍ وَمِنْ مِيراثِهَا اغْتَنَمُوا؟(5)
يَا صَاحِبِي رَايَةُ الإِسْلامِ مَا انْتَكَسَتْ *** لَوْ عَنْ أَبِيها وُلاةُ الأَمرِ ما انْفَصَمُوا (6)
ص: 351
وَاللَّهِ ما صُودِرَتْ مِنْ فاطِمٍ فَدَكٌ *** وَإِنَّما صُودِرَ الإِسْلامُ وَالقِيَمُ
وَاللَّهِ ما اقْتَحموا داراً لِفَاطِمةٍ *** وَإِنَّما بَيْتَ جِبْرِيلِ قَدِ اقْتَحَمُوا (1)
مَنْ آذَوُا المُصْطَفَى المُختارَ وَابْنَتَهُ *** وَمِنْ بَنِيها وَأَشْياعٍ لَهُمْ نَقَموا
وَصَادَرُوا حَقَّها في إِرثِ وَالدِها *** هُمْ أَرْذَلُ الناس بل شَرُّ الدواب هُمُ
يا لائِمي كَيْفَ لَمْ تَعْرفْ مَثَالِبَهُمْ *** وَالعُربُ تَعْرِفُها تَالِلَّهِ وَالعَجَمُ؟
قُلْ ما تَشَاءُ فَلاَ أَرْتَدُّ عَنْ كَلِمي *** هُمُ الرَّعادِيدُ فِي رَأْيِي وَإِنْ عَظُموا(2)
***
يَا بَضْعَةَ المُصْطَفَى يَا أُمَّ وَالِدِهَا *** إِنَّا بِمَا شَرَّعَ المُخْتَارُ نَلْتَزِمُ(3)
إِنْ فَرَّقَتْنا يَدُ الأَهْوَاءِ مِثْلَ سَبَأ *** فَلَنْ تَزِلَّ بِنَا عَنْ نَهْجِكُمْ قَدَمُ
إِنْ خَيَّرُونِي أَتَرْضَى حُبَّ فاطِمَةٍ *** أَمْ جَنَّةَ الخُلْدِ فِي حَشْرِي أَقُلْ لَهُمُ؟
حُبُّ البَتُولِ إِلَى الفِرْدَوْسِ يُرْشِدُنِي *** فَكَيْفَ يَرْضَى سِوَاهُ العَاقِلُ الفَهِمُ؟(4) (5)
ص: 352
(بحر الطويل)
السيد صالح الحلي(*)(1)
وَ لاَ بُدَّ مِنْ يَوْمِ بِهِ نَكْشِفُ الظُّلْمَا *** وَ نَمْلَؤُها (عَدْلاً) كَمَا مُلِئَتْ ظُلْما
وَنُورِدُهَا لِلْخَيْلِ شُقْراً عَلَى العِدَى *** وَلَكِنْ بِفَيْضِ النَّحْرِ نُصْدِرُهَا دُهْمَا(2)
وَنَأْتِي بِهَا شَعْوا تُثِيرُ مِنَ الثَّرَى *** سَمَاءً تَخَالُ البِيضَ فِي أُفْقِهِ(نَجْمَا)(3)
وَلاَ بُدَّ مِنْ يَوْمِ بِهِ نُرْكِزُ القَنَا *** بِصَدْرِ العِدَى وَالبِيضُ تُغْمِدُهَا الجِسْما
لَئِنْ تَدُرِ الأَيَّامُ نَسْتَوْفِ مَا مَضَى *** وَنَسْتَقْضِ مَنْ قَدْ خَصَّ مِنّا وَمَنْ عَمّا
وَنَمْلَأُ رَحْبَ الْأَرْضِ رُعْباً وَرَجْفَةً *** بِشُزَّبِ خَيْلٍ لَمْ تَزَلْ تَمْضَعُ اللُّجْما(4)
سَيَظْهَرُ (مَهْدِيُّ) الأَنَامِ وَ تَغْتَدِي *** لَنَا أَوْبَةٌ نُشْفِي القُلُوبَ بِهَا عَظْما
فَقُلْ لِبَنِي الوَرْهَاءِ أَيْنَ فِرَارُكُمْ؟ *** سَنَهْدِمُ مَا شَيِّدْتُمُوهُ لَكُمْ هَدْما(5)
أَلَمْ يَهْضِمُوا المَوْلَى الوَصِيَّ وَ يَنْقُضُوا *** شُرُوطَ الزَّكِيِّ السِّبْطِ حَتَّى قَضَى سُمَا؟
فَلَوْ أَنَّ (ثَهْلاَناً) وَرَضْوَىٰ وَ يَذْبُلاً *** حَمَلْنَ رَزَايَاهُمْ لَصَيَّرْنَهَا رَدْما(6)
فَنَحَّوْا (عَلِيًّا) وَهُوَ أَوْلاَهُمُ بِهِمْ *** وَلِلشِّرْعَةِ الغَرّا قَدِ انْتَخَبُوا (تَيْما)
بِأَقْرَبِهِمْ رُحْماً وَأَكْثَرِهِمْ عِلْماً *** وَأَقْدَمِهِمْ سِلْماً وَأَرْجَحِهِمْ حِلْما
ص: 353
بِلاَ وَازِرٍ يُمْسِي وَلاَ نَاصِرٍ لَهُ *** وَلاَ ثَائِرٍ مِنْ رحْمِهِ يَصِلُ الرَّحمَا
بِلاَ دَافِعٍ عَنْهُ وَلا جَازِعٍ لَهُ *** وَلاَ رَافِعٍ ذُلاًّ دَهَاهُ وَلاَ هَضْما
وَأَخْبَثُهُمْ أَمًّا وَأَكْثَرُهُمْ لُوْماً *** وَأَحْفَرُهمْ جِرْماً وَأَعْظَمُهُمْ(جُرْما)
يَصُولُ عَلَى مَنْ عَمَّرَ الدِّينَ سَيْفُهُ *** وَيَقْتَادُ مَوْلاَهُ (ابنُ حَنْتَمَةٍ) حَتْما
فَمَنْ يَكْشِفُ الضُّرَّ أَوْ مَنْ يُفَرِّجُ الهَمّا *** عَنِ البَضْعَةِ الزَّهْرَا إِذِ اشْتَكَتِ الضَّيما؟(1)
أَيُسْقِطُهَا حَمْلاً وَيُورِثُهَا ذُلاًّ *** وَفِيهَا أَتَتْ (قُلْ لاَ) أَمَا خَشِيَ الإِنْمَا
وَمُذْ صَدْرَهَا أَدْمَى شَكَتْ زَادَهَا لَطْماً *** وَ لِلْعَبْدِ قَدْ أَوْمَى أَلاَ رُدَّهَا رَغْما
أَبَعْصِرُهَا عَصْراً وَيُوسِعُهَا زَجْراً *** وَيَلْطُمُهَا جَهْراً عَلَى خَدِّهَا لَطْما؟(2)
ص: 354
زَوَوْا (فَدَكاً) عَنْ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّهِمْ *** وَصَارَتْ (لِتَيْمٍ وَابْنِ حَنْتَمَةٍ) طُعْما
أَتَتْ تَطْلُبُ الإِرْثَ وَتَنْدُبُ واغوثا *** بِدَمْعٍ حَكَى غَيْثاً وَقَلْبٍ وَهَى سُقْما(1)
وَ أَنْسَتْ رَزَايَا الطَّفِّ كُلَّ رَزِيَّةٍ *** أَتَتْ بَعْدَ يَوْمِ الطَّفِّ أَوْ سَلَفَتْ قِدْما
وَقَادَتْ إِلَى حَرْبِ الحُسَيْنِ جُيُوشَهَا *** (أُمَيَّةُ) حَتَّى خِلْتَ رَايَاتِهَا غَيْما
تَوَاصَتْ عَلَى قَتْلِ ابْنِ بِنْتِ نَبِيِّها *** لِتَكْسِبَ مِنْ آلِ الدَّعِيِّ بِهِ العُنْمَا
فَقَامَ عَدِيمُ النَّصْرِ يَشْحَذُ سَيْفَهُ *** بِأَجْسَامِهِمْ حَتَّى بَرَى اللَّحْمَ وَالعَضْمَا(2)
سَقَى الأَرْضَ مِنْ فَيْضِ الدِّمَاءِ بِسَيْفِهِ *** وَأَشْبَعَ وَحْشَ القَفْرِ وَالطَّيْرَ وَالرُّخْما(3)
كَرِيمٌ يُحَامِي عَنْ كَرَائِمَ أَحْمَدٍ *** وَيَكْشِفُ عَنْهُنَّ النَّوَائِبَ وَالغَمّا
وَلكِنْ أَرَادَ اللَّهُ سَبْيَ نِسَائِهِ *** إِلَى الشَّامِ حَسْرَى تَسْمَعُ السَّبَّ وَ الشَّتْما(4)
ص: 355
(بحر البسيط)
الأستاذ صالح علي الحداد
مِنْ أَيْنَ أَبْدَأُ يا شِعري وَيا قَلَمِي *** بِذِكْرِ بَضْعَةِ خَيْرِ الخَلْقِ وَالأُمَمِ؟(1)
عَنَيْتُ فَاطِمَةَ الزَّهْراءَ وَهْيَ عَلَى *** كُلِّ الأَنَامِ سَمَتْ وَالنَّاسُ فِي العَدَمِ
فَنُورُها قَبَسٌ مِنْ نُورِ وَالِدِها *** يَهْدِي إِلَى الحَقِّ فِي دُنْيَا مِنَ الظُّلَمِ(2)
فَإِنَّهَا بِنْتُ مَنْ؟ أَوْ قُلْ زَوْجَةُ مَنْ؟ *** مَنْ نَسْلُهَا إِنْ ذَكَرْتَ النَّسْلَ من شممِ؟
فَإِنَّ وَالِدَهَا خَيْرُ الأَنَامِ بِهِ *** خَتْمُ الرِّسَالاتِ فِي عُرْبٍ وَفِي عَجَمِ
وَزَوْجُها حَيْدَرُ الكَرَّارُ فِيهِ أَتَى *** فِي حَقِّهِ هَلْ أَتَى فِي مُحْكَمِ الكَلِمِ
وَسِبْطُها المُجْتَبَى أَعْنِي بِهِ حَسَناً *** كَرِيم أَهْلِ التُّقَى فِي الزُّهْدِ وَالحِلمِ
أمَّا الحُسَيْنُ فَحَدِّثُ دُونَمَا حَرَجٍ *** سَلِ البُطُولاَتِ فِي يَوْمِ الوَغَى تَنَمِ
فَإِنَّهَا مَرْكَزٌ لِلنُّورِ فَاطِمَةٌ *** وَذَا حَدِيثُ الكِسَا المَشْهُورُ كَالعَلَمِ
وَجِبْرَئِيلُ الَّذِي قَدْ جَاءَ يَطْلُبُ أَنْ *** يَكُونَ ضِمْنَهُمُ تَحْتَ الكِسَا الرَّخِمِ(3)
وَاللَّهُ أَقْسَمَ لَوْلاَهُمْ لَمَا خُلِقَتْ *** فِي الكَوْنِ أَرْضٌ وَلاَ إِنْسٌ مِنَ العَدَمِ
وَلاَ سَمَاءٌ وَلاَ طَيْرٌ وَلاَ شَجَرٌ *** وَلاَ بِحَارٌ وَلاَ جِنٌ وَذُو فَهمِ
ص: 356
جَارُوا عَلَيْهَا وَكُلُّ النَّاسِ تَعْرِفُهُمْ *** بِسَلْبِهِمْ فَدكاً عَمْداً بِلاَ ذمَمِ(1)
وَ ضِلْعَهَا كَسَرُوا وَالبَابَ قَدْ حَرَقُوا *** وَ طِفْلَهَا أَسْقَطُوا مِنْ شِدَّةِ الأَلَمِ(2)
وَ خَدَّهَا لَطَمُوا وَاللَّهِ قَدْ أَثِمُوا *** وَ حُمْرَةُ العَيْنِ مَا كَانَتْ مِنَ السُّقُمِ(3)
فَإِنَّهُمْ قَصَدُوا إِيذَاءَ وَالِدِهَا *** فَوَاضِحٌ أَمْرُهُمْ في فِعْلٍ مُنْتَقِمِ
وَعِنْدَنا البَضْعَةُ الزَّهْرَاءُ أَنَّ لَهَا *** مَكَانَةً فَوْقَ مَا نَكْتُبْهُ بِالقَلَمِ
نَرْجُو شَفَاعَتَهَا فِي الحَشْرِ حِينَ تَرَى *** يَوْمَ الحِسَابِ وَكُلُّ النَّاسِ فِي زَخَمِ(4)
فَهيَ الَّتِي جَاءَتِ الأَخْبَارُ وَاصِفَةً *** عِنْدَ المَوَازِينِ فَهْيَ الفَصْلُ إِنْ تَرُمِ(5)
وَشَبَّهُوا النَّاسَ مِثْلَ الحَبِّ تَلْقطهُمْ *** هَذَا إِلى جَنَّةِ الرِّضْوَانِ فِي نِعَمِ
أَمَّا الجَحُودُ الَّذِي عَادَى أَبَا حَسَنٍ *** مَصِيرُهُ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَهْوَ عَمِ
هذِي إِلَى النَّاسِ أَهْدِيهَا مُوضِّحَةً *** لِخَطِّ أَهْلِ الهُدَى وَالخَيْرِ وَالكَرَمِ
تَمَسَّكُوا بِوَلاَءِ الآلِ إِنَّ لَهُمْ *** وِلاَيَةَ الكَوْنِ فَاعْلَمْ ذَاكَ وَاسْتَقِمِ
مَنْ كَانَ نَاصِبَهُمْ أَوْ كَانَ مُبْغِضَهُمْ *** فَالدَّرْبُ نَحْوَهُمُ مَفْتُوحُ لِلنَّدَمِ
ص: 357
مَنْ جَاءَهُمْ تَائِباً لاَ شَكٍّ إِنَّهُمُ *** مَا رُدَّ طَالِبُهُمْ يَوْماً بِمَا يَرُمِ(1)
فَإِنَّهُمْ كَمْ عَفْوا يَوْماً وَكَمْ صَفَحُوا *** وَأَطْلَقُوا يَوْمَ فَتْحٍ جَانِبَ الحَرَمِ
هذِي سَجِيَّتُهُمْ فِي الفَضْلِ قَدْ عُرِفُوا *** لَمْ يَسْجُدوا أَبَداً يَوْماً إِلَى صَنَمِ
مَاذَا أُسَطِّرُ مِنْ شِعْرِي فَدُونَكُمُ *** (ثُمَّ اهْتَدَيْتُ) كَفَانِي القَوْلَ مِنْ كَلِمِ
ص: 358
(بحر الطويل)
أبو البحر صفوان بن
إدريس النجيبي المرسي
سَلاَمٌ كَأَزْهَارِ الرُّبَى يَتَنَسَّمُ *** عَلَى مَنْزِلِ مِنْهُ الهُدَى يُتَعَلَّمُ
عَلَى مَصْرَع لِلْفَاطِمِينَ غُيُبَتْ *** لأَوْجُهِهِمْ فِيهِ بُدُورٌ وَ أَنْجُمُ
عَلَى مَشْهَد لَوْ كُنتَ حَاضِرَ أَهْلِهِ *** لَعَايَنَتَ أَعْضَاءَ النَّبِيِّ تُقَسَّمُ
عَلَى كَرْبَلاً لاأَخْلَفَ الغَيْثُ كَرْبَلاً *** وَ إِلا فَإِنَّ الدَّمْعَ أَنْدَى وَ أَكْرَمُ
مَصَارِعُ ضَجَّتْ يَشْرِبْ لِمُصَابِهَا *** وَ نَاحَ عَلَيْهِنَّ الحَظِيمُ وَ زَمْزَمُ(1)
وَ مَكَةُ وَ الأَسْتَارُ وَ الرُّكْنُ وَ الصَّفَا *** وَ مَوْقِفُ جَمْع وَ المَقَامُ المُعَظمُ
وَ بِالحَجَرِ المَلْثُوم عُنْوَانُ حَسْرَةٍ *** أَلَسْتَ تَرَاهُ وَ هُوَ أَسْوَدُ أَسْحَمُ؟(2)
وَ رَوْضَةُ مَوْلانَا النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ *** تَبَدَّى عَلَيْهَا النُّكُلُ يَوْمَ تَخَرَّمُوا
وَ مِنْبَرُهُ العِلوِيُّ وَ الجِذْعُ أَعْوَلاً *** عَلَيْهِمْ عَوِيلاً بِالضَّمَائِرِ يُفْهَمُ
وَ لَوْ قَدَرَتْ تِلْكَ الجَمَادَاتُ قَدْرَهُمْ *** لَدُكَ حِرَاءٌ وَ اسْتُطِيرَ يَلَمْلَمُ
وَ مَا قَدْرُ مَا تَبْكِي البِلادُ وَ أَهْلُهَا *** لَآلِ رَسُولِ اللَّهِ وَ الرُّزْهُ أَعْظَمُ
ص: 359
لَوَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ يُحْيَى يُعَيْدَهُمْ *** رَأَى ابنُ زِيَادٍ أُمَّهُ كَيْفَ تُعْقَمُ
وَ أَقْبَلَتِ الزَّهْرَاءُ قُدِّسَ تُرْبُهَا(1) *** تُنَادِي أَبَاهَا وَ المَدَامِعُ منها دمُ
تَقُولُ أَبِي هُمْ غَادَرُوا ابْنَيَّ نُهْبَةً *** كَمَا صَاغَهُ قَيْسٌ وَ مَا مَجَّ أَرْقَمُ
سَقَوْا حَسَناً لِلسُّمِّ كَأْساً رَوِيَّةً *** وَ لَمْ يَقْرَعُوا سِنّاً وَ لَمْ يَتَنَدَّمُوا
وَ هُمْ قَطَعُوا رَأَسَ الحُسَيْنِ بِكَرْبَلا *** كَأَنَّهُمْ قَدْ أَحْسَنُوا حِينَ أَجْرَمُوا
فَخُذْ مِنْهُمُ ثَارِي وَ سَكُنْ جَوَانِحاً *** وَ أَجْفَانَ عَيْنِ تَسْتَطِيرُ وَ تَسْجُمُ(2)
أَبِي، وَ انْتَصِرْ لِلسِّبْطِ وَ اذْكُرْ مُصابَهُ *** وَ غُلَّتَهُ وَ النَّهرُ رَيَّانُ مُفْعَمُ(3)
وَ أَسْرَ بَنِيهِ بَعْدَهُ وَ احْتِمَالَهُمْ *** كَأَنَّهُمُ مِنْ نَسْلِ كِسْرَى تُغُنِّمُوا
وَ نَقْرَ يَزِيدٍ فِي الثنايا الَّتِي اغْتَدَتْ *** ثَناياكَ فِيها أَيُّهَا النُّورُ تَلْثُمُ(4)
لَجَبَّ لَهُمْ جِبريلُ أتْعسَ غَارِبٍ *** مِنَ الغَيِّ لايُعْلَى وَ لايُتَسَنَّمُ(5)
أَلاَ إِنَّهَا أَقْدَارُ رَبِّ بِهَا قَضَى *** فَلَايَتَخَطَّى النَّقْضُ مَا هُوَ يُبْرِمُ
قَضَى اللَّهُ أَنْ يَقْضِي عَلَيْهِم عَبِيدُهُمْ *** لِتَشْقَى بِهم تِلْكَ العَبِيدُ وَ تَنْقِمُ
هُمُ القَوْمُ أَمَا سَعْيُهُمْ فَمُخَيَّبٌ *** مُضاعُ وَ أَمَّا دَارُهُمْ فَجَهَنَّمُ
فَيا أَيُّها المَغْرُورُ وَاللَّهُ غَاضِبٌ *** لِبِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ أَيْنَ تَيَمَّمُ؟(6)
ص: 360
أَلاَ طَرَبٌ يُقْلِي أَلاَ حُزْنُ يَصْطَفِي *** أَلا أَدْمُعُ تَجْرِي أَلاَ قَلْبٌ يُضْرَمُ
قِفُوا سَاعِدُونَا بِالدُّمُوعِ فَإِنَّهَا *** لَتَصْغُرُ فِي حَقِّ الحُسَيْنِ وَ يَعْظُمُ
وَ مَهُمَا سَمِعْتُمْ فِي الحُسَيْنِ مَرَاثِباً *** تُعَبِّرُ عَنْ مَحْضِ الأَسَى وَ تُتَرْجِمُ
فَمُدُّوا أَكفَاً مُسْعِدِينَ بِدَعْوَةٍ *** وَ صَلُّوا عَلَى جَد الحُسَيْنِ وَ سَلِّمُوا(1)
ص: 361
(بحر المتقارب)
الشيخ عبد الحسين الحويزي(*)(1)
لِفَرْطِ الجَوَى مُهْجَتِي كَاتِمَهْ *** وَ عَيْنِي بَدَتْ بِالحَيَا سَاجِمَهْ
وَ لِلرَّكْبِ شَبَّتْ بِطَيِّ الضُّلُوعِ *** عَشِيَّةَ بَانُوا لَظَى حَاطِمَهْ(2)
وَ أَسْهَرْتُ عَيْنِي بِسِتْرِ الدُّجَى *** وَ عَيْنُ السَّمَا تَحْتَهُ نَائِمَهْ
وبِتُّ وَ فَرْعُ الدُّجَى نَاشِرٌ *** عَلَى عَاتِقِي لَمَّةٌ فَاحِمَهْ(3)
هَزَمْتُ الكَرَى عَنْ جُفُونٍ جَرَتْ *** كَتَائِبُ دَمْعِي بِهَا هَازِمَهْ
فَقَلْبِي وَ طَرْفِي مِنَ الوَجْدِ وَ *** المَدَامِعُ كُلٌّ غَدَا لاَئِمَهْ
وَ أَعْمُرُ لِلْعُمْرِ بَيْتَ السُّرُورَ *** وَ عِلْمِي بِرَيْبِ الفَنَا هَادِمَهْ
وَ يُهْمِلُنِي الجَهْرُ فِي غِبْطَةٍ *** مِنَ العَيْشِ أَظرَافُهَا نَاعِمَهْ
فَلاَ أُمْسِكُ النَّفْسَ عَنْ قَصْدِهَا *** وَ تُمْسِي وَ حَوْلَ الرَّدَى جَاثِمَهْ(4)
وَ لاَأَفْطِمُ العَيْنَ عَنْ دَرُهَا *** لِفَقْدِ ابْنَةِ المُصْطَفَى فَاطِمَة
رَبِيبَةُ حِجْرِ نَبِيِّ الهُدَى *** وَ صُحْبَتُهُ مَعَهَا دَائِمَهْ
وَ مِنْ قَلْبِهِ لَمْ تَزَلْ بَضْعَةً *** عَلاقَتُهَا بِالحَشَا لَأَزِمَهْ
غَذَاهَا النَّبِيُّ بِدُرُ العُلُومِ *** فَشَبَّتْ بِوَحْيِ السَّمَا عَالِمَهْ
ص: 362
فَأُمُّ الكَلِيمِ وَ أُمُّ المَسِيحِ *** عَلَى الطَّوْعِ كُلٌّ لَهَا خَادِمَهْ
مَلائِكَةُ اللَّهِ فِي عَرْشِهِ *** لِهَيْكَلِهَا زِينَةٌ رَاسِمَهْ
وَ فِي اللَّوْحِ غَامِضُ أَسْرَارِهَا *** مِنَ الغَيْبِ كَاتِبَةٌ رَاقِمَهْ
جَلالَةُ رَبِّ العُلَى فِي الوُجُودِ *** لِقُدْسِيِّ عِفَّتِهَا عَاصِمَهْ
تَلَتْ كُلَّ وَحْيٍ أَتَى لِلرَّسُولِ *** وَ بِالذِّكْرِ مُبْدِئَةٌ خَاتِمَهْ
وَ عِصْمَتُهَا جَوْهَر لِلْعُقُولِ *** مَدَى الدَّهْرِ عَنْ عَرَضٍ سالِمَهْ
وَ صِدِّيقةٌ هِيَ مَهْمَا ادَّعَتْ *** عَلَى الخَصْمِ فِي حَقِّهَا خَاصِمَهْ(1)
لَقَدْ جَحَدَ القَوْمُ مِنْهَا الحُقُوقَ *** وَ حُجَّتُهَا بِالهُدَى قَائِمَهْ
تُصَيِّرُ فِي نُطْقِهَا العَارِفِينَ *** بَهَائِمَ فِي رَعْيِهَا سَائِمَهْ
ص: 363
لَقَدْ ظُلِمَتْ بَعْدَ فَقَدِ النَّبِيِّ *** وَ أُمَّتُهُ أَصْبَحَتْ ظَالِمَهْ
فَلَوْ دَعَتِ اللَّهَ أَفْنَتْهُمُ *** وَلَكِنَّهَا عَنْهُمُ حَالِمهْ
أَفَاطِمُ يَسْقُطُ مِنْهَا الجَنِينُ *** وَ تُدْفَعُ عَنْ حَقِّهَا رَاغِمَهْ؟
وَ تحرِقُ بَابَ فِنَاهَا الطَّغَامُ *** وَ تَأْتِي عَلَى خِدْرِهَا هَاجِمَهْ(1)
فَتَبَّتْ يَدٌ كَسَرَتْ ضِلْعَهَا *** وَ مُدَّتْ إِلَى وَجْهِهَا لأَطِمهْ(2)(3)
ص: 364
(بحر البسيط)
الشيخ عبد الحسين الحويزي(*)(1)
أَهَلْ تَطِيبُ لِعَيْنِي نَضْرَةُ النَّعَمِ *** وَ جُرْحُ قَلْبِي رَغِيبٌ غَيْرُ مُلْتَتِم؟(2)
أبَيْتُ رَهْنَ صُرُوفِ النَّائِبَاتِ وَلِي *** طَرْفَ إِذَا نَامَ طَرْفُ النَّجم لَمْ يَنَمِ
وَ لَعْتُ بِالحُزْنِ حَتَّى صِرْتُ مُسْتَمِعاً *** أَغَانِيَ الحُزْنِ فِي الأَوْتَارِ وَ النَّعْمِ
الهَمُّ يَمْنَعُ سِلْوَانِي كَمَا مُنِعَتْ *** مَرَاضِعُ الدَّرِّ عَنْ أَشْدَاقِ مُنْفَطِمِ(3)
وَ الدَّهْرُ حِينَ نَضَا غَرِبِيَّ سَاعِدِهِ *** دَوّى بابن أَخُوالهِنْدِيَّةِ الخَذَمِ(4)
أبْلَى فِرنُدُ غِرَارِي بِالصَّدَى فَفَدا *** صِقَالُ رأْسِي بَيَاضُ الشَّيْبِ وَالهَرَم(5)
كُمْ فَوْقَتْ نَحْوِيَ الدُّنْيَا سِهَامَ رَدَىً *** تُصِيبُ بِالرَّمْيِ مِنْ بُعْدِ وَ مِنْ أُمَمِ(6)
وَ إِثْرَ كُلِّ طَرِيقٍ مِنْ حَوَادِثِها *** أَجْرَتْ رُبَى الرَّدَى خَيْلاً بِلاَلُجُمِ
مليْكُ فِي الدَّهْرِ مَنْ يَخْشَى العَوَاقِبَ كَيْ *** يَلْقَى الإلهَ بِثَغْرِ مِنْهُ مُبْتَسِمِ
وَ لتُعرَقَنَّ سَفِينُ الصَّبْرِ عَائِمَةٌ *** بِلُجَّ بَحْرٍ مِنَ الآمَاقِ مُلْتَطِم
إِنْ جَفْ نُؤْيُ الحَيَا عَيْنِي دَماً سَفَحَتْ *** غُرُوبُهَا بِمَحَانِي السَّفْحَ فِي أضَمِ
ليْتَ الحَيَا لاَسَقَى الأَنْهَارَ فِي زَمَنٍ *** صُرُوقُهُ غَشَتِ الزَّهْرَاءَ بِالظُّلْمِ
ص: 365
كَمْ بَعْدَ فَقْدِ أَبِيهَا كَابَدَتْ مِحَناً *** وُقُوعُهَا يَدَعُ الأطوادَ كَالرِّمَمِ(1)
وَ صَحْبُهُ عَصَبُوهَا بَعْدَهُ فَدَكاً *** وَ حَكَمُوا الشَّيْخَ تَيْمَ ضَلَّ مِنْ حَكَمِ
هُمْ أَسْقَمُوا جِسْمَهَا حَتَّى قَضَتْ كَمَداً *** وَ لَيْسَ فِيهَا لَعَمْرُ اللَّهِ مِنْ سَقَمِ
وَ هُمْ أَزَالُوا عَلِيًّا عَنْ مَرَاتِبِهِ *** وَ خَفَّضُوا مِنْ عُلاَهُ ذُرْوَتي عَلَمِ
عَدَتْ كِلابُ الأَعَادِي بَعْدَمَا هَجَمَتْ *** عَلَى شَرَى المُشيل الوَثَّابِ بِالهِمَمِ(2)
جَاءَتْ كَمِثْلِ أَضَامِيمِ القَطَا عُصْباً *** حَتَّى كَسَرْنَ جَنَاحَ الأَجْدَلِ الضَّحُمِ
وَ أَحْرَقُوا بَابَ بَيْتِ الظُّهْرِ فَاطِمَةٍ *** بِنَارِ حِقْدِ لَهُمْ مَشْبُوبَةِ الضَّرمِ(3)
للَّهِ بَيْتٌ سَمَتْ أَرْكَانُهُ شَرَفاً *** عَلَى قَوَاعِدِ بَيْتِ اللَّهِ وَ الحَرَمِ
تَرَى مَلائِكَةَ السَّبْعِ الشَّدَادِ بِهِ *** آلِهِ الغُرِّ کالغِلْمَانِ وَ الخَدَمِ
فَأَقْبَلَتْ بَضْعَةُ الهَادِي تُخَاطِبُهُمْ *** وَ القَوْمُ مَوْقُورَةُ الأَسْمَاعَ بِالصَّمَمِ
فَأَسْقَط الرِّجْسُ لَمَّا ظَلَّ يَعْصِرُهَا *** مِنْهَا جَنِيناً نَمَا فِي طَاهِرِ الرَّحِمِ(4)
ص: 366
بِصَدْرِهَا نَبَتَ المِسْمَارُ وَ انْكَسَرَتْ *** مِنْهَا الأَضَالِعُ وَ انْهَلَّتْ بِفَيْض دَمٍ(1)
وَ المُرْتَضَى بِنِجَادِ السَّيْفِ مُرْتَهِناً *** قَادُوهُ قَهْراً بَنُو عُبَادَةِ الصَّنمِ(2)
مِنْ بَيْتِهِ ابْنُ صهاكَ الرِّجْسُ أَخْرَجَهُ *** مَلَبَّباً بِرِدَاءِ الفَضْلِ وَ الكَرَمِ(3)
لكِنَّهُ رَامَ أَنْ تُرْخَى حَفِيظَتُهُ *** عَلَى وَصِيَّةِ طهَ سَيّدِ الأُمَمِ
وَ فَاطِمٌ خَلْفَهُ تَدْعُو وَ أَدْمُعُهَا *** تَصُوبُ مِنْ مَدْمَعِ كَالْغَيْثِ مُنْسَجِمِ(4)
وَ سَوْطُ قُنْفَذَ يُلْوَىٰ فَوْقَ عَاتِقِهَا *** ضَرْباً فَتَصْرُخُ وَ لْهَى مِنْهُ بِالأَلَمِ(5)
تَدْعُو بِطَرْفِ مِنَ الأَقْدَاءِ مُنْهَمِلٍ *** وَ حَرِّ قَلْبٍ مِنَ الأَمَاقِ مُلْتَطَمِ
دَعُوا إِمَامَ الهُدَى وَاصْغُوا لِمَنْطقِهِ *** فَإِنَّ فِيهِ تَفَاصِيلَ مِنَ الحِكَمَ
هذَا الَّذِي شَيَّدَ الإِسْلامَ صَارِمُهُ *** قِدْماً وَ لَوْلاهُ رُكْنُ الدِّينِ لَمْ يَقُمِ
خَلِيفَةُ اللَّهِ فِيهِ الرُّشْدُ مُتَّصِلٌ *** مِنَ الرَّسُولِ بِحَبْلٍ غَيْرِ مُنْصَرِمِ
بِنُورِهِ الشّرْعَةُ الغَرَّاءُ وَاضِحَةٌ *** لِلْخَلْقِ تَزْهَرُ فِي دَاجِ مِنَ البُهَمِ
لَمْ أَنْسَهَا يَوْمَ وَافَتْ قَبْرَ وَالِدِهَا *** خَيْرِ البَرِيَّةِ مِنْ عُرْبٍ وَ مِنْ عَجَمِ
وَ افَتْ وَ قَدْ غُصَّ بِالأَنْصَارِ مَسْجِدُهُ *** وَ البَغْيُ قَامَ بِجَمْعٍ فِيهِ مُزْدَحِمٍ
فَأَسْدَلُوا دُونَهَا الْأَسْتَارَ فَابْتَدَأَتْ *** لِلَّهِ تُبْدِي بِإِفْصَاحَ مِنَ الكَلِمِ
كَأَنَّمَا هِيَ فِي الآيَاتِ تُفْرِغْ عَنْ *** فَم النَّبِيِّ أَبِيهَا فِي بَيانِ فَم
جَحَدْتُمُ مَعْشَرَ الأَنْصَارِ فِي فَدَكِ *** حقاً لَنَا خَصَّهُ الرَّحْمَنُ مِنْ قِدَمِ(6)
ص: 367
كَأَنَّمَا العَهْدُ فِيكُمْ يَوْمَ فَارَقَنَا *** طَيْفُ الخَيَالِ سَرَى عَنْ عَيْنِ مُحْتَكِم
نَسِيتُمُ مِنْ وَصَايَا المُصْطَفَى لَكُمُ *** بِآلِهِ كُلَّمَا أَوْفَاهُ مِنْ ذِمَمِ
بنتُ النَّبِيِّ أُضِيعَتْ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ *** حُقُوقُهَا وَ حِمَاهَا غَيْرُ مُحْتَرِم
كَيْفَ ابْنُ عَمِّي عَلِيٌّ يُسْتَضَامُ بِكُمْ *** وَ هُوَ الأَبِيُّ لَدَيْنَا غَيْرُ مُهْتَضَمِ؟
سَهُمٌ يَدُ القَدَرِ الجَارِي تُسَدِّدُهُ *** يَوْمَ الهِيَاجِ بِهِ قَلْبُ الصَّلَالِ رُمِي
لَمْ تَلْقَ فِي القَوْمِ إِلا كَامِناً حَنَقَاً *** وَ الطَّرْفُ مِنْهُ عَنِ الحَقِّ المُبِينِ عَمِي(1)
لمْ يَهْضِمُوا فَاطِمَاً إلا وَ قَدْ عَلِمُوا *** بِأَنَّ حَيْدَرَ مِنْهُمْ غَيْرُ مُنْتَقِمِ
ثُمَّ انْثَنَتْ عَنْهُمُ فِي الخَطْوِعَاثِرَةً *** بِذَيْلِ بُرْدٍ يُوَارِي مَوْضِعَ القَدَمِ(2)
لَمَّا اسْتَقَرَّتْ بِهَا الدَّارُ اشْتَكَتْ غُصَصاً *** مِنْهُمْ لِخَيْرِ فَتّى حَامِ وَ مُعْتَصَمِ
قَالَتْ أَبَا حَسَنٍ مَاذَا القُعُودُ؟ فَقُمْ *** وَ حَكْمِ السَّيْفَ فِي الأَعْنَاقِ وَ القِمَمِ
نَقَضْتَ قَادِمَةَ البَازِيِّ مُكْتَمِناً *** مِنْ رَعْيِهِ مِنْ بُغَاثِ الطَّيْرِ وَالرَّخْمِ(3)
وَ قَدْ لَوَيْتَ الطُّلاَ بِالذُّلِّ مُفْتَرِشاً *** خَدَّيْكَ تُرْبَ الثَّرَى يَا ضَيْغَمَ الأَجَم(4)
تَرْضَى بِأَنَّ عُتَاةَ البَغْيِ تَهْضِمُنِي *** وَ أَنْتَ تَعْلَمُ لَيْسَ الهَضْمُ مِنْ شِيَمِي؟
تَبَزُّنِي نِحْلَتِي مِنِّي يَدُ ابْنِ أَبِي *** قُحَافَةٍ حَيْثُ لَمْ يَبْصُرْ لَدَيَّ حَمِي
فَقَالَ فَاطِمَ صَبْراً نَهْنِهِي شَجَناً *** وَاطوِي الجَوَانِحَ وَ لْتَهْجَعْ عَلَى الكَظَمِ(5)
إِنَّ الكَفِيلَ لَمَأْمُونٌ وَ حَقُّكِ فِي *** حُلْمِ الكِتَابِ جَلِيٌّ غَيْرُ مُنْكَتِمِ
ص: 368
وَ إِرْثُكِ إِنْ أَضَاعَتْهُ العِدَى حَنَقاً *** فَلَمْ يَضِعُ لَكِ أَجْراً بَارِىءُ النَّسَمِ
لاتَسْتَطِيعُ العِدَى تَحْوِيلَنَا أَبَداً *** مَنَاقِباً رُسِمَتْ فِي اللَّوْحِ وَ القَلَمِ(1)
ص: 369
(بحر الكامل)
الشيخ عبد الحسين الشكر
أنِخُ الطلاحَ ففي الطفوفُ مرامُها *** واعقِلُ فقد بانتْ لنا أعلامُها
أحِرمْ و طُفْ سبعاً فما في بكةٍ *** ما في الطفوفِ و إن ترفعَ هامُها(1)
واروِ بدمعكِ تربَها فكم ارتوی *** بدما نحوِر بني النبي رغامُها
شمختْ على السبعِ الشدادِ بأنجمٍ *** بزغتْ غداةَ ابن النبي إمامُها
حتى إذا الدنيا تنفسَ صبُحُها *** بالرشدِ عسعسَ بالضلالِ ظلامُها
طافتْ أميةُ بالطفوفِ يسوقُها *** لرحى المنيةِ حتفُها و حِمامُها
حسبتْ سفاهاً أن ستُصرَع هاشمٌ *** و يسود آسادُ العرينِ سوامُها
فتسنمتْ قبَّ البطونِ ضياغُمٌ *** لججَ الوغى غاباتْها و أجامُها
أسد كأن الهامَ عند هياجِها *** أقداحُ تبرٍ و الدماءُ مدامُها
و ترى اللهاذمَ تلتوي بأكفِهِم *** كأراقمٍ سدًّ الفضاءَ سمامُها
و البيضُ مهما أبرقتْ بسحائبٍ *** للنفعِ فوقَ البيضِ أمطرَ هامُها
حتى إذا شاءَ الإلهُ بأن يرَى *** شمسَ العالمِ نُكستْ أعلامُها
سالتْ على البيضِ الصِّفاح نِفوسُهُم *** و جرتْ بمحتومِ القضا أقلامُها
صُبغتْ بحمرِ الدم بيضُ وجوهِهِم *** فأسودَ من بيضِ الظُّبا أيامُها
ص: 370
فهناك جَرَّدَ شبلُ حيدر صارماً *** ذابتْ لومضِ فِرِنِده أجسامُها
فأصمَّ أسماعَ العراقِ برنةٍ *** كادتْ بأصداها تسيخُ شآمها
سئمَ الحياةَ غداةَ أبصر صحبَهُ *** حَلُّوا الثرى و عليه هانَ مَقامُها
فهنا لكَ الباري تجلّى في ذرى *** طَورِ الجلالةِ داعياً علامُها
فانهارَ قطبُ الكائناتِ مكلماً *** يحكي الكليمَ فنُكِسَت أعلامُها
فترى الملائكَ معولين لفقِدِه *** و الأنبياءَ له تطأطأ هامُها
و يحقُ للرسُلِ الكرامِ عويلُها *** من بعدهِ فاليوَم ماتَ إمامُها
اليومَ ماتَ المصطفى و وصيَّه *** اليومَ صغرَ للبتولِ مقامُها
اليوم بالنيران أُضرِمَ بابُها *** فذكت بقارعة الطفوفِ خيامُها
اليومَ أُسقِطَ محسنُ فلذا ترى *** أطفالَها جرعُ السهامِ فطامُها
اليومَ رُضّت بالجدار فهُشِّمت *** بالطفِ من مهج النبيِّ عظامُها
اليوم قادُوا المرتضى بنجادِه *** و استأمنتْ بطشَ الحليمِ لئامُها
ص: 371
(بحر السريع)
الشيخ عبد الستار الكاظمي(*)(1)
تَبْكِيكِ عَيْنِي عَبْرَةٌ سَاجِمَهْ *** يَا زَهْرَةَ الفِرْدَوْسِ يَا فَاطِمَهْ(2)
***
سُبْحَانَ مَنْ سَوَّاكِ بَدْراً تَمَامْ *** يَهْدِي بِكِ اللَّهُ جَمِيعَ الأَنَامْ
أَنْوَارُكِ تَجْلُو دَيَاجِي الظَّلامْ *** أَيَّتُهَا الصِّدِّيقَةُ العَالِمَهْ(3)
***
بَيتُكِ فِي ظِلُّ أَبِيكِ الرَّسُولْ *** مَهْبَطُ وَحْيِ اللَّهِ عِنْدَ النُّزُولْ
أَنِيسُكِ القُرآنُ نُورُ العُقُولْ *** وَ أَنْتِ فِي تَرْتِيلِهِ هَائِمَهْ
***
ص: 372
زَهْرَاءُ فِي صِفَاتِكِ الزَّاهِرَهْ *** مُحْكَمَةٌ آيَاتُكِ البَاهِرَهْ(1)في كنز الفوائد ج2 ص610 ح7.
في حديث طويل قال رسول الله صلي الله علیه و آله و سلم...: «و فتق نور الحسين علیه السلام و خلق منه اللوح والقلم)... إلى أن قال: «فعند ذلك أظلمت المشارق و المغارب فضجَّت الملائكة و نادت: يا إلهنا و سيدنا بحق الأشباح التي خلقتها إلا ما حُرّمت عنا هذه الظلمة... فعند ذلك تكلم الله بكلمة أخرى فخلق منها روحاً فاحتمل النور الروح فخلق منه الزهراء علیها السلام فاطمة فأقامها أمام العرش فأزهرت المشارق و المغارب فلأجل ذلك سميت الزهراء علیها السلام».(2)
فِيكِ مَعَانِي العِتْرَةِ الطَّاهِرَهْ *** ظَاهِرَةٌ نَاظِرَةٌ قَائِمَهْ
***
لَمَّا مَضَى وَالِدُكِ المُصْطَفَى *** نَادَيْتِ لِلدُّنْيَا عَلَيْكِ العَفَا
وَ الدَّهْرُ قَدْ جَارَ وَ مَا أَنْصَفَا *** مُذْغَصَبَتْكِ الرُّمْرَةُ الظَّالِمهْ
***
حِينَ اعْتَدَى عَلَيْكِ أَهْلُ العِنَادْ *** فِي ظُلْمِهِمْ لَمَا طَغَوْا فِي البِلادْ
إنْقَلَبُوا عَنْ شَرْع رَبِّ العِبَادْ *** مُذْ أَسْسُوهَا فِتْنَةٌ قَائِمَهْ
***
قَالَ احْرِقُوا دَارَ عَلِيٌّ وَ مَرٌ *** قَالُوا بِهَا الزَّهْرَاءُ مَهُ مَا الخَبَرْ؟(3)
قَالَ وَ إِنْ، فَأَحْرَقُوا فِي الأَثَرْ *** بَابَ الهُدَى وَالنِّعْمَةِ الدَّائِمَهْ
***
فِي هَمِّهَا كَالمُلْكِلِ الشَّاحِطِ *** جَاءَتْ وَبَيْنَ البَابِ وَ الحَائِط(4)
قَدْ عُصِرَتْ مِنْ ظَالِمٍ سَاخِطِ *** فِي دَفْعَةٍ حَاقِدَةٍ آثِمَهْ
ص: 373
قَدْ أَنْبَتُوا المِسْمَارَ فِي صَدْرِهَا *** وَ أَسْقَطُوا الْجَنِينَ فِي عَصْرِهَا(1)
فَضَجَّتِ الأَمْلَاكُ مِنْ صَبْرِهَا *** وَيْلٌ لِمَنْ كَانَتْ لَهُ خَاصِمَهْ
***
مَصَائِبٌ صُبَّتْ بِتِلْكَ المِحَنُ *** بَعْدَ أَبِيهَا مِثْلَ صَبُ المُزن(2)
مَا ذَاقَتِ الرَّاحَةَ أُمُّ الحَسَنْ *** حَتَّى مَضَتْ عَلَيْهِمُ نَاقِمَهْ
***
مَظْلُومَةٌ قَدْ كَسَرُوا قَلْبَهَا *** مَهْمُومَةٌ لَمَّا دَعتْ رَبَّهَا
مَكْسُورَةَ الضّلْعِ قَضَتْ نَحْبَها *** مَحْرُومَةً حَزِينَةً وَاجِمَهْ(3)
ص: 374
(بحر الرمل)
الأستاذ عدنان عبد القادر أبوالمكارم
صَلَوَاتُ اللَّهِ تَغْشَى كُلَّ حِين *** أَحْمَدَ الهَادي مَعَ الآلِ الكِرَامِ
كَلِمَاتِ اللَّهِ مَأْوَى الخَائِفِينَ *** وَ صَرَاطِ اللَّهِ فِي يَوْمِ القِيَامِ
أَلِفٌ: أَقْبَلَ خَيْرُ الأَنْبِيَاء *** مَثْل بَدْرِ التَّمِّ في أُفُقِ السَّمَاءْ
قَائِلاً يَا زَوْجَ خَيْرِ الأَوْصِيَاء *** يَا وُجُودِي قد عَرى جِسْمِي العَنَاءْ(1)
هَاتِ يَا عِصْمَةَ كُلِّ الفُقَرَاءْ *** لِأَبِيْكِ الطُّهْرِ ذَيَّاكَ الكِسَاءْ
إِيْهِ يَا بَضْعَة خَيْرِ الْمُرْسَلِيْن *** وَ شَفيع النَّاسِ في يَوْمِ القِيامْ
عَجْلِي نَحْوِي فَقَدْ زَادَ الأَنِيْن *** وَ احْتَوَتْنِي كُلَّ أَنْوَاعِ السَّقَامْ(2)
بَاءُ: بِنْتُ الصَّالِحَاتِ الزَّاكِيَات *** فَاطِمُ أُمَّ أَبِيْهَا وَ الهُدَاةْ
أقْبَلَتْ نَحْوَ سِرَاجِ الظُّلُمَاتِ *** بِالكِسا وَ العَيْنُ تَهْمِي العَبَرَاتْ(3)
هَاكَ خُذْ يَابْنَ الضُّحَى وَ الذَّارِيَات *** يَا شَفِيْعَ النَّاسِ مِنْ بَعْدِ المَمَاتْ
أَخَذَ المُخْتَارَ وَضَاحُ الجَبِيْن *** بُرْدَةَ مِنِّي بِبْشِرِ وَ ابْتِسَامْ
خَلْتُهُ البَدْرَ بِلَيْلٍ مُسْتَكِين *** لا وَ أَيْنَ البَدْرُ مِنْ خَيْرِ الأنامْ
تَاءُ: تَغْرِيدُ طُیُورِ الطَّرَبِ *** وَ انْبِلَاجُ الصُّبْحِ بَعْدَ الكُرَبِ
ص: 375
وَ سُرُورُ الطُّفْلِ يَوْمَ السُّحُبِ *** بِنُزُولِ الغَيْثِ عِنْدَ اللَّعِبِ
وَ الْتِقَاءُ العَاشِقِ المُغْتَرِبِ *** بِفَتَاةِ الحُسْنِ بَعْدَ التَّعَبِ
لايُسَاوِي رُؤْيَةَ الهَادِي الأمين *** عَلَّةِ الإِيجَادِ وَ البَدْرِ التَّمَامْ(1)
عِصْمَةِ الخَائِفِ وَ المَوْلَى القمين *** بِثنَاءِ اللَّهِ وَ الرُّسلِ الكرَامْ(2)
ثَاءُ: ثَاوِ سَیِّدُ الْخَلْقِ وَ قَدْ *** فَرَحَ القَلْبُ وَ رَبِّي وَ اتَّثَدْ(3)
مُذْ تَقَضَّتْ سَاعَةٌ مِنْ ذَا الْأَمَدْ *** طَرَقَ البَابَ سُرُورِي وَ السَّنَدْ
نُسْخَةُ المُخْتَارِ خُلْقاً وَ جَسَدْ *** مَنْ لِدِينِ اللَّهِ قَدْ كَانَ عَمَدْ
حَسَنٌ زِيْنَةُ كُلِّ العَارِفِيْن *** خَيْرُ مَنْ لَبَّى وَ صَلَّى ثُمَّ صَامْ
دَخَلَ الدَّارَ بِبِشْرٍ وَ حَنِين *** قَائِلاً: أَمَّاهُ أَهْلاً وَ سَلَامْ
جيْمُ: جَالَ السِّبْطُ حَوْلِي ثُمَّ قَالْ *** وَيْكِ يَا أُمَّاهُ هَلْ لِيْ بِسُؤالْ
قُلْتُ سَلْ مَا تَشْتَهِيْ سَرَّ الجَمَالْ *** وَ لَكَ الحِكْمَةُ مِنْيْ فِي المَقَالْ
يَا سَخِيَّ النَّفْسِ يَا رَبَّ الكَمَال *** يَالِسَانَ اللَّهِ إِنْ حَلَّ الضَّلالْ
قَالَ يَا سِتَّ نِسَاءِ العَالَمِيْن *** أَيُّ شَخْصٍ حَلَّ فِي هَذَا المَقَامْ
رِيْحُهُ أَزْكَى مِنَ المِسْكِ الثَّمِين *** وَ بظَنِّي أَنَّهُ خَيْرُ الأنامْ
حَاءُ: حَقَّاً، قُلْتَ صِدْقاً، وَ أَبِيْ *** إِنَّه الهَادِي الرَّسُولُ العَرَبِيْ
فِتْنَةَ الدُّنْيَا سَنَاءُ الغَيْهَبِ *** مَنْ حَوَى فِي المَجْدِ أَعْلَى الرُّتَبِ(4)
تَحْتَ ذَيَّاكَ الكِسَاءِ الطَّيِّبِ *** نَحْوَهُ عَجِّلْ أَيَا ابْنَ النُّجُبِ
وَلَدِي عَجِّلْ إِلَيْهِ مُسْتَعِين *** بِالسَّمِيعِ الخَالِقِ البَرِّ السَّلَامْ
قُلْ لَهُ يَا جَدُّ يَابْنَ الأَكْرَمِين *** غَطَّنِي إِيَّاكَ وَ اقْرَأَهُ السَّلَامْ
ص: 376
خَاءُ: خَفَّ السِّبْطُ ذُو الوَجهِ الأَغَرُ *** نَحْوَطَه المُصْطَفَى خَيْرِ البَشَرْ
مثْلَ نجْمٍ قَدْ أَضَاثُمَّ اسْتَقَرْ *** يَسْتَمِدُّ النَّوْرَ مِنْ نُوْرِ القَمَرْ
جَدُّيَا مُخْتَارُ هَلْ مِنْ مُسْتَقَرْ *** كَيْ أَنَالَ الخَيْرَ جَدِّي وَ الظُّفَرْ
جَدُّيَا قِبْلَةَ كُلِّ العَاشِقِينْ *** وَ مَلَاذِي حِيْنَ يَهْوَانِي السّقَامْ
أَبْقِنِيْ إِيَّاكَ قَدْ زَادَ الحَنِينْ *** وَ دُمُوعِيْ مِنْ وُلُوعِيْ في انْسِجَامْ
دَالُ: دَعْنِيْ جَدُّ إِيَّاكَ أَصِيرْ *** قَالَ: أَهْلاً بِكَ يَا عَيْنَ البَصِيْر
أنْتَ لِلدِّين وَ لِلْعَدْلِ نَصِيْرْ *** وَ بِغُرْبِي يَا حَبِيْبِي لَجَدِيْر
لَكَ عِنْدَ المُحْسِنِ البَرِّ القَدِيرْ *** مَقْعَدُ الصِّدْقِ أيَا بَدْرِي المُنير
حَسَنُ أَنْتَ الهُدَى لِلْمُؤْمِنِينْ *** وَ مَنَارٌ وَ مَلَاذُ وَ إِمَامْ
بكَ يُمْسِي النَّاسُ طراً آمِنِينْ *** وَ يَعِيشُونَ بِحُبِّ وَ الْتِزَامْ(1)
ذَالُ: ذَا شَمْسُ الشَّمُوسِ السَّاطِعَةْ *** رَحْمَةُ اللَّهِ، الجليل الواسِعَةْ
فَلْذَتِي رُوْحِي وَ عَيْنِي الدَّامِعَةْ *** مَفْزَعُ الأُمَّةِ يَوْمَ الوَاقِعَةْ
حُجَّةُ اللَّهِ القَوِيِّ اللامِعَةْ *** الْحُسَيْنُ السَّبْطُ شَمْسِي الطالِعَةْ
طَرَقَ البَّابَ أَتَى نَحْوِي بِهونْ *** قَبَّلَ الكَفْ وَ نَادَانِي السَّلَامْ(2)
أُمُّ يَا كَوْثَرُ يَا صَادٌ وَ نُوْنْ *** رِيْحُ مَنْ فِي الدَّارِ تَشْفِي كَالرِّهَامْ(3)
رَاءُ: رَبُّ الحُسْنِ، طَه، المُصْطَفَى *** سَيِّدُ البَطْحَا، وَ مِصْبَاحُ الصَّفَا
حَلٌّ تَحْتَ البُرْدِ يَا رَمْزَ الوَفَا *** فَازْدَهَى المَنْزِلُ وَ الحُزْنُ انْتَفَى(4)
رُحْ لَهُ فَوْراً وَ حَاشَاكَ الجَفَا *** خَيْرَ مَنْ سَارَ بِنَعْلِ وَ احْتَفَى
رَاحَ عَيْنُ اللَّهِ يَمْشِي فِي سُكُونْ *** خُلْتُهُ قَلبي مَشَى فَوْقَ الرَّغَامْ(5)
ص: 377
بِإِزَاءِ البُرْدِ مَاذَا سَيَكُون *** وَ بِمَاذَا سَيُجَابُ ابْنُ الهُمَامْ
زَاءُ: زَيْنُ الأَوْلِيَا وَ الحُجَجِ *** مَنْ فَدَى دِينَ الهُدَى بِالمُهجِ
وَ حَمَاهُ مِنْ بُغَاةِ الهَرَجِ *** وَ سَمَا بَدْرَ الدُّجَى بِالوَهَجِ
هُوَ مِفْتَاحُ السَّمَا وَ الفَرَج *** مَا عَلَى عُشاقِهِ مِنْ حَرَجِ
خاطَبَ المُخْتَارَ يَابْنَ الطَّيِّبِينْ *** وَ لِمَنْ لِلْأَنْبِيَا كُنْتَ الخِتَامْ
هَلْ لِمَنْ يَهْوَاكَ أنْ يُمْسِي قَرِيْنْ *** بَعْدَ أَنْ طَافَ بِمَغْنَاكَ وَ حَامْ؟(1)
سيْنُ: سُمُّ نَاقِعٌ يُقْضِي عِدَاكْ *** صِرْ إِلَيْنَا تَرِبَتْ رُوحِي يَدَاكْ
أَنْتَ كَفُّ الجُودِ كَالبَحْرِ نَدَاكْ *** وَ جَمِيعُ الأَوْلِيَا تَحْتَ رِدَاكْ
مِنْ نِدَاءِ الذِّكْرِ قَدْ كَانَ نِدَاكْ *** وَ نِدَا مَنْ بَعْدُكُمْ رَجْعُ صَدَاكْ
فَازَ مَنْ وَالاكَ رَمْزَ الثَّائِرِينْ *** وَغَدَا لِلنَّاسِ نُوراً في الظَّلَامْ
كَنَجُوم الأفقُ تُفْنِيّها السِّنُونْ *** وَ ضِيَاهَا سَاطِعْ يَهْدِي الْأَنَامْ(2)
شِيْنُ: شَرْقِي هَاجَ مُذْجَا حَيْدَرُ *** ذَلِكَ اللَّيْتُ الهزبْرُ القَسْوَرُ(3)
حُجَّةُ اللَّهِ وَ بَدْرِي الأَنْوَرُ *** نَاصِرُ الرُّسُلِ الإِمَامُ الأَكْبَرُ
طَرَقَ البَابَ وَ عَيْنِي تَنْظُرُ *** ثُمَّ نَادَى فَاطِمٌ يَا كُوْثَرُ
هَلْ لَنَا أَنْ نَدْخُلَ الحِصْنَ الحَصِين؟ *** حِصْنَ بَدْرٍ لَيْسَ يُخْفِيهِ الغَمَامُ
قُلْتُ أَهْلاً بِكَ يَا لَيْتَ العَرِيْنِ *** وَ الَّذِي تَخْدِمُهُ الرُّسُلُ الكِرَامْ
صَادُ: صَاحَ المرتَضَى كَنْزُ الرَّشَادِ *** حُجَّةُ المَوْلَى عَلَى كُلِّ العِبَادْ
فَاطِمُ الزَّهْرَاءُ يَا نُورَ البلاد *** وَ عِمَادَ الأَرْضِ وَ السَّبْع الشدادْ
مُهْجَةَ المُخْتَارِ، نِبْرَاسَ السَّدَادِ *** مَنْ بِدَارِيْ رِيْحُهُ رِيْحُ الجِهَاد(4)
ص: 378
وَالَّذِي أَبْدَعَ صُنْعَ القَمَرَيْن *** وَ اصْطَفَانِي لَكِ يَا بِنْتَ العِظَامْ
إِنَّهَا رِبْحُ إمَامِ المُرْسَلِين *** وَ مَلَاذُ النَّاسِ في يَوْمِ القِيامْ
ضَادُ: ضَاقَ الكَوْنُ أَنْ يَسْتَوْعِبَا *** فِكْرِكَ السَّامِي فَهَيَّا لِلْعَبَا
حَيْثُ قَرَّ المُصْطَفَى سِرُّ الإِبَا *** وَ حُسَيْنُ وَ الزَّكِيُّ المُجْتَبى
رَاحَ دَاحِي البَابِ مُرْدِي مَرْحَبًا *** قَالَ يَا خَيْرَ الوَرَى أُمَّاً أَبَا(1)
إِنَّنِي أَوَّلُ كُلِّ العَابِدِينْ *** وَ الَّذِي إِيَّاكَ صَلَّى ثُمَّ قَامْ
بِحُسَامِي دَانَ جُلُّ الكَافِرِينْ *** وَالَّذِي يَكْرَهُنِي نَسلَّ حَرَامْ
طَاءُ: طَرْفُ العَيْنِ عَنْ رَبِّي الكَرِيمْ *** قُطْ مَا حَادَ إِلَى الرِّجْسِ الرَّحِيمْ(2)
جئتُ لِلدُّنْيَا مِنَ الشِّرْكِ سَلِيمْ *** وَ عَلَى الكُرْسِيِّ خَطَّ اسْمِي العَظِيمْ
فَأَنَا الْقُرْآنُ وَ الذِّكْرُ الحَكِيمْ *** وَ أَنَا القِسْطَاسُ -طه- المُسْتَقِيمْ(3)
كُنتُ مِنْ صُغْرِي لَكُمْ طَهَ قَرِينْ *** كُمْ كَشَفْتُ الْكُذْبَ عَنْكُمْ بِالحُسَامْ
جِئتَكَ الآن نجاةَ المُؤْمِنِينْ *** لِأَنَالَ القُرْبَ يَا رِيحَ البَشَامْ
ظَاءُ: ظَنُّ المُرْتَضَى فِيْنَا جَمِيلْ *** وَ هُوَ لِلْحَشْرِ لَنَا نِعْمَ الجَلِيلْ(4)
كُلُّ مَا قَالَ مِنَ النَّعْتِ قَلِيلْ *** لَايُوَفِّي نَعْتَهُ إِلا الجَلِيلْ
جِئْتَ تَسْتَأْذِنُ خُذْ مِنَّا القَبُول *** وَ لَنَا الفَخْرُ أَيَا زَوْجَ البَتُولْ
بِكَ عَزَّ اللَّهُ كُلَّ المُسْلِمِينْ *** وَ تآخَوا فِي وِ دَادٍ وَ وِئَامْ
حُزتَ كَأْسَ السَّبْقِ يا نِعْمَ الخَدِيْنِ *** يَا صِرَاطَ اللَّهِ يَا رَبَّ الكَلَامْ(5)
عَيْنُ: عَمَّ الخَيْرُ وَازْدَادَ السُّرُورْ *** وَ رَنَتْ فَاطِمَةٌ نَحْوَ الغَيُورْ
ص: 379
أَشْبَهَتْ فِي مَشْيِهَا طَهَ البَشِيرْ *** وَ بِنُطقِ حَيْدَرَ البَرَّ الأَمِيرْ
خَجَلَا مِنْ حُسْنِهَا تَخْفِي البُدُورْ *** وَ حَيَاءً تَنْحَنِي حَتَّى الزُّهُورْ
لَوْ رَأَتْهَا الشَّمْسُ أَحْنَتْ لِلْجَبِينْ *** وَ تَوَارَتْ بَيْنَ أَحْضَانِ الغمامْ(1)
إِذْ ضِيَاهَا مِنْ ضِيَا الزَّهْرَاءِ دَيْنِ *** وَ عَلَى المَدْيُونِ مِنْ خَوْفٍ لِئَامْ(2)
غَيْنُ: غَوْثِي وَ مَلَاذِي وَ السَّنَادْ *** يَا زَعِيْمَ المَجْدِ يَا عَالِي العِمَادْ(3)
يا رسولَ اللَّه يا خيرَ العِبَادْ *** يَا هُدَى الحَيْرَانِ في يَوْمِ التَّنَادْ
يَا سَيدَ اللَّهِ عَلَى كُلَّ البِلادْ *** جِئْتُ هَلْ تَقْبَلُنِي يَا خَيْرَ هَادْ
إِنَّني الزَّهْرَاءُ بِنْتُ الطَّيِّبِينْ *** مَنْ لَهَا عِنْدَكَ كُلَّ الإِحْتِرَامْ
أَتُرَى أَرجِعُ وَ القَلْبُ حَزِينْ *** أُرْسِلُ الدَّمْعَ وَ نَوْحِي كَالحَمامْ
فَاءُ: فَاضَتْ عَيْنُ خَيْرِ الأَنْبِيَاءْ *** وَ دَعَا أَهْلاً بِكِ تَحْتَ الكِسَاءْ
فُقَتِ ظهراً، شَرَفاً، كُلَّ النِّسَاءْ *** وَ تَغَنَّتْ بِاسْمِكِ رُسُلُ السَّمَاءْ
لَكِ أَشْيَاعٌ لَهُمْ مِنِّي الثَّنَاءْ *** وَ جِنَانُ الخُلدِ في يَوْمِ الجَزَاءْ
أَنْتِ رُوْحِي وَ فُؤَادِي وَ الوَتينْ *** وَ اسْمُكِ في العَرْشِ جَنْبَ اسْمِي اسْتَقَامْ(4)
أنا مِنْكِ أنتِ مِنّي كَلُجَيْنْ *** صِبْغَ فِي كَأْسٍ شَفِيفٍ بِنِظَامْ(5)
قَافُ: قَالَ الظطّهْرُ مَوْلَانَا الشَّفِيعْ *** إِيْهِ يَا مَنْ أَنْشَأَ الكَوْنَ البَدِيعْ
وَ دَحَا الأَرْضَ عَلَى مَاءٍ صَقِيعْ *** وَالسَّمَا كَوَّنَ وَ الأُفْقَ الرَّفِيعْ(6)
هَا هُمُ أَهْلِي بِجَنْبِي كَالشُّمُوعْ *** أَنَا مِنْهُمْ وَ هُمُ مِنِّي جَمِيعْ
يا إِلهِي يَا مُنَجِّي الصَّادِقِينْ *** أَذْهِبِ الرِّجْسَ عَنِ الآلِ الكِرامْ
ص: 380
ثُمَّ طَهَّرْهُمْ إِلهِي أَجْمَعِينْ *** وَقِنَا رَبَّاهُ مِنْ كُلِّ اجْتِرَامْ
كَافُ:كَمْ لِلْمُصْطَفَى زاكي الجُدُودْ *** مِنْ مَقَام عِنْدَ مَوْلَاهُ الوَدُودْ(1)
لَمْ يَنَلْهُ آدَمُ نُوْحٌ وَ هُودْ *** لَا وَمَنْ أَهْلَكَ عَادَاً وَ ثَمُودُ
مُذْ دَعَا دَعْوَتَه أَمَّ الوُجُودْ *** وَ جَمِيعُ الرُّسُلِ أَمَّتْ وَ الجُنُودْ
لَوْ تَرَى الأَمْلَاكَ صَفُوا خَاشِعِينْ *** فِي رُكُوعِ وَ سُجُودِ في غَرَامْ
مَنْظَرٌ يُلْهِمُ كُلَّ المُغْرَمِينْ *** بِفُنُونِ الرَّسْمِ في أَحْلَى انْسِجَامْ
لَامُ: لَاأَرْضُ عَلَى الْمَادُحِيَتْ *** وَ الرَّوَاسِي فَوْقَهَا قَدْ أُرْسِيَتْ
لأسَمَاءَ بُنِيَتْ أَوْزُيِّنَتْ *** بِنُجُومِ لَا وَ فُلْكَ أُسْرِيَتْ(2)
لابِحَارُ زَاخِرَاتٌ أُجْرِيَتْ *** لَانُفُوسٌ خُلِقَتْ أَوْ زُوجَتْ
كُلَّ مَا كَانَ وَ مَا سَوْفَ يَكُون *** لَمْ يَكُنْ لَوْ لَمْ يَكُنْ خَيْرُ الأنامْ
مَنْ زَكَوا شِيْباً شَبَاباً وَ جَنِينْ *** وَ هُمُ الْخَمْسَةُ أَنْوَارُ الظَّلامْ
مِيْمُ: مُذْ قَالَ بِذَا اللهُ الْوَلِيْ *** جَاءَهُ جِبْرِيلُ ذُو الْوَجْهِ البَهِيْ
قَالَ مَنْ هُمْ سَمِّهِمْ يَا رَبُّ لِي *** قَالَ هُمْ فَاطِمُ وَ الهَادِي النَّبِيْ
وَ عَلِيُّ الطّهْرِ وَ السَّبْطُ الزَّكِي *** وَ حُسَيْنُ المَجْدِ ذُو النُّور السَّنِيْ
هَا هُمُ تَحْتَ الكِسا مُجْتَمِعِينْ *** فَازَ مَنْ حَلَّ بِمَعْنَاهُم وَ حَامْ(3)
قَالَ هَلْ أَنْزِلُ رَبِّي كَيْ يَكُونْ *** عَدَهُ الأشباح زَوْجاً وَ تَمامْ
نُونُ: نَالَ الخَيْرَ لَمَّا أَذِنَا *** رَبُّهُ فَاسْتَاقَ لِلْهَادِي المُنى
قَالَ يَا مَنْ قَابَ قَوْسَيْنِ دَنَا *** مِنْ إِلَه العَرْشِ جِبْرِيلُ أنا
جِئْتُ مَسْرُوراً لَكُمْ بَدْرَ الدُّنَا *** هَلْ تُرَى تَقبَلُني ضَيْفاً هُنا
قَالَ طه حُجَّةُ اللَّهِ المَتِيْن *** أَنْتَ مِنَّا لَكَ مِنَّا الاحْتِرَام
ص: 381
دَخَلَ الطَّيِّبُ دَارَ الطَّيِّبِينْ *** وَ جَرَى بَيْنَهُمُ أَحْلَى الكَلَامْ
هَاءُ: هَلْ لِلدَّهْرِ أُذُنٌ كَيْ تَعِي *** قَوْلَ جِبْرِيلِ لَطَة الأَلْمَعِي؟
قَالَ هَلْ أُذنُكَ يَا طَه مَعِي؟ *** قَالَ قُلْ جِبْرِيلُ شَنِّفْ مَسْمَعِي(1)
فَلَقَدْ نَادَتْكَ قَبْلِي أَدْمُعِي *** هَاتِ عَجِّلْ قَوْلَ رَبِّي المُبْدِع
قَالَ أَبْشِرْ يَا جَمَالَ العَارِفِينْ *** رَبُّكَ القَادِرُ يَحْبُوكَ السَّلَامْ
بَشِّرِ الآلَ الكِرَامَ الأَنْجَبِينْ *** بِذَهَابِ الرِّجْسَ عَنْهُمْ وَ الْعِظَامْ
وَاوُ: وَدَّ المُصْطَفَى شَوْقاً يَطِيرْ *** فَدَعَاهُ المُرْتَضَى وَ هُوَ الخَبِيرْ
مَا لِمَنْ يَقْرَأُ هَذَا مُسْتَجِيْر *** بَيْنَ أَشْيَاعِ لَنَا عِنْدَ القَدِيرْ
قَالَ يَنْسَى الحُزْنَ وَالهَمَّ الكَبِيرْ *** وَ يُلاقي السَّعْدَ وَ الخَيْرَ الكَثِيْر
تَنْزِلُ الأَمْلَاكُ لِلْحَفْل تَزينْ *** تَسْأَلُ اللهَ لَهُمْ حُسْنَ الخِتَامْ
وَ يَعُودُونَ بِخَيْرِ رَابِحِيْن *** بِقُلُوبِ مِلْؤُهَا نُوْرٌ وِئَامْ(2)
یَاءُ: يَا عِتْرَةَ خَيْرِ الأَنْبِيَاءِ *** لَكُمُ مِنَّا مَدَى العُمْرِ الوَلَاءْ
ضُعَفَاءٌ نَحْنُ، أَنْتُم كُرَمَاءْ *** وَ مَنَى رَدَّ الكِرَامُ الضُّعَفَاءْ
فِي هَوَاكُمْ كَمْ تَحَمَّلْنَا العَنَاءْ *** وَ جَرَتْ مِنَّا عَلَى الْأَرْض الدَّمَاءْ
شَتَمُونَا شَرَّدُوْنَا كَيْ نَلِينْ *** وَ نُحَيْلَ القَلبَ عَنْكُمْ لِلْئَام
فَصَمَدْنَا وَ ثَبَتْنَا مُوْقِنِيْن *** وَ شَربْنَا فِي الهَوَى كَأْسَ الحمَام(3)
ص: 382
(بحر الخفيف)
الشيخ عبد المجيد أبو المكارم(*)(1)
هَاجَ قَلْبِي بِلَوْعَةٍ وَ أَوامِ *** فَغَدا الجِسْمُ فِي أَسَى وَ ضِرَامِ(2)
حَيْثُ أَصْبَحْتُ لِلْبَلَايَا مَحَلاً *** مُذْ دَهَتْنِي كَوَارِثُ الأَيَّامِ
شَغَلَتْنِي مَصَائِبٌ وَ هُمُومٌ *** تَرَكَتْنِي بِفِعْلِها فِي كَلامِ
وَغَدَتْ شُعْلَةٌ بأَرْكَانِ قَلْبِي *** حِينَ أَوْرَتْ لِنَارِهَا فِي عِظَامِ
وَ أَهَاجَتْ لِنَارِهَا فِي فُؤَادِي *** فَانْبَرَى الجِسْمُ عَنْ لَذِيذ المَنَامَ
وَ لَقَدْ صَارَ كَرْبُهَا كُلَّ وَقْتٍ *** حُرْقَةٌ مُسْتَمِرَّةً بِاحْتِدَامِ(3)
حِينَمَا كُنْتُ إِثْرَ ذَاكَ حَزِيناً *** مُسْتَفزِّاً مِنْ لَوْعَةٍ وَ أُوَامِ
إِذْ أَتَانِي حَدِيثُ كُرْبَةِ طَهَ *** أَحْمَدَ المُصْطَفَى عَلِىَّ المَقَامِ
فَغَدَتْ سَلْوَتِي وَ هَلْ أَتَسَلَّى *** بِسِوَاهَا وَ مُهْجَتِي فِي اضْطِرَامِ؟
شمتُ وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مُصاباً *** جَاءَ فِي الكَوْنِ مُبْدِيَاً لِلظَّلاَمِ
كَمُصَابِ الرَّسُولِ إِذْ عَمَّ كُلاً *** بِجَلابِيبِ ظُلمَةٍ و ازدحامِ
إِنَّهُ أَحْمَدٌ وَ خَيْرُ البَرَايَا *** سَيِّدُ الأَنْبِيَاءِ وَ سِرُّ الخِتَامِ
ص: 383
و منها:
فَاسْتَشَاطَ الظَّلامُ مِنْ بَعْدِ طَهَ *** حَالِكاً مِنْ بَوَادِرِ الآثَامِ(1)
وَ غَدَوا يَهْرَعُونَ نَحْوَعَلِيَّ *** مُنقِضِينَ لِعَهْدِهِ وَ الذِّمَامِ
وَ جَرَىٰ مَاجَرَىٰ عَلَىٰ بِنْتِ طَهِ *** لَبْوَةِ المُرْتَضَى وَ أُمِّ الكِرَامِ
أَحْرَقُوا بَابَهَا عَلَيْهَا بِجَزْلٍ *** غَصَبُوهَا في إريها بِاهْتِضَامِ(2)قال الفضل بن روزبهان، ص47 لو كان هذا أمراً واقعاً، أي إحراق عمر بيت فاطمة علیها السلام لكان أقبح وأشنع من قتل عثمان و قتل الحسين علیه السلام ولكن ينبغي أن يكون منقولاً في جميع الأخبار لتوفر الغرائم و الرغبات...(3)
ص: 384
مَنَعُوهَا مِنَ البُكَاءِ عِناداً *** نَهَبُوا حقها بِغَيْرِ انْتِظَامِ
فَقَسوْا عَيْنَهَا بِلَطْمَةِ كَفِّ *** وَ شَحُوا مَتْنَهَا ضُرُوبَ الكَلامَ
كَسَرُوا ضِلْعَهَا بِضَرْبٍ عَنِيفٍ *** أَسْقَطُوا حَمْلَهَا بِعَصْرِ اللَّئَامِ(1)
ثُمَّ قَادُو لِحَيْدَرٍ بِحِبَالٍ *** وَ هُوَ إِذْ ذَاكَ عُرْوَةُ الاعْتِصَامِ
أَوْقَفُوهُ وَ هَلْ كَمِثْلِ عَلِيٍّ *** تُوقَفُ الضَّأْنُ مِثْلَ أُسْدٍ هُيامِ؟(2)
خَرَجَتْ فَاطِمَ تُدَافِعُ عَنْهُ *** فَغَدَوْا فِي دِفَاعِهَا بِانْتِقَامِ
فَاتَّخِذْ سَيْدِي خَرِيدَةَ شِعْرٍ *** مِنْ فَقِير إِلَى إِلَهِ الآن الأَنَامِ
هُوَ عَبْدُالمَجِيدِ يَرْجُوكَ كَأْساً *** يَوْمَ يَأْتِي لِحَوْضِكُمْ فِي القِيَامِ
وَ عَلَيْكُمْ صَلَّى إِلهِي جَمِيعاً *** مَا غَدًا النُّورُ جَالِياً لِلظَّلامِ (3)
ص: 385
(بحر البسيط)
الشيخ ملا علي آل رمضان(*)(1)
أَتَرْغَبُونَ بِدَارٍ كُلُّهُا نِقَمُ *** وَ الأَمْرُ تَمْلِكُهُ مِنْ أَهْلِهَا الخَدَمُ؟
فَإِنَّ كُلَّ امْرِىءٍ فِيهَا عَلَى خَطَرٍ *** حَتَّى يُوَافِيهِ مِنْ آفَاتِهَا العَدَمُ
دَارٌ عَلَى حُجَجِ البَارِي قَدِ اشْتَمَلَتْ *** أَخْطَارُهَا وَعَلَيْهِمْ جَاشَتِ الغُمَمُ(2)
وَهُمْ بِهَا مَصْدَرٌ لِلْفَيْضِ مُتَّسِعٌ *** تَجْرِي عَلَى الخَلْقِ مِنْ يُنْبُوعِهِ النِّعَمُ
وَكَانَ سِرُّ فُؤَادِ الغَيْبِ عِنْدَهُمُ *** مُحَجَّباً وَإِلَيْهِمْ يَصْعَدُ الكَلِمُ
لأَنَّ مِنْ نَفَسِ الرَّحْمَنِ أَنْفُسُهُمْ *** مَخْلُوقَةٌ، وَجَرَتْ مِنْهُ بِهَا الحِكَمُ
أَنْوَارُ قُدْسٍ بِعَرْشِ اللَّهِ مُحْدَقَةٌ *** مِنْ قَبْلِ أَنْ تُخْلَقَ الدُّنْيَا وَلاَ الأُمَمُ
لَوْلاَهُمُ مَا بَدَتْ شَمْسٌ وَلاَ قَمَرٌ *** وَلاَ نَهَارٌ وَلاَ نُورٌ وَلا ظُلَمُ
مُطَهَّرُونَ هُدَاةٌ لاَ يَمَسُّهُمُ *** رِجْسٌ وَلاَ بِهِمُ رَيْنٌ وَلاَ لَمَمُ(3)
فَهُمْ بَنُو المُصْطَفَى الهَادِي الَّذِينَ بِهِمْ *** فِي اللَّوْحَ مِنْ حِكْمَةِ البَارِي جَرَى القَلَمُ
أَبُوهُمُ نُقْطَةُ الأَدْوَارِ حَيْدَرَةٌ *** وَأَحْمَدُ المُصْطَفَى المُخْتَارُ جَدُّهُمُ
وَدُرَّةُ الصَّدَفِ القُدْسِيَّ فَاطِمَةٌ *** مِشْكَاةُ مِصْبَاحِ نُورِ اللَّهِ أُمُّهُمُ(4)
ص: 386
حُورِيَّةٌ اسْمُهَا الزَّهْرَاءُ فَاطِمَةٌ *** مُحِبُّهَا عَنْ لَهِيبِ النَّارِ مُنْفَطِمُ(1)
هِيَ الَّتِي وَشَّحُوا بِالسَّوْطِ أَضْلُعَهَا *** لَمّا عَلَيْهَا الأُلَى فِي دَارِهَا هَجَمُوا(2)
وَأَزْعَجُوهَا بِبَيْتٍ مِنْ نَبَالَتِهِ *** لَهُ مَلَائِكَةُ السَّبْعِ العُلاَ خَدَمُ(3)
وَأحْرَقُوا مَنْزِلَ التَّنْزِيلِ مَنْزِلَهَا *** وَكَانَ فِيهِ الوَصِيُّ المُرْتَضَى العَلَمُ(4)
باللَّهِ أُقْسِمُ لَوْلاَ الحِلْمُ كَفْكَفَهُ *** لَمَّا عَلَى مَنْزِلِ الزَّهْرَا قَدِ اقْتَحَمُوا(5)
وَلاَ اسْتَطَاعَ يَرَى الزَّهْرَا مُقَنَّعةٌ *** بِسَوْطِ نَاكِثِ عَهْدٍ مَا لَهُ ذِمَمُ
فَإِنَّ ناراً وَرَتْ فِي بابِ فاطِمَةٍ *** فِي الطَّفِّ أَضْحَتْ بِرَحْلِ السِّبْطِ تَضْطَرِمُ
ص: 387
وَلَيْسَ قَادَ الفَتَى زَيْنُ العبادِ إِلَى *** حِمَى يَزِيدَ أَسِيراً وَهْوَ مُهْتَضَمُ
إلاَّ الَّذِي اسْتَخَرَجَ الهَادِي أَبا حَسَنٍ *** مُلَبّباً بِرِداهُ وَهْوَ مُسْتَلِمُ
مِنْ خَلْفِهِ فَاطِمٌ تَدْعُو وَمَدْمَعُها *** مِنَ الأَماقِي عَلَى الخَدَّيْنِ مُنْسَجِمُ(1)
خَلُّوا أَخا المُصْطَفَى الهادِي وناصِرَهُ *** لاَ تُخْرِجُوهُ مُهاناً، لا أَبا لَكُمُ!
مِنْ قَبْلِ أَكْشِفَ رَأْسِي بِالدُّعاءِ وَفِي *** قَلْبِي شَجاً وَفُؤَادِي كُلُّهُ أَلَمُ
إِنِّي ابْنَةُ المُصْطَفَى المُخْتَارِ فَاطِمَةٌ *** فَإِنْ دَعَوْتُ فَنَتْ مِنْ دَعْوَتِي الأُمَمُ !(2)
يا لِلرِّجالِ، أَمَا لِي مِنْكُمُ أَحَدٌ *** مِنَ الطُّغاةِ لِوَجْهِ اللَّهِ يَنْتَقِمُ؟
يا غِيرَةَ اللَّهِ هَلْ كَلَّتْ سَوَاعِدُكُمْ *** عَنْ نُصْرَتِي؟ وَيْلَكُمْ، أَمْ ماتَتِ الشِّيَمُ؟
فَكَيْفَ يُخْرَجُ بَعلِيِّ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ *** وَلاَ تُسَلُّ لَهُ الهِنْدِيَّةُ الخدمُ؟(3)
فَلَمْ تَجِدْ أَحَداً لَبَّيْ لِدَعْوَتِها *** كَأَنَّما كانَ فِي أَسْماعِهِمْ صَمَمُ(4)
ص: 388
(بحر البسيط)
الشيخ ملا علي آل رمضان(*)(1)
دَاجِي الضَّلالِ سَجَا وَاشْتَدَّتِ الظُّلَمُ *** عَلَى الوَرَى وَ بُحُورُ الجَوْرِ مُلْتَطِمُ(2)
وَرَايَةُ الدِّينِ لُفَّتْ بَعْدَمَا انْطَرَحَتْ *** فِي الْأَرْضِ وَ الجَوْرُ مَرْفُوعٌ لَهُ عَلَمُ
وَ أَنْتَ تَسْمَعُ يَابْنَ المُصْطَفَى وَ تَرَىٰ *** بِأَنَّ عَلَيْنَا ظَلاَمَ الظُّلْمِ مُلْتَحِمُ
وَ كَانَ بَيْنَ بَنِي حَرْبٍ وَ حِزْبِهِمُ *** لَكُمْ أُضِيعَ بِوَادِي كَرْبَلاءَ دَمُ
فَانْهَضٌ وخُذْ ثَارَ مَنْ فِي كَرْبَلاً اشْتَمَلَتْ *** عَلَيْهِمُ مِنْ مُلِمَّاتِ البَلَا غَمَمُ
أَمَاجِدٌ عَصَمَ الرَّحْمَنُ أَنْفُسَهُمْ *** أَنْ لايَلِمَّ بِهِمْ رَيْنٌ وَ لاَلَمَمُ(3)
لَمْ أَنْسَهُمْ وَ ظَلامُ النَّقْعِ مُنْسَدِلٌ *** عَلَيْهِمُ وَ ضِرَامُ الحَرْبِ يَضْطَرِمُ(4)
إلى أن قال:
إنّي لأقسِمُ بِالبَارِي الَّذِي أَبَداً *** مَا قَدْ وَطَا عَرْشَهُ مِنْ خَلْقِهِ قَدَمُ
مَا أَسَّسَ الظُّلْمَ وَاجْتَثَّ الرَّشَادَ سِوَى *** أَيْدِي الَّذِين بِدَارِ المُصْطَفَى هَجَمُوا
وَ اسْتَخْرَجُوا وَالِدَ السَّبْطَيْنِ مُحْتَسِباً *** مِنْ دَارِهِ مُسْتَضاماً وَ هُوَ مُسْتَلَمُ
يُقَادُ بَيْنَهُمُ قَهْراً وَ فَاطِمَةٌ *** تَدْعُو-وَمَدْمَعُهَا المَحرُونُ مُنْسَجِمُ-(5)
ص: 389
وَيْلٌ لأُمِّكُمُ خَلُوا أَبَا حَسَنٍ *** أَنْ لاتَحُلَّ سَرِيعاً فِيكُمُ النِّقَمُ
هذَا الَّذِي أَوْجَبَ البَارِي وِلايَتَهُ *** فَرْضاً عَلَيْكُمْ وَ مِنْهُ تُجْلَبُ النّعمُ
لَوْلاَ الوَصِيَّةُ وَ العَهْدُ القَدِيمُ لَمَا *** مَشَتْ إِلَيْهِ بِسُوءٍ مِنْكُمُ قَدَمُ
وَ لاَ إِلَى مَنْزِلِي بِالنَّارِ قَدْ زَحَفَتْ *** تُرِيدُ تُحْرِقُ دَارِي هَذِهِ الأُمَمُ(1)
كَفَرْتُمْ وَ رَكَسْتُمْ فِي العَنَا وَ أَنَا *** غَصَبْتُمُونِي تُرَائِي، لَاأَبَا لَكُم(2)
نَكَثْتُمُ العَهْدَ وَ المِيثَاقَ بَعْدَ أَبِي *** لَمَّا تَعَرَّتْ وَ زَالَتْ عَنْكُمُ الشَّيَمُ
صَلَّى عَلَيْهِ وَ أَبْنَاهُ المُهَيْمِنُ مَا *** أَضَاءَ نُورُ صَبَاحٍ وَ انْجَلَتْ ظُلَمُ(3)
ص: 390
(بحر الطويل)
الأستاذ علي الفرج
تلألأ كأسُ الحبّ فلندفنِ الهمّا *** فمن يشرب الحبَّ البتوليَّ لايظما
و من يغرسُ الآمال في دار أحمدٍ *** فيا ما أُحيلي ما سيجني و ما أنمى
و من يغزلُ الشعر الطريّ بفاطمٍ *** سيتلو به آيات (والفجر) أو (عم)
و من يتنغّم نبرةً فاطميّة *** مشى السحرُ في أعراقهِ يذرعُ الدَّمَّا
تنغّمتها حتى إذا عدتُ نغمة *** على قصبِ النشوى سعى الكونُ والتمّا
تنغّمتها دنياً من الشعر بعدها *** غفت كلماتي فوقَ دنيا من النُّعمى
غفت كلماتُ العاشقين و ما غفت *** الشعر إلاّ تسرقُ الحُلُمَ الأسمى
أيا مهدها و الوحيُ... كيف رأيتُما *** رسولَ السما يستقبل الوردَ و الحلما
و قد سَبحتْ عيناهُ خلفَ عيونها *** يرى الدمعةَ الحمراءَ و الحزنَ والسُّقما
أزهراءُ إذ كنتِ الوليدةَ إنني *** أرى كل مَن في الكون من نسوةٍ عُقما
حنانيكِ يا (ديوان) حبّ (قريضُهُ) *** سناً عبقريٌّ نوّر الأُفقَ الأعمى
و (أحرفُهُ) ساعاتُ عمرٍ تفتّحت *** فعمَّ السما و الأرضَ من ذاك ما عمّا
و(أوزانُهُ) طبعُ السماء لوارتدى *** بها الصخرُ ساوى طبعُهُ الشمسَ والنجما
و (عنوانُهُ) الزهراءُ يا اسماً كأنما *** يفيضُ حكاياتٍ لها تسجدُ الأسما
أزهراءُ يا بعضاً لأحمدَ ينتمي *** كما الوردةُ الزهرا إلى روضها تُنمى
صنعتِ له قلباً يلمُّ حنانه *** فكنتِ له بنتاً و كنتِ له أُمّاً
ص: 391
ومن وجهه الميمونِ صغتِ ابتسامة *** ومن وجهكِ البسّامِ صُغتِ له النّعمى
أزهراءُ يا إسعادَنا واشتعالَنا *** حملنا هواكِ الحيَّ في موتِنا غُنما
فرشناهُ جمراً في شرايين روحِنا *** و إنْ شهروا سيفاً و إن عرضُوا سهما
و أغلى من الدنيا الهوى و انتحاره *** و أرخص من ليلاي أن يسفكُوا الدَّما
ص: 392
(بحر المتقارب)
السيد غياث آل طعمة(*)(1)
رَنَوْتُ لأَيَّامِي النَّاعِمَهْ *** فَبِتُّ لِجَمْرِ الأَسَى هَائِمَهْ(2)
لَقَدْ كَثَرَ الدَّهْرُ أَنْيَابَهُ *** فَصُبَّتْ نَوَائِبُهُ القَاتِمَهْ(3)
وَ قَدْ كِدْتُ أنْسَى لِمَا قَدْ جَرَى *** بِأَنِّي ابْنَةُ المُصْطَفَى فَاطِمَهْ(4)
فَتَباً لِدُنْيا الأسَى وَ الظَّلامِ *** عَلَى كُلِّ ذِي عِزَّةٍ نَاقِمَهْ
يَعِيشُ بِهَا حُلْوَ أَيَّامِهَا *** وَ تَلْوِي بِغَدْرَتِهَا رَاجِمَهْ(5)
رَمَتْنِي بِمُرِّ الدَّوَاهِي العِظَامِ *** فَبِتُّ لِوَقْعَتِهَا جَاشِمَهْ(6)
وَ مَا مَرَّ بِالْبَالِ يَوْماً بِأَنْ *** تَدُورَ عَلَيَّ الرَّحَى قَاصِمَهْ
أَنَا ابْنَةُ سَيْدِ هذي الأنام *** وَ صَاحِبِ شِرْعَتِهَا السَّالِمَهْ
ثِمَارُ الجِنَانِ أَنَا مَبْدَئِي *** وَ خُلْدُ الجِنَانِ لِيَ الْخَاتِمَهْ
إِذَا مَا اشْتَهَى أَنْ يَثُمَّ الْجِنَانُ *** أَبِي شَمَّ رَائِحَتِي العَارِمَهْ(7)
ص: 393
أَنَا ابْنَةُ طَة وَ زَوْجِي عَلِيٌّ *** أَمِيرُ ذَوِي الأَنْفُسِ الْحَازِمَهْ
وَ أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَ المُصْطَفَى *** يَدَاهُ لأَصْنَامِهِمْ هَادِمَهْ
وَصِيُّ النَّبِيَّ وَلِيٌّ زَكِيٌّ *** شَقِيُّ العَوَاقِبِ مَنْ خَاصَمَهْ
وَ خَشْنُ اللُّباسِ شَدِيدُ المِرَاسِ *** تَعُجُ مَوَاقِفُهُ الحَاسِمَهْ(1)
وَ دُودٌ رَحِيمٌ كَرِيمٌ حَلِيمٌ *** غَلِيظٌ عَلَى الفِرْقَةِ الْغَاشِمَهْ(2)
أنيسُ الْقُلُوبِ مُزِيلُ الكُرُوبِ *** عَنِ المُصْطَفَى إِنْ حَوَى صَارِمَهْ(3)
بِأَمْرِ مِنَ اللَّهِ تَزْوِيجُنَا *** أُنُوفُ الرِّجالِ بِهِ رَاغِمَهْ
لَقَدْ زَيَّنَ اللهُ حُورَ الجِنَانِ *** وَ أَحْمَدَ نِيرَانَهُ اللاهِمَهْ(4)
نِشَارِي اللَّألي وَ غالِي الجُمَانِ *** بِهَا الحُورُ زِينَتَها نَاظِمَهْ(5)
وَقَادَ الزّمامَ أَبِي فِي الزَّفافِ *** وَ كُلُّ الوُجُوهِ بِهِ نَاعِمَهْ
وَ كُلُّ المَلاَئِكِ قَدْ رَفْرَفَتْ *** بِبَهْجَتِهَا لِلْوَرَى رَاحِمَهْ
وَ أُعْطِيتُ مَهْراً بِهِ لَمْ تَكُنْ *** بِمَرِّ الدُّهُورِ النّسا حَالِمهْ
فَقُلْتُ لأَرْجُو شَفَاعَتَنَا *** لأَهْلِ مَوَدَّتِنا عَاصِمَهْ
فَأُعْطِيتُ مِنْحَتَها مَنْ أَشَاءُ *** فَطُوبَى لِشيعَتِنا الْغَائِمَهْ
وَ أُمُّ الأَئِمَّةِ لَوْيَفْقَهُونَ *** لِمَنْهج نَيْلِ العُلَى رَاسِمهْ
كَوَاكِبُ هَدْي لِمَنْ يَهْتَدِي *** وَ لِلْمُعْتَدِي حِمَمٌ هَاشِمَهْ
وَ مِني سَيُولَدُ مَنْ بِاسْمِهِ *** سَتُصْبِحُ دَولَتُنَا حَاكِمهْ
لَنَا خَلَقَ اللَّهُ هَذِي الحَيَاةَ *** وَ فِينَا نِهَايَتُهُ العَادِمَهْ
ص: 394
ولاَيَتُنَا لِلَّذِي قَدْ أُقِرْ *** بِشِرْعَةِ أَحْمَدِنا لأزمهْ
حَيَاتِي بِحُبِّ الإِلَهِ انْقَضَتْ *** فَدَهْرِيَ قَائِمَةٌ صَائِمَهْ
إِذَا قُمْتُ لِلَّهِ جَوْفَ الظَّلامِ *** وَ جُلُّ عُيُونِ الوَرَى نَائِمَهْ(1)
فَلَسْتُ أَمَلُ لَذِيذ الصَّلاةِ *** وَ إِنْ أَصْبَحَتْ أَرْجُلِي وَارِمَهْ
بِقَلْبِي أَنْوَارُ رَبِّ السَّمَاءِ *** أَرَاهَا عَلَى بَيْتِنَا حَائْمَهْ
وَ بَيْتٌ لَنَا مِنْ أَعَالِي الْبُيُوتِ *** وَ فِيهِ مَلائِكَةٌ بَاسِمَهْ
وَ تَفْخَرُ فَخْر بُيُوتِ الحِجَازِ *** إِذَا مَا أَتَتْ دَارَنَا خَادِمَهْ
أَبِي كَانَ مُسْتَئْذِنَا بِالدُّخُولِ *** وَ حِلٌّ لَهُ دَارُنا القَائِمَهْ
فَكَيْفَ سَتَدْخُلُهُ فِرْقَةٌ *** بِدُونِ رِضَايَ لَهَا هَاجِمَهْ؟
عَلَيَّ أَتُحْرِقُهُ زُمْرَةٌ *** فَتَبَّتْ يَدُ الزُمْرَةِ الآئِمَهْ
وَ يَكْسِرُ ضِلْعِي لَئِيمُ الْخِصَالِ *** فَيَا وَيْلَ فِعْلَتِهِ الظَّالِمهْ
وَ تُسْقِطْ حَمْلِي أَيَادِي الطَّغَاةِ *** بِعَصْرَةِ بَابٍ وَلِي شَاتِمَهْ
أَتَمْنَعُنِي فَدَكِي عُصْبَةٌ؟ *** بِعِلْمٍ وَ دِينِ غَدَتْ زَاعِمَهْ(2)
خَرَجْتُ لِحَقِّي عَلَى رَدّهِ *** وَ إِنْ تَرَكُوا نُصْرَتِي عَازِمَهْ
أَقَمْتُ بِقُرْآنِنَا حُجَّةً *** لَئِنْ حَكَمُوها تَكُنْ حَاكِمهْ(3)
ص: 395
وَلكِنَّهُمْ رَكَنُوا لِلْحَيَاةِ *** فَزِينَتُهَا لِلْوَرَى خَاطِمَهْ(1)
وَ رَدُّوا عَلَيَّ بِأَوْهَى مَقالٍ *** بِمَا قُلْتُ ثُلتُهُمْ تَاهِمهْ
وَعُدْتُ أَلَمْلِمُ ذَيْلَ الجراحِ *** بِعَيْنِي السَّمَاء غَدَتْ قَاتِمَهْ
لَقَدْ خَسِرُونِي أَلَمْ يَعْلَمُوا *** بِحُبِّي سَيُنْجِي مِنَ الحَاطِمَهْ؟(2)
وَ يَرْضَى الإلهُ إِذا ما رَضَيْتُ *** وَ يَغْضَبُ إِنْ غَضِبَتْ فَاطِمَهْ(3)
دَعَوْتُ عَلَيْهِمْ فَلَنْ يُفْلِحُوا *** فَدُنْيَاهُمُ حَسْرَةٌ دَائِمَهْ
وَ أَخْرَاهُمُ ظُلْمَةٌ لَا تُطَاقُ *** فَبَيْسَتْ حَيَاتِهِمُ القَادِمَهْ
فَبِتُ نَزِيلَةَ قَبْرِ الحَبِيبِ *** وَ تُغْرِقُنِي أَدْمُعِي السَّاجِمَهْ(4)
وَ مَلُوا البُكَاءَ وَ قَدْ طَالَبُوا *** أَكُونُ لِكُلِّ البَلاَ كَاظِمَهْ
وَ يَسْتَعْتِبُونِي إِذَا مَا رَأَوْنِي *** أَتَيْتُ نَرَى المُصْطَفَى لائِمَهْ
فَظَلَّتْ هُمُومِي بِمَا قَدْ بَقِيتُ *** عَلَى الصَّدْرِ فِي ثُقْلِها جَاثِمَهْ
و بتُّ وَقَدْ أَرَّقَتْنِي الهُمُومُ *** وَ دُنْيَايَ مِمَّا جَرَى وَاجِمَهْ
وَ أَصْبَحْتُ لاَ أَسْتَلِذُّ الحَيَاةَ *** وَ صِرْتُ لأَيَّامِهَا رَاغِمَهْ
فَفِي النَّفْسِ شَبَّ لَهِيبُ الشُّجُونِ *** وَ فِي القَلْبِ كُلَّ الأَسَى كَاتِمَهْ
وَ قَبْرِي سَيُعفى فَتَبْقَى عَلَيَّ *** مَدَى الدَّهْرِ شيعَتُنا لاطِمَهْ
ص: 396
وَيُبْدِيهِ قَائِمُنَا لِلأَنَامِ *** وَ صُحْبَتُهُ الغُرَّةُ العَالِمهْ
فَتَنْعَمُ شِيعَتُنَا بِالسُّرُورِ *** وَ تَبْقَى لِيَوْمِ الجَزَا نَاعِمَهْ(1)
ص: 397
(بحر الكامل)
الشيخ فاضل الصفار(*)(1)
مَا لِلْجُنَاةِ لَبَيْت فَاطِمَ هَاجَمُوا *** وَ بِبَابِهَا نَارَ الصَّغَائِنِ أَضْرَمُوا؟(2)
أَوَمَا دَرَوْا فِي خِدْرِهَا سِرُّ الإ *** لهِ مُحَصَّناً وَ بِهِ المَلائِكُ نُوْمُ؟
يَا وَيْلَهُمْ كَيْفَ اسْتَبَاحُوا سِتْرَهَا *** وَ تَجَاوَزُوا أَوَلَيْسَ كَانُوا أَسْلَمُوا؟(3)
ص: 398
يَا وَيْلَهُم كَيْفَ اسْتَبَدُّوا بِالأُمُورِ *** وَ قَبْلَهَا عَهْدَ الوِلايَةِ أَبْرَمُوا؟
أَوَ لَمْ يُنَادُوا بِالغَدِيرِ وَخُمِّهِ *** (بَخٍ بَخٍ) لَكَ يَا عَلِيُّ وَ سَلَّموا؟(1)
مَاذَا جَرَى قَدْ أَنْكَرُوا وَ تَقَلَّبُوا *** بَعْدَ الهُدَى وَ إِلَى الضَّلَالِ تَحَرَّمُوا؟
أَوْ هَلْ تَبَدَّلَتِ الأُمُورُ تَقَهُقَرُوا *** لِلْجَاهِلِيَّةِ وَ الشَّقا يَحْدُوهُمُ؟
أَمْ بَيَّتُوا أَمْراً وَحَانَ أَوانُهُ *** فِي هَدَم بَيْتِ الدِّينِ حِقْداً مِنْهُم؟
أَمْ أَعْلَنُوا حَرْباً لآلِ اللَّهِ كَيْ *** يُطْفُوا ضِيَاءَ الحَقِّ يَا وَيْلاهُمُ
فَتَجَمَّعُوا طُرّاً عَلَى بَابِ الهُدَى *** وَ النَّارُ تُلْهَبُ فِي النُّفُوسِ تَقَدَّمُوا؟
لكِنَّهُمْ لايَفْقَهُونَ وَ قَبْلَ ذَا *** لَمْ يُؤْمِنُوا وَ عَنِ الحَقِيقَةِ قَدْ عَمُوا
وَ الطُّهرُ فَاطِمُ خَلْفَهُمْ بِتَجَلُّدٍ *** تَحْمِي الحِمَى وَ إِلَى الضَّمِيرِ دَعَتْهُمُ
فَتَطَاوَلُوا كَيْ يَهْتِكُوهُ وَ مَا رَعَوْا *** حَتَّى لِطهَ حُرْمَةً وَ تَفَحّمُوا
دَخَلُوا عَلَيْهَا دُونَ إِذْنٍ وَيْلَهُمْ *** ثُمَّ اسْتَبَاحُوا خَسْفَهَا وَ تَغَشَمُوا
أَسَفِي لِفَاطِمَ كَيْفَ دَاسُوا خِدْرَهَا *** وَ لِهَضْمِهَا أَهْلُ النِّفَاقِ تَقَسَّمُوا
وَعَدَا عَلَيْهَا الرِّجْسُ يَعْصِرُ صَدْرَهَا *** بِالبَابِ حِقْداً يَا لِقَوْمٍ أَجْرَمُوا!
وَ أَلَحَّ فِي عُدْوَانِهِ حَتَّىٰ هَوَتْ *** لِلْأَرْضِ تَصْرُخُ وَ الأَصَالِعَ هَشَّمُوا(2)
صَرَخَتْ وَ أَسْقَطَتِ الجَنِينَ مُقَفَّراً *** فَوْقَ التُّرَابِ تَئِنُّ مِنْ إِيذَاهِمُ
لَمْ يَشْتَفُوا فِيمَا جَنَوْهُ وَ إِنَّمَا *** لِكِيَّانِهَا المَنْحُولِ ضَرْباً حَطَّمُوا
ص: 399
فَتَلَوَّعَتْ بِالضَّرْبِ حَتَّى أُثْخِنَتْ *** وَ عَلى أَضَالِعِهَا بِسَوْطٍ وَ شَّموا
وَ الصَّدْرُ بِالمِسْمَارِ مِنْ عُدْوَانِهِمْ *** يَجْرِي دَماً وَ بَصِيحُ مِمَّا قَدَّمُوا
وَ غَدَتْ تَئِنُّ مِنَ المُصَابِ وَ تَشْتَكِي *** جَوْرَ الَّذِينَ عَلَى الجِنَايَةِ أَقْدَمُوا(1)
تَقْضِي اللَّيَالِي بِالدُّمُوعِ تَحَسُّراً *** وَ تَبثُّ فِي زَفَرَاتِهَا شَكْوَاهُمُ(2)
وَ أَمَضُّ مَا يُدْمِي القُلُوبَ تَحَرُّقاً *** فِي وَجْهِهَا كَفَّ المَظَالِم تَلْطِمُ(3)
فَقَضَتْ وَ فِي الجِسْم النَّحِيفِ عَلامَةٌ *** تَحْكِي الأَسَى وَ تَبُوحُ عَمَّا أَجْرَمُوا
أَسَفِي لَهَا سِنُّ الزُّهُورِ سِنِيُّهَا *** ذَبُلَتْ وَ وَالِدُها بِهَا أوْصَاهُمُ
أَسَفِي لَهَا عَاشَتْ بِلَوْعَتِهَا وَ قَدْ *** مَاتَتْ تَغُصُّ مَعَ الرَّدَى بِجَواهُمُ(4)
ص: 400
قَوْمٌ عَلَى الدِّينِ الحَنِيفِ تَمَرَّدُوا *** وَ الكُفْرُ وَالإِلْحَادُ قَدْ أَعْمَاهُمُ
قَدْ جَرَّعُوهَا المَوْتَ جَمْراً فِي الحَشَا *** قَبْلَ الرَّحِيلِ وَ بَعْدَهُ بِعِدَاهُمُ
فِي كَسْرِ أَضْلاعِ أَرَقُ مِنَ الضَّيَا *** وَ بِهَضم حَقٌّ سَلَّبُوهُ وَ أَرْغَمُوا(1)
وَ خَفَاءُ قَبْرٍ ضَيَّعُوهُ وَ قَبْلَهُ *** قَدْ ضَيَّعُوا أَسْرَارَهُ بَلْ هَدَّمُوا(2)
وَ بِعَيْنِهَا رَسَمُوا المَظَالِمَ حُمْرَةً *** وَ بِخَدِّهَا صُوَرُ المَآسِي تُرْسَمُ(3)
لازَالَ فِي سَمْعِ الزَّمَانِ رِوَايَةٌ *** وَ لِسَانُ صِدْقٍ بِالجَوَى يَتَكَلَّمُ
ص: 401
وَ اللَّهِ مَا عَرَفَ الزَّمَانُ كَمِثْلِهَا *** قِنْدِيلَ وَحْي خَسْفُوهُ وَ أَلَمُوا
تَرَكُوهُ يَأْكُلُهُ الأَسَى حَتَّى انْطَفَا *** فِي حَسْرَةٍ يَلْتَاعُ مِمَّا اسْتَأْثَمُوا(1)
سَتَظَلُّ فِي قَلْبِ الضَّمَائِرِ دَمْعَةً *** وَ بِيَوْمِ حَشْرٍ جَمْرَةٌ تَكْوِيهُمُ
ص: 402
(بحر البسيط)
الشيخ فرج العمران القطيفي(*)(1)
لاَ يُلْهِينَّكَ آرامٌ بِذِي سَلَمِ *** وَ لاتَعَشَّقْ مَنْ فِي البَانِ وَ العَلَمِ(2)
الشَّيْبُ لاَحَ كَمَا لاَحَ الهِلاَلُ وَ هَلْ *** مِنْ بَعْدِ شَيْبِكَ غَيْرُ الضَّعْفِ وَالهَرَمِ؟
فَسَلْ سَبِيلاً سَلِيماً مُوصِلاً لَكَ فِي *** الأُخْرَى إِلَى سَلْسَبِيلٍ بَارِدٍ شَبِمِ(3)
أَسْلُكْ سَبِيلَ بَنِي الهَادِي وَلُدْ بِحِمَى *** وَلائِهِمْ فَهُوَ حَقاً خَيْرُ مُعْتَصَمِ
ترِدْ غَداً حَوْضَهُمْ طُوبَى لِوَارِدِهِ *** وَ مَنْ يُذَدْ عَنْهُ فِي يَوْمِ المَعَادِ ظَمِي
وَ احْمُدْ إِلْهَكَ إِذْ أَنْشَأَكَ مِنْ عَدَمٍ *** فِي أُمَّةِ المُصْطَفَى المُخْتَارِ فِي القِدَمِ
فَإِنَّهَا الأُمَّةُ النَّوْرا الَّتِي كَرُمَتْ *** عَلَى العَظِيم فَنَالَتْ مُنْتَهَى العِظَمِ
وَ الذِّكْرُ أَعْلَنَ كُنْتُمْ أُمَّةً وَسَطاً *** وَ خَيْرَ مَا أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ مِنْ أُمَمِ
لِلَّهِ مِنْ أُمَّةٍ مَرْحُومَةٍ عَدَلَتْ *** فِي القَوْلِ وَ الفِعْلِ وَ الأَحْكَامِ وَ الحِكَمِ
يَا لَيْتَهَا بَعْدَ خَيْرِ الرُّسُلِ مَا انْقَلَبَتْ *** مِنْهَا أُنَاسٌ وَ لَمْ تَفْصِمْ عُرَى الذّمَمِ(4)
يَا لَيْتَهَا لَمْ تَحِدْ عَنْ قَوْلِ أَحْمَدَ وَ *** القُرْآنُ فِي الآلِ قُرْبَاهُ ذَوِي الرَّحِمِ
يَا لَيْتَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءَ مَا قُبِضَتْ *** غَضْبَى عَلَيْهِمْ وَمَا الجَارِي بِمُنْكَتِمِ(5)
ص: 403
يَا لَيْتَ فَاطِمَةٌ لَمْ تُؤْذَ بَيْنَهُمُ *** وَ لَمْ تُكَذِّبْ وَ لَمْ تُظْلَمْ وَ لَمْ تُضَمِ(1)
لَهَفِي لَهَا بَعْدَ فَقْدِ الطَّهْرِ مَا بَرِحَتْ *** مَفْرُوحَةَ القَلْبِ فِي وَجْدِ وَ فِي ضَرمِ
حَتَّى فَضَتْ وَ إِلَى دَارِ الخُلُودِ مَضَتْ *** تَشْكُو العِدَى لِشَدِيدِ البَطْشِ وَ النّقَمِ
ما حَالُ قَلْب أَبِيهَا حِينَ يَنْظُرُهَا *** وَ العَيْنُ فِي حُمْرَةِ وَ الجِسْمُ فِي وَرَمِ
إِنِّي أُعَزِّيَكَ فِي الزَّهْرَا أَبَا حَسَنٍ *** وَ إِنْ يُعَزِّيكَ قَبْلِي بَارِىءُ النَّسَمِ
صَبْراً عَلَى قَدَرِ البَارِي وَإِنْ عَظمَ *** الجَارِي فَأَنْتَ مِثَالُ الصَّبْرِ فِي الإِزمِ(2)
هَلْ بَعْدَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَا وَوَالِدِهَا *** أَبْقَى لَكَ الدَّهْرُ رُكْناً غَيْرَ مُنْهَدِم؟
لِلَّهِ قَلْبُكَ مَاذَا قَدْ تَحَمَّلَهُ *** بَعْدَ الهَوَانِ وَبَخْسُ الحَقِّ مِنْ غَمَمِ
لاغَرْوَ لَوْ ذَرَفَتْ عَيْنَاكَ مِنْ أَسَفٍ *** عَلَى البَتُولِ وَ مِنْكَ الطَّرْفُ لَمْ يَنَمِ
بَلْ لاأَرَى عَجَباً لَوْ مِنْ تَذَكَّرِهَا *** مَزَجْتَ دَمْعاً جَرَى مِنْ مُقْلَةٍ بِدَمِ(3)
ص: 404
(بحر الكامل)
لطف الله بن محمد البحراني
حتّى مَ تَسْأَلُ عَنْ هَوَاكَ الأَرْسُمَا *** غَيّاً وَ تَسْتَهْدِي الجَمَادَ الأَبْكَمَا؟
وَإلاَمَ تَسْأَلُ دِمْنَةً لَمْ تُلْفِ فِي *** أَرْجَائِهَا إِلا الأَثافِي جُثَّمَا؟(1)
خَلَتِ الدِّيَارُ مِنَ الأَنِيسِ فَمَا القَطينُ *** بِهَا القَطِينُ وَ لَاالحِمَى ذَاكَ الحِمَى
سَفَةٌ وُ قُوفُكَ بَيْنَ أَطْلَالٍ خَلَتْ *** وَ عَفَتْ وَ غَيَّرَهَا البَلاءُ وَ أَعْدَما(2)
ضَحِكَ المَشِيبُ بِعَارِضَيْكَ فَنُحْ أَسَى *** أَسفاً عَلَى عُمْرٍ مَضَى وَ تَصَرَّمَا
فَالعُمْرُ أَنْفَسُ فَائِتٍ فَتَلاَفَ مَا *** ضَيَّعْتَ مِنْهُ وَخُذْ لِنَفْسِكَ مَغْنَمَا
وَ إِذَا أَظلَّ عَلَيْكَ شَهْرُ مُحَرَّمٍ *** فَابْكِ القَتِيلَ بِكَرْبَلاءَ عَلَى ظَمَا
إلى أن يقول:
يَا رَاكِباً نَحْوَ المَدِينَةِ قِف بِهَا *** عِنْدَ الرَّسُولِ مُعَزّياً مُتَظَلِّما
وَ قُل السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَزْكَى الوَرَى *** نَسَباً وَ أَكْرَمَهُمْ وَأَشْرَفَ مُنْتَمَى
أَوْصَيْتَ بِالثَّقَلَيْنِ أُمَّنَكَ الَّتِي *** لَمْ تَأْلُهَا نُصْحاً لَهَا وَ تَكَرُّما(3)
ص: 405
هَا قَدْ أَضَاعَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا *** الثَّمَنَتْ بِذِمَّتِهَا وَ عَهْداً مُبْرَما
هذَا الحُسَيْنُ بِكَرْبَلاً عَهْدِي بِهِ *** شَفَتَاهُ نَاشِفَتَانِ مِنْ حَرِّ الظَّمَا
وَ تَرَكْتُ نِسْوَتَهُ الكَرَائِمَ حُسَّراً *** مِنْ حَوْلِهِ يَمْسَحْنَ مَنْحَرَهُ دَما(1)
وَ اقْصُرْ مِنَ الشَّكْوَى سَتَسْمَعُ أَنَّةً *** مِنْ قَبْرِهِ تَدَعُ الفُؤَادَ مُكَلَّما
وانحُ البَتُول و قُلْ أَيَا سِتَّ النِّسا *** أَعْلِمْتِ فاطِمَةَ الظهورِ بِنَا وَمَا؟
سِتَّ النِسَاءِ أَمَا عَلِمْتِ بِمَا جَرَى *** رُزْهُ أَرَاهُ مِنَ الرِّزَايَا أَعْظَمَا؟
سِتَّ النِّسَاءِ رَبِيبُ حِجْرِكِ فِي الثَّرَى *** عَارِي اللِّباسِ مُسَرْبَلاً حُللَ الدِّما
سِتَّ النِّسَاءِ حَبيبُ قَلْبِكِ قَدْ قَضَى *** ظَامِي الحَشَا وَ النَّهرُ فِي جَنْبَيْهِ مَا
سِتَّ النِّسَاءِ رَضِيعُ ثَدْيكِ رَضَّضَتْ *** خَيْلُ العِدَى أَضْلَاعَهُ وَ الأَعْظُمَا
ص: 406
يَعْرُزُ عَلَيَّ بِأنْ أَقُولَ مُعَزِّياً *** وَ أَفُوهَ عَمَّا فِي الشَّمْيِرِ مُتَرْجِمَا
الرَّأْسُ مِنْهُ عَلَى سِنَانٍ شَاهِقٍ *** وَ الجِسْمُ مِنْ وَقْعِ السُّيُوفِ مُهَشَّما
وَ بَنَاتُكِ الخَفِرَاتُ فِي أَيْدِي العِدَى *** خَلَّفْتُهِنَّ مُكَشَفَاتٍ كَالإِمَا
أَبْرَزْنَ مِنْ بَعْدِ الخُدُورِ حَوَاسِراً *** سَلَبَ العِدَى مِنْهَا الرِّدَا وَ المِعْصَما
أُخِذَتْ سباً حُرقَتْ خِباً شُتِمَتْ أَبا *** مَا كَانَ أَهْلاً أَنْ تُسَبِّ وَ تُشْتَمَا(1)
ص: 407
(بحر البسيط)
الشيخ محسن أبو الحب(الكبير)(*)(1)
مَا أَنْكَرَ القَوْمُ مِنْ يَوْمِ الغَدِيرِ وَمَا *** عَلَى نَبِيِّ الهُدَى مِنْ فِعْلِهِ نَقَمُوا
فِي يَوْمِ قَامَ يُنَادِيهِمْ وَمَا سَمِعُوا *** وَمَا بِآذَانِهِمْ مِنْ عَارِضِ صَمَمُ
يَا قَوْمِ هَذَا عَلِيٌّ فَاعْرِفُوهُ كَمَا *** عَرَفْتُمُونِي أَوْلَى مِنْكُمُ بِكُمُ
اللَّهُ أَكْرَمَكُمْ فِيمَا دَعَوْتُكُمُ *** إِلَيْهِ فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ وَ اغْتَنِمُوا
مَا نَالَ مِنْ قُرْبِهِ عِنْدِي لِلْحْمَتِهِ *** كَلاً وَلكِنْ لاَخَوَى دُونَهَا الرَّحِمُ(2)
قريَتُهُ وَيْلَكُمْ عَلَماً بِأَنَّ لَهُ *** عِلْماً تَعَلَّمَ مِنْهُ اللَّوْحُ وَ القَلمُ
فَقَدِّمُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ قَدَّمَهُ *** مَنْ لَمْ يُقَدِّمُهُ لَمْ تَثْبُتْ لَهُ قَدَمُ
لَوْلاً عَلِيٌّ لَكُنْتُمْ فِي الوَرَى بُهْماً *** وَ هَلْ كَأَسْدِ الشَّرَى إِنْ عُدَّتِ البُهُم؟
إنْ كُنتُ مُنْهُما فِيهِ فَقَبْلَكُمُ *** مُوسَى بِهارُونَ قَبْلِي قَدْ اتْهَمُوا
قُومُوا بِطَاعَتِهِ وَ ارْضَوْا بِبَيْعَتِهِ *** فَإِنَّهُ العُرْوَةُ الوُثْقَى بها اعْتَصِمُوا
هَارُون كَانَ أَخَا مُوسَىٰ وَ كَانَ أَخِي *** فِيكُمْ عَلِيَّ فَلايَعْرُوكُمُ السَّامُ
مَنْ كَانَ أَفْصَحَ لِي مِنْهُ إِذَا اخْتَلَفَتْ *** عَلَيَّ أَيْدِي العِدَى وَ اشْتَدَّتِ الأَزْمُ
مَنْ رَدَّ عَنِّي عَادِي الشِّرْكِ حِينَ عَدَتْ *** عَلَيَّ أَجْنَادُهَا كَالسَّيْلِ نَزْدَحِمُ؟
ص: 408
مَنْ رَدَّ عَمْرُو بن وَدُ يَوْمَ صَاحَ بِكُمْ *** وَ كُلَّكُمْ مِنْهُ مُصْفَرٌ وَ مُنْكَتَم؟
لَوْلاهُ مَا أَصْبَحَتْ تَرْعَى سَوَارِحِكُمْ *** مَأْمُونَةً رَعْيُهَا الخذرافُ وَالعَنَمُ(1)
لَوْلاَهُ مَا ارْتَفَعَتْ يَوْماً بُيُوتُكُمُ *** مَسْمُوكَةً تَتَشَاغَى حَوْلَهَا النِّعَمُ(2)
لَوْلاهُ أَصْبَحَ دِينُ الشِّرْكِ مُرْتَفِعاً *** وَ عَادَ يُعْبَدُ جَهْراً فِيكُمُ الصَّنَمُ
هذَا أَخِي وَ ابْنُ أُمِّي لايُوَازِنُهُ *** فِي الفَضْلِ جُلُّ بَنِي الدُّنْيَا وَإِن زَعَمُوا
عَادَتْ كَعَادٍ بِمَا جَرَتْهُ جرهمها *** وَ غُودِرَتْ كَجَدِيس أُخْتِهَا طَسَمُ
وَ كَانَ مِنْ سَبَإِ مَا كَانَ فَانْطَمَسَتْ *** آثَارُهَا وَ مَحَاهَا سَيْلُها العَرمُ(3)
وَ سَوْفَ يُقْرِضُكُمْ مَا كَانَ أَقْرَضَهُمْ *** مِنَ العَذَابِ وَ أَنْتُمْ مِنْهُمُ وَ هُمُ
إِنِّي لأعْلَمُ إِنِّي لاأَزِيدُكُمُ *** هَدْياً بِنُصْحِي وَ كَمْ قِدْماً بَلَوْتُكُمُ
فَمَا وَجَدْتُ لَكُمْ فِي كُلِّ جَارِحَةٍ *** إِلأَعَقَابِيلَ دَاءٍ لَيْسَ تَنْحَسِمُ
لَمْ يَدْرٍ قَدْرَ عَلِيٌّ غَيْرُ خَالِقِهِ *** النَّاسُ إِلا عَلِيًّا كُلُّهُمْ عَدَمُ
مَنْ فَازَ بِالطَّائِرِ المَشْوِيِّ يَأْكُلُهُ *** مَعِي سِوَاهُ وَ هُذَا لَيْسَ يَنْكَتِمُ
لَوْ شَاهَدَ الأَنْبِيَاءُ الغُرُّ بَيْعَتَهُ *** لَمْ يَجْحَدُوا أَنَّهُمْ طُرّاً لَهُ خَدَمُ
عَلامَ لَمْ تَفْقَهُوا مَا قُلْتُهُ لَكُمُ *** وَ أَنْتُمُ رُجُمْ أَمْ أَنْتُمُ زُخْمُ(4)
خَلُّوا الخِلافَةً خَلُوهَا فَلَيْسَ لَهَا *** إِلا أَبُوحَسَنٍ مَنْ فِيهِ تَعْتَصِمُ
هَذَا أَبُوالنَّيْرَيْنِ البَاهِرَيْنِ وَذَا *** أَخُو النَّبِيِّ وَ مَنْ تَمَّتْ لَهُ النَّعَمُ
ص: 409
يَا قَوْمُ أَيُّ نَبِيَّ مَاتَ قَبْلُ وَ لَمْ *** يَتْرُكُ وَصِيَّا سَلُوا تُخبركُمُ الأُمَمُ؟
هَلْ فَاعِلٌ أَنَا إِلا مِثْلَ مَا فَعَلُوا؟ *** هَلْ عَازِمٌ أَنَا إِلا مِثْلَ مَا عَزَمُوا؟
وَ كُلَّهُمْ مَاتَ مَظْلُوماً وَمَا ظُلِمُوا *** كَمَا ظُلِمْتُ وَبِاللَّهِ صَبْرُهُمُ
هَلْ فِي بَنَاتِهِم بِنْتُ كَفَاطِمَةٍ؟ *** أَمْ فِي رِجَالِهِم كَالمُرْتَضَى عَلَمُ؟(1)
مَنْ مِنْهُمُ مِثْلُ مالي مالَهُ انْتَهَبُوا *** مَنْ مِنْهُمُ مِثْلُ مَالي مالَهُ اصْطَلَمُوا؟(2)
مَنْ مِنْهُمُ مِثْلُ رَحْلِي رَحْلَهُ اغْتَنَمُوا *** مَنْ مِنْهُمُ مِثْلُ مالي ماله اقْتَسَمُوا؟
مَنْ مِنْهُمُ مِثْلُ قَدْرِي قَدْرَهُ جَهِلُوا *** مَنْ مِنْهُمُ مِثْلُ صِهْرِي صِهْرَهُ شَتَموا
هَبْ أَنَّنِي لَمْ أَكُنْ مِنْكُمْ وَ كُنْتُ لَكُمْ *** جَاراً مَا حُرْمَةٌ لِلْجَارِ عِنْدَكُمُ
أَنَا الخَصِيمُ لَكُمْ فِي يَوم لاحَكَمْ *** إلا الإلهُ وَ نِعْمَ الحَاكِمُ الحَكَمُ
سَيُحْرَقُ الذكرُ مِنْ بَعْدِي لأَنَّ بِهِ *** مَدْحَ ابْنِ عَمِّي مَقْرُونٌ بِذَمِّكُمُ
سَتَغْدِرُونَ بِهِ بَعْدِي لأَنَّ بِهِ *** مِنْهُ إِذَا حَقَّ يَوْمُ الحَقِّ وَيْلَكُمُ
هذِي حَبِيبَتِي الزَّهْرَاءُ بَيْنَكُمُ *** وَ دِيعَتِي هَلْ لَهَا يَا قَوْمِ مَحْتَشِمُ؟(3)
أَنَّى وَ كَيْفَ وَ فِيكُمْ كُلُّ ذِي كَبِدٍ *** تَغْلِي عَلَيَّ حَقوداً وَ هُيَ تَضْطَرِمُ
كَأَنَّمَا كُنْتُ ثِقْلاً فِي كَوَاهِلِكُمْ *** فعتت فَأَجْنَحْتُمُ أَهْلِي و ودّهُمُ
يَا طَالَمًا رُمْتُمُ قَتْلِي بِكَيْدِكُمُ *** فَمَا اسْتَطَعْتُمْ وَرَدَّ اللهُ كَيْدَكُمُ
ص: 410
سَتَغْدِرُونَ بِينتِي مِثْلَ مَا غَدَرُوا *** بِبِنْتِ عِمْرَانَ قَبْلَ اليَوْمِ وَاتَّهمُوا
أَخِي يُقَادُ كَمَا قَوْدُ الخَبِيبِ وَ ذِي *** تُلْغَى وَصَايَاي فِيهَا ثُمَّ تُهْتَضَمُ(1)
النَّارُ فِي بَيْتِهَا تُضْرَى وَ جَانِبَهَا *** يُرَضُ وَ ابْن لَهَا بِالبَابِ مُضْطَرِمُ(2)
حَتَّى الجَنِينَ أَبَادَ اللَّهُ جَمْعَكُمُ *** نَسْتَأصِلُونَ فَمَا شَأْنِي وَ شَأْنُكُمُ
يَا خَيْرَ كُلِّ الوَرَى بَعْدَ النَّبِيِّ وَ مَنْ *** بِهِ الهُدَى قَائِمٌ وَ الدِّينُ مُنْتَظِمُ
مَنَاقِبٌ لَكَ مِلْء الأَرْضِ ضَائِقَةٌ *** بِهَا السَّمَاء وَ أَنْتَ المُفْرَدُ العَلَمُ
مَا أَنْصَفُوكَ وَ لَوْلا أَنْتَ مَا عُرِفُوا *** وَ لاَرَعُوكَ وَ لَوْلاً أَنْتَ مَا سَلِمُوا
حَلِمْتَ عَنْهُمْ وَ حِلْمُ اللَّهِ حِلْمُكَ يَا *** عَيْنَ الإِلهِ فهَل عَنْكُمُ حَلَمُوا
لكِنَّ صَفْحَكَ عَنْهُمْ صَفَحُ رَبِّكَ عَنْ *** فِرْعَونَ مِصْرَ وَ مَنْ كَانَتْ لَهُ إِرَمُ(3)
كَذَا أُمِرْتَ وَ كَانَ اللَّهُ حَسْبَكَ إِذْ *** أَبْصَرْتَ مَا كَانَ عَنْهُمْ خَافِياً وَعُموا
مَنْ هُمْ وَ مَنْ غَيْرُهُمْ لَوْ شِئْتَ قُلْتَ لَهُمْ *** مُوتُوا فَمَاتُوا وَ لَمْ تَشْهَدْ لَهُمْ رَمَمٌ
كَانَ اصْطِبَارُكَ بِالرَّحْمَن يَوْمَ تَرَى *** بِنْتَ النَّبِيِّ جَهَاراً خَدَّهَا لَطَمُوا(4)
ص: 411
تَشْكُو إِلَيْكَ وَ مَا أَنْسَى مَقَالَتَهَا *** هُنَاكَ هَائِفَةً وَ الدَّمْعُ يَنْسَجِمُ(1)
هَذَا ابْنُ آكِلَةِ الذُّبَانِ مُعْتَدِياً *** إرْنِي وَطِفْلِي بِمَرْأَى مِنْكَ يَحْتَرِمُ
هَذَا زَنِيمُ عدي نَالَهُ خَطَرٌ *** عَلَى بَيْنِي بِمَرْأَى مِنْكَ يَفْتَحِمُ
أَبْنَاءُ قِيلَةَ هَذَا كَانَ عَهْدُكُم *** إِلَى النَّبِيِّ وَذَا كَانَ وَعْدُكُمُ(2)
نَصَرْتُمُونَا وَ كُنْتُمْ قَبْلُ شِيعَتَنَا *** وَ اليَوْمَ صِرْتُمْ عَلَيْنَا مَا بَدَا لَكُم
مَنْ كَانَ حَرْبُكُمُ بِالأَمْسِ صَارَ لَكُمْ *** سِلْماً وَ مَنْ كَانَ سِلْماً صَارَ حَرْبَكُمُ
هذِي بَنَاتُكُمُ خَلْفَ السُّتُورِ وَ ذِي *** بِنْتُ النَّبِي عَلَيْهَا الرِّجَسُ يَحْتَكِمُ
يَسُومُهَا تَارَةً خَسَفاً وَ يَضْرِبُهَا *** أُخْرَى أَمَا فِيكُمُ لِلدِّينِ مُنْتَقِمُ(3)
لَوْ كَانَ حَمْزَةُ وَالطَيَّارُ حَاضِرَنَا *** مَا نَالَ مِنْ نحلتي ما نَالَ عجْلُكُمُ(4)
ص: 412
كَأَنَّما جِئْتُمُ تَبْغُونَ ثَارَكُمُ *** مِنّا قَدِيماً نَعَمْ وَالحِقْدُ حِقْدُكُمُ
يَا آلَ أَحْمَدَ يَا أَزْكَى الانَامِ خُذُوا *** غَرّاء مِنْ عَبْدِكُمْ زِينَتْ بِمَدْحِكُمُ
إِنْ تَقْبَلُوهَا فَمَا فَضْلُ كَفَضْلِكُمُ *** أَوْ تَرْفُضُوهَا فَمَا عَدْلٌ كَعَدْلِكُمُ
مَا إِنْ مَدَحْتُكُمُ رَفْعاً لِقَدْرِكُمُ *** لَكِنْ لِرَفْعَةِ قَدْرِي بِامْتِدَاحِكُمُ
وَ مَا أُريدُ بِهِ فَحُراً عَلَى أَحَدٍ *** لَكِنْ لِيُعْلَمَ أَنَّ العَبْدَ عَبْدُكُمُ
مَا لِي سِوَاكُمْ وَمَا لِي غَيْرُكُمْ أَبَداً *** إِنْ ضَاقَ بِي زَمَنُ أَوْ مَسَّنِي أَلَمُ
أَنْتُمْ أَعَزُّ وَ أَعَلَى أَنْ يَخِيبَ لَكُمْ *** عَبْدٌ وَ إِنْ قِيلَ هَذَا خَاطِىءٌ أثِمُ
ص: 413
(بحر الكامل)
الشيخ محسن أبو الحب(الكبير)(*)(1)
لو كُنت صَاحِبَ لَوْعَتِي وَ غرامِي *** لَعَلِمْتَ كَيْفَ بِذِكْرِهِنَّ هُيَامِي؟(2)
مَا مَرَّ ذِكْرُ زَمَانِهِنَّ بِصَارِحٍ *** إِلا أَبَحْتُ حَشَاي للأسقامِ
زَمَنٌ لَوْ أَنَّ الدَّهْرَ جَدَّدَهُ لَنَا *** صَحْتُ بِرَغْم عَوَاذِلِي أَحْلامِي(3)
وَ مُرَوَّعٌ بِاللَّوْمِ قَلْبِي لَوْ ذَوَى *** مَا بِي مِنَ الأَشْوَاقِ كَفُّ مُلامِي
مَا زَالَ يَلْقَانِي بِقُبْحِ كَلامِهِ *** زَجْراً وَ أَلْقَاهُ بِلِين كلامي
أَنَا كُنْتُ أَدْرِي مُذْ أَلِفْتُ هَوَاهُمُ *** أَنْ سَوْفَ يَكْفُرُ فِيهِمُ لُوَّامي
لَكِنَّنِي وَ أَبِيكَ لَسْتُ بِسَامِعِ *** طَاشَتْ إِذَا دُونَ المَرَامِ سِهَامِي(4)
بِاللَّهِ لَمْ أَرَ بَعْدَ يَوْمٍ فِرَاقِهِمْ *** يَوْماً لَهُ أَجْفُو لَذِيذَ مَنَامِي
إلا إِذَا ذُكِرَ المُحَرَّمُ قَالَ لِي *** قَلْبِي اتَّخِذْ لِلْحُزْنِ دَارَ مُقَامِ
حَقّاً عَلَى أَهْلِ الوَفَا أَنْ يَسْأَمُوا *** طِيبَ الكَرَى وَ لَذِيذَ كُلِّ طَعَامِ
حُزناً لِمَا نَالَ النَّبِيَّ مُحَمداً *** مِنْ مُفَرَدَاتِ مَصَائِبٍ وَ تُوامِ
أَمَّا عَزِيزَتُهُ البَتُولُ فَلَمْ نَزَلَ *** خَلْفَ الضَّنَا و فداحةَ الآلامِ(5)
ص: 414
قَاسَتْ مَصَائِبَ لَوْ تُقَاسِي بَعْضَهَا *** شُمُّ الجِبَالِ لِسحْنَ بَعْدَ قِوَامِ(1)
فِي كُلِّ يَوْمٍ تَسْتَجِد مَآتماً *** عَظمَتْ مَوَاقِعُهَا عَلَى الإِسْلَامِ
أسَفِي لِعِتْرَتِهَا الأَطَائِبِ أَصْبَحُوا *** نَهْباً لِكُلِّ مُثَقَّفٍ وَ حُسَامِ
مُتَبَاعِدُونَ عَنِ الدِّيَارِ كَأَنَّهُمْ *** سِرْبٌ يُوَكَّلُهُ الرَّدَى بِهيَامِ
مَا زَالَ سَيْفُ الشِّرْكِ يَعْبَثُ فِيهِمُ *** وَ يَبِيدُهُمْ مِنْ مَقْعَدٍ وَ مَقَامِ
حَتَّى قَضَتْ وَطَراً أُمَيَّةُ مِنْهُمُ *** وَ مَضَتْ فَقَامَ لَهَا بنُو الأَعْمَامِ
يَتَسَابَقُونَ عَلَى انْتِهَابِ تُرَائِهِمْ *** سَبْقَ الجِيَادِ الضمْرِ فِي الأَقْدَامِ
أَمَّا أُمَيَّةُ لَمْ تَهِجْ أَضْغَانَهَا *** إِلأَتُرَاتُ الشِّرْكِ وَ الأَصنام
فَعَلَامَ هَؤُلَاءِ هَاجَتْ لِلسَّمَا *** أَضْغَانُهُمْ وَ هُمُ ذُوُوُ الأَرْحَامِ
هذَا وَ مَا ارْتَكَبَتْ أُمَيَّةُ قَبْلَهُمْ *** مِعْشَارَ مَا ارْتَكَبُوا مِنَ الآثامِ
لَوْ كَانَ حَقاً قُرْبُهُمْ مِنْ هَاشِمٍ *** مَا ضَيَّعُوا لِبَنِيهِ عَهْدَ ذِمَامِ
لَمْ يَتْرُكُوا لِبَنِي النَّبِيِّ حَشَاشَةً *** إلا أَشَبُّوا بَرْدَهَا بِضَرَامِ
فِي كُلِّ سِجْنِ لِلنَّبِيِّ لديجر *** ثَاوِ وَ فِي قَفْراءَ آخَرُ دَامِ
وَ لَقَدْ عَجِبْتُ وَ كَيْفَ لَمْ أَعْجَبْ وَ قَدْ *** أَضْحَى الرَّشَادُ مُضَيِّعَ الأَحْكَامِ
ص: 415
وَ خِلافَةُ اللَّهِ الَّتِي لَمْ يَنْخَفِض *** لِسِوَى بَنِي الهَادِي ذُرَاهَا السامي
كَانَتْ أَعَزَّ مِنَ الثَّرَيَّا مَنْعَةً *** وَ اليَوْمَ صَارَتْ مَوْطِأَ الأقدامِ
يُدْعَى الرَّشِيدُ بِهَا إِمَاماً حُكْمُهُ *** مَاضٍ وَ خَيْرُ الخَلْقِ غَيْرُ إِمَامِ
مَنْ ناشِدٌ عَنِّي بَنِي العَباسِ *** لاجَفَّتْ بِرَقْم هِجَائِهِمْ أَقْلامِي؟
أَنَّى ادَّعَوْهَا مُلْكَهُمْ وَ أَرَاهُمُ *** لَمْ يَسْعَدُوا فِيهَا بِشَدٌ حِزَامِ؟
أيَّامَ بَاعُ الشُّرْكِ أَرْسَلَ كَفَّهُ *** وَ اقْتَادَ شَامِسَهَا بِغَيْرِ زِمَامِ(1)
أَسِوى عَلِيٌّ كَانَ يُوَضِحُ لِلوَرَى *** مَا كَانَ مِنْهَا طَامِسَ الأَعْلامِ؟
حَتَّى انْجَلَتْ كَالصُّبْحِ أَسْفَرَ بَعْدَمَا *** غَشَى الظَّلامَ سُفُورَهُ بِظَلاَمِ
مَنْ ذَا يُقَابِلُ ذَا بِمَنْ إِسْلَامُهُ *** مَا كَانَ لَوْلاَ خِيْفَةُ الصِّمْصَامِ؟
لاَتَفْرَحُوا يَا قَوْمِ إِنْ أَيَّامُكُمْ *** طَالَتْ بِطُولِ مَسَرَّةٍ وَ دَوَامِ
فَكَأَن قَدِ انْقَلَبَتْ بِكُمْ وَ كَأَنَّكُمْ *** لَمْ تَظْفَرُوا مِنْهَا بِنَيْلِ مَرَامِ
إِنَّ الَّذِينَ وَ لَعْتُمُ فِي ظُلْمِهِمْ *** لَهُمُ مَعَادِنُ كُلِّ فَضْلٍ نَامِ
وَ هُمُ الَّذِينَ بِوَصْفِ بَعْضٍ عُلَاهُمُ *** ظَلَّتْ تَحَارُ خَوَاطِرُ الأَيَّامِ
لو أَنَّهُمْ رَامُوا تَمَلُكَ جِيدِمَا *** رِمْتُمْ لَكَانَ لَهُمْ أذَلُّ مَرَام
لَكِنَّهُمْ نَظَرُوا عَلَيْهَا ذِلَّةَ *** الأَدْنَى فَعَافُوهَا اجْتِنَاب الذَّام
فَلِذَاكَ أَصْبَحَ عَادُهَا يُنْمَى لَكُمْ *** بَاقٍ مَدَى مِ وَ الأَعْوَامِ
قَدْ كَانَ فِي يَوْمِ الغَدِيرِ كِفَايَةً *** فِي هَوْلِهِمْ عَنْ سَائِرِ الأَيَّامِ
يَوْمٌ بِهِ الجَبَّارُ أَكْمَلَ دِينَهُ *** وَ أَتَمَّهُ فِي أَحْسَنِ الإِتْمَامِ
عَقَدَ النَّبِيُّ بِهِ وَلَاءَهُمْ عَلَى *** مَنْ كَانَ فِي الأَصْلابِ وَ الأرْحَامِ
فَتَعَاقَدُوا أَهْلُ الغَوَىٰ أَنْ يَنْكُثُوا *** مَا كَانَ أُبْرِمَ غَايَةَ الإِبْرَامِ
ص: 416
وَ عَدَوْا عَلَيْهِم يَخْضِمُونَ تُرَاثَهُمْ *** خَضْمَ السَّوَائِم نَبْتَةَ الرَّمْرَامِ(1)
إنّي لأقسِمُ بِالنَّبِيِّ وَآلِهِ *** قسماً عَلَى رَبِّ السَّمَا العَلام
أَنْ لايُغَيِّرني عَلَى مَا فِيَّ مِنْ *** حُبِّ النَّبِي وَآلِهِ العُلاَّمِ
يَا رَبِّ كُنْ أَنْتَ الشَّهِيدَ عَلَيَّ أنْي *** عَبْدُهُمْ وَ اسْمَعْ بِهَا أَقْسَامِي
ص: 417
(بحر الوافر)
الشيخ محمد بن عبد المطلب(*)(1)
أَبَا السِّبْطَيْنِ كَيْفَ تَفِي المَعَانِي *** نِشَارًا فِي مَدِيحِكَ أَوْ نِظَامَا؟(2)
مَقَامٌ دُونَهُ نُجُبُ القَوَافِي *** وَ إِنْ كَانَتْ مُسَوَّمَةً كِرَامَا(3)
فَحَسْبُكَ يَا أَخا الشُّعَرَاءِ عُذْرًا *** رَمَيْتَ بِهَا مَكَانًا لَنْ يُرَامَا
وَ مَا أَدْرَاكَ وَيْحَكَ مَاعَلِيٌّ *** فَتَكْشِفَ عَنْ مَنَاقِبِهِ اللَّئَامَا؟
وَ مَنْ هُوَ كُلَّمَا ذُكِرَت قُرَيْسٌ *** أَنَافَ عَلَى غَوَارِيهَا سَنَامَا؟(4)
تَبَصَّرْ هَلْ تَرَى إِلأَعَلِيّاً *** إِذَا ذُكِرَ الهُدَى ذَاكَ الغُلاَمَا؟
ص: 418
غُلامٌ يَبْتَغِي الإِسْلامَ دِينا *** وَ لَمَّا يَعْدُ أَنْ بَلَغَ الفِطَامَا(1)
إذِ الرُّوحُ الأمينُ بِقُمْ فَأَنْذِرْ *** أتَى طَعَ لِيُنْذِرَهُمْ فَقَامَا
وَ أُمَّتُهُمْ إِلَى الإِسْلَامِ أُمَّ *** غَدَتْ بِالسَّبْقِ أَوْفَرَهُمْ سِهَامَا
ص: 419
وَ صَلَّى حَيْدَرٌ فَشَأَى قُرَيْشاً *** إِلَى الحُسْنَى فَسَمَّوه الإمامَا
إلى أن يقول:
وَ مَا صِهْرُ النَّبِيِّ إِذَا تَنَادَوْا *** كَمَنْ يَدْعُو رَبِيعَةَ أَوْ هِشَامَا
وَ مَنْ غَدَتِ البَتُولُ إِلَيْهِ تُهْدَى *** بَنَى فِي النَّجْمِ بَيْتاً لايُسَامَى(1)
بأمر اللَّهِ قَدْ زُقَتُ إِلَيْهِ *** عَشِيَّةَ رَاحَ يَخْطِبُهَا وَ سَامَا
كَأَنِّي بِالمَلائِكِ إِذْ تَدَلَّتْ *** بِذَاكَ البَيْتِ تَزْدَحِمُ ازْدِحَامَا
فَلَوْ كَشَفَ الحِجَابَ رَأَيْتَ فِيهِ *** جُنُودَ اللَّهِ تَنْتَظِمُ انْتِظَامَا
أَطَافُوا بِالحَظِيرةِ فِي جَلالٍ *** صُفُوفاً حَوْلَ فَاطِمَةٍ قِيَامَا
تَفِيضُ عَلَى مِنَصَّتِهَا وَ قَاراً *** وَ تَكْسُو حُسْنَ طَلْعَتِهَا وِسَامَا
فَلا يُحْزِنُ خَدِيجَةَ إِنْ تَوَلَّتْ *** وَ لَمْ تَبْلُغَ بِجَلْوَتِهَا مَرَامَا
توَلأهَا الَّذِي وَلَّى أَبَاهَا *** رِسَالَتَهُ وَ زَوَّجَهَا الإِمَامَا
قِرَانٌ زَادَهُ الإِسْلاَمُ يُمْناً *** وَ شَمْلٌ زَادَهُ الحُبُّ التِئَامَا(2)
فَإِنْ تَكُ خَيْرَ مَنْ عَقَدَتْ إِزاراً *** وَ أَكْرَمُ كُلَّ مَنْ أَرْخَتْ لِثَامَا
فَمَا شَغَلَتْهُ عَنْ حَوْضِ المَنَايَا *** إِذَا الْتَظمَتْ زَوَاخِرُهَا الْتِطَامَا(3)
ص: 420
عَهْدُ وَصْل بِالرَّقْمَتَيْنِ قَدِيمُ *** سَلَفَتْ فِيهِ نَضْرَةٌ وَ نَعِيمُ(1)
قِفْ عَلَيْهِ مُسلّماً إِنَّ فَرْضاً *** فِي الدِّيَارِ الوُقُوفُ وَ التَّسْلِيمُ
يَا خَلِيلَيَّ وَ الخَلِيلُ المُوَاسِي *** خَيْرُ ذُخْرِ إِذَا أَطَلَّ عَظِيمُ
أَسْعِدَانِي بِوَقْفَةٍ فِي المَغَانِي *** رَيْنَمَا يَشْتَفِي الفُؤَادُ السَّلِيمُ(2)
ذَكَرَتْنِي مَنَازِلُ الوَحْي لَمَّا *** عَاثَ فِي أَهْلِهَا الزَّمَانُ الغَشُومُ(3)
صَدَّعَتْ شَمْلَهَا صُرُوفُ اللَّيَالِي *** فَهيَ قَفْرَى وَفَيْتُهَا مَقْسُومُ(4)
فَغَرِيبٌ مُشَرَّدٌ وَ قَتِيلٌ *** مُسْتَضَامٌ وَ صَابِرٌ مَسْمُومُ(5)
وَ اسْتَمَرَّتْ عَلَى الوَصِيِّ خُطُوبٌ *** وَ رَزَايَا يَطِيْشُ مِنْهَا الحَلِيمِ(6)
يَوْمَ جَاءَتْ إِلَى الفَعِيلَةِ تَشْتَدُّ *** رِجَالٌ كَانَتْ عَلَيْهَا تَحُومُ
نَقَضَتْ بَيْعةَ الهُدَى وَ اسْتَجَدَّتْ *** بَيْعَةً كُلُّهَا ضَلاَلٌ وَ شُومُ
وَ رَدُوا مَنْهَلَ الغِوَايَةِ طَرْقاً *** وَ غَدِيرُ الرَّشَادِ عَذْبٌ جَمُومُ
أَعْلَى... يَعْكِفُونَ وَ فِيهِمْ *** أَسَدُ اللَّهِ وَ العِمَادُ القَوِيمُ
عَمِيَتْ أَعْيُنُ تَسَاوَى لَدَيْهَا *** فَلَقُ الصُّبْحِ وَ الظَّلامُ البَهِيمُ
مَنْ سَمَا لِلْمَنُونِ فِي يَوْمَ بَدْرٍ *** يَوْمَ صَالَتْ أَبْطَالُهَا وَ القُرُومُ(7)
ص: 422
وَ بِأَحْدٍ مَنْ رَدَّ بَأْسَ عِدَاهَا *** ثَابِتَ الجَأْشِ مُقْدِماً لاَيَخِيمُ
وَ بِيَوْمِ الأَحْزَابِ إِذْ عَظُمَ الأَمْرُ *** وَ رَاعَ الإِسْلامَ خَطبٌ جَسِيمُ
وَسَطَا فَارِسُ الكَتِيبَةِ يَخْتالُ *** بِهِ مُشْرِفٌ أَقَبٌ عَظِيمُ(1)
مَنْ جَلاً كَرْبِها وَ جَلَّى دُجَاهَا *** وَ بِمَنْ قُل جَيْشُهَا المَهْزُومُ
غَيْر مَوْلاهُمُ وَ مَنْ بِعُلاَهُ *** صَدَعَ الذِّكْرُ وَ الكِتَابُ الحَكِيمُ
عَدَلُوا بِالدَّنِي فَرْعاً شَرِيفاً *** وَ شَجَتْ بِالنَّبِيِّ فِيهِ الأُرُومُ(2)
أَفَهَلْ يَسْتَوِي وَ هَيْهَاتَ غَاوِ *** وَ رَشِيدٌ وَ جَاهِلٌ وَ عَلِيمُ؟
لَمْ يُرَشْحُهُمُ لِعَلْيَاءَ فَضْلٌ *** فَيَسُودوا وَ لاَنْجَارَ صَمِيمُ
وَ أَتَتْهُمْ عَقِيلَةُ الوَحْيِ حَرَّى *** قَدْ بَرَتْهَا أَحْزَانُهَا وَ الهُمُومُ
أفَرَغَتْ عَنْ لِسَانِ أَحْمَدَ فِيهِمْ *** حُجَجاً كَانَ حَقَّهَا التّسْلِيمُ
فَرَمُوا حَقَّهَا الصَّرِيحَ بِإِفْكٍ *** زَخْرَفُوهُ وَ الإِفْكُ مَرْعَى وَخِيمُ(3)
لأعَدَّتْ حُظَةَ الهَوَانِ رِجَالٌ *** لَيْسَ فِي جَمْعِهَا الغَفِيرِ كَرِيمُ
غَصَبُوا إِرْثَهَا وَ عَدُّوهُ غُنْماً *** وَ هُوَ الغُرْمُ وَ الإِلهُ الغَرِيمُ(4)
بَيْتُ أَحْزَانِهَا مُشَيَّدٌ وَلكِنْ *** صَبْرُهَا وَاهِنُ القوَى مَهْدُومُ(5)
وَ قَسَتْ مِنْهُمُ القُلُوبُ عَلَيْهَا *** وَ أَبُوهَا البَرُّ الرَّؤُوفُ الرَّحِيمُ
جَاءَهُمْ مُعْدَمُو ثَرَاءٍ حَيارَى *** فَاهْتَدَى حَائِرٌ وَ أَثْرَى عَدِيمُ
ص: 423
قاض إحْسَانُهُمْ عَلَيْهِمْ سِجَالاً *** وَ سَقَتْهُمْ مِنْ رَاحَتَيْهِ الغُيُومُ
فَاضَ فَعَدَا عَيْشُهُمْ حَمِيداً وَلكِنْ *** عَهْدُهُمْ فِي بَنِي النَّبِي ذَمِيمُ
سَيَذُوقُونَ مَا جَنَوْهُ وَ شِيكاً *** يَوْمَ يَغُدُو الشَّفِيعُ وَ هُوَ خَصِيمُ(1)
ص: 424
(بحر الكامل)
السيد محمد رضا حيدر شرف
الدين العاملي
يا صاح لاعذل و لاإرغام *** رفقاً بنفسي فالملام حرامُ(1)
لاغرو خلي إن بكيت بعبرة *** حرى فقلبي ألهب و ضرامُ(2)
ما كنت أذرف للصبابة أدمعي *** سفهاً و لاأدمى الفؤاد غرامُ(3)
حفَّت بشخصي الحادثات ترومني *** فدفعت جيش الحزن و هو غرامُ(4)
ولكم جرعت من الحياة حميمها *** لم يُثنني منها أذى و سقامُ
صرعت فرسان الليالي و الإبا *** طبعي فأحنت هامها الأيامُ
ما هزَّني الخطب المروع بعظة *** حتى و لو هتنت عليَّ سهامُ
لكن يوم الدار خلف في الحشا *** ندباً فما بين الضلوع حطامُ(5)
يوم به أربد الفضاء و غاض *** نورالخافقين فحلَّها الإظلامُ
و تداعت الأفلاك في عليائها *** بالنوح و السبع الطباق جهامُ
و الشمس ژوارت في الحجاب ضياءها *** حزناً و صدع البدر لايلتامُ
ص: 425
إذ أوزفت بضغائن معهودة *** و الناس في مهد الخنوع نيامُ
زمر النفاق تروم أكرم منزل *** فيه البتولة و الفتى الضرغامُ
هجموا على دار الوصي و حرقوا *** بابا أعز حريمه العلامُ
و انهال صاحبهم يلوع فاطما *** بالسوط ضرباً رقَّ منه لئامُ
ثم انبری عصراً يهشم ضلعها *** فهوى الجنين و قد عراه حمامُ
سقطت مضرجة تجود بنفسها *** لم يرع فيها للنبي ذمامُ
فاهتز عرش اللَّه من أناتها *** و بكى دماً لمصابها الإسلامُ
ص: 426
(بحر الخفيف)
السيد محمد رضا القزويني(*)(1)
أَصْعَ يَا دَهْرُ وَ أَنْصِتِي يَا مَكَارِمْ *** وَ انْفُضِي يَا جِرَاحُ عَنْكِ المَرَاهِمْ
وَ اسْتَعِدْ يَا قَرِيضُ كُلّ القَوَافِي *** وَ اسْبُرِ اليَوْمَ غَوْرَ كُلِّ المَلاَحِمْ
إِنَّ هَذِي النُّفُوسَ ظَمْأَى لِنُورٍ *** طَالَمَا غَيَّبتْهُ عَنْهَا المَظَالِمْ
إِنَّ هَذِي الحُقُولَ لَمْ تَأْلَفِ الجَدْبَ *** وَ قَدْ أَوْشَكَتْ تَمُوتُ البَرَاعِمْ
فَامْلَئِي يَا سَمَاءُ قَلْبِيَ آمَالاً *** فَإِنِّي لَمَّا أَزَلْ بَعْدُ هائِمْ
أتَملَّى بَيْنَ السَّحَائِبِ غَيْثاً *** يَنْشُرُ البِشْرَ بَيْنَ هذي العَوَالِمْ
يُرْجِعُ الخِصْبَ فِي العُقُولِ فَتَسْمُو*** لِتَرى ذِلَّةَ الصُّقُورِ الحَمَائِمْ
لتَرَى البُرْعُمَ الصَّغِيرَ يَبُثُ الجَوَّ *** عِطْراً وَ إِنْ أُثِيرَتْ بَهَائِمْ
أنْ تَقُول الشعوبُ قَوْلَتَهَا الفَضلَ *** عَلَى رَغْم كُلِّ أَهْوَجَ حَاكِمْ(2)
أنْ يَعِيش الإنْسَانُ حُراً كَرِيماً *** لامَرُوعاً مِنَ السُّيوفِ الصَّوَارِمْ
فَلَقَدْ لاحَ فِي الحَوَالِكِ بَرْقُ *** يَصْدَعُ الخَوْفَ وَ اللَّيَالِي الدَّوَاهِمْ(3)
يَخْطَفُ الرُّعْبَ مِنْ قُلُوبِ الحَيَارَى *** وَ يَصُدُّ الثَّغْرَ المُعَطَّلَ باسِمْ
ذَاكَ وَهْجُ الزَّهْرَاءِ يُشْرِقُ فِينَا *** وَ حَدِيث عَنِ البَتُولَةِ فَاطِمْ
ص: 427
وُلِدَ الخَيْرُ إِذْ وُلِذتِ فَيَا فَرحة *** طه في بِنْتِ خَيْرِ الأَعَاظِمْ
قَدْ أُعِيدَتْ بهَا الكَرَامَةُ لِلأُنْثَى *** فَعَاشَتْ بَيْنَ الكرام الكرَائِمْ
وَ الْتَقَتْ فِي رِحَابِهَا جَنَبَاتٌ *** لَمْ تَكَدْ تَلْتَقِي الدُّهُورَ الصَّوَارِمْ(1)
فَإِذَا الخَشْمُ بِالنُّبُوَّةِ يُقْضِي *** عِنْدَهَا فِي إِمَامَةٍ وَ مَكَارِمْ
نَقَلَتْ مَنْهَلَ الرِّسَالَةِ عَذْباً *** رَائِقاً فِي صِفَاتِهِ لِلْعَوَالِمْ
فِي بَنِيهَا يَا عِزَّةُ لَمْ تُخَامِرْ *** عُظَمَاءَ التَّارِيخ مِنْ كُلِّ حَالِمْ
غَيْرُ بِنْتِ لِلْمُصْطَفَى كَانَ فِيهَا *** نَسْلُهُ وَ النُّهَى وَ كُلُّ المَرَاحِمْ
فَاسْتَطَالَتْ عَلَى العَوَالِم فَخْراً *** شَاهِدٌ فِيهِ كُلُّ بَرِّ وآثِمْ
وَ تَرَاهَا تَرَعْرَعَتْ فِي حُجُورٍ *** عَزَّ فِي الدَّهْرِ مِثْلُهَا فِي الأَكَارِمْ
وَلَدَتْهَا خَدِيجَةٌ وَ كَفَاهَا *** أَنْ تَرَى فِي وَلِيدَةِ الخَتْمِ خَاتِمْ
وَ بِهَا سَوْفَ يَنْتَشِي نَسْلُ طَهَ *** وَ يَزِينُ الدُّنْيَا وَ تَسْمُو المَعَالِمْ
وَ تَقُولُ الدُّنْيَا بِأَنَّ عَظِيماً *** قَطَعَتْهُ أَرْحَامُهُ كُلَّ رَاحِمْ
ص: 428
وَ نَبِيُّ الإِسْلاَم خَلَّفَ بِنْتاً *** لَمْ يُرَاعُوا بِها حُقُوقَ المَحَارِمْ(1)
قَدْ تَصَدَّتْ لِلظَّالِمِينَ بِيَومٍ *** عَزَّ فِيهِ النَّصِيرُ مِنْ كُلِّ جَاثِمْ(2)
خَطَبَتْ فِيهِمُ فَدَوَّى صَدَاهَا *** يَمْلَأُ الخَافِقَيْنِ رَغْمَ الكَوَاتِمْ(3)
أَفْرَغَتْ عَنْ فَم الرَّسُولِ بَيَاناً *** خَلَّدَتْهُ الدُّهُورُ طَيَّ المَلاحِمْ
أَفْصَحَتْ عَنْ حَقِيقَةِ الكَوْنِ فِيهِ *** وَ مَضَتْ وَ هْيَ سِرُّ كُلِّ العَوَالِمْ(4)
بَيْدَ أَنَّ الدُّنْيَا أَقَرَّتْ خُضُوعاً *** أَنَّ بِنْتَ النَّبِيِّ فَخْرُ الفَوَاطِمْ
أَنْجَبَتْ هَذِي المَلايينَ مِنَ السَّادَةِ *** رُغْمَ التَّقْتِيلِ مِنْ كُلِّ ظَالِمْ
فَاسْتَفَاقَ الزَّمَانُ أَيْنَ بَنُو حَرْبٍ *** وَ سُلْطَانُهُمْ وَ قَطْعُ الجَمَاجِمْ؟
أينَ أعْدَاؤُها فَقَدْ ذَهَب الكُلُّ *** وَ لَمْ يَبْقَ خَالِدٌ غَيْرُ فَاطِمْ؟
ص: 429
(بحر البسيط)
السيد محمد رضا القزويني(*)(1)
يَظَلُّ قَبْرُكِ مَجْهُولاً عَنِ الأُمَمِ *** وَ أَنْتِ مَفْخَرَةُ الدُّنْيَا بِكُلِّ فَمِ(2)
وَ يَحْسَبُ الدَّهْرُ أَنْ يُطَوّى بِحَادِثَةٍ *** وَ تِلْكَ أشْهَرُ مِنْ نَارٍ عَلَى عَلَمِ(3)
فَلَيْسَ تُطْوَى مِنَ الزَّهْرَاءِ صَفْحَتُهَا *** وَ فِي الحَيَاةِ بَقَايَا الخَيْرِ وَ الكَرَمِ
هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ أَنْ نَنْسَاكِ عَنْ سَفَةٍ *** إِذَا وَحَقِّكِ فَالدُّنْيَا إِلَى عَدَمِ
عِشْنَا القَضِيَّةَ إِنَّا نَنْتَمِي شَرَفاً *** إِلَى وَلاَئِكِ فِي الأَحْسَابِ وَ القِيَمِ
يَجْرِي بِحُبِّكِ أُمَّ الأَوْصِيَاءِ دَمٌ *** يَطْغَى فَيَرْفُضُ بَعْضَ الأُمَّهَاتِ دَمِي
حَبَاكِ رَبُّكِ بِالسِّبْطَيْنِ فَافْتَخِرِي *** أَباً وَ بَعْلاً وَ أَولاداً مِنَ القِمَمِ(4)
لَمْ تَجْتَمِعْ لابنةٍ فِي الدَّهْرِ مِنْ أَحَدٍ *** إِلا لِخَيْرِ عِبَادِ اللَّهِ كُلِّهِمِ
إِذَا تَكَلَّمْتِ قَالَ النَّاسُ فِي وَلَهٍ *** كَأَنَّ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ فِي الكَلِمِ(5)
ص: 430
أَلَسْتِ قَلْبَ حَبِيبِ اللَّهِ بِضْعَتَهُ *** وَكُنْتِ كُفْؤَ عَلِيَّ رُتْبَةِ الشِّيَمِ(1) ؟
وَبَعْدَهَا فَلْيَقُلْ مَنْ شَاءَ مِنْ حَسَدٍ *** لَسْتِ الوَرِيثَةَ فِي طهَ مِنَ الرَّحِمِ
وَلْيَغْصِبِ القَوْمُ مِنْ بَغْضَائِهِمْ فَدَكَاً *** فِدَاكِ كُلُّ الوَرَى فِي العُرْبِ وَالعَجَمِ(2)
وَلْيُشْعِلُوا النَّارَ خَلْفَ البَابِ مِنْ حَنَقٍ *** لآلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ وَالحَرَمِ(3)
ص: 431
طَابَتْ حَيَاتُهُمُ فِي ظُلْمِهَا عَجَباً *** لِلتَّابِعِينَ عَلَى أَشْلاَءِ مُقْتَسَمِ
أَنْتِ الشَّفِيعَةُ يَوْمَ الحَشْرِ سَیِّدَتِي *** فَأَيْنَ يَذْهَبُ أَعْدَاكِ مِنَ النِّقَمِ؟(1)
أَمَّا مُحِبُّوكِ فَالدُّنْيَا تُشَرِّدُهُمْ *** إِذْ لَيْسَ فِي قَلْبِهِمْ حُبٌّ إِلَى الصَّنَمِ
ص: 432
تَأْبَى ضُلُوعُكِ وَالمِسْمَارُ كَسَّرَها *** أَنْ لاَ تَضُمَّ فُؤَادَ المُخْلِصِ الأَلِمِ(1)
أَلاَ تُغِيثِي مُحِبّاً بَاتَ يَعْصِرُهُ *** دَهْرٌ وَسِجْنُ أَبٍ فِي عُمْرِهِ الهَرِمِ(2)
وَ أَنْتِ سَيِّدَةُ الدُّنْيَا وَآخِرَةٍ *** نَرْجُوكِ فِيهَا لِذَاكَ الهَوْلِ وَالظُّلْمِ
وَأَنْتِ عُرْوَتُنَا الوُثْقَى وَمَا وَعَدَ *** الكِتَابُ مُسْتَمْسِكِيهِ كُلَّ مُغْتَنَمِ(3)
وَقَالَ لِلأَنْبِيَاءِ الغُرِّ أَجْرُهُمُ *** عَليَّ (أَنْعِمْ) بِرَبِّ البَيْتِ وَالحَرَمِ
إِلاَّ لِخَاتَمِهِمْ لاَ أَجْرَيَقْبَلُهُ *** إِلاَّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى مِنَ الرَّحِمِ(4)
مَا ذَنْبُ شِيعَتِهِمْ إِنْ كَانَ رَبُّهُمُ *** يُفْدِي الكِيَانَ لأَهْلِ البَيْتِ فِي كَرَمِ
ص: 433
(بحر الطويل)
الشيخ محمد سعيد المنصوري(*)(1)
(سَلِ الدَّارَ عَنْ أَرْبَابِهَا أَيْنَ يَمَّمُوا)؟ *** وَهَلْ أَنْجَدُوا أَمْ فِي الرَّكَائِبِ أَتْهَمُوا؟
وَمَا بَالُهَا مِنْ بَعْدِهِمْ كُلُّ مَا بِهَا *** أَسًى وَفِنَاهَا جَرُّهُ الْيَوْمَ مُظْلِمُ؟
فَعَهْدِي بِهَا مِنْ قَبْلُ تَزْهُو رُبُوعُهَا *** بِهِمْ وَرَبَاهَا بِالمَكَارِمِ مُفْعَمُ(2)
أَمَا لَهُمُ مِنْ أَوْبَةٍ لِدِيَارِهِمْ *** فَنَسْعَدُ فِي لُقْيَاهُمُ وَنُنَعَّمُ؟(3)
فَهَا أَنَا مِمَّنْ سَاقَهُ الوَجْدُ وَانْبَرى *** إِلَيْكِ بِمَا فِي قَلْبِهِ يَتَكَلَّمُ
وَلاَ عُجْبَ إِنْ سَالَ دَمْعُ مَحَاجِرِي *** فَإِنِّي وَرَبِّ الرَّاقِصَاتِ مُتَيَّمُ
فَحُزْنِي عَلَى مَرِّ الزَّمَانِ وأَدْمُعِي *** مَدَى العُمْرِ مِنْ عَيْنِي تَفِيضُ وَتَسْجُمُ(4)
عَلَى جِيرَةٍ حَازُوا الفَضَائِلَ وَالتُّقَى *** وَهُمْ لِلنَّدَى بَحْرٌ وَلِلْجُودِ مَعْلَمُ
مَصَائِبُهُمْ أَبْكَتْ عُيُونَ أُولِي النُّهَى *** وَبَيْنَ الحَنَابًا جَمْرُهَا يَتَضَرَّمُ
وَأَفْدَحُهَا مَا قُوْبِلَتْ فِيهِ (فَاطِمٌ) *** مِنَ الظُّلْمِ مُذْ وَافَى إِلَيْهَا المُحَتَّمُ(5)
ص: 434
نَحَوْا دَارَهَا وَهْيَ المُعَظَّمُ شَأْنُهَا *** وَ فِي ذلِكُمْ كُلُّ الخَلاَئِقِ تَعْلَمُ(1)
وَقَدْ هَدَّدُوهَا حِينَ ذَاكَ وَقَلْبُهَا *** لِفَقَدِ أَبِيهَا وَالفُرَاقُ مُكَلَّمُ (2)
وَقَالُوا إِذَا لَمْ تَفْتَحِي البَابَ عَاجِلاً *** سَنُحْرِقُهُ فِي نَارِنَا ثُمَّ تَهْجُمُ
فَقَالَتْ إِلَى اللَّهِ الأُمُورُ جَمِيعُهَا *** وَمَنْ هُوَ أَوْلَى فِي العِبَادِ وَأَحْكَمُ
وَلاَذَتْ وَرَاءَ البَابِ مِنْ بَعْدِ فَتْحِهَا *** تَسَتَّرُفِيهَا عَنْهُمُ مُذْ تَقَحَّمُوا(3)
وَ لَمَّا أَحَسَّ ... أَسْنَدَ ظَهْرَهُ *** لِحَائِط ذاكَ البَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ(4)
بِمَا قَدْ جَرَى لَمَّا بِرِجْلَيْهِ رَدَّهَا *** عَلَيْهَا وَهَلْ فِي النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ أَظْلَمُ؟
أتُعْصَرُ مَا بَيْنَ الجِدَارِ وَبَابِهِ *** فَيُكْسَرُ مِنْهَا ضِلْعُهَا وَيُهَشَّمُ؟(5)
ص: 435
وَ تِلْكَ مِنَ المُخْتَارِ رُوحٌ وَ بَضْعَةٌ *** وَ أَقْوَالُهُ فِي فَضْلِهَا لَيْسَ تُكْتَمُ(1)
زَوَوْا إِرْثهَا عَنْهَا وَ مَاتَتْ كَثِيبَةً *** وَ كَافِلُهَا فِي الخَطب بِالصَّبْرِ مُلْزَمُ(2)
فَيًا وَيْلَ مَنْ أَدْمَى (الأَحْمَدَ) عَيْنَهُ *** بِعَيْنِ لَهَا فِي كَلِّهِ رَاحَ يَلْطِمُ
بِأَهْلِي وَبِي (أُمَّ الحُسَيْنِ) فَرُزْؤُها *** (يَشِيبُ لَهُ فَوْدُ الرَّضِيعِ فَيَهْرَمُ(3)
أَأَقْرَبُ مَنْ فِي الأَرْضِ مِنْ رُوح (أَحْمَدٍ) *** وَ أَرْفَعُ كُلِّ الخَلْقِ قَدْراً وَ أَكْرَمُ؟
تَمُوتُ وَ مِنْ آلاَمِهَا البَعْضُ لَوْ عَلَى *** يَلَمْلَمَ يَجْرِي سَاخَ مِنْهُ يُلَمْلَمُ
فَمِنْ وَجْدِهَا أَوْصَتْ عَلِيّاً بِدَفْنِهَا *** خَفَاءَ وَ هذَا لِلْمُوَالِينَ آلَمُ(4)
فَشَيَّعَها لَيْلاً وَ عَفّى ضَرِيحَهَا *** وَ مِنْ عَيْنِهِ قَدْ سَالَ عَنْ دَمْعِهِ دَمُ(5)(6)
ص: 436
(بحر البسيط)
الشيخ محمد سعيد المنصوري(*)(1)
تَاللَّهِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ مَا هَجَعَتْ *** لِفَاطِمَ لَيْلَةً عَيْنٌ وَ لَمْ تَنَمِ
تَبْكِي لِفَقْدِ أَبِيهَا حَيْثُ قَدْ غَرِقَتْ *** مُذْغَابَ عَنْهَا بِبَحْرِ الهَمِّ وَ الأَلَمِ
لَمْ يَرْعَ أَصْحَابُهُ حَقاً لَهَا أَبداً *** وَ قَدْ تَعَرَّوْا عَنِ الأَخْلاقِ وَ الشَّيَمِ
مَالُوا عَلَى إِرْثِهَا غَصْباً وَ قَدْ نَزَلَتْ *** بِهِ النُّصُوصُ مِنَ الرَّحْمَنِ ذِي النِّعَمِ(2)
وَ أَقْبَلُوا نَحْوَ بَيْتٍ فِي جَوَانِبِهِ *** تَبْكِي أَبَاهَا عَظِيمَ الشَّأْنِ ذَا الكَرَمِ
وَ جَمَّعُوا حَطَباً فِي بَابِهِ وَ عَلَتْ *** أَصْوَاتُهُمْ حَوْلَ بَيْتٍ جِدُّ مُحْتَرَمِ(3)
فَأَقْبَلَتْ بَضْعَةُ الهَادِي تُعَنْفُهُمْ *** وَ قَلْبُهَا كَانَ مِمَّا مَرَّ فِي ضَرَمِ
قَالَتْ بِصَوْتِ نِدَاهَا وَ هْيَ ثَاكِلَةٌ *** وَ الدَّمْعُ مِنْ عَيْنِهَا يَنْهَلُ كَالدِّيَمِ(4)
مَاذَا تُرِيدُونَ مِنّا نَحْنُ فِي شُغُلٍ *** بِحُزْنِنَا فِي مُصَابِ الوَالِدِ الشَّهِمِ؟
ص: 437
قَالُوا نُرِيدُ عَلِيًّا أَنْ يَمُدَّ يَداً *** بِبَيْعَةِ عُقِدَتْ فِي النَّاسِ لِلْهَرِمِ
قَالَت أُخرجُ أَنْ يَدْنُو لِمَنْزِلِنَا *** دَانٍ بِحُرْمَةِ طَة سَيّدِ الأُمَمِ
فَقَابَلَ الرَّجُلُ الزَّهْرَاءَ فِي كَلِمٍ *** قَاسٍ وَ جُرْأَةِ عِلْمٍ غَيْرِ مُحْتَشِمِ(1)
ساخرِقَنَّ عَلَيْكُمْ بَابَ بَيْتِکِمُ *** حَتَّى أُحِيلَكُمْ وَ البَيْتَ لِلعَدَمِ(2)
وَ لاَأُبقى بهِ طِفلاً وَ لاَرَجُلاً *** فَالحَرْقُ وَ القَتْلُ هَذَا اليَوْمَ مِنْ شِيَمِي
وَ حِينَمَا سَمِعَتْ تَهْدِيدَهُ ابْتَدَرَتْ *** لِفَتْحِ بَابِ الهُدَى لِلظَّالِمِ الغَشِمِ
وَ بَعْدُ لأَذَتْ بِهِ كَيْ لاَيَرَى أَحَدٌ *** خَيَالَهَا وَ هيَ أُمُّ الخِدْرِ مِنْ قِدَم
وَ مُذْ أَحَسَّ بِهَا الطَّاغِي تَعَمَّدَهَا *** بِعَصْرَةٍ صَدْرُهَا مِنْهَا هُنَاكَ دُمِي
وَ ضِلْعُهَا عَادَ مَكْسُوراً وَ مُحْسِنُهَا *** الحَمْلُ الشَّرِيفُ عَلَى وَجْهِ الصَّعِيدِ رُمِي(3)
ص: 438
وَ قَيَّدُوا فَارِسَ الهَيْجَاءِ إِذْ عَلِمُوا *** بِأَنَّهُ صَابِرٌ بِالسَّيْفِ لَمْ يَقُمِ
وَ خَلْفَهُ رَاحَتِ الزَّهْرَاءُ قَائِلةً *** إِنْ لَمْ تُخَلُوهُ أَدْعُو اللَّهَ بِالنَّقَمِ
ثُمَّ انْثَنَتْ لِضَرِيحِ المُصْطَفَى وَ غَدَتْ *** تَشْكُو لَهُ الجَوْرَ مِنْ جَانٍ وَ مُجْتَرِمِ(1)
يَا وَالِدِي هَتَفَتْ لَوْ كُنْتَ شَاهِدَنَا *** غَدَاةَ إِذْ هَجَمَ الأَعْدَاءُ لِلْحَرَمِ
لَسَاءَ حَالَكَ مَا قَدْ حَلَّ بِي وَ جَرَتْ *** عَيْنَاكَ مِمَّا عَرَانِي دَمْعُهَا بِدَمِ(2)
ص: 439
(بحر الخفيف)
الشيخ محمد سعيد المنصوري(*)(1)
لكِ ذكرى تمرُّ في كل عامٍ *** و عليها نمرُّ مرَّ الكرامِ
هي ذكرى لها نقيمُ احتفالاً *** بابتهاجٍ و فرحةٍ و ابتسامِ
هي ذكرى ولادةٍ سرَّ فيها *** سيد المرسلين خيرُ الأنامِ
بصبوحِ يشعُ في الكون شمساً *** لاكشمسِ الضحى و بدرِ التمامِ
شمسٌ و الشمسُ يا صاحِ فيها *** أن تُقمها فمالها من مقامِ
هي شمسُ الهدى و شمسُ المعالي *** و هي أحرى بالذكرِ و الاحترامِ
من سواها فخلّني و سروري *** لحظاتٍ بعد الدموعِ السجامِ
إنَّ قلبي من الهموم مليءٌ *** و مليءٌ من الخطوبِ الجسامِ
ثم أمسى خليَ بالٍ طروباً *** راقداً بينَ، نايهِ و المدامِ
إن ضربَ الأمثالِ في مثلِ هذا *** هو ضربٌ، و من فضولِ الكلامِ
فالتزامي بحب آلِ رسول اللَّه *** يُغني عن البيانِ التزامي
فمصابُ الزهراءِ روحي فداها *** هو في وسطِ قلبي المستظامِ
و الحسينُ الشهيدُ في الطفِ ليلاً *** يتراءى لمقلتِي في المنامِ
فكأن السيوفَ تنهلُ منه *** نصبَ عيني و الظالمونَ أمامي
هو مرمي فوقَ الصعيِدِ و مرمى *** بعد وخزِ الضبا لرشقِ السهامِ(2)
ص: 440
قسماحاً أم الحسينِ إذا ما *** شطَّ بي مزبرُ الشَّجا عن مرامِي(1)
وطأةُ الرزءِ أثقلتني فراحتْ *** دون قصدٍ تخطُّه أقلامِي
علَّمتْها أناملي أن تطيلَ *** القولَ في مدحكمُ و ذمِ اللئامِ
فعليكِ السلام منَّي يترى *** إن تفضلتِ في قبولِ سلامي
يا بنَة المصطفى و يا خير أمٍ *** لبني المرتضى الهداةِ الكرامِ
امنحينا بنظرةٍ منك فضلاً *** فسمانا ملبدٌ بالظلامِ
أنتِ بابُ النجاةِ من كل سوء *** فادفعي السوء عن رُبى الإسلامِ
ص: 441
(بحر الوافر)
السيد محمد صالح البحراني(*)(1)
يَتُولُ القُدْسِ مِرآةُ النّظامِ *** عَرُوسُ الحُورِ مِشْكَاةُ السَّلَامِ(2)
قَرِينَةُ عَاهِلِ العُلْيَا عَلِيٍّ *** عَزِيزَةُ أَحْمَدٍ خَيْرِ الأَنَامِ(3)
وَ أَعْلَى دَوْحَةٍ بَسَقَتْ فُرُوعاً *** وَ أَمَّ أَئِمَّةِ الدِّينِ العِظَامِ(4)
وَ مَنْ لَمْ تَنسَ ذِكْر اللَّهِ حِيناً *** و لاذاقَتْ بِهِ طَعْمَ المَنَامِ(5)(6)
ص: 442
وَ كَيْفَ تَلَذُ ّفِي لَيْلِ بِنَوْمِ *** وَ تَأْنَسُ فِي نَهَارٍ مِنْ طَعَامِ؟(1)
وَ ذَاكَ قَرِينُهَا مَنْ سَنَّ *** لِلأَنُبِيَاءِ وَ غَيْرِهِمْ سُنَنَ الكِرامِ
فَكَانَتْ خَلْفَهُ تَسْعَى فَمَهُمَا *** أَتَى أَمْراً أَتَتْهُ بِالتِزامِ
تُشَاطِرُهُ قِيَامَ اللَّيْلِ حَتَّى *** شَكَتْ أَقْدَامُهَا وَرَمَ القِيَامِ(2)
وَ تَبْكِي خَشْيَةَ الجَبَّارِ حَتَّى *** اخَتَشَتْ أَجْفَانُهَا عَمَشَ السّقَامِ(3)
وَ تَطْوِي دَهْرَهَا حَتَّى بَرَاهَا *** نُحُولُ الجِسْمِ مِنْ فَرْطِ الصِّيَامِ(4)
***
فَحُقَّ إِذَا المَلاَئِكُ خَاطَبَتْهَا *** كَمَرْيَمَ فِي اصْطِفَاءٍ بِاحْتِرَامِ(5)
فَلَمْ تَنَلِ اصْطِفَاءَ اللَّهِ إِلاَّ *** لَمَا مِنْهَا إِلَيْهِ مِنِ انْقِسّامِ
فَقَدْ وَقَفَتْ عَلَيْهِ حَيَاتَهَا فِي *** تَحَمَّلِ كُلِّ ضَيْمِ وَ اهْتِضَامِ(6)
ص: 443
عَلَى مَا فِيهِ كَانَتْ مِنْ حُقُوقٍ *** لِحَيْدَرَ قَدْ قَضَتْهَا بِالتَّمَامِ(1)
فَلَمْ تَشرُكَ عَلَيْهَا قَطُّ حَقاً *** لِرَبِّ العَرْشِ أَوْ رَبِّ الحُسَامِ
وَ طُولَ العُمْرِ مَا زَالَتْ تُؤدِّي *** حُقُوقَهُمَا وَذَا مِسك الخِتامِ
***
فَمَا عَمِلَتْ لِهَذِي الدَّارِ وَ هذا *** بها عَمَلَيْنِ فِي وَقْتِ بِعَامِ
فَمَا حَالُ الوَصِيَّ وَ قَدْ رآهَا *** بِطِينِ أوْ عَجِينِ فِي ازْدِحَامِ
فَتُخْبِرُهُ بِبَيْنِ حَانَ مِنْهَا *** يَبُوءُ الوَصْلُ مِنْهُ بِانْصِرَامِ(2)
وَ تَخْشَىٰ أَنْ يَكُونَ غَداً بِشُغْلٍ *** عَنِ الأَبْنَا لِنَكْبَاتِ الحِمَامِ(3)
فَتُصْبِحُ بَعْدَ أُمِّهِمُ يَتَامَى *** بِلا دَهْنِ الرُّؤُوسِ وَ لاَطَعَامِ
***
تَخَافُ عَلَىٰ بَنِيهَا مِنْ أَبِيهِم *** بِيَوْمِ وَاحِدٍ عَدَمَ اهْتِمَامِ
فَكَيْفَ وَ لَوْ رَأَتْهُمْ لَيْتَ ظَنِّي *** وَ قَدْ ضَاقَتْ بِهِمْ نُوَبُ الطَّغَامِ؟
فَهُذَا قَدْ فَرَاهُ السُّمُ قَلباً *** وَذَاكَ بِكَرْبَلاً غَرَضُ السِّهامِ
لَدَيْهِ مِنْ بَنِيهَا كُلُّ بَدْرٍ *** رَمَاهُ الحَتْفُ خَسْفاً بِالرّغَامِ
ص: 444
وَخَلْفَهُمُ كَرَائِمُهَا الَّتِي *** لَاتَزَالُ تَصُونُهَا عِصَمُ الخِيامِ
حَوَاسِرُ لَمْ تَجِدْ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ *** شَفِيقٍ بَيْنَ أَخْلَافِ لِئَامِ(1)
***
فَمَضَّ كَلَامُهَا بِحَشِا عَلِيٍّ *** فَكَانَ لَهُ بِهِ أَنْکَی کَلَامِ(2)
فَمَاذَا حَالُهُ فِي الغُسْلِ لَمَّا *** بَدا لأَذَى السِّيَاطِ المَتنَ دَامِي؟(3)
رَأَى بِالصَّدْرِ فِي الْأَضْلاعِ رَضَاً *** وَ فَوْقَ الخَدِّ لَظماً بِاحْتِذَامِ
فَلَمْ يَكُ غُسْلُهَا إِلا بِمَا قَدْ *** أَفَاضَ مِنَ الدُّمُوعِ لَهَا السِّجَامِ
وَ مَا أَكْفَانُهَا الأَ بِمَا قَدْ *** كَسَاهَا الدَّهْرُ مِنْ عِلَلٍ جِسَامِ
وَ لاعَجَبٌ لَهَا يَبْكِي وَلكِنْ *** عَجِيبٌ لَمْ يَمُتْ قَبْلَ السَّلاَمِ
ص: 445
وَ قَدْ نَادَى اليَتَامَى أَنْ هَلَمُّوا *** صِلُوا بِوَدَاعِها حَقَّ الذَّمَام(1)
فَإِنْ كَانَتْ لَهُمْ حَنَّتْ وَ أَنَتْ *** وَ آوَتُهُمْ إِلَيْهَا بِانْضِمَامِ
فَإِنَّ الجِسْمَ عِنْدَ الوَصْلِ شَوْقاً *** لَيَشْعُرُ بِالأَحِبَّةِ فِي الحِمَامِ
فَلَيْسَ مِنَ البَتُولِ لِوُلْدِهَا *** ثَوْبَةٌ أَقْوَى لِلَيْلَى فِي الْتِزَامِ
وَ قَدْ رَدَّ السَّلامَ كَمَا ادَّعَاهُ *** عَلَيْهَا مَيْتاً بِشَبَا الغَرَامِ(2)
ص: 446
(بحر الطويل)
الشيخ محمد صالح المطر(*)(1)
طغى الوجدُ في جسمي ففاضَ على فمي *** شعوراً فكانَ الشعرُ ينضحُ من دمي
و ذابت أحاسيسي فكانت مدامعاً *** تصب بآماقيِ عصارة عندم(2)
و دقتُ نواقيسُ المصابِ فجاوبتْ *** صداها حنايا صدرِيَ المتحطمِ
و تعتصرُ الأحزانُ بركانَ مهجتي *** فتنثُ جمراً في مرارةِ علقمِ
و عنديَ طاقاتُ الحديدِ تصبّراً *** و لكنْ أذابَتْها مصيبةُ فاطمِ
فتلكَ التي ما بارحَ المجدُ بيتَها *** و في مدحِها الآياتُ مملوءةُ الفمِ(3)
أغارَ عليها حين غابَ عن الشرى *** حِماها العدى من كلِّ علجٍ مزنمِ
ص: 447
و قد هاجمتْ بعدَ النبيَّ عرينَها *** ثعالبُ أدغالِ النفاقِ المخضرمِ
و قد روَّعُوا فيها الوقارَ و مادعُوا *** جنيناً تداعى في نضارةِ بُرعمِ
أرادوا بكسرِ الضلعِ منها خنوعَها *** و إقعادَها عن حقِّها المتحتمِ
فنادتْ و حزنُ الدهر أصداءُ صوتِها *** أبي إنني أشكُو إليك تظلّمِي
وصاياكَ في القربى تغيَّر لونُها *** و بدلَ أحكامُ الكتابِ ابن حنتمِ
و من ترهبُ الآسادُ سطوةَ بأسه *** يقادُ أسيراً كالبعيرِ المزنَّمِ
ص: 448
(بحر المتقارب)
السيد محمد كاظم الكفائي
حَوَادِثُ بِنْتِ الهُدَى تُؤْلِمُ *** فَهَلْ يَسْتَطِيعُ البَيَانَ الفَمُ؟
فَهَلْ يَسْتَطِيعُ وَ فِيهِ الشَّجَا *** وَ كَيْفَ يُصَرِّحُ أَوْ يَكْتُمُ؟
فَإِنْ كَتَمَ الحَقِّ قَالُوا غَوَى *** وَرَاحَ عَنِ الحَقِّ يَسْتَفْهِمُ
وَ إِذْ قَالَ حَقّاً تَعِدُ الطُّغَاةُ *** انْتِقَاماً وَ لِلْحَقِّ لاَتَهْضُمُ
تَرُومُ لِتَكْتُمَ شَمْسَ الضُّحَى *** وَ هَيْهَاتَ شَمْسُ الضُّحَى تُكْتَمُ(1)
تَرُومُ لِتَكْتُمَ شَمْسَ الضُّحَى *** وَ لَمْ يُبْصِرُوهَا كَأَنْ قَدْ عَمُوا
ألَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ يَوْمَ السَّقِيفَةِ *** يَوْمٌ حَوَادِثُهُ تُؤْلِمُ؟
أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ بِنْتَ النَّبِيِّ *** تُصَانُ وَ مَنْ يَعْتَدِي مُجْرِمُ؟(2)
أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ بِنْتَ النَّبِيِّ *** وَدِيعَةُ طَهَ أَلَمْ يَعْلَمُوا؟
ص: 449
عَظِيمٌ فِرَاق نَبِيَّ الهُدَى *** وَ تَرْكُ وَصِيِّ الهُدَى أَعْظَمُ
حَوَادِثُ بِنْتِ الهُدَى أَصْبَحَتْ *** سُوَيْدَاءُ قَلْبِي بِهَا تُضْرَمُ(1)
تُسَائِلُ عَنْ حَادِثَاتِ الظُّرُوفِ *** وَ تَبْقَى عَنِ الحَقِّ تَسْتَفْهِمُ
أَيُخْفَى الرَّشَادُ وَ فِعْلُ الطُّغَاةِ *** وَ مَا عَبَرُوا عَنْهُ أَوْ تَرْجَمُوا؟
فَمَنْ ذَا الَّذِي غَصَبَ المُرْتَضَى *** وَ مَنْ ذَا عَلَى حَقِّهِ يُقْدِمُ؟
وَ هَلْ هُوَ أَرْجُوحَةٌ؟ قُلْ لَهُمْ *** إِذَا لَمْ يَعُوا الحَقَّ فَلْيَفْهَمُوا
فَإِنَّ الإِمَامَةَ نَصٍّ مُبينٌ *** مِنَ اللَّهِ هَلْ نَزَلَتْ فِيهِمُ؟
وَ هَلْ نَزَلَتْ آيَةٌ فِي الكِتَابِ *** كَمَا نَزَلَتْ (إِنَّمَا) عَنْهُمُ؟(2)
تَقَدَّمْ وَ سَلْهُمْ لِمَاذَا الوَصِيُّ *** تَأَخَّرَ عَنْهُمْ وَ هُمْ قُدِّمُوا
فَإِنْ كَانَ عِلْماً فَإِنَّ الإِمَامَ *** أَحَقُّ وَ مَنْ عِجْلِهِمْ أَعْلَمُ
وَ إِنْ كَانَ إِسْلَامُهُمْ نَافِعاً *** فَبَعْدَ الوَصِيّ هُمُ أَسْلَمُوا
فَدَعْ ذَا وَ ذاكَ وَ سَلْ مَا جَرَى *** عَلَى بَضْعَةِ المُصْطَفَى مِنْهُمُ؟(3)
كَأَنْ لَمْ يَقُلْ فَاطِمَ بَضْعَتِي *** وَ ذُو الشَّأْنِ فِي وُلْدِهِ يُكْرَمُ
ص: 450
فَمُذْ غَابَ عَنْهُمْ أَتَوْا بَيْنَهَا *** بِنَارِ لَظَى حَرْبَهُمْ أَضْرَمُوا(1)
وَ رَضُوا أَضَالِعَ بِنْتِ الهُدَى *** فَقُلْ أَيَّ ضِلْعِ هُمُ حَطَّمُوا؟(2)
فَخَرَّتْ عَلَى الْأَرْضِ مِمَّا بِهَا *** وَ سَالَ لِكَسْرِ الضُّلُوعِ الدَّمُ(3)
فَهَا هِيَ أَعْمَالُهُمْ مُنْكَرَاتٍ *** يَضُجُ بِهَا الشَّارِعُ الأَعْظَمُ
فَكَيْفَ بِهِمْ وَ ابْنَةُ المُصْطَفَى *** تُسَامُ بِظُلْمٍ وَ لَاتُرْحَمُ؟(4)
ص: 451
وَ قَادُوا الوَصِيَّ إِمَامَ الهُدَى *** وَ مِنْ خَلْفِهِ فَاطِمْ تَلْطِمُ(1)
وَ تَدْعُو بِصَوْتٍ دَعُوا المُرْتَضَى *** وَ الأسَأکْشِفَ أَوْ أُقْسِمُ(2)
وَ نَادَتْ أَبَاهَا وَ قَالَتْ فَقُمْ *** فَهَا هِيَ فَاطِمَةٌ تُظْلَمُ
فَإِنْ نَدَبَتْ وَالِداً أَقْبَلُوا *** بِضَرْب وَ إِنْ وَلْوَلَتْ تُلْطَمُ
وَ إِنْ تَنْسَ لاَتَنْسَ يَوْمَ الوَفَاةِ *** وَ كَيْف قَضَتْ نَحْبَهَا فِيهِمُ؟(3)
قَضَتْ وَ هْيَ غَاضِبَةٌ مِنْهُمُ *** أَتَعْرِفُ يَا صَاحِبِي مَنْ هُمُ؟
هُمُ أَضْرَمُوا النَّارَ فِي بَيْتِهَا *** عَدَاءً فَيَا وَيْحَ مَنْ أَضْرَمُوا
وَ جَاؤُوا إِلَيْهَا جَمِيعاً وَ قَدْ *** أَرَادُوا رِضَى فَاطِمٍ عَنْهُمُ(4)
ص: 452
وَ شَاؤُوا لِيَسْتَغْفِرُوا ذَنْبَهُمْ *** وَ كَيْفَ تَرَى يُقْبَلُ المُجْرِمُ؟
وَ قَالُوا أَيَا بِنْتَ خَيْرِ الوَرَى *** نَدِمْنَا وَ لَمْ يُجْدِهِمْ مَنْدَمُ
فَصَدَّتْ بِوَجْهِ وَ قَالَتْ كَفَى *** بِرَبِّي عَدْلاً بِمَا يَحْكُمُ
أتُظْلَمُ فَاطِمَةٌ بَيْنَهُمْ *** عَيَاناً وَ بِنْتُ الهُدَى تُهضَمُ؟
وَ يَرْجُونَ مِنْهَا رِضَاءٌ عَسَى *** تَحِنُّ عَلَيْهِمْ وَ هُمْ أَجْرَمُوا
لِمَاذَا تَوَارَتْ بِلَيْلٍ وَ *** لَايُشَاهَدُ تَشْيِيعها مِنْهُمُ؟
لِمَاذَا اخْتَفَتْ فِي ظَلام الدُّجَى *** كَمَا تَخْتَفِي مِثْلَهَا الأَنْجُمُ؟
وَ هَا هِيَ سَيْدَةٌ فِي المَلاَ *** وَ لَمْ تَكُ تَفْضُلُها مَرْيَمُ(1)
فَزَوْجُ الوَصِي وَ أُمُّ الحُسَيْنِ *** بِوَالِدِهَا الأَنْبِيَا تُخْتَمُ
لِمَاذَا تُهَانُ ابْنَةُ المُصْطَفَى *** وَ يَدْفِنُهَا لَيْلُهَا المُظْلِمُ؟
وَ تُدْفَنُ وَ الكَسْرُ فِي ضِلْعِهَا *** وَ يُعْفَى تَرَاهَا وَ لاَيُعْلَمُ(2)
ص: 453
لِمَاذَا تُشَاهِدُ مِنْ أُمَّةٍ *** أَذَايَا تَمُرَّ هِيَ العَلْقَمُ؟(1)
وَ يُغْصَبُ مِنْ حَقِّهَا إِرْثُهَا *** وَ مَا بَيْنَ أَعْدَائِهَا يُقْسَمُ(2)
حَوَادِثُهَا سَجَّلَتْهَا الدُّهُورُ *** وَ قَدْ عُرف الظَّالِمُ المُجْرِمُ(3)
ص: 454
(مجزوء الكامل)
الأستاذ محمود البستاني
دَمْعٌ أُذِيلَ !! فَيَا كَواكِبُ، سَامِرِيهِ، وَ يَا نُجُومْ...(1)
ذَرِيهِ فِي الأَبْعَادِ، عِبْرَ مَجَاهِلِ النَّجْوَى، يَحُومْ
ذَرِيهِ فِي هُدْبَيكِ... يَطْفِرُ مِنْ حَوَاشِيهِ الوُجُومْ(2)
أَوْ سَمِّريهِ عَلَى المَدَى فَطَرَاتِ... لألاء... عَظِيمْ
تَنْسَلُ، عَنْ قُدْسِيَّةٍ بَيْضَاءَ...، فِي اللَّيْلِ البهِيمْ
حَتَّى كَأَنَّ المَأْتَمَ العُلْوِيَّ، يَغْتَالُ النَّسِيمْ
فِيهَا وَ يَهْوِي كَالفَنَاءِ، عَلَى مُحَيَّاهَا الوَسِيمْ
لاهَمْسُ ضَوْءٍ... لاَشَدِّى يَهْفُو... وَ لاَشَجَرٌ بَهِيمْ
عَجَنَتْهُ مَأْسَاةُ الحَيَاةِ... وَ أَطْبَقَتْ فِيهَا الغُيُومْ
وَ النَّكْبَةُ السَّوْدَاءُ، تَذْرُوها بَقَايَا مِنْ هَشِيمْ(3)
***
يَا غَرْسَةَ الهَادِي، تَمُورُ، تَمُورُ، بِالعَبقِ الكَرِيمْ(4)
ص: 455
أَوَ لَسْتِ مِنْ عَبْقِ السَّمَاءِ، وَ مِنْ تَفَتَّحِهَا العَظِيمْ
حَسْبُ الرِّسالَةِ، أَنَّ طُهْرَكِ... بَعْضُ مَجْرَاهَا السَّلِيمْ؟(1)
ص: 456
وَ سَنَا الإِمَامَةِ مِنْ نِثَارِكِ يَسْتَطِيلُ وَ يَسْتَدِيمْ
لِيَظُلَّ... يَنْسِجُ فِي الحَيَاةِ... ضَفَائِرَ الدِّينِ القَوِيمْ
وَ يَظَلَّ يَرْفِدُ، وَاحَةَ الأَجْيَالِ،... بِالخَيْرِ العَمِيمْ
كَالنَّبْع... لَمْ يَسْكُتْ عَنِ الجَرَيَانِ، لِلرَّمْلِ العَقِيمْ
لِيمُدَّه... بالمُعْطَيَاتِ. وَ بِالخُصُوبَةِ. و النَّعِيمْ
كَالشَّمْسِ... لَمْ تَسْكُتُ، عَنْ المَدِّ الشُّعَاعِي الرَّحِيمْ
تَتَمَسَّحُ الدُّنْيَا... بِهَا، بِيداً. أَفَاوِيقاً. تُخُومْ(1)
قَسَماً... وَ دِينُ اللَّهِ، عِنْدَ المُعْطَيَاتِ... فَمٌ بَسِيمْ
نَسْتَلُّ مِنْهُ الضّحْكَةَ السَّمْحَاءَ... تَهزَأَ بِالهُمُومْ
سَنَظَلُّ نَفْتَحُ مِنْ مَسَاكِبِهِ،... حَيَاةً تَسْتَقِيمْ
وَ عَلَى دُرُوبِ هَدِيرِهَا العُلْوِيِّ... لألاَء عَظِيمْ(2)
***
ص: 457
(بحر الطويل)
الشيخ مغامس بن داغر الحلي(*)(1)
صَحِبْتُكِ لاأَنِّي بِوِدِّكِ مُغْرَمُ *** دَعِينِي فَغَيْرِي فِي هَوَاكِ مُتَيَّمُ(2)
أَرَى الرَّأْيَ يا دُنْيا مَيْلِي إِلَى الصَّبَا *** تَدُومُ عَلَى الدَّارِ الَّتِي سَوْفَ يُقْدِمُ
عَلِمْتُكِ عِلْماً مُسْتَفَاداً فَدَلَّنِي *** عَلَى بُؤْسِكِ الْعِلْمُ الَّذِي كُنْتُ أَعْلَمُ
خَشِيتُ دَوَاهِيكِ الَّتِي تَدْهَمُ الفَتَى *** فَقَدَّمْتُ حَزْماً وَ الْحَزَامَةُ أَسْلَمُ(3)
تَقَانَعْتُ بِالمَيْسُورٍ فِيكِ مَخَافَةً *** عَلَى عَرْض ذَنْبي وَ الْقَنَاعَةُ أَحْزَمُ
أنفتُ لِنَفْسِي وَ هيَ سُؤْلِي لأَنَّهَا *** تَزُولُ إِلَى سُخْطِ الإِلَهِ وَ تَأْثَمُ
تَعَاهَدْتُها بِالصَّبْرِ حَتَّى ارْتَضَتْ بِهِ *** وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ عِندِي مِنَ المَالِ دِرْهَمُ
وَ مَا كَالرِّضَا بِالزُّهْدِ لِلرُّوحِ رَاحَةٌ *** وَ لَاكَعَفَافِ لِلسَّلاَمَةِ أَسْلَمُ
وَ مَا كُلُّ ما فِي الأَرْضِ يَكْفِي لِطَالِبٍ *** وَ لَوْ خَوَّلَتْهُ الْمَالَ مِصْرٌ وَ دَيْلَمُ(4)
وَ يَكْفِيهِ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ إِذَا اغْتَدَى *** بِهِ قَائِعاً وَ الرِّزْقُ لِلْمَرْءِ يُقْسَمُ
ص: 458
وَ حَاجَةُ نَفْسِ المَرْءِ وَقْتٌ وَرَاءَهُ *** مَصَائِبُ دُنْياهُ وَ مَوْتُ مُحَتَّمُ
وَ هُنَّ المَنَايَا مَنْ أَصَبْنَ فَسَابِقٌ *** إِلَى المَوْتَ وَ النَّاجِي مِنَ الْمَوْتِ يَهْرَمُ(1)
وَ مَا عَرَفَ الأَيَّامَ إِلاعِصَابَةٌ *** إِلَى الْمَجْدِ يُنْمِيهَا النَّبِيُّ المُكَرَّمُ(2)
هُمُ طَلَّقُوهَا فَابْتُلُوا بِمَصَائِبٍ *** غَدًا الدِّينُ مِنْهَا خَاشِعَاً يَتَظَلَّمُ
وَ مَا أَسَّسَ العُدْوَانَ الأَمَعَاشِرٌ *** لِبَضْعَةِ خَيْرِ الْمُرْسَلِينَ تَهَضَّمُوا
غَداةَ أَنَتْ فِي عُصْبَةٍ مِنْ نِسَائِهَا *** تُخَاصِمُ و الأبغى عَنِ الْحَقِّ تَخْصِمُ(3)
لَهَا لَهْفِي مَظْلُومَةٌ أَمْ لِبَعْلِهَا *** وَ مَا دَفَنُوا الْهَادِي عَلَيْهِ تَقَدَّمُوا
ص: 459
(بحر الطويل)
الشيخ مفلح الصيمري(*)(1)
أَعَدْلُكَ يَا هُذَا الزَّمَانُ مُحَرَّمُ *** أَمِ الجَوْرُ مَفْرُوضٌ عَلَيْكَ مُحَتَّمُ؟
أَمْ أَنْتَ لَئِيمٌ وَ الجُدُودُ لَئِيمَةٌ *** فَلَمْ تَرْعَ إِلا لِلَّذِي هُوَ أَلاَمُ
فَشَأْنُكَ تَعْظِيمُ الأَرَاذِلِ دَائِماً *** وَ عِرْنِينَ أَرْبَابِ الفَصَاحَةِ تَرْغِمُ
إِذَا زَادَ فَضْلُ المَرْءِ زَادَ امْتِحَانُهُ *** وَ تَرْعَى لِمَنْ لاَفَضْلَ فِيهِ وَ تَرْحَمُ
إِذَا اجْتَمَعَ المَعْرُوفَ وَ الدِّينُ وَ التُّقَى *** لِشَخْصٍ رَمَاهُ الدَّهْرُ وَ هْوُ مُصَمِّمُ
وَ كَمْ جَامِعَ أَسْبَابَ كُلِّ رَذِيلَةٍ *** وَ لَيْسَ لِمَا قَدْ قَالَ أَوْ قِيلَ يَفْهَمُ
فَأَضْحَى وَ قَدْ أَلْقَى الزَّمَانُ جَرَاءَةً *** لَدَيْهِ فَيَقْضِي مَا يَشَاءُ وَ یَحْكُمُ
وَ ذَاكَ لأَنَّ الدِّينَ وَ العِلْمَ وَ النَّدَى *** لَهُ مَعْدِنٌ أَهْلُوهُ يُؤخَذُ عَنْهُمُ
فَمَعْدِنُهُ آلُ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ *** وَ خَيْرُهُمْ صِنْوَ النَّبِيِّ المُعَظَّمُ
فَأَقْبَلَتِ الدُّنْيَا عَلَيْهِ بِزِينَةٍ *** وَ أَلْقَتْ إِلَيْهِ نَفْسَهَا وَ هِيَ تَبْسِمُ
فَأَعْرَضَ عَنْهَا كَارِها لِنَعِيمِهَا *** وَ قَابَلَهَا مِنْهُ الطَّلاقُ المُحَرَّمُ
فَمَالَتْ إِلَى أَهْلِ الرَّذَائِلِ وَ الخَنَا *** وَ أَوْمَتْ إِلَيْهِمْ أَيُّهَا القَوْمُ أَقْدِمُوا(2)
فَجَاؤُوا إِلَيْهَا يَهْرَعُونَ فَأَقْبَلَتْ *** عَلَيْهِمْ وَ قَالَتْ فَاسْمَعُوا ثُمَّ افْهَمُوا
صِدَاقِي عَلَيْكُمْ ظُلْمُ آلِ مُحَمَّدٍ *** وَ شِيعَتِهِمْ أَهْل الفَضَائِلِ مِنْهُمُ
ص: 460
فَقَالُوا رَضِينَا بِالصَّدَاقِ وَ أَسْرَجُوا *** عَلَى حَرْبِهِمْ خَيْلَ الضَّلاَلِ وَ أَلْجَمُوا
وَ شَنُوا بِهَا الغَارَاتِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ *** وَ خَصُّوا بِهَا آلَ النَّبِيِّ وَ صَمَّمُوا
أزالُوهُمُ بِالقَهْرِ عَنْ إِرْثِ جَدِّهِمْ *** عِناداً وَ مَا شَاؤُوا أَحَلُّوا وَ حَرَّمُوا
وَ قَادُوا عَلِيّاً فِي حَمَائِلٍ سَيْفِهِ *** وَ عَمَّارَ دَقُوا ضِلْعَهُ وَ تَهَجَّمُوا
عَلَى بَيْتِ بِنْتِ المُصْطَفَى وَ إِمَامُهُمْ *** يُنَادِي أَلا فِي بَيْتِهَا النَّارَ أَضْرِمُوا(1)في مجمع الأمثال للنيسانوي، ج1 ص402.
يضرب في الحث على الطلب و المساواة في الملطوب.(2)
ص: 461
وَ تُعْصَبُ ميراثَ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ *** وَ تُوجَعُ ضَرْباً بِالسَّبَاطِ وَ تُلْطَمُ(1)(2)
ص: 462
قَدْ غَابَ مِمَّا حَلَّ بِي مِنّي الكَرَى *** شَهِدَتْ بِمَا قَدْ قُلْتُهُ شُهُبُ السَّمَا(1)
أَرَأَيْتَ يَألَفُ لِلْكَرَى مَنْ قَدْ غَدَا *** قَسَماً لِهَاتِيكَ الخُطُوبِ مُقَسَّما
قَدْ شَتَّتَ الدَّهْرُ المُبَدِّدُ شَمْلَنَا *** مِنْ بَعْدِ مَا كُنَّا جَمِيعاً فِي حِمَى
كَيْفَ الأَمَانُ مِنَ الزَّمَانِ وَ غَدْرُهُ *** بَادٍ لَدَى كُلِّ الوَرَى لَنْ يُكْتَما؟
مِنْ بَعْدِ مَا غَدَرَ الزَّمَان بِعِتْرَةِ *** المُخْتَارِ تَرْجُو فِي الدُّنَى أَنْ تَسْلَمَا
كُمْ جَرَّعُوا المُخْتَارَ مِنْ أَشْجَانِهِ *** عُصَصاً وَ هَيَّجَتِ البَتُولَةَ فَاطِما
كُمْ كَابَدَتْ بِنْتُ النَّبِيِّ مِنَ العِدَى *** مِحَناً وَ ذُلاً ثُمَّ ضَرْباً مُؤلِما(2)
وَ المُصْطَفَى مَا كَانَ يَدْخُلُ دَارَهَا *** مَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَأْذِناً وَ مُسَلِّما(3)
هَجَمَ العَدُوُّ عَلَيْهِ يَطْلُبُ وِتْرَهُ *** وَ بِبَابِهِ نَارَ الصَّغَائِنِ أَضْرَما(4)
ص: 464
مِنْ حَرْقِهِمْ بَابَ النُّبُوَّةِ أَحْرَقُوا *** يَوْمَ الظُّفُوفِ مِنَ الحُسَيْنِ مُخَيَّما
لَوْ لَمْ يُرَضُ مِنَ البَتُولَةِ ضِلْعُهَا *** مَا رَضَّضُوا لِسَلِيلِ طَعَ أَعْظُمَا(1)
لَوْ لَمْ يُقَدْ عَلِيُّ الكَرَّارُ مَا *** زَيْنُ العِبَادِ مُكَبَّلاً قَدْ أَهْضِمَا(2)
مَهمَا رَأَتْ آلُ النَّبِيِّ بِكَرْبَلاَ *** مِنْ جَوْرِ أَعْدَاهَا وَ مِنْ حَرِّ الظَّما
مَا ذَاكَ إِلا سَالِفٌ مُتَقَدِّمٌ *** يَوْمَ السَّقِيفَةِ أَمْرُهُ قَدْ أَبْرِمَا
يَا بْنَ الغَطَارِفَةِ الأُلَى مِنْ هَاشِمٍ *** مَنْ فِي وُجُودِهِمُ انْجَلَى لَيْلُ العَمَى(3)
انْهَضْ لِثَارِكَ أَيُّهَا المُرَجَى لَهُ *** فَعِدَاكُمُ كَمْ مِنْكُمُ هَدَرَتْ دِما؟
تَرَكَتْ حُسَيْناً بِالظُّفُوفِ مُجَدَّلاً *** جُنْمَانُهُ بِشَبَا السُّيُوفِ مُخَلذَّمَا
ص: 465
(مجزوء الكامل)
الحاج هاشم الكعبي(*)(1)
لوَّامَةٌ حِلْفُ المَلاَمَهْ *** أَهْدَتْ إِلَى قَلْبِي سَقَامَهْ
لَوَّامَةٌ نَوَّامَةٌ *** أَيْنَ المَنَامُ مِنَ المَلاَمَهْ؟
خَلُّوا الحَشَاعَنْ طَارِقٍ *** لِلْجَفْنِ مَانِعُهُ مَنَامَهْ
مُتَمَدِّدُ اللَّيْلُ الطَّوِيل *** كَرَى وَ لَيْلِي لَنْ أَنَامَهْ
فَبَدا يَلُومُ وَ لَوْ دَرَى *** مَا فِي الحَشَا مَا كَانَ لَامَهْ
بِاللَّوْمِ رَامَ سُلُوَّ قَلْبٍ *** لاَتُسَلِّيهِ المُدَامَهْ(2)
وَ جُمُودَ جَفْنِ لَيْسَ تَرْقِي *** الغَانِيَاتُ لَهُ انْسِجَامَهْ
لارِيقُهَا المَعْسُولُ يَشْفِيهِ *** وَ لَا فَرْعُ البَشَامَهْ(3)
هَيْهَاتَ ذلِكَ ضَعْفُ رَأْي *** كَيْفَ صَفْوُ العَقْلِ رَامَهْ
سَامَ العَزَا صَبَّاً مُحَالٌ *** عِنْدَهُ مَا كَانَ سَامَهْ
لَمْ يَكْفِهِ الدَّمْعُ المُكَفِّكَفْ *** وَ الجَوَى المُبْدِي اضْطِرَامَهْ(4)
أَفَمَا بذَاكَ عَلامَةٌ *** لَوْ ذُوْ حِجَى يَرْعَى العَلامَهْ
خَلِّ الجَوَى لِمُتَيَّمٍ *** خَلَّى السُّرورَ لِمُسْتَدَامَهْ
ص: 466
لاَيَسْتَطِيعُ سِوَى الشَّجُونَ *** فَكَيْفَ وَ هْيَ غَدَتْ قِوَامَهْ
غَدَتِ الكَآبَةُ نَفْسَهُ *** حَتَّى أَقَامَتْهُ مَقَامَهْ
تُلْقِي مَدَامِعُهُ رَوَاهُ *** وَ حَرْمُ مُهْجَتِهِ طَعَامَهْ
أوَلَمْ يَرْعُكَ الأَكْرَمُونَ *** وَ مَا قَضَتْ لَهُمُ الكَرَامَةْ؟
وَقِيَامَةٌ بالطَّفِّ قَامَتْ *** دُونَ أَدْنَاهَا القِيَامَهْ
زِلْزَالَةٌ أَهْدَتْ قَوَارِعَهَا *** إِلَى الكَوْنِ اصْطِلاَمَهْ(1)
إلى أن يقول:
مِنْ مَعْشَرٍ ضَرَبَ الجَلاَل *** بِهِمْ عَلَى العَلْيَا خِيَامَةْ
أَدْنَى مَنَازِلَهَا السِّمَاك *** وَ مَنْ أَظَلَّتْهَا الغَمَامَهْ
وَمَوْطِى الأَقْدَامِ مِنْهَا *** النَّسْرُ كَاهِلَهُ وَهَامَهْ(2)
مِنْ أَحْمَدَ المُخْتَارِ مَنْصِبُهُ *** وَ حَيْدَرَةَ الشَّهَامَهْ(3)
بِجَبِينِهِ نُورُ النُّبُوَّةِ *** بَيْنَ عَيْنَيْهِ الإِمَامَهْ(4)
يَا لِلرِّجَالِ لِحَادِثَاتٍ *** قَدْ طَبَّقَ الدُّنْيَا رُكَامَهْ
أَرَأَيْتَ مَبْعُوثاً لِقَوْمٍ *** هَكَذَا جَعَلُوا خِتَامَهْ؟
قَطَعُوا عِنَاداً رَحْمَهُ *** الأَدْنَى وَ مَا خَافُوا أَثَامَهْ
أَهْلُ الشَّقَاءِ لَهُمْ مَقَامٌ *** مَالَنَا تِلْكَ المَقَامَهْ
سَادُوا لَنَا بِالسَّبْقِ وَالمَأْمُيومِ *** لاَ يَعْدُو إِمَامَةْ
ص: 467
أهْلُ العَدَالَةِ والوَثَاقَةِ *** وَالجَلاَلَةِ وَالسَّآمَهْ
مَا إِنْ عَلَيْهم لاَوَلَوْ *** كَفَرُوا بِخَالِقِهِمْ لَوَامَهْ
والصَّمْتُ عَنْ أَفْعَالِهِمْ *** حَتْمٌ قَضَى الدَّيْنُ الْتِزَامَهْ
سَبُّوا النَّبِي غَصَبُوا الوَصِي *** ضَرَبُوا البَتُولَ بِلاَ مَلاَمَهْ
حَرَقُوا المَصَاحِفَ غَيِّرُوا *** مِنْ بَيْتِ رَبِّهِمُ مَقَامَهْ
آوَوْا طَرِيدَ نَبِيِّهِمْ *** طَرَدُوا الَّذِي آوَى فَهَامَهْ(1)
حُرُمَاتِهِ هَتَكُوا أَحَلُّوا *** بِالخْتِيَارِهِمُ حَرَامَهْ
وَتَخَلَّفُوا عَمْداً مَعَ اللعنِ *** المُؤَكِّدِ عَنْ أُسَامَهْ(2)
و منها:
فَلَيَعْلَمَنَّ مَعَاشِرٌ *** أَنْ تَأْتِ فَاطِمَةُ القِيَامَهْ
وَلَيَنْدَمَنّ هُنَاكَ قَوْمٌ *** حَيْثُ لاَ تُغْنِي النِّدَامَهْ
ص: 468
وَ لْيُسْأَلُنَّ عَنِ الوَصِيِّ *** وَحِكْمَةٍ قَضَتِ اهْتِضَامَهْ(1)
وَلأَيِّ أَمْرٍ طِفْلُهَا *** فِي بَطْنِهَا رَضُّوْا عِظَامَهْ؟
وَ بِأَيِّ حَدِّ زَنْدُهَا *** بِالسَّوْطِ قَدْ جَعَلُوا وَ شَامَهْ؟
وَ لَهِيبُ بَيْتِ الوَحْيِ *** بِالنِّيرَانِ لِمْ وَ صَلُوا ضِرَامَهْ؟
وَيْل أُمِّ هَاشِمِ مَالِفَاطِمَ *** قَدْرُ سَعْدٍ وَ احْتِرَامَهْ
وَيْلٌ قَضَى أَبَدَ الزَّمَانِ *** عَلَى بَنِي الدُّنْيَا دَوَامَهْ
وَيْلُ قَرَعْتُ السِّنَّ مِنْهُ *** نَدَامَةً لاَبَلْ غَرَامَهْ
لَتَرى نُفَيْلَةُ بَلْ أُمَيَّةُ *** بَلْ سُمَيَّةُ بَلْ حَمَامَهْ
أَضْعَافَ مَا كَسَبَتْهُ *** سَاعَةَ يَجْمَعُ البَارِي أَنَامَهْ(2)
ص: 469
(بحر الكامل)
لأحد الشعراء
يَا بِنْتَ أَحْمَدَ أَنْعِمِي *** بِالعَطْفِ نَحْوَ المُنْتَمِي
يَا بِضْعَةَ المُخْتَارِ يَا *** زَهْرَا عَلَيَّ تَكَرَّمِي
يَا دَوْحَةً أَفْنَانُهَا *** طَالَتْ بِظِلِّ أَدْوَمِ(1)
یَا شَمْسَ فَضْلٍ نُورُهَا *** نُورُ النَّبِيَّ الهَاشِمِی
إِنَّ البُدُورَ النَيِّرا *** تِ إِلَى سَمَائِكِ تَنْتَمِی(2)
حَسَناً حُسَيْناً زَيْنَباً *** وَ بَنيهُمُ كَالأَنْجُمِ
جَاءَتْ بِوَاجِبِ حُبِّهِمْ *** آیُ الکِتَابِ المُحْکَمِ(3)
ص: 470
فَاسْلُكْ أُخَيَّ سَبِيلَهُمْ *** وَ اتْرُكْ مَلاَمَ اللُّوَمِ
هُمْ أَهْلُ بَيْتِ المُصْطَفَى *** فَادْخُلْ حِمَاهُمْ تَحْتَمِ(1)
وَ مَنْ يَعْتَصِمْ بِجَاهِهِمْ *** فَقَدِ اسْتَغَاثَ بِأَرْحَمِ
وَ هُمُ الغُيُوثُ لِمُجْدَبٍ *** تَهْمِي بِأَعْظَمِ مَغْنَمِ(2)
هُمْ خِصْبُ أَهْلِ الأَرْضِ هُمْ *** حِصْنُ الأَمَانِ لِمُحْتَمِ(3)
وَهُمُ البُدُورُ لِكُلِّ سَارٍ *** وَالهُدَى لِلْهُوَّمِ (4)
الدِّينُ وَالدُّنْيَا بِهِمْ *** هُمْ أَصْلُ كُلِّ الأَنْعُمِ
فَانْزِلْ بِسَاحَتِهِمْ وَلَذْ *** بِكِرَامِهِمْ وَكَرَائِمِ
وَادْعُ الإِلهَ بِمَاتَشَا *** تَنَلِ المُرَادَ وَتَنْعَمِ
ص: 471
فَبِنُورِهِمْ أَرْجُو الهِدا *** يَةَ لِلسَّبِیلِ الأَقْوَمِ
بِأَبِي الحُسَيْنِ وَأُمّهِ *** بِنْتِ النَّبِيِّ الأعْظَمِ
أَدْعُوكَ بِالحَسَنَيْنِ يَا *** رَبِّي فَجُدْ وَتَكَرَّمِ
وَ بِزَيْنَبٍ وَبِأُخْتِهَا *** بِنْتَیْ عَلِیَّ الضَّیْغَمِ(1)
وَ بِمُحْسِنٍ بَدْرِ الدُّجَى *** وَ بِكُلِّ بَدْرٍ فَاطِمِی(2)
وَ بِأَبْلَجٍ وَ بِأَنْوَرٍ *** أَنْعِمْ بِحُسْنِ خَوَاتِمِ(3)
وَ بِزَيْنِهِمْ وَبِزَیْدِهِ *** بَحْرِ النَّدَى الشَّهْمِ الكَمِي(4)
بِسُكَيْنَةٍ وَ بِفَاطِمٍ *** بِنْتَيْ حُسَیْنِ الأَكْرَمِ
وَ نَفِیسَةٍ وَ رُقَيَّةٍ *** جُدْلِي بِعَفْوِكَ وَ ارْحَمِ
وَ أَفِضْ عَلَيَّ بِحُبِّهِمْ *** وَ امْرُجْ بِحُبِّهِمُ دَمِی
فَهُمُ لِعَيْنِي نُورُه *** وَهُمُ لِجُرْحِي مَرْهَمِي
***
يَا حَادِيَ الرَّكْبِ اتَّجِهْ *** نَحْوَ الحَبِيبِ وَ يَمِّمِ(5)
وَ إِذَا وَصَلْتَ لِسَاحِهِ *** فَأَنِخْ هُنَاكَ وَ خَیِّمِ
أَدِّ التَّحِيَّةَ لِلنَّبِيِّ *** وَ عَلَيْهِ صَلِّ وَسَلِّمِ
وَ أَطِلْ هُنَاکَ إِقَامَةً *** فَرِحَابُ أَحْمَدَ مَغْنَمِی
ص: 472
وَ اشْرَحْ هَوَى صَبِّ وَقُلْ *** رُحْمَاكُمُ لِمُتَيَّمٍ(1)
لاَتُخْفِ مَا فَعَلَ الهَوَى *** وَ اشْكُ الجَوَى لاَتَكْتُمِ(2)
فَعَسَى أَفُوزُ بِنَظْرَةٍ *** تُحْيِي رَمِيمَ الأَعْظَمِ
وَ عَسَايَ أُمْنَحُ مِنْحَةً *** تَهَبِ اليَسَارَ لِمُعْدَمِ(3)
وَدَعِ الفُؤَادَ بِذِكْرِهِ *** يَشْدُو بِغَيْرِتَكَلُّمِ(4)
فَكَلاَمُ مَنْ عَرَفَ الهَوَى *** بِالقَلْبِ لاَبِمُتَرْجِمِ (5)
يَحْيَا المُحِبُّ بِحُبِّهِ *** مُتَرَنِّحاً بِتَرَنْمِ(6)
إِنَّ المُحِبَّ إِذَا سَمَا *** لَمْ تَلْقَهُ فِي النُّوَّمِ
یَا حُبُّ زِدْنِي لَوْعَةً *** وَ أَطِلْ جَوَاكَ وَأَضْرِمِ
إِنّ الغَرَامَ جَحِیمُهُ *** فِيه نَعِيمُ المُغْرَمِ
***
يَا رَبَّنَا أَنْتَ الرَّحِيمُ *** فَعِمَّنا بِتَرَحُّمِ
وَ اغْفِرْ لِقَارِي هَذِهِ *** وَ لِسَامِعٍ وَلِنَاظِمِ
لِعَظِیمِ ذَنْبِيَ يَا إِلْهی *** جُدْ بِعَفْوٍ أعْظَمِ
فَلأَنْتَ غَفَّارُ *** الذُّنُوبِ وَ رَاحِمُ المُسْتَرْحِمِ
تَعْفُو وَتَغْفِرُ مَا تَشَاءُ *** مِنَ الذُّنُوبِ لِمُسْلِمِ
لَكَ دُونَ غَيْرِكَ كُلُّ *** أَمْرٍ فِي جَمِيعِ العَالَمِ
ص: 473
وَ أَدِمْ صَلاتَكَ و السَّلاَمَ *** عَلَى النَّبِيِّ الهَاشِمِي(1)
ص: 474
(بحر البسيط)
لأحد الشعراء
لم أنسَها يومَ وافتْ قبرَ والدِها *** خيرِ البريةِ من عربٍ ومن عجمِ
وافتْ وقد غصَّ بالأنصارِ مسجدُهُ *** والبغيُ قامَ بجمعٍ فيه مزدحمِ
فأسدلُوا دونهَا الأستارَ فابتدأت *** للّه تهدى بإصفاحٍ من الكلمِ
كأنها هي بالآيات تفرغُ عن *** فمِ النبيِّ أبيها في بيانِ فمِ
لم يهضُموا فاطماً إلا وقد علِمُوا *** بأن حيدرَ منهُم غيرُ منتثمِ
ثم انثنتْ عن خطابِ القوم راجعةً *** لبيتها تطأُ الأذيالَ بالقدَمِ
قالت أبا حسن ماذا القعودُ فقُمْ *** وَ حكِّمْ السيفَ في الأعناقِ والقِمَمِ
ترضى بأنَّ طغاةَ البغيِ تهضمُني *** وَ أنتَ تعلمُ ليسَ الهضمُ من شيمي
تبزُّني نِحلَتِي مني بدينِ أبي قحا *** فةَ حيث لم يبصر لديَّ حَمِي
فقال فاطمُ صبراً نَهْنِهي شَجناً *** وَ أطوِ الجوانح أن تهجعْ على الكظمِ
إنَّ الكفيلَ لمأمونٌ ورزقُكِ في *** حكمِ الكتابِ جليٌ غيرُ منكتمِ
وَ إرثكِ إن أضاعتْهُ العداحَنَقاً *** فلم يُضِع لكِ أجراً بارئُ النَسَمِ
ص: 475
ص: 476
1- فهرس الشعراء
2- فهرس التراجم
3- فهرس القصائد و البحور
4- فهرس الموضوعات
ص: 477
ص: 478
الإسم *** المقطوعة
الشيخ إبراهيم البلادي *** م(1)
الشيخ إبراهيم آل مبارك البحراني *** ل(1)
الأستاذ إبراهيم محمد جواد *** ق(1)
الشيخ أبوالحسن الخليعي *** ل(2)، ل(3)
الأستاذ أحمد رشيد مندو *** ق(2)، ل(4)
الأستاذ بدر شبيب الشبيب *** ل(5)
الأستاذ تسنيم مهدي (أبو زكي) *** ل(6)، م(2)
الأستاذ جابر الكاظمي *** ل(7)
الأستاذ جعفر عباس الحائري *** ل(8)
السيد ميرزا جعفر القزويني *** ل(9)
الشيخ جعفر الهلالي *** ل(10)
الأستاذ الحافظ البرسي الحلي *** م(4)
الشيخ حبيب آل إبراهيم العاملي *** م(5)
الشيخ حبيب شعبان *** ف(1)
الشيخ حسن البحراني القيسي *** م(6)، م(7)، م(8)
الأستاذ حسن بن علي بن جابر الهبل *** ل(11)
الشيخ حسن الجامد *** م(9)
الشيخ حسن الدمستاني *** ق(3)
الشيخ الملاحسن عبدالله آل جامع *** ل(12)، م(10)
الشيخ حسن علي الخطي *** م(11)
الأستاذ حسين بن علي العشاري *** ل(13)
الشيخ حمزة البصير *** ل(14)
ص: 479
السید حمید الأعرجي *** م(3)
السيد حيدر الحلي *** ف(2)
الشيخ ملا داود الكعبي *** م(12)
الأستاذ زين العابدين الحكيم *** ل(15)
السيد سعد الذبحاوي *** ل(16)
الأستاذ سعيد العسيلي العاملي *** ل(17)
الشيخ سلطان علي الصابر *** م(13)
الأستاذ سلمان الربيعي *** ل(18)، م(14)
الشيخ سلمان نوح *** ل(19)
الأستاذ الصاحب بن عباد *** ل(20)
السيد صالح الحلي *** ل(21)، ل(22)، م(15)
الأستاذ صالح علي الحداد *** م(16)
السيد صالح القزويني البغدادي *** ل(23)
الأستاذ صفوان بن إدريس النجيبي المرسي *** م(17)
السيد ضياء الدين الحبش *** ل(24)
الملك الصالح طلائع بن رزيك *** ل(25)، ل(26)
الشيخ عبدالأمير النصراوي *** ق(4)
الشيخ عبدالحسين آل صادق العاملي *** ل(27)
الشيخ عبدالحسين الحويزي *** م(18)، م(19)
الشيخ عبدالحسين الشكر *** م(20)
السيد عبدالرزاق الموسوي البهبهاني *** ل(28)
الأستاذ عبدالرسول الفراتي *** ل(29)
الشيخ عبدالستار الكاظمي *** ف(3)، م(21)
الأستاذ عبدالعزيز العندليب *** ک(1)
الشيخ عبدالعظيم الربيعي *** ل(30)
الشيخ عبدالغني الحر العاملي *** ک(2)
الأستاذ عبدالقادر الجيلاني *** ک(3)
الشيخ عبدالكريم الصادق *** ق(5)، ک(4)
الشيخ عبدالمجيد أبوالمكارم *** م(23)
ص: 480
الأستاذ عبدالنبي بزي *** ک(5)
الأستاذ عدنان عبدالقادر أبوالمكارم *** م(22)
الأستاذ علاءالدين الشفهيني *** ک(6)
الشيخ ملاعلي آل رمضان *** ق(7)، م(24)، م(25)
الإمام علي بن أبي طالب علیه السلام *** ل(31)
الشيخ علي بن حسن الجشي *** ل(32)
الأستاذ علي الفرج *** م(26)
الأستاذ علي محمد الحائري *** ف(4)، ق(6)
السيد غياث آل طعمة *** ل(33)، م(27)
الشيخ فاضل الصفار *** م(28)
الشيخ فرج العمران القطيفي *** م(29)
الشيخ قاسم الملا الحلي *** ف(5)
الأستاذ لطف الله بن محمد البحراني *** م(30)
لأحد الشعراء *** ک(14)، م(49)، م(50)
الشيخ محسن أبوالحب الكبير *** ک(7)، ل(34)، م(31)، م(32)
الحاج محمد آل رمضان الاحسائي *** ک(8)
الشيخ محمد بن حسين أبوخمسين *** ک(9)
الشيخ محمد بن عبدالمطلب *** م(33)
الشيخ محمد حسن أبوالمحاسن *** م(34)
السيد محمدرضا حيدر شرف الدين العاملي *** م(35)
السيد محمدرضا القزويني *** ل(35)، م(36)، م(37)
الشيخ محمد الساعدي *** ل(36)
الشيخ محمد سعيد المنصوري *** ل(37)، م(38)، م(39)، م(40)
السيد محمد الشيرازي *** ک(10)
السيد محمد صالح البحراني *** ف(6)، م(41)
الشيخ محمد صالح المطر *** م(42)
السيد محمد علي العلي *** ل(38)
ص: 481
الشيخ محمد علي اليعقوبي *** ل(39)
السيد محمد كاظم الكفائي *** م(43)
السيد محمد مهدي بحر العلوم *** ل(40)
الأستاذ محمود البستاني *** م(44)
السيد مرتضى السندي الحائري *** ف(7)، ل(41)
الشيخ مغامس بن داغر *** م(45)
الشيخ مفلح الصيمري *** م(46)
الأستاذ منصور النمري *** ل(42)
السيد مهدي الأعرجي *** ل(43)
الأستاذ مهيار الديلمي *** ک(11)
الشيخ ناصر الحائري *** ل(44)
الشيخ نزار سنبل *** ل(45)
الشيخ هادي البحراني *** ک(12)
الشيخ هادي الخفاجي الكربلائي *** م(47)
السيد هاشم حسين الموسوي *** ک(13)، ل(46)
الشيخ هاشم الكعبي الحائري *** م(48)
ص: 482
الإسم *** الصفحة
الشیخ إبراهیم البلادي *** 311
الشیخ أبوالحسن الخلیعي *** 145
الأستاذ جابر الکاظمي *** 162
السید میرزاجعفر القزویني *** 177
الشیخ حسن الجامد *** 333
الأستاذ حسين بن علي العشاري *** 189
الشيخ حمزة البصير *** 192
السيد حميد الأعرجي *** 316
الشيخ ملاداود الكعبي *** 344
الشيخ سلطان علي الصابر *** 348
الشيخ سلمان نوح *** 206
الأستاذ الصاحب بن عباد *** 209
السيد صالح القزويني البغدادي *** 218
السيد ضياء الدين الحبش *** 230
الملك الصالح طلائع بن رزيك *** 234
السيد عبدالرزاق الموسوي البهبهاني *** 245
الأستاذ عبدالرسول الفراتي *** 247
الشيخ عبدالغني الحر العاملي *** 70
الأستاذ عبدالنبي بزي *** 85
الأستاذ علاء الدين الشفهيني *** 92
الشيخ محمدحسن أبوالمحاسن *** 421
الشيخ محمد صالح المطر *** 447
السيد محمد مهدي بحر العلوم *** 284
ص: 483
السيد مرتضى السندي الحائري ***31
الأستاذ منصور النمري *** 294
الشيخ ناصر الحائري *** 300
الشيخ نزار سنبل *** 303
الشيخ هادي الخفاجي الكربلائي *** 463
ص: 484
سقاك الحيا الهطال يا معهد الإلف *** و يا جنة الفردوس دانية القطف *** 11
(المقطوعة 1/بحر الطويل)
على كل واد دمع عينيك ينطف *** و ما كل واد جزت فيه المعرف *** 14
(المقطوعة 2/بحر الطويل)
آية الظلم دليل و كفى *** ليس من قبر لبنت المصطفى *** 16
(المقطوعة 3/ بحر الرمل)
هو الدهر يزجي المنى و الحتوفا *** تناوب یومیه جدباً و ريفا *** 19
( المقطوعة 4/ بحر المتقارب)
ما مقلتي هتنت ذروفه *** في حب غانیة ظریفه *** 22
(المقطوعة 5/ مجزوء الکامل)
صبّ جفوه و عن كراه تجافی *** مهما سقى طرداً نما إلحافا *** 25
(المقطوعة 6/ بحر الكامل)
يا بنة المختار قومي *** و احضري أرض الطفوف *** 31
(المقطوعة 7/ بحر الرمل)
-القاف-
لهفي لفاطمة قد عضّها الرهق *** فالعين باكية و القلب محترق *** 37
(المقطوعة 1/ بحر البسيط)
إذا أهل العلا راموا السباقا *** بني الزهراء لاتخشوا لحاقا *** 40
(المقطوعة 2/ بحر الوافر)
ص: 485
هل للذع الجوى المبرح راقي *** إن قلبي بناره في احتراق *** 43
(المقطوعة 3/ بحر الخفيف)
یاسر قد هامت بك العشاق *** يا من إلى نيل العلى سبّاق *** 46
(المقطوعة 4/ بحر الكامل)
كم سار خلفك يا علي الفيلق *** و لواء أحمد فوق رأسك يخفق *** 49
(المقطوعة 5/ بحر الكامل)
على ذمم المروءة ما ألاقي *** أذمّ لها و لاتألو رهاقي *** 52
(المقطوعة6/ بحر الوافر)
يوماً به تطوى السما من بعد ما *** تمحى ثواقبها من الآفاق *** 55
(المقطوعة 7/ بحر الكامل)
-الكاف-
عليك سلام اللَّه في يوم ذكراك *** و رحمته يا بضعة المصطفى الزاكي *** 61
(المقطوعة 1/ بحر الطويل)
قد أطال السهاد طول نواكا *** فمتى تسعد الورى بلقاكا *** 70
(المقطوعة 2/ بحر الخفيف)
لا و ربّي و حقّ طه أبيك *** لايطيب المديح إلا فيك *** 74
(المقطوعة 3/ بحر الخفيف)
أيّ النساء رقت لأوج علاك *** يا بنت راقي السبعة الأفلاك *** 80
(المقطوعة 4/ بحر الكامل)
فاض القريض هدًى لدى ذكراك *** و تضوعت ألحانه بشذاك *** 85
(المقطوعة 5/ بحر الكامل)
يا أمّة نقضت عهود نبیها *** أفمن إلى نقض العهود دعاك *** 92
(المقطوعة 6/ بحر الكامل)
قصّر القوم عن بلوغ مداكا *** فلذا حاولوا انحطاط علاكا *** 96
(المقطوعة 7/ بحر الخفيف)
يا بضعة المختار طاب ثراك *** روحي فداك و ما أقل فداك *** 100
(المقطوعة 8/ بحر الكامل)
ص: 486
یا فاطم سبحان من صفّاك *** يا زهرة في القدس ما أزهاك *** 107
(المقطوعة 9/ بحر الكامل)
أي قدر لقولتي في رثاك *** أنت يا بضعة النبي الزاكي *** 118
(المقطوعة 10/ بحر الخفيف)
يا بنة القوم تراك *** بالغ قتلي رضاك *** 121
(المقطوعة 11/ بحر الرمل)
تعيى القرائح في مقام علاك *** حيّاك يا بنة أحمد حيّاك *** 128
(المقطوعة 12/ بحر الكامل)
أم الأئمة ما أندى عطاياك *** و ما أشد شقاء الدهر لولاك *** 131
(المقطوعة 13/ بحر البسيط)
يا نور بيت المصطفى بشراك *** لولاك ما عم الهدى لولاك *** 135
(المقطوعة 14/ بحر الكامل)
-اللام-
بيني و بين قبيلتي مخطومة *** كانت قضيّتها الخصام الأولا *** 141
(المقطوعة 1/ بحر الكامل)
لم أبك ربعاً للأحبة قد خلا *** و عفا و غيّره الجديد و أمحلا *** 145
(المقطوعة 2/ بحر الكامل)
لست ممن يبكي رسولا حمولا *** و دياراً أعفى البلا و طلولا *** 148
(المقطوعة 3/ بحر الخفيف)
أيا بيعة قامت لإحراق منزل *** لفاطم و السبطين و المرتضى علي *** 153
(المقطوعة 4/ بحر الطويل)
بحور الشعر أسكرها الجمال *** فرفرف في شواطئها الخيال *** 156
(المقطوعة 5/ بحر الوافر)
هبّي نسيماً في الصباح عليلا *** فوق الجراح و أشعلي قنديلا *** 158
(المقطوعة 6/ بحر الكامل)
سائلاً بالمصاب *** من يرد الجواب *** 162
(المقطوعة 7/ بحر الرمل)
ص: 487
تجلّد إن عدت غير الليالي *** عليك و كن كأطواد الجبال *** 166
(المقطوعة 8/ بحر الوافر)
هجرت الغواني و أطلالها *** غداة أحال النوی حالها *** 177
(المقطوعة 9/ بحر المتقارب)
أورث الخطب زفرة و عويلا *** يوم نالت كف المنون الرسولا *** 180
(المقطوعة 10/ بحر الخفيف)
ملكتم فؤاداً ليس يدخله العذل *** فذكر سواكم كلما مر لايحلو *** 184
(المقطوعة 11/ بحر الطويل)
أعيني جودا بالدموع الهواطل *** لفقد رسول الله أفضل راحل *** 187
(المقطوعة 12/ بحر الطويل)
أبوحسن له القدح المعلّى *** و قدر فوق أوج النجم علّى *** 189
(المقطوعة 13/ بحر الوافر)
لم يشجني ذكر جيرة رحلوا *** عني و ما و دّعوا مذار تحلوا *** 192
(المقطوعة 14/ بحر المنسرح)
ألا أيها الموت الذي ليس تاركي *** أرحني فقد أفنيت كلُّ خليل *** 194
(المقطوعة 15/ بحر الطويل)
أيها المهدي من آل الرسول *** قم و ناديا لثارات البتول *** 196
(المقطوعة 16/ بحر الرمل)
و ترعرع الغصن الرطيب بدوحة *** نبوية كانت حلاً و جمالا *** 199
(المقطوعة 17/ بحر الكامل)
زهراء نور عیني *** یا نور کل عین *** 203
المقطوعة18/ مجزوء الرمل)
ذهب الشيب بالشباب و ولى *** و القوى قد وهت بضعف أطلاّ *** 206
(المقطوعة 19/ بحر الخفيف)
سوف تأتي الزهراء تلتمس الحكم *** إذا حان محشر التعديل *** 209
(المقطوعة 20/ بحر الخفيف)
بأبي من أصبحت بعد الرسول *** جسمها زاد سقاماً و نحول *** 213
(المقطوعة 21/ بحر الرمل)
ص: 488
دع تفاصيلاً و سلني جملا *** لم تطق تسمع ماقد فصلا *** 215
(المقطوعة 22/ بحر الرمل)
ما على الركب لو أقام قليلاً *** فشفى لوعة و أطفي غليلا *** 218
(المقطوعة 23/ بحر الخفيف)
قد هاجني شوق إذ بان لي طلل *** فرحت أسأله: قلّي متى رحلوا *** 230
(المقطوعة 24/ بحر البسيط)
دعني قبيل اللهو غير قبيلي *** و سبيل أهل اللوم غير سبيلي *** 234
(المقطوعة 25/ بحر الكامل)
یانفس کم تخدعين بالأمل *** و كم تحبين فسحة الأجل *** 238
(المقطوعة 26/ بحر المنسرح)
خذ في مديحك للبتول *** حظّين من طول و طول *** 242
(المقطوعة 27/ بحر الكامل)
يحن القلب للخل الوصول *** وينعاه مدى الزمن الطويل *** 245
(المقطوعة 28/ بحر الوافر)
في مقلتيك عيون الفجر تكتحل *** و في معانيك يحلو المدح و الغزل *** 247
(المقطوعة 29/ بحر البسيط)
أسفرت في جمالها *** و اختفت في جلالها *** 249
(المقطوعة 30/ مجزوء الخفيف)
ألاهل إلى طول الحياة سبيل *** و أنى و هذا الموت ليس يحول *** 253
(المقطوعة 31/ بحر الطويل)
يوم البتولة في الوجود مهولها *** و مصيبة أشجي الرشاد حلولها *** 255
(المقطوعة 32/ بحر الكامل)
هل رسول مخبر طه الرسول *** ما رأت من بعده الطهر البتول *** 259
(المقطوعة 33/ بحر الرمل)
يا صاح ما هذا الكتاب المنزل *** يا صاح ما هذا النبي المرسل *** 263
(المقطوعة 34/ بحر الكامل)
قسماً بالمعاد و السلسبيل *** و بما جاء في الورى من رسول *** 268
(المقطوعة 35/ بحر الخفيف)
ص: 489
الكون أجمع بالميلاد يحتفل *** فبنت طه بها الإسلام يكتمل *** 271
(المقطوعة 36/ بحر البسيط)
من ذا الفقيد علا عليه عویل *** فعرى جميع العالمين ذهول *** 274
(المقطوعة 37/ بحر الكامل)
ها هو العيد قم فحيّ البتولا *** حيّ فرع الهدى الزكي الأصيلا *** 276
(المقطوعة 38/ بحر الخفيف)
أمل الناس في البقاء طويل *** و هو ظل عما قليل يزول *** 281
(المقطوعة 39/ بحر الخفيف)
ألا عد عن ذكرى بثينة أو جمل *** فما ذكرها عندي يمر و لايحلي *** 284
(المقطوعة 40/ بحر الطويل)
سحاب الدمع طاب لها الهطول *** و في الخدين جمّلها المسيل *** 290
(المقطوعة 41/ بحر الوافر)
شاء من الناس رائع هامل *** يعللون النفوس بالباطل *** 294
(المقطوعة 42/ بحر المنسرح)
تبلّج وجه الأرض حزناً على سهل *** بميلاد بنت المصطفى خاتم الرسل *** 297
(المقطوعة 43/ بحر الطويل)
تميد الراسيات و قد تزول *** و للزهراء ذكر لايزول *** 300
(المقطوعة 44/ بحر الوافر)
قوافي الشعر تسبقني عجالی *** و ترقص في مخيلتي دلالا *** 303
(المقطوعة 45/ بحر الوافر)
قد وفدت التاريخ فهو أثيل *** و حميت الإيمان فهو جميل *** 306
(المقطوعة 46/ بحر الخفيف)
-الميم-
بدأت بحمد من خلق الأناما *** و أشكره على النعما دواما *** 311
(المقطوعة 1/ بحر الوافر)
أزهر الكون بنور فاطمة *** و تبدت ظلمات قاتمة *** 314
(المقطوعة 2/ بحر الرمل)
ص: 490
ماذا أقول و قلبي قال قبل فمي *** حبّ البتول سرى في أعظمي و دمي *** 316
(المقطوعة 3/ بحر البسيط)
ما هاجني ذكر ذات البان و العلم *** و لاالسلام على سلمى بذي سلم *** 318
(المقطوعة 4/ بحر البسيط)
أصبح الدهر ضاحك الثغر باسم *** يوم ميلاد بنت أحمد فاطم *** 321
(المقطوعة 5/ بحر الخفيف)
فبالزهرا مصيبتنا عظيمة *** و أدمعنا حكت سحباً سجيمه *** 324
(المقطوعة 6/ بحر الوافر)
الدمع مني على الخدين منسجم *** و القلب مني بنار الحزن مضطرم *** 326
(المقطوعة 7/ بحر البسيط)
من ذاك يعذرني من الأيام **** فيها طغى و جدي و زاد سقامي *** 330
(المقطوعة 8/ بحر الكامل)
يا إماماً به الوجود استقاما *** قم سريعاً و استنقذ الإسلاما *** 333
(المقطوعة 9/ بحر الخفيف)
کیف یهنی جسمي بطيب منام *** و نبي الهدى طريح سقام *** 336
(المقطوعة 10/ بحر الخفيف)
و من ينظر الدنيا بعين بصيرة *** يجدها أغاليطاً و أضغاث حالم *** 339
(المقطوعة 11/ بحر الطويل)
سل الدار عن أربابها أين يمموا *** أفاجأهم من حادث الدهر صيلم *** 344
(المقطوعة 12/ بحر الطويل)
سلام على الطهر بنت الهدى *** سلام على نور أهل الحرم *** 348
(المقطوعة 13/ بحر المتقارب)
أي الفضائل فيها يبدأ الكلم *** و هل يوفي إذا ما دوّن القلم *** 350
(المقطوعة 14/ بحر البسيط)
و لابد من يوم به نكشف الظلما *** و نملؤها (عدلاً) كما ملئت (ظلما) *** 353
(المقطوعة 15/ بحر الطويل)
من أين أبدأ يا شعري و يا قلمي *** بذكر بضعة خير الخلق و الأمم *** 356
(المقطوعة 16/ بحر البسيط)
ص: 491
سلام كأزهار الربي يتنسم *** على منزل منه الهدى يتعلم *** 359
(المقطوعة 17/ بحر الطويل)
لفرط الجوى مهجتي كاتمه *** و عيني بدت بالحيا ساجمه *** 362
(المقطوعة 18/ بحر المتقارب)
أهل تطيب لعيني نضرة النعم *** و جرح قلبي رغيب غير ملتئم *** 365
(المقطوعة 19/ بحر البسيط)
أنخ الطلاح ففي الطفوف مرامها *** و اعقل فقد بانت لنا أعلامها *** 370
(المقطوعة 20/ بحر الكامل)
تبكيك عيني عبرة ساجمه *** یا زهرة الفردوس یا فاطمه *** 372
(المقطوعة 21/ بحر السريع)
صلوات الله تغشي كل حين *** أحمد الهادي مع الآل الكريم *** 375
(المقطوعة 22/ بحر الرمل)
هاج قلبي بلوعة و أوام *** فغدا الجسم في أسًى و ضرام *** 383
(المقطوعة 23/ بحر الخفيف)
أترغبون بدار کلها نقم *** و الأمر تملكه من أهلها الخدم *** 386
(المقطوعة 24/ بحر البسيط)
داجي الضلال سجا و اشتدت الظلم *** على الورى و بحور الجور ملتطم *** 389
(المقطوعة 25/ بحر البسيط)
تلألأ كأس الحب فلندفن الهمّا *** فمن يشرب الحبّ البتولي لايظما *** 391
(المقطوعة 26/ بحر الطويل)
رنوت لأيامي الناعمه *** فبت لجمر الأسى هائمه *** 393
(المقطوعة 27/ بحر المتقارب)
ما للجناة لبيت فاطم هاجموا *** و ببابها نار الضغائن أضرموا *** 398
(المقطوعة 28/ بحر الكامل)
لایلهينك آرام بذي سلم *** و لاتعشق من في البان و العلم *** 403
(المقطوعة 29/ بحر البسيط)
حتى م تسأل عن هواك الأرسما *** غياً و تستهدي الجماد الأبكما *** 405
(المقطوعة 30/ بحر الكامل)
ص: 492
ما أنكر القوم من يوم الغدير و ما *** على نبي الهدى من فعله نقموا *** 408
(المقطوعة 31/ بحر البسيط)
لو كنت صاحب لوعتي و غرامي *** لعلمت كيف بذكرهن هيامي *** 414
(المقطوعة 32/ بحر الكامل)
أبا السبطين كيف تفي المعاني *** نثارا في مديحك أو نظاما *** 418
(المقطوعة 33/ بحر الوافر)
عهد وصل بالرّقمتين قديم *** سلفت فيه نضرة و نعيم *** 421
(المقطوعة 34/ بحر الخفيف)
يا صاح لاعذل و لاإرغام *** رفقاً بنفسي فالملام حرام *** 425
(المقطوعة 35/ بحر الكامل)
أصغ يا دهر وأنصتي يا مكارم *** و انفضي يا جراح عنك المراهم *** 427
(المقطوعة 36/ بحر الخفيف)
يظل قبرك مجهولاً عن الأمم *** و أنت مفخرة الدنيا بكل فم *** 430
(المقطوعة 37/ بحر البسيط)
سل الدار عن أربابها أين يمموا *** و هل أنجدوا أم في الركائب اتهموا *** 434
(المقطوعة 38/ بحر الطويل)
تاللَّه بعد رسول الله ما هجعت *** لفاطم ليلة عين و لم تنم *** 437
(المقطوعة 39/ بحر البسيط)
لك ذكرى تمر في كل عام *** و عليها نمرّ مرّ الكرام *** 440
(المقطوعة 40/ بحر الخفيف)
بتول القدس مرآة النظام *** عروس الحور مشكاة السلام *** 442
(المقطوعة 41/ بحر الطویل)
طغى الوجد في جسمي ففاض على فمي *** شعوراً فکان الشعر یتضح من دمي *** 447
(المقطوعة 41/ بحر الوافر)
حوادث بنت الهدى تؤلم *** فهل يستطيع البيان الفم *** 449
(المقطوعة 43/ بحر المتقارب)
ص: 493
دمع أذيل!! فيا كواكب، سامريه، و يا نجوم.. *** 455
(المقطوعة 44/ مجزوء الكامل)
صحبتك لا أني بودّك مغرم *** دعيني فغيري في هواك متيم *** 458
(المقطوعة 45/ بحر الطويل)
أعدلك يا هذا الزمان محرّم *** أم الجور مفروض عليك محتّم *** 460
(المقطوعة 46/ بحر الطويل)
كم بت في ذكر الحبيب متيّما *** و حشاي من شوق الوصال تضرّما *** 463
(المقطوعة 47/ بحر الكامل)
لوّامة حلف الملامه *** أهدت إلى قلبي سقامه *** 466
(المقطوعة 48/ مجزوء الكامل)
يابنت أحمد أنعمي *** بالعطف نحو المنتمي *** 470
(المقطوعة 49/ بحر الكامل)
لم أنسها يوم وافت قبر والدها *** خير البرية من عرب و من عجم *** 475
(المقطوعة 50/ بحر البسيط)
ص: 494
تفریظ *** 7
قافیة الفاء
(1) سهام الدهر *** 11
(2) ما سنّ الضلال *** 14
(3) حرب البتول علیها السلام *** 16
(4) حشاشة قلب الرسول صلي الله علیه و آله و سلم *** 19
(5) آه لبنت محمد صلي الله علیه و آله و سلم *** 22
(6) كابدت ست النسا *** 25
(7) يابنة المختار قومي *** 31
قافیة القاف
(1) يا للبتول *** 37
(2) من نور طه *** 40
(3) فاطم علیها السلام الجليلة *** 43
(4) روحي فداها *** 46
(5) الدرة العصماء *** 49
ص: 495
(6) في ساحة الزهراء علیها السلام *** 52
(7) يا رب جئتك أشتكي *** 55
قافیة الکاف
(1) عليك سلام اللَّه *** 61
(2) غصب فاظم *** 70
(3) لايطيب المديح إلا فيك *** 74
(4) بنت أكرم من مشى *** 80
(5) جوهر الطهر المصفى *** 85
(6) تا اللَّه لاأنساك *** 92
(7) روّعوا فاطماً علیها السلام *** 96
(8) آيات فضلك *** 100
(9) عجائب القرآن *** 107
(10) سلام عليك *** 118
(11) فلتبك البواكي *** 121
(12) رمز كل فضيلة *** 128
(13) عطر النبوة صلي الله علیه و آله و سلم *** 131
(14) صلى عليك اللَّه *** 135
قافیة اللام
(1) مدينة العلم *** 141
ص: 496
(2) بكيت لفاطم علیها السلام *** 145
(3) فأنت فاطم علیها السلام *** 148
(4) ابنة المختار *** 153
(5) يا خير النساء *** 156
(6) حب الرسول صلي الله علیه و آله و سلم *** 158
(7) أين قبر البتول علیها السلام *** 162
(8) الصديقة الكبرى علیها السلام *** 166
(9) وما ذنب فاطمة علیها السلام *** 177
(10) بكاء الزهراء علیها السلام *** 180
(11) صبراً بني المختار *** 184
(12) أبا حسن علیه السلام *** 187
(13) البتول الطهر علیها السلام *** 189
(14) رزء البتول علیها السلام *** 192
(15) أيا موت ما أشجاك *** 194
(16) يا لثارات البتول علیها السلام *** 196
(17) شاكية الفؤاد *** 199
(18) زهراء علیها السلام نور عيني *** 203
(19) لست أنسى البتول علیها السلام *** 206
(20) سوف تأتي الزهراء علیها السلام *** 209
ص: 497
(21) رزء عظيم *** 213
(22) فاطمة علیها السلام تدعو *** 215
(23) يوم البتول علیها السلام *** 218
(24) أماه يا زهراء علیها السلام *** 230
(25) لم تخل من حزن *** 234
(26) اغتصابهم حق الزهراء علیها السلام *** 238
(27) هي لبوة نبوية صلي الله علیه و آله و سلم *** 242
(28) حليلة حيدر علیه السلام *** 245
(29) فاقت ضحى الشمس *** 247
(30) أفصبراً *** 249
(31) علل الدنيا *** 253
(32) بفاطم علیها السلام يبقى الهدى *** 255
(33) أسقطت بنت الهدى *** 259
(34) فاطم علیها السلام أفضل *** 263
(35) زهرة علیها السلام النبوة صلي الله علیه و آله و سلم و العصمة *** 268
(36) أم الأئمة علیها السلام *** 271
(37) أو ما ترى الزهراء علیها السلام *** 274
(38) يا ربة الفخار *** 276
(39) البتولة علیها السلام ثكلى *** 281
ص: 498
(40) حياة البتول علیها السلام *** 284
(41) سحاب الدمع *** 290
(42) النبي صلي الله علیه و آله و سلم والدها *** 294
(43) شفيعة يوم الحشر *** 297
(44) وللزهراء علیها السلام ذكر لايزول *** 300
(45) زهراء علیها السلام يا ألق المعاني *** 303
(46) أم العطاء *** 306
قافیة المیم
(1) البتول علیها السلام لها سلام *** 311
(2) نور فاطمة علیها السلام *** 314
(3) حب البتول علیها السلام *** 316
(4) في الحشر فاطمة علیها السلام *** 321
(5) عصم الله فاطماً علیها السلام *** 321
(6) عليك صلاة ربي *** 324
(7) يا بنت خير نبي صلي الله علیه و آله و سلم *** 326
(8) قلب البتول علیها السلام *** 330
(9) البتول العذارء علیها السلام *** 333
(10) فأنت فاطم علیها السلام *** 336
(11) بنت النبي صلي الله علیه و آله و سلم *** 339
ص: 499
(12) مصيبة فاطم علیها السلام *** 344
(13) خير البرايا *** 348
(14) يا أم والدها علیها السلام *** 350
(15) البضعة الزهراء علیها السلام *** 353
(16) بضعة خير الخلق *** 356
(17) وأقبلت الزهراء علیها السلام *** 359
(18) جوهر العقول *** 362
(19) بيت الطهر فاطمة علیها السلام *** 365
(20) أنخ الطلاح *** 370
(21) زهرة الفردوس *** 372
(22) أقبل خير الأنبياء *** 375
(23) لبوة المرتضى علیه السلام و أم الكرام *** 383
(24) ابنة المختار *** 386
(25) فاطمة علیها السلام تدعو *** 389
(26) حب البتول علیها السلام *** 391
(27) نثار اللآلىء *** 393
(28) قنديل الوحي *** 398
(29) بعد فاطمة الزهراء علیها السلام *** 403
(30) ست النساء *** 405
ص: 500
(31) حبيبتي الزهراء علیها السلام *** 408
(32) عترتها الأطائب *** 414
(33) جنود اللّه *** 418
(34) عقيلة الوحي علیها السلام *** 421
(35) أكرم منزل *** 425
(36) ولد الخير علیها السلام *** 427
(37) سيدة الدنيا و الآخرة علیها السلام*** 430
(38) من المختار روح و بضعة *** 434
(39) أم الخدر *** 437
(40) مصاب فاطمة علیها السلام *** 440
(41) بتول القدس علیها السلام *** 442
(42) مأساة الزهراء علیها السلام *** 447
(43) حوادث بنت الهدى *** 449
(44) يا غرسة الهادي *** 455
(45) بضعة خير المرسلين *** 458
(46) ميراث النبي صلي الله علیه و آله و سلم *** 460
(47) باب النبوة صلي الله علیه و آله و سلم *** 463
(48) بيت الوحي *** 466
(49) يا بنت أحمد صلي الله علیه و آله و سلم أنعمي *** 470
ص: 501
(50) لم أنسها *** 475
الفهارس العامة
1- فهرس الشعراء *** 479
2- فهرس التراجم *** 483
3- فهرس القصائد و البحور *** 485
4- فهرس الموضوعات *** 495
ص: 502