موسوعة الفقيه الشيرازي
(16)
تعليقة علی المسائل المتجددة
لأستاذ الفقهاء والمجتهدين
آية اللّه العظمی السيد محمد الحسیني الشيرازي قدس سره
الجزء الأول
بقلم
آية اللّه السيد محمد رضا الحسيني الشيرازي رحمه اللّه
بطاقة تعريف:الحسيني الشيرازي، محمد رضا، 1338-1387.
عنوان المؤلف واسمه:موسوعة الفقيه الشيرازي / تأليف محمد رضا الحسيني الشيرازي.
تفاصيل النشر:قم: دار العلم، 1437ق = 1394ش.
مواصفات المظهر:21ج.
شابك:دوره: 8-270-204-964-978
ج21: 3-291-204-964-978
حالة الاستماع:فيپا
لسان:العربية
مندرجات:ج1 (المدخل)؛ ج2-3 (التدبر في القرآن، جزء1-2)؛ ج4-11 (تبيين الأصول، جزء 1-8)؛ ج12 (الترتب)؛ ج13-14 (تبيين الفقه في شرح العروة الوثقی، جزء1-2)؛ ج15 (بحوث في فقه النظر)؛ ج16-17 (التعليقة علی المسائل المتجدّدة، جزء1-2)؛ ج18-19 (التعليقة علی كتاب الدلائل، جزء1-2)؛ ج20 (تعليقة علی مباني منهاج الصالحين)؛ ج21 (توضيح علی العروة الوثقی).
موضوع:اصول، فقه شيعه - قرن 14
تصنيف الكونجرس:1394 8م5ح/8/159BP
تصنيف ديوي:297/312
رقم الببليوغرافيا الوطنية:4153694
ص: 1
سرشناسه:الحسيني الشيرازي، محمد رضا، 1338-1387.
عنوان و نام پديدآور:موسوعة الفقيه الشيرازي / تأليف محمد رضا الحسيني الشيرازي.
مشخصات نشر:قم: دار العلم، 1437ق = 1394ش.
مشخصات ظاهری:21ج.
شابك:دوره: 8-270-204-964-978
ج16: 9-286-204-964-978
وضعيت فهرست نويسی:فيپا
يادداشت:عربي
مندرجات: ج1 (المدخل)؛ ج2-3 (التدبر في القرآن، جزء1-2)؛ ج4-11 (تبيين الأصول،جزء 1-8)؛ ج12 (الترتب)؛ ج13-14 (تبيين الفقه في شرح العروة الوثقی، جزء1-2)؛ ج15(بحوث في فقه النظر)؛ ج16-17 (التعليقة علی المسائل المتجدّدة، جزء1-2)؛ ج18-19 (التعليقة علی كتاب الدلائل، جزء1-2)؛ ج20 (تعليقة علی مباني منهاج الصالحين)؛ ج21 (توضيح علی العروة الوثقی).
موضوع: اصول، فقه شيعه - قرن 14
رده بندی كنگره:1394 8م5ح/8/159BP
رده بندی ديويی:297/312
شماره كتابشناسی ملی:4153694
موسوعة الفقيه الشيرازي
شجرة الطيبة
-----------------
آية اللّه الفقيه السيّد محمّد رضا الحسيني الشيرازي (رحمه اللّه)
المطبعة: قدس
إخراج: نهضة اللّه العظيمي
الطبعة الأولی - 1437ه- .ق
-----------------
شابك دوره: 8-270-204-964-978
شابك ج16: 9-286-204-964-978
-----------------
دفتر مركزي: قم خيابان معلم، میدان روح اللّه،
نبش كوچه 19، پلاك 10، تلفن: 9 – 37744298
چاپ: شركت چاپ قدس، تلفن 37731354 فكس 37743443
ص: 2
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطاهرين ولعنة اللّه على أعدائهم أجمعين
ص: 3
ص: 4
المسألة 1 [1]: لا يبعد أن يكفي (الماطور) الذي ينزح ماء البئر بمقدار ما ينزح الرجال، فيما لو كان اللازم نزح الرجال في مسألة التراوح، إذا قلنا بوجوب التراوح، وكذلك يكفي إذا قلنا بالاستحباب، فإنه يتحقق به الاستحباب.
* وذلك لأنّ العرف يراه طريقياً لا موضوعياً، فكلما كان له ذلك الأثر يكون مثله في الوجوب أو الاستحباب.
-------------------------
المسألة 1:
[1] أولاً: لابدّ من تقرير الأصل الأولي، ومقتضاه الموضوعية لا الطريقية، مثلاً: لو قال: لا بدّ من حضور شاهدين عادلين في الطلاق، فلا يصح أن يُقال: إنّ الحضور المزبور طريقي لثبوت وقوع الطلاق، وحيث إنّ بأربع نساء يثبت ذلك فهو كافٍ.
وهكذا في عدة (مقلوعة الرحم) أو التي علمنا بعدم حملها.
ثانياً: لو فهم العرف الطريقية لا الموضوعية ففهمه محكم، مثلاً: في {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ ...}(1) يفهم العرف أنّ التبين طريق لطلوع الفجر ولا موضوعية له، فإذا لم يتبين لنا لكن علمنا بالوسائل الحديثة طلوع الفجر وجب الإمساك.
ص: 5
وأما حجية[2]، [3] [4] ما يراه العرف فلأنّ الخطاب موجه إليهم،
-------------------------
وعلى ضوء ذلك نسأل: هل نزح أربعة رجال على النحو المزبور موضوعي، أو أنّه طريقي لنزح المقدار المعين من الماء؟
المدعى هو الثاني، فكل ما يحقق خروج المقدار المعين كافٍ في ثبوت الأثر، ويؤيد ذلك أنه لو قيل بالموضوعية لزم عدم كفاية النزح بالآلات الحديثة، ولو استغرق يوماً كاملاً، ولو أُخرج أضعاف ما يخرجه تراوح الرجال لخصوصية (نزح أربعة رجال) وهو مما يصعب الالتزام به، إلاّ أن يُقال بثبوت الأولوية القطعية في هذا المثال، فتأمل.
ولو شكّ في الموضوعية والطريقية فالظاهر هو الموضوعية.
[2]: راجع: مسألة بيع الأعضاء، ص20(1).
[3] راجع: بحث ظواهر الألفاظ في أدلة حجية فهم العرف(2).
[4]: الظاهر أنّ هناك ثلاثة أنواع: 1- الدقة العقليّة. 2- التسامح العرفي. 3- الدقة العرفيّة.
والأول غير معتبر، والثاني غير مغتفر، والثالث هو المتعين، فتأمل.
ص: 6
ولقوله سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ[5] قَوْمِهِ}(1)، ولقوله (عليه السلام) : «أمرنا أن نكلّم الناس على قدر عقولهم»(2).
فإنّ المرجع[6] لتعيين معاني[7] ألفاظ الموضوعات وحدودها وألفاظ
-------------------------
وهاك أمثلة على قبول الفقهاء للتسامحات العرفيّة:
1- في الأصل المثبت، والقبول لو كانت الواسطة خفية.
2- بقاء الموضوع في الاستصحاب عرفي لا دليلي ولا دقي عقلي.
3- لو كانت بعض الحروف إخفاتاً - الحرف الأخير - فلا يضر بالصلاة الجهرية، بل الكلمة الأخيرة على خلافٍ، راجع العروة(3).
4- لو كان موضع السجود أعلى قليلاً من المقرر(4).
[5]: فيه احتمالات، راجع بحث حجية الظواهر(5).
[6]: أي: أصل المعنى في الجملة، والحدود هي التحديد الدقيق بحيث يدخل فيه جميع الأفراد ويخرج منه جميع الأغيار.
والخلاصة: 1- المفاهيم، بأنواعها الأربعة. 2- التطبيقات.
[7]: نعم، لو علم مراعاة الشارع الدقة العقليّة لزم ذلك، مثل: 1- الكر، على ما ذكره العروة(6). 2- المسافة الشرعية (بدليل خيمة الإمام (عليه السلام) : نصفها داخل ونصفها
ص: 8
الأحكام وحدودها والتطبيق[8] هو العرف[9](1).
-------------------------
خارج).(2) 3- الصيام والفجر والغروب.
راجع بحث المسألة كلاً في (الكرّ في شرح العروة)(3) و(الأصل المثبت وخفاء الواسطة في الأصول)(4). وهناك مسائل ذكر فيها الصدق العرفي في هذا الكتاب، مثل: (مسألة2 و4)(5).
[8]: مثّل له بمثال ص20، س 5(6).
[9]: ولو تعارض مع اللغة قدم العرف، راجع مبحث حجية الظواهر من الأصول(7).
ص: 9
المسألة 2: الإدخال بواسطة (البلاستيك) ونحوه، حاله حال الإدخال بدون ذلك، في باب الغسل وباب المصاهرة وباب الزنا واللواط، كما أنّ السحق[1] بغلاف، حاله حال السحق بدون الغلاف في جميع الأحكام المترتبة.
* وذلك للصدق العرفي، نعم إذا كانت الآلة واسعة[2]، بحيث لا يصدق الإدخال ونحوه
-------------------------
المسألة 2:
[1]: فيه نوع غموض، فهو كالسحق من وراء الملابس، فتأمل. نعم، لا شكّ في حرمته.
[2]: ونظير المسألة ما ذكر في الارتماس تحت الماء بآلة، كالغواص أو وضع الكيس، (راجع كتاب الصوم)(1).
ص: 11
لم تترتب[3] الأحكام المذكورة.
مسألة 3: صنع الإنسان الآلي الشبيه بالإنسان في الجسمية، لأجل الأمور العلمية كارتياد الفضاء، أو تشكيل الجيش، أو ما أشبه ذلك لا يبعد جوازه، حتى إذا قلنا بحرمة المجسمة؛ وذلك لانصراف[1]الأدلة عن مثل ذلك.
* بل لم نستبعد في (الفقه) أن يكون المنهي عنه هو الصنع لأجل العبادة، ولذا كرهه جماعة من الفقهاء، مثل السيدين: ابن العم(1) والحكيم (قدس سرهما) فأجازوا صنع هذه المجسمات المتعارفة وبيعها وما أشبه ذلك.
-------------------------
[3]: بصرف الإدخال، نعم قد تترتب بعضها لطرو عنوان آخر، كالإنزال مثلاً، حيث يجب عنده الغسل.
المسألة 3:
[1]: فيه تأمل؛ إذ لو قيل بحرمة المجسّمة فهذا مصداق من مصاديقها، والخلاصة: إنّ كون الغرض علمياً لا يصلح لصرف النهي عن ظاهره، أي: الإطلاق.
وعلى كلٍ فهنا مبانٍ:
1- الحرمة للعبادة فقط. 2- الحرمة مطلقاً. 3- الحرمة مطلقاً إلاّ في الأُمور العلمية ونحوها، ووجهه: الانصراف.
ص: 12
فالظاهر أنّه إن كان الطلوع بعد وقت قصير[2] مما يعد بقايا ذلك اليوم، لم يلزم إعادة الصلاة والإمساك، وإن كان بعد وقت طويل لم يبعد وجوب الإعادة؛ لأنّه يوم جديد، كما أنّ الظاهر جواز تأخير الظهرين إلى الطلوع الثاني إن كان في وقت قصير.
* وذلك للصدق والفهم[3] العرفي في الصورتين، ولذا جاز للإمام أمير المؤمنين (عليهم السلام) التأخير، ولم يكن الحكم (جواز التأخير) من اختصاصاته (عليه السلام) كاختصاصات الرسول (صلی اللّه عليه وآله وسلم) ؛ لأنّ ذلك بحاجة إلى الدليل[4]، كما ثبت حرمة تزويج غير فاطمة (عليها السلام) له أيام حياتها (عليها السلام) ، وكذلك في كل مورد شك أنّ عملهم (عليهم السلام) من باب الولاية أو لا، فالأصل أنّه من باب الحكم[5]، لكونهم (عليهم السلام) حجة قولاً وفعلاً وتقريراً.
-------------------------
الْفَجْرِ}(1) عن ذلك وعدمه عرفاً.
فلو كان بعد وقت طويل، ولم يستمر إلاّ خمس دقائق مثلاً فلعل في الصدق تأملاً.
[2]: لأنّ الملاك أن يصلي قبل الغروب، وللغروب أفراد متعددة، فلا مانع من تطبيق الكلّي على أي فردٍ.
[3]: ذكرنا ما يتعلق بالفهم العرفي في مسألة النزح بالماطور(2).
[4]: لأصالة الأسوة، إلا ما ثبت خروجه، (راجع بحث: الأسوة، وحجية فعله وقوله وتقريره (عليه السلام) )(3).
[5]: أي: الحكم العام المقرر لجميع المكلفين.
ص: 14
المسألة 5: لو عاد الليل، بأن غربت الشمس بعد طلوعها في وقت قصير أو طويل، فالحكم كالمسألة السابقة.
* ففي الوقت القصير[1] لا حاجة إلى إعادة المغرب والعشاء، وفي الوقت الطويل تلزم الإعادة لنفس الدليل الذي ذكرناه في المسألة السابقة.
المسألة 6: القمر كالأرض في جواز الانتفاع به، سكنى وأخذاً من ترابه وتحجيراً؛ لإطلاق[1] الأدلة، ومن سبق إلى موضع منه فهو أحق به، وكذا سائر الكواكب، وكذا سائر الفضاء.
-------------------------
المسألة 5:
[1]: ذكرنا المختار سابقاً.
المسألة 6:
[1]: وفي الرتبة الثانية هو مشمول لأصالة البراءة، والإباحة الشرعية مثل «كلّ شيء مطلق»(1) و«حلال»(2)، وللإباحة العقليّة، بناءً على أنّ الأصل في الأشياء عقلاً هو الإباحة. راجع: (مبحث أصالة الحظر والإباحة)(3) والحلقات في بحث (أصالة البراءة)(4).
ص: 16
* لإطلاق[2] أدلة «من سبق»(1)، و«عادي الأرض»(2) وما أشبه، بل إطلاقات {سَخَّرَ لَكُم}(3)، والانصراف[3] لو قيل به في الدليلين الأولين فهو بدوي.
-------------------------
[2]: ويدل عليه أيضاً: {إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}(4) بناء على بعض التفاسير(5) .
وكذا «لو كان العلم في الثريا لناله...»(6) فتأمل.
وكذا: «إنَّ الكون كلّه ملك للإمام (عليه السلام) »(7)، وأنهم أباحوا ذلك لشيعتهم (راجع لسان الأدلة، فتأمل)(8).
[3]: هذا الانصراف نابع من كثرة الوجود ومثله ليس بحجة؛ إذ لا يسبب تحول وجهة اللفظ.
ص: 17
المسألة 7: لو اعترف[1] في المسجلة، بأن علمنا أنّه صوته، وأنّه تكلم عن جدٍّ ترتب الحكم عليه.
* لإطلاق «إقرار العقلاء»(1) ونحوه عليه، بل لو علمنا بأنه أقرّ وإن لم يسجل صوته كان الحكم كذلك؛ إذ السماع طريقي[2]،
-------------------------
المسألة 7:
[1]: وخلاصة نظر المصنف (رحمه اللّه) أنّه يكفي الإقرار مطلقاً، والإقرار مع سماع صوته في المسجلة.
[2]: فلا يشترط مطلقاً لا مباشراً ولا غير مباشر.
والحاصل: أنّ هنالك أربعة أُمور:
1- السماع المباشر. 2- السماع غير المباشر (بالواسطة كالمسجلة). 3- إقرار بلا سماع مطلقاً. 4- العلم بلا سماع مطلقاً ولا إقرار مطلقاً.
فهل الملاك (الإقرار بالدين) أو (العلم بالدين) أو (السماع المباشر) أو (السماع مطلقاً)؟
لاحظ بحث (هل يستطيع الحاكم أن يقضي بعلمه)؟(2)
ص: 18
[3]، [4]، [5] وكذلك فيما إذا لم يكن الإقرار عن لسانه له مدخلية[6] في الحكم، كالإقرار بالزنا، وإلاّ لم يثبت وإن علم به الحاكم، كل ذلك فيما
-------------------------
ولو نوقش في ذلك، فنقول: أدلة الإقرار مطلقة، فموضوعها الإقرار وهو يشمل: 1- الإقرار المباشر. 2- الإقرار غير المباشر المسموع. 3- الإقرار غير المسموع للحاكم.
[3]: راجع: ما ذكرناه في المسألة الأولى حول الطريقية والموضوعية(1).
[4]: بل لعله لم يرد كلمة (السماع) في النصوص، بل الإقرار. فلو قيل: الإقرار طريقي شمل العلم بلا إقرار مطلقاً، ولو قيل: موضوعي شمل ثلاثة صور:
1- الإقرار المباشر. 2- الإقرار غير المباشر المسموع. 3- الإقرار غير المباشر غير المسموع كما سبق.
[5]: العبارة غير واضحة فهل المراد:
1- طريقي للإقرار فيكفي مطلق الإقرار.
2- أو طريقي للثبوت والعلم، فيكفي مطلق العلم، ولو لم يكن إقرار مطلقاً، لكن قوله (وذلك...) يؤيد المعنى الثاني، فتأمل.
[6]: في العبارة غموض، فهل معنى العبارة: أنّه يشترط الإقرار المباشر، أو الإقرار مطلقاً، أو السماع، أو أنّ العلم لا يكفي؟ والظاهر أنّ مراده (قدس سره) أنّ العلم لا يكفي، فيكون استثناءً مما سبق، وإن كانت قضية (كفاية العلم) غير مطروحة صريحاً فيما سبق فتأمل، وراجع الحاشية السابقة(2).
ص: 19
لو علم بأنه أقرّ اختياراً، ولو علم العدم أو شكّ[7] فلا حجية.
المسألة 8: أذان المسجلة وإقامتها لا اعتبار بهما في سقوط الأذان والإقامة على الأحوط.
* إذ الظاهر[1] أذان وإقامة الإنسان بنفسه، لا مثل صوت الصدى أو
-------------------------
[7]: في صورة الشكّ إشكال لأصالة (الجد) العقلائية، وإلاّ فالشك في الاختيار موجود حتماً فيما لو جاء بنفسه إلى الحاكم وأقر عنده.
إلاّ أن يفرّق ببناء العقلاء على الأصالة المزبورة في ذلك، دون المسجلة، خاصة لو لوحظ احتمال التلفيق بين كلماته (مما يطلق عليه الدبلجة) وليس ببعيد.
المسألة 8:
[1]: ظاهر «أذن وأقم»(1) أي: بنفسك، لا أنّ طائراً - مثلاً - يرددهما.
كما أن (صلِّ) ظاهر في المباشرة، لا أن يجعل تمثالاً يصلي بدله، أو يأمر شخصاً بالصلاة. ثم إنهما عبادة يشترط فيهما قصد القربة، ولا قربة للمسجلة، إلاّ أن يُقال: إنها مجرد أداة، فهو كالطواف محمولاً، أي: إنّ العمل يسند إليه عرفاً.
وراجع الأصول: إنّ ظاهر الأمر المباشرة بنفسه(2).
والخلاصة: أنّ الأعمال العبادية من هذا القبيل ظاهرة في الصدور المباشري لا الصدور مطلقاً، ولا الصدور غير المباشر.
هذا، ولكن سيأتي في المسألة اللاحقة أنّ صرف الآذان يمكن أن يكون مستحباً
ص: 20
الطير أو ما أشبه، ولذا ف- (الأحوط) وجوبي، عند من يرى وجوب الأذان، بل لا يبعد أن يكون فتوى.
المسألة 9: قراءة المسجلة للقرآن يمكن[1] أن تكون مؤدية للمستحب الذي هو قراءة القرآن في الدار مثلاً، نعم تختلف مراتب الاستحباب بين قراءة الإنسان القرآن بصوت نفسه، أو فتحه للمسجلة التي تقرأه بصوت سابق.
-------------------------
ولو في المسجلة، لانطباق عناوين محبوبة عليه، فلاحظ.
المسألة 9:
[1]: فيه نظر؛ وذلك للملاك المذكور في المسألة السابقة، وما الفرق بين هذه المسألة والمسألة السابقة؟
مثلاً: {فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ}(1) ظاهر في القراءة المباشرة لا بالتسبيب.
نعم، يمكن أن تنطبق عناوين أُخرى على هذا العمل، مثل: (استماع القرآن) و(التأثر بالقرآن).
بل ربما يستفاد أنَّ صرف وجود الصوت محبوب، فراجع الأدلة (مثل أنَّ القرآن نور، وأنَّه يطرد الشياطين و...)(2).
ص: 21
* إذ المفهوم عرفاً انتشار هذا الصوت ولو بصدى أو طير أو ما أشبه، ولا مانع[2] من اختلاف الانصراف في المسألتين الثامنة والتاسعة.
المسألة 10: تجوز الألعاب (الأولمبية) بشرط عدم الضرر الكثير[1] الممنوع منه، وعدم الرهن، نعم تصح الجائزة المتخذة من شخص ثالث.
* وذلك لحرمة الضرر[2] وحرمة (السبق) في غير المستثنيات مما ذكر في كتاب السبق والرماية(1)، أما الجائزة فهي داخلة في إطلاقات أدلة الهبة ونحوها[3].
-------------------------
وعلى هذا يترتب بحث: وهو أنه لو ترك المسجلة تقرأ القرآن دون أن يوجد أحد فهل هو إسراف أو لا؟ قد يُقال: لا؛ لأنّ صرف وجوده محبوب.
[2]: الظاهر: أنّ وزان المسألتين واحد، فالقراءة لا تصدق في المسألتين، لكن يمكن أن يستفاد من الأدلة أنّ صرف الصوت محبوب، فلاحظ الأدلة.
المسألة 10:
[1]: وأمّا القليل فلا مانع منه؛ لأنّ إضرار الآخرين ولو كان قليلاً غير جائز، إلاّ أنّ ذلك في صورة عدم الرضا، وأمّا مع الرضا فلا مانع.
[2]: أي: المعهود، أي: الكثير. وراجع مسألة (21)(2) فهي نظيرتها.
[3]: كالجعالة.
ص: 22
المسألة 11: يصح البيع والشراء والنكاح والطلاق وسائر العقود والإيقاعات خطاباً بالهاتف، إذا كان مجتمعاً لسائر الشروط.
* وعلى هذا فيصح الطلاق فيما إذا كان أحد الشاهدين في النجف الأشرف، والآخر في كربلاء المقدسة، ومجري الصيغة في الكاظمية المشرفة، وكان بينهم الهاتف المثلث، وذلك لإطلاق الأدلة[1] بعد كون الانصراف بدوياً.
والمجلس في خيار المجلس في البيع ما دام التلفون بينهما متصلاً، فإذا انقطع[2] انقطع المجلس، وذلك لأنّ في الحديث: »البيعان بالخيار ما لم يفترقا«(1)، ولم يحصل الافتراق عرفاً ما لم ينقطع الخط، واجتماع وافتراق كل شيء بحسبه[3].
-------------------------
المسألة 11:
[1]: أمّا من الناحية العقلائية فالظاهر صحة الجميع، وأمّا شرعاً فللإطلاق، وقد يستدل بالتقرير - بناءً على أنّ التقرير ينصب على النكتة لا خصوص الجري العملي - فتأمل.
[2]: اختياراً، وأمّا اضطراراً ففيه تأمل، كما لو دفع شخص أحد المتبايعين خارج المجلس، ولعله يؤيده قوله: «ما لم يفترقا» والفعل ظاهر في الاختيار، وأمّا مع الاضطرار فقد (فُرّقا) لا (افترقا) فتأمل.
[3]: ولذا يودّعه عند ختام التلفون.
ص: 24
المسألة 12: إذا أخذت[1] الصورة لشرب الخمر أو القمار أو الزنا أو اللواط أو السحق أو القتل أو ما أشبه ذلك بآلة نقطع من ذلك بالأمر - بعد العلم بعدم التزوير[2] - لا يبعد ترتيب بعض الآثار، وإن كان في بعضها تأمل قوي.
* أما ترتيب بعض الآثار فللعلم[3]، وهو يكفي في ترتيب بعضها، وأما التأمل في بعضها، بل عدم ترتبها؛ فلأن الزنا واللواط بحاجة إلى شهود أربعة أو اعتراف كذلك، وعلم الحاكم لا يكفي، ولذا لم يرتب[4] النبي (صلی اللّه عليه وآله وسلم) والوصي (عليه السلام) أثر الزنا بعلمهم ولا بالاعتراف حتى ثلاث مرات، مع وضوح أنه يوجب العلم عادة، ولذا نرى[5] أن العلم فيها لا ينفع،
-------------------------
المسألة 12:
[1]: الظاهر أنَّ المسألة مبنية على ما ذكر في كتاب القضاء من: 1- حجية علم الحاكم مطلقاً. 2- أو العدم مطلقاً. 3- أو التفصيل.
[2]: سبق ما يتعلق بذلك في (المسألة 7)(1).
[3]: العلم حجة مطلقاً، إلاّ إذا كان موضوعياً، ولابد من البحث في كتاب القضاء أنّ علم الحاكم طريقي أو موضوعي (هل العلم مطلقاً حجة أو عن طريق خاص كالشهود مثلاً)(2).
[4]: لو ثبت جواز عمل الحاكم بعلمه فهذا استثناء بالدليل.
[5]: لم يُرتِّبا الأثر على العلم في سائر الإقرارات أيضاً، فلا ينهض هذا دليلاً.
ص: 25
وإنما ينفع في سائر الموارد على قول من يرى حجية علم القاضي، ولو شك في ذلك[6] فلا يحد؛ لأنّ «الحدود تُدرأ بالشبهات»(1).
المسألة 13: المصلي في القمر في حال كون الأرض عموداً فوق الرأس أو تحت القدم يصلي باتجاه الأرض[1]، [2]، وإذا لم يكن له وقت[3] حتى يواجه الأرض،
-------------------------
[6]: لعلّ المراد حجية علم القاضي.
المسألة 13:
[1]: لعل المراد: أنّه يصبر حتى يواجه الأرض ثم يصلي بقرينة «إذا لم يكن له وقت».
[2]: ويأتي هنا موضوع «جواز البدار لذوي الأعذار وعدمه» مع العلم بارتفاع العذر ومع الشكّ.
[3]: يحتمل هنا ما ذكروه في المصلي فوق الكعبة من أنّه ينام ويتجه إلى البيت المعمور(2). فتأمل.
ص: 26
يصلي[4] إلى أية جهة شاء، والظاهر أنه لا يجب عليه الصلاة إلى أربع[5] جوانب.
* وذلك لأنّه لا دليل على أكثر من الصلاة الواحدة، بل ذهب[6] جمع من الفقهاء(1) إلى كفاية الصلاة الواحدة دون الأربع في المشتبه، وإنما قال المشهور بالأربع حتى يعلم باتجاه أحدها إلى القبلة، وأما هنا فاحتمال وجوب الصلاة إلى الأربع للعلم باتجاه أحدها إلى القبلة سالبة بانتفاء الموضوع، وأما وجوب الاتجاه إلى الأرض في صورة الإمكان فلأنّه داخل في قوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}(2).
المسألة 14: إذا قلع الرحم لم يسقط حكم العدة، فإذا وطئت بالحلال
-------------------------
ثم إنّه إن قلنا: إنّ الكعبة من تخوم الأرض إلى عنان السماء كفاه في صورة العمود الاتجاه إلى العمود الفرضي، ولو كان فوق رأسه بالضبط كفاه الاتجاه إلى جميع الجهات؛ لأنّه يكون مستقبلاً في كلّ الصور، وكذا لو كان تحت القدم بالضبط.
وعلى كلّ حالٍ، فعلى هذا المبنى لا سالبة بانتفاء الموضوع مطلقاً.
[4]: لأنّ الصلاة لا تترك بحالٍ.
[5]: هنا شرطية الاستقبال ساقطة؛ إذ لا قبلة، ولا دليل على الأكثر من الواحدة.
[6]: فمع وجود قبلةٍ تكفي واحدة، فكيف هنا لا قبلة؟
المسألة 14:
ص: 27
وجب عليها أخذ العدة فيما إذا طلقت ونحوه، إذ اختلاط المياه حكمة[1] وليس بعلة[2].
* وقلنا بوجوب العدة لإطلاق الأدلة، ولذا تجب وإن لم ينزل، فيما إذا دخل بها أو وطأ من خلف[3]، حيث لا ربط بالمياه، إذ لا يكون الحمل من الخلف.
المسألة 15: إذا تولّد من الإنسان شيء حيّ لا يسمى إنساناً، لم يبعد أن
-------------------------
[1]: أي: علّة الجعل لا علّة المجعول (راجع كلمات الميرزا النائيني (رحمه اللّه) )(1).
[2]: بحثنا في مكان آخر حول (الحكمة والعلة) بشكل عام، فراجع.
[3]: راجع العروة - كتاب النكاح - في أنّ الدخول في الدبر كالقبل في كلّ الأحكام إلاّ ثلاثة(2).
المسألة 15:
ص: 28
لا يحكم بحكم الإنسان، وإذا تولّد من غير الإنسان حي يسمى إنساناً كان محكوماً بحكم الإنسان.
* وذلك لأنّ الحكم تابع للموضوع[1]، ثم هل يجوز تركيب الجينات حتى يكون الوالد إنساناً حيواناً[2]، كما فعله الغرب؟ فيه نظر؛ لأنّه من تغيير[3]، [4] خلق اللّه، ولو حصل فإن كان له عقل الإنسان[5] كان محكوماً به، وإلا فلا حكم عليه، كما أنّه إذا لم يسم إنساناً لم يجز زواجه والزواج به، ولا يرث إلى غير ذلك من الأحكام.
-------------------------
[1]: راجع (الأحكام تابعة للعناوين في استصحاب الرسائل)(1).
[2]: لعلّ العبارة «ولد الإنسان حيواناً». وعلى فرض صحة النسخة فالمراد - ظاهراً - مزيجاً بين الإنسان والحيوان، كأن يكون له رأس إنسان وبدن سمكة.
[3]: الآية الكريمة(2) غير دالة على المدّعى (راجع بحث حلق اللحية)(3). ولعل الأولى الاستدلال بأنه منكر في أذهان المتشرعة.
[4]: مضى أو سيأتي المناقشة في ذلك، ولم يقبل المصنف (رحمه اللّه) حرمة التغيير في مواطن متعددة، إلاّ أن يُقال: التغيير محرم إلاّ ما خرج.
[5]: هل الملاك العقل أو الملاك الصدق العرفي؟ أي: هل يصدق عليه إنسان
ص: 29
المسألة 16: يجوز ترفيع سلالة الحيوانات المختلفة بمختلف الوسائل الممكنة، أما ترفيع سلالة الإنسان فلا يجوز إلا بالوسائل الجائزة[1]، فلا يجور[2] تزريق مني رجل قوي في رحم امرأة ليست له زوجة، كما لا يجوز[3] تزريق مني المرأة القوية في المرأة الضعيفة لتقوية النسل.
* لوضوح أنه لا يجوز ذلك إلاّ بالنكاح بأقسامه، والتي منها الملك والتحليل، ولذا نرى أنّه لا يجوز الجمع بين مني رجل وامرأة أجنبيين في أنبوب الاختبار، وإذا فعل ذلك كان محكوماً بحكم ولد الزنا[4] - في مثل عدم الإرث - أو ولد الشبهة، كل في مورده.
-------------------------
أو لا؟ ولعل المصنف (رحمه اللّه) يرى الملازمة بين العقل والصدق. فتأمل.
المسألة 16:
[1]: كتناول الأدوية المقوية.
[2]: لعل الدليل المعتمد هو الارتكاز، وأنه منكر في أذهان المتشرعة. وكذا «لا يجوز». ولعله المراد ب- «الوضوح» في كلام المصنف (رحمه اللّه) .
[3]: لعله للدليل السابق.
[4]: الموضوع لم يتحقّق فكيف تترتب عليه أحكامه؟ وحيث إنه «ولد» عرفاً ولغة تترتب عليه كلّ الأحكام حتى الإرث، إلاّ أن يُقال: إنَّ أدلة الإرث منصرفة عن مثل ذلك، أو يُقال: إنّ ملاك ولد الزنا موجود فيه، فتأمل(1).
ص: 30
المسألة 17: يجوز[1] منع المريض من الزواج إذا كان موجباً للعدوى[2] إلى زوجته، أو زوجها أو أولادها، فيما إذا كان المرض ضرراً شديداً يمنع الشارع عنه، فإنه «لا ضرر[3] ولا ضرار في الإسلام»(1). نعم، إذا كان الزواج
-------------------------
المسألة 17:
[1]: فإنه مقدمة الحرام، ويجوز المنع عن مقدمة الحرام.
وبعبارة أخرى: أنّه ردع عن المنكر (راجع بحث: النهي والردع)(2) وكذا «قطّعه نصفين وألقه في البالوعة»(3)، و{فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً}(4) وقاعدة الأهم والمهم(5)، فتأمل.
[2]: وكذا إذا احتمل ذلك، إلاّ أنّ الاحتمال منجز في الأُمور الخطيرة، بشرط أن يكون عقلائياً.
[3]: إذا قيل: المراد (النهي) فهو واضح، وإن قيل: المراد (النفي) فلعله لأنَّ تجويز ذلك حكم ضرري. فتأمل. (راجع: مسألة 97)(6).
ص: 31
لا يوجب العدوى، أو كان المقصود من الزواج مجرد المحرمية وما أشبه، أو كان المرض طفيفاً يجوز تحمله شرعاً فلا يجوز المنع.
* كل ذلك لإطلاق الأدلة، ثم لو حرم الزواج الملامسي، وكان ترك إفراغ المني له أو لها من العسر والحرج[4]، فهل يجوز الإفراغ بوسائل أخرى كاليد المجسمة والتنويم لرفع العسر، احتمالات[5].
نعم، إذا أمكن الإفراغ بسبب الزوج أو الزوجة بدون ضرر العدوى كان مقدماً قطعاً؛ لأنه جائز في نفسه، فلا تصل النوبة إلى الأدلة الثانوية.
المسألة 18: يجوز صب[1]، [2] الأحكام الإسلامية في قوالب القوانين المدنية الحديثة، على شرط عدم تغيير الأحكام بالزيادة والنقيصة.
* لأنّ المهم الحكم، أما القالب فلا اعتبار به إلاّ ما خرج بالدليل[3]،
-------------------------
[4]: أو الضرر.
[5]: والظاهر الحرمة؛ لأنّه منكر في أذهان المتشرعة؛ ولأنّه لو فتح هذا الباب لجاز للشباب غير المتزوجين مثل ذلك؛ ولأنّه لو كان ذلك جائزاً لبان لشدة الابتلاء به، خاصة في أمثال الجنود ونحوهم.
المسألة 18:
[1]: بل قد يجب إذا كان مقدمة لتطبيق حكم الإسلام - وجوباً عقلياً من باب أنّه مقدمة الواجب - كما لعله كذلك فعلاً.
[2]: ويدل عليه أيضاً ملاحظة تطور الفقه من الأصول الأربعمائة إلى الرسائل العملية العقليّة. (راجع: دراسة في موسوعة الفقه).
[3]: لعل المراد مثل تغيير ألفاظ القرآن الكريم.
ص: 32
ومن الواضح أنّه يلزم أن يكون الصبُّ بحيث لا يوجب تقييد إطلاق الحكم أو إطلاق مقيّده، بل اللازم التساوي بينهما، لا الثلاثة الأخر من التباين، ومن وجه، والمطلق.
المسألة 19: يجوز تصوير الأموات[1] بالأشعة، عند حضورهم في (أكتوبلازم) إذا قلنا بأنّ التصوير والتحضير[2] جائزان.
* والظاهر جوازهما؛ لإطلاق (كل شيء لك حلال)(1)، فيما إذا لم يكن
-------------------------
المسألة 19:
[1]: هذا إذا اتخذوا شكلاً روحياً، أو كانا - أي الناظر والمنظور إليه - مماثلين، أو كانا مخالفين وكان النظر لا يحل النظر إليه - كوجه المرأة مثلاً- أما لو اتخذوا شكلاً بشرياً - كالقالب المثالي - وكان مخالفاً، وكان النظر لما يحرّم النظر إليه، فالنظر إليه مشكل.
والخلاصة: أنّه محكوم بقوانين (ما يحل النظر إليه وما يحرم) و(من يحل ومن يحرم) المذكورة في باب النكاح(2).
وكذا في: (تصوير الأموات) في اللحد.
ولعله تأتي الإشارة لذلك.
ولعله هو المراد ب- «محذور خارجي» ونحوه «الهتك».
[2]: حتى لو قلنا بحرمة التحضير، فإنّه لا يلازم حرمة التصوير.
ص: 33
هناك محذور خارجي.
إن قلت[3]: إن التصوير والتحضير تصرّف في الغير من دون إذنه؟
قلت: دليل التصرف لا يشمل[4] مثل ذلك عرفاً[5]، كما أنّ الظاهر
-------------------------
[3]: الجواب: 1- إنّه منصرف عرفاً، أي: دليل التصرّف منصرف عنه عرفاً، قاله المصنف (رحمه اللّه) .
2- لم يعلم كونه تصرفاً؛ إذ قد لا يكون تحضيراً، بل ارتباطاً، ولو فرض كونه تحضيراً فلم يُعلم كونه إجبارياً، بل ربما يكون اختيارياً. مثل: دعوة شخص فيأتي باختياره.
والفرق أنّ الثاني لم يعلم كونه تصرفاً أصلاً، والأول تصرف لكنه غير مشمول للأدلة.
ثم إنَّه قد يشكل على الثاني بأن الأصل حرمة التصرّف، إلاّ أن يُعلم برضاه، والمفروض أنّ الرضا مشكوك، (راجع بحث: أصالة الحرمة في كتاب الخمس في بحث الكنز)(1).
والجواب: واضح، فإنه لم يُعلم كونه تصرفاً أصلاً، فهو مثل توجيه سؤال لشخص فيجيب، أو صنع طعام فيحضر شخص، وسيأتي نظير ذلك في مسألة 37(2).
[4]: سيأتي التأمّل فيه في مسألة 37(3).
[5]: لو فرض أنّه تصرف فهو مشكل.
ص: 34
جواز تصوير الأموات[6] في اللحد من الخارج بواسطة الأشعة، إذا لم يكن هتكاً للمؤمن[7]، أما تصوير الأئمة (عليهم السلام) فلا يجوز؛ لأنه هتك[8] عرفاً وكذلك بالنسبة إلى أولادهم وإخوانهم أمثال علي الأكبر والعباس (عليهما السلام) .
المسألة 20: المعلبات المستوردة من غير بلاد الإسلام يجوز أكلها، إلا إذا كان[1] لحماً أو شحماً[2] أو شيئاً من الحرام[3]، أما المستوردة من بلاد الإسلام فأكلها جائز، إلاّ إذا علم حرمتها.
-------------------------
[6]: قد يُقال: إنّ التصوير حقّ من الحقوق لا يجوز إلاّ بإذنه، وبحث: أنّ الحقّ العرفي هل يلازم الحقّ الشرعي؟ وهل أنه حقّ عرفي؟ وهل يكفي إجازة الورثة؟ (راجع: مسألة حقوق الطبع).
[7]: ولم يكن هناك محذور خارجي آخر، كالنظر المحرّم.
[8]: ليس ثابتاً، بل قد يكون سبباً لهداية الكثيرين، فقد يجب مقدمةً - عقلاً- أو يُقال: إنه أهم، فتأمل.
المسألة 20:
[1]: وفي كفاية جريان يد المسلم عليه في الحلّيّة إشكال، بل منع، وإن ذهب إلى ذلك بعض، مع احتمال التذكية.
[2]: ونحوها كالنخاع الموجود في عظام الحيوان والذي يُقال إنّه يصنع منه (الجلاتين).
[3]: أو محتوية على شيء من الحرام، إلاّ إذا استهلك ولم يتنجس فلا إشكال فيه.
ص: 35
* لإطلاق الدليل في المستثنى والمستثنى منه، والمشهور بين الفقهاء[4] عدم لزوم الفحص في الشبهات الموضوعية(1)، وإن ذكرنا في محله أنّ الفحص في الموضوعات لازم(2) - إلاّ ما خرج بالدليل - كالفحص في النصاب والاستطاعة للحج وغيرهما مما ذكرها الفقهاء. نعم، في باب الطهارة والنجاسة[5] والحلية والحرمة[6] لا يلزم الفحص للأدلة الخاصة، وقد ذكرنا في بعض الكتب الفقهية ميزان كون البلد إسلامياً أو غيره(3).
-------------------------
[4]: كما ذكر النائيني في رؤية الفجر للصائم (راجع كلامه (رحمه اللّه) )(4)، وكذا في باب القضايا المالية مطلقاً.
[5]: هل المراد النجاسة والتنجس معاً؟ الظاهر ذلك، وإلاّ كان ربما يظهر من بعض عبارات الفقه لزوم الفحص في النجاسة فراجع (باب النجاسات)(5).
[6]: أي: في المأكولات لا مطلقاً.
ص: 37
المسألة 21: تجوز الألعاب السويدية، وهي رياضة الإنسان بدون آلة، لكن بشرط أن لا يكون فيها مراهنة[1]، نعم تصح المنحة[2] من شخص ثالث.
* وذلك لأنّ السبق (أي مال المراهنة)حرام في غير الموارد التي ذكرت في كتاب السبق والرماية(1).
المسألة 22: إذا كان شخص على سطح القمر، فالظاهر أنّ أول الشهر بالنسبة إليه هو أول الشهر بالنسبة إلى أهل الأرض في مكة المكرمة[1]، في صورة اختلاف أول الشهر، بأن كان أول شهر مكة المكرمة مثلاً يوم الجمعة وأول شهر العراق يوم السبت، ويحتمل أن تكون حركة الأرض
-------------------------
المسألة 21:
[1]: ولا ضرر بالغ، ولا احتمال الضرر البالغ، ولا محذور خارجي، كالغناء وآلات اللّهو والاختلاط المحرّم.
[2]: المراد ما يشمل الهبة والجعالة ونحوهما. وقد مضى نظير هذه المسألة في مسألة10(2).
المسألة 22:
[1]: الظاهر جواز اختيار أي أفق متعارف.
ص: 38
معياراً في أول شهر القمر.
* أما الظهور فلأنّ الأحكام نزلت على المتعارف[2]، [3]؛ إذ هو لسان القوم، كما ذكروا في أشبار الكر، والفراسخ، والمدّ والصاع والرطل وما أشبه[4]،
-------------------------
[2]: فلا خصوصية لمكة أو المدينة المشرفتين، وأمّا الانصراف فهو بدوي.
[3]: راجع: أوائل الرسائل في القطع(1)، حيث حمله على القطع المتعارف لا قطع القطاع فيما لو كان موضوعياً، وقد مثل لذلك عدة أمثلة في (الوصائل)(2).
إلاّ أنّ كلمة المتعارف فيها غموض، فإن أريد منها ما لا ينصرف اللفظ منه، بخلاف غير المتعارف، فله وجه. وإن أريد المتعارف مطلقاً فليس بواضح، مثلاً: لو قال: (جئني بماء) وكان المتعارف (ماء الفرات ودجلة) في العراق، فهل يصرف ذلك الإطلاق ولا يجعله يشمل ماء النيل مثلاً، أو لو قال: (جئني بعالم) فكان هنالك عالم قصير جداً، أفلا يشمله الإطلاق؟
[4]: مثل (الأنزع والأغم) ومن تجاوزت أصابعه العذار أو قصرت عنه (راجع الشرائع)(3).
ص: 39
ومكة والمدينة[5] محل نزول الوحي المنصرف من الدليل عند الاختلاف في الآفاق. أما الاحتمال[6] فلأنّ الأرض من القمر كالقمر من الأرض، فكما أنّ القمر معيار الأرض فالأرض معيار القمر، فتأمّل، والأقرب إلى الدليل هو الأول على تأمل.
المسألة 23: الظاهر أن السفر إلى القمر أو إلى كوكب آخر جائز، وإن استلزم فقدان الصلاة - التي يصليها المسافر - لبعض الشرائط والأجزاء، فإنّ الصلاة[1] تؤتى بالحالة التي يتمكن الإنسان منها.
* وجه الجواز إطلاق الأدلة[2]، ويشبه ذلك السفر في الأرض حيث يستلزم السفر فقد الصلاة لبعض الشرائط والأجزاء، كما في الصلاة في السفينة وغيرها، حيث لا يستقر المصلي فيها ولا يحصل الطمأنينة
-------------------------
[5]: راجع ما ذكروه في الصوم في (الآفاق الرحوية)(1).
[6]: الظاهر تعينه لو كانت شهورهم متعارفة وفق حركة الأرض، فتأمل.
المسألة 23:
[1]: هذا ليس تعليلاً لجواز السفر، بل لوجوب الإتيان بالصلاة على كل حال.
[2]: لعلّ المراد إطلاق أدلة السفر بضميمة تعارف فقدان المسافر لبعض الشرائط، مما يدل على أنّ الموضوعين عرضيان، لا طوليان.
ص: 40
عادةً[3]، والدليل على جواز ذلك قوله (عليه السلام) : «أما ترضى أن تصلي بصلاة نوح (عليه السلام) »(1) بالإضافة إلى السيرة المستمرة[4].
المسألة 24: الأحكام الشرعية لا تختلف، سواء كان الإنسان في الأرض أم في القمر أم في سائر الكواكب، إلاّ الأحكام التي تختلف باختلاف موضوعاتها، مثلاً إذا فرضنا أنّ الشخص في الأرض يحتلم بين الثانية عشرة والخامسة عشرة، وفي القمر يحتلم بين العاشرة والثانية عشرة كان لكل مكان حكم موضوعه.
* أما عدم اختلاف الأحكام فلعدم الدليل[1] على الفرق، ولا يرى العرف خصوصية في الأرض، ويؤيده[2] ما ورد عنهم (عليه السلام) : «بأنا حجج اللّه على جميع العوالم»(2). نعم، لو اختلف الموضوع فلكل مكان حكم موضوعه؛
-------------------------
[3]: خاصة في الأسفار القديمة.
[4]: ولعلها العمدة لإمكان الخدشة في سائر الأدلة، فتأمل.
المسألة 24:
[1]: الأولى: لإطلاق الأدلة، فإنّ الخطاب موجه للإنسان، سواء كان في الأرض أم القمر، للإطلاق الأحوالي.
[2]: فإذا كان حجة ولو على صنف آخر غير الإنسان، فالأولى أن يكون حجة على الإنسان في مكان آخر.
ص: 41
لأنّ الأحكام مترتبة على الموضوعات، فكلما تحقق الموضوع تحقق الحكم، إلا إذا كان خارجاً عن المتعارف[3]، كما إذا فرض احتلام الأطفال الصغار في الكواكب الأُخر، فإنّه لا يحكم ببلوغهم، وكذلك بالنسبة إلى الحيض ونحوه؛ وذلك للفهم العرفي وانصراف الأدلة عن مثله.
المسألة 25: هل يجوز للإنسان أن يبيع بعض أعضاءه في حال حياته،
-------------------------
[3]: بحيث ينصرف عنه الدليل.
ثم إنّه لو وجد كائن آخر في سائر الكواكب فالظاهر شمول الأحكام له لما ذكر في المتن في عموميّة الحجة.
المسألة 25:
[1]: حاصل ما ذكره المصنف الجواز في خمس صور:
الأولى: البائع كافر حربي؛ إذ لا حرمة للكافر الحربي.
الثانية: إذا كان يجوز ذلك في دينه أو مذهبه، لقاعدة الإلزام، ومن يعتقد بالجواز.
الثالثة: إذا كان بعد الموت، للأهم والمهم. مع وصيته، أي: لو أوصى بعد موته.
الرابعة: - في حال الحياة - إذا لم يكن فيه ضرر عظيم، كبيع إحدى الكليتين بلا ضرر، وذلك لحديث (لا ضرر).
الخامسة: - في حال الحياة - إذا كانت هناك أهمية عظمى مما يدخل في قانون الأهم والمهم، كالموت والكلية.
أما الأولى: فقد ترد عليها شبهة المُثلة، إلاّ إذا باشر الحربي بنفسه بذلك بلا مدخلية للمسلم، وقد يقال: إنّ الطلب منه إعانة على الإثم، ويرده أنه لا كلية له، إذ قد يكون فعله بنفسه، مع أنّ هذا النوع من الإعانة قد يكون جائزاً، كبيع المختلط بالميتة له، فتأمل.
ص: 42
أو بعد موته، لنفع إنسان آخر، أو لمنفعة أخرى، كما إذا باع عينه، حتى توضع عوض عين عمياء؟ لا إشكال في ذلك إذا كان البائع كافراً حربياً، أما إذا كان مسلماً فبعض العلماء أجاز ذلك بالنسبة إلى بيعه بعد الموت، أما في حال الحياة فالظاهر عدم جواز ذلك، إلا إذا لم يكن ضررٌ[2] للبائع، أو كان في البيع أهمية عظمى بالنسبة إلى المشتري مما يكون أهم شرعاً.
* عدم الإشكال في الكافر الحربي؛ لعدم حرمته، بل يجوز للذمي أيضاً إذا شمله قانون الإلزام(1)، وكذا بالنسبة إلى المخالف لو جاز في مذهبه.
وأما عدم جواز ذلك للمسلم لأنه لا يجوز للإنسان أن ينقص نفسه أو يذهب قوة من قواه، لدليل (لا ضرر) وغيره[3]، إلا إذا كان أهم، كما إذا لم يجعل للمريض كلية مات، وهذا له كليتان[4]، حيث يعيش بكلية واحدة، فإنّ الأمر دائر بين موت إنسان ونقص إنسان بعض أعضائه والثاني أولى شرعاً.
-------------------------
[2]: عظيم.
وأما الثانية: فكالأولى.
[3]: كالإجماع المنقول، ولأنه ظلم للنفس، فتأمل.
[4]: قد يقال بجوازه مطلقاً، أي: ولو لم يتوقف عليه حياة إنسان، بل باعه للمتاجرة؛ وذلك لأنّه ليس إتلافاً للنفس ولا لقوة من القوى، بل هو ضرر غير عظيم، فتأمل.
ص: 43
لا يقال: لو توقف إنقاذ حياة إنسان على إعطاء كلية له فيجب ذلك كما يجب إنقاذ الغريق مثلاً.
لأنه يقال: لا يعد ذلك من موارد وجوب الإنقاذ عُرفاً. وقد ذكرنا أنّ الفهم العرفي هو المحكّم[5] في الموضوعات وفي تطبيق الأحكام؛ لأنّ الخطاب موجه إليهم، ويشمله أيضاً تسلط[6] الإنسان على نفسه، حيث القاعدة: «الناس مسلطون على أموالهم وأنفسهم»(1) المستفاد «أنفسهم» من قوله سبحانه: {النَّبِيُّ أَوْلَى}(2) وغيره، أما البيع بعد الموت فأولى، وإشكال التشريح مدفوع بقاعدة الأهم والمهم.
المسألة 26: بيع غير الأعضاء، كشحم الأمعاء المستغنى عنه(3)، أو ما أشبه ذلك، الظاهر جوازه في حال الحياة، أما بعد الموت فالكلام فيه كالمسألة السابقة.
-------------------------
[5]: راجع (المسألة 1)(4)، ولأنّه ضرري في حد ذاته فيرتفع بلا ضرر. وراجع: المسألة (152)(5) في التبرع بالدم لتلاحظ الفرق.
[6]: إن كان هنالك وجوب شرعي فلا سلطنة، وإن لم يكن فلا حاجة إلى دليل السلطنة، فالعمدة عدم الدليل، أي: انصراف أدلة الإنقاذ عن مثل ذلك، فتأمل.
المسألة 26:
ص: 44
* ويعرف ذلك بالأولوية[1] من المسألة السابقة.
المسألة 27: لا يمكن الاعتماد شرعاً على الأخبار التي تأتي بها الأرواح بواسطة التنويم أو التحضير أو نحو ذلك، اللّهم إلاّ إذا حصل القطع في غير ما يحتاج إلى خصوصية خاصة شرعاً.
-------------------------
[1]: إذ لا ضرر على الميت، أو الأولوية عرفية.
نعم، دليل الحرمة: إنّ حرمته ميتاً كحرمته وهو حي(1) وما أشبه، ويدفع ذلك بقانون (الأهم والمهم).
ثم إنه هل يحق للولي بيع أجزاء الميت؟ فيه تأمل، وإن استقرب السيد (رحمه اللّه) فتوى الجواز (راجع المسائل الحديثة)(2).
وعليه فيكون هذا هو سادس الموارد.
المسألة 27:
[1]: فيه ثلاث صور - راجع أيضاً المسألتين (28(3) و 38)(4) - :
الأولى: لم يحصل العلم أو الاطمئنان، فلا حجة.
الثانية: حصل القطع فهو حجة؛ لحجية القطع في حد ذاته.
الثالثة: إلا إذا كانت هنالك خصوصية شرعاً كإثبات الزنا، فلا ينفع القطع لو حصل.
ص: 46
* عدم الاعتبار لعدم جعل حجيتها لا شرعاً[2] ولا عقلاً[3]. نعم إذا أوجب القطع فهو حجة، إذ حجية القطع ذاتية، إلا ما دلّ الدليل على لزوم كيفية خاصة، من ترتب الحكم على موضوع خاص لا على القطع، مثل احتياج الزنا إلى أربعة شهود أو إقرارات - كما تقدم - إضافة[4] إلى كون شهادة الميت كشهادة الحيّ في القبول محلّ تأمّل لانصراف الأدلة خصوصاً في الحدود، حيث تدرأ بالشبهات[5](1).
المسألة 28: الكلب[1] الذي يستخدم لكشف المجرم لا يصح الاعتماد عليه، إلا إذا حصل القطع في ما لا يحتاج إلى خصوصية.
* الكلام فيه هو الكلام في المسألة السابقة.
-------------------------
[2]: لانصراف الأدلة عن مثله.
[3]: لعدم معلومية اعتماد العقلاء عليها، وأمّا العقل فلا مدخل له في هذه الأمور، لاحظ الفرق بين حكم العقل وبناء العقلاء.
[4]: هذا ليس دليلاً جديداً في قبال (لا شرعاً).
[5]: وهو يشمل الشبهة في الموضوع والحكم، بل لو لم يكن الحديث لم يجرِ؛ لأنّ ثبوت الحكم فرع ثبوت الموضوع، والفرض الشك في ثبوته شرعاً بأخبار الأرواح.
المسألة 28:
[1]: فيه الصور الثلاث المتقدمة أيضاً.
ص: 47
المسألة 29: يصح[1] تعليم الحيوانات وتدريبها على بعض الأمور، إلا إذا كان حراماً شرعاً، كتعليمها السرقة والقتل وما أشبه مما يكون داخلاً في الإفساد، فإنه مشمول لقوله سبحانه : {وَيُهْلِكَ[2] الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ}(1)، إلا إذا جاز شرعاً، كتعليمها قتل الكافر الحربي.
* وجه المستثنى منه والمستثنى واضح، أما المستثنى منه فللإطلاقات[3]،
-------------------------
المسألة 29:
[1]: والخلاصة: تعليم الجائز جائز، وتعليم المحرم محرّم.
[2]: وكذا {وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ}(2) بل تشمله أدلة نفس المحرمات، مثل: حرمة السرقة، فإنّ السبب أقوى من المباشر، والخلاصة: أنّ هذه الأدلة تشمل الصدور بالواسطة. (راجع: بحث: إطعام الغير الطعام النجس)(3)، وكذا عموم أدلة الفساد والإفساد (راجع كتاب الواجبات والمحرّمات)(4)، وسيأتي من المصنف (رحمه اللّه) الإشارة لذلك ولغيره، في الجملة.
[3]: ويدل عليه في الجملة { تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ}(5).
ص: 48
كقوله (عليه السلام) : «كل شيء لك حلال...«(1)، ولا يكون من تغيير[4] خلق اللّه تعالى كما هو واضح.
وأما المستثنى فلقوله: {وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}(2)، ولأن العرف[5] لا يرى الفرق بين السبب والمباشر، ومما يتفرع عليه: أنه لو علّم كلباَ على قتل إنسان فالسبب هو القاتل، وهل يكون القصاص؟ الظاهر ذلك.
وكذا يجوز تعليمه القصاص أو إجراء الحدّ كأن يضرب بالسوط، كما أنه يجوز ذلك بالنسبة إلى آلة كالإنسان الآلي، لأن العرف يرون أن الحدّ والقصاص إجراؤهما هو المعيار من غير فرق بين الطرف، فيشمله الإطلاقات.
المسألة 30: لا تجوز مصادرة الحريات، سواء حرية التجارة أم الزراعة، أم الصناعة أم السفر، أم العمارة أم الإقامة، أم غيرها[1] - والمراد: الحريات التي منحها الشارع للإنسان وهي كل تصرف باستثناء المحرم - أما مصادرة الحريات الشعائرية، كالمنع عن الحج والزيارة
-------------------------
[4]: سبق تنقيح المقام أو سيأتي (راجع مسألة 98)(3).
[5]: أي: إنه طريقي لا موضوعي، والخلاصة: أنّ المطلوب الحدّ بالمعنى الاسم المصدري لا المعنى المصدري.
المسألة 30:
[1]: وقد ذكر المصنف في كتاب (الحريات) نماذج كثيرة للحريات وكذا في الصياغة.
ص: 49
وشبههما فهي أغلظ تحريماً.
* وذلك لأن المستفادة من الأدلة الأربعة: إن الأصل في الإسلام الحرية في كل شيء إلا ما خرج، قال سبحانه: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}(1)، ولأن الناس مسلطون[2] على أموالهم وأنفسهم(2).
وفي الشعائر أغلظ، لأنه من مشاقة[3] الرسول (صلی اللّه عليه وآله وسلم) واتباع غير سبيل المؤمنين، كما في الآية المباركة(3)، مضافاً إلى بعض المحذورات الاُخر الجانبية، ولذا جاز للإنسان خرق[4]، [5] القوانين المنافية للحرية الإسلامية، كقوانين الجمرك والإقامة والجواز وغيرها، لأن القانون حينئذٍ لا احترام له.
ولا فرق في حرمة مصادرة الحريات بين أن يكون المانع فرداً أو دولة.
-------------------------
[2]: ولأنه إيذاء ولأنه إضرار (وراجع أدلة: العشّار)(4).
[3]: الأول أيضاً كذلك، فلعل وجه الأغلظية الارتكاز في أذهان المتشرعة، ففرق بين مَنْ يمنع شخصاً من دخول بلد عادي أو يمنعه من دخول مكة.
[4]: في خرق القوانين الوضعية تفصيل: إن أوجب ذلك الهرج والمرج فالظاهر حرمته، إلا إذا كان أهم، وإلا جاز.
ويرى بعض الفقهاء (احترام القانون الوضعي مطلقاً) وبحثه موكول إلى محله.
[5]: بل قد يجب إذا توقف إسقاط المنكر - القانون الوضعي - عليه.
ص: 50
المسألة 31: لا يجوز التعذيب لأخذ الاعتراف.
* للنص الخاص والإجماع القطعي ودليل العقل، ومن المعلوم أنه كلما غلظ التعذيب كمّاً وكيفاً كان أشد حرمةً.
لا يقال: فكيف يؤخذ الاعتراف؟
لأنه يقال[1]: أما بالنسبة إلى حقوق اللّه تعالى كالزنا واللواط فلا يجوز أخذ الاعتراف إطلاقاً، وأما بالنسبة إلى حقوق الناس كالسرقة، فيلزم أن يكون الحاكم خبيراً حتى يأخذ الاعتراف من دون إكراه المجرم، كما نراه في قضاء[2] أمير المؤمنين (عليه السلام) وبعض الأنبياء (عليهم السلام) .
-------------------------
المسألة 31:
[1]: لا يخفى أنّ هنا أمرين:
1- الأهم والمهم، ككشف الانتحاريين.
2- حفظ سمعة الإسلام وإتمام الحجة على الناس، {لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ}(1) و«لولا قومك حديثو عهد»(2).
والثاني: حاكم - عادةً- على الأول، فتأمل.
[2]: وفي أحوال بعض العلماء كالشفتي(3).
ص: 51
المسألة 32: يشكل قتل من يستحق القتل بغير الطريقة الشرعية، فالقتل بالرصاص أو بالكهرباء أو ما أشبه فيه إشكال.
* نعم قد يقال: بأنّ قتل السيف الوارد في النص والفتوى كان من باب[1] أنه أسهل أنواعه[2]، فإذا كان شيء أسهل منه، كالقتل بالرصاص في القلب أو المخ كان أولى؛ لأنّ المعلوم[3] من طريقة الشارع أنه يرحم الناس[4]. قال تعالى: {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}(1)، وقال (صلی اللّه عليه وآله وسلم) : «بعثت بالحنيفية السمحة»(2)، إلاّ إذا كانت جهة موجبة
-------------------------
المسألة 32:
[1]: الظاهر في أمثال المقام: الموضوعية لا الطريقية.
[2]: غير معلوم، بل لعل هنالك طرقاً أسهل، كخنقه فجأة، أو إعطاء سمّ يجعله ينام بلا إحساس بالألم، فتأمل.
فالخلاصة:
1- لم يعلم أنه أسهل الأنواع. 2- على الفرض، الظاهر الموضوعية.
[3]: هذا صحيح إلا فيما ورد النص على التشديد.
[4]: ولكنه «أشد المعاقبين في موضع النكال»(3) {وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ}(4).
ص: 52
للتشديد، كالجلد والرجم في موارد نادرة(1).
ثم لا يبعد أنه يجوز تخدير من وجب قتله حتى لا يشعر بالألم للملاك[5] السابق.
المسألة 33: لا يجوز الانتحار، قال تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ}(2).
* ويدل عليه الأدلة الأربعة، وهل يجوز إذا كان من باب الأهم والمهم، كما أنه لو كان يعذب بما لا يتحمّل[1]، أو أنه إذا بقي حياً أخذ منه الاعتراف على أصدقائه المجاهدين، وشكّل ذلك خطراً على الإسلام أو المسلمين، أو أنّ المرأة إذا لم تنتحر أُخذت أسيرة واعتدى[2] عليها الأعداء بما لا تتحمّل؟ إذا قُطع[3] بالأهمية لم يستبعد ذلك، ولو شك في
-------------------------
[5]: بل لإطلاق الأدلة.
المسألة 33:
[1]: في هذا إشكال؛ لأنّ دليل القتل ونحوه وارد في مورد العسر فلا يرفعه، فأغلب المحتضرين قد يعانون آلاماً لا تطاق، وكذا المرضى، ومع ذلك لا يقال بجواز الانتحار، وأنّه منكر في أذهان المتشرعة، وتعذيب الظالمين كان من القديم.
[2]: فيه تأمل.
[3]: كما في مثال الخطر على الإسلام، وسيأتي في مسألة 34 (3) الجواز للعسر والحرج الشديدين.
ص: 53
الحكم أو الموضوع فالأصل[4] هنا عدم الجواز، ومن هذا الباب[5] قتل الزوج أو الأب أو من أشبه، لها أو له، لئلاّ يقع أو تقع في الأمر السابق، وكذلك بالنسبة إلى إرادتهم انتهاك عصمة الولد، فتأمّل.
المسألة 34: الظاهر أنه لا يجوز للإنسان أن يقتل نفسه، فيما علم بموته بعد زمان، كالمبتلى بالسرطان الذي يعلم بأنه يموت بعد ساعة، وإن كان في أشد الألم والمرض، إلا إذا كان عسراً شديداً[1] علم من الشرع أنّ القتل جائز لأجله.
* الكلام في المستثنى منه والمستثنى كالسابق.
أما المستثنى منه: فلعموم[2] {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}(1).
-------------------------
[4]: لعله لإطلاق الدليل وعمومه، أو أنّه أصل عقلائي، كأصالة حرمة الأموال (راجع بحث الخمس، المال، الكنز)(2).
[5]: كالسابق.
المسألة 34:
[1]: ظهر الكلام فيه من المسألة السابقة(3).
[2]: بل يدل عليه الأدلة الأربعة، كما سبق في المسألة السابقة(4).
ص: 54
وأما المستثنى: فلحكومة[3] أدلة نفي العسر والحرج، إذا كان شديداً لا يتحمل، ويأتي نفس الكلام في قطع الإنسان عضو نفسه أو إسقاطه قوة من قواه، كما إذا أجبر على اللواط أو الزنا، فيقطع موضعه تفادياً إذا كان من الأهم والمهم، وإذا جاز له قطع عضوه جاز للآخر قطعه له بطلب منه؛ إذ مثله مثل الطبيب[4] الذي يجوز له النظر إلى المرأة أو العورة إذا جاز للمريض ذلك، فإنّ الاضطرار في المقام يتعدى إلى الآخر وإن لم يكن الآخر مضطراً، إذ هو معنى (لا اضطرار)[5] كما ذكرناه في بعض كتب (الفقه).
المسألة 35: هل يجوز استكشاف سرائر الناس النفسية والخارجية بواسطة الأشعة أو التنويم؟ الظاهر لا، إلا إذا كان هناك جهة مهمة، وهذا بالنسبة إلى غير المحرّم، أما المحرّم فلا يجوز قطعاً، كما لو نظر إلى عورة الغير أو إلى الأجنبية بواسطة الأشعة، ويجوز استكشاف سرائر الكافر الحربي، وفيما إذا كان في ذلك أهمية شرعية.
* وإنما لا يجوز كشف السرائر النفسية والخارجية؛ لأنها من
-------------------------
[3]: ظهر النظر فيه مما تقدم في المسألة السابقة.
[4]: راجع كتاب النكاح، في مستثنيات حرمة النظر(1).
[5]: وإلا فلو أجاز له وحرّم على الآخر لم يرتفع الاضطرار، وكان حكماً ضررياً منفياً ب- «لا ضرر».
المسألة 35:
ص: 55
التصرف[1] في الغير، وينافي (الناس مسلطون[2])(1)، أما النظر إلى العورة فدليله واضح، وهو إطلاق أدلة حرمة النظر إلى عورة الغير.
وأما الكافر الحربي فلا احترام له، ولذا جاز كشف سريرته، أما عورته وعورتها، فهو محرّم أيضاً لإطلاق الأدلة، وبعض الروايات المجوزة للنظر إلى عورتهم أقرب إلى الكناية[3]، لا إلى الحكم، أي أنهم كالحيوان في عدم الاحترام، لا أنه يجوز النظر إليها، وكذا في الكافر الذمي، وليس المورد من قانون الإلزام[4].
-------------------------
[1]: فيه نظر، والدليل: أنّه إيذاء وإضرار، ولو في الجملة، وأنه كشف ستر (راجع المحرمات)(2).
[2]: إذ له عقدان: إيجابي وسلبي، (هو مسلط، ولا سلطة للآخر عليه).
[3]: فيه نظر؛ إذ هو خلاف الظاهر، والأولى الاستدلال بإعراض المشهور عن ذلك (راجع مباحث التخلي)(3) فتأمل.
[4]: لأنه علم بالدليل - كارتكاز المتشرعة - حرمته (راجع القواعد الفقهية)(4).
ص: 56
المسألة 36: إذا قلنا[1] بجواز التحضير والتنويم يجوز الاستعلام عن الأرواح عن الأمور العلمية وشبهها، كما لو سئل عن علماء الفيزياء عن الأشعة التي تصل إلى المجرات الأخر في ثوان - مثلاً - وكذلك استعلام أسئلة الامتحانات.
* الظاهر جواز التحضير والتنويم والاستعلام - إلاّ إذا كان ضرراً - وذلك لإطلاق أدلة حلية كل شيء(1)، كما يجوز للإنسان السؤال عنهم في مثل السرقات وما أشبه، ولكن لا يجوز ترتيب الأثر إلا بالطرق الشرعية[2].
المسألة 37: الظاهر جواز أخذ أصوات الأموات بواسطة التنويم والتحضير - إن قلنا بجوازهما[1] - كما يجوز أخذ خطوطهم كما تعارف في بعض البلاد، حيث ينصب القلم على السلة المتعلقة بالروح، فيكتب
-------------------------
المسألة 36:
[1]: مضى أو سيأتي الحديث عن ذلك.
[2]: فيما لو كان هنالك طريق خاص، وأمّا لو كان القطع طريقياً وحصل القطع جاز ترتيب الأثر، كما في (التقاص) في السرقة مثلاً، فتأمل.
المسألة 37:
[1]: وقد سبق الجواز في مسألة 19(2).
ص: 58
كما لو كان الإنسان حياً وهكذا..
* وذلك لإطلاق كل شيء لك حلال(1).
لا يقال: إنه تصرف[2] في الغير وهو خلاف (الناس مسلطون) (2).
لأنه يقال: هو منصرف[3]، [4] عن الأرواح. نعم، إذا علم بأذية الأموات[5] بذلك لم يجز؛ لأنّه داخل في إطلاق (حرمته ميتاً كحرمته وهو حي)(3) إلى غير ذلك.
المسألة 38: الموازين العلمية[1] الموصلة إلى اكتشاف الجرائم، إذا
-------------------------
[2]: فيه أنه لم يعلم كونه تصرفاً، (راجع مسألة 19 فقد ذكرنا هنالك تفاصيل)(4).
[3]: هذا جواب آخر، (راجع تفصيله في مسألة 19). وإن كان فيه تأمل للإطلاق!
[4]: فيه أنّ دليل «حرمته ميتاً ...»(5) يدل على أنه لا فرق، فتأمل.
[5]: أو غير ذلك من العناوين المحرمة، ككشف أسرار المؤمنين.
المسألة 38:
[1]: فهنا ثلاث صور، (وقد سبق الكلام حول مثل ذلك في مسألة 27 و 28)(6).
ص: 59
أورثت القطع[2] ولم يكن للشارع وجهة خاصة في كشف الجريمة، جاز العمل بتلك الموازين.
* قد ذكرنا وجه المستثنى منه والمستثنى في مسألة سابقة، ويمكن أن يقال بالتفكيك بين مثل استرداد السرقة[3]، فيجوز بسبب العلم، وبين مثل قطع اليد[4] فلا يجوز من باب أنّ الحدود تُدرأ بالشبهات.
المسألة 39: المصارعة الحرة والملاكمة جائزتان، إذا لم تسببا أضراراً زائدة يحرمها الإسلام.
* أصل الجواز للإطلاقات[1]، والحرمة في الضرر الكثير؛ لأنّ (لا ضرر[2])(1) يشمل مثل ذلك، أمّا الأضرار الخفيفة فقد ذكرنا في
-------------------------
[2]: أو الاطمئنان.
[3]: أو التقاص.
[4]: لابد من ملاحظة دليله، وأنّ القطع هنالك موضوعي أو طريقي.
المسألة 39:
[1]: مثل كل شيء لك حلال(2)، والناس مسلطون(3).
[2]: راجع مسألة97 و 89(4).
ص: 60
(الفقه)(1) و(الأصول)(2): أنه غير مشمول له، وذلك للفهم العرفي والأدلة الخاصة[3]، سواء بالنسبة إلى ضرر الإنسان نفسه أم إضرار غيره برضاه.
المسألة 40: الاسبرتو والكولونيا، وكل ما لم يثبت نجاسته محكوم بالطهارة[1].
* لقاعدة (كل شيء لك طاهر)(3)، وما قيل: من نجاسته - مطلقاً أو بتفصيل - لم يثبت لنا بعد السؤال عن أهل الخبرة.
-------------------------
[3]: كإضرار أهل البيت (عليهم السلام) بأنفسهم (راجع الشعائر الحسينية)(4).
المسألة 40:
[1]: ولا يحتاج لفحص، أما على مبنى المشهور من عدم وجوب الفحص في الشبهات الموضوعية فواضح، وأما على مبنى المصنف(5) فلكونه يرتبط بباب
ص: 61
المسألة 41: إذا جعل للإنسان معدة من المطاط، وكان بعضه خارج البطن وحدثت فيها القرقرة، لم يكن ذلك مبطلاً لوضوئه وغسله.
* لانصراف[1] أدلة خروج الريح المبطل عن مثل ذلك، كانصراف أدلة خروج البول أو الغائط المبطل عنه، وكذلك إذا فرض مثل ذلك في المني، إلا إذا صار الموضع معتاداً فالأحوط أن يكون مبطلاً.
-------------------------
الطهارة والنجاسة، (راجع التفصيل بين النجاسة والمتنجس في: الفقه، النجاسات)(1).
المسألة 41:
[1]: فيه تأمل؛ وذلك لخروج الريح ونحوه من البدن، ولو قيل بالانصراف فلا فرق بين المعتاد وغيره.
والخلاصة: أنّ الأدلة مثل «خروج الريح والبول ...»(2) هل تشمل الخروج خارج البدن في نحو ما ذكر أو لا؟ فإمّا أن يقال بالشمول أو لا، أمّا التفصيل فلا يخلو من تأمل، فتأمل.
وراجع (نواقض الوضوء من العروة)(3). وراجع مسألة (138 و 139)(4) من الكتاب هذا.
ص: 62
المسألة 42: القحف المطاطي الذي يوضع[1] للرأس، يمسح عليه مثل الجبيرة، ويغسل في حالة الغسل جبيرةً.
* لشمول أدلة الجبيرة له، نعم إذا وضع في بعض الرأس بما يمكن مسح البعض السالم لم تصل[2] النوبة إلى الجبيرة، وهكذا حال القدم لوحدة الدليل فيهما، ولا يخفى أن الجبيرة عرفية[3]، ولا يلزم الدقة الكثيرة، فلا إشكال فيما لو كان الجبيرة أكبر من الجرح قليلاً، بحيث يتسامح عرفاً.
-------------------------
المسألة 42:
[1]: هنا بحوث: 1- إنّ الرفع لو كان ممكناً يجب؛ لإمكان الوضوء الاختياري، فلا تصل النوبة للاضطراري.
2- إنّ الوضع - إذا لم تكن ضرورة- محل إشكال؛ لتفويت الأمر لو كان بعد دخول الوقت، وكذا لو قيل بالواجب المعلق، ومثله: لو قيل: إنه تفويت لغرض المولى.
3- إنّه لو فعل ذلك عصياناً وتوضأ جبيرة صح، (ذكرنا المسألة في موقع آخر)(1)، وراجع بحث (التيمم للمجنب قبل الفجر لو أخَّر الغسل عمداً)(2).
[2]: إذ الوضوء الاختياري ممكن.
[3]: أمّا على مبنى قبول التسامحات العرفية فواضح - راجع مسألة 1(3) - وأمّا على العدم فلظاهر أدلة الجبيرة. (فراجع)(4).
ص: 64
المسألة 43: يجوز وصل الشعر، سواء كان شعراً اصطناعياً أو واقعياً، وسواء كان للرجل أو للمرأة.
* لإطلاق أدلة (كل شيء لك حلال[1])(1)، وأما ما ورد من (لعن الواصلة والمستوصلة)(2) فمحمول على معنى آخر أو الكراهة[2](3)، وإذا كان الشعر المقطوع للمرأة الأجنبية، لم يكن به بأس[3] بعد أن كان خرج
-------------------------
المسألة 43:
[1]: ولقاعدة (السلطنة).
[2]: خاصة لو قيل: إنّ اللعن لا يدل على الحرمة، وإن كان فيه نظر، (راجع بحث حرمة حلق اللحية من مصباح الفقاهة)(4).
[3]: راجع العروة، النكاح، أحكام النظر(5)، وراجع هنا بحث (لو وضع في مقلته
ص: 65
عن صدق شعرها بالجزّ[4]، فلا يقال: إنه من النظر إلى شعر الأجنبية؛ ولذا ذكرنا في بعض المسائل أنه لا يجوز النظر إلى باروكة المرأة الأجنبية لأنها من زينتها[5] فيصدق عليه {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}(1) بخلاف النظر إلى شعرها بعد القطع والوصل بشعر رجل أو ما أشبه؛ لأنّ دليل حرمة النظر إلى شعرها منصرف[6]، [7]،
-------------------------
عين كافر)(2).
[4]: فلا يحتاج للوصل حتى يجوز النظر، بل بمجرد الجز يخرج عن الصدق.
[5]: فيكون كثوبها الملوّن الذي يعتبر زينة.
[6]: ما الفرق بين شعرها ويدها؟ راجع للفرق العروة(3).
[7]: ولو شك استصحبت الحرمة، إلا أن يقال: بتبدل الموضوع أو احتمال تبدله (راجع في احتمال التبدل بحث: إحراز وحدة القضيتين في الاستصحاب)(4).
ص: 66
[8] عن مثل ذلك.
المسألة 44: لو ولد الرجل فرضاً - كما أعلنت ذلك بعض الصحف والإذاعات، وكما يشبهه ما ورد في قضاء علي (عليه السلام) (1) - فالظاهر أنّ التوارث[1] يكون بينهما، إن لم يكن عن سفاح، وهل إنّ الرجل الوالد، أب وأم؟ احتمالان، ولا إشكال في كون البنت المولودة محرمة[2] على الأب الوالد.
-------------------------
وبحث: (الاستحالة ولو شك فيها، في العروة)(2).
[8]: هنا دعويان:
الأولى: فتارة تقول: ليس شعرها - كما هو ظاهر السطر الأخير في صفحة 59 - فلا حرمة لعدم الموضوع.
الثانية: وتارة تقول: إنه شعرها، لكن الدليل منصرف، والمصنف (رحمه اللّه) ذكر الاثنين.
المسألة 44:
[1]: لأنه لا يخلو من كونه أباً أو أماً أو كليهما، والكل وارث.
[2]: بل إنّ ولد الزنا محرم أيضاً فكيف بهذه؟
ص: 68
* والأقرب من الاحتمالين: أنه أم[3]؛ لأنّ رحم الرجل حينئذٍ كرحم المرأة، وبقية المسألة واضحة، وذلك للصدق العرفي، ومنه يعرف العكس[4] بأن حصل للمرأة ماء الرجل فرضاً.
المسألة 45(1): إذا نقل رحم المرأة إلى امرأة أخرى، لا إشكال في أن الولد يكون للزوج والمرأة المنقول إليها، ولا يحرم وطي الزوجة على زوجها إذا بدلت رحمها، وأما المرأة التي نقل منها رحمها فلا ترتبط بالأحكام الشرعية المربوطة بالمرأة المنقول إليها الرحم.
* لأنّ الرحم صار عضواً للمرأة المنتقل إليها، وكذا في كل الأعضاء حتى العضو التناسلي، كما لو فرض زرع ذكر الغير لرجل، فإنّه لا يحرم على زوجته، وحتى لو فرض أنّه كان ممسوحاً قبل ذلك؛ وذلك لكون العضو الجديد يعدّ عرفاً من نفس الإنسان، كما يحرم على زوجة الأول النظر إليه بعدما صار من أجزاء الثاني.
ولو أُلحق عضو من حيوان نجس العين، أو الكافر بالإنسان المسلم فمحكوم بالطهارة لما تقدّم. نعم، إذا فرض تبديل رأس الإنسان ففي كونه للمنتقل إليه أو عنه إشكال، كما ذكرناه في بابه.
-------------------------
[3]: لعل الظاهر عرفاً أنّه أب، والرحم غير مؤثر، فهو كأنابيب الاختبار، وكنقل الطفل من رحم امرأة إلى امرأة أخرى، (مما يعبر عنه باستئجار الرحم).
[4]: الكلام فيه كالكلام في سابقه.
ص: 69
المسألة 46: إذا اضطرت إلى إجراء عملية قلع الرحم جاز، أما في غير هذه الصورة فالظاهر عدم الجواز.
* الجواز مع الاضطرار مقتضى القاعدة: «وليس شيء مما حرم اللّه إلا وقد أحله لمن اضطر إليه»(1)، أما بدون الاضطرار فداخل في إطلاق عدم جواز قطع عضو، أو إزالة عضو أو قوة، حيث (لا ضرر) وغيره، كما سبق الإلماع إليه، وكذا الحكم في قطع العضو للرجل، أو إسقاط قوة من قواه.
المسألة 47: لو ولد للإنسان شيء بين البشر وغيره، كما لو كان جسمه جسم البشر، ورأسه رأس البقر، أو بالعكس - كما أذاعت الإذاعات في ولادة كان نصفها سمكاً ونصفها في طرف الرجلين بشراً - فالظاهر أن أحكامه في نفسه ولغيره تابع للصدق، فإن صدق أنه إنسان جاز زواجه، وكان مكلفاً بالتكاليف وغيرها، وإن لم يصدق أنه إنسان لم يحكم بأحكام الإنسان.
* لأن الحكم تابع لموضوعه، فكلما تحقق الموضوع تحقق الحكم، وإن اختلف العرف فرضاً، أو شك في الصدق، فالأصل عدم الحرمة بالنسبة إلى ما يحرم على الإنسان وللإنسان، أما المحرم مطلقاً - مثل اللواط؛ إذ يحرم حتى بالحيوان - فإنه محرم مطلقاً إنساناً وحيواناً.
ص: 70
المسألة 48: لو كان الولد المذكور مولوداً لغير الإنسان، كان الحكم كالمسألة السابقة أيضاً.
* لأن الدليل فيهما واحد، فلا فرق في الولادة للإنسان أو للحيوان، أو بواسطة الأنبوب، كما إذا مزج مني حيوان وإنسان في أنبوب فخرج شيء بين الإنسان والحيوان جسماً أو عقلاً، كما إذا ولد حيوان يعقل عقل الإنسان ويتكلم بكلامه. نعم، الأقوى عدم جواز هذا المزج؛ لأنه من تغيير خلق اللّه.
المسألة 49: لو فرض تركيب نصف الإنسان بنصف الحيوان في عملية جراحية، كما لو خيط رأس البقر بجسم الإنسان كان الحكم تابعاً للصدق العرفي، وإن شك في الصدق فالمتبع الأصول العملية.
* وهل يجوز هذا التركيب اختياراً؟ الأقوى عدم الجواز، والحكم تابع لموضوعه، وفي صورة الشك حيث لا دليل اجتهادي في المقام فالمرجع الأصول العملية، كما هو مقتضى القاعدة.
وكذلك لو حدث ذلك بلا عملية جراحية، كالمعجزة وغضب اللّه تعالى مثلاً، كما حدث في إحدى البلاد بالنسبة إلى مَنْ استهزأ بعزاء الحسين (عليه السلام) .
المسألة 50: يجوز للإنسان أن يكبر جسمه أو يصغره بمقدار خارج عن المتعارف، سواء في الطول والقصر، أم السمنة والهزال. نعم، فيما لو صدق (تغيير خلق اللّه) لم يجز.
ص: 71
* أما المستثنى منه فلإطلاق (الناس مسلطون)(1)، وأما المستثنى فلقوله تعالى حكاية عن إبليس: {وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ}(2)، ولعله لذلك لا يجوز أن يجعل الرجل نفسه مرأة وبالعكس، أمّا فعل الإمام الحسن (عليه السلام) إعجازاً(3) فهو لا يقاس عليه، لأن الإعجاز أمر اللّه، واللّه {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ}(4) كما أنه تعالى يميت بالغرق والحرق وما أشبه، ولا يجوز للإنسان ذلك بالنسبة إلى المجرم.
المسألة 51: إذا اضطرت الحامل لتوليد الرجل لها جاز، لكن الرجل إنما يجوز له إذا لم تكن هناك طبيبة مستعدة للمباشرة.
* المستثنى منه للاضطرار المبيح لما حرمه اللّه سبحانه نصاً(5)
ص: 72
وفتوى(1)، والمستثنى لأنّه حينئذٍ لا اضطرار حسب الفرض، ومنه يعلم أنه لو اضطر الرجل إلى فحص الطبيب فما دام أمكن الرجل لا يجوز الطبيبة، وهكذا في اللمس والنظر.
المسألة 52: الظاهر جواز إجراء العملية الجراحية لقطع اليد الزائدة وما أشبه، وإن كان لا يجوز ذلك بالنسبة إلى اليد الأصلية.
* لا يجوز بالنسبة إلى الأصلية لأنه من الضرر، الذي لا يجوز للإنسان ارتكابه، سواء كان إسقاط قوّة، أم إسقاط عضو، أما في اليد الزائدة فليس ذلك من إسقاط العضو، فيشمله دليل الحلية، وكذلك بالنسبة إلى بقية الأعضاء كالرجل والأصابع، أما الرأس - بحيث كان له رأسان - فإن كان عرفاً إنسانين فلا يجوز قطعاً، ولو كان إنساناً واحداً فاحتمالان.
المسألة 53: يجوز قراءة المجلات والجرائد المتعارفة في هذا الزمان، بشرط أن يكون القارئ واثقاً بعدم تأثير باطلها في ذهنه، فيما إذا كان الباطل مما نهى الإسلام عن الاعتقاد به أو عن قراءته.
* وذلك للإطلاقات في المستثنى والمستثنى منه، ومثل المجلات والجرائد: الكتب والنشرات وما تبثه الإذاعات والتلفزيونات، والأشرطة والفيديوات وما أشبه؛ لوحدة الملاك والدليل، هذا في غير المحرم منها كصور النساء والغناء وما أشبه.
ص: 73
المسألة 54: تصح الصلاة في الطائرة في الهواء، والغواصة تحت الماء، والقطار في الصحراء وما أشبه، إذا تمكن من الإتيان بجميع الشرائط والآداب، وإلا فالصحة خاصة بصورة الاضطرار.
* الحكم في المستثنى والمستثنى منه حسب القواعد. نعم، يجوز للإنسان ركوب الوسائل المذكورة وإن علم ابتلائه حال الصلاة بذلك، كما ذكروه في كتاب الحج.
المسألة 55: لا يشترط في حلية السمك موته خارج البحر، بل يحل إذا مات خارج الماء ولو في الغواصة السابحة في أعماق البحار.
* وذلك لأن دليل الحل يشمله؛ إذ المراد نصاً(1) وفتوى عدم الموت داخل الماء(2) .
لكن هل يحل إذا مات في مائع آخر كاللبن والاسبرتو وما أشبه؟ الأحوط الترك، وإن كان يحتمل الحل، لأنه (ليس فيه حياته)(3) المعلل
ص: 74
في الأخبار، ولو مات ونصفه فقط خارج الماء الاحتياط حرمة الجميع؛ إذ المنصرف من الأدلة كونه بجميعه خارج الماء، من غير فرق بين أن يكون الرأس في الماء أو العقب فيه، اللّهم إلا أن يقال: لو أخرج رأس السمك من الماء فقط يصدق عرفاً أنه مات خارج الماء.
المسألة 56: استعمال المكياج الذي يوجب التجميل أو التقبيح أو تغيير الإنسان حتى لا يعرف - في نفسه - جائز، إلا إذا كان هناك وجه للحرمة، كما لو كان داخلاً في مصداق {فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ}(1).
* وذلك لإطلاق الأدلة في غير المستثنى. نعم، إلحاق شيء عرضي بالوجه أو اليد مثلاً بحيث يتصور أنه منه لا يضر؛ لأنه ليس من تغيير الخلق المحرم. نعم، لو كان تدليساً لا يجوز.
المسألة 57: يجوز استعمال الدواء الموجب لتطويل الحيض أو تقصيره، أو إيجاده أو قطعه.
* لإطلاق الدليل، ولا يكون من تغيير خلق اللّه المحرّم، فكلما تحقق الموضوع تحقق الحكم. نعم، التطويل الأكثر من عشرة أو أقل من ثلاثة ليس منه، ويؤيده في قطع الحيض ما ورد عنه (عليه السلام) في أخت ابن يقطين
ص: 75
في باب الحج(1)، ومثل الحيض الكلام في الاستحاضة أو في المني بالنسبة إلى تقليله أو تكثيره - مثلاً - .
المسألة 58: يجوز النظر بواسطة الأشعة في القبور لمشاهدة الأموات، أو لمشاهدة أرواح الأموات، كما ذكروا في مادة (اسبرتزم) إلا إذا كان هناك وجه تحريم خارجي، كالنظر إلى المرأة الأجنبية، أو ما أوجب هتك الميت المسلم أو نحو ذلك.
* المستثنى منه لإطلاق الدليل الدال على الحلية، والمستثنى لحصول العناوين الخاصة المحرّمة، ومنه النظر إلى الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) ومن إليهم في قبورهم لعدم استبعاد أن يكون ذلك هتكاً عرفياً.
المسألة 59: الظاهر أن النظر إلى روح الميت المتجسد كالنظر إلى جسمه في حرمة نظر الشخص إلى رجل أو امرأة يحرم عليه.
* لإطلاق الدليل، فإن قالب المثال هو نفس ذلك الإنسان، فتأمل،
ص: 76
وكذلك الكلام في العورة.
المسألة 60: لا يجوز إيجاد السكر في النفس ولو بواسطة التزريق أو الأشعة.
* وذلك لعموم «كل مسكر حرام»(1) ، وكذلك المستفاد من مثل {لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى}(2)، و«ما أسكر كثيره»(3)، والإطلاقات، والمناط، والعلة في حرمة السكر يشمل ذلك.
المسألة 61: لا يجوز تسليط الأشعة المؤذية إلى إنسان محترم، فإنه عدوان يحرمه الإسلام، وكذا إذا كان التسليط تصرفاً فيه وإن لم يكن مؤذياً.
* لإطلاق دليل حرمة الأذى، ولأنّ (الناس مسلطون على أنفسهم)(4) وإذا كان ضاراً يشمله دليل (لا ضرر)(5) أيضاً.
والمراد بالإنسان المحترم أعم من المسلم، فلا يجوز إيذاء الذمي لقوله (صلی اللّه عليه وآله وسلم) : «من آذى ذمياً فقد آذاني»(6) ولا الكافر المحايد، بل مطلق الكفار - إلا ما خرج - لأصالة الحرمة، ولقوله (عليه السلام) : «إما أخ لك في الدين
ص: 77
أو نظير لك في الخلق»(1) .
ولا يجوز إيذاء الحيوان أيضاً، إلا لأمر أهم كالاختبارات الطبية - مثلاً - .
المسألة 62: لو تحول الرجل إلى امرأة أو تحولت المرأة رجلاً، فقد يكون ذلك تحولاً حقيقة، كما اتفق في قصة إعجاز الإمام الحسن (عليه السلام) (2) ولا إشكال في آن أحكام المحول إليه يترتب عليه، وقد يكون التحويل صورة، كما إذا أجرى من هو في صورة امرأة عملية فظهر ذكره - كما اتفق في زماننا - فالحكم يبقى على حاله السابق، وإذا كان أجرى أحكاماً مخالفة على نفسه - سابقاً - لزم عليه أن يرتب من الآن أحكام واقعه على نفسه، مثلاً إذا كان قد أخذ نصيب المرأة في الإرث، ثم ظهر أنه ذكر كان له الحق في أن يأخذ نصيب الذكر، وهكذا العكس، ولو كان زوجة ظهر بطلان نكاحه.
* أما الأول: فلأنه تحوّل حقيقي، وظاهر رواية الإمام الحسن (عليه السلام) حيث لم ينهه عن مباشرة زوجته إنهما يبقيان زوجين، وإن كان في الظهور خفاء.
ص: 78
وأما الثاني - وهو التحول صورة - فلأنه كشف عن الجهل، والأحكام تابعة للواقع لا للخيال. نعم، يشمله: «لا تعاد الصلاة إلا من خمس»(1)، ولو لم يصل بزعم الحيض أعادها، ولو ليط به بزعم الرجولة فظهرت الأنوثة ترتب حد الزنا لا حد اللواط، وحل أخذ بنتها وأمها وأختها إلى غير ذلك من الأحكام.
المسألة 63: تجب السجدة باستماع آية السجدة من الهاتف والمذياع والمسجلة وغيرها.
* للصدق العرفي، والانصراف بدوي، فإنه يصدق: {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ}(2)، كما يصدق: {وَأَنصِتُواْ}(3) وما أشبه ذلك، مثل ما أنه لو فتحت المسجلة كان للقارئ ثواب التلاوة، ولو من باب ملاك «من سنّ سنّة حسنة»(4)، كما أن عكسه كذلك في الكفر والسب ونحوهما، ولا تخفى أن مراتب الثواب والعقاب تختلف كما أشرنا إليه سابقاً. نعم، لو استأجره لقراءة القرآن، فيجب عليه أن يقرأ بنفسه، ولا تكفي المسجّلة للانصراف؛ ولكونه خلاف مرتكز المستأجر.
المسألة 64: يجوز للرجال لبس الحرير الاصطناعي؛ لأنه ليس بحرير، كما يجوز لهم لبس الذهب الاصطناعي، أما (البلاتين) فإنه يجوز لبسه
ص: 80
للرجال؛ لأنه ليس بذهب أصلاً، والذهب الطبيعي الذي يبيّض بالوسائل والذي يسمى بالذهب الأبيض محكوم بأحكام بالذهب.
* فإنّ الذهب الأصفر لا ينسلخ عن الذهبية بتحوير لونه، كما أن الفضة كذلك؛ وذلك لأن الحكم تابع لموضوعه لا لصفات الموضوع، ومثله في الحكم الجلد الاصطناعي المستورد من بلاد الكفار.
المسألة 65: لو استعملت المرأة دواءً عادت بكارتها كاملة كالأول، جاز أن تظهر نفسها في مظهر البكر عند العقد، ولا حق للزوج، اللّهم إلا إذا كان شرط الزوج البكر الأصلي بحيث لم تفتض أصلاً، فإن الإظهار المذكور حينئذٍ يكون غشاً.
* كلا الحكمين في المستثنى والمستثنى منه واضح، ولا فرق في الشرط بين الارتكازي واللفظي، والظاهر أن دليل اشتراط إجازة الأب في البكر منصرف إلى البكارة الأصلية، فلا حاجة إلى إجازته في البكارة الثانية، أما البكارة الاصطناعية دون نموّ الغشاء فلا يخرج الأمر عن كون المرأة ثيباً.
المسألة 66: الظاهر أنه يجوز أن تقلل المرأة مدة الحمل، كأن تجعلها أربعة أشهر باستعمال دواء يوجب اكتمال الجنين قبل الموعد الطبيعي، كما أنه يجوز أن تزيد مدة الحمل، كأن تجعلها سنتين مثلاً، وقاعدة بين (ستة أشهر وسنة) إنما هي بالنسبة إلى الأمر الطبيعي كما لا يخفى.
* والدليل على الجواز أصالة الحل والعمومات والإطلاقات، إلا ما كان ضرراً على الطفل أو عليها، ويجوز ذلك بالنسبة للحيوانات أيضاً،
ص: 81
وكذلك النباتات، والحكم في وجوب الزكاة والخمس تابع للموضوع، مثلاً: لو علمنا شيئاً يعطي السنبل الحب في ظرف شهر، أو في ظرف سنة كان حكم الزكاة في الشهر وفي السنة للصدق، وكذلك بالنسبة إلى التمر والزبيب وغيرها.
المسألة 67: لا إشكال في أنه يجوز تطويل العمر، كأن يجعل الإنسان عمره مائتي سنة مثلاً، أما تقصير العمر بدون أن يقتل الإنسان نفسه، بواسطة دواء، أو لسبب عدم التغذّي الكامل مثلاً، أو لسبب السكن في بلاد يقصر عمر الإنسان فيها، فهل يجوز أم لا، أم يفصّل في المسألة ؟ احتمالات، وإن كان الظاهر عدم جواز الأولين، وجواز الثالث.
* أما جواز التطويل فلأصالة الحل، و (الناس مسلطون)(1)، ولكونه محبوباً شرعاً، وفي الأدعية: «أسألك يا رب.. وتمدّ في عمري»(2)، وأما التقصير، فإن كان عرفاً من مصاديق {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ}(3) فلا يجوز، كما في الأولين، وإن لم يصدق عليه عرفاً فجائز كالثالث، ومنه يعلم جواز التدخين والابتداء به، وإن سبب أمراضاً أو كان يقصر العمر؛ لأن العرف لا يعتني بمثل هذا الضرر. نعم، لا إشكال في الكراهة.
أما تطويل العمر وتقصيره في الحيوانات والنباتات فجائز، إلا لو كان ضرراً أو إيذاءً محرمين.
ص: 82
المسألة 68: الظاهر أن المعيار في وزن ما يعتبر فيه الوزن، كالكر وكمقدار النصاب وما أشبه ذلك، هو وزن الأرض، فلو كان ألف ومائتا رطل في الحساب على الأرض يساوي مائتي رطل في القمر، أو ألفي رطل في المريخ، كان اللازم اعتبار وزن الأرض.
* لأنه المنصرف من الأدلة، فإن الخطاب موجه إلى أهل الأرض، والملاك فهمهم، كما سبق شبهه في أوقات الصلاة والصوم وغير ذلك، فلو ذهبنا بكر ماء من هنا إلى القمر لم يسقط عن الكرية.
وإن كان يحتمل كون المعيار في كل مكان بحسبه، فإذا صار ألف ومائتا رطل الأرض ألف رطل الفضاء لم يكن هناك كراً، ولو انعكس بأن صار ألف رطل الأرض ومائتي رطل في الفضاء صار كراً، وطريق الاحتياط واضح.
المسألة 69: لا إشكال في أنه لا يجوز وضع الزجاج الموجب لرؤية جثة الميت في القبر، إذا كان موجباً لهتكه، وكان الميت محترماً، أما إذا لم يكن موجباً للهتك ففي الجواز احتمالان، ولا يبعد الجواز.
* أما في صورة الهتك فلما ورد: من أن «حرمته ميتاً كحرمته حياً»(1)، وأما لو لم يكن هتكاً فلا يبعد الجواز؛ لإطلاق دليل الحل، وتعارف كون القبر مستوراً لا يوجب حرمة غير ذلك، كما لا يمنع عن القبر ذي الطوابق وإن لم يكن متعارفاً.
ص: 83
وهذا في الميت المحرم، أما غير المحرم كالحربي مثلاً، أو من يشمله قانون الإلزام فلا إشكال فيه.
المسألة 70: الظاهر أن تحنيط الإنسان والحيوان ليبقى سليماً من الآفات جائز. نعم، يتوقف جواز تحنيط الإنسان على أن لا يكون موجباً لشق بطنه وإخراج أمعائه وما أشبه، أما إذا أجاز الحي ذلك بأن يفعل به بعد موته فلا يبعد جوازه، كما أن التحنيط تصرّف لا يجوز إلا بإجازة نفس الميت حال حياته، أو إجازة الولي.
* أصل الجواز للإطلاقات، وإنما لا يبعد جوازه عند إجازته قبل موته، لأن مثله جائز حال الحياة بإجازته، وإنما لا يبعد جوازه عند إجازته قبل موته لأن مثله جائز حال الحياة بإجازته، و «حرمته ميتاً كحرمته حياً»(1) لا أكثر، وإنما جاز حال الحياة لأنه ليس من نقص عضو أو ذهاب قوّة مما يشمله دليل الضرر.
لا يقال: إخراج الأمعاء منه.
لأنه يقال: الكلام فيما فرض أنه إذا لم يكن منه، ثم يضاف أنه بعد الموت لا يشمله «لا ضرر».
أما احتياج التحنيط إلى الإجازة فلأنه تصرف في الغير، ولا يصح إلا بإجازته، أما إجازة الوارث فلولايته على الميت، وإن كانت المسألة بحاجة إلى دقّة أكثر، فتأمل.
ص: 84
المسألة 71: يشكل إلقاء دواء على الميت يوجب سرعة اضمحلاله فيما إذا لم يكن ذلك هتكاً له، وإن كان هتكاً لم يجز، أما دفنه في مكان يوجب سرعة الاضمحلال، كالمكان المرطوب أو ما أشبه إذا لم يكن هتكاً له، فلا إشكال فيه.
* وإنما يشكل لمنافاته مع: «حرمته ميتاً كحرمته حياً »(1). نعم، إذا قيل لا منافاة وقد فرض أنه ليس بهتك فالجواز هو مقتضى القاعدة.
ويجوز ذلك بالنسبة إلى مَنْ لا حرمة له، أو مَنْ تشمله قاعدة الإلزام، أما جواز الدفن في مثل المكان الرطب فلعدم الدليل على الحرمة، ولإطلاق أدلة الدفن.
المسألة 72: إذا كان بقاء الميت موجباً لانتشار المرض، ولم يكن علاج الأمر إلا بإحراقه، كما قد يتفق نادراً بالنسبة إلى الكوارث، مثلاً يموت في كارثة مائة ألف إنسان، بحيث لا يمكن دفنهم، ويكون بقاؤهم موجباً للوباء، فالظاهر أنه يجوز الإحراق إذا لم يمكن علاج آخر.
* لأنّ الأمر حينئذٍ دائر بين الأهم والمهمل[1]، أما العلاج الآخر - إن
-------------------------
المسألة 72:
[1]: ولدليل (لا ضرر) كما سيأتي في المسألة القادمة(2). ولدليل (وجوب
ص: 85
أمكن[2] - فإن كان يساوي الإحراق تخيّر، وإلا قدم أكثرهما إرفاقاً وجوباً، إذا كان طرفه ممنوعاً شرعاً لدى المقايسة[3].
المسألة 73: لا بأس[1] بإتلاف الجنس المشتبه به الذي له مالية، فيما إذا كان بعض تلك الأموال خطراً على المجتمع، كما إذا كان في أيام الوباء بعض الألبان موجباً للوباء، فإنه يجوز للحاكم الشرعي[2] إتلاف جميع الألبان المشتبه بها، نعم الظاهر وجوب تعويض ما كان صالحاً
-------------------------
الإنقاذ) كما سيأتي في مسألة (73)(1).
[2]: كأحواض التيزاب مثلاً، أو دواء يوجب الاضمحلال، كما سبق في المسألة السابقة(2).
[3]: بأن كان بمقدار يحرم عند المقايسة، مثلاً، ومفسدة أحدهما 50 والآخر 80، فالتفاوت بينهما ب- (30)، فلو فرضنا أنّ هذا المقدار من المفسدة يوجب الحرمة كان محرماً.
ونظير ذلك بحث في مسألة الإجزاء(3) ظاهراً. وأيضاً في مسألة الترتب(4).
المسألة 73:
[1]: هذا جواز بالمعنى الأعم، فيجتمع مع الوجوب.
[2]: ومع عدمه لعدول المؤمنين، ومع العدم لفساقهم، على التفصيل المذكور
ص: 86
منه[3]، مثلاً: لو كان في المكان لبنان أحدهما المشتبه به يوجب الوباء، فإنه يجب تعويض لبن واحد كان صحيحاً في الواقع، فإن كانا لمالك واحد أعطي العوض له، وإن كانا لمالكين قسم عوض واحد بينهما، كما قالوا في مسألة درهمي الودعي ونحوه.
* جواز الإتلاف لقاعدة (الأهم والمهم) و (لا ضرر)[4] حيث ذكرنا في (الأصول) أنه يشمل الإيجابي أيضاً[5].
-------------------------
في أبواب المكاسب(1).
[3]: ولو شك في مقدار الصالح فهل تجري البراءة عن الأكثر؛ لأنّه شك في الضمان، أو تحكم قاعدة الاحترام في الأموال؟ وحيث لا حرمة، للأهم أو للضرر، يظل الضمان.
راجع بحث (أصالة الاحترام) في كتاب الخمس، في بحث الكنوز التي لا يعلم أن لها مالكاً أو لا(2).
[4]: بل يشمله دليل (وجوب الإنقاذ) حيث إنه مقدمة للإنقاذ الواجب.
[5]: بل قد يقال: إنّه يشمله حتى على المبنى الآخر، حيث إنّ حرمة الإتلاف
ص: 87
أما إعطاء البدل فلاحترام[6] مال الناس، والمفروض: إنّ البعض لم يكن ضاراً، وبيت المال وضع لمثل هذه الأِشياء، ولا منافاة[7] بين الحكم الوضعي بالضمان[8] والحكم التكليفي بوجوب الإتلاف، وكذلك في سائر
-------------------------
ترتفع بالضرر.
ثم إنّ الإيجاب قد يراد به الجواز، وقد يراد به إثبات الوجوب، والمقام من قبيل الثاني، فلابد من القول بشمول الوجوب.
[6]: فيشمله قانون (مَنْ أتلف)(1) وأما اللبن الموبوء واقعاً فلا مالية له عرفاً.
[7]: لكن الماتن على أنّ الإذن تكليفاً ظاهر في رفع الضمان وضعاً - إلاّ ما خرج - كما لو استلزم الأمر بالمعروف الإتلاف. (راجع كتاب الأمر بالمعروف من الفقه)(2).
[8]: ولو كان المتلف فرداً ولم يكن هنالك بيت المال فهل يضمن؟ الأمر فيه إشكال؛ لأنه {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ}(3) والسبيل نكرة في سياق النفي
ص: 88
الموارد مثل أن يأخذ حبل الناس لإنقاذ الغريق[9].
وأما التقسيم في المشتبه فلقاعدة العدل[10].
المسألة 74: يجب[1] على بيت المال إدارة أمور العمال العاطلين
-------------------------
فيشمل الضمان أيضاً، فتأمل أو راجع ما ذكر في ذيل هذه الآية الكريمة.
[9]: وكأكل المخمصة.
[10]: راجع العروة: كتاب الخمس (بحث المال المشتبه بالحرام)(1) للتعرف على سائر الاحتمالات.
المسألة 74:
[1]: هذا مبني على كون هذه للتقسيم لا أنها مصارف، (راجع كتاب الزكاة(2)
ص: 90
الذين لا يجدون قوتاً[2].
* لأنّ بيت المال وضع للفقراء المساكين ومن أشبه، بل لجميع مصالح المسلمين، ويصح للدولة جعل التأمين لكن برضا المؤمّن، كما يجوز للشركة ونحوها ذلك؛ لأنها معاملة عقلائية، ولم يردع[3] الشارع عنها، ومن أهم ما يؤمّن[4] ذلك النقابات الحرة التابعة للأحزاب الحرة.
المسألة 75: التكتل لأجل خدمة الإسلام، والتنظيم لأجل خدمة الإسلام
-------------------------
والخمس(1)، في أنّه هل يجب البسط على الأصناف أو لا).
نعم، لو كان هنالك عنوان ثانوي - كثورة العاطلين - وجب به.
[2]: وعليه فليس لعنوان: (العاطلين) خصوصية، بل يشمله الحكم عند اندراجه في عنوان (الفقراء والمساكين) ويرتفع عنه عند ارتفاع العنوان.
[3]: بل أقرها بقوله: {أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ}(2)، بناء على كون اللام للجنس أو للاستغراق، (راجع تفصيل البحث في كتاب المكاسب).
[4]: ومنها: إطلاق الحريات، حتى يكون الكل حرّاً في العمل والتجارة، وكذا إلغاء الحدود الجغرافية.
المسألة 75:
ص: 91
جائزان، بل واجبان[1] إذا توقفت الخدمة الواجبة عليهما، ففي الحديث: (يد اللّه مع الجماعة)(1)، وفي حديث آخر: (ونظم أمركم)(2)، أما التكتل بالمفهوم الحزبي الغربي، فالظاهر عدم جوازه.
* الحزب[2] بالمفهوم الغربي عبارة عن الحزب الذي يضع القوانين[3] المخالفة للإسلام، أما الحزب الإسلامي والوطني الذي ليس له مبدأ يخالف الإسلام، وإنما يريد خدمة البلاد والعباد فكلاهما جائزان، وذلك للإطلاقات، والوجوب في صورة توقف الخدمة الواجبة عليها[4]؛ لأنّ ما
-------------------------
[1]: عقلاً؛ لأنّ الوجوب المقدمي عقلي، وسيأتي من الماتن الإشارة لذلك.
[2]: راجع بحث الأحزاب في (السياسة من الفقه)(3)، و(كلمة الإسلام).
[3]: أو تكون قيادته قيادة لا يرتضيها الإسلام. أي: لا يرتضي بكونها قائدة، أو تكون مقدمة للفساد والانحراف. (راجع: كلمة الإسلام).
[4]: بمقدار التوقف.
ص: 93
يتوقف عليه وجود الواجب المطلق واجب عقلاً.
المسألة 76: لا تجوز المهاترات[1] الصحفية والإذاعية، إلا إذا كانت داخلة في الأمر بالمعروف[2] والنهي عن المنكر، أو كانت رداً للاعتداء[3]، أو كانت لحفظ الناس عن الضلالة[4].
* وذلك - في كل من المستثنى منه والمستثنى - لإطلاق الأدلة، لكن
-------------------------
المسألة 76:
[1]: لفظ المهاترة لم يرد ظاهراً في الروايات، فالموضوع للجواز سائر العناوين المحرّمة، كالسبّ والغيبة والنميمة والتهمة وما أشبه.
[2]: مع مراعاة التدرج.
[3]: بناء على قول: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}(1) لمثل ذلك، فمَنْ سبّك تستطيع أن ترد عليه بالمثل، وقد قاله القمي (الحاج آقا حسين) خلافاً للمشهور ظاهراً.
[4]: فيكون مشمولاً للردع عن المنكر، و(باهتوهم)(2) وتعليله ب- (كي لا يطمعوا)(3).
ص: 94
اللازم[5]
أيضاً ملاحظة مثل الإغماض والعفو وما أشبه مما سنّه رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله وسلم) ووصيه أمير المؤمنين (عليه السلام) قولاً وعملاً، قال (عليه السلام) : «وإن عيرك أحد بما ليس فيك فلا تعيره بما فيه»(1)، وقال النبي (صلی اللّه عليه وآله وسلم) : ما نظمه الشاعر بقوله:
مكارم الأخلاق ف***ي ثلاثة منحصرة
لين الكلام والسخا***والعفو عند المقدرة
وقوله تعالى: {وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}(2) إلى غير ذلك.
المسألة 77: وضع شعر الرأس بشكل الخنافس، إذا كان فيه تشبّه[1] بالكفار كان مشكلاً.
* للنهي[2] عن التشبّه بهم، ولو كان تشبهاً بهم ثم صار متعارفاً عند
-------------------------
[5]: هذا يفيد الاستحباب لا الوجوب، كما أنّ من اللازم ملاحظة المفاسد المترتبة على ذلك، ولو مثل: تشويه سمعة الإسلام أو المسلمين، ونحو ذلك.
المسألة 77:
[1]: وكذا إذا صاحبه محرّم أو كان مقدمة لمحرم.
[2]: راجع: (الواجبات والمحرمات) لترى أنّ التشبه بهم حرام أو لا(3). وكذا مسألة (لباس المصلي)(4).
ص: 95
المسلمين بحيث لا يصدق أنه من التشبّه بالكفّار فلا بأس به[3]، نعم إذا صار نوع من وضع الشعر متعارفاً في زمان - بدون تشبّه بالكافر أو المرأة[4]- لم يستبعد أفضليته[5] عن الإشكال الآخر لما ذكرناه في كتاب
-------------------------
وفي مصباح الفقاهة: إن رواية «لا تلبسوا لباس أعدائي» ضعيفة، راجع: (مسألة حلق الحلية)(1).
[3]: لتبعية الأحكام للموضوعات. وذكروا أمثلة في انقلاب المكيل موزوناً وبالعكس في باب (الربا)(2).
[4]: فإنّه إن لم يكن محرماً كان مبغوضاً على الأقل، إما مكروهاً شرعاً، أو مرجوحاً عقلاً.
[5]: راجع اللمعة: في بحث لو تعارض المستحب الشرعي مع الطريقة العرفية، وراجع مسألة حلق الشعر وتوفيره، وأن أيهما أفضل للشاب وللشيخ(3)، وأنه (صلی اللّه عليه وآله وسلم)
ص: 96
(الآداب والسنن)(1)، وينسب إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) : «إذا كنت في بلدة غريباً فعاشر بآدابها»[6](2).
المسألة 78: قص[1] المرأة شعرها إذا لم تصر[2] شبيهة بالكفّار ولا بالرجال لم يكن به بأس، وكذلك في الملابس.
-------------------------
كان يوفّر، وأنّ الإمام الصادق (عليه السلام) كان يحلق - ظاهراً(3) -. ولعله يمكن أنه يقال في كثير من الأشياء: حدد الشارع شكلاً معيناً كالعمامة، فيأتي بحث التعارض.
ثم إنّ عنوان (لباس الشهرة) ونحوها عنوان آخر، وهو مذكور في مبحث (لباس المصلي)(4) فراجع.
[6]: أو بآداب أربابها، وأول الشعر بيّن.
المسألة 78:
[1]: الظاهر أنّ المراد به التقصير، وإلا فالحلق محرّم - ظاهراً - راجع بحث (جز المرأة شعرها في الواجبات والمحرمات)(5).
[2]: بناءً على حرمتهما، وقد سبق بعض الكلام في المسألة السابقة.
ص: 97
* الحكم في المستثنى منه والمستثنى حسب إطلاقات الأدلة، ويأتي هنا ما ذكرناه في المسألة السابقة.
المسألة 79: يشكل[1] تزويج الإنسان من الجن إن أمكن، لاحتمال انصراف الأدلة من مثل ذلك، وكذلك بالنسبة إلى تزويج الروح[2].
* اللّهم إلاّ أن يقال: إنّ الأحكام مطلقاً مشتركة[3] بين الجن والإنسان لإطلاقات القرآن والسنة، لكن الفقهاء لم يبحثوا ذلك في مختلف الأبواب، كأبواب الطهارة والنجاسة والإرث والنكاح والطلاق أو ما أشبه ذلك. نعم، لا إشكال في حرمة التذاد الإنسان رجلاً أو امرأة بالجن -
-------------------------
وراجع البحث في (الواجبات والمحرمات: مادة التشبه)(1) و(لباس المصلي)(2).
المسألة 79:
[1]: الظاهر أنّه لا إشكال فيه، والانصراف بدوي، والإطلاقات شاملة. ونظيره لمس الرجل للجنّية، فهل يجوز له اللمس؟ الظاهر شمول أدلة حرمة لمس الأجنبية له، وكذا حرمة النظر للأجنبيّة. نعم، يشترط أن لا يكون فيه ضرر فاحش، واحتمال الضرر الكبير كافٍ للتحريم العقلي، أو الشرعي بناءً على استفادته من {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}(3).
[2]: لو كان مكلفاً، أما بعد الموت فمشكل، فتأمل.
[3]: الأولى التعبير ب- (لإطلاقات أدلة النكاح).
ص: 98
بدون نكاح - لإطلاق الأدلة.
المسألة 80: كما لا يجوز للرجل المجامعة مع الحيوان، ذكراً أو أنثى، كذلك لا يجوز للمرأة أن تجمع بالحيوان الذكر أو تساحق الحيوان الأنثى.
* قال سبحانه[1]، [2]: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * ِإلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ
-------------------------
المسألة 80:
[1]: راجع بحث (لزوم حفظ الفرج مطلقاً)(1) وحرمة إثارة الشهوة في (المكاسب المحرمة)(2) وكتاب «النكاح»(3)، وبحث أنّ اللذة مطلقاً محرمة، وراجع الواجبات والمحرمات في بحث (الإثارة)(4) وغيرها.
وراجع كتاب (الحدود)(5) في حدّ من فعل مثل ذلك.
[2]: هل الآية خاصة بالرجال بدليل (الذين) أو تشمل النساء أيضاً؛ لأنّ الذين تغليب، أو يقال: لا يشملهن بدليل {أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ }، فإنّ ملك اليمين لا يحلّ للمرأة؟.
نعم، يثبت ذلك بقاء الاشتراك في الكيف، فتأمل.
ص: 99
أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ}(1) إلى غير ذلك من متواتر الروايات والإجماعات.
المسألة 81: لا يحل الصيد إذا مات بسبب تسليط الأشعة القاتلة[1]، [2].
* فإنّ الصيد كسائر الذبائح لا تحل إلا بالطرق الشرعية المذكورة في كتاب الصيد والذباحة(2).
المسألة 82: لو سقاه سماً بحيث صار سبباً لمرضه، فهل يجوز أن يفعل المسقى بالساقي مثل ذلك، يحتمل الجواز لآية (الاعتداء)[1]، [2](3)،
-------------------------
المسألة 81:
[1]: وكذا بسائر الوسائل المتعارفة حالياً، كالسم مثلاً، إلا ما انطبق عليه الشروط المقررة.
[2]: لعل المراد (داخل الماء)، وأمّا لو أخرجه خارج الماء ومات في الخارج فهو مبني على أنّ السمك هل يجب أن يموت حتف أنفه، أو يحل ولو خنقه أو قطعه بالسكين أو شواه أو نحو ذلك؟
المسألة 82:
[1]: أي لإطلاقها، وكذا نظائرها مثل {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ} كما سيأتي.
[2]: لابد من ملاحظة الروايات الشريفة ليلاحظ هل ورد فيها تقييد أو لا؟
ص: 100
وقيل: لا يصح، وكذلك في غير ذلك من أقسام الاعتداء.
* فإنّ الأقسام ثلاثة: ما يجوز المقابلة بالمثل قطعاً، كموارد القصاص في الآية(1)، وما لا يجوز قطعاً مثل اللواط بمن لاط به، أو السحق بمن سحقت بها جبراً، أو التقبيل لمن لا يجوز تقبيله بدون اختيار إلى غير ذلك، وما يحتمل الجواز والعدم، وحينئذٍ لو شك فيه أنّه داخل في آية الاعتداء وقوله تعالى: {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ}(2) وما أشبه أم لا؟ فالظاهر: الجواز.
وهل يجوز الأخف؟ قسمان:
الأول: الجائز، مثل: إنّ ضربه عشرة فيضربه سوطاً[3]، وذلك للأولوية.
والثاني: غير الجائز، مثل: إن قطع يده من المرفق فقطع يد المعتدي من الزند[4]، أو قتل ولده فسبب شلل القاتل[5]، إلى غير ذلك، وذلك للانصراف، وصورة الشك[6] ملحقة بالقسم الثاني.
-------------------------
[3]: هذا في الكم، ومثله في الكيف، كأن يضربه أخف، وكذا في الأين والمتى ونحوهما، كأن يضربه في الهواء المعتدل لا في شدة البرد مثلاً.
[4]: الظاهر أنه من الجائز، وعرفاً هو مستساغ ومشمول للأولوية العرفية.
[5]: لا يُعلم كونه من الأخف؛ إذ يظل يعاني من المرض طيلة حياته؛ ولذا قد يفضل الكثير الموت على التعذيب أو الشلل.
[6]: لأنّ الإلحاق الأولوي يحتاج إلى القطع ولو العرفي.
ص: 102
المسألة 83: لو ذهب أثر النجس بالمعقمات لم يطهر، وإن كان بحيث علمنا بأنه لم يبق له أثر؛ وذلك لاحتمال[1] أن تكون المطهرات المذكورة في الشريعة حكمة لضرب القانون لا علّة[2].
* فاللازم اتباع إطلاق الأدلة، كما في كل مورد يحتمل فيه اختلاف العلل، فالأقسام ثلاثة: ما نعلم بالعلية، وما نعلم بأنه حكمة، كاختلاط المياه في العدة، وما يشك في ذلك[3]، [4].
-------------------------
المسألة 83:
[1]: فالإطلاق - طهره بالماء - يكون محكماً، كما سوف يشير إليه.
[2]: وبتعبير المحقق النائيني (رحمه اللّه) : أنّها حكمة للجعل لا للمجعول (في بعض مباحث القطع)(1).
[3]: التعليل إن كان منصوصاً فظاهر أنّه علة لا حكمة، وكثرة الاستعمال في الحكمة لا يبرر إلغاء الظهور، كما أنّ كثرة استعمال صيغة الأمر في الندب لا يبرر إلغاء ظهورها في الوجوب (راجع: الكفاية والمعالم)(2).
[4]: وحينئذٍ فهل يعتبر علة أو حكمة؟ مقتضى إطلاق الدليل اعتباره حكمة،
ص: 104
المسألة 84: الظاهر أنه لا يجوز أن يعمل الإنسان عملاً يوجب ضرر الآخر مادياً[1]، إذا لم نعلم برضاية(1) الطرف، كما إذا أرسل إليه رسالة بدون إلصاق الطابع بالرسالة، مما يعلم أن البريد يأخذ من الطرف الثمن، ولا يتمكن الطرف من إرجاع الرسالة، حتى لا يتضرر، أما إذا كان الطرف قادراً على القبول والرد، لم يكن الإرسال بدون الطابع حراماً.
* المستثنى منه لإطلاق أدلة (لا ضرر)، والمستثنى لأنه ليس بضرر، فإنه يتمكن من رد الرسالة، فلا ضرر عليه، فإذا اختار القبول كان من تقبّل الضرر اختياراً.
-------------------------
ومقتضى البراءة - في بعض الموارد- اعتباره علة، ولعل الأصول العملية تختلف، ولكن هل للدليل إطلاق مع وجود ما يحتمل القرينة؟ إذ لو كانت القرينة متصلة (اعتدّي لعدم اختلاط المياه) لم يكن الدليل ظاهراً في الإطلاق أو العموم، وحينئذٍ يكون المرجع الأصول العملية. (راجع مباحث الظهور، ومباحث الإطلاق والعموم)(2).
المسألة 84:
[1]: الموارد مختلفة، مثلاً: لو فتح دكاناً مقابل دكانه كان إضراراً لكنه جائز، فلابد من البحث والتمييز بين الموارد.
إلا أن يقال: الإضرار مطلقاً حرام بدليل (لا ضرر)، وهذه الأمثلة - كالدكان والخطيب - خرجت بالسيرة ونحوها. أو أنّها ليست إضراراً عرفاً، فتأمل.
ص: 105
المسألة 85: يجب[1] إيصال النفس الاصطناعي للحي المحتضر، إذا كان يرجى شفاؤه، أما إذا علمنا بأنه يموت بكل حال، والتنفس الاصطناعي يؤخر موته ساعات مثلاً، ففي وجوب ذلك وعدم وجوبه احتمالان.
* أما إعطاء النفس الاصطناعي لمن يرجى شفاؤه فلأنه من الإنقاذ[2]، ومن الضروري وجوب إنقاذ المريض ونحوه، ويدل عليه الأدلة الأربعة. وأما عدم الوجوب في المستثنى فلأنه لا دليل على لزوم[3] تأخير الحياة
-------------------------
المسألة 85:
[1]: نعم، قد تطرأ عناوين ثانوية ترفع الوجوب، كما لو كان ضررٌ كثيرٌ، بأن احتاج إلى مال كثير، أو بيع بيته، أو بيع كليته، وقد سبق أنّ أدلة الإنقاذ لا تشمل مثل ذلك - ولو في الجملة- فراجع(1).
والخلاصة: أنه لابد من ملاحظة أنّ أدلة الإنقاذ تشمله أو لا، وأنه هل هنالك معارض أو لا؟
[2]: أي الاحتمالي، والظاهر: أنّ الاحتمال في مثل المقام منجّز لكونه من الثلاثة المهمة(2).
[3]: فيه تأمل؛ إذ إطلاق أدلة الإنقاذ تشمله، وما الفرق بين تأخير موته ساعات أو سنوات؟ إلا أن يقال بالانصراف في محل البحث. ويؤيده ما سيأتي آخر المسألة .
ص: 106
ساعات[4] مثلاً، إلا في مثل النبي (صلی اللّه عليه وآله وسلم) والإمام (عليه السلام) ؛ ولذا قاتل أصحاب الحسين (عليه السلام) وأولاده ليؤخّروا[5] عنه الموت ساعات، وإذا لم يكن دليل لم يكن وجه للوجوب.
* ويؤيده[6]: نقل المحتضر إلى مصلاّه لتعجيل راحته. ومن علم بموته[7] كالمبتلى بالسرطان لا يجوز التعجيل بوفاته، كقتله بالأدوية وغير ذلك، وذلك للإطلاقات، قال تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ}(1).
المسألة 86: يجب إجراء العمليات الجراحية لوقاية الحياة، أو لوقاية عضو أو قوة من قواه من السقوط، أو لوقاية الإنسان عن المرض الموجب للضرر المتزايد[1]، أما ما عدا ذلك فلا وجوب لإجراء العملية.
-------------------------
[4]: وقد يفصل بين وضع الأجهزة فلا يجب، وبين رفعها بعد وضعها فلا يجوز؛ لأنه قتل. وهذا وإن كان وارداً بالدقة، إلا أنّه لا فرق بينها عرفاً، فتأمل.
[5]: لا يُعلم أنّ ذلك هو الملاك في عملهم.
[6]: فرق بين ما يكون بفعله تعالى وما يكون بفعل الإنسان، ولعله لذلك اعتبره مؤيداً.
[7]: سبق من المصنف الجواز في صورة كونه «عسراً شديداً علم من الشرع أن القتل جائز لأجله». راجع: مسألة 34 وما قبلها(2).
المسألة 86:
[1]: أي: الكثير الذي لم يخرج - بالسيرة ونحوها- من عموم (لا ضرر).
ص: 107
* وذلك لوجوب حفظ النفس والعضو والقوة، فإنّ دليل (لاضرر) يشمل ذلك ولو بالملازمة العرفية، ويدل عليه ما ذكروه في باب الطهارة والصوم: من تبدل الأول إلى التراب وسقوط الثاني، وفي الحديث: «قتلوه.. ألا يمموه»(1)، ومنه يعلم حال الضرر المتزايد، أما الضرر القليل فيجوز تحمّله، كما ذكرناه في باب (لا ضرر)، ومثله ضعف العضو أو القوة مدة، ثم رجوعها إلى الحالة الطبيعية.
المسألة 87: إذا خيف على الرجل أو اليد مثلاً من جراء عدم قطع الإصبع، في المجذوم، أو خيف على الحياة من جرّاء عدم قطع الرجل أو اليد، مثلاً، وجب أجراء العملية.
* وذلك لقانون الأهم والمهم، وقاعدة (لا ضرر)، وقوله سبحانه: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}(2) وغيرها[1]، وكذا لو توقفت الحياة على فقد قوة.
وقد ذكروا: أنّ المعيار الخوف لا القطع بالضرر، كما في الصوم والحج والطهارة المائية و.. وذلك لأنه لو كان المعيار القطع كان إلقاءً[2]،
-------------------------
المسألة 87:
[1]: كالإجماع.
[2]: ولاحظ أدلة الخوف في باب الصوم والطهارة المائية ونحوهما(3).
ص: 108
[3] من الشارع في الضرر، إذ كثيراً ما يكون خوف بدون القطع ويقع فيه، وتفصيله في الفقه والأصول[4].
المسألة 88: هل يجوز للبكر إزالة بكارة نفسها بالإصبع أو العملية أو القفزة؟ احتمالان. نعم، إذا تزوجت ولم يذهب الزوج بعد بكارتها لم يجز لها ذلك؛ لأنّها صارت من حق الزوج.
* الجواز لأنه تصرّف في نفسها، وليس من إزهاق روح أو قطع عضو أو إذهاب قوة، فمنتهى الأمر أن يكون ضرراً يسيراً، ومثله جائز لقاعدة السلطنة، وعدم الجواز؛ لأنه إضرار بالعنوان[1]، [2]، لكن الأول أقرب إلى الصناعة، وإن كان الأحوط الثاني.
وأما عدم الجواز في صورة الزواج؛ فلأنه صار حق الزوج فلا يجوز لها
-------------------------
[3]: فيكون منفياً بدليل (لا ضرر).
والخلاصة: أنّ الاقتصار في الرفع على القطع بالضرر ضرري، والضرر منفي، فتأمل جيداً.
[4]: ثم إنه ينبغي أن يلاحظ أنّ الخوف موضوعي أو طريقي؟
المسألة 88:
[1]: أولاً: ليس كلياً، خصوصاً في بعض بلاد الغرب.
ثانياً: لو كان الضرر يسيراً فلا مانع منه.
ثالثاً: لو أمكن تداركه - بعملية جراحية- انتفى الموضوع.
ورابعاً: قد لا تريد أن تتزوج فلا يحصل ذلك الإضرار.
[2]: ولعل الأولى الاستدلال بأنه منكر في أذهان المتشرعة، فتأمل.
ص: 109
التصرف فيه، فإنّ العرف يراه حقاً له[3]، وربما يقال بالأمرين في البضع محل اختتان المرأة.
وهل للزوج رفع البكارة بالإصبع ونحوه؟ لا يبعد ذلك إذا لم يتمكن من رفعها بالمتعارف، أما إذا تمكن فاحتمال العدم من جهة أنه نوع إهانة[4] لها، إلا إذا كان برضاها.
ولو شرطت الزوجة عدم إزالة بكارتها - متعة أو دواماً - فأزالها فعل حراماً وكان عليه الدية.
المسألة 89: حضور السينماءات التي توجب الخوف والفزع الضارين ضرراً بالغاً، وكذلك التمثيليات المشابهة، لاستعراض الأمور الهائلة، لا يجوز؛ لأنه (لا ضرر ولا ضرار في الإسلام)(1).
* أما لو أوجب الخوف أو الضرر غير البالغ فلا إشكال فيه، وذلك لما ذكر من انصراف[1] الأدلة عنه.
-------------------------
[3]: فيه تأمل.
[4]: الظاهر أنه في حدّ ذاته ليس إهانة.
المسألة 89:
[1]: ولوجود الدليل الخارجي، كعمل أهل البيت (عليهم السلام) . (راجع الشعائر)(2)، وراجع المسألة : (39 و 97)(3).
ص: 110
وكما لا يجوز حضورها لما ذكر، لا يجوز عرضها لذلك أيضاً.
وإذا كان بعض يخاف خوفاً شديداً ضاراً وبعض لا يخاف، حرم الحضور على الأول.
وكذلك حال إحداث[2] الأصوات المزعجة أو ما أشبه ذلك، ومع الاضطرار في المزعجات يجب التنبيه، كمرور الطائرات الخارقة لحاجب الصوت.
ويمكن أن يقال: بلزوم إعطاء الغرامة للتخويف بغير حق[3]؛ لأنه تصرف غير جائز، فاللازم تداركه وضعاً بالغرامة[4] وتكليفاً بالاستغفار، وقد قال (عليه السلام) :
-------------------------
[2]: الإيذاء محرم مطلقاً، وليس كالسابق.
[3]: وبالحق أيضاً؛ إذ لا فرق في ترتب الأثر الوضعي بين أن يكون محقاً أو لا، كأكل المخمصة، وقد تأمل المصنف في كتاب الأمر بالمعروف(1) في ذلك، ولعله {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ}(2) أو للملازمة العرفية، إلا أنّ المشهور لم يرتضوا ذلك.
نعم، يختص وجوب الاستغفار بالباطل.
[4]: لا دليل عليها ظاهراً؛ إلا أن يقال: إنه يدل عليه لا ضرر بناءً على أنّ معناه (لا ضرر غير متدارك) ولحكم العقلاء، وللأولوية من أرش الخدش، فتأمل وراجع كتاب (الديات)(3).
ص: 111
«إنّ في غمز[5] كف الآخر الأرش»(1)، ويؤيده إعطاء علي (عليه السلام) عن الرسول (صلی اللّه عليه وآله وسلم) الدية للتخويف في قصة قتل خالد بن الوليد بعض المسلمين وإخافة ذويهم(2).
المسألة 90: لو مات الإنسان قطعاً، ثم رجعت إليه الحياة بالتنفّس الاصطناعي[1] - على فرض إمكانه - فهل هو إنسان جديد لا يحكم بأن
-------------------------
[5]: أو خدش.
المسألة 90:
[1]: أو بالدعاء مثلاً.
ص: 112
المال السابق له، ولا الزوجة السابقة زوجته، أو إنسان قديم؟ احتمالان[2]، أما بالنسبة إلى الأقرباء ونحوهم فالظاهر أنه محكوم بحكم الإنسان القديم.
* احتمال أنه هو الإنسان القديم: لما ورد في المعجزات من إحياء الأموات، حيث لم يذكر أنهم تزوجوا نساءهم وأزواجهم بعقد جديد، كما في قصة أرميا(1)، ومعجزة الإمام السجاد (عليه السلام) ، وكذلك بالنسبة إلى أموالهم.
واحتمال أنه جديد: فلأنه انقطع[3] عن تلك الحالة السابقة، فهو موضوع جديد، فيجوز له تزويج الخامسة فوراً وهكذا جاز لها التزويج بعد العدة.
وربما يفصل بين أن تزوجت زوجته أم لا، أو قسم ماله أو لا، تنظيراً بإسلام الوارث بعد تقسيم المال فتأمّل[4].
-------------------------
[2]: الظاهر أنّه عرفاً الإنسان القديم نفسه، فيكون محكوماً بأحكامه.
[3]: الظاهر أنّه ليس كذلك عرفاً.
[4]: لعله لأنّه قياس.
ص: 113
المسألة 91: لو فرض أنه أمكن تبديد القمر بالوسائل العلمية، كالقنابل الهيدروجينية لم يجز؛ لأنّ المستفاد من الأدلة أنّ الهرج والمرج في الأمور النظامية لا يجوز، فكيف بالأمور الكونية المسببة للأضرار[1] البالغة.
* وهكذا حال كل نافع للإنسان بما هو إنسان، فلا يكفي أن يرضى بذلك جيل واحد، أو فرض رضاية(1) أجيال، إذ هو لكل الأجيال، وهل يأتي ذلك فيما إذا أريد تغيير[2] البحار من مكان إلى مكان آخر، أو الجبال أو الغابات، أو تبديد قسم منها؟ لا يبعد المنع لنفس العلة[3]، إلا في صورة الأهم والمهم.
-------------------------
المسألة 91:
[1]: فهنا دليلان: الضرر، وأنه حقٌّ لكل الأجيال، بدليل: {لكم}(2) في الآيات الكريمة، وراجع كتاب: الاقتصاد، بحث أنه لا يحق لجيل أن يستبد بجميع الخيرات، كالنفط(3).
[2]: الظاهر أنّه لا إشكال فيه إلا مع الضرر العظيم، ولا يعد ذلك تصرفاً في حق الأجيال عرفاً، فتأمل.
[3]: أي: الضرر البالغ للأجيال القادمة.
ص: 114
المسألة 92: هل يصح للدولة الإسلامية منع اصطياد الحيوانات القليلة الوجود للإبقاء على نسلها - كما تفعله الحكومات الحاضرة - احتمالان.
* الأقوى حقها[1] في المنع؛ لأنه نوع من الفساد[2] في الأرض عرفاً،
-------------------------
المسألة 92:
[1]: ويؤيده قضية السفينة في الطوفان، وإن كان الفعل أعم من الوجوب، وراجع الفقه: كتاب النفقات من النكاح، نفقات الحيوان(1).
[2]: لكنه غير مشمول ل- {وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً}(2) لتفسيره ب- (قطاع الطرق) في الروايات الشريفة(3). نعم، هو مشمول ل- {وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ}(4) ونحوه. راجع آيات وردت فيها كلمة: الفساد والإفساد(5)، والمحرمات، بحث
ص: 115
ولقوله سبحانه: {وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ}[3](1) أما الوجه الآخر فهو الجواز لأصالة حل كل شيء إلا ما خرج، وليس هذا من المستثنى، ومما تقدم يظهر عدم جواز ذلك للإنسان نفسه.
المسألة 93: هل يجوز تلحيم العظام المخلّفة في الحفريات للحيوانات المنقرضة حتى يرجع جسم الحيوان؟ إن قلنا بأنّ صنع المجسمة جائز إلا للعبادة، كما ربما قيل بذلك، لم يكن به بأس، وإلا ففي الجواز احتمالان، والجواز أقرب الاحتمالين إذا كان سبباً[1] لكشف علمي ينفع الإنسان في تقدم الحضارة.
* ذكرنا في الفقه جواز صنع المجسمة لغير العبادة[2]، غاية الأمر الكراهية(2)، كما أفتى بذلك أيضاً جماعة من الفقهاء المعاصرين.
-------------------------
الفساد(3).
[3]: الظاهر أنّها قضية خارجية فلا تفيد العموم، والفساد منصرف عن أمثال ذلك في أذهان المتشرعة، فتأمل.
المسألة 93:
[1]: لو فرض كونه محترماً فذلك لا يفيد في الجواز.
[2]: بشرط أن لا تترتب عليه مفسدة خارجية كإضلال الناس.
ص: 116
ومن ذلك ينشأ فرع آخر، وهو أنه هل يجوز صنع الإنسان الشبيه بالميت من المواد، كما صنع البوذيون (بوذا) من لحوم ثلاثة آلاف ميت - كما نقلته بعض الصحف -؟ الظاهر الجواز لغير العبادة من لحم حيوان أو مطاط أو ما أشبه، لا من لحم الإنسان؛ لأنه تمثيل[3] لا يجوز حتى بالكلب العقور، إلا إذا كانت من أجزاء فصلت عن الجسم بعملية جراحية، وفيه أيضاً إشكال[4]، [5]. ويجوز أيضاً جعل ذلك الإنسان المصنوع يتكلم بواسطة المسجلة وما أشبه إن لم يوجب فتنة وضلالاً.
المسألة 94: الآثار القديمة التي لا يملكها أحد إذا استولى عليها إنسان أو سلطة تكون له، لقاعدة (السبق إلى المباحات)(1) فيجوز للمتسلّط أن يمنع الناس عن مشاهدته والدخول فيه، إلا بأجر، ونحو ذلك.
* لأنه مقتضى تسلّط الناس[1] على أموالهم، فما تفعله بعض الحكومات
-------------------------
[3]: هذا جارٍ حتى في قوله: «من لحم حيوان»، فالجواز محل تأمل، إلا أن يفصله من الميت والحي.
[4]: لعله لأنه خلاف «حرمته ميتاً كحرمته وهو حي»(2).
[5]: ولعله لوجوب دفنه.
المسألة 94:
[1]: هذا فرع كونه ماله، والموضوع لم يثبت. والحكم لا يتكفل موضوعه،
ص: 117
من أخذ ذلك الأثر من الواجد بالقوة لا شرعية له، نعم يصح الاشتراء منه أو ما أشبه مما يرضى به.
المسألة 95: يجوز حضور المتاحف التي وضعت فيها الأجساد القديمة، كأجساد الفراعنة في مصر، أو أجساد الشخصيات في الزجاجات، كما في بعض البلاد، حيث حفظوا أجساد شخصياتهم، ووضعوها في الزجاج لأجل النظر والعبرة[1]، أما نظر الرجل إلى المرأة المحنطة وبالعكس، فحاله حال النظر إلى الأحياء.
* المستثنى منه لإطلاق الأدلة، وحتى إذا قلنا بوجوب الدفن فذلك غير مانع عن النظر، والمستثنى لإطلاق أدلة المنع عن النظر إلا إذا كان المنظور إليه كافراً[2]، فإنه يجوز النظر إليه بالقدر المقرّر في كتاب
-------------------------
فالأولى الاستدلال ب- {خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً}(1) فتأمل.
أو «من سبق إلى ما لا يسبقه إليه مسلم فهو أحق به»(2) والجواب: أنّ المالية تثبت بقاعدة (السبق) وجواز أن يمنع يثبت بقاعدة التسلط.
المسألة 95:
[1]: بشرط أن لا يكون محذور خارجي كالإضلال والضلال.
[2]: وكذا المسلم بالمقدار الجائز، كالوجه والكفين في المرأة، وما تعارف في الرجل، على تفصيل مذكور في كتاب النكاح(3).
ص: 118
النكاح من النظر إلى الكفّار(1)، وحكم اللمس[3] أيضاً ما ذكر هناك.
المسألة 96: إذا أمكن إيقاف الأرض، أو الشمس كما يحتمله العلم الحديث، مما يسبب إضرار[1] أهل الأرض، لم يجز؛ لأنه (لا ضرر ولا ضرار).
*وكذا كل تصرف كوني يكون كذلك ويأتي فيه الضمان بشروطه.
المسألة 97: لا يجوز[1] للمريض الذي لمرضه عدوى أن يبقى في
-------------------------
[3]: وهو منكر في أذهان المتشرعة وكذا النظر.
فلا يقال: إنّ الأدلة منصرفة عن الميت.
والخلاصة: 1- إطلاق الأدلة. 2- مع فرض الانصراف فكونه منكراً كافٍ.
المسألة 96:
[1]: إضراراً فاحشاً.
المسألة 97:
[1]: الظاهر التفصيل بين:
1- ما تعارف، كالمزكوم يحضر المجامع العامة، وقد جرت عليه السيرة. نعم، لا حق له في التسبيب في غير ذلك كأن يقبله.
2- ما لم تجرِ عليه السيرة، كالمصاب بالجذام يحضر المجامع العامة، فإنّ الظاهر حرمته.
ص: 119
المجتمع، مما يسبب العدوى[2] إلى الآخرين، وإن كان الضرر الذي يصاب به الآخر طفيفاً، مثلاً كحمى يوم؛ لأنه لا يجوز الإضرار بالغير ولو قليلاً.
* فإنّ (لا ضرر) كما ذكرناه في الكتب الفقهية يشمل ثلاثة أمور[3]:
الأول: إنّ تشريع الضرر غير كائن.
الثاني: إنّ الشخص لا يحق له أن يضرر نفسه ضرراً بالغاً، وإنما قيدناه بالبالغ؛ لأنّ غير البالغ جائز، ولذا[4] وقف الرسول (صلی اللّه عليه وآله وسلم) والزهراء (عليه السلام) في العبادة حتى تورّمت قدماهما (صلوات اللّه عليهما)(1) إلى غير ذلك.
-------------------------
[2]: نعم، له حق السلطنة على نفسه، فله حق أن يمشي في السوق، والآخرون إن أحبوا فليبتعدوا عنه، ويدل عليه أنّ المزكومين يخرجون عادة ولا يعتكفون في البيوت، ولو كان محرماً لفعله الأولياء والصالحون.
نعم، لا حق له أن يكون مسبباً، كأن يقبله. فتأمل، وراجع تفصيل الهامش(2).
[3]: لابد من ملاحظة: هل لها جامع؟ وهل أنّ استخدام اللفظ في الجامع عُرفي؟
[4]: هنا دليلان: 1- انصراف لا ضرر. 2- الدليل الخارجي.
وقد سبقت الإشارة لذلك في مسألة (89)(3)، وراجع مسألة (38)(4).
ص: 120
الثالث[5]: إنّ الشخص لا يحق له أن يضرر الآخرين ولو ضرراً غير بالغ إلا برضاهم، وإذا أضرهم بالغاً أو غير بالغ بغير رضاهم كان عليه الغرامة[6]، إلا في موارد القصاص ونحوه.
المسألة 98: يجوز تلحيم بعض أجزاء الإنسان بلحم أو عظم، كما لو لحم وجهه أو يده بما يسبب صحته وجماله، أو لحم إصبعه الناقصة عظمة،
-------------------------
[5]: ويستفاد أيضاً من دليل (السلطنة)(1) لو قيل بالمفهوم فإنّ معناه أنّ الآخرين لا سلطنة لهم عليه.
ودليل {النَّبِيُّ أَوْلَى}(2) لو قيل بالمفهوم، أي: إنّ له الولاية، فالآخرون لا ولاية لهم.
ودليل الإيذاء(3).
[6]: في إطلاقه نظر - راجع (مسألة 89)(4) - لاحتمال أن التحديد الشرعي يدل على نفي الغرامة عما عدا الموارد المحددة.
المسألة 98:
ص: 121
بعظمة أخرى حتى تساوي سائر الأصابع.
* إنما يجوز[1] لإطلاق أدلة الحل[2]، بل التجميل غير المحرّم[3] مستحب، فإنّ اللّه جميل ويحب الجمال(1)، ولا فرق بين أن يكون اللحم أو العظم من إنسان - فيما كان جائزاً أخذه منه - أو حيوان أو مواد صناعية كالبلاستيك.
-------------------------
[1]: لكن سبق من المصنف (رحمه اللّه) أن تغيير خلق نفسه محرم، إلا أن يقال: التغيير نوعان، أو هو منصرف عن مثل ذلك، أو السيرة قائمة على جواز مثل ذلك.
[2]: ولعله كان الأطباء السابقون يفعلونه فراجع(2) ولاحظ.
وقد يستدل بإقرار المعصومين (عليهم السلام) لأعمال الأطباء، وهذا مبتنٍ على نكتة ارتكازية من شأنها أن تسري إلى ما نحن فيه، فيكون إمضاءً لتلك النكتة، (راجع الأصول بحث: قول اللغوي(3)، وحجية السيرة)(4).
وأيضاً: أدلة إصلاح البدن وعلم الأبدان والطب.
[3]: وهل هناك تجميل محترم، كتجميل المرأة السافرة نفسها، أو يقال: إنه مستحب لكنّ إبداءه محرم؟ فهو كالتعطر، إلا أن يقال: مقدمة الحرام حرام،
ص: 123
المسألة 99: الظاهر عدم جواز ما يشوّه خلقة الإنسان، كالتركيب بين إنسانين، أو بين إنسان وبعض أجزاء إنسان آخر حتى يصبح ذا أربع أيادٍ أو ثلاث أرجل، فإنه من تغيير خلق[1] اللّه.
* نعم التوصيل النافع جائز كتبديل البيضة أو الكلية أو ما أشبه ذلك للإطلاقات[2]، وقد تقرّر في العلم الحديث حسب التجارب - إمكان تغيير أكثر من عشرين جزءاً في الإنسان، فهم يحسبون أن أجزاء الإنسان كأجزاء السيارة في قطع الغيار - على الأغلب - .
المسألة 100: لا بأس بتركيب الحيوان وإن صار حيواناً جديداً، كما لو ركب رأس القرد على جسد الكلب أو العكس، كما لا بأس بتوصيل
-------------------------
ومقدمة المكروه مكروهة، فتأمل.
المسألة 99:
[1]: مضى التأمل فيه، (وراجع مصباح الفقاهة، بحث: حلق اللحية)(1).
نعم، قد يقال: إنّه منكر في أذهان المتشرعة.
[2]: ولِما سبق في المسألة الماضية(2)؛ ولأنه - في بعض الأحيان - ضرر عظيم.
المسألة 100:
ص: 124
حيوانين، كما لو خاط[1] كلباً بقرد، حتى أصبحا حيواناً واحداً ذا رأسين وثمان أيد وأرجل، لكن بشرط أن لا يكون ذلك إيذاءً محرماً للحيوان ولا يوجب محرّماً آخر.
* المستثنى منه لإطلاق أدلة الحل إلا إذا صدق عرفاً أنه من تغيير خلق اللّه والمستثنى؛ لأن إيذاء الحيوان غير جائز، وقد ذكرنا ذلك في كتاب النكاح في باب نفقة الحيوان، نعم ذلك في غير الإيذاء المتعارف، كالحمل عليه[2] أو ضربه العادي لبطئه في المشي أو ما أشبه، كما لو توقف[3] اكتشاف علمي[4] أو طبي عليه، وأما قول الإمام السجاد (عليه السلام) : (خوف القصاص)[5](1)
-------------------------
[1]: الظاهر أنّه يصدق عليه (تغيير خلق نفسه) لو فسرناه بما فسره المصنف (رحمه اللّه) .
[2]: لكن ذلك كله بالمقدار المتعارف، وأنّ الأكثر ففيه بحث (راجع نفقات النكاح)(2).
[3]: لعل أصل العبارة: وكذا لو توقف.
[4]: وكان أهم، وإلا فالإيذاء لا يجوز (راجع المحرّمات، بحث الإيذاء)(3).
والظاهر أنه لا يجوز المساوي؛ لأنّ الحرام لا يجوز ارتكابه إلا لأهم، وإلا فلا مسوغ لفعله.
[5]: لعل للقصاص مراتب، وبعضها يتحقق ولو كان الفعل مباحاً، كالعتاب
ص: 125
فهو للتنبيه[6]، لا لأنه محرم كما لا يخفى.
المسألة 101: لا بأس بأكل أو شرب شيء يسبب الاحتلام في المنام، فإنه ليس من الاستمناء[1].
* يدل عليه إطلاق أدلة الحل، ولا يكون عرفاً استمناءً، كما يجوز أكل
-------------------------
مثلاً، لكنه خلاف ظاهر لفظ القصاص، فتأمل.
[6]: غير واضح، والأولى ملاحظة سند الرواية(1). (وراجع نفقات النكاح).
المسألة 101:
[1]: لكنه إثارة للشهوة، فلو قلنا: إنها حرام مطلقاً ولو في المنام حرم، فتأمل. (راجع تهييج الشهوة في بحث: المحرّمات)(2)، و(التشبيب بالغلام في المكاسب المحرمة)(3).
لكن قد يقال بجريان السيرة على ذلك، حيث إنّ الناس يأكلون الأطعمة المقوية ليلاً مما يعلم علماً عادياً بأنه يخرج منه المني، ولو كان ذلك محرماً للزم التنبيه عليه، إلا أن يقال: لا علم - عادة- بالخروج.
ص: 126
أو شرب شيء يسبب عدم الاحتلام فيمن عادته الاحتلام لذلك الدليل، وكذلك الحال في رد الحيض أو منعه، وقد أشرنا إليه سابقاً.
المسألة 102: الأوراق النقدية[1] ليست من الأموال الزكوية، فلا تجب فيها الزكاة.
* نعم إذا كانت حوالة[2] على النقدين كان في أصلها[3] الزكاة لا في نفسها، والقول بأنها حوالة يرده أنه لو احترقت - مثلاً - لم يرجع المحترق عنده إلى المحيل، بخلاف ما إذا كان ورق الحوالة، حيث يرجع إليه، وهذا لأصالة الحل[4]، وعدم اللزوم، والاقتصار على ما ذكره الشارع[5].
-------------------------
المسألة 102:
[1]: راجع كتاب الزكاة(1)، وإنّ الألفاظ موضوعة على نحو القضية الحقيقية أو الخارجية، ومعنى النقدين، والروايات الواردة في أنه ليس فيما عدا ما ذكر زكاة.
[2]: فيه: أنّها لها قيمة ذاتية عند العرف، أي: لها موضوعية، وإن كانت تحتاج إلى الرصيد.
[3]: عند التملك، أي: عندما يذهب ويَمتلك النقدين.
[4]: لعل المراد حل التصرف في مقدار الزكاة المفروضة.
[5]: بل هنالك روايات في أنّه ليس أكثر من ذلك.
والضمير في كانت ل- (الأوراق) وفي (بأنها) للأوراق النقدية فلاحظ.
ص: 127
المسألة 103: هل تجوز السباحة الطويلة الموجبة لفوات الصلاة الاختيارية؟ الظاهر العدم[1]، نعم لو سبح وآل الوقت إلى التمام وجبت الصلاة عليه في حال السباحة بما تيسّر[2] إذا لم يتمكن من الخروج لأداء الصلاة الكاملة.
* وذلك لأنه تفويت عمدي باختيار مقدمته، وتفصيل الكلام مذكور في بحث السفر في السفينة(1).
المسألة 104: حال المسابقة على الدراجة أو السيارة أو الطيارة، حال السباحة في المسألة السابقة، إلا أنه إذا تمكن من النزول وجب، كما أن السابح إذا تمكن من ترك السباحة والإتيان بالصلاة التامة في سفينة أو نحوها وجب.
* هذه المسألة كالمسألة السابقة - مستثنى منه ومستثنى - إلا أنه لو فوّت
-------------------------
المسألة 103:
[1]: قد يُسأل عن الفرق بينه وبين السفر الموجب لفقدان الطهارة المائية أو للطهورين، وكذا لو أمرض نفسه فلم يستطع الصوم، إلا أن يقال: الموضوعان عرضيان وهنا طوليان، إلا أن يقال: المستفاد من الأدلة والسيرة جواز السفر دون السباحة.
[2]: راجع المسألة اللاحقة(2) في الإجزاء وعدمه.
المسألة 104:
ص: 128
بالاختيار بعض الأجزاء والشرائط وأتى بالتكليف الاضطراري صحت صلاته، وإن عوقب بسبب المقدمة المفوتة، حاله حال ما إذا أخّر الصلاة حتى لا يتمكن إلا من الحمد فقط، بدون السورة، فإنها صحيحة وإن كان معاقباً[1].
المسألة 105: لا يجوز[1] إثارة كل ما يدعو إلى التفرقة من النعرات العرقية واللونية والإقليمية ونحوها، فإن الميزان هو الإيمان والتقوى، كما لا يجوز ترتيب الآثار على هذه النعرات.
* قال سبحانه[2]: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}(1) وكل أقسام
-------------------------
[1]: راجع بحث: مَنْ أخّر غسل الجنابة حتى قرب الفجر فإنّه يتيمم ويصح صومه(2). وفي العقوبة قد يقال بالتفصيل بين: الشروع بعد دخول الوقت فهو محرم؛ لأنه تفويت للواجب بعد وجوبه، وقبل الوقت فالعقوبة مبنية على التعليق، أو القول بالمقدمات المفوتة، أو القول بحرمة تفويت أغراض المولى - عرفاً- فتأمل (وراجع الأصول)(3).
المسألة 105:
[1]: هل التفرقة بكل أنواعها محرمة؟
[2]: لا بأس بالبحث عن أدلة أخرى أوضح دلالةً مثل: «من تعزى بعزاء
ص: 129
النعرات تنافي هذه الآية ورواية: «الناس سواء كأسنان المشط»(1) إلى غيرهما.
نعم، يجوز[3] للإنسان أن يحب بلده وقبيلته ولسانه وما أشبه بدون إدخاله ذلك في الحرام، أما ما ورد من «حب الوطن من الإيمان»(2) فالظاهر أنه وطن الإسلام لا الوطن الجغرافي[4].
وعلى هذا فلا يجوز وضع الحدود[5] ما بين البلاد الإسلامية، ويجب إزالتها، كما أنه لا يجوز أن يخاطب المسلم أخاه بالأجنبي[6]، وإن كان
-------------------------
الجاهلية»(3)، و«من قال خيراً له من كذا»(4)، فتأمل. وراجع بحث (حقوق المؤمن على المؤمن)(5).
[3]: وعليه رواية عن الإمام السجاد (عليه السلام) ظاهراً(6).
[4]: خلاف الظاهر. راجع كلمة (الوطن) في صلاة المسافر، وما المانع من حب الوطن بالمعنى الجغرافي؟(7)
[5]: ولأنه خلاف الحرية والسلطنة، وراجع بحث (العشّار)(8).
[6]: إن ترتب محذور خارجي على ذلك كالإيذاء ونحوه.
ص: 130
من بلد آخر قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}(1)، وقال سبحانه: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}(2) .
المسألة 106: يجوز حقن الإبر المقوية[1] للصائم.
* وذلك لأنّ الدليل أنما دلّ على الأكل والشرب[2]، وليست الإبرة منهما عرفاً.
لا يقال: تفيد فائدتهما.
لأنه يقال: هو مثل التنقيع في الماء الموجب لرفع العطش وما أشبه[3]، فهل يقال بحرمته على الصائم، أما حس الصائم بألم الجوع والعطش وما أشبه فهو حكمة[4] كما لا يخفى.
-------------------------
المسألة 106:
[1]: الإبر على ثلاثة أنواع: 1- علاجية. 2- مغذية. 3- مقوية. والظاهر جوازها كلها.
[2]: والاحتقان، وليست الإبرة احتقاناً.
[3]: كالذهاب إلى منطقة باردة جداً بحيث لا يحسّ بألم الصوم أبداً، أو النوم من الفجر إلى المغرب.
[4]: إذ الواضح أنّه لا يجب ذلك، ويجوز رفعه، مثل ما سبق قبل قليل، ومثل: تناول أطعمة ترفع العطش ك- (عرق سوس).
ثم إنّ فهم المتشرعة دليل على أنّه حكمة لا علة.
ص: 132
المسألة 107: يجب[1]، [2]، [3]،
-------------------------
ثم قد يقال: إنّ كثرة استخدام العلل في الروايات وهي حكم - كعلل الشرائع - يفقدها ظهورها في العلية، وفيه نظر مذكور في قول صاحب المعالم: يستفاد من تضاعيف، في بحث الأوامر(1).
المسألة 107:
[1]: قد يقال: إنّ العجز الجنسي متعارف كثيراً، وكانت أدويته في الطب القديم متوفرة، وكانت المسألة محل الابتلاء كثيراً، والكثير ما كانوا يعملونها، فلو كان واجباً للزم التنبيه، باعتبار أنّه عدم تفويت بغرض الشارع - راجع بحث السيرة العقلائية(2) - أو للزوم الأمر بالمعروف، وحيث لم ينبه يكشف عن عدم الوجوب، وإن كان كلياً - وجوب المقدمة - صحيحاً.
[2]: نعم، لها إسقاط هذا الحق، فإنّ الحقوق قابلة للإسقاط، وليس حكماً.
[3]: لاحظ بحث (القيام للصلاة) وهل يجب أن يزرق إبرة لذلك، إذا لم يستطع القيام لولا ذلك، وما فرقه عن المقام؟ (راجع الفقه، الصلاة)(3).
والخلاصة: أن الموضوعين إن كانا عرضيين لم يجب العلاج، وإن كانا طوليين وجب العلاج، وهل كل أنواع الطولية كذلك؟
ص: 133
[4] حقن الإبر المنشطة للحالة الجنسية بالنسبة للزوج الذي لا يقدر على أداء واجبه الشرعي تجاه زوجته، فإنّ لها الحق في كل أربعة أشهر مرة.
* بل إنا ذكرنا في الفقه: إنه مع احتياج المرأة إلى أكثر من ذلك يجب على الزوج ذلك؛ لأنه من المعاشرة بالمعروف[5]، وإنما تجب التقوية؛ لأنها مقدمة الواجب[6]، وهي واجبة عقلاً.
المسألة 108: لا يصح إعطاء الامتياز إلى شركة أو فرد، فيما الناس فيه سواسية، أو فيما ينافي[1] قاعدة (الناس مسلطون على أموالهم وأنفسهم).
-------------------------
[4]: بشرط عدم الحرج والضرر ونحوهما وإلا رفع الوجوب.
[5]: راجع: كتاب النكاح من الفقه، وكتاب المباني بحث الصوم، وراجع آيات {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ}(1) أي: بالطريقة المتداولة المعروفة، وراجع تفسير (بمعروف)(2)، والإمساك مع التطلُّب ليس طبق الطريقة التي يقبلها العرف أو المتشرعة، فتأمل.
إلا أن يقال: إنَّ التحديد الشرعي بأربعة أشهر مخصص لذلك، فتأمل.
[6]: المطلق.
المسألة 108:
[1]: فرقه عن الأول أنّ الأول كإعطاء امتياز استخراج معدن لشركة، والثاني: مثل إعطاء امتياز رفع البيوت في المدينة لفرد خاص أو طبقة خاصة، وكذا عدم السماح للأفراد ببناء البيوت على البحر، أو في المنطقة الفلانية التي يسكنها الأمراء
ص: 134
* وذلك لأنّ إعطاء الامتياز لشركة أو فرد فقط دون الآخرين خلاف حرية الناس[2] وخلاف تسلّطهم على أموالهم، وقد قررنا في (الفقه): أن حرية كل أحد محدودة بحدود الشريعة(1)، والتي منها أن لا تزاحم حرية الآخرين، كل في إطاره.
المسألة 109: إذا زرقت[1] أنثى الكلب أو الخنزير بنطفة حيوان آخر، أو بالعكس، فالولد إن سمي باسم الكلب أو الخنزير كان نجساً، وإلا كان طاهراً، وكذلك بالنسبة للحيوان المتولد بين حيوان حلال اللحم وبين حيوان حرام اللحم، أما إذا لم يسم باسم أحدهما بل صار حيواناً لا شبيه له فالظاهر: حليته، كما أنه طاهر أيضاً.
* هذا فيما إذا كان شبيهاً بأحد الحيوانين مما يصدق عليه اسم ذلك الحيوان، حيث يتحقق الموضوع، والحكم تابع له[2]، أما إذا لم يصدق
-------------------------
مثلاً، إلاّ أنّ مرجعه إلى الأول، لكن مع مزيد قاعدة السلطنة، وكذا لبس ثوب معين أو شكل خاص.
[2]: قال تعالى: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ}(2).
المسألة 128:
[1]: راجع بحث الطهارة في النجاسات: الكلب والخنزير(3).
[2]: فإنّ الموضوعات بالنسبة للمحمولات كالعلل بالنسبة للمعلولات. (ذكره
ص: 135
عليه اسم أحدهما، بل اسم ثالث (فكل شيء لك حلال)(1)، و (كل شيء لك طاهر)(2) يشمله، لكن ربما يقال: بأنّ (كل شيء لك حلال) لا يشمل الحيوان؛ لأنّ الحل منه محصور في ما ذكرته الروايات وما عداه ليس بحلال[3]، والبحث في ذلك طويل مذكور في الأصول.
وكذلك حال تزريق نطفة سمكة ذات فلس بسمكة ليست بذات فلس،
-------------------------
النائيني (رحمه اللّه) )(3).
[3]: الدليل: الحصر في الروايات(4).
وفيه: إنه إضافي فتأمل. وأصالة عدم التذكية (راجع بحث الأصول)(5) وراجع بحث أصالة الحرمة في اللحوم في اللمعة(6) وغيرها، في الأصول(7) والفقه(8).
ص: 136
أما إذا كان كلتاهما ذات فلس، والولد ليس بها فهل يحل نظراً لأبويه أو لا نظراً لنفسه؟ لا يبعد الثاني[4]، ومنه يعلم العكس.
المسألة 110: تحديد السلطة للأسعار لا يوجب السعر المقرر، بل المتبع قاعدة {إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ}(1)، وقاعدة (الناس مسلطون على أموالهم) إلا إذا كانت سلطة شرعية.
* السلطة الشرعية بشروطها الإسلامية واجبة الاتباع، بخلاف غير الشرعية، فإن قوانينها غير لازم الاتباع حتى في المرور ونحوه، بل الميزان هو (لا ضرر) وسائر القواعد الأولية أو الثانوية[1]، وقد ذكرنا ذلك في بعض كتبنا، وبحث التسعير قد ذكره الفقهاء في باب الاحتكار وغيره(2).
المسألة 111: إذا توقف انتصار المسلمين على الأعداء في الحرب
-------------------------
[4]: لتبعية الأحكام للعناوين.
المسألة 110:
[1]: ومنه: تشويه سمعة الدين أو المذهب، أو الضرر المتوجه إلى نفس الشخص بالمخالفة إذا كان كبيراً.
وهل احتمال الضرر كالعلم بالضرر؟ فيه بحث، والظاهر أنه منجز في الأمور المهمة.
المسألة 111:
ص: 137
(سواء كانت الحرب من باب الجهاد أو من باب الدفاع) على الهجوم بالطائرات أو ما أشبه، مما يسبب قتل الأبرياء جاز، وذلك للمعاملة[1] بالمثل[2]، فإنهم أيضاً يهاجمون ويقتل بسبب هجومهم الأبرياء، بالإضافة إلى أن الانتصار واجب أهم[3]، فإنّ في تسليط الأعداء إضراراً أكبر، بل الانتصار واجب ولو بقتل المسلم، كما ذكروا ذلك في باب الجهاد فيما لو تترس الكفار بالمسلمين(1)، لكن اللازم بالعمل بذلك بقدر أقصى الضرورة، فإنّ الضرورات تقدر بقدرها.
* وذلك بعد تنقيح الموضوع دقيقاً بسبب الخبراء، والمعرفة بالأهمية، وإجازة شورى الفقهاء، والظاهر[4]: وجوب دفع وتعويض الأضرار التي نجمت من قتل الأبرياء أو نقص عضو أو قوة منهم أو تلف المال، وإذا
-------------------------
[1]: هنا ثلاث أدلة:
1- المعاملة بالمثل. 2- الأهم والمهم. 3- ملاك التترس بالمسلم، أو الأولوية.
وراجع مسألة 140 وما بعدها من المسائل(2).
[2]: فيه نظر، فهو مثل اللواط بابن زيد إذا لاط بابن عمرو.
[3]: لكن يجب أن يلاحظ مسألة سمعة الإسلام والمذهب، وموازنة الأهمية مع لحاظ ذلك.
[4]: لما ذكروه في مسألة التترس، وإن كان مبنى المصنف (رحمه اللّه) - كلياً - إنّ الجواز التكليفي يلازم عدم الضمان الوضعي (راجع كتاب الأمر بالمعروف من
ص: 139
تردد الأمر[5] كان اللازم العمل بقاعدة العلم الإجمالي في غير الماليات، وبقاعدة العدل[6] في الماليات.
المسألة 112: يجوز للعروسين الذهاب إلى شهر العسل[1] بشرط[2] أن لا يعملا محرماً، ولا يستلزم ذلك محرماً.
-------------------------
الفقه)(1).
[5]: لعل المراد: أنّه لم نعلم أنّه قتل زيد أو عمرو بسبب ذلك فننصف الدية بينهما نصفين.
[6]: راجع كتاب (الخمس: المال الحلال المختلط بالحرام)(2).
ويدل على القاعدة: أنّها قاعدة عقلائية، وكذلك: ودرهما الودعي(3).
المسألة 112:
[1]: المسألة وإن كانت واضحة، إلاّ أنّ كثرة الابتلاء بها أوجب ذكرها وكثرة الاختلاط بالمحرّمات في ذلك.
[2]: هذا ليس شرطاً لأصل الجواز، بل هو محرم في حد ذاته.
نعم: لو استلزم محرماً كان مقدمة للحرام. وهل هي حرام شرعاً؟ الظاهر: لا.
ص: 140
* لإطلاق أدلة الحلية، والشرط واضح الوجه، وإذا كان السفر حلالاً فصلاتهم قصر، وإذا كان حراماً[3] فتمام، حسب القاعدة في باب صلاة المسافر(1).
المسألة 113: يجوز للمريض المضطر أن ينام في المستشفى، وإن كان يباشره الأجنبي بما هو حرام في حال الاختيار، كأن تدلّك جسده الممرضة أو يولدها الدكتور أو ما أشبه.
* لكن اللازم الاقتصار على الضرورة كماّ وكيفاً، فإنّ الضرورات[1] تقدر بقدرها، وقال بعض الفقهاء: إذا تمكن تزويج الممرضة أو تزوج المريضة بالطبيب[2] ونحوه وجب، لكن الظاهر عدم الوجوب[3]، وإذا قيل بالوجوب فإنما هو فيما إذا لم يكن عسراً وحرجاً[4]، وإلا لا وجه له، ولذا لم يتعارف ذلك بالنسبة إلى الأطباء والمجبرين لا قديماً ولا حديثاً،
-------------------------
[3]: أمّا بكونه حراماً في نفسه أو بكون غايته الحرام.
المسألة 113:
[1]: فإنّ الأكثر من ذلك ليس ضرورة.
[2]: والظاهر أنّه على هذا المبنى لو أمكن طلاقها من زوجها - بلا عسر وحرج - وجب أيضاً!
إلا أن يقال: بانصراف الأدلة عنه، وقيام السيرة القطعية على خلاف ذلك، فتأمل.
[3]: للسيرة على العدم.
[4]: أو ضرراً.
ص: 141
بل يؤيده[5] عدم أمر الرسول (صلی اللّه عليه وآله وسلم) تزويج الممرضات[6] في حروبه مع أنه لا شك في استلزام التمريض اللمس، وإذا أمكن اللمس للتمريخ ونحوه بالقفاز ونحوه تقدم على اللمس المجرد[7]، [8].
المسألة 114: يصح ذبح الحيوان في المحقنة كما هو المتعارف في بعض البلاد إذا اجتمع فيه شرائط الذبح.
* إذ الذبح بدونها لا خصوصية له، ولم نستبعد في (الفقه)(1) أن يكون رأس الحيوان إلى الأعلى[1]، [2] - بشرائطه لا مطلقاً - أو الأسفل، وإنما الشرط استقبال القبلة[3]، وكذلك ذات اليمين وذات الشمال.
-------------------------
[5]: لعل لذلك، أو لأنّه تاريخ لم يثبت سنده.
[6]: لعلهن كنّ متزوجات، أو كان عملهن لا يستلزم اللمس.
[7]: ومثله: لو أمكن النظر مباشرةً أو بالمرآة (راجع كتاب النكاح)(2).
[8]: وهنا بحث: وهو أنّه هل يجب تقديم المحارم على الأجانب أو لا، راجع بحث: الأموات في الفقه، كتاب الطهارة(3).
المسألة 114:
[1]: أو الأسفل.
[2]: لكن إذا لم يخرج الدم المتعارف كان المتبقي من الدم نجساً.
[3]: وسائر الشروط المقررة.
ص: 143
المسألة 115: لا يكفي[1] في اللحية حلق العارضين وإبقاء الذقن، كما لا يكفي حلق الذقن وإبقاء العارضين. نعم، يجوز حلق ما فوق اللحية وما تحت الذقن، كما هو المتعارف.
* وذلك لأنّ اللحية عرفاً[2] هي المجموع، وأما جواز حلق ما فوق اللحية وما تحت الذقن فلعدم الصدق.
المسألة 116: لا فرق في الحلق المحرم بين كونه بآلة يدوية، أو كهربائية،
-------------------------
المسألة 115:
[1]: وأما رواية علي بن جعفر (عليه السلام) «وأما من مقدمها فلا»(1) فلا تصلح للاستدلال للخصم؛ إذ هي في الأخذ من اللحية لا اللحية، ومن للتبعيض، فتدل على حكم استحبابي، وإن استدل للوجوب في (مصباح الفقاهة)(2).
[2]: ولابد من ملاحظة معناها لغةً، وفي تعارض العرف واللغة المحكم هو العرف (كما ذكرناه في ظواهر الألفاظ في الأصول)(3) والسيرة والارتكاز دليل على أنّ اللحية هي المجموع.
المسألة 116:
ص: 144
أو نتف، أو قص، أو استعمال دواء، أو حرق، أو غير ذلك، فإنّ الواجب إعفاء اللحية.
* فقد قال[1] (صلی اللّه عليه وآله وسلم) : «ربي أمرني بإعفاء لحيتي وقص شاربي»(1). نعم يكفي الصدق العرفي كما في أمثال ذلك.
المسألة 117: لا يجب[1] على الكوسج (عديم اللحية) استعمال دواء
-------------------------
[1]: الظاهر أنّ الرواية ضعيفة (راجع مصباح الفقاهة)(2).
والدليل هي السيرة، أو الروايات المجبور ضعفها بالعمل، فيصح استدلال المصنف (رحمه اللّه) ، ولأنّه من المنكرات في ذهن المتشرعة، أو للرواية السابقة، فإن قوله: «يأخذ» أعم، (راجع المصباح)(3).
المسألة 117:
[1]: فإنّ المحرم حلق الحية، أو الأخذ منها، فالموضوع اللحية، ولا يجب تحصيل الموضوع.
والخلاصة: إنّ اللحية على فرض نباتها لا يجوز حلقها، وأمّا إنباتها فلم ينهض دليل على الوجوب.
ص: 145
لإخراج اللحية، والأمرد لا يجوز[2] له استعمال دواء يوجب عدم خروج اللحية - احتياطاً - .
* إذ لا دليل[3] على الوجوب في الكوسج، ولذا فالاحتياط في المسألة الثانية أقرب[4] إلى الاستحباب، والمرأة المزوجة إذا أخرجت اللحية وجب عليها إزالتها؛ لأنها من التهيؤ[5] اللازم للزوج، نعم إذا رضي الزوج لم يجب عليها؛ لأن الحق لا يعدوهما.
المسألة 118: إذا نبتت اللحية في وجه المرأة جاز لها حلقها أو إزالتها بسبب آخر.
* لأن الأدلة لا تشملها[1]، ويعرف من الحكم السابق أنه إذا تناثر شعر
-------------------------
[2]: الظاهر أنّ أدلة حرمة الحلق لا تأتي هنا، ولا ارتكاز بأنّه منكر في أذهان المتشرعة.
[3]: فإنّ الأدلة السابقة لا تدل على ذلك.
[4]: لكن قد يشكل بأنه: لو حلق لحيته - قبل نباتها - كل يوم فهل هو جائز؟ والجواب بالفرق؛ لأنّ هذا له لحية فاللازم إعفاؤها، بخلاف ذلك، فتأمل.
والظاهر أنّ الحلق كل يوم خلاف ارتكاز المتشرعة، أما الدواء فلا.
[5]: راجع كتاب النكاح، بحث (إزالة المنفرات)(1).
المسألة 118:
[1]: للانصراف.
ص: 146
رأس المرأة المزوجة وجب عليها السعي لعلاجه إلا إذا رضي الزوج[2]، حيث إنّ الحق لا يعدوهما.
المسألة 119: يجوز[1] تعليب[2] الذبائح الموجودة في منى إذا بقيت بلا مصرف، مما يوجب فسادها، أما إذا أمكن صرفها في الموارد الثلاثة[3] المقررة، فاللازم رضاية[4](1) أصحابها الشرعيين بالتعليب.
-------------------------
[2]: الملاك أنّه تشبه بالرجال أو لا؟ أمّا رضا الزوج فليس ملاكاً، إلا أن يقال: إنّه داخل في إزالة المنفرات ولو ملاكاً.
المسألة 119:
[1]: ولكن البحث أنه هل يجب دفع الثمن إليهم؟ وجهه: كونه حقاً لهم، وحيث لم تصل العين إليهم لابد من دفع الثمن، بعد استثناء مؤونة التعليب ونحوه.
[2]: وإخراجها خارج الحرم، فإنّ صرفها داخل الحرم جائز مطلقاً.
[3]: أن يأكل الناسك شيئاً من الذبيحة، ويهدي قسماً منها إلى مؤمن - ولو كان غنياً - أو وكيله، ويتصدق بالقسم الآخر على المؤمن الفقير أو وكيله، وأن يكون مقدار كل من الهدية والصدقة ثلث الذبيحة.
والواجب أن لا يخرج شيئاً مما ذبحه من لحم الهدي عند الحرم.
[4]: هل الرضا كافٍ أو لابد من التملك أولاً - مباشرة أو بالتوكيل - ثم التعليب؟
إلاّ أن يقال: الرضا في قوة التوكيل، أو هو أمر عقلائي لم يردع عنه الشارع، فتأمل.
ص: 147
* في المستثنى منه لا يلزم رضى(1) أصحابها؛ إذ الأمر دائر حسب الفرض بين التعليب والإسراف، وليس من حق المالك الإسراف[5]، وكذا في كل مورد مشابه، كما إذا دار أمر طعام الناس بين التلف إسرافاً وبين صرفه في مصرف جائز، فإن (الناس مسلطون)(2) لا يشمل المحرم.
المسألة 120: لا بأس بوضع الميت الإنساني في الثلاجات، لأجل نقله أو ما أشبه ذلك، بشرط أن لا يكون هتكاً له، ولا يوجب تأخير دفنه عن المتعارف الجائز شرعاً.
* يجوز الوضع في الثلاجة؛ لإطلاق أدلة الحل، ومثل الثلاجة غيرها إذا فرض[1]، أما التأخير عن الدفن المقرر شرعاً فلا يجوز؛ إذ المستفاد من الشرع لزوم الدفن حسب المتعارف، فلو وضع في الثلاجة سنة اعتباطاً كان مشكلاً، نعم لا يبعد الجواز لبعض الأغراض العقلائية مما يشك في شمول دليل الحرمة له، أما إذا وصّى[2] بعدم الوضع في الثلاجة أو لم يرض الولي فلا يجوز.
-------------------------
[5]: مضافاً إلى أنّه نوع من ردع المنكر للحيلولة دون وقوعه خارجاً، وقد ذكرنا المسألة في مكان آخر من هذا الكتاب.
المسألة 120:
[1]: كالسرداب البارد جداً، مثل السرداب المتعارف في النجف الأشرف.
[2]: لأنّ وصايا الميت نافذة.
ص: 148
المسألة 121: يجوز استعمال حبوب الذكاء، أما استعمال حبوب البلادة فلا يجوز.
* أما جواز حبوب الذكاء فلأنه ازدياد في الخلق زيادة حسنة[1]، حاله حال تسمين البدن أو تنشيطه أو تقوية نور العين أو ما أشبه.
وأما حبوب البلادة فالموقت منها جائز، فهو كتغميض العين مؤقتاً أو حقن المضعف كذلك، أما ما يوجب البلادة الدائمة فهو من إسقاط القوة فيشمله دليل (لا ضرر)[2] ونحوه.
المسألة 122: يجوز للحكومة الشرعية - لا غير الشرعية - في مكة المكرمة، أن تمنع الزائد[1] من الحجاج فيما إذا كان العدد الزائد ضرراً بالغاً
-------------------------
المسألة 121:
[1]: وقد سبق جواز نظيره في مسألة 98(1).
كما أنّ أدلة تغيير خلقه تعالى لا تشمله، وتشمله عمومات أدلة التداوي والعلاج، وكذا أدلة السلطنة.
[2]: في إطلاقه لكل مراتب البلادة تأمل.
[1]: وهل لها الحق في أن تمنع واجب الحج - أي: مَنْ لم يحج من قبل وكان مستطيعاً فعلاً - أو تمنع من حج من قبل.
قد يقال: لا يحق لها أن تمنع مَنْ لم يحج من قبل للوجوب.
ص: 149
على جملة منهم، مثلاً إذا لم تستوعب إدارة الصحة ورعاية الحاج أكثر من عدة مليون حاج، جاز للحكومة أن تمنع الأكثر من ذلك، لكن الواجب السعي لاستيعاب الحج أكبر عدد ممكن.
* أما الجواز فلقاعدة (لا ضرر)[2] وحينئذٍ فاللازم تحكيم القرعة بالنسبة إلى الطالبين إذ لا أولوية.
لا يقال: المقدم مقدم لقاعدة السبق.
لأنه يقال: ذلك فيما إذا سبق إلى المكان لا إذا سبق إلى الطلب، إذ السبق إلى الطلب لا يصدق[3] عليه (من سبق)(1) فتأمل، واللازم[4]
-------------------------
وفيه: إنّ الإجازة مقدمة للاستطاعة، وتحصيل الاستطاعة غير لازم، فليس الحج واجباً عليهم إلاّ بعد الإجازة، فتأمل.
[2]: وللأهم والمهم.
[3]: فيه نظر؛ إذ عرفاً يصدق عليه ذلك. نعم، هنا بحث: وهو أنّ هل كل حق عرفي هو حق شرعي أيضاً؟
ذهب المصنف (رحمه اللّه) إليه، وتأمل العم ظاهراً فيه لعدم الدليل، ولعل الدليل «لئلا يتوى حق امرئ»(2)، ولأنه ظلم عرفاً فيشمله {لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ}(3)، فتأمل.
[4]: لعله لأنّه مقتضى قاعدة العدل والإنصاف، أو لأنّ خلافه ظلم عرفاً.
وفيه: إنّ ذلك غير لازم، فهو كمتولٍ تستوعب مدرسته ألف طالب، فلا يجب
ص: 150
من جهة القرعة[5] تقسيم الحاج على النسب المعينة، مثلاً: لو كان هناك قطران متساويان في عدد السكان وأراد الحج من كل قطر مائة ألف والحج لا يستوعب منهما إلا النصف - فرضاً - فإنه يسمح لكل منهما بخمسين ألف ويقرع بين مائة ألف لكل منهما، وهكذا.
وأما وجوب السعي للاستيعاب الأكثر، فلأن الحاكم وضع لمصالح الناس[6] الدينية والدنيوية، والحج من أهم المصالح ديناً، قال تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ}(1) .
وقال سبحانه: { جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِّلنَّاسِ}(2) وقد كتبنا دراسة حول إمكان استيعاب الحج عشرة ملايين[7](3)، لكن اللازم
-------------------------
أن يوزعهم على جميع المناطق، بل يستطيع أن يجعلهم كلهم من منطقة واحدة، ونظيره ما ذكروه في باب (الخمس) من أنّه لا يجب البسط على الأصناف أو الأفراد، فراجع(4).
[5]: مع وجود دليل «السبق» لا مجهوليته، ولا مشكل كي تجري القرعة.
[6]: إلا أنّ وجوب تحقيق جميع مراتب المصلحة لجميع الناس محل تأمل.
وقد يستدل بأنّه مقدمة للواجب - عادةً- أي: الهداية والإرشاد، ومقدمة الواجب واجبة عقلاً، فتأمل.
[7]: ورسالة أخرى في خمسين مليوناً.
ص: 152
ثم من لم تخرج القرعة باسمه لا يستقر عليه الحج إن مات عام الاستطاعة؛ لعدم تخلية السرب، كل ذلك فيما لو كانت الحكومة شرعية، وإلا فلا حق لها في ذلك، وقد ذكرنا مواصفات الحكومة الشرعية في بعض كتبنا الفقهية.
المسألة 123: إذا كانت زيادة الحاج موجبة للضرر البالغ، جاز للحكومة الشرعية أن تمنع حجاجها عن الحج إلى مكة المكرمة، كما إذا توفر عدة ملايين حاج في السنة، ولم يتحمل الحج أكثر من ذلك، فإنه يجوز[1] للحكومة الشرعية أن تمنع حجاجها عن الحج هذه السنة.
-------------------------
إحالة الأمر إلى الخبراء في مختلف شؤون الزيادة ليعرف القدر الممكن.
المسألة 123:
[1]: وهل يجب على الناس التقيد؟ الظاهر: أنّه إن لم تكن الحكومة شرعية فلا قيمة لمنعها، فيجوز لكل أحدٍ الذهاب، إلا إذا كان ذلك ضرراً أو نحوه، فالمانع أدلة لا ضرر، كخرق قوانين المرور.
وإن كانت شرعية فاللازم الإطاعة، وإن لم يكن ضرراً؛ لأنّ الضرر علة للجعل لا للمجعول، وإطاعة الحاكم لازمة كإطاعة الإمام (عليه السلام) ، فإنّ «الراد عليهم كالراد على اللّه تعالى»(1).
والخلاصة: إنّ الحاكم إمّا يوكل الأمر لاختيار المكلف، بأن يقول: (إن كان ضرر فلا تذهب) وفي هذا ضرر؛ إذ إيكال الأمر إلى المكلفين يكون ذريعة للمخالفة أو غير ذلك، كإيكال الأمر للمكلف في باب قوانين المرور. أو يجعل
ص: 154
* لقاعدة (لا ضرر)[2] وقد عرفت أنّ الحكومة الشرعية مكلفة بمراعاة مصلحة الناس.
المسألة 124: إذا لم تبق استطاعة الشخص حتى العام الآتي، في مسألتي (122، 123) لم يجب عليه الحج؛ لأنه بالتمكن في عام المنع، لا يكون الإنسان مستطيعاً.
* لعدم تخلية السرب - كما عرفت - ثم الواجب[1] على المستطيع أن يعطي مالاً أكثر - غير مجحف - إذا أمكنه اشتراء بطاقة من يستحب له الحج، أما من يجب عليه فلا يجوز[2] له بيع بطاقته.
-------------------------
الحكم علماً ولو لما لا ضرر فيه، وحينئذٍ تجب إطاعته بمقتضى أدلة الولاية.
إلا أن يقال: لا تجب طاعة الحاكم في الموضوعات، وفيه: إنّه في الموضوعات الخاصة لا العامة (وأما الحوادث الواقعة)(1) فتأمل.
[2]: وللأهم والمهم.
المسألة 124:
[1]: لأنه مقدمة وجودية للواجب، وليس تحصيلاً للاستطاعة، فهو كطي الطريق.
[2]: ولو باع فالظاهر الإجزاء لمَنْ اشترى.
والخلاصة: إنّه حكم تكليفي لا وضعي، فتأمل. والشراء محّرم؛ لأنّه تعاون على الإثم، إلا أنّه لا يخل بحجه، فتأمل، لأنه وفر مقدمة محرمة لا أنّ العمل محرّم.
ص: 155
المسألة 125: من الخير أن تعمل الحكومة في مكة المكرمة سفينة[1] كهربائية فوق الكعبة المكرمة، بحيث يراها أهل الآفاق البعيدة، الممكن رؤيتهم لها، وكذلك تعمل كل حكومة فوق بلدها سفينة مسامتة لسفينة الكعبة حتى تعرف سمت الكعبة.
* وإنما كان من الخير؛ لأن الآفاق يرون خط الكعبة بالدقة، وهو يوجب التدقيق في أمر القبلة؛ وإن كان ظاهر الدليل كفاية السمت العرفي، كما ذكرناه في الفقه، وإذا وصل الأمر إلى الطرف الآخر من الكرة الأرضية فالمعيار أقرب[2]، [3] الخطوط المتعددة إلى الكعبة في اتجاه الصلاة وغيرها، لا بخرق الأرض من سطح الأرض.
المسألة 126: إذا كان الازدحام في الحج كثيراً، بحيث لم يتمكن الحاج من الوقوف في عرفات والمشعر، مرّ بهما مروراً في بعض[1] وقت الموقف، وسكن في خارجهما، والأحوط السكنى في الأقرب فالأقرب إليهما.
-------------------------
المسألة 125:
[1]: أو مجسمة كالكعبة أو إشارات ضوئية.
[2]: لأنّه هو الذي كان يبني عليه الناس من قديم الأيام، ولم يردع عن ذلك، أي: كانوا يلاحظون خط السير الأرضي، لا عمق الأرض.
[3]: ولو تساويا أو تساوت تخير.
المسألة 126:
[1]: بمقدار الإمكان.
ص: 156
* المرور لأنه الميسور[2]، والأقرب فالأقرب لما في بعض الروايات من جوابهم (عليه السلام) بأنهم يقفون خارج تلك المواضع مما انصرافه[3] إلى الأقرب فالأقرب، لكن العرفي منه لا الدقي.
المسألة 127: الظاهر جواز الطواف أبعد من مقدار ستة وعشرين ذراعاً[1] خصوصاً في حال الاضطرار.
* لورود الرواية بذلك، فتحمل الرواية المحددة على الأفضل، كما مقتضى الجمع[2] بين مثل هاتين الطائفتين، وعلى هذا فلو اتسع المسجد[3] أكثر كان المطاف أكبر أيضاً.
-------------------------
[2]: ولأنّ الواجب انحلالي، كما يظهر لمن خرج من عرفات، فإنه يجب الرجوع، وكلما استطاع وجب، فهو مثل الصلوات المتعددة، لا مثل صوم شهر رمضان، ومنه يظهر أنّ الحكم كذلك حتى لو لم نقبل بقاعدة الميسور.
[3]: فيه تأمل.
المسألة 127:
[1]: ونصف تقريباً. (راجع المناسك)(1).
[2]: العرفي.
[3]: هل من اللازم الاتساع، أو لو فرض أنّه انهدم حائط المسجد جاز أن يطوف
ص: 157
المسألة 128: يجوز الطواف والسعي[1] والوقوف والرمي فوق وتحت الكعبة والمسعى والموقف[2] والجمرة[3]، لكن بالحدود المقررة، والاحتياط اختصاص ذلك بحالة الاضطرار.
* وذلك للصدق[4]، ولأن الكعبة[5] من تخوم الأرض إلى عنان السماء، وعلى هذا فيجوز الطواف مورّباً أو بعضه في العلوّ وبعضه في الوسط وبعضه في السفل، وكذلك في سائر المواقف المذكورة.
-------------------------
في الأطراف الخارجة مع صدق الطواف عرفاً؟
المسألة 128:
[1]: في صدق {يَطَّوَّفَ بِهِمَا}(1) تأمل.
[2]: إذا لم يكن عالياً جداً، بحيث لا يصدق الوقوف بعرفات ونحوها.
[3]: فيه تأمل لعدم الدليل.
[4]: مضى التأمل.
[5]: اللازم ملاحظة دليل الطواف، ودليل: الكعبة من تخوم أو القبلة من تخوم(2)، فإذا كان دليل: (الطواف: الكعبة) ودليل (من تخوم: القبلة) كان الأخير ظاهراً في استقبال الصلاة لا الطواف، راجع: الفقه في رواية: أساس البيت من تخوم الأرض عن الفقيه(3).
ص: 158
المسألة 129: لو شربت المرأة دواءً أوجب حبس الحيض[1] كانت بحكم الطاهر في أعمال حجها.
* للإطلاق[2] والنص الخاص، ومنه يعلم أنها إذا أدرّت[3] الحيض كان في حكم الحائض في الأحكام، فإن الحكم تابع للموضوع(1).
-------------------------
نعم، قد يقال: إنّه يصدق في الطابق الثاني ونحوه أنّه طاف حول الكعبة، فتأمل.
وقد يقال: لو رفعت الكعبة بحيث حاذت الطابق الثاني وغيره صدق أنّه طاف حول الكعبة.
والكعبة ليس لها حدّ، بل منوطة بالصدق العرفي، فهو كتوسعة المسجد الحرام، أو توسعة البلدان الأربعة، أو توسعة أية مدينة أو بيت.
المسألة 129:
[1]: بأن لا يخرج مطلقاً، ومثله: لو قطعه خلال الثلاثة، إلا أن يقال: الثلاثة طريقي لا موضوعي، فمع العلم بكونه حيضاً لا يضر القطع، لكن ظاهر النص والفتوى الموضوعية فتأمل، فهو مثل الحيض قبل البلوغ أو بعد سن اليأس.
وكذا لو قطعه بعد الثلاثة وعلمت بأنّه لا يخرج ولو قطرة منه خلال العشرة.
[2]: أي: تشمله أدلة الطهارة والطاهرة. والخلاصة: إنّ الأحكام تابعة للعناوين.
[3]: وهل يجوز ذلك، بأن يفعل الإنسان عملاً يوجب انتقاله من العمل الاختياري إلى الاضطراري؟ قد يقال: لا؛ لأنّ العنوانين طوليان. نعم، لو كانا عرضيين - كالسفر والحضر - جاز.
ص: 159
المسألة 130: المبتلى بمرض الضحك، تصح صلاته[1] مع الضحك، إلا إذا قدر أن يمنع نفسه بقدر إتيانه بالصلاة، ومثل الضحك: البكاء والحركة المنافية للاطمئنان.
* كل ذلك[2] للاضطرار[3]، ودليل
-------------------------
المسألة 130:
[1]: إذا كانت له فترة فيقطع فيها الضحك أو يقل تعينت الصلاة فيها، راجع بحث السلس(1).
وفي جواز البدار لذوي الأعذار بحث في محله، مع احتمال الانقطاع.
[2]: ولعل الأولى الاستدلال ب- (لا تترك الصلاة بحال)(2) مما يستفاد منه صحة الصلاة، وراجع بحث (الإجزاء، إجزاء الاضطراري عن الواقعي الأولي).
[3]: هل دليل الاضطرار يثبت الجواز، أو الصحة أيضاً؟
ص: 160
الميسور[4]، والتنظير بالسلس للملاك[5]، وكذلك حال كثير النوم[6]، بأن يغفو في صلاته مرّات.
المسألة 131: الفصول[1] العشائرية إن أمكن تطبيقها[2] على الموازين الشرعية جازت، مثلاً: إذا كان فصل الدية بمائة دينار وبنت، ورضي الطرفان صلحاً ورضيت البنت[3] جاز، وإن لم يمكن تطبيقها على الموازين الشرعية لم يجز، لكن اللازم السعي لإلغاء الفصول العشائرية المتعارفة في بعض البلاد.
* وذلك لأنّ حكم اللّه هو اللازم اتباعه، نعم يمكن التصالح فإنه طريق شرعي أيضاً، أما لزوم الإلغاء فهو لئلا يكون للناس بتلك الفصول علاقة[4]، [5]
-------------------------
[4]: بناءً على القول به.
[5]: العرفي.
[6]: لكن مع تجديد الطهارة لا على ما في بحث المسلوس).
المسألة 131:
[1]: الظاهر أنّها إن اعتبرت بعنوان حكم كان محرّماً مطلقاً، وإن اعتبرت بعنوان صلح كانت محلّلة مطلقاً.
فتفصيل المصنف (رحمه اللّه) بالجواز ولزوم الإلغاء يحتاج إلى تأمل.
[2]: فيكون كقاضي التحكيم.
[3]: ووليها إن كانت بكراً.
[4]: مما يؤدي كثيراً إلى تجاوز أحكام الفقه.
[5]: فيكون مقدمة للحرام، أو سبباً لتصور أنّه حكم اللّه تعالى، أو في قبال حكم اللّه تعالى، فتأمل.
ص: 161
ويكون الحكم لله وحده، قال تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ}(1).
المسألة 132: الصبغ الذي له جسمية[1] ويستفاد منه لتجميل الأظافر لا يصح الوضوء والغسل معه، فاللازم إزالته حال الوضوء والاغتسال.
* وجوب الإزالة لأنه حائل، وكذلك حال الصبغ الذي يستفاد لتجمل شفار العين[2] أو شعر الرأس إذا كان حائلاً، وأما الصبغ الذي ليس حائلاً - كما هو المتعارف في صبغ الشعر - فلا إشكال فيه.
أما إذا صبغت بالحائل ولم يمكن إزالته مسحت عليه؛ لأنه بمنزلة الجبيرة سواء كان وضعه حلالاً أم حراماً[3].
المسألة 133: الشيء المجلوب من بلاد الكفر الذي لا يعلم أنه جلد[1]
-------------------------
المسألة 132:
[1]: أي: كان حائلاً عرفاً بحيث لم يمس الماء البشرة في نظر العرف.
[2]: إن عدّ محله ظاهراً.
[3]: وقد سبقت الإشارة إلى أنّه لو أتى بما أوجب الاضطرار صحّ عمله. (راجع: بحث: لو أخر الجنب الغسل إلى قريب الفجر)(2).
المسألة 133:
[1]: أي: طبيعي.
ص: 162
أو ليس بجلد[2] إذا فحص[3] الإنسان ولم يعلم حقيقته، جازت المعاملة عليه واستعماله[4] والصلاة فيه.
* وذلك لقاعدتي[5]: الحل، والطهارة.
-------------------------
[2]: وكذا في الحكم بالطهارة لو علم أنّه جلد طبيعي، لكن لم يعلم أنّه من حيوان دافق الدم أو غير الدافق، فإنّه طاهر ولو كان ميتة.
والخلاصة: إنّ الصور هي:
1- العلم بأنّه صناعي.
2- الشك أنّه طبيعي أو صناعي.
3- العلم بأنّه جلد طبيعي من حيوان دمه دافق.
4- العلم بأنّه طبيعي من حيوان دمه غير دافق.
5- الشك أنّه دافق أو لا.
[3]: في الشبهات الموضوعية لا يلزم الفحص على المشهور، وفي خصوص الطهارة والنجاسة لا يلزم الفحص حتى على مبنى المصنف (رحمه اللّه) (راجع في الفقه: الفرق بين النجاسة والتنجس)(1).
[4]: لو قلنا: إنّ استعمال الميتة حرام مطلقاً.
[5]: وفي اللباس المشكوك بحوث طويلة، وألّفت رسائل خاصة لذلك، راجع العروة بحث (الماهوت)(2).
ص: 163
المسألة 134: السفر إلى الفضاء في حكم السفر إلى نقاط الأرض، في الإقامة الموجبة لإتمام الصلاة والصوم وغيرها[1].
* لإطلاق الأدلة وصدق السفر، فإنه لا يختلف في السفر، العمودي والأفقي، صعوداً[2] ونزولاً ومورّباً كما ذكرناه في الفقه.
المسألة 135: حركة القمر لا تعد سفراً، فإذا استوطن الإنسان القمر، كان في حكم المقيم.
* لانصراف أدلة السفر عن حركته[1]، نعم لو كانت في الفضاء أجرام صغيرة جداً بحيث يعد حركتها سفراً عرفاً كان في حكمه[2]، أما إذا سكنها إنسان شهراً[3] كان من قبيل
-------------------------
المسألة 134:
[1]: كجريان حكم الوطن الاتخاذي، ومثل كثير السفر وعمله السفر وفي السفر.
[2]: ولا يضر عدم خفاء الجدران؛ إذ القياس الحركة الطبيعية. (راجع العروة)(1).
المسألة 135:
[1]: فهو كحركة الأرض، ولو فرض كونه سفراً كان كثير السفر أو ممن بيته معه.
[2]: راجع الحاشية السابقة.
[3]: هل الملاك الشهر أو صدق العنوان؟
ص: 164
كثير السفر[4] لدوام حركتها.
المسألة 136: إذا كان الإنسان في غواصة أو قمر صناعي دائم السير، صار حاله حال كثير السفر[1]، [2].
لما تقدم، ولو كان ساكناً تارة ومتحركاً أخرى كان كسائر الناس في حكم السفر والحضر.
المسألة 137: إذا كان للإنسان كمبيالة بمبلغ مائة دينار مثلاً، جاز بيعها بأقل، فإنه من بيع الدين بأقل منه.
* وليس ذلك من الربا[1]، لكن بشرط أن يكون الدين واقعياً لا مجاملياً، وإلا كان من الربا.
-------------------------
[4]: لو فرض أنّ هذا العنوان متعلق لحكم شرعي، أمّا لو قلنا الملاك عمله السفر، أو في السفر، أو بيته معه كانت هي الملاك.
المسألة 136:
[1]: راجع الحاشية السابقة.
[2]: أو ممن بيته معه.
المسألة 137:
[1]: إلا أن يبيع نفس الورقة، إذا كانت لها مالية عرفاً، فإنّه ذهب الوالد (رحمه اللّه) إلى أنّها ليست ربا - على ما ببالي - بل هي بيع؛ لأنّ للورقة اعتباراً عرفاً.
وفيه: أنّ العقد لا يقع على نفس الورقة، بل باعتبار الدين، فلا تلاحظ نفس الورقة، بل الملحوظ نفس الدين. نعم، لو احتال للفرار من الربا دخل في مسألة (الحيل الشرعية).
ص: 165
المسألة 138: لو زرّقت المرأة اللبن بما خرج من ثديها، بحيث لم يعد لبناً لها، لم يوجب ذلك اللبن الرضاع المحرم.
* لوضوح أنّ الدليل[1] في لبن المرأة، وهذا ليس منه، كما أنه لو فرض تزريق المني بحيث خرج من الرجل[2]، لم يكن منيه[3] ولم يوجب غسلاً، وهكذا حال الدم الذي يمتصّه العلق، فإنه لا يعد من دم حيوان ليس له نفس سائلة حتى يكون طاهراً، إلى غير ذلك من أشباهها[4]، [5].
-------------------------
المسألة 138:
[1]: لابد من ملاحظة الدليل، فهل يحتوي على كلمة (الإرضاع) أو (الإرضاع من لبنها) وجعل ذلك هو الملاك؟ ولعله لا يكون فارق بين العنوانين، فتأمل.
[2]: في إطلاقه نظر، ولعل الصدق يختلف.
[3]: وكذا لو خرج من المرأة مني الرجل(راجع العروة، بحث الأغسال)(1).
[4]: راجع العروة بحث (الانتقال)(2)، ولاحظ الأدلة المذكورة هنالك.
[5]: كدم البق، (راجع العروة، بحث النجاسات)(3).
ص: 166
المسألة 139: لو خرج اللبن من غير الثدي بواسطة فتح منفذ، لم يبعد أن يلحق به حكم الرضاع.
* للصدق[1]، [2] إذا اجتمعت الشروط، وقد ذكرنا في (الفقه) مسألة خروج المني والبول والغائط من غير المخارج المتعارفة(1).
المسألة 140: الحروب الكيماوية والجرثومية ضد الكفار إنما هي فيما إذا توقف[1]،
-------------------------
المسألة 139:
[1]: لعله يختلف باختلاف الموارد، راجع بحث المنفذ غير المتعارف (بحث النواقض)(2)، وراجع مسألة 41 من هذا الكتاب(3).
مثلاً: لو أرضع من يده أو رجله فهل يصدق الإرضاع؟
[2]: ولوحدة الملاك فتأمل؛ إذ ما الفرق بين أن يخرج نفس اللبن من الثدي أو الإصبع؟
المسألة 140:
[1]: لا يقال: الغاية لا تبرر الوسيلة.
فإنه يقال: لا تبرر الوسيلة مطلقاً، ولكن استثني من ذلك كون الغاية أهم من الوسيلة بدرجة ملزمة، فالغاية مطلقاً لا تبرر الوسيلة مطلقاً، لكن الغاية الأهم تبرر
ص: 167
[2] الانتصار عليها، أو إذا كان الكافر يستعملها[3]، أما بدون هاتين الصورتين فالاجتناب واجب.
* مع توقف الانتصار[4] تكون المسألة من الأهم والمهم[5]، بشرط إجازة شورى[6] الفقهاء، ومع استعمال الكافر تكون من المقابلة بالمثل، قال تعالى: {فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}(1)، أما بدونهما فهو من التشويه والتمثيل[7] فلا يجوز، وقد ذكرنا في الفقه لزوم التدرج[8] في
-------------------------
الوسيلة المهم إذا كانت الأهمية بالغة درجة الإلزام.
[2]: ويؤيده الآية الكريمة في (قطع اللينة)(2).
[3]: سبق التأمل في ذلك (راجع مسألة 111)(3) وراجع المسائل اللاحقة لهذه المسألة ، أي: 140(4)، ومنه يظهر التأمل في المقابلة بالمثل.
[4]: الأهمّ، كما يظهر من تعليله.
[5]: ويجب أن يلاحظ في ذلك سمعة الإسلام أيضاً - كما سبق -..
[6]: لأنّه هو الحاكم، فلا يحق تصرف بلا نظرهِ، لكن هل يسري ذلك في الحرب الدفاعية أو لا حاجة للإذن مطلقاً فيها؟
[7]: والقتل.
[8]: لابد من رادع، (راجع بحث اللطف، وأنّ محركية القانون تحتاج إلى الوعد والوعيد والترهيب والترغيب)(5)؛ ولذا لم يصنعه (صلی اللّه عليه وآله وسلم) والإمام (عليه السلام) .
ص: 168
الدول حول نزع السلاح مطلقاً، وخاصة مثل هذه التي تتنافى مع المثل الإنسانية، والتعاليم السماوية.
المسألة 141: إذا توقف[1] الانتصار على إلقاء القنابل في بلد فيه مسلم وكافر محارب جاز، وإن قتل فيه المسلم أيضاً، فإنه من قبيل[2] تترس الكافر بالمسلم.
* لكن اللازم ملاحظة الأقل فالأقل، فإنه من أشد حالات الاضطرار، وقد تقدم في مسألة شبيهة اشتراط إذن شورى المراجع، ولزوم إعطاء[3] دية المسلم من بيت المال وكذلك حال الذمي ونحوه.
المسألة 142: يجوز[1]، [2] العمل الفدائي ضد الكفار، وإن استلزم ذلك الإتيان بالصلاة الاضطرارية؛ لعدم الماء أو لعدم التمكن من الإتيان
-------------------------
المسألة 141:
[1]: راجع مسألة (140)(1).
[2]: أي: إنّ الملاك - عرفاً- واحد، وتشمله أيضاً أدلة الأهم والمهم.
[3]: سبق الكلام في ذلك.
المسألة 142:
[1]: راجع مسألة (140)(2).
[2]: بالعنوان الثانوي إذا استلزم محرماً.
ص: 170
بصلاة المختار، لكن بشرط أن يكون ذلك تحت قيادة إسلامية مشروعة.
* فإن ذلك من باب الأهم والمهم، وكذلك لو استلزم العمل الفدائي بعض المحرمات الأخر[3]، من غير فرق بين الحروب الابتدائية أو الدفاعية أو في حرب طائفتين من المؤمنين اقتتلوا، لوحدة الملاك في الجميع.
المسألة 143: إذا توقف الانتصار على الاغتيال وإحراق الزرع وما أشبه جاز[1]، من باب المقابلة بالمثل[2]، لكن اللازم اجتناب هذه الأمور، إلا في الضرورة القصوى.
* أما الجواز مع الاضطرار فلدليل الأهم والمهم، وللمقابلة بالمثل، وأما لزوم مراعاة الضرورة القصوى فلأنها أشياء غير نزيهة[3] والنزاهة مطلوبة في كافة الأمور الإسلامية، سلماً أو حرباً، كما يظهر من توصيات الرسول (صلی اللّه عليه وآله وسلم) وعلي (عليه السلام) وقد ذكرنا شطراً منها في كتاب الجهاد وغيره(1).
-------------------------
[3]: مع ملاحظة الأهم والمهم وملاحظة سمعة الإسلام.
المسألة 143:
[1]: راجع المسألة (140)(2).
[2]: سبق التأمل فيه.
[3]: فبعضها محرم، وبعضها دلت الأدلة على محبوبية التجنب عنها، ومنه يظهر أنّ التجنب في القسم الثاني أفضل لا أنّه لازم، إلا أن يطرأ عنوان ثانوي محرّم.
ص: 171
المسألة 144: الحروب الباردة[1] ضد العدو والدعايات المضللة للعدو جائزة، فإنّ الكافر حيث يصنع ذلك، فيجوز مقابلته بالمثل[2]، ولعموم الأدلة.
* وذلك لآية الاعتداء(1)، ولقوله تعالى: {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ}(2)، ولقوله سبحانه: {وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ}(3)، مع قطع النظر عن الأدلة العامة، وقاعدة الأهم والمهم، لكن اللازم - كما تقدم - ملاحظة النزاهة إلى أبعد حد ممكن، وفي كلام علي (عليه السلام) : «ما معاوية بأدهى مني»(4) إشارة إلى ذلك.
المسألة 145: الأقمار التي تعكس النور على الأرض، بأن تختزن النور من الشمس مثلاً في النهار وتعكسه على الأرض في الليل،يجوز لمالكها[1]
-------------------------
المسألة 144:
[1]: راجع المسألة (140)(5).
[2]: سبق التأمل فيه.
المسألة 145:
[1]: لكن بشرط أن لا يتضرر أحد بذلك بدون رضاه، وإلا دخلت المسألة في تعارض الضرر مع السلطنة، فراجع قاعدة (لا ضرر)(6).
ص: 172
أن يتعاقد مع أهل البلد لإنارتهم كأن يأخذ من كل بيت ديناراً لأجل إنارتهم في كل شهر لكن ليس للمالك[2] إجبار أحد.
* وذلك لإطلاق أدلة الإجارة ونحوها، وحيث إنّ الناس مسلطون فلا جبر، والظاهر: أنه لا يصح[3] لصاحب القمر أن يقول: إني لا أرضى باستفادة من لم يؤد أجره، فهو كالاستفادة من نور الجيران الذي ينير الطريق ونحوه ولو بدون رضاه، اللّهم إلا في بعض الموارد[4] التي ذكرناها في الفقه: كتاب الإحياء(1).
-------------------------
[2]: وهذا يختلف عمّن فتح طريقاً فيأخذ من كل سيارة ديناراً قهراً؛ لأنه ملكه، والناس مسلطون(2)، وهذا بخلاف محل الكلام، فهو كخطيب يخطب ويريد أن يأخذ من كل من يصل إليه صوته ديناراً، فإنّه لا حق له على نحو الإجبار، ولا حق له أن يمنع منْ سماع كلامه؛ لأنّه ليس حقاً عرفاً، فلا يلزم على الأفراد أن يضعوا القطن في آذانهم مثلاً وهم في بيوتهم!
ولو فرض أنّه عدّ حقاً عرفاً - لمبنى بعض - فإنّه ليس كل حق عرفي حقاً شرعياً، كالطوابير على المحلات.
[3]: لأنه ليس حقاً عرفاً، (الإجازة ونحوها) كالبيع.
[4]: لعله كخيمة نصبها شخص في الطريق للاستفادة من أجرة من يجلس في ظلها، فإنّه حق له، لئلا يتوى حق امرئ، ولعله كذلك لو نصبها لا لذلك، بل للسكنى، فإنه حقٌّ عرفاً بخلاف بيوت المدينة، فتأمل.
ص: 173
المسألة 146: التعليم الإجباري إذا توقف تقدم المسلمين عليه، بأن خيف انهزامهم في ميادين الحروب ونحوها جائز[1]؛ لأنّ الحرب في الوقت الحاضر تتوقف على مختلف العلوم، وإلا لم يكن جائزاً؛ لأنّ الناس مسلطون على أموالهم وأنفسهم، لكن الظاهر غنى الدولة الإسلامية من الإجبار، فإن الإغراء وما أشبه[2] كفيل بإقبال الناس بدون إجبار.
* كل الأمور الثلاثة دليلها معها، وليس ذلك لأجل الحرب فقط كما في المتن، بل يجري أيضاً في الاقتصاد والسياسة وغيرها، حيث هناك تنافس شديد بين المسلمين وغيرهم في هذه الأمور، فاللازم[3] عدم تأخر المسلمين عنهم، فإن «الإسلام يعلو ولا يعلى عليه»[4]، [5](1).
-------------------------
المسألة 146:
[1]: مع ملاحظة كافة أبعاد الموضوع، كثورة الشعب مثلاً، وملاحظة الأهم والمهم.
[2]: كالتوعية.
[3]: إذا انطبق عنوان موجب - أي مسبب للوجوب - ككونه مقدمة للهداية والإرشاد؛ إذ الأعلى لا ينظر للأدنى عادةً، فيكون مقدمة وجودية للواجب كالأهم والمهم.
[4]: ونحوه قوله تعالى: { وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ}(2).
[5]: أولاً: لابد من ملاحظة سنده(3).
وثانياً: لابد من ملاحظة أنّه إخبار أو إنشاء، وسيأتي البحث في ذلك في
ص: 174
المسألة 147: الجندية[1] الإجبارية التي يطلق عليها اليوم اسم الخدمة العسكرية حالها حال التعليم الإجباري، كما تقدم في المسألة السابقة.
* لما ذكرناه في المسألة السابقة من الدليل، والعمدة أنّ الإغراء[2] كاف بلا حاجة إلى الجبر.
المسألة 148: إذا فرض[1] إمكان دائمية النهار في منطقة، بواسطة إيجاد ثقوب في الأرض ونصب مرايا، حتى تشع الشمس على ذلك المكان طول الزمان، فاللازم اتباع حالة المنطقة قبل هذه العلمية في الليل والنهار والصلاة والصيام والحج وغيرها.
-------------------------
المسألة (150)(1).
وهل المراد علو الإسلام أو علو المسلمين؟ وهل هنالك تلازم كلي بينهما أو تلازم في الجملة؟ والمطروح في المسألة هنا علو الإسلام.
المسألة 147:
[1]: راجع المسألة السابقة(2).
[2]: والتثقيف.
المسألة 148:
[1]: بشرط أن لا يلزم إفساداً وإخلالاً بالنظام، وإلا كان محرماً تكليفاً، وإن لم يتغير الحكم الوضعي المذكور في المسألة .
ص: 176
* وذلك لأنّ[2] الأدلة منصبة على المتعارف[3]، بالإضافة[4] إلى بعض الروايات الواردة في الآفاق غير المتعارفة القائلة بأنهم يأخذون حسب المتعارف.
وكذلك حال[5] مدينة تصنع في الفضاء تدور مع الشمس، أما المدينة التي تصنع تحت البحر فالمعيار[6] في نهارها وليلها هو سطح البحر؛ لأنه يكون حينئذٍ كمن في التراب والنفق.
-------------------------
[2]: هذا يثبت أنهم لا يأخذون بمقتضى الوضع الجديد، وإلا فإنّهم يأخذون بحالة المنطقة قبل العملية أو بأفق متعارف آخر، فلا تكفي له. (راجع التفصيل الذي ذكرناه قبل قليل)، فتأمل.
[3]: سبق الكلام في ذلك (راجع المسألتين 22 و 24(1) وغيرهما).
[4]: راجع كتاب الصوم من العروة(2).
[5]: فإنّها تأخذ بأفق متعارف، ولا خصوصية لمكة أو المدينة المشرفتين، كما ذكرناه سابقاً، وعليه فهذه المسألة أجنبية عن المسألة السابقة.
[6]: يمكن أن يقال في جميع شقوق المسألة - باستثناء المدينة المصنوعة في الفضاء، فإنّها تتخير في الرجوع إلى أي أفق متعارف - إنّه إن كان قريباً بحيث عدّ من توابعه عرفاً كان المعيار السطح ونحوه، وإلا تخير في الرجوع إلى أي أفق متعارف.
ص: 177
المسألة 149: إذا ارتفعت نفقات الحرب للاحتياج[1] إلى الصواريخ والذرّة وما أشبه ذلك، بحيث لا تتمكن الدولة من القيام بها مع فرض استنفاد جميع إمكانياتها، جاز أخذ النفقة[2] من الرعية(1)، وإن كانت خارجة عن الخمس والزكاة[3]؛ وذلك لوجوب الجهاد[4] على الكل والنفقة من مقدمات الجهاد[5].
* لكن اللازم ملاحظة النسبة لا الأخذ اعتباطاً، فإذا كان هناك متبرعون ولم يكف، أخذ الباقي من الناس حسب أفرادهم أو ثرواتهم، وذلك بأن يؤخذ مثلاً من كل إنسان قادر ديناراً مثلاً، أو من كل ذي ثروة عشرة دنانير، وهكذا.. إذ لا أولوية[6] في اعتباطية النسبة أو اعتباطية الأخذ،
-------------------------
المسألة 149:
[1]: بحيث يكون مصداقاً للأهم والمهم.
[2]: راجع القيد المذكور في المسألة (146)(2) (على ملاحظة كافة).
[3]: والجزية والخراج.
[4]: وللأهم والمهم، وراجع بحث المهم والأهم في (140)(3) وما فعله الأمير (عليه السلام) حين أخذ الزكاة إضافياً - ظاهراً -.
[5]: الوجودية، فيكون الأخذ أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر.
[6]: الظاهر أنّهم لا يلتزمون بذلك في نظائره، فتأمل. ولعل مرجع الاعتباط
ص: 178
ويؤيّد[7]، [8] الاختلاف مع اختلاف الثروة بالإضافة إلى أنه مقتضى قاعدة العدل والإنصاف[9]: ما نراه من اختلاف أخذ الجزية من الفقير والغني والمتوسط، أو اختلاف الخراج من مختلف الأراضي الزراعية.
ولا يخفى أن مثل هذه الأحكام التي تعتبر من الأحكام الثانوية يجب الاقتصار فيها على موضع الضرورة، فإن الضرورات تقدر بقدرها، ولا يجوز أن تكون قانوناً أولياً[10] كما نشاهده اليوم في الدول الإسلامية، حيث تأخذ ما لا يجوز من الضرائب وغيرها بعنوان القانون الأولي، هذا ويجب أن يكون الحاكم بهذه الأحكام شورى الفقهاء[11] المراجع، كما ذكرناه في بعض كتبنا.
-------------------------
إلى الظلم.
[7]: مضافاً إلى أنّ عدمه ظلم عرفاً، وقد قال تعالى: {لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ}(1).
[8]: لم يجعله دليلاً؛ لأنّه قياس، فتأمل.
[9]: راجع البحث في القواعد الفقهية و(الأصول)(2)، وهل المستند عذوبة لفظها أو أمثال: درهمي الودعي.
[10]: راجع السياسة بحث (الدستور)(3).
[11]: راجع م (140) و(141)(4).
ص: 179
المسألة 150: يجب[1] أن تكون سيرة الدولة الإسلامية والشعب المسلم سيرة تؤدي إلى تفوّق المسلمين على سائر الأمم وتقدمهم على سائر البلاد في مختلف شؤون الحياة؛ لقاعدة[2]، [3] (الإسلام يعلو ولا يعلى عليه).
* فإنّ «الإسلام يعلو»(1) ليس إخباراً، بل هو إنشاء بهذه الصيغة مثل: «لا رضاع بعد فطام، ولا يتم بعد احتلام»(2)؛ ولذا رتب الفقهاء[4] عليه أحكاماً في مختلف الأبواب(3).
-------------------------
المسألة 150:
[1]: إذا انطبق عنوان موجب، وإلا كان مستحباً، فتأمل.
[2]: سبق الكلام فيها في المسألة (146)(4).
[3]: وللآية الكريمة: { وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ}(5).
[4]: فيكون فهمهم جابراً للقصور الدلالي، راجع كتاب (الجهاد: إنّ الكافر لا يرفع بيته فوق المسلم)(6).
ص: 180
المسألة 151: يجوز[1] تبديل دم الإنسان بدم إنسان آخر، سواء كان أجنبياً أم لا، فإنه لا مانع من تزريق دم الأجنبي في جسم الأجنبية وبالعكس.
* لإطلاق دليل الحل، وكذلك الحال في دم المسلم للكافر وبالعكس، وكذلك يصح جعل دم الكلب[2] أو الخنزير للإنسان إذا فرض إمكانه، وبعد التحوّل إلى جسمه يكون حاله حال دمه[3].
المسألة 152: يستحب التبرع بالدم للمرضى، فإنه من التعاون على الخير، والصدقة[1] المندوبة، وإذا توقف حياة إنسان على الدم وجب التبرع[2] (ولو بأجر) كفاية.
-------------------------
المسألة 151:
[1]: مع عدم الضرر الكثير، كالأيدز مثلاً، ومع عدم احتماله، فإنّه إذا كان المحتمل مهماً كان الاحتمال منجزاً. وكذا في مثل الكلب.
[2]: قد يقال: إنّه مستنكر في أذهان المتشرعة، ولكنه غير ثابت، ولو ثبت فلم يُعلم وصوله درجة التحريم.
[3]: لأنه جزء منه عرفاً (راجع بحث وصل الشعر)(1).
المسألة 152:
[1]: بمعناها الأعم.
[2]: ما فرقه عن الكلية حيث أفتى المصنف (رحمه اللّه) بعدم الوجوب؟ (راجع
ص: 181
* والوجوب تكليفي، ولا تلازم بينه وبين الحكم الوضعي بجواز أخذ الأجرة، مثل وجوب الصناعات، حيث إن الوجوب لا ينافي جواز أخذ الأجرة(1).
المسألة 153: يستحب جمع المال من الناس، ولو بإغراء جوائز (اليانصيب) بصورته المحلّلة[1]، لأجل بناء المستشفيات، والمعاهد، ودور الأيتام الفقراء، وما أشبه ذلك، فإنه من التعاون على الخير[2].
-------------------------
ص20 س خ)(2) ولعل الفرق هو الفهم العرفي، أو أنّه ضرر كبير؛ لأنه يستلزم شق البطن، وقد يحتاج للكلية فيما يأتي، ونحو ذلك.
المسألة 153:
[1]: أمّا المحرمة فهو مثل أوراق بيضاء، إما أن يربح فيها أو يخسر كالقمار لا لعمل خيري، وأمّا المحللة فهو مثل أن يتبرعوا لعمل خيري، ثم يجري السحب على الأوراق، ومثل أن مَنْ يشتري من الدكان الكذائي كذا مقدارٍ من البضائع يجري السحب على اسمه.
فقبال المال البضاعة في هذا المثال، أو العمل الخيري في المثال السابق. فهو كالمتبرع للخير تماماً، بإضافة أنّ فيه سحباً على الأسماء.
[2]: إشارة لقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى}(3).
ص: 182
* وليس هذا من القمار المحرم، وإن أعطى مسؤولو اليانصيب بعض الجوائز، ولو من نفس المال[3] للمساهمين.
المسألة 154: إذا أعطى المساهمون المال لأجل بناء المستشفى - مثلاً - ولأجل إعطاء الجائزة لسائر المساهمين، كما لو أعطى كلّ واحد من مجموع ألف إنسان لغرض بناء المستشفى، وأباحوا تخصيص بعضها جائزة للإغراء والتشويق، جاز ذلك؛ لأنه من إعطاء المال بالرضا[1].
* وذلك للإطلاقات والعمومات، من غير فرق بين أن يرضى الجميع بإعطاء الجوائز أو البعض، بشرط أن لا تزيد الجائزة على سهم الراضي، وفي صورة تعدد الراضي لا فرق بين تساوي أخذ الجائزة منهم وعدم التساوي، فالمتبع هو رضا المالك ومقدار رضاه[2]، [3].
-------------------------
[3]: التفصيل الآتي في المسألة القادمة(1).
المسألة 154:
[1]: وهنا طريق آخر: وهو أنّ ما يتوقف عليه الشيء لا بأس بالإعطاء له منه، مثل: ما لو أردنا بناء مسجد تصرف من أمواله في الدعاية له وفي أجرة العاملين، كما في الزكاة.
[2]: ولو شك فما الحكم؟
هنالك (أصالة الاحترام) التي تقضي بعدم التصرف إلا بعد إحراز الرضا، كما في الدماء (راجع كتاب الخمس، بحث الكنز)(2).
ص: 183
المسألة 155: لا بأس بأن يفتح إنسان مؤسسة لتزويج العوانس - دواماً أو متعة - وذلك حسب الموازين الشرعية، التي فيها إجراء الصيغة، وأخذ العدة وحفظ الولد[1] من الضياع، إلى غير لك، ومثل هذه المؤسسات تقضي على دور البغاء. وليعلم[2] أنّ الذين يشمئزون من مثل هذه المسألة
-------------------------
لكن لا مسرح لهذا الكلي في المقام؛ إذ موضوع القاعدة (ماله) وهذا بالإعطاء خرج عن كونه ماله. فهو مال متعلق بالجهة العامة، ويدور الأمر فيه بين التعيين والتخيير، فأصالة التخيير - لأصالة عدم الاشتراط - تقضي بجواز الدفع من المال للجوائز، فتأمل.
[3]: وأمّا الاختلاط بين الأموال فليس محلها؛ إذ ليس المطلوب العين في هذه المواضع - عادة- بل المقدار، فتأمل.
المسألة 155:
[1]: هل هذه وظيفة المؤسسة، أو وظيفة نفس المرأة؟ وعلى الثاني لو شك كفى إقدام المرأة في الحكم بالصحة.
(راجع بحث العصير وأنه لو كان متهماً(1)، وكتاب النكاح والمرأة المتهمة).
[2]: فالمسألة دائرة بين ما يعانيه المجتمع والفساد الاجتماعي.
ويتم ذلك بالأمور التالية: 1- التزويج. 2- السكن. 3- رأس المال. 4- العمل.
وأما القوانين المساهمة فهي:
1- حرية الأرض. 2- بيت المال. 3- مصرف العقار للإقراض. 4- بساطة الزواج. 5 - عمل النساء. 6 - إنشاء الشركات الصغيرة بين جماعات وجماعات.
ص: 184
غافلون أو متغافلون عن البغاء والجنايات الكثيرة التي ترتكب في طول الأرض وعرضها جرّاء انسداد هذا الباب أمام الشباب والعزّاب.
* ويتم عبر هذه المؤسسات تزويج العزاب والعازبات وتحصيل السكن ورأس المال لهم، ولو فاضت النساء كان الحل في تعدد الزوجات، وكل ذلك ميسور إذا طبق الإسلام فإنّ «الأرض لله ولمن عمرها»(1) فتقسم بين الناس وكل يبني ولو بنفسه وبأقربائه.
ومن الممكن جعل مصرف العقار لأجل إقراض الذين يحتاجون إلى الإقراض - لو فرض أن لا بيت للمال - ثم الترويج لبساطة الزواج وقلة تكلفته، فقد قال (صلی اللّه عليه وآله وسلم) : «أفضل نساء أمتي أقلهنّ مهراً»(2).
ومن الممكن أيضاً توفير العمل للنساء بما يتلاءم مع طبيعتهن، مثل تأسيس محلات خاصة بالنساء للصنائع اليدوية من الخياطة والحياكة والتطريز وصنع الألبسة والأفرشة وما أشبه ذلك.
لا يقال: إذا بنو الدور وسكنوها فمن أين الماء والكهرباء وما أشبه؟
لأنه يقال: التجار يقومون بذلك ويجعلون لها أجوراً معقولة، والحكومة تشرف لعدم الإجحاف.
ثم من الممكن بالنسبة إلى إنماء المال إنشاء الشركات الصغيرة بين جماعات وجماعات، فإنّ «يد اللّه مع الجماعة»(3)، والبلاد الصناعية التي تقدمت لم تفعل إعجازاً، وإنما استفادت من هذه الأمور التي جعلت في الإسلام وتركها غالب المسلمين.
ص: 185
المسألة 156: يصح وقف[1] الوسائل الحديثة، كالسيارة والطيارة والقطار والإذاعة وغيرها، لأجل الذرية أو صنف خاص، أو مصلحة خاصة أو عامة.
* وذلك لإطلاق قوله (عليه السلام) : «الوقوف على حسب ما يقفها أهلها»(1) بل الظاهر جواز الوقف بالروح العام[2]، [3] لشمول الإطلاق له، وذلك بأن يملك دوراً وعقاراً وسيارات وما أشبه، فيوقفها ويجعل بيد المتولي الإبقاء على الروح العام فيها ويعطيه الاختيار في أن يبقيها أو يبدلها، مثل جعل الحمام دكاناً، أو بيع الدار واشتراء السيارة مكانها، إلى غير ذلك(2).
-------------------------
المسألة 156:
[1]: وهذه مسألة غير متداولة فعلاً، كأن يقف سيارة لنقل الركاب كل يوم إلى مشهد المقدسة مثلاً، وينبغي التشويق لذلك.
[2]: والانصراف - لو ادعي - بدوي، فتأمل.
وهل يكون مسجداً له أحكام المسجدية؟ فيه تأمل. وقد يُقال: بصدق عنوان المسجد عليه عرفاً، و الموضوعات تقتنص من العرف، فتأمل.
[3]: وله صور:
1- أن يقف منافع هذه الأرض مثلاً، تكون مسجداً أو حسينية أو...
2- أو يقف هذا المال، لا عينه، بل روحه.
3- أن يقف هذا البيت ليكون مسجداً و...
وهل هذه المسألة مطروحة - بإحدى صورها- في كلمات الفقهاء؟
ص: 186
المسألة 157: غاز[1] الأوكسجين الذي يحفظ في العلبات ويستنشقه المصابون للضيق في تنفسهم عبر الفم، لا يوجب بطلان الصوم؛ لأنه ليس من الغبار الغليظ.
* وإن كان يدخل في الهواء شيء يسير من الدواء، بحيث لا يصدق عرفاً الأكل والشرب وإيصال الغبار، فهو لا يزيد عن التراب الكائن في الهواء طبيعياً فيدخل في الحلق بالتنفس أو الاستنشاق.
المسألة 158: الإدخال في قبل المرأة المطاطية، أو إدخال ذكر الرجل
-------------------------
المسألة 157:
[1]: فالأنواع ثلاثة: 1- أوكسيجين خالص. 2- فيه دواء يسير لا يعد أكلاً ولا شرباً. 3- فيه دواء يعد كذلك.
وهل الملاك الأكل عرفاً أو دقة؟ ظاهر العروة الثاني، ولذا قيل: لو بل الخياط(1).
لكن الظاهر أنّ الملاك صدق الأكل ونحوه عرفاً، ولعله لا يصدق في المقام غالباً، فتأمل.
المسألة 158:
ص: 187
المطاطي في المرأة لا يوجبان بطلان الصوم إذا لم يكن بقصد الإنزال[1]، [2]، نعم هو حرام؛ لأنه مثير[3]، [4] للشهوة، ولعله[5] تكون صغرى لقوله سبحانه: { وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ }(1) .
* وذك لأنه ليس جماعاً فاعلاً أو مفعولاً، وإن توهم الفاعل أنه يدخل في امرأة حقيقية، أو توهّمت أنه يدخل بها رجل حقيقي، فإن الحكم تابع
-------------------------
[1]: لأنّ قصد المفطر مفطر.
[2]: ولا كان من عادته الإنزال بذلك.
[3]: فلو لم يكن مثيراً لم يقتضِ هذا الدليل بمفرده الحرمة، فالحيثية تقييدية.
[4]: قال المصنف (رحمه اللّه) في المحرمات في بحث تهييج الشهوة(2): أنه لا دليل على حرمته.
وراجع بحث (التشبيب)(3) في المكاسب المحرمة.
[5]: لعل الترديد باعتبار الانصراف للإنسان، لكنه بدوي فتأمل.
ص: 188
للواقع لا للتوهم.
وكذا الإدخال في دبر اللعبة المطاطية الشبيهة بالرجل، أو إدخال ذكرها في دبره، فإنه لم يكن مبطلاً، وليس له أحكام اللواط فاعلاً ومفعولاً، بل في مثل الصوم المستحب[6] الذي لا يضره قصد الإفطار[7] لا يبطل الصوم.
من غير فرق في كل ذلك بين كون المطاط الفاعل أو المفعول بشكل الإنسان أو الحيوان أو غيرهما، نعم لا إشكال في حرمته.
المسألة 159: لا يبطل الحج والاعتكاف الإدخال المذكور في المسألة السابقة وإن كان حراماً[1].
* لما ذكر في المسألة السابقة، وكذلك الحال في الاعتكاف، ولا يبطل به الوضوء أو الغسل أو التيمم، كما لا يحرم بسبب ذلك - بدون الإنزال - دخول المسجد وغيره.
-------------------------
[6]: الظاهر أنه يضره؛ لأنه يوجب فقد النية. نعم لا بأس بذلك؛ لأنّ وقت النية ممتد للغروب، فبعد بطلان الصوم ينوي فيصح، كما لو نوى الأكل.
والخلاصة: إنّه صوم تعبدي لا صوم حقيقي فيما بين الحدين، أي: تنزيلي.
وهل يُقال بذلك في الواجب لو كان وقته ممتداً للظهر؟
[7]: أي: قصد الفعل الخارجي، فتأمل.
المسألة 159:
[1]: راجع التفصيل في المسألة السابقة(1).
ص: 190
المسألة 160: لو ركّب شيء من المطاط عبر عملية جراحية برأس الذكر، لم يكن[1] إدخاله وحده في المرأة موجباً للجنابة، ولم يكن له سائر أحكام الإدخال، كالزنا والمصاهرة وما أشبههما.
* لأنه ليس بإدخال للحشفة، وكذا إذا ركب لنفسه ذكراً اصطناعياً وعدّ جزءاً منه فادخله فيها، فلا تشمله الأحكام المذكورة، وإن أحسّت بالحرارة والحركة مما تتوهم أنه حقيقي بسبب الكهرباء ونحوه.
المسألة 161: إدخال الذكر في المرأة المطاطية، وإدخال المرأة الذكر المطاطي في نفسها لا يوجب الغسل، إلا إذا صار سبباً للإمناء.
* الحكم في كل من المستثنى منه والمستثنى حسب القواعد، نعم لا إشكال في حرمته لما عرفت[1].
-------------------------
المسألة 160:
[1]: لأنّه ليس جزءاً حقيقياً، وهذا بخلاف اللحم أو الشعر الذي يتركب ويتفاعل ويصبح جزءاً حقيقياً عرفاً، فهو كاليد المطاطية الصناعية؛ إذ ليس لها أحكام اليد الحقيقية.
المسألة 161:
[1]: في مسألة (158)(1) وقد تقدّم دليلان: 1- الإثارة - لو حصلت - بناءً على حرمتها. 2- إنّه خلاف حفظ الفرج المأمور به في الكريمة(2) .
ص: 192
المسألة 162: لو ركب المني في الرجل المطاطي، وجامعته المرأة لم يجز[1] ذلك، فإن حملت منه، فإن كان من مني زوجها كان الولد حلالاً، وإلا كان الولد تابعاً[2] لصاحب المني.
* ويأتي في المقام بصورها المختلفة مسألة ولد الزنا وولد الحلال وولد الشبهة على حسب الموازين الأولية، ولو خلط مني الزوج وغيره وأدخل في المرأة كان الولد للفراش، ولو خلط منيان من أجنبيين كان من أحدهما ويعين بالقرعة.
المسألة 163: لا يجوز قتل ولد الحرام إذا كان من مسلم أو محترم من الكفار، ولا يجوز إيذائه.
* وذلك لعموم أدلة حرمة القتل والإيذاء، ولأنه غير مذنب[1]، وإنما
-------------------------
المسألة 162:
[1]: للإثارة أو لأنّه خلاف الحفظ كما سبق في (161)(1).
[2]: لأنه ولده عرفاً وشرعاً، إلاّ في الميراث، فإنّه ولد حرام على مبنى المصنف (رحمه اللّه) (في المسائل الإسلامية)(2).
وفيه تأمل؛ لأنّ نفي الإرث حكم ولد الزنا، وليس حكم كلّ ولد متولد من الحرام.
المسألة 163:
[1]: أي لا يستحق الإيذاء أي لا مسوغ لإيذائه.
ص: 193
أذنب الزاني أو الزانية، فله كل أحكام المسلم إلا ما خرج مثل الإمامة والقضاء[2]، هذا فيما لو كان مسلماً، وله كل أحكام الكافر فيما إذا كان كافراً[3]، ويلزم بأحكام الكافر لقاعدة الإلزام.
المسألة 164: إذا زرق دم نجس العين في حيوان طاهر، كتزريق دم الكلب في الشاة، فإن صار جزءاً منه بحيث يقال إنه دم الشاة، صار طاهراً بعد خروج المقدار المتعارف منه بالذبح.
*
لأنه صار دمه[1] لا دم المنتقل عنه، نعم هو محتاج إلى الصدق العرفي.
المسألة 165: إذا زرق دم طاهر(1) في حيوان نجس العين كالكلب أو نجس الدم كالإنسان تنجس الدم في الأول بمجرد الملاقاة، أما في الثاني، فإن قلنا بأنّ الدم في العروق طاهر، حيث يقال: إن الدم ما لم يخرج من
-------------------------
[2]: والمرجعية والتقليد.
[3]: لو كان زنا في مذهبهم، وإلا فلكل قوم نكاح.
المسألة 164:
[1]: راجع بحث (الانتقال) في المطهرات(2).
المسألة 165:
[1]: أي: شأناً فبمجرد خروجه يحكم عليه بالنجاسة الفعلية.
ص: 194
البدن لا يكون نجساً، فالدم الطاهر إن صار جزء الإنسان صار نجساً[1]، وإلا كان طاهراً[2].
* قولنا: «وإلا كان طاهراً» لأنه بمنزلة تزريق[3] الماء في العروق، فهل اتصاله بالدم - في داخل الجسم - يوجب نجاسته؟
المسألة 166: لا يجوز سحب دم الإنسان بدون رضا إلا إذا كان بقاؤهُ موجباً لهلاكه أو مرضه الذي لا يجوز تحمله، فإنه حيث كان سحب الدم واجباً لم يكن لرضاه أو عدم رضاه تأثير شرعي[1].
-------------------------
[2]: إلاّ إذا خرج واتصل بالدم النجس - أي خارجاً متصلاً- وهنا بحث، وهو: أنّ الخارجي إذا لاقى نجاسة باطنية فهل ينجس أو لا (راجع العروة)(1).
[3]: الأولى التمثيل بالإبرة.
المسألة 166:
[1]: لأنّه يفعل المنكر، فاللازم نهيه عن المنكر عملاً – إن لم تنفع المراتب السابقة، وربما يكون أحياناً ردعاً عن المنكر، أي قبل وقوعه في الخارج. (راجع: ألقه في البالوعة)(2) وراجع (مسائل النهي عن المنكر والردع)(3).
ص: 195
* المستثنى منه؛ لأن الناس مسلطون على أموالهم وأنفسهم، والمستثنى لأنه لا حق للإنسان أن يفعل شيئاً، أو يترك شيئاً يوجب موته، أو فساد عضو منه، أو ذهاب قوة، وذلك حسب ما ذكرناه في أدلة (لا ضرر).
المسألة 167: البرد والشتاء، والصيف والربيع المصطنع بواسطة الوسائل الحديثة، لا يوجب استحباب الأمور المرتبطة بهذه الفصول، كالحجامة والمآكل الخاصة وما أشبه مما ذكر في الأخبار، إلا إذا صدق الربيع أو نحوه صدقاً عرفياً[1].
* إذ مع الصدق العرفي يتحقق الموضوع فيتحقق الحكم، ولعله يكون له آثار في البدن، ففي فصل الربيع الاصطناعي كالطبيعي يكون الدم في البدن كذا، وهكذا في سائر الفصول، ولذلك لو انتقل الإنسان من محل الصيف إلى الربيع أو ما أشبه يكون له حكم المنتقل إليه.
المسألة 168: لا يبعد[1] جواز تبديل عضو إنسان بعضو إنسان آخر - كأن تجرى العملية الجراحية لتبديل يد زيد مكان يد عمرو، وبالعكس - إذا لم يكن في ذلك ضرر لا يجوز تحمله شرعاً.
-------------------------
المسألة 167:
[1]: وكان متعارفاً، وإلاّ فلو خرج عن المتعارف - كأن صارت السنة كلها ربيعاً - فاللازم الرجوع إلى الآفاق المتعارفة، كما مرّ في مسائل سابقة نحوه.
المسألة 168:
[1]: لكن مبنى المصنف (رحمه اللّه) أنّ تغيير الخلق محرم، إلاّ أن يُقال: إنّه منصرف عن مثل هذه خاصة لو ترتب عليها أثر مفيد.
ص: 196
* لإطلاق أدلة الحل[2]، وقد تكون هناك بعض الأغراض العقلائية، مثل أن تناسب يد زيد عمرواً طولاً وضخامة وما أشبه، وبالعكس.
المسألة 169: هل يجوز للإنسان أن يقرأ أفكار الإنسان الآخر أم لا؟ التفصيل:فإذا كان الإنسان الآخر راضياً جاز، وكذلك إذا كان مهدور الحق، كالكافر الحربي[1]، أما إذا لم يعلم برضاه[2]، أو علم بعدم رضاه، وكان غير مهدور الحق فالظاهر عدم الجواز؛ لأنه من كشف السر، إلا إذا كان هناك عنوان مجوّز، كما لو علم القارئ أنّ الطرف يفكر في وسيلة لإيصال الأذى إليه أو إلى غيره، فيقرأ فكره لأجل إنقاذ نفسه أو غيره من أذاه.
* الحكم في المستثنى منه والمستثنى على القاعدة، وإذا شك في رضاه، أو في كونه مهدور الحق، ولم يكن استصحاب، فلا يجوز؛ لكونه تصرفاً[3] في الغير من دون رضاه[4].
أما لو علم بأنه يريد إضراره أو إضرار غيره فالجواز؛ لعموم أدلة الدفاع عن النفس وعن الغير ولدليل (لا ضرر) ونحوه.
-------------------------
[2]: والسلطنة.
المسألة 169:
[1]: وهنا عنوان ثالث: وهو الأهم والمهم كما سيأتي.
[2]: راجع كتاب الخمس (بحث الكنز)(1).
[3]: أو كشفاً لستره.
[4]: أو دون إحراز رضاه.
ص: 197
المسألة 170: لا يجوز[1] أذية إنسان محترم بالوسائل العلمية، كما لو أحضر روحه ولقّنه ما يسبب أذاه وبؤسه، نعم إذا كان إنسان غير محترم الحقوق جاز ذلك.
* لكن الاستثناء ليس مطلقاً، بل بالقدر الذي علم من الفحوى[2] وأولوية الأذى من هدر الحق، إذ كل هدر حق ليس سبباً في جواز الأذى، مثلاً: لا يجوز تعذيب المحارب وإن كان مهدور الحق.
المسألة 171: لا يجوز أذية إنسان محترم بالوسائل السحرية، فإنّ السحر بنفسه حرام، وأذى الإنسان المحترم حرام آخر، لكن أذية مستحق الأذى بواسطة السحر إذا كان السحر جائزاً لأجل أهمية في البين[1] لا بأس به، كما إذا دخل بالسحر الرعب في قلب الكافر المهاجم حتى يهزمه.
-------------------------
المسألة 170:
[1]: إلاّ برضاه في الضرر غير البالغ.
[2]: الظاهر أنّها غير متحققة غالباً؛ إذ القتل جائز، أمّا الإيذاء فلم يعلم جوازه. نعم، في مثل شدّ يديه قبل القتل فهي من اللوازم الطبيعية للقتل، وكذا إدخال الرعب في قلبه، كما سيأتي في مسألة (171)(1). وكذا إذا كان هناك أهم، فتأمل.
المسألة 171:
[1]: مع الانحصار، كما هو واضح.
ص: 198
* وعلى هذا فاللازم أن يكون جواز السحر من باب الأهم والمهم وما أشبه[2] من الأحكام الثانوية.
المسألة 172: الألعاب السحرية والشعبذة (كما يفعله لاعب السيرك) ليست بجائزة، أما سائر أفعاله المباحة فهي جائزة[1].
* لأدلة حرمة السحر، والشعبذة - غالباً -[2] من السحر، ولو شك في أنها من السحر الحرام أم لا، وفحص[3] ولم يصل الفحص إلى نتيجة،
-------------------------
[2]: لعله مثل دفع الأفسد بالفاسد، فتأمل.
المسألة 172:
[1]: أي: إن صرف كونه ساحراً لا يجعل سائر أعماله محرمة، كتدريبه الحيوانات مثلاً، وكأن هذا دفع توهم في المقام، فليست من باب الضرورية بشرط المحمول.
[2]: لكن في (المحرمات)(1) أنّها سحر مطلقاً على المشهور. لكن المسألة بحاجة إلى مراجعة المكاسب المحرمة(2).
[3]: بناءً على وجوب الفحص في الشبهة الموضوعية.
ص: 199
كان الأصل الحل(1).
المسألة 173: يستحب[1]، [2] تهيئة البيوت النظيفة من المنكرات في البلاد الغربية والشرقية لأجل طلاب المسلمين، لحفظهم عن الاختلاط بالأجانب في بيوتهم، مما يسبب انزلاقهم خلقياً وشرعياً، جرّاء الاختلاط بفتيات البيت، وأكلهم من أطعمة نجسة وما أشبه ذلك، بل لعل بعض أقسام ذلك واجب[3] على المتمكن القادر، فإنه من دفع المنكر[4].
* والاستحباب والوجوب لا ينافي أخذ الأجرة[5]، بل لو تمكن جماعة من ذلك بالموازين الاقتصادية تحت نظر الخبراء أمكن تخفيض[6] الأجرة أيضاً، بحيث يكون مرغّباً للطلاب والطالبات، خصوصاً إذا كانت البيوت
-------------------------
المسألة 173:
[1]: فإنّه تعاون على البرّ والتقوى، وقضاء حاجة المؤمن وخدمته و...
[2]: وهذا أمر مبتكر غير متداول حالياً.
[3]: كفاية أو عيناً، باختلاف الموارد.
[4]: أو رفعه.
[5]: راجع بحث أخذ الأجرة على الواجبات الكفائية العبادية وغيرها والعينية(2).
[6]: فيدخل ميدان المنافسة مع بيوت الأجانب.
ص: 200
مزوّدة بمكتبة، وحديقة، ووسائل الترفيه الحديثة النزيهة عن المحرمات، ووسائل الاختبار، وغير ذلك.
المسألة 174: يجب وجوباً كفائياً الاطلاع[1] على المبادئ الوافدة، والأحزاب الكافرة، والمذاهب الباطلة، والقوانين الجائرة، لأجل إنقاذ المسلمين[2] خصوصاً الشباب من التردّي[3] في هذه الأباطيل والضلالات.
* فإنّ الباطل لا يمكن الوقوف أمامه إلا بمعرفته، ومن الواضح[4] أنّ الوقوف لا يكون بالإعلام فقط، بل بمقابلته بالمثل، مثلاً: الشاب يريد إظهار نشاطه في ضمن مجموعة، فإن وجد مجموعة صالحة فهو وإلا انضم إلى مجموعة باطلة، فاللازم تكوين المجموعات الصحيحة، وهكذا أمثال ذلك.
-------------------------
المسألة 174:
[1]: مثل:
1- شبهات السنة والوهابية الجديدة.
2- شبهات المتجددين، كشحرور وأركون وسروش.
3- شبهات الغربيين، كحقوق المرأة والارتداد.
[2]: وغيرهم.
[3]: والأفضل - غالباً- الرد الإيجابي لا السلبي، أي: لا بعنوان الرد.
[4]: فاللازم:
1- المقابلة الفكرية.
2- والاستيعاب العملي.
ص: 201
المسألة 175: إذا رجع الشيخ شاباً بواسطة تبديل بيضته إلى بيضة القرد - مثلاً- أو ما أشبه كما تفعله العلميات[1] الجراحية الحاضرة[2]، صار حكمه حكم[3] الشاب[4] في وجوب الصيام عليه، بعد أن سقط عنه الصوم بواسطة كونه شيخاً هرماً.
* لأن تغير الموضوع يستلزم تغير الحكم، والتغيير جائز[5] لإطلاق أدلة الحل.
المسألة 176: إذا صار الشاب شيخاً[1] بواسطة تضعيف خلاياه أو ما أشبه،
-------------------------
المسألة 175:
[1]: أو المعجزة، كما حدث مكرراً ، كقصة زليخا.
[2]: الظاهر أنّ التبديل شكلي - كإزالة التجاعيد - لا واقعي.
[3]: راجع بحث (الأحكام تابعة للعناوين في استصحاب الرسائل)(1).
[4]: أي: غير الشيخ.
[5]: لكن سبق من المصنف (رحمه اللّه) أنَّ تغيير خلق اللّه تعالى غير جائز في الجملة، إلاّ أن يُقال: بانصرافه عنه، وقد سبق معنى تغيير خلق اللّه تعالى.
المسألة 176:
[1]: حقيقةً لا صورة وشكلاً فقط.
ص: 202
ترتب عليه حكم الشيخ في الصيام ونحوه، نعم الظاهر أنه لا يجوز للشاب أن يجعل نفسه شيخاً لأنه ضرر بالغ.
* فدليل (لا ضرر) يشمله، ومن المسألتين يعرف أنه يجوز تبييض الشعر كالشيخ أو تسويده بتقوية البصيلات كالشاب، من غير فرق بين الرجل والمرأة، نعم يشكل التبييض للمرأة المزوجة إذا لم يرض زوجها؛ لأنه يعتبر من حق[2] الزوج[3].
المسألة 177: إذا رجعت المرأة اليائسة شابة بواسطة الجراحية[1] - مثلاً - حتى ظهر عليها آثار الشباب[2]، كالدم المعتاد والحمل وغير ذلك، فالظاهر[3]: رجوع أحكام غير اليائسة إليها من العدة والحيض وغير ذلك.
-------------------------
[2]: عرفاً أو شرعاً، مع أنّ الشارع قد بين حقوق المرأة والرجل، فتأمل.
[3]: حقّ الزوج:
1- قضايا الاستمتاع.
2- والخروج من الدار، وإزالة المنفرات جعلوها جزء الاستمتاع، أما التبييض(1) ففي كونه مطلقاً منافياً للاستمتاع فتأمل.
المسألة 177:
[1]: أو المعجزة.
[2]: أي: إنّ التحول كان حقيقياً لا صورة فقط كما سبق.
[3]: وعليه فليس السن ملاكاً - وإن كانت في الخمسين أو الستين - وذلك لانصراف أدلة الخمسين والستين في مثلها، فزليخا مثلاً بعد عودة الشباب إليها لا
ص: 203
* وذلك لترتب الحكم على الموضوع، ولا يتوقف ذلك على إذن الزوج؛ لتسلّط الناس على أنفسهم، وإنما أشكلنا في المسألة السابقة بدون رضا الزوج؛ لأنه من التصرف عرفاً[4] في الأمر المرتبط بالزوج، كما أشرنا إليه وهنا ليس كذلك، ففرق بين المسألتين.
المسألة 178: لو ارتدّت الشابة عجوزاً يائسة - حقيقة - فهل يحكم عليها بأحكام اليائس؟ لا يبعد ذلك[1].
-------------------------
يمكن أن يُقال بحمل أحكام اليائس عليها.
وهل يُقال بذلك، فيما لو تناولت قرصاً فبقيت في العشرين من العمر - حقيقة- وإن بلغت واقعاً المائة عام؟
[4]: اللازم ظاهر الاستمتاع وملازماته العرفيّة، وإلا فلا يحق له كلّ شيء، مثل أن يأمرها بغمض العين؛ لأنّه يستمتع أكثر حين العمل بذلك، فتأمل.
وقد سبق بعض الكلام فراجع(1).
المسألة 178:
[1]: وعليه فليس السن ملاكاً، وهو مشكل؛ لأنّ الشارع حدّد اليأس بالخمسين أو الستين، فتأمل.
والظاهر: أن المصنف (رحمه اللّه) يرى أنّ السن لا موضوعية له، بل الملاك اليأس والشيخوخة والشباب.
وهل يُقال بمثل ذلك في باب الحيض وكونه ثلاثة أيام؟
والخلاصة: إنّ ظاهر الأدلة الشرعية كون التحديدات موضوعية لا طريقية، إلاّ
ص: 204
* فإنه إذا تحقق الموضوع تحقق الحكم، لكن اللازم تحقق ذلك واقعاً لا أن يكون ضعفاً في الخلايا أو ما أشبه، ففرق بين الضعف واليأس، كما أنه فرق بين القوة والنمو.
المسألة 179: من المندوب[1] على الدولة الإسلامية، بل على كل فرد قادر السعي في زواج العواهر بعد أن ينظفهنّ من عمل العهر بالتوبة، والأول: وهو نهيهن عن المنكر وحفظهنّ عن الانزلاق واجب، والثاني: وهو تحصينهنّ بالزواج مستحبّ مؤكّد.
* وقد زوج علي (عليه السلام) بعض العواهر، كما في الوسائل، والحكم وجوباً واستحباباً حسب القواعد العامة، وكذا يلزم تحصين المساحقات بالزواج، والمأبونين بالعلاج[2]، إلى غير ذلك، كمن يجامع الحيوان؛ لعدم زوج أو زوجة أو ما أشبه ذلك.
-------------------------
أن يُقال بالانصراف في بعض الصور.
المسألة 179:
[1]: بل قد يكون واجباً بالوجوب المقدمي العقلي؛ لأنّه بدون ذلك يتورطون في الحرام عادةً، بل قد يُقال: إنّه واجب شرعي؛ لأنّه نهي عن المنكر، أو ردع عن المنكر، فتأمل.
وذلك مثل لو أراد شخص قتل بريء فإغلاق الباب عليه واجب شرعاً؛ لأنّه ردع.
[2]: ولو بمطاطي لزوجته - لو قلنا بجوازه - ؛ لأنّه استمتاع بالزوجة، فهو كلمس ثوب الزوجة، أو كإدخال شيء فيها، وقد سبق من المصنف (رحمه اللّه) وصل شيء بالذكر.
ص: 205
المسألة 180: لا يجوز للفتيان اتخاذ الخليلات[1] ولو كن كافرات، ولا يجوز للفتيات اتخاذ الأخلاء.
* كلمة: «ولو كن كافرات» إنما ذكرت من جهة توهّم احتمال أنها تدخل في دليل الإلزام، لكن المقطوع به عدمه، فإنّ دليل الإلزام كما ذكرناه في الفقه(1) بين مقطوع الوجود، كالتزويج بالمطلقة غير الجامعة للشرائط إذا كانت غير مؤالفة، ومقطوع العدم مثل الزنا بالكافرة التي ترى إباحة الزنا، واللواط بالكافر الذي يراه مباحاً، وما أشبه ذلك، وما نحن فيه منه أيضاً[2]، ومحتمل الأمرين، وفيه[3]: إنه إذا لم يصل الاجتهاد إلى أحد الطرفين، كان دليل الإلزام محكماً؛ لأنه من مصاديقه ولا يعلم بخروجه[4].
-------------------------
المسألة 180:
[1]: قال تعالى: {أَخْدَانٍ}(2).
[2]: وهو خلاف ارتكاز المتشرعة.
والظاهر: أنّ الضابط العام شمول دليل الإلزام مطلقاً، إلاّ ما خرج بالدليل وهو ارتكاز المتشرعة.
[3]: أي: في محتمل الأمرين.
[4]: قد يمثل له بتعدد الأزواج لامرأة ترى جواز ذلك - راجع القواعد الفقهية(3) - إلاّ أنّ الظاهر أنّه خلاف ارتكاز المتشرعة.
ص: 206
المسألة 181: لا تجوز المغازلة والمعاشقة بواسطة الرسائل بين نفرين يحرم أحدهما على الآخر.
* فإنه[1] من التشبيب والتلذّذ والريبة وكلّها محرم.
المسألة 182: لا يجوز[1] الدلال والخضوع في القول للنساء مع الأجنبي، حتى وإن كان بالهاتف واللاسلكي وما أشبه ذلك، قال تعالى: {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ}(1).
-------------------------
المسألة 181:
[1]: هنالك عدة أدلة:
1- إنه تشبيب، وفيه أنّه قد لا يحتوي عليه.
2- تلذذ، وفيه ما سبق، ولا يخفى أنّ التلذذ بالأجنبية حرام مطلقاً، وإن نوقش في مسألة (التهييج) عموماً.
3- الريبة، ولعل مراده خوف الافتتان.
4- إنّه خلاف ارتكاز المتشرعة.
المسألة 182:
[1]: ما هي أدلة المنع؟
1- الآية الكريمة، وقد يُقال: إنّها خاصة بزوجاته (صلی اللّه عليه وآله وسلم) بدليل أول الآية {يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء ...}(2).
ص: 207
* فإن إطلاق[2] الآية يشمل كل الوسائل وإن لم يتمكن الذي في قلبه مرض من الوصول إليها بسبب[3] أنها في الراديو أو التلفزيون أو الفيديو أو الشريط، وذلك لإطلاق أدلة المنع، فلا يقال: إنه منصرف إلى إمكان الوصول.
-------------------------
وردّه الوالد (رحمه اللّه) : بأنه خلاف السياق(1).
ولعل مفتتح الآية الكريمة يفيد مزيد التأكد لا الحصر وهو متعارف، ويؤيده ما قبله وما بعده، فتأمل.
2- إنّه إثارة للشهوة، وفيه أنه أخص من المدعى.
3- إنّه منكر في أذهان المتشرعة.
ثم إنه ينبغي البحث في مفهوم الخضوع، ولعله الدلال والتحسين للتهييج، لا مثل تحسين الخطيبة لصوتها للإبكاء أو التأثير، (راجع العروة)(2).
[2]: لكن ظاهر {فيطمع...} أنّه علة لا حكمة. ومع الراديو قد لا تتحقق العلّة، إذا لم يكن تهييج، فإنه عنوان محرّم في حد ذاته ظاهراً.
إلا أن يقال: إنّ الظاهر هو الحكمة لا العلة في خصوص المقام - بأن تكون علة الجعل لا المجعول - لكنه خلاف الأصل العام في التعليل، فتأمل.
[3]: وإن أمكن أن يكون الطمع فيها موجوداً، بتسبيب الوسائل للوصول إليها، خاصة في العصر الحديث.
ص: 208
المسألة 183: الظاهر أنه لا يجوز[1] صنع المناديل وما أشبه الموجبة للفتنة، كالمناديل التي كتبت عليها أبيات شعرية مثيرة، مما اعتاد الجنسان إهداءها بعضهم لبعض.
* لأنّ ذلك مقدمة للإثارة والحرام.
-------------------------
ثم إنّ معنى الطمع أنّه حيث يجد الأرضية مناسبة يفكر في الإقدام والاقتحام، بعكس ما لو كانت المرأة عادية في كلامها أو خشنة.
المسألة 183:
[1]: قد يقال: إنّ الحرام بواسطة فاعل مختار، والشيء ليس متمحضاً في الحرام، بل هو وسيلة مشتركة؛ إذ يمكن أن يهدي ذلك الزوجان أحدهما للآخر.
وقد يستدل للمنع ب- :
1- إنّه منكر في أذهان المتشرعة.
2- إنّه تهييج للشهوات.
3- إنّه مقدمة للحرام، وإنّه إعانة على الإثم، لو فرضت حرمته (راجع المكاسب المحرّمة)(1).
ويرد على الأخيرين ما تقدم قبل قليل.
ثم إنه قد يقال: ما فرق المقام عن صنع الملابس الداخلية المثيرة وبيعها، وكتابة الأشعار الغرامية في الكتب مما هو متعارف عند الشعراء؟
إلا أن يفرّق: بأنّه منكر في أذهان المتشرعة دونها، فتأمل.
ص: 209
المسألة 184: يستحب[1] فتح دور الولادة، والحضانة، والرضاعة، ودور اللقطاء، ودور المشردين، فإنّ ذلك من التعاون[2] على البر والتقوى، وقد يجب[3] بعض هذه الأمور.
* فإنّ كلَّ ما يكون خدمة للإنسان بما هو إنسان[4]، [5] محبوب في الشرع، وقد قال[6] علي (عليه السلام) : «فإنهم صنفان إما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق»(1).
-------------------------
المسألة 184:
[1]: هنا بحث كلي، وهو أنّه لو ثبت كون شيء مستحب فهل يمكن إطلاق لفظ المستحب على مصاديقه؟
مثلاً: لو كانت إنارة المسجد مستحبة، فهل يصح أن نقول: إن إشعال الشموع في المسجد مستحبة؟
وكذلك التعظيم والاحترام للمؤمن مستحب، فهل يصح أن نقول: إنّ وضع اليد على الصدر مستحب أمام المؤمن؟
ولو فتح هذا الباب لوجدت عندنا ألوف المستحبات الجديدة!
وليس الكلام في عنوان تختلف مصاديقه من عرف لعرفٍ - إذ لا يصح إطلاق الاستحباب، بل يكون لكل بلدٍ أو عرف أو زمن حكمه - بل فيما اتحدت الأزمنة والأمكنة والأعراف.
قد يبنى الأمر على أنّ الأحكام متعلقة بالطبائع أو الأفراد (فراجع)(2)، ولاحظ ما ذكره الفقهاء في الشعائر، وراجع كتاب بين الأصالة والتجديد.
ص: 210
المسألة 185: يستحب[1] فتح مدارس للعميان، لتعليمهم الكتابة والقراءة، وكذلك فتح المدارس لسائر ذوي العاهات، فإنه إعانة[2] على البر والتقوى.
-------------------------
[2]: لو كان سبباً للبر والتقوى.
[3]: في غير المستثنيات كالصدقة للناصب والحربي.
وهل يعتبر ما ذكر في المقام من مصاديق الصدقة؟
[4]: لابد من ملاحظة سائر الأدلة وجمعها.
لاحظ فعل الرسول (صلی اللّه عليه وآله وسلم) وبدر، والأمير (عليه السلام) وسقي جيش معاوية، والحسين (عليه السلام) وسقي الحرّ، وصدقة أهل البيت (عليهم السلام) على المخالفين، ثم لاحظ أدلة البراءة، وهل ينسجم العمل الإنساني مع البراءة؟
ولاحظ قوله تعالى: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ...}(1) ولاحظ {أَن تَبَرُّوهُمْ} و {أَن تَوَلَّوْهُمْ}(2) .
[5]: لو كان مقدمة لهدايتهم مثلاً.
[6]: قد يقال إنّه خاص بالحكم، بدليل ما سبق، وفيه أن التعليل ب- «فإنهم صنفان» يدل على أنّه أعم؛ إذ العلة تعمم.
المسألة 185:
[1]: لاحظ ما ذكر في المسألة السابقة.
[2]: في الجملة كما سبق.
ص: 211
* هذا بالإضافة إلى ما تقدم من إطلاق خدمة الناس المذكور في كلام علي (عليه السلام) وغيره.
المسألة 186: يجوز علاج المرضى بالعلوم النفسية المتداولة في هذا الزمان.
* فإنه مشمول لأصالة الحل[1] بعد أن لم تكن جهة محرمة في البين، فإنه قد ثبت أن كلاً من الروح والبدن يؤثر أحدهما في الآخر، ولذا إذا مرض البدن فلقت الروح، وإذا فلقت الروح مرض البدن، وإذا جاز فقد يجب وقد يستحب كل في مورده كسائر العلاجات.
المسألة 187: يجوز علاج المرض بسبب التنويم والإيحاء وما أشبه، إذا لم تكن جهة محرمة[1] في البين.
* وذلك لما ذكرناه في المسألة السابقة.
المسألة 188: الإضراب والمظاهرة وتنظيمها لمطالبة حق أو دفع باطل جائزان، بل قد يجبان.
-------------------------
المسألة 186:
[1]: وقبل ذلك لإطلاق أدلة المعالجة.
المسألة 187:
[1]: كتنويمه بلا رضاه، إلا إذا كانت جهة أهم.
المسألة 188:
ص: 212
* على موازين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الخير، وإرشاد الضال،وتنبيه الغافل، إلى غير ذلك[1]، بالإضافة إلى أصل الحرية للإنسان في غير المحرمات.
المسألة 189: الظاهر جواز تغيير الجنين بأن يجعل الولد بنتاً وبالعكس، كما نشرته[1] بعض الصحف.
* الجواز لأصالة الحل ولا يشمله[2] {وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ}(1)
-------------------------
[1]: كدفع المنكر.
المسألة 189:
[1]: لعل المنشور هو التحكم قبل الصيرورة، لا التغيير بعدها.
[2]: أدلة التحريم ثلاثة:
1- الآية الكريمة، وفيه: إنّها في تغيير الفطرة، كما ذكر في مبحث حلق اللحية(2)، مع أنّها لو عمت فإنّها في التغيير السيئ كالتشويه، لا الحسن للانصراف.
2- إنّه تصرف في حق الغير بلا إذنه.
وفيه: إنّه لا (غير) قبل ولوج الروح، فهو نوع من أنواع الجماد أو الحيوان، مع أنّه لو كان (غيراً) فأدلة التصرف منصرفة عنه، فتأمل.
مع أنّه لو كان لمصلحة فأدلة الولاية تشمله، بل يكفي عدم المفسدة على رأي.
3- إنّه إضرار في تحويل الذكر أنثى.
وفيه: إنّه لا ضرر؛ إذ للمرأة مشاق وللرجل، كما أنّ عليها حقوقاً وواجبات
ص: 213
وكذلك يجوز جعله توأمين بواسطة بعض الموازين الطبية إذا أمكن ذلك، نعم لا يجوز جعله معلولاً أو ناقصاً أو مشوّهاً أو ما أشبه؛ لأنه من الإضرار وتغيير[3] خلق اللّه.
المسألة 190: يجوز تعليم الحيوانات كالقردة والدببة الرقص، والاستمتاع برقصهن إذا لم تكن هناك جهة محرمة خارجية.
* إذ لا دليل[1] على حرمة الرقص بالنسبة إليها، وكذلك لو ركب في اللعبة أو التمثال المطاطي ما يرقصه، إلا إذا كانت هناك جهة محرمة أو ضرر[2] غير جائز.
المسألة 191: لا يجوز[1] النظر إلى الحيوان بنظر الشهوة.
-------------------------
كالرجل، فتأمل.
ثم إنّ الأعراف قد تختلف، والظروف قد تختلف.
[3]: تغييراً سيئاً.
المسألة 190:
[1]: وكونه منكراً في أذهان المتشرعة؛ لأنّه مشوب عادة بالمحرمات الخارجية، وإلا فلو كان الإنسان وحده في البيت وعلم الحيوان ذلك ولم تترتب عليه مفسدة فليس مستنكراً ظاهراً في أذهانهم.
[2]: كالإسراف والتبذير على التعليم، لو صدقا.
المسألة 191:
[1]: هنا بحثان:
ص: 214
* لأنّ الريبة والشهوة لا يجوز إلا بالنسبة إلى الزوجين، وكذلك التلذّذ الشهوي، وقد ادعى الجواهر عليه الإجماع(1)، وهكذا لو لمس بشهوة، أما إذا عرف أنّ الحيوان ينظر إليه أو إليها بشهوة - كما سيأتي - فالظاهر[2] أنه لا يجب الستر عنه، إذ الأصل الحل.
-------------------------
1- إثارة الشهوة بالأجنبية والأجنبي، والظاهر أنّها غير جائزة؛ لأنّه منكر في أذهان المتشرعة وللإجماع، وأمّا لو أدى للاستمناء فهو حرام آخر. وستأتي الآية الكريمة الدالة على التحريم.
2- إثارة الشهوة بغيرها - بلا أدائه إلى الاستمناء - وقد ذكر المصنف (رحمه اللّه) في التحريم تهييج الشهوة من (المحرمات)(2) أنّه لا دليل على حرمته.
وفي الفقه: إنّ دليل حرمته: {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}(3)»(4).
وفيه: إنّه أخص من المدعى؛ إذ نفرض أنّ التهييج لا يورث الطمع المذموم شرعاً.
نعم، لو أدى تهييج الشهوة إلى الطمع شمله الملاك، والعلة تعمم.
إلا أنّ الآية في الأجنبي والأجنبية لا في غيرهما، فلا ربط لها بالمقام، بل ذكر المصنف (رحمه اللّه) في (المحرمات)(5): جريان سيرة المتشرعة على التهييج، فتأمل.
[2]: إلا أن يقال: إنّه منكر في أذهان المتشرعة، فتأمل.
ص: 215
المسألة 192: هل يجب[1] ستر الجسد عن الحيوان الذي ينظر إلى الإنسان بشهوة والتذاذ، كستر المرأة جسدها عن قرد ينظر إليها بشهوة؟ احتمالان.
* احتمال الحل؛ لما تقدم، واحتمال الحرمة؛ لأنه من خوف[2] الافتتان، لكن الأقرب إلى الصناعة الأول، وإن كان الأحوط الثاني، ومن ذلك يعرف لو لمس الحيوان بدن الإنسان بشهوة.
المسألة 193: لا بأس بتقوية السمع حتى يسمع من فراسخ، ومع وجود الحائط أو ما أشبه، كما لا بأس بتقوية البصر كذلك، لكن لا يجوز هتك[1] أو كشف الأسرار بواسطتهما.
* وذلك لأصل الحل، أما الهتك والكشف فلا يجوز لإطلاق أدلّتهما[2]،
-------------------------
المسألة 192:
[1]: مضى بعض الكلام فيه في المسألة (191)(1).
وقد يقال: إنّ اللمس أكثر منكرية، أمّا النظر فقد كان متعارفاً في البيوت ومتداولاً، فتأمل.
[2]: أخص من المدعى، ومن العوارض الاتفاقية.
المسألة 193:
[1]: وكذا النظر المحرّم.
[2]: لم أجد تعرضاً في (المحرمات) لمسألة كشف الأسرار، ويمكن أن يقال:
ص: 216
إلا فيما جاز، كنظره إلى بدن زوجته وبالعكس في زوجها، ومنه يعلم حكم تقوية[3] سائر القوة الجسدية والروحية.
المسألة 194: لو فرض إمكان تلبيس جسد بروح ميت، أو روح حي[1]، فهل يجوز ذلك؟ الظاهر نعم بالنسبة إلى روح حي يرضى بذلك، أما روح الميت ففيه احتمالان، وإن كان الجواز لا يخلو من قرب.
-------------------------
إنّه حق عرفاً، وكل حق عرفي حق شرعي ل- «لئلا يتوى» كما في حقوق الطبع. لكن تأمل في الكبرى بعض.
وقد يستدل بأنّه منكر في أذهان المتشرعة، وبأنّه قد يكون إيذاءً. نعم، قد يستدل على حرمته بأدلة حرمة التجسس (راجع المسألة 206)(1).
[3]: كقراءة الأفكار. نعم، لو كان عن طريق إلهي فالظاهر جوازه، كما في قضية: «كشف عن بصره فرأى أكثر أهل الموقف قردة أو...»(2) . وفي قصص الصالحين أنهم كانوا يرون الواقعيات.
المسألة 194:
[1]: مؤقتاً وإلا كان إماتة للحي،(راجع 196)(3).
ص: 217
* أما بدون رضا الحي فلا يجوز؛ لأنه خلاف تسلّطه[2].
وأما وجه القرب في الميت فلأصالة الحل فيما لا دليل على حرمته، وأما وجه احتمال الحرمة فيه فهو قوله (صلی اللّه عليه وآله وسلم) : «حرمته ميتاً كحرمته حياً»(1)، لكن الظاهر عدم شمول[3] الرواية للمقام، إلا إذا فرض العلم بأذية الميت، وفي الحديث: «فتوقي لميت مما توقي منه نفسك»(2) لكن الفقهاء لا يقولون بإطلاقه.
المسألة 195: لو فرض إمكان تبديل[1] روحين لجسدين، بأن يدخل روح زيد في جسد عمرو وبالعكس، جاز برضا الطرفين، وقد ذكرت ذلك بعض الصحف.
* ويدل على الجواز إطلاق دليل الحل[2]، لكن بشرط أن لا يكون
-------------------------
[2]: لو قلنا: إنّ دليل السلطنة له عقد إيجابي وسلبي، أي: لا سلطة للآخرين، وإلا شمله دليل التصرف.
[3]: فيه: إنّه مطلق، وكل ما خرج بالدليل نقول به، وإلا فهو باقٍ على إطلاقه، فتأمل.
المسألة 195:
[1]: لعل المراد الدائم.
[2]: لكنه خلاف ما بنى عليه المصنف من (حرمة تغيير خلق اللّه تعالى)، إلاّ أن يُقال: إنّه التغيير السيئ.
ص: 218
هناك محذور[3]، وحينئذٍ فأحكام الزوجية والنسب وغيرها هل يتبع الجسد أو الروح؟ احتمالان[4].
المسألة 196: لا يجوز إخراج[1] روح الإنسان بالوسائل النفسية، وقد كان هذا معمولاً في القديم، كما يظهر عن حديث ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) .
* وذلك لأنه إماتة، نعم إذا لم يكن إماتة، بل كان من قبيل التنويم[2] لم يكن به بأس بشرط رضا الطرف؛ لأنه تصرف في سلطنته، فلا يجوز إلا بإجازته، وبشرط عدم الضرر البالغ.
المسألة 197: هل يجوز إخراج روح الحيوان بالوسائل النفسية بدون
-------------------------
[3]: كاختلال النظام وضياع الأنساب.
[4]: 1- هل تتبع المشاعر العقليّة؟ 2- والأولى أن نقول: إنّه تابع للصدق العرفي، فنسأل العرف بعد ملاحظة حالتها: مَن هذا؟
وهل يجري فيه استصحاب أحكام البدن؟ فيه إشكال؛ لعدم إحراز وحدة الموضوع، فتأمل. هذا لو وصلنا إلى مرحلة الشكّ.
المسألة 196:
[1]: وهو ما يُقال له الموت الاختياري.
[2]: ومثله: التجميد في الثلاجة، لكنه تفويت للصلاة، بناءً على حرمته قبل وقتها، إمّا لأنّ الوجوب معلقٌ، أو لأنه تفويت لغرض المولى، أو لغير ذلك. نعم، إذا لم يستلزم ذلك فلا بأس.
المسألة 197:
ص: 219
أن يكون ذلك أذية[1] محرمة له؟ الظاهر الجواز في الحيوان الذي لا يكون ذلك إسرافاً بالنسبة إليه، ولم يكن له صاحب، أو كان، ولكنه كان راضياً، كما لو أخرج روح نملة[2]، أو هرة غير مملوكة، أو مملوكة ولكن صاحبها راضٍ بذلك، أما بالنسبة إلى حيوان يوجب ذلك إسرافاً، كما لو أخرج روح الشاة[3] لم يجز، وكذلك إذا كان مملوكاً وصاحبه لا يرضى، وإن لم يكن إسرافاً.
* وجه الأحكام الثلاثة إطلاق أدلتها.
المسألة 198: لا يجوز تكبير عضو من أعضاء الإنسان بالوسائل الحديثة بما يسمى تشويهاً[1] وتغييراً لخلق اللّه، كما إذا كبر اليد إلى حيث ضعف الجسد أو ما أشبه، وكذلك التصغير، كما إذا صغر اليد إلى حيث بلغت بقدر الإصبع مثلاً.
-------------------------
[1]: راجع المحرمات في حرمة إيذاء حتى الحيوان(1).
[2]: إذ لا فرق بين أن يقتلها بإصبعه أو يقبض روحها.
[3]: لأنه لم يُذَكَّ، فيكون محرماً.
المسألة 198:
[1]: لعل دليل حرمته أدلة المثلة، أو التغيير، أو أنّ الدليل ارتكاز المتشرعة أو الإضرار.
نعم، لو صار (موضة) متعارفة فربما يخرج عن التشويه أو التغيير السيّئ، فتأمل.
ص: 220
* أما بالنسبة إلى نفسه فلأنه تغيير خلق اللّه وإضرار[2] لا يجوز، وأما بالنسبة إلى غيره فإن رضي كان المحذور، وإن لم يرضَ كان محرماً من هذه الجهة أيضاً.
المسألة 199: لا يجوز[1] انتهاك حرمة الإنسان بجعله في المتحف إذا كان قزماً جداً، أو طويلاً جداً، كما يفعله بعض البلاد، نعم يجوز ذلك برضاه وملء اختياره، ويجوز له أن يأخذ أجرة على ذلك، إلا إذا كان إهانة يحرم على الإنسان المؤمن تحملها.
* فإن كل واحد من العمل خلاف سلطة الإنسان - إذا لم يرض - وإهانة وإذلال له - إن رضي - محرم للأدلة، ولذا إذا لم يكن إهانة ورضي جاز حيث لا محذور.
المسألة 200: يجوز تبييض جسم الإنسان الزنجي، كما يفعل ذلك بالمساحيق والأدوية[1] الحديثة في بعض البلاد.
* إذ هو تغيير لا يصدق[2] عليه تغيير خلق اللّه، فالأصل جوازه، لكن
-------------------------
[2]: لو كان.
المسألة 199:
[1]: فالمحذور:
1- الإكراه. 2- الإهانة والإذلال المحرّمان. 3- المحذور الخارجي.
المسألة 200:
[1]: أو العملية الجراحية.
[2]: إذ المراد التغيير السيّئ؛ لأنّه القدر المتيقن.
ص: 221
يلزم أن يكون ذلك برضاه[3]، وإلا كان خلاف سلطته.
المسألة 201: هل يجوز تسويد[1] أو تحمير أو تصفير بشرة الإنسان الأبيض؟ احتمالان، الجواز للأصل، وعدم الجواز؛ لاحتمال دخوله في (تغيير خلق اللّه).
* إذا كان شيء من ذلك يعد تشويهاً أو تغييراً[2] لخلق اللّه لم يجز، وإلا جاز، وكذلك لو كان حقاً للغير، كما إذا كان يفعل ذلك بالنسبة إلى المرأة المزوّجة بدون رضا زوجها، فإنه وإن لم يكن تشويهاً أو تغييراً - لكنه لم يجز؛ لأنه من التصرّف[3]
-------------------------
[3]: وأن لا يكون انتهاكاً لحق الغير، كما سيأتي في المسألة (201)(1).
المسألة 201:
[1]: كأنَّ البياض هو الأصل؛ ولذا ورد: «خلق مشوه»(2)، وورد «اللّهم بيض وجهي يوم تبيض وجوه»(3)، إلاّ أن يراد البياض المعنوي، فالتبييض لا مانع منه، أما غيره ففيه احتمالان.
[2]: سيّئاً.
[3]: فإنّ اللازم إزالة المنفرات عن الاستمتاع، كما ذكروه في كتاب النكاح، فكل ما ينافيه محرم. ويدل عليه أيضاً أنّه خلاف الشرط الضمني.
ص: 222
في سلطان الزوج[4].
هذا في التلوين الدائمي، أما التلوين غير الدائمي[5] فلا إشكال فيه إن لم يكن مضراً[6]، ولم يكن حقاً للغير.
المسألة 202: يجوز إخراج الزانية الجنين المتكوّن من الزنا[1] عن بطنها في ما إذا أمكن[2] تربيته خارج الرحم حتى يكتمل. نعم، لا إشكال في الوجوب إذا كان بقاؤهُ في رحمها موجباً للفتنة الشديدة والقتل[3].
-------------------------
[4]: وهل يحق للزوج ذلك؟ فيه إشكال؛ لأنّه خلاف الشرط الضمني، وخلاف {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}(1). نعم، لو رضيت فلا إشكال.
[5]: كالتمثيلية.
[6]: بالغاً.
المسألة 202:
[1]: ومثله في المتعة.
[2]: وأمّا إذا لم يمكن فهو قتل محرّم، كما ذكر في المكاسب المحرّمة أنّ الإيجاد قد يكون حراماً، والإبقاء لازماً(2).
[3]: ثم إنّه إذا لم يكن إلاّ بالقتل فهل يجوز؟ الأصل الحرمة، وقال بعض بالجواز لو كان أهم ومهم، كإلقاء أحد ركاب السفينة لو كانت مهددة بغرق الكل، وكالانتحار في السجن إذا تيقن بأنّه يعترف فيقتل نفسه، فتأمل.
ص: 223
* الجواز لأصالة الحل، إذا لم يكن ضرراً عليها[4] أو عليه[5]، والوجوب للعنوان الثانوي.
المسألة 203: الظاهر أنه لا مانع من بناء التمثال الرمزي للجندي المجهول، وإذا كان محفّزاً للجنود على الجهاد الإسلامي، كان راجحاً[1].
* الحرام من التماثيل ما كان يراد به العبادة[2]، كما رأيناه في الفقه من أنّ التمثال المحرم ما صنع للعبادة كالأصنام لا مطلق التماثيل(1)، ولذا كان الجواز والاستحباب، كلٌّ في مورده.
المسألة 204: لا بأس بأخذ الوقائع التاريخية الماضية من الفضاء، كالحروب ومجالس الوعظ وغيرهما بواسطة الأشعة الآلية الكاشفة عنها.
-------------------------
[4]: بالغاً.
[5]: مطلقاً؛ لأنّ إضرار الآخرين محرم مطلقاً.
المسألة 203:
[1]: سبق الكلام أنّ رجحان الطبيعي هل يلازم رجحان مصاديقه أو لا، وأن الأوامر تتعلق بالطبائع أو الأفراد؟
[2]: راجع أول الكتاب المسألة ( 3)(2).
المسألة 204:
ص: 224
* وذلك لإطلاق أدلة الحل، لكن إنما يمكن الاعتماد عليها إذا علم صدقها بالأدلة القطعية[1]، [2]، وإلا فلا حجية في الاستناد إليها، وإذا استلزم محرماً[3] حرم من باب مقدمة الحرام.
المسألة 205: يجوز للإنسان أن يوفد روح نفسه، أو روح إنسان آخر، أو روح ميت إلى البلاد النائية أو ما أشبه للاستخبار والإخبار، فإنّ حرمة تسخير الأرواح، وإن ذهب إليها بعض الفقهاء، وكنت أميل إلى ذلك سابقاً، لكن لا دليل مقطوع به عليها، فالأصل الحلية.
* كأن[1] وجه التحريم احتمال الأذية، واحتمال أنه نوع من السحر،
-------------------------
[1]: كأن يتقاص من الذي علم بأنه سرق أمواله.
[2]: ولم يكن للشارع طريق خاص في الإثبات كالزنا، راجع أوائل الكتاب(1).
[3]: ككشف أسرار الناس والاطلاع على عوراتهم.
المسألة 205:
[1]: الأدلة هي:
1- إنّه تصرف بلا رضاه، ولابد فيه من إحراز الرضا، (كما ذكر في كتاب الخمس في بحث الكنز، أصالة الحرمة)(2).
وفيه: إنّه لم يُعلم كونه تصرفاً، بل يحتمل كونه ارتباطاً، مثل: أن تُنشئ ظلاً وتبخر بخوراً، فيأتي شخص فتسأله أسئلة ويجيب عنها، فإنّه لم يعلم تحقق الموضوع، أي: التصرّف.
ص: 225
واحتمال ترتب الضرر على ذلك، أما الاحتمالان الأولان، فلا يؤثران في الحرمة؛ لأصالة الحل، والاحتمال الثالث إنما يتبع بموازين احتمال الضرر، فلا إطلاق في المنع.
المسألة 206: لا يجوز إيفاد الروح لكشف أسرار الناس.
* لأنه خلاف سلطة[1]، [2] الناس، ولما دل على حرمة كشف[3] سر الغير، ولقوله تعالى[3]: {وَلا تَجَسَّسُوا}(1)، وكذا لا يجوز إرسال الجن ونحوه لذلك.
-------------------------
2- إنّه إيذاء محتمل، وفيه: الأصل الحلّ - أصل حكمي - أو أصل عدم الإيذاء - أصل موضوعي - ويحتمل كونه عدماً أزلياً، فتأمل.
3- احتمال أنّه سحر.
وفيه: أصالة الحل، مع أنّه ليس سحراً عرفاً.
4- احتمال الضرر: الضرر الحقير، لا يؤثر وليس مداراً، بل المدار رضاه وعدم رضاه. نعم، لو كان الضرر خطيراً فلا ينفع رضاه، واحتمال مثله منجز.
المسألة 206:
[1]: لو كان لها عقد سلبي.
[2]: فهو كما سلط على نفسه مسلط على سرّه.
[3]: راجع المسألة (193) وحواشينا(2).
[4]: وسائر أدلة حرمة التجسس.
ص: 226
المسألة 207: لا يجوز[1] حفظ ألفاظ الكفر بالمسجّل، وكذلك حفظ السباب وما أشبه، إلا إذا كان لجهة أهم شرعاً.
* فجوازه من باب الأهم والمهم، حاله حال حفظ كتب الضلال لأجل ردّها إلى غير ذلك مما هو معروف في الفقه.
المسألة 208: يستحب[1] إملاء أشرطة المسجل بالقرآن والوعظ وما
-------------------------
المسألة 207:
[1]: لأنّه لا فرق عرفاً بين الإيجاد والإبقاء، فكما أنّ الإيجاد محرم بأدلة حرمة الكفر والسب كذلك الإبقاء. مثل: الارتماس في الماء حدوثاً وبقاءً، (راجع العروة، الصوم)(1).
ويدل عليه «قطعه نصفين وألقه في البالوعة»(2).
وكذا ملاك (حفظ كتب الضلال). إلاّ أن يُقال: لا دليل على حرمة الحفظ في حدّ نفسه.
المسألة 208:
[1]: لو قلنا: إنّ استحباب الطبيعي يسري للفرد (راجع البحث في ذلك فيما
ص: 227
أشبه، بل قد يجب إذا كان موجباً لإرشاد ضال، أو هداية جاهل، أو تنبيه غافل، أو أمر بالمعروف، أو نهي عن المنكر.
* فيراعى موازين العمومات من الأمر والنهي، والتبليغ إلى الإسلام، والهداية والإرشاد، فما وجب منه وجب، وما استحبّ منه استحب.
المسألة 209: هل إنّ أصوات الأرواح حجة فيما إذا علمنا بالكلام، كما لو أحضر بسبب التحضير روح عادلين وشهدا على قضية؟ مشكل جداً، اللّهم إلا إذا حصل العلم من ذلك، وكان يكفي الاعتماد[1] على العلم في ترتيب الأثر الشرعي.
* لانصراف أدلة الشهادة إلى الحي، إلا فيما ورث العلم، وكان يكفي
-------------------------
سبق)(1).
وهنا بحث خارجي، وهو: أنّه لو قال كلاماً يحتمل كونه صدقاً أو كذباً فهل هو جائز؟
كونه كذباً غير معلوم، ولا يقصد الكذب حتى يكون تجرياً.
والظاهر الحرمة ل- :
1- استصحاب العدم، مثل لو قال: في صدر فلان ألف شعرة، أو تحدث كلّ ثانية جريمة في الغرب.
2- إنّه ظاهر عرفاً في أنني رأيت، لا أنّه يحتمل ذلك فيكون كذباً بهذا الاعتبار.
المسألة 209:
[1]: مثل: الاقتصاص من السارق، أي: التقاص.
ص: 228
العلم لا مثل الزنا واللواط، حيث لم يكتف الشارع فيهما بالعلم، وإنما يحتاج إلى طرق خاصة[2]، كما ذكرناه في الفقه[3](1).
المسألة 210: لا يكفي حضور أرواح عادلين لإجراء الطلاق.
* لما تقدم من انصراف الأدلة إلى الأحياء[1].
المسألة 211: كتابة[1] الأموات (كما في كتابة السلة في بعض البلاد)
-------------------------
[2]: ولو شهد الروحان أنّهما في حال الحياة رأيا القتل، أو أربعة شهدوا بالزنا كالميل في المكحلة في حال حياتهما فالظاهر أنّها لا تقبل؛ لانصراف الأدلة عن مثل هذه الشهادة. مضافاً إلى أنّه لم يُعلم أنّها روح فلان، بل ربما تكون روح جني متلبس بذلك، ومُظاهر بذلك (راجع المسألة 210)(2).
[3]: وقد سبقت الإشارة إلى ذلك.
المسألة 210:
[1]: كما لا يكفي حضور مثل الملائكة، وكذا نظارة مثل النبي (صلی اللّه عليه وآله وسلم) والإمام (عليه السلام) (3) للانصراف.
المسألة 211:
[1]: فالصور ثلاثة: 1- لم تورث العلم. 2- أورثت فيما جعل الشارع له طريقاً خاصاً. 3- أورثت فيما لم يجعل.
ص: 229
لا حجية فيها، اللّهم إلا إذا أورث العلم، كما تقدم في المسألة (209).
* فلا يمكن الأخذ بكتابتهم حول أي موضوع كان، وإيراثه العلم يوجب نتائجه فيما كان العلم حجة فيه من بابه، لا من باب كتابة السلة.
المسألة 212: لا إشكال في جواز استعمال السماد المعمول من إحراق الإنسان إذا كان الإنسان غير محترم كالكافر المحارب المحترق، أما إذا كان الإنسان محترماً فلا يجوز[1].
* الجواز في الكافر غير المحترم، بل وحتى في المحترم إذا كان جائزاً في دينه، وذلك لقاعدة الإلزام[2]، وعدم الجواز في المسلم؛ لأنه خلاف احترام الإنسان المسلم أو نحوه، فإن «حرمته ميتاً كحرمته حياً»(1)، ومثل الشخص غير المحترم في الجواز الحيوان، وإن كان في حياته محترماً، بحيث يحرم قتله أو أذاه أو ما أشبه من سائر حقوق الحيوان.
-------------------------
المسألة 212:
[1]: الملاك صدق الهتك، والموارد مختلفة، والظاهر: إنّ الهتك متقوم بكون الإضافة للميت محفوظة أولاً.
[2]: في القواعد الفقهية، حيث إنّ موارد الإلزام على ثلاثة أنواع:
1- ما يعلم شموله.
2- والعدم.
3- وما يشك.
ص: 230
المسألة 213: هل يجوز غرس الأشجار في حافة المقابر المحترمة، مما نعلم أنها تمتص من ذرات الإنسان، كما هو المعتاد في مقابر بعض بلاد الغرب؟ احتمالان[1].
* المنع من جهة أنه خلاف الاحترام، والجواز - وهو مقتضى الصناعة - لأصالة الحل[2]، ولم يعلم من أحد منعه في المقابر، مع تعارفه منذ الأزمنة القديمة، فالسيرة[3] تؤيّد ذلك.
المسألة 214: هل يجوز للبريد أن ينقل أخبار الاتصالات الهاتفية والتلغرافية، إلى غير أصحابها؟ ثم بعد استفادة أولئك منها ينقلها لأصحابها، كما إذا جاءت برقية إلى زيد بغلاء السكر، يخبر البريد عمراً بذلك، وبعد ساعة يخبر زيداً، أم لا؟ الظاهر[1]
-------------------------
المسألة 213:
[1]: ولعل الموارد مختلفة، فتأمل.
[2]: وما الفرق بين أن تأكله الأرض أو الشجر؟ بل الشجر أكثر كمالاً، لكن قد يُقال: بجريان السيرة عليه دونه، فتأمل.
[3]: ويؤيده بقيع الغرقد، حيث إنّه شجر ظاهراً.
المسألة 214:
[1]: الأولى أن يُقال: إنّه حرام مطلقاً؛ لأنّه حقّ عرفاً، ويلحق به الشكّ. نعم، لو علمنا برضاه فلا إشكال.
نعم، لو لم نقل: إنّ الحقّ العرفي حقّ شرعي فاللازم انطباق عنوان محرّم كما في المتن.
ص: 231
عدم الجواز إذا عدّ ذلك خيانة[2] أو إفشاءً لسره أو غيرهما من المحرمات المعنونة، أما إذا لم يدخل تحت عنوان محرّم جاز.
* وذلك على القاعدة في المستثنى منه والمستثنى، ولا يخفى أنه يعد عرفاً من الخيانة في الأمانة مطلقاً، فالمستثنى نادر جداً، ولو سبب في مورد عدم الجواز ضرراً[3]، [4] على من خانه، فعليه ضمانه فاللازم تداركه؛ لأنه مشمول ل- لا ضرر.
-------------------------
[2]: بل نفس التأخير قد يكون خلاف مقتضى العقد ولو ارتكازاً، فيكون محرماً لذلك.
[3]: بل حتى لو كان جائزاً أو واجباً، فاللازم الضمان - مع غض النظر عن المناقشة اللاحقة- لأنّ الوجوب التكليفي لا ينافي الضمان الوضعي، كما في أكل المخمصة. نعم، ذهب الماتن (رحمه اللّه) إلى أنّ ظاهر الجواز أو الوجوب عدم الضمان، (فراجع كتاب الأمر بالمعروف)(1).
[4]: أيهما المضرّ؟ هل مَنْ اشترى أو المخبر؟ وهل يلتزم بمثله في نظائره؟ مثل: لو أخبر السلطة به فقتلته أو صادرت أمواله، فهل يضمن المخبر الأموال المصادرة؟ وكذا لو أخبر اللص بموضع المتاع.
وهل يفرق بين كون العمل محلّلاً: كشراء التاجر أو محرماً كاللص؟ وهل المضرّ: التاجر أو المخبر أو كلّ منهما جزء العلة؟
وقد يُقال: إنّ التاجر فعل فعلاً محللاً، والمخبر وإن أخبر إلاّ أنّه لم يباشر، فلا
ص: 232
المسألة 215: الماء والتراب المصنوعان إذا كانا ماءً وتراباً حقيقة جرى عليهما حكم الماء والتراب، وإن كان ماءً وتراباً صورة[1]، [2] لا يحكمان بحكمهما في التطهير ونحوه.
* أما إذا كان حقيقة فللصدق الموجب لترتب الحكم، وأما الصورة فلا يترتب عليها الحكم، إذ الألفاظ موضوعة للمعاني الواقعية.
المسألة 216: آلات[1] التصوير والتسجيل المثبتة في أعمدة الشوارع ونحوها لحفظ وتصوير الوقائع التي تقع فيها، من اصطدام سيارة بسيارة،
-------------------------
ضمان مطلقاً.
ولكن قد يُقال: إنّ الإضرار عرفاً ينسب للمخبر، فتأمل.
ثم إنّ في إثبات (لا ضرر) للحكم كلاماً، وإن كان المختار أنّه يرفع ويضع.
المسألة 215:
[1]: كالذهب الصناعي (البلاتين).
[2]: ليس علينا بالمعادلات العلمية (هيدروجين وأوكسجين) وما يقوله العلماء؟ بل العرف، وهو أنّه لو دقق ورأى الواقع فهل يعتبره ماءً أو لا؟ وأمّا الوهم فلا عبرة به، كرؤية السراب وتخيله ماءً.
المسألة 216:
[1]: فالأقسام ثلاثة كما سبق في المسائل (209-211)(1).
ص: 234
أو سباب إنسان لإنسان، أو ما أشبه ذلك، إن أورثت العلم جاز الاعتماد عليها، وإلا لم يجز، لكن ذلك فيما لم يشترط الشارع أموراً خاصة في الحكم، كالزنا الذي لا يثبت إلا بأربعة شهود، ولا يكتفي فيه بالعلم.
* وذلك لحجية العلم من أين حصل فيما عدا المستثنى، وعليه فإذا أظهرت السرقة جاز تغريم السارق؛ لأنّ الغرامة تثبت بالعلم، بخلاف القطع حيث يحتاج إلى شاهدين أو إقرارين، ولو شك فالمحكّم (درء الحدود بالشبهات)[2].
المسألة 217: لا يجوز ترك الرجل والمرأة المجنونين الأجنبيين يتجامعان، لكن إن فعلا ذلك فالولد بينهما محكوم بحكم ولد الشبهة.
* لأنّ الزنا ونحوه مما لا يريده الشارع مطلقاً، وإن لم يكونا مكلفين،
-------------------------
[2]: وهي تشمل شبهة المجتهد أيضاً (راجع الفقه)(1).
ثم لو رأى السرقة بالفيلم المباشر فهل حكمه حكم الرؤية؟ وهل تقبل الشهادة؟ فيه تأمل. وقد ذكر الوالد (رحمه اللّه) في أبواب النظر أنّ حكم الصورة حكم الأصل.
فهنا ثلاثة أنواع:
1- رؤية مباشرة.
2- رؤية عبر التلفزيون المباشر.
3- رؤية الصورة.
المسألة 217:
ص: 235
كما هو المركوز[1]، [2]، [3] في أذهان المتشرّعة[4]، وكذلك حال طفلين غير بالغين، وإن كان رفع القلم منهما، وكذا حال النائمين و ما أشبه، وأما الولد فولد شبهة؛ لأنه ليس بزنا، لعدم توفر الشرائط.
المسألة 218: لو رأى الهلال بالمجهر، فإن كان بحيث تراه العين المجردة، وكان المجهر لمجرد[1] تعيين الموضع ثبت الهلال، وإلا فلا، إذ الهلال موجود كل وقت، وإنما لا يقبل الرؤية قبل خروجه عن تحت الشعاع.
* والظاهر من قوله (عليه السلام) : «صم للرؤية وافطر للرؤية»(1) الرؤية المتعارفة
-------------------------
[1]: هل هذا الارتكاز ثابت؟ وهل هو منكر؟ نعم، في القتل الارتكاز ثابت، بل يجب حفظ النفس مطلقاً، ولو كاد أن يغرق بنفسه. ولو فرض الجواز فهل يجوز التسبيب للجمع بينهما؟ فيه إشكال أكثر.
أما الطفل فالظاهر أنّ الارتكاز ثابت.
[2]: لعل الارتكاز أقوى فيما لو كان يحصل ولد من ذلك.
[3]: لعله أقوى في المميّز، أمّا في غير المميز ومن لا يفهم أصلاً فلعله أضعف.
[4]: أي: يفهمون أنّه يجب أن لا يقع في الخارج.
المسألة 218:
[1]: فهذا مقدمة لتعيين المكان، كتشخيص مكان الزانيين لرؤيتهما بالعين المجرّدة. وهنا بحثان:
1- هل الرؤية طريقية أو موضوعية؟ الظاهر أنّها طريقية، فالثبوت الواقعي كافٍ.
2- لكن يجب (إمكان الرؤية لولا المانع) وأن تكون الرؤية متعارفة.
ص: 236
لا بالوسائل، وكذا حال ما إذا رآه بالعين المجردة بسبب الارتفاع[2] المتزايد في الفضاء، فإنه لا يحكم بالهلال على ذلك الأفق.
المسألة 219: هل يصح الاعتماد على إخبارات العقل الالكتروني أم لا؟ الظاهر العدم[1]، إلا إذا أورث العلم، ثم لا يصح ترتيب النتائج إذا شرط الشارع فيها طريقاً خاصاً، كما تقدم في المسائل السابقة.
* الحكم في المستثنى منه والمستثنى على القاعدة كما تقدم.
المسألة 220: لو أجرى عملية جراحية فبدّل ذكره بذكر آخر حتى صار جزءاً منه حلّ[1] لزوجته، كما تقدم شبيه هذه المسألة في بعض المسائل السابقة، وكذلك بالنسبة إلى المرأة.
-------------------------
[2]: مع عدم وحدة المكان عرفاً، لا كمثل جبل صغير.
المسألة 219:
[1]: فهناك ثلاثة صور، كما سبق نظيره.
المسألة 220:
[1]: هنا ثلاثة صور:
1- أن يتفاعل معه، والظاهر أنّ مراد المصنف (رحمه اللّه) بالجزئية ذلك.
2- أن لا يتفاعل، ويمكن أن يُقال: إنّه عرفاً جزء منه.
3- أن يتفاعل لكن يسند للسابق عرفاً، كعين الكلب الواضح أنّها منه، فتأمل.
ثم إنّ في حلية ما يلابس الزوجين - كثوبها- كلاماً، فإنّه عرفاً التذاذ به وبها، وهذا بخلاف ما لو أخذ آلة مطاطية وأدخلها فيها، فإنّه ليس التذاذاً به، فتأمل.
ص: 238
* لأنه حينئذٍ جزؤهُ أو جزؤها، وكذلك الحال في كل جزء تبدل، كالعين فينظر معها إلى محارمه، لا محارم صاحب الحدقة السابقة، إلى غير ذلك.
المسألة 221: إذا تمكن الإنسان من صنع الخلية الحية، كما ينقل عن بعض علماء الطب في الغرب، جاز، وكان ذلك دليلاً جديداً[1] على وجود اللّه سبحانه، حيث إنه سبحانه قبل ألوف السنوات خلق في كل إنسان مالا يعدّ من الخلايا الحية، مما وصل البشر إلى أولى مراحلها بعد تجارب كثيرة وتقدم كبير، وبعد ألوف الوسائل والمعدّات والآلات.
* فلا يقال: إنه محال[2]؛ لأنه خاص باللّه سبحانه، وعلى أي حال: فالكلام في الحكم لا في الإمكان، وكذلك لو فرض إمكان صنع البيضة الحية، والحبة الحية، وما أشبه ذلك.
-------------------------
ثم إنّه لو شككنا فهل نستصحب ما سبق، أو أنّه يشك في تبدل الموضوع؟ وراجع مسألة: 200 و202(1).
المسألة 221:
[1]: إن قلت: لعل الخالق إنسان متطور.
قلت: أثبتم له جميع صفات الإله فنحن نسميه إلهاً. (راجع مثله في حديث حول الطبيعة).
[2]: هنا بحثان: 1- إنّه ممكن أو محال. راجع بحث (أصالة الامتناع في مبحث الظن في الرسائل)(2). 2- إنّه حلال أو حرام.
ص: 239
المسألة 222: لو فرض[1]، [2] أنّ البشر توصل إلى إمكان صنع الإنسان أو الحيوان أو النبات جاز، وكان ذلك دليلاً جديداً على وجود اللّه تعالى، فإنك إذا سألت العلماء - بعد صنع ذلك الإنسان - كيف صنع هذا الإنسان؟ قالوا: إنّ هذه من معاجز مخ ذلك الصانع وقوة إرادته ووسعة علمه.. أفهل بعد ذلك لا يكون بلايين البلايين من الإنسان والحيوان والنبات أدلة ساطعة على وجود اللّه العليم القدير؟
* الحكم في هذه المسألة كالحكم في المسألة السابقة؛ لوحدة الموضوع.
المسألة 223: يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالإيحاء النفسي، إذا لم تكن وسيلة للأمر والنهي وغيره، وإن أمكن بمختلف الوسائل الكلامية والإيمائية كان الإيحاء واجباً تخييراً - إذا لم يكن محذور - ولا فرق في الإيحاء بين التنويم أو التحضير لروح فاعل المنكر، أو لإيفاد روح الناهي عن المنكر إلى روح فاعل المنكر، أو غير ذلك.
* وذلك لإطلاق أدلة الأمر والنهي، وكذلك حال إرشاد الجاهل وتنبيه الغافل، وتبليغ الخير من الإسلام أو سائر خصوصياته، نعم إذا كان الأمر
-------------------------
المسألة 222:
[1]: راجع المسألة السابقة.
[2]: ولا دليل على الاختصاص به تعالى، أي: إنّ الخلق خاص به تعالى.
وهنا بحوث: في أنّه هل تشمله أدلة التبعية - لو كان تبعاً- وهل يرث؟ الظاهر أنّه تبع - لو تبعه - ولا يرث؛ لعدم الدليل.
المسألة 223:
ص: 240
مستحباً أو مكروهاً، كان كل ذلك مستحباً[1] تعييناً أو تخييراً، وكذلك مكروهاً، هذا إذا لم يكن تصرفاً[2] في الغير، أو موجباً للضرر[3]، وإلا فلا يجوز إلا برضاه، فتأمل[4].
المسألة 224: يجوز للفرد أو الدولة الإسلامية استخدام العقول الإلكترونية للأمور المباحة، كالمحاسبات المالية، فيستعين بها - مثلاً - لمحاسبة أمواله التي يريد إعطاء الخمس أو الزكاة منها، أو محاسبة الدولة عمّالها أو بيت المال، بشرط أن توجب الآلة الحاسبة القطع بنتائج الحساب.
* أما استخدامها للمباح فللأصل، وأما للحساب فإنه يكفي في ذلك الاطمئنان العرفي أيضاً، إذ لا فرق بين الآلة وغيرها، كما لا فرق بين
-------------------------
[1]: سبق الكلام في أنّ استحباب الطبيعي هل يسري للفرد أو لا(1).
[2]: الظاهر أنّ ما ذكره (رحمه اللّه) من الأمثلة تصرف.
[3]: البالغ أو غير البالغ، والرضا يرفع حرمة الضرر غير البالغ.
[4]: لعله لأنّ الإضرار لا بأس به لو توقف عليه؛ إذ إنّ الضرب ونحوه من مراتب الأمر. نعم، في بعض المراتب يشترط إذن الحاكم الشرعي.
لكن قد يُقال: إنّ الأئمة (عليهم السلام) لم يقوموا بذلك!
وفيه: 1- لعلهم عملوا بذلك.
2- لعله كان هنالك محذور.
3- لعله لأنّ علمهم كان غير متعارف، والملاك العلم المتعارف.
المسألة 224:
ص: 241
الآلات، لكن إذا علمنا اشتباهها بعض الأوقات لا يمكن الاعتماد عليها في محتمل النقص[1]، وإن جاز في محتمل الزيادة[2] عطاءً، وقد تكون المسألة من مصاديق العلم الإجمالي[3].
المسألة 225: يجوز[1]، [2] السفر إلى بلاد الكفر لتحصيل العلوم[3]، ولكن يشترط في ذلك عدم تناول المحرمات[4]، كالذبائح لغير المسلمين، وكالأمور المحرمة والأمور النجسة، كما يشترط[5] عدم النظر إلى ما يحرم النظر إليه من النساء والفتيات، وعدم اتخاذهن خليلات،
-------------------------
[1]: لأنّ الاشتغال اليقيني يقتضي البراءة اليقينية.
[2]: لكن القدر المخمس يلاحظ فيه الأقل.
[3]: كما لو علمنا أنّه إما يزيد أو ينقص.
المسألة 225:
[1]: وإلا كان حراماً عقلياً.
[2]: لكن فيه محذور التعرب بعد الهجرة فراجع.
[3]: أو غيرها كالمال.
[4]: والاضطرار لا يرفع الحرمة؛ لأنّها بالاختيار (راجع بحث: متوسط الدار المغصوبة بسوء اختياره)(1).
[5]: ولو علم أنّه يرتكب الحرام قطعاً كان من باب التزاحم، كما فعله السيد (رحمه اللّه) ، ولاحظ التجربة اليهودية.
ص: 242
وكذلك يشترط القيام بواجباته الإسلامية من صوم وصلاة وغيرهما.
* وذلك لأنّ السفر بذاته ليس حراماً، كما أنّ المفروض عدم فعله المحرّم وتركه الواجب، وقد جرت السيرة للمسلمين منذ زمانهم (عليهم السلام) على السفر إلى بلاد الكفر لأجل التجارة ونحوها، لكن اللازم التحفّظ الكامل حتى لا ينزلق الإنسان، واللّه العاصم.
المسألة 226: يجوز للشاب المسافر إلى الغرب أن يتمتع[1] بفتيات أهل الكتاب، كما يجوز أن يتخذ منهن زوجات دائمات[2]، لكن يشترط في ذلك إجراء عقد صحيح، ولو بأن يبرق إلى بلاده في أن يزوجهن منه، بعد أخذ الوكالة[3] منها في التوكيل، نعم لا يجوز مناكحة غير أهل الكتاب من سائر الكفار.
* وذلك لإطلاق أدلة المناكحة وبعض الأدلة الخاصة، كما ذكرناها في
-------------------------
المسألة 226:
[1]: وهل يحتاج للإذن، إذا لم يكن ذلك في دينهم فتشملهم قاعدة الإلزام؟ وهل يحتاج لإذن الزوجة؟ فيه كلام (راجعه في باب الحدود)(1).
[2]: على خلافٍ.
[3]: وقاعدة الإلزام لا تشمل مثل هذه الموارد، بأن لا يعقد؛ لأنّ العقد - فرضاً- غير لازم عندهم. (راجع: القواعد الفقهية في أنّ قاعدة الإلزام لها ثلاثة مصاديق)(2).
ص: 243
كتاب النكاح، وأما غير أهل الكتاب فلا يجوز، نعم يلزم مراعاة أن لا يكون الزواج فخاً للانزلاق عقائدياً أو خلقياً بمثل العمالة والتجسس، كما قد يتعارف في الحكومات الاستعمارية، لكنها جهة خارجة عن ما نحن فيه.
المسألة 227: إذا هوجم الإسلام أمام المسلم المغترب، وجب[1] عليه الدفاع، بشروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإذا أشكل عليه بما لم يتمكن من جوابه لزم الاستعانة ببلاد الإسلام في تحصيل جواب ذلك الإشكال.
* وذلك لأنّ الدفاع عن الإسلام واجب على كل مسلم، فإنّ «الإسلام يعلو ولا يعلى عليه»(1)، ولقوله سبحانه: {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ}(2) إلى غيرهما من الآيات والروايات، وهكذا حال التبليغ إلى الإسلام، فإنه واجب كفائي على كل مسلم، وتعليم الأحكام إلى غير ذلك، فإن المقام من مصاديقها.
-------------------------
المسألة 227:
[1]: 1- إذا كان مقدمة لإسلامه، ولو احتمل التأثير في المستقبل، فإنّ نفس شروط الأمر موجودة في الدعوة ظاهراً. 2- إذا كان ذلك سبباً لإنقاذ السامعين. 3- إذا كان ذلك سبباً لئلا يطرح الشبهة مستقبلاً. 4- إذا كان ذلك سبباً لإتمام الحجة عليه؛ فإنّ إتمام الحجة هو هدف بعثة الأنبياء (عليهم السلام) ، فتأمل. (راجع المسألة 232)(3).
ص: 244
المسألة 228: إذا تزوج الشاب بأهل الكتاب بدون عقد صحيح، أو تزوّج بغير أهل الكتاب، فاللازم[1] إجراء عقد صحيح عليها (في الكتابية) ولو كان بعد عشرين سنة من تزويجه لها، كما أنّ اللازم أن يترك غير الكتابية أو تسلم[2]، ويعقد عليها بعد إسلامها بعقد صحيح.
* فإنّ الرضا من الطرفين بغير عقد لا يكفي[3] في الحلية، كما أنّ المعاشرة مدة طويلة بعنوان الزوجية لا تجعل[4] غير الزوجة زوجة، وكذلك العكس، بأن تزوجت المسلمة بالكافر فإنه لا علاج إلا بإسلام الكافر وعقدهما من جديد، لكن إذا لم يعلم[5] من ذكر بالحرمة يكون أولادهما
-------------------------
المسألة 228:
[1]: ولا تشمله قاعدة الإلزام (راجع القواعد في تثليث الأنواع)(1).
[2]: وهل يكفي مجرد النطق بالشهادتين؟ فيه صور مختلفة، راجعها في كتاب الطهارة بحث (الإسلام)(2).
[3]، [4]: راجع بحث المعاطاة في (النكاح)(3).
[5]: هل الملاك العلم بالحرمة، كما هنا، أو القطع بصحة النكاح، كما في المسألة القادمة؟ الظاهر الأوّل، وهل يمكن ادعاء التلازم بينهما؟ الظاهر عدمه؛
ص: 245
ولد شبهة، وهو في الحكم كالحلال من جميع الجهات، كما سيأتي.
المسألة 229: أولاد المرأة التي تزوجت زواجاً غير صحيح (كما تقدّم في المسألة السابقة) أولاد شبهة، وحالهم حال أولاد الحلال، في النسب والإرث وغيرهما، إذا كان الشاب والفتاة يقطعان[1] صحة النكاح، وإذا كان أحدهما أو كلاهما عالماً بالتحريم كان الولد بالنسبة إلى العالم ولد زنا.
* مع علم الطرفين بالحرمة - في أي مقام - يكون ولدهما ولد حرام[2] ولا يرث ولا يورث بالنسبة إلى الأبوين وأقربائهما، نعم يرث[3] ويورث بالنسبة إلى زوجته أو زوجها وأولاده، ومع قطعهما بالحلية فالولد ولد شبهة له كل أحكام ولد الحلال، ومع قطع أحدهما بالحلية والآخر بالحرمة، فالولد بالنسبة إلى قاطع الحلية ولد شبهة، وبالنسبة إلى قاطع الحرمة ولد حرام، وقد ذكرنا في الفقه أنّ ولد الحرام له كل أحكام ولد الحلال ما عدا الإرث ونحوه كالقضاء والإمامة.
-------------------------
لأنّه قد يقطع ببطلان النكاح ويرى الحلّيّة للتملك مثلاً أو للإلزام، إلاّ أن يُقال: التملك نوع نكاح، كما هو كذلك، فيبقى الإلزام، فتأمل.
المسألة 229:
[1]: سبق أنّ الملاك العلم بالحرمة، فتأمل.
[2]: وهل تصح إمامة مَنْ كان من طرفٍ ولد حرام ومن طرفٍ ولد حلال؟ قد يُقال: الولد يتبع أشرف الأبوين، فتأمل وراجع(1).
[3]: لأنّه أب، وهم أولاد حقيقة.
ص: 246
المسألة 230: يجب[1] نشر الإسلام - حسب الإمكان[2] - في كل الآفاق، وبمختلف الوسائل الحديثة من الأقمار الصناعية وغيرها.
* وذلك لأنّ تبليغ الإسلام واجب كفائي[3] على كل قادر، قال سبحانه[4]:
-------------------------
المسألة 230:
[1]: راجع كتاب (الشعائر)(1)، وأنّه إذا علق العنوان على كلّي شمل شمولاً أولياً لكل المصاديق المتجددة. وراجع بحث (الطبيعي والفرد) وأنّ الأمر هل ينتشر على الفرد أو لا؟(2)
[2]: أو حسب الطريقة المتعارفة لدى المتشرعة، (راجع العروة، التقليد، بحث إعلام من نقل إليه الفتوى خطأً)(3).
[3]: لكن هنا شبهة تحوله واجباً عينياً؛ لعدم وجود مَنْ فيه الكفاية، (راجع: المسالك)(4).
[4]: وكذلك: { أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ}(5).
ص: 247
{ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ}(1)، وقال: {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ}(2) إلى غيرهما من الآيات والروايات الكثيرة، وإنما نقول بالكفائية؛ لأنها المستفاد من الجمع بين الإطلاقات[5] والطريقية[6] حسب ما يفهمه العرف.
المسألة 231: يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بمختلف الوسائل الممكنة، وباستخدام الوسائل الحديثة.
* للإطلاقات[1] الأولية، وهنا أيضاً كفائي لما تقدم، قال سبحانه: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(3)، لكن من المحتمل أن كلمة (من) في (منكم) للتبيين[2] لا للتبعيض، بقرينة {وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} حيث
-------------------------
[5]: راجع بحث أنّ الأصل في كلّ واجب العينية(4).
[6]: إذ المراد التأثير أو هو يحصل بالبعض.
المسألة 231:
[1]: راجع المسألة السابقة(5).
[2]: 1- خلاف الظاهر. 2- يستلزم تقديم المبيِّن على المبيَّن، وفيه إشكال. 3- هذه الجملة لا تفيد الحصر، وفيه نظر (راجع المطوّل).
ص: 248
حصر الفلاح فيهم، لكن قرينة الطريقية - كما ذكرنا - تؤيد التبعيض، فالمراد بأخير الآية فضيلة هؤلاء بالفلاح الكامل.
المسألة 232: يجب رد[1] الإشكالات وذب الشبهات التي يوردها الأعداء والجهال على الإسلام في أصوله وفروعه بمختلف الوسائل القديمة كالكتب، أو الحديثة كالمذياع.
* لأنه من الدعوة[2] إلى الخير والهداية، وغير ذلك مما ذكر في الآيات والروايات، إضافة إلى أنه من الدفاع عن الإسلام، قال تعالى: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ}(1) .
-------------------------
المسألة 232:
[1]: هل هو واجب في حدّ ذاته، أو إذا ترتب على عدم الرد محذور؟ الظاهر الثاني. مثلاً: لو سبب إغواء الآخرين، أو احتمل هدايته بالردّ.
راجع بحث احتمال التأثير في الأمر والنهي، وهل هو شرط في الدعوة إلى اللّه أيضاً؟(2)، (راجع المسألة 227)(3).
[2]: وردع المنكر رفعاً ودفعاً لو قيل بوجوب الرفع، (راجع بحث الإعانة على الإثم في المكاسب)(4).
ص: 249
المسألة 233: تلقيح الإنسان، أو الحيوان، أو النبات، بما يوجب نموه وكثرة إنتاجه جائز فيما إذا لم تكن جهة محرّمة، مثل تلقيح الإنسان بالمواد المسكرة[1] مثلاً[2].
* وذلك لأصالة الحل، بل ربما يستحب؛ لأنه من تقوية المعاش[3]، ومتواتر الروايات تدل على التحريض عليه، كما ذكرنا جملة منها في كتاب (الفقه: آداب المال) ووجه الاستثناء ظاهر.
المسألة 234: الظاهر أنّ السحاب الصناعي بسبب تفجير القنابل الممطرة، إذا كان تكويناً للسحاب الطبيعي بواسطة الآلة كان لمطره حكم
-------------------------
المسألة 233:
[1]: لو سببت الإسكار، فإنّ «فما كان عاقبته عاقبة الخمر فهو خمر»(1)، و «ما أسكر كثيره فقليله حرام»(2).
أما لو لم يسبب التلقيح الإسكار مطلقاً ففيه نظر، إلاّ أن يُقال: إنّه خلاف الارتكاز المتشرعي، (راجع بحث تقيؤ الخمر في كتاب الأطعمة والأشربة)(3).
[2]: أو اختلال النظام، لو ولّد عدداً هائلاً.
[3]: لنفسه أو للأمة عموماً.
المسألة 234:
ص: 250
سائر الأمطار في التطهير، وإلا كان لمطره حكم الماء القليل[1].
* الأول: لأنّ المفروض أنه صار مطراً طبيعياً، وإذا تحقق الموضوع تحقق الحكم، والثاني: لأنه ليس بمطر، وإنما في شكل المطر[2]، والتمييز بينهما أنه هذا أو هذا حسب نظر أهل الخبرة[3].
المسألة 235: ترجمة الكلام بواسطة الآلة المترجمة، إذا علم[1] الإنسان بصحة الترجمة، يترتب عليها حكم الإقرار وما أشبه، بدون حاجة إلى شهادة العدلين.
* لوضوح أنه لا فرق في الإقرار بين اللغات المختلفة. نعم، يلزم أن يعرف أنّ هذا ترجمة الكلام السابق قطعاً، وإلا احتاج الأمر إلى شهادة
-------------------------
[1]: إلاّ لو صدق عرفاً أنّه مطر، بعد معرفة واقع الأمر. وهنا إشكالان: 1- أن يُقال: إنّه ليس بمطر عرفاً.
2- أن يُقال: إنّه ليس مطراً، لكن الأدلة منصرفة عنه، فتأمل.
[2]: قد يستشكل بأنّه كالبرتقال الصناعي - لو فرض صنعه - أو الحنطة الصناعية، فقد يندرج تحت الموضوع حقيقة عرفاً.
[3]: أو العرف العارف بواقع الأمر. ولاحظ بحث أنّ نظر العرف حجة أو لا؟(1)، والأنواع الثلاثة للتطبيقات العرفيّة (راجع أول هذا الكتاب)(2).
المسألة 235:
[1]: أو اطمأنّ، فإنّ الاطمئنان مرتبة من مراتب العلم عرفاً.
ص: 251
عدلين ونحوه[2] في كونه ترجمة له.
المسألة 236: إذا سببت الآلة الزلزلة، فإن سببت زلزلة طبيعية[1]، بأن كانت الآلة مثاراً لها، كانت زلزلة موجبة لصلاة الآيات، أما إذا لم تكن زلزلة طبيعية، بل تحريكاً لانفجار القنبلة و ما أشبه، لم توجب صلاة الآيات، بل حالها حال هدم بناء يوجب صوتاً هائلاً وحركة.
* الحكم في المستثنى منه للصدق العرفي، وكلما تحقق الموضوع تحقق الحكم، وفي المستثنى لوضوح أنه ليس بزلزلة عرفاً وإنما صورتها، والصورة ليست موضوعاً لصلاة الآيات، ولو فرض الشك أنه من أيهما لا تجب الصلاة؛ لأصالة العدم[2].
المسألة 237: لا يجوز إحداث الزلزلة بسبب الآلة، فيما إذا كانت موجبة
-------------------------
[2]: لعل المراد شهادة العدل الواحد أو الثقة، فإنّهما يثبتان الموضوعات الخارجية، على المختار.
المسألة 236:
[1]: أي: لا يصدق عليها الزلزلة عرفاً.
[2]: هذا استصحاب موضوعي، وأمّا الحكمي فإن قيل: إنّ الأصول تجري في المتوافقين - ولو كانت بينهما حكومة أو ورود- جرى وإلاّ فلا.
المسألة 237:
[1]: بناءً على أنّ المراد النهي أو أنّه نفي يشمل مثل ذلك، وإلا كفت سائر أدلة حرمة الإضرار.
ص: 252
لضرر الناس، فإنّه (لا ضرر[1] ولا ضرار في الإسلام)(1)، وإذا أحدث الزلزلة كان على المحدث الضمان وتحمل الخسارة.
* لأنّ من أضرّ الآخر سواء بواسطة أم بدون واسطة وجب عليه التدارك، بالإضافة إلى الحكم التكليفي.
المسألة 238: أجواء[1] البلاد وحدودها[2] وأنهرها، إذا عدت حقاً للبلد، لم يكن لدولة أخرى أو لإنسان خرق حرمتها، لقاعدة[3] (لا يتوى حق امرئ مسلم)(2). نعم، إنما يكون ذلك إذا عدّ حقاً[4]،
-------------------------
المسألة 238:
[1]: يفرض وجود الحقّ شرعاً:
1- بين بلاد الإسلام وبلاد الكفر.
2- أو قلنا: إنّ قوانين البلاد الوضعية نافذة ويلزم احترامها.
[2]: لا يخفى أنّ الموات مباح أصلي، وكذا الأنهر، لكن دليل الحقّ حاكم على ذلك، فتأمل.
3- أو كان العدم موجباً للهرج والمرج، فقررت الدولة الشرعية احترام الحدود مؤقتاً.
[3]: وأدلة {لا تظلمون} وأن حقّ العباد لا يتجاوز تعالى عنه.
[4]: فنقول: هذا حقّ عرفي، وكل حق عرفاً حقّ شرعاً، لقوله (عليه السلام) : «لئلا يتوى حق امرئ».
ص: 253
[5] عرفاً، ولم يكن هناك دليل شرعي يمنع من ذلك.
* فإنّ الحق كسائر المواضيع أمر عرفي، فكلما تحقق الموضوع تحقق الحكم، ومن الواضح أنه إذا كان للفرد الحق فللأمة الحق بطريق أولى، نعم الإسلام لا يرى للحدود الجغرافية في البلاد الإسلامية وزناً، ولذا كان كل قانون يتبع ذلك لا وزن له، واللازم أن لا يلتزم[6]، [7] به مسلم، إذ الالتزام بالباطل محرم، إلا إذا كان اضطرار ونحوه من المستثنيات.
المسألة 239: إذا أخذنا
-------------------------
[5]: وهو موقوف على أنَّهُ كلّ حقّ عرفي شرعي، مثل حقّ الطابور وحقوق الطبع، ولو شككنا فلا كبرى لذلك.
[6]: الالتزام نوعان: قلبي وعملي، ولعل المراد الثاني. أما القلبي فبحثه منوط ببحث (الموافقة الالتزامية).
[7]: ما المانع من الالتزام العملي؟ وأي شخص يلتزم أن لا يحمل بضائع يعتبرها القانون تهريباً، وأن لا يتجاوز الحدود إلاّ بالجواز؟
الظاهر: أنّه لا مانع منه في حدّ نفسه، إلاّ إذا عدّ تأييداً للباطل.
ولعل نظر المؤلف (رحمه اللّه) إلى أنّ القانون الباطل لابدّ أن يكسر، وكيفية كسره بأن يخرقه الناس، فهو كمنع التجوّل الذي إذا خرقه كثيرون سقط، ولم تعد له قيمة في النفوس ولا هيبة.
وكذا في قانون المطبوعات الممنوعة، فينطبق في المقام عنوان النهي عن المنكر، ودفع المنكر.
ولا يخفى أنّ الحدود لا يترتب عليها كثير من المحرّمات، بالإضافة إلى حرمتها في حدّ ذاتها.
المسألة 239:
ص: 254
من المحرمات[1] عصارتها وخلاصتها، فإن كان ذلك بنحو الاستحالة[2] حلّ؛ لقاعدة[3] {خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ}(1)، وإن لم تحصل[4] الاستحالة المحللة، فالظاهر بقاؤهُ على الحرمة.
* الاستحالة تحلل؛ لما ذكر في بحث المطهرات(2)، وأما إذا لم تتحقق الاستحالة ونحوها كالانقلاب فدليل الحرمة شامل للخلاصة كشموله قبل ذلك، والاحتمال الضعيف في أن الدليل لا يشمل الخلاصة غير معتنىً به، ولهذا الاحتمال قلنا: «الظاهر».
المسألة 240: الحكم في النجاسات، كالحكم في المحرمات، كما ذكر في
-------------------------
[1]: الظاهر أنّ ذلك لا يجري في الخمر - راجع المسألة 241(3) - فتأمل.
[2]: راجع فرق الاستحالة عن الانقلاب في المطهرات(4).
[3]: وكل شيء لك حلال في الرتبة اللاحقة.
[4]: أو شكّ، لجريان الاستصحاب - راجع بحث الاستحالة في العروة(5) - لكن ينافيه بحث عدم جريان الاستصحاب مع الشكّ في وحدة الموضوع، فتأمل.
المسألة 240:
ص: 256
المسألة السابقة[1].
* الكلام في هذه المسألة كالمسألة السابقة؛ لوحدة الملاك فيهما مستثنى منه ومستثنى، واحتمال أنّ النجاسة تبقى بعد الاستحالة يرده ما ذكرناه من دخول الشيء بعد الاستحالة في المحال إليه[2]، كالكلب يستحيل ملحاً، والخشب رماداً، وما أشبه ذلك.
المسألة 241: لا بأس بتزريق المحرمات، كتزريق خلاصة الكبد مثلاً، بشرط أن لا يوجب ضرراً بالغاً، ولا يكون هناك دليل على حرمة استعمال ذلك المحرم مطلقاً، كما ورد الدليل بالنسبة إلى الخمر[1].
-------------------------
[1]: ولاحظ ما ذكر في الخمر فيها(1).
[2]: والأحكام تابعة للعناوين، (راجع ما ذكره فخر المحققين)(2).
لكن هنا بحث: وهو أنّ النجاسة قد تكون قائمة بالعنوان - أي: بالكلب - وقد تقوم بالصورة الجسمية كالخشب، إلاّ أنّ ذلك لا يقدح؛ إذ لا يُقال: إنّ هذا كان نجساً، كالبخار المنقلب من الماء المتنجس.
المسألة 241:
[1]: راجع المسألة (239 و240)(3)، وراجع كتاب (الأطعمة والأشربة)(4) وقيء الخمر.
ص: 257
* إذ الحرمة في الأكل والشرب لا في التزريق والتمريخ وما أشبه. نعم، الخمر حرام بكل شؤونها[2]، كما ورد في النص(1) والفتوى(2).
المسألة 242: الأحوط عدم جواز الاستمناء لأجل اختبار المني بأنه هل هو قابل لتكون الولد أم لا؟ نعم لا بأس بالاستمناء لكل من الزوجين بالآخر.
* إنما قلنا: «الأحوط» لأنه مع وجود الزوجة لا اضطرار، وإنما لم نفتِ لأنه اضطرار عرفي[1]، إذا لم يكن من السهل إحضار الزوجة في المختبر والاستمناء بسببها، وكذلك حال المرأة، فتأمل.
-------------------------
[2]: حتى في التمريخ؟
المسألة 242:
[1]: راجع المسألة اللاحقة(3).
لكن يشترط في ذلك:
1- أن تكون حاجة ملّحة لذلك، مثل مَنْ يريد انتخاب زوجة ولا تعلم أنه يلد أو لا؟
2- أن يكون هناك حرج أو عسر في إحضار الزوجة، وأمّا لو فرض عدم ذلك فلا ضرورة عرفية.
ص: 258
المسألة 243: الفحص الطبي الذي يجريه الطبيب على المريضة، أو الطبيبة على المريض مما يسبب النظر والملامسة إنما يجوز بشرط[1] أن يكون العلاج منحصراً بالفحص، بحيث لا يمكن الكشف بدون ذلك، ولم يكن الجنس المشابه، ولم يمكن محرمية الفاحص بعقد أو ما أشبه، وكان المرض أو خوف المرض ضار ضرراً بالغاً، بحيث يوجب تحليل الحرام لقاعدة الأهم والمهم.
* لكن الظاهر الاضطرار العرفي[2] كافٍ، ولذا جاز الفحص لأجل كشف وجه العقم، مع أنّ كون المرأة والرجل بلا ولد ليس من الاضطرار الحقيقي، نعم يلزم أن يلاحظ المحرمات حسب المستطاع عرفاً، فلا يجعل كالجائز.
-------------------------
نعم، قد يُقال: إنّه غالباً اضطرار، فيقول: أنا مجبور على ذلك، فتأمل.
ويمكن التخلص بتوضيح الأمر للمشرف، بأن يُقال: إنّ ديننا يحرّم ذلك، فتأمل.
المسألة 243:
[1]: 1- أن يكون العلاج منحصراً.
2- المماثل غير موجود.
3- لا يمكن المحرمية.
4- المرض خطير - خوفاً أو فعلية - أي ضار ضرراً بالغاً.
[2]: فيقول: أنا كنت مجبوراً على ذلك.
والظاهر: إنّ المحرمية - في كثير من الأحيان - يضطر الإنسان إلى عدمها، أو هنالك عسر محرج في إجرائها.
ص: 260
المسألة 244: لا يجوز[1] التصرف في الإنسان بتنويمه بدون رضاه، ولا بأس بذلك في الحيوان.
* أما الأول، فلأنه خلاف سلطنته[2] على نفسه، وأما الثاني، فلأصالة الحل، نعم لا يجوز بالنسبة إلى حيوان الغير بدون رضا مالكه، ومثل الإنسان
-------------------------
المسألة 244:
[1]: فالأقسام هي:
1- تنويم الإنسان البالغ العاقل بلا رضاه محرم.
2- تنويم الإنسان غير البالغ العاقل يحتاج إلى إجازة الولي.
3- تنويم الإنسان الكامل برضاه مع الحرمة الشرعية - كالإضرار البالغ - محرم، وبدونها حلال.
4- تنويم الحيوان موقوف على رضا مالكه، وعدم كونه إيذاءً أو إسرافاً، وإلا كان محرماً.
وهل يجوز أن يقدم إليه طعاماً منوماً؟ إن كان بعلمه فلا بأس، مع عدم الضرر البالغ، وإن كان بلا علم بالمحتوى فالظاهر أنّه حرام؛ لأنّه ظلم وتصرف وغش وخيانة، ولو في الجملة.
[2]: لو كان له عقد سلبي، وقد سبق الكلام فيه(1). ويشمله أدلة الظلم والغصب - ولو ملاكاً- والتصرّف في الأموال - بالملاك أو الأولوية- فتأمل.
وقد يشمله دليل الإضرار أحياناً.
ص: 261
الكامل والصبي والمجنون؛ لأنّ اللازم إجازة[3] الولي الخاص أو العام فيهما، ومنه يعلم عدم جواز إعطاء[4] الإنسان مرقداً أو مسكراً، وإن لم يكن خمراً أو ما أشبه ذلك.
المسألة 245: لا يجوز تنويم الإنسان إذا لم يقدر المنوم على إعادته إلى الحياة الطبيعية، مما يسبب بقاءه[1] كذلك أو موته، وإن رضي الطرف بذلك، أما إذا كان هناك منوم آخر يقدر على إعادته ويفعل[2] ذلك، فليس في تنويم المنوم وجه حرمة.
* فإنه لا حق للإنسان في إماتة نفسه، أو تنويمها إلى الأبد، فإنه من
-------------------------
[3]: مع الغبطة أو بدونها على الخلاف .
[4]: بلا إذنه، أو مع كونه محرماً شرعاً، ومنه الضرر البالغ، ولو مع الإذن.
المسألة 245:
[1]: المراد إلى النهاية، وأمّا البقاء المؤقت إذا لم يسبب ضرراً بالغاً فالظاهر عدم الإشكال فيه برضاه.
نعم، هنا بحث، وهو أنّه هل يجوز تفويت الواجبات - كالصلوات - بسبب ذلك؟ إنّ هذا مبني على بحث (الواجب المعلق والمشروط) و(تفويت الملاكات) ونحو ذلك، (راجع الترتب وغيره)(1).
[2]: وإلاّ عُدّ قاتلاً، كمَنْ يُعطي السم لشخص مع وجود طبيب يقدر على العلاج ولا يعالج، فإنّ المعطي للسم يعدّ قاتلاً.
ص: 262
أكبر الأضرار، فيشمله (لا ضرر[3])(1)، و {وَلاَ تَقْتُلُواْ[4] أَنفُسَكُمْ}(2) .
المسألة 246: لا يجوز[1]، [2] حلق شعر جسد الغير - من غير رضاه - حتى الزوجة في غير الشعر المنافي لحق الزوج، أما الشعر المنافي لحق الزوج[3] فيجوز للزوج[4] حلقه وإن لم ترض الزوجة بذلك.
-------------------------
[3]: سبق الكلام فيه.
[4]: أو: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً}(3).
المسألة 246:
[1]: كأنّ طرح المسألة لما كان يفعله الظالمون - ويفعله الآن - حيث يحلقون لحى المعارضة ونحوها.
[2]: فالأقسام هي:
1- حلق جسد الغير بلا رضاه. 2- حلق جسد الغير مع رضاه. 3- الزوجة في غير الشعر المنافي. 4- الزوجة في الشعر المنافي. 5- الزوج في الشعر الذي ينافي العشرة بالمعروف. 6- حلق الصغير والمجنون.
[3]: وكذا لحق الزوجة لو كان منافياً للعشرة بالمعروف {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}(4)، فيحق للزوجة حلق شعر زوجها، فتأمل.
[4]: ويجوز الاستعانة بالشرطة - مثلاً- لأجل ذلك لو لم يكن إلاّ به.
ص: 263
* لأنه مناف لسلطة[5] الإنسان على نفسه إلا في الزوجة، حيث حق الزوج مقدم[6]، [7] إذا لم يكن فيه ضررٌ، نعم يحق للولي الحلق بالنسبة إلى الصغير والمجنون مع المصلحة أو بدون المفسدة - على اختلاف الفقهاء في الأمرين(1)- .
المسألة 247: يجوز التعلم من الأرواح المستحضرة بواسطة التنويم أو ما أشبه، كما ينقل من تعلم عالم عن روح أحد العلماء أشعة (ليزر) التي كانت توجه المركبة الفضائية.
* وذلك لإطلاق أدلة الحل[1].
المسألة 248: يجوز أخذ التصاوير اللاسلكية[1] الجائزة من المسافات البعيدة.
-------------------------
[5]: سبق أنّه مبني على وجود العقد السلبي.
[6]: ولو مع المقدمات كغل يديها ورجليها؛ لأنّه نهي عن المنكر أو ردع له.
[7]: إما لدليل (المعاشرة بالمعروف)، أو لأنّه من لوازم الاستمتاع والتمكين عرفاً، (راجع كتاب النكاح في حقّ الزوج)(2).
المسألة 247:
[1]: وأدلة التعلم.
المسألة 248:
[1]: مقابل كشف أسرار الناس، أو تصوير العورة أو ما يحرّم النظر إليه، أو ما
ص: 264
* لأنه لا فرق في إطلاق دليل الحل بين التصاوير العادية وغير العادية كاللاسلكية، كما لا فرق في حلية إرسال الرسائل بين الإرسال العادي أو بواسطة ال- (فاكس) أو غيره.
المسألة 249: لا يجوز الغبن في الأسعار، بإخفاء السعر الجديد[1]، الذي يصل إلى البلاد بواسطة التلكس، والتعامل بالسعر القديم، مثلاً: إذا صار سعر (مثقال الذهب) العالمي ديناراً، وأخبر التاجر بذلك بواسطة الآلة، فإنه لو باعه بدينار وربع - سعره القديم فرضاً - كان غبناً، فإنّ البيع حرام وموجب لخيار الغبن.
* وذلك لأنّ السعر الواقعي هو الثاني لا الأول، ومن المعلوم حرمة الغبن، فقد قال (صلی اللّه عليه وآله وسلم) : «ثمن المسترسل سحت»(1)، هذا بالإضافة إلى الحكم الوضعي، أي الخيار.
ويأتي هذا الكلام في عكسه، بأن علم المشتري ارتفاع السعر، فأظهر عدم العلم واشترى من البائع بالسعر السابق النازل، فإنه غبن أيضاً، والرواية تشمله بالملاك[2].
-------------------------
يعدّ هتكاً، أو ذوات الأرواح لو قلنا بحرمة التصوير.
المسألة 249:
[1]: الأقل.
[2]: أو بالإطلاق مثل «غبن المسترسل سحت»(2)، إلاّ أن يُقال بانصرافه للمشتري، وإطلاقات أدلة الغبن.
ص: 265
نعم، هناك اختلاف طبيعي[3]، [4] في الأسعار حسب الأزمنة والأمكنة وسائر الخصوصيات المؤثرة في السعر وزيادة ونقيصة مما لا إشكال فيه.
المسألة 250: هل يجوز الغش لأجل إقلاع الطرف عن المنكر، مثل أن يبيعه شيئاً شبيهاً بالخمر بقصد أن لا يشرب الخمر؟ لا يبعد جوازه، بشرط أن يكون ثمن المبيع مطابقاً للمقدار الذي يأخذه البائع أو أقل، ويكون ذلك بإجازة[1] الحاكم الشرعي.
* أما الجواز - في الجملة - فلأنه من باب الأهم[2] والمهم، وأما الشرط المذكور (وهو كون الثمن بقدره أو اقل) فالظاهر أنه غير لازم، فإذا أجاز الحاكم الشرعي وأعطاه بالثمن الغالي - لفرض أن ما يشبه الخمر
-------------------------
[3]: كقلة الذهب في مكان، (لاحظ قوانين العرض والطلب)(1).
[4]: راجع (الفقه: الاقتصاد، في عوامل اختلاف القيم وأن الثمن إنما يكون في مقابل ماذا؟)(2).
المسألة 250:
[1]: لو قلنا: إنّ النهي عن المنكر لا يحتاج للإجازة، إلاّ في القتل فلا حاجة لها ظاهراً، راجع (المسائل الإسلامية)(3).
[2]: قد يُقال: إنّه من باب الردع عن المنكر.
ص: 266
ليس بثمن الخمر - رد إليه التفاوت[3] بعد ذلك ولو بعنوان آخر[4].
بل لا يبعد جواز سرقة مال مريد المنكر حتى لا يفعله بعد إذن الحاكم الشرعي، وإذا لم يترتب عليه عنوان محرم كتشويه سمعة الإسلام أو المؤمنين أو ترتب ضرر عليه، فإذا لم يكن للفاعل مجال رده صريحاً ردّه بعنوان آخر أو بغير عنوان كدسه في صندوقه.
المسألة 251: يجوز
-------------------------
وفيه: إنّه ردع بالحرام، فلابدّ من ملاحظة الأهم والمهم، (راجع مرجحات باب التزاحم)(1).
[3]: لأنّه أخذ أكثر.
لا يُقال: إنّه لا يحق له أخذ شيء مطلقاً، بل يجب عليه رد الكل؛ لأنّه قدم إليه باختياره.
فإنه يُقال: التقصير يعود للشارب، وسوء اختياره، وهو وإن أعطاه العصير المغشوش لأمر الشارع، إلاّ أنه عائد لسوء اختيار الشارب، كمَنْ أراد القتل فاضطررنا لأخذه، فشق ثوبه، فإنّه لا ضمان على الآخذ، والمسألة بحاجة للتأمل.
[4]: هل هو كذب؟ وهل هو جائز لأجل الضرورة؟ وهل تجب التورية؟
المسألة 251:
ص: 267
الاعتماد[1] في ترجمة الكتب الدينية وما أشبه بالمطابع التي تترجم الكتب إلى مختلف اللغات، بشرط أن نعلم بصحة الترجمة، وذلك يحصل بالتجربة المكررة[2]، أما إذا لم نعلم بصحة الترجمة لم يجز الاعتماد.
* الجواز في صورة العلم بالصحة للقطع[3]، والقطع حجة، وعدم الجواز لأصالة عدم جواز الاعتماد في الأمور الدينية إلا على المقطوع به وجداناً أو شرعاً، كقيام الشاهدين، فكما يجوز الاعتماد على التجربة المكررة المفيدة للاطمئنان، كذلك يجوز الاعتماد على البينة في صحة الترجمة، وكذلك حال الترجمة بسبب الآلة، كما يتعارف في خطاب الخطيب لجماعة من مختلفي الألسنة، حيث يعتمد على مثل هذه الآلة.
المسألة 252: من الإسراف المحرم[1] فتح أنبوب الماء أكثر من الحاجة،
-------------------------
[1]: أي: اعتماد المطالِع للكتب المترجمة.
[2]: التي تورث الاطمئنان، كما يظهر في ذيل الكلام.
[3]: أو الاطمئنان.
المسألة 252:
[1]: راجع العروة (الإسراف في ماء الوضوء مكروه)(1). و(الواجبات والمحرمات)(2).
ص: 268
ولو لم يكن ذلك موجباً لمزيد الثمن.
* وكذلك حال الغاز والكهرباء والهاتف وما أشبه ذلك، ومن الواضح أنّ معيار الإسراف نفسه لا ملاحظة الثمن، وفي مثل هذه الأمور لا فرق بين الكم، كفتح ساعة عوض نصف ساعة، والكيف كفتح الأكبر في صورة رفع الاحتياج بالأصغر، والمعيار في صدق الإسراف العرف[2].
المسألة 253: من الإسراف المحرم[1] إنارة الكهرباء أكثر من الحاجة وأزيد من التجميل، وتطبيق هذا الكلام على المصداق[2] راجع إلى العرف، فربما تكون الإنارة للمنام بمقدار مائة شمعة إسرافاً، وربما تكون الإنارة للتجميل[3]
-------------------------
والظاهر: إنّ الإسراف له مراتب، كما يظهر من روايات الإسراف، كما في قوله (عليه السلام) : «السرف في ثلاثة: في ابتذالك ثوب صونك، وإلقائك النوى يميناً وشمالاً، وإهراقك فضلة الماء»(1).
[2]: لكن قد يُقال: إنّ الشرع حدد الإسراف بما لا يراه العرف إسرافاً.
المسألة 253:
[1]: راجع المسألة السابقة(2).
[2]: كبقية المصاديق (راجع المسألة 1 من هذا الكتاب)(3).
[3]: في الحديث «لا إسراف في الضياء»(4) وليس المعلوم أنّ الملاك التجميل فقط، بل لعله يسبب انشراح الروح وما أشبه.
ص: 269
مقدار مليون[4] شمعة غير إسراف.
*ثم لا يخفى أنّ التبذير والإسراف وإن كان يطلق أحدهما على الآخر، إلا أنّ الأول[5] بلا سبب مطلقاً، والثاني مع السبب الأقل من العمل، مثلاً إنارة النهار في الشمس تبذير، وإنارة الليل أزيد من الحاجة إسراف.
المسألة 254: يحرم الانتحار مطلقاً، سواء كان انتحاراً سريعاً أم انتحاراً تدريجياً[1]، كأن يمرّ من أمام الأشعة الفنية، التي تنخر في الجسد وتوجب الموت بعد سنة مثلاً.
* ويدل عليه الأدلة الأربعة، وربما يكون الانتحار البطيء جامعاً بين
-------------------------
وهل يؤخذ بإطلاقه؟ الظاهر: لا؛ إذ الحديث ظاهر في أنّه لا تلزم المداقة بمقدار الحاجة، أو ذلك هو القدر المتيقن منها، أمّا لو أشعل مليون شمعة في غرفة تحتاج لأربع شمعات فهو إسراف، فتأمل.
[4]: كما في أيام المناسبات.
[5]: راجع اللغة والتفاسير(1).
المسألة 254:
[1]: بشرط صدق قتل النفس، وأمّا مثل التدخين أو التخمة فلا تعد عرفاً منه، غالباً.
ص: 270
محرمين الانتحار وتمريض الجسم مدة بما يكون من الضرر المحرم.
المسألة 255: إذا علم أنه لو لم ينتحر يبتلى بما لا يطاق[1] من التعذيب، أو بالإتيان بالمنكر الأفظع[2] من الانتحار شرعاً، كبيع البلاد إلى الأجنبي، فهل يجوز الانتحار أم لا؟ احتمالان.
* احتمال الجواز: لمسألة الأهم والمهم.
والعدم: لإطلاق حرمة قتل النفس، قال سبحانه: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ}(1) إلى غيرها من الآيات والروايات، لكن الصناعة مع الأول على فرض تحقق الموضوع بإجازة[3] من الحاكم الشرعي إن أمكن.
المسألة 256: لو فرض أنه أمكن صنع نطفة البشر بالمواد الكيماوية
-------------------------
المسألة 255:
[1]: قد يشكل بأنّ الناس عادة يمرضون في حياتهم، وقد لا يطاق التحمل - خاصة في الحوادث، أو في الشيخوخة- ومع ذلك لم يعهد طول التاريخ إجازة المعصوم (عليه السلام) للانتحار، ولا نُقل عن أحد من العلماء ذلك، ولا فرق بين الأعم الذي لا يطاق الناشئ من التعذيب أو المرض.
[2]: كونه أفظع يحتاج إما إلى القطع - الذي هو حجة ذاتية- أو تشخيص الفقيه العارف بالأهم المهم.
[3]: ما هو الوجه فيه؟
المسألة 256:
ص: 271
بدون الأب والأم، لم يكن للإنسان المصنوع من ذلك النطفة محارم وورّاث من طرف أعلاه، وإنما يكونان من طرف أولاده وأصهاره.
* ولا يكون ذلك - لو فرض - إلا دليلاً جديداً[1] على عظم صنع اللّه سبحانه، حيث يخلق[2] النطفة لكل ذي روح بدون صعوبة التركيب وغيره من مقدمات النطفة المصطنعة، قال سبحانه: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}(1)، وكذلك الحال في تركيب نطفة الحيوان، أو النواة، أو البيض.
المسألة 257: لو ربيت النطفة في رحم اليائسة بالوسائل العلمية، فهل لها حكم الأم وما أشبه أم لا؟ احتمالان.
* إنّ الاحتمالين إنما هو فيما إذا حصل الأمر بنطفة نفس اليائسة لا نطفة أخرى، فأما إذا كان بنطفة أخرى فإنه لا شك حينئذٍ في كونها ليست أماً، بل ظرفاً[1] ووعاءٌ فقط، وإنما قلنا: احتمالان، لاحتمال انصراف[2]
-------------------------
[1]: فهو دليل عظمة مَنْ أعطى للإنسان هذا العقل الذي يستطيع أن يصنع هذه الأعاجيب، مثل دقة الكمبيوتر، فإنّها دليل على عظمة صانعها.
[2]: منذ البداية، أمّا البشر فقد توصل إليه بعد ألوف السنوات من البحث والتنقيب وتنامي العلم، ومع مقدمات كثيرة وأجهزة معقدة.
المسألة 257:
[1]: سيأتي التأمّل في المسألة القادمة(2)، إن شاء اللّه.
[2]: وكأنّه لندرة الوجود، وقد ذكر في بحث المطلق والمقيد أنّه لا يخل بالإطلاق.
ص: 272
أدلة الأمومة إلى غير اليائسة، لكنه احتمال ضعيف، كما لا يخفى.
المسألة 258: لو نقلت النطفة من رحم إلى رحم وربيت في الجميع، كما لو كانت في رحم نطفة، وفي رحم علقة، وفي رحم مضغة وهكذا، فهل الأم الأولى، أو الأخيرة، أو الجميع؟ احتمالات، والظاهر[1] أنّ الأم هي صاحبة البويضة.
* لأنها الأم حقيقة،أما سائر الأرحام فهي أوعية[2] لا ترتبط بالأم، وإنما قلنا: احتمالات من جهة احتمال كون المحل بمنزلة الرضاع في صنع الأم الرضاعي، والتربية أولى بصنع الأم[3] من اللبن، لكنه قياس لا دليل عليه، ولذا فإذا ساحقت[4] بعد كون النطفة من المساحِقة
-------------------------
المسألة 258:
[1]: قد يستشكل: 1- بقوله تعالى: {إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ}(1).
وفيه: إنّه إضافي، أي: في قبال المظاهر منهن.
2- إنّه أولى من الرضاع، واحتمال أنّ للرضاع خصوصية هو كاحتمال أنّ لقول «أف» خصوصية.
وفيه: إنّه لم يُعلم كون مجرد التغذي والنمو علّة؛ ولذا قال الشارع: إنّه بعد الحولين لا ينشر الحرمة إلى آخر شروط الرضاع، فتأمل.
[2]: سبق التأمّل والجواب.
[3]: أي: في خلع عنوان الأم عليها.
[4]: هذا نفس محل الكلام، فلا يكون دليلاً عليه.
ص: 273
(بالكسر)، تكون هي الأم لا المساحَقة (بالفتح)، نعم لو حملت المساحِقة (بالكسر)، تكون هي الأم لا المساحَقة (بالفتح)، نعم لو حملت المساحقة بالكسر نطفة الرجل فقط بدون نطفتها، كما إذا كانت يائسة[5] فالولد للمساحَقة (بالفتح)، ولو شك أنّ النطفة من أيتهما فالقرعة هي المحكّمة.
كما أنه لو اقترب رجلان من المرأة فإن علمنا بأنّ أحدهما صاحب النطفة فهي له، وإلا فله صورتان:
الأولى: أن يكون أحدهما حلالاً والآخر حراماً، بأن يكون أحدهما زوجاً، أو شبهة والآخر زنا، فالولد للحلال؛ لأنّ (للعاهر الحجر)(1).
الثانية: أن يكون كلاهما حلالاً - كزوج وشبهة أو شبهتين - أو حراماً كزنائين فالمحكم القرعة، وللمسألة صور أخرى بإدخال الجهل من القاضي بالواقع أو الاضطرار أو الجبر أو الإكراه من أحدهما مذكورة في محالها.
المسألة 259: لو فرض[1] إمكان أن تختلط النطفة من حرام سابق وحلال
-------------------------
[5]: وعلمنا أنّ النطفة ليست منها، فتأمل. ويدخل عند الشكّ في «ولو شكّ».
المسألة 259:
[1]: الظاهر ملاحظة الوضع الفعلي، وحيث إنّه فعلاً زوج فلا بأس بالنطفة السابقة، فلا يكون حراماً سابقاً.
ونظير ذلك ما ذكره (رحمه اللّه) في أنّ الزوج يحق له النظر إلى صورة زوجته قبل الزواج، ولو كانت آنذاك في حبالة زوج سابق. لكن الاحتياط في الأعراض لا ينبغي تركه، فتأمل.
ص: 274
لاحق، أو بالعكس، كما إذا أخذت نطفة رجل غير متزوج،ثم خلطت بنطفته وهو زوج، ثم زرق المجموع في الرحم، فهل الولد حلال أو حرام، يحتمل جريان قاعدة (الولد للفراش)(1).
* أما احتمال التشريك[2]، بأن يكون حلالاً وحراماً فلكل حكمه، في النصف مثلاً يرث نصف الميراث، فهو بعيد عن مذاق المتشرعة.
المسألة 260: لو فرض أنه خلطت نطفتان، وزرقت شبهة مثلاً، كما لو أخذت نطفتا رجلين، وبعد الخلط زرق المخلوط في رحم امرأة بشبهة أنها نطفة زوجها، فهل لهذا الولد أبوان، أو أب واحد بالقرعة، أو لا يحكم[1] على أحدهما بالأبوة؟ له احتمالان.
-------------------------
نعم، لو فرض أنّه زرق فيها المني قبل الزوجية، ثم فرض أنّه خلط بالنطفة اللاحقة حال الزوجية كان صغرى لما نحن فيه، فتأمل.
ثم إنه لِمَ يكون حراماً؟ مع أنّ مبنى المصنف أنّ استئجار الرحم لا إشكال فيه، فلنفرض أنّ هذا كالاستئجار.
[2]: ليس إلاّ نطفة واحدة، فلِمَ يكون التشريك؟ إلاّ أن يفرض تشارك النطفتين واقعاً في تكوين الولد، أو يُقال: حيث إنّه مجهول فتجري قاعدة العدل والإنصاف، فتأمل.
المسألة 260:
[1]: بعيد جداً، فهو كخلط الكلب بالخنزير، فيقال: لا يحكم عليه أحدهما، فتأمل.
ص: 275
* الاحتمال الأول هو الأقرب[2]، إذ لا وجه للآخرين بعد الاشتراك بين النطفتين، والفرق بين هذه المسألة والمسألة السابقة أنه لا فراش في هذه المسألة ، وكذلك الحال لو أخذت نطفة امرأتين[3] مع رجل واحد حلال، وربيت في الأنبوب، وصور المسألة ومحتملاتها متعددة.
المسألة 261: العظم الصناعي المركب[1] في جسم الحي بالعملية الجراحية، وكذا العظم الحقيقي المركب في جسم الحي، والعظم الذي يؤخذ من ميت لا غسل على عظمه - لكونه مغسّلاً أو لكونه من إنسان لا غسل له[2]، أو من الحيوان - لو مسه الإنسان بعد موت صاحب العظم، لا غسل على الماس؛ لأنّ العظم لا يكون جزءاً من الإنسان المركب فيه، نعم إذا فرض أنه صار جزءاً منه صار بحكم سائر عظامه[3]، وكذلك لا غسل بمس الأسنان[4] الاصطناعية.
-------------------------
[2]: لو فرض أنّه تكون حقيقةً من النطفتين - كما ذكرناه في المسألة السابقة- وإلاّ فالظاهر القرعة، فتأمل.
[3]: وهل ترثان منه إرثين، أو يكون كالزوجة، حيث يقسم عليها الثمن أو الربع؟
المسألة 261:
[1]: أي: الذي لم يصبح جزءاً منه.
[2]: كالشهيد.
[3]: لأنّ الأحكام تابعة للموضوعات، وقد سبق نظير هذه المسألة .
[4]: فإنّها لا تتفاعل عادة. نعم، لو تفاعلت وأصبحت جزءاً حقيقياً، أو اعتبرت جزءاً عرفاً، كما لو ركبت وزرعت أصبحت بحكم سائر أجزائه.
ص: 276
* صيرورة[5] العظم جزءاً أقرب إلى الفرض منه إلى الواقع، فيكون عليه الغسل للصدق العرفي، أما الأسنان الاصطناعية فالظاهر عدم الصدق العرفي، والحكم في المسائل المذكورة واضح.
المسألة 262: لو ولد توأمان متلاصقان، وبقيا متلاصقين، فهل يحق لهما الزواج بامرأتين، لكل واحد زوجة؟ الظاهر ذلك، ويجوز اقتراب كل من زوجته إذا لم يوجب[1] الاقتراب أمراً محرماً بالنسبة إلى الشخص الآخر الملصق بالذي اقترب من زوجته.
* لأنهما إنسانان[2] حسب الفرض، فلكل حكمه، ومنه يعلم أنه لو احتلم أحدهما لا يجب الغسل إلا عليه، ويجوز للثاني مس القرآن مثلاً أو قراءة آيات السجدة، وكذا الحال لو كانتا بنتين أو كانا ذكراً وأنثى.
وفي صورة اختلاف الإرادتين، بأن أراد أحدهما شيئاً، والآخر شيئاً
-------------------------
[5]: وهل الملاك النظر العرفي المسامحي أو الدقة العرفيّة أو العقليّة؟ الظاهر الأوسط. (راجع أول مسألة في الكتاب)(1).
المسألة 262:
[1]: ولو أوجب دخل في مسألة (التعاون على الإثم) المحرّم عند المصنف (رحمه اللّه) والمحلل عند بعض (كالشيخ)(2) .
[2]: وهنالك علامات مذكورة في كتاب الإرث لمعرفة التعدد والوحدة.
ص: 277
آخر فاللازم[3] أن تنفذ إرادة كل واحد منهما مرة، مثلاً: أراد أحدهما الصلاة أول الوقت والآخر آخر الوقت، فمرة تنفذ إرادة هذا ومرة ذلك، أو أراد أحدهما الاقتراب من زوجته لاستلزام[4] الحمام ولم يرد الآخر، أو أراد أحدهما الحج أو الزيارة، ولم يرد الآخر، ولا يلزم تشابه الإرادتين، بل يكفي إرادتان، مثلاً: أراد أحدهما المشي صباحاً والآخر النوم ظهراً، لكن اللازم تساوي قدر الزمانين وقدر السهولة والصعوبة فيهما، لا أن تكون إرادة أحدهما أسهل والآخر أصعب، وهكذا بالنسبة إلى الزمان الأقصر والأطول، وإنما قلنا بلزوم أن تنفذ إرادة كل واحدة مرة لعدم الترجيح[5]، ولقاعدة العدل[6]، ولقاعدة المهاياة[7] ملاكاً.
-------------------------
[3]: ويحتمل القرعة؛ لأنّها لكل أمر مشكل، لكن ما ذكره من الأدلة في ذيل المسألة لعلها حاكمة على القرعة، أي: رافعة لموضوع «مشكل»، (راجع كتاب الخمس في قاعدة العدل)(1).
[4]: الظاهر تأخيره عن (ولم يرد الآخر).
[5]: هذا لا ينهض دليلاً، بل لا تنفذ إرادة أي منهما عليه، فتأمل.
[6]: ولعل مستندها {لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ}(2) أو بناء العقلاء، وقد اختلف رأي للشيخ في ذلك، فمرة قال: لا دليل عليها إلاّ عذوبة لفظها، ومرة اعتبرها.
[7]: راجعه في كتاب العتق(3).
ص: 278
المسألة 263: فيما كان جسدان[1] على حقو(1) واحد، فيما يُعد شخصان(2)، يكون الحكم كالمسألة السابقة، أما لو كان رأسان على جسم واحد، مما عُدّا[2] شرعاً لإنسان واحد، فالحكم مثل ذي الرأس الواحد.
-------------------------
ثم إنّه في الغسل حيث إنّ مقداراً من بدنه محجوب فهل يغسل الجانب الآخر باعتباره جبيرة، أو يسقط باعتباره باطناً؟ الظاهر الأخير، فهو مثل مَنْ له إصبع زائدة، أو لحم زائد، فإنّ ما تحته لا يجب غسله؛ لأنّه باطن، والجانب الآخر لا يعد جزءاً من بدنه حتى يجب غسله، فتأمل.
المسألة 263:
[1]: وأظن أنّه ورد مثله في قضاء أمير المؤمنين (عليه السلام) (3)، وراجع المسألة السابقة.
[2]: راجع العلاقة في كتاب الإرث(4). وراجع كتاب الصوم، بحث الارتماس(5).
ص: 279
* يكون الحكم كالمسألة السابقة، أي لكلٍّ حكمه، ولكن يشكل ذلك في الزواج رجلاً كان أو امرأة؛ لأنّ الآلة لهما لا لأحدهما[3]، فهل يجوز باعتبار الآلة الواحدة؟ أو لا، باعتبار اثنينية الجسد؟ احتمالان، وإذا كان في عسر وحرج من جهة الاحتياج إلى الجنس فهل يجوز أو لا؟ أو يستفرغ المني بواسطة أخرى؟ المسألة بحاجة إلى مزيد من التأمل[4].
المسألة 264: لو كانت لإنسان عورتان طبيعيتان أو ملتصقتان[1] أو بالاختلاف، فالظاهر جواز الملامسة بهما مع زوجها أو زوجته، سواء كان الشخص رجلاً أم امرأة، لكن بشرط أن تصير الملصقة جزءاً منه عرفاً.
-------------------------
[3]: لابدّ من ملاحظة العلائم لمعرفة تبعية الآلة لأيٍّ منهما؟ فتأمل.
[4]: لكنّ بناءهم أنّ الحرج لا يرفع «حرمة المحرمات الجنسية» بالغاً ما بلغ، فتأمل.
المسألة 264:
[1] وفي الملصقة بحث؛ لأنّها على نوعين: أن لا تتفاعل، وأن تتفاعل وتصبح جزءاً عرفاً، فإن لم تتفاعل ففيه إشكال، فهو مثل تركيب ذكر مطاطي على وسطه وشده به بواسطة حزام، فهل يجوز ذلك؟ وكذا في طرف الأنثى. نعم، قد يُقال: إنّه مثل لمس ثوب المرأة بشهوة، أو شعرها الاصطناعي، فإنّه يصدق {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ}(1)، لكن الصدق مطلقاً محل تأمل. والسيرة جارية على مثل الثوب،
ص: 281
* فإن زيادة العورة كزيادة سائر الأعضاء، فإذا كان يجوز أن يلمس زوجته بالإصبع الزائدة أو اليد الزائدة، فكذا يجوز بالعورة الزائدة، لعدم الفرق وإطلاق الأدلة، وإذا كان له ما للرجل وللمرأة، وكان الأصل الرجل تزوج بأنثى، وحق لهما الاستفادة من العورة الأخرى، لعدم دليل على الحرمة، ولو كان الأصل المرأة تزوجت برجل كذلك، ولو فرض زوج وزوجة كذلك جاز لهما الاستفادة من العورتين فاعلاً وقابلاً، لإطلاق الأدلة[2].
المسألة 265: لو كانت لإنسان عورتا رجل وامرأة، طبيعيتان، أو ملصقتان، جزءاً[1] أو بالاختلاف[2]، لا يجوز له الملامسة بهما إلى النوعين، بأن يتخذ زوجاً وزوجة.
-------------------------
بخلاف العورة المشدودة، فتأمل.
ونظير ذلك الكلام في الممسوح والعنين الذي يشد على وسطه آلة اصطناعية، وسيأتي من المصنف (رحمه اللّه) اشتراط أن تصير جزءاً.
[2]: لعل المراد مثل {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ} كما سبق في الحاشية الماضية.
المسألة 265:
[1]: أي: تكون الملتصقان جزءاً منه عرفاً.
[2]: أي: تكون إحداهما جزءاً والأُخرى غير جزء.
ص: 283
* لأنه إما رجل أو امرأة، فلا يجوز[3] اتخاذهُ زوجاً وزوجة للقطع[4] بارتكاب الحرام، وقد ذكرنا أحكام الخنثى[5] في الفقه.
-------------------------
[3]: وقد ورد في قضاء أمير المؤمنين (عليه السلام) (1): من كان له زوج وزوجة.
[4]: أي: العلم الإجمالي.
[5]: فإنّه ترجع للعلامات المذكورة في كتاب الإرث، فإن لم تكن، فإمّا أن يمتنع عن الاثنين - كما ذكره الشيخ (رحمه اللّه) في الرسائل(2)- أو يقرع، أو يتخير أحد الطريقين.
ص: 284
المسألة 266: لا إشكال في أنه يجوز[1] في فرض المسألة السابقة الانتفاع بإحدى العورتين بالنسبة إلى الجنس المخالف لصاحب العورة، فإن كان - مثلاً - صاحبهما رجلاً، جاز له الانتفاع بآلة الرجولية بالنسبة إلى زوجته، وإذا كان امرأة جاز لها الانتفاع بآلة الأنوثة بالنسبة إلى زوجها.
* وذلك لآية {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ}(1)، وهكذا حال {مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ}(2) .
المسألة 267: هل يجوز في المسألة السابقة، انتفاع الزوجين بكلتا العورتين بأن يحق لهما التفاعل معاً أم لا؟ احتمالان، والظاهر: الجواز[1] لإطلاق[2]: {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ}.
-------------------------
المسألة 266:
[1]: لو فرض أداء العلامات إلى كونه رجلاً، أو قلنا بالقرعة أو التخير. كما سبق قريباً(3).
المسألة 267:
[1]: سبق ما يرتبط بنحو ذلك في مسألة (264)(4).
[2]: ويحتمل ضعيفاً المنع؛ وذلك لأنّه منكر في أذهان المتشرعة، وفيه منع.
ص: 285
* وذلك لما أشرنا إليه في شرح المسألة (264)، ولو كان لأحدهما اثنان دون الآخر جاز استعمال الآخر في الملامسة والاستمناء بيد الآخر وهكذا.
المسألة 268: يجوز الزرع في البحر، لتكثير الأسماك، كما هو المعتاد عند الأمم المتقدمة صناعياً، والطعام لو كان حراماً[1] لم يؤثر في حرمة السمك، أما لو كان نجساً فما يسبب صيرورة السمك جلالاً يلزم تطهير السمك بالطريق المقرّر في الشريعة.
* وإنما يصير جلالاً إذا كانت النجاسة مما يوجب الجلل، وإلا لم يكن موجباً للتطهير.
المسألة 269: لو أكل السمك ما أوجب ذهاب فلسه لم يحرم[1]، حتى
-------------------------
المسألة 268:
[1]: لا وجه ظاهر للتفكيك بين الحرمة والنجاسة، بل الملاك - كما ذكر في كتاب الطهارة بحث النجاسات(1) - التغذي على عذرة الإنسان.
المسألة 269:
[1]: فهو كسمك الكنعت (راجع الشرائع)(2).
ص: 287
إذا سرى ذلك إلى نسله، إلا إذا انطبق[2]، [3]، [4] عليه عنوان آخر لا فلس له مما هو حرام.
* وذلك بالنسبة إلى كل من المستثنى والمستثنى منه واضح، وكذا الحال في المسألة الآتية.
المسألة 270: لو زرق السمك الذي لا فلس له خلقة، بما سبب له فلساً، فالظاهر أنه لا يحل بذلك، ولو سرى ذلك إلى نسله، بأن خرج نسله ذا فلس، إلا إذا انطبق[1] عليه عنوان سمك له فلس، مما هو محلل في الشريعة، بأنه صدق عرفاً بأنه سمك له فلس.
* أما صيرورة[2] بعض السمك ذا فلس لا كله بسقوط بعض فلسه، أو
-------------------------
[2]: العبارة موهمة، والظاهر أنّ المراد - بقرينة ما سيأتي - أنّه انطبق عنوان «سمك لا فلس له»، لا أنّه انطبق عليه عنوان الجرّي مثلاً. أي: ليس المراد انطباق عنوان الأسماك الفاقدة للفلس الموجودة فعلاً، بل انطبق عنوان «لا فلس له» وإن لم يكن له نظير فيما لا فلس له.
[3]: وذلك لأنّ الأحكام تابعة للعناوين.
[4]: ولعل العرف يفرق بين السراية الدائمة والمؤقتة، وهل المراد في جيل أو الأجيال؟ فتأمل.
المسألة 270:
[1]: راجع المسألة السابقة(1)، وفي العبارة نوع غموض.
[2]: مع لحاظ الانطباق المذكور في صدر المسألة .
ص: 288
خروج بعض الفلس في جسده، فالأول أقرب إلى صدق أنه ذو فلس، بخلاف[3] الثاني وإن كانت المسألة بحاجة إلى التأمل لاحتمال[4] أن يراد بذي الفلس في الروايات(1) ما يغطي كل جسده[5]، فتأمل.
المسألة 271: لو أكلت[1] سمكة سمكة محللة، فماتت في جوفها، فالظاهر أنّ المأكول حلال إذا كان فيها شرط التحلل، كما لو صاد السمك إنسان فألقاه إلى سمكة كبيرة لتلتهمها - مثلاً - .
-------------------------
[3]: التفكيك بين الفرضين غير واضح، فتأمل.
[4]: لأنّ الألفاظ تحمل على المتعارف، فتأمل.
وهل الندرة تصرف إطلاق المطلق؟
[5]: وعليه، تخرج بعض الأسماك التي يُدّعى أنّ لها فلساً واحداً تحت الأذن.
المسألة 271:
[1]: فيه تفصيل مذكور في كتاب الأطعمة والأشربة، لكن الظاهر التفصيل في صورة اصطياد السمكة الآكلة من الماء، وفرض المسألة هنا في صورة كون الآكلة خارج الماء، كما يظهر من سياق المسألة ، أي: إنها التهمت المأكولة وماتت المأكولة والآكلة خارج الماء.
إلاّ أن ذلك بعيد جداً، فالمراد: أنّ خارج الماء - الذي هو شرط - لا فرق فيه بين (الخارج الخارج)، أو (الخارج الداخل)، كما لو ماتت السمكة في غواصة، أو في كيس داخل الماء، أو في كف خالية من الماء، وكلّ ذلك في داخل الماء.
ص: 290
* إذ لا دليل على لزوم أن يموت السمك خارج الجوف، وأي فرق بين أن يموت داخل حيوان أو في بر أو ما أشبه ذلك، كما لو صادها في غواصة.
المسألة 272: لو[1] أنّ الطائر الذي صفيفه أكثر بسبب الوسائل الحديثة صار دفيفه أكثر لم يحل، ولو صار صفيفه أكثر بسبب الوسائل الحديثة وكان دفيفه أكثر خلقة، لم يحرم.
-------------------------
إلاّ أن تمامية ذلك موقوف على العلم بكون داخل بطن الآكلة خالياً من الماء، فتأمل.
وعلى كلٍ، ففي صدق الأدلة في الآكلة داخل الماء نظر، فتأمل.
ولو شك أنّ في داخل الآكلة ماءً فالحكم استصحاب عدم التذكية، (راجع مسألة أصالة عدم التذكية(1) ، ومسألة السمكة الآكلة والمأكولة في كتاب الأطعمة والأشربة)(2).
المسألة 272:
[1]: قد يُقال: إنّ الحكم متوقف على أنّ الصفيف والدفيف طريقي أو موضوعي. فإن كان موضوعياً كان الحكم نفسه، إلاّ أنّه منصرف عن العارض، أي: الحالة العرضية الطارئة، فتأمل.
وإن كان طريقياً كان طريقاً إلى تحريم طيور معينة بأعيانها، فلا يؤثر تخلف العلامة. إلاّ أنّ الأصل في العناوين الموضوعية لا الطريقية، إلاّ ما خرج، مثل تبين الفجر.
ص: 291
* نعم لو خرج عن العنوان الأول إلى العنوان الثاني عرفاً كان حكم الثاني؛ لأنه من تبدل الموضوع، والحكم تابع للموضوع[2].
المسألة 273: لو سبب[1] التغيير في الطائر سريانه إلى نسله في مفروض المسألة السابقة لا يسبب ذلك حلية النسل فيما كان حراماً، أو حرمة النسل فيما كان حلالاً، إلا إذا دخل النسل في العنوان المحلل، أو العنوان المحرم، بأن صار من تبدل الموضوع.
* وذلك لما تقدم، وكذا الحال فيما لو ظهرت العلامتان الأخريان بعد أن لم تكونا، أو اختفت العلامتان الأخريان بعد أن كانتا، وهكذا حال البيض باستواء[2] طرفيه وعدم استوائهما حيث ذكرا علامة للحل والحرمة.
المسألة 274: يستحب[1] جعل صناديق لأجل جمع المال لمختلف
-------------------------
[2]: سبق نظيره، وقد سبق أنّ الأحكام تابعة للعناوين(1).
المسألة 273:
[1]: راجع المسألة السابقة.
[2]: فإنّ مستوي الطرفين حرام، في حالة الشكّ.
المسألة 274:
[1]: سبق البحث في أنّ استحباب الطبيعي هل يسري للفرد أو لا؟
ص: 292
المشاريع الإسلامية والإنسانية[2]، بل قد يجب[3] فيما إذا كانت تلك الجهة واجبة.
* الاستحباب والوجوب[4] كل في مورده، قال تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى}(1)، والمهم جمع المال سواء كان بالصناديق أم غيرها، ومن موارد الوجوب ما لو كان سبباً لعلوّ الإسلام، فإنّ[5] «الإسلام يعلو ولا يعلى عليه»(2).
المسألة 275: إذا استبدل موضوع السمك أو الطير من الحلال إلى الحرام، أو من الحرام إلى الحلال، تبعه في ذلك بيضه ولبنه ونتاجه وما أشبه ذلك.
* لأنّ النتاج تابع للحيوان إذا لم يكن النتاج على غير شاكلته، فإذا غيرنا[1] - مثلاً - طيراً إلى الصفيف حتى صدق عليه ذلك عرفاً، لكن نتاجه صار أكثر دفيفاً، فإنه يحل لما تقدم من تبعية الحكم للموضوع.
-------------------------
[2]: كلّ إنساني فهو إسلامي للأمر في الإسلام نجدته الناس و... فهو من عطف الخاص على العام.
[3]: بالوجوب المقدمي العقلي.
[4]: العقلي.
[5]: الأولى الاستدلال بوجوب الأمر والنهي والإرشاد والدعوة، ونحوها. أما «الإسلام يعلو» فهو جملة تحتمل الخبر والإنشاء، فتأمل.
المسألة 275:
[1]: هذا تفريع على كون النتاج على غير المشاكلة .
ص: 293
المسألة 276: لو طُعّم جسد غزال برجل كلب - مثلاً - حتى صار جزءاً[1] منه حلّ، ولو طُعّم جسد كلب برجل غزال حتى صار جزءاً منه حرم، وكذا في كل حيوان حلال أو حرام.
* لأنه لما صار جزءاً منه، وصدق عليه الحيوان المنتقل إليه[2] عرفاً، لكن اللازم الجزء العرفي لا أن يبقى الجزء بصورته السابقة[3]، حيث لا صدق حينئذ فلا تبدل.
المسألة 277: لا فرق في حرمة الموسيقى[1] بين أن يكون في آلة لهو كالكمنجة، أو في آلة أخرى كالساعة[2] وما أشبه.
-------------------------
المسألة 276:
[1]: وهل ملاك الجزئية التفاعل، أو العرف، أو هما متلازمان؟ لعل الظاهر الآخر.
[2]: راجع بحث الانتقال في المطهرات(1) فلعله ينفع في المقام.
[3]: فهو وإن تفاعل قد لا يصدق عليه أنّه جزء الحيوان المنتقل إليه، فتأمل.
المسألة 277:
[1]: المصنف (رحمه اللّه) ذكر في بعض بحثه أنّ هذا اللفظ لم يرد في الروايات الشريفة، والملاك صدق «آلة اللّهو»، بل ذكر ذلك هنا أيضاً.
[2]: فيه تفصيل: فإنّه إن كان في الساعة صوت سجل من آلات اللّهو كان له
ص: 294
* وذلك للصدق العرفي، نعم لا يخفى أنّ الموسيقى لا عنوان له في الأدلة، وإنّما العنوان آلة اللّهو والغناء، فإن كان أحدهما حرم، وإلا لم يحرم(1).
المسألة 278: لا يجوز[1] تسابق الطائرات والسيارات والدراجات إذا
-------------------------
نفس الحكم - راجع العروة(2) لو قرأت آية السجدة من صندوق حبس الصوت - أمّا لو فرضنا أنّ نفس الساعة أخرجت صوت آلات اللّهو، أو أخرجناه بالفم أو الدَق - المؤثرات الصوتية - ففيه بحث: فهل «آلة اللّهو» لها موضوعية؟ فهذه ليست آلة لهو.
أو لها طريقية إلى الصوت، أي: إنّ الصوت هو الملاك، ولا خصوصية لصدوره عن آلة خشبية لها مواصفات كذائية من طول وعرض وعمق؟
الظاهر عرفاً هو الأخير، وإلا لاستطعنا أن نحلل جميع أصوات آلات اللّهو بهذه الكيفية، لكن ظاهر كلمات المصنف (رحمه اللّه) في بعض الاستفتاءات هو الأوّل، فتأمل.
المسألة 278:
[1]: عقلاً؛ لأنّه مقدمة الحرام، إلاّ أن يُقال: إنّ الإلقاء حرام في حدّ ذاته؛ لقوله تعالى: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ}(3) إلاّ أنّ وجود حرمتين غير ظاهر، فتأمل.
ص: 295
كان محل الخوف[2] العقلائي أو الخطر[3].
* لأن خوف الضرر المتزايد موجب للحرمة[4]، نعم إذا كان خوف ضرر قليل، وكان برضا المتضرر جاز، من غير فرق في الضرر بين المال والنفس، والخطر يطلق غالباً على ضرر بالغ مثل خطر الموت أو شلل الأعضاء، وإن كان بينهما عند الجمع العموم المطلق[5]، وهذا يجري في مسابقة سائر وسائل النقل، كالسفن والدواب ونحو ذلك.
المسألة 279: اعتيد[1] في بعض البلاد الساحلية صنع البيوت والمدن على سطح البحر من الأخشاب، فلو تحركت المدينة الخشبية من مكان البحر إلى مكان آخر، كان الراكب فيه في حكم المسافر.
-------------------------
[2]: لعل فرقه عن الخطر أنّ الخوف محتمل، والخطر يقيني.
[3]: أو الإسراف والتبذير وغيرهما من العناوين المحرّمة، ومنه يظهر النظر في إطلاق «خوف ضرر قليل ...».
[4]: العقليّة على تأملٍ سبق.
[5]: وعليه: فلا يحرم الخوف مطلقاً؛ إذ الضرر غير البالغ لا إشكال فيه في حدّ ذاته، فلِمَ ذكر كلاهما في المتن؟
المسألة 279:
[1]: قد يُقال بالفرق بين المدن الكبيرة والبيوت الصغيرة - مثلاً- ففي المدن الكبيرة لا يصدق السفر، فهي كحركة نفس الكرة الأرضية، وهذا بخلاف البيت الصغير الذي يتحرك، فإنّه كالقارب، ويصدق السفر، وقد يصدق «مَنْ بيته معه» فإذا صدق وجب التمام.
ومنه يظهر النظر في إطلاق قوله: «لصدق السفر».
ص: 296
* لصدق السفر ولا اعتبار بكونه مع بيته، إلا إذا صدق عليه (من بيته معه)(1)، أو سائر العناوين الموجبة للتمام، وكذلك الحال في البيوت المنتقلة في الأرض على العجلات، وهكذا لو فرض صنع البيوت الطائرة في الجو، لوحدة الملاك.
المسألة 280: في المسألة السابقة المحل الجديد من البحر لا يعد[1] وطناً للساكن في تلك المدينة، إلا إذا توفرت شرائط الاستيطان.
* إذ لا فرق بين البر والبحر والهواء في ملاك السفر والإقامة والاستيطان للإطلاقات.
المسألة 281: هل يجوز تزريق الإبرة للميت بما لا يتعفن معه، وذلك بقصد نقله إلى الأعتاب المقدسة أو ما أشبه؟ احتمالان، وربما يفصل بين ما إذا أوصى[1] هو بذلك فجائز، وبين ما إذا لم يوص فلم يجز.
-------------------------
المسألة 280:
[1]: نعم، لو كانت مدينة متحركة، وكانت كبيرة فربما يصدق الاستيطان فيها، ولا عبرة بالحيز المتنقل الذي تشغله.
المسألة 288:
[1]: لأنّ الناس مسلطون، إلاّ أن يُقال: إنّه منصرف إلى حال الحياة، ولوجوب تنفيذ الوصية إلاّ ما خرج، وليس هذا من الخارج. وسيأتي البحث حول قاعدة السلطنة بعد قليل.
ص: 297
* الجواز[2] للأصل، والمنع لقوله (صلی اللّه عليه وآله وسلم) : »فتوقي[3] الميت مما توقي منه نفسك«(1)، لكن الأول أقرب؛ لأنّ الميت يحفظ[4] من الفساد بسبب الإبرة، ولا ينافي[5] ذلك «حرمته ميتاً كحرمته حياً»(2).
المسألة 282: لا يجوز[1] شق بطن الميت وإخراج ما فيه لأجل أن لا يفسد، حتى ينقل من مكان إلى مكان، وهل له أن يوصي بذلك؟ احتمالان.
-------------------------
[2]: وسيأتي في المسألة اللاحقة(3) كلام كاشف الغطاء، وتوجيهه بالأهم والمهم.
[3]: وهذا إيذاء للحي، فلا يجوز للميت.
[4]: فهدفه هو الحفظ من الفساد، ولا يقي الحي نفسه مما يحفظه عنه.
[5]: إذ المنافاة إنما هي في صورة عدم وجود الفرض العقلائي الذي يبرّر ذلك الإيذاء.
المسألة 282:
[1]: لأنّه مُثلة وهتك للاحترام، وقد سبق «كحرمته وهو حي» في المسألة السابقة(4)؛ وللارتكاز المتشرعي، فإنّه منكر في أذهانهم.
ويحتمل الجواز؛ لأنّه أهم ومهم. فإنّ دفع العذاب عن الميت أهم، فإنّ عذاب الآخرة القليل منه كثير، وإذا جاز شق البطن لأجل دفع عذاب دنيوي حقير، فكيف
ص: 298
* أما عدم الجواز؛ فلأنه ليس من الأهم والمهم، فهو كالحي في الحرمة - إلا على قول كاشف الغطاء (قدس سره) - وأما مع الوصية فاحتمال الجواز لتسلّط[2] الناس على أنفسهم بعد أن لم يكن ضاراً بهم، فإنه إنما لم يجز في الحياة لأدلة (لا ضرر)، واحتمال العدم؛ لأنه تشريح[3] و (حرمته ميتاً كحرمته حياً)، ولعلّه هو الأقرب[4].
المسألة 283: هل يجوز للدولة الإسلامية أن تسمح بإحراق الكفار
-------------------------
بالعذاب الأخروي الكبير؟
إن قلت: دفع العذاب محتمل وليس بمقطوع.
قلت: إنّه وإن كان محتملاً إلاّ أنه باعتبار أهميته يكفي صرف الاحتمال. لكن قد يُقال: إنّه من المنكرات لدى أذهان المتشرعة كما سبق.
[2]: سبق احتمال الانصراف إلى حال الحياة(1).
[3]: ينطبق عليه عنوان المُثلة، و«توقي الميت مما توقي نفسك» كما سبق في المسألة السابقة(2).
[4]: لكن يشكل الفرق بين هذه المسألة والسابقة؛ إذ ما الفرق بين الإبرة وشق البطن، إلاّ أن يكون الارتكاز فارقاً فتأمل.
وحفظ الميت من الفساد مشترك بين الحالين، فكيف أصبح فارقاً بين المسألتين مع وحدة ذلك الملاك؟
المسألة 283:
ص: 299
أمواتهم أم لا؟ احتمالان[1]: من قاعدة (ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم)(1) بالإضافة إلى عدم احترام[2] جسد الكافر، ومن أنه لا يصح الإتيان بالمنكرات في البلاد الإسلامية، ولعل الإحراق منها.
* لكن الجواز أقرب للقاعدة المذكورة، وكذلك كيفية دفن المجوس لموتاهم في الدخمة، وليس ذلك من إظهار المناكير مما يمنع منه الإسلام، وليس ذلك بأسوأ[3]، [4] من تزويج الكفار محارمهم في بلاد الإسلام، أو شربهم الخمر في غير العلن[5]،إلى غير ذلك.
المسألة 284: لو علمنا أنّ (السكّر) يخلط به لأجل التصفية[1] شيء من عظم الأموات المحرمة، فإن علمنا أنّ العظم قبل الاستحالة يخلط بذلك
-------------------------
[1]: راجع بحث «أن لا يتظاهروا بالمناكير» في كتاب الجهاد(2).
[2]: إلاّ أنّه في الكافر الحربي لا الذمي.
[3]: فيستفاد الأولوية.
[4]: وكذا المنكرات العقائدية، كالذهاب للكنائس وما أشبه، وإنّما مثّل بما ذكر؛ لأنّ الكلام في الفروع يكون أشبه بها، إلا أنّ الأولوية موجودة.
[5]: لكن مقتضاه تقيد الجواز في الإحراق بالسرّ.
المسألة 284:
[1]: لابدّ من التحقيق في الموضوع الخارجي.
ص: 300
لم يجز استعماله، وإلا جاز، ومع الشك[2] فالأصل الحلية.
-------------------------
[2]: الصور هي: الأولى: عظم محلّل - كعظم الشاة المذكاة- بناءً على حلية أكل العظم حلال مطلقاً.
الثانية: عظم محرّم بلا استحالة حرام.
الثالثة: عظم محرّم مع الاستحالة - وعدم محذور خارجي كالنجاسة - حلال.
الرابعة: أن نشكّ أنّه محلّل أو محرّم، فقد قال المصنف: إنّه حلال، لكن الظاهر جريان أصالة عدم التذكية. إلاّ أن يفصل بين الشكّ في التذكية فيكون محرماً، أو نعلم بالتذكية ونشك أنّه محلّل أو محرم، «كالشاة أو الهرّة» - مع القطع بعدم قابلية المحرّم للتذكية، أو الشكّ فيها- فيكون محللاً، فتأمل (راجع الأصول)(1).
الخامسة: أن يشك أنّ الخلط كان قبل الاستحالة فيكون محللاً، أو بعدها، والظاهر أنّه لا أثر له؛ إذ المفروض أنّه استحال، سواء كان قبل الخلط أم بعده، إلاّ أن يفرض وجود محذور خارجي كالنجاسة، إلاّ أن يراد الصورة الثانية أو السادسة.
السادسة: أن يشك أنّه استحال أو لا؟ والظاهر جريان الاستصحاب (راجع بحث الاستحالة في العروة(2)، والاستصحاب في بحث: إحراز وحدة الموضوع)(3).
السابعة: الشكّ أنّه خلط بعظم أو لا، والأصل الحل.
ص: 301
* ومع الشك[3]، أي في أنه من المحلل أو المحرم، أما إذا شك في أن الخلط كان قبل الاستحالة أو بعدها[4] - في المحرم - فاستصحاب الحرمة حاكمة على أصالة الحل فلا يجوز، ولو شك في أنه خلط بعظم أم لا، فالأصل أيضاً الحل.
المسألة 285: لو ركّب[1] حيوان من حيوانين، فكان الرأس للكلب والجسد للغزال، أو بالعكس مثلاً، فهل تحل بالذبح أم لا؟ وهل هو نجس أم طاهر؟ احتمالان، والكلام إنما هو في الجزء الطاهر الحلال من الجزءين،
-------------------------
[3]: مضى النظر فيه(1).
[4]: مضى النظر فيه(2).
والخلاصة أنّ الصور - في صورة الشكّ - هي:
أ- هل هناك عظم أو لا؟ هل خلط بعظم أو لا؟
ب - هل هو مذكى أو لا؟
ج - هل هو محلّل أو محرّم؟
د- هل استحال أو لا؟
ه- - هل الاستحالة قبل الخلط أو بعده؟
المسألة 285:
[1]: مع فرض أنّه لم يصدق عليه عنوان محلّل، مثلاً: لو ركب رجل كلب على غزال فالظاهر صدق الغزال على المجموع المركب، أو باستثناء الرجل، فتأمل.
ص: 302
لا النجس والحرام[2].
* احتمالان: من قاعدة (كل شيء لك حلال)(1)، و (كل شيء لك طاهر)(2) ومن أنه ليس من الحيوانات المحللة، وهي محصورة، ولعل الثاني أقرب إلى الصناعة[3]، وإن كان يمكن[4] أن يقال بقول الشهيد (قدس سره) [5] من الأصل فيهما، كما ذهب إليه بعض المعاصرين.
-------------------------
والخلاصة: إنّ الكلام في التركب الذي لا يكون أحد الجزءين محتفظاً بعنوانه السابق الكلّي مع إضافة جزء جديد، فتأمل.
[2]: وقد يُقال: إنّه لو تفاعل مع البدن فله حكم الجزء الحلال، إلاّ أن يورد عليه بأن أكله خلاف ارتكاز المتشرعة، فتأمل. وراجع المسألة اللاحقة (286)(3).
[3]: راجع كتاب الأطعمة والأشربة(4)، ولعل المواد مختلفة. مثلاً الحمام مطلقاً حلال، فإذا صدق عليه الحمام كان حلالاً. (راجع نقيض ذلك في مسألة 288 و290)(5).
[4]: الظاهر أنّ الطهارة مفروغ منها، أمّا مع صدق عنوان طاهر فظاهر، وأمّا مع العدم فلقاعدة (كلّ شيء لك طاهر).
[5]: الظاهر أنه ذكره في مشكوك التذكية، وهل لذلك ربط بالمقام؟ (راجع المسألة اللاحقة)(6).
ص: 303
المسألة 286: الكلام في المسألة السابقة إنما هو فيما إذا لم يستحل[1]، [2] أحد الجزءين، وإلا كان الحكم تابعاً للمستحال إليه، مثلاً: لو فرض أنه استحال جسم الغزال تدريجياً إلى جسم الكلب، بأن صدق الكلب على هذا الحيوان المركب فإنه لا إشكال في حرمته ونجاسته.
* وذلك للصدق[3] العرفي الموجب لترتب الحكم.
المسألة 287: لو أمكن أن تربى نطفة الشاة في رحم الكلب، وخرج الجنين شبيهاً[1] بأحدهما، كان الحكم تابعاً للمشبه به، وكذلك إن أمكن تربية نطفة الكلب في رحم الشاة.
-------------------------
المسألة 286:
[1]: راجع المسألة السابقة(1).
[2]: الظاهر أنّ مراده صدق العنوان الآخر على المجموع المركب.
[3]: والأحكام تابعة للعناوين.
المسألة 287:
[1]: ولو خرج بحيث لا ينطبق عليه أي عنوان ففيه بحث - راجع العروة، بحث النجاسات(2) - وكذا في الحرمة، (راجع كتاب الأطعمة والأشربة)(3).
ص: 304
* والمراد بالشبه بحيث كان يصدق[2] عليه أنه شاة أو كلب؛ وذلك للصدق، وكلما صدق الموضوع صدق الحكم، وهكذا حال ما إذا أخذت نطفتان من كلب وشاة وربيت في أنبوب الاختبار.
المسألة 288: لو خرج المتولد بين حيوانين[1] لا يشبه أحدهما كان الأصل فيه الطهارة والحلية[2]، وكذلك إذا خرج يشبه حيواناً طاهراً حلالاً، أما إذا خرج يشبه حيواناً نجساً أو حراماً، فالحكم تابع للمشبه به، والمراد بالمشابهة الصدق العرفي.
* فإذا صدق عليه الكلب كان كلباً، وإن تولد من شاتين، وإذا صدق عليه الشاة كانت شاة، وإن تولدت من كلبين.
لا يقال: المتولد من حلالين حلال؛ لأنه لا وجه للحرمة وبالعكس.
لأنه يقال: الوجه هو الصدق[3] بعد الإطلاق[4].
-------------------------
[2]: عرفاً.
المسألة 288:
[1]: فيه أنواع ثلاثة: 1- محرمين. 2- محللين. 3- بالاختلاف، لكن الظاهر - بقرينة المسألة اللاحقة - أنّ مراده الصورتين الأوليين(1).
[2]: هذا خلاف ما بنى عليه في مسألة (285)(2).
[3]: العرفي والأحكام تابعة للعناوين.
[4]: لعل المراد إطلاق الأدلة، مثلاً: دليل حلية الغنم يشمل هذا، وإن ولدت كلباً.
ص: 305
المسألة 289: حكم[1] المسألتين السابقتين جار فيما لو نزا كلب على شاة، أو العكس، أو نزا ابن آوى على شاة، أو بالعكس.
* إذ لا اعتبار بالنزو أو التربية في أنبوب الاختبار، وإنما الاعتبار بالاسم على ما عرفت، فإنّ الحكم تابع لموضوعه[2].
المسألة 290: لو أمكن استيلاد الحيوان من نطفة مركبة من نطفتي الشاة والكلب، فالولد إن كان شبيهاً[1] بأحدهما كان له حكم المشبه به، وإن كان شبيهاً بثالث، طاهر أو نجس، حلال أو حرام، فالحكم تابع للحيوان الثالث، ولو لم يشبه شيئاً كان طاهراً حلالاً[2].
* كان طاهراً حلالاً، لإطلاق دليلهما، مع احتمال القولين الآخرين[3] مما قدمناه في شبيه هذه المسألة ، وما سيأتي في المسألة اللاحقة.
-------------------------
المسألة 289:
[1]: الظاهر أنّ المسألة السابقة في اتحاد الحيوانين، وهنا في اختلافهما.
[2]: عرفاً.
المسألة 290:
[1]: والمراد الصدق العرفي، كما مضى في مسألة (287)(1).
[2]: مضى نقيضه(2) في مسألة (285).
[3]: أي: نجس وحرام وطاهر وحرام، إلاّ أنّ الظاهر أنّه لا وجه للقول بالنجاسة،
ص: 306
المسألة 291: لو خرج بعض الحيوان - على ما في المسائل السابقة - شبيهاً بأحد الحيوانين، والبعض الآخر شبيهاً بحيوان آخر، كما لو كان رأسه رأس كلب، وجسمه جسم شاة، ففي الحلية والطهارة، أو الحرمة والنجاسة، أو اتباع كل جزء للجزء الشبيه به، احتمالات[1].
* احتمال الحلية والطهارة للأصل فيهما، واحتمال خلافهما؛ لصدق الكلب في الجملة[2]، واحتمال التفصيل؛ لأنّ كل جزء منه تابع للمشبه به، ولكن لا يبعد الثاني، لأنّ الحيوان حرام ما لم يدل دليل على حليته[3]، وهذا لم يدل الدليل على حليته، وفي المسألة خلاف، أما الطهارة فهي تابعة للقول بمقالة الشهيد (قدس سره) [4] من قوله الأصل فيهما، أو عدمه كما ذكره المشهور، ويأتي مثل ذلك في مسألة سابقة مرّ ذكرها أيضاً.
-------------------------
إن كان هنالك قول بها (راجع 258)(1).
المسألة 291:
[1]: والرابع: الحرمة والطهارة، كما سبق في قول الشهيد.
[2]: هذا ضعيف؛ وذلك لصدق الشاة في الجملة أيضاً. إلاّ أن يُقال: إنّ جانب الحرمة يغلب جانب الحلّيّة، نظير ما قيل من أن دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة، فتأمل.
[3]: وقد مضى نظير ذلك في مسألة (285)(2).
[4]: مضى التأمّل في (285)(3).
ص: 307
المسألة 292: يجوز طيران الإنسان بأجنحة مصنوعة، أو بالبالون، لكن لا يجوز[1] له الإشراف على البيوت والعورات.
* أما العورات فواضح، وأما البيوت؛ فلأنه من قبيل[2]، [3] التطلّع على البيت من ثقبة الباب الذي ثبت نصاً وإجماعاً حرمته واستحقاق الفاعل العقاب والتعزير.
المسألة 293: لو أمكن تكوين أجنحة لحمية وعظمية للإنسان، بحيث تكون جزءاً له، فهل يجوز أم لا؟ احتمالان، احتمال الحرمة؛ لاحتمال دخوله في عنوان (تغيير[1] خلق اللّه).
-------------------------
المسألة 292:
[1]: وهل يجوز النظر من الطائرة؟
إن كان بعيداً بحيث لا يرى إلاّ الشبح فلا إشكال، وإن كان قريباً بحيث تبدو له التفاصيل، كالاستراق من ثقب الباب، فالظاهر أن حكمه حكمه، فتأمل.
[2]: ولأنّه منكر في أذهان المتشرعة.
[3]: إذ لا فرق عرفاً بين أن يسترق من ثقب الباب أو من فوق الفضاء، بل لعل الثاني أولى بالإنكار؛ لأنّه يطلع أكثر مما يطلع الأوّل.
المسألة 293:
[1]: لكن مضى التأمّل منّا باعتبار أنّ المراد أو المحتمل تغيير الفطرة، ومن المصنف (رحمه اللّه) باعتبار أنّه تغيير حسن لا سيئ، (راجع نظير المسألة سابقاً)(1).
ص: 308
* أما الحلية فللأصل، والمسألة بحاجة إلى التأمل، أما جعل الجناح اللحمي للحيوان[2] فلا إشكال فيه، كما أن قطع الجناح من الطائر إذا لم يوجب أذاه[3]، [4] فكذلك[5]، وهكذا لو جرى ذلك في نسل الحيوان.
المسألة 294: لا يجوز[1] تعليم الإجرام للحيوان إذا كان معرضاً لأن يجرم، كأن يعلم القردة قتل الإنسان[2]، وإذا أجرم كان المعلم ضامناً إذا أسند الفعل إليه.
* وإنما يشترط أن يكون معرضاً؛ لأنه في هذه الصورة يكون من مقدمة الحرام، ثم الضمان قد يكون بالمال، وقد يكون باستحقاق القصاص، كل حسب موازينه المذكورة في الفقه.
-------------------------
[2]: ملاك الحرمة السابق موجود فيه أيضاً.
[3]: راجع بحث إيذاء الحيوان في (المحرمات)(1).
[4]: إلاّ المقدار المتعارف - بالسيرة المتصلة- كقطع جناح الحيوان لئلا يهرب، أو وضع الدبوس في جناحه، فتأمل؛ إذ قد يشكك في كونها سيرة متصلة.
[5]: نفس الملاحظة السابقة.
المسألة 294:
[1]: عقلاً، ومقدمة الحرام حرام عقلاً.
[2]: أو السرقة مثلاً.
ص: 309
المسألة 295: لا يجوز[1] تعليم الإجرام للأطفال والمجانين، وإذا أجرموا كان المعلم ضامناً إذا كان الفعل مسنداً[2] إليه.
* الدليل في المقام هو الدليل في المسألة السابقة.
المسألة 296: إذا أمكن دفع المنكر[1] بسبب الحيوان، كإرسال الكلب المعلم بواسطة صفارات لا تحس بالأذن أو غيرها لاتباع السرقة والقتلة ومنعهم من الإجرام وجب.
-------------------------
المسألة 295:
[1]: عقلاً كالسابق(1).
[2]: وقد لا يسند، كما لو كان الطفل عاقلاً مميزاً فاهماً، فتأمل. نعم، قد يستحق التعزير على ذلك، فتأمل.
المسألة 296:
[1]: وفي وجوب الدفع بحث، (راجعه في بحث الإعانة على الإثم)(2).
وقد يُقال: إنّ دفع المنكر من مصاديق {أَقيمُوا الدِّينَ}(3)، وبأنّه لا فرق عرفاً بين الدفع والرفع - بلحاظ المناط - إلى غير ذلك، مثل «قطعه نصفين وألقه في البالوعة»(4)،
ص: 310
* لأنه من مصاديق دفع المنكر، وكذلك في مورد رفعه، وهكذا حال[2] دفع المكروه أو فعل المستحب؛ لوحدة الدليل[3] في المباشرة والتسبيب، وهكذا الحال فيما إذا أمكن النهي بسبب المجنون والطفل أو الإنسان الآلي مثلاً.
المسألة 297: لا بأس بجعل الحيوان وسيلة للمعاملات المراضاتية، كأن يرسل الكلب وفي عنقه الظرف والثمن، ليشتري المتاع، وهذا ليس اشتراء حقيقة[1]، وإنما هو مراضاة والحيوان آلة.
* ومثله الحال بسبب المجنون والطفل، لكن قد ذكرنا في (الفقه)(1) أن معاملة الأطفال مكروهة[2]، ومنه يعلم حكم البيع والشراء بسبب الإنسان الآلي ونحوه.
-------------------------
وراجع بحث: (حسم مادة الفساد في الواجبات) (2)، وفي (المكاسب المحرمة)(3).
[2]: فيكون مستحباً.
[3]: فإنّه يسند النهي إليه عرفاً.
المسألة 297:
[1]: قد يُقال: إنّه اشتراء حقيقة، منتهى الأمر أنّه معاطاتي، وهو عرفاً كذلك، وسيأتي ذلك في مسألة (298)(4).
[2]: استقلالاً أو حتى آلة، وبأي دليل.
ص: 311
المسألة 298: ما يعتاد في بعض البلاد من إلقاء الثمن في محل خاص فيخرج المتاع المجهز، لا بأس به فإنه من المراضاة.
* بل يمكن[1] أن يقال: إنه بيع معاطاتي، وكذلك في المسألة السابقة، وعليه فيحرم الربا كذلك، أما على الاحتمال السابق فليس بربا، بل برضا، اللّهم إلا أن يقال: إنه من فساد المال المذكور في علة[2] تحريم الربا، فالرضا أيضاً إذا كان بداعٍ ربوي غير مفيد.
-------------------------
المسألة 298:
[1]: بل هو كذلك عرفاً، فتشمله إطلاقات أدلة البيع، كما في المسألة السابقة(1).
[2]: ظاهر أمثال هذه الأدلة أنّها حكم، لا علل يدور مدارها الحكم وجوداً وعدماً، إلاّ أنّ الأصل الأولي هو العلّية، باستثناء ما ثبت خروجه، ويؤيده: ما ورد «فما كان عاقبته عاقبة الخمر فهو خمر»(2)، فالملاك بالعواقب والنتائج.
لكن يرد عليه الحيل الشرعية في باب الربا، التي ورد في بعضها الروايات، إلاّ أن يُقال: إنّه لم يثبت كون عاقبة الحيل عاقبة الربا؛ إذ الربا جريان، والحيل لا تشكل جرياناً، فهو كالحيل القانونية، مثل: رجوع السيارة إلى الخلف، أو تسجيل الدار باسم ما يصطلح عليه ب- «الأجنبي».
وعليه: فتكون علل الربا شاملة للفرض المزبور.
ص: 312
المسألة 299: لا يجوز أخذ المتاع بدون إلقاء الثمن في المسألة السابقة، ولو فعل ذلك كان ضامناً.
* لأنه من التصرف في أموال الغير من دون رضاه فلا يجوز[1]، والضمان لأنّ (على اليد ما أخذت)(1)، وحينئذٍ يكون سرقة إذا اجتمعت فيه شرائطها[2].
المسألة 300: يجوز[1] وزن الإنسان نفسه في مقابل الثمن يلقيه في (الوزّان) والثمن يكون لمالك الوزان.
* ولا فرق في ذلك بين وزن الإنسان نفسه أو متاعه، ولا يجوز سرقة الثمن[2] بإلقاء شيء آخر في الوزان، كما لا يجوز سرقة الماء والكهرباء
-------------------------
المسألة 299:
[1]: لأنّه ظلم ول- «لا يحل مال امرئ...»(2) .
[2]: وقد ذكر المصنف (رحمه اللّه) حوالي أربعين شرطاً أو أكثر لقطع يد السارق(3).
المسألة 300:
[1]: والظاهر انطباق عنوان الإجارة على هذه المعاملة، أي: منفعة مقابل ثمن.
[2]: أي: عدم دفع الثمن، وليست هذه سرقة مصطلحة ظاهراً.
ص: 313
والهاتف وغيرها من محترم المال[3]، وكذا إذا كان غير محترم المال، وكانت السرقة توجب محذوراً آخر، كتشويه سمعة المسلمين مثلاً لم يجز ذلك أيضاً، نعم يجوز ذلك من الكافر المحارب[4] مقابلة بالمثل[5]، قال سبحانه: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}(1).
المسألة 301: لا يجوز[1] وزن النفس(2) بالاحتيال بعدم إلقاء الثمن، بل إلقاء شيء آخر أو ما أشبه ذلك، فإذا فعل ذلك كان ضامناً لصاحب (الوزان).
* وإذا فعل ذلك فاللازم إعطاء صاحب الوزان الثمن، ولو بإلقائه في الوزان بدون توزين؛ لأنه يعد عرفاً من إيصال[2] المال إلى صاحبه، وإذا لم يعرفه كان مجهول المالك فيرجع إلى الحاكم الشرعي.
-------------------------
[3]: سواء كان فرداً أم هيئة لها شخصية حقوقية.
[4]: وفي تحديد موضوعه بحث يراجع فيه كتاب الجهاد(3).
[5]: بل لأنّه ليس محترم المال.
المسألة 301:
[1]: فإنّه ظلم ولأنّه «لا يحل مال امرئ...» (4).
[2]: وهو نوع أداء.
ص: 314
نعم لو انعكس الأمر بأن ألقى الثمن ولم يظهر الوزن للاختلال في الوزان حقّ له الوزن بعد ذلك بذلك الثمن[3]، والظاهر[4] لزوم التصالح بينهما إذا زاد الثمن أو نقص وقت الإعطاء عن وقت السرقة.
المسألة 302: يجوز أخذ الأجرة لمن حضر المحل الخاص لمشاهدة المصارعة، فإذا دخل المتفرّج بدون إعطاء الأجرة كان ضامناً للأجرة، لكن أنما يجوز أخذ الأجرة إذا كانت المصارعة جائزة[1]، فإذا لم تكن جائزة كان لصاحب المحل أجرة مثل حضور محله.
* فإنه إذا بطل[2]
-------------------------
[3]: لأنّه يطلبه هذا المال، ولا فرق بين إعطائه أو حساب ما عليه في مثل الفرض عرفاً.
[4]: هذا يرتبط ببحث حجم النقد أو القدرة الشرائية، ورأي المصنف (رحمه اللّه) العلمي: الثاني، إلاّ أنّه مراعاة للمشهور ذهب إلى التصالح.
المسألة 302:
[1]: لأنّها توجب الضرر الكثير مثلاً، أو لأنّها مصارعة بين الرجل والمرأة مما يوجب الإثارة.
[2]: هذا إذا فرضنا أنّ مشاهدة المحرّم محرم - (راجع الواجبات والمحرمات)(1) أو أن حضور مجلس يعصى اللّه تعالى فيه حرام .. أو قلنا: إنَّ الحضور في مثل ذلك خلاف ارتكاز المتشرعة، أو انطبق عليه عنوان التشجيع على الحرام وتأييد المنكر.
ص: 316
ثمن المسمى[3] رجع إلى ثمن المثل، لكن الكلام في أنه إذا كان يعرض المحرمات، فهل لمحله أجرة، حيث يحتمل أن يشمله ولو بالملاك[4] قوله (عليه السلام) : «إذا حرم اللّه شيئاً حرّم ثمنه[5]، [6]»(1)،
-------------------------
[3]: لعل المراد أنّه إذا بطل ثمن المسمى رجع إلى ثمن مثل حضور نفس المحل، أي: اشغال هذا الحيز لمدة ساعة مثلاً، بلا لحاظ مسألة المشاهدة.
[4]: أي: إنّه أخذ أجرة لقاء عمل محرم، سواء كان ذلك لقاء نفس العمل المحرّم أم لقاء مشاهدة العمل المحرّم.
وفيه نظر، إلاّ أن نقول: إنّ نفس المشاهدة محرمّة، فيكون مشمولاً لإطلاق «حرّم ثمنه».
[5]: وضعاً أو تكليفاً أو كليهما، وفي كليهما إمّا عرضاً أو طولاً؟ (راجع المكاسب)(2).
[6]: قد يُقال: إنّ هنالك أمرين:
1- بعض الثمن في قبال المشاهدة، وهذا مشمول ل- «حرّم ثمنه».
2- وبعض الثمن في قبال نفس الحضور وإشغال الحيز واستهلاك المحل، وهذا غير مشمول له. إلاّ أن يُقال: الواقع أنّ الأجرة في قبال الأوّل فقط.
وفيه: إنه قد يختلف الثمن باعتبار المحل، فإذا كان في الصحراء أخذ ثمناً أقل، وإذا كان في محل مملوك أو مستأجر أخذ ثمناً أكثر، إلاّ أن يُقال: إنّ ذلك
ص: 317
أو يشملهم قولهم[7](1): بأن كاسر البربط والقمار والصليب ليس عليه ضمان، مع أنه يجب التلف بالنسبة إلى المادة التي هي محللة، إذ الفرض حرمة الصورة فقط؟
المسألة 303: يجوز أخذ الأجرة لصاحب المحل ممن يريد حضور احتفال أو تمثيلية جائزين، أو ما أشبههما، فإذا حضر إنسان ولم يدفع الأجرة كان ضامناً للأجرة.
* لإطلاق أدلة الضمان ودليل السلطنة[1]، [2].
المسألة 304: يجوز مشاهدة الإنسان المصارعة أو الاحتفال أو التمثيلية،
-------------------------
ليس دخيلاً في نفس الاتفاق، فإنّ الاتفاق هو على الثمن قبال المشاهدة، فيكون كلّ الثمن محرّماً، فتأمل.
[7]: لا ربط له بالحكم؛ إذ ذلك من باب الردع أو النهي عن المنكر، أو حسم مادة الفساد، وهنا ليس الأمر كذلك، بل لعله تشويق للفساد.
المسألة 303:
[1]: يفيد الحرمة التكليفية وأدلة الضمان تفيد الضمان الوضعي.
[2]: بناءً على أنّ لها عقداً سلبياً، أي: لا حقّ للآخرين في التصرّف إلاّ برضاه.
المسألة 304:
ص: 318
أو ما أشبهها من مكان مرتفع يتعلّق بنفسه أو يتعلق بإنسان يبيح له حضوره أو محل مباح، وليس لصاحب المصارعة أو ما أشبه أن يمنعه عن ذلك، وإذا نظر بدون رضاه أو مع نهيه لم يكن آثماً ولا ضامناً.
* وذلك لأنّ مثل النظر أو الاستماع إلى الأصوات كشم الرائحة - إذا فرض له رائحة طيبة - ليس مطلقاً من التصرف[1]، ولا من الحق عرفاً حتى يشمله: (من أتلف)، أو (لا يتوى حق امرئ مسلم)(1).
المسألة 305: لو أمكن تنمية الإنسان بواسطة الأدوية الموجبة لإفراز الغدد المنمية، حتى أمكن إيصال طفل ذي خمس سنوات، إلى شاب عمره خمس عشرة سنة مثلاً، فهل يكون بالغاً بلوغاً شرعياً، أم لا؟
-------------------------
[1]: والخلاصة: إن الإنسان له حقّ أن ينظر إلى أي مكان أراد، ولا حقّ للآخرين في منعه عن ذلك، إلاّ إذا عدّ تصرفاً في حقه، ولو فرض أنّه عُدّ تصرفاً فربما يُقال: إنّه يتعارض الحقان ولا ترجيح لأحدهما على الآخر، لكنه منظور فيه؛ لأنّ المرجح «لئلا يتوى» ولا حقّ للإنسان في توي حقّ الآخرين، إلاّ أن يُقال: «النظر حق أيضاً» ولاحق لصاحب التمثيلية في منعه عن ممارسة حقه هذا، فتأمل.
وهل يُقال بمثل ذلك في مطالعة رسالة شخص لا يرضى بذلك إذا كان في محل عام؟ الملاك جارٍ فيه أيضاً، إلاّ أن يُقال: إنّه تجسس عرفاً، فتأمل.
المسألة 305:
ص: 319
احتمالان[1]، من أنه والبالغ هذا العمر سواء في الجسم والإدراك والنمو، ومن أنه لم يبلغ السن الشرعي.
* لكن حسب الصناعة إذا تحقق الموضوع[2] تحقق الحكم، اللّهم إلا أن يقال بالانصراف.
-------------------------
[1]: هل السن الشرعية لها موضوعية، أو أنّها طريق إلى الإدراك والنمو؟ ظاهر الأدلة هي الموضوعية، والطريقية خلاف الأصل، ومثله ما قيل في التغير التقديري في كتاب الطهارة(1) فلاحظ.
ونظير ذلك ما لو أصبح ذو الأربعين في وضعِ مَنْ عُمُرُهُ عشرُ سنوات بلحاظ الجسم والإدراك، فهل يُقال: إنّه لا تجب عليه العبادات؟
وكذا في النوابغ الذين لهم نضج مبكر، فهل يُقال: إنّ بلوغهم يختلف عن الآخرين؟
[2]: بناءً على الموضوعية فالموضوع لم يتحقّق فلا وجه للإلحاق.
نعم، هنا بحث وهو أنّه لو سببت إنباته أو إمناءه فقد تحقق الموضوع بنفسه، إلاّ أنّ الظاهر انصراف الأدلة عنه، فهل إذا سببت الأدوية إمناء طفل عمره ثلاث سنوات أصبح بالغاً؟ لكن هذا هو بحث المسألة القادمة(2) لا هذه المسألة .
ص: 320
المسألة 306: لو سببت[1] الأدوية الإمناء أو نبات العانة، فإن كان المستعمل للدواء مدركاً لوقت نباتها أو لوقت الإمناء لم يستبعد حصول البلوغ الشرعي لوجود المناط.
* وذلك لتحقق الموضوع، وكذا لو سبب ذلك الحمل[2] والحيض[3] في الفتاة دون العاشرة[4]، فإنه بتحقق الموضوع يتحقق الحكم.
المسألة 307: في المسألة السابقة إذا لم يدرك مستعمل الدواء لوقت نباتها أو لوقت الإمناء، ففي البلوغ الشرعي وعدمه احتمالان[1]، ومع الشك في البلوغ يستصحب عدم البلوغ[2].
-------------------------
المسألة 306:
[1]: مضى البحث في المسألة السابقة(1).
[2]: هل هو علامة؟
[3]: كأنه قيل: إنّه علامة سبق البلوغ.
[4]: مع فرض كون المستعمل مدركاً لوقت ذلك - كما سبق في صدر المسألة - وإلاّ فلو حاضت ذات الثلاثة أعوام لم يحكم ببلوغها أو تقدم بلوغها.
المسألة 307:
[1]: مضى ترجيح احتمال عدم البلوغ. ويحتمل التفصيل بين قرب الإدراك وعدمه، أي: إدراك الوقت الطبيعي للإمناء مثلاً.
[2]: استصحاباً موضوعياً.
ص: 322
* لما تقدم في المسألتين السابقتين.
المسألة 308: لو فرض أنه أمكن إرجاع الإنسان البالغ إلى حالة الطفولة بأن صار طفلاً حقيقة[1]، [2]، رفع عنه التكليف؛ لأنّ الحكم تابع للموضوع، وقد فرض تحقق الموضوع.
* لكنه فرض مستبعد جداً، إلا عن[3] قدرة اللّه تعالى، القادر على كل شيء.
-------------------------
وفيه: إنّه استصحاب في الشبهة المفهومية.
إلاّ أن يُقال: إنّه لا مانع منه فيها، فتأمل.
ويمكن الاستصحاب الحكمي إذا فرض عدم الموضوعي، أو قلنا: إنّه لا مانع من جريان الاستصحابين المتوافقين، ولو كان بينهما سببية ومسببية.
المسألة 308:
[1]: لا بمجرد تصغير بدنه والتلاعب بجيناته.
[2]: وهل الملاك في ذلك إدراكاته ومشاعره، أو جسمه الظاهري؟ الأولى إيكال الموضوع إلى العرف. لاحظ ما ذكر في ذيل مسألة (305)(1).
[3]: كما في قضية تحويل الرجل امرأة بإعجاز الإمام الحسن (عليه السلام) (2).
ص: 323
المسألة 309: يجوز تعريض الحيوان، لأجل الاستفادة العلمية أو الاستفادة العملية، كما يعتاد تزريق الخيل بالسم، لأجل أخذ المادة المقاومة للسم من جسمه.
* لكن من اللازم التخفيف[1] الممكن عن ألم الحيوان؛ لوجوب حقوق الحيوان، كما ذكرناه في كتاب النفقات من (الفقه)(1).
المسألة 310: لو أمكن تغيير الغلات الأربع إلى أكبر أو أصغر، لكن كان الاسم موجوداً، كما لو أمكن تكبير الحنطة إلى حدّ البيضة، أو تصغير التمرة إلى حد الحنطة، كان فيه الزكاة، لبقاء الموضوع التابع له الحكم.
* نعم إذا سقط عن الصدق لم يكن فيه زكاة؛ لأنّ الحكم دائر مدار الموضوع المفروض فقده في المقام، ومنه يعلم حال ما إذا غُيّر الزكوي[1] بواسطة الدواء إلى ما لم يصدق عليه الزكوي فلم يُسمَّ حنطة أو تمراً.
-------------------------
المسألة 309:
[1]: اللازم أن يُقال: إنّ إيذاء الحيوان محرم مطلقاً، كما ذكر في بحث (الواجبات والمحرمات)(2)، إلاّ للأهم، كألمه لنجاة الملايين من البشر، مثلاً.
المسألة 310:
[1]: لكن إذا تعلق به الوجوب لم ينفع التغيير، فهو كالإتلاف الذي لا يسقط
ص: 324
المسألة 311: لا فرق في المعدن الواجب فيه الخمس بين المعادن تحت الأرض، أو تحت البحار.
* لإطلاق[1] الدليل، والظاهر أنّ الملح المأخوذ من البحر حاله حال سائر المعادن، وكذا سائر المعادن المأخوذة من البحار.
المسألة 312: المعادن الموجودة في القمر وسائر الكواكب، الظاهر أن فيها الخمس؛ لصدق[1] المعدن فيتبعه الحكم.
* لما ذكر في المسألة السابقة.
المسألة 313: المعدن الاصطناعي لا خمس فيه[1]،
-------------------------
الحكم، ومنه يعلم الكلام في قوله (رحمه اللّه) «نعم إذا سقط».
المسألة 311:
[1]: وندرة استخراج المعدن من البحر لا يقدح بإطلاق المطلق، كما قرر في محله.
المسألة 312:
[1]: وقد ذكرنا أنّ الندرة لا تقدح.
المسألة 313:
[1]: فيه نظر لو صدق المعدن حقيقة، كما لو خلق وليّ من الأولياء الذهب بإرادته، إلاّ أن يُقال بانصراف أدلة المعدن عنه، فتأمل، وراجع كتاب الخمس(1)
ص: 326
[2]، فلو فرضنا أنه تمكنا من صنع الذهب أو الفضة لم يكن فيه الخمس؛ لأن الظاهر اعتبار الاستخراج، فالمصطنع ليس بمنزلة ذلك.
* لعدم صدق المعدن عليه، وكذلك الحال في الغلات[3] الاصطناعية وسائر ما فيه الزكاة للانصراف.
المسألة 314: لو فرض إمكان تنمية الأنعام التي فيها الزكاة، كما لو أنميت الشاة إلى أن صارت بحجم الإبل، أو تصغيرها كما لو صغرت البقرة حتى صارت بحجم السخلة، كان فيها الزكاة؛ لصدق الاسم الذي هو موضوع الحكم.
* نعم إذا خرجت[1] عن الاسم لم تكن فيها الزكاة.
المسألة 315:
-------------------------
في اعتبار الاستخراج.
[2]: أي: لا خمس فوري فيه، وإلا فلو زاد عن المؤونة وجب فيه الخمس ككل فائدة.
[3]: إذا قال الدليل: (الحنطة فيها زكاة) فهذه حنطة ففيها زكاة فتأمل وراجع. والانصراف المذكور بدوي، فتأمل.
المسألة 314:
[1]: لاحظ حاشية مسألة (310)(1).
المسألة 315:
ص: 327
لو أمكن[1] قبض روح الإنسان بالوسائل النفسية - كما يظهر من بعض الأحاديث أنه كان في الزمن السابق في البلاد الهندية - فقبض إنسان روح إنسان ظلماً، فالظاهر وجوب إرجاعه.
* ولو لم يرجع كان قاتلاً[2]، وإنما يجب الإرجاع؛ لحرمة القتل ولأنه أولى[3] من إرجاع المال المسروق ونحوه.
المسألة 316: يجوز قتل الحيوانات المؤذية بالمواد السامة كالفئران والذباب والبعوض وغيرها.
-------------------------
[1]: مضى نظير هذه المسألة (1)- ظاهراً- .
[2]: بل ربما يُقال: إنّه لو أرجعه كان قاتلاً أيضاً؛ لصدق أنّه قتله، فهو كما لو قتل إنساناً ثم أحياه ولي من الأولياء، كما في قضية سورة البقرة(2)، إلاّ أن يُقال: إنّه مع إرجاع الروح بنفسه لا يطلق عليه القاتل عرفاً، بخلاف مسألة دعاء الولي، فتأمل.
[3]: فإنّ النفوس أهم من الأموال، ولأنّه ظلم.
المسألة 316:
ص: 328
* لإطلاق[1] جواز قتل المؤذي(1)، وقد يجب إذا كان فيه جهة وجوب.
المسألة 317: يجوز إطعام اللحوم المحرمة كالقردة ونحوها للحيوانات الطاهرة، كما يجوز جعلها سماداً، ويجوز الاستفادة منها للدواء الضروري، وكفى بمثل ذلك فائدة لهذه الحيوانات، فلا يقال: إذا لم يجز أكلها فما فائدتها التي خلقت من أجلها؟
* بالإضافة إلى أنه نوع من جمال الكون وعبرة[1]،
-------------------------
[1]: لكن يجب الاقتصار على أقل المؤذي أو ما يتعارف، أمّا لو كان شيء فيه أذية متزايدة فيحتمل أن يُقال بالحرمة؛ لما ذكر في (المحرمات)(2) من حرمة إيذاء الحيوان، والقدر الزائد ليس مضطراً إليه، ولا يشمله الإطلاق، فهو كالتمثيل بالحيوان وتقطيعه قطعة قطعة حتى يموت.
مثاله: ما يصنع للفئران فتلصق به وتبقى جائعة عطشى حتى تموت جوعاً وعطشاً، فإنّ في جوازه تأملاً.
المسألة 317:
[1]: وإفاضة للوجود على كلّ قابل، وقد ثبت في الحكمة أنّ الوجود لا يكون شراً، لأنّه إمّا شر لنفسه أو لغيره - على التفصيل الذي ذكر في شرح التجريد(3)- فتأمل.
ص: 329
[2]، ولا يلزم أن يكون كلّ شيء للأكل ونحوه، هذا بالإضافة إلى فوائد أخرى، كصنع الألبسة والركوب والتجسس كما في الدلفين وغيرها[3]، [4].
المسألة 318: يجوز استخدام الحيوان محللاً كان أم محرماً، طاهراً أم نجساً، في مختلف الأغراض والوسائل المباحة[1].
* لإطلاق أدلة الحل[2]، والمراد بالمباحة في قبال المحرمة، وإلا فقد يجب لاستعمال.
-------------------------
[2] مثل الاعتبار بصمود النمل وتخطيطه البعيد المدى، وحذر الغراب وغيرة الديك.
[3]: كاستخراج السموم من الثعابين، وكمعرفة عظمة الخالق.
[4]: كمعرفة الإنسان بضعفه وعجزه أمام الذباب والثعابين والحيوانات المفترسة، فقد ورد: «تؤلمه البقة»(1)، «ليذل به الجبارين»(2).
المسألة 318:
[1]: وقد سبق الإشارة لبعضها في المسألة السابقة.
[2]: مثل {جَعَلَ لَكُمُ} (3)، و«كلّ شيء لك حلال»(4).
ص: 330
المسألة 319: يجوز رش المواد السامة في المزارع وفي البلاد، لأجل الوقاية والعلاج، والأضرار الناجمة منها على الإنسان قليلة[1] جداً، فلا يشملها دليل (لا ضرر)[2].
* ولو فرض الضرر وكان من الأهم والمهم جاز، ولزم تداركه[3]، [4] من بيت المال أو من الناحية التي سببت الضرر، كأن كانت شركة أو مؤسسة أو شخصاً.
-------------------------
المسألة 319:
[1]: القلة ليست ملاكاً، فإنّ إضرار الآخرين محرم مطلقاً، ولو كان قليلاً. نعم، قد يكون المراد أنّ القلة سبب أن لا يُقال له ضرر، أو انصراف «لا ضرر» عنه.
[2]: هنالك بحث أنّ (لا) نافية أو ناهية، والظاهر أنّه يمكن الاستدلال للمقام بها على كلا التقديرين.
[3]: قد يُقال: إنّ الجواز شرعاً يلازم عدم الضمان، وقد ذكره المصنف (رحمه اللّه) في كتاب (الأمر بالمعروف)(1)، كما لو كسر آنية الخمر، إلاّ أن يُقال: إنّ المشهور لا يقولون بذلك، كما في أكل المخمصة(2) .
[4]: إن كان له تدارك، كضيق النفس الذي تضرر بذلك.
ص: 331
المسألة 320: إذا كان خوف الوباء أو الأمراض الفتاكة، كان للدولة الإسلامية وكذلك الفرد المسلم إجبار الناس على استعمال الوقاية والعلاج، مثلاً: إذا تسمّم الهواء بالوباء[1] أو بالجدري أو بالملاريا، وأراد الطبيب تطعيم الناس فأبى إنسان،كان للطبيب إجباره[2]، فإنّ دليل (لا ضرر) حاكم[3] على دليل تسليط الناس على أنفسهم وأموالهم(1). نعم، إذا كان المرض المحتمل يسيراً[4] يجوز تحمله شرعاً لم يجز إجبار الناس في الوقاية أو العلاج بعد الابتلاء به.
-------------------------
المسألة 320:
[1]: الخطير كما سيصرح به بعد ذلك، وكذا فيما بعد من الأمثلة.
[2]: مع ملاحظة التدرج في الأمر والنهي (راجع كتاب الأمر بالمعروف)(2).
[3]: كما هو حاكم على كلّ الأحكام الأولية.
[4]: نعم، لو كان هذا المرض اليسير سبب لعدوى الآخرين فالظاهر أنّ دليل
ص: 333
* إذ دليل (لا ضرر[5]، [6]) لا يشمل الأضرار اليسيرة، كما ذكرناه في (الفقه) و (الأصول) بالنسبة إلى إضرار الإنسان نفسه أو تحمّله للضرر الذي توجّه إليه.
المسألة 321: البحار طاهرة مطهرة وإن كانت المواد العالقة بالماء كثيرة، اللّهم إذا خرج عن صدق الماء - بإطلاقه - وعلى هذا فالبحر الميت[1] الموجود قرب الأردن طاهر مطهر.
* وكذلك المحيطات؛ وذلك لصدق الماء المطلق عليها، ومن الممكن الصدق في البحار والمحيطات وعدم الصدق[2] في ما إذا خلط الماء المحقون بقدر تلك المواد - بالنسبة - إذ الصدق واللاصدق تابعان للعرف[3]،
-------------------------
(لا ضرر) حاكم. فهو نظير حضور الشخص المبتلى بالأمراض المعدية في الأماكن العامة، وقد تطرق إليه المصنف (رحمه اللّه) في مكان آخر(1).
[5]: سواء أريد به النفي أم النهي على ما سبق.
[6]: وكذا دليل الأهم والمهم، وكذلك الردع عن المنكر.
المسألة 321:
[1]: يحتاج إلى تنقيح الموضوع، وكذا بحيرة الملح قرب قم (درياچه نمك).
[2]: راجع: كتاب الطهارة(2).
[3]: وقد يستشكل في ذلك بأنّه لو جلبنا ماء البحر في إناء ثم صببنا ماءً مطلقاً في إناء آخر، وألقينا فيه الملح فأصبح مالحاً بقدر ذلك الماء، فكيف نقول: الأوّل
ص: 334
هذا بالإضافة إلى إطلاق بعض النصوص في ماء البحر(1).
المسألة 322: لا يجوز إبكاء الغير بدون رضاه، كما لا يجوز إضحاكه بدون رضاه؛ لأنه تصرف فيه، نعم المبكي والمضحك لو كان في كل مكان، وكان الطرف يمكنه التخلص[1]،
-------------------------
مطلق والثاني مضاف، ومقتضى ما ذكره المصنف (رحمه اللّه) : أنّه لو سألنا العرف عن ماء مالح أنّه مطلق أو مضاف يتوقف إلى أن يعرف أنّه من البحر أو لا؟
وعليه فالدليل الأوّل محل نظر، ويبقى إطلاق بعض النصوص في ماء البحر، وقد يشكل فيه بأنّه كان ماء البحر، والآن ليس كذلك.
وفيه: إنّه ماء بحر، كما يُقال: هذا الماء ماء الفرات، أو هذا الماء المعدني ماء دماوند، فتأمل.
ونظير هذا البحث يجري في الماء المخلوط بالطين في الأنهار، وماء مطلق نضع فيه الطين. (راجع كتاب الطهارة، بحث المياه)(2).
المسألة 322:
[1]: قد يُقال: إنّ إمكان التخلص ليس ملاكاً، بل إنّه تصرف فيه، بأن يقلقله مثلاً كان حراماً، أما لو كان يلقي نكتة مثلاً فهو حرّ في ذلك، وإذا أراد الطرف
ص: 335
[2] لم تكن أعمال المبكي والمضحك النفسية محرمة؛ لأن بقاء الطرف في المكان بدون أن يتخلص يجعله مسؤولاً عن نفسه، وليس المسؤول المضحك أو المبكي.
* إذ الإضحاك والإبكاء حين يتمكّن الطرف من التخلّص، ليس تصرفاً عرفاً، ففرق بين أن يضربه وهو يتمكن من التخلص وبين الإضحاك والإبكاء، وهو يتمكن من التخلص، والفارق العرف[3]، وكذلك الحال فيما يطلق الفاعل غازاً حاراً[4] أو بارداً أو مرطباً إلى طرف يتمكن من
-------------------------
فليسدّ أذنه مثلاً، ولو فرض أنّه لم يستطع فهذا لا يحول دون حرية هذا، وقد مضى قريباً نظير ذلك (راجع مسألة 304)(1).
[2]: ظاهر هذه العبارة أنّ المناط إمكان التخلّص، وظاهر الذيل أنّ المناط (علمه بإمكان التخلص) إلاّ أن يُقال: إنّه مع عدم العلم لا إمكان للتخلص؛ لأنّ حركة العضلات تابعة للعلم - راجع مباحث القطع(2) - إلاّ أنّ المراد ظاهراً هو الإمكان مع العلم، لا صرف العلم فقط ولو كان جهلاً مركباً.
وما ذكره (رحمه اللّه) هنا نقيض ما سيأتي في مسألة (323)(3) من حرمة إلقاء المواد المبكية.
[3]: مضى التنظير فيه.
[4]: الظاهر أنّه مثل مدّ يده إليه ليصفعه، فإنّه يتمكن من التخلص، ومع ذلك هو محرّم، ثم إنّه نوع إيذاء وهو محرّم، فتأمل.
والخلاصة: إنّه فرق بين أن يقوم بعمل مباح، كإلقاء نكتة، وبين مثل: القلقلة
ص: 336
التخلص، فإنه مع علم المتصرف فيه بإمكان التخلص ولم يتخلص يكون هو المسؤول في المكان المباح - بدون حق السبق ونحوه - بخلاف ما إذا جهل، فإنه يعد تصرفاً في الغير.
المسألة 323: إذا خرجت مظاهرة وكان المتظاهرون بحق في مطالبهم، لم يجز للسلطة إرهابهم وتفريقهم وإلقاء المواد المبكية أو تسليط خراطيم الماء عليهم.
* وذلك[1] لأنّ المظاهرة من حقهم، للحرية الممنوحة للإنسان الشاملة للمظاهرة والاعتصاب. نعم، لا تجوزان لطلب الباطل؛ لأنهما حينئذٍ من مقدمة الحرام[2].
المسألة 324: إذا كان المتظاهرون على الباطل، جاز للدولة الإسلامية ردعهم بما هو الميزان[1] في باب ردع المنكر[2].
-------------------------
أو إطلاق الغاز.
المسألة 323:
[1]: بل لأنّه لا وجه للتصرف فيهم وإيذائهم؛ إذ لا ينطبق عنوان النهي عن المنكر أو شبهه.
[2]: المحرم عقلاً، وقد تكون نفس المظاهرة محرمة لانطباق عنوان محرّم.
المسألة 324:
[1]: ويراعى في ذلك سمعة الدولة الإسلامية، وسمعة الإسلام وقوانين الأهم
ص: 338
* قال تعالى: { وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}(1)، هذا مع لزوم حفظ حقوق المعارضة[3]، كما يعرف ذلك من سيرة الرسول الأعظم (صلی اللّه عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين (عليه السلام) ، والدولة الإسلامية من باب المثال، وإلا فالردع واجب كفائي على كل متمكن بشرائط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمراد ب- (جاز) في قبال الحرام، وإلا فهو واجب بشروط الأمر والنهي، كما أنه يستحب[4] في ما إذا لم يكن فعلهم حراماً،بل خلاف المستحب أو كان من المكروه.
المسألة 325: الحكومة التي حكمها مشروع أو كانت مالكة[1] لا يجوز
-------------------------
والمهم، ولعله لذا لم يردع الأمير (عليه السلام) مظاهرات صلاة التراويح(2).
[2]: هذا من قبيل النهي عن المنكر - رفعه لا دفعه - وقد ينطبق عليه الثاني؛ إذ لو اشتغلوا بالمنكر كان رفعاً، وإلا كان دفعاً.
[3]: بأن لا يقوم بعمل يعتبر ظلماً، وإلا فالردع لازم.
[4]: وحينئذٍ يجب أن لا يصدر منكر للردع، مثل ضربهم، فإنّ الردع عن المكروه لا يكون بالضرب ونحوه.
المسألة 325:
[1]: كما لو أحيت أرضاً للسكنى فيها، أي: أحيا شخص أرضاً لذلك.
ص: 339
سرقة[2] الماء والكهرباء وما أشبه منها، أما إذا لم يكن حكمها مشروعاً، فالأولى اجتناب مثل هذه الأمور، إلا إذا أخذ الآخذ من باب التقاص أو لوجه محلّل آخر.
* إنمّا كان الأولى الاجتناب؛ لأنّه نوع من الدناءة[3] عرفاً، وهي تنافي مكارم الأخلاق، والوجه المحلل الآخر: الاضطرار ونحوه[4].
-------------------------
[2]: هذه ليست سرقة مصطلحة ظاهراً، بل عدم دفع للأجرة، فتأمل.
فهو نظير أن يذهب شخص للفندق ولا يدفع الأجرة.
[3]: فيه نظر، بل هو استنقاذ للمال، فهو كلص في جبل لسلب المارة، فلو احتال عليه شخص ولم يدفع إليه المال فهل هو دناءة؟ ويدل عليه ما ورد في روايات «التهرب من العشار»(1)، والحلف على ذلك ظاهراً.
إلاّ أن يُقال: إنّ العمل في نفسه دناءة عرفاً، والآداب العرفيّة يطلب مراعاتها شرعاً، كما ورد «فعاشر بآداب أربابها»(2)، (وراجع بحث لباس الشهرة في المحرمات(3) ، ولباس المصلي)(4).
ص: 340
المسألة 326: تجارب الأسلحة والرؤوس النووية والهيدروجينية وسائر الوسائل الحربية جائزة، بشرط أن لا توجب ضرر إنسان محترم أو حيوان محترم[1]، ولم يكن هناك وجه آخر للتحريم، وقد يجوز مع فقد الشرط فيما إذا دار الأمر بين الأهم والمهم.
* أما الوجه الآخر للتحريم، فهو مثل أن يكون ذلك خلاف نزاهة[2] سمعة الدولة الإسلامية، حيث اللازم الإبقاء[3]،
-------------------------
إلاّ أن يزاحم بعنوان أهم أو مساوٍ، فتأمل.
ونظير الدناءة التي ذكرها في المتن، شراء الأشراف الأُمور اليسيرة بأنفسهم.
[4]: كإسقاط الدولة وتضعيفها، فإنّ الدولة تتقوى بهذه القطرات، وتضعف بها، كما ورد: «لولا أن بني أمية وجدوا من يجبي لهم الفيء...»(1).
المسألة 326:
[1]: أو نبات محترم أو جماد محترم، كإتلاف الأبنية مثلاً.
[2]: قد يُقال: إنَّ ذلك من مقدمات الجهاد، وقد قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}(2) فهو كما لو سببت الصلاة نفرة البعض، فإنّها لا تترك لذلك. والظاهر: ابتناء المسألة على قاعدة الأهم والمهم كلاً.
[3]: وفي الحديث «لولا أن يُقال: إنّ محمداً (صلی اللّه عليه وآله وسلم) استعان..»(3)، و«ولولا قومك
ص: 341
[4] على سمعة الإسلام ونزاهة الدولة الإسلامية حتى لا ينفر الناس منهما، وأما الأهم والمهم فهو مثل ما إذا تعارض بين النزاهة وبين القضاء على بيضة الإسلام، حيث إنّ الإبقاء على الإسلام أهم، والأحكام المذكورة في المسألة حسب القواعد والأدلة العامة.
المسألة 327: الظاهر جواز استعمال دواء يوجب تسريع العمر، حتى إن الولد الذي له عمر خمس سنوات، يكون كالولد الذي له عمر عشر سنوات، وبالعكس بأن يستعمل دواءً، يوجب إبطاء العمر، حتى إنّ الولد الذي عمره عشر سنوات، يكون كالذي له عمر خمس سنوات.
* وذلك لإطلاق أدلة الحل[1]،
-------------------------
حديثو عهد بالإسلام»(1)، وفي الكريمة {وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ}(2).
ثم إنّ من أهداف الأنبياء (عليهم السلام) إتمام الحجة، وهذا خلاف إتمام الحجة {حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}(3) {فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ}(4).
[4]: وهذا أيضاً مقدمة وجودية للواجب المطلق وهو التبليغ.
المسألة 327:
[1]: والسلطنة.
ص: 343
[2]، إلا في صورة يعد ضرراً بالغاً عرفاً فلا يجوز، نعم في المرأة المزوجة لا يجوز ما ينافي جمالها مما يعد حقاً عرفاً[3] للزوج، سواءً كان إبطاءً أم إسراعاً.
المسألة 328: ما ذكر في المسألة السابقة أنما هو بالنسبة إلى الإنسان نفسه أو استعماله بالنسبة إلى إنسان آخر عاقل بالغ يأذن في ذلك ولم يكن هناك محذور آخر، أما بالنسبة إلى الصبي غير البالغ فلا يجوز إلاّ إذا كانت مصلحة[1] من غير مفسدة، وكان الفاعل لذلك هو الوليّ الشرعي.
* أو مأذوناً من قبله، والمسألة مبتنية على الخلاف بين الفقهاء في أنه هل يلزم المصلحة، أو عدم المفسدة(1).
-------------------------
[2]: لكن استشكل المصنف (رحمه اللّه) سابقاً في تغيير خلق اللّه، إلاّ لو كان حسناً، وقد تكون بعض مصاديق ما ذكر من غير الحسن، فتأمل.
[3]: راجع بحث المنفرات في كتاب النكاح(2). وهل ما ذكر منفر على إطلاقه؟ والشارع حدد الحقوق، فهل هذا منها؟ وهل هو خلاف الشرط الضمني ولو في الجملة؟ وهل يجري الأمر في جانب الرجل أيضاً {لَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ}(3)؟
المسألة 328:
[1]: كأن لا يؤخذ للجندية على أثر صغر عمره الظاهري، أو للسجن في عهد الظالم.
ص: 344
المسألة 329: إذا اضطر[1]، [2]، الجندي أو الموظف إلى حلق
-------------------------
المسألة 329:
[1]: ولو أمكن التخلص عن الاضطرار بحلق بعض اللحية - كما يفعل المتجددون - كان متعيناً؛ لأنّ «الضرورات تقدر بقدرها»(1)، فتأمل. ولأن حلق الكل خلاف الفتوى، أمّا حلق البعض فربما يكون خلاف الاحتياط.
[2]: ولو كان حرجاً عليه فهو مبني على أنّ الحرج يرفع حرمة المحرمات أو لا؟ ولو أورث الضرر؟ فالظاهر رفع أدلة «لا ضرر» للحرمة، ولو أورث هتك حرمة المؤمن فالحرام قد ارتكبه الغير، فلا يفعل هو حراماً؛ لئلا يقع الغير في الحرام، إلاّ أن يُقال: إنّه أذل نفسه بنفسه، فتأمل.
ولو أورث السخرية لم يجز الحلق - كما في الرسائل(2) - إلاّ أن يكون حرجاً عليه، فيرجع لمسألة الحرج.
ولو استطاع تغيير العمل وجب؛ لأنّه مقدمة وجودية، والاضطرار بالاختيار لا ينافيه، إلاّ أن يكون في بقائه جهة أهم.
والخلاصة أنّ العناوين الحاكمة في المقام هي:
1- الاضطرار.
2- الضرر.
3- الحرج.
4- العسر.
5- السخرية والإهانة والإيذاء والهتك.
ص: 345
لحيته[3] اضطراراً شرعياً[4]، جاز.
-------------------------
[3]: ولو أمكن التخفيف - بما يصدق عليه اللحية - وجب؛ لأنّه لا موضوع للاضطرار حينئذٍ.
[4]: ومنه: ما إذا كان بقاؤه في الجندية أهمّ؛ لأنه يخدم الإسلام بذلك، لاحظ مسألة وضوء علي بن يقطين(1)، وكلي بحث الولاية من قبل الجائر(2)، وكون عبد اللّه بن سنان وزيراً للعباسيين(3)، و{اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ}(4).
ص: 346
* وذلك لقوله (عليه السلام) [5]: «ليس شيء مما حرم اللّه إلا وقد أحله لمن اضطر إليه»(1)، وأدلة الاضطرار حاكمة على الأدلة الأولية بالأدلة الأربعة، وإنما قلنا اضطراراً شرعياً لإخراج ما إذا كان اضطراراً تسامحياً الذي هو في الحقيقة ليس باضطرار.
المسألة 330: هل يجوز[1] التزيّي بزي[2] غير جائز شرعاً، لأجل كشف أسرار الفئات الباطلة، لإنقاذ الناس عن التردي في مزالقهم، كما ينقل عن أحد المراجع أنه أجاز لأحد ثقاته حلق اللحية والتشبه بفئة ضالة، لأجل الدخول في جماعتهم وكشف أسرارهم، حتى ينقذ المغررين والجاهلين، أم لا يجوز ذلك؟ احتمالان[3]، والظاهر أنّ المسألة من دوران الأمر بين الأهم
-------------------------
[5]: ولقوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ}(2) بضميمة الأولوية.
المسألة 330:
[1]: لكن اللازم انتخاب فرد لا يُخشى عليه من الانزلاق، وأن لا يكون الحرام المرتكب أهم.
[2]: كحلق اللحية ووضع الرباط - بناءً على حرمته - وكذا ما يفعله الجواسيس في الوقت الراهن.
[3]: ووجه الاحتمال الآخر أنّه لا يطاع تعالى من حيث يعصى، وأنّ الغاية لا تبرر الوسيلة.
ص: 347
والمهم[4]، فكلما تحققت الأهمية جاز، وكلما لم تعلم[5] الأهمية لم يجز.
* وتشخيص موضوع الأهم والمهم بيد الإنسان نفسه إذا كان خبيراً[6]، [7]، [8]، وبيد أهل الخبرة العدول إذا لم يكن بنفسه خبيراً، والاحتياج إلى اثنين أو كفاية الواحد مربوط بالاختلاف في كلّي المسألة، كما أن كفاية كونه ثقة[9] بدون اشتراط العدالة أيضاً منوط بالاختلاف في كلي المسألة.
-------------------------
[4]: وهي قاعدة عقلية، مضافاً إلى أدلة التترس، و«باهتوهم»(1).
[5]: لكن يأتي هنا بحث احتمال الأهمية؛ فإنّ المحتمل إذا كان خطيراً جاز، وإن استلزم ارتكاب حرام أقل أهمية، كما أجاز الوالد (رحمه اللّه) أكل السرطان للمبتلى بالسرطان إذا احتمل فيه العلاج(2)، فتأمل.
[6]: الظاهر كفاية القطع، ولعل اشتراط الخبروية لأنّه لا يحصل عادة القطع إلا بها.
[7]: سيأتي اشتراط التدين والحزم منه (رحمه اللّه) في المسألة القادمة(3).
[8]: بأن يكون عارفاً بزمانه أولاً، وبالأحكام الشرعية والدين ثانياً، وإلا فلو اختل أحدهما لم يحصل القطع عادة بالأهمية.
[9]: الظاهر أنّ بين الثقة والعادل عموماً من وجه. (راجع كتاب الاجتهاد والتقليد) (4).
ص: 349
المسألة 331: انكشاف الأهمية في المسألة السابقة من الموضوعات [2]، فالمتديّن الحازم[3] إذا عرف الأهمية جاز له، ولا يحتاج بعد ذلك إلى فتوى الفقيه، نعم إذا منع[4] المرجع للمسلمين عن ذلك، لم يجز لوجوب اتباع أوامره ونواهيه.
* المراد بالمرجع: مقلد[5] - بالفتح - هذا الشخص، وإنما لا يحتاج
-------------------------
المسألة 331:
[1]: العنوان الظاهر أنّه «مِن ».
[2]: راجع بحث (الموضوعات الصرفة في الاجتهاد والتقليد)(1)، وهل هذا موضوع صرف، أم أنّه يحتاج إلى ملاحظة لسان الأدلة؟ راجع المسألة السابقة(2).
[3]: سبق كفاية القطع هنا، واشتراط الخبروية منه (رحمه اللّه) ، والظاهر كفاية القطع، لما ذكر في مباحث القطع.
ولعل اشتراط التدين لكي يكون تشخيصه شرعياً لا نابعاً من الهوى والشهوات، وكذا اشتراط الحزم، أي: الحازم في تدينه لا الهرهري(3).
[4]: فيه: إنّه لو قطع بأهميته فالقطع حجة مطلقاً، وكذا فيما لو أفتى بحكم كلّي نقطع بخلافه، ولذا قالوا: «لا حاجة في التعيينيات إلى التقليد»(4).
[5]: أو شورى الفقهاء في الأُمور العامة.
ص: 350
بعد ذلك إلى الفتوى؛ لأنه إذا ثبت الموضوع ترتب عليه الحكم، فإذا ثبت لديه أنّ هذا السائل - مثلاً - ماء جاز له شربه، هذا فيما إذا لم تكن الأهمية[6] في الموضوعات العامة[7] أو الموضوعات المستنبطة[8]، وإلا احتاج إلى فتوى الفقيه.
المسألة 332: لا يجوز إعطاء صور النساء إلى الدفاتر والأوراق التي هي
-------------------------
[6]: مع القطع لا فرق، إلاّ أن يكون القطع موضوعياً لا طريقياً، فلو قطع بأنّه طريقي فلا حاجة لفتوى الفقيه. نعم، لو أزالت الفتوى قطعه زال المحمول بزوال الموضوع.
[7]: إذ قد يُقال: إنّ الشارع جعلها بيد الفقيه، فلا حقّ لأحدٍ للتدخل فيها «وأمّا الحوادث الواقعة»(1) ، إلاّ أنه يرد عليه:
1- أن ظرف حجية الأمارات الشكّ، ومع القطع ينتفي موضوع الحجية.
2- أنه عليه لا فرق بين المنع وعدمه؛ إذ الشارع أوكله إليه، فاللازم مراجعته مطلقاً.
[8]: إلاّ أن يستنبط هو حكمها، ولا حاجة في المستنبط إلى الاجتهاد، كما في معرفة موضوع الغناء والوطن ونحوهما، (راجع كتاب التقليد) (2).
المسألة 332:
ص: 351
عرضة[1] لنظر الأجنبي، كما يعتاد في (الجوازات) أو ما أشبه في بعض البلاد، إلا إذا اضطر الإنسان إلى ذلك اضطراراً شرعياً[2].
* الحكم على القاعدة في المستثنى والمستثنى منه، والمراد: الصورة[3] المحرمة، لا قرص الوجه فقط، فإنّ كثيراً من الفقهاء، ومنهم الشيخ الأنصاري (قدس سره) لا يوجبون ستره(1)، وقد ذكرنا في (الفقه) أنه بشرط أن لا يكون بتزيين ولا خوف افتتان[4].
المسألة 333: الجندي في الثكنة يتم الصلاة بأحد شرطين: الأول: أن
-------------------------
[1]: لو قطع فهو محرم، أمّا مجرد المعرّضية فهل توجب الحرمة؟
تقتضى أصالة البراءة واستصحاب عدم النظر المحرّم، إلاّ أنّه ذُكر في مباحث التخلي: أنّ المستفاد من الأدلة وجوب التستر حتى عن المحتمل، فراجع(2).
[2]: لو قلنا: إنّ حكم الصورة حكم ذويها، وهنالك احتمال الجواز مطلقاً، واحتمال التفصيل بين المرأة المعروفة والمجهولة؛ وذلك للعلة في الآية الكريمة(3).
ويحتمل التفصيل بين معرضية الإيذاء والعدم لنفس العلة.
[3]: ومنه ما لو اضطر للهجرة إلى الخارج وتوقف على تصوير الأذن ونحوها.
[4]: ولا ناظر ينظر بلذة أو ريبة، (راجع العروة، النكاح، ولباس المصلي)(4).
المسألة 333:
ص: 352
ينوي إقامة عشر أيام أو أكثر، الثاني[1]: أن تصبح الثكنة محلاً له، بأن قرر بقاؤهُ فيها، لثلاث[2] أو أربع سنوات مثلاً مما لا يسمى أنه فيها مسافر.
* فإنّ الجندي لا يختلف عن غيره في حكم المسافر والحاضر بجميع الخصوصيات المذكورة في ذلك الباب.
المسألة 334: الطلاب[1] الذين يذهبون إلى بلاد غير بلادهم لأجل الدراسة، حالهم حال الجندي في المسألة السابقة.
* لإطلاق[2] أدلة القصر والتمام الشامل للجندي والطالب والطيار والملاّح والسائق وغيرهم.
المسألة 335:
-------------------------
[1]: والثالث: أن يصدق عليه عنوان عمله السفر أو في السفر، أو كثير السفر - لو قلنا به - أو ممن بيته معه، أو يكون سفره سفر معصية.
[2]: بل أو لسنتين، بل أو أقل بما لا يسمى مسافراً فيها، وقد ذكر المصنف (رحمه اللّه) الأوّل في بعض استفتاءاته، والثاني مذكور في بعض حواشي العروة(1).
المسألة 334:
[1]: راجع المسألة السابقة(2).
[2]: فدليل (من نوى الإقامة عشراً أتم) يشمل الطالب وغيره.
المسألة 335:
ص: 354
الموظفون[1]
والتجار ومن أشبههم، الذين يذهبون إلى بلاد غير بلادهم، لأجل الوظيفة والتجارة ونحوهما، حالهم حال الجندي في المسألة (333).
* سواء كان تاجر جملة أم تاجر فرد، من أي نوع من التجارة، وكذا في الموظف حسب وظيفته لما عرفت من وحدة الدليل في الجميع.
المسألة 336: الظاهر أنّ الحملدار الذي عمله الذهاب إلى الحج، كل عام شهرين[1]،
-------------------------
[1]: راجع المسألة 333(1).
المسألة 336:
[1]: هل يصدق عليه عنوان: عمله السفر أو في السفر؟ مثلاً: تاجر يتاجر فقط كلّ عام شهراً أو شهرين، هل يقول: إنّ عملي التجارة؟ وكذا خطيب يخطب شهري محرم وصفر فقط، فهل يقول: إنّ عملي الخطابة؟ أو طالب يدرس كلّ عام كذلك؟ وهل يفرق بين أن يعمل أعمالاً أخرى أو لا؟
في مثال الخطيب الظاهر الصدق إذا لم يعمل عملاً آخر ولو في شهر، فتأمل.
وهل يختلف ذلك باختلاف الأعمال، وانتظار أن يعمل معظم السنة أو لا؟
وفي الجملة: إذا لم يعمل عملاً آخر فالظاهر الصدق ولو بشهرٍ إذا تعيّش من ذلك فقط، وفي المسألة غموض واختلاف.
وفي الاستفتاءات(2): شهراً ظاهراً، وفي حاشية العروة: (ثلاثة أشهر ونحوها ظاهراً) فراجع(3).
ص: 355
[2] أو أكثر، يجب عليه إتمام الصلاة في غير السفرة الأولى[3]، على نحو ما ذكروا في كثير السفر[4]، إذ هو مثل[5] أمير البيدر المذكور في الروايات(1)، فإنّ عمل أمير البيدر ليس أزيد من شهرين ونحوه في كل سنة.
* ومن المعلوم أن سفره ليس سفراً واحداً كالحاج[6] نفسه، بل أسفار
-------------------------
[2]: في الفقه(2) ظاهراً: ثلاثة أشهر ونحوها.
[3]: ما ملاك السفرة الأولى؟ مثلاً: لو ذهب من هنا إلى طهران، ثم من طهران إلى مشهد، فهل هي سفرة واحدة أو سفرتان؟ ولو سافر من كربلاء إلى مكة خلال ثلاثين يوماً، ونام ثلاثين ليلة، فهل هي سفرة واحدة أو ثلاثين سفرة؟ وهل كلّ توقف ثم انطلاق يكون ملاكاً للسفر، ولو كان التوقف للطعام مثلاً؟
يرى العرف في مثل سفرة مشهد أنها سفرة واحدة، وفي سفر الحج إلى مكة والمدينة يراها سفرتين، فتأمل!
[4]: ليس عنواناً في الأدلة، بل (عمله السفر وفيه) وقد ذكره المصنف (رحمه اللّه) في الفقه(3)، إلاّ أنّه عدل أخيراً في الاستفتاءات، واعتبره عنواناً برأسه(4).
[5]: ليس المراد القياس، بل إما إلغاء الخصوصية عرفاً، أو أنّ ذلك ذكر مثالاً في الروايات ل- «من عمله السفر» فيستفاد صدق العنوان على مثله.
[6]: مثال للنفي.
ص: 356
متعددة[7]، نعم في هذه الأيام حيث الوسائل السريعة الموجبة لأن لا تطول السفرة أكثر من عشرة أيام[8] وما أشبه، لا يكون الحلمدار من كثير السفر حاله حال أمير البيدر إذا لم يطل رقابته للبيادر إلا عشرة أيام وما أشبه، فليس حينئذٍ داخلاً في عنوان الرواية، ولو شك في مكان كان الاستصحاب[9] محكّماً.
المسألة 337: الظاهر[1] أنّ قرّاء تعزية الإمام الحسين (عليه السلام) ، الذين يذهبون في شهري محرم وصفر وشهر رمضان لأجل القراءة وتكون لهم مجالس في مختلف المناطق التي بينها المسافة أو أقل[2]، حيث يذهبون إلى تلك المجالس في كل يوم، حالهم حال (الحملدار) في المسألة السابقة.
-------------------------
[7]: مضى الكلام فيه.
[8]: لو فرضنا أنّه يتعيش بهذه الأيام العشرة طول السنة فهل يصدق (عمله في السفر)، وخاصة إذا لم يعمل عملاً آخر؟ فيه نظر.
[9]: أي: استصحاب عدم صدق عنوان: عمله في السفر عليه، أو الاستصحاب الحكمي لو سافر لقصّر - إلاّ أنّه تعليقي - أو التنجيزي لو شكّ في الانقلاب بعد بدء السفر أو جميعها معاً، على بعض المباني .
المسألة 337:
[1]: راجع المسألة السابقة(1).
[2]: لا يصدق عليه السفر حينئذٍ، إلاّ أن يُقال: إنّه لا يصدق عليه الاستقرار حينئذ، فيكون مسافراً دائماً، مثلاً: ذهب للكويت ومنها للجهراء كلّ يوم، فلا
ص: 358
* لشمول الأدلة لهم أيضاً، فيعدون من كثير السفر[3] فصلاتهم وصيامهم تمام، والظاهر: أنّ في مثل هذا الزمان لا يعدّ القارئ[4] من كثير السفر للوسائل الحديثة، كما أشرنا إلى ذلك في شرح المسألة السابقة.
المسألة 338: حال الصوم حال الصلاة في المسائل المتقدمة، فكلما[1] أتم الإنسان صام، كما أنه كلما قصر أفطر، إلا في الموارد المستثناة[2] في الفقه.
* دليل التلازم في المستثنى منه، ودليل الاستثناء في المستثنى مذكور في (الفقه).
-------------------------
يصدق أنّه أقام في الكويت فيكون دائماً مسافراً، وكذا في كربلاء والحرّ سابقاً، والشام والزينبية سابقاً، والكوفة والنجف سابقاً، وبغداد والكاظمية سابقاً.
[3]: مضى التأمّل(1) في عنوانية هذا العنوان.
[4]: الصور مختلفة.
المسألة 338:
[1]: الظاهر أنّ هنا قواعد أربعاً، بضميمة كلما صام أتم، وكلما أفطر قصر، راجع العروة: فصل في شرائط وجوب الصوم)(2)، وتأمل.
[2]: راجع العروة كتاب الصوم(3).
ص: 360
المسألة 339: لا جمارك في الإسلام ولا تهريب، وإنما المحرم التعامل بالأمور المحرمة، مثل الخمر والخنزير وما أشبههما، نعم إذا كان عدم إعطاء الكمرك أو التهريب خطراً[1]، [2] على النفس وضرراً بالغاً لم يجز بعنوان ثانوي.
* ومن المعلوم أنّ العنوان الثانوي يقدر بقدره، مثلاً: إذا كان فتح الحدود بين بلد إسلامي وبلد كافر يوجب دخول البضائع الأجنبية بما يضرر اقتصاد بلد الإسلام أو خروج البضائع الإسلامية بما يضرر الناس[3]، كان اللازم على الدولة الإسلامية الوقوف دون الضرر، وذلك بأية كيفية تكون أقرب[4] إلى الحرية الإسلامية، لا أن يضع الجمرك فإنه
-------------------------
المسألة 339:
[1]: هنا عنوانان:
1- أن يكون هناك خطر على الفرد.
2- أن يكون هناك خطر على الأمة، والمصنف (رحمه اللّه) أشار في الشرح إلى الثاني فقط.
[2]: والظاهر أنّه في مثل هذه العهود تحكم البلاد على أثر الأحكام الوضعية، فأصبح ذلك ضرورياً في كثير من الأحيان، وإلا تحطم اقتصاد البلد أمام المنافسة الأجنبية.
[3]: راجع ضوابط الضرر في قاعدة (لا ضرر)(1).
[4]: مثلاً: يضع الجمارك على بعض الحدود دون بعض، وبعض البضائع، وبعض الأزمنة.
ص: 361
محرم شديد، كما أن بين (لا ضرر) وبين الجمرك عموماً[5] من وجه، كما لا يخفى، وقد فصلنا ذلك في بعض كتب الفقه.
وكذلك حال التهريب، فإنّ بينه وبين (لا ضرر) عموماً من وجه، ويمكن تحديد الأمر بتشكيل الدولة الإسلامية لجاناً مركبة من الإسلاميين[6] المطلعين والأخصائيين[7] لتحديد الأمر، ومع ذلك فليس التحديد له صبغة القانون، بل الاستثناء والوقتية ما دامت[8] مشكلة التدافع، وكذلك حال ما إذا اصطدمت قاعدة (لا ضرر) ببعض الحريات الإسلامية في مختلف الأبعاد، هذا ويشترط في تطبيق العناوين الثانوية العامة فتوى شورى[9] الفقهاء المراجع.
-------------------------
[5]: إذ قد يكون ضرر في الصلاة القيامية مثلاً، وقد يكون جمرك بلا ضرر، وقد يتحدان.
[6]: مع عرض الأمر على المجتهدين أو كونهم بأنفسهم مجتهدين.
[7]: إذ الأمر بحاجة إلى معرفة الحكم والموضوع، ويتكفل بالأول الإسلاميون والثاني الأخصائيون.
[8]: وبحدود التدافع لا أكثر.
[9]: بناءً على أنّها هي الحاكمة في البلاد، ومع عدم الإمكان يكفي فتوى الفقيه. لاحظ بحث (أنّ حكم الحاكم نافذ أو لا)(1).
إلاّ أنّ الأمر يرتبط بالمقلد، أمّا المجتهد فإذا شخص الضرر البالغ حكّمه بالقوة، فتأمل.
ومع عدم الإمكان فعدول المؤمنين، إلى آخر المراتب المذكورة في كتاب
ص: 362
المسألة 340: حيث إنه لا حدود[1] في الإسلام للبلاد، فالذهاب والمجيء، والسفر والإقامة، كلها حق للمسلم بما منحه الإسلام من الحرية، ولا مانع شرعاً من كل ذلك، إلا إذا كان خطراً وضرراً كما تقدم في المسألة السابقة.
* الكلام هنا كالكلام في المسألة السابقة[2] في كيفية الجمع بين الأمرين، وإن الذي يوضع جمعاً[3]، له صبغة الوقتية لا القانونية، ثم إذا أثبت بعض من يريد السفر أو البقاء أو إدخال بضاعة أو عملة صعبة أو إخراجها أنه ليس من مورد الضرر ونحوه، وقد أخذ منه حسب القانون الموضوع مؤقّتاً شيء أو سببوا له ضرراً وجب على بيت المال
-------------------------
(البيع)(1).
المسألة 340:
[1]: حيث إنّه خلاف الحرية الإسلامية، وخلاف الأمة الواحدة، المدلول عليها بقوله تعالى: {أُمَّةً وَاحِدَةً}(2).
[2]: راجع حواشينا عليها(3).
[3]: أي: للجمع بين الدليلين: الأولي والثانوي.
ص: 364
تداركه[4]، كما تقدم في مسألة الألبان لأجل الوباء المشتبه في بعضها، إذ ليس الجمع بين الدليلين من (الحكمة)[5] حتى تطّرد، بل من (العلة) فهي خاصة بمورد المشكلة.
المسألة 241: حيازة المباحات وتحجير الأراضي والعمارة وما أشبهها، كلها جائزة[1] في الإسلام، فلا يقيد الإنسان بقيود تفرضها السلطات حول هذه الأمور، ويجوز للإنسان مزاولة حرياته الإسلامية في هذه الأمور، إلا إذا كان خطراً وضرراً، كما تقدم في المسألة (339).
-------------------------
[4]: راجع بحث (خطأ القضاة من بيت المال)(1)، و(بحث بيت المال في الفقه: السياسة)(2) وغيرها.
[5]: فإنّ ذلك خاص بأصل التشريع من قبل الشارع، مثل «لولا أن أشق على أمتي ...»(3)، وأمّا ما نحن فيه فالملاك الضرر، وقد ثبت أنّه لا ضرر في هذا المورد الجزئي.
المسألة 341:
[1]: للحرية الإسلامية و«من سبق إلى ما لم يسبق»(4)، (راجع إحياء الموات)(5).
ص: 365
* المستثنى «إلا إذا كان ذلك خطراً أو ضرراً» هو أمر نادر، كالضرر في الغسل والوضوء والصوم، والضرر يقدر بقدره[2]، نعم يجب أن لا يتعدى[3] إنسان في هذه الأمور على حق الآخرين ولا حق الأجيال، كما ذكرنا تفصيله في كتاب (الفقه: الاقتصاد)(1) وغيره.
المسألة 342: الخمس والزكاة[1] هما فقط ضريبة الإسلام للمسلم، فلا يجب على الإنسان المسلم إعطاء سائر الضرائب إطلاقاً، إلا إذا كان عدم الإعطاء خطراً[2] وضرراً، كما تقدم في المسألة (339).
* المستثنى هو كما لو اتفقت حرب بين المسلمين والكفار، ولم يكف بيت المال لسد النفقات، ولم يمكن جمع التبرّعات، فإنه حينئذٍ يجب على
-------------------------
[2]: كما سبق توضيحه.
[3]: المستفاد من {لكم}(2)، لكن فيه نظر؛ إذ هو ليس بمعنى توزيع الكل على الكل، كما ذكروا نظيره في (الخمس والزكاة) وأنّها مورد لا للجميع، وكذا وقف المدرسة للطلاب، إلاّ أن يوجب الهرج والمرج، أو ما علم أنّ الشارع لا يريد وقوعه في الخارج، والمسألة بحاجة إلى مراجعة وتأمل أكثر.
المسألة 342:
[1]: والخراج.
[2]: شخصياً أو نوعياً، كما سبق.
ص: 366
المسلمين بذل المال؛ لوجوب[3] الجهاد بالنفس والمال، ولأنه حينئذ من الأهم والمهم[4]، ولو أمكن الاقتراض ثم سده من بيت المال في المستقبل كان مقدماً[5] على الوجوب عليهم.
المسألة 343: التمثيلية حلال، بشرط أن لا تكون مكذوبة[1]، ولا مختلطة بالمحرم، ولا محرمة من جهة أخرى كترويج الباطل[2].
-------------------------
[3]: وهذا الأخذ أمر بالمعروف عملاً.
[4]: وقد روي أنّ الأمير (عليه السلام) أخذ الزكاة من بعض ما لا تجب فيه الزكاة وذلك للضرورة(1).
هذا ولكن ذلك يتقدر ويقيد بالضرورة ومقدارها؛ ولذا لم يأخذ الرسول (صلی اللّه عليه وآله وسلم) الضرائب إطلاقاً مع كونه في حالة حرب دائمة.
[5]: لأنّ الضرورات تقدر بقدرها، وأخذ العين فقط بلا أخذ البدل أيضاً أقرب إلى ذلك.
المسألة 343:
[1]: كأن ينسب قولاً للمعصوم (عليه السلام) كذباً. أمّا التمثيليات المجعولة كلها مع وضوح أنّها مجعولة - على غرار كليلة ودمنة(2) - فلا تعد كذباً عرفاً.
[2] أو كالهتك لحرمة، خاصة حرمة النبي وأهل البيت (عليهم السلام) .
ص: 367
* أما أصل الحل فلأدلته، والاستثناءات هي على القاعدة، وما يقال في التمثيلية يقال في السينما وغيرها من وسائل التفريح المحللة.
المسألة 344: الاتفاقات العسكرية إذا كانت في نفع المسلمين[1]، كانت محللة[2]، بل واجبة إذا سببت درء الخطر عن بلاد الإسلام، وإذا كانت في ضرر المسلمين كانت محرمة.
* الوجوب والحرمة حسب الأدلة العامة، لكن يجب أن تكون الاتفاقية حسب أدق[3] الموازين العلمية، مما ينظمها الأخصائيون زمنياً ودينياً[4]، وذلك ما لا يمكن في الحكومات المستبدة إطلاقاً[5]، خصوصاً إذا كانت
-------------------------
المسألة 344:
[1]: أو الإسلام.
[2]: ويدل عليه - مضافاً للأدلة العامة- اتفاق النبي (صلی اللّه عليه وآله وسلم) مع اليهود ومع المشركين في الحديبية، وكذا هدنة الإمام المجتبى (عليه السلام) .
[3]: لأنها أُمور دقيقة وتكثر فيها القرارات، والأمور متشابكة بين الحاضر والمستقبل، والداخل والخارج والسياسة والاقتصاد والاجتماع و... ولذا لابدّ من مراعاة منتهى الدقة، وفي الحديث «ملعون ملعون من ضيّع من يعول»(1).
[4]: كما سبق في المسألة 339(2).
[5]: لأنّ الحاكم فيها رأي الفرد، وهو عرضة لاتباع الهوى، كما أنّه لا يرى الأُمور من كافّة أطرافها و«شاركها في عقولها»(3).
ص: 368
الحكومة التي هي في الطرف المقابل استشارية[6].
المسألة 345: الاتفاقيات[1] حول التجارة والصناعة والزراعة وما أشبه بين بلاد الإسلام بعضها مع بعض، أو بين بلاد الإسلام والبلاد غير الإسلامية جائزة إذا لم تكن مضرة لبلاد الإسلام، بل واجبة إذا توقف عليها تقدم المسلمين[2] وسبب درء الخطر عن البلاد، وأما إذا كانت مضرة فهي حرام.
* الحكم هنا كالمسألة السابقة، كما أنّ الأمر جار في الاتفاقيات الأخر، كالثقافية والتربوية والفنية وما أشبه ذلك، ثم اللازم أن تعقد الاتفاقية بحيث إنه إذا تبدلت إلى الضرر أمكن[3] نقضها، وإلا لربما تحمّل المسلمون ضرراً لا يتدارك.
المسألة 346: العمل الفدائي إذا توقف إنقاذ بلاد الإسلام عليه وجب[1]،
-------------------------
[6]: فتكون عقولاً كثيرة في قبال عقل واحد.
المسألة 345:
[1]: راجع المسألة السابقة(1).
[2]: بمقدار يجب.
[3]: ولو لم يمكن لوحظ الأهم والمهم.
المسألة 346:
[1]: لكن اللازم ملاحظة عدم تشويه سمعة الإسلام، خاصة إذا تضمن ذلك
ص: 370
والإنسان الذي يدخل في العمل الفدائي إذا كانت قيادته[2]، [3] إسلامية عادلة وكان قصده[4] إنقاذ بلاد الإسلام إذا استشهد كان محكوماً بحكم الشهيد[5]، إذ عمله يكون جهاداً في سبيل اللّه تعالى.
* الجواز لعموم أدلة الجهاد، ولحكومة قانون الأهم والمهم، وإنما يكون بحكم الشهيد في الأحكام؛ لأنه قسم من الجهاد، لكن بشرائط[6] الشهيد المذكورة في محلها.
المسألة 347: لا يجوز التزوير بإدخال النفس في التسهيلات المعدة لقسم خاص من الناس، مثلاً إذا قررت شركة الطيران الأهلية أن تنقص من أجور الطائرة لطلبة العلوم لا يجوز لإنسان ليس من طلبة العلوم أن يسجل نفسه طالباً ليستفيد من هذه المساهلة.
-------------------------
قتل بعض الأبرياء، ومع التزاحم تلاحظ الأهمية، راجع ما ذكرناه سابقاً.
[2]: إذا كان هجوماً، وإلا فالدفاع لا يحتاج إلى إذن.
[3]: أي: المجتهد.
[4]: شهيد الحمار(1) وأمثاله لا تجري عليه أحكام الشهيد؛ لأنّ عمله ليس جهاداً، لأن الجهاد عبادة، والعبادة متقومة بقصد القربة، فهو كصلاة بلا قصد القربة.
[5]: بشرائطه كما سيأتي.
[6]: كأن يقتل في ميدان المعركة.
المسألة 347:
ص: 371
* لأنه من أكل أموال الناس بالباطل فيما كان التزوير يستلزم ذلك، وفيما لم يستلزم المال يكون من التصرف في سلطان[1] الناس، مثلاً كان السفر إلى الحج مجاناً لشركة متبرعة، لكن قررت الشركة أن يقدّم طلاب العلوم الدينية على غيرهم في الطيران فجعل نفسه من الطلاب، والمفروض أنه تزوير على من يجب احترام ماله وسلطانه من فرد أو شركة أو حكومة مشروعة أو ما أشبه ذلك، نعم في غير محترم المال والسلطان لا بأس[2] بذلك، كما في الكافر الحربي[3].
المسألة 348: إذا زوّر غير المستحق المذكور في المسألة السابقة ضمن لصاحب الشركة[1] التفاوت؛ لأنه من أكل أموال الناس بالباطل.
* الضمان فيما كان من تلف المال أو نحوه كما في المثال المذكور، وإلا كان الحكم تكليفياً محضاً.
-------------------------
[1]: ولا يحل مال امرئ إلاّ بطيبة نفس منه(1) .
[2]: إن لم يكن هنالك ضرر شخصي أو نوعي، كتشويه سمعة الإسلام.
[3]: والحكومات الظالمة.
المسألة 348:
[1]: وهل يضمن لمن توى(2) حقه؟ فيه تأمل؛ لأنّه لم يتوَ بمعنى الإضرار، بل منعه من النفع، وهل يطلق عليه الضرر؟ راجع قاعدة (لا ضرر) ومسألة حبس الحر
ص: 372
المسألة 349: إذا اضطر الجندي إلى حرب غير إسلامية، فالواجب عليه أن لا يقتل أحداً ولا يجرح إنساناً، وإنما يوجه[1] بندقيته إلى الهواء أو ما أشبه.
-------------------------
عن عمله(1).
المسألة 349:
[1]: توجيه البندقية إذا كان إرهاباً وإرعاباً فهو محرّم أيضاً، وكذا لو كان مندرجاً تحت عنوان محرم آخر، والظاهر أنّ الملاك في المقام هو الأهم والمهم، مثلاً: لو لم يرهب أرهب - بدرجة متساوية- فلا يُعلم جوازه؛ إذ الاضطرار مِنَّةٌ، فلا يجوز المحرّم إذا استلزم خلاف المنة على الآخرين. نعم، لو لم يرهب قُتِلَ، فهنا يُقال بالجواز.
ص: 373
* وكذا يلزم عليه أن لا يتلف المال ولا يهتك العرض، فإذا أمر القائد بنهب أموال الناس يجب عليه أن لا يفعل، ومع الاضطرار الشديد[2] يفعل الأقل[3] فالأقل، وهذا في غير الدماء[4]، [5]، فإنه لا تقية فيها، وهكذا في تخويف الناس، فاللازم اجتنابه مهما أمكن، أو الأخذ بالأخف فالأخف؛ لحرمة تخويف الغير، ومع ذلك هو ضامن يلزم عليه التدارك مع الإمكان[6]، كما سيأتي.
المسألة 350: لا يجوز للجندي أن ينهب مالاً أو يحرق شيئاً محترماً أو يكبت حرية، فإذا فعل ذلك ضمن المال وضمن الشيء المحترق، ولزم عليه البدل لصاحب المال، كما يلزم عليه ترضية[1] من كبت حريته.
-------------------------
[2]: لا وجه لقيد (الشديد).
[3]: مع ملاحظة ما ذكرناه أول المسألة .
[4]: وهل الأعراض بحكم الدماء؟ يحتاج لمراجعة.
مثلاً: لو لم يزنِ بالسجينة قتل فهل يحق له الزنا؟ وهكذا لو كان عمله ذلك، بحيث يضطر إلى الزنا بمئات السجينات.
[5]: هل المراد القتل فقط، أو يشمل الجرح والتعذيب أيضاً؟ ولاحظ صدر مسألة المتن.
[6]: القدرة من الشرائط العامة للتكليف، وإنّما قيد الحكم هنا بذلك؛ لأنّه في كثير من الأحيان لا يستطيع الجندي ونحوه التدارك لفقره مثلاً.
المسألة 350:
[1]: غير معلوم وجوبه، كما ذكر في بحث الغيبة؛ إذ لا شكّ أنّه ظلم، ولكن هل الظلم يوجب حقاً في ذمته؟ هو مشكوك، والروايات الواردة ضعيفة سنداً أو
ص: 374
* وإذا لم يتمكن من التدارك استغفر اللّه تعالى[2]، والأمر بعد ذلك له سبحانه إن شاء غفر[3] وإن شاء عذّب؛ لأنّ من المعلوم أنّ المحاسبة تكون حتى إلى مثقال ذرة كما في القرآن الكريم(1)، ولو تمكن من التدارك ولو بعد حين وجب عليه التدارك لعموم أدلة الضمان[4].
المسألة 351: لا يحق للرقيب الذي عيّن لأجل رقابة المطبوعات أن يحذف الأمور الإسلامية، وكذلك لا يحق أن يحذف الأمور المباحة في الشريعة، وإنما يحق له حذف الأمور الضارة[1].
-------------------------
دلالة، فراجع بحث الغيبة(2).
[2]: غير معلوم وجوبه؛ لأنّ الاضطرار رافع للحرمة، فقد ورد: «وليس شيء مما حرم اللّه إلاّ وقد أحلّه لمن اضطر»(3).
[3]: سبق أنّه لم يعلم كونه ذنباً.
[4]: لكن قد يُقال: إنّه لو كان له بدل - كالاستغفار على رأي المصنف (رحمه اللّه) - فقد أمر بالبدل الاضطراري، ومع ذلك لا يُعلم عود المبدل منه الاختياري بعد القدرة، (راجع بحث الصوم، الكفارات، وبحث الصدقة بالمجهول المالك في كتاب الخمس)(4).
المسألة 351:
[1]: فإنّه لا ضرر، مع ملاحظة انطباق شرائط (لا ضرر)، مثلاً: لو فرض أنّه يعلم
ص: 375
* الأمور الضارة سواء كانت حراماً بالعنوان الأولي كالمطالب الضالة، أم حراماً بالعنوان الثانوي[2]، هذا بالإضافة إلى أنّ أصل جعل الدولة الرقابة[3] على المطبوعات ونحوها خلاف حرية الناس.
المسألة 352: لا فرق بين رقابة المطبوعات، كما ذكر في المسألة السابقة وبين رقابة (الأشرطة) و (التمثيليات) و (السينمات المباحة) وما يقرر بثه من الإذاعة وهكذا.
* لأن الدليل في الجميع واحد، وهكذا بالنسبة إلى سائر ما يستفيده الإنسان بواسطة حاسة من حواسه الخمس، ولا يلزم في المورد الضار أن يكون ضرراً قطعياً، بل الضرر المحتمل[1] كذلك حسب ما يذكره الفقهاء
-------------------------
الناس ما يضرهم ضرراً غير بالغ درجة الحرمة - مثلاً: (منع الحمل(1) الضار) - فهل يحق للرقيب حذفها؟ مع أنّ الضرر جاء بواسطة الفاعل المختار، وهكذا في الألعاب الضارة، فالأولى استبدال ذلك ب- (المحرمة) كما يظهر من الشرح.
[2]: مثل نقاط الضعف التي يستفيد منها الأعداء، ولو فرض كون نشرها مباحاً في حدّ ذاته.
[3]: راجع بحث: (جعل الرقابة على الموظفين في فقه السياسة)(2).
المسألة 352:
[1]: فيه نظر؛ لأنّ أصالة البراءة مؤمنة؛ ولأنّ الضرر بواسطة الفاعل المختار - في الجملة- نعم، لو كان الضرر خطيراً بحيث علم أنّ الشارع لا يريد وقوعه في
ص: 376
في باب الصوم وغيره، كما إذا كانت تمثيلية تضر الأطفال، وهو لا يعلم هل يحضرها الأطفال أو لا، فإنه مع الاحتمال العقلائي لحضورهم له المنع؛ لأن دفع الضرر المحتمل بشرائطه لازم، وتفصيل الكلام في مورده.
المسألة 353: لا يحق لفرد أو دولة أن تبدل القرآن من العربي إلى غير العربي، بأن يكون غير العربي بعنوان[1]، [2] القرآن الكريم، نعم يجوز بعنوان الترجمة.
* هذا واضح بالمستثنى منه والمستثنى، ويحق للإنسان الترجمة، بل قد يجب[3] ذلك إذا توقف بيان الإسلام وهداية الناس عليه.
-------------------------
الخارج أبداً لزم سدّ أبواب الوجود عليه، ولو من ناحية الاحتمال، مثل القتل.
وباب الصوم دل الدليل عليه، فلا يقاس عليه غيره.
ومما يدلّ على ما ذكرناه أولاً صنع السكاكين والخناجر ونحوها، مع احتمال الضرر العقلائي فيها.
المسألة 353:
[1]: فإنّه منكر قطعي في أذهان المتشرعة، وكذب، وخلاف ما علم من أنّ الشارع يريد الاحتفاظ بهذا القرآن بحروفه وألفاظه، حيث قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً}(1).
[2]: مثل أن يقرأ في الإذاعة بلغة أخرى بعنوان أنّه القرآن.
[3]: عقلاً من باب مقدمة الواجب.
ص: 377
المسألة 354: الحكم كالمسألة السابقة بالنسبة إلى الأذان والصلاة[1] وما أشبه.
* وذلك لأنّ اللازم[2] قراءتها عربية، وكذلك حال التلبية في الحج، أما قراءة الأدعية بغير العربية - كالفارسية - فلا بأس لا بعنوان الورود[3].
المسألة 355: ما قررته (الأمم المتحدة) من عدم التدخل في إصلاح الدول، إذا تعدى الشعب على الدولة، أو تعدت الدولة على الشعب، ليس مطابقاً لأحكام الإسلام[1]،
-------------------------
المسألة 354:
[1]: راجع بحث القنوت بالفارسية في العروة(1).
[2]: لعله استفادة من ارتكاز المتشرعة، بالنسبة للأذان.
[3]: لكن النقل بالمعنى جائز، فما الإشكال بعنوان الورود؟ إلاّ أن يكون كذباً عرفاً، فتأمل.
المسألة 355:
[1]: قد قال: إنّه من باب التخصص.
وفيه: إنّه لا يحق لأحد أن يحدّد لنفسه دائرة خاصة ويقول: (هذا مجال تخصصي)، مثلاً يقول: تخصصي هو الفقه فقط وترويجه، ولا شأن لي بالمظالم
ص: 378
بل الإسلام أوجب الإصلاح[2] سواء بين الدول أم بين الدولة والشعب، قال تعالى: {وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ}(1)، فإذا ظلمت دولة رعاياها يجب على كل مسلم قادر أن يقف أمام تلك الدولة لتكف عن ظلم الرعية، كما أنه إذا تعدت الرعية على الدولة المشروعة[3] وجب على كلّ مسلم قادر أن يرد اعتداء الناس عن الدولة.
* بل التدخل هو مقتضى العقل، إذ أي فريق بين أن يظلم الجار جاره، أو أهل البيت أباهم، أو الأب أهل بيته، ومن الممكن أن تقرر الأمم المتحدة جماعة من المحامين والحكام لنجدة أي واحد، دولة على دولة، أو دولة على شعب، أو شعباً على دولة، حتى توقف المعتدي عند حده.
-------------------------
التي تقع، وكون بيضة الإسلام في خطر.
نعم، إن فقد القدرة فلا إثم عليه؛ لأنّ القدرة من الشرائط العامة، إلاّ أنّ ذلك لا يختص بخارج دائرة تخصصه، بل داخل الدائرة أيضاً كذلك.
وأيضاً قد تتزاحم الواجبات، ولا تفي قدرة المكلف بالجمع، وحينئذٍ يتخير إن لم تكن أهمية، أو كانت بدرجة غير ملزمة، وإلا لزم تقديم الأهم بدرجة ملزمة، سواء كان داخل دائرة اختصاصه أم خارجها.
[2]: والأمر والنهي والإرشاد والردع، وفي الظلم روايات خاصة(2).
[3]: أو غير المشروعة؛ إذ التعدي حرام مطلقاً.
ص: 379
المسألة 356: لا يحق للمسلم أن يسمي أخاه المسلم أجنبياً[1]، ولا أن يحرمه من مزاياه، مهما كان بينهما اختلاف في اللون أو العنصر أو الإقليم، فإنّ الأجنبي في لسان الدين[2] هو (غير المسلم)[3].
* لأنه خلاف صريح الآيات والروايات الكثيرة، وخلاف حق المسلم على المسلم، إضافة إلى أنه أسوأ[4] من التنابز في الألقاب، الموجب لانفصام وحدة المسلمين، وقد قال سبحانه: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}(1) إلى غير ذلك، بل قال
-------------------------
المسألة 356:
[1]: إن عُدّ إهانة أو هتكاً كان محرماً، وكذا إن كان ذلك بمعنى ترتيب الآثار المحرّمة، كمنعه من تملك الأرض، وإلا فهو في حدّ ذاته لا بأس به. نعم، الأجنبي أصبح اصطلاحاً ملازماً لما ذكر عادة، (من الهتك والآثار).
[2]: أين ذكر ذلك؟ راجع بحث (الغيبة)(2) وأنّه ليس أخاً.
أمّا غير المؤالف فهو ليس أخاً باطناً، وإن كان أخاً ظاهراً في بعض الأحكام.
[3]: بل يطلق الأجنبي حتى على غير المحارم - راجع كتاب النكاح(3) - إلاّ أنّه ليس بالمعنى المقصود هنا كاصطلاح.
[4]: قد لا يُعدّ إهانة عرفاً في كثير من الأحيان.
ص: 380
بعض بصحة العكس[5]، بأن يسمي المسلم الكافر أخاً، حيث قال سبحانه: {وَإِخْوَانُ لُوطٍ}(1)، وقال تعالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً}(2) إلى غيرهما.
المسألة 357: لا يحق للمسلم أن يخرج مسلماً عن بلد إسلامي، ولو كان ذلك المسلم من أهل قطر آخر أو أهل لغة أخرى أو عنصر آخر.
* وذلك لأنه لا يجوز إخراج أحد من وطنه، أو من موضع أقام أو أراد المقام فيه؛ لأن البلد[1] الإسلامي بكامله وطن المسلم، وله الحق أن يختار أي مكان منه، هذا[2] بالإضافة إلى أنه خلاف تسلط الناس على أموالهم وأنفسهم، وقد نعت اللّه اليهود بذلك ذماً لهم، قال سبحانه: {ثُمَّ أَنتُمْ هَؤُلاء
-------------------------
[5]: راجع التفاسير(3).
المسألة 357:
[1]: الوطن هنا ليس بمعنى الوطن في باب القصر، وقد ذكر هنالك أنّه ليس إلاّ الوطن العرفي.
[2]: هذا هو العمدة في الدليل، راجع مباحث الحرّية، و {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ}(4)، وأيضاً هذا ظلم، وقد قال تعالى: {لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ}(5).
ص: 381
تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ}(1) بل لا يجوز ذلك إلا بالنسبة إلى الكافر الحربي؛ لأنّ غيره محترم.
المسألة 358: لا يحق لأحد أن يحجز إنساناً في مكان، من بلد أو قرية أو محلة، أو ما أشبه، فإنه خلاف[1] (الناس مسلطون على أنفسهم وأموالهم)(2)، ولو حجزه لم يجب عليه البقاء، بل يجوز[2] له أن يذهب إلى أي مكان شاء، إلا من جهة خوف الضرر البالغ.
* بأن علم أنّ الحاجز يضره ضرراً بالغاً إذا لم يستسلم أو إذا لم يبق في حجزه، بشرط أن لا يكون عدم الاستسلام وعدم البقاء أهم، وإلا كان من مسألة الأهم والمهم، ومن ذلك أيضاً مسألة التبعيد[3] أو التسفير، فلو أبعده أو سفّره جائر جاز له الرجوع إلاّ في صورة الضرر المذكور.
-------------------------
المسألة 358:
[1]: وأيضاً هو ظلم كما سبق.
[2]: بل قد يجب إذا كان في ذلك تضعيفاً للقانون الوضعي، الذي ما أنزل اللّه به من سلطان، وردعاً عن أمثاله.
وقد يُقال: إنّه يجب؛ لأنّه رفع للظلم فهو رفع للمنكر.
وفيه: إنّه إذا رضي بذلك لم يكن ظلماً، فلا يكون رفعه رفعاً للمنكر، فتأمل.
[3]: داخل البلد والتسفير خارجه.
ص: 382
المسألة 359: السجن في الإسلام مقرر في موارد خاصة قليلة جداً[1]، فلا يحق لأحد أن يسجن أحداً إلا الحاكم الشرعي[2] في الموارد الخاصة المقررة في الإسلام، مما ذكر في كتاب الحدود ونحوه.
* وقد ذكرنا تفصيل السجن وحدوده في كتاب (الفقه: الدولة)(1) أيضاً، ثم إذا لم يكن السجن بالشروط المقررة جاز[3] للسجين الفرار، بشرط عدم الضرر، كما في المسألة السابقة، كما يلزم على القادر أن يهرّب السجين؛ لأنه من رفع المنكر[4].
المسألة 360: لا يجوز[1] تعذيب أحد، سواء بالوسائل القديمة كالسياط، أم الوسائل الحديثة كالكهرباء، نعم في الموارد الخاصة المقررة في الإسلام
-------------------------
المسألة 359:
[1]: وقد جمعها (الملكي) في كتاب.
[2]: أو عدول المؤمنين إذا تعذر الوصول إليه.
[3]: بل وجب أحياناً كما سبق.
[4 ]: أي: دفعه، وإلا فرفع المنكر يكون قبل وقوعه.
المسألة 360:
[1]: لا يُقال: إنّه قد يجوز للأهم والمهم.
قلنا: لابدّ من ملاحظة سمعة الإسلام داخلاً وخارجاً أيضاً، وهذا هو الأهم، فتأمل.
ص: 384
تجرى الحدود والتعزيرات، كما ذكر في كتاب الحدود والقصاص.
* علماً بأنّ الحدود الإسلامية ليست تعذيباً[2]، وإنما هي أحكام جزائية قررها الإسلام في موارد خاصة بعد ثبوت الجريمة ثبوتاً شرعياً لحفظ نزاهة المجتمع[3] وضمان أمنه وسلامته، والأدلة على حرمة التعذيب كثيرة[4]، ولا فرق[5] في حرمة التعذيب بين التعذيب الجسدي أو الروحي، ولا يجوز تعذيب المجرم، حتى الكافر فكيف بالبريء، أما الحدود والتعزيرات فالمقرر منها في الإسلام شيء قليل جداً[6]، وهو مشروط بشروط تجعله في غاية الندرة[7]، ثم إنه ذكرنا في كتاب (الفقه: الدولة) جواز تبديل[8] الحاكم الشرعي - في التعزير - السوط ونحوه
-------------------------
[2]: للتشفي أو لانتزاع الاعتراف.
[3]: بل نفس الفرد.
[4]: مثل أنّه ظلم، وأنّه تشويه لسمعة الإسلام، وأدلة أنّ الضرب يوجب الدية، ولا ضرر ... الخ .
[5]: لوحدة الملاك في غالب الأدلة المذكورة.
[6]: على مبنى مَنْ يرى أنّ التعزيرات ليست في كلّ ذنب، وهو خلاف المشهور ظاهراً.
[7]: راجع أكثر من أربعين شرطاً لإجراء حدّ السرقة في (ممارسة التغيير)(1) ظاهراً.
[8]: أمّا للأهم والمهم، أو لأنّ له العفو، وأمّا الغرامة ونحوها فلكي لا يحدث اختلال النظام والهرج والمرج ونحوهما، مما يعلم أنّ الشارع لا يريده قطعاً، ثم لابدّ من الاقتصار على الأخف.
ص: 385
بالغرامة أو السجن المعقول أو عقوبة أخرى، مثل منع السائق المخالف من السياقة مدة إلى غير ذلك.
المسألة 361: لا يحق[1] لأحد أن يأخذ مالاً من أحد بعنوان الغرامة مما يقرره القانون، إلا في الموارد الخاصة المقررة في الإسلام، المذكورة في كتاب الديات والضمان ونحوهما.
* لأن المال[2] محترم، و (الناس مسلطون على أموالهم)، إلا في المورد الذي قرره الإسلام؛ لقاعدة الأهم والمهم، أو شبه ذلك، نعم يحق للدولة الشرعية التي يحكمها شورى الفقهاء[3] المراجع أن تضع[4] غرامات لمن يخالف القوانين الصحيحة التي تجعل لنظم البلاد كقوانين المرور، لا القوانين المستوردة التي تمنع الناس حرياتهم، وتفصيل الكلام في موضعه.
الحاكم الشرعي، فيعزّر[1] الحاجز، وهل للمحجوز أن يقابل الحاجز بالمثل من باب {فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى}(1) احتمالان وإن كان احتمال ذلك ليس بعيداً.
* أما الاحتمال الآخر فلأن الآية لا تشمل[2] كل شيء، فلا يجوز أن يعذب بالنار أو الغرق أو الإلقاء من شاهق مَن فُعِلَ به ذلك بالنسبة إلى المجرم، إلى غير ذلك، وقد أشرنا سابقاً إلى أن الأمور الثلاثة ما تشملها الآية قطعاً كموارد القصاص، وما لا تشمله قطعاً كما مثلنا، والموارد المشكوكة[3] كما نحن فيه.
المسألة 363: إذا حجز شخص أنساناً فضاعت دابته أو سرق متاعه أو نهب ماله كان الحاجز ضامناً[1]، فإذا كان الشيء المتلف مثلياً دفع إليه مثله، وإذا كان قيمياً دفع إليه قيمته.
-------------------------
[1]: بناءً على أنّ التعزير في كلّ ذنب.
[2]: أي: أنّه لا يراد بها العموم، فهي مجملة، يؤخذ بالقدر المتيقن.
[3]: فيها تجري أصالة العموم.
المسألة 363:
[1]: فيستطيع المحجوز أن يرجع إليه أو إلى السارق، وإن كان قرار الضمان على السارق.
ص: 387
* لقاعدة (لا ضرر[2]) ولأنه السبب عرفاً، فتشمله أدلة الضمان[3]، بل لا يبعد تعدي ذلك إلى مهر المثل[4] فيما إذا حجز عليها عند الفسقة
-------------------------
[2]: بناءً على أنّها كما ترفع الحكم تضع الحكم، وراجع بحث: (إنّ للحاكم الطلاق إذا كانت المرأة في ضرر)(1)، وراجع (قاعدة لا ضرر)(2)، ومسألة (حبس الحرّ)(3) والمسألة اللاحقة(4).
[3]: مثل: مَنْ أتلف مال الغير.
[4]: هذا حكم ثبت في مورد خاص، واللازم في المقام جبر ضررها بمقداره العرفي، فتأمل.
ص: 388
فهتكوا عرضها، أو بقيت بلا والي، فجاء المجرم وهتك عرضها، فإن الحاجز ضامن للمهر، للقاعدة المذكورة، وكذلك حال الجنايات كالجرح ونحوه الواقع بسبب الحجز، سواء على المحجوز أم على من يتولى المحجوز شأنه، وهذا لا ينافي كونه أولاً وبالذات[5] على الفاعل كتعاقب الأيادي.
المسألة 364: إذا فاتت منافع المحجوز، كما لو كان يكتسب كل يوم ديناراً ففاته الدينار بسبب الحجز، ففي ضمان الحاجز لهذا الدينار الفائت احتمالان، ولا استبعد الضمان.
* وذلك لقاعدة (لا ضرر)[1] فإنه ضرر عرفي، فإذا كان فعل ما يستحق
-------------------------
وكذا الكلام في الجنايات الواقعة على المحجوز ومَنْ يتولى شأنه.
إلاّ أن يُقال: إنّ المستفاد أنّ الشارع جعل ثمن هذا هذا، ورفع اليد عما يراه العرف، فتأمل.
[5]: بل هو على كليهما، إلاّ أنّ القرار على المباشر، فتأمل.
المسألة 364:
[1]: هذا موقوف على أمرين:
الأول: إنّه ضرر موضوعاً.
وفيه بحث؛ إذ يحتمل كونه عدم نفع، كالتاجر الذي ذهب إلى المتجر ولم يربح شيئاً، فإنّه لم ينتفع، لا أنّه تضرر، ولو قال: (تضررت) لم يقبل منه.
والخلاصة: إنّ هنالك ثلاث مفاهيم: أ- الضرر. ب - النفع. ج - عدمهما.
وهذا الإشكال وإن كان وارداً دقة، إلاّ أنّ الظاهر صحة إطلاق الضرر على مثل المقام.
ص: 390
عليه الأجرة واحداً ضمنه، وإذا كانت مختلفة ضمن أجرة جميع ما كان يفعله، وإذا كان المحتمل فعل أحد أشياء مختلفة الأجرة، بأن كان أحياناً يصبغ بدينار وأحياناً يبني بنصف دينار، وكان من المحتمل أن يفعل هذا أو ذاك إذا لم يكن محجوزاً، فإنّه يضمن ثلاثة أرباع الدينار لقاعدة (العدل)(1)، فلا مجال لإجراء أصالة البراءة عن الزائد[2].
-------------------------
الثاني: أنّ (لا ضرر) يرفع الحكم ويثبته أيضاً. (راجع بحث: طلاق الحاكم)(2).
[2]: فيه: إنّ قاعدة العدل أنّما تجري في المال المشتبه، كدرهمي الودعي، أي: في الشكّ في المتباينين والعلم الإجمالي.
مثاله: لو نذر أن يعطي هذا الدينار لزيد أو عمرو ثم شكّ في المنذور له.
أمّا مع دوران الأمر بين الأقل والأكثر فتجري البراءة، كدراهم البقال.
نعم، هنا إشكال، وهو أنّه لو كان مقصّراً فهل تجري البراءة؟ مثل شخص كتب دين الدائن في ورقة ولا يعلم أنّها مائة، أو مائتين، فيحرق الورقة عمداً، ثم يجري البراءة عن الزائد. (راجع كتاب التقليد، فيما لو دار أمر الفائت بين الأقل والأكثر)(3).
ص: 391
المسألة 365: لو حجز إنسان دابة إنسان أو داره أو ما أشبه فللمحجوز عليه أن يراجع الحاكم الشرعي، فيعزر الحاكم الحاجز.
* لأنّ الحجز المحرم كسائر المحرمات فيه تعزير[1] - على المشهور - .
المسألة 366: للمحجوز عليه في المسألة السابقة أن يأخذ بمقدار ما فاته[1] من المنافع من الحاجز، فلو حجز
-------------------------
لكن لو فرض الإشكال في بعض الصور، إلاّ أنّه في غالب الناس المقصرين لا مانع من جريان البراءة؛ وذلك للإطلاق، فإنّ أغلب من فاتتهم فرائض مقصرون، ومع ذلك تجري قاعدة البراءة للإطلاق، ولو كان (عدم التفريط) قيداً لزم التنبيه؛ لابتلاء غالب الناس بذلك وغفلتهم عن هذا الشرط.
وأما مقولة: (الغاصب يؤخذ بأشق الأحوال)(1) فلم نجد دليلاً عليها.
المسألة 365:
[1]: هذا خلاف ما سبق من أنّ التعزيرات قليلة جداً - راجع مسألة: (360)(2) - إلاّ أن يكون مبنى المشهور غير مرضي.
المسألة 366:
[1]: راجع المسألة (364)(3).
ص: 392
داره سنة وكان إيجارها[2] مائة دينار مثلاً كان له أن يأخذ المائة منه.
* وذلك لدليل (لا ضرر)[3] بل لو أراد بيع داره وكان المشتري يشتريها بمائة بينما قيمتها ثمانون فصار الحجز سبباً لفوت ذلك المشتري، فالعشرون مضمون؛ لأنّ الحاجز هو الذي أضره.
المسألة 367: إذا لم يدفع الحاجز حق المحجوز عليه، كان للمحجوز عليه التقاص من ماله، علناً أم سراً، لكن الأحوط[1] أن لا يأخذ سراً، ما دام يتمكن من الأخذ علناً بدون مفسدة.
* وإنما كان أحوط؛ لأنه يوجب التجري، وبعض المحاذير الأخرى غالباً، نعم إذا لم يكن أي محذور فلا فرق بين السرّ والعلن.
المسألة 368: لو سجن إنسان إنساناً، فالحكم[1] بالنسبة إلى ضمان
-------------------------
[2]: لو لم يرد أن يؤجرها أصلاً، بل كانت متروكة مثلاً، فهل الحكم يجري أيضاً؟ الظاهر ذلك، فتأمل.
[3]: وسائر الأدلة مثل: (مَن أتلف).
المسألة 367:
[1]: لم يظهر وجهه، أو المفسدة قد تكون في الأخذ العلني، كما قد تكون في الأخذ السرّي، والمراد بالتجري - احتمالاً - جرأته على السرقة فيما بعد، والمحاذير لعله كالإشراف على العورات في البيوت، فتأمل.
المسألة 368:
[1]: راجع ما سبق(1).
ص: 394
الساجن مال المسجون ومقدار عمله كما ذكر في مسألة (364) و (365) كما أنّ الحكم بالنسبة إلى تعزير الساجن هو كما ذكر سابقاً.
* فرق في الاصطلاح بين (السجن) و (الحجز) ولذا عنونا مسألتين، فمن يأخذ يد غيره بالقوة بحيث لا يتمكن أن يتحرك فتشرد دابته لا يسمى سجناً، وإنما يسمى حجزاً، والدليل في مقام الحجز هو الدليل في مقام السجن.
ثم لو فوت الحاجز ما أراده المحجوز وكان بإمكان المحجوز غيره بما يقل ضرره لو فعله، هل يضمن الكل أو البعض؟ مثلاً : رجل نقّاش وعامل بناء يأخذ للأول في اليوم ثمانية وللثاني عشرة، فحجزه الحاجز بما لم يتمكن من البناء وتمكن من النقش، فهل يضمن الحاجز عشرة أو اثنين؟ الظاهر الثاني[2]؛ لأنه لم يضره أكثر من اثنين.
المسألة 369: لو أخذ إنسان مال إنسان غرامة كان للمغرم أن يأخذ من مال الغارم إن أمكن بالقوة وإلا[1] فبالتقاص.
* لأنّ من أتلف مال الغير فهو له ضامن نصّاً وفتوى، وإذا لم يمكن الأخذ جاز التقاص للنص والفتوى أيضاً، هذا فيما لم تكن الغرامة جائزة، كما سبق.
-------------------------
[2]: هذا إذا لم يكن فرق بينهما عنده، أمّا لو كان ذلك اليوم شاتياً ولم يكن يريد البناء تحت الأمطار أبداً، فالظاهر أنّ عليه العشرة كاملاً، وهكذا إذا لم يكن يريد ذلك.
المسألة 369:
[1]: الظاهر أنّه لا ترتيب بينهما؛ لعدم الدليل.
ص: 395
المسألة 370: لو عذب[1] إنسان إنساناً، فالظاهر له أن يقابله بالمثل، فيما أمكن بدون تغرير أو سراية[2]، وإذا خيف من التغرير أو السراية كان له أن يأخذ الدية بالمقدر شرعاً، وإن لم يكن مقدراً شرعاً الحكومة والأرش[3]، بمعناهما المذكور في فقه الإسلام.
* لكن المقابلة بالمثل أنما هو فيما لم يكن فيه منع شرعي، فلا يجوز لإنسان أحرق إنساناً أن يحرقه هو أو وليه؛ لأنه (لا يعذب بالنار إلا رب النار)(1) إلى غير ذلك.
المسألة 371: الدولة الإسلامية مكلفة[1] بالقيام بنفقات الفقراء الذين لا
-------------------------
المسألة 370:
[1]: فالمراحل ثلاث: 1- المقابلة بالمثل، بشرط عدم المنع الشرعي، وعدم التغرير والسراية. 2- وإلا فالدية. 3- وإلا فالحكومة والأرش.
[2]: راجع كتاب الديات(2).
[3]: راجع كتاب الديات(3).
المسألة 371:
[1]: الظاهر أنّ المراد (بيت المال)، ويحتمل أن يراد مطلقاً، فإذا لم يكن في
ص: 396
يتمكنون من الاكتساب، أو يتمكنون ولكن ليس لهم كسب.
* وذلك لأنه من شؤون بيت المال، كما قرر في كتاب الزكاة[2]، وذكرناه في (فقه الاقتصاد) وغيره، هذا بالإضافة إلى أنّ القوانين الإسلامية هي بصورة تقضي على الفقر شيئاً فشيئاً ، وذلك للحريات الكثيرة الموجودة ولغيرها[3].
المسألة 372: الدولة الإسلامية مكلفة[1] بوفاء ديون الغرماء الذين لم
-------------------------
بيت المال شيء وجب عليها الاقتراض أو الاتجار، أو استخراج المباحات؛ وذلك لأنّه: «ملعون ملعون مَنْ ضيع من يعول»(1) ولأنّها نصبت لحفظ مصالح الناس، فتأمل.
ثم هنا بحث: وهو أنّ الفقراء هل هم مورد، أو يجب إعطاؤهم حتماً؟ وهنا يأتي البحث السابق أيضاً.
ثم إنّ هذا كله بالعنوان الأولي، وأمّا بالعنوان الثانوي - كانحراف الفقراء وثورتهم وإيجادهم للهرج والمرج لو لم يؤمن ما يحتاجونه - فاللازم ذلك من باب مقدمة الواجب أو الحرام.
[2]: والخمس للفقراء السادة، راجع فقه الاقتصاد والدولة(2).
[3]: كتشويق الإسلام الناس للإنفاق.
المسألة 372:
[1]: راجع المسألة السابقة(3).
ص: 397
يتمكنوا من الوفاء، ولم يصرفوا الدين في الحرام والباطل[2]، من غير فرق بين أن يكون المديون حياً أو ميتاً.
* وذلك لما دل عليه النص والفتوى، كما في كتاب الزكاة.
المسألة 373: لو غم الأفق فطارت الطائرة فوق السحاب ورأى من فيها الهلال، وتيقن بأنه لو لم يكن سحاب لرؤي الهلال في الأفق، كان الأفق محكوماً بأنه أول يوم من الشهر.
* لأن المفروض[1] أنّ الهلال يرى في هذا الأفق - بصورة طبيعية - وإنما منعه عن الرؤية مانع وهو السحاب، ولا اعتبار بهذا المانع.
-------------------------
[2]: هل هو قيد في قبال الحرام؟
المسألة 373:
[1]: هذا مبني على بحث كلّي، وهو: أنّ الرؤية موضوعية أو طريقية، ظاهر الأدلة الأوّل، لقوله: «صُمْ للرؤية»(1).
لكن الموضوعية وإن كانت قانوناً عاماً إلاّ أنها في أمثال العلم واليقين والرؤية تعتبر طريقية، (راجع كتاب الصوم من الفقه)(2).
فالملاك كون الهلال في مدى الرؤية الطبيعية، بحيث لولا المانع لرؤي.
ويقرّبه: إنّه لو كان في بلد عميان وعلموا بوجود الهلال لا بالطرق الشرعية،
ص: 398
المسألة 374: لا يصح[1] وقف الإنسان نفسه أو بعض من يتعلق به من الأحرار، والظاهر[2] أنّ ما في الآية الكريمة: {مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً}(1)
-------------------------
بل بشهادة فاسق، فهل لا يحكمون بالشهر؟ إنّه بعيد جداً.
وعليه: فلو علم الفلكي لا بولادة الهلال فقط، بل بِكونه في مدى قابل للرؤية بالعين الطبيعية ثبت الشهر.
وقد تناقض فتوى صراط النجاة في ذلك، ففي الجزء الثالث أفتى أنّه يكفي، وفي جزء آخر أفتى أنه لا يكفي (2).
المسألة 374:
[1]: فإنّه لا وقف إلاّ في ملك.
[2]: الآية الكريمة في النذر لا في الوقف، فتأمل. وسيأتي في المسائل اللاحقة الفرق بينهما.
ص: 399
كان خاصاً[3] بالأُمم السابقة، وإذا كان للإنسان عبد يصح له وقف العبد.
* إذ سلطة[4] الإنسان على نفسه حكم لاحق[5]، فلا يصح[6] له سلبه إلا في مثل إجارة الإنسان نفسه وما أشبه مما ثبت في الشريعة، أما تسلطه على غيره فلا يصح لوجهين[7]،
-------------------------
[3]: لو قلنا: إنّ الاستصحاب لا يجري فهو واضح، ولو قلنا: إنّه يجري فالأمارة واردة عليه.
[4]: الظاهر أنَّ الدليل ما ذكرناه، وأمّا هذا الدليل فينقض بالسلب بمثل النذر والعهد والإجارة، كما سيأتي في المسألة اللاحقة(1).
[5]: راجع الفرق بينهما ذاتاً وآثاراً في المؤلفات المؤلفة لهذا الشأن(2).
[6]: قد يُقال: إنّ سلطة السلب هي من السلطة على نفسه.
وفيه: إنه خلاف الظاهر من مثل: السلب الكلّي، لا السلب الجزئي في مثل الإجارة ونحوها، فتأمل.
وعليه فالاستثناء في كلام المصنف (رحمه اللّه) (إلاّ من مثل ...) منقطع.
[7]: إنّه خلاف السلطنة، وإنّه تصرف في الغير بلا مسوغ، أي: إنّه تصرف في الغير مزيل للسلطنة. وقد يُقال: إنّه خلاف الغبطة(3) التي تشترط في تصرفات الولي(4).
ص: 400
وعلى أي حال، فلا تستصحب[8] الشريعة السابقة بما علم عدمه في هذه الشريعة، كصوم الوصال والصمت وما أشبه.
المسألة 375: يمكن الحصول على فائدة الوقف[1] بالنذر والعهد واليمين والشرط[2]، كأن ينذر أن يخدم معاهد العلم ودور العبادة والمستشفيات وما أشبه ذلك.
* وذلك لإطلاق أدلة النذر وشبهه، ولا يخفى أنّ هذا بالنسبة إلى نفسه لا إلى غيره[3]، فإنه لا يصح النذر على غيره.
المسألة 376: هل يصح[1]
-------------------------
[8]: بل قد يُقال: مطلقاً لبطلان الاستصحاب في ذلك، إلاّ أنّه خلاف المختار.
المسألة 375:
[1]: وإن لم تكن مثله في كلّ الأحكام، مثلاً: النذر قابل للحلّ من قبل الزوج والأب دون الوقف.
[2]: في ضمن العقد اللازم.
[3]: مثل: نذر الآباء أن يصنعوا ذلك بأبنائهم. وراجع المسألة السابقة(1).
المسألة 389:
[1]: راجع شرائط النذر، وهل إنّها تتحقق هنا؟(2)
ص: 401
أن ينذر[2]، [3] الإنسان دمه، فيكون حاله حال ما إذا نذر نفسه، فكلما زاد الدم في جسمه سحبه لإعطائه إلى الجهة المنذور لها أم لا يصح؟ احتمالان[4]، وإن كان لا يبعد صحة النذر.
* لإطلاق أدلة النذر، وكذا بالنسبة إلى اليمين والعهد والشرط.
المسألة 377: الظاهر أنه لا يصح أن يوقف الإنسان دمه حتى يكون من قبيل وقف البئر التي تمنح ماءها للجهة الموقوفة لها، وربما يحتمل الصحة.
* عدم الصحة لأنّ أدلة الوقف منصرفة[1] عن مثل ذلك، واحتمال الصحة ضعيف، ومنه يعلم حكم وقف سائر أعضاء الإنسان.
المسألة 378: هل يصح أن يوقف[1] الإنسان أو ينذر أعضاءَهُ بعد موته، كأن ينذر قلع عينه لاستفادة أعمى، أو ينذر قطع رجله لاستفادة أعرج أو
-------------------------
[2]: ومثله: العهد واليمين والشرط وقد ذكرها المصنف (رحمه اللّه) .
[3]: مع الرجحان في المتعلق.
[4]: لم يظهر وجه الاحتمال الآخر.
المسألة 377:
[1]: ولعدم التأبيد؛ ولعدم جريان السيرة، ولو كان ذلك مستحباً لفعله ولو واحد منهم (عليهم السلام) أو أصحابهم، فتأمل.
المسألة 378:
[1]: راجع المسألة السابقة(1).
ص: 403
ما أشبه ذلك؟ فيه احتمالان.
* وإن كان الاحتمال الأولي الصحة[2]؛ لأنّ الناس مسلطون[3] على أموالهم وأنفسهم، ولا فرق في شمولية[4] القاعدة حياً وميتاً إلا ما خرج بالدليل، وأدلة المنع لا تشمله، إذ (لا ضرر)[5](1) بعد الموت و (حرمته ميتاً كحرمته وهو حي)(2) لا تشمل مثل ذلك؛ لأنه ليس عرفاً خلاف الحرمة[6] بعد الموت،
-------------------------
[2]: لكنه خلاف أدلة دفن الميت أولاً؛ إذ الظاهر دفن الجميع على مبنى المشهور من أن الألفاظ لا تقبل فيها التسامحات العرفيّة.
وثانياً: لما في العروة(3) من لزوم دفن جميع أجزاء الميت حتى ظفره وسنه و... ثم إنه هتك كما سيأتي.
نعم، لو انطبق عنوان الأهم والمهم جاز.
[3]: لا سلطة فيما حرّمه الشارع.
[4]: قد يُقال بالانصراف كحال الحياة، وقد يرد بأنّه بدوي، فتأمل.
[5]: خلاصة أدلة المنع: 1- إنّه خلاف أدلة وجوب الدفن. 2- إنّه هتك. 3- إنّه ضرر. 4- إنّه خلاف «فتوقي الميت»(4).
[6]: الظاهر أنّه هتك عرفاً، إلاّ في مثل الشعر ونحوه، اَما قلع العين وقطع اليد فهي هتك، فتأمل.
ص: 404
كما أنّ غسل الميت بالماء البارد[7] في الشتاء ليس خلاف الحرمة، وإن لم يجز[8] ذلك حال الحياة - في صورة الضرر - لدليل (لا ضرر). نعم، ورد في حديث: «فتوقى الميت مما توقي منه نفسك»(1)، وذلك في مثل المثال محمول[9] على الاستحباب.
هذا فيما لو نذر عضواً[10] من أعضائه أو عضوين أو ثلاثةً مثلاً ، أما لو نذر جميع أعضائه بحيث لا يبقى منه شيء للدفن فهل يجوز ذلك؟ مشكل لأن دفن الميت المسلم حكم، لاحقٌّ حتى يجوز له إسقاطه.
المسألة 379: هل يصح[1] الصلح والهبة[2] على الأعضاء ليستفاد منها
-------------------------
[7]: الظاهر ورود النص بالجواز(2) - على كراهة - ثم إنّه ليس هتكاً.
[8]: الفرق هو انتفاء الموضوع حال الموت دون الحياة.
[9]: وجهه غير واضح، إلاّ أن تكون الرواية ضعيفة.
[10]: الأعضاء مختلفة، حتى لو لوحظ التسامح العرفي؛ إذ مع بعضها لا يصدق عنوان (دفن الميت).
المسألة 379:
[1]: راجع المسألة السابقة(3).
[2]: يشترط في صحة الهبة القبض والإقباض، وفي تحققه في المقام غموض.
ص: 406
بعد موته، كما ذكر في المسألة السابقة؟ احتمالان: الصحة: لأنّ (الناس مسلطون على أنفسهم)[3]. والعدم: لأنّ المنصرف من السلطة غير ذلك، بالإضافة إلى احتمال حرمته.
* ولعل الأقرب في بعض الأعضاء الصحة لإطلاق الأدلة بلا مانع[4].
المسألة 380: هل يمكن الاعتماد على قول الروح المستحضر في كونه[1] دائناً لفلان أو مديوناً أو ما أشبه ذلك؟ الظاهر لا، إلا إذا أورث علماً[2] ، ولم يكن الشارع حصر السبب في أمر خاص[3].
* كل من المستثنى منه والمستثنى على وفق القاعدة.
المسألة 381: ما ذكر في المسألة السابقة أنما هو في ما إذا كان للميت
-------------------------
[3]: المتعارف من سيرة العقلاء، وقوله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ}(1).
[4]: راجع المانع فيما تقدّم(2).
المسألة 380:
[1]: أي: نفس الروح.
[2]: أو اطمئناناً.
[3]: راجع الأقسام الثلاثة فيما سبق، أوائل الكتاب(3).
المسألة 381:
ص: 407
صغير أو نحوه[1]، أما إذا أراد الأولياء الكبار دفع المال، لمن ذكر الروح أنه مديون إليه[2]، فلا إشكال في جوازه.
* فإنه أقرب إلى التبرع من التقاضي الذي يجب أن يكون بموازينه.
المسألة 382: هل يمكن الاعتماد بلفظ العقد أو الإيقاع الذي يجريه الروح؟ مشكل[1] جداً.
* لانصراف الأدلة عنه، وكذا بالنسبة إلى أداء الروح صلاة الميت وصومه وما أشبه.
المسألة 383: لا يجوز التعاون مع دوائر الأمن والاستخبارات والسعاية على المؤمنين، ومن أقسام السعاية: رفع التقارير المعمول به في دوائر الأمن والاستخبارات، في الدول غير المشروعة.
* لأنّ التجسس والسعاية حرام نصّاً وفتوى[1]، نعم في الدولة المشروعة
-------------------------
[1]: كالمجنون.
[2]: وكذا إذا أراد المديون أن يدفع المال لأولياء الروح، فأنه لا إشكال فيه مطلقاً.
المسألة 382:
[1]: إلاّ لو كانت المعاملة مما يصح فيه المعاطاة، فإنّ الاعتماد حينئذٍ يكون عليها لا على اللفظ، إلاّ أنّ هذا الاستثناء منقطع كما لا يخفى.
المسألة 383:
[1]: وأيضاً هذا من مصاديق إعانة الظالمين، وإنه إضرار، وكشف سرّ وغيبة
ص: 408
- مائة في المائة - التي تكون تحت إشراف شورى الفقهاء المراجع[2] يجوز التعاون للبعض على غير المؤمنين فقط، وفي ظروف خاصة ذكرناها في بعض كتبنا، وذلك لقانون الأهم والمهم[3]، [4]، وهو قانون ثانوي وليس مطلقاً، أما ما يتعارف اليوم في البلاد الإسلامية وغيرها من كثرة الجواسيس ومنعهم حريات الناس وصرف الأموال الطائلة على الاستخبارات فهو غير جائز.
المسألة 384: لا يجوز حفظ زلات المؤمن في تقرير أو كتاب أو ما أشبه، وإن لم يوجب[1] ذلك ابتلاءه أو افتضاحه بها في المستقبل، فكيف بما يوجب ذلك؟
* وذلك لحرمته نصاً وفتوى، إجماعاً وعقلاً.
-------------------------
ونميمة، إلى غير ذلك من العناوين المحرّمة. كما أنّه يؤدي إلى بعض المحرمات ككبت الحريات.
[2]: بناءً على أنّ الشرعية منحصرة بحكومتها.
[3]: وهو أعم مما ذكره (رحمه اللّه) ، ثم إنّ المصنف (رحمه اللّه) جوّز الرقابة على موظفي الدولة، فإذا ساغ لها ساغ للمتعاون(1).
[4]: الظاهر ورود روايات في بعض الجزئيات أيضاً، راجع (السياسة)(2) ونحوها.
المسألة 384:
[1]: فيه نظر إذا لم يترتب عليه أي محرّم، والأدلة معلّلة ب- «ليعيّره بها يوماً
ص: 409
المسألة 385: ما ذكر في مسألة (383، 384) أنما هو بالنسبة إلى المؤمن[1]، أما بالنسبة إلى من يريد هدم الإسلام أو تشويه سمعته بإشاعة الفحشاء وترويج المخدرات وما أشبه ذلك، فلا بأس بإيقافه عند حده، بسبب رفع التقرير أو حفظ سوابقه، بل قد يجب حفظاً للإسلام ولبلاد المسلمين.
* كأهل البدع كما ذكره الفقهاء في المكاسب المحرمة؛ وذلك لأنه من قانون الأهم والمهم[2]، وقد ذكرنا في (الفقه) أنّ على هذا القانون
-------------------------
ما»(1) - أو نحو ذلك - والإجماع دليل لبي يؤخذ منه بالقدر المتيقن، والعقل لا يحكم بأزيد من ذلك، ومثل ذلك حفظها في صفحات الأذهان.
المسألة 385:
[1]: مضى التأمّل. ثم المراد هنا المؤمن المستقيم بقرينة ما سيأتي.
[2]: وأيضاً هو ردع عن المنكر بمنكر أقل، أي: دفع الأفسد بالفاسد، إلاّ أن يُقال: إنّ مآل ذلك إلى الأهم والمهم. وأيضاً: هو من مستثنيات باب الغيبة، فراجع(2).
ص: 410
الأدلة الأربعة[3](1).
المسألة 386: الظاهر أنه يجوز تغسيل الميت وتحنيطه وتكفينه ودفنه بالمكائن، لكن يشترط في ما يحتاج إلى المباشرة[1] وقصد القربة أن يحرك الماكنة الإنسان الجامع للشرائط، وإنما يجوز ذلك لصدق[2] (أنه غسله) وهكذا.
* فإنّ الإطلاق يشمل اليد والآلة ولا يرى العرف خصوصية في
-------------------------
[3]: فمن السنة: «مسألة تترس الكفار بالمسلمين»(2)، وكسر أواني الخمر(3) . ومن الكتاب العزيز: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ... وَلِيُخْزِيَ}(4).
المسألة 386:
[1]: أي: لا يقصد وجوده بأي نحو اتفق، كتطهير بدن الميت، فإنّه يحصل ولو أسقطته الريح في الماء.
[2]: إذ التسبيب كالمباشرة؛ ولذا يُقال: قاتل ولو قتله بالتسبيب، كالآلة. وكذا
ص: 411
المباشرة[3]،
وكذلك بالنسبة إلى أشباه ذلك واجباً أو مستحباً، كبناء المسجد بالآلة ونحوه. والحاصل: إنّ الأصل الإطلاق إلا ما خرج بالدليل[4].
المسألة 387: هل تشترط المماثلة في الغسل بالماكنة كما يشترط في المباشر؟ احتمالان.
* من الانصراف[1] إلى المباشر، ومن الإطلاق، لكن الأول أقرب إلى المركوز[2] في الذهن.
المسألة 388: يجوز[1] صيد الحيوانات المتعددة بآلة واحدة، كما لو
-------------------------
الصيد كما سيأتي في المسألة 388(1).
[3]: هذه المباشرة غير تلك المباشرة.
[4]: كقراءة القرآن الاستئجارية مثلاً، فلا يصح أن يفتح المسجلة التي تقرأ، أو كالصلاة على الميت بالإنسان الآلي الذي يحرّك بالأزرار.
المسألة 387:
[1]: أي: المماثلة فقط في صورة المباشرة.
[2]: لعله باعتبار أنّ الاشتراط باعتبار أنّ عدم المماثلة هتك لحرمة الميت، أو مظنة الفساد أو الأفكار السيئة، وهذه منتفية في التغسيل بالآلات ونحوه، فتأمل.
المسألة 388:
[1]: لصدق عنوان الصيد بالسلاح أو نحوه (راجع لفظ النص)(2).
ص: 412
رمى عشر رصاصات من بندقية مرة واحدة[2] على عشرة غزلان، ويكفي التسمية مرة واحدة حينئذ.
* إذ لا دليل على التعدد بعد صدق أنها مما ذكر اسم اللّه عليها، ومنه يعلم ما لو ذكر اسم اللّه على مجموعة من الشياه أو الدواجن التي تذبح في آن واحد معاً، أما لو كان الذبح واحداً تلو الآخر فكل يحتاج إلى ذكر اسمه تعالى.
المسألة 389: الظاهر أنّ بناء المسجد والحسينية وسائر الأوقاف في القمر أو سائر الكواكب حاله حال البناء[1] في الأرض في جميع الخصوصيات؛
-------------------------
[2]: فيه نظر؛ إذ الظاهر انحلالية الذكر بعدد أفراد المذبوح، وإلا لم يكن فرق بين الدفعي والتدريجي، إلاّ أن يُقال: الفارق هو العرف، فتأمل.
وقد ينظر لذلك بالقبول لعدة عقود تدريجية أو دفعية، أي: لعدة إيجابات، فتأمل.
المسألة 389:
[1]: نعم، لو فرض أنّه لم يستفد منه أبداً، ولم يكن في معرض الاستفادة ففي الشمول تأمل، كما سيأتي في المسألة (390)(1).
وقد يرد ذلك بالإطلاق، وبأدلة (بناء المسجد في طريق مكة ولو كمفحص قطاة)(2)، فراجع.
ص: 413
لإطلاق الأدلة.
* فللباني ما ورد من الأجر والثواب، ولا يجوز للجنب أن يمكث في المسجد مثلاً وهكذا، ولو قيل بالانصراف إلى الأرض فالجواب: إنه بدوي.
المسألة 390: بناء المسجد في الفضاء، بأن تجعل محطة ثابتة بقصد المسجد ليكون مصلى للمرتادين لا مانع فيه، وقد ذكر[1] الفقهاء صحة بناء المسجد في أرض مستأجرة[2] لمدة معينة، وذلك لإطلاق الأدلة.
* حيث قال: «الوقوف على حسب ما يقفها أهلها»(1) من غير فرق بين أن يكون البناء خاصاً بالمسجد، كاختصاص القمر الصناعي كله بالمسجد، أو في ضمن مجموعة بيوت كالمساكن الفضائية، ويصح ذلك فيما إذا كان فيه رواد، أما إذا كان البناء بدون رواد إطلاقاً فيشكل[3] صدق المسجد
-------------------------
المسألة 390:
[1]: يحتاج للمراجعة من حيث اشتراط التأبيد في الوقف(2).
[2]: الظاهر أنّه ترقى عما سبق؛ إذ الكلام سابقاً في المحطة الثابتة، وهنا في المؤقتة.
[3]: راجع ما ذكرناه في المسألة (389)(3).
ص: 414
عليه. فتأمل. كما أنه كذلك لو بنى المسجد بهذه الكيفية في الأرض، وهكذا في المستثنى منه والمستثنى حال المدرسة والحسينية وغيرهما.
المسألة 391: بناء المسجد في الفضاء إذا كان متحركاً كبنائه في الأقمار السيارة الدائرة حول الأرض، هل يصح أم لا؟ احتمالان، والمقصود ترتب أحكام المسجد على ذلك المبنى، والظاهر الصحة.
* للإطلاق[1]، سواء في المسجد الثابت أم المتحرك والانصراف إلى الثابت بدوي.
المسألة 392: لو فكك القمر الصناعي الذي كان مسجداً، فالظاهر أن محله في الفضاء لا يكون[1]، [2] بحكم المسجد، أما أجزاءهُ
-------------------------
المسألة 391:
[1]: ولكن ينقض بأنّه يجعل غرفة من القطار مسجداً، فهل يصح ذلك؟
وقد يُقال: لا مانع منه، والتحرك لا يمنع، فهو كتحرك نفس الكرة الأرضية. وعليه هل يصح أن يجعل سيارة كاملة مسجداً فهي تنتقل من مكان لآخر كمسجد؟
وقد يُقال بالتفصيل بين الصغير المتحرك - كالسيارة- والكبير كمدينة متحركة عائمة فوق البحر يجعل جزء منها مسجداً، فتأمل.
المسألة 392:
[1]: قد يفصل بين الثابت والمتحرك، ففي الأوّل يكون فضاؤه بحكم المسجد كالأرض.
[2]: ولعله لأنّ الأحكام تابعة للعنوان، والعنوان غير صادق عرفاً، فهو كجعل
ص: 415
فالظاهر[3] بقاؤها بحكم المسجدية، كما إذا هدم المسجد في الأرض، إلا أن تسقط عن الانتفاع على التفصيل الذي ذكروه في مساجد الأرض.
* أما الأول فلأن المدار الفضائي لا يصدق[4] عليه المسجد، وأما الثاني - أي الأجزاء - فلإطلاق الأدلة.
المسألة 393: لا يجوز مزاحمة السابق إلى موضع في القمر أو في الفضاء، فلو أطلق قمراً صناعياً في مدار خاص لم يجز لآخر أن يطلق
-------------------------
مسجد الأرض شارعاً.
وهل يُقال: بذلك في الملك؟ فلو جعلته الحكومة شارعاً فهل لا يُقال: (ملك فلان)؟
وقد يلتزم بعدم الصدق في الموردين، والأحكام تابعة للعناوين (راجع بحث الاستصحاب(1) وبحث الاستحالة في الفقه)(2).
[3]: راجع العروة، بحث أحكام المسجد من مكان المصلي(3).
[4]: مضى التفصيل والتأمل.
المسألة 393:
ص: 417
قمره في نفس ذلك المدار[1]، وكذلك لو حاز شيئاً من القمر وحجره لم يكن لآخر أن يحتل ذلك الجزء المحاز، لقاعدة (من سبق إلى ما لا يسبقه إليه المسلم فهو أحق به)(1).
* فإن إطلاقه كما يشمل الأرض يشمل الفضاء والقمر وغيرهما، ولا يخفى أنه يشترط في الحائز أن لا يضر[2] الآخرين.
-------------------------
[1]: الظاهر أنّ مراده (رحمه اللّه) مجموع المدار لا خصوص الحيّز الذي يشغله القمر، وفيه نظر، فإنّ سيارة لو سارت من قم إلى طهران فهل يعتبر طول هذا الخط حقاً لها أو خصوص ما تشغله فعلاً؟
نعم، الأولى الإيكال في مقدار الحقّ إلى العرف، بناءً على أنّ كلّ حقّ عرفي شرعي، أو صدق «من سبق» بذلك المقدار.
[2]: راجع تفاصيل ذلك في (الاقتصاد)(2). كما يشترط على مبنى المصنف (رحمه اللّه) أن لا يأكل حقّ هذا الجيل والأجيال الآتية؛ إذ السبق إنّما يكون في إطار {لكم}(3).
وفيه تأمل، كما في «الزكاة حقّ للفقراء» أو «الخمس ...»؛ إذ لا يجب التوزيع كما ذكر في محله(4)، وكذلك وقف المدرسة للطلاب؛ إذ لا يجب الاستيعاب، فتأمل وراجع.
ص: 418
المسألة 394: بناء[1] المسجد الثابت أو السائر في البحر والمحيط حاله حال بناء المسجد في الفضاء على ما تقدم في المسألة (392 و393) من غير فرق بين أن يكون فوق الماء أو في جوف الماء أو على أرض البحر.
* للإطلاق أيضاً.
المسألة 395: يصح الوقف[1] لرواد الفضاء، كما يصح الوقف لاكتشاف الفضاء، فلو وقف بنايات ومؤسسات لتصرف أرباحها لمرتادي الفضاء، أو لصنع الأقمار صح، نعم لابد أن يتوفر في الوقف جميع الشرائط التي ذكرها الفقهاء في كتاب الوقف(1) .
* لإطلاق قوله (عليه السلام) : «الوقوف على حسب ما يقفها أهلها»(2).
-------------------------
المسألة 394:
[1]: في المسألة بعض الفروع ذكرت سابقاً(3).
المسألة 395:
[1]: ومثله العهد والشرط و... كما سبق نظيره(4).
ص: 420
المسألة 396: يستحب[1] إغناء الإنسان نفسه، فقد ورد في الحديث:
-------------------------
المسألة 396:
[1]: تارة يبحث في الغنى والفقر بما لهما من العنوان الذاتي، وأخرى بما يطرأ عليهما من العناوين الطارئة.
أمّا باللحاظ الأوّل فقد يُقال: إنّ الفقر هو المستحب، ويدل عليه: أنّه نوع زهد، علماً بأنّ الزهد له معنيان، كما قد يظهر من بعض الأحاديث(1).
فقد ورد: «أن سليمان (عليه السلام) يدخل بعد الأنبياء (عليهم السلام) »(2)، و«الفقر فخري»(3)، و«أجالس المساكين»(4)، والروايات المادحة للفقر كثيرة(5)، وقصص العلماء كثيرة. وكذلك رواية (بطحاء مكة)(6) فرفض (صلی اللّه عليه وآله وسلم) . وكذلك «وما أصنع بفدك...»(7).
ص: 421
«نعم العون على الدين الغنى»(1)، وإذا توقف القيام بالمهمات الإسلامية الواجبة على الغنى وجب[2]، [3].
* ولا منافاة بين استحباب الزهد وبين استحباب الاستغناء، فإنّ الزهد[4] أن لا يملكك شيء لا أن لا تملك شيئاً، كما قاله علي (عليه السلام) ، أمّا ما ورد من مدح الفقر والثواب عليه(2) فهو كما ورد[5] في الثواب على المرض ومدح المبتلى به(3)، إضافة إلى ما ورد من قوله: «كاد الفقر أن
-------------------------
وأما رواية «نعم العون»(4) فالظاهر أنه بما له من العنوان الطارئ، أي: المقدمية.
[2]: لأنه مقدمة للواجب المطلق.
[3]: عقلاً.
[4]: الظاهر أن له معنيين كما سبق.
[5]: أي: لو ابتلي فليصبر، لا أنه ممدوح في حدّ ذاته. هذا ولكن يحتمل كونه
ص: 422
يكون كفراً[6]»(1) وقوله: «الفقر سواد الوجه في الدارين»(2) إلى غير ذلك، وهناك أجوبة أخرى تطرقنا إليها في بعض كتبنا.
المسألة 397: من القريب جداً وجوب تحصيل الغنى وتفوق المسلم على الكافر في الثروة، حتى لا يكون هناك كافر أثرى من المسلم، خصوصاً[1] إذا كان عدم الغنى سبباً لمنقصة في المسلمين، أو سبباً للازدراء بهم، أو سبباً لأن يقال: إنّ المسلمين متأخرون فكرياً، أو أن دينهم سبب جمودهم أو ما أشبه، مما يوصم به الدين من خلال اتهام المسلم.
* وذلك لقوله[2]،
-------------------------
محبوباً في حدّ ذاته؛ لأنه مما يوجب الثواب الجزيل في الآخرة، فتأمل.
[6]: الظاهر المقدمية وكذلك (السواد)، فتأمل.
المسألة 397:
[1]: الظاهر أنه لا وجوب له في حدّ ذاته، وإنما بالعناوين الطارئة، سواء كانت سلبية كما ذكره (رحمه اللّه) ، أم إيجابية، مثل: إنه مقدمة وجودية للهداية، فإن الأمم تتبع الأقوياء. وسيأتي من المصنف (رحمه اللّه) الإشارة إلى ذلك.
[2]: وقبل ذلك قوله تعالى: {وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ}(3)، و {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ ...} (4).
ص: 424
[3]: «الإسلام يعلو ولا يعلى عليه»(1)، ولأدلة وجوب الدفاع عن الإسلام والمسلمين ولغير ذلك، لكن ذلك[4] بالعنوان الثانوي لا العنوان الأولي. فتأمل، فالوجوب يدور مدار بقاء الموضوع، والوجوب في مورده كفائي ومقدمي[5].
المسألة 398: يجري أحكام (الوطن) و (السفر) و (الإقامة) و (كثرة السفر) في أبواب الصلاة والصيام بالنسبة إلى مرتادي الفضاء والقمر وسائر الكواكب، وكذلك بالنسبة إلى البحارين فوق الماء أو تحت الماء أو في قعر الماء كمحطة الغواصات وما أشبه.
-------------------------
[3]: لكن يحتمل كون المراد الحجة. ثم إنّه ورد في الرواية (الإسلام)(2) لا (المسلمون) ، ثم إنّ الرواية تحتاج إلى مراجعة سندها(3). وقد سبق من المصنف (رحمه اللّه) البحث في هذه الرواية(4).
[4]: الظاهر أنه عدول عما ذكر في أول المسألة ، إلاّ أن يُقال: إنه قضية خارجية، وأطلق الحكم لأنه كذلك خارجاً فعلاً أو دائماً.
[5]: فيكون عقلياً.
المسألة 398:
ص: 425
* لإطلاق[1] الأدلة الشامل للجميع، ولصدق[2] السفر عرفاً.
المسألة 399: إذا قلنا بصحة الاعتكاف في كل مسجد[1](1)، صح الاعتكاف في المساجد[2] التي تبنى في القمر والفضاء والبحر، كما تقدم في المسألة السابقة وغيرها.
* والانصراف[3] إلى مساجد الأرض لو قيل به بدوي، فالإطلاق يشمل كل المساجد.
المسألة 400: لا تحتاج الجمعيات والهيئات والتكتلات[1] إلى الإجازة،
-------------------------
[1]: قد يُقال: إن أدلة السفر لا تشمل السفر العمودي للانصراف. وفيه: أنه بدوي (راجع صلاة المسافر) (2).
[2]: الظاهر أنه ليس دليلاً مقابلاً لما ذكر في الدليل الأوّل.
المسألة 399:
[1]: أو في خصوص المسجد الجامع، وإن لم يكن من المساجد الأربعة.
[2]: وعلى القول الآخر في خصوص المساجد الجامعة منها.
[3]: كأنه ناشئ من التعارف الخارجي، وقد ثبت أن التعارف لا يقدح في الإطلاق.
المسألة 400:
[1]: سواء كانت دينية أم وطنية أم سياسية، بالقيود المذكورة في محله.
ص: 426
فإنّ الإسلام أعطى الحرية الكاملة[2] للإنسان المسلم فيما عدا المحرمات، وهي شيء مبين في الشريعة.
* وحيث إنّ الغرب[3] قرر الإجازة وتبعه المسلمون من غير تفكير[4] توهموا الاحتياج إلى الإجازة، حتى إنّ بعضهم يقول: انه مقتضى النظام، لكن الجواب: إنّ النظام في إطار الشرع لا في إطار الغرب.
المسألة 401: لا تحتاج الشركات ولا البناء والعمارة والزراعة والصناعة والتجارة والاستيراد والإصدار والتأليف والنشر والخطابة والتأسيس وفتح المشاريع والسفر والإقامة وحيازة المباحات وتحجير الأراضي، وما أشبه[1] ذلك إلى الإجازة والرسوم، فإنّ الإسلام منح المسلم الحرية الكاملة فيما
-------------------------
[2]: ويدل عليه {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ}(1) وأن «الناس مسلطون...» وأنه عمل مباح ولا يجوز المنع عن العمل المباح بالضرورة والإجماع، وأنه نوع ظلم وتويٍ لحق(2). راجع المسألة اللاحقة(3).
[3]: وعلى الفرض، فالضرورات تقدر بقدرها.
[4]: أو للعمالة.
المسألة 401:
[1]: راجع (الحريات)(4).
ص: 427
عدا مزاولة المحرمات.
* وقد دل[2] على الحريات الإسلامية الأدلة الأربعة، قال تعالى[3]: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}(1)، وقال (صلی اللّه عليه وآله وسلم) : «الناس مسلطون»(2)، فالإنسان حر في جميع الأشياء إلاّ المحرمات وما أقلها[4]، سواء كانت محرمات أولية، أو ثانوية مثل استلزام شيء من ذلك الضرر على النفس ضرراً بالغاً، أو على الغير، وإن لم يكن بالغاً أي كثيراً ، فإن رضي الآخر بالضرر القليل لم يمنع منه كما قرر في بحث (لا ضرر)(3).
المسألة 402: لا يحق للسلطة كبت الحريات التي ذكرت في المسألة (400) و (401)، ولو منعت السلطة لم يجب[1]
-------------------------
[2]: راجع المسألة السابقة(4).
[3]: قد يُقال: إن الآية ناظرة إلى الأغلال الخارجية والآصار التي كانت فليست قضية حقيقية، إلاّ أن يستفاد الملاك وعدم الفارق عرفاً، فتأمل.
[4]: ولعلّ منع آدم (عليه السلام) من أكل الشجرة - وهي واحدة- رمز إلى ذلك.
المسألة 402:
[1]: بل ذهب (رحمه اللّه) إلى وجوب خرقها، فإنه نوع ردع المنكر، حيث إنه يستلزم وهن القانون وسقوطه بالنتيجة.
ص: 428
اتباعها[2]، إلا إذا كان حاكماً إسلامياً عادلاً أمضاه[3] شورى الفقهاء المراجع، وكان[4] المنع لمصلحة الإسلام[5] أو كان في المزاولة ضرر بالغ.
* لا يحق للسلطة كبت الحريات للأدلة الأربعة[6]، ولو منعت لم يجب اتباعها؛ لأنه «لا طاعة[7] لمخلوق في معصية الخالق»(1)، ولأنه يجوز للإنسان أن يأخذ بحقه، أما المستثنى فلأنّ سلب الحرية عن فرد أو جماعة حينئذ يكون لقاعدة (الأهم والمهم) وقاعدة (لا ضرر) أو ما أشبه، ولا يكون[8] للسلب حينئذٍ صبغة القانون؛ لأنه من الاستثناء، كالصلاة قاعداً ، والإفطار للمسافر، أما ما نراه اليوم في البلاد الإسلامية من كبت جميع الحريات باسم القانون فغير جائز.
-------------------------
[2]: إلاّ لو قيل: إن اتباع الأنظمة الوضعية لازم.
[3]: بناءً على أنه هو الحاكم. نعم، لو لم يمكن فوصلت النوبة إلى أي فقيه لم يقيد بذلك، بل وكذا لو لم يمكن، فوصلت النوبة إلى عدول المؤمنين.
[4]: أي: لم يقطع ببطلانه، وإلا وجب اتباعه.
[5]: لو قيل: إن الاتباع في الموضوعات لازم، أو كان من الموضوعات العامة وقيل بالنفوذ لرأيه فيها.
[6]: راجع مسألة (401)(2).
[7]: ولدليل السلطنة وكل شيء حلال.
[8]: فيتقدر بقدره. نعم، لو رأى الحاكم الشرعي إطلاق القانون؛ لأنه رأى أنّ تقييده بالضرر أو نحوه يسبب محذوراً أكبر - راجع بحث الشهرة(3) أو الخبر
ص: 429
المسألة 403: ما ذكر في المسألة السابقة من الحق في منع بعض الحريات للحاكم الإسلامي العادل بإمضاء شورى الفقهاء المراجع أنما هو مؤقت[1]، [2]، وليس كالقانون الذي إذا أجري دام مفعوله حتى ينقض بقانون آخر، وباللسان الفقهي: الأصل (الحرية في الإسلام إلاّ ما خرج بالدليل)، وفي القانون الوضعي غالباً الأصل المنع والاحتياج إلى الإجازة.
* ويكون تقرير المدة بسبب الحاكم الشرعي التابع للخبراء بكل دقة، وليس أمراً اعتباطياً حتى يكون تابعاً لمجلس[3] الوزراء أو مجلس الأمة أو ما أشبه، كما اعتاده كثير من بلاد الإسلام الذين يقلدون الغرب، هذا بالإضافة إلى أنّ مثل هذه الحكومات ليست شرعية، وإذا قرر اللاحرية حاكم غير شرعي فالإنسان مقيد بقدر الضرورة ونحوها لا بقدر القانون والمقررات[4].
-------------------------
الواحد(1) - فحينئذٍ يجب اتباعه مطلقاً، وتكون العلة علّة الجعل لا المجعول. أو بعبارة أخرى: تكون حكمة لا علّة، فتأمل.
المسألة 403:
[1]: فإن الضرورات تقدر بقدرها كما سبق.
[2]: نعم، قد لا يذكر التوقيت لبعض المصالح الخارجية، كما هو الشأن عادة في الأحكام المنسوخة.
[3]: الذين لا خبروية لهم.
[4]: بناءً على أنه يجوز مخالفة القانون الوضعي.
ص: 430
المسألة 404: يحق للإنسان الاستراحة بأن يترك عمله أو يغلق دكانه أو لا يذهب إلى الدراسة مدة فيما إذا لم يكن ملزماً بذلك بعقد أو شرط أو نحوهما[1]، نعم[2]، [3] إذا اتخذ ذلك صورة الإضراب والإثارة من جهة معينة لا يجوز إلا إذا كان له مبرر شرعي، وكذا إذا سببت تفويت واجب أو فعل حرام.
* الجواز في ترك العمل و... للإطلاقات، والمستثنى لأدلة الشرط و... وكذلك[4] يجوز الإضراب الفردي أو الجماعي، فإنه لا فرق بينهما للحرية، فإنه من حق كل الأمم الإضرابات والمطالبة بحقوقها وتبديل الحكام وغير ذلك، إلا إذا كان هناك جهة حرام.
-------------------------
المسألة 404:
[1]: كالنذر.
[2]: الظاهر الجواز مطلقاً، إلاّ لو كان فيه محذور؛ وذلك لأصالة الحرية، فالناس مسلطون، وكل شيء حلال(1)، ولعلّ ذكر المسألة بهذا النحو لغلبة وجود العناوين الثانوية أو الطارئة في مثل ذلك.
[3]: قد يُقال: إن الضغط بالإضراب لا بأس به، مثلاً: الطلبة يضربون عن الحضور إلى الدرس حتى يُرفع راتبهم، فإن عدم الحضور ليس محرماً. نعم، لو سبب ذلك هرجاً أو مرجاً أو هتكاً أو إهانة كان محرماً.
[4]: كأنه نقيض ما ذكر في أول المسألة ، إلاّ إذا أريد به في الحدود المقررة.
ص: 431
المسألة 405: إثارة الناس للإضراب، وغلق الدكاكين، وما أشبه لا تجوز[1] إلا إذا كان لها مبرر شرعي، مثل المطالبة بحق، أو بدفع منكر، أو بإقامة معروف، أو استنكار المنكر لعدوان أو ما أشبه ذلك.
* المسألة السابقة في عمل الإنسان نفسه فرداً أو جماعة بنفسه، وهذه المسألة في إثارة الآخرين، كما تفعله الجماعات الضاغطة، أو ما أشبه، والظاهر جواز ذلك لعزل الحاكم، وإن لم يكن لدفع منكر أو إقامة معروف، وذلك لأنّ من حق الشعب تغيير الحاكم، إذ يشترط[2]
-------------------------
وعلى كلٍ فالأولى: جعل الجواز هو الأصل والحرمة استثناءً لا العكس.
المسألة 405:
[1]: راجع المسألة السابقة(1).
[2]: والدليل بعض الروايات - ذكرت في فقه السياسة(2) - ولأنه يتصرف في حقّ الناس - عادةً - وللناس أن يمنعوه عن التصرّف بحقوقهم، وللوكالة.
وفيه نظر؛ إذ كلّ حاكم منصوب من قبله (عليه السلام) «فإني قد جعلته عليكم حاكماً»(3) فله الحقّ في التصرّف، وليس وكيلاً من قبل الناس حتى يعزلوه.
والخلاصة: إنه إما أنه مجعول حاكماً أو لا، فعلى الأوّل: فلا وجه لعزله إلاّ أن
ص: 432
في الحاكم غير المعصوم بالإضافة إلى رضا اللّه رضا الناس به أيضاً. نعم إذا استلزم ضرراً أو حراماً فلا يجوز[3].
المسألة 406: لو بدل مخ إنسان بمخ إنسان آخر، فتبدلت معلومات كل واحد منهما إلى معلومات الآخر، مثلاً بدل مخ طبيب عربي إلى مخ مهندس تركي، فتبدلت معلومات الطبيب ولسانه إلى معلومات المهندس ولسانه، فهل يبقى على حكمه الأول في جميع تكاليفه وتعهداته (تبعاً لجسمه) أو يرجع إلى حكم الثاني (تبعاً لمخه) أو يكون كإنسان جديد؟ احتمالات[1].
* والاحتمال الثالث أقرب[2] إلى الصناعة وذلك لتضارب الاستصحابين[3] وتساقطهما.
-------------------------
يكون مجعولاً من قبلهم، وعلى الثاني: فلا شرعية لحكمه أصلاً.
نعم، لو قيل: إن مَن جعلت له الحكومة هو: (شورى الفقهاء) فولاية الفقيه الواحد باطلة من الأساس.
[3]: أو يجعل التزاحم أو التعارض بين حقّ التبديل والضرر، وحينئذٍ يقدم الأهم، كما لو استلزم عزل الإنسان لوكيله الضرر مثلاً، فتأمل.
المسألة 406:
[1]: والاحتمال الرابع هو الاحتياط.
[2]: فيه نظر، فإنه يستلزم جواز زواجه بأم الاثنين - لو لم تكونا أختين - وببنت الاثنين، ولعله خلاف ارتكاز المتشرعة، فتأمل.
[3]: أي: استصحاب حكم المخ وحكم البدن.
هذا ولكن يحتمل أن يُقال: إن الملاك المخ؛ لأنه هو القائد والمسيّر، فتأمل.
وأن يُقال: إن الملاك هو البدن؛ لأنه عرفاً هو نفس الإنسان الأوّل منتهى الأمر
ص: 433
المسألة 407: لو لم يبدل المخ، وإنما بدلت المعلومات بواسطة التنويم ونحوه الموجب لسحب المعلومات من أحدهما إلى الآخر، فإنه يكون فيه الاحتمالات[1] المتقدمة في المسألة السابقة، إلا أنّ الاستصحاب هنا أقوى.
* أي استصحاب كونه الشخص[2] السابق، هذا إضافة إلى الصدق العرفي[3].
المسألة 408: اتفق[1] في بعض البلاد إنسان واحد كان يتقمص إنسانين، ففي مدة كانت معلوماته ولغته وعادته بشكل، وفي مدة أُخرى كانت المعلومات واللغة والعادات بشكل آخر، ولم يكن يعرف الإنسان الأول،
-------------------------
تبدلت معلوماته، فهو كنسيان بعض المعلومات. وفيه نظر؛ إذ تبديل المخ نفسه غير تبديل المعلومات أو نسيان بعضها، فتأمل.
المسألة 407:
[1]: راجع ما سبق(1).
[2]: أي: له حكم البدن.
[3]: فهو كالنسيان لشيء من معلوماته.
المسألة 408:
[1]: وقد أكد بعض مَن جاء من الغرب صحة ذلك ووقوعه.
ص: 434
كما أنه في الحالة الأولى لم يكن يعرف الإنسان الثاني، وكانت الحالتان تتناوب عليه بصورة مستمرة، فهل يحكم[2] عليه في كل حالة بحكم، أم حاله حال إنسان واحد، مثلاً: في الستة الأشهر الأولى التي كان يتكلم فيها باللغة الفارسية ويعرف الطب وأخلاقه سيئة لو استدان من إنسان أو قضيت صلاته، أو تزوج بامرأة، فهل إنه في الستة الأشهر الثانية التي يتكلم فيها باللغة الهندية ويعرف الهندسة لا الطب وأخلاقه حسنة يكون مكلفاً بإعطاء الدَّين وبقضاء الصلاة وبأنّ الزوجة زوجته، أم لا؟ احتمالان، والمسألة مشكلة، وإن كان ربما يقال بجريان الاستصحاب.
* والظاهر جريان الاستصحاب إضافة إلى أنه يصدق عرفاً أنه شخص واحد، هذا فيما يرتبط بشخصه، كالزواج وقضاء الصلوات، أما ما يرتبط بصفته، كما لو استخدم بعنوان انه طبيب أو لتسلطه على الفارسية، فبعد تغيير هذه الصفات تتغير[3] ما ترتب عليها، هذا وقد يقال بأنّ جريان الاستصحاب أيضاً مشكل[4] بعد عدم رؤية العرف وحدة الموضوع، والاحتياط الذي ليس عسراً وحرجاً سبيل النجاة.
-------------------------
[2]: راجع المسألتين السابقتين(1).
[3]: لتبدل الموضوع عرفاً بلحاظ الصفة؛ ولأنّ هذه الحيثية تقييدية، أي: أنه استخدم بقيد كونه طبيباً، والعقود تابعة للقصود، وهذا شرط ارتكازي، ومثله لو نسي الشخص المعتاد كلّ معلوماته بالمرة.
[4]: الظاهر أنه لا إشكال فيه، فتأمل.
ص: 435
المسألة 409: لا يحق[1] لإنسان أو سلطة تبعيد إنسان أو تسفيره إلاّ في المورد المقرر في الشريعة، ولو أُبعد أو سفّر بدون حق شرعي كان له أن يرجع.
* (له أن يرجع) إذا لم يوجب عليه ضرراً متزايداً ، وإلاّ حرم من جهة الضرر، والفرق بين التبعيد والتسفير اصطلاحي حيث الثاني في الإخراج من الوطن، والأول في الإخراج من بلد إلى بلد آخر في نفس الوطن، والمراد بالوطن العرفي[2]، وإلاّ ففي الشريعة كل بلاد الإسلام وطن للمسلم، حيث ورد[3]: «حب الوطن
-------------------------
المسألة 409:
[1]: وفي الآية {... وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ ...} (1) وهو خلاف السلطنة، وخلاف أصالة الحرية في الإنسان، وتعدٍ وظلم عرفاً.
[2]: الظاهر كما في صلاة المسافر أنه لم يثبت وجود وطن غير الوطن العرفي، وذهب بعض إلى ثبوت الوطن الشرعي - أي: له ملك قد استوطنه ستة أشهر...(2) - لكن لم يثبت، أمّا هذا المعنى الثالث - كلّ بلاد - فلم يظهر له دليل فعلاً؛ إذ لا حقيقة عرفية فيه، ولا يثبت اصطلاح شرعي جديد.
[3]: يحتمل كونه بمعناه العرفي، ولا مانع منه، فهو كحب الولد وحب العشيرة، فإن الإيمان يخلق في النفس حرارة تحب ما يرتبط بها، ولا يعني ذلك
ص: 436
من الإيمان»(1)، وإذا تضرر[4] بتبعيده وتسفيره فعلى من بعده الضمان.
المسألة 410: لا يتبدل[1] حكم اللّه بسبب القانون، فإذا قال القانون بتساوي حق الرجل والمرأة حتى فيما لا يجوز، أو يكون الطلاق بيد المرأة، أو بأن الرجل لا يحق له أن يتزوج فوق الواحدة، أو غير ذلك، فإنّ الحكم الشرعي يبقى كما هو... وإنا تتبعنا القوانين المخالفة للقوانين الإسلامية فلم نجد واحداً من تلك القوانين أصلح للبشر أو أقرب إلى المنطق والعقل.
* كما ذكرنا جملة من ذلك في كتبنا المختلفة الفقهية وغيرها، ويدل عليه الأدلة الأربعة، قال سبحانه: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ}(2)، وقال (صلی اللّه عليه وآله وسلم) : «حلال[2] محمد حلال أبدا إلى يوم القيامة وحرامه حرام أبدا إلى يوم القيامة»(3).
-------------------------
ظلم الآخرين.
[4]: مالياً، أمّا لو تضرر نفسياً أو بدنياً فهل عليه الضمان؟ لا مانع منه؛ لقاعدة (لا ضرر)، بناءً على أنها تثبت الحكم كما تنفيه.
المسألة 410:
[1]: نعم، يمكن الانتقال من حكم لآخر بالشرط ونحوه، كأن تكون وكيلة له في الطلاق، وكذا ما يصنع في عقود الزواج هنا(4).
[2]: لعل المراد ما يشمل الواجب والمباح والمستحب والمكروه.
ص: 437
المسألة 411: لا يحق المنع[1] عن الزواج أو الإرث أو الامتلاك أو ما أشبه بمجرد أن أحد الأقرباء لا يمت إلى القريب الآخر باللغة أو اللون أو الإقليم أو ما أشبه، أو بمجرد أنّ المقدم على الزواج ليس من قوم الآخر أو على لغته.
* فإن كل ذلك خلاف: «المسلم أخ المسلم»[2](1)، و «المسلم كفو للمسلمة»(2)، والسيرة[3] المستمرة منذ صدر الإسلام، وقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}(3)، وقوله (صلی اللّه عليه وآله وسلم) : »الناس كأسنان المشط سواء«(4)، وقوله (صلی اللّه عليه وآله وسلم) : «لا فضل للعربي على العجمي ولا للأحمر على الأسود إلا بالتقوى»(5)، وكل القوانين التي وضعت في مجال هذه التفرقات باطلة، قد جاء بها الاستعمار[4] للسيطرة على المسلمين ويجب إزالتها، واللّه سبحانه
-------------------------
المسألة 411:
[1]: الظاهر أن الولي له حقّ المنع. نعم، لا حقّ له في العضل الدائم، وعلى ذلك جرت سيرة كثير من المتدينين، مثلاً: يمنع ابنته عن الزواج بأسود.
[2]: لا يجب تزويج كلّ أخ ولا كلّ كفؤ.
[3]: بل هي قائمة على عدم ذلك.
[4]: وبعض جاء بها الجهل، وبعض إرادة الاستبداد الداخلي.
ص: 438
لم يعرض عن المسلمين إلا بعد أن أعرضوا هم عن أحكام اللّه تعالى، ومن الواضح: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}(1).
المسألة 412: للإنسان الحق في أن لا يشتري بضاعة من أحد، أو لا يسافر إلى بلد، أو ما أشبه ذلك، لكن ليس[1] لأي إنسان الحق في إثارة الناس لمقاطعة بضاعة أو مقاطعة بلد، إلا إذا انطبق على الإثارة موضوع ردع المنكر والنهي عنه، أو ما أشبه ذلك من القواعد الشرعية.
* الحكم في المستثنى منه والمستثنى حسب الأدلة، وذلك[2] لحرية الإنسان في غير ما منع الشارع عنه، وكل ما ينافي تلك الحرية باطل، وفاعله فاعل للمنكر الذي يجب الردع عنه.
المسألة 413: الصندوق الذي يجعل ليودع فيه المال من متبرعين لأجل المشاريع أو ما أشبه بكيفية خاصة كما يعتاد في الحال الحاضر، لا يبعد
-------------------------
المسألة 412:
[1]: فيه نظر، فإنه قد يوصي أقرباءهُ وأصدقاءهُ - مثلاً - بشراء البضاعة من شخص متدين أو فقير، ومقاطعة الآخرين، فإن ذلك هو مقتضى الحرّية. نعم، لا حقّ له في الإهانة والهتك وما أشبه، فالأصل الجواز إلاّ ما خرج. وكذا بالنسبة للدعوة إلى مقاطعة الكفار.
[2]: تعليل لقوله «للإنسان الحقّ ...».
المسألة 413:
ص: 439
أن تكون له شخصية حكمية[1]، بحيث يصح الاقتراض منه أو ما أشبه ذلك؛ لانطباق موضوع {أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ}(1) عليه، فإنه قد ذهب جماعة من الفقهاء إلى عدم لزوم أن يكون العقد معنوناً[2] بعنوان خاص في الإسلام، وقد ذكرنا تفصيل المسألة في شرح العروة.
* فهنا أمران:
الأول: إنّ العقد لا يلزم أن يكون موجوداً في زمان النبي والأئمة (عليهم السلام) حاله حال سائر المباحات[3]، حيث لا يلزم في إباحة الفواكه وما أشبه أن تكون في زمانهم (عليهم السلام) لإطلاق «كل شيء لك حلال»(2) وما أشبه.
الثاني: إنّ الصندوق مصداق[4] لذلك الكلي، فله شخصية حقوقية وإن لم تكن حقيقية.
-------------------------
[1]: أي: حقوقية مقابل الحقيقية، وأثر ذلك أنه لو تغير الأشخاص ظل مديوناً للصندوق، ونحوه ما لو كان دائناً أو مديناً للحكومة، أي: الهيئة لا للأفراد.
والخلاصة: إن الشخصية الحقوقية أمر اعتباري يرتب عليه العقلاء الآثار، والعقد معها مصداق ل- {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}(3) أي: بعقودكم.
[2]: وذلك لأن (الألف واللام) للاستغراق أو للطبيعة، والقضية حقيقية لا خارجية.
[3]: إن أريد أنه مباح فهذا لا يثبت ترتب آثار العقد عليه. نعم، يكون إجراؤه مباحاً، فالأولى الاستدلال ب- {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}.
[4]: وقد بينّا قبل قليل وجه المصداقية.
ص: 440
المسألة 414: لا يجوز نقل أخبار الكفار والمخربين التي تسبب شوكتهم في عيون المسلمين، ويسبب أن ينظر المسلمون إلى أنفسهم بالازدراء والاشمئزاز، كما لا يجوز نقل أخبار ضعف المسلمين كذلك.
* وذلك فيما إذا صدق عليه العنوان الثانوي؛ لقاعدة الأهم والمهم[1] وما أشبه ذلك، وإلاّ فالأصل الجواز، وفي كتاب الجهاد بحث المخذل فراجع(1). نعم، يلزم أن لا ينتهي ذلك إلى الاستبداد[2]، وإلا فهو أبشع المحرمات، كما ذكرناه في كتاب (الفقه: طريق النجاة) وغيره.
المسألة 415: ما تقدم في المسألة السابقة أنما يكون بالنسبة إلى غير
-------------------------
المسألة 414:
[1]: ولأن عدمه مقدمة وجودية للجهاد والهداية والإرشاد، ولأنّ وجوده طريق من طرق الفساد والإفساد، فإن الناس تبع الأقوياء فكرياً وعملياً - عادةً- .
[2]: بسيطرة الدولة على وسائل الإعلام، وإخفاء الحقائق، كما هو المتعارف عن الدول الديكتاتورية.
المسألة 415:
ص: 442
أهل الحل والعقد والمسؤولين الذين يجب أن يعرفوا كل شيء، حتى يلاحظوا الأمور ويعالجوها، وكذلك أنما يكون فيما إذا لم تتوقف مصلحة إسلامية مهمة على نقل الخبر.
* قال سبحانه: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ}(1) إلى غير[1] ذلك من الأدلة، والمصلحة الإسلامية الأهم، وهي كما ذكرناه في المسألة السابقة.
المسألة 416: إذا أخذ الجنود الرواتب من الدولة لا يسقط ذلك حقهم في الغنيمة، إلا مع شرط[1] سابق.
-------------------------
[1]: وكذا لو توقف الأهم عليه، كتحريض المسلمين للجهاد والعمل، كقوله (عليه السلام) : «ولقد بلغني أن الرجل منهم كان يدخل...»(2).
المسألة 416:
[1]: والشرط حيث إنه ضمن العقد اللازم - الإجارة - يكون الوفاء به واجباً، ويلزم الحاكم على الوفاء به.
ولذلك صورتان:
الأولى: إسقاط الحقّ ، وفيه: إنه حكم لا حق، مع أنه إسقاط ما لم يجب، فتأمل.
ص: 443
* وذلك لإطلاق أدلة حق الجندي المجاهد في الغنيمة، أما إذا كان الشرط فيشمله: «المؤمنون عند شروطهم»(1).
المسألة 417: إذا[1] توقفت إدارة مصالح المسلمين على الاستشارة وجبت، ومفهوم المشورة غير مفهوم (البرلمان) و (مجلس الشيوخ) وما أشبه مما وفدت إلينا من الغرب، وإن كان بين الأمرين تلاقٍ في بعض البنود، وبالاصطلاح المنطقي بين الأمرين (عموم من وجه) يتصادقان في بعض البنود ويتخالفان في بنود أُخرى، نعم إذ كان البرلمان ومجلس الشيوخ بصورة إسلامية جازا.
* والفرق[2] أنّ في بلاد الإسلام في زماننا توضع بسبب المجلسين قوانين مخالفة للإسلام، بينما يلزم أن يكونا للتطبيق لا للتشريع، كما ذكرناه في (فقه السياسة)(2) وغيره.
-------------------------
الثانية: أن يتعهد - ضمن العقد اللازم - بهبة نصيبه، أي: أن يهب نصيبه على نحو شرط الفعل، أو شرط النتيجة لو قلنا بالأخير.
المسألة 417:
[1]: لكن مبناهم أخيراً ظاهراً هو وجوب الاستشارة في حدّ ذاتها؛ لقوله تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}(3) إلى غير ذلك.
[2]: والخلاصة: إن الإسلامي يؤطره في إطار الإسلام، ويلاحظ الإطار الإسلامي،
ص: 444
المسألة 418: لا يجوز[1] للإنسان أن يرضى بالظلم، أو بقتل مسلم أو محترم، أو بنهب مال محترم، أو بهتك عرض محترم، فإذا وقع بين المسلمين فتنة، فإنه كما لا يحق للمسلم أن يتحيز إلى فئة منهما عملاً ، كذلك لا يحق له أن يتحيز إلى فئة حتى ولو قلباً[2] ، نعم إذا ثبت أنّ
-------------------------
بينما الآخرون لا يتقيدون بقيد في ذلك، وإنما يضعون القوانين حسب المصالح أو المشتهيات أو الظنون والتخمينات.
المسألة 418:
[1]: راجع (المحرّمات، الرضا بالحرام)(1)، وبحث (التجري في الأصول)(2)، وفي الزيارة «سمعت بذلك فرضيت به»(3). و«العامل بالظلم والمعين له والراضي به شركاء ثلاثتهم»(4)، وراجع بحث (الظلم ومعونة الظالمين في المكاسب المحرّمة)(5)، وبحث (إنكار المنكر بالقلب)(6).
[2]: المقدار غير الاختياري منه لا تكليف عليه.
ص: 445
إحداهما على الحق والأُخرى على الباطل جاز، بل وجب التحيز[3] إلى المحق منهما ضد المبطل.
* وذلك لما دل على حرمة الرضا بالظلم ومعونة الظالمين ولزوم متابعة الحق ونصرته، قال تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}(1) إلى غير ذلك، وليس الأمر في (مع) أو (على) على إطلاقه، بل اللازم كون الإنسان مع المحق إن كلياً فكلياً، أو جزئياً فجزئياً[4].
المسألة 419: يجب[1] إطفاء الحريق المؤدي إلى الضرر كحرائق الغابات،
-------------------------
لكن المقدور بالواسطة مقدور، ويستطيع الإنسان بالمقدمات أن لا يوجد الرضا في قلبه، ولو وجد يستطيع صرفه عنه.
[3]: الرضا بالظلم حرام، أمّا التحيّز القلبي للمحق فهل هو لازم مطلقاً، أو يفرق بين ما يرتبط بأصول الدين، كقتل إمام، وغيره؟
[4]: فإذا مثل بظالم استنكر التمثيل به بقلبه.
ثم إن المتعارف فرح الناس بسقوط طاغية وقتله والتمثيل به، فالمقدار غير السائغ الظاهر أنه مشمول للحكم المتقدم. والمقدار السائغ - كقتله لاجتثاث مادة الفساد - فالظاهر أنه جائز، لأنه وإن كان حقّ الحاكم الشرعي، إلاّ أنه إذا لم يمكن استئذان الحاكم الشرعي وصلت النوبة إلى عدول المؤمنين، بل وفسّاقهم، لكن المسألة بحاجة للمراجعة والتأمل.
المسألة 419:
[1]: الملاك صدق عنوان التبذير والإسراف، أو وقوع ما علم عدم إرادة الشارع
ص: 446
و كما لو سبب بقاءه ذهاب الأنفس والأموال.
* وإلا فالحرائق الجزئية التي لا يشملها دليل (لا ضرر)[2] ليس المهم إطفاءها للأصل.
المسألة 420: لا يجب الإطفاء مجاناً، بل إن كان لصاحب المال الذي نشب فيه الحريق مال يمكن استفادته في هذا الباب وجب عليه بذله[1]،
-------------------------
وقوعه في الخارج، كتلف النفوس والأموال العظيمة، أو ترتب محذور قانوني على ذلك مثل: إفقار بلاد المسلمين، المؤدي لسقوط الإسلام مثلاً.
[2]: للانصراف، كاحتراق ورقة مثلاً، أو كخشبة في صحراء.
المسألة 420:
[1]: قد يُقال: إن الشارع أوجب عليه ذلك، فبأي حقّ يطالب المال من صاحب المال؟
وقد يُقال: إنه حقّ عرفي، وقد ورد: «لئلا يتوى حقّ امرئ مسلم»(1)، فتأمل.
وراجع بحث (تطهير مصحف الغير لو توقف على بذل مالٍ)(2).
وقد يُقال: إنه ضرري، وهو مرفوع بلا ضرر، بناءً على أنه يثبت الحكم أيضاً.
[2]: فيه نظر. نعم، لو لم يفعل ذلك مجاناً ولم يمكن حمله على ذلك وجب
ص: 448
وإن لم يبذل ناب عنه الحاكم الشرعي في البذل، وإن لم يكن له مال يحق للمطفئ طلب الأجرة[2] من بيت المال.
* وإنما يلزم على المحروق بيته وما أشبه بذل المال - إذا كان عنده - لأنه من باب الجمع بين الحقين[3]، ومقتضى الجمع بين دليل (الضمان) ودليل (لا ضرر) ونحوه، ولو لم يكن له مال كان من مصالح المسلمين التي وضعت بيت المال[4] لأجلها، بل وكذلك لا يبعد أن يكون حال الكافر المحترم في البذل من بيت المال، ولذا قرر علي (عليه السلام) لذلك النصراني الذي كان يتكفف راتباً من بيت مال المسلمين(1)، إلى غير ذلك.
المسألة 421: الحكم في إنقاذ من اجتاحتهم الكوارث، كالسيول ومدّ البحار والزلازل والهدة وما أشبه، كما تقدم في المسألتين السابقتين.
-------------------------
البذل؛ لأنه مصلحة من مصالح المسلمين التي وضع لها بيت المال.
[3]: لم يثبت حقّ للمطفئ كما تقدّم.
[4]: راجع فقه السياسة والاقتصاد(2).
المسألة 421:
ص: 449
* لأنّ الملاك في الجميع واحد من الآيات[1] والروايات والإجماع والعقل، وقد قال[2] عيسى (عليه السلام) : «التارك مداواة الجريح كالجارح له»(1).
المسألة 422: إذا لم يمكن غسل وحنوط وكفن ودفن الميت، لأجل تلاشي أعضائه كما يتفق في الحروب، أو لأجل الأوبئة وما أشبه[1]، عمل بما يمكن[2] عمله من الوظائف الشرعية المقررة، حتى[3] إنه لو لم يمكن الدفن، وخيف من الوباء وما أشبه جاز صب الأدوية على الأجساد، لتفنى
-------------------------
[1]: كما دل على لزوم إنقاذ النفس مثل {وَمَنْ أَحْيَاهَا}(2)، فتأمل.
[2]: يحتاج لملاحظة سنده(3).
المسألة 422:
[1]: كالزلازل.
[2]: أما لو لم تكن ارتباطية - كالغسل والحنوط - فواضح، وأما لو كانت مركباً ارتباطياً فلقاعدة الميسور.
[3]: الأولى (ولو لم يمكن).
ص: 450
ك- (التيزاب) وما أشبه.
* أما ما أمكن فلقاعدة الميسور[4]، وأما صب التيزاب ونحوه فلقاعدة الأهم والمهم، ولو تداخلت الأجزاء ولم يعرف الرجل من المرأة والمسلم من الكافر وما أشبه - كما في الزلازل ونحوها - جاز[5] أن يصب على الجميع ثلاث مياه للغسل ثم لف الجميع[6] في ثلاثة أكفان ثم الدفن؛ لأنه هو الممكن حسب الفرض.
-------------------------
[4]: بناءً على ثبوتها كما هو المشهور. نعم، هنالك استثناءات كالصوم مثلاً، وقد خرجت بالدليل؛ وذلك لا يقدح في كلّيّة القاعدة.
[5]: الظاهر أنه لا ربط له ب- «ولو ..»، وكان يمكن أن يكون الجزاء جاز أن يتولى المباشرة كلّ من الرجل والمرأة.
نعم، في اشتباه المسلم بالكافر يرجح جانب المسلم، فيغسل الجميع، لما ذكر في شروح العروة في بحث (التغسيل)(1) فهنا يصح الاستدلال ب- ( لأنه هو الممكن).
[6]: ولو أمكن لف كلّ عضو بثلاث قطع، أو بما يجب منها، فهل يجب؟
لعله يُقال: لا؛ إذ المطلوب التكفين، أما وحدة المكفن فلا دليل عليه؛ ولذا يجوز تكفين ميتين بكفن واحد، كالصلاة عليهما معاً، إلاّ أن يُقال: إنه خلاف الارتكاز، فتأمل.
وعلى لزوم التعدد يلزم لف كلّ قطعة علم أنها لميت منفصل في كفن مستقل، وأمّا المشكوك فالبراءة من لزوم التعدد جارية، فتأمل.
ص: 451
المسألة 423: لا يجوز[1] تجارة الحرب، بمعنى أن يتآمر صاحب الأسلحة أو صاحب المصلحة السياسية أو الاقتصادية أو ما أشبههما لتقع فتنة أو حرب في بلد، ليستفيد هو من بيع سلاحه، أو ينفذ سياسته، أو يروج بضاعته.
* لأنّ الحرب[2] الموجبة لمختلف المحرمات من القتل والجرح وهدم البيوت وتلف الأموال وغير ذلك من أشد المحرمات فلا يجوز الإتيان بمقدمتها[3].
-------------------------
المسألة 423:
[1]: نعم، لو كان كلا الطرفين كافراً حربياً جاز إشعال الحرب بينهما، كما يجوز شن الحرب على كلّ منهما مباشرةً.
[2]: ولأنه إعانة على الإثم، بناءً على حرمته. ولأنه علم من الشارع أنه مبغوض قطعاً، وأنه لا يريد وقوعه في الخارج، ولأدلة بيع السلاح، (راجعها ولاحظها في المكاسب)(1).
[3]: فيه: أولاً: إن مقدمة الحرام ليست حراماً.
وثانياً: إنه بواسطة الفاعل المختار، وقد يجاب بأنه حرام علم من الشارع حرمة
ص: 452
التسبيب إليه لأدلة «من أعان على مسلم بشطر كلمة»(1)، و«أدلة المشاركة في القتل»(2)، ولما سبق في الحاشية السابقة.
ص: 453
ص: 454
النزح بالماطور... 5
الإدخال بغلاف... 9
الإنسان الآلي... 10
طلوع الشمس ثانياًً... 11
مجيء الليل ثانياً... 13
الانتفاع بالقمر... 13
الاعتراف بالمسجلة... 15
أذان المسجلة... 17
قراءة القرآن بالمسجلة... 18
الألعاب الأولمبية... 19
العقود والإيقاعات عبر الهاتف... 20
شهادة التصوير... 21
المصلي في القمر... 22
قلع الرحم... 23
ولادة غير الإنسان من الإنسان... 24
ترفيع السلالات... 26
منع المريض عن الزواج... 27
الأحكام في قالب القانون... 28
تصوير الأموات... 29
المعلبات المستوردة... 31
الألعاب السويدية... 33
أول الشهر في القمر... 33
السفر إلى القمر... 35
ص: 470
الأحكام الشرعية في الكواكب... 36
بيع الأعضاء... 37
بيع غير الأعضاء... 39
أخبار الأرواح... 40
كلب الإجرام... 41
تعليم الحيوان... 42
مصادرة الحريات... 43
التعذيب لأخذ الاعتراف... 45
القتل بالكهرباء... 46
الانتحار... 47
رصاصة الرحمة... 48
استكشاف السرائر والمحارم... 49
الاستعلام من الأرواح... 51
أصوات الأموات... 51
الجرائم والموازين العلمية... 52
المصارعة والملاكمة... 53
الاسبرتو... 54
المعدة الاصطناعية... 55
القحف المطاطي... 56
وصل الشعر... 57
ولادة الرجل... 59
تبديل الرحم... 60
قلع الرحم... 61
إنسان وحيوان... 61
حيوان وإنسان... 62
تركيب الإنسان بالحيوان... 62
تكبير الجسم وتصغيره... 62
ص: 470
الطبيب وعملية الولادة... 63
اليد الزائدة... 64
قراءة الصحف... 64
الصلاة في الطائرة... 65
موت السمك في الغواصة... 65
المكياج... 66
علاج الحيض... 66
النظر في القبر... 67
النظر إلى روح الميت... 67
إيجاد السكر... 68
الأشعة المؤذية... 68
تحول الرجل إلى امرأة... 69
آية السجدة... 70
الذهب والحرير الاصطناعي... 70
إعادة البكارة... 71
تقليل مدة الحمل... 71
تطويل العمر... 72
المعيار وزن الأرض... 73
القبر المكشوف... 73
تحنيط الميت... 74
اضمحلال الميت بالدواء... 75
إحراق الميتة وقاية... 75
الإتلاف في الوباء... 76
العمال العاطلون... 79
التكتّل والتحزب... 80
المهاترات الإعلامية... 82
الخنافس... 83
ص: 470
تقصير المرأة شعرها... 85
تزويج الجن والروح... 86
مزاوجة الحيوان... 87
الأشعة القاتلة... 88
ردّ الاعتداء... 88
المعقمات لا تطهّر... 90
إضرار الآخرين مادياًً... 91
النفس الاصطناعي... 92
العملية الجراحية... 93
حفظ الصحة بالعملية... 94
إزالة البكارة... 95
السينماءات المفزعة... 96
الإنسان الجديد... 98
تبديد القمر... 100
الحيوانات القليلة الوجود... 101
تلحيم العظام... 102
الآثار القديمة... 103
حضور متاحف الفراعنة... 104
إيقاف الشمس... 105
الأمراض المعدية... 105
تلحيم الأعضاء... 107
تشويه الإنسان... 109
تركيب الحيوانات... 109
ما يسبب الاحتلام... 111
الزكاة في الأوراق... 112
السباحة الطويلة... 113
أقسام المسابقات... 113
ص: 470
إثارة النعرات... 114
حقن الإبر للصائم... 116
حقن الإبر المنشطة... 117
الامتيازات... 118
الحيوان بين حيوانين... 119
تحديد الأسعار... 121
الانتصار على الأعداء... 121
شهر العسل... 123
المريض المضطر... 124
الذبح في المحقنة... 125
حلق ما عدا الذقن... 126
أقسام الحلق... 126
لحية الكوسج... 127
لحية المرأة... 128
تعليب الذبائح... 129
وضع الميت في الثلاجة... 130
حبوب الذكاء... 131
الفائض من الحاج... 131
تضرر الحاج... 134
فقد الاستطاعة... 135
العلامة على القبلة... 136
الوقوف في المشاعر... 136
الطواف أبعد من المطاف... 137
الطواف فوق الكعبة... 138
حبس الحيض... 139
الهستيريا في الصلاة... 140
الفصول العشائرية... 141
ص: 470
صبغ الأظافر... 142
المشتبه بالجلد... 142
السفر إلى الفضاء... 144
حركة القمر ليست سفراً... 144
حركة القمر الصناعي... 145
بيع الكمبيالة... 145
اللبن المزرّق... 146
اللبن والمنفذ الجديد... 147
الحروب الجرثومية... 147
تترس الكافر بالمسلم... 149
العمل الفدائي... 149
الانتصار بالاغتيال... 150
الحروب الباردة... 151
الإنارة بالقمر الصناعي... 151
التعليم الإجباري... 153
الخدمة العسكرية... 154
النهار الدائم... 154
المجهود الحربي... 156
سيرة المسلم شعباًً وحكومة... 158
تبديل الدم... 159
التبرع بالدم... 159
اليانصيب الخيري... 160
المساهمة الخيرية... 161
مؤسسات الزواج... 162
وقف الوسائل الحديثة... 164
الصوم والتنفس الاصطناعي... 165
الجنس المطاطي في الصوم... 165
ص: 470
الجنس المطاطي في الحج... 167
الجنس المطاطي في سائر الأحكام... 168
الجنس المطاطي والغسل... 168
نقل المني عبر اللُّعبة... 169
ولد الحرام... 169
تزريق دم نجس العين... 170
تزريق الدم الطاهر... 170
سحب دم الإنسان... 171
تصنيع المناخ... 172
تبديل الأعضاء... 172
قراءة الأفكار... 173
الإيذاء بالوسائل العصرية... 174
الإيذاء السحري... 174
الألعاب السحرية... 175
البيوت النظيفة للطلاب... 176
الإحاطة بالمبادئ والأفكار... 177
حينما يصير الشيخ شاباًً... 178
إذا انقلب الشاب شيخاً... 178
عودة اليائسة شابّة... 179
تحول الشابة إلى يائسة... 180
تزويج المومسات... 181
اتخاذ الخليلات والأخلاء... 182
رسائل المغازلة... 183
المرأة والخضوع بالقول... 183
مناديل الغرام... 185
المؤسسات الخيرية... 186
تعليم ذوي العاهات... 187
ص: 470
العلاج بالعلوم النفسية... 188
العلاج بالتنويم والإيحاء... 188
تنظيم الإضراب والمظاهرات... 188
تغيير الجنين... 189
تعليم الرقص للحيوانات... 190
النظر بشهوة إلى الحيوانات... 190
التذاذ الحيوان بالإنسان... 192
تقوية السمع والبصر... 192
تلبيس الجسد الآلي بالروح... 193
تبديل الأرواح... 194
إخراج الأرواح... 195
إخراج روح الحيوانات... 195
تشويه الأعضاء... 196
المتاحف واستعراض الإنسان... 197
تبييض جسم الإنسان... 197
تغيير ألوان البشرة... 198
إخراج جنين الزانية... 199
رمز الجندي المجهول... 200
تصوير الوقائع التاريخية... 200
استخدام الأرواح للاستخبار... 201
كشف الأسرار بالروح... 202
تسجيل الألفاظ المحرمة... 203
تسجيل الوعظ والإرشاد... 203
كلام الأرواح... 204
الطلاق بواسطة الأرواح... 205
كتابة الأموات... 205
تسميد الأجساد المحترقة... 206
ص: 470
تشجير المقابر... 207
الخيانة بنقل الأخبار... 207
الماء والتراب الاصطناعيان... 209
أجهزة تصوير الحوادث... 209
الولد بين المجنونين... 210
رؤية الهلال بالمجهر... 211
العقل الألكتروني... 212
تبديل العضو التناسلي... 212
الخلايا الاصطناعية... 213
خلق المخلوقات... 214
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالوسائل النفسية... 214
استخدام العقول الإلكترونية... 215
الاغتراب للدراسة... 216
الزواج من أهل الكتاب... 217
الدفاع عن الإسلام... 218
الزواج بدون عقد صحيح... 219
أولاد الشبهة... 220
التبليغ بالوسائل الحديثة... 221
الأمر والنهي بالوسائل الحديثة... 222
ذب الشبهات عن الإسلام... 223
التلقيح لتكثير النتاج... 224
السحاب الصناعي... 224
الترجمة بالآلات... 225
الزلازل غير الطبيعية... 226
إحداث الزلزلة... 226
أجواء البلاد... 227
عصارة المحرمات... 228
ص: 470
النجاسات وعصارتها... 229
تزريق المواد المحرمة... 230
الاستمناء لأجل الاختبار... 231
الفحص الطبي للمعالجات... 232
تنويم الإنسان... 233
التنويم القاتل... 234
حلق شعر جسد الغير... 235
الأرواح والتعلم منها... 236
الصور اللاسلكية... 236
الغبن في الأسعار... 237
النهي بواسطة الغش... 238
الاعتماد على آلة الترجمة... 239
الإسراف في الماء... 240
الإسراف في الكهرباء... 241
الانتحار البطيء... 242
بين التعذيب والانتحار... 243
النطفة الكيماوية... 243
النطفة في رحم اليائسة... 244
نقل النطفة من رحم إلى رحم آخر... 245
اختلاط النطفة... 246
خلط نطفتين... 247
مس العظم الصناعي... 248
توأمان متلاصقان... 249
جسدان على حقو واحد... 251
ذو العورتين المتشابهتين... 252
ذو العورتين المختلفتين... 253
الانتفاع بإحدى العورتين... 255
ص: 470
الانتفاع بكلتا العورتين... 255
الزراعة في البحار... 256
انعدام فلس السمك... 256
إحداث الفلس للسمك... 257
السمكة الآكلة والمأكولة... 258
الصفيف والدفيف... 259
التغيير في نسل الطائر... 260
الصناديق الخيرية... 260
استبدال موضوع الطير والسمك... 261
تطعيم الأعضاء... 262
أنواع الموسيقى... 262
المسابقات الجوية والبرية... 263
البيوت والمدن البحرية... 264
الاستيطان في البحار... 265
تحنيط الأموات بالتزريق... 265
تحنيط الموتى بالتشريح... 266
إحراق الكفار أمواتهم في بلاد الإسلام... 267
تصفية السكر بالعظم... 268
الحيوان المركّب من حيوانين... 270
استحالة الجزء المركب... 272
إخصاب نطفة الحيوان... 272
المتولد بين حيوانين... 273
نزو الحيوانات فيما بينها... 274
تركيب نطفة الحيوان... 274
حكم الحيوان المركب... 275
الطيران بالأجنحة والبالون... 276
تكوين أجنحة... 276
ص: 470
تعليم الإجرام للحيوانات... 277
تعليم الإجرام للأطفال والمجانين... 278
دفع المنكر بالحيوان... 278
المعاملات بواسطة الحيوان... 279
المعاملات الآلية... 280
السرقة في المعاملات الآلية... 281
أجرة جهاز الوزن... 281
الوزن بالاحتيال... 282
ثمن التذاكر في الألعاب الرياضية... 283
أجرة الحضور... 285
مشاهدة المهرجانات من بعيد... 285
تنمية الإنسان... 286
الإمناء بالأدوية... 288
الأدوية المنمية وعدم الإدراك... 288
إرجاع البالغ طفلاًً... 289
تعريض الحيوان للأبحاث الطبية... 290
تكبير وتصغير الغلات... 290
الخمس في المعادن... 291
الخمس في معادن القمر... 291
الخمس في المعادن الاصطناعية... 291
تنمية الأنعام والزكاة... 292
قبض الروح بالوسائل النفسية... 292
قتل الحيوانات بالمواد السامة... 293
إطعام اللحوم المحرمة للحيوان... 294
استخدام الحيوان... 295
رش المواد السامة... 296
عندما ينتشر الوباء... 297
ص: 470
حكم البحار... 298
إبكاء الغير وإضحاكه... 299
المظاهرات والمسيرات الشعبية... 301
المظاهرات والدولة الإسلامية... 301
سرقة الماء والكهرباء من الحكومة... 302
تجارب الأسلحة النووية والهيدروجينية... 304
تسريع العمر بالدواء... 305
التصرف في عمر الصبي... 306
الاضطرار إلى حلق اللحية... 307
الاحتيال للإنقاذ... 309
التسلل في الموضوعات... 311
صور النساء في الجوازات... 312
الجنود وكيفية الصلاة... 313
كيفية الصلاة للطلاب المهاجرين... 314
كيفية الصلاة للتجار والموظفين... 314
الحملدار وكيفية الصلاة... 315
المبلغون وكيفية الصلاة... 317
حكم الصيام للفئات المتقدمة... 318
لا جمارك ولا تهريب في الإسلام... 319
لا حدود جغرافية في الإسلام... 321
حرية الحيازة والتحجير... 322
الضرائب الإسلامية الواجبة... 323
جواز التمثيل على المسرح... 324
المعاهدات العسكرية... 325
الاتفاقيات الاقتصادية... 326
متى يجب العمل الفدائي؟... 326
التزوير في التخفيضات الاقتصادية... 327
ص: 470
حكم ما بعد التزوير... 328
الجندي والحروب غير الإسلامية... 329
الجندي وحقوق الناس... 330
الرقابة على المطبوعات... 331
أجهزة الإعلام الأخرى... 332
تبديل القرآن إلى غير العربي... 333
تبديل الأذان والصلوات والأدعية... 334
مقررات الأمم المتحدة... 334
المسلم لا يكون أجنبياً أبداً... 336
تبعيد المسلمين... 337
حجز الإنسان... 338
حدّ السجن في الإسلام... 339
التعذيب بالوسائل القديمة والحديثة... 339
الغرامة في الإسلام... 341
من حقوق الإنسان المحجوز... 341
الحقوق الأخرى للمحجوز... 342
المحجوز إذا فاتته منافعه... 344
حجز الأموال والعقار... 346
إجارة العقار للمحجوز عليه... 346
التقاص في مسألة الحجز... 347
ضمان الساجن خسائر المسجون... 347
الغرامة والتقاص... 348
من حق المعذَّب ظلماًً... 349
الفقراء والدولة الإسلامية... 349
أصحاب الديون والدولة الإسلامية... 350
الاستهلال بالطائرة... 351
وقف الإنسان الحر نفسه... 352
ص: 470
ما يقوم مقام الوقف... 354
النذر في الدم... 354
وقف الإنسان دمه... 355
الوقف بعد الموت... 355
الصلح والهبة على الأعضاء... 357
تشخيص الدائن والمديون بالأرواح... 358
ديون الميت... 358
العقد والإيقاع عبر الروح... 359
التعاون مع الأمن والاستخبارات... 359
حفظ أخطاء المؤمنين... 360
رفع التقارير ضد الكفار... 361
تجهيز الميت بالآلات... 362
آلات تجهيز الميت ومباشرها... 363
صيد الحيوانات بالآلات الحديثة... 363
الوقف في الكواكب الأخرى... 364
المسجد الفضائي للرواد... 365
المسجد الفضائي المتحرك... 366
المسجد الفضائي وأحكام أجزائه... 366
الأسبقية ومباحات الفضاء... 367
مساجد البحار والمحيطات... 369
الأوقاف لاكتشاف الفضاء... 369
الغنى والثروة... 370
التفوق الاقتصادي... 372
صلاة الرواد والغواصين... 373
الاعتكاف في مساجد الفضاء... 374
حرية الجمعيات والتكتلات في الإسلام... 374
الحريات الإسلامية... 375
ص: 470
كبت الحريات... 376
تقييد الحريات موقت... 378
الاستراحة... 379
الإضرابات الجائزة... 380
عندما يبدل مخ الإنسان... 381
تبديل معلومات الإنسان... 382
إنسان واحد يتقمص إنسانين... 382
التبعيد والتسفير... 384
القوانين الإسلامية لا تقبل التغيير... 385
لا امتياز للاعتبارات... 386
المقاطعات الاقتصادية... 387
الصندوق الخيري لقرض الحسنة... 387
الأخبار الموجبة لهيبة الكفار... 389
استثناءات المسألة السابقة... 389
الرواتب الشهرية والغنائم... 390
الاستشارية أو البرلمانية... 391
التحيز إلى إحدى الفئتين... 392
وجوب إطفاء الحريق... 393
أجور إطفاء الحرائق... 394
إعانة منكوبي الكوارث الطبيعية... 395
حكم الميت عند تلاشي جسده... 396
تجارة الحروب... 398
فهرست المحتويات... 401
ص: 455