موسوعة الفقيه الشيرازي
(17)
تعليقة علی المسائل المتجددة
لأستاذ الفقهاء والمجتهدين
آية اللّه العظمی السيد محمد الحسيني الشيرازي قدس سره
الجزء الثاني
بقلم
آية اللّه السيد محمد رضا الحسيني الشيرازي رحمه اللّه
بطاقة تعريف:الحسيني الشيرازي، محمد رضا، 1338-1387.
عنوان المؤلف واسمه:موسوعة الفقيه الشيرازي / تأليف محمد رضا الحسيني الشيرازي.
تفاصيل النشر:قم: دار العلم، 1437ق = 1394ش.
مواصفات المظهر:21ج.
شابك:دوره: 8-270-204-964-978
ج21: 3-291-204-964-978
حالة الاستماع:فيپا
لسان:العربية
مندرجات:ج1 (المدخل)؛ ج2-3 (التدبر في القرآن، جزء1-2)؛ ج4-11 (تبيين الأصول، جزء 1-8)؛ ج12 (الترتب)؛ ج13-14 (تبيين الفقه في شرح العروة الوثقی، جزء1-2)؛ ج15 (بحوث في فقه النظر)؛ ج16-17 (التعليقة علی المسائل المتجدّدة، جزء1-2)؛ ج18-19 (التعليقة علی كتاب الدلائل، جزء1-2)؛ ج20 (تعليقة علی مباني منهاج الصالحين)؛ ج21 (توضيح علی العروة الوثقی).
موضوع:اصول، فقه شيعه - قرن 14
تصنيف الكونجرس:1394 8م5ح/8/159BP
تصنيف ديوي:297/312
رقم الببليوغرافيا الوطنية:4153694
ص: 1
سرشناسه:الحسيني الشيرازي، محمد رضا، 1338-1387.
عنوان و نام پديدآور:موسوعة الفقيه الشيرازي / تأليف محمد رضا الحسيني الشيرازي.
مشخصات نشر:قم: دار العلم، 1437ق = 1394ش.
مشخصات ظاهری:21ج.
شابك:دوره: 8-270-204-964-978
ج17: 6-287-204-964-978
وضعيت فهرست نويسی:فيپا
يادداشت:عربي
مندرجات: ج1 (المدخل)؛ ج2-3 (التدبر في القرآن، جزء1-2)؛ ج4-11 (تبيين الأصول، جزء 1-8)؛ ج12 (الترتب)؛ ج13-14 (تبيين الفقه في شرح العروة الوثقی، جزء1-2)؛ ج15 (بحوث في فقه النظر)؛ ج16-17 (التعليقة علی المسائل المتجدّدة، جزء1-2)؛ ج18-19 (التعليقة علی كتاب الدلائل، جزء1-2)؛ ج20 (تعليقة علی مباني منهاج الصالحين)؛ ج21 (توضيح علی العروة الوثقی).
موضوع: اصول، فقه شيعه - قرن 14
رده بندی كنگره:1394 8م5ح/8/159BP
رده بندی ديويی:297/312
شماره كتابشناسی ملی:4153694
موسوعة الفقيه الشيرازي
شجرة الطيبة
--------
آية اللّه الفقيه السيّد محمّد رضا الحسيني الشيرازي (رحمه اللّه)
المطبعة: قدس
إخراج: نهضة اللّه العظيمي
الطبعة الأولی - 1437ه- .ق
-----------
شابك دوره: 8-270-204-964-978
شابك ج17: 6-287-204-964-978
-----------
دفتر مركزي: قم خيابان معلم، میدان روح اللّه،
نبش كوچه 19، پلاك 10، تلفن: 9 – 37744298
چاپ: شركت چاپ قدس، تلفن 37731354 فكس 37743443
ص: 2
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطاهرين ولعنة اللّه على أعدائهم أجمعين
ص: 3
ص: 4
المسألة 424: لا تجوز[1] وكالة العهر[2]، كما يعتاد في بعض البلاد الغربية، وكل عمل في ذلك السبيل محرم، ولو كان العامل كاتباً أو ما أشبه.
* وذلك بأن تؤسس مؤسسة لتشغيل العاهرات واستدراج غير العاهرات إلى العهر، فالرجل المنحرف يعطي مالاً للوكالة لتأتي إليه بمن يريد من العاهرات أو الفتيات النجيبات عبر خداعهن أو إلجائهن.
المسألة 425: لا تجوز وكالة الفساد والشذوذ الجنسي على ما تقدم في المسألة السابقة.
* وذلك كما في المسألة السابقة بالنسبة إلى الأولاد، ومن المعلوم أنّ كلا الأمرين من أشد المحرمات؛ لاشتمالهما[1] على جملة من المحرمات.
-------------------------
المسألة 424:
[1]: ولو بين الكفار المحلّل عندهم - فرضاً - لما سبق من المبغوضية في أذهان المتشرعة، أي: أنه منكر عندهم.
[2]: لأنه علم من الشرع مبغوضية وقوعه في الخارج، ولأنه إعانة على الإثم، ولاختلاطه بالمحرمات عادةً، ولأنه نوع قيادة.
المسألة 425:
[1]: راجع ما سبق(1).
ص: 5
المسألة 426: فتح المقهى الذي يوجب انتهاك[1] شهر رمضان حرام، وكذلك فتح المطعم وما أشبه، والمال الذي يعطيه صاحب المطعم والمقهى للبلدية حرام إعطاءهُ، وحرام أخذه[2]، وحرام إجازة البلدية لفتحهما.
* لأنه من الانتهاك لشهر رمضان إلى غيره[3] من المحرمات، نعم إذا كان اضطراراً من جهة المسافرين
-------------------------
المسألة 426:
[1]: أمّا الصغرى، وهي أنه هتك وانتهاك، فالظاهر أنها مسلّم خارجاً.
نعم، الهتك لا يصدق لو أكل رجل معذور في بيته ولو أمام عدة قليلة، أمّا في الملأ العام فيصدق ذلك.
وأما الكبرى - وهو حرمته - فللمركوز في أذهان المتشرعة، (راجع بحث هتك المحترمات في الواجبات والمحرمات)(1)، والعروة في (بحث هتك القرآن والتربة بوضع النجاسة أو ما أشبه أو دخول النجاسة للمساجد و...) (2).
[2]: لأن اللّه إذا حرم شيئاً حرم ثمنه، ولأنه أكل للمال بالباطل - عرفاً.
[3]: كتجرئة الناس على ارتكاب المنكرات.
ص: 6
وأجازه[4] الحاكم الشرعي حلّ بقدره مع رعاية الستر ورعاية أن لا يذهب إليه من يفطر حراماً ، بل المسافر ومن يجوز له الإفطار من المرضى ونحوهم.
المسألة 427: الإسلام يدعو إلى السلم، كما قال تعالى[1]: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً}(1)، ولكن ليس معنى ذلك أنّ الإسلام يؤيد ما أسموه ب- (أنصار السلام) أو ب- (مجلس السلم) أو ما أشبه، بل معناه أنّ الأصل[2] في الإسلام السلام، إلا ما أخرج بالدليل مما ذكر في كتاب الجهاد.
-------------------------
[4]: الظاهر أنه لا دليل على لزومه.
المسألة 427:
[1]: لعل المعنى (التسليم لله تعالى) - كما ذكره بعض(2) - أو الآية الكريمة مجملة، فتأمل.
[2]: فيه تأمل، بل هنالك أصلان: السلام والحرب، قال تعالى: {وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ}(3)، وقال تعالى: {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ}(4).
وقال الفقهاء: بلزوم الجهاد كلّ عام مرة - على الأقل(5) - مع القدرة، والمسألة
ص: 7
* ويدل على أنّ الأصل السلم الأدلة الكثيرة، وقد ذكرناها في بعض كتبنا، وأما أنصار السلام ونحوها، فهي مؤسسات شيوعية لخداع الفتيان والفتيات وإدخالهم في الشيوعية بهذا الاسم المغري الجذاب، وهكذا كل مؤسسة من هذا القبيل لتحريف في العقيدة أو في العمل، أو إدخال في خدمة الكفار وأعداء الإسلام، وكون ذلك من المحرمات من أوضح الواضحات.
المسألة 428: الإسلام يوجب الحد[1] من الأسلحة بمختلف أقسامها: (الاستراتيجية) و (الكيماوية) و (الجرثومية) و (الذرية) و (الهيدروجينية) وغيرها، ولكن ليس معنى ذلك أنّ الإسلام ينزع عن بلاده السلاح حتى يتغلب عليه الأعداء، بل شعار الإسلام: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ}(1).
* فهنا أمران:
-------------------------
بحاجة للتتبع.
المسألة 428:
[1]: قد يُقال: لأنه نوع تشويه وتمثيل، والمسألة منهي عنها، فتأمل.
وقد يقال: إنه مستلزم لمحرمات مثل هدر الأموال وسباق التسلح وغيره ذلك.
وقد يقال: إنه موجب لتشويه سمعة الإسلام.
وفي الكل تأمل؛ إذ وزانها وزان بقية الأسلحة، فهي نوع قوة، إلاّ أن يقال: إنها أجنبية عن روح الإسلام، وما علم منه من الرحمة والأمن، فتأمل.
ص: 8
الأول: ترحيب الإسلام بالسلام ومخالفته للعنف والحرب والدمار وتضييع حقوق الإنسان.
الثاني: إنّ السلام مقدّر بقدر أن لا يسبب تجري الظالمين على المظلومين أو الانهزام أمام الكافر، فالميزان أن لا يكون منافياً لقوله تعالى: {في سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ}(1) .
المسألة 429: يحق[1] للشعوب تقرير مصيرها، وهو حق محترم بنظر الإسلام، ولكن في الإطار الإسلامي المذكور في كتاب الفقه، والإطار الإسلامي أفضل من الإطار الموجود في الأُمم المتحدة لهذا الحق، عقلاً ومنطقاً وتجربة، هذا مع الغض عن أنه سواد على بياض ولا يعمل به، إلا إذا كان للشعب الذي يريد تقرير مصيره القوة الكافية للدفاع عن نفسه.
* وحق الشعب في تقرير مصيره مما دلّ عليه الأدلة الكثيرة منها: «الناس مسلطون...»، والإطار الإسلامي هو وحدة[2] بلد الإسلام بدون الحدود الجغرافية، ولا تفرقات لونية وعرقية ولغوية وما أشبه، فإنّ المسلمين إخوة، والأمة واحدة.
-------------------------
المسألة 429:
[1]: مثلاً: لو أراد الشعب الاستقلال عن الاستعمار حق له ذلك.
[2]: فلا يحق له الانفصال عن البلد الإسلامي؛ لأدلة الوحدة. نعم، لا بأس بالفيدرالية إذا لم تسبب الانفصال، فيكون لكل ولاية ولي وقانون ونظام، وإن اشترك الجميع في الجيش والمال مثلاً.
ص: 9
المسألة 430: لا بأس[1] بانتماء المسلمين في الأمم المتحدة للدفاع عن حقوق المسلمين وعن حقوق المستضعفين الذين يهضم حقهم المستغلون، لكن بشرط أن لا يساعد المنتمي على قانون غير إسلامي.
* وذلك لإطلاق الأدلة بشرط أن (لا يساعد) إلا إذا اضطر، وبقدر الاضطرار دقة، وإنما إذا اضطر جاز؛ لأنه من قانون الأهم[2] والمهم بين أن لا يدخل أو يدخل ويمضي ما لا يجوز في الإسلام بالقانون الأولي، ولقوله: «ليس شيء مما حرم اللّه إلا وقد أحله لمن اضطر إليه»(1).
المسألة 431: لا بأس بتشكيل المسلمين جوامع، كجامعة الدول العربية[1] وما أشبه لأجل الدفاع عن حقوق المسلمين، ولكن بشرط أن لا يقرر هناك قانون خلاف الإسلام.
* على ما ذكرناه في المسألة السابقة، ولا يخفى أنّ الجواز في المسألتين السابقتين وكذا اللاحقتين بالمعنى الأعم.
المسألة 432:
-------------------------
المسألة 430:
[1]: سيأتي أنه قد يكون واجباً (راجع المسألة 431)(2).
[2]: كدخول النواب في المجالس النيابية مع أنه يستلزم بعض المحرمات.
المسألة 431:
ص: 10
لا بأس بتشكيل المسلمين روابط[1]، لكن بالشرط المتقدم في المسألة (430 و431).
* كرابطة العالم الإسلامي بين الدول الإسلامية، رؤساء أو وزراء أو ما أشبه ذلك.
المسألة 433: لا بأس بتحالف[1] دول الإسلام بعضها مع بعض، أو مع الدول غير الإسلامية، لكن بالشرط المتقدم في المسألة (430 و431).
* التحالف غير تشكيل الجوامع والروابط المتقدمة، وقد تحالف النبي (صلی اللّه عليه وآله وسلم) مع اليهود والمشركين(1) مما يدل[2] على جوازه، ولو استلزم
-------------------------
[1]: ووظيفتها المطالبة بحقوق العرب، لكن بلا نفي لحقوق الآخرين، فإن الإثبات لا بأس به، إنما الإشكال في النفي، وقوله (رحمه اللّه) «المسلمين» المراد العرب منهم أو الأعم، فتأمل.
المسألة 432:
[1]: لعل الرابطة أضعف رابطة من الجامعة، فتأمل. فوظيفتها الإرسال والبعث وما أشبه.
المسألة 433:
[1]: لردّ الاعتداء، مثلاً: لو وقع على أحد البلدين، أو لعدم اعتداء أحدهما على الآخر، وإن لم تكن بينهما رابطة أو جماعة.
[2]: بل تكفي أصالة الجواز، فتأمل.
ص: 11
التحالف مع الكافر المحرم[3] كان جوازه من باب قانون الأهم والمهم إذا أمضاه[4] شورى الفقهاء المراجع.
المسألة 434: ما ذكر في المسائل السابقة وما بعدها يكون واجباً إذا توقفت مصلحة[1] الإسلام والمسلمين على ذلك.
* حسب نظر[2] الفقهاء المراجع، ومستحب إذا لم يكن بحد المنع من النقيض.
المسألة 435: لا تجوز[1] وكالة إثارة الجنس التي تفتح السينماءات
-------------------------
[3]: مفعول استلزم.
[4]: لأنه الحاكم الأعلى على البلد. وقد يُقال: إنه لا حاجة إليه مع القطع بكون المصلحة الملزمة في ذلك، إلاّ أن يُقال: القطع موضوعي، فتأمل.
المسألة 434:
[1]: أي الملزمة، كما سيأتي في الشرح.
[2]: سبق وجهه في السطر 1(1).
المسألة 435:
[1]: فإنه: 1- منكر في أذهان المتشرعة.
2- ومما علم من الشارع مبغوضية وجوده في الخارج.
3- وتعاون على الإثم.
4- ومقدمة حرام، لو قلنا بحرمتها شرعاً، وإلا كانت الحرمة عقلية فقط.
ص: 12
والنوادي والأندية والأحواض وتصنع الملابس[2] والمساحيق وتخرج الأفلام وغيرها، لأجل تشجيع الفساد والاختلاط والشذوذ الجنسي.
* فإنه بين حرام ذاتي، وبين حرام غيري؛ لأنه مقدمة الحرام، والأدلة واضحة.
المسألة 436: انتخاب ملكة الجمال التي تنتخب بالأساليب المحرمة ويوجب الفساد وما أشبه لا يجوز[1]، كما لا يجوز كلّ ما يتعلق بذلك من الأمور المحرمة.
* أما إذا انتخبت بين النساء بدون استلزام محرم فليس بمحرم، وكذلك في الجمال المعنوي والكمال الروحي[2] والحجاب وما أشبه ذلك، والحكم في الصورتين حسب الأدلة.
المسألة 437: الحفلات الراقصة والسهرات الحمراء والأفلام الخليعة
-------------------------
[2]: في حرمتها نظر وكذا صناعتها؛ لأنها أدوات مشتركة، فهي كالسكين الذي قد يستخدم للقتل أو للمطبخ.
وراجع فتوى (مسائل وردود) في حرمة فتح الكوافير للمتبرجات أو احتياطه.
المسألة 436:
[1]: راجع الأدلة في المسألة المتقدمة، وبعض ما فيه حرام ذاتي كالنظر(1).
[2]: فكرة جديرة بالتنفيذ.
المسألة 437:
ص: 13
والأندية المختلطة وما أشبه ذلك مما يختلط فيها الجنسان ويكون محلاً للفساد والموبقات لا تجوز.
* بل هي من أشد المحرمات؛ لاشتمالها على عدة محرمات، وما يدفع من الأموال لتهيئة البرامج وللحضور والمشاهدة غير جائز[1].
المسألة 438: لا يجوز الاستمناء ولو بتنويم[1] نفسه تنويماً مغناطيسياً، والإيحاء إلى نفسه لمجامعة زوجته، فإن ذلك ليس من النوم حقيقة، وإنما هو نوم اصطناعي.
* لأنه مشمول لدليل الاستمناء عرفاً، وليس هذا من الاحتلام في النوم[2]، نعم من علم أنه إذا نام النوم الطبيعي أجنب جاز عليه النوم؛ لأنه من الاحتلام.
المسألة 439: التنويم الموهم للزنا واللواط أو السحق مشكل، نعم إذا
-------------------------
[1]: فإنه أكل للمال بالباطل، وإذا حرم شيئاً حرم ثمنه.
ثم إن عدم الجواز وضعي وهل يمكن كونه تكليفياً؟ فيه تأمل.
المسألة 438:
[1]: لابد من معرفة حقيقته أولاً، لكن الظاهر أنه استمناء.
وقد يستدل بأن الاستمناء محرم مطلقاً، ولو بإيجاد مقدمة تؤدي إليه، خرج منه النوم وما أشبه، ولو علم تفصيلاً أو إجمالاً بذلك، بالإجماع والضرورة والسيرة، وبقي الباقي.
[2]: سبق وجهه.
المسألة 439:
ص: 14
أمنى وقد فعل ذلك عمداً كان حراماً من جهة الاستمناء.
* «مشكل» لأنه من الإثارة[1] والتلذذ والريبة، وبناؤهم على حرمتها إلا ما قطع بجوازه، مثل فكر[2] الإنسان في عمل الجنس أو لعبه بنفسه بغير الاستمناء، فتأمل.
المسألة 440: يجب الغسل في المسألتين السابقتين إذا أمنى.
* فإن خروج المني يوجب الغسل مطلقاً، سواء من الرجل أم من المرأة[1]، حلالاً أو حراماً ، كما ذكر في الفقه(1).
المسألة 441: لا يكفي السدر والكافور الاصطناعي في باب غسل الأموات،
-------------------------
[1]: لكن في (المحرمات) إنه ليس بحرام(2).
ومجامعة امرأته بشهوة أجنبية مكروه.
إلاّ أن يُقال: إنه منكر في أذهان المتشرعة، فتأمل.
[2]: في جوازه نظر. راجع مكاسب الشيخ الأعظم (رحمه اللّه) (3).
المسألة 440:
[1]: لو قيل: إن لها منياً، ولو قيل بالعدم كان منياً تعبداً (راجع الفقه)(4).
المسألة 441:
ص: 15
وإن كان في مظهر ومخبر[1] السدر والكافور، إذ الدليل أنما دل على وجوبهما، لا على ما يقال عرفاً بأنه سدر أو كافور جهلاً عن حقيقتهما.
* حالها حال سائر الموضوعات التي يلزم أن يكون حقيقياً لا مظهرياً ، إذ الألفاظ موضوعة لمعانيها الواقعية لا غيرها، وإن كان شبيهاً[2] لها أو أطلق مسامحة[3] عليها.
المسألة 442: لا يلزم في صدق المسجد البناء المعتاد[1]، بل لو جعل البناء المصنوع في مكان كما لو شد الحيطان والسقوف المجهزة، ثم وقف ذلك مسجداً كان له حكم المسجد، وكذلك بالنسبة إلى سائر الأوقاف.
* لإطلاق أدلة الوقف، حيث قال (عليه السلام) : «الوقوف على حسب ما يقفها
-------------------------
[1]: لو كان في مخبره خرج عن كونه اصطناعياً، فهو كمثل صنع السدر بدعاء ولي، أو بإعجاز نبي، أو بخلق إلهي دفعي.
وينافي ما ذكر قوله (رحمه اللّه) : «لا مظهرياً» وما بعده.
[2]: راجع بحث (الذهب الصناعي والبلاتين في حكم الأواني)(1).
[3]: لكن المصنف (رحمه اللّه) يقبل التسامحات العرفيّة (راجع أوائل الكتاب)(2).
إلاّ أن يُقال: إنها مسامحة يرفع العرف يده عنها عند الدقة، فالملاك هي المسامحة التي يراها العرف مشمولة للدليل، فهي حجة دون غيرها.
المسألة 442:
[1]: لكون القضيّة حقيقية لا خارجية - كما هو الأصل - .
ص: 16
أهلها»(1)، ولا دليل على الاشتراط إلا الانصراف، وهو بدوي، فحال المسجد حال البيوت[2] الجاهزة، نعم المرأة ترث من البيوت الجاهزة؛ لأنها غير الأرض[3]، وإنما الأرض هي التي لا ترث منها.
المسألة 443: القصص الرومانسية[1] جائزة، فإن الكذب منصرف[2] عن مثلها، نعم إذا أوجبت المفسدة لم تجز[3]، كما لو كانت قصصاً غرامية.
* ويدل عليها السيرة[4] أيضاً، ولذا نرى أنّ علماءنا صنعوا ذلك كالعلامة الأجل الشيخ جواد البلاغي (قدس سره) في كتبه وكذا غيره من العلماء الأجلاء(2).
المسألة 444:
-------------------------
[2]: أي: من قيمتها لا من عينها.
[3]: عرفاً، وإن كان لها أرضية.
المسألة 443:
[1]: قد يفصل بين ما علم من الخارج أنه مصنوع، مثل كليلة ودمنة، وبيان ما أوهم أنه حقيقي، فإنه كذب.
[2]: الانصراف غير معلوم، فتأمل.
[3]: لأنه تعاون على الإثم، أو منكر في الأذهان.
[4]: مجملة يؤخذ منها بالقدر المتقين. ثم إن اتصالها بزمان المعصوم (عليه السلام) مشكوك فيه.
المسألة 444:
ص: 17
القصص الموجبة للمفسدة لا تجوز[1]، وإن كانت حقيقية، كما لو نقل قصة غرامية حقيقية، لكنها كانت فتنة ومثاراً للحرام.
* وكذلك الشعر المثير[2]، فإنّ المستلزم للحرام والمفسدة والريبة وما أشبه حرام، وفي هذه القصص كل ذلك، قال سبحانه وتعالى: {وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}(1).
المسألة 445: التصاوير الجنسية الموجبة للفتنة وإثارة الحرام لا
-------------------------
[1]: لعله لأن المستفاد حرمة المفسدة، وحرمة إيقاع الآخرين فيها - راجع التنقيح، بحث حرمة إدخال الآخرين المجنبين في المسجد، وإيكال الحرام (2) - وللإعانة كما سيأتي.
[2]: كثير من الأشعار القديمة فيها تغزل ولا تخلو من إثارة، راجع بحث (المحرمات في تهييج الشهوة)(3)، وبحث الشيخ في (التشبيب)(4). والإعانة ترد بأنها بواسطة الفاعل المختار، فتأمل.
نعم، يبقى موضوع ارتكاز المتشرعة وما علم أن الشارع لا يريد وقوعه في الخارج.
المسألة 445:
ص: 18
تجوز[1]، وإن لم تكن تصاوير واقعية، بل كانت خيالية، أما الواقعية منها فلها جهة حرمة ثانية أيضاً لحرمة النظر[2] إلى النساء وعورات الرجال.
* الدليل في كلا الأمرين واضح، من غير فرق بين التصوير الفوتوغرافي، أو التلفزيون أو الفيديو أو غيرها.
المسألة 446: لا بأس بالأسنان الصناعية المتخذة من البلاستك أو من الحيوان إذا وضعت في فم الإنسان، وإن كان الحيوان حرام اللحم كالهرة[1]، أما سن الحيوان النجس العين[2] فهل يجوز[3] وضعها في الفم أم لا؟ احتمالان، وكذلك إذا كانت من الإنسان الميت، حيث يجب
-------------------------
[1]: راجع المسألة السابقة.
[2]: فيه بحث موكول لبحث (التصوير)(1). والملاك غير معلوم، فتأمل.
المسألة 446:
[1]: هنا جهتان: النجاسة وهي مدفوعة بكونه لا تحله الحياة من محرم اللحم. نعم، يبقى بحث المانعية حين الصلاة، والظاهر أنها تشمله؛ إذ لا فرق بين كونه في الداخل أو الخارج، أي: الظاهر والباطن، (راجع العروة وشروحها)(2).
نعم، بإخراجه حال الصلاة ونحوها ترتفع المانعية.
[2]: الشامل - بلفظه أو بملاكه - للكافر النجس.
[3]: باعتبار لوازمه وهو بلع الريق، وإلا ففي حدّ ذاته لا إشكال فيه.
ص: 19
دفنها[4] وقد تقدم في بعض المسائل حال تبديل عضو بعضو إنسان ميت.
* الجواز في غير نجس العين للعمومات والإطلاقات، فإنه (كل شيء هو لك حلال)(1) وغير ذلك[5]، وأما نجس العين فاحتمالان:
الحرمة لأنه نجس، فيكون كل ما يلاقيه نجساً وحراماً بلعه، إلا إذا فرض أنه صار جزء الإنسان[6] فإنّ الموضوع يتبدل حينئذ.
والحلية لأنه في الباطن وقد قال جمع بأن الباطن لا يتنجس فتأمل[7]، لكن مقتضى الاحتياط الأول.
-------------------------
[4]: في العروة أنه لا فرق بين الكل والأبعاض، فيجب دفنها(2)، لكن قد تقدّم من المصنف (رحمه اللّه) التأمّل في وجوب دفن الأجزاء فراجع(3).
[5]: ولا يعد من تغيير خلق اللّه تعالى لما تقدّم.
[6]: عرفاً، والجزئية ملاكها في نظر المصنف (رحمه اللّه) التفاعل كما سيأتي(4).
[7]: وراجع العروة بحث (النجاسات)(5) فإن الباطني على أنواع:
1- تنجس الباطن بالنجاسة الباطنية.
2- تنجس الباطن بالنجاسة الخارجية التي دخلت للباطن.
ثم كلّ منهما قد يفرض الملاقي في الداخل وقد يفرض خروجه.
3- تنجس الخارج إذا دخل بالنجاسة الباطنية، كالإبرة بالدم الداخلي.
ص: 20
المسألة 447: لا بأس[1] بالعيون الصناعية، ولا يجب غسلها حال الوضوء والغسل؛ لأنها من الباطن[2]، [3] كما في العيون الحقيقية.
* وكذا كل شيء صناعي في الباطن في محل الغسل أو الوضوء أو التيمم.
المسألة 448: الأعضاء الصناعية كالأنف والأذن والإصبع والكف وما أشبه مما يعتاد وضعه على جسم مشوهي الحروب لا يجب غسلها[1] عند الوضوء والغسل، ولا يجري عليها أحكام الأعضاء الحقيقية، كوجوب
-------------------------
4- تنجس الخارج إذا دخل بالنجاسة الخارجية إذا دخلت.
المسألة 447:
[1]: لما سبق من أنه ليس من التغيير، وتشمله الإطلاقات، راجع: (مسألة 446)(1).
[2]: والملاك فيه ما لا يظهر بعد إغماض الأجفان. راجع العروة(2).
[3]: الأولى الاستدلال بأنه ليس جزءاً من البدن؛ ولذا لا يجب غسله ولو كان ظاهراً كاليد الاصطناعية، كما سيأتي.
المسألة 448:
[1]: لكن يجري على العضو المستور بها حكم الجبيرة، فلا بدّ من الغسل بمقداره، كما سيأتي في المسألة القادمة(3).
ص: 21
وضع الكف والإصبع والركبة على الأرض عند السجدة.
* وذلك لعدم شمول الأدلة لها، إذ الألفاظ موضوعة للمعاني الحقيقية، ولا يعد وضعها من الميسور[2]، إلا إذا كان منه كما إذا خاط كفه بالبلاستيك فإنه كالجبيرة حينئذ، حيث تقوم مقام الوضع[3].
المسألة 449: يجب[1] غسل العضو الصناعي بمقدار[2] الجبيرة، فيما إذا كان موضعاً للجبيرة.
* لإطلاق أدلة الجبيرة الشاملة له كما أشرنا إليه.
المسألة
450: الشعر الصناعي لا يحكم بحكم الشعر الواقعي[1]، فلا بأس
-------------------------
[2]: بناءً على ثبوت القاعدة كما هو المشهور ظاهراً.
[3]: الظاهر أنه وضع حقيقةً؛ إذ لا تشترط مباشرة الأرض، فهو كوضع الإصبع في النعل على النعل الملاصقة للأرض.
والخلاصة: إنه قد يضع إصبعه مباشرة على الأرض، وقد يضعها على البلاستيك الموضوعة على الأرض.
المسألة 449:
[1]: راجع المسألة السابقة(1).
[2]: لكن الشأن في تحديد هذا المقدار، والظاهر أنه عرفي.
المسألة 450:
[1]: لما سبق من أن الألفاظ موضوعة للواقعية، راجع: (مسألة 448)(2).
ص: 22
بأن يراه الرجل فيما وضع على رأس المرأة مثلاً، إلا إذا كان زينة للمرأة[2]، كما لا يصح المسح عليه في الوضوء، إلاّ إذا تفاعل[3] الشعر بأن صار شعراً حقيقياً له.
* الجواز في النظر لعدم شمول الأدلة لها، والحرمة لإطلاق {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}(1)، والتفاعل يكون[4] بزرع الشعر حتى صارت له بصيلات، وحينئذ يجوز المسح عليه للصدق العرفي.
المسألة 451: لا فرق في الشعر الصناعي بين أن يكون شعر إنسان أو شعر حيوان أو لم يكن شعراً أصلاً، بل شيئاً شبيهاً بالشعر.
* للإطلاق[1] في المستثنى منه والمستثنى.
المسألة
452: لو كان الجلد صناعياً ، بأن خيط جلد مكان جلد الإنسان،
-------------------------
[2]: أو كان مثيراً أو فيه خوف الفتنة أو نحو ذلك.
[3]: الملاك هو الصدق العرفي، والظاهر أنه مع التفاعل يصدق.
[4]: بل هو زينة بالصدق العرفي، راجع حاشية مسألة (453)(2).
المسألة 451:
[1]: أو العموم.
المسألة 452:
ص: 23
فإن تفاعل[1] معه وصار جلداً له حقيقة، فهو محكوم بحكم الجلد الأصلي للإنسان في جميع الأحكام.
* لأنه صار جزءاً منه وجلداً له عرفاً ، وكذا بالنسبة إلى اللحم والعصب والعرق، فإنّ الأحكام تابعة للموضوعات.
المسألة 453: إذا لم يتفاعل الجلد مع الإنسان في المسألة السابقة كان حاله حال الجبيرة[1] في الأحكام، ويحل أن يراه الأجنبي؛ لأنه ليس بجسم الإنسان، كما يحل لمسه[2] له لكن بدون إثارة الشهوة.
* ويشترط أيضاً أن لا يكون زينة[3]، [4]، وإلا يشمله: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}(1).
-------------------------
[1]: سبق الملاك.
المسألة 453:
[1]: ولو أمكن نزعه بلا ضرر وجب مقدمةً.
[2]: فهو كلمس الثوب.
[3]: مع القيود السابقة.
[4]: لابدّ من ملاحظة: ما معنى (الزينة)؟ فلو كان مثلاً بلون الجلد الطبيعي فهل يصدق أنه زينة؟ أي: هل أنها تتزين به؟ وكذا في لون العين. ثم إنه ينبغي أن لا يكون منكراً في أذهان المتشرعة، فتأمل.
ص: 24
المسألة 454: المستنقعات الموجبة للأمراض[1] والأوبئة، لا يجوز تركها على حالها، بل يجب حفظ الناس من شرها، إمّا بردمها وإمّا بإلقاء الأدوية الفتاكة للجراثيم فيها[2].
* وذلك لأن إبقاءها إضرار[3]، واللازم دفع الضرر لمن تمكن على سبيل الكفاية، ونفقتها على بيت المال[4]، [5].
المسألة
455: بناء الدور غير المستورة التي توجب الفتنة والإثارة مشكل.
-------------------------
المسألة 454:
[1]: أي: الخطيرة.
[2]: أو بغير ذلك، كسحبها إلى مكان بعيد مثلاً.
[3]: لعله ليس إضراراً، لكن علم أن الشارع لا يريد وقوع ذلك في الخارج، فتأمل.
[4]: فإن لم يكن فعلى نفس الأفراد، فتأمل.
[5]: راجع بحث بيت المال في (السياسة والاقتصاد)(1) و(العروة، بحث لو وقع محترم في البالوعة)(2).
المسألة 455:
ص: 25
* لأن صنعها من مقدمة الحرام[1]، إلا أن يقال: إنه مثل بيع العنب لمن يعمله خمراً ، فالباني ليس فاعلاً للحرام، كما أنّ البائع ليس فاعلاً للحرام، إلا أنّ الأول أقرب إلى الاحتياط[2].
المسألة 456: النشرات السرية والراديوات السرية التي تهاجم سلطة أو فئة أو ما أشبه[1] إن كانت ينطبق عليها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو ما أشبه، ولم تكن هناك جهة حرمة خارجية[2] منطبقة عليها
-------------------------
[1]: وفي حرمتها نظر.
نعم، هو إعانة على الإثم - لو قيل بحرمته - أو أنه منكر في أذهان المتشرعة، أو أنه سبب لما علم أن الشارع لا يرضى بوقوعه في الخارج.
[2]: (وبيع العنب)(1) ورد في مورد خاص، فلا يقاس عليه.
لكن فيه: إنه معلل بما يشمل المقام. والأقرب الجواز فيما كان أدون من بيع العنب أو مساوياً له؛ لشمول التعليل (راجع: مسألة بيع العنب في المكاسب)(2).
المسألة 456:
[1]: كالتظلم وردع المنكر وإرشاد الجاهل.
[2]: كتشويه سمعة المسلمين.
ص: 26
كانت محكومة بحكم الأمر والنهي، وإن انطبقت عليها جهة حرمة لوحظ الأهم والمهم من جهتي الوجوب والتحريم.
* إذ لا فرق في الإرشاد إلى الخير والأمر والنهي بين مختلف الوسائل، فالأدلة المطلقة[3] تشمل كل ذلك، كما أنه إن انطبق عليه شيء محرم كان من تعارض الواجب والحرام، فإن تقدم أحدهما على نحو المنع من النقيض أخذ به، وإن تساويا تخير، كما أنه إن كان أحدهما أقوى ملاكاً لا إلى حد المنع من النقيض كان مستحباً أو مكروهاً[4].
المسألة 457: لا يجوز التزوير في توقيع الناس، إلا إذا كانت مصلحة
-------------------------
[3]: أو إن الوسائل إنما هي مقدمات وجودية للواجب يحكم بها العقل.
والظاهر: أن هنالك جهتين: الأمر عبرها وهو مشمول للمطلقات، وتهيئتها وهي مقدمات وجودية.
[4]: الاستحباب بحاجة لدليل، وصرف الملاك لا يكفي لثبوته، فلو فرضنا أن الغيبة محرمة، لكن كانت مزاحمة بواجب وكان ملاك الوجوب (49) وملاك الحرمة (51) فهل نستطيع أن نقول: الغيبة مكروهة؟ لو فرضنا أن الواحد لا يكفي لإثبات التحريم.
نعم، الأحكام تابعة للملاكات، إلاّ أنه في الملاك التام، ولعل هنالك مانعاً من إنشاء الكراهة. (راجع بحث القطع في الأحكام الشرعية في علم الأصول)(1).
أو أن الشارع يكتفي هنا بالردع والبعث العقليين.
المسألة 457:
ص: 27
واجبة تفوق[1] التحريم[2]، لكن تشخيص ذلك بيد الخبير الفاهم[3]، فذلك من قبيل الأحكام الاستثنائية التي لا تجوز إلا بالمبرر القطعي، كما إذا زور إمضاء أعداء الإسلام مما نتيجته كف اتباعهم عن الحرب أو ما أشبه.
* وإنما لا يجوز التزوير؛ لأنه كذب عملي[4] وإيذاء وإهانة[5] إلى غيرها من المحرمات العامة.
-------------------------
[1]: أو تساوي على ما تقدّم في المسألة السابقة(1).
[2]: وحينئذٍ يكون واجباً أو مستحباً أو مباحاً - على ما تقدّم - .
[3]: أو كلّ قاطع - إذا لم يكن مقصراً في المقدمات - أو الحاكم الشرعي. احتمالات، وقد اختلف كلام المصنف (رحمه اللّه) في المواقع.
[4]: لم يُعلم كون الكذب العملي محرماً، كغني يلبس ملابس الفقراء - (راجع المسألة 446)(2) - نعم، قد يفصل بين مثل ذلك فهو حلال، والإشارة بالرأس ب- «لا» مكان «نعم»، فهو حرام.
أما اللبس فهو يدلّ على لازم، واللازم مخالف للواقع، إلاّ أن اللابس لم يقل ذلك ولم يفعله، فتأمل.
والأولى الإيكال للعرف، ولعل التزوير المزبور كذب عرفاً، فتأمل.
[5]: الأولى أن يُقال: إنه حقّ عرفاً، وهذا نوع من توي حقه، فتأمل.
هذا بالإضافة إلى ما يترتب عادة على أمثال ذلك من المحرمات، مثل أكل أموال الناس بالباطل.
ص: 28
المسألة 458: الألعاب النارية التي تستعمل في الأفراح وغيرها لا بأس بها[1] إذا لم تكن هناك جهة محرمة.
*مثل جهة السقوط على الناس أو الأثاث الموجب لتلف الأموال والأنفس وما أشبه ذلك[2]، فالجواز للأدلة العامة والمنع ل- (لا ضرر) وما أشبه.
المسألة 459: تبديل الإنسان لإمضائه أو لخطه ليس محرماً بنفسه[1]، إلا إذا كانت هناك جهة محرمة، كالفضيحة وما أشبه مما لا يحق للإنسان أن يلقي نفسه فيها.
* لأنه لا يجوز للإنسان إهانة[2] نفسه، كما دل عليه الأدلة الأربعة[3]،
-------------------------
المسألة 458:
[1]: بل قد تكون راجحة إذا كان فيها تعظيم للشعائر، أو حفظ الشباب عن الانزلاق في المحرمات أو غير ذلك.
[2]: كالإسراف والتبذير.
المسألة 459:
[1]: إلاّ أن يُقال: إنه كذب عملي، (راجع مسألة 457)(1).
[2]: راجع المحرمات(2).
[3]: الكتاب الكريم قوله: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ...}(3)، فتأمل.
ص: 29
لكن هذا الحكم أولي، وإذا كان هناك حكم ثانوي أهم قدم عليه.
المسألة 460: لا بأس[1] بإرائة الشيخ نفسه شاباً بتلوين الشعر وعملية تسوية التجعيدات وملء الفراغات بالمساحيق، كما لا بأس بأن يُري الشاب نفسه شيخاً ، إلا إذا كانت هناك جهة محرمة خارجية.
*
الجواز[2] للإطلاقات[3]، ولا يشمله[4] تغيير خلق اللّه المحرم، والجهة المحرمة كالتدليس[5]،
-------------------------
المسألة 460:
[1]: ويدل عليه ما ورد في الخضاب(1) ونحوه، مضافاً لأصالة البراءة وأدلة التجمل.
[2]: لكن سبق من المصنف (رحمه اللّه) حرمة الكذب العملي، راجع: مسألة (457 و462)(2)، وراجع الحاشية(3) والمكاسب المحرمة(4).
[3]: والأصول كما سبق.
[4]: أما على مبنى أن المراد (الفطرة) فواضح، وأما على مبنى المصنف (رحمه اللّه) فلأنه تغيير حسن - في الشق الأوّل - أو خارج بالدليل، فتأمل.
[5]: راجع: (تدليس الماشطة)(5)، و(التدليس في المحرمات)(6).
ص: 30
[6] لمن يريد الزواج رجلاً أو امرأة وما أشبه ذلك.
المسألة 461: ما ذكر في المسألة السابقة أنما جاز فيما إذا لم يدلس الإنسان بسبب التزوير، أما إذا دلس فله حكم خاص في كل باب، مثلاً إذا دلس الشاب نفسه فرؤي شيخاً حتى يكون موضع الثقة ليوصى إليه، فإذا أوصى إليه إنسان باعتباره شيخاً فإن كان من باب التقييد[1] كانت الوصية باطلة، وإن كان من باب الداعي كانت الوصية صحيحة.
* أما إذا كان من باب الاشتراط - وهو ثالث الأقسام - فالشارط له شرطه إن شاء بقي وإن شاء أخذ بشرطه فيما كان البقاء لولا الشرط لازماً، أما الوصية فلا لزوم لها بالنسبة إلى الموصي وإن لم يشترط.
المسألة 462: تسجيل العمر أكبر أو أقل قسم من الكذب[1]،
-------------------------
[6]: فإنه خلاف الرضا والشرط الضمني، ولو في الجملة، مضافاً للأدلة الخاصة ظاهراً.
المسألة 461:
[1]: 1- التقييد: هو وحدة المطلوب.
2- الداعي: خطأ في التطبيق، كشراء الخبز لإطعام الضيوف المتوهم وجودهم.
3- الاشتراط: التزام في التزام.
المسألة 462:
[1]: عرفاً (راجع ما ذكرناه في المسألة 457)(1).
ص: 31
[2]، فلا يجوز إلا إذا كانت هناك مصلحة أهم، مثلاً : إذا كان الظالم يأخذ من عمره عشرون فما فوق سخرة جاز[3] أن يصغر عمره للخلاص منه.
* فإن الكذب محرم سواء كان في القول أم الكتابة أم العمل[4]، كالإشارة بأن أشار بنعم مكان لا، وبلا مكان نعم، وهكذا(1).
المسألة 463: الظاهر أنه يجوز للدولة[1] الإسلامية[2] أن تبيع ما تملكها[3] من الأراضي أو نحو ذلك لشركة أو لفرد في مقابل شيء تقدمه الشركة أو الفرد للبلاد، مما يكون في ذلك صلاح[4] الإسلام والمسلمين،
-------------------------
[2]: وبحث التورية- موضوعاً وحكماً- موكول إلى محله(2) .
[3]: ويؤيده: الكذب للعشّار حتى لا يؤخذ العشر. (وراجع بحث مستثنيات الكذب)(3)، ولأنه ضرر، ولا ضرر.
[4]: فيه تفصيل سبق.
المسألة 463:
[1]: إذا قلنا: إن الهيئة تملك.
[2]: وأما غيرها فهو مبني على كون الدولة تملك أو لا.
[3]: بشرط الإحياء، وإلا فليست الأراضي البائرة ملكاً لأحدٍ من الأمة.
[4]: ويحتمل كفاية عدم الفساد - راجع: بحث التصرّف في أموال الصغير(4) -
ص: 32
لكن يشترط في ذلك أن لا يسبب البيع محذوراً مستقبلاً أو حالاً.
* وذلك لإطلاق أدلة البيع والرهن والمضاربة ونحوها، ولإطلاق[5] حق الدولة وحق الفرد في ممارسة هذه المعاملات، لكن في الفرد له الحق حتى فيما إذا كان عمله خلاف مصلحة نفسه إذا لم يكن من (لا ضرر)، أما في الدولة فلا يجوز إلا المصلحة؛ لأنها موضوعة[6] لفعل المصالح ودرء المفاسد، كما يستفاد من الأدلة الأربعة.
المسألة 464 : إذا صالحت الدولة الإسلامية شركة لتعمير الأراضي في مقابل أن تستفيد الشركة منها مدة معينة جاز إذا كان ذلك في مصلحة[1] الإسلام والمسلمين.
* وذلك لما تقدم من الدليل، ولا فرق في الحكم بين الشركة الإسلامية
-------------------------
وستأتي الإشارة من المصنف (رحمه اللّه) إلى ذلك بعد قليل.
[5]: لعله إشارة إلى أدلة (الحريات)(1)، و(الناس مسلطون)(2).
[6]: يحتاج لتأمل أكثر، (وراجع السياسة)(3).
المسألة 464:
[1]: بعد تملكها بالحيازة أو مطلقاً - راجع مسألة 463(4)- أو أن المراد أن لا تمنع الدولة من ذلك.
ص: 33
وغيرها، أما إذا استلزم ذلك الاستعمار وسيطرة الأعداء على بلاد الإسلام أو الضرر[2] أو ما أشبه لم يجز.
المسألة 465: هل يصح للدولة الإسلامية أن تساوم شركة على شيء تقدّمه الشركة للدولة في مقابل أن تعطي الدولة لها حق الامتياز في شيء، كأن تبلط الشركة كل شوارع[1] البلاد وطرقها في مقابل أن لا تعطي الدولة إجازة لاستيراد أية سيارة إلا من تلك الشركة أم لا يصح ذلك؟ احتمالان، وعدم الصحة أقرب، إذ في ذلك كبت لحريات[2] الذين يريدون استيراد السيارات، إلا إذا كانت هناك أهمية كبرى[3] بحيث يصح شرعاً كبت الحريات في مقابل تلك الأهمية.
* الحكم في هذه المسألة هو الحكم في المسألتين السابقتين إضافة إلى اشتراط إمضاء[4] شورى الفقهاء المراجع في الثلاثة.
-------------------------
[2]: راجع المسألة (463)(1). قوله: [الضرر]: بلا مزاحم أهم أو مساوٍ.
المسألة 465:
[1]: يأتي إشكال أنها لا تملك، والجواب كما سبق في مسألة (464)(2) أنه بمعنى رفع اليد وعدم المنع.
[2]: وهو خلاف قانون السلطنة، كما أنه ظلم.
[3]: ألا يكفي الأهم أو المساوي لرفع المنع؟
[4]: لأنه هو الحاكم على مبنى المصنف (رحمه اللّه) .
ص: 34
المسألة 466: يصح للدولة الإسلامية أن تعطي الحق لفرد أو شركة في فتح السوق أو ما أشبه ذلك في البلاد، لكن يشترط في ذلك أن لا يكون فتح السوق سبباً لكبت[1] حريات الآخرين، أو مضراً بالمسلمين.
* حتى الضرر[2] غير البالغ، إذ لا يحق للإنسان أن يضر الآخرين ولو بأضرار غير بالغة، نعم للإنسان أن يضر نفسه ضرراً غير بالغ، ففرق بين ضرر النفس وضرر الغير[3](1).
المسألة 467: لا يصح للدولة أن تحدد قدر البناء مساحة وارتفاعاً
-------------------------
المسألة 466:
[1]: فتح السوق ليس كبتاً في حدّ ذاته. نعم، منع الآخرين كبت، راجع المسألة: (465)(2).
[2]: إذ الدولة موضوعة لرعاية المصالح - راجع المسألة : (463)(3) - ومنه يعلم الفرق بين الدولة وغيرها؛ إذ الإنسان له حقّ أن يعمل عملاً إيجابياً وإن أضر الآخرين، كفتح دكان يضر الآخرين، أو خطيب يأتي فيقل الطلب على الخطباء الآخرين، بخلاف الدولة على ما تقدّم، (راجع بحث قاعدة لا ضرر)(4).
[3]: ظهر مما تقدّم أن إضرار الغير نوعان: فالمضر تارة الدولة وتارة غيرها، والإضرار قد يكون سلبياً وقد يكون إيجابياً.
المسألة 467:
ص: 35
وعمقاً وما أشبه، إلا إذا كانت مصلحة شرعية أهم[1]، [2]، [3]، [4] من مصلحة الحريات التي منحها الإسلام.
* لأنّ الإسلام منح الحريات للناس بالأدلة الأربعة[5]، فكل ما ينافي حريات الناس - في غير المعاصي حيث لا حرية فيها - لا يجوز لدولة أو فرد المنع منها.
المسألة 468:
-------------------------
[1]: أو كان في ذلك إضرار بالآخرين، راجع قاعدة لا ضرر(1)، وراجع المسألة: 470(2).
[2]: أو كان هنالك عنوان ثانوي، مثل هتك حرمة المشاهد المشرفة.
[3]: مثل: أن ظهور القبة الشريفة من وسائل هداية الناس، فإن الهداية وتذكر الدين إنما يكون بهذا وأقسامه، ويظهر ذلك بمقارنته بظهور كنيسة للأنظار دائماً، فإنها تعتبر وسيلة دعائية دائمة للمسيحية، فإذا فرض ذلك ولم يكن بديل كان من الأهم، فتأمل.
[4]: أو كان في ذلك إضرار بالنفس، مثل أن الطائرات تصدم مثل هذه البناية، أو يستهدفونها من بعيد.
[5]: فالكتاب العزيز: {يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ}(3)، و{النَّبِيُّ أَوْلَى...}(4) ومن السنة: كثير.
المسألة 468:
ص: 36
يصح للإنسان فرداً أو شركة[1] أن يبني دوراً سكنية ثم يبيعها بأكثر من ذلك الثمن نقداً أو بالأقساط[2]، كأن يبني ألف دار بمليون دينار ثم يبيعها بمليون وربع مثلاً ، ويجعل أقساطها في خمس سنوات، كل سنة (250) ديناراً.
* لإطلاق[3] أدلة التجارة والبيع، لكن بشرط أن لا يجحف؛ لأنّ الإجحاف ممنوع منه في النص[4] والفتوى، وإلا أوقفه الحاكم الشرعي إلى حيث لا إجحاف.
المسألة 469: إذا كانت الأرض لإنسان فباعها لأن تبنى فيها الدور وشرط[1] حد البناء ارتفاعاً ومساحة وما أشبه صح، فإنّ الشرط جائز من
-------------------------
[1]: أو دولة.
[2]: مع عدم الترديد حال البيع، بل يوقع البيع على أحد الطرفين.
[3]: والناس مسلطون(1)، وللأصول العملية لو وصلت النوبة إليها(2).
[4]: راجع: عهد الأشتر(3). وراجع (الاقتصاد)(4) لبحث أصل مسألة الإجحاف، فإن مقتضى السلطنة أن يستطيع الإنسان البيع بأي ثمن أراد، إلاّ في الارتكاز، فلو قيل: إن الإجحاف ممنوع منه كان تخصيصاً في دليل السلطنة.
المسألة 469:
[1]: وهذه طريقة لتخلص الدولة من مشكلة (467)(5) فهي تحجر أراضي
ص: 37
طرف المتعاقدين والوفاء به واجب[2] على المشروط عليه.
* فإذا خالف المشروط عليه الشرط حق للشارط الفسخ أو الإبقاء أو التصالح عن شرطه بما يراه مناسباً مما يقبله المشروط عليه.
المسألة 470: إذا كان في ترفيع البناء أو ما أشبه ضرر على الناس لا بأس بمنع الدولة، فإنه لا يحق للإنسان أن يضر الآخرين، بل يجب إذا كان دفعاً للحرام.
* لا يحق لإنسان أن يضر[1] الآخرين وإن كان ما يستلزم الضرر تصرفاً في ملكه، على تفصيل ذكر في كتاب إحياء الموات(1).
-------------------------
فتملكها - بناءً على ملكيتها- فتبيعها بهذا الشرط.
[2]: ظاهر الوجوب تكليفي، وأما الوضعي فراجع بحثه في (المؤمنون عند شروطهم).
المسألة 470:
[1]: الإضرار نوعان:
1- إضرار بالحرام، كأن يصفعه.
2- وإضرار بالحلال، كأن يفتح دكاناً مقابل دكانه، وما نحن فيه من قبيل الثاني. (راجع قاعدة لا ضرر)(2).
هذا ولكن قد يُقال: إن كلّ إضرار محرم. نعم، لو لم يصدق الضرر والإضرار عرفاً فلا بأس لانتفاء الموضوع، وكذا لو جرت السيرة على أمثاله، كمثال فتح
ص: 38
المسألة 471: هل يجوز للفئة المشرفة على النقود ترفيع[1] أسعارها أو تخفيض أسعارها؟ الظاهر الجواز إلا إذا كان هناك محذور شرعي خارجي يمنع ذلك.
* كما إذا كان في الترفيع أو التخفيض ضرر[2] على الناس، إلا أن يتداركه[3] الضار، مثلاً : لو سبب الترفيع التنزل الضار وجب عليه تداركه بما يتساوى مع قبل الترفيع.
المسألة 472: الأنهر التي تمر في دول متعددة،
-------------------------
الدكان، (راجع المسائل اللاحقة)(1).
المسألة 471:
[1]: كأن تشتري كلّ الذهب الموجود في السوق فيرتفع سعره، أو تطرح كميات هائلة منه فيه فينخفض، كما يتلاعب اليهود الآن بالأسواق بأمثال ذلك. (راجع مسألة 476)(2).
[2]: سبق البحث فيه في مسألة (470)(3).
[3]: بحيث لا يسمى ضرراً، أما الإضرار ثم التدارك فهو حرام، مثل أن يصفعه ثم يعطيه مالاً، فتأمل.
المسألة 472:
ص: 39
ليس[1] لأية من تلك الدول أن تمنع جريان النهر؛ لأنه لا يعلم[2] كون النهر ملكاً[3] لها، نعم إذا كانت الدولة هي المفجرة للنهر بحفر عيونها وتسوية الجبل المنبعث منه النهر كان لها المنع[4].
* الاستثناء لأنه ملك[5] من سبق، فمن سبق إلى شيء فهو له في إطار (لكم)(1)، كما ذكرناه في الكتب الاقتصادية، ومنه يعلم الحكم فيما لو أرادت الدولة السابقة أن تستفيد من ماء النهر بمقدار تضرر[6] الدول اللاحقة.
المسألة 473:
-------------------------
[1]: وذلك لقوله تعالى: {لكم}(2).
[2]: بل يعلم بالعدم لو قلنا بدلالة الآية الكريمة على ذلك.
[3]: فيه نظر، فإنه بالحيازة يملك. إلاّ أن يقوم دليل خاص مثل: «لا يمنع فضل ماء ليمنع به فضل كلاء»(3).
[4]: فيه نظر، إذا قلنا بدلالة (لكم) فهو موضوع للجميع فكيف يستبد به البعض؟
والخلاصة: إنه لا فرق بين التفجير وغيره، بل الملاك هو الإحياء والحيازة أو نحوهما، فإن قلنا ب- (لكم) لم يحق لها مطلقاً، وإن لم نقل حقّ لها مطلقاً.
[5]: سبق التنظر فيه.
[6]: ولو تضررت من عدم الاستفادة كان من تعارض الضررين.
المسألة 473:
ص: 40
إنما يحق للدولة منع جريان النهر في المسألة السابقة فيما إذا لم يوجب تلف[1] أحد، وإلا لم يجز، نعم لها[2] حق أخذ العوض، فإن حالها حينئذ حال صاحب الطعام في سنة المجاعة.
* وذلك لأنه لا منافاة بين الحكم الوضعي والتكليفي كما قرر في محله من الفقه.
المسألة 474: لا يحق[1] للدولة أو فرد أو جماعة افتعال المجاعة
-------------------------
[1]: أو تضرره ضرراً علم أن الشارع لا يريد وقوعه في الخارج، أو سقوط اقتصاد دولة إسلامية مسبب لهيمنة الكفار.
[2]: مبنى المصنف (رحمه اللّه) (1) أن الإذن دليل عدم الضمان، كما لو استلزم النهي كسر أواني الخمر، فالأولى تقرر الدليل بأنه هنالك ملازمة بين الحكم التكليفي والوضعي، إلاّ في الأمور المالية من قبيل أكل المخمصة، فتأمل.
المسألة 474:
[1]: لعله لدليل الضرر، وأدلة القتل والإتلاف، وأنه علم أن الشارع لا يرضى وقوعه في الخارج.
ص: 41
وإشاعتها، وإذا فعل ذلك وتلف لسببه الناس كانت ديتهم[2] عليه.
* للصدق[3] العرفي، وكذلك إذا سبب تلف الزرع والضرع أو ما أشبه ذلك، فإن «من أتلف مال الغير فهو له ضامن»(1)، كما أنّ من سبب تلف الإنسان كان ضامناً بالإضافة إلى الحكم التكليفي.
المسألة 475: التقليد[1] في السنة الميلادية والأشهر الرومية والشعارات المستوردة والأسامي غير الإسلامية وما أشبه[2] هذه الأمور إذا سببت ضياع
-------------------------
[2]: بل الظاهر أنه يعد قتل عمد - بشرائطه - فيستحق القتل، فتأمل.
[3]: لعل المراد صدق الإتلاف الواقع موضوعاً في (من أتلف).
المسألة 475:
[1]: الظاهر: أن بعض الأشياء تنسلخ - ولو بمرور الزمان - عن كونها مسالك العدو، أو ملابس العدو، مثل لبس البنطلون الآن.
ثم قد يُقال: إن المراد: العدو بما هو عدو، لا بما هو إنسان، فلو اخترعوا لباساً بما هم بشر لا بما هم أعداء لم يكن مشمولاً للدليل، فتأمل. (راجع بحث لباس المصلي من العروة)(2).
[2]: كاستخدام لفظة (الكيلو) وقول (هلو) بدل السلام وقول (ألو) بدل التحية.
ص: 42
معالم الإسلام وإضلال المسلمين لم يجز[3]، وإن لم يسبب ذلك فلا إشكال في مرجوحيتها[4] لما ورد من الحديث: «لا تسلكوا مسالك أعدائي»(1).
* الحكم في المستثنى منه والمستثنى واضح، و «لا تسلكوا» له فردان حرام[5] ومكروه.
المسألة 476: هل[1] يجوز التلاعب بالسوق، كما لو اشترى التاجر أغلب السكر الموجود ليرتفع سعر السكر، أو يبيع رخيصاً كمية كبيرة من السكر
-------------------------
[3]: إما لأنه مقدمة للحرام وهي حرام عقلاً، وإما لأنه إضلال، أو لشمول أدلة التشبه بالكفار له.
[4]: ويكفي في ذلك الحديث(2)، وإن فرض كونه ضعيفاً للتسامح، وعلى فرض عدم القول بقاعدة التسامح فلا شكّ في المرجوحية عقلاً؛ لأدلة (من بلغ) بناء على أنها لا تفيد الاستحباب.
وهنا بحث في أن أدلة التسامح هل تشمل روايات المكروهات أيضاً أم لا؟(3)
[5]: بانطباق عنوان محرم عليه.
المسألة 476:
[1]: راجع مسألة (471)(4).
ص: 43
لينزل سعر السكر أم لا؟ احتمالان، أما لو كان محذور خارجي[2] محرم في ذلك لم يجز، وتتمكن الدولة من إيقاف التلاعب بالوسائل المحللة.
* قلنا: احتمالان؛ لأنه تصرف في ماله فحلال، ولأنه إضرار بالغير فحرام، ولا يبعد الحرمة[3]، إلا إذا لم يكن ضرر، ولا جهة محرمة خارجية، والإيقاف بالوسائل المحللة مثل مقابلة المتلاعب بالضد أنما هو فيما إذا لم يكن التلاعب حراماً ، وإلا لا يحتاج الإيقاف إلى شيء[4]، بل الدولة تمنع المتلاعب بالوسائل الوقائية، مثل توفير البضاعة وكثرة العرض وما أشبه ذلك.
المسألة 477: هل يجوز للزارعين عدم الزراعة وعدم تربية المواشي حتى يرتفع السعر[1] أم لا يجوز؟ احتمالان[2]، والمسألة هنا كالمسألة السابقة في أنه إذا لزم محذور خارجي لم يجز قطعاً.
* ومثل الزراعة في الفرعين: الصناعة وإنتاج اللحوم والدسوم والألبان
-------------------------
[2]: كتحطيم اقتصاد بلاد الإسلام ما يسبب هيمنة الكفار على اقتصادهم.
[3]: راجع ما سبق في مسألة 471.
[4]: بل تجبره على الإيقاف.
المسألة 477:
[1]: لقلة البضاعة، وهو نظير ما تفعل الدول من إتلاف القمح مثلاً ليظل سعره ثابتاً.
[2]: وقد يُقال: إنه مسلط على نفسه، فكيف يجبر على الإنتاج؟ والجواب: إن هذه واجبات كفائية - راجع المكاسب(1) - فلا حقّ له - كفايةً- في عدم الإنتاج أو الإضرار.
ص: 44
والبيض ونحوها، لوحدة الدليل في الجميع.
المسألة 478: لا يجوز إعانة الظالم، إلا إذا كانت هناك مصلحة أهم[1]، كما في الحديث: «في أبواب السلطان من أنار اللّه به البرهان»[2](1).
* الحرمة للأدلة الأربعة، والتفصيل مذكور في الفقه في مبحث الولاية(2).
المسألة 479: لا يحق للدولة أن تمنع التجول؛ لأنه مناف لحرية
-------------------------
والخلاصة: إن الواجب كفاية توفر هذه البضاعة بسعر لا يتضرر منه الناس، فكل ما كان خلاف ذلك لا يجوز.
ثم إن الحريات التي تمنحها الدولة أو تدخل الدولة بنفسها أحياناً كفيلان بمنع ذلك، أو بتقليصه بلا لجوء إلى القوة.
المسألة 478:
[1]: وفي المساوية بحث. راجع نظيره فيما تقدّم(3).
[2]: لعل المراد أن (الدليل على الحقّ) يظهر به.
المسألة 479:
ص: 45
الإنسان التي منحها[1] اللّه سبحانه له، إلا إذا كان هناك مصلحة في المنع أهم[2] شرعاً من مصلحة الحرية فيجوز.
* فإنّ الحرية في غير المحرم منحة اللّه سبحانه لعباده، فمن أراد كبتها لا يحق له ذلك إلا بأمر أهم، حيث تكون القاعدة تقديم الأهم على المهم، ويشترط أن تكون الدولة شرعية، والمنع من قبل شورى[3] الفقهاء المراجع أو تحت إشرافهم، وإذا منعت دولة غير عادلة عن بعض الحريات جاز للناس التمتع[4] بها من غير اعتناء بقول الدولة.
المسألة 480: لا يحق للدولة أن تمنع الاجتماع مطلقاً أو تمنع اجتماع أكثر من خمسة أو ثلاثة مثلاً ، لما تقدم في المسألة السابقة، إلا إذا كان في المنع مصلحة أهم[1] على نحو ما تقدم.
-------------------------
[1]: بدليل {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ}(1)، و{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ}(2)، و«الناس مسلطون»(3) وغير ذلك.
[2]: كما لو كان خطر التفجيرات قائماً.
[3]: لأنه هو الحاكم الشرعي على مبنى المصنف (رحمه اللّه) .
[4]: نعم، لو توجه ضرر عظيم إليه حرم لذلك.
المسألة 480:
[1]: وفي المساوي ما تقدّم.
ص: 46
* الدليل في المقام هو الدليل في البحث السابق في كل من المستثنى منه والمستثنى.
المسألة 481: لا يحق للدولة أن تغلق[1] أبواب المشاعر، كالعتبات المقدسة والمساجد والحسينيات وما أشبه، إلا إذا اقتضت الضرورة الشرعية الإسلامية ذلك، والضرورات تقدر بقدرها.
* «بقدرها» كماً وكيفاً، أي زماناً وخصوصية[2]، فإن فوق ذلك ليس بضرورة، والدليل في الصورتين ما سبق.
المسألة 482: لا يحق للدولة أن تغلق[1] المطارات وتمنع المواصلات، إلا إذا اقتضت الضرورة الشرعية ذلك، وحينئذ يقدر المنع بقدر الضرورة.
-------------------------
المسألة 481:
[1]: أي: النهائي أو المستمر، أما الإغلاق ليلاً فلا مانع منه؛ وذلك لأن للمتولي الحقّ في العمل بالوقف وفق ما يراه صلاحاً، أو يكفي عدم المفسدة. (راجع بحث حدود ولاية الفقيه)(1).
[2]: كأن تمنع الغرباء عن البلد من الدخول أو المجهولين أو المشبوهين.
المسألة 482:
[1]: إن كانت ملكاً لها فما المانع؟ إلاّ إذا كان ذلك ضرراً على الناس وقلنا: إن الضرر بالمباح حرام، أو نقول: الدولة وضعت لمصالح الناس، وهذا خلاف
ص: 47
* ومثل المطارات والمواصلات سائر المرافق العامة، لوحدة الدليل مستثنى منه ومستثنى في الجميع.
المسألة 483: لا يصح الأخذ بالثأر مما يعتاد في بعض القبائل، بمعنى أنه إذا قتل أحد أفراد هذه القبيلة فرداً[1] من قبيلة أخرى[2] تأخذ قبيلة المقتول بالثأر فيقتل أحد أفرادها فرداً من قبيلة القاتل، فقد قال سبحانه: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}(1) .
* والحكم في المسألة للأدلة الأربعة، فإن كل ما لم يكن حكم اللّه فهو حكم الجاهلية وهو يضر الدين والدنيا.
* و (الرضوة) إعطاء شيء ليرضى أهل البنت بتزويجها[1]، و (النهوة): نهي[2] بعض أقرباء البنت تزويج البنت ممّن يريد زواجها، فإنّ كل الأحكام العشائرية المختلفة[3] في بلاد الإسلام وكذا كل القوانين الوضعية المستوردة التي تخالف الإسلام يجب أن تبدل إلى أحكام الإسلام المستنبطة من الأدلة الأربعة مما قررها الفقهاء المراجع في كتبهم.
المسألة 485: (المقود) الذي يعتاده بعض العشائر بتقديم ديك أمام العقيقة ونحوها لا أصل له في الشريعة.
* والزيادة[1] في الدين كالنقيصة فيه كلاهما غير جائز[2].
-------------------------
[1]: لعل المراد مع إكراه البنت على ذلك، وإلا فصرف الإعطاء لا منع فيه.
[2]: أي: الإكراهي، وهل يشمل ذلك الإكراه الأجوائي(1) أيضاً؟ راجع (الاقتصاد والسياسة)(2).
[3]: لعل الصحيح: المختلقة- بالقاف - .
المسألة 485:
[1]: أي: باعتبار أنها من الدين، وإلا ففي حدّ ذاته لا مانع منه إن لم يكن محرماً.
[2]: راجع بحث (البدعة والتشريع في كتب الأصول والواجبات والمحرمات)(3).
ص: 49
المسألة 486: كفارة جز الصوف التي يعتقد بها بعض العشائر لا أصل لها في الشريعة.
* وهي كفارة إعطاء[1] الفتاة غير المزوجة شيئاً لأجل تنظيف نفسها من الشعر، فأخذ هذه الكفارة تشريع وأكل للمال بالباطل.
المسألة 487: الحداد الذي يزعمه بعض الناس بأن لا تتكلم المرأة المتوفى زوجها حتى مع ولدها، ولا تخرج من غرفتها حتى إلى صحن الدار، وتتحجب حتى من الإبريق، لا أصل له في الشريعة الإسلامية.
* فاللازم إلغاؤها وتحكيم الحداد الإسلامي[1] المذكور في الفقه مكانها.
المسألة 488: (الغاية تبرر الوسيلة) لا أصل[1] لها في الإسلام، نعم (قاعدة
-------------------------
المسألة 486:
[1]: بعنوان أنه من الدين أو كرهاً، وإلا فلا مانع منه.
المسألة 487:
[1]: بشقيه: الواجب والمستحب.
المسألة 488:
[1]: فإن الأقسام: 1- غايته أهم. 2- غايته مساوية. 3- غايته أدنى. والغاية تبررها كلها.
ثم إن الأهمية هي الأهمية الشرعية، لا الأهم غير الشرعي، كأن يقتل ألف إنسان ليصل هو إلى الرئاسة الباطلة.
ص: 50
الأهم والمهم) قاعدة إسلامية، والفرق بينهما أن (القاعدة) توازن بين (الغاية والوسيلة) فأيتهما كانت أهم[2] قدمت على الأُخرى، وهي قاعدة عقلائية يستعملها العقلاء في كافة أمورهم، فإنه كلما دار الأمر بين ضررين قدموا الضرر الأخف على الضرر الأكثر، وذلك بخلاف (الغاية تبرر) فإنها تقدم الغاية مهما كلف الأمر، وهذه أشبه بالانتهازية والمصلحية والنفعية، وهي لا مجال لها في الإسلام.
* وقاعدة الأهم والمهم قد دل عليه الأدلة الكثيرة[3] وقد فصلناه في بعض كتبنا(1)، وكذلك يجب أن تقاس كل الأمثال والقواعد الاجتماعية - مثل: حشر مع الناس عيد - وما أشبه بالموازين الإسلامية، فكل زائد عليها أو ناقص يجب أن يلغى.
الإسلام دين متطور[1] مع الحياة، وليس معنى التطور، التطور (في العقيدة) لأنّ متعلق العقيدة حقائق أزلية لا تقبل التطور، وليس معنى التطور، التطور (في الفضيلة) إذ الفضيلة فضيلة مهما تبدلت الظروف، وليس معنى التطور، التطور في الحرام والحلال، فإنهما وضعا حسب النفع والضرر، فالخمر ضارة والبرتقال نافع مهما تبدلت الظروف، إلا في حالات مرضية أو ما أشبه وليس التطور في المعاملات، إذ المعاملات أسست على أساس إنساني عقلائي.. وهكذا قل بالنسبة إلى العبادة والى الأحوال الشخصية وإلى الأمور الجنائية وإلى الأمور القضائية، وإنما التطور إنما هو بالنسبة إلى التطور في المصاديق للقواعد العامة التي بينها الإسلام، فإذا تبدل مصداق بمصداق[2]، أو دخل في الوجود مصداق[3] لم يكن سابقاً شملته قاعدة عامة[4]، مثلاً : (الصحافة) لم تكن في زمن النبي والأئمة (عليهم السلام) ثم صارت (فالحرية الإسلامية) المبينة بقاعدة (الناس مسلطون على أنفسهم) تشمل (الصحافة) وكذلك (القنبلة الذرية) لم تكن، فلما تطور السلاح إليها شملته آية: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ}(1).
-------------------------
[1]: الأولى: يستوعب تطور الحياة، فتأمل.
[2]: كإنارة المسجد بالمصابيح الكهربائية.
[3]: مثل البنوك وحق التأمين.
[4]: نعم، هنا بحث وهو أن الفتاوى قد تتطور، فإنها استنباطات، والاستنباط قابل للتغير بالعثور على أدلة جديدة مثلاً.
ص: 52
* إذ كلما تبدل الموضوع لحقه حكم الموضوع الجديد لا الموضوع السابق[5]، وهكذا بالنسبة إذا تجدد موضوع كالبطاطا حلال، وعقد التأمين صحيح وهكذا، فما من شيء إلا وقد بين حكمه الإسلام ولو بصورة عامة.
المسألة 490: قد تقع حروب تبيد الرجال فلا يبقى إلا رجال قلة ونساء كثيرات لا يشملهن الزواج الدائم، فعالج[1] الإسلام ذلك بتشريع الزواج المنقطع[2]، فلكل رجل الحق - مع رغبته - في أن يشبع الغريزة الجنسية لنساء كثيرات في إطار نظيف مذكور في فقه الإسلام.
* وبحث الزواج المنقطع مفصل ومذكور في كتاب النكاح، هذا بالإضافة إلى جواز أن يتخذ كل رجل أربع زوجات دائمات، أما قانون خليلات[3] الغرب أو الأخلاء فذلك في منتهى الفساد والإفساد، لا شرعاً فقط، بل عقلاً أيضاً.
المسألة 491: أحياناً تجرف الكوارث بكثير من النساء فلا يبقى إلا نساء
-------------------------
[5]: فإن الأحكام تابعة للعناوين.
المسألة 490:
[1]: والمحذورات المترتبة على ذلك أخف من المحذورات المترتبة على عدم الزواج مطلقاً، كما في أصل الزواج الدائم.
[2]: مضافاً إلى مسألة الإماء.
[3]: فإنها مجرد صداقة بلا التزام بخلاف العقد، مضافاً إلى أنها لا تراعى فيها الشروط الشرعية.
المسألة 491:
ص: 53
قليلات فعالج الإسلام ذلك بجواز التمتع، فللمرأة الواحدة - مع رغبتها - الحق في أن تفي بحاجة الرجل ثم لما تنتهي مدتها المقررة شرعاً وعدتها جاز لها أن تنكح زوجاً غيره.
* وإذا كان التمتع بدون الدخول لم يكن للمرأة عدة[1]، كما أنه كذلك إذا كانت يائسة ولو مع الدخول.
المسألة 492: مشكلة أسرى الحرب يعالجها قانون العالم بأحد أمور ثلاثة[1]:
1- القتل، وهذا منافٍ لرحمة الإسلام بالإنسان.
2- السجن وهذا منافٍ لاهتمام الإسلام بالإنسان، حيث أعطاه الحرية.
3- إطلاق السراح وهذا منافٍ لحكمة الإسلام، حيث يريد الإسلام أن لا يتجمع الموتورون ويعيدوها حرباً ثانية ويعيثوا في الأرض الفساد... فقرر الإسلام حلا آخر، ليس وراءه حل وهو (الاسترقاق) والاسترقاق حرية[2] محدودة[3] تحت سلطة سيد، وقد ندب الإسلام إلى العتق وأوجبه في
-------------------------
[1]: فإن الإسلام ليس ضد اللذة، وهذا نوع استمتاع.
المسألة 492:
[1]: فالأول: ضد الرحمة، والثالث ضد الحكمة، والثاني ضد الحرية. نعم، مع الضرورة أو المصلحة أجاز الإسلام ذلك كما سيأتي، لكن وضع لها بدائل.
[2]: وهو نوع من غسيل الدماغ وتطهير المجرمين بتذويبهم ضمن تجمعات صغيرة.
[3]: مع انفصال المجرمين بعضهم عن بعض، لا كالسجن، حيث توجد
ص: 54
بعض الموارد قال تعالى[4]: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً}(1) و (الرق) في تشريع الإسلام غير الرق الذي كان سائداً[5] في العالم والغي في الغرب، ولعله لوحظ في قانون الرق قاعدة (غسل الدماغ) الحديثة، فإن الأسياد يغسلون دماغ العبيد من المنكر والقبيح، فالرق مدرسة تنظيف المجتمع في إطار إنساني، والإسلام يضع ذلك حسب رأي الحاكم الإسلامي {فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء}(2) وإما سجناً، وإما قتلاً، وإما رقاً حسب المصلحة.
* وسادس: ما يجوز للحاكم الشرعي تبعيد الأسير، وقد ذكرنا تفصيل الرق في كتاب العتق من الفقه(3) وغيره، أما من سموا أنفسهم بالخلفاء أو الأمراء كالأمويين والعباسيين والعثمانيين ومن أشبه فكان رقهم كبقية أعمالهم كلها على خلاف[6] الموازين الإسلامية، فلا يمكن أن يؤخذ الإسلام بتلك الأعمال.
-------------------------
محذورات ترابط(4) المجرمين.
[4]: والواجب كالكفارات.
[5]: حيث كانوا يستولون على الأحرار بالسرقة.
[6]: حيث إن حكمهم كان غير شرعي، ونياتهم في الحروب كانت غير إسلامية. لأنّ محورها الذات لا اللّه سبحانه.
ص: 55
المسألة 493: من فقد زوجها في كارثة أو حرب أو ما أشبه، راجعت الحاكم الإسلامي للفحص عن زوجها فإن لم يظفر به طلقها بشرائط مذكورة في الفقه.
* وكذلك حال المرأة التي سجن زوجها مدة طويلة أو ما أشبه ذلك، وقد ذكرنا في (الفقه)(1) أن المرأة إذا كانت في عسر وحرج[1] جاز للحاكم الشرعي طلاقها، وبعد العدة تختار لنفسها[2].
المسألة 494: يستحب تجميل الدار ومشتملاته، والشارع وأرصفته، وهكذا المدرسة والثكنة والمعمل وكل البلد بصورة عامة وسائر الشؤون الحيوية «فإن اللّه جميل[1]
-------------------------
المسألة 493:
[1]: أو ضرر.
[2]: إلاّ أن المشهور لم يقولوا بذلك، بل جعلوا الطلاق في موارد خاصة.
المسألة 494:
[1]: الظاهر أن المراد في أعماله، وتحميل تعميم(2) الجمال للكمال فيكون في ذاته.
ص: 56
يحب الجمال[2]»(1).
* نعم، يلزم أن لايصل الجمال إلى حد الترف وإلا فهو بين مكروه ومحرم.
المسألة 495: تستحب النظافة في كل شيء، وبعض أقسام النظافة واجبة، كالنظافة[1] التي تحصل بواسطة الوضوء أو الغسل أو التطهير فإنّ «النظافة[2] من الإيمان»(2).
* والنظافة بالمعنى الأعم تأتي في الأعمال والأخلاق وسائر شؤون الإنسان أيضاً.
المسألة 496:
-------------------------
[2]: وضعف سند الحديث(3) - لو فرض - لا يضر بعد قاعدة التسامح، على التفصيل الذي مرّ(4).
المسألة 495:
[1]: هذه تحصل غالباً منها، وإن أمكن التخلف نادراً، كما لو توضأ بماءٍ قذر.
[2]: وضعف سند الحديث(5) - لو فرض - سبق البحث فيه(6).
المسألة 496:
ص: 57
لا يمنع[1] الإسلام عن ثقافة المرأة وعملها، وإنما يمنع الإسلام عن الرذيلة والتهتك والاستهتار والظلم بالنسبة إليها، فإذا تعلمت بدون اختلاط[2]، وإذا عملت بدون تبرج، وإذا أدارت شؤون الحياة بدون استهتار، كل ذلك في الإطار الإسلامي المبين في الفقه فبها ونعمت.
* لأن الممنوع في المرأة أشياء خاصة لمصلحتها ومصلحة الاجتماع، وإلا فالأصل[3] في كل شيء الاشتراك بين الرجل والمرأة، إلا ما خرج بالدليل، لكن كثيراً من الناس أهملوا المرأة إلى حد النبذ[4] عن الاجتماع، وكثيرٌ من الغربيين والشرقيين أوردوا المرأة في موارد التجارة والفساد، وبذلك ضاعت المرأة بين الاثنين، فاللازم إرجاعها إلى المحل الذي جعله اللّه لها مما بُيّن في الكتاب والسنة.
-------------------------
[1]: بل قد يجب تحصيل العلم، كما في بعض الاعتقاديات والأحكام الشرعية.
[2]: أي: المحرّم منه، وإنما أطلق لأن الاختلاط عادة يلازم الفساد، أو يكون مقدمة له، وأما مطلق الاختلاط فهو حاصل في صلاة الجماعة والحج والزيارات والأسواق ونحوها.
[3]: أي: في الأحكام الإلزامية، وأما غيرها فالظاهر أن الشارع جعل المرأة لإدارة البيت، والرجل لإدارة خارج البيت. فراجع(1) وتأمل.
[4]: مع أن وجودها واجب من باب الأمر والنهي والإرشاد والتعلم و...
ص: 58
المسألة 497: لا بأس بفرق الحوالة المستند إلى تفاوت قيمة العملة، مثلاً يكون الدينار في العراق ألف فلس، وفي لبنان تسعمائة فلس، فإذا أعطى تسعمائة فلس في لبنان وقبض ديناراً[1] ثم أعطى الدينار وقبض ألف فلس في العراق لم يكن ذلك ربا.
* فإنّ الربا هو أخذ ما لا يستحق، وقد سماه الإمام الرضا (عليه السلام) ب- (فساد الأموال)(1) لا مثل ذلك، بل ذكرنا في بعض كتبنا الاقتصادية أن أخذ التفاوت[2] في بابي التضخم والتورم ليس من الربا أيضاً؛ لأنه ليس
-------------------------
المسألة 497:
[1]: لم يعرف وجهه، بل الظاهر أن يُقال: أعطى ديناراً قيمته 900 فلس في لبنان، وقبض ألف فلس في العراق، فتأمل.
إلاّ أن يكون المراد أنه أعطى لشخص 900 وقبض ديناراً، وأعطى الدينار للصرّاف، ثم قبض منه في العراق ألف فلس، فالإعطاء للدينار والقبض منه لشخص واحد، أما الإعطاء الأوّل فهو لشخص آخر، وإنما يفعل ذلك للاسترباح؛ إذ ربح 100 فلس.
وأمّا ما في المتن فهما معاملتان - ولا إشكال فيهما- بل هو من طرق الاحتيال على الربا.
[2]: بأن أقرضه ألفاً قيمتها الشرائية سيارة، ثم قبض ألفين قيمتهما الشرائية سيارة أيضاً.
ص: 59
من الزيادة، إذ المال ليس أكثر من واسطة وإنما العبرة بالقوة الشرائية[3].
المسألة 498: لا بأس بأن يأخذ المحيل شيئاً بعنوان الأجرة، فإذا أعطاه في تركيا ألف ليرة ليسلمها إليه في إيران جاز أن يأخذ المحيل ليرة واحدة أو أقل أو أكثر لأجل إيصال المال من تركيا إلى إيران.
* لأنه من حق[1] الزحمة والأجرة وليس من الربا في شيء، فإن كانت هناك أجرة معينة فهي (المسمى) وإلا كانت له أجرة المثل.
المسألة 499: يجب[1] التحفظ على اللغة العربية لأجل بقاء القرآن والشريعة.
-------------------------
[3]: هذا نظره (رحمه اللّه) العلمي، وأمّا في الفتوى فكان (رحمه اللّه) يحتاط بالصلح.
المسألة 498:
[1]: فإن كلّ عمل محترم، ولا بأس أن يقابل بالمال، ولو كان عمله مثل التلفون أو كتابة الورقة أو غيرهما.
المسألة 499:
[1]: الظاهر أن الوجوب هو باعتبار:
1- أن استنباط الأحكام استنباطاً اجتهادياً متوقف على التحفظ على اللغة العربية، والاعتماد على الترجمة كأنها نوع تقليد، فإن للألفاظ ظلالاً(1) خاصة، وبتغير اللفظ يتغير المعنى.
ص: 60
* كما يلزم جعلها اللسان العالمي لنشر ثقافة القرآن وتعاليم الشريعة المنقذة في كل العالم، والدليل على ذلك واضح، وعلى هذا فكل تشجيع لسائر اللغات على حساب اللغة العربية محرم، أما العكس فبين واجب ومستحب.
المسألة 500: يجب[1] ترجمة الأحكام الإسلامية من اللغة العربية إلى سائر اللغات ليتمكن أصحاب تلك اللغات من العمل بالإسلام.
* فإنه من تبليغ الإسلام الواجب بالأدلة الأربعة[2].
-------------------------
وقد يشكل عليه: بجواز نقل الأحاديث بالمعنى، ولا فرق بين المقامين، فتأمل.
2- إن التأثر والهداية يتوقفان على التحفظ المزبور، فللقرآن الكريم بألفاظه من التأثير العميق في النفوس ما لا يوجد - بذلك المقدار- لترجمته، فيكون مقدمة وجودية للهداية.
والظاهر أن المشاهدات الخارجية تؤيد ذلك، وإن أمكنت فيه المناقشة الدقية العقليّة.
3- إن الوجوب من المرتكزات في أذهان المتشرعة، ومن الأمور المتلقاة والمفهومة من قوانين الشرع، فالصلاة باللغة العربية، والأذان والتلبيات، بل حتى صيغة النكاح يجب أن تكون بالعربية، فتأمل.
المسألة 500:
[1]: كما يجب استخدام وسائل النشر المختلفة، كالكتاب والراديو والفضائيات ونحوها لذلك أيضاً، لنفس الملاك.
[2]: ومنها العقل، لما ذكر في قاعدة اللطف، فراجع في كتاب: (الأمر بالمعروف..)(1). وفي الشعر الفارسي:
ص: 61
المسألة 501: يجب نقل الأدلة الدالة على أن الإسلام هو الدين الحق إلى لغات الكفار[1] ليتسنى لهم النظر فيها والانضواء تحت لواء الإسلام.
* كل ذلك لما تقدم في المسألة السابقة.
المسألة 502: ما تقدم في المسألة (499 و500 و 501) يختلف حسب اختلاف الظروف والأحوال، فتارة يكون واجبا عينيا ، وتارة يكون واجباً كفائياً، كما أن غير القادر يسقط عنه التكليف فإنه {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا}(1).
* وذلك حسب الموازين المذكورة في الواجب العيني والكفائي(2)، ولو
-------------------------
اگر بينی كه نابينا و چاه است *** اگر خاموش بنشينی گناه است
ومنها الكتاب: كالآية الكريمة {أَقِيمُوا الدِّينَ}(3)، {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ}(4) وغيرها.
المسألة 501:
[1]: ويجب - أيضاً - احتواؤها على المنطق المقنع لهم، لا الاكتفاء بنقل الأدلة الموجودة في الكتب القديمة، فإن لكل عصرٍ لغةً، ولكل قوم لغة.
المسألة 502:
ص: 62
شك في أنه عليه عينياً[1] أو كفائياً وقام به الغير فالأصل[2] عدم الوجوب عليه.
-------------------------
[1] قد يُقال: الواجب الكفائي يبقى كفائياً ولا يتحول عينياً؛ إذ المطلوب هو الطبيعة، وهذا المطلب باقٍ، سواء تكفل بعضهم به أم لا، فالخطاب لا ينقلب إلى خطاب لآحاد المكلفين جميعاً حتى يكون عينياً، (راجع بحث حقيقة الواجب العيني والكفائي في الأصول)(1).
نعم، لو قلنا: إن معنى الكفائي: مجموعة من الوجوبات المشروطة بعدم قيام الآخرين - يجب عليك إن لم يقم به الآخرون - فإن تحقق الشروط صار الوجوب على الجميع.
لكن الظاهر - كما ذكر في بحث الترتب(2) - أن الواجب المشروط لا ينقلب مطلقاً.
[2]: لكن في الكفاية: إن الأصل في كلّ واجب أن يكون عينياً نفسياً تعينياً؛ إذ الكفائية تقييد والأصل عدم التقييد(3).
وقد يُقال: إن أصل الوجوب مسلّم، لكن جعل الوجوب بعد قيام الغير
ص: 63
المسألة 503: الناس الذين يجهلون الإسلام ينقسمون إلى أقسام ثلاثة: 1- جاهل قاصر، 2- جاهل مقصر غير معاند، 3- وجاهل مقصر معاند، فالجاهل القاصر لا عقاب عليه، والمقصر غير المعاند مرجئ[1] إلى أمر اللّه سبحانه، وإنما العقاب على المقصر المعاند وهم قليلون، فلا يقال: كيف يمكن أن يذهب أكثر أهل العالم في النار، ويدخل قليل منهم الجنة؟ وقد ذكر العلماء[2] أن جماعة من الناس يمتحنون يوم القيامة فإن أطاعوا دخلوا الجنة وإن عصوا دخلوا النار.
* وفي الأدعية: «اللّهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات»(1)، والمراد بالمسلمين والمسلمات إما من سائر الأُمم، وإما من هذه الأمة القاصر منهم، أو حتى المقصر غير المعاند، كما أن الخلود
-------------------------
مشكوك، واستصحاب الوجوب معارض بعدم الجعل الزائد، أو منحل إلى أقل متيقن وأكثر مشكوك، فتأمل.
المسألة 503:
[1]: بل هو في حكم الجاهل المقصر المعاند، فإن الامتناع بالاختيار لا ينافيه، وعليه فيستحق العقاب، أما فعلية العقاب فهي أمر آخر، ومنه يظهر النظر في قوله «وإنما العقاب على المقصر المعاند».
[2]: وهو مذكور في الروايات الشريفة(2).
ص: 64
في النار خاص بالمعاند، ففي دعاء كميل: «أقسمت أن تخلد فيها المعاندين»[3](1) أما أنّ النار بأية كيفية؟ فلا يعلمها إلا اللّه سبحانه وأولياؤه؛ لأنها من عالم آخر، وإنما هي مؤطرة[4] بما ورد في الكتاب والسنة: {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ}(2)، وغير ذلك مثل: {فَلا يُجْزَى إِلاّ مِثْلَهَا}(3) فلا يقال: إنه أكثر[5] من الاستحقاق وهو خلاف العدل، كما لا يحتاج إلى ما ذكره بعض الحكماء من دفع العذاب أخيراً مما لم يدل عليه دليل، بل قام الدليل على خلافه.
-------------------------
[3]: إثبات الشيء لا ينفي ما عداه، فقد يخلد المقصرون كلاً وإن لم يكونوا معاندين. ثم إن في «المعاندين» بحثاً في أن المراد المعاند في الدنيا أو حتى في جهنم، (راجع الأصول) (4).
[4]: لكن المثلية تختلف، ففقأ العين في اللحظة جزاؤه العادل أن يعمى طيلة عمره، وإلقاء النفس من شاهق أثره تهشم العظام ثمانين عاماً مثلاً، وإطلاق رصاصة في ثانية على بريء جزاؤه السجن مدى الحياة، وهذا مثل، أي: ليس فوق (مقدار الجزاء العادل)، فتأمل، وراجع التفاسير والعقائد في قضية الخلود(5).
[5]: راجع (فقه العقائد)(6).
ص: 65
المسألة 504: يجوز[1] للإنسان أن يزن نفسه بالموازين المعتادة في هذه الأزمنة، ويجوز إعطاء الأُجرة لأجل ذلك، لكن من المعلوم أن «قيمة كل امرئ ما يحسنه»(1)، و {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ}(2)، و {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}(3)، فإنما هي القيمة الحقيقية، أما القيمة التي تزداد بالوزن فهي مرتبطة بالفواكه واللحوم وما أشبه لا بالإنسان.
* نعم، ذلك في سبيل العلاج أو الوقاية لا بأس به، والجواز للأدلة العامة، وكذلك أخذ الأجرة عليه، لما ذكر في الفقه من أن المعاملات الجديدة صحيحة شرعاً إلا ما خرج.
المسألة 505: يجوز[1] بيع إجازة الاستيراد ونحوها من الأوراق التجارية.
-------------------------
المسألة 504:
[1]: لأنه نحو إجارة للعين، فهو كإجارة الدار للانتفاع بها.
وأما قوله (رحمه اللّه) : «المعاملات الجديدة» فالظاهر أنها ليست جديدة، وإن كان المصداق متجدداً، والجديدة مثل: عقد التأمين بناءً على عدم اندراجه في عقد من العقود المعهودة، أو (عقد المغارسة) مثلاً.
المسألة 505:
[1]: نعم لو كانت الدولة شرعية وحظرت ذلك لم يجز. وستأتي بعض الاستثناءات
ص: 66
* لأنه من مصاديق {وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ}(1) ونحوه. نعم، يلزم إلغاء كل ما يقيد حرية التجارة، ومنها إجازة الاستيراد.
المسألة 506: يجوز للإنسان أن يتجنس بجنسيتين أو أكثر من بلدين أو بلاد.
* لإطلاق[1] حرية الإنسان، وقد ذكرنا في بعض الكتب أن مطلق الجنسية كبت[2] لحرية الإنسان؛ ولذا فاللازم أن يأتي يوم يلغى فيه كل هذه القيود؛ وذلك يكون إذا أخذ الإسلام بالزمام.
-------------------------
الاُخر. وستأتي الإشارة لهذا الاستثناء في مسألة (507)(2).
وهنالك رأي في أنَّ القوانين الوضعية محترمة، فلاحظ.
المسألة 506:
[1]: ويأتي هنا الاستثناء السابق، إذا منعت الدولة الشرعية للأهم والمهم.
نعم، الفرق هنا أن الدولة الشرعية لا يحق لها المنع إلاّ بالعنوان الثانوي في هذه المسألة ، بينما يحق لها المنع في الأوّل مطلقاً، إلاّ أن يُقال: إن إجازة الاستيراد - أيضاً - تخضع لعنوان ثانوي في أصل وجودها، فكيف بتفاصيلها وقيودها؟ فتأمل.
[2]: لا يُقال: إن عدمها يسبب الفوضى وتسرب المخربين.
فإنه يُقال: أولاً: يأتي ذلك في مناطق البلد الواحد فليمنع السفر إلاّ بجواز!
وثانياً: النقض بأُوربا الحديثة حيث ألغت كثيراً من هذه الأُمور.
وثالثاً: إن ضرر الحرية أقل من ضرر اللاحرية عادةً، لكن الجهات والأزمان
ص: 67
المسألة 507: يجوز بيع الجنسية وما أشبه من الأوراق المرتبطة بالإنسان كالهوية وغيرها.
* لإطلاق[1] حرية الإنسان إلا إذا كانت مرتبطة بفرد أو جماعة أو حكومة شرعية.
المسألة 508: ما ذكر في المسألة (505) و (506) و (507) إنما هو فيما إذا لم يتوجه إلى الإنسان[1] ضرر من ناحية السلطات التي تنص قوانينها على معاقبة مرتكبي هذه الأُمور، وإلا لم يجز من باب الضرر، لا من باب نفس العمل؛ إذ كل عمل لم ينص الشارع على تحريمه فهو مباح، خصوصاً وإن كل شيء كابت للحريات الإسلامية ليس له وزن في نظر الإسلام.
-------------------------
والشرائط قد تختلف، فلابدّ من ملاحظة الأهم والمهم.
المسألة 507:
[1]: راجع هامش مسألة (505)(1)، وستأتي بعض الاستثناءات الأخر.
المسألة 508:
[1]: أو إلى شخص آخر بسبب ذلك العمل، إذا كان الضرر مما علم أن الشارع لا يريد وقوعه، كقتل عائلته مثلاً، أما غير ذلك فالظاهر أن الحرام بواسطة الفاعل المختار - وهو الدولة- فلا إشكال في عمل الشخص، فتأمل.
ص: 68
* والضرر الممنوع هو الضرر المتزايد[2]، وإلا فالضرر القليل لا بأس به، كما تقدم شبه ذلك في بعض المسائل السابقة.
المسألة 509: أوراق القروض النقدية التي تطبعها الدولة وتبيعها بأقل، وبعد مدة مخصوصة تقبلها بأكثر، مثل أن تبيعها الدولة بتسعين، ثم تشتريها بمائة، إن كان بعنوان[1] القرض لم يجز؛ لأنه من أقسام الربا، وإن كان بعنوان المنحة والجائزة[2] كان حلالاً.
* قولنا: (من أقسام الربا) فإن الربا: إعطاء الأقل وأخذ الأكثر[3] قرضاً أو معاملة، وفي حكم (المنحة) إذا كان بعنوان بيعين أو ما أشبه ذلك.
-------------------------
[2]: أي الذي علم من الشارع أنه لا يريد وقوعه في الخارج.
المسألة 509:
[1]: إذ الأحكام تابعة للعناوين. نعم، في الاحتيال بحث - الحيل الشرعية - راجع كتاب (الطلاق)(1).
[2]: الظاهر المراد غير المشترطتين، فتأمل وراجع(2).
[3]: ما ذكر ليس ضابطاً تاماً؛ إذ قد يأخذ متساوياً لكن مع جر نفعٍ، كاشتراط
ص: 69
المسألة 510: مصارعة[1] الثيران أو الديوك أو الغزلان أو الشياه أو ما أشبه ذلك إن سببت موت أحدهما، أو ضرراً بالغاً موجباً لنقص القيمة لم تجز؛ لأنه من الإسراف، وإن لم تسبب الموت ولم تسبب ضرراً أصلاً جاز، وإن سببت ضرراً وأذية لأحدهما بدون نقص القيمة فالظاهر أنه جائز، لكنه خلاف الإنصاف، فإنَّ أذية الحيوان غير مستحسنة في الشريعة الإسلامية.
* الحكم في الصور المذكورة حسب الأدلة، وأما قولنا (فالظاهر أنه جائز) إذا لم تكن أذية كبيرة، وإلا لم يجز لما يستفاد من الأدلة من حقوق الحيوان، مثل قوله (صلی اللّه عليه وآله وسلم) : «فليستعد غدا للخصومة»(1)، وقوله (عليه السلام) : «إنكم مسؤولون حتى عن البهائم»(2)، وقول السجاد (عليه السلام) : «خوف القصاص»(3)، وقد ذكرنا جملة من الأدلة في كتاب النكاح باب النفقات.
-------------------------
الخياطة، إلاّ أن يعم الأكثر لمثل ذلك.
المسألة 510:
[1]: الظاهر أن الملاك هو الإسراف، أو الإيذاء، فإن إيذاء الحيوان نوع ظلم، والظلم حرام (راجع بحث الإيذاء من المحرمات)(4).
ص: 70
المسألة 511: لو أمكن كبس الماء حتى صار الماء الذي حجمه سبعة وعشرون شبراً حجمه عشرون شبراً، فهل يبقى على كريته أم لا؟ احتمالان ولا يبعد العدم[1]؛ لأن المعيار الحجم ولا اعتبار بالأصل[2]، ولذا نقول بأنه لا فرق في وجوب سبعة وعشرين شبراً بين الماء الثقيل والماء الخفيف.
* مع وضوح أن الثقيل أقل[3] حجماً من الخفيف، ولا مجال للاستصحاب بعد تغير الموضوع عرفاً.
-------------------------
أما المصنف (رحمه اللّه) فقد جعل الملاك:
1- الموت.
2- الضرر البالغ الموجب لنقص القيمة.
3- الإيذاء الكبير. وأما في غير الثلاثة فقد حكم بالجواز.
قوله: [لما يستفاد]: بعض الأدلة المذكورة هنا مطلقة تشمل الأذى الصغير أيضاً.
المسألة 511:
[1]: في صورة انعدام الوزن المقرر أيضاً، كألف ومائتي رطل بالعراقي؛ إذ أحدهما كافٍ في الكريّة.
[2]: إلاّ أن يُقال: إنّ الحجم أخذ طريقاً إلى غيره - راجع بحث التقدير في باب التغير التقديري(1) - لكن ظاهر الألفاظ الموضوعية.
[3]: لعدم تخلخل الأجزاء، فتأمل.
ص: 71
المسألة 512: لو أمكن تخلخل الماء حتى صار ما حجمه قبل التخلخل عشرون شبراً سبعة وعشرين شبراً، فالظاهر صيرورته كراً، لما تقدم في المسألة السابقة[1].
* بشرط أن يكون الجميع ماءً خفيفاً، لا أن يكون بينها الهواء عرفاً حتى يكون المجموع مركباً من الماء والهواء؛ وذلك للصدق العرفي.
المسألة 513: لو أضفنا على الماء الذي وزنه ألف ومائة رطل، مائة رطل من جسم غريب[1]، بحيث صار عرفاً جزءاً[2] من الماء، فالظاهر أنه يصبح كراً؛ لأن المعيار صدق الماء بالمقدار المذكور وقد حصل؛ ولذا نقول بأنه لا فرق بين الماء الخفيف والثقيل في هذا الميزان.
* كما لا فرق بين الماء المالح والعذب، مع وضوح أن المالح مخلوط به الملح، وكذلك ماء المعادن[3] الذي فيه شيء من المعدن.
-------------------------
المسألة 512:
[1]: والطريقية خلاف ظاهر الدليل، كما سبق في (511)(1).
المسألة 513:
[1]: ولو كان بولاً إذا طهر المجموع بعد ذلك بوصله بالكر مثلاً.
[2]: بالاستهلاك.
[3]: الذي يصدق عليه الماء المطلق. (راجع بحث المياه الزاجية
ص: 72
المسألة 514: لو أخذنا من الماء الذي وزنه ألف ومائتي رطل مقدار مائة رطل من الجرم الخليط به، الذي ليس بماء حقيقة سقط[1] عن الكرية، لما تقدم في المسألة السابقة.
* لأنه ليس بذلك الوزن المطلوب شرعاً.
المسألة 515: هل يجوز للدولة منع إخراج المكتبات الضخام التي تعد من ثروة البلاد أم لا يجوز؟ احتمالان، والظاهر أنه لا يحق لها ذلك؛ لقاعدة[1] تسلط الناس على أموالهم، إلا إذا كانت هناك جهة توجب المنع أهم[2] من قاعدة السلطنة، فتقدم على القاعدة بالأهمية حسب قاعدة (الأهم والمهم).
-------------------------
والكبريتية)(1).
المسألة 514:
[1]: مع سقوطه عن المساحة أيضاً، أي: «27 شبراً».
المسألة 515:
[1]: ولأدلة الحرية عموماً، مثل: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ}(2).
[2]: مثل الإضرار باقتصاد بلاد المسلمين، إضراراً علم أن الشارع لا يريد وقوعه،
ص: 73
* والحكم في المستثنى منه والمستثنى حسب الأدلة العامة، ومثل المكتبة حال سائر الأشياء النفيسة، التي تكون لشخص أو أشخاص، ووجوب سماع[3] كلام الدولة في المستثنى إنما هو فيما إذا كانت شرعية، وإلا فلا تجب إطاعتها.
المسألة 516: إذا تعدى جماعة من الكفار على جماعة من المسلمين، لا يحق لاُولئك المسلمين أو لغيرهم من المسلمين التعدي على كفار آخرين، قال اللّه تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخرى}(1)، فإذا تعدى السيك على المسلمين في الهند مثلاً، لا يحق للمسلمين في باكستان التعدي على السيك الموجودين في باكستان، إلا إذا كان السيك كلهم يداً واحدة[1] على المسلمين.
-------------------------
كما لو كانت الكتب هي الرصيد الذي يعتمد عليه اقتصاد البلد، وسبب خروجها تحطم بلاد المسلمين وسيطرة الكفار.
[3]: بما هو سماع لكلامها، وإطاعة لأمرها. نعم، قد يحرّم ذلك في صورة وجود المحذور من جهة لزوم المحذور. كما مضى، وراجع مسألة: (520)(2) و(522)(3).
المسألة 516:
[1]: هذه العبارة فيها غموض، إذ ما هو المقياس في اليد الواحدة؟ فهل هو التعاون فيما بينهم، كما لو كانوا يمدونهم بالمال، أو بالفكر، أو بالتخطيط؟ أو هو
ص: 74
* والحكم في المستثنى منه والمستثنى حسب الأدلة.
قولنا: (إلا إذا كان) إذ يعد المجموع حينئذٍ كالجيش الواحد.
المسألة 517: إذا تعدى[1] الكفار على المسلمين، لا يحق لمسلمين آخرين أن يتعدوا على أُولئك الكفار المعتدين، مثلاً: إذا تعدى سيكي على مسلم لا يحق لمسلم آخر التعدي على ذاك السيكي، إلا إذا كان بميزان الجهاد والدفاع الإسلامي.
* قولنا: (لا يحق) لأن الذي يريد الاعتداء ليس معتدى عليه، فلا يشمله {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}.
-------------------------
عدّهم: جبهة حربية واحدة؟ وما هو الدليل على اليد الواحدة؟
والظاهر: إن الملاك عدّهم كفاراً حربيين - عرفاً- فتأمل، وراجع كتاب «الجهاد»(1)، وهو الظاهر من قوله (رحمه اللّه) فيما بعد «كالجيش الواحد».
وقد ذكر المصنف (رحمه اللّه) عنوانين: 1- الوحدة. 2- التحالف. (راجع 518)(2) وقال الكل إلى «عدهم كفاراً حربيين» أو جبهة واحدة، وصدق {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}(3) و{وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ}(4) ونحوها، فتأمل.
المسألة 517:
[1]: تعدياً شخصياً لعداوة بينهما شخصية - مثلاً- .
ص: 75
وقولنا: (إلا) من باب دفع[2] المنكر وما أشبه، كالدفاع عن الإسلام والمسلمين بشرائطه.
المسألة 518: ما ذكر في المسألتين السابقتين إنما يكون فيما إذا لم يكن كفار الهند وباكستان متظاهرين[1] بعضهم مع بعض ضد المسلمين، الذين تعدى على بعضهم كفار الهند، وإلا جاز للمسلمين مقابلة الكافرين بالمثل (بشروط الدفاع المذكورة في فقه الإسلام).
* الفرق بين هذه المسألة والاستثناء في المسألة (516)(1) أن الأمر على قسمين: الأول: الوحدة، الثاني: التحالف، وفي كلتا الصورتين يعد الاثنان واحداً.
المسألة 519: ما ذكرناه[1] في المسألة (517) جارٍ في المسألة (518)
-------------------------
[2]: هنا عناوين: 1- دفع المنكر: حتى لا يتعدى هو في المستقبل أو غيره على مسلم. 2- رفع المنكر: بأن كان مستمراً في الضرب، فنضربه ليرفع يده. 3- الدفاع: فيما لو كان الكل يعدون جبهة واحدة، كما في المسألة السابقة(2).
المسألة 518:
[1]: سبق الكلام في (516)(3).
المسألة 519:
[1]: في الأرقام المذكورة غموض، والظاهر إبدال (518) إلى (دفع المنكر)،
ص: 76
فإذا تعدى كافر محارب للمسلمين على زيد جاز لعمرو أن ينتقم من ذلك الكافر، وهذا من باب (دفاع المسلم عن المسلمين وإيقاف الكافر عند حده).
* هذا شرح للاستثناء في المسألة (517): (إلا إذا كان بميزان الجهاد الإسلامي).
وفي الحديث الشريف: «المسلمون كالجسد الواحد إذا اشتكى عضو تداعت له سائر الأعضاء»(1)، وكذلك إن كان من باب (دفع المنكر) كما ذكرناه في مسألة (517).
المسألة 520: هل يحق[1] للدولة أن تمنع إخراج النفائس من البلد؟ الظاهر أنه لا يحق لها ذلك، إلا إذا كانت جهة موجبة للمنع أهم من حرية صاحب ذلك الشيء النفيس.
-------------------------
سبق الكلام(2) فيه وفي سائر العناوين.
المسألة 520:
[1]: سبق الكلام في مثله في هامش المسألة (515)(3) فراجع وسيأتي مثله في سألة (522) (4).
ص: 77
* ولا فرق بين نبات نفيس، أو حيوان نفيس، أو جماد نفيس لوحدة الدليل في الجميع.
المسألة 521: هل يحق للدولة أن تستولي على الشيء النفيس بدون رضا صاحبه، مثلاً: لو وجد (هر طائر) أو (غراب أبيض) كما وجد كلاهما في زماننا، وأراد الواجد لهما أن يذبحهما[1] أو يخرجهما من البلد أو يجعلهما في بيته، مما هو معرض[2] لهلاكهما وانقطاع نسلهما - حيث يمكن اتخاذ النسل لهما، بالنزو على مثلهما أو نحو ذلك - فهل للدولة الاستيلاء عليهما بالقوة، حيث لا ينفع السلم بكل أشكاله؟ احتمالان، الظاهر العدم[3]، إلا إذا كانت جهة راجحة بحيث تدخل المسألة في (قاعدة الأهم والمهم) كما تقدم في المسائل السابقة، والغالب إمكان حل هذه المشاكل بما لا ينافي سلطنة[4] الناس.
-------------------------
المسألة 521:
[1]: لعله مشمول لقوله تعالى: {وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ}(1) فيجب منعه.
[2]: هذا في معرض وقوع المنكر - لو قيل إنه منكر- وهل يجب منع ما هو معرض؟
قد يُقال بذلك؛ لأن المولى لا يريد وقوع المنكر في الخارج، فيجب الحيلولة عن المعرضية، فتأمل.
[3]: سبق التأمّل في إطلاقه.
[4]: كالشراء بثمن نفيس مثلاً.
ص: 78
* لكن إذا جاز للدولة الاستيلاء؛ وذلك بإمضاء شورى[5] الفقهاء المراجع، فاللازم إعطاء ثمنه لصاحبه؛ لأنه لا تلازم[6] بين الحكم التكليفي والوضعي، هذا إذا كانت قاعدة الأهم تعطي[7] استملاك الدولة له، أما إذا لم تعط ذلك فالشيء يبقى[8] على ملك مالكه، وإن كان تحت استيلاء الدولة جمعاً بين الحقين.
المسألة 522: هل يحق[1] للدولة أن تمنع عن خروج أصحاب الصناعات والعلماء (بمختلف أقسام العلم) عن البلد، سواء كان البلد محتاجا[2] لهم أم لا، مثلاً: كان طبيب ماهر جداً فلا تسمح له الدولة
-------------------------
[5]: أو من يخولونه لتولي مثل هذه الأُمور كالوكيل.
[6]: سبق الكلام في ذلك، أو راجع كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كسر أواني الخمر مثلاً(1).
[7]: فيه تأمل، إلاّ لو لم يرضَ المالك بالإجارة.
[8]: وهل يجب عليها دفع الأجرة؟ فيه تأمل.
المسألة 522:
[1]: سبق الكلام في مثله في المسألة (515)(2) و(520)(3).
ص: 79
بالخروج، ولنفرض أن البقاء ليس واجباً عليه؟ الظاهر أنه لا يحق للدولة ذلك، إلا إذا كان جهة خارجية أهم، كما تقدم في المسألة السابقة.
* (لا يحق) لقاعدة[3]: «الناس مسلطون على أنفسهم»(1)، والمستثنى لقاعدة: (الأهم والمهم) إذا أمضاه[4] شورى الفقهاء المراجع.
المسألة 523: كل شيء كان تركه يوجب أن يذهب بدون فائدة بحيث يصدق[1] عليه الإسراف يحرم[2] على الإنسان أن يتركه كذلك، مثلاً:
-------------------------
[2]: لو كان محتاجاً ولم يكن هنالك بلد آخر يحتاج كان الوجوب كفائياً، فيجوز إجبارهم، ليتحملوا الواجب - فيما لو لم يكن هنالك مَنْ يقوم بذلك - وإلى هذا أشار المصنف (رحمه اللّه) بقوله: «ولنفرض أن البقاء...».
[3]: ولما سبق في المسألة (515)(2).
[4]: أو وكلائهم كما سبق في المسألة (521)(3).
المسألة 523:
[1]: عرفاً لا بالدقة العقليّة (القمي والشكر أسفل الاستكان)(4).
[2]: راجع (المحرمات)(5) لكن قال في العروة: «الإسراف في ماء الوضوء
ص: 80
(الدخان) إذا أمكن جمعه ليكون فحماً، كما يفعل به الغرب ذلك، و (الرماد) إذا أمكن صنع القماش منه، (والدم) إذا أمكن صنع الصبغ منه، و (ميت الحيوان والقمامة) إذا أمكن صنع السماد منه، و (القاذورات البشرية) إذا أمكن صنع الصابون منها، وهكذا يجب على الإنسان القادر حفظه؛ لأنه إسراف عرفاً[3]، بل ورد في الحديث: «إنَّ طرح النواة[4] إسراف»(1).
* إلا إذا كان قليلاً بحيث لا يصدق الإسراف؛ وربما يقال: إن ترك مثل الدخان والرماد والدم وميت الحيوان والقمامة والقاذورات البشرية لا يعد[5] - عرفاً - من الإسراف المحرم، فتأمل.
المسألة 524: إذا أمكن نصب الماكنات أو بناء السد على الماء وصرفه
-------------------------
مكروه»(2)، والوالد (رحمه اللّه) علق بأن الإسراف ذو مراتب.
[3]: قد يفصل بين الفرد، فليس إسرافاً عرفاً، أما الدولة فإذا لم تفعل ذلك فاتتها المليارات، فهو إسراف عرفاً، فتأمل. ولعله أشار بقوله (رحمه اللّه) «قليلاً» لذلك.
[4]: بحاجة لملاحظة سنده أولاً(3)، ثم ملاحظة الإعراض والسيرة.
[5]: مضى التفصيل، فتأمل.
المسألة 524:
ص: 81
على الزرع في مقابل أن يذهب إلى البحر[1]، وكذا لو أمكن صيد الأسماك الموجودة في الماء قبل أن تذهب إلى البحر وهكذا، فهل يجب ذلك على الإنسان القادر؛ لأن تركه إسراف، أو لا يجب؛ لانصراف أدلة الإسراف عن مثل ذلك؟ احتمالان، ويمكن اختلاف الموارد، والمعيار صدق الإسراف العرفي[2].
* فكلما صدق الإسراف لم يجز، وكلما لم يصدق جاز، وإن اختلف العرف في الصدق وعدمه فالأصل[3] عدم الوجوب.
المسألة 525: هل يحق للدولة[1] منع اجتياز السيارات الكبيرة أو منع السيارات القديمة، أو منع استعمال جهاز التنبيه، أو منع سير العربيات في الشوارع أو شبه ذلك أم لا يحق؟ الظاهر: أنه لا يحق لها ذلك؛ لأنه خلاف (تسليط الناس) إلا إذا كانت جهة خارجية مرجحة[2]، [3] فيحق لها المنع من باب قاعدة
-------------------------
[1]: وتموت وإلا فهو مجرد نقل مكان، فتأمل.
[2]: وقد مضى التفصيل.
[3]: للثالث، وإلا فلكلٍ عرفه، كما ذكروا مثله في القمار والغناء وما يسجد عليه (المأكول)، وهل تلاحظ الأكثرية هنا؟
المسألة 525:
[1]: الشرعية.
[2]: أو كان الطريق ملكاً لها فلها حقّ التصرّف.
[3]: إلى درجة الإلزام، كما يدلّ عليه تعليله بالأهم والمهم.
ص: 82
(الأهم والمهم)[4]، [5] كما تقدم في بعض المسائل السابقة، أو من باب قاعدة (لا ضرر)[6].
* وهكذا إذا أوجب بعض الأُمور المتقدمة عسراً وحرجاً على الناس؛ إذ قاعدة (العسر) كقاعدة (الضرر) في أنها حاكمة على الأدلة الأولية.
المسألة 526: هل يحق[1] للدولة فرض اتجاه خاص لسير السيارات، أو سرعة خاصة، أو فرض جادة خاصة للراجلين وجادة أُخرى للراكبين، وجادة لأصحاب الدراجات؟ وهكذا الحكم ما ذكر في المسائل السابقة عليها، والظاهر أن دليل (لا ضرر) يكفل بكثير من الأُمور.
-------------------------
[4]: كما لو كانت تتم التفجيرات في السيارات الكذائية فتمنع.
[5]: وهل منه إضرار الاقتصاد الوطني وإضرار الصحة العامة؟
الثاني منه، والأول قد يتحقّق لو لوحظ ترتب خسارة عظيمة يعلم أن الشارع لا يريد وقوعها على أثر ذلك.
[6]: لكن هنا قد يتعارض الضرران، أي: ضرر سائق السيارة الكبيرة مع ضرر الآخرين، راجع بحث (تعارض الضررين)(1).
المسألة 526:
[1]: راجع المسألة السابقة(2).
ص: 83
* ثم إذا كانت الدولة شرعية لزم إطاعتها[2] حتى في غير مورد الضرر، كما إذا رأى السائق أن الطريق فارغ بحيث لا يضر المرور - في مورد المنع - أما إذا لم تكن شرعية فالذي يقيد السائق انطباق كلي (لا ضرر)[3] على المورد الخاص، فإذا لم يكن ضرر جاز له خرق القانون.
المسألة 527: إذا كان ملء الفراغ[1] سبباً لمنع المنكر وجب، وإن كان نفس ملء الفراغ ليس واجباً بنفسه، مثلاً: هناك شاب لابد وأن يقرأ، فإذا لم تكن جريدة إسلامية[2] يقرأ الجريدة الخلاعية الموجبة لفساده، وتمكنا من إخراج جريدة إسلامية تملأ فراغه، مما تسد مسد الجريدة الخلاعية، فإنه يجب إخراج هذه الجريدة من باب المنع عن المنكر.
* وجوب الإخراج من باب (المنع عن المنكر) أو (دفع[3] المنكر) لأنه واجب أيضاً.
-------------------------
[2]: للولاية العامة أو للأمور الحسبيّة، والضرر علّة للجعل لا للمجعول؛ إذ إناطة الأمر إلى تشخيص الأفراد يستلزم الضرر.
[3]: ونحوه كالأهم والمهم.
المسألة 527:
[1]: وهو نوعان: 1- الملء بالإسلامي. 2- الملء بالحيادي.
[2]: أو حيادية.
[3]: راجع بحث (دفع المنكر) وهل أنّه واجب أو لا في (المكاسب المحرّمة)؟(1)
ص: 84
المسألة 528: ليس المراد بملء الفراغ أمراً جزئياً خاصاً معلوماً فقط، بل يجب ما ذكر في المسألة السابقة بالنسبة إلى غير الجريدة، مثلاً: نعلم أنه لو فتحنا (نادياً إسلامياً)[1] انصرف جملة من مرتادي النوادي المختلطة إلى هذا النادي، فإنه يلزم فتح النادي الإسلامي وهكذا.
* (وهكذا) مثل صنع الأحواض للسباحة غير المختلطة في مقابل ما يوجد في البلد من الأحواض المختلطة وهكذا.
المسألة 529: بناءً على ما تقدم في المسألة (527) و (528) يجب على المسلمين إدخال نشاط الحلال في كل جوانب الحياة، للحد من نشاط الحرام، أخذاً من تصوير الأُمور المحللة، كرسم ناطحات السحاب، بل الأُمور الإسلامية كرسم الكعبة المباركة في ظروف الشاي[1] إلى فتح الجامعات الخالية من المحرمات وهكذا، فإنه مما لاشك فيه أن الحلال يسد مسد الحرام.
* بل الإقبال إلى الحلال أكثر؛ لما في قلوب المسلمين من حب الإسلام والاعتقاد به، وإنما الحرام فرض عليهم فرضاً. نعم، قلة من الناس لا يبالون، أو يبالون بالمنكر في كل زمان ومكان، وليس الكلام فيهم،
-------------------------
المسألة 528:
[1]: أو حيادياً كما سبق نظيره(1).
المسألة 529:
[1]: إن لم يكن إهانة عرفاً.
ص: 85
ومنه يعلم: لزوم فتح الإذاعات والتلفزيونات والأقمار الصناعية، التي تبث البرامج الإسلامية والمحللة، وكذلك صنع الأفلام الشرعية.
المسألة 530: لا يجوز[1] تحري دار أحد أو دكانه أو أثاثه أو ثيابه، كما لا يجوز تحري سيارة أو مخزن أو ما أشبه. نعم، يحق للدولة الإسلامية العادلة التحري إذا كانت هناك مصلحة ملزمة تفوق قاعدة (تسلط الناس)، فيرجع الأمر إلى قاعدة الأهم والمهم[2].
* ويجب أن يكون ذلك بتصويب[3] شورى الفقهاء المراجع، وانطباق القاعدة من أندر النوادر جداً، كما يوجد ذلك في بعض الدول الديمقراطية.
المسألة 531: إذا تعجرف(1) إنسان أو دولة في فعل منكر، ولا يردعه عن ذلك إلا استفزاز مشاعره بحقيقة[1] يخاف فضيحته بها، جاز بشرط أن
-------------------------
المسألة 530:
[1]: لكونه تجسساً وخلاف السلطنة، وتصرف في مال الغير بلا إذنه.
[2]: كالوقاية من الأعمال الانتحارية.
[3]: أو وكلائهم كما مضى نظيره.
المسألة 531:
[1]: أي: بغيبته، وهي: كشف العيب الخفي.
ص: 86
يكون ذكر ذلك الحقيقة الفاضحة أقل أهمية في نظر الإسلام من ذلك المنكر؛ وذلك لقاعدة (الأهم والمهم)، مثلاً: زيد يشرب الخمر خفية، ثم إنه يريد قتل إنسان محترم الدم، ولا يردعه عن القتل إلا إذا خاف أن نفضحه بشربه الخمر أمام الملأ، فإنه يجوز فضحه أو تهديده بالفضح إن لم يرتدع عن إرادته.
* وذلك لأنه طريق النهي[2] عن المنكر الواجب حيث الأهمية.
المسألة 532: ما تقدم في المسألة السابقة يأتي فيما إذا لم يمكن الردع إلا بمباهتة مريد المنكر، أو العامل بالمنكر ببهتان[1]، [2] خلاف الواقع، مثلاً: الظالم حبس مسلماً بدون حق، فإذا خاف من مباهتتي إياه بأنه يشرب
-------------------------
[2]: أو الردع عن المنكر، فهو دفع لا رفع.
المسألة 532:
[1]: ويدل عليه التعليل في «باهتوهم»(1) لئلا يطمع في الباطل، وعموم قاعدة «الأهم».
[2]: ومثله الكذب، كجعل منام مختلق، (راجع المسألة 534)(2).
ص: 87
الخمر أطلق سراح السجين جاز البهتان أو تخويفه به، مع ملاحظة قاعدة الأهم والمهم.
* ولا يخفى أن تمييز الأهمية بيد الحاكم الشرعي[3]، يعني: شورى الفقهاء المراجع، أو عدول[4] المؤمنين إذا لم يكن حاكم شرعي قادر، وإلا فليس ذلك من حق أي فرد.
المسألة 533: تميز (الأهم والمهم) مما تقدم في جملة من المسائل إنما هو بيد الخبير[1] بالأحكام الإسلامية، فليس لكل أحد أن يفعل ذلك، وإذا شك في الأهم والمهم فالمرجع إلى الأُصول العملية.
* المراد بالخبير ما ذكرناه في المسألة السابقة، والمراد بالأصول العملية أصالة عدم الجواز، استصحاباً أو احتياطاً[2] - على الأغلب - .
-------------------------
[3]: في العبارات اختلاف - راجع المسألة اللاحقة(1) ومسائل أخرى(2) - ولعله يُقال: إن المسألة إن كانت عامة كان الأمر بيد الفقيه أو الفقهاء، وإن كانت غير ذلك حقّ لكل خبير أو قاطع بالأهمية، فتأمل.
[4]: الخبراء بالأهم كبروياً، مع تشخيصه صغروياً.
المسألة 533:
[1]: مضى الكلام فيه(3).
[2]: لكنه معارض بالاحتياط في ردع المنكر، فتأمل.
ص: 88
المسألة 534: لا تجوز الإشاعات الكاذبة إلا إذا كانت[1] لرد اعتداء أهم، أو للوقوف دون اعتداء أهم، مثلاً: دولة دكتاتورية تريد حملة اعتقالات، ولا تصرفها إلا الإشاعة بأنها تدبر مؤامرة قتل جماعية، فإن ذلك جائز منعاً للمنكر، كما أنها لو اعتقلت جازت الإشاعة بأنها تدبر إعدام السجناء، نهياً عن المنكر، لكن ذلك مع التحفظ على ما تقدم من ملاحظة (قاعدة الأهم والمهم)[2].
* والتي أمرها إلى شورى الفقهاء المراجع[3]، فإن هذه المسألة من صغريات المسألة السابقة.
المسألة 535: لا يجوز وضع القوانين غير الإسلامية، فإنه مشمول لقوله سبحانه[1]: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}(1).
-------------------------
المسألة 534:
[1]: أحدهما رفع والآخر دفع.
[2]: ولما يدخل في نطاق ذلك نقاء سمعة الجهة التي تطلق الإشاعة.
[3]: مضى التفصيل(2).
المسألة 535:
[1]: ظاهر إن لم يحكم له مصداقان: التطبيق، والتقنين.
وقد يدّعى ظهوره في الأوّل فقط، فتأمل.
ص: 89
* ولقوله تعالى: {سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ اللّهُ}(1) وقد دل على حرمته الأدلة الأربعة[2]، والمراد بالكافر كفر الحكم لا كفر الاعتقاد، فإن مخالف الإسلام يخرج عن الجادة المستقيمة، قال تعالى: {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}(2)، فيكون بذلك ظالماً لنفسه ولغيره {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}(3)، ويكون قد ستر حكم اللّه عملاً، فإن الكفر هو ستر الاعتقاد الصحيح، أو العمل الصحيح قولاً أو فعلاً، قال تعالى: {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}(4).
المسألة 536: لا يجوز الإعراض عن أحكام الإسلام من غير فرق بين اللجوء إلى أحكام غير أحكام الإسلام، أو إلى عدم الحكم، مثلاً: قد يترك الحاكم (قطع يد السارق) إلى (حبس السارق) وقد يترك (القطع) بدون اتخاذ أي إجراء آخر.
* ويدل عليه الأدلة الأربعة، ولا يخفى أن ترك القطع إلى الحبس قد يجوز إذا كان في القطع ضرر يرفع الحكم[1] كما ذكرناه في كتاب: (فقه الدولة)(5).
-------------------------
[2]: راجع بحث حرمة (التشريع) و(البدعة)(6).
المسألة 536:
[1]: كتشويه سمعة الإسلام.
ص: 90
المسألة 537: لا يجوز التحاكم إلى حكام لا يحكمون بالإسلام، إلا إذا توقف إنقاذ[1] الحق على التحاكم إليهم.
* وقد وصفهم اللّه تعالى في كتابه بالطاغوت، ويدل على ذلك الأدلة الكثيرة، كما ذكرنا تفصيله في الفقه كتابي: القضاء والتقليد(1).
المسألة 538: لا يجوز التحاكم إلى حكام يحكمون بحكم الإسلام، لكنهم ليسوا مخولين[1] من قبل الشريعة في الحكم؛ لفقد العدالة والنزاهة فيهم، أو لسبب آخر، إلا إذا اضطر إنسان إلى التحاكم إليهم.
-------------------------
المسألة 537:
[1]: ظاهر الإطلاق وكذا ظاهر العروة - باب التقليد(2)- إطلاق ذلك ولو كان بقدر درهم مثلاً.
ولعل السبب ردع المعتدي عن اعتدائه، فإن الصغير يجرّ إلى الكبير.
المسألة 538:
[1]: الأقسام أربعة:
1- حاكم غير مؤهل يحكم بغير الإسلام؛ 2- حاكم غير مؤهل يحكم بالإسلام؛ 3- حاكم مؤهل يحكم بغير الإسلام، فتأمل؛ إذ يفقد الأهلية بذلك؛ 4- حاكم مؤهل يحكم بالإسلام.
ص: 91
* وذلك لقوله تعالى[2]: {إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}(1)، ولقوله (عليه السلام) : «أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة اللّه»(2) ولما دل على اشتراط العدالة والنزاهة وما أشبه في الحاكم والقاضي، وفقد الشرط لا يختلف فيه بين المسألة السابقة وهذه المسألة.
المسألة 539: إذا توقف رفع المنكر أو دفعه على التحاكم إلى حكام الجور، جاز فيما إذا كان دفع ذلك المنكر أو رفعه أهم[1] بنظر الشريعة من التحاكم إلى الجائر.
* وإنما يقيد الجواز بما إذا كان رفع المنكر أهم؛ لأن التحاكم اليهم لا يجوز في نفسه.
المسألة 540: إذا كان الجائر يرفع المنكر بأُسلوب غير إسلامي لم يجز[1] الرجوع إليه، إلا إذا كان رفع ذلك المنكر أهم، مثلاً: إذا روجع
-------------------------
[2]: فالولاية مجعولة أولاً وبالذات لهم (عليهم السلام) ، وهم (عليهم السلام) قد أنابوا الفقهاء.
المسألة 539:
[1]: وهذا بخلاف المسألة (537)(3) حيث لا تشترط الأهمية كما سبق.
المسألة 540:
ص: 92
إليه في باب المتعدي على نواميس الناس يحبسه شهراً، فإنه يجوز الرجوع إليه لدفع شر المعتدي؛ إذ بقاء التعدي على أعراض الناس أعظم في نظر الشارع من حبس المتعدي، وإن كان الحبس للمتعدي ليس حكماً إسلامياً.
* لأن فيه محذور التحاكم إلى الجائر والحكم بغير الشريعة، فالمقدم ما هو الأهم عند الشارع.
المسألة 541: لو صار في الكون - ليلاً - ضياء بسبب بعض الأجرام الكونية بدون الشمس، فليس الوقت محكوماً بأنه نهار، بل الليل له أحكامه.
* إذ النهار موضوع عرفاً من طلوع الشمس[1]، والحكم يتبع الموضوع.
-------------------------
[1]: فإن فيه محرمين:
1- التحاكم إلى حكّام الجور.
2- التسبيب إلى الحكم غير الإسلامي - ولو كان بواسطة الفاعل المختار- فتأمل، وقد أشار المصنف (رحمه اللّه) في آخر كلامه للمحذورين.
المسألة 541:
[1]: أو الفجر، وقد يفرق بين النهار واليوم، فتأمل. (راجع كتاب الصلاة)(1).
ص: 93
المسألة 542: لو أظلم الكون مع وجود الشمس بسبب غير الكسوف[1]، فليس الوقت محكوماً بأنه ليل، بل النهار وله أحكامه.
* لما تقدم في المسألة السابقة.
المسألة 543: يجوز السفر إلى الفضاء وإن أوجب الإتيان بالصلاة والصوم حسب موازين[1] تلك الجهات، لا حسب موازين الأرض، فإن الصلاة والصوم تابعان للحالة التي يصلي الإنسان في تلك الحالة، من سفر أو حضر أو اختيار أو اضطرار أو ما أشبه.
* والانصراف[2] إلى المتعارف بدوي، وإنما المعيار: «لا تترك الصلاة
-------------------------
المسألة 542:
[1]: كالسحب الطبيعية أو الصناعية أو الأسلحة الحديثة.
المسألة 543:
[1]: الاختيارية، وأما الاضطرارية فظاهر الروايات والسيرة الجواز، حيث إن الأسفار القديمة كانت تتضمن ذلك، وإن كان مقتضى القاعدة الكلية عدم جواز إخراج الإنسان نفسه من الموضوع الاختياري إلى الاضطراري.
[2]: لعل المراد: أن الوجوب خاص بالآفاق المتعارفة، كما هو نظر بعض محشي العروة (راجع كتاب الصوم)(1).
ص: 94
بحال»(1)، وقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}(2) إلى نظائرهما.
المسألة 544: يجوز[1] السفر إلى القطبين وإن أوجب الإتيان بالصلاة والصوم حسب موازين جهة القطب، لما تقدم في المسألة السابقة.
* فإن كل سفر مباح جائز، وللصلاة والصيام أحكام في كل حال.
المسألة 545: حكم الصلاة والصوم في الوجه المظلم[1] للقمر حكمها في القطب، لكن يضاف[2] إلى ذلك خصوصية القمر، مثلاً: الصلاة والصوم
-------------------------
المسألة 544:
[1]: لما تقدم في (543)(3).
المسألة 545:
[1]: لعل المنقول: أن القمر كله غير طبيعي، وعليه - لو صحّت - فحكمه الرجوع إلى إحدى الآفاق الطبيعية.
[2]: لم يُعلم معناه.
ص: 95
في القمر[3] يلاحظ في وقتهما وقت مكة[4] المكرمة، والصلاة والصوم في الوجه المظلم للقمر يلاحظ فيهما الحركة المعتدلة للقمر بدون[5] أن يكون مظلماً.
* إنما يلاحظ وقت مكة المكرمة لأن الآفاق غير المعتدلة يلاحظ فيها الآفاق المعتدلة[6]، كما ورد في النص[7] والفتوى، وهو على القاعدة[8]
-------------------------
[3]: الظاهر أن الصحيح القطب.
[4]: لا خصوصية لها تعيناً، بل المناط كل أفق طبيعي (راجع العروة، الصوم) (1).
[5]: المنقول - كما سبق - أنه لا حركة معتدلة له.
[6]: وعليه فلا خصوصية تعينية لمكة المكرمة.
[7]: ما هو؟
[8]: راجع بحث (القطع)(2) من الرسائل، وأوائل هذا الكتاب(3)، وأشبار الكرّ(4)، والوجه في الوضوء(5).
ص: 96
أيضاً، وأما ملاحظة الحركة المعتدلة للقمر فلأن غير المظلم[9] من وجهي القمر هو المعتدل، كما أن غير المظلم من الأرض هو المعتدل منها لا غير المعتدل، والمسألة بعد بحاجة إلى تأمل.
المسألة 546: حكم الصلاة والصوم في الوجه المنير[1] للقمر - المواجه للشمس طيلة اليوم والليلة - مثل حكمهما في الوجه المظلم للقمر، كما ذكر في المسألة السابقة.
* وذلك كما أن المكان المظلم من الأرض في الصلاة والصيام حاله حال المكان المنير منها.
المسألة 547: العصيان في الفضاء حاله حال العصيان في الأرض؛ إذ النفس الأمارة موجودة حتى لو فرض أن الشيطان لا يتمكن من الذهاب هناك لوجود الشهب، ثم لا دليل على أن كل الشهب[1] لطرد الشيطان.
-------------------------
[9]: سبق.
المسألة 546:
[1]: هل يوجد مصداق لذلك؟
المسألة 547:
[1]: المناسب للمقام: «على أن كل شيطان يطرد بالشهب»(1)، بل لعل المطروح هو ما حاول الاستراق فقط.
ص: 97
* فإطلاق أدلة العصيان جارٍ في كل مكان، ولكل إنسان مكلف مطلقاً.
المسألة 548: إذا خرج الإنسان عن الكبسولة[1] في الفضاء، جاز[2] الصلاة بالكيفية التي يمكنه الصلاة بتلك الكيفية، ولو تدحرجا (يعتدل وينتكس) لكن اللازم مع الإمكان إقامة الصلاة بحالة واحدة.
* لا بحالة الدوران والاعتدال والانتكاس؛ لأن الضرورات[3] تقدر بقدرها.
المسألة 549: القمر الاصطناعي[1] لو فرض انه يعكس نور الشمس - بكامله - ليلاً حتى كأن الوقت نهار، لا يوجب كون الليل محكوماً بحكم النهار، بل محكوم بحكم الليل.
* لأن المفروض أنه ليل وليس بنهار[2]، والحكم تابع لموضوعه.
-------------------------
المسألة 548:
[1]: المنقول: أنه لا فرق بين داخلها وخارجها؛ ولذا يربط مَنْ في الداخل.
[2]: ولو أمكنه العود لمكان يتمكن فيه من الصلاة التامة وجب؛ لكونه مقدمة وجودية للواجب المطلق.
[3]: المناسب للمقام لأنَّ الاختياري مقدم على الاضطراري.
المسألة 549:
[1]: أي: الذي صنعه الإنسان حتى كأنه القمر الطبيعي.
[2]: عرفاً وعقلاً، فتأمل.
ص: 98
المسألة 550: إذا أمكن التغذي بأشعة الشمس من غير طريق الفم[1]، بل بواسطة آلة تزرق مواد القوة الموجودة في الفضاء إلى جسم الإنسان، فالظاهر أنه لا يضر بالصوم.
* كما لا يضر بالصوم نفوذ الماء بسبب ثقوب البدن، في ما إذا دخل الإنسان في الماء؛ وذلك للانصراف وعدم الصدق[2].
المسألة 551: لا بأس بتحريك[1] اليد والرجل الصناعيتين في حال يجب فيها الطمأنينة في الصلاة، سواء كان في القيام أم في الركوع والسجود؛ لأن العضو المصنوعي ليس مشمولاً[2] لأدلة وجوب الاستقرار والطمأنينة.
* وذلك للانصراف. نعم، إذا أُخذت الرجل واليد من إنسان آخر وجعلت
-------------------------
المسألة 550:
[1]: بل حتى من طريق الفم إذا كان كالأشعة والهواء.
[2]: أي: لعنوان الأكل والشرب. نعم، قد يقال بالملاك، إلا أن الملاك غير معلوم، فهو كمَنْ يصوم في المناطق الباردة جداً، أو في السراديب العميقة، أو ينام من الفجر إلى المغرب.
المسألة 551:
[1]: أي: بالمقدار الذي يضر باليد الطبيعية، وإلا فأصل الحركة لا إشكال فيه.
[2]: فهو كتحريك الثوب مثلاً.
ص: 99
جزءاً[3]، [4] من البدن صارت بحكم الأصلية، وليست حينئذٍ عارية.
المسألة 552: لا بأس بالصلاة على الثلج - في القطب[1] - إذ المعيار في الصلاة الاستقرار، أما أن يكون الإنسان على شيء خاص فلا دليل[2] عليه. نعم، لو كان الثلج متحركاً، كأنهر الثلج الجارية أو كالثلج في حال الذوبان، لم يصح إذا أضر ذلك بالاستقرار إلا في صورة الاضطرار.
* الحكم في المستثنى منه والمستثنى على القاعدة. نعم، يجب أن يكون السجود على الأرض أو ما في حكمه.
المسألة 553: تشكيل النقابة برضاية(1) الأطراف وبدون شرط[1] أو عقد
-------------------------
[3]: عرفاً، وقد سبق أن الملاك عند المصنف (رحمه اللّه) التفاعل مع البدن(2).
[4]: ولو فرض أن اليد الصناعية جعلت جزءاً حقيقةً وتفاعلت فهل لها الحكم أو لا؟ فيه تأمل.
المسألة 552:
[1]: وفي غير القطب أيضاً.
[2]: بل الدليل على عدمه، وهو إطلاقات الأدلة وسيرة المسافرين في الأزمنة القديمة، بلا ردع من الشارع، فتأمل.
المسألة 553:
[1]: كشرط الحضور عند الحاكم الظالم.
ص: 100
يخالف الإسلام جائز.
* لأنه بدون الرضاية(1) خلاف سلطنة الإنسان على نفسه، وخلاف حرية الإنسان[2]، أما إذا كان عقد غير مشروع أو شرط غير مشروع فذلك مما يمنع في الإسلام.
المسألة 554: لا يجوز[1] تشكيل نقابة تفرض نفسها على الإنسان، أو تشتمل على عقد أو شرط مخالف للإسلام، إلا إذا كانت هناك مصلحة تفوق مصلحة الحرية الفردية، وتفوق مصلحة الحكم الأولي، مثلاً[2]: إذا اجتاح البلد مجاعة مما اضطرت الدولة الإسلامية إلى أن تجمع مالكي الطعام، وتدخلهم تحت نقابة معينة لإنقاذ الناس من الموت، وشرطت عليهم بيع الحنطة بالنسيئة في صورة أن الدولة والرعية لا مال لهما يبذلانه في مقابل الحنطة، جاز.
-------------------------
[2]: المدلول عليها ب- {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ}(2) و«الناس مسلطون»(3) وأدلة الظلم ونحوها.
المسألة 554:
[1]: كما سبق في المسألة الماضية(4).
[2]: وكتشكيل لجنة للخطباء عند المدّ الإلحادي في البلاد.
ص: 101
* والاستثناء لقاعدة الأهم والمهم، وهي قاعدة دلت عليها الأدلة الأربعة، قال سبحانه[3]: {وَلَوْلا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً }(1)، وقال (صلی اللّه عليه وآله وسلم) : «لولا قومك حديثو عهد بالإسلام»(2)، وإن كان في سنده ضعف، وقال (عليه السلام) : «ولولا أن الناس يقولون»[4](3) إلى غير ذلك[5] مما أشرنا إليه في الفقه، والتشخيص إلى شورى الفقهاء المراجع[6]، [7].
-------------------------
[3]: كأن الاستدلال بأنه حذراً من كفر جميع الناس لمتعنا الكفار بالرخاء الاقتصادي.
[4]: إنه من استعان بأصحابه ثم قتلهم لضربت أعناق كثير.
[5]: مثل تترس الكفار بالمسلمين، وأكل المخمصة، و{مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ}(4).
[6]: ومع فقدهم فعدول المؤمنين الخبراء.
[7]: فيما يرتبط بمجموع الأمة، فتأمل.
ص: 102
المسألة 555: لا يحق[1] للدولة فرض الترتيب بالنسبة إلى الأُمور، كفرض الترتيب على مَنْ يريد ركوب السيارة، أو مَنْ يريد اشتراء السلعة، أو مَنْ يريد دخول المحلات العامة أو ما أشبه ذلك، إلا إذا وجدت المصلحة الأهم، كما تقدم في المسألة السابقة.
* مثلاً: يقول بأن أهل بغداد مقدمون على أهل بصرة، أو البيض مقدمون على السود، أو المثقف مقدم على الأُمي إلى غير ذلك، بل الميزان تقدم الحق[2].
المسألة 556: إذا كان المال للدولة[1] يحق لها فرض الترتيب، كما في
-------------------------
المسألة 555:
[1]: فإنه خلاف الحرية والسلطنة.
[2]: عرفاً، ودليله «لا يتوى»(1) وأدلة الظلم، وتقديم القاضي السابق أولاً. ومن سبق، (راجع مسألة 559)(2).
المسألة 556:
[1]: هل المراد خصوص أموالها الشخصية أو مطلق ما تحت يدها؟ وهل يشترط في الأخيرة رعاية المصلحة العامة؟ ظاهر عبارة المصنف (رحمه اللّه) الخصوص بدليل (لا كمال الأُمة).
ص: 103
السيارات العامة التي هي للدولة، فإنه يحق لها فرض الترتيب فيها بركوب الذي جاء لاحقاً قبل ركوب الذي جاء سابقاً.
* لأن المال حينئذٍ كمال الفرد، لا كمال الأُمة، والفرد له الحق في شروطه وقيوده الشرعية بالنسبة إلى ماله.
المسألة 557: هل يحق[1] للدولة فرض الترتيب على السواق في تقبل المسافرين، بأن كل سيارة دخلت المدينة أقدم يكون لها حق السبق، وكل سيارة دخلت بعد لا يحق لها التقدم؟ الظاهر العدم، إلا أن تكون هناك مصلحة مقدمة على (الحرية) فتتقدم تلك المصلحة لقاعدة (الأهم والمهم).
* قولنا: (الظاهر العدم) لأنَّ الأمر لا يعدو رضا السائق والمسافر، فلا شأن للدولة إلا مع الأهمية كما تقدم.
المسألة 558: ما ذكر في المسألة السابقة وما قبلها من حق الدولة في فرض الترتيب مع المصلحة، أو مع كون المال لها، إنما هي في الدولة الإسلامية العادلة، والدولة المالكة حقيقة شرعاً بالنسبة إلى المسألة السابقة،
-------------------------
المسألة 557:
[1]: فرقه عن المسألة (555)(1) أنَّ ذلك بالنسبة للراكب، وهذا بالنسبة للسائق - مثلاً- إلاّ أن الجامع واحد، والحكم واحد.
المسألة 558:
ص: 104
وإلا فالدولة التي لا تملك لا يحق[1] لها الفرض حتى مع المصلحة الأهم.
* وذلك لأنه لا حق لغير مَنْ عنتهم آية الولاية: {ِإنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ}(1)، وحديث النيابة العامة: «أما الحوادث الواقعة...»(2) في الطاعة على أحد، وحينئذٍ يرجع الأمر في هكذا دولة إلى قاعدة الأهم والمهم في الفرد[2] نفسه من حيث الضرر وعدمه، كما ذكرنا مثل ذلك سابقاً في مسألة (لا ضرر).
المسألة 559: في كل مورد فرضت الدولة الترتيب بدون أن يكون فرضها نافذاً شرعاً لا يجب على الإنسان اتباع ذلك، بل يجوز للإنسان المخالفة بمزاولة حريته الطبيعية التي منحها اللّه سبحانه له.
* هذا فيما إذا لم يكن حق غيره مقدماً[1] عليه وإلا فالسابق أحق لدليل[2]: (من سبق)(3)، ولما ذكروه في كتاب القضاء من تقدم حق
-------------------------
[1]: نعم، قد يجب التقيد على الناس لا من باب أمر الدولة، بل من باب دفع الضرر الملزم أو نحو ذلك.
[2]: وفي المجتمع كما سبق قبل قليل.
المسألة 559:
[1]: أو كان هنالك ضرر عام أو شخصي ملزم كما سبق.
[2]: راجع سائر الأدلة في المسألة (555)(4).
ص: 105
المترافع سابقاً على المترافع لاحقاً للنص والفتوى.
المسألة 560: إذا فرضت الدولة حصراً، فإن كانت الدولة واجبة الاتباع[1] لزم على الإنسان إطاعة ذلك الحصر، كما إذا منعت الدولة الإسلامية العادلة عن السفر لمصلحة أهم من مصلحة (سلطة الناس على أنفسهم) أما إذا لم تكن الدولة واجبة الاتباع لم يلزم على الإنسان إطاعة الدولة، بل جاز له مزاولة حريته الإسلامية.
* وذلك لما تقدم من حرية الإنسان وتسلطه على نفسه، والدولة العادلة الشرعية هي التي تكون بإشراف شورى الفقهاء المراجع[2].
المسألة 561: ما هو حكم المتآمرين الذين تلقي الدولة الإسلامية العادلة القبض عليهم؟ مثلا يتآمر جماعة على نشر الرعب بين الناس فينظمون لذلك أمرهم، بأن يتصدى أحدهم لتحصيل المال بالسرقة ونحوها، والآخر لتحصيل السلاح، والثالث لمعرفة الأُمور السياسية، والرابع لمعرفة الشخصيات وأماكنهم، والخامس ليشرف على الأُمور الفنية لأجل الاتصالات السلكية واللاسلكية وهكذا؟ الظاهر أن حكمهم التعزير إلا أن ينطبق على أحدهم حد محدود في الإسلام، كالسارق والمفسد وشاهر السلاح.
-------------------------
المسألة 560:
[1]: أو كان هنالك ضرر عام أو شخصي ملزم.
[2]: أو عدول المؤمنين في صورة عدم الإمكان.
المسألة 561:
ص: 106
* (التعزير) لأنه حكم كل فاعل حرام[1]، إلا إذا قرر الشارع حداً خاصاً لبعض المحرمات فيجري الحد حينئذٍ، وقد ذكرنا في بعض كتبنا أن التعزير أعم[2] من الضرب بالسوط، فيشمل مثل السجن والغرامة المالية وما أشبه حسب تشخيص شورى الفقهاء.
المسألة 562: إذا كان قصد المخربين[1] الخروج على الدولة الإسلامية العادلة فحكمهم ما ذكر في كتاب الجهاد في باب (البغاة).
* وقد ظهر من علي أمير المؤمنين (عليه السلام) في حربه مع الناكثين والمارقين والقاسطين ما يكفي لكل أحكام هؤلاء.
المسألة 563: إذا كان بيت الجار مشرفاً على دار الإنسان بروشن أو نحوه، ولا تأمن المرأة أن ينظر الأجنبي من الروشن(1) إليها يشكل[1] أن
-------------------------
[1]: على المشهور.
[2]: الظاهر أنه خلاف المشهور، إلاّ أن يكون نظره (رحمه اللّه) إلى باب الأهم والمهم.
المسألة 562:
[1]: الذين سبق الإشارة لهم في المسألة (561)(2).
المسألة 563:
[1]: فإن المستفاد من الأدلة وجوب إحراز الستر، لا الستر عن المعلوم فقط، كما
ص: 107
تأتي إلى الدار بدون الحجاب.
* فإنَّ حال مثل هذه الدار حال الشارع المحتمل وجود الناظر المحترم احتمالاً عقلائياً.
المسألة 564: لا يجوز الإشراف من الروشن أو نحوه على دار الغير.
* وذلك للأدلة العامة ك- : (الناس مسلطون)[1](1) و «لا يحل مال امرئ مسلم»(2)، والأدلة الخاصة المذكورة في محلها، ولو فعل ذلك كان عليه العقاب، كما ذكر في كتاب الحدود(3) .
-------------------------
لو قيل: (احفظ الرسالة عن النظر) - راجع بحث التخلي: في صورة الشكّ في الناظر(4)، وكتاب النكاح(5) - ولأنه منكر في أذهان المتشرعة، خاصة لو وصل إلى حدّ التعرّي مثلاً.
المسألة 564:
[1]: بناءً على أن له عقداً سلبياً، كما سبق، أو المقصود هنا: أن له حقّ سلطنة على ماله بحيث يمنع الآخرين من النظر، فتأمل.
ص: 108
المسألة 565: لا يجوز الانتحار بالتنفس في الهواء المسموم[1].
* لأن قتل النفس حرام بأية كيفية كان القتل، كالحرق والغرق والإلقاء من شاهق أو ما أشبه إلى غير ذلك، وقد دل على حرمة الانتحار الأدلة الأربعة، وقد سبق البحث عنها.
المسألة 566: لا يجوز التنفس - بلا أجهزة - في المحل الذي لا هواء فيه، إذا أوجب التنفس الموت، كأن يرفع مرتاد الفضاء عن فيه الكمامة الاصطناعية.
* فإنه قتل أيضاً فيشمله[1]: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ}(1).
المسألة 567: لا يجوز البقاء في محل موبوء يخشى فيه التلف، كما إذا سم الهواء بالغبار الذري أو بالملاريا القاتلة أو نحو ذلك.
-------------------------
المسألة 565:
[1]: كالغاز مثلاً.
المسألة 566:
[1]: وسائر الأدلة المذكورة في المسألة (565)(2).
المسألة 567:
ص: 109
* فإن دفع الضرر[1] المحتمل - عقلائياً لا مثل الوسوسة - واجب.
المسألة 568: لا يجوز البقاء في محل يخشى[1] فيه من المرض، الذي لا يجوز تحمله، كالبقاء مع المجذومين أو المسلولين أو ما أشبه، فإنه كما لا يجوز للإنسان تعريض نفسه للهلاك كذلك لا يجوز تعريض نفسه للضرر الكثير المحرم تحمله.
* أما قصة الإمام (عليه السلام) وأكله مع المجذومين(1) - فإن صح - كان المراد منه[2] الأكل في سفرة واحدة لا من إنائهم، مع رعاية ما يوجب عدم الضرر، أو يكون من باب الإعجاز أو ما أشبه فتأمل، وذلك للأدلة الكثيرة. نعم، لا بأس بذلك مع استخدام الوسائل الوقائية الحديثة التي تحفظ الإنسان من العدوى.
-------------------------
[1]: الخطير (راجع الاجتهاد والتقليد)(2).
المسألة 568:
[1]: خشية عقلائية، كما سبق في المسألة (567)(3).
[2]: أو المراد بالمجذوم: مقطوع اليد (راجع اللغة وحقق)(4).
ص: 110
المسألة 569: إذا استغرق[1] السفر بالطائرة كل الوقت، وجب إقامة الصلاة فيها كيفما أمكن[2]، وكذلك سائر وسائل النقل، بشرط أن لا يتمكن الإنسان من الهبوط[3] أو التوقف، والنزول للصلاة الكاملة.
* (بشرط) وإلا لم يكن مضطراً فعليه الصلاة بكامل الأجزاء والشرائط،
-------------------------
المسألة 569:
[1]: لا يُقال: إنه إيقاع في الاضطرار، فإنه يُقال: لا بأس به في مثل السفر، لإطلاق الروايات الشريفة، وللسيرة المستمرة مع أن في الأسفار السابقة كانوا يواجهون كثيراً فقدان الماء أو الطهورين - لكون المنطقة ثلجية ظاهراً- أو نحو ذلك. ومع ذلك لم يرد الردع، مضافاً إلى أنه كثيراً ما يكون المنع ضررياً.
ونحو ذلك أن يُحرم الإنسان للحج المندوب وهو يعلم أنه يقع في الاضطرار، للتظليل أو لبس المخيط أو الوقوف مع العامة، مع العلم بالخلاف أو مطلقاً.
[2]: لقاعدة: «لا تترك الصلاة بحال»(1)، وقد تمكن الصلاة التامة في مؤخرة الطائرة مع استقرارها.
[3]: أو الإقامة التامة في نفس الطائرة، كما سبق.
ص: 111
ولا يخفى أن القدرة عرفي[4] لا دقي[5].
المسألة 570: لا تجوز المعاشقة[1] مع الأموات حتى إذا كان الميت زوجة أو زوجاً، كما يصنع بعض الشباب في الغرب مع الميت، فإنه غير جائز شرعاً.
* وذلك لأنه خلاف[2] قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ}(1)، وأما قوله سبحانه: {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ}(2) فلا يشمل[3] الميت.
-------------------------
[4]: راجع أول الكتاب في أنّ الألفاظ موضوعة للمعاني العرفيّة(3).
[5]: فلو استطاع الهبوط بالمظلة مثلاً، فقد لا يعد قادراً في كثير من الأحيان عرفاً.
المسألة 570:
[1]: أي: إقامة العلاقات الجنسية كما هو مفاد العنوان والسياق، كما فعله بعض ملوك بني أمية(4) .
[2]: وخلاف الإجماع باستثناء ميرزا كاظم التبريزي ظاهراً، وخلاف ارتكاز المتشرعة.
[3]: للانصراف، وقد يأتي هنا بحث (المشتق) إلاّ أن الظاهر صدق (الزوجة) عرفاً، وأما الاستصحاب فلا مجال له مع وجود الأدلة الاجتهادية. (وراجع بحث
ص: 112
المسألة 571: لا تجوز المعاشقة[1] مع الحيوانات، فإن مطلق[2] إثارة الشهوة بشيء غير الزوجة والزوج[3] غير جائز.
* بل ادعى الجواهر عليه الإجماع، ويفهم ذلك من مختلف النصوص[4].
-------------------------
تغسيل كلّ من الزوجين للآخر)(1).
المسألة 571:
[1]: بالمعنى المتقدم(2).
[2]: لكن ذكر المصنف (رحمه اللّه) - في المحرمات، مادة هيج(3) - أنه لا دليل على حرمة التهييج. نعم، المجامعة ونحوها واللمس ونحوه محرم قطعاً، وكذا الاستمناء.
[3]: والأمة وكذا باب (التحليل).
[4]: راجع بحث (التشبيب) في المكاسب المحرمة(4).
ص: 113
المسألة 572: لا تجوز المعاشقة[1] مع التماثيل، سواء كانت تماثيل مطاطية أم غيرها لما تقدم في المسألة السابقة.
* وذلك من غير فرق في العاشق والمعشوق بين أن يكون ذكراً أو أُنثى حتى ولو كان تمثال زوجته أو زوجها[2].
المسألة 573: إذا انطبق عنوان كلي على فرد وجب اتباع حكم ذلك الكلي في ذلك الفرد، سواء كان فرداً انقلب من حالة إلى حالة، كما إذا صنع فرد جديد للفاكهة بواسطة مواد كيماوية، أم حول قسم من الفاكهة بواسطة التركيب إلى قسم آخر، وكان القسم الأول حلالاً والثاني حراماً، أو بالعكس، كان الفرد محكوماً بحكم الفاكهة في الأول، وبحكم المحال إليه في الثاني.
* لأن الحكم[1]،
-------------------------
المسألة 572:
[1]: بالمعنى المتقدم في مسألة (570)(1).
[2]: فإنها ليست زوجة أو زوجاً، بل أمثالهما، وقد ذكر السيد (رحمه اللّه) في أجوبته حرمة النظر إلى صورة زوجته حتى يمني.
المسألة 573:
[1]: راجع قاعدة (الأحكام تابعة للعناوين) في استصحاب الرسائل(2).
ص: 114
[2] يتبع الموضوع، فاللازم ترتيب حكم المحال إليه على هذا الفرد الجديد.
المسألة 574: لو كان لرجل رحم أو ركب فيه رحم، ثم ربي مني رجل وامرأة في رحمه فهل يكون للولد أبان وأُم، أو أُمان وأب، أو لا اعتبار بهذا الرجل الجديد؟ احتمالات، الظاهر الثالث.
* الأقرب[1] أنه لا اعتبار بصاحب الرحم؛ لفرض[3] أن المني من غريبين عنه، وإنما رحمه حينئذٍ كاُنبوب الاختبار.
المسألة 575: لا يجوز اتهام البريء بجعل ما يؤخذ عليه من نشرة أو مادة خاصة في داره أو سيارته أو ما أشبه ذلك.
-------------------------
[2]: لكن بشرط صدق العنوان حقيقة - عرفاً- لا تخيلاً، فإنّ الألفاظ موضوعة للمعاني الواقعية لا الخيالية، كما ذكروا مثله في (الذهب الأبيض)(1) .
المسألة 574:
[1]: نعم، ذهب البعض أنّ (الوالدة هي الأم) لقوله تعالى: {إلاّ اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ}(2)، إلاّ أن يُقال: إنّه لا يشمل «الذين ولدوهم» إلاّ أنّ يفهم الملاك، فتأمل.
[2]: والولد تابع للنطفة، لا لمحل التربية.
المسألة 575:
ص: 115
* فإن الاتهام خصوصاً[1] من هذا النوع من أشد المحرمات، وقد كان بعث العراق يعمل ذلك بصوره المختلفة، وبعضها أبشع من بعض، مثل أن يجعل في جيب بعض التجار العملة الإسرائيلية ثم يتهمهم بالعمالة لإسرائيل، ويعدمهم ويصادر أموالهم إلى غير ذلك.
المسألة 576: لو فرض[1] إمكان تربية نطفة الأب فقط، فالولد لا أُم له، وفي العكس الولد لا أب له، ثم إنه قد يستبعد بعض المسائل السابقة أو اللاحقة بأنها كيف يمكن؟ لكن الوسائل العلمية أتت بغرائب[2] ليس للإنسان أن يسكت عن أحكامها، وقد ذكر[3] الفقهاء في باب الطهارة؛ الإنسان المخلوق في الساعة، هل هو متطهر أو محدث؟ وتقتضي القاعدة أن لا يجوز للمخلوق في ساعته الإتيان بما يشترط فيه الطهارة بدون أن يتطهر[4].
-------------------------
[1]: فإنه مجمع مجموعة من المحرمات؛ إذ هو اتهام وإخافة وإيذاء له ولعائلته وللمجتمع وإضرار، حيث يقطع رزقه، وإفساد حيث يرفع عن العائلة القيم الناظر... وكبت للحرية، وتخلف للمجتمع.
المسألة 576:
[1]: وهذه خطوة تقدمها يعني الاستنساخ، كما أنّ المصنف (رحمه اللّه) ذكر خطوة متقدمة على الاستنساخ، وهو: خلق طفل من التراب أو نحوه، كما ذكره المصنف (رحمه اللّه) في آخر المسألة .
[2]: كما ذكر البهائي - ظاهراً- حكم الصلاة في القمر.
[3]: فكما أتت بهذه الغرائب قد تأتي بغرائب أخرى.
[4]: نعم، لا تترتب عليه أحكام المحدث، فما كان الحدث عنه مانعاً لا بأس به. نعم، الطهارة شرط فيه لا يستطيع الإتيان بها.
ص: 116
* وقد رأينا في عيسى (عليه السلام) أنه لم يكن له أب، وفي آدم وحواء (عليهما السلام) عدم وجود والدين لهما.
أما ما ذكر من أنه لا أب له أو لا أُم له - في صور المسألة - فلعدم الموضوع، فلا يترتب عليه ما كان مترتباً على مَنْ له أب أو أُم من هذه الحيثية، فيسقط عنه إطاعة[5] الأب أو الأُم وهكذا..
أما لزوم تطهر مخلوق الساعة فلاشتراط الأعمال بالطهارة، لا بعدم الحدث، كما ذكر تفصيله في محله، ومنه يعلم الحكم في صنع نطفة وتربيتها بلا والدين.
المسألة 577: إذا شرح الميت المحترم فعلى المشرح الدية[1]، وإن كان العمل جائزاً[2] لقاعدة الأهم والمهم، ولا يخفى أن كل حكم شرعي لابد وأن يكون مجعولاً لعلة[3].
-------------------------
[5]: وكذا صلة الرحم.
المسألة 577:
[1]: راجع التفاصيل في كتاب الديات(1).
[2]: وقد سبق أن لا ملازمة بين الحكم الوضعي والتكليفي، وقد سبق التأمّل فيه.
[3]: ومنه ما نحن فيه من حرمة التشريح، فلا يُقال: لماذا عدم التشريح مع أن الميت سوف تأكله الديدان والتراب؟
ص: 117
والعلة[4] قد تكون شخصية خاصة، ككون الخمر حراماً لكونها مسكرة، وقد تكون لأجل استقامة القانون العام، كالعدة في المطلقة، إذا كانت العلة الأولية اختلاط المياه، فإنها واجبة في فاقدة الرحم أيضاً، لتوحيد القانون في كل مطلقة.
-------------------------
[4]: 1- العلة: التي يدور مدارها الحكم وجوداً وعدماً.
2- الحكمة: والتعليل لأجل إطراد القانون، وعلة (التوحيد) قد ذكرت في الأصول؛ إذ إيكال الأمر إلى تشخيص المكلف قد يترتب عليه ضرر أكبر، كقوانين المرور.
3- المصلحة السلوكية: كتمرين الجنود على إطاعة أوامر القائد.
4- الكلّي فيه مصلحة، والفرد من باب أنه أحد المصاديق.
ولا يخفى أنه مبني على إمكان الترجيح بلا مرجح، كطريقي الهارب ورغيفي الطالب(1).
ص: 118
وقد تكون لأجل سلوك الطريق، كالخضوع للمولى الموجب لنزاهة النفس، وإن لم يكن في هذا الفرد المأتي به علة خاصة به. وقد تكون لأجل محبوبية النظافة مثلاً، والمولى رأى أنها تحصل بمائة غسل في السنة مثلاً، فأوجب وندب ووزع المائة على أحداث وأحوال، لا لخصوصية في بعضها، بل لأجل أنه فرد والتمييز بيد المكلف.
* وإذا لم يعلم أن الميت محترم أو غير محترم فالأصل[5] عدم الدية، وقد ورد في الشريعة - في مثال استقامة القانون - أنه سئل عن علي (عليه السلام) أنّه لماذا غسل النبي مع أنه طاهر مطهر لم ينجس بالموت؟ فأجاب بأنه لجريان[6] السنة(1).
المسألة 578: إذا سكن الإنسان في القمر، أو في كوكب آخر وتوالد
-------------------------
[5]: لكن الأصل هو الاحترام - تكليفاً- ظاهراً. (راجع كتاب الخمس بحث أصالة احترام الأموال والأنفس)(2)، ولا ملازمة بين الحكم الوضعي والتكليفي.
[6]: الذي رأيته: فعله الأمير (عليه السلام) وجرت به السنة(3) .
المسألة 578:
ص: 119
وتناسل، فحاله حال إنسان الأرض في كل التكاليف العامة، كالصلاة والصيام والزواج والطلاق والحدود والمواريث والمعاملات وغيرها.
* لإطلاق[1] الأدلة، وهكذا حال ساكن الفضاء.
المسألة 579: لو ظفر بإنسان في كوكب آخر، كما أنه ليس ببعيد لما ورد من: «أنها مدن كمدنكم»(1)، وورد: وجود عوالم كاملة في عرض[1] هذا العالم في أحاديث ذكرت في البحار وغيره(2)، فالظاهر أن جميع الأحكام الشرعية مرتبة عليهم، لأنّ الرسول[2] (صلی اللّه عليه وآله وسلم) أُرسل إلى العالمين، كما في القرآن الحكيم: {لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ[3] نَذِيراً}(3) .
-------------------------
[1]: أو عمومها، والإجماع والضرورة والاستصحاب، ولما سيأتي في المسألة (579).
المسألة 579:
[1]: أو طول، (راجع: الأحاديث الشريفة)(4).
[2]: ولسائر الأدلة المذكورة في المسألة (578)(5).
[3]: راجع: سورة الحمد في معنى الكلمة(6)، وقد ذكر بعضهم هنالك العمومية
ص: 120
* كما أنه لو فرض وجود موجود آخر مكلف عاقل، كالإنس والجن يكون حاله حالهما، لإطلاق[4] الأدلة، ولعل عدم الذكر في الكتاب[5] والسنة من باب عدم استعداد فهم الناس في ذلك الوقت لمثل ذلك، كما أنه لم يذكر فيهما - بصورة صريحة[6] - مثل (الجراثيم) وما أشبه، وقد أُُمروا (عليهم السلام) أن يكلموا الناس على قدر عقولهم(1)، قال سبحانه: {إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ}(2) واللسان أعم[7] من الذي ذكرناه.
المسألة 580: التعاطي بيننا وبين إنسان سائر العوالم يكون كالتعاطي بيننا وبين إنسان هذا العالم، في قضايا المناكحة والمواريث وغيرها، لما
-------------------------
لكل عالم، كعالم النبات والحيوان والجماد، وهذا العموم غير مراد هنا ظاهراً، فلابدّ من تحديد المراد، وحينئذٍ يطرأ على الآية الكريمة الإجمال، فتأمل.
[4]: ولسائر الأدلة المذكورة في المسألة (578)(3).
[5]: كقوله تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ}(4) ونحوه.
[6]: ولعله ذكر لكن غاب عنّا، فتأمل.
[7]: فيشمل: أن لا يُقال لهم ما لا يفهمونه، فالمراد بالنحو الذي يفهمون.
المسألة 580:
ص: 121
تقدم في المسألة السابقة من وحدة التكليف.
* وحدة التكليف مستفادة من إطلاق[1] الأدلة.
المسألة 581: إذا فرض ظهور الأرواح أو الجن أو الشياطين في تقمصات(1) إنسانية، أو بصورها الواقعية أو بصورة جديدة، فالظاهر أنّ حكم الجن والشيطان حكم الإنسان في التكاليف إلا ما استثني[1]، كما ورد في الآيات[2](2)، والأخبار من أنَّ الرسول (صلی اللّه عليه وآله وسلم) كان مبعوثاً إليهم، أما
-------------------------
[1]: ولسائر ما ذكر سابقاً(3).
المسألة 581:
[1]: كالمناكحة معهم - على احتمال - كما سيأتي.
[2]: كسورة الجن(4) والخطاب لهم في بعض الآيات الأُخر(5).
ص: 122
الأرواح فالظاهر من الآثار أنها بالموت ينقطع تكليفها.
* لا يخفى أن الشيطان نوع من الجن، والجن مكلف، قال سبحانه: {كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ}(1)، وقال تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ}(2) إلى غيرهما من الآيات والروايات المتواترة، وقد سمعت عن علمائنا في النجف الأشرف وكربلاء وقم المقدستين، وكذلك في الكويت لما كنت فيها قضايا حول الجن: من التزويج بالإنس رجلاً أو امرأة، وقد ذكرت بعض المجلات أشياء كثيرة عن الأرواح والأجنة والشياطين مما لو ذكرتها جميعاً لصار مجلداً كبيراً.
أما بالنسبة إلى الزواج من الجنية أو بالعكس عند العامة فهناك لهم أقوال وقصص وفتاوى يقول الدميري في كتابه: «كان الشيخ عماد الدين بن يونس رحمه اللَّه، يجعل من موانع النكاح اختلاف الجنس، ويقول: لا يجوز للإنسي أن يتزوج جنية، لقوله تعالى: {واللّه جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً}، وقال: {ومِنْ آياتِه أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّة[3] ورَحْمَةً}، فالمودة الجماع والرحمة الولد«(3).
لكن تفسيره للآيتين بما ذكره محل تأمل؛ لأن إثبات الشيء لا ينفي[4]
-------------------------
[3]: الظاهر أنهما بمعناهما الظاهر.
[4]: فتدل على المشروعية في عمومات سائر الأدلة، مثل: {إلاّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ}(4)، والانصراف بدوي، فتأمل.
ص: 123
ما عداه، خصوصاً بملاحظة الروايات التي وردت[5]: من أنَّ اللّه سبحانه وتعالى خلق لابني آدم زوجتين جنية وحورية.
ويضيف الدميري: «ونص على منعه(1) جماعة من أئمة الحنابلة، وفي الفتاوى السراجية: لا يجوز ذلك لاختلاف الجنس، وفي القنية: سئل الحسن البصري عنه فقال: يجوز بحضرة شاهدين، وفي مسائل ابن حرب عن الحسن وقتادة: أنهما كرها ذلك»(2).
ثم يقول الدميري: «وقد رأيت أنا رجلاً من أهل القرآن والعلم أخبرني أنّه تزوج أربعاً من الجن واحدة بعد واحدة، لكن يبقى النظر في حكم طلاقها وليلتها والإيلاء منها وعدتها ونفقتها وكسوتها، والجمع بينها وبين أربع غير جنية وما يتعلق بذلك، وكل هذا فيه نظر لا يخفى»(3).
ثم يضيف الدميري: «قال شيخ الإسلام شمس الدين الذهبي رحمه اللَّه تعالى: رأيت بخط الشيخ فتح الدين اليعمري، وحدثني عنه عثمان المقاتلي، قال: سمعت الشيخ أبا الفتح القشيري يقول: سمعت الشيخ عز الدين بن عبد السلام يقول: وقد سئل عن ابن عربي فقال: شيخ سوء كذاب. فقيل له: وكذاب أيضاً؟ قال: نعم، تذاكرنا يوماً نكاح الجن، فقال: الجن روح لطيف والإنس جسم كثيف فكيف يجتمعان؟ ثم غاب عنّا مدة وجاء في رأسه شجة، فقيل له في ذلك، فقال: تزوجت امرأة من الجن فحصل بيني وبينها شيء فشجتني هذه الشجة! قال الشيخ الذهبي بعد ذلك:
-------------------------
[5]: لاحظ أسنادها.
ص: 124
وما أظن ابن عربي تعمد هذه الكذبة، وإنما هي من خرافات الرياضة»(1).
هذا بعض ما ذكره الدميري في مادة جن، والذي يمكن أن يقال: هو أن كل أحكامهما واحد حسب ظواهر الآيات القرآنية، وحسب ما ورد من القصص الخارجية، مثل تكلم جني في صورة ثعبان مع علي عليه الصلاة والسلام على منبر الكوفة(2)، حيث سمي الباب بباب الثعبان، ثم بدله معاوية بعد ذلك بإدخال فيل منه، وسماه بباب الفيل ليمحو به تلك الفضيلة المشهورة(3)، وكذلك سائر القصص[6] المروية في كربلاء المقدسة، حيث جاء الجن إلى مصرع الحسين عليه الصلاة والسلام، وهناك روايات اُخر عن الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) في هذا الباب تحتاج إلى مجلد متفرغ يذكر الخصوصيات والحلية والحرمة وغير ذلك من الشؤون
-------------------------
[6]: هل تدل هذه على وحدة التكليف؟
ص: 125
المختلفة لهذا الباب، وإني لم أرَ من علمائنا من تعرض لذلك مفصلاً.
المسألة 582: لا يجوز الاستماع إلى صوت الغير عبر الهاتف وغيره، ولا الاستماع إلى شريطه، ولا قراءة برقيته ورسالته إلا إذا كان راضياً[1].
* لأن كل ذلك يُعد سراً له، وإفشاء[2] السر حرام بالإضافة إلى قاعدة السلطنة[3] فإنها تشمل الحق أيضاً، مضافاً إلى بعض الروايات الخاصة الواردة في أمثال المقامات المذكورة.
المسألة 583: حكم تنجيس المسجد وعدم مكث الجنب والحائض فيه وثواب الصلاة فيه وغيرها كلها تجري في المساجد المتحركة[1] في الفضاء وغيرها.
-------------------------
المسألة 582:
[1]: فيحتاج إلى إحراز الرضا، والشك ليس مجرىً للبراءة، كما قرر في (كتاب الخمس)(1)، وفي نظير المقام، (أصالة الاحترام في النفوس والأموال).
[2]: هذا ليس إفشاءً، بل تجسساً، وتعدياً على حقه.
[3]: بناءً على أن لها بعداً سلبياً أيضاً.
المسألة 583:
[1]: والحركة لا تضر مع فرض الصدق؛ إذ وزانه وزان نفس حركة المساجد بحركة الأرض، وقد سبق نظير المسألة قديماً، فراجع.
ص: 126
* إذا صدق عليها المسجد؛ وذلك لأن الحكم تابع للموضوع.
المسألة 584: يجوز الإجناب[1] بالحلال في الفضاء أو في القمر أو في سائر الكواكب، وإن لم يكن[2] ماء هناك، ولم يتمكن من الوصول إلى الماء، لما ذكروه في مسألة إجناب فاقد الماء.
* فإنه لا فرق في جوازه بين الأرض وغيرها، فإن لم يجد ماءً فعليه أن يتيمم، وإن لم يكن ما يجوز التيمم عليه فحكمه حكم فاقد الطهورين، وهل يجوز التيمم بتراب القمر وسائر الكواكب؟ احتمالان، والظاهر الجواز إن كان يصدق عليه عرفاً التراب ونحوه.
يجوز[1] بيع محطات أو مداراة الفضاء، كما إذا سبق قمر إلى محطة خاصة أو مدار خاص، فهل يجوز له بيعه أم لا؟ احتمالان، ولا يبعد الجواز إن رآه العرف مالاً[2] قد سبق إليه.
* لإطلاق: «من سبق»(1)، و: «عادي الأرض»(2) وما أشبه ولو ملاكاً[3]. نعم، كل ذلك في إطار: {لكم}(3) كما ذكرناه في الفقه[4].
المسألة 586: هل يجوز بيع محل من البحر سبق إليه إنسان بغواصة أو سفينة أو ما أشبه أم لا؟ احتمالان[1] كما ذكر في المسألة السابقة.
-------------------------
[1]: الظاهر أنه سبق نظيره.
[2]: أو رآه حقاً - عرفاً- .
[3]: لو قيل: إنه لا يصدق عليه «الأرض».
[4]: انظر: كتاب الاقتصاد(4).
المسألة 586:
[1]: راجع المسألة (585)(5).
ص: 128
* والأقرب الجواز إذا صدق عليه أنه مال عرفاً؛ وذلك لصدق (من سبق).
المسألة 587: الكلام[1] في بيع طبقات الأرض السفلى كالكلام في بيع الفضاء والبحر.
* والكل جائز للإطلاق المذكور.
المسألة 588: تأميم[1] الغابات غير صحيح، بل هي من المباحات التي يحق لكل أحد الاستفادة منها. نعم، يحق للإنسان أن يحجز قسماً من الغابة لنفسه، وقد يجوز للدولة الإسلامية الشرعية ذلك[2] إذا كان لمصلحة أهم.
-------------------------
المسألة 587:
[1]: راجع المسألة (585)(1).
المسألة 588:
[1]: بأن تمنع الدولة بلا تحجير، أو لو حجّرت على الغابة بنفسها فهل تملك؟ الظاهر الصحة إلاّ إذا نافى {لكم} أو كان فيه ضرراً بالناس، أو نحو ذلك فتأمل. (وراجع المسألة 589)(2).
[2]: أي التأميم، وإلا فالحجز لقسم بالإحياء جائز للكل مطلقاً، فتأمل.
ص: 129
* الجواز للإطلاقات ولكن في إطار[3]: (لكم)(1) أيضاً؛ لأن (لكم) حاكم[4] على مثل (من سبق) ونحوه؛ ولذا فاللازم أن لا يكون ضاراً بالآخرين، وتشخيص الأهمية تكون بإمضاء شورى الفقهاء المراجع.
المسألة 589: تأميم[1] البحار والأنهر والصحاري وما أشبه لا يصح إلا على النحو الذي ذكر في المسألة السابقة.
* (لا يصح) لأنها من المباحات التي جعلت للجميع بدليل الأنفال، وما ورد من تحريم جعل الحمى[2](2).
من الربح[1]. نعم، يصح[2] للعامل أن يعقد اتفاقية مع صاحب المعمل في أن يعمل له كل يوم باُجرة دينار مثلاً، ثم يعطيه المالك قسماً خاصاً من الربح في آخر السنة مثلاً.
* والمراد من ال- (إشراك) ما كان جبرياً بالنسبة إلى صاحب المعمل أو العامل؛ لأن »الناس مسلطون على أموالهم وأنفسهم«[3] وكما لا يجوز الإشراك في الربح لا يجوز الإشراك في أصل المعمل. نعم، لو كان الإشراك حسب الاتفاق ومن دون جبر جاز، فإنه معاملة برضا الطرفين، فتشملها الأدلة.
المسألة 591: لا يجوز[1] التحاكم إلى العقول الآلية؛ إذ الجائز هو التحاكم إلى الحكام المقررين من قبل الشريعة.
* نعم، إذا علمنا عدم خطأ العقول - مع أنها قد تخطأ وقد يتلاعب بها - فالأخذ بها من باب الأخذ بالعلم[2] لا بها.
-------------------------
[1]: بل للعامل أجرته فقط.
[2]: راجع كتاب «الشركة» وأسبابها(1)، وكذا في (نعم لو كان).
[3]: المستفاد من آية {النَّبِيُّ أَوْلَى}(2).
المسألة 591:
[1]: لاحظ الاستثناء في المسألة (592)(3).
[2]: فإن كان طريقياً كان الأخذ أخذاً بالعلم، وإن كان موضوعياً لم يجز.
ص: 131
المسألة 592: لو رضي اثنان أن يتحاكما إلى العقل الالكتروني وأن ينفذا ما حكمه لا يبعد جوازه؛ لأنه في الحقيقة تراضٍ بين المتخاصمين. نعم، إذا حكم العقل الآلي لم يكن حكمه واجب التنفيذ إلا بشرط في ضمن عقد أو نحو ذلك.
* (لم يكن واجباً) إذ الدليل دل على تنفيذ حكم الحاكم الشرعي فقط، وهذا فيما يجوز[1] التحاكم إليه.
المسألة 593: ما تقدم في المسألة السابقة إنما يصح إذا لم يكن من الموارد التي تحتاج إلى الفصل، كالمرأة التي اختلف عليها زوجان، وكانا شاكين حقيقة في أنها زوجة لهذا أو ذاك، فإنَّ حكم العقل الآلي ورضاهما لا يبرر كونها لأحدهما.
* وذلك لما دل[1] على لزوم الاحتياط في الفروج والدماء، إلا فيما كان من باب القرعة، فيما جعل الشارع فيه القرعة.
-------------------------
المسألة 592:
[1]: كما يظهر من المسألة اللاحقة.
المسألة 593:
[1]: في الدليل نظر؛ إذ الاحتياط وارد في الأموال أيضاً.
المتحصل من جميع ما تقدّم:
1- التحاكم إجباراً غير جائز.
2- ما يحتاج إلى فصل الحاكم لا يجوز.
ص: 132
المسألة 594: لو فرض أن الخمر لم تسكر في الفضاء أو في كوكب خاص، فهل تبقى على حرمتها أم لا؟ أما النجاسة فإن قلنا بأنها تابعة[1] للإسكار فتذهب بذهاب الإسكار، وإن قلنا بأنها مستقلة فيكون التحريم لأجل النجاسة[2].
* وكذلك حال مَنْ يقول بطهارة الخمر، لكن الصناعة تقتضي لزوم الاجتناب عن الخمر مطلقاً وإن لم يسكر؛ لإطلاق أدلته[3]، وكذا يلزم
-------------------------
3- ما يكفي الفصل بالقرعة يجوز مع التراضي، لكن العمل به غير واجب إلاّ مع الشرط في ضمن عقد، مع عدم تحديد الشارع طريقة خاصة.
4- غير ذلك يجوز مع الملاحظة ما في رقم (3).
والمسألة بحاجة إلى تأمل، ومراجعة كتاب القضاء وبحث (قاضي التحكيم)(1).
وفي الرابع لو حكم وكان العلم موضوعياً لا ينفذ حكمه، ولو كان طريقياً وعلم كان الحكم بالعلم لا به.
المسألة 594:
[1]: لكن هل المراد الإسكار بطبعه أو الإسكار الفعلي؟ قد يُقال بالأول، وعليه فتبقى ولو ذهب الإسكار.
[2]: بل ولحرمتها الذاتية.
[3]: والإسكار حكمة لا علّة. مضافاً إلى دليل آخر، وهو أنه لو فرض أن شخصاً
ص: 133
الاجتناب لو لم يسكر هذا الشخص لمانع ونحوه.
المسألة 595: لو حصل إسكار[1] لمائع غير مسكر، بسبب كونه في الفضاء أو في بعض الكواكب حرم شربه، لأن «كل مسكر حرام»(1).
* الحكم تابع للموضوع، من غير فرق بين أن يكون تأثيره في الإسكار بسبب الزمان أو المكان أو الشخص أو بعض الشرائط، كما إذا كان يسكر إذا شرب بعده أو قبله أو معه شيئاً.
المسألة 596: إذا ذهب السكر عن مسكر لسبب كونه في الفضاء أو في بعض الكواكب وقلنا بأنه يحرم شربه، فالظاهر أنه لا يحرم استعماله[1]؛ إذ ليس بمسكر[2]، والدليل إنما دل على أنه يحرم استعمال المسكر.
-------------------------
لا يسكر بالخمر - لحالة خاصة فيه - فهل يمكن أن يُقال بحليتها له، كما أشار إليه (رحمه اللّه) في آخر المسألة . مضافاً إلى أنه منكر في أذهان المتشرعة.
المسألة 595:
[1]: ولو كان بالكثير منه دون القليل، «فما أسكر كثيره فقليله حرام»(2).
المسألة 596:
[1]: راجع دليل حرمة الاستعمال في (الأطعمة والأشربة)(3).
[2]: هنا موقوف على أن المراد بالمسكر الفعلي أو الشأني، فتأمل. والفارق
ص: 134
* يحرم شربه استصحاباً[3]، أو لأنه نجس، ولا يحرم استعماله، أي: فيما لا يشترط فيه الطهارة، والشرب والاستعمال أمران لا يلازم أحدهما الآخر مطلقاً.
المسألة 597: إذا كان طعام أو فاكهة يوجبان السكر في الفضاء، أو في بعض الكواكب حرم أكله لقاعدة (كل مسكر حرام).
* وكذلك إذا كان بتأثير من الزمان أو الشخص أو الشرائط كما تقدم[1].
المسألة 598: لا يصح[1] الاعتماد على العقل الآلي في إخباره بأول الشهر، أو بإجرام إنسان أو ببراءة إنسان أو ما أشبه ذلك.
-------------------------
بين الحرمتين محل تأمل.
[3]: مضى الكلام في المسألة (594)(1).
المسألة 597:
[1]: راجع المسألة (595)(2).
المسألة 598:
[1]: فالأنواع ثلاثة: 1- لم يوجب القطع أو الاطمئنان، ليس بحجة.
2- أوجب ولكن كان القطع موضوعياً، ليس بحجة.
3- أوجب وكان القطع طريقياً، فهو حجة (راجع المسألة 599)(3).
ص: 135
* وذلك لأنه لا دليل[2] على حجيته، إضافة إلى كثرة الخطأ وإمكان التلاعب. نعم، إذا أورث الاطمئنان، وكان الاطمئنان كافياً شرعاً جاز الاعتماد من جهة الاطمئنان، وهذا في غير ما يشترط فيه طريقة خاصة كالحدود الشرعية.
المسألة 599: إذا أخبر[1] العقل الآلي بشيء وحصل منه العلم[2] صح الاعتماد على العلم، لا على العقل الآلي، ولكن الاعتماد على العلم أنما يصح فيما لم يشترط الشارع لذلك الشيء طريقاً خاصاً، كشهود الزنا مثلاً.
* (كشهود الزنا) حيث ذكرنا في الفقه(1) أنّ المعتبر في الإثبات إما أربعة شهود بالرؤية كالميل في المكحلة، أو الاعتراف أربع مرات من غير إكراه.
المسألة 600: لا يجوز الإضراب بالصيام المستمر ليل نهار؛ لأنه لا صيام[1]
-------------------------
[2]: بل الدليل على عدم حجيته، وهو {إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً}(2).
المسألة 599:
[1]: راجع (المسألة 598)(3).
[2]: الشامل للاطمئنان موضوعاً أو حكماً.
المسألة 600:
[1]: والعبادات توقيفية، والتشريع محرم.
ص: 136
هكذا في الإسلام.
* نعم، يصح الإمساك بدون الصيام، فيشرب الماء مثلاً وهكذا، أو لا يشرب ولا يأكل شيئاً، لكن لا بنية الصوم، هذا إذا لم يترتب عليه ضرر بالغ إلا في صورة الأهم والمهم.
المسألة 601: يصح الإضراب بإدامة الصيام المشروع كل يوم، إلى أن يعطي الطرف مطلب الصائم، لكن يشترط أن يكون الصيام بجميع شرائطه، التي منها القربة والإخلاص[1].
* فإن مثل هذا الصوم مشروع، كما يصح الإضراب بإدامة قراءة القرآن والصلاة والدعاء والذكر وما أشبه - بدون أن يخل بواجباته - والجواز في هذه المسائل للإطلاقات[2]، مثل (الناس مسلطون...) وغيره.
المسألة 602: يصح الإمساك عن بعض الأطعمة إضراباً واحتجاجاً لتحصيل
-------------------------
المسألة 601:
[1]: والهدف يكون من قبيل (الداعي إلى الداعي) إن كان دنيوياً، راجع العروة، بحث الوضوء(1)، وشرائط الصلاة(2).
[2]: ولأصالة الحل، بل ولإطلاق أدلة العبادات، مثل: «أتم الصلاة و...»(3).
المسألة 602:
ص: 137
مطلب حق[1]، أو دفع منكر أو ما أشبه، لكن بشرط أن لا يضر الإمساك بالممسك ضرراً بالغاً لا يجوز تحمله.
* فإذا أضر ضرراً بالغاً ولم يكن من باب الأهم والمهم لم يجز.
المسألة 603: ما تقدم في المسألة السابقة من أن لا يكون الإمساك مضراً بالممسك إنما هو إذا لم يكن هناك مصلحة إسلامية أهم من مصلحة عدم الضرر، وإلا كان مشمولاً لقاعدة (الأهم والمهم).
* والمصلحة من باب المثال، وإلا فهو حكم كل أهم في نظر الشرع إلى حد المنع عن النقيض، والأدلة على هذه القاعدة - قاعدة الأهم والمهم - كثيرة[1].
-------------------------
[1]: وهل يشمل الحكم ما لو لم يكن من حقه؟ الظاهر: أنه أكل للمال بالباطل - أو ملاكه فيما لم يرد مالاً، بل اعتباراً أو غيره - ولأنه إكراه اجوائي، فيما لو صدق الإكراه، مثلاً: ابن يضرب حتى يعطيه أبوه مالاً، وقد يُقال بالتفصيل: بين صدق الإكراه عرفاً أو إيجاد الداعي، فتأمل. وقد يُقال بالجواز مطلقاً.
المسألة 603:
[1]: منها: {مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ}(1)، و«مسألة التترس بالمسلمين»(2)، و«لولا
ص: 138
المسألة 604: لو فرض أن في الفضاء أو في كوكب ظهرت علائم البلوغ قبل أوانه، فالظاهر أن الإنسان محكوم بالبلوغ.
* لترتب الحكم على الموضوع، إلا إذا كان في وقت لا يشمله الأدلة عرفاً[1]، كما لو ظهرت في السنة الثانية أو الثالثة من العمر مثلاً.
-------------------------
أن يُقال»(1)، و «لولا قومك حديثو عهد»(2)، وقد سبق.
المسألة 604:
[1]: راجع بحث أن الأدلة لا تشمل غير المتعارف، أول القطع (قطع القطاع)(3)، وفي الدلائل تفصيل في ذلك(4).
ص: 139
المسألة 605: لو فرض أن في الفضاء أو في كوكب لا تظهر علائم البلوغ إلا بعد أوانه، وكان حال الإنسان هناك حال الطفل[1] في عدم الإدراك لم يكن الشخص مكلفاً قبل ذلك؛ إذ كون السادسة عشرة بلوغاً إنما يكون مع الإدراك، والمفروض أنه لا إدراك له.
* فيكون حاله حال المجنون لا الطفل، فالطفل وليه أبواه، أما المجنون فوليه الحاكم الشرعي، على تفصيل ذكر في الفقه.
المسألة 606: لو فرض إمكان تحصيل الحنطة وغيرها من الغلات الأربع في مدة قصيرة، أو في مدة طويلة، لم يفر ق الحكم في وجوب الزكاة في الوقت المقرر[1].
* لإطلاق الأدلة، وقد تعارف الآن في بعض البلاد الصناعية ذلك.
المسألة 607: لو ركبت الحنطة مع حب آخر، وخرج الحاصل، فإن كان يصدق عليه أنه حنطة وجبت فيها الزكاة، وإن لم يصدق عليه الحنطة
-------------------------
المسألة 605:
[1]: الطفل تارة يكون غير مميز وأخرى مميزاً، ولعل المراد هنا الأوّل، فتأمل.
المسألة 606:
[1]: كصدق اسم الحنطة والشعير، وحصرمية الزبيب واصفرار التمر أو احمراره.
المسألة 607:
ص: 140
لم يجب، وإذا شك في الصدق وعدم الصدق فالأصل عدم الوجوب[1].
* فالأصل: أي أصالة البراءة، لا الاستصحاب[2]؛ وذلك لأن الأثر للشاك[3] لا للمشكوك[4].
المسألة 608: لو كان العام في مكان من الكواكب أو الفضاء أقل من عام الأرض أو أكثر، فهل الاعتبار بعام الخمس، أو الزكاة بعام الأرض، أو بعام نفس ذلك المكان؟ احتمالان، ولا يبعد أن يكون الاعتبار بعام ذلك المكان، إلا إذا كان طويلاً جداً، كعشر سنوات، أو قصيراً جداً كشهر مثلاً.
* فإذا كان خلاف المتعارف[1] لوحظ المتعارف، كما تقدم مثل ذلك
-------------------------
[1]: بعد الفحص على مبنى الماتن (رحمه اللّه) من لزوم الفحص في الشبهات الموضوعية(1).
[2]: راجع بحث جريان الأصول المتوافقة(2).
[3]: أي للشك.
[4]: فلا يحتاج إلى إثبات عدم الصدق تعبداً بالاستصحاب، (راجع أول الرسائل، مباحث الظن)(3).
المسألة 608:
[1]: راجع: 1- بحث اليد في الوضوء(4).
ص: 141
في بعض المسائل السابقة؛ لأن النص والفتوى دل على الأخذ بالمتعارف.
المسألة 609: لو تبدل لحادث كوني أيام الأرض أو شهورها أو أعوامها، بأن صار - مثلاً - اليوم ساعة أو مائة ساعة، أو صار الشهر خمسين يوماً أو عشرة أيام، أو صارت السنة ألف يوم أو مائة يوم، فهل الاعتبار في كافة التكاليف - كأيام العدة وأوقات الصلاة وشهر الصيام ويومه وسنة الزكاة والخمس وغيرها - بتلك الأوقات الجديدة، أو بمقدارها من الأوقات القديمة، أو بالأوقات الجديدة إن كان الاختلاف قليلاً[1]،
-------------------------
2- وأول هذا الكتاب(1).
3- والقطع غير المتعارض (القطاع)(2). والمراد: ما ينصرف عنه الدليل عرفاً، وإلا فلو قال: جئني بعالمٍ، فهو يشمل العالم القصير جداً، غير المتعارف، وراجع المسائل اللاحقة(3)، وراجع كتاب الصوم في بحث الآفاق الرحوية(4).
المسألة 609:
[1]: بحيث كان متعارفاً، كما سيأتي في الشرح.
ص: 142
والأوقات القديمة إن كان الاختلاف كثيراً، أو يختلف[2] الحكم بالنسبة إلى موضوع - كالعدة - عن موضوع آخر - كعام الخمس - أو تفصيلات أُخر احتمالات.
* ولا يبعد الحمل على المتعارف في كثير التفاوت دون قليله، إلا إذا علم[3] استثناء في بعض الموارد.
المسألة 610: لو لم تطلع الشمس أُسبوعاً - مثلاً - لحادث كوني، فهل اليوم الذي تطلع فيه هو اليوم المباشر، أو اليوم التاسع فيما إذا غابت الشمس ليلة الجمعة، ولم تطلع إلا بعد (192) ساعة؟ فهل حينما تطلع يكون يوم الجمعة، أو يوم السبت للأُسبوع الثاني؟ احتمالان، وربما يحتمل الفرق بين أن تكون المدة قليلة كتأخر ساعة، أو كثيرة كتأخر يوم.
* (وربما يحتمل) وهذا هو الأقرب لما تقدم[1].
المسألة 611: ما تقدم في المسألة السابقة يأتي أيضاً فيما إذا لم تغب
-------------------------
[2]: الظاهر أنه لا وجه له إلاّ الاحتياط، فتأمل.
[3]: لم يظهر مثال له.
المسألة 610:
[1]: راجع المسألة السابقة(1).
المسألة 611:
ص: 143
الشمس مدة أُسبوع مثلاً.
* لوحدة الدليل[1] في المسألتين.
المسألة 612: لو ظهرت شمس جديدة للأرض، بسبب حادث كوني، فهل الاعتبار بهذه الشمس القديمة أو بالشمس الجديدة أو بهما، أو احتمالات أُخر؟ المسألة محل إشكال[1].
* والاستصحاب[2] يقتضي الاعتبار بالشمس القديمة، فتأمل[3].
المسألة 613: لا يجوز[1] للإنسان الذي له مرض معدي أن يرتاد الاجتماعات، ويباشر الموارد العامة الموجبة للعدوى، ولو فعل وتلف بسببه
-------------------------
[1]: وهو الانصراف وعدمه.
المسألة 612:
[1]: راجع بحث (أنَّ الأصل في القضايا أن تكون حقيقية لا خارجية) في الأصول(1).
[2]: وقبله انصراف الدليل إلى الشمس الخارجية، فتأمل.
[3]: لعله لتبدل الموضوع أو احتمال التبدل، فتأمل.
المسألة 613:
[1]: قد يُقال بجريان السيرة على الارتياد في بعض الأمراض، كالمصاب بالزكام مثلاً، ولو كان ذلك ممنوعاً منه لبان لكثرة الابتلاء بذلك، فلزم تحفظ
ص: 144
شخص كان ضامناً.
* وكذا إذا أضر بشخص، فإنه (لا ضرر[2] ولا ضرار[3]).
المسألة 614: لا يجوز فتح المواخير(1) ونوادي العراة ومحلات الشذوذ الجنسي إلى غيرها من الأمور التي حرمها الإسلام.
* وذلك بديهي[1]، وإنما الكلام في أنه هل يجوز أن يفعل ذلك لمن دينهم الجواز لقاعدة الإلزام، أو لا يجوز؛ لأن إطلاق دليل الإلزام منصرف
-------------------------
النبي والأئمة (عليهم السلام) وتحفظ المتشرعة، والردع عن ذلك.
نعم، في الأمراض الخطيرة - كالجذام - لا بأس بما في المتن، بل في مطلق ما لم تجرِ عليه السيرة.
[2]: فهو يفيد التكليف والوضع معاً. راجع بحث: أن لا ضرر يثبت الحكم أيضاً، وأنَّه نفي أو نهي(2).
[3]: وكذا دليل الإيذاء. راجع: الواجبات والمحرّمات(3).
المسألة 614:
[1]: فإنه إفساد وإعانة على الإثم ومعاونة عليه، وخلاف الردع عن المنكر، وخلاف ارتكاز المتشرعة.
ص: 145
عن مثل ذلك؟ احتمالان[2]، والاحتياط طريق النجاة.
المسألة 615: الأُجرة التي تأخذها المومسة والمفعول به وصاحب نادي[1] العراة حرام، ويجب أن يرجعها[2] إلى أهلها، فإن لم يعرف[3] أهلها احتسبت رد المظالم، وصرفت في الفقراء بإذن[4] الحاكم الشرعي[5].
-------------------------
[2]: لكن الظاهر أنه من المنكرات في أذهان المتشرعة.
المسألة 615:
[1]: قد يُقال: بالتفصيل في الأجرة، فما يأخذه بإزاء الحرام حرام، وما يأخذه لمجرد الكون في المحل حلال، فتأمل.
[2]: والرضا لا ينفع؛ لأنه رضا في ضمن عقد باطل، راجع المسألة في المكاسب(1).
[3]: لا تفصيلاً ولا إجمالاً منجزاً للتكليف.
[4]: أو مطلقاً على الخلاف - ظاهراً- .
[5]: مع سائر القيود المذكورة كأن يدفعها عن صاحبها، راجع كتاب الخمس في بحث المال الحلال المختلط بالحرام(2).
ص: 146
* وذلك لأن حالها حال كل مال حرام لا يعرف صاحبه، قال (صلی اللّه عليه وآله وسلم) : «إذا حرم اللّه شيئاً حرم ثمنه»[6](1).
المسألة 616: الأموات المعذبون لكفرهم أو عصيانهم يمكن[1] الارتباط بأرواحهم والتكلم معهم، فإنّ حالهم حال المريض[2] الذي يتكلم معه، فلا يقال: كيف يتم الارتباط بهم إذا كانوا في العذاب؟ وفي
-------------------------
[6]: ولأنّه أكلٌ للمال بالباطل، قال تعالى: {وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ}(2).
المسألة 616:
[1]: إمكاناً عقلياً، أما الإمكان الوقوعي فهو منوط بمعادلات غيبية عنّا.
[2]: وكذا تكلم أهل جهنم بعضهم مع بعض، وكذا رواية: أنهم يحشرون على أرض كالخبز. وقال: ما أشغلهم عن الأكل؟(3)
ص: 147
الأحاديث ما يؤيد[3] ذلك.
* حيث جاء في بعض الأحاديث: إن المعذب تكلم مع الحي بإرشاد الإمام (عليه السلام) ، وهل يجوز الارتباط بأرواح المعذبين؟ لا يبعد ذلك إلا إذا كان محذور[4] خارجي.
-------------------------
[3]: لعله إشارة إلى قضية «يا درجان»(1).
[4]: كالضرر الكبير أو خوفه.
ص: 148
المسألة 617: الاشتغال بعمل الأصباغ وما أشبه من المواد التي تلصق بالجسم ولا تزول إلا بمرور الزمن جائز، وفي أوقات الوضوء والغسل إن لم يتمكن[1] الإنسان من إزالتها تطهّر تطهر الجبيرة.
* كما هو المتعارف بالنسبة إلى القيار والبناء والصباغ وما أشبه ذلك منذ قديم الزمان، ولو كان اللازم الاجتناب لزم التنبيه عليه في الروايات، وحيث لا تنبيه فلا إشكال، فإن عدم الدليل في أمثال المقام دليل العدم[2]، [3].
-------------------------
المسألة 617:
[1]: أو عسر عليه ذلك، أو كان فيه ضرر أو حرج أو عسر، راجع الفرق بينها في القواعد الفقهية(1).
[2]: والردع العام بلزوم الوصول لم يكفِ، وإلا لالتزم به المتدينون، راجع بحث: ردع الآيات الناهية عن العمل بالظن عن الظواهر(2)، أو خبر الواحد(3).
والخلاصة: 1- إن الردع العام لا يكفي.
2- والخاص لو كان لوصل إلينا، ولكثرت حوله الأسئلة، ولزم تجنب المتدينين عنه، أو تحفظهم شديداً حتى لا يصل إلى بدنهم، وهو غير ممكن عادةً. وراجع روايات الجبيرة(4).
[3] مضافاً إلى لزوم العسر والحرج من عدم العمل بذلك، وإن كان يورد عليه بأن الحرج شخصي لا نوعي.
ص: 149
المسألة 618: لا يجوز شهادة الزور، ولا يجوز أخذ الثمن[1] لذلك، فما يعتاد في بعض محاكم اليوم من وجود من يشهد بالمال باطل في باطل. أما المستشهد الذي يكون له الحق واقعاً إذا لم يجد علاجاً إلا بإشهاد هؤلاء وإعطائهم الأُجرة فإن عمله حلال[2]، كما أنه ليس معاقباً لإعطائه الأجر، إذا توقف إنقاذ الحق عليه.
* (باطل في باطل) لأن المحكمة باطل لما دل على حرمة الرجوع إلى محاكم الظالمين إلا للمضطر، وشهادة الزور فيها باطل آخر؛ لما دل على حرمة شهادة الزور، والمستثنى لما ذكرناه في كتابي التقليد والقضاء من الفقه(1).
المسألة 619: من الواقع المؤسف: أن نرى العالم لم يصل بعد إلى مغزى[1] النضج الإسلامي، فمثل العالم في الوقت الحاضر والإسلام مثل الطفل الذي يتلمذ في الصف الثالث الابتدائي، حيث إن مداركه لم تصل
-------------------------
المسألة 618:
[1]: فأنه أكل للمال بالباطل، وللروايات الخاصة ظاهراً.
[2]: مطلقاً، ولو كان المال(2) قليلاً، أو تلاحظ قوانين التزاحم والأهم والمهم؟
المسألة 619:
[1]: أي: فلسفتها أولاً، ثم السعادة التي تنتظرهم إذا عملوا بها في الدنيا والآخرة.
ص: 150
إلى استيعاب دروس الهندسة التي تدرس في الكليات، وفي أي يوم توصل العالم إلى هذا المغزى أدرك مدى السعادة، التي يمكنه تحصيلها بسبب الإسلام، وإنما ذكرنا هذا كمقدمة لوجوب تبليغ رجال الدين إلى العالم مغزى الأحكام الإسلامية والسعادة التي تكون بانتظارهم إذا عملوا بهذه الأحكام.
* فإن تبليغ الإسلام إلى العالم واجبة بالأدلة الأربعة[2]، والمسلمون انحرفوا عن هذا الأمر إلا قليلاً منهم، وذلك يكون بأمرين:
الأول: مطالبة تطبيق[3] الإسلام في بلاد المسلمين تطبيقاً كتطبيق الرسول ووصيه أمير المؤمنين (عليه السلام) بالرجوع إلى الأُمة الواحدة، والبلد
-------------------------
[2]: ودليل العقل يراجع بشأنه ما ذكر في (علم العقائد)(1)، وفي (كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)(2)، وقد قيل: «إن رأيت أعمى وأمامه بئر ولم تساعده فقد أذنبت»(3) . وراجع بحث قاعدة اللطف(4).
[3]: كي يكون نموذجاً، فإن الواقع الخارجي يحرك أكثر مما تحرك الأفكار المجردة.
ص: 151
الواحد، والحريات الإسلامية، والأُخوة الدينية[4].
الثاني: إرشاد غير المسلمين إلى الإسلام.
المسألة 620: لا يجوز للرجل لبس ساعة الذهب أو الموشاة بالذهب، وكذلك بالنسبة إلى الخاتم والمنطقة والقلم وغيرها.
* (والقلم) بأن يظهره[1] من مكان من ملبسه كما هي العادة، ومثل القلم غيره من كل ما يعد زينة، أما القلم الذي يكتب به ولا يظهره في ملبسه ولا يعد[2] زينة فالظاهر عدم حرمته.
المسألة 621: إذا دار أمر الجنين بين أن يسقط أو يخرج ويربى خارج الرحم؛ وذلك لضعف الأُم عن تحمل الجنين، وجب إخراجه وتربيته
-------------------------
[4] وسائر الأحكام الإسلامية.
المسألة 620:
[1]: ذكر المصنف (رحمه اللّه) في الفقه (لباس المصلي) أن المحرّم ثلاثة: 1- لبس الذهب. 2- التزين اللبسي بالذهب. 3- مضافاً إلى استعمال أواني الذهب (1).
وفي مثل القلم الظاهر لا يعد لبساً، فأنه لا يُقال: (لبس القلم) وعليه ففي صدق (التزين اللبسي) تأمل، بل كونه عنواناً في قبال الأوّل إشكال، فراجع(2).
[2]: الظاهر أنه لا حاجة إلى هذا القيد، فتأمل.
المسألة 621:
ص: 152
* فإن قتل الجنين أو تركه[1] حتى يموت غير جائز للأدلة الأربعة[2].
المسألة 622: يستحب للإنسان أن يساهم في إنقاذ المرضى[1] والزمنى والعجزة، والمنكوبين والمشوهين والساقطين وأصحاب المشاكل، بأي شكل كانت المساهمة: من تشكيل جمعيات، أو الارتباط بالرابطات المعنية بهذه الشؤون أو ما أشبه ذلك، سواء بالمساعدة المادية أم العملية أم الإعلامية أم نحوها، هذا فيما إذا لم تكن هناك جهة محرمة أو جهة موجبة[2]، وإلا كان
-------------------------
[1]: بل قد يُقال: إنه نوع من أنواع القتل عرفاً، فتأمل.
وفي الحديث: «الجارح والتارك مداواة الجريح في الإثم سواء»(1)، وكذا في بحث: (فقأ عين الناظر)(2) لكن لا ربط له بالمقام ظاهراً، فتأمل.
[2]: على قتل الجنين، أما الترك فلعله يدلّ عليه الثلاثة إلاّ أن يستفاد الملاك، فتأمل.
المسألة 622:
[1]: ظاهر الإطلاق حتى لغير المسلمين.
[2]: والظاهر أنه فعلاً كذلك في كثير من الأحيان؛ إذ إن تركهم سبب لنفوذ الأديان الباطلة والملحدين وجذبهم نحو خطهم.
ص: 153
الإنقاذ واجباً أو محرماً حسب اقتضاء الجهة الثانوية.
* وذلك في المستثنى منه لتواتر الآيات والروايات، وفي المستثنى لهما أيضاً.
المسألة 623: لا يجوز اتخاذ أيام أفراح الكفار أعياداً، ولا اتخاذ أيام حزنهم أحزاناً؛ لأنه ترويج للكفر[1]، إلا إذا كانت هناك أهمية إسلامية، فيجوز ذلك من باب قاعدة الأهم والمهم.
* والمراد بأفراحهم وأحزانهم ما ليس من الدين، وإلا الفرح بمولد عيسى (عليه السلام) والحزن لموت مريم (عليها السلام) فذلك تعظيم لشعائر اللّه سبحانه، إلا إذا كانت جهة حرمة ثانوية[2].
المسألة 624: لو كان حجم خاص مداً أو صاعاً في الأرض، وكان أقل من صاع في القمر أو في سائر الكواكب، فهل كون المعيار الأرض أو ذلك
-------------------------
المسألة 623:
[1]: وموادّة لأعداء اللّه تعالى وأوليائه الكرام، راجع بحث التبري والتولي(1).
[2]: مثل أن يسبب ذلك الفساد الأخلاقي للشباب، أو انجذابهم إلى المسيحية.
المسألة 624:
ص: 154
الكوكب - بالنسبة إلى من في ذلك الكوكب -؟ احتمالان، والثاني أقرب[1].
* لأن الحكم تابع لموضوعه، على ما تقدمت الإشارة إليه في مثل هذه المسألة.
المسألة 625: لو انعكس الفرض المتقدم في المسألة السابقة بأن كان وزن الحجم الخاص في الكوكب أكثر من وزنه في الأرض، مثلاً: حجم خاص من الماء في الأرض كان وزنه ألف ومأتي رطل، ولما أخذنا ذلك الحجم في كوكب آخر كان وزنه ألف وخمسمائة رطل، فهل لنا أن ننقص من الوزن مقدار ثلاثمائة رطل؛ لأن الحكم يتبع موضوعه، أو ليس لنا ذلك، لوحدة المناط، احتمالان، لكن الأول أقرب[1].
* لما تقدم في المسألة السابقة.
نتركه يذهب هدراً في الهواء، بل الواجب تهيئة الوسائل والآلات الحافظة له ليصرف في المنفعة.
* لأن الإسراف محرم[1] في أية مادة كانت، خصوصاً في المواد النافعة جداً كالغاز.
المسألة 627: كما يجوز استخدام الذرة في المقاصد السلمية يجوز[1]، [2] استخدامها في المقاصد الحربية
-------------------------
[1]: راجع العروة بحث الوضوء (إن الإسراف في ماء الوضوء مكروه)(1)، والواجبات والمحرمات(2) والتفاسير، ولا يخفى(3) أن ذلك فيما لو صدق الإسراف عرفاً لا بالدقة العقليّة.
المسألة 627:
[1]: المقصود الجواز بمعناه الأعم الشامل للوجوب، قال تعالى: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ}(4).
[2]: لكن ذلك فيما لم يكن هنالك عنوان ثانوي يوجب التحريم، كتشويه سمعة الإسلام، أو التعرض لضغوط تسبب سقوط الدولة مثلاً.
ص: 156
- أي: للردع[3] - ومن المعلوم أن الحرب في الإسلام لا يجوز إلا في سبيل اللّه والمستضعفين، فالحروب العدوانية والحروب التجارية وحروب السيطرة لا تجوز في الإسلام إطلاقاً.
* الجواز للإطلاقات، ثم الحرب في الإسلام نظيف من الأُمور غير الإنسانية إلى الغاية، كما يرشد إلى ذلك حروب النبي (صلی اللّه عليه وآله وسلم) والوصي (عليه السلام) (1).
المسألة 628: لو منعت الدولة الإسلامية العادلة الاستماع إلى قسم من الأخبار الإذاعية لم يجز[1] الاستماع، وأما إذا لم تكن الدولة إسلامية عادلة فلا أثر لمنعها.
* (فلا أثر) وإنما اللازم ملاحظة هل أن الاستماع حرام في نفسه[2] أم لا؟
-------------------------
[3]: بل الأعم.
المسألة 628:
[1]: ينبغي البحث في أنه لو قنن قانون لملاك ولم يكن الملاك في مورد، فهل يجوز خرق القانون أو لا؟ كإشارات المرور مثلاً.
وإنما عممت الدولة لأنَّ الإيكال للمكلف يسبب سقوط القانون، راجع الأصول في باب الحجج.
[2]: ومع ملاحظة العناوين الثانوية، كالضرر مثلاً، كسجن الدولة مَنْ يستمع.
ص: 157
المسألة 629: إنما يصح للدولة الإسلامية العادلة المنع - كما ذكر في المسألة السابقة - فيما إذا كانت هناك مصلحة أهم[1] من مصلحة الحرية الممنوحة للإنسان بقاعدة[2]: (الناس مسلطون على أنفسهم).
* وتشخيص الأهمية من حق شورى المراجع[3]، وإلا لم يجز لها المنع؛ إذ الناس مسلطون على أنفسهم، فالحد من حرياتهم غير جائز، ومنه يعلم حرمة المنع عن الجرائد والمجلات والكتب وغير ذلك إلا فيما استثني.
المسألة 630: لا يجوز الاستماع إلى الأخبار الإذاعية المضللة بالنسبة إلى مَنْ لا يميز بين الصحيح والفاسد، ويكون معرضاً لفساد عقيدته[1]، أو
-------------------------
المسألة 629:
[1]: ومما يدخل في تشخيص الأهمية عدم تشويه سمعة الإسلام، وعدم خلق ردّ فعل في النفوس يؤدي إلى ما هو أخطر. راجع بحث: أن الإباحة قد تكون لعدم الملاك أو لوجود ملاك في الإباحة(1).
[2]: وبقوله تعالى: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ}(2) وغيرها.
[3]: ولو عبر وكلائهم المعتمدين.
المسألة 630:
[1]: علمياً.
ص: 158
انحراف طريقته[2].
* فإن خوف[3] الضرر- خصوصاً في العقيدة والعمل - مشمول لدليل (لا ضرر) وسائر الأدلة[4]، ولا يحتاج إلى الظن دائماً، بل قد يكفي الاحتمال، كما ذكر وجهه في بحث لا ضرر.
المسألة 631: حكم تشكيل (الهاتف الصحراوي)[1] بأجهزة الدولة كحكم التصرف في سائر أموال الدولة، فكلما كان التصرف في مال الدولة بدون رضاها حراماً كان التشكيل المذكور حراماً، وكلما لم يكن التصرف حراماً[2] لم يكن التشكيل المذكور حراماً.
* وكذلك إذا كان أجهزة الهاتف لشركة محترمة أو شخص محترم، وهكذا حال الماء والغاز والكهرباء وغيرها.
المسألة 632: لو كان المجرم الذي أمرت الدولة العدالة بإلقاء القبض
-------------------------
[2]: عملياً.
[3]: راجع بحث (بيع كتب الضلال)(1).
[4]: كدليل العقل.
المسألة 631:
[1]: لعل المراد جرّ خط كهربائي أو تلفوني من أسلاك الدولة.
[2]: وتراعى في ذلك العناوين الثانوية أيضاً، كتشويه سمعة الإسلام والمسلمين.
المسألة 632:
ص: 159
عليه ممن تريد الدولة استخباره واستنطاقه لأمر مهم، ككشف شبكة من المخربين مثلاً[1]، لم يجز للشرطة الذين يريدون أخذه إطلاق الرصاص[2] عليه، حتى وإن لاذ بالفرار، أو حاول التخلص منهم بإطلاق الرصاص عليهم - مثلاً - وتأتي هنا قاعدة (الأهم والمهم[3]).
* (لم يجز) وإنما يطلقون الرصاص في الهواء لإرعابه، أو يطلقون الرصاص المطاطي ونحوه[4] عليه.
المسألة 633: لو قُتل الشرطي المفروض في المسألة السابقة كان مثاباً مأجوراً، ولكنه ليس بحكم الشهيد؛ إذ الأحكام الخاصة بالشهيد مخصوصة بمن قتل في المعركة[1] بالشرائط التي ذكروها في كتاب الجهاد[2].
-------------------------
[1]: كالذين يقومون بالعمليات الانتحارية فعلاً.
[2]: القاتل، وإلا فضرب رجله مثلاً لا بأس به عند الضرر إذا لم يؤدِ موته.
[3]: فلو لم يمكن القبض عليه حياً مطلقاً وكان فراره خطراً لزم قتله.
[4]: أو يطلقون الغازات المخدرة عليه إلى غير ذلك.
المسألة 633:
[1]: أي: في ميدان الحرب.
[2]: وراجع العروة، كتاب الطهارة، أحكام الأموات(1).
ص: 160
* (مأجوراً) فيما لو كانت الدولة عادلة، وكانت المسألة من باب الأهم والمهم.
المسألة 634:المظاهرة التي تخرج لأمر مشروع إن كانت بحيث تقتضي المصلحة الإسلامية صمودهم حتى الموت، فلا بأس أن يصمد المتظاهرون حتى الموت، فيما إذا أطلقت الدولة الظالمة الرصاص عليهم.
* لكن اللازم القطع بذلك، أو إفتاء شورى المراجع[1]، وإلا فلا يجوز تعريض النفس للخطر.
المسألة 635: إذا لم تقتضِ المصلحة الإسلامية الصمود حتى الموت في المظاهرة المذكورة في المسألة السابقة لم يجز للأفراد المتظاهرة الوقوف أمام الرصاص، بل يجب عليهم التفرق وإنقاذ أنفسهم.
* لا لأن لا يقتلوا فقط، بل لأن لا تقطع أيديهم مثلاً، أو لا يفقدوا قوة من قواهم، والحاصل أنه لا يجوز[1]
-------------------------
المسألة 634:
[1]: أو إفتاء مرجع التقليد، فإنه حجة لمقلديه.
المسألة 635:
[1]: لقوله تعالى: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}(1)، وقد ينطبق عليه
ص: 161
الصمود أمام الضرر الممنوع شرعاً[2].
المسألة 636: هل يجوز[1] للإنسان أن يقتل زوجته أو أُخته أو سائر نسائه[2] إذا كن عرضة للأسر بيد الكافر أو الفاسق، الذي يهتك[3] أعراضهن وشرفهن أم لا يجوز، أم يفصل بين ما إذا رضيت المرأة بذلك القتل وبين ما إذا لم ترضَ به؟ احتمالات، وكذا في قتل الأولاد الذين يريد العدو هتك عرضهم.
-------------------------
«ومَنْ يقتل نفسه ...»(1)، أو{وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ}(2)، ولقوله (لا ضرر)(3)، وللإجماع(4) وللعقل(5).
[2]: وهو الموت أو إسقاط قوة أو تلف عضوٍ.
المسألة 636:
[1]: ونظير هذه المسألة : هل يجوز لنفسها الانتحار أو لا؟
هذا ولكن المنقول شفاهاً عنه (رحمه اللّه) جواز الانتحار بإلقاء نفسها في النهر مثلاً، فتأكّد.
[2]: أو سائر النساء الأُخريات.
[3]: هتك العرض له مراتب، ولعل المراد المرتبة القصوى وما يقرب منها.
ص: 162
* القتل[4] لا يجوز مطلقاً إلا إذا كان لأمر أهم شرعاً، فإذا شخص القاتل والمقتول ذلك وكانا ممن لهم التشخيص جاز وإلا لم يجز، هذا في صورة الرضا، أما إذا لم يرضَ المقتول فالظاهر عدم الجواز[5]؛ إذ الزنا أقل جريمة من القتل، وكذلك اللواط،
-------------------------
[4]: هذه هي القاعدة العامة والاستثناء للأهمية.
والظاهر: أنه مع تشخيص الأهمية - كما لو كان وقوعه في الأسر يسبب قتل الألوف، حيث إنه يعترف عليهم، أو كشف أسرار الأسلحة الخطيرة - يجوز القتل مع تشخيص القاتل ذلك:
أ- سواء شخّص المقتول أو لا.
ب - ورضي أو لا.
ج- - وكان للقاتل التشخيص أو لا.
إذ المفروض قطع القاتل، وقد قرر أن القطع حجة مطلقاً. ومنه يظهر التأمّل فيما في المتن.
وأما خصوص مسألتنا، فحيث لم تعلم الأهمية أو علم أهمية القتل فلا يجوز القتل مطلقاً، إلاّ فيما علمت أهمية خارجية.
[5]: راجع بحث (الهلكة من أجل الفضيلة) في (الشعائر الدينية) ولاحظ هل الأدلة تامة أو لا؟ وهل كان هنالك قطع بالهكلة أو لا؟ وهل يشمل ما نحن فيه أو أنّه في هلكة تطرأ بلا اختيار؟(1)
ص: 163
ولذا جاز لتلك المرأة[6](1) - في زمان علي (عليه السلام) - أن تأخذ الماء من الرجل لكي لا تموت بقيمة زناه بها، بل لا يبعد أن يكون كذلك لو دار أمرها بين الزنا بها أو عميها أو قطع يدها أو ما أشبه؛ لأن المركوز في أذهان المتشرعة أقلية الزنا عن ذلك، وإذا كان الظالم يريد أخذه[7] لقتل المسلمين مثلاً فإذا قطع يده أو رجله بنفسه، تركه وشأنه، فالظاهر[8] جواز ذلك؛ لأن القتل أكثر أهمية في نظر الشارع من قطع يده أو رجله.
المسألة 637: لا يجوز للدولة تفريق المتظاهرين بحق بإطلاق الرصاص عليهم، ولو فعلت ذلك فأُصيب أحد فعليها الدية لكل قتل أو جرح[1] وقعا بسبب إطلاق الرصاص.
-------------------------
[6]: هنالك اضطرار مسوغ، وهنا لا اضطرار، فتأمل.
[7]: وكان القتل بلا اختيار منه، وإلاّ وجب عليه الامتناع.
[8]: فهو مثل لو دار أمر نفسه بين قطع يده، أو سراية المرض إلى قلبه وموته، فكما يجوز القطع كذلك يجوز في المقام.
المسألة 637:
[1]: وهل هنالك دية للأمراض النفسية الحاصلة؟
ص: 164
* (الدية) إن رضي أصحاب المقتول، وإلا كان لهم القصاص، وكذلك حال ما إذا قطعت اليد أو الرجل إلى غير ذلك، وهل الدية على الدولة أو على القاتل[2]؟ الظاهر: أنها على القاتل.
أما المتظاهرون بالباطل فلا يجوز إطلاق الرصاص[3] عليهم أيضاً، وإنما يستفاد تفريقهم بطرق أُخرى كخراطيم الماء مثلاً.
المسألة 638: لا يجوز للدولة تفريق المتظاهرين بحق بإلقاء القنابل المسيلة للدموع، أو بتسليط خراطيم الماء عليهم، أو بإلقاء القنابل المبردة، أو الموجبة لحرارة الجو أو المخدرة للأعصاب أو ما أشبه؛ لأن ذلك كله تصرف في الإنسان بدون إذنه.
* وإيذاء وإهانة[1] وكلها من المحرمات. نعم، في الدولة العادلة التي يشرف عليها شورى الفقهاء المراجع يحق ذلك، إذا كان أهم[2] من سلب الحرية والوقوف دون سلطة الإنسان على نفسه.
-------------------------
قد يُقال بذلك: ل- (لا ضرر) فتأمل؛ إذ لم يرد في الأدلة ذلك مع تعارفه كثيراً.
[2]: لأن المباشر أقوى من السبب.
[3]: إلا مع الأهمية وعدم وجود طريق آخر.
المسألة 638:
[1]: وظلم، وقد يكون أمراً بالمنكر ونهياً عن المعروف أحياناً.
[2]: ويلاحظ في الأهمية عدم تشويه سمعة الإسلام، وعدم حصول رد فعلٍ في النفوس، كما سبق(1).
ص: 165
المسألة 639: يجوز[1] تقديم الحيض أو تأخيره بسبب شرب الدواء أو القفز أو ما أشبه.
* وقد ورد في حديث ابن يقطين أن الإمام (عليه السلام) أجاز رفع الحيض للمرأة في أيام الحج(1)،
-------------------------
المسألة 639:
[1]: أما التأخير فلا إشكال فيه، وكذا الرفع كما في الحديث(2).
وأما التقديم ففيه إشكال؛ إذ هو تفويت للواجب إن قلنا بكون الوجوب معلقاً، أو كان ذلك بعد دخول الوقت، وهو تفويت للملاك على غيرهما؛ ولذا لا يجوز إراقة الماء بعد دخول الوقت، راجع العروة(3).
ص: 166
بالإضافة إلى أنه مقتضى قاعدة تسلط[2] الناس، وأن الحكم يتبع موضوعه، وقد أشرنا إلى هذه المسألة سابقاً.
المسألة 640: يجوز تكثير[1] الحيض أو تقليله، مثلاً: كان ثلاثة أيام فتجعله خمسة أيام، أو كان عشرة أيام فتجعله ثلاثة أيام بسبب الدواء أو ما أشبه.
* لما تقدم في المسألة السابقة.
المسألة 641: يجوز تكثير[1] دفعات الحيض أو تقليله، مثلاً: كانت ترى في كل شهر مرة فتجعله في كل شهر مرتين، أو كانت ترى في كل شهر مرتين فتجعله مرة.
-------------------------
لكن قد يُقال: إنه من تبديل الموضوع، كالمسافر يحضر، أو الحاضر يسافر.
وفي الفقه تفصيل بين موضوعين عرضيين فيجوز التبديل، وطوليين - كما لو كان أحدهما اضطراراً - فلا يجوز. والمسألة بحاجة لتأمل(1).
[2]: لو تم الإشكال لم تنفع؛ إذ لا تسلط على الحرام.
المسألة 640:
[1]: يرد فيه نفس البحث السابق(2).
المسألة 641:
[1]: يرد فيه نفس البحث السابق(3).
ص: 167
* وذلك لإطلاق تسلط الناس على أنفسهم بعد أن لم يكن محذور، وإذا تحقق الموضوع تحقق الحكم.
المسألة 642: يجوز إيجاد[1] الحيض لمن لا تحيض وهي في سن من تحيض، كما يجوز إعدام الحيض، إلا إذا أوجب ذهاب قوة أو ضرراً بالغاً.
* لما ذكرناه في المسألة السابقة، إلا إذا سبب الإيجاد أو الإعدام ضرراً بالغاً، فإنه يشمله دليل (لا ضرر[2]) لكن لو كان حراماً وفعله فالحكم يتبع الموضوع، ولا منافاة بين الحكم التكليفي والحكم الوضعي، فلو صارت ممن لا تحيض يجوز وطيها حتى في الأيام التي كانت تحيض سابقاً وهكذا.
المسألة 643: الحكم الشرعي يتبع الحيض وعدمه، سواء في الصلاة والصوم أم العدة والطلاق وغيرها، فكلما تحقق الحيض ولو بالوسائل، تحققت الأحكام المترتبة على الحيض، وكلما انتفى الحيض انتفت الأحكام المترتبة عليه.
-------------------------
المسألة 642:
[1]: يرد في نفس البحث السابق(1)، إلاّ أن يكون العدم ضررياً فلا إشكال.
[2]: بناءً على كونه نهياً عن الإضرار، أو يُقال: نفس الجواز حكم ضرري، فتأمل.
المسألة 643:
ص: 168
* وذلك لما ذكر من تبعية الحكم للموضوع، ثم ما ذكرناه من الجواز فيما إذا لم يرتبط بحق الغير، لكن إذا كانت المرأة متزوجة ولم يرضَ الزوج بتكثير الحيض أياماً أو عدداً أُشكل ذلك، ولا يبعد المنع[1] حيث إن حق الاستمتاع للزوج حينئذ، فإذا لم يرضَ كان تصرفاً في سلطانه، هذا بشرط أن تكون مورد الاستفادة، فإذا سافر[2] وقال: لا أرضى لم يحرم؛ إذ لا يريد الاستفادة حينئذٍ، أما التقليل إذا لم يضر[3] جاز؛ لأنه لم يمنع الزوج عن شيء.
المسألة 644: لو رأت الحيض يوما ثم قطعته بالوسيلة، فهل تكون في ذلك اليوم محكومة بحكم الحيض؛ لأنه كان حيضاً، أو محكومة بحكم الطاهر؛ لأن الحيض لا يقل عن ثلاثة أيام؟ احتمالان، الأول لأن حالها حال ما إذا رأت الحيض يوماً ثم ماتت.
-------------------------
[1]: ما الفرق بين حقّ الناس وحق اللّه تعالى؟
إن قلت: الفرق: أنه لا يُعلم وجود حقّ له تعالى بعد تبدل الموضوع.
قلت: يُقال بمثله في الزوج أيضاً. وراجع مسألة (647)(1).
[2]: أو لم يكن يريد الاستفادة، أو كان غير قادر عليها. نعم، لو كان ذلك بنفسه منفراً دخل في بحث (وجوب إزالة المنفرات) ولو لم يرد الاستمتاع، فتأمل.
[3]: ضرراً بالغاً.
المسألة 644:
ص: 169
* والظاهر الثاني[1]، فيكون حالها حال ما إذا رأت الدم يوماً ثم انقطع من نفسه بلا وسيلة، فإن الحكم يتبع موضوعه، فتأمل.
المسألة 645: ما ذكر في المسائل السابقة في دم الحيض آتٍ في دم النفاس وفي دم الاستحاضة أيضاً، لكن باختلاف يسير.
* وإنما (آتٍ) لوحدة الدليل، فكلما تحقق الموضوع ولو اختياراً تحقق الحكم، والاختلاف اليسير مثل[1]: إن الاستحاضة لا ترتبط بالمدة إلى غير ذلك. ولا يخفى أن الحيض والاستحاضة مادة واحدة - لغة - بمعنى الفيضان، ومنه (الحوض)، والاستحاضة كثرة[2]،
-------------------------
[1]: قد يشكل بأنَّ الثلاثة أمارة، والأمارات مطلقاً ظرفها الشكّ، ولا شكّ هنا في كونه حيضاً. وقد يؤيد بمسألة المتعارف والانصراف، راجع مسألة (652)(1).
وينقض بما رأته المرأة قبل البلوغ وبعد اليأس وفوق العشرة ودون فاصلة العشرة.
والخلاصة أنَّ الحيض وإنْ كان موضوعاً تكوينياً عرفياً إلاّ أن الشارع تصرف فيه، وهذه التحديدات تفيد الموضوعية، فتأمل.
ومنه يعلم الإشكال في الحكم بحيضية ما لو ماتت قبل الثلاثة، فتأمل.
المسألة 645:
[1]: ومثل أنْ لا حدّ لأقل النفاس.
[2]: لعله لأنَّ مدته أطول.
ص: 170
[3] في الفيضان(1)؛ لأن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى.
المسألة 646: يجوز[1] للمرأة أن تقلب استحاضتها من القلة إلى التوسط أو الكثرة، أو من الكثرة إلى التوسط أو القلة وهكذا.
* الجواز لسلطانها[2] ولا محذور شرعي، فإذا تحقق موضوع كل قسم تبعه حكمه.
المسألة 647: هل[1] للزوجة أن تحيض نفسها فراراً من مواقعة زوجها لها أم لا؟ الظاهر أنها لا حق لها في ذلك، ولكن إذا عصت وفعلت لم يكن لزوجها المواقعة.
-------------------------
[3]: أو هو طلب ذلك، فراجع(2).
المسألة 646:
[1]: والظاهر أنه لا يأتي إشكال الحيض؛ لأن المستحاضة بحكم الطاهرة، فلا مانع من جعل القليلة متوسطة، والمتوسطة كثيرة.
[2]: ولو فرض فقد الدليل الاجتهادي فمقتضى الأصل البراءة.
المسألة 647:
[1]: مضى البحث في ذلك في المسألة (643)(3).
ص: 171
* تقدم وجه الحكمين من أنه حق الزوج، ومن أن الحكم تابع[2] لموضوعه، ولا يخفى أن المستحاضة وإن جاز لزوجها المواقعة إلا أنه إذا لم يرغب في الإدخال وهي ذات دم لم يجز[3] لها ذلك بأن تجعل نفسها مستحاضة؛ لأنه من حق الزوج كما تقدم.
المسألة 648: لو حيضت نفسها فراراً من زوجها، كما تقدم في المسألة السابقة، فهل لها النفقة أم لا؟ وهل أنها تكون بعملها ذلك ناشزاً[1] أم لا؟ احتمالان.
* الظاهر أنه إذا كان ذلك خلاف رغبة الزوج ونهاها[2] كانت ناشزة(1)،
-------------------------
[2]: والموضوعان عرضيان، فيجوز ذلك، راجع ما سبق(2).
[3]: راجع بحث المنفرات في (النكاح)(3).
المسألة 648:
[1]: والامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار.
[2]: لا حاجة للنهي بعد العلم بعدم الرضا، بل قد يُقال: إنّه يكفي الشكّ؛ إذ لا
ص: 172
ولا نفقة لها، حسب الصناعة.
المسألة 649: لو أخرجت دم الحيض بواسطة السحب بالآلة فهل تكون مدة خروج الدم - ولو ساعة - حائضاً أم لا؟ احتمالان.
* من أنه حيض، ومن أن أدلة الحيض منصرفة[1] عن مثل ذلك، ولما دل على أن الحيض لا يقل عن ثلاثة، وهذا أقرب[2].
المسألة 650: لو خرج[1] دم الحيض بواسطة أُنبوب وضع في ظهرها أو
-------------------------
حقّ لأحد في التصرّف بحق الآخرين إلاّ مع العلم بإذنه، والشك لا يكفي في الجواز. راجع العروة(1)، بحث الوضوء، الإباحة، والخمس في أنَّ الأصل الاحترام إلاّ أن يُعلم بالعدم(2).
المسألة 649:
[1]: أي: التحديد الشرعي كما سبق(3).
[2]: راجع مسألة (644)(4).
المسألة 650:
[1]: والأحوط الحكم بالحيضية مطلقاً.
ص: 173
بطنها مثلاً، لا من المخرج المتعارف، فهل تكون محكوماً بحكم الحائض أم لا؟ أم يفصل بين اعتياد الإخراج من ذلك الأُنبوب وبين وقوع ذلك مرة واحدة فقط، مثلاً؟ احتمالات.
* الظاهر أنه كخروج البول والغائط كذلك - كما ذكرناه في الفقه(1) - لوحدة الملاك في المقامين.
المسألة 651: لو توسلت بوسيلة جعلت دم الحيض الخارج في مدة ثلاثة أيام يخرج ببطء في مدة خمسة أيام[1]، فالظاهر أن الجميع حيض، وكذلك العكس لو جعلت دم الحيض الخارج في مدة خمسة أيام يخرج بكثرة في مدة ثلاثة أيام، فالظاهر أن يوم النقاء ليس حيضاً.
* وذلك لأنه كلّما تحقق الموضوع[2] تحقق الحكم، وكلّما لم يتحقق لم يتحقق.
-------------------------
المسألة 651:
[1]: أما البحث في حليته وحرمته فقد سبق(2).
[2]: راجع المسائل السابقة(3)، وراجع: الاستصحاب (الأحكام تابعة
ص: 174
المسألة 652: لو توسلت بوسيلة جعلت الدم المقرر خروجه لعشرة أيام - في ما كانت عادتها عشرة مثلاً - يخرج في أحد عشر يوماً، فاليوم الزائد ليس محكوماً بحكم الحيض.
* لإطلاق أدلة أن دم الحيض لا يكون أكثر من عشرة، إلا أن يقال بانصراف[1] الأدلة عن مثل ذلك، وكذلك في عكسه لو جعلت دم الثلاثة بالكبس يخرج في يومين[2].
-------------------------
للعناوين)(1)، و بحث (الاستحالة)(2) في المطهرات.
المسألة 652:
[1]: لو تم الانصراف هنا تم في بعض المسائل السابقة، ووجه ذلك أنّ الألفاظ محمولة على المتعارف، وهذا ليس متعارفاً، فتأمل، وراجع المسألة (644) (3).
[2]: وقد سبق في المسألة (644)(4).
ص: 175
المسألة 653: لو سببت الآلة تقطيع دم الحيض بأن كانت عادتها ثلاثة أيام فصارت بسبب الآلة ترى الدم في اليوم الأول والثالث والسادس، فالمسألة مشكلة.
* والاحتياط[1]، [2] هنا وفي كل ما شك سبيل النجاة، وإن كان الظاهر[3] أنه ليس بحيض؛ لاشتراط الاستمرار ثلاثة أيام فيه.
المسألة 654: لو قُرِّر أكل كل نبات لوسائل تطويرية أبدلت النباتات التي لا تؤكل إلى التي تؤكل، فهل يصح السجود على ما لم يكن يؤكل سابقاً، أو لا يصح السجود باعتبار هذه الحالة الطارئة؟ احتمالات، وإن كان الظاهر عدم الصحة؛ لأن الحكم تابع للموضوع.
* فإنه الآن مما يؤكل، لا مما لا يؤكل، كما أنه كذلك إذا صار
-------------------------
المسألة 653:
[1]: راجع المسألة (652)(1).
[2]: وذلك بالجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة - بناءً على أن حرمة العبادات على الحائض ليست ذاتية - وإلا لم يكن الاحتياط في العبادة لدوران الأمر بين المحذورين.
[3]: سبق الكلام في مثله(2).
المسألة 654:
ص: 176
بالطبخ[1] مأكولاً.
المسألة 655: لو أُخرج قسم من النباتات المأكولة عن قابلية الأكل بوسائل تطويرية فالظاهر جواز السجود عليها بعد التطوير، لما تقدم في المسألة السابقة.
* لأنه الآن ليس بمأكول[1].
المسألة 656: ما تقدم في المسألة (654) و (655) جارٍ في النبات الملبوس بأن صار غير الملبوس ملبوساً، أو صار الملبوس غير ملبوس بوسائل تطويرية.
* لما تقدم من أن الحكم تابع لموضوعه[1].
-------------------------
[1]: الظاهر: أنه ولو لم يطبخ يعد مأكولاً، أي: من شأنه الأكل، فليس في ذلك تبدل وانقلاب بخلاف ما نحن فيه.
المسألة 655:
[1]: والحكم تابع للموضوع، كما مر مراراً، راجع المسألة (651)(1).
المسألة 656:
[1]: ولو اختلفت الأعراف كان لكلٍ عرفه - راجع بحث ما يصح السجود عليه في العروة(2) - ولو اختلف العرف الواحد فما الحكم؟ ولو هاجر الإنسان من عرف إلى عرف آخر؟
ص: 177
المسألة 657: لو أمكن اتخاذ الحرير حقيقة من بعض الحيوانات بوسائل فنية، فهل يكون بحكم الحرير في حرمة اللبس للرجال أم لا؟ احتمالان، وإن كان الأقرب حرمة اللبس.
* (حرمة اللبس) إذا صدق الحرير حقيقة لا اسماً وصورة فقط[1]، اللّهم إلا أن يقال بالانصراف[2] عن حرير غير دود القز، فتأمل. كما أن
-------------------------
المسألة 657:
[1]: لأنَّ الأحكام تابعة للعناوين.
[2]: فإنَّ القضيّة وإن كانت حقيقية إلاّ أنها تشمل الأفراد المتجددة لحرير القز لا غيره، وإلا لنقض ذلك بالحرير الصناعي لو صدق عليه الحرير حقيقةً، وكذا لو أوجد وليّ من الأولياء الحرير بالكرامة أو الإعجاز، فتأمل.
وقد يُقال: إنّ الأحكام تابعة للملاكات، وحيث إنهما لا يختلفان مطلقاً سرت إليه الحرمة، وقد يجاب: بأنَّ الملاكات مجهولة لدينا.
وقد يُقال: إنّها عرفية، فلو قال الطبيب: (لا تلبس الحرير) حرم عليه ما صنعته دودة القز؛ إذ لا فرق.
وقد يقرب ذلك بأنه لو خلق ولي من الأولياء الماء بالإعجاز أو الكرامة جاز الوضوء به، ولا يلاحظ لزوم كون منشئه ماء السماء، {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنْ السَّمَاءِ}(1)، {فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ}(2) فتأمل(3).
ص: 178
الحكم كذلك في اللؤلؤ مثلاً، لا يختلف فيه بين اللؤلؤ الطبيعي أو الاصطناعي[3]، كما يفعله بعض الدول الصناعية لكن بالوسائل الفنية في نفس البحر وسائر شرائطه.
المسألة 658: لو أطعم دود القز بما سبب أن لا يكون لعابه حريراً، فالظاهر أنه لا يحكم بحكم الحرير؛ لأن الحكم تابع لموضوعه[1]، والمفروض أنه لا حرير، فلا حرمة للبسه للرجال.
* على ما تقدم من أنه متى تحقق الموضوع تحقق الحكم، وبالعكس.
المسألة 659: ينبغي أن يكون للهلال الأحمر علماء بأحكام الأموات حتى إذا دخل الهلال في كارثة كان معه مَنْ يقوم بإجراء مراسيم الأموات.
* بل قد يكون واجباً[1] إذا لم يكن هناك مَنْ به الكفاية، ويكون
-------------------------
[3]: بأن صدق عليه اللؤلؤ بلا قيد (الصناعي).
المسألة 658:
[1]: إلاّ أن يكون مثله تماماً، فتأتي مسألة الملاك المذكور في مسألة (657)(1)، لكنه محل نظر.
المسألة 659:
[1]: أي اتخاذ العلماء، إذا لم يكن خارجاً مَنْ به الكفاية، فالمراد واجباً كفائياً، ويحتمل عينياً؛ إذ الفرض عدم وجود من به الكفاية، إلاّ أن يكون الملاك
ص: 179
مستحباً بشرائطه[2].
المسألة 660: هل يكون من الزيارة المستحبة - لو أمكن - إيفاد الروح[1] إلى مرقد النبي (صلی اللّه عليه وآله وسلم) والإمام (عليه السلام) أو ميت الإنسان، حتى يحضر هناك أم لا؟ احتمالان.
* العدم لتوهم انصراف الأدلة عن مثله، ولا يبعد استحباب ذلك لعموم الأدلة[2] أو للملاك، فتأمل.
المسألة 661: ينبغي[1] قراءة نهج البلاغة في الإذاعات بلحن خاص
-------------------------
في العيني عدم قيام مَنْ به الكفاية، فتأمل.
[2]: لعل من الشرائط: أن لا يكون مزاحماً بالواجب، أو مستلزماً للحرام، فتأمل؟
والخلاصة: 1- الوجوب العيني. 2- الكفائي. 3- الاستحباب.
المسألة 660:
[1]: هل المراد: أرواح الأحياء، أو أرواح الأموات؟
[2]: مثل الزيارة والمودة في القربى، وتعظيم البيوت التي أذن اللّه أن ترفع، ونحو ذلك.
المسألة 661:
[1]: وقد يجب ذلك كفائياً، وقد يجب عينياً، من باب المقدمية والإرشاد، كما أُشير إليه في المسألة اللاحقة(1).
ص: 180
يناسب الكتاب، لا كتجويد القرآن الحكيم، ولا مثل القراءة العادية للأخبار.
* حتى تكون له سمة خاصة، وهذا من الاهتمام به ومن تعظيم الشعائر[2]، وبذلك يجلب الناس إلى العمل به، فإنه يوجب سعادة الدنيا والآخرة.
المسألة 662: ينبغي قراءة الأدعية الواردة عن الرسول (صلی اللّه عليه وآله وسلم) وآله الأطهار (صلوات اللّه عليهم أجمعين) في الإذاعات بلحن الدعاء.
* فإن الدعاء مدرسة الاعتقاد والعمل[1] والآداب والسنن، إضافة إلى أنه من تعظيم الشعائر، وقد يجب ذلك[2].
المسألة 663: ينبغي اتخاذ المراكز العلمية الدينية الإذاعات لنشر الإسلام والفضيلة، بل قد يجب[1]
-------------------------
[2]: والمودة في القربى، والأمر والنهي والإرشاد والتنبيه والتواصي بالحق و...
المسألة 662:
[1]: يشمل الأحكام الفرعية والأخلاق.
[2]: عينياً أو كفائياً، كما سبق في المسألة السابقة(1).
المسألة 663:
[1]: كفاية أو عيناً كما سبق(2).
ص: 181
إذا كان في ذلك إرشاد[2] للجاهل وتنبيه للغافل، أو أمر بالمعروف أو نهي عن المنكر.
* وذلك لإطلاق أدلة الواجب في الواجبات والمستحب في المستحبات، وكذلك حال محطات التلفزيون وسائر الوسائل الحديثة، كالأقمار الصناعية وغيرها.
المسألة 664: لا يجوز إرداف إنسان على الدراجة الهوائية المستأجرة لو لم يأذن[1] بذلك صاحب الدراجة. نعم، إذا أذن أو علمنا[2] رضاه أو كان الإيجار لذلك جاز.
* عدم الجواز في الصورة الأُولى لعدم رضا صاحب الدراجة، وهكذا زيادة الركاب في السيارة المستأجرة، إلا إذا كان بحد متعارف ولم ينه عنه.
-------------------------
[2]: راجع الفوارق بينها في (شورى الفقهاء).
المسألة 664:
[1]: وكذا لو شك في الإذن، راجع الوضوء، والخمس في حرمة التصرف إلاّ مع العلم(1). ولاحظ مبنى النائيني (رحمه اللّه) في العنوان الوجودي والاستثناء(2)، ولعل «لم يأذن» يشمل ذلك.
[2]: أو اطمأننّا، أو كانت هنالك فحوى، أو شاهد حال قطعي، وهل يكفي شاهد الحال لو كان ظهوراً؟ وهل هو مثل ظهور الألفاظ؟ راجع الدلائل، بحث
ص: 182
المسألة 665: إذا ثبت[1] بالوسائل العلمية إقرار أو جناية أو دين أو وصية أو ما أشبه، كما لو تمكنا من أخذ صوت المقر من الهواء أو حفظت بالمسجلة، أو تمكنا من التقاط صورة الجاني[2] بالأشعة بعد تمام الجناية، أو نحو ذلك، فإن أورث العلم[3] ولم يكن الشارع قرر لإثبات ذلك طريقاً خاصاً صح الحكم بترتيب الآثار الشرعية على ما ثبت بالأدلة العلمية.
* لأنَّ العلم حجة ذاتاً، لو لم يكن كما في الزنا، حيث يلزم لإثباته شهود أربعة أو الإقرار أربعاً، والظاهر أن الشارع لم يرد الفضيحة[4] ولهذا شدد، وإلا فالإقرار الواحد الخالي عن الضغط والإكراه وما أشبه كافٍ في الإثبات، وفي حصول العلم للقاضي بذلك، فالسرقة تثبت الضمان بالوسائل المفيدة للعلم، وأما الحد - وهو قطع اليد - فلا تثبت إلا بالطريق المقرر شرعاً، ولا تلازم بين الأمرين.
-------------------------
الوضوء(1). والتعارف الخارجي يكفي كما سيأتي في ذيل المسألة.
المسألة 665:
[1]: مضت هذه المسألة في أوائل الكتاب(2).
[2]: لا يخفى أن تزوير الأصوات والصور ممكن بالدبلجة، أو إعطاء الذبذبات للكمبيوتر، فاللازم التحري والدقة، فتأمل.
[3]: والاطمئنان مرتبة منه عرفاً.
[4]: فلعله يتراجع بعد الإقرار الأوّل أو الثاني أو الثالث، فلا يجرى عليه الحدّ.
ص: 183
المسألة 666: إذا تحقق اختلاف الخطوط الموجودة في الأنامل قطعاً[1]، ووجد على الباب المنكسر أو القفل المفتوح أو ما أشبه ذلك آثار تلك الخطوط، وعلمنا[2] بما يدين المتهم بالسرقة أو بالجريمة، صح الحكم على طبق ما ثبت استناداً إلى العلم.
* لأنَّ العلم[3] حجة، وليست السرقة - في الضمان[4] وردّ الأموال - كالزنا ونحوه في الاحتياج إلى طريق خاص.
المسألة 667: ما تقدم في المسألة (665 - 666) هو فيما يجوز اعتماد الحاكم على علمه - كما نستقربه في الجملة - أما إذا قيل بعدم صحة
-------------------------
المسألة 666:
[1]: بحيث لا يشترك اثنان في ذلك.
[2]: إلاّ أنَّ وضع تلك الخطوط - بنقلها من مكان آخر أو تقليدها وصنعها- ممكن، فاللازم الدقة في ذلك.
[3]: أو الاطمئنان كما سبق(1).
[4]: أما في القطع فهو بحاجة إلى وسائل الإثبات المعينة، راجع المسألة (665)(2).
المسألة 667:
ص: 184
الاعتماد، وإنما اللازم بطرق البينة واليمين فالعلم[1] لا يفيد في الإدانة.
* لكن الظاهر[2] من قضايا علي (عليه السلام) صحة الوصول إلى النتائج بالطريق الموجب للاطمينان، فتأمل.
المسألة 668: لا يجوز استعمال جهاز التنبيه عند إنسان فجأة[1] مما يسبب إيذاءه.
* لأنَّ الإيذاء حرام مطلقاً[2].
المسألة 669: لا يجوز إمرار السيارة أو الدراجة أو ما أشبه من وراء
-------------------------
[1]: نعم، الظاهر أنَّ لصاحب المال التقاص فيما لو علم بالسرقة.
[2]: إلاّ أنْ يقال: إنّها قضايا في واقعة، لكن المؤلف (رحمه اللّه) ناقش في هذه المقولة في بعض كتبه(1)، وأصالة الأسوة تقتضي التعميم.
المسألة 668:
[1]: لكن قد يقال: إنَّ المقدار المتعارف لا بأس به؛ لجريان السيرة عليه، فإن المتعارف التنبيه للماشي والراكب على الدابة ولم يردع عنه، فتأمل.
[2]: راجع (المحرمات)(2) وهو من مصاديق الظلم.
المسألة 669:
ص: 185
إنسان فجأة مما يسبب إيذاءه.
* وذلك لما تقدم[1]، وكذا كل ما كان من هذا القبيل.
المسألة 670: لو دهس[1] السائق إنساناً مما يسبب وفاته أو جرحه أو كسر عضو منه، فعلى السائق الدية وإن لم يكن عن علم أو عمد.
* وذلك للصدق العرفي بأنه القاتل أو الكاسر أو الجارح، والدية تكون حسب الموازين المذكورة في محلها، ففي الخطأ المحض على العاقلة، وفي العمد وشبه العمد على القاتل والجارح، سنة في العمد، وسنتين في شبهه كما أنه يحق للولي القصاص مكان الدية في العمد.
المسألة 671: لو دهس السائق سيارة[1] أو خرب بناءً أو أتلف
-------------------------
[1]: وتقدم الاستثناء(1).
المسألة 670:
[1]: لكن لو كان الدهس بسبب المدهوس فقد ذكر المصنف (رحمه اللّه) في مكان آخر أنه لا شيء على السائق. وفيه تأمل. (راجع مسألة 673)(2).
المسألة 671:
[1]: إلاّ إذا كانت المدعومة هي المقصّرة، كما ذكرناه في المسألة (670)(3)
ص: 186
مالاً[2] كان ضمانه عليه، وإن كان عن جهل أو خطأ أو غفلة أو ما أشبه.
* ولا فرق هنا بين العمد وغيره، لصدق «من أتلف مال الغير» عليه.
المسألة 672: لا يحق[1] للدائن مهما كان (ولو البنك) أن يحجز على مستثنيات الدين المذكورة في كتاب الدين من فقه الإسلام(1)، ولا أن يبيع المستثنيات.
-------------------------
فتأمل.
[2]: بالشرط السابق(2).
المسألة 672:
[1]: وهل يحق له أن يشترط عليه أن يكون وكيلاً عنه في بيع ذلك، كما تفعله البنوك الإسلامية فعلاً؟ يحتاج للتأمل.
ويبدو أنه من مصاديق «المؤمنون عند شروطهم».
إلاّ أن يقال: إنه خلاف مقتضى الكتاب.
إلاّ أن يرد: بأنه كذلك لو لم يشترط، أما مع الشرط فهل ككل شرط مخالف لمقتضى الإطلاق مثل شرط (أن لا يتزوج عليّ) مع قوله تعالى: {مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ}(3).
ص: 187
* بل اللازم الصبر، وإذا كان بيت المال أداه عنه[2]، قال سبحانه: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}(1).
المسألة 673: لو دهس القطار إنساناً أو دابة أو أتلف مالاً كان على السائق[1] الدية والضمان، وإن لم يكن السائق قادراً على إيقاف القطار، إلا أن يكون المدهوس هو السبب[2].
* وهنا يأتي أيضاً العمد وشبهه والخطأ حسب موازين باب القصاص والديات.
-------------------------
[2]: لما ذكر في كتاب «الزكاة»، وقال تعالى: {وَالْغَارِمِينَ}(2)، وراجع السياسة والاقتصاد بحث بيت المال(3).
المسألة 673:
[1]: راجع مسألة (670)(4).
[2]: هو كذلك عرفاً فهو قاتل نفسه، إلاّ أن الظاهر أن الضابطة التي ذكروها
ص: 188
المسألة 674: لو قتل السائق إنساناً خطأ فالدية كما ذكرت في كتاب الديات، ويجوز التصالح على الدية.
* لأن الحق لا يعدوهما، والتصالح قد يكون بالزيادة[1] أو النقيصة[2]، أو تغيير[3] الدية إلى شيء آخر حسب موازين الصلح.
المسألة 675: لا يجوز[1]،
-------------------------
ل- (الخطأ المحض)(1) تنطبق عليه، وليس من زحزح نائماً فقتله بأولى بصدق القاتل عليه منه، مع أنَّ المصنف (رحمه اللّه) في (المسائل)(2) ذكر أنَّ النائم قاتل.
المسألة 674:
[1]: فتكون تبرعاً.
[2]: فتكون إبراءً أو إسقاطاً.
[3]: فتكون معاوضة، أو أن عنوان الصلح يشملها جميعاً.
المسألة 675:
[1]: وهذا لا يرتبط بمسألة (تكليف الطفل) بل بعض المحرمات عُلم أن الشارع
ص: 189
[2] لولي الطفل أن يترك الطفل ليأتي بالمحرمات الشرعية، إلا بالنسبة[3] إلى ما علمنا من الشرع اختصاصه بالكبار، مثلاً: لا يجوز للولي أن يترك الطفل ليلوط أو يشرب أو يزني أو يقتل أو يسرق أو ما أشبه. نعم، لا بأس بلبس الولد الذهب لما دل[4] من اختصاص حرمة لبس الذهب بالرجال دون الأطفال.
* قلنا: (أو ما أشبه) لورود الأدلة بصورة خاصة في بعض ذلك، بالإضافة إلى المركوز في أذهان المتشرعة، ورفع القلم أنّما هو في الجملة[5] لا مطلقاً.
-------------------------
لا يريد وقوعها في الخارج مطلقاً، أو في خصوص الطفل، كالقتل، ولذا يمنع حتى الحيوان عنه.
[2]: وقد يُعلم بعض ذلك من ارتكاز المتشرعة، كما سيشير إليه المصنف (رحمه اللّه) (1).
[3]: الأولى أن يقال: إلاّ ما علمنا عمومه للطفل، أي: أن الشارع لا يريد وقوعه حتى من الطفل؛ إذ لا يجب الردع إلاّ عن مثله.
[4]: الأولى أن يقال: لعدم دليل على عموم الحكم، أو وجوب الردع كما سبق.
[5]: هنا مطلبان:
1- هل على الولي الردع؟
2- هل الطفل مكلف في الجملة؟
وظاهر حديث الرفع: الرفع مطلقاً، إلاّ أن تكليف الولي هو الردع، كردع الحيوان.
ص: 190
-------------------------
لكن قد يقال: إن لحديث الرفع إطلاق، وهو لا ظهور له في رفع المحرمات العقلية، مثل الشرك وعبادة الأصنام والقتل والسرقة، بل يرفع المحرمات الشرعيّة فقط؛ ولذا لا يجوز للطفل شرعاً أن يرتكب هذه؛ إذ قد يستطيع ارتكابها سراً بلا علم أحد، أو بلا استطاعة أحد من الردع.
راجع تفصيل المطلب في أول المجلد الثاني من الأصول، (بحث القطع)(1).
إن قلت: الحرمة العقلية كافية في ردع الطفل.
قلت: المشهور أنها لا تسبب استحقاق العقاب، فلا يبقى رادع للطفل. نعم، قد يقال: إنها توجب الاستحقاق، كما ذكره صاحب الكفاية(2) في التجري، حيث إنه حرام عقلي يوجب الاستحقاق، وراجع الترتب: في تفويت الملاك ونحوه(3).
ص: 191
كما أنه كذلك[6] في المستثنى منه والمستثنى بالنسبة إلى المجنون والسكران، وإن كان سكره لا عن اختياره، مثلاً.
المسألة 676: لو غصبت السلطة الجائرة ملكاً أو وقفاً وجعلته شارعاً فالظاهر جواز المرور فيه؛ لأن الملكية والوقفية أنما يتحقق حكمها فيما إذا كان هناك اعتبار عقلائي[1]، وبعد صيرورة المحل شارعاً لا اعتبار عقلائي لكون أرض الشارع ملكاً لزيد أو وقفا لمسجد، مثلاً .
-------------------------
[6]: مع بعض الاختلاف.
المسألة 676:
[1]: أي: أنّ الشارع قال: (المال المملوك لا يجوز التصرف فيه) والملكية علقة بين المالك والمملوك لم يعينها الشارع، بل هي أمر عرفي، وأن تصرف فيه الشارع بالزيادة والنقيصة، وهذه العلقة تنقطع بينهما في ما نحن فيه، فلا يقال: هذا المكان ملك فلان، بل كان ملك فلان، ولو منع المالك المرور وقال لا أرضى لم يسمع منه العقلاء.
ونظير ذلك ما ذكر في كتاب الخمس، حول مبحث الخمس في الكنز(1)، مثلاً: لا يصح لأحد أبناء بني العباس أن يقول: إنَّ الملوية ملكي وهكذا.
ومثله المال المُلقى في البحر مع اليأس من استخراجه، ولكن هذا لا يخلو من تأمل.
وقد يقال: إنها مجهولة المالك ويلحقها حكمه، أو إنه يلحقها حكم العبور في الأراضي غير المسوّرة، أو إنه يضع قدمه على الاسمنت أو القير لا على نفس
ص: 192
-------------------------
المغصوب. أو إن المالك قد أعرض، أو إنه راضٍ بذلك بشاهد الحال، أو إنه مصلحة للمجتمع، وقد فصلها الروحاني في فقه المسائل المستحدثة (1)، واختار أن الوجه: أنّ اعتبار الملكيّة لغو!(2) فتأمل.
والأولى أن يستدل بجريان السيرة على ذلك، لو ثبت مثل ذلك في عهده (عليه السلام) ، فتأمل.
أو يقال: إنه عسر وحرج، لكنه شخصي لا نوعي، فتأمل. وراجع العروة، في بحث: لو جعل المسجد مكاناً للزرع (في كتاب الطهارة)(3).
أو إن عدم العبور إخلال بالنظام، أو إنّه يلحقهما حكم جوائز السلطان - لو لم تعلم حراماً بعينها- لكن هنا علمت كذلك، فتأمل.
ص: 193
* أما لو فعل العادل ذلك للاحتياج من باب الأهم والمهم فالأمر أوضح[2].
المسألة 677: الفضاء الذي فوق المسجد إنما يعتبر تابعاً للمسجد بالمقدار المتعارف[1] عند العقلاء تبعيته له، فلو مكث إنسان جنب في طائرة (هيلوكبتر) فوق فضاء مسجد يبعد ألف متر[2] مثلاً لا يكون ذلك من المكث في المسجد.
* لأن إطلاق المسجد والمكث فيه لا يشمله عرفاً، وكذلك تحت المسجد بألف متر مثلاً.
المسألة 678: هل يجوز تصوير بناية إنسان من بعيد بأن يسلط المصور عدسة كامرته على جهة البناء من بعيد ويلتقط صورته، أم لا يجوز إلا
-------------------------
[2]: لكن هل هنالك تلازم بين وظيفة الحاكم ووظيفة المارّ، أو أنّه من مستلزماته العرفية؟ أي: أن التجويز له ملازم للتجويز للمارّة، فتأمل.
المسألة 677:
[1]: وهو المسمى ب- (الحريم).
[2]: التبعية غير المسجدية، فحريم دار زيد حريم لها وليست داراً لزيد، وعلى هذا فلا يصح أن يبني فوق المسجد بمائة متر، لكن يصح المرور جُنباً ولا ملازمة بينهما، فتأمل.
ومنه يظهر النظر في الاستدلال، فتأمل.
المسألة 678:
ص: 194
برضاء صاحب البناية؟ الظاهر الجواز إذا لم يكن هناك محذور خارجي[1]؛ لأن التصوير ليس تصرفاً.
* نعم، لا يجوز إذا عُدّ ذلك حقاً عرفاً[2]، فإنه إذا تحقق لدى العرف الموضوع تحقق الحكم، فإنه: «لا يتوى حق[2] امرئ مسلم»(1).
المسألة 679: من المحذور الخارجي الذي ذكر في المسألة السابقة تصوير مواقع الجيش والسلاح وما أشبه بسبب الطائرات التجسسية، فإن ذلك لا يجوز[1]؛ لأنه من كشف السر الذي لا يجوز إذا كان ذلك السر محترماً عند الشارع.
* لا غير المحترم كمواقع جيش الكفار المحاربين للمسلمين أو ما أشبه.
-------------------------
[1]: ككشف أسرار الجيش الإسلامي، أو الاطلاع على العورات المحرمة، وسيشير المصنف (رحمه اللّه) لذلك في المسائل اللاحقة(2).
[2]: كما لو ابتكر شخص شيئاً - كجسر في اليابان - ولم ترضَ أن يصور مثله، فأنه حق عرفاً، فتأمل.
[3]: مع النص الخاص هو نوع من أنواع الظلم، فتأمل.
المسألة 679:
[1]: راجع (المحرمات)(3)، ولأنه إضرار.
ص: 195
المسألة 680: ومن المحذور الخارجي المذكور في المسألة (678) ما يوجب فضح مسلم مستور[1]، كأن يلتقط بالأشعة صورة قنينة الخمر التي أخفاها في داره مثلاً.
* ومن روايات(1) ستر المؤمن يعرف حرمة ذلك[2].
المسألة 681: ومن المحذور الخارجي المذكور في المسألة (678) ما يوجب كشف سرّ له، كأن يصور ماله الذي يحتفظ به في القاصة فيما إذا أراد إخفاءه، ولم يرضَ بكشفه.
* لأنه سره المحترم المشمول لأدلة حرمة[1] كشف السر.
-------------------------
المسألة 680:
[1]: إلاّ إذا كان ذلك مقدمة للنهي عن المنكر أو الردع عنه.
[2]: وكذا أدلة الهتك، وإفشاء السرّ والغيبة.
المسألة 681:
[1]: راجع: (المحرمات)(2).
ص: 196
المسألة 682: الظاهر أنه لا يجوز عبور الجنب في فضاء الكعبة في المسجد الحرام مهما كان بعيداً، كعشرة آلاف متر مثلاً؛ لأن الكعبة ممتدة إلى السماء، لكن المسألة بعد غير منقحة وتحتاج إلى مزيد من التأمل.
* (التأمل) لاحتمال انصراف الأدلة عن مثل ذلك، ولا يبعد[1]، وإن صح التوجه في الصلاة إلى ذلك العمود الخيالي الممتد من تخوم الأرض إلى عنان السماء طرفي الكعبة؛ لعدم التلازم[2] بين الأمرين.
المسألة 683: لا يتحقق الاتصال في صلاة الجماعة بسبب الراديو أو التلفزيون، وإن سمع الصوت ورأى الشخص، فتجويز بعض المسلمين لذلك خلاف الأدلة.
* فإن الجماعة لا تتحقق إلا بما ذكر في كتاب الصلاة[1].
-------------------------
المسألة 682:
[1]: أي: الانصراف.
[2]: فالكعبة باعتبارها قبلة ممتدة لا في كلّ الأحكام؛ ولذا لا يصح الطواف في المسافة البعيدة، فتأمل.
المسألة 683:
[1]: نعم، في صلاة النساء يغتفر ما لا يغتفر في صلاة الرجال - أي: صلاتهن
ص: 197
المسألة 684: لا يحق للطائرة أن تنزل في مطار لم يأذن بنزولها فيه صاحب المطار، وإن خالفت ونزلت ضمنت الأُجرة.
* (ضمنت الأُجرة) لأنه من حق صاحب المطار ذلك، بالإضافة[1] إلى أن فعله محرم؛ لأنه تصرف في ملك الغير بلا إذن منه فعليه التعزير[2]، والمراد بالتعزير ما يشمل الغرامة[3] وما أشبه، إلا إذا كان مضطراً أو
-------------------------
خلف الرجال - راجع صلاة الجماعة(1)، وكذا في مسألة (الطبقات العالية) مع الاتصال.
المسألة 684:
[1]: فهنا ثلاثة أحكام:
1- الحرمة التكليفية.
2- الضمان الوضعي.
3- التعزير.
[2]: بناءً على جريانه في كلّ محرّم.
[3]: خلاف المشهور، إلاّ أن يبنى على العناوين الثانوية.
ص: 198
مكرهاً فلا حرمة وإن ضمن[4]. نعم، لا يبعد أن يكون الضمان على مَنْ اضطره أو أكرهه[5]؛ لأن السبب أقوى[6].
المسألة 685: لا يحق لإنسان أن يختطف الطائرة أو السيارة أو القطار أو الغواصة أو السفينة، إلا إذا كان ذلك لمصلحة أهم في نظر الشريعة من مصلحة الحرام الذي هو الاختطاف.
* والأهمية يلزم أن تعرف بنظر شورى الفقهاء إذا كان هناك فقهاء مراجع للتقليد، وبدونه فالفقيه المقلَّد؛ لأنه الحاكم الشرعي حينئذٍ، وأما ما تعارف اليوم من الاختطافات وأخذ الرهائن والأعمال الإرهابية فهو محرم
-------------------------
[4]: لكن ناقش في الضمان، في (الدلائل في بحث شرائط الوضوء، الإباحة)(1).
[5]: كالخاطف المهدد.
[6]: ويحتمل جواز الرجوع إلى كلّ منهما، إلاّ أن قرار الضمان على المكرِه (راجع المكاسب)(2).
المسألة 685:
ص: 199
للأدلة الأولية[1]؛ ولأنه يوجب تشويه[2] سمعة الإسلام والمسلمين.
المسألة 686: لو زُرق[1] جسم الطائر ذي الصفيف الأكثر حتى صار دفيفه أكثر لم يلحقه حكم ذي الدفيف. نعم، إذا سرى[2] ذلك إلى نسله حتى أصبح هذا القسم من الطائر ذا دفيف أكثر فالظاهر أنه يلحقه حكم ذي الدفيف.
-------------------------
[1]: فإنّه ظلم وإيذاء وخلاف قانون السلطنة.
[2]: وهو خلاف إتمام الحجة، وخلاف الإرشاد والتنبيه، وفي الحديث «لولا أن يقال ... لضربت أعناق كثير»(1).
المسألة 686:
[1]: الظاهر أن المسألة مرت سابقاً(2).
[2]: فيه نظر؛ إذ يحتمل انصراف (ذي الدفيف) عن مثله، فتأمل، وراجع: بحث القضية الخارجية والحقيقية(3).
ص: 200
* قد تقدم أن المعيار في مثل ذلك الصدق العرفي[3].
المسألة 687: لو زُرق جسم الطائر ذي الدفيف الأكثر حتى صار صفيفه أكثر لم يلحقه حكم ذي الصفيف. نعم، إذا سرى ذلك إلى نسله حتى أصبح هذا القسم من الطائر ذا صفيف أكثر فالظاهر أنه يلحقه حكم ذي الصفيف.
* وذلك لما تقدم[1] في المسألة السابقة.
المسألة 688: لو أمكن تقريب القمر إلى الأرض عبر الوسائل العلمية، أو إبعاده عن الأرض مما أوجب اختلال النظام لم يجز؛ لأن ذلك تصرف[1] في حياة الناس، وذلك غير جائز، بل لو رضي الناس فرضاً ففي الجواز أيضاً إشكال؛ لأنه حق كل الأجيال[2].
-------------------------
[3]: وهل ذلك ملازم للسراية إلى نسله، أو الأولى: أن نجعل الملاك الصدق مطلقاً؟ وهل الملاك في الصدق كونه طبيعة ثابتة لا عارضاً مؤقتاً؟
المسألة 687:
[1]: وتقدم التعليق(1).
المسألة 688:
[1]: وظلم وإيذاء وإضرار، ولعله تغيير لخلق اللّه تعالى.
[2]: راجع تفصيله في كتاب (الاقتصاد)(2)، ولعله سبقت الإشارة إليه(3).
ص: 201
* (إشكال) أي منع؛ لأنه لا يحق لإنسان أن يتصرف في حق إنسان آخر، سواء كان ذلك الإنسان معاصراً أم مستقبلاً؛ وذلك لأن الأُمور مؤطرة بإطار (لكم)(1).
المسألة 689: لو أمكن تنصيف القمر إلى نصفين أو أكثر لكن مع بقائه في المدار المعين، فإن أثر ذلك على حياة الناس لم يجز كما تقدم، وإن لم يؤثر أو رضي الناس كلهم بذلك ففي الجواز إشكال[1] على ما سبق.
* والأمر هنا كالأمر في المسألة السابقة[2].
المسألة 690: لو اُبقي الجنين في الرحم أكثر من القدر المعتاد بالوسائل العلمية، فهل الاعتبار في بلوغه: يوم خروجه من الرحم، أو يوم تأهله للخروج عادة؟ مثلاً: لو كان بقاء الجنين - عادة - سنة فأبقاه سنة ونصفاً، فهل يدخل السادسة عشرة بعد خمس عشرة سنة ونصفاً أو بعد ست عشرة سنة؟ احتمالان.
* لكن مقتضى الصناعة الاعتبار بوقت خروجه؛ لأن الحكم يتبع
-------------------------
المسألة 689:
[1]: وتأتي هنا شبهة (تغيير خلق اللّه).
[2]: لكن الظاهر أن الفرض السابق فيه ضرر وهنا لا ضرر، فتأمل.
المسألة 690:
ص: 202
موضوعه، إلا إذا كانت المدة طويلة[1] جداً، كسنوات مثلاً، والاحتمال الآخر[2] هو احتساب الزيادة من عمره؛ لأن بقاءه زائداً حاله حال بقائه في جهاز خارج الرحم.
المسألة 691: لو اُبقي الجنين في الرحم أقل من المعتاد، كما لو أكمله - بالوسائل العلمية - في أربعة أشهر وأخرجه، فهل الشهران - إلى ستة أشهر المعتادة بقاء الجنين في الرحم - يحسبان من عمره حتى إذا صار عمره ست عشرة سنة مع هذين الشهرين يكون قد بلغ، أم لا يحسبان من عمره حتى يلزم أن يمر خمس عشرة سنة وشهران حتى يبلغ؟ احتمالان كما تقدم في المسألة السابقة.
* ولعل الأقرب هنا أيضاً الاعتبار[1] بوقت خروجه لتحقق الموضوع فيتحقق الحكم.
-------------------------
[1]: وقد سبق نظيره في المسألة (608)(1).
[2]: إلاّ أنه غير صحيح، والفارق العرف. ثمّ إنه قد يوضع منذ الأوّل في الجهاز، وقد يوضع بعد مضي فترة كثلاثة أشهر والمسألة بحاجة للتأمل. وراجع مسألة 691(2) و692(3).
المسألة 691:
[1]: إلاّ إذا وضع في الجهاز وهو نطفة مثلاً، فلا يعدّ ذلك من عمره، فتأمل.
ص: 203
المسألة 692: لو رُبّي الجنين خارج الرحم فأول عمره يحسب من حين تكونه خارج جسم الإنسان، أو بعد مدة الجنينية المعتادة[1]؟ احتمالان، وإن كان الثاني أقرب.
* لأنه المعيار على ما يستفاد من الشرع، سواء كان في الرحم أم خارجها.
المسألة 693: لو جعلنا المحرمات جزءاً[1] من الحيوانات المحللة بالوسائل العلمية فالظاهر حليتها، مثلاً: جعلنا لحم الكلب أو الهر جزءاً من الدجاجة أو الشاة حتى انقلبت إلى جسمها صار حلالاً، سواء أدر الحيوان الحلال اللبن الأكثر بعد ذلك أم لا، أعطت الدجاجة البيض الأكثر أم لا، أثر في هزالهما وسمنهما أم لا.
* وذلك لتحقق الموضوع فيتحقق الحكم.
المسألة 694: إذا سببت المعامل بواسطة إفراز الغاز وما أشبه ضرر الناس وأذاهم جاز[1]،
-------------------------
المسألة 692:
[1]: ولعل المراد حوالي تسعة أشهر.
المسألة 693:
[1]: وقد مضى أن ملاك الجزئية هو التفاعل أو العرف أو هما متلازمان.
المسألة 694:
[1]: بالمعنى الأعم للجواز.
ص: 204
[2] للدولة العادلة إخراجها خارج البلد، بمعنى[3] أن يمنع عن عملها داخل البلد.
* لدليل «لا ضرر»[4] الحاكم على دليل «تسلط الناس على أموالهم» كما ذكرناه في كتاب إحياء الموات(1).
المسألة 695: يحق للدولة العادلة أن تمنع[1] السيارات - التي تنبه بصوت عالٍ مؤذٍ للناس - عن استعمال جهاز التنبيه المؤذي[2] داخل البلاد؛ لأن الأذية ليست بجائزة فللدولة المنع[3] عن المنكر.
* وذلك لما تقدم، فإن الحرية محدودة بحرية الآخرين واحترامهم.
المسألة 696: لو عالجنا الدم حتى صار
-------------------------
[2]: إلاّ فيما تعارف كما سبق الإشارة إليه.
[3]: الأمر يشمل الدفع والرفع لوحدة الملاك.
[4]: ولأنه منع من الإيذاء المحرّم.
المسألة 695:
[1]: سواء في فترة خاصة كمنتصف الليل أم مطلقاً.
[2]: سبق استثناء القدر المتعارف، فتأمل.
[3]: أي: الردع وقد سبق أن ردع المنكر والنهي عنه واجبان.
المسألة 696:
ص: 205
أبيض[1] اللون، فإن تغير عن حقيقته فالظاهر طهارته؛ لأنه من قبيل الاستحالة، وإن لم يتغير عن حقيقته بقي على النجاسة؛ إذ مجرد تغيير اللون[2] ليس من المطهرات.
* (طهارته) بل وحليته، كما قالوا بحلية الخمر المنقلب[3] خلاً؛ وذلك لتغير الموضوع، فتأمل.
المسألة 697: لو فرض[1] إمكان تبديل الدم إلى اللبن حل وطهر.
* إذ لا فرق في ذلك بين داخل البدن أو خارجه، فإنه من قبيل
-------------------------
[1]: راجع العروة، بحث الدم (الدم الأبيض)(1).
[2]: فهو - من بعض الجهات - نظير تغيير لون الذهب، فإنه لا يجعله محلّلاً.
[3]: فرق بين الاستحالة والانقلاب، وما نحن فيه استحالة، أما الانقلاب فمطهريته تحتاج للنص، كما قرر في محله، فراجع(2)، ولعله أشير إليه بقوله (رحمه اللّه) : فتأمل.
المسألة 697:
[1]: ونظيره ما يجري داخل البدن من استحالة دم الحيض لبناً.
ص: 206
انقلاب[2] الخمر خلاً.
المسألة 698: لو أمكن بالوسائل العلمية تغيير حيوان حلال اللحم إلى حيوان حرام أو بالعكس، أو تغيير حيوان طاهر إلى حيوان نجس أو بالعكس، بحيث يدخل[1] الحيوان في فصيلة الحيوان الثاني لحقه[2] حكم المغيّر إليه؛ إذ الحكم تابع لموضوعه، وقد فرض تبدل الموضوع.
* من غير فرق في ذلك بين حيوانات البر أو البحر أو الجو.
المسألة 699: لو فرض إمكان إيجاد الجناح اللحمي للفأر - مثلاً - بحيث صار طائراً، فهل يطهر خرؤه؛ لأنه يدخل في قوله (عليه السلام) : «كل شيء يطير لا بأس ببوله وخرئه»(1) أم لا؟ احتمالان، والكلام في (الهر الطائر) كما وجد في بعض البلاد - على ما قيل - هو الكلام في الفأر الطائر.
-------------------------
[2]: أو استحالة كما سبق(2).
المسألة 698:
[1]: حقيقة في نظر العرف.
[2]: راجع مسألة 686(3).
المسألة 699:
ص: 207
* لا يبعد الطهارة لما ذكر، فتأمل[1].
المسألة 700: لو فرض إمكان استيلاد الخفاش بلا جناح حتى صار كالدواجن ينجس بوله أم لا؟ احتمالان.
* لا يبعد[1] النجاسة لقوة احتمال أن يكون الطيران سبب الطهارة، فتأمل.
المسألة 701: ما تقدم في مسألة (699) و (700) إنما هو إذا لم تظهر فصيلة جديدة[1] من نسل الحيوان المغيّر إليه، وإلا لم يستبعد لحوق الحكم المغيّر إليه بهذا الحيوان، ونسل الفأر الطائر يطهر بوله، ونسل الخفاش
-------------------------
[1]: لعل وجهه انصراف الأدلة عنه، وراجع المسألة (686)(1)، ولاحظ بحث: القضية الحقيقية والخارجية في الأصول(2).
المسألة 700:
[1]: لاحظ المسألة السابقة(3)، ولاحظ أن التغيير عرضي أو ذاتي، مثل: كسر جناح الطائر حتى لا يستطيع الطيران. ولاحظ المسألة اللاحقة(4).
المسألة 701:
[1]: بحيث كان التغيير ذاتياً، فتأمل وراجع ما سبق(5).
ص: 208
بلا جناح بوله نجس.
* لما عرفت من تبعية الحكم للموضوع.
المسألة 702: هل يحل للإنسان أن يستعمل دواءً يوجب شفافية جسده، بحيث يرى ما بداخله دائماً، ويكون حاله حال الزجاج، كما يوجد بعض الأسماك كذلك، أم لا؟ احتمالان: من أنه (تغيير لخلق اللّه) ومع الشك في ذلك فالأصل الحل.
* لكن الأحوط[1] أنه من تغيير خلق اللّه تعالى.
المسألة 703: لا إشكال في جواز إشراب الحيوان دواءً يوجب شفافية جسده، وكذلك تزريق الشجر بذلك الدواء، وهكذا بالنسبة إلى الجماد.
* إذ لا دليل في الحيوان وأخويه، وكونه من (تغيير خلق اللّه) محل نظر؛ لانصراف[1] الدليل عنه.
المسألة 704: يجوز تحنيط ميت الإنسان بما يوجب بقاء جسده، وكذلك
-------------------------
المسألة 702:
[1]: سبق التأمل فيه وقلنا: لعل المراد تغيير الفطرة.
ثمّ قد يناقش بأنّ اتّباع أمر الشيطان وإن كان مرجوحاً لكن لا دليل على كونه محرّماً دائماً، إلاّ أن يقال: سياق الكريمة يدل على التحريم، فتأمل.
المسألة 703:
[1]: فيه نظر، إلاّ أن يقال بجريان السيرة على تغيير ما عدا الإنسان، فتأمل.
المسألة 704:
ص: 209
تحنيط الطيور والدواب والأشجار.
* بشرط[1] أن لا يكون من المثلة، وقد تقدم الكلام في ذلك، وبشرط أنْ لا يكون هتكاً[2] للميت المسلم، فإنَّ حرمته ميتاً كحرمته حياً(1).
المسألة 705: هل يجوز تحنيط ميت الإنسان بما يستلزم تفتته قبل المدة المعتادة، مثلاً: مدة تفتت جسد الإنسان وانعدامه إذا كانت سنة فهو يحنطه بما يفتته ويعدمه في ظرف شهر، أم لا يجوز ذلك؟ احتمالان. نعم، إذا كان هتكاً له[1] لم يجز ذلك.
* لا يبعد الإشكال في ذلك؛ لأنه خلاف الحرمة[2]، وقد ورد: «إن حرمته ميتاً كحرمته وهو حي»(2)، فحاله حال ما إذا اُلقي في التيزاب حيث يذاب في ساعات.
-------------------------
[1]: لكن هذا الشرط غير متحقق فعلاً.
[2]: كما لو أُلقيت عليه مواد توجب هتكه.
المسألة 705:
[1]: كالسابق(3) أو كإلقائه في حوض من التيزاب مثلاً.
[2]: نعم، لو كان التفتت في مدة طويلة جداً، كأن يدفنه فوق الاسمنت، لو فرض أنه يسرع في إفناء البدن، فلا جزم بالحرمة، فتأمل.
ص: 210
المسألة 706: هل باطن المرأة عورة، فإذا شقت الدكتورة - مثلاً - بطن المرأة لإجراء عملية جراحية، فهل يجوز للدكتور - غير المضطر إليه - أن ينظر إلى أحشائها أم لا؟ احتمالان، والاحتياط بعدم النظر قوي جداً.
* لإطلاق[1]: {يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}(1).
المسألة 707: الكلام في باطن الرجل[1] بالنسبة إلى المرأة كالكلام في المسألة السابقة.
-------------------------
المسألة 706:
[1]: والانصراف - لو قيل به فهو بدوي - فحال ذلك كحال باطن الفم والعورة(2).
وراجع العروة - النكاح - النظر للعضو المفصول(3)، لكن مثل باطن الفم والأسنان لا بأس به، بناءً على أن الوجه لا يجب ستره ويجوز النظر إليه، فتأمل. لكن بالقدر المتعارف لا الأعماق.
المسألة 707:
[1]: لكن هنالك بعض المستثنيات في الظاهر، كالوجه فالباطن كذلك، كما سبق(4).
ص: 211
* لإطلاق: {يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ}(1).
المسألة 708: لو زنى بامرأة وانعقدت[1] النطفة ثم تزوجها كان الولد للزنا، ولم ينفع التزويج الطارئ، فيترتب عليه حكم ولد الزنا من عدم الإرث وغيره.
* وهذا بالإضافة إلى أنه مقتضى القاعدة[2]، هو مورد رواية خاصة(2).
المسألة 709: لو عقد على امرأة وواقعها، ثم طلقها أو انقطعت مدتها وقد انعقدت النطفة، وبعد حرمتها عليه زنى بها كان الولد المنعقد في حال الحلية حلالاً[1].
* إذ الزنا اللاحق لا يوجب كون الولد المنعقد حلالاً[2] أن يتحول حراماً.
-------------------------
المسألة 708:
[1]: نعم، لو لم يعلم أن النطفة انعقدت قبل أو بعد العقد فالظاهر جريان قاعدة (الفراش)، و(للعاهر الحجر) أعم من الغير والنفس، فتأمل.
[2]: إذ لا ينقلب الشيء عما وقع عليه.
المسألة 709:
[1]: راجع المسألة السابقة(3).
[2]: ولو شك فهل تجري قاعدة (الفراش)؟
ص: 212
المسألة 710: هل يجوز للرجل أن يجعل نفسه كالمرأة بإطالة الشعر، ولبس خواص النساء من ملابس وما أشبه أم لا يجوز؟ احتمالان، قال بعض الفقهاء بالجواز (للأصل)، وقال بعضهم بالحرمة «لحديث لعن[1] المتشبه»(1) هذا إذا لم يكن هناك محذور آخر، وإلا حرم بلا إشكال.
* والحرمة هو مقتضى الصناعة[2]، حيث إنه خلاف المركوز[3] في أذهان المتشرعة.
-------------------------
المسألة 710:
[1]: ذهب المصنف (رحمه اللّه) في الأصول إلى أنَّ اللعن يدل على الحرمة إلاّ لو قامت قرينة، وراجع بحث: (حرمة حلق اللحية)(2).
[2]: فصّل في العروة(3) والحاشية(4) بين الدائم والمؤقت كالتشبيه.
[3]: وللحديث السابق لو لم يناقش في دلالته بأن المراد التخنث، فتأمل.
ص: 213
المسألة 711: هل يجوز للمرأة أن تجعل نفسها كالرجل بتقصير الشعر، ولبس الملابس الخاصة بالرجال أم لا يجوز؟ احتمالان كما تقدم في المسألة السابقة.
* وهنا أيضاً مقتضى الصناعة[1] الحرمة.
المسألة 712: لو كانت آلة كاشفة عمّا يعقد في القلب فقرأ الرجل والمرأة أو المتعاملان[1] الصيغة في قلبيهما لم يفد، فإنه «إنما يحلل الكلام ويحرم الكلام»(1).
* وما يعقد في القلب ليس من الكلام، وقول الشاعر:
إنّ الكلام لفي الفؤاد وإنما***جعل اللسان على الفؤاد دليلاً(2)
لا يقصد بذلك حقيقة[2]، مع أنه ليس حجة؛ ولذا لا يكفي القراءة في
-------------------------
المسألة 711:
[1]: راجع التفصيل السابق(3).
المسألة 712:
[1]: قد يقال فيهما: إنّ العقود - غير النكاح وشبهه - تحتاج لمظهر، والأدلة الكاشفة مظهر، فتأمل.
[2]: بل قصد حقيقةً، فإن القلب هو المركز والقائد، والأعضاء خوادم.
ص: 214
الصلاة والتلبية بالقلب فقط.
المسألة 713: (جائزة نوبل) وسائر الجوائز حلال وضعها وإعطاؤها وأخذها، إلا إذا كانت جهة محرمة خارجية[1].
* الحلية لإطلاق[2] أدلة حل كل شيء.
المسألة 714: لا اعتبار[1] بكلام المسجل وكلام الحيوان في العقد والإيقاع، فلو تعلّم (الكاسكو) إجراء صيغة العقد لا يصح العقد الذي يجريه، وكذا لو قرأنا في المسجل ثم فتحناه عند إرادة العقد.
* ومثل ذلك البسملة المسجلة في ذبح الحيوان؛ لانصراف[2] الأدلة عن
-------------------------
المسألة 713:
[1]: مثل ترويج المؤسسات اليهودية المحاربة.
[2]: بل للأدلة الاجتهادية، مثل: (حلية الهبة والهدية والجعالة) ونحوها.
المسألة 714:
[1]: مضى نظيره أوائل الكتاب(1).
[2]: أو لأنه لا يقال: إنّه قرأ، راجع بحث: المباشرة في الوضوء(2)، وأن ظاهر
ص: 215
كل ذلك.
المسألة 715: لا يجوز[1] الغش بتعليم الحيوان الاستعطاف والاستنفاع من وراء ذلك، كأن يعلم الببغاء في القفص أن يستعطف المارة بإطلاقه، فيشتريه المار، ويطلق سراحه ثم يعود إلى مكانه بعد أن يشير صاحبه بذهاب ذلك المارة.
* لأنه نوع من الغش والخداع وأكل أموال الناس بالباطل[2].
المسألة 716: مثل[1] ما تقدم في المسألة السابقة أن يعلّم الحيوان الاستعطاف لأجل مريض أو غريب أو ما أشبه.
* اللّهم إلا إذا كان صادقاً بأن كان عمله لأجل المريض الفقير واقعاً، وهكذا فإنه يكون حينئذٍ من خدمة الناس، والتعاون على الخير والبر والتقوى.
-------------------------
الألفاظ المباشرة لا التسبيب بخلاف الأمور الاعتبارية.
المسألة 715:
[1]: راجع: (المحرمات)(1).
[2]: ولأن المركوز في أذهان المتشرعة كونه منكراً.
المسألة 716:
[1]: ولأنه كذب، فتأمل.
ص: 216
المسألة 717: ومما لا يجوز أيضاً الاستنفاع بالحيوان، بإظهاره مريضاً وصاحبه لا يقدر على علاجه، أو إظهاره جائعاً وصاحبه لا يقدر على إطعامه، فيعطي المارة مالاً لأجل ذلك، والحال أن الحيوان ليس بمريض ولا جائع.
* لأنه غش كما تقدم[1].
المسألة 718: من أبشع أنواع الجرائم ما يفعله بعض الشحاذين، من إقلاع عين طفل أو طفلة لهم، أو مَنْ يلتقطونه ثم يجعلونه وسيلة الاستعطاء والاستعطاف، ومثل ذلك تنقيصه في جهة أُخرى من جسمه، ككسر رجله أو بتر يده أو ما أشبه ذلك.
* فإنه حرام مضاعف[1].
المسألة 719: الظاهر أن المرافق والمؤسسات العامة لا يجوز للإنسان
-------------------------
المسألة 717:
[1]: وتقدم بعض الوجوه الأُخر(1).
المسألة 718:
[1]: فإنه إضرار أولاً، وكذب - عادة- ثانياً؛ إذ لا فقر واقعي.
المسألة 719:
ص: 217
استغلالها لنفسه أكثر من الحاجة[1]، مثلاً: يشغل الهاتف العام أكثر من الحاجة المعتادة، والحال أن الناس ينتظرون فراغه، وهكذا.
* لأن الوقف أو التبرع من المتبرع لا يعطيه الحق في أكثر من حاجته[2]، فيكون غاصباً لحقوق الآخرين، ولا يبعد ضمانه[3] بالنسبة إلى مَنْ بعده؛ إذ هو حق له «ولا يتوى حق امرئ مسلم»(1) .
المسألة 720: لا يجوز صرف الوقف بأكثر من الحاجة المعتادة، مثلاً: ينير كل مصابيح الوقف نصف الليل، والحال أن الحاجة إنما تسد بمصباح واحد.
* إذ هو خلاف الوقف[1]، والكلام في الضمان هو الكلام في المسألة السابقة.
-------------------------
[1]: المراد - كما سيأتي - المتعارف مع استلزامه تضييع حق الآخرين.
[2]: المتعارف كما سبق.
[3]: لو سبب ذلك خسارته في صفقة تجارية مثلاً، ودليله (لا ضرر) و (الإتلاف) فتأمل.
المسألة 720:
[1]: وفي الحديث: «الوقوف على ما وقفها أهلها»(2)، ولو فرض أنه لم يكن لفظ فالارتكاز يقتضي المتعارف.
ص: 218
المسألة 721: الاسترزاق بإراءة الغرائب الجائزة شرعاً لا بأس به، كما لو ولد له مولود ذو رأسين فيريه لمن يعطيه كمية من المال.
* لقاعدة[1] «كل شيء»(1) إلا ما خرج وليس المقام من الاستثناء.
المسألة 722: الخداع[1] في صنع الشيء الغريب لاستدرار أموال الناس لا يجوز، مثلاً: يركّب رأساً مطاطياً إلى جانب الرأس الطبيعي للعجل ليُري الناس أنه عجل ذو رأسين، فيستدر أموالهم بهذا السبب.
-------------------------
المسألة 721:
[1]: وقبلها الأدلة الاجتهادية، كالإجارة، و {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}(2) ونحوهما.
المسألة 722:
[1]: راجع المحرمات مادة (الكذب)(3)، و(الخداع)(4) و(الغش) (5).
ص: 219
* لأنه خداع وأكل لأموال الناس بالباطل.
المسألة 723: التصرف في الشؤون العامة بدون إجازة أصحاب الحق[1] لا يجوز، مثلاً: يُلقي في النهر قنبلة توجب تجمد ماء النهر، أو يكسر سّداً فيجري الماء تحت أرض المدينة أو ما أشبه ذلك.
* لأنه بين إضرار محرم، وبين تصرف في حق الآخرين محرم أيضاً[2]؛ إذ مثل النهر وما أشبه جعل للجميع، قال سبحانه: (لكم)(1) كما ذكرناه في فقه الاقتصاد(2).
المسألة 724: لا يجوز وصل شيء بأسلاك الكهرباء بحيث يوجب احتراق مصابيح الناس المتصلة بذلك الخط، ولو فعل ذلك ضمن الخسارة الواردة على الناس.
* الضمان لصدق[1]: «من أتلف» بالإضافة إلى أنه محرم في نفسه؛ لأنه تصرف في أموال الناس وإسراف.
-------------------------
المسألة 723:
[1]: وهو يشمل الأجيال الآتية لو استمر الأثر إليها، كما ذكره (رحمه اللّه) في الاقتصاد.
[2]: وبين إسراف وتبذير.
المسألة 724:
[1]: ولأدلة لا ضرر، بناءً على إثباتها الحكم.
ص: 220
المسألة 725: لا إشكال في أنه لا يجوز قطع سلك الكهرباء أو الهاتف، أو تخريب ماكنة الماء أو الكهرباء، أو قطع خط القطار أو ما أشبه ذلك، إذا كانت هذه الأُمور ملكاً لإنسان محترم، أو لدولة محترمة أو كان إسرافاً.
* وكذا إن كان ضرراً[1]، وهذا حرام واحد إذا لم يوجب تلفاً في مال أو نفس، وإلا كان حراماً متعدداً[2]، كما إذا قطع خط القطار فأوجب هلاك أو جرح راكبيه، إلى غير ذلك، ويدل عليه الأدلة الكثيرة.
المسألة 726: إذا كانت الأُمور المذكورة في المسألة السابقة ملكاً لحكومة غير محترمة، كالكافر المحارب جاز تخريب أجهزتها، بشرط أن لا يتضرر[1] من وراء ذلك الناس المحترمون شرعاً ضرراً محرّماً[2] في الشريعة.
* جواز (تخريب أجهزتها) المرتبطة بجهة الحرب[3]،
-------------------------
المسألة 725:
[1]: أو إيذاءً.
[2]: وقد ينضم إلى ذلك تشويه سمعة الإسلام والمسلمين، كما في العمليات التخريبية.
المسألة 726:
[1]: أو يتأذى.
[2]: لعله في قبال الأضرار المتعارفة التي جرت السيرة على وجودها ونحوها.
[3]: الكافر الحربي مهدور الدم والمال، فلا مانع منه في حدّ ذاته. نعم، الإسراف عنوان خارجي، ولعل ذكر القيد في كلامه (رحمه اللّه) باعتبار أنه إسراف عادة ما لم يرتبط بتضعيف العدو.
ص: 221
[4] لا مطلقاً، مثلاً: لا يجوز أن يهدم بيته الذي في المدينة بدون أن يكون ذلك له مدخلية في انتصار المسلمين، وإنما كان تشفياً[5]، والحكم في المستثنى منه والمستثنى حسب الأدلة.
المسألة 727: إذا أوجب ما ذكرناه في المسألة السابقة تضرر الناس المحترمين ضرراً[1] محرَّماً، فإن كانت هناك مصلحة أهم[2] جاز الإضرار من باب قاعدة الأهم والمهم، وإلا لم يجز الإضرار.
* وفي صورة جواز الإضرار اللازم تداركه؛ إذ لا منافاة[3] بين الحكم
-------------------------
[4]: سواء ارتباطاً مباشراً كالأجهزة العسكرية، أم غير مباشر كالبنية الاقتصادية.
[5]: قد يقال: لا مانع منه باعتبار أنه مهدور المال، ما لم ينطبق عليه عنوان خارجي محرم.
المسألة 727:
[1]: أو إيذاءً كما سبق(1) ونحوه الإسراف.
[2]: ويلاحظ في ذلك سمعة الإسلام والمسلمين كما سبق(2).
[3]: لكن المصنف (رحمه اللّه) في بحث الأمر والنهي والجهاد بنى - ظاهراً - على الملازمة بينهما، ككسر أواني الخمر(3) - أمراً ونهياً- فإن الجواز الشرعي التكليفي
ص: 222
الوضعي والتكليفي، لكن الظاهر أنه على بيت المال[4] إذا كان العمل بأمر الحاكم الشرعي؛ ولذا أعطى الرسول (صلی اللّه عليه وآله وسلم) دية من قتلهم خالد دية لأنفسهم،
-------------------------
ملازم لعدم الضمان الوضعي، وراجع بحث لو تترس الكفار بالمسلمين(1) وأكل المخمصة(2).
[4]: قد يقال: إنه على نفس المباشر؛ لأنه أقوى من السبب.
وفيه: أنّه ينسب عرفاً للآمر لا للمباشر فيقال: إنّه هو الذي خرّب، ولا يمشي عقلائياً أن يقال: إنّ نفس الجندي عليه الضمان، والضمانات أمور عقلائية، فتأمل.
وأما إعطاء النبي (صلی اللّه عليه وآله وسلم) فالفعل لا يدل على الوجوب، وكذا إعطاء الأمير (عليه السلام) فلا ينهض بإثبات مدّعانا، فلعله تبرّع، فتأمل.
إلاّ أن يقال: أصالة الأسوة تدل على اللزوم، إلاّ فيما خرج بالدليل، (راجع القوانين)(3) واختاره السيد العم(4) .
ص: 223
وأرشاً لأمتعتهم(1)، كما أعطى علي (عليه السلام) دية من مات مرتاعاً من هجوم الناس في حرب البصرة(2) إلى غير ذلك.
ص: 224
المسألة 728: المجاري التي تهيئها البلدية للمياه القذرة في الشوارع وما أشبه، هل يجوز أن يلقي الإنسان ماءه القذر في تلك المجاري بدون رضاية(1) البلدية أم لا؟ الظاهر أن الحكومة لو كانت محترمة شرعاً لم يجز، وإلا جاز[1].
* الجواز بشرط أن لا يتضرر[2] الناس بذلك، وإلا لم يجز من جهة الضرر.
المسألة 729: الحدائق العامة إذا كانت تابعة لجهة محترمة[1] من إنسان أو هيئة أو دولة، ومنعت[2] من اقتطاف أزهارها لم يجز الاقتطاف،
-------------------------
المسألة 728:
[1]: راجع بحث: أنه يجوز خرق القوانين الوضعية أو لا؟(2)
[2]: وكذا لا يتأذى، كما لو كانت لها رائحة مؤذية لم تجرِ العادة عليها.
المسألة 729:
[1]: التخصيص مبني على الحكم فيما ذكرناه في الحاشية السابقة(3)، وسيأتي في المسألة (730)(4).
ص: 225
وإذا قطف الإنسان كان آثماً[3] وضامناً.
* والضمان فيما إذا كانت لتلك الأزهار مالية[4].
المسألة 730: إذا لم تكن الحديقة العامة تابعة لجهة محترمة جاز[1] القطف إذا لم يكن إسرافاً، وإن منع القائم عليها.
* وأما إذا كان إسرافاً حرم من جهته، وفيما[2] كان له مالية فأتلفه ضمن للحاكم الشرعي؛ لأنه من مجهول المالك[3].
المسألة 731: توسيع الشوارع باسترضاء أهل الدور والبنايات لا إشكال
-------------------------
[2]: أو شك في منعها وعدمه لأصالة الاحترام، راجع كتاب الخمس(1).
[3]: لأنّه ظلم وتعدٍ وغصب وأكل للمال بالباطل.
[4]: عرفاً.
المسألة 730:
[1]: مبني على ما ذكرناه في المسألة (728)(2) و (729)(3).
[2]: الظاهر أنه مرتبط بالمسألة السابقة(4).
[3]: إن كان مجهول المالك، ولم يعلم لا بالعلم التفصيلي ولا الإجمالي.
المسألة 731:
ص: 226
في حسنه[1]، أما التوسيع بدون إرضائهم فلا يجوز، وإذا كانت هناك مصلحة عامة أهم من هدم المسجد لأجل توسيع الشارع، أو كانت مصلحة أهم من عدم رضاية(1) صاحب البناية، الذي لا يرضى بكل صورة، فالمتبع قاعدة (الأهم والمهم).
* لكن اللازم تبديل[2] المسجد بمسجد آخر، وهكذا سائر الأوقاف،
-------------------------
[1]: لأنّه نوع جمال «واللّه جميل يحب الجمال»(2)، وحفظ للأوقات عن الإتلاف، وحفظ عن الحوادث المرورية، واقتداءً بما يفعله الإمام الحجة عجل اللّه تعالی فرجه الشريف.
وهل الثلاث الأُول(3) تثبت الحسن العقلي أو الشرعي أيضاً؟ وراجع بحث أن حسن الكلّي شرعاً هل يلازم حسن الحصة شرعاً أو لا؟(4)
[2]: لأجل «أن الوقوف على ما وقفها أهلها»(5)، وارتكاز الواقف هو تعلق الوقف بأصل المسجد، وكونه في المكان الكذائي - على نحو تعدد المطلوب - إذ إنّه يريد الثواب مثلاً، مع غرض في الحصّة، فإذا انتفى الفرد بقي الكلّي. وراجع كتاب الوقف والنذر: في أنّ المتبع ارتكاز الواقف(6) والناذر، وبحث: لو
ص: 227
وإعطاء أصحاب الأملاك ما يرضون[3] به من ثمن أملاكهم المهدومة، وتعويض ما تضرروا[4] بسببه، كما أنهم أحق بإنقاضها[5]، [6].
المسألة 732: لا بأس بالعمل في السفينة والقطار والطائرة وما أشبه، وإن كان ذلك يستلزم الإتيان بصلاة المضطر في بعض الأحيان.
* وذلك لتعارف ذلك منذ زمانهم (عليه السلام) [1]، وفي الروايات: «أما ترضى
-------------------------
اضطر إلى بيع الوقف الذري(1).
[3]: أو القيمة العادلة، فإنه لا حق لهم في أكثر من ذلك. نعم، لو كان الهدم غير مندرج تحت قاعدة (الأهم والمهم) فاللازم إرضاؤهم بكل صورة، لو أريد الهدم، ولو بدفع مئات أضعاف القيمة الواقعية، فإن للمالك رفض البيع إلاّ بما يرضيه حينئذٍ.
[4]: لعله لقاعدة (لا ضرر).
[5]: لكن لو أخذوها قد يقلل من القيمة العادلة لما يجب أن يدفع إليهم.
[6]: فإنها عين أموالهم.
المسألة 732:
[1]: ولم يردعوا عنه، وإلا لبان، وليس كلّ ذلك مندرجاً تحت عنوان الضرورة؛ لإمكان تبديل العمل لبعض الأفراد.
ص: 228
بصلاة نوح (عليه السلام) [2] »(1).
المسألة 733: يجوز الفرار من سجن الظالم[1]، أما سجن العادل فلا يجوز الفرار منه[2]، وكذلك الفرار من حكم الظالم وحكم العادل.
-------------------------
وقد يستدل بصدق الاضطرار عرفاً، فإن ما يضطر إليه قد يفهم العرف أو ارتكاز المتشرعة أنه طولي أو عرضي، فتأمل.
[2]: كان (عليه السلام) مضطراً، واللازم ملاحظة سائر الروايات(2)، وصدر الرواية هذه(3).
المسألة 733:
[1]: ولو سجنه بحق، فإنه لا يحق للظالم السجن، كما لو كان في مورد «لي الواجد»(4)، فهو كبيع الدار التي لا يحق بيعها إلاّ لمالكها، كما سيشير إليه المصنف (رحمه اللّه) .
[2]: راجع: أنّه هل يجب على المرتد تعريض نفسه للقتل أو لا، وهل يفصل بين صدور الحكم أو لا؟(5)، وعلى كلّ فقد يقال: إنّ السجن وظيفة الحاكم، أما
ص: 229
* فإن حكم الظالم غير نافذ وإن كان مطابقاً للشرع؛ إذ ليس له التنفيذ، أما حكم العادل فاللازم تنفيذه فيما إذا لم يعلم بأنه اشتباه، وأما مع العلم فلا[3].
المسألة 734: لا يجوز للضيف الأكل أكثر من الحق المقرر لكل ضيف في الضيافة، إلا إذا علم[1] برضاية(1) صاحب الطعام.
* لأنه مال الناس فلا يجوز التصرف فيه إلا بقدر رضاهم، ولو أكل
-------------------------
القرار فيه فليس وظيفة المحكوم، إلاّ أن يقال بالملازمة العرفية بينهما، فتأمل.
وهل الحكم خاص في حقوق الناس، أو يشمل حقوق اللّه أيضاً؟ ظاهر المتن الإطلاق.
[3]: راجع بحث (حكم الحاكم)(2).
المسألة 734:
[1]: أو اطمأن فإنه مرتبة من مراتب العلم، وهل يكفي الظن؟ احتمل الوالد (رحمه اللّه) أو ذهب في الأصول إلى حجية الظن مطلقاً إلاّ ما خرج، لبناء العقلاء على العمل بالظن وغير ذلك من الأدلة.
ثمّ إنّ العلم قد يكون بالإذن الصريح أو الفحوى أو شاهد الحال، راجع العروة، الوضوء(3).
ص: 230
أزيد من المتعارف وكان من دون الرضا كان ضامناً[2].
المسألة 735: لا يجوز التصرف في أكثر من الحق في المشتركات، كأن يأخذ غرفتين من الحسينية المعدة لسكن الزوار، في حال أن شأن مثله أن لا يأخذ أكثر من غرفة، وكان هناك من الزائرين مَنْ هو محتاج[1] إليها، وهكذا بالنسبة إلى مكان المسجد والمدرسة ونحوها.
* إذ الوقف ونحوه ليس إلا لأن يكون لكل إنسان بقدر حقه لا أكثر منه[2]، فالتصرف الأكثر حرام، وموجب للضمان[3].
المسألة 736: يكفي في ستر العورة المحرمة وستر جسد المرأة الحجب بالضوء القوي، أو الغاز الكثيف أو الضباب الكثير بحيث يحف
-------------------------
[2]: إن كان له مالية عرفية، كما سبق في المسألة (729)(1).
المسألة 735:
[1]: وكذا لو سبب ذلك إضراراً بالوقف؛ إذ التصرف قد يسبب الإتلاف.
[2]: إذ «الوقوف على ما يقفها أهلها»(2)، ولو ارتكازاً.
[3]: إن كانت له مالية عرفاً، كما سبق في المسألة (729)(3).
المسألة 736:
ص: 231
بالجسم والموضع.
* فإنّ كل ما يحصل به الستر مؤدٍ للغرض[1]. نعم، في ستر الصلاة لا يكفي إلا اللباس في عورتي الرجل وجسد المرأة للدليل الخاص[2](1).
المسألة 737: العورة وجسد المرأة لا يجوز النظر إليهما ولو بسبب[1] المرايا المعاكسة أو في التلفزيون أو ما أشبه.
-------------------------
[1]: المراد أن يمتثل به الأمر بالستر.
[2]: لابد من المراجعة، فإنه إن كان الوارد (استر) فالستر يصدق بمثل (الضباب الكثيف المحيط بخصوص الموضع، لا الضباب الذي يشمل كلّ جسد الرجل) فإنَّ الأوّل كالطين، والثاني كالغرفة المحيطة، فتأمل.
المسألة 737:
[1]: تارة يكون في ذلك محذور خارجي - كالفتنة - أو التذاذ ولا كلام، وتارةً لا يكون، وحينئذٍ ففي صدق الدليل نظر؛ إذ القدر المتيقن (لا تنظر إلى زيد) هو النظر إلى جسده، لا إلى صورته الفتوغرافية أو التلفزيونية.
لا يقال: إنه مثل لا تنظر إلى رسالة فلان.
لأنه يقال: إنه يعلم أن الملاك عدم الاطلاع على ستره، وهو مشترك بخلاف
ص: 232
* لإطلاق دليل الحرمة، بالإضافة إلى روايات باب النظر إلى جسد الخنثى[2]، حيث أجازه الشارع - في المرايا - للمعالجة حال
-------------------------
المقام؛ إذ قد يكون النظر الی عدم الوقوع في الفساد، وهو غير ممكن بصرف النظر للصورة.
وقد يفصل بين صورة المرأة المعروفة والمجهولة؛ لشمول تعليل {أَنْ يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ}(1) للأول؛ إذ تكون المعروفة في معرضية الإيذاء من قبل الفسقة والفجرة.
إلاّ أن يقال: إنّه حكمة، وقد يرد بأن الأصل العلية، فتأمل.
لكن الإنصاف: إنَّ العرف لا يفهم فرقاً بين النظر إلى الأصل وخصوص المرآة، فتأمل.
[2]: راجع العروة، النكاح، النظر(2)، المعالجة. وأما الخنثى فلعل محلّه كتاب الإرث.
ص: 233
الاضطرار[3](1).
المسألة 738: لا فرق في حرمة النظر بين أن يكبر الشيء المحرم بواسطة المجهر، أو أن يصغر بواسطة المرايا المصغرة، كما لا فرق بين أن يكون بلون مخالف للجسم، كأن يرى جسم المرأة أصفر[1] والحال أنه أبيض، أو أن يرى بنفس لون الجسم.
* لإطلاق الدليل.
المسألة 739: لو يرى الجسم أو العورة مشوهاً[1] فإن صدق عرفاً أنه ينظر إلى الجسم أو العورة لم يجز وإلا جاز.
-------------------------
[3]: مفاد الروايات أنه لا يجوز النظر إلى الجسد مباشرة، بل عبر المرآة، وليس المفاد حرمة النظر في المرآة في سائر الأحوال، فتأمل.
المسألة 738:
[1]: فإن الصفرة ليست حائلاً، بخلاف الصبغ الأصفر.
المسألة 739:
[1]: الظاهر أن المراد: بشكل غير مباشر كالمرآة أو المنظارة.
ص: 234
* الجواز لأنه حينئذٍ - حسب الفرض - لا يصدق النظر إلى الجسم أو العورة، كما إذا رأى العورة مثل الشجر[2] أو السلحفاة إلى غير ذلك.
المسألة 740: إذا اندرست[1] المقبرة وسقطت من الاسم عرفاً جاز جعلها مباني[2] وشوارع وما أشبه، إذا لم يكن هناك قبر محترم، مثل كونه لنبي (عليه السلام) أو إمام (عليه السلام) أو إنسان عظيم كالأولياء والعلماء[3].
-------------------------
[2]: ليس المراد أنه يراها بقدر الشجرة، بل مَنْ يراها يرى شكل شجرة أو سلحفاة.
المسألة 740:
[1]: وأما لو لم تندرس فالظاهر شمول «من سبق»(1)، ولا يختص السبق بداخل القبر، بل يشمل ظاهره أيضاً، فلا يصح بناء غرفة عليه.
[2]: راجع بحث (لو خرب المسجد وجعل زرعاً)(2)، ومسألة (الشوارع المستحدثة) في (فقه المسائل المستحدثة)(3) وغيره.
[3]: مما يعد خلاف الاحترام.
ص: 235
* لأنَّ الحرمة تابعة للصدق[4]، فإذا لم يصدق ولم يكن من قبيل الوقف[5] وما أشبه مما ذكر في المسألة رجع إلى الإباحة الأصلية.
المسألة 741: لو كانت هناك مصلحة أهم من مصلحة بقاء المقبرة جاز تبديل المقبرة بإدخالها في المباني والشوارع، وجعل المقبرة خارج البلد؛ وذلك تبعاً لقاعدة (الأهم والمهم) وإلا لم يجز.
* لكن التشخيص بيد الحاكم الشرعي أو شورى الفقهاء المراجع[1]، وهذا في غير قبور الأنبياء (عليه السلام) والأئمة (عليه السلام)
-------------------------
[4]: راجع العروة، الخمس، خمس الكنوز(1).
[5]: بل ذكره (رحمه اللّه) ذلك حتى في الأوقاف، كالمساجد التي تحول إلى شوارع. وراجع ما ذكره الروحاني من الوجوه في فقه المسائل المستحدثة (2).
المسألة 741:
[1]: نعم، لو لم يكن الوصول إليهم جاز لعدول المؤمنين، راجع: بحث ولاية
ص: 236
والأولياء[2] ومَنْ أشبه.
المسألة 742: لو خرج الميت من قبره بسبب غير طبيعي[1] كالسيول أو بسبب حيوان أو ما أشبه، أو اُخرج من قبره إخراجاً جائزاً، لم يجب دفنه في قبره الأول، بل جاز أن يدفن في مكان آخر.
* إذ لا دليل على وجوب دفنه في قبره الأول، إلا أن تكون وصية[2] أو ما أشبه.
-------------------------
الفقيه(1).
لا يقال: لو شخّص المكلف الأهم لم يحتج للرجوع إلى الفقيه، فإنه قاطع والقطع حجة.
فإنه يقال: الشارع فوض الأمور العامة للفقيه، فلا يحق لغيره التصدي إلاّ بإذنه، فاللازم أن يستأذن. نعم، لو لم يأذن احتمل الجواز مع تشخيص الأهمية اللازمة، فتأمل.
[2]: في الجملة كما سبق.
المسألة 742:
[1]: أو طبيعي، كما لو أخرجه أحد عدواناً.
[2]: فإن ظاهرها التأبيد، ولو ارتكازاً.
ص: 237
المسألة 743: هل يجوز نقل الميت مع قبره بواسطة التراكتورات الكبيرة، التي تقلع حوالي ثلاثة أمتار مكعبة مثلاً، حيث إنه لا يصدق[1] عليه النبش؟ يمكن القول بالجواز وإن كانت المسألة تحتاج إلى التأمل.
* الجواز لأن هذا ليس من النبش. نعم، الاستثناء في المسألة السابقة آتٍ في المقام، ويشترط في ذلك أن لا يكون هتكاً للميت، ومثله تسييج أطراف القبر وتحته بالاسمنت، حتى يكون القبر في الصندوق الاسمنتي ثم رفعه بالأجهزة، وجعله في مكان آخر.
المسألة 744: إذا حبس الإنسان في مكان مغصوب ولا ماء له فهل يتيمم بأرض ذلك المكان أم لا؟ احتمالان.
*
الظاهر الجواز والقول بأنه تصرف زائد غير ظاهر الوجه بعد العرفية[1]، [2] في الأدلة المستفادة من الشرع، وقد ذكرنا تفصيل المسألة في الأُصول(1).
-------------------------
المسألة 743:
[1]: ولو فرض صدق النبش فحيث إن دليله الإجماع - ظاهراً- يؤخذ بالقدر المتيقن.
المسألة 744:
[1]: راجع ما ذكر في أول الكتاب في أنّ المرجع هو العرف(2).
[2]: فهو كالمشي في السجن فهل يقال: إنه محرم؟ هذا وقد يقال: بالتفصيل
ص: 238
المسألة 745: لو حبس الإنسان بغير حق[1]، جاز له أن يخرب البناء أو ينقب الأرض لخلاص نفسه، وهل يكون ضامناً أم لا؟ الظاهر أنه إن كان المحل للظالم فليس بضامن[2]، وإن كان لإنسان محترم أخذه الظالم منه قهراً ففي ضمانه لما خربه من المكان احتمالان.
* والضمان أقرب[3] إلى الصناعة،
-------------------------
بين ما يسبب استهلاك المكان وما لا يسبب، فالأول تصرف زائد ممنوع، فتأمل.
المسألة 745:
[1]: ولو كان سجنه العادل اشتباهاً، راجع العروة - لو حكم الحاكم وعلم أن عين ماله هذا- ومثاله (لو علم خطأ مستنده)(1).
[2]: لأنّه هو السبب الأقوى عرفاً، ولإقدامه على ذلك، فهو كما لو قبض على إنسان فجرحه للفرار منه.
[3]: لكن قد يقال: إن السبب أقوى - عرفاً- من المباشر؛ ولذا يستطيع أن يقول: إن الظالم هو السبب، فتأمل.
ويدفعه: أن صاحب المال يستطيع أن يقول: أنت خرّبت كما يستطيع آكل الشاة أن يقول للآكل: (أنت أكلت) وإن كان مغروراً.
ص: 239
إذ لا منافاة[4] بين الحكم الوضعي والتكليفي، لكن الظاهر أن قرار الضمان على الغاصب.
المسألة 746: لا يجوز استعمال الهيروئين والكوكائين وسائر المخدرات التي هي من هذا القبيل، فإنها توجب[1] أشد أنحاء الضرر المحرم.
* فيشمله دليل (لا ضرر)[2].
-------------------------
[4]: سبق الكلام(1).
المسألة 746:
[1]: ولما يستفاد من التعليلات المذكورة في الروايات(2) من حرمة الإضرار بالبدن وإفساده، وللتوالي الفاسدة التي تترتب عليه؛ ولأنّها إلقاء للنفس في التهلكة، فتأمل، وللأولوية عرفاً من بعض المحرمات الأُخر المعللة بالضرر، راجعها ولعل منها أكل الطين(3)، فتأمل(4).
[2] بناءً على كونه نفياً.
ص: 240
المسألة 747: المهرب لهذه الأنواع من المخدرات حكمه التعزير إذا كان فعله حراماً[1].
* بناءً على أن كل حرام له التعزير على ما هو المشهور، وقد ذكرنا المسألة في الفقه(1)، ولا يخفى أن المراد بالتعزير ما هو أعم[2] من الغرامة والسجن وغير ذلك مما يراه الحاكم الشرعي، وقد أشرنا إليه سابقاً.
المسألة 745: الظاهر أن أول الشهر في القمر وفي سائر الكواكب القريبة التي لا أقمار لها[1] تابع لأول الشهر في الأرض.
* لأنها من توابع[2] الأرض فإطلاق الأدلة يشملها.
-------------------------
المسألة 747:
[1]: لا إذا هرّب مقداراً منه للعلاج اللازم، فتأمل.
[2]: لا يظهر ذلك من الروايات وكلمات الفقهاء كما سبق(2). نعم، لا بأس به من باب (الأهم والمهم) أو نحوه.
المسألة 745:
[1]: وأما لو كان لها قمر وكان غير خارج عن المتعارف فهو المتبع، ولو تساوت نسبته إليها مع نسبة قمرنا إليها كانوا مخيرين، فتأمل.
[2]: الأولى: الاستدلال بأنَّ الآفاق غير المتعارفة ترجع للآفاق المتعارفة، كما
ص: 241
المسألة 749: حكم أيام الأُسبوع وأيام السنة والأشهر أيضاً كما ذكر[1] في في المسألة السابقة، فيوم الجمعة عندنا هو يوم الجمعة في القمر، وشهر رمضان عندنا هو شهر رمضان في القمر، وعام (1390ه) عندنا هو عام (1390ه) في القمر.
* لما تقدم في المسألة السابقة.
المسألة 750: لو اختلف أول الشهر في الأرض، بأن رُؤي الهلال في بعض الآفاق دون بعض، فالمتبع في القمر هو أول الشهر في مكة المكرمة احتياطاً.
* لأنها محل نزول الوحي[1]، وهي من الآفاق المعتدلة[2]، وقد تقدم
-------------------------
ذكر في القطبين - راجع العروة، الصوم(1) - وأما التبعية في المقام فلم يظهر لها دليل.
المسألة 749:
[1]: وقد ذكر التعليق(2).
المسألة 750:
[1]: ينقض بالمدينة، فأنها محل نزول التشريع للصلاة والصوم ونحوها.
ص: 242
ما يدل على أن الاعتبار بالأماكن المعتدلة.
المسألة 751: حكم الإعدام في الإسلام قليل[1] جداً جداً، بخلاف غالب القوانين التي يغلب فيها حكم الإعدام على جنايات كثيرة، وتلك الجنايات القانونية بنظر الإسلام تنقسم إلى ما ليس بجناية أصلاً[2]، وإلى ما هو جناية ولكن حكمها طفيف[3] ليس هو الإعدام، فمن الضروري المكافحة لأجل سيادة حكم الإسلام، وإنقاذ الناس من هذه الإعدامات بدون المبرر.
* فإنَّ الإعدام من أشد المحرمات، قال تعالى: {مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً}(1)، أما الموارد القليلة التي حكمها الإعدام ففيه للحاكم الشرعي تبديل الإعدام بشيء أخف[4]، كما ذكرناه في الفقه.
-------------------------
[2]: وعليه: فالمتبع أي أفق معتدل لا خصوص مكة المكرمة. وراجع المسألة (748)(2).
المسألة 751:
[1]: لعل المراد قلة العناوين الذي يتبعه قلة الأفراد.
[2]: كسبت رئيس الدولة مثلاً.
[3]: كتهريب المخدرات، فتأمل.
[4]: كما في وهبتك لسورة البقرة - وقصة الذي قبّل امرأة وقال لتقتص مني فعفى عنه (صلی اللّه عليه وآله وسلم) وعفوه (صلی اللّه عليه وآله وسلم) عن الذين فروا من الحروب، وعفو الأمير (عليه السلام) عن
ص: 243
المسألة 752: لو حالت الأرض أو كوكب آخر بين الشمس والقمر حتى حصل كسوف مرئي في القمر وجبت صلاة الكسوف على ساكن القمر، أما الخسوف فلا مفهوم له[1] لساكن القمر، ولو فرض أن انخساف الأرض مرئي عند ساكني القمر فالظاهر عدم وجوب صلاة الآيات عليهم.
* الوجوب في الكسوف لإطلاق الأدلة، وعدم وجوب الخسوف لأنه لا دليل على أن خسوف غير القمر يوجب الآيات، فالأصل البراءة[2].
المسألة 753: إذا حصل لبعض الكواكب خسوف[1] أو كسوف أو زلزلة أو ما أشبه مما له صلاة الآيات وجبت إقامتها، كما تجب إقامتها في الأرض.
-------------------------
الذين خرجوا عليه، هذا هو العفو في الإطار العام، وأما في خصوص القتل فراجع أمثلته في الفقه(1).
المسألة 752:
[1]: وهل يحتمل أن يتبع الأرض في ذلك؛ لأن الأفق غير المتعارف يرجع للمتعارف؟ فيه بعد، كما لو كانت بقعة في الأرض لا يحصل فيها خسوف أبداً، أو يحصل نادراً فتأمل؛ إذ لعل التعليلات تشمله، فتأمل.
[2]: إلا أن يقال: إنها آية سماوية فلو خاف الأكثر وجب، فتأمل.
المسألة 753:
[1]: ولو في قمرهم مطلقاً أو المتعارف، فتأمل. وكذا في الكسوف.
ص: 244
* لإطلاق أدلتها الشامل للخسوف والكسوف والزلزلة في كل مكان، والقول بانصرافها إلى الأرض غير تام؛ لأنه على فرضه بدوي.
المسألة 754: الفطر والأضحى في الفضاء[1] القريب أو القمر تابع[2] للأرض، أما في الفضاء البعيد والكواكب الاُخر التي لها أقمار أو شموس آخر[3] فلا يبعد أنهما تابعان للحالة هناك، وكذلك شهر رمضان وليالي الإحياء وما أشبه ذلك.
* قلنا: (فلا يبعد) لأن أدلة الأرض لا تشمل[4] تلك الأماكن، مع وجود إطلاق الأدلة في العيد ونحوه.
المسألة 755: الظاهر أن أول تقريرنا للشهر والأُسبوع والسنة في الفضاء
-------------------------
المسألة 754:
[1]: أو تابع لنفسه لو كان له أفق مستقل.
[2]: سبق في المسألة (748)(1).
[3]: بشرط كونها متعارفة كما سبق(2).
[4]: إلاّ لو كانت غير متعارفة، أو كانت متساوية النسبة كما سبق(3).
المسألة 755:
ص: 245
البعيد، أو الكواكب البعيدة يكون تابعاً[1] لمعلوماتنا عن الأرض، وإذا جهلنا ذلك يكون الحال كما لو غُمّت[2] الشهور.
* هذا الاستظهار من باب الانسداد[3]، واحتمال أن يكون الجعل بيد الإنسان الساكن هناك بعيد جداً، وإلا فيسأل أي إنسان عن الإنسان الذي ذهب أولاً[4]، أو يفعل كل إنسان كما يشاء أو غير ذلك، فإذا كان كل ذلك بعيداً فيكون ما ذكرناه هو الظاهر[5].
-------------------------
[1]: بشرط أن لا يكون لها قمر متعارف.
[2]: فإنه يستصحب الشهر- كما في العروة- ولو جهل مطلقاً عوّل على الظن، كما في المحبوس راجع صوم العروة(1).
[3]: فيعمل بالظن في ما لم يكن استصحاب، ولعله توجد روايات خاصة في المقام، فراجع(2).
[4]: فيقلده فيما قرر.
[5]: راجع: أدلة المسألة في صوم السجين(3).
ص: 246
المسألة 756: ما ذكر في المسألة السابقة إنما هو فيما إذا لم يكن للكوكب بشر[1] وحساب، وإلا كان المتبع اُولئك البشر وذلك الحساب.
* لأنه عرف هناك، والشرع في الموضوعات تابع[2] للعرف، حيث قال سبحانه: {بِلِسَانِ قَوْمِهِ}(1) إلى غير ذلك.
المسألة 757: إذا قصد مرتاد الفضاء الإقامة في إحدى المحطات الفضائية[1]، أو في القمر أو في كوكب آخر، يكون حاله كحال المقيم في الأرض في الصلاة والصيام وغيرهما.
* لإطلاق أدلة السفر والإقامة والوطن وما أشبه، مما يصدق بالنسبة إلى تلك الأماكن أيضاً.
-------------------------
المسألة 756:
[1]: لا مدخلية لهم، بل الملاك الأفق المتعارف لهم، وفيه: أنّه من أين يُعلم الحساب إذا لم يكن بشر، أي من أين يعلم: أنه هذا الشهر أول رمضان أو أول شوال؟
[2]: راجع أول مسألة في هذا الكتاب(2).
المسألة 757:
[1]: الثابتة لا المتحركة.
ص: 247
المسألة 758: لا يبعد أن يكون المال الذي يصرف في ارتياد الفضاء من المؤونة إذا كان الارتياد من شأن[1] المرتاد، فلا خمس فيه.
* لإطلاق أدلة خروج المؤونة وشمولها لمثل ذلك أيضاً.
المسألة 759: لو مات إنسان في القمر جاز الإقبار فيه، وجاز نقله[1] إلى الأرض.
* وجاز نقله إلى كوكب آخر، لإطلاق أدلة الدفن، ولا يجوز[2] تركه في الفضاء وإن لم يكن هناك سبع يخشى منه عليه، ولا ينتشر ريحه لأجل الفضاء فرضاً.
-------------------------
المسألة 758:
[1]: عرفاً.
المسألة 759:
[1]: لكن هل يشترط في ذلك أن لا يستغرق مدة زمنية كبيرة؟ وراجع مسألة ما لو استلزم نقله إلى العتبات: الفساد أو الهتك، في العروة(1).
[2]: لوجوب الدفن.
ص: 248
المسألة 760: لو مات إنسان في المحطة الفضائية فهل يجوز تركه في الفضاء، أم يجب نقله إلى الأرض أو القمر للإقبار؟ احتمالان وإن كان الاحتياط في النقل[1].
* وذلك لوجوب الدفن إلا اضطراراً.
المسألة 761: هل يشرع الاعتكاف في الجو، في فضاء المساجد الأربعة، كأن يعتكف في طائرة (هليكوبتر) أم لا؟ الظاهر المشروعية في الفضاء القريب؛ لصدق كونه في المسجد[1] دون الفضاء البعيد.
* (البعيد) لعدم صدق أنه مسجد كذا، عليه عرفاً.
المسألة 762: لو ارتفع عن الأرض وتمكن من إيقاف نفسه حتى مرت الأرض من تحته بمقدار المسافة، فهل يعد مسافراً أم لا؟ احتمالان، والأقرب العدم.
-------------------------
المسألة 760:
[1]: إذ لا يصدق الدفن على وضعه في أسفل المحطة، كما لا يصدق الدفن لو وضع أسفل الطائرة أو السفينة، إلاّ أن تكون كبيرة جداً بحيث يصدق ذلك، فتأمل.
المسألة 761:
[1]: فيه نظر؛ لأن (حريم المسجد) غير (نفس المسجد) مثلاً: لو كان بيت زيد خمسة أمتار ففي المتر السادس هذا حريم بيت زيد لا نفسه، فتأمل.
المسألة 762:
ص: 249
* (العدم) لأنه ليس بمسافر[1] عرفاً، أما لو صدق السفر عليه، كما لو تمكن العلم[2] من طريقة جديدة للسفر، وذلك بالارتفاع والوقوف حتى تمر الأرض وينزل في المقصد، فالظاهر أنه بحكم المسافر، فإن الأحكام تابعة لموضوعاتها، ومنه يعلم حكم طي الأرض ونحو ذلك.
المسألة 763: يجوز اشتراء[1] الأفراد والأحزاب والمنظمات والصحف بالزكاة لخدمة الإسلام، وهذا في الحقيقة هو سهم (سبيل اللّه) أو (المؤلفة قلوبهم) وإن سموه اليوم بشراء الضمائر والأقلام، فإن اشتراء الضمير للخير والإصلاح حسن[2]، وإنّما الاشتراء القبيح هو ما كان للشر والفساد.
* ودليل الأمرين واضح، بل قد يجب[3] الائتلاف إذا كان مقدمة واجب.
-------------------------
[1]: الظاهر صدق السفر عرفاً.
[2]: لم يظهر الفرق بينه وبين سابقه(1)، إلاّ أن يقال: إنّ تلك المسألة شخصية وهذه مسألة علمية عامة.
المسألة 763:
[1]: بشرط أن لا ينطبق عليه عنوان محرم كتشويه سمعة الإسلام.
[2]: ولا يقال: إنَّ ما كتبه كذب؛ إذ الكذب مخالفة الواقع لا مخالفة المعتقد، لو كان له معتقد.
[3]: عقلاً.
ص: 250
المسألة 764: يجوز دفع الزكاة لإيفاد الطلاب إلى الخارج لتحصيل العلوم الجديدة؛ لأجل ترفيع مستوى المسلمين، وعدم تخلفهم في مجال الصناعة والعلوم الدنيوية[1]، لكن من المعلوم لزوم توفر شرائط الزكاة المذكورة في كتاب الزكاة.
* بل قد يجب[2] إذا توقف الواجب عليه.
المسألة 765: إذا استلزم الاحتجاج ضد وضع قائم منحرف التظاهر، وإغلاق الدكاكين وكسر زجاجات البيوت والمحلات، وكان المظاهرة أهم بنظر الإسلام من أمثال هذه التصرفات جاز، وفي ضمان المتلفات والخسائر لمن أتى بها احتمالان.
* ومقتضى الصناعة الضمان[1]؛ لعدم الفرق في الضمان بين جواز
-------------------------
المسألة 764:
[1]: فقد قال تعالى: {وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ}(1)، و«الإسلام يعلو»(2).
[2]: عقلاً، كما لو كان مقدمة للهداية، فإنَّ الناس اتباع الأقوياء، أو مقدمة للدفاع الواجب.
المسألة 765:
[1]: وهل يضمن الشخص أو الحاكم الآمر؟ سبق(3) الكلام فيه.
ص: 251
العمل أو عدم جوازه، فإنه لا منافاة[2] بين الحكم التكليفي والوضعي كما اُشير إليه سابقاً، ولا يخفى أنه يجب أن تكون المظاهرة سلمية، فإنه لا عنف في الإسلام، إلا في الموارد الاضطرارية، كما لا حق لإجازة مثل هذه الأُمور إلا لشورى المراجع[3].
المسألة 766: يجوز صرف الزكاة في تأسيس البنوك الإسلامية، وتشييد المدارس، ودور العجزة، والأيتام، والمستوصفات وسائر المؤسسات التي تكون من مصاديق (سبيل اللّه).
-------------------------
[2]: سبق الكلام فيه، وراجع كتاب الأمر بالمعروف من الفقه(1) وأكل المخمصة(2).
[3]: نعم، لو يجز، أو لم يمكن الوصول إليه جاز للقاطع العمل بقطعه، فإن الشأن العام يرجع للفقهاء «وأما الحوادث الواقعة ...»(3).
المسألة 766:
ص: 252
* إذ لا فرق في (سبيل اللّه) بين ما كان سابقاً أو ما حدث حالاً، كسائر الكليات المنطبقة[1] على المصاديق السابقة والحديثة.
المسألة 767: الأحجار التي تقذف نحو الأرض إذا علمنا[1] بأنها من بعض الكواكب، وكانت تلك الأحجار من المعادن وجب فيها الخمس، وإلا فلا حتى إن كانت كجنس[2] المعادن عندنا مثل الحديد وما أشبه.
* لإطلاق أدلة الخمس في المعدن، اللّهم إلا أن يقال بالانصراف، فتأمل[3].
المسألة 768: لو كان كوكب كله معدنا فهل يجب فيما أخذنا منه الخمس أم لا؟ احتمالان.
* لكن مقتضى الصناعة عدم الخمس للانصراف[1]؛ إذ لا يسمى ذلك
-------------------------
[1]: وراجع كتاب (الشعائر)(1) للفرق بين التجدد في طرف الحكم أو الموضوع، وأنه في الثاني حكم أولي لا ثانوي.
المسألة 767:
[1]: لم يظهر وجه لهذا القيد.
[2]: إن صدق موضوع المعدن وجب، وإلا فلا فلم يظهر وجه للتفصيل.
[3]: لعله لأنّ الانصراف بدوي.
المسألة 768:
[1]: لم يظهر وجهه، فلو كان كوكب ذهباً كله فهل لا يصدق المعدن عليه
ص: 253
عرفاً
معدناً حينئذٍ، وإن أشبه المعدن كاملاً كالنحاس والحديد وما أشبه، بينما إذا وصلنا إلى باطن الأرض بسبب ثقبة ونحوها فاستخرجنا منه المواد المعدنية وجب الخمس؛ لعدم الانصراف بعد شمول الأدلة لمثل ذلك.
المسألة 769: لا خمس في السفن والغواصات والطائرات والذخائر وما أشبه، التي تغرق في البحر إذا استخرجناها؛ لأنها لا تعد من الغوص. نعم، في الجواهر الغارقة[1] في البحر احتمالان.
* الأحوط هو الخمس لصدق الغوص على احتمال قريب[2].
-------------------------
عرفاً؟ ولو أخذ منه مقداراً وجاء به إلى الأرض ألا يصدق المعدن؟
المسألة 769:
[1]: وهل الملاك هو انقطاع العلقة عرفاً بينها وبين مالكها، أو بمجرد الغرق تنقطع العلقة شرعاً - راجع الخمس(1) والرواية(2) - ومع فرض عدم الانقطاع عرفاً وشرعاً تجري عليه أحكام مجهول المالك؟
[2]: راجع العروة في أنَّ استخراج السمك لا يعد غوصاً بخلاف المجوهرات(3)،
ص: 254
المسألة 770: هل يجب الإحرام لراكب الطائرة القاصدة إلى مكان آخر، أو القمر الصناعي إذا اجتازت من الميقات أم لا؟ احتمالان.
* الأقرب عدم الوجوب لانصراف الأدلة عن مثله[1].
المسألة 771: لو غصب ظالم مدرسة علمية فهل يجوز للطلاب البقاء فيها أم لا؟ الظاهر أنه لو كان في البقاء تأييد للظلم أو للظالم لم يجز وإلا جاز، إلا إذا كانت هناك جهة خارجية توجب البقاء أو الخروج.
* عدم الجواز لما دل على حرمة تأييد الظلم والظالم، والجواز لفرض أنه وقف لهم، فلا فرق في استفادتهم بين كون واضع اليد عادلاً أو غاصباً[1].
-------------------------
ولاحظ روايات المقام(1).
المسألة 770:
[1]: الظاهر: التفصيل بين القريب والبعيد كما سبق(2) مثله.
المسألة 771:
[1]: ثمَّ إنَّ هنا بحثاً وهو أنه هل يجب استئذان المتولي؟ وهل لو منع يجب عليهم اتباعه؟
ص: 255
المسألة 772: إذا اجتاح مكة المكرمة أو المواقف وباء ونحوه يكون حكم المحرم حكم المحصور الذي ذكر في باب الحج.
* لأنه حينئذٍ محصور ولو بالملاك[1].
المسألة 773: إذا وقعت بدعة في بلاد الإسلام وجب على العلماء الإنكار وإظهار أنها بدعة، وإن علموا أن إظهار كونها بدعة وإنكارها لا يوجب دفعاً ولا رفعاً.
* لقوله (صلی اللّه عليه وآله وسلم) : «إذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يظهر علمه، وإلا فعليه لعنة اللّه»(1) إلى غير ذلك[1]، إضافة إلى أن مجرد الإنكار وإظهار أنها
-------------------------
المسألة 772:
[1]: إذ لا فرق بين أن يمنعه عدوّ بشري أو ميكروب مجهري! عرفاً.
المسألة 773:
[1]: فيه نظر؛ لما ذكر في كتاب (الأمر)(2) من أنّ احتمال التأثير شرط فراجع،
ص: 256
بدعة يوجب بيان الحق والباطل[2] {لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ}(1).
المسألة 774: إذا كان سكوت علماء الدين على الظَلَمَة ومرتكبي المنكرات موجباً لوهن الدين، وضعف عقيدة المسلمين بالإسلام - حيث إن الناس يرون العالم رمزا للإسلام، فإذا سكت نسبوا الدين إلى أنه يداهن الظالم وأن الإسلام لا يحل مشكلة الناس، ولا يرفع الظلم عنهم - وجب على العالم التكلم وإن علم بعدم فائدة الكلام في دفع المنكر أو رفعه أو تقليله.
* قال سبحانه[1]: {وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ}(2) الآية، إلى غيرها من
-------------------------
لكن ينافيه ما سيأتي في مسألة (774)(3) من الآية الكريمة.
[2]: أو يُبرئ ساحة العلماء من ممالأة المنحرفين أو نحو ذلك، كما سيأتي في المسألة (774).
المسألة 774:
[1]: ظاهر الكريمة الوجوب ولو لم يترتب عليه أي أثر، كما لو قال: (فعلت هذا إطاعةً لأمر والدي ولعله يفيد) حيث ظاهر الواو هنا أن كلاً منهما علة مستقلة، لا أن كلاً منهما جزء العلة. راجع كتاب الأمر في شرطية احتمال التأثير(4).
ص: 257
الآيات والروايات والسيرة[2] عنهم (عليهم السلام) مع أنّهم (عليهم السلام) أسوة، بالإضافة إلى أنه مقتضى القاعدة[3]، وأنه إتمام للحجة.
المسألة 775: جميع الأُمور العامة للمسلمين سواء كانت سياسية أم قضائية أم مالية أم عسكرية أم غير ذلك راجعة إلى اللّه تعالى، ثم الرسول (صلی اللّه عليه وآله وسلم) ثم الإمام (عليه السلام) ثم نائبه الخاص والعام، وإذا فرض عدم وجود[1] النائب العام[2] ولا وكيله فالتصدي يكون بيد عدول
-------------------------
[2]: الفعل دليل لبي لا إطلاق له.
[3]: لعل المراد: أنه مقدمة للهداية ولردع المنكر ونحو ذلك.
المسألة 775:
[1]: أو عدم الوصول إليه، أو عدم إذنه مع القطع بلزوم الفعل، فإن القطع حجة عقلاً، فتأمل.
[2]: راجع: بحث ولاية الفقيه في المكاسب(1)، وهل الولاية للفقيه أو الفقهاء؟ راجع نظرية الشورى(2).
ص: 258
المؤمنين[3].
* وقد ذكرنا تفصيله في الفقه(1)، قال سبحانه: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}(2) الآية، إلى غيرها من الآيات والروايات. وقال (عليه السلام) : «فإنهم حجتي عليكم»(3).
وقال سبحانه - في عدول المؤمنين - : {لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ} (4)، فالرباني هو المربوط باللّه غير العالم، أما العالم فهو الحبر، وقد ذكرنا في (الأصول)(5) استصحاب الشرائع السابقة، بالإضافة إلى أنّه إجماعي[4] وعقلي.
المسألة 776: إذا اضطر المسلم إلى مصادقة الكفار لأجل ترفيع مستوى المسلمين، حتى لا يتخلفوا[1] عن مواكبة العالم، وحتى
-------------------------
[3]: ومع عدمهم بيد فساقهم.
[4]: في الجملة.
المسألة 776:
[1]: هل هذا يسوّغ «المصادقة الضارة» التي هي محل الكلام؟
الظاهر: أنه من باب التزاحم، فيلاحظ الأهم في البين.
ص: 259
لا يعلو[2] عليهم سائر الاُمم، أو اضطر المسلمون للمصادقة لأجل مساندتهم ضد كافر غازي مهاجم، فاللازم مصادقة الكفار الذين هم أقل ضرراً وأبعد طمعاً.
* لأنّ الضرورات تقدر بقدرها كماً وكيفاً، وهذا التحديد في المصادقة الضارة، وأما إذا لم يكن هناك محذور فلا إشكال[3] في إيجاد الصداقات
-------------------------
[2]: فإن المطلوب علو المسلمين، قال تعالى: {وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ}(1)، وفي الحديث «الإسلام يعلو»(2)، هذا مضافاً إلى أن عدم علو المسلمين يستلزم محرمات ثانوية - أي تتبعه - فيكون حراماً بالعنوان الثانوي.
وقد يشكل الأوّل بأنه جملة خبرية، والثاني: بأن الكلام في المسلمين، والحديث يقول: «الإسلام يعلو» أي: أنه هو الأعلى وحجته هي الأقوى.
إلاّ أن يجاب: بأن «الإسلام يعلو» مطلق يشمل علو الحجة وعلو المسلمين. وفيه: أنه لا ظهور له في الإطلاق، لا أقل من الإجمال، فتأمل.
وأما سند الحديث فهو بحاجة إلى مراجعة.
وقد يشكل بأن «يعلو» جملة استقبالية، أي في عهد الظهور.
وفيه: أن المضارع يشمل الحال وجميع الأزمنة المستقبلية، فتأمل.
[3]: قد يتأمل فيه: بالآيات الكريمة الناهية عن اتخاذهم أولياء. راجع المحرمات مادة اتخاذ الكفار أولياء(3) .
وفيه: أن الولي غير الصديق، فمعناه: المتولي للشؤون، فتأمل.
وكذا اتخاذ البطانة غير الصداقة، مع أنها معللة، فلاحظ.
ص: 260
والمعاهدات الدولية مع الكفار، لقوله تعالى[4]: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}(1).
المسألة 777: كما يجب على المسلمين أن يدفعوا الكفار إذا أرادوا الاستيلاء عليهم استيلاءً عسكرياً، كذلك يجب عليهم الدفاع إذا أراد الكفار الاستيلاء عليهم استيلاءً سياسياً أو اقتصادياً أو ما أشبه، فإنه[1] {وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً}(2).
* مضافاً[2] إلى قوله (صلی اللّه عليه وآله وسلم) : «الإسلام يعلو ولا يعلى عليه»(3)
-------------------------
[4]: البر والقسط يغايران الصداقة.
المسألة 777:
[1]: راجع حول البحث في الآية الكريمة مسألة: (بيع العبد المسلم للكافر، وبيع المصحف الشريف له)(4).
[2]: مضى التأمل فيه في المسألة (776)(5).
ص: 261
وغيره[3] من الأدلة.
المسألة 778: لو كان الاتصال التجاري ببعض بلاد الكفار منفذاً لاستيلائهم تجارياً أو سياسياً أو اقتصادياً أو ما أشبه على بلاد الإسلام حرم الاتصال المذكور.
* لأنها مقدمة الحرام[1] حينئذٍ، وهي محرمة عقلاً.
المسألة 779: الشركات الكافرة التي يخشى فيها على بلاد الإسلام بأن تكون منفذا للاستيلاء - أمثال الشركة[1] الهندية الشرقية، التي أسسها الأجانب في الهند قبل قرون وآل أمرها إلى الاستيلاء على تلك البلاد - لم يجز[2] لحكومة المسلمين منحها الإجازة، وإذا فتحت الشركة يجب
-------------------------
[3]: مثل ما سبق في المسألة (776)(1) من {وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ}(2).
المسألة 778:
[1]: وهو ما سبق بيانه في المسألتين الماضيتين(3).
المسألة 779:
[1]: وكذا شركة التبغ في إيران.
[2]: فإن دفع مثل هذا الضرر العظيم وإن كان محتملاً فأنه واجب. راجع: أول
ص: 262
على المسلمين غلقها[3] وإبعادها، وإن لم يتمكنوا من ذلك يجب عليهم مقاطعتها وعدم التعامل معها.
* وذلك حسب مراتب دفع المنكر[4] والنهي عنه.
المسألة 780: الشركات التي تجعل حصة من أرباحها لنفع الكافر المحارب ونحوه لا يجوز[1] التعامل معها.
-------------------------
التقليد في قاعدة (وجوب دفع الضرر المحتمل)(1) ومباحث الانسداد(2).
[3]: وقبل ذلك تصفيتها - كما ستأتي الإشارة في المسألة (785)(3)- إن وفى ذلك بالغرض.
[4]: فإنه واجب. راجع: بحث (بيع العنب ممن يعمله خمراً، ومسألة الإعانة على الإثم)(4).
المسألة 780:
[1]: في إطلاقه نظر؛ إذ قد تنفعه في تبليط شوارعه مثلاً، أو في خدماته
ص: 263
* لأنها تصب[2] في كيس المحارب للمسلمين.
المسألة 781: يجب على كل أهل بلد أو قرية الاهتمام لغلق المحلات المحرمة، وتصفيتها[1] عن الحرام، كغلق حوانيت الخمور والبغي، وكتصفية المدارس والأحواض المختلطة عن الاختلاط.
-------------------------
الإنسانية، فلا وجه لعدم الجواز حينئذٍ. ولو شك في المصرف فالظاهر أنه حيث إن المحتمل خطر كبير يجب التجنب.
[2]: الأولى الاستدلال: بأنّه إعانة على الإثم، وخلاف المركوز في أذهان المتشرعة، هذا وراجع مسألة (بيع السلاح لأعداء الدين والتفاصيل المذكورة هنالك)(1).
المسألة 781:
[1]: سيأتي في المسألة (785)(2) أنَّ التصفية مقدمة على الإغلاق. وراجع أيضاً مسألة عزل الوصي أو الضم إليه(3).
ص: 264
* لوجوب النهي عن المنكر ودفعه[2] - والغلق والتصفية من مصاديقهما - واختصاص ذكرنا بأهل البلد والقرية من باب أنهم القادرون غالباً، وإلا فالوجوب على الجميع[3] مع الإمكان.
المسألة 782: يجب على جميع الدول الإسلامية إنقاذ دولة إسلامية، أو فئة مسلمة وقعت تحت أسر الكفار سياسياً أو اقتصادياً أو عسكرياً أو نحوها.
* ويدل على ذلك الأدلة الأربعة[1]، بالإضافة إلى أنه من أوضح الضروريات، قال رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله وسلم) : «من سمع رجلاً ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم»(1).
-------------------------
[2]: سبق الكلام فيه المسألة (779)(2).
[3]: كفائياً.
المسألة 782:
[1]: قال تعالى: {وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ}(3) و{مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ}(4)، وآيات الأمر والنهي، و {وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً }(5) والروايات «الإسلام يعلو»(6) وغيرها، وقد سبق بعض الكلام في بعض ما ذكر.
ص: 265
المسألة 783: إذا خيف على دولة إسلامية أو فئة مسلمة أن تقع فريسة للكفار وجب على جميع الدول الإسلامية درء الخطر عنها.
* وذلك لأن دفع الضرر المحتمل[1] واجب فكيف بمثل ذلك؟[2]
المسألة 784: الوجوب المذكور في المسألة السابقة - (782 و 783) - عيني إذا لم يمكن الإنقاذ والدرء إلا بجميع دول الإسلام، وكفائي إذا أمكن الإنقاذ والدرء ببعضها.
* وذكرنا دول الإسلام من باب أنها المصداق في زماننا، وإلا فاللازم أن يكون المسلمون اُمة واحدة[1]، ولهم دولة واحدة[2]،
-------------------------
راجع المسألة (776)(1).
المسألة 783:
[1]: الخطير. راجع: أول التقليد ودليل الانسداد والبراءة(2).
[2]: الذي هو من أعظم الأضرار الخطيرة.
المسألة 784:
[1]: لقوله تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}(3).
[2]: وفيه تأمل؛ إذ بين (الأمة الواحدة) و (الدولة الواحدة) عموم من وجه، فتأمل.
ص: 266
كما في زماني الرسول (صلی اللّه عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين (عليه السلام) ، وقد ذكرنا تفصيل الدولة والدول في الفقه.
المسألة 785: لو صارت مؤسسة[1] أو شركة أو جمعية أو ما أشبه منفذاً[2] للكفار إلى بلاد الإسلام وجب غلقها، أو تنظيفها عن الخطر.
* فإن أمكن التنظيف قدم[3]؛
-------------------------
فالأمة العربية أمة واحدة، مع أنّها تحكمها دول متعددة. والأوربيون أمم متعددة مع أنّها تحكمها دول شبه واحدة، فإنها تسير تدريجياً نحو الوحدة، فتأمل.
والعمل لا يدل على الوجوب. راجع بعض المباحث السابقة.
وعليه: فالأولى الاستدلال: بأنّ وجود دول متعددة يلازم عادةً محرمات، ويضاد عادةً مفهوم (الأمة الواحدة) مثل: الحدود والجمارك والتمايز وما أشبه، فتأمل.
المسألة 785:
[1]: راجع مسألة 778(1) و779(2).
[2]: كشركة التبغ في إيران كما سبق.
[3]: كما سبق في المسألة 781(3).
ص: 267
لأنه لا يجوز سلب[4] الحريات أكثر من القدر اللازم، وإن لم يمكن التنظيف وجب الغلق؛ لأنه الدافع للمنكر والرافع[5] له.
المسألة 786: إذا لم يمكن الإقصاء والغلق بالنسبة إلى ما ذكر في المسألة السابقة يجب على المسلمين مقاطعة ذلك الشخص وتلك المؤسسة.
* قال سبحانه[1]: {لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء}(1)، وفي الروايات مقاطعة فاعل المنكر(2)، إلى غير ذلك مما لا يخفى.
المسألة 787: لو وضع إنسان مرآة أو نحوها في داره أو محل آخر،
-------------------------
[4]: فإن الضرورات تقدر بقدرها.
[5]: سبق الكلام فيه(3).
المسألة 786:
[1]: الآية الكريمة ترتبط بالهيمنة لا بمطلق النفوذ، فتأمل.
المسألة 787:
ص: 268
وأخذ يشرف منها على عورة رجل أو جسم امرأة وجب على الإنسان التحفظ[1] منه ويجب زجره[2]، فإن لم ينزجر يجوز رميه بما يصرفه، فإن تلف أو عطب فهدر، لكن مع مراعاة الأقل خطراً فالأقل.
* كما ذكروا في كتاب الحدود في مسألة: مَنْ ينظر من شق الباب(1)، فإن المقام بملاك ذلك[3]، بالإضافة إلى إطلاقات[4] الأدلة، ولا يخفى أن ما يوجب التلف أو العطب وحتى الأقل من ذلك يحتاج[5] إلى إذن الحاكم الشرعي.
-------------------------
[1]: راجع بحث (التخلي)(2) .
[2]: لأنه نهي عن المنكر.
[3]: فيه نظر، فإنَّ النظر من شق الباب تعدٍ على الحريم، مضافاً إلى كونه منكراً في حدّ ذاته بخلاف المقام، فتأمل.
[4]: الدالة على النهي عن المنكر.
[5]: لابد من مراجعة الأدلة.
ص: 269
المسألة 788: لا يجوز[1]، [2] استخدام الفتيات[3] لأجل جلب[4] المشتري وترويج البضاعة، أما إذا فعل ذلك حراماً لم يكن الثمن[5] حراماً.
* عدم الجواز لأنه موجب لمنكرات ومحرمات، وحلية الثمن لأنه لا منافاة[6] بين الحرمة التكليفية والحلية الوضعية، وكذلك بالنسبة إلى
-------------------------
المسألة 788:
[1]: فإنه: 1- مقدمة للحرام كما أشير إليه؛ 2- إنه إعانة على الإثم؛ 3- إنه منكر في ارتكاز المتشرعة.
[2]: مقدمياً بمقتضى دليل الماتن فتأمل، ونفسياً بمقتضى الدليلين الآخرين، فتأمل.
[3]: ظاهر العبارة العموم ولو كنَّ محجبات، ولعله لعموم الأدلة السابقة. نعم، لو كان استخدام الفتاة المحجبة لا لأجل ذلك، بل لأنها أرخص ثمناً فلا إشكال.
[4]: عن طريق الحرام - كالنظر المحرم وإثارة الشهوة- وأما لو كان الجلب لأنها أقدر على الإقناع فلا إشكال.
[5]: أي: ثمن المعاملة، وأما أجرة نفس المرأة فهي حرام بمقتضى «إذا حرم اللّه شيئاً حرم ثمنه»(1)، ولأنه «أكل للمال بالباطل»(2) وإنما أطلق الثمن لأن المنصرف إليه هو ثمن البيع، وما يدفع للمرأة أجرة.
[6]: الموضوعان مختلفان، وهذه العبارة تستخدم عادة فيما لو كان الموضوع متحداً، كالبيع وقت النداء.
ص: 270
المثمن وسائر المعاملات المحللة.
المسألة 789: لا يجوز[1] استخدام الأمرد الجميل من الفتيان لأجل جلب المشتري، وحال الثمن كما تقدم في المسألة السابقة.
* الدليل في الحكمين التكليفي والوضعي كما ذكر في المسألة السابقة.
المسألة 790: لا يجوز سياقة النساء المكشفات للسيارة من جهة أن التكشف حرام، ولعل تسليم السيارة إليهن يزيد في الحرمة، إذا كان في ذلك خوف[1] الانزلاق والفتنة.
* والفرق بين السيارة والدابة التي كن النساء يركبنها في السابق أن السيارة لسرعة حركتها توجب الفتنة والغرور والخطر، الذي لم يكن[2] في الدابة، أما إذا لم تكن المرأة مكشفة ولا محظور، فحال السيارة حال
-------------------------
المسألة 789:
[1]: راجع التعليقات في المسألة السابقة(1).
المسألة 790:
[1]: فيكون محرماً عقلاً - للمقدمية المحتملة- ودفع الضرر المحتمل الخطير واجب.
[2]: فيه نظر، فإنَّ المدن كانت صغيرة والوصول بالدابة سهلاً، مع أنَّ ركوب الدابة فيه من التهييج ما ليس في ركوب السيارة، فتأمل.
ص: 271
الدابة في الجواز.
المسألة 791: لا يجوز[1] استخدام السائق الذي لا يؤمن منه على العرض بركوب النساء والفتيات معه، مما يكون معرضاً للفتنة والجريمة والانزلاق.
* وكذلك حال العكس باستخدام السائقة مما تسوق الرجال والأولاد لوحدة الدليل.
المسألة 792: لا يجوز[1] استخدام الكافر في البيت يباشر الطبخ والغسل مما يوجب النجاسة، فيكون مأكل الإنسان ومشربه، وماء وضوئه ومحل سجوده وما أشبه نجساً، وليس بذاته حراماً، وإنما هو وسيلة طبيعية للحرام.
* هذا إذا لم يتورع[2] عن المحرمات كالخمر والخنزير والبول، أما إذا تورع وكان من أهل الكتاب فقد ذهب جمع من الفقهاء بعدم نجاسته
-------------------------
المسألة 791:
[1]: عقلاً، راجع: المسألة 790(1).
المسألة 792:
[1]: عقلاً.
[2]: ولو شك كانت أصالة الطهارة محكمة، والعلم بالنجاسة يدفعه العلم بالطهارة أيضاً، فيجري الاستصحابان ويتساقطان أو لا يجريان، وتصل النوبة لأصالة الطهارة على المبنى الأوّل، وتحكم ابتداءً على المبنى الثاني.
ص: 272
الذاتية(1)، كما في جملة من الروايات، ولا يبعد ذلك.
المسألة 793: لا يجوز ترك الرجل الأجنبي مع المرأة الواحدة، أو النساء، في الدار أو المحل، مما يكون معرضاً[1] للفساد والانزلاق، كما يعتاد عند بعض الناس أن يستخدموا لخدمة الدار شاباً، ويتركونه مع زوجتهم الشابة، أو بنتهم الشابة في الدار من دون مبالاة وتحفظ، فإن نفس الاستخدام ولو لم يكن حراماً في بعض الصور، إلا أنه حيث صار معرضاً ومقدمة للحرام غالباً لزم الاجتناب[2] عنه، أما صورة اجتماع الأجنبي والأجنبية فواضح التحريم.
* (فواضح التحريم) لما في بعض الروايات المذكورة في الفقه[3](2).
-------------------------
المسألة 793:
[1]: راجع المسألة 790(3).
[2]: إلاّ لو علم بعدم المعرضية في مورد.
[3]: لكن ذهب البعض إلى عدم الحرمة في حدّ ذاته. راجع النكاح، الخلوة بالأجنبية(4).
ص: 273
المسألة 794: لا يجوز[1] استخدام النساء والفتيات المكشفات في الدور تأتي بالشاي وما أشبه للرجال الأجانب.
* فالاستخدام الذي هو مقدمة للحرام محرم[2]، ويكون من التعاون[3] على الإثم.
المسألة 795:لا يجوز[1] اتخاذ الرجل سكرتيرة مكشفة، ولا يجوز للمرأة اتخاذ سكرتير تتكشف أمامه، كما هو المعتاد عند الكفار والأُناس الذي لا يبالون بالحرام والحلال.
* لما تقدم في المسألة السابقة.
المسألة 796: لا يجوز تقدير جسم المرأة باللمس لأجل خياطة الثوب لها، أو صنع الذهب ليدها أو رجلها، فإن لمس[1] الأجنبي حرام، بالإضافة إلى أنه معرض للفتنة والانزلاق[2].
* إلا إذا كان اللامس محرماً عليها ولم يُخف الفتنة.
المسألة 797: ينبغي[1] عدم اتخاذ مخادع للدكاكين والمحلات، حيث تذهب المشترية إليها لأجل اشتراء لباس أو ذهب أو كماليات أو ما أشبه، فإن هذه المخادع غالباً مثار فتنة وانزلاق، أما اجتماع الأجنبي[2] بالأجنبية فيها أو ارتكابهما لأمر غير مشروع فذلك الحرام.
-------------------------
[1]: أي المباشر، وأما لو كان من وراء الثوب - بلا غمز- فلا حرمة نفسية، راجع: كتاب النكاح(1).
نعم، قد تكون له حرمة مقدمية.
[2]: بالإضافة إلى استلزام الخلوة المحرمة - على قول - أحياناً.
المسألة 797:
[1]: هذا يستلزم اللبس أمام الأجانب، وفيه محذور أيضاً.
فالأولى صنع مخادع على نحو لا يكون معرضاً للفتنة، فتأمل.
[2]: أي الخلوة، بناءً على حرمتها.
ص: 275
* أمّا أنه ينبغي عدم اتخاذه فلأنه غالباً مقدمة[3] الحرام كما تقدم.
المسألة 798: تصوير الرجل للمرأة أو المرأة للرجل مما يلازم النظر[1] وما أشبه لا يجوز، فكيف[2] بذهابها إلى المخدع وانفراد الأجنبي مع الأجنبية؟
* أما التصوير فلأنه مستلزم للنظر المحرم، وأما الانفراد بالأجنبية فهو حرام مستقل، كما في الخبر المنصوص[3](1).
المسألة 799: يجوز إلقاء الفتنة بين الكفار الذين يحاربون المسلمين، وكذلك بين المسلمين الذين انسلخوا عن مبادئ الإسلام، وارتبطوا بالأجانب، وصاروا منافذ لسيطرة الكفار على بلاد الإسلام.
-------------------------
[3]: فيكون محرماً عقلاً، وعليه فاللازم الفتوى بالتحريم.
المسألة 798:
[1]: المحرّم، كما سيأتي في التعليق.
[2]: بناءً على حرمة الخلوة، أو استلزامها للحرام.
[3]: راجع: بحث الخلوة في كتاب (النكاح)(2).
المسألة 799:
ص: 276
* وقد ألقى (نعمان) الفتنة بين المشركين واليهود بتقرير[1] من الرسول (صلی اللّه عليه وآله وسلم) (1).
-------------------------
[1]: راجع استجماعه لشرائط التقرير(2).
ص: 277
المسألة 800: ما ذكر في المسألة السابقة إنما يجوز فيما إذا لم تكن الفتنة منجرة إلى ما لا يرضاه الإسلام، كإراقة الدماء وما أشبه[1]، وإلا لزم أن تلاحظ الأهمية بين المحرمين الذين لابد من أحدهما، كما هي القاعدة في باب (الأهم والمهم).
* ولو لم يعلم أهمية أحدهما تخير، إلا أن يكون أحدهما أقرب[2] إلى الاحتياط فيقدم.
المسألة 801: لا يجوز إيذاء أبناء الكفار مقابل أن الكفار يؤذون أبناء المسلمين، مثلاً: إذا كان اليهود يأخذون أطفال المسلمين ويؤذونهم حقداً وضغناً، فإنه لا يجوز للمسلمين أن يأخذوا أطفال اليهود ويؤذونهم.
* وذلك لقوله[1] تعالى: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (1)، وقد نهى النبي (صلی اللّه عليه وآله وسلم) في حرب حنين عن ذلك، حيث أراد بعض المسلمين أن يؤذي
-------------------------
المسألة 800:
[1]: مثل تشويه سمعة المسلمين، أو استلزام ذلك لرد فعل عنيف.
[2]: كما لو دار بين تشويه سمعة الإسلام وغيره. والأولى ظاهراً أن يقال: يجب الرجوع إلى المرجحات المذكورة في باب التزاحم، فإن لم تكن تخير مطلقاً.
المسألة 801:
[1]: ولأنه ظلم بلا مبرر عقلي أو شرعي.
ص: 278
أولاد الكفار والمحاربين.
المسألة 802: لا يجوز إيذاء أسرى الكفار في مقابل أن الكفار يؤذون أسرى المسلمين.
* لما تقدم في المسألة السابقة، بالإضافة إلى ما أُمر[1] به من الرفق بالأسرى(1).
المسألة 803: ما ذكر في المسألتين (801) و (802) أنما هو لو ارتدع الكفار عن أذى أبناء المسلمين وأسراهم بغير ذلك، وإلا بأن توقف ردعهم به فهل يجوز ذلك أم لا؟ احتمالان، ولو قيل بالجواز فالواجب أن يكون بأقل قدر ممكن.
* ويكون ذلك من قبيل تترس[1] الكفار بالمسلمين، كما ذكروا في كتاب الجهاد(2)،
-------------------------
المسألة 802:
[1]: هل هو على نحو الوجوب أو الندب؟
المسألة 803:
[1]: فتحكم موازين (الأهم والمهم) ويلاحظ في الأهمية سمعة الإسلام والمسلمين.
ص: 279
ثم إنّ اللازم أن يكون بإذن[2] شورى الفقهاء المراجع؛ لأنه مما يرتبط بعامة المسلمين، وبسمعة الإسلام.
المسألة 804: لا يجوز اختطاف أُُناس أبرياء وتعذيبهم أو سجنهم لأجل استجابة الحكومة، أو الشخص المرتبط بالمخطوف المطاليب الشرعية للمختطف، فإنّه[1] {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (1).
* من غير فرق بين أن يكون المختطف - بالفتح - كافراً أو مسلماً، وكذا أخذ الرهينة، فإنه من المحرمات ومما يشوه سمعة[2] الإسلام والمسلمين.
المسألة 805: إذا توقف أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو وفاء حق
-------------------------
[2]: سبق(2) أنه إن كان الوصول إليهم ممكناً وأجازوا، وإلا فالقطع الحاصل للمكلف محكّم، فتأمل.
المسألة 804:
[1]: مضافاً إلى أنه ظلم بلا مبرر كما سبق في المسألة (801)(3).
[2]: والاحتفاظ بها مهم جداً، كما سبق دليله(4).
المسألة 805:
ص: 280
مشروع على الاختطاف لزم أن يلاحظ الأهمية[1]، فيقدم الأهم، مثلاً: إذا أخذت دولة كافرة ألف مسلم بريء وسجنتهم، وكان طريق خلاصهم أن يختطف المسلمون أحد وزرائها جاز ذلك في سبيل إنقاذ أُولئك المسلمين.
* وذلك بالشرط[2] الذي ذكرناه في المسألة (803).
المسألة 806(1): الظاهر أنه يجوز خداع الحيوان لأجل الاستفادة منه، كأن يمُلأ جلد ولد الناقة بالتبن ويقدم أمامها لتظن أنه ولدها فتدر باللبن.
* فإنّ الأصل الحلية بعد أنه لا دليل على الحرمة.
المسألة 808: لا يجب منع حيوان ينزو على حيوان آخر، وإن لم يكن من جنسه ونوعه.
* لما تقدم في المسألة السابقة، وحتى إذا كان الحيوان له بعض الشعور كالقرد ونحوه.
المسألة 809: لا بأس بتسجيل الدار والدكان وما أشبه باسم إنسان آخر، لأجل أن الدولة - مثلاً - لا تقرر ملكية المالك الحقيقي.
* وليس ذلك من الكذب المحرم، بالإضافة إلى أنه نوع من الاضطرار.
المسألة 810: اختطاف أبناء التجار أو الموظفين الكبار أو ما أشبه لأجل استدرار أموالهم، أو قيامهم بأعمال للمختطف لا يجوز شرعاً، بل هو حرام مضاعف، حيث إنه تصرف في ما لا ولاية للمختطف على التصرف فيه؛ وإيذاءً لأقربائه.
* وكذا اختطاف أي ولد أو بنت أو قريب للغير، لأجل غاية يجعل الاختطاف وسيلة إليها، من غير فرق بين أن يكون المختطف - بالفتح - كبيراً أو صغيراً مسلماً أو كافراً محترماً.
المسألة 811: الإسلام وحده هو الدين التقدمي الذي يسير بالبشرية نحو الأمام إلى آخر الشوط، ولا يعتقد بالوقوف، بل شعاره (اللّه أكبر)
ص: 282
و{وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى}(1)، و «إن من ساوى يوماه فهو مغبون»(2)، أما سائر الأديان والأنظمة فليست كذلك، ولذا لا يجوز وصف الإسلام بأنه دين رجعي أو ما أشبه، كما لا يجوز تفضيل غير الإسلام على الإسلام، وادعاء أن غير الإسلام تقدمي، أو أن غير الإسلام هو الذي يعطي حاجات البشر، أو يحل مشكلاته أو يأخذ بيد البشر إلى التقدم.
* والإيمان بالنسبة إلى الإسلام له نفس النسبة؛ ولذا قال (صلی اللّه عليه وآله وسلم) : «واحدة ناجية والباقون في النار»(3)، ولا يخفى أنه أشار إلى الفرد الأكمل - وهو النجاة في الآخرة - وإلا ففي الدنيا أيضاً نفس الشيء؛ لأن الإنسان إذا انحرف عن قوانين اللّه سبحانه لابد وأن يصطدم في الدنيا بالمشاكل.
المسألة 812: للدولة العادلة أن تمنع ذبح الحيوانات في الشوارع والسكك وما أشبه، إذا كان الذبح مثار أمراض وإيذاء للناس لبقاء الدم والوساخات.
* بل لا يجوز للإنسان نفسه أن يذبح الحيوان ولو لم تمنع الدولة، إذا كان سبباً للأمراض والإيذاء، ودليله واضح.
المسألة 813: هل للدولة فرض تجميل الدكاكين وبنائها بكيفية خاصة
ص: 283
أم لا؟ الظاهر العدم، إلا إذا كانت هناك مصلحة أهم حتى يدخل الأمر في قاعدة (الأهم والمهم).
* وذلك لأن مقتضى الآية(1) أن يكون كل إنسان وما اختاره في الإطار الإسلامي، ولأنّ رواية «إنَّ اللّه جميل ويحب الجمال»(2) تدل على أن يكون الإنسان ساعياً إلى التجميل باختياره وفي الإطار المذكور؛ ولأن الناس مسلطون على أموالهم وأنفسهم، ثم لا يخفى أن تطبيق قانون الأهم والمهم في الأمور العامة يجب أن يكون بإشراف شورى الفقهاء المراجع.
المسألة 814: لا يجوز أكل الطعام والشراب الذي يضر بالإنسان ضرراً بالغاً، كما لا يجوز للإنسان أن يبقى في مكان يضر به ضرراً بالغاً، كالكون في محل مرطوب، أو محل حار جداً، أو محل بارد كذلك، أو في مهب الرياح، أو كثرة الوقوف في الماء المضر به، وهكذا.
* نعم، الأضرار الطفيفة لا بأس بها، كما ذكرناه في رسالة (لا ضرر) وغيرها(3)، وكذلك بالنسبة إلى اللبس الضار والمشي الضار، والشغل الضار وغيرها.
المسألة 815: لا يجوز للإنسان أن لا يراجع الطبيب إذا كان في عدم
ص: 284
مراجعته ضرر بالغ، كما أنه يجب عليه شرب الدواء في هذه الصورة.
* للدليل السابق، ولا يحتاج إلى العلم بالضرر البالغ، بل احتماله كافٍ في وجوب المراجعة.
المسألة 816: لا بأس باستعمال التراب الذي خرج بعض أجزائه عن كونه تراباً، إذا بقي عليه صدق التراب في باب الطهارة من الخبث أو الحدث.
* وكذا حال ما إذا اختلط بالتراب ما ليس من جنسه كالرماد، فإنّ الصدق العرفي كافٍ في الطهارتين.
المسألة 817: العملية إن كانت خطرة فالظاهر لزوم اتباع الأقل خطراً من العملية وعدمها، فلو كان النجاح ستين في المائة - مثلاً - وجبت العملية، وإن كان النجاح أربعين في المائة والهلاك ستين في المائة وجب الترك، وإن كانت العملية وعدمها متساويين، كما لو كان نجاح كل من إجراء العملية وتركها خمسين في المائة، جاز الفعل والترك.
* لكن البقاء إذا كان خطراً وجبت العملية، وإن كانت نسبة النجاح ضئيلة، مثلاً: إذا بقي مات، وإذا أجرى العملية كان احتمال النجاح عشرة في المائة.
المسألة 818: يجب تخليص المظلومين من أيدي الظلمة مع الإمكان من باب دفع المنكر، وقد قال رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله وسلم) : «انصر أخاك ظالماً أو
ص: 285
مظلوماً»(1)، وفسر (صلی اللّه عليه وآله وسلم) نصرته ظالماً بكفه عن الظلم.
* لكن وجوب النصرة فيما إذا كان الظلم كبيراً، أما إذا كان يظلمه بسرقة فلس منه أو ما أشبه مما لا يعتنى به فلا دليل على وجوب النصرة وهكذا، فإن دليل الوجوب منصرف عما ذكرناه، إلا أن يكون الوجوب بجهة أُخرى.
المسألة 819: إذا بقي لغروب الشمس في هذا البلد أربع ساعات مثلاً، فإذا سافر الإنسان إلى بلد بقي لغروبه ساعة واحدة جاز له أن يفطر هناك بعد ساعة؛ لأنّ الأمر في الصيام والإفطار تابعان للأُفق.
* أي: الذي فيه الصائم؛ ولأنّه بتحقق الموضوع يتحقق الحكم، وفي رواية «إنما عليك مشرقك ومغربك»(2).
المسألة 820: ينبغي تصوير وتمثيل وتأليف ذكريات الإسلام ومحلاته بمختلف الوسائل، كتصوير المدينة المنورة ومكة المكرمة، وتجسيم الكعبة
ص: 286
ومرقد الرسول (صلی اللّه عليه وآله وسلم) وآله الطاهرين (عليهم السلام) ، وتأليف فتوحات الإسلام، بل يستحب ذلك أيضاً، وقد يجب إذا كانت هناك جهة وجوب.
* وذلك لأنه من طرق ترويج الإسلام، ويجب فيما إذا كان المخالف للإسلام أو الإيمان يملأ الفراغ، مما يضر العقيدة أو العمل.
المسألة 821: يجب تأليف الكتب التي تبين حقائق الإسلام، وتبطل وتفند الإشكالات والإيرادات التي أوردها عليه المخالفون، كما يجب الدفاع عن نبي الإسلام (صلی اللّه عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام) والعلماء العاملين والمؤمنين الصالحين.
* يجب ذلك عينا أو كفاية - كل في مورده - وذلك لأدلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأدلة الإرشاد والتنبيه والهداية ولغير ذلك.
المسألة 822: يشكل للإنسان أن يصنع مفاتيح تفتح بها أبواب بيوت الناس وصناديقهم، وإن لم يكن بقصد الفتح، بل لمجرد وجودها عنده.
* وإنما يشكل لأنه يعد تعدياً لحقوق الآخرين، فيشمله: «لا يتوى حق امرئ مسلم»(1)، أما إذا أراد الفتح فلا إشكال في الحرمة، كما هو متعارف عند السراق والدول المستبدة.
المسألة 823: لا بأس بجمع الطوابع، أو سائر الهوايات التي لم يمنعها الإسلام، ولم يترتب على ذلك محذور آخر، كهواية التعرف على الخطباء
ص: 287
والشعراء، وهواية الكتب، وهواية الصنعة والسباحة وركوب الخيل والتأليف وما أشبه.
* ففيما كانت جهة راجحة هناك فهو مستحب، وإلا فهو مباح، وإن كانت جهة مرجوحة كانت مكروهة.
المسألة 824: لا تجوز هواية مراسلة الفتيات والتعرف إليهن وإلى أعمارهن وما أشبه، فإن ذلك من أكبر مثارات الفتنة، ومواضع الانزلاق.
* وكذلك العكس بتعرف الفتاة إلى الشباب، للدليل المذكور.
المسألة 825: لا بأس بأن يسمي الإنسان ولده باسم إنسان آخر، وإن لم يكن ذاك الإنسان يرضى بذلك.
* لأصالة الإباحة والحرية.
المسألة 826: يجب ممارسة الضغوط الممكنة لأجل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كأن يحتوش(1) الإنسان فاعل المنكر بإثارة أهله وأقربائه وأصدقائه عليه، أو يرسل إليه مكاتيب من مختلف المناطق أو نحو ذلك، فإن هذا من أساليب التأثير وأسباب الردع والإقلاع.
* وهو واجب عيني أو كفائي على موازينهما، وكذلك حال تبليغ الإسلام.
المسألة 827: ينبغي التوسل بالدبلوماسيات لأجل نشر الإسلام، والأمر
ص: 288
بالمعروف والنهي عن المنكر، كأن يحفز الإنسان حكومة على أن تجعل من مناهج سفرائها فتح الأسواق للكتب الإسلامية، أو القيام بالاحتفالات في المناسبات الدينية أو ما أشبه.
* و (ينبغي) يشمل الواجب في مورده، والمستحب في مورده، لإطلاق أدلتهما.
المسألة 828: إذا أمكن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بتشكيل هيئات وجماعات وجمعيات وجب التشكيل المذكور؛ لأنه من طرق الأمر والنهي، أما تشكيل الأحزاب بالمفهوم الغربي فقد سبق الإشكال فيه.
* نعم، تشكيل الحزب بالمفهوم الإسلامي(1) لا بأس به، وجوباً أو استحباباً كل في مورده.
المسألة 829: إذا أمكن الحجز على إنسان يترك المعروف أو يفعل المنكر أو نحوه حتى يضطر إلى الاستقامة لزم أن يلاحظ أن أي الأمرين أهم في نظر الشارع؟ فإذا تحققت الأهمية في الحجز والضبط جاز وإلا لم يجز.
* والجواز في قبال الحرمة، وإلا فاللازم أن يقال (بالوجوب) وكذلك
ص: 289
حال حجز ماله حتى لا يشرب الخمر، أو لا يزني أو ما أشبه ذلك، ويحتاج كل ذلك إلى إجازة الحاكم الشرعي.
المسألة 830: إذا أمكن محالفة الكفار لضرب كافر محارب، أو لإيقاف مسلم عند أوامر الشرع، ولم تكن في المحالفة مضرة جاز، كما حالف النبي (صلی اللّه عليه وآله وسلم) بعض القبائل ضد قريش الذين كانوا يعتدون على الرسول وعلى المسلمين(1).
* من غير فرق بين أهل الكتاب وغيرهم، لإطلاق الأدلة.
المسألة 831: يجوز إحداث الأجنحة على الطريق العام ما لم تضر المارة؛ وذلك بأن يبني الإنسان طلاّعاً(2) في بنائه يشرف على الجادة.
* لإطلاق أدلة السلطنة والحرية، لكن الضرر مستثنى سواء بالنسبة إلى المارة أم الجار بدليل (لا ضرر)، وكذلك حال فتح المجاري ونحوه في الطريق العام.
ص: 290
المسألة 832: يجوز فتح الأبواب المستجدة إلى الطريق العام، لكن بشرط أن لا يضر المارة، وكذلك فتح النوافذ إلى الطريق العام.
* لما تقدم، وإنما قلنا الطريق العام لأن في الأزقة والسكك الخاصة تفصيل مذكور في كتاب إحياء الموات(1).
المسألة 833: الظاهر عدم جواز فتح النافذة في بنائه إذا أشرف على دار الغير.
* لأنه إضرار بالغير «ولا ضرر ولا ضرار»(2) .
المسألة 834: يجوز إجارة الطائرة والسفينة والقاطرة والغواصة والسيارة والمعمل وغيرها من الوسائل الحديثة، بشروط الإجارة المذكورة في كتاب الإجارة(3).
ص: 291
* وكذلك حال رهنها وهبتها وبيع شرطها وغير ذلك من المعاملات المعروفة أو الحديثة، التي لم يمنع الإسلام عنها؛ وذلك لإطلاق أدلتها.
المسألة 835: يجوز للإنسان أن يقود السيارة أو ما أشبه بدون تحصيل الموافقة من الدولة غير المشروعة. نعم، إذا كان لا يعرف السياقة بما كان محلاً للضرر والخطر أُشكلت السياقة.
* إلا مع القطع بعدم الخطر على نفسه أو غيره أو مال محترم، وكذا إذا كانت الدولة شرعية فإنه لم يجز مخالفتها.
المسألة 836: الدكتور ضامن لما تلف بسببه إلا إذا تبرأ من العطب، ويجب عليه الدقة في الفحص ووصف الدواء، ومراقبة اللّه سبحانه في أن لا يقول بما لا يعلم.
* الضمان لأن كل مَنْ أضر غيره ضامن لما أضره أو أتلفه، ووجوب الفحص لأنه لا يجوز ضرر الآخرين، واحتمال الضرر مثل نفس الضرر، فالضمان وضعي وهذا تكليفي، أما إذا تبرأ برئ عقلاً ونصاً(1)، لكن براءته إنما تفيده إذا عمل بالموازين علماً ومباشرة؛ لأن إعطاء المريض البراءة مقيّد بذلك.
المسألة 837: تجوز إعارة دولة لدولة أُخرى السلاح، سواء كانت لمجرد المناورة أم المحاربة الجائزة شرعاً.
ص: 292
* أما إذا لم يجز فلا يجوز، وقد يترتب على ذلك الضمان أيضاً.
المسألة 838: مثل الإعارة فيما ذكر في المسألة السابقة الإجارة والبيع والصلح وما أشبه.
* لوحدة الدليل في الجميع، ولا فرق في السلاح بين الهجومي والدفاعي.
المسألة 839: لا إشكال في جواز إيداع المال في البنك بدون أخذ الربا منه، لكن إذا علمنا أن المشرف على العمل يأخذ الربا بسبب المال المودع مما يكون إيداعنا عنده موجبا لأكله الربا فهل يجوز الإيداع أم لا؟ احتمالان.
* ولعل الأقرب العدم؛ لأنه من التعاون على الإثم، لكن في مثل هذه المسألة خلاف بين الفقهاء، حيث يقول بعضهم بأنها مثل بيع التمر لمن يصنعه خمراً، والتفصيل مذكور في الفقه(1).
المسألة 940: إذا عرف البنك أن المودع لا يملك المال الذي أودعه، بل إنما هو سرقة أو ما أشبه لم يجز للبنك ردها إليه، بل اللازم ردها إلى مالكها، وإن لم يعرف المالك فإلى الحاكم الشرعي.
* إذ السارق لا حق له، ولا فرق في ذلك بين ما لو أودع السارق مال السرقة إلى البنك أو عند شخص أو جماعة.
ص: 293
المسألة 841: يجوز لأصحاب الملايين أو الشركات الكبرى عقد صفقة مع شركات رواد الفضاء لكشف كوكب، أو شيء مجهول في الفضاء بمقدار خاص من المال.
* لأنه نوع تعامل عقلائي فيشمله الأدلة.
المسألة 842: هل حكم المفلس كما يجري على الفرد يجري على الدولة أو على الشركة أو على الجمعية أم لا؟ احتمالان، وإن كان لا يبعد الجريان لإطلاق بعض الأدلة.
* والظاهر ذلك لما ذكر، بالإضافة إلى الملاك والعقلائية.
المسألة 843: لا يجوز للدولة تصفية أموال شركة أو جمعية أو ما أشبه، فيما إذا لم تعمل بالقوانين المقررة للجمعيات، إلا إذا كانت الدولة شرعية وكانت التصفية بالميزان الشرعي.
* أما إذا لم يكن الشرطان فالمشرفون لهم الحق في الإخفاء، ونقض الحكم والعمل بما يخلصهم من المشكلة، واللازم في جميع الصور مراعاة حقوق الناس.
المسألة 844: حكم الوكالات التجارية المتعارفة في هذه الأزمنة حكم الوكالة بجميع شرائطها المذكورة في كتاب الوكالة(1).
ص: 294
* لإطلاق الأدلة، إلا إذا كانت فيها جهة محرمة، حيث يجب الاجتناب عن ذلك المحرم، وإذا كانت نفس الوكالة محرمة - كما يعتاد في بعض بلاد الغرب من وكالة البغاء وما أشبه - كانت باطلة، وقد سبق الإلماع إلى ذلك في بعض المباحث السابقة.
المسألة 845: يجوز السكنى داخل البحر إن أمكن - كما نشره الإعلام أخيراً - نعم، يلزم مراعاة الأحكام الشرعية هناك.
* من مواقيت الصلاة والصيام وغير ذلك اعتماداً على الوسائل المطمئنة.
المسألة 846: لو انهدمت قرية بسبب الزلازل أو القنابل أو السيول ولم يعلم محال الوقف منها، فهل يجب تخصيص قطعة من أرضها للوقف الذي كان سابقاً أو لا؟ احتمالان، ولا يبعد الوجوب، والأحوط أن يكون بالقرعة.
* ذلك لأن حكم الوقف حكم الملك، فكما أنه إذا كان لجماعة أراضٍ ولم يعلم أية قطعة لأيهم لزم إعطاء كل واحد قطعة ولو بالقرعة، فكذلك المقام، فإنه هو المستفاد من كون «الوقوف على حسب ما يقفها أهلها»(1) منضماً إلى التنظير بالملك، والقرعة لأنها لكل أمر مشكل.
المسألة 847: لا يجوز تهيج المياه بواسطة تفجير القنابل أو ما أشبه، بحيث
ص: 295
يوجب تكوّن السيول الموجبة للإضرار بالناس، ولو هيّج كان ضامناً لما يخرّبه السيل.
* وكذلك تهيج الأمطار والزلازل والرياح وما أشبه ذلك؛ لإطلاق دليل (لا ضرر)، وإطلاق دليل (الضمان) فله حرمة تكليفية وضمان وضعي.
المسألة 848: الطائرات التي تخرق حاجز الصوت فتؤدي إلى كسر الزجاج، أو تصدع العمارة يضمن أصحابها الخسارة التي توردها على الناس.
* لدليل (لا ضرر) ولو كانت للدولة العادلة فمن بيت المال إذا لم يكن الطيار مقصراً.
المسألة 849: لو سبب صوت الطائرة إجهاض الحامل كان صاحبها ضامناً.
* فيما إذا مات الطفل المجهَض، أما إذا لم يمت فلا يضمن وإن فعل حراماً. نعم، يضمن المصارف كجعل الطفل في الأُنبوب مثلاً، ومثل الإجهاض فيما لو أوجب نقص عضو أو قوة، ولو سبب المرض للطفل فالحكومة، بمعنى أن يحكم ذوا عدل من أهل الخبرة على قدر نسبة النقص والمرض، من الدية.
المسألة 850: لا يجوز تهديم الوقف لمصلحة ساحة أو شارع أو مشروع، إلا إذا كانت تلك المصلحة أهم في نظر الشارع، فيجوز لقاعدة
ص: 296
الأهم والمهم.
* الحكم في المستثنى منه لأن «الوقوف على حسب ما يقفها أهلها»(1) والهدم ينافي ذلك، والمستثنى لأدلة تقديم الأهم(2).
المسألة 851: الظاهر وجوب تبديل الوقف بالمثل، في مفروض المسألة السابقة.
* وذلك لارتكاز الواقف على ذلك، فإن الواقف يريد العين ويريد الروح العام، إذا لم يمكن العين، كما يريد الأعم إذا لم يمكن المثل، بأن يجعل مكان المدرسة حسينية، أو ما أشبه إذا لم يمكن المدرسة وهكذا مع مراعاة الأقرب فالأقرب.
ص: 297
المسألة 852: ينبغي استعداد الدولة للترفيه على الزائرين والوافدين، خصوصاً بالنسبة إلى الحجاج وزوار مرقد الرسول (صلی اللّه عليه وآله وسلم) والأئمة الطاهرين (عليهم السلام) ، بتهيئة المسكن والطعام والماء والكهرباء والصحة والنظافة والمواصلات ونحوها. بل قد يجب ذلك، إذا كانت هناك جهة خارجية موجبة.
* ينبغي ذلك لأنه من التعاون على الخير والبر والتقوى، بالإضافة إلى العناوين الكثيرة الراجحة المنطبقة على أمثال هذه الأمور. أما الجهات الموجبة مثل: إسعاف المريض والمضطر ومن أشبه فهو مما أمر به الإسلام، وقد قال عيسى (عليه السلام) : «التارك مداواة الجريح بمنزلة الجارح له»(1)، وقد يجب ذلك إذا توقف الدين أو المذهب على ذلك، وإذا كان مقدمة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
المسألة 853: الظاهر أنه لا يجوز صرف مجموع وارد الأوقاف في مجموع أهداف الأوقاف من دون ملاحظة كيفية الوقف، مثلاً: بيد وزارة الأوقاف دار لضياء المشهد، ودكان لإطعام الزوار، وحمام لعلاج المرضى، فتأخذ الوزارة وارد الكل وتصرفه في الشؤون الثلاثة، من دون ملاحظة صرف مقدار كل وارد في هدف الوقف الخاص.
ص: 298
* عدم الجواز لأنه صرف للوقف في غير مصرفه. نعم، فيما إذا كان المصرف متساوياً مثلاً وصرف بالمقدار في كل مصرف، لم يلزم وضع وارد كل وقف في مكان خاص، بل يجوز الخلط والصرف من المجموع لصدق (أداء الأمانة) بذلك عرفاً، كما يرى ذلك بعض الفقهاء في مثل الخمس والزكاة والثلث، وأُجرة الصلاة والصيام حيث تخلط، لكن يعطي الفقيه من كل الكيس المشترك بقدر كل واحد إلى مصرفه.
المسألة 854: إذا لم يجز ما ذكر في المسألة السابقة لم يجز بطريقة أولى صرف الوارد في مطلق المشاريع الخيرية، التي لم تكن من مقاصد الوقف، كما هي العادة في دوائر الأوقاف في العصر الحاضر.
* لأنه صرف في المورد الخارج عن المصارف المقررة في الوقف.
المسألة 855: الوقف بقسميه الذري والخيري باقيان إلى الأبد، فإبطال بعض الحكومات الوقف الذري لا يؤثر في تغيير الحكم الشرعي.
* لأنَّ: «حلال محمد حلال أبدا إلى يوم القيامة وحرامه حرام أبداً إلى يوم القيامة»(1).
المسألة 856: ما تقوله بعض الحكومات أو الأفراد الذين يريدون العمل بهواهم من أنهم يأخذون روح الإسلام وجوهره إنما هو خداع، وتغطية لفرارهم عن العمل بالإسلام.
ص: 299
* وذلك لأن الإسلام روح وجسم، لا أحدهما فقط.
المسألة 857: ما يقوله بعض الناس من أن الإسلام متطور فلا يجب الأخذ بأحكامه حرفياً إنما هو انهزام عن واقع الإسلام في إطار من المراوغة، إنهم بهرهم الغرب والشرق فعملوا بما قالوه، فإذا رأوا منافاة بين حكم الإسلام وحكم الغرب والشرق قالوا بأن الإسلام متطور ليتركوا العمل بالإسلام، ويأخذوا بمنهاج الغرب والشرق.
* نعم، التطور بمعنى أنه إذا تغير الموضوع تغير الحكم؛ لأن الحكم تابع للموضوع صحيح، لكنه ليس تطوراً بمعنى اللفظ، وإنما بالمعنى اللغوي، أي التغير من طور إلى طور آخر.
المسألة 858: تصح الوصية التسجيلية في الأشرطة، كما تصح باللفظ وبالكتابة.
* لإطلاق أدلة الوصية، وحكم التسجيلات المتخالفة حكم المكتوبات المتخالفة، كما أنّ حكم التخالف بين الكتابة والتسجيل حكم المخالفة بين وصيتين من جنس واحد، إلا إذا كان أحدهما أقوى عرفاً.
المسألة 859: لا يكفي في إنفاذ وصية قراءة القرآن على القبر وضع المسجل، إلا إذا صرح الموصي بأنه يريد ذلك، أو كان لكلامه عموم أو إطلاق من هذه الجهة.
* وذلك لانصراف الأدلة عن مثله.
ص: 300
المسألة 860: الوصية بتسبيل الماء تؤدى بجعل الحنفية، كما أن الوصية بالإنارة تؤدى بجعل المصباح الكهربائي.
* لشمول الإطلاق لهما، كما أنّ الوصية بإيفاد ناس إلى الحج أو الزيارة تؤدى بالإيفاد بواسطة الوسائل الحديثة، وإن كانت الوصية في زمان لم يكن لهذه الوسائل عين ولا أثر، وهكذا أمثال ذلك.
المسألة 861: ينبغي للحكومات الإسلامية المشرفة على المراكز المقدسة توسيع تلك المراكز، حتى يسع المسجد الحرام مليون إنسان على الأقل، وكذلك مشاهد الرسول (صلی اللّه عليه وآله وسلم) والأئمة الطاهرين (صلوات اللّه عليهم أجمعين) نصف مليون إنسان، بل قد يجب ذلك بالعنوان الثانوي.
* لانطباق عناوين متعددة من المستحبات على أمثال هذه التوسعات، لكن بشرط أن لا يوجب التوسيع ذهاب شعار واجب، مثل أن يوسع مسجد الرسول (صلی اللّه عليه وآله وسلم) إلى أن ينمحي آثار قبور الأئمة (عليهم السلام) في البقيع إلى غير ذلك من الأمثلة.
المسألة 862: ينبغي للحكومات الإسلامية المشرفة على المراكز المقدسة أن تجعل من المركز منطلقاً للتبليغات الإسلامية الصحيحة، بجعل المدارس والمكتبات للمطالعة، ومكتبات للبيع، ومكتبات لتوزيع الكتب بالمجان، ومحلات لبيع وتوزيع الأشرطة الدينية، وبيع وتوزيع الصور والتماثيل لذكريات الإسلام، وجعل الخطباء والمبلغين بمختلف اللغات لإرشاد الناس وما أشبه ذلك في أطراف كل تلك المراكز المقدسة، بل لا
ص: 301
يبعد الوجوب في الجملة؛ لأنه داخل في الإرشاد والتبليغ والأمر بالمعروف.
* فكل ما يؤدي شأناً واجباً كان واجباً، وكل ما يؤدي شأناً مستحباً يكون مستحباً.
المسألة 863: لو القي قنبلة في الماء بقصد تخدير الأسماك وظهورها على الماء حتى يصطادها، فالظاهر أنه لا يحق لأحد صيدها؛ لأنها صارت صيداً لصاحب القنبلة.
* لكن لا يحق للصياد أن يصطاد أكثر من حقه؛ لأنّ الحق في إطار (لكم)(1) كما ذكرناه في الفقه(2)، وقد سبق في بعض المباحث شبه ذلك.
المسألة 864: لو القي إلى الحمام أو الطير أو الوحش حبات مخدرة لأجل صيدها فتخدرت بواسطتها، ولم تتمكن من الهرب لم يحق لأحد صيدها؛ لأنها صارت صيداً لصاحب الحبة.
* فيشمله: «من سبق»(3) ونحوه، والاستثناء هنا كالاستثناء في المسألة
ص: 302
السابقة.
المسألة 865: الحكم كما ذكر في المسألة (863) و(864) فيما إذا القي قنبلة مسيلة للدموع أو ما أشبه مما سببت عدم تمكن الصيد من الطيران أو الهرب.
* لوحدة الدليل في الجميع.
المسألة 866: أحواض الأسماك التي يصنعها الناس أو الدول في حافة الأنهار والبحار إذا دخل فيها السمك يكون لصاحب الحوض، فلا يحق لأحد صيده بدون إذنه.
* وكذلك حال الشبكات التي تصنع لصيد الطير أو الوحش أو ما أشبه، لصدق «من سبق».
المسألة 867: إذا أوصى بأن يصرف ماله لشراء السيارة للزوار، أو لإدارة الأيتام أو دار العجزة أو مدرسة المعوقين أو نحو ذلك صح، بل ذلك من أفضل القربات.
* لإطلاق أدلة الوصية، وعدم وجود السيارة في زمانهم (عليهم السلام) لا يوجب أن ينصرف أدلة الوصية إلى ما تعارف في زمانهم فقط.
المسألة 868: الظاهر أن حريم آبار البترول هو الذي يراه العرف حريماً لصدق «من سبق» فإذا حفر إنسان بئراً لا يحق لآخر أن يحفر بئراً إلى جانبه.
ص: 303
* بحيث يكون أخذاً لحق السابق. نعم، الاستثناء الذي ذكرناه بدليل (لكم) في المسألة السابقة آتٍ هنا أيضاً.
المسألة 869: لا يحق تعميق بئر النفط بما يضر بئر إنسان آخر، لما سبق في المسألة السابقة.
* وكذلك حال بئر الماء ونحوه، والحاصل يجب للثاني أو الذي يريد التعميق مراعاة: «من سبق» بالنسبة إلى السابق، ولو اختلفا في أنه يصدق (السبق) أم لا فالمرجع القضاء.
المسألة 870: الحريم الذي يقرره القانون الدولي للمطارات والمعامل الظاهر وجوب اتباعه، فإنه داخل في مصداق «من سبق» الذي تقدم في المسألة (868).
* إلا إذا كان أكثر أو أقل من دليل السبق، فاللازم اتباع السبق العقلائي.
المسألة 871: الممرات المائية كقناة السويس، والخلجان كخليج العقبة إنما هو ملك المسلمين، هذا فيما إذا لم يحفر القناة، أو لم يصنع الخليج شخص آخر، وإلا كان هو المالك، وإذا لم تكن في أرض الغير ولم يكن هناك محذور آخر من الملكية الفردية.
* «ملك المسلمين» فلا يحق لدولة هناك أن تمنع سائر المسلمين؛ لأنها من المباحات، فيحق لكل واحد الاستفادة منها.
ص: 304
المسألة 872: الكافر المحترم حاله حال المسلم في ما ذكر في المسألة السابقة.
* لأن الإسلام لم يمنع الكافر منعاً قانونياً عن الاستفادة من المباحات. نعم، الكافر المعاند ممنوع منعاً معنوياً، كما ذكر في باب الأنفال وباب الخمس.
المسألة 873: المعدن من المباحات، فإن استولى عليه شخص أو دولة محترمة كان له، لكن هل يحق لإنسان أن يحجر على معدن كبير كامل لدليل «من سبق»(1) أو لا لانصراف أدلة التحجير عن مثل ذلك؟ نعم، للفرد ما أخرج من المعدن.
* والأقرب الثاني للانصراف، بالإضافة إلى أن هذه الأحكام محدودة بدليل (لكم) ولذا فليس للفرد أن يستخرج من المعدن أكثر من حقه؛ لأنه أيضاً في إطار: (لكم).
المسألة 874: لا إشكال في السعي لزواج نجوم السينما للمال والشهرة، لكن ذلك مكروه شرعاً، ولو تزوج بها كان الواجب عليه أن يمنعها عن التكشف والتعري والتبرج وفعل المحرمات.
* قال سبحانه: {قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً}(2) إلى غيرها من الآيات
ص: 305
والروايات(1) الدالة على ذلك.
المسألة 875: السعي للزواج من ملكات الجمال حاله حال ما ذكر في المسألة السابقة.
* في الجواز والكراهة، ووجوب الحفظ.
المسألة 876: لا بأس بالسعي وراء البنات (المليونيرات) للزواج منهن، لكن اللازم أن يعلم الساعي كراهة التزويج للمال والجمال، كما ورد في الأحاديث(2) .
ص: 306
* بالإضافة إلى أن العقل يدل أيضاً على ذلك؛ لأن الغالب أن الزوجة الثرية توجب مشاكل للزوج.
المسألة 877: يحرم الرقص مع الزوجة ليلة العرس أو ما أشبه أمام الأجانب مما يعتاده مقلدة الغرب.
* نعم، لا بأس برقص الزوجين أحدهما للآخر فيما لم يكن هناك أجنبي.
المسألة 878: يحرم تبديل الأزواج والزوجات في الليالي الحمراء كما يفعله مقلدة الغرب.
* فإنه من أشد المحرمات، ويهدم العائلة ويسبب مشاكل الأولاد وغير ذلك.
المسألة 879: يحرم لعبة المفاتيح التي هي عبارة عن جعل الزوجات كل زوجة في غرفة ثم تقفل الأبواب، ثم يعطى كل مفتاح بيد رجل ليفتح الباب، ويلامس المرأة الموجودة في تلك الغرفة.
* الدليل على ذلك هو الدليل السابق حرمة ومشكلة وغير ذلك.
المسألة 880: النظر إلى نساء الكفار إنما يجوز بشرطين: الأول: أن يكون إلى المواضع التي كانت معتادة ظهورها في زمن الإسلام، ولم يكن ذلك أكثر من الوجه والكفين والقدمين، ولعله كان بعض شعر الرأس أيضاً، الثاني: أن لا يكون بريبة، ولا يكون مثار شهوة، فالذين يسافرون إلى بلاد الأجانب يجب أن يعلموا هذه المسألة إذا أرادوا التحفظ على دينهم.
ص: 307
* أما إذا وقع النظر إليهن بلا قصد فلا بأس، كما هو المشهور بين المعاصرين(1) .
المسألة 881: العادة الجارية عند بعض أهالي الريف من تزويج نفرين كل واحد أُخت الآخر أو بنته على أن يكون مهر كل واحدة منها نكاح الأُخرى باطل، وهذا هو المعبر عنه في فقه الإسلام ب- (نكاح الشغار)(2) .
* وإنما اللازم جعل المهر الشرعي، وكذلك حال تزويج كل واحد قريبه من الآخر، خالةً أو عمةً أو بنتهما أو غيرهن.
المسألة 882: يجوز التمتع بملكات الجمال ونجوم السينما والراقصات، كما يجوز العكس بأن تتمتع المرأة بملك الجمال ونجم السينما والراقص، لكن يجب أن يكون ذلك في الإطار الإسلامي المذكور في كتب الفقه.
ص: 308
* لإطلاق أدلة النكاح بقسميه، أما الخروج عن ذلك - كما يعتاد في بلاد الغرب ونحوها - فهو محرم بلا إشكال.
المسألة 883: يجوز أن يكون الحلق والختان بالآلة الكهربائية، كما يجوز أن يكونا بالمحاليل الموجبة لسقوط الشعر ولسقوط الغلفة.
* لأنّ الموسى ونحوها طريقي ولا موضوعية لها.
المسألة 884: يجوز إزالة الوشم بواسطة المكائن، والألم الذي يجده الإنسان عند الإزالة ليس يحرم تحمله، إلا إذا سبب ضرراً بالغاً لا يجوز تحمله شرعاً.
* الجواز لأصالة الحل، والضرر البالغ محرم بدليل (لا ضرر).
المسألة 885: لا بأس بتغذية الطفل بالحليب المجفف وإن لم يعلم ماهيته؛ لأنّ الأصل في كل شيء الحل والطهارة. نعم، إذا علم تضرر الطفل بذلك لم يجز.
* لكن لا يخفى أنّ لبن الأُم - كما ثبت شرعاً، وأيده العلم الحديث - أولى وأفضل.
المسألة 886: مَنْ يعلم أن ولده يخرج مشوهاً أو معتوهاً يجوز أن يمنع نفسه عن النسل، وفي إسقاط الجنين إذا علم أنه مشوه أو معتوه أو ما أشبه إشكال.
ص: 309
* إلا إذا لم يصدق عليه الإنسان حتى يشمله دليل حرمة قتل الإنسان.
لا يقال: فما فائدة بقائه عمراً مشوهاً أو معتوهاً أو ما أشبه؟
لأنه يقال: نقضاً: فما فائدة المريض الذي لا يرجى زوال مرضه العضال.
وحلاً: إنّ الإبقاء على أمثالهم احترام للإنسان، وهو أمر عقلائي وشرعي.
المسألة 887: لو فرض أن علمنا بانعقاد الولد الأول من التوأمين عن حلال، والثاني عن حرام أو بالعكس، وجب ترتيب حكم كل على المعلوم كيفية ولادته.
* لأنّ الحكم يتبع موضوعه.
المسألة 888: يجب على دور الحضانة التي تربي الأطفال أن تحفظ أنسابهم، وإذا كانت النسبة مجهولة كاللقيط، أو كان ولد زنا فاللازم حفظ ذلك؛ لئلا يختلط الأمر ويشتبه الصحيح بالسقيم.
* فإنّ حفظ الأنساب واجب شرعي وعقلي، قال تعالى: {فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً}(1).
المسألة 889: لا يجوز للقوابل والدكاترة وصف الأدوية المسقطة للحمل، أو مباشرة عملية الإجهاض، إلا بعد التأكد من جواز الإسقاط شرعاً.
* فإنّ وصف الأدوية المجهضة مقدمة الحرام، ومباشرة الإجهاض محرم ذاتي وفيه الضمان.
ص: 310
المسألة 890: يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق الخلعي من زوجها، فيما إذا كان زوجها مشوه المنظر، أو سّيء الخلق أو فاسد العمل أو ما أشبه، فإذا رضي الزوج وطلقها في مقابل فداء صح الطلاق وجاز لها بعد انقضاء العدة الزواج.
* خصوصاً إذا كانت في عسر وحرج وما أشبه ذلك، للإطلاقات.
المسألة 891: لو كانت الأُم حاملاً ومات الأب، أو مات من يرثه الجنين جاز أن يستعلم حالة الجنين بالأشعة ونحوها؛ ليعرف أنه ذكر أو أُنثى، واحد أو أكثر، ويعزل نصيبه من الإرث. ولا يخفى أن اختصاص اللّه تعالى بالعلم بما في الأرحام إنما يراد به جميع الخصوصيات، كالجمال والأخلاق ومدة العمر، وما يكون إليه مصيره، لا مجرد الذكورة والأُنوثة حتى يقال: كيف للعلم أن يكشف ما ورد: من أنّ اللّه سبحانه استأثر بعلمه.
* وذلك لأنّ وضع إرثين وما أشبه إنما هو فيما لم يعلم، أما إذا علم بواسطة الأشعة أو غيره لم يلزم إلا وضع المقدر له شرعاً، والجواز للإطلاقات.
المسألة 892: إذا مات الوارث والمورث بكارثة كالزلزلة أو القصف بالقنابل أو ما أشبه، ولم يعلم السبق والسابق فهل الحال في الإرث كميراث الغرقى والمهدوم عليهم، مما ذكر في فقه الإسلام أم لا؟ احتمالان، والأول أقرب، والتفصيل في الفقه.
* (أقرب) لأن ما دل على التوارث يفهم منه بالملاك ما نحن فيه أيضا،
ص: 311
وإن كان الاحتياط - الاستحبابي - في التصالح.
اتخاذ الحمام الراعب(1)
المسألة 893: لا بأس باتخاذ الحمام للاُنس والاستفراخ والتجارة والأكل، وانفاذ الكتب وما أشبه. نعم، اللعب بالحمام بدون ارتكاب حرام مكروه.
* الجواز لإطلاق أدلة الحل، بل قد يستحب لإطلاق أدلة المستحبات(2) كالتجارة ونحوها، أما الكراهة(3) فلما دل عليه نصاً وعقلاً.
ص: 312
المسألة 894: تكوين حديقة الحيوانات للاسترباح جائز حلال، وكذلك للثقافة أو نحوها.
* كالأُنس في البيت أو في المستشفى أو غير ذلك، ويجوز المعاملة على هذه الحيوانات، فإن البيع وسائر المعاملات عليها عقلائي.
المسألة 895: لا يجوز للدولة الإسلامية إعطاء الإجازة لفتح المؤسسات التبشيرية أو الإعلامية للكفار، سواء كانت باسم التبشير والإعلام أم كان ظاهرها تجارية وما أشبه وباطنها التبشير والإعلام.
* لأنها مؤسسات إضلال، والسماح للإضلال محرم. نعم، إذا كانوا يريدون المقابلة بالمثل لفتحنا في بلادهم، فاللازم ملاحظة أن أيهما أهم، فإذا كان فتحنا في بلادهم أهم أو تساويا جاز وإلا حرم.
المسألة 896: لا يجوز لأجهزة إعلام الدولة الإسلامية نقل قوة الكفار وضعف المسلمين، مما يسبب تخاذلهم وانهزامهم، إلا إذا كان في ذلك مصلحة مهمة، كتحفظهم من أن يأتيهم العدو بغتة أو ما أشبه ذلك.
* ويدل عليه - بالإضافة إلى العقل - ما دل على عدم إعطاء الحصة في الجهاد للمخذل(1) وغير ذلك.
ص: 313
المسألة 897: لا يجوز للدولة الإسلامية أن تجيز للكفار الدخول في المساجد أو المشاهد المشرفة.
* وذلك لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا}(1).
المسألة 898: هل يجوز إجازة الدولة للكفار بأخذ الصور من المشاهد والمساجد ونحوهما من خارجها أم لا يجوز؟ احتمالان. نعم، إذا كانت مصلحة في أخذ الصورة أو مصلحة في عدم الأخذ اتبع المصلحة.
* لا يبعد الجواز لإطلاق دليل الحل إذا لم يكن محذور كالهتك مثلاً.
المسألة 899: لا يجوز غلق أبواب المسجد باعتبار أنه مسجد أثري، كما لا يجوز منع المصلين عن الصلاة في المسجد باعتبار أنه أثري.
* فاللازم أن يكون مفتّح الأبواب لمن يريد دخوله؛ وذلك لأن «الوقوف على حسب ما يقفها أهلها»(2). نعم، إذا كان اللازم الغلق كما في الليل أو ما أشبه لا بأس بالغلق.
المسألة 900: إذا جعلت الدولة المحاربة للمسلمين مساجدهم وحسينياتهم
ص: 314
ومدارسهم الدينية مخازن، أو مدارس حكومية أو ما أشبه ذلك وجب على المسلمين السعي في إعادتها إلى حالتها السابقة، كما يجب السعي في إعادة الأوقاف التي وضعت الدولة يد العدوان عليها إلى وقفيتها السابقة.
* فإنه من باب المنع عن المنكر ودفعه، وهو واجب.
المسألة 901: لا يجوز جعل ركن في الإذاعة أو فتح باب في الصحف لنشر الأمور الجنسية المحرمة، كما هو العادة بالنسبة إلى بعض الإذاعات والصحف، وكذلك تدريس الجنس الموجب فساداً أو ضرراً.
* وكذلك حال التمثيليات والسينماءات والملاهي وما أشبه، مما تشتمل على المحرمات والمضار، قال تعالى: {وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}(1).
المسألة 902: لا يجوز جعل ركن في الإذاعة أو فتح محور في الصحف للتعارف بين الفتيان والفتيات وبين الناس والراقصات وما أشبه مما يثير الفتنة والفساد.
* فإن كل مثير وفتنة محرم. قال تعالى: {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}(2)، وقال سبحانه: { وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ}(3).
ص: 315
المسألة 903: لو عذب شخص إنساناً فمات في أثر التعذيب كان من القتل الواجب فيه القصاص أو الدية، لو كان التعذيب مما يوجب قصاصاً.
* إذ لا فرق بين القتل بسبب التعذيب أو غيره في إطلاق الأدلة.
المسألة 904: يجوز تسلق الجبال العالية والقفز العالي، والركض الشديد وما أشبه إذا لم يكن في ذلك خوف الضرر الكثير.
* أما خوف الضرر الجائز تحمّله فلا بأس به، كما ذكرناه في مبحث (لا ضرر)، وتقدمت الإشارة إليه.
المسألة 905: لا يجوز إزالة بكارة البكر بالعملية ونحوها، كما هو معتاد في بعض البلاد، حيث يجرون الإزالة على الطفلة بمجرد الولادة ونحوه؛ لأجل تخليص الفتاة عن تحسس الذنب باقتراف الفساد، ولو أزالها ضمن ديتها.
* فإنّ لإزالة البكارة دية مذكورة في كتاب الديات(1)، وإنما لا يلزم الدية بالنسبة إلى الزوج، وكذا لا دية لمن تعطي هي نفسها بغاءً، حيث «لا
ص: 316
مهر لبغي»(1).
وهل يحق لنفسها افتضاض بكارتها؟ لا يجوز إذا كانت مزوجة والزوج لا يرضى بذلك؛ لأنه حينئذٍ من حق الزوج، وفي غير المزوجة إذا كان الضرر كثيراً لم يجز، والمراد بالضرر الأعم من الجسمي فيشمل الضرر الاجتماعي أيضاً، وإلا فاحتمالان.
ولو أراد الزوج فضها بالإصبع ونحوه فهل يجوز لأنه حقه، فيحق له الإزالة بأي سبب، أو لا، لأنه خلاف المنصرف؟ احتمالان، ولا شك في الجواز في صورة رضاها.
المسألة 906: لو ركض إنسان وراء طفل مما سبب وقوعه من السطح أو اصطدامه، فانجر إلى جرح أو كسر أو موت كان الراكض ضامناً.
* للصدق العرفي، ويشمله أدلة الضمان، ولا يلزم علم الضامن ولا قصده؛ لأن الديات والضمانات لا تتوقفان على العلم والعمد لإطلاق أدلتهما، ولبعض الروايات الخاصة(2)، كما لو انقلبت الظئر على الطفل فمات(3)، إلى غير ذلك، ثم إن حكم القصاص أو الدية عمداً، أو خطأ محضاً، أو شبه العمد، يكون على الموازين المذكورة في كتاب الديات(4).
ص: 317
المسألة 907: لو أتلف السائق السيارة كان عليه الضمان، كما ذكر في كتاب الفقه، وكذلك إتلاف سائر الوسائل الحديثة.
* لإطلاق أدلة الضمان، والتي منها: «مَنْ أتلف مال الغير فهو له ضامن»(1)، ويظهر من الجواهر(2) أنّها رواية، ومنها: «حرمة ماله كحرمة دمه»(3) إلى غير ذلك.
المسألة 908: لا يجوز إيقاف السيارة أو الدراجة أو ما أشبههما في طريق المسلمين مما يضيق الطريق بالمارة.
* لما ذكرناه في كتاب (إحياء الموات)(4) من الدليل على حرمة سد المعبر ونحوه.
ص: 318
المسألة 909: إذا نُصب على الأعمدة في الشوارع آلات لاقطة للصور وللصوت، فأظهرت تعدي أو ما أشبه وعلمنا بصحة الالتقاط صح الحكم على طبق ذلك استناداً إلى العلم.
* فإن العلم حجة من أي سبب، إلا فيما جعل الشارع له سبباً خاصاً مثل الزنا ونحوه، كما تقدم الإلماع إليه .
المسألة 910: إذا رش الماء في الطريق أزيد من المتعارف حتى صار مزلاقاً فزلق بسببه إنسان كان ضامناً.
* لأنه السبب، أما إذا رشه بقدر المتعارف لم يضمن؛ لأنَّ الرش من حق صاحب الدار والدكان وشبههما.
وكذلك حال صب الثلج النازل من السماء في الشارع بالقدر المتعارف فلا يضمن، أو غير المتعارف حيث يضمن، أو وضع تراب تعميره في الشارع بقدر المتعارف فاصطدم به أعمى فعطب أو مات، حيث يضمن إذا كان أزيد من المتعارف، وهكذا حال إحداث الساقية أو غرس النخل والشجر إلى غير ذلك.
المسألة 911: العامل إذا ذهبت يده أو رجله أو بعض جسمه عند العمل في الماكنة لا يكون ضمانه على صاحب المعمل إلا بالشرط.
* لأنه هو السبب عرفاً لا صاحب المعمل، أما إذا شرط ولو ارتكازاً شمله: «المؤمنون عند شروطهم» (1).
ص: 319
المسألة 912: يجوز العمل في مناجم الفحم وما أشبه، إذا لم يسبب ضرراً زائداً، وإن كان موجباً للضرر الزائد لم يجز، وإذا عمل فتضرر لم يكن ضمانه على صاحب العمل إلا بالشرط.
* لما ذكرناه في المسألة السابقة.
المسألة 913: إذا عمل الإنسان في منجم فسقط الحائط عليه وتلف لم يكن على صاحب المعمل شيء إلا بالشرط.
* لما تقدم، وكذلك حال السائق للسيارة أو الطائرة أو الباخرة أو القطار أو سائر الوسائل الحديثة.
المسألة 914: لو تضرر في المصارعة الحرة بكسر أو جرح أو ما أشبه لم يكن على الطرف شيء؛ لأنه هو الذي أقدم على ضرر نفسه. نعم، الإضرار الذي لم يأذن به الشرع حرام، وإقدام المتضرر على ذلك الحرام لا يجوز.
* كما أن ما يورده المصارع من الضرر المحرم على منافسه أيضاً لا يجوز، لكن لا ضمان عليه مع إقدامه بنفسه، فهو كما إذا قدم يده لغيره ليقطعها؛ فإنه حرام منهما، ولاضمان للقاطع، ولا تلازم بين الحكمين التكليفي والوضعي.
المسألة 915: لا يجوز مسح السواد الذي يضرب على طابع البريد، دلالة على بطلانه ليصرفه مرة ثانية، بالنسبة إلى طابع الدولة المحترمة شرعاً، أما بالنسبة إلى الدولة غير المحترمة فلا بأس بذلك.
* في الدولة المحترمة يكون المسح في حكم السرقة، بينما في غير
ص: 320
المحترمة ليس كذلك.
المسألة 916: كل عمل محلل يعمله الإنسان في تجارته وحوالته وإجارته ووديعته ومضاربته وغيرها، يصح أن يعمل ذلك العمل مع البنوك المتداولة في البلاد.
* واشتمال البنك على الربا لا يؤثر في تحريم سائر المعاملات غير الربوية؛ لخروج بعض أطراف العلم الإجمالي عن محل الابتلاء.
المسألة 917: اشتمال البنوك على الأعمال والأموال المحرمة لا يضر الإنسان لقاعدة «كل شيء فيه حلال وحرام فهو حلال»(1)، وغيرها من القواعد الشرعية المنطبقة على الجزئيات.
* وإذا لم يشتمل البنك على المحرم من ربا ونحوه فالحلية أوضح.
المسألة 918: يصح التأمين على الحيوانات كالقطيع من الغنم، أو المجموعة من الدواجن أو ما أشبه. نعم، لا يصح للمسلم التأمين على مثل كلب الهراش(2) والخنزير، إلا إذا فرض أن لهما منفعة محللة مقصودة.
* صحة التأمين في الصورة الأولى لأنها معاملة محللة عقلائية لم يمنع
ص: 321
عنها الشارع، وعدم الصحة في الصورة الثانية لما ورد في النهي عن مطلق التقلب فيه(1)، أما إذا فعله الكافر فهو مأخوذ بقاعدة الإلزام، وهل يجوز لمسلم تأمين حيوان الكافر كالكلب والخنزير؟ احتمالان، والظاهر شمول قاعدة الإلزام له(2).
المسألة 919: يصح التأمين على القرية أو المدينة أو ما أشبه ضد الكوارث الطبيعية، كالزلازل والسيول، وضد المفاجأة الخارجية، كالقنابل والحروب والحرائق.
* لإطلاق أدلة العقود، ولا فرق في التأمين بين ما له حجم كبير أو صغير، ثابت أو منتقل.
المسألة 920: لو قررت شركة التأمين إرجاع مال أزيد مما أخذته؛ وذلك تشويقا للمساهمين، فالظاهر أنه لا بأس به؛ لأنه ليس قرضاً، وإنما هو معاملة خاصة.
* فلا مجال فيه للربا، وليس من أكل المال بالباطل؛ لأنه للتشويق، وهو مقصد عقلائي.
ص: 322
المسألة 921: يجب على العالم الذي يراود السلطات المنحرفة لأجل إقامة أحكام الإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما أشبه ذلك، أن يلاحظ النسبة بين ما يعطي للسلطة من المجاملة - فإنّ السلطة تستفيد من اقتراب العلماء إليهم - وما يأخذ منها من إقامة حكم الإسلام وما أشبه، فإن كان ما يعطي أكثر مما يأخذ وجب الاجتناب.
* وذلك لحرمة التقارب والتعاون معهم، وإنما يجوز فيما إذا كان الأخذ أكثر من العطاء، فيما كان بين واجب وحرام، أما لو تساويا لم يستبعد التخيير، كمَنْ يعطي ديناراً ويأخذ ديناراً، فتأمل.
المسألة 922: يجوز تقوية الأمصال الشعرية في الجسد لينبت الشعر الكثير الخشن، كما يجوز تضعيف الأمصال لينبت الشعر القليل المبعثر.
* لإطلاق أدلة الحل. نعم، في المرأة إذا كان ذلك مكروهاً للزوج يكون جوازه حيث يرضى الزوج؛ لأنه من حق الغير.
المسألة 923: هل يجب تقليل السمنة في الرجل والمرأة إذا لم يتمكنا من مزاولة العمل الجنسي الواجب؟ لا يبعد الوجوب مقدمة لأداء الواجب.
* وكذلك حال الهزل الكثير إذا كان مانعاً من مزاولة أحد الزوجين حقوق الزوجية الواجبة عليه.
المسألة 924: لو علمت المرأة أن الجنين يوجب لها ضرراً غير جائز تحمله شرعاً، وجب عليها الحيلولة دون تكوين الجنين.
ص: 323
* وذلك لأن تحمل الضرر البالغ غير جائز، ولو صار الجنين سبباً لقتلها إن بقي جاز لها إسقاطه؛ لأنه نوع من الدفاع الجائز أو الواجب؛ إذ لا فرق في المهاجم بين العالم والجاهل والمكلف وغيره، كما إذا أراد مجنون قتله فإنه يدفعه وإن قُتل.
المسألة 925: لو أحبل دابة الغير بالتزريق بما لا تتحمل، فتعبت أو عطبت كان المحبل ضامناً.
* لأنه إضرار بالغير، فعليه تداركه، بالإضافة إلى أنّه حرام؛ لأنه تصرف في حق الغير.
المسألة 926: لو مرض بما أوجب عدم انتشار عضو الذكورة، ولم تسمح الزوجة بحقها الواجب في الملامسة، وجب عليه العلاج مقدمة لأداء واجب الزوجية.
* فإذا وجبت الملامسة وجبت مقدماتها.
المسألة 927: لو احتاج انتشار العضو إلى استعمال دواء أكلاً أو تدهيناً أو ما أشبه وجب أداءً لواجب حق الزوجة.
* لما تقدم في المسألة السابقة، والفرق بين المسألتين أنّ الأُولى في العلاج والثانية في فعلية النشر، مثل الفرق بين علاج الذي لا يشبع وعلاج الجائع بالأكل.
المسألة 928: إذا كانت كثرة الملامسة موجبة لأذى الزوجة ومرضها أو
ص: 324
عسراً عليها لم تجب عليها المطاوعة.
* لأن دليل الضرر والعسر مخصص للأحكام الأولية، ولو امتنعت الزوجة عن ذلك لا تكون ناشزاً.
المسألة 929: لا يجوز إخافة المجرم أو إيذائه بما لم يقرره الشرع، مثل أن يُقرن بالمجرم أسداً يجعله دائم الخوف والوحشة، أو أن يسلط عليه دبّاً يلعب بآلة ذكورته أو بيضته، مما يوجب له إيذاءً، كما يفعله بعض المجرمين مع المساجين .
* فإنّ إيذاء الناس وإخافتهم حتى المجرمين منهم إذا كان خارجاً عن الدائرة المقررة شرعاً محرم، ولذا أعطى النبي (صلی اللّه عليه وآله وسلم) في قصة خالد، لعلي (عليه السلام) مالاً ليدفعه إلى تلك القبيلة(1)، وأعطى (عليه السلام) قسماً من المال مكان
ص: 325
خوفهم وفزعهم(1)، ولا يبعد أن يوجب ذلك الضمان.
فُرُوجَهُمْ}(1).
المسألة 931: لا يجوز للرجل أن يدخل الآلة المطاطية أو ما أشبه في نفسه، إذا أثار ذلك الشهوة، فإنّه خلاف {لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} عرفاً، وكذلك بالنسبة إلى المرأة.
* وذلك لما تقدم في المسألة السابقة، فإن كل الأعمال الأربعة مع المطاط مثل عملها مع الحيوان، بل الكل محرمة حتى مع خشب أو ما أشبه.
المسألة 932: لا يجوز الألعاب الخطرة كلعبة الانتكاس الذي يخشى منه على العين، وكلعبة الدورة التي هي عبارة عن جعل الإنسان نفسه كالدائرة مقعرها الظهر، ومحدبها البطن، وهكذا.
* وذلك لأنّ احتمال الضرر الكثير أيضاً حرام، كما ذكروه في مبحث (لا ضرر)(2).
المسألة 933: إذا كان التخيل أو التذكر لامرأة أو امرئ أو ما أشبه
ص: 327
يوجب إمناءه لم يجز التخيل، فإنه داخل في الاستمناء، والظاهر أنه لا يجوز حتى بالنسبة إلى الزوجين.
* وذلك بأن يتذكر الرجل زوجته أو العكس مما يوجب خروج المني منهما، لانصراف: {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ}(1) عن مثل ذلك.
المسألة 934: لا يجوز خرق الغلاف الجوي للأرض الواقي لها من أحجار الفضاء إن أمكن الخرق؛ لأنه ضرر عظيم على أهل الأرض، يجعلها معرضاً لأنْ ترمى إليها أُلوف الأحجار كل يوم، وكذا لا يجوز تقليل أو إعدام بعض غازات الأرض.
* وذلك لأن فيه تهديداً لحياة أهل الأرض، وتعريضا لهم ولسلامتهم للخطر والمرض، ونشوب الكوارث والحوادث الطبيعية، ولوصول أشعة الشمس المتزايدة؛ وذلك محرم، وقد حدث هذا الثقب جزئياً على ما يقال، فاللازم الإسراع في علاج ذلك والوقاية عن المزيد.
المسألة 935: يجب مكافحة الزلازل والسيول إذا أمكن المكافحة، ولو بأن يصرف الزلزلة بالوسائل العلمية إلى مكان غير آهل بالسكان، أو يمنعه عن الظهور، وكذلك بالنسبة إلى السيل.
* لوجوب حفظ النفوس والأموال المحترمة، أما توجيهها إلى مكان آهل بالسكان - ولو بسكان أقل - كما فعلته بعض البلاد الغربية في سيل وُجّه إلى بلادهم فوجهوه إلى بلد آخر متخلف حضارياً فهو غير جائز،
ص: 328
ولو سبب أضراراً في النفوس أو الممتلكات كان الموجِّه ضامناً، كما أنه يضمن حتى مع وجوب التوجيه بأن دار أمر السيل مثلاً بين إتلاف ألف أو عشرة؛ إذ لا منافاة بين الحكم الوضعي بالضمان والحكم التكليفي بالوجوب، كما سبق الإلماع إليه.
المسألة 936: يجب مكافحة الجراد والنمل وكل ما من هذا القبيل الذي يؤذي الإنسان أذية بالغة، مثل أسراب الجراد وأودية النمل، التي قد تسيل من أراضٍ خاصة، فلا تدع زرعاً ولا ضرعاً.
* إذ دفع الضرر كرفعه واجب حيث يستفاد من دليل (لا ضرر)(1).
المسألة 937: إذا كانت آلام الطلق كثيرة توجب ضرراً بالغاً جاز تخفيفها بالأدوية المعدة لذلك، فإن الضرر البالغ لا يجوز تحمله.
* الجواز هنا بالمعنى الأعم، والألم من الضرر، من غير فرق بين ابتلاع الحبوب أو التخدير أو تزريق الإبرة أو غير ذلك، هذا إذا لم تكن آلام الطلق لازمة للولادة، وكذلك حال العملية الجراحية لإخراج الجنين وما أشبه.
المسألة 938: إذا كانت آلام المريض كثيرة جداً، بحيث لا يجوز تحمله وجب التخدير أو التنويم بالأدوية المعدة لذلك.
* لما تقدم في المسألة المتقدمة.
ص: 329
المسألة 939: لا يجوز لمن به سفلس أو الزهري أو ما أشبه مما يوجب العدوى أن يجلس على أرض الحمام، أو يستعمل شيئاً يبقى أثر المرض فيه ثم يسري إلى غيره.
* لأنّه من إضرار الغير الذي لا يجوز حتى القليل منه فكيف بالكثير، ولو فعل ذلك ضمن، لإطلاق الأدلة.
المسألة 940: يجب الاهتمام لتكون مكة المكرمة والمدينة المنورة وسائر مشاهد الأئمة الطاهرين (صلوات اللّه عليهم أجمعين) مسموحة لدخول الزوار في طول السنة، فإن في ذلك إعادة لبعض الحرية الإسلامية ونهياً عن المنكر.
* وأيضا يكون تعظيماً للشعائر إلى غير ذلك من الفوائد، فإن تجزئة الأُُمة الواحدة بالحدود الجغرافية كسائر القوانين التي أوجبت كبت الحريات الإسلامية، وتحطيم الأُخوة الإسلامية خلاف صريح القرآن، والأدلة الثلاثة الأُخر، قال سبحانه: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}(1)، وقال تعالى: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}(2)، وقال عز من قائل: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}(3).
المسألة 941: لا يجوز فرض التسعير للأجناس، فإنّ (الناس مسلطون
ص: 330
على أموالهم)(1). نعم، يجوز التسعير إذا كانت هناك مصلحة أهم من باب قاعدة (الأهم والمهم) وبدلاً من التسعير يمكن للدولة فتح سوق المنافسة.
* وقد ذكرنا تفصيل هذه المسألة في بعض مباحث (الفقه)(2).
المسألة 942: لا تجوز الشفاعة لمن ثبت عليه حد شرعي، بالإضافة إلى أنّ في الشفاعة تجرئة وتعميماً للفساد، فالذي يتعرض لنواميس الناس أو الذي يسرق أموالهم، أو مَنْ اعتاد القتل إذا ألقت السلطة القبض عليه فلا يجوز التشفع لديها لفكه.
* إلا إذا كانت هناك مصلحة أهم - حسب نظر الحاكم الشرعي - ولذا شفع الإمام الحسين (عليه السلام) لشمر عند أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام) حينما سجنه، ولأنَّ «لا شفاعة في الحد»(3) من الحكم الأولي الذي يسقط بالحكم الثانوي كقاعدة المهم والأهم، وما أشبه ذلك.
ص: 331
المسألة 943: لا تجوز الشفاعة لمريد المنكر، مثلاً: شخص يريد استيراد الخمر وتمنعه السلطة، فإنه لا تجوز الشفاعة لديها لهذا الشخص لأجل منحه الإجازة، قال اللّه تعالى: {وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا}(1) .
* وقال سبحانه: {وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}(2)، وكذلك حال تارك المعروف الواجب.
الجريمة، وكذلك بيعها لها لهذه الغاية.
* إلى غيرهما من أنواع جعلها في اختيارها كالصلح والهبة ونحوهما، قال تعالى: {وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (1) .
المسألة 946: إذا زّرقنا الغلات الزكوية بما أوجب لها ثقلاً خارقاً، فهل المعيار على المتعارف؟ وكذلك بالنسبة إلى صاع الفطرة، مثلاً: زّرقناها بما جعل نصف الصاع صاعاً، أو جعل الصاع والنصف صاعاً، أو المعيار على الوزن الحالي؟ احتمالات.
* إذا صدق تبدل الموضوع عرفاً تغير الحكم، وإلا كان على الحكم الأولي، وإن شك في التبدل كان الاستصحاب - مع تمامية أركانه - محكماً.
بحال الأرض لأن أهل الأرض هذا حكمهم، ولو شك في بقاء حكم الأرض لمن خرج كان الاستصحاب جارياً - مع تمامية أركانه - إلا إذا كان من تبدل الموضوع، فتأمل.
المسألة 948: لو شرب دواءً أو أُصيب بمرض جعل دمه أزرق أو أصفر أو ما أشبه، فإن خرج عن حقيقة كونه دماً صار طاهراً، وإلا كان نجساً.
* الطهارة لأنّه ليس بدم حسب الفرض، والأحكام تابعة لموضوعاتها.
المسألة 949: لو اُبتلي بمرض أو شرب دواءً جعل بوله ماءً خالصاً لا حقيقة للبولية فيه أصلاً، فالظاهر أنه يكون طاهراً؛ إذ ليس المعيار الخروج من الموضع المخصوص، بل صدق كونه بولاً عرفاً، والمفروض أنه لا صدق في المقام.
* وذلك لأنّ الحكم يتبع الموضوع، فلو فرض أن الماء الذي يشربه يخرج من محل بوله من دون تغيير ولا يسمى عرفاً بولاً، فإنه لا وجه للحكم بنجاسته.
المسألة 950: ما ذكر في المسألة السابقة يجري في مدفوع الإنسان، إذا خرج عن صدق المدفوع، كما لو خرج الطعام - مثلاً - بنفسه، أو تبدل إلى شيء آخر لا يسمى مدفوعاً إطلاقاً.
* وذلك كما إذا تبدل الطعام إلى الدود وخرج، فإن الحكم تابع للموضوع.
المسألة 951: إذا ذهبت المرأة إلى القطب حيث يمتد الظلام أو الضياء،
ص: 334
فالمدار في ثلاثة أيام الحيض ومدة العدة على مقدار الأيام المقررة لهما، وإن كان كله نهاراً أو كله ليلاً.
* وكذلك حال البلوغ واليأس ومدة الرجعة في المطلقة وما أشبه، كما تقدم مثل ذلك في الصلاة والصيام ونحوهما.
المسألة 952: ما ذكر في المسألة السابقة جارٍ فيما إذا كانت المرأة في وجه القمر المظلم أو المضيء أو نحو ذلك.
* لوحدة الدليل في المقامين.
المسألة 953: ما ذكر في المسألة (951) جارٍ في كل تحديد شرعي، كأيام الخيار، ومدة الحمل، ومقدار الرضاع، والحلف على عدم وطء الزوجة أكثر من أربعة أشهر، وغيرها.
* فإنّ الدليل في المسألتين السابقتين آتٍ في هذه الفروع أيضاً.
المسألة 954: لو أمكن بواسطة الآلة إدخال مقدار كل الرضعات الخمس عشرة في جوف الطفل في رضعة واحدة بأن كثف اللبن، فهل يكفي في الرضاع أم لا؟ احتمالان، والظاهر اعتبار الرضاع من الثدي على المتعارف.
* إذ المتعارف هو المنصرف من الأدلة في كل المقامات، إلا إذا كان دليل على الخلاف.
المسألة 955: لو أدخلت المرأة في جوفها آلة تجمع دم الحيض في الجوف، ثم بعد ثلاثة أيام تخرجه دفعة واحدة فهل هي حائض في كل
ص: 335
الثلاثة، أو في الإخراج فقط، أو لا حيض لها؟ احتمالات.
* وإن كان لا يبعد أن لا حيض لها في الثلاثة، أما حين الإخراج فإن كان في لحظة مثلاً فالاحتياط الأولى في غُسل الحيض، وإن كان ممتداً مثلاً ساعة وما أشبه فالاحتياط الأولى بتجنب تروك الحيض في تلك المدة.
المسألة 956: لو زُرّق الطفل بإبرة التقوية حتى أنه لم يشرب في اليوم والليلة إلا مقدار نصف يوم مثلاً؛ لعدم حاجته إلى اللبن، فالظاهر عدم تحقق الرضاع المحرم.
* لأنّ الأدلة منصرفة إلى المتعارف، وكذلك في عكسه لو زُرّق ما يوجب أنه يشرب في كل مرة بقدر ضعف المتعارف، لكن إذا شرب في الوسط غير اللبن لجوعه حيث لم يكفه المقدار المتعارف - بسبب تزريق أو ما أشبه - لم يوجب نشر الحرمة؛ لاشتراط اتصال الرضعات، ويأتي مثل هذا البحث فيما إذا اشتد لحمه وقوي عظمه بسبب دواء أوجب أن يكون الاشتداد والقوة بحاجة إلى المضاعفة أو النصف، ولو ذهب به في محل يمتد يومه أو ليلته أشهر، أو يقصر فيه اليوم والليل فرضاً إلى النصف أو ما أشبه فالمعيار في الليلة واليوم المتعارف، لما ذكر.
المسألة 957: لو اختلف الأُفق فكان أول شوال في الحجاز يوم الجمعة، وفي العراق يوم السبت، فحضر الجمعة هناك والسبت في العراق حرم عليه الصيام في اليومين.
* لأنّ الحكم تابع للموضوع.
لا يقال: ليس العيد يومين.
ص: 336
لأنّه يقال: هذا في نفسه تام لمن كان في أُفق واحد، أمّا في الأُفقين فالحكم تابع للأُفق، فقد قال (عليه السلام) : «إنما عليك مشرقك ومغربك»(1)، ومثله ما لو صار الفجر وصلى وصام ثم ذهب إلى محل كان الوقت فيه قبيل الفجر، فإنه يجوز له الأكل، وإذا انفجر الصباح وجب عليه الصلاة مرة ثانية مع أنه ليس في يوم واحد في أُفق واحد صلاتان للفجر، إلى غير ذلك من نحو صلاة الظهرين والمغربين.
المسألة 958: ما ذكر في المسألة السابقة جارٍ فيما إذا اتفق مثل ذلك في عيد الأضحى.
*لما تقدم، حيث وحدة الدليل.
المسألة 959: ما ذكر في المسألة (957) جارٍ في استحباب صوم يوم الغدير، وكراهة صوم يوم عاشوراء وما أشبه والمحرمات والمكروهات والمباحات.
*كأحكام نصف شعبان وأول رجب والمولود، والمبعث ودحو الأرض وليالي القدر إلى غير ذلك.
ص: 337
المسألة 960: لو نذر أنه لو قضيت صلاته أعطى ديناراً للفقير، فقضيت صلاة صبحه في أُفق ثم ركب الطائرة ووصل إلى أُفق آخر كان الوقت فيه باقياً، فصلى فهل يجب عليه أداء الدينار أم لا؟ احتمالان وإن كان وجوب الأداء أقرب.
* وذلك لصدق (قضيت صلاته) بل لا يبعد وجوب قضاء تلك الصلاة المقضية وإن صلى في الأُفق الثاني الفجر، لما تقدم من تبعية الحكم للموضوع.
المسألة 961: إذا نذر أن يحضر يوم عرفة زيارة الحسين (عليه السلام)، وكان يوم عرفة عندهم الخميس، وفي كربلاء المقدسة الجمعة فالواجب حضور كربلاء يوم الجمعة ولا يكفي حضور الخميس.
* إذ المعيار أُفق كربلاء المقدسة، لا أُفق بلده. نعم، إذا نذر أن يصوم يوم عرفة - مثلاً - صح صيامه في بلده حسب أُفقه، ولا يصح حسب أُفق كربلاء المقدسة، لما تقدم من «إنما عليك مشرقك ومغربك»(1).
المسألة 962: إذا غابت الشمس في اُفقه ثم ركب طائرة وطارت عمودياً
ص: 338
حتى رأى الشمس وصلى في الطائرة كانت صلاته أداءً.
* وذلك للإطلاقات، لأنّه يصلي في أُفق لم تغب فيه الشمس فتأمل. نعم، لا يجوز ترك الصلاة إلى أن تغيب الشمس، وإن صلى بعد ذلك في تلك الطائرة لصدق تفويت الصلاة، فإنه كما إذا لم يصلِّ حتى غاب الشمس ثم ذهب بالطائرة إلى أُفق شمسه بعد طالعة.
المسألة 963: مَنْ عليه صوم القضاء إذا ذهب إلى مكان كل وقته نهار أو ليل، وخاف الموت لا إشكال في وجوب القضاء عليه هناك، أما إذا لم يخف الموت وعلم أنه بعد شهر مثلاً يرجع إلى الآفاق المعتدلة، فهل يجوز له أن يقضي الصوم هناك أم لا؟ احتمالان، وإن كان الأحوط تأخير القضاء إلى الآفاق المعتدلة.
* التأخير لأنَّ صومه وإفطاره حينئذٍ يكون غير محدد بالليل والنهار، كما في الآية(1) والرواية(2)، ويحتمل الكفاية - وهو الأقوى - فحاله حال
ص: 339
مَنْ كان من أهل تلك البلاد، حيث لا يجب عليه الانتقال إلى أُفق معتدل لأجل الصيام أو قضائه، بل يصوم كالمتعارف.
المسألة 964: لو فرض أن حركة الأرض صارت سريعة حتى أنه صار كل يوم مقدار نصف يوم من أيامنا المتعارفة، فالظاهر أن الاعتبار بذلك اليوم لا اليوم الذي هو أربع وعشرون ساعة. نعم، إذا وصلت السرعة إلى أن يكون كل يوم مقدار ساعة أو ما أشبه يلزم الاعتبار بمقدار الأيام المتعارفة.
* أما الاعتبار بذلك اليوم فلأن حاله حال ما إذا قصر النهار إلى ذلك المقدار، أو طال النهار - في عكسه - كذلك، والأحكام تابعة لموضوعاتها، وحال ما إذا قصر جداً حال ما إذا كان الأُفق كذلك، بحيث صار النهار أو الليل ساعة؛ لانصراف الأدلة عن مثل ذلك.
المسألة 965: لو فرض أنّ حركة الأرض صارت بطيئة فالحكم مثل ما ذكر في المسألة السابقة، وهو أنه لو صار اليوم مثلاً يوماً ونصف (أي ستاً وثلاثين ساعة) كان اللازم الاعتبار بذلك اليوم، أما إذا صار كل يوم مقدار مائة ساعة أو ما أشبه يكون الاعتبار بمقدار الأيام المعتادة.
* لما تقدم في المسألة السابقة، ولو فرض طلوع الشمس من المغرب، كما في أحاديث علائم الظهور(1)، فإذا كان الطلوع مقداراً قليلاً لم تجب
ص: 340
الصلاة مرة ثانية، كما لم تجب الصلاة على أصحاب علي (عليه السلام) مرة ثانية، حين رجعت له (عليه السلام) الشمس(1)؛ لانصراف الأدلة عن مثله، أما إذا كان كثيراً وجبت لإطلاق الأدلة بدون انصراف.
المسألة 966: لو أمكن إيجاد الغلات بالصنعة، بأن ركبت أجزاء فصارت حنطة عرفاً مثلاً فهل تتعلق بها الزكاة أم لا؟ احتمالان، وإن كان الظاهر العدم.
ص: 341
* (العدم) لأنه صورة حنطة، لا حنطة، والعرف يشتبه في التسمية؛ وكذلك سائر الغلات، ولانصراف الأدلة عن مثلها.
المسألة 967: لو أن الحنطة تغيرت بسبب الأسمدة الكيماوية، إلى ما له شكل ولون وطعم وخاصية أُخرى، لكنها من سلالة الحنطة، فهل أن فيها الزكاة أم لا؟ احتمالان، الظاهر العدم إذا لم يصدق عليه الاسم، وكذلك سائر الغلات.
* وذلك لأنّ كونه من السلالة لا يستلزم كونه حنطة إذا لم يصدق عليه الحنطة عرفاً، فإن الحكم تابع لموضوعه.
المسألة 968: لو تغيّر الإبل مثلا بالتزريق لاُمه إلى حيوان لا يسمى إبلاً، فالظاهر عدم الزكاة فيه؛ لأن الحكم تابع للموضوع، وقد فرض أنه لا يسمى إبلاً، وكذلك البقر والغنم.
* لما تقدم في المسألة السابقة. نعم، إذا كان إبلاً مثلاً لكنه بلا ذنب، أو مع قرن أو ما أشبه كان فيه الزكاة، وكذلك حال ما إذا كان حنطة لكن برأس أسود أو أحمر، أو ما أشبه؛ لأن مثل ذلك لا يوجب سلب الاسم عرفاً.
المسألة 969: لو عولج الذهب بشيء من المواد الكيماوية فلم يصدق عليه الذهب بعد ذلك، فالظاهر جواز لبسه للرجال ولا زكاة فيه، وكذلك الفضة بالنسبة إلى عدم الزكاة.
ص: 342
* وذلك لأنّه ليس بذهب والحكم تابع للموضوع، لكن إذا عولج حتى صار أبيض أو أحمر أو ما أشبه حرم لبسه؛ لأنه ذهب أبيض، وانصراف المحرم إلى الملون الخاص بدوي، وكذلك حال ما إذا أطعم دود القز بما لا يعطي الحرير، بل شيء آخر لم يكن لبسه حراماً للرجال، كما سبق الإشارة إليه.
المسألة 970: لو وجد في بعض الكرات بشر تعددت أعضاؤه، كما لو كانت له أربع أيدٍ أو عشرة أرجل مثلاً، فالظاهر أن اللازم عليه في الوضوء أن يغسل كل تلك الأيدي، ويمسح على كل تلك الأرجل، وكذلك لو وجد بشر في الأرض كان هكذا، وإن كان ربما يحتمل كفاية غسل يدين منها على سبيل البدل.
* قولنا: (فالظاهر) لإطلاق (أيديكم)(1) إلا إذا كان موجباً للعسر والحرج.
وقولنا: (يحتمل) للانصراف، لكنه بدوي، وكذلك حال إنسان ذي وجهين.
هذا إذا لم يكن أحدهما أصلاً والآخر زائداً، وإلا لم يجب غسل الزائد.
ص: 343
نعم، في الغسل يجب غسل الزائد أيضاً؛ لأنه كلحم زائد نابت في الجسد، أو سمن عضو لمرض أو عرض، كما إذا ورمت يده إلى أن أصبحت بمقدار يدين أو ما أشبه ذلك.
المسألة 971: لو كنا في القمر وانخسفت الأرض بالشمس أو بكوكب آخر، فهل تجب صلاة الآيات أم لا؟ احتمالان، وكذا لو كنا في كوكب يقترب منه كوكب كبير مضيء ثم انخسف ذلك الكوكب.
* المعيار الصدق العرفي، ولو شك فالأصل العدم.
المسألة 972: لو كنا في كوكب كان له قمر أو أقمار، أو شمس أو شموس فاللازم صلاة الآيات لكل خسوف أو كسوف.
* لإطلاق أدلة الخسوف والكسوف، والانصراف إلى الأرض بدوي.
المسألة 973: لو كنا في كوكب كانت له أقمار متعددة، وكان ينخسف كل يوم واحد أو اثنان منها، فهل تجب الصلاة لكل خسوف؟ فيه إشكال، والأظهر عدم الوجوب.
* لانصراف الأدلة عن مثل ذلك، ويحتمل الوجوب كل يوم مرة.
المسألة 974: لو كنا في مكان من الأرض تستمر الزلازل فيه كل يوم مرة أو مرات، فالظاهر عدم وجوب صلاة الآيات.
* لما تقدم من الانصراف، ويحتمل وجوب صلاة الآيات كل يوم مرة.
ص: 344
المسألة 975: لو كنا في البحر وحدث في قاعه زلزال بما رأينا أثره على الماء، فهل تجب صلاة الآيات أم لا؟ احتمالان، وإن كان يقرب عدم الوجوب، إلا إذا كان القاع قريباً من السطح بحيث يصدق الزلزال عرفاً.
* وذلك لانصراف الأدلة عن غير ما يصدق عليه الزلزال عرفاً، وكذلك الحال لو كنا في الجو وزلزلت الأرض، فإن كان الإنسان بعيداً لم تجب عليه الآيات، وإن كان قريباً إلى الأرض وجبت، والمعيار الصدق العرفي في الحكم والموضوع.
المسألة 976: لو كان الكسوف والخسوف بمقدار قليل لم يتضح للأبصار المجردة، وإنما اتضح بالمجهر ونحوه لم تجب صلاة الآيات.
* لعدم الصدق عرفاً، ولو فرض الإنسان أعلى من سطح القمر أو الشمس فانخسف أو انكسفت لم تجب عليه الآيات؛ لانصراف الدليل إلى مَنْ في أُفقهما.
المسألة 977: لو فرض أن الإنسان تمكن من إحياء الميت بالوسائل العلمية، التي جعلها اللّه سبحانه لإحياء الميت، فهل أن القتل الذي عقبه الإحياء يكون جزاؤه القتل، وتكون له الدية الكاملة أم لا؟ احتمالان.
* الظاهر الدية والقصاص؛ لأنه فعله، وإنما الإحياء الجديد بأمر اللّه سبحانه بالوسائل العملية التي قررها سبحانه، كما في قصة بقرة بني
ص: 345
إسرائيل(1)، أما وجه الاحتمال الآخر: انصراف الأدلة، لكنه لو كان فهو بدوي، اللّهم إذا قيل بأنّ الحدود تدرأ بالشبهات ولو ملاكاً، فتأمل. وكذلك حال ما إذا قطع أحد يد غيره ثم ألصقها، وما أشبه ذلك.
المسألة 978: لو فرض أنه كان في بعض الكواكب أُناس عاملون مدركون، وكان الشخص منها إذا مات عاد حياً بعد يوم أو ما أشبه، فهل يجري أحكام الموت هناك من إبانة زوجته واعتدادها، وتقسم أمواله، وبطلان
ص: 346
وكالاته ونحو ذلك أم لا؟ احتمالان، وكذا إذا تمكن العلم عندنا من الإحياء بأن صار عادياً.
* لا يبعد أن لا تبين زوجته وهكذا، لما ورد في قصة ارميا(1) في سورة البقرة، وعزيز(2) وعزير(3)، والمرأة التي أحياها الإمام السجاد (عليه السلام) ،
ص: 347
فإنه لم يرد أن الزوجات أُبينوا عن الأزواج، ولو كان لبان، لكن المسألة بعد بحاجة إلى التأمل.
أما إخراج الروح عن البدن ثم إرجاعه - كما يفعله البعض - فالظاهر أنه ليس من الموت، وفي رواية في البحار أنه كان سابقاً كما كان يفعله أفلاطون وجماعة من الزهاد.
لكن لا يخفى: أنّه إذا تزوج الرجل بأُختها فعادت، أو تزوجت المرأة بعد العدة فعاد، فإنّه لا حق في الرجوع(1).
المسألة 979: هل يجوز حفظ الميت في الثلاجة برجاء أن يتوصل العلم إلى إحياء الميت بإذن اللّه، من دون أن يُجرى عليه مراسيم الأموات، كما يُصنع ذلك في بعض بلاد الغرب، أم يجب إجراء المراسيم؟ احتمالان، والظاهر وجوب إجراء المراسيم.
*لأنه هو الآن ميت فله كل أحكامه،ورجاء أن يحيا لايوجب سقوط الحكم.
المسألة 980: لو حد إنسان بصره بالوسائل، أو رأى من وراء الأجسام بواسطة النظارات لم يجز أن ينظر إلى عورات الناس، وجسم غير المحارم من وراء الثياب أو خلف الحائط.
* لإطلاق الأدلة.
المسألة 981: لو تغير الرجل إلى المرأة أو المرأة إلى الرجل بوسائل
ص: 348
علمية مثلاً، كما لو خيط للرجل الرحم وقطعت آلته، وخيط مكانها آلة الأُنوثية، حتى صار امرأة حقيقة، وظهرت عليه كل آثار الأُنوثة، أو بأمر خارق إعجازي - كما في معجزة الإمام الحسن (عليه السلام) (1) - ترتب جميع آثار الجنس المحول إليه عليه، مثلاً: بطل زواجه وسقطت ولايته على أولاده وهكذا.
* لأنّ الحكم يتبع الموضوع.
المسألة 982: في تغيير الجنس الذي فرض في المسائل السابقة مسائل كثيرة في مختلف الأبواب، بعضها بيّن الحكم وبعضها مشكل، فمن البيّن ما ذكر في المسألة السابقة، ومن المشكل: أنه لو مات للرجل المتحول إلى المرأة ولد فهل يكون الميت كإنسان له أُمّان فتعطى كل من الأُم الجديدة والأُم الواقعية إرث الأُم أم لا؟ وهكذا في سائر الفروع.
* اللّهم إلا إذا شك وكانت أركان الاستصحاب موجودة فإنه يستصحب، وقد يكون ما نحن فيه كذلك، فأُمه هي الواقعية، وهذا يعتبر أباً له فتأمل، ثم الأحوط في أمثال ذلك التصالح.
ص: 349
ومن المسائل المشكلة: أنّ الزوجين المنقلبين هل يبقيان زوجين أم لا؟ لكن ظاهر رواية الإمام الحسن (عليه السلام) أنهما ذهبا إلى بيتهما زوجين(1)، ولو حرم أحدهما على الآخر للزم البيان.
المسألة 983: ما يؤخذ بعنوان اليانصيب مما هو قمار واقعاً يجب رده إلى أصحابه إن عرفوا، وإلا لزم إيصاله إلى الحاكم الشرعي.
* حاله حال المظالم المردودة ومجهول المالك، وكذلك يكون حكم ما أخذته الفاجرة والمفعول والفاعل إلى غير ذلك من الأموال الحاصلة من هذا الطريق، كالملاعب به أو بها والمتساحقتين وما أشبه.
المسألة 984: لو كان شخص عنده أموال محرمة وأموال محللة، جاز للإنسان أن يتعامل معه، وأن يذهب إلى داره، وأن يأكل من طعامه فيما لم يعلم بحرمة ذلك الشيء، الذي يتصرف فيه أو يخلطه بالحرام.
* فإن العلم الإجمالي لا ينفذ ما دام ليس كل الأطراف محل الابتلاء، قال (عليه السلام): «كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك أبداً حلال حتى تعرف الحرام منه فتدعه»(2).
المسألة 985: الجلد الذي يُجلب من بلاد الكفار محكوم بالنجاسة، لكن إذا شك الإنسان في أنّ هذا الشيء جلد أم لا، ولم يعلم بعد الفحص
ص: 350
جرت أصالة الحل والطهارة.
* كما أنَّه إذا لم يعلم أنّه من بلاد الكفار أم لا، وقد أخذه من يد المسلم أو سوق المسلمين.
المسألة 986: يقال: إن في العصر الحاضر تكلم طفل في بطن أُمه، فإن صح الخبر كان ذلك دليلاً جديداً على قدرة اللّه تعالى، والمهم في المسألة أنه لو أخبر بشيء يحتاج إلى الثبوت الشرعي، فالظاهر: أنه لا يثبت بإخباره، إلا إذا حصل لنا العلم من خبره، وكان الشارع لم يجعل طريقاً خاصاً لثبوته.
* أما قصة (وحي الطفل) في بني إسرائيل كما ورد، فقد كان إعجازاً، ولعله كان إرهاصاً(1) للنبوة، ومما تقدم يعلم حال ما لو تكلم الطفل الذي ليس من العادة أن يتكلم، أما: {وشهد}(2) في قصة يوسف، فإنَّ الطفل قد أتى بإذن اللّه تعالى لهم ببرهان عقلي، ولذا قبلوه وإن لم يقبلوا أنه إرهاص ليوسف (عليه السلام) .
المسألة 987: هل للمشتكى عليه بالشكاية الباطلة حق الشرف على الشاكي؟ احتمالان.
* وإنما قلنا: احتمالان إذا لم يسبب له ضرراً، وإلا فدليل (لا ضرر)
ص: 351
شامل له.
أمّا احتمال الحق: فلما دل من أنّ علياً (عليه السلام) أعطى شيئاً لبني جذيمة لخوفهم مما فعل خالد بهم(1)، فإنَّ ملاكه شامل للمقام.
وأما احتمال عدمه: فلأصالة عدم الضمان، لكني لم أجد مَنْ تعرض لذلك في كتاب القضاء أو غيره، اللّهم إلا أن يقال: إنه حق عرفي فيشمله «لا يتوى حق امرئ مسلم»(2) ونحوه.
المسألة 988: إذا اختطف إنسان أو جماعة إنساناً محترماً، وأعلنوا أنهم يقضون على حياته إلا إذا بذلت الحكومة لهم مطالب خاصة، وجب على الحكومة إعطاء مطالبهم - إذا كانت مطالبهم مشروعة - لحفظ ذلك المختطف عن القتل؛ وذلك من باب (دفع المنكر).
ص: 352
* ذلك فيما إذا لم يجب إعطاء الحق - في نفسه - وإلا فهنا واجبان: إعطاء الحق ودفع المنكر.
المسألة 989: إذا كان الطلب في المسألة السابقة غير مشروع فاللازم الموازنة بين المحرمين: من قتل ذلك المختطف، ومن إعطاء الطلب غير المشروع من باب قاعدة (الأهم والمهم).
* فإذا كانا متساويين تخير، وإلا قدم الأهم، إذا كانت أهميته إلى حد المنع عن النقيض.
المسألة 990: إذا حكم الجائر بالإعدام على جماعة أبرياء، أو جماعة ليس حدهم الشرعي الإعدام، فهل يحق لذوي المعدومين قتل الحاكم قصاصاً، أم لا؟ احتمالان، والمسألة هنا من باب الأهم والمهم.
* لا يخفى أنّ المقصود من (ذوي المعدومين) من يراد إعدامهم - لا ما إذا اُعدموا بالفعل؛ إذ مع الإعدام بالفعل كان لهم حق القصاص فيما كان السبب أقوى من المباشر، فتأمل - فإن لهم أن يعدموا الحاكم قبل أن يعدمهم؛ وذلك من باب الدفاع، فإن الدفاع كما يجوز لمن هوجم بنفسه كذلك يجوز لمن لم يهاجم بنفسه، بل هوجم أحد ذويه أو إنسان محترم بريء، قال سبحانه: {وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ}(1) والمسألة مشكلة، وعلى فرض الجواز تحتاج إلى إذن الحاكم الشرعي.
ص: 353
المسألة 991: لو أنام إنساناً نوماً مغناطيسياً فلم يتمكن أن يُرجعه فمات فعليه الدية.
* لأنه القاتل عرفاً، والكلام هنا هو الكلام في القتل عمداً أو خطأً أو شبه عمد.
المسألة 992: لو أعطى المعلم تلميذه ما يستحق فسقط في الامتحان، فتأثر التلميذ فذهب وانتحر لم يكن على المعلم ديته، وكذا لو طلب الولد من والده مالاً أو طلبت الزوجة من زوجها شيئاً فلم يلبِّ طلبهما فذهبا وانتحرا لم يكن على الأب والزوج دية، وهكذا في نظائر ذلك.
* عدم الدية لأنه من فعل الفاعل المختار. نعم، إذا علم أنه ينتحر لا يجوز للمعلم إسقاطه، فإنه من باب الأهم والمهم، ووجوب حفظ الدماء، قال تعالى: {وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}(1).
ثم لو كان المال قليلاً وجب الإعطاء دفعاً للمنكر، وإلا لم يجب ل- : (تسلط الناس على أموالهم) وإنما يجب في القليل لملاك دفع المنكر بالمال القليل، كما إذا احتاج دفع المنكر إلى الذهاب إلى مسافة قريبة وكان للركوب أُجرة قليلة مثلاً.
المسألة 993: لو أراد شخص اللواط أو الزنا بولد أو امرأة فدفعاه، فلم يندفع، فقتلاه لم يكن له عليهما دية.
ص: 354
* وقد دل على ذلك النص(1) والإجماع(2).
المسألة 994: لو أراد الحاكم إصدار الحكم بقتل مَنْ لا يستحق القتل، أو أراد الظالم قتل مَنْ لا يستحق القتل، جاز دفع ذلك بالرشوة، بل وجب إذا توقف الدفع عليها.
* فإنه حينئذٍ ليس برشوة؛ لأن الرشوة ما يدفع لإحقاق الباطل، أو إبطال الحق(3)، والمفروض هنا الدفع للحق فتأمل. نعم، لا إشكال في حرمة أخذ المرتشي له، وإنه ضامن؛ لأنه من أكل المال بالباطل(4).
المسألة 995: هل يجوز للمرأة التعرض لمني الأجنبي فيما لا تحمل منه قطعاً، بأن تزرقه في نفسها أو تجلس حيث يحمله الموضع، أم لا يجوز؟ احتمالان. نعم، إذا كان ذلك مثار الشهوة لا يجوز، وكذا إذا كان تخوّف الحمل.
* أما احتمال الجواز فلأصالة حل كل شيء، وأما احتمال المنع فلآية: {لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ}(5).
ص: 355
المسألة 996: إذا ماتت حامل وأمكن قلع رحمها للحفاظ على بقاء الجنين حياً وجب إذا لم يمكن بقاء الجنين إلا بهذه الصورة.
* وذلك للأهمية، ومنه يعرف جواز شق البطن ونحوه.
المسألة 997: إذا فتحت مؤسسات التبشير مدرسة أو نحوها، فانصرف إليها المسلمون، وكان بالإمكان فتح مؤسسة إسلامية مشابهة توجب صرف جماعة من المسلمين إلى هذه المؤسسة وجب الفتح، وإذا كانت مؤسسة تبشيرية وأمكن للمسلمين اشترائها وجب الاشتراء، وكذا إذا كان محلاً للحرام كالخمر أو محلاً للفساد كالمبغى.
* قلنا: وجب لأنه من دفع المنكر الواجب على القادر، ولو دار الأمر بين فتح مثلها أو اشترائها قدم الثاني؛ لأنه قلع لمادة الفساد، بخلاف الأول الذي هو حد من الفساد.
المسألة 998: يجوز للإنسان كشف العورة للطبيب إذا توقف العلاج على ذلك، كما إذا أراد عملية الفتق أو البواسير أو ما أشبه، ويجوز حينئذٍ للطبيب النظر واللمس إذا لم يكن بد إلا من ذلك، ولو أمكن النظر إليها بسبب المرآة أو نحوها فالأحوط عدم النظر مباشرة.
* لأنه من الاضطرار بالنسبة إلى المريض، أما الطبيب فلأن الاضطرار في المريض يتعدى إليه؛ وذلك للتلازم بين إجازة الشارع للمضطر وإجازته للمعالج، وكذا في أشباه ذلك.
وإنما قلنا: (فالأحوط) ولم نفت بذلك لاحتمال كفاية الاضطرار في
ص: 356
الجواز، للعرف، وإنما احتطنا لما ورد في الخنثى من النظر إليه في المرآة(1).
المسألة 999: إذا لم تكن مولِّدة وخافت الحامل على نفسها من الوضع بدون المولدة يجوز مراجعة المولِّد، لكن يقتصر في ذلك بالنسبة إليها وإليه بقدر الضرورة.
* وذلك لوضوح أن الضرورات تقدر بقدرها، ومثل ذلك مراجعة المريض الطبيبة فيما إذا استلزم الفحص الكشف عنه أو اللمس له، والظاهر أنه لا يجب عليهما المتعة - مضطرة أو مضطراً - لانصراف الأدلة عن مثله، إلا إذا كانت المتعة بكل سهولة وبدون محذور إطلاقاً، فالأحوط التمتع في الموردين، فتأمل.
المسألة 1000: لو حملت المرأة ذات الزوج بماء غير الزوج، وعلمنا أن الجنين تولد من ذلك الماء لم يلحق الولد بالزوج، وإن شك أن الولد للزوج أو الأجنبي جرت قاعدة (الولد للفراش)(2).
ص: 357
* عدم اللحوق في الصورة الأولى واضح، بل يكون ولد زنا في الحرام، وولد شبهة في الحلال، ولو كان هناك زانيان أو مشتبهان فالحاكم القرعة، وإذا كان زوج وشبهة فلا يبعد القرعة أيضاً.
ص: 358
وكالة العهر... 5
وكالة الفساد والشذوذ الجنسي... 5
المقاهي والمطاعم في شهر رمضان... 6
السلام في الإسلام... 7
الإسلام و الأسلحة الاستراتيجية... 8
حق تقرير المصير... 9
مجلس الأمم والانتماء إليه... 10
جامعة الدول العربية... 10
الروابط الإسلامية... 10
المعاهدات والأحلاف... 11
مصلحة الإسلام والمسلمين... 12
الوكالات المحرمة... 12
انتخاب ملكات الجمال... 13
الحفلات الراقصة والسهرات الحمراء... 13
الاستمناء بالإيحاء والتنويم... 14
التنويم الموهم للزنا واللواط... 14
وجوب الغسل في الحالتين... 15
السدر والكافور الاصطناعيان... 15
ص: 359
المساجد بالأبنية الجاهزة 16
القصص الرومانسية... 17
القصص الغرامية... 17
التصاوير الجنسية... 18
الأسنان الصناعية... 19
العيون الصناعية... 21
الأعضاء الصناعية... 21
الجبيرة في العضو الصناعي... 22
الشعر الصناعي وأحكامه... 22
أنواع الشعر الصناعي... 23
الجلد الصناعي... 23
من أحكام الجلد الصناعي... 24
ردم المستنقعات... 25
بناء الدور المكشوفة... 25
النشرات والإذاعات السرية... 26
التزوير في التوقيع... 27
الألعاب النارية... 29
تبديل الإمضاء والخط... 29
تزوير الشيب أو الشباب... 30
التدليس في التزوير المذكور... 31
الكذب في تسجيل الأعمار... 31
من حقوق الدولة الإسلامية... 32
المقاولات والمناقصات... 33
ص: 360
المساومات والامتيازات... 34
فتح الأسواق في البلاد... 35
حرية العمران... 35
الأحياء والجمعيات السكنية... 36
الشروط النافذة في العمران... 37
تحديد البنايات العالية... 38
ترفيع سعر النقد... 39
الماء للجميع... 39
لا منع مع التلف... 40
المجاعة الاصطناعية... 41
تقليد الكفار في المناسبات... 42
التلاعب بالأسواق التجارية... 43
تحجيم الزرع والضرر... 44
التعاون مع الظالم... 45
منع التجول... 45
حرية الاجتماعات... 46
غلق العتبات المقدسة والمساجد... 47
قطع المواصلات... 47
التقاص بالثأر... 48
العادات الباطلة... 48
الأعراف والتقاليد... 49
الكفارة الباطلة... 50
الحداد المزيف... 50
ص: 361
الغاية لا تبرر الوسيلة... 50
الإسلام وتطور الحياة 51
مشكلة التضخم النسائي... 53
مشكلة التضخم الرجالي... 53
قانون الأسر والرقية... 54
الزوج المفقود... 56
الجمال والتجميل... 56
النظافة في كل شيء... 57
حدود العمل والثقافة للمرأة 57
التفاوت المصرفي للنقود... 59
أجور الحوالات... 60
اللغة العربية... 60
ترجمة الأحكام الإسلامية... 61
إثبات حقانية الإسلام... 62
التكليف بقدر المستطاع... 62
أحكام الجاهل بالإسلام... 64
قيمة الإنسان الواقعية ليس بالموازين المعتادة 66
بيع الأوراق التجارية... 66
التجنس بجنسيتين... 67
بيع الجنسية أو الهوية... 68
المسلم والقوانين الوضعية... 68
أوراق القروض النقدية... 69
مصارعة الحيوانات... 70
ص: 362
كبس الماء... 71
تخلخل الماء... 72
إضافة جسم غريب على الماء... 72
تقليل وزن الماء... 73
هجرة المكتبات الضخمة... 73
الاعتداء على غير المعتدي... 74
جزاء التعدي... 75
تحالف الكفار... 76
دفاع المسلم عن المسلمين... 76
إخراج النفائس من البلد... 77
مصير الشيء النفيس... 78
هجرة العقول... 79
المهملات والاستفادة منها 80
صرف الماء للزرع... 81
حرية الطرق والمواصلات... 82
قانون المرور... 83
ملء فراغ الشباب... 84
النادي الإسلامي... 85
الحلال يسد مسد الحرام... 85
حرمة التحري... 86
المصر على المنكر... 86
مباهتة فاعل المنكر... 87
الخبير بالأحكام الإسلامية... 88
ص: 363
الإشاعات الكاذبة... 89
وضع القوانين... 89
دائمية الحكم الإسلامي... 90
التحاكم إلى الطاغوت... 91
لا حكم للحاكم المزيف... 91
حكام الجور والتحاكم إليهم... 92
دفع المنكر بغير الحد الشرعي... 92
أضواء جديدة غير الشمس... 93
فرض الظلام مع وجود الشمس... 94
السفر إلى الفضاء والعمل حسب موازين تلك الجهات... 94
السفر إلى القطبين... 95
العبادة في الوجه المظلم للقمر... 95
العبادة في الوجه المنير للقمر... 97
العصيان في الفضاء... 97
الصلاة خارج الكبسولة الفضائية... 98
انعكاس نور الشمس ليلاً... 98
التغذي بأشعة الشمس... 99
من مستثنيات الطمأنينة في الأعضاء الصناعية... 99
الصلاة على الثلوج... 100
تشكيل النقابات... 100
حدود النقابات... 101
فرض الترتيب في شؤون الناس... 103
فرض الترتيب في شؤون الدولة... 103
ص: 364
فرض الترتيب على أصحاب السيارات... 104
الدولة وفرض الترتيب... 104
الحريات الإسلامية هي المقدمة... 105
حرية السفر... 106
المتآمرون على أمن الدولة الإسلامية... 106
المتآمرون والبغاة 107
البيوتات المكشوفة... 107
الإشراف على دار الغير... 108
الانتحار بالهواء المسموم... 109
التنفس بلا أجهزة 109
البقاء في الأجواء القاتلة... 109
البقاء في محل يخشى فيه المرض... 110
الصلاة في الطائرة 111
العلاقات الجنسية مع الأموات... 112
معاشقة الحيوانات... 113
معاشقة التماثيل... 114
تطبيق حكم الكلي على الفرد... 114
لو كان لرجل رحم... 115
اتهام البريء... 115
طفل بلا والدين... 116
تشريح الميت... 117
الجيل الجديد في القمر... 119
الأحكام الشرعية لإنسان الكواكب... 120
ص: 365
التعاطي بيننا وبين إنسان الكواكب... 121
الجن والأرواح والشياطين وأحكامهم... 122
كشف أسرار الغير... 126
حكم تنجيس المساجد المتحركة... 126
الإجناب بالحلال في الفضاء... 127
بيع محطات الفضاء... 127
بيع مراسي البحر... 128
بيع طبقات الأرض... 129
تأميم الغابات... 129
تأميم البحار والصحاري... 130
الاشتراكية في المعامل... 130
التحاكم إلى العقول الالكترونية... 131
رضا المتحاكمين بالعقل الالكتروني... 132
حدود أحكام العقول الالكترونية... 132
الخمر لو سقطت عن الإسكار... 133
المسكرات الفضائية... 134
من أحكام المسكر... 134
الفواكه أو الأطعمة الموجبة للإسكار... 135
العقل الآلي وتعيين أول الشهر... 135
حصول العلم من العقل الآلي... 136
الإضراب المستمر عن الطعام... 136
الإضراب بإدامة الصيام... 137
الإضراب الاحتجاجي... 137
ص: 366
من أحكام الإضراب... 138
البلوغ المبكر في الفضاء... 139
البلوغ المتأخر في الفضاء... 140
التسريع في إنتاج الغلات... 140
تركيب الحنطة مع محصول آخر... 140
عام الخمس في الكواكب... 141
لو تبدلت أيام الأرض... 142
لو لم تطلع الشمس أُسبوعاً 143
لو لم تغرب الشمس أُسبوعاُ 143
ظهور شمس جديدة 144
ضمان صاحب المرض المعدي... 144
نوادي العراة والشذوذ الجنسي... 145
أُجور المومسات... 146
الارتباط بأرواح المعذبين... 147
المواد التي تلصق بالجسم... 149
شهادة الزور... 150
البشرية والنضج الإسلامي... 150
الذهب للرجال... 152
تربية الطفل خارج الرحم... 152
المؤسسات العامة للمساعدة والإنقاذ... 153
مناسبات الكفار... 154
لو تضاعف الوزن في الأرض... 154
لو تضاعف الوزن في الكواكب... 155
ص: 367
الغاز الخارج في منابع النفط... 155
استخدام الذرة 156
استماع نشرات الأخبار... 157
من شروط منع الاستماع... 158
استماع الأخبار المضللة... 158
الهاتف الصحراوي... 159
إطلاق النار على المجرمين... 159
المقتول على أيدي المجرمين... 160
الصمود في المظاهرات... 161
إنقاذ النفس من الموت... 161
قتل الأُخت والزوجة... 162
تفريق المتظاهرين... 164
القنابل المسيلة للدموع... 165
تقديم وتأخير الحيض... 166
تكثير وتقليل الحيض... 167
تكثير دفعات الحيض وتقليله... 167
إيجاد الحيض وإعدامه... 168
من أحكام تحقق الحيض... 168
قطع الحيض بالوسيلة... 169
النفاس والاستحاضة... 170
التلاعب بالاستحاضة... 171
الفرار من المواقعة الجنسية بين الزوجين... 171
النفقة بعد تحقيق الفرار... 172
ص: 368
سحب الدم بالآلة... 173
الحيض لا من المخرج المتعارف... 173
تسريع نبع دم الحيض... 174
تكثير أيام الحيض... 175
تقطيع دم الحيض بالآلة... 176
السجود على ما صار مأكولاً... 176
السجود على ما صار غير مأكول... 177
السجود على ما كان ملبوساً وبالعكس... 177
الحرير من الحيوانات الأُخرى... 178
تغيير مادة الحرير... 179
لجنة مراسم الدفن في الهلال الأحمر... 179
زيارة الأرواح للأئمة... 180
نهج البلاغة في الإذاعات... 180
الأدعية في الإذاعات... 181
التبليغ الإسلامي عبر الإذاعات... 181
استيجار الدراجة الهوائية... 182
إثبات الاتهام بالوسائل العلمية... 183
بصمات الأصابع... 184
مجال استناد الحاكم إلى علمه... 184
الإيذاء عبر جهاز التنبيه... 185
الإيذاء عبر وسائل النقل... 185
الاصطدام بالسيارة 186
من أحكام الاصطدام... 186
ص: 369
مستثنيات الدين وأحكامها 187
اصطدام القطار... 188
القتل بالاصطدام... 189
الأطفال وارتكاب المحرمات... 189
من أحكام الغصب في الأموال العامة... 192
فضاء المسجد وحدوده 194
التقاط صور العمارات والأبنية... 194
تصوير مواقع الجيش والسلاح... 195
فضح المسلم المستور... 196
كشف أموال الناس... 196
فضاء الكعبة وحدوده 197
الاتصال بصلاة الجماعة عبر الراديو... 197
من أحكام النقل الجوي... 198
اختطاف الطائرات والسيارات... 199
تبديل الصفيف إلى الدفيف... 200
تبديل الدفيف إلى الصفيف... 201
التصرف في القمر... 201
تنصيف القمر... 202
تمديد حمل الجنين... 202
تقليص حمل الجنين... 203
تربية الجنين خارج الرحم... 204
التركيب بين الحيوانات المحرمة والمحللة... 204
تسميم الأجواء... 204
ص: 370
أجهزة التنبيه المؤذية... 205
تغيير لون الدم... 205
تحويل الدم إلى لبن... 206
فصائل الحيوانات... 207
تغيير الفأر طائراً 207
الخفاش بلا جناح... 208
من أحكام تغيير الحيوان... 208
شفافية جسد الإنسان... 209
شفافية جسد الحيوان... 209
تحنيط الأموات لبقاء الجسد... 209
التحنيط لو أتلف الجسد... 210
جوف الأُنثى... 211
جوف الرجل... 211
الزنا قبل الزواج... 212
الزنا بعد الطلاق... 212
تشبّه الرجل بالمرأة 213
تشبّه المرأة بالرجل... 214
إجراء الصيغة بالقلب... 214
جائزة نوبل... 215
إجراء العقد بالآلة أو الحيوان... 215
الغش بالاستعطاف... 216
الاستعطاف لأجل المريض... 216
الاستنفاع بالحيوان مخادعة... 217
ص: 371
جرائم الشحاذين... 217
احتكار المرافق العامة... 217
الإسراف في الموقوفات... 218
الاسترزاق عن طريق الغرائب... 219
الخداع في الغرائب... 219
التصرف في الشؤون العامة... 220
إيذاء الناس مادياً 220
التصرف في ممتلكات الناس... 221
التصرف في ممتلكات الحكومة... 221
تعارض المصلحتين... 222
دورة المياه 225
الحدائق العامة وأحكامها 225
قطف الزهور من الحدائق... 226
توسيع الشوارع... 226
العبادة مع العمل في وسائل النقل... 228
الهروب من السجن... 229
من أحكام الضيافة... 230
التصرف في الأمكنة العامة... 231
التستر بغير الثوب... 231
رؤية المحرمات بالمرايا المعاكسة... 232
من أحكام النظر بواسطة الأجهزة 234
الرؤية المشوهة... 234
اندراس المقابر... 235
ص: 372
تبديل المقبرة أو نقلها 236
خروج الجثة من القبر... 237
نقل القبر بالأجهزة الحديثة... 238
التيمم في السجن المغصوب... 238
الفرار بنقب السجن... 239
الهيروئين والمخدرات الأُخرى... 240
مهرب المخدرات... 241
الكواكب الأُخرى وأول الشهر... 241
التاريخ في الكواكب الأُخرى... 242
اختلاف أول الشهر... 242
حكم الإعدام في الإسلام... 243
الكسوف المرئي في القمر... 244
ظهور الآيات في الكواكب الأُخرى... 244
الأعياد في القمر... 245
التوقيت في الكواكب البعيدة 245
لو كان للكواكب توقيت... 247
الإقامة في المحطات الفضائية... 247
نفقات ارتياد الفضاء... 248
الموت في القمر... 248
الموت في المحطات الفضائية... 249
الاعتكاف في الفضاء... 249
التمركز خارج الجاذبية... 249
ائتلاف الأفراد بالزكاة 250
ص: 373
الزكاة للبعثات العلمية... 251
ضمان المتظاهرين للمتلفات... 251
موارد جديدة لصرف الزكاة 252
الخمس في أحجار الفضاء... 253
الكوكب إذا كان معدناً 253
المستخرجات من البحر... 254
لو اجتازت الطائرة بالمواقيت... 255
المدارس العلمية المغتصبة... 255
الوباء في مكة والمواقف... 256
من واجب العلماء إزاء البدعة... 256
سكوت العلماء... 257
الأُمور العامة للمسلمين... 258
المعاهدات الدولية مع الكفار... 259
الاستعمار السياسي والاقتصادي... 261
المعاهدات الاقتصادية مع الأجانب... 262
الشركات الاستعمارية... 262
الشركات المساهمة مع الكفار... 263
تطهير مظاهر الخمور والفجور... 264
من واجب الدول الإسلامية تجاه الدول الأُخرى... 265
دعم الفئات والدول الإسلامية... 266
وجوب الإنقاذ عيني وكفائي... 266
المؤسسات والمنظمات المندسة... 267
مقاطعة المؤسسات الاستعمارية... 268
ص: 374
التطلع على عورات الناس... 268
المحلات التجارية واستخدام الفتيات... 270
المحلات التجارية واستخدام الفتيان... 271
السياقة للنساء... 271
استخدام السائق غير الأمين... 272
استخدام الكافر للطبخ والغسل... 272
ترك المرأة وحدها مع الأجنبي... 273
استخدام الفتيات في البيت... 274
السكرتيرة المكشفة... 274
خياطة الرجل للنساء... 274
المنازع النسائية في المحلات... 275
في محلات المصورين... 276
إشعال الفتن بين الكفار... 276
حدود إلقاء الفتن... 278
عدم جواز إيذاء أبناء الكفار... 278
إيذاء الأسرى... 279
المقابلة بالمثل... 279
خطف الأبرياء وتعذيبهم... 280
الاختطاف لأجل حق مشروع... 280
مخادعة الحيوان... 281
استمناء الحيوان للعلاج... 281
نزو الحيوانات فيما بينها 282
تسجيل الأملاك بأسماء بديلة... 282
ص: 375
اختطاف أولاد التجار... 282
الإسلام تقدمي... 282
ذبح الحيوانات في الشوارع... 283
تجميل المحلات... 283
حدود التصرفات الفردية... 284
مراجعة الطبيب... 284
التراب المطهر... 285
العملية الجراحية ونسبة النجاح... 285
نصرة المظلوم... 285
الصوم مع اختلاف الآفاق... 286
تصوير وتمثيل ذكريات الإسلام... 286
التأليف حول الإسلام... 287
مفاتيح لأبواب الآخرين... 287
الهوايات... 287
مراسلة الفتيات... 288
سرقة الأسماء... 288
الضغط على أهل المنكر... 288
الديبلوماسيات... 288
تكوين الجمعيات... 289
الحجز على فاعل المنكر... 289
التحالف مع الكفار... 290
الأجنحة على الطرق العامة... 290
فتح الأبواب على الطرق العامة... 291
ص: 376
النافذة على بيت الجار... 291
تأجير الوسائل الحديثة... 291
السياقة بلا إجازة 292
الدكتور ضامن... 292
إعارة الأسلحة... 292
إجارة الأسلحة... 293
الإيداع في المصارف الربوية... 293
المسروق إذا ثبت كونه سرقة... 293
الصفقات الفضائية... 294
الإفلاس في الدول والشركات... 294
تصفية الشركات... 294
الوكالات التجارية... 294
السكنى داخل البحر... 295
الوقف الضائع... 295
السيول المصطنعة... 295
خرق حاجز الصوت... 296
الأصوات المسببة للإجهاض... 296
تهديم الوقف... 296
إعادة الوقف من جديد... 297
الترفيه عن الزائرين... 298
الفوضى في مصارف الأوقاف... 298
صرف الوقف في غير مورده 299
الوقف لا يبطل... 299
ص: 377
الادعاء الخادع للحكومات... 299
الانهزامية الفكرية... 300
الوصية في آلة التسجيل... 300
الوصية بقراءة القرآن... 300
كيفية إنفاذ الوصية... 301
توسيع المراكز المقدسة... 301
المراكز المقدسة منطلقات تبليغية... 301
تخدير السمك للصيد... 302
تخدير الطيور والوحوش... 302
القنابل غير المبيدة 303
أحواض الصيد... 303
الوصية بالوسائل الحديثة... 303
حريم حقول البترول... 303
حدود التعميق في الآبار... 304
حريم المراكز العامة... 304
ملكية القنوات والخلجان... 304
من حقوق الذمي... 305
من أحكام المعادن... 305
الزواج من نجوم السينما 305
الزواج من ملكات الجمال... 306
الزواج من المليونيرات... 306
مراقصة الزوجة... 307
تبديل الأزواج... 307
ص: 378
لعبة المفاتيح الحمراء... 307
النظر إلى الكافرات... 307
نكاح الشغار... 308
التمتع بالراقصات... 308
الحلق والختان بالمحاليل... 309
إزالة الوشم بالآلات... 309
اللبن المجفف... 309
الامتناع عن النسل المشوه 309
التوائم المختلفين... 310
واجبات دور الحضانة... 310
الإجهاض مباشرة أو تسبيباً 310
مطالبة طلاق الخلع... 311
كشف هوية الجنين بالأشعة... 311
موت المتوارثين سوية... 311
اتخاذ الحمام الراعب... 312
تأسيس حديقة الحيوانات... 313
لا للمؤسسات التبشيرية... 313
تناقل ما يوهن المسلمين... 313
من أحكام المراكز المقدسة... 314
تصوير المراكز المقدسة... 314
المساجد الأثرية... 314
إعادة المراكز الدينية... 314
إشاعة الجنس في المدارس والإعلام... 315
ص: 379
ركن التعارف بين الجنسين... 315
التعذيب القاتل... 316
تسلق الجبال والألعاب الرياضية... 316
إزالة البكارة بالعملية الجراحية... 316
تعقيب الطفل... 317
المتلف ضامن... 318
من أحكام الطريق... 318
التقاط صور الحوادث... 319
رش الماء في الطريق... 319
من حقوق العامل... 319
العمل في مناجم الفحم... 320
من حقوق صاحب المنجم... 320
المصارعة الحرة وأحكامها 320
الطوابع الباطلة... 320
التعامل مع المصارف... 321
من أحكام المصارف... 321
التأمين على الحيوانات... 321
التأمين من الكوارث... 322
من أحكام التأمين... 322
من واجب العلماء... 323
تقوية الأمصال الشعرية... 323
إزالة السمنة... 323
الجنين لو كان مضراً 323
ص: 380
تحبيل الدابة... 324
الكسل الجنسي... 324
مكافحة الكسل الجنسي... 324
الممارسة الجنسية المؤذية... 324
من حقوق الإنسان... 325
وطء الحيوان... 326
استعمال الآلة المطاطية... 327
الألعاب الخطرة 327
الاستمناء بالتخيل... 327
خرق الغلاف الجوي للأرض... 328
مكافحة الكوارث الطبيعية... 328
إبادة الحشرات... 329
تخفيف آلام المخاض... 329
التسكين والتخدير... 329
الحد من سراية الأمراض... 330
حرية زيارة المراكز المقدسة... 330
تسعير الأجناس... 330
لا شفاعة مع ثبوت الجرم... 331
لا شفاعة لأهل المنكر... 332
مدح الظالم... 332
الإعانة على البغاء... 332
تثقيل الوزن وتخفيفه... 333
الوزن خارج الجاذبية... 333
ص: 381
تغيير الدم... 334
البول إذا تغير... 334
الفضلات المتغيرة 334
العدة في القطبين... 334
العدة في القمر... 335
التحديدات الشرعية في القطبين... 335
الرضاع بالآلة... 335
الحيض الآلي... 335
من أحكام الرضاع... 336
اختلاف العيد... 336
الاختلاف في الأضحى... 337
الاختلاف في المناسبات المستحبة والمكروهة... 337
الصلاة والآفاق المختلفة... 338
نذر يوم عرفة... 338
الصلاة في الطائرة العمودية... 338
الصوم في الآفاق القطبية... 339
إذا تسرعت حركة الأرض... 340
إذا تثبّطت حركة الأرض... 340
الغلات الكيماوية... 341
لو تغيّرت الحنطة... 342
تغيير الإبل بالتزريق... 342
الذهب إذا صار فلزاً آخر... 342
الإنسان المتعدد الأيدي والأرجل... 343
ص: 382
لو انخسفت الأرض... 344
الآيات في الكواكب الأخرى... 344
تكرر الآيات السماوية... 344
الزلازل المستمرة 344
الزلزلة في البحر... 345
الكسوفان بالمجهر... 345
الإحياء بعد القتل... 345
العودة بعد الموت... 346
من أحكام الميت... 348
رؤية ما وراء الأجسام... 348
لو انقلب الرجل امرأة 348
من أحكام انقلاب الجنس... 349
أثمان اليانصيب... 350
الأموال المختلطة... 350
الجلود المستوردة 350
الجنين إذا تكلم... 351
حق الشرف... 351
الواجب تجاه الإنسان المختطف... 352
لو كان الطلب غير مشروع... 353
إذا حكم الجائر بالإعدام... 353
الموت خلال التنويم... 354
لا دية للمنتحر... 354
دم المغتصب هدر... 354
ص: 383
دفع القتل بالرشوة 355
التعرض لمني الأجنبي... 355
أهمية الحفاظ على الجنين... 356
المواجهة الصحيحة... 356
التكشف لفحوصات الطبيب... 356
مراجعة المولِّد... 357
الولد للفراش... 357
فهرست المحتويات... 359
ص: 384