المکاسب المجلد 7

هویة الکتاب

کِتَابُ المَکاسِب

للشیخ الأعظم الشیخ مرتضی الأنصاری قدس سره

1214ه - 1281 م

تحقیق و تعلیق : السّید محمّد کلانتر

المجلدات 17 ج

منشورات مؤسسة النور للمطبوعات - بیروت - لبنان

ص: 1

اشارة

المکاسب

نويسنده: انصاری، مرتضی بن محمدامین

محقق: کلانتر، محمد

تعداد جلد:17

زبان: عربی

ناشر: منشورات دارالنجف الدینیة - مطبعة الآداب

سال نشر:1214-1281 هجری قمری

ص: 2

الاهداء

سيدي. أبا صالح.

هذه جهودي بين يديك متواضعة بذلتها في سبيل تخليد فقه (أئمة أهل البيت) و هم آباؤك و أجدادك الطاهرون عليهم الصلاة و السلام في سبيل احياء تراثنا العلمي الأصيل، أهديها أليك.. يا حافظ الشريعة يا من يملأ الأرض قسطا و عدلا بعد ما ملئت ظلما و جورا فأنت أولى بها ممن سواك، و لا أراها متناسبة و ذلك المقام الرفيع.

و أراني مقصرا و قاصرا غير أن الهدايا على قدر مهديها.

فتفضل عليّ يا سيدي عجل اللّه تعالى لك الفرج بالقبول، فإنه غاية المأمول.

عبدك الراجي السيد محمد كلانتر

ص: 3

ص: 4

ص: 5

تتمة كتاب البيع

مقدمه في خصوص ألفاظ عقد البيع

اشارة

ص: 6

مقدمة (1) في خصوص ألفاظ عقد البيع.

قد عرفت أن اعتبار اللفظ في البيع، بل في جميع العقود مما نقل عليه عقد الاجماع (2)، و تحقق فيه الشهرة العظيمة (3)، مع الإشارة إليه (4) في بعض النصوص.

+++++++++++

(1) اى هذه مقدمة.

قد جرت عادت المؤلفين في كل فن عند ما يكتبون عن موضوع أن يمهدوا لها بمقدمة في بداية الكتاب قبل الدخول في الموضوع، لتكون إشارة الى مواضيع الكتاب التي يبحث عنها حتى يكون القارئ بصيرا بها قبل إحاطته بمحتويات الكتاب.

و فائدة هذه المقدمة زيادة التوضيح، و مساعدة القارئ.

و الشيخ جريا على القاعدة المألوفة اتى بالمقدمة هنا.

(2) و هو الاجماع المدعى من قبل ابن ادريس في السرائر الذي ذكره الشيخ في الجزء 6. ص 77.

و الاجماع المدعى من قبل السيد ابن زهرة في الغنية الذي نقله الشيخ في الجزء 6. ص 79.

(3) الظاهر منها ما ذكره العلامة في التذكرة و نقلها الشيخ في الجزء 6. ص 84 و لا يخفى أن العلامة افاد: الأشهر عندنا أنه لا بدّ من الصيغة، و لم يقل المشهور حتى تكون الشهرة محققة.

اذ قد عرفت الفرق بين الأشهر و المشهور في الجزء 6. ص 196.

(4) اى الى اعتبار اللفظ في البيع.

ص: 7

لكن هذا (1) يختص بصورة القدرة.

أما مع العجز عنه (2) كالأخرس فمع عدم القدرة على التوكيل لا اشكال و لا خلاف في عدم اعتبار اللفظ، و قيام الإشارة مقامه.

و كذا (3) مع القدرة على التوكيل، لا لأصالة (4) عدم وجوبه كما قيل، لأن (5) الوجوب بمعنى الاشتراط كما فيما نحن فيه (6)،

+++++++++++

(1) و هو اعتبار اللفظ في البيع، بل في مطلق العقود.

(2) اى عن اتيان اللفظ.

(3) أى و كذا لا إشكال في عدم اعتبار اللفظ في البيع مع القدرة على التوكيل.

(4) اى ليس عدم اعتبار اللفظ في البيع في صورة القدرة على التوكيل لاجل أصالة عدم وجوبه كما أفيد في المقام.

و المراد من أصالة عدم الوجوب هي البراءة.

(5) تعليل لكون عدم اعتبار اللفظ في البيع ليس لاجل أصالة البراءة و خلاصت: أن المراد من الوجوب في باب العقود و المعاملات هو الاشتراط الّذي هو الحكم الوضعي: و هي الصحة و البطلان، لا الحكم التكليفي، خذ لذلك مثالا.

اذا قيل: يجب في النكاح، أو البيع مثلا الماضوية، أو العربية أو تقديم الايجاب على القبول، أو البلوغ: يراد منه الاشتراط اى يشترط أن يكون العقد كذا، و لا يراد من الوجوب الحكم التكليفي، لأن الوجوب بمعنى الاشتراط فيما نحن فيه و هو البيع هو الاصل، فكيف يصح أن يقال: إن عدم اعتبار اللفظ في البيع لاجل أصالة عدم وجوبه ؟

(6) و هو البيع كما عرفت آنفا.

ص: 8

هو الاصل، بل (1) لفحوى ما ورد: من عدم اعتبار اللفظ في طلاق الأخرس فإن حمله (2) على صورة عجزه عن التوكيل حمل للمطلق على الفرد

+++++++++++

(1) اى عدم اعتبار اللفظ في البيع مع القدرة على التوكيل لأجل مفهوم الأولوية: و هو وقوع طلاق الأخرس بالاشارة مع قدرته على توكيل الغير، فجواز البيع منه بالاشارة مع القدرة المذكورة بطريق أولى، لأن الطلاق و النكاح و الأموال و الدماء مما أكد عليه الشارع تأكيدا بالغا فوق ما يتصوره العقل.

راجع حول صحة طلاق الأخرس بالاشارة مع القدرة المذكورة (وسائل الشيعة) الجزء 15 ص 299-301 الباب 19. الأحاديث أليك نص الحديث الثاني ص 300.

عن ابان بن عثمان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن طلاق الأخرس.

قال: يلف قناعها على راسها و يجذبه.

فالشاهد في قوله عليه السلام: يلف قناعها على رأسها، حيث لم يعتبر اللفظ في وقوع الطلاق من الأخرس و إن كان قادرا على توكيل غيره لكون الحديث مطلقا لا تقييد فيه بصورة العجز عن التوكيل.

(2) تعليل لعدم اعتبار اللفظ في البيع.

و خلاصته: أن حمل ما ورد من الأحاديث: من عدم اعتبار اللفظ في طلاق الأخرس: على صورة عجزه عن توكيله الغير حمل للمطلق على الفرد النادر و هو عجزه عن التوكيل، و لازم هذا الحمل خروج اكثر أفراد الأخرس عن الحكم.

ص: 9

النادر، مع (1) أن الظاهر عدم الخلاف في عدم الوجوب.

ثم لو قلنا: (2) إن الأصل في المعاطاة اللزوم بعد القول بإفادتها الملكية فالقدر المخرج (3) صورة قدرة المتبايعين على مباشرة اللفظ.

و الظاهر أيضا كفاية الكتابة (4) مع العجز عن الاشارة، لفحوى (5)

+++++++++++

(1) اى مع أن ظاهر اكثر الفقهاء عدم خلافهم في عدم وجوب التوكيل على الأخرس و إن كان قادرا على التوكيل.

يريد الشيخ أن يؤيد ما ادعاه: من عدم اعتبار اللفظ في طلاق الأخرس و إن كان قادرا على التوكيل: بظهور كلمات اكثر العلماء في عدم وجوب التوكيل على الأخرس و إن كان قادرا على التوكيل لمن راجع كلماتهم في المقام.

(2) خلاصة هذا الكلام: أن العمومات الواردة لو شملت المعاملات بأجمعها، و قلنا: إن مقتضى هذا العموم لزوم المعاطاة التي هي من المعاملات بناء على افادة المعاطاة اللزوم، و غيرها: من أفراد المعاملات الفعلية التي منها الاشارة فاللازم حينئذ الحكم بكفاية الاشارة و لو مع القدرة على التوكيل، اذ المسلم و المتيقن خروج صورة قدرة المتبايعين على مباشرة اللفظ: عن كفاية الاشارة.

و أما مع العجز عن مباشرة اللفظ و لو مع القدرة على التوكيل فلا مانع من شمول تلك العمومات، لكفاية الاشارة

(3) بصيغة المفعول.

(4) اى في الأخرس في البيع.

(5) اى لمفهوم الأولوية، فإنه اذا جاز طلاق الأخرس بالكتابة مع العجز عن الاشارة فبطريق أولى يجوز بيعه، لأن الطلاق مما اكد عليه الشرع تأكيدا بالغا

ص: 10

ما ورد من النص (1) على جوازها في الطلاق، مع أن الظاهر (2) عدم الخلاف فيه

و أما مع القدرة على الاشارة فقد رجح بعض الإشارة (3)

و لعله (4) لأنها أصرح في الإنشاء من الكتابة

و في بعض روايات الطلاق ما يدل على العكس (5)،

+++++++++++

(1) راجع المصدر نفسه. ص 300 الحديث 4 أليك نصه عن يونس في رجل أخرس كتب في الارض بطلاق امرأته قال: اذا فعل في قبل الطهر بشهود، و فهم عنه كما يفهم عن مثله و يريد الطلاق جاز طلاقه على السنة

(2) اى الظاهر من كلمات الفقهاء عدم خلافهم في كفاية الكتابة في طلاق الأخرس.

(3) اى على الكتابة، فالأحسن حينئذ من إجراء العقد بالإشارة في الأخرس.

(4) أي و لعل تقديم الإشارة على الكتابة في طلاق الأخرس.

(5) و هو ترجيح الكتابة على الاشارة.

راجع المصدر نفسه. ص 299 - الحديث 1. أليك نصه.

عن أبي نصر البزنطي أنه سأل أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الرجل تكون عنده المرأة يصمت و لا يتكلم.

قال: أخرس هو؟

قلت: نعم، و يعلم منه بغض لامرأته، و كراهة لها.

أ يجوز أن يطلق عنه وليه ؟

قال: لا، و لكن يكتب و يشهد على ذلك.

قلت: فإنه لا يكتب و لا يسمع كيف يطلقها؟

ص: 11

و إليه (1) ذهب الحلي رحمه اللّه هناك.

ثم الكلام في الخصوصيات المعتبرة في اللفظ

اشارة

ثم الكلام في الخصوصيات المعتبرة في اللفظ (2)

تارة يقع في مواد الألفاظ: من حيث افادة المعنى بالصراحة و الظهور و الحقيقة (3) و المجاز (4) و الكناية (5)، و من حيث اللغة المستعملة (6) في معنى المعاملة

و اخرى (7) في هيئة كل من الايجاب و القبول: من حيث اعتبار كونه (8) بالجملة الفعلية، و كونه بالماضي.

+++++++++++

قال: بالذي يعرف به: من أفعاله مثل ما ذكرت من كراهته و بغضه لها.

(1) اى و الى هذا العكس ذهب ابن ادريس، فإنه رجح الكتابة على الإشارة.

(2) من الماضوية و العربية، و تقديم الايجاب على القبول.

(3) و هو استعمال اللفظ فيما وضع له كاستعمال الاسد في الحيوان المفترس، و استفادة هذا المعنى بواسطة التبادر.

(4) و هو استعمال اللفظ في غير ما وضع له كاستعمال لفظ الاسد في الرجل الشجاع بقرينة يرمي مثلا، و يعبر عن هذه القرينة بالصارفة لصرفها اللفظ عن معناه الحقيقي.

(5) و هو ذكر اللازم و إرادة الملزوم كقولك: زيد طويل النجاد المراد منه طول قامته، فإن طول النجاد كناية عن طوله حمائل سيفه الذي هو لازم طول القامة.

و ستأتي الاشارة الى أن الكناية على قسمين: الجلية. و الخفية.

(6) كالعربية و الفارسية، و غير ذلك من اللغات.

(7) اى و يقع الكلام اخرى.

(8) اي كون كل واحد من الايجاب و القبول.

ص: 12

و ثالثة (1) في هيئة تركيب الايجاب و القبول: من حيث الترتيب (2) و الموالاة (3)

المشهور عدم جواز الإنشاء بالألفاظ الكنائية و المجازية

اما الكلام من حيث المادة فالمشهور عدم وقوع العقد بالكنايات

قال (4) في التذكرة: الرابع من شروط الصيغة التصريح (5) فلا يقع بالكناية بيع البتة مثل قوله ادخلته (6) في ملكك، أو جعلته (7) لك أو خذه (8) مني، أو سلطتك (9)

+++++++++++

(1) اى و يقع الكلام ثالثة.

(2) و هو تقديم الايجاب على القبول.

(3) و هو اتباع القبول للايجاب من دون فصل معتد به بينهما

(4) من هنا يروم الشيخ الاتيان بكلمات الفقهاء الصريحة في عدم وقوع العقد بالكنايات.

(5) اي الاتيان باللفظ الصريح الدال على البيع.

(6) فإن ادخلته في ملكك أعم من البيع، و الهبة المعوضة، و غير المعوضة، و الاجارة فيكون من الكنايات.

(7) فإن الجعل أعم من البيع، و الهبة المعوضة، و غير المعوضة؛ و الاجارة فيكون من الكنايات.

(8) فإن الامر بالأخذ أعم من البيع، و الهبة المعوضة، و غير المعوضة فيكون من الكنايات.

(9) فإن التسليط على المال أعم من البيع، و الهبة المعوضة، و غير المعوضة، و الاجارة، و الاعارة، فيكون من الكنايات.

نعم لو قال: سلطتك عليه بكذا اخرج الاعارة، لأنه لا يكون في مقابل شيء.

ص: 13

عليه بكذا (1) عملا (2) بأصالة بقاء الملك، و لأن (3) المخاطب لا يدري بم خوطب. انتهى (4)

و زاد في غاية المراد على الأمثلة مثل قوله: اعطيتكه بكذا، أو تسلط عليه بكذا (5)

و ربما يبدل هذا (6) باشتراط الحقيقة في الصيغة فلا ينعقد (7)

+++++++++++

(1) فإن هذه الأمثلة تحتمل البيع و الهبة المعوضة، و غير المعوضة فتكون من الكنايات فلا يصح وقوع البيع بها.

(2) تعليل لعدم وقوع البيع بالكنايات.

و المراد من الاصل هنا الاستصحاب اى استصحاب بقاء المال على ملك صاحبه عند الشك في انتقاله الى الغير بالكناية.

(3) تعليل ثان لعدم وقوع البيع بالكنايات.

(4) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة. الجزء 7. ص 5

(5) المثالان ملحقان بالأمثلة الثلاثة المتقدمة: من حيث عدم وقوع البيع بهما، لكونهما من الكنايات.

و تأتي الخدشة فيهما كما ذكرنا الخدشة في الثلاثة.

(6) و هو اشتراط التصريح في الصيغة: بأن يقال: تشترط الحقيقة في الصيغة.

(7) اى البيع لا ينعقد بالألفاظ المجازية كاستعمال لفظ سلطتك عليه.

قد عرفت معنى الحقيقة و المجاز في الجزء 6. الهامش 1 ص 10.

و المجاز في الاصل مصدر ميمي إما بمعنى اسم الفاعل و هي الجائزة المراد منها المتعدية. -

ص: 14

بالمجازات حتى صرح بعضهم بعدم الفرق بين المجاز القريب (1) و البعيد (2)

+++++++++++

- أو بمعنى اسم المفعول اى الكلمة المجوز بها.

ثم المجاز على ثلاثة أقسام:

(مجاز لغوي) كاستعمال لفظ الاسد في الرجل الشجاع مع القرينة الصارفة.

(مجاز شرعي): كاستعمال لفظ الصلاة في الأركان المخصوصة.

(مجاز عرفي): و هو إما خاص يتعين ناقله عن المعنى اللغوي كما في النحوي و الصرفي و الكلامي.

و إما عام لا يتعين ناقله.

(1) المجاز القريب ما كانت مناسبته و مشابهته و علاقته مع المعنى الحقيقي أكثر من غيره، خذ لذلك مثالا.

إن الرفع في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: رفع عن امتي تسعة له ثلاثة تقادير.

تقدير رفع المؤاخذة، تقدير رفع الاثر الشائع، تقدير نفس التسعة

فتقدير رفع نفس التسعة أقرب الى المعنى الحقيقي من تقدير رفع الاثر الشائع، أو تقدير رفع المؤاخذة الذي هو بعض الآثار، لوضوح أن الشيء بارتفاعه بنفسه يرتفع جميع آثاره و جميع خصائصه التي منها رفع الاثر الشائع، و رفع المؤاخذة.

(2) و قد عرفت معناه بتفسيرنا المجاز القريب و هو ما كانت مناسبته و مشابهته و علاقته مع المعنى الحقيقي أقل كما في تقدير رفع المؤاخذة في الحديث النبوي، فإن مناسبته مع المعنى الموضوع له الذي هو الرفع أقل من تقدير -

ص: 15

و المراد بالصريح كما يظهر من جماعة من الخاصة و العامة في باب الطلاق، و غيره (1) ما كان موضوعا بعنوان ذلك العقد لغة (2)، أو شرعا (3) و من الكناية (4)

+++++++++++

- رفع الاثر الشائع، و هو أقل من تقدير رفع نفس التسعة.

و كما في استعمال الجملة الخبرية في الطلب الوجوبي، فإن الطلب الوجوبي الذي هو المعنى المجازي للجملة الخبرية أقل ربطا و نسبة مع المعنى الحقيقي من الطلب الندبي فيكون الطلب الوجوبي مجازا بعيدا.

(1) اى و غير الطلاق من بقية العقود.

(2) كما في وضع البيع لمبادلة مال بمال.

(3) كما في وضع الصلاة للماهية المجعولة المفتعلة من الشارع: و هي الأجزاء و الشرائط بكاملها، و كذا بقية الألفاظ العبادية و غيرها الموضوعة للمعاني المفتعلة من الشارع.

(4) اى و المراد من الكناية.

الكناية مصدر كنى يكني، أو كنى يكنو معناه التعبير عن شيء بلفظ غير صريح: بأن يكون اللفظ موضوعا لمعنى آخر غير الذي اريد.

بعبارة اخرى أن الكناية عبارة عن ذكر اللازم و إرادة الملزوم كقولك:

زيد طويل النجاد المراد من طول النجاد طول قامته، اذ طول النجاد كناية عن طول حمائل سيفه فذكر القائل اللازم و اراد الملزوم: و هي طول القامة فاستعمل اللفظ في غير معناه.

و الفرق بينها، و بين المجاز مع أن كليهما يستعملان في غير ما وضع له هو أن الكناية يمكن الجمع فيها بين اللازم و الملزوم

بخلاف المجاز، فإنه لا يمكن الجمع بين المعنى الحقيقي و المجازى.

ص: 16

ما افاد لازم ذلك العقد بحسب الوضع فيفيد إرادة نفسه (1) بالقرائن و هي (2) على قسمين عندهم: جلية (3) و خفية (4)

الظاهر جواز الإنشاء بكل لفظ له ظهور عرفي في المعنى المقصود

و الذي يظهر من النصوص (5) المتفرقة في أبواب العقود اللازمة (6)

+++++++++++

(1) اى نفس العقد.

(2) اى الكناية.

(3) و هي ما كانت الواسطة فيها قليلة كقولك: زيد طويل النجاد المراد منه طول قامته الذي هو الملزوم، فالانتقال من طول النجاد الذي هو طول حمائل سيفه الى طول القامة يكون بواسطة واحدة فليس في هذه الكناية تكثير واسطة، و يقال لها: (الكناية الجلية).

(4) و هي ما كانت الواسطة فيها كثيرة كقولك: زيد كثير الرماد المراد منه كثرة جوده الذي هو ملزوم لوسائط كثيرة، فإن الانتقال إليه يحتاج الى تكثير الواسطة، لأن المخاطب ينتقل من كثرة الرماد الى كثرة إحراق الحطب تحت القدر، و من كثرة الإحراق ينتقل إلى كثرة الطبائخ و من كثرة الطبخ ينتقل الى كثرة الأكلة، و من كثرة الأكلة ينتقل الى كثرة الضيفان، و من كثرة الضيوف ينتقل الى المطلوب: و هي كثرة جود زبد و سخائه.

فهذه الكناية تحتاج الى تكثير الواسطة، فلهذا يقال لها:

(الكناية الخفية).

(5) و هي الأخبار المشار إليها في الجزء 6. الهامش 4. ص 199 و الهامش 1 ص 200.

(6) كالبيع و الاجارة و الرهن و الصلح.

ص: 17

و الفتاوى (1) المتعرضة لصيغها في البيع بقول مطلق (2)، و في بعض أنواعه (3)، و في غير البيع من العقود اللازمة (4) هو (5) الاكتفاء بكل لفظ له ظهور عرفي معتد به في المعنى المقصود (6) فلا فرق بين قوله:

بعت و ملكت، و بين قوله: نقلت الى ملكك، أو جعلته ملكا لك بكذا

و هذا (7) هو الذي قواه جماعة من متأخري المتأخرين (8)

و حكي عن جماعة ممن تقدمهم كالمحقق، حيث حكي عن تلميذه كاشف الرموز (9)

+++++++++++

(1) بالجر عطفا على مجرور (من الجارة) في قوله: من النصوص اى و الذي يظهر من فتاوى العلماء.

و مرجع الضمير في صيغها: العقود اللازمة.

(2) أى من دون أن تفرق تلك النصوص و الفتاوى بين أفراد البيع

(3) اى و في بعض أنواع البيع كالمؤجل، و الحال، و السلف، و الخيار

(4) كالنكاح و الاجارة، و الرهن و الصلح.

(5) خبر للمبتدإ المتقدم في قوله: و الذي يظهر.

(6) كالرهن، و الاجارة، و الصلح.

و الفاء في فلا فرق تفريع على قوله: هو الاكتفاء اى فعلى ضوء ما ذكرنا فلا فرق بين هذين النوعين: و هما: بعت و ملكت، و بين نقلت اى ملكك، أو جعلته ملكا لك: في استعمال هذه الألفاظ في العقد المقصود.

(7) و هو الاكتفاء بكل لفظ.

(8) كالمحقق الاردبيلي.

(9) يأتي شرح حياته و مؤلّفه في (أعلام المكاسب).

ص: 18

أنه حكي عن شيخه المحقق أن عقد البيع لا يلزم فيه لفظ مخصوص و أنه (1) اخناره أيضا.

ظهور كلمات الفقهاء في وقوع البيع بكل لفظ يدل عليه

و حكي عن الشهيد رحمه اللّه في حواشيه أنه جوز البيع بكل لفظ دل عليه (2) مثل اسلمت أليك و عاوضتك.

و حكاه (3) في المسالك عن بعض مشايخه المعاصرين، بل هو (4) ظاهر العلامة رحمه اللّه في التحرير، حيث قال: إن الايجاب هو اللفظ الدال على النقل مثل بعتك، أو ملكتك، أو ما يقوم (5) مقامهما، و نحوه المحكي عن التبصرة (6) و الارشاد و شرحه لفخر الاسلام، فاذا كان الإيجاب هو اللفظ الدال على النقل فكيف لا ينعقد بمثل نقلته الى ملكك، أو جعلته ملكا لك بكذا؟.

+++++++++++

(1) اى كاشف الرموز اختار عدم لزوم البيع الى لفظ مخصوص بل يكتفي فيه بكل لفظ.

(2) اى على البيع.

(3) اى الاكتفاء بكل لفظ.

(4) اى الاكتفاء بكل لفظ في البيع.

(5) هذا هو محل الشاهد في نقل هذا الكلام، فإن ما يقوم مقامهما كل لفظ دل على البيع و النقل و الانتقال.

(6) التبصرة (للعلامة الحلي) قدس اللّه نفسه الزكية.

هي مؤلّف نفيس جدا، و الكتاب هذا و ان كان صغيرا حجمه لكن كثير معناه.

و الكتاب هذا حاو جميع أبواب الفقه من بداية الطهارة الى نهاية الحدود و الديات مع صغر حجمه. -

ص: 19

بل قد يدّعى أنه (1) ظاهر كل من اطلق اعتبار الايجاب و القبول فيه، من دون ذكر لفظ خاص كالشيخ و أتباعه. فتأمل.

و قد حكي عن الاكثر تجويز البيع حالا بلفظ السلم (2)

و صرح جماعة أيضا في بيع التولية بانعقاده (3) بقوله: وليتك العقد

+++++++++++

- و قد علق على الكتاب الفطاحل من أعلام الطائفة.

و طبع الكتاب اكثر من مرة فلله در مصنفه العظيم و سلام اللّه عليه

(1) اي الاكتفاء بكل لفظ.

(2) المراد من السلم هو بيع السلف، و بيع السلف عبارة عن تعجيل الثمن، و تأجيل المثمن الى وقت معلوم بالشروط المقررة في بابه.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 3. من ص 402 الى 424.

و مقصود الشيخ: أن البيع يتحقق خارجا بصيغة السلف في قول البائع: سلمتك، أو أسلفتك عند أكثر الفقهاء.

و هذا دليل على أنه يكتفى في العقود، و في البيع بكل لفظ.

(3) اى بانعقاد البيع بلفظ وليتك.

و التولية مصدر ولى يولي يقال: وليت فلانا امر كذا.

و التولية في البيع: أن يشتري انسان سلعة بثمن معلوم ثم يوليها رجلا آخر بذلك الثمن.

بعبارة اخرى: أن التولية إعطاء السلعة برأس المال فيقول البائع بعد علمه، و علم المشتري بالثمن، و ما تبعه: من المؤن، و اجرة الكيّال و المحراث، و غيرها: وليتك هذا العقد.

فاذا قال المشتري: قبلت لزمه الثمن جنسا، و قدرا و وصفا.

راجع المصدر نفسه. ص 436

ص: 20

أو وليتك السلعة، و التشريك (1) في المبيع بلفظ شركتك.

و عن المسالك في مسألة تقبل أحد الشريكين في النخل حصة صاحبه بشيء معلوم من الثمرة: أن ظاهر الأصحاب جواز ذلك (2) بلفظ التقبيل مع أنه لا يخرج عن البيع، أو الصلح، أو معاملة ثالثة لازمة عند جماعة (3)

+++++++++++

(1) اى و ينعقد البيع بلفظ التشريك: بأن يقول المشتري بعد شراء العين المبيعة لصديقه: شركتك في العين المبيعة التي اشتريتها، فيجعل له نصيبا بما يخصه من الثمن: من النصف، أو الربع، أو الثلث مثلا بشرط علمهما بقدره.

(2) اى جواز وقوع البيع بلفظ التقبيل في تقبيل احد الشريكين حصة صاحبه من الثمرة بشيء معلوم.

حاصل هذه العبارة كما شرحناها في (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 3. ص 368: أن يكون هناك نخيل، أو أشجار بين شريكين، أو اكثر، فيلتزم احد الشريكين لصاحبه إزاء حصته من الثمر بمقدار معلوم: من الكيل، أو الوزن.

و ذلك بأن يخرص اى يخمن الثمر اجمع فيتعاقدان على قبول احدهما حصة صاحبه بعد الخرص و التخمين مقابل كيل، أو وزن معلوم من نفس الثمر، أو غيره.

فيقول احد الشريكين المقدم على شراء حصة صاحبه إزاء حصته:

أتقبل حصتك بكذا مقدار من الوزن؛ أو الكيل.

(3) راجع المصدر نفسه.

ص: 21

هذا ما حضرني من كلماتهم في البيع (1)

ظهور كلمات الفقهاء في وقوع غير البيع بكل لفظ يدل عليه

و أما في غيره (2) فظاهر جماعة في القرض عدم اختصاصه بلفظ خاص فجوزوه بقوله (3): تصرف فيه، أو انتفع به و عليك رد عوضه أو خذه بمثله و اسلفتك، و غير ذلك (4) مما عدوا مثله (5) في البيع من الكنايات مع (6) ان القرض من العقود اللازمة على حسب (7) لزوم البيع و الاجارة

و حكي عن جماعة في الرهن أن ايجابه يؤدي بكل لفظ يدل عليه (8) مثل قوله: هذه وثيقة عندك.

و عن الدروس (9) تجويزه بقوله خذه، أو امسكه بمالك.

+++++++++++

(1) الى هنا كان كلام الشيخ حول نقل كلمات العلماء الأعلام في البيع في الاكتفاء بكل لفظ، دون لفظ يخصه.

(2) من هنا يريد الشيخ أن ينقل كلمات الفقهاء حول غير البيع:

من بقية العقود في الاكتفاء بكل لفظ، دون ألفاظ مخصوصة تخصها.

(3) اى بقول المقرض.

(4) مثل قولك: تملكه.

(5) اى مثل لفظ تصرف فيه، أو انتفع به، أو تملكه.

(6) يقصد الشيخ أن القرض من العقود اللازمة فلازمه أن يؤتى له بلفظ خاص، لا بمطلق اللفظ، فتصريح جماعة بوقوعه بمطلق اللفظ دليل على إرادة الاكتفاء به، و أن القرض يقع به.

(7) اى لزوم القرض كلزوم البيع و الاجارة، من دون فرق بينه و بينهما، فإذا يكتفى في القرض بكل لفظ فقد يكتفى به في البيع.

(8) اي لا يحتاج الى لفظ خاص، مع أنه لازم من طرف الراهن

(9) اى تجويز الرهن.

ص: 22

و حكي عن غير واحد تجويز ايجاب الضمان الذي هو من العقود اللازمة بلفظ تعهدت المال و تقلدته، و شبه (1) ذلك.

و لقد ذكر المحقق و جماعة ممن تاخر عنه جواز الاجارة بلفظ العارية (2) معللين بتحقق القصد.

و تردد جماعة في انعقاد الاجارة بلفظ بيع المنفعة (3)

و قد ذكر جماعة جواز المزارعة بكل لفظ يدل على تسليم الارض للمزارعة (4)

+++++++++++

(1) كقولك: عليّ اداؤه و بذمتي إعطاؤه.

و المراد من الضمان هنا ضمان الغير في المحاكم الشرعية بالمال.

راجع المصدر نفسه. الجزء 4. ص 113-114.

(2) بأن يقول: اعرتك الدار بمدة سنة مثلا بمبلغ قدره مائة دينار مثلا.

و نتيجة الإعارة هو استيفاء المنافع، فنتيجة الاعارة و الاجارة واحدة إلا أن الاولى جائزة، و الثانية لازمة.

راجع المصدر نفسه. ص 255

(3) بأن يقول: بعتك منفعة الدار سنة كاملة مثلا بمبلغ قدره خمسون دينارا

(4) المزارعة تسليم الارض الى الزارع بعوض من الثمر و الحاصل معلوم القدر، راجع المصدر نفسه. ص 275.

فهنا يجوز لصاحب الارض أن يقول عند تسليمها للمزارع: خذ الارض بربع حاصلها مثلا.

ص: 23

و عن مجمع البرهان كما في غيره أنه لا خلاف في جوازها (1) بكل لفظ يدل على المطلوب، مع كونه (2) ماضيا

و عن المشهور جوازها (3) بلفظ ازرع.

و قد جوز جماعة الوقف بلفظ حرمت و تصدقت (4) مع القرينة الدالة على إرادة الوقف مثل أن لا يباع، و لا يورث، مع عدم الخلاف كما عن غير واحد على أنهما (5) من الكنايات.

و جوز جماعة وقوع النكاح الدائم بلفظ التمتع (6)، مع أنه ليس صريحا فيه.

+++++++++++

(1) اى في جواز المزارعة بكل لفظ.

(2) اى مع كون اللفظ الدال على المطلوب من الأفعال الماضية:

بأن يقول: سلمتك الارض.

(3) اى المزارعة بلفظ الأمر في قبال من خص اللفظ فيها بصيغة الماضي.

(4) مع أن الوقف له لفظ خاص كقولك: وقفت

راجع المصدر نفسه. الجزء 3. ص 164.

(5) اى حرمت و تصدقت من الكنايات، و ليستا من الألفاظ الصريحة الدالة على الوقف، و مع ذلك قال جماعة باكتفائهما في الوقف لو وقع بهما، فكيف لا يكتفى بكل لفظ في البيع ؟

(6) بأن تقول المرأة: متعتك نفسي، أو يقول وكيل المرأة: متعت نفس موكلتي لك.

ص: 24

و مع هذه الكلمات (1) كيف يجوز أن يسند الى العلماء، أو اكثرهم وجوب ايقاع العقد باللفظ الموضوع له (2)، و أنه لا يجوز بالألفاظ المجازية (3)، خصوصا مع تعميمها (4) للقريبة و البعيدة كما تقدم (5) عن بعض المحققين.

و لعله لما عرفت من تنافي ما اشتهر بينهم: من عدم جواز التعبير بالألفاظ المجازية في العقود اللازمة، مع ما عرفت منهم من الاكتفاء في اكثرها بالألفاظ غير الموضوعة لذلك العقد (6)

+++++++++++

(1) التي نقلها الشيخ عن الأعلام في الاكتفاء بكل لفظ في بقية العقود بقوله في ص 22: و أما في غيره فظاهر جماعة في القرض الى قوله في ص 24:

و جوز جماعة وقوع النكاح الدائم بلفظ التمتع، مع أنه ليس صريحا فيه

(2) اى للعقد: بأن يقال في البيع: بعتك، و في الاجارة: آجرتك، و في القرض اقرضتك، و في الهبة: وهبتك، و في النكاح الدائم: زوجتك، أو أنكحتك و في الموقت: متعتك، و في العارية: اعرتك، و في القرض: أقرضتك

و هكذا بقية العقود

(3) و كذا بالألفاظ الكنائية.

(4) يقصد الشيخ من هذه العبارة أن بعض الأعلام منع وقوع العقد بالمجازات و ان كانت قريبة، حيث عرفت في الهامش 1 ص 15:

أن المجاز على قسمين: القريب: و البعيد.

فقال: إن بعض الأعلام عمم المنع حتى بالمجازات القريبة.

(5) في قوله في ص 14-15: فلا ينعقد بالمجازات حتى صرح بعضهم بعدم الفرق بين المجاز القريب و البعيد.

(6) فإن المشهور بين العلماء عدم جواز التعبير في العقود اللازمة بالألفاظ المجازية. -

ص: 25

جمع المحقق الثاني على ما حكي عنه في باب السلم و النكاح بين كلماتهم:

بحمل (1) المجازات الممنوعة على المجازات البعيدة، و هو جمع حسن.

و لعل (2) الاولى أن يراد باعتبار الحقائق في العقود اعتبار الدلالة اللفظية الوضعية (3)، سواء أ كان اللفظ الدال على إنشاء العقد موضوعا له بنفسه (4) أو مستعملا فيه مجازا بقرينة لفظ موضوع (5) آخر، ليرجع (6) الافادة بالاخرة الى الوضع، اذ (7) لا يعقل الفرق في الوضوح الذي هو

+++++++++++

- و من طرف آخر يقولون بالاكتفاء بكل لفظ في العقود فهذا هو التنافي بين الكلامين.

فراد المحقق الثاني الجمع بينهما فقال: إن المراد من المجازات التي لا يصح وقوع العقود بها هي المجازات البعيدة، لا القريبة.

(1) الباء بيان لكيفية الجمع بين أقوال الفقهاء.

(2) من هنا يريد الشيخ أن يبدي رايه حول جواز استعمال الألفاظ المجازية في العقود، و عدم الجواز.

(3) و هي الألفاظ الموضوعة لمعانيها اللغوية، سواء أ كان الوضع بنحو الحقيقة أم بنحو المجاز، اذ المجاز أيضا وضعي، لاجازة الواضع هذا الاستعمال.

(4) كما في الوضع الحقيقي.

(5) كما في الوضع المجازي.

(6) تعليل للأعمية المرادة من قوله: سواء أ كان اللفظ الدال على إنشاء العقد، اى إنما نقول بهذه الأعمية، ليكون مآل افادة المعنى من اللفظ لا محالة.

(7) تعليل لرجوع الإفادة بالاخرة الى الوضع -

ص: 26

مناط الصراحة بين افادة لفظ للمطلب بحكم الوضع، أو افادته (1) له بضميمة لفظ آخر يدل (2) بالوضع على إرادة المطلب من ذلك اللفظ.

و هذا (3) بخلاف اللفظ الذي يكون دلالته على المطلب لمقارنة حال

+++++++++++

- و خلاصته: أن الفرق في الوضوح الذي هو ملاك الصراحة بين افادة لفظ للمطلب بحكم الوضع كما في الموضوع له الحقيقي، و بين افادة لفظ للمطلب بضميمة لفظ آخر الذي هي القرينة الصارفة كما في المجاز: غير معقول، و غير متصور.

(1) اى افادة اللفظ للمطلب.

خلاصة هذا الكلام: أن افادة اللفظ للمطلب تارة يكون بمعونة لفظ آخر و بمساعدته: بمعنى أن ذلك اللفظ الآخر بشخصه يدل على المطلب و ان كان اللفظ الّذي جيء به لا يدل على المطلب، فهذه الدلالة تكون لفظية و وضعية أيضا، لأنها كانت باذن من الواضع كما في الكنايات فإنها لا تدل على المطلب بوحدها، لاحتمالها للمطلب، و غيره.

لكن لما جيء بلفظ آخر الّذي يسمى بالقرينة دل اللفظ الاول على المطلب و هو البيع و إن كانت الدلالة بمعونة القرينة، فالدلالة لفظية وضعية.

(2) اى اللفظ الآخر الدال على المطلب إنما يدل عليه بالوضع كما عرفت آنفا عند قولنا: خلاصة هذا الكلام.

(3) اى اللفظ الدال على المراد بمعونة لفظ آخر الذي هي القرنية التي يرجع مآلها الى اللفظ و الوضع، و يكون الاستعمال باذن من الواضع:

غير اللفظ الدال على المراد بمعونة قرينة حالية، أو بمعونة سبق مقال خارج عن العقد، لأن الاعتماد في إنشاء المقاصد يكون حينئذ على القرينة -

ص: 27

أو سبق مقال خارج عن العقد، فإن الاعتماد عليه (1) في متفاهم المتعاقدين و ان كان من المجازات القريبة جدا رجوع عما بني عليه: من (2) عدم العبرة بغير الأقوال في إنشاء المقاصد. (3) و لذا لم يجوزوا العقد بالمعاطاة و لو مع سبق مقال، أو اقتران حال يدل على إرادة البيع جزما (4)

و مما ذكرنا (5) يظهر الاشكال في الاقتصار على المشترك اللفظي

+++++++++++

الحالية و هو خلاف بناء القوم في تفهيم مرادهم، حيث بنوا على إنشاء مقاصدهم بالأقوال لا بالقرينة الحالية، و لا بمعونة سبق مقال و إن كانت القرينة من المجازات القريبة.

فالحاصل: أن العرف المتداول ينشأ مقاصده بالأقوال، و أن التفهيم بالقرائن الحالية خارج عن إطار الدلالات المتداولة عندهم.

(1) أى على اللفظ الذي يكون دلالته على المطلب لمقارنة حال أو سبق مقال.

(2) كلمة من بيان لقوله: عما بني عليه اي بني عليه عبارة عن عدم الاعتبار في إنشاء المقاصد بالقرائن الحالية، أو بسبق مقال، بل لا بد أن يكون الإنشاء بمعونة الأقوال.

(3) تعليل لبناء القوم على عدم اعتبار القرائن الحالية اى و لاجل أن الاعتبار بالأقوال في إنشاء المقاصد، لا بالقرائن الحالية.

(4) اى قطعا: بمعنى أن القرينة لو لم تكن قطعية تدل على إرادة المطلب الذي هو البيع مثلا لا تفيد في المقام اصلا.

(5) و هو أن الاعتبار في إنشاء المقاصد بالأقوال، لا بالقرائن الحالية يظهر الإشكال في الاكتفاء في فهم المراد من المشترك اللفظي على القرينة المعينة. -

ص: 28

اتكالا على القرينة الحالية المعينة، و كذا (1) المشترك المعنوي.

و يمكن أن ينطبق على ما ذكرنا (2) الاستدلال المتقدم في عبارة التذكرة بقوله (3) قدس سره: لأن المخاطب لا يدري بم، خوطب اذ (4)

+++++++++++

- و خلاصته هذا الكلام: أن بعض الأعلام استشكل في اتيان المشترك اللفظي الموضوع لمعان متعددة بوضع على حدة لكل واحد منها يتعين كل واحد منها بقرينة معينة صارفة عن إرادة معنى آخر منها، لاستحالة إرادة معنيين، أو اكثر من المشترك اللفظي عند الاطلاق في آن واحد، و استعمال فارد: اعتمادا على القرينة الحالية، لعدم اعتبارها في إنشاء المقاصد عند القوم كما في لفظ العين الموضوعة للذهب و الفضة و الميزان و الجارية و الباكية و الجاسوس.

(1) اى و كذا استشكل بعض الأعلام في اتيان المشترك المعنوى الموضوع لمعنى واحد عام ينطبق على معاني كثيرة متعددة كلفظ الإنسان الموضوع للحيوان الناطق المنطبق على أفراده الكثيرة: من زيد و عمرو:

اتكالا على القرينة الحالية.

(2) و هو أن الاعتبار في إنشاء المقاصد بالأقوال، لا بالقرائن الحالية الخارجية، أو بمعونة سبق مقال.

(3) الّذي نقله الشيخ عنه في ص 14 بقوله: و قال في التذكرة.

(4) تعليل لانطباق استدلال العلامة على عدم اعتبار الكنايات في العقود بقوله: لأن المخاطب لا يدري بم خوطب على ما افاده الشيخ: من أن الاعتبار في إنشاء المقاصد بالأقوال، لا بالقرينة الحالية.

و خلاصته: أنه ليس مراد العلامة من قوله: لا يدري المخاطب بم خوطب: أن المخاطب لا يفهم مراد المتكلم من قوله: اعطيتكه بكذا، أو ادخله في ملكك حتى من القرائن الخارجية، فإن ذلك غير معقول. -

ص: 29

..........

+++++++++++

- بل مراد العلامة من ذلك: أنه لما كان قول القائل: ادخلته في ملكك و كذا بقية الأمثلة التي ذكرها في التذكرة من الكنايات و ليست من الألفاظ الصريحة الدالة على المراد و هو البيع: فلا بد حينئذ من دلالته على المعنى المنشأ و هو البيع: من قصد الملزوم الذي هو المعنى المنشأ حتى يحصل المعنى المنشأ، و بدون قصد الملزوم لا يحصل المعنى المنشأ.

و من الواضح أن قصد الملزوم لا يتحقق إلا بعد كون اللازم بالمعنى الأخص، لأن اللازم بالمعنى الأعم لا يمكن إرادة الملزوم منه إلا بالقرائن الخارجية فيكون الاعتبار اذا بالقرائن، لا باللفظ فلا تكون الدلالة لفظية فلم يحصل عقد لفظي يقع التفاهم به و قد اعتبر في الدلالة أن تكون لفظية

هذه خلاصة مراد الشيخ في تفسير قول العلامة.

(إن قلت): إن المعنى المنشأ الذي هو الملزوم يحصل بالنية و القرائن الحالية موجودة فلم لا يحصل الإنشاء؟.

(قلنا): إن القرائن لما كانت غير لفظية لا تؤثر النية في الانشاء كما قلنا هذا في المعاطاة: من أن النية بنفسها، أو مع انكشافها بغير الأقوال لا تؤثر في النقل و الانتقال الذي هو معنى الاسم المصدري.

ثم لا بأس بإشارة، اجمالية الى قسمي اللازم: اللازم بالمعنى الأعم، و اللازم بالمعنى الأخص.

(أما الاول): فهو ما لا يختص بملزوم واحد كالحرارة اللازمة للنار و الشمس، و الحركة السريعة، و النور الحاصل من الضياء و الشمس و القمر

(و أما الثاني): فهو اللازم المختص بملزوم واحد، و قد يعبر عنه باللازم المساوي كالخاصة للانسان كالضحك و التعجب بالقوة، أو الإدراك العقلي للانسان.

ثم إن معنى اللازم ما يمتنع انفكاكه عن ملزومه عقلا

ص: 30

ليس المراد (1) أن المخاطب لا يفهم منها (2) المطلب و لو بالقرائن الخارجية بل المراد (3) أن الخطاب بالكناية لما لم يدل على المعنى المنشأ (4) ما لم يقصد الملزوم (5)، لأن (6) اللازم الأعم كما هو الغالب، بل المطرد في الكنايات لا يدل على الملزوم ما لم يقصد المتكلم خصوص الفرد المجامع مع الملزوم الخاص، فالخطاب في نفسه محتمل لا يدري المخاطب بم خوطب، و إنما يفهم المراد بالقرائن الخارجية الكاشفة عن قصد المتكلم (7)

و المفروض (8) على ما تقرر في مسألة المعاطاة أن النية بنفسها، أو مع

+++++++++++

(1) اى مراد العلامة كما عرفت عند قولنا في الهامش 4 ص 29 و خلاصته

(2) اى من الكناية و هي الأمثلة التي ذكرها العلامة في التذكرة و نقلها الشيخ هنا في ص 13 بقوله: و قال في التذكرة.

(3) اى مراد العلامة كما عرفت في ص 30 عند قولنا: بل مراد العلامة.

(4) و هو البيع كما عرفت في ص 30 عند قولنا: على المعنى المنشأ و هو البيع.

(5) المراد منه البيع كما عرفت.

(6) تعليل لعدم دلالة الكناية على المعنى المنشأ ما لم يقصد الملزوم و قد عرفته عند قولنا في ص 30 فلا بد حينئذ.

(7) و هذا خلاف الاعتبار، اذ الاعتبار بالدلالة اللفظية كما اشرنا إليه عند قولنا في ص 30: فلم يحصل عقد لفظي.

(8) قد عرفت معناه في ص 30 عند قولنا: قلنا: إن القرائن لما كانت.

ص: 31

انكشافها بغير الأقوال لا تؤثر في النقل و الانتقال: فلم (1) يحصل هنا عقد لفظي يقع التفاهم به.

لكن هذا الوجه (2) لا يجري في جميع ما ذكروه من أمثلة (3) الكناية

دعوى أن العقود أسباب شرعية توقيفية

ثم إنه ربما يدّعى أن العقود المؤثرة في النقل و الانتقال أسباب شرعية توقيفية (4)

+++++++++++

(1) جواب لقوله: لما لم يدل.

(2) و هو الذي ذكره الشيخ في تفسير قول العلامة: لا يدري المخاطب بم خوطب بقوله: إن الخطاب بالكناية لما لم يدل على المعنى المنشأ ما لم يقصد الملزوم، لأن اللازم الأعم الى آخر قوله الذي شرحناه في ص 30

و خلاصته: أن المخاطب لا يدري بم خوطب: من حيث الألفاظ و القرائن اللفظية.

و أما بحسب القرائن الحالية فلا مانع من كون المخاطب يدري بم خوطب، فهذا التعليل لا يجري في جميع أمثلة الكنايات التي ذكرها الفقهاء، لأن بعض أمثلة الكنايات تدل على المراد بالقرائن اللفظية التي هو اللازم الأخص مثل قولك: ادخلته في ملكك، فإنه لازم مساو للبيع:

بمعنى أنه لا فرق بين قولك: بعت، و قولك: ادخلته في ملكك كما ذكره بعض الأجلة من المحشين.

لكن للخدشة فيه مجال، حيث إن المثال أعم من البيع و الهبة المعوضة، و غير المعوضة فلا يكون مساويا للبيع فلا يكون باللازم الأخص فينطبق عليه قول العلامة: لا يدري المخاطب بم خوطب إلا بالقرائن الحالية

(3) اي الأعم مما ذكره العلامة، و غيره في الكنايات.

(4) اى ألفاظ العقود لا بد أن تكون متلقاة من الشارع فلا يجوز

ص: 32

كما حكي عن الايضاح (1): من أن كل عقد لازم وضع الشارع له صيغة مخصوصة بالاستقراء فلا بد من الاقتصار على المتيقن

و هو (2) كلام لا محصل له عند من لاحظ فتاوى العلماء، فضلا عن الروايات المتكثرة الآتي بعضها (3)

و أما ما ذكره الفخر (4) قدس سره فلعل المراد فيه من الخصوصية المأخوذة في الصيغة شرعا هي اشتمالها على العنوان المعبر به عن تلك المعاملة في كلام الشارع، فاذا (5) كانت العلاقة الحادثة بين الرجل و المرأة معبرا عنها في كلام الشارع بالنكاح (6)

+++++++++++

لنا التصرف فيها باتيان ألفاظ مجعولة من قبلنا كما أن هذه التوقيفية تكون في العبادات فلا يجوز فيها التصرف: من حيث الزيادة و النقيصة.

(1) مؤلف شريف في الفقه الامامي لفخر الاسلام (فخر المحققين) نجل العلامة قدس سرهما يأتي شرحه و شرح مؤلفه في (أعلام المكاسب)

(2) اى ما افاده المدعي: من أن العقود المؤثرة في النقل و الانتقال أسباب شرعية.

(3) الدالة هذه الروايات على عدم وجود صيغة مخصوصة للعقود

(4) اى في الايضاح بقوله: إن كل عقد لازم وضع الشارع له صيغة مخصوصة.

(5) الفاء تفريع على ما افاده: من أن المراد من الخصوصية المأخوذة في الصيغة شرعا هو اشتمالها على العنوان المعبر عن تلك المعاملة به في كلام الشارع. و قد ذكر الشيخ التفريع فلا نعيده

(6) كلفظ انكحت

ص: 33

أو الزوجية (1) أو المتعة (2) فلا بد من اشتمال عقدها (3) على هذه العناوين، فلا يجوز (4) بلفظ الهبة، أو البيع أو الاجارة، أو نحو ذلك (5)

و هكذا الكلام في العقود المنشأة للمقاصد الأخر كالبيع و الاجارة و نحوهما (6)

فخصوصية اللفظ من حيث اعتبار اشتمالها على هذه العناوين (7)

+++++++++++

(1) كلفظ زوجت

(2) كلفظ متعت

(3) اى عقد المرأة لا بد أن يكون مشتملا على احد هذه الألفاظ حتى تتحقق العلقة الزوجية؛ و يجوز للرجل التمتع بها بجميع معاني التمتع

(4) اى عقد المرأة بأحد هذه الألفاظ: بأن تقول المرأة: و هبتك نفسي، أو بعتك نفسي، أو آجرتك نفسي

(5) كلفظ سلطتك في قول المرأة: سلطتك على بضعي.

(6) كالقرض و الهبة، و الصلح و المزارعة و المساقاة، و العارية فلا يجوز استعمال لفظ الاجارة في البيع، أو بالعكس.

و كذا لا يجوز استعمال لفظ القرض في البيع، أو بالعكس

و كذا لا يجوز استعمال لفظ المزارعة في الهبة، أو بالعكس.

و هكذا بقية العقود، فإنه لا يجوز استعمال اي لفظ من العقود أو الايقاعات الصادرة من الشارع في غير ما صدر عنه.

(7) و هو عنوان الزوجية، و عنوان البيع، و عنوان الاجارة، و عنوان الهبة، و عنوان القرض، و عنوان العارية، و عنوان المزارعة، و عنوان المساقاة، و عنوان المضاربة، و عنوان المصالحة.

فاختيار لفظ خاص لمعنى خاص إنما هو لاجل اشتماله على ذاك المعنى

ص: 34

الدائرة في لسان الشارع، أو ما يراد فها لغة، أو عرفا، لأنها (1) بهذه العناوين موارد للأحكام الشرعية التي لا تحصى.

فعلى هذا (2) فالضابط وجوب ايقاع العقد بإنشاء العناوين الدائرة في لسان الشارع؛ اذ لو وقع (3) بإنشاء غيرها.

فإن كان (4) لامع قصد تلك العناوين كما لو لم تقصد المرأة إلا هبة

+++++++++++

الخاص المعبر عنه بالعنوان الّذي ذكرناه لك، فلا بد من وقوع ذاك العنوان المراد بلفظ خاص الوارد من الشارع.

فالحاصل: أن انتخاب لفظ خاص لانشاء معنى خاص إنما هو لاجل ذاك المعنى، و ذاك العنوان الوارد من الشارع ليس إلا

(1) تعليل للخصوصية المذكورة

و خلاصته: أن العقود المنشأة للمقاصد الاخرى، كلفظ البيع المنشأ به علقة التمليك، و قطع حبل الملكية عنه، و اتصاله بالمشتري مثلا بهذا العنوان اصبح موردا للحكم الشرعي.

(2) اى فعلى ضوء ما قلناه: من أن خصوصية اللفظ إنما هو لاجل اشتمالها على تلك العناوين فلا بد من ذكر قاعدة كلية في المقام: و تلك القاعدة هو وجوب ايقاع كل عقد بإنشاء العناوين الدائرة في لسان الشارع.

(3) اى العقد لو وقع في الخارج بإنشاء غير العناوين الدائرة في لسان الشارع كايقاع علقة الزوجة بلفظ غير زوجت. و غير انكحت و غير متعت كلفظ سلطت في قول المرأة، سلطتك على بضعي.

و كذا ايقاع قطع حبل اتصال الملكية عنه، و وصلها بشخص المشتري لو كان بغير لفظ بعت كلفظ اقرضت و هبت ادخلت سلطت.

(4) اى فإن كان العقد الواقع بغير العناوين الدائرة في لسان الشارع لا يقصد منه تلك العناوين.

ص: 35

نفسها، أو اجارة نفسها مدة الاستمتاع لم تترتب عليه الآثار المحمولة في الشريعة على الزوجية الدائمة، أو المنقطعة.

و إن كان (1) بقصد هذه العناوين دخل (2) في الكناية التي عرفت أن تجويزها رجوع الى عدم اعتبار افادة المقاصد بالأقوال.

فما (3) ذكره الفخر رحمه اللّه مؤيد لما ذكرناه، و استفدناه من كلام والده قدس سره.

و إليه (4) يشير أيضا ما عن جامع المقاصد: من أن العقود متلقاة من الشارع فلا ينعقد عقد بلفظ آخر ليس من جنسه (5)

+++++++++++

(1) اى و إن كان العقد الواقع بغير العناوين الدائرة في لسان الشارع تقصد منه تلك العناوين فقد دخل في سلسلة الكنايات التي عرفت أن جواز اتيان العناوين بها هدم لما بناه القوم: من عدم اعتبار القرائن الحالية في إنشاء المقاصد، لأن الكنايات تحتاج الى نصب القرائن الحالية فيكون الاعتبار بها، لا بالأقوال التي هو الملاك في إنشاء المقاصد.

(2) اى غير العناوين كما عرفت آنفا.

(3) تفريع على ما افاده الشيخ: من أنه لا بد من وقوع العقود بأسرها بإنشاء العناوين الواردة في لسان الشارع أى فعلى ضوء ما ذكرناه لا يكون ما ذكره فخر المحققين في الايضاح: من أن كل عقد لازم وضع الشارع له صيغة مخصوصة مخالفا لنا، و لوالده، حيث افاد العلامة بعدم وقوع العقود بالكنايات، لأن المخاطب لا يدري بم خوطب.

(4) اى و الى ما ذكره فخر المحققين يشير المحقق الثاني في جامع المقاصد

(5) كايقاع علقة الزوجية بلفظ ملكتك بضعي.

ص: 36

و ما (1) عن المسالك: من أنه يجب الاقتصار في العقود اللازمة على الألفاظ المنقولة شرعا المعهودة لغة (2)

و مراده بالمنقولة شرعا هي الماثورة في كلام الشارع.

و عن كنز العرفان (3) في باب النكاح أنه حكم شرعي حادث فلا بد له من دليل يدل على حصوله و هو العقد اللفظي المتلقى من النص (4)

ثم ذكر لايجاب النكاح ألفاظا ثلاثة (5)، و عللها (6) بورودها في القرآن.

+++++++++++

(1) اى و الى ما ذكره فخر المحققين في الايضاح يشير الشهيد الثاني في المسالك.

(2) كما في ألفاظ العقود و الايقاعات و العبادات، فإنها قد نقلت عن معانيها اللغوية من قبل الشارع، و وضعت للماهيات المجعولة من قبله إما بالوضع التعييني، أو التعيني.

كما عرفت في الجزء 6 الهامش 1 من ص 23 - الى 28.

(3) يأتي شرح الكتاب و مؤلفه في (أعلام المكاسب).

(4) اى من الشارع فلا بد من الاقتصار عليه.

(5) و هو لفظ: زوجت. انكحت. متعت.

(6) اى و علل صاحب كنز العرفان الاقتصار على الألفاظ الثلاثة المذكورة في باب النكاح بورودها في القرآن الكريم.

قال عز من قائل: قٰالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى اِبْنَتَيَّ هٰاتَيْنِ (1)

ص: 37


1- القصص: الآية 27.

و لا يخفى أن تعليله (1) هذا كالصريح فيما ذكرناه: من تفسير توقيفية العقود، و أنها متلقاة من الشارع، و وجوب الاقتصار على المتيقن

و من هذا الضابط (2) تقدر على تميز الصريح المنقول شرعا المعهود لغة من الألفاظ المتقدمة في أبواب العقود المذكورة من غيره (3) و أن الاجارة بلفظ العارية (4) غير جائزة، و بلفظ بيع المنفعة، أو السكنى مثلا لا يبعد جوازه (5)

و هكذا (6)

+++++++++++

و قال جل ذكره: فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ (1)

و قال عز اسمه: فَلَمّٰا قَضىٰ زَيْدٌ مِنْهٰا وَطَراً زَوَّجْنٰاكَهٰا(2)

(1) اى تعليل صاحب كنز العرفان في حصر العلقة الزوجية في الألفاظ الثلاثة: بورودها في القرآن الكريم.

(2) و هي توقيفية العقود، و أنها متلقاة من الشارع، و أنه واجب الاقتصار على القدر المتيقن.

(3) اى من غير الصريح.

(4) في قوله: اعرتك منفعة الدار و هو يريد الاجارة من الإعارة.

(5) في قوله: بعتك منفعة الدار، أو سكناها سنة كاملة و هو يقصد الاجارة من البيع.

(6) اى و كذا بقية العقود، فإنه لو اتي بلفظ الصلح مثلا في مقام القرض و قال: صالحتك بكذا و هو يقصد الإقراض من لفظة صالحتك فلا يصح.

ص: 38


1- النساء: الآية 24.
2- الأحزاب: الآية 37.

اذا عرفت هذا فلنذكر ألفاظ الايجاب و القبول.

اشارة

اذا عرفت هذا (1) فلنذكر ألفاظ الايجاب و القبول.

أما الإيجاب
منها: لفظ بعت في الايجاب

(منها) (2): لفظ بعت في الايجاب، و لا خلاف فيه فتوى و نصا و هو و إن كان من الأضداد بالنسبة الى البيع و الشراء

لكن كثرة استعماله في البيع وصلت الى حد تغنيه عن القرينة.

منها: لفظ شريت

(و منها) (3): لفظ شريت فلا اشكال في وقوع البيع به لوضعه له كما يظهر من المحكي عن بعض اهل اللغة، بل قيل لم يستعمل في القرآن الكريم إلا في البيع.

و عن القاموس شراه يشريه ملكه بالبيع و باعه كاشتراه فهما ضدان.

و عنه أيضا كل من ترك شيئا و تمسك بغيره فقد اشتراه.

و ربما يستشكل فيه (4) بقلة استعماله عرفا في البيع، و كونه محتاجا الى القرينة المعينة (5)، و عدم نقل الايجاب به (6) في الأخبار، و كلام القدماء (7)

+++++++++++

(1) و هي توقيفية العقود و الإيقاعات، و أنه لا بد في صدورها من الشارع.

(2) اى من تلك الألفاظ.

من هنا اخذ الشيخ في عد ألفاظ وردت في الايجاب و القبول من الشارع فقال: منها.

(3) اى و من تلك الألفاظ الواردة في الايجاب و القبول.

(4) اى في لفظ شريت.

(5) اى اذا استعمل عرفا في البيع يحتاج الى ذكر قرينة معينة تعين المراد منه هل البيع، أو الشراء؟.

(6) اى بلفظ شريت.

(7) اى و لم يأت لفظ شريت في كلام القدماء في الايجاب.

ص: 39

و لا يخلو (1) عن وجه.

منها: لفظ ملكت بالتشديد

(و منها) (2): لفظ ملكت بالتشديد، و الاكثر على وقوع البيع به بل ظاهر نكت الارشاد الاتفاق عليه، حيث قال: إنه لا يقع البيع بغير اللفظ المتفق عليه كبعت و ملكت.

و يدل عليه ما سبق في تعريف البيع (3): من أن التمليك بالعوض المنحل الى مبادلة العين بالمال هو المرادف للبيع عرفا و لغة كما صرح به فخر الدين حيث قال: إن معنى بعت في لغة العرب ملّكت غيري.

و ما قيل من أن التمليك يستعمل في الهبة بحيث لا يتبادر منه عند الاطلاق غيرها.

فيه أن الهبة إنما يفهم من تجريد اللفظ عن العوض (4)، لا من مادة التمليك فهي (5) مشتركة معنى بين ما يتضمن المقابلة (6)، و بين المجرد عنها (7)، فإن اتصل بالكلام ذكر العوض افاد المجموع المركب بمقتضى الوضع التركيبي البيع، و إن تجرد عن ذكر العوض اقتضى تجريد الملكية

+++++++++++

(1) اى هذا الاشكال وجيه، فمآل الإشكال الى عدم جواز استعمال لفظ شريت في البيع.

(2) اى و من تلك الألفاظ الواردة من الشارع في الايجاب و القبول

(3) في ص 36 من الجزء 6

(4) كما في الهبة غير المعوضة.

(5) اى الهبة مشتركة بالاشتراك المعنوي، لا اللفظي.

(6) كما في الهبة المعوضة.

(7) اى عن المقابلة كما في الهبة غير المعوضة.

ص: 40

المجانية (1)

و قد عرفت سابقا أن تعريف البيع بذلك (2) تعريف بمفهومه الحقيقي، فلو اراد منه (3) الهبة المعوضة، أو قصد المصالحة بنيت صحة العقد على صحة عقد بلفظ غيره مع النية.

و يشهد لما ذكرنا (4) قول فخر الدين في شرح الارشاد أن معنى بعت في لغة العرب ملكت غيري (5)

أما الايجاب باشتريت

و أما الايجاب باشتريت ففي مفتاح الكرامة أنه قد يقال بصحته كما هو الموجود في بعض نسخ التذكرة، و المنقول عنها في نسختين من تعليق الارشاد.

+++++++++++

(1) كما في الهبة غير المعوضة.

(2) اى بمبادلة مال بمال كما عرفت في ص 9 في الجزء 6

(3) خلاصته هذا الكلام: أنه لو اراد القائل من لفظ بعت الهبة أو الصلح: لتوقفت صحة هذا العقد على القول بصحة التعبير عن كل عقد بلفظ آخر كإرادة الإجارة من لفظ بعت، أو الهبة، أو الصلح منه.

فإن قلنا بصحة ذلك تفرع عليها صحة إرادة الهبة، أو المصالحة من البيع، مع قصد الهبة، أو الصلح منه.

و إن لم نقل بالصحة فلا تقع الهبة، أو الصلح من لفظ بعت و إن نوى الهبة، أو الصلح.

(4) و هو أن صحة إرادة الهبة، أو الصلح من لفظة بعت مثلا متوقفة على صحة إرادة العقد بلفظ غيره مع نية الهبة، أو الصلح.

(5) فقول فخر المحققين دليل على صحة إرادة العقد بلفظ غيره من العقود.

ص: 41

أقول: و قد يستظهر ذلك (1) من عبارة كل من عطف على بعت و ملكت شبههما (2)، أو ما يقوم مقامهما، اذ (3) إرادة خصوص لفظ شريت من هذا (4) بعيد جدا.

و حمله (5) على إرادة ما يقوم مقامهما في اللغات الاخر للعاجز عن العربية أبعد (6) فيتعين إرادة ما يراد فهما لغة أو عرفا، فيشمل شريت و اشتريت.

لكن الإشكال المتقدم (7) في شريت أولى بالجريان هنا، لأن شريت استعمل في القرآن الكريم في البيع بل لم يستعمل فيه (8) إلا فيه، بخلاف اشتريت (9)

+++++++++++

(1) و هو وقوع الايجاب بلفظ اشتريت.

(2) فإن كلمة شبههما تشمل لفظ اشتريت في وقوع الايجاب به و كذلك أو ما يقوم مقامهما، فإنه يشمل لفظة اشتريت.

(3) تعليل لشمول لفظة شبههما اشتريت.

(4) اى من كلمة شبههما، أو ما يقوم مقامهما.

و أما وجه البعد فلترادف لفظتي شريت و اشتريت.

(5) اى و حمل لفظ أو ما يقوم مقامهما.

(6) لعل وجه الأبعدية: أن الشيخ يعتقد أن الفقهاء الذين اتوا بجملة أو ما يقوم مقامهما لا يجوزون إجراء الصيغة بغير العربية.

(7) و هو قوله في ص 39: و ربما يستشكل فيه بقلة استعماله عرفا في البيع، و كونه محتاجا الى القرينة المعينة.

(8) اى فى القرآن الكريم لم تستعمل كلمة شريت إلا في البيع.

(9) فإنه قد استعملت لفظة اشتريت في القرآن الكريم في الشراء -

ص: 42

و دفع (1) الإشكال في تعيين المراد منه بقرينة تقديمه الدال على كونه ايجابا إما بناء على لزوم تقديم الايجاب على القبول، و إما لغلبة ذلك.

غير صحيح، لأن (2) الاعتماد على القرينة غير اللفظية في تعيين المراد من ألفاظ العقود قد عرفت ما فيه.

+++++++++++

- قبال البيع في قوله تعالى:

إِنَّ اَللّٰهَ اِشْتَرىٰ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوٰالَهُمْ (1)

(1) دفع و هم

حاصل الوهم: أن الاشكال الوارد في احتياج كلمة اشتريت عند استعمالها في البيع الى قرينة معينة: يدفع بسبب تقديم اشتريت، اذ التقديم دليل على أنه الايجاب فيتعين أن المراد منه هو البيع، لا الشراء فلا يحتاج هذا الاستعمال الى قرينة معينة.

و الباء في قوله: بقرينة تقديمه بيان لكيفية الدفع التي عرفتها عند قولنا: حاصل الوهم.

و لا يخفى أن دلالة تقديم اشتريت على كونه هو الايجاب و يراد منه البيع باحد الامرين.

إما لبناء القوم على لزوم تقديم الايجاب على القبول.

أو لأجل الغالب، حيث إن الغالب في العقود تقديم الايجاب على القبول.

(2) جواب عن الوهم المذكور.

حاصله: أنه لو قلنا بهذه المقالة يكون الاعتبار حينئذ في المقاصد المنشأة بالقرائن الحالية، لا بالأقوال.

ص: 43


1- التوبة: لآية 111

إلا أن يدّعى أن ما ذكر سابقا (1): من اعتبار الصراحة مختص بصراحة اللفظ: من حيث دلالته على خصوص العقد، و تميزه (2) عما عداه من العقود.

و أما تمييز ايجاب عقد معين عن قبوله الراجع الى تمييز البائع عن المشتري فلا يعتبر فيه الصراحة بل يكفي استفادة المراد و لو بقرينة المقام (3)، أو غلبته أو نحو هما.

+++++++++++

و قد عرفت أن الاعتماد عليها هدم لبناء القوم على اعتمادهم في المقاصد المنشأة بالألفاظ.

(1) في قوله في ص 26: اذ لا يعقل الفرق في الوضوح الّذي هو مناط الصراحة.

خلاصة هذا الاستثناء، أن اعتبار الأقوال في إنشاء المقاصد إنما يخص كيفية أداء الصيغة و بيانها و صراحتها.

و هذا مما لا بد أن يكون بالدلالة اللفظية.

أما تعيين أن أيّ الطرفين من العقد ايجاب أو قبول فتكتفى به بالقرائن الحالية كتقديم الايجاب على القبول، فلا يكون هذا هدما لبناء القوم:

من اعتبار الأقوال في إنشاء المقاصد.

كما افاده الشيخ في ص 28 بقوله: رجوع عما بني عليه: من عدم العبرة بغير الأقوال.

(2) بالجر عطفا على مجرور (على الجارة) في قوله: على خصوص أى و من حيث دلالته على تميز هذا العقد الخاص الذي نحن بصدده عن بقية العقود.

و هذا مما لا بد أن يكون بالدلالة اللفظية.

(3) المراد منه القرينة الحالية الخارجية.

ص: 44

و فيه (1) إشكال

أما القبول
اشارة

و أما القبول فلا ينبغي الاشكال في وقوعه بلفظ قبلت و رضيت و اشتريت، و ابتعت و تملكت، و ملكت مخففا.

و أما بعت فلم ينقل الا من الجامع (2)، مع أن المحكي عن جماعة من أهل اللغة اشتراكه بين البيع و الشراء.

و لعل الإشكال فيه (3) كإشكال اشتريت في الايجاب.

و اعلم أن المحكي عن نهاية الأحكام و المسالك أن الاصل في القبول قبلت و غيره بدل، لأن القبول على الحقيقة مما لا يمكن به الابتداء (4)، و الابتداء بنحو اشتريت و ابتعت (5) ممكن

و سيأتي توضيح ذلك في اشتراط تقديم الايجاب.

ثم إن في انعقاد القبول بلفظ الإمضاء (6) و الاجازة و الانفاذ و شبهها.

+++++++++++

(1) اى في كفاية استفادة المراد و لو بالقرائن الحالية.

(2) اى استعمال كلمة بعت في القبول إلا عن كتاب الجامع، و كتاب الجامع مؤلف شريف في الفقه يأتي شرحه و شرح مؤلفه في (أعلام المكاسب)

(3) أى الاشكال في استعمال كلمة بعت في القبول مثل الإشكال في استعمال لفظة اشتريت في الايجاب: في احتياجه الى القرائن اللفظية، و أنه لا اعتبار بالقرائن الحالية.

(4) حيث إنه متفرع على شيء خارجي سابق عليه يمكن تغلبه و ما دام لم يتحقق الشيء في الخارج كيف يمكن تحقق القبول الذي يتفرع عليه

(5) الذين هما من ألفاظ القبول يمكن استعمالهما في الايجاب.

(6) أى بلفظ امضيت. اجزت. انفذت.

ص: 45

وجهين (1)

فرع

فرع لو اوقعا العقد بالألفاظ المشتركة بين الايجاب و القبول ثم اختلفا في تعيين الموجب و القابل (2) إما بناء على جواز تقديم القبول و إما من جهة اختلافهما في المتقدم (3)

فلا يبعد الحكم بالتحالف، ثم عدم ترتب الآثار المختصة بكل من البيع و الاشتراء على واحد (4) منهما

مسألة: في اشتراط العربية

(مسألة): المحكي عن جماعة: منهم السيد عميد الدين و الفاضل المقداد و المحقق و الشهيد الثانيان اعتبار العربية في العقد، للتأسي (5)

+++++++++++(1) وجه بعدم الانعقاد: لأنها من الألفاظ المشتركة تحتاج في تعيين المراد من معانيها الى نصب قرينة لفظية وضعية ؟

و وجه بالانعقاد، لأن القرينة الحالية تكفي في المقام.

(2) بأن يدعي كل واحد منهما أني موجب و ينكر القبول، فلازمه إنكار الايجاب لصاحبه.

(3) بأن يحلف المدعي على إنكار تقدم صاحبه في الايجاب كما أن صاحبه يحلف على إنكار تقدم صاحبه في الايجاب.

راجع الجزء 6. الهامش 4. ص 177 حول التحالف

(4) اى على كل واحد من البائع و المشتري، لا البائع وحده و لا المشتري وحده كما توهم هذه اللفظة.

(5) اى بالرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم، للامر من اللّه عز و جل في ذلك بقوله عز من قائل: و لَكُمْ فِي رَسُولِ اَللّٰهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ (1)

ص: 46


1- الأحزاب الآية 21

كما في جامع المقاصد، لأن (1) عدم صحته بالعربي غير الماضي يستلزم عدم صحته بغير العربي بطريق أولى.

و في الوجهين (2) ما لا يخفى

و أضعف منهما (3) منع صدق العقد على غير العربي مع التمكن من العربي.

فالاقوى صحته بغير العربي.

و هل يعتبر عدم اللحن من حيث المادة و الهيئة، بناء على اشتراط العربي ؟.

الأقوى ذلك، بناء على أن دليل اعتبار العربية هو لزوم الاقتصار على المتيقن من أسباب النقل (4)

و كذا (5) اللحن في الإعراب.

و حكي عن فخر الدين الفرق بين ما لو قال: بعتك بفتح الباء و بين ما لو قال: جوزتك بدل زوجتك فصحح الاول، دون الثاني إلا

+++++++++++

فالرسول كان يوقع العقود بالعربية فلا بد من التأسي به في ايقاع العقود و الايقاعات بالعربية، ليتحقق التأسي.

(1) دليل ثان لاعتبار العربية في العقود.

و هو في الواقع قياس أولوية و خلاصته: أنه لو لم يجز ايقاع العقد بغير العربي الفصيح فبطريق أولى لا يجوز ايقاعه بغير العربي.

(2) و هما: التأسى و قياس الأولوية

(3) اى من الوجهين المذكورين.

(4) و لا شك أن القدر المتيقن من أسباب النقل هو العربي الفصيح

(5) و كذا اى يعتبر عدم اللحن في حركات أواخر الكلمات في ألفاظ العقد

ص: 47

مع العجز عن التعلم و التوكيل (1)

و لعله لعدم معنى صحيح في الاول إلا البيع، بخلاف التجويز، فإن له معنى آخر (2) فاستعماله في التزويج غير جائز.

و منه (3) يظهر أن اللغات (4) المحرفة لا بأس بها اذا لم يتغير بها المعنى.

ثم هل المعتبر عربية جميع أجزاء الايجاب و القبول كالثمن و المثمن أم تكفي عربية الصيغة الدالة على إنشاء الايجاب و القبول حتى لو قال:

بعتك اين كتاب را بده درهم كفى ؟

و الأقوى هو الأول (5)، لأن غير العربي كالمعدوم فكأنه لم يذكر في الكلام.

+++++++++++

(1) أى في الثاني و هو قوله: جوزتك بدل زوجتك.

(2) و هو الجواز بمعنى الامكان، و بمعنى عدم الحظر

(3) اى من أن للبيع ليس معنى آخر لو قال: بعتك بفتح التاء بخلاف جوزتك بدل زوجتك، فإن له معنى آخر.

(4) المراد منها الكلمات اللغوية، لا اللغات الاجنبية في قبال اللغة العربية.

(5) و هو اعتبار جميع أجزاء الايجاب و القبول.

لا يخفى على القارئ النبيل أن ما أفاده الشيخ: من اعتبار العربية في جميع أجزاء الايجاب و القبول لا يخلو من إشكال، حيث إن البائع لو كان مصريا و العملة المتداولة فيما بينهم هي الجنية المصري و هي كلمة اجنبية فما ذا يقول عند البيع مكان الجنية لو كان البيع بعشرة جنيهات ؟

ص: 48

نعم لو لم يعتبر ذكر متعلقات الايجاب (1) كما لا يجب في القبول و اكتفي بانفهامها و لو من غير اللفظ صح الوجه الثاني (2)

لكن الشهيد رحمه اللّه في غاية المراد في مسألة تقديم القبول نص على وجوب ذكر العوضين في الايجاب (3)

ثم إنه هل يعتبر كون المتكلم عالما تفصيلا بمعنى اللفظ (4): بأن يكون فارقا بين معنى بعت و ابيع و أنا بائع، أو يكفي مجرد علمه بأن هذا اللفظ يستعمل في لغة العرب لانشاء البيع ؟

الظاهر هو الاول (5) لأن عربية الكلام ليست باقتضاء نفس الكلام بل بقصد المتكلم منه (6) المعنى الذي وضع له عند العرب، فلا يقال: إنه تكلم و ادّى المطلب على طبق لسان العرب، الا اذا ميز بين معنى بعت و ابيع و اوجدت البيع، و غيرها.

بل على هذا (7) لا يكفي معرفة أن بعت مرادف لقوله:

+++++++++++

(1) اى من دون أن يذكر في البيع الثمن لفظا كما لم تذكر متعلقات القبول في البيع لفظا، حيث يكتفى عن الذكر بالتفهيم و التفاهم فيما بينهم و لو بالاشارة.

(2) و هو الاكتفاء بعربية الصيغة، دون بقية الأجزاء.

(3) فمن هذا القول يستفاد عربية جميع أجزاء الايجاب و القبول.

(4) اى بلفظ الايجاب و القبول، و جميع مشتقاتهما.

(5) و هو كونه عالما تفصيلا بلفظ الايجاب و القبول، و جميع مشتقاتهما.

(6) أى من الكلام.

(7) و هو أنه لا يقال: إنه تكلم بالعربية إلا اذا ميز القائل بين معنى بعت و ابيع.

ص: 49

فروختم حتى يعرف أن الميم في الفارسي عوض عن تاء المتكلم، فيميز بين بعتك و بعت بالضم، و بعت بفتح التاء، فلا ينبغي ترك الاحتياط و ان كان في تعينه (1) نظر، و لذا (2) نص بعض على عدمه

مسألة في اشتراط الماضوية

(مسألة) المشهور كما عن غير واحد اشتراط الماضوية؛ بل في التذكرة الاجماع على عدم وقوعه بلفظ ابيعك، أو اشتر مني (3)

و لعله لصراحته (4) في الانشاء، اذ المستقبل (5)، أشبه بالوعد و الأمر (6) استدعاء، لا ايجاب، مع أن قصد الانشاء بالمستقبل (7) خلاف المتعارف.

+++++++++++

(1) اى في تعين معرفة الايجاب و القبول، و متعلقاتهما، و جميع مشتقاتهما نظر و اشكال.

وجه النظر أن العرف يحكم بأن المتكلم بالعربي و إن لم يفهم معناه:

يصدق عليه أنه تكلم بالعربية.

(2) أى و لأجل أن في تعين الايجاب و القبول، و جميع أجزائهما نظرا و إشكالا صرح بعض الفقهاء بعدم اعتبار هذا.

(3) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة. الجزء 7. ص 5

(4) اى و لصراحة الماضي.

(5) و هو قولك: ابيعك.

(6) و هو قولك: اشتر مني.

(7) اى بصيغة المضارع كما في قولك: ابيعك.

و لا يخفى ضعف ما افاده شيخنا الانصاري، لوقوع النكاح في القرآن الكريم بصيغة المضارع في قوله عز من قائل:

قٰالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى اِبْنَتَيَّ هٰاتَيْنِ عَلىٰ أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمٰانِيَ حِجَجٍ . القصص: الآية 27.

ص: 50

و عن القاضي في الكامل و المهذب عدم اعتبارها (1)

و لعله لاطلاق البيع و التجارة (2)، و عموم العقود (3)، و ما دل في بيع الآبق (4)، و اللبن في الضرع (5) من الايجاب بلفظ المضارع

+++++++++++

اللهم إلا أن يقال: إن انكحك وعد و ليس إنشاء، أو أنه كان في شريعة (موسى بن عمران)، لا في شريعتنا.

(1) اى الماضوية.

(2) اى على غير الماضي.

(3) و هو قوله تعالى: وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ ، و أَوْفُوا بِالْعُقُودِ

فالعموم في الآيتين يشمل العقد الصادر بصيغة المضارع و الأمر.

(4) اسم فاعل من ابق يأبق ابقا و اباقا وزان تعب يتعب معناه:

الهروب بلا مبرر و مجوز.

يقال: ابق العبد من مولاه اى هرب من سيده من غير خوف منه و لا كد عمل.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 262. الباب 11 الحديث 1-2. أليك نص الحديث 1

عن الامام ابي الحسن موسى عليه السلام قلت له: أ يصلح لي أن اشتري من القوم الجارية الآبقة و اعطيهم الثمن و اطلبها انا؟

قال: لا يصلح شراؤها إلا أن تشتري منهم معها ثوبا، أو متاعا فتقول لهم: اشتري منكم جاريتكم فلانة و هذا المتاع.

فالشاهد في لفظة اشتري، حيث وقع الايجاب بها بلفظ المستقبل.

(5) راجع المصدر نفسه. ص 259. الباب 8. الحديث 1-2 أليك نص الحديث 2 -

ص: 51

و فحوى ما دل عليه في النكاح (1)

و لا يخلوا هذا (2) من قوة لو فرض صراحة المضارع في الانشاء على وجه لا يحتاج الى قرينة المقام. فتأمل (3)

مسألة في شرطية الترتيب بين الإيجاب و القبول

(مسألة): الأشهر كما قيل لزوم تقديم الايجاب على القبول، و به صرح في الخلاف و الوسيلة و السرائر و التذكرة، كما عن الايضاح و جامع المقاصد

+++++++++++

- عن سماعة قال: سألت عن اللبن يشترى و هو في الضرع.

فقال: لا إلا أن يحلب لك من اسكرجة(1) فيقول: اشتر مني هذا اللبن الذي في اسكرجة و ما في ضروعها بثمن مسمى، فإن لم يكن في الضرع شيء كان ما في الاسكرجة.

فالشاهد في لفظة اشتر، حيث وقع الايجاب بها بلفظ الامر.

(1) راجع المصدر نفسه. الجزء 14. ص 466. الباب 18.

الأحاديث، أليك نص الحديث 2.

عن أبي بصير عن ثعلبة قال: تقول: اتزوجك على كتاب اللّه و سنة نبيه نكاحا غير سفاح؛ و على أن لا ترثيني و لا ارثك كذا و كذا يوما بكذا و كذا درهما، و على أن عليك العدة

فالشاهد في لفظة اتزوجك، حيث وقع الإيجاب بها بصيغة المضارع

(2) و هو عدم اعتبار الماضوية في العقود.

(3) لعله اشارة الى وهن اشتراط صراحة المضارع في الانشاء على وجه لا يحتاج الى قرينة.

ص: 52


1- في كتب اللغة بدون الألف، و الكلمة فارسية معربة و هي بضم السين و الكاف و الراء المشددة، و هي إناء صغير يؤكل فيه الشيء القليل من الادام.

و لعله (1) الأصل بعد حمل آية وجوب الوفاء (2) على العقود المتعارفة كاطلاق البيع و التجارة في الكتاب و السنة (3)

و زاد بعضهم (4) أن القبول فرع الايجاب فلا يتقدم عليه، و أنه تابع له فلا يصح تقدمه عليه.

و حكي عن غاية المراد عن الخلاف الاجماع عليه (5) و ليس (6)

+++++++++++

(1) اى و لعل تقديم الايجاب على القبول هو الاصل الذي هو الاستصحاب أى استصحاب بقاء كل من العوضين في ملك مالكه عند الشك في سببية الايجاب المتأخر عن القبول.

(2) و هو قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، حيث يحمل على العقود المتعارفة عند نزول الآية، و المتعارف في ذلك العصر هو تقديم الايجاب على القبول.

(3) حيث يحمل البيع و التجارة على ما هو المتعارف في الخارج: و هو تقديم الايجاب على القبول.

فحمل البيع و التجارة و العقود على ما هو المتعارف يضيق دائرة الاطلاق.

(4) أى زاد بعض الفقهاء في المقام دليلا آخر: و هو أن القبول فرع الايجاب كما في الاخذ و الاعطاء، حيث إن الأخذ فرع الاعطاء

(5) اى على تقديم الايجاب على القبول.

(6) هذا اعتراض من شيخنا الأنصارى على الاجماع المدعى في غاية المراد عن الخلاف فيريد أن ينفي الاجماع.

ص: 53

في الخلاف في هذه المسألة (1) إلا أن البيع مع تقديم الايجاب متفق عليه فيؤخذ به (2) فراجع.

خلافا للشيخ في المبسوط في باب النكاح (3)، و إن وافق الخلاف في البيع (4) إلا أنه عدل عنه (5) في باب النكاح.

بل ظاهر كلامه (6) عدم الخلاف في صحته (7) بين الامامية، حيث إنه بعد ما ذكر أن تقديم القبول بلفظ الأمر في النكاح: بأن يقول الرجل زوجني فلانة جائز بلا خلاف.

قال: أما البيع فإنه اذا قال: بعنيها فقال: بعتكها صح عندنا و عند قوم من المخالفين.

+++++++++++

(1) اى مسألة تقديم الايجاب على القبول.

(2) اى بهذا الاتفاق في تقديم الايجاب على القبول حين التعامل فيكون صحيحا بالاتفاق.

فهذا الاتفاق يدل على صحة البيع اذا تقدم الايجاب على القبول و ليس اجماعا على وجوب تقديم الايجاب على القبول.

(3) حيث قال: بجواز تقديم الايجاب على القبول.

(4) حيث قال هنا بوجوب تقديم الايجاب على القبول، و البيع يذكر قبل النكاح في الكتب الفقهية.

(5) اى عن وجوب تقديم الايجاب على القبول.

و لا يخفى أن ما نقله شيخنا الانصاري عن الخلاف بقوله: إن البيع مع تقديم الايجاب متفق عليه فيؤخذ به: لا يدل على رأي الشيخ في وجوب تقديم الايجاب على القبول.

(6) اى كلام شيخ الطائفة.

(7) اى في صحة تقديم القبول على الايجاب.

ص: 54

و قال قوم منهم: لا يصح حتى يسبق الايجاب. انتهى (1)

و كيف كان فنسبة القول الأول (2) الى المبسوط مستندة الى كلامه في باب البيع.

و أما في باب النكاح (3) فكلامه صريح في جواز التقديم كالمحقق رحمه اللّه في الشرائع؛ و العلامة في التحرير، و الشهيدين في بعض كتبهما و جماعة ممن تأخر عنهما (4)، للعمومات السليمة (5) عما يصلح لتخصيصها

و فحوى (6) جوازه في النكاح الثابت بالأخبار مثل خبر ابان بن تغلب

+++++++++++

(1) راجع (المبسوط) الطبعة الحروفية الثانية عام 1388. الجزء 4 ص 194، و العبارة هنا منقولة بالمعنى.

(2) و هو وجوب تقديم الايجاب على القبول.

خلاصة هذا الكلام أن هذا الوجوب المستند الى الشيخ إنما هو في كتاب البيع من المبسوط، لا في كتاب النكاح من المبسوط، فإنه في نكاح المبسوط عدل عن وجوب تقديم الايجاب على القبول و قال بصحة تقديم القبول على الايجاب.

و ظاهر كلامه عدم الخلاف في ذلك.

(3) اى من كتاب المبسوط.

(4) اى عن الشهيدين.

(5) و هو قوله تعالى: وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ ؛ و أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ ، فإن هذه الآيات دالة بعمومها على جواز تقديم القبول على الايجاب.

(6) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله: للعمومات السليمة، اي و لفحوى الدال على جواز تقديم القبول على الايجاب. -

ص: 55

الوارد في كيفية الصيغة المشتمل على صحة تقديم القبول بقوله (1) للمرأة:

اتزوجك متعة على كتاب اللّه، و سنة رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم الى أن قال: فاذا قالت: نعم فهي امرأتك و أنت أولى الناس بها (2)

و رواية سهل الساعدي المشهورة في كتب الفريقين كما قيل المشتملة على تقديم القبول من الزوج بلفظ زوجنيها (3):

و التحقيق أن القبول اما أن يكون بلفظ قبلت و رضيت.

و إما أن يكون بطريق الأمر و الاستيجاب نحو بعني فيقول المخاطب؛ بعتك

+++++++++++

و المراد من الفحوى هي الأولوية المأخوذة في باب النكاح، فإنه لما جاز في الأعراض التى اهتم بها الشارع المقدس اهتماما بالغا تقديم القبول على الايجاب فبطريق اولى يجوز في بقية العقود و الايقاعات.

(1) اى بقول الرجل الذي هو القابل.

(2) (وسائل الشيعة) الجزء 14. ص 466. الباب 18. الحديث 1

و في الباب أحاديث اخرى كلها صريحة في جواز تقديم القبول على الايجاب

(3) راجع (مستدرك وسائل الشيعة) المجلد 2. ص 563. أبواب عقد النكاح و أولياء العقد. الباب 1. الحديث 4

أليك نص الحديث.

روى سهل الساعدي أن النبي صلى اللّه عليه و آله جاءت إليه امرأة فقالت: يا رسول اللّه إني قد وهبت نفسي لك.

فقال: لا اربة(1) لي في النساء.

ص: 56


1- بفتح الهمزة و الراء و الباء و التاء مشتقة من ارب يأرب معناه الاحتياج يقال: ارب إليه اى احتاج إليه.

و إما أن يكون بلفظ اشتريت و ملكت مخففا و ابتعت.

فإن كان بلفظ قبلت فالظاهر عدم جواز تقديمه (1)، وفاقا لما عرفت في صدر المسألة (2)، بل المحكي عن الميسية (3)

+++++++++++

فقالت: زوجني بمن شئت من أصحابك.

فقام رجل فقال: يا رسول اللّه زوجنيها.

فقال: هل معك شيء تصدقها؟

فقال؛ و اللّه ما معي إلا ردائي هذا.

فقال: إن أعطيتها إيّاها تبقى و لا رداء لك.

هل معك شيء من القرآن ؟

فقال: نعم سورة كذا

فقال: زوجتكها على ما معك من القرآن.

(1) لأن القبول كما عرفت عبارة عن تقبل شيء سابق عليه فهو فرع عليه، فكيف يعقل تقديمه على ذاك الشيء الذي لم يتحقق بعد؟

و لا يخفى أن ما افيد إنما يتم اذا كان القبول بصيغة الماضي.

و أما اذا كان بصيغة المضارع فلا يأتي فيه المحذور المذكور فيصح تقديم القبول على الايجاب بصيغة المضارع.

(2) و هي مسألة لزوم تقديم الايجاب على القبول، حيث نقل الشيخ في ص 53 عن بعض الفقهاء بقوله: إن القبول فرع الايجاب، و أنه تابع له، فلا يصح تقدمه عليه.

(3) نسبة الى ميس بفتح الميم و سكون الياء مدينة واقعة في لبنان و قد تقدمت الاشارة إليها في الجزء 2 من المكاسب من طبعتنا الحديثة ص 213

ص: 57

و المسالك و مجمع الفائدة (1) أنه لا خلاف في عدم جواز تقديم لفظ قبلت (2) و هو المحكي عن نهاية الأحكام، و كشف اللثام (3) في باب النكاح و قد اعترف به (4) غير واحد من متأخري المتأخرين أيضا.

بل المحكي هناك عن ظاهر التذكرة الاجماع عليه.

و يدل عليه (5) مضافا الى ما ذكر (6) و الى كونه (7) خلاف المتعارف من العقد: أن (8) القبول الذي هو احد ركني عقد المعاوضة فرع الايجاب فلا يعقل تقدمه عليه.

و ليس المراد من هذا القبول الذي هو ركن للعقد مجرد الرضا بالايجاب، سواء تحقق قبل ذلك أم لا، حيث إن الرضا لشيء لا يستلزم

+++++++++++

(1) كتاب في الفقه الامامي للمحقق الاردبيلي

(2) و انت ترى أيها القارئ النبيل أن قبلت من صيغ الماضي فيكون هذا تأييدا لما قلناه آنفا: من إمكان تقديم القبول على الايجاب بلفظ المضارع.

(3) للفاضل الهندي يأتي شرحه و شرح حياة مؤلفه في (أعلام المكاسب)

(4) اى بعدم تقديم القبول على الايجاب اذا كان بلفظ قبلت.

(5) اى على عدم جواز تقديم القبول على الايجاب اذا كان بلفظ قبلت.

(6) و هو أنه لا خلاف في عدم جواز تقديم القبول على الايجاب اذا كان بلفظ قبلت.

(7) اى و مضافا الى كون تقديم القبول على الايجاب خلاف المتعارف، اذ المتعارف تقديم الايجاب على القبول.

(8) أن مع اسمها مرفوعة محلا فاعل لكلمة و يدل.

ص: 58

في تحققه في الماضي فقد يرضى الانسان بالامر المستقبل، بل المراد منه الرضا بالايجاب على وجه يتضمن إنشاء نقل ماله في الحال الى الموجب على وجه العوضية، لأن المشتري ناقل (1) كالبائع، و هذا (2) لا يتحقق الا مع تاخر الرضا عن الايجاب، اذ مع تقدمه لا يتحقق النقل في الحال فإن من رضي بمعاوضة ينشأها الموجب في المستقبل لم ينقل في الحال ماله (3) الى الموجب، بخلاف من رضي بالمعاوضة التي انشأها الموجب سابقا (4) فإنه يرفع بهذا الرضا (5) يده من ماله، و ينقله الى غيره على وجه العوضية.

و من هنا (6) يتضح فساد ما حكي عن بعض المحققين في رد الدليل المذكور: و هو كون القبول فرع الايجاب و تابعا له: و هو (7) أن تبعية

+++++++++++

(1) اى ثمنه الى البائع كما ينقل البائع المثمن الى المشتري.

(2) و هو الرضا بالايجاب على الوجه الذي ذكرناه.

(3) الذي هو الثمن.

(4) و هي صورة تقدم الايجاب على القبول.

(5) و هو الرضا المتعقب للايجاب الذي يظهر بالقبول.

(6) و هو الفرق بين الرضا السابق الذي يحصل بتقديم الايجاب على القبول.

و بين الرضا اللاحق الذي يحصل بتأخير القبول عن الايجاب.

(7) هذا رد بعض المحققين على الدليل المذكور، لوجوب تأخير القبول عن الايجاب.

و خلاصته: أن تبعية القبول للايجاب بكونه فرعا له ليست من قبيل تبعية اللفظ للفظ كتبعية الصفة للموصوف، و المعطوف للمعطوف عليه، و التأكيد -

ص: 59

القبول للايجاب ليس تبعية اللفظ للفظ، و لا القصد للقصد حتى يمتنع تقديمه، و إنما هو على سبيل الفرض و التنزيل: بأن يجعل القابل نفسه متناولا لما يلقى إليه من الموجب، و الموجب مناولا كما يقول السائل في مقام الانشاء: أنا راض بما تعطينى و قابل لما تمنحني فهو متناول قدّم (1) إنشاءه أو أخّر.

فعلى هذا يصح تقديم القبول و لو بلفظ قبلت و رضيت ان لم يقم اجماع على خلافه. انتهى (2)

+++++++++++

للمؤكد، و البدل للمبدل منه حتى لا يجوز تقديمه على الايجاب.

و كذلك ليست تبعية القبول للايجاب من قبيل تبعية القصد للقصد كتبعية قصد التقرب بالمقدمة لقصد الوصول بها الى ذى المقدمة: بحيث لو لا هذا القصد لم يتأت ذاك القصد.

بل تبعية القبول للايجاب على سبيل الفرض و التنزيل حيث يجعل القابل نفسه متناولا لما يلقى إليه من الموجب، و الموجب يجعل نفسه مناولا لما يلقى إليه من القابل.

فالخلاصة: أن التبعية هنا ليست تبعية حقيقية واقعية، بل تبعية فرضية تنزيلية فلا محذور في تقديم القبول على الايجاب كما كان يلزم المحذور في تقديم الصفة على الموصوف، أو المعطوف على المعطوف عليه، أو البدل على المبدل منه.

(1) اى السائل أنا راض بما تعطيني، و قابل لما تمنحني.

(2) اى ما افاده بعض المحققين في رد القائل بعدم جواز تقديم القبول على الايجاب: لكون القبول فرعا للايجاب.

ص: 60

و وجه الفساد (1) ما عرفت سابقا: من (2) أن الرضا بما يصدر من الموجب في المستقبل من نقل ماله بإزاء مال صاحبه ليس فيه إنشاء نقل من القابل في الحال، بل هو رضا منه بالانتقال في الاستقبال.

و ليس المراد (3) أن اصل الرضا بشيء تابع لتحققه في الخارج، أولا قبل الرضا به حتى يحتاج الى توضيحه بما ذكره من المثال (4)

بل المراد الرضا الذي يعد قبولا و ركنا في العقد.

و مما ذكرنا (5) يظهر الوجه في المنع عن تقدم القبول بلفظ

+++++++++++

(1) اى فساد ما ذكره بعض المحققين.

(2) هذا وجه الفساد و خلاصته: أنه ليس في الرضا الحاصل من القابل في صورة تقديم القبول على الايجاب في قبال ما يصدر عن الموجب في المستقبل من نقل ماله الى القابل إزاء نقله ماله إليه: إنشاء نقل من القابل في الحال الحاضر.

بل الرضا الحاصل من القابل رضا بالانتقال في زمن الاستقبال، و عند ما يصدر الانتقال من الموجب لا يوجد رضا من القابل لهذا الانتقال، فكيف يتصرف القابل في هذا المال الذي لم يحصل به الرضا في زمن الانتقال ؟.

(3) أى و ليس المراد من الرضا الرضا بشيء تابع لتحققه في المستقبل أولا.

(4) و هو المثال الذي اتى به بعض المحققين في رد تبعية القبول للايجاب بقوله: انا راض بما تعطيني و قابل لما تمنحني.

(5) و هو أن المراد من الرضا هو الرضا الواقع احد ركني العقد الذي يحصل به النقل و هو القبول اللفظي المنشأ بلفظ قبلت، أو رضيت و الذي يعد قبولا و ركنا في العقد. -

ص: 61

الامر (1) كما لو قال: بعني هذا بدرهم فقال: بعتك، لأن غاية الامر (2) دلالة طلب المعاوضة على الرضا (3) بها، لكن لم يتحقق بمجرد الرضا بالمعاوضة المستقلة نقل في الحال للدرهم الى البائع كما لا يخفى.

و أما ما (4) يظهر من المبسوط من الاتفاق هنا على الصحة به فموهون:

بما ستعرف من مصير الأكثر على خلافه.

و أما فحوى (5) جوازه في النكاح ففيها بعد الإغماض عن حكم

+++++++++++

- و من الواضح أن هذا لا يتحقق إلا بعد صدور شيء في الخارج و هو ايجاب البيع.

(1) خلاصة هذا الكلام: أنه كما لا يجوز تقديم القبول على الايجاب في البيع اذا كان القبول بلفظ قبلت، للملاك لذي ذكرناه آنفا في الهامش 5 ص 61 بقولنا: و هو أن المراد.

كذلك لا يجوز تقديمه عليه اذا كان بلفظ الامر و إن كان بغير لفظ قبلت.

(2) و هو قوله: بعني.

(3) اى بهذه المعاوضة بالاستقبال، من دون دلالة لهذه المعاوضة على نقل ماله في الحال الى البائع.

(4) من هنا يريد شيخنا الانصاري أن يرد على ما افاده شيخ الطائفة في المبسوط: من اتفاق الفقهاء على صحة تقديم القبول على الايجاب اذا كان بلفظ الامر في البيع.

و خلاصته: أن اكثر فقهاء الامامية ذهبوا الى عدم جواز تقديم القبول على الايجاب اذا كان بلفظ الأمر، فذهاب الاكثر مما يوهن الاتفاق المذكور.

(5) هذا رد آخر على ما افاده شيخ الطائفة في جواز تقديم القبول -

ص: 62

الاصل، بناء على منع دلالة رواية سهل على كون لفظ الامر هو القبول لاحتمال تحقق القبول بعد ايجاب النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم.

و يؤيده (1) أنه لولاه يلزم الفصل الطويل بين الايجاب و القبول:

منع (2)

+++++++++++

اذا كان بلفظ الامر على الايجاب في البيع بوقوعه في النكاح؛ ففي البيع بطريق أولى.

و خلاصته: أن لنا أدلة ثلاثة على عدم صحة الأولوية المذكورة في تقديم القبول على الايجاب اذا كان بلفظ الامر.

(الأول): عدم تسليم كون القبول لفظ الامر في قول الرجل:

زوجنيها يا رسول اللّه، اذ من الممكن أن يكون القبول قد تحقق منه بعد ايجاب الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم بقوله: زوجتكها بما معك من القرآن.

و إليه اشار الشيخ بقوله: لاحتمال تحقق القبول بعد ايجاب النبي.

(1) هذا تأييد لما افاده الشيخ: من عدم كون القبول لفظ الأمر في قول الرجل زوجنيها يا رسول اللّه.

و خلاصته: أنه لو قلنا: إن القبول هو لفظ الامر يلزم الفصل الطويل بين الايجاب الصادر من الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم و بين القبول و هو غير جائز، لأنه مفسد للعقد.

(2) بالرفع مبتدأ مؤخر خبره الجار و المجرور المتقدم في قوله:

ففيها.

هذا هو الدليل الثاني لرد ما افاده شيخ الطائفة في جواز تقديم القبول على الايجاب اذا كان بلفظ الأمر في البيع من باب الأولوية -

ص: 63

الفحوى، و قصور (1)

+++++++++++

و خلاصته: أن الأولوية المذكورة المستفادة من النكاح ممنوعة، لأن صحة تقديم القبول اذا كان بلفظ الامر على الايجاب في النكاح لأمرين:

(الأول): استحياء المرأة في الدور السابق في الابتداء بالايجاب فإنها كانت تتميز بالحياء البالغ فلا تقدم على الايجاب، فلذا جوز الشارع جواز تقديم القبول على الايجاب في النكاح.

(الثاني): أن الزواج امر مرغوب جدا، لكونه باعثا لبقاء النسل، و موجبا لدفع العنت و الشهوة، و لذا حث الشارع الأعظم لأمر الزواج حثا بالغا فوق ما تتصوره عقولنا.

قال صلى اللّه عليه و آله و سلم: اذا تزوج الرجل احرز نصف دينه فليتق اللّه في النصف الآخر.

(مستدرك وسائل الشيعة). المجلد 2. ص 530-531 أبواب مقدمات النكاح. الباب الاول. الحديث 1-2

(وسائل الشيعة) الجزء 14. ص 2-6. الباب 1 - الأحاديث و قال صلى اللّه عليه و آله و سلم: أ ما علمتم أني اباهي بكم الأمم يوم القيامة حتى بالسقط.

المصدر نفسه. ص 34. الباب 17 - الحديث 2.

و هذان الامران لا يوجدان في البيع، و بقية العقود حتى يجوز تقديم القبول على الايجاب اذا كان بلفظ الامر و ان لم يكن بلفظ قبلت.

(1) بالرفع مبتدأ ثان مؤخر خبره ففيها المتقدم.

هذا هو الدليل الثالث لرد ما افاده شيخ الطائفة في جواز تقديم القبول على الايجاب اذا كان بلفظ الامر في البيع من باب الأولوية -

ص: 64

دلالة رواية ابان. من حيث اشتمالها على كفاية قول المرأة: نعم في الايجاب (1)

ثم اعلم أن في صحة تقديم القبول بلفظ الأمر اختلافا كثيرا بين كلمات الأصحاب.

فقال في المبسوط: إن قال: بعنيها بالف فقال: بعتك صح.

و الأقوى عندي أنه لا يصح حتى يقول المشتري بعد ذلك:

اشتريت (2)

و اختار ذلك (3) في الخلاف

و صرح به (4) في الغنية فقال: و اعتبرنا حصول الايجاب من البائع و القبول من المشتري حذرا عن القول بانعقاده بالاستدعاء من المشتري و هو أن يقول: بعنيه بالف فيقول: بعتك، فإنه لا ينعقد حتى يقول المشتري بعد ذلك: اشتريت، أو قبلت.

+++++++++++

و خلاصته: أن رواية ابان المشار إليها في ص 55 قاصرة:

من حيث الدلالة على المراد، لأنها مشتملة على كفاية قول المرأة في الايجاب نعم، مع أن الألفاظ الواردة في تحقق العلقة الزوجية منحصرة في الثلاثة المتقدمة: زوجت. انكحت. متعت.

فبهذه الأدلة الثلاثة نمنع الأولوية المذكورة.

(1) اى من دون أن تقول المرأة: زوجت، أو انكحت، أو متعت نفسي

(2) راجع (المبسوط) الطبعة الجديدة الثانية. الجزء 2. كتاب البيع. ص 87

(3) اى اختار شيخ الطائفة عدم صحة تقديم القبول على الايجاب في كتابه الخلاف.

(4) أى بعدم جواز التقديم صرح السيد ابن زهرة في كتابه الغنية

ص: 65

و صرح به (1) أيضا في السرائر و الوسيلة.

و عن جامع المقاصد أن ظاهرهم أن هذا الحكم (2) اتفاقي

و حكي الاجماع عن ظاهر الغنية أيضا، أو صريحها.

و عن المسالك المشهور (3)

بل قيل: إن هذا الحكم ظاهر كل من اشترط الايجاب و القبول و مع ذلك كله فقد صرح الشيخ في المبسوط في باب النكاح بجواز التقديم بلفظ الامر بالبيع (4)

و نسبته إلينا مشعر بقرينة السياق: الى عدم الخلاف فيه بيننا فقال:

اذا تعاقدا، فإن تقدم الايجاب على القبول فقال: زوجتك فقال: قبلت التزويج صح.

و كذا اذا تقدم الايجاب على القبول في البيع صح بلا خلاف.

و أما إن تاخر الايجاب و سبق القبول فإن كان في النكاح فقال الزوج:

زوجنيها فقال: زوجتكها صح، و إن لم يعد الزوج القبول بلا خلاف لخبر الساعدي قال الرجل: زوجنيها يا رسول اللّه.

فقال: زوجتكها بما معك من القرآن فقدم القبول و تأخر الايجاب.

و إن كان هذا في البيع فقال: بعنيها فقال: بعتكها صح عندنا و عند قوم من المخالفين.

و قال قوم منهم: لا يصح حتى يسبق الايجاب. انتهى

+++++++++++

(1) اى بعدم جواز التقديم ابن ادريس في السرائر.

(2) و هو عدم جواز تقديم القبول على الايجاب.

(3) اى عدم التقديم هو المشهور بين فقهاء الامامية

(4) راجع المصدر نفسه. الجزء 4. ص 164. كتاب النكاح

ص: 66

و حكي جواز التقديم بهذا اللفظ (1) عن القاضي في الكامل (2) بل يمكن نسبة هذا الحكم (3) الى كل من جوز تقديم القبول على الايجاب بقول مطلق، و تمسك (4) له في النكاح برواية سهل الساعدي المعبر فيها عن القبول بطلب التزويج، إلا (5) أن المحقق مع تصريحه في البيع بعدم كفاية الاستيجاب و الايجاب صرح بجواز تقديم القبول على الايجاب

+++++++++++

(1) اى بلفظ الامر

(2) يأتي شرح الكتاب و مؤلفه في (أعلام المكاسب)

(3) و هو جواز تقديم القبول اذا كان بلفظ الامر على الايجاب

كأن الشيخ يريد أن يدّعي كبرى كلية في مقام جواز تقديم القبول على الايجاب اذا كان القبول بلفظ الامر فقال: كل من جوز تقديم القبول على الايجاب بقول مطلق أى من غير تقييد التقديم بلفظ الامر، أو بغيره فقد جوز التقديم بلفظ الامر بمقتضى اطلاقه.

(4) اى و تمسك مجوز تقديم القبول على الايجاب برواية سهل الساعدي المتقدمة في الهامش 3 ص 56، حيث إن القبول فيها بلفظ الامر في قول الرجل: زوجنيها يا رسول اللّه.

فتمسكه بهذه الرواية دليل على جواز تقديم القبول على الايجاب اذا كان بلفظ الامر، و من هذا تستفاد تلك الكبرى الكلية.

(5) في الواقع هذا استدراك عن تلك الكبرى الكلية التي افادها الشيخ بقوله: و يمكن نسبة هذا الحكم الى كل من جوز تقديم القبول على الايجاب بقول مطلق.

و خلاصته: أن المحقق مع أنه صرح بجواز تقديم القبول على الايجاب بقول مطلق.

ص: 67

و ذكر (1) العلامة قدس سره الاستيجاب و الايجاب و جعله (2) خارجا عن قيد اعتبار الايجاب و القبول كالمعاطاة (3)، و جزم (4) بعدم

+++++++++++

لكنه صرح في البيع بعدم كفاية الاستيجاب الذي هو طلب الايجاب من البائع و يعتبر قبولا مقدما في العقد، و بعدم كفاية الإيجاب الذي هي الصيغة المتعقبة للاستيجاب.

و هذا التصريح دليل على عدم جواز تقديم القبول على الايجاب اذا كان القبول بلفظ الأمر الى المحقق.

فعليه لا يصح نسبة جواز تقديم القبول اذا كان بلفظ الامر على الايجاب الى المحقق.

و المراد من الاستيجاب هو القبول الواقع بلفظ الامر

(1) هذا من متممات الاستدراك المذكور، حيث إن العلامة كالمحقق: في أنه لم يجوز تقديم القبول اذا كان بلفظ الامر على الايجاب.

و خلاصة هذا التتميم: أن العلامة قد اخرج الاستيجاب الذي هو طلب البيع، و الايجاب الذي هو المتعقب للاستيجاب عن شرط الايجاب و القبول: بمعنى أن المتعاقدين لو اوقعا العقد بلفظ الامر فقال: بعني و قال الآخر: بعتك لم يشملها الايجاب و القبول المتعارف فهما خارجان عن إطار العقد.

(2) اى و جعل العلامة العقد المشتمل على الاستيجاب و الايجاب خارجا عن إطار العقد كما عرفت آنفا.

(3) تنظير لخروج العقد المشتمل على الاستيجاب و الايجاب عن اطار العقد: اى هذا العقد نظير المعاطاة: من حيث خروجها عن العقد، لعدم اشتمالها على الصيغة.

(4) اى العلامة قطع بعدم كفاية الاستيجاب و الايجاب في العقد

ص: 68

كفايته، مع أنه تردد في اعتبار (1) تقديم القبول.

و كيف كان فقد عرفت أن الأقوى المنع (2) في البيع، لما عرفت (3)

بل لو قلنا بكفاية التقديم بلفظ قبلت يمكن المنع (4) هنا، بناء على اعتبار الماضوية فيما دل على القبول (5)

ثم إن هذا كله (6) بناء على المذهب المشهور بين الأصحاب: من عدم كفاية مطلق اللفظ في اللزوم (7)، و عدم القول بكفاية مطلق الصيغة في الملك (8)

+++++++++++

(1) الاعتبار هنا بمعنى الجواز، لا بمعنى الشرط

ثم لا يخفى عليك أن غرض الشيخ من نقل كلام المحقق و العلامة هو التشكيك في النسبة المذكورة بقوله: بل يمكن نسبة هذا الحكم.

(2) اى منع تقديم القبول اذا كان بلفظ الامر على الايجاب في البيع

(3) في قوله في ص 58: من القبول الذي هو احد ركني المعاوضة فرع الايجاب فلا يعقل تقدمه عليه.

و كذا في قوله في ص 62: لأن غاية الامر دلالة طلب المعاوضة على الرضا بها، لكن لم يتحقق بمجرد الرضا بالمعاوضة المستقبلة نقل في الحال للدرهم الى البائع.

و من الواضح أننا نحتاج الى قبول في البيع يحصل به نقل المال حالا

(4) اى في القبول اذا كان بلفظ الامر.

(5) و من الواضح أن صيغة الامر ليست من صيغ الماضي.

(6) اى كل ما ذكرناه و اخترنا فيه ما اخترناه، و منعنا فيه ما منعناه

(7) اى في لزوم العقد، بل لا بد من ألفاظ مخصوصة في العقود بشروط مخصوصة.

(8) كما في صورة تقديم القبول على الايجاب.

ص: 69

و أما على ما قويناه سابقا في مسألة المعاطاة: من أن البيع العرفي موجب للملك (1)، و أن الاصل في الملك اللزوم (2) فاللازم الحكم باللزوم في كل مورد (3) لم يقم اجماع على عدم اللزوم و هو (4) ما اذا خلت المعاملة عن الإنشاء باللفظ راسا (5)، أو كان (6) اللفظ المنشأ به المعاملة مما قام الاجماع على عدم افادتها اللزوم.

+++++++++++

(1) في قوله في الجزء 6 ص 234: و الأقوى اعتبارها و إن قلنا بالإباحة لأنها بيع عرفي و إن لم يفد شرعا إلا الإباحة الى آخر ما ذكره هناك.

(2) في الجزء 6 ص 286 عند قوله: اعلم أن الاصل على القول بالملك اللزوم.

(3) اى في كل عقد، سواء تقدم فيه القبول على الايجاب أم تأخر

(4) جملة و هو ما اذا خلت المعاملة عن الإنشاء باللفظ رأسا مفهوم لقوله: لم يقم اجماع على عدم اللزوم، فإن منطوق هذه الجملة:

أن الاجماع اذا لم يقم على عدم لزوم المعاملة فاللازم الحكم بأنها لازمة، لأن الأصل في الملك اللزوم كما عرفت.

و من الواضح أن العرف يرى العقد المتقدم عليها القبول على الايجاب معاملة صحيحة نافذة مفيدة للملك، و اذا كانت مفيدة للملك افادت اللزوم

و مفهوم هذه الجملة: هو أن الاجماع اذا قام على عدم لزوم المعاملة نحكم بعدم لزومها، و تلك المعاملة: هو ما اذا خلت عن الإنشاء باللفظ لا ما اذا كانت حاوية على اللفظ، لكنها تقدم فيها القبول على الايجاب

(5) اى خلت المعاملة عن اللفظ بالكلية.

(6) هذا هو الشق الثاني للمعاملة التي قام الاجماع على عدم لزومها اذ الشق الاول المعاملة الخالية عن اللفظ رأسا و بالكلية، فلو كانت المعاملة حاوية للفظ قام الاجماع على عدم اعتباره فيها فالمعاملة تكون غير لازمة

ص: 70

و أما في غير ذلك (1) فالأصل اللزوم.

و قد عرفت (2) أن القبول على وجه طلب البيع (3) قد صرح في المبسوط بصحته، بل يظهر منه (4) عدم الخلاف فيه بيننا.

و حكي (5) في الكامل (6) أيضا. فتأمل.

و إن كان التقديم بلفظ اشتريت (7) أو ابتعت، أو تملكت، أو ملكت هذا بكذا (8)

+++++++++++

(1) اى في غير المعاملة الحاوية للفظ قام الاجماع على عدم اعتباره فيها.

(2) في قوله ص 65: فقال في المبسوط: إن قال: بعنيها بالف فقال: بعتك صحّ .

(3) كقولك: بعني، حيث إن القبول هنا بلفظ البيع.

(4) اى من المبسوط كما نقل عنه شيخنا الانصاري في ص 66 بقوله:

و إن كان هذا في البيع فقال: بعنيها فقال: بعتكها صح عندنا و عند قوم من المخالفين.

(5) اى و حكي جواز تقديم القبول اذا كان بلفظ الامر على الايجاب

(6) اى في (كتاب الكامل): و هو مؤلف شريف يأتي شرحه و شرح حياة مؤلفه في (أعلام المكاسب)

(7) لعل الأمر بالتأمل لأجل ما مر من الشيخ: من أن دعوى عدم الخلاف عن شيخ الطائفة في المبسوط بقوله: صح عندنا، و عند قوم من المخالفين موهونة بكثرة المخالفين في المسألة.

و لا يخفى أن كلمة (عندنا) لا تدل على الاجماع، و لا تعطي فائدته و لا يمكن التمسك به بدلا عن الاجماع.

(8) اى بدراهم مثلا كثيرة كانت، أو قليلة.

ص: 71

فالأقوى جوازه، لأنه (1) إنشاء ملكيته للمبيع بإزاء ماله عوضا

ففي (2) الحقيقة إنشاء المعاوضة كالبائع إلا أن البائع ينشأ ملكية ماله لصاحبه بإزاء مال صاحبه، و المشتري ينشأ ملكية مال صاحبه لنفسه بإزاء ماله ففي الحقيقة كل منهما يخرج ماله الى صاحبه، و يدخل مال صاحبه

+++++++++++

(1) اى لأن اشتريت، أو ابتعت، أو تملكت في الواقع و نفس الامر إنشاء به ينشأ القابل ملكية المبيع لنفسه إزاء ما يعطيه للبائع عوضا عن المبيع، كما ينشأ البائع ملكية ماله لصاحبه الذي هو المشتري القابل

ففي الحقيقة كل من البائع و المشتري ينشأ ماله إزاء ما ينشأ الآخر عند تقديم القبول على الإيجاب.

(2) خلاصة هذا الكلام. أن لكل واحد من البائع و المشتري إنشاءين: إنشاء تمليك ماله لصاحبه، و إنشاء تملك مال صاحبه لنفسه.

خذ لذلك مثالا.

إن البائع بقوله: بعتك داري بكذا ينشأ تمليك داره لصاحبه و هو المشتري فيدخلها في ملكه، و ينشأ تملك مال صاحبه لنفسه فيخرج الثمن عن ملك المشتري و يدخله في ملكه.

فللبائع إدخال و إخراج: إدخال ملكه الى ملك المشتري، و إخراج الثمن عن ملك المشتري و إدخاله في ملكه.

و كذا المشتري الذي هو القابل بقوله: اشتريت بكذا في صورة تقديم القبول على الايجاب ينشأ تمليك الثمن لصاحبه الذي هو البائع فيخرجه عن ملكه، و ينشأ تملك مال صاحبه و هي الدار لنفسه فيدخلها في ملكه.

فللمشترى إدخال و إخراج أيضا: إدخال ملكه الى ملك البائع و إخراج ملك البائع عن ملكه و إدخاله في ملكه.

ص: 72

في ملكه، إلا (1) أن الإدخال في الايجاب مفهوم من ذكر العوض، و في القبول مفهوم من نفس الفعل، و الاخراج (2) بالعكس، و حينئذ (3) فليس في حقيقة الاشتراء (4)

+++++++++++

(1) اى لكن فرق بين الإدخال من ناحية البائع، و الإدخال من ناحية المشتري.

و خلاصة هذا الفرق: أن الإدخال من ناحية البائع يفهم من ذكر العوض بقوله: بعتك داري بمائة دينار.

و أما من ناحية المشتري فيفهم من نفس الفعل و هو اخذه الدار و رضاؤه بها بالسعر المعين.

(2) اى الإخراج يكون بعكس الادخال من ناحية البائع و المشتري في صورة تقديم القبول على الايجاب لو كان القبول بلفظ اشتريت مثلا.

فيكون الاخراج من ناحية البائع بالفعل اى بفعله و هو إعطاؤه الدار و تسليمها للمشتري فيفهم بنفس الفعل.

و أما من ناحية المشتري فيفهم بذكر العوض في قوله: اشتريت بكذا عند تقديم القبول على الايجاب.

و يمكن أن يراد من الفعل في قوله: و في القبول مفهوم من نفس الفعل: صيغة الماضي التي تأتي في الايجاب و القبول بقوله: اشتريت بكذا و بعت بكذا.

(3) اى و حين أن قلنا: إن لكل من البائع و المشتري إدخالا و إخراجا و إنشاءين: إنشاء تمليك، و إنشاء تملك.

(4) جواب عن سؤال تقديري

و خلاصة السؤال: أنه اذا ليس في كلمة اشتريت، أو ابتعت أو تملكت المتقدمة على الايجاب قبول فلما ذا اطلق عليها القبول ؟ -

ص: 73

من حيث هو معنى (1) القبول.

لكنه (2) لما كان الغالب وقوعه عقيب الايجاب، و إنشاء انتقال مال البائع الى نفسه اذا وقع عقيب نقله إليه يوجب تحقق المطاوعة و مفهوم

+++++++++++

- فالاطلاق هذا دليل على أن هذه الكلمات ينشأ بها القبول فياتي فيها ما يأتي في كلمة القبول: من أنها فرع الايجاب و مطاوع له فلا يعقل تقدمها على الايجاب، فكذلك هذه الألفاظ.

فاجاب الشيخ أن القابل بالألفاظ المذكورة في صورة تقديم القبول على الايجاب في الواقع ينشأ ملكية ماله للبائع إزاء ما ينشأه البائع له، ففي الحقيقة يكون إنشاء قبال إنشاء، فليس في حقيقة الاشتراء و ذاته و ماهيته و جوهره، و كذا بقية الألفاظ المذكورة معنى القبول اصلا حتى يأتي المحذور المذكور: و هو أن القبول فرع الايجاب و مطاوع له فكيف يعقل تقدمه عليه ؟

(1) مرفوعة بالاعراب التقديري اسم لكلمة ليس خبرها قوله:

في حقيقة الاشتراء.

(2) هذا جواب عن اطلاق القول على الاشتراء و زميلاته

و خلاصته: أن الغالب في العقود المتداولة وقوع القبول عقيب الايجاب و إنشاء انتقال مال البائع و ملكه الى نفسه، فهذه الغالبية سببت تحقق مطاوعة القبول للايجاب و مفهوم القبول، فلذا اطلق القبول عليه.

و لكن فيما نحن فيه: و هو وقوع القبول بلفظ اشتريت و زميلاته لم يكن مؤخرا عن الايجاب حتى يتحقق مفهوم المطاوعة فيه ليتأخر، بل وقع متقدما عليه فلا يلزم المحذور المذكور: و هو كيف يعقل تقدمه على الايجاب، اذ هو فرعه.

ص: 74

القبول اطلق عليه القبول، و هذا المعنى (1) مفقود في الايجاب المتأخر لأن المشتري إنما ينقل ماله الى البائع بالالتزام الحاصل من جعل ماله عوضا و البائع إنما ينشأ انتقال الثمن إليه كذلك (2) لا بمدلول الصيغة.

و قد (3) صرح في النهاية و المسالك على ما حكي بأن اشتريت ليس قبولا حقيقة و إنما هو بدل، و أن الاصل في القبول قبلت، لأن القبول في الحقيقة ما لا يمكن الابتداء به، و لفظ اشتريت يجوز الابتداء به.

و مرادهما (4) أنه بنفسه لا يكون قبولا فلا ينافي ما ذكرنا: من تحقق مفهوم القبول فيه اذا وقع عقيب تمليك البائع كما (5) أن رضيت بالبيع

+++++++++++

(1) و هو وقوع القبول عقيب الايجاب: اذا الايجاب قد تاخر كما عرفت آنفا، فلا يلزم المحذور المذكور اصلا.

(2) اى بالالتزام الحاصل من جعل ماله عوضا عن الثمن و انتقاله الى المشتري.

(3) من هنا يروم الشيخ الاستدلال بكلمات الأعلام فيما ادعاه:

من أنه ليس في حقيقة الاشتراء و زميلاته معنى القبول اصلا اذا وقع القبول بها و تقدمت على الايجاب.

(4) اى و مراد صاحب النهاية و المسالك من قولهما: إن اشتريت ليس قبولا حقيقة لا ينافي قولنا في اشتريت: من أنه يتحقق مفهوم القبول فيه اذا وقع عقيب تمليك البائع، لأن ما افاده مطابق لما قلناه، حيث إننا قلنا:

إن لفظة اشتريت بما هو هو ليس فيه معنى القبول، لا اذا وقع عقيب تمليك البائع، فإنه اذا وقع عقيب ذلك فيه معنى القبول.

(5) تنظير لكون اشتريت بما هو هو ليس فيه معنى القبول إلا اذا وقع متأخرا.

ص: 75

ليس فيه إنشاء لنقل ماله الى البائع إلا إذا وقع متأخرا، و لذا (1) منعنا عن تقديمه، فكل (2) من رضيت و اشتريت بالنسبة الى افادة نقل المال و مطاوعة البيع عند التقدم و التأخر متعاكسان (3).

فإن قلت: إن الاجماع على اعتبار القبول في العقد يوجب تاخير قوله: اشتريت حتى يقع قبولا، لأن إنشاء مالكيته لمال الغير اذا وقع عقيب تمليك الغير له يتحقق فيه معنى الانتقال، و قبول الاثر فيكون اشتريت متأخرا، التزاما بالاثر عقيب إنشاء التأثير من البائع.

+++++++++++

(1) اى و لاجل أن رضيت بما هو هو مع قطع النظر عن وقوعه عقيب الايجاب ليس فيه إنشاء لنقل ماله الى البائع قلنا؛ لا يجوز تقديمه على الايجاب.

(2) الفاء تفريع على ما افاده: من أن رضيت ليس فيه إنشاء لنقل ماله الى البائع، و لذا منعنا عن تقدمه على الايجاب.

(3) خلاصته: أن لكل واحد من لفظة اشتريت و رضيت معنيين:

معنى مطابقي، و معنى التزامي فيتعاكسان في صورة تقدم كل واحد منهما على الايجاب، و في صورة تأخرهما عنه.

و معنى التعاكس: أن لفظة اشتريت بالمطابقة تدل على إنشاء انتقال مال البائع الى نفسه اذا تأخر عن الايجاب، و بالالتزام يدل على القبول لو تأخر عنه.

و أما لفظة رضيت فبالالتزام تدل على إنشاء انتقال مال البائع الى نفسه لو تأخر عن الايجاب، و بالمطابقة تدل على القبول لو تأخر عنه.

و هذا معنى التعاكس في اشتريت و رضيت في صورة تأخرهما عن الايجاب. -

ص: 76

بخلاف ما لو تقدم، فإن مجرد إنشاء المالكية لمال لا يوجب تحقق مفهوم القبول، كما (1) لو نوى تملك المباحات، أو اللقطة، (2) فإنه لا قبول فيه (3) راسا.

قلت: المسلم من الاجماع هو اعتبار القبول من المشتري بالمعنى الشامل للرضا بالايجاب.

و أما وجوب تحقق مفهوم القبول المتضمن للمطاعة، و قبول الاثر (4) فلا فقد تبين من جميع ذلك (5) أن إنشاء القبول لا بد أن يكون جامعا

+++++++++++

- و أما في صورة تقدم لفظة اشتريت على الايجاب فبالمطابقة تدل على الإنشاء، و ليس فيها معنى القبول اصلا حتى التزاما.

و أما في صورة تقدم لفظة رضيت على الايجاب فبالمطابقة تدل على القبول و ليس فيها معنى الإنشاء اصلا حتى التزاما.

و هذا معنى التعاكس في لفظة اشتريت و رضيت في صورة تقدمهما على الايجاب.

(1) تنظير لكون مجرد إنشاء المالكية لمال لا يوجب تحقق مفهوم القبول اى كما أن مجرد نية تملك المباحات لا يوجب ملكيتها، بل لا بد في صدق تملكها من حيازتها بتحجير ما حازه.

(2) فإن للقطة اذا كانت من المسكوكات و كانت أقل من درهم يجوز تملكها بشرط اخذها، لا بمجرد نية التملك.

(3) اى في اشتريت لو تقدم على الايجاب بمجرد إنشاء المالكية لمال

(4) اى فليس هناك اجماع، بل الاجماع قائم على اعتبار القبول من المشتري بالمعنى الشامل للرضا بالايجاب.

(5) اى ما نقلناه حول القبول اذا كان بلفظ اشتريت في صورة تقدمه على الايجاب.

ص: 77

لتضمن إنشاء النقل، و للرضا بانشاء البائع تقدم (1)، أو تأخر.

و لا يعتبر (2) إنشاء انفعال نقل البائع.

فقد تحصل مما ذكرناه (3) صحة تقديم القبول اذا كان بلفظ اشتريت، وفاقا لمن عرفت.

بل هو ظاهر اطلاق الشيخ في الخلاف، حيث إنه لم يتعرض الا للمنع عن الانعقاد بالاستيجاب و الايجاب.

و قد عرفت عدم الملازمة بين المنع عنه (4)؛ و المنع عن تقديم مثل اشتريت

و كذا السيد في الغنية، حيث اطلق اعتبار الايجاب و القبول (5)

و احترز (6) بذلك عن انعقاده بالمعاطاة، و بالاستيجاب و الايجاب

و كذا ظاهر اطلاق الحلبي في الكافي، حيث لم يذكر تقديم الايجاب من شروط الانعقاد.

+++++++++++

(1) اى تقدم القبول، أو تأخر.

(2) اى ليس في القبول إنشاء الانفعال الذي هو التأثر حتى لا يجوز تقدمه على الايجاب، بل فيه إنشاء النقل، و الرضا بإنشاء البائع.

(3) من أن القبول عبارة عن إنشاء النقل، و الرضا بإنشاء البائع و ليس فيه إنشاء انفعال نقل البائع.

(4) اى عن وقوع العقد بالاستيجاب و الايجاب.

(5) اى و لم يتعرض لعدم جواز تقديم القبول على الايجاب.

(6) اى السيد ابن زهرة احترز بقوله: يعتبر الايجاب و القبول في العقد عن انعقاده بالمعاطاة، فإنه لا يرى انعقاده بها، و لا بصورة الطلب كقولك: بعني فيقول البائع: بعتك.

ص: 78

و الحاصل (1) أن المصرح بذلك (2) فيما وجدت من القدماء الحلبي و ابن حمزة فمن التعجب بعد ذلك (3) حكاية الاجماع عن الخلاف (4) على تقديم الايجاب، مع أنه لم يزد على الاستدلال بعدم كفاية الاستيجاب و الايجاب: بأن (5) ما عداه مجمع على صحته، و ليس على صحته دليل.

و لعمري إن مثل هذا (6) مما يوهن الاعتماد على الاجماع المنقول

+++++++++++

(1) اى خلاصة ما ذكرناه حول القبول: من حيث جواز تقديمه اذا كان بلفظ اشتريت، أو عدم جوازه.

(2) اى بعدم جواز تقديم القبول على الايجاب اذا كان بلفظ اشتريت.

(3) اى بعد تصريح هذين العلمين من فقهاء الامامية فقط بعدم جواز التقديم كيف يدعي شيخ الطائفة الاجماع على عدم جواز التقديم و أنه يلزم تقديم الايجاب عليه ؟

(4) اى مع أن شيخ الطائفة لم يكثر على استدلاله على عدم كفاية الاستيجاب و الايجاب في العقد بقوله: ما عداه مجمع على صحته اى ما عدا الاستيجاب و الايجاب، و ليس على صحته دليل اى على صحة الاستيجاب و الايجاب.

(5) الباء بيان لكيفية الاستدلال على عدم كفاية الاستيجاب و الايجاب في العقد و قد عرفتها آنفا.

(6) هذه اليمين من (الشيخ الأنصاري) اى قسما بحياتي التي هي أعز الأشياء و أنفسها عند الانسان: إن مثل هذه الاجماعات المدعاة التي ترى المخالف في مسألة اثنين مما لا وقع لها، لأنه كيف يصح نقل الاجماع في مسألة مع أن الذاهبين إليها اثنان.

ص: 79

و قد نبهنا على أمثال ذلك في مواردها (1)

نعم (2) يشكل الامر: بأن المعهود المتعارف من الصيغة تقديم الايجاب و لا فرق بين المتعارف هنا و بينه في المسألة الآتية: و هو الوصل بين الايجاب و القبول (3)

فالحكم (4) لا يخلو عن شوب الاشكال.

+++++++++++

(1) راجع (فرائد الاصول: الرسائل لشيخنا الأعظم الأنصاري) مبحث الاجماع، فإنك تجد هناك لئالي منتثرة.

(2) استدراك عما افاده: من جواز تقديم القبول على الايجاب اذا كان بلفظ اشتريت، و أنه لا مانع بذلك، و لا يلزم محذور اصلا و ابدا

و خلاصته: أن المتعارف في عرف المتشرعة، و المتداول فيما بينهم هو تقديم الايجاب على القبول فكيف يصح القول بتقديمه عليه، و رفع اليد عن هذا المتعارف، و انخرام القاعدة العرفية الشرعية ؟

(3) فإن حكم العرف واحد في مسألة تقديم الايجاب على القبول و المسألة الآتية التي هو لزوم الوصل بين القبول و الايجاب.

فكما أن حكمه في هذه المسألة قاض كذلك حكمه في مسألة تقديم الايجاب على القبول ماض و قاض.

(4) و هو جواز تقديم القبول على الايجاب اذا كان القبول بلفظ اشتريت، من هنا يروم الشيخ أن يحتاط في جواز تقديم القبول على الايجاب و يكف عن ذلك و إن كان بلفظ اشتريت.

و هو الحق في المقام، فإنه لا يصح تقديم القبول على الايجاب مطلقا سواء أ كان بلفظ اشتريت أم بلفظ آخر في جميع العقود، لأن العقد مركب من شيئين هما ركنان ركينان في تحققه في الخارج، اذ بدونهما لا يتحقق مفهومه خارجا. -

ص: 80

ثم إن ما ذكرنا (1) جار في كل قبول يؤدي بإنشاء مستقل كالاجارة التي يؤدي قبولها بلفظ تملكت منك منفعة كذا، أو ملكت

و النكاح الذي يؤدي قبولها بلفظ نكحت و تزوجت.

و أما ما لا إنشاء في قبوله إلا قبلت، أو ما يتضمنه (2) كارتهنت فقد يقال: بجواز تقديم القبول فيه، اذ لا التزام في قبوله لشيء كما كان في قبول البيع التزام بنقل ماله الى البائع، بل لا ينشئ به (3) معنى

+++++++++++

- و الشيئان هما: الايجاب و القبول

و بهذا يفرق بين العقد و الايقاع، لأن الإيقاع صادر عن واحد و العقد عن اثنين يكون متقوما بالقبول اى مطاوعة فعل الايجاب، و تسلم ما فعله الموجب.

فالتفاوت بينهما ذاتي جوهري

و هذا المعنى لا يفرق بين أن يكون القبول بلفظ اشتريت، أو بلفظ قبلت، لأن اشتريت متضمن لشيئين: كلفظ قبلت.

(احدهما): مطاوعة ما انشأه البائع بقوله: بعتك داري بالف دينار مثلا.

(ثانيهما): إنشاء القابل ما عنده للبائع؛ و تمليكه له فبتحقق هذين يتحقق العقد في الخارج: بحيث لولاهما لما تحقق.

(1) من أن اشتريت فيه إنشاء انتقال مال البائع الى نفسه عوضا عما ينقله الى البائع فيجوز تقديمه على الايجاب.

كذلك كل قبول يوجد فيه هذا المعنى فيصح تقديمه على ايجابه.

و قد مثل له الشيخ بقوله: كالاجارة و النكاح.

(2) أى يتضمن القبول.

(3) اى بالرهن، أو بما لا إنشاء في قبوله إلا قبلت.

ص: 81

غير الرضا بفعل الموجب.

و قد تقدم (1) أن الرضا يجوز تعلقه بامر مترقب كما يجوز تعلقه بامر محقق، فيجوز أن يقول: رضيت برهنك هذا عندي فيقول: رهنت و التحقيق (2) عدم الجواز، لأن اعتبار القبول فيه من جهة تحقق عنوان المرتهن.

و لا يخفى أنه لا يصدق الارتهان على قبول الشخص إلا بعد تحقق الرهن؛ لأن الايجاب (3) إنشاء للفعل، و القبول (4) إنشاء للانفعال

و كذا (5) القول في الهبة و القرض، فإنه لا يحصل من إنشاء القول فيهما التزام بشيء، و إنما يحصل (6) به الرضا بفعل الموجب، و نحوهما (7)

+++++++++++

(1) اى في ص عند قوله: إن الرضا بشيء لا يستلزم تحققه قبله فقد يرضى الانسان بالامر المستقبل.

(2) هذا رأي الشيخ في الموضوع، فإنه يقول بعدم جواز تقديم القبول في الرهن على الايجاب، لأن القبول إنما يتحقق في الخارج بعد تحقق عنوان المرتهن، فاذا تحقق هذا تحقق ذلك.

فكيف يمكن تقدم القبول فيه على الايجاب ؟

(3) و هو قول الراهن: رهنت داري عندك، فإن هذا إنشاء للفعل الذي هو الرهن.

(4) و هو قول المرتهن: قبلت الرهن، فإن هذا إنشاء للانفعال الذي هو التأثر: و هو قبول الرهن.

(5) اى و كذا لا يجوز تقديم القبول على الايجاب في الهبة و القرض

(6) أى بالقبول يحصل الرضا يفعل الموجب فقط و هو قول المقرض:

اقرضتك، و قول الواهب: وهبتك.

(7) اى و نحو القرض و الهبة في عدم جواز تقديم القبول على الايجاب

ص: 82

قبول المصالحة المتضمنة للإسقاط، أو التمليك (1) بغير عوض.

و أما المصالحة المشتملة على المعاوضة (2) فلما كان ابتداء الالتزام بها جائزا من الطرفين، و كانت نسبتها إليهما على وجه سواء، و ليس الالتزام الحاصل من احدهما امرا مغايرا للالتزام الحاصل من الآخر: كان البادي منهما موجبا لصدق الموجب عليه لغة (3) و عرفا.

ثم لما انعقد الاجماع على توقف العقد على القبول لزم أن يكون الالتزام الحاصل من الآخر بلفظ القبول، اذ لو قال أيضا: صالحتك كان

+++++++++++

المصالحة على إسقاط حقه في قوله: صالحتك على إسقاط حقي، فإن القبول في مثل هذه المصالحة لا يتحقق إلا بعد تحقق فعل الموجب: و هو

قول القائل: صالحتك على إسقاط حقي.

(1) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله: للإسقاط اى أو المصالحة المتضمنة للتمليك بلا عوض كما في قولك: صالحتك على تمليك داري لك بلا عوض، فإنه لا يجوز فيه تقديم القبول، لعين ما ذكر في المصالحة على الإسقاط.

(2) كما في قولك: صالحتك على تمليك داري لك بالف دينار.

و قد ذكر الشيخ كيفية هذه المصالحة: من حيث الايجاب و القبول في المتن فلا نعيده.

(3) حيث إن الايجاب في اللغة ما يوجد المعاملة في العقد، و هنا لما كان البادي من المتصالحين يوجد الصلح على شيء يقال له: الموجب.

هذا في اللغة.

و أما في العرف فكذلك، حيث إن المتقدم عند العرف هو الموجب

ص: 83

ايجابا آخر فيلزم تركيب العقد من ايجابين (1)

و تحقق من جميع ذلك: أن تقديم القبول في الصلح أيضا غير جائز اذ لا قبول فيه بغير لفظ قبلت و رضيت (2)

و قد عرفت (3) أن قبلت و رضيت مع التقديم لا يدل على إنشاء لنقل العوض في الحال.

فتلخص مما ذكرنا أن القبول في العقود على أقسام (4) لأنه إما أن يكون التزاما بشيء من القابل كنقل مال عنه، أو زوجية؛ و إما أن لا يكون فيه سوى الرضا بالايجاب.

و الاول (5) على قسمين، لأن الالتزام الحاصل من القابل إما أن يكون (6) نظير الالتزام الحاصل من الموجب كالمصالحة، أو متغايرا (7) كالاشتراء.

+++++++++++

(1) فيلزم خلو العقد حينئذ من القبول من كل منهما

(2) و لا شك أن كلمتي قبلت و رضيت لا بد أن تكونا مسبوقتين بشيء قبلهما تعبران عن رضا بذلك الشيء، فيلزم حينئذ أن يكون القبول فرع الايجاب و مطاوعا له، فلا يعقل تقدمه على الايجاب.

(3) في ص 59 عند قوله: بل المراد منه الرضا بالايجاب على وجه يتضمن إنشاء نقل ماله في الحال الى الموجب.

(4) اى أربعة نشير إليها.

(5) و هو كون القبول التزاما بشيء من القابل، و قد اشار إليه بقوله: لأنه إما أن يكون التزاما بشيء من القابل

(6) هذا هو القسم الاول، و المراد من المصالحة هي المصالحة على شيء من الطرفين كما تقدم في ص 83 عند قوله: و أما المصالحة المشتملة على المعاوضة

(7) هذا هو القسم الثاني، فإن الاشتراء و إن كان فيه التزام -

ص: 84

و الثاني (1) أيضا على قسمين، لأنه إما (2) أن يعتبر فيه عنوان المطاوعة كالارتهان و الاتهاب و الاقتراض (3)

و إما (4) أن لا يثبت فيه اعتبار أزيد من الرضا بالايجاب كالوكالة و العارية (5)، و شبههما (6)

+++++++++++

- لكن الالتزام فيه مغاير للالتزام من الموجب: اذ الموجب بايع، و القابل مشتر و المعاملة بيع و شراء.

(1) و هو القبول الذي ليس فيه سوى الرضا بالايجاب فقط، و لا يكون فيه التزام بشيء ابدا. و قد اشار إليه بقوله في ص 84: و إما أن لا يكون فيه سوى الرضا بالايجاب.

(2) هذا هو القسم الثالث.

(3) فإن هذه العقود معتبر فيها عنوان المطاوعة فلا يصح تقديم قبولها على ايجابها.

(4) هذا هو القسم الرابع.

(5) فإنهما بمجرد الرضا الصادر من الوكيل و المستعير يتم العقد فيؤثر اثره: و هو جواز تصرف الوكيل فيما و كل فيه، و المستعير فيما استعاره من غير احتياجهما الى شيء آخر كإنشاء نقل مال منهما الى الموكل و المعير كما كان هذا الانشاء موجودا في القابل في معاملة البيع و الشراء.

(6) كالمضاربة، فإنها بمجرد الرضا من العامل يتم العقد فيؤثر اثره فينصرف العامل فيما اعطاه المضارب و عين له في كيفية التصرف فيكون للضارب من الأرباح ما تقرر بينهما: من الثلث، أو النصف، أو الربع

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة الجزء 4 من ص 211-225 فنجد هناك شرحا وافيا حول المضاربة.

ص: 85

فتقديم القبول على الايجاب لا يكون إلا فى القسم الثاني (1) من كل من القسمين.

ثم إن مغايرة الالتزام في قبول البيع لالتزام ايجابه اعتبار عرفي.

فكل من التزم بنقل ماله على وجه العوضية لمال آخر يسمى مشتريا و كل من نقل ماله على أن يكون عوضه مالا من آخر يسمى بايعا.

و بعبارة اخرى كل من ملّك ماله غيره بعوض فهو البائع، و كل من ملك مال غيره بعوض ماله فهو المشتري، و إلا فكل منهما في الحقيقة يملك ماله غيره بإزاء مال غيره، و يملك مال غيره ازاء ماله.

من جملة شروط العقد الموالاة بين ايجابه و قبوله

و من جملة شروط العقد الموالاة (2) بين ايجابه و قبوله ذكره الشيخ في المبسوط في باب الخلع، ثم العلامة و الشهيدان و المحقق الثاني، و الشيخ المقداد

+++++++++++

(1) و هو القسم الثاني المشار إليه في الهامش 7 ص 84، و القسم الرابع المشار إليه في الهامش 4 ص 85، فإن في تقديم القبول على الايجاب فيهما لا يلزم محذورا لعدم اعتبار عنوان المطاوعة فيهما.

(2) مصدر باب المفاعلة من والى يوالي، معناه هنا المتابعة من دون فصل مخل: بحيث يقال: إن هذا القبول للايجاب المتقدم.

يقال: و الى فلان فلانا اى تابعه.

و المولى يكون بمعنى المتبوع، و يأتي بمعنى الاولى، و بهذا المعنى قال صلى اللّه عليه و آله و سلم في (غدير خم): من كنت مولاه فعلي مولاه إشارة الى قوله تعالى: اَلنَّبِيُّ أَوْلىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ

الأحزاب: الآية 6

فكل ما كان للرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم: من الأولوية في أنفس الناس يكون لعلي امير المؤمنين عليه الصلاة و السلام من دون فرق بينهما في بهذه الأولوية.

ص: 86

قال الشهيد في قواعده: الموالاة معتبرة في العقد، و نحوه (1)

و هي (2) مأخوذة من اعتبار الاتصال بين المستثنى و المستثنى منه.

و قال بعض العامة: لا يضر قول الزوج بعد الايجاب (3) الحمد للّه و الصلاة على رسول اللّه: قبلت نكاحها

و منه (4): الفورية في استتابة المرتد فيعتبر في الحال.

+++++++++++

(1) كالموالاة في أجزاء الصلاة و أركانها، و أفعال الغسل، و أفعال الوضوء: من الغسلتين و المسحتين.

(2) اى الموالاة في العقد و اعتبارها فيه قد اخذت من اعتبار الاتصال بين الاستثناء و المستثنى منه في قولك: جاءني القوم إلا زيدا فكما أنه لا بد من الاتصال هنا من دون فصل طويل مخل.

كذلك لا بد من الاتصال بين الايجاب و القبول في عقد النكاح و لا يفصل بينهما، لا بزمان، و لا بكلام.

ثم لا يخفى أن الظاهر من قول الشهيد: و هي مأخوذة من اعتبار الاتصال بين المستثنى و المستثنى منه: أن حكم العقد في الاتصال بين الايجاب و القبول قد اخذ من لزوم الاتصال بين المستثنى و المستثنى منه فيكون قياسا بحكمهما.

فكيف يمكن حينئذ أن يؤخذ حكم شرعي من حكم ادبي عربي ؟

بالإضافة الى أن ثبوت الحكم في المقيس عليه محل إشكال و نظر

(3) أي بعد ايجاب الزوجة بقولها: زوجت نفسي لك، بالمبلغ المعلوم، أو بقول وكيلها: زوجت نفس موكلتي لك بالمبلغ المعلوم.

(4) اى و من الموالاة، و التذكير باعتبار أن الموالاة مصدر. -

ص: 87

و قيل: الى ثلاثة أيام

و منه (1): السكوت في أثناء الاذان، فإن كان كثيرا بطله

و منه (2): السكوت الطويل في أثناء القراءة، أو قراءة غيرها

و كذا (3): التشهد

و منه (4): تحريم المامومين في الجمعة قبل الركوع، فإن تعمدوا أو نسوا حتى ركع فلا جمعة.

و اعتبر بعض العامة تحريمهم (5) معه قبل الفاتحة

و منه (6): الموالاة في التعريف (7) بحيث لا ينسى أنه تكرار، و الموالاة

+++++++++++

- و معنى الفورية في استتابة المرتد: أنه بعد أن استتب المرتد يجب عليه فورا التوبة، فإن لم يتب فورا قتل، خلافا لمن قال بعدم وجوب قتله إن لم يتب فورا، بل يمهل الى ثلاثة أيام ثم يقتل.

(1) اى و من المولاة: السكوت الطويل المخل.

(2) اى و من الموالاة: السكوت الطويل المخل في قراءة فاتحة الكتاب أو السورة، بناء على وجوبها في الصلاة.

(3) اى و كذا يجب الموالاة: بين أجزاء التشهد، و بين التشهد و بقية أفعال الصلاة المجاورة للتشهد.

(4) اى و من الموالاة

(5) اى تحريم المأمومين مع الامام

(6) اى و من الموالاة.

(7) اى تعريف الضالة، و اللقطة، فإنه يجب التعريف عنهما حولا كاملا مرتبا مواليا للدفعات: بحيث يعد التعريف البعدي تكملة للتعريف الاول، و هكذا

ص: 88

في سنة التعريف، فلو رجع (1) في أثناء المدة استونفت، ليتوالى. انتهى

أقول: حاصله أن الامر المتدرج شيئا فشيئا اذا كان له صورة اتصالية في العرف فلا بد في ترتب الحكم المعلق عليه في الشرع من اعتبار صورته الاتصالية.

فالعقد المركب من الايجاب و القبول القائم بنفس المتعاقدين بمنزلة كلام واحد مرتبط بعضه ببعض فيقدح تخلل الفصل المخل بهيئته الاتصالية

و لذا (2) لا يصدق المعاقدة اذا كان الفصل مفرطا في الطول كسنة أو ازيد (3)

و انضباط (4) ذلك إنما يكون بالعرف، فهو (5) في كل امر بحسبه فيجوز الفصل بين كل من الايجاب و القبول بما لا يجوز بين كلمات كل واحد منهما، و يجوز بين الكلمات الفصل بما لا يجوز بين الحروف كما في الاذان و القراءة (6)

+++++++++++

(1) بأن لم يعرف حولا كاملا، أو أخل بالموالاة

(2) اى و لاجل أن العقد بمنزلة كلام واحد.

(3) لا يخفى أن الفصل هكذا بين الايجاب و القبول لا يصدق عليه العقد اصلا، و لا يساعد عليه العرف، و لا يعترف به

(4) اى القاعدة الكلية في حصول الموالاة، و عدمه فيما له هيئة اتصالية هو نظر العرف، فإن بعض العرف يرى هذا موالاة، و لا يرى ذلك موالاة.

(5) اى الموالاة.

(6) فإنه يجوز الفصل بين حي على خير العمل الاول و الثاني بمقدار لا يصدق الفصل الطويل المخل، لأن دائرة الموالاة أوسع هنا من دائرة

ص: 89

و ما ذكره (1) حسن لو كان حكم الملك و اللزوم في المعاملة منوطا بصدق العقد عرفا كما هو مقتضى التمسك بآية الوفاء بالعقود، و بإطلاق كلمات الأصحاب في اعتبار العقد في اللزوم، بل الملك.

أما لو كان (2) منوطا بصدق البيع، أو التجارة عن تراض فلا يضره عدم صدق العقد (3)

و أما جعل الماخذ (4) في ذلك اعتبار الاتصال بين الاستثناء و المستثنى منه، فلأنه (5) منشأ الانتقال الى هذه القاعدة، فإن اكثر الكليات انما يلتفت إليها من التأمل في مورد خاص (6)

+++++++++++

الفصل بين كلمات الفصول.

و كذلك دائرة الموالاة بين كلمات الفصول أوسع من دائرة الموالاة بين حروف الكلمات، و هكذا دائرة بقية فصول الاذان.

(1) هذا رأي الشيخ حول ما افاده الشهيد الاول.

(2) اى العقد

(3) اى عرفا

(4) اى جعل الدليل في وجوب الموالاة.

(5) اى وجوب الاتصال بين المستثنى و المستثنى منه هو المنشأ للقول بوجوب الموالاة بين الايجاب و القبول في العقود.

(6) فإنه اذا انتقل ذهننا الى وجوب الاتصال بين المستثنى و المستثنى منه انتقل أيضا الى وجوب الموالاة بين القبول و الايجاب و أجزائهما.

و هكذا في غيرهما.

و لا يخفى صحة هذه الكلية في الموارد الادبية و اللغة و النحو و الصرف فإنه يكون بمثابة الاستقراء، إما تاما، أو ناقصا. -

ص: 90

و قد صرح (1) في القواعد مكررا بكون الاصل في هذه القاعدة كذا

و يحتمل بعيدا أن يكون الوجه فيه (2): أن الاستثناء أشد ربطا بالمستثنى منه

+++++++++++

- و أما في الأمور الشرعية التي نقول بتوقيفيتها فلا نقبل ذلك من الشيخ في توجيه كلام شيخنا الشهيد.

اللهم إلا أن يقال بثبوت ذلك في اللغة العربية على نحو الاستقراء التام فمن هنا نستكشف أن الشارع اراد ذلك في العقود اذا قيل بوجوب العربية فيها بالمعنى الأخص.

(1) هذا تأييد من الشيخ بكلام العلامة لما وجهه من كلام الشهيد فيما افاده: من أن المأخذ في وجوب الموالاة هو وجوب الاتصال بين المستثنى و المستثنى منه اى صرح العلامة في القواعد اكثر من مرة فى مجالات متعددة أن الاساس لوجوب الموالاة في الأشياء المترابطة: من الأقوال و الأفعال:

هو وجوب الاتصال بين المستثنى و المستثنى منه، فإن هذا الاتصال صار منشأ لوجوب الموالاة في تلك الأشياء فجعل اصلا و اساسا له.

(2) اى في كون وجوب الاتصال بين المستثنى و المستثنى منه صار اساسا لوجوب الموالاة في الأشياء المترابطة.

و خلاصة الاحتمال: أن الاستثناء يكون أشد ربطا و اتصالا بالمستثنى منه من بقية اللواحق التى هي الأشياء المترابطة المذكورة: من الأقوال و الأفعال كالمفعول بالنسبة الى الفعل، و الحال بالنسبة الى ذي الحال، و المضاف بالنسبة الى المضاف إليه، لأن الاستثناء لو لم يذكر لبقي المستثنى منه على كذبه، فإن القائل لما يقول: جاءني القوم توجهت نحو هذا الكلام صفة الكذب، حيث إن مجيء القوم امر مستغرب فلما قال: إلا زيدا خرج الكلام عن تلك الصفة و دخل في الصدق، فيكون ذكر الاستثناء لازما واجبا.

ص: 91

من سائر اللواحق، لخروج المستثنى منه معه (1) عن حد الكذب الى الصدق فصدقه (2) يتوقف عليه، فلذا (3) كان طول الفصل هناك أقبح فصار (4) اصلا في اعتبار الموالاة بين أجزاء الكلام، ثم تعدي منه (5) الى سائر

+++++++++++

بخلاف تلك اللواحق، فإنها لو لم تذكر لم يتوجه محذور نحوها

فهذه المناسبة صارت سببا لأن يكون وجوب الاتصال بين المستثنى و المستثنى منه اساسا لبقية اللواحق.

(1) اى مع الاستثناء كما عرفت آنفا.

(2) اى صدق المستثنى منه متوقف على ذكر الاستثناء حتى يخرج المستثنى منه عن صفة الكذب كما عرفت آنفا.

(3) اى فلاجل هذا التوقف يكون طول الفصل بين المستثنى و المستثنى منه أقبح من طول الفصل بين غيرهما: من الامور المترابطة التي ذكرناها لك، لأنه لو لم يذكر الاستثناء لبقي المستثنى منه على كذبه و هو قبيح.

(4) اي قبح الفصل الطويل بين المستثنى منه و الاستثناء اصبح قاعدة كلية و اساسا لاعتبار الموالاة بين أجزاء الكلام كالايجاب و القبول في العقود فإنه لا يصح الفصل الطويل بين القبول و الايجاب.

(5) اى و من قبح الفصل الطويل بين المستثنى و المستثنى منه تعدّ العلماء و قالوا بقبح الفصل الطويل في جميع الامور المترابطة.

و الارتباط على قسمين: لفظي كما في ارتباط المفعول مع الفعل و الحال مع ذي الحال، و المضاف مع المضاف إليه.

و معنوي كما في ارتباط السورة مع الحمد، و ارتباط أفعال الصلاة و الوضوء، و الغسل بعضها مع بعض، فإنه يجب الموالاة في اللفظي و المعنوي

و قد اشار الشيخ الى القسمين بقوله في ص 93: لفظا، أو معنى. -

ص: 92

الأمور المرتبطة بالكلام لفظا، أو معنى، أو من حيث صدق عنوان خاص عليه (1)، لكونه عقدا، أو قراءة (2)، أو اذانا (3)، و نحو ذلك (4)

ثم في تطبيق بعضها (5)

+++++++++++

- و كلمتا لفظا أو معنى منصوبتان على التميز لقوله: الامور المرتبطة اى تكون الامور مرتبطة من حيث اللفظ، أو من حيث المعنى كما مثلنا لهما بقولنا آنفا: كما في ارتباط المفعول مع الفعل، و كما في ارتباط السورة مع الحمد.

(1) اى تكون الامور مرتبطة من حيث صدق عنوان خاص على الكلام كما لو وقع الكلام عقدا، فإن الارتباط بين القبول و الايجاب لاجل صدق عنوان العقدية على هذا الكلام المشتمل على الايجاب و لقبول فيجب الموالاة بينهما.

(2) اى تكون الامور مرتبطة من حيث صدق عنوان خاص على الكلام كما لو وقع الكلام قراءة كما في الصلاة، فإن الارتباط بين كلمات القراءة لأجل صدق عنوان القراءة عليها: بحيث لولاه لما كان الارتباط واجبا فوجوب الموالاة لاجل هذا.

(3) اى تكون الامور مرتبطة من حيث صدق عنوان خاص على الكلام كوقوعه اذانا، فإن الارتباط بين فصوله لاجل صدق عنوان الاذانية على هذا الكلام: بحيث لولاه لما وجب الارتباط.

(4) كما في الاقامة، فإن وجوب الموالاة فيه لاجل صدق عنوان الإقامية للصلاة: بحيث لولاه لما وجب الموالاة.

(5) اى في تطبيق بعض ما افاده الشهيد الاول

من هنا يريد الشيخ أن يورد على بعض ما أفاده: من وجوب -

ص: 93

على ما ذكره (1) خفاء كمسألة توبة المرتد، فإن غاية ما يمكن أن يقال في توجيهها (2): إن المطلوب في الاسلام الاستمرار فاذا انقطع فلا بد من اعادته في أقرب الأوقات (3)

و أما مسألة الجمعة (4) فلأن هيئة الاجتماع في جميع أحوال الصلاة:

من القيام و الركوع و السجود مطلوبة فيقدح الاخلال بها.

+++++++++++

- الموالاة في الموارد التي ذكرها الشيخ عنه بقوله: و منه الفورية في استتابة المرتد، و منه السكوت في أثناء الاذان، و منه السكوت في اثناء القراءة، و منه تحريم المأمومين مع الامام، و منه الموالاة في التعريف.

فقال: إن وجوب الموالاة في مسألة فورية التوبة في المرتد خفي.

وجه الخفاء: أن العلة في وجوب الموالاة بين المستثنى و المستثنى منه هو رفع الكذب عن المستثنى منه لو لا الاتيان بالاستثناء.

و من الواضح عدم وجود العلة المذكورة في وجوب التوبة فورا بعد الاستتابة حتى يجب الموالاة، بل وجوب الموالاة جاء من الدليل الخارجي

و هكذا وجوب الموالاة في تعريف الضالة و اللقطة ليس من ناحية العلة المذكورة في الاستثناء.

(1) اى الشهيد الاول و نقله عنه الشيخ في ص 87 بقوله: و منه الفورية.

(2) اى توجيه فورية التوبة.

(3) و إعادة الاستمرار في أقرب الأوقات يكفي في فورية التوبة.

(4) و هي فورية التحريم للمأمومين مع الامام.

من هنا يريد الشيخ أن يوجه هذه الفورية و خلاصته: أن الهيئة الاجتماعية من المأمومين و الامام في صلاة الجمعة مطلوبة، فلو اخل بهذه -

ص: 94

و للتأمل في هذه الفروع (1)، و في صحة تفريعها على الاصل المذكور (2) مجال.

ثم إن المعيار (3) في الموالاة موكول الى العرف كما في الصلاة و القراءة و الاذان (4) و نحوها (5)

و يظهر من رواية سهل الساعدي المتقدمة (6) في مسألة تقديم القبول جواز الفصل بين الايجاب و القبول بكلام طويل اجنبي، بناء على ما فهمه الجماعة من أن القبول فيها قول ذلك الصحابي زوجنيها، و الايجاب قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم بعد فصل طويل: زوجتكها بما معك من القرآن

+++++++++++

- الصفة المطلوبة: بأن لم ينو الماموم مع الامام قبل الركوع عمدا، أو نسيانا فقد اختلت الهيئة المطلوبة.

(1) و هي التي ذكرها الشيخ عن الشهيد بقوله: و منه الفورية في استتابة المرتد الى آخر ما ذكرناه في الهامش 5 ص 93-94

(2) و هو وجوب الاتصال بين المستثنى المستثنى منه.

(3) اى الميزان في وجوب الموالاة بعد التسليم به هو رأي العرف فيه، فإن العرف قد يتسامح في بعضها ما لا يتسامح في بعضها الآخر.

فليس في وجوب الموالاة قاعدة كلية، و كبرى مسلمة تنطبق على صغرياتها و أفرادها.

(4) هذه أمثلة لكون العرف هو الحاكم في وجوب الموالاة في أجزائها و فصولها، و أن الفصل الطويل مخل للاتصال المطلوب فيها.

(5) اى و نحو الصلاة و القراءة و الاذان مما يتطلب فيه الاتصال بنظر العرف.

(6) في ص 56

ص: 95

و لعل هذا موهن (1) آخر للرواية فافهم. (2)

من جملة الشرائط التي ذكرها جماعة: التنجيز في العقد:

و من جملة الشرائط (3) التي ذكرها جماعة: التنجيز (4) في العقد:

بأن لا يكون معلقا على شيء بأداة الشرط: بأن يقصد المتعاقدان انعقاد المعاملة في صورة وجود ذلك (5) الشيء، لا في غيرها (6)

و ممن صرح بذلك (7) الشيخ و الحلي و العلامة، و جميع من تاخر عنه كالشهيدين و المحقق الثاني و غيرهم قدس اللّه أرواحهم.

و عن فخر الدين في شرح الارشاد في باب الوكالة أن تعلق الوكالة على الشرط لا يصح عند الامامية.

و كذا غيره من العقود لازمة كانت أو جائزة.

و عن تمهيد القواعد دعوى الاجماع عليه، و ظاهر المسالك في مسألة اشتراط التنجيز في الوقف الاتفاق عليه، و الظاهر عدم الخلاف (8) فيه كما اعترف به غير واحد و إن لم يتعرض الاكثر في هذا (9) المقام

+++++++++++

(1) اذ الموهن الاول هو كون القبول بلفظ الامر مع أن الماضوية معتبرة في العقود.

(2) لعله اشارة الى أن الرواية قويت بعمل الأصحاب و إن كانت قاصرة سندا و دلالة، فلا يكون الفصل الطويل موهنا للرواية.

(3) اى شروط العقد.

(4) مصدر باب التفعيل، معناه التعجيل يقال: نجزّ الامر أى عجّله

(5) كقولك: بعتك داري بالف دينار اذا رضيت، أو إذا شئت

(6) اى لا في غير وجود ذلك الشرط.

(7) اى بالتنجيز في العقد.

(8) اى في كون التنجيز شرطا في العقد.

(9) اى مقام تنجيز العقد، و أنه شرط فيه.

ص: 96

و يدل عليه (1) فحوى فتاويهم، و معاقد الاجماعات في اشتراط التنجيز في الوكالة مع كونه من العقود الجائزة التي يكفي فيها كل ما دل على الاذن، حتى أن العلامة ادعى الاجماع على ما حكي عنه على عدم صحة أن يقول الموكل: انت وكيلى في يوم الجمعة أن تبيع عبدي (2)

و على صحة قوله: انت وكيلي و لا تبع عبدي إلا في يوم الجمعة (3)، مع كون المقصود واحدا

و فرق بينهما (4) جماعة بعد الاعتراف بأن هذا (5) في معنى التعليق:

بأن (6) العقود لما كانت متلقاة من الشارع انيطت بهذه الضوابط، و بطلت فيما خرج عنها و إن افادت فائدتها فاذا كان الامر كذلك عندهم في الوكالة (7) فكيف الحال في البيع ؟

+++++++++++

(1) اى على أن التنجيز شرط في العقد.

(2) وجه عدم الصحة: أن الوكالة هنا قد علقت على الشرط و هو يوم الجمعة و هو لا يجوز، لكون التنجيز شرطا في العقد.

(3) وجه الصحة: أن الوكالة منجزة من حين العقد و إن كان العبد يباع في يوم الجمعة، فليس هنا تعليق في نفس العقد.

(4) اى بين العبارتين في الوكالة: و هما: انت وكيلي في يوم الجمعة أن تبيع عبدي. و انت وكيلي و لا تبع عبدي إلا في يوم الجمعة.

(5) و هو قوله: انت وكيلي في يوم الجمعة أن تبيع عبدي.

(6) الباء بيان لكيفية التفريق بين العبارتين في الوكالة.

و خلاصتها: أن العقود و الايقاعات متلقاة من الشارع فاذا كانت كذلك فتكون متوقفة على هذه الضوابط و القواعد: من التنجيز و الموالاة و الماضوية و غيرها: من شرائط المتعاقدين و العوضين و لا يجوز التعدي عنها

(7) التي لا يجوز التعليق فيها، بل لا بد من التنجيز.

ص: 97

و بالجملة فلا شبهة في اتفاقهم على الحكم (1)

و أما الكلام في وجه الاشتراط (2) فالذي صرح به العلامة في التذكرة أنه (3) مناف للجزم حال الإنشاء، بل جعل الشرط هو الجزم (4) ثم فرع عليه عدم جواز التعليق.

قال: الخامس من الشروط الجزم، فلو علق العقد على شرط لم يصح (5) و إن كان الشرط المشية (6)، للجهل بثبوتها (7) حال العقد، و بقائها (8) مدته

+++++++++++

(1) و هو التنجيز و عدم جواز التعليق.

(2) و هو اشتراط التنجيز في الايجاب و القبول

(3) اى التعليق على شيء كمجيء زيد مثلا.

(4) اى و لم يقل العلامة: إن من جملة الشروط التنجيز، بل قال:

إن من جملة الشروط الجزم.

(5) اى العقد لم يقع صحيحا، بل يكون باطلا.

(6) بأن قال: بعتك داري بالف دينار ان شئت.

(7) اي بثبوت مشية الطرف الآخر، حيث لا يعلم أن الطرف الآخر اراد الشراء حال العقد إن كان مشتريا أو البيع إن كان بايعا.

(إن قلت): إن الإنسان حال العقد إما مقدم على الشراء، أو البيع فكيف لا يعلم بذلك لو علق العقد على مشيئة المشتري ؟

(قلنا): إنه يشترط استمرار ذلك الى تمام العقد و الحال أنه لا يعلم الاستمرار.

(8) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) اى و للجهل ببقاء المشيئة الى انتهاء العقد.

و أما التعليق على مشيئة اللّه عز و جل فإن كان على وجه التيمن و التبرك فلا إشكال في اتيانها. -

ص: 98

و هو احد (1) قولي الشافعي، و أظهرهما عندهم الصحة (2)، لأن هذه (3) صفة يقتضيها اطلاق العقد، لأنه لو لم يشأ لم يشتر. انتهى (4)

و تبعه (5) على ذلك الشهيد رحمه اللّه في قواعده.

قال: لأن الانتقال (6) بحكم الرضا و لا رضا إلا مع الجزم و الجزم ينافي التعليق. انتهى.

و مقتضى ذلك (7): أن المعتبر هو عدم التعليق على امر مجهول الحصول (8)

+++++++++++

- و أما اذا كان على نحو التعليق الحقيقي فلا يصح التعليق بمشية اللّه عز و جل

(1) اى اشتراط التنجيز في العقد.

(2) اى صحة العقد لو علق على إشاءة الطرف الآخر.

(3) اى صحة العقد لو علق على الإشاءة صفة من مقتضيات اطلاق العقد فإن العقد مطلق لم يقيد بجواز التعليق و عدمه، فبهذا الاطلاق نتمسك على صحة العقد لو علق على المشية.

(4) راجع (تذكرة الفقهاء) من طبعتنا الحديثة. الجزء 7 ص 5

(5) اي و تبع الشهيد الاول العلامة فيما افاده: من عدم جواز التعليق على المشية.

(6) اى انتقال المثمن الى المشتري، و الثمن الى البائع متفرع على الرضا من الطرفين، فاذا علق على المشية يكون إحراز الرضا مشكوكا.

فكيف ينتقل المثمن الى المشتري، و الثمن الى البائع ؟

(7) اي مفهوم كلام الشهيد الاول.

(8) فيكون مفهوم كلام الشهيد الاول: أن العقد لو علق على شيء محقق الحصول صح ذلك كقولك: بعتك داري بالف دينار إن كانت الشمس طالعة، و لا شك أن الشمس تكون طالعة لا محالة، كما تأتي الاشارة إليه.

ص: 99

كما صرح به (1) المحقق في باب الطلاق.

و ذكر المحقق و الشهيد الثانيان في الجامع و المسالك في مسألة إن كان لي فقد بعته: أن التعليق إنا ينافي الإنشاء في العقود و الايقاعات، حيث يكون المعلق عليه مجهول الحصول (2)

لكن الشهيد في قواعده ذكر في الكلام المتقدم (3) أن الجزم ينافي التعليق، لأنه (4) بعرضة عدم الحصول و لو (5) قدر العلم بحصوله كالتعليق على الوصف، لأن الاعتبار بجنس الشرط (6)، دون أنواعه (7) فاعتبر (8)

+++++++++++

(1) اى بعدم جواز التعليق في العقد على امر مجهول الحصول

(2) فمفهومه: أن العقد لو علق على امر محقق الحصول جاز

(3) و هو كلام الشهيد الذي نقله عنه الشيخ بقوله في ص 99: لأن الانتقال بحكم الرضا، و لا رضا إلا مع الجزم.

(4) اى التعليق في معرض عدم الحصول و إن فرض العلم بتحققه في الاستقبال كقولك؛ بعتك داري بالف دينار إن كان يموت زيد في المستقبل فإن موت زيد في المستقبل من الامور المتحققة و الواقعية، لكن مع ذلك لا يصح التعليق.

(5) كلمة لو هنا وصلية و قد عرفت معناها عند قولنا: و إن فرض العلم.

(6) خلاصة هذا الكلام: أن الملاك في عدم جواز التعليق على الشيء جنس الشرط و شخصه، لا أفراده حتى يقال: إن التعليق على الوصف المعلوم الحصول و إن كان في الاستقبال جائز، لعدم كونه في عرضة عدم الحصول.

(7) عرفت معناه عند قولنا: لا أفراده.

(8) اى الشهيد الاول اعتبر في عدم جواز التعليق معنى عاما: و هو -

ص: 100

المعنى العام، دون خصوصيات الأفراد (1)

ثم قال (2): (فإن قلت): فعلى هذا (3) يبطل قوله في صورة إنكار التوكيل: إن كان لي فقد بعته منك بكذا.

(قلت) (4): هذا تعليق على واقع، لا متوقع الحصول فهو (5)

+++++++++++

- الاعتبار بجنس الشرط، لا بأفراده و أنواعه.

(1) من كونها مشكوك الحصول، أو معلوم الحصول كقولك:

بعتك داري بالف دينار إن كان يموت زيد في المستقبل.

(2) اى الشهيد الاول حول التعليق على شيء.

(3) اى فعلى الاعتبار بجنس الشرط، لا بأفراده و أنواعه يرد الاشكال على قول القائل: إن كان لي فقد بعته في صورة دعوى الوكيل الوكالة في البيع.

و خلاصة الإشكال: أن التعميم المذكور في بطلان العقد بسبب التعليق على جنس الشرط، سواء أ كان محقق الحصول أم مجهول الحصول:

يوجب بطلان قول القائل: إن كان لي فقد بعته، مع أن الفقهاء قالوا بصحته.

(4) هذا جواب عن الإشكال.

و خلاصته: أن قول القائل: إن كان لي فقد بعته معلق على شيء واقع، لا على متعلق حتى يشمله التعميم المذكور فلا يلزم بطلان العقد.

(5) و هو قوله: إن كان لي

خلاصة هذا الكلام: أن قول القائل: إن كان لي فقد بعته لا يكون فيه معنى التعليق حتى يقال: إن التنجيز شرط في العقد و هنا قد علق على الشرط، لأن الّذي علق عليه البيع: هو كون المبيع له و هذا هو -

ص: 101

علة للوقوع، أو مصاحب له (1)، لا معلق عليه (2) الوقوع

و كذا نقول: لو قال في صورة إنكار وكالة التزويج، و انكار التزويج حيث تدعيه المرأة: إن كانت زوجتي فهي طالق. انتهى كلامه رحمه اللّه.

و علل العلامة في القواعد صحة إن كان لي فقد بعته: بأنه امر واقع يعلمان وجوده فلا يضر جعله شرطا، و كذا كل شرط علم وجوده، فإنه لا يوجب شكا في البيع و لا في وقوعه. انتهى (3).

و تفصيل (4) الكلام أن المعلق عليه إما أن يكون معلوم التحقق، و إما أن يكون محتمل التحقق.

و على الوجهين فإما أن يكون تحققه المعلوم، أو المحتمل في الحال، أو المستقبل (5)

+++++++++++

- الّذي اوجب صحة هذا البيع، فليس فيه معنى التعليق حتى يرد عليه الإشكال.

و هذا نظير قول القائل: لو كانت زوجتي فهي طالق عند ما ينكر الزوجية، فإن في نفس الطلاق عند ما يجريه ليس معنى التعليق حتى يقال بعدم جريان الطلاق، لأن مدخول الشرط: و هو كون زوجية المرأة هو الذي صار سببا و علة لصحة الطلاق و بينونية الزوجية عن المرأة.

(1) اى يكون قوله إن كان لي مصاحبا و ملازما لوقوع البيع، لأنه ليس في قوله معنى التعليق.

(2) اى و ليس العقد معلقا على الشرط و هو قوله: إن كان لي؛ بل معلق على كون المبيع له كما عرفت آنفا.

(3) اى ما افاده الشهيد الاول في قواعده حول التنجيز.

(4) اى تفصيل الكلام في التعليق و المعلق عليه.

(5) فهذه أربعة تقادير اى بعد ضرب 2 * 2-4. أليك تفصيلها.

(التقدير الاول): كون المعلق عليه معلوم التحقق في الحال -

ص: 102

و على التقادير (1) فإما أن يكون الشرط (2) مما يكون مصححا للعقد ككون (3) الشيء مما يصح تملكه شرعا، أو مما (4) يصح إخراجه عن الملك كغير (5) أمّ الولد، و غير الموقوف (6)

+++++++++++

- (التقدير الثاني): كون المعلق عليه معلوم التحقق في الاستقبال.

(التقدير الثالث): كون المعلق عليه محتمل التحقق في الحال.

(التقدير الرابع): كون المعلق عليه محتمل التحقق في الاستقبال

(1) اى التقادير الاربعة المذكورة.

(2) اى الشرط الذي يعلق عليه العقد لا يخلو من احد الامرين:

(الاول): أن يكون مصححا للعقد

و هذا الشرط بمنزلة كلي له أفراد أربعة نشير إليها تحت رقمها الخاص.

(3) هذا هو الفرد الاول لذلك الشرط اي كون الشرط مصححا للعقد عبارة عن كون الشيء مما يصح تملكه شرعا كالشاة و الدار و الثياب مثلا

(4) هذا هو الفرد الثاني لذلك الشرط اي كن الشط مصححا للعقد عبارة عن كون الشيء مما يصح إخراجه عن ملك الانسان كما مثلنا في الفرد الاول.

(5) فإن أمّ الولد لا يجوز اخراجها عن الملك ببيعها، أو هبتها، لأنها تكون حرة من نصيب ولدها اذا مات ابوه و هو في قيد الحياة.

فالشارع يريد حريتها، لتستفيد من مزايا الحياة الاجتماعية و الفردية و هذه لا تجتمع و الرقية فاثبت لها الحرية بسبب ولدها من مولاها، سواء أ كان في بطنها أم مولودا.

(6) فإن الموقوف بعد وقفيته لا يباع و لا يوهب و لا يرهن.

ص: 103

و نحوه (1)، و كون (2) المشتري ممن يصح تملكه شرعا: كأن لا يكون عبدا و ممن (3) يجوز العقد معه: بأن يكون بالغا.

و إما أن لا يكون كذلك (4).

+++++++++++

(1) كالتحبيس في مدة مائة عام مثلا، فإن المحبوس في ظرف المدة المذكورة لا يجوز بيعه و لا هبته و لا رهنه.

(2) بالجر عطفا على مجرور (الكاف الجارة) في قوله: ككون الشيء.

هذا هو الفرد الثالث للشرط الذي كان بمنزلة كلي له أفراد أربعة اى كون الشيء مصححا للعقد عبارة عن كون المشتري ممن يصح تملكه شرعا: بأن لا يكون عبدا.

(3) هذا هو الفرد الرابع للشرط الذي كان بمنزلة كلي له أفراد أربعة اى كون الشيء مصححا للعقد عبارة عن كون المشتري ممن يصحح معه العقد ككونه بالغا عاقلا مختارا.

(4) اي لا يكون الشرط مما يصحح العقد

هذا هو الامر الثاني من الامرين الذين يكونان للشرط الذي يعلق عليه العقد

و هذا الامر بمنزلة كلي له الافراد الاربعة المذكورة، لكن ضدها لأن الشرط الذي لا يكون مصححا للعقد إما لاجل عدم قابلية الشيء للتملك شرعا ككونه خمرا، أو خنزيرا، أو كلبا فهذا ضد الفرد الاول الّذي كان قابلا للتملك.

و إما لاجل عدم صحة اخراجه من الملك ككونه أم ولد، أو موقوفا أو محبوسا، فهذا ضد الفرد الثاني الذي كان قابلا للإخراج.

و إما لاجل أن المشتري ليس قابلا للتملك ككونه عبدا، فهذا ضد -

ص: 104

ثم التعليق (1) إما مصرح به، و اما لازم من الكلام كقوله: ملكتك هذا بهذا يوم الجمعة (2)

+++++++++++

الفرد الثالث الذي كان قابلا للتملك.

و إما لاجل أن المشتري ليس ممن يصح معه العقد ككونه صبيا، فهذا ضد الفرد الرابع الذي كان قابلا لجواز العقد معه.

ثم هذان الامران: و هما كون الشرط مصححا للعقد، أو غير مصحح للعقد يضربان في التقادير الاربعة المذكورة يصير المجموع ثمانية صورة اى 2 * 4-8

(1) و هو الشرط إما مصرح به: بأن ذكرت أداة الشرط كقولك:

بعتك إن جاء زيد، فإن الشرط هنا محقق؛ لكونه اتي به بأداة الشرط و هي كلمة إن.

(2) فإن التعليق على يوم الجمعة ليس بأداة الشرط حتى يكون مصرحا به، بل يفهم من لازم الكلام، لأن تقييد الأخذ، أو التمليك بيوم الجمعة في معنى التعليق فهاتان صورتان.

ثم تضرب هاتان الصورتان و هما: كون التعليق مصرحا به، أو مستفادا من لازم الكلام في الصور الثمانية المذكورة يصير المجموع ست عشرة صورة اى 2 * 8-16. أليك تفصيلها.

(الصورة الاولى): كون المعلق عليه معلوم التحقق في الحال مع صراحة التعليق، و مع كون الشيء مما يصح تملكه شرعا، و يصح إخراجه عن ملكه، و المشتري يكون ممن يصح تملكه شرعا، و ممن يصح معه العقد

(الصورة الثانية): كون المعلق عليه معلوم التحقق في الاستقبال مع صراحة التعليق، و مع كون الشيء مما يصح تملكه شرعا، و يصح -

ص: 105

..........

+++++++++++

اخراجه عن ملكه، و يكون المشتري ممن يصح تملكه شرعا، و ممن يصح معه العقد.

(الصورة الثالثة): كون المعلق عليه محتمل التحقق في الحال مع صراحة التعليق، و مع كون الشيء مما يصح تملكه شرعا، و يصح اخراجه عن ملكه، و يكون المشتري ممن يصح تملكه شرعا، و يكون ممن يصح معه العقد شرعا.

(الصورة الرابعة): كون المعلق عليه محتمل التحقق في الاستقبال مع صراحة التعليق، و مع كون الشيء مما يصح تملكه شرعا، و يصح إخراجه عن ملكه، و يكون المشتري ممن يصح تملكه شرعا، و ممن يصح معه العقد شرعا.

(الصورة الخامسة): كون المعلق عليه معلوم التحقق في الحال، مع كون التعليق من لوازم الكلام، و كون الشيء مما يصح تملكه شرعا، و يصح اخراجه عن ملكه شرعا، و يكون المشتري ممن يصح تملكه شرعا و ممن يصح معه العقد شرعا.

(الصورة السادسة): كون المعلق عليه معلوم التحقق في الاستقبال مع كون التعليق من لوازم الكلام؛ و كون الشيء مما يصح تملكه شرعا، و يصح اخراجه عن الملك شرعا، و يكون المشتري ممن يصح تملكه شرعا، و ممن يصح العقد معه شرعا.

(الصورة السابعة): كون المعلق عليه محتمل التحقق في الاستقبال مع كون التعليق من لوازم الكلام، و كون الشيء مما يصح تملكه شرعا و يصح إخراجه عن الملك شرعا، و يكون المشتري ممن يصح تملكه شرعا و ممن يصح العقد معه. -

ص: 106

..........

+++++++++++

(الصورة الثامنة): كون المعلق عليه معلوم التحقق في الحال مع كون التعليق من لوازم الكلام، و كون الشيء مما يصح تملكه شرعا و مما يصح إخراجه عن الملك شرعا، و المشتري ممن يصح تملكه شرعا و ممن يصح معه العقد شرعا.

(الصورة التاسعة): كون المعلق عليه معلوم التحقق في الحال مع صراحة التعليق، لكن الشيء الذي علق على الشرط لا يكون مما يصح تملكه شرعا كالكلب و الخنزير و الخمر، و يكون مما لا يصح اخراجه عن الملك كام ولد و الموقوف و التحبيس، و المشتري لا يكون ممن يصح تملكه شرعا كالعبد، و لا يكون ممن يصح العقد شرعا كالصبي و المجنون و المكره.

(الصورة العاشرة): كون المعلق عليه معلوم التحقق في الاستقبال مع صراحة التعليق، لكن الشيء الذي علق على الشرط لا يصح تملكه شرعا و لا يصح اخراجه عن الملك، و لا يكون المشتري ممن يصح تملكه شرعا و لا ممن يصح معه العقد شرعا كما عرفت مثال ذلك في الصورة التاسعة.

(الصورة الحادية عشرة): كون المعلق عليه محتمل التحقق في الحال مع صراحة التعليق، لكن الشيء الذي علق على الشرط لا يصح تملكه شرعا، و لا يصح إخراجه عن الملك، و لا يكون المشتري ممن يصح تملكه شرعا، و لا ممن يصح معه العقد شرعا كما عرفت مثال ذلك في الصورة التاسعة.

(الصورة الثانية عشرة): كون المعلق عليه محتمل التحقق في الاستقبال مع صراحة التعليق، لكن الشيء الذي علق على الشرط يكون مما لا يصح -

ص: 107

..........

+++++++++++

- تملكه شرعا، و لا يصح اخراجه عن الملك شرعا، و المشتري يكون ممن لا يصح تملكه شرعا، و ممن لا يصح معه العقد شرعا كما عرفت مثال ذلك في الصورة التاسعة.

(الصورة الثالثة عشرة): كون المعلق عليه معلوم التحقق في الحال مع كون التعليق من لوازم الكلام، لكن الشيء الذي علق على الشرط يكون مما لا يصح تملكه شرعا، و لا يصح إخراجه عن الملك شرعا و المشتري يكون ممن لا يصح تملكه شرعا، و يكون ممن لا يصح معه العقد شرعا كما عرفت مثال ذلك في الصورة التاسعة.

(الصورة الرابعة عشرة): كون المعلق عليه معلوم التحقق في الاستقبال مع كون التعليق من لوازم الكلام، لكن الشيء الّذي علق على الشرط يكون مما لا يصح تملكه شرعا، و لا يصح إخراجه عن الملك شرعا، و المشتري يكون ممن لا يصح تملكه شرعا و يكون ممن لا يصح العقد معه شرعا كما عرفت مثال ذلك في الصورة التاسعة

(الصورة الخامسة عشرة): كون المعلق عليه محتمل التحقق في الحال مع كون التعليق من لوازم الكلام، و كون الشيء الذي علق على الشرط مما لا يصح تملكه شرعا، و لا يصح اخراجه عن الملك شرعا، و المشتري يكون ممن لا يصح تملكه شرعا، و ممن لا يصح معه العقد شرعا كما عرفت مثال ذلك في الصورة التاسعة.

(الصورة السادسة عشرة): كون المعلق عليه محتمل التحقق في الاستقبال مع كون التعليق من لوازم الكلام، لكن الشيء الذي علق على الشرط مما لا يصح تملكه شرعا، و لا يصح اخراجه عن الملك شرعا، و المشتري يكون ممن لا يصح تملكه شرعا، و لا ممن يصح معه العقد شرعا كما عرفت مثال ذلك في الصورة التاسعة.

ص: 108

و قوله في القرض و الهبة: خذ هذا بعوضه، أو خذه بلا عوض يوم الجمعة (1) فإن التمليك (2) معلق على تحقق الجمعة في الحال، أو في الاستقبال، و لهذا (3) احتمل العلامة في النهاية، و ولده في الايضاح بطلان بيع الوارث لمال مورثه بظن موته معللا بأن العقد و إن كان منجزا في الصورة (4) إلا أنه معلق، و التقدير ان مات مورثي فقد بعتك.

فما (5) كان منها معلوم الحصول حين العقد فالظاهر أنه غير قادح وفاقا لمن عرفت كلامه كالمحقق و العلامة و الشهيدين و المحقق الثاني و الصيمري (6)

+++++++++++

(1) القيد راجع الى الهبة و القرض.

(2) و هو في قوله: ملكتك يوم الجمعة معناه: أنه اذا لم يكن يوم الجمعة لا يحصل التمليك.

(3) اى و لاجل تعلق التمليك على تحقق الجمعة في الحال، أو الاستقبال

(4) حيث إن الوارث يعلم أنه لو لم يمت مورثه لم يجز له البيع فهذا و إن كان منجزا في الظاهر، لكنه معلق في الواقع و نفس الامر فكأنه قال: إن مات مورثي فقد بعتك.

(5) من هنا كلام شيخنا الانصاري يريد أن يذكر أن أية صورة من التقادير للتعليق صحيحة، و أية منها فاسدة، فالفاء تفريع على ما ذكره من التقادير التي بلغت ست عشرة صورة: ثمانية منها يكون التعليق فيها صريحا، و ثمانية منها يكون التعليق فيها مستفادا من لازم الكلام كما عرفت الصور بكاملها.

فقسم الشيخ التعليق على أربعة أقسام فهذا: و هو ما كان منها معلوم الحصول يكون من القسم الاول.

(6) يأتي شرح حياة هؤلاء الأعلام في (أعلام المكاسب)

ص: 109

و حكي (1) أيضا عن المبسوط و الايضاح في مسألة ما لو قال: إن كان لي فقد بعته، بل لم يوجد في ذلك (2) خلاف صريح، و لذا (3) ادعى في الرياض في باب الوقف عدم الخلاف فيه صريحا و ما (4) كان منها معلوم الحصول في المستقبل و هو المعبر عنه بالصفة فالظاهر أنه داخل في معقد اتفاقهم على عدم الجواز (5) و إن كان تعليلهم (6) للمنع باشتراط الجزم لا يجري فيه كما اعترف به (7)

+++++++++++

(1) اى عدم القدح في الشرط المعلوم الحصول في الحال و حين العقد.

(2) اى في عدم قدح الشرط المعلوم الحصول في العقد.

(3) اى و لاجل عدم قدح الشرط المعلوم الحصول في العقد

(4) هذا هو القسم الثاني من أقسام التعليق حسب تقسيم الشيخ

(5) اى لا يجوز التعليق في القسم الثاني كقولك: بعتك اذا طلعت الشمس فإن طلوع الشمس وصف محقق الحصول في المستقبل و لا ينافي الجزم الذي يكون معتبرا في العقد، لكن مع ذلك كله لا يجوز التعليق.

ثم لا يخفى عليك أن اطلاق الوصف على القسم الثاني الذي يكون التعليق فيها محقق الحصول في الاستقبال كطلوع الشمس غدا غير معهود في تعابير القوم.

(6) اى تعليل الفقهاء لعدم جواز التعليق بقولهم: إن التعليق مناف للجزم حال الانشاء لا يشمل هذا القسم، حيث إن المعلق عليه و هو الوصف حسب تعبير الشيخ محقق الحصول و الوقوع، لأنه بمثابة الامر الجزمي البتي، لكن مع ذلك لا يصح.

(7) اى بعدم جواز التعليق في القسم الثاني في قوله المتقدم الذي نقله عنه الشيخ في ص 100: و لو قدر العلم بحصوله كالتعليق على الوصف لأن الاعتبار بجنس الشرط، لا بأنواعه و أفراده.

ص: 110

الشهيد فيما تقدم عنه، و نحوه (1) الشهيد الثاني فيما حكي عنه، بل يظهر من عبارة المبسوط في باب الوقف كونه (2) مما لا خلاف فيه بيننا، بل بين العامة، فإنه (3) قال: اذا قال الواقف: اذا جاء راس الشهر فقد وقفته لم يصح الوقف (4) بلا خلاف (5)، لأنه مثل البيع و الهبة، و عندنا مثل العتق أيضا (6) انتهى، فإن ذيله (7) يدل على أن مماثلة الوقف للبيع و الهبة غير مختص بالإمامية.

نعم (8) مماثلته للعتق مختصة بهم

+++++++++++

(1) اى و نحو كلام الشهيد الاول في الاعتراف بعدم جواز التعليق في القسم الثاني كلام الشهيد الثاني.

(2) اى كون عدم جواز التعليق، و أن التعليق باطل.

(3) اى شيخ الطائفة قال:

(4) مع أن مجيء راس الشهر وصف محقق الحصول و الوقوع

(5) اى بلا خلاف بين السنة و الشيعة في عدم جواز التعليق على وصف محقق الحصول في الوقف.

(6) اي في أن العتق لا يجوز تعليقه على الشرط المحقق الحصول في المستقبل.

(7) اى ذيل كلام الشيخ في المبسوط: و هو قوله: و عندنا مثل العتق أيضا.

هذا تعليل لكون المراد من قول الشيخ في المبسوط: بلا خلاف هو الاتفاق بين الشيعة و السنة في عدم جواز التعليق في الوقف على وصف محقق الحصول في المستقبل.

(8) استدراك عما افاده: من أن الوقف كالبيع و الهبة في عدم -

ص: 111

و ما (1) كان منها مشكوك الحصول و ليست صحة العقد معلقة عليه في الواقع كقدوم الحاج فهو المتيقن من معقد اتفاقهم (2)

و ما (3) كانت صحة العقد معلقة عليه كالأمثلة المتقدمة فظاهر اطلاق كلامهم يشمله، إلا أن الشيخ في المبسوط حكى في مسألة إن كان لي فقد بعته قولا من بعض الناس بالصحة، و أن الشرط (4)، لا يضره (5)

+++++++++++

- جواز التعليق فيه على الشرط المعلوم الحصول في المستقبل عند السنة و الشيعة

و خلاصته: أن تنظير الشيخ الوقف بالعتق مختص بالامامية، حيث إنهم يقولون بعدم جواز تعليق العتق على الشرط المعلوم الحصول في المستقبل دون علماء اخواننا السنة.

(1) هذا هو القسم الثالث من أقسام التعليق حسب تقسيم الشيخ قدس سره، و له نوعان ذكرهما الشيخ في المتن و نحن نشير إليهما تحت رقمهما الخاص.

(2) اى في عدم جواز التعليق على مثل هذه الشروط و إن كانت صحة العقد غير متوقفة على مثل هذا الشرط، و لكن مع ذلك كله فقد اتفقت الامامية على بطلان التعليق في مثل هذا القسم، و هذا هو النوع الاول من القسم الثالث كقولك: بعتك اذا قدم الحاج، فإن قدوم الحاج مشكوك الحصول، اذ يحتمل عدم مجيئه، و على فرض المجيء لم يعلم بالضبط مقدمه فيكون مجهولا، لكن صحة العقد غير متوقفة عليه.

(3) هذا هو النوع الثاني من القسم الثالث

و خلاصته: أن الشيء المعلق على الشرط المجهول الحصول لو كانت صحة العقد متوقفة عليه لدخل في اتفاق الفقهاء على بطلانه.

(4) و هو الشرط المشكوك الحصول

(5) اى هذا الشرط لا يضر في العقد

ص: 112

مستدلا (1): بأنه لم يشترط إلا ما يقتضيه اطلاق العقد، لأنه إنما يصح البيع لهذه الجارية من الموكل اذا كان اذن له في الشراء فاذا اقتضاه الاطلاق لم يضر اظهاره و شرطه كما (2) لو شرط في البيع تسليم الثمن، أو تسليم المثمن، أو ما اشبه ذلك (3). انتهى.

و هذا الكلام (4)

+++++++++++

(1) كلمة مستدلا منصوبة على أنها حال لبعض الناس.

و خلاصة استدلال هذا البعض على أن الشرط المشكوك الحصول لا يضر بالعقد و إن كانت صحة العقد متوقفة على الشرط المشكوك الحصول:

أن هذا الشرط من مقتضيات اطلاق العقد و مفهومه، و ليس شيئا زائدا خارجا عنه حتى يكون مضرا للعقد، فإن اطلاقه يقتضي هذا، اذ صحة بيع الجارية من الموكل في قوله: إن كانت لي فقد بعته متوقفة على اذنه للوكيل لشراء الجارية، فاطلاق العقد يقتضي هذا الشرط فوجوده كعدمه فذكره لا يكون مفسدا للعقد.

(2) تنظير لكون اطلاق العقد مقتض لهذا الشرط، و أنه ليس خارجا عنه، و لا يكون مفسدا له.

و خلاصته: أن البائع لو اشترط مع المشتري تسليم الثمن له، أو المشتري اشترط مع البائع تسليم المثمن له فلا يكون هذا الشرط خارجا عن العقد حتى يضربه، لأنه مفهوم العقد و مقتضاه، اذ اطلاق العقد يقتضي هذا الشرط.

(3) كاهلية البائع و المشتري: من حيث البلوغ و العقل و الاختيار

(4) و هو استدلال بعض الناس على أن الشرط المشكوك الحصول لا يكون مضرا بالعقد، لأنه من مقتضيات العقد و مفهومه فاطلاقه يقتضيه

ص: 113

و إن حكاه (1) عن بعض الناس، إلا أن الظاهر ارتضاؤه له.

و حاصله (2) أنه كما لا يضر اشتراط بعض لوازم (3) العقد المترتبة عليه.

كذلك لا يضر تعليق العقد بما هو معلق عليه في الواقع (4) فتعليقه ببعض مقدماته كالالتزام ببعض غاياته (5) فكما لا يضر الالتزام بما يقتضي العقد الزامه، كذلك التعليق بما كان الاطلاق معلقا عليه، و مقيدا به (6)

و هذا (7) الوجه و إن لم ينهض لدفع محذور التعليق في إنشاء العقد

+++++++++++

(1) اى و إن حكى هذا الاستدلال شيخ الطائفة عن بعض الناس لكن الظاهر من حكايته عنه أنه راض بذلك.

(2) هذا كلام شيخنا الانصارى اى و حاصل استدلال بعض الناس و قد عرفت الحاصل في الهامش 1 ص 113 عند قولنا: و خلاصة استدلال هذا البعض.

(3) كتسليم الثمن؛ أو المثمن.

(4) كملكية الثمن، أو المثمن، أو اهلية البائع، أو المشتري.

(5) و هو تسليم الثمن و المثمن كما عرفت.

(6) كما في قولك: إن كان لي فقد بعته، فالتعليق على مثل هذا الشرط غير مضر بالعقد.

(7) هذا كلام شيخنا الانصاري يريد أن يورد على استدلال بعض الناس الناس الذي ذكره شيخ الطائفة و الذي ارتضاه هو و نقله عنه شيخنا الانصاري هنا بقوله في ص 112: إلا أن الشيخ في المبسوط حكى في مسألة إن كان لي فقد بعته.

و خلاصة الرد: أن التعليق في مثل الشرط المشكوك الحصول بقوله: -

ص: 114

..........

+++++++++++

- بعتك إن كان لي موجود لا محالة، و لا يرتفع بما افاده هذا البعض بقوله:

إن هذا الشرط من مقتضيات العقد و متطلباته و مفهومه، و ليس شيئا زائدا خارجا عن مفهوم العقد.

بيان ذلك: أن المعلق على هذا الشرط في الواقع و نفس الامر شخص الاثر الشرعي الذي هو النقل و الانتقال المترتب على العقد: و الذي يقال له: معنى الاسم المصدري كالملكية و الزوجية مثلا، لا إنشاء مدلول الكلام الّذي هو بعث الّذي هو من وظائف المتكلم و مختصاته: و أنه قائم بذاته: بمعنى أن صدوره لا بد أن يكون منه.

و من الواضح: أن الذي علق في كلام المتكلم: و هو الانشاء غير معلق في الواقع و نفس الامر على شيء ابدا.

و الذي هو معلق في الواقع و نفس الامر على شيء الذي هو الاثر الشرعي و هو النقل و الانتقال كما عرفت ليس معلقا في كلام المتكلم الذي هي ملكية البائع في قوله: بعتك على شيء ابدا، بل و ليس منجزا على شيء اصلا، لأنه لا ربط له بمدلول كلام المتكلم الذي هو إنشاء بعت، فهو خارج عنه، لأن الاثر الشرعي الذي هو النقل و الانتقال رفعه و وضعه بيد الشارع، لا بيد المتكلم حتى يكون متوقفا على كلامه.

نعم لو كان المعلق في كلام المتكلم الذي هي نفس الانشاء معلقا على شيء للزم المحذور المذكور: و هو منافاة التعليق للتنجيز فينهض ما افاده المستدل: من أن هذا الشرط من مقتضيات العقد و مفهومه لدفع المحذور المذكور: و هو أن التعليق ينافي الجزم.

ص: 115

لأن (1) المعلق على ذلك الشرط (2) في الواقع هو ترتب الاثر الشرعي (3) على العقد، دون إنشاء مدلول الكلام (4) الذي هو وظيفة المتكلم، فالمعلق (5) في كلام المتكلم غير معلق في الواقع على شيء، و المعلق (6) على شيء ليس معلقا في كلام المتكلم على شيء، بل و لا منجزا، بل هو شيء (7) خارج عن مدلول الكلام (8) إلا أن ظهور ارتضاء الشيخ له (9) كاف في عدم الظن بتحقق الاجماع عليه (10) مع أن ظاهر هذا التوجيه (11) لعدم

+++++++++++

(1) تعليل لعدم قيام ما ذكره المستدل للدفع عن المحذور في التعليق

و قد عرفته عند قولنا في ص 114: و خلاصته: أن التعليق في مثل الشرط.

(2) و هو الشرط المشكوك الحصول كما عرفت آنفا.

(3) و هو النقل و الانتقال كما عرفت آنفا.

(4) و هي نفس بعت كما عرفت آنفا.

(5) الذي هي نفس الانشاء كما عرفت آنفا.

(6) و هو الاثر الشرعي كما عرفت آنفا.

(7) و هو الاثر الشرعي الذي علق العقد كما عرفت آنفا.

(8) الذي هي نفس بعت كما عرفت.

(9) اى لاستدلال بعض الناس

(10) اى على اشتراط التنجيز في العقد.

(11) اى توجيه بعض الناس منافاة التعليق للتنجيز.

هذا إشكال آخر من شيخنا الأنصاري.

و خلاصته: أن ظاهر توجيه بعض الناس يدل على أن محل الكلام و محوره في جواز التعليق و عدمه: هو الأعم من علم البائع بوجود المعلق عليه و عدمه حين إجراء العقد كما في صورة التوكيل، فإن البائع حينما يقول: -

ص: 116

قدح التعلق يدل على أن محل الكلام فيما لم يعلم وجود المعلق عليه و عدمه فلا وجه لتوهم اختصاصه (1) بصورة العلم.

و يؤيد ذلك (2) أن الشهيد في قواعده جعل الأصح صحة تعليق البيع على ما هو (3) شرط فيه كقول البائع: بعتك إن قبلت.

و يظهر منه ذلك (4) أيضا في أواخر القواعد.

ثم إنك قد عرفت أن العمدة في المسألة (5) هو الاجماع

+++++++++++

- بعت الجارية إن كانت لي عند ما و كل زيدا لشرائها لا يدري أن الجارية قد اشتريت أم لا، و لذا ينشأ البيع على هذا الشرط: فعليه لا مجال لاختصاص محل النزاع في جواز التعليق و عدمه بصورة علم البائع بوجود المعلق عليه عند ما يجري العقد كما توهمه بعض.

(1) اى اختصاص محل النزاع بعلم البائع بوجود المعلق عليه كما عرفت

(2) و هو أن محل النزاع الأعم: من صورة العلم بوجود المعلق عليه و عدمه، و لا اختصاص له بوجود علم البائع بذلك.

(3) اى التعليق شرط في البيع في قوله: بعتك إن قبلت.

فالشهيد قدس سره ذكر صحة التعليق و اتى له بالمثال من غير تقييده بصورة علم البائع بوجود المعلق عليه عند البيع.

بل اطلقه، فهذا الاطلاق دليل على أن محل النزاع في جواز التعليق و عدمه هو الأعم.

(4) و هو عدم اشتراط علم البائع بوجود المعلق عند اجراء العقد و أن محل النزاع هو الأعم.

(5) و هو اشتراط التنجيز في العقد، هذا عود على بدء: اى العمدة في مسألة اشتراط التنجيز هو الاجماع المدعى من قبل تمهيد القواعد -

ص: 117

و ربما يتوهم أن الوجه في اعتبار التنجيز هو عدم قابلية الإنشاء (1) للتعليق، و بطلانه (2) واضح، لأن المراد بالإنشاء إن كان هو مدلول (3) الكلام فالتعليق غير متصور فيه، إلا أن الكلام ليس فيه (4)

و إن كان الكلام في أنه كما يصح إنشاء الملكية المتحققة على كل تقدير (5) فهل يصح إنشاء الملكية المتحققة على تقدير دون آخر كقوله:

+++++++++++

- الّذي نقله الشيخ عنه في ص 96 بقوله: و عن تمهيد القواعد دعوى الاجماع عليه.

و بالاتفاق المدعى من قبل الشهيد في المسالك في مسألة الوقف الذي نقله الشيخ عنه في ص 96 بقوله: و ظاهر المسالك في مسألة اشتراط التنجيز في الوقف الاتفاق عليه.

(1) اى طبيعة الانشاء لا تلائم التعليق، فإن الانشاء قد اخذ في مفهومه الجزم و القطع و البت، و التعليق ينافي ذلك، فهما شيئان متضادان متنافران.

(2) اى بطلان هذا التوجيه: و هو عدم قابلية الانشاء للتعليق ظاهر

(3) اى لو كان المراد من الانشاء الذي هو في كلام الموجه هو مدلول الكلام و هو الاثر الشرعي الذي هو النقل و الانتقال فالتعليق غير متصور في مدلول الكلام ابدا، لأنك قد عرفت آنفا أنه ليس معلقا على شيء في كلام المتكلم، بل و ليس منجزا على شيء اصلا، لعدم ربطه بمدلول الكلام، اذ رفع الاثر الشرعي و وضعه بيد الشارع فيكون وقوع الاثر الشرعي تلقائيا مسببا عن إنشاء العقد.

(4) اي البحث في جواز التعليق و عدمه ليس في مدلول الكلام الذي هو الاثر الشرعي.

(5) اي سواء حصل الشرط أم لا

ص: 118

هذا لك إن جاء زيد غدا، و خذ المال قرضا، أو قراضا (1) اذا اخذته من فلان، و نحو ذلك (2) فلا ريب في أنه امر متصور واقع في العرف (3) و الشرع كثيرا كما في الأوامر (4)، و المعاملات: من العقود (5) و الايقاعات (6)

و يتلوا هذا الوجه (7) في الضعف ما قيل (8): من أن ظاهر ما دل

+++++++++++

(1) و هي المضاربة الذي يكون المال من واحد، و العمل من الآخر

(2) كقولك: بعتك الدار إن ملكتها.

(3) كما عرفت في المثال المتقدم.

(4) اى الشرعية كالواجب المشروط في قوله تعالى: وَ لِلّٰهِ عَلَى اَلنّٰاسِ حِجُّ اَلْبَيْتِ مَنِ اِسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ، فإن القيد فيه راجع الى المادة لا الهيئة.

و ما نحن فيه و هو قولك: بعتك الدار إن جاء زيد كذلك، لأن الالتزام بكون الدار للمشتري بعد مجيء زيد على نحو يرجع التقييد الى كونها له، لا الى الالتزام: و مثله يكون منشأ لاعتبار ملكية المشتري لها حين مجيئه، اذ حقيقة التمليك ليس إلا ايجاد ما يكون منشأ لاعتبار الملكية و قد انشأ.

(5) كالوصية في قولك: اعط زيدا مائة دينار بعد وفاتي.

(6) كالنذر في قولك: للّه عليّ صوم يوم لو عوفيت.

(7) و هو عدم قابلية الإنشاء للتعليق.

(8) القائل هو الشيخ صاحب الجواهر

و خلاصة ما افاده: أن العقد سبب لحصول المسبب الذي هو الاثر الشرعي الذي هو النقل و الانتقال فاذا ثبتت السببية ترتب المسبب عليه عند إجراء العقد حالا. -

ص: 119

على سببية العقد ترتب مسببه عليه حال وقوعه، فتعليق اثره بشرط من المتعاقدين مخالف لذلك (1)

و فيه (2) بعد الغض عن عدم انحصار أدلة الصحة و اللزوم في مثل قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، لأن دليل حلية البيع، و تسلط الناس على أموالهم

+++++++++++

- و هذا الترتب إنما يحصل فيما اذا لم يكن العقد معلقا على شيء معناه تعليق اثره عليه، و تعليق الاثر مخالف للترتب الذي قلناه.

بعبارة اخرى: أن اطلاق الامر بالوفاء في قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ يقتضي أن كل عقد من العقود ملزوم لتنجز الامر بالوفاء بالعقد، فاذا لم يكن كذلك لم يك داخلا في العقود، و اذا لم يكن داخلا فيها لا تشمله الصحة و اللزوم.

و من الواضح أن العقد المعلق على شيء لا يكون ملزوما لتنجز الامر بالوفاء، لأن التعليق ينافي التنجيز فيكون غير صحيح.

(1) اى لكون العقد سببا لترتب مسببه عليه كما عرفت آنفا.

(2) اى و فيما افاده صاحب الجواهر نظر و إشكال.

و خلاصة ما افاده في الرد: أنه لا نسلم انحصار سببية الصحة و اللزوم في العقد بآية أَوْفُوا بِالْعُقُودِ حتى يقال: إن ترتب المسبب على السبب حال وقوع العقد امر مسلم بديهي: بمعنى أن ترتب المسبب على السبب عند وقوع العقد يكون امرا (اتوماتيكيا) على اصطلاح اهل العصر فاذا علق اثره الذي هو النقل و الانتقال على شرط من جانب المتعاقدين يكون مخالفا لترتب المسبب على السبب، لأن المعلق لا يحصل إلا بعد حصول الشرط.

بل هناك أدلة اخرى كافية للصحة و اللزوم كدليل و احل اللّه البيع و قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: إن الناس مسلطون على أموالهم -

ص: 120

كاف في اثبات ذلك: أن (1) العقد سبب لوقوع مدلوله فيجب الوفاء به على طبق مدلوله فليس مفاد أَوْفُوا بِالْعُقُودِ إلا مفاد اوفوا بالعهد: في أن العقد كالعهد اذا وقع على وجه التعليق فترقب تحقق المعلق عليه في تحقق المعلق لا يوجب عدم الوفاء بالعهد.

و الحاصل أنه إن اريد بالمسبب مدلول العقد فعدم تخلفه عن إنشاء العقد من البديهيات التي لا يعقل خلافها، و إن اريد به الاثر الشرعي و هو ثبوت الملكية فيمنع كون اثر مطلق البيع الملكية المنجزة، بل هو مطلق الملك، فان كان البيع غير معلق كان اثره الشرعي الملك الغير المعلق و إن كان معلقا فاثره الملكية المعلقة، مع (2) أن تخلف الملك عن العقد كثير جدا (3)

+++++++++++

- و على فرض تسليم سببية العقد لترتب المسبب عليه يكون معناه أن العقد سبب لحصول مدلوله فيجب الوفاء به على طبق مدلوله.

فإن كان مدلوله معلقا يجب الوفاء به معلقا، و إن كان منجزا يجب الوفاء به منجزا فلا يقال: إن العقد اذا وقع على وجه التعليق لا يوجب الوفاء به.

فمفاد أَوْفُوا بِالْعُقُودِ مفاد اوفوا بالعهود، فإن العقد هو العهد فلا اختصاص لاوفوا بالعقود بالوفاء بالعقد المنجز.

(1) هذا هو الإشكال على صاحب الجواهر و قد عرفته آنفا.

(2) هذا إشكال ثان من الشيخ على صاحب الجواهر فيما افاده من سببية العقد لترتب المسبب عليه.

(3) كما في بيع الصرف، بناء على أن القبض شرط في صحته، فهنا قد تخلف المسبب عن السبب و لم يترتب عليه.

ص: 121

مع أن (1) ما ذكره لا يجري في مثل قوله: بعتك إن شئت، أو إن قبلت فقال: (2) قبلت، فإنه لا يلزم هنا تخلف اثر العقد عنه، مع (3) أن هذا لا يجري في الشرط المشكوك المتحقق في الحال (4)، فإن (5) العقد حينئذ

+++++++++++

(1) هذا إشكال ثالث من الشيخ على ما افاده صاحب الجواهر:

من سببية العقد لترتب المسبب عليه.

(2) اى المشتري قال بعد التعليق من جانب البائع: قبلت فهنا علق العقد على الشرط و هو قبول المشتري و مشيته، لكن مع ذلك قد ترتب المسبب على السبب فلم يلزم التخلف.

(3) هذا إشكال رابع على ما افاده صاحب الجواهر: من سببية العقد لترتب المسبب عليه فلا يجوز التعليق عليه.

(4) كقول البائع: بعتك الدار إن كان اليوم يوم الخميس مع أن اليوم يوم الخميس، لكن البائع لا يدري بذلك شاك فيه.

فهنا علق العقد على الشرط و لكن لم يتخلف ترتب المسبب عليه فإن البيع قد حصل، لتحقق شرطه في الواقع و نفس الامر.

(5) تعليل لعدم جريان ما افاده صاحب الجواهر: من أن التعليق مخالف لترتب المسبب على السبب: في الشرط المشكوك المتحقق في الحال

و خلاصته أن التعليق على مثل هذا الشرط يكون مراعى اى منتظرا على انكشاف الشرط: بمعنى أن الشرط المشكوك المتحقق في الحال: و هو كون اليوم يوم الخميس متحقق ثبوتا و واقعا، لكنه مشكوك عند البائع أو عنده و عند المشتري اثباتا، فعند انكشافه ينكشف تحقق المسبب و هو الاثر من حين العقد و يترتب عليه، فلا يلزم ما افاده: من أن التعليق مخالف لترتب الاثر.

ص: 122

يكون مراعى، لا (1) موقوفا، مع (2) أن ما ذكره لا يجري في غيره (3) من العقود التي قد يتأخر مقتضاها عنها كما لا يخفى.

+++++++++++

(1) اى و ليس التعليق على الشرط المشكوك المتحقق في الحال موقوفا على تحقق هذا الشرط في الخارج حتى يلزم المحذور المذكور: و هو أن التعليق مخالف لترتب المسبب على السبب. لأن معنى التوقف هو أن الشرط غير متحقق ثبوتا و اثباتا.

و قد عرفت أن الشرط المشكوك المتحقق في الحال متحقق ثبوتا، لكنه مشكوك اثباتا فعند الانكشاف ينكشف تحقق المسبب من حين العقد فيترتب على السبب.

(2) إشكال خامس على ما افاده صاحب الجواهر: من أن التعليق مخالف لترتب المسبب على السبب.

(3) اى في غير البيع كالوصية في قول الموصي: اعطوا زيدا مائة دينار بعد وفاتي، لأن مقتضاها و هو تنفيذ الوصية الّذي هو اعطاء زيد مائة دينار يكون بعد وفاة الموصي.

فعلى ما افاده صاحب الجواهر: من أن التعليق مخالف لترتب المسبب على السبب يقتضي أن لا تكون الوصية نافذة مع أنها نافذة بالاتفاق.

و كذلك الجعالة في قول القائل: من رد علي ضالتي فله عندي دينار واحد مثلا، فإن الدينار يعطى للواجد بعد وجدان الضالة و تسليمها الى الجاعل.

فعلى ما افاده صاحب الجواهر يقتضي أن لا تكون الجعالة نافذة لتخلف المسبب عن السبب عند العقد، مع أنها نافذة بالاجماع.

و كذلك السبق و الرماية في قول المتسابقين، أو ثالث: إن سبقت بالفتح فلك دينار، و إن سبقت بصيغة المتكلم فلي دينار. -

ص: 123

و ليس (1) الكلام في خصوص البيع؛ و ليس على هذا الشرط في كل عقد دليل على حدة (2).

ثم الأضعف من الوجه المتقدم (3) التمسك في ذلك (4) بتوقيفية الأسباب الشرعية الموجبة لوجوب الاقتصار فيها على المتيقن (5) و ليس (6)

+++++++++++

- أو إن رميت و اصبت بفتح التاء الهدف فلك دينار، و إن اصبت بالضم فلي دينار، فإن ترتب المسبب على السبب يكون في مثل هذه العقود مخالفا دائما، مع أنها نافذة بالاجماع.

(1) اى و ليس إشكال صاحب الجواهر في خصوص عقد البيع بل إشكاله جار في جميع العقود.

(2) بأن يقال: قام دليل خاص على عدم جواز التعليق في البيع و قام دليل خاص آخر على جوازه في العقد الفلاني كالوصية مثلا.

(3) و هو ما ذكره (صاحب الجواهر): من أن التعليق مخالف لترتب المسبب على السبب.

(4) اى في اشتراط التنجيز في العقود.

و خلاصة هذا الاستدلال: أن الأسباب و العلل الشرعية للملكية مثلا توقيفية ليست قابلة ليد الجعل من غير مشرعها. فلا بد من صدورها من مصدرها و هو المشرع الأعظم صلى اللّه عليه و آله و سلم.

و من جملة الأسباب الشرعية العقود، و المسلم من العقود، و المتيقن منها هي العقود المنجزة، لا الأعم منها و من التعليق.

(5) هو العقد المنجز كما عرفت آنفا.

(6) اسم ليس مستتر يرجع الى المتيقن اي و ليس المتيقن سوى العقد المجرد عن التعليق.

ص: 124

الا العقد العاري عن التعليق، إذ فيه (1) أن اطلاق الأدلة مثل حلية البيع و تسلط الناس على أموالهم، و حل التجارة عن تراض، و وجوب الوفاء بالعقود، و أدلة سائر العقود كافية في التوقف.

و بالجملة فاثبات هذا الشرط (2) في العقود مع عموم أدلتها (3) و وقوع كثير منها في العرف على وجه التعليق بغير الاجماع محققا (4) أو منقولا مشكل.

ثم إن القادح (5) هو تعليق الانشاء.

و أما اذا انشأ من غير تعليق صح العقد، و إن كان المنشي مترددا في ترتب الاثر عليه شرعا، أو عرفا كمن ينشأ البيع و هو لا يعلم أن المال له، أو أن المبيع مما يتمول (6) أو أن المشتري راض حين الايجاب أم لا

+++++++++++

(1) هذا رد من الشيخ على القائل بتوقيفية الأسباب الشرعية التي منها العقد المنجز.

و خلاصته: أن دليل وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ ، و إن الناس مسلطون على أموالهم و تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ ؛ و أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، و بقية الأدلة الواردة في العقود كاف لتوقيفية الأسباب من غير احتياج لها بالتمسك بتنجيز العقود.

(2) و هو التنجيز.

(3) اى عموم أدلة العقود، حيث إنها وردت عامة لا اختصاص لها بالعقد المنجز فتسمل المعلق منها أيضا و لا سيما بعد ورود العقود في العرف و الشرع كما عرفت في الهامش 5-6 ص 119

(4) اى محصلا الذي يكشف عن قول الامام عليه السلام.

(5) اى التعليق المضر في العقد

(6) كغير الخمر و الكلب و الخنزير

ص: 125

أو غير ذلك مما تتوقف صحة العقد عليه عرفا، أو شرعا (1)

بل الظاهر أنه لا يقدح اعتقاد عدم ترتب الاثر عليه اذا تحقق القصد الى التمليك العرفي.

و قد صرح بما ذكرنا (2) بعض المحققين، حيث قال: لا يخل زعم فساد المعاملة ما لم يكن سببا لارتفاع القصد.

نعم ربما يشكل الامر في فقد الشروط المقومة كعدم الزوجية، أو الشك فيها عند إنشاء الطلاق، فإنه لا يتحقق القصد إليه (3) منجزا من دون العلم بالزوجية.

و كذا (4) الرقبة في العتق، و حينئذ (5) فاذا مست الحاجة الى شيء من ذلك للاحتياط، و قلنا بعدم جواز تعليق الانشاء على ما هو شرط فيه فلا بد من ابرازه بصورة التنجز، و إن كان في الواقع معلقا؛ أو يوكل غير الجاهل بالحال بايقاعه و لا يقدح فيه تعليق الوكالة واقعا على كون الموكل مالكا للفعل، لأن فساد الوكالة بالتعليق لا يوجب ارتفاع الاذن إلا أن ظاهر الشهيد في القواعد الجزم بالبطلان (6) فيما لو زوج امرأة

+++++++++++

(1) كالبلوغ و العقد و الاختيار، و عدم الحجر

(2) من أن القادح في التعليق هو التعليق في الإنشاء نفسه

(3) اي الى الطلاق مع الشك في الزوجية، أو عدم الزوجية، فإنه لا يحكم بوقوع الطلاق لو طلق معلقا.

(4) اى و كذا يشكل الامر في مثل الرقية، فإنه لا يحكم بالعتق لو اعتق معلقا.

(5) اى و حين أن كان الشرط من الشروط المقومة للعقد كالزوجية

(6) اى ببطلان العقد

ص: 126

يشك في أنها محرمة عليه فظهر حلها، و علل ذلك (1) بعدم الجزم حال العقد.

قال: و كذا الايقاعات كما لو خالع امرأة، أو طلقها و هو شاك في زوجيتها، أو ولى نائب الامام عليه السلام قاضيا لا يعلم اهليته و إن ظهر اهلا.

ثم قال: و يخرج من هذا (2) بيع مال مورثه، لظنه حياته فبان ميتا، لأن (3) الجزم هنا حاصل، لكن خصوصية البائع غير معلومة.

+++++++++++

(1) اى بطلان العقد على امرأة يشك في زوجيتها فظهر حلها.

(2) اى من الجزم ببطلان العقد.

(3) تعليل لخروج بيع مال مورثه ظنا منه حياته فبان ميتا: عن بطلان العقد على من زوج امرأة يشك في زوجيتها.

و خلاصته: أنه فرق بين العقد على امرأة يشك في زوجيتها، فظهر حلها، و بين بيع مال مورثه ظنا منه حياته فبان موته، اذ في الاول لا يوجد الجزم بالزوجية حال العقد فالإنشاء يكون معلقا على شيء مشكوك الوقوع فالاثر الشرعي الذي هي الزوجية مشكوك الحصول من بداية الامر و حين وقوع العقد.

و في الثاني الجزم بالاثر الشرعي موجود من بداية العقد و صدوره فلا يكون العقد معلقا على شيء مشكوك الحصول حين وقوع العقد إلا خصوصية المالك: من أنه الوارث، أو المورث غير معلومة عند العقد و عدم معرفة الخصوصية غير مضر بالعقد.

ثم لا يخفى عليك أن الشيخ قدس سره قال: لكن خصوصية البائع غير معلومة، لكن الأولى التعبير بالمالك كما ذكرنا لك، اذ الظاهر أن البائع معلوم، لكن المالك غير معلوم.

ص: 127

و إن قيل بالبطلان (1) أمكن، لعدم القصد الى نقل ملكه.

و كذا (2) لو زوج امة ابيه فظهر ميتا. انتهى.

و الظاهر (3) الفرق بين مثال الطلاق و طرفيه (4): بامكان الجزم فيهما

+++++++++++

(1) اى ببطلان بيع مال مورثه ظنا منه أنه في قيد الحياة.

(2) اى و كذا يخرج تزويج امة ابيه ظنا منه حياته فبان موته عن بطلان تزويج إمرة يشك في زوجيتها و يدخل في الصحة.

و يحتمل أن يشمله قوله: (و إن قيل بالبطلان أمكن) فيحكم ببطلان هذا التزويج أيضا كما افاد البطلان في بيع مال مورثه ظنا منه حياته.

(3) هذا كلام شيخنا الانصاري يريد أن يذكر فرقا بين الطلاق الّذي افاده الشهيد ببطلانه، و بين طرفيه و هما: التزويج على امرأة يشك في زوجيتها، و تولية نائب الامام عليه السلام قاضيا لا يعلم اهليته و إن ظهر اهلا الذين افادهما الشهيد، و حكم ببطلانهما.

(4) الباء بيان لكيفية الفرق بين الطلاق و طرفيه.

و خلاصته: أن الجزم باثر العقد في الطلاق و طرفيه موجود.

أما في الزوجية فلأن الاصل فيها عدم كون المرأة احدى محارمه:

من البنت و الام و الاخت و العمة و الخالة؛ و بنات الأخ و بنات الأخت فلاجراء هذا الاصل يحل له الاقدام على زواجها فبهذا الأصل يجري حلية الزوجية فيقدم على زواجها.

و أما في التولية فلأن نائب الامام يشك في اهلية القاضي بفسق فيجري أصالة عدم الفسق فنثبت الأهلية له.

فهذان الاصلان الاصيلان اوجبا الجزم.

بخلاف الطلاق، فإنه لا اصل هناك حتى يجري، اذ عند الشك -

ص: 128

دون مثال الطلاق. فافهم (1)

و قال (2) في موضع آخر و لو طلق بحضور خنثيين فظهرا رجلين أمكن الصحة، و كذا بحضور من يظنه فاسقا فظهر عدلا

و يشكلان (3) في العالم بالحكم (4)، لعدم قصدهما الى طلاق صحيح انتهى.

من جملة شروط العقد التطابق بين الإيجاب و القبول

و من جملة شروط العقد التطابق بين الايجاب و القبول (5) فلو اختلفا في المضمون: بأن أوجب البائع البيع على وجه خاص من حيث خصوص المشتري (6)، أو المثمن (7)، أو الثمن (8)

+++++++++++

في زوجيتها لا يصح للطالق إجراء عدمها حتى يجوز له الطلاق، بل لا بد من إحراز الزوجية.

(1) اشارة الى أن بيان كيفية الفرق بين الطلاق، و طرفيه غامض جدا، و مشكل للنهاية، لاحتياجه الى تعمق زائد كما عرفت من ذكرنا لك الاصلين في طرفي الطلاق، و عدم مجيء الاصل في الطلاق.

(2) اى الشهيد الاول.

(3) اى الطلاق بحضور خنثيين فظهرا رجلين، و الطلاق بحضور رجلين يظن فسقهما فظهرا عدلين.

(4) و هو لزوم حضور رجلين عند الطلاق، و لزوم حضور عدلين عنده.

(5) من حيث البائع و المشتري، و الثمن و المثمن.

(6) بأن خاطب زيدا بالبيع فقال: بعتك فاجاب عمرو بالقبول

(7) بأن قال: بعتك الدار فقال المشتري: قبلت البستان

(8) بأن قال البائع: بعتك الدار بالف دينار فقال المشتري: قبلت بالف جنيه.

ص: 129

أو توابع العقد من الشروط (1) فقبل المشتري على وجه آخر لم ينعقد (2)

و وجه هذا الاشتراط (3) واضح و هو (4) مأخوذ من اعتبار القبول و هو الرضا بالايجاب فحينئذ (5)

لو قال: بعته من موكلك بكذا فقال: اشتريته لنفسي لم ينعقد (6)

و لو قال: بعت هذا من موكلك فقال الموكل (7)

+++++++++++

(1) بأن قال البائع: بعتك الدار بالف بشرط أن تخيط لي ثوبي فقال المشتري: قبلت بلا شرط.

(2) اى في جميع هذه الصور التي خالف قبول المشتري مع البائع أو كان المشتري غير الذي اوقع البائع معه العقد: يكون العقد باطلا للزوم التطابق بين الايجاب و القبول.

(3) و هو التطابق بين الايجاب و القبول.

(4) اى التطابق بين الايجاب و القبول.

(5) اي فحين أن كان مبدأ التطابق بين الايجاب و القبول مأخوذا من اعتبار القبول الذي هو الرضا بالايجاب الصادر من الموجب فاللازم التطابق بينهما حرفيا من جميع الجوانب و الجهات.

فإن كان الايجاب مشتملا على ثمن معين معلوم القدر و الجنس و الوصف مقيدا بشرط معلوم، سواء ذكر في متن العقد أم في خارجه فلا بد من اشتمال القبول على ذلك الايجاب بتمام خصوصياته و جزئياته، لأنه بمعنى الرضا و الرضا لا بد أن يكون رضا بذاك الايجاب.

(6) لعدم التطابق بين الايجاب و القبول، اذ الايجاب وقع على الموكل و القبول وقع لنفس الوكيل.

(7) الذي كان حاضرا عند إجراء العقد.

ص: 130

غير المخاطب: قبلت صح (1)

و كذا (2) لو قال: بعتك فامر المخاطب وكيله بالقبول فقبل

و لو قال: بعتك العبد بكذا فقال: اشتريت نصفه بتمام الثمن، أو نصفه (3) لم ينعقد (4)

و كذا (5) لو قال: بعتك العبد بمائة درهم فقال: اشتريته بعشرة دنانير.

و لو قال للاثنين: بعتكما العبد بالف فقال احدهما: اشتريت نصفه

+++++++++++

(1) اى صح هذا العقد للتطابق بين الايجاب و القبول.

(2) اى و كذا صح العقد لو قال البائع للوكيل: بعتك فامر الموكل وكيله بالقبول.

(3) اى اشتريت تمام العبد بنصف الثمن.

(4) اى مثل هذه المعاملة التي وقع القبول فيها على شراء نصف العبد بتمام الثمن، أو بنصف الثمن، لعدم التطابق بين القبول و الايجاب، لأن البائع أوقع البيع على تمام العبد بتمام الثمن لا على نصفه بتمام الثمن حتى يقول المشتري: قبلت نصفه بتمام الثمن، فاختلف الايجاب و القبول من حيث المثمن.

و لا أوقع العقد على تمام العبد بنصف الثمن حتى يقول المشتري:

قبلت تمام العبد بنصف الثمن فاختلف الايجاب و القبول من حيث الثمن

(5) اى و كذا لا ينعقد العقد لو قال البائع: بعتك العبد بمائة درهم فقال المشتري: قبلت بعشرة دنانير، لاختلاف الايجاب و القبول من حيث الثمن و إن كانت عشرة دنانير تساوي مائة درهم.

ص: 131

بنصف الثمن لم يقع (1)

و لو قال كل منهما: (2) ذلك لا يبعد الجواز، و نحوه (3) لو قال البائع: بعتك العبد بمائة فقال المشتري: اشتريت كل نصف منه بخمسين

و فيه (4) إشكال

من جملة الشروط في العقد أن يقع كل من ايجابه و قبوله في حال

اشارة

و من جملة الشروط في العقد أن يقع كل من ايجابه و قبوله في حال يجوز لكل واحد منهما الانشاء، فلو كان المشتري في حال ايجاب البائع غير قابل للقبول، أو خرج البائع حال القبول عن قابلية الايجاب لم ينعقد.

+++++++++++

(1) اى العقد، لاختلاف الايجاب و القبول من حيث الثمن و المثمن اذ البيع وقع على تمام العبد بالف دينار، و القبول وقع من احد الاثنين على نصف العبد بنصف الثمن

(2) اى لو قال كل واحد من الاثنين الّذين قال البائع لهما: بعتكما العبد بالف دينار: اشتريت نصف العبد بنصف الثمن لا يبعد الجواز و صحة العقد، لأن الغرض من بيع العبد هو بيعه بقدر معين و هو الف دينار و قد حصل الغرض بشراء كل واحد من الاثنين نصف العبد بنصف الثمن المعين فطابق القبول الايجاب.

(3) اى و نحو الفرض السابق في الجواز و صحة العقد.

(4) اى و في جواز مثل قول البائع: بعتك العبد بمائة فقال المشتري:

اشتريت كل نصف منه بخمسين اشكال و نظر.

وجه الاشكال أن الظاهر من الايجاب هنا هو ايجاب البيع على مجموع العبد على وجه الاستقلال، لا على وجه التضمن، و القبول لا بد أن يقع طبقا لهذا الايجاب. -

ص: 132

ثم إن عدم قابليتهما إن كان لعدم كونهما قابلين للتخاطب كالموت و الجنون و الاغماء، بل النوم فوجه الاعتبار عدم تحقق معنى المعاقدة و المعاهدة حينئذ (1)

و أما صحة (2) القبول من الموصى له بعد موت الموصي فهو (3) شرط تحققه لا ركن، فإن حقيقة الوصية الايصاء، و كذا لو مات (4) قبل القبول قام وارثه مقامه، و لو رد (5) جاز له القبول بعد ذلك

+++++++++++

- و من الواضح أن القبول هنا قد وقع على المجموع على وجه التضمن لا على وجه الاستقلال.

(1) اى حين أن كان البائع و المشتري مجنونين، أو ميتين، أو نائمين

(2) دفع وهم

حاصل الوهم أنه لو كانت القابلية شرطا في الموجب و القابل، و أن الموت مانع عن تحقق المعاهدة و المعاقدة فيما بينهما فما تقولون في قبول الموصى له بعد موت الموصي و قبل قبوله مع أن الفقهاء قالوا بصحة قبول الموصى له بعد موت الموصي ؟.

(3) هذا جواب عن الوهم.

و خلاصته: أن القبول في الوصية شرط لتحقق الايصاء، لا أنه ركن لها، لأن حقيقة الوصية هو الايصاء، من دون أن يكون القبول من مقومات الوصية و أركانها، فلا يلزم وقوع القبول من الموصى له على وجه لا يصح منه الانشاء.

(4) اى الوصي

(5) اى و لو رد الوصي الوصية يجوز له القبول بعد الرد.

ص: 133

و إن كان (1) لعدم الاعتبار برضاهما فلخروجه عن مفهوم التعاهد و التعاقد، لأن المعتبر فيه (2) عرفا رضا كل منهما لما ينشأه الآخر حين إنشائه كمن (3) يعرض له الحجر بفلس، أو سفه أو رق أو قرض أو مرض موت

و الأصل في جميع ذلك أن الموجب لو فسخ قبل القبول لغى الايجاب السابق.

و كذا لو كان المشتري في زمان الايجاب غير راض، أو كان ممن لا يعتبر رضاه كالصغير.

فصحة كل من الايجاب و القبول يكون معناه قائما في نفس المتكلم من اوّل العقد الى أن يتحقق تمام السبب، و به (4) يتم معنى المعاقدة فاذا لم يكن هذا المعنى (5) قائما في نفس احدهما، أو قام و لم يكن قيامه معتبرا (6) لم يتحقق معنى المعاقدة.

ثم إنهم صرحوا بجواز لحوق الرضا لبيع المكره و مقتضاه عدم اعتباره من احدهما حين العقد، بل يكفي حصوله بعده فضلا عن حصوله بعد الايجاب و قبل القبول.

+++++++++++

(1) اى إن كان عدم قابلية المتعاقدين.

(2) اى في مفهوم التعاهد و التعاقد.

(3) مثال للمتعاقدين لا يعتبر رضاهما، و كذا بقية الأمثلة التي ذكرها الشيخ كلها مثال للمتعاقدين لا يعتبر رضاهما.

(4) اى و بتمام السبب

(5) و هو قيام الايجاب و القبول بنفس المتكلم من بداية العقد الى أن يتحقق تمام السبب.

(6) كما لو كان محجورا عليه، أو مفلسا، أو مجنونا.

ص: 134

اللهم إلا أن يلتزم بكون الحكم في المكره على خلاف القاعدة (1) لاجل الاجماع (2)

فرع لو اختلف المتعاقدان اجتهادا أو تقليدا في شروط الصيغة

فرع لو اختلف المتعاقدان اجتهادا أو تقليدا (3) في شروط الصيغة فهل يجوز أن يكتفي كل منهما بما يقتضيه مذهبه أم لا وجوه (4)

+++++++++++

(1) اذ القاعدة تقتضي في المتعاقدين أن يكون الرضا حاصلا و موجودا من بداية العقد.

(2) اى مخالفة المكره للقاعدة لاجل الاجماع القائم على عدم وجود الرضا فيه من اوّل الامر.

(3) صور المسألة أربعة:

(الاولى): كون المتعاقدين مجتهدين.

(الثانية): كونهما مقلدين.

(الثالثة): كون البائع مجتهدا و المشتري مقلدا.

(الرابعة): كون المشتري مجتهدا و البائع مقلدا.

(4) اى وجوه ثلاثة. أليك شرح الوجوه مع ذكر مثال لها.

و فرض المسألة في اختلاف المتعاقدين اجتهادا، أو تقليدا هكذا: الموجب ممن لا يرى العربية في العقد اجتهادا.

و المشتري يشترط العربية فيه اجتهادا، أو تقليدا فهل يجوز لكل منهما العمل برأيه فيوقع البائع العقد بالفارسية مثلا؛ و المشتري يقبله بالعربية: بأن قال البائع: فروختم و المشتري يقول: قبلت ؟

اذا عرفت هذا فالأقوال في هذه المسألة ثلاثة

(الأول): جواز ذلك و صحة العقد في حقهما.

(الثاني): عدم جواز ذلك، و عدم صحة العقد في حقهما. -

ص: 135

ثالثها: (1) اشتراط عدم كون العقد المركب منهما مما لا قائل بكونه سببا في النقل كما لو فرضنا أنه لا قائل بجواز تقديم القبول على الايجاب و جواز العقد بالفارسية اردؤها (2) أخيرها و الأولان (3)

+++++++++++

- (الثالث): عدم كون العقد المركب منهما مما لا قائل به كما لو قال المشتري بجواز تقديم القبول على الايجاب؛ لكنه لا يجوز العقد بالفارسية

و قال البائع بجواز العقد بالفارسية فقدم المشتري القبول باللفظ العربي عملا بمذهبه و اوجب البائع البيع بالفارسية، عملا بمذهبه.

فحصل هنا عقد فارسي مقدم فيه القبول على الايجاب.

و من الواضح أن القائل باشتراط العربية يعتبرها في جميع العقد المركب من الايجاب و القبول، و لا يرى العقد المشتمل ايجابه على الفارسية عقدا عربيا فيحكم بفساد هذا العقد اجتهادا، أو تقليدا.

كما أن القائل بوجوب تأخير القبول عن الايجاب يرى فساد العقد اذا تقدم فيه القبول على الايجاب.

فالعقد يكون فاسدا على كلا المذهبين

(1) عرفت شرح الوجه الثالث آنفا.

(2) اى الوجه الثالث أردأ الوجوه الثلاثة.

وجه الأردئية أن الاجماع الذي لم يتوارد فيه أقوال المجمعين على عنوان واحد، بل كل واحد افتى بغير ما افتى به صاحبه مما لا يعقد به، لتخطئة كل واحد من المفتيين صاحبه.

(3) و هو الوجه الاول المشار إليه في الهامش 4. ص 135 و الوجه الثاني المشار إليه في الهامش 4. ص 135

ص: 136

مبنيان على أن الأحكام الظاهرية المجتهد فيها بمنزلة الواقعية الاضطرارية (1)

+++++++++++

(1) خلاصة هذه العبارة: أن الوجه الاول و الثاني من الوجوه الثلاثة في اختلاف المتعاقدين اجتهادا، أو تقليدا مبنيان على القول بكون الأحكام الظاهرية التي اجتهد فيها المجتهد كالأحكام الواقعية الاضطرارية: في أنها مجزية عن الواقع، و مسقطة للتكليف: بمعنى أنها بمنزلتها في تحقق السببية للمجتهد ظاهرا بحيث تكون سببا له كالواقع، و أنها مؤثرة في ترتب الاثر الشرعي كالنقل و الانتقال في الملك، أو الزوجية في المرأة مثلا.

كما أن الأمر بالتيمم في حق من كان متلبسا بشرائطه مقتض له، اذ ليس في الواقع حينئذ مكلفا إلا بالتيمم: و ليس هناك امر آخر في الواقع و قد امتثل بما هو مأمور به فلا بد من سقوطه عن ذمته.

فلى ضوء ما ذكرنا فلو عامل المجتهد معاملة على طبق اجتهاده فيكون ما تعامل عليه ملكا له، و يجوز للآخرين شراؤه و التصرف فيه باذنه.

و كذا لو تزوج امرأة و كان العقد بالفارسية، بناء على اجتهاده جوازه بها فالمرأة تكون زوجة له شرعا فلا يجوز لمجتهد آخر تزويجها و العقد عليها و إن كان يرى العقد بالفارسية باطلا.

و أما اذا قلنا: إن الأحكام الظاهرية التي اجتهد فيها المجتهد لا تكون كالأحكام الواقعية الاضطرارية في الإجزاء.

بل إنها كالأحكام الواقعية في مجرد المعذورية، و رفع العقاب عن التصرف في مال الغير فحينئذ لا مجال للامتثال، و سقوط التكليف عنه لأن الشارع إنما اراد الواقع، فإن اصابه احد فذاك، و إلا كان معذورا لعدم تمكنه من الوصول الى الواقع. -

ص: 137

فالايجاب بالفارسية من المجتهد القائل بصحته عند من يراه باطلا بمنزلة اشارة الأخرس (1)

و ايجاب (2) العاجز عن العربية، و كصلاة (3) المتيمم بالنسبة الى واجد

+++++++++++

- و من الواضح قبح التكليف بما لا يطاق.

ثم لا يخفى عليك: أنه ليس المراد من كون الأحكام الظاهرية المجتهد فيها بمنزلة الأحكام الواقعية الاضطرارية: أنها تكون مخصصة للواقع بحيث لا يكون هناك حكم واقعي معين؛ بل المعين و الواقع تابع لما ادى إليه ظن المجتهد، فإن القول بذلك تصويب محض الذي هو باطل لا نذهب إليه، لأن للّه عز و جل في الواقع أحكاما مجعولة للمكلفين و المجتهد اذا ادى إليها ظنه له اجران: اجر الاصابة، و أجر الاجتهاد، و إن اخطأ فله اجر و احد و هو اجر الاجتهاد.

بل المراد كما عرفت أنها بمنزلتها في تحقق السببية للمجتهد.

(1) اى في كون الإشارة حكم اضطراري واقعي ثانوي للأخرس يترتب عليها ما يترتب على النطق من الناطق.

و قد عرفت شرح هذه العبارة آنفا عند قولنا: لو عامل المجتهد معاملة على طبق اجتهاده.

(2) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله: بمنزلة إشارة الاخرس اى الايجاب بالفارسية بمنزلة ايجاب العاجز عن العربية.

(3) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله: بمنزلة اشارة الأخرس اي الايجاب بالفارسية بمنزلة صلاة المتيمم بالنسبة الى واجد الماء.

فكما أن الأداء بالفارسية عند العجز عن العربية هو الحكم الواقعي الاضطراري الثانوي للعاجز، و أنه مجز، كذلك الأحكام الظاهرية المجتهد فيها للمجتهد. -

ص: 138

الماء أم هي (1) أحكام عذرية لا يعذر فيها الا من اجتهد، أو قلد فيها؟

و المسألة (2) محررة في الاصول هذا كله اذا كان بطلان العقد عند كل من المتخالفين مستندا الى فعل الآخر كالصراحة و العربية و الماضوية و الترتيب (3)

و أما الموالاة (4) و التنجيز (5) و بقاء المتعاقدين على صفة صحة الإنشاء (6) الى آخر العقد فالظاهر أن اختلافها (7) يوجب فساد المجموع لأن الإخلال بالموالاة، أو التنجيز، أو البقاء على صفة صحة الانشاء

+++++++++++

- و كذا التيمم يكون حكما واقعيا اضطراريا ثانويا لفاقد الماء و يكون مجزيا عن الماء و صلاته صحيحة لا تحتاج الى الاعادة.

(1) اى الأحكام الظاهرية المجتهد فيها كالأحكام الواقعية الاضطرارية في مجرد المعذورية كما عرفت آنفا عند قولنا: اذ ليس المراد.

(2) و هي مسألة أن الأحكام الظاهرية المجتهد فيها كالأحكام الواقعية الاضطرارية محررة في علم الاصول. راجع كفاية الاصول مبحث الإجزاء

(3) و هو تقديم الايجاب على القبول

(4) و هو اتصال القبول بالايجاب كما عرفت مشروحا

(5) و هو خلو العقد عن التعليق كما عرفت

(6) و هو كون المتعاقدين واجدين لجميع شرائطهما الى انتهاء العقد كما عرفت.

(7) في النسخ الموجودة عندنا: أن اختلافها.

و الظاهر أن تكون العبارة هكذا: أن اختلافهما فيها فمرجع ضمير التثنية الى المتعاقدين، و ضمير فيها الى الموالاة و التنجيز و بقاء المتعاقدين على صفة صحة الانشاء -

ص: 139

يفسده عبارة من يراها شروطا، فإن الموجب اذا علق مثلا، أو لم يبق على صفة الانشاء الى زمان القبول باعتقاد (1) مشروعية ذلك لم يجز من القائل ببطلان هذا تعقيب هذا الايجاب بالقبول (2)

و كذا (3) القابل إذا لم يقبل إلا بعد فوات الموالاة. بزعم صحة ذلك، فإنه يجب على الموجب اعادة ايجابه اذا اعتقد اعتبار الموالاة فتأمل (4)

مسألة أحكام المقبوض بالعقد الفاسد

الأول ضمان المقبوض بالعقد الفاسد
اشارة

(مسألة): لو قبض ما ابتاعه بالعقد الفاسد لم يملكه، و كان مضمونا عليه.

أما عدم الملك فلأنه مقتضى فرض الفساد.

و أما الضمان (5) بمعنى كون تلفه عليه و هو احد الامور المتفرعة على القبض بالعقد الفاسد فهو المعروف (6)

+++++++++++

- و معنى العبارة أن المتعاقدين لو اختلفا في هذه الأشياء اجتهادا، أو تقليدا و اجرى كل واحد منهما العقد على طبق ما يراه يكون العقد باطلا.

(1) الظرف متعلق بقوله: اذا علق اى الموجب اذا علق باعتقاد مشروعية التعليق.

(2) لأن عبارته اصبحت فاسدة، فاتباعها بالقبول لا أثر له.

(3) اى و كذا عبارة القابل و هو المشتري مثلا اصبحت فاسدة اذا لا يرى الموالاة شرطا، و الموجب يراه شرطا.

(4) لعل وجه التأمل: أن اعتقاد القابل عدم فوات الموالاة كاف في صحة العقد، لأن الموالاة من فعله و الايجاب قد وقع صحيحا، و الموالاة شرط في صحة القبول، لا الايجاب، فالتراضي يكون منه، لا من الموجب كي يجب عليه مع تراضي القبول اعادة الايجاب

(5) اى ضمان ما ابتاعه بالعقد الفاسد.

(6) اى عند الامامية. -

ص: 140

و ادعى الشيخ في باب الرهن، و في موضع من البيع الاجماع عليه (1) صريحا، و تبعه في ذلك فقيه عصره (2) في شرح القواعد و في السرائر أن البيع الفاسد يجري عند المحصلين مجرى الغصب (3) في الضمان

و في موضع آخر نسبه (4) الى أصحابنا

الاستدلال على الضمان

و يدل عليه (5) النبوي المشهور: على اليد ما اخذت حتى تؤدي

و الخدشة في دلالته (6): بأن كلمة على ظاهرة في الحكم التكليفي (7) فلا يدل على الضمان (8) ضعيفة جدا، فإن هذا الظهور (9) إنما هو اذا

+++++++++++

- ثم اعلم أن الواجب على القابض أولا و بالذات حفاظة العين المأخوذة بالعقد الفاسد و صيانتها، و ردها الى صاحبها، و عند التلف يجب عليه اداء مثلها اذا كانت مثليا، و قيمتها اذا كانت قيميا، و كذا اذا تلف بعضها

ثم اذا استفاد من منافعها اذا كانت لها فعليه اجرة المثل.

(1) اى على الضمان عند التلف، و يتبعه تلف بعضه

(2) و هو الشيخ جعفر كاشف الغطاء رحمه اللّه

(3) بمعنى أنه كلما يجري على الغصب في العين المغصوبة من الضمان يجري في المأخوذ بالعقد الفاسد

(4) اى ابن ادريس في موضع آخر من السرائر نسب الضمان الى أصحابنا الامامية، فتدل هذه النسبة على دعوى الاجماع تقريبا

(5) اي على ضمان ما ابتاعه بالعقد الفاسد

(6) اي في دلالة النبوي المشهور

(7) و هي حرمة التصرف، و وجوب الرد الى صاحب العين

(8) الذي هو الحكم الوضعي: بمعنى وجوب المثل، أو القيمة

(9) و هو ظهور النبوي المشهور في الحكم التكليفي

ص: 141

اسند الظرف (1) الى فعل من أفعال المكلفين (2)، لا الى مال من الأموال (3) كما (4) يقال عليه دين، فإن لفظة على حينئذ (5) لمجرد الاستقرار في العهدة (6) عينا كان (7)، أو دينا (8)

و من هنا (9) كان المتجه صحة الاستدلال به على ضمان الصغير (10)

+++++++++++

(1) و هي كلمة على اليد ما اخذت

(2) كقوله تعالى: وَ لِلّٰهِ عَلَى اَلنّٰاسِ حِجُّ اَلْبَيْتِ مَنِ اِسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ، فإن الظرف و هي كلمة على الناس قد تعلقت بأفعال المكلفين و هو الحج فدل على الحكم التكليفي: و هو وجوب التشرف لبيت اللّه عند الاستطاعة: المالية، و البدنية، و تخلية السرب.

(3) كما فيما نحن فيه، حيث إن الظرف و هو على اليد قد تعلق بالمال فيدل على الحكم الوضعي و هو الضمان

(4) التنظير هنا لدلالة الظرف على الحكم الوضعي، لتعلقه بالأموال

(5) اى حين أن تعلق الظرف بالمال

(6) اى في الذمة

(7) كالأعيان الخارجية

(8) عند تلف العين، أو الاستدانة

(9) اي و من أن الظرف اذا تعلق بالمال موجب للضمان و هو الحكم الوضعي يستدل بذلك على ضمان المجنون و الصغير

(10) لا يخفى أن خطاب الضمان في الحديث الشريف يتوجه أولا على المجنون و الصغير، لكن المكلف بالأداء الذي هو الحكم التكليفي هو الولي اذا كان موجودا، و الحاكم الشرعي، أو من نصبه هو اذا لم يكن الولي موجودا

ص: 142

بل المجنون اذا لم يكن يدهما ضعيفة، لعدم (1) التمييز و الشعور.

و يدل على الحكم المذكور (2) أيضا قوله عليه السلام في الامة المبتاعة اذا وجدت مسروقة بعد أن اولدها المشتري إنه يأخذ الجارية صاحبها و يأخذ الرجل (3) ولده بالقيمة (4)، فإن ضمان الولد بالقيمة مع كونه (5) نماء لم يستوفه المشتري يستلزم ضمان الاصل (6) بطريق أولى

و ليس (7) استيلادها من قبيل إتلاف النماء، بل من قبيل إحداث

+++++++++++

(1) التعليل لضعف يد الصغير و المجنون: بمعنى أن ضعف يدهما لأجل أنهما لا يميزان و لا يشعران

(2) و هو الحكم الوضعي الذي هو الضمان

(3) و هو المشتري الذي اولد الامة

(4) (وسائل الشيعة) الجزء 14. ص 592. الباب 88. الحديث 3

(5) اي مع كون الولد

(6) و هي الجارية المسروقة المستولدة

(7) دفع وهم

حاصل الوهم: أن مدار البحث و الكلام في التلف: في أنه هل يوجب الضمان كالتلف السماوي أم لا؟

و ليس البحث في الإتلاف، فإنه مما لا شك في أنه موجب للضمان.

و في مورد بالرواية يكون المشتري متلفا للنماء فيكون ضامنا فيكون الاستشهاد بالرواية خارجا عما نحن بصدده.

فاجاب الشيخ عن الوهم ما حاصله: إن استيلاد الامة المسروقة ليس من قبيل إتلاف النماء حتى يكون المشتري متلفا، بل من قبيل إحداث نماء في رحم الأمة غير قابل للملك لصاحب النماء فيكون بمنزلة التالف، لا المتلف.

فالاستدلال بالحديث لا يكون خارجا عن مورد البحث.

ص: 143

نمائها غير قابل للملك (1) فهو كالتالف، لا كالمتلف. فافهم (2)

قاعدة ما يضمن بصحيحه و عكسها
البحث في قاعدة ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده
اشارة

ثم إن هذه المسألة (3) من جزئيات القاعدة المعروفة: كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده، و ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده.

و هذه القاعدة اصلا (4) و عكسا (5) و إن لم اجدها بهذه العبارة في كلام من تقدم على العلامة، إلا أنها يظهر من كلمات الشيخ رحمه اللّه في المبسوط، فإنه علل الضمان في غير واحد من العقود الفاسدة: بأنه دخل (6) على أن يكون المال مضمونا عليه.

و حاصله (7) أن قبض المال مقدما على ضمانه بعوض واقعي (8) أو جعلي (9) موجب للضمان.

+++++++++++

(1) اى الاستيلاد يكون كالتالف كما عرفت

(2) لعله اشارة الى إمكان صدق الاتلاف هنا عرفا، لأن المشتري قد استولدها و اخذ منها الولد، و اشغل رحمها بتربية ما وضعه فيه فهو من قبيل زرع الحب في ارض الغير.

(3) و هي مسألة ما لو قبض ما ابتاعه بالعقد الفاسد

(4) و هو ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده

(5) و هو ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده

(6) اى اقدم المشتري على الشراء بشرط أن يكون المثمن مضمونا عليه فيكون هو الضامن اذا تلف

و كذلك البائع اقدم على البيع بشرط أن يكون هو الضامن للثمن اذا تلف.

(7) اي حاصل ما افاده الشيخ في استفادة القاعدة المذكورة

(8) و هو المثل، أو القيمة

(9) و هو المعين من قبل المتبايعين المعبر عنه بالمسمى.

ص: 144

و هذا المعنى (1) يشمل المقبوض بالعقود الفاسدة التي تضمن بصحيحها

و ذكر (2) أيضا في مسألة عدم الضمان في الرهن الفاسد أن صحيحه لا يوجب الضمان (3) فكيف يضمن بفاسده ؟

و هذا (4) يدل على العكس المذكور (5)

و لم اجد من تأمل فيها (6) عدا الشهيد في المسالك فيما لو فسد عقد السبق فهل يستحق السابق اجرة المثل أم لا (7)؟

+++++++++++

(1) و هو الإقدام على ضمان المقبوض بعوض واقعي، أو جعلي لو تلف و ظهر مستحقا للغير

(2) اى شيخ الطائفة

(3) اي المرتهن لا يكون ضامنا للرهينة اذا لم يكن مفرطا

(4) و هو عدم الضمان في الرهن الفاسد، لأن صحيحه لا يضمن

(5) و هو ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده

خلاصة هذا الكلام: أن علة عدم الضمان في الرهن الفاسد إنما جاءت من قبل عدم الضمان في الرهن الصحيح اذا لم يكن المرتهن متعديا في الرهينة، أو مفرطا.

فهذه العلة صارت سببا لعدم الضمان في المقبوض بالعقد الفاسد الذي هو عكس القاعدة المذكورة: و هو ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده.

(6) اي في القاعدة المذكورة اصلا و عكسا و هو:

كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده

و كل عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده

(7) فهذه العبارة من شيخنا الشهيد الثاني قدس سره تدل على توقفه في القاعدة المذكورة اصلا و عكسا، لأنه لم يحكم بضمان اجرة المثل، و لا بعدم الضمان في عقد السبق اذا كان فاسدا

ص: 145

الكلام في معنى القاعدة

و كيف كان (1) فالمهم بيان معنى القاعدة (2) اصلا و عكسا ثم بيان المدرك فيها.

فنقول و من اللّه الاستعانة: إن (3) المراد بالعقد أعم من الجائز و اللازم

بل مما كانت (4) فيه شائبة الايقاع، أو كان (5) اقرب إليه فيشمل الجعالة و الخلع.

+++++++++++

(1) اى لا نطيل الكلام حول القاعدة المذكورة اصلا و عكسا من حيث النفي و الإثبات

(2) غرض الشيخ قدس سره من هذا الكلام أن يمهد قاعدة لتمييز ما كان داخلا في عموم: على اليد ما اخذت عما كان خارجا عنه فذكر هذه القاعدة: كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده، و كل عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده.

فالكلام في هذه القاعدة تحتاج الى ذكر مقامين:

(الاول): بيان معنى القاعدة اصلا و عكسا

(الثاني) بيان مدركها

(3) من هنا شروع في بيان معنى القاعدة المذكورة اصلا و عكسا

و المراد بالعقد هو العقد الوارد في الكلية المذكورة: كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده، و كل عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده

(4) اى بل المراد من العقد معناه الواسع كما في قول القائل:

كل من وجد ضالتي فله عندي دينار واحد، اذ القبول فيه لا يحتاج الى لفظ مخصوص، بل الاقدام على تحصيل الضالة قبول

(5) اى كان العقد أقرب الى الايقاع كما في الطلاق الخلعي الذي هو الطلاق بالعوض، فإن الخلع أقرب الى الايقاع من قربه الى العقد -

ص: 146

و المراد بالضمان في الجملتين (1) هو كون درك المضمون عليه (2):

بمعنى كون خسارته و دركه في ماله الاصلي (3) فاذا تلف وقع نقصان فيه (4)، لوجوب تداركه (5) منه

و أما مجرد كون تلفه في ملكه بحيث يتلف مملوكا له كما يتوهم فليس هذا معنى للضمان اصلا، فلا يقال: إن الانسان ضامن لأمواله.

ثم (6) تداركه من ماله تارة (7) يكون باداء عوضه الجعلي (8) الذي تراضى هو (9) و المالك على كونه عوضا و امضاء الشارع كما في المضمون بسبب العقد الصحيح.

+++++++++++

- أما كونه أقرب الى الايقاع فلكونه كالطلاق في الانشاء بقول الخالع:

انت مختلعة، أو خلعت فلانة

و أما كونه عقدا فلاحتياجه الى الطرفين

(1) و هما قوله: كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده، و كل عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده

(2) اى على التالف.

و المراد من دركه تحمل الضرر و الخسارة

(3) المراد من الاصلي هنا مال الضامن من غير هذا المال التالف

(4) اى في المال الاصلي

(5) اي تدارك المضمون من المال الاصلي

(6) من هنا شروع في أقسام التدارك فقسمه الشيخ قدس سره على ثلاثة أقسام و نحن نشير إليها عند ما يذكره

(7) هذا هو القسم الاول من أقسام التدارك

(8) و هو الثمن المسمى

(9) اي الضامن

ص: 147

و اخرى (1) بأداء عوضه الواقعي و هو المثل أو القيمة، و إن لم يتراضيا عليه (2)

و ثالثة (3) بأداء أقل الامرين: من العوض الواقعي و الجعلي كما ذكره بعضهم في بعض المقامات مثل تلف الموهوب بشرط التعويض قبل دفع العوض (4)

فاذا ثبت هذا (5) فالمراد بالضمان بقول مطلق هو لزوم تداركه بعوضه الواقعي، لأن هذا (6) هو التدارك حقيقة.

و لذا (7) لو اشترط ضمان العارية لزمت غرامة مثلها، أو قيمتها

و لم يرد في أخبار ضمان المضمونات: من المغصوبات و غيرها عدا لفظ الضمان بقول مطلق (8).

+++++++++++

(1) هذا هو القسم الثاني لأقسام التدارك

(2) اى على المثل، أو القيمة

(3) هذا هو القسم الثالث لأقسام التدارك

(4) فاذا كان العوض الواقعي الذي هو المثل، أو القيمة أقل من العوض الجعلي يعطى للواهب إزاء هبته التالفة

و اذا كان العوض الجعلي أقل من المثل، أو القيمة يعطى للواهب إزاء هبته التالفة

(5) اى اذا ثبت أقل الامرين في العين الموهوبة التالفة فالمراد بالضمان في هذه العين الموهوبة التالفة بقول مطلق اى من غير تقييد التدارك بالقيمة الواقعية و هو المثل، أو القيمة، أو بالجعلي و هو المسمى.

(6) و هو التدارك بالعوض الواقعي

(7) اى و لاجل أن التدارك بالعوض الواقعي هو التدارك حقيقة

(8) فيحمل على العوض الواقعي: و هو المثل، أو القيمة -

ص: 148

و أما تداركه (1) بغيره فلا بد من ثبوته من طريق آخر مثل تواطئهما (2) عليه بعقد صحيح يمضيه الشارع.

فاحتمال أن يكون المراد بالضمان في قولهم: يضمن بفاسده هو وجوب اداء العوض المسمى (3)

+++++++++++

- راجع حول أخبار الضمان «وسائل الشيعة». الجزء 13 ص 237 الباب 1. الأحاديث. أليك نص الحديث 6

عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

صاحب الوديعة و البضاعة مؤتمنان.

و قال: ليس على المستعير عارية ضمان، و صاحب العارية و الوديعة مؤتمن، و راجع الجزء 6. ص 58. الباب 2. الحديث 5

عن سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له:

الرجل يكون عنده مال اليتيم فيتّجر به أ يضمنه ؟

قال: نعم

قلت: فعليه الزكاة

فقال؛ لا، لعمري لا اجمع عليه خصلتين: الضمان، و الزكاة

فالشاهد في كلمة الضمان، حيث ذكرت مطلقة غير مقيدة بالمسمى أو الواقع: و هو المثل، أو القيمة

(1) اى تدارك التالف بغير عوضه الواقعي

(2) اي تواطؤ المتعاقدين بالايجاب و القبول على غير العوض الواقعي و يمضي الشارع هذا العوض الذي تواطيا عليه بالعقد الصحيح

(3) اي المسمى بالعقد الفاسد الذي ظهر فساده لهما

ص: 149

نظير الضمان في العقد الصحيح ضعيف في الغاية، لا (1) لأن ضمانه بالمسمى يخرجه عن فرض الفساد، اذ يكفي في تحقق فرض الفساد بقاء كل من العوضين على ملك مالكه، و إن كان عند تلف احدهما (2) يتعين الآخر للعوضية.

نظير (3) المعاطاة على القول بالإباحة، بل (4) لاجل ما عرفت

+++++++++++

(1) أي ليس وجه ضعف وجوب أداء العوض المسمى في العقد الفاسد لاجل أن ضمان العوض المسمى في العقد الفاسد يخرج العقد الفاسد عن فرض كونه عقدا فاسدا، لأنه يكفي في تحقق فرض الفساد بقاء العوضين على ملك مالكهما، و لا ينافي الفساد تعيين الضمان بالمسمى

(2) اي عند تلف احد العوضين يتعين الآخر للعوضية و هو المسمى في العقد الفاسد.

فإن كان المسمى التالف هي العين فيكون الثمن المسمى هو العوض عن العين.

و إن كان المسمى التالف هو الثمن فيكون المثمن المسمى هو العوض عن الثمن، و لا ينافي ذلك كون العقد فاسدا.

(3) تنظير لبقاء العرضين على ملك مالكهما في العقد الفاسد، و أن الضمان يكون بالعوض الواقعي.

و خلاصته أن ما نحن فيه كالمأخوذ بالمعاطاة على القول بالإباحة في أنه باق على ملك مالكه، و عند تلف احدهما يضمن بالعوض الواقعي الذي هو المثل، أو القيمة.

(4) هذا سبب وجه الضعف في الاحتمال المذكور اى وجه الضعف لأجل ما عرفت معنى الضمان: و هو العوض الواقعي الذي هو المثل، أو القيمة

و العقد الصحيح إنما صار المسمى فيه عوضا لإمضاء الشارع ذلك -

ص: 150

من معنى الضمان، و أن التدارك بالمسمى في الصحيح (1) لامضاء الشارع ما تواطأ على عوضيته، لا (2) لأن معنى الضمان في الصحيح مغاير لمعنى في الفاسد حتى يوجب ذلك (3) تفكيكا في العبارة فافهم (4)

ثم العموم (5)

+++++++++++

- و العقد الفاسد لم يمضه الشارع فليس فيه ضمان المسمى فيرجع فيه الى العوض الواقعي كما عرفت.

(1) اى في العقد الصحيح كما عرفت

(2) المقصود من هذا الكلام: هو أن الحكم في العقد الصحيح بضمان المسمى عند تلف العين، و ضمان العوض الواقعي الذي هو المثل أو القيمة في العقد الفاسد ليس لاجل تغاير معنى الضمان و مفهومه في العقد الصحيح و الفاسد: بحيث تتفكك عبارة الضمان في العقدين.

بل لاجل إمضاء الشارع المسمى في العقد الصحيح بسبب تواطؤ المتعاقدين على ذلك، و عدم إمضاء الشارع المسمى في العقد الفاسد.

(3) و هو تغاير معنى الضمان في العقدين.

(4) لعله اشارة الى أن ضمان الصحيح و إن كان المسمى، و ضمان الفاسد و إن كان العوض الواقعي الذي هو المثل، أو القيمة، لكنه مع ذلك لا يوجب تفكيكا و اختلافا في معنى الضمان.

(5) و هو كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده، و كل عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده.

مقصود الشيخ قدس سره: أن العموم المستفاد من هذه القاعدة بواسطة كلمة كل ليس باعتبار العموم في أنواعه حتى يقال: بخروج جميع أفراد العارية: من الذهب و الفضة، و المشترط فيها الضمان، و غير المشترط -

ص: 151

في العقود ليس باعتبار خصوص الأنواع، لتكون أفراده (1) مثل البيع و الصلح و الاجارة، و نحوها، لجواز كون نوع لا يقتضي بنوعه الضمان و إنما المقتضي له بعض أصنافه (2) فالفرد الفاسد من ذلك الصنف يضمن به دون الفرد الفاسد من غير ذلك الصنف.

مثلا الصلح بنفسه لا يوجب الضمان، لأنه قد لا يفيد إلا فائدة الهبة غير المعوضة، أو الابراء فالموجب للضمان هو المشتمل على المعاوضة، فالفرد الفاسد من هذا القسم موجب للضمان أيضا؛ و لا يلتفت الى أن نوع الصلح الصحيح من حيث هو لا يوجب ضمانا فلا يضمن بفاسده.

و كذا الكلام في الهبة المعوضة، و كذا عارية الذهب و الفضة.

نعم ذكروا في وجه عدم ضمان الصيد (3) الذي استعاره المحرم:

+++++++++++

- عن إطارة الضمان، لأن نوع العارية لا يضمن بصحيحه حتى يضمن بفاسده.

بل العموم المذكور باعتبار أصنافه، حيث إن بعض الأنواع من العقود مشتمل على أصناف بعضها لا يضمن بصحيحها فالفاسد من هذا الصنف لا يضمن أيضا.

و بعض الأصناف يضمن بصحيحها فالفاسد من هذا الصنف يضمن أيضا كما مثلنا لك بالعارية.

و كذلك الهبة، فإنها على صنفين: المعوضة، و غير المعوضة.

فالمعوضة يضمن بصحيحها فاذا يضمن بفاسدها.

و غير المعوضة لا يضمن بصحيحها فكذلك لا يضمن بفاسدها.

(1) اى أفراد العموم

(2) عرفت شرح هذه العبارة آنفا في الهامش 5 ص 151-152

(3) اى في المحرم، حيث إن الصيد محرم عليه فلا يملكه.

ص: 152

أن صحيح العارية لا يوجب الضمان فينبغي أن لا يضمن بفاسدها (1)

و لعل المراد (2) عارية غير الذهب و الفضة، و غير المشروط ضمانها

ثم المتبادر من اقتضاء الصحيح للضمان اقتضاؤه له بنفسه، فلو اقتضاه الشرط المتحقق في ضمن العقد الصحيح (3) ففي الضمان بالفاسد من هذا الفرد المشروط فيه الضمان تمسكا بهذه القاعدة (4) إشكال كما لو استأجر اجارة فاسدة (5) و اشترط فيها ضمان العين، و قلنا بصحة هذا الشرط (6) فهل تضمن (7) بهذا الفاسد، لأن صحيحه (8) يضمن به و لو لاجل الشرط أم لا؟

و كذا (9) الكلام في الفرد الفاسد من العارية المضمونة

+++++++++++

(1) و هي استعارة المحرم للصيد حالة الإحرام.

(2) اى مراد الفقهاء: من العارية.

(3) كما في العارية المشترط فيها الضمان

(4) و هو كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده، و ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده.

(5) كما لو اختل بعض شروط العقد.

(6) و هو ضمان العين بدون تعد و تفريط.

(7) اى العين المستأجرة التي شرط ضمانها هل تضمن بهذه الاجارة الفاسدة التي فقد فيها بعض شروط العقد؟

(8) اى صحيح عقد الاجارة التي شرط فيها ضمان العين يضمن فهل فساده الذي شرط فيه الضمان يضمن، أو يرجع الى اصله: و هو أن صحيح الاجارة لا يضمن، كذلك فاسدها.

(9) اى و كذا عارية الذهب و الفضة المضمونة اذا فسدت تضمن -

ص: 153

و يظهر من الرياض اختيار الضمان بفاسدها (1) مطلقا، تبعا لظاهر المسالك.

و يمكن جعل الهبة المعوضة من هذا القبيل (2)، بناء على أنها هبة مشروطة، لا معاوضة.

و ربما يحتمل في العبارة (3) أن يكون معناه أن كل شخص من العقود يضمن به لو كان صحيحا يضمن به مع الفساد.

و رتب عليه (4) عدم الضمان (5) فيما لو استأجر بشرط أن لا اجرة (6)

كما اختاره (7)

+++++++++++

- كما أن صحيحها يضمن، أو يرجع فيها الى اصلها: و هو أن العارية لا يضمن صحيحها فكذلك فاسدها.

(1) اى بفاسد العارية مطلقا، سواء اشترط فيها الضمان أم لا لقوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: على اليد ما اخذت حتى تؤدي.

(2) اى من قبيل العارية المضمونة في أنها موجبة للضمان أي الهبة المعوضة كالعارية المضمونة في الضمان، فإن صحيحها مضمون.

و هل فاسدها يضمن، أو يرجع الى اصل العقد الذي لا يضمن بصحيحه، كذلك لا يضمن بفاسده ؟

(3) أي في القاعدة المعروفة: كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده، و ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده.

(4) اى على هذا المعنى المحتمل.

(5) اي عدم ضمان العين المستأجرة اذا لم يتعد فيها و لم يفرط

(6) فإن هذا الشرط فاسد، لابتناء الاجارة على الاجرة

(7) اي عدم ضمان العين المستأجرة في الاجارة الفاسدة بالشرط المذكور.

ص: 154

الشهيدان، أو باع بلا ثمن (1) كما هو (2) احد وجهي العلامة في القواعد

و يضعف (3): بأن الموضوع هو العقد الذي وجد له بالفعل صحيح و فاسد، لا ما يفرض تارة صحيحا، و اخرى فاسدا، فالمتعين بمقتضى هذه القاعدة (4) الضمان في مسألة البيع، لأن البيع الصحيح يضمن به.

+++++++++++

(1) اى رتب على المبيع بلا ثمن عدم الضمان، لأن البيع فاسد لابتنائه على الثمن.

(2) اى عدم ضمان العين المبيعة بلا عوض.

(3) اى احتمال تعلق الضمان بشخص العقد، لا بنوعه، أو صنفه ضعيف.

و الباء في بأن بيان لوجه الضعف.

و خلاصته: أن كلامنا في العقد الذي له في الحال فرد صحيح و فرد فاسد كالبيع، لا في العقد الذي يفرض له الصحة تارة: و الفساد اخرى كالاجارة بلا اجرة، اذ شخصها بفرض له الصحة عند من يفتي بصحة الاجارة بلا اجرة، و يفرض له الفساد عند من لا يفتي بصحتها.

فالاجارة على هذا النحو في آن واحد يفرض تارة صحيحة، و اخرى فاسدة.

و هكذا في البيع بلا ثمن، فإن شخص عقد البيع يفرض له الصحة تارة، و اخرى الفساد حسب اختلاف الفتوى، أو النظر.

(4) و هو أن المراد بكل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده: كل شخص من العقود، فاذا تم الاحتمال المذكور يكون مقتضاه الضمان في البيع بلا ثمن و إن قلنا بفساده.

ص: 155

نعم ما ذكره بعضهم (1): من التعليل لهذه القاعدة: بأنه أقدم على العين مضمونة عليه لا يجري في هذا الفرع.

لكن الكلام في معنى القاعدة، لا في مدركها (2)

ثم إن لفظة الباء في بصحيحه و بفاسده إما بمعنى في بأن: يراد كلما تحقق الضمان في صحيحه تحقق في فاسده.

و إما لمطلق السببية الشامل للناقصة (3) لا العلة التامة، فإن (4) العقد الصحيح قد لا يوجب الضمان إلا بعد القبض كما في السلم، و الصرف بل مطلق البيع؛ حيث إن المبيع قبل القبض مضمون على البائع: بمعنى أن دركه عليه، و يتداركه برد الثمن (5). فتأمل (6)

و كذا الاجارة و النكاح و الخلع، فإن المال في ذلك كله مضمون على من انتقل عنه الى أن يتسلمه من انتقل إليه.

+++++++++++

(1) و هو شيخ الطائفة بقوله: لأنه أدخل (اى اقدم) على الضمان فإنه جعل الاقدام على الشيء علة للضمان، فعليه لا يشمل هذا التعليل ضمان البيع بلا ثمن.

(2) و هي قاعدة الاقدام كما ذكرها الشيخ، أو قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: على اليد ما اخذت.

(3) اى توجب الضمان بعد التقابض فهو جزء السبب فتكون الباء سببية ناقصة.

(4) تعليل لعدم كون الباء علة تامة.

(5) أى الى المشتري

(6) لعل وجه التأمل: أن الباء في بصحيحه علة تامة للضمان فلا ينافيها توقف الصرف و السلم على القبض في الضمان.

ص: 156

و أما العقد الفاسد فلا تكون علة تامة ابدا، بل يفتقر في ثبوت الضمان الى القبض فقبله (1) لا ضمان، فجعل الفاسد سببا إما لأنه المنشأ للقبض على وجه الضمان الذي هو سبب للضمان، و إما لأنه سبب الحكم بالضمان بشرط القبض (2)، و لذا (3)، علل الضمان الشيخ و غيره بدخوله على أن تكون العين مضمونة عليه.

و لا ريب أن دخوله على الضمان إنما هو بإنشاء العقد الفاسد فهو سبب لضمان ما يقبضه.

و الغرض من ذلك (4) كله دفع ما يتوهم أن سبب الضمان في الفاسد هو القبض، لا العقد الفاسد فكيف يقاس الفاسد على الصحيح في سببية الضمان و يقال: كلما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده.

و قد ظهر من ذلك (5) أيضا فساد توهم أن ظاهر القاعدة (6) عدم توقف الضمان في الفاسد الى القبض (7) فلا بد من تخصيص القاعدة (8)

+++++++++++

(1) أي قبل القبض.

(2) لا مجردا عنه.

(3) أي و لا جل مدخلية القبض في الضمان في العقد الفاسد.

(4) و هو أن الباء سبب للضمان في العقد الصحيح و الفاسد بنحو الاقتضاء، لا أنها علة تامة له، و أن العقد الفاسد بشخصه لا يكون علة تامة للضمان ما لم يكن معه قبض، فالقبض و العقد الفاسد كلاهما يكونان دخيلين في الضمان طوليا، فقبل القبض لا يكون ضمان.

(5) أى من أن القبض دخيل في الضمان، و أن العقد سبب للضمان

(6) و هو كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده.

(7) لأن الضمان في الصحيح غير متوقف على القبض.

(8) اى في العقد الفاسد باجماع: بأن يقال: إن العقد الفاسد -

ص: 157

باجماع، و نحوه (1)

الكلام في مدرك القاعدة

ثم (2) إن المدرك لهذه الكلية على ما ذكره في المسالك في مسألة الرهن المشروط بكون المرهون مبيعا بعد انقضاء الأجل: هو إقدام الآخذ على الضمان، ثم اضاف (3) الى ذلك قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

+++++++++++

- بوحده لا يكون سببا للضمان، بل لا بد من القبض حتى يثبت الضمان فخصصت القاعدة في العقد الفاسد باجماع.

(1) لعل المراد به الشهرة، أو الاتفاق، أو عدم وجود الخلاف

(2) من هنا يروم الشيخ قدس سره الدخول في ذكر مدرك القاعدة المعروفة:

كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده.

و المدرك لها شيئان ذكرهما الشيخ في المتن و هما:

الاقدام على الشيء

و قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: على اليد ما اخذت حتى تؤدي.

(أما الاول) فقد ذكره شيخ الطائفة و هو أول من تكلم و جاء به و أدخله في القواعد الفقهية و صار اصلا من الاصول، و تبعه على ذلك المتأخرون: منهم الشهيد الثاني ذكره في المسالك.

و (أما الثاني): و هو الحديث فقد اشتهر بين (الشيعة و السنة) كالشمس في رائعة النهار ذكره العلماء في كتب الحديث.

و نحن نشير الى مصادره في الرقم الآتي

(3) اى الشهيد الثاني في المسالك.

ص: 158

على اليد ما اخذت حتى تؤدي (1)

و الظاهر أنه تبع في استدلاله بالإقدام الشيخ في المبسوط، حيث علل الضمان في موارد كثيرة: من البيع و الاجارة الفاسدين بدخوله على أن يكون المال مضمونا عليه بالمسمى، فاذا لم يسلم له المسمى رجع الى المثل، أو القيمة

+++++++++++

(1) راجع (مستدرك وسائل الشيعة). المجلد 3. ص 145. الباب 1 كتاب الغصب الحديث 4

و (الخلاف). الجزء 2. ص 173.

و (كنز العمال). الجزء 10. ص 420

ثم إن الاستدلال بالحديث يقتضي البحث فيه عن جهات لا بأس باشارة اجمالية إليها حسب ما استفدناه من بحث درس (سيدنا الاستاذ السيد البجنوردي) قدس سره الشريف.

(الاولى): بيان الفرق بين هذه اليد الواردة في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: «على اليد ما اخذت حتى تؤديه».

و بين اليد التي جعلها الشارع احدى الامارات كما جعل البينة و السوق منها.

فنقول: الفرق بينهما واضح، حيث إن البحث عنها بحث عن حجيتها و أماريتها: بمعنى أن الشارع كما جعل البينة و السوق حجة في أن بهما تثبت الزوجية و الملكية و التذكية و الطهارة؛ و غير ذلك: من الامور الانتزاعية.

كذلك جعل اليد حجة و إمارة على الامورات المذكورة.

فالبحث عن هذه اليد بحث عن ثبوت المذكور لها أى هل تثبت الملكية، أو الزوجية، أو التذكية، أو الطهارة بهذه اليد الواضعة على ما يكون تحت تصرفه أم لا؟ -

ص: 159

..........

+++++++++++

- فمآل البحث عنها الى البحث عن أماريتها لا غير.

ثم إن المراد من هذه اليد معناها العام: و هي السلطنة و السلطة و السيطرة و الاستيلاء، و ليس المراد منها اليد الغاصبة أو المأذونة، أو الشرعية أو المالكية.

و أما البحث عن اليد في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: على اليد ما اخذت حتى تؤدي فبحث عن أن هذه اليد التي ليست يد مالكية و لا مأذونة من قبل مالكها هل توجب الحكم الوضعي الذي يراد منه الضمان لو تصرفت فيما تحت تصرفه و سلطته و استيلائه عند تلفه.

أو لا يوجب إلا الحكم التكليفي فقط و هو وجوب الرد الى صاحبه ؟

و المراد باليد هنا ليست اليد الجارحة، بل الاستيلاء، لأنه ربما يكون الآخذ غير قابل لاخذه الشيء بالجارحة.

و بهذا المعنى يصح أن يقال: إن الامر ليس بيدي و لو كان بيدي لكنت افعل كذا، فالمراد منها هو الاستيلاء التكويني، أو الاعتباري لأنه من صفات المتولي.

فاذا قيل: على اليد كذا اى على المستولي كذا.

و بهذا المعنى قال العزيز جل شأنه ردا على اليهود لعنهم اللّه تعالى:

بَلْ يَدٰاهُ مَبْسُوطَتٰانِ ، حيث قالوا يَدُ اَللّٰهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَ لُعِنُوا بِمٰا قٰالُوا ، اذ اليهود ارادوا من الغل القدرة و الاستيلاء اى ليس للّه عز و جل الاستيلاء و القدرة على الرزق.

فاجابهم اللّه عز اسمه: أن قدرة اللّه واسعة ليس فيها تضييق فهو ينفق حسب المصالح كيف اراد و شاء. -

ص: 160

..........

+++++++++++

- فالموضوع في تلك اليد أماريتها، و الموضوع هنا الضمان و عدمه (الثانية): في إعراب الحديث.

فنقول: على اليد ظرف مستقر مرفوعة محلا خبر للمبتدإ المتأخر و هي كلمة ما الموصولة في الحديث فتقدير الجملة هكذا:

الذي اخذته اليد ثابت، أو مستقر في ذمة الانسان حتى يؤديه.

و افاد بعض أن الظرف هنا لغو متعلق بأفعال العموم: و هو الكون و الوجود و الحصول و الثبوت.

و لكن الاول أوفق بالمتفاهم العرفي.

و المعنى: أن الذي اخذته اليد ثابت و مستقر عليها الى أن تؤديه.

وجه الأوفقية: أن الظرف لو كان لغوا لاحتاج الى التقدير و الاصل عدمه كما قيل حديثا و قديما، و لا يصار إليه إلا للضرورة.

بالإضافة الى أنه صلى اللّه عليه و آله و سلم في مقام بيان رد مال الغير الى صاحبه، و ايصاله إليه، لا أنه في مقام بيان حفظه عن التلف و الضياع

(الثالثة): أن مدة الاستيلاء و الاستعلاء الحاصل على الشيء الذي يكون تحت تصرفه و استيلائه الى الوقت الذي لم يؤده الى صاحبه.

و أما اذا اداه فقد ارتفع ذاك الاستعلاء و الاستيلاء، فالاستيلاء محدود بغاية معينة: و هي مدة تصرفه بالعين المستولي عليها فقط.

اذا عرفت هذه الجهات فاعلم أن المأخوذ الذي اصبح تحت تصرف الآخذ إما غصبا، أو بدون اذن المالك، أو الشارع يكون في عهدة الآخذ و ذمته التى يراد منها عالم الاعتبار لا عالم الخارج، لأن عالم الخارج ظرف و وعاء للموجود الخارجي. -

ص: 161

..........

+++++++++++

- فاذا قيل: ذمة الشخص، أو عهدته مشغولة يراد منهما الاعتبارات الشرعية، أو العقلائية بالنسبة إليه.

فالذي يراد من الحديث الشريف: على اليد ما اخذت حتى تؤدي أن المال المأخوذ جبرا، أو بدون رضى من مالكه، أو بدون اذن من الشارع فهو ثابت بوجوده الاعتباري في ذمة الشخص و عهدته، و لا يرتفع إلا بعد ادائه الى صاحبه اذا كانت العين موجودة، و إلا بعد اداء مثلها أو قيمتها اذا كانت تالفة، لأنه بمجرد التلف لا يرتفع الموجود الاعتباري عن ذمة الشخص و عهدته.

و الخلاصة: أن الماخوذ لو كان موجودا فأداؤه برد نفس العين الخارجية الموجودة.

و اذا كانت تالفة فيستحيل اداء شخصها و عينها فتئول النوبة الى التدارك بالمثل؛ و اذا تعذر المثل تصل النوبة الى الدرجة الثالثة و هو اداء القيمة.

ثم إن هذه المراتب ليست بحكم العقل فقط، بل العرف يحكم بذلك أيضا، فإنه بعد أن حكم بالضمان يحكم أولا برد العين اذا كانت موجودة و برد مثلها اذا تلفت، و برد قيمتها اذا تعذر المثل.

الى هنا كان الكلام في العين.

و أما المنافع لو كانت لها فنقول:

هي على قسمين: المستوفاة، و غير المستوفاة.

(أما الاولى): فلا شك في ضمانها، و أنها في ذمة المستوفي، لأنها تعد من الأموال فلا بد من تداركها: لأنه لا فرق في الأموال بين كونها -

ص: 162

و هذا الوجه (1) لا يخلو عن تأمل، لأنهما إنما اقدما و تراضيا و تواطئا بالعقد الفاسد على ضمان خاص (2)، لا الضمان بالمثل، أو القيمة.

و المفروض عدم امضاء الشارع لذلك الضمان الخاص (3) و مطلق الضمان (4) لا يبقى بعد انتفاء الخصوصية (5) حتى يتقوم بخصوصية اخرى

+++++++++++

- عينا، أو منفعة، بل في غالب الأشياء تكون مالية العين بواسطة مالية المنافع، اذ في الحقيقة لو لا للعين من منافع لما بذل المال بإزائها.

بالإضافة الى أن وقوع العين تحت يده يتبع وقوع المنافع تحتها

فكما أن العين تكون مضمونة كذلك المنافع تكون مضمونة.

(و أما الثانية): فالضمان فيها هو المشهور، و هو الأقوى، لتفويتها على صاحبها، بناء على أن التفويت من موجبات الضمان و أسبابه عند العقلاء، حيث إنهم يرون أن تفويت مال الغير موجب للضمان.

هذا تمام الكلام في المنافع اذا كانت متحدة.

و أما اذا كانت للعين منافع متضادة فهل يضمن جميعها اذا تلفت سواء استوفيت أم لم تستوف، أو يضمن اكثرها مالا، أو يضمن احدها

ذهب سيدنا الاستاذ قدس سره الى ضمان اكثر المنافع مالا، لأن اليد يد عدوان فصارت موجبة للتلف فتكون ذمته مشغولة بها، و لا تبرأ إلا بادائها.

(1) و هو الإقدام على الضمان الذي ذكره شيخ الطائفة.

(2) و هو المسمى.

(3) لفساد العقد فالضمان الخاص قد انتفى بحكم الفرض.

(4) و هو المثل، أو القيمة لم يعترف بهما المتعاقدان فكيف تشتغل ذمتهما بهما؟

(5) و هو ضمان المسمى الذي اعترف به المتعاقدان.

ص: 163

فالضمان بالمثل، أو القيمة إن ثبت فحكم شرعي تابع لدليله (1) و ليس مما اقدم عليه المتعاقدان.

هذا (2) كله مع أن مورد (3) هذا التعليل (4) أعم من وجه (5) من المطلب، اذ قد يكون الإقدام موجودا و لا ضمان كما قبل القبض

و قد لا يكون إقدام في العقد الفاسد مع تحقق الضمان كما اذا شرط في عقد البيع ضمان المبيع على البائع اذا تلف في يد المشتري

و كما اذا قال: بعتك بلا ثمن، أو آجرتك بلا اجرة (6)

+++++++++++

(1) فإن وجد دليل نحكم بالضمان، و إن لم يوجد لم نحكم.

(2) و هو أن الضمان المخصوص قد ارتفع بفساد العقد، و الضمان المطلق لم يقدما عليه.

(3) و هو العقد الفاسد.

(4) و هو الإقدام على الضمان كما افاده الشيخ

(5) اى بين الإقدام و الضمان من النسب الاربعة عموم و خصوص من وجه، لهما مادة اجتماع، و مادتا افتراق.

أما الاجتماع فكما لو تلف المبيع بالعقد الفاسد في يد المشتري فهنا يصدق الإقدام، و يصدق الضمان.

و أما مادة الافتراق من جانب الضمان: بأن يكون الإقدام موجودا و الضمان ليس موجودا فقد ذكره الشيخ في المتن.

و أما مادة الافتراق من جانب الإقدام: بأن يكون الضمان موجودا و الاقدام ليس موجودا فكما ذكره الشيخ في المتن.

(6) فإن عقد البيع بلا ثمن، و الاجارة بلا اجرة فاسد، فالضمان موجود، و الإقدام ليس موجودا.

ص: 164

نعم قوّى الشهيدان في الاخير (1) عدم الضمان.

و استشكل العلامة في مثال البيع في باب السلم (2)

و بالجملة فدليل الإقدام مع أنه مطلب يحتاج الى دليل لم نحصله منقوض طردا و عكسا (3)

و أما (4) خبر اليد فدلالته و إن كانت ظاهرة، و سنده منجبرا إلا أن مورده مختص بالأعيان فلا يشمل المنافع (5)، و الأعمال المضمونة في الإجارة الفاسدة.

اللهم إلا أن يستدل على الضمان فيها (6) بما دل على احترام مال المسلم (7)، و أنه لا يحل (8)

+++++++++++

(1) و هى الاجارة بلا اجرة.

(2) أي استشكل في الضمان في السلم.

(3) كما عرفت ذلك في قول الشيخ في ص 164: اذ قد يكون الإقدام موجودا و لا ضمان الى آخر قوله.

(4) من هنا يريد شيخنا الانصاري أن يورد على الاستدلال بالحديث النبوي المشهور: على اليد ما اخذت حتى تؤدى، و يبين أن ليس له عموم حتى يشمل الأعيان و المنافع، بل مختص بالأعيان.

(5) كالاجارة.

(6) اى في المنافع، و في الأعمال المضمونة في الاجارة الفاسدة.

(7) هذا هو الدليل الاول لضمان المنافع، و الأعمال المضمونة في الاجارة الفاسدة.

(8) هذا هو الدليل الثاني لضمان المنافع، و الأعمال المضمونة في الاجارة الفاسدة و هو اشارة الى قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: المسلم اخو المسلم لا يحل ماله إلا عن طيب نفس منه. -

ص: 165

إلا عن طيب نفسه، و أن حرمة (1) ماله كحرمة دمه. و أنه (2) لا يصلح ذهاب حق احد.

مضافا (3) الى أدلة نفي الضرر، فكل عمل وقع من عامل لاحد بحيث يقع بامره، و حصيلا لغرضه فلا بد من اداء عوضه، لقاعدتي الاحترام (4) و نفي الضرار.

+++++++++++

- و قد مرت الاشارة الى الحديث في الجزء 6 من المكاسب من طبعتنا الحديثة ص 181.

(1) هذا هو الدليل الثالث لضمان المنافع، و الأعمال المضمونة في الاجارة الفاسدة.

و قد مرت الإشارة إليه في الجزء 3 من طبعتنا الحديثة. ص 8

(2) هذا هو الدليل الرابع لضمان المنافع، و الأعمال المضمونة في الاجارة الفاسدة.

اشارة الى الحديث الوارد عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

قال: سألته هل تجوز شهادة اهل ملة على غير اهل ملتهم ؟.

قال: نعم اذا لم يوجد من اهل ملتهم جازت شهادة غيرهم، إنه لا يصلح ذهاب حق احد.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 13 ص 390 الباب 20 الحديث 3

(3) اى بالإضافة الى ما ذكرنا من الأدلة التي هي الأخبار المشار إليها لنا دليل آخر على ضمان المنافع، و الأعمال المضمونة في الاجارة الفاسدة:

و هي أدلة نفي الضرر الواردة في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: لا ضرر و لا ضرار.

(4) و هو أن حرمة ماله كحرمة دمه، و قد اشير إليه آنفا

ص: 166

ثم إنه لا يبعد أن يكون مراد الشيخ و من تبعه من الاستدلال على الضمان بالإقدام، و الدخول عليه بيان أن العين و المنفعة التين تسلمهما الشخص لم يتسلمهما مجانا و تبرعا حتى لا يقضي احترامهما بتداركهما بالعوض كما في العمل المتبرع به، و العين المدفوعة مجانا، أو امانة، فليس دليل الإقدام دليلا مستقلا (1)، بل هو بيان لعدم المانع عن مقتضى اليد في الأموال (2) و احترام الأعمال (3)

نعم في المسالك ذكر كلا من الاقدام، و اليد دليلا مستقلا (4) فيبقى عليه ما ذكر سابقا من النقض (5) و الاعتراض (6)

الضمان فيما لا يرجع فيه نفع إلى الضامن

و يبقى الكلام حينئذ (7) في بعض الأعمال المضمونة التي لا يرجع نفعها الى الضامن، و لم يقع بامره كالسبق في المسابقة الفاسدة، حيث حكم الشيخ و المحقق، و غيرهما بعدم استحقاق السابق أجرة المثل (8)، خلافا لآخرين (9)

+++++++++++

(1) اي في عرض دليل على اليد ما اخذت حتى تؤديه.

(2) كما في المنافع في الاجارة الفاسدة.

(3) و هي الأعمال المضمونة في الاجارة الفاسدة.

(4) اى كل واحد منهما دليل مستقل في عرض الآخر.

(5) و هو قوله في ص 164: اذ قد يكون الإقدام موجودا و لا ضمان الى آخر ما ذكره.

(6) و هو قوله في ص 165: فدليل الإقدام مع أنه مطلب يحتاج الى دليل لم نحصله منقوض طردا و عكسا.

(7) اى حين أن قلنا: إن قاعدة الاقدام منقوضة طردا و عكسا و أنه لا دليل على أن الاقدام سبب للضمان.

(8) أما اجرة المسمى فليست ممضاة من قبل الشارع.

(9) حيث قالوا باستحقاق السابق اجرة المثل.

ص: 167

و وجهه (1) أن عمل العامل لم يعد نفعه الى الآخر، و لم يقع بامره (2) أيضا.

فاحترام الأموال التي منها الأعمال لا يقضي بضمان الشخص له، و وجوب عوضه عليه، لأنه (3) ليس كالمستوفي له، و لذا (4) كانت شرعيته على خلاف القاعدة، حيث إنه (5) بذل مال في مقابل عمل لا ينفع الباذل

و تمام الكلام في بابه (6)

+++++++++++

(1) أى وجه عدم استحقاق السابق اجرة المثل.

(2) أى بامر الدافع، لأن الاجارة كانت فاسدة.

(3) تعليل لكون العمل الصادر من السابق ليس له احترام.

و خلاصته: أن هذا العمل ليس كالعمل الذي استوفاه الآمر و استفاد منه، لأنه ليس فيه نفع يعود الى باذل المال.

و من المفروض أنه لا بد في صحة بذل المال من وجود نفع يعود الى الباذل حتى لا يكون اكل المال اكلا بالباطل.

(4) تعليل لعدم وجود نفع في عمل السباق يعود الى الباذل، اى و لأجل أن العمل الذي هو السباق ليس فيه نفع يعود الى الباذل كانت مشروعية السبق على خلاف القواعد المقررة في الفقه: و هو أنه لا بد في صحة البذل من وجود نفع يعود الى الباذل.

و إنما حكم بصحته لورود النص الخاص على مشروعيته.

(5) اى المال المبذول في المسابقة الفاسدة.

(6) اى في باب السبق و الرماية.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 4.

ص 421-428

ص: 168

ثم إنه لا فرق فيما ذكرنا من الضمان في الفاسد (1) بين جهل الدافع بالفساد، و بين علمه مع جهل القابض.

و توهم (2) أن الدافع في هذه الصورة هو الذي سلطه عليه و المفروض أن القابض جاهل.

+++++++++++

(1) اى في العقد الفاسد الذي يضمن بصحيحه.

لا يخفى أن التعميم المذكور و هو قوله: لا فرق فيما ذكر الى آخر ما ذكره يرجع الى اصل مسألة ضمان المبيع بالبيع الفاسد.

فهنا صور أربعة تحصل من ضرب صورتي العلم و الجهل في البائع و المشتري اى البائع إما أن يكون عالما بفساد البيع، أو جاهلا. و كذا المشتري

فالتعميم المذكور ينتج أربعة صور من ضرب البائع و المشتري في صورة العلم و الجهل 2 * 2-4 أليك الصور.

(الاول): كون البائع و المشتري عالمين بالفساد.

(الثاني): كون البائع و المشتري جاهلين بالفساد.

(الثالث): كون البائع عالما بالفساد، و المشتري جاهلا به.

(الرابع): كون المشتري عالما بالفساد، و البائع جاهلا به، فالشيخ قدس سره افاد الضمان في جميع الصور.

لكن الانصاف عدم الضمان في صورة علم الدافع بالفساد، و جهل القابض به.

(2) اي توهم أن الدافع في صورة جهل القابض بفساد العقد هو الذي سلطه على تلف المال فلا ضمان على القابض.

ص: 169

مدفوع بإطلاق النص (1) و الفتوى (2)، و ليس (3) الجاهل مغرورا لأنه أقدم على الضمان قاصدا و تسليط (4) الدافع العالم لا يجعله امانة مالكية لأنه (5) دفعه على أنه ملك المدفوع إليه، لا أنه امانة عنده، أو عارية

و لذا (6) لا يجوز له التصرف فيه، و الانتفاع به.

و ستأتي تتمة ذلك في مسألة بيع الغاصب مع علم المشتري.

هذا كله (7) في اصل الكلية المذكورة.

+++++++++++

(1) و هو على اليد ما اخذت حتى تؤديه، فإنه مطلق ليس فيه تقييد الضمان بصورة الجهل.

(2) اى فتوى علماء الامامية، فإنهم في مقام الفتوى يفتون بالضمان مطلقا، سواء أ كان القابض عالما أم جاهلا.

(3) دفع وهم آخر.

و خلاصة الوهم: أن القابض الجاهل مغرور بجهله بفساد العقد فلا يشمله الضمان: لأن الضمان مقيد بعدم الغرر.

و قد اجاب الشيخ عن الوهم في المتن فلا نعيده.

(4) دفع وهم آخر.

حاصل الوهم: أن الدافع العالم بالفساد هو الذي سلط القابض على ماله فالمال حينئذ يكون عنده امانة مالكية فلا يكون ضامنا له.

(5) جواب عن الوهم المذكور و قد ذكره الشيخ في المتن فلا نعيده

(6) اى و لاجل أن الدافع إنما دفع المال الى القابض بناء على أنه ملك للمدفوع إليه، لا امانة عنده، أو عارية.

(7) أي كل ما ذكرنا إنما كان في الكلية من جانب الطرد: و هو أن كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده.

ص: 170

أما عكسها: و هو أن ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده
اشارة

و أما عكسها: و هو أن ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده فمعناه أن كل عقد لا يفيد صحيحه ضمان مورده ففاسده لا يفيد ضمانا كما في عقد الرهن (1)، و الوكالة (2)، و المضاربة (3)، و العارية غير المضمونة (4) بل المضمونة، بناء على أن المراد بافادة الصحيح للضمان افادته بنفسه، لا بامر خارج عنه كالشرط الواقع في متنه (5)، و غير ذلك من العقود اللازمة و الجائزة.

هل تضمن عين المستأجرة فاسدا

ثم إن مقتضى ذلك (6) عدم ضمان العين المستأجرة فاسدا، لأن

+++++++++++

(1) حيث إن المرتهن لا يضمن الوثيقة اذا تلفت اذا لم يكن بتعد أو تفريط.

(2) حيث إن الوكيل لا يضمن ما في يده اذا تلف عنده اذا لم يكن بتعد.

(3) حيث إن العامل لا يضمن المال اذا تلف عنده اذا لم يكن بتعد

(4) حيث إن المستعير لا يضمن العارية غير المشروطة، و لا الذهب و الفضة اذا تلفت عنده اذا لم يكن بتعد و تفريط.

راجع حول الرهن و الوكالة و المضاربة و العارية (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 4 كتاب الرهن. كتاب الوكالة. كتاب المضاربة. كتاب العارية.

(5) كما في العارية المضمونة، حيث إن الضمان فيها جاء من ناحية الشرط، لا من طبيعة العقد، فإن طبيعة العارية بنفسها لا تفيد الضمان لو لا الشرط.

(6) اى مقتضى عكس القاعدة الذي هو ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده.

ص: 171

صحيح الاجارة غير مفيد لضمانها كما صرح به (1) في القواعد و السرائر

و حكي (2) عن التذكرة و اطلاق الباقي (3) إلا أن صريح الرياض الحكم بالضمان (4).

و حكي (5) فيها عن بعض نسبته الى المفهوم من كلمات الأصحاب

و الظاهر (6) أن المحكي عنه هو المحقق الاردبيلي في مجمع الفائدة.

و ما (7) أبعد ما بينه (8)

+++++++++++

(1) أى بعدم ضمان الاجارة الفاسدة.

(2) اى عدم ضمان الاجارة الفاسدة.

(3) فإن باقي فقهاء الامامية قدس اللّه أرواحهم قالوا بعدم الضمان في الاجارة و لم يقيدوها بالصحيحة، أو الفاسدة كما قيد العلامة و ابن ادريس عدم الضمان في الاجارة بالفاسدة.

فهذا الاطلاق دليل على عدم الضمان في الاجارة الفاسدة.

(4) اى بضمان الاجارة بالفاسدة.

(5) اى صاحب الرياض حكى في الرياض عن بعض الفقهاء نسبة ضمان الاجارة الفاسدة الى أصحابنا الامامية.

(6) هذا كلام شيخنا الانصاري.

(7) هذا أيضا كلام شيخنا الانصاري يتعجب من نسبة المحقق الاردبيلي ضمان الاجارة الفاسدة الى أصحابنا، و من نسبة المحقق الثاني عدم ضمان الاجارة الفاسدة الى أصحابنا، و يقول: كيف التوفيق بين هاتين النسبتين المتهافتتين ؟.

(8) أى بين كلام المحقق الاردبيلي: من نسبة الضمان الى الأصحاب

ص: 172

و بين ما عن جامع المقاصد، حيث قال في باب الغصب: إن الذي يلوح من كلامهم (1) هو عدم ضمان العين المستأجرة فاسدا باستيفاء المنفعة.

و الذي (2) ينساق إليه النظر هو الضمان، لأن التصرف فيها (3) حرام، لأنه غصب فيضمنه ثم قال (4): إلا أن كون الاجارة الفاسدة لا يضمن بها كما لا يضمن بصحيحها مناف لذلك (5) فيقال: إنه دخل على عدم الضمان بهذا الاستيلاء و إن لم يكن مستحقا (6) و الاصل براءة الذمة من الضمان فلا تكون العين بذلك (7) مضمونة، و لو لا ذلك (8) لكان المرتهن ضامنا مع فساد الرهن، لأن استيلاءه (9) بغير حق و هو باطل. انتهى.

+++++++++++

(1) اى كلام الأصحاب فنسب المحقق عدم الضمان في الاجارة الفاسدة الى الأصحاب.

(2) هذا راى صاحب جامع المقاصد.

(3) لا يخفى أن حكم المحقق الثاني بحرمة التصرف و غصبيته في العين المستأجرة بالاجارة الفاسدة محل كلام، حيث إن المستاجر اخذها بزعم صحة الاجارة، و تسلمها من صاحبها برضاه ثم تبين فساد الاجارة.

نعم اذا طلبها صاحبها بعد العلم بالفساد و لم يسلمها المستأجر كان غاصبا.

(4) اى المحقق الثاني

(5) اى للضمان في الاجارة الفاسدة

(6) اى لا يكون مستحقا للاستيلاء، لفساد الاجارة.

(7) اي بالاستيلاء.

(8) اى و لو لا اصل البراءة من الضمان.

(9) اي استيلاء المرتهن على العين المرهونة، لفساد الاجارة.

ص: 173

منشأ الحكم بالضمان

و لعل الحكم بالضمان في المسألة (1)

إما لخروجها عن قاعدة ما لا يضمن (2)، لأن (3) المراد بالمضمون مورد العقد، و مورد العقد في الاجارة المنفعة فالعين يرجع في حكمها الى القواعد (4)، و حيث كانت في صحيح الاجارة امانة مأذونا فيها شرعا و من طرف المالك لم يكن فيه ضمان.

و أما في فاسدها فدفع الموجر للعين إنما هو للبناء على استحقاق المستأجر لها، الحق الانتفاع فيه، و المفروض عدم الاستحقاق، فيده عليها يد عدوان موجبة للضمان.

و إما (5) لأن قاعدة ما لا يضمن معارضة هنا بقاعدة اليد (6)

الأقوى عدم الضمان

و الأقوى (7)

+++++++++++

(1) اى مسألة اجارة الفاسد كما افاده المحقق الثاني بقوله: و الذي ينساق إليه النظر هو الضمان.

(2) اى ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده.

(3) تعليل لخروج ضمان الاجارة الفاسدة عن قاعدة ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده.

(4) و هو الضمان.

(5) هذا هو الوجه الثاني للضمان في العين المستأجرة بالاجارة الفاسدة اذ الوجه الاول هو قوله: إما لخروجها.

(6) و هو قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: على اليد ما اخذت حتى تؤدى.

(7) هذا راى الشيخ في الموضوع فاذا تعارضتا تساقطتا فيرجع حينئذ الى القواعد الفقهية و هي تقتضي الضمان. -

ص: 174

عدم الضمان.

فالقاعدة المذكورة (1) غير مخصصة بالعين المستاجرة، و لا متخصصة.

ثم إنه يشكل اطراد القاعدة في موارد.
اشارة

ثم إنه يشكل اطراد القاعدة (2) في موارد.

منها: الصيد الذي استعاره المحرم من المحل

(منها): (3) الصيد الذي استعاره المحرم من المحل، بناء على فساد العارية (4)، فإنهم حكموا بضمان المحرم له بالقيمة، مع أن صحيح العارية لا يضمن به، و لذا (5) ناقش الشهيد الثاني في الضمان على تقديري الصحة و الفساد (6) إلا أن يقال: إن وجه ضمانه بعد البناء على أنه يجب على المحرم ارساله، و اداء قيمته: أن المستقر عليه قهرا (7) بعد العارية هي القيمة، لا العين فوجوب دفع القيمة ثابت قبل التلف بسبب وجوب

+++++++++++

- و يمكن أن يراد من المعارضة في قوله: و هي معارضة حكومة قاعدة على اليد على أصالة البراءة.

(1) و هو ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده لا تكون مخصصة بالعين المستأجرة بالإجارة الفاسدة: و كذلك لا تكون متخصصة اى ليس لها خروج موضوعي.

(2) و هو ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده.

(3) اى من تلك الموارد التي لا تأتي القاعدة المذكورة فيها.

(4) اى في حالة العارية.

(5) اى و لأجل أن صحيح العارية لا يضمن ناقش الشهيد الثاني في ضمان عارية المحرم التي هي فاسدة بالقيمة.

(6) القيدان راجعان الى عارية المحرم اى عارية المحرم، سواء أ كانت صحيحة أم باطلة.

(7) اى رغما على انفه جاء على المحرم هذا الضمان بعد ارساله الصيد

ص: 175

الإتلاف (1) الذي هو سبب لضمان ملك الغير في كل عقد، لا بسبب التلف.

منها المنافع غير المستوفاة من البيع فاسدا

و يشكل اطراد القاعدة (2) أيضا في البيع فاسدا بالنسبة الى المنافع التي لم يستوفها، فإن هذه المنافع (3) غير مضمونة في العقد الصحيح (4) مع أنها (5) مضمونة في العقد الفاسد، إلا أن يقال: إن ضمان العين (6) يستتبع ضمان المنافع في العقد الصحيح و الفاسد.

و فيه (7) نظر، لأن نفس المنفعة غير مضمونة بشيء في العقد الصحيح لأن الثمن إنما هو بإزاء العين دون المنافع.

+++++++++++

(1) و هو وجوب ارسال الصيد الذي حصل للمحرم بعد اخذه من المحل.

(2) و هو ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده

(3) و هي المستوفاة.

و لا يخفى أنه لا مجال للقول بعدم ضمان المنافع غير المستوفاة في العقد الصحيح، لأن علقة المالكية قد انقطعت عن المالك و اضيفت الى المشتري

(4) المقتضي لعدم الضمان في العقد الفاسد أيضا.

(5) اى مع أن المنافع الغير المستوفاة مضمونة في العقد الفاسد فانخرمت القاعدة المذكورة.

(6) اى ضمان العين في البيع الصحيح و الفاسد: بمعنى أن ضمان المنافع يكون تابعا لضمان العين في العقد الصحيح و الفاسد.

(7) اى و فيما افاده القيل: من أن ضمان العين يستتبع ضمان المنافع نظر و اشكال

ص: 176

منها حمل المبيع فاسدا

و يمكن نقض القاعدة (1) أيضا: بحمل المبيع فاسدا على ما صرح به في المبسوط و الشرائع و التذكرة، و التحرير من كونه مضمونا على المشتري

خلافا للشهيدين و المحقق الثاني و بعض آخر، تبعا للعلامة في القواعد مع أن الحمل غير مضمون في البيع الصحيح، بناء على أنه للبائع.

و عن الدروس توجيه (2) كلام العلامة بما اذا اشترط الدخول في البيع، و حينئذ (3) لا نقض على القاعدة.

منها الشركة الفاسدة

و يمكن النقض (4) أيضا بالشركة الفاسدة، بناء على أنه لا يجوز

+++++++++++(1) و هو ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده اى يمكن نقض هذه القاعدة أيضا بالحمل الموجود في الامة المبيعة بالبيع الفاسد، فإن الحمل لو تلف عند المشتري بعد تسلمه الامة يكون مضمونا عليه، مع أن الحمل غير مضمون في البيع الصحيح، بناء على أن الحمل الذي كان موجودا في رحم الامة عند الشراء للبائع.

(2) اى وجه الشهيد الاول كلام العلامة القائل بعدم ضمان الحمل على اشتراط المشتري مع البائع دخول الحمل في البيع: بأن يكون له.

(3) اى و حين الاشتراط من قبل المشتري بكون الحمل له.

(4) اى نقض قاعدة: ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده بالشركة(1)الفاسدة.

ص: 177


1- بفتح الشين و كسر الراء عبارة عن اختلاط النصيبين فصاعدا بحيث لا يتميز احدهما عن الآخر. و أسباب الشركة إما الارث، و إما العقد، و إما الحيازة، و إما الحق كالشفعة، و إما المنفعة كاجارة دار تكون منفعتها مشتركة بينهما. و المعتبر عند الامامية من الشركة شرعا شركة (العنان) التي هي شركة الأموال. -

التصرف بها فاخذ المال المشترك حينئذ (1) عدوانا موجب للضمان.

مبنى عدم الضمان في عكس القاعدة هي الأولوية و المناقشة فيها

ثم إن مبنى هذه القضية السالبة (2) على ما تقدم من كلام الشيخ في المبسوط هي الأولوية و حاصلها (3) أن الرهن لا يضمن بصحيحه فكيف بفاسده.

و توضيحه أن الصحيح من العقد اذا لم يقتض الضمان مع إمضاء الشارع له فالفاسد الذي هو بمنزلة العدم لا يؤثر في الضمان، لأن اثر الضمان إما من الاقدام على الضمان و المفروض عدمه، و الا لضمن بصحيحه.

و إما من حكم الشارع بالضمان بواسطة هذه المعاملة الفاسدة و المفروض أنها لا تؤثر شيئا.

و وجه الأولوية (4) أن الصحيح اذا كان مفيدا للضمان امكن أن يقال:

إن الضمان من مقتضيات الصحيح فلا يجري في الفاسد، لكونه لغوا غير مؤثر على ما سبق تقريبه: من أنه اقدم على ضمان خاص (5) و الشارع لم يمضه فيرتفع اصل الضمان (6)

+++++++++++(1) اى حين فساد الشركة

(2) اى مأخذ عكس القاعدة: و هو ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده.

(3) اى الأولوية.

(4) اى أولوية عدم الضمان في الفاسد.

(5) و هو ضمان الثمن و المثمن

(6) و هو مطلق الضمان، لأنه بعد عدم ثبوت ضمان الخاص من قبل الشارع فلا يبقى مجال للضمان اصلا.

ص: 178


1- - راجع حول الشركة (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 4 من ص 197 - الى 207

لكن يخدشها (1) أنه يجوز أن تكون صحة الرهن و الإجارة المستلزمة لتسلط المرتهن و المستأجر على العين شرعا مؤثرة في رفع الضمان.

بخلاف الفاسد الذي لا يوجب تسلطا لهما على العين فلا أولوية.

(فإن قلت): إن الفاسد و إن لم يكن له دخل في الضمان إلا أن مقتضى عموم على اليد هو الضمان خرج منه المقبوض بصحاح العقود التي يكون مواردها غير مضمونة على القابض و بقي الباقي (2)

(قلت): ما خرج (3) به المقبوض بصحاح تلك العقود يخرج به المقبوض بفاسدها. و هي عموم (4) ما دل على أن من لم يضمنه المالك، سواء ملكه اياه بغير عوض، أو سلطه (5) على الانتفاع به، أو استأمنه (6) منه عليه لحفظه، أو دفعه (7) إليه لاستيفاء حقه، أو العمل (8) فيه بلا اجرة أو معها، أو غير ذلك فهو غير ضامن.

أما في غير التمليك بلا عوض اعني الهبة فالدليل المخصص لقاعدة

+++++++++++

(1) اى هذه الأولوية.

(2) و هي العقود الفاسدة التى يكون صحيحها غير مضمونة ففاسدها تكون مضمونة.

(3) اى عن الضمان

(4) هذا العموم احد أسباب خروج العقود الصحيحة و الفاسدة عن الضمان.

(5) هذا ثاني أسباب خروج العقود الصحيحة و الفاسدة عن الضمان

(6) هذا ثالث أسباب خروج العقود الصحيحة و الفاسدة عن الضمان

(7) هذا رابع أسباب خروج العقود الصحيحة و الفاسدة عن الضمان

(8) هذا خامس أسباب خروج العقود الصحيحة و الفاسدة عن الضمان

ص: 179

الضمان عموم ما دل على أن من استأمنه المالك على ملكه غير ضامن، بل ليس لك أن تتهمه.

و أما في الهبة الفاسدة فيمكن الاستدلال على خروجها من عموم اليد (1) بفحوى ما دل على خروج مورد الاستيمان، فإن استيمان المالك لغيره على ملكه اذا اقتضى عدم ضمانه له اقتضى التسليط المطلق عليه مجانا عدم ضمانه بطريق اولى.

و التقييد بالمجانية (2) لخروج التسليط المطلق بالعوض كما في المعاوضات فإنه عين التضمين.

فحاصل أدلة عدم ضمان المستأمن: أن دفع المالك إليه ملكه على وجه لا يضمنه بعوض واقعي أعني المثل، أو القيمة، و لا جعلى (3) فليس عليه ضمان.

الثاني من الأمور المتفرعة على عدم تملك المقبوض بالبيع الفاسد وجوب رده فورا إلى المالك

(الثاني (4) من الامور المتفرعة على عدم تملك المقبوض بالبيع الفاسد وجوب رده (5) فورا الى المالك.

و الظاهر أنه (6) مما لا خلاف فيه على تقدير عدم جواز التصرف فيه كما يلوح من مجمع الفائدة.

+++++++++++

(1) اى على اليد ما اخذت حتى تؤديه، فإن العموم لا يشمل الهبة الفاسدة، لخروجها عنه بواسطة مفهوم الأولوية التي ذكرها الشيخ في المتن فلا ضمان فيها.

(2) في قوله: عليه مجانا.

(3) و هو المسمى.

(4) اى الأمر الثاني، اذ الاول كون المضمون بالعقد الفاسد غير داخل في ملك القابض

(5) اى رد المأخوذ بالعقد الفاسد فورا ففورا في كل لحظة و آن

(6) اى وجوب الرد الى صاحبه فورا ففورا.

ص: 180

بل صرح في التذكرة كما عن جامع المقاصد أن مئونة الرد على المشتري لوجوب ما (1) لا يتم إلا به.

و اطلاقه (2) يشمل ما لو كان في رده مئونة كثيرة؛ إلا أن يقيد (3) بغيرها بأدلة (4) نفي الضرر

و يدل عليه (5) أن الامساك. آنا مّا تصرف في مال الغير بغير اذنه فلا يجوز لقوله عجل اللّه تعالى فرجه لا يجوز لاحد أن يتصرف في مال غيره إلا باذنه (6)

و لو نوقش في كون الامساك تصرفا كفى عموم قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: لا يحل مال امرئ مسلم لاخيه إلا عن طيب نفسه (7)، حيث يدل على تحريم جميع الأفعال المتعلقة به (8) التي منها كونه في يده.

+++++++++++

(1) و هي المقدمة، بناء على وجوبها، فإن بذل المئونة لايصال المأخوذ بالعقد الفاسد مقدمة لوصول المأخوذ الى صاحبه فالرد واجب و كذلك مقدمته و هو بذل المئونة.

(2) اى اطلاق وجوب ما لا يتم إلا به الذي هو صرف المئونة، حيث إن بذل المئونة مطلق لا تقييد فيه بالقليل، و لا بالكثير.

(3) اى وجوب الرد يقيد بعدم احتياجها الى مئونة زائدة كثيرة.

(4) الباء في بأدلة نفي الضرر بيان للمقيد الذي هو وجوب الرد

(5) اى على وجوب رد المأخوذ بالعقد الفاسد الى صاحبه.

(6) (وسائل الشيعة). الجزء 17. ص 309. الباب 1. الحديث 4

(7) مرت الاشارة في الجزء 6 من المكاسب من طبعتنا الحديثة ص 181

(8) اى بمال امرئ مسلم.

ص: 181

و أما توهم أن هذا (1) باذنه، حيث إنه دفعه باختياره فمندفع بأنه إنما ملكه اياه عوضا (2) فاذا انتفت صفة العوضية (3) باعتبار عدم سلامة العوض له شرعا.

و المفروض أن كونه (4) على وجه الملكية المجانية مما لم ينشئها المالك (5) و كونه (6) مالا للمالك، و أمانة في يده (7) أيضا مما لم يؤذن فيه، و لو اذن له (8) فهو استيداع جديد، كما انه لو ملكه مجانا كانت هبة جديدة

هذا، و لكن الذي يظهر من المبسوط عدم الاثم في إمساكه معللا بأنه قبضه باذن مالكه. و كذا السرائر ناسبا له (9) الى الأصحاب.

و هو ضعيف، و النسبة (10) غير ثابتة

+++++++++++

(1) اى الامساك و هو الابقاء تحت يده.

(2) اى عند ما ملكه عوضا عما يملكه المشتري.

(3) لفساد العقد المستلزم لعدم تملك كل من المتعاقدين الثمن و المثمن

(4) اى كون المدفوع.

(5) بل المالك انشأ الملكية المعوضة.

(6) اى و كون المدفوع.

(7) اى في يد القابض حتى يكون امانة مالكية.

(8) اى بعد فساد العقد و الحال أن الاذن الجديد لم يحصل و لم يثبت

(9) اى عدم الاثم في إمساك المأخوذ بالعقد الفاسد.

(10) اى الى عموم الأصحاب، لأن شيخ الطائفة و ابن ادريس ذهبا الى عدم الاثم في إمساكه.

ص: 182

و لا يبعد إرادة صورة الجهل (1)، لأنه لا يعاقب.

الثالث: أنه لو كان للعين المبتاعة منفعة استوفاها المشتري قبل الرد كان عليه عوضها على المشهور

(الثالث) (2): أنه لو كان للعين المبتاعة منفعة استوفاها المشتري قبل الرد كان عليه عوضها على المشهور، بل ظاهر ما تقدم من السرائر (3) كونه بمنزلة المغصوب الاتفاق على الحكم.

و يدل عليه (4) عموم قوله: لا يحل مال امرئ مسلم لأخيه إلا عن طيب نفسه (5)، بناء على صدق المال على المنفعة، و لذا (6) يجعل ثمنا في البيع و صداقا في النكاح، خلافا للوسيلة فنفى الضمان (7)، محتجا (8) بأن الخراج بالضمان كما في النبوى المرسل

+++++++++++

(1) اى جهل القابض بالفساد، حيث لا يعاقب الجاهل فلو كان هناك اثم لعوقب و إن كان الجهل لا يمنع من الضمان، بناء على مبنى (شيخنا الانصاري).

(2) اى من الامور المتفرعة على المقبوض بالعقد الفاسد.

(3) في نقل الشيخ عنه في ص 141 بقوله: و في السرائر أن البيع الفاسد يجري عند المحصلين مجرى الغصب في الضمان.

(4) اى على وجوب عوض المنافع المستوفاة على القابض.

(5) مرت الاشارة الى الحديث في الهامش 8 ص 165-166

(6) اى و لاجل صدق المال على المنفعة.

(7) اي عن المنافع المستوفاة في المقبوض بالعقد الفاسد بالنبوي المعروف:

الخراج بالضمان اى المنافع في مقابل ضمان العين.

(8) اى استدل صاحب الوسيلة على أن المنافع في مقابل ضمان العين بالحديث النبوي المعروف الخراج بالضمان.

اقول: الحديث هذا مروى في كتب (اخواننا السنة)

رواه احمد و أبو داود و الترمذي و النسائي و ابن ماجة و ابن حيان -

ص: 183

و تفسيره (1) أن من ضمن شيئا و تقبله لنفسه فخراجه (2) له فالباء (3) للسببية، أو المقابلة.

+++++++++++

- و قالوا: إنه حديث صحيح، و لم يرو عن طرقنا الامامية.

أليك ما افاده (شيخنا الممقاني) قدس سره في شرحه على المكاسب في ص 288 حول الحديث قال:

لم نعثر على ذكره في كتب الأخبار المأثورة عن طرق الخاصة اى (الشيعة الامامية).

لكن قال في كتاب الأشباه و النظائر في القسم الاول:

القاعدة العاشرة الخراج بالضمان من حديث عائشة.

ثم إنه ذكر سبب ورود الحديث في بعض طرقه:

و هو أن رجلا ابتاع عبدا فاقام عنده ما شاء اللّه ثم وجد به عيبا فخاصمه الى النبي صلى اللّه عليه و سلم فرده عليه فقال: يا رسول اللّه قد استعمل الغلام.

فقال صلى اللّه عليه و سلم: الخراج بالضمان.

قال ابو عبيدة: الخراج في الحديث غلة العبد يشتريه الرجل فيستعمله زمانا ثم يعثر منه على عيب دلّه البائع فيرده و يأخذ جميع الثمن و يفوز بغلته كلها، لأنه كان في ضمانه فلو هلك هلك من ماله. انتهى.

و خراج كل شيء ما خرج منه، فخراج الشجر ثمرته، و خراج الحيوان دره و نسله.

(1) اى معنى الخراج بالضمان

(2) اى منافع الشيء الذي ضمنه تكون له اذا كانت له.

(3) اى الباء في كلمة بالضمان الواردة في الحديث النبوي: الخراج بالضمان سببية اى سبب كون المنافع للمشتري هو ضمان الشيء.

ص: 184

فالمشتري لما اقدم على ضمان المبيع و تقبله على نفسه بتقبيل البائع و تضمينه اياه على أن يكون الخراج له مجانا كان اللازم من ذلك أن خراجه له على تقدير الفساد، كما أن الضمان عليه على هذا التقدير (1) أيضا.

و الحاصل أن ضمان العين لا يجتمع مع ضمان الخراج، و مرجعه (2) الى أن الغنيمة و الفائدة بإزاء الغرامة (3)

و هذا المعنى (4) مستنبط من أخبار كثيرة متفرقة مثل قوله في مقام الاستشهاد على كون منفعة المبيع في زمان الخيار للمشتري:

ألا ترى أنها لو احترقت كانت من مال المشتري (5)؟

+++++++++++

(1) اى على تقدير فساد العقد.

(2) اى و مرجع عدم اجتماع ضمان العين، و ضمان الخراج الى أن الأرباح و الفوائد تكون بإزاء غرامة العين و ضمانها فلا يكون ضمان آخر للفوائد.

(3) اى ضمان العين كما عرفت.

(4) و هو أن الغنيمة و الفائدة بإزاء ضمان العين يستفاد من عدة روايات وردت في المقام كقوله عليه السلام في الحديث الآتي: الغلة للمشتري

(5) فالحديث هذا يدل على أن القابض لا يضمن المنافع، لأنها بإزاء ضمان العين.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12. ص 355. الباب 8. الحديث 1

أليك نص الحديث.

عن اسحاق بن عمار قال: حدثني من سمع أبا عبد اللّه عليه السلام و سأله رجل و انا عنده فقال: رجل مسلم احتاج الى بيع داره فجاء الى اخيه فقال: ابيعك داري هذه، و تكون لك احب إليّ من أن تكون لغيرك -

ص: 185

و نحوه (1) في الرهن، و غيره.

و فيه (2) أن هذا الضمان ليس هو ما اقدم عليه المتبايعان حتى يكون

+++++++++++

- على أن تشترط لي إن انا جئتك بثمنها الى سنة أن ترد عليّ .

فقال: لا بأس بهذا إن جاء بثمنها الى سنة ردّها عليه.

قلت: فإنها كانت فيها غلة كثيرة فاخذ الغلة لمن تكون الغلة ؟

فقال: الغلة للمشتري ألا ترى أنه لو احترقت لكانت من ماله ؟

(1) اي و نحو هذا الحديث الوارد في أن المنافع المستوفاة لا تضمن لأنها بإزاء ضمان العين: الحديث الوارد في الرهن.

أليك نص الحديث

عن اسحاق بن عمار عن ابى ابراهيم موسى بن جعفر عليه السلام

قال سألته عن الرجل يرهن العبد أو الثوب، أو متاع البيت فيقول صاحب المتاع للمرتهن: انت في حل من لبس هذا الثوب فالبس الثوب و انتفع بالمتاع، و استخدم الخادم.

قال: هو له حلال اذا احله، و ما احب أن يفعل.

قلت: فارتهن دارا لها غلة لمن الغلة ؟

قال: لصاحب الدار

قلت: فارتهن ارضا بيضاء فقال صاحب الارض: ازرعها لنفسك.

فقال: هو حلال ليس هذا مثل هذا يزرعها لنفسه بماله فهو له حلال كما أحله، لأنه يزرع بماله و يعمرها.

المصدر نفسه. الجزء 13 ص 130. الباب 8. الحديث 1.

فالحديث هذا دل على أن المنافع و الأرباح تكون ازاء ضمان العين.

(2) اى و في الاستدلال بالحديث النبوي الخراج بالضمان على عدم -

ص: 186

الخراج بإزائه و إنما هو (1) امر قهري حكم به الشارع كما حكم بضمان المقبوض بالسوم (2)، و المغصوب (3).

فالمراد بالضمان الذي بإزائه الخراج التزام الشيء على نفسه و تقبله له مع امضاء الشارع له (4)

و ربما ينتقض ما ذكرناه (5) في معنى الرواية (6) بالعارية المضمونة (7)

+++++++++++

- ضمان المنافع المستوفاة نظر و إشكال.

وجه النظر: أن ضمان العين في العقد ليس ضمانا اقدم عليه المتبايعان بطيب نفسهما، لأنهما إنما اقدما على المعاملة ظنا منهما صحتها، و أنهما ليسا ضامنين.

بل الضمان للعين في هذا العقد حصل من الشارع قهرا عليهما، و رغما على انفهما فلا يكون الخراج ازاء الضمان.

(1) أي ضمان العين في العقد الفاسد كما عرفت.

(2) المراد من السوم هو اختبار المشتري السلعة عند شرائها فلو تلفت بوقوعها من يده، أو بطريق آخر لكان المشتري ضامنا لها.

(3) فإن من غصب شيئا يكون ضامنا له مهما بلغ الامر و كلف و يؤخذ بأشد الأحوال.

(4) و من الواضح أن الشارع لم يمض هذا الضمان المتولد من العقد الفاسد حتى تكون الأرباح و المنافع المعبر عنها بالخراج في إزاء ضمان العين

(5) و هو أن ضمان العين في العقد الفاسد ليس ضمانا اقدم عليه المتعاقدان بطيب نفسهما، بل هو ضمان حصل قهرا عليهما من الشارع.

(6) و هي المرسلة المروية عن طرق اخواننا السنة: الخراج بالضمان

(7) و هي المشترطة، و عارية الذهب و الفضة.

ص: 187

حيث إنه اقدم على ضمانها، مع أن خراجها ليس له، لعدم تملكه للمنفعة و إنما تملك الانتفاع الذي عينه المالك. فتأمل (1).

و الحاصل أن دلالة الرواية (2) لا تقصر عن سندها في الوهن فلا يترك لاجلها (3) قاعدة ضمان مال المسلم (4) و احترامه (5)، و عدم حله إلا عن طيب النفس (6)

+++++++++++

(1) وجه التأمل: أن الخراج بالضمان في العقد الفاسد في مقابل أن العين ملك له، و من أمواله في حال الانتفاع الذي هو سبب لكون تلفها منه.

بخلاف العارية المضمونة، فإن ضمانها ليس من باب أن العين فيها ملك للمستعير حتى يملك المنافع بإزاء ضمان العين.

(2) و هو الخراج بالضمان، حيث إن كلامنا في المقبوض بالعقد الفاسد: في أنه لو كانت للعين منافع مستوفاة هل يضمنها كل واحد من المتبايعين لو كانت للثمن و المثمن منافع.

و الحديث هذا ليس فيه دلالة على ما نحن بصدده ؟

(3) اي لأجل رواية الخراج بالضمان التي هي قاصرة سندا و دلالة لا نرفع اليد عن القواعد المسلمة في الفقه.

(4) هذه احدى القواعد المسلمة و هي اشارة الى الحديث المشار إليه في الهامش 7 ص 165

(5) هذه ثانية القواعد المسلمة و هي اشارة الى الحديث المشار إليه في الهامش 7. ص 165

(6) هذه ثالثة القواعد المسلمة و هي اشارة الى الحديث المشار إليه في الهامش 8. ص 165

ص: 188

و ربما يرد هذا القول (1) بما ورد في شراء الجارية المسروقة من ضمان قيمة الولد، و عوض اللبن (2)، بل عوض كلما انتفع.

و فيه (3) أن اللام في البيع الفاسد الحاصل بين مالكي العوضين من جهة أن مالك العين جعل خراجها له بإزاء ضمانها بالثمن، لا ما كان فساده من جهة التصرف في مال الغير.

+++++++++++

- فمع هذه القواعد المسلمة الدالة على ضمان الأموال كيف يمكن رفع اليد عنها، و العمل بتلك المرسلة ؟

(1) و هو قول صاحب الوسيلة من عدم الضمان في المنافع المستوفاة

(2) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 14. ص 592. الباب 88 الحديث 4

أليك نص الحديث.

عن زرارة قال: قلت لابي عبد اللّه عليه السلام: رجل اشترى جارية من سوق المسلمين فخرج بها الى ارضه فولدت منه أولادا، ثم إن اباها يزعم أنها له و اقام على ذلك البينة.

قال: يقبض ولده و يدفع إليه الجارية و يعوضه في قيمة ما اصاب من لبنها و خدمتها.

فالرواية هذه ترد المرسلة المذكورة: من أن الخراج بالضمان، حيث إنها حكمت برد الجارية الى مالكها، و بتعويض الرجل الذي اولدها قيمة الولد و اللبن و جميع ما استفاد من خدماتها.

فلو كان الخراج بالضمان كيف يحكم الامام عليه السلام في الرواية بذلك ؟

(3) أي و في هذا الرد.

ص: 189

و أضعف من ذلك (1) رده بصحيحة ابي ولاد المتضمنة لضمان منفعة المغصوب المستوفاة ردا على ابي حنيفة القائل بأنه اذا تحقق ضمان العين و لو بالغصب سقط كرها كما يظهر (2) من تلك الصحيحة.

نعم لو كان القول المذكور (3) موافقا لقول أبي حنيفة في اطلاق القول: بأن الخراج بالضمان انتهضت الصحيحة و ما قبلها (4) ردا عليه

+++++++++++

(1) أى و أضعف من هذا الرد رد المرسلة المذكورة: الخراج بالضمان بصحيحة أبى ولاد.

وجه الأضعفية: أن الصحيحة واردة في الغصب مجردة عن عنوان البيع، و كلامنا في ضمان المقبوض بالعقد الفاسد فلا مساس للصحيحة بما نحن بصدده فبينهما بون بعيد.

راجع حول الصحيحة (وسائل الشيعة) الجزء 17. ص 313.

الباب 7. الحديث 1

(2) اي قول (أبي حنيفة): اذا تحقق ضمان العين و لو بالغصب سقط كرها، لأن الخراج بالضمان.

(3) و هو سقوط ضمان المنافع المستوفاة بضمان العين، لأن الخراج بالضمان كما افاده صاحب الوسيلة اى لو كان قوله بعدم الضمان مطابقا مع قول (أبي حنيفة) في عدم الضمان كانت الصحيحة المذكورة ردا له

لكن قوله مخالف لقول أبي حنيفة، لأن أبا حنيفة يقول بعدم الضمان مطلقا، سواء أ كان عدم الضمان في الغصب أم في المقبوض بالعقد الفاسد

و صاحب الوسيلة يقول بعدم الضمان في المقبوض بالعقد الفاسد فقط فلا تشمله الصحيحة الواردة في الغصب فقط.

(4) و هي الرواية الواردة في شراء الجارية المسروقة المشار إليها في الهامش 2. ص 189

ص: 190

هذا (1) كله في المنفعة المستوفاة.

و أما المنفعة الفائتة بغير استيفاء فالمشهور فيها أيضا الضمان.

و قد عرفت عبارة السرائر المتقدمة (2)

و لعله (3) لكون المنافع أموالا في يد من بيده العين فهي مقبوضة في يده، و لذا (4) يجري على المنفعة حكم المقبوض اذا قبض العين فتدخل المنفعة في ضمان المستأجر، و يتحقق قبض الثمن في السلم بقبض الجارية المجعول خدمتها ثمنا، و كذا الدار المجعول سكناها ثمنا، مضافا (5) الى أنه مقتضى احترام مال المسلم، اذ كونه في يد غير مالكه مدة طويلة من غير اجرة مناف للاحترام.

لكن يشكل الحكم (6)

+++++++++++

(1) اى ما قلناه: من ضمان المنافع، أو عدم الضمان كله كان حول المنافع المستوفاة.

(2) في ص 141 بقوله: إن البيع الفاسد يجري عند المحصلين مجرى الغصب

(3) هذا كلام شيخنا الانصاري: اي و لعل ضمان المنافع غير المستوفاة لاجل صدق المال عليها فهي تحت يده و تصرفه فكما تكون العين مضمونة كذلك المنافع.

(4) اي و لأجل صدق المال على المنافع غير المستوفاة و أنها في يده و تحت تصرفه.

(5) اي بالإضافة الى ما ذكرناه في ضمان المنافع غير المستوفاة:

من أنها أموال فتكون مقبوضة بقبض العين لنا دليل آخر على ضمانها: و هو أن الضمان مقتضى احترام أموال المسلم كما عرفت ذلك في الهامش 7 ص 165

(6) و هو ضمان المنافع غير المستوفاة.

ص: 191

بعد تسليم كون المنافع أموالا حقيقة (1): بأن (2) مجرد ذلك لا يكفي في تحقق الضمان، إلا أن يندرج (3) في عموم على اليد ما اخذت و لا إشكال في عدم شمول صلة (4) الموصول للمنافع.

و حصولها (5) في اليد بقبض العين لا يوجب صدق الاخذ.

+++++++++++

(1) اذ لا نسلم أن المنافع غير المستوفاة تعد أموالا حقيقة و على فرض تسليم أنها أموال حقيقة يشكل الحكم بضمان المنافع غير المستوفاة.

(2) الباء بيان لوجه الإشكال في الحكم و هو ضمان المنافع غير المستوفاة اى مجرد كون المنافع غير المستوفاة أموالا حقيقة.

(3) اى ضمان المنافع غير المستوفاة تحت قاعدة: على اليد ما اخذت حتى تؤدى، بناء على أنها قد اخذت من صاحبها حال كونها تابعة للعين في اخذها.

(4) و هي كلمة اخذت الواقعة في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

على اليد ما اخذت حتى تؤديه لا تشمل المنافع غير المستوفاة، لأنها ليست مأخوذة بالاستقلال و إنما اخذت تبعا للعين فالاخذ لا يشملها.

(لا يقال): إن عموم على اليد، سواء أ كان الاخذ بالاستقلال أم بالتبع يشملها فالضمان ثابت لها.

(فإنه يقال): هذا العموم المدعى خلاف ظاهر اللفظ، اذ لفظ الاخذ ظاهر في الاخذ الاستقلالي، لا التبعي فالعموم لا يشمل المنافع غير المستوفاة.

(5) دفع وهم

حاصل الوهم: أن المنافع قد حصلت في اليد و إن كانت بتبعية العين فيصدق الاخذ.

ص: 192

و دعوى أنه (1) كناية عن مطلق الاستيلاء الحاصل في المنافع بقبض الأعيان مشكلة (2)

و أما (3) احترام مال المسلم فإنما يقتضي عدم حل التصرف فيه (4) و إتلافه (5) بلا عوض، و إنما يتحقق ذلك (6) في الاستيفاء فالحكم (7) بعدم الضمان مطلقا كما عن الايضاح، أو مع علم البائع بالفساد كما عن بعض

+++++++++++

فاجاب الشيخ أن الحصول في اليد لا يوجب صدق الاخذ حتى يشمله حديث على اليد ما اخذت.

(1) اى لو ادعي أن الأخذ هنا كناية عن الاستيلاء و السلطنة لا الاخذ باليد الجارحة، و هذا الاستيلاء حاصل على المنافع غير المستوفاة بسبب القبض.

(2) وجه الإشكال أن الظاهر من الاخذ هو الأخذ باليد الجارحة.

(3) من هنا يريد الشيخ أن يبدي نظره حول المنافع غير المستوفاة في عدم الضمان في المأخوذ بالعقد الفاسد.

و خلاصته: أن قاعدة احترام مال المسلم تقضي على عدم جواز التصرف في ماله، و عدم جواز اتلافه بلا عوض.

لكن هذه القاعدة تأتي في المنافع المستوفاة، لا في غير المستوفاة.

(4) اى في المأخوذ بالعقد الفاسد كما عرفت.

(5) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله: عدم حل التصرف اى احترام مال المسلم إنما يقضي عدم إتلافه بلا عوض كما عرفت.

(6) هذا رأي الشيخ في المنافع غير المستوفاة في المقبوض بالعقد الفاسد.

(7) سواء أ كان البائع عالما بالفساد أم لا.

ص: 193

آخر موافق للاصل (1) السليم.

مضافا (2) الى أنه قد يدّعى شمول قاعدة ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده له (3)

و من المعلوم أن صحيح البيع لا يوجب ضمانا للمشتري للمنفعة، لأنها له (4) مجانا، و لا (5) يتقسط الثمن عليها، و ضمانها (6) مع الاستيفاء لاجل (7) الإتلاف فلا ينافي القاعدة المذكورة، لأنها بالنسبة الى التلف لا الاتلاف.

+++++++++++

(1) و هي براءة ذمة القابض عن الضمان و هذا الاصل سالم عن معارضة شيء معه.

(2) أي لنا دليل آخر على عدم ضمان المقبوض بالعقد الفاسد في المنافع غير المستوفاة.

(3) أي للمقبوض بالعقد الفاسد.

(4) اي للقابض.

(5) اى الثمن المقبوض بالعقد الفاسد لا يتوزع قسم منه على المبيع و قسم منه على المنفعة: بأن يقال: إن قسما منه بإزاء المثمن، و قسما منه بإزاء المنفعة فالذي بإزاء المنفعة يؤخذ منه و إن لم يستوفها.

(6) دفع وهم

حاصل الوهم: أن عدم ضمان المنافع غير المستوفاة لو كان لاجل القاعدة المذكورة: ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده فلما ذا يحكم بضمان المنافع المستوفاة، مع أن صحيح البيع لا يوجب ضمانا للمشتري في المنافع ؟

(7) جواب عن الوهم المذكور حاصله: أن الضمان هنا لاجل أن القابض قد اتلف المنافع باستيفائها ففوتها على مالكها فالضمان لا ينافي -

ص: 194

مضافا (1) الى الأخبار الواردة في ضمان المنافع المستوفاة من الجارية المسروقة (2) المبيعة الساكتة عن ضمان غيرها في مقام البيان (3)

و كذا صحيحة محمد بن قيس الواردة فيمن باع وليدة أبيه بغير اذنه

فقال عليه السلام: الحكم أن يأخذ الوليدة و ابنها (4) و سكت عن المنافع الفائتة، فإن عدم الضمان في هذه الموارد مع كون العين لغير (5) البائع يوجب عدم الضمان هنا (6) بطريق اولى.

و الانصاف أن للتوقف في المسألة (7) كما في المسالك تبعا للدروس و التنقيح مجالا.

+++++++++++

- القاعدة المذكورة: ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده، لأن هذه القاعدة موردها التلف، لا الإتلاف.

(1) اى و لنا دليل آخر على عدم ضمان المنافع غير المستوفاة.

هذه ثالثة الأدلة القائمة على عدم ضمان المنافع غير المستوفاة في المقبوض بالعقد الفاسد، اذ الدليل الاول الاصل السليم، و الثاني ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده.

(2) (وسائل الشيعة). الجزء 14. ص 592. الباب 88. الحديث 3

(3) اي مع أن الامام عليه السلام في مقام البيان، فلو كانت المنافع غير المستوفاة مضمونة كالمستوفاة لبين حكمها كما بين حكم المستوفاة.

و تأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز.

(4) المصدر نفسه. ص 591. الحديث 1

(5) حيث إن الامة في الموردين غير ملك للبائع.

(6) و هو المقبوض بالعقد الفاسد، حيث إن المبيع ملك للبائع إلا أن البيع فاسد.

(7) و هي مسألة ضمان المنافع الغير المستوفاة في المقبوض بالعقد الفاسد

ص: 195

و ربما يظهر من القواعد في باب الغصب عند التعرض لأحكام البيع الفاسد اختصاص الإشكال و التوقف بصورة علم البائع (1) على ما استظهره السيد العميد و المحقق الثاني من عبارة الكتاب (2)

و عن الفخر حمل الإشكال في العبارة على مطلق صورة عدم الاستيفاء (3)

فتحصل من ذلك كله أن الأقوال في ضمان المنافع غير المستوفاة خمسة

(الاول): الضمان (4) و كأنه للاكثر

(الثاني): عدم الضمان كما عن الايضاح (5).

(الثالث): الضمان الا مع علم البائع كما عن بعض من كتب على الشرائع

(الرابع): التوقف في هذه الصورة (6) كما استظهره جامع المقاصد و السيد العميد من عبارة القواعد.

(الخامس): التوقف مطلقا (7) كما عن الدروس و التنقيح و المسالك

+++++++++++

(1) فإن هؤلاء الأعلام توقفوا في عدم ضمان المنافع غير المستوفاة في صورة علم البائع بفساد البيع.

(2) اي كتاب القواعد.

(3) بأن توقف في عدم ضمان المنافع المستوفاة، سواء أ كان البائع عالما بالفساد أم جاهلا.

(4) مطلقا، سواء أ كان البائع عالما بالفساد أم لا.

(5) اى مطلقا، سواء أ كان البائع عالما بالفاسد أم لا

(6) اى في صورة علم البائع بالفساد.

(7) سواء أ كان البائع عالما بالفساد أم جاهلا

ص: 196

و محتمل القواعد كما يظهر من فخر الدين.

و قد عرفت (1) أن التوقف أقرب الى الانصاف، إلا أن المحكي عن التذكرة ما لفظه: إن منافع الأموال: من العبد و الثياب و العقار و غيرها مضمونة بالتفويت و الفوات تحت اليد العادية فلو غصب عبدا أو جارية أو ثوبا أو عقارا، أو حيوانا مملوكا ضمن منافعه، سواء أتلفها بان استعملها أو فاتت تحت يده: بأن بقيت مدة في يده لا يستعملها عند علمائنا اجمع (2)

و لا يبعد أن يراد باليد العادية مقابل اليد الحقة فتشمل (3) يد المشتري فيما نحن فيه، خصوصا مع غلبته (4)، و لا سيما مع جهل البائع به.

و أظهر منه (5) ما في السرائر في آخر باب الاجارة من الاتفاق أيضا على ضمان منافع المغصوب الفائتة، مع قوله في باب البيع: إن البيع الفاسد عند أصحابنا بمنزلة الشيء المغصوب إلا في ارتفاع الاثم عن امساكه انتهى.

و على هذا (6) فالقول بالضمان لا يخلو عن قوة و إن كان المترائى

+++++++++++

(1) اي في قول الشيخ آنفا في ص 195: إن للتوقف في المسألة كما في المسالك تبعا للدروس مجالا.

(2) راجع (تذكرة الفقهاء) كتاب الغصب البحث الثالث ص 380

(3) اى هذه اليد العادية تشمل يد المشتري الذي ابتاع شيئا بالعقد الفاسد.

(4) اي مع غلبة المقبوض بالعقد الفاسد على بقية الضمانات.

(5) اى و أظهر من قول العلامة في التذكرة: من ضمان المنافع غير المستوفاة قول ابن ادريس في السرائر.

وجه الأظهرية أن ابن ادريس صرح بضمان المنافع الفائتة في المغصوبات

(6) من هنا يريد الشيخ العدول عما افاده: من التوقف في عدم -

ص: 197

من ظاهر صحيحة ابي ولاد اختصاص الضمان في المغصوب بالمنافع المستوفاة من البغل المتجاوز به الى غير محل الرخصة، إلا أنا لم تجد بذلك (1) عاملا في المغصوب الذي هو موردها.

الرابع: إذا تلف المبيع فإن كان مثليا وجب مثله

(الرابع) (2): اذا تلف المبيع فإن كان مثليا وجب مثله بلا خلاف إلا ما يحكى عن ظاهر الاسكافي (3).

و قد اختلفت كلمات أصحابنا في تعريف المثلي فالشيخ و ابن زهرة و ابن ادريس و المحقق و تلميذه (4) و العلامة و غيرهم قدس اللّه أرواحهم بل المشهور على ما حكي: أنه ما تساوت أجزاؤه من حيث القيمة (5)

+++++++++++

ضمان المنافع غير المستوفاة، اى و على قول العلامة في التذكرة، و ابن ادريس في السراء: من ضمان المنافع الفائتة التي لم يستوفها القابض.

(1) اى لم نر احدا عمل بمورد الرواية التي وردت في الغصب في المنافع المستوفاة بل الفقهاء عمموها حتى في المنافع غير المستوفاة.

(2) اي من الامور المتفرعة على المقبوض بالعقد الفاسد.

(3) حيث لم يذهب بوجوب المثل في المثلي اذا كان التالف مثليا بل قال: إن تلف المضمون ضمن قيمته، أو مثله إن رضي صاحبه فهو حكم بضمان القيمة ابتداء.

(4) و هو صاحب كاشف الرموز يأتي شرح الكتاب و حياة مؤلفه في (أعلام المكاسب).

(5) لما انجر بنا البحث الى المثلي و القيمي لا بأس بصرف عنان القلم الى تعريفهما بتعريف يجعل كبرى كلية تنطبق على صغرياتها، ليكون القارئ النبيل بصيرا بالمقصود منهما، و محيطا بتطبيق تلك الكبرى الكلية على صغرياتها. -

ص: 198

..........

+++++++++++

- اعلم أننا ذكرنا هذا الموضوع في (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 7. من ص 36 - الى 40 فراجع.

و لنذكر ما ذكرناه هناك مع زيادة في التوضيح.

فالبحث عنهما يقتضي البحث عن جهات ثلاث:

(الاولى): أن الواجب أولا و بالذات هو رد العين الى صاحبها اذا كانت موجودة فلا تصل النوبة الى المثل، أو القيمة ابدا مع وجودها

بل وصول النوبة إليهما الذي هي المرتبة النازلة بعد عدم إمكان رد العين بتلفها.

(الثانية): وجوب أداء بدل العين بعد تلفها مع قطع النظر عن أن البدل هو المثل، أو القيمة.

(الثالثة): أنه بعد أن ثبت وجوب البدل عند التلف فهل مقتضى الاصل هو المثل، أو القيمة ؟

أما البحث عن الجهة الاولى فلا شبهة في ضمان (من اتلف مال الغير)

كما أنه لا شبهة في ضمانه عند تلفه تحت يده اذا لم تكن اليد يد امانة و لم يكن التلف بتفريط.

و لا ريب في أن الواجب أولا كما عرفت اداء العين نفسها، لاشتغال الذمة بها ابتداء فما دام المكلف متمكنا من تأدية نفسها، فلا تصل النوبة الى المرتبة النازلة: و هي تأدية بدلها.

و لما كان العوض و البدل من باب الوفاء، لا أنه اداء لنفس العين فالعين بنفسها باقية في العهدة و الذمة الى اداء بدلها و عوضها.

فعلى هذا الضوء اذا كان للعين التالفة في الخارج ما يماثلها من حيث -

ص: 199

..........

+++++++++++

- الأوصاف الموجبة لاختلاف القيمة زيادة و نقيصة وجب عليه دفعها الى مالكها، لأنه أقرب عند العرف و العقلاء الى رد العين.

فاذا لم يتمكن المكلف من رد نفسها وجب رد مماثلها.

و أما اذا لم يكن لها في الخارج مماثل فالواجب على المكلف دفع قيمة العين، لأنها اقرب الى العين بنظر العرف.

و هذا معنى قول (الفقهاء) رضوان اللّه تبارك و تعالى عليهم:

إن البدل في الواجب هو المثل في المثليات، و القيمة في القيميات.

و ستأتي زيادة توضيح عن الجهة الاولي عند ما يتعرض الشيخ لمدركها و أما البحث عن الجهة الثانية فتشملها الاطلاقات الواردة.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 13 الباب 1 ص 337 الأحاديث الواردة في المقام، و قد اشرنا الى بعضها في ص 149.

(و منها): صحيحة ابي ولاد المشار إليها في الهامش 1 ص 190

(و منها): رواية الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تكاري دابة الى مكان معلوم فنفقت الدابة.

قال: إن كان جاز الشرط فهو ضامن، و إن دخل واديا لم يوثقها فهو ضامن، و إن سقطت في بئر فهو ضامن، لأنه لم يوثقها.

(المصدر نفسه). ص 257. الباب 17. الحديث 3.

و أما البحث عن الجهة الثالثة فيتعرض عنها الشيخ قدس سره مفصلا و نحن نشير إليها عند ما يتعرض عنها.

فالمهم هو البحث عن تعريف المثلي و القيمي

فنقول مستعينا بواهب العطيات جل شأنه و عز اسمه:

إن المثل ليس له حقيقة شرعية، أو متشرعة.

ص: 200

..........

+++++++++++

- بل هو بمعناه اللغوي و العرفي: و هو (المماثل).

و من هنا قالوا: (إن المثل عبارة عن الأعيان الخارجية التي يكون مدار ماليتها الجهات المشتركة بينها).

خذ لذلك مثالا

الحنطة تكون ماليتها باعتبار الجامع و الجهات الكلية المشتركة بين جميع أفرادها، التى هي الكميات، و لا تلاحظ المشخصات الفردية في مرحلة التقويم، لأن المناط في معرفة الأفراد و الجزئيات و الخصوصيات إنما هو بانطباق تلك الجهات الكلية عليها: من الحنطية و الحمرة و الصفرة و الخشونة و النعومة، و الجودة و الرداءة التي هي المناط في ماليتها.

و بكلمة أخصر: أن المثلي هو الفرد الذي يكون المدار في ماليته جهاته الكلية المنطبقة عليه كالحنطة مثلا، فإن مالية جميع أفرادها إنما هي بلحاظ الجهات الكلية: الجنسية، و النوعية، و الصنفية.

و القيمي بعكس ذلك، فإن الملاك في ماليته الجهات الشخصية الخارجية.

خذ لذلك مثالا.

إن الفرس يعد من القيمي؛ لأن مناط ماليته هي الجهات الشخصية فيه، و الأوصاف الخارجية.

و الحاصل: أن المثلي ما يكون له مماثل في الأوصاف و الجهات التي تتفاوت بها زيادة و نقيصة، و كل ما كان كذلك فهو مثلي.

و القيمي ما لا يكون له مماثل في الأوصاف و الجهات التي بها المالية زيادة و نقيصة. -

ص: 201

..........

+++++++++++

بل الملاك في ماليته هي الأوصاف الشخصية الخارجية فيه القائمة بشخصه. و كل ما كان كذلك فهو قيمي.

و هذا يختلف بحسب الأزمان و الأصقاع.

فالثوب و إن كان معدودا من القيمي إلا أنه في العصر الحاضر بواسطة (معامل الحياكة، و المكائن الاوتوماتيكية) المحيرة للعقول يعد مثليا

و كذا جميع الأقمشة الصوفية و الحريرية و القطنية و النايلونية بجميع أنواعها.

و من هنا يظهر أن ما افاده الأعلام من الأفذاذ في تعريف المثلي:

(إن المثلي ما تساوت أجزاؤه من حيث القيمة): ناظر الى الغالب كما نقل هذا التعريف (شيخنا الانصاري) قدس سره في المتن.

و المقصود من تساوي الأجزاء ما ذكرناه لك.

(إن قيل): إن اريد من التساوي التساوي بالكلية و في تمام المثليات بشتى أشكالها و ألوانها فالامر ليس كذلك، فإن الحنطة و الشعير، و نحوهما تكون أفرادهما مختلفة بحسب القيمة؛ فإن قفيزا من حنطة كذا يساوي عشرين دينارا، و من حنطة كذا يساوي خمسة عشر دينارا، و من حنطة كذا يساوي عشرة دنانير.

و هكذا في الشعير

و إن اريد من التساوي في الجملة فهو موجود في بعض القيميات أيضا كالارض، و بعض أصناف الثوب و ما شاكلها.

(قلنا): أما أولا فلأن مثل هذه التعريفات كلها من قبيل شرح الاسم، و تبديل لفظ بلفظ اوضح منه كقولك في تعريف (السعدانة):

إنها نبت. -

ص: 202

..........

+++++++++++

- من فاذا لا مجال للإشكال فيه بالطرد تارة كما في الحنطة و الشعير، و بالعكس اخرى كما في الارض، و بعض أصناف الثوب.

و أما ثانيا فلأن (الأصحاب) رضوان اللّه تبارك و تعالى عليهم و إن اطلقوا المثلي على جنس الحنطة و الشعير.

لكن الظاهر أن هذا الاطلاق باعتبار مثلية أنواعهما و أصنافهما.

و من الواضح أن أفراد كل نوع، أو صنف منهما متساوية بحسب القيمة. مثلا أفراد الحنطة الحمراء متساوية في القيمة، و كذا أفراد الحنطة الصفراء.

(لا يقال): إن كان المراد من الأجزاء أجزاء الكل و المركب فلا يصدق التعريف على الحنطة و الشعير، و نحوهما، لأننا فرضنا أن ليس لهما أجزاء، بل لهما أفراد.

و إن كان المراد من الأجزاء أفراد الكلي و الطبيعي فلا يصدق على الدرهم و الدينار الواحد، لأن لهما أجزاء، لا أفرادا

بالإضافة الى أنه يصدق على بعض أقسام القيمي أيضا كالثوب، و نحوه

(فإنه يقال): إنك قد عرفت أن هذا التعريف ناظر الى الغالب و ليس تعريفا حقيقيا حتى يشكل تارة في طرده بالحنطة و الشعير، و اخرى في عكسه بالدرهم و الدينار.

هذا بالإضافة الى أنه يمكن أن يكون المراد من الأجزاء الأعم منها و من الأفراد.

ثم لا يخفى عليك: أن هذين اللفظين: (المثلي و القيمي) لم يردا في شيء من الروايات، بل وردا في معقد اجماعات الأصحاب رضوان اللّه تبارك و تعالى عليهم.

ص: 203

و المراد بأجزائه ما يصدق عليه اسم الحقيقة (1)

و المراد بتساويها (2) من حيث القيمة تساويها بالنسبة بمعنى كون قيمة كل بعض بالنسبة الى قيمة البعض.

+++++++++++

- فاذا يدور الأمر مدار تحقق الاجماع.

ففي كل مورد تم الاجماع على أن التالف مثلي فهو مضمون به.

و أما في موارد الاختلاف فلا يثبت الضمان بالمثل؛ لعدم تحقق الاجماع فيهما.

إذا فلا اثر، و لا وقع في إطالة الكلام فيهما.

هذه خلاصة ما اردنا ايراده حول المثلي و القيمي حسب فهمنا القاصر فلله الحمد على ما انعم، و له الشكر على ما الهم.

(1) قد عرفت المقصود من صدق اسم الحقيقة على المثلي عند قولنا في ص 201: و بكلمة اخصر.

(2) قد عرفت معنى تساوى الأجزاء عند قولنا في ص 201: و بكلمة أخصر.

و خلاصة كلام الشيخ أن المراد من تساوى الأجزاء هو تساويها من حيث القيمة: اى لو كان الكل قيمته عشرة دنانير فرضا لكان كل جزء من أجزائه متساو مع الجزء الآخر في القيمة بالنسبة الى قيمة الكل.

فلو كانت قيمة مائة طن من الحنطة الف دينار مثلا لكانت قيمة ربع طن منها الذي هي خمسة و عشرون طنا ربع قيمة مجموع مائة طن و هو مائتان و خمسون دينارا.

و كذا ربعه الآخر، و هكذا.

و كذا نصف مائة طن يساوي نصف قيمتها و هي خمسمائة دينار -

ص: 204

الآخر كنسبة نفس البعضين (1) من حيث المقدار، و لذا (2) قيل في توضيحه:

إن المقدار منه اذا كان يساوي قيمة فنصفه (3) يساوي نصف تلك القيمة

و من هنا (4) رجح الشهيد الثاني كون المصوغ من النقدين قيميا

قال: (5) اذ لو انفصل نقصت قيمته.

+++++++++++

- ثم إن المراد من الأجزاء هي الكميات، اذ ليس لكل جزء من أجزاء الكل مالية معينة يجعل بعض الثمن بإزائه كما في حبات الحنطة و الشعير و الحبوب الاخرى: من الحمص و الباقلاء و غيرهما.

و التعبير عن الكميات بالأجزاء للاشارة الى أن الجزء أيضا كمية بملاحظة اجتماعها مع جملة من الكميات و الحبات الاخرى الملازم لجزئيتها مع الكميات المجتمعة في مرحلة عروض المالية عليها، و على جامعها اعني الحنطة.

(1) اى كما أن نسبة البعضين الى الكل متساوية كذلك نسبة قيمة كل بعض الى بعض آخر متساوية كما عرفت.

(2) اي و لأجل أن المراد من تساوي الأجزاء هو تساويها من حيث القيمة قيل في توضيح هذا المعنى: إن المقدار من المثلي كطنّ مثلا يساوي قيمة معينة كعشرة دنانير مثلا فنصف ذاك المقدار يساوي نصف تلك القيمة و النصف هي خمسة دنانير.

(3) اى نصف المقدار كما عرفت.

(4) اى و من أن المقدار من المثلي اذا كان يساوي قيمة فنصفه يساوي نصف تلك القيمة.

(5) تعليل لكون المصوغ من الذهب و الفضة قيميا أى الشهيد الثاني قال:

الدليل على أن المصوغ من النقدين قيمي نقصان قيمته لو انفصل و صار نصفين، فإنه في هذه الحالة لا يشترى بقيمته الواقعية قبل الفصل و القطع.

فلو كان مثليا لما نقصت قيمته بعد القطع، لأنك عرفت آنفا في توضيح المثلي: أن المقدار منه إذا كان يساوي قيمة فنصفه يساوي نصف تلك القيمة. -

ص: 205

قلت (1): و هذا يوجب أن لا يكون الدرهم الواحد مثليا، اذ لو انكسر نصفين نقصت قيمة نصفه عن نصف قيمة المجموع.

الا (2) أن يقال: إن الدرهم مثلي بالنسبة الى نوعه، و هو (3) الصحيح و لذا (4) لا يعد الجريش مثلا للحنطة و لا (5) الدقاقة مثلا للارز.

+++++++++++

- ثم إن في النسخ الموجودة عندنا حتى في نسخة العلامة الشهيدى قدس سره التي تدعى أنها صحيحة جدا و مصونة عن الأغلاط، لإشراف بعض الأفاضل على تصحيحها هكذا: قال: اذ لو انفصلت نقصت قيمتها بتأنيث فعل الماضي و الضمير.

و الصحيح ما اثبتناه، لكون الفاعل في انفصل المصوغ، كما أنه المرجع للضمير

(1) هذا كلام شيخنا الانصاري اى ما افاده الشهيد الثاني من أن المصوغ من النقدين قيمي، اذ لو انفصل نقصت قيمته.

(2) استثناء عما افاده الشيخ: من أن لازم قول الشهيد الثاني: عدم كون المصوغ من النقدين من القيميات، لنقصان قيمته بالكسر

و خلاصته: أن للدرهم نسبتين:

نسبة الى نوعه و هي الدراهم الموجودة المصوغة

و نسبة الى جنسه و هي الفضة و الذهب

فإضافته الى نوعه توجب أن يكون مثليا

و إضافته الى جنسه توجب أن يكون من القيميات، لنقصان قيمته بعد الكسر.

(3) اى كون الدرهم مثليا بالنسبة الى اضافته الى نوعه

(4) اي و لاجل أن الدرهم مثلي اذا اضيف الى نوعه، لا الى جنسه حتى يعد قيميا لا يعد الجريش الذي هو طحين الحنطة غير ناعم مثلا للحنطة، لأنه ليس من نوعها، لأنها بعد الجرش خرجت عن نوعها فلا يعد من المثليات

(5) بضم الدال هو تراب كل شيء، و المراد منه هنا القطع المتكسرة -

ص: 206

و من هنا (1) يظهر أن كل نوع (2) من أنواع الجنس (3) الواحد بل كل صنف (4) من أصناف نوع واحد مثلي بالنسبة الى أفراد ذلك النوع أو الصنف.

فلا يرد ما قيل (5): من أنه إن اريد التساوي بالكلية فالظاهر عدم صدقه على شيء من المعرّف، اذ ما من مثلي الا و أجزاؤه مختلفة في القيمة كالحنطة، فإن قفيزا من حنطة يساوي عشرة، و من اخرى يساوي عشرين.

+++++++++++

- من الأرز أي هذه الدقاقة لا تعد مثلا للارز، لأنه ليس من نوعه حتى يعد في المثليات فإنه بعد التصفية خرج عن كونه من نوع الارز.

(1) اى و من أن الدرهم اذا اضيف الى نوعه يعد مثليا.

(2) هو الكلي الذي يطلق على الأفراد المتفقة الحقيقة كالانسان الّذي يقع جوابا عن السؤال عن زيد و عمرو في قولك: زيد و عمرو ما هما؟

فيقال: إنسان

و هذا الكلي احد الكليات الخمس المذكورة في علم المنطق.

(3) هو الكلي الذي يطلق على الأفراد المختلفة الحقائق كالحيوان الذي يقع جوابا في السؤال عن الانسان و البقر في قولك: الانسان و البقر ما هما؟

فيقال: حيوان

و هو احد الكليات الخمس حسب تقسيم اهل الميزان.

و الجنس على قسمين:

قريب كالحيوان، و بعيد كالنامي، حيث يقع جوابا في السؤال عن الانسان و البقر و الشجر.

(4) هي الأفراد من النوع كالعربي و الفارسي و التركي و الزنجي و الرومي و الهندي، و غيرهم من أصناف البشر.

(5) قد اشرنا الى هذا القيل في ص 202 بقولنا: لا يقال: إن اريد التساوي

ص: 207

و إن اريد التساوي في الجملة (1) فهو في القيمي موجود، كالثوب و الارض. انتهى.

و قد لوح هذا المورد (2) في آخر كلامه الى دفع ايراده بما ذكرنا:

من أن كون الحنطة مثلية معناه أن كل صنف منها متماثل للأجزاء (3) و متساويا في القيمة، لا بمعنى أن جميع أبعاض (4) هذا النوع متساوية في القيمة.

فاذا (5) كان المضمون بعضا من صنف فالواجب دفع مساويه من هذا الصنف (6)، لا القيمة، و لا بعض (7) من صنف آخر.

+++++++++++

(1) قد اشرنا الى هذا في ص 202 بقولنا: و إن اريد من التساوي

و قد اشرنا الى الجواب في ص 202 بقولنا: أما أولا

(2) و هو المحقق الاردبيلى قدس سره الذي افاد بقوله في ص 207:

إن اريد التساوي بالكلية.

(3) المراد منها الكميات.

(4) المراد منها أفراد الحبات.

و المراد من النوع هو جنس الحنطة، أو الشعير بما تحتها من الأصناف

(5) الفاء تفريع على ما افاده: من أن المراد بمثلية الحنطة كون كل صنف منها متماثل الأجزاء و متساويا في القيمة.

و ليس المراد من التماثل و التساوي التماثل في الأجزاء التي هي الحبوب و تساوي الأجزاء في القيمة.

(6) و هو ما كان المضمون بعضا من صنف.

(7) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله: دفع مساويه أى و ليس الواجب على المتلف دفع بعض من الحنطة و إن لم يكن المدفوع من صنف المضمون.

ص: 208

لكن الانصاف أن هذا (1) خلاف ظاهر كلماتهم؛ فإنهم يطلقون المثلي على جنس الحنطة و الشعير (2)، و نحوهما (3)، مع عدم صدق التعريف (4) عليه، و إطلاق المثلي على الجنس (5) باعتبار مثلية أنواعه أو أصنافه (6) و إن لم يكن بعيدا، إلا أن انطباق التعريف (7) على الجنس بهذا الاعتبار (8) بعيد (9) جدا إلا (10) أن يهملوا خصوصيات الأصناف الموجبة لزيادة القيمة و نقصانها

+++++++++++

(1) و هو كون الحنطة مثلية معناه أن كل صنف منها متماثل الأجزاء و متساو في القيمة.

(2) لاعلى الصنف من الحنطة، و الشعير.

(3) كالارز، و بقية الحبوب.

(4) و هو أن المثلي ما تساوت أجزاؤه، فإن هذا التعريف لا يكون شاملا لجميع أفراده، مع أن شمول التعريف لجميع الأفراد هو المراد.

(5) و هو جنس الحنطة، أو جنس الشعير، أو جنس الحبوب.

(6) و هي الحنطة الشمالية، أو الجنوبية.

و الأولى في العبارة أن يقال هكذا:

و اطلاق المثلي على أنواعه باعتبار مثلية أصنافه.

(7) و هو أن المثلي ما تساوت أجزاؤه.

(8) و هو اعتبار مثلية أنواعه، أو أصنافه.

(9) وجه البعد هو أنه بناء على الاعتبار المذكور يلزم المسامحة في التعريف، لاحتياجه الى إضمار في نظم الكلام، لأن التقدير يكون هكذا:

المثلي ما تساوت أجزاء أنواعه، أو أصنافه

و من المعلوم أن البناء في التعريف على عدم المسامحة فيه مهما امكن.

(10) الاستثناء هذا لرفع البعد المذكور، و توجيه انطباق التعريف -

ص: 209

كما التزمه (1) بعضهم.

غاية الامر وجوب رعاية الخصوصيات (2) عند اداء المثل عوضا عن التالف، أو القرض و هذا أبعد (3). هذا (4).

مضافا (5) الى أنه يشكل اطراد (6) التعريف بناء على هذا: بأنه

+++++++++++

- المذكور على الجنس باعتبار مثلية أنواعه، أو أصنافه.

(1) و هو إهمال الخصوصيات في الأصناف.

(2) أي خصوصيات الأصناف.

(3) وجه الأبعدية: أن الخصوصية الصنفية لو كانت ملحوظة حالة العقد فلا بد من مراعاتها حين الأداء، فلا وجه لإهمالها.

(4) اى خذ ما تلوناه عليك حول تعريف المثلي و ما اورده المحقق الاردبيلي و ما لوّحه في هذا المقام.

(5) اي بالإضافة الى ما اوردناه على التعريف المذكور هنا إشكال آخر: و هو عدم اطراد التعريف و شموله لجميع أفراده.

(6) لا يخفى عليك أن كلمة اطراد كلما تستعمل يراد منها شمولها لجميع الأفراد، كما أن كلمة منعكسا كلما تستعمل يراد منها مانعيتها للأغيار.

فاذا قيل: يكون التعريف مطردا يراد أنه جامع للأفراد

و اذا قيل: يكون منعكسا يراد أنه مانع للأغيار.

كما اذا قيل: لا يكون مطردا اي لا يكون جامعا للأفراد

و اذا قيل: لا يكون منعكسا اى لا يكون مانعا للأغيار.

و هنا قد استعمل شيخنا الانصاري كلمة الاطراد في كونها لا تكون جامعة للأفراد، و لا مانعة للأغيار، خلافا لاستعمالها المصطلح.

و الدليل على ذلك اتيان الشيخ لعدم جامعيتها للأفراد بقوله: بأنه -

ص: 210

إن اريد تساوي الأجزاء من صنف واحد (1) من حيث القيمة تسويا حقيقيا، فإنه قلّ (2) ما يتفق ذلك في الصنف الواحد من النوع، لأن أشخاص ذلك الصنف لا تكاد تتساوى في القيمة، لتفاوتها (3) بالخصوصيات الموجبة لزيادة الرغبة و نقصانها كما لا يخفى.

+++++++++++

- إن اريد تساوي الأجزاء من صنف واحد من حيث القيمة تساويا حقيقيا قل ما يتفق ذلك، و اتيانها لعدم مانعيتها للأغيار بقوله:

و إن اريد تقارب أجزاء ذلك الصنف من حيث القيمة و إن لم تتسار حقيقة تحقق ذلك في أكثر القيميات.

و لست ادري ما الذي دعا الشيخ الى خلاف استعمال المصطلح، مع أنه لم يكن غافلا عن استعمال المصطلح، لأنه قدس اللّه نفسه في شتى مجالات كتابيه: (الرسائل - و المكاسب) استعمل الكلمتين حسب المصطلح.

(1) كالحنطة الشمالية، أو الجنوبية، أو الجيدة، أو الرديئة.

(2) لا نفهم معنى قوله قدس سره: قلّ ما يتفق ذلك، لأنه بعد فرض أن للنوع أصنافا كما مثلنا لك آنفا في الحنطة فما المانع من تساوي الأجزاء حقيقة من حيث القيمة ؟

خذ لذلك مثالا

الطن من الحنطة الشمالية التي هو صنف لنوع الحنطة يساوي عشرة دنانير فكل مائة كيلو منها يساوي دينارا واحدا بعد أن اريد من تساوي الأجزاء تساوي أجزاء الصنف من حيث القيمة، لا تساوي الأجزاء من حيث الصفات، لأن التساوي هكذا إما معدوم بالكلية، أو قل ما يتفق ذلك

(3) اى لتفاوت تلك الأشخاص بسبب الخصوصيات

الظاهر أن تفاوت الأشخاص هو الذي دعا الشيخ أن يقول: قلّ ما يتفق ذلك. -

ص: 211

و إن اريد تقارب أجزاء ذلك الصنف من حيث القيمة و إن لم تتساو حقيقة تحقق ذلك في أكثر القيميات (1) فإن لنوع الجارية أصنافا متقاربة في الصفات الموجبة لتساوي القيمة، و بهذا الاعتبار (2) يصح السلم فيها و لذا (3) اختار العلامة في باب القرض من التذكرة على ما حكي عنه أن ما يصح فيه السلم من القيميات مضمون في القرض بمثله (4)

و قد عد الشيخ في المبسوط الرطب و الفواكه من القيميات (5)

مع أن كل نوع منهما (6) مشتمل على أصناف متقاربة في القيمة بل متساوية عرفا.

ثم لو فرض أن الصنف المتساوي من حيث القيمة في الأنواع القيمية عزيز الوجود، بخلاف الأنواع المثلية لم يوجب ذلك (7) اصلاح طرد التعريف.

+++++++++++

- اذا لا يكون التعريف جامعا للأفراد.

(1) اذا لا يكون التعريف مانعا للأغيار:

(2) و هو تقارب الصفات الموجبة لتساوي القيمة.

(3) اى و لاجل وجود صفات متقاربة في القيميات.

(4) لأن مثله موجود فيضمن بالمثل، و لا يجوز تبديله بالقيمة و إن كان قيميا، لعدم براءة ذمته.

(5) حيث إن الرطب و الفواكه متقاربة الأصناف.

(6) اي من الفواكه

(7) خلاصة هذا أن عزة وجود الصنف المتساوي الأجزاء من حيث القيمة في الأنواع القيمية لا تكون موجبة لخرق تعريف المثلي: بأنه ما تساوت أجزاؤه بعدم كونه مانعا للأغيار، بل يشمل القيميات المتساوية للأجزاء.

ص: 212

نعم يوجب ذلك (1) الفرق بين النوعين في حكمة الحكم بضمان المثلي بالمثلي، و القيمي بالقيمة.

ثم إنه قد عرف المثلي بتعاريف أخر أعم من التعريف المتقدم (2) أو اخص فعن التحرير (3): أنه ما تماثلت أجزاؤه، و تقاربت صفاته.

و عن الدروس و الروضة البهية: أنه المتساوي الأجزاء و المنفعة المتقارب الصفات (4)

+++++++++++

(1) و هي عزة وجود الصنف المتساوي الأجزاء من حيث القيمة و قلة انفرق في المثلي و القيمي في حكمة الحكم بضمان المثل في المثلي، و بضمان القيمة في القيمي.

(2) في قوله في ص 198: ما تساوت أجزاؤه من حيث القيمة

(3) من هنا شروع في تعريف المثلي بتعاريف آخر.

و التعريف هذا يكون أعم من تعريف المثلي: بأنه ما تساوت أجزاؤه لأن تماثل أجزائه، و تقارب أوصاف الأجزاء قد يوجدان فيما لا تتساوى قيمة أجزائه كما في النحاس الموجود في بلاد الهند، و الموجود في بلاد ايران فإنهما مع اتفاقهما في المقدار و الصفة تراهما يختلفان في القيمة.

(4) الظاهر أن هذا التعريف أخص من تعريف العلامة، حيث إنه بعد اعتبار المساواة في القيمة كما كان هناك اعتبر المساواة في المنفعة أيضا، و تقاربه في الصفات.

خذ لذلك مثالا

لو كانت هناك كمية من الحنطة صنع منها خبز، و كانت هناك كمية اخرى من حنطة اخرى صنع منها خبز أقل من الخبز الأول: بأن كان نتاجها أقل من الحنطة الاولى، إلا أن طعم الخبز من الحنطة الثانية ألذ من الخبز -

ص: 213

و عن المسالك و الكفاية أنه (1) أقرب التعريفات الى السلامة.

و عن غاية المراد: ما تساوت أجزاؤه في الحقيقة النوعية (2)

و عن بعض العامة: أنه ما قدر بالكيل، أو الوزن.

و عن آخر منهم: زيادة جواز بيعه سلما.

و عن ثالث منهم: زيادة جواز بيع بعضه ببعض

الى غير ذلك مما حكاه في التذكرة عن العامة.

ثم لا يخفى أنه ليس للفظ المثلي حقيقة شرعية، و لا متشرعة.

و ليس المراد معناه اللغوي، اذ المراد بالمثل لغة المماثل، فإن اريد من جميع الجهات فغير منعكس (3)، و إن اريد من بعضها فغير مطرد (4)

+++++++++++

- الاول المخبوز من الحنطة الاولى فتساويا في القيمة.

فتعريف العلامة يصدق هنا.

بخلاف تعريف صاحب الدروس و الروضة البهية، لأنهما اعتبرا التساوي في المنفعة، و هناك لا يوجد التساوي في المنفعة.

(1) اى تعريف صاحب الدروس المثلي بقوله: إنه المتساوي الأجزاء و المنفعة، المتقارب الصفات.

(2) لا في الحقيقة الصنفية.

(3) اى غير شامل للأفراد.

قد استعمل الشيخ كلمة منعكس في غير مصطلحها: و هو جامع للأفراد مع أنها مصطلحة لكونها مانعة للأغيار.

(4) اى غير مانع للأغيار.

و قد استعمل الشيخ كلمة مطرد في غير مصطلحها: و هو مانع للأغيار مع أن مصطلحها أنها جامع للأفراد.

ص: 214

و ليس في النصوص حكم يتعلق بهذا العنوان (1) حتى يبحث عنه.

نعم وقع هذا العنوان في معقد اجماعهم على أن المثلي يضمن بالمثل و غيره بالقيمة.

و من المعلوم أنه لا يجوز الاتكال في تعيين معقد الاجماع على قول بعض المجمعين، مع مخالفة الباقين، و حينئذ (2) فينبغي أن يقال:

كلما كان مثليا باتفاق المجمعين فلا اشكال في ضمانه بالمثل، للاجماع.

و يبقى ما كان مختلفا فيه بينهم كالذهب و الفضة غير المسكوكين، فإن صريح الشيخ في المبسوط كونهما من القيميات.

و ظاهر غيره كونهما مثليين.

و كذا الحديد و النحاس و الرصاص، فإن ظواهر عبائر المبسوط و الغنية و السرائر كونها قيمية.

و عبارة التحرير صريحة في كون اصولها (3) مثلية و إن كان المصوغ منها قيميا.

و قد صرح الشيخ في المبسوط بكون الرطب و العنب قيميين، و التمر و الزبيب مثليين.

و قال في محكي المختلف: إن في الفرق (4) إشكالا

بل صرح بعض من قارب عصرنا بكون الرطب و العنب مثليين.

+++++++++++

(1) و هو المثلي.

(2) اى و حين عدم وجود حكم في النصوص لخصوص المثلي.

(3) اى اصول الحديد و النحاس و الرصاص.

(4) اى بين الرطب و العنب في أنهما قيميان، و بين التمر و الزبيب في أنهما مثليان.

ص: 215

و قد حكي عن موضع من جامع المقاصد أن الثوب مثلي

و المشهور خلافه.

و أيضا فقد مثلوا للمثلي بالحنطة و الشعير، و لم يعلم أن المراد نوعهما أو كل صنف، و ما المعيار في الصنف، و كذا (1) التمر.

و الحاصل أن موارد عدم تحقق الاجماع على المثلية فيها كثيرة فلا بد من ملاحظة أن الاصل الذي يرجع إليه عند الشك (2) هو الضمان بالمثل أو بالقيمة، أو تخيير المالك، أو الضامن بين المثل و القيمة.

و لا (3) يبعد أن يقال: إن الاصل هو تخيير

+++++++++++

(1) اى و كذا اختلف الفقهاء في التمر في أنه مثلي، أو قيمي.

(2) اى في هذه الموارد التي لم يتحقق فيها اجماع على أن الشيء مثلي

(3) من هنا يريد الشيخ قدس سره أن يبين أن الاصل المعول عليه عند الشك في مثلية الشيء أو قيميته.

و لا يخفى عليك أنه ليس المراد من الاصل الاصول اللفظية، حيث إنه لا عموم و لا اطلاق حتى يرجع إليه عند الشك في مثلية شيء، فإن أدلة الضمان الدالة عليه التي منها قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: على اليد ما اخذت حتى تؤدي، و الآية الكريمة: فَمَنِ اِعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اِعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ ليس فيها دلالة سوى الضمان فقط، و أن الضمان يرتفع بالأداء

و أما الضمان بالمثل، أو القيمة فخارج عن مفهوم الأدلة.

فالمراد من الاصل هنا هي الاصول العملية.

و الاصل العملي هنا له أربعة احتمالات:

(الاول): الضمان بالمثل لا غير.

(الثاني): الضمان بالقيمة لا غير. -

ص: 216

الضامن (1)، لأصالة براءة ذمته عما زاد على ما يختاره فإن فرض اجماع على خلافه (2) فالأصل تخيير المالك، لأصالة عدم براءة ذمته بدفع ما لا يرضى به المالك

مضافا (3) الى عموم على اليد ما اخذت حتى تؤدي

+++++++++++

- (الثالث): تخيير المالك بالمثل، أو القيمة.

(الرابع): تخيير الضامن بالمثل، أو القيمة.

أما الوجه في الاول فلأنه من قبيل الأقل و الأكثر في أنه يجب الاتيان بالأكثر حتى تبرأ ذمته.

و كذلك الوجه في الثاني هو الوجه في الاول مع القول بجريان البراءة في المثل.

و أما الوجه في القول الثالث هي قاعدة اشتغال ذمة الضامن المعبر عن هذه القاعدة بالاستصحاب.

و سيأتي شرحه قريبا في ص 218.

و قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: على اليد ما اخذت حتى تؤدي حيث إن مقتضاه عدم ارتفاع الضمان إلا برد العين عند وجودها، و عند التلف فالأقرب إليها هو المثل.

و أما الوجه في الرابع فعدم وجوب الموافقة القطعية في المتباينين، بناء على عدم تأثير العلم الاجمالي إلا في حرمة المخالفة القطعية.

(1) و هو التالف.

(2) اى على خلاف ضمان الضامن.

(3) اى و لنا بالإضافة الى الاصل العملي الدال على ضمان الضامن دليل آخر و هو قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: على اليد ما اخذت حتى تؤدي. -

ص: 217

فإن مقتضاه عدم ارتفاع الضمان بغير اداء العين خرج ما اذا رضي المالك بشيء آخر (1).

و الأقوى (2) تخيير المالك من أول الامر، لأصالة الاشتغال (3) و التمسك (4) بأصالة البراءة لا يخلو من منع.

+++++++++++

- و قد عرفت شرح هذا في ص 217 عند قولنا: الرابع تخيير الضامن.

(1) و هو المثل، أو القيمة، فإن رضى المالك بذلك يخرج اشتغال ذمة الضامن عن مصداق الحديث حتى يؤدي.

(2) هذا رأي الشيخ في المورد الّذي يشك في مثلية الشيء بعد عدم قيام الاجماع على مثليته.

(3) اى اشتغال ذمة التالف بالمثل، أو القيمة.

و المراد من الاصل هنا الاستصحاب اى استصحاب اشتغال ذمة التالف بالمثل، أو القيمة قبل التلف، و عند التلف و تخيير المالك الاخذ بالمثل أو القيمة نشك في زوال ذمة التألف عن المثل فنستصحب الاشتغال بالمثل لو اختار المالك المثل، أو القيمة لو اختار القيمة.

و قد اشرنا الى هذا الاستصحاب في ص 217 بقولنا: و سيأتي شرحه قريبا.

(4) دفع وهم

حاصل الوهم أن الضامن عند اختيار المالك المثل يجري براءة ذمته عنه فيعطي للمالك القيمة، أو المثل لو اختار المالك القيمة.

فاجاب الشيخ عن الوهم المذكور ما حاصله:

إن استصحاب اشتغال ذمة الضامن حاكمة على أصالة البراءة فلا مجال لها هنا.

ص: 218

نعم يمكن أن يقال بعد عدم الدليل لترجيح احد الأقوال (1)، و الاجماع على عدم تخيير المالك: التخيير (2) في الأداء من جهة دوران الامر بين المحذورين: اعني تعين المثل بحيث لا يكون للمالك مطالبة القيمة، و لا للضامن الامتناع، و بين تعيين القيمة كذلك (3) فلا متيقن (4) في البين.

و لا يمكن (5)

+++++++++++

(1) و هي الاحتمالات الاربعة التي ذكرناها في الهامش 3. ص 216

(2) بالرفع نائب فاعل لقوله: نعم يمكن أن يقال.

و نعم استدراك عما افاده: من قوله: و الأقوى تخيير المالك من اوّل الامر و خلاصته أنه يمكن القول بتخيير الضامن في أداء بدل التالف عند الأداء: من المثل، أو القيمة، لأنه إن لم نقل بتخيير الضامن يدور الامر بين محذورين و هما:

تعيين المثل فقط على الضامن: بحيث لا يكون للمالك حق المطالبة بالقيمة ابدا، و لا للضامن حق الامتناع عن دفع المثل.

أو تعيين القيمة فقط على الضامن: بحيث لا يكون للمالك حق المطالبة بالمثل ابدا، و لا للضامن حق الامتناع عن المثل ابدا.

و ليس في المقام دليل يعين المصير إليه فنضطر الى القول بتخيير الضامن

(3) اى بحيث لا يكون للمالك حق المطالبة بالقيمة ابدا، و لا للضامن حق الامتناع عن دفع المثل كما عرفت عند قولنا: و تعيين القيمة.

(4) عرفت معناه عند قولنا: و ليس في المقام دليل.

(5) اى و لا يجوز للضامن أصالة براءة ذمته عن المثل لو اختار المالك المثل، و لا أصالة براءة ذمته عن القيمة لو اختار المالك القيمة عند تشاحهما و تنازعهما على المثل، أو القيمة.

ص: 219

البراءة اليقينية عند التشاح، فهو (1) من باب تخيير المجتهد في الفتوى فتأمل (2). هذا

و لكن يمكن أن يقال: إن القاعدة المستفادة من اطلاقات الضمان

+++++++++++

- فليس له دفع القيمة الى المالك لو طالب المثل بدعوى أصالة البراءة عنه، و لا له دفع المثل الى المالك لو طالب القيمة بدعوى أصالة البراءة عنها.

(1) اى ما نحن فيه: و هو تشاح المالك و الضامن على المثل، أو القيمة من قبيل تخيير المجتهد في الفتوى.

فكما أن المجتهد عند تعارض الخبرين الدال احدهما على الوجوب و الآخر على الحرمة مثلا يضطر الاخذ باحدهما و الإفتاء على طبقه لقوله عليه السلام: اذا فتخير.

كذلك ما نحن فيه يضطر الضامن الاخذ باحدهما: المثل، أو القيمة لدوران امره بين المحذورين الذين اشرنا إليهما في الهامش 2 ص 219 عند قولنا:

لأنه ان لم نقل بتخيير الضامن يدور الامر بين محذورين.

(2) قد ذكروا في وجه التأمل وجوها.

افاد السيد الطباطبائي اليزدي في تعليقته على المكاسب في ص 97: أنه اشارة الى أن تخيير المجتهد في الفتوى إنما هو لاجل تعارض الخبرين، لا في مثل المقام الذي هو لاجل المحذورين المذكورين.

و أفاد الشيخ المامقانيّ في تعليقته على المكاسب في ص 301 أن وجه التأمل منع قيام الاجماع على عدم تخيير المالك الذي هو من مقدمة مقدمات مطلوبه الذي هو تخيير الضامن في الاداء.

و افاد ثالث: أن الوجه لعله اشارة الى أن هذا مبني على امرين:

ص: 220

في المغصوبات، و الأمانات المفرط فيها، و غير ذلك هو الضمان (1) بالمثل لأنه اقرب الى التالف من حيث المالية و الصفات، ثم بعده قيمة التالف من النقدين (2)، و شبههما، لأنهما أقرب (3) من حيث المالية، لأن ما عداهما (4) يلاحظ مساواته للتالف بعد ارجاعه إليهما، و لاجل الاتكال على هذا الظهور (5) لا تكاد تظفر على مورد واحد من هذه الموارد (6) على كثرتها قد نص المشهور فيه على ذكر المضمون به (7)

+++++++++++

- (احدهما): عدم ثبوت الترجيح لاحد هذه الأقوال التي ذكرناها في الهامش 3 ص 216-217

(الثاني): قيام الاجماع على عدم تخيير المالك.

و كلاهما ممنوع الى آخر ما افاده هناك.

(1) اى ضمان الضامن.

و قد اشرنا الى هذه الاطلاقات في ص 149

(2) و هما: الذهب و الفضة.

(3) اى الى التالف.

هذه الأقربية هي التي دعت شيخنا الانصارى الى القول بامكان استفادة القاعدة من الاطلاقات في ص 220 بقوله: و لكن

(4) اى ما عدا النقدين.

(5) و هو امكان استفادة ضمان الضامن بالمثل من الإطلاقات الواردة في ضمان المغصوبات.

(6) اى المشكوكة التي لم يقم اجماع على مثليتها.

(7) و هو المثل، أو القيمة.

ص: 221

بل كلها إلا ما شذ و ندر قد اطلق فيها الضمان (1) فلو لا الاعتماد على ما هو المتعارف (2) لم يحسن من الشارع إهماله في موارد البيان.

و قد استدل في المبسوط و الخلاف على ضمان المثلي بالمثل، و القيمي بالقيمة بقوله تعالى: فَمَنِ اِعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اِعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ (3) بتقريب أن مماثل ما اعتدى هو المثل في المثلي، و القيمة في غيره.

و اختصاص الحكم (4) بالمتلف عدوانا لا يقدح بعد عدم القول بالفصل و ربما يناقش في الآية (5) بأن مدلولها اعتبار المماثلة في مقدار الاعتداء (6)

+++++++++++

(1) من غير ذكر المثل، أو القيمة.

(2) و هو حكم العرف بضمان التالف فقط

(3) البقرة: الآية 194

(4) و هو وجوب المثل في المثلي، و القيمة في القيمي

دفع وهم

حاصل الوهم: أن الحكم و هو وجوب دفع المثل في المثليات و القيمة في القيميات مختص بالإتلاف عدوانا فلا تشمل التلف و كلامنا في التلف لا في الاتلاف.

فاجاب الشيخ عن الوهم المذكور: أن الفقهاء في هذه المسألة بين قائل بعدم الضمان مطلقا، لا في التلف، و لا في الإتلاف.

و بين قائل بالضمان مطلقا، سواء في التلف و الإتلاف.

و ليس هناك قول بالفصل بالضمان في الاتلاف و عدم الضمان في التلف

(5) اى في دلالتها على وجوب اداء المثل في المثلي، و القيمة في القيمي

(6) بمعنى أنه لو كان مقدار الاعتداء درهما فاللازم الاعتداء على المعتدي بهذا المقدار لا غير.

ص: 222

لا المعتدى (1) به

و فيه نظر (2)

نعم الانصاف عدم وفاء الآية كالدليل السابق عليها (3) بالقول المشهور (4)، لأن مقتضاهما (5) وجوب المماثلة العرفية في الحقيقة و المالية

و هذا (6) يقتضي اعتبار المثل حتى في القيميات، سواء وجد المثل فيها أم لا

أما مع وجود المثل فيها كما لو اتلف ذراعا من كرباس طوله عشرون

+++++++++++

(1) و هو المثل في المثليات، و القيمة في القيميات.

(2) وجه النظر: أن الآية ظاهرة في مقدار الاعتداء و المعتدى به كليهما، و ليس لها اختصاص في مقدار الاعتداء فقط

(3) اي على الآية،

و المراد من الدليل السابق هو قوله في ص 220: و لكن يمكن أن يقال:

إن القاعدة المستفادة

أو الدليل العرفي المشار إليه في قوله في ص 222: فلو لا الاعتماد على ما هو المتعارف

و الاول أوفق، لتصريحه به

(4) و هو وجوب المثل في المثليات، و القيمي في القيميات.

المقصود من هذا نفي دلالة الآية الكريمة، و الدليل السابق على القول المشهور الذي عرفته آنفا.

و لو لا هذا النفي لأمكن القول بخروج القيميات عن حكم الآية بضمان المماثل ابتداء: بأن يعطى المثل حتى في القيميات.

(5) اى الآية الكريمة، و الدليل السابق

(6) و هو وجوب المماثلة العرفية في الحقيقة و المالية

ص: 223

ذراعا متساوية من جميع الجهات، فإن مقتضى العرف و الآية الزام الضامن بتحصيل ذراع آخر من ذلك و لو بأضعاف قيمته، و دفعه الى مالك الذراع المتلف مع أن القائل بقيمية الثوب لا يقول به (1)

و كذا لو اتلف عليه عبدا و له في ذمة المالك بسبب القرض، أو السلم (2) عبد موصوف بصفات التالف، فإنهم لا يحكمون بالتهاتر القهري (3)

+++++++++++

(1) اى بإلزام الضامن بتحصيل ذراع آخر من نفس نوعية الكرباس و دفعه الى صاحبه.

(الكرباس) لغة فارسية بحتة و هي حياكة يدوية من الطراز القديم كانت تحاك من القطن في بلاد (ايران) و قد نسخت هذه الحياكة بعد وجود (المعامل الاتوماتيكية).

و جاء مكانها ما يسمى عندنا في (العراق: الخام)

(2) بناء على جواز الإقراض و السلف في العبد

(3) عرفت معنى التهاتر القهرى في الجزء السادس في الهامش 1. ص 35

مقصود الشيخ أن مقتضى الآية الكريمة، و الدليل السابق عليها هو الحكم بالتهاتر القهري في مسألة إتلاف عبد من زيد و كان للمتلف بذمة زيد من المتلف عبد موصوف مع العبد التالف من تمام الجهات و الصفات، لوجود المماثلة في الحقيقة و المالية في العبد كما هو الملاك في دفع المثلي، مع أن الفقهاء لا يحكمون بالتهاتر القهري في المقام، بل يحكمون بدفع قيمة العبد التالف لأن العبد من القيميات.

فالآية و الدليل السابق لا تجتمعان مع قول المشهور القائل بوجوب دفع المثلي في المثليات، و القيمي في القيميات.

ص: 224

كما يشهد به (1) ملاحظ كلماتهم في بيع عبد من عبدين

نعم (2) ذهب جماعة منهم الشهيدان في الدروس و المسالك الى جواز رد العين المقترضة اذا كانت قيمية.

لكن لعله من جهة صدق اداء القرض باداء العين، لا من جهة ضمان القيمي بالمثل، و لذا (3) انفقوا على عدم وجوب قبول غيرها (4) و إن كان مماثلا لها من جميع الجهات.

+++++++++++

(1) اي بعدم حكم الفقهاء بالتهاتر القهري ملاحظة كلمات الفقهاء في بيع عبد من عبدين، حيث إن الفقهاء ذكروا مسألة إتلاف عبد من زيد في مسألة بيع عبد من عبدين.

فمن راجع كلماتهم في تلك المسألة عرف أنهم لم يحكموا بالتهاتر القهري في مسألة إتلاف العبد.

(2) استدراك عما افاده: من عدم التزام المشهور بدفع المثل في القيميات كما هو مقتضى الآية و الدليل السابق، حيث إن مقتضاهما هو دفع المثل في القيميات أيضا.

و خلاصته: أن حكم الفقهاء برد العين المقترضة الى صاحبها دليل على أن ضمان القيمي بالمثل كما هو مقتضى الآية و الدليل السابق، لا بالقيمة كما هو مذهب المشهور، اذ لو كان ضمان القيمي بالقيمة لما حكموا بجواز رد العين المقترضة الى صاحبها.

(3) اي و لاجل أن صدق القرض باداء العين، لا من جهة ضمان القيمي بالمثل اتفق فقهاء الامامية.

(4) اى غير العين المقترضة.

ص: 225

و أما مع عدم وجود المثل للقيمي التالف فمقتضى الدليلين (1) عدم سقوط المثل من الذمة بالتعذر كما لو تعذر المثل في المثلي (2) فيضمن بقيمته يوم الدفع كالمثلي و لا يقولون به (3)

و أيضا فلو فرض نقصان المثل عن التالف من حيث القيمة نقصانا فاحشا فمقتضى ذلك (4) عدم جواز الزام المالك بالمثل، لاقتضائهما (5) اعتبار المماثلة في الحقيقة و المالية، مع أن المشهور كما يظهر من بعض الزامه (6) به، و إن قوّى خلافه (7) بعض.

بل ربما احتمل جواز دفع المثل و لو سقط المثل عن القيمة بالكلية و إن كان (8) الحق خلافه

+++++++++++

(1) و هما: الآية الكريمة

و الدليل السابق و هو قوله في ص 220 و لكن يمكن أن يقال:

(2) في أنه لا يسقط المثل عن الذمة بسبب تعذره في الخارج

(3) اى بضمان القيمة في يوم الدفع.

(4) اي النقص الفاحش

(5) اى الدليلين و هما: الآية الكريمة،

و الدليل السابق المشار إليه في الهامش 1

(6) اي الزام المالك بالمثل.

(7) اي خلاف عدم وجوب الزام المالك بالمثل: و هو إلزام المالك بالمثل.

(8) هذا رأي الشيخ في الموضوع و يقول: إن الحق خلاف ما افاده البعض: من وجوب الزام المالك بالمثل و إن سقط المثل عن القيمة.

بل الواجب دفع قيمة هذا المثل الساقط عن القيمة.

ص: 226

فتبين (1) أن النسبة بين مذهب المشهور (2) و مقتضى العرف، و الآية عموم من وجه

+++++++++++

(1) من هنا يروم الشيخ أن يذكر أن الآية الكريمة، و الدليل السابق الدالتين على وجوب الاعتداء بالمثل الشامل لاعطاء المثل حتى في القيميات لا توافقان قول المشهور الدال على وجوب دفع المثل في المثليات، و القيمة في القيميات.

و أن بين الآية، و الدليل السابق، و قول المشهور عموما و خصوصا من وجه لهما مادتا افتراق، و مادة اجتماع.

أما مادة الافتراق من جانب المشهور: بأن تكون الآية الكريمة و الدليل السابق موجودتين، و قول المشهور لم يكن موجودا كما في المثالين المتقدمين

و هما: إتلاف ذراع من كرباس طوله عشرون ذراعا متساويا مع الذراع المتلف من تمام الجهات.

و إتلاف عبد لزيد و للمتلف في ذمة زيد عبد بمثل العبد التالف من تمام الجهات و الصفات.

فالآية و الدليل تحكمان بدفع المثل في إتلاف ذراع من كرباس الى المالك سواء وجد المثل أم لم يوجد، و وجب شراؤه مهما بلغت قيمته و كلفت

و المشهور يحكم بوجوب دفع القيمة الى صاحب الذراع التالف.

و كذا في العبد، فإن الآية، و الدليل السابق تحكمان بقبول زيد عبد عمرو بدلا عن عبده التالف بالتهاتر القهري.

و المشهور لا يحكم بالتهاتر القهري. -

(2) و هو وجوب المثل في المثليات، و القيمة في القيميات

ص: 227

فقد (1) يضمن بالمثل بمقتضى الدليلين (2) و لا يضمن به عند المشهور كما في المثالين المتقدمين (3).

+++++++++++

- و أما مادة الافتراق من جانب الآية و الدليل السابق: بأن يكون المشهور موجودا و هما ليسا بموجودين كما لو فرض نقصان المثل عن التالف نقصانا فاحشا من حيث القيمة بحيث سقط عن المالية.

فالمشهور يحكم بوجوب دفع هذا المثل الى المالك و الزامه باخذه.

و الآية و الدليل السابق يحكمان بعدم وجوب دفعه إليه، و عدم الزام المالك باخذه، لأنهما يعتبران المماثلة في الحقيقة و المالية.

و من الواضح أن المثل هنا قد سقطت المالية عنه، فإن الثلج الموجود في الشتاء لا يستفاد منه، و لا سيما اذا كان موجودا في الأماكن الباردة التي لا تحتاج الى الثلج.

و أما مادة الاجتماع كما في الحنطة و الشعير، فإن الآية، و الدليل السابق تحكمان بوجوب دفع المثل عنهما لو تلفا، لأنهما مثل التالف في الحقيقة النوعية و الصنفية، و في المالية.

و المشهور يحكم أيضا بوجوب دفع مثلهما، لعدم سقوطهما عن المالية.

(1) هذه مادة الافتراق من جانب المشهور و قد عرفتها آنفا.

(2) و هما: الآية الكريمة، و الدليل السابق.

(3) و هما: إتلاف ذراع من كرباس طوله عشرون ذراعا متحدة الجهات و الصفات.

و إتلاف عبد لزيد و بذمة المتلف عبد من عمرو موصوف مع التالف بكل الصفات و الجهات.

ص: 228

و قد (1) ينعكس الحكم كما في المثال الثالث

و قد يجتمعان (2) في المضمون به كما في اكثر الأمثلة.

ثم إن الاجماع على ضمان القيمي بالقيمة على تقدير تحققه لا يجدي بالنسبة الى ما لم يجمعوا على كونه قيميا.

ففي موارد الشك يجب الرجوع الى المثل بمقتضى الدليل السابق (3) و عموم الآية (4)، بناء (5)

+++++++++++

(1) هذه مادة الافتراق من جانب الآية، و الدليل السابق و قد عرفتها آنفا.

(2) هذه مادة الاجتماع و قد عرفتها آنفا.

(3) و هي القاعدة المستفادة من الاطلاقات الواردة في ضمان المثل المشار إليها في ص 220 عند قوله: و لكن يمكن أن يقال

(4) و هو قوله تعالى: فَمَنِ اِعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اِعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ ، حيث إن الآية عامة تحكم بوجوب دفع المثل عن التالف مطلقا، سواء أ كان في المثليات أم في القيميات، و سواء وجد المثل أم لا، إلا فيما سقط المثل عن القيمة رأسا كما في المثال الثالث و هو الثلج في الشتاء.

لكن العموم المذكور خصص بالاجماع، فإن الاجماع قام على ضمان القيمة في القيميات.

(5) تعليل للرجوع الى المثل في الموارد المشكوكة في مثليتها بمقتضى العموم في الآية الشريفة و إن خصص العموم. -

ص: 229

على ما هو الحق المحقق: من أن العام المخصص بالمجمل مفهوما المردد بين الأقل و الاكثر لا يخرج عن الحجية بالنسبة الى موارد الشك.

فحاصل (1) الكلام أن ما اجمع على كونه مثليا يضمن بالمثل مع مراعاة الصفات التي يختلف فيها الرغبات و إن فرض نقصان قيمته في زمان

+++++++++++

- و خلاصته: أن العموم المذكور و إن خصص بالاجماع و مقتضاه و إن كان عدم الرجوع الى العموم في الموارد المشكوكة، و عدم الحكم بوجوب دفع المثل فيها، لا في المثليات و لا في القيميات.

لكنه قرر في علم الاصول: أن العام اذا خصص بالمجمل مفهوما كما فيما نحن فيه، حيث إن القيمي مردد بين الأقل و الأكثر: فيقتصر في التخصيص فيه على القدر المتيقن من قيميته: و هو ما اجمع على أنه قيمي فيبقى الباقي تحت العموم المذكور: و هو وجوب دفع المثل في التالف سواء أ كان مثليا أم قيميا.

هذا في الشبهات المفهومية كما في المقام، حيث إن مفهوم القيمي مجمل مردد بين الأقل: و هو مورد الاجماع المحقق.

و بين الأكثر: و هو مطلق ما قيل: إنه قيمي و إن اختلف فيه

(1) اى و خلاصة ما ذكرناه في مفاد الآية الكريمة و الدليل السابق.

مقصود الشيخ من ذكر هذه الخلاصة: أن مجموع ما ذكرناه حول مفاد الآية الكريمة؛ و الدليل السابق و إن كان هو وجوب دفع المثل في المثليات و القيميات، و كان وجوب دفع المثل هي نتيجة ما وصلنا إليه من مفاد الآية، و الدليل السابق.

لكن مع ذلك كله إن قام اجماع على مثلية شيء وجب دفع المثل و إن نقصت قيمته عن قيمة المثل التالف. -

ص: 230

الدفع، أو مكانه عن قيمة التالف، بناء (1) على تحقق الاجماع على اهمال هذا التفاوت.

مضافا (2) الى الخبر الوارد في أن الثابت في ذمة من اقترض دراهم و اسقطها السلطان، و روّج غيرها هي الدراهم الاولى (3)

+++++++++++

- بل و لو سقطت قيمته بالكلية عن قيمة التالف.

كما اشار الى هذا السقوط الخبر الآتي

أو قام اجماع على قيمية شيء وجب دفع القيمة عن التالف.

فحينئذ تخصص الآية، و الدليل السابق فترفع اليد عن عمومهما كما عرفت ذلك عند قولنا في الهامش 4. ص 229: لكن العموم المذكور خصص بالاجماع.

(1) تعليل لوجوب دفع المثل و إن نقصت قيمته عن التالف في زمان الدفع، أو مكانه.

(2) اي و لنا بالإضافة الى الاجماع المذكور على وجوب دفع المثل عن التالف و إن نقصت، أو سقطت قيمة المثل عن قيمة التالف يوم الدفع أو مكان الدفع: الخبر الوارد

(3) أليك نص الحديث الثاني

عن يونس قال: كتبت الى أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه كان لي على رجل دراهم، و أن السلطان اسقط تلك الدراهم و جاءت دراهم أعلى من تلك الدراهم، و لهم اليوم وضيعة فأي شيء لي عليه الأولى التي اسقطها السلطان، أو الدراهم التي اجازها السلطان ؟

فكتب عليه السلام: الدراهم الاولى

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 488. الباب 20. الحديث 2

ص: 231

و ما (1) اجمع على كونه قيميا يضمن بالقيمة، بناء على ما سيجيء (2) من الاتفاق على ذلك، و إن وجد مثله، أو كان مثله في ذمة الضامن.

و ما (3) شك في كونه قيميا، أو مثليا يلحق بالمثلي، مع عدم اختلاف قيمتي المدفوع و التالف، و مع الاختلاف ألحق بالقيمي. فتأمل (4)

الخامس: ذكر في القواعد أنه لو لم يوجد المثل الا باكثر من ثمن المثل ففي وجوب الشراء تردد.

(الخامس) (5): ذكر في القواعد أنه لو لم يوجد المثل الا باكثر من ثمن المثل ففي وجوب الشراء تردد. انتهى.

أقول: كثرة الثمن ان كانت لزيادة القيمة السوقية للمثل بأن صارت قيمته أضعاف قيمة التالف يوم تلفه فالظاهر أنه لا اشكال في وجوب الشراء (6)، و لا خلاف كما صرح به (7) في الخلاف، حيث قال: اذا غصب ماله

+++++++++++

(1) عرفت معنى هذا عند قولنا في ص 231: أو قام الإجماع على قيمية شيء.

(2) اى في الامر السابع من الامور المتفرعة على المقبوض بالعقد الفاسد

(3) عرفت معنى هذا عند قولنا في ص 230: و خلاصته أن العموم المذكور و إن خصص.

(4) لعل وجه التأمل: أنه لا وجه للقول بوجوب دفع القيمة في موارد اختلاف قيمتي المدفوع و التالف.

بل الواجب و اللازم هو وجوب دفع المثل حينئذ كما عرفت عند قولنا مشروحا في ص 230: لكنه قرر في علم الاصول أن العام المخصص.

(5) اى من الامور المتفرعة على المقبوض بالعقد الفاسد.

(6) اى شراء المثل و إن كانت قيمته أضعاف قيمة التالف.

(7) اي بوجوب شراء المثل و إن ترقت قيمته.

ص: 232

مثل الحبوب و الأدهان فعليه مثل ما تلف في يده يشتريه بأي ثمن كان بلا خلاف

و في المبسوط يشتريه بأي ثمن كان اجماعا. انتهى.

و وجهه (1) عموم النص (2) و الفتوى بوجوب المثل في المثلي.

و يؤيده (3) فحوى حكمهم بأن تنزل قيمة المثل حين الدفع عن يوم التلف لا يوجب الانتقال الى القيمة.

بل ربما احتمل بعضهم ذلك (4) مع سقوط المثل في زمان الدفع عن المالية كالماء على الشاطئ، و الثلج في الشتاء.

+++++++++++

(1) اى دليل وجوب شراء المثل بأي ثمن كان.

(2) و هي آية فَمَنِ اِعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اِعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ .

و قد عرفت وجه العموم في الهامش 4. ص 229 عند قولنا: حيث إن الآية الكريمة عامة تحكم.

(3) اى و يؤيد وجوب دفع المثل و شرائه بأي ثمن كان الأولوية الواردة في حكم الفقهاء بعدم انتقال المثل الى القيمة عند تنزل قيمة المثل عن التالف عند الدفع.

فاذا كان الحكم كذلك عند التنزل فبطريق أولى لا ينتقل المثل الى القيمة عند ترقي القيمة بزيادة القيمة السوقية.

و وجه هذه الفحوى: أن حكم الفقهاء بعدم الانتقال الى القيمة عند التنزل لازمه عدم مراعاة قاعدة لا ضرر و لا ضرار بالنسبة الى ضرر المالك

فهذه القاعدة اولى بعدم المراعاة بالنسبة الى الضرر الوارد على الضامن

(4) اى عدم الانتقال الى القيمة.

ص: 233

و أما إن كانت (1) لاجل تعذر المثل، و عدم وجدانه إلا عند من يعطيه بأزيد مما يرغب فيه الناس، مع وصف الاعواز بحيث يعد بذل ما يريد مالكه بإزائه ضررا عرفا.

فالظاهر أن هذا هو المراد بعبارة القواعد (2)، لأن الثمن في الصورة الاولى (3) ليس بأزيد من ثمن المثل، بل هو ثمن المثل و إنما زاد على ثمن التالف يوم التلف فحينئذ (4) يمكن التردد في الصورة الثانية (5) كما قيل:

من أن الموجود بأكثر من ثمن المثل كالمعدوم كالرقبة في الكفارة و الهدي

+++++++++++

(1) اى كثرة الثمن.

في النسخ الموجودة عندنا و أما إن كان بتذكير كان الناقصة، و الصواب كما أثبتناه بتأنيثها، اذ المرجع كثرة الثمن كما كانت هي المرجع في الشق الاول في قوله: اقول: كثرة الثمن إن كانت لزيادة القيمة السوقية.

(2) و هي التي ذكرها الشيخ بقوله في ص 232: ذكر في القواعد أنه لو لم يوجد المثل إلا بأكثر من ثمن المثل ففي وجوب الشراء تردد.

(3) و هي كثرة الثمن لزيادة القيمة السوقية.

(4) اى فحين أن لم يكن الثمن بأزيد من ثمن المثل

(5) و هي ما كانت كثرة الثمن لاجل تعذر المثل، و عدم وجدانه إلا عند من يعطيه بأزيد مما يرغب فيه الناس.

و المراد من التردد هو التردد في وجوب شراء المثل بأي ثمن كان فإن في الصورة الثانية لا يمكن الحكم قطعيا بوجوب الشراء.

بخلاف الصورة الاولى، فإنه يحكم فيها بوجوب الشراء مهما بلغ الامر و كلفت القيمة.

ص: 234

و أنه يمكن معاندة البائع و طلب أضعاف القيمة و هو (1) ضرر

و لكن الأقوى مع ذلك (2) وجوب الشراء، وفاقا للتحرير كما عن الايضاح و الدروس و جامع المقاصد.

بل اطلاق السرائر، و نفي الخلاف المتقدم عن الخلاف (3)، لعين ما ذكر (4) في الصورة الاولى.

ثم إنه لا فرق في جواز مطالبة المالك بالمثل بين كونه في مكان التلف أو غيره، و لا بين كون قيمته في مكان المطالبة أزيد من قيمته في مكان التلف أم لا، وفاقا لظاهر المحكي عن التحرير و التذكرة و الايضاح و الدروس و جامع المقاصد.

و في السرائر أنه (5) الذي يقتضيه عدل الاسلام، و الأدلة و اصول المذهب و هو (6) كذلك

+++++++++++

(1) اى إمكان طلب البائع أضعاف قيمة المثل و إمكان أنه يعاند في ذلك ضرر على المتلف الضامن و هو منفي بقوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

لا ضرر و لا ضرار.

(2) اى مع إمكان معاندة البائع و مطالبته بأضعاف قيمة المثل.

(3) في نقل الشيخ عنه بقوله في ص 233: و لا خلاف كما صرح به في الخلاف.

(4) و هو قوله في ص 233: و وجهه عموم النص و الفتوى

و قد عرفت في الهامش 2 ص 233 أن المراد من النص الآية الكريمة

(5) اى عدم الفرق في جواز مطالبة المالك بالمثل

(6) اى ما افاده ابن ادريس في السرائر: من أن عدم الفرق في جواز مطالبة المالك أنه الذي يقتضيه عدل الاسلام و الأدلة و اصول المذهب

ص: 235

لعموم الناس مسلطون على أموالهم

هذا (1) مع وجود المثل في بلد المطالبة.

و أما مع تعذره فسيأتي حكمه في المسألة السادسة (2)

السادس: لو تعذر المثل في المثلي فمقتضى القاعدة وجوب دفع القيمة مع مطالبة المالك
اشارة

(السادس) (3): لو تعذر المثل في المثلي فمقتضى القاعدة وجوب دفع القيمة (4) مع مطالبة المالك، لأن منع المالك ظلم، و إلزام الضامن

+++++++++++

(1) أى وجوب دفع المثل في بلد المطالبة

(2) المراد من المسألة السادسة (الأمر السادس) الذي يأتي ذكره بقوله: السادس.

(3) اى الامر السادس من الامور المتفرعة على المقبوض بالعقد الفاسد

البحث هنا يقتضي في مقامين:

(الأول) في الحكم الوضعي: و هو انتقال حق المالك الى القيمة عند تعذر المثل لو طالب بحقه.

(الثاني): الحكم التكليفي: و هو وجوب الدفع الى المالك.

لا شك في وجوب المبادرة الى الحكم التكليفي: الذي هو الدفع، سواء طالب المالك أم لم يطالب، و لذا لو اخر عصى

و هذا هو الفرق بين الدين و الغصب، حيث إن المدين لا يجب عليه المبادرة الى دفع الدين لو لم يطالب الدائن طلبه

بخلاف الغاصب، فإنه يجب المبادرة الى الرد و الدفع الى المالك، سواء طالب أم لا

(4) هذا بناء على مختار الشيخ: من أن إمساك الغصب حرام و لو كان آنا مّا، بناء على أن المقبوض بالعقد الفاسد يجري مجرى الغصب -

ص: 236

بالمثل منفي بالتعذر فوجبت القيمة، جمعا بين الحقين (1)

مضافا (2) إلى قوله تعالى: فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اِعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ ، فإن الضامن اذا الزم بالقيمة مع تعذر المثل لم يعتد عليه أزيد مما اعتدى (3)

و أما مع عدم مطالبة المالك فلا دليل على الزامه (4) بقبول القيمة

+++++++++++

- بخلاف مذهب ابن ادريس، حيث إنه نفى الاثم عن الإمساك و إن قال بوجوب الدفع الى المالك.

و أما الحكم الوضعي: و هو انتقال حق المالك الى القيمة فلا إشكال في تحققه عند المطالبة

و أما في غير صورة المطالبة فلا ينتقل حقه الى القيمة، لثبوت المثل في ذمته

و المراد من يوم المطالبة هو يوم الدفع، و إلا فمجرد المطالبة لا يكون مبررا، لانتقال حقه الى القيمة، بل المثل ثابت في ذمته، لاشتغالها به فلا تبرأ ذمته إلا بالأداء بالمثل.

اذا عرفت المقامين فاعلم أن مقتضى القاعدة هو وجوب دفع القيمة الى المالك عند تعذر المثل لو طالب

(1) و هما: حق المالك بوجوب دفعه إليه عند مطالبته

و حق الضامن بعدم جواز الزامه بالمثل

(2) اى و لنا بالإضافة الى مقتضى القاعدة دليل آخر على وجوب دفع القيمة الى المالك لو طالب عند تعذر المثل.

(3) اى الضامن على المعتدى به و هو المالك

(4) اى الزام المالك، لأن ذمته مشغولة بالمثل فلا تبرأ إلا بالأداء بالمثل

ص: 237

لأن المتيقن أن دفع القيمة علاج لمطالبة المالك، و جمع بين حق المالك بتسليطه على المطالبة، و حق الضامن، لعدم تكليفه بالتعذر و المعسور.

أما مع عدم المطالبة فلا دليل على سقوط حقه عن المثل.

و ما ذكرنا (1) يظهر من المحكي عن التذكرة و الايضاح، حيث ذكرا في رد بعض الاحتمالات الآتية في حكم تعذر المثل ما لفظه.

إن المثل لا يسقط بالإعواز (2) ألا ترى أن المغصوب منه لو صبر الى زمان وجدان المثل ملك المطالبة، و إنما المصير الى القيمة وقت تغريمها (3) انتهى.

لكن اطلق كثير منهم الحكم بالقيمة عند تعذر المثل.

و لعلهم يريدون صورة المطالبة، و إلا فلا دليل على الاطلاق (4)

و يؤيد ما ذكرنا (5): أن المحكي عن الأكثر في باب القرض أن (6) المعتبر في المثلي المتعذر قيمته (7) يوم المطالبة.

+++++++++++

(1) و هو عدم الدليل على الزام المالك بقبوله القيمة عند تعذر المثل لو لم يطالب

(2) و هو تعذر المثل

(3) و هو يوم الدفع المعبر عنه بيوم المطالبة

(4) اى حتى و لو لم يطالب المالك بحقه

(5) و هو أن المراد من تعذر المثل هي صورة المطالبة، لا مجرد التعذر

(6) أن مع اسمها مرفوعة محلا خبر لكلمة أن الاولى الواقعة في قوله: و يؤيد ما ذكرنا أن المحكي

(7) بالرفع خبر لكلمة أن الثانية الواقعة في قوله: إن المعتبر.

ص: 238

نعم عبر بعضهم بيوم الدفع (1). فليتأمل (2)

و كيف كان (3) فلنرجع الى حكم المسألة (4) فنقول:

إن المشهور أن العبرة في قيمة المثل المتعذر بقيمته هو يوم الدفع، لأن المثلي ثابت في الذمة الى ذلك الزمان (5) و لا دليل على سقوطه بتعذره

كما لا يسقط الدين بتعذر ادائه

و قد صرح بما ذكرنا (6) المحقق الثاني.

و قد عرفت (7) من التذكرة و الايضاح ما يدل عليه

و يحتمل اعتبار وقت تعذر المثل و هو للحلي في البيع الفاسد، و التحرير في باب القرض، و المحكي عن المسالك، لأنه (8) وقت الانتقال الى القيمة

+++++++++++

(1) اى عن يوم المطالبة

(2) وجه التأمل أن المراد بيوم الدفع في تعبير هذا البعض هو يوم المطالبة، و لو لا هذا لما صح القول بانتقال حق المالك الى القيمة بمجرد المطالبة كما عرفت

(3) اى سواء أ كان المراد من تعذر المثل يوم المطالبة أم لا

(4) و هو انتقال حق المالك الى القيمة عند تعذر المثل لو طالب المالك بحقه

(5) و هو يوم الدفع

(6) و هو أن العبرة في قيمة المثل المتعذر قيمة يوم الدفع

(7) عند قول الشيخ في ص 238: و ما ذكرنا يظهر من المحكي عن التذكرة و الايضاح، حيث ذكرا في رد بعض الاحتمالات

الى قوله: إن المثل لا يسقط بالإعواز

(8) اى وقت تعذر المثل

ص: 239

و يضعفه أنه إن اريد بالانتقال انقلاب ما في الذمة الى القيمة في ذلك الوقت فلا دليل عليه.

و إن اريد عدم وجوب إسقاط ما في الذمة إلا بالقيمة فوجوب الاسقاط بها (1) و إن حدث يوم التعذر مع المطالبة، إلا أنه لو اخر الإسقاط بقي المثل في الذمة الى تحقق الإسقاط

و إسقاطه (2) في كل زمان باداء قيمته في ذلك الزمان، و ليس في الزمان الثاني مكلفا بما صدق عليه الإسقاط في الزمان الأول (3)

هذا. و لكن لو استندنا في لزوم القيمة في المسألة الى ما تقدم سابقا من الآية، و من أن المتبادر من اطلاقات الضمان هو وجوب الرجوع الى أقرب الأموال الى التالف بعد تعذر المثل توجه القول بصيرورة التالف قيميا بمجرد تعذر المثل (4)، اذ لا فرق في تعذر المثل بين تحققه ابتداء كما في القيميات، و بين طروه بعد التمكن كما في ما نحن فيه (5)

و دعوى اختصاص الآية، و اطلاقات الضمان بالحكم بالقيمة بتعذر المثل ابتداء لا يخلو عن تحكم.

ثم إن في المسألة (6) احتمالات اخر ذكر اكثرها في القواعد

و قوى بعضها في الايضاح، و بعضها بعض الشافعية

+++++++++++

(1) اى بالقيمة و دفعها الى مالكها

(2) اى إسقاط المثل

(3) و هو التعذر و يوم المطالبة

(4) و إن لم يطالب المالك

(5) و هو تعذر المثل

(6) و هو تعذر المثل في المثلي

ص: 240

و حاصل جميع الاحتمالات (1) في المسألة مع بيانها أنه إما أن نقول باستقرار المثل في الذمة (2) الى أوان الفراغ منه بدفع القيمة و هو الذي اخترناه، تبعا للاكثر: من اعتبار القيمة عند الإقباض (3)

و ذكره في القواعد خامس الاحتمالات.

و إما أن نقول بصيرورته (4) قيميا عند الإعواز.

فاذا صار كذلك (5) فإما أن نقول: إن المثل المستقر في الذمة قيمي فتكون القيمية صفة للمثل بمعنى أنه لو تلف و جبت قيمته.

و إما أن نقول: إن المغصوب انقلب قيميا بعد أن كان مثليا (6) فإن قلنا بالاول (7) فإن جعلنا الاعتبار في القيمي بيوم التلف كما هو احد الأقوال كان المتعين قيمة المثل يوم الاعواز كما صرح به في السرائر في البيع الفاسد، و التحرير في باب القرض، لأنه يوم تلف القيمي.

و إن جعلنا الاعتبار فيه (8) بزمان الضمان كما هو القول الآخر

+++++++++++

(1) و بذكر الشيخ هذه الاحتمالات بقوله: و ذكر هذا اوّل الاحتمالات في القواعد، و ذكر هذا الوجه في القواعد ثاني الاحتمالات

(2) اى بمجرد تعذر المثل و عدم وجوده في الخارج اصلا، أو مع وجوده لكن يباع بقيمة راقية عالية جدا

(3) اى إقباضه الى المالك

(4) اى بصيرورة المثل

(5) اى صار المثل قيميا عند الإعواز و تعذره في الخارج

(6) اى عند تعذره في الخارج

(7) و هو أن المثل المستقر في الذمة قيمي

(8) اى في القيمي، و المراد من زمان الضمان هو يوم الغصب

ص: 241

في القيمي كان المتجه اعتبار زمان تلف العين، لأنه اوّل أزمنة وجوب المثل في الذمة المستلزم لضمانه بقيمته عند تلفه.

و هذا (1) مبني على القول بالاعتبار في القيمي بوقت الغصب كما عن الاكثر.

و إن جعلنا الاعتبار فيه (2) بأعلى القيم من زمان الضمان الى زمان التلف كما حكي عن جماعة من القدماء في الغصب كان المتجه الاعتبار بأعلى القيم من يوم تلف العين الى زمان الاعواز.

و ذكر هذا الوجه في القواعد ثاني الاحتمالات.

و إن قلنا: إن التالف انقلب قيميا احتمل الاعتبار بيوم الغصب كما في القيمي المغصوب، و الاعتبار بالأعلى منه الى يوم التلف

و ذكر هذا اوّل الاحتمالات في القواعد.

و إن قلنا: إن المشترك بين العين و المثل صار قيميا جاء احتمال الاعتبار بالأعلى: من يوم الضمان الى يوم تعذر المثل، لاستمرار الضمان فيما قبله من الزمان: إما للعين، و إما للمثل فهو مناسب لضمان الأعلى: من حين الغصب الى التلف.

و هذا ذكره في القواعد ثالث الاحتمالات.

و احتمل الاعتبار بالأعلى (3): من يوم الغصب الى دفع المثل.

و وجّهه (4) في محكي التذكرة

+++++++++++

(1) و هو أن الاعتبار في القيمى من زمان الضمان الذي هو يوم الغصب

(2) اى في القيمي

(3) اي بأعلى القيم

(4) اى وجّه العلامة و ولده فخر المحققين احتمال الاعتبار بأعلى القيم

ص: 242

و الايضاح بأن المثل لا يسقط بالإعواز (1) قالا:

ألا ترى أنه لو صبر المالك الى وجدان المثل استحقه فالمصير الى القيمة عند تغريمها (2) و (3) القيمة الواجبة على الغاصب أعلى القيم.

و حاصله (4) أن وجوب دفع قيمة المثلي يعتبر من زمن وجوبها (5) أو وجوب مبدلها اعني العين (6)

+++++++++++

(1) اى بمجرد الإعواز لا ينقلب المثل الى القيمة

(2) و هو يوم دفع القيمة الى مالك العين، و إقباضها له

(3) الواو هنا حالية الى و الحال أن القيمة الواجبة على الغاصب بعد القول بأن المصير الى القيمة هو زمن تغريمها: هو أعلى القيم: من يوم التلف و من يوم الدفع

فاذا كانت قيمة يوم التلف أعلى من قيمة يوم الدفع تعطى للمالك قيمة يوم التلف، لأن الغاصب يؤخذ بأشد الأحوال

و اذا كانت قيمة يوم الدفع أعلى من قيمة يوم التلف تعطى للمالك قيمة يوم الدفع، لعين الملاك في الاول

(4) اى و حاصل توجيه ما افاده العلامة في التذكرة، و فخر المحققين في الايضاح

(5) المراد من الوجوب الثبوت، و كذلك في قوله: أو وجوب مبدلها.

و المراد من زمن الوجوب هو يوم التغريم الذي هو يوم الدفع

و من وجوب مبدلها هو يوم غصب العين التي هي المبدل و القيمة هو البدل

(6) المراد منها الغصبية التي قبضت بالعقد الفاسد، بناء على أن المقبوض بالعقد الفاسد يجري مجرى الغصب كما افاده ابن ادريس

ص: 243

فيجب أعلى القيم منهما (1). فافهم (2)

اذا عرفت هذا فاعلم أن المناسب لاطلاق كلامهم لضمان المثل في المثلي هو أنه مع تعذر المثل لا يسقط المثل عن الذمة، غاية الامر يجب إسقاطه (3) مع مطالبة المالك، فالعبرة بما هو إسقاط حين الفعل (4) فلا عبرة بالقيمة إلا يوم الاسقاط (5)، و تفريغ الذمة.

و أما بناء على ما ذكرنا: من أن المتبادر من ادلة الضمان التغريم بالأقرب الى التالف فالأقرب كان المثل مقدما (6) مع تيسره، و مع تعذره ابتداء (7) كما في القيمي، أو بعد التمكن (8) كما فيما نحن فيه كان المتعين هو القيمة، فالقيمة قيمة للمغصوب من حين صار قيميا: و هو حال الإعواز (9)

+++++++++++

(1) اى من يوم التغريم الّذي هو يوم الدفع، أو يوم غصب العين

(2) لعله اشارة الى ضعف المبني الذي هي صيرورة القدر المشترك قيميا

(3) اى المثل

(4) و هو يوم المطالبة، فالذمة تبرأ عند ما طالب المالك وادى الغاصب و أما لو لم يطالب فلا تبرأ ذمة الغاصب عن المثل، بل المثل ثابت في ذمته بقاعدة الاشتغال، اذ بمجرد تعذر المثل، و عدم المطالبة لا ينقلب المثل الثابت في ذمة الغاصب الى القيمة

(5) و هو يوم الدفع و عند المطالبة

(6) اى يقدم المثل على القيمة

(7) بأن لا يوجد المثل اصلا و ابدا بعد أن تلفت العين

(8) بأن كان مثل العين التالفة موجودا، لكنه تعذر وجوده بعد ذلك

(9) سواء أ كان الإعواز ابتداء أم بعد التمكن من المثل

ص: 244

فحال الاعواز معتبر من حيث إنه اوّل أزمنة صيرورة التالف قيميا لا من حيث ملاحظة القيمة قيمة للمثل (1)، دون العين.

فعلى القول باعتبار يوم التلف (2) في القيمي توجه ما اختاره (3) الحلي رحمه اللّه

و لو قلنا بضمان القيمي (4) بأعلى القيم من حين الغصب الى حين التلف كما عليه جماعة من القدماء توجه ضمانه (5) فيما نحن فيه بأعلى القيم من حين الغصب الى زمان الاعواز، اذ (6) كما أن ارتفاع القيمة مع بقاء العين مضمون بشرط تعذر ادائها المتدارك لارتفاع القيم.

+++++++++++

(1) اى و إن قلنا باعتبار حال الاعواز، لكن مع ذلك نقول: إن القيمة بدل عن العين التالفة، لا عن المثل المتعذر وجوده

(2) و هو تلف العين

(3) و هو الاعتبار بقيمة يوم تعذر المثل و إعوازه

(4) اى عند انقلاب المثل قيميا عند تعذر المثل

(5) اى ضمان التالف فيما نحن فيه و هو تعذر المثل المعبر عنه بيوم الاعواز

(6) تعليل لوجوب دفع أعلى القيم: من زمن الغصب الى زمن الدفع

و خلاصته: أن العين اذا كانت موجودة و ترقت قيمتها، لكن تعذر اداؤها الى صاحبها لمانع آخر غير التلف لكان هذا الارتفاع و الترقي مضمونا على الغاصب.

كذلك ما نحن فيه الذي تعذر المثل فيه بعد أن كان موجودا يجب على الغاصب إعطاء أعلى القيم الى صاحب العين مهما بلغ الامر و كلف

ص: 245

كذلك يشترط تعذر المثل في المثلي (1)، اذ (2) مع رد المثل يرتفع ضمان القيمة السوقية.

و حيث كانت العين فيما نحن فيه (3) مثلية كان اداء مثلها عند تلفها كرد عينها في الغاء ارتفاع القيم.

فاستقرار ارتفاع القيم إنما يحصل بتلف العين و المثل.

فإن قلنا: إن تعذر المثل يسقط المثل كما أن تلف العين يسقط العين توجه القول بضمان القيمة: من زمان الغصب الى زمان الاعواز (4)

و هو أصح الاحتمالات في المسألة عند الشافعية على ما قيل:

و إن قلنا: إن تعذر المثل لا يسقط المثل و ليس كتلف (5) العين كان ارتفاع القيمة فيما بعد تعذر المثل أيضا مضمونا فيتوجه ضمان القيمة من حين الغصب الى حين دفع القيمة، و هو المحكي عن الايضاح.

+++++++++++

(1) حتى يتوجه نحو الغاصب أعلى القيم من يوم الغصب الى يوم الدفع

(2) تعليل لاشتراط تعذر المثل في المثلي حتى يتوجه نحو الغاصب أعلى القيم

و خلاصته: أن مع وجود العين و ردها الى صاحبها لا يبقى مجال لضمان ارتفاع القيمة مهما بلغ الارتفاع

بل ضمان الارتفاع مشروط بشرط تعذر المثل

فإن وجد المثل لا يضمن الارتفاع، و إلا يضمن

(3) و هو تعذر المثل

(4) و هو يوم تعذر المثل المعبر عنه بيوم الدفع

(5) في أنه يسقط العين عن ردها

ص: 246

و هو أوجه الاحتمالات على القول بضمان ارتفاع القيمة، مراعى بعدم رد العين، أو المثل.

ثم اعلم أن العلامة ذكر (1) في عنوان هذه الاحتمالات أنه لو تلف المثلي و المثل موجود ثم أعوز ظاهره اختصاص هذه الاحتمالات بما اذا طرأ تعذر المثل بعد وجود المثل في بعض أزمنة التلف، لا ما تعذر فيه المثل ابتداء.

و عن جامع المقاصد أنه يتعين حينئذ (2) قيمة يوم التلف.

و لعله (3) لعدم تنجز التكليف بالمثل عليه في وقت من الأوقات

و يمكن أن يخدش فيه (4) بأن التمكن من المثل ليس بشرط لحدوثه

+++++++++++

(1) اى في القواعد في كتاب الغصب في الركن الثالث بقوله:

و لو تلف المثلي في يد الغاصب و المثل موجود فلم يغرمه حتى فقد ففي القيمة المعتبرة احتمالات

(2) أى حين أن طرأ تعذر المثل و هو كان موجودا بعد تلف العين

(3) هذا كلام شيخنا الانصارى يريد أن يوجه ما افاده صاحب جامع المقاصد: من تعين وجوب دفع قيمة يوم التلف على الغاصب الى المالك عند طرو تعذر المثل، اى لعل هذا الوجوب لاجل أن الغاصب بعد تعذر المثل لم يكن التكليف الذي هو وجوب دفع المثل الى المالك منجزا عليه في وقت من الأوقات، لاستلزامه الحرج

(4) اى فيما افاده صاحب جامع المقاصد، و الباء بيان لكيفية الخدش

و خلاصة الخدش: أن مفهوم المثل لم يكن مقيدا بالتمكن في بداية اشتغال الذمة به اى قبل فقدان المثل بعد أن كان موجودا، كما أن التمكن -

ص: 247

في الذمة ابتداء كما لا يشترط في استقراره (1) استدامة على ما اعترف به (2) مع طرو التعذر بعد التلف، و لذا (3) لم يذكر احد هذا التفصيل في باب القرض.

و بالجملة (4) فاشتغال الذمة بالمثل إن قيد بالتمكن لزم الحكم

+++++++++++

من المثل لم يكن شرطا في استدامته الى زمن الاداء.

فالتمكن خارج عن مفهومه أصلا.

(1) اى في استقرار المثل

(2) اى صاحب جامع المقاصد اعترف بعدم اشتراط التمكن من المثل في استقراره في الذمة استدامة، و عدم سقوطه، لأن مذهبه في الاداء هو يوم الاقباض

فلو كان التمكن من المثل شرطا في صحة تعلقه بالغاصب لكان اللازم سقوط المثل بمجرد تعذره في الخارج، و لتحقق انتقال المثل الى القيمة حالا من دون توقف

(3) اى و لأجل أن التمكن من المثل ليس شرطا لحدوث المثل ابتداء في الذمة كما لم يكن شرطا فيها استدامة: لم يذكر احد من الفقهاء التفصيل المذكور: و هو وجود المثل و عدمه في إقراض المثلي: بأن يقول: إن المقترض اذا تمكن من المثل ثبت في ذمته المثل و استقر عليه و وجب دفعه الى صاحبه

و اذا لم يتمكن منه لم يثبت في ذمته المثل

فلا مدخلية للتمكن من المثل في تعلقه بالذمة ابتداء

(4) أى خلاصة الكلام في المثلي: أن اشتغال الذمة بالمثل إن قيدناه بالتمكن لازمه الحكم بارتفاع المثل عند تعذره

ص: 248

بارتفاعه بطرو التعذر، و إلا لزم (1) الحكم بحدوثه مع التعذر من اوّل الامر.

إلا (2) أن يقال: إن أدلة وجوب المثل ظاهرة في صورة التمكن و إن لم يكن مشروطا به عقلا فلا تعم صورة العجز.

نعم اذا طرأ العجز فلا دليل على سقوط المثل و انقلابه قيميا.

و قد يقال (3) على المحقق المذكور: إن اللازم مما ذكره أنه لو ظفر المالك بالمثل قبل اخذ القيمة لم يكن له المطالبة، و لا اظن احدا يلتزمه

و فيه (4) تأمل

ثم إن المحكي عن التذكرة أن المراد بإعواز المثل أن لا يوجد في البلد و ما حوله.

+++++++++++

(1) اى و إن لم يكن الاشتغال مقيدا بالتمكن من المثل لزم الحكم بحدوث المثل عند تعذر المثل من بداية الامر

(2) استثناء عما افاده: من لزوم الحكم بحدوث المثل من بداية الامر عند تعذر المثل.

و خلاصته: أنه لو قيل بظهور أدلة وجوب المثل بصورة التمكن من المثل و إن لم يكن الوجوب مشروطا بالتمكن عقلا فلا تشمل صورة العجز عن المثل

(3) اى و قد يورد على صاحب جامع المقاصد على ما افاده: من تعين قيمة يوم التلف على الغاصب حين أن تعذر المثل و هو كان موجودا.

(4) اى و فيما اورده القيل على المحقق الكركي تامل و إشكال

وجه التأمل: أن عدم تنجز التكليف على الغاصب بسبب تعذر المثل عليه لا يكون منافيا لوجود اصل التكليف، فليسا بمانعتي الجمع اذ التكليف بالمثل مشروط بوجوده فمتى وجد لزمه اداؤه

ص: 249

و زاد في المسالك قوله: مما ينقل عادة منه إليه (1) كما ذكروا في انقطاع المسلم فيه (2)

و عن جامع المقاصد الرجوع فيه (3) الى العرف

و يمكن أن يقال: إن مقتضى عموم (4) وجوب اداء مال الناس و تسليطهم على أموالهم أعيانا كانت أم في الذمة وجوب تحصيل المثل كما كان يجب رد العين أينما كانت و لو كانت في تحصيلها مئونة كثيرة و لذا (5)

+++++++++++

(1) اى من حول البلد الى البلد

(2) اى في بيع السلم و السلف الذي يكون الثمن فيه نقدا، و المثمن مؤجلا محدودا بوقت معين، فإن الملاك في عدم وجود المثمن في بيع السلم هو عدم وجوده في البلد و حواليه، و المكان الذي ينقل منه الى البلد

(3) اى في الاعواز، فإن العرف اي شيء حكم في ذلك فهو المتبع ليس إلا

(4) هو قوله عليه السلام: المغصوب كله مردود(1)، فإنه عام يشمل رد المثل، أو القيمة.

و ليس المراد من العموم قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: على اليد ما اخذت، لأنه مسوق لبيان الحكم الوضعي و هو الضمان، لا الحكم التكليفي الذي هو وجوب الرد كما افاد هذا المعنى شيخنا الانصاري في قوله في ص 141: و يدل عليه النبوي المشهور

(5) اى و لاجل أنه يجب تحصيل العين اينما كانت و لو كان تحصيلها يلزم مئونة كثيرة

ص: 250


1- راجع (وسائل الشيعة) الجزء 17، ص 309. الباب 1. الحديث 3

كان يجب تحصيل المثل بأي ثمن كان، و ليس هنا (1) تحديد التكليف بما عن التذكرة

نعم لو انعقد الاجماع على ثبوت القيمة عند الإعواز تعين ما عن جامع المقاصد (2)

كما أن المجمعين اذا كانوا بين معبر بالاعواز، و معبر بالتعذر كان المتيقن الرجوع الى الأخص و هو المتعذر، لأنه المجمع عليه (3)

نعم ورد في بعض أخبار السلم أنه اذا لم يقدر المسلم إليه (4) على ايفاء

+++++++++++

(1) اى في وجوب تحصيل المثل بأي ثمن كان تعيين التكليف بالشيء الذي ذكره العلامة في التذكرة بقوله: المراد بإعواز المثل أن لا يوجد في البلد و ما حوله

بل لا بد على الغاصب تحصيله مهما بلغ الامر حتى في بلد آخر أو في دولة اخرى

ثم لا يخفى عليك أن الكلام كان في التعذر الذاتي: بأن لم يوجد المثل اصلا و اساسا

و أما لو لم يوجد لاجل عدم الامكان على ايصاله: بأن كان تحت يد من لا يمكن إخراجه منه فحكمه حكم التعذر الذاتي.

(2) كما نقل الشيخ عنه في ص 247 بقوله: و عن جامع المقاصد أنه يتعين حينئذ قيمة يوم التلف.

(3) فبين الاعواز و التعذر عموم و خصوص مطلق، اذ كلما صدق التعذر صدق الاعواز، و ليس كلما صدق الاعواز صدق التعذر، فالأخص من جانب التعذر.

(4) و هو بايع السلعة سلفا و سلما.

ص: 251

المسلم فيه (1) تخير المشتري.

و من المعلوم أن المراد بعدم القدرة ليس التعذر العقلي المتوقف على استحالة النقل من بلد آخر (2) بل الظاهر منه عرفا ما عن التذكرة (3)

و هذا (4) يستأنس به للحكم فيما نحن فيه.

+++++++++++

(1) و هي السلعة.

(2) و هو الذي سلم الثمن الى البائع الذي هو المسلم إليه.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 13 ص 68. الباب 11. الأحاديث أليك نص الحديث الاول

عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن الرجل يسلم في الغنم: ثنيان و جذعان، و غير ذلك الى اجل مسمى.

قال عليه السلام: لا بأس إن لم يقدر الذي عليه الغنم على جميع ما عليه أن يأخذ صاحب الغنم نصفها، أو ثلثها، أو ثلثيها، و يأخذ راس مال ما بقي من الغنم دراهم، و يأخذ دون شروطهم، و لا يأخذون فوق شرطهم.

و الأكسية أيضا مثل الحنطة و الشعير و الزعفران و الغنم.

(3) و هو أن لا يوجد المثل في البلد و ما حوله.

(4) و هو أن الحكم في باب السلم و هو التخيير بين الفسخ و الصبر اذا علق على عدم القدرة ينزل على الموضوع العرفي، دون العقلي، فإن العرف هو الحاكم في عدم القدرة على تسليم المسلم فيه الى المسلم الذي هو المشتري، دون العقل.

كذلك فيما نحن فيه و هو تعذر المثل ينزل على الموضوع العرفي، دون العقلي. -

ص: 252

ثم إن في معرفة قيمة المثل مع فرض عدمه إشكالا: من حيث إن العبرة بفرض وجوده (1) و لو في غاية العزة كالفاكهة في اوّل زمانها أو آخره، أو وجود المتوسط.

الظاهر هو الاول (2)، لكن مع فرض وجوده بحيث يرغب في بيعه و شرائه فلا عبرة بفرض وجوده عند من يستغني عن بيعه بحيث لا يبيعه إلا اذا بذل له عوض لا ببذله الراغبون في هذا الجنس بمقتضى رغبتهم.

نعم لو الجأ (3) الى شرائه لغرض آخر بذل ذلك كما لو فرض

+++++++++++

إلا أن التخيير هنا بين اخذ القيمة، و بين الصبر الى أن يوجد المثل فالذي كان مناطا هناك يكون مناطا هنا.

(1) اى الاعتبار و المعيار في قيمة المثلي يدور مدار وجوده، فإن وجد تعرف القيمة و تقدر ثم تعطى الى صاحب العين التالفة.

و أما اذا لم يوجد المثل فمن أين تعرف قيمته ؟

ففي هذه الصورة اختلفت الآراء في اعتبار القيمة و معيارها.

قال بعض: إن الملاك هو أول زمان وجوده.

و قال آخر: الملاك آخر زمان وجوده.

و قال ثالث: الملاك أوساط زمان وجوده.

اختار الشيخ أول زمان وجود المثل كما في الفاكهة العزيزة الوجود القليلة النادرة.

فلو تلفت و لا يوجد مثلها فالواجب على الغاصب دفع قيمتها يوم بداية وجودها.

(2) و هو اوّل زمان الفاكهة العزيزة كما عرفت.

(3) اى الغاصب.

ص: 253

الجمد في الصيف عند ملك العراق بحيث لا يعطيه إلا أن يبذله بإزاء عتاق (1) الخيل، و شبهها، فإن الراغب في الجمد (2) في العراق من حيث إنه راغب لا يبدل هذا العوض بإزائه و إنما يبذله من يحتاج إليه لغرض آخر كالاهداء الى سلطان قادم الى العراق مثلا، أو معالجة مشرف على الهلاك، و نحو ذلك من الأغراض و لذا (3) لو وجد هذا الفرد من المثل لم يقدح في صدق التعذر كما ذكرنا في المسألة الخامسة (4)

فكل (5) موجود لا يقدح وجوده في صدق التعذر، فلا عبرة بفرض وجوده في التقويم عند عدمه.

ثم إنك قد عرفت أن للمالك مطالبة الضامن بالمثل عند تمكنه و لو كان في غير بلد الضمان و كانت قيمة المثل هناك أزيد.

و أما مع تعذره، و كون قيمة المثل في بلد التلف مخالفا لها في بلد المطالبة فهل له المطالبة بأعلى القيمتين (6) أم يتعين قيمة بلد المطالبة أم بلد التلف ؟ وجوه

و فصل الشيخ في المبسوط في باب الغصب بأنه إن لم يكن في نقله مئونة فإن كالنقدين فله المطالبة بالمثل، سواء أ كانت القيمتان مختلفتين أم لا

+++++++++++

(1) بكسر العين جمع عتيق و المراد منه الخيل الاصيل.

(2) و هو الثلج.

(3) اى و لاجل أنه لو اجبر الغاصب الى شراء المثل لغرض آخر

(4) عند قوله في ص 234: و أما إن كانت لاجل تعذر المثل، و عدم وجدانه

(5) الفاء تفريع على ما افاده في قوله: و لذا لو وجد هذا الفرد من المثل لم يقدح في صدق التعذر

(6) اى من بلد التلف، و من بلد المطالبة، كما أن القاعدة هو أعلى القيم زمانا.

ص: 254

و إن كان في نقله مئونة فإن كانت القيمتان متساويتين له المطالبة أيضا، لأنه لا ضرر عليه في ذلك، و إلا فالحكم أن يأخذ قيمة بلد التلف أو يصبر حتى يوفيه (1) بذلك البلد.

ثم قال (2): إن الكلام في القرض كالكلام في الغصب.

و حكي نحو هذا (3) عن القاضي أيضا. فتدبر.

و يمكن أن يقال: إن الحكم باعتبار بلد القرض، أو السلم على القول به (4) مع الاطلاق (5) لانصراف (6) العقد إليه؛ و ليس في باب الضمان ما يوجب هذا الانصراف (7)

+++++++++++

(1) الباء بمعنى في اى يوفيه في ذلك البلد.

(2) اى شيخ الطائفة قال: إن القرض كالغصب في جميع ما قيل فيه.

(3) اى الكلام في القرض كالكلام في الغصب.

(4) اى ببلد القرض، أو السلم.

(5) بأن استقرض عشرين طنا من الحنطة من دون أن يقيدها بحنطة الشمال، أو الجنوب.

أو باع سلما عشرين طنا من الحنطة كذلك.

(6) الجار و المجرور مرفوعة محلا خبر لكلمة إن في قوله: إن الحكم اى الحكم باعتبار بلد القرض لاجل انصراف العقد إليه.

(7) فإن في باب الغصب ليس انصراف حتى لا يجوز للمالك مطالبة الغاصب في غير بلد الغصب، بل له المطالبة في اي بلد اراد و شاء فلم يقيده الشارع.

ص: 255

بقي الكلام في أنه هل يعد من تعذر المثل خروجه عن القيمة كالماء على الشاطئ اذا اتلفه في مفازة (1)، و الجمد في الشتاء اذا اتلفه في الصيف أم لا؟

الأقوى بل المتعين هو الاول (2)

بل حكي عن بعض نسبته (3) الى الأصحاب و غيرهم (4) و المصرح به في محكي التذكرة و الايضاح و الدروس قيمة المثل في تلك المفازة.

و يحتمل آخر مكان؛ أو زمان سقط المثل فيه عن المالية.

فرع لو تمكن من المثل بعد دفع القيمة

(فرع) لو دفع القيمة في المثلي المتعذر مثله ثم تمكن من المثل فالظاهر عدم عود المثل في ذمته، وفاقا للعلامة رحمه اللّه و من تاخر عنه ممن تعرض للمسألة، لأن المثل كان دينا في الذمة سقط باداء عوضه مع التراضي فلا يعود.

كما لو تراضيا بعوضه مع وجوده.

+++++++++++

و لعل ذلك لاجل أن الغاصب يؤخذ بأشد الأحوال.

(1) بفتح الميم مفرد علم للصحراء و الفلات بلا ماء فهي اسم مكان جمعها مفازات.

و إنما قيل للفلات مفازة لفوز الانسان فيها تفاؤلا بالخير و النجاح.

(2) و هو خروج المثل عن القيمة كالماء على الشاطئ، و الثلج في الشتاء.

(3) اى نسبة هذا الخروج الى الأصحاب فيكون اجماعيا.

(4) هم (علماء اخواننا السنة)

ص: 256

هذا (1) على المختار: من عدم سقوط المثل عن الذمة بالاعواز (2)

و أما على القول بسقوطه (3) و انقلابه قيميا.

فإن قلنا: إن المغصوب انقلب قيميا عند تعذر مثله فأولى (4) بالسقوط، لأن المدفوع (5) نفس ما في الذمة.

و إن قلنا: إن المثل بتعذره النازل منزلة التلف صار قيميا احتمل وجوب المثل عند وجوده، لأن القيمة حينئذ بدل الحيلولة عن المثل.

و سيأتي أن حكمه عود المبدل (6) عند انتفاء الحيلولة.

السابع: لو كان التالف المبيع فاسدا قيميا
ضمان القيمي بالقيمة في المقبوض بالعقد الفاسد و الدليل عليه

(السابع) (7): لو كان التالف المبيع فاسدا قيميا فقد حكي الاتفاق على كونه مضمونا بالقيمة.

و تدل عليه الأخبار المتفرقة في كثير من القيميات (8) فلا حاجة الى التمسك بصحيحة أبي ولاد الآتية في ضمان البغل.

+++++++++++

(1) و هو عدم عود المثل بعد وجوده، و بعد اداء عوضه.

(2) اى بمجرد الإعواز لا ينقلب المثل الى القيمة.

(3) اى بسقوط المثل بمجرد إعواز المثل و انقلابه الى القيمة

(4) اى المثل عند إعوازه و انقلابه قيميا اولى بالسقوط عن الذمة عن المثل الذي لا ينقلب قيميا بمجرد الاعواز

(5) و هي القيمة

(6) و هو المثل

(7) اى الامر السابع من الامور المتفرعة على المقبوض بالعقد الفاسد

(8) راجع حول هذه الأخبار (وسائل الشيعة). الجزء 17

كتاب اللقطة من ص 347 - الى 373.

أليك نص الحديث الاول من باب 23. ص 372 -

ص: 257

و لا بقوله عليه السلام: من اعتق شقصا من عبد قوم عليه (1)

+++++++++++

عن السكوني عن ابي عبد اللّه عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام سئل عن سفرة وجدت في الطريق مطروحة، كثير لحمها و خبزها و جبنها و بيضها، و فيها سكين.

فقال امير المؤمنين عليه السلام: يقوّم ما فيها ثم يؤكل، لأنه يفسد و ليس له بقاء، فإن جاء طالبها غرموا له الثمن.

فقيل: يا امير المؤمنين لا يدرى سفرة مسلم، أو سفرة مجوسي ؟

فقال عليه السلام: هم في سعة حتى يعلموا

فالشاهد في قوله عليه السلام: فإن جاء طالبها غرموا لها الثمن، حيث دل على أن الموجود في السفرة المأمور بأكله يدفع الى صاحبها ثمنها بعد الاكل، لأنه من القيميات.

و راجع المصدر نفسه الجزء 16. ص 26. الباب 18

أليك نص الحديث الرابع

عن أبي جعفر عليه السلام قال: قضى امير المؤمنين عليه السلام في عبد كان بين رجلين فحرر احدهما نصفه و هو صغير، و امسك الآخر حتى كبر الّذي حرر نصفه.

قال: يقوّم قيمة يوم حرر الاول، و امر الاول أن يسعى في نصفه الذي لم يحرر حتى يقضيه.

فالشاهد في قوله عليه السلام: يقوم قيمة يوم حرر الاول؛ حيث امر بتقويم نصف العبد الّذي لم يحرر و هو من القيميات.

(1) (مستدرك وسائل الشيعة). المجلد الثالث. ص 40. الباب 16 الحديث 6

ص: 258

بل الأخبار كثيرة

بل قد عرفت أن مقتضى اطلاق أدلة الضمان في القيميات هو ذلك (1) بحسب المتعارف.

إلا أن المتيقن من هذا المتعارف ما كان المثل فيه (2) متعذرا

بل يمكن دعوى انصراف الاطلاقات الواردة في خصوص بعض القيميات كالبغل (3) و العبد (4)، و نحوهما لصورة تعذر المثل كما هو الغالب

فالمرجع (5) في وجوب القيمة في القيمي و إن فرض تيسر المثل (6) له كما في من اتلف عبدا من شخص باعه عبدا موصوفا بصفات ذلك العبد بعينه، و كما لو اتلف عليه ذراعا من مائة ذراع كرباس منسوج

+++++++++++

(1) اى هو دفع القيمة الى صاحب المال، و أن القيمة تكون مضمونة

(2) اى في القيمي، بناء على ما افاده في ص 223: و هذا يقتضي اعتبار المثل حتى في القيميات

فعليه يكون وجوب دفع القيمة في القيمي عند تعذر المثل لا مطلقا حتى و إن وجد المثل.

(3) و هي صحيحة ابي ولاد في قوله عليه السلام: قيمة بغل يوم خالفته.

(4) و هي الأخبار المشار إليها في الهامش 8 ص 257-258 في العبيد

و لا يخفى منع انصراف اطلاقات المذكورة الواردة في القيمة، حيث لو رجعت إليها لم تجد انصرافا منها الى تعذر المثل فقوله عليه السلام:

من اعتق شقصا من عبد قوم عليه أعم من تعذر المثل و غيره.

(5) مبتدأ خبره قوله: هو الاجماع

(6) اي للقيمي

ص: 259

على طريقة واحدة لا تفاوت في أجزائه اصلا: هو الاجماع كما يستظهر.

و على تقديره (1) ففي شموله لصورة تيسر المثل من جميع الجهات تأمل، خصوصا مع الاستدلال عليه (2) كما في الخلاف و غيره بقوله تعالى:

فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اِعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ ، بناء (3) على أن القيمة مماثلة للتالف في المالية، فإن ظاهر ذلك (4) جعلها من باب الأقرب الى التالف بعد تعذر المثل.

و كيف كان (5) فقد حكي الخلاف في ذلك (6) عن الاسكافي

و عن الشيخ و المحقق في الخلاف، و الشرائع في باب القرض (7)

فإن (8) ارادوا ذلك مطلقا حتى مع تعذر المثل فتكون القيمة عندهم

+++++++++++

(1) اى و على ثبوت الاجماع و وجوده فهل يشمل هذا الاجماع المورد الذي يكون مماثلا مع التالف في جميع الصفات، أولا يشمله ؟

(2) اى على وجوب دفع القيمة الى صاحب المال في القيمي.

(3) تعليل للاستدلال على وجوب دفع القيمة في القيمي بالآية الكريمة

(4) اى ظاهر كون القيمة مماثلة للتالف في المالية.

(5) اى سواء أ كانت القيمة مماثلة للتالف في المالية أم لا

(6) اى في وجوب دفع القيمة في القيمي، فإن الاسكافي على ما ينسب إليه يقول بضمان المثل في القيمي.

(7) اى هذان العلمان افادا في كتاب القرض أن ضمان القيمي بالمثل

(8) هذا كلام شيخنا الانصارى يريد أن يناقش مع هؤلاء الأعلام فقال:

إن اراد الاسكافي و الشيخ و المحقق من وجوب ضمان القيمي بالمثل -

ص: 260

بدلا عن المثل حتى يترتب عليه (1) وجوب قيمة يوم دفعها كما ذكروا ذلك (2) احتمالا في مسألة تعين القيمة، متفرعا (3) على هذا القول

فترده (4) اطلاقات الروايات الكثيرة في موارد كثيرة

(منها) (5): صحيحة أبي ولاد الآتية

+++++++++++

- مطلقا حتى و إن تعذر المثل، ثم عند تعذر المثل تدفع القيمة، بناء على أنها بدل عن المثل عندهم.

(1) اى على كون القيمة بدلا عن المثل؛ لا عن العين يترتب وجوب القيمة عند دفعها الى المالك، و اقباضها له، لا يوم الغصب أو يوم التلف.

(2) و هو وجوب دفع قيمة يوم التلف فيما تعين القيمة و هو القيمي

(3) اى حال كون هذا الاحتمال متفرعا على القول بتعين القيمة في القيميات.

(4) هذا رد من الشيخ على ما افاده الشيخ و الاسكافي و المحقق:

من أن ضمان القيمي بالمثل.

و خلاصته: أن الاطلاقات الواردة في الأخبار في أن ضمان القيمي بالقيمة كثيرة فاخذ الشيخ في عدها و نحن نذكرها تحت رقمها الخاص

(5) اى من بعض تلك الاطلاقات.

هذا احد الاطلاقات الواردة في المقام، و قد مضت الاشارة الى هذه الصحيحة في الهامش 3 ص 259

فالشاهد في قوله عليه السلام: نعم قيمة بغل يوم خالفته، حيث حكم بضمان البغل بالقيمة، لكونه من القيميات.

ص: 261

(و منها) (1): رواية العبد

(و منها) (2): ما دل على أنه اذا تلف الرهن بتفريط المرتهن سقط من ذمته بحساب ذلك، فلو لا ضمان التالف بالقيمة لم يكن وجه لسقوط الدين بمجرد ضمان التالف

(و منها) (3): غير ذلك من الأخبار الكثيرة

و إن ارادوا (4) أنه مع تيسر المثل يجب المثل لم يكن بعيدا نظرا الى ظاهر آية الاعتداء، و نفي الضرر، لأن خصوصيات الحقائق قد تقصد (5)

+++++++++++

(1) اى و من بعض تلك المطلقات الواردة في المقام.

هذه ثانية الاطلاقات الواردة في المقام، و قد مضت الاشارة إليها في الهامش 1. ص 258

فالشاهد في قوله عليه السلام: من اعتق شقصا من عبد قوم عليه حيث حكم بضمان العبد بالقيمة، لكونه من القيميات.

(2) اى و من بعض تلك الاطلاقات الواردة في المقام.

هذه ثالثة الاطلاقات

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 17 من ص 347-373

(3) اى و من بعض تلك الاطلاقات الواردة في المقام.

هذه رابعة الاطلاقات، و قد مضت الاشارة الى كثير منها في الهامش 8 ص 258

(4) اى الاسكافي و الشيخ و المحقق.

هذا هو الشق الثاني من نقاش الشيخ مع المذكورين.

اذ شقه الاول قوله: إن ارادوا ذلك مطلقا حتى مع تعذر المثل

(5) فإن المثل أقرب الى التالف، لكونه مشتملا على تلك الخصوصيات -

ص: 262

اللهم إلا أن يحقق اجماع على خلافه (1) و لو من جهة أن ظاهر كلمات هؤلاء (2) اطلاق القول بضمان المثل (3) فيكون الفصل بين التيسر (4)، و عدمه (5) قولا ثالثا (6) في المسألة (7)

ما هو المعيار في تعيين القيمة في المقبوض بالعقد الفاسد

ثم إنهم اختلفوا في تعين القيمة في المقبوض بالبيع الفاسد

فالمحكي في غاية المراد عن الشيخين و اتباعهما تعين قيمة يوم التلف و عن الدروس و الروضة نسبته الى الأكثر

و الوجه فيه (8) على ما نبه عليه جماعة منهم العلامة في التحرير:

أن الانتقال الى البدل (9) إنما هو يوم التلف، اذ الواجب قبله هو رد العين

+++++++++++

الموجودة في العين، و هذه الخصوصيات مقصودة و مطلوبة عند اهلها

(1) بأن يقوم الاجماع على أن ضمان القيمي بالقيمة و إن تيسر المثل.

(2) و هو الشيخ و الاسكافي و المحقق

(3) حيث إن هؤلاء الأعلام اطلقوا القول بضمان المثل في تلف العين و لم يقيدوه بالتيسر و عدمه.

(4) بأن يقال بوجوب المثل في القيمي عند تيسر المثل

(5) بأن يقال بعدم وجوب المثل في القيمي عند تعذر المثل

(6) القول الاول هو وجوب دفع المثل عن القيمي مطلقا، سواء تعذر المثل أم تيسر

و القول الثاني عدم وجوب دفع المثل عن القيمي مطلقا، سواء تيسر المثل أم تعذر.

(7) و هي مسألة المقبوض بالعقد الفاسد اذا كان المقبوض قيميا

(8) في تعين قيمة يوم التلف.

(9) الذي هو المثل، فإن انتقال العين الى المثل عند تلف العين فالواجب على الضامن هو دفع قيمة يوم التلف

ص: 263

و ربما يورد عليه (1) أن يوم التلف يوم الانتقال (2) الى القيمة

أما كون المنتقل إليها قيمة يوم التلف فلا

و يدفع (3) بأن معنى ضمان العين عند قبضه كونه في عهدته.

و معنى ذلك (4) وجوب تداركه ببدله عند التلف حتى يكون عند التلف كأنه لم يتلف، و تداركه ببدله (5) على هذا النحو (6) بالتزام مال معادل له (7) قائم مقامه

الأصل في ضمان التالف ضمانه بقيمته يوم التلف

و مما ذكرنا (8) ظهر أن الاصل في ضمان التالف ضمانه بقيمته يوم التلف (9)، فإن خرج المغصوب من ذلك (10) مثلا فبدليل خارج (11)

+++++++++++

(1) اى على القول بتعين قيمة يوم التلف

(2) اى انتقال العين

(3) اي هذا الايراد

(4) اي و معنى كونه في عهدته

(5) و هي القيمة

(6) و هو حتى يكون عند التلف كأنه لم يتلف

(7) اي للمثل بأن يقوم هذا المال مقام المثل، و ينوب عنه عند تعذره

(8) اي في معنى الضمان: من أن ضمان المثلي المتعذر قيمته يوم الدفع، و أنه المعيار و الاعتبار.

(9) لا يوم الدفع و الإقباض

(10) اى من ضمان قيمة يوم التلف

(11) و هو أن الغاصب يؤخذ بأشد الأحوال

فالحاصل أن الاصل الاولي، و القاعدة المسلمة في الضمان هو ضمان يوم التلف، لا يوم الدفع و الإقباض. -

ص: 264

الاستدلال بصحيحة أبي ولاد على أن العبرة بقيمة يوم الضمان
اشارة

نعم (1) لو تم ما تقدم عن الحلي في هذا المقام: من دعوى الاتفاق على كون المبيع فاسدا بمنزلة المغصوب، إلا في ارتفاع الاثم الحقناه بالمغصوب إن ثبت فيه (2) حكم مخالف لهذا الاصل (3)

بل (4) يمكن أن يقال: اذا ثبت في المغصوب الاعتبار بقيمة يوم

+++++++++++

- خرج عن هذا الاصل ضمان الغصب، فإن الضمان فيه ضمان يوم الدفع، و الخروج إنما هو لاجل دليل خارجي كما عرفته آنفا

(1) استدراك عما افاده: من أن الاصل في ضمان التالف هو ضمان قيمة يوم التلف، و يروم أن يرفع اليد عن الاصل المذكور و يدعي اصلا ثانويا: و هو أن ضمان التالف يكون بقيمة الدفع و الاقباض

و خلاصته: أنه لو تم ما افاده ابن ادريس: من أن المقبوض بالعقد الفاسد يجري مجرى الغصب في الضمان: لألحقنا المقبوض بالعقد الفاسد بالغصب لو ثبت أن الضمان بيوم القبض و الدفع، فترفع اليد عن الاصل المذكور في المقبوض بالعقد الفاسد.

لكن تبقى بقية الضمانات تحت ذاك الاصل:

و هو أن ضمان التالف بقيمة يوم التلف

(2) اى في المقبوض بالعقد الفاسد كما عرفت عند قولنا:

لو ثبت أن الضمان بيوم القبض

(3) و هو أن الاصل في ضمان التالف ضمانه بيوم التلف كما عرفت

(4) هذا إضراب عن الاستدراك الذي افاده: من أن لو تم ما افاده ابن ادريس لالحقنا المقبوض بالعقد الفاسد بالغصب: في كون ضمانه بيوم التلف

و خلاصة الإضراب أنه لو تم الاعتبار و الملاك في الغصب بيوم الغصب -

ص: 265

الغصب كما هو ظاهر صحيحة أبي ولاد الآتية: كشف ذلك (1) عن عدم اقتضاء اطلاقات الضمان لاعتبار قيمة يوم التلف، اذ (2) يلزم حينئذ أن يكون المغصوب عند كون قيمته يوم التلف أضعاف ما كانت يوم الغصب غير واجب التدارك عند التلف، لما (3) ذكرنا: من أن معنى التدارك

+++++++++++

- كما هو ظاهر صحيحة ابي ولاد الآنية في قوله عليه السلام: قيمة بغل يوم خالفته، حيث حكم على الغاصب بضمان منافع البغل بيوم المخالفة الذي هو يوم غصب البغل من قصر بني هبيرة الى النيل، و منه الى بغداد و من بغداد الى الكوفة التي هي محل اكتراء البغل: لكشف هذا الاعتبار عن عدم اقتضاء الاطلاقات الواردة في ضمان التالف بيوم التلف.

فيكون الملاك حينئذ بيوم الغصب.

(1) و هو ثبوت اعتبار يوم الغصب في الغصب كما عرفت.

(2) تعليل للكشف المذكور، و المراد من حينئذ حين ثبوت اعتبار يوم الغصب في الغصب

و خلاصة التعليل: أنه لو لم نقل بالكشف المذكور: و هو عدم اقتضاء الاطلاقات الواردة في ضمان التالف بيوم التلف: لزم أن تكون المغصوب على فرض ثبوت اعتبار يوم الغصب في المغصوب لو كانت قيمته يوم التلف أضعاف من قيمته يوم الغصب: غير واجب التدارك لأن الاعتبار بيوم الغصب، فيكون حال الغاصب أحسن حالا من غير الغاصب الذي هو المشتري القابض بالعقد الفاسد، لأنه على القول بعدم الكشف يلزم أن يكون المقبوض بالعقد الفاسد اذا كانت قيمته يوم التلف أضعاف من قيمة يوم الغصب لازم التدارك و الجبر.

(3) تعليل للملازمة المذكورة: و هو أنه لو لم نقل بالكشف -

ص: 266

الالتزام بقيمته يوم وجوب التدارك (1)

نعم (2) لو فرضت دلالة الصحيحة على وجوب أعلى القيم أمكن جعل التزام الغاصب بالزائد على مقتضى التدارك مؤاخذة له بأشق الأحوال

فالمهم حينئذ (3) صرف الكلام الى معنى الصحيحة (4) بعد ذكرها ليلحق به البيع الفاسد (5) إما لما ادعاه الحلي (6)، و إما لكشف الصحيحة عن معنى التدارك و الغرامة في المضمونات.

+++++++++++

- المذكور لزم كون الغاصب أحسن حالا من القابض في العقد الفاسد و بيان لها.

(1) و هو يوم الدفع و يوم الاقباض

(2) استدراك عما افاده: من لزوم كون الغاصب أحسن حالا من غيره، و قد ذكر الشيخ الاستدراك في المتن فلا نذكره

(3) اى حين أن تفاوت مقتضى الاصل في باب الضمان باختلاف معنى الصحيحة كما عرفت، لأن مفادها لو كان ضمان الغصب من حين الغصب كما في قوله عليه السلام: نعم قيمة يوم خالفته يلزم تمشية هذا الضمان في جميع الضمانات التي منها المقبوض بالعقد الفاسد.

و لو كان مفادها ضمان أعلى القيم من يوم الغصب، و من يوم التلف لكان ضمان التالف القيمي هو الضمان بيوم التلف.

(4) و هي صحيحة أبي ولاد

(5) و هو المقبوض بالعقد الفاسد

(6) و هو ابن ادريس حيث قال: إن المقبوض بالعقد الفاسد يجري مجرى الغصب كما نقله عنه الشيخ في ص 141

ص: 267

و كون العبرة في جميعها (1) بيوم الضمان كما هو احد الأقوال فيما نحن فيه من (2) البيع الفاسد.

و حيث إن الصحيحة مشتملة على أحكام كثيرة، و فوائد خطيرة فلا بأس بذكرها جميعا، و إن كان الغرض متعلقا ببعضها (3)

فروى الشيخ في الصحيح عن ابن محبوب عن أبي ولاد قال:

اكتريت بغلا الى قصر بني (4) هبيرة ذاهبا و جائيا بكذا و كذا و خرجت في طلب غريم لي

+++++++++++

(1) اى في جميع المضمونات، سواء أ كانت بالعقد الفاسد أم بغيره

(2) كلمة من بيان لكلمة ما الواقعة في قوله: فيما نحن فيه

(3) اي ببعض تلك الأحكام، و الفوائد الخطيرة

(4) في بعض نسخ مصادر الحديث (ابن هبيرة) كما هنا

و في (التهذيب) بني هبيرة

ثم إن الصحيحة في بعض نسخ المكاسب مذكورة بتمامها

و في بعضها لم يذكر منها سوى النصف

بالإضافة الى أن النسخ الصحيحة مختلفة في المصادر من حيث بعض المفردات فذكرنا الصحيحة بتمامها على (التهذيب)

و هبيرة كان عاملا عند بني امية في أواخر أيام حكومتهم و دولتهم

و القصر هذا واقع في غربي الحلة في مكان يسمى (الجربوعية) سابقا و حاليا (الهاشمية) التي هي من أقضية (محافظة بابل) الحلة تبعد عن الحلة عشرين كيلومترا، و تبعد عن الكوفة بستة و ستين كيلومترا عن طريق البر اذا كان الذاهب لا يقصد الحلة ثم الهاشمية

و هذا القصر لم يبق منه اثر سوى أطلال

ص: 268

فلما صرت الى قرب قنطرة الكوفة خبرت أن صاحبي (1) توجه نحو النيل (2) فتوجهت نحو النيل فلما اتيت النيل خبرت أنه (3) توجه الى بغداد فاتبعته فظفرت به، و فرغت (4) فيما بيني و بينه، و رجعت الى الكوفة.

و كان ذهابي و مجيء خمسة عشر يوما فاخبرت صاحب البغل بعذري (5) واردت أن اتحلل منه فيما صنعت و ارضيه فبذلت له خمسة عشر درهما فأبى أن يقبل فتراضينا (6) بابي حنيفة و اخبرته (7) بالقصة و اخبره الرجل

فقال (8) لي: ما صنعت بالبغل ؟

فقلت: قد رجعته سليما

قال (9): نعم بعد خمسة عشر يوما

قال (10): فما تريد من الرجل ؟

+++++++++++

(1) و هو المدين

(2) قرية كانت للكوفة

(3) اى المدين

(4) اى اخذت منه طلبي

(5) حيث إن صاحب البغل قد اكراه البغل من الكوفة الى الهاشمية لا الى بغداد و منها الى الكوفة؛ فالمستأجر قد تصرف في مال الناس بلا اجازة من صاحب البغل فاراد ارضاء خاطره و اكتساب رضاه

(6) اى انا و صاحب البغل رضينا بحكم (ابى حنيفة) و قضائه

(7) اى (أبا حنيفة)

(8) اى (ابو حنيفة)

(9) اى صاحب البغل لأبي حنيفة

(10) اى ابو حنيفة خاطب صاحب البغل و قال له: ما ذا تريد من المستأجر؟

ص: 269

قال (1): اريد كري بغلي فقد حبسه عليّ خمسة عشر يوما

فقال (2): إني ما ارى لك حقا، لأنه اكتراه الى قصر بني هبيرة فخالف فركبه الى النيل و الى بغداد فضمن قيمة البغل (3) و سقط الكري فلما رد البغل سليما و قبضته لم يلزمه الكري (4)

قال (5): فخرجنا من عنده (6) و جعل صاحب البغل يسترجع (7) فرحمت (8) مما افتى به ابو حنيفة، و اعطيته شيئا و تحللت منه، و حججت تلك السنة فاخبرت أبا عبد اللّه عليه السلام بما افتى به ابو حنيفة.

فقال (9): في مثل هذا القضاء (10) و شبهه تحبس السماء ماءها و تمنع الارض بركاتها

+++++++++++

(1) اى صاحب البغل قال (لأبي حنيفة)

(2) اى (ابو حنيفة) لصاحب البغل

(3) اى لو تلف البغل كان المستاجر ضامنا لقيمته

(4) لأن الخراج بالضمان فالمنافع المستوفاة من البغل في قبال ضمان العين و هو البغل

(5) اى المستأجر

(6) اى من عند (أبي حنيفة) الّذي قضى بالحكم

(7) اى يقول: إِنّٰا لِلّٰهِ وَ إِنّٰا إِلَيْهِ رٰاجِعُونَ

(8) اي كسر قلبي و شفقت عليه

(9) اي (الامام الصادق) عليه السلام

(10) و هو أنه لا شيء لصاحب البغل سوى قيمة البغل لو تلف و أن المنافع المستوفاة في قبال ضمان البغل لو مات: بناء على أن الخراج بالضمان

ص: 270

قال (1): فقلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: فما ترى انت ؟

قال (2): ارى له عليك مثل كري البغل ذاهبا من الكوفة الى النيل و مثل كري البغل من النيل الى بغداد، و مثل كري البغل من بغداد الى الكوفة، و توفيه (3) اياه

قال (4): قلت: جعلت فداك قد علفته بدراهم فلي عليه (5) علفه ؟

قال (6): لا، لأنك غاصب

فقلت (7): أ رأيت لو عطب (8) البغل، أو نفق (9) أ ليس كان يلزمني (10)؟

+++++++++++

(1) اى المستأجر

(2) اي (الامام الصادق) عليه السلام قال للمستأجر

(3) اي تعطي هذه الأجور لصاحب البغل

(4) اي المستأجر

(5) اي على صاحب البغل الدراهم التي صرفتها في تعليف البغل

(6) اي قال (الامام الصادق) عليه السلام: لا يجوز لك أن تأخذ من صاحب البغل أجور تعليف البغل، لأنك غاصب فالمنافع لا تكون إزاء هذه الدراهم المصروفة.

(7) اي المستأجر الغاصب قال (للامام الصادق) عليه السلام

(8) اي هلك و انكسر

يقال: عطب الفرس اي هلك، أو انكسرت رجله

(9) بمعنى الهلاك و خروج الروح

(10) اي أ ليست قيمة البغل كانت لازمة علي لو هلك البغل و مات ؟

ص: 271

قال (1): نعم قيمة بغل يوم خالفته

قلت (2): فإن اصاب البغل كسر، أو دبر (3)، أو عقر (4)

فقال (5): عليك قيمة ما بين الصحة و العيب يوم ترده (6) عليه

قلت (7): فمن يعرف ذلك (8)

قال (9): انت و هو: إما يحلف هو على القيمة (10) فيلزمك

+++++++++++

(1) اي (الامام الصادق) عليه السلام قال: نعم كان يلزمك قيمة بغل من اليوم الذي خالفت مدة اجارتك و هي من قصر بني هبيرة، اذ كانت الاجارة المتفق عليها من الكوفة الى القصر المعهود فما زاد عنها و هي المسافة من القصر الى بغداد، و من بغداد الى الكوفة كانت باطلة لأنها لم تقع باذن و اجازة من صاحب البغل فتكون مغصوبة فيجب على الغاصب دفع اجرة المثل.

(2) اي (للامام الصادق) عليه السلام

(3) بفتح الدال و الباء و الراء قرحة توجد في الدابة

(4) بفتح العين و القاف و الراء بمعنى جرح

(5) اي (الامام الصادق) عليه السلام قال للمستأجر

(6) اي يوم ترد البغل على صاحبه فإن كان فيه احد المذكورات:

من الكسر و الدبر و العقر عليك ما بين القيمة الصحيحة و المعيبة.

فإن كانت قيمة البغل صحيحا خمسين دينارا، و معيبا اربعين دينارا فيلزمك أن تدفع إليه التفاوت ما بين القيمتين المعبر عنه بالارش

(7) اي قال المستأجر (للامام الصادق) عليه السلام

(8) اى قيمة ما بين الصحيحة و الفاسدة

(9) اي (الامام الصادق) عليه السلام للمستأجر

(10) اي يحلف صاحب البغل على القيمة الصحيحة، أو المعيبة

ص: 272

فإن رد (1) اليمين عليك فحلفت على القيمة (2) لزمك ذلك

أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أن قيمة البغل حين اكتري كذا و كذا فيلزمك

قلت (3): إني اعطيته دراهم و رضي بها و حللني

قال (4): إنما رضي فأحلك حين قضى عليه (ابو حنيفة) بالجور و الظلم و لكن ارجع إليه و اخبره بما افتيتك به

فإن جعلك في حل بعد معرفته (5) فلا شيء عليك بعد ذلك الخ (6)

+++++++++++

(1) اى صاحب البغل

(2) اى القيمة الصحيحة، أو المعيبة

(3) اى (للامام الصادق) عليه السلام

(4) اى (الامام الصادق) عليه السلام

(5) اى بعد أن عرف صاحب البغل أن له عليك اجرة المنافع المستوفاة من قصر بني هبيرة الى بغداد، و منها الى الكوفة.

فإن وهبك من تلك الاجور فانت في حل من ذلك و لا شيء عليك و إن لم يهبك فالواجب عليك دفعها إليه.

فهو قبل معرفته بهذه الفتيا لا يجوز عليك أن لا تخبره بها

(6) اى الى آخر الخبر. أليك تمام الحديث

قال ابو ولاد: فلما انصرفت من وجهي ذلك لقيت المكاري فاخبرته بما افتاني به ابو عبد اللّه عليه السلام، و قلت له: قل ما شئت حتى اعطيكه

فقال: قد حبّبت(1) إليّ جعفر بن محمد، و وقع في قلبي له التفضيل -

ص: 273


1- يظهر من عبارة صاحب البغل أنه قبل إفتاء (الامام الصادق) عليه السلام بتلك الفتيا كان لا يحب الامام
محل الاستشهاد فيها فقرتان:
اشارة

و محل الاستشهاد فيها (1) فقرتان:

الأولى: قوله: نعم قيمة بغل يوم خالفته الى ما بعد

(الأولى): قوله (2): نعم قيمة بغل يوم خالفته الى ما بعد (3) فإن (4) الظاهر ان اليوم قيد للقيمة إما باضافة القيمة المضافة الى البغل إليه (5) ثانيا (6): يعني قيمة يوم المخالفة للبغل، فيكون إسقاط حرف التعريف من البغل

+++++++++++

- و انت في حل، و إن اردت أن ارد عليك الذي اخذت منك فعلت(1)

(1) اى محل الشاهد من صحيحة ابي ولاد على مدعانا: من أن الاعتبار في ضمان القيميات بالقيمة إنما هو بقيمة يوم الغصب كما افاد هذا المعنى سابقا عند قوله: كما هو ظاهر صحيحة ابي ولاد.

(2) اى قول (الامام الصادق) عليه السلام لصاحب البغل عند سؤاله عنه.

(3) اى الى ما بعد يوم خالفته الذي هو تمام الحديث

(4) من هنا يريد الشيخ أن يبين كيفية دلالة الصحيحة على أن الاعتبار بيوم المخالفة الذي هو يوم الغصب.

(5) اى الى اليوم: بأن اضيفت القيمة مرة الى البغل، و ثانية الى اليوم

(6) قد اعترض المعلقون على الكتاب حول كلمة ثانيا، حيث إن كلمة قيمة مضافة مرة ثانية الى اليوم بعد أن اضيفت مرة اولى الى البغل

و حاصل الاعتراض أنه كيف يسوغ اضافة شيء واحد مرتين، لعدم -

ص: 274


1- (التهذيب). الجزء 7. ص 215-216. الحديث 25/943

للاضافة، لا (1) لأن ذا القيمة بغل غير معين حتى توهم الرواية مذهب من جعل القيمي مضمونا بالمثل، و القيمة إنما هي قيمة المثل

+++++++++++

- مساعدة القواعد العربية على ذلك فهذه لا تنسجم و القواعد

و قد اطنبوا حول هذه الكلمة

اقول: ما كان ينبغي الى هذا التطويل بلا طائل الذي لا يسمن و لا يغني من الجوع، و لا سيما الموضوع تافه و بسيط جدا لا يحتاج الى تضييع العمر الذي هو أغلى من كل شيء، و إن كان اعتراضهم حول عدم جواز اضافة الشيء الواحد مرتين في محله

لكن عند ما يمعن القارئ الكريم النظر في عبارة الشيخ في قوله:

فيكون إسقاط حرف التعريف من البغل في قوله عليه السلام: قيمة بغل للاضافة اى لأجل اضافة البغل الى اليوم: يتضح له أن في العبارة إما سقطا، أو زيادة كلمة ثانيا، لأنه اذا كانت كلمة القيمة مضافة الى اليوم ثانيا فلما ذا حذفت الألف و اللام عن البغل مع أنه لم يضف، و الحذف بلا مبرر و موجب لا يجوز، فحذف الألف و اللام من البغل دليل على أن البغل مضاف الى اليوم، لا أن القيمة مضافة الى اليوم ثانيا

و المعنى يكون هكذا: نعم ارى عليك قيمة بغل يوم المخالفة و هو يوم غصب البغل من قصر بني هبيرة الى بغداد، و منها الى الكوفة.

(1) اى و ليس حذف الألف و اللام من البغل لأجل أن صاحب القيمة الذي هو البغل هو بغل مجهول غير معين حتى تكون الصحيحة موهمة الى مذهب من يقول بضمان المثل في القيميات.

و القيمة المعطاة هنا هي قيمة مثل ذلك البغل

ص: 275

و إما بجعل اليوم قيدا للاختصاص (1) الحاصل من اضافة القيمة الى البغل.

و أما ما احتمله جماعة من تعلق الظرف بقوله عليه السلام: نعم القائم مقام قوله عليه السلام: يلزمك يعنى يلزمك يوم المخالفة قيمة بغل (2) فبعيد جدا

+++++++++++

(1) هذا هو الشق الثاني لكيفية الاستشهاد بالصحيحة على ما ادعاه من أن الاعتبار بضمان القيمي في القيميات بيوم المخالفة الّذي هو يوم الغصب اذ شقه الاول هو اضافة القيمة الى البغل و البغل الى اليوم.

و خلاصته: أن القيمة لما اضيفت الى البغل تضمن معنى اشتقاقيا و هي كلمة الاختصاص فيصح حينئذ تعلق الظرف بكلمة قيمة، و لو لا هذه التمحلات لما صح تعلق الظرف بكلمة قيمة، لأن المتعلق لا بد أن يكون فعلا أو شبه فعل، أو ما فيه شائبة الفعل.

(لا يقال): كلمة قيمة مصدر يصح تعلق الظرف بها فلا تحتاج الى هذه التمحلات حتى يصح تعلق الظرف بها.

(فإنه يقال): كلمة قيمة ليست مصدرا، لأنها فيه عبارة عن نفس ما يتقوم به فتكون اسما مجردا يراد بها الثمن.

(2) إذا صارت الاحتمالات في متعلق الظرف ثلاثة.

(الاول): تعلقه بكلمة قيمة

(الثاني): تعلقه بكلمة اختصاص

(الثالث): تعلقه بكلمة نعم القائم مقام يلزمك

فالشيخ اختار الاول و الثاني منهما

و إن كان الثاني قريبا الى القواعد العربية، لأنه مصدر

و الثالث أقرب، لأنه اذا كان في الكلام فعل، أو شبهه فهو أولى -

ص: 276

بل غير ممكن، لأن السائل إنما سأل عما يلزمه بعد التلف بسبب المخالفة بعد العلم بكون زمان المخالفة زمان حدوث الضمان (1) كما يدل عليه (2) أ رأيت لو عطب البغل، أو نفق أ ليس كان يلزمني ؟ فقوله:

نعم يعني يلزمك بعد التلف بسبب المخالفة قيمة بغل يوم خالفته.

و قد أطنب بعض في جعل الفقرة (3) ظاهرة في تعلق الظرف بلزوم القيمة عليه و لم يأت بشيء يساعده التركيب اللغوي، و لا التفاهم العرفي

+++++++++++

- لأن يكون متعلقا للظرف، فإن نعم في قوة قوله عليه السلام: يلزمك لكن الشيخ افاد أن الثالث بعيد

و اورد عليه أنه أقرب من الاول، و الثاني فليس فيه بعد، لما فيه من معنى الفعل، أو شبهه

(1) و هو يوم الغصب

(2) اى على عما يلزمه

و قد اورد على هذه الدلالة بأنه لو قيل: أ رأيت لو مات زيد أ ليست تقسم أمواله بين ورثته لا دلالة فيه على السؤال عن كيفية القسمة و عن أن كل واحد من الورثة ما مقدار نصيبه

بل السؤال عن اصل القسمة

و ما نحن فيه كذلك، اذ السؤال فيه عن اصل الضمان

فتعلق الظرف بنعم لا يكون غير ممكن، بالإضافة الى مساعدة التركيب اللغوي عليه كما عرفت

(3) و هو قوله عليه السلام: نعم قيمة بغل يوم خالفته اى جعل هذا المطنب هذه الفقرة قرينة على تعلق الظرف و هو يوم بلزوم القيمة على الغاصب -

ص: 277

الثانية قوله: أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أن قيمة البغل يوم اكتري كذا و كذا

(الثانية) (1) قوله: أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أن قيمة البغل يوم اكتري كذا و كذا، فإن اثبات قيمة يوم الاكتراء من حيث هو يوم الاكتراء لا جدوى فيه، لعدم الاعتبار به فلا بد أن يكون الغرض منه اثبات قيمة يوم المخالفة (2)، بناء على أنه يوم الاكتراء، لأن (3) الظاهر من صدر الرواية أنه خالف المالك بمجرد خروجه من الكوفة

+++++++++++

- ثم لا يخفى عليك أن الغاية من جعل الظرف قيدا للقيمة، أو للاختصاص أو بكلمة نعم لاجل عدم جواز تخصص القيمة بيوم المخالفة الذي هو يوم غصب الدابة إلا باعتبار اضافة القيمة الى اليوم، أو باعتبار تضمنها معنى الاختصاص بالنظر الى اضافة القيمة الى البغل ثم اضافة البغل الى اليوم

فبالنتيجة كأنما اضيفت القيمة الى اليوم الذي يراد منه يوم المخالفة.

(1) اى الفقرة الثانية التي تكون محلا للاستشهاد بها على ما نحن فيه: و هو أن الاعتبار في ضمان القيميات بالقيمة إنما هو بقيمة يوم الغصب لا بيوم التلف

(2) و هو يوم الغصب

(3) تعليل لكون يوم المخالفة هو يوم الاكتراء

و أما وجه الظهور فهو قول المستأجر: فلما صرت قرب قنطرة الكوفة خبرت أن صاحبي توجه الى النيل فتوجهت نحو النيل، فإن هذه الجملة تدل على أن المستأجر من بداية الامر خالف محل الاجارة المشترطة اذ الاجارة وقعت على السير من الكوفة الى قصر بني هبيرة ذاهبا و جائيا فهو بمجرد خروجه من الكوفة خالف الاجارة الواقعة، لأنه لما صار قرب قنطرة الكوفة التي هي داخلة في الكوفة سمع أن مدينه هرب الى النيل التي هي قرية من قرى الكوفة فغير حالا مسيره من الذهاب -

ص: 278

و من المعلوم أن اكتراء البغل لمثل تلك المسافة القليلة إنما يكون يوم الخروج، أو في عصر اليوم السابق.

و معلوم أيضا عدم اختلاف القيمة في هذه المدة (1) القليلة

و أما قوله عليه السلام في جواب السؤال عن اصابة العيب:

عليك قيمة ما بين الصحة و العيب يوم ترده فالظرف (2) متعلق بعليك لا قيد للقيمة (3)، اذ لا عبرة في ارش العيب بيوم الرد اجماعا، لأن النقص

+++++++++++

- الى قصر بني هبيرة الى الذهاب الى النيل باختلاف السير، اذ مسافة قصر بني هبيرة كانت محل الاجارة، و السير نحو النيل، و منها الى بغداد، و من بغداد الى الكوفة خارج عن محل الاجارة

(1) فالاختلاف بين صاحب البغل، و المستأجر إنما كان لاجل تلك المسافة البعيدة من النيل الى بغداد، و منها الى الكوفة التي طالت خمسة عشر يوما

(2) و هي كلمة يوم في قوله عليه السلام: يوم ترده اى الواجب عليك قيمة الفرق في يوم ترد البغل الى صاحبه

(3) (لا يقال): كيف جعل الظرف في الجملة السابقة و هو قوله عليه السلام: نعم قيمة بغل يوم خالفته متعلقا بالقيمة، بناء على اعتبار اضافة القيمة الى اليوم، أو باعتبار تضمن القيمة معنى الاختصاص حتى يصح اختصاص القيمة بيوم المخالفة ؟

و هنا افاد أن الظرف قيد لكلمة عليك، لا قيد للقيمة من دون أن يعتبر احد الامرين المذكورين، اى عليك قيمة الفرق بين الصحيح و المعيب بيوم رد البغل الى صاحبه.

(فإنه يقال): إن المراد من قيمة ما بين الصحيح و المعيب هي قيمة -

ص: 279

الحادث تابع في تعيين يوم قيمته لاصل العين (1)

فالمعنى عليك اداء الارش يوم رد البغلة.

و يحتمل أن يكون (2) قيدا للعيب

و المراد (3) العيب الموجود في يوم الرد، لاحتمال ازدياد العيب الى يوم الرد فهو مضمون، دون العيب القليل الحادث أوّلا (4)

+++++++++++

- الفرق ما بين الحالتين فعليه يجوز تعلق الظرف بالحالتين من دون اعتبار شيء آخر: من الامرين الذين اعتبرناهما في الجملة السابقة

(1) فكما أن العين تكون مضمونة من يوم الغصب، كذلك الفرق بين الصحيح و المعيب يكون مضمونا من يوم الغصب.

ثم لا يخفى عليك أنه ليس المراد من الفرق بين قيمة الصحيحة و المعيبة ملاحظة النسبة من الثمن كما في ارش التفاوت

بل المراد هو التفاوت و العرفي

خذ لذلك مثالا

لو كانت قيمة البغل صحيحا يوم أن اكتري خمسين دينارا، و قيمته يوم الرد معيبا اربعين دينارا فعلى المستأجر إعطاء الفرق بين القيمتين صحيحا و معيبا و هي عشرة دنانير، لا خمسة دنانير التي هي نتيجة نسبة العشرة الى الخمسين

و من المعلوم أن نسبة العشرة الى الخمسين العشر اى يعطي المستأجر من كل عشرة دنانير دينارا واحدا لصاحب البغل.

(2) اى كلمة يوم الواردة في صحيحة ابي ولاد

(3) اى من العيب الوارد في قول الامام عليه السلام

(4) و هو يوم الغصب

ص: 280

لكن يحتمل أن يكون العيب قد تناقص الى يوم الرد، و العبرة حينئذ (1) بالعيب الموجود حال حدوثه، لأن المعيب لورد الى الصحة، أو نقص لم يسقط ضمان ما حدث منه و ارتفع على مقتضى الفتوى.

فهذا الاحتمال (2) من هذه الجهة ضعيف أيضا، فتعين تعلقه (3) بقوله عليه السلام: عليك

و المراد بقيمة ما بين الصحة و العيب قيمة التفاوت بين الصحة و العيب

و لا تعرض في الرواية ليوم هذه القيمة فيحتمل يوم الغصب

و يحتمل يوم حدوث العيب الذي هو يوم تلف و صف الصحة الذي هو (4) بمنزلة جزء (5) العين في باب الضمانات و المعاوضات

+++++++++++

(1) اى حين أن نقص العيب الى يوم الرد

(2) و هو احتمال أن كلمة يوم قيدا للعيب ضعيف من جهة أن العيب لورد الى الصحة، أو نقص لم يسقط ضمان ما حدث منه و ارتفع

كما أن احتمال كون كلمة يوم قيدا للقيمة ضعيف أيضا

(3) اى تعلق الظرف الذي هي كلمة يوم

(4) اى وصف الصحة

(5) فكما أن الجزء من الشيء اذا تلف يكون المتلف ضامنا له

كذلك وصف الصحة الذي هو بمنزلة جزء العين اذا تلف يكون المتلف ضامنا له كما فيما نحن فيه و هو البغل المستأجر، فإنه لو اصابه مرض فنقصت قيمته عن القيمة الصحيحة بسبب المرض يكون الغاصب ضامنا لنقصان الصحة

ص: 281

و حيث عرفت (1) ظهور الفقرة السابقة (2) عليه (3) و اللاحقة (4) له في اعتبار يوم الغصب تعين حمل هذا (5) أيضا على ذلك

ما يوهن الاستدلال بالصحيحة على اعتبار قيمة يوم الضمان

نعم (6) يمكن أن يوهن ما استظهرناه من الصحيحة بأنه لا يبعد أن يكون مبنى الحكم في الرواية على ما هو الغالب في مثل مورد الرواية من عدم اختلاف قيمة البغل في مدة خمسة عشر يوما

+++++++++++

(1) عند قوله في ص 278: لأن الظاهر من صدر الرواية

(2) و هو قوله عليه السلام: نعم قيمة بغل يوم خالفته

وجه الظهور أن المستأجر خالف عقد الاجارة من بداية السير، لأنه حين ما عرف أن صاحبه هرب توجه نحو النيل

فيوم المخالفة هو المعيار في الضمان، لا يوم الاكتراء

(3) اى على أن الاعتبار في الضمان بيوم الغصب

(4) اي و قد عرفت أيضا ظهور الجملة اللاحقة و هو قوله عليه السلام:

عليك قيمة ما بين الصحة و العيب يوم ترده: في يوم المخالفة و هو يوم الغصب

وجه الظهور هي القرينة الخارجية: و هو عدم الجدوى بيوم الاكتراء كما عرفت، مع ضم القرينة الداخلية و هو صدر الصحيحة الى القرينة الخارجية: و هو اعتبار قيمة يوم المخالفة

(5) و هو أن ضمان قيمة ما بين الصحة و العيب على يوم المخالفة الّذي هو يوم الغصب

فكما أن قيمة البغل يحمل ضمانها على يوم الغصب

كذلك ضمان قيمة ما بين الصحيح و المعيب يحمل على يوم الغصب

(6) استدراك عما افاده: من أن الاعتبار في ضمان القيميات بيوم -

ص: 282

و يكون (1) السر في التعبير بيوم المخالفة دفع (2) ما ربما يتوهمه أمثال صاحب البغل من العوام أن العبرة بقيمة ما اشتري به البغل و إن نقص

+++++++++++

- المخالفة الذي هو يوم غصب البغل الى بغداد.

و خلاصته: أنه من الممكن أن يوهن ما استظهرناه: و هو أن المعيار في الضمان بيوم المخالفة ببيان أن مبنى الحكم الذي هو الضمان على ما هو الغالب المتعارف، أي الضمان مبني على هذا و هو أن الغالب عدم اختلاف قيمة البغل من يوم الاكتراء الى يوم الرد الذي كانت مدته خمسة عشر يوما، فلا فرق بين يوم المخالفة، و بين يوم الاكتراء من هذه الناحية، اذ في المدة اليسيرة التي هي خمسة عشر يوما قل ما يتفق تغيير من حيث الزيادة و النقيصة في سعر البغل الذي استؤجر.

اذا يكون الاعتبار بيوم الاكتراء

(1) دفع وهم

حاصل الوهم: أنه اذا كان المعيار هو يوم الاكتراء، و أنه لا فرق بينه، و بين يوم المخالفة فلما ذا عبر عليه السلام عنه بيوم المخالفة في قوله:

نعم قيمة بغل يوم خالفته ؟

(2) جواب عن الوهم المذكور

حاصله: أن السر في ذلك هو دفع ما يتوهمه العوام من ذوي البغل حيث إنهم يرون أنفسهم متضررين بموت بغلتهم، أو اصابته بمرض أو نفق، أو كسر، لأنه بهذا العارض قد خسر المبلغ الذي به اشترى البغل، فجبرا و تداركا لهذه الخسارة يطالب بقيمة يوم الاشتراء

فالامام عليه السلام دفعا لهذا التوهم قال: نعم قيمة بغل يوم خالفته

ص: 283

بعد ذلك، لأنه (1) خسر المبلغ الذي اشترى به البغلة

و يؤيده (2) التعبير عن يوم المخالفة في ذيل الرواية بيوم الاكتراء (3) فإن فيه (4) اشعارا بعدم عناية المتكلم (5) بيوم المخالفة من حيث إنه يوم المخالفة

إلا (6) أن يقال: إن الوجه في التعبير بيوم الاكتراء مع كون المناط يوم المخالفة هو التنبيه على سهولة إقامة الشهود على قيمته في زمان الاكتراء لكون البغل فيه غالبا بمشهد من الناس و جماعة من المكارين، بخلاف

+++++++++++

(1) تعليل لكون العوام يرون الضمان بيوم الشراء

(2) اى و يؤيد عدم الفرق بين المخالفة، و يوم الاكتراء، و أنه لا فرق بينهما في التعبير، سواء قلت: يوم المخالفة أم يوم الاكتراء، لعدم وجود اختلاف بين المدتين في هذه المدة الوجيزة و هي خمسة عشر يوما

(3) في قوله عليه السلام: حين اكتري كذا و كذا

(4) اى في هذا التعبير

(5) و هو الامام عليه السلام، حيث إنه لا يعتني بيوم المخالفة من حيث إنه يوم المخالفة، لعدم موضوعيته، بل له الطريقية فقط

(6) استثناء عما افاده في التأييد: من عدم الفرق بين يوم المخالفة و بين يوم الاكتراء، و أن يوم المخالفة ليس له الموضوعية

و خلاصته: أن السر في التعبير عن يوم المخالفة بيوم الاكتراء مع أن المناط و الملاك هو يوم المخالفة: هي سهولة الاستشهاد على تعيين قيمة البغل عند تلفه، أو ورود نقص عليه باقامة البينة و أهل الخبرة على أن سعر البغل يوم الاكتراء كان كذا و كذا، لوجود البغل في يوم الاكتراء بمحضر من المكارين -

ص: 284

زمان المخالفة من حيث إنه زمان المخالفة فتغيير (1) التعبير ليس لعدم العبرة بزمان المخالفة، بل للتنبيه على سهولة معرفة القيمة بالبينة كاليمين (2) في مقابل قول السائل: و من يعرف ذلك. فتأمل (3)

+++++++++++

- بخلاف يوم المخالفة، فإنه من الصعب جدا الاستشهاد به على تعيين القيمة باقامة اهل الخبرة، لأن سعر قيمة يوم المخالفة لا يطلع عليه احد سوى المستأجر، فلذا عبر بيوم الاكتراء و إن كان يوم المخالفة هو المناط

و لا يخفى أنه لو قلنا: إن المدة القصيرة و هي خمسة عشر يوما لا توجب اختلاف الأسعار فالسر المذكور لا أثر له

(1) الفاء تفريع على ما افاده: من أن السر في التعبير عن يوم المخالفة بيوم الاكتراء هي سهولة الاستشهاد باقامة البينة أى فعلى ضوء ما ذكرنا فتغيير التعبير في مكان بيوم المخالفة في قوله عليه السلام: نعم قيمة بغل يوم خالفته

و في مكان بيوم الاكتراء في قوله عليه السلام: يشهدون أن قيمة البغل يوم اكتري كذا و كذا: لا يكون لعدم الاعتبار بيوم المخالفة، و أنه لا مدخلية له و لا موضوعية له

بل له الموضوعية و المدخلية

(2) اى كما أن اليمين جعلت سهولة لقطع مادة النزاع، فإن صاحب البغل عند ما يحلف على قيمة البغل تنقطع الخصومة و لا تبقى مادة النزاع

ثم إن رد اليمين توجهت نحو الغاصب

فاليمين بما هي يمين جعلت تسهيلا على الناس، لقطع دابر النزاع

(3) لعل الامر بالتأمل لاجل أن تكليف صاحب البغل باقامة البينة مع حكمه عليه السلام بتوجه اليمين نحوه طبقا للقاعدة المعروفة: -

ص: 285

و يؤيده (1) أيضا قوله عليه السلام: فيما بعد في جواب قول السائل:

و من يعرف ذلك (2)

قال: انت و هو إما أن يحلف هو على القيمة فيلزمك، فإن رد اليمين عليك فحلفت له لزمه، أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أن قيمة البغل يوم اكتري كذا و كذا فيلزمك، فإن (3) العبرة لو كانت بخصوص يوم المخالفة لم يكن وجه لكون القول قول المالك، مع كونه (4) مخالفا للاصل

ثم (5) لا وجه لقبول بينته، لأن من كان القول قوله فالبينة بينة صاحبه

و حمل الحلف هنا (6)

+++++++++++

- (البينة للمدعي، و اليمين على من انكر) حيث إن صاحب البغل منكر لما يدعيه الغاصب: لا ينطبق اى لا يجتمع

(1) اى و يؤيد عدم الفرق بين يوم المخالفة، و بين يوم الاكتراء

(2) اى قيمة البغل

(3) تعليل لعدم الفرق بين يوم المخالفة، و يوم الاكتراء

(4) اى مع كون القول قول المالك مخالف للاصل، لأن الاصل يقتضي عدم الزيادة فيما يدعيه المالك فقبول قوله مخالف لهذا الاصل

(5) إشكال ثان أى بالإضافة على أن تقديم قول المالك مخالف للاصل، لما عرفت هنا إشكال آخر: و هو أن من كان القول قوله فلا وجه لقبول بينته، لأن البينة حينئذ تكون لصاحبه و هو الغاصب، طبقا للقاعدة

المعروفة: (البينة للمدعي، و اليمين على من انكر)

(6) اى في مثل هذا النزاع

ص: 286

على الحلف المتعارف (1) الذي يرضى به المحلوف له، و يصدقه فيه، من دون محاكمة (2)

و التعبير برده (3) اليمين على الغاصب من جهة أن المالك أعرف بقيمة بغله فكان الحلف حقا له ابتداء خلاف (4) الظاهر

و هذا (5) بخلاف ما لو اعتبرنا يوم التلف، فإنه يمكن أن يحمل

+++++++++++

(1) و هو الحلف بالرسول الأعظم و الأئمة المعصومين صلوات اللّه عليه و عليهم اجمعين، أو بسيدنا العباس صلوات اللّه عليه كما هو المتعارف عند عامة الناس من الشيعة الامامية

(2) اى من دون مراجعة المحاكم الشرعية و القضاة

(3) اى برد المالك اليمين

(4) خبر للمبتدإ المتقدم و هو قوله: و حمل الحلف اى حمل الحلف على الحلف المتعارف عند الناس خلاف الظاهر

بل الظاهر أن المراد من الحلف هو الحلف المتداول عند القضاة و المحاكم الشرعية

و لا يخفى أن هذا الظاهر خلاف الظاهر، اذ الظاهر أن المراد من الحلف هو الحلف المتعارف عند الناس

(5) اى قبول بينة المالك و الحكم بكون القول قوله في صورة تنازع المالك و الغاصب على قيمة البغل، بناء على اعتبار يوم الغصب، و أنه المعيار و المناط

و أما بناء على اعتبار يوم التلف، و أنه المعيار في ضمان القيميات فاليمين تتوجه على المالك عند التنازع

ص: 287

توجه اليمين (1) على المالك على ما اذا اختلفا في تنزل القيمة يوم التلف مع اتفاقهما، أو الاطلاع من الخارج على قيمته سابقا

و لا شك حينئذ (2) أن القول قول المالك، و يكون (3) سماع البينة في صورة اختلافهما في قيمة البغل سابقا مع اتفاقهما على بقائه عليها الى يوم التلف

فتكون الرواية (4) قد تكفلت لحكم صورتين من صور تنازعهما (5)

+++++++++++

(1) و هي اليمين المردودة من الغاصب

(2) اى حين أن كان المالك و الغاصب مختلفين على تنزل القيمة في يوم التلف، و متفقين على ثبوت القيمة في يوم التسلم

هذه هي الصورة الاولى من صور التنازع

(3) اى يكون سماع البينة من المالك، و أن القول قوله حينئذ في صورة اتفاق المالك و الغاصب على بقاء قيمة البغل في يوم التلف و اختلافهما عليها في يوم التسلم

هذه هي الصورة الثانية من صور التنازع

(4) اى صحيحة ابي ولاد

(5) اعلم أن صور تنازع المالك و الغاصب على قيمة البغل أربعة و هي كما يلي:

(الاولى): اتفاق المالك و الغاصب على قيمة البغل يوم التسلم و اختلافهما عليها يوم التلف: بأن يدعي المالك الزيادة في يوم التلف، و الغاصب ينكر زيادة القيمة

(الثانية): اختلاف المالك و الغاصب على قيمة البغل يوم التسلم:

بأن يدعي المالك زيادة القيمة، و الغاصب ينكر زيادتها، و اتفاقهما عليها يوم التلف

ص: 288

و يبقى بعض الصور (1) مثل دعوى المالك زيادة قيمة يوم التلف عن يوم المخالفة

و لعل حكمها (2) اعني حلف الغاصب يعلم من حكم عكسها (3) المذكور في الرواية

و أما (4) على تقدير كون العبرة في القيمة بيوم المخالفة فلا بد

+++++++++++

(الثالثة): اختلاف المالك و الغاصب على قيمة البغل يوم التسلم و يوم التلف: بأن يدعي المالك زيادة القيمة في يوم التسلم و يوم التلف و الغاصب يدعي خلافها

(الرابعة): عدم اختلاف المالك و الغاصب على قيمة البغل لا يوم الغصب و لا يوم التلف، لعدم تفاوت القيمة فيهما

فالشيخ قدس سره افاد أن الصحيحة متكفلة لصورتين من الصور الاربعة و هما: الصورة الاولى و الصورة الثانية

و قد اشرنا إليهما في الهامش 5. ص 288

و قد علم حكمهما: من توجه اليمين على المالك في الصورة الاولى و من اثبات البينة على المالك في الصورة الثانية

(1) اى من الصور الأربعة المذكورة و هي الصورة الثالثة المشار إليها في هذه الصفحة

(2) اى الصورة الثالثة

(3) اى عكس الصورة الثالثة: و هي الصورة الاولى المشار إليها في الهامش 5 ص 88

فكما أن الصورة الاولى يحلف المالك فيها

كذلك هنا يحلف المالك فيكون القول قوله

(4) اى الى هنا كان الكلام حول يوم المخالفة -

ص: 289

..........

+++++++++++

- و أما اذا كان الملاك و المعيار يوم التلف فلا بد من حمل الرواية و هي صحيحة أبي ولاد كما يلي

إنما قال شيخنا الانصاري فلا بد من حمل الرواية، لأن في الصورة الاولى التي كان المالك و الغاصب مختلفين في زيادة قيمة البغل يوم التلف و متفقين في بقائها عليها يوم التسلم: بأن يدعي المالك زيادة القيمة يوم التلف، و الغاصب ينكرها:

كانت القاعدة الفقهية تقضي على أن البينة للمدعي، و اليمين على من انكر

و هنا نرى أن الصحيحة حكمت بحلف المالك الذي هو المدعي في قوله عليه السلام: إما أن يحلف هو فيلزمك، خلافا للقاعدة الفقهية المذكورة فقال الشيخ:

فلا بد من حمل الصحيحة حينئذ على صورة اتفاق المالك و الغاصب على قيمة البغل في يوم التسلم، و اختلافهما على قيمته في يوم الغصب، بأن ادعى الغاصب نقصانها عن يوم المخالفة عما اتفقا عليه، و ادعى المالك بقاءها على ما كانت عليه يوم المخالفة

فحينئذ يكون المالك منكرا، فيجب عليه اليمين، لموافقة قوله لأصالة عدم النقصان

هذا من طرف دلالة الصحيحة على حلف المالك الذي هو المدعي و قد عرفت توجيهها

و هكذا الصحيحة تصرح باتيان صاحب البغل بشهود يشهدون في قوله عليه السلام: أو يأتي صاحب البغل مع أنه منكر لما يدعيه الغاصب

فالقاعدة الفقهية: و هي البينة للمدعي، و اليمين على من انكر تحكم بوجوب الحلف على المنكر، و البينة على المدعي

و هنا نرى عكس ذلك، حيث نرى أن المالك مع أن منكر -

ص: 290

من حمل الرواية على ما اذا اتفقا على قيمة اليوم السابق على يوم المخالفة

أو اللاحق (1) له فادعى الغاصب نقصانه (2) عن تلك يوم المخالفة

و لا يخفى بعده (3)

و أبعد منه حمل النص (4) على التعبد، و جعل الحكم مخصوصا

+++++++++++

- يقول الامام عليه السلام: أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أن قيمة البغل يوم اكتري كذا و كذا

فلا بد في توجيهها من حملها على صورة اتفاق المالك و الغاصب على قيمة البغل في يوم التلف الموافق ليوم المخالفة فادعى الغاصب نقصان القيمة في يوم المخالفة عن قيمة يوم المتفق عليه و هو يوم التسلم، و ادعى المالك مساواتهما

فحينئذ يكون المالك مدعيا، لمخالفة قوله للاصل الجاري و هي براءة ذمة الغاصب عن الزائد فيجب عليه البينة فطابقت الصحيحة القاعدة الفقهية

(1) اى اللاحق بيوم المخالفة: بأن اتفق المالك و الغاصب على القيمة في اليوم اللاحق، لكن ادعى الغاصب تغير العين من يوم المخالفة الى الزيادة، و أن العين يوم المخالفة كانت أنقص

و المالك يدعي عدم الاختلاف بين القيمتين

فحينئذ يكون المالك منكرا للتغير الذي يدعيه الغاصب فيتوجه نحوه اليمين

(2) اي نقصان العين عن يوم المخالفة كما عرفت

(3) اي بعد هذا الحمل، للزوم حمل الرواية على الفرد النادر

(4) و هي صحيحة ابى ولاد: بأن نقول: إن توجه اليمين نحو المالك مع أنه مدع تعبد محض

ص: 291

في الدابة المغصوبة؛ أو مطلقا (1) مخالفا للقاعدة المتفق عليها نصا و فتوى:

من (2) كون البينة على المدعي، و اليمين على من انكر كما حكي عن الشيخ في بابي الاجارة و الغصب (3)

الاستشهاد بالصحيحة على ضمان أعلى القيم و المناقشة فيه

و أضعف من ذلك (4) الاستشهاد بالرواية على اعتبار أعلى القيم:

من حين الغصب الى التلف كما حكي عن الشهيد الثاني، اذ لم يعلم لذلك (5) وجه صحيح

و لم اظفر بمن وجه دلالتها (6) على هذا المطلب

الاستدلال على أعلى القيم بوجه آخر و المناقشة فيه

نعم (7) استدلوا على هذا القول بأن العين مضمونة في جميع تلك الأزمنة التي منها زمان ارتفاع قيمته

و فيه أن ضمانها في تلك الحال إن اريد به وجوب قيمة ذلك

+++++++++++

(1) اى في الدابة و غيرها

(2) كلمة من بيان للقاعدة المتفق عليها

(3) من أن البينة للمدعي، و اليمين على من انكر

(4) اى و أضعف من هذا القول: و هو حمل الصحيحة على التعبد

(5) اى للقول بأعلى القيم

(6) اى دلالة صحيحة ابى ولاد على أن الاعتبار بأعلى القيم: من حين الغصب الى يوم التلف

(7) استدراك عما افاده: من أنه لم يظفر بمن وجه دلالة صحيحة ابى ولاد على أن الضمان يكون بأعلى القيم كما افاد هذا الضمان الشهيد الثاني قدس سره

ص: 292

الزمان (1) لو تلف فيه مسلم، اذ تداركه لا يكون الا بذلك

لكن المفروض أنها (2) لم تتلف فيه

و إن اريد به (3) استقرار قيمة ذلك الزمان (4) عليه فعلا و إن تنزلت بعد ذلك (5) فهو (6) مخالف لما تسالموا عليه: من عدم ضمان ارتفاع القيمة مع رد العين

و إن اريد استقرارها (7) عليه بمجرد الارتفاع مراعى بالتلف فهو (8) و إن لم يخالف الاتفاق إلا أنه مخالف لأصالة البراءة من غير دليل شاغل عدا (9) ما حكاه في الرياض عن خاله العلامة قدس اللّه تعالى روحهما:

+++++++++++

(1) و هو زمان الارتفاع

(2) و هي العين المضمونة لم تتلف في زمان أعلى القيم

(3) اى بضمان أعلى القيم من يوم الغصب الى يوم التلف

(4) و هو زمان أعلى القيم

(5) اى بعد الارتفاع

(6) اى أعلى القيم من يوم الغصب الى يوم التلف

(7) اى استقرار القيمة العالية، و ثبوتها على الغاصب بمجرد ارتفاع القيمة، لكن الاستقرار متوقف على تلف العين

فإن تلفت استقر أعلى القيم، و إن لم تتلف وجب ردها على المالك

(8) اى استقرار أعلى القيم و إن لم يكن مخالفا للاتفاق الذي هو عدم وجود شيء على الغاصب لورد العين، إلا أنه مخالف لأصالة براءة ذمة الغاصب عن أعلى القيم، لأن الاصل براءة ذمته عنها، و ليس هنا دليل شاغل يصرفنا عن أصالة البراءة

(9) اى نعم هناك شيء ذكره صاحب الرياض عن خاله العلامة المجلسي قدس اللّه نفسهما، و طيب روحهما: و هو أن الغاصب لو لم يسلم -

ص: 293

من قاعدة نفي الضرر الحاصل على المالك

و فيه (1) نظر كما اعترف به بعض من تأخر

نعم يمكن توجيه الاستدلال المتقدم (2): من كون العين مضمونة في جميع الأزمنة (3): بأن (4) العين اذا ارتفعت قيمتها في زمان و صارت ماليتها مقومة بتلك القيمة فكما أنه اذا تلفت حينئذ (5) يجب تداركها بتلك (6) القيمة

فكذا اذا حيل بينها (7)، و بين المالك حتى تلفت (8)، اذا لا فرق

+++++++++++

- أعلى القيم الى المالك لكان ضررا على المالك و الضرر هذا منفي بقوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: لا ضرر و لا ضرار فلا بد للغاصب من دفع أعلى القيم: من حين الغصب الى حين التلف للمالك حتى لا يتوجه نحوه ضرر

(1) اى و فيما حكاه صاحب الرياض عن خاله العلامة المجلسي قدس اللّه نفسهما نظر و إشكال

وجه النظر: أن قاعدة نفي الضرر متساوية مع صورة تلف العين

(2) و هو ما أفاده الشهيد الثاني: من اعتبار أعلى القيم: من يوم الغصب الى يوم التلف

(3) التي منها زمن الغصب، و زمن التلف

(4) الباء بيان لكيفية توجيه الاستدلال المتقدم

(5) اى و حين أن صارت ماليتها مقومة بتلك القيمة المرتفعة

(6) اى بتلك القيمة المرتفعة التي صارت ماليتها مقومة بها

(7) اى بين العين المغصوبة

(8) فيجب تدارك تلك القيمة المرتفعة أيضا

ص: 294

مع عدم التمكن منها (1) بين أن تتلف، أو تبقى.

نعم لوردت (2) فتتدارك تلك المالية بنفس العين، و ارتفاع القيمة السوقية امر اعتباري لا يضمن بنفسه، لعدم كونه مالا و إنما هو مقوم لمالية المال (3)، و به تمايز الأموال كثرة و قلة.

و الحاصل (4) أن للعين في كل زمان من أزمنة تفاوت قيمته مرتبة من المالية ازيلت يد المالك منها، و انقطعت سلطنته عنها، فإن ردت العين فلا مال سواها يضمن، و إن تلفت استقرت عليا تلك المراتب (5) لدخول (6) الأدنى تحت الأعلى

نظير ما لو فرض للعين منافع متفاوتة متضادة، حيث إنه يضمن الأعلى منها

و لأجل ذلك (7) استدل العلامة في التحرير للقول باعتبار يوم الغصب

+++++++++++

(1) اى من العين المغصوبة

(2) اى العين فحينئذ تتدارك تلك المالية المرتفعة بنفس العين المردودة

(3) لا يخفى أنه بعد القول بكون الارتفاع مقوما لمالية الشيء لا مجال للقول بعدم ضمان هذا الارتفاع و إن كان امرا اعتباريا، و لا سيما بعد ما افاد أن بارتفاع القيمة السوقية تمايز الأموال كثرة و قلة

(4) اى حاصل توجيه الاستدلال المتقدم عن الشهيد الثاني

(5) و هي المراتب الزائلة عنها يد المالك، و المنقطعة عنها سلطنتة:

و من تلك المراتب هو تلف قيمة العين المرتفعة

(6) تعليل لاستقرار تلك المراتب الفائتة من المالك

(7) اي و لاجل استقرار المراتب الزائلة عن تحت يد المالك بواسطة الحيلولة التي صارت سببا للضمان، و أن الأدنى داخلة تحت الأعلى

ص: 295

بقوله: لأنه زمان إزالة يد المالك.

و نقول في توضيحه (1): إن كل زمان من أزمنة الغصب قد ازيلت فيه يد المالك من العين على حسب ماليته، ففي زمان ازيلت من مقدار درهم و في آخر (2) عن درهمين، و في ثالث عن ثلاثة فاذا استمرت الازالة الى زمان التلف (3) وجبت غرامة اكثرها (4) فتأمل (5)

استدلال ثالث على أعلى القيم و توجيهه

و استدل في السرائر و غيرها على هذا القول (6) بأصالة الاشتغال لاشتغال ذمته (7) بحق المالك، و لا تحصل البراءة إلا بالأعلى

و قد يجاب (8) بأن الاصل في المقام البراءة، حيث إن الشك في التكليف بالزائد

+++++++++++

(1) اي في توضيح ما افاده العلامة في التحرير في هذا المقام، حيث يستفاد من كلامه أن المعيار هو يوم الغصب، و الاستشهاد بكلامه لأعلى القيم فقال الشيخ في توضيح كلام العلامة ما ذكره في المتن

(2) اي و في زمان آخر

(3) اي تلف العين

(4) اي أكثر مالية العين التالفة، و أكثر مالية العين هو أعلى القيم

(5) لعل وجه التأمل هو منع كون الواجب على الغاصب غرامة قيمة وقت تلف العين

(6) و هو أعلى القيم من يوم الغصب الى يوم التلف

(7) اي ذمة الغاصب

(8) اي عن أصالة اشتغال الذمة

خلاصة هذا الجواب أن أصالة الاشتغال معارضة بأصالة براءة ذمة الغاصب عن الزائد فهذه حاكمة على تلك، لأن الشك في التكليف بالزائد -

ص: 296

نعم (1) لا بأس بالتمسك باستصحاب الضمان المستفاد من حديث اليد

المحكي عن جماعة أن الاعتبار بيوم البيع و توجيهه

ثم (2) إنه حكي عن المفيد و القاضي و الحلبي الاعتبار بيوم البيع فيما كان فساده من جهة التفويض (3) الى حكم المشتري و لم يعلم (4) له وجه.

و لعلهم (5) يريدون به يوم القبض، لغلبة اتحاد زمان البيع و القبض.

فافهم (6)

ثم إنه لا عبرة بزيادة القيمة بعد التلف (7) على جميع الأقوال

ثم إنه لا عبرة بزيادة القيمة بعد التلف (7) على جميع الأقوال

+++++++++++

- و الاصل عدمه، و ليس الشك في اصل الضمان حتى يقال: إنه مكلف بالإعطاء، لقاعدة الاشتغال

(1) استدراك عما افاده: من حكومة أصالة البراءة على أصالة اشتغال ذمة الغاصب

و خلاصته أن ضمان الغاصب للعين قبل التلف كان مسلما فنشك في ضمانها بعد التلف فنستصحب، و من جملة زمن الاستصحاب هو زمن أعلى القيم فاشتغال الذمة تكون حاكمة على أصالة البراءة بهذا الاستصحاب

(2) هذا عود على بدء و هو الكلام في المقبوض بالعقد الفاسد فلا ربط له بمسألة المغصوب

(3) اي تفويض تعيين الثمن الى حكم المشتري و قضاوته فيه

(4) اي لهذا التفويض

(5) اي هؤلاء الأعلام يقصدون من يوم التفويض يوم إقباض السلعة الى المشتري

(6) لعله اشارة الى أن إرادة هؤلاء الأعلام القبض من البيع بعيدة

(7) اى بعد تلف العين

الأقوال هنا ثلاثة:

(الاول): عدم اعتبار زيادة القيمة بعد تلف العين، لأن تلفها -

ص: 297

إلا أنه تردد فيه (1) في الشرائع

و لعله (2) كما قيل من جهة احتمال كون القيمي مضمونا بمثله، و دفع القيمة إنما هو لإسقاط المثل (3)

و قد تقدم (4) أنه مخالف لاطلاق النصوص و الفتاوى

ارتفاع القيمة بسبب الأمكنة

ثم إن ما ذكرنا: من الخلاف (5) إنما هو في ارتفاع القيمة بحسب الأزمنة

و أما اذا كان بسبب الأمكنة كما اذا كان في محل الضمان بعشرة

+++++++++++

- لا يبقي مجالا للزيادة، و قد اختاره الشيخ

(الثاني): اعتبار الزيادة و إن تلفت العين، لقاعدة اشتغال الذمة بضمان العين حتى يؤدي مثلها إن كانت مثليا، و قيمتها إن كانت قيميا

و هذا ذهب إليه المحققون من الأعلام

(الثالث): ما افاده المحقق في الشرائع و قد ذكره الشيخ في المتن

(1) اي في عدم اعتبار زيادة القيمة بعد التلف

(2) اي و لعل وجه تردد المحقق في عدم اعتبار زيادة القيمة

(3) اى عند الاعواز، و مطالبة المالك كما صرح بذلك في ص 236 عند قوله: السادس لو تعذر المثل في المثلي

(4) اي تقدم أن دفع القيمة إنما هو لإسقاط المثل مخالف لإطلاق النص الذي هي آية الاعتداء

راجع عند قوله في ص 226: و أما مع عدم وجود المثل للقيمي التالف فمقتضى الدليلين عدم سقوط المثل من الذمة بالتعذر

(5) اي في أن ضمان التالف هل هو بيوم الغصب، أو بيوم التلف أو بأعلى القيم حسب الأزمنة ؟

ص: 298

و في مكان التلف بعشرين، و في مكان المطالبة بثلاثين، فالظاهر اعتبار محل التلف، لأن مالية الشيء تختلف بحسب الأماكن، و تداركه بحسب ماليته (1)

ارتفاع القيمة بسبب الزيادة العينية

ثم إن جميع ما ذكرنا من الخلاف إنما هو في ارتفاع القيمة السوقية الناشئة من تفاوت رغبة الناس و أما إذا كان (2) حاصلا من زيادة في العين فالظاهر كما قيل عدم الخلاف في ضمان أعلى القيم، و في الحقيقة ليست قيم التالف مختلفة و إنما زيادتها في بعض أوقات الضمان لاجل الزيادة العينية الحاصلة فيه (3) النازلة منزلة الجزء الفائت

نعم يجري الخلاف المتقدم (4) في قيمة هذه الزيادة الفائتة، فإن العبرة بيوم فواتها، أو يوم ضمانها، أو أعلى القيم

تعذر الوصول إلى العين في حكم التلف

ثم إن في حكم تلف العين في جميع ما ذكر: من ضمان المثل، أو القيمة حكم تعذر الوصول إليها، و ان لم تهلك كما لو سرقت، أو غرقت؛ أو ضاعت أو ابقت (5)، لما (6) دل على الضمان بهذه الأمور (7)

+++++++++++

(1) و تدارك المالية إنما يكون بحسب يوم تلف الشيء

(2) اي ارتفاع القيمة السوقية

(3) اى في التالف

(4) من أن الاعتبار في الضمان بيوم الغصب، أو بيوم التلف، أو بيوم أعلى القيم

(5) كما اذا كان المبيع بالعقد الفاسد عبدا فابق فالإباق حصل بعين العبد

(6) تعليل لما افاده: من أن حكم تعذر الوصول الى العين حكم تلف العين، فكلما يجري في التلف يجري هنا من دون فرق بينهما

(7) و هي السرقة و الغرق، و الضياع و الإباق، فإن هذه الأمور أسباب للضمان

ص: 299

في باب الأمانات المضمونة (1)

و هل يقيد ذلك (2) بما اذا حصل الياس من الوصول (3) إليه، أو بعدم رجاء وجدانه (4)، أو يشمل (5) ما لو علم وجدانه في مدة طويلة يتضرر المالك من انتظارها، أو و لو كانت (6) قصيرة ؟ وجوه

ظاهر أدلة ما ذكر من الأمور (7) الاختصاص بأحد الاولين (8)

لكن ظاهر اطلاق الفتاوى الاخير (9)

+++++++++++

(1) اذا اردت الاحاطة على ضمان هذه الامور فعليك بمراجعة تعليقة العلامة الممقاني قدس سره على المكاسب فقد اسهب الكلام طاب ثراه في هذا المقام، و ذكر لكل واحد من هذه الامور و زيادة على ذلك أمثلة بقوله: فمنها و منها و منها و منها و منها

راجع ص 317 من تعليقته على الكتاب

(2) و هو تعذر الوصول الى العين

(3) اي الى العين

(4) اي وجدان العين

(5) اي تعذر الوصول الى العين

(6) اي يشمل تعذر الوصول الى العين حتى و لو كانت مدة الوصول إليها قصيرة

(7) و هي المشار إليها في ص 299 بقوله: لما دل على الضمان بهذه الامور

(8) اي اختصاص تعذر الوصول الى العين بأحد الاولين

و هما: اليأس من الوصول الى العين، و عدم رجاء وجدانه

(9) اي اختصاص حكم تعذر الوصول الى العين بالاخير: و هو ما اذا كانت مدة الوصول الى العين قصيرة مختصرة

ص: 300

كما يظهر (1) من اطلاقهم أن اللوح المغصوب في السفينة اذا خيف من نزعه غرق مال لغير الغاصب انتقل الى قيمته (2) الى أن تبلغ الساحل

و يؤيده (3) أن فيه (4) جمعا بين الحقين بعد فرض رجوع القيمة الى ملك الضامن (5) عند التمكن من العين، فإن تسلط الناس على مالهم الذي فرض كونه في عهدته يقتضي جواز مطالبة الخروج عن عهدته عند تعذر نفسه

نظير ما تقدم في تسلطه (6) على مطالبة القيمة للمثل المتعذر في المثلي (7)

+++++++++++

(1) اي اختصاص حكم تعذر الوصول الى العين بالاخير

(2) بأن تبقى اللوحة في مكانها من دون أن تقلع الى أن تبلغ السفينة الساحل ثم تدفع قيمتها الى مالكها و لو كانت مدة البلوغ الى الساحل قصيرة

فمن هذا الاطلاق يستفاد المدة الوجيزة فيما نحن فيه و هو تعذر الوصول الى العين، و أنه تدفع قيمتها الى مالكها

(3) اي و يؤيد الاخير

(4) اي في القول الاخير و هو الانتظار الى مدة وجيزة حتى يمكن الوصول الى العين المتعذر الوصول إليها جمعا بين الحقين و هما: حق المالك و حق الغاصب، اذ لو اجبر الضامن على الشراء بالمثل و العين موجودة و لم تتلف لكن الوصول إليها متعذر: لكان ضررا عليه و هو منفي بقوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

لا ضر و لا ضرار

(5) فيما لو أعطى الضامن قيمة العين المتعذر الوصول إليها الى المالك

(6) اي في تسلط المالك

(7) عند قوله في ص 236: السادس لو تعذر المثل في المثلي

ص: 301

نعم (1) لو كان زمان التعذر قصيرا جدا بحيث لا يحصل صدق عنوان الغرامة و التدارك على اداء القيمة أشكل الحكم (2)

ثم الظاهر (3) عدم اعتبار التعذر المسقط للتكليف، بل لو كان ممكنا بحيث يجب عليه السعي في مقدماته لم تسقط القيمة زمان (4) السعي

لكن ظاهر كلمات بعضهم التعبير بالتعذر (5) و هو الأوفق بأصالة

+++++++++++

(1) استدراك عما أفاده: من أن القول الاخير و هو الانتظار الى مدة و لو كانت قصيرة حتى يتمكن الوصول الى العين هو المطابق للفتوى

(2) و هو الانتظار

وجه الاشكال: أنه من طرف تسلط الناس على أموالهم فاللازم مطالبة المالك الضامن بالقيمة حين التعذر من الوصول الى العين المقتضي هذا التعذر للانتقال الى القيمة

و من أن الحصول على العين امر ممكن فلا تنتقل العين الى القيمة بمجرد التعذر على الوصول إليها، و لا سيما المدة وجيزة جدا فلا يجبر الضامن بدفع القيمة، بل على المالك الانتظار حتى يتمكن الضامن على الحصول عليها

(3) اي من حديث على اليد ما اخذت حتى تؤديه، و من اطلاق فتاوى الفقهاء في هذا المقام

(4) اى يجوز دفع القيمة الى المالك في خلال مدة السعي للوصول الى العين المتعذر الوصول إليها

(5) اي التعبير بالتعذر أوفق بأصالة عدم تسلط المالك على أزيد من إلزامه الضامن من برد العين

وجه الأوفقية: أن مقتضى هذه الأصالة و مفهومها عدم تسلط المالك على مطالبة القيمة إلا في زمان تعذر العين، و يبقى التسلط على القيمة في زمان السعي تحت الاصل المذكور فلا يجوز المطالبة

ص: 302

عدم تسلط المالك على أزيد من إلزامه برد العين فتأمل (1) و لعل المراد (2) به التعذر في الحال، و إن كان (3) لتوقفه على مقدمات زمانية يتأخر لاجلها ذو المقدمة (4)

هل يلزم المالك بأخذ البدل ؟

ثم إن ثبوت القيمة مع تعذر العين ليس كثبوتها مع تلفها (5) في كون دفعها (6) حقا للضامن، فلا يجوز للمالك الامتناع (7)، بل له (8) أن يمتنع من اخذها، و يصبر الى زوال العذر كما صرح به (9) الشيخ في المبسوط

و يدل عليه (10) قاعدة تسلط الناس على أموالهم

+++++++++++

(1) لعله اشارة الى أنه لا اعتبار بأصالة عدم تسلط المالك بعد وجود العموم في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: الناس مسلطون على أموالهم سواء أ كان في زمن تعذر العين أم في زمن السعي

(2) اي بالتعذر الوارد في كلمات الفقهاء

(3) اي و إن كان التعذر في الحال لاجل توقفه على مقدمات يتأخر لاجل هذه المقدمات ذو المقدمة و هو الوصول على العين

(4) و هو الوصول على العين بعد أن كانت متعذر الوصول إليها

(5) اي مع تلف العين

(6) اي في كون دفع القيمة حقا للضامن

(7) اي من اخذ القيمة لو دفعها الضامن في صورة تلف العين

(8) اي بل للمالك حق الامتناع من اخذ القيمة في صورة تعذر العين

(9) اي بأن للمالك حق الامتناع من اخذ القيمة في صورة تعذر العين

(10) اي على أن للمالك حق الامتناع من اخذ القيمة في صورة تعذر العين

ص: 303

و كما أن تعذر رد العين في حكم التلف فكذا خروجه عن التقويم (1)

ثم إن المال المبذول يملكه المالك بلا خلاف

ثم إن المال المبذول (2) يملكه المالك بلا خلاف كما في المبسوط و الخلاف و الغنية و السرائر

و ظاهرهم (3) إرادة نفي الخلاف بين المسلمين

و لعل الوجه فيه (4) ان التدارك لا يتحقق إلا بذلك (5) و لو لا ظهور الاجماع (6)، و أدلة الغرامة (7)

+++++++++++

(1) بحيث سقطت العين عن المالية راسا كاللحم يتعفن، و الفاكهة تفسد، فإن العين حينئذ كالتالف

و ليس المراد من خروج العين خروجها عن صورتها النوعية، اذ البيض اذا صار فرخا خرج عن صورته النوعية، لكنه يعد ما لا يبذل بإزائه المال

(2) و هي القيمة التي تكون بدلا عن العين المتعذر الوصول إليها

(3) اي ظاهر هؤلاء الأعلام الذين قالوا في كتبهم: المبسوط، الخلاف الغنية، السرائر: بلا خلاف قصدهم عدم الخلاف بين المسلمين، و ليس قصدهم اختصاص عدم الخلاف بالشيعة الامامية

(4) اي في تملك المالك المال المبذول بدلا عن العين المتعذر الوصول إليها

(5) اي إلا بتملكه للمال المبذول بدلا عن العين المتعذر الوصول إليها

(6) و هو قول صاحب المبسوط و الخلاف، و الغنية، و السرائر: لا خلاف في تملك المال المبذول، فان ظاهر هذا النفي الاجماع على الملكية

(7) و هي أدلة وجوب اداء ما أتلف؛ أو بحكم الاتلاف كالتعذر، فإنها ظاهرة في أن المبذول يملك

ص: 304

في الملكية لاحتملنا أن يكون (1) مباحا له إباحة مطلقة و إن لم يدخل في ملكه نظير الاباحة المطلقة في المعاطاة على القول بها (2) فيها، و يكون دخوله (3) في ملكه مشروطا بتلف العين

و حكي الجزم بهذا الاحتمال (4) عن المحقق القمي رحمه اللّه في أجوبة مسائله (5)

هل تنقل العين إلى الضامن بإعطاء البدل

و على اي حال (6) فلا تنتقل العين الى الضامن فهي غرامة لا تلازم فيها بين خروج المبذول (7) عن ملكه (8)؛ و دخول العين في ملكه (9)

و ليست (10) معاوضة، ليلزم الجمع بين العوض و المعوض

+++++++++++

(1) اي المبذول بدلا عن العين المتعذر الوصول إليها

(2) أى بالإباحة المطلقة حتى المتوقفة على الملك في المعاطاة

(3) اى دخول المبذول بدلا عن العين المتعذر الوصول إليها

(4) و هو احتمال دخول المبذول بدلا عن العين في ملك المالك على نحو الاباحة المطلقة يتصرف فيها اي نحو شاء، و إن كان دخوله في ملكه متوقفا على تلف العين

(5) يأتي شرح الكتاب، و حياة مؤلفه العظيم (في أعلام المكاسب)

(6) اى سواء قلنا: إن البدل المبذول على نحو الاباحة المطلقة أم يتملكه المالك بلا خلاف

(7) و هي القيمة التي تكون بدلا عن العين المتعذر الوصول إليها.

(8) اى عن ملك الضامن

(9) اى في ملك الضامن، اى لا منافاة بين هذا الخروج، و بين هذا الدخول

(10) اى هذه القيمة المدفوعة للمالك بدلا عن العين ليست معاوضة -

ص: 305

فالمبذول هنا (1) كالمبذول مع تلف العين في عدم البدل له (2)

و قد استشكل في ذلك (3) المحقق و الشهيد الثانيان.

قال الاول (4) في محكي جامعه: إن هنا (5) إشكالا، فإنه كيف تجب القيمة و يملكها الآخذ و تبقى العين على ملكه (6)،

و جعلها (7) في مقابلة الحيلولة لا يكاد (8) يتضح معناه. انتهى

+++++++++++

- حتى يقال: لازم هذه المعاوضة الجمع بين العوض و هي القيمة، و المعوض

و هي العين عند المالك، لأن القول ببقاء العين على ملك المالك لازمه هذا الجمع

(1) و هو تعذر الوصول الى العين لأسباب ذكرت في ص 299 عند قوله: كما لو سرقت، أو غرقت

(2) اى للمبذول حتى يجمع بين العوض و المعوض عند المالك

(3) اى في عدم انتقال العين الى الضامن، و أنها غرامة

(4) اى المحقق الثاني

(5) اى في القول بأن العين لا تنتقل الى الضامن

(6) اى على ملك الآخذ الذي هو المالك

(7) اى (إن قلت): إن القيمة في مقابلة الحيلولة: و هو تعذر الوصول الى العين

(8) اي (قلنا): إن جعل القيمة في مقابل الحيلولة لا مفهوم له و لا يتضح معناه، اذ الفقهاء يجعلون القيمة بدلا عن نفس العين، لا عن الحيلولة

بالإضافة الى أن لازم هذا القول عدم عود البدل الى الضامن عند عود العين الى المالك، لأنه بدل عن الحيلولة، لا عن العين حتى يرجع برجوع العين

ص: 306

و قال الثاني (1): إن هذا (2) لا يخلو عن إشكال: من حيث اجتماع العوض و المعوض (3) على ملك المالك من دون دليل واضح.

و لو (4) قيل بحصول الملك لكل منهما متزلزلا، و توقف تملك المغصوب منه للبدل على الياس من العين و إن جاز له التصرف كان وجها في المسألة (5). انتهى (6)

و استحسنه (7) في محكي الكفاية

اقول (8): الذي ينبغي أن يقال هنا: إن معنى ضمان العين ذهابها

+++++++++++

(1) اى الشهيد الثاني

(2) و هو عدم انتقال العين الى الضامن، و أنها غرامة

(3) و هما: القيمة التي بدل عن العين، و العين المتعذر الوصول إليها

(4) هذا من متممات كلام الشهيد الثاني، اى لو قيل بحصول ملك العين للضامن، و ملك القيمة للمالك متزلزلا: بمعنى أن ملكية كل واحد من العين و القيمة تحصل لكل منهما بتلف احدى العينين، أو بالتمكن من رد العين فتزول الملكية حينئذ

(5) اى في مسألة تعذر الوصول الى العين

(6) اى ما افاده الشهيد الثاني في هذا المقام

(7) اى استحسن صاحب الكفاية القول بتملك كل واحد من الضامن العين، و المالك البدل على نحو التزلزل، و توقف تملك المالك البدل على اليأس من الحصول على العين

(8) هذا كلام شيخنا الانصاري اى الشيء الذي ينبغي أن يقال في مسألة تعذر الوصول على العين

ص: 307

من مال الضامن، و لازم ذلك (1) إقامة مقابلها من ماله مقامها، ليصدق ذهابها من كيسه (2)

ثم إن الذهاب (3) إن كان على وجه التلف الحقيقي، أو العرفي (4) المخرج للعين عن قابلية الملكية عرفا وجب قيام مقابلها من ماله مقامها في الملكية و إن كان الذهاب بمعنى انقطاع سلطنته عنها، و فوات الانتفاع به في الوجوه التي بها قوام الملكية وجب قيام مقابلها مقامها في السلطنة، لا في الملكية، ليكون مقابلا و تداركا للسلطنة الفائتة، فالتدارك لا يقتضي ملكية المتدارك (5) في هذه الصورة (6)

نعم (7) لما كانت السلطنة المطلقة المتداركة (8) للسلطنة الفائتة متوقفة

+++++++++++

(1) اى و لازم ذهاب العين من مال الضامن بعد القول بوجوب دفع القيمة عن العين المتعذر الوصول إليها

(2) فحينئذ يصدق أن العين ملك للضامن قد خرجت عن ملك المالك

(3) أى ذهاب العين على وجه التلف الحقيقي كأن عدمت رأسا

(4) كاللحم بقي مدة فجاف، فإنه خرج عن الملكية عرفا، لكنه لم يتلف حقيقة، لأنه يمكن إطعامه للجوارح فيباع لمن يريد ذلك

و كلمة المخرج صفة للعرفي

(5) و هي العين المنقطعة عنها السلطنة

(6) و هي الصورة المنقطعة عنها السلطنة

(7) استدراك عما افاده: من أن الذهاب اذا كان بمعنى الانقطاع وجب قيام مقابله في السلطنة، لا في الملكية

(8) بصيغة الفاعل المقصود منها هي التي تكون بدلا عن السلطنة الفائتة

ص: 308

على الملك؛ لتوقف بعض التصرفات (1) عليه وجب تملكه للمبذول تحقيقا (2) لمعنى التدارك، و الخروج عن العهدة

و على اي تقدير فلا ينبغي الاشكال في بقاء العين المضمونة على ملك مالكها، إنما الكلام في البدل المبذول

و لا كلام أيضا في وجوب الحكم بالإباحة، و بالسلطنة المطلقة عليها (3) و بعد ذلك (4) فيرجع محصل الكلام حينئذ الى أن إباحة جميع التصرفات حتى المتوقفة على الملك هل تستلزم الملك من حين الاباحة؛ أو يكفي فيه (5) حصوله من حين التصرف ؟ و قد تقدم في المعاطاة بيان ذلك (6)

التفصيل بين فوات معظم المنافع أو بعضها
اشارة

ثم إنه قد تحصل مما ذكرنا (7) أن تحقيق ملكية البدل (8)، أو السلطنة

+++++++++++

(1) كالعتق، و البيع، و الوطي، و الوقف، فإنها متوقفة على الملك

(2) منصوب على المفعول لاجله اى إنما نقول بتملك المبذول لأجل تحقق معنى تدارك السلطنة الفائتة

(3) اي على العين المبذولة المتعذر الوصول إليها

(4) اي و بعد الحكم بالإباحة في المال المبذول، و بالسلطنة المطلقة على العين

(5) اي في الملك

(6) في الجزء السادس من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة. ص 111 عند قوله: و إباحة هذه التصرفات

(7) و هو بقاء العين على ملكية مالكها، و أن الكلام في البدل المبذول

(8) بناء على أن المالك يملك البدل المبذول

ص: 309

المطلقة (1) عليه، مع بقاء العين على ملك مالكها إنما هو مع فوات معظم الانتفاعات به (2) بحيث يعد بذل البدل غرامة و تداركا (3)

أما لو لم يفت إلا بعض ما ليس به قوام الملكية فالتدارك لا يقتضي ملكه (4)، و لا السلطنة المطلقة (5) على البدل

و لو فرض حكم الشارع بوجوب غرامة قيمته حينئذ (6) لم يبعد انكشاف ذلك (7) عن انتقال العين الى الغارم، و لذا (8) استظهر غير واحد أن الغارم لقيمة الحيوان الذي وطأه يملكه، لأنه و إن، وجب بالوطي نفيه (9) عن البلد، و بيعه في بلد آخر

لكن هذا (10) لا يعد فواتا لما به قوام المالية

خروج العين عن التقويم

هذا (11) كله مع انقطاع

+++++++++++

(1) بناء على الحكم بالإباحة المطلقة في البدل المبذول

(2) اي بسبب هذا الفوات

(3) اى لفوات معظم تلك الانتفاعات

(4) اي ملك البدل على القول بالملكية

(5) على القول بالإباحة المطلقة

(6) اي حين أن لم يفت سوى بعض ما ليس به قوام الملكية

(7) و هو حكم الشارع بوجوب الغرامة

(8) اي و لاجل انكشاف حكم الشارع بوجوب دفع الغرامة عن انتقال العين الى الغارم

(9) اي نفي الحيوان عن البلد الذي وطئ به

(10) اي الوطي فالواطي يملك الحيوان الموطوء

(11) اي الإشكال في أن العين بعد تداركها بدفع قيمتها الى مالكها هل هي ملك الغارم، أو باقية على ملك المالك الاول ؟

ص: 310

السلطنة (1) مع بقائها على مقدار ماليتها (2) السابقة

أما لو خرجت (3) عن التقويم مع بقائها على صفة الملكية.

فمقتضى قاعدة الضمان وجوب كمال القيمة (4)، مع بقاء العين على ملك المالك به (5) لأن (6) القيمة عوض الأوصاف، أو الأجزاء التي خرجت العين لفواتها عن التقويم، لا عوض عن العين نفسها (7) كما (8) في الرطوبة الباقية بعد الوضوء بالماء المغصوب، فإن بقاءها على ملك مالكها لا ينافي معنى الغرامة، لفوات معظم الانتفاعات به (9) فيقوى (10) عدم جواز المسح بها إلا باذن المالك و لو ببذل القيمة.

+++++++++++

(1) اي سلطنة مالك العين

(2) في النسخ الموجودة عندنا: الخطية و المطبوعة على مقدار ملكيتها و الصحيح على مقدار ماليتها كما اثبتناها، لعدم انسجام الملكية مع قوله:

أما لو خرجت العين عن التقويم، اذ المراد من خروج العين عن التقويم خروجها عن المالية

(3) اي العين كالثلج في الشتاء، و الماء علي الشاطئ

(4) اي إعطاء قيمة كاملة للمالك

(5) اي بسبب خروج العين عن المالية رأسا

(6) تعليل لوجوب دفع قيمة كاملة عن العين الخارجة عن المالية راسا

(7) حتى يقال: إن العين موجودة فلما ذا تعطى قيمة كاملة عن العين

(8) تنظير لكون القيمة في العين الخارجة عن المالية رأسا بدلا عن الأوصاف، أو الأجزاء الفائتة التي بسببها خرجت العين عن المالية

(9) اي بسبب التوضؤ بالماء المغصوب

(10) الفاء تفريع على ما افاده: من أن بقاء العين على ملك مالكها -

ص: 311

قال (1) في القواعد فيما لو خاط ثوبه بخيوط مغصوبة: و لو طلب (2) المالك نزعها (3) و إن افضى (4) الى التلف وجب، ثم يضمن الغاصب النقص (5)

و لو لم تبق لها (6) قيمة غرم جميع القيمة. انتهى (7) و عطف (8) على ذلك في محكي جامع المقاصد قوله: و لا يوجب ذلك (9) خروجها

+++++++++++

- لا ينافي معنى الغرامة للعين، اي فعلى ضوء ما ذكرنا لا يجوز المسح بالبلل الموجود من التوضؤ بالماء المغصوب و إن بذل الغاصب قيمة الماء، لأن الماء باق على ملكية المالك

(1) من هنا اخذ الشيخ في الاستدلال بكلمات الأعلام من الفقهاء العظام على مدعاه: و هو عدم منافاة بقاء العين على ملكية مالكها، و وجوب دفع الغرامة الى صاحبها

(2) جملة و لو طلب مقول قول العلامة في القواعد

(3) اي نزع تلك الخيوط المغصوبة التي خيط بها الثوب

(4) اي نزع الخيوط الى تلف الخيوط

(5) اي النقص الوارد على الخيوط

(6) اي للخيوط المغصوبة المنتزعة من الثوب لو لم تبق قيمة وجب على الغاصب دفع جميع تلك القيمة

(7) راجع القواعد كتاب الغصب

(8) اي المحقق الثاني عطف على مسألة خياطة الثوب بالخيوط المغصوبة

(9) اي خروج الخيوط المنتزعة من الثوب التي لم تبق لها قيمة

ص: 312

عن ملك المالك كما سبق: من أن جناية الغاصب توجب أكثر الامرين (1) و لو استوعبت (2) القيمة اخذها و لم تدفع العين. انتهى

و عن المسالك في هذه المسألة (3) أنه إن لم يبق له (4) قيمة ضمن جميع القيمة، و لا يخرج (5) بذلك عن ملك مالكه كما سبق، فيجمع (6) بين العين و القيمة

لكن عن مجمع البرهان في هذه المسألة (7) اختيار عدم وجوب النزع

بل قال: يمكن أن لا يجوز (8) و تتعين القيمة، لكونه بمنزلة التلف

+++++++++++

(1) و هما: قيمته الواقعية، و الارش، فإن كانت قيمته الواقعية أكثر يجب عليه دفع هذه

و إن كان الارش أكثر يجب عليه دفع هذا، لأن الغاصب يؤخذ بأشد الأحول

(2) اي الجناية لو استوعبت جميع القيمة اخذ المالك القيمة كلها و لم يدفع العين الى الغاصب

(لا يقال): لازم هذا القول الجمع بين العوض و المعوض

(فإنه يقال): لا يلزم الجمع، لأن القيمة بدل عن الأوصاف و الأجزاء الفائتة، لا عن العين نفسها

(3) اي في مسألة خياطة الثوب بخيوط غصبية

(4) أي للخيط المغصوب

(5) أي الخيط الغصبي لا يخرج بعدم بقائه على المالية عن ملك المالك

(6) اي المالك، و لا يلزم الجمع بين العوض و المعوض كما عرفت آنفا

(7) اي في مسألة خياطة الثوب بخيوط غصبية

(8) اي النزع

ص: 313

و حينئذ (1) يمكن جواز الصلاة في هذا الثوب المخيط، اذ لا غصب فيه يجب رده، كما قيل بجواز المسح بالرطوبة الباقية من الماء المغصوب الذي حصل العلم به (2) بعد إكمال الغسل (3)، و قبل المسح. انتهى

و استجوده (4) بعض المعاصرين، ترجيحا لاقتضاء ملك المالك للقيمة خروج المضمون عن ملكه، لصيرورته (5) معوضا شرعا

و فيه (6) أنه لا منشأ لهذا الاقتضاء، و أدلة (7) الضمان قد عرفت

+++++++++++

(1) اي و حين أن كان الخيط بمنزلة التلف، و أن الغاصب يدفع قيمته

(2) اي بالغصب

(3) بفتح الغين المراد منه معناه المصدري

و المقصود منه هنا هو غسل اليدين بتمامهما بعد غسل الوجه

(4) اي جواز الصلاة في الثوب المخيط بالخيط الغصبي بعد أن سقط عن المالية

و كذا الصلاة بالتوضؤ بالماء الغصبي بعد العلم به بعد الغسل و قبل المسح

(5) تعليل للترجيح المذكور اي هذا الترجيح لأجل صيرورة المضمون الذي هي العين معوضا شرعا: بمعنى أن الشارع جعل العين المتعذر الوصول إليها معوضا عن القيمة التي تبذل بإزائها فتصير العين المضمونة خارجة عن ملك المالك بهذا الجعل

(6) اي و فيما استجوده بعض المعاصرين نظر و إشكال، اذ لا منشأ و لا اثر للاقتضاء المذكور حتى يكون موجبا للترجيح

و لا يخفى أنه بعد القول بالعوضية و أن المضمون معوض، و القيمة عوض عنه يكون الاقتضاء المذكور منشأ للاثر الذي هو الترجيح المذكور

(7) دفع وهم -

ص: 314

أن محصلها يرجع الى وجوب تدارك ما ذهب من المالك، سواء أ كان الذاهب نفس العين كما في التلف الحقيقي، أو كان الذاهب السلطنة عليها التي بها قوام ماليتها كغرق المال (1)، أو كان الذاهب الأجزاء، أو الأوصاف التى يخرج بذهابها العين عن التقويم، مع بقاء ملكيتها (2)

و لا يخفى أن العين عل التقدير الاول (3) خارجة عن الملكية (4) عرفا و على الثاني (5) السلطنة المطلقة على البدل بدل عن السلطنة المنقطعة عن العين.

و هذا معنى بدل الحيلولة

+++++++++++

- حاصل الوهم أن أدلة ضمان مال الناس تدل على أن القيمة عوض و هذه العوضية تدل على أن العين المضمونة بعد دفع القيمة خارجة عن ملك المالك

فاجاب الشيخ ما حاصله: أن أدلة الضمان تدل على تدارك ما ذهب من المالك، لا أنها تدل على العوضية

و قد عرفت ما في الجواب عند قولنا: و لا يخفى أنه بعد القول

(1) حيث إن الفائت عن المال الغريق هي السلطنة عليها، لا نفس المال

(2) كما في اللحم الجائف النتن، فإن أوصافه و هي الطراوة، و حسن المنظر، و طيب الرائحة قد ذهبت بحيث تشمئز النفس من اكلها، لأن اكله موجب للأمراض

(3) و هو ذهاب نفس العين

(4) اي خروج العين عن الملكية امر عرفي، لا شرعي، حيث إنها لو خرجت عن الملكية شرعا لما استحق المالك بدلا و عوضا

(5) و هو ذهاب السلطنة عن العين

ص: 315

و على الثالث (1) فالمبذول عوض عما خرج المال بذهابه عن التقويم لا عن نفس العين، فالمضمون في الحقيقة هي تلك الأوصاف التي تقابل بجميع القيمة، لا نفس العين الباقية، كيف (2) و لم تتلف هي، و ليس لها على تقدير التلف أيضا عهدة مالية

بل الامر بردها (3) مجرد تكليف لا يقابل بالمال، بل لو استلزم ردها ضررا ماليا على الغاصب أمكن (4) سقوطه. فتأمل (5)

خروج العين عن الملكية مع بقاء حق الأولوية

و لعل ما عن المسالك من أن ظاهرهم عدم وجوب إخراج الخيط المغصوب عن الثوب بعد خروجه عن القيمة بالاخراج فتتعين القيمة فقط محمول على صورة تضرر المالك (6) بفساد الثوب المخيط أو البناء الداخلة

+++++++++++

(1) و هو ذهاب الأوصاف، أو الأجزاء

(2) اي كيف يمكن أن تكون القيمة إزاء العين و الحال أن العين باقية و لم تتلف

(3) اي برد العين التالفة أوصافها، أو أجزاؤها مجرد تكليف صوري، لا حقيقة له

(4) اي أمكن سقوط رد العين التالفة الأوصاف، أو الأجزاء

وجه الإمكان هي قاعدة نفي الضرر المتوجه على الغاصب، لأن الرد يستلزم ضررا ماليا على الغاصب و هو منفي بقوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

لا ضرر و لا ضرار

(5) لعل وجه التأمل منافاة السقوط مع قوله عجل اللّه تعالى له الفرج: الغاصب يؤخذ بأشد الأحوال

(6) و هو مالك الثوب الذي غصب الخيوط و خاط بها ثوبه

ص: 316

فيه الخشبة (1) كما لا يأبى عنه (2) عنوان المسألة فلاحظ، و حينئذ (3) فلا ينافي (4) ما تقدم سابقا: من بقاء الخيط على ملك مالكه و إن وجب بذل قيمته

ثم إن هنا (5) قسما رابعا: و هو ما لو خرج المضمون عن الملكية مع بقاء حق الأولوية فيه كما لو صار الخل المغصوب خمرا

+++++++++++

(1) فإن غاصب الخشبة لو ادخلها في بنايته: و حكمنا بإخراجها من البناية لتضرر المالك الغاصب فلم يؤمر بإخراجها

كما لم يؤمر مالك الثوب باخراج الخيوط الغصبية منه، للزومه التضرر المنفي

(2) اي عن إخراج الخشبة الداخلة في البناء عنوان هذه المسألة

(3) اي و حين أن حكم بعد جواز إخراج الخيط الغصبي من الثوب و الخشبة من البناء

(4) أما وجه المنافاة فلأن بقاء الخيط على ملك مالكه مستلزم لوجوب الرد فيجب إخراجه من الثوب مقدمة لوجوب رده

فالحكم بعدم الإخراج مناف للحكم بوجوب رده، لأن الوجوب مستلزم للإخراج كما عرفت

و أما وجه عدم المنافاة فلأن وجوب الرد محمول على صورة عدم تضرر الغاصب، و نحن نرى بالعيان أن الخيوط لو اخرجت لاستلزم ضرر على المالك الغاصب في الثوب

(5) اى في تعذر الوصول الى العين

الصور في مسألة تعذر الوصول الى العين أربعة

(الاولى): ذهاب العين بشخصها و نفسها كما في التلف الحقيقي -

ص: 317

فاستشكل في القواعد وجوب ردها مع القيمة (1)

و لعله (2) من (3) استصحاب وجوب ردها، و من (4) أن الموضوع في المستصحب ملك المالك، اذ لم يجب إلا رده و لم يكن المالك إلا أولى به

إلا (5) أن يقال: إن الموضوع في الاستصحاب عرفي

+++++++++++

- (الثانية): ذهاب السلطنة على العين كالمال الغريق

(الثالثة): ذهاب أوصاف العين و أجزائها، لا نفس العين كما في اللحم الجائف النتن

(الرابعة): ذهاب العين عن الملكية مع بقاء حق الأولوية لمالكها كما في الخل المنقلب الى الخمر

(1) اي مع إعطاء قيمة العين المتعذر وصولها الى المالك

(2) اي و لعل وجه الاستشكال

(3) هذا دليل جواز رد الخمر الى مالكها: ببيان أن الخل قبل صيرورته خمرا كان جائز الرد فنشك في الجواز بعد انقلابه خمرا فنستصحب الجواز لاتحاد الموضوع في الاستصحاب

(4) دليل لعدم جواز الرد

خلاصته: أن الموضوع في الاستصحاب هنا ليس متحدا، لأن الموضوع في المستصحب و هو الخل كان ملك المالك و بعد أن صارا خمرا خرج عن ملكه فليس هنا ملك حتى يستصحب بعد صيرورته خمرا فلا يجوز ردها

نعم يبقى للمالك بعد الانقلاب الأولوية فقط

(5) استثناء عما افاده: من خروج الخل عن ملك المالك بعد انقلابه خمرا، و أن الموضوع في الاستصحاب مختلف -

ص: 318

و لذا (1) كان الوجوب مذهب جماعة: منهم الشهيدان، و المحقق الثاني

و يؤيده (2) أنه لو عادت خلا ردت الى المالك بلا خلاف ظاهر.

حكم ارتفاع قيمة العين بعد دفع بدلها

ثم إن مقتضى صدق الغرامة على المدفوع خروج الغارم عن عهدة العين و ضمانها فلا يضمن ارتفاع قيمة العين بعد الدفع، سواء أ كان (3) للسوق، أم للزيادة المتصلة (4)، بل المنفصلة كالثمرة، و لا يضمن منافعها (5) فلا يطالب الغارم بالمنفعة بعد ذلك (6)

و عن التذكرة و بعض آخر ضمان المنافع (7) و قواه (8) في المبسوط

+++++++++++

- و خلاصته: أنه لو قلنا: إن الموضوع في الاستصحاب امر عرفي كما تقدمت الاشارة إليه في الجزء 6 من المكاسب من طبعتنا الحديثة في الهامش 2 ص 317 لجاز ردها الى صاحبها لأن العرف يرى أن الخل المنقلب خمرا هو ذاك الخل الذي كان صاحبه يملكه، فالموضوع في الاستصحاب واحد فيجب ردها إلى صاحبها

(1) اي و لأجل أن الموضوع في الاستصحاب هنا امر عرفي افتى الشهيدان، و المحقق الثاني بوجوب رد هذه الخمر الى صاحبها

(2) اي و يؤيد هذا الوجوب

(3) اي هذا الارتفاع

(4) كالسمن و الصوف

(5) اي منافع العين المغصوبة غير المستوفاة

(6) اي بعد دفع الغرامة الى صاحب العين

(7) اي المنافع غير المستوفاة بعد دفع الغرامة

(8) اي ضمان المنافع بعد دفع البدل

ص: 319

بعد أن جعل الأقوى خلافه

و في موضع من جامع المقاصد أنه (1) موضوع توقف

و في موضع آخر (2) رجح الوجوب

حكم ارتفاع القيمة بعد التعذر و قبل الدفع

ثم إن ظاهر عطف التعذر (3) على التلف في كلام بعضهم عند التعرض لضمان المغصوب بالمثل، أو القيمة يقتضي عدم ضمان ارتفاع القيمة السوقية الحاصل بعد التعذر و قبل الدفع كالحاصل (4) بعد التلف

لكن مقتضى القاعدة (5) ضمانه له، لأنه (6) مع التلف تتعين القيمة، و لذا (7) ليس له الامتناع من اخذها، بخلاف تعذر العين، فإن القيمة غير متعينة فلو صبر المالك حتى يتمكن من العين كان له ذلك (8)

+++++++++++

(1) اي ضمان المنافع بعد دفع البدل

(2) اى من جامع المقاصد رجح وجوب الضمان

(3) حيث عطف بعض الفقهاء على تلف العين تعذرها

(4) اي كالارتفاع الحاصل في العين بعد تلفها: في أنه لا يجب تداركه بعد التلف

(5) الظاهر أن المراد منها قوله عجل اللّه تعالى له الفرج:

الغاصب يؤخذ بأشد الأحول.

(6) الضمير للشأن كما هو الحال في أمثال هذه العبائر

(7) اى و لاجل أنه بعد تلف العين تتعين القيمة على الغاصب ليس لصاحب العين التالفة الامتناع من اخذ القيمة

(8) اي الصبر حتى يتمكن من اخذ العين المتعذر الوصول إليها

ص: 320

و تبقى العين في عهدة الضامن في هذه المدة، فلو تلفت كان له قيمتها من حين التلف، أو أعلى القيم إليه (1)، أو يوم الغصب على الخلاف

و الحاصل أن قبل دفع القيمة (2) تكون العين الموجودة في عهدة الضامن فلا عبرة بيوم التعذر

و الحكم بكون يوم التعذر بمنزلة يوم التلف مع الحكم بضمان الاجرة و النماء الى دفع (3) البدل، و إن تراخى عن التعذر مما (4) لا يجتمعان ظاهرا فمقتضى القاعدة (5) ضمان الارتفاع الى يوم دفع البدل، نظير دفع القيمة عن المثل المتعذر (6) في المثلي

اذا ارتفع التعذر وجب رد العين

ثم إنه لا إشكال في أنه اذا ارتفع تعذر رد العين و صار ممكنا وجب ردها على مالكها كما صرح به (7) في جامع المقاصد فورا و إن كان

+++++++++++

(1) اي الى التلف

(2) اى في العين المتعذر الوصول إليها

(3) اى الى يوم دفع البدل

(4) الجار و المجرور مرفوعة محلا خبر للمبتدإ المتقدم و هو قوله:

و الحكم

و أما وجه عدم الاجتماع: فهو أنه كيف يمكن الحكم بكون يوم التعذر بمنزلة تلف العين مع الحكم بضمان الاجرة و النماء الى يوم دفع البدل، اذ قد عرفت أنه بعد تلف العين لا يضمن الغاصب شيئا مما ذكر

كذلك بعد التعذر لا يضمن شيئا مما ذكر

(5) و هو قوله عجل اللّه تعالى فرجه الشريف: الغاصب يؤخذ بأشد الأحوال، و أن ضمان الارتفاع هو مقتضى عدل الاسلام كما أفاده ابن ادريس

(6) و إن ارتفعت قيمته

(7) اى بوجوب الرد بعد ارتفاع التعذر

ص: 321

في إحضارها مئونة كما كان (1) قبل التعذر، لعموم على اليد ما اخذت حتى تؤدي، و دفع (2) البدل لاجل الحيلولة إنما افاد خروج الغاصب عن الضمان:

بمعنى أنه لو تلفت لم تكن عليه قيمتها بعد ذلك (3)

و استلزم (4) ذلك على ما اخترناه: من عدم ضمان المنافع و النماء المنفصل و المتصل بعد دفع الغرامة

و سقوط (5) وجوب الرد حين التعذر، للعذر العقلي فلا يجوز استصحابه

+++++++++++

(1) اى وجوب الرد

(2) دفع وهم

حاصل الوهم أنه اذا كان الرد واجبا بعد ارتفاع التعذر فلما ذا يعطى البدل لصاحب العين المتعذر الوصول إليها؟

فاجاب أن دفع البدل لاجل خروج الضامن الغاصب عن قيد الضمان المتوجه نحوه ليس إلا

(3) اي بعد دفع بدل الحيلولة

(4) عطف على قوله: إنما افاد خروج الغاصب، اى و دفع البدل إنما استلزم عدم ضمان قيمة العين بعد الدفع لو تلفت

(5) دفع وهم آخر

حاصل الوهم: أنه لو كان دفع القيمة لا يفيد، و لا يستلزم سوى خروج الغاصب عن قيد الضمان و عهدته فلما ذا يسقط وجوب الرد عند تعذر الوصول الى العين ؟

فاجاب: أن السقوط لاجل العذر العقلي: و هو عدم امكان الوصول الى العين فلما ارتفع العذر العقلي بواسطة الوصول إليها عاد وجوب الرد فلا مجال لاستصحاب ذاك السقوط عند ارتفاع العذر

ص: 322

بل مقتضى الاستصحاب (1)، و العموم (2) هو الضمان المدلول عليه (3) المغيّى (4) في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: على اليد ما اخذت حتى تؤدي

هل الغرامة المدفوعة يعود ملكها إلى الغارم بمجرد طرو التمكن

و هل الغرامة المدفوعة يعود ملكها الى الغارم بمجرد طرو التمكن فيضمن العين من يوم التمكن ضمانا جديدا بمثله، أو قيمته يوم حدوث الضمان، أو يوم التلف، أو أعلى القيم، أو أنها (5) باقية على ملك مالك العين، و تكون العين مضمونة بها (6) لا بشيء آخر في ذمة الغاصب

فلو (7) تلفت استقر ملك المالك على الغرامة فلم يحدث في العين إلا حكم تكليفي بوجوب رده

+++++++++++

(1) اى استصحاب وجوب الرد قبل التعذر

بيان ذلك: أن الرد كان واجبا على الغاصب قبل التعذر، و بعد عروض التعذر و ارتفاعه نشك في زواله فنستصحب ذاك الوجوب

(2) و هو قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: على اليد ما اخذت

(3) اى على الضمان

(4) المراد من المغيّى هي كلمة تؤدي الداخلة عليها كلمة حتى التى هي للغاية، فإن كلمة تؤدي تدل على وجوب الرد و إن كان بعد ارتفاع التعذر حيث إن الاداء لا يحصل إلا بالرد

(5) اى الغرامة المدفوعة الى مالك العين المتعذر وصولها الى المالك بعد ارتفاع التعذر

(6) اى بهذه الغرامة المدفوعة الى المالك

(7) الفاء تفريع على ما افاده: من بقاء الغرامة على ملك مالك العين، و أن الغاصب لا يضمن العين و إن ارتفع التعذر

ص: 323

و أما الضمان (1) و عهدة جديدة فلا؟ وجهان:

أظهرهما الثاني (2)، لاستصحاب كون العين مضمونة بالغرامة، و عدم طرو ما يزيل ملكيته عن الغرامة، أو يحدث ضمانا جديدا

و مجرد عود التمكن (3) لا يوجب عود سلطنة المالك حتى يلزم من بقاء ملكيته على الغرامة الجمع بين العوض و المعوض (4)

غاية ما في الباب قدرة الغاصب على اعادة السلطنة (5) الفائتة (6) المبدلة (7)

+++++++++++

(1) و هو ضمان العين بعد التلف ثانيا، و بعد ارتفاع التعذر عنها

(2) و هو بقاء الغرامة على ملك مالك العين، و أن ضمان العين بها لا بشيء آخر يكون في ذمة الغاصب

وجه الأظهرية في القول الثاني هو الاستصحاب

ببيان أن العين المتعذر الوصول إليها كانت مضمونة بالغرامة فلما اعطى الغاصب الغرامة سقطت ذمته عن كل شيء، و بعد رفع التعذر و وجود العين نشك في تملك المالك الغرامة المدفوعة إليه فنستصحبه، لعدم وجود شيء يزيل هذه الملكية، و لعدم وجود شيء يحدث ضمانا جديدا على الغاصب بعد ارتفاع التعذر

(3) اى التمكن من العين بسبب ارتفاع التعذر

(4) بل الغرامة تعود الى الغاصب بعد ارتفاع التعذر، و تمكن المالك من العين فلا مجال للجمع بين العوض و هي القيمة، و المعوض و هي العين عند المالك

(5) اى بواسطة ارتفاع التعذر عن الوصول الى العين

(6) اى بواسطة غصب الغاصب العين

(7) اى هذه السلطنة الفائتة

ص: 324

عنها بالغرامة و وجوبها (1) عليه، و حينئذ (2) فإن دفع العين فلا إشكال في زوال ملكية المالك للغرامة (3)

و توهم أن المدفوع (4) كان بدلا عن القدر الفائت من السلطنة في زمن التعذر فلا يعود (5)، لعدم عود مبدله (6)

ضعيف (7) في الغاية، بل كان (8) بدلا عن اصل السلطنة يعود بعودها، فيجب (9) دفعه

+++++++++++

(1) اي وجوب هذه الغرامة على الغاصب

(2) اى و حين أن اعاد الغاصب السلطنة الفائتة من المالك بواسطة غصبه العين، ثم تعذر الوصول إليها، ثم ارتفع التعذر

(3) و إن لم يدفعها بقيت الغرامة في ملك المالك حتى يسلم الغاصب العين للمالك

(4) و هي القيمة التي تعطى بدلا عن العين المتعذر الوصول إليها

(5) اى هذا المدفوع الذي هي القيمة

(6) و هو القدر الفائت من السلطنة أيام تعذر الوصول الى العين فهذا القدر لا يعود فالمدفوع و هي القيمة التي كانت بدلا عنه لا يعود الى الغاصب أيضا

(7) اى هذا التوهم ضعيف للنهاية، لأن المدفوع بدل عن اصل السلطنة الفائتة أيام التعذر، لا عن القدر الفائت فيعود المدفوع الى الغاصب بعود اصل السلطنة الفائتة، و عود اصل السلطنة بعود العين المتمكن الوصول إليها بعد رفع التعذر

(8) اى المدفوع كما عرفت آنفا

(9) الفاء تفريع على ما افاده: من أن المدفوع بدل عن اصل السلطنة -

ص: 325

أو دفع بدله (1) مع تلفه، أو خروجه (2) عن ملكه بناقل لازم، بل جائز و لا يجب رد نمائه (3) المنفصل

و لو لم يدفعها (4) لم يكن له مطالبة الغرامة أولا، اذ (5) ما لم تتحقق السلطنة (6) لم يعد الملك الى الغارم (7)، فإن الغرامة عوض عن السلطنة لا عوض عن قدرة الغاصب على تحصيلها (8) للمالك. فتأمل (9)

+++++++++++

- الفائتة، لا عن القدر الفائت أيام التعذر، اى فعلى ضوء ما ذكرنا يجب دفع هذا المدفوع الى الغاصب بعد عود اصل سلطنة المالك برد العين إليه

(1) اى دفع بدل هذا المدفوع اذا تلف

(2) اى و كذا يجب دفع بدل المدفوع اذا خرج عن ملك المالك بسبب ناقل لازم كالبيع، أو جائز كالاجارة

(3) اى نماء هذا المدفوع الى الغاصب بعد رد العين الى المالك

(4) اى لو لم يدفع الغاصب العين الى المالك بعد التمكن من الوصول إليها ليس له حق مطالبة الغرامة التي هو المدفوع من المالك

(5) تعليل لعدم حق مطالبة الغاصب الغرامة ما لم يدفع العين الى المالك بعد ارتفاع التعذر

(6) اي السلطنة على العين للمالك

(7) و هو الغاصب

(8) اي على تحصيل السلطنة لمالك العين بدفع العين إليه حتى يصح أن يقال: إنه قد تحقق ما ابدلت الغرامة عنه: و هو كون الغاصب في سبب تحصيل السلطنة للمالك فحينئذ تخرج الغرامة عن ملك المالك و تعود الى الغاصب

بل الغرامة عوض عن اصل السلطنة الفائتة

(9) لعل الامر بالتأمل اشارة الى أن ما قلناه: و هو أن الغرامة -

ص: 326

نعم للمالك مطالبة عين ماله، لعموم الناس مسلطون على أموالهم، و ليس ما عنده من المال عوضا عن مطلق السلطنة حتى سلطنة المطالبة (1)

بل (2) سلطنة الانتفاع بها على الوجه المقصود من الأملاك، و لذا (3) لا تباح لغيره بمجرد بذل الغرامة.

ليس للغاصب حبس العين إلى أن يأخذ البدل

و مما ذكرنا (4) يظهر أيضا أنه ليس للغاصب حبس العين الى أن يدفع المالك القيمة كما اختاره (5) في التذكرة، و الايضاح، و جامع المقاصد

و عن السرائر الجزم بأن له (6) ذلك

+++++++++++

- عوض عن اصل السلطنة الفائتة، لا عن قدرة الغاصب على تحصيل السلطنة للمالك حتى يقال: إنها وجدت بتحصيله السلطنة للمالك باخذ العين و اعطائها له: هو الثابت المسلم. فتأمل في المقام

(1) حتى لا يجوز للمالك المطالبة بعين ماله

(2) اي بل الغرامة عوض عن سلطنة الانتفاع بها

(3) اي و لاجل أن الغرامة ليست عوضا عن مطلق السلطنة، بل إنها عوض عن سلطنة الانتفاع بها لا تباح العين لغير المالك بمجرد بذل الغرامة بمعنى أن المالك لو بذل الغرامة وحدها الى الغاصب بأن قال له: لا اريد منك الغرامة، أو قال بعد اخذها من الغاصب: هذه لك هبة غير معوضة لا يكون مجرد البذل له سببا لإباحة العين للغاصب حتى يسقط حق المطالبة للعين من المالك

(4) و هو عدم عود المدفوع الى الغاصب ما دام لم يعد الغاصب السلطنة على العين الى المالك

(5) اى كما اختار العلامة في التذكرة عدم جواز حبس الغاصب العين

(6) اي للغاصب حق حبس العين حتى يدفع المالك الغرامة له

ص: 327

و لعله (1) لأن القيمة عوض إما عن العين، و إما عن السلطنة عليها

و على أي تقدير فيتحقق التراد، و حينئذ فلكل من صاحبي العوضين حبس ما بيده حتى يتسلم ما بيد الآخر

و فيه (2) أن العين بنفسها ليست عوضا و لا معوضا، و لذا تحقق للمالك الجمع بينها، و بين الغرامة، فالمالك مسلط عليها، و المعوض للغرامة هي السلطنة الفائتة التي في معرض العود بالتراد (3)

اللهم (4) إلا أن يقال: له (5) حبس العين من حيث تضمنه (6) لحبس مبدل الغرامة و هي السلطنة الفائتة

+++++++++++

(1) اي و لعل جزم ابن ادريس بأن للغاصب حق الحبس لاجل أن القيمة إما عوض عن العين، أو عن السلطنة الفائتة، و على أي تقدير يتحقق موضوع التراد، اى أن لكل من المالك و الغاصب حق الحبس الى أن يتسلم ماله: الغاصب يتسلم الغرامة التي دفعها الى المالك، و المالك يتسلم العين التي غصبها الغاصب

(2) اي و فيما افاده ابن ادريس من الجزم بأن للغاصب حق حبس العين الى أن يسلم المالك الغرامة له لأجل أن العين إما عوض عن العين أو عن السلطنة نظر و إشكال

و قد ذكر الشيخ وجه النظر في المتن فلا نعيده

(3) اى بتراد العين و رجوعها الى المالك بإعطاء الغاصب اياها له بعد ارتفاع التعذر

(4) استثناء عما افاده: من النظر فيما افاده ابن ادريس

(5) اى للغاصب

(6) اى تضمن حبس الغاصب للعين لحبس مبدل الغرامة

ص: 328

و الأقوى الأول (1)

لو حبس العين فتلفت

ثم لو قلنا بجواز الحبس لو حبسها فتلفت العين محبوسة فالظاهر أنه لا يجري عليه (2) حكم المغصوب، لأنه (3) حبسها بحق

نعم يضمنها، لأنه قبضها لمصلحة نفسه

و الظاهر أنه (4) بقيمة يوم التلف على ما هو (5) الاصل في كل مضمون

و من قال بضمان المقبوض بأعلى القيم يقول به هنا (6) من زمان الحبس الى زمان التلف

و ذكر العلامة في القواعد أنه لو حبس فتلف محبوسا فالأقرب ضمان قيمته الآن، و استرجاع (7) القيمة الاولى

+++++++++++

(1) و هو عدم جواز حبس الغاصب العين حتى يتسلم الغرامة

و وجه ذلك: أن المقام ليس من قبيل البيع حتى يجوز لكل من البائع و المشتري امتناع تسليم ماله حتى يتسلم من الآخر ماله، لأن البيع كما عرفت مبادلة مال بمال؛ و أن كل واحد من الثمن و المثمن عوض، عن الآخر

بخلاف ما نحن فيه، فإن الغرامة عوض و الآخر و هي السلطنة معوض فما دام لم يتحقق العوض لم يرتفع المعوض

(2) اي على هذا الحبس

(3) اي الغاصب حبسه بحق: و هو إزاء الغرامة التي دفعها الى المالك

(4) اي تلف العين المحبوسة

(5) اي قيمة يوم التلف

(6) اي في تلف العين المحبوسة بحق فتكون هذه اليد غير اليد الاولى لأنها كانت يد عدوان و ظلم

(7) اي و الأقرب استرجاع الغاصب القيمة الأولية التى دفعها للمالك

ص: 329

و الظاهر أن مراده بقيمة الآن مقابل القيمة السابقة، بناء على زوال حكم الغصب عن العين، لكونها محبوسة بغير عدوان، لا خصوص حين التلف

و كلمات كثير منهم (1) لا تخلو عن اضطراب

ثم إن أكثر ما ذكرناه (2) مذكور في كلماتهم في باب الغصب

لكن الظاهر أن أكثرها (3) بل جميعها في حكم المغصوب من حيث كونه مضمونا (4)، اذ ليس في الغصب خصوصية زائدة (5)

نعم (6) ربما يفرق من جهة نص في المغصوب مخالف لقاعدة الضمان كما احتمل في الحكم بوجوب قيمة يوم الضمان من جهة صحيحة أبي ولاد (7) أو أعلى القيم على ما تقدم من الشهيد الثاني (8)

+++++++++++

(1) اي من الفقهاء في هذا المقام

(2) اي في المقبوض بالعقد الفاسد

(3) اى أكثر كلماتهم

(4) فتشمل كلماتهم حكم المقبوض بالعقد الفاسد، لأنه مضمون فيكون مغصوبا، و لا سيما على رأي ابن ادريس كما عرفت في ص 141

(5) حتى لا تشمل كلماتهم المقبوض بالعقد الفاسد

(6) استدراك عما افاده: من عدم الفرق في كلمات الفقهاء الواردة في باب الغصب بين المقبوض بالعقد الفاسد، و بين الغصب، و قد ذكر الفرق في المتن فلا نعيده

(7) المشار إليها في ص 272 عند قوله عليه السلام: نعم قيمة بغل يوم خالفته الدال على ضمان يوم الغصب

(8) كما نقل عنه الشيخ في ص 292 بقوله: اذ لم يعلم لذلك وجه صحيح

ص: 330

دعوى دلالة الصحيحة عليه (1)

و أما ما اشتهر من أن الغاصب مأخوذ بأشق الأحوال فلم نعرف له مأخذا واضحا

و لنختم بذلك أحكام المبيع بالبيع الفاسد و إن بقي منه أحكام اخر أكثر مما ذكرنا

و لعل بعضها يجيء في بيع الفضولي إن شاء اللّه تعالى

+++++++++++

(1) اي على أعلى القيم

ص: 331

شروط المتعاقدين

ص: 332

الكلام فى شروط المتعاقدين

مسألة: من شروط المتعاقدين البلوغ

في عقد الصبي
المشهور بطلان عقد الصبي
اشارة

(مسألة): المشهور كما عن الدروس و الكفاية بطلان عقد الصبي (1)

بل عن الغنية الاجماع عليه و إن اجاز الولي

و في كنز العرفان نسبة عدم صحة عقد الصبي الى أصحابنا

و ظاهرها (2) إرادة التعميم لصورة اذن الولي

+++++++++++

(1) مشتق من صبى يصبو. جمعه صبيان و صبيان فهو علم لمن لم يتجاوز عمره عشر سنين عند الفقهاء، و المراد منه عند الفقهاء الصبي الذي يميز و البحث عنه عن جهات ثلاث

(الاولى): في تصرفات الصبي في أمواله: من بيع و شراء، و إعطاء و هبة، و وقف، و عتق

و هذا مما لا إشكال في عدم جواز التصرفات فيها، و أنه كالسفيه و المفلس في كونه محجورا عليه، و أنها لا تنفذ

(الثانية): في تصرفاته باذن الولي و قد ذهب المشهور الى عدم نفوذ تصرفاته، بل ادعي الاجماع عليه

(الثالثة): في إنشاءاته و قصوده

لا شك في بطلان ما ينشاه الصبي و يقصده، و كذا لا شك في أن إنشاءه و قصده كلا إنشاء فهو كالهازل و النائم

فاذا و كل من قبل البالغين في إجراء عقد، أو وكّل شخصا في عقد نكاح، أو و كله الولي في إجراء الصيغة على أمواله و وقع العقد فقد بطل

و البحث هنا عن الجهة الثالثة التى عقد لها الشيخ هذا العنوان و قال:

المشهور كما عن الدروس و الكفاية بطلان عقد الصبي

(2) اى ظاهر هذه النسبة

ص: 333

و عن التذكرة أن الصغير محجور عليه بالنص و الاجماع، سواء أ كان مميزا أم لا في جميع التصرفات إلا ما استثني كعباداته، و اسلامه، و إحرامه و تدبيره و وصيته، و ايصال الهدية؛ و اذنه في الدخول على خلاف في ذلك (1) انتهى.

و استثناء ايصال الهدية، و اذنه في دخول الدار يكشف بفحواه عن شمول المستثنى منه (2) لمطلق أفعاله، لأن الايصال و الاذن ليسا من التصرفات القولية و الفعلية و إنما هو (3) في الاول آلة في ايصال الملك كما لو حملها على حيوان و ارسلها، و الثاني (4) كاشف عن موضوع تعلق عليه إباحة الدخول و هو رضى المالك

الاستدلال على البطلان بحديث رفع القلم

و احتج على الحكم (5) في الغنية بقوله صلى اللّه عليه و آله و سلم:

رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يحتلم، و عن المجنون حتى يفيق و عن النائم حتى يستيقظ (6)

+++++++++++

(1) اي في اذن الصبي لدخول الآخرين في الدار مثلا، فإنه محل الخلاف بين الفقهاء الامامية في الجواز، و العدم

(2) و هي محجورية الصبي بالنص و الاجماع

(3) اي و انما الصبي في ايصال الهدية الى آخرين بمنزلة الآلة في كونها تكون محمولة

(4) و هو اذن الصبي في الدخول للآخرين

(5) و هو بطلان عقد الصبي و تصرفاته

(6) (وسائل الشيعة). الجزء 1. ص 32. الباب 4. اشتراط التكليف بالوجوب و التحريم بالاحتلام. الحديث 11

ص: 334

و قد سبقه (1) في ذلك الشيخ في المبسوط في مسألة الاقرار

و قال: إن مقتضى رفع القلم (2) أن لا يكون لكلامه حكم (3)

و نحوه الحلي في السرائر في مسألة عدم جواز وصية البالغ عشرا

و تبعهم في الاستدلال به (4) جماعة كالعلامة و غيره

الاستدلال بروايات عدم جواز أمر الصبي
اشارة

و استدلوا أيضا يخبر حمزة بن حمران عن مولانا الباقر عليه السلام:

إن الجارية اذا زوجت و دخل بها و لها تسع سنين ذهب عنها اليتم، و دفع إليها مالها، و جاز امرها في الشراء، و الغلام لا يجوز امره في البيع و الشراء و لا يخرج عن اليتم حتى يبلغ خمس عشرة سنة الى آخر الحديث (5)

و في رواية ابن سنان متى يجوز امر اليتيم

قال: حتى يبلغ اشده

قال: ما اشده ؟

قال: احتلامه (6)

و في معناها روايات اخر (7)

+++++++++++

(1) اى و قد سبق صاحب الغنية الشيخ في الحكم ببطلان عقد الصبي و تصرفاته، و لم يكن صاحب الغنية مستقلا بهذا الحكم، أو هو اوّل من تكلم فيه

(2) اي عن الصبي في قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: رفع القلم عن ثلاث: الصبي حتى يحتلم

(3) اي اثر، فإن كلامه ككلام الهازل و النائم في رفع الاثر منه

(4) اي في عدم جواز وصية البالغ عشرا

(5) المصدر نفسه ص 30. الحديث 2

(6) المصدر نفسه. الجزء 13. ص 143. الحديث 5. الباب 2

(7) المصدر نفسه. الجزء 1 ص 30. الأحاديث

ص: 335

المناقشة في دلالة هذه الروايات

لكن الانصاف أن جواز الامر (1) في هذه الروايات ظاهر في استقلاله في التصرف، لأن الجواز مرادف للمضي فلا (2) ينافي عدمه ثبوت الوقوف على الاجازة (3) كما يقال: بيع الفضولي غير ماض، بل (4) موقوف

و يشهد له (5) الاستثناء في بعض تلك الأخبار (6)

+++++++++++

(1) في قوله عليه السلام: و جاز امرها، و في قوله: لا يجوز امره، و في قول السائل: متى يجوز امره ؟

مقصود الشيخ أن الجواز المذكور في هذه الروايات يراد منها الاستقلال في التصرف اي الصبي لا يجوز أن يتصرف في أمواله، و في عقوده و ايقاعاته بالاستقلال

و أما اذا كانت باذن الولي فلا بأس بها، لأن الجواز بمعنى المضي اي لا تكون تصرفاته ماضية بالاستقلال

(2) الفاء تفريع على ما افاده: من أن الانصاف أن الجواز ظاهر في استقلاله في التصرف، لامع اذن الولي، اي فعلى ضوء ما ذكرنا لا ينافي عدم الجواز ثبوت توقف تصرفات الصبي على اجازة الولي

كما في البيع الفضولي، حيث يقال: إنه غير ماض، بل موقوف على اجازة المالك، فإن اجاز مضى البيع، و إلا فلا

(3) اى على اجازة الولي كما عرفت

(4) اي اجازة المالك كما عرفت

(5) اى لأن جواز الامر ظاهر في الاستقلال في التصرف

(6) و هو الحديث المشار إليه في الهامش 6 ص 335

أليك تمام الحديث

قال: قلت: قد يكون الغلام ابن ثمان عشرة سنة، أو أقل أو أكثر و لم يحتلم -

ص: 336

بقوله: إلا أن يكون سفيها فلا دلالة لها (1) حينئذ (2) على سلب عبارته (3) و أنه اذا ساوم (4) وليه متاعه و عين له قيمته، و أمر الصبي لمجرد ايقاع العقد مع الطرف الآخر كان باطلا

و كذا لو اوقع ايجاب النكاح، أو قبوله لغيره باذن وليه (5)

+++++++++++

- قال: اذا بلغ و كتب عليه الشيء، و نبت عليه الشعر جاز عليه امره إلا أن يكون سفيها، أو ضعيفا

وجه شهادة الحديث على ظهور جواز الامر في الاستقلال في التصرف أن السفيه ليس مسلوب العبارة، و إنما هو ممنوع التصرف بالاستقلال فيعلم من هذا الاستثناء أن المراد عدم الاستقلال بالتصرف من الصبى

(1) اى لهذه الرواية التي فيها الاستثناء بقوله عليه السلام: إلا أن يكون سفيها كما عرفت

(2) اي حين الاستثناء

(3) اى عبارة الصبي

(4) اى عرض ولي الصبي متاع الصبي للبيع

(5) اى لا يكون هذا الايقاع باطلا

فكما أن السفيه في الحديث في الاستثناء الوارد في قوله عليه السلام:

إلا أن يكون سفيها لا يكون مسلوب العبارة، بل يكون محجور التصرف بالاستقلال

كذلك الصبي لا يراد منه أنه مسلوب العبارة في عقوده و ايقاعاته أو أنه اذا ساوم وليه متاعه؛ و عين له سعر المتاع للبيع، أو الشراء أو اذن له وليه في إجراء العقد، أو الايقاع يكون بيعه و شراؤه و عقده و ايقاعه باطلا

ص: 337

و أما (1) حديث رفع القلم ففيه أولا (2) أن الظاهر منه قلم المؤاخذة (3)، لا قلم جعل الأحكام (4)؛ و لذا (5) بنينا كالمشهور على شرعية عبادات الصبي

و ثانيا (6) أن المشهور على الألسنة أن الأحكام الوضعية ليست مختصة بالبالغين فلا مانع من أن يكون عقده (7) سببا لوجوب الوفاء به بعد البلوغ أو على الولي اذا وقع باذنه، أو اجازته كما تكون جنابته سببا لوجوب غسله بعد البلوغ، و حرمة تمكينه من مس المصحف

و ثالثا (8) لو سلمنا اختصاص الأحكام حتى الوضيعة بالبالغين (9) لكن لا مانع من كون فعل غير البالغ (10) موضوعا للأحكام المجعولة

+++++++++++

(1) من هنا يريد الشيخ أن يناقش حديث رفع القلم المستدل به على عدم نفوذ تصرفات الصبي و قد ناقش فيه من جهات ثلاثة

(2) هذه هي الجهة الاولى

(3) و هو الحكم التكليفي الذي هي العقوبة الاخروية

(4) بمعنى أنه لم توضع لهم أحكام في الواقع، بل لهم أحكام مجعولة كبقية المكلفين

(5) اى و لا جل أنه ليس المراد من رفع قلم المؤاخذة هو رفع قلم جعل الأحكام، بل المراد رفع المؤاخذة، و الحكم التكليفي

(6) هذه هي الجهة الثانية

(7) اي عقد الصبي

(8) هذه هي الجهة الثالثة

(9) و قلنا بخروج الصبي عن تلك الأحكام: الوضعية، و التكليفية

(10) و هو الصبي

ص: 338

في حق البالغين فيكون الفاعل كسائر غير البالغين خارجا عن ذلك الحكم الى وقت البلوغ

و بالجملة فالتمسك بالرواية (1) ينافي ما اشتهر بينهم (2) من شرعية عبادة الصبي، و ما اشتهر بينهم من عدم اختصاص الأحكام الوضعية بالبالغين.

فالعمدة في سلب عبارة الصبي هو الاجماع المحكي (3) المعتضد بالشهرة العظيمة، و إلا (4) فالمسألة محل إشكال، و لذا (5) تردد المحقق في الشرائع في اجازة المميز باذن الولي بعد ما جزم بالصحة في العارية، و استشكل فيها (6) في القواعد و التحرير

و قال في القواعد: و في صحة بيع المميز باذن الولي نظر، بل عن الفخر في شرحه أن الأقوى الصحة، مستدلا بأن العقد اذا وقع باذن الولي كان كما لو صدر عنه (7)

+++++++++++

(1) اي التمسك بحديث رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم على عدم نفوذ تصرفات الصبي

(2) اى بين الفقهاء

(3) اى عن صاحب الغنية بنقل الشيخ عنه في ص 333 بقوله: بل عن الغنية الاجماع عليه

(4) اى و لو لا وجود الاجماع المعتضد بالشهرة العظيمة لكان الحكم بعدم نفوذ تصرفات الصبي محل إشكال

(5) اي و لاجل وجود الإشكال

(6) اى في اجازة الصبى

(7) اى عن الولي

ص: 339

و لكن لم اجده (1) فيه

و قواه (2) المحقق الاردبيلي على ما حكي عنه

و يظهر من التذكرة عدم ثبوت الاجماع (3) عنده، حيث قال:

و هل يصح بيع المميز و شراؤه ؟ الوجه عندي (4) أنه لا يصح

و اختار في السرائر صحة بيع الصبي في مقام اختبار (5) رشده

و ذكر المحقق الثاني أنه لا يبعد بناء المسألة (6) على أن أفعال الصبي و أقواله شرعية أم لا، ثم حكم بأنها غير شرعية، و أن الأصح بطلان العقد

و عن المختلف أنه حكي في باب المزارعة عن القاضي كلاما يدل على صحة بيع الصبي

و بالجملة فالمسألة (7) لا تخلو عن اشكال، و إن أطنب بعض المعاصرين في توضيحه حتى ألحقه بالبديهيات في ظاهر كلامه

+++++++++++

(1) اى لم اجد هذا الحكم في شرح القواعد

(2) اى وقوع العقد من الصبي باذن الولي كأنه صدر من الولي

(3) اى الاجماع على عدم نفوذ تصرفات الصبي

(4) فكلمة عندي قرينة على عدم ثبوت الاجماع عنده اذ لو كان غير ثابت عند الآخرين لكان يقول: عندنا

(5) الظاهر أن مقصوده من الاختبار و الامتحان هي الآية الشريفة في قوله تعالى: وَ اِبْتَلُوا اَلْيَتٰامىٰ حَتّٰى إِذٰا بَلَغُوا اَلنِّكٰاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوٰالَهُمْ : الآية

(6) اى مسألة عدم نفوذ تصرفات الصبي

(7) اي مسألة عدم نفوذ تصرفات الصبي

ص: 340

الحجة في المسألة هي الشهرة و الإجماع المحكي
اشارة

فالانصاف أن الحجة (1) في المسألة هي الشهرة المحققة، و الاجماع المحكي عن التذكرة (2) بناء على أن استثناء الاحرام الذي لا يجوز إلا بإذن الولي شاهد على أن مراده بالحجر ما يشمل سلب العبارة، لا نفي الاستقلال في التصرف.

و كذا اجماع (3) الغنية، بناء على أن استدلاله بعد الاجماع بحديث رفع القلم دليل على شمول معقده (4) للبيع بأذن الولي

و ليس المراد نفي صحة البيع المتعقب بالاجازة حتى يقال: إن الاجازة عند السيد (5) غير مجدية في تصحيح مطلق العقد الصادر من غير المستقل و لو كان غير مسلوب العبارة كالبائع الفضولي

و يؤيد الاجماعين (6)

+++++++++++

(1) اي الدليل على عدم نفوذ تصرفات الصبي

(2) الذي نقله الشيخ عن التذكرة في ص 334 بقوله: إن الصغير محجور عليه بالنص و الاجماع

(3) الذي نقله عنه الشيخ في ص 333 بقوله: بل عن الغنية الاجماع عليه

(4) اي استدلال السيد ابن زهرة في الغنية بعد دعواه الاجماع على عدم نفوذ تصرفات الصبي بحديث رفع القلم عن الصبى حتى يحتلم دليل على شمول معقد اجماعه حتى التصرفات الصادرة من الصبي باذن الولي في أنها غير نافذة

فمقصود السيد ابن زهرة أن الصبي مسلوب العبارة

(5) و هو ابن زهرة صاحب الغنية

(6) و هما: اجماع العلامة، و اجماع السيد ابن زهرة

ص: 341

ما تقدم عن كنز العرفان (1)

المناقشة في تحقق الإجماع

نعم (2) لقائل أن يقول: إن ما عرفت من المحقق و العلامة و ولده و القاضي و غيرهم، خصوصا المحقق الثاني الذي بنى المسألة على شرعية أفعال الصبي يدل على عدم تحقق الاجماع

و كيف كان (3) فالعمل على المشهور (4)

ما يستأنس به للبطلان

و يمكن أن يستأنس له (5) أيضا بما ورد في الأخبار المستفيضة: من أن عمد الصبي و خطأه واحد كما في صحيحة ابن مسلم، و غيرها (6)

+++++++++++

(1) في نقل الشيخ عنه في ص 333 بقوله: و في كنز العرفان نسبة عدم صحة عقد الصبي الى أصحابنا، فإن نسبة عدم الصحة الى أصحابنا دليل على وجود الاجماع في مسألة عدم نفوذ تصرفات الصبي

(2) استدراك عما افاده: من وجود الاجماع على عدم نفوذ تصرفات الصبي، و أن ما تقدم عن كنز العرفان مؤيد للاجماعين المذكورين عن العلامة و ابن زهرة

(3) اي سواء أ كان الاجماع موجودا في المسألة أم لا

(4) و هو عدم نفوذ تصرفات الصبي إلا ما استثني كالعبادات

(5) اي للقول المشهور

(6) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 19. ص 307. الباب 11 الحديث 1 أليك نص الحديث

عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال:

كان (امير المؤمنين) عليه السلام يجعل جناية المعتوه على عاقلته خطأ كان، أو عمدا

و هناك أحاديث اخرى فراجعها

ص: 342

و الأصحاب و إن ذكروها (1) في باب الجنايات إلا أنه لا اشعار في نفس الصحيحة، بل و غيرها بالاختصاص بالجنايات

و لذا (2) تمسك بها الشيخ في المبسوط، و الحلي في السرائر على أن اخلال الصبي المحرم بمحظورات الإحرام التي يختص حرمتها بحال التعمد لا يوجب كفارة على الصبى، و لا على الولي، لأن عمده خطأ

و حينئذ (3) فكل حكم شرعي تعلق بالأفعال التى يعتبر في ترتب الحكم الشرعي عليها القصد بحيث لا عبرة بها اذا وقعت بغير القصد، فما يصدر منها (4) عن الصبي قصدا بمنزلة الصادر عن غيره (5) بلا قصد

فعقد الصبي و ايقاعه مع القصد كعقد الهازل و الغالط، و الخاطئ و ايقاعاتهم

استظهار البطلان من حديث رفع القلم

بل يمكن بملاحظة بعض ما ورد من هذه الأخبار في قتل المجنون و الصبي استظهار المطلب (6) من حديث رفع القلم: و هو ما عن قرب الأسناد بسند أبي البختري عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام أنه كان يقول:

+++++++++++

(1) اي صحيحة محمد بن مسلم

(2) اي و لاجل عدم اختصاص الصحيحة بالجنايات

(3) اى و حين أن قلنا: إن اخلال الصبي المحرم بمحظورات الإحرام و منهياته التي تختص حرمتها بحال التعمد لا يوجب كفارة على الصبي و لا على وليه

(4) اي من هذه الأفعال المعتبر فيها القصد في ترتب حكم شرعي

(5) اي عن غير الصبي كالهازل و النائم

(6) و هو أن الصادر من الصبي: من العقود و الايقاعات مع القصد يعد كأنه الصادر بغير قصد فهو كعقد الهازل و النائم

ص: 343

المجنون المعتوه الذي لا يفيق، و الصبى الذي لم يبلغ عمدها خطأ تحمله العاقلة و قد رفع عنهما القلم الى آخر الحديث (1)، فإن ذكر رفع القلم في الذيل (2) ليس له وجه ارتباط، إلا أن يكون علة لاصل الحكم و هو ثبوت الدية على العاقلة، أو أن يكون معلولا لقوله: عمدهما خطأ يعني أنه لما كان قصدهما بمنزلة العدم في نظر الشارع، و في الواقع رفع القلم عنهما

و لا يخفى أن ارتباطها (3) بالكلام على وجه العلية (4) أو المعلولية (5) للحكم المذكور في الرواية اعني عدم مؤاخذة الصبي و المجنون بمقتضى جناية العمد و هو القصاص، و لا بمقتضى شبه العمد و هي الدية في مالهما لا يستقيم إلا بأن يراد من رفع القلم ارتفاع المؤاخذة عنهما شرعا: من حيث العقوبة الاخروية (6) و الدنيوية (7) المتعلقة بالنفس كالقصاص، أو المال كغرامة الدية، و عدم ترتب ذلك (8) على افعالهما المقصودة المتعمد إليها مما لو وقع

+++++++++++

(1) راجع (قرب الأسناد) طباعة (إيران چاپخانه اسلامية) ص 72. الحديث 5

(2) اي في ذيل حديث قرب الأسناد

(3) اي ارتباط جملة: و قد رفع عنهما القلم

(4) كما افادها الشيخ بقوله: إلا أن يكون علة لاصل الحكم

(5) كما افادها الشيخ بقوله: أو أن يكون معلولا

(6) و هو الحكم التكليفي

(7) و هو الحكم الوضعي

(8) و هي العقوبة الاخروية التي يراد منها الحكم التكليفي و العقوبة الدنيوية: من القصاص و الدية التي يراد منها الحكم الوضعي

ص: 344

من غيرهما (1) مع القصد و التعمد لترتبت عليه غرامة اخروية (2) أو دنيوية (3)

و على هذا (4) فاذا التزم (5) على نفسه مالا بإقرار، أو معاوضة و لو باذن الولي فلا اثر لهما (6) في الزامه بالمال، و مؤاخذته به و لو بعد البلوغ، فاذا لم يلزمه شيء بالتزاماته و لو كانت باذن الولي فليس ذلك (7) إلا لسلب قصده، و عدم العبرة بانشائه، اذ لو كان ذلك (8) لاجل عدم استقلاله، و حجره عن الالتزامات على نفسه لم يكن عدم المؤاخذة شاملا لصورة اذن الولي و قد فرضنا الحكم مطلقا (9) فيدل بالالتزام (10) على كون قصده في إنشاءاته و إخباراته مسلوب الاثر

+++++++++++

(1) اى من غير المجنون و العاقل

(2) و هي العقوبة الإلهية المراد منها الحكم التكليفي

(3) و هي العقوبة الدنيوية: من القصاص و الدية المراد منها الحكم الوضعي

(4) اي و بناء على القول بأن المراد من رفع القلم هو رفع المؤاخذة من الصبي و المجنون من حيث الحكم التكليفي و الوضعي

(5) اى الصبي

(6) اي لهذا الاقرار بالمال، أو المعاوضة

(7) اى عدم الاثر بالتزامات الصبي

(8) اي عدم الاثر بالتزامات الصبي

(9) اي حتى مع اذن الولي لا اثر لالتزامات الصبي

(10) اي بالدلالة الالتزامية

ص: 345

ثم إن مقتضى عموم هذه الفقرة (1) بناء على كونها علة للحكم (2) عدم مؤاخذتهما (3) بالاتلاف الحاصل منهما كما هو ظاهر المحكي عن بعض إلا أن يلتزم بخروج ذلك (4) عن عموم رفع القلم

و لا يخلو (5) من بعد

لكن هذا (6) غير وارد على الاستدلال، لأنه ليس مبنيا على كون رفع

+++++++++++

(1) و هو قوله عليه السلام في حديث قرب الأسناد: و قد رفع عنهما القلم

(2) و هو ثبوت الدية على العاقلة

(3) و هما: المجنون و الصبي

(4) اي بخروج الاتلاف الحاصل من الصبي و المجنون عن تحت عموم: رفع قلم المؤاخذة عن الصبي و المجنون

(5) اي هذا الخروج لا يكون خاليا من بعد

وجه البعد أن حديث رفع قلم المؤاخذة عن الصبي و المجنون إنما وضع و شرع لاجل الامتنان على العباد فعليه لا يكون قابلا للتخصيص حتى يفرق بين التلف و الإتلاف

اللهم إلا أن يقال: إن حديث الرفع الموضوع للامتنان يختص بما اذا لم يكن فيه خلاف الامتنان في حق الآخرين

و أما اذا التزم ذلك كما فيما نحن فيه، حيث إن الاتلاف ضرر في حق الغير فلا نلتزم به

(6) اي هذا الاشكال غير وارد على الاستدلال بحديث رفع قلم المؤاخذة عن الصبي و المجنون على عدم نفوذ تصرفاتهما

ص: 346

القلم علة للحكم، لما عرفت: من احتمال كونه (1) معلولا لسلب اعتبار قصد الصبي و المجنون فيختص رفع قلم المؤاخذة بالأفعال التي يعتبر في المؤاخذة عليها قصد الفاعل فيخرج مثل الاتلاف (2)، فافهم و اغتنم

ثم إن القلم المرفوع (3) هو قلم المؤاخذة الموضوع على البالغين فلا ينافي ثبوت بعض العقوبات للصبي كالتعزير (4)

رأي المؤلف في المسألة و دليله

و الحاصل أن مقتضى ما تقدم من الاجماع المحكي في البيع و غيره من العقود، و الأخبار المتقدمة (5) بعد انضمام بعضها الى بعض عدم الاعتبار بما يصدر من الصبي من الأفعال المعتبر فيها القصد الى مقتضاها كإنشاء العقود أصالة و وكالة، و القبض و لاقباض، و كل التزام على نفسه:

من ضمان، أو إقرار أو نذر، أو ايجار

+++++++++++

(1) اي رفع القلم كما عرفت عن قول الشيخ في ص 344: أو أن يكون معلولا لقوله: عمدهما خطأ

(2) عن تحت عموم رفع قلم المؤاخذة عن الصبي و المجنون، حيث إنهما لا قصد لهما في ذلك، و على فرض القصد في الصبي يكون قصده كلا قصد

(3) اي المراد من رفع قلم المؤاخذة في الحديث هو قلم المؤاخذة عن البالغين: بمعنى أن نهاية مدة رفع المؤاخذة في حق الصبي و المجنون و آخر وقته هو عدم وصول الصبي الى البلوغ الشرعي الذي عرف في الكتب الفقهية، و عدم افاقة المجنون.

و أما اذا بلغ الصبي و افاق المجنون فلا مجال لرفع قلم المؤاخذة

(4) فإنه ثابت في حق البالغين أيضا

(5) المشار إليها في ص 335-336

ص: 347

كلام العلامة في عدم صحة تصرفات الصبي

قال (1) في التذكرة: و كما لا يصح تصرفاته اللفظية كذا لا يصح قبضه و لا يفيد حصول الملك في الهبة و إن اتهب له الولي، و لا لغيره (2) و إن اذن الموهوب له بالقبض

و لو قال مستحق الدين للمديون: سلم حقي الى الصبي فسلم مقدار حقه إليه لم يبرأ عن الدين، و بقي المقبوض (3) على ملكه، و لا ضمان (4) على الصبي، لأن المالك ضيعه، حيث دفعه إليه و بقي الدين (5)، لأنه في الذمة، و لا يتعين (6) إلا بقبض صحيح كما لو قال: ارم حقي في البحر فرمى مقدار حقه

بخلاف ما لو قال للمستودع: سلم مالي الى الصبي، أو ألقه في البحر لأنه امتثل امره في حقه المعين (7)

+++++++++++

(1) من هنا يريد الشيخ أن يستشهد بكلمات الأعلام الأفذاذ على اثبات مدعاه: و هو عدم اعتبار أي شيء يصدر من الصبي: من عقود، و ايقاعات و كل التزام التزمه على نفسه

(2) اي و لا لغير الولي

(3) الذي بيد الصبي

(4) اي لهذا المال المقبوض باذن المالك لو تلف

(5) اي في ذمة المدين المسلم الى الصبي

(6) اي و لا يتعين و لا يتشخص هذا الدين على الآخرين إلا بقبض صحيح

و من المفروض أن الصبي قبضه غير صحيح فلا تشتغل ذمته به لو تلف المقبوض فلا يكون ضامنا له، و لا مأمورا بادائه للآمر الذي هو الدائن

(7) حيث إن المال المستودع مال معين مشخص يشار إليه

ص: 348

و لو كانت الوديعة للصبي فسلمها (1) إليه ضمن و إن كان بإذن الولي اذ ليس له (2) تضييعها بإذن الولي

و قال (3) أيضا: لو عرض الصبي دينارا على الناقد (4) لينقده أو متاعا الى مقوم ليقومه فاخذه لم يجز له رده الى الصبي، بل على وليه إن كان، فلو أمره الولي بالدفع إليه فدفعه إليه برأ (5) من ضمانه إن كان المال للولي، و إن كان للصبي فلا كما لو امره بإلقاء مال الصبي في البحر فإنه يلزمه ضمانه و اذا تبايع الصبيان و تقابضا و اتلف كل واحد منهما ما قبضه فإن جرى باذن الوليين فالضمان عليهما، و إلا فلا ضمان عليهما، بل على الصبيين

و يأتي في باب الحجر تمام الكلام

و لو فتح الصبي الباب و اذن في الدخول على اهل الدار، أو ادخل الهدية الى انسان عن اذن المهدي فالاقرب الاعتماد، لتسامح السلف فيه.

انتهى كلامه، رفع مقامه

لا فرق في معاملة الصبي بين الأشياء اليسيرة و الخطيرة

ثم إنه ظهر مما ذكرنا (6) أنه لا فرق في معاملة الصبي بين أن تكون في الأشياء اليسيرة، أو الخطيرة، لما عرفت من عموم النص (7) و الفتوى

+++++++++++

(1) اي المستودع سلم الوديعة الى الصبي

(2) اي للمستودع تفويت المال المودع عنده: اذ إعطاء المال المودع الى الصبي تفويت له

(3) اي العلامة في المصدر نفسه

(4) اى الصراف

(5) اي الناقد، أو المقوم

(6) و هو عدم الاعتبار بما يصدر من الصبي: من عقود و ايقاعات، و التزام

(7) و هو رفع قلم المؤاخذة عن الصبي

ص: 349

حتى أن العلامة في التذكرة لما ذكر حكاية أن أبا الدرداء اشترى عصفورا من صبي فارسله (1) ردها (2) بعدم الثبوت، و عدم (3) الحجية

و توجيهه (4) بما يخرجها عن محل الكلام

و به (5) يظهر ضعف ما عن المحدث الكاشاني: من أن الأظهر جواز بيعه و شرائه فيما جرت العادة به: من الأشياء اليسيرة، دفعا (6) للحرج.

انتهى

+++++++++++

(1) فالحكاية هذه تدل على صحة تصرفات الصبي، و أنها نافذة، لأن أبا الدرداء اشترى عصفورا من الصبي ثم ارسلها في الهواء

فلو كانت تصرفاته غير نافذة لما اقدم أبو الدرداء على الشراء

(2) هذا رد من العلامة على حديث أبى الدرداء

و خلاصته: أن الحكاية المذكورة لم تثبت من طرقنا الامامية حتى يصح التمسك بها

(3) هذا رد آخر من العلامة على الحكاية

و خلاصته: أنه بالإضافة الى عدم الثبوت لا يكون فعل ابى الدرداء حجة، لأنه ليس بمعصوم

(4) بالرفع جملة مستأنفة مستقلة اى توجيه العلامة الحكاية بشيء قد اخرجها عن محل النزاع، فإن العلامة وجه الحكاية: بأن أبا الدرداء كان وليا على الصبي، أو كان مأذونا منه

لكن التوجيه غير وجيه، حيث إن الكلام في تصرفات الصبي مباشرة و مستقلا، لا ما اذا كان شخص وليا عليه، أو مأذونا من قبله

فإن هذا بحث آخر خارج عن محل النزاع

(5) اى و برد العلامة حكاية ابى الدرداء

(6) اى القول بجواز تعامل الصبي في الأشياء الصغيرة لأجل دفع -

ص: 350

فإن (1) الحرج ممنوع، سواء اراد أن الحرج يلزم من منعهم عن المعاملة في المحقرات، و التزام مباشرة البالغين لشرائها أم اراد أنه (2) يلزم من التجنب عن معاملتهم بعد بناء الناس على نصب الصبيان للبيع و الشراء في الأشياء الحقيرة

ثم إن اراد (3) استقلاله في البيع و الشراء لنفسه بماله من دون اذن الولي ليكون حاصله أنه غير محجور عليه في الأشياء اليسيرة فالظاهر كونه مخالفا للاجماع (4)

و أما (5) ما ورد في رواية السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

+++++++++++

- الحرج عن المجتمع، لأنه لو منعناه عن التعامل في تلك الأشياء، و حكمنا بلزوم مباشرة الكبار فيها لاستلزم العسر و الحرج، اذ المباشرة منهم في جميع حاجياتهم ليلا و نهارا غير متحقق عادة، فدفعا لهذا المحذور نقول بالجواز فيها على نحو الموجبة الجزئية و هي التصرفات الصغيرة

(1) هذا كلام شيخنا الانصاري يقصد به الرد على ما افاده (المحقق الكاشاني)

(2) اى الحرج المدعى في كلام (المحقق الكاشاني)

(3) اى (المحقق الكاشاني) إن اراد بجواز بيع الصبي و شرائه، في الأشياء الصغيرة

(4) الذي عرفته عند نقل الشيخ عن العلامة في كتاب التذكرة في ص 334 و عن السيد ابن زهرة في كتاب الغنية في ص 333

(5) عود على بدء من هنا رجع الشيخ الى اصل مسألة تصرفات الصبي و نفوذها، و لا ربط له بما افاده المحقق الكاشاني في هذا المقام

و الغاية من ذكر الرواية هو الرد على من استدل بها على صحة تصرفات الصبي

ص: 351

و نهى النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم عن كسب الغلام الصغير الذي لا يحسن صناعة بيده، معللا بأنه ان لم يجد سرق (1) فمحمول (2) على عوض

+++++++++++

(1) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 12. ص 118. الباب 33 الحديث 1

ثم البحث عن الحديث لا بد أن يكون من جهتين

(الأولى): كيفية دلالتها على صحة التصرفات

(الثانية): كيفية رد الشيخ على الحديث، و أنه لا دلالة له على صحة التصرفات

أما الاولى فنقول: إن بطلان عقد الصبي، و عدم نفوذ تصرفاته يمكن أن يكون مستندا لاحد امرين

(الاول): عدم اعتبار قصده، و أن قصده كلا قصد فهو كالسفيه و الهازل كما عرفت

(الثاني): عدم اجتنابه عن المحرمات

فإن كان السبب هو الاول لكان المناسب التعليل بحديث رفع القلم عن المؤاخذة عن الصبي، لا التعليل بجملة: إن لم يجد سرق

فالتعليل بها دليل على أن قصد الصبي معتبر و مؤثر

فيما نحن فيه و هو الاستدلال برواية السكوني على صحة تصرفات الصبي فمنطوق الرواية: و هو أن الغلام الصغير الذي لا يحسن صناعة بيده يصرح بعدم جواز كسبه

و مفهومها: و هو أنه إن يحسن الصناعة بيده يصرح بجواز كسبه

فالمستدل استدل على الصحة بمفهوم الرواية فجواز الكسب في هذه الصورة دليل على اعتبار قصده و تأثيره

(2) هذا رد من الشيخ على الاستدلال بالحديث -

ص: 352

كسبه من التقاط، أو اجرة عن اجارة اوقعها الولي، أو الصبي بغير اذن الولي، أو عن عمل امر به من دون اجارة فاعطاه المستأجر، أو الآمر اجرة المثل، فإن هذه (1) كلها مما يملكه الصبي

لكن يستحب للولي و غيره اجتنابها اذا لم يعلم صدق دعوى الصبي فيها، لاحتمال كونها من الوجوه المحرمة

نظير رجحان الاجتناب عن أموال غيره ممن لا يبالي بالمحرمات

و كيف كان (2) فالقول المذكور (3) في غاية الضعف

+++++++++++

- و كيفية الرد أنه لا بد من التصرف في معنى الكسب، و حمله على معنى الاسم المصدري الذي هي نتيجة الكسب، لا على المعنى المصدري و هو الاكتساب

و خلاصة الرد أنه صلى اللّه عليه و آله و سلم نهى عن عوض كسبه و هي الفوائد و الأرباح الحاصلة من الالتقاط، أو اجرة اجارة أوقع الاجارة الولي، أو الصبي بغير اذن الولي، أو بواسطة امر آمر امره بعمل له اجرة المثل، أو غير ذلك من الأسباب الموجبة للحصول على الفائدة، و التي يملكها كلها الصبي

فالنبي صلى اللّه عليه و آله و سلم إنما نهى عن هذه الأرباح و الفوائد لا عن نفس الكسب الذي هو الاكتساب حتى يستدل بالحديث على صحة تصرفات الصبي بمفهوم الحديث، ثم تؤخذ النتيجة و هي اعتبار قصد الصبي بهذه التصرفات

و المراد من العوض في قوله على عوض كسبه هي الأرباح و الفوائد

(1) و هي اجرة الاجارة، أو العمل الذي امره به الآمر، أو الملتقط

(2) اي سواء أ كان النهي في الرواية يدل على حرمة الكسب بمعناه المصدري أم بمعنى الاسم المصدري

(3) و هو ما افاده المحقق الكاشاني: من جواز بيع الصبي و شرائه

ص: 353

تصحيح المعاملة لو كان الصبي بمنزلة الآلة

نعم ربما صحح سيد مشايخنا في الرياض هذه المعاملات (1) اذا كان الصبي بمنزلة الآلة لمن له اهلية التصرف، من جهة استقرار السيرة، و استمرارها على ذلك

و فيه (2) إشكال من جهة قوة احتمال كون السيرة ناشئة عن عدم المبالاة في الدين كما في كثير من سيرهم الفاسدة (3)

و يؤيد ذلك (4) ما يرى من استمرار سيرتهم على عدم الفرق بين المميزين و غيرهم، و لا بينهم، و بين المجانين، و لا بين معاملاتهم لأنفسهم بالاستقلال بحيث لا يعلم الولي اصلا، و بين معاملاتهم لأوليائهم على سبيل الآلية

مع أن هذا (5) مما لا ينبغي الشك في فسادها، خصوصا الاخير (6) مع أن الإحالة على ما جرت العادة به (7)

+++++++++++

(1) و هو تعامل الصبي على الأشياء اليسيرة

(2) اى و فيما افاده السيد صاحب الرياض إشكال

(3) و قد عرفت منا غير مرة: أن السيرة اذا كان المراد منها سيرة المتشرعة كما هو الحق فلا يترتب عليها ما ذكره الشيخ من المفاسد

و أما اذا كان المراد منها غيرها فالحق مع الشيخ

(4) اى كون السيرة ناشئة من عدم المبالاة في الدين

(5) و هو عدم الفرق بين المميزين و غيرهم، و بين المجانين، و أنفسهم

(6) و هو عدم الفرق بين معاملاتهم لأنفسهم بالاستقلال، و بين معاملاتهم لأوليائهم على سبيل الآلبة

(7) و هو ارسال الصبي لشراء الشيء، و بيعه من الأشياء اليسيرة كما افاده (المحقق الكاشاني)

ص: 354

كالإحالة على المجهول، فإن (1) الذي جرت عليه السيرة هو الوكول الى كل صبي ماهر فطن فيه بحيث لا يغلب في المساومة عليه.

فيكلون الى من بلغ ست سنين شراء (2) باقة بقل، أو بيع بيضة دجاج بفلس

و الى من بلغ ثماني سنين اشتراء اللحم و الخبز، و نحوهما

و إلى من بلغ اربع عشرة سنة شراء الثياب، بل الحيوان، بل يكلون إليه امور التجارة في الأسواق و البلدان، و لا يفرقون بينه، و بين من اكمل خمس عشر سنة، و لا يكلون إليه شراء مثل القرى و البساتين و بيعها إلا بعد أن يحصل له التجارب

و لا أظن أن القائل (3) بالصحة يلتزم العمل بالسيرة على هذا التفصيل (4)

و كيف كان (5) فالظاهر أن هذا القول (6) أيضا مخالف لما يظهر منهم

+++++++++++

(1) تعليل لكون ما افاده (المحقق الكاشاني): من جريان العادة في أصالة الصبي لشراء الأشياء الصغيرة اليسيرة

(2) عبارة عن حزمة من البقل، أو الورد، أو ما اشبه ذلك

(3) و هو (المحقق الكاشاني) القائل بصحة بيع الصبي، و شرائه في الأشياء اليسيرة

(4) و هو وكول من بلغ من الصبيان ست سنين الى شراء باقة بقل، و عدم وكولهم إليه شراء مثل القرى و البساتين، و بيعها

(5) اى سواء أ كان الكبار يكلون الصبي في شراء المذكورات على التفصيل المذكور أم لا يكلون

(6) و هو ما افاده (المحقق الكاشاني) في جواز بيع الصبي، و شرائه في الأشياء اليسيرة

ص: 355

و قد عرفت (1) حكم العلامة في التذكرة بعدم جواز رد المال الى الصبي اذا دفعه الى الناقد لينقده، أو المتاع الذي دفعه الى المقوم ليقومه، مع كونه (2) غالبا في هذه المقامات بمنزلة الآلة للولي

و كذا حكمه (3) بالمنع من رد مال الطفل إليه باذن الولي، مع أنه بمنزلة الآلة في ذلك غالبا

دعوى كاشف الغطاء إفادة معاملة الصبي الإباحة لو كان مأذونا و المناقشات فيه

و قال كاشف الغطاء رحمه اللّه بعد المنع عن صحة عقد الصبي أصالة و وكالة ما لفظه:

نعم ثبت الاباحة في معاملة المميزين اذا جلسوا مقام أوليائهم أو تظاهروا على رءوس الأشهاد حتى يظن أن ذلك (4) من اذن الأولياء خصوصا في المحقرات

ثم قال: و لو قيل بتملك الآخذ منهم، لدلالة (5) مأذونيته في جميع التصرفات، فيكون (6)

+++++++++++

(1) عند نقل الشيخ عنه في ص 349 بقوله: و قال أيضا: لو عرض دينارا الى الناقد

(2) اى الصبي المميز في مثل دفع النقد الى الناقد؛ أو دفع المتاع الى المقوم

(3) اى حكم العلامة في التذكرة عند نقل الشيخ عنه في ص 349 بقوله:

فلو امره الولي بالدفع إليه

(4) اى التظاهر على رءوس الأشهاد

(5) تعليل لتملك الآخذ من الصبيان، اى لدلالة مأذونية الآخذ في جميع تصرفاته عند ما يأخذ من الصبي: على تملك ما يأخذه من الصبيان

(6) اى الآخذ يكون موجبا باعتبار أنه يملك نفسه، و قابلا باعتبار أنه يقبل هذا التمليك لنفسه

ص: 356

موجبا قابلا لم يكن بعيدا انتهى (1)

أما (2) التصرف و المعاملة باذن الأولياء، سواء أ كان على وجه البيع أم المعاطاة فهو الذي قد عرفت أنه خلاف المشهور (3) و المعروف حتى لو قلنا بعدم اشتراط شروط البيع في المعاطاة، لأنها (4) تصرف لا محالة و إن لم تكن بيعا، و لا معاوضة

و إن اراد (5) بذلك أن اذن الولي و رضاه المنكشف بمعاملة الصبي هو المفيد للإباحة، لا نفس المعاملة كما ذكره (6) بعضهم في اذن الولي في اعارة الصبي

فتوضيحه (7)

+++++++++++

(1) اى ما افاده الشيخ كاشف الغطاء في هذا المقام

(2) هذا كلام شيخنا الانصاري يروم به الرد على الشيخ كاشف الغطاء و لذا كان الأنسب تبديل قوله: أما التصرف بقوله: إن كان المراد من ثبوت الإباحة

(3) حيث إن المشهور لا يجوز بيع الصبيان و شراءهم

(4) اى المعاطاة

(5) هذا إشكال ثان اورده شيخنا الانصاري على ما افاده الشيخ كاشف الغطاء: من ثبوت الإباحة في تعامل الصبيان المميزين: أن اذن الولي هو المفيد للإباحة، لا نفس تعاملهم

(6) اى كما ذكر ثبوت الإباحة من اذن الولي، لا من نفس تعامل الصبيان

(7) اى نقول في توضيح أن الإباحة تثبت باذن الولي، لا بنفس تعامل الصبيان المميزين

ص: 357

ما ذكره بعض المحققين (1) من تلامذته: و هو أنه لما كان بناء المعاطاة على حصول المراضاة كيف اتفقت، و كانت مفيدة لإباحة التصرف خاصة (2) كما هو المشهور، و جرت عادة الناس بالتسامح في الأشياء اليسيرة، و الرضا باعتماد غيرهم (3) في التصرف فيها (4) على الإمارات المفيدة للظن بالرضا في المعاوضات، و كان الغالب في الأشياء التي يعتمد فيها على قول الصبي تعيين القيمة (5)، و الاختلاف الذي يتسامح (6) به في العادة فلاجل ذلك صح القول بالاعتماد على ما يصدر من الصبي من صورة البيع و الشراء، مع الشروط المذكورة (7)، كما يعتمد عليه (8) في الاذن في دخول الدار، و في ايصال الهدية اذا ظهرت أمارات الصدق

+++++++++++

(1) و هو المحقق المدقق الشيخ اسد اللّه التستري صاحب كتاب (المقابيس) يأتي شرح حياته، و شرح الكتاب في (أعلام المكاسب)

(2) أى لا الملكية

(3) و هم الصبيان

(4) اى في الأشياء اليسيرة

(5) فلو قال الصبي الجالس مكان وليه، أو المتظاهر بذلك على رءوس الأشهاد: إن قيمة هذه السلعة دينار واحد لصدق قوله، و قبل منه

(6) بأن قال الصبي: قيمة هذه السلعة ثمانون فلسا، و قال الآخذ المتعامل معه ثمانية و سبعين

فالفارق بين السعرين و هما الفلسان امر بسيط جدا لا يعبأ به

(7) التي ذكرها الشيخ كاشف الغطاء بقوله في ص 356: اذا جلسوا مقام أوليائهم، أو تظاهروا على رءوس الأشهاد

(8) اى على الصبي

ص: 358

بل ما ذكرنا (1) أولى بالجواز من الهدية من وجوه (2)

و قد استند فيه (3) في التذكرة الى تسامح السلف

و بالجملة فالاعتماد في الحقيقة على الاذن المستفاد من حال المالك في الاخذ و الإعطاء، مع البناء على ما هو الغالب: من كونه (4) صحيح التصرف لا على قول الصبي و معاملته من حيث إنه كذلك (5)

+++++++++++

(1) و هو التسامح في الأشياء اليسيرة عند تصدي الصبيان بها

(2) و هي أربعة كما يلي

(الاول): أن تعامل الصبيان يكون في الأموال اليسيرة

بخلاف الهدية، فإنها أعم من اليسيرة و الخطيرة

(الثاني): وجود الامارات المفيدة للظن في تصدي الصبيان في البيع و الشراء كجلوسهم مقام أوليائهم، و أنهم على رءوس الأشهاد، و بمرأى و منظر من الناس

بخلاف الهدية، فإنها لا تكون كذلك

(الثالث): أن تعامل الصبيان يفيد الإباحة المجردة

بخلاف الهبة، فإنها تفيد الملك

(الرابع): أن تعامل الصبيان على نحو المعاوضة اى يقع ما يعطيه الصبي معوضا، و ما يأخذه عن الآخذ عوضا

بخلاف الهبة، فإنها لا تكون على نحو المعاوضة هنا

(3) اى في جواز تصرفات الصبي: من حيث البيع و الشراء

(4) اى الصبي

(5) اى من حيث إنه صبي و مستقل في تصرفاته لا علاقة له مع أوليائه

ص: 359

و كثيرا (1) ما يعتمد الناس على الاذن المستفاد من غير وجود ذي يد اصلا، مع شهادة الحال بذلك (2) كما في دخول الحمام، و وضع الاجرة عوض الماء التالف في الصندوق، و كما في اخذ الخضروات الموضوعة للبيع، و شرب ماء السقائين، و وضع القيمة المتعارفة في الموضع المعد لها، و غير ذلك من الامور التي جرت العادة بها

كما يعتمد على مثل ذلك (3) في غير المعاوضات (4) من أنواع التصرفات

فالتحقيق أن هذا (5) ليس مستثنى من كلام الأصحاب، و لا منافيا (6) له، و لا يعتمد على ذلك (7) أيضا

+++++++++++

(1) هذا تأييد من الشيخ لما افاده: من حيث أن الصبي صحيح التصرف، و أن الاعتماد في الحقيقة على الاذن المستفاد من المالك، لا على قول الصبي

(2) اى على الاذن المستفاد

(3) اى على مثل وضع الاجرة عوض الماء في الصندوق، و كاخذ الخضروات الموضوعة في مكان معين للاخذ

(4) كما في اذن الصبي في الصلاة في مكان معين

(5) اى مثل تصرفات الصبي في البيع و الشراء ليس مستثنى من كلمات الأصحاب: و هو أنه لا تجوز تصرفات الصبي، و لا تكون نافذة

(6) اى و لا تكون هذه التصرفات منافية لتلك القاعدة: و هو كلام الأصحاب القائلين بعدم نفوذ تصرفات الصبي

(7) اي على تصرفات الصبي في البيع و الشراء اي لا تكون هذه التصرفات موجبة لتقديم قول المشتري لو تنازع مع المالك و ادعى أن الصبي -

ص: 360

في مقام الدعوى، و لا فيما (1) اذا طالب المالك بحقه، و ظهر عدم الرضا. انتهى (2)

+++++++++++

- مأذون من قبل المالك و انكر المالك ذلك بحجة أن قول المشتري موافق للظاهر فيقدم، و أن قول المالك بعدم اذنه له موافق للاصل الذي هو عدم الاذن

(1) اي و لا تكون هذه التصرفات موجبة لتقديم قول المشتري على قول المالك أيضا لو تنازعا في الاذن فادعاه المشتري و انكره المالك و قال بعدم رضاه في تصرفات الصبي فطالب من المشتري حقه و أظهر عدم رضاه بالمعاملة الواقعة بينه، و بين الصبي

ثم لا يخفى أن الفرق بين الصورة الاولى: و هو ادعاء المشتري اذن الولي للصبي في المعاملة، و انكار المالك ذلك

و بين الصورة الثانية: و هو طلب المالك حقه، و إظهاره عدم رضاه بالمعاملة: أن الصورة الاولى يكون المالك منكرا لدعوى المشتري، و في الصورة الثانية يكون ساكتا، أو يدعي الجهل بالاذن

ثم إن ثمرة هذا النزاع تظهر في ضمان المبيع بعد التلف

فعلى القول بعدم تقديم قول المشتري، و أن القول قول المالك يكون المشتري ضامنا للمبيع المأخوذ بالمعاطاة المفيدة للاباحة المجردة إما بالبدل الواقعي و هو المثل، أو القيمة، أو الجعلي و هو المسمى

و أما قبل التلف فلا ثمرة مترتبة على النزاع، لأن العين الموجودة ترجع الى صاحبها، لتحقق موضوع التراد كما عرفت في الجزء السادس من المكاسب من طبعتنا الحديثة ص 291

(2) اي توضيح ما افاده كاشف الغطاء في هذا المقام، بناء على ما ذكره تلميذه (المحقق التستري) صاحب المقاييس قدس سره

ص: 361

و حاصله (1) أن مناط الاباحة و مدارها في المعاطاة ليس على وجود تعاط قائم بشخصين، أو بشخص منزل منزلة شخصين (2)، بل على تحقق الرضا من كل منهما بتصرف صاحبه في ماله حتى لو فرضنا أنه حصل مال كل منهما عند صاحبه باتفاق كإطارة الريح و نحوها فتراضيا على التصرف بإخبار صبي، أو بغيره من الامارات كالكتابة، و نحوها: كان هذا معاطاة أيضا، و لذا (3) يكون وصول الهدية الى المهدى إليه على يد الطفل الكاشف ايصاله عن رضى المهدي بالتصرف، بل التملك كافيا في إباحة الهدية، بل في تملكها (4)

و فيه (5) أن ذلك حسن إلا أنه موقوف أولا على ثبوت حكم المعاطاة من دون إنشاء إباحة، أو تمليك، و أنه يكتفى فيها بمجرد الرضا

+++++++++++

(1) اي و حاصل التوضيح، أو حاصل ما افاده كاشف الغطاء

(2) كما عرفت في الجزء السادس من (المكاسب) من طبعتنا الجديدة ص 351 بقوله: فالمعيار في المعاطاة وصول المالين، أو احدهما مع التراضي

(3) اي و لأجل أن التعاطي يحصل و لو بواسطة إطارة الريح مال كل منهما الى الآخر

(4) اي في تملك الهدية

(5) اي و فيما افاده (المحقق التستري) نظر

من هنا يريد الشيخ النقاش مع (المحقق التستري) فيما افاده في توضيح ما افاده استاذه (كاشف الغطاء)

و خلاصة النظر: أن ما افاده (المحقق التستري) حسن

لكنه متوقف أولا على ثبوت حكم المعاطاة و هي الاباحة المجردة من دون وجود إنشاء إباحة، أو تمليك اصلا، و أنه يكتفى في حصول المعاطاة مجرد الرضا من الطرفين -

ص: 362

و دعوى حصول الانشاء بدفع الولي المال الى الصبي مدفوعة: بأنه (1) إنشاء إباحة لشخص غير معلوم، و مثله (2) غير معلوم الدخول في حكم المعاطاة، مع العلم بخروجه (3) عن موضوعها

و به (4) يفرق بين ما نحن فيه (5)

و مسألة ايصال الهدية بيد الطفل، فإنه يمكن فيه (6) دعوى كون دفعها (7) إليه للايصال إباحة، أو تمليكا، كما ذكر أن اذن الولي للصبي في الاعارة اذن في انتفاع المستعير

+++++++++++

- و هذا اوّل الكلام

و لا يخفى أن شيخنا الانصاري ذهب الى هذا الرأى في آخر تنبيهات المعاطاة

و قد ذكرناه لك آنفا في الهامش 2 ص 362

(1) اي هذا لإنشاء المدعى إنشاء إباحة لشخص غير معين

(2) اى و دخول مثل هذا الإنشاء غير معين في حكم المعاطاة غير معلوم

(3) اي بخروج مثل هذا الانشاء غير معين في المعاطاة عن المعاطاة

(4) اى و بهذا الخروج

(5) و هو بثبوت الاباحة في تعامل الصبيان في البيع و الشراء في الأشياء اليسيرة

(6) اي في ايصال الهدية بيد الطفل

(7) اى دفع الهدية الى الطفل لإيصالها الى المهدى له على نحو الاباحة، أو التمليك

بخلاف تعامل الصبي في البيع و الشراء في الأشياء اليسيرة فإنه ليس على نحو الاباحة، أو التمليك

ص: 363

و أما (1) دخول الحمام، و شرب الماء، و وضع الاجرة و القيمة فلو حكم بصحتهما، بناء على ما ذكرنا: من حصول المعاطاة بمجرد المراضاة الخالية عن الانشاء انحصرت صحة وساطة الصبي بما يكتفى فيه مجرد وصول العوضين (2) دون ما لا يكتفى فيه (3)

و الحاصل أن دفع الصبي (4) و قبضه (5) بحكم العدم فكل ما يكتفى فيه بوصول كل من العوضين الى صاحب الآخر بأي وجه اتفق فلا تضر فيه مباشرة الصبي لمقدمات الوصول (6)

ثم إن ما ذكر (7) مختص بما اذا علم اذن شخص بالغ عاقل للصبي وليا كان أو غيره

+++++++++++

(1) هذا رد على ما افاده (المحقق التستري) بقوله في ص 360: كما في دخول الحمام و وضع الاجرة عوض الماء

(2) كما في الأشياء اليسيرة

(3) كما في الأشياء الخطيرة، و الصادرة و الاستيراد، و ما شابه هذه

(4) كما في بيعه

(5) كما في شرائه

(6) و أما غير هذه المتوقف على الدفع و القبض فتضر مباشرة الصبي فيه

(7) و هو أن الظن الحاصل من جلوس الصبي مقام وليه، و التظاهر به على رءوس الأشهاد مختص بصورة علم الآخذ بكون الصبي مأذونا من قبل وليه في البيع و الشراء فيصح له التعامل معه

و الآخذ الجاهل بذلك يكون خارجا عن جواز التعامل معه مع أن المدعى عام فيكون الدليل أخص من المدعى

ففي الحقيقة هذا إشكال آخر من الشيخ على السيد صاحب الرياض

ص: 364

و أما ما ذكره كاشف الغطاء اخيرا: من صيرورة الشخص (1) موجبا و قابلا (2)

ففيه أولا أن تولي (3) وظيفة الغائب و هو من اذن للصغير إن كان باذن منه فالمفروض انتفاؤه، و إن كان (4) بمجرد العلم برضاه، فالاكتفاء به في الخروج عن موضوع الفضولي مشكل، بل ممنوع

و ثانيا أن المحسوس بالوجدان عدم قصد من يعامل مع الأطفال النيابة عمن اذن للصبي

+++++++++++

(1) و هو الآخذ من الصبي

(2) في قوله في ص 357 عند نقل الشيخ عنه: فيكون موجبا و قابلا لم يكن ببعيد

(3) اى تولي الآخذ في ايقاع الايجاب عن الغائب الذي هو ولي الصغير الآذن للصغير في البيع و الشراء في الأشياء اليسيرة إن كان باذن من ولي الصغير فالمفروض أن هذا الاذن منتف و ليس بموجود للآخذ

(4) اى و إن كان تولي الآخذ في الايجاب و القبول بمجرد العلم برضى ولي الصغير فالاكتفاء بمثل هذا العلم، و أنه سبب لخروج هذا الآخذ عن موضوع البيع الفضولي مشكل، بل هو احد أفراد البيع الفضولي

فعلى هذا لا يصح أن يكون الآخذ موجبا و قابلا

بالإضافة الى لزوم اتحاد الموجب و القابل، و إن كان هذا ممكن الارتفاع بلحاظ تعدد الاعتبارين: باعتبار أنه يبيع للطفل و يشتري لنفسه فيكون موجبا على وجه الفرعية، لتفرعه عن اذن ولي الطفل.

و باعتبار أنه مشتر لنفسه فيكون قابلا بالأصالة، و أما لو باع مال نفسه الى الصبي فيكون الامر بالعكس -

ص: 365

ثم إنه لا وجه لاختصاص ما ذكروه من الآلية بالصبي، و لا بالأشياء الحقيرة، بل هو جار في المجنون و السكران، بل البهائم، و في الامور الخطيرة، اذ المعاملة اذا كانت في الحقيقة بين الكبار و كان الصغير آلة فلا فرق في الآلية بينه، و بين غيره

نعم (1) من تمسك في ذلك بالسيرة من غير أن يتجشم لا دخال ذلك تحت القاعدة فله تخصيص ذلك بالصبي، لأنه المتيقن من موردها، كما أن ذلك مختص بالمحقرات

+++++++++++

- ثم لا يخفى أنه بعد القول بصدور الاذن من ولي الصغير للصغير لا يبقى مجال للإشكال المذكور، لأن اذن الصغير للآخذ اذن من الولي، لكنه ليس بالمباشرة

(1) استدراك عما افاده: من عدم وجه لاختصاص ما ذكروه:

و هي الآلية: بالصبي، و بالأشياء الحقيرة

و خلاصته: أن الذي يتمسك في صحة تصرفات الصبي في البيع و الشراء في الأشياء الصغيرة بالسيرة المستمرة، و لا يتكلف في إدخال هذه التصرفات تحت قاعدة فقهية معينة: فله أن يخصص هذه التصرفات بالصبي المميز، لأنه المتيقن من جواز التصرف، فلا تشمل هذه التصرفات المجنون و السكران

كما أن هذه التصرفات تختص بالمحقرات، فلا تشمل الأشياء الخطيرة

ص: 366

الفهارس

اشارة

1 - الأبحاث

2 - التعليقات

3 - الآيات الكريمة

4 - الأحاديث الشريفة

5 - الأعلام

6 - الكتب

7 - الخاتمة

ص: 367

ص: 368

1 - فهرس الأبحاث

ص الموضوع

4 الإهداء

7 مقدمة في خصوص ألفاظ البيع

9 في كيفية طلاق الاخرس

11 ترجيح الكتاب على الاشارة

13 الكلام في الخصوصيات المعتبرة في البيع

15 عدم الفرق بين المجاز القريب و البعيد

17 ما يظهر من النصوص و الفتاوى في أبواب العقود اللازمة

19 جواز البيع بكل لفظ

21 ما افاده في المسالك في تقبل احد الشريكين حصة صاحبه

23 تجويز ايجاب الضمان بلفظ تعهدت

25 ما اورده الشيخ على بعض الأعلام

27 اللفظ الدال على المراد بقرينة لفظية

29 امكان انطباق ما ذكره الشيخ مع ما ذكره العلامة

31 المراد من الخطاب بالكناية

ص الموضوع

33 رد الشيخ على ما افاده فخر المحققين

35 الضابطة الكلية في ايقاع العقد بالعناوين الطائرة

37 ما ذكره فخر المحققين مؤيد لما أفاده الشيخ

39 الألفاظ الدالة على الايجاب و القبول

41 وقوع الايجاب بلفظ اشتريت

43 دفع وهم و الجواب عنه

45 الكلام في القبول

47 هل يعتبر عدم اللحن في الصيغة

49 هل يعتبر علم المتكلم تفصيلا بمعاني الألفاظ

51 ورود الايجاب بلفظ المضارع في الأحاديث

53 القبول فرع الايجاب فلا يتقدم عليه

55 كلام شيخ الطائفة في النكاح

57 رأي الشيخ حول تقديم القبول على الايجاب

59 فساد ما حكي عن بعض المحققين

ص: 369

ص الموضوع

61 المراد من الرضا في القبول

63 ورود القبول بلفظ الأمر في الرواية

65 الاختلاف الواقع في تقديم القبول على الايجاب بلفظ الأمر

67 من جور تقديم القبول على الايجاب جوز تقديمه بلفظ الأمر

69 رأي الشيخ حول تقديم القبول على الايجاب

71 في جواز تقديم القبول على الايجاب بلفظ اشتريت

73 لا يوجد في حقيقة الاشتراء معنى القبول

75 تصريح صاحب النهاية و المسالك في أن اشتريت ليس قبولا

77 لا بد من أن يكون القبول جامعا

79 الحلبي و ابن حمزة لا يجوز ان تقديم القبول على الايجاب

81 كل ما قيل في اشتريت يجري في كل قبول فيه إنشاء

83 لا بد في القبول من مطابقته مع الالتزام الحاصل من الموجب

85 في أقسام القبول

ص الموضوع

87 مأخذ اشتقاق الموالاة

89 تحقيق في الأمر المتدرج شيئا فشيئا

91 وجه آخر لكون الاستثناء سببا لوجوب الموالاة

93 إشكال من الشيخ على ما افاده الشهيد

95 الميزان في الموالاة موكول الى العرف

97 استشهاد الشيخ بكلام العلامة على عدم جواز التعليق

99 متابعة الشهيد الاول للعلامة في عدم جواز التعليق

101 إشكال و الجواب عنه

103 الشرط إما أن يكون مصححا للعقد أولا

105 التعليق على قسمين

107 المراد من الرضا في القبول

109 الكلام في التقادير الاربعة

111 عدم الخلاف من الشيعة و السنة في عدم جواز التعليق

113 الاشتراط في العقد هو مقتضاه

117 ما افاده الشهيد حول التعليق

119 ما افاده صاحب الجواهر في التعليق

ص: 370

ص الموضوع

121 تحقيق حول المسبب

123 ايراد الشيخ على ما افاده صاحب الجواهر

125 القادح في التعليق هو التعليق في الإنشاء

127 ما افاده الشهيد في العقود و الايقاعات

129 لزوم التطابق بين الايجاب و القبول

131 في اختلاف الموجب و القابل

133 بيان وجه عدم قابلية المتعاقدين

135 اختلاف المتعاقدين اجتهادا أو تقليدا

137 هل الأحكام الظاهرية بمنزلة الأحكام الواقعية ؟

139 لزوم بقاء المتعاقدين على صفة صحة الإنشاء

141 الحديث النبوي يدل على ضمان ما ابتاعه بالعقد الفاسد

143 الاستدلال بحديث الامة المسروقة على الضمان

145 توقف الشهيد الثاني في قاعدة كل عقد يضمن بصحيحه

147 أقسام تدارك التالف

ص الموضوع

149 تدارك التالف بغير عوضه الواقعي

151 العموم في العقود ليس باعتبار خصوص الألفاظ

153 المتبادر من اقتضاء الصحيح للضمان

155 ضعف تعلق الضمان بشخص العقد

157 عدم كون العقد الفاسد علة تامة للضمان

159 متابعة الشهيد الثاني للشيخ في الضمان بقاعدة الإقدام

163 الإقدام على الضمان لا يخلو عن تأمل

165 ايراد الشيخ على الاستدلال بحديث على اليد

167 مراد شيخ الطائفة من الاستدلال بالإقدام

169 عدم الفرق في ضمان العقد الفاسد بين جهل الدافع، و علمه

171 معنى ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده

173 رأي المحقق الثاني في العين المستأجرة بالعقد الفاسد

175 عدم مجيء قاعدة ما لا يضمن بصحيحه في موارد عديدة

ص: 371

ص الموضوع

177 نقض قاعدة ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده

179 الخدشة في الأولوية المذكورة

181 النقاش في كون الإمساك تصرفا

183 في حكم المنافع المستوفاة

185 عدم اجتماع ضمان العين مع ضمان الخراج

187 انتقاض ما ذكره الشيخ في معنى الرواية بالعارية المضمونة

189 ما اورده الشيخ على من اورد على صاحب الوسيلة

191 في المنافع غير المستوفاة

193 نظرية الشيخ حول المنافع المستوفاة

195 الأخبار الواردة في عدم ضمان المنافع غير المستوفاة

197 التوقف في ضمان المنافع غير المستوفاة

199 ترجيح الشهيد الثاني أن المصوغ من النقدين قيمي

207 كل نوع من أنواع الجنس مثلي

209 اطلاق المثلي على الجنس باعتبار مثلية أنواعه

ص الموضوع

211 ايراد الشيخ على التعريف المشهور للمثلي

213 تعريف المثلي بتعاريف اخرى

215 لا يوجد في النصوص حكم يتعلق بالمثلي

217 راي الشيخ حول الموارد المشكوكة

219 إمكان القول بتخيير الضامن

221 الضمان بالمثل هي القاعدة المستفادة من اطلاقات الضمان

223 عدم دلالة الآية الكريمة على القول المشهور

225 ذهاب الشهيدين الى عدم جواز رد العين المقترضة

227 النسبة بين مذهب المشهور و الآية الكريمة

229 عدم اجراء الاجماع على ضمان القيمي بالقيمة

231 الخبر الدال على أن الثابت في ذمة المقترض هي الدراهم الاولى

233 عدم انتقال المثل الى القيمة و ان سقط عن المالية

235 عدم الفرق في جواز مطالبة المثل

ص: 372

ص الموضوع

في مكان التلف، و غيره

237 دليل آخر على وجوب دفع القيمة لو طالبها المالك

239 احتمال اعتبار وقت تعذر المثل

241 حاصل جميع الاحتمالات المذكورة في القواعد

243 حاصل توجيه العلامة

245 ضمان التالف بأعلى القيم عند تعذر المثل

247 ما ذكره العلامة في القواعد حول تلف المثلي

249 ما أورد على المحقق الكركي

251 تعين ما افاده المحقق الكركي عند انعقاد الاجماع

253 في تعيين قيمة المثل مع عدم فرض وجوده إشكال

255 الكلام في القرض كالكلام في الغصب

257 في حكم المبيع الفاسد التالف لو كان قيميا

259 المتيقن من المتعارف هو تعذر المثل

261 في الاطلاقات الواردة

ص الموضوع

263 اختلاف الفقهاء في تعيين القيمة في المقبوض بالبيع الفاسد

265 في الحاق المقبوض بالعقد الفاسد بالقبض

267 تحقيق حول صحيحة ابي ولاد

277 إطناب بعض حول تفسير بعض جمل الصحيحة

281 المراد من قيمة ما بين الصحيح و المعيب

283 سر التعبير بيوم المخالفة في الصحيحة

285 سر تغيير التعبير هو سهولة اقامة البينة

287 سر التعبير برد المالك اليمين الى الغاصب

289 لو كان المعيار في ضمان القيمة بيوم المخالفة

291 أبعدية حمل الصحيحة على التعبد من حملها على صورة الاتفاق

293 في الجواب عن إرادة أعلى القيم

295 للعين المتعذر الوصول إليها مراتب من الضمان

ص: 373

ص الموضوع

297 ما حكي عن شيخنا المفيد في ضمان القيمة بيوم الدفع

299 حكم تعذر الوصول الى العين حكم تلف العين

301 الذهاب الى القول الاخير جمع بين الحقين

303 لبس ثبوت القيمة للعين المتعذر الوصول إليها كثبوت القيمة للعين

305 احتمال كون المبذول مباحا إباحة مطلقة

307 ما افاده المحقق و الشهيد الثانيان في القيمة

309 الكلام في البدل المبذول

311 في حكم خروج العين عن المالية رأسا

313 كلمات الأعلام في خياطة الثوب بالخيوط الغصبية

315 في حالات ذهاب العين

317 قسم رابع لتعذر الوصول الى العين

319 مقتضى صدق الغرامة خروج الغارم عن عهدة العين

321 في وجوب رد العين اذا ارتفع ص الموضوع

التعذر

323 حكم الغرامة المدفوعة عند طرو التمكن

325 ضعف توهم كون المدفوع بدلا عن القدر الفائت

327 ليس للغاصب حبس العين

329 ما ذكره العلامة في القواعد

331 كلام حول إن الغاصب يؤخذ بأشد الأحوال

333 في شروط المتعاقدين

335 الاستدلال بحديث حمزة بن حمران

337 بطلان ما يوقعه الصبي و إن كان باذن الولي

339 التمسك بحديث رفع القلم ينافي شرعية عبادة الصبي

341 الاجماع و الشهرة هما الدليل على عدم نفوذ تصرفات الصبي

343 التمسك بصحيحة محمد بن مسلم

345 لا وقع بما التزم به الصبي

347 تحقيق حول رفع القلم

349 عدم الفرق في معاملة الصبي بين اليسير و الكثير

ص: 374

ص الموضوع

351 نقاش من الشيخ حول ما افاده المحقق الكاشاني

353 جواب الشيخ عن الاستدلال برواية السكوني

355 ايراد الشيخ على ما افاده المحقق الكاشاني

357 توضيح ما افاده الشيخ كاشف الغطاء

359 الاعتماد على جواز تصرفات الصبي ص الموضوع

على الاذن الحاصل من المالك

361 جواز تصرفات الصبي لا يكون مبررا لتقديم قول المشتري

363 رد من الشيخ على الدعوى المستدل بها

365 رد من الشيخ على ما افاده الشيخ كاشف الغطاء

ص: 375

2 - فهرس التعليقات

ص الموضوع

7 تحقيق حول كلمة المقدمة

8 تعليل و خلاصته

9 في الحديث الدال على صحة طلاق الاخرس بالاشارة

9 تعليل و خلاصته

10 تأييد من الشيخ لمدعاه

10 خلاصة كلام الشيخ

11 الحديث الدال على ترجيح الكتابة على الاشارة

12 تعريف الحقيقة و المجاز و الكناية

13 اتيان الشيخ بكلمات الفقهاء

13 التسليط على المال أعم

14 المراد من الاصل الاستصحاب

15 المجاز على ثلاثة أقسام

15 تعريف المجاز القريب و البعيد

16 تعريف أبسط للكناية

16 الفرق بين الكناية و المجاز

17 الكناية الجلية و الخفية

19 تعريف تبصرة العلامة

20 المراد من السلم

ص الموضوع

20 تعريف حول التولية

21 تعريف حول تقبل احد الشريكين حصة صاحبه

23 تعريف الاعارة و المزارعة

26-27 تعليل و خلاصته

27 خلاصة كلام الشيخ

27 في اللفظ الدال على المراد بمعونة لفظ آخر

28 الإشكال في الاكتفاء في فهم المراد من المشترك اللفظي على القرينة المعينة

29 تعليل و خلاصته

30 إن قلت قلنا

30 الاشارة الى قسمي اللازم

32 خلاصة كلام العلامة

34 عدم جواز استعمال لفظ في غير معناه

35 تعليل و خلاصته

36 تفريع

37 الاقتصار في النكاح على الألفاظ الثلاثة، لأجل ورودها في القرآن

ص: 376

ص الموضوع

38 عدم جواز استعمال لفظ مكان لفظ آخر

41 خلاصة كلام الشيخ

42 وجه الأبعدية

42 تحقيق حول كلمة شريت و اشتريت

43 دفع وهم و حاصل الوهم، و الجواب عن الوهم

44 خلاصة الاستثناء

46 وجهان في ذكر انعقاد القبول بلفظ الإمضاء

48 ايراد منا على الشيخ فيما افاده:

من اعتبار العربية

50 النظر و وجهه

50 ايراد على الشيخ فيما افاده

51 الحديث الوارد في العبد الآبق و اللبن

51-52 في الضرع: و النكاح

55 خلاصة كلام الشيخ

56 المراد من الفحوى

56 حديث سهل الساعدي

57 ايراد على ما افاده الشيخ

57 تحقيق حول كلمة قيس

ص الموضوع

59 رد بعض المحققين و خلاصته

61 وجه الفساد و خلاصته

62 خلاصة كلام الشيخ

62 رد الشيخ على ما افاده شيخ الطائفة

63 تأييد من الشيخ لما افاده

63 دليل ثان من الشيخ للرد على شيخ الطائفة

64 دليل ثالث من الشيخ للرد على شيخ الطائفة

65 دعوى كبرى كلية من الشيخ في جواز تقديم القبول على الايجاب

67 استدراك و خلاصته

69 تتميم و خلاصته

70 مفهوم إن لم يقم اجماع

71 وجه الامر بالتأمل

72 خلاصة كلام الشيخ

73 الفرق بين الادخال من ناحية البائع و الادخال من ناحية المشتري

73 سؤال تقديري و خلاصة الجواب عنه

74 جواب و خلاصته

75 مراد صاحب النهاية و المسالك

ص: 377

ص الموضوع

76 تحقيق حول أن اشتريت و رضيت متعاكسان عند التقديم و التأخير

80 استدراك و خلاصته

80 إشكال في جواز تقديم القبول على الايجاب

81 الفرق بين العقد و الايقاع

85 كلام في العارية و الوكالة و المضاربة

86 تحقيق حول الموالاة

87 مبدأ مأخذ الموالاة في العقد و اعتبارها فيه

91 تأييد من الشيخ في توجيه كلام العلامة

91 وجوب الاتصال بين المستثنى و المستثنى منه هو سبب لوجوب الموالاة في الأشياء المترابطة

91 احتمال و خلاصته

92 الارتباط على قسمين

93 ايراد الشيخ على ما افاده الشهيد الاول

97 في الفرق بين العبارتين في الوكالة

98 إن قلت قلنا

100 خلاصة كلام الشيخ

ص الموضوع

101 إشكال و خلاصته و الجواب عنه

101 خلاصة كلام الشيخ

102 تفصيل الكلام في التعليق و أقسامه

103 الشرط الذي يعلق عليه العقد له أربعة أفراد

104 الامر الثاني للشرط الذي يعلق عليه العقد

105 الشرط إما مصرح به، أو مستفاد من لازم الكلام

105 في صور التعليق و هي ستة عشر

109 حكم الشيخ في صحة بعض الصور و بطلان بعضها الآخر

111-112 استدراك و خلاصته

112 القسم الثالث من أقسام التعليق

112 النوع الثاني من القسم الثالث

113 خلاصة استدلال البعض

113 تنظير و خلاصته

114 ايراد الشيخ على استدلال البعض و خلاصته

117 إشكال آخر على استدلال البعض

119 خلاصة ما افاده صاحب الجواهر

ص: 378

ص الموضوع

120 إشكال من الشيخ على ما افاده صاحب الجواهر

122 تعليل و خلاصته

123 إشكال خامس على ما افاده صاحب الجواهر

124 خلاصة استدلال من يشترط التنجيز في العقد

125 رد من الشيخ على من يقول بتوقيفية الأسباب

127 تعليل و خلاصته

128 في الفرق بين الطلاق و طرفيه

132 إشكال و وجهه

133 وهم و الجواب عنه

135 صور اختلاف المتعاقدين اجتهادا أو تقليدا و هي أربعة

135 الأقوال في اختلاف المتعاقدين اجتهادا، أو تقليدا

137 خلاصة عبارة الشيخ

140 وجه التأمل

143 وهم و الجواب عنه

145 كلام حول كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده

ص الموضوع

146 تمهيد الشيخ قاعدة كلية

149 الحديث الوارد في الاستعارة

150 سبب وجه الضعف

151 مقصود كلام الشيخ

151 المراد من قوله: فافهم

151 مقصود الشيخ من قوله: ثم العموم

155 بيان وجه الضعف

158 المدرك لقاعدة كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده

159 تحقيق حول حديث على اليد ما اخذت

162 في تقسيم المنافع

166 الحديث الوارد عن الحلبي

169 في صورة البائع و المشتري

170 وهم و الجواب عنه

170 وهم آخر

173 إشكال على ما افاده المحقق

183 تحقيق حول حديث: الخراج بالضمان

185 الحديث الوارد عن اسحاق بن عمار حول المنافع المستوفاة

ص: 379

ص الموضوع

186 حديث آخر عن اسحاق بن عمار حول المنافع المستوفاة

187 إشكال و وجهه

188 وجه التأمل

188 القاعدة الاولى - و الثانية - و الثالثة

189 الحديث الوارد في ضمان قيمة الولد

190 وجه الأضعفية

192 لا يقال فإنه يقال

192 وهم و الجواب عنه

193 وجه الإشكال

193 نظرية الشيخ حول المنافع غير المستوفاة

194 وهم و الجواب عنه

197 وجه الأظهرية

197 عدول الشيخ عما افاده

198 تحقيق حول المثلي و القيمي

202 إن قيل قلنا

203 لا يقال فإنه يقال

204 خلاصة كلام الشيخ

205 المراد من الأجزاء

205 تعليل لكون المصوغ من الذهب ص الموضوع

و الفضة قيميا

206 تصحيح عبارة الكتاب

206 استثناء و خلاصته

206 تحقيق حول الجريش و الدقاقة

207 تحقيق حول النوع و الجنس، و تقسيم الجنس

207 تحقيق حول الصنف

209 وجه البعد

210 وجه الأبعدية

210 إشكال على ما افاده الشيخ

211 إشكال آخر على ما افاده الشيخ

213 التعريف الثاني للمثلي أعم من التعريف الاول

213 التعريف الثالث للمثلي أخص من التعريف الثاني

216 المراد من الاصل الاصل العملي

216 للاصل العملي أربعة احتمالات

217 ذكر وجه الاحتمالات

218 المراد من الاصل هو الاستصحاب

218 وهم و الجواب عنه

219 استدراك و خلاصته

220 تحقيق حول تشاح المالك و الضامن

ص: 380

ص الموضوع

220 ذكر وجه التأمل و ما افاده الأعلام

222 وهم و الجواب عنه

224 مقصود الشيخ

225 استدراك و خلاصته

227 ما ذكره الشيخ حول الآية الكريمة و الدليل السابق، و النسبة بينهما

229 تخصيص الآية بالاجماع

229 تعليل و خلاصته

230 مقصود الشيخ من قوله: فحاصل الكلام

231 الحديث الوارد عن يونس في الدراهم الساقطة

232 وجه التأمل

233 تأييد

233 الفحوى و وجهها

234 المراد من التردد

236 البحث في الحكم التكليفي و الوضعي

237 المراد من يوم المطالبة

244 وجه فافهم

245 تعليل و خلاصته

246 تعليل و خلاصته

ص الموضوع

247 توجه من الشيخ لكلام المحقق الثاني

247 خدش و خلاصته

249 استثناء و خلاصته

249 وجه التأمل

251 النسبة بين الإعواز و التعذر

252 الحديث الوارد في بيع السلف

253 الأقوال في ملاك القيمة اذا لم يوجد المثل

256 تحقيق حول كلمة (مفازة)

257 مصدر الأحاديث الدالة على أن ضمان القيمي التالف بالقيمة، و ذكر بعض من تلك الأحاديث

259 إشكالنا على ما ادعاه الشيخ من الانصراف

260 ذكر مناقشة الشيخ مع الاسكافي

261 رد من الشيخ على مقالة شيخ الطائفة و الإسكافي و المحقق

262 الشق الثاني من نقاش الشيخ مع المذكورين

264 الاصل الاولي

265 استدراك و خلاصته

ص: 381

ص الموضوع

265 إضراب عن الاستدراك و خلاصته

266 تعليل و خلاصته

267 استدراك عما افاده الشيخ

268 تحقيق عن هبيرة و قصر هبيرة

272 تحقيق حول قوله عليه السلام:

نعم قيمة يوم خالفته

272 تحقيق حول كلمة دبر و عقر

273 تحقيق حول كلمة حبّبته

273 ذكر تمام حديث أبي ولاد

274 محل الشاهد من صحيحة ابى ولاد

274 اعتراض المعلقين على ما افاده الشيخ حول كلمة ثانيا

275 اعتراضنا على الاعتراض المذكور

276 الشق الثاني لكيفية الاستشهاد بصحيحة ابى ولاد

277 ايراد على الدلالة

278 الغاية من جعل الظرف قيدا للقيمة

278 تعليل و وجه الظهور

279 لا يقال فإنه يقال

280 المراد من الفرق بين قيمة ص الموضوع

الصحيحة و المعيبة

281 تحقيق حول وصف الصحة اذا تلف

282 وجه الظهور

282 وجه الظهور أيضا

282 استدراك

283 وهم و الجواب عن الوهم

284 تأييد

284 استثناء و خلاصته

285 تفريع

285 وجه الامر بالتأمل

286 إشكال ثان

287 الظاهر خلاف الظاهر

288 صور تنازع المالك و الغاصب

289 اذا كان المعيار في ضمان القيمي يوم التلف

292 استدراك

293 استقرار القيمة العالية متوقف على تلف العين

293 استقرار أعلى القيم مخالف لأصالة براءة الذمة

ص: 382

ص الموضوع

293 ما ذكره صاحب الرياض و العلامة المجلسي

294 وجه النظر فيما ذكره صاحب الرياض و العلامة المجلسي

295 إشكالنا على الشيخ بقولنا: و لا يخفى

296 الجواب عن أصالة اشتغال الذمة

297 استدراك و خلاصته

297 الأقوال في زيادة القيمة بعد تلف العين

300 الإشارة الى ما ذكره العلامة الممقاني في تعليقته على المكاسب

301 كيفية الجمع بين الحقين

302 إشكال و وجهه

302 وجه الأوفقية

303 وجه التأمل

304 المراد من خروج العين عن المالية

304 المراد من قول الأعلام: بلا خلاف

306 إن قلت قلنا

307 من متممات كلام الشهيد الثاني

311 ما أوردناه عبارة على المكاسب بقولنا:

و الصحيح على مقدار ماليتها

ص الموضوع

313 المراد من أكثر الامرين

313 لا يقال فإنه يقال

314 تعليل

314 وهم

315 الجواب عن الوهم

316 لعل وجه التأمل

317 وجه المنافاة، و وجه عدم المنافاة

317 صور مسألة تعذر الوصول الى العين

318 دليل عدم جواز الرد و خلاصته

318 استثناء و خلاصته

321 وجه عدم الاجتماع

322 وهم و الجواب عنه

322 وهم آخر و الجواب عنه

324 وجه الأظهرية

325 ضعف التوهم

326 وجه التأمل

327 بيان أن الغرامة ليست عوضا عن مطلق السلطنة

328 بيان عن جزم ابن ادريس

329 وجه عدم جواز حبس الغاصب العين

ص: 383

ص الموضوع

354 كلام حول السيرة

356 تعليل

357 كلام شيخنا الانصاري

357 إشكال ثان على كاشف الغطاء

358 الاختلاف في السعرين

359 الوجوه الاربعة

360 تصرفات الصبي لا تكون موجبة لتقديم قول المشتري لو تنازع مع المالك

361 و كذا لا تكون موجبة لتقديم ص الموضوع

قول المشتري لو طالب المالك حقه

362 إشكال الشيخ على المحقق التستري و خلاصته

364 إشكال من الشيخ على صاحب الرياض

365 الآخذ من الصبي داخل في البيع الفضولي

366 إشكالنا على ما افاده الشيخ

366 استدراك و خلاصته

ص: 384

3 - فهرس الآيات الكريمة

- ا -

إِنَّ اَللّٰهَ اِشْتَرىٰ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوٰالَهُمْ 43

- ب -

بَلْ يَدٰاهُ مَبْسُوطَتٰانِ 160

- ح -

حيث قالوا يَدُ اَللّٰهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَ لُعِنُوا بِمٰا قٰالُوا 160

- ف -

فَلَمّٰا قَضىٰ زَيْدٌ مِنْهٰا وَطَراً زَوَّجْنٰاكَهٰا 38

فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ 38

فَمَنِ اِعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اِعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ 216، 222، 229، 233، 237، 260

- ق -

قٰالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى اِبْنَتَيَّ هٰاتَيْنِ عَلىٰ أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمٰانِيَ حِجَجٍ 37، 50

- ن -

اَلنَّبِيُّ أَوْلىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ 86

- و -

وَ اِبْتَلُوا اَلْيَتٰامىٰ حَتّٰى إِذٰا بَلَغُوا اَلنِّكٰاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوٰالَهُمْ 340

وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ 50، 55، 125

و أَوْفُوا بِالْعُقُودِ 50، 53، 55، 120، 121، 125

و تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ 55، 125

و لَكُمْ فِي رَسُولِ اَللّٰهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ 46

وَ لِلّٰهِ عَلَى اَلنّٰاسِ حِجُّ اَلْبَيْتِ مَنِ اِسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً 119، 142

ص: 385

4 - فهرس الأحاديث الشريفة

- ا -

إن الناس مسلطون على أموالهم 120 125، 236، 158، 303، 327،

- خ -

الخراج بالضمان 184، 186، 187 190

- ر -

رفع عن امتي تسعة 15

رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يحتلم، و عن المجنون حتى يفيق و عن النائم حتى يستيقظ 334، 335

- ع -

على اليد ما اخذت حتى تؤدي 154 156، 159، 160، 162، 165 174، 175، 180، 192، 193، 216، 217، 250، 323

- ل -

لا ضرر و لا ضرار 166، 235 294، 301

- م -

المسلم اخو المسلم لا يحل ماله الا عن طيب نفس منه 165، 181، 183

من كنت مولاه فعلي مولاه 86

ص: 386

5 - فهرس الأمكنة

- ا -

ايران 224، 344

- ب -

بابل 268

بغداد 269، 271، 272، 273 275، 279

- ج -

الجربوعية 268

- ع -

العراق 224، 254

- غ -

غدير خم 86

- ق -

قصر بني هبيرة (ابن هبيرة) 270، 272، 273، 275، 278 279

- ك -

الكوفة 268، 269، 271، 272 273، 275، 278، 279

- ل -

لبنان 57

- م -

مصر 48

الميس 57

- ن -

النيل 269، 270، 271، 278 279

- ه -

الهاشمية 268، 269

ص: 387

6 - فهرس الأعلام

- ا -

الأئمة المعصومون - ع - 287

ابن حمزة 79

ابن زهرة 7، 65، 78، 198 341، 351

ابن سنان 335

ابن ماجة 183

ابن محبوب 268

ابو البخترى 343

ابو بصير 52

ابو حنيفة 19، 269، 270، 273

ابو داود 183

ابو الدرداء 350

ابو عبيدة 184

ابو ولاد 19، 198، 200، 257 259، 261، 268، 273، 274 280، 288، 290، 291، 292، 330

احمد 183

الاردبيلي: المحقق 58، 172، 205 210، 340

الاسكافي 198، 260-262، 266 267

- ب -

الامام الباقر - ع - ابو جعفر 258 335، 342، 343

البجنوردي: ميرزا حسن 159

البزنطي: ابو نصر 11

بنو امية 268

- ت -

الترمذي 183

التستري: اسد اللّه 358، 361، 362 364

تغلب: ابان بن تغلب 55، 65

- ث -

ثعلبة 52

- ح -

الحلبي 78، 79، 149، 166 200، 252، 297

الحلي: ابن ادريس 7، 12، 96 141، 172، 197، 198، 235 237، 265، 267، 328، 330 335، 343

الحلبي: العلامة 7، 19، 29-33

ص: 388

55، 68، 69، 86، 91، 96 97، 98، 102، 109، 144، 155 165، 172، 177، 197، 198 212-214، 243، 244، 247 251، 263، 296، 312، 329 335، 341، 342، 350، 351، 356

حمران: حمزة بن حمران 335

- ر -

الرسول الأعظم - ص - 15، 46 56، 63، 64، 86، 95، 120 154، 156، 158-161، 165، 166 173، 181، 184، 192، 216 217، 235، 250، 294، 301 303، 323، 334، 335، 352

الامام الرضا - ع - ابو الحسن 11 231

- ز -

زرارة 189

الامام زين العابدين - ع - علي 343

- س -

الساعدي: سهل 56، 63، 66 67، 95

السكوني 258، 351، 352

سماعة

- ش -

الشهيد الاول 19، 49، 55، 86 87، 90، 91، 93، 94، 95 96، 99، 100، 101، 102 109، 111، 117، 118، 126 128، 129، 145، 155، 165 177، 225، 319

الشهيد الثاني 37، 46، 55، 86 96، 100، 109، 111، 145، 155، 158، 165، 175، 177، 205، 206، 225، 292، 294 306، 307، 319، 330

الشهيدي: العلامة 206

- ص -

صاحب جامع المقاصد 173، 247 248

صاحب الجواهر 119-124

صاحب الدروس 214

صاحب الروضة البهية 214

صاحب الرياض 172، 293، 294، 254

صاحب الغنية 335، 339

ص: 389

صاحب الكفاية 307

صاحب كنز العرفان 37

«صاحب المبسوط (شيخ الطائفة الطوسي) 54، 62، 65، 66، 71، 78 79، 86، 96، 112، 114، 141 144، 145، 158، 178، 163 167، 198، 212، 215، 254 260، 261، 262، 268، 292 303، 335، 343

صاحب المسالك 75

صاحب الوسيلة 189، 190

صاحب النهاية 75

الامام الصادق - ع - ابو عبد اللّه جعفر 9، 125، 143، 149، 166 185، 189، 195، 200، 220 250، 252، 258، 259، 261 262، 266، 267، 270-277 279-286، 290، 291، 330 336، 337، 343، 346، 351

الصيمري 109

- ط -

الطباطبائي: السيد اليزدي 220

- ع -

العباس - ع - سيدنا 287

العميد: السيد 196

عمران: موسى بن عمران - ع - 51

الامام علي - ع - امير المؤمنين 86، 258، 342

عمار: إسحاق بن عمار 185، 186

عميد الدين 46

- ف -

الفخر، فخر الدين، فخر الاسلام 19، 33، 36، 37، 40، 41 47، 96، 109، 196، 197 243، 339، 342

- ق -

القاضي 51، 67، 297، 342

القمي: المحقق 305

قيس: محمد بن قيس 195

- ك -

الكاشاني: المحدث 350

الكاشاني: المحقق 351 353-355

كاشف الرموز 18، 19، 198

كاشف الغطاء: جعفر 141، 356-358 362، 356

- م -

المجلسي: العلامة 193، 294

المحقق الاول 18، 19، 23، 55

ص: 390

67-69، 109، 167، 173، 198 260-262، 339، 342

المحقق الثاني 26، 36، 36، 36 46، 86، 96، 100، 109 172-174، 177، 196، 239 306، 319، 340

مسلم: محمد بن مسلم 342، 343

المفيد 297

المقداد: الفاضل 46، 86

الممقاني: الشيخ 184، 220، 300

الامام موسى الكاظم - ع - ابو الحسن 51، 186

- ن -

النسائى 183

- ه -

الهندي: الفاضل 58

- ي -

يونس 11، 231

ص: 391

7 - الكتب

- ا -

الارشاد 19، 41

الأشباه و النظائر 184

الايضاح 33، 52، 109، 110 193، 235، 238، 239، 240، 242، 243، 246، 256، 327

- ت -

التبصرة 19

التحرير 19، 55، 177، 213 215، 235، 239، 241، 263 296، 239

التذكرة 7، 14، 29-31، 50 51، 58، 98، 99، 172، 177 181، 197، 214، 235، 238، 239، 242، 243، 249، 251 252، 256، 319، 327، 334 339، 341، 348، 350، 351

التنقيح 195، 196، 356

التهذيب 268، 274

- ج -

الجامع 45، 100، 306

جامع المقاصد 36، 47، 52، 66 173، 181، 196، 216، 235، 247، 250، 251، 312، 320، 321، 227

- خ -

الخلاف 52-54، 65، 78، 79، 159، 260، 304

- د -

الدروس 177، 195، 196، 213 225، 235، 256، 263، 333

- ر -

الروضة البهية 213، 263

الرياض 110، 154، 172، 293

- س -

السرائر 7، 52، 66، 141 172، 182، 183، 191، 197 215، 235، 241، 304، 327 335، 340، 343

- ش -

الشرائع 55، 196؛ 260، 298 339

شرح الارشاد 19، 41، 96

ص: 392

شرح القواعد 340

- ص -

الصحيح 268

- غ -

غاية المراد 53، 263

الغنية 7، 65، 66، 78، 215 304، 333، 339، 341، 351

- ف -

فرائد الاصول: «الرسائل» 80 211

- ق -

القاموس 39

القرآن الكريم 39، 42، 50

قرب الاسناد 344، 346

القواعد 87، 90، 91، 100، 102، 117، 118، 126، 141 155، 172، 177، 196، 197 240-242، 247، 312، 318 329، 339

- ك -

الكافي 78

الكامل 51، 67، 71

كشف اللثام 58

الكفاية 214، 307، 333

كفاية الاصول 139

كنز العرفان 38، 333، 342

كنز العمال 159

- ل -

اللمعة الدمشقية 20، 21، 85، 168، 171، 178، 199

- م -

المبسوط 54، 55، 62، 65، 66 71، 86، 110-112، 114، 144، 156، 159، 177، 178، 182، 212، 215، 233، 254 303، 304، 319، 335، 343

مجمع البرهان 24، 313

مجمع الفائدة 58، 172

المختلف 215

المسالك 19، 21، 37، 45 66، 75، 100، 118، 145، 158 167، 195، 196، 214، 225 239، 250، 313، 316

مستدرك وسائل الشيعة 64، 159 258

مفتاح الكرامة 41

ص: 393

المقابيس 358، 361

المهذب 51

الميسية 57

- ن -

النهاية 75، 109

نهاية الأحكام 45، 58

- و -

وسائل الشيعة 9، 51، 56، 64 143، 149، 166، 181، 185 189، 190، 195، 200، 231، 250، 252، 257، 263، 334، 342، 352

الوسيلة 52، 66

ص: 394

الخاتمة

و قد انهينا بحمد اللّه تبارك و تعالى (الجزء السابع) من كتاب (المكاسب لشيخنا الانصاري) قدس اللّه سره، و طيب رمسه من بداية مقدمة في خصوص ألفاظ البيع

الى نهاية تصرفات الصبي، حامدين اللّه عز و جل و شاكرين له على هذه النعمة العظمى.

و كان ذلك في يوم الخميس الحادي عشر من شوال 1396 في غرفة ادارة (جامعة النجف الدينية) العامرة حتى ظهور (الحجة البالغة) الذي تحيى البلاد به عجل اللّه تعالى فرجه الشريف بعد عناء كثير مقابلة و تعليقا و تصحيحا حسب الحاجة و اللزوم بقدر الوسع و الإمكان، و بعد سهر الليالي و الأيام، رغبة منا في إخراج هذا التراث الخالد: فقه (أئمة أهل البيت) صلوات اللّه و سلامه عليهم اجمعين، و شغفا بمواصلة الأجزاء و متابعتها واحدا بعد آخر إن شاء اللّه تعالى.

و كان الشروع فيه في اليوم الحادي عشر من جمادى الاولى 1396

و قد جاء بحمد اللّه تبارك و تعالى على طراز حسن جميل، و اسلوب رائع بديع.

و يتلوه إن شاء اللّه تعالى (الجزء الثامن) اوله: (مسألة: و من جملة شروط المتعاقدين قصدهما لمدلول العقد).

و إني لأرى هذه الإفاضات كلها من بركات صاحب هذا (القبر المقدس العلوي) على من حل فيه آلاف التحية و الثناء.

فشكرا لك يا إلهي على هذه النعم الجسيمة، و الآلاء الجزيلة.

و نسألك اللهم و ندعوك التوفيق لإتمام بقية الأجزاء، و المشروعات الخيرية الدينية النافعة للامة الاسلامية جمعاء بلطفك السابق، و رحمتك الواسعة إنك ولي ذلك و القادر عليه.

عبدك السيد محمد كلانتر

في 1396/10/11

ص: 395

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.