المکاسب المجلد 10

هویة الکتاب

کِتَابُ المَکاسِب

للشیخ الأعظم الشیخ مرتضی الأنصاری قدس سره

1214ه - 1281 م

تحقیق و تعلیق : السّید محمّد کلانتر

المجلدات 17 ج

منشورات مؤسسة النور للمطبوعات - بیروت - لبنان

ص: 1

اشارة

المکاسب

نويسنده: انصاری، مرتضی بن محمدامین

محقق: کلانتر، محمد

تعداد جلد:17

زبان: عربی

ناشر: منشورات دارالنجف الدینیة - مطبعة الآداب

سال نشر:1214-1281 هجری قمری

ص: 2

ص: 3

ص: 4

الإهداء

ص: 5

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

سيدي... أبا صالح. يا ولي العصر.

هذه جهودي بين يديك متواضعة بذلتها في سبيل تخليد فقه (أئمة أهل البيت) و هم آباؤك و أجدادك الطاهرون عليهم الصلاة و السلام في سبيل إحياء تراثنا العلمي الأصيل: أهديها إليك...

يا حافظ الشريعة يا من يملأ الأرض قسطا و عدلا بعد ما ملئت ظلما و جورا فأنت أولى بها ممن سواك، و لا أراها متناسبة و ذلك المقام الرفيع.

و أراني مقصرا و قاصرا غير أن الهدايا على قدر مهديها.

فتفضل عليّ يا سيدي عجل اللّه تعالى لك الفرج بالقبول، فانه غاية المأمول.

عبدك الراجي السيّد محمّد كلانتر

ص: 6

تتمة كتاب البيع

تتمة الكلام في شروط المتعاقدين

تتمة مسألة من شروط المتعاقدين أن يكونا مالكين أو مأذونين من المالك أو الشارع

تتمة الكلام في عقد الفضولي
تتمة مسائل متفرقة
اشارة

ص: 7

اشتراط الاسلام في من يشتري العبد المسلم

ص: 8

مسألة اشتراط الإسلام في من يشتري العبد المسلم
المشهور عدم صحة نقل العبد المسلم إلى الكافر

(مسألة) يشترط في من ينتقل إليه العبد المسلم ثمنا (1) أو مثمنا أن يكون مسلما، فلا (2) يصح نقله إلى الكافر عند أكثر علمائنا كما في التذكرة، بل عن الغنية عليه (3) الاجماع.

خلافا للمحكي في التذكرة عن بعض علمائنا.

و سيأتي عبارة الاسكافي في المصحف.

و استدل للمشهور تارة (4): بأن الكافر يمنع من استدامته، لأنه لو ملكه قهرا بارث، أو أسلم (5) في ملكه بيع عليه فيمنع من ابتدائه كالنكاح (6).

+++++++++++

(1) أي سواء وقع العبد في المعاوضة ثمنا كما لو اشتري به شيئا أم وقع مثمنا كما لو بيع.

(2) الفاء تفريع على الاشتراط المذكور أي فبناء على ذلك لا يصح انتقال العبد المسلم إلى الكافر.

(3) أي على كون المنتقل إليه و هو المشتري قام اجماع الامامية على اسلامه.

(4) و هو أنه لا بدّ من اسلام من ينتقل إليه العبد المسلم.

(5) أي أو اسلم العبد في ملك الكافر فهنا يجبر الكافر على بيع العبد المسلم.

(6) أي كما أن نكاح الكافر بالمسلمة ممنوع ابتداء، و استدامة كما لو ارتد الزوج المسلم، فان الزوجة هنا يمنع بقاؤها على نكاحها بعد ارتداد الزوج، كذلك يمنع بيع العبد المسلم على الكافر ابتداء و استدامة.

ص: 9

و اخرى بأن الاسترقاق سبيل على المؤمن فينتفي، بقوله تعالى:

«وَ لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً» (1).

و بالنبوي المرسل في كتب أصحابنا المنجبر بعملهم و استدلالهم به في موارد متعددة حتى في عدم جواز علو بناء الكافر على بناء المسلم، بل عدم جواز مساواته: و هو قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

الاسلام يعلو و لا يعلى عليه (2).

و من المعلوم أن ما نحن (3) فيه أولى بالاستدلال عليه به.

لكن الانصاف أنه لو أغمض النظر عن دعوى الاجماع المعتضدة بالشهرة، و اشتهار التمسك بالآية حتى اسند في كنز العرفان الى الفقهاء و في غيره الى أصحابنا: لم يكن ما ذكروه من الأدلة (4) خاليا عن الاشكال في الدلالة.

+++++++++++

(1) النساء: الآية 140.

(2) (وسائل الشيعة). الجزء 17. ص 376. الباب 1.

الحديث 11.

(3) و هو بيع العبد المسلم من الكافر.

خلاصته أن الاستدلال بالحديث المشهور على عدم جواز بيع العبد المسلم أولى من الاستدلال به على عدم جواز علوّ بناء الكافر عن بناء المسلم، أو مساواته له، حيث إن في تسلط الكافر على المسلم في صورة شرائه امر بديهي تتعلق أوامره و نواهيه به فيتحقق السبيل و الاستعلاء الحقيقي.

(4) و هي الآية و الحديث النبوي المشهور، و قياس الابتداء بالاستدامة.

ص: 10

أما (1) حكاية قياس الابتداء على الاستدامة فغاية توجيهه (2) أن المستفاد من منع الشارع عن استدامته عدم رضاه باصل وجوده حدوثا (3) و بقاء (4) من غير مدخلية لخصوص البقاء كما لو أمر المولى باخراج أحد من الدار، أو بازالة النجاسة عن المسجد، فانه يفهم من ذلك عدم جواز الادخال.

لكن (5) يرد عليه أن هذا إنما يقتضي عدم كون الرضا (6) بالحدوث على نهج عدم الرضا بالبقاء.

و من المعلوم أن عدم رضاه بالبقاء مجرد تكليف بعدم ابقائه و باخراجه عن ملكه، و ليس معناه عدم امضاء الشارع بقاءه (7)

+++++++++++

(1) من هنا شرع في رد الأدلة المذكورة على عدم جواز بيع العبد المسلم من الكافر.

(2) أي توجيه منع استدامة بقاء عبد مسلم تحت يد الكافر حتى يستفاد من هذه الاستدامة منع بيع العبد المسلم من الكافر ابتداء.

و جملة أن المستفاد بيان لكيفية منع الاستدامة.

(3) كما في الابتداء.

(4) كما في الاستدامة.

(5) من هنا يروم الشيخ أن يناقش قياس المنع من البيع ابتداء بمنعه استدامة.

أي يرد على الاستدلال بمنع الاستدامة بعدم رضا الشارع باصل وجوده حدوثا و بقاء.

و قد ذكر الايراد الشيخ في المتن فلا نعيده.

(6) أي رضا الشارع.

(7) أي بقاء العبد في ملكه.

ص: 11

حتى يكون العبد المسلم خارجا بنفسه شرعا عن ملك الكافر فيكون عدم رضاه بالادخال (1) على هذا الوجه (2).

فلا يدل (3) على عدم امضائه لدخوله في ملكه، ليثبت بذلك الفساد.

و الحاصل أن دلالة النهي عن الادخال في الملك تابعة لدلالة النهي عن الابقاء في الدلالة على امضاء الشارع، لآثار المنهي عنه و عدمه و المفروض انتفاء الدلالة في المتبوع (4).

و مما ذكرنا (5) يندفع التمسك للمطلب (6) بالنص الوارد في عبد كافر أسلم.

فقال امير المؤمنين عليه السلام: اذهبوا فبيعوه من المسلمين

+++++++++++

(1) أي ابتداء.

(2) أي وجه استدامة بقاء العبد المسلم تحت يد الكافر.

(3) أي وجه استدامة بقاء العبد المسلم لا يدل على عدم امضاء الشارع دخول العبد المسلم في ملك الكافر ابتداء حتى يدل عدم الدخول على فساد البيع و بطلانه.

(4) و هو الابقاء.

(5) و هو منع قياس الابتداء بالاستدامة.

(6) و هو عدم جواز نقل العبد المسلم إلى الكافر.

ص: 12

و ادفعوا ثمنه إلى صاحبه، و لا تقروه عنده (1)، بناء (2) على أن تخصيص البيع بالمسلمين في مقام البيان و الاحتراز يدل على المنع من بيعه من الكافر فيفسد.

توضيح الاندفاع (3) أن التخصيص بالمسلمين إنما هو من جهة أن الداعي على الأمر بالبيع هي إزالة ملك الكافر، و النهي عن ابقائه عنده و هي (4) لا تحصل بنقله إلى كافر آخر فليس تخصيص المامور به (5) لاختصاص مورد الصحة به، بل لأن الغرض من الأمر لا يحصل إلا به (6) فافهم (7).

+++++++++++

(1) (وسائل الشيعة) الجزء 16. ص 69. الباب 73. الحديث 1.

و الشاهد في جملة: فبيعوه من المسلمين.

و جملة: و لا تقروه عنده، فانهما تدلان على المطلب: و هو عدم جواز نقل العبد المسلم إلى الكافر.

(2) أي تقييد البيع بالمسلمين لاجل الاحتراز عن بيعه من الكفار و لأجل أن بيعه من الكافر فاسد و مفسد للعقد.

(3) خلاصة الاندفاع: أن البيع من المسلمين ليس لأجل اختصاص البيع بهم فقط، و أن الصحة منحصرة فيهم لا غير.

بل لأجل أن الغرض و هي ازالة ملك الكافر عن العبد المسلم لا تحصل إلا بالبيع من المسلمين.

(4) أي الازالة كما عرفت.

(5) و هو بيع العبد المسلم من المسلمين كما عرفت.

(6) أي ببيع العبد المسلم من المسلمين كما عرفت.

(7) لعل الأمر بالتفهم لأجل أن وجوب ازالة ملك الكافر عن العبد المسلم لا يحصل إلا ببيعه من المسلمين.

ص: 13

و أما الآية (1) فباب الخدشة فيها واسع.

تارة من جهة دلالتها في نفسها و لو بقرينة سياقها الآبي عن التخصيص

+++++++++++

(1) من هنا أخذ الشيخ - قدس سره - في الرد على الآية الكريمة و هو قوله تعالى: وَ لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً المستدل بها على عدم صحة نقل العبد المسلم من الكافر.

و يريد أن يخدش فيها فقال: و أما الآية فمجال الخدشة فيها وسع فخدش فيها ثلاث خدشات:

(الأولى) في كون الآية غير قابلة للتخصيص فلا بد من حملها على معنى حتى لا يلزم التخصيص: إذ لو لا الحمل للزم التخصيص.

أما كونها غير قابلة للتخصيص و إن كان عدم القابلية من ناحية السياق فلأن كلمة لن في قوله تعالى: وَ لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً لنفي الأبد أي لا يمكن و لا يكون السبيل و السلطة للكافر على المؤمنين أبدا.

و إذا كانت كلمة (لن) لنفي الأبد فلا تكون الآية قابلة للتخصيص.

مع أنا نرى بالعيان تملك الكافر المؤمن بالارث ابتداء، و تملكه له استدامة كما لو كان المولى و العبد كافرين فاسلم العبد، أو كانا مسلمين فارتد المولى.

ففي تملك الكافر المؤمن بالارث تثبت الملكية الابتدائية، و باسلام العبد، أو ارتداد المولى تثبت استدامة الملكية.

فعلى كلتا الحالتين يثبت السبيل للكافر على المؤمن و إذا ثبت السبيل فقد خصصت الآية الكريمة.

مع أنها بذاتها مع قطع النظر عن التفسير و لو بقرينة سياق الآية لا تدل على التخصيص، فهي آبية عن ذلك.

ص: 14

فلا بد من حملها على معنى لا يتحقق فيه تخصيص، أو بقرينة (1) ما قبلها الدالة على إرادة نفي الجعل في الآخرة.

و أخرى (2) من حيث تفسيرها في بعض الأخبار بنفي الحجة للكفار على المؤمنين: و هو ما روي في العيون عن ابي الحسن عليه السلام ردا على من زعم أن المراد بها نفي تقدير اللّه سبحانه بمقتضى الأسباب العادية تسلط الكفار على المؤمنين حتى أنكروا لهذا المعنى الفاسد الذي لا يتوهمه ذو مسكة أن الحسين بن علي عليهما السلام لم يقتل

+++++++++++

(1) أي الآية الكريمة لا تدل على التخصيص و لو بقرينة ما قبلها الدالة تلك القرينة على أن المراد من النفي من كلمة لن نفي الجعل في الآخرة، أي الكافر ليس له سبيل و سلطة على المؤمن في الآخرة.

(2) أي (الخدشة الثانية) في تفسير الآية، حيث إنها فسرت كما في الحديث بأن المراد من النفي نفي الحجة للكافر على المؤمنين أي الكافر عند احتجاجه مع المؤمن ليس له حجة و دليل حتى يتمكن به الاستعلاء و السبيل على المؤمن فلا تدل الآية على الحكم التشريعي:

و هو عدم تملك الكافر العبد المسلم.

و بنفي الحجة للكافر على المؤمن استدل بعض على عدم قتل (الامام الحسين) عليه الصلاة و السلام: ببيان أن الكافر ليس له حجة على قتله، لأن اللّه سبحانه و تعالى لم يقدر تسلط الكافر على المؤمنين و الحسين عليه السلام هو المثل الأعلى للايمان فعليه فقد شبه للكفار كما شبه عيسى بن مريم عليه السلام لليهود.

و قد ردّ هذه المقالة الفاسدة الامام ابو الحسن الرضا عليه السلام أليك نص الحديث:

قيل له يعني الرضا عليه السلام: إن في سواد الكوفة قوما -

ص: 15

بل شبه لهم و رفع كعيسى على نبينا و آله و عليهم السلام:

و تعميم الحجة (1) على معنى يشمل الملكية.

و تعميم الجعل (2) على وجه يشمل الاحتجاج و الاستيلاء لا يخلو عن تكلف.

+++++++++++

- يزعمون أن الحسين بن علي عليهما السلام لم يقتل، و أنه ألقي شبهه على حنظلة بن اسعد الشامي، و أنه رفع إلى السماء كما رفع عيسى بن مريم عليه السلام و يحتجون بهذه الآية وَ لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً.

فقال: كذبوا عليهم غضب اللّه و لعنته، و كفروا بتكذيبهم النبي صلى اللّه عليه و آله في إخباره بأن الحسين عليه السلام سيقتل و اللّه لقد قتل الحسين بن علي عليهما السلام و قتل من كان خيرا من الحسين عليه السلام امير المؤمنين و الحسن بن علي عليهما السلام، و ما منا إلا مقتول و اني و اللّه لمقتول بالسم باغتيال من يغتالني.

راجع (عيون أخبار الرضا) طبعة (طهران) عام 1377.

الجزء 2. ص 203.

(1) إشكال من الشيخ على من عمّم الحجة التي اريدت من نفي الجعل أي لو عممت الحجة المفسرة بها كلمة الجعل حسب تفسير الحديث لها بحيث تشمل الملكية كما زعم هذا التعميم بعض لا يخلو عن تكلف، لأن التملك إنشاء، و نفي الحجة إخبار فالجمع بينهما جمع بين المتناقضين.

بالإضافة إلى أنه يلزم تعدد الوضع و الاصل عدمه.

(2) هذا إشكال آخر من الشيخ على من عمم الجعل الوارد في الآية الكريمة و اراد منه معنى عاما يشمل الحجة و الاستيلاء.

و الاشكال نفس الاشكال الوارد في تعميم الجعل بمعنى يشمل الاحتجاج و الملكية.

ص: 16

و ثالثة (1) من حيث تعارض عموم الآية مع عموم ما دل على صحة البيع، و وجوب الوفاء بالعقود، و حل اكل المال بالتجارة، و تسلط الناس على أموالهم، و حكومة (2) الآية عليها غير معلومة و اباء (3)

+++++++++++

(1) (اى الخدشة الثالثة).

و خلاصة هذه الخدشة: أن عموم الآية معارض بالعمومات الموجودة مثل: قوله تعالى: و احل اللّه البيع.

و قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ .

و قوله تعالى: إلا أن تكون تجارة عن تراض.

و قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: إن الناس مسلطون على أموالهم فعند التعارض تسقط الآية عن الحجية.

(2) دفع و هم.

حاصل الوهم أن الآية حاكمة على العمومات المذكورة فتكون العمومات محكومة و الآية حاكمة اذا تكون حجة يصح الاستدلال بها على المدعى.

فاجاب الشيخ أن حكومة الآية على العمومات غير معلومة لأن الحكومة لا تحتاج إلا إلى كون احد الدليلين ناظرا إلى الآخر:

بأن يتعرض دليل الحاكم إلى عقد وضع المحكوم، أو حمله، و معلوم أن الآية كذلك بالنسبة إلى العمومات.

(3) دفع و هم آخر:

و حاصل الوهم: أن مجرد التعارض، و عدم حكومة احداهما على الأخرى لا يفيد في إسقاط الاستدلال بالآية على فساد بيع العبد المسلم من الكافر ثم الحكم بصحة البيع كما هو المقصود من الخدشة الثالثة -

ص: 17

سياق الآية عن التخصيص مع (1) وجوب الالتزام به في طرف الاستدامة، و في كثير (2) من الفروع في الابتداء يقرّب (3) تفسير

+++++++++++

- بل لا بد من القول بتقديم الآية و حكومتها على العمومات المذكورة و لو تنازلنا عن ذلك و قلنا بعدم الحكومة فلا بد من القول بالتساوي بين الأدلة الدالة على صحة بيع العبد المسلم من الكافر، و بين العمومات المذكورة.

و من المعلوم أن التساوي موجب للتساقط، و الرجوع إلى الاصل

و خلاصة الدفع: أن سياق الآية آب عن التخصيص و هذا الاباء مما يقرب تفسير السبيل الواقع في الآية بمعنى لا يشمل الملكية: بأن يراد من السبيل السلطنة أي لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سلطنة فحينئذ تتحقق الملكية، و لكن السلطنة لا تتحقق.

بل يكون الكافر محجورا عليه، و مجبورا على بيع العبد المسلم:

(1) أي و إن نقول بإباء الآية الكريمة عن التخصيص، لكن مع ذلك كله نلتزم بالتخصيص وجوبا في طرف استدامة تملك الكافر العبد المسلم كما عرفت في الهامش 1 ص 14 عند قولنا: و باسلام العبد، أو ارتداد المولى.

(2) أي و كذا القول بتخصيص الآية مما لا بدّ منه في كثير من الفروع الفقهية كما في تملك الكافر العبد المسلم بالارث ابتداء قهرا، أو غير قهر كما في بيع العبد المسلم على من ينعتق عليه.

و كما فيما لو قال الكافر للمسلم: اعتق عبدك عني، بناء على تملكه له آنا ما.

و كما لو بيع العبد على الكافر و اشترط عتقه.

و قد عرفت ذلك عند قولنا في الهامش 1 ص 14: مع أنا نرى بالعيان.

(3) جملة يقرب مع الفاعل مرفوعة محلا خبر للمبتدإ المتقدم -

ص: 18

السبيل بما لا يشمل الملكية: بأن يراد من السبيل السلطنة فيحكم بتحقق الملك، و عدم تحقق السلطنة، بل يكون محجورا عليه مجبورا على بيعه.

و هذا (1) و إن اقتضى التقييد في اطلاق ما دل على استقلال الناس في أموالهم، و عدم حجرهم بها.

لكنه مع ملاحظة وقوع مثله كثيرا في موارد الحجر على المالك أهون من ارتكاب التخصيص في الآية المسوقة لبيان أن الجعل شيء لم يكن و لن يكون، و أن نفي الجعل ناش عن احترام المؤمن الذي لا يقيد بحال، دون حال.

هذا (2) مضافا (3) إلى أن استصحاب الصحة في بعض المقامات

+++++++++++

- و هو قوله: و اباء سياق الآية.

(1) أي و تحقق الملك و عدم تحقق السلطنة.

هذا دفع وهم.

حاصل الوهم: أن تحقق الملكية بدون تحقق السلطنة و إن كان ظاهره سلامة الآية من التخصيص.

لكن لازمه تقييد الاطلاق الوارد في قوله صلى اللّه عليه و آله:

الناس مسلطون على أموالهم، و عدم كونهم محجورين في أموالهم و مجبورين على بيعها.

فاجاب الشيخ بما حاصله: أنه لو دار الأمر بين التخصيص و التقييد فالتقييد أولى من التخصيص، لكثرة ما ورد من تقييد هذا الاطلاق كحجر المالك، لصغر، أو جنون، أو سفه، أو فلس، أو زمن فالتقييد أهون من التخصيص.

(2) أي خذ ما تلوناه عليك حول تخصيص الآية، و عدمه.

(3) أي و لنا بالإضافة إلى ما ذكرناه: من الأدلة الدالة على صحة -

ص: 19

يقتضي الصحة كما (1) إذا كان الكافر مسبوقا بالاسلام، بناء على شمول الحكم لمن كفر عن الاسلام، أو كان (2) العبد مسبوقا بالكفر فيثبت (3) في غيره بعدم الفصل.

و لا يعارضه (4) أصالة الفساد في غير هذه الموارد، لأن استصحاب

+++++++++++

- بيع العبد المسلم من الكافر دليل آخر على الصحة، و هو الاستصحاب

(1) مثال للاستصحاب فيما إذا كان المشتري كافرا و العبد مسلما فرض المسألة هكذا:

كان شخص مسلما ثم ارتد فقبل اسلامه كان يصح البيع منه و بعد الارتداد نشك في الصحة فنجري الصحة السابقة.

(2) هذا مثال آخر للاستصحاب.

فرض المسألة هكذا:

كان عبد كافرا فاسلم فقبل اسلامه كان يصح بيعه من الكافر و بعد اسلامه نشك في بيعه منه فنجري الصحة السابقة و هي الاستصحاب.

(3) أي جواز صحة بيع العبد المسلم من الكافر في غير مورد الاستصحاب، لعدم القول بالفصل بين الاستصحاب و غيره.

(4) أي و لا يعارض هذا الاستصحاب أصالة الفساد و هو الاستصحاب لأن استصحاب الصحة مقدم على استصحاب الفساد، لأن ذاك موضوعي يشمل خصوص هذا الفرد، و هذا حكمي، و الموضوعي مقدم على الحكمي.

و أما كيفية استصحاب الفساد فهو أن النقل و الانتقال قبل اجراء الصيغة كان فاسدا، و بعد اجراء الصيغة نشك في صحة بيع العبد المسلم من الكافر فنجري استصحاب الفساد.

ص: 20

الصحة مقدم عليها، فتأمل (1) ثم إن الظاهر أنه لا فرق بين البيع و أنواع التمليكات كالهبة و الوصية (2).

تمليك منافع المسلم من الكافر

و أما تمليك المنافع (3) ففي الجواز مطلقا كما يظهر من التذكرة و مقرب النهاية.

بل ظاهر المحكي عن الخلاف.

أو مع وقوع الاجارة على الذمة (4) كما عن الحواشي، و جامع المقاصد و المسالك.

أو مع كون المسلم الأجير حرا كما عن ظاهر الدروس.

+++++++++++

(1) وجه التأمل أن الموضوع في الاستصحاب لا بدّ أن يكون متحدا و هنا صار متعددا، لتبدل الموضوع، لأن من كان يجوز في حقه شراء العبد المسلم إنما هو عنوان كونه مسلما و قد زال و تبدل بعنوان الكافر فاختلف الموضوع فلا مجال لجريان الاستصحاب.

و كذلك العبد الذي يجوز بيعه من الكافر إنما هو الكفر و قد زال العنوان و تبدل الكفر و اصبح العبد مسلما فاختلف الموضوع فلا مجال لجريان الاستصحاب.

(2) فكل ما قلناه في البيع من الجواز، أو عدمه يأتي في الهبة و الوصية.

(3) أي تمليك منافع المسلم من الكافر: بأن يؤجر المسلم نفسه له، أو يؤجر المولى عبده المسلم من الكافر، لقضاء أعماله فهل يجوز أو لا يجوز؟

ثم إن المنافع أعم من كونها بنحو الاجارة، أو بنحو الصلح أو بنحو الاعارة.

(4) بأن تكون الاجارة كليا، لا شخصيا.

ص: 21

أو المنع مطلقا كما هو ظاهر القواعد، و محكي الايضاح أقوال:

أظهرها الثاني (1)، فانه (2) كالدين ليس ذلك سبيلا فيجوز.

و لا فرق (3) بين الحر و العبد كما هو ظاهر اطلاق كثير كالتذكرة و حواشي الشهيد، و جامع المقاصد.

+++++++++++

(1) و هو وقوع الاجارة على الذمة: بأن تكون كليا، لا شخصيا كما عرفت.

(2) تعليل لكون الثاني أقوى الأقوال:

و خلاصته: أن الاجارة اذا وقعت كليا يجوز تمليكها من الكافر لأنها حينئذ كالدين، لعدم كون الاقراض له سبيلا على المؤمن.

فكما أنه يجوز إقراض الكافر، كذلك يجوز تمليكه المنافع اذا كانت كلية.

و لا يخفى جواز كون الاجارة شخصية.

و يمكن الاستدلال لها بما ورد أن (الامام امير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام آجر نفسه لليهودي في استقاء بستانه من البئر بالدلاء إزاء مقدار من التمر.

و كذا بما ورد من أن (الصديقة الطاهرة) صلوات اللّه عليها غزلت مقدارا من الصوف لليهودي.

اللهم إلا أن يقال: إن الاجارة لم تكن شخصية، لأنها أعم من وقوعها مباشرة، أو تسبيبا، و إن وقعت في الخارج عن شخص الامام عليه الصلاة و السلام، لأن فعله لا يدل على أن اليهودي اشترط معه عليه السلام القيام بالعمل مباشرة حتى يلزم استيلاؤه و سلطته على الامام، لتشمله الآية الكريمة.

(3) اي في الاجارة من الكافر بين أن يكون الاجير حرا، أو عبدا.

ص: 22

بل ظاهر المحكي عن الخلاف نفي الخلاف فيه، حيث قال فيه:

اذا استأجر كافر مسلما (1) بعمل في الذمة صح بلا خلاف:

و اذا استأجره مدة من الزمان شهرا، أو سنة، ليعمل عملا صح أيضا عندنا (2) انتهى.

و ادعى في الايضاح أنه لم ينقل من الامة فرق بين الدين، و بين الثابت في الذمة بالاستئجار.

خلافا للقواعد، و ظاهر الايضاح فالمنع مطلقا، لكونه سبيلا.

و ظاهر الدروس التفصيل بين العبد و الحر فيجوز في الثاني، دون الأول، حيث ذكر بعد أن منع اجارة العبد المسلم للكافر مطلقا قال: و جوّزها الفاضل.

و الظاهر أنه اراد اجارة الحر المسلم، انتهى.

و فيه نظر، لأن ظاهر الفاضل في التذكرة جواز اجارة العبد المسلم مطلقا و لو كانت على العين.

نعم يمكن توجيه الفرق (3) بأن يد المستأجر على الملك الذي ملّك منفعته.

بخلاف الحر، فانه لا تثبت للمستأجر يد عليه، و لا على منفعته.

خصوصا لو قلنا بأن اجارة الحر تمليك الانتفاع، لا المنفعة فتأمل (4).

+++++++++++

(1) فكلمة مسلما تشمل الحر و العبد.

(2) بناء على أن الاجارة هنا أعم من التسبيب و المباشرة فتكون الاجارة هنا أيضا كلية.

(3) أي بين الحر و العبد، و الباء في بأن بيان للفرق بين الحر و العبد.

(4) للامر بالتأمل احتمالان: -

ص: 23

ارتهان العبد المسلم عند الكافر

و أما الارتهان عند الكافر ففي جوازه مطلقا كما عن ظاهر نهاية الأحكام.

أو المنع كما في القواعد و الايضاح.

أو التفصيل بين ما لم يكن تحت يد الكافر كما اذا وضعناه عند مسلم كما عن ظاهر المبسوط و القواعد و الايضاح في كتاب الرهن و الدروس و جامع المقاصد و المسالك، أو التردد كما في التذكرة وجوه.

أقواها الثالث (1)، لأن استحقاق الكافر لكون المسلم في يده سبيل

+++++++++++

- (الاول): كونه اشارة الى وهن الفرق بين الحر و العبد:

في أن الحر يجوز تمليك منفعته من الكافر، لعدم ثبوت يد عليه.

بخلاف العبد، فانه لا يجوز تمليك منفعته منه، لثبوت اليد عليه.

و خلاصة الوهن: أنه إن اريد من اليد الثابتة على الملك الذي ملّكت منفعته مجرد السلطنة فهذه السلطنة بعينها موجودة في الحر الاجير للعمل بشخصه و مباشرة، لأنه تصدق هنا سلطنة المستأجر على استيفاء المنفعة من شخص الاجير، و الزامه بذلك.

و إن اريد من اليد الثابتة على الملك الذي يملك الكافر منفعته آثار الضمان على هذه اليد لو تلفت العين التي هي تحت يدي الكافر فهذا مما لا مدخل له في تحقق معنى السبيل و السلطنة.

(الثاني): كونه اشارة إلى عدم الفرق بين تمليك الانتفاع و تمليك المنفعة كما افاده القائل بجواز تمليك منفعة الحر من الكافر:

بأن اجارة الحر تمليك الانتفاع، لا المنفعة، لاستواء كلا التمليكين في تحقق معنى السلطنة على الاستيفاء.

(1) و هو القول بالتفصيل، فان ارتهان العبد المسلم من الكافر و ابقاؤه عند مسلم لا يصدق عليه السبيل و السلطنة، اذ وضعه -

ص: 24

بخلاف استحقاقه لاخذ حقه من ثمنه:

إعارة العبد المسلم و إيداعه من الكافر

و أما اعارته من كافر فلا يبعد المنع، وفاقا لعارية القواعد و جامع المقاصد و المسالك.

بل عن حواشي الشهيد رحمه اللّه أن الاعارة و الايداع أقوى منعا من الارتهان.

و هو حسن في العارية (1)، لأنها تسليط على الانتفاع فيكون سبيلا و علوا، و محل نظر في الوديعة، لأن التسليط على الحفظ و جعل نظره إليه مشترك بين الرهن و الوديعة، مع زيادة في الرهن التي قيل من اجلها بالمنع. و هي (2) التسلط على منع المالك عن التصرف فيه إلا باذنه، و تسلطه على الزام المالك ببيعه.

و قد صرح في التذكرة بالجواز في كليهما (3).

و مما ذكرنا (4) يظهر عدم صحة وقف الكافر عبده المسلم على أهل ملته.

+++++++++++

- عند مسلم طريق لاخذ حق الكافر من المدين لو انكر، أو ماطل في الاداء.

بخلاف تسليمه له و وضعه عنده، فانه يصدق عليه السبيل.

(1) أي لا في الايداع، فان في الايداع لا يصدق السبيل و السلطنة عليه حتى تشمله الآية الكريمة.

(2) أي تلك الزيادة هو تسلط الكافر على المنع من تصرفه في المرهون لو أراد التصرف فيه، فهذه الزيادة هي المانعة من ارتهان العبد المسلم من الكافر.

(3) أي في العارية و الوديعة.

(4) و هو عدم جواز اعارة العبد المسلم من الكافر، لأنها تسليط على الانتفاع فيكون سبيلا و علوا.

ص: 25

الظاهر من الكافر

ثم إن الظاهر من الكافر كلّ من حكم بنجاسته و لو انتحل الاسلام كالنواصب و الغلاة و المرتد.

غاية الأمر عدم وجود هذه الأفراد في زمان نزول الآية، و لذا (1) استدل الحنفية بالآية على ما حكي عنهم بحصول البينونة بارتداد الزوج.

و هل يلحق بذلك (2) أطفال الكفار؟

فيه إشكال.

و يعم المسلم المخالف (3)، لأنه مسلم فيعلو و لا يعلى عليه.

و المؤمن (4) في زمان نزول آية نفي السبيل لم يرد به إلا المقر بالشهادتين

+++++++++++

(1) أي و لاجل أن المراد من الكافر كل من حكم بنجاسته و لو انتحل الاسلام.

(2) أي و هل يلحق أطفال الكفار بالكفار: في عدم تمليك منفعة العبد المسلم، و عدم جواز بيعه، و عدم جواز ارتهانه، و عدم جواز اعارته منهم، أو لا يلحق ؟

(3) في عدم جواز بيعه، و تمليك منفعته، و ارتهانه، و اعارته من الكافر فيصدق عليه العلو و الاستعلاء لو بيع، أو رهن، أو اعير أو ملكت منفعته من الكافر.

(4) دفع وهم.

حاصل الوهم: أن الآية تصرح بالإيمان في قوله تعالى: وَ لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً .

ففرق بين الايمان و الاسلام، اذ المؤمن من يعترف بالتوحيد و النبوة و الامامة.

بخلاف المسلم، فانه المعترف بالتوحيد و النبوة، فبينهما عموم و خصوص مطلق، إذ كل مؤمن مسلم، و ليس كل مسلم مؤمن.

-

ص: 26

و نفيه (1) عن الأعراب الذين قالوا آمنّا بقوله تعالى: و لما يدخل الايمان في قلوبكم إنما (2) كان لعدم اعتقادهم بما أقروا به، فالمراد بالاسلام هنا أن يسلّم نفسه للّه و رسوله في الظاهر، لا الباطن.

بل قوله تعالى: و لما يدخل الايمان في قلوبكم دل على أن ما جرى على ألسنتهم من الاقرار بالشهادتين كان ايمانا في خارج القلب.

و الحاصل أن الاسلام و الايمان في زمان الآية كانا بمعنى واحد.

و أما ما دل على كفر المخالف بواسطة انكار الولاية فهو لا يقاوم بظاهره، لما دل على جريان جميع أحكام الاسلام عليهم: من التناكح و التوارث، و حقن الدماء، و عصمة الأموال، و أن الاسلام ما عليه جمهور الناس.

ففي رواية حمران بن أعين قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:

+++++++++++

- فأجاب قدس سره: أن المراد بالمؤمن في الآية المباركة التي اريد منها نفي السبيل عليه هو المقر بالشهادتين فقط، لا من كان معترفا بالامامة زائدة على ذلك.

(1) دفع وهم

و خلاصة الوهم: أنه لو كان المراد من المؤمن هو المقر بالشهادتين فقط فلما ذا نفي الايمان عن الأعراب في قوله تعالى:

و قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا و لكن قولوا أسلمنا؟

(2) جواب عن الوهم المذكور

حاصله: أن نفي الايمان عن الأعراب إنما كان لأجل عدم اعتقادهم قلبا بما اعترفوا به، لا لأجل الفرق بين الايمان و الاسلام.

(3) أي في باب بيع العبد المسلم من الكافر، و تمليك منفعته و اعارته.

ص: 27

الايمان ما استقر في القلب، و أفضى به إلى اللّه عز و جل و صدقه العمل بالطاعة للّه و التسليم لأمره.

و الاسلام ما ظهر من قول، أو فعل و هو الذي عليه جماعة الناس من الفرق كلها.

و به حقنت الدماء، و عليه جرت المواريث، و جاز النكاح و اجتمعوا على الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج فخرجوا بذلك من الكفر و اضيفوا إلى الايمان إلى أن قال:

فهل للمؤمن فضل على المسلم في شيء من الفضائل و الأحكام و الحدود و غير ذلك ؟

قال: لا، بل هما بجريان في ذلك مجرى واحد.

و لكن للمؤمن فضل على المسلم في أعمالهما، و ما يتقربان به إلى اللّه عز و جل (1).

بيع العبد المؤمن من المخالف

و من جميع ما ذكرنا ظهر أنه لا بأس ببيع المسلم من المخالف و لو كان جارية إلا إذا قلنا بحرمة تزويج المؤمنة من المخالف، لأخبار دلت على ذلك (2)،

+++++++++++

(1) هذا بعض الحديث و تمامه مذكور في الكافي.

راجع (اصول الكافي). الجزء 2. ص 26. الحديث 5 طباعة المطبعة الحيدرية.

(2) أي على تحريم تزويج المؤمنة بالمخالف.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 14. ص 424. الباب 10 الأحاديث:

إليك نص الحديث الخامس:

عن الفضيل بن اليسار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن نكاح الناصب.

-

ص: 28

فان فحواها (1) يدل على المنع من بيع الجارية المؤمنة.

+++++++++++

- فقال: لا و اللّه ما يحل.

قال فضيل: ثم سالته مرة أخرى. فقلت: جعلت فداك ما تقول في نكاحهم ؟

قال: و المرأة عارفة.

قلت: عارفة.

قال: إن العارفة لا توضع إلا عند عارف.

و إليك نص الحديث الرابع:

عن الفضيل بن يسار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

إن لامرأتي اختا عارفة على رأينا، و ليس على رأينا بالبصيرة إلا قليل فازوجها ممن لا يرى رأينا؟

قال: لا، و لا نعمة إن اللّه عز و جل يقول:

فلا ترجعوهن إلى الكفار، لا هنّ حل لهم و لا هم يحلون لهن(1).

فالحديثان هذان، و ما ذكر في المصدر تدل على حرمة التزويج من المخالف، و بمفهومها يستدل على حرمة بيع الجارية المؤمنة من المخالف بطريق أولى.

بيان ذلك أن تسليط المخالف على المؤمنة إنما هو على البضع فقط فاذا كان هذا التسليط محرما بالزواج فبطريق أولى يكون التسليط على المؤمنة من الكافر بالشراء محرما، لأن تسليطه عليها يكون تسليطا حقيقيا و على كل جوانبها الحيانية بحيث للمولى امرها بكل شيء و نهيها عن كل شيء، فيتحقق السبيل و هو منفي.

(1) أي مفهوم تلك الأخبار يدل على منع بيع الجارية المؤمنة

ص: 29


1- الممتحنة: الآية 10.

لكن الأقوى عدم التحريم (1).

موارد جواز تملك الكافر للعبد المسلم
اشارة

ثم إنه قد استثنى من عدم جواز تملك الكافر للعبد المسلم مواضع:

منها: ما إذا كان الشراء مستعقبا للانعتاق

(منها) (2): ما إذا كان الشراء مستعقبا للانعتاق بأن يكون (3) ممن ينعتق على الكافر قهرا واقعا كالأقارب، أو ظاهرا (4) كمن أقر بحرية مسلم ثم اشتراه.

أو بأن (5) يقول الكافر للمسلم: اعتق عبدك عني بكذا فاعتقه (6) ذكر ذلك العلامة في التذكرة و تبعه جامع المقاصد و المسالك، و الوجه (7) في الاول واضح، وفاقا للمحكي عن الفقيه و النهاية و السرائر مدعيا

+++++++++++

بالمخالف كما عرفت.

(1) أي عدم تحريم تزويج المؤمنة بالمخالف.

(2) أي من تلك المواضع المستثناة.

من هنا أخذ الشيخ في ذكر المواضع المستثناة.

(3) هذا أول موضع قد استثني من عدم جواز تملك الكافر العبد المسلم.

(4) هذا هو الموضع الثاني.

(5) هذا هو الموضع الثالث.

(6) ففي هذه الموارد الثلاث يملك الكافر العبد المسلم.

و الشيخ قدس سره يشير إلى كل واحد من هذه الموارد الثلاث.

و نحن نذكرها تحت رقمها الخاص.

(7) أي العلة في تملك الكافر العبد المسلم في القسم الاول:

و هو انعتاق من ينعتق على الكافر قهرا واقعا كالأقارب واضحة حيث إن العتق متوقف على الملك في قوله صلى اللّه عليه و آله:

لا عتق إلا في ملك. -

ص: 30

عليه الاجماع و المتأخرين كافة، فان (1) مجرد الملكية غير المستقرة لا يعد سبيلا، بل (2) لم تعتبر الملكية إلا مقدمة للانعتاق.

خلافا للمحكي عن المبسوط و القاضي فمنعاه (3)، لأن الكافر لا يملك حتى ينعتق، لأن التملك بمجرده سبيل، و السيادة علو، إلا (4) أن الانصاف أن السلطنة غير متحققة في الخارج، و مجرد الاقدام (5) على شرائه لينعتق منّة من الكافر على المسلم، لكنها غير منفية.

و أما الثاني (6) فيشكل بالعلم بفساد البيع على تقديري الصدق

+++++++++++

- فهنا يملك الكافر من ينعتق عليه قهرا آنا ما حتى يصح عتقه.

(1) تعليل للملكية الآنية في أنها ليست بسبيل.

أي و هذه الملكية الآنية المجردة عن الملكية المستقرة الثابتة لا يطلق عليها السبيل و السلطنة.

(2) هذا في الواقع إضراب عن الملكية الحاصلة للكافر.

(3) أي تملك الكافر لمن ينعتق عليه قهرا.

(4) هذا رأي الشيخ حول موضوع تملك الكافر من ينعتق عليه.

و خلاصته: أن سلطنة الكافر على المؤمن بمجرد تملكه له آنا ما غير ثابتة و غير واقعة في الخارج فلا تتحقق بهذه المدة الوجيزة التي يمكن أن يقال: إنها خارجة عن الأزمان و داخلة في الأعدام فلا تشمل الآية الكريمة هذه الملكية الآنية حتى يستدل بها على نفيها.

(5) أي مجرد إقدام الكافر على شراء من ينعتق عليه و إن كان يعد منة من الكافر على المؤمن، لكن هذه المنة لا تكون منفية بالآية الكريمة حتى يستدل بها على عدم جواز تملك الكافر العبد المؤمن.

(6) و هو انعتاق العبد المسلم على الكافر قهرا، لكنه بحسب الظاهر لا الواقع لو أقر الكافر بحرية مسلم ثم اشتراه.

-

ص: 31

و الكذب، لثبوت الخلل إما في المبيع، لكونه حرا، أو في المشتري لكونه كافرا، فلا تتصور صورة صحيحة لشراء من أقر بانعتاقه إلا أن تمنع اعتبار مثل هذا العلم الاجمالي (1) فتأمل (2).

+++++++++++

- فهنا نقول بتملكه له آنا ما ثم ينعتق عليه قهرا ظاهرا.

لكن هذا التملك مشكل: للعلم الاجمالي بفساد البيع، سواء أ كان المقر صادقا في مقالته: إنه حرام كاذبا.

و منشأ هذا العلم الاجمالي هو ثبوت الخلل إما في جانب المبيع لكونه حرا حسب اعتراف المقر، و الحر لا يباع.

و إما في جانب المشتري، لكونه كافرا، و الكافر لا يملك العبد المسلم.

فعلى كل لا تتصور صورة صحيحة في شراء من أقر بانعتاقه.

(1) هذا بناء على ما ذهب إليه صاحب الحدائق قدس سره:

من اعتباره في تفسير العلم الاجمالي تعلق العلم بالخطاب التفصيلي و أن الاجمال لا بدّ أن يكون في مورده كما في العلم بنجاسة أحد الإناءين فان المعلوم و هو خطاب اجتنب عن النجس تفصيلي من حيث الحكم المتعلق.

و أما إذا تعلق العلم الاجمالي بالخطاب المردد بين الخطابين كما في العلم الاجمالي بأن أحد الإناءين إما فيه الخمر، أو أنه غصب فلا تأثير لهذا العلم.

و ما نحن فيه من قبيل العلم الاجمالي بالخطاب المردد بين الخطابين:

و هو أنه لا يجوز شراء الحر، و لا يملك الكافر العبد المسلم.

(2) لعل الأمر بالتأمل اشارة إلى عدم الفرق بين تعلق العلم الاجمالي بالخطاب التفصيلي، أو بالخطاب المردد بين الخطابين. -

ص: 32

و أما الثالث (1) فالمحكي عن المبسوط و الخلاف التصريح بالمنع (2) لما (3) ذكر في الأول.

منها: ما لو اشترط البائع عتقه

(و منها) (4): ما لو اشترط البائع عتقه، فان الجواز هنا محكي عن الدروس و الروضة.

و فيه (5) نظر، فان ملكيته قبل الاعتاق سبيل و علو.

+++++++++++

- فمبنى صاحب الحدائق غير مرضي عند الشيخ، و لذا عقد لذلك تنبيها في (الرسائل).

فمن أراد الاطلاع فعليه بمراجعة كتابه (فرائد الأصول) الشهير ب: (الرسائل).

(1) و هو قول الكافر للمسلم: اعتق عبدك عني.

(2) أي يمنع تملك الكافر العبد المسلم آنا ما حتى يصح عتقه.

(3) أي علة المنع في القسم الثالث هي العلة المذكورة في القسم الأول عن الشيخ في المبسوط بقوله في ص 31: خلافا للمحكي عن المبسوط و القاضي فمنعاه، لأن الكافر لا يملك حتى ينعتق، لأن التملك بمجرده سبيل، و السيادة علو.

فهنا يكون تملك الكافر العبد المسلم أنا ما سبيل و علو.

(4) أي و من الموارد المستثناة من عدم جواز تملك الكافر العبد المسلم.

(5) أي و فيما افيد في الدروس و الروضة: من جواز بيع العبد المسلم على الكافر مشترطا عتقه نظر و إشكال.

و خلاصة وجه النظر: أن تملك الكافر العبد المسلم و لو آنا ما سبيل و علو، و مجرد اعتاقه لا يوجب نفي السبيل عن الكافر على المسلم بل السبيل ثابت و مستقر فتشمله الآية الكريمة: وَ لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ -

ص: 33

بل التحقيق أنه لا فرق بين هذا، و بين اجباره على بيعه في عدم انتفاء السبيل بمجرد ذلك.

و الحاصل أن السبيل (1) فيه ثلاثة احتمالات كما عن حواشي الشهيد

مجرد (2) الملك و يترتب عليه (3) عدم استثناء ما عدا صورة

+++++++++++

- على المؤمنين سبيلا، فتدل على فساد البيع الذي هو الحكم الوضعي بالإضافة على دلالتها على الحكم التكليفي الذي هي الحرمة.

(1) أي السبيل في الآية الكريمة المنفي في حق الكافر له ثلاثة احتمالات:

(2) هذا هو الاحتمال الأول:

و خلاصته: أنه يحتمل أن يكون المراد من نفي السبيل نفي الملكية المجردة عن الاستقرار، و غير الاستقرار، أي الكافر لا يملك العبد المسلم بأي نحو من الأنحاء لا بنحو الاستقرار، و لا بنحو غيره و إن اشترط عتقه، إذ الاشتراط لا يكون مبررا لتملكه.

(3) أي على الاحتمال الأول يترتب عدم استثناء الصورة الأولى:

و هي انعتاق من ينعتق على الكافر قهرا و واقعا، و الصورة الثالثة و هي قول الكافر للمسلم: اعتق عبدك عني، فان في هاتين الصورتين تحصل الملكية للكافر و إن كانت آنا ما، لأنك عرفت أن المراد من السبيل هو مجرد الملكية و قد حصلت هنا فهاتان غير مستثناة من الاحتمال الأول.

و أما الصورة الثانية: و هي اقرار الكافر بحرية المسلم الذي اشتراه فهي مستثناة عن الاحتمال الأول، لعدم حصول الملك في الحر أصلا فلا مفهوم له حتى تشمله الآية الكريمة، للعلم الاجمالي بفساد البيع لا محالة إما في المبيع، لكونه حرا، و إما في المشتري، لكونه كافرا.

ص: 34

الاقرار بالحرية، و بالملك (1) المستقر و لو بالقابلية كشروط العتق و يترتب عليه (2) عدم استثناء ما عدا صورة اشتراط العتق.

و المستقر (3) فعلا و يترتب عليه (4) استثناء الجميع، و خير (5)

+++++++++++

(1) هذا هو الاحتمال الثاني لمعنى السبيل أي المراد من السبيل المنفي في حق الكافر هي الملكية المستقرة الثابتة: بمعنى أن الكافر لا يملك الملكية المستقرة الثابتة و إن كانت هذه الملكية تحصل باشتراط العتق و لو بالقابلية.

(2) أي و على الاحتمال الثاني يترتب عدم استثناء الصور الثلاث:

و هي صور الانعتاق القهري كالأقارب المذكورة في ص 30.

و صورة الاعتراف بحرية مسلم ثم شراؤه المذكورة في ص 30.

و صورة قول الكافر للمسلم: اعتق عبدك عني المذكورة في ص 30.

فان في هذه الصور تستقر الملكية و لو كانت بالقابلية فتشملها آية وَ لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً .

و أما صورة اشتراط العتق فلا تشملها الآية الكريمة فلا سبيل هناك.

(3) هذا هو الاحتمال الثالث لمعنى السبيل أي المراد من السبيل المنفي في حق الكافر الملكية المستقرة الفعلية: بمعنى أن الكافر لا يملك الملكية المستقرة الفعلية.

(4) أي و على الاحتمال الثالث يترتب استثناء جميع الصور الثلاث المذكورة، و الصورة الرابعة: و هي اشتراط العتق، حيث إنه لا ملكية مستقرة فعلا في الصور الأربع حتى تشملها الآية الكريمة.

(5) هذا مختار الشيخ في المعاني المحتملة للسبيل المنفي في الآية الكريمة أي خير المعاني المذكورة للسبيل هو الاحتمال الثاني: و هي الملكية المستقرة و لو بالقابلية: فالآية إنما تنفي مثل هذه الملكية، لا الملكية -

ص: 35

الأمور أوسطها:

حكم تملك الكافر للمسلم قهرا

ثم إن ما ذكرنا كله (1) حكم ابتداء تملك الكافر المسلم اختيارا.

أما التملك القهري فيجوز ابتداء (2) كما لو ورثه (3) الكافر من كافر أجبر (4) على البيع فمات (5) قبله، فانه (6) لا ينعتق عليه و لا على الكافر الميت (7)، لأصالة بقاء رقيته بعد تعارض دليل نفي السبيل، و عموم أدلة الارث (8).

لكن لا يثبت بها (9) أصل تملك الكافر

+++++++++++

- المجردة، و لا الملكية المستقرة فعلا، أي لا يملك الكافر العبد المسلم بنحو الملكية المستقرة.

و أما مجرد الملكية، أو الملكية المستقرة فعلا، لا بنحو الاستدامة فهو غير منفي، إذ ليس هو سبيل حتى تشمله الآية.

(1) من عدم تملك الكافر العبد المسلم بأي نحو من أنحاء الملكية.

(2) أي لا استدامة، فانها لا تجوز.

(3) أي ورث الكافر العبد المسلم.

(4) أي الكافر المورّث.

(5) أي الكافر المورّث المحبر على البيع لو مات قبل بيع العبد المسلم.

(6) أي العبد المسلم لا ينعتق على الوارث الكافر بموت مولاه الكافر الذي اجبر على البيع فمات قبل البيع.

(7) و هو المورّث الذي اجبر على البيع فمات قبل البيع.

(8) فاذا تعارضا تساقطا، لعدم ترجيح احدهما على الآخر فلا حكومة لهذه على ذيك، و لا لذيك على هذه.

(9) أي بأدلة الارث لا يثبت أصل تملك الكافر حتى يقدم تملكه على نفي السبيل، لعدم حكومتها على أدلة نفي السبيل كما عرفت.

ص: 36

فيحتمل (1) أن ينتقل إلى الامام عليه السلام.

بل هو (2) مقتضى الجمع بين الأدلة، ضرورة أنه إذا نفي (3) إرث الكافر بآية نفي السبيل كان الميت بالنسبة إلى هذا المال ممن لا وارث له فيرثه الامام عليه السلام.

و بهذا التقرير (4) يندفع ما يقال: إن إرث الامام مناف لعموم أدلة ترتيب طبقات الارث (5)

+++++++++++

(1) الفاء هنا تفريع على ما أفاده: من تعارض دليل نفي السبيل و عموم أدلة الارث و تساقطهما، لعدم حكومة أحدهما على الآخر.

و من عدم ثبوت أصل تملك الكافر بأدلة الارث أي ففي ضوء ما ذكرنا يحتمل انتقال العبد المسلم الذي كان عند الكافر المجبر على البيع فمات قبل البيع إلى الامام عليه السلام، لأنه وارث من لا وارث له، و الكافر المجبر على البيع و لم يبع لموته لا وارث له.

(2) أي انتقال العبد المسلم إلى الامام عليه السلام هو مقتضى الجمع بين أدلة نفي السبيل للكافر على المؤمن، و بين أدلة الارث.

هذا بناء على عدم حكومة أدلة نفي السبيل على أدلة الارث.

(3) هذا بناء على حكومة أدلة نفي السبيل على أدلة الارث.

(4) و هو بناء على حكومة أدلة نفي السبيل على أدلة الارث.

(5) حيث إن طبقات الارث مترتبة لا تتقدم طبقة مع وجود الطبقة المتقدمة، لأن موجبات الارث و أسبابه ثلاثة:

(الأول): النسب و هذا له ثلاث طبقات:

(الأولى): الأبوان و الأولاد.

(الثانية): الأجداد و الجدات، سواء أ كانت لأب أم لأم و إن علوا. -

ص: 37

توضيح الاندفاع أنه إذا كان مقتضى نفي السبيل عدم إرث الكافر فيتحقق نفي الوارث الذي هو مورد إرث الامام عليه السلام فان الممنوع (1) من الارث لغير الوارث.

فالعمدة في المسألة (2) ظهور الاتفاق المدعى صريحا في جامع المقاصد.

+++++++++++

- و الاخوة و الأخوات و إن نزلوا، سواء أ كانوا لأب أم لأم و أولادهم و إن نزلوا.

(الثالثة): الأعمام و العمات، و الأخوال و الخالات و إن علوا و أولادهم و إن نزلوا.

(الثاني): الزوجية و بها يرث الزوجان كل من الآخر.

(الثالث): الولاء: و هو على ثلاث مراتب:

ولاء العتق، ثم ولاء ضامن الجريرة، ثم ولاء الامامة.

هذه هي الطبقات المتعينة في الارث لا يجوز لطبقة أن تتقدم على الأخرى مع وجود الطبقة المتقدمة.

ففيما نحن فيه كيف يكون العبد المسلم بعد موت مولاه الذي أجبر على البيع و مات قبل البيع للامام، مع وجود الوارث له و هو الكافر الآخر الذي هو مقدم على الامام عليه السلام طبقة.

و قد ذكر الشيخ الجواب عن الاشكال بقوله: و بهذا التقرير يندفع ما يقال، و بقوله: توضيح الاندفاع.

(1) الذي هو الكافر هنا، حيث إنه بواسطة اسلام العبد يمنع عن الارث فالامام مقدم عليه.

(2) أي مسألة تملك الكافر العبد المسلم بالملك القهري فالاتفاق حاصل على إرث الكافر العبد المسلم. -

ص: 38

ثم هل يلحق بالارث كل ملك قهري، أو لا يلحق، أو يفرق بين ما كان سببه اختياريا (1) أو غيره (2).

وجوه خيرها أوسطها (3) ثم أخيرها (4).

عدم استقرار المسلم على ملك الكافر و وجوب بيعه عليه

ثم إنه لا إشكال و لا خلاف في أنه لا يقر المسلم على ملك الكافر.

بل يجب بيعه عليه، لقوله عليه السلام في عبد كافر أسلم:

+++++++++++

- قال المحقق الثاني في أثناء شرح قول العلامة: إلا اباه و من ينعتق عليه:

لأن اللّه تعالى نفى جعل السبيل للكافر على المسلمين فلو أراد به مطلق ما يترتب على الملك لامتنع إرث الكافر العبد المسلم من كافر آخر و التالي باطل اتفاقا، انتهى كلام صاحب جامع المقاصد.

و المراد من بطلان التالي هو امتناع إرث الكافر العبد المسلم من كافر آخر فهذا البطلان حاصل من اتفاق الفقهاء.

(1) السبب الاختياري هو الفسخ الحاصل بالخيار المجعول من قبل المتعاقدين في العقد، فان كل خيار يجعل في متن العقد و ضمنه من قبل المتعاقدين هو سبب اختياري للفسخ جاء من قبل المتعاقدين فهنا لا يلحق السبب الاختياري بالارث القهري.

(2) السبب غير الاختياري هو الفسخ الحاصل من قبل احد الخيارات المجعولة من قبل الشارع كخيار الغبن و المجلس، و العيب، و الرؤية فان الخيار حاصل بالبيع، و الخيار في المقام غير اختياري، لأنه مجعول من قبل الشارع، فهنا يلحق السبب غير الاختياري بالارث القهري

(3) و هو عدم الحاق كل ملك قهري بالارث.

(4) و هو التفريق بين السبب الاختياري و غير الاختياري.

ص: 39

اذهبوا فبيعوه من المسلمين و ادفعوا إليه ثمنه و لا تقروه عنده (1).

و منه (2) يعلم أنه لو لم يبعه باعه الحاكم.

و يحتمل أن يكون ولاية البيع للحاكم مطلقا (3) لكون (4) المالك غير قابل للسلطنة على هذا المال، غاية الامر أنه دل النص و الفتوى (5)

+++++++++++

(1) (وسائل الشيعة) الجزء 16. ص 69. الباب 73. الحديث 1

(2) أي و من هذا الحديث الآمر بالبيع في قوله عليه السلام:

اذهبوا فبيعوه من المسلمين يعلم أن الكافر لو لم يبع العبد المسلم باعه الحاكم الشرعي: و هو الفقيه الجامع لشرائط الافتاء.

(3) أي سواء امتنع الكافر عن بيع العبد المسلم أم لم يمتنع، فللفقيه الحكومة في البيع أي وقت شاء و أراد.

(4) تعليل لاحتمال كون ولاية الفقيه مطلقة لا تقييد فيها بصورة امتناع الكافر عن بيع العبد المسلم.

و هناك اطلاق يؤيد عدم قابلية الكافر للسلطنة على المال و هو العبد المسلم.

و ذاك الاطلاق هو الأمر بالبيع في الحديث في قوله عليه السلام:

اذهبوا فبيعوه، فان الأمر هنا مطلق لا تقييد فيه بصورة امتناع الكافر عن بيع العبد، بل البيع لازم سواء امتنع الكافر أم لم يمتنع فيؤيد عدم القابلية.

(5) أي النص و فتوى فقهاء الامامية دلاّ على أن الكافر يملك العبد المسلم.

و المراد من النص ما ذكرناه في الهامش 4 في قوله عليه السلام:

فبيعوه، فان البيع فرع التملك.

و المراد من الفتوى فتوى فقهاء الامامية رضوان اللّه عليهم -

ص: 40

على تملكه له، و لذا (1) ذكر أنه يباع عليه.

بل صرح فخر الدين رحمه اللّه في الايضاح بزوال ملك السيد عنه و يبقى له حق استيفاء الثمن منه و هو (2) مخالف لظاهر النص و الفتوى كما عرفت، و كيف كان (3) فاذا تولاه (4) المالك بنفسه فالظاهر أنه لا خيار له (5) و لا عليه (6)،

+++++++++++

- باتفاقهم على أن الكافر يملك بالملك القهري كالارث.

(1) تعليل لعدم قابلية الكافر للسلطنة على العبد المسلم.

و ليس تعليلا لدلالة النص و الفتوى على تملك الكافر العبد المسلم كما قد يتوهم أي و لاجل عدم تملك الكافر للعبد المسلم ذكر فقهاء الامامية رضوان اللّه عليهم أن العبد المسلم يباع على المسلمين قهرا و جبرا على المالك الكافر.

(2) أي زوال الملك عن السيد الكافر كما افاده فخر المحققين مخالف للنص، و فتوى الفقهاء المشار إليهما في ص 40 على تملك الكافر.

(3) أي سواء قلنا تملك الكافر أم لا.

(4) أي إذا تولى الكافر المالك بيع العبد المسلم بنفسه مباشرة.

(5) أي لا خيار لهذا الكافر المالك الذي باشر البيع بنفسه مطلقا حتى خيار الحيوان.

و كذا ليس للحاكم الشرعي جعل الخيار للكافر المالك لو تولى الحاكم بيع العبد المسلم بنفسه.

(6) أي و كذا ليس للمشتري المسلم جعل الخيار لنفسه لو اشترى العبد المسلم من الكافر: بأن اشترط مع الكافر المالك أن له الخيار خلال شهر، أو شهرين مثلا، فهذا الخيار يكون على الكافر و في ضرره.

ص: 41

وفاقا للمحكي عن الحواشي (1) في خيار المجلس و الشرط، لأنه (2) إحداث ملك فينتفي، لعموم نفي السبيل، لتقديمه (3) على أدلة الخيار كما يقدم (4) على أدلة البيع.

و يمكن أن يبتنى (5) على أن الزائل العائد كالذي لم يزل، أو كالذي لم يعد.

+++++++++++

(1) أي حواشي الشهيد الأول على القواعد للعلامة.

(2) هذا تعليل لعدم خيار للكافر، و لا عليه لو باشر الكافر البيع بنفسه و تولاه.

و خلاصته: أن جعل الخيار له و عليه يستلزم لرجوع الملك:

و هو إحداث ملك جديد، فتنتفي هذه الملكية الجديدة المستحدثة بعموم نفي السبيل في قوله تعالى: وَ لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً حيث إن نفي السبيل عام يشمل حتى الملكية المستحدثة فضلا عن الملكية المستقرة.

(3) تعليل لعموم نفي السبيل.

و خلاصته: أن عموم النفي لاجل تقديم دليله على أدلة الخيار من باب الحكومة كما افاد هذه الحكومة الشيخ في ص 37 بقوله:

ضرورة أنه اذا نفي إرث الكافر بآية نفي السبيل.

(4) تنظير لتقديم أدلة نفي السبيل على أدلة الخيار أي كما تقدم أدلة نفي السبيل على أدلة البيع فيما لو بيع العبد المسلم على الكافر مع أدلة البيع: و هي

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، و أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ ، و تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ ، و إنّ الناس مسلطون على أموالهم، فانها عامة تشمل حتى البيع على الكافر.

(5) بصيغة المذكر المجهول أي يبتنى الخيار للكافر، و عدم الخيار له -

ص: 42

فان قلنا: بالأول ثبت الخيار، و لأن فسخ العقد يجعل الملكية السابقة كأن لم تزل و قد امضاها الشارع و أمر بازالتها، بخلاف ما لو كانت الملكية الحاصلة غير السابقة، فان الشارع لم يمضها.

لكن (1) هذا المبنى ليس بشيء، لوجوب (2) الاقتصار في تخصيص نفي السبيل على المتيقن.

+++++++++++

- على القول بأن الملكية الزائلة العائدة بالخيار لو اختير الفسخ هل هي كالملكية غير الزائلة، أو كالملكية غير العائدة ؟

فان قلنا: إن الملكية الزائلة بالبيع، و التي تعود بواسطة الخيار كالتي لا تزول فيثبت الخيار، لعدم إحداث ملك جديد حتى ينتفي بالسبيل، لأن فسخ العقد يجعل الملكية السابقة كالتي لا تزول أبدا و هي ممضاة من قبل الشارع و أمر بازالتها بواسطة البيع.

و إن قلنا: إن الملكية الزائلة بالبيع، و العائدة بالخيار كالملكية غير الزائلة فلا يثبت الخيار، لعدم إمضاء الشارع لمثل هذه الملكية فنفي السبيل يشمله.

(1) هذا رأي الشيخ حول المبنى المذكور.

و خلاصته: أن ابتناء ثبوت الخيار على الملكية التي لا تزول، و عدم ثبوت الخيار على الملكية الزائلة ليس بحق و صحيح.

(2) تعليل لعدم صحة المبنى المذكور.

و خلاصته: أن نفي السبيل عام يشمل حتى الملكية التي لا تزول فلا يثبت الخيار.

فليس إذا قابلا للتخصيص، فان كان لا بدّ من التخصيص فيجب الاقتصار على المتيقن: و هو ثبوت الملكية القهرية الابتدائية للكافر فقط كالارث. -

ص: 43

نعم يحكم (1) بالارش لو كان العبد، أو ثمنه معيبا.

و يشكل (2) في الخيارات الناشئة عن الضرر من (3) جهة قوة أدلة نفي الضرر فلا يبعد الحكم بثبوت الخيار للمسلم (4) المتضرر من لزوم (5) البيع.

بخلاف ما لو تضرر الكافر، فان هذا الضرر إنما حصل من كفره الموجب (6)، لعدم قابلية تملك المسلم إلا فيما خرج بالنص (7).

و يظهر مما (8) ذكرنا حكم الرجوع

+++++++++++

- و أما الملكية العائدة للكافر بالخيار فلا تثبت له، لأنها مغايرة لنفي السبيل الدال على عموم عدم تملك الكافر فيبقى العموم بعد هذا التخصيص على عموميته، و سالما عن التخصيص.

(1) أي للكافر بعد أن اشترى العبد لو كان معيبا، حيث إن الأرش جزء من الثمن المدفوع إلى البائع فهو بدل عن النقيصة الحاصلة في الثمن فلا بد من اعطائه لصاحب الثمن و هو الكافر.

(2) أي ثبوت الارش في الخيارات الناشئة عن الضرر مشكل.

(3) كلمة من تعليل لوجه الاشكال و قد ذكره الشيخ.

(4) لو كان هو البائع للكافر.

(5) لو قلنا بنفوذ البيع و لزومه، فانه حينئذ يكون البائع المسلم متضررا لو لم نقل بثبوت الخيار له.

(6) بالجر صفة لكفره أي الضرر حصل من كفر الكافر، لا من قبل الشارع حتى يتدارك بالارش فهو اقدم على هذا الضرر باختياره الكفر.

(7) كما في التملك القهري الحاصل من الارث مثلا.

(8) من عدم ثبوت الخيار للكافر، و أنه ليس له الرجوع في الهبة الجائزة، و له اخذ الارش لو ظهر معيبا.

ص: 44

في العقد الجائز كالهبة (1).

و خالف في ذلك (2) كله جامع المقاصد فحكم بثبوت الخيار، و الرد بالعيب تبعا للدروس.

قال: (3) لأن العقد لا يخرج عن مقتضاه (4) بكون (5) المبيع عبدا مسلما لكافر، لانتفاء المقتضي (6)، لأن نفي السبيل لو اقتضى ذلك (7)

+++++++++++

(1) أي ليس للكافر حق الرجوع في الهبة لو وهب العبد المسلم الى شخص، لعين الملاك الموجود في العقود اللازمة.

(2) أي في عدم ثبوت الخيار للكافر، و عدم جواز رجوعه في الهبة الجائزة، و في اخذ الارش.

بل قال بثبوت الخيار، و جواز الرجوع في الهبة الجائزة، و له الرد في المبيع اذا كان بعيدا، لا انه يجوز له اخذ الارش.

(3) أي صاحب جامع المقاصد.

(4) مقتضى العقد هو جواز الرد بالعيب، فهذا المقتضى لا يرفع اليد عنه بسبب كون المبيع عبدا مسلما لكافر، و بمجرده.

بل العقد يعمل عمله فيجوز للمشتري رد العبد إلى البائع الكافر لو ظهر معيبا، لا أنه يأخذ الارش في مقابل العيب و النقيصة.

(5) الباء هنا سببية لخروج العقد عن مقتضاه أي مجرد كون المبيع عبدا مسلما لكافر لا يكون سببا لرفع اليد عن مقتضى العقد كما عرفت

(6) أي لانتفاء المقتضي لخروج العقد عن مقتضاه و قد عرفت أن مجرد كون المبيع عبدا مسلما لكافر لا يكون سببا لرفع اليد عن مقتضى العقد، و لا مقتضيا له.

(7) أي رفع اليد عن مقتضى العقد و مفهومه.

ص: 45

لاقتضى خروجه عن ملكه (1).

فعلى (2) هذا لو كان المبيع معاطاة فهي على حكمها.

و لو اخرجه (3) عن ملكه بالهبة جرت فيه أحكامها.

نعم (4) لا يبعد أن يقال: للحاكم إلزامه باسقاط نحو خيار المجلس

+++++++++++

(1) و اللازم و هو خروج العبد عن ملك الكافر باطل، لاتفاق الفقهاء على تملكه له، و لورود النص المشار إليه في ص 40 كما عرفت و كذا الملزوم: و هو خروج العقد عن مقتضاه: و هو جواز الرد بالعيب كما عرفت.

(2) الفاء تفريع على ما أفاده: من عدم خروج العقد عن مقتضاه إذ لو خرج لخرج عن ملكه، و اللازم باطل و كذا الملزوم أي ففي ضوء ما ذكرناه لو كان المبيع وقع بالبيع المعاطاتي فتجري فيه أحكام المعاطاة: من جواز التراد ما دامت العينان باقيتين كما عرفت تفصيل ذلك في الجزء السادس من المكاسب من ص 285 الى ص 327 فراجع

(3) هذا تفريع آخر على ما أفاده: من عدم خروج العقد عن مقتضاه أي ففي ضوء ما ذكرناه فلو اخرج الكافر العبد المسلم عن ملكه بالهبة جرت فيها أحكام الهبة: من كونها إذا كانت بذي رحم فلا يجوز الرجوع فيها، و كذا إذا كانت معوضة.

و أما إذا كانت غير معوضة، و بغير ذي رحم فيجوز فيها الرجوع قبل التصرف، لا بعده.

(4) هذا كلام صاحب جامع المقاصد و استدراك عما أفاده: من ثبوت الخيار و الرد للكافر.

و خلاصة الاستدراك: أن للحاكم الشرعي إسقاط حق الخيار للكافر في خيار المجلس.

ص: 46

أو مطالبته (1) بسبب ناقل يمنع الرجوع و لم يلزم منه (2) تخسير للمال، انتهى (3).

و فيما ذكره (4) نظر، لأن نفي السبيل لا يخرج منه إلا الملك

+++++++++++

(1) أي و كذا للحاكم الشرعي حق مطالبة الكافر بايجاد سبب ناقل لثمن العبد على نحو يمنع الكافر من الرجوع إلى الثمن: بأن يلزمه ببيع لازم، أو هبة معوضة بحيث يخرج عن ملكه.

(2) أي إذا لا يلزم من مطالبة الحاكم الشرعي الكافر بتهيئة أسباب نقل الثمن ضرر يتوجه نحو الكافر كأن يباع العبد بثمن بخس جدا، فانه في هذه الصورة تتوجه خسارة نحوه فلا يجوز، فحق مطالبة الحاكم للكافر بنقل الكافر مقيد بقيد عدم التخسير.

(3) أي ما أفاده صاحب جامع المقاصد في هذا المقام.

(4) من هنا أخذ الشيخ في الرد على ما أفاده المحقق الثاني أي و فيما أفاده نظر.

و خلاصته: أن عروض التخصيص و هي الملكية القهرية الابتدائية للكافر على العام: و هو أن نفي السبيل للكافر على المؤمنين لا يوجب سقوط حجية العام في بقية أفراده.

بل العام باق على عمومه بعد هذا التخصيص فنتمسك به و نحكم بعدم تملك الكافر العبد المسلم بالخيار، لا له، و لا عليه، لأنه إحداث ملك جديد.

فما أفاده المحقق الثاني: من أن العقد لا يخرج من مقتضاه: و هو جواز الرد و الفسخ بالخيار، لأنه لو قلنا بالخروج يلزم خروج العبد عن ملكه، و خروجه عن ملكه باطل فكذا الملزوم: و هو خروج العقد عن مقتضاه: غير مقيد.

ص: 47

الابتدائي (1)، و خروجه (2) لا يستلزم خروج عود الملك إليه بالفسخ.

و استلزام (3) البيع للخيارات ليس (4) عقليا، بل تابع لدليله الذي هو أضعف من دليل صحة العقد الذي خص بنفي السبيل.

+++++++++++

(1) أي الابتدائي القهري كالارث، لا الثابت بالخيار كما عرفت.

(2) أي خروج الملك الابتدائي القهري عن عموم نفي السبيل لا يكون مستلزما لخروج الملك العائد بالخيار عن عموم نفي السبيل حيث إن العموم كما عرفت بعد التخصيص باق على عمومه.

(3) دفع وهم

حاصل الوهم: أن الخيار من لوازم البيع فكلما صدق البيع صدق الخيار، و هذه الملازمة عامة تشمل حتى بيع الكافر العبد المسلم فله الخيار، و عليه الخيار.

(4) هذا جواب الشيخ قدس سره عن التوهم.

و خلاصته: أن هذه الملازمة ليست عقلية حتى يقال: كلما صدق البيع صدق الخيار فيثبت الخيار للكافر فتثبت له الملكية بالخيار.

بل استلزام البيع للخيار تابع لدليل الخيار.

و من الواضح أن دليل الخيار أضعف من دليل صحة العقد الذي خص بدليل نفي السبيل، فدليل نفي السبيل حاكم عليه و قد خرجت عن عموم نفي السبيل الملكية القهرية الابتدائية كالارث كما علمت.

و أما الملكية المستحدثة بالخيار فلا تخرج عن عموم نفي السبيل بل العموم باق على عمومه فلا تعارض بين الدليلين:

دليل الخيار، و دليل نفي السبيل حتى يتساقطا فيقال بتملك الكافر العبد المسلم بالخيار.

ص: 48

فهذا (1) أولى بالتخصيص به.

مع (2) أنه على تقدير المقاومة يرجع إلى أصالة الملك، و عدم

+++++++++++

(1) أي دليل الخيار أولى بتخصيصه بآية نفي السبيل من تخصيص دليل صحة العقد بدليل نفي السبيل.

فتحصل من مجموع ما ذكر أنه لا تعارض بين دليل الخيار، و دليل نفي السبيل حتى يتساقطا.

بل دليل نفي السبيل مقدم و حاكم على دليل الخيار، فلا يثبت ملك جديد للكافر بالخيار.

(2) من هنا يروم الشيخ أن ينكر الخيار للكافر بتيا و إن قيل بمعارضة دليل الخيار لدليل نفي السبيل.

و خلاصته: أنه على فرض مقاومة دليل الخيار لدليل النفي و معارضته له، و عدم كون دليل النفي حاكما عليه، و تساقطهما عند التعارض: يرجع حينئذ إلى أصالة بقاء الملك، و عدم زواله بالفسخ و الرجوع.

بعبارة اخرى أنه عند الفسخ و الرجوع نشك في زوال الملك فنستصحب الملكية السابقة فلا مجال للخيار حتى تأتي الملكية الحادثة بسببه، بل الملكية السابقة القهرية الابتدائية تعود بسبب الاستصحاب.

(لا يقال): إنه كما يقع التعارض بين دليل نفي السبيل، و بين دليل الخيار.

كذلك يقع التعارض بين دليل نفي السبيل، و بين دليل صحة العقد و بين أدلة الارث فيتساقطان فاذا تساقطا فلا يبقى مجال لسببية العقد للملك حتى تستصحب الملكية السابقة عند الفسخ و الرجوع فيرجع إلى أصالة الفساد. -

ص: 49

زواله بالفسخ و الرجوع، فتأمل (1).

+++++++++++

- (فانه يقال): إنك قد عرفت أن الملك القهري الابتدائي قد خرج عن عموم آية نفي السبيل.

فنفي السبيل قد خصص بهذا فلا يكون التملك القهري منفيا فيملك الكافر قهرا بالارث فعند الفسخ و الرجوع نشك في زوال الملكية السابقة الثابتة له بالارث فنستصحبها.

إذا لا منافاة بين بيع الكافر عبده المسلم من مسلم.

و بين نفي السبيل فيصح بيعه منه فيرجع بعد الفسخ إلى أصالة بقاء الملك كما عرفت، لا إلى أصالة الفساد.

(1) الأمر بالتأمل له احتمالان:

(الأول): أن المقاومة المذكورة، و معارضة دليل الخيار لدليل نفي السبيل مبنية على عدم حكومة دليل نفي السبيل على دليل الخيار و مع هذا البناء لا يكون دليل النفي حاكما على أدلة صحة العقد، و على أدلة الارث فيقع التعارض بين دليل النفي، و دليل صحة العقد، و دليل الارث فيتساقطان فيرجع إلى أصالة الفساد.

فلا مجال لاستصحاب الملكية كما عرفت في الهامش 2 ص 49 عند قولنا: فاذا تساقطا فلا يبقى مجال لسببية العقد للملك حتى تستصحب الملكية السابقة.

و قد عرفت الجواب عن هذا الاشكال عند قولنا: فانه يقال:

(الثاني): كون الأمر بالتأمل إشارة إلى الوهن الحاصل مما ذكره:

من أن دليل صحة العقد مخصص بدليل نفي السبيل، لأنه على فرض التخصيص به، و عدم الفرق بين دليل صحة العقد، و بين دليل الانتقال بالارث: يلزم ارتفاع موضوع الخيار في مسألة بيع الكافر -

ص: 50

و أما (1) ما ذكره أخيرا بقوله: لا يبعد ففيه أن الزامه بما ذكر ليس بأولى من الحكم بعدم جواز الرجوع فيكون (2) خروج المسلم من ملك الكافر إلى ملك المسلم بمنزلة التصرف المانع من الفسخ و الرجوع.

و مما ذكرنا (3) يظهر أن ما ذكره

+++++++++++

- العبد المسلم، لأن البحث عن ثبوت الخيار عند بيع الكافر العبد المسلم من المسلم فرع تملكه له و قد فرض أن أدلة الانتقال خصصت بنفي السبيل.

(1) هذا رد على الاستدراك الذي افاده صاحب جامع المقاصد بقوله في ص 46: نعم لا يبعد أن يقال للحاكم الزامه.

و خلاصته: أنه لا داعي لهذا الاستدراك بعد الالتزام بعدم الخيار للكافر مطلقا، لا خيار المجلس، و لا غيره: من بقية الخيارات من البداية حتى لا نحتاج إلى هذا الاستدراك، و القول بإلزام الحاكم للكافر باسقاطه خيار المجلس، أو مطالبة الحاكم الكافر بسبب ناقل يمنعه عن الرجوع إلى المبيع.

فالزام الحاكم الكافر بما ذكر ليس بأولى من التزامنا من البداية بعدم جواز الرجوع للكافر إذا كان الخيار له، أو للمشتري إذا كان الخيار على الكافر.

(2) الفاء تفريع على ما أفاده: من أن الزام الحاكم الكافر باسقاط الخيار ليس بأولى من التزامنا بعدم جواز الرجوع من البداية أي ففي ضوء ما ذكرنا يكون خروج العبد المسلم عن ملك الكافر إلى ملك المسلم بمنزلة التصرف المانع من الفسخ و الرجوع.

(3) و هو: أن الزام الحاكم الكافر بما ذكر ليس بأولى من التزامنا من البداية بعدم جواز الرجوع و الفسخ.

ص: 51

في القواعد: من (1) قوله رحمه اللّه:

و لو باعه لمسلم بثوب ثم وجد في الثمن عيبا جاز رد الثمن.

و هل يسترد العبد، أو القيمة (2)؟ فيه (3) نظر.

ينشأ (4) من (5) كون الاسترداد تملكا للمسلم اختيارا.

+++++++++++

(1) كلمة من بيان لما ذكره العلامة قدس سره في القواعد.

(2) أي بعد أن وجد الكافر في الثمن و هو الثوب عيبا.

(3) هذا كلام العلامة أي في جواز استرداد العبد، أو قيمته إذا وجد الكافر في الثوب الذي وقع ثمنا عيبا نظر و إشكال.

(4) أي هذا النظر و الاشكال ناش من احد الأمرين لا محالة:

(5) هذا هو الأمر الأول، و هو دليل عدم الخيار للكافر.

و خلاصته: أن القول بالاسترداد و الرجوع دليل على تملك الكافر العبد المسلم اختيارا، لا قهرا و قد علمت في ص 36: أن القدر المتيقن من خروج تملك الكافر العبد المسلم عن عموم دليل نفي السبيل هو التملك القهري الابتدائي كالارث.

و أما التملك الاختياري الحاصل بالخيار فلا يخرج عن العموم المذكور، بل العموم باق على عمومه فيشمله.

و لا يخفى أن المحقق الكركي في شرحه على القواعد اورد إشكالا على ما أفاده العلامة: من التملك الاختياري.

و خلاصته: أنه في صورة رد الكافر الثمن المعين المعيب ينفسخ العقد قهرا فيعود العبد إلى الكافر، لامتناع بقاء الملك بلا مالك و لامتناع كون الثمن و المثمن للمشتري المسلم إذا لم نقل برجوع العبد المسلم إلى الكافر، فاذا رجع العبد إلى الكافر أصبح تملك الكافر العبد المسلم تملكا قهريا كالارث، لا اختياريا. -

ص: 52

و من (1) كون الرد بالعيب موضوعا على القهر كالارث، انتهى (2) محل (3) تأمل.

إلا (4) أن يقال: إن مقتضى الجمع بين أدلة الخيار، و نفي السبيل ثبوت الخيار و الحكم بالقيمة (5) فيكون نفي السبيل مانعا شرعيا من استرداد المثمن كنقل (6) المبيع في زمن الخيار.

+++++++++++

- و لا يخفى أن الشيخ قدس سره أجاب عن هذا الاشكال بقوله في ص 51: و أما ما ذكره أخيرا بقوله: و لا يبعد.

و قد عرفت شرحه في الهامش 1 ص 51 عند قولنا: و خلاصته أنه لا داعي لهذا الاستدراك.

(1) هذا هو الأمر الثاني و هو دليل ثبوت الخيار للكافر.

و خلاصته: أن رد المعيب أمر قهري وضعه الشارع فالخيار من لوازم هذا الوضع فهو كالارث.

(2) أي ما أفاده العلامة قدس سره في القواعد.

(3) بالرفع خبر لاسم إن في قوله في ص 51: يظهر أن ما ذكره أي ما ذكره في القواعد: من جواز رد الثمن محل تأمل، لأنه يدل على ثبوت الخيار للكافر.

و قد عرفت عدم ثبوته له عند قوله في ص 51: ففيه أن الزامه بما ذكر.

(4) استثناء عما أفاده: من عدم ثبوت الخيار للكافر.

(5) أي بقيمة العبد، لا باسترداد شخصه، لأن نفي السبيل يكون مانعا شرعيا عن استرداد شخص العبد الذي هو المثمن.

(6) تنظير لكون نفي السبيل مانعا شرعيا عن استرداد العبد أي كما أن نقل المبيع في زمن الخيار مانع شرعي عن استرداد العين.

ص: 53

و كالتلف (1) الذي هو مانع عقلي.

و هو (2) حسن إن لم يحصل السبيل بمجرد استحقاق الكافر للمسلم المنكشف (3) باستحقاق بدله، و لذا (4) حكموا بسقوط الخيار في من ينعتق على المشتري، فتأمل (5).

مسألة: المشهور عدم جواز نقل المصحف إلى الكافر

(مسألة) المشهور عدم جواز نقل المصحف إلى الكافر ذكره الشيخ، و المحقق في الجهاد و العلامة في كتبه و جمهور من تأخر عنه.

و عن الاسكافي أنه قال: و لا اختار أن برهن الكافر مصحفا أو ما يجب على المسلم تعظيمه، و لا صغيرا من الأطفال، انتهى.

و استدلوا عليه (6) بوجوب احترام المصحف.

+++++++++++

(1) تنظير ثان لكون نفي السبيل مانعا شرعيا عن استرداد المثمن أي كما أن تلف السماوي مانع عقلي عن استرداد العين لو بيعت و تلفت.

(2) أي هذا الاستثناء حسن إذا لم نقل: إن استحقاق البدل الذي هي قيمة العبد كاشف عن استحقاق المبدل و هو العبد، لأنه إذا قلنا بذلك فقد حصل السبيل و هو الاستعلاء و العلو من الكافر على المؤمن و هو منفي بالآية.

(3) أي هذا الاستحقاق كما عرفت.

(4) أي و لأجل أن استحقاق البدل كاشف عن استحقاق المبدل و متفرق عليه حكم الفقهاء بسقوط الخيار للكافر المشتري إذا اشترى من ينعتق عليه كعمودية.

(5) اشارة إلى عدم صدق السبيل للكافر بمجرد استحقاقه البدل الكاشف عن استحقاق المبدل.

(6) أي على عدم جواز نقل المصحف الكريم إلى الكافر.

ثم لا يخفى عليك أن عنوان هذا المقام عنوان تملك الكافر القرآن -

ص: 54

و فحوى (1) المنع من بيع العبد المسلم من الكافر.

و ما ذكره (2) حسن و إن كان وجهه (3) لا يخلو عن تأمل (4) أو منع.

و في إلحاق الأحاديث النبوية بالمصحف كما صرح به (5) في المبسوط أو الكراهة كما هو صريح الشرائع، و نسبه (6) الصيمري إلى المشهور:

قولان (7) تردد بينهما العلامة في التذكرة.

+++++++++++

- لا نقله إليه، فعليه لا يملكه الكافر أيضا بالارث حتى لو ملكه و هو مسلم ثم ارتد خرج عن ملكه.

و كذا لو استكتب القرآن بأجير، أو باشر الكتابة بنفسه بحبر و قلم و قرطاس يملكها فقد خرج عن ملكه.

(1) أي و استدلوا على عدم جواز نقل المصحف الكريم إلى الكافر أيضا بفحوى منع بيع العبد المسلم من الكافر، فان مفهوم المنع يدل على منع نقل المصحف إلى الكافر بطريق أولى، لأن الملاك في عدم جواز نقل العبد المسلم و بيعه من الكافر إذا كان هو العلو على المؤمن فهذا بعينه موجود في بيع المصحف من الكافر و نقله إليه.

(2) هذا كلام الشيخ أي و ما ذكره الفقهاء في دليل عدم جواز نقل المصحف إلى الكافر حسن.

(3) و هو فحوى منع البيع العبد المسلم من الكافر: و هي الأولوية المذكورة آنفا في الهامش 1.

(4) لعل الاظهار بالتأمل اشارة إلى منع الأولوية المذكورة، لعدم صدق السبيل و العلو في القرآن بمجرد تملك الكافر له.

(5) أي بهذا الالحاق، و أنه يحرم نقلها إلى الكافر.

(6) أي هذا الالحاق.

(7) مبتدأ مؤخر خبره قوله: و في إلحاق الأحاديث.

ص: 55

و لا يبعد أن تكون الأحاديث المنسوبة إلى النبي صلى اللّه عليه و آله من طرق الآحاد حكمها حكم ما علم صدوره منه (1) صلى اللّه عليه و آله

و إن كان ظاهر ما ألحقوه بالمصحف هو أقوال النبي المعلوم صدورها عنه صلى اللّه عليه و آله.

و كيف كان (2) فحكم أحاديث الأئمة صلوات اللّه عليهم حكم أحاديث النبي (3) صلى اللّه عليه و آله.

+++++++++++

(1) في كونها يحرم نقلها إلى الكافر.

(2) أي سواء أ كان المراد من أحاديث الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله. هي الأقوال المعلوم الصدور عنه، أم الأحاديث المنسوبة إليه صلى اللّه عليه و آله من طرق الآحاد.

(3) في أنها يحرم نقلها إلى الكفار.

ص: 56

القول في شرائط العوضين

اشارة

ص: 57

مسألة من شروط العوضين: المالية

اشارة

(القول في شرائط العوضين) يشترط في كل منهما كونه متمولا، لأن البيع لغة مبادلة مال بمال (1).

و قد احترزوا بهذا الشرط (2) عما لا ينتفع به منفعة مقصودة للعقلاء محللة في الشرع، لأن الأول (3) ليس بمال عرفا كالخنافس و الديدان فانه يصح عرفا سلب المصرف لها، و نفي الفائدة عنها، و الثاني (4)

+++++++++++

(1) كما عرفت شرح ذلك في الجزء 6. ص 9 عند تعريف صاحب (المصباح المنير).

(2) و هو كونه متمولا.

(3) أي القيد الأول: و هو ما لا ينتفع به منفعة مقصودة للعقلاء.

(4) أي القيد الثاني: و هو كونه محلّلة في الشرع.

ص: 58

ليس بمال شرعا كالخمر و الخنزير.

ثم قسّموا عدم الانتفاع إلى ما يستند إلى خسة الشيء كالحشرات

و إلى ما يستند إلى قلته كحبة حنطة.

و ذكروا أنه (1) ليس مالا و إن كان يصدق عليه الملك، و لذا (2) يحرم غصبه اجماعا.

و عن التذكرة أنه لو تلف (3) لم يضمن اصلا.

و اعترضه (4) غير واحد ممن تأخر عنه بوجوب رد المثل.

و الأولى أن يقال إن ما تحقق انه ليس بمال عرفا، فلا إشكال و لا خلاف في عدم جواز وقوعه احد العوضين، إذ لا بيع إلا في ملك (5).

و ما لم يتحقق فيه ذلك (6) فان كان أكل المال في مقابله أكلا بالباطل عرفا فالظاهر فساد المعاملة.

و ما لم يتحقق فيه ذلك (7) فان ثبت دليل من نص، أو اجماع على عدم جواز بيعه فهو، و إلا فلا يخفى وجوب الرجوع إلى عمومات

+++++++++++

(1) أي ما يستند إلى قلته.

(2) أي و لاجل صدق الملك على ما كان قليلا كحبة حنطة.

(3) أي الشيء القليل الذي لا مالية له.

(4) أي العلامة فيما أفاده: من أن الشيء الذي لا مالية له إذا تلف لا يكون مضمونا.

(5) كما ورد في الحديث.

راجع الجزء 8 من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة. ص 204

(6) أي إذا لم يتحقق أنه ليس بمال عرفا.

(7) أي لا يكون أكل المال في مقابله اكلا بالباطل.

ص: 59

صحة البيع (1) و التجارة (2).

و خصوص قوله عليه السلام في المروى عن تحف العقول:

و كل شيء يكون لهم فيه الصلاح من جهة من الجهات فكل ذلك حلال بيعه إلى آخر الرواية، و قد تقدمت في أول الكتاب (3).

ثم إنهم احترزوا باعتبار الملكية في العوضين عن بيع ما يشترك فيه الناس كالماء و الكلاء و السماك و الوحوش قبل اصطيادها: بكون هذه كلها غير مملوكة بالفعل.

و احترزوا أيضا به (4) عن الأرض المفتوحة عنوة.

و وجه الاحتراز عنها (5) أنها غير مملوكة لملاّكها على نحو سائر الأملاك بحيث يكون لكل منهم جزء معين من عين الأرض و إن قلّ و لذا (6) لا تورث.

بل و لا من (7) قبيل الوقف الخاص على معينين

+++++++++++

(1) مثل و أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ ، أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، إن الناس مسلطون على أموالهم.

(2) و هي آية: و تجارة عن تراض.

(3) راجع الجزء الأول من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة ص 46

(4) أي بقيد الملكية و اعتبارها.

(5) أي عن الأراضي المفتوحة عنوة.

(6) أي و لاجل أن الأراضي المفتوحة عنوة غير مملوكة.

(7) أي و ليست الأراضي المفتوحة عنوة من قبيل الوقف الخاص الذي يوقف على أشخاص خاصة، و جهات مختصة، حيث إن الموقوف عليهم، أو الموقوف عليها يملك منافع الوقف الخاص حسب الوقفية. -

ص: 60

لعدم (1) تملكهم للمنفعة مشاعا، و لا (2) كالوقف على غير معينين كالعلماء و المؤمنين، و لا (3) من قبيل تملك الفقراء الزكاة و السادة (4) الخمس: بمعنى كونهم (5) مصارف له، لعدم (6) تملكهم منافعه بالقبض، لأن مصرفه منحصر في مصالح المسلمين فلا يجوز تقسيمه عليهم، من دون ملاحظة مصالحهم.

فهذه الملكية (7) نحو مستقل من الملكية قد دل عليها الدليل

+++++++++++

- بخلاف الأراضي المفتوحة عنوة، فان المسلمين لا يملكون منافع تلك الأراضي مشاعا، بل لا بدّ أن تصرف في سبيل مصالحهم.

(1) تعليل لعدم كون الأراضي المفتوحة عنوة من قبيل الوقف الخاص.

و قد عرفته عند قولنا: بخلاف الأراضي المفتوحة عنوة.

(2) أي و ليست الأراضي المفتوحة عنوة من قبيل الوقف العام.

(3) أي و ليست الأراضي المفتوحة عنوة من قبيل تملك الفقراء الزكوات.

(4) أي و كذلك ليست الأراضي المفتوحة عنوة من قبيل تملك السادة أولاد الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله الخمس.

(5) أي كون الفقراء و السادة هم محل صرف الزكوات و الأخماس.

(6) تعليل لعدم كون الأراضي المفتوحة عنوة من قبيل تملك الفقراء الزكوات، و لا من قبيل تملك السادة الخمس.

و خلاصته: أن المسلمين لا يملكون منافع الأراضي المفتوحة عنوة لأن تلك المنافع لا بدّ أن تصرف كما علمت آنفا في سبيل مصالح المسلمين:

من بناء مدارس دينية، و مساجد، و منازل لنزولهم، و مستشفيات، و غيرها من المصالح التي تخص شئونهم.

(7) و هي الحاصلة من الأراضي المفتوحة عنوة.

ص: 61

و معناها (1) صرف حاصل الملك في مصالح الملاّك.

ثم إن كون هذه الأرض (2) للمسلمين مما ادعي عليه الاجماع و دل عليه النص كمرسلة حماد الطويلة (3)، و غيرها (4).

أقسام الأرضين و أحكامها
اشارة

و حيث جرى في الكلام ذكر بعض أقسام الأرضين فلا بأس بالاشارة اجمالا إلى جميع أقسام الأرضين و أحكامها.

فنقول و من اللّه الاستعانة:

الأرض إما موات، و إما عامرة.

و كل منهما (5) إما أن يكون كذلك أصلية أو عرض لها ذلك.

فالأقسام أربعة لا خامس لها.
اشارة

فالأقسام أربعة لا خامس لها.

الأوّل: ما يكون مواتاً بالأصالة،

(الأول): ما يكون مواتا بالأصالة بأن لم تكن مسبوقة بالعمارة.

و لا إشكال و لا خلاف منافي كونها للامام عليه السلام، و الاجماع عليه محكي عن الخلاف و الغنية، و جامع المقاصد و المسالك، و ظاهر جماعة اخرى.

و النصوص بذلك مستفيضة، بل قيل: إنها متواترة (6) و هي من الأنفال.

+++++++++++

(1) أي معنى هذه الملكية الحاصلة من الأراضي المفتوحة عنوة.

(2) أي المفتوحة عنوة.

(3) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 6. ص 365. و الباب 2 الحديث 1.

(4) أي و غير هذه المرسلة راجع (المصدر نفسه).

(5) أي مواتا، أو عامرة.

(6) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 4. ص 364. الباب 1 الأحاديث. -

ص: 62

نعم أبيح التصرف فيها (1) بالاحياء بلا عوض.

و عليه (2) يحمل ما في النبويين: موتان الأرض للّه و لرسوله صلى اللّه عليه و آله ثم هي لكم مني أيها المسلمون (3) و نحوه الآخر:

+++++++++++

- إليك نص الحديث الأول:

عن حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الأنفال ما لم يوجف بخيل و لا ركاب، أو قوم صالحوا، أو قوم اعطوا بأيديهم.

و كل أرض خربة، و بطون الأودية فهو لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و هو للامام من بعده يضعه حيث يشاء.

(1) أي في هذه الأراضي الموات بالأصالة.

راجع حول إباحة الأئمة الأطهار عليهم الصلاة و السلام الأنفال لشيعتهم المصدر نفسه. ص 381. الباب 4. الأحاديث.

إليك نص الحديث التاسع:

عن الحارث بن المغيرة النصري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

قلت له: إن لنا أموالا: من غلاّت، و تجارات، و نحو ذلك و قد علمت أن لك فيها حقا.

قال: فلم احللنا إذا لشيعتنا إلا لتطيب ولادتهم.

و كل من والى آبائي فهو في حلّ مما في أيديهم من حقنا.

فليبلغ الشاهد الغائب.

(2) أي و على إباحة التصرف في هذه الأراضي الموات بالأصالة التي تحيا بلا عوض.

(3) ما وجدنا مصدرا لهذا الحديث بهذه الألفاظ في الكتب التي بأيدينا.

نعم يوجد حديث هكذا: -

ص: 63

عادي الأرض للّه و لرسوله ثم هي لكم مني (1).

و ربما يكون في بعض الأخبار وجوب أداء خراجه إلى الامام عليه السلام كما في صحيحة الكابلي.

قال: وجدنا في كتاب علي عليه السلام أن الأرض للّه يورثها من يشاء من عباده و العاقبة للمتقين، أنا و أهل بيتي الذين أورثنا اللّه الأرض و نحن المتقون، و الأرض كلها لنا فمن احيا أرضا من المسلمين فليعمرها، و ليؤد خراجها إلى الامام من أهل بيتي، و له ما أكل منها الخبر (2).

و مصححة عمر بن زيد أنه سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السلام

+++++++++++

- قال صلى اللّه عليه و آله: موتان الأرض للّه و رسوله.

فمن أحيا منها شيئا فهو له.

راجع (مستدرك وسائل الشيعة) المجلد 3. ص 149. الباب 1 الحديث 2.

و كلمة (موتان) بفتح الميم و الواو فهي مقابل (الحيوان) بفتح الحاء و الياء.

يقال: اشتر من الموتان و لا تشتر من الحيوان أي اشتر الأرض و الدور، و لا تشتر الرقيق و الدواب.

(1) (المصدر نفسه) الحديث 5.

و كلمة عادي منسوبة إلى عاد بن شداد الذي ملك الدنيا كلها.

تقدير الحديث هكذا:

كل أرض لم تعمر من زمانه فهو للّه و لرسوله،

(2) (وسائل الشيعة): الجزء 17. ص 329. الباب 4.

الحديث 2.

ص: 64

عن رجل أخذ أرضا مواتا تركها أهلها فعمرها، و أجرى أنهارها و بنى فيها بيوتا، و غرس فيها نخلا و شجرا.

فقال أبو عبد اللّه عليه السلام كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول:

من أحيا أرضا من المؤمنين فهي له و عليه طسقها يؤديه إلى الامام عليه السلام في حال الهدنة فاذا ظهر القائم عجل اللّه تعالى فرجه فليوطن نفسه على أن تؤخذ منه (1).

و يمكن حملها (2) على بيان الاستحقاق، و وجوب ايصال الطسق إذا طلب الامام عليه السلام، لكن الأئمة عليهم السلام بعد أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه حللوا لشيعتهم، و اسقطوا ذلك (3) عنهم كما يدل عليه قوله عليه السلام ما كان لنا فهو لشيعتنا (4).

و قوله عليه السلام: في رواية مسمع بن عبد الملك:

كل ما كان في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محللون، و محلل لهم ذلك إلى أن يقوم قائمنا فيجيبهم طسق ما كان في أيدي سواهم

+++++++++++

(1) (المصدر نفسه): الجزء 6. ص 382. الباب 4.

الحديث 13.

و أما كلمة طسقها فهي مشتقة من طسق معناها الخراج: و هي الضريبة

(2) أي حمل صحيحة الكابلي المشار إليها في ص 64

و مصححة عمر بن يزيد المشار إليها في ص 64

(3) أي الخراج الذي يوضع على الأراضي الموات التي تخص الامام عليه السلام.

(4) (المصدر نفسه): الجزء 6. ص 384. الباب 4.

الحديث 17.

ص: 65

فان كسبهم من الأرض حرام عليهم حتى يقوم قائمنا فيأخذ الأرض من أيديهم، و يخرجهم منها صغرة الخبر (1).

نعم ذكر في التذكرة أنه لو تصرف في الموات أحد بغير إذن الامام كان عليه طسقها.

و يحتمل حمل هذه الأخبار المذكورة (2) على حال الحضور و إلا فالظاهر عدم الخلاف في عدم وجوب مال للامام في الأراضي في حال الغيبة.

بل الأخبار متفقة على أنها لمن أحياها (3).

و ستأتي حكاية اجماع المسلمين على صيرورتها ملكا بالاحياء.

الثاني: ما كانت عامرة بالأصالة

(الثاني) (4): ما كانت عامرة بالأصالة (5) أي لا من معمر

و الظاهر أنه أيضا للامام عليه السلام و كونها من الأنفال، و هو (6)

+++++++++++

(1) (المصدر نفسه): ص 382. الحديث 12.

و كلمة صغرة بالغين المعجمة وزان فسقة فجرة كفرة جمع صاغر معناها الذلّ و الاهانه.

(2) و هي المشار إليها في ص 63

(3) كما في مصححة عمر بن يزيد المشار إليها في ص 64

و هناك أحاديث اخرى في الباب

راجع (المصدر نفسه) من ص 326 إلى آخر الباب الاول.

(4) أي القسم الثاني من الأقسام الاربعة التي أشار إليها الشيخ بقوله في ص 62: فالأقسام أربعة لا خامس لها.

(5) كالأودية، و شواطئ البحار.

(6) أي و كون هذه الأراضي التي كانت عامرة بالأصالة أيضا -

ص: 66

ظاهر اطلاق قولهم:

و كل أرض لم يجر عليها ملك مسلم فهو للامام عليه السلام، و عن التذكرة الاجماع عليه.

و في غيرها نفي الخلاف عنه، لموثقة (1) أبان بن عثمان عن اسحاق ابن عمار المحكية عن تفسير علي بن ابراهيم عن الصادق عليه السلام حيث عدّ من الأنفال كل أرض لا ربّ لها (2).

و نحوها (3) المحكي عن تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام.

+++++++++++

- للامام عليه السلام و أنها من الأنفال هو ظاهر اطلاقات كلمات العلماء في قولهم:

كل أرض لم يجر عليها ملك مسلم فهو للامام عليه السلام.

و لا يخفى أن هذه الاطلاقات متخذة من الأحاديث الواردة عن (أهل البيت) عليهم الصلاة و السلام.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 6. من ص 364 إلى آخر الباب الاول، فانك تجد هناك أن كلمة الارض مطلقة ليست مقيدة بالأحياء و الموات.

(1) تعليل لكون الأراضي المذكورة التي كانت محياة بالاصالة للامام

(2) (المصدر نفسه): ص 371. الباب 1. الحديث 20.

(3) أي و نحو هذه الموثقة في أن الاراضي المحياة بالأصالة و لا ربّ لها للامام عليه السلام، و أنها تعد من الانفال: المحكي عن تفسير العياشي عن أبي جعفر عليه السلام.

راجع (المصدر نفسه). ص 373. الباب 1. الحديث 28.

ص: 67

و لا يخصص عموم ذلك (1) بخصوص بعض الاخبار، حيث جعل فيها (2) من الانفال كل أرض ميتة لا ربّ لها (3)، بناء (4) على ثبوت المفهوم للوصف المسوق (5) للاحتراز.

+++++++++++

(1) أي عموم الحديث المذكور في قوله عليه السلام: كل ارض لا ربّ لها من الانفال، حيث إن كلمة الارض عامة تشمل الاراضي الموات و الاحياء.

(2) أي في هذه الاخبار الخاصة التي ورد فيها لفظ الارض مقيدة بقيد الميتة.

(3) هذا هو بعض الاخبار المقيدة بقيد الميتة، و الذي يخصص العموم المذكور في الحديث المشار إليه في ص 65، فان هذا الحديث وردت فيه كلمة الارض مقيدة بقيد الميتة فتخصص العموم المذكور في الحديث المشار إليه في ص 65، حيث كانت الارض هناك مطلقة تشمل الارض الحية و الميتة.

(4) هذا تعليل لكون هذا الحديث مخصصا لذاك العموم الوارد في الحديث المشار إليه في ص 65.

و خلاصته: أن التخصيص المذكور مبني على القول بثبوت المفهوم للوصف الذي هو القيد في قوله عليه السلام: كل أرض ميتة فان الميتة صفة للأرض فحينئذ يكون لها مفهوم: و هو أن الارض المحياة ليست للامام عليه السلام.

فحينئذ يخصص هذا المفهوم ذاك العموم المذكور.

(5) أي الوصف الذي هي الميتة مسوق للاحتراز و الاجتناب عن الأرض المحياة كما علمت آنفا.

ص: 68

لأن (1) الظاهر ورود الوصف مورد الغالب، لأن الغالب في الارض التي لا مالك لها كونها مواتا.

و هل تملك هذه (2) بالحيازة ؟

وجهان:

من (3) كونها مال الامام.

و من (4) عدم منافاته للتملك بالحيازة، كما تملك الموات بالاحياء مع كونها (5) مال الامام فدخل (6) في عموم النبوي:

من سبق إلى ما لم يسبقه إليه مسلم فهو أحق به (7):

الثالث: ما عرضت له الحياة بعد الموت

(الثالث) (8): ما عرضت له الحياة بعد الموت و هو ملك للمحيي

+++++++++++

(1) تعليل لكون الوصف مسوقا للاحتراز أي الظاهر من الوصف الذي هي الميتة أنه وارد مورد الغالب، حيث إن أغلب الأراضي التي لا صاحب لهما تكون مواتا فاذا كانت مواتا تكون للامام عليه السلام.

(2) أي هذه الأراضي التي لا صاحب لها و كانت مواتا.

(3) دليل لعدم تملك المسلمين هذه الأراضي بالحيازة.

(4) دليل لتملك المسلمين هذه الأراضي بالحيازة، أي و من عدم منافاة تملك هذه الأراضي لتملكها بالحيازة.

(5) أي مع كون أراضي الموات ملكا للامام عليه السلام.

(6) أي تملك هذه الأراضي.

(7) (مستدرك وسائل الشيعة) المجلد 3. ص 149. الباب 1 الحديث 4.

(8) أي القسم الثالث من الأقسام الاربعة التي قسمها بقوله في ص 62:

فالأقسام أربعة لا خامس لها.

ص: 69

فيصير ملكا له بالشروط المذكورة في باب الاحياء (1) باجماع الامة كما عن المهذب، و باجماع المسلمين كما عن التنقيح.

و عليه عامة فقهاء الأمصار كما عن التذكرة.

لكن ببالي من المبسوط كلام يشعر بأنه (2) يملك التصرف، لا نفس الرقبة فلا بد من الملاحظة.

الرابع: ما عرض له الموت بعد العمارة.

(الرابع) (3): ما عرض له الموت بعد العمارة.

فان كانت العمارة أصلية فهي مال الامام عليه السلام

و إن كانت العمارة من معمر ففي بقائها على ملك معمرها (4) أو خروجها عنه و صيرورتها ملكا لمن عمّرها ثانيا خلاف معروف.

+++++++++++

(1) و الشروط خمسة:

(الاول): عدم تصرف يد مسلم على الارض المذكورة.

(الثاني): عدم كون الارض المذكورة حريما لارض عامرة كالبستان، أو الدار، أو القرية، أو المزرعة، أو غيرها مما يتوقف الانتفاع به على هذه الارض.

(الثالث): عدم كون الارض المذكورة من الشعائر كعرفات و مزدلفة، و منى.

(الرابع): عدم كون الارض المذكورة مما اقطعه الامام عليه السلام لنفسه و شخصه.

(الخامس): عدم كون الارض المذكورة مسبوقة بتحجيز حاجز.

(2) أي بأن محيي هذه الارض الميتة التي عرضت عليها الحياة.

(3) أي القسم الرابع من الأقسام الاربعة المذكورة في كلام الشيخ في قوله في ص 62: فالأقسام أربعة لا خامس لها.

(4) أي معمرها الاول الذي أحيا الارض ثم عرض عليها الموت.

ص: 70

في كتاب إحياء الموات منشأه (1) اختلاف الاخبار:

+++++++++++

(1) أي منشأ اختلاف القولين و هما:

تملك المحيي الثاني الأرض التي كانت عامرة فعرض عليها الموت ثم أحياها الثاني.

و بقاء الارض على ملك المعمر الاول و إن عرض عليها الموت و أحياها ثان: الأخبار الواردة في المقام.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 17. من ص 328-329 الباب 3 الأحاديث.

إليك نص الحديث الاول الدال بعمومه على القول الاول عن معاوية ابن وهب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

أيّما رجل أتى خربة بائرة، فاستخرجها و كرى أنهارها و عمّرها فان عليه فيها الصدقة.

فان كانت لرجل قبله فغاب عنها و تركها فأخربها(1) ثم جاء بعد يطلبها، فان الارض للّه، و لمن عمّرها.

فجملة فان كانت لرجل، و لمن عمّرها تدل على أن الملك باق على مالكه الاول الذي عمّره.

و هكذا صحيحة أبي خالد الكابلي في ص 329. الحديث 2.

و المراد من الخراب الخراب العرضي، لا الخراب الاصلي فان الخراب الاصلي تطلق عليه كلمة الميت.

و إليك نص الحديث الثالث في المصدر نفسه ص 329 الدال على بقاء الارض لمعمرها الاول و إن عرض عليها الموت و أحياها شخص آخر. -

ص: 71


1- أي جعل الارض في معرض الخراب.
رجوع إلى أحكام القسم الثالث
اشارة

ثم القسم الثالث (1) إما أن تكون العمارة فيه من المسلمين، أو من الكفار.

لو كانت العمارة فيها من المسلمين

فان كانت من المسلمين فملكهم لا يزول إلا بناقل (2)، أو بطرو الخراب على أحد القولين.

و إن كانت من الكفار

و إن كانت من الكفار فكذلك (3) إن كانت في دار الاسلام و قلنا بعدم اعتبار الاسلام.

و إن اعتبرنا الاسلام كانت باقية على ملك الامام عليه السلام.

و إن كانت (4) في دار الكفر فملكها يزول بما يزول به ملك المسلم (5)، و بالاغتنام (6) كسائر أموالهم.

+++++++++++

- عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل يأني الارض الخربة فيستخرجها و يجري أنهارها و يعمرها و يزرعها ما ذا عليه ؟

قال: الصدقة.

قلت: فان كان يعرف صاحبها؟

قال: فليؤد إليه حقه.

فهذان الحديثان مختلفان فصارا منشأ لاختلاف القولين.

(1) المشار إليه في الهامش 8 ص 69.

(2) كالبيع، و الوقف، و الهبة المعوضة.

(3) أي بتملك المسلمين هذه الأرض.

(4) أي هذه الارض التي كانت عامرة من قبل الكفار كانت واقعة في الأراضي التي بيد الكفار و هم فيها.

(5) كالبيع، و الوقف، و الهبة المعوضة.

(6) الجار و المجرور متعلق بقوله: يزول أي و يزول ملك هذه الارض بالاغتنام أيضا لو اغتنمها المسلمون فتكون من جملة الغنائم -

ص: 72

ثمّ ما ملكه الكافر من الأرض:

ثم ما ملكه الكفار من الأرض إما أن يسلم عليه طوعا فيبقى على ملكه كسائر أملاكه.

و إما أن لا يسلم عليه طوعا.

فان بقيت يده عليه كافرا فهي أيضا كسائر أملاكه تحت يده.

و إن ارتفعت يده عنها فاما أن يكون بانجلاء المالك عنها، و تخليتها للمسلمين، أو بموت أهلها، و عدم الوارث فيصير ملكا للامام عليه السلام و يكون من الأنفال التي لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب.

الأراضي المفتوحة عنوة ملك للمسلمين
اشارة

و إن رفعت يده عنها قهرا و عنوة فهي كسائر ما لا ينقل من الغنيمة كالنخل و الأشجار، و البنيان للمسلمين كافة اجماعا على ما حكاه غير واحد كالخلاف و التذكرة و غيرهما.

و النصوص به مستفيضة.
اشارة

و النصوص به مستفيضة.

ففي رواية أبي بردة

ففي رواية أبي بردة المسئول فيها عن بيع أرض الخراج.

قال عليه السلام: و من يبيع ذلك و هي أرض المسلمين ؟

قال: قلت: يبيعها الذي هي في يده.

قال: و يصنع بخراج المسلمين ما ذا؟

ثم قال: لا بأس اشترى حقه منها، و يحوّل حق المسلمين عليه

و لعله يكون أقوى عليها و أملى بخراجهم منه (1).

و في مرسلة حماد

و في مرسلة حماد الطويلة ليس لمن قاتل شيء من الارضين، و لا ما غلبوا عليه إلا ما احتوى عليه العسكر.

إلى أن قال:

+++++++++++

- و من سائر أموال الكفار التي تملك بالغنيمة.

(1) (وسائل الشيعة): الجزء 11. ص 118. الباب 71.

الحديث 1.

ص: 73

و الأرض التي أخذت بخيل و ركاب فهي موقوفة متروكة في يدي من يعمرها و يحييها، و يقوم عليها على ما صالحهم الوالي على قدر طاقتهم من الخراج: النصف، أو الثلث، أو الثلثين على قدر ما يكون لهم صالحا و لا يضربهم، فاذا اخرج منها ما اخرجه بدأ فاخرج منه العشر من الجميع مما سقت السماء أو سقى سيحا و نصف العشر مما سقى بالدوالي و النواضج

إلى أن قال: فيؤخذ ما بقي بعد العشر فيقسم بين الوالي، و بين شركائه الذين هم عمال الأرض و اكرتها (1) فيدفع إليهم أنصباؤهم (2) و هم على قدر ما صالحهم عليه و يؤخذ الباقي فيكون ذلك أرزاق أعوانهم على دين اللّه، و في مصلحة ما ينوبه: من تقوية الاسلام و تقوية الدين في وجوه الجهاد، و غير ذلك مما فيه مصلحة العامة ليس لنفسه من ذلك قليل، و لا كثير، الخبر (3).

في صحيحة الحلبي

و في صحيحة الحلبي قال: سئل ابو عبد اللّه عليه السلام عن السواد ما منزلته ؟

قال: هو لجميع المسلمين لمن هو اليوم، و لمن يدخل في الاسلام بعد اليوم، و لمن لم يخلق بعد.

فقلنا: نشتريه من الدهاقين ؟

قال: لا يصلح إلا أن تشتريها منهم على أن تصيرها للمسلمين فان شاء وليّ الامر أن يأخذها أخذها.

+++++++++++

(1) بفتح الألف و الكاف و الراء جمع آكر فهي وزان حفدة جمع حافد مشتقة من أكر معناها الحفر و الحرث.

و لها جمع آخر أكّارون.

يقال: أكر الارض أي حفرها و حرثها.

(2) بفتح الهمزة و سكون النون جمع نصيب.

(3) (المصدر نفسه) ص 84. الباب 41. الحديث 2.

ص: 74

قلت: فان أخذها منه ؟

قال: يرد عليه راس ماله، و له ما اكل من غلتها بما عمل (1).

رواية ابن شريح

و رواية ابن شريح قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن شراء الارض من أرض الخراج فكرهه ؟

و قال: إنما أرض الخراج للمسلمين.

فقالوا له: فانه يشتريها الرجل و عليه خراجها.

فقال: لا بأس، إلا أن يستحيي من عيب ذلك (2).

رواية إسماعيل بن الفضل الهاشمي

و رواية اسماعيل بن الفضل الهاشمي ففيها و سألته عن رجل اشترى أرضا من أراضي الخراج فبنى بها، أو لم يبن غير أن أناسا من أهل الذمة نزلوها أله أن يأخذ منهم أجور البيوت إذا ادوا جزية رءوسهم ؟

قال: يشاطرهم فما أخذ بعد الشرط فهو حلال (3).

في خبر أبي الربيع.

و في خبر أبي الربيع.

قال: لا تشتر من أرض السواد شيئا، إلا من كانت له ذمة فانما هي فيء للمسلمين (4) إلى غير ذلك (5).

+++++++++++

(1) (المصدر نفسه): الجزء 12. ص 274. الباب 21.

الحديث 4.

(2) (المصدر نفسه): ص 275. الحديث 9.

(3) (المصدر نفسه): ص 275. الحديث 10.

(4) (المصدر نفسه): ص 274. الحديث 5.

(5) من الأخبار الواردة في هذا المقام. -

ص: 75

و ظاهره كما ترى عدم جواز بيعها

و ظاهره (1) كما ترى عدم جواز بيعها (2) حتى تبعا للآثار المملوكة فيها على أن تكون (3) جزء من المبيع فيدخل (4) في ملك المشتري.

ثبوت حق الأولوية فيها للمشتري

نعم يكون (5) للمشتري على وجه كان للبائع: اعني مجرد الأولوية و عدم جواز مزاحمته إذا كان التصرف، و إحداث تلك الآثار باذن الامام، أو باجازته و لو لعموم الشيعة.

كما إذا كان التصرف بتقبيل السلطان الجائر، أو باذن الحاكم الشرعي، بناء على عموم ولايته لامور المسلمين، و نيابته عن الامام عليه السلام.

ظاهر عبارة المبسوط اطلاق المنع عن التصرف فيها.

و لكن ظاهر عبارة المبسوط اطلاق المنع عن التصرف فيها.

+++++++++++

- راجع (المصدر نفسه) الأحاديث.

(1) أي ظاهر جميع ما تقدم من الأخبار التي ذكرها الشيخ بقوله:

ففي رواية أبي بردة المشار إليها في ص 73

و في مرسلة حماد المشار إليها في ص 73

و في صحيحة الحلبي المشار إليها في ص 74

و رواية ابن شريح المشار إليها في ص 75

و رواية اسماعيل بن الفضل المشار إليها في ص 75

و في خبر ابي الربيع المشار إليه في ص 75

و ليس مرجع الضمير في و ظاهره خصوص خبر ابي الربيع.

(2) أي بيع هذه الارض التي ملكها الكفار و لم يرفعوا أيديهم عنها.

(3) أي هذه الارض تبعا للمبيع و هو الآثار الموجودة فيها.

(4) أي هذا الجزء الذي هي الارض المبيعة تبعا للمبيع الذي هو الآثار المبنية فيها.

(5) أي هذا الجزء الذي بيع تبعا للآثار، و المراد منه هي الارض

ص: 76

قال: لا يجوز التصرف فيها ببيع، و لا شراء، و لا هبة، و لا معاوضة و لا يصح أن تبنى فيها دور، أو منازل، و مساجد و سقايات، و لا غير ذلك من أنواع التصرف الذي يتبع الملك.

و متى فعل شيئا من ذلك كان التصرف باطلا، و هو على حكم الاصل (1).

و يمكن حمل كلامه (2) على صورة عدم الاذن من الامام عليه السلام حال حضوره.

و يحتمل إرادة التصرف بالبناء على وجه الحيازة و التملك.

كلام الشهيد في الدروس

و قال في الدروس: لا يجوز التصرف في المفتوحة عنوة إلا باذن الامام، سواء أ كان بالبيع أم بالوقف أم بغيرهما.

نعم في حال الغيبة ينفذ ذلك (3).

و اطلق في المبسوط أن التصرف فيها لا ينفذ.

و قال ابن ادريس إنما نبيع و نوقف تحجيرنا، و بنائنا، و تصرفنا لا نفس الارض، انتهى (4).

و قد ينسب إلى الدروس التفصيل بين زماني الغيبة و الحضور فيجوز التصرف في الاول و لو بالبيع و الوقف، لا في الثاني، إلا باذن الامام

و كذا إلى جامع المقاصد.

و في النسبة نظر، بل الظاهر موافقتهما لفتوى جماعة: من جواز التصرف

+++++++++++

(1) أي الشيء الذي فعله المتصرف في هذه الارض من البنايات تابع لاصل الارض التي كانت فيئا للمسلمين.

(2) أي كلام شيخ الطائفة في المبسوط.

(3) أي التصرف في هذه الارض.

(4) أي ما افاده ابن ادريس في هذا المقام.

ص: 77

فيه في زمان الغيبة باحداث الآثار، و جواز نقل الارض تبعا للآثار فيفعل ذلك بالارض، تبعا للآثار.

و المعنى أنها مملوكة ما دامت الآثار موجودة.

ظهور كلام الشهيد الثاني في جواز البيع تبعا للآثار

قال في المسالك في شرح قول المحقق: و لا يجوز بيعها و لا هبتها و لا وقفها إلى آخرها (1).

إن (2) المراد أنه لا يصح ذلك في رقبة الأرض مستقلة.

أما لو فعل ذلك بها تبعا لآثار التصرف: من بناء، و غرس، و زرع و نحوها فجائز على الأقوى.

قال (3): فاذا باعها بائع مع شيء من هذه الآثار دخلت في المبيع على سبيل التبع.

و كذا الوقف، و غيره.

و يستمر كذلك ما دام شيء من الآثار باقيا، فاذا ذهبت (4) اجمع انقطع حق المشتري و الموقوف عليه، و غيرهما عنها.

هكذا ذكره جمع من المتأخرين، و عليه العمل، انتهى (5).

ربما يظهر من عبارة الشيخ في التهذيب جواز المبيع و الشراء في نفس الرقبة.

نعم (6) ربما يظهر من عبارة الشيخ في التهذيب جواز المبيع و الشراء في نفس الرقبة.

+++++++++++

(1) أي إلى آخر عبارة المسالك.

(2) هذا مقول قول المحقق الثاني في شرح عبارة المسالك.

(3) أي المحقق الثاني في شرح عبارة المسالك.

(4) أي الآثار التي انشأت في الأرض المذكورة.

(5) أي ما أفاده المحقق الثاني في شرح عبارة المسالك.

(6) استدراك عما أفاده: من عدم جواز بيع نفس الأرض التي كانت ميتة فعرضت لها الحياة بعد.

ص: 78

حيث قال: إن قال قائل: إن ما ذكرتموه إنما دل على إباحة التصرف في هذه الأرضين، و لا يدل على صحة تملكها بالشراء و البيع، و مع عدم صحته (1) لا يصح ما يتفرع عليهما (2).

قلنا: إنا قد قسمنا الأرضين ثلاثة أقسام.

أرض أسلم عليها أهلها فهي ملك لهم يتصرفون فيها.

و أرض (3) تؤخذ عنوة، أو يصالح أهلها عليها فقد ابحنا شراءها و بيعها، لأن (4) لنا في ذلك قسما، لأنها أراضي المسلمين.

و هذا القسم أيضا يصح الشراء و البيع فيه على هذا الوجه.

و أما الأنفال و ما يجري مجراها فلا يصح تملكها بالشراء (5) و إنما ابيح لنا التصرف فيها (6) حسب.

+++++++++++

- و خلاصته: أن عبارة الشيخ قدس سره في التهذيب يظهر منها جواز بيع نفس الارض المذكورة.

(1) أي و مع عدم صحة تملك مثل هذه الارض.

(2) أي على بيع و شراء مثل هذه الارض التي كانت ميتة ثم صارت عامرة و كانت في يد الكافر ثم رفعت يده عنها قهرا و عنوة.

و المراد من (ما يتفرع) عليهما هو الغرس و البناء و الزرع.

(3) من هنا محل الظهور من كلام الشيخ قدس سره، فان قوله:

فقد ابحنا شراءها و بيعها ظاهر في بيع و شراء الارض المذكورة.

(4) تعليل لاباحة بيع و شراء الأراضي المفتوحة عنوة و قهرا، أو صالح عليها أهلها.

(5) لأنها ملك خاص للامام عليه السلام.

(6) أي فقط من دون المعاوضة عليها بالبيع و الشراء.

و أما إباحة (الأئمة من اهل البيت) عليهم الصلاة و السلام -

ص: 79

ثم استدل (1) على أراضي الخراج برواية أبي بردة السابقة الدالة (2) على جواز بيع آثار التصرف دون رقبتها (3) و دليله (4) قرينة

+++++++++++

- هذه الأنفال لشيعتهم.

فراجع (وسائل الشيعة): الجزء 6 ص 381-382-383.

الباب 4. الحديث 10-12-13.

إليك نص بعض حديث الثاني عشر من ص 382:

و كل ما كان في أيدي شيعتنا من الارض فهم فيه محلّلون، و محلّل لهم ذلك إلى أن يقوم قائمنا.

(1) هذا كلام شيخنا الانصاري أي استدل شيخ الطائفة على ما ذهب إليه برواية أبي بردة المشار إليها في ص 73 في قوله عليه السلام:

و يصنع بخراج المسلمين ما ذا؟

و في قوله عليه السلام: و يحوّل حق المسلمين عليه.

حيث إن الجملتين تدلان على جواز بيع و شراء الأراضي المذكورة حسب استدلال شيخ الطائفة.

(2) بالجر صفة للرواية.

هذا كلام شيخنا الأنصاري يروم به الرد على ما أفاده الشيخ قدس سره أي الرواية المستدل بها من قبل الشيخ على اثبات مدعاه:

و هو جواز بيع و شراء تلك الأراضي تدل على جواز بيع آثار التصرف دون رقبة الارض، حيث إن الامام عليه السلام قال: و من يبيع ذلك ؟ هي أرض المسلمين.

فقوله هذا يدل على عدم جواز بيع الأراضي الخراجية و شرائها.

(3) أي دون رقبة تلك الأراضي.

(4) هذا كلام شيخنا الأنصاري أي استدلال شيخ الطائفة -

ص: 80

على توجيه كلامه.

المتيقن ثبوت حق الاختصاص للمتصرف لا الملك

و كيف كان فما ذكروه: من حصول الملك تبعا للآثار مما لا دليل عليه إن أرادوا الانتقال.

نعم المتيقن هو ثبوت حق الاختصاص للمتصرف ما دام شيء من الآثار موجودا.

فالذي ينبغي أن يصرف الكلام إليه هو بيان الوجه الذي يجوز التصرف معه حتى يثبت حق الاختصاص.

أما في زمان الحضور و التمكن من الاستئذان فلا ينبغي الاشكال في توقف التصرف على اذن الامام

فنقول: أما في زمان الحضور و التمكن من الاستئذان فلا ينبغي الاشكال في توقف التصرف على اذن الامام، لأنه ولي المسلمين فله نقلها عينا و منفعة.

و من الظاهر أن كلام الشيخ المطلق في المنع عن التصرف محمول على صورة عدم اذن الامام عليه السلام مع حضوره.

أما في زمان الغيبة

و أما في زمان الغيبة ففي عدم (1) جواز التصرف إلا فيما أعطاه السلطان الذي حلّ قبول الخراج و المقاسمة منه (2).

+++++++++++

- في التهذيب بالرواية المذكورة قرينة على أن كلامه لا بدّ أن يوجه:

بأن يقال: إن قوله عليه السلام في نفس الرواية: لا بأس اشترى حقه منها: دال على بيع و شراء الآثار، دون رقبة الارض، بضميمة قوله عليه السلام: و يحوّل حق المسلمين عليه، إذ لو كان المراد من البيع بيع نفس الرقبة لما كان للمسلمين حق حتى يحوّل عليه.

(1) هذا هو الاحتمال الأول.

(2) قد مر شرح ذلك مفصلا في الجزء 5 من المكاسب من طبعتنا الحديثة من ص 259 إلى ص 280 فراجع.

ص: 81

أو جوازه (1) مطلقا، نظرا إلى عموم ما دل على تحليل مطلق الارض (2) للشيعة، لا خصوص الموات التي هي مال الامام عليه السلام

و ربما يؤيده (3) جواز قبول الخراج الذي هو كاجرة الأرض فيجوز التصرف في عينها (4) مجانا

+++++++++++

(1) هذا هو الاحتمال الثاني أي جواز التصرف في الأرض.

(2) أي الخراجية حتى بغير إذن الحاكم و السلطان الجائر.

إليك نص بعض الحديث الدال على ذلك:

و كل ما كان في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محلّلون، فان كلمة من الأرض هنا مطلقة لا اختصاص لها بأرض الأنفال التي تخص الامام عليه السلام.

فالجملة هذه تدل على جواز التصرف في مثل هذه الارض مطلقا سواء أعطى الارض السلطان أم أعطاها غيره.

راجع (وسائل الشيعة): الجزء 6. ص 382. الباب 4.

الحديث 12.

و راجع. الجزء 17. ص 329. الباب 3. الحديث 2.

(3) أي و يؤيد جواز التصرف مطلقا في الارض المذكورة.

و خلاصة التأييد أنه كما في الأخبار يجوز أخذ خراج هذه الارض و قبوله من السلطان.

و من الواضح أن الخراج في الواقع إزاء أجرة الأرض الخراجية.

فاذا جاز أخذ الخراج جاز التصرف في عين الأرض بطريق أولى.

راجع حول جواز أخذ الخراج من السلطان الجزء 5 من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة من ص 297 إلى 369.

(4) أي في عين الأرض الخراجية.

ص: 82

أو عدم جوازه (1) إلا باذن الحاكم الذي هو نائب الامام.

أو التفصيل (2) بين من يستحق اجرة هذه الأرض فيجوز له التصرف فيها، لما يظهر من قوله عليه السلام للمخاطب في بعض أخبار حل الخراج. و ان لك نصيبا في بيت المال (3).

و بين غيره (4) الذي يجب عليه حق الأرض، و لذا (5) أفتى غير واحد على ما حكي بأنه لا يجوز حبس الخراج و سرقته عن السلطان الجائر، و الامتناع عنه (6).

+++++++++++

(1) هذا هو الاحتمال الثالث.

(2) هذا هو الاحتمال الرابع.

(3) راجع (وسائل الشيعة): الجزء 12. ص 157. الباب 51.

الحديث 6.

و في المصدر هكذا: أما علم أن لك في بيت المال نصيبا.

و قد اشبعنا الكلام حول هذا الحديث في الجزء 5 من المكاسب من طبعتنا الحديثة ص 256-257 فراجع.

(4) أي و فصلوا بين من لا يستحق له اخذ أجرة هذه الأرض فهذا لا يجوز له التصرف في هذه الأرض.

(5) أي و لاجل التفصيل بين من يستحق أخذ الأجرة فيجوز له التصرف في مثل هذه الأرض، و بين من لا يستحق ذلك فلا يجوز له التصرف فيها.

(6) راجع الجزء 5 من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة.

من ص 270 إلى ص 272.

ص: 83

و استثنى بعضهم ما إذا دفعه (1) إلى نائب الامام عليه السلام.

أو بين (2) ما عرض له الموت من الأرض المحياة حال الفتح.

و بين الباقية على عمارتها من حين الفتح فيجوز إحياء الأول (3) لعموم أدلة الاحياء (4) و خصوص رواية سليمان بن خالد (5)، و نحوها.

وجوه (6):

أو فقها (7) بالقواعد الاحتمال الثالث (8) ثم الرابع (9) ثم الخامس (10).

حكم ما ينفصل من المفتوح عنوة

و مما ذكرنا (11) يعلم حال ما ينفصل من المفتوح عنوة، كأوراق

+++++++++++

(1) أي الخراج الذي يؤخذ من الأراضي الخراجية.

(2) هذا هو الاحتمال الخامس.

(3) و هي الأرض التي عرض عليها الموت.

(4) راجع (وسائل الشيعة): الجزء 17. ص 327. الباب 1 إليك نص الحديث الرابع:

عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال:

أيّ قوم أحيوا شيئا من الأرض، و عمّروها فهم أحق بها و هي لهم

(5) (المصدر نفسه): ص 326. الباب 1. الحديث 3.

(6) أي الاحتمالات خمسة: و هي التي ذكرناها في ص 81-82-83-84

(7) أي أوفق هذه الاحتمالات الخمس بالقواعد الفقهية.

(8) المشار إليه في الهامش 1. ص 83

(9) المشار إليه في الهامش 2. ص 83

(10) المشار إليه في الهامش 2. ص 84

(11) و هو أن أدلة حرمة التصرف في ملك الغير منصرفة إلى غير هذه الأملاك فعليه يجوز التصرف في هذه الأملاك.

ص: 84

الأشجار، و أثمارها، و أخشاب الأبنية، و السقوف الواقعة، و الطين المأخوذ من سطح الأرض، و الجص و الحجارة، و نحو ذلك، فان (1) مقتضى القاعدة كون ما يحدث بعد الفتح من الأمور المنقولة ملكا للمسلمين، و لذا (2) صرح جماعة كالعلامة و الشهيد و المحقق الثاني و غيرهم على ما حكي عنهم بتقييد جواز رهن أبنية الأرض المفتوحة عنوة بما إذا لم تكن الآلات من تراب الأرض.

نعم الموجودة فيها (3) حال الفتح للمقاتلين، لأنها مما ينقل:

و حينئذ (4) مقتضى القاعدة عدم صحة أخذها إلا من السلطان

+++++++++++

(1) تعليل لجواز التصرف فيما ينفصل عن الأملاك المذكورة.

و خلاصته: أن الجواز مقتضى القاعدة التي هي الاستصحاب.

بيان ذلك: أن هذه الأمور الحادثة: و هي الأوراق و الأشجار و الأخشاب و الطين و غيرها مما ذكر كانت ملكا للمسلمين قبل نقلهم إياها لهم فعند النقل نشك في ملكيتهم لها فنستصحب تلك الملكية السابقة الثابتة.

(2) أي و لأجل أن جواز نقل ما ينفصل عن الأراضي الخراجية هو مقتضى الاستصحاب، و أنه ملك للمسلمين عامة، لا خصوص شخص المسلم أفاد هؤلاء الأعلام بعدم جواز ارتهان أبنية الأرض الخراجية إذا بنيت من الآجر، أو التراب الذي أخذ من هذه الأرض

(3) أي في هذه الأراضي الخراجية.

(4) أي و حين أن قلنا: إن الموجودة في هذه الأراضي الخراجية حال الفتح للمقاتلين أجمع.

فلو أراد أحد المسلمين غير المقاتلين أخذ هذه الموجودة حال الفتح فلا بد أن يكون الأخذ باجازة من السلطان الجائر، أو الحاكم -

ص: 85

الجائر، أو من حاكم الشرع.

مع إمكان أن يقال: لا مدخل لسلطان الجور، لأن القدر المأذون في تناوله منه منفعة الأرض، لا أجزاؤها (1) إلا أن يكون الأخذ على وجه الانتفاع، لا التملك فيجوز (2).

و يحتمل كون ذلك (3) بحكم المباحات، لعموم من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به (4).

و يؤيده (5)، بل يدل عليه استمرار السيرة خلفا عن سلف على بيع

+++++++++++

- الشرعي، لأن الموجودة في الأرض المفتوحة عنوة ملك للمقاتلين فمقتضى القاعدة: و هي عدم جواز التصرف في ملك الغير إلا برضاه أن يكون التصرف باجازة منه.

(1) فاذا لا فائدة في استجازة السلطان ثم اجازته في الأخذ، لعدم تملك الآخذ أجزاء الأرض المذكورة حتى يتوقف الأخذ على الاجازة.

(2) أي فيجوز الأخذ للمسلمين بعد الاستجازة من السلطان.

(3) هذا رجوع إلى أصل الموضوع: و هو ما ينفصل عن الأرض المفتوحة عنوة، أي و يحتمل أن يكون ما ينفصل عن تلك الأرض:

من الأوراق و الأثمار، و الأخشاب، و ما ذكرها في المتن من المباحات.

فكما أن المباحات تكون مشتركة بين المسلمين أجمع، فاذا سبق أحد منهم إليها فهو أحق بها من الآخر فلا يحتاج إلى إذن السلطان

كذلك ما ينفصل عن هذه الارض فهو ملك للمسلمين فمن سبق إليه فهو أحق به من الغير، من دون احتياج إلى إجازة السلطان.

(4) (مستدرك وسائل الشيعة): المجلد 3. ص 149. الحديث 4.

(5) أي و يؤيد هذا الاحتمال: و هو كون ما ينفصل عن الارض المفتوحة عنوة: من الأثمار و الأوراق، و الأخشاب من المباحات -

ص: 86

الامور المعمولة من تربة أرض العراق: من الآجر و الكوز و الأواني و ما يعمل من التربة الحسينية.

و يقوّي هذا الاحتمال (1) بعد انفصال هذه الاجزاء من الارض

مسألة من شروط العوضين: كونه طِلْقاً

اشارة

و اعلم أنه ذكر الفاضلان و جمع ممن تأخر عنهما في شروط العوضين بعد الملكية كونه (2) طلقا.

و فرّعوا عليه عدم جواز بيع الوقف إلا فيما استثني (3).

و لا الرهن إلا باذن المرتهن، أو إجازته.

و لا أم الولد إلا في المواضع المستثناة (4).

المراد بالطلق تمام السلطنة على الملك

و المراد بالطلق تمام السلطنة على الملك: بحيث يكون للمالك أن يفعل بملكه ما شاء، و يكون مطلق العنان في ذلك.

لكن هذا المعنى (5) في الحقيقة راجع إلى كون الملك مما يستقل المالك بنقله، و بكون نقله ماضيا فيه، لعدم تعلق حق به (6) مانع

+++++++++++

- فيجوز لكل مسلم أخذه بلا اجازة السلطان.

(1) و هو احتمال كون ما ينفصل عن الارض من المباحات.

(2) أي كون الملك ملكا طلقا أي ملكا محضا خالصا لا يكون فيه أيّ تضعضع و تزلزل.

(3) و يأتي الاشارة إلى الموارد المستثناة في محله.

(4) يأتي الاشارة إلى هذه الموارد في محله.

(5) و هو أن المراد بالطلق ما يكون المالك مطلق العنان في ملكه:

بحيث يتصرف فيه كيف شاء و أراد: بأن لا يكون محجورا عن التصرف

(6) أي بهذا الملك الذي يستقل المالك بنقله.

و كلمة مانع بالجر صفة لكلمة حق في قوله: لعدم تعلق حق.

ص: 87

عن نقله بدون إذن ذي الحق، لمرجعه (1) إلى أن من شرط البيع أن يكون متعلقه مما يصح للمالك بيعه مستقلا.

و هذا (2) لا محصل له (3).

فالظاهر أن هذا العنوان (4) ليس في نفسه شرطا، ليتفرع عليه عدم جواز بيع الوقف، و المرهون، و أم الولد.

بل الشرط في الحقيقة انتفاء كل من تلك الحقوق الخاصة (5) و غيرها مما ثبت منعه عن تصرف المالك كالنذر و الخيار، و نحوهما و هذا العنوان (6) منتزع من انتفاء تلك الحقوق.

فمعنى الطلق أن يكون المالك مطلق العنان في نقله غير محبوس عليه لاحد الحقوق التي ثبت منها للمالك عن التصرف في ملكه، فالتعبير بهذا المفهوم المنتزع تمهيد لذكر الحقوق (7) المانعة عن التصرف لا تأسيس لشرط، ليكون ما بعده (8) فروعا.

+++++++++++

(1) أي لمرجع هذا القيد: و هذا الشرط و هو كون الملك ملكا طلقا بحيث لا يكون محجورا عن التصرف.

(2) و هو من شرط البيع أن يكون متعلقه مما يصح للمالك بيعه مستقلا.

(3) أي لا وجود له خارجا، لأن الشرط المذكور عبارة اخرى عن اشتراط الصحة في المبيع.

(4) و هو كون الملك ملكا طلقا.

(5) و هي عدم جواز بيع الوقف، و الرهن، و أم الولد.

(6) و هو كون الملك ملكا طلقا بحيث لا يكون محجورا عن التصرف.

(7) و هي الوقف، و الرهن، و أم الولد.

(8) أي ما بعد الشرط: و هي التي ذكرت في الهامش 5.

ص: 88

بل الأمر في الفرعية (1) و الأصالة (2) بالعكس (3).

الحقوق المانعة عن تصرف المالك في ملكه

ثم إن أكثر من تعرض لهذا الشرط (4) لم يذكر من الحقوق إلا الثلاثة المذكورة (5)، ثم عنونوا حق الجاني (6) و اختلفوا في حكم بيعه.

و الظاهر أن الحقوق المانعة أكثر من هذه الثلاثة (7) أو الأربعة (8) و قد أنهاها بعض من عاصرناه (9) إلى أزيد من عشرين فذكر بعد

+++++++++++

(1) و هي التي ذكرت في الهامش 5. ص 88.

(2) و هو كون الملك طلقا.

(3) أي الامور المذكورة في الهامش 5 ص 88 هي الاصل، و الطلق هو الفرع.

(4) و هو كون الملك ملكا طلقا بحيث لا يكون محجورا.

(5) و هي المشار إليها في الهامش 5 ص 88.

(6) أي حق على العبد الجاني: بأن جنى العبد على شخص فحق المجني عليه الذي تعلق على العبد مانع عن بيعه ما لم يؤخذ الحق منه.

فلو عبر الشيخ عن حق الجاني بحق الجناية لكان أولى، إذ لا يحتاج حينئذ إلى التقدير.

(7) و هي الوقف، و الرهن، و أم الولد.

(8) و هو الثلاثة المذكورة في الهامش 7 باضافة حق الجاني إليها.

(9) أي و قد أنهى صاحب المقابيس هذه الحقوق إلى اثنين و عشرين حقا كما في المقابيس.

و قد ذكر الشيخ ثمانية عشر منها: و هي الثلاثة المذكورة في الهامش 7 و الرابعة و هي حق الجاني المشار إليه في الهامش 8.

ص: 89

الأربعة المذكورة (1) في عبارة الأكثر.

النذر (2) المتعلق بالعين قبل البيع.

و الخيار (3) المتعلق به، و الارتداد (4) و الحلف (5) على عدم

+++++++++++

(1) و هي المذكورة في الهامش 8 ص 89.

(2) هذا هو الحق الاول من الحقوق الاربعة عشرة المانعة عن البيع و التي يذكرها الشيخ عن صاحب المقابيس أي لو نذر شخص بأن هذا السجاد للمسجد إن قضيت حاجتي فلا يجوز بيعه حينئذ، لتعلق النذر به.

(3) هذا هو الحق الثاني من الحقوق الاربعة عشرة المانعة عن البيع و التي ذكرها الشيخ عن صاحب المقابيس أي الخيار المتعلق بالعين يكون مانعا عن بيعها إلى أن تنتهي مدة الخيار.

(4) هذا هو الحق الثالث من الحقوق الاربعة عشرة المانعة عن البيع و التي ذكرها الشيخ عن صاحب المقابيس أي ارتداد العبد المسلم يكون مانعا عن بيعه، لأنه في معرض التلف، لوجوب قتله فلا مالية له حتى يبذل بإزائه المال فتشمله قوله تعالى: وَ لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ .

و لا فرق بين أن يكون الارتداد فطريا أم مليّا، لأن الفطري واجب القتل، و الملي يقتل في المرة الثالثة، أو الرابعة إن استتيب و لم يتب.

و قد مر البحث عن الشيء الذي لا مالية له مفصلا في (المكاسب) من طبعتنا الحديثة في الجزء 1. من ص 118 - الى 130 فراجع.

(5) هذا هو الحق الرابع من الحقوق الاربعة عشرة المانعة عن البيع و التي يذكرها الشيخ عن صاحب المقابيس أي الحلف المتعلق بالعين -

ص: 90

بيعها، و تعيين (1) الهدي للذبح، و اشتراط (2) عتق العبد في عقد لازم و الكتابة (3) المشروطة، أو المطلقة بالنسبة إلى ما لم يتحرر منه حيث إن المولى ممنوع عن التصرف باخراجه عن ملكه قبل الأداء (4)

و التدبير (5) المعلق على موت غير المولى

+++++++++++

- على عدم بيعها يكون مانعا عن بيعها.

هذا بناء على استتباع اليمين للحكم الوضعي: و هو حرمة البيع.

و لكن لا يخفى أنّ القدر المتيقن و المسلم من هذا الحلف هو استتباعه للحكم التكليفي: و هي حرمة مخالفة اليمين الموجبة للكفارة فقط و هذه الحرمة لا توجب منع البيع.

(1) هذا خامس الحقوق المانعة عن البيع أي لو عين شخص هديه بالاشعار، أو التقليد في احرامه: بأن تذبح في منى فلا يجوز تبديلها و لا بيعها:

(2) هذا سادس الحقوق المانعة عن البيع.

فرض المسألة هكذا:

باع شخص دارا إلى زيد و اشترط في متن العقد مع زيد عتق عبده و قبل الشرط فهذا الشرط يكون لازما، لوقوعه في عقد لازم:

و هو البيع، فلا يجوز للمشتري حينئذ التصرف في الدار ببيعها ما لم يف بالشرط، لكونه ممنوعا و محجورا عن التصرف قبل العتق.

(3) هذا سابع الحقوق المانعة عن البيع أي لا يجوز البيع بالنسبة إلى هذا الجزء الذي لم يتحرر من العبد المكاتب المشروط، أو المطلق قبل أداء مال الكتابة المشروطة، أو المطلقة.

و أما بالنسبة إلى الجزء المتحرر فيجوز بيعه.

(4) أي قبل أداء مال الكتابة المطلقة، أو المشروطة كما عرفت.

(5) هذا ثامن الحقوق المانعة عن البيع.

ص: 91

بناء على جواز ذلك (1) فاذا مات المولى و لم يمت من علّق عليه العتق كان مملوكا للورثة ممنوعا (2) من التصرف فيه.

و تعلق حق (3) الموصى له بالموصى به بعد موت الموصي و قبل قبوله (4)، بناء على منع الوارث من التصرف فيه قبله (5).

و تعلق حق (6) الشفعة بالمال، فانه مانع من لزوم التصرفات الواقعة من المالك فللشفيع بعد الأخذ بالشفعة ابطالها (7).

و تغذية (8) الولد المملوك بنطفة سيده فيما إذا اشترى أمة حبلى

+++++++++++

(1) أي جواز مثل هذا التدبير المعلق على موت غير المولى.

(2) أي حال كون هذا المدبّر الذي قال لعبده: أنت حر بعد وفاة زيد يكون ممنوعا عن التصرف في عبده إلى أن يموت زيد الذي علّق التدبير على موته.

و كذا ورثة المدبّر يكونون ممنوعين عن التصرف في العبد إذا مات مورّثهم قبل موت المعلّق عليه و هو زيد.

و أما المعلق على موت المولى فهو غير مانع عن صحة البيع، لأنه عقد جائز بجواز الرجوع فيه فعلا و قولا.

(3) هذا تاسع الحقوق المانعة عن البيع.

(4) أي قبل قبول الموصى له الموصى به.

(5) أي في الموصى به.

(6) هذا عاشر الحقوق المانعة عن البيع.

(7) أي ابطال التصرفات الصادرة من الذي انتقل المال إليه ما دام الحق ثابتا للشفيع.

(8) هذا حادي عشر الحقوق المانعة عن البيع.

فرض المسألة هكذا: -

ص: 92

فوطأها فاتت بالولد، بناء على عدم جواز بيعها.

+++++++++++

- كان لشخص عبد و أمة فزوج أمته لعبده فوطأها العبد فحملت منه ثم باعها مولاها فاشتراها شخص ثان مع حملها فوطأها المولى الجديد و هو المشتري فتغذى الولد من نطفة مولى الجديد فهذه التغذية تكون مانعة عن بيع الولد.

ثم إن عدم جواز بيع الولد بناء على عدم جواز عزل المولى الجديد منه، و إفراغه في الخارج، فانه حينئذ يكون الولد متغذيا بنطفة المشتري فتشمله الأخبار الواردة في عدم الجواز.

و أما لو أفرغه في الخارج فلا مانع من بيع الولد حينئذ، لعدم تغذّيه من نطفة المشتري.

فالمدار و المحور في الجواز و عدم الجواز هو التغذي و عدم التغذي

فان تغذى الولد من نطفة المولى الجديد فلا يجوز بيعه.

و إن لم يتغذ منها جاز بيعه.

ثم إن في هذا الفرض أقوالا ترتقى إلى خمسة:

(الأول): حرمة الوطء قبل وضع الحمل.

(الثاني): حرمة الوطء قبل مضي أربعة أشهر لو لم يعزل بخلاف ما إذا عزل، فان الوطء جائز حينئذ.

(الثالث): الجواز

(الرابع): التفصيل بين الحمل من الزنا فيجوز الوطء مطلقا قبل مضي أربعة أشهر و عشرة أيام، و بعدها، و بين الحمل من غير الزنا فلا يجوز الوطء إلا بعد مضي المدة المذكورة.

(الخامس): حرمة الوطء قبل مضي أربعة أشهر و عشرة أيام.

ص: 93

و كونه (1) مملوكا ولد من حر شريك في أمة حال الوطء، فانه (2) مملوك له، لكن ليس له (3) التصرف فيه إلا بتقويمه، و أخذ قيمته

و تعارض (4) السبب المملك و المزيل للملك كما لو قهر حربي أباه.

+++++++++++

(1) هذا ثاني عشر الحقوق: و هو من الحقوق الأربعة عشرة المانعة عن البيع، و التي ذكرها الشيخ عن صاحب المقابيس.

فرض المسألة هكذا:

كانت أمة مشتركة بين حرين فوطأها أحدهما فحملت منه و لم يطأها الشريك الآخر في حالة وطء شريكه.

فالولد هذا يكون مملوكا للشريك الذي لم يطأ الأمة.

لكن لا يجوز لهذا الشريك الذي ملك الولد أن يتصرف في الولد ما لم يقوّم الولد و تدفع القيمة إلى الشريك الواطئ.

(2) أي هذا الولد يكون مملوكا للشريك الذي لم يطأها كما عرفت

(3) أي لهذا الشريك الذي لم يطأ الأمة كما عرفت.

(4) هذا ثالث عشر الحقوق: و هو من الحقوق الأربعة عشرة المانعة عن البيع، و التي ذكرها الشيخ عن صاحب المقابيس أي تعارض السبب المملّك: و هو القهر و الغلبة في الحرب، و السبب المزيل للملكية: و هي الرحمية: و هي كون المسبي أبا للغالب: يكون مانعا عن البيع

فرض المسألة هكذا:

وقعت حرب بين حربيين فغلب أحدهما في المعركة فاتفق أن اغتنم الغالب أباه الحربي، لأن الحربي حاله حال المباحات الأصلية يتملّك بالقهر و لو كان القاهر حربيا، لكن الغالب لا يملك أباه، لأنه أحد العمودين. -

ص: 94

و الغنيمة (1) قبل القسمة (2)، بناء على حصول الملك بمجرد الاستيلاء دون القسمة، لاستحالة (3) بقاء الملك بلا مالك.

+++++++++++

- فهنا يقع التعارض بين هذين السببين المذكورين: فيمنع عن بيع المسبيّ .

ثم لا يخفى عليك أنه ليس المراد من الحربي من كان مشتغلا بحرب المسلمين.

بل المراد منه من لا ينقاد إلى الاسلام و ليس له ذمة، و لا مهادنة

(1) هذا رابع عشر الحقوق: و هو من الحقوق الأربعة عشرة المانعة عن البيع، و التي ذكرها الشيخ عن صاحب المقابيس أي الغنيمة التي يأخذها الجيش المحارب في الحرب قبل أن تقسم على سائر المسلمين المحاربين تكون مانعة عن البيع.

نعم بعد التقسيم يجوز بيع الغنيمة، لأنها حصة المقسوم عليه.

(2) تعليل لعدم جواز بيع الغنيمة قبل القسمة أي عدم الجواز مبني على تملك المسلم المحارب بمجرد استيلائه على الغنيمة، لا لأنه متوقف على القسمة.

و إنما قال ذلك، دفعا لما يمكن أن يقال: إن الغانم في الحرب لا يملك الغنيمة قبل القسمة حتى يقال: لا يجوز بيعها.

(3) تعليل للبناء المذكور أي البناء المذكور لأجل استحالة بقاء الملك بلا مالك، فانه إذا لم نقل بتملك المسلم المحارب بمجرد الاستيلاء بل التملك بعد القسمة يلزم بقاء الملك و هي الغنيمة بلا مالك في المدة التي لم تقسم، فلا بد من القول بالتملك حتى لا يبقى الملك بلا مالك في هذه المدة.

ص: 95

و غير ذلك (1) مما سيقف عليه المتتبع.

لكنا نقتصر على ما اقتصر عليه الأصحاب: من ذكر الوقف

+++++++++++

(1) أي و غير هذه الأربعة عشرة و الأربعة الأول المذكورة في الهامش 7 - 8 ص 89 من الحقوق المانعة عن البيع.

فالمجموع الذي ذكره الشيخ عن المقابيس هنا ثمانية عشرة حقا بقيت أربعة من الاثنين و العشرين حقا المذكورة في المقابيس.

إليك الأربعة الباقية المانعة عن البيع:

(الأول): تعلق حق الغرماء بمال المفلّس، أو الميت.

فان المال الباقي من المفلّس، أو الميت المدين يكون للغرماء و الديان ليس للمفلس، و لا للورثة حق التصرف فيه حتى يقسم عليهم بالنسبة إلى حصصهم.

(الثاني): تعلق حق المضمون له بالمال لو اشترط اداء الضمان من هذا المال، فان هذا الشرط يكون مانعا عن بيعه، لأن حق المضمون له أسبق من البيع.

خذ لذلك مثالا:

كان شخص مدينا لزيد خمسين دينارا فضمن عمرو عن الشخص المبلغ المعين فاشترط المضمون له: و هو الدائن أداء الضمان من مال معين فقبل الضامن ذلك.

فهنا تعلق حق المضمون له بهذا المال المعين فلا يجوز بيعه.

(الثالث): أنه بناء على كون القبض في التبرعات المجانية شرطا في اللزوم فقبل قبض الصدقة، أو الهبة، أو الهدية لا يجوز التصرف فيها بالبيع، أو بأي سبب ناقل، لتعلق حق المتبرع بالمذكورات ما لم يقبضها لآخذيها، لكون حق المتبرع أسبق من حق الموهوب له -

ص: 96

ثم أم الولد، ثم الرهن، ثم الجناية إن شاء اللّه.

مسألة: لا يجوز بيع الوقف اجماعا محققا في الجملة
اشارة

(مسألة): لا يجوز بيع الوقف اجماعا محققا (1) في الجملة (2) و محكيا (3)، و لعموم قوله عليه السلام: الوقوف تكون على حسب ما يوقفها أهلها إن شاء اللّه (4).

و رواية أبي علي بن راشد قال: سألت أبا الحسن عليه السلام:

قلت: جعلت فداك اشتريت أرضا إلى جنب ضيعتي بألفي درهم فلما وفيت المال خبرت أن الأرض وقف ؟

فقال: لا يجوز شراء الوقف، و لا تدخل الغلّة في مالك

+++++++++++

- (الرابع): أنه بناء على أن القبض شرط في لزوم بيع الصرف:

و هو الذهب و الفضة فقبل القبض لا يجوز للمشتري التصرف في المبيع ما لم يقبضه البائع، لتعلق حق البائع به و هو أسبق من حق البيع للمشتري.

هذا تمام الكلام في الحقوق المانعة عن البيع التي ذكرها الشيخ عن (المقابيس).

و قد ذكرها (المحقق التستري) قدس سره في كتابه (المقابيس) و أسهب الكلام فيها فراجع حتى تعرف مدى غزارة علم هذا الرجل و طول باعه و اطلاعه و تبحره في الفروع الفقهية.

(1) أي اجماعا محصلا.

(2) أي لا في جميع الموارد و الأزمان، لأنه يجوز بيعه في بعض الأزمان و الموارد كما سيأتي.

(3) أي اجماعا منقولا.

(4) (وسائل الشيعة): الجزء 13. ص 295. الباب 2.

الحديث 1.

ص: 97

و ادفعها إلى من أوقفت عليه.

قلت: لا أعرف لها ربا.

قال: تصدق بغلتها (1).

صورة وقف أمير المؤمنين عليه السلام

و ما ورد من حكاية وقف أمير المؤمنين عليه السلام و غيره من الأئمة صلوات اللّه عليهم أجمعين مثل ما عن ربعي بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام في صورة وقف أمير المؤمنين عليه السلام:

بسم اللّه الرحمن الرحيم هذا ما تصدق به علي بن أبي طالب و هو حيّ سوّي تصدق بداره التي في بني زريق صدقة لا تباع و لا توهب حتى يرثها اللّه الذي يرث السموات و الأرض، و أسكن هذه الصدقة خالاته ما عشن و عاش عقبهن، فاذا انقرضوا فهي لذي الحاجة من المسلمين (2).

فان (3) الظاهر من الوصف كونه صفة لنوع الصدقة، لا لشخصها

+++++++++++

(1) (المصدر نفسه): الجزء 12. ص 271. الباب 17.

الحديث 1.

(2) (المصدر نفسه): الجزء 13. ص 304. الباب 6.

الحديث 4.

(3) تعليل لدلالة الحديث على عدم جواز بيع الوقف.

و خلاصته: أن الوصف الذي هي جملة لاتباع و لا توهب صفة لنوع الوقف أي كل وقف سواء أ كان من الامام عليه السلام أم من غيره لا يجوز بيعه، و لا هبته فهو من المقومات الداخلية.

و ليست الصفة المذكورة صفة لشخص هذا الوقف حتى يقال:

لا يصح الاستدلال بالحديث على عدم جواز بيع الوقف.

ص: 98

و يبعد كونه (1) شرطا خارجا عن النوع مأخوذا في الشخص مع (2) أن سياق الاشتراط يقتضي تأخره عن ركن العقد: اعني الموقوف عليهم، خصوصا (3) مع كونه شرطا عليهم.

مع (4) أنه لو جاز البيع في بعض الأحيان كان اشتراط عدمه

+++++++++++

(1) أي و يبعد كون الوصف المذكور شرطا خارجا عن نوع الوقف و مطلقه، و يكون مأخوذا في شخص وقف الامام أمير المؤمنين عليه السلام أي هذا الوقف الصادر عن الامام أمير المؤمنين عليه السلام لا يجوز بيعه، لا مطلق الوقف.

(2) هذا دليل ثان على أن الوقف لا يجوز بيعه.

و خلاصته: أنه لو كان الوصف شرطا خارجا عن النوع مأخوذا في شخص وقف الامام عليه السلام لكان يقتضي بحسب سياق الشرط أن يكون متأخرا عن ركن العقد و هو الموقوف عليهم كما هو مقتضى كل شرط مع أنه لم يتأخر فعدم تأخره دليل على كون الوصف وصفا لنوع الوقف، لا لشخصه.

(3) هذا تأكيد لكون الوصف وصفا لنوع الوقف، لا لشخصه حتى يكون خارجا عن النوع، أي و لا سيما أن الوصف المذكور شرط على الموقوف عليهم لا على المالك الواقف.

فكان الأنسب أن يتأخر فتقدمه دليل على أنه شرط لنوع الوقف لا لشخصه.

(4) هذا دليل ثالث لعدم جواز بيع الوقف.

و خلاصته: أن بيع الوقف لو جاز في بعض الأحيان لكان اشتراط عدم جواز بيعه بنحو مطلق، و في جميع الأحيان و الموارد -

ص: 99

على الاطلاق فاسدا، بل مفسدا، لمخالفته للمشروع من جواز بيعه في بعض الموارد كدفع الفساد بين الموقوف عليهم، أو رفعه، أو طروّ الحاجة، أو صيرورته مما لا ينتفع به أصلا.

إلا (1) أن يقال: إن هذا الاطلاق نظير الاطلاق المتقدم في رواية

+++++++++++

- كما في قوله عليه السلام: صدقة لا تباع و لا توهب فاسدا، بل مفسدا، لمخالفة هذا الشرط بهذا النحو من الاطلاق للشرع، حيث جاز شرعا بيع الوقف في بعض الموارد كما إذا آل الوقف إلى الخراب بحيث لا يستفاد منه، و لا يتحقق مفهوم الوقف خارجا.

و كما إذا ترتب من الوقف الفساد فلرفعه يجوز بيع الوقف، أو لدفع الفساد قبل أن يقع.

و كما إذا اقتضت الضرورة و الحاجة لبيعه.

و كما إذا سقط الوقف عن الانتفاع أصلا: بأن كان وقفا على الانارة و الاسراج بالشموع.

و في عصرنا هذا مع وجود الكهرباء لا مفهوم للانارة بالشموع.

ففي هذه الموارد قد أجاز الشارع لنا بيع الوقف.

فالجواز مناف لعدم جواز البيع بنحو مطلق، و في جميع الأحيان و الموارد فلا بد من تقييد الاطلاق الوارد في الحديث المشار إليه في ص 98.

(1) هذا استثناء عما أفاده: من أنه لو جاز بيع الوقف في بعض الأحيان لكان اشتراط عدم جواز البيع بنحو مطلق منافيا لجوازه كما في الموارد المذكورة، و جواب عن الدليل الثالث المشار إليه في الهامش 4. ص 99

و خلاصة الاستثناء أنه يمكن أن يكون إطلاق المنع عن بيع -

ص: 100

ابن راشد في انصرافه إلى البيع لا لعذر.

مع (1) أن هذا التقييد مما لا بدّ منه على تقدير كون الصفة فصلا للنوع، أو شرطا خارجيا.

مع (2) احتمال علم الامام بعدم طروّ هذه الامور المبيحة.

+++++++++++

- الوقف المستفاد من حديث الامام عليه السلام، كاطلاق منع بيع الوقف المستفاد من حديث أبي علي بن راشد المشار إليه في ص 97 حيث إن إطلاقه منصرف إلى البيع لا لعذر، و من غير طروّ المسوغات المذكورة في ص 100

و أما إذا كان هناك عذر في بيعه فلا مانع عن بيعه فالحديث لا يشمله

فالاطلاق في حديث الامام أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام كهذا الاطلاق الوارد في حديث أبي علي بن راشد، فعليه يجوز بيع الوقف في بعض الأحيان إذا كان هناك عذر.

(1) هذا جواب آخر عن الدليل الثالث المشار إليه في الهامش 4 ص 99.

و خلاصته: أن التقييد المذكور أي تقييد جواز بيع الوقف بصورة وجود عذر، و طروّ المسوّغات المذكورة في ص 100

و تقييد عدم الجواز بصورة عدم وجود عذر، و عدم طروّ المسوّغات مما لا بدّ منه، سواء قلنا: إن الوصف المذكور:

و هو قوله عليه الصلاة و السلام: لاتباع و لا توهب وصف لمطلق نوع الوقف، أو لشخصه: بأن يكون شرطا خارجيا، إذ لا يجوز بيع الوقف منعا بتيا إلا في صورة العذر، و طروّ المسوّغات المذكورة في ص 100

(2) هذا ترق من الشيخ يروم به أن الحديث الوارد عن أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام و إن كان مطلقا و الاطلاق من شأنه أن يقيد -

ص: 101

و حينئذ (1) يصح أن يستغنى بذلك (2) عن التقييد على تقدير كون الصفة شرطا.

بخلاف ما لو جعل (3) وصفا داخلا في النوع، فان العلم بعدم طروّ مسوغات البيع في الشخص لا يغني عن تقييد إطلاق الوصف في النوع كما لا يخفى.

فظهر (4) أن التمسك بإطلاق المنع عن البيع على كون الوصف داخلا في أصل الوقف كما صدر عن بعض من عاصرناه لا يخلو عن نظر

+++++++++++

- و هنا لا بدّ أن يقيد، لجواز بيع الوقف في الموارد المذكورة في ص 100، لكنه لم يقيد، لعلم الامام عليه السلام بعدم طروّ الأمور المذكورة في ص 100 على الوقف حتى يضطر الموقوف عليهم على بيع الوقف، و يباح لهم ذلك.

(1) أي و حين أن قلنا: إن الامام عليه السلام كان عالما بعدم طروّ المسوّغات المذكورة على الوقف حتى يحتاج إلى البيع فيصح لنا أن نستغني عن تقييد إطلاق عدم جواز البيع بجواز بيع الوقف في صورة طروّ المسوّغات المذكورة في ص 100، بناء على أن الوصف المذكور شرط لشخص الوقف، لا لنوعه.

(2) أي بعلم الامام عليه السلام بعدم طروّ المسوّغات المذكورة.

(3) أي بخلاف ما لو قلنا: إن الوصف المذكور وصف لنوع الوقف، فان علم الامام عليه السلام بعدم طروّ المسوّغات المذكورة بشخص وقفه لا يغنينا عن عدم تقييد اطلاق الوصف، بل لا بدّ من تقييده بما ذكر: من المسوّغات.

(4) الفاء تفريع على ما أفاده: من أن جعل الوصف وصفا داخلا في النوع و مقوّما له لا يغنينا عن عدم تقييد الاطلاق أي ففي ضوء -

ص: 102

و إن كان الانصاف ما ذكرناه: من ظهور سياق الأوصاف في كونها أوصافا للنوع.

أن المانع عن بيع الوقف أمور ثلاثة:
اشارة

و مما ذكرنا (1) ظهر أن المانع عن بيع الوقف أمور ثلاثة:

حق الواقف

حق (2) الواقف، حيث جعلها بمقتضى صيغة الوقف صدقة جارية ينتفع بها.

حق البطون المتأخرة عن بطن البائع.

و حق (3) البطون المتأخرة عن بطن البائع.

التعبد الشرعي المكشوف عنه بالروايات

و التعبد (4) الشرعي المكشوف عنه بالروايات، فان الوقف متعلق لحق اللّه، حيث يعتبر فيه التقرب و يكون للّه تعالى عمله و عليه عوضه.

+++++++++++

- ما ذكرنا ظهر أن ما تمسك به المحقق التستري. من أن عدم جواز بيع الوقف مطلق، بناء على كون الوصف وصفا داخلا في نوع الوقف، و من مقوماته الداخلية: لا يخلو عن نظر، لأنك عرفت أن علم الامام عليه السلام بعدم طروّ المسوّغات المذكورة على الوقف لا يغنينا عن عدم تقييد الاطلاق الواقع في منع البيع في قوله عليه السلام:

صدقه لا تباع و لا توهب.

(1) و هو عدم جواز بيع الوقف إلا عند طروّ المسوّغات المذكورة في ص 100.

(2) هذا هو المانع الأول عن بيع الوقف.

(3) هذا هو المانع الثاني عن بيع الوقف.

(4) هذا هو المانع الثالث عن بيع الوقف.

و يعبر عن هذا المانع بحق اللّه عز و جل.

هذه هي الحقوق الثلاثة المانعة عن بيع الوقف.

و قد سبق شيخنا الأنصاري بعض الأعلام في ذكر هذه الحقوق -

ص: 103

..........

+++++++++++

- و قد ذكروا نظير هذه الحقوق حقوق العبد المشروط و هي كما يلي:

حق اللّه سبحانه و تعالى، و حق المشترط، و حق العبد المشروط عتقه

و أما حق الواقف فلا مفهوم له أيضا، لأن الملك بمجرد وقفه من قبل المالك الواقف قد خرج عن تملكه له، سواء انشأ التأبيد كالوقف أم مدة معينة كالتحبيس.

فالعين الموقوفة على جميع التقادير ليست متعلقة لحقه.

و مجرد كون الوقف صدقة جارية ينتفع بها لا يوجب تعلق حق للواقف بالعين و إن توقف الانتفاع بالعين على بقائها موقوفة.

و أما حق البطون المتأخرة عن بطن الموقوف عليهم فلا مفهوم له أيضا، لأنهم معدومون فمع عدم وجودهم كيف يتعلق حق لهم بالعين الموقوفة، إذ المعدوم كما لا يكون مالكا كذلك لا يكون ذا حق.

فالحاصل أن هذه الحقوق لا تكون مانعة عن بيع الوقف.

إذا فالمانع الوحيد هي الأخبار الواردة عن بيع الوقف التي مضت الاشارة إليها في ص 97-98 و لا سيما قوله عليه السلام في ص 97:

الوقوف تكون حسب ما يوقفها أهلها.

و لكن لا يخفى ما في هذه الموانع الثلاثة من النظر.

أما تعلق حق اللّه تبارك و تعالى بالوقف فمما لا مفهوم له، إلا بمعنى الاطاعة و الامتثال لحكمه و أمره المستفاد هذا الحكم و الأمر من قول سفرائه الوسيطين بينه و بين المخلوقين: الوقوف تكون حسب ما يوقفها أهلها.

و هذا لا يوجب تعلق حق رباني مقابل للحكم المذكور، و لا دليل عليه -

ص: 104

و قد يرتفع بعض هذه الموانع فيبقى الباقي.

و قد يرتفع كلها و سيجيء التفصيل.

هل الوقف يبطل بنفس البيع أو بجوازه

ثم إن جواز البيع لا ينافي بقاء الوقف إلى أن يباع، فالوقف يبطل بنفس البيع، لا بجوازه فمعنى جواز بيع العين الموقوفة جواز إبطال وقفها إلى بدل، أو لا إليه (1)، فان مدلول صيغة الوقف و إن أخذ فيه الدوام و المنع عن المعاوضة عليه إلا أنه قد يعرض ما يجوز مخالفة هذا الانشاء.

كما أن مقتضى العقد الجائز كالهبة تمليك المتهب المقتضي لتسلطه المنافي لجواز انتزاعه من يده، و مع ذلك (2) يجوز مخالفته، و قطع سلطنته عنه، فتأمل (3).

+++++++++++

- (لا يقال): إن الواقف يطلب بوقفه الأجر و الثواب الأخروي و هذا الأجر و الثواب يكون عوضا عن الوقف و على اللّه العزيز هذا العوض فبهذا الاعطاء يتعلق حق من اللّه تعالى بالوقف.

(فانه يقال): إن مجرد طلب الواقف الأجر و الثواب و إعطاء الباري عز و جل له ذلك العوض لا يثبت حقا من اللّه تعالى على العين الموقوفة.

(1) أي أولا إلى البدل: بأن يباع الوقف و لا يشترى بثمنه شيئا يكون بدلا عن الوقف.

(2) أي و مع اقتضاء تمليك المتهب لتسلطه الموهوب له المنافي هذا التمليك لجواز انتزاع الموهوب من يد الموهوب له يجوز مخالفة هذا التمليك و قطع سلطنة الموهوب له عن الهبة بأخذها منه.

(3) لعل الأمر بالتأمل إشارة إلى أنه فرق بين الوقف و الهبة التي هي من العقود الجائزة، إذ أخذ في مفهوم الوقف الدوام و الثبات، -

ص: 105

كلام صاحب الجواهر و كاشف الغطاء في أن الوقف يبطل بمجرد جواز البيع و المناقشة فيما أفاد صاحب الجواهر و كاشف الغطاء

إلا (1) أنه ذكر بعض في هذا المقام أن الذي يقوى في النظر بعد إمعانه أن الوقف ما دام وقفا لا يجوز بيعه.

بل لعل جواز بيعه مع كونه وقفا من التضاد.

نعم إذا بطل الوقف اتجه حينئذ جواز بيعه.

+++++++++++

- و لذا كان من العقود اللازمة.

بخلاف الهبة، فان الدوام و الثبوت لم يؤخذ في مفهومها و إن أفادت التمليك، إذ الملكية فيها صالحة للزوال، و لذا يجوز الرجوع فيها إذا كانت مجانية و بغير ذي رحم، لأن الحكم فيها:

و هو جواز الرجوع إنما تعلق بنوع الهبة الساري هذا النوع إلى جميع أفرادها و أصنافها، لا بصنفها حتى لا يجوز الرجوع فيها.

بخلاف الوقف، فان الحكم فيه: و هو عدم جواز بيعه قد تعلق بصنفه أي صنف الوقف و فرده لا يجوز بيعه، و لم يتعلق بنوعه حتى يجوز بيعه و إن لم يكن هناك مبرّر و مسوّغ لبيعه.

فارتفاع الدوام ليس من حكم نوعه بل هو من حكم صنفه.

(1) هذا تمهيد لما أفاده هذا البعض و الشيخ صاحب الجواهر تبعا لاستاذه الشيخ كاشف الغطاء في هذا المقام: و هو جواز بيع الوقف عند طروّ المسوغات المذكورة في ص 100 و أن صحة البيع لا تنافي بقاء الوقف على وقفيته حتى يباع.

و خلاصة ما أفاده صاحب الجواهر: أن من شرائط صحة البيع أن يكون المبيع ملكا طلقا، و بقاء الوقف على الوقفية مناف للطلقية فلا بد من إبطال الوقفية حتى يصح بيعه، إذ الجواز و البقاء على الوقفية ضدان لا يجتمعان، فهما متباينان و متنافيان.

هذه خلاصة ما أفاده صاحب الجواهر في منافاة جواز بيع -

ص: 106

ثم ذكر (1) بعض مبطلات الوقف المسوغة لبيعه.

و قد سبقه (2) إلى ذلك بعض الأساطين في شرحه على القواعد حيث استدل على المنع عن بيع الوقف بعد النص (3) و الاجماع بل الضرورة: بأن (4) البيع و أضرابه ينافي حقيقة الوقف، لأخذ الدوام فيه، و أن نفي المعاوضات (5) مأخوذ فيه ابتداء.

و فيه (6) أنه

+++++++++++

- الوقف مع بقائه على الوقفية.

(1) و هو صاحب الجواهر كما عرفت آنفا.

و قد ذكرنا هذه المبطلات المعبر عنها بالمسوّغات في الهامش 4 ص 99-100

(2) أي و قد سبق صاحب الجواهر إلى أن جواز بيع الوقف مع بقائه على الوقفية متضادان لا يجتمعان بعض الأساطين و هو الشيخ الكبير الشيخ جعفر كاشف الغطاء قدس سره.

(3) و هي الروايات المشار إليها في ص 97-98

(4) الباء بيان لكيفية الاستدلال.

(5) أي نفي المعاوضات المالية مأخوذ في مفهوم الوقف من بداية الوقفية أي حينما يقول: وقفت فقد أخذ في مفهوم هذا الوقف أن لا يباع و لا يوهب.

(6) أي و فيما أفاده صاحب الجواهر تبعا لاستاذه كاشف الغطاء نظر و إشكال.

من هنا أخذ الشيخ في رد مقالة صاحب الجواهر حرفيا، و في تحليل كلامه تحليلا علميا دقيقا.

و خلاصة ما أفاده في رده: أنه ما المراد من بطلان الوقف في كلامه: نعم إذا بطل الوقف اتجه حينئذ جواز بيعه ؟

ص: 107

إن (1) اريد من بطلانه (2) انتفاء بعض آثاره: و هو (3) جواز البيع المسبّب عن سقوط حق الموقوف عليهم عن شخص العين، أو عنها (4) و عن بدلها (5)، حيث قلنا بكون الثمن للبطن الذي يبيع فهذا (6) لا محصل له فضلا عن أن يحتاج إلى نظر فضلا عن إمعانه.

و إن أريد (7) به انتفاء أصل الوقف كما هو ظاهر كلامه، حيث

+++++++++++

- و قد قسم الشيخ مراده إلى قسمين:

(1) هذا هو الشق الأول أي إن كان مراده من البطلان هو انتفاء بعض آثاره: و هو الجواز المسبّب هذا الجواز عن سقوط حق الموقوف عليهم عن شخص العين، و عن نفس الآثار المترتبة عليها: و هي عدم جواز بيع الوقف كما عرفت.

فهذا لا محصل و لا مفهوم له خارجا، لأن معنى قوله: نعم إذا بطل البيع اتجه حينئذ جواز بيعه: هو أنه إذا جاز بيع الوقف اتجه جواز بيعه، فلا يحتاج هذا المطلب إلى الدقة و النظر فيه حتى يحتاج إلى الامعان و التعمق.

(2) أي بطلان الوقف كما عرفت.

و المراد من بعض الآثار هو عدم جواز بيع الوقف كما عرفت.

(3) مرجع الضمير كلمة انتفاء المراد منها الجواز كما عرفت

(4) أي أو عن الآثار المترتبة على العين كما عرفت.

(5) أي و عن بدل العين.

(6) أي هذا المعنى المراد من البطلان كما عرفت.

(7) هذا هو الشق الثاني أي إن أراد صاحب الجواهر من البطلان في كلامه انتفاء أصل الوقف كما هو الظاهر من كلامه، حيث يقول:

إن البيع و أضرابه ينافي حقيقة الوقف، لأنه أخذ الدوام فيه، -

ص: 108

جعل المنع من المبيع من مقومات مفهوم الوقف.

ففيه (1) مع كونه (2) خلاف الاجماع، إذ لم يقل أحد ممن أجاز بيع الوقف في بعض الموارد ببطلان الوقف، و خروج الموقوف عن ملك الموقوف عليه إلى ملك الواقف أن (3) المنع عن البيع ليس مأخوذا في مفهومه.

بل (4) هو في غير المساجد و شبهها قسم من التمليك

+++++++++++

- و أن نفي المعاوضات مأخوذ فيه ابتداء.

(1) أي و فيما أفاده صاحب الجواهر في الشق الثاني من معنى البطلان نظر و إشكال.

و خلاصة الاشكال أنه بالإضافة إلى أن البطلان بالمعنى الذي ذكره خلاف الاجماع، لعدم وجود القول ببطلان الوقف في بعض موارد جواز بيعه: أن المنع عن بيع الوقف ليس مأخوذا في مفهوم الوقف و ليس من مقوماته حتى يقال ببطلان الوقف عند موارد جواز بيعه.

(2) أي مع كون بطلان الوقف في موارد جواز بيعه خلاف الاجماع كما عرفت.

(3) هذا هو وجه النظر و الاشكال فيما أفاده صاحب الجواهر و قد عرفته عند قولنا: إن المنع عن بيع الوقف.

(4) من هنا أخذ الشيخ في اثبات أن المنع عن البيع ليس مأخوذا في مفهوم الوقف حتى يبطل عند جواز بيعه أي الوقف في غير المساجد و الحسينيات، و المدارس الدينية، و المنازل المهيئة للمسافرين و الزوار قسم من التمليك أي يفيد الملكية في غير هذه المذكورات كالوقف على الأولاد و هو الوقف على الذرية، أو أسرته، أو طائفة خاصة كبني هاشم، و الفقهاء، و غيرها من الوقف الخاص.

ص: 109

و لذا (1) يطلق عليه الصدقة، و يجوز ايجابه بلفظ تصدقت.

إلا أن المالك (2) له بطون متلاحقة فاذا جاز بيعه مع الابدال كان البائع وليا عن جميع الملاّك (3) في إبدال مالهم بمال آخر.

و إذا جاز لا معه (4) كما إذا بيع لضرورة البطن الموجود على القول بجوازه (5) فقد جعل الشارع لهم حق إبطال الوقف ببيعه لأنفسهم فاذا لم يبيعوه لم يبطل، و لذا لو فرض اندفاع الضرورة بعد الحكم بجواز البيع، أو لم يتفق البيع كان الوقف على حاله، و لذا (6) صرح في جامع المقاصد بعدم جواز رهن الوقف و إن بلغ حدا يجوز بيعه، معللا باحتمال طروّ اليسار للموقوف عليهم عند إرادة بيعه في دين المرتهن.

إذا عرفت أن مقتضى العمومات (7) في الوقف عدم جواز البيع.

+++++++++++

(1) أي و لأجل أن الوقف على الأولاد، و الأسرة يفيد الملك يطلق على مثل هذا الوقف الصدقة أي يقال: هذا الوقف صدقة جارية و يصح أن يقال في ايجابه: تصدقت بهذا الوقف.

(2) أي المالك لهذا الوقف و هو الموقوف عليهم.

(3) و هم البطون المتلاحقة الذين جعل الوقف عليهم.

(4) أي لا مع إبدال الوقف المبيع إلى شيء آخر يشابهه.

(5) أي بجواز بيع الوقف لا إلى إبداله إلى شيء آخر.

(6) أي و لأجل أن الوقف باق على وقفيته في صورة اندفاع الضرورة و الاحتياج عن بيعه، أو في صورة عدم اتفاق البيع.

(7) و هي الأخبار المشار إليها في ص 97-98.

و لما انجر بنا الكلام إلى عدم جواز بيع الوقف فلا بأس باشارة -

ص: 110

..........

+++++++++++

- إجمالية حول تحرير محل النزاع، و أن أيّ قسم من الوقف يجوز بيعه، و أيّ قسم منه لا يجوز.

فنقول: إن موضوع البحث و إن كان هو الوقف الخاص:

في أنه يجوز بيعه، أو لا يجوز.

لكن الأولى ذكر جميع أقسام الوقف، و بيان أحكامها، وفقا لمقتضى الأصل.

فنقول: إن الوقف على خمسة أقسام:

(الأول): ما كان وقفا للعبادة، و إقامة للشعائر، كالمساجد و المشاهد المشرّفة، حيث إن مشاهد (أئمة أهل البيت) عليهم الصلاة و السلام الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا موضوعة للشعائر.

قال عز من قائل: وَ مَنْ يُعَظِّمْ شَعٰائِرَ اَللّٰهِ فَإِنَّهٰا مِنْ تَقْوَى اَلْقُلُوبِ (1) .

و قال جل اسمه: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اَللّٰهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اِسْمُهُ (2) .

و لا يبعد إلحاق الحسينيات المعدّة للمأتم الحسيني على صاحبها آلاف الثناء و التحية بالمساجد، لوحدة الملاك: و هي إقامة الشعائر فيها فتشملها الآية الكريمة.

فهذا القسم من الوقف لا شك في كونه مبطلا للملكية التي كانت لملاّكها، لكن لا يكون تمليكا للمسلمين، بل هو مباح لهم بالانتفاع منه -

ص: 111

..........

+++++++++++

- (الثاني): ما يوقف لعامة الناس كالمنازل المعدّة لنزول المسافرين و الزوّار، و كالقناطر و الرباطات، و المدارس الدينية و ما أشبه هذه مما يوقف لانتفاع كل من سبق إليه.

و هذا القسم من الوقف كالأول في كونه تحرير ملك

و ليس تمليكا لمن يسكن فيها، أو يستفيد منها.

بل هو مباح لهم: من حيث الانتفاع منها.

(الثالث): ما يوقف على جهة خاصة كالوقف على العلماء أو الهاشميين، أو طلاب المدارس الدينية، أو الحسينيات، أو الزوار أو المستشفيات.

و هذا القسم من الوقف لا يكون تحريرا للملك، و لا داخلا في المباحات حتى يجوز لكل أحد الانتفاع به.

بل هو تمليك لجهة خاصة: و هم العلماء، أو الهاشميون، أو طلاب العلوم الدينية الساكنون في نفس المدارس، أو الزوار النازلون في الخانات و لذا يملك الموقوف عليهم المنافع، و لذا يصح لهم إجارتها.

و بهذا يتميز القسم الثالث عن الأولين بالضمان فيه لو غصبه غاصب، دون الأولين، بناء على أن الحكم التكليفي و هي حرمة التصرف لا يوجب الحكم الوضعي فيهما، لأن الضمان كما هو المستفاد من قوله عليه السلام: من أتلف مال الغير فهو ضامن إذا كان هناك غير و تلف ماله و فيما نحن فيه ليس غير حتى يكون الغاصب للمسجد أو المشاهد المشرفة ضامنا له.

و هذا المبنى مخدوش من أصله، لأن الملاك في الضمان ليس الشخص حتى يقال: إن المسجد ليس له مالك حتى يكون الغاصب ضامنا له -

ص: 112

..........

+++++++++++

- بل الملاك في الضمان هو الاتلاف و هذا يصدق في المساجد و المشاهد المشرفة.

(الرابع): ما كان وقفا خاصا كالوقف على الذرية و هذا في مقابل القسم الثالث المعبر عنه بالوقف العام.

ثم إن القسم الرابع على قسمين:

(الأول): الوقف المنقطع بالآخر: بأن يجعله.

(تارة) بعد انقطاع الذرية لمصرف خاص.

(و اخرى) لا يجعله كذلك.

(الثاني): الوقف المؤبد.

(الخامس): ما يوقفه على الموقوفات كوقف دار معينة، أو حانوت معين، أو بستان خاص، أو ما ضارب ذلك على سجاد المسجد أو المدارس الدينية، أو المشاهد المشرفة، أو الحسينيات.

أو يجعل منافع الدار، أو عمارة على تعمير، أو ترميم ما ذكر.

ثم إن الفرق بين القسم الثالث، و هذا القسم: أن الموقوف عليهم في القسم الثالث يملك منافع الملك، و لذا قلنا: يجوز إجارته.

بخلاف القسم الخامس، فان الوقف فيه مجرد إباحة الانتفاع.

إذا عرفت ما تلوناه عليك من الأقسام.

فاعلم أنه من المسلم خروج القسم الأول و الثاني عن إطار جواز البيع، لخروجهما عن الملكية بمقتضى الأصل، لتلف المالية عنهما شرعا فلا يبقى مجال لجواز البيع.

و أما القسم الخامس فبمقتضى الأصل جواز بيعه إذا لم يمكن -

ص: 113

..........

+++++++++++

- الانتفاع به، لأن الخصوصيات الشخصية في القسم الخامس مما هو قابلة للزوال و إن كان الواقف قد أوقف عين الرقبات، إلا أنه وقفها بمراتبها و تعلق نظره بشخصيتها أولا ثم بماليتها: بمعنى أنه في صورة عدم الانتفاع بشخصيتها الخاصة يتعلق نظره بماليتها.

فحينئذ يصح للحاكم، أو المتولي تبديل عين الرقبات و تصيير بدلها وقفا.

فالخلاصة أن العين ما دامت قابلة للانتفاع لا يجوز بيعها.

و أما إذا سقطت عن الانتفاع بسبب زوال الخصوصيات الشخصية فيجوز بيعها و تبديلها و جعل بدلها وقفا.

فالعين فيما نحن فيه نظير اليد: في كونها ضامنة للعين ما دامت موجودة فيجب ردها بشخصها إلى صاحبها إذا كان موجودا، و إلى وراثه إذا مات.

و أما إذا كانت تالفة، أو حيل بينها، و بين مالكها وجب عليها رد ماليتها إلى صاحبها.

و أما القسم الثالث و الرابع فالحاقهما بالقسم الخامس قوي، لأنهما كما عرفت لا يكون الوقف فيهما تحريرا للملك، و ادخاله في المباحات.

بل القسم الثالث تمليك للجهة، و القسم الرابع تمليك لأشخاص مخصوصين، فاذا زال الانتفاع من العين و توقف انتفاع الجهة أو الأشخاص على تبديل العين فلا مانع من بيعه فيصير ثمنه وقفا بعد بيعه، و لذا لو اشتري بثمن الوقف المبيع شيء صار وقفا من دون توقفه على صيغة الوقف.

و محصل الكلام أن ما كان من الوقف تحرير ملك و فكا له -

ص: 114

الأقوال في الخروج عن عموم منع بيع الوقف
فاعلم أن لأصحابنا في الخروج عن عموم المنع في الجملة أقوالا:
اشارة

فاعلم أن لأصحابنا في الخروج عن عموم المنع في الجملة أقوالا:

أحدها عدم الخروج عنه أصلا

(أحدها) (1) عدم الخروج عنه أصلا و هو الظاهر من كلام الحلي، حيث قال في السرائر بعد نقل كلام المفيد قدس سره:

و الذي يقتضيه مذهبنا أنه بعد وقفه و قبضه لا يجوز الرجوع فيه و لا تغيره عن وجوهه و سبله و لا بيعه، سواء أ كان بيعه أعود (2) عليهم أم لا، و سواء خرب للوقف و لا يوجد من يراعيه بعمارة:

من سلطان و غيره، أو يحصل بحيث لا يجدي نفعا أم لا.

قال الشهيد رحمه اللّه بعد نقل أقوال المجوزين: و ابن ادريس سدّ الباب (3) و هو (4) نادر مع قوته:

و قد ادعى (5) في السرائر عدم الخلاف في المؤيد.

قال: إن الخلاف الذي حكيناه بين أصحابنا إنما هو إذا كان الوقف على قوم مخصوصين و ليس فيه شرط يقتضي رجوعه إلى غيرهم.

و أما إذا كان الوقف على قوم، و من بعدهم على غيرهم و كان

+++++++++++

- و إتلافا لماليته فليس مالا حتى يصح بيعه، أو اجارته، أو هبته أو صلحه.

(1) أي أحد الأقوال في خروج الوقف عن عموم منع بيعه.

(2) أي سواء أ كان بيع الوقف أنفع بحال الموقوف عليهم أم لا.

(3) أي باب جواز بيع الوقف.

(4) هذا قول الشهيد الأول أي ما أفاده ابن ادريس: من سدّ باب بيع الوقف نادر و شاذ، مع أن قول ابن ادريس قوي.

(5) أي ادّعى ابن ادريس في السرائر أنه ليس في الوقف المؤبد:

و هو إلى أن يرث اللّه الأرض خلاف في عدم جواز بيعه.

ص: 115

الواقف قد اشترط رجوعه إلى غيره إلى أن يرث اللّه الأرض لم يجز بيعه على وجه بغير خلاف بين أصحابنا، انتهى (1).

و فيه (2) نظر يظهر مما سيأتي من ظهور أقوال كثير من المجوزين في المؤبد، و حكي المنع مطلقا (3) عن الاسكافي و فخر الاسلام أيضا إلا في الآلات الموقوفة و أجزائها التي انحصر طريق الانتفاع بها في البيع

قال الاسكافي في ما حكي عنه في المختلف: إن الموقوف رقيقا (4) أو غيره لو بلغ حاله إلى زوال ما سبّله (5) من منفعته فلا بأس ببيعه، و إبدال مكانه بثمنه إن أمكن، أو صرفه فيما كان يصرف إليه منفعته، أو رد ثمنه على منافع ما بقي من أصل ما حبّس معه إذا كان في ذلك (6) صلاح، انتهى (7).

و قال فخر الدين في الايضاح في شرح قول والده قدس سرهما:

و لو خلق حصير المسجد، و خرج عن الانتفاع به، أو انكسر الجذع:

بحيث لا ينتفع به في غير الاحراق فالأقرب جواز بيعه.

+++++++++++

(1) أي ما أفاده ابن ادريس في السرائر في كتاب الوقوف و الصدقات.

(2) أي و فيما أفاده ابن ادريس في السرائر نظر و إشكال.

(3) أي سواء آل الوقف إلى الخراب أم لا، و سواء أمكن الانتفاع منه أم لا.

(4) أي كان عبدا.

(5) أي جعله في سبيل اللّه عزّ و جل و قربة إليه.

(6) أي إذا كان في بيع الوقف مصلحة.

(7) أي ما أفاده الاسكافي في هذا المقام على ما حكي عنه في الخلاف

ص: 116

قال (1) بعد احتمال المنع بعموم النص في المنع:

و الأصح عندي جواز بيعه، و صرف ثمنه في المماثل إن أمكن و إلا ففي غيره، انتهى (2).

و نسبة المنع إليهما (3) على الاطلاق لا بدّ أن يبنى على خروج مثل هذا (4) عن محل الخلاف.

و سيظهر هذا (5) من عبارة الحلبي في الكافي أيضا فلاحظ.

الثاني: الخروج عن عموم المنع في المنقطع في الجملة

(الثاني): (6) الخروج عن عموم المنع في المنقطع في الجملة خاصة، دون المؤبد و هو (7) المحكي عن القاضي، حيث قال في محكي المهذب:

+++++++++++

(1) أي فخر الدين قال في الايضاح بعد أن احتمل منع بيع الوقف الذي خلق و خرج عن الانتفاع بسبب عموم النصوص الواردة في المنع التي أشير إليها في ص 97-98: (و الأصح عندي جواز بيعه) أي بيع مثل هذا الوقف الذي آل إلى الخراب.

(2) أي ما أفاده فخر الدين في الايضاح في هذا المقام.

(3) أي إلى الاسكافي و فخر الدين بنحو الاطلاق.

(4) و هو جواز بيع الوقف الذي آل إلى الخراب عن عدم جواز بيعه مطلقا.

(5) يحتمل أن يكون مرجع اسم الاشارة اطلاق منع بيع الوقف المنسوب إلى الاسكافي و فخر الدين.

(6) أي القول الثاني من الأقوال التي قيلت في خروج الوقف عن عموم منع بيعه: هو الخروج عن المنع إذا كان الوقف منقطعا لا مؤبدا.

(7) أي جواز بيع الوقف المنقطع هو المحكي عن القاضي.

ص: 117

إذا كان الشيء وقفا على قوم، و من بعدهم على غيرهم و كان الواقف قد اشترط رجوعه إلى غير ذلك إلى أن يرث اللّه تعالى الأرض و من عليها لم يجز بيعه على وجه من الوجوه.

فان كان وقفا على قوم مخصوصين و ليس فيه شرط يقتضي رجوعه إلى غيرهم حسب ما قدمناه، و حصل الخوف من هلاكه أو فساده.

أو كانت بأربابه حاجة ضرورية يكون بيعه أصلح لهم من بقائه عليهم.

أو يخاف من وقوع خلف بينهم يؤدي إلى فساده، فانه حينئذ يجوز بيعه و صرف ثمنه في مصالحهم على حسب استحقاقهم.

فان لم يحصل شيء من ذلك لم يجز بيعه على وجه من الوجوه و لا يجوز هبة الوقف، و لا الصدقة به أيضا.

و حكي عن المختلف و جماعة نسبة التفصيل (1) إلى الحلبي، لكن العبارة المحكية عن كافيه (2) لا تساعده.

بل ربما استظهر منه (3) المنع على الاطلاق فراجع.

و حكي التفصيل المذكور عن الصدوق.

و المحكي عن الفقيه أنه قال بعد رواية علي بن مهزيار الآتية:

إن هذا وقف كان عليهم، دون من بعدهم (4).

+++++++++++

(1) و هو الفرق بين الوقف المنقطع فيجوز بيعه.

و بين الدائم فلا يجوز بيعه.

(2) أي عن الكافي المنسوب إلى الحلبي.

يأتي شرح الكتاب و مؤلفه الجليل الشيخ الحلبي في (أعلام المكاسب)

(3) أي بل ربما يستظهر من الكافي منع بيع الوقف مطلقا سواء أ كان منقطعا أم مؤبدا.

(4) أي فلو كان وقفا على من بعدهم أيضا لا يجوز بيعه.

ص: 118

و لو كان عليهم و على أولادهم ما تناسلوا (1)، و من بعد (2) على فقراء المسلمين إلى أن يرث اللّه تعالى الأرض و من عليها لم يجز بيعه أبدا.

ثم إن جواز بيع ما عدا الطبقة الأخيرة في المنقطع لا يظهر من كلام الصدوق و القاضي كما لا يخفى (3).

ثم إن هؤلاء (4) إن كانوا ممن يقولون برجوع الوقف المنقطع إلى ورثة الموقوف عليه فللقول بجواز بيعه وجه.

أما إذا كان فيهم من يقول برجوعه بعد انقراض الموقوف عليه إلى الواقف، أو ورثته فلا وجه للحكم بجواز بيعه، و صرف الموقوف عليهم ثمنه في مصالحهم.

و قد حكي القول بهذين (5) عن القاضي.

+++++++++++

(1) أي ما دام نسلهم موجودا و باقيا على وجه الأرض.

(2) أي و من بعد أولادهم يكون وقفا على فقراء المسلمين.

(3) فان القارئ الكريم لو أمعن النظر في عبارة (شيخنا الصدوق و القاضي) قدس سرهما من بدايتها إلى نهايتها لم يجد فيها ما يدل على ذلك، لأنهما لم يحكما إلا بجواز بيع الوقف ممّن ليس بعده من يكون الوقف راجعا إليه.

و المراد من الطبقة الأخيرة هم الذين لم يشترط الواقف رجوع الوقف إلى من بعدهم من الفقراء.

(4) أي المجوزين لبيع الوقف المنقطع.

(5) و هما: جواز بيع الوقف على القول برجوع وقف المنقطع إلى ورثة الموقوف عليهم، و عدم جواز بيعه، بناء على القول برجوع الوقف إلى الواقف، أو إلى ورثته بعد انقراض الموقوف عليهم.

ص: 119

إلا أن يوجه (1): بأنه لا يقول ببقائه على ملك الواقف حتى يكون حبسا، بل هو وقف حقيقي، و تمليك للموقوف عليهم مدة وجودهم و حينئذ فبيعهم له مع تعلق حق الواقف نظير بيع البطن الأول مع تعلق حق سائر البطون في الوقف المؤبد.

لكن هذا الوجه لا يدفع الاشكال عن الحلبي المحكي عنه القول المتقدم (2)، حيث إنه يقول إن المحكي عنه بقاء الوقف مطلقا على ملك الواقف، و جواز بيع الوقف حينئذ مع عدم مزاحمة حق الموقوف عليه مما لا إشكال فيه.

الثالث الخروج عن عموم المنع

(الثالث) (3) الخروج عن عموم المنع، و الحكم بالجواز في المؤبد في الجملة.

و أما المنقطع فلم ينصوا (4) عليه و إن ظهر عن بعضهم التعميم (5)

و من بعضهم (6) التخصيص،

+++++++++++

(1) أي يوجّه جواز بيع وقف المنقطع في قول القاضي.

(2) في قول الشيخ في ص 117: و سيظهر هذا من عبارة الحلبي في الكافي أيضا.

(3) أي القول الثالث من الأقوال التي قيلت في خروج الوقف عن عموم منع بيعه.

(4) أي هؤلاء القائلين بجواز البيع في الوقف المؤبّد لم يصرحوا بجواز البيع في الوقف المنقطع.

(5) أي تعميم جواز البيع في الوقف، سواء أ كان في المؤبّد أم في المنقطع.

(6) أي و إن ظهر من بعضهم تخصيص جواز بيع الوقف بالمؤبّد دون المنقطع.

ص: 120

بناء (1) على قوله برجوع المنقطع إلى ورثة الواقف كالشيخ و سلار قدس سرهما.

و من حكم برجوعه (2) بعد انقراض الموقوف عليه إلى وجوه البر كالسيد أبي المكارم بن زهرة فلازمه (3) جعله كالمؤبد.

كيف كان فالمناسب أولا نقل عبائر هؤلاء
اشارة

و كيف كان (4) فالمناسب أولا نقل عبائر هؤلاء (5).

قال المفيد في المقنعة

فنقول (6): قال المفيد في المقنعة: الوقوف في الأصل صدقات لا يجوز الرجوع فيها (7)، إلا أن يحدث الموقوف عليهم ما يمنع الشرع

+++++++++++

(1) تعليل لجهة اختصاص الجواز بالمؤبد، دون المنقطع أي العلة في جواز بيع وقف المنقطع هي البناء على قول هذا المخصص برجوع وقف المنقطع بعد انقراضهم إلى ورثة الواقف، و لو لا هذا البناء لما جاز بيع وقف المنقطع.

(2) أي برجوع الوقف المنقطع.

(3) أي لازم هذا القول هو جعل الوقف المنقطع كالوقف المؤبد في جواز بيعه.

(4) أي سواء قلنا بجواز بيع الوقف المؤبد، و اختصاصه به أم قلنا بجواز البيع مطلقا حتى في الوقف المنقطع.

(5) أي اللازم علينا ذكر عبارة الأعلام من الطائفة في الوقف أولا حتى يتبين مورد الجواز و عدمه، ثم نأخذ في النفي و الاثبات ثانيا

(6) من هنا أخذ الشيخ قدس سره في نقل عبارات الأعلام.

(7) الظاهر أن الكلام هنا بقرينة قوله فيما بعد: و إذا اخرج الواقف الوقف عن يده: في قبل اقباض الواقف الوقف إلى الموقوف عليهم فعليه فلا معنى للقول بعدم جواز الرجوع في الصدقات التي يراد منها الوقف، لأن القبض إن لم يكن شرطا في الصحة، و لا جزء السبب فلا أقلّ من كونه شرطا في اللزوم:

ص: 121

من معونتهم (1)، و التقرب (2) إلى اللّه بصلتهم.

أو يكون تغيير الشرط في الموقوف أعود عليهم و أنفع لهم من تركه على حاله (3).

و إذا أخرج الواقف الوقف عن يده إلى من وقف عليه لم يجز له الرجوع في شيء منه، و لا تغيير شرائطه، و لا نقله عن وجوهه و سبله.

و في اشتراط الواقف في الوقف أنه متى احتاج إليه في حياته، لفقر كان له بيعه، و صرف ثمنه في مصالحه جاز له فعل ذلك.

+++++++++++

(1) كالارتداد من الاسلام العياذ باللّه، فانه مانع شرعا عن مساعدته من الوقف الذي اوقف عليه.

(2) بالنصب عطفا على قوله: يمنع الشرع أي إلا أن يحدث الموقوف عليهم ما يمنع التقرب إلى اللّه بالاحسان إليهم، إذ الارتداد لا يجتمع مع قصد القربة إلى اللّه عزّ و جلّ .

(3) خذ لذلك مثالا:

أوقف زيد أرضا زراعية على طلاب مدرسة دينية معينة و كانت الأرض خارج المدينة بخمسة كيلومترات مثلا فاتسعت المدينة اتساعا فاحشا بحيث صارت الأرض في قلبها فسقطت عن الزراعة، لانسداد مجاري سقيها، أو لمنع الحكومة عن الزراعة فيها، حفاظا على صحة سكانها.

فلو بقيت الأرض مهملة و بلا زراعة لسقطت عن الانتفاع

و لكن لو ابدلت بحوانيت، و شقق للسكنى لانتفع بها الموقوف عليهم انتفاعا زائدا أكثر مما انتفعوا منها لو كانت زراعية، ففي هذه الصورة يجوز تغيير شرط الوقف و هي الزراعة، و تبدلها إلى الحانوت

ص: 122

و ليس لأرباب الوقف بعد وفاة الواقف أن يتصرفوا فيه ببيع و لا هبة، و لا أن يغيروا شيئا من شروطه.

إلا أن يخرب الوقف، و لا يوجد من يراعيه بعمارة من سلطان، أو غيره أو يحصل (1)، بحيث لا يجدي نفعا فلهم حينئذ بيعه و الانتفاع بثمنه

و كذلك (2) إن حصلت لهم ضرورة إلى ثمنه كان لهم حله، و لا يجوز ذلك (3) مع عدم ما ذكرناه من الأسباب و الضرورات، انتهى كلامه (4)

و قد استفاد (5) من هذا الكلام في غاية المراد جواز بيع الوقف في خمسة مواضع، و ضم صورة جواز الرجوع، و جواز تغير الشرط (6) إلى المواضع الثلاثة المذكورة (7) بعد وصول الموقوف إلى الموقوف

+++++++++++

(1) أي يحصل من يراعي الوقف، و يوجد من يداريه بعمارة:

من سلطان، أو غيره، لكن تعميره لا يجدي نفعا.

(2) أي و كذلك يجوز بيع الوقف إن اقتضت ضرورة إلى بيعه.

(3) أي بيع الوقف من دون ما ذكرناه من الأسباب المذكورة:

من خراب الوقف، و عدم وجدان من يراعيه بتعميره، أو وجدانه لكنه لا ينفع، ففي غير هذه الموارد لا يجوز بيع الوقف.

لكنه لا ينفع، ففي غير هذه الموارد لا يجوز بيع الوقف.

(4) أي كلام شيخنا المفيد قدس سره في المقنعة.

(5) أي شيخنا الشهيد الأول قدس سره من كلام شيخ الأمة الشيخ المفيد قدس سره في كتابه غاية المراد الذي هو شرح للارشاد و هو للعلامة

(6) و هاتان الصورتان قد ذكرهما شيخنا المفيد قبل إقباض الواقف الوقف إلى الموقوف عليهم، و قبل تسليمه لهم و تسلمهم له.

(7) و هي: خراب الوقف، و عدم وجدان من يقوم بعمارته.

و وجدان من يقوم بعمارته، لكن تعميره لا ينفع.

و حصول ضرورة تقتضي الاحتياج إلى ثمنه. -

ص: 123

عليهم، و وفاة الواقف، فلاحظ و تأمل.

ثم إن العلامة ذكر في التحرير أن قول المفيد بأنه لا يجوز الرجوع في الوقف إلا أن يحدث إلى قوله: أنفع لهم من تركه على حاله: متأول

و لعله (1) من شدة مخالفته للقواعد لم يرتض بظاهره للمفيد.

كلام السيد المرتضى قدس سره

و قال (2) في الانتصار على ما حكي عنه:

و مما انفردت الامامية به القول بأن الوقف متى حصل له الخراب بحيث لا يجدي نفعا جاز لمن هو وقف عليه بيعه، و الانتفاع بثمنه و أن أرباب الوقف متى دعتهم ضرورة شديدة إلى ثمنه جاز لهم بيعه و لا يجوز لهم ذلك مع فقد الضرورة.

ثم احتج (3) باتفاق الامامية

+++++++++++

- فهذه صور ثلاث ذكرها الشيخ عن شيخنا المفيد بقوله في ص 123:

إلا أن يخرب الوقف و لا يوجد من يراعيه.

أو يحصل بحيث لا يجدي.

و كذلك إن حصلت ضرورة إلى ثمنه.

فهذه الصور الثلاث بعد وصول الوقف إلى الموقوف عليهم تضم إلى الصورتين المذكورتين في الهامش 6 ص 123 قبل وصول الوقف إلى الموقوف عليهم تكون خمسة صور.

(1) أي و لعل حكم العلامة بتأويل كلام شيخنا المفيد لأجل شدة مخالفة حكم شيخنا المفيد بجواز بيع الوقف في الصور الخمسة المذكورة للقواعد الفقهية: و هي الأخبار المشار إليها في ص 97-98

(2) أي السيد المرتضى علم الهدى.

(3) أي السيد المرتضى احتج على جواز بيع الوقف عند خراب الوقف بحيث لا يجدي.

ص: 124

ثم ذكر (1) خلاف ابن الجنيد و رده (2) بكونه مسبوقا ملحقا بالاجماع، و أنه (3) إنما عوّل في ذلك على ظنون له و حسان و أخبار شاذة لا يلتفت إلى مثلها، انتهى (4).

ثم قال (5): و أما إذا صار الوقف بحيث لا يجدي نفعا أو دعت أربابه الضرورة إلى ثمنه، لشدة فقرهم فالأحوط ما ذكرناه: من جواز بيعه، لأنه إنما جعل لمنافعهم فاذا بطلت منافعهم منه فقد انتقض الغرض عنه و لو لم تبق منفعته فيه إلا من الوجه الذي ذكرناه انتهى (6).

كلام الشيخ الطوسي في المبسوط

و قال في المبسوط: و إنما يملك الموقوف عليه بيعه على وجه عندنا:

+++++++++++

(1) أي السيد المرتضى علم الهدى قدس سره ذكر مخالفة ابن الجنيد في عدم جواز بيع الوقف حتى و لو آل إلى الخراب.

(2) أي ورد السيد المرتضى علم الهدى ابن الجنيد: بأن مخالفة ابن الجنيد للامامية مسبوقة بالاجماع القائم من الامامية على جواز بيع الوقف في صورة خرابه، و عدم الانتفاع به أصلا.

فمثل هذا الخلاف لا يعتنى به، لكون الاجماع سابقا عليه، و الخلاف لاحقا بالاجماع.

و الباء في بكونه بيان لرد السيد لابن الجنيد.

(3) هذا كلام السيد المرتضى علم الهدى أي و أن ابن الجنيد إنما اعتمد على خلافه للاجماع.

(4) أي ما أفاده السيد المرتضى علم الهدى في كتابه (الانتصار).

(5) أي السيد المرتضى علم الهدى في كتابه الانتصار.

(6) أي ما أفاده السيد المرتضى علم الهدى في موضع آخر من كتابه (الانتصار).

ص: 125

و هو أنه إذا خيف على الوقف الخراب، أو كان بأربابه حاجة شديدة و لا يقدرون على القيام به (1) فحينئذ يجوز لهم بيعه، و مع عدم ذلك (2) لا يجوز بيعه، انتهى (3) ثم احتج (4) على ذلك بالأخبار.

قال سلار فيما حكي عنه:

و قال سلار فيما حكي عنه: و لا يخلو الحال في الوقف و الموقوف عليهم من أن يبقى و يبقوا على الحال التي وقف فيها، أو تغير الحال.

فان لم يتغير الحال فلا يجوز بيع الموقوف عليهم الوقف، و لا هبته و لا تغير شيء من أحواله.

و إن تغير الحال في الوقف حتى لا ينتفع به على أي وجه كان أو لحقت الموقوف عليهم حاجة شديدة جاز بيعه، و صرف ثمنه فيما هو أنفع لهم، انتهى (5).

و قال ابن زهرة قدس سره في الغنية على ما حكي عنه -:

و قال (6) في الغنية على ما حكي عنه: و يجوز عندنا بيع الوقف للموقوف عليه إذا صار بحيث لا يجدي نفعا و خيف خرابه أو كانت بأربابه حاجة شديدة دعتهم الضرورة إلى بيعه بدليل اجماع الطائفة و لأن غرض الواقف انتفاع الموقوف عليه فاذا لم تبق له منفعة إلا على الوجه

+++++++++++

(1) أي بالوقف: من حيث ادارته، و إبقائه، و تعميره مثلا.

(2) أي عدم الخوف من خراب الوقف، أو عدم احتياج أرباب الوقف.

(3) أي ما أفاده شيخ الطائفة في المبسوط.

(4) أي شيخ الطائفة على جواز بيع الوقف بالشروط المذكورة بالأخبار التي يأتي الاشارة إليها.

(5) أي ما أفاده شيخنا السلار فيما حكي عنه.

(6) أي السيد أبو المكارم ابن زهرة.

ص: 126

الذي ذكرنا جاز، انتهى (1).

و قال ابن حمزة قدس سره في الوسيلة:

و قال في الوسيلة: و لا يجوز بيعه يعني الوقف إلا بأحد شرطين:

الخوف من خرابه، أو حاجة بالموقوف عليه شديدة لا يمكنه معها القيام به، انتهى (2).

و قال الراوندي في فقه القرآن على ما حكي عنه:

و قال الراوندي في فقه القرآن على ما حكي عنه: و انما يملك بيعه (3) على وجه عندنا: و هو إذا خيف على الوقف الخراب أو كانت بأربابه حاجة شديدة (4).

كلمات ابن سعيد في الجامع و النزهة

و قال (5) في الجامع على ما حكي عنه: فان خيف خرابه أو كان بهم حاجة شديدة، أو خيف وقوع فتنة لهم تستباح بها الأنفس جاز بيعه، انتهى (6).

و عن النزهة لا يجوز بيع الوقف إلا أن يخاف هلاكه، أو تؤدي المنازعة فيه بين أربابه إلى ضرر عظيم، أو يكون فيهم حاجة عظيمة شديدة، و يكون بيع الوقف أصلح لهم، انتهى (7).

و قال المحقق قدس سره في الشرائع:

و قال في الشرائع: و لا يصح بيع الوقف ما لم يؤد بقاؤه إلى خرابه لخلف بين أربابه، و يكون البيع أعود.

+++++++++++

(1) أي السيد ابن زهرة في الغنية.

(2) أي ما أفاده في الوسيلة.

(3) أي بيع الوقف.

(4) راجع (فقه القرآن) الطبعة الجديدة مطبعة الآداب النجف الأشرف ص 29

(5) أي المحقق الكركي قال في جامع المقاصد.

(6) أي ما افاده صاحب جامع المقاصد هناك.

(7) أي ما افاده في النزهة.

ص: 127

و قال (1) في كتاب الوقف: و لو وقع بين الموقوف عليهم خلف بحيث يخشى خرابه جاز بيعه، و لو لم يقع خلف و لا خشي خرابه، بل كان البيع أنفع لهم قيل: يجوز بيعه، و الوجه (2) المنع، انتهى (3).

و مثل عبارة الشرائع في كتاب البيع و الوقف عبارة القواعد في الكتابين (4).

كلام العلامة في التحرير و الإرشاد و التذكرة

و قال (5) في التحرير: لا يجوز بيع الوقف بحال، و لو انهدمت الدار لم تخرج العرصة عن الوقف، و لم يجز بيعها.

و لو وقع خلف بين أرباب الوقف: بحيث يخشى خرابه جاز بيعه على ما رواه أصحابنا.

ثم ذكر (6) كلام ابن ادريس و فتواه على المنع مطلقا (7) و تنزيله (8) قول بعض الأصحاب بالجواز على المنقطع، و نفيه الخلاف على المنع في المؤبد.

ثم قال (9): و لو قيل بجواز البيع إذا ذهبت منافعه بالكلية كدار

+++++++++++

(1) أي المحقق الحلي في الشرائع.

(2) هذا رأي المحقق في بيع الوقف.

(3) أي ما افاده في الشرائع.

(4) أي في كتاب البيع و الوقف.

(5) أي العلامة.

(6) أي العلامة في التحرير.

(7) أي سواء آل الوقف إلى الخراب أم لا، و سواء وقع خلف بين أرباب الوقف أم لا.

(8) أي و حمل ابن ادريس فتوى بعض فقهاء الامامية بجواز بيع الوقف

(9) أي العلامة.

ص: 128

انهدمت و عادت مواتا و لم يتمكن من عمارتها، و يشترى بثمنه ما يكون وقفا كان وجها، انتهى (1).

و قال (2) في بيع التحرير: و لا يجوز بيع الوقف ما دام عامرا

و لو ادى بقاؤه إلى خرابه جاز، و كذا يباع لو خشي وقوع فتنة بين أربابه مع بقائه على الوقف، انتهى (3).

و عن بيع الارشاد (4): لا يصح بيع الوقف إلا أن يخرب، أو يؤدي الى الخلف بين أربابه على راي.

و عنه (5) في باب الوقف: لا يصح بيع الوقف، إلا أن يقع بين الموقوف عليهم خلف يخشى به الخراب.

و قال في التذكرة (6) في كتاب الوقف على ما حكي عنه: و الوجه أن يقال:

يجوز بيع الوقف مع خرابه، و عدم التمكن من عمارته، أو خوف فتنة بين أربابه يحصل باعتبارها (7) فساد، انتهى (8).

و قال (9) في كتاب البيع: لا يصح بيع الوقف، لنقص الملك فيه

+++++++++++

(1) أي ما افاده العلامة في التحرير حول جواز بيع الوقف، و عدمه

(2) أي العلامة قدس سره.

(3) أي ما افاده العلامة في التحرير في هذا المقام.

(4) كتاب للعلامة قدس سره.

(5) أي و عن كتاب الارشاد.

(6) أي العلامة في كتاب الوقف من الارشاد.

(7) أي بسبب هذه الفتنة الواقعة بين أصحاب الوقف.

(8) أي ما أفاده العلامة في كتاب الوقف من الارشاد.

(9) أي العلامة قدس سره في التذكرة.

ص: 129

إذ القصد منه (1) التأبيد.

نعم لو كان بيعه أعود عليهم، لوقوع خلف بين أربابه، و خشي تلفه، أو ظهور فتنة بسببه (2) جوز أكثر علمائنا بيعه، انتهى (3).

كلمات الشهيد في غاية المراد و الدروس و اللمعة

و قال (4) في غاية المراد: يجوز بيعه (5) في موضعين:

خوف الفساد بالاختلاف.

و إذا كان البيع أعود مع الحاجة.

و قال (6) في الدروس: لا يجوز بيع الوقف إلا إذا خيف من خرابه، أو خلف أربابه المؤدي إلى فساده (7).

و قال (8) في اللمعة: لو ادى بقاؤه إلى خرابه، لخلف أربابه فالمشهور الجواز (9)، انتهى (10).

+++++++++++

(1) أي القصد من الوقف الأبدية: بمعنى بقاؤه إلى أن يرث اللّه الأرض و من عليها.

(2) أي بسبب الخلف الواقع بين أصحاب الوقف.

(3) أي ما افاده العلامة في كتاب البيع.

(4) أي الشهيد الأول.

(5) أي بيع الوقف.

(6) أي الشهيد الأول.

(7) أي الى فساد البيع و تلفه.

(8) أي الشهيد الأول.

(9) أي جواز بيع الوقف.

(10) أي ما افاده الشهيد الأول.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 3 ص 254

ص: 130

كلام الصيمري

و قال في تلخيص (1) الخلاف على ما حكي عنه: إن لأصحابنا في بيع الوقف أقوالا متعددة أشهرها جوازه إذا وقع بين أربابه خلف و فتنة، و خشي خرابه، و لا يمكن سد الفتنة بدون بيعه، و هو (2) قول الشيخين، و اختاره نجم الدين و العلامة، انتهى (3).

كلام الفاضل المقداد قدس سره

و قال (4) في التنقيح على ما حكي عنه: إذا آل الوقف الى الخراب لأجل الاختلاف بحيث لا ينتفع به أصلا جاز بيعه.

و عن تعليق الارشاد: يجوز بيعه إذا كان فساد تستباح فيه الأنفس.

كلام الفاضل القطيفي

و عن إيضاح النافع: أنه جوّز بيعه إذا اختلف أربابه اختلافا يخاف معه القتال، و نهب الأموال و لم يندفع إلا بالبيع.

قال: فلو امكن زواله و لو بحاكم الجور لم يجز، و لا اعتبار بخشية الخراب و عدمه، انتهى (5).

و مثله الكلام المحكي عن تعليقه على الشرائع.

كلام المحقق الثاني

و قال في جامع المقاصد بعد نسبة ما في عبارة القواعد الى موافقة

+++++++++++

(1) تلخيص الخلاف للشيخ مفلح بن الحسن بن رشد بن صلاح الصيمري.

يأتي شرح المؤلف و الكتاب في (أعلام المكاسب).

(2) هذا قول صاحب تلخيص الخلاف.

و المراد من الشيخين: الشيخ المفيد، و الشيخ الطوسي قدس سرهما

(3) أي ما افاده صاحب التلخيص في التلخيص.

(4) أي المحقق قال في التنقيح الرابع:

التنقيح الرابع من المختصر النافع للمحقق الحلي قدس سره.

يأتي شرح المؤلف و الكتاب في (أعلام المكاسب).

(5) أي ما افاده في إيضاح النافع.

ص: 131

الأكثر: إن المعتمد جواز بيعه في ثلاثة مواضع.

(أحدها): اذا خرب و اضمحل بحيث لا ينتفع به كحصر المسجد اذا اندرست، و جذعه اذا انكسر.

(ثانيها): اذا حصل خلف بين أربابه يخاف منه تلف الأموال.

و مستنده صحيحة علي بن مهزيار (1).

و يشترى (2) بثمنه في الموضعين ما يكون وقفا على وجه يندفع به الخلف، تحصيلا لمطلوب الواقف بحسب الامكان، و يتولى ذلك الناظر الخاص إن كان (3)، و إلا فالحاكم.

(ثالثها): اذا لحقت بالموقوف عليه حاجة شديدة و لم يكن ما يكفيهم:

من غلة، و غيرها، لرواية جعفر بن حنان عن الصادق عليه السلام (4)

انتهى (5) كلامه رفع مقامه.

كلام الشهيد الثاني

و قال في الروضة: و الأقوى في المسألة ما دلت عليه صحيحة علي بن مهزيار عن ابي جعفر الجواد عليه السلام: من جواز بيعه اذا وقع بين أربابه خلف شديد، و علّله (6) عليه السلام: بأنه ربما جاء فيه تلف الأموال و النفوس.

+++++++++++

(1) راجع (وسائل الشيعة): الجزء 13. ص 305. الباب 6 الحديث 6.

(2) هذا كلام صاحب جامع المقاصد أي يشترى بثمن الوقف المبيع في الموضع الأول، و الثاني من جواز بيع الوقف.

(3) أي إن كان عينه الواقف.

(4) راجع (المصدر نفسه): ص 306. الحديث 8.

(5) أي ما افاده المحقق الكركي في جامع المقاصد.

(6) أي الامام الجواد عليه السلام علّل جواز بيع الوقف.

ص: 132

و ظاهره (1) أن خوف ادائه (2) إليهما، أو الى احدهما ليس بشرط، بل هو (3) مظنة لذلك.

قال (4): و لا يجوز بيعه في غير ما ذكرنا (5) و إن احتاج إليه أرباب الوقف و لم تكفهم غلته، أو كان أعود، أو غير ذلك مما قيل لعدم دليل صالح عليه (6)، انتهى (7).

و نحوه ما عن الكفاية، هذه جملة من كلماتهم المرئية، أو المحكية.

و الظاهر: أن المراد بتأدية بقاء الوقف الى خرابه حصول الظن

+++++++++++

(1) هذا كلام شيخنا الشهيد الثاني أي و ظاهر تعليل الامام عليه السلام بأنه ربما جاء فيه تلف الأموال و الأنفس سبب لجواز بيع الوقف.

لكن الأمر ليس كذلك، فان أداء الخلف الى تلف الأموال و الأنفس، أو الى احدهما ليس شرطا لجواز البيع.

بل الادّاء الى ذلك مظنة للجواز.

و لا يخفى أن تعليله عليه السلام صريح في كونه سببا لجواز بيع الوقف فلا مجال لما افاده شيخنا الشهيد الثاني.

(2) أي أداء الخلف الى تلف الأموال و الأنفس كما علمت.

(3) أي الخلف مظنة لجواز بيع الوقف.

(4) أي الشهيد الثاني في الروضة.

(5) و هو أداء الخلف الى تلف الأموال و الأنفس.

(6) أي على جواز بيع الوقف.

(7) أي ما افاده الشهيد الثاني قدس سره في الروضة.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 3 ص 255

ص: 133

بذلك الموجب لصدق الخوف، لا التأدية على وجه القطع فيكون عنوان التأدية في بعض تلك العبارات متحدا مع عنوان خوفها، و خشيتها في بعضها الآخر، و لذلك (1) عبّر فقيه واحد تارة بهذا (2)، و اخرى بذاك (3) كما اتفق للفاضلين و الشهيد.

و نسب بعضهم عنوان الخوف الى الأكثر كالعلامة في التذكرة و الى الأشهر كما عن إيضاح النافع.

و آخر (4) عنوان التأدية الى الأكثر كجامع المقاصد، أو الى المشهور كاللمعة (5).

فظهر من ذلك (6) أن جواز البيع بظن تادية بقائه الى خرابه مما تحققت فيه الشهرة بين المجوزين.

+++++++++++

(1) أي و لأجل أن عنوان التأدية في بعض تلك العبارات متحدا مع عنوان خوفها و خشيتها في بعض العبارات الأخر عبّر فقيه واحد تارة بهذا أي بالعنوان الأول: و هو تأدية بقاء الخوف الى خرابه.

و اخرى بذاك أي بالعنوان الثاني: و هو خوف التأدية و خشيتها الى خراب الوقف.

(2) أي بالعنوان الأول كما عرفت.

(3) أي بالعنوان الثاني كما عرفت.

(4) أي و نسب آخر من الفقهاء أداء الوقف الى الخراب.

(5) حيث قال الشهيد فيها: لو ادّى بقاؤه الى خرابه، لخلف بين اربابه فالمشهور الجواز.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 254.

(6) اي من كلمات الفقهاء التي نقلناها لك آنفا.

ص: 134

لكن المتيقن من فتوى المشهور ما كان (1) من اجل اختلاف أربابه

اللهم (2) إلا أن يستظهر من كلماتهم كالنص (3) كون الاختلاف من باب المقدمة، و أن الغاية المجوّزة هي مظنة الخراب.

فيقع الكلام تارة في الوقف المؤبد و أخرى في المنقطع.
اشارة

إذا عرفت ما ذكرنا (4) فيقع الكلام.

(تارة) في الوقف المؤبد.

(و اخرى) في المنقطع.

الوقف المؤبّد
اشارة

أما الأول فالذي ينبغي أن يقال فيه:

إن الوقف على قسمين:
اشارة

إن الوقف على قسمين:

+++++++++++

(1) اي المسلّم من فتاوى الفقهاء التي نقلناها لك في جواز بيع الوقف هو الجواز المتولد من الاختلاف الحاصل بين الموقوف عليهم.

(2) استثناء عما افاده: من أن جواز بيع الوقف لأجل الاختلاف الحاصل من أربابه يروم به العدول عما افاده.

و خلاصته: أنه يمكن أن يقال: إن المستظهر من كلمات الفقهاء أن الخلاف الحاصل بين الأرباب مقدمة لجواز بيع الوقف، لا غاية له و إنما الغاية هي مظنة الخراب، فاذا ادّى الخلاف الى الخراب جاز بيع الوقف، و إلا فلا.

فالحاصل: أن مجرد الخلاف لا يكون موجبا لجواز البيع.

بل الخلاف المتولّد منه الخراب.

(3) اي كما أن النص الوارد في جواز بيع الوقف كصحيحة علي بن مهزيار المشار إليها في ص 132 صريحة في كون جواز بيع الوقف لأجل الخلاف الحاصل بين أرباب الوقف في قوله عليه السلام:

اذا وقع بين أربابه خلف شديد.

(4) اي من الأقوال التي ذكرناها من الفقهاء حول جواز بيع الوقف، و منشأ الجواز.

ص: 135

احدهما: ما يكون ملكا للموقوف عليهم

(احدهما): ما يكون ملكا للموقوف عليهم فيملكون منفعته فلهم استئجاره، و اخذ اجرته ممن انتفع به بغير حق.

الثاني ما لا يكون ملكا لأحد

(و الثاني) ما لا يكون ملكا لأحد، بل يكون فك ملك نظير التحرير كما في المساجد و المدارس، و الربط (1)، بناء على القول بعدم دخولها في ملك المسلمين كما هو مذهب جماعة، فان الموقوف عليهم إنما يملكون الانتفاع، دون المنفعة، فلو سكنه أحد بغير حق فالظاهر أنه ليس عليه أجرة المثل.

الظاهر أن محل الكلام في بيع الوقف إنما هو القسم الأول.

و الظاهر أن محل الكلام في بيع الوقف إنما هو القسم الأول.

و أما الثاني فالظاهر عدم الخلاف في عدم جواز بيعه، لعدم الملك.

و بالجملة فكلامهم هنا (2) فيما كان ملكا غير طلق، لا فيما لم يكن ملكا، و حينئذ (3) فلو خرب المسجد و خربت القرية و انقطعت المارة عن الطريق الذي فيه المسجد لم يجز بيعه و صرف ثمنه في إحداث مسجد آخر، أو تعميره.

و الظاهر عدم الخلاف في ذلك (4) كما اعترف به غير واحد.

+++++++++++

(1) بضم الراء و الباء، و سكون الطاء و زان فعل جمع رباط بكسر الراء و هو المكان الذي يرابط فيه الجيش.

و يأتي للمعاهد المبنية و الموقوفة للنزال و المسافرين.

كانت تبنى هذه المعاهد لهؤلاء قربة إلى اللّه، و لا يزال قسم منها موجودا، و يأتي جمع رباط رباطات.

(2) أي في باب الوقف.

(3) أي و حين أن قلنا: إن كلام الفقهاء في باب الوقف في الوقف الذي يكون ملكا طلقا، لا في الوقف الذي لا يكون ملكا.

(4) أي في عدم جواز بيع مثل المسجد.

ص: 136

نعم ذكر بعض الأساطين (1) بعد ما ذكر: أنه (2) لا يصح بيع الارض الوقف العام مطلقا، لا لعدم (3) التمامية، بل لعدم أصل الملكية، لرجوعها (4) إلى اللّه، و دخولها في مشاعره: أمكن الانتفاع بها في الوجه الذي وضعت له أو لا.

+++++++++++

(1) و هو الشيخ جعفر كاشف الغطاء قدس سره في كتابه (كشف الغطاء) في البيع في شرائط العوضين.

(2) أن و اسمه منصوب محلا مفعول لقوله: ذكر بعض الأساطين

و خلاصة ما ذكره قدس سره هناك: أن الأرض الموقوفة وقفا عاما لا يجوز بيعها، إذ من شرائط العوضين: الثمن و المثمن كونهما ملكين طلقين تامين في الملكية: بحيث يصح لمالكهما التصرف فيهما بأي نوع من التصرف شاءا و أرادا.

و من الواضح أن الملك بالوقف خرج عن الملكية، بل أصل وجود الملكية مفقود فيه، لرجوع هذا الملك الذي اوقفه المالك إلى اللّه عزّ و جلّ ، و دخوله في مشاعره، سواء أمكن الانتفاع بهذه الأرض التي اصبحت وقفا في الوجه الذي وضعت له كجعلها مسجدا تقام الصلاة و العبادات فيه.

أم لا يمكن الانتفاع من هذه الأرض التي صارت مسجدا: بأن خربت بخراب القرية التي فيها المسجد، و انقطعت المارة عنها نهائيا.

(3) تعليل لعدم جواز بيع الوقف و قد عرفته عند قولنا آنفا:

و من الواضح أن الملك.

(4) تعليل لعدم وجود أصل الملكية في الوقف أي لرجوع الارض الوقف.

و قد عرفت التعليل آنفا عند قولنا: لرجوع هذا الملك.

ص: 137

و مع (1) اليأس من الانتفاع بالجهة المقصودة تؤجر للزراعة و نحوها مع (2) المحافظة على الآداب اللازمة لها إن كانت مسجدا مثلا و إحكام (3) السجلات

+++++++++++

(1) هذا من جملة كلام الشيخ كاشف الغطاء حول عدم جواز بيع الوقف.

و خلاصته: أنه عند اليأس عن الانتفاع بالأرض الوقف التي كانت مسجدا ثم خرب المسجد بخراب القرية و انقطعت المارة عن القرية و اصبح المسجد عرصة غير قابلة للجهة التي بنيت لها: و هي العبادة و الصلاة: تؤجر هذه الأرض للزراعة، و نحو الزراعة: بأن تجعل حانوتا يباع فيه السجاد، أو تجعل مخزنا للسلع و الأمتعة.

(2) قيد لجواز ايجار أرض المسجد الذي خرب للزراعة و نحوها أي الجواز لما ذكر مقيد بقيد الحفاظ على الآداب اللازمة لهذه الأرض الزراعية التي كانت في الأصل مسجدا و خرب بخراب القرية: بأن يلتزم بالآثار المترتبة على المسجد: بعدم جواز تنجيسه، و بوجوب إزالة النجاسة عنه إذا كانت فيه، و عدم دخول الجنب فيه إلا بالتيمم و عدم دخول المشركين و إدخالهم فيه.

(3) هذا من جملة كلام الشيخ كاشف الغطاء قدس سره حول جواز بيع أرض المسجد للزراعة و نحوها بعد خراب المسجد، و هو مجرور عطفا على مجرور على في قوله: على الآداب اللازمة أي و مع المحافظة على إحكام و تثبيت و قفية هذه الأرض الزراعية بكتابتها في ورقة خاصة يعبر عنها ب: (السجل).

و السجلات جمع سجل بكسر السين و الجيم و اللام المشددة في المفرد و الجمع. -

ص: 138

لئلا (1) تغلب اليد

+++++++++++

- و السجل عبارة عن ورقة كبيرة من نوع القرطاس العال تكتب فيها بخط جيد جدا ملكية الدور و البساتين، و الحوانيت، و المحلات و الأراضي الزراعية، و غيرها: من بقية الأملاك.

و كذا تكتب فيها وقفية المساجد، و المدارس الدينية التي يسكنها طلاب العلوم الدينية، و الحسينيات و الرباطات.

و كانت هذه الأوراق تختم بختوم العلماء و الثقات، و الرجال البارزين من ذوي الجاه و الشرف حتى لا ينكر بيعها و شراؤها، و وقفيتها.

و كانت هذه السجلات متعارفة من عهد قديم إلى قبل خمسين عاما حتى جاءت مكانها أوراق (الطابو) من قبل الحكومات، لتسجل فيها ملكية ما ذكرناه.

(فالشيخ كاشف الغطاء) قدس سره يقول: إذا خرب مسجد المدينة، أو القرية بخرابهما، و انقطعت المارة عنهما نهائيا، و أصبح المسجد عرصة لا يستفاد منها بالجهة المقصودة جاز ايجارها للزراعة و نحو الزراعة مما ذكرناه آنفا.

لكن الجواز مشروط بشرطين:

(احدهما): المحافظة على آداب المسجد كما ذكرناها لك عند قولنا في ص 138: بأن يلتزم بالآثار المترتبة على المسجد.

(ثانيهما) تسجيل وقفيتها في ورقة خاصة و تختيمها بختوم العلماء و الثقات كما ذكرناها لك آنفا.

(1) تعليل لاحكام السجلات:

أي الغاية من هذا الاحكام و التسجيل هو الحفاظ على الوقفية حتى لا تستولي عليها الأيادي الغاشمة الأثيمة فتستملكها، أو لا يصرف -

ص: 139

..........

+++++++++++

- ثمن هذه الأرض الزراعية في سبيل وقفيتها حسبها.

و قد استملكت كثير من هذه الأوقاف، و استولت عليها الأيدي الأثيمة من أحفاد الواقفين، و المتولين عليها في كثير من البلاد الاسلامية

و كم شاهدنا و سمعنا من الثقات تسجيل كثير من هذه الأوقاف باسمهم، و استملاكها إلى أن جاءت وزارة الأوقاف و وضعت اليد على بقايا تلك الأوقاف و انتزعتها من أيديهم فأخذت في تعميرها و تسديد أرباحها و منافعها و قد بنت عمارات شامخات ذات طوابق عاليات.

و في زماننا هذا وضعت الحكومات ادارة خاصة لتسجيل الأملاك تسمّى ب (ادارة الطابو):

و هي ادارة رسمية كبيرة مهمة و منظمة جدا لا يمكن لأحد استعمال أي تزوير و تزييف في (ورقة الطابو).

و الذي يسهل الخطب أنه ببركة هذه الادارة الرسمية تسجل الأوقاف الخاصة التي عين فيها المتولون عليها ظهرا بعد ظهر، و بطنا بعد بطن في (ادارة الطابو).

فتبقى مصونة و محفوظة عن الاغتصاب في الاستملاك إن شاء اللّه تبارك و تعالى.

و نحن بحمد اللّه تبارك و تعالى شاكرين له هذه النعمة العظمى بعد تكميل بناء هذه المؤسسة (جامعة النجف الدينية) العامرة حتى ظهور (الحجة البالغة) عجل اللّه تعالى له الفرج سجلنا وقفيتها في ادارة (طابو النجف الأشرف) و جعلت التولية بيدي ما دمت في الحياة ثم من بعدي ظهرا بعد ظهر، و بطنا بعد بطن الى من ذكرته حسب الوقفية المذكورة -

ص: 140

فتفضي (1) بالملك.

دون الوقف المؤبد (2).

و تصرف فائدتها (3) فيما يماثلها: من الأوقاف مقدّما (4) للأقرب، و الأحوج (5)، و الأفضل (6) احتياطا.

و مع التعارض (7) فالبواقي على الترجيح.

+++++++++++

- في (ورقة الوقف) المسجلة بالطابو.

(1) أي اليد الغالبة على الوقفية فتسجل الأرض الزراعية التي كانت بالأصل مسجدا ملكا له.

(2) أي لا يجوز بيع الوقف المؤبد نهائيا.

(3) أي تصرف أرباح هذه الأرض الزراعية التي كانت في الأصل مسجدا و خرب المسجد بخراب القرية و انقطعت عنها المارة نهائيا فيما يماثل الأرض الموقوفة.

(4) حال للمتصرف أي حال كون المتصرف في الأرض الزراعية يقدم تصريف الأرباح فيما يماثل الوقف في القرب: بأن يكون المماثل أقرب إلى الوقف من المماثل غير الأقرب.

(5) أي و يقدم الأحوج في صرف أرباح الأرض الزراعية إلى الوقف عند فقدان الأقرب.

(6) أي أو يقدم صرف أرباح هذه الأرض الزراعية في الأفضل عند فقدان الأقرب و الأحوج.

(7) أي و مع تعارض هذه الأوصاف الثلاثة عند وجدانها، و تزاحم بعضها مع بعض فالمدار و المحور على الراجح.

خذ لذلك مثالا:

كان هناك شيء أقرب الى مصرف الوقف. -

ص: 141

و إن تعذر (1) صرفت إلى غير المماثل كذلك (2).

فان تعذر (3) صرفت في مصالح المسلمين.

هذا (4) حيث لا تكون الارض من المفتوحة عنوة.

+++++++++++

- و كان شيء ثان أحوج إلى مصرف الوقف.

و كان شيء ثالث أفضل إلى مصرف الوقف.

فهنا يقدم الراجح من الجهات المذكورة بنسبة بعضها مع بعض:

بأن كان الأحوج يغلب على مقدار ما في الآخر من الأقرب، و ما في الثالث من الأفضل.

هذا مع وجود الراجح و الأرجح

و أما مع تساوي الجهات المذكورة في النسبة يكون متخيرا في اختيار ما شاء من الجهات.

(1) أي إن تعذر الترجيح في صرف أرباح الأرض الزراعية في المماثل تصرف الأرباح حينئذ في غير المماثل.

(2) أي يلاحظ الأرجح في الجهات الثلاث المذكورة في صرف أرباح هذه الأرض الزراعية في غير مماثل الوقف: بأن يقدم الأقرب إلى الوقف، ثم الأحوج عند فقدانه، ثم الأفضل عند فقدانه.

و عند تعارض الجهات الثلاث فالبواقي على الترجيح كما عرفت في الهامش 7 ص 41 عند قولنا: و مع تعارض هذه الأوقاف.

(3) أي غير المماثل فتصرف أرباح هذه الأرض في مصالح المسلمين

(4) أي ما قلناه: من جواز ايجار أرض المسجد إذا خرب للزراعة و تصريف أرباحها فيما يماثل الوقف مقدّما الأقرب، و الأحوج و الأفضل، و عند فقدان المماثل إلى غير المماثل، و عند تعذر غير المماثل صرفها في مصالح المسلمين إذا لم تكن الأرض مفتوحة عنوة فتحها -

ص: 142

و أما ما كانت منها (1) فقد سبق أنها بعد زوال الآثار ترجع إلى ملك المسلمين.

و أما غير الأرض: من الآلات و الفرش و الحيوانات و ثياب الضرائح، و نحوها.

فان بقيت على حالها، و أمكن الانتفاع بها في خصوص المحل الذي أعدّت له كانت على حالها (2)، و إلا (3) جعلت في المماثل و إلا (4) ففي غيره، و إلا (5) ففي المصالح على نحو ما مرّ.

+++++++++++

- المسلمون قهرا و غلبة على الكفار.

(1) أي من الأراضي المفتوحة عنوة، فانها إذا كانت كذلك يصح للمسلمين التصرف فيها و بيعها بعد زوال الآثار الموجودة فيها.

ففيما نحن فيه: و هو المسجد لما خرب و ذهبت آثاره بحيث لم يبق من البناء سوى العرصة و كانت من الأراضي المفتوحة عنوة ترجع إلى المسلمين.

(2) أي تبقى هذه الآلات على حالها، و على ما هي عليها: من دون أن تباع، أو تؤجر، لامكان الانتفاع بها على ما هي عليها.

(3) أي و إن لم يمكن الانتفاع بالآلات و الفرش، و ثياب الضرائح على ما هي عليها صرفت في المماثل للوقف.

(4) أي و إن لم يمكن صرف هذه الآلات و الفرش في المماثل إلى الوقف فتصرف في غير المماثل الى الوقف.

(5) أي و إن لم يمكن صرف هذه الآلات، و ثياب الضرائح في غير المماثل فتصرف في مصالح المسلمين مقدّما الأقرب الى الوقف على غيره، ثم الأحوج على غيره عند فقدان الأقرب ثم الأفضل الى الأقرب عند فقدان الأحوج، و مع تعارض الأوصاف فكما -

ص: 143

و إن تعذر الانتفاع بها (1) باقية (2) على حالها بالوجه المقصود منها: أو ما قام مقامه اشبهت في أمر الوقف الملك بعد اعراض المالك فيقوم فيها (3) احتمال (4) الرجوع الى حكم الاباحة، و العود (5) ملكا للمسلمين تصرف في مصالحهم، و العود (6) الى المالك الأول و مع اليأس عن معرفته (7) يدخل في مجهول المالك (8).

و يحتمل (9) بقاؤها على الوقف و تباع، احترازا (10) عن التلف

+++++++++++

- قلناه في الهامش 7 من ص 141

(1) أي بهذه الآلات و الفرش، و ثياب الضرائح.

(2) حال للآلات، و ثياب الضرائح أي حال كون الآلات و ثياب الضرائح باقية على حالها يتعذر الانتفاع بها.

(3) أي يأتي في هذه الآلات في صورة عدم الانتفاع منها في الجهة الموقوف عليها احتمالات أربعة:

(4) هذا هو الاحتمال الأول.

(5) هذا هو الاحتمال الثاني.

(6) هذا هو الاحتمال الثالث.

(7) أي عن معرفة المالك الأول الذي أوقف هذه الآلات و الفرش، و الثياب.

(8) فيكون أمر هذه الآلات و الفرش، و الثياب حين الجهل بمالكها الأول بيد الحاكم الشرعي.

(9) هذا هو الاحتمال الرابع أي ابقاء الآلات و الثياب.

(10) تعليل لبيع الآلات، و الثياب أي إنما تباع هذه حفظا عن الضياع و التلف، و الضرر، لأنه إذا لم تبع تتلف شيئا فشيئا أو تحترق دفعة فيتوجه الضرر على هذه الأموال.

ص: 144

و الضرر، و لزوم (1) الحرج، و يصرف (2) مرتبا على النحو السابق (3)

و لعل هذا (4) هو الأقوى كما صرح به (5) بعضهم، انتهى (6).

و فيه (7) أن (8) اجارة الأرض، و بيع الآلات حسن لو ثبت

+++++++++++

(1) بالجر عطفا على مجرور (عن الجارة) في قوله: احترازا عن التلف أي و لأجل الاحتراز عن لزوم الحرج لو لم تبع هذه الآلات، و الثياب، فانه لو لم تبع هذه و تبقى على ما هى عليها يلزم في الاحتفاظ عليها الحرج على محافظيها، لاحتياج مثل هذا الحفاظ على صرف الأموال، و الزمان، و المكان، و الايصاء إلى انتقالها يدا بيد

(2) أي ثمن هذه الآلات و الثياب.

(3) من تقديم الأقرب إلى الوقف على غيره، ثم الأحوج إلى الوقف على غيره عند فقدان الأقرب، ثم الأفضل إلى الوقف عند فقدان الأحوج.

و عند تعارض الجهات الثلاث فالبواقي على الترجيح كما اشرنا إليه في الهامش 7 ص 141

(4) هذا رأي (الشيخ جعفر كاشف الغطاء).

أي احتمال بقاء الآلات، و الثياب على الوقفية و أنها تباع، احترازا عن التلف و الضرر، و لزوم الحرج هو أقوى الاحتمالات الأربعة.

(5) أي بالاحتمال الرابع.

(6) أي ما افاده كاشف الغطاء في شرحه على القواعد في كتاب البيع في شروط العوضين في قوله: و يشترط في الملك التمامية.

(7) أي و فيما افاده بعض الأساطين و هو الشيخ كاشف الغطاء نظر و إشكال.

(8) هذا وجه النظر.

ص: 145

دليل على كونها (1) ملكا للمسلمين و لو على نحو الأرض المفتوحة عنوة.

لكنه (2) غير ثابت، و المتيقن خروجها (3) عن ملك مالكها

أما دخولها (4) في ملك المسلمين فمنفي بالأصل.

نعم يمكن الحكم باباحة الانتفاع (5) للمسلمين، لأصالة الاباحة (6) و لا يتعلق عليهم اجرة.

+++++++++++

(1) أي كون أرض المسجد الذي أصبح خرابا بخراب القرية.

(2) أي لكن الأرض و لو على نحو المفتوحة عنوة غير ثابت أنها ملك للمسلمين.

(3) أي خروج أرض المسجد عن ملك مالكها بالوقف، فان هذا هو المسلم و المتيقن، لأن المالك بمجرد أن اوقفها فقد أخرجها عن ملكه

(4) أي دخول أرض المسجد التي صارت زراعية، و الآلات في ملك المسلمين فمنفي بالأصل الذي هو الاستصحاب، حيث إنها قبل الوقفية لم تكن ملكا لهم و بعد الوقفية و زوال المسجدية عن الأرض و عدم الانتفاع من الآلات نشك في تملكهم لها فنجري استصحاب العدم

(5) أي من الأرض، و من الآلات.

(6) يمكن أن يقال: إن أصالة الاباحة معارضة هنا باستصحاب الحرمة، حيث إن هذه الأرض التي كانت قبل الزراعة فيها مسجدا يحرم التصرف فيها لغير ما اوقفت عليه فبعد الخراب و صيرورتها أرضا زراعية نشك في التصرف فيها فنستصحب الحرمة.

و هكذا الآلات، فانها عند الانتفاع بها يحرم التصرف فيها لغير ما اوقفت عليه فبعد عروض عدم الانتفاع بها نشك في التصرف فيها فنجري الحرمة.

ص: 146

ثم إنه ربما ينافي ما ذكرنا: من (1) عدم جواز بيع القسم الثاني من الوقف ما ورد في بيع ثوب الكعبة و هبته.

مثل رواية مروان بن عبد الملك قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل اشترى من كسوة الكعبة شيئا فاقتضى ببعضه حاجته و بقي بعضه في يده هل يصلح له أن يبيع ما أراد؟

قال: يبيع ما أراد، و يهب ما لم يرد (2)، و يستنفع به و يطلب بركته.

قلت: أ يكفّن به الميت:

قال: لا (3)

قيل و في رواية اخرى: يجوز استعماله، و بيع بقيته (4).

و كذلك (5) ما ذكروه في بيع حصر المسجد إذا خلقت، و جذوعه

+++++++++++

(1) كلمة من بيان لما ذكرنا:

و المراد من القسم الثاني من الوقف هو الآلات و الفرش، و ثياب الضرائح.

(2) أي يبيع ما أراد بيعه، و يهب ما لم يرد بيعه.

(3) راجع (وسائل الشيعة): الجزء 9. ص 360. الباب 26 الحديث 3.

فالحديث هذا يدل على جواز بيع كسوة الكعبة فهو ينافي ما ذكره الشيخ: من عدم جواز بيع الآلات، و ثياب الضرائح الموقوفة عليها.

(4) راجع (المصدر نفسه): ص 356. الحديث 2.

فهذا الحديث أيضا مناف لما ذكره الشيخ: من عدم جواز بيع الآلات و ثياب الضرائح الموقوفة عليها.

(5) أي و كذلك ينافي ما ذكره الفقهاء في جواز بيع حصر -

ص: 147

إذا خرجت عن الانتفاع.

اللهم (1) إلا أن يقال: إن ثوب الكعبة، و حصر المسجد ليسا من قبيل المسجد، بل هما مبذولان للبيت و المسجد فيكون كسائر أموالهما.

و معلوم أن وقفية أموال المساجد و الكعبة من قبيل القسم الأول (2) و ليست من قبيل نفس المسجد، فهي ملك للمسلمين فللناظر العام التصرف فيه بالبيع.

نعم فرق بين ما يكون ملكا طلقا كالحصير المشترى من مال المسجد فهذا يجوز للناظر بيعه مع المصلحة و لو لم يخرج عن حيز الانتفاع (3)

+++++++++++

- المسجد إذا خلقت، و جذوعه إذا خرجت عن الانتفاع بها ما ذكره الشيخ: من عدم جواز بيع الآلات، و ثياب الضرائح.

(1) استثناء عما ذكره: من منافاة الروايتين المشار إليهما في الهامش 3-4 ص 147 الدالتين على جواز بيع كسوة الكعبة.

و منافاة قول الفقهاء في جواز بيع حصر المسجد إذا خلقت و جذوعه إذا خرجت عن الانتفاع بها لما ذكره الشيخ: من عدم جواز بيع الآلات و ثياب الضرائح إذا خرجت عن الانتفاع بها.

(2) و هو الوقف الذي حصل اليأس عن الانتفاع به كالمسجد الذي خرب بخراب القرية، و انقطاع المارة عنها رأسا و أبدا.

(3) لأن المنافع الحاصلة من أوقاف المساجد و المدارس المعدّة لمصاريفها ليست بذاتها و بشخصها أوقافا، بل الأوقاف هي اصولها فهي أملاك للموقوف عليهم: و هم المسلمون الذين يصلون في المساجد و الطلاب المقيمون في المدارس، و لا يجوز صرف هذه المنافع إلا في مصالح تلك الأوقاف، فلذا يصح اطلاق ملك الطلق عليها -

ص: 148

بل كان جديدا غير مستعمل.

و بين ما يكون من الأموال وقفا على المسجد كالحصير الذي يشتريه الرجل و يضعه في المسجد، و الثوب الذي يلبس به البيت، فمثل هذا يكون ملكا للمسلمين لا يجوز لهم تغييره عن وضعه إلا في مواضع يسوغ فيها بيع الوقف.

ثم الفرق (1) بين ثوب الكعبة، و حصير المسجد أن (2) الحصير

+++++++++++

- فهذه المنافع ليست كمنافع الأوقاف الخاصة التي يصرفها الموقوف عليهم في مصالحهم الشخصية، حيث إنها ليست ملكا طلقا لهم فلذا لا يجوز بيعها.

(1) أي الفرق بين الحصير الموقوف للمسجد، و الثوب الموقوف على الكعبة.

هذا دفع سؤال مقدر:

تقدير السؤال هكذا:

كيف تفرقون بين حصير المسجد، و ثوب الكعبة: بجواز الأول في قولك: فهذا يجوز بيعه للناظر مع المصلحة و لو لم يخرج عن حيز الانتفاع، بل و لو كان جديدا غير مستعمل.

و بعدم جواز بيع ثوب الكعبة في قولك: فمثل هذا يكون ملكا للمسلمين لا يجوز لهم تغييره عن وضعه إلا في مواضع يسوغ فيها بيع الوقف ؟

(2) هذا جواب عن السؤال المذكور:

و خلاصته: أن الحصير يمكن كونه وقفا على المسلمين، لكن بشرط وضعه في المسجد، لينتفع به في الصلاة عليه، لكون المسجد أحد وجوه انتفاع المسلمين منه. -

ص: 149

يتصور فيه كونه وقفا على المسلمين، لكن يضعه في المسجد، لأنه أحد وجوه انتفاعهم كالماء (1) المسبّل الموضوع في المسجد، فاذا خرب المسجد أو استغني عنه (2) جاز الانتفاع به و لو في مسجد آخر، بل يمكن الانتفاع به في غيره (3) و لو مع حاجته (4).

+++++++++++

- بخلاف ثوب الكعبة، فانه لا ينتفع به سوى إكساء الكعبة فلا يكون وقفا على المسلمين.

ثم لا يخفى أن المراد من الحصير الوقفي، و الثوب الوقفي هو الحصير و الثوب اللّذان اشتراهما شخص و أوقفهما على المسجد و الكعبة.

و ليس المراد منهما الحصير و الثوب الّذين اشتريا من أرباح أوقاف المسجد، و الكعبة، فان الحصير و الثوب المشترين من أرباح أوقاف المسجد و الكعبة ليسا بوقف، بل أصولهما وقف، فالأرباح ليست وقفا ذاتا.

(1) تنظير لكون حصير المسجد يتصور فيه أنه وقف على المسلمين أي الحصير كالماء المسبّل في المسجد في أنه وقف على المسلمين فيجوز التوضؤ منه و إخراجه من المسجد، أو وقف على المسجد حتى لا يجوز التوضؤ منه و لا إخراجه من المسجد.

(2) أي عن هذا الحصير الذي وقف على المسلمين، لكنه يوضع في المسجد.

(3) أي في غير هذا المسجد الذي فرش الحصير فيه و هو وقف على المسلمين.

(4) أي مع حاجة المسجد الذي وضع الحصير فيه و هو وقف على المسلمين فيجوز إخراجه منه و وضعه في مسجد آخر و لو كان المسجد المفروش فيه الحصير محتاجا إلى هذا الحصير، لأنه وقف -

ص: 150

لكن يبقى الكلام في مورد الشك مثل ما إذا فرش حصيرا في المسجد (1) أو وضع حب ماء فيه (2).

و إن كان الظاهر في الأول (3) الاختصاص، و أوضح من ذلك (4) الترب الموضوعة فيه، و في الثاني (5) العموم فيجوز التوضؤ منه و إن لم يرد الصلاة في المسجد.

+++++++++++

- على المسلمين، لا على المسجد حتى لا يجوز إخراجه منه.

(1) حيث لا يعلم أن الحصير وقف للمسلمين حتى يجوز التصرف فيه بوضعه في مسجد آخر.

أو وقف على المسجد حتى يجوز فيه التصرف المذكور.

(2) أي هكذا الماء المسبّل، حيث لا يعلم أنه وقف لنشرب فقط حتى لا يجوز التوضؤ منه.

أو وقف للعموم: من الشرب، و غيره حتى يجوز التوضؤ منه.

(3) أي الظاهر من الأول: و هو وضع الحصير في المسجد و أنه لا يدرى كيفية الوضع: اختصاص الحصير بهذا المسجد.

(4) أي و أوضح من الحصير المفروش في المسجد، و الماء المسبّل فيه الترب الموضوعة في المسجد للسجود عليها، فانها لا تعرف كيفية وقفيتها فهل أنها على المسلمين حتى يجوز الاستفادة منها لغير السجود عليها: من التيمم:

أو وقف على المسجد حتى لا يجوز سوى السجود عليها؟

(5) و هو الماء المسبّل أي قصد من هذا الماء الأعم من الشرب حتى يجوز التوضؤ منه.

ص: 151

و الحاصل أن الحصر و شبهها الموضوعة في المساجد، و شبهها (1) تتصور فيها أقسام كثيرة (2) يكون الملك فيها للمسلمين، و ليست (3) من قبيل نفس المسجد، و أضرابه، فتعرض الأصحاب لبيعها (4) لا ينافي ما ذكرناه (5).

نعم ما ذكرناه (6) لا يجري في الجذع المنكسر من جذوع المسجد

+++++++++++

(1) كالمشاهد المشرفة، و المدارس الدينية.

(2) (منها): أن يكون شراء الحصير من مال المسجد و من منافع أوقافه الجائز تبديله اختيارا.

(و منها): أن يكون الحصير وقفا على المسجد.

(و منها): أن يكون الحصير وقفا لمصالح المسلمين العامة و قد وضع في المسجد، لكونه أحد مصاديقه.

ففي هذا القسم يرى الشيخ جواز بيع الحصر الموضوعة في المسجد لأنها ملك للمسلمين.

بخلاف القسم الاول و الثاني.

و لا يخفى أن الالتزام بالملك في الأقسام الثلاثة أهون من الالتزام به في القسم الثالث فقط، لأن المسجد إذا كان له مالك فللحصير مالك و إن لم يكن له مالك فليس للحصير مالك.

(3) أي و ليست هذه الحصر و شبهها من قبيل المسجد و أضرابه حتى لا يجوز بيعها، لأنها ملك للمسلمين. بخلاف المساجد.

(4) أي لبيع الحصر و أضرابها.

(5) و هو عدم جواز بيع المسجد، فان الحصر وقف على المسلمين فلذا جاز بيعها، بخلاف المسجد، فانه ليس وقفا على المسلمين.

(6) و هو جواز بيع الحصر و شبهها لا يجري في الجذع المكسور -

ص: 152

التي هي من أجزاء البنيان.

مع أن المحكي عن العلامة و ولده و الشهيدين، و المحقق الثاني جواز بيعه (1) و إن اختلفوا (2) في تقييد الحكم، و اطلاقه كما سيجيء.

إلا أن نلتزم بالفرق بين أرض المسجد، فانّ وقفها و جعلها مسجدا فك ملك (3)، بخلاف ما عداها من أجزاء البنيان كالأخشاب و الأحجار، فانها تصير ملكا للمسلمين (4)، فتأمل (5).

و كيف كان (6) فالحكم في أرض المسجد مع خروجها عن الانتفاع بها

+++++++++++

- لأن الجذع من أجزاء البنيان.

فكما أن البنيان لا يجوز بيعه، كذلك الأجزاء لا يجوز بيعها.

(1) أي بيع الجذع.

(2) أي و إن اختلف الفقهاء في جواز بيع الجذع من حيث إنه هل هو مقيد بقيد المصلحة، أو أنه مطلق سواء وجدت المصلحة أم لا؟

فبعض قال: إن جواز بيع الجذع مقيد بوجود المصلحة فيه فاذا لم توجد لا يجوز بيعه.

و بعض قال: إن جواز بيعه مطلق و إن لم توجد المصلحة.

(3) فلا يجوز بيعه.

(4) فيجوز بيعها.

(5) لعل وجه التأمل أنه لا فرق بين كيفية الوقف تمليكا و تحريرا سواء أ كان الوقف أرض المسجد فيفيد التحرير أم بناءه و آلاته فيفيد التمليك، و لربما تكون صيغة الوقف في الجميع صيغة واحدة فكيف يمكن التفريق بين أرض المسجد، و بين بنائه و آلاته ؟

(6) أي سواء قلنا بالفرق بين أرض المسجد، و بين أجزاء بنيانه أم لم نقل بذلك.

ص: 153

راسا هو ابقاؤها مع التصرف في منافعها كما تقدم عن بعض الأساطين (1) أو بدونه.

و أما أجزاؤه كجذوع سقفه و آجره من حائطه المنهدم فمع المصلحة في صرف عينها (2) يجب صرف عينها فيه، لأن مقتضى وجوب ابقاء الوقوف و إجرائها على حسب ما يوقفها أهلها وجوب إبقائها جزءا للمسجد.

لكن لا يجب صرف المال من المكلف لمئونتها (3)، بل يصرف من مال المسجد (4)، أو بيت المال (5).

و إن لم تكن مصلحة في رده (6) جزء للمسجد فبناء على ما تقدم:

من أن الوقف في المسجد و أضرابه فك ملك لم يجز بيعه، لفرض عدم الملك.

و حينئذ (7) فان قلنا بوجوب مراعاة الأقرب إلى مقصود الواقف

+++++++++++

(1) و هو الشيخ كاشف الغطاء قدس سره، حيث افاد باجارة أرض مثل هذا المسجد الذي خرب بخراب القرية و انقطعت المارة عنه للزراعة و نحوها في ص 138 بقوله: و مع اليأس من الجهة.

(2) أي صرف عين هذه الأجزاء في نفس المسجد: بأن يبنى فيه.

(3) كمصاريف البناء إذا احتاج هذا الجزء في صرفه في البناء أو مصاريف النجر إذا احتاج إليه.

و المراد من الوجوب هنا الوجوب التكليفي.

(4) إن كان للمسجد مال.

(5) إن لم يكن للمسجد مال.

(6) أي في رد هذا الجذع.

(7) أي و حين أن قلنا بعدم جواز بيع هذا الجزء من البنيان -

ص: 154

فالأقرب تعيّن صرفه في مصالح ذلك (1) كاحراقه لآجر المسجد و نحو ذلك كما عن الروضة (2).

و إلا (3) صرف في مسجد آخر كما في الدروس.

و إلا (4) صرف في سائر مصالح المسلمين.

قيل: بل لكل أحد حيازته و تملكه (5).

و فيه (6) نظر.

+++++++++++

- و لو لم تكن مصلحة في رده جزء للمسجد.

(1) أي في مصلحة الأقرب إلى مقصود الواقف.

(2) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 3. ص 254

(3) أي و إن لم نقل بوجوب مراعاة الأقرب الى مقصود الواقف

(4) أي و إن لم يوجد مسجد آخر.

(5) أي في صورة عدم وجود مسجد آخر، و صرفه في مصالح المسلمين فلكل احد من المسلمين الحق في تملك هذا الجزء من البنيان أي شيء كان الجزء.

(6) أي و في جواز كل أحد من المسلمين حيازة هذا الجزء و التصرف فيه في صورة عدم امكان صرفه في مصالح المسلمين عند عدم وجود مسجد آخر نظر و إشكال.

لعل وجه النظر هو أن الحكم بحيازة كل واحد من المسلمين لا ربط له بنظر الواقف، لأنه من الممكن أن يحوز أجزاء البنيان غني من الأثرياء فيصرفها في مصالحه الشخصية فلا يعود نفع الى الواقف.

بخلاف ما إذا صرفت في مصالح المسلمين، فانه يعود نفع منها الى الواقف.

و لما انجر بنا الكلام الى جواز بيع الوقف و عدمه لا بأس باشارة -

ص: 155

..........

+++++++++++

- اجمالية الى فروع أربعة متفرعة على المقام:

(الأول) أنه لو تصرف شخص في الوقف ببيعه ثم اشترى بثمنه عينا اخرى فحينئذ هل يكون حكم هذه العين المشتراة حكم العين الأولى:

في عدم جواز بيعها إلا مقيدا بقيد طروّ المسوّغات للبيع.

أو يجوز بيعها مطلقا، و تبديلها بعين اخرى إذا رأى المتولي مصلحة في بيعها؟.

قيل بالأول، و قيل بالثاني.

و قد ذهب إلى الثاني جمع من الأعلام، لأن عدم جواز البيع لا يكون من إنشاء الواقف حتى يقال: إن حكم البدل حكم المبدل منه.

فكما أنه لا يجوز بيع المبدل منه إلا بطروّ المسوّغ له.

كذلك لا يجوز بيع البدل إلا بطروّ المسوغ له.

بل عدم الجواز من أحكام الوقف شرعا، و الحكم الشرعي الذي هو الجواز، أو العدم ثابت في أصل العين الموقوفة من قبل الواقف دون العين الأخرى التي هي بديلة عن العين الأولى و اشتريت بثمن العين الأولى.

فالخلاصة: أن وظيفة الواقف هو ايقاف الملك.

و أما حكم الوقف فليس من وظائفه و منشئاته، و لا يحق له انشاؤه

بل هو من أحكام الشرع و وظائفه، و ليس حكم البدل سوى تعلق حق البطون اللاحقة في الوقف الخاص، و تعلق حق الجهة في الوقف العام بالبدل.

و تعلق حقهم به لا يكون موجبا لعدم جواز بيع المتولي للوقف فله التصرف بأي نحو شاء و أراد بالبيع و الشراء، و تبديل العين بعين -

ص: 156

..........

+++++++++++

- اخرى.

هذا حكم بيع الوقف و تبديل ثمنه بالشراء به عينا اخرى.

و أما الشراء بمنافع مثل المحلات، و الدور، و البساتين الموقوفة على المساجد، و المدارس الدينية، و الحسينيات فحكمه حكم العين المشتراة بثمن عين الموقوفة المبيعة: من عدم توقف جواز شراء المتولي على طروّ احد المسوّغات لبيع الوقف فيما إذا رأى المصلحة في البيع لعدم وجود دليل على تبعية الحصير الذي يشتريه المتولي من منافع الأوقاف لنفس الأوقاف، حيث إن اصل المصلحة الموجودة في نفس التبديل كاف في جواز البيع.

اللهم إلا أن يشتري الحصير شخص آخر من ماله الشخصي لا من منافع الأوقاف، و وقفه على المسجد، فانه حينئذ يكون حكمه حكم نفس الأعيان الموقوفة في احتياج جواز البيع على وجود احد مسوّغات البيع.

و الفرق بين شراء الحصير من منافع الأوقاف.

و بين شرائه من المال الشخصي واضح، إذ الأول ليس من الأعيان الموقوفة فلا يتوقف جواز بيعه على وجود أحد المسوّغات فيجوز تبديله مطلقا مع وجود المصلحة.

و الثاني من الأعيان الموقوفة، لأنه اشتري من مال شخص أجنبي فيتوقف جواز بيعه على وجود المسوغات فلا يصح تبديله مطلقا.

(الفرع الثاني):

لو عامل المتولي بثمن العين الموقوفة ثم ربح فهل للربح هذا كمنافع العين الموقوفة: في كونها للبطن الموجود. -

ص: 157

..........

+++++++++++

- أو أنها لهم، و للبطون الآتية كالعين نفسها: في كونها مشتركة بين البطن الموجود، و البطن اللاحق ؟

ذهب الى الأول قوم، و الى الثاني آخرون، و هو الأقوى إذ الثمن هنا كنفس المبيع فربحه يكون بمنزلة جزء المبيع، لا بمنزلة منفعة المبيع، لأن منافع الثمن و أرباحه بمنزلة ارتفاع القيمة السوقية للمبيع فلا يكون مختصا بالبطن الموجود.

و ليس حكمه حكم منافع العين الموقوفة حتى في اختصاصها بالبطن

(الفرع الثالث):

بناء على جواز بيع الوقف عند طروّ احد المسوّغات له فهل يجب شراء المماثل للوقف مع الامكان و إن كان غيره أصلح.

أو الواجب مراعاة الأصلح و إن لم يكن مماثلا للوقف ؟

فيه وجهان:

وجه بوجوب شراء المماثل، لكونه أقرب للوقف الى مقصود الواقف.

و وجه بوجوب مراعاة الأصلح، و هو الأقوى.

(الفرع الرابع):

هل القائم ببيع العين الموقوفة هو الناظر على الوقف المنصوب من قبل الواقف.

أو التصدي لبيع الوقف من وظائف الحاكم ؟

فيه وجهان:

وجه بالأول:

و وجه بالثاني، و هو الأقوى، لأنه لا دليل على شمول دليل -

ص: 158

و قد الحقت بالمساجد المشاهد (1)، و المقابر و الخانات و المدارس و القناطر الموقوفة على الطريقة المعروفة، و الكتب الموقوفة على المشتغلين و العبد المحبوس في خدمة الكعبة، و نحوها، و الأشجار الموقوفة، لانتفاع المارة، و البواري الموضوعة لصلاة المصلين، و غير ذلك مما قصد بوقفه الانتفاع العام لجميع الناس، أو المسلمين، و نحوهم من غير المحصورين (2)، لا لتحصيل المنافع بالاجارة و نحوها، و صرفها في مصارفها كما في الحمامات و الدكاكين و نحوها، لأن جميع ذلك (3) صارت بالوقف كالمباحات بالأصل اللازم ابقاؤها على الاباحة كالطرق العامة و الأسواق، و هذا كله حسن على تقدير كون الوقف فيها (4)

+++++++++++

- النصب لهذا التصرف فيكون حينئذ مرجعه هو الحاكم.

و على القول بكون القيام ببيع الوقف من وظائف الحاكم فليس للناظر المنصوب من قبل الواقف على الوقف النظارة في بدل العين الموقوفة، فحكم هذا الوقف حكم بقية الأوقاف التي لا متولي عليها.

(1) أي المشاهد المشرفة، و كذا بقية ما ذكره الشيخ: من المقابر و الخانات و المدارس، و غير ذلك ملحقة بالمساجد في عدم جواز بيعها

(2) و هم المارة و المصلّون.

(3) أي جميع ما ذكرناه: من الخانات، و المدارس، و الجسور و القناطر و الأشجار، و البواري، و الحمامات أصبحت بعد الوقف بحكم المباحات الأصلية: في كونها لازم البقاء على اباحتها.

فكما أن الاباحات الأصلية لا بدّ أن تبقى على اباحتها.

كذلك هذه بسبب الوقف أصبحت مباحة للكل باقية على اباحتها إلى الابد.

(4) أي كون الحمامات و المدارس، و القناطر، و الجسور -

ص: 159

فك ملك، لا تمليكا (1).

و لو اتلف شيئا من هذه الموقوفات، أو أجزائها متلف.

ففي الضمان وجهان:

من (2) عموم على اليد فيجب صرف قيمته في بدله.

و من (3) أن ما يطلب بقيمته يطلب بمنافعه و المفروض عدم المطالبة بأجرة منافع هذه لو استوفاها ظالم كما لو جعلت المدرسة بيت المسكن، أو محرزا.

و أن (4) الظاهر من التأدية في حديث اليد الايصال إلى المالك فيختص بأملاك الناس.

+++++++++++

- كالمباحات الأصلية، و أنها باقية على اباحتها، بناء على أن الوقف فيها فك ملك، لا تمليك، فعلى أنها فك ملك لا يجوز بيعها.

(1) أي و أما إذا قلنا: إن المذكورات مبنية على تمليكها للمسلمين فلا مجال للقول بعدم جواز بيعها.

(2) هذا دليل لضمان من اتلف شيئا من المذكورات.

(3) هذا دليل لعدم ضمان من أتلف شيئا من المذكورات.

(4) دفع وهم:

حاصل الوهم: أنه إذا كان المفروض عدم مطالبة شيء من أجرة منافع المذكورات لو استوفاه ظالم فما تقولون في حديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه المشار إليه في الجزء 7 ص 159 الدال على ضمان من أتلف شيئا؟

فأجاب أن الظاهر من التأدية هو وجوب ايصال ما اخذ إلى مالكه و ارجاعه إليه أي يجب ايصال ما كان ملكا للشخص إذا أخذ منه إليه، فيكون الحديث دالا على اختصاص التأدية بأملاك الناس.

-

ص: 160

و الأول (1) أحوط، و قواه (2) بعض.

صور جواز بيع الوقف
اشارة

إذا عرفت جميع ما ذكرناه (3)

فاعلم أن الكلام في جواز بيع الوقف يقع في صور:
اشارة

فاعلم أن الكلام في جواز بيع الوقف يقع في صور:

الأولى: أن يخرب الوقف بحيث لا يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه

(الأولى): أن يخرب الوقف بحيث لا يمكن الانتفاع (4) به مع بقاء عينه كالحيوان المذبوح، و الجذع البالي، و الحصير الخلق.

و الأقوى جواز بيعه، وفاقا لمن عرفت ممن تقدم نقل كلماتهم (5) لعدم جريان أدلة المنع (6).

أما الاجماع (7) فواضح.

+++++++++++

- و من المعلوم أن هذا لا يشمل ما كان وقفا للمسلمين، لأن ما كان وقفا للمسلمين هو جائز الانتفاع، لا أنه ملك لهم فلا يضمن التالف شيئا مما كان وقفا عليهم.

(1) و هو الضمان.

(2) أي و قوّى الضمان بعض الأعلام من الطائفة.

(3) أي من بداية الشروع في مسألة الوقف إلى هنا.

(4) أي حتى المنفعة غير المعتد بها.

(5) من كلام شيخنا المفيد، و الشيخ الطوسي، و بقية الأقوال التي نقلها عنهم الشيخ في ص 121 إلى ص 133.

(6) أي الأدلة المانعة عن بيع الوقف التي ذكرناها هنا و هي: السنة و الاجماع لا تشمل بيع الوقف الذي آل إلى الخراب، لأن المقتضي لجواز بيع الوقف و هو الملك موجود، و المانع مفقود:

(7) من هنا أخذ الشيخ قدس سره في رد الاجماع فقال: و أما الاجماع فواضح أي واضح عدم وجوده، حيث عرفت مخالفة كثير من فقهاء الطائفة في ثنايا البحث لهذا الاجماع و أنهم، صرحوا بجواز بيعه حال الخراب

ص: 161

و أما قوله (1) عليه السلام: لا يجوز شراء الوقف فلانصرافه إلى غير هذه الحالة (2).

و أما قوله عليه السلام: الوقوف تكون على حسب ما يوقفها أهلها (3) فلا يدل على المنع هنا (4)، لأنه مسوق لبيان وجوب مراعاة الكيفية المرسومة في إنشاء الوقف، و ليس منها (5) عدم بيعه

بل عدم جواز البيع من أحكام الوقف و إن ذكر (6) في متن العقد للانفاق على أنه لا فرق بين ذكره (7) فيه، و تركه.

و قد تقدم ذلك (8).

و يضعف قول من قال ببطلان العقد (9) اذا حكم بجواز بيعه.

+++++++++++

(1) أي قول الامام ابي الحسن عليه السلام في ص 97 في جواب ابي علي بن راشد: لا يجوز شراء الوقف، و لا تدخل الغلة في ملكك

(2) و هي حالة خراب الوقف الى حد لا يمكن الانتفاع منه رأسا

(3) المشار إليه في ص 97

(4) أي في حالة خراب الوقف إلى حد لا ينتفع منه رأسا.

(5) أي من الكيفية المرسومة.

(6) أي عدم جواز بيع الوقف ذكر في متن العقد عند ما يجري الواقف صيغة الوقف: بأن قال: وقفت هذا بشرط أن لا يباع و لا يوهب.

(7) أي ذكر عدم جواز بيع الوقف، أو عدم ذكره.

(8) أي عدم الفرق بين ذكر عدم جواز بيع الوقف، و بين عدم ذكره في ص 98 عند قوله: فان الظاهر من الوصف كونه صفة.

(9) في جميع نسخ (المكاسب) الموجودة عندنا (ببطلان العقد) و الظاهر: أن الصحيح (ببطلان الوقف).

-

ص: 162

و لو سلم أن المأخوذ في الوقف ابقاء العين فانما هو مأخوذ فيه من حيث كون المقصود انتفاع البطون به مع بقاء العين.

و المفروض تعذره (1) هنا.

و الحاصل أن جواز بيعه هنا (2) غير مناف لما قصده الواقف في وقفه فهو ملك للبطون يجوز لهم البيع إذا اجتمع إذن البطن الموجود مع أولياء سائر البطون: و هو الحاكم، أو المتولي.

و الحاصل أن الأمر دائر (3) بين تعطيله حتى يتلف بنفسه و بين انتفاع البطن الموجود به بالاتلاف.

و بين تبديله بما يبقى و ينتفع به الكل.

+++++++++++

- و خلاصة ما أفاده القائل ببطلان الوقف عند جواز بيعه هو أن القول بالجواز مع كون الشيء وقفا محبوسا مناف للوقفية لأنهما ضدان لا يجتمعان، فالقول بجواز بيع الوقف لازمه بطلان الوقف.

و القول بالوقفية لازمه بطلان البيع.

و أما وجه ضعف هذا القول فهو أن القول بجواز بيع الوقف و إبداله بشراء شيء مكانه عند خرابه نوع تحفظ للوقف، لأنه إذا منعنا بيعه في تلك الحالة و عطلناه فقد ضيعنا حق اللّه عز و جل، و حق الواقف، و حق الموقوف عليه كما عرفت.

و هذا شيء لا يجوّزه الشرع و العقل.

(1) أي تعذر انتفاع البطون من العين الموقوفة عند خرابها.

(2) أي عند خراب الوقف، و اوله الى عدم الانتفاع منه رأسا

(3) أي في الوقف الذي آل إلى الخراب و السقوط عن الانتفاع.

ص: 163

و الأول (1) تضييع مناف لحق اللّه، و حق الواقف، و حق الموقوف عليه، و به (2) يندفع استصحاب المنع.

مضافا (3) إلى كون المنع السابق في ضمن وجوب العمل بمقتضى

+++++++++++

(1) و هو تعطيل الوقف عند خرابه عن بيعه حتى يتلف بنفسه و يذهب هباء منثورا.

(2) أي و بما قلناه: من أن تعطيل الوقف موجب لتضييع حق اللّه و حق الواقف، و حق الموقوف عليه لو لم نجوز بيعه، و التضييع غير جائز عقلا و شرعا: يندفع ما قيل بجريان استصحاب منع بيع الوقف عند خرابه أيضا.

بيان ذلك: أن الوقف قبل طروّ الخراب عليه و عند ما كان عامرا و محلا للانتفاع كان بيعه ممنوعا، و عند خرابه نشك في جواز بيعه فنجري عدم الجواز الذي هو الاستصحاب.

و أما وجه الاندفاع فهو أن عدم جواز بيع الوقف قبل الخراب إنما كان لأجل كونه عامرا، و محلا للانتفاع.

و أما عند خرابه، و أوله إلى السقوط عن الانتفاع رأسا فلا مجال القول بعدم جواز بيعه، لأن القول بعدم جواز بيع الوقف، و بقائه معطّلا موجب لتضييع الوقف: من حيث حق اللّه عز و جل، و حق الواقف، و حق الموقوف عليه كما عرفت فلا مجال لجريان الاستصحاب

(3) أي و لنا بالإضافة إلى ما قلناه: من وجه الاندفاع في عدم جريان استصحاب عدم جواز بيع الوقف في حالة خرابه دليل آخر على جواز بيع الوقف في تلك الحالة.

و خلاصته: أن المنع السابق على خراب الوقف إنما كان في ضمن وجوب العمل بمقتضى الوقف، و وجوب العمل بمقتضى الوقف -

ص: 164

الوقف: و هو انتفاع جميع البطون بعينه و قد ارتفع (1) قطعا فلا يبقى ما كان (2) في ضمنه.

و أما الثاني (3) فمع منافاته لحق سائر البطون (4) يستلزم (5) جواز بيع البطن الأول، إذ (6) لا فرق

+++++++++++

- عبارة عن انتفاع جميع البطون عن العين الموقوفة، و من المعلوم ارتفاع هذا الانتفاع عن العين بخرابها، فلا يبقى مجال للمنع السابق على خراب الوقف.

(1) أي انتفاع جميع البطون عن الوقف كما عرفت.

(2) و هو المنع عن بيع الوقف عند ما كان عامرا كما عرفت.

(3) و هو انتفاع البطن الموجود من الوقف باتلافه، لكونه خرابا مشرفا على التلف.

(4) و هو الموقوف عليهم.

وجه المنافاة عدم اختصاص الوقف بالبطن الأول، و استفادتهم منه بالخصوص لو خصصنا الانتفاع به بالبطن الأول.

بالإضافة إلا منافاة الاختصاص بحق اللّه عز و جل و حق الواقف.

(5) بيان الملازمة: هو أن للاتلاف معنى عاما له مصاديق متعددة من جملتها بيعه.

فيصدق المثل السائر على القائل بعدم جواز بيع الوقف: فرّ من المطر و قام تحت الميزاب.

و لو لا هذا التفسير لم تتحقق الملازمة الكلية بين جواز الاتلاف، و جواز البيع، لأن المباحات سواء أ كانت اصلية أم ثابتة من قبل المالك أم من قبل الشارع يجوز إتلافها و لا يجوز بيعها.

(6) تعليل لبيان الملازمة المذكورة.

ص: 165

بين إتلافه، و نقله (1).

و الثالث (2) هو المطلوب.

نعم (3) يمكن أن يقال: إذا كان الوقف مما لا يبقى بحسب استعداده العادي إلى آخر البطون فلا وجه لمراعاتهم بتبديله بما يبقى لهم فينتهي ملكه (4) إلى من أدرك آخر أزمنة بقائه، فتأمل (5).

+++++++++++

(1) و هو البيع.

(2) و هو تبديل الوقف بالبيع، و تبديله بما يبقى للبطن الموجود و البطون اللاحقة ظهرا بعد ظهر.

(3) استدراك عما افاده: من أن القول الثالث: و هو بيع الوقف و تبديل ثمنه بشيء مماثل للوقف لينتفع به البطون اللاحقة هو المطلوب

و خلاصته: أن المعدومين الذين هم البطون اللاحقة لا ملك لهم في الوقف فعلا و لا شأنا.

أما فعلا فلعدم وجودهم، و أما شأنا فلترتبه على بقاء العين.

و المفروض أنه مع بقاء العين إلى زمانهم لا ينتفع بها، لأولها إلى الخراب، فان لم يكن للبطون اللاحقة ملك فعلي و لا شأني فلا حق لهم على العين حتى يجب رعايتهم ببيعها، و تبديل ثمنها إلى شيء مماثل للعين.

فلا يجب مراعاة الأصلح: و هو بيع الوقف، و تبديله بشراء ثمنه إلى شيء آخر مماثل للوقف، بل ابقاؤه على ما هو عليه.

(4) أي ملك الوقف.

(5) لعل الأمر بالتأمل اشارة إلى أن استعداد العين الموقوفة للبقاء من حيث المالية كاف في مراعاة البطون المتأخرة.

إذا بيع الوقف عند خرابه، و تبديل ثمنه بشراء شيء آخر -

ص: 166

و كيف كان (1) فمع فرض ثبوت الحق للبطون اللاحقة (2) فلا وجه لترخيص البطن الموجود في إتلافه (3).

و مما ذكرنا (4) يظهر أن الثمن (5) على تقدير البيع لا يخص به البطن الموجود، وفاقا لمن تقدم ممن يظهر منه ذلك (6) كالاسكافي و العلامة و ولده، و الشهيدين و المحقق الثاني.

و حكي (7) عن التنقيح و المقتصر، و مجمع الفائدة، لاقتضاء (8)

+++++++++++

- مكانه هو الأصلح.

(1) أي سواء قلنا بجواز بيع الوقف أم لم نقل.

(2) بناء على القول الثالث: و هو بيع الوقف و تبديل ثمنه بشراء شيء يبقى و ينتفع به الكل.

(3) بناء على القول الثاني: و هو انتفاع البطن الموجود بالوقف بالاتلاف أي حتى يتلف.

لكنك عرفت أن الحق هو القول الثالث: و هو بيع الوقف و تبديل ثمنه إلى عين اخرى لينتفع بها الكل.

(4) و هو جواز بيع الوقف.

(5) أي ثمن الوقف المبيع على فرض بيعه.

(6) أي يظهر عدم اختصاص ثمن الوقف المبيع بالبطن الموجود بل يشمل البطون المعدومة اللاحقة من كلمات هؤلاء الأعلام.

راجع ص 116 عند نقل الشيخ كلماتهم بقوله: و قال الاسكافي و قال فخر الدين.

(7) أي عدم اختصاص الثمن بالموجودين.

(8) تعليل لعدم اختصاص ثمن الوقف المبيع بالموجودين.

ص: 167

البدلية ذلك، فان (1) المبيع إذا كان ملكا للموجودين بالفعل و للمعدومين بالقوة كان الثمن كذلك، فان الملكية اعتبار عرفي، أو شرعي يلاحظها المعتبر عند تحقق أسبابها.

فكما أن الموجود مالك له (2) فعلا ما دام موجودا بتمليك الواقف فكذلك المعدوم مالك له (3) شأنا بمقتضى تمليك الواقف.

و عدم (4) تعقل الملك للمعدوم إنما (5) هو في الملك الفعلي لا الشأني.

+++++++++++

(1) تعليل لكيفية اقتضاء البدلية عدم اختصاص ثمن العين الموقوفة المبيعة بالموجودين.

و خلاصته: أن العين الموقوفة إذا كانت ملكا للموجودين بالفعل و للمعدومين بالقوة كما هو مقتضى الوقفية، حيث إن الواقف قد انشأ بانشاء واحد، و صيغة واحدة كلا الملكين.

كذلك ثمن العين الموقوفة المبيعة يكون ملكا للموجودين بالفعل و للمعدمين بالقوة، لأن الملكية اعتبار عرفي، أو شرعي يتصورها المعتبر عند حصول أسباب الملكية.

(2) أي لثمن الوقف المبيع.

(3) أي لثمن الوقف المبيع.

(4) دفع وهم:

حاصل الوهم: أنه كيف يعقل تملك المعدومين للثمن ؟

(5) جواب عن الوهم المذكور.

خلاصته: أن عدم تعقل التملك إنما هو في الملك الفعلي، لا الشأني

و من المعلوم أن تملك المعدومين للثمن إنما هو تملك شأني، و هو أمر معقول لا يلزم منه أي محذور. -

ص: 168

و دعوى أن الملك الشأني ليس شيئا محققا موجودا يكذّبها (1) إنشاء الواقف له كانشائه للملك الموجود.

فلو (2) جاز أن تخرج العين الموقوفة إلى ملك الغير بعوض لا يدخل

+++++++++++

- فلو بيعت العين الموقوفة يكون ثمنها مشتركا بين الموجودين و المعدومين، من دون اختصاصه بالموجودين.

(1) أي يكذب هذه الدعوى إنشاء الواقف الملك الشأني للمعدومين بنحو ما انشأ الملك الفعلي للموجودين: بمعنى أن الواقف قد انشأ بانشاء واحد، و صيغة واحدة كلا الملكين: الفعلي، و الانشائي.

فكما أن الموجودين بنفس صيغة الوقف يملكون العين الموقوفة و ثمنها لو بيعت.

كذلك المعدومون يملكون بنفس الصيغة العين الموقوفة، و ثمنها لو بيعت، فيكون للملك الشأني تحقق وجودي عقلي.

(2) الفاء تفريع و نتيجة على ما افاده: من أن الملك الشأني و الفعلي ينشئان بصيغة واحدة.

و في الواقع هذا التفريع قياس اقتراني مركب من مقدم و تالي و يعبر عن التالي باللازم، و عن المقدم بالملزوم.

و خلاصته: أنه لو جاز عدم دخول ثمن العين الموقوفة المبيعة للغير في ملك المعدومين، و البطون اللاحقة على نهج دخول المثمن: و هي العين الموقوفة في ملكهم: لجاز عدم دخول ثمن العين الموقوفة المبيعة للغير في ملك الموجودين.

و التالي: و هو عدم دخول ثمن العين الموقوفة المبيعة للغير في ملك الموجودين باطل.

فكذا المقدم: و هو عدم دخول ثمن العين الموقوفة المبيعة في ملك -

ص: 169

في ملك المعدوم على نهج دخول المعوض جاز أن نخرج بعوض لا يدخل في ملك الموجود.

و إليه (1) أشار الشهيد قدس سره في الفرع الآتي، حيث قال:

إنه يعني الثمن (2) صار مملوكا على حد الملك (3) الأول، إذ يستحيل أن يملك (4) لا على حده (5).

+++++++++++

- المعدومين.

بيان الملازمة: أن تملك الموجودين و المعدومين للعين، و الثمن إذا بيعت العين كانت بصيغة واحدة، و إنشاء واحد.

فكل ما يقال في المقدم يقال في التالي: و هذا معنى الملازمة.

و قد علمت بطلان التالي فكذا المقدم.

(1) أي و الى هذا التفريع، أو النتيجة، أو بطلان التالي و المقدم.

(2) أي ثمن العين الموقوفة المبيعة صار ملكا للموجودين و المعدومين على نحو تملكهم للعين لهم: بمعنى أن الموقوف عليهم كما يملكون العين الموقوفة، سواء أ كانوا موجودين أم معدومين.

كذلك يملكون ثمنها لو بيعت العين.

و تملكهم للثمن يكون بنحو تملكهم للعين التي هو المثمن أي يكون كلا التملكين بصيغة واحدة و إنشاء واحد كما عرفت.

(3) و هي العين الموقوفة كما عرفت.

(4) أي ثمن العين الموقوفة المبيعة.

(5) أي لا على حد تملك العين الموقوفة.

فكلام شيخنا الشهيد هذا يشير إلى ما افاده الشيخ: من أن لازم جواز خروج العين الموقوفة إلى ملك الغير بعوض دخول هذا المعوض في ملك المعدوم، و إلا لم يدخل العوض العين الموقوفة المبيعة -

ص: 170

خلافا لظاهر بعض العبائر المتقدمة (1).

و اختاره (2) المحقق في الشرائع في دية العبد الموقوف المقتول:

و لعل وجهه (3)، أن الوقف ملك للبطن الموجود.

غاية الأمر تعلق حق البطون اللاحقة به فاذا فرض جواز بيعه انتقل الثمن إلى من هو مالك له فعلا (4).

و لا يلزم من تعلق الحق بعين المبيع تعلقه بالثمن و لا دليل عليه (5).

+++++++++++

- في ملك الموجودين.

(1) كعبارة شيخنا المفيد قدس سره التي نقلها الشيخ في ص 123 بقوله: فلهم حينئذ بيعه و الانتفاع بثمنه.

فهذه الجملة تدل على اختصاص ثمن العين الموقوفة المبيعة بالموجودين، دون المعدومين، حيث إن المراد من قوله: فلهم الموجودون فقط.

و كعبارة السيد علم الهدى قدس سره التي نقلها الشيخ في ص 124 بقوله: جاز لمن هو وقف عليه بيعه و الانتفاع بثمنه.

فهذه الجملة تدل على أن ثمن العين الموقوفة المبيعة يخص الموجودين دون المعدومين.

(2) أي اختصاص ثمن العين الموقوفة المبيعة بالموجودين، دون المعدومين.

راجع شرائع الاسلام. الجزء 2 ص 219 عند قوله:

(3) أي وجه الاختصاص و علته.

(4) لا من هو مالك شأنا كالمعدومين اللاحقين في الأزمنة المتأخرة بعد البطن الأول، فانهم لا يستحقون من الثمن شيئا.

(5) أي على تعلق الحق بالثمن.

ص: 171

و مجرد البدلية (1) لا يوجب ترتب جميع اللوازم، إذ (2) لا عموم لفظي يقتضي البدلية و التنزيل (3)، بل هو (4) بدل في الملكية و ما يتبعها من حيث هو ملك (5).

و فيه (6) أن النقل الى المشتري إن كان هو الاختصاص الموقت

+++++++++++

(1) أي مجرد تبديل الثمن بشراء عين اخرى مماثلة للعين المبيعة لا يكون سببا لترتب جميع اللوازم التي منها تملك المعدومين للثمن بمجرد هذا التبديل.

(2) تعليل لكون مجرد البدلية لا يوجب ترتب جميع اللوازم على البدل التي منها تملك المعدومين له.

و خلاصته: أنه ليس لنا عموم لفظي من الكتاب، أو السنة يقتضي البدلية من جميع الجهات و الجوانب حتى من ناحية تملك المعدومين للبدل

(3) أي و ليس لنا عموم لفظي من الكتاب، أو السنة ينزل البدل منزلة المبدل في كل شيء حتى في تملك المعدومين له.

(4) أي بل البدل بدل عن المبدل منه في كونه ملكا للموجودين و ما يتبع هذه الملكية: من التصرفات الجائرة لهم.

أما تملك المعدومين له فلا تدل البدلية عليه.

(5) إلى هنا كان توجيه كلام الشيخ المفيد و السيد المرتضى علم الهدى من قبل الشيخ فيما افاده: من اختصاص الثمن بالموجودين، دون المعدومين.

(6) أي و في التوجيه المذكور نظر و إشكال.

هذا الاشكال من الشيخ:

و خلاصته: أن نقل الشيء و هو فيما نحن فيه العين الموقوفة تارة هو حق الاختصاص الشخصي المتعلق له ما دام في الحياة. -

ص: 172

الثابت للبطن الموجود لزم منه رجوع المبيع بعد انعدام البطن السابق إلى البطن اللاحق فلا يملكه المشتري ملكا مستمرا.

و إن كان (1) هو مطلق الاختصاص المستقر الذي لا بزول إلا بالناقل فهو لا يكون إلا بثبوت جميع الاختصاصات الحاصلة للبطون له، فالثمن لهم على نحو المثمن.

و مما ذكرنا (2) تعرف أن اشتراك البطون في الثمن (3) أولى

+++++++++++

- و اخرى حق الاختصاص العمومي المطلق المتعلق به و بآخرين و الذي لا يزول إلا بالناقل الشرعي.

فان كان الأول يلزم منه رجوع المبيع إلى البطن اللاحق بعد موت البطن الأول فتكون حينئذ ملكية المشتري متزلزلة غير ثابتة و مستقرة و منوطة بحياة البطن الأول فلا يملك المشتري ما اشتراه إلا مدة حياة الموجودين فلا يمكنه التصرف فيما اشتراه كتصرف الملاّك.

و إن كان الثاني فيلزم ثبوت جميع الاختصاصات الحاصلة للبطون سواء أ كانت البطون بطون الموجودين أم اللاحقين فيكون الثمن للكل كما يكون المثمن للكل، من دون فرق بين البطنين: السابق، و اللاحق.

(1) أي النقل الى المشتري كما عرفت.

(2) و هو أن النقل الى المشتري إما حق الاختصاص الشخصي أو المطلق.

(3) أي في ثمن العين الموقوفة المبيعة.

من هنا يروم الشيخ أن يرد ما افاده المحقق في الشرائع: من تنظيره ثمن العين الموقوفة المبيعة بدية العبد المقتول الموقوف: في أنها مختصة بالموجودين، و لا يستحقها المعدومون.

و خلاصته: أن دية العبد الموقوف المقتول بدل شرعي قد تعلق -

ص: 173

من اشتراكهم في دية العبد المقتول، حيث إنها بدل شرعي يكون الحكم به متأخرا عن تلف الوقف فجاز عقلا منع سراية حق البطون اللاحقة إليه.

بخلاف (1) الثمن، فانه يملكه من يملكه بنفس خروج الوقف عن ملكهم على وجه المعاوضة الحقيقية فلا (2) يعقل اختصاص العوض بمن لم يختص بالمعوض.

و من هنا (3) اتضح أيضا أن هذا أولى بالحكم من بدل الرهن

+++++++++++

- الحكم بها متأخرا عن القتل، و تلف العبد الموقوف فيجوز عقلا منع سراية هذا الحكم إلى المعدومين، و عدم استحقاقهم لهذا الحق.

(1) أي بخلاف ثمن العين الموقوفة المبيعة، فانه مشترك بين البطون اللاحقة، و الموجودة، لتملك البطون له بنفس خروج العين الموقوفة عن ملكهم بالمعاوضة الحقيقية: و هو بيع العين، فان هذه المعاوضة هي الفارق بين تملك البطون الثمن، و بين عدم تملكهم لدية العبد الموقوف المقتول.

(2) الفاء تفريع على ما افاده: من أن ثمن العين الموقوفة المبيعة خلاف دية العبد الموقوف المقتول أي فلا يتصور اختصاص العوض الذي هو ثمن العين الموقوفة المبيعة بالبطن الموجود مع أن المعوض و هو العين الموقوفة المبيعة لا يختص بالموجودين، لاشتراكه بينهم و بين المعدومين.

(3) أي و مما ذكرناه: من الفرق بين ثمن العين الموقوفة المبيعة و بين دية العبد المقتول الموقوف: باختصاصها باستحقاق المعدومين بالبطن الموجود فقط: يظهر أن حكم الفقهاء ببدلية ثمن العين الموقوفة المبيعة لتعلق حق البطون اللاحقة بها أولى من حكمهم برهنية -

ص: 174

الذي حكموا بكونه رهنا، لأن (1) حق الرهنية متعلق بالعين من حيث إنها ملك لمالكها الأول فجاز أن يرتفع، لا إلى بدل بارتفاع ملكية المالك الأول.

بخلاف الاختصاص الثابت للبطن المعدوم، فانه ليس قائما بالعين من حيث إنها ملك للبطن الموجود.

+++++++++++

- بدل الرهن إذا بيع، حيث جعلوا بدل الرهن رهنا يتعلق به حق المرتهن.

(1) تعليل لكون ثمن العين الموقوفة المبيعة بدلا أولى من حكم الفقهاء بكون بدل الرهن رهنا.

و خلاصته: أن حق الرهن قد تعلق بالعين من حيث إن العين ملك لمالكها الأول الذي هو الراهن، فالحق قد تعلق بهذه الحيثية لكن لما بيع الرهن فقد ارتفع حق الرهن بارتفاع الملكية ببيع الرهن فلا مجال لحق المرتهن بالرهن حتى يحكم ببدليته، لارتفاع الحيثية.

بخلاف حق الاختصاص الذي هو ثابت للبطون اللاحقة، فانه ليس قائما بالعين من حيث إن العين ملك للبطن الموجود حتى يقال بارتفاع الحق بارتفاع ملكية البطن الموجود ببيع العين.

بل حق اختصاص البطون اللاحقة بالعين اختصاص موقت نظير حق اختصاص البطون الموجودة بالعين من حيث إن حقهم موقت بدوام حياتهم فينشأ حق اختصاص البطون اللاحقة بنفس إنشاء حق اختصاص البطون الموجودة، و يكون جعل هذا الحق في عرض جعل حق اختصاص البطون الموجودة، لا في طوله، و إن كانت البطون اللاحقة متأخرة وجودا و زمانا.

ص: 175

بل اختصاص موقت نظير اختصاص البطن الموجود منشأ (1) بانشائه مقارن له بحسب الجعل متأخرا عنه في الوجود.

و قد تبين مما ذكرنا (2) أن الثمن حكمه حكم الوقف: في كونه ملكا لجميع البطون على ترتيبهم.

فان كان (3) ممّا يمكن أن يبقى

+++++++++++

(1) بصيغة المفعول أي حق اختصاص البطون اللاحقة منشأ بنفس إنشاء حق اختصاص البطون الموجودة، و جعلهما في عرض واحد.

(2) و هو أن إنشاء حق اختصاص البطون اللاحقة بنفس إنشاء حق اختصاص البطون الموجودة، و أنهما مجعولان بجعل واحد.

(3) أي بدل العين الموقوفة المبيعة.

يروم الشيخ قدس سره أن يقسم بدل العين الموقوفة المبيعة إلى قسمين:

(أحدهما): ما كان قابلا للانتفاع للبطون اللاحقة، و ممكنا للبقاء لهم.

(ثانيهما): ما كان غير قابل للانتفاع، و غير ممكن للبقاء.

فأخذ قدس سره في القسم الأول فقال: فان كان

و خلاصة ما افاده طاب ثراه: أنه إذا كان البدل قابلا للانتفاع و ممكنا للبقاء كما كان الوصفان في نفس المبدل، و كانت مصلحة البطون اللاحقة في بقاء البدل ابقي البدل على حاله.

خذ لذلك مثالا:

كانت دار موقوفة على رجال الدين لسكناهم، و كانت بجنبها دار يسكنها بعض الفساق، و يرتكب فيها المعاصي فسلب عنهم راحتهم بحيث لا يمكنهم البقاء في الدار، و الانتفاع منها فرحل ساكنوها -

ص: 176

و ينتفع به البطون على نحو المبدل (1) و كانت مصلحة البطون في بقائه أبقي، و إلا (2) ابدل مكانه ما هو أصلح.

و من هنا (3) ظهر عدم الحاجة إلى صيغة الوقف في البدل

بل نفس البدلية تقتضي كونه كالمبدل.

+++++++++++

- عنها فسقطت عن الانتفاع رأسا فبيعت فاشتريت بثمنها دار في مكان آخر قابلة للانتفاع، و ممكنة للبقاء، طبقا لما يوافق مقصود الواقف و كانت مصلحة البطون اللاحقة في بقائها.

فهنا يجب شراء الدار، لينتفع بها البطون اللاحقة.

و أما القسم الثاني: و هو ما كان غير قابل للانتفاع، و غير ممكن للبقاء فالواجب ابدال الثمن مكان الوقف إلى ما هو أصلح بحال البطون اللاحقة كما إذا كانت دار موقوفة لانارة مدرسة دينية يسكنها رجال الدين، و كانت الانارة على الطراز القديم: من تنوير الغرف بالشموع، أو السراج النفطي ثم جاءت مكان الشموع، و الأضواء النفطية في عصرنا الحاضر الانارة الكهربائية و هي اصبحت في المدارس الدينية، و المعاهد العلمية و المساجد مجانا و بلا عوض فانتفى موضوع الانارة رأسا.

فهنا لا بدّ من تبديل ثمن الدار إلى ما هو أصلح بحال البطون اللاحقة

(1) المراد به هي العين الموقوفة المبيعة.

(2) أي و إن لم يمكن الانتفاع، و البقاء كما عرفت آنفا.

(3) أي و من أن حق اختصاص البطون اللاحقة، و حق اختصاص البطون الموجودة ينشئان بانشاء واحد.

ص: 177

و لذا (1) علله الشهيد رحمه اللّه في غاية المراد بقوله: لأنه صار مملوكا على حد الملك الأول، إذ يستحيل أن يملك لا على حده (2).

ثم إن هذه العين حيث صارت ملكا للبطون فلهم أولويتهم أن ينظر فيها، و يتصرف فيها بحسب مصلحة جميع البطون و لو بالابدال بعين اخرى أصلح لهم.

بل قد يجب (3) إذا كان تركه يعد تضييعا للحقوق، و ليس مثل الأصل ممنوعا عن بيعه إلا لعذر، لأن ذلك (4) كان حكما من أحكام الوقف الابتدائي، و بدل الوقف إنما هو بدل له في كونه ملكا للبطون (5) فلا يترتب عليه جميع أحكام الوقف الابتدائي (6).

و مما ذكرنا (7) أيضا يظهر عدم وجوب شراء المماثل للوقف كما هو ظاهر التذكرة و الارشاد و جامع المقاصد و التنقيح و المقتصر و مجمع الفائدة، بل قد لا يجوز إذا كان غيره أصلح، لأن الثمن إذا صار ملكا للموقوف عليهم الموجودين و المعدومين فاللازم ملاحظة مصلحتهم.

خلافا للعلامة و ولده و الشهيد و جماعة فأوجبوا المماثلة مع الامكان لكون المثل أقرب إلى مقصود الواقف.

+++++++++++

(1) أي و لأجل عدم احتياج البدل إلى صيغة الوقف.

(2) عرفت معنى ما افاده الشهيد في الهامش 2 ص 170 فلا نعيده

(3) أي الابدال إذا كان تركه موجبا لتضييع حق البطون اللاحقة.

(4) أي المنع عن بيع الوقف.

(5) أي للبطون اللاحقة.

(6) أي حتى إجراء صيغة الوقف في البدل.

(7) أي و من عدم احتياج البدل إلى صيغة الوقف.

ص: 178

و فيه مع عدم انضباط غرض الواقف، إذ قد يتعلق غرضه بكون الموقوف عينا خاصة.

و قد يتعلق بكون منفعة الوقف مقدارا معينا من دون تعلق غرض بالعين.

و قد يكون الغرض خصوص الانتفاع بثمرته كما لو وقف بستانا لينتفعوا بثمرته فبيع فدار الأمر بين أن يشترى بثمنه بستانا في موضع لا يصل إليهم إلا قيمة الثمرة.

و بين أن يشترى ملكا آخر يصل إليهم اجرة منفعته، فان الأول و إن كان مماثلا إلا أنه ليس أقرب إلى غرض الواقف: أنه (1) لا دليل على وجوب ملاحظة الأقرب إلى مقصوده، إنما اللازم ملاحظة مدلول كلامه في إنشاء الوقف، لتجري الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها.

فالحاصل أن الوقف ما دام موجودا بشخصه لا يلاحظ فيه إلا مدلول كلام الواقف، و إذا بيع و انتقل الثمن إلى الموقوف عليهم لم يلاحظ فيه إلا مصلحتهم، هذا (2).

قال العلامة في محكي التذكرة: كل مورد جوزنا بيع الوقف فانه يباع و يصرف الثمن إلى جهة الوقف.

فان أمكن شراء مثل تلك العين (3) مما ينتفع به كان أولى، و إلا (4)

+++++++++++

(1) جملة أن مع اسمه مرفوعة محلا على أنها مبتدأ مؤخر للخبر المتقدم، و هو قوله: و فيه.

(2) أي خذ ما تلوناه عليك من البداية إلى النهاية.

(3) كدار فيما إذا كان الوقف دارا.

(4) أي و إن لم يمكن شراء الدار التي تكون مماثلة للوقف الأول فيشترى بثمن الوقف كل ما يصح وقفه كحانوت مثلا.

ص: 179

جاز شراء كل ما يصح وقفه، و إلا (1) صرف الثمن إلى الموقوف عليه يعمل فيه ما شاء، لأن (2) فيه جمعا بين التوصل إلى غرض

+++++++++++

(1) أي و إن لم يمكن شراء ما يصح وقفه كالحانوت، لقلة الثمن و عدم كفافه اعطي ثمن الوقف إلى الموقوف عليه الموجود، ليتصرف فيه كل ما شاء و أراد.

(2) تعليل لاعطاء الثمن إلى الموقوف عليه فيما إذا لم يمكن شراء ما يصح وقفه كالحانوت أي في هذا الحكم المذكور، من شراء دار مماثلة للوقف الأول، ثم شراء حانوت إذا لم يمكن المماثلة، ثم إعطاء الثمن إلى الموقوف عليه فيما إذا لم يمكن شراء حانوت: جمع بين شيئين:

و هما: حق الواقف، حيث إن الحكم المذكور يوصل إلى غرض الواقف، و غرضه نفع الموقوف عليه على الدوام، لأنه إذا اشتربت دار بدل الدار التي خربت و بيعت، أو حانوت إذا لم يمكن الدار فقد استفاد البطن الأول، و اللاحق فحصل غرض الواقف بدوام الوقف.

نعم إذا وزّع الثمن على الموجود في صورة عدم امكان شراء حانوت لم يحصل الدوام من الوقف، لصرف الموقوف عليه الموجود الثمن.

لكنه يحصل انتفاع الموقوف عليه، و بهذا يحصل غرض الواقف إلى حد ما.

و الشيء الثاني هو العمل بالنص، حيث إن قوله عليه السلام المشار إليه في ص 97: الوقوف تكون حسب ما يوقفها أهلها يدل على عدم مخالفة نظرية الواقف من حيث التأبيد.

و من الواضح أنه إذا لم يمكن التأبيد من حيث شخص الوقف -

ص: 180

الواقف من نفع الموقوف عليه على الدوام.

و بين النص الدال على عدم جواز مخالفة الواقف، حيث شرط التأبيد، فاذا لم يمكن التأبيد بحسب الشخص و أمكن بحسب النوع وجب، لأنه موافق لغرض الواقف و داخل تحت الأول (1) الذي وقع عليه العقد.

و مراعاة (2) الخصوصية الكلية تفضي إلى فوات الغرض باجمعه و لأن (3) قصر الثمن على البائعين يقتضي خروج باقي البطون

+++++++++++

- الأول التي هو الدار مثلا، لأولها إلى الخراب، فاللازم تبديل الثمن إلى نوع الدار و شراء دار اخرى مكان الدار الأولى التي خربت و إذا لم يمكن النوع فشراء حانوت، ثم إذا لم يمكن الحانوت فتوزيع الثمن على الموقوف عليه.

فحينئذ عمل بالنص المذكور فجمعنا بهذا الحكم بين الشيئين المذكورين

(1) أي الوقف الأول.

(2) هذه الجملة من متممات القول بالحكم المذكور على الترتيب الذي بيناه لك أي لو لم نحكم بما ذكرناه لك و لاحظنا جانب خصوصية الدار الموقوفة و هي خربة و مائلة إلى الزوال لأدى هذا اللحاظ إلى فوات غرض الواقف بأجمعه، حيث لا ينتفع من الوقف رأسا بخراب الدار.

بخلاف ما إذا عملنا بالكيفية المذكورة، فانه لا يفوت الغرض بأجمعه، بل بعضه كما في صورة إعطاء الثمن إلى الموقوف عليه.

(3) هذا التعليل من متممات القول بالحكم المذكور أيضا أي لو لم نعمل بالكيفية المذكورة و اعطينا ثمن الدار إلى البطن الموجود رأسا و حصرناه عليهم لزم خروج البطون اللاحقة عن الانتفاع بدون -

ص: 181

عن الاستحقاق بغير وجه، مع أنهم يستحقون من الوقف كما يستحق البطن الأول، و يقدر وجودهم حال الوقف.

و قال بعض علمائنا و الشافعية: إن ثمن الوقف كقيمة الموقوف إذا تلف فيصرف الثمن على الموقوف عليهم على رأي، انتهى (1).

و لا يخفى عليك مواقع الرد و القبول في كلامه (2) رحمه اللّه.

+++++++++++

- مبرر لهذا الخروج، مع أنهم يستحقون من الوقف كاستحقاق البطن الأول، و يفرض وجود البطن اللاحق حال الوقف.

(1) أي كلام العلامة في التذكرة على ما حكي عنها.

لا يخفى عليك أننا راجعنا التذكرة فطبقنا المحكي هنا عليها فوجدناه مخالفا لما ذكر هناك، لأن من جملة المحكي قوله: لأن فيه جمعا بين التوصل إلى قوله: حيث شرط التأبيد، و كل هذا لا يوجد في التذكرة.

و لعل الحاكي تصرف في العبارة و زاد هذا السطر عليها.

(2) أي في كلام العلامة.

من هنا يروم الشيخ أن يناقش العلامة.

فقال: إن في كلامه قدس سره ما يكون مقبولا، و ما يكون مردودا، و نحن نشير إلى المقبول و المردود.

أما المقبول مما افاده العلامة فقوله في ص 179: فانه يباع و يصرف في جهة الوقف، فان هذا القول منه مقبول، لأن الشيخ يرى وجوب تأمين الثمن عند شخص أمين حتى يشترى به بدل الوقف المبيع كما يأتي الاشارة إليه.

و من موارد قبول قول العلامة قوله في ص 181: و مراعاة الخصوصية -

ص: 182

ثم إن المتولي للبيع (1) هو البطن الموجود بضميمة الحاكم القيم من قبل سائر البطون.

و يحتمل أن يكون هذا (2) إلى الناظر إن كان، لانه المنصوب

+++++++++++

- بالكلية يفضي إلى فوات الغرض بأجمعه، فان الشيخ قدس سره موافق لهذه النظرية.

و من موارد قبول قول العلامة قوله في ص 181: و لأن قصر الثمن على البائعين يقتضي خروج البطون اللاحقة، فان المصنف موافق لهذه النظرية أيضا.

و أما موارد الرد من قول العلامة فمنها قوله في ص 179: فان أمكن شراء مثل تلك العين كان أولى، فان الشيخ قدس سره لا يرى وجوب المماثلة.

و منها قوله في ص 179: و إلا جاز شراء كل ما يجوز وقفه، فان الشيخ لا يوافق هذا الاطلاق، حيث يرى مع ذلك ملاحظة الأصلح بحال الموقوف عليه.

و منها قوله في ص 181: فاذا لم يمكن التأبيد بحسب الشخص و أمكن بحسب النوع وجب، فان الشيخ لا يرى اعتبار إمكان التأبيد بحسب النوع فضلا عن امكانه بحسب الشخص.

و منها قوله في ص 180: و إلا صرف الثمن إلى الموقوف عليه يعمل فيه ما شاء فان الشيخ لا يرى إعطاء الثمن إلى الموقوف عليه في صورة عدم إمكان شراء كل ما يصح وقفه عند قلة الثمن.

بل يرى تأمينه عند شخص أمين حتى يوجد ما يشترى به، لينتفع به البطون اللاحقة.

(1) أي بيع الوقف الذي آل إلى الخراب.

(2) أي المتولي للبيع، و المتصدي له.

ص: 183

لمعظم الأمور الراجعة إلى الوقف.

إلا أن يقال: بعدم انصراف وظيفته (1) المجعولة من قبل الواقف إلى التصرف في نفس العين.

و الظاهر سقوط نظارته عن بدل الوقف.

و يحتمل بقاؤها (2)، لتعلق حقه بالعين الموقوفة فيتعلق ببدلها.

ثم إنه لو لم يمكن شراء بدله، و لم يكن الثمن مما ينتفع به، مع بقاء عينه كالنقدين فلا يجوز دفعه إلى البطن الموجود، لما عرفت:

من كونه (3) كالمبيع مشتركا بين جميع البطون.

و حينئذ (4) فيوضع عند أمين حتى يتمكن من شراء ما ينتفع به و لو مع الخيار إلى مدة.

و لو طلب ذلك (5) البطن الموجود فلا يبعد وجوب اجابته و لا يعطل الثمن حتى يوجد ما يشترى به من غير خيار.

نعم لو رضي الموجود بالاتجار به (6) و كانت المصلحة في التجارة جازت مع المصلحة إلى أن يوجد البدل، و الربح تابع للاصل (7)

+++++++++++

(1) أي وظيفة الناظر على الوقف.

(2) أي بقاء نظارة الناظر بعد بيع الوقف الذي آل إلى الخراب

(3) أي من كون الثمن.

(4) أي و حين أن قلنا إن الثمن كالمبيع في اشتراكه بين جميع البطون.

(5) أي لو طلب البطن الموجود شراء ما يباع مع الخيار لمدة لا يبعد وجوب اجابة الطالب.

(6) أي بثمن الوقف المبيع.

(7) أي للوقف المبيع.

ص: 184

و لا يملكه الموجودون، لأنه (1) جزء من المبيع، و ليس (2) كالنماء الحقيقي.

ثم لا فرق في جميع ما ذكرنا: من جواز البيع مع خراب الوقف بين عروض الخراب لكله، أو بعضه فيباع البعض المخروب و يجعل بدله ما يكون وقفا.

و لو كان صرف ثمنه في باقيه بحيث يوجب زيادة منفعة جاز مع رضا الكل (3)، لما عرفت من كون الثمن ملكا للبطون (4) فلهم التصرف فيه على ظن المصلحة.

+++++++++++

- توضيح هذه الجملة أنه لو فرضنا أن ثمن المبيع كان مائة دينار فاتجرنا به و ربحت التجارة بمبلغ قدره عشرون دينارا.

فكما كان أصل الثمن لجميع البطون صار هذا الربح أيضا لجميع البطون، لأنه قابل جزء من المتاع الذي اشتري بالثمن أي قابل سدسا منه، حيث إن المجموع ستة أسداس، فسدسه عشرون دينارا فهذا السدس لا يملكه البطون الموجودة فقط، بل لهم و للبطون اللاحقة

(1) تعليل لعدم تملك البطون الموجودة لهذا الربح أي لأن هذا الربح جزء من المبيع.

فكما أن المبيع للكل، كذلك هذا الربح.

ثم لا يخفى أن اطلاق الجزء على هذا الربح اطلاق مجازي كاطلاق اسد على زيد في قولك: زيد اسد.

(2) أي و ليس هذا الربح كالماء الحقيقي حتى يختص بالموجودين.

(3) و هم الموجودون البالغون من البطون، و ولي غير الموجودين و غير البالغين.

(4) أي البطون الموجودة، و اللاحقة.

ص: 185

و منه (1) يعلم جواز صرفه في وقف آخر عليهم على نحو هذا الوقف فيجوز صرف ثمن ملك مخروب في تعمير وقف آخر عليهم

و لو خرب بعض الوقف و خرج عن الانتفاع و بقي بعضه محتاجا إلى عمارة لا يمكن بدونها انتفاع البطون اللاحقة فهل يصرف ثمن المخروب إلى عمارة الباقي و إن لم يرض البطن الموجود؟

وجهان (2): آتيان (3) فيما إذا احتاج اصلاح الوقف بحيث لا يخرج عن قابلية انتفاع البطون اللاحقة إلى صرف منفعته الحاضرة التي يستحقها البطن الموجود إذا لم يشترط الواقف اخراج مئونة الوقف عن منفعته قبل قسمته في الموقوف عليهم

و هنا فروع اخر يستخرجها الماهر بعد التأمل (4).

+++++++++++

(1) أي و مما قلناه: من أن الثمن ملك للكل فلهم فيه التصرف على ظن المصلحة.

(2) أي وجه بجواز صرف ثمن المخروب في عمارة الباقي و وجه بعدم الجواز.

(3) أي هذان الوجهان آتيان في هذا الفرع.

(4) أليك هذه الفروع التي يأتي فيها الوجهان:

(الأول): أنه لو نقص ثمن العين الموقوفة المبيعة عن تحصيل عين ينتفع بها على وجه الاستقلال، لكنه أمكن تحصيل جزء مشاع فهل يشترى بهذا الثمن الجزء المشاع أو لا؟

(الثاني): أنه لو زاد ثمن العين الموقوفة المبيعة عن قيمة العين المشتراة، و لم يمكن صرف الزائد في عمارة العين المشتراة.

فهل يقدم على شراء هذا الشيء أو لا؟

(الثالث): أنه لو لم تحصل عين تساوي قيمتها ثمن العين -

ص: 186

الصورة الثانية: أن يخرب بحيث يسقط عن الانتفاع المعتد به

(الصورة الثانية) (1): أن يخرب بحيث يسقط عن الانتفاع المعتد به بحيث يصدق عرفا أنه لا منفعة فيه كدار تهدمت فصارت عرصة تؤجر للانتفاع بها باجرة لا تبلغ شيئا معتدا به.

فان كان ثمنه على تقدير البيع لا يعطى به إلا ما كانت منفعته كمنفعة العرصة فلا ينبغي الاشكال في عدم الجواز (2).

و إن كان يعطى بثمنه ما تكون منفعته أكثر من منفعة العرصة بل ساوت منفعة الدار ففي جواز البيع وجهان:

من (3) عدم دليل على الجواز مع قيام المقتضي للمنع و هو (4) ظاهر المشهور، حيث قيدوا الخراب المسوغ للبيع بكونه بحيث لا يجدي نفعا (5).

و قد تقدم التصريح (6) من العلامة في التحرير بأنه لو انهدمت

+++++++++++

- الموقوفة المبيعة، ثم دار الأمر بين شراء شيء ينقص ثمنه عنه.

و بين شراء شيء آخر يفضل ثمنه عنه.

فهل يقدم على الشراء أو لا؟

(1) أي من صور جواز بيع الوقف المشار إليها في ص 161.

(2) أي عدم جواز بيع هذه العرصة التي تبلغ منفعة ثمنها كمنفعة نفس العرصة إذا استؤجرت.

(3) دليل لعدم جواز بيع مثل هذا الوقف الذي تبلغ منفعة ثمنها كمنفعة نفس العرصة إذا استؤجرت.

(4) أي عدم جواز بيع هذا الوقف.

(5) و من المعلوم أن هذه العرصة تجدي نفعا باجارتها مبلغا يستفاد منه الموقوف عليه.

(6) في ص 128 عند نقل الشيخ عنه في قوله: و قال في التحرير: -

ص: 187

الدار لم تخرج العرصة من الوقف، و لم يجز بيعها.

اللهم إلا أن يحمل النفع المنفي (1) في كلام المشهور على النفع المعتد به بحسب حال العين، فان (2) الحمام الذي يستأجر كل سنة مائة دينار إذا صار عرصة تؤجر كل سنة خمسة دراهم، أو عشرة لغرض جزئي كجمع الزبائل (3) فيها، و نحوه يصدق عليه أنه لا يجدي نفعا.

+++++++++++

- لا يجوز بيع الوقف بحال.

(1) أي النفع المنفي في قول الفقهاء يحتمل أن يراد منه النفع المعتنى به أي الوقف إذا خرب و كان فيه نفع معتنى به لا يجوز بيعه.

و أما إذا لم يكن فيه نفع يعتنى به فيجوز بيعه.

(2) تعليل لاحتمال أن المراد من النفع المنفي في قول الفقهاء هو النفع المعتنى به.

و خلاصته: أن الحمام الموقوف لو خرب و آل إلى عرصة لا يستفاد منها سوى رمي الأوساخ فيها، و أصبحت مزبلة للزبالة فاجّرت العرصة لهذا الغرض بعشرة دراهم سنويا بينما كانت اجارة الحمام في السنة ألف درهم، فعشرة دراهم في قبال الألف منفعة زهيدة ضئيلة لا يعتنى بها فلا تعد منفعة.

(3) الظاهر أنها جمع زبل بكسر الزاي و سكون الباء.

و زبل معروف يراد منه هنا الأوساخ و القذارات.

و اسم المكان منه مزبلة جمعها مزابل.

لكننا راجعنا القاموس و بعض كتب اللغة فلم نر جمعا لكلمة زبل على وزان فواعل.

نعم هذا الجمع متداول في اللغة الدارجة.

ص: 188

و كذا القرية الموقوفة، فان خرابها بغور (1) أنهارها، و هلاك أهلها، و لا يكون (2) بسلب منافع أراضيها رأسا.

و يشهد لهذا (3) ما تقدم عن التحرير من جعل عرصة الدار المنهدمة مواتا لا ينتفع بها بالكلية.

مع أنها (4) كثيرا ما تستأجر للأغراض الجزئية، فالظاهر دخول الصورة المذكورة في اطلاق كلام كل من سوغ البيع عند خرابه بحيث لا يجدي نفعا، و يشمله الاجماع المدعى في الانتصار و الغنية.

لكن الخروج بذلك (5) عن عموم أدلة وجوب العمل بمقتضى وقف الواقف الذي هو حبس العين، و عموم قوله عليه السلام: لا يجوز

+++++++++++

(1) بفتح الغين و سكون الواو مصدر غار يغور.

يقال: غار الماء أي ذهب في الأرض.

(2) أي خراب القرية لا يكون بسبب سلب منافع أراضيها بل بسبب ما ذكرناه: من غور أنهارها، و هلاك أهلها.

(3) أي و يشهد لكون المراد من النفع المنفي في قول العلماء هو النفع المعتنى به، لا النفع القليل غير المعتنى به: ما افاده العلامة في التحرير الذي نقله عنه الشيخ و اشرنا إليه في الهامش 6 ص 187

(4) أي مع أن العرصة لا يستفاد منها سوى المنافع القليلة كجعلها مزبلة ترمى فيها الأوساخ.

(5) أي خروج هذه الصورة التي آلت إلى حد لا يجدي نفعا عن صريح أدلة وجوب العمل بمقتضى وقف الواقف: و هو تحبيس العين.

و عن حريم قوله عليه السلام: لا يجوز شراء الوقف المشار إليه في ص 97: مشكل.

ص: 189

شراء الوقف مشكل.

و يؤيد المنع (1) حكم أكثر من تأخر عن الشيخ بالمنع عن بيع النخلة المنقلعة، بناء على جواز الانتفاع بها في وجوه اخر كالتسقيف و جعلها جسرا، و نحو ذلك.

بل ظاهر المختلف، حيث جعل النزاع بين الشيخ و الحلي رحمهما اللّه لفظيا، حيث نزّل تجويز الشيخ على صورة عدم امكان الانتفاع به في منفعة اخرى الاتفاق على المنع إذا حصل فيه انتفاع و لو قليلا كما يظهر من التمثيل بجعله جسرا.

نعم لو كان (2) قليلا في الغاية بحيث يلحق بالمعدوم أمكن الحكم بالجواز، لانصراف قوله عليه السلام: لا يجوز شراء الوقف إلى غير هذه الحالة (3).

و كذا حبس العين و تسبيل المنفعة إنما يجب الوفاء به ما دامت المنفعة المعتد بها موجودة.

و إلا فمجرد حبس العين و إمساكه و لو من دون منفعة لو وجب الوفاء به لمنع عن البيع في الصورة الأولى.

ثم إن الحكم المذكور (4) جار فيما إذا صارت منفعة الموقوف

+++++++++++

(1) أي منع بيع مثل هذا الوقف الذي آل إلى الخراب بحيث لا ينتفع به منفعة معتدا بها.

(2) أي الانتفاع من هذا الوقف الخراب الذي آل أمره إلى عدم الانتفاع منه سوى المنفعة القليلة الوجيزة المعدومة المندكة في جنب المنافع السابقة.

(3) و هي المنفعة المعدومة المندكة.

(4) و هو جواز بيع الوقف في الصورة الثانية.

ص: 190

قليلة لعارض آخر غير الخراب، لجريان ما ذكرناه (1) فيه.

ثم إنك قد عرفت فيما سبق أنه ذكر بعض (2) أن جواز بيع الوقف لا يكون إلا مع بطلان الوقف، و عرفت وجه النظر فيه (3).

ثم وجه (4) بطلان الوقف في الصورة الأولى بفوات (5) شرط الوقف المراعى في الابتداء و الاستدامة: و هو كون العين مما ينتفع بها

+++++++++++

(1) و هو عدم صدق النفع على المنفعة القليلة في الوقف الذي منشأ القلة فيه عارض آخر غير الخراب.

(2) و هو صاحب الجواهر تبعا لاستاذه الشيخ كاشف الغطاء قدس سرهما، فانه كما عرفت في ص 106 أفاد أن جواز بيع الوقف لازمه بطلان الوقف، لكون جواز البيع، و بقاء الوقف على الوقفية حكمين متضادين.

(3) أي فيما أفاده صاحب الجواهر فراجع ص 107-108-109.

(4) أي صاحب الجواهر.

(5) الباء بيان لكيفية توجيه البطلان.

و خلاصته: أن حقيقة الوقف متقومة بشيئين:

(أحدهما): تحبيس الأصل.

(ثانيهما): تسبيل الثمرة

و من الواضح أن مفهوم التسبيل لا يتحقق خارجا إلا مع وجود الثمرة للعين الموقوفة، من دون فرق في ذلك بين ابتداء الوقف و استدامته.

فلا يعقل تحقق وقف و لا ثمرة للعين الموقوفة، لأنه ليس اعتبار اشتمال الوقف على الثمرة شرطا خارجيا للوقف حتى يعقل فيه الفرق ليعتبر في الابتداء، دون الاستدامة.

ص: 191

مع بقاء عينها.

و فيه (1) ما عرفت سابقا: من أن بطلان الوقف بعد انعقاده صحيحا لا وجه له في الوقف المؤبد مع (2) أنه لا دليل عليه.

مضافا (3) إلى أنه لا دليل على اشتراط الشرط المذكور في الاستدامة فان (4) الشرط في العقود النافلة يكفي وجوده.

+++++++++++

(1) أي و فيما افاده صاحب الجواهر لكيفية توجيه البطلان نظر و إشكال كما عرفت سابقا في ص 107-108-109.

و كلمة من في قول الشيخ: من أن بطلان الوقف بيان لما ذكره سابقا من الاشكال.

(2) أي و لنا بالإضافة إلى ما قلناه: من الاشكال على ما أفاده صاحب الجواهر: أنه لا دليل على بطلان الوقف عند القول بجواز بيعه، إذ ذهاب العنوان لا يوجب ذهاب المعنون الذي هو الوقف.

(3) أي و لا بالإضافة إلى ما أوردناه على صاحب الجواهر فيما افاده: من بطلان الوقف لو قلنا بجواز بيعه، لتضادهما، إشكال آخر: و هو عدم وجود دليل على اشتراط الشرط المذكور: و هو كون العين مما ينتفع بها مع بقاء العين على وقفيتها بالاستمرار حتى بعد النقل.

(4) تعليل لعدم وجود دليل على اشتراط الشرط المذكور.

و خلاصته: أن وجود الشرط في العقود الناقلة كاف حين النقل و لا يحتاج إلى استمرار الشرط حتى بعد النقل.

ففيما نحن فيه و هي العين الموقوفة المبيعة كان المعتبر من الثمرة المترتبة عليها هي الثمرة الموجودة حين الوقف.

و من الواضح وجود هذه الثمرة إلى أن آل الوقف إلى الخراب فلما اريد بيعه و بيع زالت الوقفية بالبيع. -

ص: 192

حين النقل، فانه (1) قد يخرج المبيع عن المالية و لا يخرج بذلك (2) عن ملك المشتري.

مع أن جواز بيعه لا يوجب الحكم بالبطلان، بل يوجب خروج الوقف عن اللزوم إلى الجواز كما تقدم (3).

ثم ذكر (4) أنه قد يقال بالبطلان أيضا بانعدام عنوان الوقف فيما إذا وقف بستانا مثلا ملاحظا في عنوان وقفه (5) البستانية فخربت

+++++++++++

- فالوقفية كانت الى آن ظرف البيع فلم يبق مجال لاجتماع الوقف مع جواز بيعه في آن واحد حتى يقال: إنهما لا يجتمعان، لتضادهما.

(1) تنظير لكفاية وجود الشرط المذكور حين النقل في العقود الجائزة.

و خلاصته: أنه كما قد يخرج المبيع أحيانا عن المالية، و لا يخرج عن الملكية كصبرة حنطة بيعت ثم تفرقت حبة حبة، فانها و إن خرجت عن المالية بتفرقها، لكنها باقية على ملك صاحبها، و لذا لو أخذ هذه الحبات المتفرقة شخص ضمنها، و وجب عليه اداؤها إلى صاحبها.

كذلك ما نحن فيه، فانه و إن خرج عن عنوان الوقف و هو البستان أو الحمام مثلا، لكن المعنون باق على الوقفية و إن ذهب عنوان الوقف.

(2) أي بخروج المبيع عن المالية كما عرفت.

(3) في نقله عن صاحب الجواهر في ص 106 بقوله: نعم

(4) أي صاحب الجواهر ذكر أنه قد يقال ببطلان الوقف أيضا إذا خرب كما لو وقف شخص بستانا لاحظ في الوقف عنوان البستان فخرب البستان بحيث خرج عن قابلية البستان فالمعنون و هو الوقف يبطل أيضا.

(5) أي في عنوان وقف البستان لاحظ الواقف البستان كما عرفت.

ص: 193

حتى خرجت عن قابلية ذلك (1)، فانه و إن لم تبطل منفعتها اصلا لامكان الانتفاع بها دارا مثلا، لكن ليس (2) من عنوان الوقف.

و احتمال (3) بقاء العرصة على الوقف باعتبار أنها جزء من الوقف و هي (4) باقية.

و خراب (5) غيرها و إن اقتضى

+++++++++++

(1) أي عن قابلية البستان كما عرفت.

(2) أي الانتفاع بالدار ليس عنوانا للوقف، إذ العنوان هو البستان لأنك عرفت أن الواقف حين الوقف لاحظ فيه عنوان البستان.

(3) هذا من كلام صاحب الجواهر اتى به لاثبات ما افاده:

من أن لازم القول بجواز بيع الوقف بطلانه، و أن الاحتمال المذكور في غير محله.

و خلاصة الاحتمال: أن نفس العرصة التي كان فيها البستان باقية على وقفيتها و إن خرب البستان، لأنها جزء من الوقف، و ما كان جزء من الوقف لا يتصور فيه البطلان فلا يجوز بيعها.

(4) الواو حالية أي و الحال أن العرصة باقية على وقفيتها و إن خرب البستان كما عرفت.

(5) هذه الجملة معترضة واقعة بين المبتدأ المتقدم و هو قوله:

و احتمال، و بين الخبر و هو قوله في ص 195: يدفعه، و هي من متممات كلام صاحب الجواهر.

و خلاصتها: أن خراب غير العرصة و هو البستان و إن اقتضى بطلان الوقف في هذا الغير، لكن هذا الخراب لا يقتضي بطلان الوقف في نفس العرصة، إذ لا ملازمة بين بطلان الغير: و هو البستان بخرابه

و بين بطلان العرصة، بل العرصة جزء من الوقف و هي باقية -

ص: 194

بطلانه فيه (1) لا يقتضي بطلانه فيها (2):

يدفعه (3) أن العرصة كانت جزء من الوقف من حيث كونه (4) بستانا، لا (5) مطلقا فهي (6) حينئذ جزء عنوان الوقف الذي قد فرض خرابه.

+++++++++++

- على وقفيتها.

و مرجع الضمير في بطلانه الأول و الثاني الوقف، و في فيها العرصة كما عرفت.

(1) مرجع الضمير غيرها المذكور في ص 194 المراد منه البستان كما عرفت

(2) أي في العرصة كما عرفت في الهامش 3-5 ص 194.

(3) خبر للمبتدإ المتقدم: و هو قوله في ص 194: و احتمال بقاء العرصة أي هذا الاحتمال مدفوع.

و كلمة أن مع اسمها مرفوعة محلا فاعل لكلمة يدفعه.

هذا جواب عن الاحتمال المذكور.

و خلاصة الدفع: أن العرصة و إن كانت جزء من الوقف إلا أن الجزئية كانت مقيدة بقيد البستان، و من حيث إن هذا الجزء كان بستانا، لا أنها جزء و إن لم يكن بستانا حتى يقال: إن العرصة باقية على وقفيتها و إن خرب البستان و زال فلا يجوز بيعها.

فالعرصة حين أن كانت مقيدة بهذه الحيثية اصبحت جزء من الوقف الذي قد فرض خرابه، فيجوز حينئذ بيعها.

(4) أي من حيث كون هذا الجزء الذي هي العرصة كما عرفت.

(5) أي لا أن العرصة جزء الوقف و إن لم يكن بستانا كما عرفت.

(6) أي العرصة التي كانت بستانا حين أن كانت مقيدة بقيد البستان لا مطلقا كما عرفت.

ص: 195

و لو فرض (1) إرادة وقفها، ليكون بستانا، أو غيره لم يكن إشكال في بقائها (2)، لعدم ذهاب عنوان الوقف.

و ربما يؤيد ذلك (3) في الجملة ما ذكروه في باب الوصية:

+++++++++++

(1) خلاصته: أنه لو فرضنا أن الواقف من ابتداء الوقف اراد وقف ارض لتكون بستانا مثلا فاجرى صيغة الوقف على هذه الأرض قبل أن تكون بستانا فلا إشكال حينئذ في بقاء هذه العرصة على وقفيتها بعد أن صارت بستانا و إن خرب البستان، لعدم ذهاب عنوان الوقف عن العرصة بذهاب البستان، لأنك قد عرفت أن صيغة الوقف قد جرت على العرصة من بادئ الأمر.

بخلاف الفرض الأول: و هو ما لو وقف الواقف بستانا لاحظ فيه عنوان البستانية مثلا، فان وقفية العرصة تنعدم بانعدام عنوان البستان و خرابه.

كما ذكر صاحب الجواهر قدس سره بقوله في ص 193 ثم ذكر أنه قد يقال

(2) أي في بقاء هذه العرصة على الوقفية في هذا الفرض كما عرفت

(3) أي بقاء العرصة على الوقفية على هذا الفرض.

خلاصة التأبيد: أن الفقهاء ذكروا في باب الوصية: من أنه لو اوصى شخص باعطاء دار من دوره لزيد بعد وفاته ثم انهدمت الدار قبل موت الموصي بطلت الوصية، لانتفاء موضوع الوصية:

و هو وجود الدار و عنوانها.

فما نحن فيه: و هو فرض إرادة وقف العرصة، لتكون بستانا يشبه الوصية: في كونها متعلقة بالعنوان.

و أما وجه الشبه فهو كما أن زوال العنوان في الوصية يبطل الوصية كالمثال المذكور، لتعلقها بعنوان الدار. -

ص: 196

من أنه لو اوصى بدار فانهدمت قبل موت الموصي بطلت الوصية لانتفاء موضوعها (1).

نعم (2) لو لم تكن الدارية و البستانية، و نحو ذلك مثلا عنوانا للوقف و إن قارنت (3) وقفه، بل كان المراد به (4) الانتفاع به في كل وقت على حسب ما يقبله لم يبطل الوقف بتغير أحواله (5).

ثم ذكر (6) أن في عود الوقف إلى ملك الواقف، أو وارثه بعد البطلان، أو الموقوف عليه وجهين (7).

+++++++++++

- كذلك زوال العنوان في الوقف كالمثال المذكور يبطل الوقف لتعلقه بعنوان البستان.

(1) أي موضوع الوصية كما علمت آنفا.

(2) لا يخفى أنه لا مجال لهذا الاستدراك، لأنه عين ما ذكره في قوله في ص 196: و لو فرض إرادة وقفها، فلو امعنت النظر أيها القارئ الكريم لظهر لك صدق ما قلناه.

(3) أي الدارية، أو البستانية قارنت وقفية الواقف.

(4) أي بل كان المراد بالوقف الانتفاع به على الدوام و الاتصال، و في كل وقت و زمان.

(5) بأن كان بستانا فخرب و صار عرصة، فانه مع ذلك باق على وقفيته كما عرفت في قوله: و لو فرض إرادة وقفها.

(6) أي صاحب الجواهر ذكر أنه بعد خراب البستان فيما إذا كان عنوان البستان ملاحظا في الوقفية هل الوقف هذا يعود إلى ملك الواقف و وراثه، أو الى الموقوف عليهم ؟

(7) أي وجه بالعود الى الواقف، أو وارثه.

و وجه بالعود الى الموقوف عليهم. -

ص: 197

..........

+++++++++++

- انتهى ما افاده صاحب الجواهر قدس سره.

راجع (جواهر الكلام) الطبعة الجديدة. الجزء 22. ص 559

لكن من المؤسف جدا أننا بعد المراجعة و التطبيق رأينا نقصا فاحشا في الطبعة الجديدة بالإضافة إلى وجود ضمير مؤنث مخل بالمعنى إذ اللازم اتيان الضمير المذكر فراجعنا الطبعات القديمة من الجواهر فوجدنا العبارة كما ذكرها شيخنا الانصاري قدس سره هنا، من دون زيادة و نقيصة.

إليك نص ما ذكره الشيخ عن الجواهر كما طبقناه على الطبعات القديمة.

و خراب غيرها و إن اقتضى بطلانه فيه لا يقتضي بطلانه فيها.

و إليك نص عبارة الجواهر في الطبعة الجديدة.

و خراب غيرها و إن اقتضى بطلانه فيها.

أيها القارئ النبيل لاحظ النصين في الطبعتين كيف تجد البون الشاسع بينهما، فان المبتدأ و هو و خراب غيرها يبقى بلا خبر في الطبعة الجديدة، بينما في الطبعة القديمة ذكر الخبر: و هو قوله: لا يقتضي بطلانه فيها.

بالإضافة إلى أن في الطباعة الجديدة توجد كلمة فيها و هي غلط و الصحيح فيه، إذ معناه كما عرفت في الهامش ص 194: أن خراب غير العرصة الذي هو البستان و إن اقتضى بطلان الوقف في هذا الخراب لكنه لا يقتضي بطلان الوقف في نفس العرصة.

أي الملازمة بين خراب البستان، و بطلان الوقف موجود.

لكن الملازمة بين خراب البستان. و بطلان الوقف في نفس العرصة ليس بموجود.

ص: 198

أقول: يرد على ذلك ما قد يقال بعد الاجماع على أن انعدام العنوان لا يوجب بطلان الوقف بل و لا جواز البيع و إن اختلفوا (1) فيه عند الخراب، أو خوفه، لكنه (2) غير تغير العنوان كما لا يخفى:

+++++++++++

(1) أي و إن اختلف الفقهاء في جواز بيع الوقف عند ما آل إلى الخراب، أو خيف وقوع الفتنة بين أرباب الوقف، أو القتل فيما بينهم.

لكنهم لم يقولوا: إن انعدام الوقف موجب لبطلان عنوان الوقف.

(2) أي لكن الخراب غير تغير العنوان.

مقصود الشيخ من هذا الاستدراك بيان عدم الملازمة بين خراب الوقف، و تغير العنوان، لأن بينهما العموم و الخصوص من وجه لهما مادة اجتماع، و مادتا افتراق.

أما مادة الاجتماع فكما في البستان مثلا لو أوقفه صاحبه ملاحظا فيه عنوان البستان، ثم خرب بانقطاع الماء عنه و اصبح عرصة قفراء فانه قد اجتمع الخراب، و تغير العنوان، إذ عنوان الوقف هو البستان لا مطلقا.

و أما مادة الافتراق من جانب الخراب، دون تغير العنوان:

بأن كان الخراب موجودا، و التغير ليس بموجود كالأرض الموقوفة للزراعة بسبب انقطاع الماء عنها، فان الخراب يصدق هنا، لكن تغير العنوان لا يصدق، إذ من الممكن الانتفاع من الأرض بجعلها حانوتا أو دارا، أو حماما، و غير ذلك مما لا يصدق عليه الانتفاع و يراعى فيه نظر الواقف.

و أما مادة الافتراق من جانب تغير العنوان، دون الخراب:

بأن يكون التغير موجودا، و الخراب ليس بموجود. -

ص: 199

أنه (1) لا وجه للبطلان بانعدام العنوان (2)، لأنه إن اريد بالعنوان ما جعل مفعولا في قوله: وقفت هذا البستان فلا شك أنه ليس إلا كقوله: بعت هذا البستان، أو وهبته، فان التمليك المعلق بعنوان لا يقتضي دوران الملك مدار العنوان.

+++++++++++

- كما في وقف الابل، أو الغنم بعنوان خاص يحصل من حدود أسنانها كابن لبون، و ابن مخاض، و جذعه، و مسنة، فان هنا يصدق تغير العنوان بخروج الابل أو الغنم عن تلك الحدود المذكورة.

لكنه لا يصدق الخراب هنا.

(1) أن مع اسمه مرفوعة محلا فاعل لقوله في ص 199: يرد.

من هنا اخذ الشيخ في الرد على ما افاده القيل، حسب نقل صاحب الجواهر بقوله في ص 193: ثم ذكر أنه قد يقال بالبطلان.

و خلاصة الرد: أنه لا دليل على بطلان الوقف بانعدام عنوان الوقف: و هو البستان، لأنه لا يعلم المراد من العنوان في قول القائل ببطلانه ؟

فان اريد بالعنوان المفعول الذي تعلقت به صيغة الوقف في قول الواقف: وقفت هذا البستان فلا شك في كون هذا القول ليس إلا كقول البائع: بعت هذا البستان، أو وهبته، فان التمليك المعلق على عنوان كما هنا لا يوجب دوران الملك مدار العنوان، و لا يقتضي ذلك أبدا.

كذلك تعليق الوقف على عنوان من العناوين كما هنا لا يقتضي دوران الوقف مدار العنوان حتى إذا زال العنوان زال الوقف.

فزوال الوقف لا يكون متوقفا بزوال العنوان.

(2) و هو البستان كما عرفت.

ص: 200

فالبستان (1) إذا صار ملكا فقد ملّك منه كل جزء خارجي و إن لم يكن في ضمن عنوان البستان، و ليس التمليك من قبيل الأحكام الجعلية المتعلقة بالعنوانات (2).

و إن (3) اريد بالعنوان شيء آخر فهو خارج عن مصطلح اهل العرف و العلم، و لا بدّ من بيان المراد منه هل يراد ما اشترط لفظا أو قصدا في الموضوع زيادة على عنوانه ؟

و أما (4) تأييد ما ذكر بالوصية فالمناسب أن يقاس ما نحن فيه

+++++++++++

(1) الفاء تفريع على ما افاده في رد القيل: من الشق الأول من المراد من العنوان: أي ففي ضوء ما ذكرنا أن البستان إذا صار ملكا معناه: أن كل جزء خارجي منه اصبح ملكا و إن لم تكن هذه الملكية في ضمن عنوان البستان.

فعنوان البستانية لا مدخل له في تملك البستان حتى يدور التملك مدار العنوان، فان كان موجودا يحصل التملك، و إن لم يكن موجودا لم يحصل التملك.

(2) فان الأحكام الجعلية كالزوجية مثلا تدور مدار شخص العنوانات، فان حلية وطء الزوجة تدور مدار علقة الزوجية فاذا كانت موجودة حلّ الوطء، و جميع اضافاتها.

و إن لم تكن: بأن طلقت فلا يحل الوطء، و بقية اضافاتها.

فالحلية و الحرمة في الأحكام الجعلية تدوران مدار العنوان و شخصه فان كان فقد تحققتا، و إن لم يكن فلم تتحققا.

(3) هذا هو الشق الثاني للمراد من العنوان.

(4) هذا رد من الشيخ على ما افاده صاحب الجواهر بقوله في ص 196: و ربما يؤيد ذلك. -

ص: 201

بالوصية بالبستان بعد تمامها، و خروج البستان عن ملك الموصي بموته و قبول الموصى له فهل يرضى احد بالتزام بطلان الوصية بصيرورة البستان عرضة.

نعم الوصية قبل تمامها يقع الكلام في بقائها، و بطلانها من جهات اخر.

ثم ما ذكره (1) من الوجهين مما لا يعرف له وجه بعد اطباق كل

+++++++++++

- و خلاصة الرد أن المناسب قياس الوقف بالوصية بعد أن تمت و كملت.

و من الواضح أن كمال الوصية و تمامها بموت الموصي، و خروج البستان عن ملكه و انتقال البستان إلى الموصى له، و قبول الموصى له الوصية، فان في هذه الحالة لم يقل احد من الفقهاء ببطلان الوصية لو خرب البستان و آل إلى عرصة.

لا قياس الوقف بالوصية قبل تمامها و كمالها كما هنا، حيث لم تكمل لأن الموصي قد مات قبل انتقال البستان إليه.

و من المعلوم أن انتقال البستان إلى الموصى له إنما يتحقق بعد موت الموصي كما هو المفروض في الوصية.

فقياسه الوقف بالوصية بالبستان قبل انتقاله إلى الموصى له بموت الموصي في غير محله.

(1) هذا رد من الشيخ على ما افاده صاحب الجواهر: من الوجهين فيما إذا بطل الوقف بعد خرابه في ص 197 عند قوله: ثم ذكر أن في عود الوقف.

و خلاصته: أن فقهاء الطائفة اطبقوا على عدم عود الوقف المؤبد إلى الواقف، أو إلى ورثته، سواء خرب الوقف أم لم يخرب -

ص: 202

من قال بخروج الوقف المؤبد عن ملك الواقف على عدم عوده إليه أبدا.

الصورة الثالثة: أن يخرب بحيث تقل منفعته

(الصورة الثالثة (1): أن يخرب (2) بحيث تقل منفعته، لكن لا إلى حد يلحق بالمعدوم.

و الأقوى هنا المنع، و هو الظاهر من الأكثر في مسألة النخلة المنقلعة، حيث جوز الشيخ في محكي الخلاف بيعها، محتجا بأنه لا يمكن الانتفاع بها إلا على هذا الوجه (3)، لأن الوجه الذي شرطه الواقف قد بطل (4) و لا يرجى عوده.

و منعه (5) الحلي قائلا: و لا يجوز بيعها، بل ينتفع بها بغير البيع، مستندا إلى وجوب بقاء الوقف على حاله مع امكان الانتفاع.

و زوال بعض المنافع لا يستلزم زوال جميعها، لامكان التسقيف بها، و نحوه.

و حكي موافقته (6) عن الفاضلين و الشهيدين، و المحقق الثاني و أكثر المتأخرين.

+++++++++++

- لأن الملك بمجرد وقف الواقف يخرج عن ملكه، و يكون الواقف اجنبيا عنه، و يصير حكمه حكم بقية الأجانب بالنسبة إلى هذا الملك الموقوف له.

(1) أي من صور جواز بيع الوقف المشار إليها في ص 161.

(2) أي الوقف.

(3) و هو بيع النخلة المنقلعة.

(4) أي بواسطة قلع النخلة.

(5) أي جواز بيع النخلة المنقلعة.

(6) أي حكي موافقة الفاضلين: المحقق و العلامة لما افاده ابن ادريس:

في عدم جواز بيع النخلة المنقلعة.

ص: 203

و حكى في الايضاح عن والده قدس سرهما أن النزاع بين الشيخ و الحلي لفظي (1).

و استحسنه، لأن (2) في تعليل الشيخ اعترافا بسلب جميع منافعها

و الحلي فرض وجود منفعة لها، و منع (3) لذلك بيعها.

و قيل (4): يمكن بناء نزاعهما على رعاية المنفعة المعد لها الوقف كما هو (5) الظاهر من تعليل الشيخ

+++++++++++

(1) أي فخر المحققين نقل عن والده قدس سرهما في الايضاح:

أن النزاع بين الشيخ و ابن ادريس لفظي، حيث لا يرى الشيخ للنخلة المنقلعة منفعة، و ابن ادريس يرى لها منفعة: و هي التسقيف.

(2) تعليل من فخر المحققين لكون النزاع بين الشيخ و ابن ادريس لفظيا

(3) أي و منع ابن ادريس بيع النخلة المنقلعة لأجل وجود منفعة فيها: و هي التسقيف كما افاده بقوله في ص 203: لامكان التسقيف بها.

(4) القائل هو المحقق التستري صاحب المقابيس قدس سره.

يروم بهذا الامكان ابتناء نزاعهما نزاعا معنويا: لا لفظيا كما افيد

و خلاصة ما افاده في هذا المقام: أن الشيخ قائل بأنه إذا امتنعت المنفعة المعدّ لها الوقف جاز بيعه.

و ابن ادريس قائل بأن مجرد انتفاء تلك المنفعة المعد لها الوقف غير مفيد في الحكم بجواز بيع الوقف، بل لا بدّ من انتفاء جميع منافع الوقف حتى يحكم بجواز البيع.

(5) أي امكان بناء نزاع الشيخ و ابن ادريس على رعاية المنفعة المعدّ لها الوقف هو الظاهر من تعليل الشيخ قدس سره، حيث يقول في ص 203:

لأن الوجه الذي شرطه الواقف في الوقف قد بطل بخرابه.

فتعليله هذا دليل على أن جواز بيع الوقف في الصورة الثالثة -

ص: 204

و لا يخلو (1) عن تأمل.

و كيف كان (2) فالأقوى هنا (3) المنع، و أولى منه (4) بالمنع ما لو قلت منفعة الوقف من دون خراب فلا يجوز بذلك (5) البيع

+++++++++++

- متوقف على مراعاة المنفعة المعدّ لها الوقف.

فان كانت المنفعة المعدّ لها الوقف موجودة فلا يجوز بيع الوقف كما يدعيه ابن ادريس في النخلة المنقلعة، لانتفاع التسقيف بها.

و إن لم تكن موجودة جاز بيعه كالشيخ، حيث افاد عدم الانتفاع بالنخلة المنقلعة إلا ببيعها.

إذا يكون النزاع بين الشيخ و ابن ادريس حول وجود المنفعة و عدم وجودها معنويا.

(1) أي و لا يخلو هذا الامكان الذي افاده القيل من تأمل.

هذا إشكال من الشيخ.

و خلاصته: أنه يمكن أن يقال بمنع ظهور تعليل الشيخ فيما افاده القيل: من ابتناء نزاع الشيخ و ابن ادريس على ذلك، لاحتمال أن يكون مراد الشيخ مطلق الانتفاع من الوقف، لا خصوص مراعاة المنفعة المعدّ لها الوقف

(2) أي أي شيء يكون الظاهر من كلام الشيخ.

(3) أي في الصورة الثالثة المشار إليها في ص 203 الأولى أن نقول بعدم جواز بيع الوقف إذا لم تذهب منافع الوقف بالكلية عند خرابه.

(4) الظاهر أن مرجع الضمير الخراب، و كان الأولى اتيانه مؤنثا و ارجاعه الى الصورة أي و أولى من صورة الخراب بالمنع عن جواز بيع الوقف: صورة عدم خراب الوقف، فانه حينئذ بطريق أولى لا يجوز بيعه.

(5) أي بسبب عدم خراب الوقف.

ص: 205

إلا إذا قلنا بجواز بيعه إذا كان (1) أعود، و سيجيء تفصيله.

الصورة الرابعة أن يكون بيع الوقف أنفع و أعود للموقوف

(الصورة الرابعة (2) أن يكون بيع الوقف أنفع و أعود للموقوف و الظاهر أن المراد منه أن يكون ثمن الوقف أزبد نفعا من المنفعة الحاصلة تدريجا مدة وجود الموقوف عليه، و قد نسب جواز البيع هنا (3) إلى المفيد، و قد تقدمت عبارته فراجع (4).

و زيادة النفع قد تلاحظ بالنسبة الى البطن الموجود و قد تلاحظ بالنسبة إلى جميع البطون إذا قيل بوجوب شراء بدل الوقف بثمنه.

و الأقوى المنع مطلقا (5)، وفاقا للأكثر، بل الكل، بناء على ما تقدم (6) من عدم دلالة قول المفيد على ذلك.

و على تقديره (7) فقد تقدم عن التحرير أن كلام المفيد متأول (8)

+++++++++++

(1) أي البيع أنفع للموقوف عليهم من بقاء الوقف و منفعته قليلة و هو لم يخرب.

(2) أي من صور جواز بيع الوقف المشار إليها في ص 161.

(3) أي في الصورة الرابعة.

(4) راجع ص 122 عند نقل الشيخ عنه بقوله: أو يكون تغير الشرط في الموقوف أدرّ و أعود عليهم، و أنفع لهم من تركه على حاله

(5) أي سواء أ كان بيع الوقف أنفع بحال الموقوف عليهم من إبقائه أم لم يكن كذلك فلا يجوز بيعه في الصورة الرابعة.

(6) الظاهر عدم تقدم كلام من شيخنا الانصاري قدس سره يدل على ما افاده: من عدم دلالة كلام شيخنا المفيد قدس سره على ذلك

(7) أي و على تقدير دلالة كلام شيخنا المفيد قدس سره على جواز بيع الوقف في هذه الصورة.

(8) راجع كلام الشيخ في ص 124 عند قوله: ثم إن العلامة -

ص: 206

و كيف كان (1) فلا إشكال في المنع (2)، لوجود مقتضى المنع: و هو وجوب العمل على طبق إنشاء الواقف.

و قوله (3) عليه السلام: لا يجوز شراء الوقف، و غير (4) ذلك، و عدم (5)

+++++++++++

- ذكر في التحرير.

(1) أي أي شيء قلنا في تفسير كلام شيخنا المفيد.

(2) أي في منع بيع الوقف في الصورة الرابعة.

(3) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله: لوجود أي و لا إشكال في منع بيع الوقف في الصورة الرابعة، لوجود قوله عليه السلام: لا يجوز شراء الوقف.

و قد مرت الاشارة الى مصدر الحديث في ص 97

(4) بالجر على مجرور (اللام الجارة) في قوله: لوجود أي و لوجود غير هذا الحديث من الأحاديث الواردة في عدم جواز بيع الوقف.

و قد مرت الاشارة إليها في ص 97-98

(5) بالجر عطفا على المجرور (اللام الجارة) في قوله: و لوجود أي و لوجود عدم ما يصلح لمنع المقتضي: و هو وجوب العمل على طبق إنشاء الواقف، فانه ليس يوجد ما يكون صالحا لأن يمنع هذا المقتضي.

فهذه أدلة أربعة لعدم جواز بيع الوقف في الصورة الرابعة.

أليك الأدلة بالتفصيل.

(الأول): وجود المقتضي على عدم جواز بيع مثل هذا الوقف الذي يكون أنفع و أعود للموقوف عليهم.

(الثاني): قول الامام عليه السلام: لا يجوز شراء الوقف -

ص: 207

ما يصلح للمنع عدا رواية ابن محبوب عن علي بن رئاب عن جعفر ابن حنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل وقف غلة (1) له على قرابته من ابيه، و قرابته من أمّه، و اوصى (2) لرجل و لعقبه من تلك الغلة ليس بينه و بينه قرابة بثلاثمائة درهم في كل سنة و يقسّم الباقي على قرابته من ابيه، و قرابته من أمّه ؟

فقال: جائز للذي اوصى له بذلك.

قلت: أ رأيت إن لم يخرج من غلة تلك الأرض التي اوقفها إلا خمسمائة درهم ؟

فقال: أ ليس في وصيته أن يعطى الذي اوصى له من تلك الغلة ثلاثمائة درهم، و يقسّم الباقي على قرابته من ابيه و قرابته من أمه ؟

قلت: نعم.

قال: ليس لقرابته أن يأخذوا من الغلة شيئا حتى يوفوا الموصى له ثلاثمائة درهم، ثم لهم ما يبقى بعد ذلك.

قلت: أ رأيت إن مات الذي اوصي له ؟

قال: إن مات كانت الثلاثمائة درهم لورثته يتوارثونها بينهم.

فأما إذا انقطع ورثته فلم يبق منهم أحد كانت الثلاثمائة درهم

+++++++++++

- (الثالث): غير هذا الحديث من الأحاديث الواردة في المقام المشار إليها في ص 97-98

(الرابع): عدم ما يصلح مانعا عن منع المقتضي.

(1) المراد من الغلة هنا ارض الغلة أي وقف ارضا للغلة فحذف المضاف و هي الأرض و اقيم المضاف إليه مقامه، للعلم بالمضاف.

(2) لا يخفى أن هذه الوصية كانت في ضمن وقف الأرض للغلة على نحو الشرط على الموقوف عليهم عند ما اوقف الواقف الأرض.

ص: 208

لقرابة الميت يردّ إلى ما يخرج من الوقف، ثم يقسّم بينهم يتوارثون ذلك ما بقوا، و بقيت الغلة.

قلت: فللورثة من قرابة الميت أن يبيعوا الأرض إن احتاجوا إليها و لم يكفهم ما يخرج من الغلة ؟

قال: نعم إذا رضوا كلّهم، و كان البيع خيرا لهم باعوا (1)

و الخبر (2) المروي عن الاحتجاج أن الحميري كتب إلى صاحب الزمان جعلني اللّه فداه أنه روي عن الصادق عليه السلام خبر مأثور:

إذا كان الوقف على قوم بأعيانهم و أعقابهم فاجتمع أهل الوقف على بيعه و كان ذلك أصلح لهم أن يبيعوه فهل يجوز أن يشترى من بعضهم إن لم يجتمعوا كلّهم على البيع أم لا يجوز إلا أن يجتمعوا كلّهم على ذلك، و عن الوقف الذي لا يجوز بيعه ؟.

فأجاب عليه السلام إذا كان الوقف على امام المسلمين فلا يجوز بيعه.

و إذا كان على قوم من المسلمين فليبع كل قوم ما يقدرون

+++++++++++

(1) (وسائل الشيعة) الجزء 13. ص 306. الباب 6 الحديث 9

فقوله عليه السلام: نعم إذا رضوا كلّهم و كان البيع خيرا لهم باعوا: يدل على جواز بيع الوقف عند عدم كفاية ما يخرج من الغلة لمعاشهم في سؤال السائل: أن يبيعوا الأرض إن احتاجوا إليها و لم يكفهم ما يخرج من الغلة.

(2) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله في ص 208: عدا رواية ابن محبوب أي و عدا الخبر المروي عن الحميري الذي يمكن الاستدلال به على جواز بيع الوقف.

ص: 209

على بيعه مجتمعين و متفرقين إن شاء اللّه (1).

دلت (2) على جواز البيع إما في خصوص ما ذكره الراوي:

و هو كون البيع أصلح.

و إما مطلقا، بناء على عموم الجواب، لكنه مقيد بالأصلح، لمفهوم رواية جعفر (3) كما أنه يمكن حمل اعتبار رضا الكل (4) في رواية

+++++++++++

(1) راجع (المصدر نفسه) الحديث 9.

(2) أي رواية الحميري دلت على جواز بيع الوقف في قوله عليه السلام في ص 209: فليبع كل قوم ما يقدرون.

(3) المراد برواية جعفر هي رواية علي بن رئاب المتقدمة في ص 208 و إنما عبّر بها بجعفر، لاشتمالها على جعفر، كما أن صدر الرواية مشتمل على علي ابن رئاب فسميت به.

و المراد من مفهوم رواية جعفر معناها، فان معنى خيرا في قوله عليه السلام في ص 209: و كان البيع خيرا لهم: هو أنه إذا كان البيع أصلح لهم، و ليس المراد من المفهوم هنا ما يقابل المنطوق.

فالشيخ قدس سره يقول: إننا نقيد بهذا المفهوم اطلاق الجواز المستفاد من قوله عليه السلام في رواية الحميري في ص 209 فليبع كل قوم ما يقدرون على بيعه، فيراد من جواز البيع البيع المشتمل على المصلحة، لا مطلق البيع فيقيد ذلك العموم بهذا المفهوم.

(4) في قوله عليه السلام في رواية علي بن رئاب المتقدمة في ص 209:

نعم إذا رضوا كلّهم.

خلاصة هذا الكلام أنه كما قيدنا عموم جواز بيع الوقف في رواية الحميري بمفهوم رواية جعفر بن حنان المتقدمة في ص 208 كما عرفت ذلك آنفا. -

ص: 210

جعفر على صورة بيع تمام الوقف، لا اعتباره (1) بما في بيع كل واحد، بقرينة (2) رواية الاحتجاج.

و يؤيد المطلب (3) صدر رواية ابن مهزيار الآتية لبيع حصة ضيعة الامام عليه السلام من الوقف (4).

+++++++++++

- كذلك يمكن حمل اعتبار رضا الكل في رواية علي بن رئاب المتقدمة في ص 208 في قوله عليه السلام: نعم إذا رضوا كلهم:

على صورة إرادة بيع الأرض الموقوفة كلها بقرينة كلمة الأرض الواقعة في سؤال الراوي: فللورثة من قرابة الميت أن يبيعوا الأرض حيث إن كلمة الأرض تدل على جميع الأرض، فالسؤال يكون عن بيع كل الأرض، إذ لو لا إرادة بيع كل الأرض لما كان وجه لاعتبار رضا تمام الموقوف عليهم.

(1) أي و ليس المراد من الاعتبار اعتبار رضا الكل في بيع كل واحد من الموقوف عليهم.

(2) هذا تعليل لأنه ليس المراد من الاعتبار اعتبار رضا الكل في بيع كل واحد من الموقوف عليهم أي الدليل على ذلك قوله عليه السلام في رواية الحميري في ص 209: و إذا كان على قوم من المسلمين فليبع كل قوم ما يقدرون على بيعه مجتمعين، أو متفرقين، فانّ أو متفرقين:

يدل على ذلك.

(3) و هو جواز بيع الوقف إذا كان البيع أصلح للموقوف عليهم كما افاد ذلك الشيخ بقوله في ص 210: لكنه مقيد بالأصلح.

(4) حيث قال عليه السلام في جواب كتاب علي بن مهزيار:

أعلم فلانا أني آمره ببيع حصتي من الضيعة، و ايصال ثمن ذلك إليّ . -

ص: 211

و الجواب (1) عن رواية جعفر، فانها إنما تدل على الجواز (2) مع حاجة الموقوف عليهم، لا لمجرد كون البيع أنفع فالجواز مشروط بالأمرين (3) كما تقدم عن ظاهر النزهة (4).

و سيجيء الكلام في هذا القول (5)، بل يمكن أن يقال: إن المراد

+++++++++++

- و الحديث هذا مروي في الصورة العاشرة من صور جواز بيع الوقف و المراد من صدر الرواية هو قوله عليه السلام: أو يقدّمها على نفسه إن كان ذلك أوفق له أي أصلح له، فجملة أوفق له تدل على جواز بيع الوقف إذا كان البيع أصلح.

هذا ما يرومه الشيخ من صدر الرواية حسب ما عرفناه من كلام الشيخ قدس سره، و إلا ليس في صدر الرواية ما يدل على ذلك.

(1) من هنا اخذ الشيخ في الرد على الحديثين المستدلين بهما على جواز بيع الوقف إذا كان البيع أصلح و أنفع.

(2) أي جواز بيع الوقف إذا كان البيع أنفع بحال الموقوف عليهم

(3) و هما: احتياج الموقوف عليهم بالبيع.

و كون البيع أنفع للموقوف عليهم.

(4) في ص 127 عند نقل الشيخ عن صاحب النزهة بقوله: و عن النزهة لا يجوز بيع الوقف إلا أن يخاف هلاكه، أو يؤدي المنازعة فيه بين أربابه ضرر عظيم، أو يكون فيه حاجة عظيمة شديدة و يكون بيع الوقف أصلح لهم.

فالشاهد في قوله: أو يكون فيه حاجة عظيمة شديدة، و يكون بيع الوقف أصلح لهم، فان هاتين الجملتين تدلان على اشتراط الأمرين المذكورين في الهامش 3.

(5) و هو جواز بيع الوقف مشروطا بالأمرين المذكورين في الهامش 3

ص: 212

بكون البيع خيرا لهم (1) مطلق النفع الذي يلاحظه الفاعل (2) ليكون (3) منشأ لارادته، فليس مراد الامام عليه السلام بيان اعتبار ذلك (4) تعبدا.

بل المراد بيان الواقع الذي فرضه السائل: يعني إذا كان الأمر على ما ذكرت من المصلحة في بيعه جاز.

كما يقال: إذا اردت البيع و رأيته أصلح من تركه فبع.

و هذا (5) مما لا يقول به أحد.

و يحتمل أيضا أن يراد من الخير (6) هو خصوص رفع الحاجة التي فرضها السائل.

+++++++++++

(1) في قوله عليه السلام في رواية علي بن رئاب المشار إليها في ص 208

(2) لا خصوص البيع الذي يكون أنفع لحال الموقوف عليهم.

(3) أي ليكون هذا النفع المطلق الذي لاحظه الفاعل منشأ و سببا لارادته البيع.

بعبارة اخرى أن مطلق النفع يكون مدركا لبيع الوقف، و دليلا عقلائيا له، إذ لو لا هذا السبب و المنشأ لما جاز له بيع الوقف.

(4) أي اعتبار مطلق النفع لا يكون دليلا تعبديا محضا، بل هو دليل عقلائي، و منشأ للبيع.

(5) أي مجرد كون بيع الوقف أنفع للموقوف عليهم لا يكون مدركا لفتوى الفقهاء لبيع الوقف.

(6) في قوله عليه السلام: و كان البيع خيرا لهم المشار إليه في رواية علي بن رئاب في ص 208

ص: 213

و عن المختلف و جماعة الجواب عنها (1) بعدم ظهورها في المؤبد لاقتصارها على ذكر الأعقاب.

و فيه (2) نظر، لأن الاقتصار في مقام الحكاية لا يدل على الاختصاص إذ يصح أن يقال في الوقف المؤبد: إنه وقف على الأولاد مثلا.

و حينئذ فعلى الامام عليه السلام أن يستفصل إذا كان بين المؤبد و غيره فرق في الحكم، فافهم.

و كيف كان ففي الاستدلال بالرواية (3) مع ما فيها من الاشكال على جواز البيع بمجرد الأنفعية إشكال (4)، مع عدم الظفر بالقائل به (5) عدا ما يوهمه ظاهر عبارة المفيد المتقدمة (6).

و مما ذكرنا (7) يظهر الجواب عن رواية الحميري (8).

+++++++++++

(1) أي عن رواية جعفر بن حنان.

(2) أي و في هذا الجواب إشكال.

(3) أي برواية جعفر بن حنان المشار إليها في ص 208.

(4) وجه الاشكال أنه لا دلالة في الرواية على جواز بيع الوقف إلا في مورد احتياج الموقوف عليهم و رضائهم بالبيع، و إذا كان البيع خيرا لهم.

(5) أي القائل بجواز بيع الوقف بمجرد وجود الأنفع و الأصلح.

(6) في قوله في ص 122: أو يكون تغيير الشرط في الموقوف أعود عليهم، و أنفع لهم من تركه على حاله.

(7) من أنه لا يقول احد من الفقهاء بجواز بيع الوقف بمجرد كون البيع أنفع للموقوف عليهم.

(8) إذا فلا يكون الاستدلال برواية الحميري صحيحا.

ص: 214

ثم لو قلنا في هذه الصورة (1) بالجواز كان الثمن للبطن الأول البائع يتصرف فيه على ما شاء (2).

و منه (3) يظهر وجه آخر لمخالفة الروايتين (4) للقواعد (5) فان (6) مقتضى كون العين مشتركة بين البطون (7) كون بدلها كذلك (8) كما تقدم من استحالة كون بدله ملكا لخصوص البائع (9) فيكون تجويز البيع في هذه الصورة (10) و التصرف في الثمن رخصة

+++++++++++

(1) أي في الصورة الرابعة التي كان بيع الوقف أنفع بحال الموقوف عليهم المشار إليها في ص 206

(2) إذا لا يكون للبطون اللاحقة من هذا الثمن شيء.

و أما كون الثمن للبطن الموجود فلظهور رواية علي بن رئاب و رواية الحميري المتقدمتين في ص 208-210

(3) أي و من عدم تعلق حق للبطون اللاحقة بثمن وقف المبيع إذا كان البيع أنفع للموقوف عليهم.

(4) و هما: رواية علي بن رئاب المشار إليها في ص 208

و رواية الحميري المشار إليها في ص 210

(5) أي للقواعد الفقهية.

(6) هذا تعليل لكيفية مخالفة الروايتين للقواعد الفقهية.

(7) أي البطون الموجودة، و البطون اللاحقة.

(8) أي كذلك يكون بدل العين و هو الثمن مشتركا بين البطون اللاحقة و الموجودة، من غير فرق بينهما.

(9) في ص 170 عند نقله كلام الشهيد: لأنه صار مملوكا على حدّ الملك الأول، إذ يستحيل أن يملك لا على حدّه.

(10) أي في الصورة الرابعة المشار إليها في ص 206

ص: 215

من الشارع للبائع في إسقاط حق اللاحقين آنا ما قبل البيع.

نظير الرجوع في الهبة المتحقق (1) ببيع الواهب لئلا (2) يقع البيع على المال المشترك فيستحيل (3) كون بدله مختصا.

الصورة الخامسة أن يلحق الموقوف عليهم ضرورة شديدة

(الصورة الخامسة (4) أن يلحق الموقوف عليهم ضرورة شديدة

+++++++++++

(1) بالجر صفة للرجوع أي الرجوع عن الهبة يتحقق ببيع الواهب ما أوهبه للموهوب له.

(2) الجار و المجرور متعلق بقوله في ص 215: رخصة أي تجويز بيع الوقف في الصورة الرابعة رخصة من الشارع، لئلا يقع البيع على المال المشترك بين البطون الموجودة، و اللاحقة، لأن الشارع قد اسقط حق اللاحقين آنا ما قبل البيع حتى يقع البيع على المال المختص بالبطون الموجودة.

(3) الفاء تفريع على ما ذكرناه: من أن الجار و المجرور:

و هو كلمة لئلا في قوله: لئلا يقع البيع.

و خلاصة التفريع أنه لو لم نقل بكون البيع في الصورة الرابعة رخصة من الشارع، و أنه قد أسقط حق اللاحقين آنا ما قبل البيع يلزم استحالة كون البدل و هو الثمن مختصا بمن لم تكن العين مختصة به

بعبارة اخرى: أنه يلزم دخول الثمن في ملك من لم يخرج المثمن و هي العين الموقوفة عن ملكه، إذ العين كانت مشتركة بين البطون الموجودة و اللاحقة، فلا بد من رفع هذا المحذور من القول بكون الثمن مشتركا بين البطنين الموجودة، و اللاحقة حتى لا يلزم الاستحالة المذكورة التي اشرنا إليها آنفا.

(4) أي من صور جواز بيع الوقف المشار إليها في ص 161.

ص: 216

و قد تقدم عن جماعة تجويز البيع في هذه الصورة (1)

بل عن الانتصار و الغنية الاجماع عليه (2).

و تدل عليه (3) رواية جعفر المتقدمة.

و يرده (4) أن ظاهر الرواية أنه يكفي في البيع عدم كفاية غلة

+++++++++++

(1) عند نقله عنهم في ص 127 بقوله:

فقال في الوسيلة: أو حاجة بالموقوف عليه شديدة لا يمكنه معها القيام

و قال في الجامع: أو كان بهم حاجة شديدة.

و قال الراوندي في فقه القرآن: أو كان بأربابه حاجة شديدة.

و عن النزهة: أو يكون فيهم حاجة عظيمة شديدة.

(2) أي على تجويز بيع الوقف في الصورة الخامسة المشار إليها في ص 216

(3) أي و على جواز بيع الوقف في الصورة الخامسة تدل رواية جعفر بن حنان المشار إليها في ص 208 في قوله عليه السلام في جواب السائل عن بيع الأرض الموقوفة أن يبيعوا الأرض إن احتاجوا إليها و لم يكفهم ما يخرج من الغلة ؟

نعم إذا رضوا كلهم و كان البيع خيرا لهم باعوا.

(4) أي و يرد الاستدلال بالرواية المذكورة على جواز بيع الوقف عند عروض ضرورة شديدة على الموقوف عليهم.

من هنا يروم الشيخ أن يرد الاستدلال المذكور.

و خلاصة الرد: أن رواية جعفر بن حنان المشار إليها في ص 208 إنما تدل على جواز بيع الوقف عند عدم كفاية الغلة لمئونة سنة الموقوف عليهم و ليس فيها ما يدل على عروض ضرورة شديدة على الموقوف عليهم و هذا المقدار من عدم كفاية الغلة لمئونة سنة الموقوف عليهم -

ص: 217

الأرض لمئونة سنة الموقوف عليهم كما لا يخفى.

و هذا (1) أقل مراتب الفقر الشرعي.

و المأخوذ (2) من عبائر من تقدم من المجوزين اعتبار الضرورة و الحاجة الشديدة

+++++++++++

- أقل مراتب الفقر الشرعي الموجب لجواز بيع الوقف.

فالرواية لا تصلح للاستدلال بها على المدّعى.

نعم في عبارات كثير من أعلام الطائفة كما عرفتها في الهامش 1 ص 217 اعتبار الضرورة، و الحاجة الشديدة في جواز بيع الوقف.

إذا يكون بين الضرورة، و الحاجة الشديدة المستفادة من العبائر المذكورة، و بين مطلق الفقير عموم و خصوص من وجه.

لهما مادتا افتراق، و مادة اجتماع.

أما مادة الافتراق من جانب الضرورة و الحاجة: بأن يكون الفقر موجودا و لا تكون الحاجة و الضرورة موجودة كما في عدم كفاية الغلة لمئونة سنة الموقوف عليهم، إذ عدم الكفاية كما عرفت أقلّ مراتب الفقر.

و أما مادة الافتراق من جانب الفقر: بأن تكون الضرورة موجودة و الفقر ليس موجودا كما في المتمكن من مئونة سنته و قد عرضت له حاجة شديدة ضرورية.

و أما مادة الاجتماع فكما في عدم كفاية الغلة لمئونة سنتهم، مع الحاجة الضرورية لهم في بيع الوقف.

(1) أي عدم كفاية الغلة لمئونة سنتهم كما عرفت آنفا.

(2) أي و الحال أن كثيرا من أعلام الطائفة اعتبر الحاجة الشديدة و الضرورة الملجئة للبيع.

ص: 218

و بينها (1) و بين مطلق الفقير عموم من وجه، إذ قد (2) يكون فقيرا و لا يتفق له حاجة شديدة، بل مطلق الحاجة، لوجدانه من مال الفقراء ما يوجب التوسعة عليه.

و قد (3) يتفق الحاجة و الضرورة الشديدة في بعض الأوقات لمن يقدر على مئونة سنته.

فالرواية (4) بظاهرها غير معمول بها.

مع (5) أنه قد يقال: إن ظاهر الجواب جواز البيع بمجرد رضا

+++++++++++

(1) أي و بين الحاجة و الضرورة.

من هنا يريد الشيخ أن يذكر وجه النسبة بين الحاجة و الضرورة و بين مطلق الفقير العموم و الخصوص من وجه.

و قد عرفت ذلك في ص 218.

(2) هذه مادة الافتراق من جانب الضرورة كما عرفت في ص 218

(3) هذه مادة الافتراق من جانب الفقر كما عرفت في ص 218

(4) الفاء نتيجة لما افاده: من أن رواية جعفر بن حنان لا يصح الاستدلال بها على جواز بيع الوقف لعروض حاجة شديدة، و مهمة ضرورية أي نتيجة ما قلناه: من الايراد أن رواية جعفر بن حنان ساقطة عن الاعتبار، لظهورها في جواز بيع الوقف عند عدم كفاية غلة الأرض لمئونة سنتهم.

(5) هذا إشكال آخر على الاستدلال برواية جعفر بن حنان أي بالإضافة إلى ذلك الاشكال هنا إشكال آخر: و هو إمكان أن يقال:

إن ظاهر جواب الامام عليه السلام عن جواز بيع الوقف هو الجواز -

ص: 219

الكل، و كون البيع أنفع و لو لم تكن حاجة.

و كيف كان فلا يبقى للجواز عند الضرورة الشديدة إلا الاجماعان (1) المعتضدان بفتوى جماعة.

و في الخروج بهما (2) عن قاعدة عدم جواز البيع، و عن قاعدة وجوب كون الثمن على تقدير البيع غير مختص بالبطن الموجود، مع وهنهما (3) بمصير جمهور المتأخرين، و جماعة من القدماء إلى الخلاف بل معارضتهما بالاجماع المدعى في السرائر إشكال (4).

الصورة السادسة أن يشترط الواقف بيعه عند الحاجة

(الصورة السادسة (5) أن يشترط الواقف بيعه عند الحاجة أو إذا كان فيه مصلحة للبطن الموجود، أو جميع البطون، أو عند مصلحة خاصة على حسب ما يشترط.

فقد اختلفت كلمات العلامة، و من تأخر عنه في ذلك (6).

فقال (7) في الارشاد: لو شرط بيع الوقف عند حصول ضرر

+++++++++++

- بمجرد رضا الكل، و كون البيع أنفع لهم من غير توقف البيع على وجود حاجة شديدة، و ضرورة مهمة.

(1) و هما: اجماع السيد المرتضى في كتابه: الانتصار المشار إليه في ص 124 و اجماع السيد ابي المكارم ابن زهرة في كتابه: الغنية المشار إليه في ص 126

(2) أي بهذين الاجماعين المعتضدين بفتوى جماعة من الفقهاء.

(3) أي مع وهن الاجماعين المدّعين في الانتصار و الغنية.

(4) مبتدأ مؤخر خبره قوله: و في الخروج.

(5) أي من صور جواز بيع الوقف التي قالها الشيخ في ص 161

(6) أي جواز بيع الوقف إذا اشترط الواقف بيعه عند الحاجة أو إذا كان في البيع مصلحة للبطن الموجود.

(7) أي العلامة قدس سره.

ص: 220

كالخراج، و المؤن من قبل الظالم، و شراء غيره بثمنه فالوجه الجواز انتهى.

و في القواعد: و لو شرط بيعه عند الضرورة كزيادة خراج، و شبهه و شراء غيره بثمنه، أو عند خرابه و عطلته، أو خروجه عن حد الانتفاع، أو قلة نفعه ففي صحة الشرط إشكال.

و مع البطلان (1) ففي إبطال الوقف (2) نظر، انتهى.

و ذكر في الايضاح في وجه (3) الجواز رواية جعفر بن حنان المتقدمة (4) قال: فاذا جاز بغير شرط فمع الشرط أولى.

و في وجه (5) المنع أن الوقف للتأبيد و البيع ينافيه.

قال (6): و الأصح أنه لا يجوز بيع الوقف بحال (7)، انتهى.

قال الشهيد في الدروس: و لو شرط الواقف بيعه عند حاجتهم أو وقوع الفتنة بينهم فأولى بالجواز (8)، انتهى.

+++++++++++

(1) أي بطلان الشرط المذكور.

(2) أي أصل هذا الوقف المشروط بشرط بيعه عند الحاجة أو إذا كان فيه مصلحة البطن الموجود.

(3) أي في علة جواز بيع الوقف المشروط بالشرط المذكور.

(4) في ص 208

(5) أي و في علة منع بيع الوقف المشروط بالشرط المذكور.

(6) أي فخر المحققين في الايضاح.

(7) أي سواء شرط الواقف بيعه عند الحاجة أم لم يشترط.

(8) أي جواز بيع الوقف المشروط أولى من بيع الوقف غير المشروط بالبيع عند الوقف.

ص: 221

و يظهر منه (1) أن للشرط تأثيرا و أنه يحتمل المنع (2) من دون الشرط و التجويز معه (3).

و عن المحقق الكركي أنه قال: التحقيق أن كل موضع قلنا بجواز بيع الوقف يجوز اشتراط البيع في الوقف إذا بلغ تلك الحالة (4) لأنه شرط مؤكد، و ليس (5) بمناف للتأبيد المعتبر في الوقف لأنه (6) مقيد واقعا بعدم حصول احد أسباب البيع، و إلا (7) فلا للمنافاة (8)

+++++++++++

(1) أي من كلام الشهيد في الدروس.

(2) أي منع بيع الوقف.

(3) أي جواز بيع الوقف مع شرط البيع عند عروض الحاجة إلى البيع.

(4) و هي الحاجة، أو وجود المصلحة في البيع للبطون الموجودة

(5) أي و ليس شرط بيع الوقف منافيا للتأبيد المعتبر في الوقف

(6) تعليل لعدم كون شرط البيع في الوقف منافيا للتأبيد المعتبر في الوقف.

و خلاصته: أن التأبيد المعتبر في الوقف مقيد في الواقع و نفس الأمر بعدم وجود أسباب البيع التي هي الحاجة الشديدة، أو وجود المصلحة في البيع للبطون الموجودة، أو وقوع الاختلاف بين أرباب الموقوف عليهم، فانه لو لا هذه الأسباب لما جاز بيع الوقف، لمنافاة البيع للتأبيد المعتبر في الوقف.

(7) أي و إن لم يحصل أحد أسباب البيع فلا يجوز بيع الوقف.

(8) تعليل لعدم جواز بيع الوقف إذا لم يوجد أحد أسباب البيع و قد عرفت التعليل عند قولنا: لمنافاة البيع للتأبيد المعتبر في الوقف.

ص: 222

فلا (1) يصح حينئذ حبسها، لأن (2) اشتراط شراء شيء بثمنه يكون وقفا مناف لذلك (3)، لاقتضائه (4) الخروج عن الملك

+++++++++++

(1) الفاء تفريع على ما افاده من أن التأبيد المعتبر في الوقف مقيد في الواقع و نفس الأمر بعدم حصول احد أسباب البيع، أي ففي ضوء ما ذكرناه فلا يجوز حبس العين الموقوفة لو وجد احد أسباب البيع المذكورة.

(2) تعليل لعدم جواز تحبيس العين الموقوفة.

و خلاصته: أن اشتراط الواقف بيع الوقف عند عروض أحد أسباب البيع، ليشترى بثمنه شيئا يوقف طبق الأصل مناف لتحبيس العين في صورة عدم بيعها.

(3) أي لتحبيس العين كما علمت آنفا.

(4) تعليل لكون اشتراط شراء شيء بثمنه مناف لتحبيس العين الموقوفة.

و خلاصته: أن اشتراط الواقف بيع العين، و شراء شيء بثمنه يقتضي خروج المحبوس عن ملك الحابس و هو الواقف و الحال أن المحبوس لا يخرج عن ملك الحابس، بل هو باق فيه، و لو لا البقاء لما كان هناك فرق بين الحبس، و الوقف، فاذا خرج المحبوس عن ملك الحابس فلا يبقى وقفا و لا حبسا.

أما عدم كونه وقفا فلأن الواقف اشترط بيع العين، و البيع مناف للوقف.

و أما عدم كونه حبسا فلاجل أن الواقف اشترط شراء شيء بثمن المبيع مكان العين المبيعة يكون وقفا و هذا الشرط مناف للتحبيس.

ص: 223

فلا يكون وقفا و لا حبسا، انتهى (1).

(أقول (2): و يمكن أن يقال بعد التمسك

+++++++++++

(1) أي ما افاده المحقق الكركي في هذا المقام.

(2) من هنا يروم الشيخ أن يرد على ما افاده المحقق الكركي في هذا المقام.

و خلاصته: أن لنا دليلا آخر على جواز بيع الوقف بالإضافة إلى ما ذكرناه من الدليل على الجواز.

مثل قوله عليه السلام: الوقوف تكون حسب ما يوقفها اهلها المشار إليه في ص 97

و مثل قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: المؤمنون عند شروطهم المشار إليه في الجزء 6 من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة ص 191

و ذلك الدليل هو عدم ثبوت كون جواز البيع منافيا لمقتضى الوقف و مفهومه، إذ الدوام لم يؤخذ في حقيقة الوقف و ماهيته حتى يكون البيع منافيا لمقتضاه، فلو اشترط الواقف في متن العقد جواز بيع الوقف صح و لم يكن مخالفا لمقتضى الوقف، فلم يثبت المنافاة حتى لا يصح اشتراط البيع للواقف في متن العقد.

فالخلاصة: أن الوقف و إن كان بمعنى الحبس، و معنى الحبس هو حبس الشيء عن جميع التصرفات فيه، و لازم هذا هو أن التصرف في الوقف يكون منافيا له.

لكنه لا يراد من الحبس مطلق الحبس حتى ينافيه اشتراط شيء من التصرفات فيه.

بل يراد منه الحبس المقيد الذي هو عدم جواز التصرف فيه من قبل بعض الطبقات الموقوف عليهم كيف أرادوا و شاءوا: -

ص: 224

في الجواز (1) بعموم الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها، و المؤمنون عند شروطهم: بعدم (2) ثبوت كون جواز البيع منافيا لمقتضى الوقف فلعله (3) مناف لاطلاقه، و لذا (4) يجتمع الوقف مع جواز البيع عند طروّ مسوّغاته، فان التحقيق كما عرفت سابقا (5) أن جواز

+++++++++++

(1) أي في جواز بيع الوقف كما علمت آنفا.

(2) الجار و المجرور مرفوع محلا نائب فاعل لكلمة يقال في قوله في ص 224: و يمكن أن يقال.

(3) أي فلعل جواز بيع الوقف مناف لاطلاقه.

بعد أن انكر الشيخ المنافاة بين الوقف، و بين بيعه مفهوما و مقتضى اراد أن يحتمل المنافاة بينهما اطلاقا فقال:

و لعل المنافاة لاطلاقه.

بيان ذلك: أن الواقف تارة يوقف و يطلق و لم يقيد الوقف بشيء من حيث المدة: بأن قال: وقفت الشيء الفلاني فقد استفيد من اطلاقه هنا الدوام و الاستمرار.

فهنا لا يجوز بيع الوقف، لأن بيعه مناف لاطلاقه.

(و اخرى) يوقف و يقيد من بادئ الأمر و يقول: وقفت هذا الشيء على بني هاشم، و إذا عرضت لهم حاجة شديدة جاز لهم بيع الوقف.

فهنا لا يكون اطلاق حتى يكون البيع منافيا، إذ الواقف من بادئ الأمر قيّد الوقف و لم يطلقه.

فالدوام و الاستمرار لم يؤخذا في مفهومه حتى يتحقق المنافاة:

(4) أي و لاجل أن بيع الوقف لم يكن منافيا لمقتضى للوقف و مفهومه بل منافيا لاطلاقه.

(5) عند قوله في ص 107: و فيه أنه

ص: 225

البيع لا يبطل الوقف، بل هو وقف يجوز بيعه فاذا بيع خرج عن كونه وقفا.

ثم إنه لو سلم المنافاة (1) فانما هو بيعه للبطن الموجود، و اكل ثمنه.

و أما تبديله (2) بوقف آخر فلا تنافي بينه، و بين مفهوم الوقف

فمعنى (3) كونه حبسا كونه محبوسا من أن يتصرف فيه بعض طبقات الملاّك على نحو الملك المطلق.

و أما حبس شخص الوقف فهو لازم لاطلاقه، و تجرده عن مسوغات الابدال شرعية كانت كخوف الخراب، أو يجعل الواقف كالاشتراط

+++++++++++

(1) أي بين الوقف، و بين بيعه مفهوما.

هذا تنازل من الشيخ و مماشاة منه مع الخصم أي أننا لا نسلم المنافاة كما علمت.

و على فرض التسليم، فان المنافاة يكون في البيع من قبل البطن الموجود و اكل ثمنه، من دون تبديله بشراء شيء و وقفه.

و أما إذا بيع و اشتري بثمنه شيء و استبدل مكانه و اوقف فلا منافاة بين الوقف و البيع.

(2) عرفت معنى هذا آنفا عند قولنا: و أما إذا بيع.

(3) هذا تفريع على ما افاده: من عدم المنافاة بين الوقف و بين بيعه مفهوما، و أن المنافاة إن احتمل فاطلاقا.

و قد ذكرنا خلاصة هذا التفريع في الهامش 2 ص 224 عند قولنا:

و الخلاصة: أن الوقف و إن كان بمعنى الحبس فراجع و امعن في مطالعة ما ذكرناه في الخلاصة، فان ما افاده قدس اللّه روحه دقيق جدا و قد شرحناه لك بفضل الباري عز و جل شرحا وافيا لتكون محيطا بجوانب الموضوع.

ص: 226

في متن العقد، فتأمل (1).

ثم إنه روي صحيحا في الكافي ما ذكره امير المؤمنين عليه السلام في كيفية وقف ماله في عين ينبع (2).

و فيه (3) فان اراد الحسن أن يبيع نصيبا من المال فيقضي به الدين فليفعل إن شاء لا حرج عليه فيه، و إن شاء جعله شروى (4) الملك

+++++++++++

(1) لعله اشارة إلى منع كون حبس شخص الوقف من لوازم اطلاق الوقف، بل هو من لوازم مفهومه.

(2) بفتح الياء و سكون النون، و ضم الباء و العين وزان ينصر حصن كبير، له عيون ماء و نخيل و زروع واقعة في طريق الحاج جائيا من مصر.

و هو مرفأ صغير، و مدينة واقعة على ساحل جزيرة العرب غربا من (بلاد المملكة العربية السعودية).

و قد اشتهر حتى الآن بالحنة و كثرة نخله.

(3) أي و في الكافي من جملة الحديث الوارد عن امير المؤمنين عليه الصلاة و السلام في الوقف.

(4) لقد جال بعض المحشين على (المكاسب) يمنة و يسرة حول تفسير هذه الكلمة و أفاد بما لا مقتضي له.

و نحن نفسرها لك حسب معناها اللغوي المناسب لها، و حسب القرينة المقامية المقتضية لتفسيرنا.

إليك التفسير:

شروى بفتح الشين و سكون الراء و فتح الواو و زان فعلى.

معناه المثل أي فان اراد ابني الحسن أن يبيع قسما من المال الموقوف فليبع، و إن اراد شراء مثل الملك الذي باعه فليفعل و لا حرج عليه

ص: 227

و إن ولد علي و أموالهم إلى الحسن بن علي، و إن كان دار الحسن بن علي غير دار الصدقة فبدا له أن يبيعها (1) فليبعها إن شاء، و لا حرج عليه فيه، فان باع فانه يقسم ثمنها ثلاثة أثلاث: فيجعل ثلثا في سبيل اللّه و يجعل ثلثا في بني هاشم و بني المطلب، و يجعل ثلثا في آل أبي طالب و أنه يضعه فيهم حيث يراه اللّه.

ثم قال و إن حدث بحسن بن علي حدث و حسين حيّ ، فان الآخر منهما ينظر في بني علي إلى أن قال: فانه يجعله في رجل يرضاه من بني هاشم و أنه يشترط على الذي يجعله إليه أن يترك المال على اصوله، و ينفق الثمرة، حيث امره به من سبيل اللّه و وجوهه، و ذوي الرحم من بني هاشم و بني المطلب، و القريب و البعيد، لا يباع شيء منه، و لا يوهب

+++++++++++

(1) قد احتمل بعض شراح الكتاب في مرجع الضمير احتمالين:

(الأول): كون المرجع الدار الراجعة لشخص الامام (أبي محمد الحسن الزكي) عليه السلام.

(الثاني): الدار التي اوقفها (الامام امير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام.

و هذا هو الأقرب إلى الصواب، لأن الكلام في جواز بيع الوقف و عدمه، و دار (الامام ابي محمد الحسن) عليه السلام خارجة عن الاستشهاد بجواز البيع و عدمه، لأنها ملك طلق له، فلا بد من أن يكون الاستشهاد بدار (الامام امير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام.

و أما القرينة المقامية الدالة على أن المراد من الدار هي الدار الراجعة للوقف، فقوله عليه الصلاة و السلام: فان باع فانه يقسم ثمنها ثلاثة أثلاث، فان هذه الجملة صريحة في أن المراد من الدار هي الدار التي اوقفها (الامام امير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام.

ص: 228

و لا يورث، الرواية (1).

و ظاهرها (2) جواز اشتراط البيع في الوقف لنفس البطن الموجود فضلا عن البيع لجميع البطون (3) و صرف ثمنه فيما ينتفعون به، و السند (4) صحيح، و التأويل مشكل (5)

+++++++++++

(1) أي إلى آخر الرواية.

راجع (وسائل الشيعة): الجزء 13. ص 312-313 الباب 10 الحديث 4 و الحديث طويل.

و في الحديث مع المذكور في المصدر اختلاف كثير، فاصلاحه يحتاج إلى تصرف زائد.

و حرصنا البالغ على امانة النقل اوجب ابقاءه على علاته فمن اراد الاصلاح فعليه بمراجعة المصدر.

ثم إن في الحديث جملتين يستشهد بهما على جواز بيع الوقف:

(الأولى): قوله عليه السلام: فان اراد الحسن أن يبيع نصيبا من المال فيقضي به الدين فليفعل إن شاء لا حرج عليه.

(الثانية): قوله عليه السلام: فبدا له أن يبيعها فليبعها، فهاتان الجملتان صريحتان في جواز بيع الوقف مشروطا عند إجراء صيغة الوقف

(2) أي ظاهر هذه الرواية جواز بيع الوقف مشروطا.

وجه الظهور قوله عليه السلام: فان اراد الحسن أن يبيع نصيبا من المال فيقضي به الدين فليفعل، فان هذا الجواز قد شرط في ضمن متن العقد.

(3) أي السابقة و اللاحقة.

(4) أي سند هذه الرواية المشار إليها في الهامش 1

(5) أي و تأويل هذه الرواية مشكل، لأن الجملتين المشار إليهما -

ص: 229

و العمل أشكل (1).

الصورة السابعة أن يؤدي بقاؤه إلى خرابه علما أو ظنا

(الصورة السابعة (2) أن يؤدي (3) بقاؤه إلى خرابه علما أو ظنا: و هو المعبر عنه بخوف الخراب في كثير من العبائر المتقدمة (4)

+++++++++++

- في الهامش 1 ص 229 ظاهرتان و صريحتان في جواز بيع الوقف مشروطا عند متن العقد، و إجراء صيغة الوقف فكيف تأوّل الرواية ؟

(1) الظاهر أن وجه الأشكلية هو إعراض الأصحاب رضوان اللّه عليهم عن العمل بالرواية.

لكن لا يخفى أنه بعد القول بعدم وجود المنافاة بين الوقف، و بين شرط جواز بيعه و لو قلنا بتملك البطن الموجود للثمن كما ذهب إليه بعض الفقهاء. لا يبقى مجال للاشكال في جواز بيع الوقف.

و قد علمت ما افاده شيخ الامة شيخنا المفيد قدس سره في جواز بيع الوقف عند اشتراطه متى احتيج إلى ثمنه عند قوله في ص 122:

و في اشتراط الواقف في الوقف أنه متى احتاج في حياته، لفقر كان له بيعه، و صرف ثمنه في مصالحه جاز له فعل ذلك.

(2) أي من صور جواز بيع الوقف التي قالها الشيخ في ص 161

(3) هذا هو القسم الأول للصورة السابعة.

(4) كما في عبارة المفيد في ص 123

و كعبارة الانتصار في ص 124

و كعبارة المبسوط في ص 126

و كعبارة الغنية في ص 126

و كعبارة الوسيلة في ص 127

و كعبارة جامع المقاصد في ص 127

و كعبارة النزهة في ص 127 -

ص: 230

و الاداء إلى الخراب قد يكون للخلف بين أربابه، و قد يكون لا له (1)

و الخراب المعلوم، أو المخوف قد يكون على حدّ سقوطه من الانتفاع نفعا معتدا به (2).

و قد يكون على وجه نقص المنفعة (3).

و أما إذا (4) فرض جواز الانتفاع به بعد الخراب بوجه آخر كانتفاعه السابق، أو أزيد فلا يجوز بيعه، إلا على ما استظهره بعض من تقدم كلامه سابقا (5): من أن تغير عنوان الوقف يسوغ بيعه.

و قد عرفت ضعفه (6).

و قد عرفت من عبائر جماعة تجويز البيع في صورة التأدية إلى الخراب

+++++++++++

- و كعبارة الشرائع في ص 127-128

و كعبارة اللمعة في ص 130

و كعبارة التنقيح في ص 131

و كعبارة إيضاح النافع في ص 131

(1) أي و قد يكون الاداء إلى الخراب لا لأجل الاختلاف بين الموقوف عليهم، بل لامور اخرى.

(2) كما في الصورة الثانية المشار إليها في ص 187

(3) كما في الصورة الثالثة المشار في ص 203

(4) هذا هو القسم الثاني للصورة السابعة.

(5) كما افاد هذا المعنى الشيخ صاحب الجواهر قدس سره في ص 193 عند قوله: قد يقال بانعدام عنوان الوقف فيما اذا وقف بستانا مثلا لكن ليس من عنوان الوقف.

(6) عند قوله في ص 199: اقول يرد على ذلك.

ص: 231

و لو لغير الاختلاف (1) و من اخرى (2) تقييدهم به.

الصورة الثامنة: أن يقع بين الموقوف عليهم اختلاف لا يؤمن معه تلف المال، أو النفس و إن لم يعلم، أو يظن بذلك

(الصورة الثامنة (3): أن يقع بين الموقوف عليهم اختلاف لا يؤمن معه تلف المال، أو النفس و إن لم يعلم، أو يظن بذلك (4) فان الظاهر من بعض العبارات السابقة جوازه (5) لذلك، خصوصا

+++++++++++

(1) كما في عبارة شيخنا المفيد قدس سره المنقولة هنا في ص 123:

إلا أن يخرب الوقف.

و كما في عبارة السيد المرتضى قدس سره في الانتصار المنقولة في ص 124: بأن الوقف متى حصل له الخراب بحيث لا يجدي نفعا.

و كما في عبارة المبسوط المنقولة هنا في ص 126: إذا خيف على الوقف الخراب فحينئذ يجوز لهم بيعه.

و كما في عبارة الوسيلة المنقولة هنا في ص 127: الخوف من خرابه.

(2) أي و كما عرفت من عبائر جماعة اخرى من تقييد تأدية الوقف إلى الخراب بصورة وقوع الاختلاف بين أرباب الموقوف عليه.

كما في عبارة الشرائع المقولة هنا في ص 127: ما لم يؤدّ بقاؤه إلى خرابه، لخلف بين أربابه.

و كما في عبارة اللمعة الدمشقية المنقولة هنا في ص 130: لو ادّى بقاؤه إلى خرابه، لخلف أربابه.

(3) أي من صور جواز بيع الوقف التي افادها الشيخ في ص 161 بقوله: فاعلم أن الكلام في جواز بيع الوقف يقع في صور.

(4) أي بتلف المال، أو النفس.

(5) أي جواز بيع الوقف لخوف تلف المال، أو النفس كما عرفت في عبارة جامع المقاصد المنقولة هنا في ص 127: أو خيف وقوع فتنة لهم تستباح بها الأنفس.

ص: 232

من عبر بالاختلاف الموجب لخوف الخراب.

الصورة التاسعة: أن يؤدي الاختلاف منهم إلى ضرر عظيم من غير تقييد بتلف المال

(الصورة التاسعة (1): أن يؤدي الاختلاف منهم إلى ضرر عظيم من غير تقييد بتلف المال، فضلا عن خصوص الوقف.

الصورة العاشرة: أن يلزم فساد تستباح منه الأنفس.

(الصورة العاشرة (2): أن يلزم فساد تستباح منه الأنفس.

و الأقوى (3) الجواز، مع تأدية البقاء إلى الخراب على وجه

+++++++++++

(1) أي من صور جواز بيع الوقف التي افادها الشيخ بقوله في ص 161: و اعلم أن الكلام في جواز بيع الوقف يقع في صور.

(2) أي من صور جواز بيع الوقف التي افادها الشيخ قدس سره في ص 161 بقوله: و اعلم أن الكلام في جواز بيع الوقف يقع في صور.

(3) لا يخفى عليك أن الشيخ قدس سره لم يذكر حكم الصورة السابعة و الثامنة و التاسعة و العاشرة.

بخلاف بقية الصور فقد ذكر حكمها.

فقد اخذ الشيخ من هنا ذكر حكم الصورة السابعة إلى العاشرة بنحو التفصيل بعد أن ذكر حكم هذه الصور الأربعة بنحو الاجمال فقال:

الأقوى الجواز أي جواز بيع الوقف في الصورة السابعة.

ثم لا يخفى عليك أن هذه الصورة على قسمين:

(الأول): تأدية بقاء الوقف إلى الخراب على وجه لا ينتفع به أصلا نفعا معتدا به عرفا.

(الثاني): جواز الانتفاع بالوقف بعد خرابه بنحو آخر غير عنوان الوقف الذي اوقفه الواقف.

و الانتفاع في هذا القسم تارة بنحو الانتفاع السابق، و اخرى أزيد من ذلك.

أما القسم الأول فقد اشرنا إليه في الهامش 3 ص 230

ص: 233

لا ينتقع به نفعا يعتد به عرفا، سواء أ كان لأجل الاختلاف أم غيره و المنع في غيره من جميع الصور.

(أما) (1) الجواز في الأول فلما مر من الدليل على جواز بيع ما سقط عن الانتفاع (2)،

+++++++++++

- و أما القسم الثاني فقد اشرنا إليه أيضا في الهامش 4 ص 231

فالشيخ قدس سره أفاد الجواز في القسم الأول من الصورة السابعة بقوله في ص 235: و الأقوى الجواز مع تأدية بقاء الوقف إلى الخراب.

(1) من هنا أخذ الشيخ في جواز بيع الوقف في القسم الأول من الصورة السابعة.

(2) كما في الصورة الأولى من صور جواز بيع الوقف المشار إليها في ص 161

و كما في الصورة الثانية من صور جواز بيع الوقف المشار إليها في ص 187

غرض الشيخ قدس سره من هذا هو دفع ما يمنع من التمسك بالعمومات الدالة على جواز بيع الوقف كما ذكرت العمومات في الصورة الأولى و الثانية، لأن المانع من البيع إما الأدلة المانعة كما يذكرها الشيخ

و إما حق الواقف و مراعاة غرضه من الوقف: و هو بقاء الوقف على حاله، لينتفع به الموقوف عليهم.

و إما حق الموقوف عليهم.

و لا يخفى أن الكل غير صالحة للمنع.

أما الأدلة المانعة فلانصرافها إلى الوقف الذي لا يؤول خرابه إلى حد عدم الانتفاع به نفعا معتدا به، فانه لا يجوز بيع مثل هذا الوقف لجواز الانتفاع به نوعا ما. -

ص: 234

فان الغرض من عدم البيع (1) عدم انقطاع شخصه فاذا فرض العلم

+++++++++++

- بخلاف ما آل خرابه إلى حد لا ينتفع به اصلا، فانه يجوز بيعه

و أما حق الواقف و غرضه من الوقف فيمكن تداركه بالبدل الذي يشترى بثمن الوقف المبيع عوضا من الأصل، فلا يكون بيع الوقف مفوتا لغرضه.

و أما حق الموقوف عليهم فيمكن الاحتفاظ به، بضميمة أولياء البطون اللاحقة بتصديهم للبيع.

(1) حاصل هذا الكلام: أن الغرض من عدم جواز بيع الوقف هو عدم انقطاع شخصه، ليبقى على ما كان حتى يحصل غرض الواقف بانتفاع الموقوف عليهم به.

فاذا فرض العلم، أو الظن بانقطاع شخص الوقف و صفته بخرابه

ثم دار الأمر بين انقطاع شخصه و نوعه رأسا و بالمرة و بالكلية بحيث لا يبقى منه اثر اذا لا يباع.

و بين انقطاع شخصه فقط، لا نوعه اذا بيع.

فهنا يكون الثاني: و هو انقطاع شخصه، لا نوعه أولى من انقطاع شخصه و نوعه.

خذ لذلك مثالا:

بنى شخص مدرسة دينية لطلاب العلوم الدينية ثم بعد ذلك خربت المدرسة بخراب المدينة و اصبحت عرصة لا تفيد لشيء سوى الزراعة و ذهبت صفة المدرسة، و زال شخصها.

فهنا لو بيعت العرصة و اشتريت بثمنها دارا لسكنى الطلاب، أو بنيت به مدرسة في مكان آخر، ليحصل غرض الواقف لكان أولى من عدم بيعها لحصول غرض الواقف من البيع في صورة البيع، لبقاء نوع الوقف -

ص: 235

أو الظن بانقطاع شخصه فدار الأمر بين انقطاع شخصه و نوعه، و بين انقطاع شخصه، لا نوعه: كان الثاني أولى، فليس فيه (1) منافاة لغرض الواقف أصلا.

و أما الأدلة الشرعية (2) فغير ناهضة، لاختصاص الاجماع و انصراف النصوص (3) إلى غير هذه الصورة (4).

و أما الموقوف عليهم (5) فالمفروض اذن الموجود منهم، و قيام الناظر العام، أو الخاص مقام غير الموجود.

+++++++++++

- و إن ذهبت صفته، و عدم حصول الغرض في صورة البقاء، لو لم نجوز نجوز البيع.

(1) أي في بيع الوقف.

هذا رد على الدليل الثاني للقائل بعدم جواز بيع الوقف.

و قد اشرنا إليه في الهامش 2 ص 234 بقولنا: و إما حق الواقف.

(2) و هي الأدلة التي اقاموها على عدم جواز بيع الوقف.

و قد اشير إليها في الهامش 2 ص 234

من هنا يروم الشيخ أن يرد تلك الأدلة.

(3) و هي التي اشير إليها في ص 97-98

(4) و هي الصورة السابعة.

و المراد من الغير بقية الصور العشر.

(5) هذا رد على الدليل الثالث للمستدل على عدم جواز بيع الوقف و قد اشرنا إلى الدليل الثالث في الهامش 2 ص 234 عند قولنا:

و إما حق الموقوف عليهم.

و إلى الرد بقولنا في الهامش 1 ص 235: و أما حق الموقوف عليهم.

ص: 236

نعم قد يشكل الأمر (1) فيما لو فرض تضرر البطن الموجود من بيعه، للزوم تعطيل الانتفاع إلى زمان وجدان البدل، أو كون البدل قليل المنفعة بالنسبة إلى الباقي.

و مما ذكر (2) يظهر أنه يجب تأخير البيع إلى آخر أزمنة إمكان البقاء، مع عدم فوات الاستبدال فيه.

و مع فوته (3) ففي تقديم البيع إشكال (4).

و لو دار الأمر بين بيعه و الابدال به، و بين صرف منفعته الحاصلة مدة من الزمان لتعميره ففي ترجيح حق البطن الذي تفوته المنفعة أو حق الواقف و سائر البطون المتأخرة المتعلق بشخص الوقف ؟

وجهان: لا يخلو أولهما (5) عن قوة إذا لم يشترط الواقف اصلاح الوقف من منفعته مقدّما على الموقوف عليه.

و قد يستدل على الجواز (6) فيما ذكرنا بما عن التنقيح: من أن

+++++++++++

(1) و هو بيع الوقف.

(2) و هو تضرر البطن الموجود ببيع الوقف في الصورة السابعة للزوم البيع عدم انتفاع البطن الموجود من الثمن بتعطيله إلى زمان وجدان البدل، أو بسبب كون البدل قليل المنفعة.

(3) أي و مع فوت استبدال ثمن الوقف المبيع لشراء ملك آخر مكانه

(4) وجه الاشكال: أنه في صورة عدم جواز بيع الوقف يتضرر البطن الموجود بتلف الوقف بأوله إلى الخراب، فيقدم البيع للبطن الأول.

(5) و هو ترجيح حق البطن الذي تفوته المنفعة إذا لا يباع الوقف و يشترى بثمنه شيء آخر مكانه.

(6) أي جواز بيع الوقف في القسم الأول من الصورة السابعة.

ص: 237

بقاء الوقف على حاله و الحال هذه (1) اضاعة، و إتلاف للمال و هو منهي عنه شرعا فيكون البيع جائزا.

و لعله أراد (2) الجواز بالمعنى الأعم فلا يرد عليه أنه يدل على وجوب البيع.

و فيه (3) أن المحرم هو اضاعة المال المسلط عليه، لا ترك المال الذي لا سلطان عليه إلى أن يخرب بنفسه، و إلا (4) لزم وجوب تعمير الأوقاف المشرفة على الخراب بغير البيع مهما امكن، مقدما

+++++++++++

(1) و هو أداء الوقف إلى الخراب بحيث يسقط عن الانتفاع نفعا معتدا به.

(2) أي صاحب التنقيح اراد من جواز بيع الوقف من قوله:

فيكون البيع جائزا معناه الأعم: و هو الوجوب، و الندب، و الكراهة لا معناه الأخص الذي هي الاباحة حتى لا يدخل الوجوب فيه ثم يقال:

إن قوله هذا يدل على وجوب البيع.

(3) أي و فيما استدل به صاحب التنقيح على جواز بيع الوقف:

من أن بقاء الوقف على حاله و الحال هذه اضاعة و اتلاف للمال:

نظر و إشكال.

و خلاصة وجه النظر: أن المراد من الاضاعة و الاتلاف المحرم هو اضاعة المال الذي يكون تحت تسلط الانسان بشخصه و بنفسه لا ما كان خارجا عن تحت سلطنته إلا في زمان خرابه كما في الوقف الذي آل إلى الخراب، فان هذا النوع من التسليط لا يسمّى تسلطا مضيعا و مفوّتا للمال.

(4) أي و لو كان المراد من التسلط هو التسلط بعد الخراب لكان اللازم وجوب تعمير جميع الأوقاف المشرفة على الخراب، و آلت إليه

ص: 238

على البيع، أو إذا لم يمكن البيع.

و الحاصل أن ضعف هذا الدليل (1) بظاهره واضح و يتضح فساده على القول بكون الثمن للبطن الموجود لا غير.

و يتلوه (2) في الضعف ما عن المختلف و التذكرة و المهذب و غاية المرام، من أن الغرض من الوقف استيفاء منافعه و قد تعذرت (3) فيجوز اخراجه عن حده، تحصيلا (4) للغرض منه، و الجمود على العين (5) مع تعطيلها تضييع للغرض.

كما أنه لو (6) تعطل الهدي ذبح في الحال،

+++++++++++

(1) أي دليل صاحب التنقيح.

(2) أي و يتلو دليل صاحب التنقيح.

(3) أي استيفاء المنافع بخراب الوقف، و عدم الانتفاع منه فيجوز اخراج الوقف عما عيّن له ببيعه و الانتفاع من ثمنه بتبديله بشيء آخر

(4) منصوب على المفعول لأجله فهو تعليل لجواز اخراج الوقف عن حده.

(5) أي العين الموقوفة التي آلت إلى الخراب لو بقيت على ما هي عليه من الخراب، و لم نجوّز البيع فقد سقطت عن الانتفاع، و بقيت معطلة، و انتفى غرض الواقف من الوقف و ضاع و ذهب هباء منثورا.

(6) تنظير من المستدل على جواز بيع الوقف.

و خلاصة التنظير: أنه قد تقرر في علم الفقه في كتاب الحج في بيان أقسام الحج: التمتع - و القران - و الافراد: أن من يبعد عن (مكة المكرمة) زادها اللّه شرفا و تعظيما بثمانية و اربعين ميلا المساوي لسنة و تسعين كيلومترا على فتوى أكثر الفقهاء، أو اثني عشر ميلا المساوي لاربعة و عشرين كيلومترا على فتوى بعض: وجب عليه -

ص: 239

و إن اختص (1) بموضع، فلما تعذر مراعاة المحل (2) ترك مراعاته (3) لتخلص المعتذر.

+++++++++++

- حج التمتع.

و أما من كان اهله أقلّ من المقدار المذكور فوظيفته الأصلية قران أو إفراد، و كلاهما يؤخران العمرة عن الحج، إلا أن الأول يمتاز عن الثاني بتخيره في عقد إحرامه بين سياق هديه، و تلبيته.

بخلاف الثاني.

و سياق الهدي عبارة عن إشعاره، أو تقليده.

و محل ذبحه يكون في مكة المكرمة إن قرنه باحرام العمرة

و منى إن قرنه باحرام الحج.

ثم لو عجز عن الوصول إلى محل الذبح وجب على الحاج ذبح الهدي، أو نحره في مكان العجز، و صرف لحمه في وجوهه.

فكما أن الحاج العاجز عن الوصول هذه وظيفته الشرعية.

كذلك الوقف لو خرب و سقط عن الانتفاع به نهائيا جاز إخراجه عن حدّه، لأجل الحصول على غرض الواقف: و هو بقاء الوقف على وقفيته، لاستيفاد الموقوف عليهم من منافعه التي لأجلهم أوقف الواقف ملكه.

و من الواضح أن الاستفادة بعد الخراب لا يحصل إلا بعد بيعه و تبديل ثمنه بشراء ملك آخر.

(1) أي ذبح الهدي و إن اختص بموضع معين: و هو منى، إلا أنه عند تعذر الوصول إليها يذبح في محل التعذر كما عرفت.

(2) أي محلّ ذبح الهدي.

(3) أي مراعاة محل منى.

ص: 240

و فيه (1) أن الغرض من الوقف استيفاء المنافع من شخص الموقوف لأنه الذي دلت عليه صيغة الوقف.

و المفروض تعذره (2) فيسقط.

و قيام (3) الانتفاع بالنوع مقام الانتفاع بالشخص، لكونه أقرب إلى مقصود الواقف فرع (4) الدليل على وجوب اعتبار ما هو الأقرب إلى غرض الواقف بعد تعذر اصل الغرض.

فالأولى (5) منع جريان أدلة المنع مع خوف الخراب المسقط

+++++++++++

(1) أي و فيما افاده العلامة في المختلف، و التذكرة و غاية المرام نظر و إشكال.

و قد ذكر الشيخ وجه النظر في المتن فلا نعيده.

(2) أي تعذر الانتفاع من شخص الوقف فيسقط الانتفاع بنحو آخر

(3) دفع وهم.

حاصل الوهم: أنه و إن سقط الانتفاع بشخص الوقف بخرابه لكنه يمكن الانتفاع بنوع الوقف ببيعه، و تبديل ثمنه بشراء شيء مكانه.

و من الواضح أن الانتفاع بالنوع أقرب إلى غرض الواقف من الوقف من ابقائه على الخراب، و تعطيله عن الفائدة.

(4) خبر للمبتدإ المتقدم و هي كلمة و قيام، و جواب عن الوهم المذكور و حاصل الجواب: أن كون الانتفاع بالنوع أقرب إلى غرض الواقف فرع وجود الدليل، و قيامه على اعتبار ما هو الأقرب إلى غرض الواقف بعد تعذر أصل الغرض: و هو الانتفاع بشخص الوقف، لكونه أصبح خرابا لا ينتفع منه منفعة يعتد بها.

(5) هذا رأي الشيخ قدس سره في القسم الأول من الصورة السابعة المشار إليه في ص 230

ص: 241

للمنفعة رأسا، و جعل ذلك (1) مؤيدا.

و أما المنع في غير هذا القسم (2) من الصورة السابعة و فيما عداها من الصور اللاحقة لها (3) فلعموم قوله عليه السلام: لا يجوز شراء الوقف، و لا تدخل الغلة في ملكك (4)، فان ترك الاستفصال فيه بين علم المشتري بعدم وقوع بيع الوقف على بعض الوجوه المجوزة (5)

و بين عدمه (6) الموجب لحمل فعل البائع على الصحة: يدل على أن الوقف ما دامت له غلة لا يجوز بيعه.

و كذا قوله عليه السلام: الوقوف تكون على حسب ما يوقفها أهلها إن شاء اللّه (7).

و ما دل على أنه يترك حتى يرثها وارث السموات و الأرض (8)

هذا كله، مضافا (9) إلى الاستصحاب في جميع

+++++++++++

(1) أي و جعل خوف الخراب المسقط للمنفعة مؤيدا لبيع القسم الأول من الصورة السابعة المشار إليه في الهامش 2 ص 230.

(2) و هو القسم الثاني من الصورة السابعة المشار إليها في الهامش 4 ص 231

(3) و هي الصورة الثامنة، و التاسعة و العاشرة.

(4) قد مضت الاشارة إلى مصدر الحديث في ص 97

(5) كما إذا آل الوقف إلى الخراب.

(6) أي و بين عدم علم المشتري بعدم وقوع بيع الوقف.

(7) مرت الاشارة إلى مصدر الحديث في ص 97

(8) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 13. ص 303. الباب 6 الحديث 3

(9) أي و لنا دليل آخر على عدم جواز بيع الوقف في بقية الصور -

ص: 242

هذه الصور (1)، و عدم الدليل الوارد عليه (2)، عدا المكاتبة المشهورة (3) التي انحصر تمسك كل من جوّزه في هذه الصور فيها (4):

و هي مكاتبة ابن مهزيار.

قال: كتبت إلى ابى جعفر الثاني عليه السلام أن فلانا ابتاع ضيعة فأوقفها، و جعل لك في الوقف الخمس و يسأل عن رأيك في بيع حصتك من الأرض، أو تقويمها على نفسه بما اشتراها به، أو يدعها موقوفة

فكتب إليّ اعلم فلانا أنى آمره أن يبيع حصتي من الضيعة، و ايصال ثمن ذلك إليّ ، و إن ذلك رأيي إن شاء اللّه تعالى. أو يقوّمها على نفسه إن كان ذلك أوفق له.

قال: و كتبت إليه أن الرجل ذكر أن بين من وقف عليهم هذه الضيعة اختلافا شديدا، و أنه ليس يأمن أن يتفاقم ذلك بينهم بعده

فان كان ترى أن يبيع هذا الوقف، و يدفع إلى كل انسان منهم ما كان وقف له من ذلك امرته.

+++++++++++

- بالإضافة إلى الأخبار المذكورة: و هو استصحاب عدم جواز بيع الوقف.

بيان ذلك: هو أن الوقف قبل الخراب ما كان جائز البيع و بعد الخراب نشك في جواز بيعه فنستصحب عدم الجواز.

(1) المراد من جميع هذه الصور غير الصورة السابعة، حيث إن الشيخ أبدى نظريته فيها في ص 233 بقوله: و الأقوى.

(2) أي على جواز بيع الوقف.

(3) و هي مكاتبة علي بن مهزيار الآتية.

(4) أي في مكاتبة علي بن مهزيار.

ص: 243

فكتب (1) بخطه إليّ : اعلمه ان رأيي له ان كان قد علم الاختلاف ما بين أصحاب الوقف أن بيع الوقف أمثل فليبع، فانه ربما جاء في الاختلاف تلف الأموال و النفوس (2).

حيث انه يمكن الاستدلال للجواز (3) بها في القسم الثاني (4) من الصورة السابعة.

بناء على أن قوله (5) فانه إلى آخره تعليل لجواز البيع في صورة الاختلاف، و أن المراد بالمال هو الوقف، فان ضم (6) النفوس إنما هو لبيان الضرر الآخر المترتب على الاختلاف، لا أن المناط في الحكم (7) هو اجتماع الأمرين (8) كما لا يخفى.

فيكون (9) حاصل التعليل أنه كلما كان الوقف في معرض الخراب

+++++++++++

(1) أي الامام ابو جعفر الجواد عليه السلام.

(2) راجع (وسائل الشيعة): الجزء 13. ص 304 - الباب 6 الحديث 5.

(3) أي لجواز بيع الوقف بهذه المكاتبة.

(4) المشار إليه في ص 233 بقولنا: الثاني جواز الانتفاع بالوقف بعد خرابه.

(5) أي قول الامام ابو جعفر الجواد عليه السلام في نفس المكاتبة في جواب السائل: فانه ربما جاء في الاختلاف تلف الأموال و النفوس

(6) أي ضمّ الامام عليه السلام تلف النفوس بتلف الأموال.

(7) و هو جواز بيع الوقف.

(8) و هما: تلف الأموال، و تلف النفوس.

(9) الفاء تفريع و نتيجة على ما افاده: من أن المناط في جواز بيع الوقف ليس هو اجتماع الأمرين المذكورين. -

ص: 244

جاز بيعه.

و فيه (1) أن المقصود جواز بيعه إذا ادى بقاؤه إلى الخراب علما

+++++++++++

- و خلاصته: أنه ليس الملاك في جواز بيع الوقف هو العاملان المذكوران في المكاتبة و هما:

تلف الأموال، و تلف النفوس مجتمعين.

بل الملاك، و العامل الوحيد هو خوف تلف الأموال فقط من الاختلاف الواقع بين أرباب الوقف.

و أما ضمّ الامام عليه السلام تلف النفوس إلى تلف الأموال فانما هو لأجل أن يبين أنه من الممكن أن يترتب على هذا الاختلاف ضرر آخر غير ضرر تلف الأموال.

فالعلة الأصلية في جواز بيع الوقف هو ترتب تلف الأموال من الاختلاف فقط.

فالخلاصة أن المستفاد من تعليله عليه السلام: فانه ربما جاء في الاختلاف تلف الأموال و النفوس هو إعطاء درس كامل، و قاعدة كلية في جواز البيع:

و هو أنه كلّما وقع اختلاف بين أرباب الوقف أوجب تلف الأموال فقد جاز بيع الوقف.

(1) أي و في الاستدلال بمكاتبة علي بن مهزيار على صحة جواز بيع الوقف في جميع الصور المذكورة نظر و إشكال.

و خلاصة الاشكال: أنه قد جاءت كلمة (ربما) في المكاتبة و هي بحسب المحاورات العرفية تستعمل في العلم و الظن و الشك و الوهم و لا اختصاص لها باحد المعاني الأربعة، مع أن المبرر لجواز بيع الوقف هو العلم، أو الظن بأوله إلى الخراب، لا المساوي الذي هو الشك -

ص: 245

أو ظنا، لا مجرد كونه ربما يؤدي إليه المجامع للاحتمال المساوي أو المرجوح على ما هو الظاهر من لفظة ربما كما لا يخفى على المتتبع لموارد استعمالاتها.

و لا أظن أن أحدا يلتزم بجواز البيع بمجرد احتمال أداء بقائه إلى الخراب لأن كلمات من عبر بهذا العنوان (1) كما عرفت بين قولهم: ادى بقاؤه إلى خرابه (2)، و بين قولهم: يخشى، أو يخاف خرابه (3).

و الخوف عند المشهور كما يعلم من سائر موارد اطلاقاتهم (4) مثل قولهم:

يجب الافطار، و التيمم مع خوف الضرر، و يحرم السفر مع خوف الهلاك، و لا يتحقق (5) إلا بعد قيام أمارة الخوف (6).

هذا (7):

+++++++++++

- و لا المرجوح و هو الوهم.

إذا لا اعتبار بالمكاتبة في الاستدلال بها على جواز بيع الوقف لو خيف أوله إلى الخراب.

(1) و هو الادّاء إلى الخراب.

(2) كما في عبارة الشرائع المنقولة في ص 127: ما لم يؤد بقاؤه إلى خرابه.

(3) كما في عبارة التحرير المنقولة هنا في ص 128: بحيث يخشى خرابه

(4) أي اطلاقات الفقهاء في هذا المقام.

(5) أي كل واحد من وجوب الافطار، و التيمم، و حرمة السفر.

(6) أي خوف الضرر، أو خوف الهلاك.

(7) أي خذ ما ذكرناه لك في هذا المقام.

ص: 246

مع (1) أن مناط الجواز على ذكر تلف الوقف رأسا و هو القسم الأول (2) من الصورة السابعة التي جوزنا فيها البيع فلا يشمل (3) الخراب الذي لا يصدق معه التلف.

مع (4) أنه لا وجه بناء على عموم التعليل، للاقتصار على خوف

+++++++++++

(1) هذا إشكال آخر على جواز بيع الوقف في جميع الصور المذكورة.

(2) و قد ذكرنا القسم الأول من الصورة السابعة في الهامش 2 ص 230

(3) هذا إشكال ثان على الاستدلال بالمكاتبة المذكورة على صحة جواز بيع الوقف في الصورة المذكورة.

و خلاصته: أن المناط المذكور في المكاتبة: و هو خوف أول الوقف إلى الخراب لا يشمل الخراب الذي لا يصدق معه التلف رأسا كما في القسم الثاني من الصورة السابعة.

و قد أشرنا إلى القسم الثاني في الهامش 4 ص 231

(4) هذا إشكال ثالث على الاستدلال بالمكاتبة المذكورة على صحة جواز بيع الوقف في الصور المذكورة.

و خلاصته: أنه على فرض تسليم دلالة المكاتبة على جواز بيع الوقف عند أوله إلى الخراب رأسا فلا وجه لاقتصار الجواز بصورة الوقف خاصة، و انحصاره به، لأن التعليل المذكور في قول الامام عليه الصلاة و السلام: فانه ربما جاء في الاختلاف تلف الأموال و النفوس عام يشمل جواز بيع الوقف لكل اختلاف يكون منشأ لاختلاف المذكور، فعلى هذا التعليل لا وجه لاختصاص جواز بيع الوقف بالوقف الذي صار الاختلاف فيه منشأ لتلف الأموال و النفوس. -

ص: 247

خراب خصوص الوقف، بل كلما خيف تلف مال جاز بيع الوقف.

و أما تقريب الاستدلال بالمكاتبة على جواز البيع في الصورة الثامنة: و هي صورة وقوع الاختلاف الذي ربما اوجب تلف الأموال و النفوس فهو أن الحكم بالجواز معلق على الاختلاف، إلا أن قوله عليه السلام: فانه ربما إلى آخره مقيد بالاختلاف الخاص: و هو الذي لا يؤمن معه من التلف، لأن (1) العلة تقيد المعلول كما (2) في قولك:

لا تأكل الرمان، لأنه حامض.

+++++++++++

- هذا ما افاده الشيخ قدس سره حول تعميم التعليل المذكور و لكن لا يخفى عدم افادة التعليل العموم المذكور، حيث إنه ورد في مقام الاختلاف الحاصل من أرباب الوقف في خصوص الوقف الذي بأيديهم، و تحت تصرفهم كما هو عنوان السؤال، و ليس السائل في مقام السؤال عن كل اختلاف يكون منشأ لتلف الأموال و النفوس حتى يقال: إنه لا وجه لاختصاص جواز بيع الوقف بصورة الاختلاف الحاصل من خرابه المنشأ لتلف الأموال و الأنفس.

بل هو عام يشمل جميع الاختلافات الناشئة لتلف الأموال و النفوس

(1) تعليل لكون قول الامام عليه السلام: فانه ربما جاء مقيدا بالاختلاف الخاص أي العلة المذكورة في قول الامام عليه السلام تقيد المعلول الذي هو جواز بيع الوقف بالاختلاف الذي يكون منشأ لتلف الأموال و النفوس، لا مطلق الاختلاف و إن لم يكن منشأ للتلف.

(2) تنظير لكون العلة تقيد المعلول أي كما أن العلة التي هي الحموضة في قول القائل: لا تأكل الرمان، لأنه حامض: تقيد عدم الأكل الذي هو المعلول، و تخصصه بالحموضة، و يستنتج -

ص: 248

و فيه (1) أن اللازم على هذا تعميم الجواز في كل مورد لا يؤمن معه من تلف الأموال و النفوس و إن لم يكن من جهة اختلاف الموقوف عليهم فيجوز بيع الوقف لاصلاح كل فتنة و إن لم يكن لها دخل في الوقف.

اللهم إلا أن يدّعى سوق العلة (2) مساق التقريب، لا التعليل الحقيقي (3) حتى يتعدى إلى جميع موارده.

لكن تقييد الاختلاف حينئذ (4) بكونه مما لا يؤمن ممنوع

+++++++++++

- من هذه العلة عدم جواز أكل كل شيء حامض، و لا اختصاص له بالرمان.

كذلك ما نحن فيه، فان العلة فيه التي هي الاختلاف تقيد المعلول الذي هو جواز بيع الوقف بالاختلاف الخاص الذي يكون منشأ لتلف الأموال و النفوس.

(1) أي و في تقريب الاستدلال بالمكاتبة المذكورة على جواز بيع الوقف في الصورة الثامنة نظر و إشكال.

و قد ذكر الشيخ قدس سره وجه النظر في المتن فلا نعيده.

(2) و هي المذكورة في قول الامام عليه السلام في المكاتبة، فانه ربما جاء في الاختلاف تلف الأموال و النفوس.

(3) فيكون التعليل المذكور من باب الحكمة، لا من باب العلة الحقيقية حتى يشمل جميع موارد خوف تلف الأموال و النفوس.

(4) أي حين أن قلنا: إن التعليل سيق مساق الحكمة، لا مساق التعليل الحقيقي الشامل لجميع موارد الاختلاف، سواء أ كانت موارد الاختلاف الوقف أم غيره: يكون تقييد الاختلاف بكونه مما لا يؤمن منه تلف الأموال و النفوس ممنوعا.

ص: 249

و هو (1) الذي فهمه الشهيد الثاني رحمه اللّه في الروضة كما تقدم كلامه

لكن الحكم (2) على هذا الوجه مخالف للمشهور فلا يبقى حينئذ (3) وثوق بالرواية بحيث يرفع اليد بها عن العمومات، و القواعد (4) مع ما فيها (5) من ضعف الدلالة كما سيجيء إليه الاشارة.

+++++++++++

(1) أي منع تقييد الاختلاف بكونه مما لا يؤمن منه تلف الأموال و النفوس حين أن قلنا: إن التعليل سيق مساق الحكمة، لا مساق التعليل الحقيقي هو الذي استفاده الشهيد الثاني قدس سره و افاده في الروضة كما عرفت عند نقل الشيخ عبارته في ص 132 عند قوله:

و قال في الروضة.

(2) أي جواز بيع الوقف بناء على منع تقييد الاختلاف بكونه مما لا يؤمن كما فهمه الشهيد الثاني خلاف فتوى المشهور من الفقهاء حيث إنهم قيدوا جواز البيع بكون الاختلاف مما يوجب تلف الأموال و النفوس.

(3) أي حين أن كان منع تقييد الاختلاف بكونه مما لا يؤمن خلاف المشهور فلا يبقى وثوق بالرواية: و هي المكاتبة الواردة عن ابن مهزيار بحيث يرفع اليد بسببها عن تلك العمومات و هي الأخبار الواردة عن منع بيع الوقف المشار إليها في ص 97-98

(4) المراد من الاستصحاب هنا هو استصحاب الحكم السابق، إذ قبل حصول الاختلاف بين أرباب الوقف الموجب لتلف الأموال و الأنفس كان بيع الوقف غير جائز، و بعد حصول الاختلاف الموجب لتلف الأموال و الأنفس نشك في جواز بيعه فنستصحب العدم.

(5) أي بالإضافة إلى ما في المكاتبة المشهورة من ضعف الدلالة على المدعى: و هي أن مورد السؤال هو جواز بيع الوقف. -

ص: 250

و مما ذكرنا (1) يظهر تقريب الاستدلال (2) على الصورة التاسعة و رده (3).

و أما تقريب الاستدلال (4) على الصورة العاشرة فهو أن ضم تلف

+++++++++++

- هذا إشكال آخر على المكاتبة المذكورة.

و يشير المصنف قريبا إلى كيفية ضعف الدلالة.

(1) و هو حمل التعليل في قوله عليه السلام: فانه ربما جاء في الاختلاف تلف الأموال و النفوس على التعليل الحقيقي الشامل لجميع موارد الاختلاف، لا خصوص الاختلاف الحاصل من أرباب الوقف

و قد افاد هذا المعنى في رد الاستدلال بالمكاتبة على الصورة الثامنة بقوله في ص 249: و فيه أن اللازم على هذا تعميم الجواز في كل مورد لا يؤمن معه من تلف الأموال.

(2) أي الاستدلال بالمكاتبة المذكورة على جواز بيع الوقف في الصورة التاسعة.

و أما كيفية الاستدلال بالمكاتبة على الصورة التاسعة فكما ذكرت في الاستدلال بها في الصورة الثامنة. كذلك بعينها تذكر في الصورة التاسعة.

(3) بالرفع عطفا على الفاعل في قوله: يظهر تقريب الاستدلال أي و يظهر رد هذا الاستدلال أيضا مما ذكرناه في الصورة الثامنة بقوله في ص 249: و فيه أن اللازم على هذا تعميم الجواز.

فكل ما قلناه في الرد هناك يأتي هنا.

و كل ما قيل في الاستدلال بالمكاتبة هناك يأتي في الاستدلال بها في الصورة التاسعة.

(4) أي بالمكاتبة المذكورة.

ص: 251

النفس إلى تلف الأموال (1)، مع أن خوف تلف الأنفس يتبعه خوف تلف المال غالبا: يدل على اعتبار بلوغ الفتنة في الشدة إلى حيث يخاف منه تلف النفس، و لا يكفي بلوغه إلى ما دون ذلك بحيث يخاف منه تلف المال فقط.

و فيه (2) أن اللازم على هذا عدم اختصاص موجب الفساد بوقوع

+++++++++++

(1) في قوله عليه السلام في المكاتبة في ص 244: فانه ربما جاء في الاختلاف تلف الأموال و النفوس.

و خلاصة الاستدلال أن الامام عليه السلام قد ضم تلف النفوس إلى تلف الأموال فالضم هذا يدل على اعتبار بلوغ الفتنة في الشدة إلى حد يخاف منها تلف النفوس اضافة إلى تلف الأموال.

بعبارة اخرى أن المبرّر لجواز بيع الوقف في هذه الصورة ليس هو مجرد تلف المال فقط، بل لا بدّ معه من تلف النفوس أيضا.

(2) أي و في الاستدلال بالمكاتبة المذكورة على جواز بيع الوقف في الصورة العاشرة المشار إليها في ص 233: نظر و إشكال.

و خلاصة وجه النظر: أنه لو كان في ضم تلف النفوس إلى تلف الأموال دلالة على اعتبار بلوغ الفتنة في الشدة إلى حدّ يخاف منه تلف النفوس، لا تلف الأموال فقط: لكان اللازم حينئذ عدم اختصاص موجب الفساد بوقوع الفتنة بين الموقوف عليهم حتى يباع الوقف.

بل يجوز بيع الوقف لرفع كل فتنة، سواء أ كان منشأ الفتنة هو الاختلاف الحاصل من أرباب الموقوف عليهم أم من غيرهم.

هذا ما افاده الشيخ حول الموضوع.

و لكن لا يخفى أن المكاتبة المذكورة قد وقعت جوابا عن السؤال -

ص: 252

الفتنة بين الموقوف عليهم، بل يجوز حينئذ بيع الوقف لرفع كل فتنة

مع (1) أن ظاهر الرواية كفاية كون الاختلاف بحيث ربما جاء فيه تلف الأموال و النفوس، و المقصود (2) كما يظهر من عبارة الجامع

+++++++++++

- عن الاختلاف الناشئ بين أرباب الموقوف عليهم الموجب هذا الاختلاف لتلف الأموال و النفوس.

فالسؤال خاص يخص الاختلاف الواقع بين أرباب الموقوف عليهم و ليس فيه سؤال عن كل اختلاف حتى يعم الجواب عن كل اختلاف ناشئ بين عامة الناس، ليجوز بيع الوقف لقلع مادة النزاع، و فصل جذور الخلاف.

(1) هذا إشكال آخر على الاستدلال بالمكاتبة على جواز بيع الوقف في الصورة العاشرة.

و خلاصة: أن الدليل الذي هي المكاتبة يخالف المدّعى الذي هو الاستباحة الواقعية في تلف الأموال و النفوس المستفادة هذه الاباحة من العلم، أو الظن، لأن ظاهر الرواية التي هي المكاتبة هو الاستباحة المحتملة و لو كان منشؤها الشك، أو الوهم، حيث يستفاد هذه الاستباحة من كلمة (ربما) المستعملة في المحاورات العرفية في معاني مختلفة: العلم - الظن - الشك - الوهم، و لا تخص واحدا منها.

إذا صار الدليل و المدّعى شيئين.

(2) هذا تأييد من الشيخ لما افاده: من الفرق بين الدليل و المدّعى و الواو في كلمة و المقصود حالية أي و الحال أن المقصود من الاستباحة المجوزة لبيع الوقف في الصورة العاشرة هي الاستباحة الواقعية، دون الاستباحة المحتملة كما تستفاد هذه الاستباحة الواقعية من عبارة صاحب جامع المقاصد عند نقل الشيخ عنه في ص 127 بقوله: و قال -

ص: 253

المتقدمة هو اعتبار الفتنة التي تستباح بها الأنفس.

و الحاصل (1) أن جميع الفتاوى المتقدمة في جواز بيع الوقف الراجعة إلى اعتبار أداء بقاء الوقف علما، أو ظنا، أو احتمالا (2)

+++++++++++

- في جامع المقاصد على ما حكي عنه: فان خيف خرابه، أو كان بهم حاجة شديدة، أو خيف وقوع فتنة لهم تستباح بها الأنفس جاز بيعه.

(1) أي خلاصة ما قيل في جواز بيع الوقف في الصور العشر المستثناة من عدم جواز بيع الوقف.

يقصد الشيخ قدس سره من ذكر هذا الحاصل أن يبين أن مستند جميع الأقوال التي افادها الفقهاء حول جواز بيع الوقف إذا آل الى الخراب على شتى أسباب الخراب: من حصول العلم بذلك، أو الظن، أو الشك أو الوهم، المستفادة من كلمة ربما التي جاءت في المكاتبة حسب استعمالها في المحاورات العرفية كما عرفت في الهامش 1 ص 253

و يعبر عن الشك و الوهم بالاحتمال.

أو مطلق الفساد كنقصان المنفعة، أو فساد خاص كانتفاء اصل المنفعة.

أو اعتبار الاختلاف مطلقا، سواء أ كان الاختلاف موجبا لتلف الأموال و النفوس أم لا؟

أو اختلاف خاص كما إذا كان الاختلاف موجبا لتلف الأموال و النفوس: هي المكاتبة المشهورة المعروفة بمكاتبة علي بن مهزيار المشار إليها في ص 243

و ليس لهم دليل في جواز بيع الوقف سواها.

(2) المراد من الاحتمال هو الشك و الوهم كما عرفت -

ص: 254

إلى مطلق الفساد (1)، أو فساد خاص (2) أو اعتبار الاختلاف مطلقا (3) أو اختلاف خاص (4) مستندة (5) إلى ما فهم أربابها من المكاتبة المذكورة.

و الأظهر (6) في مدلولها هو اناطة الجواز بالاختلاف الذي ربما

+++++++++++

- في الهامش 1 ص 254 عند قولنا: أو الشك، أو الوهم المستفادان من كلمة ربما.

(1) علمت معناه في الهامش 1 ص 254 عند قولنا: أو مطلق الفساد كنقصان المنفعة.

(2) علمت معناه في الهامش 1 ص 254 عند قولنا: أو اختلاف خاص كما إذا كان الاختلاف موجبا.

(3) عرفت معنى مطلقا في الهامش 1 ص 254 عند قولنا: سواء أ كان الاختلاف موجبا لتلف الأموال أم لا.

(4) عرفت معناه في الهامش 1 ص 254 عند قولنا: أو اختلاف خاص كما إذا كان الاختلاف موجبا.

(5) خبر لاسم إن في قوله: و الحاصل أن جميع الفتاوى.

(6) من هنا يروم الشيخ أن يبدي نظريته حول المكاتبة.

فقال ما ملخصه: إننا لا نتبع الفقهاء في استفادتهم من المكاتبة ما ذكروه، بل لنا رأي خاص: و هو دلالة المكاتبة على اناطة جواز بيع الوقف و توقفه على الاختلاف الموجب لتلف الأموال و النفوس.

بعبارة اخرى أن المحور و المناط و المدار في جواز بيع الوقف و عدم جوازه هو مجيء تلف الأموال و النفوس.

فلو خيف من بقاء الوقف مجيء تلف الأموال و النفوس جاز بيع الوقف. -

ص: 255

جاء فيه تلف الأموال و النفوس، لا مطلق (1) الاختلاف، لأن (2) الذيل مقيد (3)، و لا (4) خصوص المؤدي علما أو ظنا، لأن (5)

+++++++++++

- و إن لم يخف ذلك فلا يجوز بيعه.

فالجواز و العدم متوقفان على التلف، و عدمه.

فان جاء التلف جاز البيع، و إن لم يجيء لم يجز البيع.

(1) أي و ليس جواز بيع الوقف متوقفا على مطلق الاختلاف و إن لم يكن موجبا لتلف الأموال و النفوس.

(2) تعليل لاناطة الجواز على الاختلاف الموجب لتلف الأموال و النفوس.

و خلاصته: أن ذيل المكاتبة و هو قوله عليه السلام: فانه ربما جاء فيه تلف الأموال و النفوس يقيد صدر المكاتبة: و هو قوله عليه السلام في ص 244: قد علم الاختلاف، فان الاختلاف هنا مطلق ليس فيه اسم عن تلف الأموال و النفوس فقيّد بذيل المكاتبة الذي ذكرناه لك كما عرفت آنفا.

(3) كلمة مقيّد بصيغة الفاعل أي ذيل المكاتبة يقيد صدرها كما عرفت.

(4) أي و ليس جواز بيع الوقف متوقفا على خصوص الاختلاف المؤدي إلى العلم، أو الظن و منحصرا بهما حتى إذا ادّى الاختلاف من غيرهما لا يكون سببا لجواز بيعه.

بل الجواز حاصل و إن كان منشأ الاختلاف الشك، أو الوهم كما هما المستفادان من كلمة (ربما) الواردة في المكاتبة، حيث إنها تستعمل في المحاورات العرفية فيهما، و في العلم و الظن كما عرفت في الهامش 1 ص 253

(5) تعليل لكون منشأ الاختلاف أعم من العلم و الظن -

ص: 256

موارد استعمال لفظة ربما أعم من ذلك، و لا مطلق (1) ما يؤدي الى المحذور المذكور، لعدم (2) ظهور الذيل في التعليل بحيث يتعدى عن مورد النص و إن كان فيه (3) اشارة الى التعليل.

و على ما ذكرنا (4) فالمكاتبة غير معني بها عند المشهور، لأن الظاهر اعتبارهم (5) العلم، أو الظن باداء بقائه الى الخراب الغير اللازم

+++++++++++

- و قد عرفت التعليل في الهامش 1 ص 253 عند قولنا: لأن ظاهر الرواية التي هي المكاتبة هو الاستباحة المحتملة.

(1) أي و ليس جواز بيع الوقف متوقفا على مطلق ما يؤدي الى المحذور المذكور: و هو استباحة تلف الأموال و النفوس.

بل جوازه منحصر في تلف النفوس و الأموال الناشئ عن الاختلاف الحاصل بين أرباب الموقوف عليهم.

(2) تعليل على أن جواز بيع الوقف ليس متوقفا على مطلق ما يؤدي الى المحذور المذكور.

و خلاصته: أن ذيل المكاتبة: و هو قوله عليه السلام: فانه ربما جاء في الاختلاف تلف الأموال و النفوس: ليس له ظهور في العلة الحقيقية حتى يتعدّى بها الى غير مورد النص من موارد الاختلافات الصادرة في الخارج من الناس.

بل كما عرفت في ص 249 أن التعليل هنا سيق مساق التقريب الذي هي الحكمة.

(3) أي و إن كان في التعليل المذكور اشارة الى التعليل الحقيقي.

(4) من أن الأظهر في مدلول المكاتبة هو إناطة الجواز بالاختلاف الموجب لتلف الأموال و النفوس.

(5) أي اعتبار الفقهاء في جواز بيع الوقف.

ص: 257

للفتنة الموجبة لاستباحة الأموال و الأنفس.

فتكون النسبة بين فتوى المشهور، و مضمون الرواية (1) عموما

+++++++++++

(1) الفاء فاء للتفريع و فاء النتيجة أي نتيجة ما ذكرناه أن النسبة بين فتوى المشهور، و المكاتبة عموم و خصوص من وجه لهما مادة اجتماع و مادتا افتراق.

أما مادة الاجتماع من الطرفين فكما لو حصل العلم، أو الظن باداء بقاء الوقف إلى الخراب بالاختلاف، و أن البقاء موجب لتلف الأموال و النفوس و استباحتهما.

و أما مادة الافتراق من جانب المكاتبة: بأن تكون فتوى المشهور موجودة و المكاتبة ليست بموجودة كما لو حصل العلم، أو الظن باداء بقاء الوقف الى الخراب.

لكنه لا يوجب استباحة الأموال و النفوس.

و أما مادة الافتراق من جانب فتوى المشهور: بأن تكون المكاتبة موجودة، و فتوى المشهور ليست بموجودة فكما لو حصل الاحتمال باداء الوقف الى الخراب و أنه موجب لتلف الأموال و النفوس.

فالحاصل أن المكاتبة أعم من فتوى المشهور، حيث لم يعتبر فيها العلم، أو الظن، بل يكتفى فيها الاحتمال، لاستعمال كلمة ربما في الاحتمال في المكاتبة حسب المحاورات العرفية.

و أخص من فتوى المشهور، حيث اعتبر فيها أداء البقاء الى تلف الأموال و النفوس.

و أن فتوى المشهور أعم من المكاتبة، حيث لم يعتبر فيها أداء البقاء الى استباحة الأموال و النفوس.

و أخص من المكاتبة، حيث اعتبر فيها العلم.

ص: 258

من وجه.

لكن الانصاف أن هذا (1) لا يمنع من جبر ضعف دلالة الرواية و قصور (2) مقاومتها للعمومات المانعة بالشهرة، لأن (3) اختلاف

+++++++++++

(1) أي مجرد كون النسبة بين المكاتبة و فتوى المشهور هو العموم و الخصوص من وجه لا يمنع من جبران ضعف دلالة المكاتبة على جواز بيع الوقف، و من جبران ضعف قصور مقاومة المكاتبة للعمومات المتقدمة

(2) بالجر عطفا على مجرور (من الجارة) في قوله: من ضعف الرواية أي و عدم فتوى المشهور بمضمون المكاتبة لا يمنع من جبران قصور مقاومة المكاتبة للعمومات المتقدمة: من الأحاديث المشار إليها في ص 97

و من الاستصحاب المشار إليه في ص 243 الدالة على عدم جواز بيع الوقف بصورة عامة، لأن اشتهار المكاتبة بين الأصحاب جابر لضعف دلالتها، و لقصور مقاومتها.

(3) تعليل لكون عدم فتوى المشهور بمضمون الرواية لا يكون مانعا من جبران ضعف دلالة المكاتبة، و ضعف قصور مقاومتها.

و خلاصته: أن اختلاف الفقهاء في جواز بيع الوقف، و عدمه إنما هو لاجل اختلافهم في كيفية استفادتهم ملاك الجواز و مناطه الذي ذكر في المكاتبة: و هو قوله عليه السلام: إن كان قد علم الاختلاف بضميمة قوله عليه السلام: فانه ربما جاء في الاختلاف تلف الأموال و النفوس، فان هاتين الجملتين أوجبتا السبب في اختلاف الفقهاء في جواز بيع الوقف و عدمه حسب مبلغ استفادتهم من المكاتبة، إذ قد استفاد بعض منهم العلم، أو الظن باداء الوقف الى الخراب، و بعض آخر استفاد احتمال أداء الوقف الى الخراب من كلمة ربما المستعملة -

ص: 259

فتاوى المشهور إنما هو من حيث الاختلاف في فهم المناط الذي انيط به الجواز من قوله عليه السلام: إن كان قد علم الاختلاف المنضم الى قوله:

فانه ربما جاء في الاختلاف.

و أما دلالة (1) المكاتبة على كون مورد السؤال، هو الوقف المؤبد التام فهي (2) على تقدير قصورها منجبرة بالشهرة فيندفع بها (3) ما يدّعى من قصور دلالتها من جهات مثل عدم ظهورها في المؤبد

+++++++++++

- في المكاتبة، حيث إن الاحتمال هو المفهوم منها في المحاورات العرفية.

كما أنه قد استفاد بعض من كلمة الاختلاف الواقعة في الجملتين مطلق الاختلاف، سواء ادّى الى تلف الأموال و النفوس أم لا.

و استفاد آخر منها الاختلاف المؤدي الى تلف الأموال و النفوس.

(1) هذا دفع و هم:

حاصل الوهم أنه لو قلت: إن المكاتبة قاصرة عن دلالتها على الوقف المؤبد، لعدم ذكر البطن اللاحق فيها.

و كذا قاصرة عن دلالتها على الوقف التام، لعدم القبض و الاقباض فيها فتكون ساقطة عن الاعتبار فلا يصح الاستدلال بها على جواز بيع الوقف.

(2) هذا جواب عن الوهم المذكور.

و خلاصته: أنه على فرض قصور المكاتبة، و عدم دلالتها على ما ذكر فانها مشهورة بين الأصحاب و هذه الشهرة جابرة للقصور المذكور فيصح الاستدلال بها على جواز بيع الوقف مطلقا، في المؤبد و المنقطع و التام، و غيره.

(3) أي بهذه الشهرة و هي شهرة المكاتبة بين الأصحاب في أنها دالة على جواز بيع الوقف كما عرفت آنفا.

ص: 260

لعدم ذكر البطن اللاحق، و ظهورها في عدم اقباض الموقوف عليهم و عدم تمام الوقف كما عن الايضاح.

و أوضحه (1) الفاضل المحدث المجلسي.

و جزم به (2) المحدث البحراني.

و مال إليه (3) في الرياض.

قال الأول (4) في بعض حواشيه على بعض كتب الأخبار، إنه يخطر بالبال أنه يمكن حمل الخبر (5) على ما اذا لم يقبضهم الضيعة الموقوف عليهم، و لم يدفعها إليهم.

و حاصل السؤال (6) أن الواقف يعلم أنه اذا دفعها إليهم يحصل بينهم الاختلاف و يشتد، لحصول الاختلاف بينهم قبل الدفع إليهم في تلك الضيعة، أو في أمر آخر فهل يدعها موقوفة و يدفعها إليهم أو يرجع عن الوقف، لعدم لزومه بعد، و يدفع إليهم ثمنها أيهما أفضل ؟

انتهى موضع الحاجة (7).

+++++++++++

(1) أي و أوضح هذا الاشكال: و هو إشكال قصور دلالة المكاتبة على جواز بيع الوقف المؤبد، و الوقف التام الذي يحصل بالقبض و الاقباض.

(2) أي بالاشكال المذكور.

(3) أي الى الاشكال المذكور.

(4) و هو العلامة المجلسي قدس اللّه نفسه الزكية.

(5) و هي مكاتبة علي بن مهزيار.

(6) أي سؤال الراوي في مكاتبة علي بن مهزيار.

(7) أي مما افاده شيخنا العلامة المجلسي قدس سره.

ص: 261

و الانصاف أنه (1) توجيه حسن، لكن ليس في السؤال ما يوجب ظهوره في ذلك (2) فلا يجوز رفع اليد عن مقتضى ترك (3) الاستفصال في الجواب، كما أن عدم ذكر البطن اللاحق لا يوجب ظهور السؤال في الوقف المنقطع، اذ كثيرا ما يقتصر في مقام حكاية وقف مؤبد على ذكر بعض البطون، فترك الاستفصال (4) عن ذلك يوجب ثبوت الحكم للمؤبد.

و الحاصل: أن المحتاج الى الانجبار بالشهرة ثبوت حكم الرواية للوقف التام المؤبد، لا تعيين ما انيط به الجواز: من كونه مجرد الفتنة أو ما يؤدي الفتنة إليه، أو غير ذلك مما تقدم من الاحتمالات في الفقرتين المذكورتين (5).

نعم يحتاج (6) الى الاعتضاد بالشهرة من جهة اخرى: و هي أن مقتضى القاعدة كما عرفت (7) لزوم كون بدل الوقف كنفسه

+++++++++++

(1) أي ما افاده العلامة المجلسي قدس سره في هذا التوجيه.

(2) أي في كون الواقف لم يقبض الضيعة الى الموقوف عليهم.

(3) أي ترك الامام عليه السلام التفصيل في المكاتبة.

(4) أي التفصيل بين الوقف المؤبد، و الوقف المنقطع.

(5) و هما قوله عليه السلام في المكاتبة:

إن كان قد علم الاختلاف ما بين أصحاب الوقف.

فانه ربما جاء في الاختلاف تلف الأموال و النفوس.

و قد ذكرنا تلك الاحتمالات في 268 ص

(6) أي الخبر الذي هي مكاتبة علي بن مهزيار.

(7) في ص 176 عند قوله: و قد تبين مما ذكرنا أن الثمن حكمه حكم الوقف: في كونه ملكا لجميع البطون على ترتيبهم.

ص: 262

مشتركا بين جميع البطون.

و ظاهر الرواية (1) تقريره للسائل في تقسيم ثمن الوقف على الموجودين فلا بد (2)

+++++++++++

(1) و هي مكاتبة علي بن مهزيار.

و خلاصة ما افاده الشيخ قدس سره في هذا المقام: أن ظاهر قول الامام عليه السلام في المكاتبة هو تقرير ما سأله السائل عن بيع الوقف، و تقسيم ثمنه على الموجودين من البطن الأول في قوله:

فان كان ترى أن يبيع هذا الوقف و يدفع الى كل انسان منهم ما كان وقف له من ذلك، فان جملة و يدفع الى كل انسان منهم ما كان وقف له من ذلك صريحة في تقسيم ثمن الوقف المبيع على البطن الموجود فالامام عليه السلام اجاز و قرّر له بيع الوقف، و تقسيم ثمنه على الموقوف عليهم بنحو ما سأله السائل.

مع أن هذه الظاهرة مخالفة للقاعدة: و هي لزوم كون بدل الوقف الذي هو الثمن كنفسه: في كونه مشتركا بين جميع البطون:

الموجودة و اللاحقة.

اذا تكون المكاتبة ساقطة عن الاعتبار بهذه المخالفة فلا يصح الاستدلال بها فتحتاج الى التقوية و الاعتضاد.

و شهرتها بين الأصحاب جابرة لما في المكاتبة من المحاذير فتعتضد بها فيصح الاستدلال بها على جواز بيع الوقف.

(2) الفاء تفريع على ما افاده قدس سره: من أن المكاتبة ظاهرة في تقرير الامام عليه السلام لما سأله السائل فيكون هذا الظهور مخالفا للقاعدة المذكورة: و هي لزوم كون بدل الوقف و هو الثمن كنفس الوقف: في كونه مشتركا بين جميع البطون: الموجودة، و اللاحقة -

ص: 263

إما (1) من رفع اليد عن مقتضى المعاوضة إلا (2) بتكلف سقوط حق سائر البطون عن الوقف آنا ما قبل البيع، لتقع المعاوضة في مالهم.

و إما (3) من حمل السؤال على الوقف المنقطع: اعني الحبس الذي لا إشكال في بقائه على ملك الواقف.

+++++++++++

- أي ففي ضوء ما ذكرنا لا بدّ من الالتزام باحد الامور الاربعة الآتية حتى لا يلزم المحذور المذكور.

(1) هذا هو الأمر الأول:

و خلاصته: أنه لا بدّ من رفع اليد عن مقتضى المعاوضة و مفهومها اذ مقتضى المعاوضة الحقيقية هو اختصاص الثمن بمن خصّص المعوّض له لأنه لا يعقل اختصاص الثمن بمن لم يختص المثمن به.

و فيما نحن فيه اذا بيع الوقف و وزع ثمنه على كل انسان من الموجودين كما في المكاتبة لم تكن المعاوضة قد استعملت في معناها الحقيقي فلا بد هنا من رفع اليد عن معناها كما عرفت.

(2) استثناء عن رفع اليد عن مقتضى معنى المعاوضة.

و خلاصته: أنه يمكن عدم الرفع لو قلنا بسقوط حق سائر البطون اللاحقة عن الوقف آنا ما قبل البيع فاذا قلنا بذلك تحقق مفهوم المعاوضة، لوقوعها في ملك البطون الموجودة فقط.

و هذا نظير الملكية الآتية في تملك العمودين، و تملك العبد في قول القائل: اعتق عبدك عني.

و مرجع الضمير في مالهم البطن الموجود، لا البطن اللاحق، لأنه لا ينسجم المعنى لو اريد ذلك كما لا يخفى على الخبير المتأمل.

(3) هذا هو الأمر الثاني و هو لا يحتاج الى الشرح.

ص: 264

أو (1) على الوقف غير التام، لعدم القبض.

أو (2) لعدم تحقق صيغة الوقف و إن تحقق التوطين عليه.

و تسميته (3) وقفا بهذا الاعتبار.

و يؤيده (4) تصدي الواقف بنفسه للبيع إلا أن يحمل على كونه ناظرا.

أو يقال: إنه (5) اجنبي استأذن الامام عليه السلام في بيعه عليهم حسبة.

بل يمكن أن يكون قد فهم الامام عليه السلام من جعل السائل قسمة الثمن بين الموجودين مفروغا (6) عنها.

+++++++++++

(1) هذا هو الأمر الثالث و هو لا يحتاج الى الشرح.

(2) هذا هو الأمر الرابع و هو لا يحتاج الى الشرح.

(3) أي إنّما سمّي مثل هذا وقفا مع أنه لم تتحقق صيغة الوقف و لم يسلّم الواقف الضيعة الى الموقوف عليهم، لأن الواقف قد وطّن نفسه لوقف ضيعته فبهذا الاعتبار يسمّى وقفا.

(4) أي و يؤيد كون المراد من الوقف في السؤال هو الوقف الباقي على ملك الواقف، و تسميته مثل هذا وقفا لتوطين الواقف نفسه للوقف، ثم تصدّى للبيع.

فتصدّيه للبيع دليل على أنه لم يوقف الضيعة بعد، و لم يجر صيغة الوقف.

إلا أن يقال: إن الواقف كان ناظرا فتصديه للبيع حينئذ لا يكون دليلا على أنه لم يوقف ضيعته بعد.

(5) أي الواقف كان اجنبيا.

(6) نصبه بناء على أنه مفعول ثان للمصدر: و هو كلمة جعل -

ص: 265

مع أن المركوز في الأذهان اشتراك جميع البطون في الوقف و بدله أن (1) مورد السؤال هو الوقف الباقي على ملك الواقف، لانقطاعه أو لعدم تمامه.

و يؤيده (2) أن ظاهر صدره المتضمن لجعل الخمس من الوقف

+++++++++++

- في قوله في ص 265: من جعل السائل.

(1) إن مع اسمها منصوبة محلا مفعول لكلمة فهم في قوله:

بل يمكن أن يكون قد فهم الامام.

و حاصل معنى هذه العبارة و التي قبلها: أنه من الامكان استفادة الامام عليه السلام من سؤال السائل أن مورد سؤاله هو الوقف الباقي على ملك الواقف، لكن الوقف وقفا منقطعا، حيث لم تذكر فيه البطون اللاحقة، أو الوقف غير التام، حيث لم يسلّم الواقف الضيعة الى الموقوف عليهم.

و الدليل على هذه الاستفادة هو جعل السائل قسمة الثمن على الموجودين مفروغا عنه، و من الامور المسلمة.

مع أن المرتكز في الأذهان خارجا هو اشتراك جميع البطون في الوقف و بدله: و هو الثمن.

(2) أي و يؤيد استفادة الامام عليه السلام من سؤال السائل أن مورد سؤاله هو الوقف الباقي على ملك الواقف: أن صدر المكاتبة المذكورة:

و هو قول السائل: و جعل لك في الوقف الخمس يدل على أن المراد من الوقف هو الوقف المنقطع، أو الوقف غير التام، لا الوقف المؤبد، أو الوقف التام.

و أما وجه التأييد فهو أن الظاهر من السؤال كون الموقوف عليه شخص الامام عليه السلام، فعليه لا يصح مثل هذا السؤال -

ص: 266

للامام هو هذا النحو أيضا.

إلا (1) أن يصلح هذا الخلل و أمثاله بفهم الأصحاب الوقف المؤبد التام

و يقال: إنه لا بأس بجعل الخبر المعتضد بالشهرة مخصصا لقاعدة المنع عن بيع الوقف، و موجبا لتكلف الالتزام بسقوط حق اللاحقين عن الوقف عند إرادة البيع، أو بمنع تقرير الامام عليه السلام للسائل في قسمة الثمن الى الموجودين.

و يبقى الكلام (2) في تعيين المحتملات في مناط جواز البيع.

+++++++++++

- إلا لمثل هذا الوقف.

(1) استثناء عما افاده: من أن ظاهر صدر المكاتبة لا يصلح إلا لمثل هذا النوع من الوقف.

و خلاصته: أنه من الممكن جعل الوقف في مورد السؤال هو الوقف المؤبد، بناء على استفادة الأصحاب منه ذلك، لاشتهار المكاتبة عندهم المنجبر قصور دلالتها على الوقف المؤبد، أو التام بهذه الشهرة الموجبة لتخصيص هذه المكاتبة القواعد الفقهية: من العمومات المتقدمة في ص 97 و من الاستصحاب المتقدم في ص 243

(2) أي بعد أن اصلحنا ضعف دلالة المكاتبة، و ضعف قصور مقاومتها للعمومات المتقدمة: من الأخبار المشار إليها في ص 97 و من الاستصحاب المشار إليها في الهامش ص 243 بما ذكرناه لك في ص 260 بقوله: فهي على تقدير قصورها منجبرة بالشهرة: بقي علينا أن نبحث حول تعيين المحتملات الواردة في أداء البقاء الى تلف الأموال و النفوس.

هل المنشأ في الادّاء هو العلم، أو الظن، أو الاحتمال، أو شيء آخر؟ -

ص: 267

و قد عرفت الأظهر منها (1) لكن في النفس شيء من الجزم بظهوره (2) فلو اقتصر على المتيقن من المحتملات و هو الاختلاف المؤدي علما، أو ظنا الى تلف خصوص مال الوقف، و نفوس الموقوف عليهم: كان أولى.

+++++++++++

- فنقول: قد عرفت المحتملات في ص 254 عند قوله: و الحاصل أن جميع الفتاوى المتقدمة في جواز بيع الوقف الراجعة.

و نحن نعيدها أليك مفصلا: و هي ستة:

(الاول): العلم باداء البقاء الى تلف الأموال و النفوس.

(الثاني): الظن باداء البقاء الى تلف الأموال و النفوس.

(الثالث): الاحتمال باداء البقاء الى تلف الأموال و النفوس.

(الرابع): العلم، أو الظن، أو الاحتمال الى مطلق الفساد، سواء أ كان فيه تلف الأموال و النفوس أم لا؟

(الخامس): العلم، أو الظن، أو الاحتمال الى فساد خاص:

و هو تلف الأموال و النفوس.

(السادس): العلم، أو الظن، أو الاحتمال باداء البقاء الى مطلق الاختلاف، سواء ادّى الى تلف الأموال و النفوس أم لا، أو ادّى الى فساد خاص.

(1) أي من هذه المحتملات الست عند الشيخ قدس سره عند ما افاده في ص 255 بقوله: و الأظهر في مدلولها هو إناطة الجواز بالاختلاف الذي ربما جاء فيه تلف الأموال و النفوس، لا مطلق الفساد.

(2) أي بظهور هذا الأظهر.

و لعل المراد من: و في النفس شيء هو أن كلمة ربما كما تستعمل في المحاورات العرفية في الاحتمال. -

ص: 268

و الفرق بين هذا (1)، و القسم الأول (2) من الصورة السابعة الذي جوزنا فيه البيع أن المناط في ذلك القسم (3) العلم، أو الظن بتلف الوقف رأسا.

و المناط هنا (4) خراب الوقف الذي يتحقق به تلف المال و إن لم يتلف الوقف، فان الزائد من المقدار الباقي مال قد تلف، و ليس المراد من التلف في الرواية تلف الوقف رأسا حتى يتّحد مع ذلك القسم المتقدم (5)، اذ (6) لا يتناسب هذا ما هو الغالب في تلف

+++++++++++

- كذلك تستعمل أيضا في العلم و الظن فلا مجال لهذه الأظهرية حينئذ

(1) أي القسم الثاني من قسمي الصورة السابعة: و هو ما إذا فرض جواز الانتفاع به بعد الخراب، و قد اشرنا إليه في الهامش 4 ص 231

(2) و هو ما ادّى بقاؤه الى خرابه علما أو ظنا و قد اشير إليه في الهامش 2 ص 230

(3) و هو القسم الأول من الصورة السابعة.

(4) أي في القسم الثاني من الصورة السابعة.

(5) و هو القسم الأول من الصورة السابعة.

(6) تعليل لعدم كون المراد من التلف في المكاتبة تلف الوقف رأسا و سقوطه نهائيا.

و خلاصته: أن السقوط النهائي، و التلف رأسا لا يناسب تلف الضيعة غالبا، اذ الغالب في تلف الضيعة هو تلفها عن الانتفاع المناسب لها كما لو كانت دار سكنى لرجال الدين فاصبحت خربة بحيث لا يستفاد منها سوى الزراعة، لكونها صارت عرصة، فان مثل هذا الخراب لا يقال له: التلف رأسا. -

ص: 269

الضيعة التي هي مورد الرواية، فان تلفها غالبا لسقوطها عن المنفعة المطلوبة منها بحسب شأنها.

ثم إن الظاهر من بعض العبائر المتقدمة (1).

بل المحكي عن الأكثر أن الثمن في هذا البيع للبطن الموجود.

إلا أن ظاهر كلام جماعة، بل صريح بعضهم كجامع المقاصد هو أنه يشترى بثمنه ما يكون وقفا على وجه يندفع به الخلف، تحصيلا لمطلوب الواقف بحسب الامكان (2).

و هذا (3) منه قدس سره مبني

+++++++++++

- فالمراد من التلف و السقوط في الضيعة هو هذا، لا السقوط النهائي.

(1) كما في عبارة شيخنا المفيد قدس سره التي نقلها عنه الشيخ في ص 123 بقوله: فلهم حينئذ بيعه و الانتفاع بثمنه، و كذلك إن حصلت لهم ضرورة الى ثمنه كان لهم حلّه.

و كما في عبارة السيد المرتضى قدس سره في الانتصار التي نقلها عنه الشيخ في ص 124 بقوله: جاز لمن هو وقف عليه بيعه و الانتفاع بثمنه

(2) راجع فيما نقل عنه الشيخ في ص 132 بقوله: و يشترى بثمنه في الموضعين ما يكون وقفا على وجه يندفع به الخلف.

(3) أي ما افاده صاحب جامع المقاصد: من أنه يشترى بثمنه الى آخره مبني على احد الامرين لا محالة:

إما منع ظهور المكاتبة المذكورة في تقرير الامام عليه السلام لمّا سأله السائل عن توزيع ثمن الوقف المبيع على الموقوف عليهم أي ليس للمكاتبة ظهور في هذا التقرير.

و إما على منع العمل بهذا التقرير رأسا في مخالفة مقتضى قاعدة -

ص: 270

على منع ظهور الرواية (1) في تقرير السائل في قسمة الثمن على الموجودين أو (2) على منع العمل بهذا التقرير في مخالفة مقتضى قاعدة المعاوضة من اشتراك جميع البطون في البدل كالمبدل، لكن الوجه الثاني (3) ينافي

+++++++++++

- المعاوضة: من اشتراك جميع البطون: اللاحقة و الموجودة في البدل كما أنه شريك في المبدل.

فاذا منعنا العمل بهذا التقرير بقيت قاعدة: يجب العمل بمقتضى المعاوضة سليمة عن المخالفة.

(1) و هي مكاتبة علي بن مهزيار.

هذا هو الأمر الأول المشار إليه في الهامش 1 ص 264

و أما وجه منع ظهور المكاتبة فلأن ما افاده صاحب جامع المقاصد:

من أنه يشترى بثمن الوقف شيئا لا ينسجم مع ظهور المكاتبة في التقرير

(2) هذا هو الأمر الثاني المشار إليه في الهامش 3 ص 264

(3) و هو الأمر الثاني الذي اشير إليه في الهامش 3 ص 264 بقولنا:

و إما على منع العمل بهذا التقرير أي بناء على ما افاده صاحب جامع المقاصد: من أنه يشترى بثمنه ما يكون وقفا على منع العمل بهذا التقرير مناف لما افاده في المصدر نفسه: من اختصاص الموجودين بثمن الوقف المبيع عند الحاجة الى بيعه مستندا هذا الاختصاص الى رواية جعفر بن حنان في جواب الامام عليه السلام في سؤال السائل في ص 209

قلت فللورثة من قرابة الميت أن يبيعوا الأرض اذا احتاجوا، و لم يكفهم ما يخرج من الغلة ؟

فقال عليه السلام: نعم اذا رضوا كلهم، و كان البيع خيرا لهم باعوا.

ص: 271

قوله باختصاص الموجودين بثمن ما يباع للحاجة الشديدة، تمسكا برواية جعفر فتعين الأول: و هو منع التقرير، لكنه خلاف مقتضى التأمل في الرواية (1).

الوقف المنقطع

و أما (2) الوقف المنقطع: و هو ما اذا وقف على من ينقرض بناء على صحته كما هو المعروف.

فاما أن نقول ببقائه على ملك الواقف (3).

و إما أن نقول بانتقاله الى الموقوف عليهم.

و على الثاني (4) فاما أن يملكوه ملكا مستقرا بحيث ينتقل منهم الى ورثتهم عند انقراضهم، و إما أن يقال بعوده الى ملك الواقف (6)

و إما أن يقال بصيرورته في سبيل اللّه (7).

+++++++++++

(1) اذا التأمل في الرواية التي هي مكاتبة علي بن مهزيار يعطيك درسا عن تقرير الامام عليه السلام لما سأله السائل: عن توزيعه ثمن الوقف المبيع على الموقوف عليهم.

الى هنا كان الكلام حول جواز بيع الوقف المؤبد، أو عدم جوازه.

و قد اسهب الشيخ قدس سره الكلام في هذا الميدان، لتطلبه ذلك

(2) من هنا شروع في جواز بيع الوقف المنقطع، أو عدمه فقال:

و أما الوقف المنقطع.

(3) و إن كان الملك وقفا منقطعا و لم تنقص مدة الوقفية.

(4) أي في مدة كون الملك وقفا عليهم.

(5) و هو انتقال الملك الى الموقوف عليهم في مدة كونه وقفا عليهم

(6) أي عند انقراض الموقوف عليهم، و مدة الوقف.

(7) أي بعد انقراض الموقوف عليهم، و مدة الوقف يرجع -

ص: 272

فعلى الأول (1) لا يجوز للموقوف عليهم البيع، لعدم الملك.

و في جوازه (2) للواقف، مع جهالة مدة استحقاق الموقوف عليهم إشكال من حيث لزوم الغرر بجهالة وقت استحقاق التسليم التام على وجه ينتفع به، و لذا (3) منع الأصحاب كما في الايضاح على ما حكي عنهم بيع مسكن المطلقة المعتدة بالأقراء، لجهالة مدة العدة (4)، مع عدم كثرة التفاوت.

نعم المحكي عن جماعة كالمحقق و الشهيدين في المسالك و الدروس و غيرهم صحة البيع في السكنى الموقتة بعمر احدهما، بل ربما يظهر من محكي التنقيح الاجماع عليه و لعله إما لمنع الغرر، و إما للنص: و هو ما رواه المشايخ الثلاثة في الصحيح، أو الحسن عن الحسين بن نعيم قال: سألت

+++++++++++

- الملك الى صرف منافعه في سبيل اللّه عزّ و جلّ .

(1) و هو بقاء الوقف على ملك المالك الواقف قبل انقراض الموقوف عليهم، و مدة الوقف.

(2) أي و في جواز بيع الموقوف عليهم الوقف المنقطع قبل انقضاء مدة الوقف إشكال و نظر.

وجه الاشكال أنه يلزم حينئذ الغرر في المبيع و هو منهي عنه

و أما لزوم الغرر فللجهل بمدة استحقاق تسليم البائع الملك للمشتري حتى يسوغ له الانتفاع منه.

(3) أي و لاجل الجهل بمدة استحقاق تسليم البائع الملك الى المشتري

(4) فان الأقراء و إن كانت معلومة من حيث العدد: و هي ثلاثة أقراء، لكنها مجهولة من حيث الزمان، لأنه لا يدرى عدد أيام كل قرء و إن كان التفاوت قليلا.

ص: 273

أبا الحسن عليه السلام عن رجل جعل داره سكنى لرجل زمان حياته أو جعلها له و لعقبه من بعده.

قال: هي له و لعقبه من بعده كما شرط.

قلت: فان احتاج إلى بيعها أ يبيعها؟

قال: نعم.

قلت: فينقض بيعه الدار السكنى.

قال: لا ينقض البيع السكنى كذلك سمعت أبي يقول:

قال أبو جعفر: لا ينقض البيع الاجارة، و لا السكنى، و لكن يبيعه على أن الذي يشتريه لا يملك ما اشترى حتى ينقضي السكنى على ما شرط، الى آخر الخبر (1).

و مع ذلك (2) فقد توقف في المسألة العلامة و ولده و المحقق الثاني

و لو باعه (3) من الموقوف عليه المختص بمنفعة الوقف

+++++++++++

(1) أي الى آخر الخبر، و للخبر صلة.

راجع (وسائل الشيعة): الجزء 13. ص 325. الباب 2 الحديث 2.

(2) أي و مع وجود هذا النص فقد توقف العلامة و ولده فخر المحققين و المحقق الثاني صاحب جامع المقاصد في مسألة بيع سكنى الدار الموقوفة، و الموقتة بعمر احدهما: إما الواقف أو الموقوف عليه، حيث عرفت أنه لا يدرى عمر احدهما، و أنه متى يموت حتى يسلّم البائع الملك للمشتري، و يتسلّمه المشتري.

(3) أي لو باع الواقف الوقف من الموقوف عليهم قبل انقضاء المدة جاز البيع ظاهرا.

ص: 274

فالظاهر جوازه، لعدم (1) الغرر.

و يحتمل العدم (2)، لأن معرفة المجموع المركب من ملك البائع و حق المشتري لا توجب معرفة البيع.

و كذا (3) لو باعه ممن انتقل إليه حق الموقوف عليه.

نعم لو انتقل (4) الى الواقف ثم باع صح جزما.

و أما (5) مجرد رضا الموقوف عليهم فلا يجوز البيع من الأجنبي

+++++++++++

(1) تعليل للجواز أي الجواز المذكور لاجل عدم وجود غرر في البين حتى يكون البيع غرريا لا يصح الاقدام عليه.

(2) أي عدم جواز بيع الواقف الوقف من الموقوف عليهم، و إن كان المشتري عالما بمجموع المركب: من ملك البائع الواقف، و حق المشتري، فان هذا العلم لا يوجب المعرفة بالمبيع فيكون البيع غرريا منهيا عنه.

(3) أي و كذا يحتمل عدم جواز بيع الواقف الوقف الى من ينتقل إليه حق الموقوف عليهم كورثة الموقوف عليهم، لعين الملاك الموجود في بيع الواقف من الموقوف عليه المختص بمنفعة الوقف.

(4) أي لو انتقل الوقف الى الواقف بعد انقضاء مدة الوقف فباع الواقف الوقف من الموقوف عليه المختص بمنفعة الوقف.

أو باعه ممن ينتقل إليه حق الموقوف عليه.

(5) دفع وهم:

حاصل الوهم: أن الموقوف عليهم راضون ببيع الواقف الوقف في زمن الوقف و إن لم تنقض مدته فهذا الرضا كاف في صحة البيع

فأجاب الشيخ قدس سره عن الوهم بما حاصله: أن مجرد رضا الموقوف عليهم في بيع الوقف لا يجوّز البيع من الأجنبي، لأن منفعة -

ص: 275

لأن المنفعة مال لهم (1) فلا تنتقل الى المشتري بلا عوض.

اللهم إلا (2) أن يكون على وجه الإسقاط لو صححناه (3) منهم.

أو تكون المعاملة مركبة من نقل العين من طرف الواقف و نقل المنفعة من قبل الموقوف عليهم فيكون العوض موزعا عليهما (4)

و لا بدّ أن يكون ذلك (5) على وجه الصلح، لأن غيره (6) لا يتضمن

+++++++++++

- الوقف الى زمن انقضاء مدة الوقف راجعة الى الموقوف عليهم فلا تنتقل شيء منها الى المشتري، لأن لازم الانتقال إليه أن لا يرجع شيء من العوض الى الموقوف عليهم، حيث إن العوض قد أخذه الواقف عند ما باع الوقف.

(1) أي الموقوف عليهم كما علمت آنفا.

(2) استثناء عما افاده: من مجرد رضا الموقوف عليهم لا يجوّز البيع و لا يبرره.

و خلاصته: أن الرضا المذكور اذا كان على وجه إسقاط الموقوف عليهم حقهم حتى لا يحتاجون الى العوض فقد صح البيع، لأن الرضا إذا كان كذلك فانه يجوّز البيع.

(3) أي لو صححنا هذا الاسقاط من الذين افتوا بذلك، لأننا لا نعترف بصحة الاسقاط، حيث إن في الوقف حقوقا ثلاثة:

حق اللّه عزّ و جلّ ، و حق الواقف، و حق الموقوف عليهم

فباسقاط الموقوف عليهم حقهم لا يسقط الحقين الأخيرين.

(4) أي على الواقف، و الموقوف عليهم.

(5) أي توزيع العوض على الواقف و الموقوف عليهم.

(6) أي غير الصلح.

ص: 276

نقل العين و المنفعة كليهما، خصوصا مع جهالة المنفعة (1).

و مما ذكرنا (2) يظهر وجه التأمل (3) فيما حكي عن التنقيح: من أنه لو اتفق الواقف و الموقوف عليه على البيع في المنقطع جاز (4) سواء (5) اراد بيع الواقف أم بيع الموقوف عليه كما يدل كلامه (6) عليه المحكي عنه في مسألة السكنى، حيث اجاز (7) استقلال مالك العين بالبيع و لو (8) من دون رضا مالك الانتفاع، أو المنفعة.

+++++++++++

(1) حيث لا يدرى مدة انقضاء عمر الموقوف عليه فبالجهل بالمدة تجهل مدة المنفعة.

(2) و هو أن مجرد رضا الموقوف عليه لا يجوّز البيع، لأن المنفعة راجعة الى الموقوف عليه فاذا انتقلت الى المشتري لا يرجع شيء من العوض إليهم، لأن الواقف قد اخذه.

(3) وجه التأمل أن مجرد اتفاق الواقف و الموقوف عليه على بيع الوقف لا يجوّز البيع، لأن المنفعة مال للموقوف عليهم، فاذا بيع الوقف و اعطي للمشتري لم يرجع شيء من العوض الى الموقوف عليهم لأن العوض قد أخذه الواقف.

(4) الى هنا كلام صاحب التنقيح قدس سره

(5) من هنا كلام شيخنا الانصاري قدس سره أي سواء أراد صاحب التنقيح من بيع الوقف بيع الواقف الوقف مع رضا الموقوف عليه، أم بيع الموقوف عليه الوقف مع رضا الواقف.

(6) أي كما يدل على جواز بيع الوقف لو اتفق الواقف و الموقوف عليه كلامه في مسألة وقف سكنى الدار بعمر احدهما.

(7) أي صاحب التنقيح.

(8) هذه الجملة: و لو من دون رضا مالك تدل على جواز -

ص: 277

نعم (1) لو كان للموقوف عليه حق الانتفاع من دون تملك للمنفعة كما في السكنى على قول صح ما ذكره، لامكان سقوط الحق بالاسقاط، بخلاف (2) المال، فتأمّل (3).

و تمام الكلام في هذه المسائل في باب السكنى و الحبس إن شاء اللّه

و على الثاني (4) فلا يجوز

+++++++++++

- بيع الوقف عند ما اتفق الواقف و الموقوف عليه، لأنه إذا جاز البيع في صورة عدم رضا مالك الانتفاع، أو المنفعة ففي صورة رضاه بطريق أولى.

و الفرق بين مالك الانتفاع، و المنفعة معلوم، اذ الأول في صورة عدم اشتراط المباشرة من شخص الموقوف عليه.

و الثاني اشتراط المباشرة بشخص الموقوف عليه.

(1) استدراك عما افاده: من التأمل فيما افاده صاحب التنقيح:

من أن اتفاق الواقف و الموقوف عليه على بيع الوقف يجوّز بيعه.

و خلاصته: أن اتفاق الواقف و الموقوف عليه امر ممكن لو كان للموقوف عليه حق الانتفاع من الوقف فقط، دون تملك المنفعة لامكان سقوط الحق باسقاط الموقوف عليه حقه.

(2) أي بخلاف المال الذي هو الملك، فأنه لا يسقط باسقاط المالك.

(3) لعل الأمر بالتأمل اشارة الى أن حق الانتفاع ليس إلا السلطنة و السلطة على الانتفاع فهو كالعارية فليس من الحقوق القابلة للاسقاط

فما افاده صاحب التنقيح: من جواز بيع الوقف المنقطع في صورة اتفاق الواقف و الموقوف عليه غير مفيد.

(4) و هو انتقال الوقف المنقطع الى الموقوف عليهم قبل انقضاء مدته

ص: 278

البيع للواقف (1)، لعدم الملك، و لا للموقوف عليه، لاعتبار الواقف بقاؤه في يدهم الى انقراضهم.

و على الثالث (2) فلا يجوز البيع للموقوف عليه (3) و إن اجاز الواقف، لمنافاته (4) لاعتبار الواقف في الوقف بقاء العين.

كما لا يجوز أيضا للواقف لغير المالك فعلا و إن اجاز الموقوف عليه

إلا إذا جوزنا بيع ملك الغير مع عدم اعتبار مجيز له في الحال.

على أن الموقوف عليه الذي هو المالك فعلا ليس له الاجازة لعدم تسلطه على النقل فاذا انقرض الموقوف عليه، و ملكه الواقف لزم البيع.

ثم إنه قد أورد على القاضي قدس سره، حيث جوز للموقوف عليه بيع الوقف المنقطع (5) مع قوله ببقاء الوقف المنقطع على ملك الواقف

+++++++++++

(1) أي في مدة كون الوقف في يد الموقوف عليه، لأن الملك قبل انقضاء مدة الوقف مسلوب المنفعة فليس للمالك حق التصرف فيه

و كذلك لا يجوز للموقوف عليه بيعه في مدة وقف الملك عليهم لأن الواقف قد اشترط بقاء الوقف على الوقفية إلى أن تنقضي مدة الوقف.

(2) و هو عود الوقف بعد انقضاء مدة الوقف الى ملك الواقف

(3) أي في مدة الوقف.

(4) أي لمنافاة البيع مع ما اعتبره الواقف: و هو بقاء الوقف على الوقفية الى أن تنقضي مدته.

(5) المراد من جواز بيع الموقوف عليه الوقف المنقطع جوازه الى مدة الوقف المشروطة في الوقف، لا مطلقا حتى بعد انقضاء مدة الوقف، فانه بعد الانقضاء يخرج عن تحت تصرف الموقوف عليهم -

ص: 279

و يمكن رفع التنافي (1) بكونه (2) قائلا بالوجه الثالث من الوجوه المتقدمة: و هو ملك الموقوف عليهم ثم عوده الى الواقف.

إلا أن الكلام في ثبوت هذا القول (3) بين من اختلف في مالك الموقوف في الوقف المنقطع، و يتضح ذلك (4) بمراجعة المسألة (5) في كتاب الوقف.

و على الرابع (6) فالظاهر أن حكمه حكم الوقف المؤبد كما صرح به (7) المحقق الثاني على ما حكي عنه، لأنه حقيقة وقف مؤبد

+++++++++++

- و يعود الى ملك الواقف لو كان موجودا، أو الى وارثه لو كان ميتا، أو يرجع في سبيل اللّه عز و جل على اختلاف الأقوال.

(1) المراد من التنافي هو تجويز القاضي قدس سره بيع الموقوف عليه الوقف قبل انقضاء مدة الوقف، مع قوله ببقاء الوقف على ملكية الواقف.

و من الواضح أن القولين متنافيان متضادان لا يجتمعان، إذ كيف يمكن البيع مع بقاء الوقف على ملكية الواقف.

(2) من هنا شروع في رفع التنافي و قد افاده في المتن فلا نعيده

(3) أي هذا المبنى: و هو ما افاده القاضي قدس سره.

(4) أي مبنى القاضي.

(5) و هي مسألة جواز بيع الموقوف عليه الوقف المنقطع مع بقاء الوقف على ملك الواقف.

(6) و هو عود الوقف المنقطع بعد انقضاء مدة الوقف في سبيل اللّه عزّ و جلّ .

(7) أي بأن حكم مثل هذا الوقف حكم الوقف المؤبّد.

ص: 280

كما لو صرح بكونه في سبيل اللّه بعد انقراض الموقوف عليه الخاص.

ثم إن ما ذكرنا (1) في حكم الوقف المنقطع فانما هو بالنسبة إلى البطن الذي لا بطن بعده يتلقى الملك من الواقف.

و أما حكم بيع بعض البطون مع وجود من بعدهم (2) فان قلنا بعدم تملكهم للمنقطع فهو كما تقدم (3).

و أما على تقدير القول بملكهم فحكم بيع الأخير من البطون حكم بيع بعض البطون في الوقف المؤبد فيشترك معه في المنع في الصور التي منعنا (4)، و في الجواز في الصورة التي جوزنا (5)، لاشتراك دليل

+++++++++++

(1) و هو أن الوقف المنقطع هل هو باق على ملك الواقف أو أنه ينتقل إلى الموقوف عليهم مدة كونه وقفا، ملكية موقتة، أو يعود إلى ملك الواقف بعد انقضاء المدة، أو إلى سبيل اللّه عزّ و جلّ؟

(2) هذا إذا كان الشيء وقفا على البطون الموجودة، و اللاحقة إلى مدة معينة مثلا.

(3) من بقاء الوقف على ملك الواقف، أو ينتقل إلى الموقوف عليهم ملكية موقتة، أو يعود إلى ملك الواقف بعد انقضاء المدة، أو إلى سبيل اللّه عزّ و جلّ .

(4) و هي الصورة: 1-2-3-4-5-6-7-8-9-10 من صور جواز بيع الوقف المؤبد التي قالها الشيخ في ص 161 بقوله:

فاعلم أن الكلام في جواز صور بيع الوقف يقع في صور.

و قد اشير إلى هذه الصور من ص 161 - الى ص 233

(5) و هي الصورة السابعة في القسم الأول منها المشار إليه في الهامش 3 ص 230

ص: 281

المنع (1) و يتشاركان (2) أيضا في حكم الثمن بعد المبيع.

مسألة: و من أسباب خروج الملك عن كونه طلقا صيرورة المملوكة أم ولد لسيدها
اشارة

(مسألة): و من أسباب خروج الملك عن كونه طلقا صيرورة المملوكة أم ولد لسيدها، فان ذلك (3) يوجب منع المالك عن بيعها بلا خلاف بين المسلمين على الظاهر المحكي عن مجمع الفائدة.

و في بعض الأخبار دلالة على كونه (4) من المنكرات في صدر الاسلام.

مثل ما روي عن قول أمير المؤمنين لمن سأله عن بيع أمة ارضعت ولده.

قال له: خذ بيدها، و قل: من يشتري أم ولدي (5).

و في حكم البيع كلّ تصرّفٍ ناقلٍ للملك الغير المستعقب بالعتق، أو مستلزمٍ للنقل كالرهن

و في حكم البيع كل تصرف ناقل للملك (6)، غير (7) المستعقب

+++++++++++

(1) أي في الوقف المؤبد و المنقطع.

(2) أي وقف المؤبّد و المنقطع في ثمن المبيع: من حيث اشتراك الجميع به، و أنه يشترى به ما يوقف عليهم، تحصيلا لغرض الواقف

(3) أي صيرورة المملوكة أم ولد.

(4) أي بيع أم الولد.

(5) راجع (وسائل الشيعة): الجزء 14. ص 309. الباب 19 الحديث 1.

(6) أي كل تصرف في الامة المستولدة حكمه حكم البيع في عدم جوازه، سواء أ كان ذاك التصرف ناقلا للأمة، أم مستلزما للنقل لها

فكما أن بيع الأمة المستولدة غير جائز.

كذلك التصرف الموجب لنقلها، أو مستلزما للنقل غير جائز.

(7) أي و أما النقل الموجب لعتقها فهو جائز، لأن الشارع إنما منع عن بيعها، و عن هذه التصرفات، لتعتق عن نصيب ولدها -

ص: 282

بالعتق، أو مستلزم للنقل كالرهن (1) كما يظهر (2) من تضاعيف كلماتهم في جملة من الموارد.

(منها) (3): جعل أم ولد ملكا غير طلق كالوقف و الرهن.

+++++++++++

- ليكون لها من المزايا الحياتية كما كان لغيرها من بني نوعها، و لا تبقى أسيرة و مقيدة ما دامت في الحياة إذا بيعت، أو صولح عليها، أو غير ذلك.

و أما إذا كان نقلها موجبا لعتقها فهو جائز بلا كلام، لأن عتقها يكون حاليا غير متوقف على نصيب ولدها المشكوكة حياته إلى موت أبيه، ليرثه حتى تعتق أمه من نصيبه.

(1) فان رهن الأمة تصرف مستلزم لنقلها، حيث إنها تكون وثيقة عند المرتهن فيما إذا لم يؤد الراهن الدين أخذها عوضا عنه أو باعها و أخذ حقه و ارجع الزائد إلى الراهن إن كانت في قيمتها زيادة

(2) أي ما قلناه: من أن كل تصرف في الامة المستولدة الموجب لنقلها، أو مستلزما لنقلها حكمه حكم البيع في عدم جوازه يظهر من أغلب الفقهاء في ثنايا كلماتهم لمن أمعن النظر في موارد أم الولد و راجعها.

(3) من هنا أخذ الشيخ في عدّ تلك الموارد التي افادها الفقهاء و يظهر من كلماتهم أن الأمة المستولدة لا يجوز فيها أي تصرف فهذا أول مورد من تلك الموارد فقال:

من تلك الموارد مورد جعل الفقهاء الامة المستولدة ملكا غير طلق فقالوا: إنها كالوقف و الرهن في كونهما ملكا غير طلق.

فكما أنهما غير طلقين، كذلك الامة المستولدة ملك غير طلق لا يجوز التصرف فيه بنحو الملك الطلق، إذ معنى الطلق هو تمامية -

ص: 283

و قد عرفت (1) أن المراد من الطلق تمامية الملك، و الاستقلال في التصرف.

فلو (2) جاز الصلح عنها و هبتها لم تخرج عن كونها طلقا بمجرد عدم جواز ايقاع عقد البيع عليها.

كما أن (3) المجهول الذي يصح الصلح عنه و هبته و الابراء عنه

+++++++++++

- الملك، بحيث يمكن للمالك الاستقلال في التصرف فيه أي نحو شاء و أراد من التصرفات.

و من الواضح أن الطليقة لا مفهوم لها في الامة المستولدة بواسطة استيلادها.

كما لا مفهوم لها في الوقف و الرهن.

(1) في ص 87 عند قوله: و المراد بالطلق تمام السلطنة على الملك بحيث يمكن للمالك أن يفعل بملكه ما شاء، و يكون مطلق العنان في ذلك

(2) الفاء تفريع على ما افاده: من أن الفقهاء جعلوا أم الولد ملكا غير طلق.

و خلاصته: أن الامة المستولدة لا تخرج عن الملكية الطلقة لو قلنا بجواز الصلح عنها، أو بجواز هبتها و إن منعنا جواز ايقاع عقد البيع عليها، لأن مجرد المنع لا يبرر جواز الصلح و الهبة، لأن لازم القول بجواز الصلح عنها وهبتها عدم خروجها عن الملكية الطلقة أي باقية على الطلقية و الحال أنها ليست بملك طلق، فلا بد من القول بعدم جواز الصلح عنها، و عدم جواز هبتها.

(3) لنظير لعدم خروج الامة المستولدة عن الطلقية لو جوزنا الصلح عليها و هبتها.

و خلاصته: كما أن جواز الصلح على شيء مجهول، أو هبته: -

ص: 284

و لا يجوز بيعه لا يخرج عن كونه طلقا.

(و منها) (1): كلماتهم في رهن أم الولد فلاحظها.

(و منها) (2): كلماتهم في استيلاد المشتري في زمان خيار البائع فان المصرح به في كلام الشهيدين في خيار الغبن أن البائع لو فسخ يرجع إلى القيمة، لامتناع انتقال أم الولد (3).

و كذا في كلام العلامة و ولده و جامع المقاصد ذلك (4) أيضا في زمان مطلق الخيار.

+++++++++++

- أو الابراء عنه لا يخرجه عن الطلقية و إن لم نجوز بيعه، لكونه مجهولا.

كذلك جواز الصلح على الامة المستولدة و هبتها لا يخرجها عن الطلقية

(1) أي و من الموارد التي يظهر من كلمات الفقهاء فيها أن كل تصرف ناقل للملك، أو مستلزم للنقل حكمه حكم البيع في عدم جوازه راجع ما افاده الفقهاء في هذا المقام.

إليك نص ما افاده في كتاب المتاجر من القواعد في أحكام الرهن في المقصد الثاني.

قال قدس سره: و في رهن أم الولد في ثمن رقبتها مع إعسار المولى إشكال، و مع يساره أشكل، و في غير الثمن أشد إشكالا.

الشاهد في قوله: و في غير الثمن أشد إشكالا، حيث يدل على عدم جواز رهن الامة المستولدة في غير ثمن رقبتها.

(2) أي و من تلك الموارد التي يظهر من كلمات الفقهاء عدم جواز الصلح على الامة المستولدة، و عدم جواز رهنها.

(3) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 3 ص 466

(4) أي رجوع البائع إلى المثل، أو القيمة لو استولد المشتري الامة

ص: 285

(و منها) (1): كلماتهم في مستثنيات بيع أم الولد ردا و قبولا فانها كالصريحة في أن الممنوع مطلق نقلها (2) لا خصوص البيع.

(و بالجملة) فلا يبقى للمتأمل شك في ثبوت حكم البيع لغيره من النواقل، و مع ذلك (3) كله.

فقد جزم بعض سادة (4) مشايخنا بجواز غير البيع من النواقل (5)

+++++++++++

(1) أي و من تلك الموارد التي يظهر من كلمات الفقهاء عدم جواز الصلح عن الامة المستولدة، و عدم جواز رهنها.

(2) سواء أ كان بنحو البيع أم الصلح، أم الهبة.

(3) أي و مع ما ذكرناه من موارد كلمات الفقهاء، و مع عدم بقاء شك للمتأمل في ثبوت حكم البيع: و هو عدم الجواز للصلح و الهبة، من النواقل، أو مستلزما للنقل.

(4) المراد به هو السيد المجاهد السيد محمد الطباطبائي نجل المرحوم السيد علي صاحب الرياض.

و قد مضى شرح حياته في حياة الشيخ الأنصاري قدس سره في الجزء الأول من المكاسب من طبعتنا الحديثة في ص

و له مؤلف شريف: و هو (المناهل).

(5) إليك ما افاده قدس سره في هذا المقام في المصدر نفسه:

السادس هل يلحق بالبيع الصلح فلا يصح للمولى نقل أمّ الولد مع وجود ولدها منه الى غيره بطريق الصلح، أو لا يلحق، بل يجوز النقل بطريق الصلح في جميع الصور؟

ظاهر الدروس الأول:

و التحقيق أن يقال: إن كان الصلح فرعا عن البيع فلا إشكال في الالحاق، (أي في إلحاقه بالبيع في عدم جوازه). -

ص: 286

للاصول (1)، و خلوّ (2) كلام المعظم عن حكم غير (3) البيع.

و قد عرفت ظهوره (4) من تضاعيف كلمات المعظم في الموارد المختلفة، و مع ذلك (5)

+++++++++++

- و إن كان عقدا مستقلا كما هو المختار فلا يلحق، فان المعتمد جواز نقلها بكل ناقل عدا البيع فيجوز اتهابها للغير، للعمومات الدالة على لزوم الوفاء بالعقود، و الشروط، و على تسلط المالك على ملكه خرج من هذه العمومات بيع الامة المستولدة بالدليل الخاص و لا دليل على خروج غيره

(1) المراد بها قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، فانه يشمل الصلح عن الامة المستولدة.

و قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: المؤمنون عند شروطهم.

و قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: إن الناس مسلطون على أموالهم و أنفسهم.

(2) بالجر عطفا على المجرور (باللام الجارة) في قوله: و للاصول أي و لخلو كلام معظم الفقهاء عن منع الصلح و الهبة في الامة المستولدة فهذا دليل ثان لصاحب المناهل.

(3) و هو الصلح و الهبة.

(4) أي ظهور غير البيع: من الصلح و الهبة من كلمات الفقهاء و أنهم ألحقوهما بالبيع في عدم جوازهما.

و قد افاد شيخنا الانصاري قدس سره بهذه الكلمات في ص 283 - 285-286 في قوله: منها، و منها، و منها، و بالجملة.

(5) أي و مع ما عرفته من ظهور كلمات كثيرة من الفقهاء في منع الصلح و الهبة في الامة المستولدة بقولنا: منها و منها و منها فالمنع عن الصلح و الهبة في الامة المستولدة هو الظاهر من كلام الشيخ -

ص: 287

فهو الظاهر من المبسوط و السرائر، حيث قالا: إذا مات ولدها (1) جاز بيعها و هبتها، و التصرف فيها بسائر أنواع التصرف.

و قد ادعى في الايضاح الاجماع صريحا على المنع عن كل ناقل و ارسله بعضهم كصاحب الرياض و جماعة ارسال المسلمات.

بل عبارة بعضهم ظاهرة في دعوى الاتفاق.

حيث قال (2): إن الاستيلاد مانع من صحة التصرفات الناقلة من ملك المولى إلى ملك غيره، أو المعرّضة لها، للدخول في ملك غيره كالرهن على خلاف في ذلك.

ثم إن عموم المنع لكل ناقل (3)، و عدم اختصاصه (4) بالبيع قول جميع المسلمين.

و الوجه فيه (5) ظهور أدلة المنع المعنونة بالبيع في إرادة مطلق النقل، فان مثل قول أمير المؤمنين عليه السلام في الرواية السابقة: خذ بيدها، و قل: من يشتري أم ولدي (6) يدل على كون مطلق نقل أمّ الولد الى الغير كان من المنكرات.

+++++++++++

- في المبسوط، و ابن ادريس قدس اللّه سرهما في السرائر.

(1) فكلامهما هذا صريح في عدم جواز الصلح و الهبة في الامة المستولدة قبل موت ولدها.

(2) أي هذا البعض.

(3) سواء أ كان بنحو الصلح، أم الهبة، أم غيرهما.

(4) أي النقل.

(5) أي في عموم النقل لكل ناقل.

(6) المشار إليه في ص 282

ص: 288

و هو (1) مقتضى التأمل فيما سيجيء: من أخبار بيع أم الولد في ثمن رقبتها، و عدم جوازه فيما سوى ذلك.

هذا مضافا إلى ما اشتهر و إن لم نجد نصا عليه: من أن الوجه في المنع هو بقاؤها، رجاء لانعتاقها من نصيب ولدها بعد موت سيدها.

و الحاصل أنه لا إشكال في عموم المنع لجميع النواقل.

ثم إن المنع مختص بعدم هلاك الولد، فلو هلك جاز اتفاقا فتوى و نصا (2).

و لو مات الولد و خلف ولدا ففي إجراء حكم الولد عليه، لأصالة (3) بقاء المنع، و لصدق الاسم (4) فيندرج (5) في اطلاق الأدلة و تغليبا (6) للحرية.

+++++++++++

(1) أي قول أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام الدال على أن مطلق نقل أم الولد الى الغير كان من المنكرات.

(2) راجع (وسائل الشيعة): الجزء 16. ص 126. الباب 5 الأحاديث

(3) المراد من الأصل هو الاستصحاب أي استصحاب منع بيع أم الولد في حياة ولدها، و بعد وفاته و وجود ولد ولده نشك في بقاء عدم جواز بيعها، فنستصحب العدم.

(4) أي الولد الصلبي على ولد الولد فيقال: إنه ولدها.

(5) أي ولد الولد يندرج تحت اطلاق أدلة المنع عن بيع أم الولد فان تلك الأدلة التي منها الرواية المرويّة عن الامام امير المؤمنين عليه الصلاة و السلام في ص 282 مطلقة لا تقييد فيها للولد بالولد الصلبي.

(6) منصوب على المفعول لاجله أي و لاجل تغليب جانب الحرية على جانب العبودية، حيث إن الشارع في مقام تحرير العبيد و الاماء -

ص: 289

أو العدم (1)، لكونه (2) حقيقة في ولد الصلب، و ظهور (3) ارادته من جملة من الأخبار، و إطلاق (4) ما دل من النصوص

+++++++++++

- بكل صورة، و بكل سبب يمكن التشبث به حتى يكون لهؤلاء العبيد و الاماء ما للأحرار: من المزايا الحياتية، و يكون حكمهم حكمهم في الاجتماع.

فهنا و إن مات ولدها، لكن لما خلف ولدا حكم بعدم جواز بيعها بسبب ولد الولد تغليبا لجانب الحرية.

فتغليب جانب الحرية يكون دليلا ثالثا على عدم جواز بيع الامة المستولدة اذ الدليل الأول هو الاستصحاب المشار إليه في الهامش 3 ص 289

و دليله الثاني هو صدق اسم الولد على ولد الولد.

(1) أي أو عدم إجراء حكم الولد على ولد الولد حتى يجوز بيع أمّ الولد اذا مات ولدها.

(2) تعليل لعدم إجراء حكم الولد على ولد الولد.

و خلاصته: أن ولد الولد لا يقال له: ولد حقيقة، كما يقال للولد الصلبي: إنه ولد، فيصح سلب الولد عن ولد الولد فيجوز بيع أمّ الولد

(3) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله: لكونه أي و لظهور إرادة الولد الصلبي من الولد في الأخبار، لا ولد الولد.

فهذا دليل ثان على عدم إجراء حكم الولد الصلبي على ولد الولد.

و المراد من الأخبار هي الأخبار المانعة عن بيع أم الولد منها الحديث المروي عن الامام أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام المشار إليه في ص 282

(4) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله: لكونه أي و لاطلاق الأخبار المجوّزة على بيع أمّ الولد بعد موت ولدها فان تلك الأخبار مطلقة لا تقييد فيها بالولد الصلبي. -

ص: 290

و الاجماع على الجواز بعد موت ولدها، أو التفصيل (1) بين كونه وارثا، لعدم (2) ولد الصلب للمولى، و عدمه (3)، لمساواة (4) الأول مع ولد الصلب في الجهة المقتضية للمنع وجوه (5).

+++++++++++

- فهذا دليل ثالث على عدم إجراء حكم الولد الصلبي على ولد الولد

و قد اشرنا الى مصدر هذه الأخبار في الهامش 5 ص 282

(1) هذا قول ثالث في مسألة ولد الامة اذا مات و خلف ولدا.

و خلاصته: أن هناك قولا ثالثا بالتفصيل: بين كون ولد الولد وارثا، و بين عدم كونه وارثا.

فان كان وارثا عن ابيه: بأن لم يكن لابيه اخوة، أو اخوات فلا يجوز بيع أمّ الولد هنا، لأنها تعتق من نصيب ولد ولدها.

و إن لم يكن وارثا كما لو كان للولد المتوفى اخوة و اخوات، أو إحداهما فلا تعتق أمّ الولد، لعدم نصيب لولد الولد حتى تعتق.

(2) تعليل لعدم جواز بيع أمّ الولد، لأنها تعتق من نصيب ولد ولدها، لعدم وجود وارث لأب الميت، بل الوارث منحصر في ولد الولد أي و لعدم وجود ولد صلبي لوالد المتوفى سوى ولد ولده.

(3) أي و بين عدم كون ولد الولد وارثا كما لو كان لابيه اخوة فحينئذ لا تصل النوبة إليه، و قد عرفت معناه في الهامش 1 عند قولنا:

و إن لم يكن وارثا.

(4) تعليل لكون ولد الولد وارثا أي لمساواة الأول و هو صورة عدم وارث لأب الميت سوى ولد ولده، فولد الولد يساوي مع ولد الصلبي في الجهة المانعة، و المقتضية لمنع أمّ الولد عن بيعها، حيث إنها تعتق من نصيب ولد ولدها.

(5) أي وجوه ثلاثة: -

ص: 291

حكي أولها (1) عن الايضاح.

و ثالثها (2) عن المهذب البارع و نهاية المرام.

و عن القواعد و الدروس، و غيرهما التردد (3).

بقي الكلام في معنى أمّ الولد

بقي الكلام في معنى أمّ الولد، فان ظاهر اللفظ اعتبار انفصال الحمل، اذ لا يصدق الولد إلا بالولادة.

لكن المراد هنا (4) مجازا ولدها و لو حملا، للمشارفة.

و يحتمل أن يراد الولادة من الوالد، دون الوالدة (5).

+++++++++++

- (الأول): إجراء حكم الولد على ولد الولد.

(الثاني): عدم اجراء حكم الولد على ولد الولد.

(الثالث) التفصيل بين ولد الولد اذا يرث. و بين ولد الولد الذي لا يرث

(1) و هو إجراء حكم الولد على ولد الولد.

(2) و هو التفصيل المذكور آنفا.

و قد عرفت التفصيل بين القولين في الهامش 1 ص 291

(3) أي التوقف في مسألة أمّ الولد اذا مات ولدها و خلف ولدا فلم يحكموا باجراء حكم الولد على ولد الولد، و لا بعدم الاجراء و لا بالتفصيل بين من يرث فيحكم باجراء حكم الولد على ولد الولد.

و بين من لا يرث فيحكم بعدم إجراء حكم الولد على ولد الولد.

(4) أي المقصود من الولد في باب أمّ الولد هو ولد الأمة المستولدة و إن كان الولد يعدّ حملا و لم ينفصل عن الأمة، لا الولد المنفصل عنها بالولادة، فاطلاق الولد على مثل هذا الحمل يكون مجازا، لقاعدة المشارفة: و هي الأول و الرجوع الى الولد بالولادة لا محالة.

(5) قد اعترض شيخنا الايرواني قدس سره في تعليقته على المكاسب في ص 183 على ما افاده شيخنا الانصاري بقوله: و يحتمل أن يراد -

ص: 292

و كيف كان (1) فلا إشكال، بل لا خلاف في تحقق الموضوع (2) بمجرد الحمل.

و يدل عليه (3) الصحيح عن محمد بن مارد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل يتزوج أمة فتلد منه أولادا ثم يشتريها فتمكث عنده ما شاء اللّه لم تلد منه شيئا بعد ما ملكها، ثم يبدو له في بيعها.

قال: هي امته إن شاء باع ما لم يحدث عنده حمل بعد ذلك و إن شاء اعتق (4).

+++++++++++

- الولادة من الوالد، دون الوالدة.

و خلاصة الاعتراض: أن الولد اذا لم يصدق على الجنين في البطن لم تصدق الولادة من الوالد أيضا، اذ مجرد خروج مبدأ الولد و انفصاله منه لا يوجب صدق الولادة، فان خروجه من هذا الحيث ليس إلا كخروج البول.

(1) أي سواء قلنا: إن المراد من الولد هو الولد المولود بالولادة الذي جاء منفصلا عن الأم، أم الولد المجازي و إن كان بالحمل و لم ينفصل عن الأم بعد.

(2) المراد من تحقق الموضوع هو تحقق الولد بمجرد الحمل و صدق أم الولد على الأمة المستولدة، و ترتب الحكم عليها و هو عدم جواز بيعها، و لا سائر التصرفات الناقلة، أو المستلزمة لنقلها.

(3) أي على تحقق الموضوع بمجرد وجود الحمل و إن لم ينفصل عن الأمة.

(4) راجع (وسائل الشيعة): الجزء 16. ص 125. الباب 4 الحديث 1.

فالشاهد في قوله عليه السلام: إن شاء باع ما لم يحدث عنده -

ص: 293

و في رواية السكوني عن جعفر بن محمد قال: قال علي بن الحسين صلوات اللّه عليهم اجمعين في مكاتبة يطؤها مولاها فتحمل ؟

فقال: يرد عليها مهر مثلها، و تسعى في قيمتها، فان عجزت فهي من امهات الأولاد (1).

لكن في دلالتها (2) على ثبوت الحكم بمجرد الحمل نظر، لأن زمان

+++++++++++

- حمل، حيث حكم بجواز بيع الأمة اذا لم تكن حاملا من الرجل المتزوج بها.

فمفهوم الحديث عدم جواز بيعها بمجرد الحمل من الرجل المتزوج بها.

(1) راجع (المصدر نفسه): ص 115. الباب 14. الحديث 2

فالشاهد في قوله عليه السلام: فان عجزت فهي من الامهات حيث حكم بكون المكاتبة من الامهات في صورة عجزها عن السعي عن قيمتها عند ما حملت عن مولاها.

(2) أي و في دلالة هذه المكاتبة على ثبوت الحكم: و هو عدم جواز بيع الأمة المستولدة، و تحقق الموضوع و هو الولد بمجرد الحمل نظر و إشكال،

وجه النظر من جهتين:

(الأولى): أن زمن الحكم: و هو عدم جواز بيع المكاتبة بعد تحقق السعي، و دفع قيمتها الى مولاها، لا قبل السعي، و دفع القيمة

(الثانية): أن العجز كان عقيب الحمل.

و من المعلوم أن العجز عن دفع قيمتها الى مولاها يحتاج الى زمن فحمل المكاتبة من مولاها يتحقق في خلال هذا الزمن، ثم الروح تلج في الجنين خلال هذه المدة: و هي مائة و عشرون يوما حسب -

ص: 294

الحكم بعد تحقق السعي، و العجز عقيب الحمل، و الغالب ولوج الروح حينئذ.

ثم الحمل يصدق بالمضغة اتفاقا على ما صرح في الرياض، و استظهره بعض آخر، و حكاه عن جماعة هنا، و في باب انقضاء عدة الحامل.

+++++++++++

- السير الطبيعي للمني بعد استقراره في الرحم، اذ كل مرحلة تحتاج الى مرور اربعين يوما حتى تلج الروح فيه، اذ بعد استقرار المني في الرحم لا بدّ من مرور اربعين يوما عليه حتى يصير علقة، و بعد مرور اربعين يوما عليها تصير مضغة، و بعد مرور اربعين يوما عليها تصير عظاما، ثم يكسى عليها اللحم، ثم تلج في الهيكل العظمي المتلبس باللحم الروح الناطقة.

قال العزيز جل شأنه و عظمت قدرته:

ثُمَّ جَعَلْنٰاهُ نُطْفَةً فِي قَرٰارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا اَلنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا اَلْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا اَلْمُضْغَةَ عِظٰاماً فَكَسَوْنَا اَلْعِظٰامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنٰاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبٰارَكَ اَللّٰهُ أَحْسَنُ اَلْخٰالِقِينَ . المؤمنون: الآية 14.

فالحديث هذا لا يدل على المدّعى: و هو تحقق الموضوع بمجرد الحمل.

ثم الحديث هذا مروي عن الامام الصادق عليه السلام في الكافي و التهذيب و الاستبصار و من لا يحضره الفقيه عن امير المؤمنين عليه الصلاة و السلام، لا عن الامام السجاد عليه السلام كما رواه الشيخ قدس سره عنه هنا.

ص: 295

و في صحيحة ابن الحجاج قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الحبلى يطلقها زوجها ثم تضع سقطا تمّ أو لم يتمّ ، أو وضعته مضغة أ تنقضي بذلك عدتها؟

فقال: كل شيء وضعته يستبين أنه حمل تمّ أو لم يتم فقد انقضت به عدتها و إن كانت مضغة (1).

ثم الظاهر صدق الحمل على العلقة: و قوله عليه السلام، و إن كانت مضغة تقرير لكلام السائل (2)، لا بيان (3) لأقل مراتب الحمل كما (4) عن الاسكافي، و حينئذ (5) يتجه الحكم بتحقق الموضوع بالعلقة كما عن بعض.

+++++++++++

(1) راجع (المصدر نفسه): الجزء 15. ص 421. الباب 11 الحديث 1.

(2) حيث سأل عن الامام عليه السلام: أو وضعته مضغة أ تنقضي بذلك عدتها؟

فالامام قال له تقريرا لسؤاله: و إن كانت مضغة.

(3) أي و ليس قول الامام عليه السلام للسائل: فقد انقضت به عدتها و إن كانت مضغة بيانا لأقل مراتب الحمل: بمعنى أن أقلّ مرتبة من مراتب الحمل هو صيرورة العلقة مضغة حتى تكون النتيجة عدم تحقق الموضوع بالعلقة.

(4) أي كما أفاد الاسكافي أن قول الامام عليه السلام بيان لأقل مراتب الحمل، و أن الموضوع يتحقق بالمضغة، لا بالعلقة.

(5) أي و حين أن قلنا: إن قول الامام عليه السلام تقرير لكلام السائل، لا بيان لأقل مراتب الحمل.

ص: 296

بل عن الايضاح و المهذب البارع الاجماع عليه (1).

و في المبسوط فيما اذا القت جسدا ليس فيه تخطيط (2) لا ظاهر و لا خفي، لكن قالت القوابل (3): إنه مبدأ خلق آدمي، و إنه لو بقى و تصوّر قال قوم: إنها لا تصير أم ولد بذلك.

و قال بعضهم: تصير أم ولد و هو مذهبنا (4)، انتهى.

و لا يخلو (5) عن قوة، لصدق الحمل.

و أما النطفة فهي بمجردها لا عبرة بها ما لم تستقر في الرحم، لعدم صدق كونها حاملا.

و على هذا الفرد (6) ينزّل اجماع الفاضل المقداد على عدم العبرة بها في العدة.

+++++++++++

(1) أي على أن الموضوع يتحقق بالعلقة.

(2) الظاهر أن هذا الجسد الذي ليس فيه تخطيط تكون مرتبته قبل مرتبة المضغة، اذ المضغة كما عرّفها في مجمع البحرين: قطعة لحم حمراء فيها عروق خضر مشتبكة، انتهى.

فالعروق الخضر المشتبكة هي التخطيط فهي تكون بعد ذاك الجسد الذي ليس فيه تخطيط.

(3) جمع قابلة: و هي المولّدة.

(4) هذا رأي شيخ الطائفة قدس سره و هو يدل على اجماع الطائفة على تحقق الموضوع بالعلقة، حيث اضاف المذهب الى الطائفة بقوله:

و هو مذهبنا.

(5) هذا رأي شيخنا الانصاري أي ما افاده شيخ الطائفة في تحقق الموضوع بالعلقة لا يخلو عن قوة.

(6) و هو عدم استقرار النطفة في الرحم، فانها بمجرد فراغها -

ص: 297

و أما مع استقرارها (1) في الرحم فالمحكي عن نهاية الشيخ تحقق الاستيلاد بها، و هو (2) الذي قواه في المبسوط في باب العدة بعد أن نقل عن المخالفين عدم انقضاء العدة به (3)، مستدلا (4) بعموم الآية (5)

+++++++++++

- في الرحم، و عدم استقرارها فيه لا يقال لها: الحمل

فالفاضل المقداد قدس سره إنما ادعى الاجماع على عدم الاعتبار بالنطفة في العدة ملاحظا هذا الفرد، لا ما اذا فرّغت النطفة في الرحم و استقر فيها، فانها حينئذ تكون معتبرة في العدة كما يأتي التصريح بها في ص 298

(1) أي مع استقرار النطفة في الرحم بعد أن فرّغت.

(2) أي تحقق الاستيلاد بعد أن استقرت النطفة في الرحم.

(3) أي باستقرار النطفة في الرحم.

راجع (الفقه على المذاهب الأربعة): الجزء 4 ص 519 الطبعة الثانية.

أليك نص عبارة الكتاب.

ثانيها: أن يكون الولد متخلقا فاذا اسقطت قطعة لحم لم يظهر فيها جزء انسان، فان عدّتها لا تنقضي بها، بل لا بدّ من انقضاء عدتها بثلاث حيض.

(4) هذا كلام الشيخ الانصاري و هو منصوب على الحالية أي حال كون شيخ الطائفة مستدلا على تحقق الاستيلاد باستقرار النطفة في الرحم بالآية الكريمة، و بالأخبار.

(5) و هي قوله تعالى: و أولات الأحمال اجلهنّ أن يضعن حملهنّ . الطلاق: الآية 4

فالآية الكريمة تدل على اعتبار استقرار النطفة في الرحم في الأجل -

ص: 298

و الأخبار (1) و مرجعه (2) الى صدق الحمل.

و دعوى أن اطلاق الحامل حينئذ (3) مجاز بالمشارفة يكذبها التأمل في الاستعمالات (4).

و ربما يحكى عن التحرير موافقة (5) الشيخ، مع أنه لم يزد فيه (6) على حكاية الحكم عن الشيخ.

+++++++++++

- حيث قال العزيز عز اسمه: إن انقضاء عدة ذوات الحمل بمجرد و ضعهن الحمل، من دون شيء آخر: من ولوج الروح، أو غيره.

(1) المراد من الأخبار هو الحديث المشار إليه في ص 294 المروي عن امير المؤمنين عليه الصلاة و السلام الذي اسنده شيخنا الانصاري الى الامام السجاد عليه السلام.

و الشاهد في قول السائل: في مكاتبة يطؤها مولاها فتحمل، فان كلمة فتحمل تدل على تحقق الاستيلاد بمجرد استقرار النطفة في الرحم

(2) أي و مرجع تحقق الاستيلاد بمجرد استقرار النطفة في الرحم

(3) أي حين أن استقرت النطفة في الرحم.

(4) لأن استعمال الحمل في استقرار النطفة في الرحم ليس بعلاقة المشارفة و الالتفات إليها، فالتأمل في موارد استعمال الحمل يكذّب الدعوى المذكورة.

(5) أي موافقة العلامة مع شيخ الطائفة في تحقق الاستيلاد بمجرد استقرار النطفة في الرحم.

(6) أي مع أن العلامة لم يزد في التحرير على ما افاده الشيخ في النهاية، لأن مجرد الحكم لا يدل على الموافقة.

و في الواقع هذا إشكال من شيخنا الانصاري على ما حكي عن التحرير موافقته لشيخ الطائفة.

ص: 299

نعم في بعض نسخ التحرير لفظ يوهم ذلك (1): و هو قوله: نعم قوى في السرائر موافقته فيما تقدم (2) عن الشيخ في مسألة الجسد الذي ليس فيه التخطيط.

و نسب القول المذكور (3) الى الجامع أيضا.

و اعلم أن ثمرة تحقق الموضوع (4) فيما اذا القت المملوكة ما في بطنها إنما تظهر في بيعها الواقع قبل الالقاء فيحكم ببطلانه اذا كان الملقى حملا (5).

و أما بيعها بعد الالقاء فيصح بلا إشكال.

و حينئذ (6) فلو وطئها المولى ثم جاءت بولد تام، أو غير تام فيحكم ببطلان البيع الواقع بين أول زمان العلوق (7)، و زمان الالقاء.

+++++++++++

(1) أي يوهم موافقة العلامة مع الشيخ في مسألة تحقق الاستيلاد بمجرد استقرار النطفة في الرحم.

(2) في ص 297 عند نقل الشيخ عنه بقوله: و في المبسوط فيما اذا القت جسدا ليس فيه تخطيط.

(3) و هو تحقق الاستيلاد بمجرد استقرار النطفة في الرحم.

(4) و هو الاستيلاد.

(5) سواء ولج الروح فيه أم لا.

(6) أي و حين أن قلنا: إن ثمرة تحقق الموضوع فيما اذا القت المملوكة ما في بطنها تظهر في بيعها الواقع قبل الالقاء و بعد الالقاء فلو وطأها المولى الأول ثم باعها، سواء أ كان المشتري رجلا أم امرأة فجاءت بولد، سواء أ كان الولد تاما أم غير تام فهنا يحكم ببطلان البيع الواقع بين أول زمان العلوق، و زمان الالقاء.

و أما البيع الواقع بعد الوطء و قبل العلوق فهو صحيح لا شبهة فيه

(7) بالضم هو زمان اللّقاح و انعقاد النطفة و الحمل.

ص: 300

و عن المسالك الاجماع على ذلك (1).

فذكر (2) صور الالقاء: المضغة، و العلقة، و النطفة في باب العدة إنما هو لبيان انقضاء العدة بالالقاء.

+++++++++++

(1) أي على بطلان بيع الامة المستولدة بين أول زمان العلوق و زمان القاء الحمل كما ذكرنا في الهامش 6 ص 300

(2) الفاء تفريع على ما افاده: من ادعاء صاحب المسالك الاجماع على بطلان بيع الامة المستولدة بين أول زمان العلوق، و زمان القاء الحمل

و عدم البطلان في البيع الواقع بعد الوطء، أي ففي ضوء ما ذكرنا فالصور التي ذكرها الفقهاء رضوان اللّه عليهم: من القاء النطفة تارة أو العلقة اخرى، أو المضغة ثالثة في باب عدة المرأة المطلقة لو طلقها زوجها إنما هو لأجل انقضاء عدتها بمجرد الاسقاط، و الالقاء لو اجهضت احد المذكورات: النطفة - العلقة - المضغة.

أليك نص عباراتهم:

قال العلامة قدس سره في كتاب الطلاق من القواعد:

و تنقضي العدة من الطلاق و الفسخ بوضع الحمل في الحامل و إن كان بعد الطلاق بلحظة.

و له شرطان:

(الأول): أن يكون الحمل ممن له العدّة، أو يحتمل أن يكون منه كولد اللعان.

(الثاني): وضع ما يحكم بأنه حمل علما، أو ظنا فلا عبرة بما شكّ فيه، سواء أ كان الحمل تاما أم غير تام حتى العلقة اذا علم أنها حمل.

ص: 301

و في (1) باب الاستيلاد لبيان كشفها عن أن المملوكة بعد الوطء صارت أم ولد، لا (2) أن البيع الواقع قبل تحقق العلقة صحيح الى أن تصير النطفة علقة.

+++++++++++

(1) أي و كذا ذكر صور إلقاء النطفة، أو العلقة، أو المضغة في باب الاستيلاد إنما هو لبيان كشف الامور الثلاثة عن أن الأمة بعد الوطء اصبحت أم ولد لا يجوز بيعها.

(2) أي و ليس ذكر الامور الثلاثة: النطفة - العلقة - المضغة بيانا لعدم وقوع البيع على الأمة المستولدة قبل تحقق العلقة صحيح الى أن تصير النطفة علقة.

راجع حول الأمة المستولدة ما افاده العلامة في المقصد الرابع من كتاب القواعد من كتاب العتق المقرر للبحث عن الاستيلاد

أليك نصّ عبارته:

الثالث: أن تضع ما يظهر أنه حمل و لو علقة.

أما النطفة فالأقرب عدم الاعتداد بها، انتهى.

فالحاصل أن غرض الشيخ قدس سره أن صور إلقاء ما في الرحم:

من النطفة، أو العلقة، أو المضغة التي ذكرها الفقهاء في باب عدة المرأة المطلقة ليست لبيان أنه مع العلم باستقرار النطفة في الرحم و صدق علوقها و حبلها يجوز بيعها ما لم يتحقق صيرورة النطفة علقة التي هي الدم الغليظ المنجمد، لأنهم يذكرون الصور الثلاثة للالقاء و الاسقاط في موضعين:

(احدهما): في كتاب الطلاق، و ليس مقصودهم هناك إلا بيان ما ينقضي به العدة و هو اجنبي عن مسألة البيع.

(ثانيهما): في باب الاستيلاد، و مقصودهم هناك بيان -

ص: 302

و لذا (1) عبر الأصحاب عن سبب الاستيلاد بالعلوق الذي هو اللقاح.

نعم لو فرض عدم علوقها بعد الوطء الى زمان صح البيع قبل العلوق.

ثم إن المصرح به في كلام بعض حاكيا له عن غيره أنه لا يعتبر في العلوق أن يكون بالوطء فيتحقق بالمساحقة (2)، لأن المناط هو الحمل، و كون ما يولد منها ولدا للمولى شرعا.

فلا عبرة بعد ذلك (3) بانصراف الاطلاقات الى الغالب: من كون الحمل بالوطء.

نعم يشترط في العلوق بالوطء أن يكون الوطء على وجه يلحق بالولد بالواطئ و إن كان محرما كما اذا كانت في حيض، أو ممنوعة الوطء شرعا، لعارض آخر (4).

+++++++++++

- أن أي واحد: من النطفة، أو العلقة، أو المضغة بعد تحققه يستكشف به عن صيرورة الأمة أم الولد، و أن البيع الواقع بعد التحقق باطل.

(1) أي و لأجل أن ليس غرض الفقهاء من ذكر الصور الثلاثة في الموضعين إلا ما ذكرناه: و هو بيان انقضاء العدة بها في باب الطلاق، و بيان صيرورة الامة أم ولد في باب الاستيلاد.

(2) فرض المسألة هكذا:

وطئ مولى مملوكته ثم ساحقت مع اخرى، سواء أ كانت الاخرى حرة أم امة فولدت الاخرى بعد أن حملت بالمساحقة.

(3) أي بعد امكان تحقق العلوق بالمساحقة.

(4) كما في الظهار و الايلاء، فان الوطء بالزوجة حرام حينئذ -

ص: 303

أما الأمة المزوجة فوطؤها زناء لا يوجب لحوق الولد.

ثم إن المشهور اعتبار اعتبار الحمل في زمان الملك فلو ملكها بعد الحمل (1) لم تصر أم ولد، خلافا للمحكي عن الشيخ و ابن حمزة فاكتفيا بكونها أم ولد قبل الملك.

و لعله (2) لاطلاق العنوان، و وجود (3) العلة: و هي كونها في معرض الانعتاق من نصيب ولدها.

و يرد الأول (4) منع اطلاق يقتضي ذلك، فان المتبادر من أم الولد

+++++++++++

- إلا أن الحرمة فيهما ليست ذاتية، بل لعارض و هو الظهار و الايلاء

و كما في الوطء في شهر رمضان، و الاعتكاف، و الاحرام، فان وطء الزوجة في هذه الأوقات محرم لأجل العارض: و هو شهر رمضان و حالة الاعتكاف، و الاحرام.

(1) بأن وطأها لشبهة.

(2) أي و لعل اكتفاء الشيخ و ابن حمزة بكون المملوكة أم ولد و إن لم تكن ملكا للواطىء لأجل اطلاق عنوان أمّ الولد، حيث إن عنوان أمّ الولد في الأخبار مطلق لا تقييد فيها بكونها ملكا للواطىء قبل الوطء أو بعده.

(3) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله: لاطلاق العنوان أي و لعل الاكتفاء المذكور لأجل وجود العلة في الأمة الموطوءة التي لم تكن ملكا للواطىء: و هي أنها في معرض الانعتاق من نصيب ولدها لا محالة.

فهذان السببان حثا الشيخ و ابن حمزة على الاكتفاء بذلك.

(4) و هو اطلاق عنوان أمّ الولد.

من هنا اخذ شيخنا الانصاري في الرد على ما افاده شيخ الطائفة -

ص: 304

صنف من أصناف الجواري باعتبار الحالات العارضة لها بوصف المملوكية كالمدبر و المكاتب.

و العلة (1) المذكورة غير مطردة، و لا منعكسة كما لا يخفى.

+++++++++++

- من كون عنوان أمّ الولد مطلقا.

و خلاصته: أن مفهوم أمّ الولد لغة و إن كان يعم كل ذات ولد حرة كانت، أو امة.

لكن المراد منها في لسان الشارع صنف من أصناف الأمة المملوكة و المفروض هنا أنها امة.

و كونها أم ولد للبائع ليس باعتبار أنها مملوكة له، بل باعتبار أنها زوجة له.

فصدق أمّ الولد على هذه الامة من باب صدقها على الحرة باعتبار مفهومها اللغوي الذي لا يكون مرادا هنا.

فالامومة للولد إنما تكون مانعة عن بيعها اذا كانت الام ملكا للبائع، و أنها مملوكة له، لا باعتبار أنه زوج لها.

(1) أي و يرد الدليل الثاني لشيخ الطائفة المذكور في ص 304 و هو أن الأمة في معرض لانعتاق بواسطة نصيب ولدها.

و حاصله: أن العلة المذكورة غير مطردة أي غير جامعة للأفراد و لا منعكسة أي غير مانعة للأغيار.

أما أنها غير جامعة للأفراد فلجواز بيع بعض امهات الأولاد مع وجود العلة المذكورة: و هي كونها في معرض الانعتاق من نصيب ولده كما في الامة المستولدة التي مات احد أقاربها و ليس له وارث سواها.

فهنا تباع و تشترى، لترث قريبها، فهي مع كونها في معرض -

ص: 305

مضافا (1) الى صريح رواية محمد بن مارد المتقدمة.

ثم إن المنع عن بيع أمّ الولد قاعدة كلية مستفادة من الأخبار كروايتي السكوني (2) و محمد بن مارد (3) المتقدمتين.

+++++++++++

- الانعتاق من نصيب ولدها مع ذلك تباع و تشترى.

و قد ادعى السيد المرتضى قدس سره الاجماع على جواز هذا البيع في هذه الحالة.

و أما أن العلة المذكورة غير مانعة للأغيار فلعدم جواز بيعها مع عدم وجود العلة المذكورة.

كما في الأمة المستولدة ولدا فكبر و ارتد.

فهنا مع أنها لا تنعتق، لعدم نصيب لولدها حتى تعتق بذلك لكون الارتداد مانعا عن الارث: لا يجوز بيعها.

(1) أي و لنا بالإضافة الى أن العلة المذكورة مخدوشة طردا و عكسا كما عرفت: دليل آخر على اعتبار الحمل في زمن تملك الواطئ الأمة و هو صريح قول الامام الصادق عليه السلام في رواية محمد بن مارد المتقدمة في ص 293 في جواب السائل: رجل يتزوج امة فتلد منه أولادا ثم يشتريها فتمكث عنده ما شاء اللّه لم تلد منه شيئا ثم يبدو له في بيعها: هي امته إن شاء باع.

فالشاهد في قوله عليه السلام: هي امته إن شاء باع الدال صريحا على أن الأمة المتزوجة و إن صار لها أولاد كثير من زوجها، لكنها مع ذلك لم تصر أم ولد، لأنها لم تكن ملكا له حين الوطء، فالأولاد إنما صاروا في ملك الغير.

(2) المتقدمة في ص 294.

(3) المتقدمة في ص 293، فان هاتين الروايتين -

ص: 306

و صحيحة (1) عمر بن يزيد الآتية، و غيرها (2).

و من الاجماع على أنها لا تباع إلا لأمر يغلب ملاحظته على ملاحظة الحق الحاصل منها باستيلاد: اعني تشبثها (3) بالحرية، و لذا (4) كل من جوّز البيع في مقام لم يجوّز إلا بعد اقامة الدليل الخاص، فلا بد من التمسك بهذه القاعدة (5) المنصوصة المجمع عليها حتى يثبت بالدليل ثبوت ما هو أولى بالملاحظة في نظر الشارع (6) من الحق المذكور فلا (7) يصغى

+++++++++++

- صريحتان في منع بيع أمّ الولد، و هما يعطيان درسا كاملا، و قاعدة كلية عن عدم جواز بيعها اذا صارت الأمة أم ولد، و كان الحمل في ملك الواطئ، و أن بيعها يكون من المنكرات كما في رواية السكوني

(1) الآتية في ص 312، فانها صريحة في عدم جواز بيع أمّ الولد بعد أن صارت أم ولد.

(2) أي و غير رواية السكوني و محمد بن مارد، و صحيح عمر بن يزيد

راجع نفس المصدر الذي ذكرناه في الهامش 4 ص 293

(3) أي و لأجل أن المنع عن بيع أمّ الولد اصبح قاعدة كلية.

(4) أي تشبث الامة المستولدة بالحرة: في عدم جواز بيعها

(5) و هي القاعدة الكلية التي هي عدم جواز بيعها المستفادة من رواية السكوني، و محمد بن مارد، و صحيح عمر بن يزيد، و غيرها من الأخبار.

(6) كما في الموارد المستثناة من بيع أمّ الولد الآتية ذكرها.

(7) الفاء تفريع على ما افاده: من أنه لا بدّ من التمسك بالقاعدة الكلية التي هي عدم جواز بيع الأمة المستولدة المستفادة من الأخبار المتقدمة في ص 282-293-294 أي ففي ضوء ما ذكرنا فلا يعتنى لما افاده بعض الأجلة: من أن الدليل المذكور الذي هي القاعدة الكلية -

ص: 307

اذا الى منع الدليل على المنع كلية، و التمسك (1) بأصالة صحة البيع من حيث قاعدة تسلط الناس على أموالهم حتى يثبت المخرج.

ثم إن المعروف بين العلماء ثبوت الاستثناء عن الكلية المذكورة في الجملة.

لكن المحكي في السرائر عن السيد قدس سره عموم المنع، و عدم الاستثناء، و هو (2) غير ثابت.

و على تقدير الثبوت فهو ضعيف، يرده مضافا الى ما ستعرف من الأخبار قوله (3) عليه السلام في صحيحة زرارة و قد سأله عن أم ولد

+++++++++++

- المستدل بها على عدم جواز بيع الأمة المستولدة لا يدل على المنع كلية، و في جميع الموارد.

(1) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله: الى منع الدليل أي و لا يصغى الى التمسك بأصالة صحة البيع في الأمة المستولدة بقاعدة: الناس مسلّطون على أموالهم، حيث إن صاحب المناهل السيد المجاهد الطباطبائي قد استدل في المناهل على جواز بيع الأمة المستولدة التي مات ولدها: من أن الأصل جواز التصرف في الملك بالبيع، و غيره، لعموم قوله صلى اللّه عليه و آله: إن الناس مسلّطون على أموالهم خرج عن هذا العموم المتفق على منع بيعها: و هي الأمة المستولدة و ولدها في قيد الحياة، و بقي الباقي: من صغريات الأمة المستولدة و أفرادها تحت ذاك العموم و الكبرى الكلية: و هو إن الناس مسلّطون على أموالهم، فاذا ثبت المخرج نرفع اليد عن ذاك العموم

(2) أي عموم المنع حتى في الموارد المستثناة غير معلوم.

(3) فاعل لقوله: يرده أي يرد ما افاده السيد المرتضى قدس سره قول الامام عليه السلام:

ص: 308

تباع و تورث، وحدها حد الامة (1)، بناء على حملها (2) على أنها قد تعرض لها ما يجوّز ذلك.

و أمّا المواضع القابلة للاستثناء
اشارة

و أما المواضع القابلة للاستثناء و إن وقع التكلم في استثنائها لأجل وجود ما يصلح أن يكون أولى بالملاحظة من الحق و هي صور يجمعها تعلق حق للغير (3) بها، أو تعلق حقها بتعجيل (4) العتق، أو تعلق

+++++++++++

(1) راجع (وسائل الشيعة): الجزء 13. ص 51. الباب 24 الحديث 3.

فالشاهد في قوله عليه السلام: تباع و تورث، حيث يدل على جواز بيعها، و انتقالها الى الورثة و هو دليل على جواز بيع الأمة المستولدة في بعض الموارد.

و المراد من الحد في قوله عليه السلام: و حدّها حدّ الأمة الحكم

أي و حكم هذه الأمة المستولدة حكم الأمة غير المستولدة في جواز بيعها في بعض الموارد.

(2) أي حمل صحيحة زرارة على أن الأمة المستولدة قد تعرض لها ما يجوّز بيعها.

(3) كما اذا بقي من ثمن رقبة الأمة المستولدة و مات مولاها و لم يخلف شيئا ليؤدي ذاك المقدار سواها.

فهنا يجوز بيعها و يستثنى من تلك القاعدة الكلية: و هي منع بيع الأمة المستولدة المستفادة من الأخبار المذكورة في ص 282-293-294 لأن حق الناس مقدم على عتقها.

(4) كما اذا مات احد أقارب الأمة المستولدة و ليس لها وارث سواها فهنا يجوز بيعها فتشترى لتعتق حتى ترث ما تركه قريبها.

فجواز البيع هنا مستثنى من تلك القاعدة الكلية، لأن حقها قد تعلق -

ص: 309

حق سابق على الاستيلاد (1) أو عدم تحقق الحكمة المانعة عن النقل (2)

موارد القسم الأول أي تعلق حق للغير بها
فمن موارد القسم الأوّل: ما إذا كان على مولاها دَيْنٌ و لم يكن له ما يؤدّي هذا الدين.

فمن موارد القسم الأول (3) ما اذا كان على مولاها دين و لم يكن له ما يؤدي هذا الدين.

و الكلام في هذا المورد (4) قد يقع فيما اذا كان الدين ثمن رقبتها (5).

و يقع فيما اذا كان غير ثمنها (6).

و على الأول (7) يقع الكلام تارة بعد موت المولى.

+++++++++++

- بتعجيل عتقها فهو مقدم على عدم جواز البيع، لأن العلة في عدم جواز بيع الأمة المستولدة هي عدم استدامة الرقية فيها من يد الى يد، بل تعتق من نصيب ولدها، لتكون كاحد أفراد المجتمع لتستفيد من مزايا الحياة.

(1) كما اذا كان الاستيلاد بعد ارتهانها، أو بعد الحجر على المفلس فانه يجوز حينئذ بيعها، لتقدم حق الارتهان على الاستيلاد فجواز البيع خارج عن تحت تلك القاعدة الكلية.

(2) كما اذا ارتد ولدها، فانه يجوز حينئذ بيعها، لعدم نصيب لولدها حتى تعتق منه، فالحكمة في عدم جواز بيعها هو عتقها، و هذا منتف في الولد المرتد.

(3) و هو تعلق حق الغير بالأمة المستولدة كما عرفت في الهامش 3 ص 309

(4) و هو ما اذا كان على المولى دين و لم يكن له سوى هذه الامة

(5) أي الدين كان عبارة عن ثمن رقبتها.

(6) أي غير ثمن رقبة الامة المستولدة: بأن كان الدين دينا آخر على المولى.

(7) و هو ما اذا كان الدين عوضا عن ثمن رقبة الامة المستولدة -

ص: 310

و اخرى في حال حياته.

أما بعد الموت فالمشهور الجواز، بل عن الروضة (1) أنه موضع وفاق.

و عن جماعة أنه لا خلاف فيه (2)، و لا ينافي ذلك (3) مخالفة السيد في أصل المسألة، لأنهم (4) يريدون نفي الخلاف بين القائلين بالاستثناء في بيع أمّ الولد، أو القائلين باستثناء بيعها في ثمن رقبتها في مقابل صورة حياة المولى المختلف فيها (5).

و كيف كان فلا إشكال في الجواز في هذه الصورة (6)، لا لما قيل:

+++++++++++

- و مات مولاها و لم يخلف شيئا سواها.

(1) راجع (اللمعة الدمشقية): من طبعتنا الحديثة الجزء ص.

(2) أي في جواز بيع الامة المستولدة بعد موت مولاها اذا خلف دينا هو ثمن رقبتها.

(3) أي و لا ينافي مخالفة السيد في جواز بيع الامة المستولدة اذا كان على المولى دين هو ثمن رقبتها دعوى جماعة عدم الخلاف في الجواز

(4) تعليل لعدم المنافاة:

خلاصته: أن المدعين لنفي الخلاف يقصدون منه نفي الخلاف بين القائلين بالاستثناء في بيع أمّ الولد أي لا خلاف بين هؤلاء و لا يقصدون من نفي الخلاف مطلق النفي حتى يكون منافيا لما ذهب إليه السيد: من عدم جواز بيع الامة المستولدة.

(5) فانه قد وقع الخلاف بين الفقهاء في بيع الامة المستولدة في حياة مولاها اذا بقي من ثمنها، و لم يكن للمولى شيء يؤدّي هذا الدين.

(6) و هي صورة بقاء قسم من ثمن رقبة الامة المستولدة و قد مات مولاها و لم يخلف شيئا يؤدي هذا الدين سوى الامة المستولدة

ص: 311

من قاعدة تسلط الناس على أموالهم، لما عرفت (1): من انقلاب القاعدة الى المنع في خصوص هذا المال، بل (2) لما رواه المشايخ الثلاثة في الصحيح (3) عن عمر بن يزيد.

قال: قلت لأبى ابراهيم (4) عليه السلام: اسألك عن مسألة.

فقال: سل.

+++++++++++

(1) خلاصة هذا الكلام أنه لا مجال في التمسك بقاعدة: إن الناس مسلّطون على أموالهم على عدم جواز بيع الامة المستولدة، لأنك عرفت في ص 307 عند قول الشيخ: فلا بد من التمسك بهذه القاعدة المنصوصة المجمع عليها أن قاعدة إن الناس مسلّطون قد خصصت بهذه القاعدة الكلية المجمع عليها: و هي قاعدة عدم جواز بيع الامة المستولدة المستفادة تلك القاعدة الكلية من الأخبار المتقدمة: و هي:

رواية السكوني المذكورة في ص 294

و رواية محمد بن المارد المذكورة في ص 293

و صحيح عمر بن يزيد المذكور في ص 312

و غيرها من الأخبار الواردة في المقام

و راجع حديث إن الناس مسلّطون على أموالهم

(بحار الأنوار) الطبعة الجديدة الجزء 2 ص 271 الحديث 7

(2) أي بل منع بيع الامة المستولدة لأجل الأحاديث التي رواها مشايخنا الثلاثة: الشيخ الصدوق، و الشيخ الكليني، و شيخ الطائفة قدس اللّه أسرارهم.

(3) هذا اوّل الأحاديث التي رواها مشايخنا الثلاثة و هو يدل على جواز بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها.

(4) هو الامام موسى بن جعفر صلوات اللّه عليهما.

ص: 312

قلت: لم باع امير المؤمنين صلوات اللّه و سلامه عليه امهات الأولاد؟

قال: في فكاك رقابهن.

قلت: فكيف ذلك ؟

قال: أيما رجل اشترى جارية فأولدها ثم لم يؤد ثمنها، و لم يدع من المال ما يؤدي عنه أخذ ولدها منها و بيعت، و ادي ثمنها.

قلت: فتباع فيما سوى ذلك عن دين ؟

قال: لا (1).

و في رواية اخرى لعمر بن يزيد عن أبى الحسن (2) عليه السلام

قال: سألته عن بيع أمّ الولد تباع في الدين ؟

قال: نعم في ثمن رقبتها (3).

و مقتضى اطلاقها (4)،

+++++++++++

(1) راجع (وسائل الشيعة): الجزء 16. ص 104. الباب 2 الحديث 1.

و هذا هو الصحيح الذي اشار إليه الشيخ في ص 307 بقوله:

و صحيحة عمر بن يزيد الآتية.

(2) هو الامام موسى بن جعفر اذا اطلق، و اذا قيّد بالثاني فهو ابو الحسن الرضا، و إذا قيّد بالثالث فهو أبو الحسن علي بن محمد الهادي صلوات اللّه عليهم اجمعين.

(3) راجع (المصدر نفسه): الجزء 13. ص 51. الباب 24 الحديث 2.

(4) أي اطلاق الرواية الأخرى المروية عن عمر بن يزيد المشار إليها آنفا، حيث إن قوله عليه السلام: نعم في ثمن -

ص: 313

بل اطلاق الصحيحة (1) كما قيل (2) ثبوت الجوار مع حياة المولى

كما هو (3) مذهب الأكثر.

بل لم يعرف الخلاف فيه صريحا.

نعم تردد فيه (4) الفاضلان.

و عن نهاية المرام و الكفاية أن المنع (5) نادر، لكنه (6) لا يخلو عن قوة.

+++++++++++

- رقبتها مطلق، لا تقييد فيه في حال الحياة، أو بعد الممات.

فيجوز بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها مطلقا، سواء أ كان المولى حيا أم ميتا.

(1) و هي صحيحة عمر بن يزيد المتقدمة في ص 307 على الرواية الاخرى

(2) التقييد بالقيل للاشارة الى ما سيأتي في كلام شيخنا الانصاري في ص 315 من أن الصحيحة تقيد الجواز بصورة موت مولاها فلا اطلاق فيها حتى تشمل الجواز في صورة حياة المولى.

(3) أي جواز بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها في حياة مولاها هو مذهب أكثر الفقهاء.

(4) أي توقف المحقق و العلامة في جواز بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها في حياة المولى.

(5) أي منع بيع الامة المستولدة عن دين ثمن رقبتها في حياة مولاها قول نادر خلاف لأكثر الفقهاء.

(6) هذا كلام شيخنا الانصاري أي منع بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها في حياة مولاها لا يخلو عن قوة.

وجه القوة أن قول السائل في الرواية الاخرى في ص 213: تباع في الدين ظاهر في كون البائع غير المولى بعد موت المولى، إذا لا اطلاق في الرواية -

ص: 314

و ربما يتوهم القوة (1) من حيث توهم تقييدها بالصحيحة السابقة بناء على اختصاص الجواز فيها (2) بصورة موت المولى كما يشهد به (3) قوله فيها: و لم يدع من المال إلى آخر الرواية.

فيدل (4) على نفي الجواز

+++++++++++

- الثانية حتى بحمل اطلاقها على المقيد و هو الصحيحة السابقة.

فحينئذ نرجع في عدم جواز بيع الامة المستولدة الى القاعدة الكلية المستفادة من تلك الأخبار المتقدمة.

و القاعدة الكلية هي المنع عن بيعها كما عرفت.

(1) خلاصة هذا التوهم: أن المتوهم يريد أن يقوّي منع بيع الامة المستولدة في حياة مولاها ببيان أن الرواية الثانية مطلقة من حيث جواز بيع الامة المستولدة، فان قوله عليه السلام: نعم في ثمن رقبتها في جواب السائل:

تباع في الدين مطلق ليس فيه تقييد بحياة المولى، أو موته.

و الصحيحة السابقة مقيدة بصورة موت المولى، فان قوله عليه السلام:

و لم يدع من المال ما يؤدي عنه قرينة واضحة على موت المولى فيحمل هذا الاطلاق على ذاك التقييد.

فالمتوهم قد استفاد من هذا التقييد قوة منع بيع الامة المستولدة فحمل اطلاق هذه الرواية الثانية على تقييد الصحيحة السابقة.

(2) أي في الصحيحة السابقة كما عرفت.

(3) أي بهذا التقييد و الاختصاص.

(4) أي التخصيص و التقييد يدل على نفي جواز بيع الامة المستولدة إلا في صورة موت مولاها و قد خلف دين ثمن رقبتها، و لم يدع شيئا سواها.

ص: 315

عما سوى هذا الفرد (1).

و إما (2) لورودها في جواب السؤال عن موارد بيع أمهات الأولاد فيدل (3) على الحصر.

و إما (4) لأن نفي الجواز في ذيلها (5)

+++++++++++

(1) و هو موت مولاها.

(2) من هنا يريد المتوهم أن يستدل على تقييد الصحيحة السابقة حتى يحمل اطلاق الرواية الثانية ثم يحكم بقوة منع بيع الامة المستولدة في حياة مولاها، و استدل على ذلك بوجهين:

(الوجه الأول): و خلاصته: أن جواب الامام عليه السلام في جواب السائل: فكيف ذلك يدل على انحصار بيع الامة المستولدة في هذه الحالة لا غير: و هي حالة موت المولى، و بقاء دين ثمن رقبتها و لم يخلف شيئا سواها.

(3) أي جواب الامام عليه السلام كما عرفت.

(4) هذا هو (الوجه الثاني) للمتوهم و خلاصته: أن الجواب الثالث للامام في سؤال الثالث للراوي في قوله: فتباع فيما سوى ذلك.

فقال عليه السلام: لا: يدل على نفي جواز بيع الامة المستولدة إلا في صورة موت المولى، و بقاء دين ثمن رقبتها.

فالحاصل أنه تارة نتمسك بصدر الصحيحة على عدم جواز بيع الامة المستولدة إلا في صورة موت مولاها، و بقاء دين ثمن رقبتها و لم يخلف سواها كما عرفت.

و اخرى نتمسك بذيلها كما عرفت أيضا.

(5) أي ذيل الصحيحة كما عرفت.

ص: 316

فيما سوى (1) هذه الصورة يشمل بيعها في الدين مع حياة المولى.

و اندفاع (2) التوهم بكلا وجهيه واضح. نعم يمكن أن يقال في وجه القوة بعد الغض عن دعوى ظهور قوله: تباع الظاهر

+++++++++++

(1) المراد من سوى هذه الصورة هي الصورة موت المولى، و بقاء دين ثمن رقبتها.

(2) من هنا يروم شيخنا الانصاري أن يرد على المتوهم فيما افاده من الوجهين في قوة منع بيع الامة المستولدة في حياة مولاها، و لم يذكر شيخنا الانصاري قدس سره كيفية الرد على الوجهين و اكتفى بوضوحهما

و نحن نذكر الجواب عنهما فنقول:

أما الجواب عن الوجه الأول فهو أن السؤال لم يكن عن تمام موارد جواز بيع الامة المستولدة حتى يقيد جواب الامام عليه السلام حصر جواز بيع الامة المستولدة بعد وفاة مولاها كما توهمه المتوهم.

بل السؤال كان عن علة بيع الامام أمير المؤمنين عليه السلام أمهات الأولاد فلعلّ هناك وجها آخر لجواز بيع الامام عليه الصلاة و السلام امهات الأولاد، فليس في الصحيحة ما يدل على الحصر حتى يحمل اطلاق الرواية الثانية على تقييد الصحيحة الأولى.

و أما الجواب عن الوجه الثاني للمتوهم فخلاصته أن الظاهر من السؤال الثالث للراوي في الصحيحة بقوله: فتباع فيما سوى ذلك من دين هو السؤال عن دين آخر بعد موت المولى غير دين ثمن رقبتها، فجوابه عليه السلام بعدم الجواز شامل لمثل هذا الدين الذي لم يكن في ثمن رقبتها فلا يشمل الدين الذي كان في حال حياة المولى حتى لا يجوز بيعها.

ص: 317

في الدين في كون البائع غير المولى فيما بعد الموت أن النسبة بينها (1)

+++++++++++

(1) أي بين الصحيحة السابقة المروية عن عمر بن يزيد في ص 312، و بين رواية محمد بن مارد المتقدمة في ص 293 عموما و خصوصا من وجه لهما مادتا افتراق و مادة اجتماع.

أما مادة الافتراق من جانب رواية محمد بن مارد: بأن تكون هذه موجودة، و صحيحة عمر بن يزيد ليست موجودة فكما في مفهوم تلك، و منطوق هذه، فان مفهوم قوله عليه السلام: ما لم يحدث حمل هو الامة المستولدة بالتزويج و المشتراة بعد ذلك إن حدث لها حمل عنده لم يجز بيعها، سواء أ كان الدين في ثمن رقبتها أم في غيره من الديون أم في غيرهما.

و منطوق الصحيحة هو أن الولد مطلقا، سواء سبقها الاستيلاد بالتزويج أم لا: تباع في دين ثمن رقبتها.

و أما مادة الافتراق من جانب صحيحة عمر بن يزيد: بأن تكون هذه موجودة و لم تكن رواية محمد بن مارد موجودة.

كما في منطوق هذه و مفهوم تلك، فان منطوق صحيحة عمر بن يزيد يصرح بجواز بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها إذا مات مولاها و لم يخلف شيئا سواها.

و مفهوم رواية محمد بن مارد يصرح بعدم جواز بيعها اذا حدث عنده حمل منها.

و أما مادة الاجتماع بين الصحيحة و رواية محمد بن مارد فكما في امة مستولدة من رجل تزوج بها ثم ملكها بعد ذلك و لم يحدث عنده حمل منها، و كان المولى مدينا في ثمن رقبتها و لم يخلف شيئا سواها. -

ص: 318

و بين رواية ابن مارد المتقدمة عموم من وجه فيرجع (1) الى أصالة المنع الثابتة بما تقدم: من القاعدة المنصوصة المجمع عليها.

نعم (2) ربما يمنع عموم القاعدة على هذا الوجه بحيث يحتاج الى المخصص فيقال يمنع الاجماع في محل الخلاف، و لا سيما مع كون المخالف (3) جل المجمعين، بل كلهم إلا نادرا.

و حينئذ (4) فالمرجع الى قاعدة سلطنة الناس على أموالهم.

+++++++++++

- فالصحيحة و رواية محمد بن مارد كلاهما يصرحان بجواز بيعها فتتعارضان و تتساقطان فنرجع في عدم جواز بيعها الى أصالة المنع المستفادة من القاعدة الكلية المجمع عليها: و هي المنع المستفادة من الأخبار المتقدمة المشار إليها في ص

(1) أي عند تعارض صحيحة عمر بن يزيد، و رواية محمد بن مارد كما عرفت آنفا.

(2) خلاصة هذا الكلام: أنه بناء على العموم و الخصوص من وجه بين الصحيحة، و رواية محمد بن مارد يمنع عموم القاعدة الكلية الدالة على منع بيع الامة المستولدة المستفادة من الأخبار كما عرفت.

فاذا منعنا عمومها فلا نحتاج في جواز بيعها في بعض الموارد من الموارد المستثناة الى المخصص حتى يقال: بمنع الاجماع المدعى على منع بيع الامة المستولدة في محل الخلاف: و هو في الامة المستولدة بقي من ثمن رقبتها دين و هي في حياة مولاها.

(3) أي المخالف في بيع الامة المستولدة في حياة مولاها و قد بقي دين من ثمن رقبتها.

(4) أي و حين أن منعنا عموم القاعدة الكلية التي هي عدم جواز بيع الامة المستولدة يكون المرجع في جواز بيعها هي قاعدة: إن الناس -

ص: 319

لكن التحقيق (1) خلافه، و إن صدر هو عن بعض المحققين لأن المستفاد من النصوص و الفتاوى أن استيلاد الامة يحدث لها حقا مانعا عن نقلها، إلا إذا كان هناك حق (2) أولى منه بالمراعاة.

و ربما توهم معارضة هذه القاعدة (3) بوجوب اداء الدين فتبقى (4) قاعدة السلطنة، و أصالة (5) بقاء جواز بيعها في ثمن رقبتها قبل

+++++++++++

- مسلطون على أموالهم.

في دين ثمن رقبتها في حياة مولاها عن بعض المحققين و هو المحقق التستري صاحب المقابيس قدس سره.

(1) تعليل لما افاده الشيخ قدس سره بقوله: لكن التحقيق خلافه

(2) كما في دين ثمن رقبتها و مات مولاها و لم يخلف سواها.

(3) و هي قاعدة: عدم جواز بيع الامة المستولدة فتكون هذه القاعدة معارضة بقاعدة يجب وفاء الدين فتسقطان.

و أما وجه التوهم فلأن قاعدة وجوب أداء الدين متوقف على اليسار

و أما عند الاعسار فالوجوب منفي بمقتضى الآية الكريمة: فَنَظِرَةٌ إِلىٰ مَيْسَرَةٍ فتكون قاعدة: عدم جواز بيع الامة المستولدة في حياة مولاها حاكمة على قاعدة: وجوب اداء الدين.

(4) هذا بناء على عدم تقدم قاعدة: يجب وفاء الدين على قاعدة:

عدم جواز بيع الامة المستولدة، و تساقطهما أي عند التعارض و التساقط فتبقى قاعدة: إن الناس مسلّطون على أموالهم فتقدم على قاعدة: عدم جواز بيع الامة المستولدة فنحكم بجواز بيعها في دين ثمن رقبتها في حياة مولاها.

(5) بالرفع عطفا على فاعل فتبقى أي فتبقى أيضا قاعدة أصالة بقاء جواز بيع الامة قبل استيلادها عند تعارض قاعدة: عدم جواز -

ص: 320

الاستيلاد، و لا يعارضها (1) أصالة بقاء المنع حال الاستيلاد قبل العجز عن ثمنها، لأن (2) بيعها قبل العجز ليس بيعا في الدين كما لا يخفى

و يندفع اصل المعارضة بأن أدلة وجوب اداء الدين مقيدة بالقدرة العقلية (3) و الشرعية، و قاعدة المنع (4) تنفي القدرة الشرعية كما في المرهون و الموقوف (5).

+++++++++++

- بيع الامة، و قاعدة: يجب وفاء الدين، و تساقطهما.

و المراد من الأصالة الاستصحاب أي استصحاب بقاء جواز بيع الامة، فان البيع قبل الاستيلاد كان جائزا، و بعد الاستيلاد نشك في بيعها فنستصحب الجواز.

(1) أي لا يعارض هذا الاستصحاب استصحاب بقاء منع جواز بيع الامة حال الاستيلاد قبل عجز مولاها عن دفع ثمنها، فان بيعها حال الاستيلاد قبل العجز كان ممنوعا، و بعد العجز عن اداء الدين نشك في جواز بيعها فنجري استصحاب العدم.

(2) تعليل لعدم معارضة استصحاب بقاء منع جواز بيع الامة حال الاستيلاد و قبل عجز مولاها عن اداء دين ثمن رقبتها: لاستصحاب بقاء جواز بيع الامة بعد الاستيلاد أي عدم معارضة هذا الاستصحاب لذاك الاستصحاب لاجل أن بيع الامة حال الاستيلاد و قبل العجز ما كان لدين ثمن رقبتها، فلذا منعناه، فالمنع كان لاجل ذلك فلا يمكنه معارضة ذاك الاستصحاب، لتبدل الموضوع في الاستصحاب الثاني.

(3) و هو التمكن من التصرف و لا شك في وجوده.

(4) و هي قاعدة: عدم جواز بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها في حياة مولاها.

(5) فان القدرة العقلية للراهن في الرهن، و للواقف في الوقف -

ص: 321

فالأولى في الانتصار لمذهب المشهور (1) أن يقال برجحان اطلاق رواية عمر بن يزيد (2) على اطلاق رواية ابن مارد للظاهر (3) في عدم كون بيعها في ثمن رقبتها.

كما يشهد به (4) قوله: فتمكث عنده ما شاء اللّه لم تلد منه شيئا بعد ما ملكها، ثم يبدو له في بيعها، مع أن ظاهر البداء في البيع (5) ينافي الاضطرار إليه لاجل ثمنها.

+++++++++++

- موجودة، لكن القدرة الشرعية و هي التصرف في الرهن و الوقف منفي

(1) و هو جواز بيع الامة المستولدة في ثمن دين رقبتها في حياة مولاها.

(2) المشار إليها في ص 312، فان اطلاق قوله عليه السلام:

نعم في ثمن رقبتها في جواب السائل: تباع في الدين ؟

يرجح على اطلاق مفهوم قوله عليه السلام في رواية محمد بن مارد المشار إليها في ص 293 ما لم يحدث عنده حمل، فان مفهومه اذا حدث عنده منها حمل لا يجوز بيعها.

(3) صفة لكلمة اطلاق أي اطلاق هذه الرواية الظاهر في عدم كون بيع الامة في ثمن رقبتها، لا في ثمن رقبتها

و أما في ثمن رقبتها فيجوز البيع.

فاطلاق تلك الرواية مقدم على اطلاق هذه الرواية، حيث إن ظهور هذه في عدم كون البيع في ثمن رقبتها.

(4) أي لظهور كون رواية محمد بن مارد في عدم كون بيع الامة في ثمن رقبتها.

(5) في قول السائل: ثم يبدو له في بيعها في رواية محمد بن مارد المشار إليها في ص 293.

ص: 322

و بالجملة فبعد منع ظهور سياق الرواية (1) فيما بعد الموت لا إشكال في رجحان دلالتها على دلالة رواية ابن مارد على المنع (2) كما يظهر بالتأمل، مضافا (3) الى اعتضادها بالشهرة المحققة.

و المسألة (4) محل إشكال.

ثم على المشهور من الجواز فهل يعتبر فيه (5) عدم ما يفي به

+++++++++++

(1) أي رواية عمر بن يزيد المشار إليها في ص 312 فان قوله:

تباع في الدين ليس له ظهور في ما بعد موت المولى حتى يكون جوابه عليه السلام: نعم في ثمن رقبتها.

(2) أي على منع بيع الامة المستولدة في حياة مولاها في ثمن دين رقبتها، فان ظاهر هذه الرواية يدل على المنع، فدلالة رواية عمر بن يزيد ترجح على هذه.

(3) أي لنا بالإضافة الى رجحان اطلاق دلالة رواية عمر بن يزيد على اطلاق رواية محمد بن مارد: دليل آخر على جواز بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها في حياة مولاها: و هو اعتضاد رواية عمر بن يزيد بالشهرة المحققة عند أكثر الفقهاء، حيث جوّزوا بيعها في دين ثمن رقبتها في حياة مولاها.

(4) أي مسألة جواز بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها في حياة مولاها.

(5) أي فهل يعتبر في جواز بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها في حياة مولاها عدم وجود مال للمولى يفي به الدين و إن كان المال من جملة المستثنيات كالدار و الخادم و المركوب.

ص: 323

الدين و لو من المستثنيات كما هو (1) ظاهر اطلاق كثير، أو (2) مما عداها كما عن جماعة ؟

الأقوى هو الثاني (3). بل لا يبعد أن يكون ذلك (4) مراد من اطلق: لأن الحكم بالجواز في هذه الصورة (5) في النص و الفتوى مسوق لبيان ارتفاع المانع عن بيعها من جهة الاستيلاد فتكون (6) ملكا طلقا كسائر الأملاك التي يؤخذ (7) المالك ببيعها، من دون

+++++++++++

(1) أي اعتبار عدم كون ما يفي به الدين من جملة المستثنيات هو ظاهر اطلاق كثير من الفقهاء عند ما يجوزون بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها في حياة مولاها.

(2) أي أو يعتبر في الجواز عدم كون ما يفي به الدين من حملة المستثنيات

(3) و هو اعتبار عدم كون ما يفي به الدين من جملة المستثنيات.

وجه الأقوائية أن استثناء بعض الامور من لزوم صرف ما لم يف به الدين حاكمة على قول السائل في صحيحة عمر بن يزيد المشار إليها في ص 312: و لم يدع من المال ما يؤدّى عنه.

(4) أي القول الثاني هو مراد من اطلق من الفقهاء اعتبار عدم كون ما يفي به الدين و لم بقيّده بقيد و إن كان من المستثنيات، أو بعدم كونه من المستثنيات

(5) و هي الصورة الثانية:

و المراد من النص هي رواية عمر بن يزيد الدالة على جواز بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها في حياة مولاها.

(6) أي هذه الامة المستولدة.

(7) أي يجبر المالك ببيع أمواله في الموارد التي ذكرت في الكتب -

ص: 324

بيع المستثنيات.

فحاصل السؤال في رواية عمر بن يزيد أنه هل تباع أمّ الولد في الدين على حد سائر الأموال التي تباع فيه ؟

و حاصل الجواب تقرير ذلك (1) في خصوص ثمن الرقبة فيكون ثمن الرقبة بالنسبة الى أمّ الولد كسائر الديون بالنسبة الى سائر الأموال

و مما ذكرنا (2) يظهر أنه لو كان نفس أمّ الولد مما يحتاج إليها المولى للخدمة فلا تباع في ثمن رقبتها، لأن غاية الأمر كونها بالنسبة الى الثمن كجارية اخرى يحتاج إليها.

و مما ذكرنا (3) يظهر الوجه في استثناء الكفن، و مئونة التجهيز

فاذا (4) كان للميّت كفن و أم ولد بيعت أمّ الولد (5) في الدين دون الكفن، اذ (6) يصدق أن الميّت لم يدع ما يؤدّى عنه الدين عداها

+++++++++++

- الفقهية المفصّلة.

(1) أي بيع الامة المستولدة في الدين.

(2) و هو أنه يعتبر في جواز البيع عدم وفاء ما يفي به الدين من جملة المستثنيات.

(3) و هو اعتبار عدم وفاء ما يفي به الدين من جملة المستثنيات في جواز بيع الامة المستولدة.

(4) الفاء تفريع على ما افاده: من استثناء الكفن و مئونة التجهيز أي ففي ضوء ما ذكرنا فاذا كان للميت كفن و أم ولد و للمولى دين في ثمن رقبتها فتباع أمّ الولد، دون الكفن فيعطى بثمنها لدين ثمن رقبتها.

(5) جواب لا ذا الشرطية في قوله: فاذا كان للميت.

(6) تعليل لوجوب بيع الامة لدينها دون الكفن.

ص: 325

لأن الكفن لا يؤدّي عن الدين.

ثم إنه لا فرق بين كون ثمنها بنفسه دينا للبائع، أو استدان (1) الثمن و اشترى به.

أما لو اشترى (2) في الذمة ثم استدان ما أوفى به البائع فليس بيعها في ثمن رقبتها (3).

بل ربما تأمل فيما قبله، فتأمل (4).

+++++++++++

(1) أي المولى.

(2) أي المولى.

(3) فهذه أقسام ثلاث:

(الأول): اشترى المولى الامة من البائع بالدين.

(الثاني): استدان المولى من الخارج مبلغا فاشترى بنفس المبلغ امة نقدا.

(الثالث): اشترى المولى الامة من صاحبها في الذمة ثم استدان من الخارج مبلغا يفي بالدين فاوفى به دين ثمن رقبتها.

فهنا لو بيعت الامة و اعطي بثمنها دين رقبتها لم يصدق أنها بيعت في ثمن رقبتها فعليه لا يجوز بيعها، و لذا قال الشيخ: بل ربما تأمل فيما قبله أي فيما قبل القسم الثالث: و هو القسم الثاني الذي استدان المشتري مبلغا من الخارج فاشترى بنفس المبلغ امة نقدا، فان الشيخ قدس سره يتأمل في جواز بيع الامة و ايفاء دين ثمن رقبتها به في هذا القسم

(4) لعل الامر بالتأمل اشارة الى أن التأمل في القسم الثاني ضعيف لأن قوله عليه السلام في رواية عمر بن يزيد المشار إليها في ص 313:

نعم في ثمن رقبتها عام يشمل القسم الثاني فيجوز بيع الامة المستولدة هنا و ايفاء دين ثمن رقبتها به، لأن المراد من نعم -

ص: 326

و لا فرق بين بقاء جميع الثمن في الذمة، أو بعضها.

و لا بين (1) نقصان قيمتها عن الثمن أو زيادتها عليها.

نعم لو امكن الوفاء ببيع بعضها اقتصر عليه كما عن غاية المراد التصريح به.

و لو كان الثمن مؤجلا لم يجز للمولى بيعها قبل حلول الأجل و إن كان مأيوسا عن الاداء عند الاجل.

و في اشتراط (2) مطالبة البائع، أو (3) الاكتفاء باستحقاقه و لو امتنع عن التسلم، أو الفرق بين رضاه (4) بالتأخير، و إسقاطه

+++++++++++

- في ثمن رقبتها نعم في دين ثمن رقبتها، أو اذا كان ذلك الدين هو ثمن رقبتها، فعلى كلا التقديرين يشمل قوله عليه السلام القسم الثاني.

و أما القسم الأول فلا شك في جواز بيع الامة المستولدة فيه، و ايفاء دين ثمن رقبتها به.

(1) أي و كذلك لا فرق بين نقصان ثمن الامة عن ثمن قيمتها أو زيادة قيمتها على ثمنها المشتراة به.

ففي هاتين الصورتين يجوز بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها.

(2) أي و هل يشترط في جواز بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها مطالبة البائع دينه و طلبه، أو لا يشترط ذلك ؟

(3) أي أو لا يعتبر مطالبة البائع دينه في جواز بيع الامة المستولدة

بل يكتفى بمجرد استحقاقه للدين و إن امتنع البائع عن تسلّم طلبه عند حلول اجله فيجوز بيعها حينئذ و لو لم يطالب.

(4) أي بين رضا البائع بتأخيره طلبه عن مدة الاجل، و إسقاطه لحق الحلول عند ما يحلّ وقت طلبه و إن لم يسقط حق الحلول باسقاط -

ص: 327

لحق الحلول و إن لم يسقط بذلك.

و بين عدم المطالبة (1) فيجوز (2) في الأول، دون الثاني (3) وجوه (4).

أحوطها (5) الأول، و مقتضى الاطلاق (6) الثاني.

و لو تبرع متبرع بالاداء.

+++++++++++

- البائع حقه فله أن يطالب المشتري و إن اسقط البائع حق الحلول.

(1) أي أو الفرق بين عدم مطالبة البائع المشتري بدين ثمن رقبتها

(2) الفاء تفريع على ما افاده: من اشتراط المطالبة في جواز بيع الامة المستولدة، و عدم اشتراط المطالبة في الثاني: و هو عدم مطالبة البائع

أي ففي ضوء ما ذكرنا: من اشتراط المطالبة يجوز بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها في الأول: و هو لو طالب البائع طلبه.

(3) أي ففي ضوء ما ذكرنا: من عدم اشتراط المطالبة فلا يجوز بيع الامة المستولدة.

(4) أي أقوال في مسألة جواز بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها عند موت مولاها.

(5) أي أحوط الوجوه و الأقوال هو الأول: و هو اشتراط مطالبة البائع في جواز بيع الامة المستولدة: بحيث لو لم يطالب لا يجوز بيعها لأنه جمع بين حقي الاستيلاد، و حق الدائن.

(6) أي و مقتضى اطلاق الرواية الثانية لعمر بن يزيد المشار إليها في ص 313 الثاني: و هو الاكتفاء باستحقاق البائع، سواء طالب دينه أم لم يطالب، فان قوله عليه السلام في جواب السائل:

تباع في الدين: نعم في ثمن رقبتها مطلق ليس مقيدا بصورة المطالبة و عدم المطالبة.

ص: 328

فان سلم الى البائع برئت ذمة المشتري و لا يجوز بيعها.

و إن سلم الى المولى، أو الورثة (1) ففي وجوب القبول (2) نظر

و كذا (3) لو رضي البائع باستسعائها في الاداء.

و لو دار الأمر بين بيعها ممن تنعتق (4) عليه، أو بشرط العتق و بيعها (5) من غيره ففي وجوب تقديم الأول (6) وجهان.

و لو ادى الولد ثمن نصيبه انعتقت (7) عليه، و حكم الباقي (8)

+++++++++++

(1) أي ورثة المولى الذي مات و خلف امة مستولدة.

(2) أي ففي قبول المولى، أو ورثته لو مات المولى دين ثمن رقبتها من المتبرع نظر و إشكال، لأن التبرع نوع احسان و امتنان على الآخذ و هو لا يريد ذلك.

(3) أي و كذا نظر و إشكال في قبول المولى لو رضي البائع باستسعاء الامة في اداء دين رقبتها، لعين الملاك الموجود في المتبرع.

(4) كوالد الأمة، أو ابنها.

(5) أي و لو دار الأمر بين بيع الأمة بغير من تنعتق عليه.

(6) و هي بيع الأمة على من تنعتق عليه.

(7) أي انعتقت الأم على الولد بمقدار ما يأتيه من النصيب

و لا يخفى أن الانعتاق هنا بناء على انتقال المال الى الورثة، لا الى الديّان

و بناء على ملك الولد جزء من أمه، و بناء على كفاية هذا الانتقال في حصول الانعتاق فينعتق حينئذ نصيبه بلا توقف على اداء ثمن نصيبه من الدين.

(8) أي حكم باقي الأم المنتقل الى الورثة يعلم من مسألة السراية

أليك شرحا موجزا عن السراية:

قال الشهيد قدس سره في المسالك: لا ريب أن مجرد الاستيلاد -

ص: 329

يعلم من مسائل السراية.

و لو أدى (1) ثمن جميعها فان اقبضه البائع فكالمتبرع.

و إن كان (2) بطريق الشراء ففي وجوب قبول ذلك على الورثة نظر.

+++++++++++

- ليس سببا في العتق.

نعم تتشبث به بالحرية، و إنما تعتق بموت المولى، لأن ولدها ينتقل إليه من التركة شيء، أو تنتقل التركة إليه جميعا اذا كان هو الوارث الوحيد، فينعتق عليه بمقدار ما يرثه من التركة، لما علم: من أن ملك الولد لاحد أبويه يوجب عتقه عليه مطلقا.

و لو بقي منها شيء خارج عن ملكه سرى إليه العتق إن كان نصيبه من التركة يفي به، و إلا عتق منها بقدره.

و لو عجز النصيب عن المتخلف منها سعت هي فيه، و لا يلزم ولدها السعي فيه، و لا يسري عليه لو كان له مال من غير التركة لما سيأتي: من أن السراية مشروطة بالملك الاختياري، و الارث ليس منه، و إنما سرى عليه في باقي نصيبه من التركة، لاطلاق النصوص الكثيرة على أنها تعتق من نصيبه من التركة، و إلا لكان الأصل يقتضي أن لا تعتق عليه سوى نصيبه منها، و القائل بوجوب سعي الولد في فك باقيها ابن حمزة، انتهى ما افاده هناك.

(1) أي لو ادّى الولد ثمن جميع الأم فان اقبض جميع الثمن الى البائع كان حكم الولد في دفع بقية القيمة حكم المتبرع لجميع ثمنها ابتداء.

(2) خلاصة هذا الكلام: أنه لو كان اداء الولد بقية ثمن رقبة أمه بنحو الشراء من الورثة: بأن اشترى حصصهم منهم -.

ص: 330

من (1) الاطلاق، و من (2) الجمع بين حقي الاستيلاد و الدين.

و لو امتنع المولى من اداء الثمن من غير عذر فلجواز بيع البائع لها مقاصة مطلقا (3) أو مع اذن الحاكم وجه.

و ربما يستوجبه خلافه (4)، لأن (5) المنع لحق أمّ الولد فلا يسقط

+++++++++++

- فهنا هل يجب على هؤلاء الورثة قبول هذا الشراء: بأن يبيعوا حصصهم لاخيهم، أو لهم أن يبيعوها لغيره: من المشترين.

(1) هذا دليل لعدم وجوب قبول الورثة بيع حصصهم على أخيهم لأن قوله عليه السلام في رواية عمر بن يزيد المشار إليها في ص 313:

نعم في ثمن رقبتها مطلق ليس فيه تقييد بالبيع على أخيهم فلهم بيع حصصهم على غيره من بقية المشترين.

(2) هذا دليل لجواز قبول الورثة بيع حصصهم على ولد الأمة أي لأن البيع عليه جمع بين الحقين: حق الاستيلاد، و حق الدين.

(3) أي سواء اذن الحاكم أم لا.

(4) أي خلاف جواز بيع الأمة المستولدة لو امتنع مولاها من اداء ثمنها من غير عذر.

لا يخفى عليك أن المستوجه هو المحقق التستري في كتابه المقابيس فانه وجّه عدم الجواز بأدلة ثلاث ذكرها الشيخ في المتن و نحن نشير عند رقمها الخاص.

(5) هذا هو الدليل الأول.

و خلاصته: أن منع البائع عن بيع أم الولد عند امتناع المولى عن اداء ثمنها إنما هو حق من حقوق أم الولد فلا يسقط هذا الحق بامتناع المولى عن اداء الثمن فلها أن تمنع البائع عن البيع.

ص: 331

بامتناع المولى، و لظاهر (1) الفتاوى، و تغليب (2) جانب الحرية.

و في الجميع نظر (3).

+++++++++++

(1) هذا هو الدليل الثاني.

و خلاصته: أن منع البائع عن بيع الامة المستولدة عند امتناع المولى عن اداء ثمنها ظاهر فتاوى الفقهاء.

(2) هذا هو الدليل الثالث.

و خلاصته: أن منع البائع عن بيع الامة عند امتناع المولى عن اداء ثمنها إنما هو لاجل تغليب جانب حريتها، فانه لو جوزنا بيعها في هذه الحالة بقيت على الرقية، و بقاؤها عليها خلاف ما اراده الشارع.

(3) هذه نظرية الشيخ حول الأدلة التي اقامها المحقق التستري على منع بيع الامة المستولدة لو امتنع مولاها عن اداء ثمنها يروم بها المناقشة معه في جميع أدلته.

و قد ذكر المحقق المامقاني قدس سره في تعليقته على المكاسب في ص 458 وجه النظر في الأدلة الثلاثة، أليك خلاصته:

أما الجواب عن الدليل الأول فالمنع إنما كان من ناحية النص لا من ناحية حق أمّ الولد.

و أما الجواب عن الدليل الثاني فلأن الفتاوى ساكتة عن افادة عدم ترخيص البائع في البيع.

و أما الجواب عن الدليل الثالث فلأن الظاهر أن مورد تغليب جانب الحرية إنما هو ما لو تحرر البعض.

و ما نحن فيه ليس كذلك، اذ لم يحرر من الامة المستولدة شيء حتى يوجب تحرير الباقي، تغليبا لجانب الحرية.

ص: 332

و المراد بثمنها ما جعل عوضا لها في عقد مساومتها و إن كان صلحا (1)

و في الحاق الشرط المذكور في متن العقد بالثمن كما اذا اشترط الانفاق على البائع مدة معينة إشكال.

و على العدم (2) لو فسخ البائع فان قلنا بعدم منع الاستيلاد من الاسترداد بالفسخ استردت.

و إن قلنا بمنعه (3) عنه فتنتقل الى القيمة.

و لو قلنا بجواز بيعها حينئذ (4) في اداء القيمة امكن القول بجواز استردادها، لأن المانع عنه هو عدم انتقالها فاذا لم يكن بد من نقلها لاجل القيمة لم يمنع عن ردها الى البائع كما لو بيعت على البائع في ثمن رقبتها.

هذا مجمل القول في بيعها في ثمنها.

و أما بيعها في دين آخر فان كان مولاها حيا لم يجز اجماعا على الظاهر المصرح به في كلام بعض.

و إن كان بعد موته فالمعروف من مذهب الأصحاب المنع أيضا لأصالة (5) بقاء المنع في حال الحياة، و لاطلاق روايتي عمر بن يزيد

+++++++++++

(1) بأن قال البائع: صالحتك على هذه الامة بمائة دينار.

(2) أي و على عدم الحاق الشرط المذكور في متن العقد بالثمن.

(3) أي بمنع الاستيلاد عن الاسترداد.

(4) أي و حين أن قلنا بمنع الاستيلاد عن استرداد.

(5) المراد من الأصالة الاستصحاب أي استصحاب عدم جواز بيع الامة في غير ثمن رقبتها، فان البيع كان في حياة مولاها ممنوعا و بعد وفاة مولاها نشك في جواز بيعها فنجري استصحاب العدم.

ص: 333

المتقدمتين (1) منطوقا و مفهوما.

و بهما (2) يخصص ما دل بعمومه على الجواز مما يتخيل صلاحيته لتخصيص قاعدة المنع عن بيع أم الولد كمفهوم مقطوعة يونس في أم ولد ليس لها ولد مات ولدها، و مات عنها صاحبها و لم يعتقها هل يجوز لأحد تزويجها؟

قال: لا هي امة، لا يحل لأحد تزويجها إلا بعتق من الورثة، و إن كان لها ولد و ليس على الميت دين فهي للولد (3)، و اذا ملكها الولد

+++++++++++

(1) و هما: صحيحة عمر بن يزيد، و روايته الاخرى المشار إليهما في ص 312-313.

أما اطلاق المنطوق فكما في صحيحة عمر بن يزيد في جواب الامام عليه السلام في قول السائل: فتباع فيما سوى ذلك ؟

قال عليه السلام: لا، فان الجواب مطلق ليس مقيدا بحال الحياة و الممات أي لا يجوز بيع الامهات في غير ثمن رقبتهن، لا في حال الحياة و لا في حال الممات.

و أما اطلاق المفهوم فكما في الرواية الثانية لعمر بن يزيد في قوله عليه السلام: نعم في ثمن رقبتها، فان مفهومه لا يجوز بيعها في غير دين ثمن رقبتها.

(2) أي بروايتي عمر بن يزيد يخصص مفهوم رواية يونس الدال هذا المفهوم على عموم جواز بيع أمّ الولد، سواء أ كان دين المولى في ثمن رقبتها أم في غير ثمن رقبتها فيخصص هذا المفهوم القاعدة الكلية الدالة على منع بيع أم الولد.

(3) الشاهد في جملة: و إن كان لها ولد و ليس على الميت دين فهي للولد، حيث إن مفهومها و هو إن كان للامة ولد و كان على الميت دين -

ص: 334

عتقت بملك ولدها لها، و إن كانت بين شركاء فقد عتقت من نصيبه (1) و تستسعى (2) في بقية ثمنها.

خلافا للمحكي عن المبسوط فجوز البيع حينئذ (3) مع استغراق الدين.

و الجواز (4) ظاهر اللمعتين، و كنز العرفان، و الصيمري.

+++++++++++

- فهي ليست للولد فيجوز بيعها، فهذا المفهوم يخصص تلك القاعدة الكلية.

(1) أي من نصيب الولد.

(2) أي أم الولد تستسعى في بقية دين ثمنها.

راجع حول الحديث (وسائل الشيعة) الجزء 16. ص 126.

الباب 5. الحديث 3.

(3) أي حين أن كان للمولى الميت دين في غير ثمن رقبتها.

(4) أي جواز بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها اذا كان الدين مستغرقا.

المراد من اللمعتين هو اللمعة الدمشقية و شرحها الروضة البهية.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 3 ص 258

أليك نص عبارة الشهيدين قدس سرهما في موارد استثناء بيع الامة المستولدة:

(و سابعها: اذا مات مولاها و لم يخلف سواها و عليه دين مستغرق و إن لم يكن ثمنا لها)، لأنها إنما تعتق بموت مولاها من نصيب ولدها، و لا نصيب له مع استغراق الدين فلا تعتق، و تصرف في الدين، انتهى ما افاده الشهيدان.

ص: 335

و لعل وجه تفصيل الشيخ (1) أن الورثة لا يرثون مع الاستغراق فلا سبيل الى انعتاق أم الولد الذي هو الغرض من المنع عن بيعها.

و عن نكاح المسالك أن الأقوى انتقال التركة الى الوارث مطلقا (2)

و إن منع (3) من التصرف بها على تقدير استغراق الدين فينعتق نصيب الولد منها (4).

كما (5) لو لم يكن دين و لزمه (6) اداء

+++++++++++

(1) أي و لعل تفصيل شيخ الطائفة في المبسوط بين الدين المستغرق فيجوز بيع الامة المستولدة و إن لم يكن الدين في ثمن رقبتها.

و بين الدين غير المستغرق فلا يجوز بيعها.

(2) أي سواء أ كان على الميت دين مستغرق أم لا.

(3) أي الوارث و إن كان ممنوع التصرف من الامة على فرض استغراق الدين لها، و لكن مع ذلك تنتقل التركة إليه.

(4) أي فينعتق من الامة بمقدار نصيب ولدها من التركة التي منها الأمة.

(5) يروم الشهيد الثاني أن يشبه منع تصرف الوارث في الأمة في صورة استغراق الدين لقيمة الأمة بما اذا لم يكن على الميت دين و خلف أمة.

أي فكما أن الوارث يكون ممنوعا من التصرف في الأمة في صورة عدم الدين.

كذلك يكون ممنوع التصرف فيها في صورة دين مستغرق لقيمة الأمة.

(6) أي و يجب على الولد ازاء نصيبه الذي عتقت به أمه أن يدفع مقدار نصيبه الى الدائن: بمعنى أنه ضامن لهذا المقدار، خذ لذلك مثالا -

ص: 336

قيمة النصيب من ماله (1).

و ربما (2) ينتصر للمبسوط على المسالك أولا (3) بأن المستفاد

+++++++++++

- مات رجل له امة مستولدة قيمتها تسعون دينارا و على الرجل دين مقداره تسعون دينارا.

و للرجل ثلاثة أولاد ذكور لكل منهم ثلث من الأمة، و من الأولاد ولد الأمة نصيبه منها ثلثها: و هو ثلاثون دينارا فينعتق منها بمقدار نصيبه منها، ثم يقوّم هذا المقدار من النصيب و يدفع الى الدائن.

(1) انتهى ما افاده الشهيد الثاني في هذا المقام.

(2) من هنا اخذ الشيخ فيما ذكره المحقق التستري في المقابيس في الانتصار لما ذهب إليه شيخ الطائفة: من جواز بيع الأمة المستولدة في دين غير دين ثمن رقبتها في صورة استغراق الدين لقيمة الأمة ردا لما افاده الشهيد الثاني: من جواز بيع الأمة المستولدة في الفرض المذكور مطلقا، سواء أ كان الدين مستغرقا أم لا.

و لما افاده: من أن اللازم على الولد اداء قيمة نصيبه الذي اعتقت به أمه، و دفع قيمة النصيب الى الدائن.

(3) هذا هو الاشكال الأول و خلاصته: أن أدلة الارث ليس فيها اقتضاء سوى تملك الوارث لما تركه الميت، من دون أن تكون فيها اقتضاء لتملك بدل ما تركه في ذمته، و أن نصيبه يقوّم عليه ثم يدفع ذلك المقدار المقوّم الى الدائن.

و أما دليل الانعتاق في العمودين فلا يقتضي إلا تملكهما بأي وجه اتفق على وجه الاختيار، أو القهر الموجب هذا التملك لانعتاقهما و أنهما اذا ملكا عتقا، من دون أن يكون الانعتاق ببدل في ذمة المنعتق عليه الذي هو الولد.

ص: 337

مما دل على أنها تعتق من نصيب ولدها: أن ذلك من جهة استحقاقه لذلك النصيب من غير أن يقوّم عليه اصلا:

و انما الكلام في باقي الحصص اذا لم يف نصيبه من جميع التركة لقيمة أمه هل تقوّم عليه، أو تسعى هي في اداء قيمتها؟

و ثانيا (1) بأن النصيب اذا نسب الى الوارث فلا يراد منه إلا ما يفضل من التركة بعد اداء الدين، و سائر ما يخرج من الأصل المقصود منه (2) النصيب المستقر الثابت، لا النصيب الذي يحكم بتملك الوراث له، تفصيا من لزوم بقاء الملك بلا مالك.

+++++++++++

(1) هذا هو الاشكال الثاني، و خلاصته: أن التركة بناء على القول بعدم انتقالها الى الديان اذا استوعب الدين التركة، و قلنا بانتقالها الى الورثة حتى لا يبقى الملك بلا مالك، و بناء على القول بانقطاع علاقة المالك عن الملك بموته.

لكن مقتضى كون الارث بعد الدين هو عدم جواز التصرف في الملك إلا بعد اداء الدين، فاستقرار الملك للورّاث لا يكون إلا بعد اداء الدين.

اذا عرفت هذا فنقول: إن اريد من انتقال أمّ الولد الى الورثة انتقالا تاما مستقرا فهذا مناف لما افيد آنفا: من كون الارث بعد الدين.

و ان اريد من الانتقال الانتقال الذي يكون على حد غير الامة من بقية الأموال فمثل هذا الانتقال لا يكون مانعا عن تعلق حق الديان فكيف يمنع عن أداء الدين ؟

(2) أي من نصيب الولد.

ص: 338

و ثالثا (1) أن ما ادعاه من الانعتاق على الولد بمثل هذا الملك مما لم ينص عليه الأصحاب، و لا دل عليه دليل معتبر.

و ما توهمه الأخبار (2)، و كلام الأصحاب: من اطلاق الملك فالظاهر أن المراد به غير هذا القسم، و لذا (3) لا يحكم بانعتاق العبد

+++++++++++

(1) هذا هو الاشكال الثالث على ما افاده الشهيد الثاني بقوله:

و إن منع من التصرف.

و خلاصته: أن الانعتاق بكلا قسميه: الاختياري و القهري إنما يترتب على الملك المطلق المجرد عن تعلق حق الغير به: بحيث يجوز فيه التصرف متى شاء المالك و أراد.

و ليس يترتب على مطلق الملك و إن تعلق به حق الآخرين، فاطلاق انعتاق الأمة المستولدة على ولدها قهرا في مثل هذا الملك الذي هو غير طلق لا يجوز فيه التصرف امر غريب لم ينص عليه من قبل الأصحاب و لا دل عليه دليل من الأخبار.

(2) أي و أما ما يوهم من الأخبار: من ترتب الانعتاق على مثل هذا الملك فالظاهر أن المراد به غير هذا القسم من الملك.

(3) أي و لأجل أن الانعتاق يترتب على الملك المطلق المجرد عن تعلق حق الغير به، و أن المراد من الملك في لسان الأخبار، و كلمات الأصحاب غير هذا القسم من الملك الممنوع من التصرف.

هذا تعليل لكون الانعتاق يترتب على الملك المطلق المجرد عن تعلق حق الغير به، لا على مطلق الملك و إن منع من التصرف فيه.

و خلاصة التعليل أن نظير ما نحن فيه في عدم الانعتاق مع أنه ملك هو وقف شخص عبده على من ينعتق عليه، فان العبد يملكه الموقوف عليه، بناء على القول بتملك الوقف في الوقف الخاص -

ص: 339

الموقوف على من ينعتق عليه، بناء على صحة الوقف، و انتقال الموقوف الى الموقوف عليه.

و رابعا (1) أنه يلزم على كلامه أنه متى كان نصيب الولد من اصل التركة

+++++++++++

- لكن لا ينعتق عليه، لتعلق حق الواقف، و البطون اللاحقة به.

ففيما نحن فيه إما لا يكون انتقال تام ابدا فحينئذ لا يكون انعتاق فلا مانع من صحة بيع الامة المستولدة.

و إما يكون انتقال تام مصحح للانعتاق.

لكن يكون الانتقال منافيا لاستقرار الارث بعد الدين.

(1) هذا هو الاشكال الرابع على ما افاده الشهيد الثاني في المسالك

و خلاصته: أنه يلزم على كلامه الذي نقله عنه الشيخ في ص 336 بقوله: و لزمه اداء قيمة النصيب من ماله محذور آخر غير المحذور الأول الذي هو كون الانعتاق مجانيا.

و أما على رأي المشهور فبقية التركة بين الكل يؤدّى بها الدين من نصيبهم على السواء من دون أن تقوّم عليهم.

و أما أمّ الولد فبالنسبة الى نصيب ولدها تنعتق عليه مجانا، لأنها لا تباع في الدين.

و أما بالنسبة الى نصيب سائر الورّاث فلا يترتب على الأمة الانعتاق لعدم موجب له، و لا تباع أيضا، لورود النص به.

بل تستسعى لفكاك رقبتها من حق الوارث اذا لم يكن هناك دين و من حق الديّان اذا كان هناك دين.

و أما على ما افاده الشهيد الثاني: من اداء قيمة النصيب من ماله فبمقتضى تعين حصة الولد من بقية التركة في أمه لازمه أن تقوّم عليه بتمامها، و تشتغل ذمة الولد بتمام قيمة الأم للديّان، و هذا مما لم يقل -

ص: 340

بأجمعها ما يساوي قيمة أمه يقوّم عليه، سواء أ كان هناك دين مستغرق أم لا.

و سواء (1) أ كان نصيبه الثابت في الباقي بعد الديون، و نحوها يساوي قيمتها أم لا.

و كذلك (2) لو ساوى نصيبه من الاصل نصفها، أو ثلثها

+++++++++++

- احد من الفقهاء به، لعدم موجب لذلك.

هذا اذا كان مجموع نصيب الولد من جميع التركة يساوي قيمة أمه

و المحذور الآخر عبارة عن أن النصيب المستقر الثابت الذي يترتب عليه الأثر إما أن يكون مجموعه الذي هو من مجموع التركة يساوي قيمة أمه فحينئذ لا نصيب له اصلا اذا استغرق الدين جميع التركة فينتفي موضوع التقويم، لعدم مجال للتقسيم حتى يكون للولد نصيب ثم تعتق أمه، ثم يقوّم نصيبه عليه.

بل تباع أمّ الولد، و بقية التركة المشتركة بين ولد الأمة، و بين سائر الورّاث و يؤدى به الدين كما افاده شيخ الطائفة عند نقل الشيخ عنه في ص 335 بقوله: خلافا للمحكي عن المبسوط فجوّز البيع حينئذ مع استغراق الدين.

(1) أي و كذلك لا فرق في ترتب المحذور المذكور بين كون نصيب الولد الثابت بعد الدين مساويا لقيمة أمه أم لا، اذ الفرض أن المعاملة مع مطلق نصيبه معاملة، لأن الانتقال إليه كان قبل الدين

(2) توضيح هذه العبارة أنه لو ساوى نصيب الولد من اصل التركة أي من مجموعها نصف الام، أو ثلثها، أو ربعها مثلا فيقوّم نصيب الولد عليه كائنا ما كان: من النصف، أو الربع أو الثلث، أو الخمس، ثم يسقط من قيمة الام نصيب الباقي -

ص: 341

..........

+++++++++++

- الثابت اذا كان له نصيب، ثم يطالب الولد بالباقي.

خذ لذلك مثالا:

مات شخص خلف امة مستولدة قيمتها تسعون دينارا، و تركة اخرى قيمتها ثلاثون دينارا، صار المجموع مائة و عشرون دينارا.

و على الميت ديون مقدارها مائة و عشرون دينارا فاستغرقت الديون جميع التركة.

و للميت ثلاثة أولاد ذكور احدهم من الامة المستولدة، و اثنان من غيرها فلكل واحد منهم ثلث الامة الذي قيمته ثلاثون دينارا، و ثلث من التركة الباقية: و هو عشرة دنانير فالمجموع يصير اربعين دينارا هو حصة كل واحد من الأولاد.

فهنا يقوّم نصيب الولد الذي هو ثلث أمه عليه و يسقط من مجموع التركة التي هي اربعون دينارا في المثال الذي ذكرناه لك نصيبه الباقي الثابت و هي عشرة دنانير و يبقى عشرون دينارا فيطالب الولد به فيعطي المجموع و هو ثلاثون دينارا الذي هو قيمة ثلث الام الى الديّان

هذا اذا كان للولد نصيب باق ثابت في تركة الميت غير الامة المستولدة

و يتحقق هذا النصيب الباقي الثابت في كل مورد تكون للميت تركة اخرى غير الامة المستولدة.

و أما اذا لم يكن للولد نصيب باق ثابت كما اذا لم يكن للميت تركة غير الامة فلا يكون هناك ما يسقط من سهم ولدها.

خذ لذلك مثالا:

كانت للميت امة مستولدة لا غير، و كان الورثة ثلاثة أولاد ذكور، و كان للميت دين يبلغ تسعين دينارا، و كانت قيمة الامة -

ص: 342

أو غير ذلك فانه يقوّم نصيبه عليه كائنا ما كان، و يسقط من القيمة نصيبه الباقي الثابت إن كان له نصيب و يطلب بالباقي.

و هذا مما لا يقوله احد من الأصحاب، و ينبغي القطع ببطلانه.

و يمكن دفع الأول (1) بأن المستفاد من ظاهر الأدلة انعتاقها

+++++++++++

- تسعين دينارا أيضا فيكون لكل واحد من الأولاد الثلاث ثلث من الامة تبلغ قيمته ثلاثون دينارا.

فحينئذ يقوّم نصيب الولد و هو ثلث الأمة فينعتق هذا الثلث ثم يطالب الولد بقيمة نصيبه منها: و هي الثلث.

فالحاصل أن اللازم مما افاده الشهيد الثاني في قوله في ص 335: و لزمه اداء قيمة النصيب من ماله انعتاق نصيب الولد منها، أو ما يساوي منها نصيبه من اصل التركة، و يغرم الولد مع ذلك قيمة ما انعتق منها

و هذا لم يقل به احد من الأصحاب في صورة استغراق الدين و إن افاد شيخ الطائفة في صورة عدم استغراق الدين قيمة الامة بفك باقي الامة من مال الولد بعد فك نصيب الولد منها بعد بذل ما قابل سهمه الذي ورثه من ابيه الميت.

(1) أي الاشكال الأول الذي اورده المحقق التستري على ما افاده الشهيد الثاني يمكن دفعه.

من هنا اخذ الشيخ في هدم ما اورده المحقق التستري في المقابيس ردا على ما افاده الشهيد الثاني: من الاشكالات الأربعة عليه.

و قد اشرنا الى الاشكال الأول في الهامش 3 ص 337

و خلاصة الدفع: أن أدلة انعتاق الام من نصيب ولدها لا تدل على لزوم اداء قيمة النصيب من ماله حتى يقال بمنع دلالتها على لزومه و الشهيد الثاني لا يقول بذلك، بل يقول: إن المستفاد من تلك -

ص: 343

من نصيب ولدها حتى مع الدين المستغرق، فالدين غير مانع من انعتاقها على الولد.

لكن ذلك (1) لا ينافي اشتغال ذمة الولد قهرا بقيمة نصيبه أو وجوب بيعها في القيمة، جمعا (2) بين ما دل على الانعتاق على الولد الذي يكشف عنه اطلاق النهي عن بيعها.

و بين ما دل على أن الوارث لا يستقر له ما قابل نصيبه من الدين على وجه يسقط حق الديان.

غاية الأمر سقوط حقهم (3) عن عين هذا المال الخاص، و عدم

+++++++++++

- الأدلة هو انعتاق الام من نصيب ولدها مجردا عن دلالتها على كيفية الانعتاق: من حيث لزوم اداء قيمة نصيبه من ماله، أو عدمه فالدين غير مانع عن انعتاقها على الولد و إن كان مستغرقا.

(1) أي ما قلناه: من المستفاد من ظاهر الأدلة هو انعتاق الام من نصيب ولدها لا ينافي اشتغال ذمة الولد قهرا بقيمة نصيبه للديّان أو وجوب بيعها في القيمة.

(2) تعليل لعدم المنافاة أي عدم المنافاة لاجل الجمع بين الأخبار المتضاربة الواردة في المقام، حيث بعضها يدل على النهي عن بيع الامة المستولدة في غير دين ثمن رقبتها و إن استغرق الدين قيمتها.

و بعضها يدل على جواز بيعها في الدين.

فطريق الجمع هو القول بانعتاقها، لكن يتحمل بدل قيمتها ولدها لعدم سقوط حق الديان.

(3) أي سقوط حق الديّان يكون عن عين الامة المستولدة لأنها ليست كسائر الأعيان التي يتعلق بها حق الديّان، و أنه يجب دفعها الى الديّان، و للديّان حق اخذها فيما اذا امتنع الوارث -

ص: 344

كونه كسائر الأموال التي يكون للوارث الامتناع عن اداء مقابلها و دفع عينها الى الديان، و يكون لهم اخذ العين اذا امتنع الوارث من اداء ما قابل العين.

و الحاصل (1) أن مقتضى النهي عن بيع أمّ الولد في دين غير ثمنها بعد موت المولى عدم تسلط الديان على اخذها و لو مع امتناع الولد عن فكها بالقيمة، و عدم تسلط الولد على دفعها، وفاء عن دين ابيه

و لازم ذلك (2) انعتاقها على الولد.

فيتردد (3) الامر حينئذ

+++++++++++

- عن اداء ما قابلها.

و أما اصل الدين فلا يسقط، بل يضمنه الولد فعليه دفعه الى الدائن كما عرفت آنفا.

(1) أي خلاصة الكلام في هذا المقام.

(2) أي و لازم هذين العدمين و هما:

عدم تسلط الديّان على أخذ الامة.

و عدم تسلط الولد عن دفع أمه الى الديّان وفاء لدين أبيه هو انعتاق الام على الولد، ثم على الولد دفع بدل قيمتها الى الديان فهذا طريق الجمع بين تلك الأخبار المتضاربة.

(3) الفاء فاء النتيجة وفاء التفريع على ما افاده: من أن لازم العدمين الّذين اشرنا إليهما في الهامش 2 هو انعتاق الام على الولد.

و خلاصة هذه النتيجة و التفريع: أنه في ضوء ما قلناه: من العدمين المذكورين تردد الامر بين احد الامور الاربعة المذكورة التي يذكرها الشيخ و نحن نشير الى كل واحد منها عند رقمها الخاص.

ص: 345

بين (1) سقوط حق الديان عن ما قابلها من الدين فتكون أمّ الولد نظير مئونة التجهيز التي لا يتعلق حق الديان بها.

و بين أن (2) يتعلق حق الديان بقيمتها على من يتلف في ملكه و تنعتق عليه و هو الولد.

و بين (3) أن يتعلق حق الديان بقيمتها على رقبتها فتسعى فيها.

و بين (4) أن يتعلق حق الديان بمنافعها فلهم أن يؤجروها مدة طويلة تفي اجرتها بدينهم كما قيل بتعلق حق الغرماء بمنافع أم ولد المفلس (5).

و لا (6) إشكال في عدم جواز رفع اليد عمّا دل على بقاء حق الديان متعلقا بالتركة فيدور الامر بين الوجهين (7) الأخيرين فتعتق على كل حال، و يبقى الترجيح بين الوجهين (8) محتاجا الى التأمل (9).

+++++++++++

(1) هذا هو الامر الأول.

(2) هذا هو الامر الثاني.

(3) هذا هو الامر الثالث.

(4) هذا هو الامر الرابع.

(5) أي المولى المفلس.

(6) من هنا يريد الشيخ الانصاري أن يبطل الامرين الأولين المشار إليهما في الهامش 1-2.

(7) و هما المشار إليهما في الهامش 3-4.

(8) أي الترجيح بين الوجهين الاخيرين المشار إليهما في الهامش 3-4 أي هل يرجح الثالث على الرابع، أو الرابع على الثالث ؟

(9) مقتضى التأمل هو ترجيح الرابع على الثالث، لأن حق الديان يتعلق من التركة إما بشخصها، أو بقيمتها، أو بمنافعها -

ص: 346

و مما ذكرنا (1) يظهر اندفاع الوجه الثاني (2)، فان (3) مقتضى المنع عن بيعها مطلقا (4)، أو في دين غير ثمنها استقرار ملك

+++++++++++

- و من الواضح: أن حق الاستيلاد يمنع عن تعلق حق الديان بشخص التركة التي منها الامة المستولدة.

و كذلك يمنع تعلقه بقيمة التركة التي منها الامة المستولدة، لأن الظاهر من عدم تعلق حق بشيء هو عدم تعلقه به بماله: من القيمة و المالية.

فتعين الثالث: و هو تعلق حق الديان بمنافع الامة المستولدة، و هذا هو الامر الرابع الذي اشير إليه في الهامش 4 ص 346.

و أما بطلان الامر الأول المشار إليه في الهامش 1 ص 346:

و هو سقوط حق الديان فواضح.

و أما بطلان الامر الثاني المشار إليه في الهامش 2 ص 346 و هو تعلق حق الديان بقيمة الامة المستولدة لا بشخصها، و أن على الولد دفع قيمة الامة التي تلفت في ملكه فواضح أيضا، لاستلزام هذا التعلق بارتفاع حق الديان من التركة، و تعلقه بذمة الولد، و أن الديان ليسوا مسلّطين على طلبهم إلا على هذا الولد.

(1) أي في الدفاع عن الاشكال الأول الذي ذكره شيخنا الانصاري عن المحقق التستري على ما افاده الشهيد الثاني في الهامش 1 ص 343

(2) و هو الاشكال الذي ذكره شيخنا الانصاري عن المحقق التستري، ردا على ما افاده الشهيد الثاني، و قد عرفت الاشكال في الهامش 3 ص 337

(3) هذا وجه ظهور الاندفاع.

(4) أي سواء أ كان دين المولى دينا في ثمن رقبة الامة المستولدة أم في دين غير ثمن رقبتها.

ص: 347

الوارث عليها.

و منه (1) يظهر الجواب عن الوجه الثالث، اذ (2) بعد ما ثبت عدم تعلق حق الديان بعينها على أن يكون لهم اخذها عند امتناع الوارث من الاداء فلا مانع عن انعتاقها، و لا جامع (3) بينها، و بين الوقف الذي هو ملك البطن اللاحق كما هو ملك للبطن السابق.

+++++++++++

(1) أي و من الجواب عن الاشكال الثاني يظهر الجواب عن الاشكال الثالث الذي اورده على الشهيد الثاني و قد عرفت الجواب في ص 347

(2) هذا وجه ظهور الجواب عن الاشكال الثالث.

(3) هذا جواب عن التنظير الذي افاده شيخنا الانصاري في عدم الانعتاق القهري بقوله في ص 339. و لذا لا يحكم بانعتاق العبد الموقوف على من ينعتق عليه.

و خلاصة الجواب أنه لا بدّ من القدر الجامع بين المنظور: و هو عدم انعتاق العبد الموقوف على من ينعتق عليه، و المنظور عليه: و هي الامة المستولدة التي مات مولاها و خلف دينا في غير ثمن رقبتها مع أنه لا بدّ من الجامع بينهما.

و أما وجه عدم وجود الجامع فلتعلق حق البطن اللاحق بنفس الوقف و شخصه، و لذا يكون تملكه له مانعا عن الانعتاق على البطن السابق.

بالإضافة الى وجود خصوصية اخرى في الوقف: و هي حبس الملك على الواقف، و مقتضى نفوذ الوقف انحباس الملك عليه، فلا يعقل انعتاقه عليه، لأنه يلزم من وجوده عدمه.

ص: 348

و أما ما ذكره (1) رابعا فهو انما ينافي الجزم بكون قيمتها بعد الانعتاق متعلقا بالولد، أما اذا قلنا باستسعائها فلا يلزم شيء.

فالضابط (2) حينئذ أنها تنعتق على الولد ما لم يتعقبه ضمان من نصيبه

+++++++++++

(1) هذا دفاع عن الاشكال الرابع الذي ذكره شيخنا الانصاري عما اورده صاحب المقابيس على شيخنا الشهيد الثاني.

و قد عرفت الاشكال في الهامش 1 ص 340 فراجع

و خلاصة الدفاع: أن ما اورده صاحب المقابيس على صاحب المسالك إنما ينافي الجزم الذي افاده في كون قيمة أمّ الولد على الولد بعد انعتاقها كما في نقل الشيخ عنه بقوله في ص 335 و لزمه اداء قيمة نصيبه من ماله.

و أما اذا قلنا بالاستسعاء في نصيبه بالذات فلا يلزم منه إلا الاستسعاء فيما يكون له نصيب بالفعل.

و هذا لا يلزم منه أيّ محذور.

(2) أي القاعدة الكلية في انعتاق أمّ الولد حين أن قلنا باستسعائها في دين الديان.

و خلاصة هذه القاعدة أنه ينعتق سهم الولد سواء استغرق الدين أم لا، و سواء أ كان الدين في ثمن رقبتها أم لا، اذا لم يتعقب الانعتاق ضمان من نصيبه بإزاء ما استحقه من أمه، لعدم كون خسارته من ماله حتى يكون انعتاقها على الولد.

فالحاصل أنه لو لزم من الانعتاق ضرر مالي، أو ضمان عوضي لم يحصل الانعتاق على الولد، لعدم ضمان على الولد، بل الانعتاق يكون على الام نفسها و رقبتها فهي ضامنة للدين فتسعى في فكاك رقبتها من الدين باعطاء ما تأخذه من الاجرة لهم.

ص: 349

فان (1) كان مجموع نصيبه، أو بعض نصيبه يملكه مع ضمان اداء ما قابله من الدين كان ذلك في رقبتها.

و مما ذكرنا (2) يظهر أيضا أنه لو كان غير ولدها أيضا مستحقا لشيء منها بالارث لم يملك نصيبه مجانا، بل إما أن يدفع (3) الى الديان ما قابل نصيبه فتسعى أمّ الولد كما لو لم يكن دين فينعتق نصيب غير ولدها عليه (4) مع ضمانها، أو ضمان ولدها قيمة حصتها التي فكها من الديان.

و إما أن يخلي بينها، و بين الديان فتنعتق أيضا عليهم مع ضمانها أو ضمان ولدها ما قابل الدين لهم.

+++++++++++

(1) الفاء تفريع على ما افاده: من عدم ضمان الانعتاق على الولد لو لزمه ضرر مالي ازاء ما استحقه من أمه أي ففي ضوء ما ذكرنا فلو كان مجموع نصيب الولد، أو بعض نصيبه من أمه يملكه مع ضمان للديان كان ذلك الدين في رقبتها، و انعتاقها على نفسها لا على الولد.

(2) و هو عدم الانعتاق على الولد لو لزمه ضرر مالي.

(3) أي غير الولد يدفع الى الديان ازاء ما قابله من نصيبه ثم تسعى الامة في اداء هذا المال المدفوع الى الديان كما لو لم يكن على المولى الميت دين اصلا، فانه لو اصاب غير ولد الامة من هذه الامة نصيب فينعتق نصيب غير ولدها على غير الولد، لكن تكون أمّ الولد ضامنة لهذا الدفع الذي يدفعها غير الولد الى الديان فتسعى هي في فكاك رقبتها من الدين الذي دفعه غير الولد الى الديان، أو ولدها يكون ضامنا للدفع.

(4) أي على غير الولد.

ص: 350

و أما حرمان الديان عنها عينا و قيمة وارث الورثة لها، و اخذ غير ولدها قيمة حصته منها، أو من ولدها و صرفها في غير الدين فهو باطل لمخالفته لأدلة ثبوت حق الديان (1) من غير أن يقتضي النهي عن التصرف في أمّ الولد لذلك.

و مما ذكرنا (2) يظهر ما في قول بعض من اورد على ما في المسالك

+++++++++++

(1) تجتمع هنا حقوق ثلاثة:

حق الديان، و حق الورّاث، و حق أمّ الولد فيقع التعارض بينها فيقدم حق الديان على حق الورّاث، لحكومة أدلة اداء الديون على أدلة الارث.

و أما حق أمّ الولد و إن ورد النهي عن التصرف فيها ببيعها، لكن النهي لا يقتضي تقدم حقها على حق الديان فيقدم حقهم على حقها أيضا.

(2) و هو الدفاع عن الاشكال الأول الذي اورده صاحب المقابيس على ما افاده الشهيد الثاني.

و قد عرفت الدفاع في الهامش 1 ص 343 أي و مما ذكرناه في الدفاع:

و هو الالتزام بسقوط حق الديان من عين أمّ الولد، و تعلقه بقيمتها إما على الولد، أو على الام، أو تعلقه بمنافعها يظهر لك الاشكال في الجمع بين فتاوى الأصحاب و أدلتهم في هذا المقام كما افاد هذا الجمع صاحب المقابيس، حيث إنه قدس سره قال:

إن فتاوى الأصحاب بأجمعهم متكفلة لانعتاق أمّ الولد في دين غير ثمن رقبتها، مع أنهم يقيدون الدين بدين ثمن رقبتها.

و من ناحية اخرى أن أدلة الارث بأجمعها: كتابا و سنة، و إجماعا ناطقة بتقدم الدين على الارث من غير أن تقيد تلك الأدلة بدين -

ص: 351

بما ذكرنا أن الجمع بين فتاوى الأصحاب و أدلتهم مشكل جدا حيث إنهم قيدوا الذين بكونه ثمنا، و حكموا بأنها تعتق على ولدها من نصيبه، و أن ما فضل عن نصيبه تنعتق بالسراية، و تسعى

+++++++++++

- ثمن رقبتها، أو بغير ثمن رقبتها.

و طريق الجمع بين الفتاوى و الأدلة هو اقتضاء نصوص المقام استثناء أمّ الولد فهي كالكفن: في تقدمه على الديون، و أنها مستثنى عن ذلك.

و أما وجه الاشكال في هذا الجمع هو أن الفقهاء لم يصرحوا في باب تقديم الدين على الارث استثناء أمّ الولد كما صرحوا باستثناء الكفن عن الدين و تقديمه عليه.

و أما النصوص التي ذكرها صاحب المقابيس و جعلها ملاكا للجمع بين فتاوى الفقهاء، و بين تقديم أدلة الدين على أدلة الارث باستثناء أمّ الولد لا صراحة فيها على الاستثناء المذكور، اذ من المحتمل إرادة الدين غير المستغرق، لأنه إذا كان هناك من التركة ما يفي بالدين لا معنى لمنع استقرار النصيب على أمّ الولد فتورث و تنعتق.

نعم غاية ما تدل النصوص هو عدم جواز بيع الامة المستولدة لا سقوط الدين رأسا، فلا دلالة فيها لاستثناء أمّ الولد كاستثنائها للكفن.

هذه خلاصة ما افاده الشيخ قدس سره في هذا المقام.

و المراد من النصوص هي صحيحة عمر بن يزيد المشار إليها في ص 312

و رواية ثانية لعمر بن يزيد المشار إليها في ص 313

و مفهوم مقطوعة يونس المشار إليه في ص 334

ص: 352

في اداء قيمتها.

و لو قصدوا أن أم للولد، أو سهم الولد مستثنى من الدين كالكفن عملا بالنصوص المزبورة فله وجه، إلا أنهم لا يعدون ذلك من المستثنيات، و لا ذكر في النصوص صريحا، انتهى:

و أنت خبير بأن النصوص المزبورة لا تقتضي سقوط حق الديان كما لا يخفى.

منها: تعلق كفن مولاها بها

(و منها) (1): تعلق كفن مولاها بها على ما حكاه في الروضة بشرط عدم كفاية بعضها (2) له، بناء على ما تقدم نظيره (3) في الدين: من (4) أن المنع لغاية الارث

+++++++++++

(1) أي و من الموارد القابلة لاستثناء بيع أمّ الولد.

(2) أي عدم كفاية بعض الامة للكفن، فانه لو كفى بعضها له لا يجوز بيع كلها، بل يكتفى على هذا البعض.

راجع (اللمعة الدمشقية): من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 260

(3) أي تقدم نظير بيع بعض الامة في الكفن بيع بعضها في الدين اذا يمكن الاكتفاء به في قوله في ص 327: نعم لو امكن الوفاء ببيع بعضها اقتصر عليه كما عن غاية المراد التصريح به.

(4) كلمة من بيان لاستثناء بيع الامة في كفن مولاها أي المقصود الأولي من عدم جواز بيع الامة هو بقاؤها، لتورث حتى تعتق من نصيب ولدها، و مع عدم وجود الكفن للمولى لا إرث، لأن الكفن أول ما يبدأ به.

كما ورد في الحديث، أليك نص الحديث 2.

عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل مات و عليه دين بقدر ثمن كفنه.

ص: 353

و هو (1) مفقود مع الحاجة إلى الكفن.

و قد عرفت (2) أن هذه حكمة غير مطردة، و لا منعكسة.

+++++++++++

- قال: يجعل ما ترك في ثمن كفنه.

راجع (وسائل الشيعة): الجزء 13. ص 405. الباب 27 الحديث 2.

(1) أي الارث مفقود مع عدم وجود الكفن للمولى.

(2) هذا رد على ما افيد في مقام جواز بيع الامة على عدم وجود الكفن للمولى: من أن الغاية من عدم بيعها هو بقاؤها لتورث فتعتق

و خلاصة الرد أن هذه الغاية حكمة فلا تكون عامة شاملة لجميع الموارد، و سارية فيها، و ليست بعلة حتى تكون سارية في جميع الأفراد و الموارد.

أما كونها غير مطردة فكما في موارد جواز بيعها في الدين بعد موت مولاها، أو في خصوص دين ثمن رقبتها، فانه لا يجوز للمولى أن ببيعها في حياته، مع أن حكمة الانعتاق غير موجودة.

و كما في مقام علم المولى باحتياجه الى الكفن بعد الموت، و أنه لا مال له حتى يشترى له الكفن، فانه لا يجوز له بيعها في حياته، ليهيئ من ثمنها كفنه.

و أما كونها غير منعكسة فكما في مقام كون الامة ذات ولد من مولاها، و كان الولد من نكاح شرعي عقد عليها الرجل قبل أن يشتريها و يصير مولا لها ثم اشتراها فمات.

فهنا تنعتق الامة من نصيب ولدها، لعدم تملك الولد عموديه و مع ذلك لا يحرم على المولى بيع هذه الامة في حياته، لأن حرمة البيع مختصة و منحصرة في أمّ الولد التي كانت بملك يمين، لا بالزواج -

ص: 354

و أما بناء على ما تقدم (1): من جواز بيعها في غير ثمنها من الدين مع أن الكفن يتقدم على الدين فبيعها له (2) أولى.

بل اللازم ذلك (3) أيضا، بناء على حصر الجواز في بيعها في ثمنها على ما تقدم: من أن وجود مقابل الكفن الممكن صرفه في ثمنها لا يمنع عن بيعها فيعلم (4) من ذلك تقديم الكفن على حق الاستيلاد

+++++++++++

- الشرعي قبل الشراء

(1) في ص 335 عند قوله: خلافا للمحكي عن المبسوط فجوّز البيع حينئذ مع استغراق الدين، و الجواز ظاهر اللمعة.

(2) أي بيع الامة للكفن أولى كما عرفت في الخبر المشار إليه في الهامش 4 ص 353

(3) أي بل اللازم بيع الامة للكفن أيضا.

خلاصة هذا الكلام أنه لو مات رجل و خلف امة مستولدة و عليه دين ثمن رقبتها و لم يخلف سواها، و ليس له كفن، و وجد مال يمكن تجهيزه به لصرف ذاك المال في التجهيز و لا يعطى في دين ثمن رقبتها و إن قلنا بحصر جواز بيع الامة في دين ثمن رقبتها، لتقدم حق الميت: و هو التجهيز على حق الاستيلاد بالالتزام، لاستفادة أقوائية حق الميت من حق الاستيلاد، لا من حيث تقدم حق الميت على حق الديان المتقدم على حق الاستيلاد.

(4) أي و يعلم من صرف وجود المال في تجهيز الميت، و أنه لا يعطى لدين ثمن رقبة الامة: تقدم حق الميت على حق الاستيلاد أيضا لو كان للميت دين خاص غير دين ثمن رقبة الامة، لتقدم حقه على حق الديان المتقدم على حق الاستيلاد.

ص: 355

و إلا (1) لصرف مقابله في ثمنها و لم تبع.

و من ذلك (2) يظهر النظر فيما قيل: من أن هذا القول مأخوذ من القول بجواز بيعها في مطلق الدين المستوعب.

و توضيحه أنه اذا كان للميت المديون أم ولد، و مقدار ما يجهّز به فقد اجتمع هنا حق الميت، و حق بائع أمّ الولد، و حق أمّ الولد.

فاذا ثبت عدم سقوط حق بائع أمّ الولد دار الأمر بين إهمال حق الميت بترك الكفن، و إهمال حق أمّ الولد ببيعها فاذا حكم بجواز بيع أمّ الولد حينئذ (3)، بناء (4) على ما تقدم في المسألة السابقة:

+++++++++++

(1) أي و لو لا أولوية الكفن على دين ثمن رقبة الامة، و لو لا تقدم حق الميت على حق الاستيلاد لصرف مقابل الكفن: و هو المال الموجود في ثمن رقبة الامة، و يحكم بعدم جواز بيع الامة في ثمن رقبتها:

(2) أي و من القول بجواز بيع الامة المستولدة في كفن مولاها مع حصر الجواز في ثمن رقبتها يظهر الاشكال فيما افيد: من أن هذا القول مأخوذ من القول بجواز بيع الامة في مطلق الدين المستوعب.

و أما الاشكال فيظهر في عبارة الشيخ في قوله: و توضيحه أي توضيح وجه الاشكال.

(3) أي حين أن دار الأمر بين إهمال حق الميت، و إهمال حق أمّ الولد، و قلنا بعدم جواز إهمال حق الميت، لتقدمه على حق الاستيلاد

(4) تعليل لعدم جواز إهمال حق الميت أي عدم جواز الاهمال مبني على ما تقدم في المسألة السابقة: و هي جواز بيع الامة في الكفن -

ص: 356

كان (1) معناه تقديم حق الميت على حق أمّ الولد، و لازم ذلك (2) تقديمه عليها مع عدم الدين، و انحصار الحق في الميت و أمّ الولد.

اللهم إلا أن يقال: لما ثبت بالدليل السابق (3) تقديم دين ثمن أمّ الولد على حقها، و ثبت بعموم النص (4) تقديم الكفن على الدين اقتضى

+++++++++++

- مع القول بحصر الجواز في دين ثمن رقبتها.

(1) جواب لاذا الشرطية في قوله في ص 356: فاذا حكم بجواز بيع أمّ الولد أي كان معنى هذا الجواز هو تقديم حق الميت على حق الاستيلاد

(2) أي و لازم هذا التقدم هو تقديم حق الميت على حق الاستيلاد مع عدم دين على الميت، و مع انحصار الحق في الميت و أمّ الولد.

هذه الجملة: و لازم ذلك تقديمه عليها مع عدم الدين، و انحصار الحق في الميت و أمّ الولد هو وجه النظر و الاشكال الذي اورده شيخنا الانصاري على ما افاده القيل: من أن القول بأولوية بيع الامة في الكفن مأخوذ من القول بجواز بيع الامة في مطلق الدين المستوعب

و خلاصته أنه مع هذه الملازمة لا يكون القول بجواز بيع الامة المستولدة في كفن مولاها مأخوذا من القول بجواز بيعها في مطلق الدين المستوعب كيف يكون مأخوذا من ذلك و قد يجوز البيع حتى مع عدم القول بجواز بيعها في الدين المستوعب، و مع حصر الجواز في خصوص دين ثمن رقبتها.

(3) المراد منه هي صحيحة عمر بن يزيد المشار إليها في ص 312 و رواية عمر بن يزيد الثانية المشار إليها في ص 313

(4) و هو الحديث الوارد في تقدم الكفن على الديون المشار إليه في الهامش 4 ص 353

ص: 357

الجمع بينهما (1) تخصيص جواز صرفها (2) في ثمنها بما اذا لم يحتج الميت الى الكفن بنفسه، أو لبذل باذل، أو بما اذا كان للميت مقابل الكفن، لأن مقابل الكفن غير قابل للصرف في الدين، فلو لم يكن غيرها (3) لزم من صرفها في الثمن تقديم الدين على الكفن.

أما إذا لم يكن هناك دين، و تردد الأمر بين حقها، و حق مولاها الميت فلا دليل على تقديم حق مولاها، ليخصص به (4) قاعدة المنع عن بيع أمّ الولد، عدا ما يدعى من قاعدة تعلق حق الكفن بمال الميت.

لكن الظاهر اختصاص تلك القاعدة (5) بما اذا لم يتعلق به حق سابق مانع من التصرف فيه، و استيلاد من ذلك الحق (6).

و لو فرض تعارض (7) الحقين فالمرجع الى أصالة (8) فساد

+++++++++++

(1) أي بين الدليل السابق، و بين عموم النص.

(2) أي صرف الامة المستولدة ببيعها و صرف ثمنها في دينها.

(3) أي غير الامة المستولدة.

(4) أي بتقديم حق مولاها.

(5) و هي قاعدة تعلق حق الكفن بمال الميت.

(6) أي من الحق السابق المانع من التصرف فيه.

(7) و هما: دليل حق الميت، و دليل حق الاستيلاد، و لازم هذا التعارض التساقط، لا تقديم حق السابق المانع من التصرف فيه:

و هو حق الاستيلاد.

(8) المراد من الأصالة هنا الاستصحاب أي استصحاب فساد بيع الامة المستولدة قبل احتياج مولاها إلى الكفن و هو حالة الحياة، و بعد الوفاة، و احتياج مولاها إلى الكفن نشك في صحة بيعها فنجري -

ص: 358

بيعها قبل الحاجة الى الكفن، فتأمل (1).

نعم يمكن أن يقال نظير ما قيل في الدين: من أن الولد يرث نصيبه (2) و ينعتق (3) عليه، و تتعلق بذمته مئونة التجهيز، أو تستسعى أمه و لو بايجار نفسها في مدة، و اخذ الاجرة قبل العمل و صرفها في التجهيز، و المسألة محل إشكال.

منها: ما إذا جنت على غير مولاها في حياته.

(و منها) (4): ما إذا جنت على غير مولاها في حياته (5).

أما بعد موته (6) فلا إشكال في حكمها (7)، لأنها بعد موت المولى تخرج عن التشبث بالحرية إما إلى الحرية الخالصة (8)، أو الرقبة

+++++++++++

- استصحاب فساد بيعها.

(1) الظاهر أن الأمر بالتأمل هو عدم جريان هذا الاستصحاب لتغير الموضوع، لأن الأمة في زمن حياة مولاها إنما لا يجوز نقلها لكونها في ملك مولاها، و بعد موته قد انقطع ملك مولاها عنها فاختلف الموضوع.

(2) أي من أمه.

(3) أي هذا النصيب الذي ورثه من أمه.

(4) أي و من موارد استثناء بيع الامة المستولدة.

(5) أي في حياة مولاها.

(6) أي لو كانت الجناية على غير مولاها بعد مولاها.

(7) أي حكمها حينئذ يكون معلوما.

(8) كما لو كان المولى مدينا في غير ثمن رقبتها، فانها تنعتق بالتقويم و تكون القيمة على الولد، أو على رقبتها ثم تسعى في قيمتها و تسري الحرية على الباقي.

ص: 359

الخالصة (1).

و حكم جنايتها عمدا (2) أنه إن كان في مورد ثبت القصاص فللمجني عليه القصاص نفسا كان، أو طرفا (3) و له استرقاقها كلا أو بعضها على حسب جنايتها فيصير المقدار المسترق منها ملكا طلقا.

و ربما تخيل بعض (4) أنه يمكن أن يقال: إن رقيتها للمجني عليه لا تزيد على رقيتها للمالك الأول، لأنها تنتقل إليه على حسب ما كانت

+++++++++++

(1) كما إذا بيعت في ثمن رقبتها.

(2) أي في حياة مولاها.

(3) أي جزء من أجزاء المجني عليه كاحدى يديه، أو رجليه، أو عينيه

(4) و هو صاحب الجواهر.

خلاصة ما افاده قدس سره في هذا المقام: أن الامة المستولدة لو جنت على غير مولاها في حياة مولاها لانتقلت الى المجنّي عليه، لكن لا تكون ملكا طلقا له يتصرف فيها كيف شاء و اراد، بل ملكيته لها على حدّ ملكية مالكها الأول: من عدم جواز بيعها، أو التصرف فيها بنقلها إلى غيره إلا بمثل ما كان جائزا للمالك الأول.

بعبارة اخرى أنه لا مقتضي للملك المطلق.

كما أن هناك مانعا عن الملك المطلق.

أما الأول فلعدم كون الاسترقاق هنا عبارة عن اخذ الشخص رقا له ابتداء كاسترقاقه للكافر حتى تكون ملكيته لها مطلقة.

بل الاسترقاق هنا عبارة عن اخذ الغير من هو رق لمولاه لنفسه فينتقل هذا الرق الى هذا الغير بمثل ما كان لمولاه.

و أما الثاني فلشمول أدلة منع بيع أمّ الولد مثل هذه الامة الجانية سواء أ كانت عند مولاها أم عند غيرها.

ص: 360

عند الأول ثم ادعى (1) أنه يمكن أن يدعى ظهور أدلة المنع (2)

خصوصا صحيحة عمر بن يزيد المتقدمة في عدم بيع أمّ الولد مطلقا (3).

و الظاهر أن مراده (4) بامكان القول المذكور مقابل امتناعه (5) عقلا، و إلا (6) فهو احتمال مخالف للاجماع، و النص الدال على الاسترقاق الظاهر في صيرورة الجاني رقا خالصا.

و ما وجّه به هذا الاحتمال: من أنها تنتقل الى المجني عليه (7)

+++++++++++

(1) أي صاحب الجواهر قدس سره.

(2) أي المنع عن جواز بيع الامة المستولدة.

و المراد من الأدلة هي صحيحة عمر بن يزيد المشار إليها في ص 312

و الرواية الثانية لعمر بن يزيد المشار إليها في ص 313

و مقطوعة يونس المشار إليها في ص 334

(3) أي سواء اولدها مولاها أم غير مولاها.

(4) أي مراد هذا البعض و هو صاحب الجواهر قدس سره.

(5) أي امتناع بيع الامة المستولدة.

الظاهر عدم منع عقلي على بيع أمّ الولد، إذ ليس البيع من قبيل الظلم حتى يستقل العقل بقبحه ثم يحكم بعدم جواز بيع الأمة.

(6) أي و إن لم يكن المراد من الامكان ما قابل امتناع البيع عقلا

(7) راجع (وسائل الشيعة): الجزء 19. ص 73. الباب 41 الأحاديث.

أليك نص الحديث 1-3.

عن زرارة عن احدهما عليهما السلام في العبد إذا قتل الحر؟

رفع الى أولياء المقتول، فان شاءوا قتلوه، و إن شاءوا استرقوه -

ص: 361

على حسب ما كانت عند الأول.

ففيه أنه ليس في النص إلا الاسترقاق: و هو جعلها رقا له كسائر الرقيق، لا انتقالها عن المولى الأول إليه حتى يقال: إنه إنما كان (1) على النحو الذي كان للمولى الأول (2).

و الحاصل أن المستفاد بالضرورة من النص (3) و الفتوى أن الاستيلاد يحدث للأمة حقا على مستولدها يمنع من مباشرة بيعها، و من البيع لغرض عائد إليه (4) مثل قضاء ديونه، و كفنه على خلاف في ذلك.

و إن كانت الجناية (5) خطأ فالمشهور أنها كغيرها من المماليك يتخير المولى بين دفعها، أو دفع ما قابل الجناية منها الى المجني عليه

و بين أن يفديها (6) بأقل الأمرين على المشهور، أو بالارش على ما عن الشيخ، و غيره.

+++++++++++

عن محمد بن ابي علي الوابشي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قوم ادعوا على عبدهم جناية تحيط برقبته فاقر العبد بها؟

قال: لا يجوز اقرار العبد على سيده، فان اقاموا البينة على ما ادعوا على العبد اخذ العبد بها، أو يفتديه مولاه.

(1) أي الانتقال.

(2) حتى يقال بجواز التصرف للدائن فيها كيف شاء.

(3) و هي رواية محمد بن مارد المشار إليها في ص 293 في قوله عليه السلام: هي امته إن شاء باع ما لم يحدث عنده حمل.

(4) أي إلى مولى الامة المستولدة.

(5) أي الجناية الصادرة من الامة المستولدة.

(6) أي يفدي مولى الامة المستولدة عن جنايتها بأقل الأمرين:

و هما قيمة الأمة، و دية الجناية التي ارتكبتها الأمة على الغير. -

ص: 362

و عن الخلاف و السرائر، و استيلاد المبسوط أنه لا خلاف في أن جنايتها تتعلق برقبتها.

لكن عن ديات المبسوط أن جنايتها على سيدها بلا خلاف (1) إلا من ابي ثور، فانه جعلها (2) في ذمتها تتبع بها بعد العتق و هو (3) المخالف لما في الاستيلاد من المبسوط.

+++++++++++

- فان كانت قيمة الامة أقل من دية الجناية فيدفع المولى القيمة إلى المجني عليه، لا الدية.

و إن كانت دية الجناية أقل من قيمة الامة فيدفع المولى الدية الى المجني عليه، لا الأمة.

(1) هذا هو القول الثاني للشيخ قدس سره في المبسوط.

(2) أي جعل ابو ثور الذي هو من (فقهاء اخواننا السنة) دية الجناية الخطأ على ذمة الجانية: و هي الامة المستولدة و قال: إن هذه الدية على ذمتها و تتبع في الاداء بعد عتقها.

إذا فالأقوال في مسألة جناية الأمة المستولدة على الغير خطأ ثلاثة:

(الأول): أن الفداء على رقبتها و قد ذهب إليه المشهور فتدفع إلى المجني عليه، و للمولى فكها بأقل الأمرين.

(الثاني): أن الفداء على سيدها ذهب إليه الشيخ في المبسوط هذا احد قوليه في المصدر نفسه، و القول الثاني عرفته في الهامش 1

(الثالث): أن الفداء على ذمتها، لكن تتبع هذه الدية بعد عتقها ذهب الى هذا القول ابو ثور و لم يذهب إليه احد من أصحابنا الامامية

(3) أي ما ذهب إليه الشيخ في ديات المبسوط: من أن دية جناية الامة على الغير اذا كانت خطاء على سيدها مخالف لما ذهب إليه في المبسوط في باب الاستيلاد: و أن دية جناية الخطئي على ذمتها.

ص: 363

و ربما يوجه (1) بإرادة نفي الخلاف بين العامة.

و ربما نسب إليه (2) الغفلة كما عن المختلف.

و الأظهر (3) أن المراد بكونها على سيدها عود خسارة جنايتها

+++++++++++

(1) أي قول الشيخ في ديات المبسوط: بلا خلاف: بأن المراد من نفي الخلاف هو نفي الخلاف بين (علماء اخواننا السنة)، لا نفي الخلاف عند (علماء الشيعة).

(2) أي إلى شيخ الطائفة الاشتباه.

نسبة الاشتباه إليه مبنية على أن المراد من قوله: لا خلاف إرادة نفي الخلاف عند الشيعة، فانه حينئذ تصح نسبة الاشتباه إليه، حيث إنه ذهب إلى أن دية جنايتها على رقبتها، و هذا خلاف ما ذهب إليه المشهور: من كون دية جنايتها على سيدها.

(3) هذا توجيه من الشيخ الانصاري يقصد به دفع التنافي بين قولي الشيخ في المبسوط في باب الديات، و الاستيلاد.

و قد عرفت القولين في ص 363

و خلاصة التوجيه: أن مراد الشيخ من قوله: إن جنايتها على سيدها:

أن عود خسارة جناية الامة و مآلها إلى سيدها، لأن المولى بسبب هذه الجناية يتضرر و تحصل النقيصة في ماله.

إما بدفع الامة الى المجني عليه، و إما بدفع مال آخر يعبر عنه بالفداء، فالقول هذا في مقابل القول بعدم خسارة المولى، لا من عين الجاني التي هي الامة، و لا من مال آخر.

و ليس معنى جنايتها على سيدها أنه يجب على سيدها فداء تلك الجناية.

و هذا لا ينافي ما ذكره الشيخ في المبسوط في باب الاستيلاد:

-

ص: 364

على السيد في مقابل عدم خسارة المولى، لا من عين الجاني، و لا من مال آخر.

و كونها (1) في ذمة نفسها تتبع بها بعد العتق، و ليس المراد وجوب فدائها.

و على هذا أيضا يحمل ما في رواية مسمع عن ابي عبد اللّه عليه السلام.

قال: أمّ الولد جنايتها في حقوق الناس على سيدها، و ما كان من حقوق اللّه في الحدود، فان ذلك في بدنها (3).

فمعنى كونها (4) على سيدها: أن الامة بنفسها لا تتحمل من الجناية شيئا.

و مثلها (5) ما ارسل عن علي عليه السلام في قوله: المعتق على دبر فهو

+++++++++++

- من تعلق الجناية بعين الجاني و رقبته، مع أن المولى يكون مخيرا بين دفع الامة الجانية إلى المجني عليه، أو الفداء بمال آخر.

(1) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله: عدم خسارة المولى أي القول بكون جنايتها على سيدها في مقابل القول بكون خسارة جناية الامة تتبع بها بعد العتق.

(2) أي و على التوجيه الذي قلناه في قول الشيخ: من أن جنايتها على سيدها يحمل قوله عليه السلام في رواية مسمع: أمّ الولد جنايتها في حقوق الناس على سيدها.

(3) راجع (وسائل الشيعة): الجزء 19. ص 76. الباب 43 الحديث 1.

(4) أي كون جناية الامة:

(5) أي و مثل رواية مسمع ما روي عن امير المؤمنين عليه السلام -

ص: 365

من الثلث، و ما جنى هو و المكاتب و أمّ الولد فالمولى ضامن لجنايتهم (1)

و المراد من جميع ذلك (2) خروج دية الجناية من مال المولى المردد بين ملكه (3) الجاني، أو ملك آخر.

و كيف كان (4) فاطلاقات (5) حكم جناية مطلق المملوك (6)

+++++++++++

- في قوله: فالمولى ضامن لجنايتهم، فان ضمان المولى جناية أمّ الولد يحمل على ما ذكرناه في قول الشيخ: جنايتها على سيدها.

(1) راجع (المصدر نفسه). الجزء 16. ص 93. الباب 8 الحديث 2.

(2) أي المقصود من جميع ما ذكرناه: من كلمات الأصحاب و من الأحاديث حول دية جناية الامة المستولدة خطاء هو بيان خروج هذه الدية عن مال المولى، و أن الدية مرددة بين تمليك المولى الجاني للمجني عليه، و بين تمليكه للمجني عليه ملكا آخر.

(3) في جميع النسخ الموجودة عندنا ملكه، و الأولى تمليكه، إذ الملك نتيجة التمليك، و مرجع الضمير في ملكه المولى أي تمليك المولى الجاني للمجني عليه

(4) أي أي شيء قلناه في دية جناية الامة المستولدة التي جنت على غير مولاها خطاء.

(5) المراد من الاطلاقات الأحاديث التي ذكرت في مصادرها الدالة على كيفية دية هذه الجناية.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 19 ص 154. الباب 8. الأحاديث.

(6) أي سواء أ كان عبدا أم امة، و الامة سواء أ كانت مستولدة أم غيرها.

خلاصة هذا الكلام أن تلك الاطلاقات التي ذكرت في مصادرها سليمة عن المخصص، و آبية عنه فلا يقال: إنها تخصص بتعين الدية على سيدها.

ص: 366

سليمة عن المخصص.

و لا يعارضها (1) أيضا اطلاق المنع عن بيع أمّ الولد، لأن (2) ترك فدائها و التخلية بينها، و بين المجني عليه ليس نقلا لها.

خلافا للمحكي عن موضع من المبسوط، و المهذب و المختلف من تعيين الفداء على السيد (3).

و لعله (4) للروايتين المؤيدتين بأن (5) استيلاد المولى هو الذي ابطل احد طرفي التخيير فتعين عليه الآخر، بناء على أنه لا فرق بين إبطال طرفي التخيير بعد الجناية كما لو قتل، أو باع عبده الجاني.

+++++++++++

(1) أي و كذا لا يعارض تلك الاطلاقات المذكورة في الهامش 5 ص 367 الواردة في كيفية دية جناية الامة المستولدة خطاء على غير سيدها ما ورد من الأحاديث في منع بيع الامة المستولدة كصحيحة عمر بن يزيد المشار إليها في ص 312

و الرواية الثانية لعمر بن يزيد المشار إليها في ص 313

(2) تعليل لعدم معارضة ما ورد من الأخبار في منع بيع الامة المستولدة.

(3) لا التخيير كما هو المستفاد من الاطلاقات المذكورة في الهامش 5 ص 367

(4) أي و لعل هذا التعيين الذي افاده الشيخ مستفاد من الروايتين المتقدمتين و هما: رواية مسمع، و ما روي عن علي عليه الصلاة و السلام في ص 365 المؤيدتين لتعين الدية.

(5) الباء بيان للتأييد أي إن الروايتين المذكورتين مؤيدتان لكون استيلاد المولى الامة سببا لابطال احد طرفي التخيير، و تعيين الطرف الآخر: و هو تعيين الفداء على سيدها.

ص: 367

و بين إبطاله قبلها كالاستيلاد الموجب لعدم تأثير أسباب الانتقال فيها.

و قد عرفت معنى الروايتين (1).

و المؤيد مصادرة (2) لا يبطل به اطلاق النصوص (3).

منها: ما إذا جنت على مولاها بما يوجب صحة استرقاقها لو كان المجني عليه غير المولى.

(و منها) (4): ما إذا جنت على مولاها بما يوجب صحة استرقاقها لو كان المجني عليه غير المولى.

فهل تعود ملكا طلقا بجنايتها على مولاها فيجوز له التصرف الناقل فيها كما هي المحكي في الروضة (5)

+++++++++++

(1) أي في قول الشيخ: و على هذا يحمل أيضا ما في رواية مسمع و مثلها ما ارسل عن علي عليه السلام.

(2) أي كون الروايتين المذكورتين في ص 365 مؤيدتين لتعيين الدية على سيد الامة مصادرة بالمطلوب.

وجه كونهما مصادرة أن التأييد بهما مبني على أن الاستيلاد مبطل لأحد طرفي التخيير: و هو دفع الامة المستولدة الى المجني عليه، و الابطال متوقف على عدم جواز بيع الامة المستولدة، لشمول أدلة النهي له اذا كان المراد من البيع هو النقل، و النهي مبني على أن المراد من الدفع هو النقل، و هذا اوّل الكلام، لأنك عرفت آنفا في كلام الشيخ أن التخلية بينها، و بين المجني عليه ليس نقلا.

(3) و هي التي ذكرت في الهامش 5 ص 366

(4) أي و من موارد استثناء بيع الامة المستولدة، و أنه يجوز بيعها.

(5) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 260 عند قول الشارح: و ثالث عشرها: إذا جنت على مولاها جناية -

ص: 368

عن بعض، و عدها (1) السيوري من صور الجواز، أولا (2) كما هو المشهور

إذ لم يتحقق بجنايتها على مولاها إلا جواز الاقتصاص منها.

و أما الاسترقاق فهو تحصيل للحاصل (3).

(و ما يقال) في توجيهه (4): من أن (5) الأسباب الشرعية تؤثر

+++++++++++

- تستغرق قيمتها.

(1) أي على هذه الصورة التي جنت الامة على مولاها بما يوجب استرقاقها.

(2) أي أو لا تعود الامة بجنايتها على سيدها ملكا طلقا له.

(3) لأنها كانت مملوكة له قبل جنايتها عليه، إلا أنه كان ممنوعا من التصرف فيها ببيعها و نقلها، لأنها متشبثة بالحرية من نصيب ولدها، فاصل الملكية كانت حاصلة لا تحتاج الى امر آخر يعبر عنه بسبب جديد.

(4) أي في توجيه هذا الاسترقاق.

القائل هو المحقق التستري في مقابيسه.

(5) هذا مقول قول المحقق التستري.

و خلاصته: أن الأسباب الشرعية الموجبة للتمليك التي من جملتها جناية الامة المستولدة على مولاها مؤثرة بقدر الوسع و الامكان في تمليك الشيء

فالامة بسبب استيلادها اصبحت ذات اهمية في المجتمع الانساني لتشبثها بالحرية من نصيب ولدها فلا يعامل معها معاملة الرقية و إن كانت مملوكة لمولاها فلا تباع و لا تنقل.

لكنها لما جنت على مولاها فارغاما لانفها ترجع الى الرقية السابقة فيصح بيعها و نقلها و أي تصرف آخر مناف لحريتها.

ص: 369

بقدر الامكان فاذا لم تؤثر الجناية الاسترقاق امكن أن يتحقق للمولى اثر جديد: و هو استقلال جديد في التصرف فيها، مضافا (1) إلى أن استرقاقها لترك القصاص كفكاك (2) رقابهن الذي انيط به الجواز في صحيحة ابن يزيد المتقدمة.

و مضافا (3) الى أن المنع عن التصرف لاجل التخفيف لا يناسب الجاني عمدا.

+++++++++++

- فان ابيت رجوعها الى الرقية بسبب الجناية فلا أقل من وجود اثر جديد للمولى بسبب الجناية، و ذاك الاثر الجديد هو استقلال المولى في التصرف فيها ببيعها و نقلها.

(1) هذا دليل ثان لصاحب المقابيس لتوجيهه استرقاق الامة بجنايتها على سيدها.

و خلاصته: أن استرقاق الامة بعد الجناية إنما هو لاجل ترك القصاص أي إنما نقول بعود رقيتها حتى لا يقتص منها مولاها.

(2) تشبيه لكون الاسترقاق لترك القصاص.

و خلاصته: كما أن بيع الامة المستولدة في دين ثمن رقبتها لاجل فكاك رقبتها من الدائن كما في صحيحة عمر بن يزيد المتقدمة في ص 312

كذلك استرقاقها لاجل ترك القصاص عنها.

(3) هذا دليل ثالث لصاحب المقابيس لتوجيهه استرقاق الامة الجانية على مولاها جناية تستغرق قيمتها.

و خلاصته: أن المنع عن تصرف بيع الامة المستولدة لاجل التخفيف عنها حتى لا تكون رقا للغير بموت مولاها.

أما اذا جنت على مولاها عمدا فلا معنى للتخفيف عنها بعدم بيعها بل المناسب لها استعمال العنف و الشدة بهذا العمل القبيح غير الانساني -

ص: 370

فيندفع (1) بما لا يخفى.

+++++++++++

- حتى لا يتكرر منها العمل، و لا تعود مرة ثانية، و لتكون عبرة لزميلاتها، فيزول حينئذ تشبثها بالحرية، و ترجع الى الرقية.

(1) هذا خبر للمبتدإ المتقدم في ص 369: و هو قوله: و ما يقال أي ما افاده صاحب المقابيس بأدلته الثلاثة المشار إليها في الهامش 5 ص 369 و الهامش 1 ص 370، و الهامش 3 ص 370، في استرقاق الامة الجانية ممنوع.

من هنا اخذ الشيخ في رد ما افاده صاحب المقابيس و إن لم يذكر الشيخ كيفية ردها، لكننا نذكرها لك مشروحا.

أما الجواب عن الأول: و هو امكان تحقق اثر جديد بجنايتها فهو و إن كان ممكنا، إلا أنه محتاج الى الدليل الذي هو مفقود هنا، اذ أدلة الامة المستولدة الجانية تخص المجني عليه غير المولى.

مضافا الى امكان القول بأن مقتضى أدلة منع الاستيلاد عن بيع الامة هو رفع استقلال المولى عن التصرف في الامة، و اذا كان رافعا له فيكون دافعا له بطريق أولى، اذ الدفع أهون من الرفع.

و أما الجواب عن الثاني: و هو استرقاق الامة فانما هو لاجل ترك القصاص عنها، كما أن بيعها في ثمن رقبتها لاجل فكاك رقبتها عن الدائن فلأن مقتضى صحيحة عمر بن يزيد المشار إليها في ص 312 هو فك رقبتها من دين ثمنها فقط، لا مطلقا و عن كل دين حتى فك رقبتها عن القصاص باسترقاقها، لأنه قياس لا نقول به.

و أما الجواب عن الثالث: و هو كون المنع عن بيعها لاجل التخفيف و الامتنان عليها، و لا معنى للتخفيف عنها مع جنايتها على سيدها: فهو مسلم إلا أن عدم مناسبة التخفيف للجناية، بل المناسب لها العنف و الشدة -

ص: 371

و أما الجناية على مولاها خطأ فلا إشكال في أنها لا يجوز التصرف فيها كما لا يخفى.

و روى الشيخ في الموثق عن غياث عن جعفر عن ابيه عن علي عليه السلام قال: اذا قتلت أمّ الولد سيدها خطأ فهي حرة ليس عليها سعاية (1).

و عن الشيخ و الصدوق بإسنادهما عن وهب بن وهب عن جعفر عن ابيه صلوات اللّه و سلامه عليهما أن أمّ الولد اذا قتلت سيدها خطأ فهي حرة لا تبعة عليها، و إن قتلته عمدا قتلت به (2).

و عن الشيخ عن حماد عن جعفر عن أبيه اذا قتلت أمّ الولد سيدها خطأ سعت في قيمتها (3).

و يمكن حملها (4) على سعيها في بقية قيمتها اذا قصر نصيب ولدها

+++++++++++

- ممنوع، لأن انتفاعها بانعتاقها من نصيب ولدها لاجل ترك القصاص عنها، فالتخفيف الفعلي مستند الى ترك ولي القصاص القصاص، و الى عفوه عنه، لا الى الشارع، حيث إن الشيء يستند الى آخر أجزاء العلة التامة.

(1) (وسائل الشيعة): الجزء 19. ص 159. الباب 11 الحديث 2.

(2) راجع (المصدر نفسه) الحديث 3.

(3) راجع (التهذيب): الجزء 10. ص 200. الحديث 793-90 طبعة النجف الأشرف عام 1382.

(4) أي حمل رواية الشيخ عن حماد الواردة في سعي الامة المستولدة في قيمتها على قصور نصيب ولدها عمّا ورثه، فحينئذ لا تكون هذه الرواية معارضة للروايتين المتقدمتين المرويتين عن غياث و وهب -

ص: 372

و عن الشيخ في التهذيب و الاستبصار الجمع بينهما (1) بغير ذلك فراجع.

منها: ما اذا جنى حر عليها بما فيه ديتها

(و منها) (2): ما اذا جنى حر عليها بما فيه ديتها (3)، فانها لو لم تكن مستولدة كان للمولى التخيير بين دفعها الى الجاني، و اخذ

+++++++++++

- الظاهرتين في أن الامة المستولدة اذا قتلت سيدها خطاء لا سعاية و لا سبيل عليها.

(1) أي الجمع بين رواية حماد المشار إليها في ص 372 الدالة على سعي الامة الجانية في قيمتها في القتل الخطأ.

و بين روايتي غياث و وهب المشار إليهما في ص 372 الدالتين على عدم سعي الامة في القتل الخطأ.

أليك نص عبارة الشيخ في التهذيب نفس المصدر حول الجمع بين هاتين الروايتين:

و لا ينافي هذين الخبرين ما رواه محمد بن احمد بن يحيى عن ابي عبد اللّه عن الحسن بن علي عن حماد بن عيسى عن جعفر عن ابيه عليه السلام قال:

اذا قتلت أمّ الولد سيدها خطأ سعت في قيمتها، لأن هذا الخبر (أي خبر حماد) نحمله على أنها اذا قتلته خطأ شبيه العمد، لأن من يقتل كذلك تلزمه الدية إن كان حرا في ماله خاصة.

و إن كان معتقا لا مولى له استسعى في الدية حسب ما تضمن الخبر

و أما الخطأ المحض فانه يلزم المولى، فان لم يكن له مولى كان على بيت المال حسب ما قدمناه.

(2) أي و من موارد استثناء بيع أمّ الولد.

(3) أي تكون الجناية محيطة بدية النفس في الحر، و بقيمة المملوك في المملوك.

ص: 373

قيمتها (1)، و بين امساكها و لا شيء له، لئلا يلزم الجمع بين العوض و المعوض.

ففي المستولدة يحتمل ذلك (2).

+++++++++++

(1) كما هو المعروف المشهور بين الفقهاء في انه قضى امير المؤمنين عليه السلام بذلك.

أليك نص الحديث:

عن ابي جعفر عليه السلام قال: قضى امير المؤمنين عليه السلام في انف العبد، أو ذكره، أو شيء يحيط بقيمته أنه يؤدي الى مولاه قيمة العبد و يأخذ العبد.

راجع (التهذيب) الجزء 10. ص 194 الحديث 765-62

و قد ايّد الحديث بقاعدة عدم جواز الجمع بين العوض و المعوض فيما اذا اخذ المولى قيمة الجناية و لم يدفع العبد الى الجاني.

(2) أي يحتمل دفع الامة المستولدة الى الجاني و اخذ قيمتها من الجاني لو جنى عليها، أو امساكها عنده و لا شيء للمولى على الجاني.

و لا يخفى أن دفع القيمة الى المولى في هذه الجناية لا يكون بعنوان تدارك ما فات بالجناية، و عوضا عن الفائت، لأن مقتضى التدارك هو تدارك ما به التفاوت بين الصحيح و المعيب، لا إعطاء تمام قيمة العبد، فاعطاء القيمة يكون بعنوان دية المملوك اذا لم تتجاوز قيمته شرعا.

و أما اذا جاوزت فتعطى قيمته الى المولى.

و لا يخفى عليك أيضا أن مقتضى الحديث أن المولى بدفعه المملوك بأخذ القيمة، و الجاني يأخذ المملوك فكل منهما يستحق ما على الآخر -

ص: 374

و يحتمل أن لا يجوز للمولى اخذ القيمة، ليلزم منه استحقاق الجاني للرقبة.

و أما احتمال منع الجاني عن اخذها، و عدم تملكه لها بعد اخذ الدية منه فلا وجه له، لأن الاستيلاد يمنع عن المعاوضة، أو ما في حكمها (1) لا عن (2) اخذ العوض بعد اعطاء المعوض بحكم الشرع و المسألة من اصلها موضع إشكال، لعدم لزوم الجمع بين العوض و المعوض (3) لأن الدية عوض شرعي عما فات بالجناية، لا عن رقبة العبد.

و تمام الكلام في محله.

منها: ما اذا لحقت بدار الحرب ثم استرقت

(و منها) (4): ما اذا لحقت بدار الحرب ثم استرقت حكاه

+++++++++++

- و لا يكون الاستحقاقان مستقلين بحيث لا يرتبط احدهما بالآخر اذ لو كان كذلك لاستحق الجاني مطالبة المملوك و إن اسقط المولى حقه: و هي قيمة الجناية، بل كل واحد من الاستحقاقين مرتبط بالآخر و متوقف عليه.

(1) أي في حكم المعاوضة كما في الهبة المجانية، أو الصدقة فان لازمهما النقل و الانتقال و هما غير جائزين.

(2) أي و لا يمنع الاستيلاد عن اخذ المولى العوض و هو قيمة الجناية بعد اعطائه للجاني المملوك، لأن ذلك بحكم الشرع كما عرفت في الحديث الوارد عن ابي جعفر عليه السلام في قضاء امير المؤمنين عليه السلام في الهامش 1 ص 374

(3) كما افيد الجمع بينهما لو اخذ المولى قيمة الجناية و امسك المملوك و لم يسلمه الى الجاني.

(4) أي و من موارد استثناء بيع الامة المستولدة. 6

ص: 375

في الروضة (1).

و كذا (2) لو أسّرها المشركون ثم استعادها المسلمون (3) فكأنه (4) فيما اذا اسرها غير مولاها (5) و لم يثبت كونها امة المولى

+++++++++++

(1) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 261 أليك نص قول الشارح:

(و سابع عشرها): اذا لحقت هي بدار الحرب ثم استرقت.

(2) أي و كذا تستثنى الامة المستولدة من عدم جواز بيعها لو أسرها المشركون و استعادها المسلمون في غنيمتهم.

(3) في النسخة التي بأيدينا توجد كلمة (في غنيمتهم) بعد ثم استعادها المسلمون، و كتبت الكلمة خارجة عن المتن، مدعيا الكاتب أنها موجودة في كثير من النسخ المتعددة التي صححها كثير من الأعلام و مدرسو الكتاب.

و الظاهر أن وجودها أصلح من عدمها، لاستقامة المعنى بها أكثر

(4) مرجع الضمير الاستثناء أي فكأن لاستثناء الامة المستولدة التي لحقت بدار الحرب ثم استرقت عن قاعدة عدم جواز بيعها شروطا و قيودا ثلاثة:

(الأول): كون السابي للامة غير مولاها.

(الثاني): عدم ثبوت كون الامة امة المولى إلا بعد تقسيم الغنائم التي منها الامة المسبية.

(الثالث): عدم انتقاص القسمة.

فاذا انتفى احد القيود الثلاثة بطل الاستثناء عن تلك القاعدة الكلية.

(5) هذا هو الشرط الأول. 6

ص: 376

إلا بعد القسمة (1)، و قلنا: إن القسمة لا تنقص (2)، و يغرم الامام قيمتها لمالكها.

لكن المحكي عن الأكثر و المنصوص أنها ترد على مالكها، و يغرم قيمتها للمقاتلة (3).

منها: ما اذا خرج مولاها عن الذمة و ملكت أمواله التي هي منها.

(و منها) (4): ما اذا خرج مولاها عن الذمة (5) و ملكت أمواله التي هي منها.

منها: ما اذا كان مولاها ذميا و قتل مسلما

(و منها) (6): ما اذا كان مولاها ذميا و قتل مسلما، فانه يدفع هو و أمواله (7) الى أولياء المقتول.

هذا ما ظفرت به من موارد القسم الأول: و هو ما اذا عرض لام الولد حق للغير أقوى من الاستيلاد.

و أما القسم الثاني: و هو ما اذا عرض لها حق لنفسها أولى بالمراعاة من حق الاستيلاد.
اشارة

(و أما القسم الثاني): و هو ما اذا عرض لها حق لنفسها أولى بالمراعاة من حق الاستيلاد.

+++++++++++

(1) هذا هو الشرط الثاني.

(2) هذا هو الشرط الثالث.

(3) بكسر التاء و هم الذين يصلحون للقتال في ساحة الحرب.

(4) أي و من موارد استثناء بيع الامة المستولدة عن عدم جواز بيعها.

(5) بأن حارب المسلمين، أو تجاهر بالمنكرات، أو لم يؤد الجزية.

(6) أي و من موارد استثناء بيع الامة المستولدة عن عدم جواز بيعها.

(7) التي من جملتها الامة المستولدة. 6

ص: 377

فمن موارده

فمن موارده (1) ما اذا اسلمت و هي امة ذمي، فانها تباع عليه بناء على أن حق اسلامها المقتضي لعدم سلطنة الكافر عليها أولى من حق الاستيلاد المعرّض للعتق

و لو فرض تكافؤ دليلهما (2) كان المرجع عمومات صحة (3) البيع دون قاعدة سلطنة الناس مسلطون على أموالهم المقتضية لعدم جواز بيعها عليه (4) لأن المفروض أن قاعدة السلطنة قد ارتفعت بحكومة أدلة نفي سلطنة الكافر على المسلم (5) فالمالك ليس مسلّطا قطعا، و لا حق له في عين الملك جزما.

إنما الكلام في تعارض حقي (6) أمّ الولد.

من (7) حيث كونها مسلمة فلا يجوز كونها مقهورة بيد الكافر.

و من (8) حيث كونها في معرض العتق فلا يجوز اخراجها عن

+++++++++++

(1) أي و من موارد القسم الثاني.

(2) أي دليل حق اسلامها، و دليل حق الاستيلاد.

(3) و قد عرفت هذه العمومات أكثر من مرة و المراد منها هنا كما يلي:

قوله تعالى: وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ

و قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ

(4) أي على مولاها الذمي.

(5) و هي قوله تعالى: وَ لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً .

(6) و هما حق اسلامها، و حق الاستيلاد.

(7) هذا دليل لتقدم حق اسلامها على حق استيلادها.

(8) هذا دليل لتقدم حق استيلادها. 6

ص: 378

هذه العرضة.

و الظاهر أن الأول (1) أولى، للاعتبار (2)، و حكومة (3) قاعدة نفي السبيل على جل القواعد.

و لقوله (4) صلى اللّه عليه و آله: الاسلام يعلو و لا يعلى عليه (5)

و مما ذكرنا (6) ظهر أنه لا وجه للتمسك باستصحاب المنع (7) قبل

+++++++++++

(1) و هو حق الاسلام.

(2) دليل لتقدم حق الاسلام.

خلاصته أن الاعتبار الذي هو شرافة الاسلام و علوّ الايمان مساعد لتقدم حق اسلامها على حق استيلادها، إذ المولى الحكيم العادل لا يرضى ببخوع المسلم و خشوعه و تذلله تحت يد الكافر.

(3) هذا دليل ثان لتقدم حق اسلامها على حق استيلادها أي و لحكومة قاعدة نفي السبيل المستفاد من الآية الكريمة، و الرواية الشريفة في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: الاسلام يعلو و لا يعلى عليه على كثير من القواعد الفقهية.

(4) هذا دليل ثالث لتقدم حق اسلامها على حق استيلادها.

(5) راجع (وسائل الشيعة): الجزء 17. ص 376. الباب 1 الحديث 11.

(6) و هو تقدم حق اسلامها علي حق استيلادها بالأدلة الثلاثة المذكورة في الهامش 2-3-4

(7) أي منع بيع الامة المستولدة قبل اسلامها.

خلاصة هذا الاستصحاب أن الامة المستولدة قبل اسلامها كانت ممنوعة من البيع، لحق استيلادها، و بعد اسلامها نشك في صحة بيعها فنجري استصحاب العدم.

ص: 379

اسلامها، لأن (1) الشك إنما هو في طرو ما هو مقدم (2) على حق الاستيلاد و الاصل عدمه (3).

مع امكان معارضة الاصل (4) بمثله لو فرض في بعض الصور تقدم الاسلام على المنع عن البيع.

و مع (5) امكان دعوى ظهور قاعدة المنع في عدم سلطنة المالك

+++++++++++

(1) تعليل لعدم وجه جريان استصحاب عدم جواز بيع الامة المستولدة و قد عرفته عند قولنا في الهامش 7 ص 379: خلاصة هذا الاستصحاب

(2) و هو اسلام الامة المستولدة.

(3) أي عدم تقدم حق اسلامها على حق استيلادها.

(4) أي معارضة هذا الاستصحاب باستصحاب آخر.

هذا إشكال آخر على استصحاب عدم جواز بيع الامة المستولدة

و خلاصة هذه المعارضة أن هنا استصحابا آخر: و هو استصحاب جواز بيع الامة قبل استقرار النطفة في رحمها، و قبل صيرورة النطفة علقة.

كما اذا اسلمت قبل أن تصير النطفة علقة، و قبل استقرارها في الرحم، فانها حينئذ جائزة البيع، و بعد استقرار النطفة في رحمها و صيرورتها علقة نشك في صحة بيعها فنستصحب الجواز.

فاستصحاب عدم جواز بيعها معارض بهذا الاستصحاب.

(5) هذا إشكال آخر على عدم جواز بيع الامة المستولدة بعد اسلامها.

و خلاصته أن هنا حقوقا ثلاثة:

حق المالك، و حق الاستيلاد، و حق اسلام الامة.

أما حق المالك الذمي فيذهب بواسطة حق الاستيلاد، لتقدم -

ص: 380

و تقديم حق الاستيلاد على حق الملك، فلا ينافي تقديم حق آخر لها (1) على هذا الحق (2).

منها: ما اذا عجز مولاها عن نفقتها و لو في كسبها فتباع على من ينفق عليها

(و منها) (3): ما اذا عجز مولاها عن نفقتها و لو في كسبها فتباع على من ينفق عليها على ما حكي عن اللمعة (4) و كنز العرفان و ابي العباس، و الصيمري و المحقق الثاني.

و قال في القواعد: لو عجز عن الانفاق على أمّ الولد امرت بالتكسب، فان عجزت انفق عليها من بيت المال، و لا يجب عتقها

و لو كانت الكفاية بالتزويج وجبت.

و لو تعذر الجميع ففي البيع إشكال، انتهى.

و ظاهره (5) عدم جواز البيع مهما امكن الانفاق من مال المولى أو كسبه، أو مالها، أو عوض بضعها (6)، أو وجود من يؤخذ

+++++++++++

- حق الاستيلاد على حق المالك، لظهور قاعدة منع بيعها في عدم سلطنة للمالك في الامة المستولدة في جواز بيعها.

و أما حق اسلامها فيقدم على حق الاستيلاد فيجوز بيعها حينئذ اذ لا منافاة بين تقديم حق الاستيلاد على حق المالك، و بين تقديم حق الاسلام على حق الاستيلاد.

(1) و هو حق الاسلام كما عرفت.

(2) و هو حق الاستيلاد كما عرفت.

(3) أي و من موارد استثناء بيع الامة المستولدة عن قاعدة عدم جواز بيعها.

(4) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 257

(5) أي و ظاهر كلام العلامة في القواعد.

(6) و هو تزويج الامة المستولدة على نحو الزواج الموقت فتستفيد -

ص: 381

بنفقتها، أو بيت المال، و هو حسن.

و مع عدم ذلك كله فلا يبعد المنع عن البيع أيضا.

و فرضها (1) كالحر في وجوب سد رمقها كفاية على جميع من اطلع عليها.

و لو فرض عدم ذلك (2) أيضا، أو كون ذلك (3) ضررا عظيما عليها فلا يبعد الجواز (4)، لحكومة أدلة نفي الضرر، و لأن رفع هذا (5) عنها أولى من تحملها ذلك، رجاء أن تنعتق من نصيب ولدها مع جريان ما ذكرناه اخيرا: في الصورة السابقة (6): من احتمال

+++++++++++

- من اخذ الاجرة لمعاشها.

(1) أي و فرض هذه الامة المستولدة عند عدم وجود جميع ما ذكر كالحر عند عدم ما يسد رمقه به: في أنه يجب على جميع المسلمين كفاية الحفاظة على هذا الحر المسكين الفاقد قوت ليله و نهاره.

(2) أي عدم وجود من يسدّ رمق هذه الامة المستولدة.

(3) أي الانفاق عليها من قبل المسلمين من باب الوجوب الكفائي بمقدار سدّ رمقها.

(4) أي جواز بيع الامة المستولدة التي عجز مولاها عن الانفاق عليها.

(5) أي رفع الضرر عن الامة المستولدة ببيعها أولى من تحملها الضرر بعدم جواز بيعها برجاء بقائها حتى تعتق من نصيب ولدها.

(6) و هي ما لو اسلمت الامة المستولدة و مولاها ذمي.

و كلمة من احتمال ظهور أدلة المنع بيان لما ذكره الشيخ اخيرا:

و ما ذكره اخيرا هو قوله في ص 381: فلا ينافي تقديم حق آخر لها على هذا الحق.

ص: 382

ظهور أدلة المنع في ترجيح حق الاستيلاد على حق مالكها، لا على حقها الآخر فتدبر.

منها: بيعها على من تنعتق عليه

(و منها) (1): بيعها على من تنعتق عليه على ما حكي من الجماعة المتقدم إليهم الاشارة، لأن فيه (2) تعجيل حقها

و هو حسن لو علم أن العلة (3) حصول العتق.

فلعل الحكمة (4) انعتاق خاص.

اللهم إلا أن يستند (5) الى ما ذكرناه اخيرا: في ظهور أدلة المنع

+++++++++++

(1) أي و من موارد استثناء بيع الامة المستولدة عن قاعدة عدم جواز بيعها.

(2) أي لأن في هذا تعجيل للعتق، اذ الغاية من عدم جواز بيع الامة المستولدة هو عتقها من نصيب ولدها.

فاذا كانت هذه تحصل من طريق آخر وجب بيعها، تحصيلا للغرض

(3) أي العلة من بيع الامة المستولدة هو عتقها.

(4) أي و لعل الحكمة من عدم جواز بيع الامة المستولدة بقاؤها حتى تنعتق قهرا من نصيب ولدها.

فاذا كانت الحكمة ذلك فلا يجوز بيعها على من تنعتق عليه

و لا يخفى أن ما افاده شيخنا الانصاري قدس سره: من أن الحكمة انعتاق خاص محل تأمل، اذ من المحتمل موت الولد قبل أبيه فلا إرث حينئذ حتى تعتق من نصيب ولدها، أو طالت حياة مولاها مدة زادت على خمسين عاما، أو ماتت الامة قبل مولاها، فتبقى في هذه الحالات على رقيتها.

فالأولى التعجيل في الحصول على عتقها، تحصيلا لغرض الشارع

(5) أي يستند عدم جواز بيع الامة المستولدة الى ما ذكره -

ص: 383

أو يقال: إن هذا (1) عتق في الحقيقة.

و يلحق بذلك (2) بيعها بشرط العتق فلو لم يف المشتري احتمل وجوب استردادها كما عن الشهيد الثاني.

و يحتمل اجبار الحاكم، أو العدول المشتري على الاعتاق، اذ اعتاقها (3) عليه قهرا.

و كذلك (4) بيعها ممن اقر بحريتها.

و يشكل (5) بأنه إن علم المولى صدق المقر لم يجز له البيع، و اخذ الثمن في مقابل الحر (6).

و إن علم بكذبه لم يجز أيضا، لعدم جواز بيع أمّ الولد.

و مجرد صيرورتها حرة على المشتري في ظاهر الشرع مع كونها ملكا له (7) في الواقع، و بقائها في الواقع على صفة الرقية للمشتري

+++++++++++

- الشيخ في قوله في ص 380: و مع امكان دعوى ظهور قاعدة المنع في عدم سلطنة للمالك، و تقديم حق الاستيلاد على حق المالك.

فاذا كان مستند المنع ذلك فيقوى جانب منع بيعها حينئذ.

(1) أي بيعها على من تنعتق عليه في الواقع عتق، لا بيع.

(2) أي ببيع الامة المستولدة على من تنعتق عليه.

(3) أي هي تنعتق على من بيعت عليه بشرط العتق و لم يف المشتري بذلك.

(4) أي و و كذا يلحق بيع الامة المستولدة ممن أقر بحريتها ببيع الامة على من تنعتق عليه.

(5) أي و يشكل هذا الالحاق.

(6) اذ الحر غير قابل للبيع.

(7) أي ملكا للمشتري في الواقع.

ص: 384

لا يجوّز البيع، بل الحرية الواقعية (1) و إن تأخرت أولى من الظاهرية (2) و إن تعجلت.

منها: ما إذا مات قريبها و خلف تركة و لم يكن له وارث سواها فتشترى من مولاها للعتق و ترث قريبها.

(و منها) (3): ما إذا مات قريبها و خلف تركة و لم يكن له وارث سواها فتشترى من مولاها للعتق و ترث قريبها.

و هو مختار الجماعة السابقة، و ابن سعيد في النزهة.

و حكي عن العماني و عن المهذب اجماع الأصحاب عليه.

و بذلك (4) يمكن ترجيح أخبار الارث على قاعدة المنع (5).

+++++++++++

- هذا بناء على علم المولى بكذب المقرّ.

(1) و هي الحرية الحاصلة من نصيب ولدها بعد موت مولاها فانها متأخرة، لحصولها من نصيب ولدها بعد موت مولاها.

(2) و هي الحرية الحاصلة من اقرار المشتري فهي متقدمة، لحصولها حالا باقرار المشتري بكونها حرة.

(3) أي و من موارد استثناء بيع الامة المستولدة عن قاعدة عدم جواز بيعها.

(4) أي و بهذا الاجماع المحكي عن العماني.

(5) أي قاعدة منع بيع الامة المستولدة.

و المراد من أخبار الارث أخبار شراء المملوك لكي يرث.

راجع (وسائل الشيعة): الجزء 17. ص 404. الباب 20 الأحاديث. أليك نص الحديث 4.

عن جميل بن دراج قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

الرجل يموت و له ابن مملوك ؟

قال: يشترى و يعتق ثم يدفع إليه ما بقي.

ص: 385

مضافا (1) الى ظهورها في رفع سلطنة المالك.

و المفروض هنا (2) عدم كون البيع باختياره، بل تباع عليه لو امتنع.

موارد القسم الثالث أي تعلق حق سابق على الاستيلاد
اشارة

و أما (القسم الثالث) (3): و هو ما يكون الجواز لحق سابق على الاستيلاد

فمن مواردها ما اذا كان علوقها بعد الرهن.

فمن مواردها ما اذا كان علوقها بعد الرهن.

فان المحكي عن الشيخ و الحلي و ابن زهرة، و المختلف و التذكرة و اللمعة و المسالك و المحقق الثاني و السيوري و أبي العباس و الصيمري جواز بيعها حينئذ (4).

و لعله لعدم الدليل على بطلان حكم الرهن السابق بالاستيلاد اللاحق بعد تعارض أدلة حكم الرهن، و أدلة المنع عن بيع أم الولد في دين غير ثمنها (5).

+++++++++++

(1) أي و لنا دليل آخر على جواز بيع الامة المستولدة اذا مات قريبها بالإضافة الى دليل ترجيح أخبار الارث على أدلة قاعدة منع بيع الأمة المستولدة: و هو ظهور أدلة المنع في رفع سلطنة المالك عن الأمة، و تقديم حق الاستيلاد على حق المالك كما عرفت عند قول الشيخ في ص 380: و مع امكان دعوى ظهور قاعدة المنع.

(2) أي في باب بيع الامة المستولدة اذا مات قريبها، و لم يكن له وارث سواها.

(3) أي من المواضع القابلة لاستثناء بيع أم الولد التي أفادها الشيخ بقوله في ص 309: و أما المواضع القابلة للاستثناء.

(4) أي حين أن كان علوقها بعد الرهن.

(5) و بعد ترجيح أدلة حق الرهن على أدلة منع بيع أم الولد.

ص: 386

خلافا للمحكي عن الشرائع و التحرير فالمنع مطلقا (1).

و عن الشهيد في بعض تحقيقاته الفرق بين وقوع الوطء باذن المرتهن (2)، و وقوعه بدونه (3).

و عن الارشاد و القواعد التردد.

و تمام الكلام في باب الرهن.

منها: ما إذا كان علوقها بعد افلاس المولى، و الحجر عليه

(و منها) (4): ما إذا كان علوقها بعد افلاس المولى، و الحجر عليه، و كانت (5) فاضلة عن المستثنيات في اداء الدين فتباع حينئذ كما في القواعد و اللمعة و جامع المقاصد.

و عن المهذب و كنز العرفان، و غاية المرام، لما ذكر: من (6) سبق تعلق حق الديان بها، و لا دليل على بطلانه بالاستيلاد و هو حسن مع وجود الدليل على تعلق حق الغرماء بالأعيان (7).

+++++++++++

(1) أي سواء أ كان الرهن قبل الاستيلاد أم بعده.

(2) فلا يجوز بيع الامة المستولدة حينئذ.

(3) فيجوز بيع الامة المستولدة حينئذ.

(4) أي و من موارد استثناء بيع الامة المستولدة عن قاعدة عدم جواز بيعها.

(5) أي و كانت الامة المستولدة زائدة على مستثنيات المفلّس كالدار، و الثياب، و المركوب.

(6) كلمة من بيان لما ذكر أي ما ذكر عبارة عن سبق تعلق حق الديان على حق الاستيلاد.

(7) التي منها الامة المستولدة التي كان علوقها بعد إفلاس المولى فيجوز حينئذ بيعها.

ص: 387

أما لو لم يثبت إلا الحجر على المفلس (1) في التصرف، و وجوب بيع الحاكم أمواله في الدين فلا (2) يؤثر في دعوى اختصاصها بما هو قابل للبيع في نفسه، فتأمل (3) و تمام الكلام في باب الحجر إن شاء اللّه

منها: ما إذا كان علوقها بعد جنايتها

(و منها) (4): ما إذا كان علوقها بعد جنايتها، و هذا في الجناية التي لا تجوّز البيع لو كانت لاحقة، بل تلزم المولى بالفداء (5).

+++++++++++

(1) أي من دون تعلق حق الغرماء بالأعيان التي منها الامة المستولدة

(2) الفاء تفريع على ما افاده: من أنه إذا لم يثبت سوى الحجر على أموال المفلّس، دون تعلق حق للغرماء على أعيان ماله، أي ففي ضوء ما ذكرنا فلا يؤثر الحجر فقط في دعوى اختصاص أموال المفلّس بمال له قابلية البيع في حد نفسه.

فمثل الامة خارجة عن أموال المفلّس فلا يجوز بيعها، لعدم قابليتها للبيع، لتعلق حق الديان بها رأسا.

(3) اشارة إلى أن احراز القابلية في المال المبيع مما لا بد منه، لحكم العقل بالقابلية فلا مجال لنفيه.

و من الواضح أن الأمة المستولدة التي كان علوقها بعد إفلاس مولاها ليست لها القابلية للبيع فلا يجوز بيعها.

(4) أي و من موارد استثناء بيع الامة المستولدة عن قاعدة عدم جواز بيعها.

(5) كما لو جنت على غير مولاها خطأ، فانه حينئذ يتعين الفداء على سيدها، بناء على رأي الشيخ في المبسوط و العلامة في المختلف في قبال قول المشهور: من أن المولى مخير بين الفداء، و بين دفعها إلى الجاني كما عرفت في ص 362 عند قوله: و إن كانت الجناية خطأ فالمشهور أنها.

ص: 388

و أما لو قلنا بأن الجناية اللاحقة أيضا ترفع المنع (1) لم يكن فائدة في فرض تقديمها.

منها: ما اذا كان علوقها في زمان خيار بائعها

(و منها) (2): ما اذا كان علوقها في زمان خيار بائعها، فان المحكي عن الحلي جواز استردادها (3) مع كونها ملكا (4) للمشتري

و لعله (5) لاقتضاء الخيار ذلك فلا يبطله الاستيلاد.

خلافا للعلامة و ولده، و المحقق و الشهيد الثانيين، و غيرهم فحكموا بأنه اذا فسخ (6) رجع بقيمة أم الولد.

و لعله (7) لصيرورتها منزلة التالف

و الفسخ بنفسه لا يقتضي إلا جعل العقد من زمان الفسخ كأن لم يكن.

و أما وجوب رد العين فهو من أحكامه (8) لو لم يمنع عقلا

+++++++++++

(1) أي المنع عن بيع الامة المستولدة.

(2) أي و من موارد استثناء بيع الامة المستولدة عن قاعدة منع بيعها.

(3) أي يجوز للبائع استرداد الامة المستولدة من قبل المشتري في زمن خيار البائع.

(4) أي ملكا متزلزلا

(5) أي و لعل جواز الاسترداد لاجل اقتضاء الخيار له

(6) أي البائع.

(7) أي و لعل رجوع البائع على المشتري بقيمة أم الولد اذا رجع عن بيعه لاجل أن الامة بالاستيلاد أصبحت بمنزلة التالف.

(8) أي من أحكام الفسخ اذا لم يكن هناك مانع عقلي كتلف المبيع أو مانع شرعي كالاستيلاد.

ص: 389

أو شرعا، و المانع الشرعي كالعقلي.

نعم (1) لو قيل: إن الممنوع انما هو نقل المالك (2) أو النقل من قبله لديونه.

أما الانتقال عنه (3) بسبب يقتضيه الدليل خارج (4) عن اختياره فلم يثبت فلا مانع شرعا من استرداد عينها.

و الحاصل أن منع الاستيلاد عن استرداد بائعها لها يحتاج الى دليل مفقود (5).

اللهم (6) إلا أن يدعى أن الاستيلاد حق لام الولد مانع عن انتقالها

+++++++++++

(1) استدراك عما افاده: من أن وجوب ردّ العين من أحكام الفسخ.

و خلاصته: أن الذي يمنع رد العين هو النقل الاختياري من قبل المالك الذي هو المشتري، أو نقل العين من قبله الى الآخر بالبيع لاداء ديونه.

و أما الانتقال من قبله بالاجبار و هو فسخ البائع فلا يوجد مانع شرعي هنا

(2) المراد من المالك هنا هو مشتري الامة من البائع الذي جعل الخيار لنفسه كما عرفت.

(3) أي عن المشتري كما عرفت.

(4) بالجر صفة لكلمة بسبب الذي هو خيار البائع.

(5) أي هذا الدليل مفقود في المقام.

(6) استدراك عما افاده: من أن الانتقال القهري الحاصل بسبب فسخ البائع لا يكون مانعا عن استرداد العين شرعا و قد ذكر الشيخ الاستدراك في المتن فلا نعيده.

ص: 390

عن ملك المولى (1) لحقه، أو لحق غيره (2).

إلا أن يكون للغير حق أقوى (3) أو سابق يقتضي انتقالها و المفروض أن حق الخيار لا يقتضي انتقالها بقول مطلق، بل يقتضي انتقالها مع الامكان شرعا و المفروض أن تعلق حق أم الولد مانع شرعا كالعتق و البيع على القول بصحتهما في زمان الخيار، فتأمل (4).

منها: ما اذا كان علوقها بعد اشتراط اداء مال الضمان منها

(و منها) (5): ما اذا كان علوقها بعد اشتراط اداء مال الضمان (6) منها، بناء (7) على ما استظهر الاتفاق عليه من جواز

+++++++++++

(1) و هو المشتري.

(2) كما اذا كان المشتري مدينا في ثمن رقبة الامة.

(3) أي حق الغير أقوى من حق الاستيلاد.

(4) لعل الامر بالتأمل اشارة الى ضعف الاستدراك المذكور بقوله:

في ص 390 اللّهمّ إلا أن يدّعى، و يقال: إن الممنوع من الاستيراد العين بحسب أدلة المنع هو النقل الاختياري.

و أما الانتقال القهري الجبري الحاصل بفسخ البائع فخارج عن نطاق تلك الأدلة كما عرفت في قوله في ص 390: أما الانتقال عنه بسبب يقتضيه الدليل خارج عن اختياره فلا مانع شرعا من استردادها.

(5) أي و من موارد استثناء بيع الامة المستولدة عن قاعدة منع بيعها.

(6) كما لو ضمن شخص آخر و جعل اداء مال الضمان بشخص الامة ثم استولدها المالك الضامن.

(7) منصوب على المفعول لاجله فهو تعليل للجواز أي جواز بيع الامة المستولدة اذا كان استيلادها بعد اشتراط اداء مال الضمان منها مبني على القول بجواز اشتراط اداء مال الضمان بمال معين -

ص: 391

اشتراط الاداء من مال معين فيتعلق به حق المضمون له، و حيث فرض سابقا (1) على الاستيلاد فلا يزاحم به على قول محكي في الروضة (2).

منها: ما اذا كان علوقها بعد نذر جعلها صدقة إذا كان النذر مشروطا بشرط لم يحصل قبل الوطء ثم حصل بعد

(و منها) (3): ما اذا كان علوقها بعد نذر جعلها (4) صدقة إذا كان النذر مشروطا بشرط لم يحصل قبل الوطء ثم حصل بعد بناء على ما ذكروه: من خروج المنذور كونها صدقة عن ملك الناذر بمجرد النذر في المطلق بعد حصول الشرط في المعلق كما حكاه صاحب المدارك عنهم في باب الزكاة.

و يحتمل كون استيلادها كاتلافها فيحصل الحنث و تستقر القيمة جمعا بين حقي أم الولد، و المنذور له.

و لو نذر التصدق بها.

فان كان مطلقا قلنا بخروجها عن الملك بمجرد ذلك كما حكي عن بعض فلا حكم للعلوق.

و إن قلنا بعدم خروجها عن ملكه احتمل تقديم حق المنذور له في العين

+++++++++++

- يتعلق الاداء بعين الامة المستولدة.

(1) أي حيث فرضنا أن حق اداء مال الضمان من الامة المستولدة سابق على حق الاستيلاد فلا يزاحم حق الاستيلاد حق الضمان.

(2) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 261 عند قول الشارح: (و تاسع عشرها).

(3) أي و من موارد استثناء بيع الامة المستولدة عن قاعدة منع بيع الامة المستولدة.

(4) أي جعل الامة المستولدة.

ص: 392

و تقديم (1) حق الاستيلاد، و الجمع (2) بينهما بالقيمة.

و لو كان (3) معلقا فوطأها قبل حصول الشرط صارت أم ولد فاذا حصل الشرط وجب التصدق بها، لتقدم سببه (4).

و يحتمل انحلال النذر، لصيرورة التصدق مرجوحا بالاستيلاد، مع (5) الرجوع الى القيمة، أو بدونه (6).

و تمام الكلام يحتاج الى بسط تمام لا يسعه الوقت.

منها: ما إذا كان علوقها من مكاتب مشروط ثم فسخت كتابته

(و منها) (7): ما إذا كان علوقها من مكاتب مشروط ثم فسخت كتابته فللمولى أن يبيعها على ما حكاه في الروضة (8) عن بعض الأصحاب، بناء (9) على أن مستولدنه أم ولد بالفعل غير معلق على عتقه فلا يجوز له بيع ولدها.

+++++++++++

(1) أي و احتمل تقديم حق الاستيلاد علي حق المنذور له.

(2) أي و احتمل الجمع بين الحقين بدفع قيمة الامة المستولدة صدقة في سبيل اللّه عز و جل.

(3) أي و لو كان النذر بالتصدق بالامة المستولدة التي كان استيلادها بعد النذر بالتصدق معلقا على شرط ثم وطأها الناذر قبل حصول الشرط

(4) أي سبب التصدق.

(5) أي مع احتمال الرجوع الى القيمة حينئذ.

(6) أي و مع عدم احتمال الرجوع الى القيمة.

(7) أي و من موارد استثناء بيع الامة المستولدة عن قاعدة منع بيعها.

(8) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 3 ص 261 عند قول الشارح: (و ثامن عشرها).

و جواز بيعها لاجل رجوعها الى الرقية بعد فسخ المكاتب الكتابة.

(9) منصوب على المفعول لاجله فهو تعليل لاستثناء الامة المستولدة -

ص: 393

القسم الرابع: فهو ما كان ابقاؤها في ملك المولى غير معرّض لها للعتق

(و أما القسم الرابع) (1): فهو ما كان ابقاؤها في ملك المولى غير معرّض لها للعتق، لعدم توريث الولد من أبيه لاحد موانع الارث أو لعدم ثبوت النسب من طرف الام، أو الأب واقعا، لفجور أو ظاهرا باعتراف.

ثم إنا لم نذكر في كل مورد من موارد الاستثناء إلا قليلا من كثير ما يتحمله من الكلام، فيطلب تفصيل كل واحد من مقامه.

+++++++++++

- عن قاعدة عدم جواز بيعها.

و خلاصة التعليل أن الاستثناء المذكور مبني على كون الامة المستولدة أم ولد بالفعل، لتملك العبد المكاتب اياها.

إما بالشراء من ماله الذي اكتسبه، أو بهبتها له.

فلو لم تكن أم ولد بالفعل لخرجت عن موضوع البحث.

فلا تحتاج في خروجها عن القاعدة المذكورة الى الاستثناء.

ففعلية الامومة غير متوقفة على عتق العبد المكاتب باداء مال الكتابة كما افادها الشيخ بقوله في ص 393: غير معلق على عتقه.

فيجري حينئذ على ولدها حكم الحرية فلا يجوز للمولى بيعه، لعدم توقف حرية الولد على حرية الأب باداء مال الكتابة.

كما أن امومة الامة غير متوقفة على حرية الأب و الولد.

و الى هذين التوقفين ذهب العلامة قدس سره في أحد قوليه.

و مرجع الضمير في مستولدته العبد المكاتب.

كما هو المرجع في عتقه.

و مرجع الضمير في فلا يجوز له مولى العبد المكاتب.

(1) أي من المواضع القابلة لاستثناء بيع أم الولد التي افادها الشيخ بقوله في ص 309: و أما المواضع القابلة للاستثناء.

ص: 394

الفهارس

اشارة

1 - الأبحاث

2 - التعليقات

3 - الآيات الكريمة

4 - الأحاديث الشريفة

5 - الأعلام

6 - الأماكن و البقاع

7 - الكتب

8 - الخاتمة

9 - الخطأ و الصواب

ص: 395

1 - فهرس البحاث

ص الموضوع

6 الاهداء

9 اشتراط الاسلام في من يشتري العبد المسلم

11 ما اورده الشيخ على الأدلة المذكورة

13 توضيح الاندفاع

15 تفسير الآية الكريمة

17 الخدشة الثالثة

19 تفسير السبيل بما لا يشمل الملكية

21 في تمليك منافع المسلم من الكافر

23 لا فرق في الاجير بين كونه حرا أو عبدا

25 في ارتهان العبد المسلم عند الكافر

27 الكلام في الاسلام و الايمان

29 الحديث الوارد في التخريج

31 في المواضع المستثناة

33 في اشتراط البائع عتق العبد المسلم

35 في المعاني المحتملة لكلمة السبيل

37 في اندفاع ما يقال

39 هل يلحق كل ملك قهري بالارث أو لا؟

41 في عدم الخيار للمالك الكافر اذا باع العبد المسلم

ص الموضوع 43 مخالفة المحقق الكركي

45 في الرد على ما افاده المحقق الكركي

49 عدم خيار للكافر

51 في الرد على صاحب جامع المقاصد

53 في اثبات الخيار للكافر

55 في الحاق الأحاديث النبوية بالمصحف

58 القول في شرائط العوضين

59 في عدم مالية الشيء القليل

63 في إباحة التصرف في الأراضي الموات

65 في الأحاديث الواردة في الأراضي الموات.

67 الأحاديث الواردة في أقسام الأرضين

69 في تملك الأراضي الميتة و عدمها

71 منشأ اختلاف القولين اختلاف الأخبار

73 الأحاديث الواردة في الأراضي المفتوحة عنوة

77 ما افاده شيخ الطائفة في الأراضي المفتوحة عنوة

79 ما افاده شيخنا الانصاري في

ص: 396

أقسام الأرضين

81 في بيان الوجه الذي به يجوز التصرف في الأراضي المفتوحة

83 الأقوال في الأراضي المفتوحة عنوة

85 فيما ينفصل عن الأراضي المفتوحة عنوة

87 اشتراط الملكية المطلقة في الأرضين

89 في الحقوق المانعة عن التصرف في الملك

93 في تعلق حق الشفعة في المال

95 في أن الغنيمة مانعة عن التصرف في المال

97 البحث في الوقف

99 في الوصف الوارد في الحديث

101 في الجواب عن الدليل الثالث

103 في الامور الثلاثة المانعة عن بيع الوقف

105 بيع الوقف مناف لبقاء الوقف حتى يباع

107 في تضاد بيع الوقف مع بقائه على الوقف

109 في الاشكال على ما افاده صاحب الجواهر

111 اشارة اجمالية حول تحرير محل النزاع

113 في أقسام الوقف

115 أقوال الفقهاء في خروج الوقف عن عموم منع بيعه

119 في توجيه كلام من قال ببيع الوقف المنقطع

121 في نقل عبائر الفقهاء في الوقف

135 الكلام في الوقف المؤبد و المنقطع

137 ما ذكره كاشف الغطاء في بيع الوقف

143 الكلام في الآلات و الفرش و الثياب الموقوفة

145 في الاشكال على ما افاده كاشف الغطاء

147 الرواية الواردة في ثوب الكعبة

149 الفرق بين ثوب الكعبة و حصير المسجد

151 الكلام في مورد الشك

153 الفرق بين ارض المسجد و بين أجزاء البنيان

ص: 397

155 في أجزاء بنيان المسجد

159 في الحاق المشاهد المشرفة بالمسجد

161 في صور جواز بيع الوقف

163 جواز بيع الوقف لا ينافي قصد الواقف

165 في الفرض الثاني من الوقف الذي آل الى الخراب

167 عدم اختصاص ثمن الوقف المبيع بالموجودين

169 دعوى عدم تحقق الملك الشأني

171 مختار المحقق في ثمن الوقف المبيع

173 في أولوية اشتراك البطون في الثمن

175 في الفرق بين حق الرهن و الاختصاص

177 عدم احتياج بدل الوقف الى الصيغة

179 في كيفية صرف ثمن بيع الوقف

181 ما افاده العلامة حول ثمن بيع الوقف

183 الكلام فيمن يتولى بيع الوقف اذا آل الى الخراب

185 عدم الفرق في عروض الخراب على كل الوقف أو بعضه

187 الصورة الثانية من صور الوقف

189 المراد من النفع المنفي في قول الفقهاء

191 تحقيق حول ما افاده صاحب الجواهر

193 اعتراض الشيخ على ما افاده صاحب الجواهر

195 دفع احتمال من صاحب الجواهر

203 الصورة الثالثة من صور جواز بيع الوقف

205 عدم جواز البيع في الصورة الثالثة

207 الصورة الرابعة من صور جواز بيع الوقف

209 الكلام في رواية علي بن رئاب و الحميري

211 تأييد من الشيخ لجواز بيع الوقف اذا كان البيع أنفع

213 المراد من قول الامام عليه السلام في الرواية

215 عدم تعلق حق للبطون اللاحقة في ثمن الوقف المبيع

ص: 398

217 دلالة رواية جعفر بن حنان على جواز بيع الوقف

219 بين الحاجة و الضرورة، و بين مطلق الفقير عموم من وجه

221 الأقوال في الصورة السادسة من صور جواز بيع الوقف

223 ما افاده المحقق الكركي في الصورة السادسة

225 جواز بيع الوقف لا يكون منافيا لمقتضى الوقف

227 في الحديث الوارد عن الكافي في الوقف

229 كلام حول الاستشهاد بالحديث المروي عن الكافي

231 في صورة اداء الوقف الى الخراب

233 الصورة التاسعة و العاشرة من صور جواز بيع الوقف

235 الغرض من عدم جواز بيع الوقف

237 وجوب تأخير بيع الوقف الى آخر أزمنة الامكان

239 في الاعتراض على ما في التنقيح و المختلف و التذكرة

241 في الاشكال على ما افاده العلامة في المختلف و التذكرة

243 في المكاتبة الواردة عن علي بن مهزيار

245 الاشكال على الاستدلال بمكاتبة علي بن مهزيار

247 إشكال ثان و ثالث على المكاتبة

249 إشكال على الاستدلال بالمكاتبة للصورة الثامنة

251 تقريب الاستدلال بالمكاتبة في الصورة التاسعة و العاشرة

253 إشكال رابع على الاستدلال بالمكاتبة

255 مستند جواز بيع الوقف هي المكاتبة المذكورة

257 عدم كون المكاتبة معنيا بها عند المشهور

259 في الاعتراض على ما في التنقيح و المختلف و التذكرة

261 الغرض من عدم جواز بيع الوقف

ص: 399

263 في صور اداء الوقف الى الخراب

265 بين الحاجة و الضرورة و بين مطلق الفقير عموم من وجه

267 المراد من قول الامام عليه السلام في الرواية

269 الصورة التاسعة و العاشرة من صور جواز بيع الوقف

271 في الحديث الوارد عن الكافي في الوقف

273 عدم جواز بيع الوقف المنقطع إذا جهلت مدة الاستحقاق

275 جواز بيع الوقف عند انتقاله إلى الواقف

277 التأمل فيما حكي عن التنقيح

379 فيما أورد على القاضي في جوازه بيع الوقف المنقطع

281 في حكم بيع بعض البطون الوقف مع وجود من بعدهم

183 من موارد جواز بيع الامة المستولدة

287 ما افاده السيد المجاهد في جواز نقل الامة المستولدة بغير البيع

289 اختصاص منع بيع أم الولد بصورة بقاء ولدها

291 الأقوال في ولد ولد الامة إذا مات ابوه

293 دلالة الصحيحة على تحقق الولد بمجرد وجود الحمل

295 اتفاق الفقهاء على صدق الحمل بالمضغة

297 تحقق الولد بالعلقة

299 التأمل في دعوى الحمل بمجرد استقرار النطفة في الرحم

301 ذكر الفقهاء صور القاء النطفة بيان لانقضاء العدة

303 عدم اعتبار الوطء في تحقق العلوق

305 في أن العلة غير مطردة و لا منعكسة

307 في التمسك بالقاعدة المذكورة

309 في المواضع القابلة للاستثناء

311 في بيع الامة المستولدة بعد وفاة مولاها

313 في الحديث الوارد عن الامام الكاظم عليه السلام

ص: 400

315 توهم عدم جواز بيع الامة المستولدة في حياة مولاها

317 وضوح اندفاع التوهم بكلا وجهيه

319 في منع عموم القاعدة الكلية

320 وجه التوهم

321 في الاندفاع عن اصل المعارضة

323 هل يعتبر وجود مال للمولى يفي به دينه أو لا؟

325 حاصل السؤال و الجواب

327 هل يشترط في جواز بيع الامة مطالبة الدائن أو لا؟

329 في دوران الأمر بين الامة على من تنعتق عليه و بين غيره

331 توجيه من المحقق التستري في عدم جواز بيع الامة المستولدة

333 الكلام في بيع الامة في غير دين ثمن رقبتها

335 ما افاده الشهيدان في اللمعة

337 انتصار المحقق التستري لشيخ الطائفة

343 الدفاع عن الاشكال الأول

347 الدفاع عن الاشكال الثاني

349 الدفاع عن الاشكال الرابع

351 في الاشكال على ما افاده بعض الأعلام

353 من موارد استثناء بيع أمّ الولد

355 بيع الامة المستولدة للكفن أولى

357 مقتضى الجمع بين الدليلين جواز بيع الامة في ثمن دينها

359 من موارد استثناء بيع الامة المستولدة

361 في توجيه كلام صاحب الجواهر

363 جناية الامة المستولدة تتعلق برقبتها

365 في حمل رواية مسمع

367 عدم معارضة الاطلاقات المذكورة لما ورد

369 ما قيل في توجيه الاسترقاق

371 رد الشيخ على ما افاده صاحب المقابيس

373 من موارد استثناء بيع أمّ الولد

379 أولوية حق الاسلام على حق الاستيلاد

ص: 401

2 - فهرس التعليقات

14 الخدشة في الاستدلال بالآية الكريمة

15 في الرد على المقالة الفاسدة بنص الحديث

17 الخدشة الثالثة

17 و هم و الجواب عنه

19 و هم و الجواب عنه

20 مثال للاستصحاب

22 في الحديثين الواردين عن الامام امير المؤمنين و الصديقة فاطمة سلام اللّه عليهما

23 للامر بالتأمل احتمالان

27 و هم و الجواب عنه

28 الحديث الخامس

32 وجه الامر بالتأمل

33 خلاصة وجه النظر

34 الاحتمال الأول لمعنى السبيل

35 الاحتمال الثاني و الثالث لمعنى السبيل

37 موجبات الارث و أسبابه

42 تعليل و خلاصته

42 تعليل و خلاصته

43 تعليل و خلاصته

47 خلاصة وجه النظر

48 و هم و الجواب عنه

49 خلاصة إنكار الشيخ

49 لا يقال

50 فانه يقال

50 للامر بالتأمل احتمالان

51 استدراك و خلاصته

52 الامر الأول و خلاصته

52 خلاصة إشكال المحقق

63 في الحديث الأول

70 الشروط الخمسة في باب الاحياء

71 في حديث معاوية بن وهب و صحيحة الكابلي و الحديث الثالث

73 في النصوص المستفيضة

80 الحديث الثاني عشر في الأنفال

82 تأييد و خلاصته

84 تعليل و خلاصته

85 تعليل و خلاصته

90 في الحقوق الاربعة عشرة

93 الأقوال الخمسة في الفرض

96 الحقوق الاربعة الباقية

ص: 402

99 في الأدلة القائمة على عدم جواز بيع الوقف

101 الجواب عن الدليل الثالث

103 الحقوق الثلاثة المانعة عن بيع الوقف

105 لا يقال فانه يقال

106 رد الشيخ على مقالة صاحب الجواهر

108 الاشكال على ما افاده صاحب الجواهر

111 اشارة اجمالية حول تحرير محل النزاع

113 في أقسام الوقف

122 خذ لذلك مثالا

123 في صورة جواز بيع الوقف

137 خلاصة ما افاده بعض الأساطين

138 خلاصة ما افاده كاشف الغطاء

139 تحقيق حول السجلات و الطابو

144 الاحتمالات الاربعة في الوقف

146 أصالة الاباحة معارضة باستصحاب آخر

149 دفع سؤال مقدر و الجواب عنه

150 المراد من الحصير الوقفي و الثوب الوقفي

152 الأقسام المتصورة في الحصر الموضوعة في المسجد

153 اختلاف الفقهاء في بيع جذع النخل الوقفي

153 وجه التأمل

155 وجه النظر

156 اشارة اجمالية إلى فروع أربعة على جواز بيع الوقف، و عدمه

160 و هم و الجواب عنه

161 في رد الاجماع المدعى

163 خلاصة ما افاده القائل ببطلان الوقف عند جواز بيعه

163 وجه ضعف القول المذكور

164 اندفاع ما قيل في جريان الاستصحاب

164 دليل آخر بالإضافة الى الاندفاع المذكور

165 وجه المنافاة - و المثل السائر

166 استدراك و خلاصته

166 وجه الامر بالتأمل

168 و هم و الجواب عنه

ص: 403

169 تفريع و خلاصته و ذكر قياس اقتراني

172 تعليل و خلاصته

172 إشكال و خلاصته

173 رد شيخنا الانصاري على المحقق الحلي

174 تملك البطون اللاحقة و الموجودة لثمن العين الموقوفة المبيعة

174 الفرق بين ثمن العين الموقوفة المبيعة و بين دية العبد الموقوف

175 تعليل و خلاصته

176 تقسيم بدل العين الموقوفة المبيعة إلى قسمين

180 تعليل لاعطاء الثمن إلى الموقوف عليه

181 الجملة و التعليل من متممات القول بالحكم المذكور

182 مناقشة الشيخ مع العلامة

184 توضيح جملة

186 الفروع التي يأتي فيها الوجهان

188 تعليل و خلاصته

191 إشكال شيخنا الانصاري على ما افاده صاحب الجواهر

192 إشكالات أخرى من الشيخ على صاحب الجواهر

192 تعليل و خلاصته

193 تنظير و خلاصته

194 احتمال و خلاصته

195 خلاصة الدفع

196 فرض و خلاصته

197 ذكر الوجهين في عود الوقف إلى الواقف أو إلى الموقوف عليهم

198 اعتراض منا على مصححي الجواهر في الجزء 22 ص 559

199 ذكر العموم و الخصوص من وجه

200 في الرد على القيل و خلاصته

201 تفريع على ما افاده في رد القيل

201 دوران الأحكام الجعلية مدار العنوان

202 رد من الشيخ و خلاصته

204 النزاع بين الشيخ و ابن ادريس لفظي

204 ما افاده المحقق التستري

205 إشكال من الشيخ على القيل

ص: 404

207 أدلة أربعة على عدم جواز بيع الوقف في الصورة الرابعة

210 المراد من مفهوم رواية جعفر

210 خلاصة هذا الكلام

211 جواب الامام عليه السلام عن كتاب علي بن مهزيار

212 المراد من صدر الرواية

216 خلاصة التفريع

217 خلاصة الرد

218 عموم و خصوص من وجه

219 الاشكال على الاستدلال برواية جعفر بن حنان

222 تعليل و خلاصته

223 تعليل و خلاصته

223 تعليل و خلاصته

224 ما أورده شيخنا الانصاري على المحقق الكركي

225 و لعل المنافاة لاطلاقه

226 تفريع و خلاصته

227 تحقيق حول ينبع

227 تحقيق حول كلمة (شروى)

228 احتمالان لمرجع الضمير

229 في الحديث جملتان يشهد بهما

230 وجه الأشكلية

232 في العبارات المنقولة عن الفقهاء

233 الصورة التاسعة على قسمين

234 غرض الشيخ

235 حاصل هذا الكلام

238 خلاصة وجه النظر

239 تنظير و خلاصته

241 دفع و الجواب عنه

245 تفريع و خلاصته

245 إشكال و خلاصته

247 الاشكال الثاني و الثالث و خلاصتهما

248 تعليل و تنظير

250 المراد من الاستصحاب

251 حمل التعليل - و كيفية الاستدلال بالمكاتبة

252 خلاصة الاستدلال - و الاشكال عليه

253 إشكال آخر على الاستدلال بالمكاتبة و خلاصته

254 خلاصة ما قيل

255 نظرية الشيخ حول مكاتبة

ص: 405

علي بن مهزيار

256 تعليل و خلاصته

257 تعليل و خلاصته

258 عموم و خصوص من وجه

259 تعليل و خلاصته

260 و هم و الجواب عنه

263 خلاصة ما افاده الشيخ

264 الامر الأول - استثناء و خلاصته

266 حاصل معنى العبارة

267 استثناء و خلاصته

268 في صور المحتملات

269 تعليل و خلاصته

273 وجه الاشكال

275 و هم و الجواب عنه

277 وجه التأمل

278 استدراك - وجه الامر بالتأمل

284 تفريع و خلاصته

286 نص عبارة صاحب المناهل

289 المراد من الاصل

290 تعليل و خلاصته

291 قول ثالث و خلاصته

292 وجوه ثلاثة

293 اعتراض شيخنا الايرواني

294 وجه النظر من جهتين

295 اعتراض على الشيخ في نقله الحديث عن الامام السجاد عليه السلام

298 نص عبارة (الفقه على المذاهب الاربعة)

299 المراد من الأخبار

301 تفريع - عبارة القواعد

302 ذكر صور الالقاء في موضعين

304 رد شيخنا الانصاري على ما افاده شيخ الطائفة

305 في أن العلة المذكورة غير جامعة للأفراد و لا مانعة للأغيار أي أنها مخدوشة طردا و عكسا

306 دليل آخر على اعتبار الحمل

307 الفاء تفريع

308 لا يصغى إلى التمسك بأصالة صحة البيع

311 تعليل لعدم المنافاة

312 خلاصة هذا الكلام

314 وجه القوة

315 خلاصة هذا التوهم

ص: 406

316 الوجه الأول - الوجه الثاني

317 رد الشيخ على الوجهين

318 بين الصحيحة و رواية محمد بن مارد عموم و خصوص من وجه

319 خلاصة هذا الكلام

320 وجه التوهم

321 المراد من الاصالة - و معارضة الاستصحاب

321 تعليل لعدم معارضة الاستصحاب

323 دليل آخر على جواز بيع الامة المستولدة

324 وجه الأقوائية

326 أقسام ثلاثة

328 الفاء تفريع

329 شرح موجز في السراية عن المسالك

331 الدليل الأول و خلاصته

332 الدليل الثاني و الثالث و خلاصتهما

333 المراد من الأصالة

334 إطلاق المنطوق و المفهوم

335 نص عبارة الشهيدين في اللمعة

336 ما افاده الشهيد الثاني

337 ما ذكره صاحب المقابيس من الاشكالات على الشهيد الثاني

338 خلاصة الاشكال الثاني و الثالث

340 خلاصة الاشكال الرابع

341 المحذور الآخر - و توضيح عبارة الشيخ

343 في هدم ما افاده المحقق التستري

345 تفريع و نتيجة

348 خلاصة الجواب

349 خلاصة القاعدة الكلية

351 ظهور الاشكال

353 نص الحديث

354 خلاصة الرد

355 خلاصة الكلام

357 اللازم و خلاصته

358 المراد من الأصالة

360 خلاصة ما أفاده الشيخ

361 الحديث 1-2

363 الأقوال في مسألة جناية الامة المستولدة

364 نسبة الاشتباه إلى شيخ الطائفة و توجيه النسبة

366 المراد من الاطلاقات

368 مصادرة و بيانها

ص: 407

369 خلاصة قول المحقق التستري

370 خلاصة قول المحقق التستري

370 تشبيه و خلاصته

371 رد الشيخ على ما افاده صاحب المقابيس

373 نص عبارة الشيخ في التهذيب

374 نص الحديث

376 القيود الثلاثة لاستثناء أمّ الولد

ص: 408

3 - (فهرس الآيات الشريفة)

- أ -

و أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ 60/42/17

إِلاّٰ أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ 60/42/17

إن الأرض للّه يرثها من يشاء 64

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ 60/42/17

- ث -

ثُمَّ جَعَلْنٰاهُ نُطْفَةً فِي قَرٰارٍ مَكِينٍ 295

- ف -

فَلاٰ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى اَلْكُفّٰارِ 29

فَنَظِرَةٌ إِلىٰ مَيْسَرَةٍ 320

فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اَللّٰهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اِسْمُهُ 111

- و -

و أولات الأحمال أجلهن 298

و لما يدخل الايمان في قلوبكم 27

و لن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين 42/35/33/26/16/14/10

و من يعظم شعائر اللّه فإنها من تقوى القلوب 111

ص: 409

4 - (فهرس الأحاديث الشريفة)

- أ -

اذا كان الوقف على قوم 209

اذهبوا فبيعوه من المسلمين 40/12

الاسلام يعلو و لا يعلى عليه 10

أعلم فلانا أني آمره 243/211

أعلمه أن رأيي له إن كان 244

أنا و أهل بيتي الذين أورثنا اللّه 64

الأنفال ما لم يوجف بخيل 63

إنما أرض الخراج للمسلمين 75

إن الناس مسلطون على أموالهم 320/312/287/60/19/17

أيّ قوم أحيوا شيئا من الأرض 84

أيّما رجل أتى خربة بائرة 71

الايمان ما استقر في القلب 28

- ت -

تباع و تورث 309/308

- ج -

جائر للذي أوصى له بذلك 208

- خ -

خذ بيدها و قل 288/282

- ص -

قال: الصدقة: 72

صدقة لا تباع و لا توهب فاسدا: 100

100

- ف -

فلم أحللنا إذا لشيعتنا 63

- ك -

كذبوا عليهم غضب اللّه 16

كل شيء وضعته يستبين 296

كل شيء يكون لهم فيه الصلاح 60

كل ما كان في أيدي شيعتنا 65

- ل -

لا عتق إلا في ملك 30

لا و اللّه ما يحل 29

لا: و لا نعمة إن اللّه عز و جل يقول 29

لا يجوز شراء الوقف 189/162/97 242/207/19

- م -

المؤمنون عند شروطهم 287/225

من أحيا أرضا من المؤمنين فهي له 65

من سبق الى ما لم يسبقه إليه مسلم 86/69

موتان الأرض للّه و لرسوله 63

- ن -

نعم من ثمن رقبتها 313

ص: 410

- و -

الوقوف تكون على حسب ما يوقفها أهلها 242/180/162/104/97

و كل ما كان في أيدي شيعتنا 82/80

و من يبيع ذلك و هي أرض المسلمين 73

- ه -

هذا ما تصدق به علي بن أبي طالب 98

هو لجميع المسلمين، لمن هو اليوم 74

هي امتد إن شاء باع ما لم يحدث 293-306

هي له و لعقبه من بعده كما شرط 274

- ي -

يبيع ما أراد و يهب ما لم يرد 147

يرد عليها مهر مثلها 294

يشاطرهم فما أخذ بعد الشرط فهو حلال 75

يشترى و يعتق ثم يدفع إليه ما بقى 385

ص: 411

5 - (فهرس الأعلام)

أ

آل أبي طالب 228

ابان بن عثمان 67

ابن الجنيد 125

ابن الحجاج 296

ابن حمزة 304

ابن سعيد: 385

ابن شريح 76/75

ابن محبوب 208

ابو بردة 80/76/73

ابو بصير 67

ابو ربيع 76/75

ابو علي بن راشد 162/101/97

ابو المكارم 220/127/121

اسحاق بن عمار 67

الاسكافي 296/167/116/54/9

اسماعيل بن الفضل 76/75

امير المؤمنين عليه السلام 16/12 / 228/101/97/64/39/22

- ب -

الباقر: ابو جعفر عليه السلام 27 / 274/84/67

بني المطلب 228

بني هاشم 225

- ج -

جعفر بن حنان 219/214/208/132 272/221

جعفر بن محمد عليهما السلام 294

الجواد عليه السلام 243/132

- ح -

الحارث بن المغيرة 63

الحسين عليه السلام 228/16/15

الحسين بن نعيم 273

حفص بن البختري 63

الحلبي 120/117/74

الحلي: ابن إدريس 59/52/39/3

حماد 76/73/62

حمران بن أعين 27

الحميري 214/210/209

حنظلة بن أسعد 16

- ر -

الراوندي 217/127

ربعي بن عبد اللّه 98

- ز -

زرارة 308

ص: 412

الزهراء: الصديقة فاطمة عليها سلام اللّه 22

- س -

السجاد: علي بن الحسين عليهما السلام 299/274

السكوني 312/306/294

سلار 126/121

سليمان بن خالد 84/72

- ش -

الشهيد الأول 134/123/115/85 / 222/178/170

الشهيد الثاني 343/336/250/133

الشهيدان 285/273/203/167/153 335

- ص -

صاحب التنقيح 277/238

صاحب جامع المقاصد 51/47/45 / 270

صاحب الجواهر 191/109/106 / 231/201/194

صاحب الحدائق 33

صاحب الرياض 288/283

صاحب مصباح المنير 58

صاحب المقابيس: المحقق التستري 347/331/320/204/94/89

صاحب المناهل 287/286

الصادق: ابو عبد اللّه عليه السلام 293/209/132/98/75/71/63/28 / 306

الصدوق: 312/119/118

الصيمري: 335/131/55

- ط -

الطوسي 121/97/94/79/80

- ع -

علم الهدي: السيد المرتضى: 124 / 270/235/220/171

علي بن ابراهيم 67

علي بن رئاب 212/210/208

علي بن مهزيار 243/211/132/108 272/261

العمانى: 385

عمر بن يزيد 312/306/66/64 / 333/322/318

عيسى 16

- ف -

الفاضلان 314/203/134

الفاضل المقداد 298/297

ص: 413

فخر الاسلام 116

فخر الدين 167/116/41

فخر المحققين 204/178/167/153 / 285/274

فضل بن يسار 29/28

- ق -

القاضي: 280/279/117/31

القائم: عجل اللّه تعالى فرجه 65 / 209

- ك -

الكابلي 71/65/64

كاشف الغطاء: الشيخ جعفر 107 / 191/154/145/137

الكاظم (ع): ابو الحسن 147/15 / 312/296/274/162

الكليني: 312

- م -

المجتبى الحسن بن علي عليهما السلام 228/16

المجلسي: 262/261

المحدث البحراني: 261

المحقق الثاني: 153/85/46/39 / 280/274/203/167

المحقق الكركي: 222/127/52

محمد بن سليم: 84

محمد بن مارد: 322/318/306/293

مروان بن عبد الملك: 147

مسمع بن عبد الملك: 65

معاوية بن وهب: 71

المفيد: 171/161/131/123/115 270/230/214/206

- ن -

نجم الدين: 131

ص: 414

6 - (فهرس الامكنة و البقاع)

- ج -

جامعة النجف الدينية 140

- م -

مصر: 227

مكة المكرمة: 240/239

المملكة العربية السعودية: 227

منى: 240

- ي -

ينبع: 227

ص: 415

7 - (فهرس الكتب)

- أ -

الاحتجاج: 209

احياء الموات: 71

الارشاد: 220/178/131/129

الاستبصار: 295

الانتصار: 220/217/189/124 / 230

الايضاح: 221/204/116/41/22

إيضاح النافع: 231/131

- ب -

بحار الأنوار/ 312

- ت -

التحرير: 206/187/129/124 / 246

تحف العقول: 60

تذكرة الفقهاء: 66/55/30/21/9

تفسير السبيل: 18

تفسير العياشي: 67

تلخيص الخلاف: 131

التنقيح: 273/231/167/131/70 / 277

التهذيب: 295/78

- ج -

جامع المقاصد: 62/35/38/30/21 77

جواهر الكلام: 198

الجهاد: 54

- ح -

الحواشي: 42/34/25/21

- خ -

الخلاف: 203/73/62/33/21

- د -

الدروس: 155/77/45/33/21

- ر -

الرسائل: 33

الروضة: 311/210/132/33

الرياض/ 295/261

- س -

السرائر: 308/288/220/115/30

- ش -

الشرائع: 246/281/171/127/55

شرح القواعد: 145

- ع -

عيون أخبار الرضا عليه السلام: 16/15

ص: 416

- غ -

غاية المراد: 327/178/123

غاية المرام: 241/239

الغنية: 297/189/126/62/9 / 230/220

- ف -

الفقه على المذاهب الأربعة: 298

فقه القرآن: 217/127

الفقيه: 295/118/30

- ق -

القاموس: 188

القواعد: 131/128/52/25/22 / 301/292/221

- ك -

الكافي: 295/227/117/28

الكافي (للحلبي): 118

كشف الغطاء: 138

الكفاية: 314/133

كنز العرفان: 335/10

- ل -

اللمعة: 311/285/231/155/133 335

اللمعتين: 335

- م -

المبسوط: 125/76/70/55/30/24

مجمع الفائدة: 282/178/167

المختلف: 239/214/190/116

المسالك: 273/78/62/30/21

مستدرك الوسائل: 86/64

المقابيس: 331/89

المقتصر: 178/167

مقرب النهاية: 21

المكاسب: 224/90/81/59/46

المناهل: 286

المهذب: 296/292/239/117/70

- ن -

النزهة: 230/217/127

نهاية الاحكام: 30/24

نهاية المرام: 314/298/292

- و -

وسائل الشيعة: 62/40/28/13/10 147/132/98/83/80/71/66

الوسيلة: 232/235/217/127

ص: 417

ص: 418

8 - خاتمة

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

و قل انهينا بحمد اللّه تبارك و تعالى (الجزء العاشر) من كتاب (المكاسب لشيخنا الأعظم الأنصاري) قدس اللّه نفسه الزكية من بداية (مسألة يشترط في من ينتقل إليه العبد المسلم ثمنا أو مثمنا أن يكون مسلما) الى نهاية موارد استثناء بيع الأمة المستولدة التي قسمها الشيخ الى أربعة أقسام:

و أنهى القسم الاول الى ثمانية صور

و القسم الثاني الى أربعة صور

و القسم الثالث الى سبعة صور

و القسم الرابع الى صورة واحدة

و الأقسام مع صورها مذكورة من ص 309 - الى ص 394 حامدين اللّه تبارك و تعالى و شاكرين له هذه النعمة العظمى.

و كان الانهاء في ليلة الثلاثاء الثاني من شهر اللّه الأعظم عام 1400 في إدارة (جامعة النجف الدينية) العامرة حتى ظهور (الحجة البالغة) الذي تحيى البلاد به عجل اللّه تعالى فرجه الشريف بعد أن استوفى العمل فيه مقابلة و تعليقا و تصحيحا سنة كاملة غاية الجهد و الطاقة و السهر بقدر الوسع و الامكان.

و ذلك حبا منا بانجاز تحقيق الأجزاء و إصدارها و إخراجها إكبارا و إجلالا لفقه (أئمة أهل البيت) صلوات اللّه و سلامه عليهم أجمعين

و اذا كنا قد تابعنا إصدار الأجزاء في هذه الفترات المتباعدة فلأن

ص: 419

تحقيق الكتاب و تصحيحه و اخراجه اخراجا يليق بمكانته العلمية كان يستدعي منا دقة الملاحظة و عمق الامعان و لا سيما هذا الجزء الذي احتوى على مسائل غامضة و مطالب صعبة مستصعبة جدا فلقد أخذ من وقتي في الليل و النهار أكثر من ستة عشر ساعة.

فالى القراء الكرام هذه التحفة النفيسة، و الهدية الثمينة.

و كان الشروع فيه يوم الاول من شهر اللّه الأعظم عام 1399 فجاء بحمد اللّه تبارك و تعالى بهذه الحلة الرائعة و الاسلوب البديع.

و يتلوه إن شاء اللّه تعالى الجزء الحادي عشر اوله

(مسألة و من أسباب خروج الملك عن كونه طلقا)

و إني لارى هذه الافاضات كلها من بركات صاحب هذا (القبر المقدس العلوي) على من حل فيه آلاف التحية و الثناء.

فشكرا لك يا إلهي على هذه النعم الجسيمة و الآلاء العميمة.

و نسألك اللهم و ندعوك التوفيق لاتمام بقية الأجزاء و المشروعات الخيرية الدينية النافعة للامة الاسلامية جمعاء بلطفك و رحمتك الواسعة انك ولي ذلك و القادر عليه.

في ليلة الأربعاء الثالث من شهر اللّه الأعظم عام 1400

عبدك السيد محمد كلانتر

ص: 420

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.