المکاسب المجلد 5

هویة الکتاب

کِتَابُ المَکاسِب

للشیخ الأعظم الشیخ مرتضی الأنصاری قدس سره

1214ه - 1281 م

تحقیق و تعلیق : السّید محمّد کلانتر

المجلدات 17 ج

منشورات مؤسسة النور للمطبوعات - بیروت - لبنان

ص: 1

اشارة

المکاسب

نويسنده: انصاری، مرتضی بن محمدامین

محقق: کلانتر، محمد

تعداد جلد:17

زبان: عربی

ناشر: منشورات دارالنجف الدینیة - مطبعة الآداب

سال نشر:1214-1281 هجری قمری

ص: 2

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

الإهداء

سيدي... أبا صالح

هذه جهودي بين يديك متواضعة بذلتها في سبيل تخليد فقه (أئمة أهل البيت) و هم آباؤك و أجدادك الطاهرون عليهم الصلاة و السلام في سبيل إحياء تراثنا العلمي الأصيل، أهديها أليك... يا حافظ الشريعة يا من يملأ الأرض قسطا و عدلا بعد ما ملئت ظلما و جورا فأنت أولى بها ممن سواك، و لا أراها متناسبة و ذلك المقام الرفيع.

و أراني مقصرا غير أن الهدايا على قدر مهديها.

فتفضل عليّ يا سيدي عجل اللّه تعالى لك الفرج بالقبول، فانه غاية المأمول.

عبدك الراجي

ص: 3

ص: 4

تتمة المكاسب المحرمة

تتمة النوع الرابع ما يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه

اشارة

هجاء المؤمن

ص: 5

ص: 6

المسألة السابعة و العشرون هجاء المؤمن

«السابعة و العشرون» (1) (هجاء المؤمن) حرام بالأدلة الأربعة (2)، لأنه (3) همز و لمز و أكل اللحم و تعبير و اذاعة سر، و كل ذلك (4) كبيرة موبقة.

++++++++++

(1) أي (المسألة السابعة و العشرون) من النوع الرابع الذي يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه: هجاء المؤمن.

هو مصدر ثان لهجا يهجو، إذ مصدره الأول هجوا، معناه:

الشتم، و تعداد المعايب.

(2) الكتاب و السنة و الإجماع و العقل.

(3) تعليل لحرمة الهجاء من الكتاب العزيز أي الهجاء همز و لمز، و أكل لحم الأخ المؤمن فتشمله آية: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ .

و آية: «وَ لاٰ يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ » .

و قد مضت الإشارة الى معنى الهمز و اللمز في الجزء الثالث من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة. ص 308.

و الى معنى أ يحب أحدكم أن يأكل في نفس المصدر ص 304-307 فراجع.

(4) أي الهمز و اللمز، و أكل اللحم، و التعيير، و إذاعة السر من المعاصي الكبيرة التي أوعد اللّه عز و جل على مرتكبها العقاب في الآخرة كما هو الملاك في الكبيرة.

ص: 7

و يدل عليه (1) فحوى ما تقدم في الغيبة، بل البهتان (2) أيضا بناء (3) على تفسير الهجاء بخلاف المدح كما عن الصحاح فيعم (4) ما فيه من المعايب و ما ليس فيه كما عن القاموس و النهاية و المصباح، لكن مع تخصيصه فيها (5) بالشعر.

و أما تخصيصه بذكر ما فيه بالشعر (6) كما هو ظاهر جامع المقاصد فلا يخلو عن تأمل.

++++++++++

(1) أي على تحريم الهجاء كل ما ذكرناه في حرمة الغيبة.

راجع نفس المصدر. من ص 307 الى ص 320.

و كذا يدل على حرمة الهجاء كل ما تقدم في السب.

راجع نفس المصدر. ص 7-10.

(2) أي بل يدل على تحريم الهجاء كل ما تقدم في حرمة البهتان راجع نفس المصدر. ص 339-340.

(3) تعليل لكون أدلة البهتان تشمل الهجاء، أي شمول أدلة البهتان للهجاء مبني على تفسير الهجاء بخلاف المدح: بأن يقال: إن معناه الذم و القدح.

(4) الفاء تفريع على ما أفاده: من كون معنى الهجاء خلاف معنى المدح أي فبناء على ذلك يكون معنى الهجاء أعم من معنى المدح، أي سواء أ كانت المعايب في الشخص موجودة أم لا.

(5) أي مع تخصيص الهجاء في الكتب الثلاثة بالشعر: بمعنى أن هؤلاء الأعلام و إن عمموا معنى الهجاء، لكنهم خصصوه بالشعر، دون النثر.

(6) هذا القول أفاده (صاحب جامع المقاصد)، فإنه أفاد في كتابه شيئين في الهجاء:

(أحدهما): كونه مختصا بذكر المعايب الموجودة في الشخص. -

ص: 8

و لا فرق في المؤمن بين الفاسق و غيره.

و أما الخبر (1): محصوا ذنوبكم بذكر الفاسقين فالمراد به (2) الخارجون عن الإيمان، أو المتجاهرون بالفسق.

و كذا يجوز هجاء الفاسق المبدع، لئلا يؤخذ ببدعه، لكن بشرط الاقتصار على المعايب الموجودة فيه، فلا يجوز بهته بما ليس فيه، لعموم حرمة الكذب (3).

و ما تقدم (4) من الخبر في الغيبة من قوله عليه السلام في حق المبتدعة: باهتوهم

++++++++++

- (ثانيهما): كونه مختصا بالشعر، دون النثر.

(1) دفع وهم حاصل الوهم: أنكم قلتم: إنه لا فرق في عدم جواز هجو المؤمن بين كونه عادلا، أو فاسقا.

لكن قوله عليه السلام في الحديث: محصوا ذنوبكم بذكر الفاسقين يدل على اختصاص عدم الجواز بالعدول فيخصص الخبر ذلك العموم.

و أما الحديث فلم نعثر على مصدر له في الكتب التي بأيدينا، و راجعنا بعض كتب إخواننا السنة فلم نجد له مصدرا أيضا.

(2) هذا جواب عن الوهم المذكور.

و خلاصته: أن العموم باق على ما كان، و الخبر هذا لا يخصصه لأن المراد من الفاسقين في الخبر إما الخارجون عن الإيمان، و إما المتجاهرون بالفسق فلا يشمل مطلق الفساق حتى يختص عدم جواز الهجو بالعدول فلا يخصص العموم.

(3) لأن حرمة الكذب عامة تشمل عدم جواز الافتراء حتى بالفاسق.

(4) دفع وهم حاصل الوهم: أن الحديث الوارد في قول الامام عليه السلام في ص 50 في الجزء الرابع من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة:

باهتوهم كيلا يطمعوا في إضلالكم عام يشمل العيوب الموجودة في المبدع -

ص: 9

كيلا يطمعوا في إضلالكم: محمول (1) على اتهامهم، و سوء الظن بهم بما يحرم اتهام المؤمن به: بأن يقال: لعله زان، أو سارق.

و كذا (2) اذا زاد ذكر ما ليس فيه من باب المبالغة.

و يحتمل ابقاؤه (3) على ظاهره: بتجويز الكذب عليهم لأجل المصلحة فإن مصلحة تنفير الخلق عنهم أقوى من مفسدة الكذب.

و في رواية أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له:

إن بعض أصحابنا يفترون و يقذفون من خالفهم.

فقال: الكف عنهم أجمل (4).

++++++++++

- و غير الموجودة فيه فكيف تقولون باختصاص الهجاء بالعيوب الموجودة فيه ؟

(1) جواب عن الوهم المذكور و قد ذكر في المتن فلا حاجة الى تكراره.

(2) أي و كذا يجوز ذكر معايب المبدع الواقعية مبالغة، بناء على ما أفاده الشيخ: من عدم دخوله في الكذب فلا تشمله أدلته.

(3) أي إبقاء قول الامام عليه السلام: باهتوهم على ظاهره: و هو جواز رمي المبدع بما ليس فيه.

(4) (الكافي). الجزء 8. ص 285. الحديث 431.

ص: 10

المسألة الثامنة و العشرون الهجر

الهجر

ص: 11

ص: 12

«الثامنة و العشرون» (1) (الهجر) بالضم و هو الفحش من القول، و ما استقبح التصريح به منه (2) ففي صحيحة أبي عبيدة: البذاء (3) من الجفاء و الجفاء في النار (4).

و في النبوي: إن اللّه حرم الجنة على كل فحّاش بذي قليل الحياء لا يبالي بما قال و لا ما قيل فيه (5).

و في رواية سماعة: إياك أن تكون فحّاشا (6).

و في النبوي: إن من شر عباد اللّه من يكره مجالسته لفحشه (7).

و في رواية: من علامات شرك الشيطان الذي لا شك فيه أن يكون

++++++++++

(1) أي (المسألة الثامنة و العشرون) من النوع الرابع الذي يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه: الهجر و هو بضم الهاء و سكون الجيم: معناه: الكلام القبيح، و بالفتح الابتعاد و القطيعة.

(2) أي من القول.

(3) بفتح الباء معناه: الفحش يقال: بذا زيد أي فحش.

و الجفاء معناه: الإعراض.

(4) (اصول الكافي). الجزء 2. ص 325. الحديث 9.

(5) نفس المصدر. ص 323. الحديث 3.

(6) نفس المصدر. ص 326. الحديث 5.

(7) نفس المصدر. ص 325. الحديث 8.

ص: 13

فحاشا لا يبالي بما قال، و لا ما قبل فيه (1)، إلى غير ذلك من الأخبار.

هذا آخر ما تيسر تحريره من المكاسب المحرمة (2).

++++++++++

(1) نفس المصدر. ص 323. الحديث 1

(2) أي ما كان متعلق الاكتساب عملا محرما في ذاته و نفسه كالنوع الرابع.

و ليس المراد منها كل ما في الأنواع المذكورة: في النوع الأول و الثاني و الثالث و الخامس في الجزء 1-2-3-4-5 من المكاسب من طبعتنا الحديثة.

ص: 14

الاجرة على الواجبات

ص: 15

ص: 16

النّوع الخامس مما يحرم التكسب به

اشارة

النّوع الخامس مما يحرم التكسب به

حرمة التكسب بالواجبات

اشارة

ما يجب على الإنسان فعله (1) عينا أو كفاية تعبدا أو توصلا

++++++++++

(1) أي كل شيء وجب على المكلف إتيانه يحرم أخذ الاجرة عليه ثم لا يخفى عليك أن الشيخ قسم هذا الواجب على قسمين: و قسم كلا منهما الى تعبدي و توصلي فهذه أربعة أقسام و إليها أشار الشيخ بقوله:

عينا كفاية، تعبدا أو توصلا و نحن نذكرها مشروحة:

(الأول): الواجب العيني التعبدي: و هو الواجب الذي يراد إتيانه من شخص المكلف بداعي الأمر الإلهي و بقصد القربة بحيث لو لم يأت به كذلك لم يسقط الواجب عنه كالصلاة و الصوم و الحج.

(الثاني): الواجب العيني التوصلي و هو الواجب الذي لا يعتبر في اتيانه قصد القربة و بداعي الأمر الإلهي كوجوب التزوج على الأعزب و إن أتى به بقصد القربة يثاب عليه.

(الثالث): الواجب الكفائي التعبدي: و هو الواجب الذي يراد إتيانه و صدوره في الخارج من أي مكلف كان بقصد القربة و داعي الأمر الإلهي: بحيث لو قام به أحد المكلفين سقط الوجوب عن الآخرين و إن لم يأت به أحد عوقب الجميع، لعدم سقوط التكليف عنهم حينئذ كتغسيل الميت و الصلاة عليه.

(الرابع): الواجب الكفائي التوصلي: و هو الواجب الذي يراد إتيانه و صدوره من أي مكلف كان من غير اشتراط قصد القربة و داعي -

ص: 17

على المشهور كما في المسالك (1)، بل عن مجمع البرهان (2) كأن دليله الإجماع.

و الظاهر أن نسبته (3) الى الشهرة في المسالك في مقابل قول السيد

++++++++++

- الأمر الإلهي كتكفين الميت، و مواراته تحت الأرض، و إنقاذ الغرقى و إطعام الجائع المسكين، و حفظ النظام في اتخاذ الحرف و المهن، و توزيعها على المجتمع.

و لو أتى بهذه الامور بقصد القربة يثاب عليها.

و لا يخفى عليك أنه لا يجوز أخذ الاجرة على هذه الواجبات في الواجبات العينية التعبدية، و الكفائية التعبدية.

و أما العينية التوصلية، و الكفائية التوصلية فيجوز أخذ الاجرة عليهما.

(1) أي ادعى (الشهيد الثاني) في المسالك شهرة هذا القول:

و هي حرمة أخذ الاجرة على الواجبات.

(2) جملة بل عن مجمع البرهان من (شيخنا الأنصاري) معناها:

أنه نقل عن مجمع البرهان أن دليل الشهيد الإجماع على ذلك

(3) أي الظاهر أن نسبة (الشهيد الثاني) هذا الحكم: و هو تحريم أخذ الاجرة على الواجبات العينية، أو الكفائية، سواء أ كانت تعبدية أم توصلية الى الشهرة في المسالك: لأجل ذهاب السيد الى جواز أخذ الاجرة على تجهيز الميت لغير الولي، حيث إن السيد لا يرى وجوب التجهيز على غير الولي، و هذا القول يستلزم جواز أخذ الاجرة على التجهيز لغير الولي فيكون قوله مخالفا للمشهور الذاهب الى عدم جواز أخذ الاجرة على تجهيز الميت الواجب على المكلفين، سواء أ كانوا من أولياء الميت أم لا، فاسند (الشهيد الثاني) حرمة أخذ الاجرة على التجهيز الى الشهرة لأجل ذلك.

ص: 18

المخالف في وجوب تجهيز الميت على غير الولي، لا (1) في حرمة أخذ الاجرة على تقدير الوجوب عليه.

و في جامع المقاصد الإجماع على عدم جواز أخذ الاجرة على تعليم صيغة النكاح، أو إلقائها (2) على المتعاقدين. انتهى.

و كأن لمثل هذا و نحوه (3) ذكر في الرياض أن على هذا الحكم الإجماع في كلام جماعة، و هو (4) الحجة. انتهى (5).

و اعلم أن موضوع هذه المسألة (6)،

++++++++++

(1) أي و ليس كلام السيد مخالفا لحرمة اخذ الاجرة في تجهيز الميت على غير الولي لو قيل بوجوبه عليه حتى يكون كلامه مخالفا لما ذهب إليه الإجماع: من حرمة اخذ الاجرة على الواجبات، لأنه من بداية الأمر و رأسا ينكر وجوب التجهيز على غير الولي.

(2) المراد من الإلقاء التلقين أي يقول المتعاقدان بعين ما يقوله الملقن.

(3) أي و كأن لمثل كلام (الشهيد الثاني) في المسالك، و ما نقل عن مجمع البرهان، و دعوى (صاحب جامع المقاصد) الإجماع على ذلك:

ذكر صاحب (الرياض): من أن عدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات اجماعي.

(4) هذا رأي صاحب (الرياض) أي عدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات هو الحق و الصحيح، بناء على مبناه: من حجية الإجماع المنقول.

(5) أي ما أفاده (صاحب الرياض) في الرياض في هذا المقام.

(6) أي موضوع البحث و محوره في مسألة عدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات: هو الواجب الذي فيه نفع يعود الى باذل المال حتى يصح بذل المال في قباله، لئلا تقع المعاوضة باطلة حتى يكون أكل المال أكلا -

ص: 19

..........

++++++++++

- بالباطل، فمثل هذا الواجب الذي هو محور الكلام و محل النزاع في أنه هل يجوز أخذ الاجرة عليه أم لا؟

و ليس البحث في مطلق الواجب و لو لم يكن فيه نفع يعود الى باذل المال، لأن الواجب الذي ليس فيه نفع يعود الى الباذل خارج عن إطار الكلام، و محل النزاع، لعدم وجود شيء يقابل بالمال فيكون أكل المال أكلا بالباطل فمثل الواجبات العينية التعبدية التي وجب على المكلف إتيانها مباشرة كالصلاة و الصوم و الحج لا يصح أخذ الاجرة عليها، لخروجها عن محل البحث، حيث لا يوجد فيها منفعة تعود الى الباذل.

إذا عرفت أن مدار البحث هو الواجب الذي فيه نفع يعود الى الباذل فلا فرق بين الواجب العيني و الكفائي في عدم جواز أخذ الاجرة عليه.

(أما الأول): كالقضاء للمدعي إذا كانت منحصرة في شخص القاضي، و ليس غيره موجودا فيبذل شخص له مبلغا، فإن في حكم القاضي للباذل منفعة تعود إلى الباذل ليحكم في صالحه.

(و أما الثاني): فتجهيز الميت، حيث إن المكلف يبذل مالا لآخر ليقوم بتجهيزه عوضا عنه حتى يسقط التكليف عنه، ففي سقوط التكليف عن الباذل ببذل المال نفع يعود إليه.

ثم لا يخفى ان بعض الأعلام أفاد في هذا المقام تعميم البحث حتى على الواجبات العينية كالصلاة و الصوم و الحج، حيث يمكن فرض نفع فيها يعود إلى الباذل المستأجر و ذلك النفع هو إطاعة اللّه عز و جل من اتيان الواجبات.

و هذا المقدار من النفع يكفي في صحة بذل المال على الواجبات العينية إذا لا يخص البحث الواجبات التي ذكرها المصنف، كما أنه يصح بذل -

ص: 20

ما اذا كان للواجب (1) على العامل منفعة تعود الى من يبذل بإزائه المال كما لو كان كفائيا و أراد (2) سقوطه منه فاستأجر غيره، أو كان (3) عينيا على العامل و رجع نفعه منه الى باذل المال كالقضاء للمدعي إذا وجب عينا.

و بعبارة اخرى (4) مورد الكلام ما لو فرض مستحبا لجاز الاستيجار

++++++++++

- المال تجاه تلك يصح بذل المال تجاه هذه، لعين الملاك، إذ لا يجب في متعلق الإجارة إلا كونه متعلقا لغرض عقلائي.

و لا شك أن اطاعة اللّه عز و جل أعظم غرض عقلائي يصح بذل المال له، فإن الباذل يقصد ببذله اقامة أوامر اللّه في البلاد حتى يتوجه الناس إليه عز و جل.

(1) في جميع نسخ المكاسب الموجودة عندنا: الخطية و المطبوعة هكذا:

ما اذا كان الواجب، و الصحيح، ما اذا كان للواجب كما أثبتناه، لعدم انسجام المعنى كما لا يخفى على النبيل الخبير الناقد البصير، و السهو من النساخ.

(2) أي الباذل أراد سقوط الواجب الكفائي عن نفسه كما عرفت في ص 20.

(3) أي أو كان الواجب عينيا كما في القضاء لو انحصر في واحد و هو المراد من العامل.

(4) حاصل قوله: بعبارة اخرى: أن مدار البحث، و محور الكلام في الواجب الذي لو فرض كونه مستحبا لجاز الاستيجار عليه و أخذ الاجرة في قباله، سواء أ كان المستحب عينيا أم كفائيا فإذا صح فرضا أخذ الاجرة على هذه المستحبات لوجود نفع فيها يعود الى الباذل: صح أخذ الاجرة على الواجبات التي فيها نفع يعود الى الباذل.

أما المستحب الكفائي فكمستحبات تجهيز الميت علاوة على واجباته

ص: 21

عليه، لا (1) أن الكلام في كون مجرد الوجوب على الشخص مانعا

++++++++++

و كرفع الأذى عن طريق المارة، و غيرهما: من المستحبات الاكيدة الواردة في الشرع.

و أما المستحب العيني فكقراءة القرآن الكريم، و زيارة المراقد الطاهرة و أقسام الحج غير حجة الاسلام، و الصوم المستحبي، و غير ذلك من المستحبات الواردة في الشرع.

(1) في جميع نسخ (المكاسب) الموجودة عندنا: الخطية و المطبوعة من الطباعة القديمة و الحديثة هكذا: لأن الكلام.

و الصحيح كما أثبتناه: (لا أن الكلام) لعدم انسجام المعنى في الأول كما لا يخفى على النبيل، حيث إن الشيخ قال في صدر البحث: و اعلم أن موضوع هذه المسألة: ما اذا كان للواجب على العامل منفعة تعود الى من يبذل بإزائه المال.

فمقتضى هذه العبارة: أن تكون الجملة لا أن الكلام.

أي ليس مورد البحث في الواجب بما أنه واجب، سواء أ كان فيه نفع يعود الى الباذل أم لا، لخروج ما ليس فيه نفع يعود الى الباذل عن حريم النزاع، لأن بذل المال في قباله بذل للباطل كما عرفت في ص 19 عند قولنا: ثم لا يخفى أن بعض الأعلام.

و قد عرفت أيضا أن البحث يعم حتى مثل هذه الواجبات العينية المطلوب فيها مباشرة المكلف.

ثم العجب من الشراح و المعلقين على الكتاب لم يعلقوا حول هذه العبارة شيئا و أخذوها على علاتها.

و لا شك أن هذا الغلط الفضيع جاء من قبل نساخ الكتاب المحترفين للكتابة، لأن جلهم و إن شئت قل: كلهم غير متقين.

ص: 22

عن اخذ الاجرة عليه، فمثل (1) فعل الشخص صلاة الظهر عن نفسه لا يجوز أخذ الاجرة عليه، لا لوجوبها، بل لعدم وصول عوض المال الى باذله فإن النافلة (2) أيضا كذلك.

و من هنا (3) يعلم فساد الاستدلال على هذا المطلب (4): بمنافاة (5)

++++++++++

(1) الفاء تفريع على ما أفاده الشيخ بقوله: لا أن الكلام في كون مجرد، أي بعد أن عرفت أن مورد البحث هو الواجب الذي فيه نفع يعود الى باذل المال، لا مطلق الواجب العيني: فيخرج عن موضوع البحث مثل الصلاة و الصوم و الحج، حيث لا نفع فيها يعود الى الباذل و ما كان كذلك لا نزاع في عدم جواز أخذ الاجرة عليه.

و قد عرفت خلاف ذلك منا.

(2) أي المستحبات التي لا نفع فيها يعود الى الباذل مثل الواجبات في عدم جواز أخذ الاجرة عليها، لاتحاد الملاك فيهما.

(3) أي و من أجل أن الملاك في عدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات هو عدم وجود نفع فيها يعود الى الباذل المستأجر: يعلم فساد استدلال (صاحب الرياض) على عدم جواز أخذ الاجرة في الواجبات.

و خلاصة استدلاله: أن أخذ الاجرة على الواجبات مناف للإخلاص المطلوب في العبادات، لأن بين الأخذ و الإخلاص تنافر و تضاد، حيث إن الإخلاص يطلب إيقاع الفعل بداعي أمر المولى القدير قربة لوجهه المقدس خاليا عن جميع الشوائب، و أخذ الاجرة يطلب ايقاع الفعل تجاه الاجرة و وفاء لعقد الاجارة فهما متضادان متنافران لا يجتمعان.

(4) و هي حرمة أخذ الاجرة على الواجبات العبادية المطلوب فيها قصد الإخلاص كما عرفت آنفا.

(5) الجار و المجرور متعلق بقوله: الاستدلال على هذا المطلب. -

ص: 23

ذلك للاخلاص في العمل، لانتقاضه (1) طردا و عكسا بالمندوب، و الواجب التوصلي.

++++++++++

- و الباء للاستعانة أي استعان (صاحب الرياض) على عدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات بهذا الدليل و هو الذي ذكرناه لك آنفا بقولنا في ص 23: و خلاصة استدلاله.

(1) هذا جواب من الشيخ ردا على استدلال (صاحب الرياض).

و خلاصة الجواب: أن الاستدلال المذكور لا يكون مانعا للاغيار و لا جامعا للافراد و قد قرر في محله: أن التعريف لا بد أن يكون مانعا للأغيار، و جامعا للافراد.

(أما الأول): فلأن الاستدلال المذكور منتقض بالمندوب التعبدي المشترط فيه قصد الاخلاص و القربة، حيث إنه يقول بجواز أخذ الاجرة عليه مع أن الاستدلال شامل له، لمنافاة اخذ الاجرة مع قصد الإخلاص المطلوب في المستحب التعبدي.

فبناء على مذهب صاحب الرياض: من جواز أخذ الاجرة على المستحب التعبدي يجب خروجه عن الاستدلال المذكور، مع أنه داخل فيه.

(و أما الثاني): و هو عدم كون الاستدلال جامعا للافراد، لأنه منتقض بالواجبات التوصلية التي لا يشترط فيها قصد القربة و الإخلاص فان المستدل يقول بعدم جواز أخذ الاجرة عليها، مع أن الاستدلال المذكور لا يشمله، لعدم مطلوبية قصد الاخلاص في الواجبات التوصلية حتى يتنافى أخذ الاجرة مع الاخلاص فيلزم خروجها عن القاعدة الكلية: و هو عدم جواز أخذ الاجرة، و القول بجواز أخذ الاجرة عليها، مع أنها داخلة في المدعى: و هو عدم جواز أخذ الاجرة فلا يكون الاستدلال المذكور جامعا للافراد. -

ص: 24

و قد يرد ذلك (1): بأن تضاعف الوجوب بسبب الإجارة يؤكد الإخلاص.

و فيه (2) مضافا الى اقتضاء ذلك الفرق بين الإجارة و الجعالة حيث (3) إن الجعالة لا توجب العمل على العامل:

++++++++++

- ثم لا يخفى أن الانتقاص المذكور إنما يلزم لو كان المستدل يقول بعدم جواز أخذ الاجرة في الواجبات مطلقا، سواء أ كانت تعبدية أم توصلية

لكنه يمكن أن يكون استدلاله في الواجبات التعبدية فقط، إذا لا يتوجه الانتقاض المذكور عليه عكسا.

(1) أي و قد يرد استدلال (صاحب الرياض) بطريق اخرى غير ما أوردناه عليه و الراد هو صاحب (مفتاح الكرامة).

و خلاصة الرد أن الواجب بعد أخذ الاجرة عليه يتضاعف فيه الوجوب أي يصبح له وجوبان:

وجوب من قبل الأمر المولوي و هو أمر اللّه عز و جل الذي أمر عبده باتيان الفعل.

و وجوب من قبل الاجارة الذي جاء من ناحية المستأجر.

(2) أي و في هذا الرد إشكال بالإضافة إلى اقتضاء الرد الفرق بين الاجارة و الجعالة.

(3) هذا هو الفارق و خلاصته أن أداء العمل في الجعالة ليس واجبا على العامل فيجوز له رفع اليد عن العمل متى شاء و أراد و لو في أثنائه.

بخلاف الاجارة، حيث إن الأجير فيها مكلف باتيان العمل بدوا و ختاما، و لا يصح له رفع اليد أبدا، فالرد المذكور لا يشمل الجعالة فلا يتضاعف الوجوب، و لا يتأكد الإخلاص. -

ص: 25

أنه (1) إن اريد أن تضاعف الوجوب يؤكد اشتراط الإخلاص فلا ريب أن الوجوب الحاصل بالإجارة توصلي لا يشترط في حصول ما وجب به قصد القربة مع (2) أن غرض المستدل منافاة قصد أخذ المال لتحقق

++++++++++

- و المراد من الاجارة: الاجارة اللازمة.

(1) هذا هو الاشكال على الرد المذكور.

و خلاصته أن الوجوب الآتي من قبل الاجارة ليس واجبا تعبديا حتى يشترط فيه قصد الإخلاص، بل هو واجب توصلي لا يحتاج الى قصد القربة و الإخلاص.

إذا لا يتأكد الإخلاص.

نعم يتأكد الواجب و يتضاعف فيصبح ذا جنبتين: جنبة تعبدية من ناحية الأمر المولوي، و جنبة توصلية من قبل المستأجر.

(2) هذا اشكال آخر من الشيخ على صاحب (مفتاح الكرامة) الراد على (صاحب الرياض).

و خلاصة الاشكال: أن (صاحب الرياض) إنما يقول بمنافاة أخذ الاجرة للإخلاص لأجل ان الإخلاص لا يتعلق بالقلب، و لا يتأتى منه عند اتيان العمل حين أخذ العامل الاجرة عليه.

و ليس غرضه من عدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات: أن الأخذ مناف للإخلاص المطلوب في أصل العمل، حيث إن الشارع قد اشترط الإخلاص في وجوب العمل، لأنه من الممكن أن يشترط الشارع قصد الإخلاص في اتيان العمل مع جواز أخذ الاجرة عليه.

لكن الكلام في تحقق هذا الاخلاص من العامل.

و قد عرفت أن الإخلاص لا يتأتى و لا يتعلق بقلب العامل عند أخذه الاجرة على الواجب. -

ص: 26

الإخلاص في العمل، لا (1) لاعتباره في وجوبه.

و ان اريد (2) أنه يؤكد تحقق الإخلاص من العامل فهو مخالف للواقع قطعا، لأن ما لا يترتب عليه أجر دنيوي أخلص مما يترتب عليه ذلك بحكم الوجدان.

هذا (3) مع أن الوجوب

++++++++++

- و هذا معنى منافاة أخذ الاجرة للإخلاص المطلوب في أصل العمل.

(1) أي و ليس غرض (صاحب الرياض) من عدم جواز أخذ الاجرة.

و قد عرفت معنى هذا آنفا بقولنا في ص 26: و ليس غرضه.

(2) اشكال ثان من الشيخ على (صاحب مفتاح الكرامة) فيما أفاده ردا على (صاحب الرياض) القائل بحرمة أخذ الاجرة على الواجبات لكونه منافيا للإخلاص.

و خلاصته: أن ما أفاده (صاحب مفتاح الكرامة): من أن الاجرة تؤكد الإخلاص فيتضاعف الوجوب مخالف للواقع و نفس الأمر، لأن العمل الذي لا يترتب عليه أجر دنيوي اخلاصه أشد و أقوى و آكد من العمل الذي يترتب عليه أجر دنيوي و الحاكم بذلك هو الوجدان و الضرورة.

ثم لا يخفى على الفطن البصير أن صيغة أفعل التفضيل في قول الشيخ:

أخلص لم تستعمل في معناها الحقيقي الذي هو أشد اخلاصا، لمنافاة معناه الحقيقي مع مراد الشيخ و هو انكار أصل الإخلاص في جانب العمل الذي يترتب عليه أجر دنيوي، بل معناها منسلخ منها.

(3) اشكال ثالث من الشيخ على (صاحب مفتاح الكرامة) فيما أفاده ردا على (صاحب الرياض) القائل بحرمة أخذ الاجرة على الواجبات لكونه منافيا للاخلاص. -

ص: 27

الناشئ من الإجارة إنما يتعلق بالوفاء (1) بعقد الاجارة.

و مقتضى الإخلاص المعتبر في مترتب الثواب على موافقة هذا الأمر و لو لم يعتبر في سقوطه: هو (2) إتيان الفعل من حيث استحقاق المستأجر له بإزاء ماله، فهذا المعنى (3) ينافي وجوب إتيان العبادة لأجل استحقاقه تعالى إياه، و لذا (4) لو لم يكن

++++++++++

- و خلاصته: أن لنا هنا وجوبين: وجوبا من قبل المستأجر، و وجوبا من قبل المولى، و منشأ كل واحد يخالف الآخر، لأن منشأ الأول عقد الاجارة و نفسها فهو وليد الاجارة، و منشأ الثاني هو الأمر الإلهي المولوي الذي يجب أن يؤتى من قبل انباري عز و جل بداعي أمره خالصا لوجهه المقدس، خاليا عن كل شائبة فهو وليد الأمر المولوي، فالوجوب في الأول وضعي معاملي نشأ من ناحية المعاوضة، و الوجوب في الثاني حكمي نشأ من ناحية الأمر المولوي الإلهي الذي يشترط فيه قصد القربة فاختلف المنشأ آن.

فكيف يمكن أن يقال: يتأكد الإخلاص، و تضاعف الوجوب.

(1) المراد بالوفاء هو الوفاء المتولد من الأمر في قوله تعالى:

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ .

(2) هذه الجملة: (هو اتيان الفعل) مرفوعة محلا خبر لقوله:

و مقتضى.

(3) و هو اتيان الفعل ازاء مال المستأجر مناف لوجوب اتيان الفعل الذي هي العبادة للّه تبارك و تعالى المستحق له.

(4) تعليل للمنافاة المذكور.

و خلاصته: أنه لا يمكن الجمع بين القصدين و هما: قصد اتيان الفعل للّه تبارك و تعالى. و قصد اتيانه للمستأجر، لأن الأول يحتاج الى قصد القربة و العبودية بمعنى اتيانه لذاته المقدسة و بداعي أمره مجردا عن كل شائبة -

ص: 28

هذا العقد (1) واجب الوفاء كما في الجعالة (2) لم يمكن قصد الإخلاص مع قصد استحقاق العوض فلا إخلاص هنا حتى يؤكده وجوب الوفاء بعد الإيجاب بالإجارة، فالمانع (3) حقيقة هو عدم القدرة على إيجاد الفعل الصحيح بإزاء العوض، سواء أ كانت المعاوضة لازمة أم جائزة.

القربة في العبادات المستأجرة

و أما (4) تأتي القربة في العبادات المستأجرة، فلأن (5) الإجارة إنما تقع على الفعل المأتي به تقربا إلى اللّه، نيابة عن فلان.

++++++++++

- و الثاني يحتاج الى قصد وقوع الفعل إزاء المال الذي أخذه من المستأجر فكيف يمكن إتيانه للّه تبارك و تعالى ؟

فلا يوجد إخلاص في البين حتى يؤكده فيتضاعف الوجوب.

(1) و هو العقد الحاصل بين المستأجر و الأجير.

(2) حيث إنها جائزة و ليست بلازمة.

(3) أي المانع الحقيقي عن أخذ الاجرة في الواجبات هو عدم تمكن المكلف من اتيان الفعل قربة الى اللّه تعالى بعد أن أخذ الاجرة من المستأجر على العمل، سواء أ كانت المعاوضة هنا لازمة كما في الإجارة، أم جائزة كما في الجعالة.

(4) هذا و هم حاصله: أن المانع الحقيقي عن أخذ الاجرة على الواجبات العبادية المحتاجة إلى قصد التقرب لو كان هو المنافاة بين اتيان العمل قربة الى اللّه، و بين أخذ الاجرة عليها، لكونه غير مقدور للمكلف ايجاده على الوجه الصحيح: و هو الاتيان بقصد القربة فما تقولون في الواجبات التعبدية الفائتة عن الميت كالصلاة و الصوم و الحج التي تحتاج الى قصد القربة و قد افتى الفقهاء بجواز أخذ الاجرة عليها؟

(5) هذا جواب عن الوهم المذكور.

و خلاصته: أن قصد القربة في النيابة عن الواجبات التعبدية الفائتة -

ص: 29

توضيحه:

إن الشخص يجعل نفسه نائبا عن فلان في العمل متقربا إلى اللّه

++++++++++

- عن الميت أمر ممكن يتمشى فيها مع أخذ الاجرة عليها، حيث إن الواجب على الميت الذي هو المنوب عنه هو إتيان الواجب قربة الى اللّه، خالصا لوجهه المقدس، خاليا عن كل شائبة و قد وقع هذا الواجب المقيد بهذا القيد عن النائب حرفيا من دون فرق بين وقوعه من النائب، أو عن المنوب عنه، فالمنوب عنه الذي هو الميت يتقرب الى اللّه عز و جل بفعل النائب الذي وقع متقربا الى اللّه.

و الإجارة وقعت على هذا الفعل الذي كان في ذمة الميت بنحو المقرر و الأجير أتى بالفعل على النحو الّذي وقعت عليه الإجارة.

بيان ذلك: أن الشخص تارة يجعل نفسه نائبا عن الميت في عباداته الفائتة عنه قربة الى اللّه تعالى من دون أن يجعل هذه النيابة إزاء اجرة فتكون هذه النيابة و الجعل أمرا مستحبا في نفسه، لأن النيابة هذه احسان الى الميت لوصول النفع من هذه النيابة إليه، و اخرى يؤجر الشخص نفسه عن الميت في أداء عباداته الفائتة منه بعقد الإجارة فتكون هذه الإجارة واجبة يجب على الأجير اتيان العمل المستأجر وجوبا توصليا لا يحتاج الى قصد القربة، فالإجارة وقعت في مقابل هذه النيابة، و النائب يستحق هذه الاجرة بسبب تلك النيابة.

و أما أصل العمل و هي العبادة فيقع متقربا إلى اللّه تعالى خاليا عن كل شائبة و رياء و قصد اجرة فيتقرب المنوب عنه الذي هو الميت الى اللّه تعالى بسبب تقرب النائب الى اللّه تعالى، لصدور الفعل منه متقربا إليه جل شأنه فلم تقع الاجرة في مقابل نفس العبادة حتى يقال: إن أخذ الاجرة يتنافى و إتيان العبادة قربة الى اللّه تعالى. -

ص: 30

فالمنوب عنه (1) يتقرب إليه تعالى بعمل نائبه و تقربه (2) و هذا الجعل (3) في نفسه مستحب، لأنه إحسان إلى المنوب عنه، و إيصال نفع إليه.

و قد يستأجر (4) الشخص عليه فيصير (5) واجبا بالإجارة وجوبا توصليا لا يعتبر فيه التقرب، فالأجير إنما يجعل نفسه لأجل استحقاق الاجرة نائبا عن الغير في إتيان العمل الفلاني تقربا إلى اللّه فالاجرة في مقابل النيابة في العمل المتقرب به إلى اللّه التي مرجع نفعها إلى المنوب عنه.

و هذا (6) بخلاف ما نحن فيه،

++++++++++

(1) و هو الميت كما عرفت آنفا.

(2) أي و تقرب النائب الى اللّه.

(3) بفتح الجيم و المراد منه هو جعل النائب نفسه عن الميت في أداء عباداته الفائتة قربة إلى اللّه تعالى، من دون أخذ شيء تجاهه و هو الشق الأول الذي أشرنا إليه بقولنا في ص 30: إن الشخص تارة يجعل نفسه.

(4) هذا هو الشق الثاني الذي اشير إليه بقولنا في ص 30:

و اخرى يؤجر الشخص نفسه.

و مرجع الضمير في عليه: العمل.

(5) أي هذا العمل الذي وقعت عليه الإجارة.

(6) أي أخذ الاجرة في العبادات الفائتة عن الميت خلاف ما نحن فيه: و هي العبادات الواجبة على الشخص نفسه كالصلاة و الصوم و الحج التي لا يجوز أخذ الاجرة عليها، لعدم وجود نفع فيها يعود الى المستأجر و قد عرفت أنه لا بدّ في الإجارة من وجود نفع يعود إلى المستأجر حتى تصح الإجارة، فالاجرة لو اخذت وقعت في مقابل نفس العبادة المطلوب فيها قصد القربة و هو لا يتمشى و أخذ الاجرة، و أين هذا من مسألة النيابة -

ص: 31

لأن (1) الاجرة هنا في مقابل العمل تقربا إلى اللّه، لأن العمل بهذا الوجه (2) لا يرجع نفعه إلا إلى العامل، لأن (3) المفروض أنه يمتثل ما وجب على نفسه بل في مقابل نفس العمل فهو يستحق نفس العمل.

و المفروض أن الإخلاص هو إتيان العمل لخصوص أمر اللّه تعالى و التقرب يقع للعامل دون الباذل، و وقوعه (4) للعامل يتوقف على أن لا يقصد بالعبادة سوى امتثال أمر اللّه تعالى.

فإن قلت: يمكن للأجير أن يأتي بالفعل مخلصا للّه تعالى بحيث لا يكون للإجارة دخل في إتيانه فيستحق الاجرة، فالإجارة غير مانعة من قصد الإخلاص.

قلت: الكلام في أن مورد الإجارة لا بدّ أن يكون عملا قابلا لأن

++++++++++

- عن الميت في عباداته الفائتة عنه، حيث وقعت الإجارة في مقابل النيابة لا في مقابل العبادة.

(1) تعليل لكون ما نحن فيه خلاف الواجب التوصلي و هي النيابة عن الميت، و قد عرفت التعليل عند قولنا في ص 31: فلا يجوز أخذ.

(2) و هو كون الاجرة في مقابل العمل تقربا الى اللّه تعالى فليس فيه نفع يعود إلى المستأجر، بل يعود إلى العامل الذي هو المكلف بالعمل فالمستأجر ليس ذي نفع، و التقرب يحصل للعامل لا للباذل الّذي هو المستأجر.

(3) تعليل لعدم رجوع نفع الإجارة الى المستأجر.

و قد عرفت التعليل عند قولنا في ص 31: فالاجرة لو اخذت.

(4) أي و وقوع العمل الذي هي العبادة الواجبة على المكلف بشخصه و المراد من العامل هو المكلف.

ص: 32

يوفّى به بعقد الإجارة، و يؤتى به لأجل استحقاق المستأجر إياه و من باب تسليم مال الغير إليه، و ما كان من قبيل العبادة غير قابل لذلك (1).

فإن قلت: يمكن أن تكون غاية الفعل التقرب، و المقصود من اتيان هذا الفعل المتقرب به استحقاق الاجرة كما يؤتى بالفعل تقربا الى اللّه و يقصد منه حصول المطالب الدنيوية كأداء الدين، وسعة الرزق، و غيرهما من الحاجات الدنيوية (2).

قلت: فرق بين الغرض الدنيوي المطلوب من الخالق الذي يتقرب إليه بالعمل.

و بين الغرض الحاصل من غيره و هو استحقاق الاجرة، فإن طلب الحاجة من اللّه تعالى سبحانه و لو كانت دنيوية محبوب عند اللّه فلا يقدح في العبادة، بل ربما يؤكدها.

و كيف كان (3) فذلك الاستدلال حسن في بعض موارد المسألة:

و هو الواجب التعبدي في الجملة (4)،

++++++++++

(1) أي لتسليم مال الغير إليه، و لاستحقاق المستأجر ذاك العمل.

(2) كما في صلاة الحاجة و الختوم المأثورة الواردة عن (الرسول الأعظم و أئمة أهل البيت) عليهم الصلاة و السلام.

(3) أي أي شيء أوردنا على ما أورده (صاحب الرياض) فاستدلاله على أخذ الاجرة في الواجبات التعبدية بقوله: بمنافاة الاجرة للقربة المتخذة في العبادات المعبر عنها بقصد الإخلاص.

(4) تقييد الواجب التعبدي بقوله: في الجملة، لإخراج الواجب التخييري، حيث إن الوجوب فيه تعلق بالقدر الجامع بين الفردين: و هي نفس الصلاة مجردة عن إتيانها قصرا أو تماما في موارد التخيير للمسافر كبيت اللّه الحرام، و مسجد النبي صلى اللّه عليه و آله، و مسجد الكوفة -

ص: 33

إلا أن مقتضاه (1) جواز أخذ الاجرة في التوصليات، و عدم (2) جوازه في المندوبات التعبدية، فليس (3) مطردا و لا منعكسا.

++++++++++

- و الحائر الحسيني على مشرفه آلاف الثناء و التحية، حيث إنه يجوز أخذ الاجرة عليها، لأن الاجارة وقعت على أحد فرديه، لا على القدر الجامع كما لو فرضنا شخصا استأجر مسافرا ليصلي تماما في أحد أماكن التخيير ليقتدي به فالإجارة صحيحة، و الصلاة صحيحة أيضا، لعدم وقوع الإجارة على نفس الواجب الذي هو القدر الجامع بين الفردين، بل وقعت على التمام الذي هو أحد فردي الواجب التخييري الذي لم يكن متعلقا للإجارة.

و يحتمل أن يكون القيد لإخراج بعض الواجب الكفائي التعبدي كالصلاة على الميت و تغسيله حيث إن التكليف فيه توجه إلى طبيعي المكلف، دون الأفراد فالأجير بشخصه في الواجب الكفائي لم يكن العمل متوجها إليه و واجبا عليه حتى لا يصح بذل المال عليه، إذا لا منافاة بين أخذ الاجرة و اتيان الواجب.

فهذان الواجبان خارجان عن تعريف (صاحب الرياض)، لعدم منافاة أخذ الاجرة عليها مع الإخلاص المطلوب في العبادة.

إذا انحصر تعريفه في الواجبات التعبدية العينية كالصلاة و الصوم و الحج و المستحبات التعبدية المشترط فيها الإخلاص كالنوافل اليومية، حيث إنهما داخلتان في التعريف.

(1) أي مفهوم دليل (صاحب الرياض): جواز الأخذ على الواجبات الكفائية التوصلية كالحرف و المهن الواجبة كفائيا.

(2) أي و عدم جواز أخذ الاجرة على المندوبات التعبدية كالنوافل اليومية.

(3) أي و من المؤسف جدا أن تعريف (صاحب الرياض) حرمة -

ص: 34

نعم قد استدل على المطلب بعض الأساطين (1) في شرحه على القواعد بوجوه: أقواها أن التنافي بين صفة الوجوب و التملك ذاتي، لأن (2) المملوك المستحق لا يملك و لا يستحق ثانيا.

توضيحه (3): إن الذي يقابل المال لا بدّ أن يكون كنفس المال مما يملكه المؤجر حتى يملكه المستأجر في مقابل تمليكه المال إياه فاذا فرض العمل واجبا للّه ليس للمكلف تركه فيصير نظير العمل المملوك للغير.

ألا ترى أنه إذا أجر نفسه لدفن الميت لشخص لم يجز له أن يؤجر نفسه

++++++++++

- أخذ الاجرة على الواجبات ليس مانعا للأغيار، و لا جامعا للأفراد كما عرفت في الهامش 1 ص 24.

(1) أي و (لشيخنا كاشف الغطاء) في حرمة أخذ الاجرة على الواجبات طريق آخر غير ما سلكه (صاحب الرياض).

و خلاصته: أن هناك شيئين: وجوبا و تملكا، و هما جوهران متضادان و متنافران كتضاد النور و الظلمة، و تنافر العلم و الجهل، فالوجوب في العبادة من قبل الباري عز و جل فالتملك يقع له فهو مستحقها و مالكها لا غير فاذا وقعت الإجارة عليها أصبحت مملوكة للغير فهو مالكها و مستحقها مع أنها كانت مستحقة للّه عز و جل، فيلزم حينئذ تعدد المالك، و تكثر المستحق على مملوك واحد بنحو الاستقلال كل منهما يملكه بتمامه في ظرف يملكه الآخر و هو محال فيقع التضاد و التنافر بين المالكين فيكون التضاد ذاتيا.

(2) تعليل لكون التنافي بين صفة الوجوب و التملك ذاتيا و قد عرفته و كلمة المستحق بصيغة المفعول يراد منها العبادة التي وقعت عليها الإجارة.

(3) أي توضيح كون التضاد بين الوجوب و التملك ذاتيا: أن العبادة التي وقعت في مقابل المال من قبل المستأجر لا بدّ أن تكون من الأموال -

ص: 35

ثانيا من شخص آخر لذلك العمل (1)، و ليس (2) إلا لأن الفعل صار مستحقا للأول و مملوكا له، فلا معنى لتمليكه ثانيا للآخر مع فرض بقائه (3) على ملك الأول.

و هذا المعنى (4) موجود فيما أوجبه اللّه تعالى خصوصا فيما يرجع الى حقوق الغير (5)، حيث إن حاصل الإيجاب هنا (6) جعل الغير مستحقا لذلك العمل من هذا العامل كأحكام تجهيز الميت التي جعل الشارع

++++++++++

- حتى يصح للمؤجر تمليكها للمستأجر إذا وقعت الإجارة عليها.

و المفروض أن العبادة واجبة على المكلف فاصبحت ملكا للّه تبارك و تعالى فلا يصح إتيانها للغير: بان تقع الإجارة عليها في ظرف هي ملك له عز و جل.

فهي نظير الأعمال المستأجرة التي تقع الإجارة عليها في أنها لا يصح إتيانها للغير في ظرف هي ملك المستأجر الأول.

فهذا معنى كون التنافي بين صفة الوجوب و التملك ذاتيا.

(1) و هو دفن الميت، لأن عمله هذا مملوك للشخص الأول و قد آجره له فلا يمكن أن يملك هذا العمل لشخص آخر.

(2) أي و ليس عدم جواز إجارة نفسه ثانيا من شخص آخر.

(3) أي مع بقاء العمل للمستأجر الأول في ظرف الذي يؤجر نفسه لذلك العمل للمستأجر الثاني، و لم يحصل فسخ من المستأجر الأول، و لا موجب من موجبات الفسخ حتى تصح الإجارة ثانيا للمستأجر الثاني.

(4) و هو تمليك ما يملكه الغير للغير.

(5) أي في الواجب الذي هو من حق الغير.

(6) المراد منه: طلب الشارع العمل على نحو الوجوب كما في تجهيز الميت.

ص: 36

الميت مستحقا لها على الحي فلا يستحقها غيره ثانيا هذا (1).

و لكن (2) الإنصاف أن هذا الوجه أيضا لا يخلو عن الخدشة لإمكان (3) منع المنافاة بين الوجوب الذي هو طلب الشارع الفعل

++++++++++

(1) أي خذ ما تلوناه عليك في هذا المقام و اجعله في ذكرياتك حتى تعرف حقيقة الأمر عند ما نورد على ما أفاده (الشيخ الكبير كاشف الغطاء).

(2) من هنا يريد الشيخ أن يناقش ما أفاده (كاشف الغطاء).

(3) هذا وجه المناقشة:

و خلاصته: أنه يمكن رفع التضاد و التنافي بين صفة الوجوب و التملك و منع التدافع المذكور بين الاستحقاقين:

و هما استحقاق الباري عز و جل الفعل و هي العبادة قبل وقوع الإجارة عليه.

و استحقاق العبد للفعل بعد وقوع الإجارة عليه:

ببيان أن الباري عز و جل يستحق على عبده الطاعة باتيان المأمور به بعبارة أوضح أن تملك الشارع للعبادة ليس من قبيل تملك الإنسان للشيء و استحقاقه له، لأن الإنسان إذا ملك شيئا لا يجوز له أن يملكه لآخر في ظرف تملكه لهذا الشيء، لأن تملك زيد للدار مثلا أو العمل لا يجتمع مع تملك عمرو نفس الدار، أو العمل بالاستقلال إذ تملك الأول يدفع و ينفي تملك الثاني، و كذا تملك الثاني يدفع و ينفي تملك الأول فاصبح التملكان متضادين متنافرين متحاربين.

و من هنا قيل: اجتماع مالكين على مملوك واحد بنحو الاستقلال في ظرف تملك كل منهما ما يتملكه الآخر محال ذاتا، و ممتنع وقوعا.

ص: 37

و بين استحقاق المستأجر له، و ليس استحقاق الشارع للفعل، و تملكه (1) المنتزع من طلبه من قبيل استحقاق الآدمي و تملكه (2) الذي ينافي تملك الغير و استحقاقه.

ثم إن هذا الدليل (3) باعتراف المستدل يختص بالواجب العيني (4).

و أما الكفائي (5) فاستدل على عدم جواز أخذ الاجرة عليه: بان الفعل (6)

++++++++++

(1) بالرفع عطفا على اسم ليس، أي و ليس تملك الشارع للفعل و كلمة المنتزع: صفة للتملك.

(2) بالجر عطفا على مجرور من الجارة في قوله: من قبيل اي و ليس من قبيل تملك الآدمي.

(3) و هو أن التنافي بين صفة الوجوب و التملك ذاتي.

(4) كالفرائض اليومية و الحج و الصوم.

(5) كتجهيز الميت.

(6) المراد من الفعل آثاره و منافعه الراجعة الى المكلف كالثواب الذي يترتب على تجهيز الميت من تغسيله و تكفينه، و الصلاة عليه، و مواراته في الأرض، فان هذا الأثر الذي هو الثواب كله لمن يتصدى هذه الامور و هو شخص المؤجر لو آجر نفسه لها، و ليس فيها نفع يعود إليه فلا يدخل في ملكه و حيازته شيء منها حتى تصح الإجارة عليها و يبذل بإزائها المال.

هذا هو المراد من قوله: بان الفعل متعين له، و لو لا هذا التفسير لم يبق فرق بين الواجب العيني الذي تعين على المكلف بعينه، أو على جميع المكلفين باعيانهم.

و بين الواجب الكفائي الّذي اريد الفعل من طبيعي المكلف، لكن بنحو البدلية: بمعنى أنه لو أتى به مكلف واحد سقط عن الآخرين.

ص: 38

متعين له فلا يدخل في ملك آخر، و بعدم (1) نفع المستأجر فيما يملكه، أو يستحقه غيره، لأنه (2) بمنزلة قولك: استأجرتك لتملك منفعتك المملوكة لك، أو لغيرك.

و فيه (3) منع وقوع الفعل له بعد إجارة نفسه للعمل للغير، فإن آثار الفعل حينئذ (4) ترجع الى الغير فاذا وجب إنقاذ غريق كفاية، أو إزالة النجاسة عن المسجد فاستأجر واحدا غيره، فثواب الإنقاذ و الإزالة يقع للمستأجر دون الأجير المباشر لهما.

نعم يسقط الفعل عنه (5)، لقيام المستأجر به و لو بالاستنابة.

++++++++++

(1) دليل ثان لعدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات الكفائية أى و لعدم وجود نفع للمستأجر الذي هو الباذل فيما يبذله من المال بإزاء ما يملكه المكلف من الآثار الراجعة إليه كما عرفت آنفا.

(2) تعليل لعدم وجود نفع للمستأجر يعود إليه.

(3) أى و فيما استدل القائل بعدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات الكفائية للتنافي الذاتي بين صفة الوجوب و التملك: نظر و اشكال، و قد ذكر وجه النظر في المتن.

(4) أى حين آجر نفسه للعمل للغير.

و المراد من آثار الفعل: استحقاق الثناء في الدنيا، و الثواب في الآخرة.

(5) أى الإنقاذ، أو الإزالة يسقط عن العامل المباشر للإنقاذ أو الإزالة و إن وقع ثواب الإنقاذ، أو الإزالة للمستأجر، لأن العمل مملوك له.

ص: 39

و من هذا القبيل (1) الاستيجار للجهاد مع وجوبه كفاية على الأجير و المستأجر.

و بالجملة فلم أجد دليلا على هذا المطلب (2) وافيا بجميع أفراده عدا الإجماع الذي لم يصرح به إلا المحقق الثاني (3).

لكنه (4) موهون بوجود القول بخلافه من أعيان الأصحاب من القدماء و المتأخرين على ما يشهد به الحكاية و الوجدان.

++++++++++

(1) أى و من قبيل الواجب الكفائي التوصلي: الجهاد، فإنه واجب كفائي عبادي يجب على كافة المسلمين، فلو قام به جمع لصد العدو سقط عن الآخرين، و كذا لو استأجر أحد المسلمين شخصا للقيام بالجهاد فقام و صد العدو سقط الجهاد عن المستأجر و وقع الثواب له.

(2) و هو عدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات من حيث هي واجبات يكون ذلك الدليل وافيا و حاويا لجميع أفراد الواجب بحيث يشمل كلها حرفيا و هي أربعة:

(الأول): الواجب العيني التعبدى كالصلاة.

(الثاني): الواجب العيني التوصلي كمقدمات الحج.

(الثالث): الواجب الكفائي التعبدى كتجهيز بعض اعمال الميت كالصلاة عليه و تغسيله.

(الرابع): الواجب الكفائي التوصلي كانقاذ الغريق.

(3) عند قول الشيخ في صدر عنوان المبحث في ص 19:

و في (جامع المقاصد) الإجماع على عدم جواز أخذ الاجرة على تعليم صيغة النكاح، و القائها على المتعاقدين.

(4) أي هذا الإجماع الذي نقله صاحب (جامع المقاصد) مردود بسبب وجود كثير من المخالفين و هم من أعلام الأصحاب.

ص: 40

أما الحكاية (1) فقد نقل المحقق و العلامة رحمها اللّه و غيرهما القول بجواز أخذ الاجرة على القضاء (2) عن بعض.

فقد قال في الشرائع: أما لو أخذ الجعل من المتحاكمين (3) ففيه خلاف، و كذلك العلامة في المختلف.

و قد حكى العلامة الطباطبائي في مصابيحه عن فخر الدين و جماعة التفصيل بين العبادات و غيرها.

++++++++++

(1) من هنا يروم الشيخ أن ينقل أقوال المخالفين حكاية و ما وجده بام عينيه الذي عبر عنه وجدانا.

و خلاصة الحكاية الأولى: أن المحقق الأول قال في الشرائع: إن القضاء الذي هو فصل الخصومات و الحكم بين المتخاصمين حسب الدستور الإسلامي و الذي هو واجب كفائي على الفقهاء و المجتهدين في كل صقع و مكان:

لو اخذ تجاهه من المتحاكمين جعل ففيه خلاف أى في أخذه جوازا و عدما خلاف بين الفقهاء.

فهذا الخلاف الذي نقله المحقق دليل على عدم صحة الإجماع المدعى من قبل المحقق الثاني القائل بعدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات بالإجماع.

(2) أي و كذلك العلامة نقل الخلاف في المختلف.

هذه حكاية ثانية من الشيخ على وجود المخالف.

(3) هذه حكاية ثالثة من الشيخ على وجود المخالف للإجماع المدعى و خلاصتها: أن جواز أخذ الاجرة و عدمه دائر مدار العبادة و غيرها.

فان كان الواجب عباديا كالواجبات المشروط فيها قصد القربة فلا يجوز أخذ الاجرة عليها، لمنافاة أخذ الاجرة مع قصد الإخلاص.

و إن كان غير عبادي كبعض تجهيز امور الميت، و كتولي القضاء و وجوب المحافظة على الأمن و النظام العام فيجوز أخذ الاجرة عليها.

ص: 41

و يكفي في ذلك (1) ملاحظة الأقوال التي ذكرها في المسالك في باب المستاجر.

و أما (2) ما وجدناه فهو أن ظاهر المقنعة بل النهاية و محكي المرتضى جواز الأجر على القضاء مطلقا (3) و ان أوّل (4) بعض كلامهما: بإرادة الارتزاق.

و قد اختار جماعة جواز أخذ الاجرة عليه (5) اذا لم يكن متعينا

++++++++++

(1) أي و يكفي في وهن الإجماع المدعى، و عدم ثبوته ما ذكره (شيخنا الشهيد الثاني) في المسالك في كتاب المتاجر من الأقوال في جواز أخذ الاجرة على الواجبات فراجع هناك.

(2) من هنا يريد الشيخ أن يذكر ما رآه بام عينيه من الأقوال المخالفة للإجماع المدعى.

(3) سواء أ كان من بيت المال أم من المتقاضيين، و سواء أ كان القاضي غنيا أم فقيرا.

ثم لا يخفى عليك أن جواز أخذ الاجرة للقاضي على قسمين:

(الأول): أن يكون الأجر من بيت مال المسلمين.

(الثاني): أن يكون من المترافعين الطالبين من القاضي الحكم بينهما.

أما الأول فلا إشكال في جوازه، لتصريح الفقهاء بذلك.

و أما الثاني فقد وقع الخلاف فيه بين الفقهاء.

(4) أي و إن فسر بعض الفقهاء كلام صاحب المقنعة و النهاية، و المحكي من السيد المرتضى جواز أخذ الاجرة: بارتزاقه من بيت مال المسلمين فقط لا مطلقا.

(5) أي على القضاء إذا لم يكن القضاء على الحاكم متعينا بان لم ينحصر القضاء فيه.

ص: 42

أو تعين (1) و كان القاضي محتاجا.

و قد صرح فخر الدين في الإيضاح بالتفصيل بين الكفائية التوصلية و غيرها فجوز أخذ الاجرة في الأول.

قال في شرح عبارة والده في القواعد في الاستيجار على تعليم الفقه ما لفظه: الحق عندي أن كل واجب (2) على شخص معين لا يجوز للمكلف أخذ الاجرة عليه.

و الذي وجب كفاية فان كان مما لو أوقعه بغير نية لم يصح (3) و لم يزل الوجوب فلا يجوز أخذ الاجرة عليه، لأنه عبادة محضة، قال اللّه تعالى: (وَ مٰا أُمِرُوا إِلاّٰ لِيَعْبُدُوا اَللّٰهَ مُخْلِصِينَ لَهُ اَلدِّينَ ) (4) حصر (5) غرض الأمر في انحصار غاية الفعل في الإخلاص، و ما يفعل

++++++++++

(1) أي القضاء، لكن القاضي فقير ليس له أي سبيل في اعاشة نفسه و عائلته.

(2) المراد منه الواجب العيني التعبدي.

(3) كغسل الميت و الصلاة عليه، حيث اشترط فيهما قصد القربة.

(4) البينة: الآية 5.

(5) تعليل لكون الواجب الكفائي المشترط فيه قصد القربة عبادة محضة.

و خلاصته: أن الباري عز و جل حصر غرض الأمر الذي هو و ما امروا في انحصار غاية الفعل التي هي العبادة: في الإخلاص و العبودية أي ليس هناك غرض من هذا الأمر سوى العبودية و الإخلاص، و هذه العبودية و الإخلاص تتنافى مع أخذ الاجرة كما عرفت سابقا في استدلال صاحب الرياض في ص 23 عند قوله: و من هنا يعلم فساد الاستدلال.

و هذا معنى قوله: و ما يفعل بالعوض الذي هي الاجرة لا يكون كذلك، أي لا يحصل منه الإخلاص المطلوب في العبادة.

ص: 43

بالعوض لا يكون كذلك، و غير ذلك (1) يجوز أخذ الاجرة عليه، إلا ما نص (2) الشارع على تحريمه كالدفن. انتهى.

نعم رده (3) في محكي جامع المقاصد، لمخالفة هذا التفصيل (4) لنص الأصحاب.

أقول (5): لا يخفى أن الفخر أعرف بنص الأصحاب من المحقق الثاني فهذا والده (6) قد صرح في المختلف بجواز أخذ الاجرة على القضاء إذا لم يتعين (7)، و قبله المحقق في الشرائع، غير أنه قيد صورة عدم التعيين بالحاجة (8)،

++++++++++

(1) أي و غير الواجب التعيني و الكفائي الذي اشترط فيه قصد القربة.

(2) أفاد (السيد الطباطبائي اليزدي) قدس سره في تعليقته على المكاسب في هذا المقام في ص 27: لم أعثر على هذا النص.

(3) أي رد (المحقق الثاني فخر الدين)

(4) و هو التفصيل بين الواجب الكفائي التعبدي، و غيره.

(5) هذا رد من الشيخ على (المحقق الثاني) و انتصار لفخر الدين و لا عجب في ذلك، فانه فخر المحققين و مفخرة الفقهاء.

(6) أي والد (فخر المحققين و هو العلامة).

(7) المراد بالتعين انحصار القضاء فيه بحيث لا يوجد غيره ففي هذه الصورة لا يجوز له أخذ الاجرة على القضاء، و يعبر عنه بالواجب العيني.

راجع حول الواجب العيني و الكفائي كتب الاصول.

و حول القضاء (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 3.

من ص 61 إلى ص 121.

(8) فهنا قيدان لجواز أخذ الاجرة على القضاء.

(أحدهما): عدم انحصار القضاء عليه.

ص: 44

و لأجل ذلك (1) اختار العلامة الطباطبائي في مصابيحه ما اختاره فخر الدين من التفصيل (2).

و مع هذا (3) فمن أين الوثوق على اجماع لم يصرح به الا المحقق الثاني مع ما طعن به الشهيد الثاني على اجماعاته بالخصوص في رسالته في صلاة الجمعة.

و الذي (4) ينساق إليه النظر أن مقتضى القاعدة في كل عمل له منفعة محللة (5) مقصودة جواز أخذ الاجرة (6) و الجعل عليه و ان كان داخلا في العنوان الذي أوجبه اللّه على المكلف (7).

++++++++++

- (ثانيهما): احتياج القاضي لاخذ الاجرة: بان ليس له سبيل لاعاشة نفسه و عائلته و إن تعين القضاء عليه.

(1) أي و لأجل هذه التصريحات و الأقوال الصادرة من هؤلاء الأعلام.

(2) تقدم التفصيل عند قوله في ص 43: الحق عندي.

(3) أي و مع هذه الأقوال المختلفة للإجماع المدعى التي نقلناها لك حكاية و وجدانا فلا يبقى وثوق بالإجماع المدعى من (المحقق الثاني).

(4) من هنا يريد الشيخ أن يبدي نظره حول الموضوع.

(5) أي محللة عند الشارع، و مقصودة عند العقلاء.

(6) الواو هنا بمعنى او، أي أو الجعل.

(7) بان يكون العمل المأخوذ عليه الاجرة ينطبق عليه العنوان الذي أوجبه اللّه كما إذا بذل شخص للمصلي مالا على أن يوقع صلاته في أول الوقت، أو في مسجد معين، أو يقتدي بإمام معين إذا كان له في ذلك مصلحة عقلائية، فإن البذل في هذه الموارد وقع بإزاء المقدمات، أو المحسنات:

من أداء الصلاة في أول الوقت، أو المكان الفلاني، لا في قبال الواجب المعين و هي الصلاة نفسه حتى لا يجوز أخذ الاجرة عليها، لمنافاتها للإخلاص المطلوب في العبادة.

ص: 45

ثم ان صلح ذلك الفعل المقابل (1) بالاجرة لامتثال الإيجاب المذكور أو اسقاطه (2) به، أو عنده (3) سقط (4) الوجوب مع استحقاق الاجرة، و ان لم يصلح (5) استحق الاجرة و بقي الواجب في ذمته لو بقي

++++++++++

(1) بصيغة المفعول المراد منه الفعل الواجب، أي إن صلح العمل الذي له منفعة محللة عند الشارع، و مقصودة عند العقلاء لامتثال الواجب كما إذا كان الواجب كفائيا كدفن الميت فاستأجر شخص أحدا لدفنه عن نفسه فدفنه كذلك قاصدا به امتثال أمر الدفن: تحقق الامتثال، و سقط الواجب، و برأت ذمة الأجير و المستأجر معا، حيث إن الدفن كان واجبا عليهما كفائيا.

و يستحق الأجير الاجرة لاتيان متعلق الاجارة، لأن الأمر بالوفاء بعد الاجارة توصلي، لا يعتبر فيه قصد الامتثال.

(2) أي إسقاط الواجب بالعمل الذي أخذ عليه الاجرة كما لو استأجر ولي الميت شخصا للصلاة عليه فاتى الأجير بهذه الصلاة فسقطت عن المستأجر.

(3) أي سقط عنه المستأجر بحسب اجتهاده، أو تقليده.

(4) جواب لإن الشرطية في قوله: ثم إن صلح ذلك الفعل.

(5) أي و إن لم يصلح ذلك العمل الذي له منفعة محللة عند الشارع و مقصودة عند العقلاء لامتثال الواجب، أو إسقاطه به، لفقد شروط السقوط كما في التعبديات، حيث يعتبر فيها قصد الامتثال و القربة، كما لو استأجر شخص لفعل صلاة الظهر عن نفسه، لا عن قبل الدافع و كان الغرض من الاجارة اتيان الصلاة ليتعلم كيفيتها فاتاها الأجير بقصد أخذ الإجارة: استحق الاجرة.

لكن بقيت الصلاة في ذمته يجب عليه اتيانها إن كان الوقت باقيا و قضاؤها إن خرج الوقت، لأنه لم يقصد القربة من إتيان الصلاة و إنما -

ص: 46

وقته، و الا (1) عوقب على تركه.

و أما مانعية مجرد الوجوب من صحة المعاوضة على الفعل فلم تثبت على الإطلاق (2)، بل اللازم التفصيل، فان كان العمل واجبا عينيا تعيينيا لم يجز أخذ الاجرة، لأن أخذ الاجرة عليه مع كونه واجبا مقهورا من قبل الشارع على فعله أكل للمال بالباطل (3)، لأن عمله هذا لا يكون محترما، لأن استيفاءه (4) منه لا يتوقف على طيب نفسه، لأنه (5) يقهر عليها، مع عدم طيب النفس و الامتناع.

++++++++++

- قصد اتيانها لأخذ الاجرة.

و إما استحقاق الأجير الاجرة فلأنه مسلم عمله محترم.

(1) أي و ان لم يبق الوقت ثم لم يأت بالواجب قضاء عوقب الأجير على ترك الصلاة العائدة له.

(2) أي منع أخذ الاجرة على الواجب بنحو مطلق لم يثبت، بل بنحو الموجبة الجزئية.

(3) حيث إن بذل المال على مثل هذا العمل لا يعد عقلائيا، و ليس فيه منفعة محللة من قبل الشارع فاخذ الاجرة عليه يكون أخذا مجانا من دون مقابل شيء في تجاهه فعمله غير محترم، حيث لا يقابل بالمال بعد أن كان مقهورا عليه من قبل الشارع.

(4) مصدر باب الاستفعال مضاف إلى مفعوله، أي استيفاء الشارع العمل من المكلف لا يتوقف على طيب نفس المكلف.

و الأولى أن يقال: إن إيفاءه من قبل المكلف لا يتوقف على طيب نفسه.

(5) أي لأن المكلف مقهور على هذا العمل، و مجبور بإتيانه فلا يتوقف الاتيان على طيب نفسه.

ص: 47

و مما يشهد بما ذكرناه (1): أنه لو فرض أن المولى أمر بعض عبيده بفعل لغرض و كان (2) مما يرجع نفعه، أو بعض نفعه الى غيره فأخذ العبد العوض من ذلك الغير على ذلك العمل (3) عدّ أكلا للمال مجانا و بلا عوض.

ثم انه لا ينافي ما ذكرناه (4) حكم الشارع بجواز أخذ الاجرة على العمل بعد ايقاعه (5) كما أجاز (6) للوصي أخذ اجرة المثل، أو مقدار الكفاية (7)، لأن (8)

++++++++++

(1) و هو أن أخذ الاجرة في قبال هذا العمل مع كونه مقهورا على المكلف من قبل الشارع: أكل للمال بالباطل، حيث يكون أخذا مجانا و بلا عوض.

(2) أي ذلك الفعل الذي أمر المولى به عبده باتيانه.

(3) و هو الفعل الذي أمر المولى باتيانه كما اذا أمر خادمه بإيصال الضرير الى داره فاخذ الخادم منه أجرا في مقابل عمله.

ثم ان عدم جواز الأخذ جار أيضا في الأجير الذي كل وقته للمستأجر.

(4) و هو عدم جواز أخذ الاجرة في التعبديات العينية التعينية.

(5) أي بعد ايقاع الاجير العمل.

(6) أي الشارع.

(7) على الخلاف في المسألة.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 5. ص 80.

(8) تعليل لعدم منافاة عدم جواز أخذ الاجرة لحكم الشارع بجواز أخذ الوصي اجرة المثل، أو مقدار الكفاية، أي أخذ الوصي اجرة المثل أو مقدار الكفاية، لا ينافي ما ذكرناه، لأن جواز الأخذ للوصي حكم شرعي قد ثبت بدليل خاص خارجي.

ص: 48

هذا حكم شرعي، لا من (1) باب المعاوضة.

ثم لا فرق فيما ذكرناه (2) بين التعبدى من الواجب و التوصلي مضافا (3) في التعبدى الى ما تقدم: من منافاة أخذ الاجرة على العمل للإخلاص كما نبهنا عليه (4) سابقا، و تقدم عن الفخر (5).

و قرره (6) عليه بعض من تأخر عنه.

و منه (7) يظهر عدم جواز أخذ الاجرة على المندوب اذا كان عبادة

++++++++++

(1) أي ليس أخذ الوصي اجرة المثل، أو مقدار الكفاية من باب المعاوضة و المعاملة حتى يكون منافيا لما ذكرناه: و هو عدم جواز أخذ الاجرة في التعبديات العينية التعينية.

(2) من حرمة أخذ الاجرة على الواجبات العينية التعينية، سواء أ كانت تعبدية أم توصلية.

(3) أي و يزيد الإشكال في التعبدي المشروط فيه قصد القربة:

أن أخذ الاجرة مناف للإخلاص المطلوب فيه كما عرفت عند استدلال (صاحب الرياض) في ص 23 عند قوله: بمنافاة ذلك للإخلاص، لأن التعبدي لا بدّ أن يؤتى به مجردا عن جميع الشوائب و منها أخذ الاجرة.

(4) أي على هذا المنافاة.

(5) أي في قوله في ص 43: و الحق عندي أن كل واجب.

(6) أي و أثبت عدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات من تأخر عنه و هو (العلامة السيد بحر العلوم) عند قول الشيخ في ص 45: و لأجل ذلك اختار (العلامة الطباطبائي) في مصابيحه ما اختاره (فخر الدين).

(7) أي و من ذهاب (فخر الدين) إلى عدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات، و اثبات ذلك من قبل (العلامة الطباطبائي) في مصابيحه و من اختيارنا عدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات.

ص: 49

يعتبر فيها التقرب (1).

و أما الواجب التخييرى فان كان توصليا فلا أجد مانعا عن جواز أخذ الاجرة على أحد فرديه بالخصوص بعد فرض كونه مشتملا على نفع محلل للمستأجر، و المفروض أنه (2) محترم لا يقهر المكلف عليه فجاز أخذ الاجرة بإزائه، فاذا تعين دفن الميت على شخص، و تردد الأمر بين حفر أحد موضعين فاختار الولي أحدهما بالخصوص، لصلابته، أو لغرض آخر (3) فاستأجر ذلك لحفر ذلك الموضع بالخصوص لم يمنع من ذلك (4) كون (5) مطلق الحفر واجبا عليه، مقدمة للدفن.

و ان كان (6) تعبديا فان قلنا بكفاية الاخلاص

++++++++++

(1) أي قصد القربة، لمنافاة قصد القربة مع أخذ الاجرة.

(2) أي المفروض أن هذا العمل المستأجر الذي يأخذ العامل الأجر على أحد فردي الواجب غير مقهور على اتيانه بالخصوصية المذكورة و الكيفية المرادة من قبل الباري عز و جل.

نعم أريد منه أصل اتيانه كيف شاء و انفق.

(3) كقرب الدفن للامام عليه السلام.

(4) خلاصة معنى هذه العبارة: أن وجوب أصل الحفر على المكلف لا يمنع من أخذ الاجرة على الكيفية المذكورة الزائدة على أصل الحفر، لأن الحفر شيء، و الخصوصية الزائدة شيء آخر خارج عن أصل مفهوم الحفر الواجب على المكلف.

(5) بالرفع فاعل لقوله: لم يمنع، أي أصل الحفر لا يمنع عن أخذ الاجرة على الكيفية الزائدة كما عرفت.

(6) أي الواجب التخييري، هذا هو الشق الثاني له، إذ شقه الأول هو الواجب التخييري التوصلي كما عرفت في مواراة الميت. -

ص: 50

بالقدر المشترك (1) و ان كان (2) ايجاد خصوص بعض الأفراد لداع غير الاخلاص فهو كالتوصلي.

++++++++++

- و خلاصة هذا الشق: أن الواجب التخييري التعبدي كالقصر و التمام في موارد الرخصة كمسجد الحرام، و مسجد النبي، و مسجد الكوفة، و الحائر الحسيني على مشرفه آلاف التحية و الثناء فلو أعطى شخص لشخص آخر مبلغا لإتيان الصلاة فيها إما قصرا، أو تماما جاز للشخص الآخر أخذ المبلغ تجاه اتيان الصلاة بالخصوصية المذكورة، لأن الاتيان هكذا يكون كالواجب التوصلي و ان كان أصل إيجاد الخصوصية المذكورة لداع غير الإخلاص، و أخذ الاجرة على هذه الخصوصية لا ينافي الإخلاص المطلوب في العبادة، لكفاية الإخلاص في نفس الصلاة و أصل العبادة المعبر عنه بالقدر المشترك بين ذينك الفردين، و الجامع بينهما، و لا نحتاج إلى أزيد من هذا، و الخصوصية المذكورة خارجة عن القدر المشترك كما عرفت بخروجها في الواجب التخييري التوصلي فالاجرة وقعت إزاء الفرد الذي هي الخصوصية المذكورة، لا إزاء القدر الجامع حتى ينافي الأخذ مع الإخلاص المطلوب في العبادة.

ثم إن في اختيار هذه الخصوصية نفع يعود الى المستأجر فلا يكون الأخذ أكلا للمال بالباطل.

(1) قد عرفت معنى القدر المشترك آنفا.

(2) إن هنا وصلية، أي و ان كان ايجاد الخصوصية المذكورة لغير داع الإخلاص كما عرفت آنفا.

هذا كله بناء على عدم مانعية اتحاد القدر المشترك مع الخصوصية المذكورة عن التفكيك بين القدر المشترك و الأفراد في القصد.

ص: 51

و ان قلنا: (1) ان اتحاد وجود القدر المشترك مع الخصوصية مانع عن التفكيك بينهما (2) في القصد كان حكمه كالتعيني.

و أما الكفائي فان كان توصليا (3) أمكن أخذ الاجرة على اتيانه لأجل باذل الاجرة فهو العامل في الحقيقة.

و ان كان (4) تعبديا لم يجز (5) الامتثال به، و أخذ الاجرة عليه.

++++++++++

(1) أي و أما بناء على أن الاتحاد المذكور مانع عن التفكيك بين القدر المشترك، و الخصوصية المذكورة فيكون حكم هذا الواجب التخييري التعبدي حكم الواجب التعبدي التعييني في عدم جواز أخذ الاجرة عليه، لعدم إمكان قصد الإخلاص و القربة في القدر المشترك، من دون قصد في الخصوصية المذكورة التي هو أحد فردي التخيير، لاتحاد القدر المشترك مع الخصوصية المذكورة خارجا.

(2) أي بين الخصوصية المذكورة، و القدر المشترك المعبر عنه بالجامع كما عرفت آنفا.

(3) كإنقاذ الغريق، و إطعام الجائع، و إكساء العريان من الواجبات التوصلية التي لا يشترط قصد القربة فيها فيجوز أخذ الاجرة عليها، و اتيان العمل لأجل الباذل: بمعنى أن ثواب الإنقاذ يرجع الى الباذل، لأن الباذل هو العامل في الإنقاذ حقيقة فالثواب له، و إن كان المباشر للإنقاذ شخص الأجير.

(4) أي الواجب الكفائي كتجهيز الميت.

(5) الظاهر أنه بصيغة المضارع المجهول من باب الإفعال من أجزأ يجزأ، أي لم يكتف الامتثال بهذا الواجب الكفائي التعبدي مع أخذ الاجرة عليه، لمنافاة أخذ الاجرة مع قصد القربة و الاخلاص المطلوب في العبادة.

و يحتمل بصيغة المعلوم بمعنى الجواز مجزوما بلم الجازمة محركا بالكسر، لأن -

ص: 52

نعم يجوز النيابة (1) ان كان مما يقبل النيابة، لكنه (2) يخرج عن محل الكلام، لأن محل الكلام أخذ الاجرة على ما هو واجب على الأجير، لا (3) على النيابة فيما هو واجب على المستأجر. فافهم (4).

ثم انه قد يفهم من أدلة وجوب الشيء كفاية: كونه (5) حقا لمخلوق يستحقه على المكلفين فكل من أقدم عليه فقد أدى حق ذلك المخلوق فلا يجوز له (6) أخذ الاجرة منه، و لا من غيره ممن وجب عليه أيضا كفاية.

و لعل من هذا القبيل (7) تجهيز الميت، و انقاذ الغريق، بل و معالجة

++++++++++

- المجزوم اذا التقى بالساكنين حرك بالكسر، و الواو في كلمة و أخذ الاجرة بمعنى مع.

(1) أي على هذا الواجب الكفائي كما اذا اتخذ الولي نائبا عن نفسه لتجهيز الميت كالصلاة عليه و تدفينه، بناء على القول بوجوبه عليه ابتداء فيجوز للأجير حينئذ أخذ الاجرة على هذه النيابة.

(2) أي لكن هذا الفرد خارج عن محل الكلام، لأن محل النزاع في الواجب على الأجير حتى لا يجوز له أخذ الاجرة، لا في الواجب على الولي أولا و بالذات، و على الأجير ثانيا و بالعرض بواسطة الاجارة.

(3) أي و ليس الكلام في النيابة كما عرفت آنفا.

(4) لعله اشارة الى أن خروج النيابة عن محل النزاع انما يصح لو لم يكن الفعل واجبا على الأجير، و أما إذا كان واجبا عليه أيضا فلا يكون خارجا عن محل الكلام فلا يجوز له أخذ الاجرة.

(5) أي الواجب الكفائي كإنقاذ الغريق، أو تجهيز الميت مثلا.

(6) أى لهذا المقدم الّذي أحد أفراد المكلفين بهذا الواجب الكفائي

(7) أى من قبيل كون الواجب حقا لمخلوق أوجبه اللّه تعالى على المكلفين و الّذي يستحق هذا الحق المخلوق.

ص: 53

الطبيب لدفع الهلاك.

الإشكال على أخذ الأجرة على الصناعات التي يتوقف عليه النظام
اشارة

ثم ان هنا اشكالا مشهورا: و هو أن الصناعات التي يتوقف النظام عليها تجب كفاية، لوجوب اقامة النظام بل قد يتعين بعضها على بعض المكلفين عند انحصار المكلف القادر فيه، مع أن جواز أخذ الاجرة عليها مما لا كلام لهم فيه.

و كذا يلزم أن يحرم على الطبيب أخذ الاجرة على الطبابة، لوجوبها عليه كفاية، أو عينا (1) كالفقاهة (2).

و قد تفصي عنه بوجوه
اشارة

و قد تفصي عنه (3) بوجوه:

أحدها: الالتزام بخروج ذلك بالاجماع، و السيرة القطعيين.

(أحدها): الالتزام بخروج ذلك (4) بالاجماع، و السيرة القطعيين.

الثاني: الالتزام بجواز أخذ الأجرة على الواجبات اذا لم تكن تعبدية

(الثاني) (5): الالتزام بجواز أخذ الاجرة على الواجبات اذا لم تكن تعبدية (6)، و قد حكاه في المصابيح عن جماعة

++++++++++

(1) كما اذا انحصرت الطبابة في شخص و توقف معالجة المريض عليه.

(2) الظاهر أن العبارة ناقصة، و الصحيح أن يقال: و كذا تحصيل الفقاهة.

ثم إن المراد من تحصيل الفقاهة تحصيل مراتب الاجتهاد و ملكة الاستنباط فيما اذا لم يكن هناك مجتهد يجتهد في مسائل الدين، و يستنبطها.

(3) أى اجيب عن الاشكال المشهور.

(4) أى الصناعات التي يتوقف عليها نظام الكون خارجة عن تحت تلك القاعدة الكلية الكبرى المسلمة: و هو عدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات، لوجود الاجماع من المسلمين، و السيرة القطعية من لدن وجود البشر على سطح البسيطة الى يومنا هذا، و فيما بعد الى أن تقوم الساعة

(5) أى ثاني الوجوه.

(6) أى إذا كانت توصلية، فانه يجوز فيها أخذ الاجرة، لعدم -

ص: 54

و هو (1) ظاهر كل من جوز أخذ الاجرة على القضاء (2) بقول مطلق يشمل صورة تعينه عليه كما تقدم حكايته في الشرائع و المختلف عن بعض (3).

و فيه (4) ما تقدم سابقا: من أن الأقوى عدم جواز أخذ الاجرة عليه.

الثالث: ما عن المحقق الثاني من اختصاص جواز الأخذ بصورة قيام من به الكفاية

(الثالث) (5): ما عن المحقق الثاني من اختصاص جواز الأخذ بصورة قيام من به الكفاية فلا يكون حينئذ (6) واجبا.

و فيه (7) أن ظاهر العمل و الفتوى جواز الأخذ و لو مع بقاء الوجوب الكفائي، بل و مع وجوبه عينا للانحصار.

++++++++++

- مطلوبية قصد الاخلاص و التقرب فيها.

(1) أى جواز أخذ الاجرة على الواجبات اذا لم تكن تعبدية.

(2) و هو الحكم بين المتخاصمين.

و المراد من قوله: بقول مطلق: سواء تعين القضاء على شخص أم لا.

و سواء أ كان كفائيا أم تعبديا.

(3) في ص 44 عند قوله: قد صرح في المختلف بجواز أخذ الاجرة على القضاء، و مثله المحقق في الشرائع.

(4) أي و فيما أفاده المجوز: من أخذ الاجرة على الحكم بين المتخاصمين سواء تعين عليه أم لا نظر و اشكال، و قد تقدم وجه النظر في ص 53 عند قوله: ثم إنه قد يفهم من أدلة وجوب الشيء كفاية الى آخره.

(5) أي ثالث الوجوه.

(6) أي حين أن قام غيره بالكفاية يجوز له أخذ الاجرة على هذا الواجب.

(7) أي فيما قاله (المحقق الثاني) نظر و اشكال، و قد ذكر الشيخ وجه النظر في المتن فلا نعيده.

ص: 55

الرابع: ما في مفتاح الكرامة: من أن المنع مختص بالواجبات الكفائية المقصودة لذاتها

(الرابع): ما في مفتاح الكرامة: من أن المنع مختص بالواجبات الكفائية المقصودة لذاتها كأحكام الموتى (1)، و تعليم الفقه، دون ما يجب لغيره كالصنائع (2).

و فيه (3) أن هذا التخصيص (4) ان كان لاختصاص معاقد اجماعاتهم و عنوانات كلامهم فهو خلاف الموجود منها.

و ان كان الدليل يقتضي الفرق (5) فلا بد من بيانه.

الخامس: ان المنع عن أخذ الاجرة على الصناعات الواجبة لاقامة النظام يوجب اختلال النظام

(الخامس) (6): ان المنع عن أخذ الاجرة على الصناعات الواجبة لاقامة النظام يوجب اختلال النظام لوقوع أكثر الناس في المعصية بتركها (7)

++++++++++

(1) أي رابع الوجوه.

(2) حيث انها تجب لحفظ النظام وجوبا مقدميا، لا استقلاليا.

(3) أى و فيما أفاده (صاحب مفتاح الكرامة) نظر و اشكال.

(4) أى تخصيص منع أخذ الاجرة بالواجبات الذاتية.

هذا وجه النظر و خلاصته أن هذا التخصيص خلاف الموجود من معاقد الاجماعات، أو عنوانات كلامهم، لأن اجماعاتهم، و عنوانات كلامهم تصرح بعدم اختصاص حرمة أخذ الاجرة على الواجبات: بالواجبات الكفائية المقصودة لذاتها، و جواز أخذ الاجرة على غير المقصودة لذاتها.

(5) أى الفرق بين الواجبات المقصودة لذاتها، و الواجبات التي غير مقصودة لذاتها يحتاج الى ذكر الدليل.

(6) أى خامس الوجوه.

(7) أى بترك الصناعات الموجبة لاقامة النظام، حيث إن الخباز لو لم يخبز مثلا لبقي الناس جواعا، فيقضي عليهم الموت شيئا فشيئا و هكذا بقية الواجبات الصناعية المتوقف عليها نظام الكون، أو بترك الشاق منها.

ص: 56

أو ترك (1) الشاق منها و الالتزام بالأسهل، فانهم (2) لا يرغبون بالصناعات الشاقة، أو الدقيقة الا طمعا في الاجرة.

و زيادتها على ما يبذل لغيرها (3) من الصناعات و تسويغ أخذ الاجرة عليها (4) لطف في التكليف باقامة النظام.

و فيه (5): ان الشاهد بالوجدان أن اختيار الناس للصنائع الشاقة و تحملها فاش عن الدواعي الاخر غير زيادة الاجرة مثل عدم قابليته لغير ما يختار، أو عدم ميله إليه، أو عدم كونه شاقا عليه، لكونه ممن نشاء في تحمل المشقة ألا ترى أن أغلب الصنائع الشاقة من الكفائيات كالفلاحة و الحرث، و الحصاد، و شبه ذلك لا تزيد اجرتها على الأعمال السهلة ؟

السادس: أن الوجوب في هذه الأمور مشروط بالعوض

(السادس) (6): أن الوجوب في هذه الأمور مشروط بالعوض (7).

قال بعض الأساطين بعد ذكر ما يدل على المنع عن أخذ الاجرة على الواجب:

++++++++++

(1) أى من الصناعات الموجبة لاقامة النظام.

(2) أى فان أكثر أهل تلك الصناعات الموجبة لاقامة النظام.

(3) أى لغير هذه الصناعات الموجبة لاقامة النظام: من الصناعات الخفية غير الشاقة.

(4) أى على هذه الصناعات الموجبة لاقامة النظام.

(5) أي و في هذا الجواب نظر و اشكال.

(6) أي سادس الوجوه.

(7) أي بشرط الشيء بمعنى أن العامل إنما أقدم على العمل بهذه الامور بشرط أن يأخذ عوضا تجاه عمله فيشمله قوله صلى اللّه عليه و آله:

(المؤمنون عند شروطهم).

ص: 57

أما ما كان واجبا مشروطا (1) فليس بواجب قبل حصول الشرط (2) فتعلق الإجارة به قبله لا مانع منه (3)، و لو كانت (4) هو الشرط في وجوبه، فكل ما وجب كفاية: من حرف و صناعات لم تجب إلا بشرط العوض باجارة، أو جعالة، أو نحوهما (5) فلا فرق بين وجوبها (6) العيني، للانحصار (7)، و وجوبها الكفائي، لتأخير (8) الوجوب عنها و عدمه قبلها.

كما أن بذل الطعام و الشراب للمضطر (9) إن بقي على الكفاية

++++++++++

(1) كالصناعات التي يتوقف نظام العالم عليها، حيث إنها مشروطة بالعوض كما عرفت آنفا.

(2) أي هذا الواجب المشروط لا يكون واجبا قبل أن يحصل شرطه و هو العوض.

(3) أي بهذا الواجب المشروط بالعوض قبل حصول الشرط و هو العوض.

(4) أي و لو كانت الإجارة هو الشرط في وجوب هذا المشروط فانه من قبل تحصيل الشرط و إن لم يكن واجبا.

(5) كالهبة المعوضة، و الوصية.

(6) أي بين وجوب الصناعات التي حصرت في شخص و تعينت عليها

(7) تعليل لوجوب الصناعات العينية، أي إنما صارت هذه الصناعات عينية لأجل انحصارها في الشخص، و عدم وجود من يقوم بها.

(8) تعليل لقوله: فلا مانع، أي تعلق الإجارة بالواجب المشروط قبل حصول شرطه لا مانع منه، لتأخر وجوب الصناعات عن الإجارة.

(9) و هو الذي وقع في المخمصة و المجاعة.

ص: 58

أو تعين يستحق فيه أخذ العوض على الأصح، لأن وجوبه مشروط (1) بخلاف ما وجب مطلقا بالأصالة كالنفقات (2)، أو بالعارض كالمنذور (3) و نحوه. انتهى كلامه (4) رحمه اللّه.

و فيه (5) أن وجوب الصناعات ليس مشروطا ببذل العوض، لأنه لاقامة النظام التي هي من الواجبات المطلقة، فان الطبابة، و القصد، و الحجامة

++++++++++

(1) أي بالعوض.

(2) حيث إن نفقة الزوجة و الأولاد غير مشروطة بالعوض، لأن وجوبها مطلق، بخلاف الوجوب في بذل الطعام، فإنه مشروط بالعوض.

(3) كما إذا نذر شخص بذل مال في سبيل اللّه، فإنه غير مشروط بالعوض

(4) أي كلام بعض الأساطين و هو الشيخ الكبير (كاشف الغطاء).

(5) أي و فيما أفاده بعض الأساطين نظر و اشكال و قد ذكر الشيخ وجه النظر في تمثيله بالطبابة و الفصد و الحجامة.

و لا يخفى فيما أفاده الشيخ من النظر، حيث إن الطبابة و زميليها قد تتوقف عليها الحياة فيجب على الطبيب و الفصاد و الحجام مباشرة المريض حالا، و ليس لهم الامتناع عن ذلك.

و لكن مع ذلك يجب على المريض دفع العوض، و إن لم يدفع بقي في ذمته.

و أما بقية الحرف و الصناعات المتوقفة عليها أنظمة الكون فنظم العالم يقتضي فيها بذل المال، و دفع العوض الى أربابها حتى توجد في الخارج و تدور رحاها، إذ بغير الدفع لا يمكن ايجاد الحرف و الصناعات في الخارج.

و يمكن أن يقال جدلا: إن الواجب على أهل الحوائج دفع العوض لاستجلاب أهل الحرف و الصنائع لاقامة النظام، و ليس الواجب عليهم التصدي للحرف و الصناعات ما لم يوجد العوض.

ص: 59

و غيرها (1) مما يتوقف عليه بقاء الحياة في بعض الأوقات واجبة بذل له العوض، أم لم يبذل.

السابع: أن وجوب الصناعات المذكورة لم يثبت من حيث ذاتها

(السابع) (2): أن وجوب الصناعات المذكورة (3) لم يثبت من حيث ذاتها و إنما ثبت من حيث الأمر (4) باقامة النظام: غير متوقفة على العمل تبرعا، بل يحصل به، و بالعمل بالاجرة، فالذي يجب على الطبيب لأجل احياء النفس، و إقامة النظام بذل نفسه للعمل، لا بشرط التبرع به بل له أن يتبرع به، و له أن يطلب الاجرة.

و حينئذ (5) فإن بذل المريض الاجرة وجب عليه العلاج.

و إن لم يبذل الاجرة، و المفروض أداء (6) ترك العلاج الى الهلاك

++++++++++

(1) من بقية الصناعات الواجبة المتوقف عليها نظام العالم.

(2) أي سابع الوجوه

(3) و هي التي يتوقف عليها نظام العالم كالخياطة و الخبازة و البناية.

(4) و هو الأمر المتصيد من كلام مولانا (أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام: و لو كان الرجل منا يضطر الى أن يكون بنّاء لنفسه، أو نجارا أو صانعا لشيء لنفسه من جميع أنواع الصنائع، و يتولى جميع ما يحتاج إليه من اصلاح الثياب، و ما يحتاج إليه من الملك فما دونه: ما استقامت أحوال العالم بتلك، و لا اتسعوا له، و لعجزوا عنه.

(وسائل الشيعة): الجزء 13. ص 244. الباب 2. الحديث 3.

(5) أي و حين يجوز للطبيب أن يتبرع بالعمل مجانا و بلا عوض و يجوز له أيضا أن يطلب الاجرة على ذلك.

(6) بفتح الهمزة و المد بمعنى الإيصال، أي المفروض ايصال ترك معالجة الطبيب الى هلاك المريض. -

ص: 60

أجبره (1) الحاكم حسبة: (2) على بذل الاجرة للطبيب، و إن كان المريض

++++++++++

- و قد يتلفظ به بعض بالكسر و تشديد الدال و هو غلط، راجع كتب اللغة مادة أدي.

(1) مرجع الضمير المريض، أي أجبر الحاكم المريض على دفع الاجرة.

(2) بكسر الحاء و سكون السين و فتح الباء، جمعها: حسب بكسر الحاء و فتح السين، و هي عبارة عن الامور التي لا يجوز تصديها لأحد في عصر الغيبة عجل اللّه تعالى لصاحبها الفرج، بل تجب على الحاكم الشرعي المبسوط اليد، و الذي يكون جامعا لشرائط الاجتهاد و الافناء.

و تلك الامور عبارة عن نصب القيم على الصغار، و على أموالهم و أموال المجانين و السفهاء، و الحجز على مال المفلس، و الحكم ببينونة المرأة عن زوجها اذا ارتد و كان فطريا، أو فقد زوجها بعد الفحص و اليأس عنه حسب المقرر الشرعي، و الحكم بين الناس في قضاياهم الشرعية و التصرف في ثلث الميت اذا أوصى و لم يعين وصيا، و اخراج الحج الواجب عن الميت من أصل ماله و تركته.

و كذا اخراج جميع ديونه الشرعية و حقوقه الإلهية من أصل المال و التركة كالخمس و الزكاة، و النذر و الصدقات الواجبة التي كانت عليه.

و كذا اخراج ديون الناس من الأصل و التركة.

و كذا يتصدى الحاكم بإجبار من لم يؤدي حقوقه الشرعية على الأداء و أمثال ذلك من الامور العامة التي يتوقف عليها نظام العالم.

و كلمة حسبة منصوبة على المفعول لأجله أي اجبار الحاكم الشرعي الطبيب لأجل وجوب الحسبة عليه.

ص: 61

مغمى عليه دفع عنه وليه، و إلا (1) جاز للطبيب العمل بقصد الاجرة فيستحق (2) الاجرة في ماله، و إن لم يكن له مال ففي ذمته فيؤدي (3) في حياته، أو بعد مماته من الزكاة، أو غيرها (4).

و بالجملة (5) فما كان من الواجبات الكفائية ثبت من دليله وجوب نفس ذلك العنوان فلا يجوز أخذ الاجرة عليه (6)، بناء على المشهور.

++++++++++

(1) يحتمل أن تكون كلمة إلا راجعة الى الحاكم، أي و ان لم يجبر الحاكم الشرعي الطبيب على معالجة المريض الذي لم يؤد اجرة الطبيب.

و يحتمل أن تكون راجعة الى الولي، أي و ان كان المريض مغمى عليه و لم يدفع الولي اجور الطبيب باشر الطبيب المريض قاصدا أخذ الاجرة منه.

و يحتمل رجوع الاستثناء الى كلا الأمرين: و هما عدم اجبار الحاكم الطبيب. و عدم بذل الولي العوض.

و هذا الاحتمال له وجهان: عدم وجود الحاكم، أو عدم وجود الولي، ففي كلا الوجهين الطبيب يباشر قاصدا أخذ الاجرة من المريض.

(2) أي يستحق الطبيب الاجرة في مال المريض إن أصبح ذا مال.

(3) الفاء هنا بمعنى حتى أي يبقى الأجرة في ذمة المريض حتى يؤديه في حياته.

(4) من الحقوق الشرعية فيؤدي هذا الدين الذي للطبيب على المريض المتوفى: إما الحاكم الشرعي، و إما وليه من غير الزكوات.

(5) أي و خلاصة القول في أخذ الاجرة على الواجبات غير العبادية.

(6) و هو ما كان واجبا لنفسه كتجهيز الميت، حيث إنه واجب كفائي تعبدي.

ص: 62

و أما ما أمر به من باب اقامة النظام (1) فإقامة النظام تحصل ببذل النفس للعمل في الجملة (2).

و أما العمل تبرعا فلا (3)، و حينئذ (4) فيجوز طلب الاجرة من المعمول له اذا كان أهلا للطلب منه (5)، و قصدها (6) اذا لم يكن

++++++++++

(1) كالواجبات التوصلية التي ثبت عليها نظام الامور، و التي لم يثبت وجوب نفس العنوان للعنوان، أي لم يكن المأمور به مطلوبا بنفسه، و ليس له أمر مولوى، بل وجوبها من باب حفظ نظام الناس.

(2) أي سواء أ كان في بذل النفس اجرة أم لا.

(3) أى فلا يتوقف النظام بالخصوص على تبرع العمل.

(4) أى و حين أن كان اقامة النظام يحصل بمطلق بذل النفس للعمل به في الجملة.

و أما تبرع العمل فلا يتوقف عليه النظام بالخصوص.

(5) بأن كان المعمول له بالغا عاقلا غير محجور على أمواله.

بخلاف ما اذا كان مجنونا، أو غير بالغ، أو محجورا على أمواله، فإنه لا يصح أن يطلب منه.

(6) هذا شق ثان لجواز طلب الاجرة ممن يعمل له، أي فيجوز للعامل قصد الاجرة حين العمل، أو قصد الاجرة اذا كان الذي يعمل لأجله ممن لا يمكن أخذ الاجرة منه حاليا كما إذا كان غائبا و حكمت المحكمة بإعدامه و شنقه من قبل السلطة الزمنية فقام شخص المسمى في عصرنا الحاضر ب: (المحامي) للدفاع عنه فأخذ في الدفاع عنه و تبرئته أمام المحكمة حتى أبرأته فالمحامي إنما باشر في العمل قاصدا أخذ الاجرة من المحكوم ازاء عمله هذه و ان لم يكن المحكوم حاضرا عند الحكم و الدفاع عنه، لوجوب الدفاع على المحامي.

ص: 63

ممن يطلب منه كالغائب الذي يعمل فيما له عمل لدفع الهلاك عنه، و كالمريض المغمى عليه.

و فيه (1): أنه اذا فرض وجوب احياء النفس، و وجب العلاج مقدمة له فأخذ الاجرة عليه غير جائز.

فالتحقيق على ما ذكرنا سابقا (2): ان الواجب اذا كان عينيا تعينيا لم يجز أخذ الاجرة عليه، و لو كان من الصناعات فلا يجوز للطبيب أخذ الاجرة على بيان الدواء (3)، أو بعد تشخيص الدواء.

و أما أخذ الوصي (4) الاجرة على تولي أموال الطفل الموصى عليه الشامل بإطلاقه (5) لصورة تعين العمل عليه،

++++++++++

(1) أي و في الوجه السابع نظر و اشكال و قد ذكر الشيخ وجه النظر في المتن فلا نعيده.

(2) في قوله في ص: بل اللازم التفصيل، فان كان العمل:

واجبا عينيا تعينيا لم يجز أخذ الاجرة الى آخر ما ذكره هناك.

(3) لا يبعد أن يقال بجواز ارتزاق الطبيب من بيت المال اذا كان موجودا، و من الحقوق الشرعية الاخرى اذا لم يكن موجودا.

و هذا معنى تأميم (الطب) في عصرنا الحاضر.

كما اممت الطبابة في الدول الكبرى الراقية المتمدنة بصورة حسنة راضية مرضية استفاد منه المواطنون.

(4) دفع وهم.

حاصل الوهم: أنه لو لم يجز أخذ الاجرة على الواجبات فكيف ساغ للوصي على توليه على أموال الأطفال القصر اخذ الاجرة، و الجواز هذا عام يشمل حتى صورة تعين الوصاية عليه ؟

(5) أي بإطلاق الجواز الشامل لصورة التعين كما عرفت آنفا.

ص: 64

فهو (1) من جهة الإجماع، و النصوص المستفيضة على أن له أن يأخذ شيئا، و إنما وقع الخلاف في تعيينه (2).

فذهب جماعة إلى أن له اجرة المثل، حملا للأخبار (3) على ذلك و لأنه إذا فرض احترام عمله (4) بالنص و الإجماع فلا بد من كون العوض اجرة المثل.

و بالجملة (5) فملاحظة النصوص و الفتاوى (6) في تلك المسألة ترشد

++++++++++

(1) هذا دفع الوهم المذكور.

و خلاصته: أن خروج الوصايا عن تحت تلك الكبرى الكلية المسلمة لأجل الإجماع، و النصوص، و لولاهما لكانت باقية تحتها.

راجع حول النصوص (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 186.183 الأحاديث. إليك نص الحديث الأول من ص 183.

قيل (لأبي عبد اللّه) عليه السلام: إنا ندخل على أخ لنا في بيت أيتام و معه خادم لهم فنقعد على بساطهم، و نشرب من مائهم و يخدمنا.

خادمهم، و ربما طعمنا فيه الطعام من عند صاحبنا و فيه من طعامهم.

فما ترى في ذلك ؟

فقال: إن كان في دخولكم عليهم منفعة لهم فلا بأس، و إن كان فيه ضرر فلا.

(2) أي في تعيين مقدار أخذ الاجرة.

(3) و هي النصوص المستفيضة، فإنها حملت على أن للوصي من أموال اليتيم إذا تولى عليها أجرة المثل.

(4) أي عمل الوصي، بناء على احترام عمل المسلم.

(5) أي و خلاصة الكلام في هذا المقام.

(6) و هي جواز أخذ الوصي اجرة المثل لو تولى على أموال اليتيم.

ص: 65

إلى خروجها عما نحن فيه (1).

و أما باذل المال للمضطر

و أما باذل المال (2) للمضطر فهو إنما يرجع بعوض المبذول (3) لا باجرة البذل فلا يرد نقضا في المسألة (4).

أما رجوع الام المرضعة بعوض إرضاع اللباء مع وجوبه عليها

و أما (5) رجوع الام المرضعة بعوض إرضاع اللباء مع وجوبه عليها بناء على توقف حياة الولد عليه فهو (6) إما من قبيل بذل المال للمضطر

++++++++++

(1) و هي مسألة عدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات.

(2) المراد منه الطعام و الشراب الذي تقدم في الوجه السادس في ص 58 عند قوله: كما أن بذل الطعام و الشراب.

(3) و هو الشراب و الطعام.

و لا يخفى عدم فرق بين أن يكون أخذ الاجرة في قبال المبذول الذي هو الطعام و الشراب، أو في قبال البذل الذي هو العمل، لاتحاد المال.

(4) و هي مسألة عدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات.

(5) دفع وهم آخر:

حاصل الوهم: أنه لو لم يجز أخذ الاجرة على الواجبات فلما ذا يجب دفع الاجرة إلى الام المرضعة في أيام إرضاع ولدها اللّباء مع أن الإرضاع واجب عليها فخرجت هذه المسألة من تحت تلك الكبرى الكلية، و القاعدة المسلمة: و هو عدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات ؟

و قد ذكرنا حول اللّباء شرحا وافيا في (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 5. ص 454-456. فراجع هناك كي تقف على فوائد جمة لهذه المادة الحيوية التي جعلها اللّه عز و جل في ثدي الام للطفل او ان الولادة و هي ثلاثة أيام.

(6) هذا دفع الوهم.

و خلاصته: أن الام إنما تأخذ الاجرة بدل اللباء، لا بدل الرضاع -

ص: 66

و إما (1.) من قبيل رجوع الوصي باجرة المثل من جهة عموم الآية: فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ . فافهم (2).

و إن كان (3) كفائيا جاز الاستيجار عليه فيسقط الواجب بفعل (4)

++++++++++

- الواجب عليها حتى يقال: كيف جاز لها أخذ الاجرة مع وجوب الإرضاع عليها في هذه المادة خلال ثلاثة أيام، لتوقف حياة الولد على اللباء.

فهذا الأخذ نظير أخذ باذل الطعام للمضطر الاجر في قبال المبذول فهو يرجع بعوضه، لا باجرة البذل، فخروج مسألة اللباء عن تحت تلك الكبرى الكلية لأجل ذلك، و لولاه لكانت داخلة تحتها.

(1.) هذا جواب ثان عن الوهم المذكور.

و خلاصته: أن جواز أخذ الام الاجرة من قبيل جواز أخذ الوصي اجرة المثل فكما أنه خرج بالنص كذلك خرج هذا بالنص: و هو عموم الآية الكريمة في قوله تعالى: «فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ » (1)، حيث إن الإرضاع في أرضعن عام يشمل إرضاع الحليب، و إرضاع اللباء فخرجت هذه المسألة عن تحت تلك الكبرى الكلية فالحاصل أن خروج مسألة اللباء عن تحت تلك الكبرى الكلية لأحد الأمرين المذكورين.

(2) لعله إشارة إلى ضعف الجواب الثاني عن الوهم المذكور.

و وجه الضعف: أن ظاهر الآية الكريمة أن جواز أخذ الام اجرة الإرضاع من باب العوضية، لا من باب الحكم التعبدي.

(3) هذا هو الشق الثاني من نوع الواجب في قوله: فالتحقيق على ما ذكرنا سابقا أن الواجب إذا كان عينيا أي و إن كان الواجب كفائيا.

(4) المصدر مضاف إلى مفعوله، أي بفعل الأجير العمل المستأجر -

ص: 67


1- الطلاق: الآية 7.

المستأجر عليه عنه، و عن غيره و إن لم يحصل الامتثال (1).

من هذا الباب أخذ الطبيب الأجرة على حضوره عند المريض إذا تعين عليه علاجه

و من هذا الباب (2) أخذ الطبيب الاجرة على حضوره (3) عند المريض إذا تعين عليه علاجه، فان العلاج و إن كان معينا عليه إلا أن الجمع بينه و بين المريض مقدمة (4) للعلاج واجب كفائي بينه و بين أولياء المريض فحضوره أداء للواجب الكفائي كإحضار (5) الأولياء، إلا أنه لا بأس يأخذ الاجرة عليه.

عدم جواز الأخذ في الكفائي لو علم كونه حقا للغير

نعم يستثنى من الواجب الكفائي: ما علم من دليله صيرورة ذلك

++++++++++

عليه يسقط الواجب عن المستأجر و عن غيره.

(1) بمعنى أن الأجير إنما أتى بالفعل المستأجر عليه للاجرة و المال لا لوجه اللّه تبارك و تعالى فلم يحصل الامتثال للأجير.

(2) أي من باب الواجب الكفائي.

(3) و ما سبق من الشيخ: من عدم جواز أخذ الطبيب الاجرة في قوله في ص 64: فلا يجوز للطبيب أخذ الاجرة على بيان الدواء أو تشخيص الداء: إنما كان على بيان الدواء، و تشخيص الداء.

و أما هنا فجواز أخذ الاجرة له لاجل حضوره عند المريض و هو الذي يعبر عنه باجرة القدم، و لذا يجوز له أن يقول: لا أحضر عند المريض عليّ به في المطب.

(4) منصوبة على المفعول لأجله، أي أن الجمع بين الطبيب و المريض إنما هو لأجل العلاج، و من باب أن الجمع مقدمة للعلاج.

(5) المصدر مضاف إلى الفاعل، و المفعول و هو المريض محذوف أي كما أن حضور الطبيب لدى المريض أداء للواجب واجب كفائي.

كذلك إحضار أولياء المريض الطبيب عند المريض واجب كفائي.

ص: 68

العمل حقا للغير يستحقه من المكلف (1) كما قد يدعى أن الظاهر (2) من أدلة وجوب تجهيز الميت أن للميت حقا على الأحياء في التجهيز (3) فكل من فعل شيئا منه (4) في الخارج فقد أدى حق الميت فلا يجوز أخذ الاجرة عليه.

و كذا تعليم الجاهل أحكام عباداته الواجبة عليه، و ما يحتاج إليه كصيغة النكاح، و نحوها (5).

لكن تعيين هذا (6) يحتاج إلى لطف قريحة.

هذا تمام الكلام في أخذ الاجرة على الواجب (7).

و أما الحرام فقد عرفت عدم جواز أخذ الاجرة عليه (8).

++++++++++

(1) لا يخفى عدم وجود المنافاة بين صيرورة العمل حقا للغير، و بين أخذ الاجرة عليه، حيث يمكن أن يصير إيجاد هذا العمل حقا للغير سواء أ كان مع الاجرة أم بغيرها.

(2) الظاهر عدم تسليم الشيخ لهذه الظاهرة، حيث نسبها إلى قد يدعى.

(3) أي يستحق الميت هذا التجهيز من المكلفين الأحياء.

(4) أي من هذا الحق الذي هو للميت على المكلفين الأحياء المعبر عنه بالتجهيز.

(5) كصيغة الطلاق، فانه لا يجوز لأحد من المسلمين أخذ الاجرة على هذه الواجبات فإنها حقوق للمسلم المكلفة على الآخرين من المسلمين.

(6) أي معرفة ما كان حقا للمسلم على المسلمين يحتاج إلى قريحة فياضة إلهية نورانية روحانية حتى يتمكن من تمييز هذه الحقوق.

(7) سواء أ كان تعبديا أم توصليا، و سواء أ كان عينيا أم كفائيا و سواء أ كان تعيينيا أم تخييريا.

(8) و قد اشير إلى هذا في رواية (تحف العقول) في الجزء الأول -

ص: 69

أما المكروه و المباح فلا اشكال في جواز أخذ الاجرة عليهما

و أما المكروه و المباح فلا اشكال في جواز أخذ الاجرة عليهما (1).

أما المستحب

و أما المستحب و المراد منه ما كان له نفع قابل لأن يرجع إلى المستأجر لتصح الاجارة من هذه الجهة (2) فهو (3) بوصف كونه مستحبا على المكلف لا يجوز أخذ الاجرة عليه، لأن الموجود من هذا الفعل (4) في الخارج لا يتصف بالاستحباب، إلا مع الإخلاص الذي ينافيه إتيان الفعل، لاستحقاق المستأجر إياه كما تقدم في الواجب (5).

++++++++++

- من المكاسب من طبعتنا الحديثة في ص 42 في قوله عليه السلام:

نظير أن يؤاجر نفسه على حمل ما يحرم أكله و شربه، أو يؤاجر نفسه في صنعة ذلك الشيء إلى آخر الحديث فراجع.

(1) كزيارة القبور ليلا، و الصلاة في الحمام، و الطرق العامة و مكشوف الرأس، و كالدخول في المرحاض و هو مكشوف الرأس.

هذا إذا كان في الجواز نفع يعود إلى المستأجر الذي هو الباذل كما هو الملاك في جواز أخذ الاجرة كما ذكرنا في ص 21:

و المباح كتبليط الشوارع، و بناء المساكن، و غرس الأشجار.

(2) و هو رجوع النفع إلى المستأجر بإزاء بذل المال.

و لا يخفى أن هذه الجهة شرط في كل إجارة، و لا اختصاص لها بالاجارة في المستحبات.

(3) أي هذا المستحب.

(4) الذي هو المستحب.

(5) حيث قال في ص 28: إن أخذ الاجرة على الواجبات التعبدية مناف للإخلاص.

ص: 70

و حينئذ (1) فإن كان حصول النفع المذكور منه (2) متوقفا على نية القربة لم يجز أخذ الاجرة عليه (3) كما إذا استأجر من يعيد صلاته ندبا ليقتدي به، لأن المفروض بعد الإجارة عدم تحقق الإخلاص (4)، و المفروض مع عدم تحقق الإخلاص: عدم حصول نفع منه (5) عائدا إلى المستأجر و ما يخرج بالإجارة عن قابلية انتفاع المستأجر به لم يجز الاستيجار عليه.

و من هذا القبيل (6) الاستيجار على العبادة للّه تعالى،

++++++++++

(1) أي و حين أن قلنا بعدم جواز أخذ الاجرة على المستحبات لمنافاة الاجرة للإخلاص المطلوب في كل أمر عبادي، سواء أ كان واجبا أم مستحبا.

و لا يخفى أن المستحب على قسمين: عبادي. و توصلي كالواجب فما أفاده الشيخ: من عدم جواز أخذ الاجرة في المستحبات لا ينطبق إلا على التعبدي منها، لمنافاة أخذ الاجرة مع الإخلاص المطلوب في العباديات

بخلاف التوصليات، فإن أخذ الاجرة عليها لا ينافي الإخلاص.

و ستأتي الإشارة إلى ما قلناه في قول الشيخ في ص 72: و إن كان حصول النفع غير متوقف.

(2) أي من هذا المستحب.

(3) لمنافاة أخذ الاجرة مع قصد الإخلاص.

(4) أي من المصلي الذي يعيد صلاته لأجل درك الجماعة و الإعادة و الجماعة من المستحبات الأكيدة التي حث الشرع على درك الثواب العظيم و الأجر الجزيل منها.

(5) أي من هذا العمل المستحب المستأجر.

(6) أي و من قبيل ما يخرج بالإجارة عن قابلية انتفاع المستأجر به الذي قلنا لا يجوز الاستيجار عليه.

ص: 71

أصالة، لا نيابة (1)، و إهداء ثوابها إلى المستأجر، فإن (2) ثبوت الثواب للعامل موقوف على قصد الإخلاص المنفي مع الإجارة.

و إن كان (3) حصول النفع غير متوقف على الإخلاص جاز الاستيجار عليه كبناء المساجد، و إعانة المحاويج (4)، فإن من (5) بنى لغيره مسجدا عاد إلى الغير نفع بناء المسجد و هو ثوابه و إن لم يقصد البناء من عمله إلا أخذ الاجرة.

و كذا من استأجر غيره لاعانة المحاويج و المشي في حوائجهم فإن الماشي لا يقصد إلا الاجرة، إلا أن نفع المشي عائد إلى المستأجر.

و من هذا القبيل (6) استيجار الشخص للنيابة عنه في العبادات التي تقبل النيابة كالحج (7) و الزيارة،

++++++++++

(1) كأن يقال لشخص: صل صلاة الليل لنفسك و لك علي مبلغ من الدراهم ثم اهد ثوابها الراجع لك إلى والدي.

(2) تعليل لخروج العمل من الانتفاع بالإجارة.

(3) هذا هو الشق الثاني للمستحب، إذ شقه الأول قوله في ص 71:

فإن كان حصول النفع المذكور منه.

(4) بفتح الميم: جمع محتاج على غير القياس، إذ قياس جمعه بالواو و النون و هو محتاجون، لأنه صفة عاقل فجمعه على فواعيل خلاف القياس.

(5) تعليل للمستحب الذي لم يتوقف حصول النفع فيه للغير على الإخلاص.

(6) أي و من قبيل أنه إذا كان حصول النفع غير متوقف على الإخلاص جاز الاستيجار عليه.

(7) أي الحج المستحبي، حيث كان الكلام في المستحبات، و كذا الزيارة.

ص: 72

و نحوهما (1)، فإن نيابة الشخص عن غيره فيما ذكر و إن كانت مستحبة إلا أن ترتب الثواب للمنوب عنه و حصول هذا النفع له (2) لا يتوقف على قصد النائب الإخلاص في نيابته (3) بل متى جعل (4) نفسه بمنزلة الغير، و عمل العمل يقصد التقرب الذي هو تقرب المنوب عنه بعد فرض النيابة انتفع المنوب عنه، سواء فعل النائب هذه النيابة بقصد الإخلاص في امتثال أوامر النيابة عن المؤمن أم لم يلتفت إليها أصلا، و لم يعلم بوجودها (5) فضلا عن أن يقصد امتثالها.

ألا ترى أن أكثر العوام الذين يعملون الخيرات لأمواتهم لا يعلمون ثبوت الثواب لأنفسهم في هذه النيابة، بل يتخيلون النيابة مجرد إحسان إلى الميت لا يعود نفع منه إلى نفسه، و التقرب الذي يقصده النائب بعد جعل نفسه نائبا: هو تقرب المنوب عنه (6)، لا تقرب النائب فيجوز أن ينوب لأجل مجرد استحقاق الاجرة عن فلان: بأن ينزّل نفسه منزلته (7)

++++++++++

(1) كالنوافل اليومية، و العمرة، و صلاة طواف المستحب، أو الطواف المستحبي المجرد عن كل شيء.

(2) أي للمنوب عنه.

(3) أي لا في عمله، فإن عمله يتوقف على القربة و الإخلاص.

(4) أي النائب متى جعل نفسه بمنزلة المنوب عنه الذي استأجر العامل لإتيان العمل له.

(5) أي بوجود أوامر النيابة.

(6) أي التقرب الذي يأتي به النائب يحصل للمنوب عنه قهرا و لا محالة و على أي حال.

(7) أي يأخذ الاجرة في مقابل هذا التنزيل، و ينزل نفسه منزلة المنوب عنه.

ص: 73

في اتيان الفعل قربة إلى اللّه، ثم إذا عرض هذه النيابة الوجوب (1) بسبب الاجارة فالأجير غير متقرب في نيابته، لأن الفرض عدم علمه أحيانا بكون النيابة راجحة شرعا يحصل بها التقرب، لكنه متقرب بعد جعل نفسه نائبا عن غيره فهو متقرب (2) بوصف كونه بدلا و نائبا عن الغير فالتقرب يحصل للغير (3).

فإن قلت (4): الموجود في الخارج من الأجير ليس إلا الصلاة

++++++++++

(1) برفع كلمة الوجوب، بناء على أنه فاعل عرض، و بنصب كلمة النيابة، بناء على أنها مفعول عرض، أي عرض الوجوب النيابة بسبب الإجارة، فالنيابة صارت واجبة بسبب الإجارة.

(2) أي النائب بواسطة الفعل الذي يأتيه عن المنوب عنه.

(3) أي قهرا كما علمت آنفا

(4) خلاصة إن قلت: أن الذي يصدر من الأجير في الخارج و يوجد منه هي الصلاة عن الميت لا غير فهي تقع متعلق الإجارة و متعلق النيابة فمتعلق الإجارة و النيابة شيء واحد في الخارج و ليسا شيئين متغايرين حتى يكون الأول و هي النيابة متعلقا للإجارة.

و يكون الثاني و هي الصلاة الخارجي موردا للقربة فالمتعلق فيهما متحد مصداقا في الخارج، و إن كان متغايرا مفهوما.

فإن أمكن الإخلاص في هذا المتعلق المتحد الخارجي لم يكن هناك منافاة لاخذ الاجرة مع قصد الإخلاص كما ادعيت أنت و قلت بالمنافاة في قولك في ص 70: فهو بوصف كونه مستحبا على المكلف لا يجوز أخذ الاجرة عليه إلى آخر قوله.

و إن لم يمكن الإخلاص في متعلق الإجارة لم يترتب على تلك الصلاة نفع للمنوب عنه يعود إليه كما قلت في ص 71: و ما يخرج بالإجارة -

ص: 74

عن الميت مثلا و هذا (1) متعلق الاجارة و النيابة، فان لم يمكن الاخلاص في متعلق الإجارة لم يترتب على تلك الصلاة نفع للميت (2)، و إن أمكن لم يناف الاخلاص لأخذ الاجرة كما ادعيت (3)، و ليست النيابة عن الميت في الصلاة المتقرب بها الى اللّه تعالى شيئا، و نفس الصلاة شيئا آخر حتى يكون الأول (4) متعلقا للإجارة، و الثاني (5) موردا للإخلاص.

قلت (6): القربة المانع اعتبارها من تعلق الاجارة هي المعتبرة

++++++++++

- عن قابلية انتفاع المستأجر به لم يجز الاستيجار عليه.

و عدم إمكان نية الإخلاص للأجير يسقط الصلاة عن الانتفاع بها للمستأجر.

(1) و هو الموجود الخارجي الذي هي الصلاة كما عرفت آنفا.

(2) كما عرفت في قولنا في ص 74: و إن لم يمكن الإخلاص في متعلق الإجارة لم يترتب على تلك الصلاة نفع للمنوب عنه.

(3) أي بالمنافاة في قولك في ص 70: فهو بوصف كونه مستحبا و قد علمت كيفية المنافاة في ص 28.

(4) و هي النيابة كما علمت آنفا.

(5) و هي الصلاة كما عرفت آنفا.

(6) هذا جواب من الشيخ عن الإشكال المذكور في قوله في ص: 74 فان قلت:

و خلاصة الجواب: أن الموجود الخارجي الذي هي الصلاة له اعتباران:

اعتبار تتعلق الإجارة به. و اعتبار يتعلق القربة به فيكون المتعلقان بهذين الاعتبارين متغايرين مفهوما و إن اتحدا مصداقا في الخارج.

بيان ذلك: أن الصلاة الموجودة في الخارج التي تصدر عن النائب بصفة كونه نائبا عن الغير.

ص: 75

..........

++++++++++

- تارة تكون فعلا للنائب باعتبار أنه هو المباشر لها.

و اخرى تكون فعلا للمنوب عنه باعتبار تنزيل النائب نفسه منزلة المنوب عنه، و فرضها هو.

فعلى الاعتبار الأول تتعلق الإجارة بهذه النيابة، و هذه النيابة لا تحتاج إلى قصد القربة و الإخلاص و إن كانت متحدة مع الصلاة خارجا و التي تحتاج إلى قصد القربة و الإخلاص.

و على الاعتبار الثاني تتعلق القربة بنفس الموجود الخارجي، فبهذين الاعتبارين تغاير المتعلقان مفهوما و إن اتحدا خارجا.

إذا يصح أخذ الاجرة على هذا الفعل الخارجي باعتبار أنه نيابة، لعدم منافاته للإخلاص و القربة المطلوبة في العبادات، لاختلاف المتعلقين بالاعتبارين و لذا ينقسم الموجود الخارجي الذي هو فعل النائب بالاعتبار الاول الذي هي النيابة: إلى المباح و الراجح و المرجوح.

(أما الأول): فكنيابة شخص عن شخص في أداء رسالة أو حراسة بستان، أو دار.

(و أما الثاني): فعلى قسمين: راجح لا يمنع من تركه كالمستحب و راجح يمنع من تركه كالواجب إذا وقع متعلقا للإجارة، و كوجوب الصلاة الفائتة عن الوالد إذا لم يكن هناك من ينوب عنه.

(و أما الثالث): فهو على قسمين أيضا: مرجوح لا يمنع من فعله كالمكروه. و مرجوح يمنع من فعله كالحرام.

(أما المرجوح): الذي لا يمنع من فعله كما إذا ناب شخص عن شخص ليؤدي الصلاة عنه في الحمام، أو أحد الأماكن المكروهة.

(و أما المرجوح) الذي يمنع من فعله كما إذا ناب شخص عن شخص -

ص: 76

في نفس متعلق الاجارة (1) و ان اتحد (2) خارجا مع ما يعتبر فيه

++++++++++

- ليؤدي الصلاة عنه في المكان الغصبي، أو يصوم عنه صوم وصال، أو صلاة خمس ركعات، أو أكثر.

و كذلك الموجود الخارجي بالاعتبار الثاني تترتب عليه الآثار الدنيوية:

من سقوط التكليف عن المنوب عنه بالنسبة إلى النيابة الراجحة.

و تترتب عليه الآثار الاخروية: من الثواب و العقاب على الفعل المنوب له عن المنوب عنه.

و خلاصة الكلام: أن الموجود الخارجي المتحقق في ضمن الصلاة مثلا فعلان: فعل و هي النيابة الصادرة عن النائب باعتبار أنه نائب عن الغير فيقال: فلان ناب عن فلان.

و فعل و هي الصلاة الصادرة عن النائب، لكنها في الواقع و الحقيقة كأنها صادرة عن المنوب عنه، و لذا يصح أن ينسب الفعل إليه مجازا فيقال: صلى المنوب عنه، و لا يمكن أن يقال: ناب المنوب عنه بجعل شخص نائب عنه.

فالفعل الأول تتعلق به الإجارة، و الفعل الثاني تتعلق به القربة فاختلف الفعلان في الآثار، حيث إن الأثر المترتب على الفعل الأول الذي هي النيابة: هي صحة أن يقال: زيد ناب عن فلان من حيث إنه نائب عنه.

و حيث إن الأثر المترتب على الفعل الثاني الذي هي الصلاة الخارجية هي صحة إسنادها إلى المنوب عنه مجازا فيقال: صلى المنوب عنه بالاعتبار الثاني: و هو أن الفعل كأنه صادر عن المنوب عنه في الواقع.

(1) نفس متعلق الإجارة هي الصلاة كما عرفت آنفا.

(2) أي نفس متعلق الإجارة التي هي الصلاة و إن اتحد خارجا مع النيابة التي لا يعتبر فيها قصد القربة كما عرفت آنفا.

ص: 77

القربة (1) مما لا يكون متعلقا للإجارة.

فالصلاة (2) الموجودة في الخارج على جهة النيابة فعل للنائب من حيث إنها (3) نيابة عن الغير، و بهذا الاعتبار (4) ينقسم في حقه إلى المباح، و الراجح و المرجوح.

و فعل (5) للمنوب عنه بعد نيابة النائب يعني (6) تنزيل نفسه منزلة المنوب عنه في هذه الأفعال (7) و بهذا الاعتبار (8) تترتب عليه الآثار

++++++++++

(1) و هي نفس النيابة عن الميت، حيث إنها لا تحتاج إلى قصد القربة كما عرفت آنفا.

(2) الفاء تفريع على ما أفاده الشيخ في ص 75 في قوله: قلت: القربة المانع اعتبارها من تعلق الإجارة هي المعتبرة في نفس متعلق الاجارة.

و قد عرفت نتيجة التفريع في ص 75 عند تعليقة 6.

(3) أي من حيث إن الصلاة نيابة عن الغير الذي هو المنوب عنه.

(4) أي الصلاة باعتبار كونها فعلا للنائب من حيث إنها نيابة عن الغير: تنقسم الى الراجح و المباح و المرجوح كما عرفت مفصلا في ص 76

(5) بالرفع عطف على قوله: فعل للنائب، أي الصلاة الموجودة في الخارج فعل للنائب، و فعل للمنوب عنه كما عرفت في ص 76.

(6) هذه الجملة: يعني تنزيل نفسه منزلة الغير: تفسير لقوله:

بعد نيابة النائب، أي النيابة عبارة عن تنزيل نفسه منزلة المنوب عنه.

(7) و هو المباح أو الراجح أو المرجوح

(8) و هو أن الصلاة الموجودة في الخارج على جهة النيابة فعل للنائب من حيث إنها نيابة عن الغير، و فعل للمنوب عنه.

ص: 78

الدنيوية (1) و الاخروية (2) لفعل المنوب عنه الذي لم يشترط فيه المباشرة (3)، و الاجارة تتعلق به (4) بالاعتبار الأول، و التقرب (5) بالاعتبار الثاني، فالموجود (6) في ضمن الصلاة الخارجية فعلان: نيابة (7)

++++++++++

(1) و هو سقوط التكليف عن المنوب عنه كما عرفت في ص 77

(2) و هو الثواب و العقاب المترتبين على فعل المنوب عنه الصادر من النائب الذي ينزّل نفسه منزلة الغير كما عرفت في ص 77.

(3) أي في حالة الوفاة، و إلا فالعبادات الإلهية كالصوم و الصلاة و الحج اشترط فيها المباشرة.

(4) أي بذاك الموجود الخارجي باعتبار الأول: و هو كونه فعلا للنائب: من حيث إنه نائب عن الغير كما عرفت في ص 76.

(5) أي التقرب يحصل للنائب باعتبار الثاني: و هو كون الفعل كأنه صادر عن المنوب عنه كما عرفت في ص 76.

(6) الفاء تفريع على ما أفاده الشيخ: من أن الصلاة الموجودة في الخارج على جهة النيابة فعل للنائب باعتبار الأول.

و فعل للمنوب عنه باعتبار الثاني: بمعنى أن الموجود في ضمن الصلاة الخارجية فعلان: النيابة التي تصدر عن النائب الذي هو الأجير فهذا الفعل لا يحتاج الى قصد القربة و الإخلاص.

و الفعل الخارجي الذي هي الصلاة التي صدرت في الواقع و نفس الأمر عن المنوب عنه فهذا يحتاج الى قصد القربة و الإخلاص، فالفعلان متغايران مفهوما و إن كانا متحدين مصداقا و خارجا كما عرفت في ص 76.

(7) هذا هو الفعل الأول من الفعلين، و قد اشير إليه في ص 76.

ص: 79

صادرة عن الأجير النائب فيقال: ناب عن فلان، و فعل (1) كأنه صادر عن المنوب عنه فيمكن (2) أن يقال على سبيل المجاز: صلى فلان، و لا يمكن أن يقال: ناب فلان، فكما جاز اختلاف هذين الفعلين (3) في الآثار فلا ينافي اعتبار القربة في الثاني (4)،

++++++++++

(1) هذا هو الفعل الثاني من الفعلين، و قد اشير إليه في ص 77.

(2) الفاء تفريع على قول الشيخ: و فعل كأنه صادر عن المنوب عنه أي فبناء على أن الموجود في ضمن الصلاة الخارجية فعلان: و هما النيابة، و فعل النائب الذي كأنه صدر عن المنوب عنه: يمكن أن ينسب الفعل و هي الصلاة الصادرة من النائب الى المنوب عنه مجازا فيقال:

إن المنوب عنه صلى و إن كانت الصلاة صدرت عن النائب كما عرفت في ص 77.

لكن لا يصح أن يقال: فلان ناب عن الصلاة، لعدم إمكان نيابة الانسان عن نفسه كما عرفت في ص 77.

و كلمة فلان في الموضعين كناية عن المنوب عنه.

(3) و هما: النيابة الصادرة عن زيد، و الفعل الخارجي الذي هي الصلاة كما عرفت في ص 77.

و المراد من الآثار أثر الفعلين أي أثر النيابة و هي صحة امكان إسناد الصلاة الى المنوب عنه مجازا في قولك: صلى المنوب عنه و إن كانت الصلاة صادرة عن النائب.

و أثر الفعل الخارجي و هو عدم صحة إمكان اسناد النيابة الى الانسان نفسه كما عرفت في ص 77.

(4) و هو الفعل الخارجي الذي هي الصلاة كما عرفت في ص 77.

و كلمة جواز بالرفع فاعل لقوله: فلا ينافي، و مفعوله قوله: اعتبار القربة -

ص: 80

جواز الاستيجار على الأول الذي لا يعتبر فيه القربة.

و قد ظهر مما قررناه (1) وجه ما اشتهر بين المتأخرين فتوى و عملا:

من جواز الاستيجار على العبادات للميت، و أن الاستشكال في ذلك (2) بمنافاة ذلك لاعتبار القربة فيها (3) ممكن الدفع، خصوصا بملاحظة ما ورد من الاستيجار للحج.

و دعوى خروجه (4) بالنص فاسدة،

++++++++++

- أي فلا ينافي جواز الاستيجار على النيابة اعتبار القربة في الصلاة على اعتبار الأول و هي النيابة الصادرة عن النائب.

(1) من أن الفعل الموجود الخارجي و هي الصلاة له اعتباران:

اعتبار وقوعه نيابة عن الغير يكون فعلا للنائب فتتعلق الاجارة به فلا يحتاج الى قصد القربة.

و اعتبار أن الموجود الخارجي فعل للمنوب عنه فالقربة تتعلق به كما عرفت في ص 75.

و بهذين الاعتبارين يرتفع المنافاة بين الفعلين، كما أنه يجوز اختلاف الفعلين في الآثار و قد عرفت ذلك في ص 77.

أي ظهرت مما ذكرناه علة جواز أخذ الاجرة على عبادات الميت مع أنها من الامور العبادية المحتاجة الى قصد القربة.

(2) أي و أن منشأ الإشكال في الاستيجار على عبادات الميت: هي المنافاة بين أخذ الاجرة، و بين قصد القربة و الاخلاص.

و قد عرفت عدم المنافاة بالاعتبارين المذكورين آنفا، و في ص 76.

(3) أي في عبادات الميت بالتقرير الذي عرفت آنفا.

(4) أي خروج استيجار الحج عن قاعدة عدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات بالنص الآتي.

ص: 81

لأن مرجعها (1) إلى عدم اعتبار القربة في الحج.

و أضعف منها (2) دعوى: أن الاستيجار على المقدمات (3) كما لا يخفى، مع أن ظاهر ما ورد في استيجار مولانا الصادق عليه السلام للحج عن ولده اسماعيل كون الاجارة على نفس الأفعال (4).

عدم جواز إتيان ما وجب بالإجارة عن نفسه

ثم اعلم أنه كما لا يستحق الغير بالاجارة ما وجب على المكلف على وجه العبادة، كذلك لا يؤتى على وجه العبادة لنفسه ما استحقه الغير منه بالاجارة فلو استؤجر لاطافة صبي، أو مغمى عليه فلا يجوز الاحتساب في طواف نفسه كما صرح به في المختلف، بل كذلك لو استؤجر لحمل غيره في الطواف (5)

++++++++++

(1) أي مرجع هذه الدعوى.

(2) أي و أضعف من دعوى خروج الحج بالنص.

(3) و هي المقدمات التوصلية كالذهاب و الإياب التى لا تحتاج إلى قصد القربة، حيث إن الإجارة في الحج وقع على هذه المقدمات و هي خارجة عن نفس الحج المطلوب فيه قصد القربة، لعدم تطلبها قصد القربة.

و لا يخفى أن الدعوى الاولى أضعف من الثانية، حيث إن مآلها إلى عدم اشتراط قصد القربة في الحج و هذا باطل.

و أما الدعوى الثانية فيمكن وقوعها في الخارج: بأن يستأجر شخص على المقدمات التوصلية فقط.

(4) و هي مناسك الحج و هي امور عبادية يشترط فيها القربة لا الاستيجار على المقدمات التي هي التوصليات التي لا تشترط فيها القربة.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 8. ص 115. الحديث 1. الباب 1.

(5) أي في طواف الأجير، و الفرق بين حمل الصبي، أو المغمى عليه للطواف.

و بين حمل الغير: أن الأجير في الصبي، أو المغمى عليه استوجر لاطافتهما فلا يقع الطواف له. -

ص: 82

كما صرح به جماعة تبعا للإسكافي، لأن المستأجر يستحق الحركة المخصوصة (1) عليه.

لكن ظاهر جماعة جواز الاحتساب في هذه الصورة (2)، لأن استحقاق الحمل غير استحقاق الاطافة به كما لو استؤجر لحمل متاع.

و في المسألة أقوال:

قال في الشرائع: و لو حمله حامل في الطواف أمكن أن يحتسب كل منهما طوافه عن نفسه. انتهى.

و قال في المسالك: هذا إذا كان الحامل متبرعا (3)، أو حاملا بجعالة (4)، أو كان (5) مستأجرا للحمل في طوافه.

أما لو استؤجر للحمل مطلقا (6)، لم يحتسب للحامل، لأن (7)

++++++++++

- بخلاف الثاني، حيث إن الأجير لم يستأجر لاطافة الغير، بل استؤجر للحمل فقط، فالطواف يقع لنفسه.

(1) و هو الطواف.

(2) و هو استيجار الشخص لحمل الغير فقط، لا للإطافة.

(3) أي في حمل غيره في الطواف.

(4) اي ليس الحمل بعقد اجارة.

(5) أي أو كان الحامل مستأجرا لحمل الشخص في طواف نفسه.

(6) أي لو استؤجر الحامل للحمل مطلقا من غير أن يقيد بكون الحمل في طواف نفسه لم يحتسب هذا الحمل للحامل، بل يحتسب للمحمول.

(7) تعليل لعدم احتساب الطواف لو استؤجر الأجير للحمل مطلقا أي الحركة المخصوصة التي هو الطواف و الذي كان يستحقه الحامل و هو الأجير قد أصبح للمحمول الذي هو المستأجر فلا يجوز للأجير صرف هذه الحركة التي هو الطواف إلى نفسه.

ص: 83

الحركة المخصوصة قد صارت مستحقة عليه لغيره فلا يجوز صرفها الى نفسه.

و في المسألة (1) أقوال هذا (2) أجودها. انتهى (3).

و أشار (4) بالأقوال إلى القول بجواز الاحتساب مطلقا (5) كما هو (6) ظاهر الشرائع، و ظاهر القواعد على اشكال.

و القول الآخر (7) ما في الدروس: من أنه يحتسب لكل من الحامل و المحمول ما (8) لم يستأجره للحمل في طوافه. انتهى.

++++++++++

(1) أي في مسألة حمل الغير في الطواف متى يحتسب عن نفسه و متى لا يحتسب.

(2) و هو التفصيل المذكور في ص 83 بقوله: إذا كان الحامل متبرعا أو حاملا بجعالة، أو كان مستأجرا للحمل في طوافه.

(3) أي ما أفاده (الشهيد الثاني) في المسالك.

(4) أي (الشهيد الثاني) إلى الأقوال التي ذكرها في المسالك بقوله:

و في المسألة أقوال.

(5) هذا هو القول الأول في المسألة، أي سواء أ كان الحامل متبرعا في حمله أم مستأجرا للحمل مطلقا أم مقيدا بكونه في طوافه أم حاملا بجعالة.

(6) أي القول الأول في المسألة هو ظاهر الشرائع و قد ذكر قول المحقق هنا بقوله في ص 83: قال في الشرائع: و لو حمله حامل في الطواف أمكن أن يحتسب كل منهما في طوافه عن نفسه، فإن هذا القول مطلق يشمل جميع مراتب الحمل.

(7) هذا هو القول الثاني في المسألة أي الطواف الذي يصدر من الحامل للحامل و المحمول.

(8) ما هنا مصدرية أي الطواف يقع لكل من الحامل و المحمول -

ص: 84

و الثالث (1) ما ذكره في المسالك من التفصيل.

و الرابع (2) ما ذكره بعض محشي الشرائع: من استثناء صورة الاستيجار على الحمل.

و الخامس (3) الفرق بين الاستيجار للطواف به، و بين الاستيجار لحمله في الطواف.

و هو (4) ما اختاره في المختلف.

و بنى فخر الدين في الايضاح جواز الاحتساب (5) في صورة

++++++++++

- و يحتسب لهما ما دام لم يستأجر الحامل من قبل المحمول على حمله في طواف نفسه، فإن الطواف في هذه الحالة لا يحتسب للأجير.

(1) هذا هو القول الثالث في المسألة أى أفاد في المسالك التفصيل في مسألة حمل الغير في الطواف، و قد عرفت التفصيل في ص 83 بقوله:

و قال في المسالك:

(2) هذا هو القول الرابع في المسألة أي القول الرابع هو استثناء صورة الاستيجار على الحمل للطواف فلا يحتسب الطواف للحامل و المحمول سواء أ كانت الإجارة مطلقة أم مقيدة بطواف الحامل أم المحمول، فهذه الصورة مستثناة من إمكان احتساب الطواف للحامل و المحمول.

و أما إذا كان الحمل بالتبرع، أو بالجعالة فالطواف يقع للحامل و المحمول.

(3) هذا هو القول الخامس في المسألة: و هو الفرق بين الاستيجار للطواف بالمحمول فالطواف لا يحتسب للحامل بل يقع للمحمول.

و بين الاستيجار لحمل الحامل المحمول لطواف نفسه، فإن الطواف يقع لكل من الحامل و المحمول إذا تراه كلاهما.

(4) أي القول الخامس مختار (العلامة) في المختلف.

(5) خلاصة ما أفاده (فخر المحققين) في هذا المقام: أن احتساب -

ص: 85

الاستيجار للحمل التي استشكل (1) والده رحمه اللّه فيها: على أن (2) ضم نية التبرد إلى الوضوء قادح أم لا.

و المسألة (3) مورد نظر و إن كان ما تقدم من المسالك (4) لا يخلو عن وجه.

أخذ الأجرة على الأذان

ثم إنه قد ظهر مما ذكرناه: من عدم جواز الاستيجار على المستحب إذا كان من العبادات: أنه (5) لا يجوز أخذ الاجرة على اذان المكلف

++++++++++

- الطواف للحامل في صورة استيجار الحامل لحمل المستأجر في الطواف متوقف على أن ضم قصد التبرد الى الوضوء مبطل للوضوء أم لا، لمنافاة القصد المذكور مع القربة المطلوبة في التوضؤ.

فإن قلنا بالبطلان قلنا ببطلان الطواف للحامل في هذه الصورة و أن الطواف يقع للمحمول فقط.

و إن قلنا بالصحة قلنا بصحة الطواف و احتسابه للحامل و المحمول.

(1) أي و قد استشكل (العلامة) احتساب الطواف للحامل و المحمول في هذه الصورة.

و قد عرفت الاشكال في كلام (شيخنا الأنصاري) في ص 84 بقوله:

و ظاهر القواعد على اشكال.

(2) الجار و المجرور متعلق بقوله: بنى أي بنى فخر الدين هذه المسألة على مسألة جواز نية التبرد في الوضوء، كما عرفت آنفا.

(3) هذه العبارة (للشيخ الأنصاري)، لا لفخر المحققين، أي مسألة احتساب الطواف للحامل و المحمول في جميع صورها محل اشكال و نظر.

و من هنا يظهر أن الشيخ لم يقطع في المسألة من حيث حكمها.

(4) أي من التفصيل المذكور في ص 83.

(5) جملة أنه لا يجوز مرفوعة محلا فاعل لقوله: قد ظهر.

ص: 86

لصلاة نفسه (1) اذا كان مما يرجع نفع منه الى الغير لأجله (2) يصح الاستيجار كالإعلام (3) بدخول الوقت، و الاجتزاء به في الصلاة.

و كذا (4) أذان المكلف للإعلام عند الاكثر كما عن الذكرى و على الأشهر كما في الروضة (5) و هو (6) المشهور كما في المختلف و مذهب الأصحاب، إلا من شذ كما عنه و عن جامع المقاصد، و بالاجماع كما عن محكي الخلاف، بناء (7) على أنه عبادة يعتبر فيه وقوعه للّه فلا يجوز

++++++++++

(1) حيث إن الاذان للصلاة مستحب و هو من المستحبات، بناء على القول بذلك، فلا يجوز للمصلي أخذ الاجرة عليه لصلاته، لأن الأخذ يتنافى و قصد الإخلاص و القربة.

(2) أي عود النفع من الاذان لمستأجره هو الموجب لصحة بذل المال ازاءه، لأن الملاك في صحة الاجارة هو وجود نفع يعود الى المستأجر كما عرفت في ص 21.

(3) هذا تنظير لكيفية وجود نفع في الأذان يعود الى المستأجر.

و خلاصته: أن الأذان الإعلامي الذي يطلع المسلمون عليه فيتهيئون للصلاة، أو المصلي يكتفي به و لا يقول الأذان ثانيا إذا أراد الصلاة: فيه نفع يعود إلى الغير.

(4) أي و كذا لا يجوز أخذ الاجرة على الأذان الإعلامي.

(5) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 3 ص 217.

(6) أي عدم جواز أخذ الاجرة على الأذان الإعلامي هو المشهور بين الأعلام من الفقهاء.

(7) منصوب على المفعول لأجله فهو تعليل لعدم أخذ الاجرة على الأذان الإعلامي، أي عدم جواز أخذ الاجرة لأجل أن الأذان أمر -

ص: 87

أن يستحقه الغير (1).

و في رواية (زيد (2) بن علي) عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام أنه أتاه رجل فقال له: و اللّه إني احبك للّه.

فقال له: لكني ابغضك للّه.

قال: و لم ؟

قال: لأنك تبغي في الأذان أجرا، و تأخذ على تعليم القرآن أجرا (3).

و في رواية حمران الواردة في فساد الدنيا و اضمحلال الدين و فيها قوله عليه السلام: و رأيت الأذان بالأجر، و الصلاة بالأجر (4).

++++++++++

- عبادي يعتبر فيه وقوعه للّه خالصا لوجهه المقدس فلا يجوز أن يستحقه الغير حتى يكون حقا له ليأخذ بإزائه الاجرة.

(1) و هو المؤذن حتى يأخذ عليه الأجر كما عرفت آنفا.

(2) هو الشهيد الشهير ابن (الامام السجاد) صلوات اللّه عليهما قتيل بني مروان يأتي شرح حياته مفصلا في (أعلام المكاسب).

(3) (من لا يحضره الفقيه): الطبعة الرابعة طباعة النجف الأشرف الجزء 3. ص 109-110. الحديث 7.

(التهذيب): الجزء 6. ص 376. الحديث 220.

(وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 114. الباب 30 من أبواب ما يكتسب به. الحديث 1.

و الحديث هذا مروي في الوسائل الطبعة الحديثة نقلا عن المصدرين مع اختلاف يسير.

و هذا أحد الأحاديث التي لم يطبق مع المصدر المنقول منه، و لم يعلق عليه من قبل الهيئة المصححة المشرفة.

(4) نفس المصدر. الجزء 11. ص 518. الحديث 6. السطر الأول.

ص: 88

و يمكن (1) أن يقال: إن مقتضى كونه عبادة: عدم حصول الثواب (2) اذا لم يتقرب به، لافساد (3) الاجارة، مع فرض كون العمل مما ينتفع به و إن لم يتقرب به.

نعم (4) لو قلنا بأن الإعلام بدخول الوقت المستحب كفاية لا يتأتى

++++++++++

(1) خلاصة الامكان: أن مقتضى كون الأذان من الامور العبادية أن يكون له حكمان: حكم تكليفي. و حكم وضعي.

أما الحكم التكليفي فهو عدم حصول الثواب للمؤذن عند ما يأخذ الاجرة، لعدم إمكان القربة حينئذ، لمنافاة الأخذ للإخلاص المطلوب في الأمر العبادي.

و أما الحكم الوضعي فهو عدم فساد الاجارة، حيث إن الأذان الإعلامي عمل ينتفع به لأداء الصلاة لمن سمعه، و لجواز الإفطار لمن كان صائما فهو يستحق الاجرة من هذه الجهة، و لو لم يقصد القربة و الاخلاص فحينئذ يبطل ما قلناه آنفا في قولنا: لا يجوز أن يستحقه الغير.

(2) هذا هو الحكم التكليفي كما عرفت آنفا عند قولنا: أما الحكم التكليفي.

(3) هذا هو الحكم الوضعي كما عرفت آنفا عند قولنا: و أما الحكم الوضعي.

أي و ليس مقتضى كون الأذان عبادة فساد الاجارة.

(4) استدراك عما أفاده: من أن الأذان الاعلامي لا يجوز أخذ الاجرة عليه، لكونه من الامور العبادية في قوله: بناء على أنه عبادة يعتبر فيه وقوعه للّه فلا يجوز أن يستحقه الغير.

و خلاصة الاستدراك: أنه لو قلنا بعدم حصول دخول الوقت من الإعلام -

ص: 89

بالاذان الذي لا يتقرب به صح ما ذكر (1)، لكن ليس كذلك (2) و أما الرواية (3) فضعيفة.

و من هنا (4) استوجه الحكم بالكراهة في الذكرى و المسالك، و مجمع البرهان و البحار بعد أن حكى (5) عن علم الهدى رحمه اللّه.

و لو اتضحت دلالة الروايات (6) أمكن جبر سند الاولى بالشهرة

++++++++++

- المستحبي الذي يحصل من الأذان الذي يؤخذ عليه الاجر، و الذي لا يقصد به القربة: صح ما ذكرناه: من عدم جواز أخذ الاجرة على الأذان الاعلامي.

(1) و هو عدم جواز أخذ الاجرة على الأذان الاعلامي.

(2) أي بل الإعلام يتحقق بالأذان الإعلامي و إن لم يقصد به القربة و الدليل على ذلك عدم اشتراط العدالة في المؤذن، فلو أذن غير العادل ترتبت عليه الآثار: من الإفطار، و اقامة الصلاة.

نعم تشترط الوثاقة في المؤذن.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 4. ص 618. الباب 3. الأحاديث.

(3) و هي رواية (زيد بن علي بن الحسين) صلوات اللّه و سلامه عليهم، لاشتمالها على عبد اللّه بن منيح، و حسين بن علوان و هما ضعيفان.

(4) أي و من أجل أن رواية (زيد بن علي بن الحسين) عليهم السلام ضعيفة لاشتمالها على الشخصين المذكورين: استوجه الشهيد الحكم بكراهة أخذ الاجرة في الأذان الإعلامي.

(5) أي (العلامة المجلسي) أعلى اللّه مقامه.

(6) و هي رواية (زيد بن علي بن الحسين) عليهم السلام.

و رواية حمران اللتين ذكرهما الشيخ، و الروايات التي لم يذكرها الشيخ لكنها مذكورة في المصادر التي أشرنا إليها آنفا.

و المعنى أنه لو كانت دلالة الروايات المذكورة واضحة في حرمة أخذ -

ص: 90

مع أن (1) رواية حمران حسنة على الظاهر بابن هاشم.

أخذ الأجرة على الإمامة

و من هنا (2) يظهر وجه ما ذكروه في هذا المقام: من حرمة أخذ الاجرة على الامامة، مضافا (3) إلى موافقتها للقاعدة المتقدمة:

++++++++++

- الاجرة على الواجبات، حيث إنها في الكراهة أظهر أمكن جبر ضعف سند رواية (زيد بن علي بن الحسين) عليهم السلام بالشهرة، فإن حرمة الأخذ مشهورة عند الفقهاء.

(1) هذا ترق من الشيخ و خلاصته أن سند رواية (زيد بن علي ابن الحسين) عليهم السلام و إن كان ضعيفا و قلنا: إن الشهرة جابرة لضعف السند.

لكن رواية حمران حسنة، لكون سندها منتهيا الى ابن أبي هاشم و هو من ثقات الامامية، و من رجال (شيخنا الكليني) فتثبت حرمة أخذ الاجرة على الواجبات بهذه الرواية، و لا نحتاج الى جبران الضعف بالشهرة.

(2) أي و من أجل أن رواية (زيد بن علي بن الحسين) عليهم السلام و رواية حمران، و بقية الروايات المذكورة في المصدر المشار إليه تدل على حرمة أخذ الاجرة على الأذان الإعلامي الذي هو من المستحبات العبادية:

يظهر وجه حرمة أخذ الاجرة على الامامة في صلاة الجماعة: و هو اتحاد الملاك فيهما، فإن المناط في كل واحد من الأذان و الإمامة هي العبادية فاتحد الملاك.

(3) أي بالإضافة الى موافقة حرمة أخذ الجواز للقاعدة الكلية.

خلاصة هذا الكلام: أن لنا دليلا آخر على حرمة أخذ الاجرة على الواجبات غير الروايات المذكورة، و اتحاد الملاك: و هو أنه قد علم سابقا أن كل أمر عبادي يطلب في تحققه في الخارج قصد الإخلاص و القربة لا يجوز أخذ الاجرة عليه، لمنافاة الاجرة مع الاخلاص المطلوب في العمل فلا نفع فيه يعود الى المستأجر حتى يصح وقوعه محلا للإجارة فالمحل ليس -

ص: 91

من (1) أن ما كان انتفاع الغير به موقوفا على تحققه على وجه الاخلاص لا يجوز الاستيجار عليه، لأن شرط العمل المستأجر عليه قابليّة إيقاعه لأجل استحقاق المستأجر له حتى يكون وفاء بالعقد، و ما كان من قبيل العبادة غير قابل لذلك (2).

ثم إن من الواجبات التي يحرم أخذ الاجرة عليها عند المشهور تحمل الشهادة

ثم إن من الواجبات التي يحرم أخذ الاجرة عليها عند المشهور تحمل الشهادة بناء على وجوبه (3) كما هو أحد الأقوال في المسألة، لقوله تعالى:

(وَ لاٰ يَأْبَ اَلشُّهَدٰاءُ إِذٰا مٰا دُعُوا) (4) المفسّر في الصحيح بالدعاء للتحمل (5)، و كذلك (6) أداء الشهادة، لوجوبه عينا، أو كفاية، و هو (7)

++++++++++

- قابلا لذلك فهذه قاعدة كلية قد اشير إليها أثناء البحث في ص 21.

(1) كلمة من بيان لتلك القاعدة الكلية المتقدمة آنفا.

(2) أي للوفاء بالعقد إذا وقع الفعل محلا للإجارة، لعدم إمكان القربة حينئذ.

(3) أي وجوب تحمل الشهادة كما هو أحد الأقوال في المسألة.

و معنى تحمل الشهادة: أن يدعو شخص شخصا آخر ليكون شاهدا على أداء الدين، أو الإقراض، أو الوصية، أو الوقفية، و غير ذلك من الامور التي يحتاج اثباتها عند الحاكم الشرعي الى الشاهد.

(4) البقرة: الآية 282.

(5) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 8. ص 225. الحديث 1.

الباب 1 من كتاب الشهادات.

(6) أي يحرم أخذ الاجرة عليه، لوجوب الاداء عينا اذا كان الأداء منحصرا به، أو كفاية اذا كان هناك غيره يمكنه أداء الشهادة.

(7) أي عدم جواز أخذ الاجرة على أداء الشهادة لو كان واجبا عينيا أو كفائيا واضح، لأنه واجب عيني. -

ص: 92

مع الوجوب العيني واضح، و أما مع الوجوب الكفائي فلأن المستفاد من أدلة الشهادة (1) كون التحمل و الأداء حقا للمشهود له على الشاهد، فالموجود في الخارج (2) من الشاهد حق للمشهود له لا يقابل بعوض، للزوم مقابلة حق الشخص بشيء من ماله (3) فيرجع الى أكل المال بالباطل.

و منه (4) يظهر أنه كما لا يجوز أخذ الاجرة من المشهود له كذلك (5)

++++++++++

- ثم لا يخفى عليك أن الظاهر عدم كون أداء الشهادة من الامور العبادية حتى يحتاج الى قصد القربة ثم يقال بعدم جواز أخذ الاجرة عليه لكونه منافيا للإخلاص، بل هو من الواجبات التوصلية.

و على فرض عباديته فقد صرح الشيخ بجواز أخذ الاجرة على عمل له منفعة محللة عند الشارع، و مقصودة عند العقلاء في قوله في ص 45:

و الذي ينساق إليه النظر أن مقتضى القاعدة في كل عمل له منفعة محللة مقصودة: جواز أخذ الاجرة و الجعل عليه و ان كان داخلا في العنوان الذي أوجبه اللّه على المكلف.

(1) راجع نفس المصدر: ص 231. الباب 5. الحديث 2.

(2) و هو التحمل، أو الأداء.

(3) أي من مال صاحب الحق الذي هو المشهود له و هو باطل فيكون مرجع هذا المال الى اكل المال بالباطل.

(4) أي و من كون أداء الشهادة، أو التحمل حقا للمشهود له على الشاهد.

(5) أي و كذلك لا يجوز أخذ الاجرة من بعض الشهود الذي وجب عليه أداء الشهادة لو سمعها مع جماعة إن أراد أن يستأجر شخصا آخر ليؤدي الشهادة عن نفسه.

و لا يخفى أن ما استدل به الشيخ على عدم جواز أخذ الاجرة من المشهود له -

ص: 93

لا يجوز من بعض من وجبت عليه كفاية اذا استأجره لفائدة اسقاطها عن نفسه.

ثم إنه لا فرق في حرمة الاجرة بين توقف التحمل، أو الأداء على قطع مسافة طويلة، و عدمه.

نعم لو احتاج (1) إلى بذل مال فالظاهر عدم وجوبه، و لو أمكن احضار الواقعة عند من يراد تحمله للشهادة فله أن يمتنع من الحضور و يطلب الإحضار.

حكم الارتزاق من بيت المال

بقي الكلام في شيء و هو أن كثيرا من الأصحاب صرحوا في كثير من الواجبات (2)،

++++++++++

- بقوله في ص 93: للزوم مقابلة حق الشخص بشيء من ماله: لا يأتي في أخذ الاجرة من بعض الشهود الذي وجب عليه أداء الشهادة لو استأجر شخصا ليؤدي عنه الشهادة، لعدم مقابلة حق الشخص بشيء من ماله، بل قابل حق الشخص بشيء من مال الغير فلا ضرر في ايقاع الاجارة من قبل الشاهد و دفع مال الأجير ليؤدي الشهادة عن نفسه، لرجوع نفع من هذه الاجارة الى المستأجر، و لا يشترط في هذه الاجارة قصد القربة حتى يقال:

بمنافاة الاخلاص لاخذ الاجرة.

(1) أي لو احتاج أداء الشهادة، أو تحملها الى بذل مال من قبل الشاهد، أو المتحمل فالظاهر عدم وجوب الأداء على مؤدي الشهادة أو على المتحمل، و له أن يطلب إحضار الواقعة عنده حتى يتحمل الشهادة، أو يؤديها و ان كان التحمل، أو الأداء حقا للمشهود له.

(2) كمباشرة القضاء، و الأمر بالمعروف، و النهي عن المنكر، و إشاعة الأمن في داخل البلاد، و حفظ النظام.

و لعل منها حفظ ثغور المسلمين بالمرابطة فيها.

ص: 94

و المستحبات (1) التي يحرم أخذ الاجرة عليها بجواز ارتزاق مؤديها (2) من بيت المال المعد لمصالح المسلمين، و ليس المراد (3) أخذ الاجرة، أو الجعل من بيت المال، لأن ما دل على تحريم العوض (4) لا فرق فيه بين كونه من بيت المال، أو من غيره، بل حيث استفدنا من دليل الوجوب (5) كونه (6) حقا للغير يجب أداؤه إليه عينا، أو كفاية فيكون أكل المال بإزائه

++++++++++

(1) و هو الأذان للإعلام، و إمامة الجماعة، و إقامة صلاة الجمعة و الإصلاح بين الناس.

(2) أي مؤدي الواجبات و المستحبات.

(3) أي و ليس المراد من الارتزاق الذي صرح الفقهاء بجوازه:

الارتزاق من بيت المال.

و الارتزاق عبارة عن اعطاء الامام، أو نائبه للمباشر لبعض هذه الامور المذكورة مصاريفه السنوية: من الأكل و الكسوة، و المسكن و المركوب حسب شئونه الشخصية، سواء أ كان هذا الارتزاق مساويا لاجرة المثل أم أكثر أم أقل.

(4) أي تحريم أخذ العوض بدل هذه الامور، سواء أ كان العوض باجارة أم بجعالة.

(5) و هو وجوب العمل الذي يؤديه المكلف.

(6) أي كون الواجب حقا للغير على المسلمين كما إذا انحصر أداء الحق على شخص معين كأداء الشهادة المنحصر في رجل، أو رجلين مثلا فيكون أكل المال بإزاء هذا الحق الذي للغير على المسلم بأي نحو كان هذا الأخذ، سواء أ كان على نحو الاجارة أم على نحو الجعالة فيشمله قوله تعالى:

وَ لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ .

ص: 95

أكلا له بالباطل: كان (1) اعطاؤه العوض من بيت المال أولى بالحرمة لأنه (2) تضييع له، و اعطاء مال المسلمين بإزاء ما يستحقه المسلمون على العامل بل (3) المراد أنه إذا قام المكلف بما يجب عليه كفاية، أو عينا مما يرجع الى مصالح المؤمنين و حقوقهم كالقضاء و الافناء، و الاذان و الإقامة، و نحوها و رأى ولي المسلمين المصلحة في تعيين شيء من بيت المال له (4) في اليوم أو الشهر، أو السنة من جهة قيامه بذلك الأمر، لكونه (5) فقيرا يمنعه القيام بالواجب المذكور عن تحصيل ضرورياته (6) فبعين (7) له ما يرفع حاجته و ان كان أزيد من اجرة المثل، أو أقل منه.

++++++++++

(1) جواب لحيث في قوله: بل حيث استفدنا، و هو بمعنى اذا أي اذا استفدنا من دليل الوجوب.

(2) أي لأن هذا الاعطاء إلى الشخص القائم بذلك العمل تضييع لبيت مال المسلمين.

(3) أي ليس المراد أخذ الاجرة، أو الجعل من بيت مال المسلمين بل المراد أنه اذا قام المكلف إلى آخر قوله.

(4) أي لهذا المكلف القائم بهذه الأعمال.

(5) تعليل لقوله: و رأى ولي المسلمين، أي إنما رأى ولي المسلمين المصلحة في إعطاء الشخص القائم بذلك العمل الواجب لأجل أنه فقير.

(6) هذا بالنسبة الى الواجبات التي تستوعب وقته.

و أما التي لا تستوعب فلا يشمله هذا الدليل.

(7) أي ولي المسلمين الذي هو الامام عليه السلام، أو نائبه الخاص أو العام كما في عصر الغيبة عجل اللّه تعالى لصاحبها الفرج بهذا المكلف القائم بالأعمال المذكورة.

ص: 96

و لا فرق بين أن يكون تعيين الرزق له (1) بعد القيام، أو قبله حتى أنه لو قيل له: اقض في البلد و أنا أكفيك مئونتك من بيت المال جاز و لم يكن (2) جعالة.

و كيف كان (3) فمقتضى القاعدة (4) عدم جواز الارتزاق إلا مع الحاجة على وجه يمنعه القيام بتلك المصلحة عن اكتساب المئونة، فالارتزاق مع الاستغناء و لو بكسب لا يمنعه القيام بتلك المصلحة غير جائز (5).

++++++++++

(1) أي تعيين الرزق للمكلف المذكور سواء أ كان بعد القيام بالأعمال المذكورة أم قبله.

أما بعد القيام فواضح، حيث إنه أدى واجبه الديني فيستحق عليه الارتزاق، لأن عمله هذا منعه عن اكتساب اعاشة نفسه من طريق آخر.

و أما قبل القيام فلأن القاضي هيأ نفسه للقيام بالعمل و منع نفسه عن الاشتغال بعمل آخر لارتزاقه.

(2) أي هذا الاعطاء و الكفاية المذكورة.

(3) أي أيّ شيء قلنا في جواز ارتزاق القاضي من بيت المال.

(4) و هي قاعدة عدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات.

(5) فللارتزاق من بيت المال شرطان:

(الأول): الحاجة الى أخذ المال.

(الثاني): أن لا يمكنه الكسب مع القيام بهذه المهمة الواجبة فبناء على الشرطين لو كان له كسب ضئيل لا تكفيه مئونته فعلى ولي المسلمين تكملة ارتزاقه.

و لا يخفى أن منشأ عدم التمكن من الاكتساب إما لعدم اتساع الوقت لذلك.

أو لمنافاة الاكتساب مباشرة، لمنزلته الروحية في المجتمع كما في عصرنا الحاضر كالقضاة، و الحكام، و مراجع الدين، و أئمة الجماعة.

ص: 97

و يظهر من اطلاق جماعة في باب القضاء خلاف ذلك (1).

بل صرح غير واحد بالجواز مع وجدان الكفاية.

++++++++++

(1) أي خلاف عدم جواز الارتزاق، حيث إن اطلاق جماعة من الفقهاء جواز ارتزاق القاضي من بيت المال و لو كان غنيا.

ص: 98

بيع المصحف

ص: 99

ص: 100

خاتمة تشتمل على مسائل

المسألة الأولى: صرح جماعة كما عن النهاية و السرائر و التذكرة و الدروس و جامع المقاصد بحرمة بيع المصحف

اشارة

(الاولى): صرح جماعة كما عن النهاية و السرائر و التذكرة و الدروس و جامع المقاصد بحرمة بيع المصحف (1).

و المراد به (2) كما صرح في الدروس: خطه (3).

و ظاهر المحكي عن نهاية الأحكام (4) اشتهارها (5) بين الصحابة حيث تمسك على الحرمة بمنع الصحابة.

و عليه (6) تدل ظواهر الأخبار المستفيضة.

ففي موثقة سماعة لا تبيعوا المصاحف، فإن بيعها حرام.

قلت: فما تقول في شرائها؟

قال: اشتر منه الدفتين و الحديد و الغلاف، و إياك أن تشتري منه

++++++++++

(1) بتثليث الميم: اسم لمجموع ما بين الدفتين من القرآن الكريم فهو علم له، و إن كان معناه لغة أعم من هذا.

(2) أي بالتحريم المتصيد من الحرمة في قوله: بحرمة بيع المصحف

(3) أي خط المصحف و هي الكتابات، لا نفس الورق و الجلد و الغلاف و الحديد.

(4) موسوعة في الفقه الامامي (لشيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي).

(5) أي اشتهار الحرمة.

(6) أي و على تصريح هؤلاء الأعلام بحرمة بيع المصحف الكريم.

ص: 101

الورق و فيه القرآن مكتوب، فيكون عليك حراما، و على من باعه حراما (1)

و مضمرة عثمان بن عيسى قال: سألته عن بيع المصاحف و شرائها فقال: لا تشتر كلام اللّه، و لكن اشتر الجلد و الحديد و الدفتر و قل:

أشتري منك هذا بكذا و كذا (2).

و رواها (3) في الكافي عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

و رواية جراح المدائنيّ في بيع المصاحف قال: لا تبع الكتاب و لا تشتره و بع الورق و الأديم (4)، و الحديد (5).

و رواية عبد الرحمن بن سيابة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: إن المصاحف لن تشترى فإذا اشتريت فقل: إنما أشتري منك الورق و ما فيه من الأديم و حليته (6)، و ما فيه من عمل يدك بكذا و كذا (7).

++++++++++

(1) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 116. الباب 31. الحديث 11.

و لا يخفى أنه يمكن استفادة الحكم الوضعى و هو فساد المعاوضة في الطرفين من الحديث فلا المشتري يملك المثمن، و لا البائع يملك الثمن، فإن قوله عليه السلام: فيكون عليك حراما يدل على عدم تملك المشتري المثمن.

و قوله عليه السلام: و على من باعه حراما يدل على عدم تملك البائع الثمن.

(2) نفس المصدر. ص 114. الحديث 2.

(3) أي و روى هذه المضمرة في الكافي.

(4) بفتح الهمزة الجلد المدبوغ الذي تكتب عليه الكتب و المصاحف و الرسائل قديما.

(5) نفس المصدر. ص 115. الحديث 7.

(6) بضم الحاء و سكون اللام و فتح الياء.

(7) نفس المصدر. ص 114. الحديث 1.

ص: 102

و ظاهر قوله عليه السلام: إن المصاحف لن تشترى أنها لا تدخل في ملك أحد على وجه العوضية عما بذله من الثمن، و أنها (1) أجل من ذلك

و يشير إليه (2) تعبير الامام في بعض الأخبار بكتاب اللّه: و كلام اللّه (3) الدال على التعظيم.

و كيف كان (4) فالحكم (5) في المسألة واضح بعد الأخبار (6) و عمل من عرفت حتى مثل الحلي (7) الذي لا يعمل بأخبار الآحاد.

و ربما يتوهم هنا ما يصرف هذه الأخبار (8) عن ظواهرها.

مثل رواية أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن بيع المصاحف و شرائها.

++++++++++

(1) أي و أن المصاحف أجل من أن تشترى و تباع.

(2) أي إلى أن المصاحف لا تدخل في ملك أحد على وجه العوضية و أنها أجل من أن تشترى و تباع.

(3) راجع نفس المصدر. ص 114. الحديث 2-3.

(4) أي أي شيء اريد من البيع و الشراء في المصاحف.

(5) و هي الحرمة التكليفية المترتبة عليها الآثار الوضعية في مسألة بيع المصاحف.

(6) و هي التي اشير إليها في ص 101-102-103.

(7) و هو (ابن ادريس) صاحب السرائر رحمه اللّه.

و المراد من (عمل من عرفت): الجماعة الذين نقل عنهم الشيخ بقوله في ص 101 الاولى: صرح جماعة كما عن النهاية.

(8) و هي المشار إليها في ص 101-102-103: بأن تصرف ظواهرها التي هي الحرمة إلى المعنى المجازي و هي الكراهة.

ص: 103

فقال: إنما كان يوضع (1) عند القامة (2) و المنبر.

قال: كان بين الحائط و المنبر قيد (3) ممر شاة، و رجل و هو منحرف (4) فكان الرجل يأتي فيكتب البقرة، و يجيء آخر فيكتب السورة كذلك كانوا.

ثم إنهم اشتروا بعد ذلك (5).

قلت: فما ترى في ذلك ؟ (6).

قال (7): اشتريه احب إليّ من أن أبيعه (8).

و مثلها رواية روح بن عبد الرحيم و زاد فيها قلت: فما ترى أن اعطي على كتابته أجرا؟

قال: لا بأس، و لكن هكذا كانوا يصنعون (9)، فإنها تدل على جواز الشراء من جهة حكايته عن المسلمين بقوله: ثم إنهم اشتروا بعد ذلك

++++++++++

(1) أي المصحف الكريم.

(2) المراد من القامة: حائط مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله حيث كان بطول قامة الانسان.

(3) بفتح القاف و كسرها: و هو المقدار.

(4) هو الرجل الذي يمشي لا باتجاه جنبه، باتجاه وجهه.

(5) أي بعد أن كثرت نسخ القرآن.

(6) أي في شراء المصاحف و بيعها.

(7) أي الامام عليه السلام.

(8) نفس المصدر. ص 115. الحديث 4-8.

و الحديث هذا يدل على كراهة شراء المصاحف.

(9) نفس المصدر. ص 116. الحديث 9.

و هذا الحديث أيضا يدل على كراهة شراء المصاحف.

ص: 104

و قوله: اشتريه أحب إليّ من أن أبيعه (1)، و نفي الباس عن الاستيجار لكتابته كما في أخبار اخرى غيرها (2) فيجوز تملك الكتابة بالاجرة فيجوز وقوع جزء من الثمن بإزائها (3) عند بيع المجموع المركب منها (4) و من القرطاس، و غيرها (5).

لكن الانصاف أن لا دلالة فيها (6) على جواز اشتراء خط المصحف و إنما تدل على أن تحصيل المصحف في الصدر الأول كان بمباشرة كتابته ثم قصرت الهمم فلم يباشروها بأنفسهم، و حصّلوا المصاحف بأموالهم شراء و استيجارا، و لا دلالة فيها (7) على كيفية الشراء، و أن الشراء و المعاوضة لا بدّ أن لا تقع إلا على ما عدا الخط من القرطاس، و غيره (8).

و في بعض الروايات دلالة على أن الأولى مع عدم مباشرة الكتابة بنفسه أن يستكتب بلا شرط (9) ثم يعطيه ما يرضيه مثل رواية عبد الرحمن

++++++++++

(1) كما في الحديث المشار إليه في ص 104.

(2) أي في غير رواية روح بن عبد الرحيم.

راجع نفس المصدر. ص 116. الحديث 12-13.

(3) أي بإزاء كتابة القرآن.

(4) أي من الكتابة.

(5) أي غير الكتابة و القرطاس: من الجلد و الورق.

(6) أي في هذه الأخبار المذكورة المشار إليها في ص 104-105.

(7) أي في هذه الأخبار على كيفية الشراء: بأن كانت المعاوضة بإزاء الخط، أو الورق، أو الجلد، أو الحديد، أو الغلاف.

(8) و هو الجلد و الورق و الحديد و الغلاف.

(9) أي بلا شرط الثمن من قبل المستكتب.

ص: 105

ابن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: إن أمّ عبد اللّه بن الحارث أرادت أن تكتب مصحفا فاشترت ورقا من عندها و دعت رجلا فكتب لها على غير شرط فاعطته حين فرغ خمسين دينارا، و أنه لم تبع المصاحف إلا حديثا (1).

و مما يدل على الجواز (2) رواية عنبسة الوراق قال: قلت لأبي اللّه عليه السلام: أنا رجل أبيع المصاحف فإن نهيتني لم أبعها.

قال: أ لست تشتري ورقا و تكتب فيه ؟

قلت: بلى و أعالجها.

قال: لا بأس بها (3) و هي (4) و إن كانت ظاهرة في الجواز إلا أن ظهورها من حيث السكوت عن كيفية البيع في مقام الحاجة إلى البيان فلا تعارض ما تقدم من الأخبار المتضمنة للبيان (5).

++++++++++

(1) نفس المصدر. ص 116. الحديث 10. الباب 31.

(2) أي جواز بيع المصاحف.

(3) نفس المصدر. ص 115. الحديث 5.

(4) أي هذه الرواية الدالة على الجواز.

(5) أي لبيان كيفية بيع المصحف و هي الأخبار المذكورة، حيث إن فيها كيفية البيع الذي فيه تبادل المصحف، فإن في بعضها: اشتر الحديد و الورق و الدفتين، كما في ص 101.

و في بعضها: اشتر الحديد و الجلود و الدفة كما في ص 102.

و في بعضها: قل اشتر منك الورق، و ما فيه من الأديم و حليته و ما فيه من عمل يديك كما في ص 102.

و في بعضها: و بع الورق و الأديم و الحديد كما في ص 102، فإن هذه الأحاديث تتضمن الكيفية التي يجوز معها البيع.

ص: 106

و كيف كان فالأظهر في الاختيار (1) ما تقدم من الأساطين المتقدمة إليهم الاشارة.

بقي الكلام في المراد من حرمة البيع و الشراء

بقي الكلام (2) في المراد من حرمة البيع و الشراء بعد فرض أن الكاتب للمصحف في الأوراق المملوكة (3) مالك للأوراق و ما فيها من النقوش، فإن (4) النقوش إن لم تعد من الأعيان المملوكة،

++++++++++

(1) في كثير من النسخ الموجودة عندنا فالأظهر في الأخبار.

إلا في النسخة الموجودة عندنا و التي نعلق عليها و نعرضها للطباعة:

فالأظهر في الاختيار و هو الصحيح كما أثبتناه هنا أي المختار و المرجح عندنا في بيع المصحف الكريم و شرائه: ما اختاره الأساطين من الفقهاء:

من الحرمة، و قد أشار إلى هذا الاختيار في ص 101 بقوله: خاتمة تشتمل على مسائل: الاولى صرح جماعة كما عن النهاية و السرائر و التذكرة و الدروس و جامع المقاصد بحرمة بيع المصحف.

(2) أي بقي الإشكال في فهم المراد من حرمة بيع المصحف و شرائه بعد الفرض أن الكاتب الذي كان مالكا للأوراق المجردة عن الكتابة:

مالك للأوراق و ما فيها من الخطوط بعد الكتابة.

أي الكلام يدور حول حرمة بيع المصحف و شرائه في هذه الصورة.

(3) أي المملوكة للكاتب قيل الكتابة فيها.

(4) تعليل لقوله: بعد فرض أن الكاتب للمصحف في الأوراق التي كانت ملكا له قبل الكتابة.

و خلاصة التعليل: أن هذه الخطوط بعد الكتابة في الأوراق لها فرضان:

(الأول): أن لا تعد من الأعيان الخارجية المملوكة عرفا، حيث إنها أعراض، بل تعد من الصفات العارضة للأوراق بسببها تزيد قيمة الأوراق -

ص: 107

..........

++++++++++

- وجودا و عدما، أي إن وجدت هذه النقوش و الخطوط في الأوراق زادت قيمتها، و إن لم توجد نقصت قيمتها، ففي هذه الصورة لا حاجة لنا في بيع الخطوط إلى النهي عنها، لأنه لا يقع بإزاء الخط جزء من الثمن حتى يقع الخط في حيز البيع ليرد عليه نهي عن بيعه، لأنه ليس للخطوط وجود استقلالي ذاتي، بل وجودها قهري و تبعي للغير و هو الورق.

(الثاني): أن تعد الخطوط من الأعيان الخارجية المملوكة اى لها وجود استقلالي ذاتي خارجي.

و هذا لا يخلو من أمرين:

(الأول): بقاء الخطوط على ملك الكاتب البائع بعد بيع الورق و الجلد فحينئذ يلزم اشتراك البائع مع المشتري في المبيع، أي يكون المبيع ذا حصتين حصة للبائع و هي الخطوط.

و حصة للمشتري و هي الورق و الجلد و الغلاف.

و هذا خلاف التعاقد بين البائع و المشتري حين اقدامهما على المعاوضة اذ التعاقد الخارجي بين المتبايعين أن لا يبقى للبائع في المبيع حصة و للمشتري في الثمن حصة.

(الثاني): انتقال الخطوط الى المشتري.

و هذا لا يخلو من شقين:

(الأول): أن يكون انتقال الخطوط الى المشتري بجزء من العوض و الثمن فحينئذ تكون الخطوط موردا للنهي الوارد عن بيعها في قوله عليه السلام: لا تشتر كلام اللّه، و لا تشتر كتاب اللّه.

و لكن اشتر الجلد و الحديد و الدفة، لأن بيع المصحف المركب من الخط و غيره ليس إلا جعل جزء من الثمن بإزاء الخط و هو باطل. -

ص: 108

..........

++++++++++

- (الثاني) أن يكون انتقال الخطوط إلى المشتري قهرا و تبعا للورق بالشرط الضمني، لا بإزاء شيء من العوض، أي لم يجعل شيء من الثمن بإزاء الخطوط أصلا و أبدا.

بل الثمن كله قد وقع بإزاء الورق المشتمل على الخط كما يدخل بعض الأشياء في المبيع قهرا و تبعا مثل مفاتيح غرف الدار المبيعة، و مفتاح الباب الخارجي، فان دخول هذه المفاتيح في الدار المبيعة إنما هو تبعا للدار و قهرا لها، و لم يقع أي شيء من ثمن الدار بإزاء المفاتيح.

ثم إن القول بانتقال الخطوط الى المشتري قهرا و تبعا للورق، و عدم وقوع شيء من الثمن بإزائها: لازمه الالتزام بأن المبيع هو الورق المقيد بوجود هذه النقوش و هو ما قلناه من الشرط الضمني، لا الورق و النقوش أي ليس المبيع هو الورق و النقوش معا، حيث إن النقوش لا تكون مملوكة بحكم الشارع، لنهيه عن بيعها كما عرفت في قوله عليه السلام في ص 102:

لا تشتر كلام اللّه، و لا تشتر كتاب اللّه، و الحكم بانتقال النقوش الى المشتري تبعا للورق يكون حكما صوريا، لا حقيقيا، بناء على عدم التملك، لأن المشتري لا يملك الخطوط استقلالا بحكم الشارع.

و هذا معنى الحكم الصوري

و أما وجه انتقال الخطوط الى المشتري بالحكم الصوري، فلأنه بعد البناء على أن الخطوط من الأعيان الخارجية و أنها لا تملك، فلو لم نقل بانتقالها الى المشتري بالحكم الصوري يلزم تعطيل أحكام البيع، لأن من لوازم البيع جواز التصرف في المبيع بأي نحو من أنحائه: من البيع و الهبة و الوقف و الصلح، أي كل من البائع و المشتري يجوز لهما التصرف في ماله فالبائع يبيع ماله، و المشتري يشتري بماله، و بما أن الخطوط لا تملك شرعا، لنهي -

ص: 109

بل من صفات (1) النقوش التي تتفاوت قيمته (2) بوجودها، و عدمها

++++++++++

- الشارع عن بيعها كما عرفت، فلا بد من القول بالحكم الصوري حتى لا يلزم تعطيل أحكام البيع.

و على ضوء ما ذكرناه تحصل أن الخطوط إما ليس لها استقلال ذاتي خارجي، أو لها، فعلى الأول لا مجال لتعلق النهي بها، لعدم وجود لها في الخارج حتى يتعلق النهي فهي سالبة بانتفاء الموضوع.

و على الثاني إما أن يفرض بقاء الخطوط على ملكية البائع، أو لا يفرض فعلى الأول يلزم اشتراك البائع مع المشتري في المبيع و هو خلاف التعاقد اذ التعاقد فيما بين البائع و المشتري أن لا يبقى للبائع في المبيع حصة.

و على الثاني إما أن يجعل جزء من الثمن بإزاء الخطوط، أو لا يجعل أصلا، فعلى الأول يتعلق النهي بالخطوط، لعدم اعتبار الشارع مالية لها فيكون بيعها منهيا عنها.

و على الثاني يلزم الحكم الصوري بملكية الخطوط، لدخولها قهرا و تبعا للورق فلا يجعل جزء من الثمن بإزائها أصلا.

و قد عرفت أنها تنتقل بالشرط الضمني، حيث إن النهي عن بيعها لا يمنع عن صحة تملكها.

و أما الحكم الواقعي فلا يجري، لعدم حكم الشارع بملكية الخطوط.

و أما الحكم الصوري في الخطوط فلأجل أن لا يلزم تعطيل أحكام المبيع فيها مع القول بأن لها وجودا استقلاليا خارجيا.

(1) أي الخطوط من صفات الورق و عوارضه.

هذا هو الفرض الأول المشار إليه في الهامش 4 ص 107 بقولنا: الأول أن لا تعد من الأعيان الخارجية.

(2) أي قيمة الورق بوجود هذه النقوش و الخطوط، و تنقص بسبب -

ص: 110

فلا حاجة الى النهي عن بيع الخط (1) فلا يقع بإزائه (2) جزء من الثمن حتى يقع (3) في حيز البيع.

و إن عدت (4) من الأعيان المملوكة، فإن فرض بقاؤها (5) على ملك البائع بعد بيع الورق و الجلد فيلزم شركته (6) مع المشتري و هو (7) خلاف الاتفاق.

++++++++++

- عدم وجودها كما عرفت آنفا في ص 108.

و مرجع الضمير في عدمها النقوش كما عرفت.

(1) لعدم وجود للخطوط في الخارج وجودا استقلاليا كما عرفت في ص 108.

(2) أي بإزاء الخط كما عرفت في ص 108.

(3) أي الخط كما عرفت في ص 108.

(4) أي النقوش و الخطوط كما عرفت في ص 108.

هذا هو الفرض الثاني المشار إليه في ص 108 بقولنا: الثاني أن تعد الخطوط.

(5) أي بقاء الخطوط.

هذا هو الأمر الأول من الفرض الثاني المشار إليه في ص 108 بقولنا:

الأول بقاء الخطوط على ملك الكاتب.

(6) أي اشتراك البائع مع المشتري كما عرفت في ص 108.

(7) أي اشتراك البائع مع المشتري، حيث إن التعاقد الخارجي بين المتبايعين أن لا يبقى للبائع في المبيع حصة و للمشتري في الثمن نصيب كما عرفت ذلك في ص 108.

ص: 111

و ان انتقلت (1) الى المشتري فإن كان (2) بجزء من العوض فهو البيع المنهي عنه (3)، لأن بيع المصحف المركب من الخط و غيره ليس إلا جعل جزء من الثمن بإزاء الخط.

و إن انتقلت (4) إليه قهرا تبعا لغيرها، لا (5) لجزء من العوض نظير (6) بعض ما يدخل،

++++++++++

(1) أي هذه النقوش و الخطوط بعد البيع.

هذا هو الأمر الثاني من الفرض الثاني المشار إليه في ص 108 بقولنا:

الثاني انتقال الخطوط الى المشتري.

(2) أي انتقال الخطوط الى المشتري كان بإزاء جزء من الثمن.

هذا هو الشق الأول من الأمر الثاني المشار إليه في ص 108 بقولنا:

الأول أن يكون انتقال الخطوط الى المشتري.

(3) أي في الأخبار المشار إليها في قوله عليه السلام في ص 102:

لا تبع الكتاب و لا تشتره.

و في ص 102 في قوله عليه السلام: لا تشتر كلام اللّه.

(4) أي النقوش إن انتقلت الى المشتري قهرا و تبعا للورق و الجلد و الغلاف.

هذا هو الشق الثاني من الأمر الثاني المشار إليه في ص 109 بقولنا:

الثاني أن يكون انتقال الخطوط الى المشتري قهرا و تبعا للورق.

(5) أي و لم تقع الخطوط بإزاء بعض الثمن.

(6) هذا تنظير لانتقال الخطوط الى المشتري قهرا و تبعا للورق أي انتقال الخطوط الى المشتري قهرا و تبعا للورق و الجلد كانتقال بعض الأشياء في المبيع قهرا و تبعا مثل مفاتيح غرف الدار المبيعة التابعة للدار عند بيعها، و مفتاح الباب الخارجي.

ص: 112

في المبيع فهو (1) خلاف مقصود المتبايعين.

مع أن هذا (2) كالتزام كون المبيع هو الورق المقيد بوجود هذه النقوش فيه، لا الورق و النقوش، فإن (3) النقوش غير مملوكة بحكم الشارع: مجرد (4) تكليف صوري، إذ لا أظن أن تعطل أحكام الملك (5) فلا تجري (6) على الخط المذكور إذا بنينا على أنه (7) ملك عرفا قد نهي عن المعاوضة عليه.

++++++++++

(1) أي انتقال الخطوط الى المشتري قهرا و تبعا لا بإزاء بعض الثمن خلاف مقصود المتبايعين، حيث إن مقصودهما من البيع و الشراء دخول الورق و الخطوط و الجلد بأجمعها في المبيع، لا الورق و الجلد المجردان عن الخطوط و النقوش: بأن يقال: إن الغرض الأصلي أولا و بالذات هو الورق و الجلد، ثم ثانيا و بالعرض هي النقوش.

(2) و هو انتقال الخطوط للمشتري تبعا للورق و قهرا له، لا بإزاء جزء من الثمن.

(3) تعليل لعدم كون الورق و النقوش متعلق البيع و إنما المتعلق هو الورق وحده، لأن الخطوط لا تملك بحكم الشارع كما عرفت في ص 110.

(4) خبر لاسم إن في قوله: مع أن هذا.

و قد عرفت شرح التكليف الصوري مفصلا في ص 109.

(5) و قد عرفت وجه ذلك في ص 109 عند قولنا: فلو لم نقل بانتقالها الى المشتري بالحكم الصوري يلزم تعطيل البيع.

(6) أي أحكام الملك فتبقى الخطوط بلا مالك.

(7) أي بعد القول بعدم تعطيل الأحكام نبني و نلتزم بكون الخط ملكا عرفا قد نهي عن المعاوضة عليه شرعا.

ص: 113

بل الظاهر (1) أنه اذا لم يقصد بالشراء إلا الجلد و الورق كان الخط باقيا على ملك البائع فيكون (2) شريكا بالنسبة:

فالظاهر أنه لا مناص عن التزام التكليف الصوري (3).

أو يقال: إن الخط لا يدخل في الملك شرعا و إن دخل فيه عرفا فتأمل (4).

و لأجل ما ذكرناه (5) التجاء بعض إلى الحكم بالكراهة، و أولوية الاقتصار في المعاملة على ذكر الجلد و الورق: بترك إدخال الخط فيه

++++++++++

(1) أي الظاهر من البناء على أن الخط ملك عرفا كما عرفت في ص 111

(2) أي البائع يكون شريكا مع المشتري في المبيع بنسبة قيمة الخط و النقش إلى قيمة الجميع.

فإن كانت نسبة الخط نصفا فالاشتراك بينهما في النصف.

و إن كانت ربعا فربع.

و إن كانت ثلثا فثلث، و هكذا.

(3) و هو الحكم بدخول الخطوط في ملك المشتري قهرا و تبعا للورق كما عرفت في ص 113.

(4) لعل وجه التأمل: أن مادة الكتابة و هو الحبر قد يتفق لها مالية تبذل بإزائها المال فحينئذ يجوز احتساب قيمة المادة من الثمن فيقع بإزاء مادة الكتابة فتصح المعاوضة عليها فتخرج المعاوضة عن كونها صورية.

(5) من الاشكالات الواردة على المعاوضة بالقرآن الكريم، و أن بيعه يدور بين احتمالات أربعة كما عرفت في ص 107-109: التجأ بعض الفقهاء الى الحكم بكراهة بيع القرآن الكريم، جمعا بين الأخبار الدالة على الحرمة و هي المشار إليها في ص 101-103.

و بين الأخبار الدالة على الجواز و هي المشار إليها في ص 104-106.

ص: 114

احتراما (1) و قد تعارف إلى الآن تسمية ثمن القرآن هدية.

بيع المصحف من الكافر و تملك الكافر للمصاحف

ثم إن المشهور بين العلامة رحمه اللّه و من تأخر عنه عدم جواز بيع المصحف من الكافر على الوجه الذي يجوز بيعه من المسلم.

و لعله (2) لفحوى ما دل على عدم تملك الكافر للمسلم، و أن الإسلام يعلو و لا يعلى عليه (3)، فإن (4) الشيخ رحمه اللّه قد استدل به على عدم تملك الكافر للمسلم، و من المعلوم أن ملك الكافر للمسلم إن كان علوا

++++++++++

(1) منصوب على المفعول لأجله أي ترك الإدخال لأجل احترام القرآن

(2) أي و لعل عدم جواز بيع المصحف من الكافر.

و المراد من الفحوى: هو مفهوم الأولوية.

بيان ذلك: أنه ثبت بالإجماع عدم جواز بيع العبد المسلم للكافر لأن لازم البيع تسلط الكافر و استيلاؤه و علوه عليه، و هذا الاستيلاء و العلو منفي بقوله تعالى: وَ لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً فيكون البيع منهيا عنه، فاذا كان البيع منهيا لأجل ذلك فبطريق أولى يكون بيع القرآن منهيا عنه، لوحدة الملاك و المناط و هو الاستيلاء و الاستعلاء

بل الملاك في القرآن أشد و أكثر، إذ ربما يمس الكافر القرآن أو يجعله في مكان لا يليق و مكانة القرآن.

و يعبر عن هذا المفهوم (بمفهوم الموافقة) و له نظائر منها قوله تعالى:

و لا تقل لهما اف.

فاذا كان الأف الذي هو أبسط الأفعال و الأعمال منهيا عنه فبطريق أولى يكون الضرب و القتل و الشتم و الهتك حراما و منهيا عنه.

(3) (وسائل الشيعة). الجزء 17. ص 376. الباب 1 من كتاب الفرائض و المواريث. الحديث 11.

(4) تعليل للأولوية المذكورة المعبر عنها بالفحوى.

ص: 115

على الاسلام فملكه للمصحف أشد علوّا عليه، و لذا (1) لم يوجد هنا قول بتملكه، و إجباره على البيع كما قيل به (2) في العبد المسلم.

و حينئذ فلو كفر المسلم انتقل مصحفه إلى وارثه و لو كان الوارث هو الامام (3). هذا.

و لكن ذكر في المبسوط في باب الغنائم أن ما يوجد في دار الحرب من المصاحف و الكتب التي ليست بكتب الزندقة و الكفر داخل في الغنيمة و يجوز بيعها (4).

و ظاهر ذلك (5) تملك الكفار للمصاحف، و إلا (6) لم يكن وجه لدخولها في الغنيمة، بل كانت من مجهول المالك المسلم.

و إرادة غير القرآن من المصاحف بعيدة (7).

++++++++++

(1) أي و لأجل كون تملك الكافر للقرآن أشد علوا عليه لم يوجد قول بجواز بيع القرآن على الكافر، و إجبار الكافر على بيعه لو بيع عليه.

(2) أي بإجبار الكافر بيع العبد المسلم لو أسلم و مولاه كافر، فإنه يجبر حينئذ على بيعه.

(3) بأن لا يكون للميت وارث من جميع مراتب الإرث حتى ضامن الجريرة، فإن الإمام عليه السلام هو الوارث حينئذ، و به تنتهي مراتب طبقات الإرث.

(4) أي بيع هذه الكتب التي منها المصاحف الكريمة.

(5) أي و ظاهر كون هذه الكتب و منها المصاحف الشريفة داخل في الغنيمة.

(6) أي و لو لم يملك الكفار المصاحف الشريفة لم يكن وجه لدخول المصاحف في الغنائم: لأن الغنائم تملك.

(7) لأن المتبادر من المصاحف هو القرآن الكريم.

ص: 116

الظاهر أن أبعاض المصحف في حكم الكل إذا كانت مستقلة.

و الظاهر أن أبعاض المصحف في حكم الكل (1) إذا كانت مستقلة.

و أما المتفرقة في تضاعيف (2) غير التفاسير من الكتب للاستشهاد بلفظه (3)، أو معناه فلا يبعد عدم اللحوق (4)، لعدم تحقق الإهانة و العلو.

في إلحاق الأدعية المشتملة على أسماء اللّه تعالى وجوه

و في إلحاق الأدعية المشتملة على أسماء اللّه تعالى كالجوشن الكبير مطلقا (5)، أو مع كون الكافر ملحدا بها (6) دون المقر باللّه المحترم لأسمائه، لعدم الإهانة و العلو: وجوه.

++++++++++

(1) أي لو كانت هناك آيات من القرآن الكريم مستقلة و كانت في الغنائم يكون حكمها حكم مجموع القرآن في عدم جواز بيعها للكافر لأن القرآن اسم للجميع فيشمل بعض الآيات، لوحدة الملاك و هو التسلط و العلو من الكافر عليه.

(2) تضاعيف الشيء: ما ضعّف منه فهو اسم جمع لا مفرد له من لفظه.

نظيره في أنه لا واحد له: (تباشير الصبح) أي مقدمات ضيائه و (تعاشيب الأرض) لما يظهر من أعشابها أولا، و (تعاجيب الدهر) لما يأتي من أعاجيبه.

و المراد من التضاعيف هنا: أضعاف الكتاب و هو أثناؤه و أوساطه.

راجع حول هذه اللفظة (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة.

الجزء 3. ص 253 عند هامش 3.

(3) أي بلفظ القرآن، أو معناه.

(4) أي عدم لحوق هذه الكتب بالمصاحف في عدم جواز بيعها من الكفار، بل يلحق بالجواز.

(5) سواء أ كان الكافر ملحدا بأسمائه تعالى أم لا.

(6) أي منكرا لذاته تعالى، و معطلا للعالم.

ص: 117

في إلحاق الأحاديث النبوية بالقرآن وجهان

و في إلحاق الأحاديث النبوية بالقرآن وجهان (1): حكي الجزم به (2) عن الكركي و فخر الدين قدس سرهما، و التردد بينهما (3) عن التذكرة.

و على اللحوق (4) فيلحق اسم النبي صلى اللّه عليه و آله بطريق أولى لأنه أعظم من كلامه، و حينئذ (5) فيشكل أن يملك الكفار الدراهم

++++++++++

(1) و هما: اللحوق فلا يجوز بيعها، و عدم اللحوق فيجوز بيعها.

أما وجه لحوق الأحاديث بالقرآن في عدم جواز بيعها فلعين الملاك الموجود في القرآن: من أن ملك الكافر للقرآن موجب لعلوه عليه و هو منفي في قوله تعالى: «وَ لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً» .

و أما وجه عدم لحوقها بالقرآن و أن البيع جائز فهو أن تعظيمها لا يبلغ تعظيم القرآن.

و هنا وجه آخر لعدم لحوقها بالقرآن و هو عدم علو الكافر على الأحاديث بسبب تملكه لها، و من المحتمل أن الأحاديث تؤدي إلى هدايته و تشرفه بدين الاسلام لو قرأها و طالعها.

(2) أي باللحوق.

(3) أي بين الإلحاق و عدمه: بتساوي الوجهين، و عدم ترجيح أحدهما على الآخر.

(4) أي بناء على لحوق الأحاديث النبوية بالقرآن في عدم جواز بيعها على الكافر: يلحق اسم (الرسول الأعظم) بالقرآن الكريم في عدم جواز بيعه للكافر بطريق أولى، لأن اسمه صلى اللّه عليه و آله أعظم من كلماته الصادرة منه، لعدم جواز مس اسمه الشريف بغير طهارة للمسلم

(5) أي و حين أن ألحقنا اسمه الشريف بالقرآن الكريم في عدم جواز بيعه إلى الكفار.

ص: 118

و الدنانير المضروبة في زماننا (1) المكتوب عليها اسم النبي صلى اللّه عليه و آله.

إلا أن يقال: إن المكتوب عليها (2) غير مملوك عرفا، و لا يجعل بإزاء الاسم

++++++++++

(1) إشارة إلى الدنانير الذهبية المسكوكة ب (طهران) أيام عاهل ايران (السلطان محمد شاه قاجار) ثالث ملوك قاجار الذي اعتلى العرش عام 1250 الهجري، فإنه أمر بضرب السكة باسم (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله هكذا: (شاهنشه أنبياء محمد) أي سلطان سلاطين الأنبياء و ملك ملوكهم (محمد صلى اللّه عليه و آله) و كان هذا الضرب في عهد (الشيخ الأنصاري).

و هكذا الدنانير التي ضربت في عهد ملوك الاسلام: من (الأمويين و العباسيين و الفاطميين و البويهيين). و عليه اسم (الرسول الأعظم).

و أول نقد من الدنانير الصفر، و الدراهم البيض ضرب في الاسلام.

هي الدنانير الذهبية، و الدراهم الفضية التي ضربت في عهد (عبد الملك ابن مروان) بإرشاد من الإمام أبي جعفر الباقر (محمد بن علي بن الحسين) عليهم الصلاة و السلام خامس (أئمة أهل البيت) حيث أمره بضرب السكة الاسلامية في أوزان مخصوصة، و جعل النقش عليها كلمة التوحيد و ذكر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: بأن يجعل في وجه الدينار و الدرهم كلمة التوحيد أي (لا إله إلا اللّه) و (محمد رسول اللّه) في الوجه الآخر، و تجعل مدار الدرهم و الدينار ذكر البلد الذي يضرب فيه، و السنة التي يضرب فيها.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 1. من ص 50 إلى ص 55 فقد ذكرنا الواقعة هناك بطولها.

و كلمة محمد في شاهنشه أنبياء: مبتدأ مؤخر و جملة شاهنشه أنبياء خبر مقدم قدم لإفادة الحصر كما في قوله تعالى: إيّاك نعبد، زيدا ضربت.

(2) أي اسم (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله المكتوب في الدنانير و الدراهم غير مملوك عرفا.

ص: 119

الشريف المبارك من حيث إنه اسمه جزء من الثمن فهو كاسمه المبارك المكتوب على سيف، أو على باب دار، أو جدار (1).

إلا أن يقال (2): إن مناط الحرمة التسليط، لا (3) المعاوضة، بل و لا التمليك (4).

و يشكل (5) أيضا من جهة مناولتها الكافر مع العلم العادي بمسه إياه خصوصا (6) مع الرطوبة.

++++++++++

(1) لا يخفى أن الاشكال الذي ذكرناه في اسمه المبارك المكتوب على الدنانير و الدراهم المضروبة: يجري في اسمه المبارك المكتوب على السيف أو على باب الدار.

(2) أي يقال: إن علة تحريم بيع الدنانير و الدراهم المكتوب فيها اسم (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله: هو تسليط البائع المشتري الكافر عليها، فإن قلنا بذلك فلا فرق في الحرمة بين الكتابة البارزة و الكتابة المنحوتة

ثم إنه لا اختصاص لهذا التسليط بالبيع، لأنه يحصل بالهبة و الصلح أيضا فيكونان محرمين.

(3) أي و ليست علة حرمة بيع الدنانير و الدراهم المذكورة المعاوضة حتى يقال بالفرق بين الكتابة البارزة فيحرم البيع، و بين الكتابة المنحوتة فلا يحرم، بل العلة هو التسليط كما عرفت.

(4) أي و ليست علة تحريم بيع الدنانير و الدراهم المذكورة تمليك البائع المشتري الكافر حتى يقال بالفرق بين الكتابة البارزة و المنحوتة.

(5) أي و يشكل بيع الدنانير و الدراهم المذكورة من ناحية اخرى:

و هو استلزام البيع لمناولة الكافر تلك الدراهم و الدنانير يدا بيد، و هذه المناولة تستلزم مس الكافر بيده تلك الدراهم و الدنانير المكتوب فيها اسم النبي صلى اللّه عليه و آله، و لا سيما إذا كانت يده مرطوبة، فانه تزداد الحرمة أكثر و أشد لناحيتين: ناحية المس و ناحية تنجيس الاسم المبارك.

(6) أي و لا سيما تزداد حرمة البيع مع الرطوبة كما عرفت آنفا.

ص: 120

جوائز السّلطان

ص: 121

ص: 122

المسألة الثانية: جوائز السلطان و عماله

اشارة

(الثانية) (1) (جوائز السلطان و عماله) (2) بل مطلق المال المأخوذ منهم مجانا، أو عوضا (3) لا يخلو (4) عن أحوال، لأنه إما أن لا يعلم أن في جملة أموال هذا الظالم مالا محرما يصلح لكون المأخوذ هو من ذلك المال.

و إما أن يعلم.

و على الثاني (5) فإما أن لا يعلم ذلك المحرّم، أو شيئا منه داخل في المأخوذ، و إما أن يعلم ذلك.

و على الثاني (6) فإما أن يعلم تفصيلا، و إما أن يعلم إجمالا.

++++++++++

(1) أي المسألة الثانية من المسائل التي ذكرها الشيخ في الخاتمة بقوله في ص 101: خاتمة تشتمل على مسائل.

(2) و هم الوزراء و الامراء و القواد و الحكام، و حكام البلاد و الولاة و كل من يخدم الدولة.

(3) كالمعاوضة بالبيع و الإجارة.

(4) الجملة مرفوعة محلا خبر للمبتدإ المتقدم و هو قوله: جوائز السلطان.

(5) و هو العلم بوجود مال الحرام في أموال السلطان يصلح أن يكون المأخوذ من جملته.

(6) و هو العلم بأن مال الحرام أو شيئا منه داخل في الجائزة المأخوذة من السلطان.

ص: 123

فالصور أربع:
اشارة

فالصور أربع:

الصورة الأولى عدم العلم بأن في جملة أموال السلطان مالا محرما

أما الاولى (1) فلا إشكال فيها في جواز الأخذ، و حليّة التصرف للأصل (2)، و الإجماع، و الأخبار الآتية.

لكن ربما يوهم بعض الأخبار أنه يشترط في حل مال الجائر ثبوت مال حلال له: مثل ما عن الاحتجاج عن الحميري أنه كتب الى صاحب الزمان عجل اللّه فرجه يسأله عن الرجل يكون من وكلاء الوقف مستحلا (3) لما في يده لا يتورع عن أخذ ماله (4) ربما نزلت في قريته و هو فيها أو ادخل منزله و قد حضر طعامه فيدعوني إليه فان لم آكل عاداني عليه فهل يجوز لي أن آكل من طعامه، و أتصدق بصدقة (5) و كم مقدار الصدقة ؟

و إن أهدى هذا الوكيل هدية إلى رجل آخر فيدعوني إلى أن أنال منها و أنا أعلم أن الوكيل لا يتورع عن أخذ ما في يده (6) فهل علي فيه شيء إن أنا نلت منها (7)؟

++++++++++

(1) أي الصورة الاولى من الصور الأربعة: و هو عدم العلم بأن في جملة أموال السلطان مالا محرما يصلح أن تكون الجوائز المأخوذة من تلك الأموال.

(2) الظاهر: أن المراد من الأصل الإباحة.

(3) المراد من مستحلا لما في يده: هو الوقف أي يستحل أكله و التصرف فيه بأقسامه، و عدم صرفه في الجهات المختصة للوقف.

(4) أي عن أخذ مال الوقف لنفسه، و صرفه لجهاته الشخصية.

(5) أي عوضا عما أكلته في دار الرجل الذي من وكلاء الوقف الذي يستحل أكل الوقف، و لا يتورع عن أخذ ماله.

(6) أي من تلك الهدية التي أهداها وكيل الوقف إلى رجل آخر.

(7) و هو الوقف، أي لا يبالي الرجل الذي من وكلاء الوقف من أخذ نماء الوقف و صرفه لجهاته الشخصية.

ص: 124

الجواب إن كان لهذا الرجل (1) مال، أو معاش غير ما في يده فكل طعامه، و اقبل برّه، و إلا (2) فلا، بناء على أن الشرط في الحلية هو وجود مال آخر (3) فاذا لم يعلم به لم يثبت الحل.

لكن هذه الصورة (4) قليلة التحقق.

الصورة الثانية علم الآخذ بوجود مال حرام للسلطان في جملة أمواله يصلح أن تكون الجائزة منه، لكنه لا يعلم تفصيلا

و أما الثانية (5) فان كانت الشبهة فيها غير محصورة فحكمها كالصورة الاولى (6).

++++++++++

(1) الذي هو من وكلاء الوقف و لا يتورع عن أخذ نماء الوقف لنفسه.

(2) أي و إن لم يكن للرجل المذكور مال سوى الوقف المذكور فلا يجوز لك أن تأكل من أمواله، أو تقبل هديته.

(وسائل الشيعة) الجزء 12. ص 160. الباب 51. الحديث 15.

فقوله عليه السلام: إن كان لهذا الرجل مال، أو معاش غير ما في يده صريح في أنه يشترط في حلية مال الجائر ثبوت مال حلال في أمواله حتى يجوز أخذ جوائزه.

(3) أي مال حلال آخر غير تلك الأموال.

(4) و هي الصورة التي لا يعلم بأن للظالم مالا حلالا، إذ لا يمكن خلو أموال السلطان من المال الحلال.

(5) أي الصورة الثانية من الصور الأربعة التي ذكرها الشيخ بقوله في ص 124 فالصور أربع: و هو علم الآخذ بوجود مال حرام للسلطان في جملة أمواله يصلح أن تكون الجائزة منه، لكنه لا يعلم تفصيلا أن هذه الجائزة من ذاك المال الحرام.

(6) أي في عدم وجوب الاجتناب عن الجائزة المهداة من قبل السلطان.

بل له الأخذ، لأن وجوب الاجتناب عن الشبهة غير المحصورة مستلزم للعسر و الحرج المنفي في قوله تعالى: وَ مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي اَلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ .

ص: 125

و كذا (1) اذا كانت محصورة بين ما لا يبتلي المكلف به، و بين ما من شأنه (2) الابتلاء به كما إذا (3) علم أن الواحد المردد بين هذه

++++++++++

(1) أي و كذا لا يجب الاجتناب عن الشبهة المحصورة إذا كان بعض أطرافها خارجا عن محل الابتلاء كما إذا كان أحدهما نجس و قد اشتبه بالطاهر.

لكن أحدهما في (النجف الأشرف) و الثاني في (القاهرة) و الذي في القاهرة و هو احد أطراف الشبهة خارج عن محل ابتلاء المكلف الذي في (النجف الأشرف).

ففي هذه الصورة لا يجب الاجتناب على المكلف عن الآنية الموجودة عنده في (النجف الأشرف)، لعدم تنجز الخطاب بالتكليف هنا، فإن الخطاب بالاجتناب عن ذلك لا يحسن إلا على وجه التعليق و التقييد بقوله:

إذا اتفق لك الابتلاء بذلك كالعارية، أو التملك، أو الإباحة، و الخطاب يجب أن يكون منجزا، و خروج أحد الأطراف عن محل الابتلاء يمنع تنجز الخطاب، لاحتمال كون الخارج عن محل الابتلاء هو النجس الواقعي أو الحرام الواقعي فلا يمكن تعلق النهي به.

(2) و لا يخفى أن في العبارة تسامحا، فان شأنية الابتلاء لا تصحح الخطاب، فإن معنى الشأنية أن هذا الفرد ليس محل الابتلاء في الحال الحاضر، بل يمكن أن يكون محل الابتلاء في المستقبل و الحال أن الشبهة المحصورة لا بد أن يكون أحد أطرافها محل ابتلاء المكلف فعلا.

(3) هذا مثال للشبهة المحصورة التي أحد أطرافها محل الابتلاء فالمثال صحيح، لكن التسامح في العبارة.

و حاصل المثال أنه لو كان للسلطان جاريتان فرضا احداهما من نسائه و قد صارت أم ولد له فهي خارجة عن محل الابتلاء و أطراف الشبهة المحصورة و ثانيتهما أهداها لأحد رجال دولته و قد صارت له ثم إن المهدى له -

ص: 126

الجائزة، و بين أم ولده المعدودة من خواص نسائه مغصوب.

و ذلك (1) لما تقرر في الشبهة المحصورة: من اشتراط تنجز تعلق التكليف فيها (2) بالحرام الواقعي بكون (3) كل من المشتبهين بحيث يكون التكليف بالاجتناب عنه منجزا لو فرض كونه (4) هو المحرّم الواقعي

++++++++++

- يعلم اجمالا أن احدى الجاريتين غصبية ففي هذه الحالة لا يجب عليه الاجتناب عن الحرام المردد بين الجارية المهداة له، و بين الجارية التي من نساء السلطان:

بترك الجارية المهداة له، لعدم تنجز العلم الإجمالي هنا و الخطاب يجب أن يكون منجزا.

و المراد من الجائزة الجارية المهداة.

و مرجع الضمير في نسائه السلطان.

(1) تعليل لعدم وجوب الاجتناب عن الطرف الواقع محلا للابتلاء أي و عدم وجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة الخارج بعض أطرافها عن محل الابتلاء: لأجل ما تقرر في الشبهة المحصورة: من أن وجوب الاجتناب عن كلا المشتبهين يشترط فيه تنجز التكليف عن الحرام الواقعي على كل تقدير، سواء أ كان هو محل الابتلاء أم الخارج، و الحال ليس الأمر كذلك، لأن ما خرج عن الابتلاء لا يصح فيه التكليف لو كان هو الحرام الواقعي.

(2) أي في الشبهة المحصورة الخارج بعض أطرافها عن محل الابتلاء

(3) الباء بيان لاشتراط تنجز التكليف بالحرام الواقعي على كل تقدير و قد عرفت الاشتراط المذكور، أي و يشترط في تنجز التكليف بالحرام الواقعي في العلم الاجمالي: الفعلية.

(4) أي كون كل من المشتبهين المحصورتين كما عرفت.

ص: 127

لا مشروطا (1) بوقت الابتلاء المفروض انتفاؤه في أحدهما (2) في المثال فان التكليف غير منجز بالحرام الواقعي (3) على أي تقدير، لاحتمال كون المحرم (4) في المثال هي أمّ الولد، (5) و توضيح المطلب في محله (6).

++++++++++

(1) أي لا يكون تنجز تعلق التكليف مشروطا بوقت الابتلاء و مقيدا به.

(2) أي انتفاء تنجز الفعلي في أحد المشتبهين الخارج عن محل الابتلاء كالمثال الذي ذكره الشيخ في ص 126 بقوله: كما إذا علم أن الواحد المردد بين هذه الجائزة، و بين أم ولده المعدودة من خواص نسائه مغصوب.

(3) و هو المردد بين هذه الجائزة، و بين أم ولد السلطان المعدودة من خواصه و قد صارت أم ولد له، سواء علمنا الحرام الواقعي علما تفصيليا أم اجماليا.

(4) و هو المحرم الواقعي المردد بين الشيئين.

(5) و هي الخارجة عن محل الابتلاء فعلا، لعدم الطريق إليها.

لكن من المحتمل الوصول إليها يوما ما كما عرفت.

(6) أي توضيح كون شرط تنجز التكليف في العلم الاجمالي منوطا على التنجز الفعلي مذكور في محله.

راجع (فرائد الاصول الرسائل لشيخنا الأعظم الأنصاري) مبحث الاشتغال عند قوله: الثالث وجوب الاجتناب عن كلا المشتبهين إنما هو مع تنجز التكليف بالحرام الواقعي على كل تقدير إلى آخر ما أفاده هناك فقد اشبع الكلام فيه و اسهب: من حيث تنجز علم الاجمالي و عدمه و أقسامه و من خروج بعض الأطراف عن محل الابتلاء، و أن التنجز في أيّ قسم منها قدس اللّه نفسه الزكية.

ص: 128

ثم إنه صرح جماعة بكراهة الأخذ (1)، و عن المنتهى الاستدلال له (2) باحتمال الحرمة، و بمثل (3) قوله عليه السلام: دع ما يريبك، و قولهم (4) عليهم السلام: من ترك الشبهات نجا من المحرمات إلى آخر الحديث.

و ربما يزاد على ذلك (5): بأن أخذ المال منهم يوجب محبتهم فان القلوب مجبولة على حب من أحسن إليها، و يترتب عليها (6) من المفاسد ما لا يخفى.

++++++++++

(1) أي كراهة أخذ جوائز السلطان في الصورة الثانية: و هو علم الآخذ بأن للسلطان مالا محرما في أمواله، لكنه لا يعلم أن هذه الجائزة من ذلك المال المحرم.

(2) أي لكراهة أخذ جوائز السلطان باحتمال الحرمة في الأخذ، و هذا الاحتمال يكفي في الحكم بالكراهة، و الباء في باحتمال الحرمة بيان للاستدلال.

(3) أي و استدلوا على كراهة أخذ جوائز السلطان بمثل قوله عليه السلام راجع (وسائل الشيعة). الجزء 18. ص 127. الباب 12 من أبواب صفات القاضي. الحديث 56.

(4) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله: و بمثل قوله: أي و استدلوا على الكراهة بمثل قول (الأئمة المعصومين) صلوات اللّه و سلامه عليهم

راجع (من لا يحضره الفقيه). طباعة مطبعة النجف. الجزء 3:

ص 6. الباب 9. آداب القضاء. الحديث 2.

(5) أي و ربما يزاد على الاستدلال بكراهة أخذ الجوائز من السلطان

(6) أي على هذه المحبة المتولدة من أخذ الجائزة.

و لا يخفى أن التعليل المذكور بعينه جار في الصورة الاولى أيضا: و هو عدم علم آخذ الجائزة من السلطان أن في أموال السلطان مالا محرما يصلح أن تكون الجائزة منها، بل ربما يجري في المال الحلال القطعي أيضا.

ص: 129

و في الصحيح (1): أن أحدكم لا يصيب من دنياهم شيئا إلا أصابوا من دينه مثله.

و ما (2) عن الامام الكاظم عليه السلام من قوله: لو لا أني أرى من ازوجه من عزاب آل أبي طالب، لئلا ينقطع نسله ما قبلتها أبدا.

ثم إنهم ذكروا ارتفاع الكراهة بامور:

(منها): إخبار المجيز (3) بحليته: بأن يقول: هذه الجائزة من تجارتي، أو زراعتي، أو نحو ذلك (4) مما يحل للآخذ التصرف فيه.

و ظاهر المحكي عن الرياض تبعا لظاهر الحدائق أنه مما لا خلاف فيه (5).

و اعترف ولده (6) في المناهل: بأنه لم نجد له (7) مستندا، مع أنه

++++++++++

(1) أي و في الحديث الصحيح.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 128. الباب 42 الحديث 5.

(2) مجرور محلا عطفا على قوله: و في الصحيح اي و في الحديث الوارد عن الامام (موسى الكاظم) عليه السلام.

راجع نفس المصدر. ص 159. الحديث 11. الباب 51.

(3) و هو السلطان الجائر المعطي للجائزة ثم يخبر أنها حلال.

(4) من الوجوه المحللة لأخذ الجائزة كالإرث و الهبة.

(5) أي لا خلاف بين الفقهاء في أن إخبار المجيز بكون الجائزة من تجارتي يرفع كراهة أخذ الجوائز.

(6) أي ولد صاحب الرياض و هو (السيد المجاهد الطباطبائي) مضى شرح حياته في مقدمة الجزء الأول من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة.

ص 90-91-98 في حياة الشيخ عند ذكر أساتذته.

(7) أي لرفع الكراهة بإخبار المجيز.

ص: 130

لم يحك (1) التصريح به إلا عن الأردبيلي، ثم عن العلامة الطباطبائي.

و يمكن (2) أن يكون المستند ما دل على قبول قول ذي اليد فيعمل بقوله (3) كما لو قامت البينة على تملكه (4).

و شبهة (5) الحرمة و إن لم ترتفع بذلك، إلا أن الموجب للكراهة

++++++++++

(1) هذه الجملة: (مع أنه لم يحك التصريح به إلا عن الأردبيلي) (لشيخنا الأنصاري، لا للسيد المجاهد).

و مرجع الضمير في أنه: الشأن، يحك بصيغة المجهول.

و مرجع الضمير في به: رفع الكراهة، أي لم يحك التصريح برفع الكراهة إلا عن (المقدس الأردبيلي و السيد الطباطبائي) فقط.

(2) من هنا كلام (الشيخ) أي يمكن أن يكون مستند رفع الكراهة

(3) معنى العمل بقوله ترتب الآخذ آثار الملكية على المأخوذ:

من جواز أنواع التصرف فيه.

(4) أي على تملك المجيز لهذه الجائزة فكما أن البينة تثبت ملكية المجيز لو قامت على ذلك.

كذلك ادعاء ذي اليد ملكية شيء يثبت ملكية ذلك الشيء.

(5) المراد من الشبهة هنا الاحتمال.

و الدليل على ذلك قول (الشيخ الأنصاري) في سياق هذا الكلام:

ليس مجرد الاحتمال، و المعنى أن احتمال الحرمة و إن لم ترتفع في الواقع و نفس الأمر إذا كان مستند قول صاحب الجائزة ما دل على قبول قوله لبقاء الاحتمال المذكور و لا سيما في عصرنا الحاضر الذي لا يبالي المسلمون في تحصيل المال من أي وجه حصل، بل نرى كثيرا من المسلمين مع علمهم بحرمة المال يقدمون على أخذه و تحصيله.

ص: 131

ليس مجرد الاحتمال، و إلا (1) لعمت الكراهة اخذ المال من كل أحد بل الموجب له (2) كون الظالم مظنة الظلم و الغصب، و غير متورع عن المحارم

نظير كراهة سئور من لا يتوقى النجاسة (3)، و هذا المعنى (4) يرتفع بإخباره، إلا إذا كان خبره كيده مظنة للكذب (5)، لكونه ظالما غاصبا فيكون خبره حينئذ كيده، و تصرفه غير مفيد إلا للإباحة الظاهرية غير المنافية للكراهة فيختص الحكم يرفع الكراهة بما إذا كان مأمونا في خبره.

و قد صرح الأردبيلي بهذا القيد (6) في إخبار وكيله.

و بذلك (7) يندفع ما يقال:

++++++++++

(1) أي و لو كان الموجب للكراهة مجرد احتمال الحرمة لاختل النظام لمجيء هذا الاحتمال في مال كل أحد فيكره أخذه، و ليس الأمر كذلك.

(2) أي لكراهة أخذ جوائز السلطان.

(3) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 1.

ص 47. التعليقة رقم 1.

(4) و هو كون الظالم مظنة للظلم و الغصب، و غير متورع عن المحارم

(5) لا يخفى أن كون يده ملوثة بالظلم و الغصب و أنه غير متورع عن المحارم لا يستلزم كون إخباراته و أقواله ملوثة بالكذب، إذ رب شخص يكون ظالما و ليس بكاذب، و رب شخص يكون كاذبا و ليس ظالما غاصبا فقد يجتمعان و قد يفترقان.

نعم يمكن تلويث الأقوال من ناحية اخرى.

(6) و هو كون وكيل الظالم مأمونا عن الكذب في أقواله.

(7) أي و بالقيد المذكور يندفع الاشكال الوارد.

هذا دفع وهم حاصله: أنه لا فرق بين اليد، و بين الإخبار في كون كل منهما مفيدا للملكية الظاهرية فلما ذا خصصتم رفع الكراهة عن جوائز -

ص: 132

من (1) أنه لا فرق بين يد الظالم و تصرفه، و بين خبره في كون كل منهما مفيدا للملكية الظاهرية غير (2) مناف للحرمة الواقعية المقتضية للاحتياط فلا وجه لوجود الكراهة الناشئة عن حسن الاحتياط مع اليد، و ارتفاعها

++++++++++

- السلطان بإخبار الظالم دون تصرفاته ؟

فرفع الكراهة كما يجري في إخبار الظالم.

كذلك يجري في تصرفاته من دون فرق بين الإخبار و التصرف.

(1) كلمة من بيان للإشكال المذكور الذي عبرنا عنه بالوهم و قد عرفته آنفا في الهامش 7. ص 132.

و قد أجاب الشيخ عن الوهم المذكور بالقيد المذكور: و هو كون الظالم مأمونا عن الكذب في إخباراته و أقواله

و حاصل الجواب أن القيد المذكور هو الفارق بين إخبار الظالم و بين تصرفاته، حيث ترتفع الكراهة عن أخذ جوائزه بإخباره، لكونه مأمونا عن الكذب. و لا ترتفع الكراهة عن الجائزة التي في يده، و تحت تصرفه، لعدم كونه مأمونا عن الظلم.

فلو قال الظالم: هذه الجائزة من ملكي الخاص و من مالي الحلال الذي ملكته بالوجه الصحيح الشرعي صدّق و اخذت الجائزة، لعدم الكراهة هنا، لكونه مأمونا عن الكذب.

و لا يخفى أن الظالم إذا كان مأمونا في تصرفاته اخذت الجائزة منه أيضا لوحدة الملاك و المناط في كليهما.

(2) منصوب على الحالية لكلمة الملكية الظاهرية أي حال كون الملكية الظاهرية لا تنافي الحرمة الواقعية المقتضية للاحتياط الذي هو طريق النجاة.

ص: 133

مع الإخبار. فتأمل (1).

(و منها) (2): إخراج الخمس منه حكي عن المنتهى و المحقق الأردبيلي، و ظاهر الرياض هنا (3) أيضا عدم الخلاف.

و لعله (4) لما ذكر في المنتهى في وجه استحباب إخراج الخمس من هذا المال: أن (5) الخمس مطهر للمال المختلط يقينا بالحرام، فمحتمل الحرمة

++++++++++

(1) لعل وجهه: أن في رفع الكراهة عن إخبار الظالم يجتمع سببان.

و هما: اليد. و الإخبار و اليد مؤيدة للإخبار فيكون العامل و الداعي في رفع الكراهة أقوى و آكد.

بخلاف ما إذا كانت اليد وحدها فيضعف عامل رفع الكراهة، فبهذا تحصل الكراهة في تصرفات الظالم فلا ترتفع فيها فهذا هو الموجب للفرق بين إخبار الظالم، و بين تصرفاته.

(2) أي و من الامور التي تكون موجبة لرفع كراهة أخذ جوائز السلطان إخراج خمس المأخوذ من السلطان.

(3) أي في باب إخراج الخمس من مال السلطان.

(4) أي و لعل رفع الكراهة في أخذ جوائز السلطان لأجل ما ذكره العلامة في المنتهى في وجه استحباب إخراج الخمس عن جائزة السلطان.

(5) هذا وجه ما ذكره العلامة في استحباب إخراج الخمس من جوائز السلطان.

و خلاصته أن المال الحلال المختلط مع المال الحرام القطعي الذي حرمته قطعية و مسلمة إذا كان إخراج الخمس منه موجبا لحليته و طهارته فيجوز التصرف فيه، لكون القذارة فيه عرضية جاءته من قبل الاختلاط مع المال الحرام و تلوثه به: فالمال الحلال المختلط مع المال المحتمل حرمته أولى بالحلية و الطهارة إذا اخرج خمسه، لأن معنى طهارة الشيء بالخمس جعل المال -

ص: 134

أولى بالتطهير به، فان مقتضى الطهارة بالخمس صيرورة المال حلالا واقعيا فلا يبقى حكم (1) الشبهة كما لا يبقى في المال المختلط يقينا بعد إخراج الخمس.

نعم يمكن الخدشة في أصل الاستدلال (2): بأن (3) الخمس إنما يطهر المختلط بالحرام، حيث إن بعضه حرام و بعضه حلال فكأن الشارع جعل الخمس بدل ما فيه من الحرام فمعنى تطهيره تخليصه بإخراج الخمس مما فيه من الحرام (4) فكان مقدار الحلال (5) طاهرا في نفسه إلا أنه قد تلوث بسبب الاختلاط مع الحرام فصار محكوما بحكم الحرام: و هو وجوب الاجتناب، فاخراج الخمس مطهر له (6) عن هذه القذارة

++++++++++

- حلالا واقعيا من دون أن يبقى حكم الشبهة و هو وجوب الاجتناب عن هذا المال الحلال المختلط مع الحرام المحتمل كما لا يبقى حكم الشبهة في المال الحلال المختلط مع المال الحرام الواقعي بعد إخراج خمسه.

(1) المراد من حكم الشبهة هو وجوب الاجتناب كما عرفت.

(2) و هو استدلال العلامة بأولوية طهارة المال الحلال المختلط مع المال المشكوك الحرمة.

(3) الباء بيان لكيفية الخدشة في أصل الاستدلال و قد ذكرها الشيخ في المتن فلا نعيدها.

(4) أي الذي لا يعلم كميته.

(5) أي الذي لا يعلم كميته أيضا.

(6) أي لهذا المال المختلط بالحرام الواقعي القطعي فيرتفع عنه وجوب الاجتناب الذي جاء من قبل الشارع فيكون جائز التصرف، لأن قذارته عرضية نشأت من اختلاط المال الحلال بالمال الحرام الواقعي فإخراج الخمس منه تزول تلك القذارة العرضية.

ص: 135

العرضية (1).

و أما المال المحتمل (2) لكونه بنفسه حراما و قذرا ذاتيا فلا معنى لتطهيره بإخراج خمسه، بل (3) المناسب لحكم الأصل حيث جعل الاختلاط قذارة عرضية: كون (4) الحرام قذر العين، و لازمه (5) أن المال المحتمل

++++++++++

(1) إلى هنا كان الكلام في المال الحلال المختلط مع المال الحرام الواقعي.

(2) أي المال المحتمل كله حلالا، و المحتمل كله حراما كما فيما نحن فيه و هي الجوائز المأخوذة من السلطان الجائر و التي ليس بعضها حلالا و بعضها حراما قد اختلطا و تلوث الحلال بالحرام و اشتبه به و سرت القذارة من الحرام إلى الحلال حتى يمكن تطهيره بإخراج الخمس منه، لأن أموال السلطان بنفسها حرام و قذر ذاتي فلا معنى لتطهيره باخراج الخمس منه.

(3) هذا ترق من الشيخ عما أفاده: من عدم إمكان المجال للأولوية في المال الحلال المختلط مع المال الحرام المحتمل.

و خلاصته: أن هنا شيئين: مقيسا عليه و هو الحلال المختلط مع الحرام القطعي المعبر عنه بالأصل الذي كانت قذارته عرضية كما عرفت.

و مقيسا و هو الحلال المختلط مع الحرام المحتمل، فالمناسب حينئذ لحكم الأصل الذي هو المقيس عليه و الذي جعل الاختلاط فيه قذارة عرضية كون الحرام قذر العين أي عين الحرام و شخصه قذرا، و لازم هذه القذارة العينية أن المال المحتمل الحرمة الذي هو المقيس غير قابل للطهارة بسبب إخراج الخمس منه فلا بد من الاجتناب عنه.

(4) بالرفع خبر للمبتدإ المتقدم و هو قوله: بل المناسب.

(5) أي و لازم كون الحرام قذر العين كما عرفت.

ص: 136

الحرمة غير قابل للطهارة فلا بد من الاجتناب عنه (1).

نعم (2) يمكن أن يستأنس، أو يستدل على استحباب الخمس (3) بعد فتوى النهاية التي هي كالرواية ففيها كفاية في الحكم بالاستحباب.

و كذلك فتوى السرائر مع عدم العمل فيها (4) إلا بالقطعيات:

بالموثقة (5) المسئول فيها عن عمل السلطان يخرج فيه (6) الرجل ؟

قال عليه السلام: لا (7) إلا أن لا يقدر على شيء يأكل و يشرب (8)

++++++++++

(1) أي عن هذا المال المحتمل كله حرام، أو كله حلال، لعدم وجود الحلال فيه أصلا كما عرفت آنفا.

(2) استدراك عما أفاده آنفا: من أن لازم كون الحرام قذر العين أن لا يكون قابلا للطهارة، و أنه واجب الاجتناب.

(3) أي لهذا المال المحتمل كله حرام، و المحتمل كله حلال.

(4) خلاصته أن فتوى (ابن ادريس) في كتابه السرائر باستحباب اخراج الخمس من المال المحتمل كله حرام، أو كله حلال مع أنه لا يعمل في السرائر إلا بالأخبار القطعية الصدور إما بالتواتر، أو بكونها محفوفة بالقرائن الخارجية، لعدم حجية أخبار الآحاد عنده.

و كذا فتوى صاحب النهاية باستحباب المذكور التي تعد فتواه فيها كالرواية من حيث الحجية: كافيتان في حجية الاستحباب المذكور.

لكن مع ذلك لنا موثقة في المقام نستدل بها على المدعى.

(5) الجار و المجرور متعلق بقوله: يستأنس، أو يستدل أي يستدل بالموثقة على المدعى كما عرفت آنفا.

(6) أي في عمل السلطان بأن يكون عاملا عنده في شئونه الإدارية.

(7) أي لا يجوز للرجل أن يدخل في عمل السلطان.

(8) فإنه يجوز له حينئذ أن يدخل في عمل السلطان الجائر بشرط اخراج الخمس من المال المتخذ من السلطان تجاه عمله الذي قام به للسلطان.

ص: 137

و لا يقدر على حيلة (1) فان فعل فصار في يده شيء فليبعث بخمسه إلى أهل البيت (2)، فان موردها و إن كان ما يقع في يده بإزاء العمل إلا أن الظاهر عدم الفرق بينه، و بين ما يقع في اليد على وجه الجائزة (3)

و يمكن أن يستدل له (4) أيضا بما دل على وجوب الخمس في الجائزة مطلقا (5) و هي عدة أخبار مذكورة في محلها (6).

و حيث إن المشهور غير قائلين بوجوب الخمس في الجائزة حملوا تلك الأخبار (7) على الاستحباب.

ثم إن المستفاد مما تقدم: من اعتذار (8) الإمام الكاظم عليه السلام

++++++++++

(1) أي و قد انسدت عليه طرق الإعاشة جمعاء، و ليس له مدخل للارتزاق إلا الدخول في عمل السلطان.

(2) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 141. الحديث 3.

الباب 48 من أبواب ما يكتسب به.

(3) من قبل السلطان الجائر من غير بدل، أو يقع في يده بإزاء البيع، أو الشراء من السلطان.

(4) أي لاستحباب الخمس في المال المحتمل كله حلال، أو كله حرام.

(5) أي سواء أ كان معلوم الحرمة أم محتملها.

(6) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 6. ص 349. الباب 8:

الحديث 5.

و ص 350. الحديث 7. و ص 351. الحديث 10.

ثم لا يخفى أن أخبار الباب بعضها بلفظ الجائزة، و بعضها بلفظ الهدية.

(7) و هي التي أشرنا إليها في الهامش 6.

(8) المراد من الاعتذار تعليل الإمام عليه السلام عن أخذه جوائز -

ص: 138

من قبول الجائزة بتزويج عزاب الطالبيين لئلا ينقطع نسلهم، و من غيره (1):

أن الكراهة ترتفع بكل مصلحة هي أهم في نظر الشارع من الاجتناب عن الشبهة.

++++++++++

- (هارون الرشيد) بقوله: لو لا أني أرى من أزوجه من عزّاب آل (أبي طالب).

و ليس المراد من الاعتذار معناه الظاهري، إذ لا يتصور ذلك في حق الإمام، لأن له الولاية التشريعية بقوله عز من قائل: «أَطِيعُوا اَللّٰهَ وَ أَطِيعُوا اَلرَّسُولَ وَ أُولِي اَلْأَمْرِ مِنْكُمْ » فله أنحاء التصرف في الأنفس و الأموال و لا سيما إذا كانت الأموال مجهول المالك كأموال الخلفاء و الملوك في العصرين: (الاموي و العباسي).

كما أن له الولاية التكوينية بقوله جل اسمه:

«إِنَّمٰا وَلِيُّكُمُ اَللّٰهُ وَ رَسُولُهُ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا اَلَّذِينَ يُقِيمُونَ اَلصَّلاٰةَ وَ يُؤْتُونَ اَلزَّكٰاةَ وَ هُمْ رٰاكِعُونَ » (1) .

و هذه الولاية بعينها هي الولاية التكوينية في (اللّه و رسوله الأعظم) صلى اللّه عليه و آله.

لكن مع فرق في (اللّه و الرسول و الامام)، حيث إن الولاية في اللّه عز اسمه ذاتية، و في الرسول و الامام إفاضية تفاض عليهما من قبل المولى الجليل جل جلاله و عم نواله، لما لهما من المقام الشامخ الرفيع المعطى لهما من حضرة الرب العظيم بقوله جل جلاله: «إِنَّمٰا يُرِيدُ اَللّٰهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» .

و الإرادة هذه إرادة تكوينية يستحيل فيها تخلف المراد عن الإرادة.

(1) أي و من غير هذا الحديث الوارد في المقام.

ص: 139


1- الآية.

و يمكن أن يكون اعتذاره (1) عليه السلام اشارة إلى أنه لو لا صرفها (2) فيما يصرف فيه المظالم المردودة (3) لما قبلها فيجب (4)، أو ينبغي أن يأخذها ثم يصرفها في مصارفها.

++++++++++

(1) أي اعتذار الامام الكاظم عليه السلام.

(2) أي لو لا قصد الإمام عليه السلام من أخذ الجائزة صرفها في مواردها و هو تزويج عزاب (آل أبي طالب).

(3) كلمة المردودة صفة للمظالم أي المظالم التى ترد إلى أهلها.

و المراد من المظالم الأموال المشتبهة المجتمعة عند الإنسان من أشخاص متعددين، أو شخص واحد لا يعرفون بشخصهم و هويتهم فتصرف هذه الأموال بعد الفحص المقرر في الشريعة الإسلامية و اليأس عن أربابها:

للفقراء صدقة عن صاحبها.

ثم هذا الصرف يكون باذن من الحاكم الشرعي.

أو تقدم للحاكم الشرعي حتى يصرفها هو بنفسه للفقراء و في مصارفهم حسب رأيه و اختياره.

ثم إن ظهر صاحبها بعد أن صرفها فالأقوال عند الفقهاء مختلفة.

فمنهم من يقول بعدم ضمان للمعطي لهذه الأموال، لأنه كان مجازا في صرفها من الشارع.

و منهم من يقول بالضمان مع أنه كان مأذونا من قبل الشارع.

(4) أي على الإمام عليه السلام إذا كانت أموال السلطان معلوم الحرمة أو ينبغي للإمام عليه السلام إذا كانت أمواله محتمل الحرمة أن يأخذ تلك الجوائز فيصرفها في مصارفها: من تزويج عزاب (آل أبي طالب)، و غيره حسب رأيه عليه السلام.

ص: 140

و هذه الفروع (1) كلها بعد الفراغ عن إباحة أخذ الجائزة.

و المتفق عليه (2) من صورها صورة عدم العلم بالحرام في ماله (3)

++++++++++

(1) المراد من الفروع: ما ذكره (الشيخ) في موضوع ارتفاع الكراهة في جوائز السلطان بقوله: ثم إنهم ذكروا ارتفاع الكراهة بامور:

(منها): إخراج الخمس من الجائزة، فانه مطهر لها.

(و منها): إخبار شخص السلطان بحلية الجائزة أي هذه الفروع مترتبة على صورة إباحة أخذ الجائزة من السلطان الجائر، و بعد الفراغ عن اباحتها.

(2) أي المتفق عليه عند فقهائنا الإمامية من صور إباحة أخذ جوائز السلطان الجائر.

من هنا يريد الشيخ يذكر صور جواز أخذ جوائز السلطان: و هي أربعة، ثلاثة منها متفق عليها بين الفقهاء، و واحدة مختلف فيها.

فنحن نذكر كل واحدة من تلك الصور عند ما يذكرها الشيخ مع الاشارة التفصيلية من المتفق عليها و المختلف فيها.

ثم لا يخفى عليك أن هذه الصور الأربع غير الصور الأربع التي قسمها الشيخ و ذكر منها اثنتين في ص 123 بقوله: لا يخلو من أحوال، لأنه إما أن يعلم في جملة أموال هذا الظالم.

(3) هذه هي الصورة الاولى المتفق عليها بين الفقهاء في جواز أخذ الجائزة.

و لا يخفى أن الصورة هذه بعينها هي الصورة الاولى من الصور الأربع التي قسمها الشيخ و ذكرها بقوله: لا يخلو من أحوال فلا يدرى لما ذا ذكرها الشيخ و أفردها هنا مستقلة.

ص: 141

أصلا، أو العلم (1) بوجود الحرام مع كون الشبهة غير محصورة أو محصورة (2) ملحقة بغير المحصورة على ما عرفت.

و إن كانت (3) الشبهة محصورة بحيث تقتضي قاعدة الاحتياط لزوم

++++++++++

(1) هذه هي الصورة الثانية التي اتفق الفقهاء على جواز أخذ الجائزة فيها: و هو علم الآخذ بوجود مال حرام في جملة أموال السلطان علما اجماليا، لكن الشبهة فيها غير محصورة بمعنى أن الحرام لا يستوعب جميع أموال السلطان، بل استوعب بعضها فهنا لا يتنجز العلم الإجمالي.

(2) هذه هي الصورة الثالثة التي اتفق الفقهاء على جواز أخذ الجائزة فيها: و هو علم الآخذ بوجود مال حرام في أموال السلطان الجائر علما اجماليا و الشبهة محصورة، لكنها ملحقة بغير المحصورة كما في الثانية:

بأن كان أحد أطرافها خارجا عن محل الابتلاء كما في المثال الذي ذكره الشيخ في ص 126 بقوله: و كذا لو كانت محصورة بين ما لا يبتلى المكلف به، و بين ما من شأنه الابتلاء به كما إذا علم أن الواحد المردد بين هذه الجائزة، و بين أم ولده المعدودة من خواص نسائه مغصوب.

(3) هذه هي الصورة الرابعة و التي وقعت محل الخلاف بين الفقهاء في جواز أخذ الجائزة فيها: و هي الصورة الثالثة بعينها التي كانت الشبهة فيها محصورة.

و هذه الصورة و إن كانت قاعدة الاحتياط تقتضي فيها وجوب الاجتناب عن جميع أطراف الشبهة، لأن جميع أطراف الشبهة أصبحت محل الابتلاء و ليست خارجة عن دائرة الشبهة فالعلم الإجمالي هنا منجز للتكليف.

لكن مع ذلك كله فقد أفتى بعض الفقهاء بحلية أخذ جوائز السلطان الجائر في هذه الصورة كما ذكر ذلك (الشهيد الثاني) في المسالك -

ص: 142

الاجتناب عن الجميع (1)، لقابلية (2) تنجز التكليف بالحرام المعلوم اجمالا: فظاهر (3) جماعة المصرح به في المسالك و غيره الحل (4)، و عدم لحوق حكم الشبهة المحصورة هنا.

قال (5) في الشرائع: جوائز السلطان الجائر الظالم إن علمت حراما بعينها (6) فهو حرام، و نحوه (7) عن نهاية الأحكام و الدروس و غيرهما.

قال في المسالك: التقييد بالعين (8) اشارة إلى جواز أخذها إن علم اجمالا (9) أن في أمواله مظالم

++++++++++

- فقد أخذ الشيخ بذكر أسماء الفقهاء الذين أفتوا بذلك و قالوا بخروجها عن حكم الشبهة المحصورة.

(1) أي جميع أطراف الشبهة كما علمت.

(2) تعليل لوجوب الاجتناب عن الجميع.

و قد ذكرنا التعليل في الهامش 3 ص 142 عند قولنا: لأن جميع أطراف الشبهة.

(3) جواب للشرط المتقدم في قوله: و إن كانت الشبهة.

(4) أي حلية جوائز السلطان في هذه الصورة كما عرفت.

(5) من هنا أخذ الشيخ في نقل الأقوال الدالة على حلية جوائز السلطان في هذه الصورة، فهذا أول الأقوال.

(6) أي علما تفصيليا مانعا عن النقيض.

(7) أي و نحو ما في الشرائع، هذا ثاني الأقوال.

(8) أي تقييد صاحب الشرائع حرمة أخذ جوائز السلطان بالعين في قوله: إن علمت حراما بعينها، لأجل أن المراد من العلم العلم التفصيلي لا العلم الإجمالي.

(9) أي آخذ الجوائز إن علم اجمالا أن في أموال السلطان أموالا من المظالم و الحرام جاز له الأخذ.

ص: 143

كما هو (1) مقتضى حال الظالم، و لا يكون حكمها (2) حكم المال المختلط بالحرام في وجوب اجتناب الجميع، للنص (3) على ذلك. انتهى.

أقول (4): ليس في أخبار الباب ما يكون حاكما على قاعدة الاحتياط

++++++++++

(1) أي وجود المظالم و المال الحرام هو مقتضى حال السلطان الجائر لأن من شأنه أن يأخذ قهرا و يغصب و ينهب و يحبس و يقتل.

(2) أي حكم الجائزة المأخوذة من السلطان إن علم اجمالا أن في أمواله مظالم.

(3) تعليل لعدم وجوب الاجتناب عن جوائز السلطان الجائر و أن حكمها ليس حكم المال المختلط بالحرام و ان علم اجمالا أن في أمواله مظالم، أي لوجود النص الخاص على هذا الجواز.

أليك نص الحديث 5 المذكور في (الوسائل). الجزء 12.

ص 161-162. الباب 52 من أبواب شراء ما يأخذه الجائر.

عن (أبي جعفر) عليه السلام قال: سألته عن الرجل منا يشتري من السلطان من ابل الصدقة و غنم الصدقة و هو يعلم أنهم يأخذون منهم أكثر من الحق الذي يجب عليهم.

قال: فقال: ما الإبل إلا مثل الحنطة و الشعير، و غير ذلك لا بأس به حتى تعرف الحرام بعينه.

و الرواية هذه و إن كانت واردة في الشراء، لكنه لا فرق بين الشراء و الجائزة، لشمول قوله عليه السلام: و غير ذلك الجائزة.

(4) من هنا يريد الشيخ النقاش مع (الشهيد الثاني) فيما أفاده:

من وجود النص على جواز أخذ جوائز السلطان و ان علم اجمالا بوجود مال حرام في جملة أمواله

و خلاصته: أنه لا يوجد في الأخبار الواردة في هذا الباب و هو باب -

ص: 144

في الشبهة المحصورة، بل هي مطلقة أقصاها (1) كونها من قبيل قولهم عليهم السلام: كل شيء لك حلال، أو كل شيء فيه حلال و حرام فهو لك حلال.

++++++++++

- جواز أخذ جوائز السلطان التي تذكر في ص 156-159: رواية تكون حاكمة على قاعدة الاحتياط في الشبهة المحصورة الآمرة بوجوب الاجتناب عن أطرافها.

بل الأخبار الواردة في الباب كلها مطلقة و آبية عن حلية أخذ جوائز السلطان و إن علم إجمالا بوجود الحرام فيها، إذ أقصى تلك الأخبار و أبعدها التي يمكن التمسك بها في المقام حسب زعم المستدل: قولهم عليهم السلام:

كل شيء لك حلال، أو كل شيء فيه حلال و حرام فهو لك حلال.

راجع حول الحديثين (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 59.

الباب 4. الحديث 1. و ص 60. الحديث 4

و هذان الحديثان و إن كانا يدلان على حلية كل شيء للمكلف حتى جوائز السلطان و إن علم إجمالا بوجود الحرام فيها.

لكن مع ذلك كله ليس لتلك الأخبار حكومة على قاعدة الاحتياط الآمرة بوجوب الاجتناب عن الشبهات المحصورة فهي حصن حصين لا يضعضعها أي شيء فهي الحاكمة على تلك الأخبار.

(1) أفعل تفضيل مشتق من صيغة الفاعل قاص و هي مشتقة من قصا يقصو و زان دعا يدعو ناقص واوي: جمعه أقاص معناه البعد يقال: أقصى زيد فلانا عنه أي أبعده.

و المراد منه هنا كما عرفت آنفا عند قولنا: إذ أقصى تلك الأخبار:

أن أبعد تلك الأخبار و أقصاها الدالة على جواز أخذ جوائز السلطان و إن علم إجمالا بوجود مال حرام في أمواله حسب زعم المدعي: الحديثان المذكوران آنفا.

ص: 145

و قد تقرر (1) حكومة قاعدة الاحتياط،

++++++++++

(1) أي في علم الاصول.

راجع (فرائد الاصول الرسائل لشيخنا الأنصاري) فقد اشيع الكلام هناك، إذ هو مبتكر قاعدة الحكومة و واضع حجرها الأساسي كما عرفت في حياته في الجزء الأول من المكاسب من طبعتنا الحديثة. ص 104-105 فراجع.

و لما انجر بنا الكلام إلى الحكومة لا بأس باشارة إجمالية إلى معناها ثم معنى التخصيص، ثم الفرق بين الحكومة و التخصيص، ثم معنى الورود ثم معنى التخصيص، ثم الفرق بينهما، ثم الفرق بين الورود و الحكومة.

فنقول مستعينا بواهب العطيات: الحكومة معناها حسب ما يفهم من مقصود العلماء: تقديم أحد الدليلين على الآخر تقديم سطوة و عنوة و سلطة و غلبة، و بهذه الجهة تسمى: ب (الحكومة)، و ليس تقديم دليل الحاكم على المحكوم من ناحية السند، أو من ناحية الحجية.

بل هما بعد التقديم على ما هما عليه من السند و الحجية بمعنى أنهما لا يتكاذبان في مدلولهما فلا تعارض بينهما من هذه الناحية و الجهة.

لكن التقديم من ناحية أدائية بحسب لسان الحاكم و المحكوم.

خذ لذلك مثالا:

لو قال من يهمه الأمر: (اكرم العلماء)، ثم قال: (الفاسق ليس بعالم) فالدليل الثاني يكون حاكما على الدليل الأول، لأن مفاده إخراج الفاسق عن صفة العلم تنزيلا، أي ينزل القائل الفسق منزلة الجهل و علم الفاسق منزلة عدم العلم.

و عليه فلا يبقى عموم للفظ العلماء حتى يشمل الفاسق العالم بحسب هذا الادعاء و التنزيل فلا يشمل الفاسق حكم العام، و لا يعطى له ما كان يعطى -

ص: 146

..........

++++++++++

للعلماء: من وجوب الإكرام، و أي شيء آخر يوجب امتيازه عن الآخرين.

هذا في العرفيات:

و أما في الشرعيات فقوله عليه السلام: لا شك لكثير الشك، و لا شك للمأموم مع حفظ الإمام، أو لا شك للامام مع حفظ المأموم، فإن هذه الأدلة تكون حاكمة على أدلة حكم الشك للشاك، لأن بيانها كما عرفت في المثال العرفي إخراج كثير الشك، و شك الإمام و المأموم، أو بالعكس عن إطار صفة الشك تنزيلا و ادعاء فمن حق هذه الأدلة أن لا يعطى لكثير الشك، و لا لشك الإمام و المأموم، أو بالعكس حكم الشاك: من بطلان صلاتهم، أو البناء على الأقل، أو الأكثر حسب أنواع الشك.

و أما معنى التخصيص فهي عبارة عن سلب حكم العام عن الخاص و إخراجه عن دائرة العموم، مع فرض بقاء العام على عمومه بعد التخصيص و شموله للخاص بحسب لسانه و ظهوره الذاتي فيكون دليل الخاص منافيا لعموم العام فيكونان متعارضين متكاذبين، إلا أن دليل الخاص أظهر من دليل العام فيقدم عليه، لبناء العقلاء على تقديم دليل الخاص على دليل العام فمن هنا نستكشف أن المتكلم الحكيم لما كان في مقام الجد و البيان لم يرد العموم من لفظ العام و إن كان ظاهر اللفظ العموم و الشمول، لحكم العقل بقبح ذلك من الحكيم بعد التخصيص.

خذ لذلك مثالا:

لو قال من يهمه الأمر: (اكرم العلماء) ثم قال بعد ذلك:

(لا تكرم الفاسق) فالقول الثاني يكون مخصصا للأول، لأن مفاده ليس إلا عدم وجوب اكرام الفاسق، مع بقاء صفة العلم له، و أنه عالم مع كونه فاسقا.

و أما الفرق بين الحكومة و التخصيص: أن دليل الحكومة لا يكون -

ص: 147

..........

++++++++++

- منافيا لدليل المحكوم، و ليس بينهما تناف و تعارض كما عرفت في المثال.

بخلاف دليل التخصيص، فإنه مناف لدليل العام فيكونان متنافيين متعارضين.

لا يقال: إن الحكومة و التخصيص كليهما يخرجان مدلول أحد الدليلين عن مدلول دليل الآخر فما الفرق بينهما؟

فإنه يقال: إن الاخراج في الحكومة تنزيلي على وجه لا يبقى ظهور ذاتي للعموم في الشمول كما عرفت في المثال.

و أن الإخراج في التخصيص حقيقي مع بقاء الظهور الذاتي للعموم كما عرفت في المثال.

ثم إن الحكومة على قسمين: قسم يضيق دائرة الموضوع كالأمثلة المتقدمة العرفية و الشرعية.

و قسم يوسع دائرته كما لو قال من يهمه الأمر: (اكرم العلماء) ثم قال عقيبه: (المتقي عالم) فهذا الدليل يكون حاكما على الدليل الأول و ليس فيه اخراج عن صفة العلم و العلماء.

بل في الدليل الثاني توسعة لدائرة العلم و العلماء ادعاء، ليشمل المتقي تنزيلا له منزلة العلماء، و التقوى منزلة العلم، فيعطى للمتقي ما يعطى للعلماء:

من الإكرام و التبجيل و التعظيم، و غير ذلك من الامور اللائقة بمقام العلم هذا في العرفيات.

و أما في الشرعيات فقوله عليه السلام: (الطواف في البيت صلاة) فتنزيل الطواف في البيت بمنزلة الصلاة: يعطي أن له في الثواب و الفضيلة ما لها، و أن له من الأحكام المناسبة للصلاة و التي تخصها من الشكوك.

و أما معنى الورود فهي عبارة عن خروج الشيء بالدليل عن موضوع -

ص: 148

..........

++++++++++

- دليل آخر كخروج دليل الإمارة عن أدلة الاصول العقلية، مثل البراءة و الاحتياط و قاعدة التخيير، فان دليل الإمارة وارد على تلك الأدلة و خارج عنها خروجا موضوعيا، لأن البراءة العقلية موضوعها و تحققها فقدان البيان الذي يحكم العقل بقبح العقاب بلا بيان، فالدليل الدال على حجية الإمارة يعتبر الامارة بيانا تعبديا فاذا وجدت فلا يحكم العقل بقبح العقاب بلا بيان، لأنها بيان تعبدا، و بهذا التعبد يرتفع موضوع البراءة العقلية الذي هو عدم البيان.

و كذا الحال في قاعدة الاحتياط، فان موضوعها و تحققها عند عدم المؤمّن من العقاب، لكنك قد عرفت أن الإمارة بمقتضى دليل حجيتها مؤمنة فيرتفع موضوع قاعدة الاحتياط الذي هو عدم المؤمن.

و هكذا قاعدة التخيير، فان موضوعها الحيرة و الدوران بين المحذورين لكنك قد عرفت أن الإمارة بمقتضى دليل حجيتها مرجحة لأحد الطرفين فيرتفع موضوع التخيير الذي هي الحيرة و الدوران بين المحذورين.

هذا معنى الورود.

لا يقال: إن بالتفسير الذي فسرتم الورود لا يبقى فرق بينه، و بين التخصص لأن التخصص خروج الشيء بالدليل عن موضوع دليل آخر خروجا حقيقيا كخروج الجاهل عن موضوع دليل (اكرم العلماء)، فان الجاهل خارج حقيقة و واقعا عن دائرة العلماء، لعدم الانسجام بين معنى العلم و الجهل فهما متضادان متنافران فبينهما تنافر كلي.

فإنه يقال: نعم الأمر كما ذكرتم، لكن هناك فرق واضح بين الورود و التخصص، فان خروج التخصص عن موضوع دليل آخر خروج تكويني أي بلا عناية تعبد من الشارع. -

ص: 149

على ذلك (1) فلا بد حينئذ (2) من حمل الأخبار (3) على مورد لا تقتضي

++++++++++

- و أما خروج دليل الورود عن موضوع دليل آخر فخروج تعبدي من الشارع فيكون الدليل الدال على التعبد واردا على الدليل المثبت لحكم موضوعه.

هذا معنى الورود، و معنى التخصص و الفرق بينهما

و أما الفرق بين الورود و الحكومة فأظن قد اتضح لك بعد هذا البيان و إن أبيت فقل: إن ورود أحد الدليلين على الآخر باعتبار كون أحدهما رافعا لموضوع الآخر حقيقة.

لكن بعناية التعبد فيكون الأول واردا على الثاني.

بخلاف الحكومة، حيث إنها لا توجب خروج مدلول الحاكم حسا و على طريق الحقيقة عن موضوع مدلول المحكوم.

بل خروجه حكمي و تنزيلي بواسطة ثبوت المتعبد به اعتبارا.

هذا تمام الكلام في الحكومة و الورود، و التخصيص و التخصص و الفرق بين الحكومة و الورود و التخصيص و التخصص، و الحكومة و التخصيص و الورود و التخصص.

راجع اصول المظفر. الجزء 3. من ص 219 إلى 224

(1) أي على الأخبار المذكورة التي ذكرت في ص 145.

(2) أي حين أن قلنا بحكومة قاعدة الاحتياط على هذه الأخبار

من هنا يريد الشيخ أن يعالج هذه الأخبار، ليجمع بينها، و بين قاعدة الاحتياط الآمرة بوجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة فيمهد طريقا للعلاج و الحل فحمل تلك الأخبار على أحد الموارد الآتية.

(3) و هي أخبار الجواز المشار إليها في ص 145.

ص: 150

القاعدة (1) لزوم الاجتناب عنه كالشبهة غير المحصورة (2)، أو المحصورة (3) التي لم يكن كل من محتملاتها موردا لابتلاء المكلف، أو على (4) أن ما يتصرف فيه الجائر بالإعطاء يجوز أخذه، حملا (5) لتصرفه على الصحيح

++++++++++

(1) و هي قاعدة الاحتياط الآمرة بوجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة.

(2) هذا أول الموارد التي لا تشمله قاعدة الاحتياط المذكورة فهو خارج عن تحت حكمها المذكور: و هو وجوب الاجتناب فمورد تلك الأخبار الآمرة بجواز أخذ الجوائز هذا الفرد.

(3) هذا ثان الموارد التي لا تشمله قاعدة الاحتياط المذكورة فهو خارج عن تحت حكمها المذكور فمورد تلك الأخبار الآمرة بجواز أخذ الجائزة هذا الفرد.

و قد أشار الشيخ إلى هذا الفرد في ص 126 بقوله: و كذا إذا كانت محصورة.

و وجه خروجه عنها ان أحد أطراف الشبهة خارج عن محل ابتلاء المكلف كما عرفت.

(4) هذا ثالث الموارد التي لا تشمله قاعدة الاحتياط المذكورة: فهو خارج عن تحت حكمها المذكور فمورد تلك الأخبار الآمرة بجواز أخذ الجائزة هذا الفرد.

(5) تعليل لخروج المورد الثالث عن تحت حكم قاعدة الاحتياط.

و خلاصته: أن أفعال السلطان تحمل على الصحة، لكونه أحد المسلمين و المسلم بما أنه مسلم لا يقدم على الحرام.

ص: 151

أو لأن (1) تردد الحرام بين ما ملكه الجائر، و بين غيره: من قبيل (2) التردد بين ما ابتلى به المكلف، و ما لم يبتل به: و هو (3) ما لم يعرّضه الجائر لتمليكه فلا يحرم (4) قبول ما ملكه، لدوران (5) الحرام بينه و بين ما لم يعرضه لتمليكه، فالتكليف بالاجتناب عن الحرام الواقعي غير

++++++++++

(1) هذا رابع الموارد التي لا تشمله قاعدة الاحتياط المذكورة فهو خارج عن تحت حكمها المذكور فهذا مورد تلك الأخبار الآمرة بجواز أخذ الجائزة هذا الفرد.

(2) هذا تنظير للحرام المردد بين ما ملكه الجائر، و بين غيره

و خلاصته: أن الحرام المراد في هذا المورد من قبيل النجس المردد بين محل ابتلاء المكلف به، و بين ما لم يبتل به.

فكما أن هناك لا يجب الاجتناب عن النجس الواقعي المردد بين ما ابتلى به المكلف، و بين ما لم يبتل به.

كذلك هنا لا يجب الاجتناب عن الحرام الواقعي المردد بين هذا و ذاك، لعدم تنجز العلم الإجمالي.

(3) تفسير لقوله: و بين غيره.

(4) أي على المكلف أخذ مثل هذه الجائزة، لعدم تنجز العلم الإجمالي كما عرفت.

(5) تعليل لعدم حرمة أخذ مثل هذه الجائزة

ثم لا يخفى عليك أن الفرق بين هذا المورد، و المورد الثالث مع أن كليهما من الشبهة المحصورة، و أن أحد أطراف الشبهة المحصورة خارج عن محل ابتلاء المكلف فهو كالشبهة غير المحصورة في الحكم، و لذا قال في ص 142: أو المحصورة ملحقة بغير المحصورة.

بخلاف المورد الرابع، فإن طرف الشبهة يكون تحت حيازة غيره.

ص: 152

منجز عليه (1) كما أشرنا إليه سابقا (2).

فلو فرضنا موردا خارجا عن هذه الوجوه المذكورة (3) كما (4) إذا

++++++++++

(1) أي على هذا المكلف.

(2) عند قوله في ص 126: و كذا إذا كانت محصورة بين ما لا يبتلى به المكلف.

(3) و هي الموارد الأربعة التي كانت خارجة عن حكم قاعدة الاحتياط الآمرة بوجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة

و قد ذكرنا الموارد المذكورة في ص 141-142 تحت.

(4) هذا أول مورد داخل تحت حكم قاعدة الاحتياط الآمرة بوجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة و الذي لا تشمله الأخبار المذكورة الآمرة بعدم وجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة.

و كلمة (مقاصة) مضى شرحها لغة و اعلالا في الجزء 4 من المكاسب من طبعتنا الحديثة. ص 80 فراجع.

و معنى المقاصة: أن الدائن يأخذ من مال المدين بمقدار ما يطلبه عند ما ينكر المدين الدين، أو نسيه و لم يمكن للدائن اثبات دينه، أو مطالبته حتى يستوفي حقه.

و كذا عند مماطلة المدين الدائن مع يساره، و حلول وقت الدين فلا يجوز للدائن أخذ شيء من أموال السلطان الجائر عوضا عن طلبه و هو يعلم إجمالا بوجود مال الحرام في أمواله، للزوم العمل بقاعدة الاحتياط الآمرة بوجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة، لتنجز العلم الاجمالي هنا و إن كان يجوز للدائن أخذ شيء من أموال المدين في غير هذا المقام كما إذا كان بعض الأموال خارجا عن متناول يده فلا تشمله قاعدة الاحتياط حتى يجب الاجتناب عنه، لعدم تنجز العلم الاجمالي حينئذ فيجوز له الأخذ مقاصة.

ص: 153

أراد أخذ شيء من ماله مقاصة، أو اذن (1) له الجائر في أخذ شيء من أمواله على سبيل التخيير، أو علم (2) أن المجيز قد أجازه من المال المختلط في اعتقاده (3) بالحرام.

بناء (4) على أن اليد لا تؤثر في حل ما كلف ظاهرا بالاجتناب عنه

++++++++++

(1) هذا ثان الموارد الداخلة تحت حكم قاعدة الاحتياط الآمرة بوجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة و الذي لا تشمله تلك الأخبار الآمرة بعدم وجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة، فلا يجوز للمكلف الأخذ من تلك الأموال التي تعطى له بعنوان الجائزة، لتنجز العلم الإجمالي هنا.

(2) هذا ثالث الموارد الداخلة تحت حكم قاعدة الاحتياط الآمرة بوجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة و الذي لا تشمله تلك الأخبار الآمرة بعدم وجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة، فلا يجوز للمكلف التصرف في أموال الجائر و ان أجاز له التصرف، لعلم المجاز إجمالا بوجود مال حرام في جملة أموال السلطان حسب اعتقاد السلطان باختلاط مال الحرام في جملة أمواله.

(3) أي في اعتقاد الجائر كما عرفت.

(4) منصوب على المفعول لأجله و تعليل لعدم جواز التصرف من قبل الآخذ في الجائزة فهو دفع وهم في الواقع.

و حاصل الوهم: أن العلم الاجمالي في هذه الصورة منجز في حق المجيز الذي هو السلطان الجائر، لعلمه بكون أمواله مختلطا مع الحرام.

و أما الآخذ فلا تجري الحرمة في حقه، لحكومة يد المجيز على العلم الاجمالي، لكون يده يد صحة فيحمل فعله على الصحة فيجوز للمكلف أخذ الجائزة من هذه الأموال

فأجاب الشيخ رحمه اللّه عن الوهم ما حاصله: -

ص: 154

كما لو (1) علمنا أن شخصا أعارنا أحد الثوبين المشتبهين في نظره (2) فانه لا يحكم بطهارته (3)

فالحكم في هذه الصور (4) بجواز أخذ بعض ذلك (5) مع العلم بوجود الحرام فيه، و طرح قاعدة الاحتياط في الشبهة المحصورة في غاية الاشكال، بل الضعف.

فلنذكر (6) النصوص الواردة في هذا المقام (7)، و نتكلم (8)

++++++++++

- إن يد الجائر ليست يد صحة، لعلم الآخذ بأن المجيز مأمور بالاجتناب عن أمواله فلا مجال للآخذ من حمل يده على الصحة.

(1) مثال لما إذا علم الآخذ أن المجيز قد اجازه من المال المختلط في اعتقاد الجائز.

(2) أي في نظر المعير بحيث كان مكلفا بالاجتناب عنهما، لعلمه الإجمالي بنجاسة أحدهما

(3) أي بطهارة أحد الثوبين المشتبهين في نظر المعير.

(4) و هي الصور الثلاث المذكورة في قول الشيخ في ص 153: كما إذا أراد أخذ شيء من أمواله مقاصة، أو اذن له الجائر بأخذ شيء من أمواله، أو علم الآخذ أن المجيز قد أجازه من المال المختلط بالحرام في اعتقاد المجيز.

(5) أي بعض أموال الجائر، مع علم الآخذ اجمالا بوجود الحرام في مال الجائر.

(6) من هنا يريد الشيخ أن يذكر الأخبار التي استدل بها الخصم على مقاومتها و حكومتها لقاعدة الاحتياط الآمرة بوجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة، ثم يأخذ في الرد عليها.

(7) و هو عدم وجوب الاجتناب في الشبهات المحصورة.

(8) أي ثم نتكلم في كمية دلالة عموم كل واحد من هذه النصوص -

ص: 155

في مقدار شمول كل واحد منها بعد ذكره حتى يعلم عدم نهوضها للحكومة على القاعدة.

فمن الأخبار التي استدل بها في هذا المقام قول الامام الصادق عليه السلام:

كل شيء فيه حلال و حرام فهو لك حلال أبدا حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه (1).

و قوله عليه السلام: كل شيء هو لك حلال حتى تعرف أنه حرام بعينه (2).

و لا يخفى (3) أن المستند،

++++++++++

- حتى يعلم عدم قيامها و مقاومتها للحكومة على قاعدة الاحتياط.

و مرجع الضمير في نهوضها الأخبار الواردة.

و المراد من القاعدة قاعدة الاحتياط.

(1) هذه احدى الروايات المستدل بها على المدعى: و هو عدم وجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة.

(2) هذه ثانية الروايات المستدل بها على المدعى المذكور.

راجع حول الحديثين ص 145.

(3) من هنا أخذ الشيخ في الرد على الخبرين المستدل بهما على المدعى و خلاصة الرد: أن المدرك و المستند في مسألة جواز أخذ جوائز السلطان لو كان هذين الخبرين فالواجب علينا حينئذ أحد الامرين لا محالة.

إما الالتزام بأن الاصل و القاعدة في الشبهة المحصورة في جوائز السلطان عدم وجوب الاحتياط مطلقا، سواء أ كانت أطراف الشبهة خارجة عن محل ابتلاء المكلف أم لا، و سواء أ كانت الشبهة المحصورة دفعية أم تدريجية كما ذهب إليه قليل من المتأخرين.

و إما الالتزام بخروج جوائز السلطان فقط عن حكم قاعدة الاحتياط -

ص: 156

في المسألة (1) لو كان مثل هذا (2) لكان الواجب.

إما التزام أن القاعدة في الشبهة المحصورة عدم وجوب الاحتياط مطلقا (3) كما عليه شرذمة من متأخري المتأخرين.

أو أن مورد الشبهة المحصورة من جوائز الظلمة خارج عن عنوان الأصحاب.

و على أي تقدير (4) فهو على طرف النقيض مما تقدم عن المسالك.

++++++++++

- في الشبهات المحصورة، و ابقاء هذه القاعدة على ما هي عليها، و عدم انخرامها في جميع الشبهات المحصورة.

هذا بناء على خروج هذه الجوائز عن مورد قاعدة الاحتياط عند الأصحاب، فانهم حينما يعنونون الشبهة المحصورة و يحكمون بوجوب الاجتناب فيها يخرجون جوائز السلطان عن حكمها، و يلتزمون بعدم وجوب الاجتناب عنها.

(1) أي مسألة جوائز السلطان كما عرفت آنفا.

(2) أي مثل هذين الخبرين كما عرفت آنفا.

(3) قد علمت معنى الاطلاق آنفا عند قولنا في ص 156: سواء أ كانت أطراف الشبهة.

(4) من هنا يريد الشيخ يناقش (الشهيد الثاني) فيما أفاده: من عدم وجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة فيجوز للمكلف أخذ جوائز السلطان و إن علم اجمالا أن في أمواله مالا حراما.

و خلاصته: أن حكمه بذلك مناقض لما تقدم عنه في المسالك، لأنه أفاد هناك بوجوب الاجتناب في الشبهات المحصورة، لتنجز العلم الإجمالي فيها.

ثم أفاد بخروج جوائز السلطان الظالم عن تحت قاعدة وجوب الاحتياط في الشبهات المحصورة، و أنه يجوز أخذ الجوائز، لعدم تنجز العلم الاجمالي -

ص: 157

..........

++++++++++

- فهذا هو التناقض و التهافت.

أما تناقض حكمه بخروج جوائز السلطان و حليتها عن قاعدة الاحتياط الآمرة بوجوب الاجتناب عنها على التقدير الاول: و هو عدم وجوب الاجتناب في الشبهات المحصورة فواضح، حيث إنه لا يلتزم بعدم وجوب الاجتناب في الشبهات المحصورة، بل قائل بوجوب الاجتناب عنها.

و أما تناقض حكمه بخروج جوائز السلطان و حليتها عن عنوانات الأصحاب حينما يعنونون الشبهات المحصورة، و يحكمون بوجوب الاجتناب عنها على التقدير الثاني: و هو تنجز العلم الإجمالي في الشبهات المحصورة فواضح أيضا، حيث إنه، لم يقل بخروج الشبهة المحصورة عن عنوانات الأصحاب، و لم يلتزم بذلك هذا هو التناقض.

هذا ما أفاده الشيخ حول كلام (الشهيد الثاني) في المسالك.

لكن الانصاف أن ما أفاده (شيخنا الشهيد) في المسالك غير مناقض على التقدير الثاني، حيث إن خروج جوائز السلطان عن قاعدة الاحتياط إنما هو بالنص المذكور في ص 156.

و بصحيحة أبي ولاد الآتية في ص 159، فالخروج على التقدير الثاني بهذه النصوص المذكورة فهو لا ينافي اطلاقات عناوين الأصحاب في باب الشبهة المحصورة، و حكمهم بوجوب الاجتناب عنها.

هذا بالإضافة إلى أنه لم يتقدم في المقام عن الشهيد في المسالك ما يوجب التناقض، و لم يوجد في كتابه هذا التناقض.

راجع (المسالك). المجلد 2 كتاب البيع. الطبع الحجري عام 1283 ه.

ص: 158

(و منها) (1): صحيحة أبي ولاد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ما ترى في رجل يلي أعمال السلطان ليس له مكسب إلا من أعمالهم و أنا أمر به و انزل عليه فيضيفني و بحسن إليّ ، و ربما أمر لي بالدراهم و الكسوة و قد ضاق صدري من ذلك (2)؟

فقال لي: كل و خذ منها فلك المهنّأ و عليه الوزر إلى آخر الخبر (3)

و الاستدلال بها (4) على المدعى لا يخلو عن نظر، لأن الاستشهاد إن كان من حيث حكمه عليه السلام بحلّ مال العامل المجيز للسائل (5) فلا يخفى أن الظاهر من هذه الرواية، و من غيرها من الروايات (6) حرمة ما يأخذه عمال السلطان بإزاء عملهم (7) له، و أن العمل للسلطان من المكاسب

++++++++++

(1) أي و من الأخبار التي استدل بها الخصم على جواز أخذ جوائز الظلمة.

(2) أي من ضيافة عامل السلطان، و اعطائه لي الدراهم و الكسوة

(3) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12 ص 156. الباب 51 الحديث 1

(4) أي الاستدلال بصحيحة أبي ولاد على المدعى: و هي إباحة جوائز السلطان الظالم.

(5) أي السائل عن الامام عليه السلام و هو الضعيف النازل على عامل السلطان.

(6) و هي الروايات الواردة في المقام.

راجع نفس المصدر. ص 135 الباب 45. الأحاديث.

(7) كما في صحيحة أبي ولاد في قوله عليه السلام: فلك المهنّأ و عليه الوزر، حيث إن الوزر لا يكون إلا إذا كان ما يأخذه العامل من السلطان حراما.

ص: 159

المحرمة، فالحكم (1) بالحل ليس إلا من حيث احتمال كون ما يعطى (2) من غير أعيان ما يأخذه من السلطان، بل مما اقترضه، أو اشتراه في الذمة.

و إما من (3) من حيث إن ما يقع من العامل بيد السائل لكونه

++++++++++

(1) الفاء تفريع على ما أفاده الشيخ في قوله: فلا يخفى أن الظاهر من الرواية.

و خلاصة التفريع: أنه بعد القول بحرمة ما يأخذه عمال السلطان الجائر بإزاء عملهم له المستفادة من ظاهر قوله عليه السلام: و عليه الوزر فلا بد من حمل الحلية الواردة في قوله عليه السلام في الصحيحة: كل و خذ منه فلك المهنّأ: على محمل صحيح.

فنقول: للحلية احتمالان:

احتمال أن يكون ما يعطي العامل للسائل من الأموال التي اقترضها أو اشتراها في الذمة، حملا لفعله على الصحة، لا من أعيان المال المأخوذة من السلطان الجائر حتى يقال: كيف حكم الامام عليه السلام بحلية هذه الجائزة.

و لا يخفى مخالفة هذا الاحتمال المذكور لظاهر الرواية، حيث إن ما يشتريه العامل، أو ما يستقرضه في الذمة ليس فيه وزر حتى يقول الامام عليه السلام و عليه الوزر.

فالوزر الوارد في الرواية إنما يكون في أموال السلطان الجائر المشتبهة بالحرام، فالاستدلال بالرواية خارج عما نحن بصدده: و هي حلية ما يأخذه السائل من عمال السلطان.

(2) بصيغة الفاعل أي عامل السلطان

(3) هذا هو الاحتمال الثاني لحكم الامام عليه السلام بحلية ما يأخذه -

ص: 160

من مال السلطان حلال (1) لمن وجده فيتم الاستشهاد (2).

لكن فيه (3)،

++++++++++

- السائل من عمال السلطان، فيصح الاستشهاد بهذا الاحتمال بالرواية على الحلية المذكورة.

ثم لا يخفى أن الاحتمالين المذكورين يجريان في أموال السلطان أيضا إذا أعطى منها لشخص، لعين الملاك في أموال عماله، لأن إعطاءه لا يخلو من أحد الأمرين: إما من ماله بالصفة الشخصية، و إما من أموال المسلمين بصفة كونه سلطانا.

كل هذا في صورة العلم بأن المال المعطى بأية صفة من الأمرين.

و أما إذا لم يعلم فالظاهر هو الحمل على الصحة، بالإضافة إلى شمول الأحاديث الواردة في جواز أخذ جوائز السلطان لمثل هذا المال المعطى.

(1) خبر لاسم إن في قوله: إن ما يقع، و خبر كان في قوله:

لكونه الجار و المجرور في قوله: من مال السلطان.

(2) أي في الاستشهاد بصحيحة أبي ولاد المذكورة في ص 159 على حلية ما يأخذه السائل من عمال السلطان.

(3) أي في الاحتمال الثاني: و هو كون المال الواقع من العامل في يد السائل من أموال السلطان حلال، اشكال و نظر.

من هنا يريد الشيخ أن يورد على الاحتمال الثاني.

و خلاصة الإيراد: أن الحكم بحلية ما يأخذه السائل من العامل غير صحيح، و الاستدلال بالصحيحة غير وجيه، لأن المال المعطى من قبل العامل للسائل إن كان من صلب مال السلطان فلا يصح للسائل أخذه لحرمة هذا المال على العامل، لكونه مشتملا على أموال محرمة.

و إن كان قد أخذه العامل من السلطان تجاه أعماله له فلا يصح أيضا -

ص: 161

مع (1) أن الاحتمال الأول مسقط للاستدلال على حل المشتبه المحصور الذي (2) تقتضي القاعدة (3) لزوم الاحتياط فيه (4)،

++++++++++

- أخذه للسائل، لعدم اجرة للعامل تجاه هذا العمل، لكون العمل للسلطان من المكاسب المحرمة فلا احترام لعمله حتى يكون له الاجر، فلا مجال للصحيحة بالاستدلال بها على الحلية المذكورة على كل حال.

بل للحلية طريق آخر نشير إليه في الهامش 6 ص 163.

(1) أي بالإضافة إلى الإشكال الوارد على الاحتمال الثاني هنا اشكال آخر على الاحتمال الأول: و هو إعطاء عامل السلطان الجائزة للسائل من أمواله المستقرضة، أو المشتراة.

و قد عرفت الاشكال الوارد على الاحتمال الثاني منا قبل أن يذكره الشيخ بقولنا في ص 161: لأن المال المعطى من قبل.

و إليك خلاصة الاشكال الآخر على الاحتمال الأول: و هو عدم وجود مجال للاستدلال بالصحيحة أصلا، لأن الحلية على هذا الاحتمال مستندة إلى اليد و هي لا تحتاج إلى شيء في الاعتماد إليها كما أنها هي المعتبرة في غير هذا المورد من الاعطاءات و المعاملات: من العقود و الايقاعات، فأي مستند يكون أقوى من اليد في هذه الموارد.

فحلية أموال العامل التي تقتضي قاعدة الاحتياط وجوب الاجتناب عنها في الشبهات المحصورة: مستندة الى اليد التي هي أقوى أسباب الملكية.

(2) كلمة الذي مجرورة محلا صفة لقوله: المشتبه المحصور.

(3) المراد من القاعدة هو وجوب الاجتناب عن الحرام المشتبه في أطراف الشبهة المحصورة كما عرفت آنفا.

(4) أي في هذا المشتبه المحصور الذي تقتضي قاعدة وجوب الاجتناب لزوم الاحتياط فيه.

ص: 162

لأن (1) الاعتماد حينئذ (2) على اليد كما لو فرض مثله (3) في غير الظلمة:

أن (4) الحكم بالحل على هذا الاحتمال (5) غير وجيه، إلا (6) على تقدير

++++++++++

(1) تعليل لإسقاط الاحتمال الأول.

و قد عرفت التعليل عند قولنا في ص 162: لأن الحلية على هذا الاحتمال مستندة إلى اليد.

(2) أي حين أن كان اعطاء العامل الجائزة للسائل من أمواله المشتراة أو المستقرضة كما هو المفروض على الاحتمال الأول.

(3) أي مثل أموال العامل التي تعطى للسائل في احتمال أنها من أمواله المشتراة، أو المستقرضة فاليد تكون أمارة فيها: الأموال المهداة من قبل الآخرين في كون اليد فيها أمارة على أنها ملك لهم و لا تحتاج الملكية إلى غيرها.

و قد عرفت ذلك عند قولنا في الهامش 1 ص 162: كما أنها هي المعتبرة في غير هذا المورد.

(4) هذا هو الاشكال الوارد على الاحتمال الثاني.

و قد عرفته عند قولنا في ص 161: لأن المال المعطى من قبل العامل.

(5) و هو الاحتمال الثاني الذي ذكره الشيخ بقوله في ص 160: و إما من حيث إن ما يقع من العامل.

(6) هذا هو الطريق الآخر لحلية ما يعطيه عامل السلطان للسائل و قد أشرنا إليه بقولنا في ص 162: بل للحلية طريق آخر.

و خلاصة هذا الطريق: أنه يمكن أن يستدل بالحلية بكون المال المعطى من قبل العامل للسائل من الخراج و المقاسمة الذين أباحهما الامام عليه السلام للشيعة الامامية.

ص: 163

كون المال المذكور من الخراج (1) و المقاسمة (2) المباحين،

للشيعة (3)،

++++++++++

(1) بفتح الخاء وزان فعال و هو المال الذي تجعله كل دولة و حكومة على مواطني البلاد حسب المقررات القانونية: على الأثمار و الغلات و السلع المستوردة، و الدور و المحلات و المستغلات، و انتاج المعامل، و أرباح المكاسب و العقار و العرصات، و تركات الميت.

و الخلاصة: أنه يجعل على كل شيء فيه ربح و فائدة، و كان يعبر عنه في العصور الماضية بالخراج.

و يسمى في عصرنا الحاضر ب (الضربية).

و هذه الضربية تؤخذ سنويا، إلا ضريبة الإرث، فإنها تؤخذ بعد وفات الانسان مباشرة كما هو المتداول عندنا في (العراق).

(2) مصدر باب المفاعلة من قاسم يقاسم و هي الحصة المقررة من الدولة على الأراضي التي تخص الحكومة و يقال لها عندنا: (الأراضي الأميرية)

و هذه الأراضي قسمان: (زراعية، و بنائية) تؤخذ لبناء الدور و المحلات.

(فالأول): ما يجعل من قبل الحكومة حصة معينة على حاصل الأرض تؤخذ عوضا من الزراعة في الأرض الراجعة لها.

(و الثاني): ما يؤخذ ربع من الأرض المشتراة عند ما يريد المشتري تثبيتها في (دائرة الطابو).

أو الحكومة تريد أن تفتح شارعا و تقع الدار، أو المحل في الشارع بعد التعويض عنها بالباقي.

(3) و هم (الشيعة الاثنا عشرية) حيث إن (أئمة أهل البيت) عليهم الصلاة و السلام أباحوا هذين لشيعتهم، طيبا لولادتهم.

ص: 164

إذ لو كان (1) من صلب مال السلطان، أو غيره (2) لم يتجه حله لغير المالك بغير رضاه، لأن المفروض حرمته (3) على العامل، لعدم احترام عمله.

و كيف كان (4) فالرواية إما من أدلة حل مال السلطان المحمول بحكم الغلبة (5) إلى الخراج و المقاسمة.

و إما من أدلة حل المال المأخوذ من المسلم، لاحتمال كون المعطي مالكا له (6)، و لا اختصاص له (7) بالسلطان، أو عماله، أو مطلق

++++++++++

(1) أي المال الذي وقع من عامل السلطان في يد ضيفه.

و قد عرفت معنى ذلك عند قولنا في ص 161: لأن المال المعطى من قبل العامل للسائل إن كان.

(2) أي غير مال السلطان من الأموال المشبوهة المشتملة على الحلال و الحرام.

(3) أي حرمة هذا المال الذي وقع في يد العامل و إن كان من صلب مال السلطان، لكنه وقع في يده إزاء عمله للسلطان و هذا العمل محرم فلا يستحق الاجرة عليه.

(4) أي أي شيء قلنا حول الاحتمالين، و حول حكم الامام بحلية ما يأخذه السائل من العامل فالرواية التي هي صحيحة أبي ولاد.

(5) أي بحكم غلبة الوجود، لأن أموال السلطان الجائر غالبا تحصل من الخراج و المقاسمة و هي الضرائب المقررة كما عرفت في ص 164.

(6) فحينئذ يكون الاعتماد على قاعدة اليد كما أفاده الشيخ بقوله في ص 163: لأن الاعتماد حينئذ على اليد.

(7) أي و لا اختصاص لجريان قاعدة اليد بمال السلطان، بل يجري في كل مال وجد في يد أي انسان نعلم باختلاطه بالحرام و هو محصور الأطراف

ص: 165

الظالم (1)، أو غيره (2)

و أين هذا (3) من المطلب الذي هو حل ما في يد الجائر، مع العلم اجمالا بحرمة بعضه المقتضي مع حصر الشبهة للاجتناب عن جميعه (4)؟

و مما ذكرنا (5) يظهر الكلام في مصححة أبي المعزى (6): امرّ بالعامل فيجيزني بالدراهم آخذها؟

قال: نعم، قلت: و أحج بها؟

++++++++++

(1) و إن لم يكن سلطانا، فإنه من الممكن أن يوجد في أمواله مال حلال مشتبه بالحرام.

(2) أي أو غير الظالم ممن يوجد في أمواله مال حلال مشتبه بالحرام

(3) أي و أين هذه الحلية المطلقة المدعاة و المستدل عليها بصحيحة أبي ولاد، فإن الحلية المطلقة لا تتم إلا بعد عدم وجود الشبهة المحصورة لا فيما نحن فيه الذي أصبحت الشبهة المحصورة فيه موجودة.

(4) أي عن جميع أموال السلطان الجائر، للعلم الإجمالي بحرمة بعضها المقتضي للاجتناب عن الجميع.

(5) في جوائز عمال السلطان في ص 160: من احتمال كونها مما اقترضه أو اشتراه في الذمة، لا من عين أموال السلطان الجائر حتى يقال: لا يجوز أخذها، للشبهة المحصورة.

(6) بكسر الميم و سكون العين و فتح الزاي و بعدها ياء كنية حميد بن المثنى العجلي الكوفي الصيرفي يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

و أما المصححة فعبارة عن الحديث الذي لم يكن صحيحا عن الراوي لكن صححها من هو لا يروي إلا عن العدل الامامي.

ص: 166

قال: نعم (1).

و رواية محمد بن هشام أمرّ بالعامل فيصلني بالصلة أقبلها؟ قال: نعم، قلت: و أحج بها؟

قال: نعم و حج بها (2).

و رواية محمد بن مسلم و زرارة عن أبي جعفر عليه السلام جوائز السلطان ليس بها بأس (3)، الى غير ذلك من الإطلاقات (4) التي لا تشمل من صورة العلم الإجمالي بوجود الحرام إلا الشبهة غير المحصورة (5).

++++++++++

(1) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 156. الحديث 2.

الباب 51.

هذه احدى الروايات المطلقة الدالة على حلية جوائز عمال السلطان مطلقا، سواء أ كانت في الشبهة المحصورة أم في غيرها.

(2) نفس المصدر. ص 157. الحديث 3.

هذه ثانية الروايات المطلقة الدالة على حلية جوائز عمال السلطان مطلقا سواء أ كانت في الشبهة المحصورة أم في غيرها.

(3) نفس المصدر. ص 157. الحديث 5.

هذه ثالثة الروايات المطلقة الدالة على حلية جوائز عمال السلطان مطلقا سواء أ كانت في الشبهة المحصورة أم في غيرها.

(4) راجع نفس المصدر. الأحاديث.

هذه رابعة الروايات المطلقة الدالة على حلية جوائز عمال السلطان مطلقا، سواء أ كانت في الشبهة المحصورة أم في غيرها.

(5) حيث إن تلك الروايات لا تشمل الشبهات المحصورة بل تنحصر في الشبهات غير المحصورة، لأنها القدر المتيقن منها.

ص: 167

و على تقدير شمولها (1) لصورة العلم الإجمالي مع انحصار الشبهة فلا تجدي، لأن الحل فيها (2) مستند إلى تصرف الجائر بالإباحة و التمليك (3) و هو (4) محمول على الصحيح، مع أنه (5) لو اغمض النظر عن هذا

++++++++++

(1) أي و على فرض شمول تلك المطلقات المذكورة في ص 166-167 للعلم الإجمالي المنحصر في الشبهات المحصورة فلا يجدي هذا الشمول أيضا لأن الحلية في هذه الجوائز مستندة إلى إباحة المجيز للآخذ، أو تمليكها له فلا مجال للتمسك بتلك المطلقات على المدعى.

(2) أي في هذه الجوائز.

(3) أي إباحة السلطان التصرف في الجائزة للآخذ، أو تمليكها له كما عرفت.

(4) أي هذا التصرف الإباحي، أو التمليكي من الجائر محمول على التصرف الصحيحي، لكون السلطان مسلما و المسلم لا يرتكب المحرمات

و لقول (أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام: ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يغلبك منه.

(بحار الأنوار). الطبعة الحديثة. الجزء 75. ص 99.

(5) هذا ترق من الشيخ عما أفاده: من أن حلية التصرف في الجوائز مستندة إلى إباحة الجائر التصرف في الجائزة، أو تمليكها له.

و خلاصة الترقي: أنه لو اغمضنا النظر عن حمل تصرفات السلطان على الصحة، لأنه غير مبال عن ارتكاب المحرمات، و لشمول تلك المطلقات المذكورة في ص 156 جوائز السلطان الجائر، لاختلاف موارد أمواله، حيث إن بعضها حلال، و بعضها حرام و قد اختلط الحلال بالحرام بحيث لا يمكن -

ص: 168

أو رده (1) بشمول الأخبار لما إذا أجاز الجائر من المشتبهات في نظره بالشبهة المحصورة (2)، و لا يجري هنا أصالة الصحة في تصرفه (3):

++++++++++

- للسلطان تشخيص الحلال عن الحرام، و لعدم إمكان جريان أصالة الصحة في تصرفات السلطان، للعلم الإجمالي بوجوب الاجتناب على المعطي في الشبهات المحصورة. فلنا طريق آخر في حلية ما يؤخذ من عمال السلطان.

و تلك الطريقة هو أن الجائزة التي في يد المكلف، و التي كانت معلومة الحرمة بالإجمال، لكونها شبهة محصورة مرددة بين ما أباحه الجائر للآخذ أو ملكه له، و بين ما بقي تحت يد السلطان: من الأموال التي لا دخل لها للشخص المجاز، لخروجها عن محل ابتلائه.

و هذا التردد هو الموجب لحلية التصرف في تلك الجوائز كالتردد الموجود في الشبهة المحصورة التي أحد أطرافها خارج عن محل ابتلاء المكلف كما في الإنائين المشتبهين أحدهما طاهر و الآخر نجس، الطاهر تحت تصرفه و هو في النجف الأشرف، و النجس خارج عن تحت تصرفه و هو في القاهرة.

فكما أن العلم الإجمالي هنا غير مؤثر، للتردد المذكور.

كذلك فيما نحن فيه غير مؤثر فيجوز للمكلف أخذ جوائز السلطان الجائر و التصرف فيها.

(1) أي رد حمل تصرفات السلطان على الصحة.

و قد عرفت كيفية الرد بقولنا في ص 168: لأنه غير مبال عن ارتكاب المحرمات

(2) و قد عرفت معنى كون الجائزة من المشتبهات بالشبهة المحصورة عند قولنا في ص 168: لاختلاف موارد أمواله.

(3) أي في تصرفات السلطان الجائر.

ص: 169

فيمكن (1) استناد الحل فيها إلى ما ذكر سابقا: من أن تردد الحرام بين ما أباحه الجائر، أو ملكه، و بين ما بقي تحت يده من الأموال التي لا دخل فيها للشخص المجاز: تردد (2) بين ما ابتلى به المكلف من المشتبهين، و بين ما لم يبتل به (3)، و لا يجب الاجتناب حينئذ (4) عن شيء منهما من غير فرق بين هذه المسألة (5)، و غيرها: من موارد الاشتباه (6)، مع كون أحد المشتبهين مختصا بابتلاء المكلف به (7).

ثم لو فرض نص مطلق (8) في حل هذه الشبهة مع قطع النظر

++++++++++

- و قد عرفت كيفية عدم جريان أصالة الصحة عند قولنا في ص 169:

للعلم الإجمالي بوجوب الاجتناب.

(1) هذا جواب ل (لو) الشرطية في قول الشيخ في ص 168: مع أنه لو أغمض النظر.

و قد عرفت الجواب عند قولنا في ص 169: فلنا طريق آخر.

(2) بالرفع خبر لاسم إن في قوله: من أن تردد.

(3) و هو الخارج عن تحت تصرفه كما عرفت عند قولنا في ص 169:

لخروجها عن محل ابتلائه.

(4) أي حين خروج بعض أطراف الشبهة المحصورة عن محل ابتلاء المكلف.

(5) و هي مسألة جوائز السلطان الجائر.

(6) من الشبهات المحصورة كما في الإنائين المشتبهين.

(7) حق العبارة أن يقال هكذا: مع كون أحد المشتبهين مختصا بعدم ابتلاء المكلف به، لأن الكلام في مثل هذه الشبهة المحصورة.

(8) أي بحيث يشمل الشبهة المحصورة التي أحد أطرافها خارج عن محل ابتلاء المكلف، و من تلك الشبهة جوائز السلطان.

ص: 170

عن التصرف (1)، و عدم (2) الابتلاء بكلا المشتبهين لم ينهض (3) للحكومة على قاعدة الاحتياط في الشبهة المحصورة.

كما لا ينهض (4) ما تقدم: من قولهم عليهم السلام: كل شيء حلال إلى آخر الحديث.

و مما ذكرنا (5) يظهر أن اطلاق،

++++++++++

(1) أي تصرف الجائر و هو حمله على التصرف الصحيح، لكونه مسلما، و المسلم بما أنه مسلم و متدين لا يقدم على ارتكاب أفعال منافية للدين الحنيف!!!

(2) بالجر عطفا على مجرور (مع) أي و مع قطع النظر عن خروج أحد المشتبهين عن محل ابتلاء المكلف.

(3) جواب ل (لو) الشرطية في قوله في ص 170: ثم لو فرض نص مطلق أي ثم لو فرض نص مطلق يشمل جواز أخذ الجائزة و إن كان المال مشبوها في نظر الجائر، مع قطع النظر عن حمل تصرفه على الصحة، و مع قطع النظر عن خروج أحد المشتبهين عن محل الابتلاء: فلا ينهض مثل هذا النص المطلق للحكومة على قاعدة الاحتياط الآمرة بوجوب الاجتناب عن الشبهات المحصورة.

(4) أي كما أن قوله عليه السلام في ص 156: كل شيء لك حلال.

و قوله عليه السلام: كل شيء فيه حلال و حرام فهو لك حلال:

لا ينهض للحكومة على قاعدة الاحتياط الآمرة بوجوب الاجتناب في الشبهات المحصورة، بل قاعدة الاحتياط حاكمة على الخبرين، و على النص المطلق لو فرض وجوده.

(5) من عدم قيام المطلقات المذكورة في ص 156 للحكومة على قاعدة -

ص: 171

الجماعة (1) لحل ما يعطيه الجائر مع عدم العلم بحرمته عينا إن كان شاملا لصورة العلم الإجمالي بوجود حرام في الجائزة مردد (2) بين هذا (3) و بين غيره (4) مع انحصار الشبهة إنما هو (5) مستند إلى حمل تصرفه

++++++++++

- الاحتياط الآمرة بوجوب الاجتناب في الشبهات المحصورة و أنها هي الحاكمة عليها.

(1) و هو تصريح (صاحب الشرائع) الذي نقله الشيخ عن المسالك في ص 143 بقوله: قال في (الشرائع): جوائز السلطان الظالم ان علمت حراما بعينها فهي حرام، و نحوه عن نهاية الأحكام، و الدروس و غيرهما.

و قال في (المسالك): التقييد بالعين اشارة إلى جواز أخذها و ان علم أن في ماله مظالم كما هو مقتضى حال الظالم.

(2) بالجر صفة لقوله: حرام.

(3) و هو الذي تحت تصرف المجاز.

(4) و هو الخارج عن تحت يده و تصرفه و محل ابتلائه، و الذي هو موجود عند السلطان الجائر.

(5) جملة إنما هو مستند مرفوعة محلا خبر لاسم إن في قوله: و مما ذكرنا يظهر أن اطلاق جماعة أي اطلاق جماعة الحل على ما يعطيه السلطان الجائر مع عدم علم الآخذ بحرمة ما يأخذه تفصيلا في الشبهات المحصورة المرددة بين ما في يده و تحت تصرفه، و بين الخارج عن محل ابتلائه، مع أن قاعدة الاحتياط آمرة بوجوب الاجتناب في الشبهة المحصورة: إنما هو مستند إلى حمل تصرف فعل المسلم على الصحيح، حيث إنه مسلم مؤمن لا يقدم على الأفعال المنافية للدين الحنيف: و لو لا هذا الاستناد لم يصح ذلك الاطلاق، لحكومة قاعدة الاحتياط على المطلقات.

ص: 172

على الصحة.

أو على (1) عدم الاعتناء بالعلم الإجمالي، لعدم (2) ابتلاء المكلف بالجميع لا (3) لكون هذه المسألة خارجة بالنص عن حكم الشبهة المحصورة (4).

++++++++++

(1) هذا هو الشق الثاني لصحة اطلاق الجماعة حلية أخذ جوائز الجائر مع العلم الاجمالي بوجود الحرام المردد بين هذا، و بين غيره في الشبهة المحصورة.

و خلاصة هذا التصحيح: أن مستند ذلك الاطلاق عدم الاعتناء بالعلم الاجمالي بالحرام المردد بين هذا، و بين غيره، لعدم ابتلاء المكلف بالجميع لخروج أحدهما عن محل ابتلائه.

(2) تعليل لعدم الاعتناء بالعلم الاجمالي، أي عدم الاعتناء بذلك لأجل عدم ابتلاء جميع أطراف الشبهة المحصورة للمكلف.

(3) أي ليس اطلاق هؤلاء الجماعة حلية أخذ الجائزة في الشبهة المحصورة لأجل أن هذه المسألة خارجة عن تحت قاعدة الاحتياط الآمرة بوجوب الاجتناب في الشبهات المحصورة: بالنص و هي المطلقات المشار إليها في ص 166-167.

(4) لا يخفى أن (الشيخ الأنصاري) يريد أن يأول اطلاقات الأصحاب في حلية جوائز السلطان، كما أنه أوّل الأخبار المطلقة الواردة في جواز التصرف في ص 166-167، لأنها لا تقاوم للحكومة على قاعدة الاحتياط فقال: إن مستند خروجها.

إما حمل فعل السلطان على الصحة. -

ص: 173

نعم (1) قد يخدش في حل تصرف الظالم على الصحيح من حيث إنه مقدم على التصرف فيما في يده من المال المشتمل على الحرام على وجه (2) عدم المبالاة بالتصرف في الحرام فهو كمن (3) أقدم على ما في يده من المال المشتبه المختلط عنده بالحرام، و لم يقل أحد بحمل تصرفه حينئذ (4) على الصحيح (5)

++++++++++

- و إما عدم الاعتناء بالعلم الإجمالي في الشبهة المحصورة إذا كان أحد أطرافها خارجا عن محل الابتلاء.

(1) من هنا يريد الشيخ أن يخدش في صحة تصرفات الجائر أي تصرف السلطان لا يكون تصرفا صحيحا حتى يبرر جواز الأخذ، لأنه مقدم على التصرف فيما في يده من المال المشتمل على الحرام على نحو كاشف عن عدم مبالاته بالتصرف في الحرام

(2) الجار و المجرور متعلق بقوله: مقدم، أي السلطان مقدم على التصرف على وجه كاشف عن عدم مبالاته.

(3) أي السلطان الجائر الذي يعطي الجائزة حاله كحال الشخص الذي تحت تصرفه مال مختلط بالحرام و قد اشتبه عليه بحيث لا يميز بين الحلال منه و الحرام، فكما لا يحمل تصرف هذا الشخص على الصحة

كذلك لا يحمل تصرف السلطان الجائر على الصحة.

(4) أي حين أن بتصرف الشخص في الأموال المشتبهة عنده من غير مبالاة لا مجال لحمل تصرفاته على الصحة.

(5) لا يخفى أنه فرق بين الحمل على الصحة، و الحمل على الصحيح (إذ الأول) معناه: أن المعطي الجائر مؤمن و من شأن المؤمن أن يتورع عن الحرام و يتجنب عنه، و لهذا يحمل كل ما يصدر منه على الصحة مطابقا للشرع. -

ص: 174

لكن الظاهر أن هذه الخدشة غير مسموعة عند الأصحاب (1) فإنهم لا يعتبرون في الحمل على الصحيح احتمال تورع المتصرف عن التصرف الحرام، لكونه حراما.

بل يكتفون باحتمال صدور الصحيح منه و لو لدواع اخرى (2).

و أما عدم الحمل (3) فيما إذا أقدم المتصرف على الشبهة المحصورة الواقعة تحت يده فلفساد تصرفه في ظاهر الشرع (4) فلا يحمل على الصحيح الواقعي. فتأمل (5)، فإن المقام (6) لا يخلو عن اشكال.

++++++++++

- (و أما الثاني): فمعناه أن تصرفات الجائر صحيحة لدواع دنيوية أو شرعية توجب ارتكاب الصحيح من الأفعال و التصرفات، و ليست لدواعي الورع و التقوى.

فاحتمال هذه الدواعي هي التي اوجبت حمل تصرفاته على الصحيح.

(1) لما عرفت من الفرق بين الحمل على الصحيح، و الحمل على الصحة آنفا.

(2) و هي الدواعي الدنيوية، أو الشرعية كما عرفت آنفا.

(3) أي حمل فعل السلطان الجائر و غيره في اعطائه على الصحيح.

(4) حيث إنه مخاطب بالاجتناب عن الجميع في الشبهات المحصورة للعلم الإجمالي بحرمة بعضها و هو منجز في هذه الحالة فقاعدة الاحتياط تعمل مفعولها.

(5) ليس المراد من التأمل النظر و الاشكال، بل الدقة و الإمعان في المطلب، حيث إنه غامض جدا.

(6) و هو مقام العلم الإجمالي في الشبهات المحصورة، و جريان قاعدة الاحتياط فيها.

ص: 175

و على أي تقدير (1) فلم يثبت من النص (2)، و لا الفتوى (3) مع شرائط (4) إعمال قاعدة الاحتياط في الشبهة المحصورة:

++++++++++

(1) أي سواء قلنا بحمل فعل السلطان الجائر على الصحة أم لا و سواء قلنا: إن الآخذ يعلم اجمالا بوجود مال حرام مختلط مع الحلال أم المعطي.

(2) و هي المطلقات الدالة على حلية أخذ جوائز السلطان كما اشير إليها في ص 166-167.

(3) و هي فتاوى أصحابنا الامامية التي يظهر منها جواز أخذ جوائز السلطان، و يشير (شيخنا الأنصاري) إلى هذه الفتاوى بالقريب العاجل.

(4) أي اجتماع شرائط تنجز قاعدة الاحتياط.

و المراد من شرائط إعمال قاعدة الاحتياط: أركانها حتى يتوجه نحو المكلف خطاب اجتنب عن الشبهة المحصورة.

و أركانها ثلاثة:

(الأول): العلم الإجمالي للمكلف، لا التفصيلي، فإنه إذا كان هناك علم تفصيلي لا مجال لجريان قاعدة الاحتياط، لأن الاجتناب عن الحرام تكليف واقعي.

(الثاني): أن تكون الشبهة محصورة، لأنه إذا كانت غير محصورة فلا مجال لجريان قاعدة الاحتياط، للزوم العسر و الحرج بالاجتناب.

(الثالث): أن يكون جميع أطراف الشبهة محل ابتلاء المكلف فلو كان أحد أطرافها خارجا عن محل الابتلاء فلا مجال لجريان القاعدة.

خذ لذلك مثالا:

إن المكلف يعلم إجمالا أن في أثاثه البيتية شيئا من الحرام و كل أثاثه محل ابتلائه، و الحرمة منحصرة في الأثاث الموجود فهنا يجب على المكلف بحكم قاعدة الاحتياط الاجتناب عن الأثاث كله، لعلمه الإجمالي بوجود -

ص: 176

عدم (1) وجوب الاجتناب في المقام (2)، و إلغاء تلك القاعدة.

و أوضح ما في هذا الباب من عبارات الأصحاب ما في السرائر حيث قال:

إن كان يعلم أن فيه (3) شيئا مغصوبا إلا أنه غير متميز العين، بل هو مخلوط في غيره من أمواله، أو غلاته التي يأخذها على جهة الخراج (4) فلا بأس أيضا بشرائه (5) منها، و قبول صلته (6) منها، لأنها (7)

++++++++++

- الحرام فيها، و أن الشبهة منحصرة، و أن جميع أطرافها محل لابتلائه.

بخلاف ما إذا كان أحد أطرافها خارجا عن محل ابتلائه، فإنه لا يجب الاجتناب.

(1) بالرفع فاعل لقوله: فلم يثبت، و المراد من المقام حلية جوائز السلطان.

(2) و هي جوائز السلطان مع العلم الإجمالي بوجود الحرام فيها.

(3) أي في مال السلطان.

(4) و قد عرفت معنى الخراج في ص 164

(5) أي بشراء الشخص من تلك الأموال و الغلات التي فيها شيء مغصوب لا يعلمه بعينه و لا يميزه

(6) المصدر مضاف إلى المفعول و الفاعل محذوف أي و قبول الشخص صلة السلطان الجائر من تلك الاموال و الغلات التي فيها شيء مغصوب لا يعرفه بعينه.

(7) تعليل من (ابن ادريس) لما ذهب إليه: من جواز شراء المكلف من أموال السلطان الجائر و غلاته، و قبول هداياه من تلك الأموال و الغلات.

و خلاصته: أن أموال السلطان و غلاته و ان كانت مشتملة على مقدار -

ص: 177

صارت بمنزلة المستهلك، لأنه (1) غير قادر على ردها بعينها. انتهى (2)

و قريب منها (3) ظاهر عبارة النهاية بدون ذكر التعليل (4).

++++++++++

- من الحرام، لكن لما كان المقدار المذكور غير ممكن التمييز و العزل لاختلاطه بالحلال بحيث أصبح مستهلكا في جنب تلك الأموال و الغلات فالحرام هذا بمنزلة قطرة ماء وقعت في البحر.

خذ لك مثالا:

إن السلطان يملك الف طن من الحنطة، و ألف طن من الشعير و ألف طن من الرز، و ألف طن من الحبوب بأقسامها الاخرى كل هذه الأطنان من المال الحلال.

و له كمية ضئيلة من الأنواع المذكورة من المال الحرام لا يعرف مقدارها و قد اختلطت بتلك الأطنان التي كانت من المال الحلال اختلاطا لا يمكنه تمييزها من الحلال حتى يتمكن من ردها إلى أصحابها فحينئذ جاز للمكلف أخذ الجوائز و الهدايا التي يعطيها السلطان له من هذه الأموال المختلطة

(1) تعليل من (ابن ادريس) لكون أموال السلطان و غلاته صارت بمنزلة المستهلك.

و قد عرفت التعليل آنفا عند قولنا في ص 177: و خلاصته: أن أموال السلطان و غلاته.

(2) أي ما أفاده (ابن ادريس) حول أموال السلطان و غلاته في السرائر:

(3) أي و قريب من عبارة (ابن ادريس) في السرائر عبارة (الشيخ في النهاية).

(4) و هو تعليل (ابن ادريس) بقوله: لأنها صارت بمنزلة المستهلك

ص: 178

و لا ريب أن الحلي (1) لم يستند في تجويز أخذ المال المردد (2) إلى النص (3)، بل إلى ما زعمه من القاعدة (4).

و لا يخفى عدم تماميتها (5)، إلا أن يريد بها (6) الشبهة غير

++++++++++

(1) و هو (ابن ادريس).

و خلاصة ما أفاده الشيخ في تحليل كلام (ابن ادريس) في هذا المقام: أن مدرك (ابن ادريس) في حلية أموال السلطان و غلاته هي القاعدة المزعومة عنده: و هو أن أموال السلطان و غلاته صارت بمنزلة المستهلك، لأنه غير قادر على ردها، لا النص الذي هو العموم المذكور في ص 145 في قوله عليه السلام: كل شيء لك حلال، و قوله عليه السلام:

كل شيء فيه حلال و حرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه.

(2) أي المردد بين الحلال و الحرام.

(3) و هو العموم المذكور في الهامش 1

(4) المراد منها قول (ابن ادريس) في ص 177: لأنها صارت بمنزلة المستهلك لأنه غير قادر على ردها كما عرفت آنفا.

(5) أي عدم تمامية القاعدة المزعومة التي ادعاها (ابن ادريس) و هي لأنها صارت بمنزلة المستهلك.

و وجه ذلك أن الاستهلاك المذكور لا يكون موجبا لعدم قدرة المالك على رد مال الناس المختلط مع أمواله، فما أفاده في هذا المقام بالتعليل المذكور غير صحيح.

(6) هذا تصحيح من (الشيخ) لما أفاده (ابن ادريس) في قوله في ص 177-178: لأنها صارت بمنزلة المستهلك.

و خلاصة التصحيح: أنه يمكن القول بالاستهلاك المذكور الموجب لعدم قدرة المالك على رد مال الناس إذا أراد (ابن ادريس) من الشبهة -

ص: 179

المحصورة بقرينة الاستهلاك (1). فتأمل (2).

الصورة الثالثة: أن يعلم تفصيلا حرمة ما يأخذه.

(الصورة الثالثة) (3): أن يعلم تفصيلا حرمة ما يأخذه.

و لا اشكال في حرمته (4) حينئذ على الآخذ، إلا أن الكلام في حكمه (5) إذا وقع في يده.

++++++++++

- الشبهة غير المحصورة بقرينة قوله: المستهلك، فإن هذه اللفظة يراد منها معنى عام يناسب الشبهة غير المحصورة.

(1) كلمة الاستهلاك هنا يراد منها المستهلك فهي متصيدة من اسم المفعول الواقع في قول (ابن ادريس): لأنها صارت بمنزلة المستهلك.

(2) لعل وجه التأمل هو أن المراد من الاستهلاك الواردة في قول (ابن ادريس) مطلق الاشتباه و إن كانت الشبهة محصورة، و حينئذ يكون مستند حل أخذ جوائز السلطان عند (ابن ادريس) هو النص المذكور في ص 145 في قوله عليه السلام: كل شيء لك حلال.

و قوله: كل شيء فيه حلال و حرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه.

(3) أي من الصور الأربع التي ذكرها الشيخ في ص 101 في أخذ جوائز السلطان في المسألة الثانية من المسائل المذكورة بقوله: خاتمة تشتمل على مسائل.

(4) أي في حرمة المأخوذ من السلطان الجائر حين أن يعلم تفصيلا بحرمته.

(5) أي الاشكال في حكم هذا المأخوذ من حيث الرد، و أنه ما ذا يصنع به لو أخذه ؟

ص: 180

فنقول (1): علمه بحرمته إما أن يكون قبل وقوعه في يده.

و إما أن يكون بعده.

فإن كان قبله (2) لم يجز له أن يأخذه بغير نية الرد إلى صاحبه، سواء أخذه اختيارا، أم تقية، لأن أخذه بغير هذه النية تصرف لم يعلم رضا صاحبه به، و التقية تتأدى بقصد الرد.

فإن أخذه بغير هذه النية (3) كان غاصبا ترتبت عليه أحكامه.

و إن أخذه بنية الرد (4) كان محسنا، و كان في يده أمانة شرعية.

++++++++++

(1) من هنا يروم الشيخ أن يذكر أقسام الصورة الثالثة و قد ذكر لها قسمين:

و هما: علم الآخذ بحرمة ما يأخذه قبل وقوعه في يده.

و علم الآخذ بحرمة ما يأخذه بعد وقوعه في يده.

(2) هذا هو القسم الأول و لهذا القسم صورتان:

(احداهما): أخذه بغير نية الرد إلى صاحبه و مالكه الأصلي.

و هذا لا يجوز، لأنه تصرف في مال الغير لم يعلم رضاه فيه.

فإن تصرف فيه ترتبت عليه أحكام الغصب: من وجوب الرد إلى صاحبه مهما بلغ الأمر، و التكاليف، حيث إن الغاصب يؤخذ بأشد الأحوال.

و لا فرق في حرمة هذه الصورة بين أخذ الجائزة من السلطان اختيارا أم تقية أي خوفا على نفسه، أو عرضه، أو ماله، فإنه لو أخذ الجائزة تقية بغير نية الرد يكون غاصبا تترتب عليه أحكام الغصب، إذ التقية تحصل بقصد الرد.

(3) أي بغير نية الرد، هذه هي الصورة الاولى من القسم الأول.

(ثانيهما): أخذه بنية الرد.

(4) هذه هي الصورة الثانية من القسم الأول.

ص: 181

و إن كان (1) العلم بها (2) بعد وقوعه في يده كان كذلك.

و يحتمل قويا الضمان هنا (3)، لأنه أخذه بنية التملك، لا بنية

++++++++++

- و خلاصتها: أن الآخذ لو أخذ الجائزة من السلطان بقصد الرد إلى مالكها الأصلي كان محسنا لصاحبها، لأنه بهذا القصد قد حفظ المال من التلف و الضياع و هذا احسان يشكر عليه صاحبه، و يمدح عليه.

ثم إن المأخوذ باق في يد الآخذ أمانة شرعية أي بلا ضمان لو تلف في يده بغير تعد و تفريط، لأن الشارع قد أمره باخذه و إلى هذا المعنى أشار الشيخ بقوله في ص 181: و كان في يده امانة شرعية.

(1) هذا هو القسم الثاني من الصورة الثالثة التي كان الآخذ عالما بالحرمة.

و خلاصة هذا القسم أن الآخذ لو علم بالحرمة بعد وقوع المأخوذ في يده فلا يخلو من أحد الأمرين.

(الأول): إن كان قد أخذه لا بقصد الرد كان غاصبا، و ترتبت عليه أحكام الغصب: من وجوب الرد إلى صاحبه مهما بلغ الأمر، و التكاليف، حيث إن الغاصب يؤخذ بأشد الأحوال.

(الثاني): إن كان قد أخذه بنية الرد إلى صاحبه كان محسنا، و كان في يده أمانة شرعية أي ليس له ضمان لو تلف في يده.

و إلى كلا الأمرين أشار (الشيخ) بقوله: و إن كان العلم بها بعد وقوعه في يده كان كذلك.

(2) مرجع الضمير: الحرمة، و في جميع النسخ الموجودة عندنا بتذكير الضمير، و الصحيح ما أثبتناه

(3) هذا رأي الشيخ في الأمرين المذكورين من القسم الثاني أى احتمال الضمان، أي في صورة علم الآخذ بحرمة ما يأخذه من السلطان الجائر بعد الاخذ قوي.

ص: 182

الحفظ و الرد.

و مقتضى عموم على اليد (1) الضمان.

و ظاهر المسالك عدم الضمان (2) رأسا (3) مع القبض جاهلا (4) قال (5): لأنه يد أمانة فتستصحب (6).

و حكي موافقته (7) عن العلامة الطباطبائي رحمه اللّه في مصابيحه.

لكن (8) المعروف من المسالك و غيره في مسألة ترتب الأيدي على مال

++++++++++

(1) و هو قوله صلى اللّه عليه و آله: على اليد ما أخذت حتى تؤدي

(2) أي في الجوائز المأخوذة من السلطان الجائر عند العلم بحرمتها.

هذا رأي (الشهيد الثاني) في القسم الثاني من الصورة الثالثة التي يعلم بحرمة المأخوذ.

(3) أي سواء أخذت الجوائز بنية الرد إلى مالكها الأصلي أم لا.

(4) منصوب على الحالية للقابض الدالة عليه كلمة القبض في قول (الشهيد الثاني): مع القبض.

(5) أي (الشهيد الثاني) من هنا يريد (الشيخ) أن ينقل دليل الشهيد على عدم الضمان المأخوذ من السلطان الجائر مع العلم بحرمته.

و خلاصته: أن المأخوذ من السلطان في صورة العلم بحرمته كان في يده أمانة شرعية لا ضمان له قبل العلم بالحرمة، و بعد العلم بالحرمة عند وقوعه في يده تستصحب تلك الأمانة فلا ضمان أيضا.

(6) أي تلك الأمانة كما عرفت آنفا.

(7) أي العلامة الطباطبائي وافق (الشهيد الثاني) في مقالته: من عدم ضمان الآخذ لو علم بحرمة ما يأخذه من السلطان الجائر تفصيلا

(8) من هنا يروم الشيخ أن يورد على ما أفاده (الشهيد الثاني) من عدم الضمان في الصورة الثالثة: و هو علم الآخذ بحرمة ما يأخذه -

ص: 183

..........

++++++++++

- من السلطان الجائر تفصيلا بعد وقوعه في يده و يقول بالضمان و يؤيده بقول (الشهيد الثاني) و غيره.

و خلاصة الايراد: أن المعروف عن الشهيد الثاني في كتابه (المسالك) و من غيره في مسألة ترتب الأيدي و تعاقبها على مال الغير، أو ترتب عقود متعددة عليه: هو ضمان كل واحد من هؤلاء الباعة الذين وقعت منهم العقود المتعددة و لو كانوا جاهلين بكون المبيع فضوليا.

و من الواضح أنه لا فرق بين مسألة ترتب عقود متعددة على مال الغير.

و بين مسألة أخذ الجوائز من السلطان الجائر و هو يعلم أنها من الحرام تفصيلا: في تعلق الضمان في صورة التلف.

فكما أن هناك يأتي الضمان كذلك يأتي هنا من دون فرق بين المسألتين فما جعله (الشهيد الثاني من الفرق بينهما غير واضح.

راجع المسالك. الجزء 2 كتاب الغصب.

و أما معنى ترتب الأيدي و تعاقبها على مال الغير، أو ترتب عقود متعددة عليه فهكذا:

باع زيد مال عمرو فضولة لعبد اللّه، ثم باع عبد اللّه لعبد المطلب ثم باعه عبد المطلب لهاشم، ثم باعه هاشم لعبد مناف، ثم باعه عبد مناف لقصي و هكذا.

فهذه عقود متعددة، أو فقل أيدي متعاقبة ترتبت على مال عمرو فضولة كلها باطلة إذا لم يجزها صاحبها الأصلي.

ففي هذه الحالة يجوز للمالك الحقيقي الرجوع على كل واحد من هؤلاء الباعة باخذ عين ماله إذا كانت موجودة، أو قيمته إن كانت قيميا و العين تالفة، سواء أ كان كل واحد من الباعة عالما بكون المبيع مال زيد أم لا. -

ص: 184

الغير ضمان كل منهم و لو مع الجهل، غاية (1) الأمر رجوع الجاهل على العالم إذا لم يقدم على أخذه مضمونا (2).

و لا اشكال عندهم (3) ظاهرا في أنه لو استمر جهل القابض المنهب

++++++++++

- ثم إن رجع المالك الأصلي على البائع الأول و أخذ عينه إن كانت موجودة، و قيمته إن كانت تالفة ليس للبائع الأول حق الرجوع على الآخرين

و كذا إن رجع على أي واحد من الباعة ليس للمرجوع إليه حق الرجوع من على بعده.

ثم إن الغارم يرجع إلى من غره ممن سبقه من الباعة.

و ستأتي الاشارة مفصلا إلى ترتب أيدي متعاقبة، و عقود متعددة في كتاب البيع في مسألة تعاقب الأيدي إن شاء اللّه تعالى.

(1) أي غاية الأمر في مسألة ترتب الأيدي و تعاقبها على مال الغير أنه في صورة جهل المشتري بكون المبيع مال عمرو ثم بان له ذلك له حق الرجوع على العالم بذلك الذي باعه فيأخذ ثمنه منه إذا لم يكن اقدامه على أخذ المبيع بقصد الضمان.

و أما إذا أخذه بذلك القصد فليس له حق الرجوع على العالم بكون المبيع مال عمرو. راجع نفس المصدر.

(2) و لا يخفى ما في هذا القيد، حيث إن فرض الكلام في الجاهل بكون المبيع مال عمرو فهو محور البحث و مناطه فالقيد المذكور يخرج الجاهل عن كونه جاهلا و يدخله في أفراد العالمين، لأن اقدامه على أخذه مقيدا بالضمان معناه أنه عالم بكون المبيع فضوليا، فلو لم يجز المالك الأصلي البيع دفع المبيع إليه إن كان موجودا، أو قيمته إن كان تالفا و هو قيمي.

(3) هذا تأييد من الشيخ لما ذهب إليه: من الضمان في صورة علم الآخذ بكون المبيع مال عمرو، أي لا اشكال عند صاحب المسالك و غيره -

ص: 185

أن تلف في يده كان للمالك الرجوع عليه.

و لا دافع لهذا المعنى (1) مع حصول العلم بكونه مال الغير فيستصحب ضمان، لا عدمه (2).

و ذكر (3) في المسالك فيمن استودعه الغاصب مالا مغصوبا: أنه يرده إليه مع الإمكان.

و لو أخذه منه قهرا ففي الضمان نظر.

++++++++++

من الفقهاء الامامية فيما لو قبض شخص شيئا من الآخر بعنوان الهبة و هو يعلم أنه مال عمرو و استمر جهله إلى أن تلف ذلك الشيء في يده فللمالك صلي الرجوع على هذا القابض الجاهل.

و هذا الرجوع هو معنى ثبوت الضمان في ذمة القابض الجاهل.

(1) هذا تأييد آخر لما ذهب إليه الشيخ: من الضمان في الصورة لثالثة، أي لا شيء موجود في المقام يمكنه دفع رجوع المالك الأصلي على القابض الجاهل مع كونه جاهلا لا يعلم بكون المبيع مال عمرو.

فكيف فيما نحن فيه: و هو علم الآخذ علما تفصيليا بكون الجوائز لمأخوذة من السلطان حراما، فإن الضمان هنا بطريق أولى، لوجود الاستصحاب في المقام، لأن الآخذ قبل حصول العلم له بالحرمة كان ضامنا و بعد الحصول يستصحب هذا الضمان، لا عدم الضمان كما أفاده (الشهيد الثاني) في المسالك.

(2) أي لا عدم الضمان كما عرفت آنفا من افادة (شيخنا الشهيد الثاني) ذلك.

(3) هذا تأييد آخر من الشيخ لما ذهب إليه: من الضمان في الصورة الثالثة يذكره عن (الشهيد الثاني) عن المسالك ردا على الشهيد.

و خلاصته: أنه قال في المسالك: لو استودع الغاصب مالا مغصوبا -

ص: 186

و الذي تقتضيه قواعد الغصب أن للمالك الرجوع على أيهما (1) شاء و إن كان قرار الضمان على الغاصب. انتهى (2).

و الظاهر أن مورد كلامه (3): ما إذا أخذ الودعي المال من الغاصب جهلا بغصبه ثم تبين له، و هو (4) الذي حكم فيه هنا بعدم الضمان لو استرده الظالم المجيز، أو تلف بغير تفريط.

++++++++++

- عند شخص فلا يجوز لهذا الشخص أن يرده إلى الغاصب مع امكان عدم الرد فلو أخذه منه قهرا و ظلما ففي الضمان نظر.

إلا أن مقتضى القواعد الفقهية في باب الغصب هو جواز رجوع المالك إلى أي من الغاصب و المستودع و إن كان ثبوت الضمان على الغاصب راجع المسالك. الجزء 1 كتاب الوديعة.

فقوله: إن للمالك الرجوع على أيهما شاء تأييد لضمان الآخذ من أموال السلطان و غلاته و هو يعلم أنها من الحرام.

(1) و هما: المستودع و الغاصب كما عرفت.

(2) أي ما أفاده (الشهيد الثاني) في المسالك.

(3) أي كلام الشهيد في المسالك في هذا المقام.

و لعل مبنى هذا الاستظهار ما ذكره الشهيد الثاني في المسالك في الجزء 2 في كتاب الغصب: لأن الثاني إن علم بالغصب فهو كالغاصب يطالب بكل ما يطالب به الغاصب، فاذا تلف المغصوب في يده فاستقرار ضمانه عليه حتى لو غرم لم يرجع على الأول، و لو غرم الأول رجع عليه.

(4) هذا الضمان الذي حكم به الشهيد الثاني في باب الوديعة قد حكم بعدم الضمان في باب الجوائز المأخوذة من السلطان الجائر مع علم الآخذ بكونها من الحرام كما نقل عنه الشيخ عن المصدر المذكور بقوله في ص 183:

و ظاهر المسالك عدم الضمان رأسا مع انقبض جاهلا.

ص: 187

و على أي حال (1) فيجب على المجاز رد الجائزة بعد العلم بغصبيتها إلى مالكها، أو وليه (2).

و الظاهر أنه لا خلاف في كونه (3) فوريا.

نعم تسقط (4) بإعلام صاحبه به.

و ظاهر أدلة (5) وجوب أداء الأمانة وجوب الإقباض، و عدم كفاية

++++++++++

(1) أي سواء قلنا بالضمان في باب الجوائز أم لم نقل به.

(2) كما إذا كان المالك مجنونا، أو معتوها، أو طفلا، أو محجورا عليه.

أو اعطاء الجائزة إلى الحاكم الشرعي إذا لم يكن الولي موجودا.

(3) أي رد الجائزة إلى مالكها، أو وليه، أو الحاكم الشرعي.

(4) أي الفورية

(5) المراد منها الآيات الكريمة، و الأحاديث الشريفة.

أما الآيات فقوله تعالى: إِنَّ اَللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا اَلْأَمٰانٰاتِ إِلىٰ أَهْلِهٰا (1).

و قوله تعالى: فَلْيُؤَدِّ اَلَّذِي اُؤْتُمِنَ أَمٰانَتَهُ (2).

و أما الأحاديث فراجع (الكافي) الجزء 2. ص 104. ط 2.

و لا يخفى أن الآيتين الكريمتين، و الأحاديث الشريفة ليس فيهما دلالة على الإقباض لو اريد منه يدا بيد، و كذا لا تدلان على عدم كفاية التخلية كما يستفاد العدم من كلام الشيخ.

نعم تدلان على تسليط المالك على ماله.

ص: 188


1- النساء: الآية 57.
2- البقرة: الآية 283.

التخلية، إلا أن يدعى أنها (1) في مقام حرمة الحبس، و وجوب التمكين (2) لا تكليف الأمين بالإقباض (3).

و من هنا (4) ذكر غير واحد كما عن التذكرة و المسالك و جامع المقاصد:

أن المراد برد الأمانة رفع اليد عنها، و التخلية بينه و بينها (5).

و على هذا (6) فيشكل حملها (7) إليه، لأنه تصرف لم يؤذن (8) فيه إلا إذا كان الحمل مساويا لمكانه الموجود فيه، أو أحفظ، فإن الظاهر (9) جواز نقل الأمانة الشرعية من مكان إلى ما لا يكون أدون من الأول في الحفظ

و لو جهل (10) صاحبه وجب الفحص مع الإمكان، لتوقف الأداء

++++++++++

(1) أي أدلة وجوب رد الأمانات.

(2) و هو وجوب تسليط المالك على ماله كما قلنا.

(3) و هو التسليم للمالك يدا بيد.

(4) أي و من أن قلنا: إن ظاهر أدلة وجوب رد الأمانة و أدائها إلى صاحبها

(5) بأن يتمكن المالك من الوصول إليها إلى حين أن يقبضها.

(6) أي و بناء على أن المراد من رد الأمانة هو رفع اليد عنها و التخلية بينه و بينها.

(7) أي حمل الأمانة إلى مالكها إذا كان الحمل يوجب الخطر في الأمانة.

(8) بصيغة المجهول و نائب فاعله الشارع المقدس، أي هذا التصرف غير مأذون من قبله.

(9) أى الظاهر من هذا الاستثناء و هو قوله: إلا إذا كان الحمل.

و لا يخفى أنه ربما يجب حمل الامانة و نقلها إلى صاحبها إذا كانت التخلية متوقفة على النقل و لم يكن هناك خطر في نقلها.

(10) أي آخذ المال من الجائر مع علمه التفصيلي بكون المال حراما.

ص: 189

الواجب بمعنى التمكين، و عدم (1) الحبس: على (2) الفحص.

مضافا إلى الأمر به (3) في الدين المجهول المالك.

++++++++++

(1) بالجر عطفا على مجرور الباء في قوله: بمعنى، و الجملة هذه عطف تفسير للجملة الاولى و هو قوله: بمعنى التمكين.

(2) الجار و المجرور متعلق بقوله: لتوقف الأداء، أي الأداء الواجب الذي هو تسليم الأمانة لصاحبها متوقف على الفحص.

(3) أي و لنا دليل آخر على وجوب الرد و هي الأخبار الواردة في المقام.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 13. ص 110. الحديث 2.

الباب 22 من أبواب الدين.

أليك نص الحديث:

عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل كان له على رجل حق ففقد و لا يدرى أ حيّ هو أم ميت، و لا يعرف له وارث، و لا نسب، و لا بلد؟

قال: اطلبه.

قال: إن ذلك قد طال فأصّدّق به.

قال: اطلبه.

ثم لا يخفى أن الفرق بين الدين المجهول المالك، و بين ما نحن فيه و هو رد المأخوذ المعلوم حرمته تفصيلا إلى صاحبه: أن الدين المجهول حق ثابت في الذمة، و أن المال المأخوذ حقه ثابت في عين المال الموجود

ثم لا يخفى أيضا أن الحديث لا يدل على المجهول المالك، بل يدل على المفقود المالك.

ص: 190

ثم لو ادعاه (1) مدع ففي سماع قول من يدعيه مطلقا (2)، لأنه (3) لا معارض له.

أو مع الوصف (4)، تنزيلا (5) له منزلة اللقطة، أو يعتبر الثبوت (6) شرعا، للأصل (7): وجوه.

++++++++++

(1) أي حينما كان الآخذ يفحص عن صاحب المال، أو عن شخص ادعى أن المال لي.

(2) أي من دون بينة، أو توصيف من المدعي للمال الذي يدعيه

(3) هذا التعليلى لسماع قول المدعي مطلقا.

(4) أي أو مع توصيف المدعي للمال وصفا يرفع الجهالة به، بحيث يطمئن القلب، و يسكن الفؤاد فحينئذ يقبل قول المدعي فيدفع المال إليه.

(5) منصوب على المفعول لأجله فهو تعليل لتوصيف المال وصفا يرفع الجهالة، أي فينزل هذا المال الذي تبين ملكا للغير منزلة اللقطة:

من حيث كونه مجهول المالك لا يدرى صاحبه فلا بد من توصيفه وصفا يرفع الجهالة.

(6) أي ثبوت هذا المال للمدعي.

و طريق ثبوته له أن يرفع أمره إلى الحاكم الشرعي ثم يحضر الحاكم المدعي فيتحاكمان عنده فيجري عليهما اصول المحاكمات الشرعية: من البينة و اليمين، و رد اليمين.

(7) المراد من الأصل الاشتغال، حيث اشتغلت ذمة حامل المال بوجوب حفظه حتى يثبت مالكه فلا يعطى لمدعيه بمجرد الادعاء و عدم المعارض، و لا بمجرد توصيفه له.

و يمكن ارجاع الأصل إلى الاستصحاب، لأن حفظ المال قبل الادعاء كان واجبا عليه فبعد الادعاء نشك في رفعه عنه، فنجري الاستصحاب.

ص: 191

و يحتمل غير بعيد عدم وجوب الفحص، لإطلاق غير واحد من الأخبار (1).

ثم إن المناط (2) صدق اشتغال الرجل بالفحص نظير ما ذكروه في تعريف اللقطة.

و لو احتاج الفحص إلى بذل مال كاجرة دلال صائح (3) عليه فالظاهر عدم وجوبه على الواجد، بل يتولاه (4) الحاكم ولاية عن صاحبه و يخرج (5) عن العين اجرة الدلال، ثم يتصدق بالباقي إن لم يوجد صاحبه.

++++++++++

(1) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 144. الحديث 1 الباب 47، فإن قوله عليه السلام في المصدر: و من لم تعرف تصدقت به مطلق غير مقيد بالفحص.

(2) أي المدار في الفحص و مقداره هنا هو المدار الذي ذكره العلماء في وجوب الفحص في اللقطة حولا كاملا، لا أنه يشتغل بالفحص آناء الليل، و أطراف النهار، لأن هذا مستلزم للعسر و الحرج المنفيين في الاسلام.

(3) اسم فاعل من صاح يصيح وزان باع يبيع أجوف يائي معناه التصويت بصوت عال

(4) أي يتول بذل المال في سبيل الصائح الحاكم الشرعي: بمعنى أنه يعين الدلال من دون أن يباشره آخذ المال.

(5) بصيغة المعلوم من باب الإفعال، أي الحاكم الشرعي هو الذي يخرج اجرة الدلال عن العين التي امر بالنداء عليها.

و لا يخفى أن النداء على العين بواسطة الدلال كان متعارفا في العصور السابقة.

و في عصرنا الحاضر توجد وسائط اخرى أهم و أنفع من وسائط السابقين و هي: (الجرائد و المجلات و الراديوات و مكبرات الصوت محليا).

ص: 192

و يحتمل وجوبه (1) عليه، لتوقف الواجب (2) عليه.

و ذكر (3) جماعة في اللقطة أن اجرة التعريف على الواجد.

لكن حكي عن التذكرة أنه إن قصد (4) الحفظ دائما يرجع أمره إلى الحاكم، ليبذل اجرته من بيت المال، أو يستقرض على المالك

++++++++++

(1) أي وجوب بذل المال على الواجد، لا على الحاكم.

(2) و هو الفحص على بذل المال فبذل المال مقدمة للفحص الواجب فيكون واجبا من باب مقدمة الواجب.

(3) هذا تأييد لاحتمال وجوب بذل المال على الآخذ من باب المقدمة.

(4) أي إن قصد آخذ الجائزة بعد علمه بحرمتها أن يحفظها دائما بناء على ابقائها في يده أمانة شرعية بعد الفحص عنها حولا كاملا و اليأس عن صاحبها.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 7. ص 92 إلى 96 كتاب اللقطة.

و إلى هذا المعنى أشار الامام عليه السلام في الحديث.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 17. ص 350. الحديث 3-10 الباب 2 من كتاب اللقطة.

أليك نص الحديث 3:

عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام سألته عن اللقطة ؟

قال: لا ترفعوها، فإن ابتليت فعرفها سنة، فإن جاء طالبها و إلا فاجعلها في عرض مالك يجري عليها ما يجري على مالك إلى أن يجيء طالب.

و كلمة يرجع من باب الافعال، و الفاعل في ليبذل حاكم الشرع كما هو الفاعل في قوله: أو يستقرض، أو يبيع بعضها.

ص: 193

أو يبيع بعضها إن رآه أصلح.

و استوجه ذلك (1) جامع المقاصد.

ثم إن الفحص لا يتقيد بالسنة على ما ذكره الأكثر هنا (2)، بل حده (3) اليأس، و هو مقتضى الأصل (4)، إلا أن المشهور كما في جامع المقاصد أنه إذا أودع الغاصب مال الغصب لم يجز الرد إليه، بل يجب رده إلى مالكه.

++++++++++

(1) أى ارجاع أمر الجائزة إلى الحاكم الشرعي.

(2) أي في باب جوائز السلطان.

(3) أي نهاية الفحص.

(4) الظاهر أن المراد من الأصل عند (شيخنا الأنصاري): البراءة فيما إذا حصل الياس قبل السنة: بمعنى أن المكلف بعد أن يحصل له اليأس من العثور على المالك بسبب الفحص يشك في استمرار وجوب الفحص عليه إلى تمام السنة فينفي استمرار الوجوب بأصل البراءة الذي مقتضاه براءة ذمته من وجوب الفحص.

و لكن لا يخفى أنه لو لم يحصل الياس في انتهاء السنة فمقتضى الأصل الاستصحاب الذي معناه وجوب استمرار الفحص على المكلف حتى اليأس

بيان ذلك ؟ أن الأقوال الممكنة في هذا المجال خمسة:

(الأول): وجوب الفحص إلى سنة، سواء انتهت السنة قبل اليأس أم بعده.

(الثاني): وجوب الفحص إلى حد اليأس، سواء حصل اليأس قبل السنة أم بعده.

(الثالث): وجوب الفحص إلى أقصر الحدين: بمعنى الاكتفاء ببلوغ اليأس و إن كان قبل انتهاء السنة، أو بانتهائها قبل حصول اليأس.

ص: 194

فإن جهل (1) عرّف سنة ثم يتصدق به عنه، و به (2) رواية حفص بن غياث.

لكن موردها في من أودعه رجل من اللصوص دراهم، أو متاعا و اللص مسلم فهل يرد عليه ؟

فقال: لا يرده، فان أمكنه أن يرده على أصحابه فعل، و إلا كان في يده بمنزلة اللقطة يصيبها (3) فيعرفها حولا، فإن أصاب صاحبها ردها عليه، و إلا تصدق بها، فإن جاء صاحبها بعد ذلك (4) خير (5) بين الغرم و الاجر (6)، فإن اختار (7) الأجر فالأجر له، و إن اختار الغرم

++++++++++

- (الرابع): وجوب الفحص عند حصول اليأس، و انتهاء السنة و هو المعبر عنه: بتطابق الحدين.

(الخامس): وجوب الفحص إلى أطول الحدين، و هذا أوجه الأقوال و أحوطها، و هو مقتضى الاستصحاب الذي هو وجوب استمرار الفحص.

(1) بصيغة المجهول، أي إن لم يعرف صاحب الوديعة التي أودعها الغاصب عند الودعي.

(2) أي و بعدم جواز رد مال الغصب إلى الغاصب، بل لا بدّ من رده إلى مالكه إن عرفه، و إلا يعرف عن المال حولا كاملا، فإن يأس عنه تصدق به عن صاحبه، ثم الضمان.

(3) أي يجدها.

(4) أي بعد أن عرّف اللقطة سنة كاملة، و تصدق بها بعد السنة.

(5) أي صاحب الوديعة.

(6) و هو الثواب الاخروي.

(7) أي مالك الوديعة.

ص: 195

غرم (1) له و كان الأجر له.

و قد تعدى الأصحاب من اللص إلى مطلق الغاصب، بل الظالم (2) و لم يتعدوا من الوديعة المجهول مالكها إلى مطلق ما يعطيه الغاصب و لو بعنوان غير الوديعة كما فيما نحن فيه (3).

++++++++++

(1) و هو المستودع الذي اودع عنده المال المسروق المعبر عنه بالودعي و كان الأجر له.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 17. ص 368. الباب 18 من أبواب كتاب اللقطة. الحديث 1.

(2) مقصود الشيخ: أن فقهاءنا رضوان اللّه عليهم تعدوا من اللص إلى مطلق الغاصب: بأن قالوا: إن الأحكام المترتبة على وديعة اللص:

من عدم جواز ردها إلى سارقها، و من وجوب التعريف عنها حولا كاملا و من وجوب التصدق بها عن صاحبها، ثم ضمان ما تصدق به: مترتبة على وديعة مطلق الغاصب، سواء أ كان سلطانا جائرا أم غيره فكل ما يترتب على تلك الوديعة يترتب على هذه من غير فرق بينهما، فلو أودع الغاصب شيئا عند شخص يجري عليها ما يجري على وديعة اللص.

لكن الأصحاب لم يتعدوا من الوديعة المجهول مالكها، سواء أ كانت من اللص أم من الغاصب الظالم: إلى مطلق ما يعطيه الغاصب، سواء أ كان ما يعطيه بعنوان الهبة أم بعنوان الجائزة أم بعنوان البيع و الشراء، أي لم تترتب الأحكام المذكورة في الوديعة المجهول مالكها: على مطلق ما يعطيه الغاصب بأي نحو من انحاء الإعطاء إن لم يكن بعنوان الوديعة.

(3) و هو وصول المال من الجائر بغير عنوان الوديعة، فإن الاصحاب لم يقولوا هنا بترتب الأحكام المذكورة في وديعة اللص عليه.

ص: 196

نعم (1) ذكر في السرائر فيما نحن فيه: أنه روي أنه بمنزلة اللقطة ففهم التعدي من الرواية (2).

و ذكر في السرائر أن إجراء حكم اللقطة فيما نحن فيه (3) ليس ببعيد كما أنه عكس في النهاية و التحرير (4) فالحقا الوديعة بمطلق مجهول المالك.

++++++++++

(1) استدراك عما أفاده آنفا: من عدم تعدي الأصحاب من الوديعة المجهول مالكها إلى مطلق ما يعطيه الجائر بغير عنوان الوديعة.

و خلاصته: أن (ابن ادريس) قال في السرائر: إن ما نحن فيه و هو وصول المال من الجائر بغير عنوان الوديعة بمنزلة اللقطة: من حيث وجوب التعريف عنها حولا كاملا إذا لم يعرف صاحبها، ثم التصدق بها بعد اليأس، ثم الضمان إن جاء صاحبها و لم يرض بالصدقة، لأن ابن ادريس قال: إن بهذا التنزيل رواية و مقصوده من الرواية رواية حفص بن غياث المشار إليها في ص 195 الواردة في وديعة اللص، ففهم التعدي من موردها إلى كل ما يعطيه الظالم الجائر و لو كان بعنوان غير الوديعة فتترتب الأحكام المذكورة في الوديعة عليه أيضا.

(2) و هي رواية حفص بن غياث.

(3) و هو وصول المال من الظالم و لو بغير عنوان الوديعة ملحق باللقطة في إجراء أحكامها عليه كما عرفت آنفا.

(4) أي الشيخ في النهاية، و العلامة في التحرير بعكس ذلك حكما فالحقا وديعة اللص بمطلق المال المجهول المالك فقالا: إن أحكام المجهول المالك تترتب على الوديعة، بينما كان الأمر بعكس ذلك، إذ المال المجهول المالك كان ملحقا بالوديعة.

ص: 197

و الإنصاف أن الرواية (1) يعمل بها في الوديعة، و فيما أخذ (2) من الغاصب بعنوان الحسبة للمالك، لا مطلق (3) ما أخذ منه حتى لمصلحة الآخذ، فان (4) الأقوى فيه تحديد التعريف باليأس،

++++++++++

(1) و هي رواية حفص بن غياث يعمل بها في وديعة اللص:

من حيث وجوب التعريف حولا كاملا: بمعنى أن موردها خاص بوديعة اللص فقط فلا تشمل ما نحن فيه: و هو وصول المال من الظالم بغير عنوان الوديعة.

(2) أي و يعمل برواية حفص بن غياث أيضا فيما يؤخذ من الغاصب لمصلحة المالك: من وجوب الفحص عن صاحبه حولا كاملا ثم التصدق به بعد الفحص، ثم الضمان إن ظهر صاحبه و لم يرض بالصدقة.

(3) أي الرواية لا تشمل مطلق ما يؤخذ من الغاصب و لو بعنوان مصلحة نفسه فلا يعمل بها في هذه الصورة.

(4) هذا نظر الشيخ حول ما يؤخذ من الغاصب لمصلحة نفسه.

و حاصل النظر: أن وجوب الفحص إلى حد اليأس هو مقتضى الاستصحاب الآمر بذلك و كان اللازم جريان هذا الاستصحاب في الوديعة و ما اخذ لمصلحة المالك.

لكن خرجنا عن هذا الأصل لوجود رواية حفص بن غياث الدالة على وجوب الفحص حولا كاملا فيهما فهي المخرجة لنا في الموردين عن الأصل المذكور.

كما أجرى هذا الأصل (شيخنا الأنصاري) بقوله في ص 194 ثم إن الفحص لا يتقيد بالسنة على ما ذكره الأكثر، بل إلى حد اليأس و هو مقتضى الأصل.

ص: 198

للأصل (1) بعد (2) اختصاص المخرج عنه: بما عدا ما نحن فيه.

مضافا (3) إلى ما ورد من الأمر بالتصدق بمجهول المالك، مع عدم معرفة المالك كما في الرواية الواردة في بعض عمال بني امية من الأمر بالصدقة بما لا يعرف صاحبه مما يقع في يده من أموال الناس بغير حق (4).

++++++++++

(1) تعليل لوجوب الفحص إلى حد اليأس، و المراد منه هو الاستصحاب كما عرفت في ص 194

(2) هذه العبارة: (بعد اختصاص المخرج عنه بما عدا ما نحن فيه) من متممات ما أفاده الشيخ: من وجوب الفحص إلى حد اليأس فيما أخذ لمصلحة الآخذ، أي الفحص إلى حد اليأس فيما أخذ لمصلحة الآخذ بعد القول باختصاص المخرج الذي هي رواية حفص بن غياث: بالوديعة و بما اخذ لمصلحة المالك، و لولاها لقلنا بالفحص إلى حد اليأس فيهما كما عرفت آنفا.

و المراد من ما نحن فيه هو الأخذ لمصلحة الآخذ.

و من ما عدا هي الوديعة، و ما أخذ لمصلحة المالك.

و مرجع الضمير في عنه هو الأصل المراد منه الاستصحاب كما عرفت.

(3) أي لنا دليل آخر بالإضافة إلى الدليل المذكور الذي هو الاستصحاب و هذا الدليل هي الرواية الآتية في ص 203.

و خلاصته: أن الأمر بالتصدق في الرواية، و تضمين الجنة له منصرف إلى المال الذي أخذ لمصلحة غير المالك فيجب الفحص إلى حد اليأس.

(4) هذا مضمون الرواية المنصرفة إلى ما اخذ لمصلحة نفسه، فإن ما يقع في يده من أموال الناس إنما يؤخذ لمصلحة نفسه.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 144. الباب 47. الحديث 1 -

ص: 199

ثم الحكم بالصدقة (1) هو المشهور فيما نحن فيه أعني جوائز الظالم

و نسبه (2) في السرائر إلى رواية أصحابنا، فهي (3) مرسلة مجبورة بالشهرة المحققة، مؤيدة (4): بأن التصدق أقرب طرق الإيصال.

++++++++++

- لا يخفى على من لاحظ الرواية عدم دلالتها على وجوب الفحص إلى حد اليأس، مع أن مصب كلام الشيخ هو وجوب الفحص إلى حد اليأس.

اللهم إلا أن يقال: إن مورد الرواية اليأس.

(1) أي بصدقة المال المجهول المالك بعد التعريف حولا كاملا في وديعة اللص، و ما أخذ من الغاصب لمصلحة المالك.

أو بعد اليأس عن صاحبه فيما اخذ من الغاصب لمصلحة الآخذ.

(2) أي نسب الحكم بالصدقة في المشهور في السرائر إلى رواية أصحابنا بقوله: و يجب عليه ردها على أربابها إن عرفهم، فإن لم يعرفهم عرّف ذلك المال و اجتهد في طلبهم، و قد روى أصحابنا أنه يتصدق به عنه، و يكون ضامنا إذا لم يرض به صاحبها.

(3) هذه العبارة: (فهي مرسلة مجبورة بالشهرة المحققة) من الشيخ لا من (ابن ادريس) أي رواية الأصحاب الأمر بالتصدق مرسلة، و المرسلة ضعيفة، لكن يجبر ضعفها بالشهرة المحققة عند الأصحاب.

(4) بصيغة المفعول فهي منصوبة محلا على أن تكون حالا للمرسلة أي مرسلة (ابن ادريس) مؤيدة: بالامر بالتصدق عن صاحب المال و التصدق أقرب طريق إلى ايصال الثواب إلى صاحبها، لأن في الصدقة ثوابا فهذا الثواب يرجع إليه و هذا التأييد أول المؤيدات لمرسلة (ابن ادريس).

ص: 200

و ما ذكره الحلي (1): من ابقائها أمانة في يده و الوصية بها معرض (2) المال للتلف (3)، مع أنه (4) لا يبعد دعوى شهادة حال المالك للقطع برضاه (5) بانتفاعه بما له في الآخرة على تقدير عدم انتفاعه به في الدنيا. هذا (6).

++++++++++

(1) أي و ما ذكره (ابن ادريس) في كتاب السرائر: من إبقاء الوديعة في يده أمانة بقوله: فإن علم أنها غصب و لم يعرف صاحبها بعينه بقّاها عنده إلى أن يعرفه، و اجتهد في طلبه ثم يوصي به عند الموت.

(2) بصيغة الفاعل من باب التفعيل من عرّض يعرّض فهو مرفوع خبر للمبتدإ المتقدم و هو ما الموصولة في قوله: و ما ذكره، أي ما ذكره الحلي معرض المال للتلف.

(3) إذ من الممكن أن يكون ورثة الرجل أشقياء و خونة فيأكلون المال و لا يعطونها إلى الموصى بالوديعة.

(4) هذا ترق من الشيخ على ما أفاده: من أن إبقاء المال في يده امانة، ثم الوصية به معرض للتلف، أي مع أن التصدق بالمال عوضا عن صاحبه بعد اليأس مقتضى شهادة حال صاحبه، فإنه يقطع برضاه بذلك، حيث ينتفع بهذه الصدقة في الآخرة ان لم ينتفع بها في الدنيا.

(5) و لا يخفى أنه على القول بضمان المال بعد التصدق لو جاء صاحب المال فهل يضمن للورثة لو جاءوا و طلبوا المال من المتصدق بعد الصدقة ؟ الصواب عدم الضمان، لأن القدر المتيقن من الضمان هو مجيء صاحب المال.

(6) أي خذ ما تلوناه عليك في هذا المقام الدقيق و كن على بصيرة من امره.

ص: 201

و العمدة (1) ما أرسله في السرائر مؤيدا (2) بأخبار اللقطة و ما (3)

++++++++++

(1) من هنا يقصد الشيخ أن يثبت الامر بالتصدق فقال: إن العمدة في جواز التصدق عن المال المجهول المالك عن صاحبه ما رواه (ابن ادريس) في السرائر مرسلا بقوله: و قد روى أصحابنا أنه يتصدق به عنه، و يكون ضامنا إذا لم يرضوا بما فعل.

(2) حال (لما الموصولة) في قوله: و العمدة ما أرسله أي مرسلة (ابن ادريس) التي رواها بقوله في ص 200: و قد روى أصحابنا أنه يتصدق به عنه مؤيدة بأخبار اللقطة، فأخبار اللقطة أول المؤيدات لمرسلة (ابن ادريس) التي رواها لما نحن فيه: و هو وصول المال من الظالم بغير عنوان الوديعة.

أليك نص الحديث الثاني:

عن الحسين بن كثير عن أبيه قال: سأل رجل (أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام عن اللقطة فقال: يعرفها، فان جاء صاحبها دفعها إليه، و إلا حبسها حولا، فإن لم يجيء صاحبها، أو من يطلبها تصدّق بها، فإن جاء صاحبها بعد ما تصدق بها إن شاء اغترمها الذي كانت عنده و كان الاجر له، و إن كره ذلك احتسبها و الاجر له.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 17 ص 349. الباب 2 من أبواب اللقطة. الحديث 2.

فجوائز السلطان الجائر حكمها حكم اللقطة في وجوب الفحص عن صاحبها إن لم يعرفها، ثم التعريف، ثم التصدق عنها، ثم الضمان إن جاء صاحبها و لم يرض بها.

(3) مجرور محلا عطفا على مجرور الباء الجارة في قوله: بأخبار اللقطة هذا ثان المؤيدات لمرسلة (ابن ادريس) اي المرسلة المذكورة الآمرة -

ص: 202

في منزلتها، و ببعض (1) الأخبار الواردة في حكم ما في يد بعض عمال بني امية الشامل بإطلاقه لما نحن فيه: من جوائز بني امية، حيث قال له عليه السلام: اخرج من جميع ما اكتسبت في ديوانهم، فمن عرفت منهم رددت عليه ماله، و من لم تعرف تصدقت به (2).

و يؤيده (3) أيضا الأمر بالتصدق بما يجتمع عند الصياغين: من أجزاء النقدين (4).

++++++++++

- بالتصدق مؤيدة بخبر الوديعة التي هي بمنزلة اللقطة: و هي رواية حفص بن غياث الواردة في الوديعة المشار إليها في ص 195 بقوله عليه السلام: و إلا كان في يده بمنزلة اللقطة يصيبها فيعرفها حولا، فإن أصاب صاحبها ردها عليه و إلا تصدق بها، فالحديث هذا مؤيد لما نحن فيه: و هو وصول المال من الظالم من غير الوديعة و اللقطة.

ثم لا يخفى أن في أكثر النسخ الموجودة عندنا: (و ما في حكمها) و الصحيح ما أثبتناه، إذ كلمة المنزلة موجودة في الحديث كما عرفت فلا مجال لكلمة و ما في حكمها.

(1) أي و يؤيد التصدق.

هذا ثالث المؤيدات لمرسلة (ابن ادريس) التي رواها بقوله في ص 200 و روى أصحابنا الآمرة بالتصدق.

(2) نفس المصدر. الجزء 12. ص 144. الحديث 1. الباب 47 من أبواب ما يكتسب به.

(3) أي و يؤيد التصدق.

هذا رابع المؤيدات لمرسلة (ابن ادريس) الآمرة بالتصدق.

(4) و هو الذهب و الفضة، حيث إنه يجتمع عند الصاغة تراب الذهب و القضاء الذين بأيديهما من الناس. -

ص: 203

و ما ورد (1) من الأمر بالتصدق بغلة الوقف المجهول أربابه.

++++++++++

- راجع نفس المصدر. ص 484. الحديث 1. الباب 16 من أبواب الصرف.

أليك نص الحديث:

عن علي عن ميمون الصائغ قال: سألت (أبا عبد اللّه) عليه السلام عما يكنس من التراب فأبيعه فما أصنع به ؟

قال: تصدق به فإما لك، و إما لأهله.

قال: قلت: فإن فيه ذهبا و فضة و حديدا فبأي شيء أبيعه ؟

قال: بعه بطعام.

قلت: فإن كان لي قرابة محتاج أعطيه منه ؟

قال: نعم.

(1) أي و يؤيد التصدق.

هذا خامس المؤيدات لمرسلة (ابن ادريس) الآمرة بالتصدق.

راجع نفس المصدر. الجزء 13. ص 303. الحديث 1. الباب 6 من أبواب أحكام الوقوف و الصدقات.

أليك نص الحديث الأول:

عن (أبي علي بن الراشد) قال: سألت أبا الحسن عليه السلام قلت: جعلت فداك اشتريت أرضا إلى جنب ضيعتي بألفي درهم، و لما وفّرت(1) المال خبرت أن الأرض وقف ؟

فقال: لا يجوز شراء الوقوف، و لا تدخل الغلة(2) في ملك، ادفعها -

ص: 204


1- من باب التفعيل بصيغة المتكلم المعلوم. معناه هنا: وصول الأرباح و الفوائد إلى المشتري.
2- المراد من الغلة هنا: حاصلات الأرض الموقوفة و عوائدها.

و ما ورد (1) من الأمر بالتصدق بما يبقى في ذمة الشخص لأجير استأجره.

و مثله (2) مصححة يونس فقلت: جعلت فداك كنا مرافقين لقوم بمكة فارتحلنا عنهم و حملنا بعض متاعهم بغير علم و قد ذهب القوم و لا نعرفهم و لا نعرف أوطانهم و قد بقي المتاع عندنا فما نصنع به ؟

قال عليه السلام: تحملونه حتى تحملوه إلى الكوفة.

قال يونس: قلت له: لست أعرفهم و لا ندري كيف نسأل عنهم ؟

قال: بعه و اعط ثمنه أصحابك.

قلت: جعلت فداك أهل الولاية ؟

قال: نعم

++++++++++

- إلى من أوقفت عليه.

قلت: لا أعرف لها ربا.

قال: تصدق بغلّتها.

(1) أي و يؤيد التصدق.

هذا سادس المؤيدات لمرسلة (ابن ادريس) الآمرة بالتصدق.

راجع نفس المصدر. ص 110. الحديث 3. الباب 22 من أبواب الدين و القرض.

(2) أي و مثل ما ورد بالأمر بالتصدق: صحيحة يونس بن عبد الرحمن هذا سابع المؤيدات لمرسلة (ابن ادريس) الآمرة بالتصدق.

راجع نفس المصدر. الجزء 17. ص 357. الحديث 2 الباب 7 من أبواب اللقطة، و الحديث هذا منقول بالمعنى.

ص: 205

نعم (1) يظهر من بعض الروايات أن مجهول المالك مال الإمام عليه السلام كرواية داود بن أبي يزيد عن أبي عبد اللّه قال: قال له رجل: إني قد أصبت مالا، و إني قد خفت فيه على نفسي فلو أصبت صاحبه دفعته إليه و تخلصت منه.

فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام: لو أصبته كنت تدفعه إليه.

فقال: اي و اللّه.

فقال عليه السلام: فأنا، و اللّه ما له صاحب غيري.

قال (2): فاستحلفه أن يدفعه إلى من يأمره.

قال: فحلف.

قال: فاذهب فاقسمه بين إخوانك و لك الأمن مما خفت فيه.

قال: فقسمته بين إخواني (3). هذا (4).

و أما (5) ما ذكرناه في وجه التصدق: من أنه احسان، و أنه أقرب

++++++++++

(1) استدراك عما أفاده: عن الصدقة بقوله: ثم الحكم بالصدقة هو المشهور فيما نحن فيه أعني جوائز الظالم، و أفاد أن التصدق هو الخروج عن المأزق.

(2) أي الراوي قال: إن الامام استحلف السائل عن الأموال التي في يده.

(3) راجع (فروع الكافي). الجزء 5. ص 138. الحديث 7 من كتاب المعيشة.

(4) أي خذ ما تلوناه عليك في باب جوائز الظالم من أقوال الفقهاء فيها حسب الأخبار الواردة في المقام، و قد ذكرناها لك.

(5) من هنا يروم الشيخ أن يهدم بعض المؤيدات التي ذكرها لمرسلة (ابن ادريس) الآمرة بالتصدق.

ص: 206

طرق الايصال (1)، و أن الاذن فيه حاصل بشهادة الحال (2) فلا يصلح شيء منها (3) للتأييد، فضلا عن الاستدلال (4)، لمنع جواز كل احسان (5) في مال الغائب، و منع (6) كونه أقرب طرق الايصال

بل الأقرب دفعه إلى الحاكم الذي هو ولي الغائب.

و أما (7) شهادة الحال فغير مطردة، إذ بعض الناس لا يرضى بالتصدق، لعدم يأسه عن وصوله إليه، خصوصا إذا كان المالك مخالفا أو ذميا يرضى بالتلف و لا يرضى بالتصدق على الشيعة

فمقتضى القاعدة (8) لو لا ما تقدم من النص (9) هو لزوم الدفع إلى الحاكم، ثم الحاكم يتبع شهادة حال المالك.

++++++++++

(1) الذي ذكره بقوله في ص 200: بأن التصدق أقرب طرق الايصال.

(2) الذي ذكره بقوله في ص 201: مع أنه لا يبعد دعوى شهادة الحال.

(3) أي من تلك المؤيدات المذكورة.

(4) أي المؤيدات المذكورة ليست قابلة للتأييد بالإضافة إلى الاستدلال بها

(5) الذي هي الصدقة.

(6) أي و لمنع كون هذه الصدقة التي هو احسان على ما يقال أقرب الطرق إلى حصول الثواب إلى صاحبها.

(7) هذا رد على ما ذكره من التأييد بقوله في ص 201: مع أنه لا يبعد دعوى شهادة الحال للقطع برضاه، أي برضى صاحب المال بالتصدق بماله غير مسلم.

(8) و هو أن الحاكم ولي للغائب فيدفع المال إليه.

(9) و هي النصوص الواردة في التصدق المشار إليها في ص 195

ص: 207

فإن شهدت (1) برضاه بالصدقة، أو بالإمساك عمل (2) عليها و إلا (3) تخير بينهما، لأن كلا منهما تصرف لم يؤذن فيه من المالك و لا بد من أحدهما و لا ضمان فيهما.

و يحتمل قويا تعين الإمساك (4)، لأن الشك في جواز التصدق يوجب بطلانه (5)، لأصالة الفساد.

و أما (6) بملاحظة ورود النص بالتصدق فالظاهر عدم جواز الإمساك امانة، لأنه (7) تصرف لم يؤذن فيه من المالك و لا الشارع، و يبقى الدفع إلى الحاكم.

++++++++++

(1) أي حال المالك، و التأنيث باعتبار كلمة الحال.

(2) أي الحاكم عمل على شهادة الحال في الصدقة، أو بالإمساك.

(3) أي و ان لم تشهد الحال على أحدهما تخير الحاكم بين الصدقة و بين الإمساك.

(4) أي إمساك ما وصل من الظالم، أو المودع الغاصب، و عدم جواز إعطائه صدقة عن صاحبه.

(5) وجه البطلان أن الصدقة أمر عبادي محتاج إلى قصد القربة و مع الشك في جواز التصدق لا يتأتى منه قصد القربة، فتجري أصالة الفساد، لأن العبادات توقيفية.

(6) أي ما ذكرناه حول ما وصل إليه من الظالم، أو المودع الغاصب من وجوب الإمساك كان مع قطع النظر عن ملاحظة ورود الأخبار في المقام.

و أما إذا لاحظنا ورود الأخبار في هذا الباب كما ذكرناها لك فالمتعين على من وصل إليه المال: هي الصدقة لا غير. و قد أشرنا إلى هذه الأخبار في ص 195، لأن التعين بالصدقة حينئذ من باب التعبد.

(7) أي إمساك المال بعد ورود تلك الأخبار التي أشرنا إليها آنفا -

ص: 208

و التصدق.

و قد يقال: إن مقتضى الجمع بينه (1)، و بين دليل ولاية الحاكم (2)

++++++++++

- يكون تصرفا في مال الغير من دون اذنه، و المفروض بناء على هذا القول لا يوجد اذن من الشارع فيكون محظور الإمساك أشد من محظور التصدق لأن التصدق فيه اذن من قبل الشارع، و إن كان المتصدق ضامنا لو جاء المالك و لم يرض بالصدقة.

(1) أي بين دليل التصدق و هي الأخبار المذكورة الآمرة بوجوب التصدق عن صاحب المال.

(2) و هي مقبولة (عمر بن حنظلة) قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجلين من أصحابنا يكون بينهما منازعة في دين، أو ميراث فتحا كما إلى السلطان، أو إلى القضاة أ يحل ذلك ؟

فقال عليه السلام: من تحاكم إلى الطاغوت فحكم له فإنما يأخذ سحتا و إن كان حقه ثابتا، لأنه أخذ بحكم الطاغوت و قد أمر اللّه عز و جل أن يكفر بها.

قلت: كيف يصنعان ؟

قال: انظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا، و نظر في حلالنا و حرامنا، و عرف أحكامنا فليرضوا به حكما، فاني قد جعلته عليكم حاكما فاذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنما بحكم اللّه استخف، و علينا ردّ، و الراد علينا راد على اللّه، و هو على حد الشرك باللّه عز و جل.

(التهذيب). الجزء 6. ص 218 الحديث 6. الباب 87 من كتاب القضايا و الأحكام.

فالجمع بين هذه المقبولة الآمرة بالرجوع في الحوادث إلى حكام الشريعة و منها: اللقطة، و المال المجهول المالك، و أضرابهما، و غيرها من الأخبار الواردة في الرجوع إلى حكام الشريعة في الحوادث الواقعة، و بين تلك -

ص: 209

هو التخيير بين الصدقة و الدفع إلى الحاكم، فلكل منهما (1) الولاية.

و يشكل (2) بظهور النص في تعيين الصدقة.

نعم يجوز الدفع إليه (3) من حيث ولايته على مستحقي الصدقة و كونه (4) أعرف بمواقعها.

و يمكن أن يقال: إن أخبار التصدق واردة في مقام اذن الإمام بالصدقة (5)،

++++++++++

- الأخبار الآمرة بوجوب التصدق في المال الذي جاء من قبل الظالم بغير الوديعة: هو التخيير بين الصدقة، و بين دفعه إلى الحاكم الشرعي.

(1) أي لكل من الحاكم الشرعي، و لمن وصله المال من الظالم أو الغاصب الولاية على هذا المال ولاية مستقلة في عرض ولاية الفقيه في خصوص إعطاء هذا المال صدقة عن صاحبه، و إن كانت ولاية الفقيه أوسع شمولا من ولاية من وصله المال من الظالم، لأن ولاية هذا دائرتها ضيقة، و مختصة على هذا المال فحسب، بخلاف ولاية الفقيه.

(2) أي التخيير بين الصدقة، و بين الدفع إلى الحاكم مشكل، مع ورود النص بتعين الصدقة عن صاحب المال كما في الأخبار المذكورة.

(3) أي إلى الحاكم: من حيث إنه ولي مستحق الصدقة فيده يده و الايصال إليه ايصال إلى مستحق الصدقة.

(4) بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله: من حيث ولايته، أي و من حيث كون الحاكم الشرعي أعرف و أبصر بمواقع الصدقة من حيث توزيعها على مستحقيها، فهو دليل ثان لجواز دفع المال إلى الحاكم لأجل أن يتصدق به عن صاحبه، فاعطاؤه له لأجل هذا لا غير.

(5) حاصل هذا أن هذه الأخبار واردة في الاذن بالصدقة من قبل الامام عليه السلام، لا أنها متعينة للصدقة.

ص: 210

أو محمولة (1) على بيان المصرف، فإنك إذا تأملت في كثير من التصرفات الموقوفة على اذن الحاكم وجدتها (2) واردة في النصوص (3)، على طريق الحكم العام (4):

++++++++++

(1) أي و يمكن أن يقال: إن أخبار التصدق الواردة في المقام محمولة على بيان مصرف المال فمن جملته التصدق به، فلا ينافي هذه الأخبار اعطاءه للحاكم، لكون هذا الإعطاء مصرفا آخر.

(2) أي تلك التصرفات.

(3) و هي مقبولة (عمر بن حنظلة)، و الحديث الثامن المذكور في نفس المصدر. ص 219، و أحاديث اخرى.

(4) المراد من (على طريق الحكم العام): أن مقبولة عمر بن حنظلة و بقية الأحاديث الواردة في المقام في ص 219 من نفس المصدر كلها تثبت الحكم للحاكم على نحو العموم في كل واقعة من الوقائع، و حادثة من الحوادث للمكلفين، و لا تحتاج إلى ورود نص خاص لكل واحدة منها.

و من تلك الحوادث و الوقائع هذه الوقائع الثلاث التي ذكرها الشيخ بقوله: كإقامة البينة و الإحلاف، و المقاصة، لأن هذه من لوازم صلاحية الحاكم الذي أعطاها الامام عليه السلام له في قوله:

من كان منكم قد روى حديثنا، و نظر في حلالنا و حرامنا، و عرف أحكامنا فليرضوا به حكما، فإني قد جعلته عليكم حاكما.

فهذا القول بمنزلة كبرى كلية تنطبق على صغرياتها و هي الحوادث الواقعة، فكأنه قال عليه السلام للحاكم: اقم البينة من المدعي فيما يدعيه و احلف المنكر، أو المدعي إذا رد المنكر اليمين، أو يجوز للمقاص بعد رفع أمره إلى الحاكم المقاصة من مال زيد بدلا عن طلبه منه.

و هكذا في جميع الحوادث الطارئة له.

ص: 211

كاقامة البينة، و الإحلاف، و المقاصة (1).

و كيف كان (2) فالاحوط خصوصا بملاحظة ما دل على أن مجهول المالك مال الامام عليه السلام (3): مراجعة الحاكم في الدفع إليه، أو استيذانه

و يتأكد ذلك (4) في الدين المجهول المالك، إذ الكلي (5)

++++++++++

- و كلمة العام في قول الشيخ: على طريق الحكم العام صفة لكلمة الحكم أي الحكم الموصوف بكونه عاما.

(1) مر شرح المقاصة لغة و شرعا في الجزء 4 من المكاسب. ص 80.

و أما كون المقاصة واقعا في طريق الحكم العام، لأنه من التصرفات الموقوفة على اذن الحاكم كما عرفت في ص 211 فقد ورد في الخبر أن المقاص الذي هو الدائن لا بد له من الرجوع إلى الحاكم الشرعي إذا أنكر المدين، و رفع أمره إليه فيطلبه الحاكم و ينذره بالاداء، فإن أدى فهو المطلوب، و إلا أجاز للدائن التقاص من المدين بقدر طلبه من ماله الذي عنده، أو عند من يتمكن منه الأخذ، فالدائن بدون مراجعة الحاكم لا يجوز له المقاصة من مال المدين فرجوعه إليه واقع في طريق الحكم الشرعي للمقاص.

(2) أي سواء أ كان من عنده المال مخيرا بين التصدق به مستقلا بناء على أن له الولاية الخاصة على ذلك ولاية عرضية في قبال ولاية الحاكم أم بين الدفع إلى الحاكم ليتصدى هو بنفسه إلى التصدق.

(3) و هي رواية داود بن أبي يزيد في قوله عليه السلام: و اللّه ما له صاحب غيري التي اشير إليها في ص 206.

(4) أي مراجعة الحاكم في الدين المجهول المالك.

(5) و هو الدين الذي انتقل إلى ذمته بعد الاستدانة، و اخذ المال من الدائن، فإن هذا الدين ينطبق على كل مال كما في البيع الكلي، و الإجارة للمدين الكلية، حيث إن البيع و الإجارة واقعان على كلي المبيع، و كلي -

ص: 212

لا يتشخص للغريم (1) إلا بقبض الحاكم الذي هو وليه، و إن كان ظاهر الأخبار الواردة فيه (2) ثبوت الولاية للمدين.

++++++++++

- الإجارة و طبيعيهما، فاذا وجد المبيع، أو الإجارة معيبا، أو ظهر مستحقا للغير لم يبطل البيع أو الإجارة، فعلى البائع أو الموجر باتيان فرد صحيح للمشتري، أو المستأجر.

(1) المراد منه هنا صاحب المال الذي هو الدائن، أي الذي في ذمة المدين لا يتعين للدائن إلا بقبض الحاكم الذي هو وليه، لكون الدائن غائبا، أو مجهول المكان، أو مجهول الهوية.

(2) أي في الدين المجهول المالك.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 13. ص 109-110. الباب 22 من أبواب الدين و القرض. الأحاديث. أليك نص الحديث الثالث:

سأل حفص الأعور (أبا عبد اللّه) عليه السلام فقال: إنه كان لأبي أجير يقوم في رحاه و له عندنا دراهم و ليس له وارث.

فقال (أبو عبد اللّه) عليه السلام: تدفع إلى المساكين.

ثم قال: رأيك فيها، ثم أعاد عليه المسألة فقال له: مثل ذلك فأعاد عليه المسألة ثالثة.

فقال (أبو عبد اللّه) عليه السلام: تطلب وارثا، فان وجدت وارثا، و إلا فهو كسبيل مالك.

فجملة: و إلا فهو كسبيل مالك تدل على أن للمدين ولاية على التصرف في المال المجهول المالك، لمكان كاف التشبيه فكما أن الإنسان مطلق التصرف في ماله.

كذلك المدين في الدين المجهول المالك يجوز له التصرف في هذا المال كيف شاء و لا يحتاج إلى مراجعة الحاكم.

ص: 213

ثم إن حكم تعذر الإيصال إلى المالك المعلوم تفصيلا حكم جهالة المالك (1)، و تردده بين غير محصورين في التصدق استقلالا، أو باذن الحاكم كما صرح به جماعة منهم المحقق في الشرائع، و غيره.

ثم إن مستحق هذه الصدقة (2) هو الفقير، لأنه المتبادر من اطلاق الأمر بالتصدق.

و في جواز اعطائها للهاشمي قولان:

من أنها (3) صدقة مندوبة على المالك و إن وجبت على من هي بيده إلا أنه نائب كالوكيل و الوصي.

++++++++++

(1) أي حكم المال المعلوم بالتفصيل المتعذر ايصاله إلى صاحبه: حكم المال المجهول المالك المتردد بين أشخاص غير محصورين، فكما أن هذا المال يتصدق عن صاحبه الذي هو متردد بين أشخاص غير محصورين من دون مراجعة الحاكم، أو مع المراجعة إليه.

كذلك المال المعلوم بالتفصيل المتعذر ايصاله إلى صاحبه يتصدق به عن صاحبه بالاستقلال من دون مراجعة الحاكم الشرعي، أو يطلب الإذن من الحاكم في التصرف.

(2) و هي صدقة المال المجهول المالك.

و المراد من الفقير معناه الأعم الشامل للمسكين كما في قوله عليه السلام في ص 213: تدفع إلى المساكين.

راجع المصدر السابق نفس الصفحة و الحديث.

(3) دليل لجواز اعطاء الصدقة للهاشمي، أي من أن هذه الصدقة مندوبة عن صاحب المال فيجوز للهاشمي أخذها و اكلها و إن كان اعطاؤها صدقة واجبا على من بيده الملل.

ص: 214

و من أنها (1) مال تعين صرفه بحكم الشارع، لا بأمر المالك حتى تكون مندوبة، مع (2) أن كونها من المالك غير معلوم فلعلها ممن تجب عليه.

ثم إن في الضمان لو ظهر المالك و لم يرض بالتصدق، و عدمه (3)

++++++++++

(1) دليل لعدم جواز اعطاء هذا المال صدقة للهاشمي، أي و من أن اعطاء هذا المال صدقة عن صاحبه إنما كان بأمر من الشارع فصار واجبا فاذا وجب حرم اعطاؤه للهاشمي كما يحرم عليه الأخذ من المتصدق، لأن الصدقة أصبحت حينئذ واجبة لا مندوبة فتكون محرمة على الهاشمي.

و لا يخفى عدم كفاية هذا الدليل في حرمة اعطاء هذه الصدقة للهاشمي حيث إن وجوب الإعطاء جاء من قبل الشارع إلى المدين، لا إلى المالك الأصلي، و حرمة غير الزكوات من الصدقات على الهاشمي محل تأمل، فلا بد لنا من دليل آخر يدل على الحرمة.

مضافا إلى أن الشك في الحرمة حينئذ كاف في جواز الإعطاء بمقتضى الأصل.

(2) هذا تأييد لدليل عدم جواز إعطاء الصدقة للهاشمي، أي مع امكان وقوع الصدقة من قبل الدافع، لأنه من الممكن أن يظهر المالك و لا يرضى بالصدقة فتقع هذه الصدقة حينئذ من قبل الدافع.

و لا يخفى عدم وقوع مثل هذا تأييدا لحرمة أخذ الهاشمي هذه الصدقة بعد ظهور المالك، و عدم رضائه بالصدقة، لأن الصدقة حينئذ تقع مستحبة و هو جائز اعطاؤها للهاشمي.

(3) أي و عدم الضمان مطلقا، سواء تسلم المال لمصلحة المالك أم لمصلحة نفسه.

ص: 215

مطلقا، أو بشرط عدم ترتب يد الضمان كما إذا أخذه من الغاصب حسبة (1) لا بقصد التمليك: وجوه.

من (2) أصالة براءة ذمة المتصدق، و أصالة (3) لزوم الصدقة:

بمعنى عدم انقلابها (4) عن الوجه الذي وقعت عليه.

و من (5) عموم ضمان من اتلف.

و لا ينافيه (6) اذن الشارع، لاحتمال أنه اذن في التصدق على هذا

++++++++++

(1) كما إذا تسلم المال لمصلحة المالك فلا ضمان على المتصدق لو ظهر المالك و لم يرض بالصدقة.

(2) دليل لعدم الضمان مطلقا.

(3) بالجر عطفا على مجرور (من الجارة) في قوله: من أصالة أي و من أصالة لزوم الصدقة عن صاحب المال بعد التعريف حولا كاملا و هذا دليل ثان لعدم الضمان مطلقا.

(4) أي عدم انقلاب الصدقة عما وقعت عليه و هو المالك فلا مجال لانقلابها و رجوعها إلى المالك بعد أن ظهر صاحب المال و لم يرض بالصدقة

(5) دليل للضمان مطلقا، فان قاعدة من أتلف مال الغير فهو ضامن عام يشمل حتى إعطاء مثل هذا المال صدقة عن صاحبه و إن كانت الصدقة واجبة.

(6) أى لا ينافي الضمان اذن الشارع لمن بيده المال: اعطاء المال صدقة عن صاحبه، لاحتمال أنه اذن له بالضمان، لا مطلقا كما هو صريح قوله عليه السلام في رواية حفص بن غياث في ص 195 فان جاء صاحبها بعد ذلك خير بين الغرم و الأجر.

ص: 216

الوجه (1) كاذنه في التصدق باللقطة المضمونة بلا خلاف، و بما (2) استودع من الغاصب.

و ليس هنا (3) أمر مطلق بالتصدق ساكت (4) عن ذكر الضمان حتى يستظهر منه عدم الضمان، مع السكوت عنه.

و لكن يضعف هذا الوجه (5): بأن ظاهر دليل الاتلاف كونها علة تامة للضمان، و ما نحن فيه ليس كذلك (6).

و ايجابه (7) للضمان مراعى بعدم اجازة المالك يحتاج إلى دليل آخر.

++++++++++

(1) و هو الضمان كما عرفت آنفا.

(2) أي و كإذن الشارع في التصدق في المال الذي أودعه الغاصب عند شخص.

(3) أي فيما نحن فيه: و هو وصول المال من الظالم إليه لا يوجد أمر مطلق ورد في الأخبار حتى يستظهر منه عدم الضمان.

(4) بالرفع صفة لكلمة أمر في قوله: و ليس هنا أمر.

(5) و هو التمسك بالضمان بقاعدة من أتلف مال الغير فهو ضامن لما نحن فيه: و هو وصول المال من الظالم.

(6) حيث إن الإتلاف فيما نحن فيه الذي هو وصول المال من الظالم ليس علة تامة حتى يوجب الضمان، بل يحتاج إلى شيء آخر: و هو عدم رضا صاحب المال بالصدقة لو جاء و لم يرض بها.

فالإتلاف جزء علة للضمان، لا علة تامة كما كان هناك، حيث إن المتلف هناك كان متقصدا عالما عامدا فالضمان يتحقق من دون توقفه على شيء آخر، بخلاف الضمان هنا، فإنه يتحقق بشيئين:

الإتلاف، و عدم رضا صاحب المال بالصدقة.

(7) الواو استينافية: و حاصل الاستيناف: أن المتصدق حين إعطاء -

ص: 217

إلا أن يقال: إنه ضامن بمجرد التصدق (1)، و يرتفع (2) باجازته فتأمل (3).

++++++++++

- المال صدقة عن صاحبه لم يكن ضامنا عنه، لوقوعه باذن من الشارع و ضمانه بعد مجيء صاحبه، و عدم رضائه بالصدقة يحتاج إلى دليل آخر غير قاعدة من أتلف مال الغير فهو ضامن، فعدم اشتغال ذمته بالضمان يستصحب حتى يأتي دليل آخر.

و هذا معنى قول الشيخ في ص 217: و ايجابه للضمان مراعى بعدم اجازة المالك يحتاج إلى دليل آخر.

و جملة يحتاج مرفوعة محلا خبر لقوله: و ايجابه، و كلمة مراعى منصوبة محلا حال لكلمة للضمان، أي حال كون الضمان يبقى مراعيا حتى يأتي صاحبه.

(1) أي حين اعطائه مال الغير صدقة عن صاحبه يتوجه نحوه الضمان فيكون الإتلاف حينئذ علة تامة للضمان، لا جزء علة.

(2) أي الضمان لو جاء مالكه و أجاز الصدقة.

(3) وجه التأمل: أن الضمان بمجرد الصدقة، و ارتفاعه لو جاء صاحبه و أجاز الصدقة و رضي بها: مخالف لظاهر الأخبار الواردة في المقام و هو وصول المال إليه من الظالم بعنوان الوديعة كرواية حفص بن غياث بناء على تعدي الأصحاب من اللص إلى مطلق الغاصب، فإن قوله عليه السلام في ص 195: و إلا تصدق بها، فان جاء صاحبها بعد ذلك خير بين الغرم و الأجر إلى آخر قوله. علق الضمان بعد ظهور صاحب المال، و عدم رضاه بالصدقة، لا بمجرد التصدق.

و كذا القول بالضمان بمجرد الصدقة مخالف لظاهر كلمات الأصحاب أيضا فهذا (الشهيد الثاني) يصرح بتعليق الضمان فيما نحن فيه: على عدم -

ص: 218

هذا (1).

مع أن (2) الظاهر من دليل الإتلاف اختصاصه بالإتلاف على المالك لا الإتلاف له، و الإحسان إليه.

و المفروض أن الصدقة إنما قلنا بها، لكونها احسانا، و أقرب طرق الإيصال بعد اليأس من وصوله إليه.

و أما (3) احتمال كون التصدق مراعى كالفضولي فمفروض الانتفاء إذ لم يقل أحد برجوع المالك على الفقير مع بقاء العين.

++++++++++

- رضا صاحب المال لو ظهر و لم يرض بالصدقة في قوله: و لو ظهر بعد ذلك و لم يرض بالصدقة ضمن له المثل، أو القيمة.

و هكذا كل من قال بالضمان فيما نحن فيه.

(1) أي خذ ما ذكرناه لك من الاشكالات الواردة في المقام على القول بالضمان.

(2) هذا ترق من الشيخ عما أفاده من الايرادات الواردة على ما نحن فيه و خلاصة الترقي. أن دليل من أتلف مختص بالإتلاف الذي كان ضررا على المالك، لا إذا كان لأجل مصلحة المالك، فإن دليل من أتلف حينئذ لا يشمله، لأن الآخذ أعطى المال صدقة عن المالك ليصل الثواب إليه فهو قد أحسن إليه فلا يكون ضامنا اذا جاء صاحبه و لم يرض بالصدقة.

(3) أي القول بكون الصدقة هنا كالمعاملات الفضولية في كونها متوقفة على اجازة المالك فإن أجاز صح العقد، و إلا بطل، و للمالك الرجوع على من بيده العين، سواء أ كان البائع أم المشتري: منتف، لعدم جواز رجوع المالك على الفقير هنا لو جاء و لم يرض بالصدقة إن كانت العين في يده، و لم يقل أحد من الفقهاء بذلك.

ص: 219

و انتقال (1) الثواب من شخص إلى غيره حكم شرعي.

و كيف كان (2) فلا مقتضي للضمان و إن كان مجرد الاذن في الصدقة غير مقتض لعدمه (3) فلا بد من الرجوع إلى الأصل (4).

لكن الرجوع إلى أصالة البراءة إنما يصح فيما لم تسبق يد الضمان:

و هو (5) ما إذا أخذ المال من الغاصب حسبة (6).

و أما إذا تملكه (7) منه ثم علم بكونه مغصوبا فالاجود استصحاب الضمان في هذه الصورة (8)، لأن المتيقن هو ارتفاع (9) الضمان بالتصرف

++++++++++

(1) أي هذا لا يمنع الضمان و لا ينفيه.

(2) أي أي شيء قلنا في هذا المقام: من الضمان و عدمه، و من أن الصدقة احسان إلى المالك، و ايصال الثواب إليه أم ليس كذلك.

(3) أي لعدم الضمان.

(4) و هي البراءة.

(5) مثال و تفسير للمال الذي لم تسبقه يد الضمان، حيث إن المال اخذ لمصلحة المالك، لا لمصلحة نفسه.

(6) أي لمصلحة المالك كما عرفت آنفا.

(7) أي أخذ المال لمصلحة نفسه كما هو المفروض في المقام.

(8) و هو الأخذ لمصلحة نفسه، بناء على أن قصد التملك كاف في الضمان فاذا تصدق به يستصحب الضمان، فان جاء صاحب المال و لم يرض بالتصدق استمر الضمان.

نعم إذا جاء و رضي بالتصدق فلا مجال للضمان.

(9) الظاهر عدم مجال لكلمة ارتفاع هنا، لأنه لم يكن ضمان في هذه الصورة حتى يرتفع، فالأنسب في المقام أن يقال: لأن المتيقن هو عدم الضمان فيما لو اخذ لمصلحة المالك

ص: 220

الذي يرضى به المالك بعد الاطلاع، لا مطلقا (1).

فتبين أن التفصيل بين يد الضمان (2)، و غيرها (3) أوفق بالقاعدة (4) لكن الأوجه الضمان مطلقا (5)، إما تحكيما (6) للاستصحاب، حيث

++++++++++

(1) أي حتى لو كان الاخذ لمصلحة نفسه.

(2) و هو ما لو اخذ المال لمصلحة نفسه.

(3) و هو ما لو اخذ المال لمصلحة المالك.

(4) و هي قاعدة: من أتلف مال الغير فهو ضامن.

(5) أي سواء أخذ المال لمصلحة المالك أم لمصلحة نفسه.

(6) منصوب على المفعول لأجله فهو تعليل لأوجهية الضمان مطلقا و المراد من تحكيم الاستصحاب تطبيق حكمه الذي هو استمرار الضمان.

ثم لا يخفى أن حكم الاستصحاب إنما يجري فيما لو اخذ المال لمصلحة نفسه، أو علم بعد الأخذ بوجود المالك، فإنه حينئذ يأتي حكم الاستصحاب حيث إنه حين الاخذ اشتغلت ذمته بالضمان في كلتا الصورتين فبعد الظهور و عدم رضاه بالصدقة يشك في الضمان فنحكّم الاستصحاب هنا على قاعدة البراءة التي هو عدم الضمان.

و أما في صورة أخذ المال لمصلحة المالك حسبة فيشكل جريان الاستصحاب و الحكم بالضمان، لعدم اشتغال ذمة الدافع بالضمان بداية الأمر لأنه اخذ المال لمصلحة المالك، ثم تصدق به باذن من الشارع، فلو ظهر و لم يرض بالصدقة يصعب الحكم بالضمان بالاستصحاب.

و قد عرفت أن هنا تجري قاعدة البراءة كما عرفت في قول الشيخ في ص 220:

و كيف كان فلا مقتضي للضمان و إن كان مجرد الاذن في الصدقة غير مقتض لعدمه فلا بد من الرجوع إلى الأصل، لكن الرجوع إلى أصلي البراءة إنما يصح فيما لم تسبق يد الضمان و هو ما لو اخذ المال من الغاصب حسبة. -

ص: 221

يعارض البراءة و لو (1) بضميمة عدم القول بالفصل.

و إما (2) للمرسلة المتقدمة عن السرائر.

++++++++++

- نعم بناء على القول بعدم الفصل نحكم بالضمان أيضا، حيث يقع التعارض بين الاستصحاب و البراءة فيقدم جانب الاستصحاب، تحكيما و تطبيقا له عليها.

(1) أى القول بالاستصحاب في الصورة المذكورة و لو كان من باب ضميمة عدم القول بالفصل بين أخذ المال من الغاصب لمصلحة المالك فلا ضمان على الآخذ

و بين أخذ المال لمصلحة نفسه فعلى الآخذ الضمان، لأن الأقوال في المقام اثنان: إما الضمان مطلقا في كلتا الصورتين، و إما عدم الضمان مطلقا في كلتا الصورتين أيضا فلا ثالث في البين.

ثم الظاهر زيادة كلمة (لو) الشرطية في قول الشيخ: و لو بضميمة عدم القول بالفصل.

و المعنى: أن القول بالضمان فيما لو اخذ المال لمصلحة المالك، أو علم الآخذ بوجود المالك بعد الأخذ: منشأه ثلاثة أشياء:

إما تحكيم جانب الاستصحاب على البراءة عند ما يتعارضان كما فيما نحن فيه، و بضميمة عدم القول بالفصل، فكأن ضميمة عدم القول بالفصل من متممات منشأ الأول.

(2) هذا هو المنشأ الثاني للقول بالضمان في صورة أخذ المال لمصلحة المالك، أو علم الآخذ بوجود المالك بعد الأخذ، أي منشأ ذلك إما مرسلة ابن اديس المتقدمة في قوله في ص 202: و قد روى أصحابنا أنه يتصدق به عنه، و يكون ضامنا إذا لم يرض بما فعل.

ص: 222

و إما (1) لاستفادة ذلك من خبر الوديعة إن لم (2) نتعد عن مورده إلى ما نحن فيه: من جعله (3) بحكم اللقطة.

لكن يستفاد منه (4) أن الصدقة بهذا الوجه حكم اليأس عن المالك

++++++++++

(1) هذا هو المنشأ الثالث للقول بالضمان في صورة أخذ المال لمصلحة المالك، أو علم الآخذ بوجود المالك بعد الأخذ، أي منشأ ذلك خبر الوديعة: و هو خبر (حفص بن غياث) المتقدمة، بناء على التعدي من مورد الخبر الذي هي وديعة اللص إلى وديعة مطلق الغاصب.

(2) في جميع النسخ الموجودة عندنا هكذا: إن لم نتعد عن مورده و الظاهر زيادة كلمة لم الجازمة، لأن الاستدلال بالضمان فيما نحن فيه و هو اخذ المال لمصلحة المالك إنما هو بخبر حفص بن غياث، بناء على تعدي الأصحاب عن مورده الذي هي وديعة اللص إلى وديعة مطلق الغاصب.

كما قال الشيخ في ص 196: و قد تعدى الأصحاب من اللص إلى مطلق الغاصب، و لم يتعدوا من الوديعة المجهول المالك إلى مطلق ما يعطيه الغاصب

فالحاصل أن كلمة (لم الجازمة) زائدة مخلة بالمقصود الذي نحن بصدده و هو التعدي من مورد الرواية إلى مطلق ما يعطيه الغاصب حتى يصح الاستدلال بالخبر، و إلا لا معنى لكون خبر حفص منشأ للاستدلال على الضمان فيما لو اخذ المال لمصلحة المالك، لأنه وارد في وديعة اللص.

(3) أي من جعل ما نحن فيه و هو أخذ المال لمصلحة المالك بحكم اللقطة كما صرح بذلك حديث حفص بن غياث المشار إليه في ص 195.

(4) أي من خبر (حفص بن غياث): أن وجوب التصدق بالمال عن صاحبه في حكم اليأس عن المالك.

و لو لا اليأس لما كان لوجوب التصدق عن المالك معنى.

ص: 223

ثم الضمان هل يثبت بمجرد التصدق، و اجازته (1) رافعة.

أو (2) يثبت بالرد من حينه، أو من حين التصدق (3)؟

وجوه:

من (4) دليل الاتلاف، و الاستصحاب (5).

و من (6) أصالة عدم الضمان قبل الرد.

++++++++++

(1) أي اجازة المالك إذا ظهر.

(2) أي و يثبت الضمان بسبب رد المالك الصدقة من حين الرد و عدم قبوله لها، لا من حين التصدق عن المالك.

(3) أي أو يثبت الضمان بعد الرد من حين التصدق.

(4) دليل لتعلق الضمان من حين التصدق، أي أن التصدق عبارة عن الإتلاف فكما أن الانسان لو اتلف مال الغير فهو ضامن.

كذلك اعطاؤه الصدقة عن صاحبه بمنزلة الإتلاف فهو ضامن.

(5) بالجر عطفا على مجرور (من الجارة) في قوله: من دليل الاتلاف أي و من دليل الاستصحاب فهو دليل ثان للضمان.

حاصله: أن وجود الاستصحاب يحكم بالضمان، فانه لما أخذه صار ضامنا، فاذا أعطاه صدقة عن صاحبه يشك في عدم ضمانه فتستصحب الحالة السابقة و هو الضمان.

لكن لا مجال للاستصحاب هنا إن اخذه لمصلحة المالك، إذ ليس في البداية ضمان حتى يستصحب عند مجيء صاحبه، و عدم رضاه بالصدقة

نعم لو أخذه لمصلحة نفسه ثبت الضمان في بادئ الأمر فيستصحب عند مجيء صاحبه، و عدم رضاه بالصدقة.

(6) دليل لتعلق الضمان بعد الرد.

ص: 224

و من ظاهر الرواية المتقدمة (1) في أنه بمنزلة اللقطة.

و لو مات المالك ففي قيام وارثه مقامه في اجازة التصدق و رده وجه قوي، لأن ذلك (2) من قبيل (3) الحقوق المتعلقة بتلك الأموال فيورث كغيره من الحقوق (4).

و يحتمل العدم (5)، لفرض لزوم التصدق بالنسبة إلى العين (6) فلا حق لأحد فيه (7).

و المتيقن من الرجوع إلى القيمة هو المالك (8).

و لو مات المتصدق فرد المالك فالظاهر خروج الغرامة من تركته، لأنه

++++++++++

(1) و هي رواية (حفص بن غياث) المشار إليه في ص 195 في قوله عليه السلام: فإن اختار الغرم غرم له، حيث إن ظاهره أنه لا غرم و لا ضمان قبل الرد، فهو دليل ثان لعدم الغرم، و لعدم الضمان.

(2) و هي الإجازة، أو الرد.

(3) لا مجال لكلمة قبيل، حيث إن الإجازة، أو الرد يعدان من الحقوق.

(4) كخيار الفسخ، و حق الشفعة.

(5) أي عدم قيام الوارث مقام المالك.

(6) كما هو ظاهر رواية حفص بن غياث في ص 195 في قوله عليه السلام: (و إلا تصدق بها) أي بالعين.

(7) مرجع الضمير: المال المأخوذ من الظالم بغير عنوان الوديعة لا العين حتى يقال: يجب التطابق.

(8) أي لا الوارث كما هو ظاهر الحديث المشار إليه في ص 195 في قوله عليه السلام: فان جاء صاحبها.

ص: 225

من الحقوق المالية اللازمة عليه بسبب فعله (1).

هذا (2) كله على تقدير مباشرة المتصدق له (3).

و لو دفعه إلى الحاكم فتصدق به بعد اليأس فالظاهر عدم الضمان (4) لبراءة ذمة الشخص بالدفع إلى ولي (5) الغائب، و تصرف الولي كتصرف المولى عليه (6).

++++++++++

(1) أي بسبب فعل المتصدق: و فعله هي الصدقة.

و يمكن المناقشة: بأن يقال: إن المتصدق قد تصدق بالمال بحكم من الشارع فلا حق لأحد في هذا المال حتى المالك لو لا الرواية المشار إليها في ص 195 و ثبوت حق المالك لو جاء و لم يرض بالصدقة إنما هو على المتصدق نفسه، لا على وارثه، فالقدر المتيقن من الرجوع هو وجود المتصدق في الحياة فلا حق للمالك على الوارث كما لم يكن لوارث المالك حق على المتصدق

و لا يخفى أن قول الشيخ: لأنه من الحقوق اللازمة ليس على ظاهره لأن المتصدق حين موته لم يكن في ذمته شيء حتى يغرم للمالك.

نعم لو قلنا بالضمان بمجرد التصدق أمكن التمسك بهذا الوجه.

(2) أي الضمان و عدم الضمان قبل الرد، أو بعد الرد، و جواز رجوع المالك على وارث المتصدق، أو عدمه، و جواز رجوع وارث المالك على المتصدق، أو عدمه.

(3) أي للمالك.

(4) أي على دافع المال إلى الحاكم الشرعي.

(5) و هو الحاكم الشرعي.

(6) و هو هنا صاحب المال الغائب.

ص: 226

و يحتمل الضمان (1)، لأن (2) الغرامة هنا ليست لأجل ضمان المال، و عدم (3) نفوذ التصرف الصادر من المتصدق حتى يفرق بين تصرف الولي (4) و غيره (5)، لثبوت (6) الولاية للمتصدق في هذا

++++++++++

(1) أي ضمان الدافع الذي دفع المال إلى الحاكم الشرعي.

و لا يخفى عدم صحة هذا الاحتمال، لأنه حسب وظيفته المقررة له من الشارع في كون الفقيه هو المرجع في هذه الحوادث الواقعة قدمه إلى الحاكم، فالحاكم بعد اليأس عن صاحبه تصدى للصدقة عنه فالضمان يتوجه نحوه لو ظهر صاحب العين و لم يرض بالصدقة، لا بالدافع، و لا سيما أنه قد أخذ المال لمصلحة المالك.

(2) هذا دليل لاحتمال تعلق الضمان بالدافع في صورة دفع المال إلى الحاكم بعد التعريف حولا كاملا، و اليأس عن صاحبه.

(3) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله: ليس لأجل أي و ليست الغرامة في هذه الصورة لأجل عدم نفوذ التصرف الصادر من المتصدق حتى يقال بالفرق بين تصرف الولي الذي هو الحاكم فلا يضمن لو ظهر صاحبه و لم يرض بالصدقة.

و بين تصرف غير الولي و هو الذي دفع المال إلى الحاكم الشرعي فيضمن لو ظهر صاحب المال و لم يرض بالصدقة.

(4) و هو الحاكم الشرعي المدفوع إليه المال كما عرفت آنفا.

(5) و هو الذي كان المال بيده و دفعه إلى الحاكم الشرعي كما عرفت

(6) تعليل لعدم الفرق بين تصرف الولي و غيره.

و المراد من المتصدق: واجد المال الذي دفعه إلى الحاكم.

و المراد من التصرف هو اعطاء المال إلى الحاكم.

ص: 227

التصرف، لأن (1) المفروض ثبوت الولاية له كالحاكم، و لذا (2) لا تسترد العين (3) من الفقير اذا رد (4) المالك، فالتصرف (5) لازم، و الغرامة حكم شرعي (6) تعلقت بالمتصدق كائنا من كان.

فاذا كان المكلف بالتصدق هو من وقع في يده، لكونه هو

++++++++++

(1) تعليل لثبوت الولاية للمتصدق الذي هو واجد المال و الذي دفعه إلى الحاكم.

(2) تعليل لفرض ثبوت الولاية لهذا المتصدق، و أن ولايته في هذا التصرف كولاية الحاكم الشرعي في أنها موجبة للضمان لو ظهر صاحب المال و لم يرض بالصدقة، أي و لأجل أن المفروض ثبوت الولاية لهذا المتصدق، و أن ولايته كالحاكم لا تسترد العين المتصدق بها لو كانت موجودة عند الفقير لو جاء صاحبها و لم يرض بالصدقة، فعدم استردادها دليل على أن ولايته كولاية الحاكم الشرعي، فكما أن المالك ليس له الرجوع في العين إذا كانت موجودة و لم يرض بالصدقة.

كذلك المتصدق ليس له الرجوع عليها لو كانت موجودة و لم يرض بالصدقة صاحبها لو ظهر، لنفوذ تصرفه.

(3) أي العين المتصدق بها

(4) أي رد الصدقة.

(5) و هو اعطاء المال صدقة عن صاحبها بعد التعريف عنه حولا كاملا و اليأس عن صاحب المال، لعدم جواز بقاء المال عنده.

(6) أي ليس ضمان المال لأجل اتلافه، بل لأنه حكم شرعي متعلق بالمتصدق، سواء أ كان المتصدق الحاكم الشرعي أم الواجد الذي دفع المال صدقة عن صاحبه.

ص: 228

المأيوس (1) و الحاكم وكيلا: كان الغرم على الموكل (2).

و إن كان (3) المكلف هو الحاكم، لوقوع المال في يده قبل اليأس (4)

++++++++++

(1) أي بعد التعريف حولا كاملا، لأن خطاب التصدق متوجه بعد اليأس إلى المكلف الذي بيده المال، فاذا دفعه إلى الحاكم بعد التعريف و اليأس، ثم تصدق الحاكم به عن المالك وكالة عن الدافع: يكون الغارم و الضامن هو الدافع لو جاء صاحب المال و لم يرض بالصدقة، لأنه وكل الحاكم في اعطاء المال صدقة عن المالك وكالة عنه، فالحاكم نظير من كان وكيلا عن الواجد في اعطاء المال صدقة عن صاحبه.

فكما أن الوكيل عن الواجد لا يغرم لو ظهر صاحب المال و لم يرض بالصدقة، كذلك الحاكم، فانه وكيل عن الواجد في اعطاء المال صدقة عن صاحبه نيابة عن الواجد.

(2) المراد منه هو واجد المال، و الذي دفعه إلى الحاكم الشرعي

(3) هذا هو الشق الثاني للمسألة في قول الشيخ في ص 228: (و الغرامة حكم شرعي تعلقت بالمتصدق كائنا من كان).

إذ شقه الأول قوله في ص 228: فاذا كان المكلف بالتصرف هو من وقع في يده.

(4) أي قبل أن يعرف الواجد المال حولا كاملا فيتوجه خطاب الصدقة حينئذ نحو الحاكم، لوقوع المال في يده قبل التعريف فهو المكلف بالفحص عن صاحبه، و بعد اليأس عنه خلال التعريف حولا كاملا يتصدق به عنه، فلو جاء و لم يرض بالصدقة يكون الحاكم هو الضامن و المسئول عن المال فهو الغارم له.

ص: 229

عن مالكه فهو المكلف بالفحص (1) ثم التصدق: كان الضمان عليه (2).

الصورة الرابعة: و هو ما علم اجمالا اشتمال الجائزة على الحرام

و أما (الصورة الرابعة) (3): و هو ما علم اجمالا اشتمال الجائزة على الحرام (4).

فإما أن يكون الاشتباه موجبا لحصول الاشاعة و الاشتراك (5).

و إما أن لا يكون (6).

و (على الأول) (7): فالقدر و المالك إما معلومان (8) أو مجهولان (9)، أو مختلفان (10).

++++++++++

(1) المراد به هو التعريف حولا كاملا كما عرفت آنفا.

(2) أي على الحاكم الشرعي كما عرفت آنفا.

(3) أى من الصور الأربع التى ذكرها الشيخ في اخذ جوائز السلطان في المسألة الثانية في ص 124 بقوله: فالصور أربع من المسائل المذكورة في ص 101 بقوله: خاتمة تشتمل على مسائل.

(4) أى في الجملة: بمعنى أنه ليس كله حراما، و الآخذ غير قادر على تمييز الحرام منه.

(5) كما إذا وصلته من الظالم دار يعلم أن حصة منها مغصوبة و الحصة غير معينة، فإن هذه الحصة من الغصب موجبة لاشاعة الدار بين الظالم و صاحب الحصة.

(6) كما اذا استقر في يد الانسان من الظالم أمتعة يعلم أن بعضها مغصوبة فهنا لا يتصور الاشاعة.

(7) و هو ما إذا كان وجود الحرام في الشيء اجمالا موجبا للاشاعة

(8) بأن يعلم أن ثلث الدار التي هي لزيد مغصوبة.

(9) بأن لا يعلم القدر و المالك.

(10) بأن يكون القدر معلوما كما لو كان ثلثا مثلا و المالك مجهولا -

ص: 230

و (على الأول) (1): فلا اشكال.

و (على الثاني) (2): فالمعروف إخراج الخمس على تفصيل مذكور في باب الخمس (3).

و لو علم القدر فقد تقدم في القسم الثالث (4).

و لو علم المالك (5) وجب التخلص معه بالمصالحة (6).

و (على الثاني) (7): تتعين القرعة (8)،

++++++++++

- أو يكون القدر مجهولا و المالك معلوما.

(1) و هو ما اذا كان القدر و المالك معلومين فلا اشكال في مصير المكلف إلى وجوب ارضاء صاحب المال مهما بلغ الأمر و كلف.

(2) و هو كون القدر و المالك مجهولين.

(3) راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 2:

ص 67-68.

(4) أي في الصورة الثالثة التي يعلم الآخذ تفصيلا بكون المأخوذ حراما فقد عرفت شرحها في ص 180: أن الواجب على الآخذ التعريف حولا كاملا، ثم بعد اليأس يتصدق به، فإن جاء صاحبه و لم يرض به غرم له و الأجر له.

(5) أي و جهل القدر.

(6) أي الواجب على الآخذ إرضاء صاحب المال حينئذ مهما بلغ الأمر و كلف.

(7) و هو كون الاشتباه بالحرام لا يكون موجبا للإشاعة و الاشتراك.

(8) بضم القاف و سكون الراء و فتح العين معناها لغة السهم و النصيب و شرعا تعيين نصيب كل من الشريكين، أو الشركاء بكيفية خاصة ذكرها الفقهاء في كتبهم الفقهية، و ذكرناها نحن في (اللمعة الدمشقية) -

ص: 231

أو البيع (1) و الاشتراك في الثمن.

و تفصيل ذلك كله في كتاب الخمس (2).

و اعلم أن أخذ ما في يد الظالم ينقسم باعتبار نفس الاخذ (3) إلى الأحكام الخمسة (4).

++++++++++

- من طبعتنا الحديثة. الجزء 3. ص 117-119 عند تعليقة 9.

إليك موجزا منها:

تكتب أسماء الشركاء، أو السهام في كل رقعة و تصان في مكان معين ثم يؤمر من لم يطلع على الصورة بإخراج الرقاع واحدة واحدة على اسم أحد المتقاسمين، أو أحد السهام.

أو تكتب أسماء السهام و أسماء الشركاء ثم يخبأ كل واحد منها في صندوق، أو كيس وحده ثم يؤتى بشخص، أو شخصين حتى يخرج كل منهما في آن واحد رقعة باسم السهام، و باسم الشخص فيعطى ذاك السهم المخرج للشريك الذي خرج اسمه مع السهم.

و هكذا يداومان على الإخراج حتى تنفذ الرقاع و تبقى رقعة واحدة لا تحتاج إلى الإخراج، لكون صاحبها معلوما.

(1) لا يخفى أن جواز البيع و مضيه هنا متوقف على اذن الحاكم الشرعي إذا كان المالك مجهولا.

(2) راجع نفس المصدر نفس الصفحة.

(3) أي مع قطع النظر عن المال المتخذ.

(4) و هي الحرمة و الوجوب و المستحب و المكروه و المباح بمعنى أن الاخذ تارة يكون حراما، و أخرى يكون واجبا، و ثالثة يكون مستحبا و رابعة يكون مكروها، و خامسة يكون مباحا.

(أما الحرام): فكما لو ترتبت على اخذ الجوائز من السلطان تقوية -

ص: 232

و باعتبار نفس المال (1) إلى المحرم و المكروه و الواجب.

(فالمحرم): ما علم كونه من مال الغير مع عدم رضاه (2) بالأخذ

(و المكروه): المال المشتبه (3).

(و الواجب): ما يجب استنقاذه من يده (4) من حقوق الناس حتى أنه يجب على الحاكم الشرعي استنقاذ ما في ذمته (5): من حقوق

++++++++++

- و شوكة للكفر، أو ترويجا للباطل، فالاخذ يكون هنا حراما

هذا إذا لم يكن الامتناع موجبا للضرر على نفسه. أو أحد اخوانه.

(و أما الواجب): فكما لو ترتب على نفسه، أو أحد اخوانه المؤمنين ضرر لو لم يأخذ جوائز السلطان.

(و أما المستحب): فكما إذا صرف الآخذ المال المأخوذ في طرق الخير، و سبل الإحسان.

هذا اذا لم يكن المال معلوم الحرمة بعينه و شخصه.

و أما إذا كان معلوم الحرمة فلا يجوز اخذه.

(و أما المكروه): كما اذ يحصل لآخذ الجائزة وهن، أو لأحد اخوانه المؤمنين.

(و أما المباح): كما اذا لم يعلم بحرمة المال، و المال مباح.

هذه هي الأقسام الخمسة المترتبة على نفس الآخذ، دون المال

(1) أي و ينقسم أخذ ما في يد الظالم و هو المال.

(2) أي مع عدم رضا صاحب المال بالأخذ.

(3) أي المشتبه بالحرام مع عدم علم الآخذ بحرمة ما يأخذه، أو عدم خوف الآخذ من الظالم على نفسه.

(4) أي من يد الظالم.

(5) أي في ذمة الظالم.

ص: 233

السادة و الفقراء و لو بعنوان المقاصة.

بل يجوز ذلك (1) لآحاد الناس، خصوصا نفس المستحقين (2) مع تعذر استيذان الحاكم.

و كيف كان (3) فالظاهر أنه لا اشكال في كون ما في ذمته من قيم المتلفات غصبا من جملة ديونه (4).

نظير ما استقر في ذمته بقرض، أو ثمن مبيع، أو صداق، أو غيرها و مقتضى القاعدة (5) كونها كذلك بعد موته فيقدم جميع ذلك على الارث و الوصية.

++++++++++

(1) أي يجوز لآحاد الناس من المسلمين استنقاذ ما في ذمة الظالم من حقوق السادة و الفقراء، و إن لم يكن الآحاد من المحتاجين.

(2) و هم السادة و الفقراء، فإنه يجوز لهم استنقاذ حقوقهم من السلطان الجائر مقاصة إن لم يمكن لهم الاستيذان من الحاكم الشرعي.

(3) أي أي شيء قلنا في هذا المقام.

(4) أي يجب على الورثة ايفاء تلك الديون من نفس التركة قبل كل شيء، و لا يجوز للورثة أخذ شيء منها.

و لا يخفى أنه إذا كانت أموال السلطان الجائر غصبية فكيف توفى ديونه من تركته بعد موته، لأن المفروض أن تركته من تلك الأموال الغصبية، فالقول بوجوب أداء ديونه، و أنها مقدمة على الوصايا و المواريث و القول بأن امواله غصبية: تهانت، و جمع بين المتناقضين.

(5) و هو وجوب تقديم أداء الديون على الوصايا و المواريث، لاستقرار ذمة الظالم بهذه الديون، كاستقرار ذمته بثمن المبيع و القرض و الصداق فكما أن أداء تلك واجب و مقدم على الوصايا و المواريث، كذلك تقديم ما في ذمته من قيم المتلفات واجب.

ص: 234

إلا (1) أنه ذكر بعض الأساطين: أن ما في يده من المظالم تالفا لا يلحقه حكم الديون في التقديم على الوصايا و المواريث، لعدم انصراف الدين إليه (2) و ان كان (3) منه، و بقاء (4) عموم الوصية و الميراث على ماله، و للسيرة (5) المأخوذة يدا بيد من مبدأ الاسلام الى يومنا هذا.

++++++++++

(1) استثناء عما أفاده: من أن ما في ذمة السلطان الجائر من قيم المتلفات غصبا من جملة ديونه: في أنه يجب اخراجها من أصل التركة لا من الثلث.

أي ذكر (الشيخ كاشف الغطاء) في هذا المقام ما يخالف القاعدة المذكورة، و أفاد بعدم اخراج ما في ذمته من الأصل، بل من الثلث.

و قد استدل على ذلك بأدلة ثلاثة نذكرها بتمامها.

(2) هذا دليله الأول، أي لعدم انصراف الدين إلى ما في يد الظالم حتى يخرج من الأصل، بل الدين ينصرف إلى ديونه الشخصية فهي التي تخرج من الأصل، و المظالم ليست من ديونه الشخصية.

(3) أي و إن كان ما في الذمة من الدين.

(4) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله: و لعدم هذا دليل ثان للمدعى، أي و لبقاء عموم لوصية و المواريث على حالهما من العموم، و أنهما لا يخصّصان.

و المراد من عموم الوصية و المواريث قوله تعالى في سورة النساء في الآية 10-11.

(5) هذا دليل ثالث للمدعى أي و للسيرة المستمرة الموجودة من بداية نبوغ دين الاسلام الحنيف إلى يومنا هذا، حيث يشاهد من المسلمين معاملتهم مع تركة السلطان معاملة بقية تركة أموات المسلمين: من -

ص: 235

فعلى (1) هذا لو أوصى بها بعد التلف اخرجت من الثلث.

و فيه (2) منع عدم الانصراف، فإنا لا نجد بعد مراجعة العرف

++++++++++

- تقسيمها على الورثة، و العمل بالوصية لو أوصى بها، و اخراج الثلث منها لو أوصى به.

(1) الفاء تفريع من الشيخ على ما أفاده (الشيخ كاشف الغطاء) أي فعلى ضوء ما أفاده فلو أوصى السلطان بما في ذمته: من قيم المتلفات تخرج من الثلث، لا من الأصل كما نحن قلنا بخروجها من الأصل.

(2) أي و فيما أفاده (الشيخ كاشف الغطاء) في هذا المقام نظر و اشكال.

و قد أورد الشيخ على جميع ما أفاده الشيخ الكبير فاخذ في الإشكال على الدليل الأول: و هو عدم انصراف الدين الوارد في الآية الكريمة إلى ديون السلطان فلا يشملها عموم الآية.

و خلاصة الإشكال أن العرف هو الحاكم بيننا و بينكم في ذلك، لأنا بعد مراجعة العرف لم نر فرقا بين ما يتلفه السلطان قهرا و ظلما، و بين ما يتلفه نسيانا: في أن كلا الدينين يقضيان من أصل ماله و تركته، لا من ثلثه.

و هكذا لا نجد فرقا بين متلفات السلطان الجائر، و بين متلفات شخص آخر من المسلمين: في إخراج قيم هذه المتلفات من أصل ماله و تركته.

فاذا تدخل هذه الديون في الدين المذكور في الآية الكريمة.

ثم لا يخفى أن في جميع النسخ الموجودة عندنا عبارة الكتاب هكذا:

(و فيه منع الانصراف)، و الصحيح و فيه منع عدم الانصراف كما اثبتناه، حيث إن الشيخ الكبير يدعي عدم انصراف الدين المذكور في الآية لهذه الديون، لا أنه يدعي الانصراف حتى يمنع (شيخنا الأنصاري) الانصراف، فالعبارة تحتاج إلى كلمة عدم كما أثبتناها.

ص: 236

فرقا بين ما اتلفه هذا الظالم عدوانا، و بين ما أتلفه نسيانا، و لا بين ما أتلفه هذا الظالم عدوانا، و بين ما أتلفه شخص آخر من غير الظلمة، مع أنه لا اشكال في جريان أحكام الدين عليه (1) في حال حياته: من (2) جواز المقاصة من ماله كما هو المنصوص، و لعدم (3) تعلق الخمس و الاستطاعة

++++++++++

(1) أي على الظالم في حال حياته كما عرفت آنفا.

(2) كلمة من بيانية لجريان أحكام الدين، أي جواز المقاصة للدائن و الطالب من أموال السلطان الجائر المدين كما هو ظاهر النصوص الواردة في هذا المقام: دليل على أن ديون السلطان تخرج من أصل أمواله و تركته لا من الثلث.

راجع حول النصوص المذكورة (وسائل الشيعة). الجزء 12.

ص 157. الباب 51 من أبواب جوائز الظالم. الحديث 7.

أليك نصه: عن داود بن رزين قال: قلت (لأبي الحسن) عليه السلام إني اخالط السلطان فتكون عندي الجارية فيأخذونها، أو الدابة الفارهة فيبعثون فيأخذونها، ثم يقع لهم عندي المال فلي أن آخذه ؟

قال: مثل ذلك و لا تزد عليه.

فالحديث هذا يصرح بجواز المقاصة من مال السلطان الجائر تجاه طلبه منه.

(3) دليل ثان من الشيخ على أن ما في ذمة السلطان من جملة ديونه و أنه يجب الوفاء بتلك الديون من الأصل، لا من الثلث، و أنها مقدمة على الوصايا و المواريث.

و خلاصة الدليل: أن عدم تعلق الخمس و الزكوات و الاستطاعة و قضاء الصلوات الفائتة، و الصوم الفائت: بالتركة بعد موته دليل على أن ما في الذمة من الديون، و أنها مقدمة على المذكورات فلو لم يكن ما في الذمة من الديون لتعلقت المذكورات بالتركة.

ص: 237

و غير ذلك (1)، فلو تم عدم الانصراف (2) لزم اهمال الأحكام (3) المنوطة بالدين وجودا و عدما (4) من غير فرق بين حياته (5) و موته.

و ما ادعاه من السيرة (6) فهو ناش من قلة مبالاة الناس كما هو ديدنهم في أكثر السير التي استمروا عليها، و لذا (7) لا يفرقون في ذلك

++++++++++

(1) و هي الزكوات و الصوم و الصلاة كما عرفت آنفا.

(2) كما ادعاه (الشيخ كاشف الغطاء) في قوله في ص 235: لعدم انصراف الدين إليه

(3) المراد من الأحكام المتوقفة على الدين هو الأداء و الفورية، إذا كان المدين موسرا و الدائن مطالبا، و وجوب الوصية إليه عند الموت و ايصاله إلى ورثة الدائن لو مات، و غير هذه الأحكام المترتبة على الدين.

(4) كلمة وجودا و عدما منصوبة على الحالية و هما حالان لكلمة الدين، بناء على تأويل وجودا و عدما اللذين هما جامدان إلى المشتق أي موجودا و معدوما.

(5) أي حياة المدين و مماته، سواء أ كان المدين السلطان الظالم أم غيره.

(6) هذا رد على الدليل الثالث (للشيخ كاشف الغطاء) في قوله في ص 235: و للسيرة المأخوذة يدا بيد.

(7) أي و لاجل أن السير المستمرة المذكورة ناشئة من عدم مبالاة الناس تراهم لا يفرقون في ترتب أحكام الدين على التالف: بين أن يكون التالف نفس الظالم، أو غيره ممن اشتغلت ذمته بحقوق الناس، لأن الناس يأخذون من الظلمة، و من غيرهم، و يتعاملون معهم، و يرثون منهم مع علمهم القطعي باشتغال ذمة الظلمة بحقوق الناس.

ص: 238

بين الظلمة، و غيرهم ممن علموا باشتغال ذمتهم (1) بحقوق الناس:

من جهة (2) حق السادة و الفقراء.

أو من جهة (3) العلم بفساد أكثر معاملاتهم و لا في انفاذ (4) وصايا الظلمة، و توريث (5) ورثتهم بين اشتغال ذممهم بعوض المتلفات، و ارش الجنايات (6)، و بين (7) اشتغالهم بديونهم

++++++++++

(1) أي ذمم الظلمة، و غيرهم.

(2) كلمة من بيانية تبين حقوق الناس.

(3) هذا هو الفرد الثاني لكيفية علم الناس باشتغال ذمم الظلمة بحقوق الناس، إذ فردها الأول هو اشتغال ذمم الظلمة بحقوق السادات و الفقراء.

و لا شك أن أكثر معاملات الظلمة فاسدة، لعدم التزامهم بأحكام الشريعة الاسلامية من حيث لوازم العقود و الإيقاعات و شرائطهما و أجزائهما.

(4) أي و لا يفرق الناس و لا يبالون فتراهم ينفذون وصايا الظلمة مع علمهم باشتغال ذممهم بديون كثيرة التي هي مقدمة على العمل بالوصايا لأن الديون تخرج من الأصل، و الوصايا تخرج من الثلث.

(5) أي و لا يبالي الناس أيضا في توريث ورثة السلطان الظالم.

فتراهم يقسمون تركته بين وراثه مع علمهم باشتغال ذمته بديون كثيرة مقدمة على التوريث.

فكل هذه الأعمال ناشئة عن السيرة المستمرة بين المجتمع الاسلامي مع أنها باطلة، فكل هذه دليل على أن السيرة في كل هذه المجالات ليست ناشئة عن اصول صحيحة تطابق الموازين الشرعية الاسلامية.

(6) أي دية الدماء.

(7) أي و لا يبالي الناس بين اشتغال ذمم الظلمة.

ص: 239

المستقرة عليهم: من معاملاتهم و صدقاتهم الواجبة (1) عليهم، و لا بين ما علم المظلوم فيه تفصيلا، و بين ما لم يعلم، فإنك إذا تتبعت أحوال الظلمة

وجدت ما استقر في ذممهم من جهة المعاوضات و المداينات مطلقا (2) أو من جهة خصوص أشخاص معلومين تفصيلا، أو مشتبهين في محصور كافيا (3) في استغراق تركتهم المانع (4) من التصرف فيها (5) بالوصية أو الإرث.

و بالجملة فالتمسك بالسيرة المذكورة (6) أوهن من دعوى عدم الانصراف (7) السابقة، فالخروج بها (8) عن القواعد المنصوصة المجمع

++++++++++

(1) كالزكوات.

(2) بأن لم يكن الأشخاص معلومين.

(3) مفعول ثان لقوله: وجدت، و مفعوله الأول: (ما الموصولة) في قوله: ما استقر، أي وجدت ما استقر في ذمم الظلمة من الدين كافية في استغراق تركتهم، و لن تصل التوبة إلى الوصايا و المواريث، إذ لهم من حقوق الناس ما لا يعلمه غير اللّه عز و جل.

(4) صفة لكلمة استغراق في قوله: كافيا في استغراق.

(5) أي في تركتهم.

(6) كما أفاده (الشيخ جعفر كاشف الغطاء) في قوله في ص 235:

و للسيرة المأخوذة.

(7) كما ادعاه (الشيخ كاشف الغطاء) في قوله في ص 235: لعدم انصراف الدين إليه

(8) أي الخروج عن القواعد المنصوصة بسبب السيرة المدعاة الناشئة عن عدم مبالاة المسلمين في امورهم و تصرفاتهم مع وجود الاجماع على العمل بتلك القواعد المنصوصة: و هي الآيات الكريمة، على وجوب أداء -

ص: 240

عليها غير (1) متوجه.

المسألة الثالثة: ما يأخذه السلطان المستحل لاخذ الخراج و المقاسمة من الأراضي باسمهما

اشارة

(الثالثة) (2): ما يأخذه السلطان المستحل (3) لاخذ الخراج و المقاسمة من الأراضي باسمهما، و من الأنعام باسم الزكاة يجوز أن يقبض منه مجانا (4)، أو بالمعاوضة (5) و إن كان مقتضى القاعدة (6) حرمته لأنه (7) غير مستحق لاخذه، فتراضيه (8)

++++++++++

- الديون، و أن الأداء مقدم على المواريث و الوصايا.

راجع الآيات الكريمة في سورة النساء: الآية 10-11.

(1) خبر للمبتدإ المتقدم و هو قوله: فالخروج.

(2) أي (المسألة الثالثة) من المسائل التي ذكرها الشيخ بقوله في ص 101: خاتمة تشتمل على مسائل.

(3) و هو المدعي للخلافة الإسلامية بصورة شرعية (كالامويين و العباسيين و العثمانيين).

(4) باسم الجائزة و الهبة و الهدية.

(5) كما إذا باع السلطان شيئا من الخراج و المقاسمة فيجوز للمشتري قبض هذا المبيع الذي بيد السلطان و قد أخذه من الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(6) و هو عدم جواز التصرف في مال الغير بدون رضاه، و من المعلوم أن ما يأخذه السلطان المدعي للخلافة بالاستحقاق من أهل المزارع و الأراضي لا يكون برضاهم.

(7) تعليل لكون مقتضى القاعدة حرمته، أي لعدم صحة ولاية مثل هؤلاء السلاطين المدعين للخلافة الاسلامية على هذه الأموال التي تؤخذ من أهل المزارع و الأراضي باسم الضريبة.

(8) بأن يصالح هذا السلطان مع أهل المزارع و الأراضي الحقوق المتعلقة عليهم: من الخراج و المقاسمة و الزكوات.

ص: 241

مع من عليه الحقوق المذكورة (1) في تعيين شيء من ماله لأجلها (2) فاسد كما (3) إذا تراضى الظالم مع مستأجر دار الغير في دفع شيء إليه عوض الاجرة.

هذا (4) مع التراضي.

و أما إذا قهره على أخذ شيء بهذه العنوانات (5) ففساده أوضح.

و كيف كان (6) فما يأخذه الجائر باق على ملك المأخوذ منه، و مع ذلك (7) يجوز قبضه من الجائر بلا خلاف يعتد به بين الأصحاب.

و عن بعض حكاية الاجماع عليه (8).

++++++++++

(1) و هي الخراج و المقاسمة و الزكوات كما عرفت آنفا.

(2) أي لأجل تلك الحقوق: بمعنى أن ما يفرضه السلطان على صاحب الحقوق وفاء لأجل تلك الحقوق، و يتراضى عليه فاسد.

(3) تنظير لفساد مصالحة الظالم و تراضيه مع الآخرين بصورة غير مشروعة.

و خلاصة التنظير: أنه كما لا يصح تراضي الظالم مع مستأجر دار زيد على مال عوضا عن اجرة الدار ليدفعه إليه، لا إلى المؤجر، لأنه باطل و فاسد.

كذلك تراضيه مع من عليه الحقوق المذكورة: من الخراج و المقاسمة و الزكوات باطل و فاسد، لعدم صحة سلطته و ولايته، فتصرفاته كلها باطلة.

(4) أي عدم صحة ولاية السلطان المدعي للخلافة إذا كان مع تراضيه لأهل الحقوق المذكورة.

(5) و هي المقاسمة و الخراج و الزكوات.

(6) أي سواء أ كان أخذ السلطان مع التراضي أم بغيره.

(7) أي و مع أن ما يأخذه باق على ملك المأخوذ منه يجوز أخذ هذا

(8) أي على جواز أخذ هذا المال الذي باق بعد على ملك المأخوذ منه.

ص: 242

قال في محكي التنقيح، لأن الدليل على جواز شراء الثلاثة (1) من الجائر و إن لم يكن مستحقا له النصوص (2) الواردة عنهم عليهم السلام.

و الاجماع (3) و إن لم يعلم مستنده.

و يمكن أن يكون مستنده أن ذلك (4) حق للأئمة عليهم السلام و قد اذنوا لشيعتهم في شراء ذلك (5) فيكون تصرف الجائر كتصرف الفضولي (6) إذا انضم إليه (7) اذن المالك. انتهى.

++++++++++

(1) و هي الزكوات و الخراج و المقاسمة.

(2) ستأتي الإشارة إلى هذه النصوص واحدا بعد آخر.

(3) بالرفع عطفا على قوله: النصوص، أي الدليل على ذلك الإجماع بالإضافة إلى النصوص المذكورة.

(4) و هي الحقوق الثلاثة: الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(5) أي في شراء هذه الحقوق الثلاثة من السلطان الجائر المدعي للخلافة بالاستحقاق.

(6) في احتياج صحة الشراء و المعاملة إلى الاجازة فاذا أجاز الامام عليه السلام صحت هذه المعاوضات و المعاملات، و قد ثبتت اجازة الأئمة عليهم الصلاة و السلام لشيعتهم في شراء هذه الحقوق من السلطان الجائر كما تأتي الاشارة إليها في النصوص الآتية.

(7) أي إلى شراء الحقوق الثلاثة و هي الزكوات و الخراج و المقاسمة فكما أن صحة بيع الفضولي متوقفة على اجازة المالك، كذلك صحة شراء الثلاثة المذكورة متوقفة على اذن المالك.

و المراد من المالك هنا: الامام عليه السلام، و لذا قال الشيخ في ص 244:

و الأولى أن يقال: اذا انضم اذن متولي الملك.

و وجه الأولوية: أن هذه الأراضي الخراجية ملك للمسلمين، حيث -

ص: 243

أقول: و الأولى أن يقال: اذا انضم إليه اذن متولي الملك كما لا يخفى (1).

و في جامع المقاصد: أن عليه (2) اجماع فقهاء الإمامية، و الأخبار (3) المتواترة عن الأئمة الهداة عليهم السلام.

و في المسالك: أطبق عليه (4) علماؤنا و لا نعلم فيه مخالفا.

و عن المفاتيح: أنه لا خلاف فيه.

و في الرياض: أنه استفاض نقل الاجماع عليه.

و قد تأيدت (5) دعوى هؤلاء بالشهرة المحققة بين الشيخ و من تأخر عنه.

و يدل عليه (6) قبل الاجماع مضافا إلى لزوم الحرج العظيم في الاجتناب عن هذه الأموال، بل اختلال النظام، و إلى الروايات (7) المتقدمة لاخذ

++++++++++

- إنها فتحت عنوة فالامام عليه السلام بما أنه ولي المسلمين فهو المسئول عنها فيكون متوليا للملك.

و أما الأراضي التي اخذت صلحا، فهي ملك للامام عليه السلام فيصح قول صاحب التنقيح: إن الشراء متوقف على اذن المالك.

(1) و قد عرفت وجه عدم الخفاء عند قولنا: و وجه الأولوية.

(2) أي على جواز أخذ هذه الثلاثة، إما مجانا، أو بعوض.

(3) أي و على جواز أخذ الثلاثة للأخبار المتواترة عن أئمة (أهل البيت) عليهم السلام الآتية في ص 245-254.

(4) أي على جواز شراء الثلاثة المذكورة من السلطان الجائر.

(5) هذه العبارة (لشيخنا الأنصاري) أي دعوى هؤلاء الأعلام مؤيدة بالشهرة.

(6) أي على جواز أخذ الثلاثة من السلطان الجائر.

(7) أي و بالإضافة إلى الروايات المتقدمة المشار إليها في ص 145-166-167 -

ص: 244

الجوائز من السلطان، خصوصا الجوائز العظام التي لا يحتمل عادة أن تكون من غير الخراج، و كان الامام عليه السلام يأبى عن أخذها أحيانا، معلّلا بان فيها حقوق الامة: روايات (1).

(منها) (2): صحيحة الحذاء عن أبي جعفر عليه السلام قال:

سألته عن الرجل منا يشتري من عمال السلطان من ابل الصدقة (3) غنمها و هو يعلم أنهم يأخذون منهم أكثر من الحق الذي يجب عليهم.

فقال: ما الابل و الغنم إلا مثل الحنطة و الشعير، و غير ذلك لا بأس به حتى تعرف الحرام بعينه فيجتنب.

قلت: فما ترى في متصدق يجيئنا فياخذ منا صدقات أغنامنا فنقول:

بعناها (4) فيبيعنا إياها فما ترى في شرائها منه ؟

فقال: إن كان قد أخذها و عزلها فلا بأس.

قيل له: فما ترى في الحنطة و الشعير يجيئنا القاسم فيقسم لنا حظنا

++++++++++

- الدالة على جواز أخذ الجوائز من السلطان.

(1) فاعل لقوله: و يدل أي و يدل على جواز أخذ هذه الثلاثة الروايات المذكورة بقوله: منها صحيحة الحذاء.

(2) أي من بعض تلك الروايات الدالة على جواز شراء الزكوات من السلطان الجائر.

(3) و هي الزكاة.

(4) لا يخفى أن كلمة بعناها مركبة من فعل الأمر المفرد المخاطب و من نا الذي هو المتكلم مع الغير، و هو مفعول فعل الأمر، و الهاء مفعوله الثاني و مرجعه: صدقات أغنامنا، أي نقول لهذا الجابي: بعنا هذه الصدقات.

ص: 245

و يأخذ حظه فيعزله بكيل فما ترى في شراء ذلك الطعام (1) منه ؟

فقال: إن كان قد قبضه بكيل و أنتم حضور فلا بأس بشرائه منهم بغير كيل (2).

دلت هذه الرواية على أن شراء الصدقات: من الأنعام و الغلات من عمال السلطان كان مفروغ الجواز عند السائل (3) و إنما سأل أولا عن الجواز مع العلم الاجمالي (4) بحصول الحرام في أيدي العمال.

و ثانيا (5) من جهة توهم الحرمة، أو الكراهة في شراء ما يخرج (6) في الصدقة كما ذكر في باب الزكاة (7).

++++++++++

(1) و هو الطعام المكيل الذي كيل أمام صاحب الزكوات و عزل من قبل القاسم.

(2) (التهذيب). الجزء 6. ص 375. الحديث 215.

(3) أي منشأ دلالة الرواية على أن جواز اخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات كان مسلما لا يسأل عنه: هو قول السائل: و هو يعلم أنهم يأخذون منهم أكثر من الحق الذي يجب عليهم.

(4) أي منشأ العلم الإجمالي بوجود الحرام في أموال السلطان: هو قول السائل أيضا و هو يعلم أنهم يأخذون منهم أكثر من الحق الذي يجب عليهم.

(5) أي و سؤال الراوي ثانيا.

(6) بصيغة المعلوم من باب الإفعال، أي كراهة شراء ما يخرجه المالك لعمال السلطان منهم بعد أن يعطيهم تلك الصدقات.

ثم إن منشأ استفادتنا أن السائل توهم الحرمة، أو الكراهة: قول السائل: فما ترى في مصدّق يجيئنا فيأخذ صدقات أغنامنا فنقول: بعناها فيبيعنا فما ترى في شرائها؟

(7) راجع الكتب الفقهية. كتاب الزكاة.

ص: 246

و ثالثا (1) من جهة كفاية الكيل الأول (2).

و بالجملة ففي هذه الرواية سؤالا و جوابا (3) إشعار بان الجواز (4) كان من الواضحات غير المحتاجة إلى السؤال، و إلا لكان أصل الجواز أولى بالسؤال، حيث إن ما يأخذونه باسم الزكاة معلوم الحرمة تفصيلا (5) فلا فرق (6) بين أخذ الحق الذي يجب عليهم، و بين أخذ أكثر منه.

و يكفي قوله عليه السلام: حتى تعرف الحرام بعينه في الدلالة على مفروغية حل ما يأخذونه من الحق، و أن الحرام هو الزائد.

و المراد بالحلال هو الحلال بالنسبة إلى من ينتقل إليه و ان كان (7) حراما بالنسبة إلى الجائر الآخذ له (8): بمعنى معاقبته (9) على أخذه

++++++++++

(1) أي و سؤال الراوي عن الإمام ثالثا.

(2) و هو كيل القاسم حين يأخذ حظه كما في قول السائل: فما ترى في الحنطة و الشعير يجيئنا القاسم فيقسم لنا حظنا و يأخذ حظه فيعزله بكيل فما ترى في شراء ذاك الطعام ؟

(3) كلمتي سؤالا و جوابا منصوبتان على التميز، أي من حيث سؤال الراوي، و من حيث جواب الامام عليه السلام.

(4) أي جواز أخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات

(5) حيث إن آخذي الخراج و المقاسمة و الزكوات ليسوا أهلا للأخذ فإن خلافتهم ليست صحيحة حتى يصح لهم الأخذ.

(6) أي في حرمة الأخذ من أرباب الصدقات، فالسؤال انما هو لأجل أن العمال كانوا يأخذون أكثر مما عليهم من الزكوات.

(7) أي و إن كان هذا الحلال حراما.

(8) أي لهذا المال.

(9) أي معاقبة الجائر الآخذ.

ص: 247

و ضمانه و حرمة التصرف في ثمنه.

ففي وصفه عليه السلام للمأخوذ بالحلية دلالة (1) على عدم اختصاص الرخصة بالشراء، بل يعم جميع أنواع الانتقال (2) إلى الشخص.

فاندفع ما قيل: إن الرواية (3) مختصة بالشراء فليقتصر (4) في مخالفة القواعد عليه (5).

ثم الظاهر من الفقرة الثالثة (6) السؤال و الجواب عن حكم (7) المقاسمة، فاعتراض الفاضل القطيفي (8) الذي صنف في الرد على رسالة المحقق الكركي المسماة بقاطعة اللجاج في حل الخراج رسالة زيف فيها جميع

++++++++++

(1) لا يخفى عدم وجود وصف المأخوذ بالحلية في هذه الرواية.

نعم دل على الحلية قوله عليه السلام في ص 245: لا بأس به حتى تعرف الحرام بعينه.

(2) من الهبة، و الصلح، و الجائزة، و الاجرة، و غير ذلك.

(3) و هي صحيحة الحذاء المشار إليها في ص 245

(4) هذه نتيجة اختصاص الرواية بالشراء.

(5) أي على الشراء، فإن القواعد الفقهية تصرح بحرمة التصرف في المال الحرام أخذا و بيعا، و شراء، و هبة و جوائز و صلحا فيقتصر على الشراء فقط كما علمت في النتيجة آنفا.

(6) و هو قول السائل في ص 245: يجيئنا القاسم فيقسم لنا حظنا و يأخذ حظه فيعزله بكيل فما ترى في شراء ذلك الطعام ؟

(7) أي عن حلية المقاسمة و حرمتها.

(8) يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

ص: 248

ما في الرسالة (1): من أدلة الجواز بعدم دلالة الفقرة الثانية (2) على حكم المقاسمة.

و احتمال كون القاسم (3) هو زارع الأرض، أو وكيله ضعيف (4) جدا.

و تبعه (5) على هذا الاعتراض المحقق الأردبيلي.

و زاد (6) عليه ما سكت هو عنه: من عدم دلالة الفقرة الاولى (7) على حل شراء الزكاة (8): بدعوى (9) أن قوله عليه السلام: لا بأس حتى تعرف

++++++++++

(1) أي في رسالة (المحقق الكركي).

(2) و هو قول السائل في الحديث المشار إليه في ص 245: فما ترى في الحنطة و الشعير يجيئنا القاسم فيقسم ؟

(3) الوارد في الفقرة الثالثة المشار إليها في ص 245.

(4) وجه الضعف: أن سياق الكلام يدل على أن القاسم من يأتي لتقسيم الزكاة و الخراج من قبل السلطان، بالإضافة إلى أن ظاهر اشتقاق هذه الكلمة يعطي أن المراد من القاسم من كانت القسمة حرفة له.

و هذا المعنى لا يناسب المزارع و كلمة القاسم لا تنصرف إلى الزارع أصلا فهي علم لمن يقسم الخراج.

(5) أي و تبع (الفاضل القطيفي).

(6) أي و زاد (المحقق الأردبيلي) على ما أفاده الفاضل القطيفي.

(7) و هو قول السائل في الحديث المشار إليه في ص 245: سألته عن الرجل منا يشتري من عمال السلطان من ابل الصدقة و غنمها و هو يعلم أنهم يأخذون منهم أكثر من الحق الذي يجب عليهم.

(8) من عمال السلطان.

(9) الباء بيانية لعدم دلالة الفقرة الاولى المشار إليها في ص 245.

ص: 249

الحرام بعينه لا يدل إلا على جواز شراء ما كان حلالا (1)، بل مشتبها و عدم (2) جواز شراء ما كان معروفا أنه حرام بعينه، و لا يدل (3) على جواز شراء الزكاة بعينها صريحا.

نعم ظاهرها ذلك (4)،

++++++++++

(1) أي حلالا بشخصه، أو يكون لا أقل مشتبها، لا ما كان معروفا أنه حرام بعينه كالخراج و المقاسمة و الزكوات.

(2) بالجر عطفا على مجرور على في قوله: إلا على جواز، أي قوله عليه السلام: لا بأس حتى تعرف الحرام منه لا يدل إلا على عدم جواز شراء ما كان معروفا و معلوما أنه حرام بعينه.

(3) أي و لا يدل قوله عليه السلام: لا بأس حتى تعرف الحرام منه المشار إليه في ص 245 على جواز شراء خصوص الزكوات التي يأخذها السلطان من أهل الابل و الغنم و الزراعة.

فالحاصل أن قوله عليه السلام: لا بأس حتى تعرف الحرام منه.

له ظهوران:

ظهور على جواز شراء ما كان حلالا بشخصه، أو لا أقل يكون مشتبها.

و ظهور على عدم جواز شراء ما كان معلوما أنه حرام بعينه و شخصه.

و أما ظهوره على جواز شراء الزكوات المأخوذة من قبل السلطان من أهل الإبل و الغنم و الزكوات فلا.

هذا ما أفاده (المحقق الأردبيلي) في هذا المقام تبعا (للفاضل القطيفي) و زيادة على ذلك.

(4) أي ظاهر الرواية المشار إليها في ص 245 ذلك: و هو جواز شراء الزكوات المأخوذة من قبل السلطان من أهل الابل و الغنم و الزكوات.

ص: 250

لكن لا ينبغي الحمل عليه (1)، لمنافاته (2) العقل.

و يمكن أن يكون سبب الإجمال فيه (3) التقية.

و يؤيد عدم الحمل على الظاهر أنه (4) غير مراد بالاتفاق، إذ ليس بحلال ما أخذه الجائر فتامل (5). انتهى.

و أنت (6) خبير: بانه ليس في العقل ما يقتضي قبح الحكم المذكور

++++++++++

(1) أي حمل ظاهر هذه الرواية على هذا الجواز.

(2) أي لمنافاة هذا الحمل.

(3) أي في الحديث المشار إليه في ص 245.

و لا يخفى عدم وجود اجمال في الحديث المذكور حتى يحمل على التقية فإن قوله عليه السلام: لا بأس حتى تعرف الحرام بعينه: صريح في جواز شراء خصوص الزكوات الماخوذة من أهل الابل و الغنم و الزكوات.

(4) أي الظاهر غير مراد بالاجماع، لأن الذي يأخذه الجائر من أهل الابل و الغنم و الزكوات ليس حلالا حتى يصح شراؤه منه.

و لا يخفى أن ما أفاده (المحقق الأردبيلي) من عدم حلية ما يأخذه الظالم يصح في حق نفسه.

و أما في حق المشتري فلا، لأنه ورد الاذن الصريح في جواز شرائه منه كما في الرواية هذه، و قد عرفت الاذن كرارا.

(5) لعل وجه التأمل ما ذكرناه آنفا بقولنا: و لا يخفى.

(6) من هنا يروم الشيخ الرد على ما أفاده (المحقق الأردبيلي):

من أن حمل الرواية على الظاهر مناف لحكم العقل في قوله: لمنافاته العقل فإن العقل ليس له حكم لا في جواز شراء الزكوات، و لا في عدم جواز الشراء.

اللهم إلا أن يقال: إن أخذ الزكوات و الابل و الغنم بعنوان الضريبة -

ص: 251

و أي فارق بين هذا (1)، و بين ما أحلوه لشيعتهم مما فيه حقوقهم (2) و لا في النقل (3) إلا عمومات (4) قابلة للتخصيص بمثل هذه الصحيحة (5) و غيرها (6) المشهورة بين الأصحاب رواية و عملا، مع نقل الاتفاق

++++++++++

- من أهلها ظلم و الظلم قبيح عقلا، فلهذا يحكم بقبح الشراء.

(1) و هو الاذن في جواز شراء الزكوات من السلطان الجائر.

(2) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 6. ص 378. الباب 4 من أبواب الخمس. الأحاديث.

(3) هذا رد على ما أفاده (المحقق الأردبيلي) من أن حمل الرواية على ظاهرها: و هو جواز شراء خصوص الزكوات من أهل الغنم و الابل و الزكوات: مناف للنقل.

(4) و هو قوله عليه السلام: لا يحل لأحد أن يتصرف في مال غيره و بغير اذنه.

المصدر السابق. الجزء 17. ص 309 الباب 1 من أبواب الغصب الحديث 4.

فإن قوله عليه السلام: لا يحل لأحد عام يشمل جميع تصرفات غير المأذونة من قبل صاحب المال، و لا شك أن الغنم و الإبل و الزكوات المأخوذة من قبل السلطان الجائر لا يرضى أربابها بإعطائها إلى السلطان لو خلي و سبيله، فالشراء منه غير جائز.

(5) و هي صحيحة الحذاء المشار إليها في ص 245 الصريحة في جواز شراء خصوص الزكوات و الإبل و الغنم فهي تخصص تلك العمومات المشار إليها آنفا، لأنها قابلة للتخصيص بهذه، و بغيرها من الأخبار الآتية، و لا يلزم أي محذور.

(6) أي و غير هذه الصحيحة الذي يأتي الإشارة إليه في ص 253-254.

ص: 252

عن جماعة (1).

و أما الحمل على التقية (2) فلا يجوز بمجرد معارضة العمومات كما لا يخفى (3).

(و منها) (4): رواية اسحاق بن عمار قال: سألته عن الرجل يشتري من العامل (5) و هو يظلم.

قال: يشتري منه ما لم يعلم أنه ظلم فيه أحدا (6).

++++++++++

(1) أي اجماع الفقهاء على جواز شراء خصوص الإبل و الغنم و الزكاة و هم جماعة نقلهم الشيخ بقوله: و في جامع المقاصد الاجماع عليه، و عن المفاتيح لا خلاف عليه، و في الرياض أنه استفاض نقل الإجماع عليه.

(2) كما أفاده (المحقق الأردبيلي) بقوله في ص 251: و يمكن أن يكون سبب الاجمال فيه التقية.

(3) بيان ذلك: أن العمومات الواردة في عدم جواز التصرف في مال الغير بغير اذن صاحبه كما أشرنا إلى بعضها في ص 252 لا تعارض الخاص و هي صحيحة الحذاء المشار إليها في ص 245، و غيرها من الأخبار المذكورة في ص 253-254 الدالة على جواز شراء خصوص الزكوات من السلطان الجائر حتى يحمل الخاص على التقية.

(4) أي و من بعض تلك الروايات الواردة في جواز شراء الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(5) و هو عامل السلطان الجائر.

و المراد من (و هو يظلم): أنه يأخذ أكثر من الحق المقرر عند الدولة.

(6) المصدر السابق الجزء 12. ص 163. الباب 53. الحديث 2.

ص: 253

وجه الدلالة (1): أن الظاهر أن الشراء من العامل شراء ما هو عامل فيه و هو الذي يأخذه من الحقوق من قبل السلطان.

نعم لو بني على المناقشة (2) احتمل أن يريد السائل شراء أملاك العامل منه (3)، مع علمه بكونه ظالما غاصبا فيكون سؤالا عن معاملة الظلمة (4).

لكنه (5) خلاف الإنصاف و إن ارتكبه صاحب الرسالة (6).

(و منها) (7): رواية أبي بكر الحضرمي قال: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام و عنده ابنه اسماعيل فقال: ما يمنع ابن أبي سماك (8)

++++++++++

(1) أي دلالة هذا الحديث على المراد: و هو جواز شراء الخراج و المقاسمة.

(2) بأن يقال: ليس المراد شراء خصوص ما يأخذه العامل من أهل الغنم و الإبل و الزكوات.

(3) أي خصوص ما يملكه: من دار، أو عقار، أو غيرهما.

(4) و قد سبق الكلام في ذلك في باب جواز أخذ جوائز السلطان هبة و شراء و بيعا في ص 125.

ثم لا يخفى أن قوله عليه السلام في الحديث المشار في ص 253: يشتري منه ما لم يعلم أنه ظلم فيه أحدا: يصح أن يقع قرينة على أعم ما يملكه أو يأخذه من الناس باسم السلطان.

(5) أي هذا الاحتمال.

(6) و هو (الفاضل القطيفي).

(7) أي و من بعض تلك الروايات الدالة على جواز شراء الخراج و المقاسمة و الزكاة من عمال السلطان.

(8) اختلف في ضبط هذه الكلمة. -

ص: 254

ان يخرج شباب الشيعة فيكفونه (1) ما يكفيه الناس، و يعطيهم ما يعطي الناس.

قال: ثم قال لي: لم تركت عطاءك.

قلت: مخافة على ديني.

قال: ما منع ابن أبي سماك أن يبعث أليك بعطائك أما علم أن لك في بيت المال نصيبا (2).

فإن ظاهره (3) حل ما يعطى من بيت المال عطاء و اجرة للعمل فيما يتعلق به (4).

بل قال المحقق الكركي: إن هذا الخبر (5) نص في الباب، لأنه عليه السلام بيّن أن لا خوف على السائل في دينه، لأنه لم يأخذ إلا نصيبه من بيت المال.

++++++++++

- قبل: بالسين المهملة و الكاف.

و قيل: بالسين المهملة و اللام.

و قيل: بالشين المعجمة و اللام.

(1) أي يساعدونه في أعماله التي تقبلها من السلطان.

مقصود الامام عليه السلام: أن هذا الرجل الذي هو في خدمة السلطان لم لم يأت بشباب الشيعة و يدخلهم في أعماله المتقبلة من قبل السلطان.

(2) نفس المصدر. الجزء 12. ص 157. الباب 51. الحديث 6

(3) أي ظاهر قوله عليه السلام: ما منع ابن أبي سماك أن يبعث أليك بعطائك، أما علم أن لك في بيت المال نصيبا.

(4) في قوله عليه السلام: و يعطيهم ما يعطي الناس.

(5) و هي رواية أبي بكر الحضرمي المشار إليها في ص 254، فانها صريحة في جواز أخذ المال من السلطان الجائر.

ص: 255

و قد ثبت في الاصول تعدي الحكم بتعدي العلة المنصوصة (1).

++++++++++

(1) المراد من (العلة المنصوصة) هو كل حكم شرعي ذكر سببه و علته صريحا في الأخبار كورود النص في الأحاديث الشريفة أن علة تحريم الخمر هو الإسكار فنستكشف من هذه العلة الصريحة أن كل شيء وجد فيه الإسكار يكون شربه حراما، سواء أ كان هذا الشيء الموجود فيه الإسكار متخذا من الخل أم من الشعير أم من أي شيء آخر.

راجع حول العلة المنصوصة (وسائل الشيعة). الجزء 17. الباب 25 من أبواب الأشربة المحرمة. ص 287. الأحاديث. أليك نص الحديث 2:

عن عمر بن حنظلة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

ما ترى في قدح من مسكر يصب عليه الماء حتى تذهب عاديته و يذهب سكره ؟ و المراد من عاديته حدته.

فقال: لا و اللّه و لا قطرة قطرت في حب إلا اهريق ذلك الحب.

و أليك الحديث: الباب 27:

عن ابن فضال قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام أسأله عن الفقاع.

فقال: هو الخمر و فيه حد شارب الخمر.

و أليك الحديث 16 من ص 242 الباب 9.

عن (أبي جعفر) عليه السلام قال: حرّم اللّه الخمر لفعلها و فسادها.

و المراد من فعلها هو الإسكار.

فهذه الأحاديث الثلاثة كلها تدل على أن تحريم الخمر و الفقاع إنما هو لاجل الإسكار الموجود فيهما، فعلة التحريم هذه لا غير فكلما وجدت العلة في شيء غير الخمر و الفقاع يأتي الحكم و هي الحرمة حالا و فورا من دون احتياج ورود نص آخر في حقه. -

ص: 256

انتهى (1).

و إن تعجب منه (2) الأردبيلي رحمه اللّه فقال: أنا ما فهمت

++++++++++

- إذا عرفت هذا فاعلم أن المراد من العلة المنصوصة فيما نحن فيه و هي رواية أبي بكر الحضرمي في ص 254: هو قوله عليه السلام: (أ ما علمت أن لك في بيت المال نصيبا).

و ان ذلك: أن الامام عليه السلام لما سأل أبا بكر الحضرمي عن سبب قطعه عطاءه المقرر الذي كان يأخذه من ابن أبي سماك الذي كان عاملا من قبل السلطان.

فاجاب أبو بكر الحضرمي الامام عليه السلام عن سؤاله: مخافة على ديني.

فقال له الامام عليه السلام: ما منع ابن أبي سماك أن يبعث أليك بعطائك أما علم أن لك نصيبا من بيت المال.

فجواب الامام عليه السلام للحضرمي: أما علم أن لك في بيت المال نصيبا علة منصوصة صريحة في حل ما يعطى للمسلم من بيت المال فيستنبط من هذه العلة الصريحة جواز الأخذ من بيت المال لكل مسلم، لأنه لم يأخذ حراما، بل إنما يأخذ نصيبه كما أفاده الامام عليه السلام فلا خوف على دينه من أخذه الجائزة من السلطان.

(1) أي ما أفاده المحقق الكركي في هذا المقام: و هو جواز شراء الغنم و الإبل و الزكوات من عمال السلطان، لصراحة خبر الحضرمي في ذلك.

(2) أي مما أفاده المحقق الكركي في هذا المقام: من أن حديث الحضرمي صريح في حل ما يعطى من بيت المال عطاء، لأنه لا خوف على دين الآخذ حيث يأخذ منه نصيبه.

ص: 257

منه (1) دلالة ما، و ذلك لأن غايته ما ذكر (2)، و قد يكون الشيء من بيت المال و يجوز أخذه و اعطاؤه للمستحقين: بأن يكون منذورا، أو وصية لهم:

بأن يعطيهم ابن أبي سماك، و غير ذلك. انتهى.

و قد تبع في ذلك (3) صاحب الرسالة، حيث قال: إن الدليل لا إشعار فيه بالخراج.

أقول: الإنصاف أن الرواية (4) ظاهرة في حل ما في بيت المال مما يأخذه الجائر.

(و منها) (5): الأخبار الواردة في أحكام تقبل (6) الخراج

++++++++++

(1) أي من خبر الحضرمي الذي استفاد منه (المحقق الكركي) حلية جواز الشراء.

(2) و هو جواز الأخذ من بيت المال لكل مكلف.

(3) أي و تبع (المحقق الأردبيلي الفاضل القطيفي): في عدم دلالة رواية الحضرمي على جواز شراء الغنم و الإبل و الزكوات من عمال السلطان، حيث قال فيها: إن الدليل الذي هي رواية الحضرمي لا يدل على المراد: و هو جواز شراء الزكوات و الصدقات من عمال السلطان.

لا يخفى أن ما في بيت المال أعم من أن يكون من الخراج أو المقاسمة، أو الزكوات، فما أفاده الفاضل القطيفي، و من تبعه على ذلك و هو (المحقق الأردبيلي): من عدم اشعار في الخبر على جواز أخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات من عمال السلطان غير مقبول، إذ عوائد بيت المال و منافعه لا تنحصر بشيء خاص.

(4) و هي رواية الحضرمي.

(5) أي و من بعض تلك الأخبار الواردة في جواز شراء ما يأخذه السلطان من الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(6) المراد من تقبل الخراج: هو تقبل شخص الخراج لنفسه: بان -

ص: 258

من السلطان على وجه يستفاد من بعضها: كون أصل التقبل مسلم الجواز عندهم.

(و منها) (1): صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في جملة الحديث.

قال: لا بأس بأن يتقبل الرجل الأرض و أهلها من السلطان و عن مزارعة أهل الخراج بالنصف و الربع و الثلث ؟

قال: نعم لا بأس به و قد قبّل (2) رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله

++++++++++

يدفع إلى السلطان مالا بإزاء ذلك الخراج و المقاسمة و الزكوات، ثم يتصدى - لجبايتها و جمعها.

و كان هذا المعنى و هو تقبل الشخص الخراج لنفسه بإزاء مال يدفعه إلى الدولة و الحكومة أمرا شائعا، و مسلم الجواز عند الأئمة من (أهل البيت) عليهم الصلاة و السلام و أصحابهم في زمنهم.

(1) أي و من بعض هذه الأخبار الواردة في جواز تقبل الخراج و المقاسمة و الزكوات من السلطان: بمعنى أن الرجل يتقبل خراج الأرض فيأخذها من أهل تلك الأرض بإزاء المال الذي يدفعه إلى الحكومة و الدولة

و يحتمل أن يكون المراد من أهلها: أهل الكتاب الذين يدفعون الجزية فالرجل يتقبل هذه الجزية التي وضعت على أربابها فيأخذها من السلطان بإزاء مال يدفعه إليه.

(2) بتشديد الباء من باب التفعيل معناه: ابرام عقد التقبل و إحكامه فالتقبل يكون مطاوعة قبّل.

ص: 259

خيبر اعطاها اليهود، حيث فتحت عليه بالخبر (1) و الخبر هو النصف (2)

(و منها) (3): الصحيح عن اسماعيل بن الفضل الهاشمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

قال: سألته في الرجل يتقبل خراج الرجال، و جزية رءوسهم و خراج النخل و الشجر و الآجام (4) و المصائد (5) و السمك (6) و الطير

++++++++++

(1) الجار و المجرور متعلق بقوله عليه السلام: و قد قبّل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله، أى قبّل صلى اللّه عليه و آله بالخبر حين فتحت عليه خيبر.

و الخبر بالخاء المعجمة المضمومة و سكون الباء هو النصيب المعين من الثلث، أو النصف، أو الربع، أو الخمس، أو السدس، أو السبع أو الثمن، أو التسع، أو العشر في المزارعة حسب المقاولة فيما بينهما.

و المراد منه هنا: النصف كما أفاده الشيخ و قد مضى شرح خيبر في (المكاسب) من طبعتنا الجديدة الجزء 4. ص 371.

(2) (التهذيب). الجزء 7. ص 202. الحديث 34. الباب 19 من أبواب المزارعة.

(3) أى و من بعض هذه الأخبار الدالة على جواز تقبل الشخص الخراج من السلطان لنفسه.

(4) و هي غابات القصب.

(5) جمع مصيدة بفتح الميم و سكون الصاد و فتح الياء وزان محامد مكارم مزارع جمع محمدة مكرمة مزرعة.

و المراد من المصايد هنا المصايد البرية التي تصاد فيها الطيور و الحيوانات.

(6) المراد من السمك مصائده أي الأماكن المهيئة لصيد الأسماك.

ص: 260

و هو (1) لا يدري لعل هذا لا يكون أبدا، أو يكون، أ يشتريه ؟ (2) أو في أي زمان يشتريه ؟، يتقبل منه ؟

فقال: إذا علمت أن من ذلك شيئا واحدا قد ادرك (3) فاشتره و تقبل به (4)

و نحوها (5) الموثق المروي في الكافي و التهذيب عن اسماعيل بن الفضل الهاشمي بادني تفاوت.

و رواية الفيض بن المختار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

جعلت فداك ما تقول في الأرض أتقبلها من السلطان ثم أؤاجرها من أكرتي (6)

++++++++++

(1) الواو هنا حالية أي و الحال أن المتقبل لهذه الأشياء من السلطان لا يعلم أن فيها نفعا أو ضررا.

(2) أي أ يتقبل المتقبل مثل هذا الخراج الذي لا يعلم ان فيه نفعا أو ضررا.

(3) المراد من قوله عليه السلام: شيئا واحدا قد ادرك: أنه إن ظهر لك في كل واحد من المذكورات علامة الانتاج و الفائدة و آثارها فأقدم على شرائها.

(4) (من لا يحضره الفقيه). طباعة النجف الأشرف عام 1387 الجزء 3. ص 141. الباب 69. الحديث 62.

(5) أي و نحو هذه الأخبار الدالة على جواز تقبل الخراج و المقاسمة و الزكوات من السلطان ما روي في الكافي و التهذيب.

راجع (التهذيب). طباعة النجف الأشرف عام 1380 الجزء 7 ص 203. الحديث 42. الباب 19.

(6) بفتح الهمزة و الكاف و الراء جمع أكّار بفتح الهمزة و تشديد الكاف مثل حراث وزنا و معنى.

ص: 261

على أن ما أخرج اللّه تعالى منها من شيء كان لي من ذلك النصف، أو الثلث بعد حق السلطان ؟

قال: لا بأس كذلك اعامل اكرتي (1)

إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في باب قبالة (2) الأرض و استيجار أرض الخراج من السلطان ثم اجارتها للزارع بأزيد من ذلك (3).

و قد يستدل بروايات اخرى لا تخلو عن قصور في الدلالة (4).

(منها) (5): الصحيح عن جميل بن صالح قال: أرادوا بيع تمر عين أبي زياد فأردت أن أشتريه فقلت: لا حتى استأذن أبا عبد اللّه عليه السلام فسألت معاذا أن يستأمره فسأله.

++++++++++

(1) نفس المصدر. الجزء 3. ص 208. الحديث 3. الباب 15 من كتاب المزارعة و المساقاة.

(2) بفتح القاف اسم لما يلتزمه الانسان من عمل و دين، و غير ذلك بإزاء عوض.

و في عصرنا الحاضر يعبر عنه ب: (المقاول).

(3) أي مما استأجره من السلطان الجائر كأن استأجر الخراج مثلا من السلطان بألف دينار، ثم آجره للزارع بألفي دينار مثلا.

راجع نفس المصدر.

(4) أي في دلالة هذه الأخبار التي استدل بها على جواز شراء الخراج و المقاسمة و الزكاة من السلطان.

(5) أي من بعض تلك الأخبار المستدل بها على جواز شراء الخراج و المقاسمة و الزكوات.

ص: 262

فقال: قل له: فليشتره، فإنه إن لم يشتره اشتراه غيره (1).

و دلالته (2) مبنية على كون عين أبي زياد من الأملاك الخراجية.

و لعلها (3) من الأملاك المغصوبة من الامام، أو غيره الموقوف اشتراء حاصلها (4) على اذن الامام عليه السلام.

و يظهر من بعض الأخبار أن عين أبي زياد كانت ملكا لأبي عبد اللّه عليه السلام (5).

(و منها) (6): صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال: قال لي أبو الحسن موسى عليه السلام:

ما لك لا تدخل مع علي (7) في شراء الطعام إني أظنك ضيقا.

قال: قلت: نعم فإن شئت وسّعت علي.

قال: اشتره (8).

++++++++++

(1) (وسائل الشيعة). الجزء 12 ص 162. الباب 53. الحديث 1 و كان أبو زياد من عمال السلطان.

(2) أي و دلالة صحيح جميل بن صالح على المدعى: و هو جواز شراء الخراج.

(3) أي و لعل عين أبي زياد.

(4) أي حاصل الأملاك المغصوبة من الامام.

(5) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 6. ص 140-141. الباب 18 من أبواب كتاب الزكاة. الحديث 2.

(6) أي و من بعض تلك الروايات المستدل بها على جواز شراء الخراج و المقاسمة و الزكاة من السلطان.

(7) كان علي يشتري الطعام من السلطان و يبيعه على آخرين.

(8) نفس المصدر. ص 161. الباب 52 من أبواب -

ص: 263

و بالجملة ففي الأخبار المتقدمة (1) غنى عن ذلك.

ينبغي التنبه على امور:
اشارة

و ينبغي التنبه على امور:

الأول: أن ظاهر عبارات الأكثر، بل الكل أن الحكم مختص بما يأخذه السلطان

(الأول): أن ظاهر عبارات الأكثر (2)، بل الكل أن الحكم (3) مختص بما يأخذه السلطان (4)، فقبل أخذه الخراج لا يجوز المعاملة عليه (5) بشراء ما في ذمة مستعمل (6) الأرض، أو الحوالة عليه (7)

++++++++++

- ما يكتسب به. الحديث 1

و المراد من قوله عليه السلام: إني أظنك ضيقا: الضيق في اليد أي أنك قليل المال جدا بحيث تكون في ادارتك المعاشية ضيقا.

(1) و هي صحيحة الحذاء المشار إليها في ص 245، و رواية اسحاق ابن عمار المشار إليها في ص 253، و رواية أبي بكر الحضرمي المشار إليها في ص 254، و صحيحة الحلبي المشار إليها في ص 259، و صحيح اسماعيل ابن الفضل المشار إليها في ص 260، و موثق اسماعيل بن الفضل المشار إليه في ص 261، و رواية فضل بن مختار المشار إليها في ص 261، و صحيح جميل بن صالح المشار إليه في ص 262، و صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج المشار إليها في ص 263.

(2) أي أكثر الفقهاء.

(3) و هو جواز شراء الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(4) أي بعد أن أخذ السلطان الخراج و الزكوات يجوز للمكلف شراء هذا الخراج و الزكوات.

(5) أي على الخراج و المقاسمة.

(6) و هو الزارع، أو الفلاح.

(7) أي لا يجوز للمكلف أن يأخذ حوالة من السلطان على صاحب الأرض عن الخراج الذي في ذمته قبل أخذ السلطان الخراج منه.

ص: 264

و نحو ذلك (1) و به صرح السيد العميد (2) فيما حكي من شرحه على النافع (3) حيث قال:

إنما يحل ذلك (4) بعد قبض السلطان، أو نائبه، و لذا (5) قال المصنف: يأخذه. انتهى (6).

لكن (7) صريح جماعة عدم الفرق، بل صرح المحقق الثاني بالاجماع على عدم الفرق بين القبض و عدمه.

و في الرياض صرح بعدم الخلاف.

و هذا هو الظاهر من الأخبار المتقدمة (8) الواردة في قبالة الأرض و جزية الرءوس، حيث دلت على أنه يحل ما في ذمة مستعمل الأرض:

++++++++++

(1) بأن يأخذ المكلف الخراج و المقاسمة و الزكوات من مستعمل الأرض أولا، ثم يجري عليه المعاملة مع السلطان الجائر.

(2) يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

(3) أي (المختصر النافع) و هي خلاصة الشرائع (للمحقق الحلي)

(4) أي جواز أخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات من السلطان.

(5) أي و لأجل أن جواز شراء الخراج و المقاسمة و الزكوات متوقف على أخذ السلطان حتى يصح شراؤها.

قال المحقق في المختصر النافع: يجوز أن يشتري من السلطان ما يأخذه باسم المقاسمة و الزكاة.

فعلق المصنف جواز الشراء على ما يأخذه السلطان.

(6) أي ما أفاده السيد العميد في شرحه على (المختصر النافع).

(7) هذا الاستدراك مناف لما أفاده آنفا في صدر العنوان بقوله في ص 264: الأول أن الظاهر عبارات الأكثر، بل الكل.

(8) و هي المشار إليها في الهامش 1 ص 264.

ص: 265

من الخراج لمن تقبل الأرض من السلطان.

و الظاهر من الأصحاب في باب المساقاة، حيث يذكرون أن خراج السلطان على مالك الاشجار، إلا أن يشترط خلافه (1): اجراء (2) ما يأخذه العادل في ابراء ذمة مستعمل الارض الذي استقر عليه اجرتها (3) بأداء غيره (4).

بل ذكروا في المزارعة (5) أيضا أن خراج الأرض كما في كلام الأكثر، أو الأرض الخراجية كما في الغنية و السرائر على مالكها، و إن كان

++++++++++

(1) بأن يشترط في عقد المساقاة أن الضرائب الحكومية على الساقي و المساقاة مصدر باب المفاعلة من ساقى يساقي و هو العقد على سقي اصول الأشجار بين صاحب الماء، و صاحب الأرض التي فيها الأشجار و كل عمل يصلح الأشجار، و ينمي الأثمار بحصة معينة: من الثلث، أو الربع أو الخمس، أو غير ذلك.

راجع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 4. ص 309 إلى ص 323.

(2) بالرفع خبر للمبتدإ المتقدم في قوله: و الظاهر من الأصحاب.

(3) أي اجرة الأرض و هي ضرائب الحكومة.

(4) أي يؤدي هذه الضرائب غير صاحب الأرض و هو الساقي.

(5) مصدر باب المفاعلة من زارع يزارع: و هو عقد على الأرض يقع بين المالك و الزارع بحصة معينة من حاصل الأرض إلى أجل معلوم.

و أركان هذه المعاملة أربعة: الأرض و البذر و العامل و العوامل.

و قد ذكرنا في هذا المقام في (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة في كتاب المزارعة الجزء 4 من ص 275 إلى ص 305: صورا كثيرة لها فراجعها كي تستفيد منها، فإنها مهمة جدا فلا تغفل عنها.

ص: 266

يشكل توجيهه: من جهة عدم مالك للأراضي الخراجية (1).

و كيف كان (2) فالأقوى أن المعاملة على الخراج جائزة و لو قبل قبضها (3).

و أما تعبير (4) الأكثر بما يأخذه فالمراد (5) به إما الأعم مما يبنى على أخذه و لو لم يأخذه فعلا، و إما المأخوذ فعلا.

++++++++++

(1) فكيف يقال: إن خراج هذه الأراضي على مالكها.

(2) أي أي شيء قلنا في خراج السلطان، سواء أ كانت على مالك الأرض أم على مالك الأشجار أم غير ذلك.

(3) أي قبض الخراج و تأنيث الضمير باعتبار الزكوات و المقاسمة.

(4) دفع وهم.

حاصل الوهم أن المعاملة على خراج السلطان لو كان جائزا قبل قبض الخراج فلم قيد أكثر الفقهاء الجواز بما يأخذه في قولهم: يجوز المعاملة على ما يأخذه السلطان الظاهر هذا الأخذ في الأخذ الفعلي، لا الأخذ مطلقا و إن كان قبل القبض ؟

(5) هذا دفع الوهم المذكور.

حاصل الدفع أن القيد المذكور و هو بما يأخذه الذي يراد منه المأخوذ له فردان:

فرد يراد منه معناه العام: و هو البناء على الأخذ و إن لم يأخذه فعلا و حالا.

و فرد يراد منه معناه الخاص: و هو المأخوذ فعلا و حالا.

فاذا لا ظهور للاخذ في المعنى الخاص حتى يقال بعدم جواز المعاملة على الخراج قبل قبض السلطان لها كما قلنا بالجواز نحن.

ص: 267

لكن (1) الوجه في تخصيص العلماء العنوان به جعله (2) كالمستثنى من جوائز السلطان التي حكموا بوجوب ردها على مالكها اذا علمت حراما بعينها فافهم.

و يؤيد الثاني (3) سياق كلام بعضهم، حيث يذكرون هذه المسألة (4) عقيب مسألة الجوائز (5)، خصوصا عبارة القواعد، حيث صرح بتعميم

++++++++++

(1) كأنما هذا دفع وهم آخر.

حاصل الوهم أنه لو كان للاخذ فردان و معنيان كما قلت و ليس له ظهور و انصراف إلى المعنى الخاص فلم خصص العلماء العنوان الذي هو جواز الشراء بالأخذ الفعلي الحالي.

و مرجع الضمير في به: الأخذ كما عرفت.

(2) هذا جواب عن الوهم الآخر.

و خلاصته: أن وجه الاختصاص بالأخذ المذكور لأجل التنبيه على أن جواز شراء الخراج مستثنى من حكم المستثنى منه الذي هي جوائز السلطان حيث إن حكمها في صورة العلم بحرمتها هو عدم جواز بيعها و شرائها و هبتها و التصرف فيها بأي نحو من أنحاء التصرفات، بل لا بد من ردها إلى مالكها

بخلاف الخراج، فإنه لا حرمة لشرائها لورود النص الخاص بذلك كما عرفت في ص 259 - إلى ص 263 ورود الأخبار بذلك.

فالحاصل أن القيد المذكور لأجل ذلك لا غير فعليه يجوز شراء الخراج من السلطان قبل قبضه إياها.

(3) و هو جواز شراء الخراج من السلطان بعد وصولها في يده.

(4) و هي مسألة جواز شراء الخراج.

(5) أي جوائز السلطان: بمعنى أن الفقهاء بعد ذكر جوائز السلطان الجائر و أحكامها: من عدم جواز التصرف فيها بأي نحو من الانحاء يذكرون

ص: 268

الحكم (1) بقوله: و إن عرفت أربابه فافهم (2)

و يؤيد الأول (3) أن المحكي عن الشهيد عن حواشيه على القواعد أنه علق على قول العلامة: إن الذي يأخذه الجائر إلى آخر قوله: و إن لم يقبضها الجائر (4). انتهى (5).

الثاني: هل يختص الخراج: من حيث الخروج عن قاعدة كونه مالا مغصوبا محرما

(الثاني) (6): هل يختص الخراج: من حيث الخروج عن قاعدة كونه مالا مغصوبا (7) محرما: بمن ينتقل إليه فلا استحقاق للجائر في أخذه

++++++++++

الخراج و المقاسمة.

و معنى هذا: أن الخراج و المقاسمة خارجان عن حكم الجوائز و هي حرمة التصرف فيها، بل الجواز في الخراج مسلم كما عرفت آنفا في الجواب عن الوهم الثاني عند قولنا: و خلاصته أن وجه الاختصاص.

(1) و هو جواز شراء الخراج من السلطان و إن علم المشتري أربابها كما عرفت آنفا عند قولنا: لورود النص الخاص بذلك.

(2) لعله اشارة إلى أن مجرد ذكر مسألة اخرى لا يكون دليلا على أنها مخالفة للمسألة السابقة في الحكم حتى يكون تأييدا للثاني.

(3) و هو جواز شراء الخراج و المقاسمة و إن كان قبل قبض السلطان لهما.

(4) هذه الجملة: (و إن لم يقبضها الجائر) تعليق (الشهيد الأول) على عبارة (العلامة) في القواعد و هو إن الذي يأخذه الجائر.

(5) أي ما أفاده (الشهيد الأول) في شرحه على القواعد في هذا المقام.

(6) أي التنبيه الثاني من التنبيهات التي أفاده الشيخ بقوله في ص 264:

و ينبغي التنبيه على امور

(7) أي في صورة العلم بحرمته، و مرجع الضمير في اخذه: الخراج

ص: 269

أصلا فلم يمض الشارع من هذه المعاملة إلا حلّ ذلك (1) للمنتقل إليه أو يكون الشارع قد أمضى سلطنة الجائر عليه (2) فيكون (3) منعه عنه أو عن بدله (4) المعوض عنه في العقد معه (5) حراما.

صريح الشهيدين و المحكي عن جماعة ذلك (6).

قال المحقق الكركي في رسالته (7): ما زلنا نسمع من كثير ممن عاصرناهم و لا سيما شيخنا الأعظم الشيخ علي (8) بن هلال رحمه اللّه أنه

++++++++++

(1) و هو جواز شراء خراج السلطان منه، و صحة تصرف المشتري فيه من دون ترتب حكم شرعي على الشراء و هي الحرمة كما كانت الحرمة تترتب على الجوائز.

(2) أي على أخذ الخراج من أهل الغنم و الابل و الصدقات.

(3) الفاء تفريع على الشق الثاني: و هو امضاء الشارع سلطنة الجائر على الخراج الذي يأخذه من الرعية في قوله: أو يكون الشارع قد أمضى.

و خلاصة التفريع: أنه بعد القول بالإمضاء من قبل الشارع معاملة الخراج فمنع السلطان الجائر و حرمانه عن الخراج، أو منعه و حرمانه عن دفع بدل الخراج إليه و هي القيمة بعد العقد و القرار معه: حرام لا يجوز ذلك.

و مرجع الضمير في منعه: السلطان، و في عنه: الخراج.

(4) أي بدل الخراج و هي القيمة كما عرفت آنفا.

(5) أي مع السلطان كما عرفت.

(6) أي حرمة امتناع الرعية عن دفع الخراج، أو بدله إلى السلطان و كلمة ذلك مرفوعة خبر للمبتدإ المتقدم في قوله: و صريح الشهيدين.

(7) و هي قاطعة اللجاج في حل الخراج.

(8) يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

ص: 270

لا يجوز لمن عليه الخراج سرقته، و لا جحوده، و لا منعه، و لا شيء منه (1) لأن ذلك (2) حق واجب عليه انتهى (3).

و في المسالك في باب الأرضين: و ذكر الأصحاب أنه لا يجوز لاحد جحدها (4)، و لا منعها، و لا التصرف فيها بغير اذنه، بل ادعى بعضهم الاتفاق عليه (5). انتهى (6).

و في آخر كلامه أيضا أن ظاهر الأصحاب أن الخراج و المقاسمة لازم (7) للجائر حيث يطلبه، أو يتوقف على اذنه. انتهى (8).

و على هذا (9) عوّل بعض الأساطين في شرحه على القواعد، حيث قال:

++++++++++

(1) أي و لا يجوز لمن عقد مع السلطان إنكار قسم من الخراج سواء أ كان قليلا أم كثيرا، بل لا بدّ من اعطاء كله إلى السلطان بعد ورود النص الخاص بذلك.

(2) أى اعطاء الخراج و المقاسمة و الزكوات واجب على أهل الغنم و الابل و الزكوات فيجب على المالك دفعها إلى السلطان الجائر.

(3) أي ما أفاده المحقق الكركي في هذا المقام في الرسالة المذكورة

(4) أي إنكار الزكوات و الخراج و المقاسمة، و عدم إعطائها للسلطان

(5) أي على عدم جواز جحد الزكوات و منعها، و عدم جواز التصرف فيها بغير اذن السلطان من الطائفة.

(6) أي ما أفاده الشهيد الثاني في المسالك في هذا المقام.

(7) أي اعطاؤه.

(8) أي ما أفاده الشهيد الثاني في المسالك في هذا المقام.

(9) أي و على القول بوجوب اعطاء الخراج و المقاسمة و الزكوات

ص: 271

و تقوى حرمة سرقة الحصة (1) و خيانتها (2)، و الامتناع من تسليم ثمنها بعد شرائها إلى الجائر و إن حرمت (3) عليه، و دخل تسليمها في الاعانة على الاثم في البداية، أو الغاية، لنص (4) الأصحاب على ذلك و دعوى الاجماع عليه. انتهى (5).

أقول: إن اريد منع الحصة مطلقا (6) فتصرف في الأرض من دون اجرة فله (7) وجه، لأنها ملك المسلمين فلا بد لها من اجرة تصرف

++++++++++

إلى السلطان الجائر، و عدم جواز الامتناع عن تسليمها له: اعتمد (الشيخ كاشف الغطاء).

(1) أي حصة السلطان الجائر المراد منها الخراج و المقاسمة و الزكوات

(2) الظاهر أن المراد من الخيانة هنا هو الغش و التدليس أي لا يجوز لمن عليه الخراج أن يخبط الرديء بالجيد فيعطيه للسلطان بعد القول بوجوب دفع الخراج إليه.

(3) أي و إن حرمت المذكورات. و هي الزكوات و الخراج و المقاسمة على السلطان الجائر.

(4) تعليل لحرمة سرقة الحصة و خيانتها.

(5) أي ما أفاده (الشيخ كاشف الغطاء) في شرحه على القواعد في هذا المقام.

(6) أي سواء أ كان السلطان جائرا أم عادلا.

و الفاء في فتصرف بمعنى حتى أي حتى و لو تصرف الخراج و الزكوات في عمارة الأرض و مصالحها.

(7) أي لهذا المنع الذي هي سرقة الحصة و خيانتها، لأنه بعد فرض أن الخراج تصرف في عمارة الارض و مصالحها فلا معنى لعدم إعطائها إلى السلطان.

ص: 272

في مصالحهم.

و إن اريد منعها (1) من خصوص الجائر فلا دليل على حرمته (2) لأن اشتغال ذمة مستعمل الأرض بالاجرة لا يوجب دفعها إلى الجائر.

بل يمكن القول بأنه لا يجوز مع التمكن (3)، لأنه غير مستحق فيسلم إلى العادل، أو نائبه الخاص (4)، أو العام (5)، و مع التعذر (6) يتولى صرفه في المصالح حسبة، مع أن في بعض الأخبار ظهورا في جواز الامتناء (7).

مثل صحيحة زرارة اشترى ضريس بن عبد الملك و أخوه ارزا (8)

++++++++++

(1) أي منع الزكوات و الخراج و المقاسمة و هي التي تسمّى بضريبة الارض.

(2) أي على حرمة المنع.

(3) أي مع التمكن عن عدم إعطاء الزكوات و الخراج و المقاسمة للسلطان الجائر.

(4) أي المنصوب من قبل الامام عليه السلام لخصوص أخذ الخراج مثلا.

(5) كالفقيه الجامع للشرائط في عصر الغيبة الكبرى عجل اللّه تعالى لصاحبها الفرج بالقريب العاجل.

(6) أي تعذر ايصال اجرة الأرض إلى الإمام عليه السلام، أو نائبه الخاص، أو العام يتولى من بيده هذه الضرائب و الخراج صرفها في سبل الخير، و المصالح العامة.

(7) و هو جواز الامتناع عن إعطاء الخراج للسلطان الجائر.

(8) بفتح الهمزة و ضم الراء و تخفيف الزاي، و فيه لغات أخرى.

الآرز بمد الألف، و الأرز بتشديد الزاي، و الرز: و هو حب معروف -

ص: 273

من هبيرة (1) بثلاثمائة ألف درهم.

قال: قلت له: ويلك، أو ويحك انظر إلى خمس هذا المال (2) فابعث به إليه (3) و احتبس الباقي:

قال: فأبى عليّ و أدّى المال (4) و قدم هؤلاء (5) فذهب أمر (6) بني امية.

قال: فقلت ذلك لأبي عبد اللّه عليه السلام.

فقال مبادرا للجواب: هو (7) له هو له.

فقلت له: إنه (8) أداها فعض (9) على اصبعه.

++++++++++

- يطبخ و يسميه (أهل العراق) باللغة الدارجة (تمن).

(1) بصيغة التصغير كان عميلا (لبني امية) و متفانيا لهم.

(2) و هو الارز الذي اشتراه ضريس بن عبد الملك من هبيرة.

(3) أي إلى الإمام عليه السلام.

(4) أي إلى هبيرة الذي باع الارز لضريس بن عبد الملك.

(5) و هم (بنو عباس) عند ما جاءوا للحكم بقيادة (أبي مسلم الخراساني)

(6) أي سقطت دولتهم و ولت.

(7) أي المال الذي أخذه ضريس بن عبد الملك من هبيرة و هو الارز له و حقه.

(8) أي ضريس بن عبد الملك أدّى ثلاثمائة الف درهم إلى هبيرة

(9) أي (الامام الصادق) عليه السلام عضّ على اصبعه بعد أن اطلع أن ضريسا أدى المبلغ إلى هبيرة.

و المراد من عض الإمام اصبعه تأسفه على ذلك تأسفا بالغا.

راجع (التهذيب). طباعة النجف الأشرف. الجزء 6 ص 337 الحديث 57.

ص: 274

فإن أوضح محامل هذا الخبر أن يكون الارز من المقاسمة (1) و أما حمله (2) على كونه من الناصب أعني هبيرة، أو بعض بني امية فيكون (3) دليلا على حل مال الناصب بعد إخراج خمسه كما استظهرها في الحدائق:

فقد ضعف (4) في محله: بمنع (5) هذا الحكم، و مخالفته (6) لاتفاق

++++++++++

(1) فعلى هذا لا يجوز إعطاء الخراج إلى السلطان الجائر، لأن المقاسمة مال المالك، و ليس للسلطان فيها حق كما قال عليه السلام: هو له هو له

(2) أي حمل خبر ضريس بن عبد الملك الدال على عدم جواز إعطاء الخراج للسلطان: على كون الارز من أموال الناصبي، لأن مالكه إما هبيرة و عداؤه و نصبه (لأئمة أهل البيت) عليهم السلام كالشمس في رائعة النهار.

و إما (بعض بني امية) و عداء آل امية (لآل هاشم) عداء ذاتي جوهري عنصري كتضاد الظلمة و النور، و الجهل و العلم، و ابليس و آدم و الحق و الباطل، و فرعون و موسى.

(3) أي يكون هذا الحمل قرينة على حلية مال الناصب بعد إخراج خمسه، كما استظهر هذه الحلية صاحب الحدائق في كتابه (الحدائق).

(4) أي هذا الحمل ضعيف، لأنه حقق في بابه: أنه لا يجوز أخذ مال الناصب، و لا يحل للآخذ التصرف فيه.

(5) الباء بيان لوجه الضعف أي حلية مال الناصب بسبب هذا الحمل ممنوعة.

(6) بالجر عطفا على مجرور (الباء الجارة) في قوله: بمنع أي و بمخالفة الحكم المذكور الذي هي حلية مال الناصبي لاجماع الفقهاء، حيث إنهم أجمعوا على عدم حلية مال الناصبي.

ص: 275

صحابنا كما حقق في باب الخمس (1) و إن ورد بها (2) غير واحد من الأخبار.

و أما الأمر (3) باخراج الخمس في هذه الرواية فلعله (4) من جهة

++++++++++

(1) هكذا أفاد (شيخنا الانصاري) قدس سره، و لم أعثر على هذا التحقيق في مظانه و لا سيما (الحدائق و الجواهر و اللمعة الدمشقية).

(2) أي بحلية مال الناصب وردت أخبار كثيرة.

راجع حول الأخبار (وسائل الشيعة). الجزء 6. ص 340.

الباب 2 من كتاب الخمس. الحديث 6.

أليك نص الحديث.

عن حفص البختري عن (أبي عبد اللّه) عليه السلام قال: خذ مال الناصبي حيث وجدته، و ادفع إلينا الخمس.

(3) دفع وهم.

حاصل الوهم: أنه لو كان الحمل المذكور ضعيفا، و لم يكن الخبر المذكور قرينة على حلية مال الناصب فلما ذا أمر زرارة ضريس بن عبد الملك بإخراج خمس مال المشتري من هبيرة و إعطائه للإمام عليه السلام في قوله:

ويلك، أو ويحك انظر إلى خمس هذا المال و ابعث به إليه ؟

و اخراج الخمس منه دليل على حلية مال الناصب و منه ابن هبيرة أو بعض بني امية.

(4) هذا جواب عن الوهم.

و خلاصته: أن الأمر هنا لم يصدر عن الامام عليه السلام حتى يصح الاستدلال به، بل صدر من زرارة.

هذا أولا، و ثانيا يمكن أن يكون لاخراج الخمس سبب و هو اختلاط المقاسمة بالمال الحرام فيجب اخراج خمسه حينئذ إذا كان الحرام معلوما -

ص: 276

اختلاط مال المقاسمة بغيره: من وجوه الحرام فيجب تخميسه.

أو من جهة احتمال اختلاطه بالحرام فيستحب تخميسه كما تقدم في جوائز الظلمة (1).

و ما روي (2) من أن علي بن يقطين قال له الامام أبو الحسن موسى عليه السلام: إن كنت لا بدّ فاعلا فاتق أموال الشيعة.

قال (3): فأخبرني علي أنه كان يجبيها من الشيعة علانية و يردها عليهم في السر (4).

++++++++++

- أو يستحب الاخراج إذا كان الحرام محتملا فاختلط الحلال به.

(1) في قوله في ص 134: و لعله لما ذكر في المنتهى في وجه استحباب الخمس من هذا المال: من أن الخمس مطهر للمال المختلط يقينا بالحرام فمحتمل الحرمة أولى بالتطهير.

(2) دفع وهم آخر.

حاصل الوهم: أنه لو كان دفع الخراج إلى السلطان الجائر واجبا و أنه لا يجوز سرقة حصته و خيانتها: بالامتناع عن دفعها إليه فلما ذا قال الامام عليه السلام (لعلي بن يقطين): فاتق اللّه في أموال الشيعة ؟

مع أن (علي بن يقطين) ما كان يأخذ منهم سوى الخراج، بناء على الأخذ.

ثم لما ذا كان (علي بن يقطين) يأخذ منهم الخراج علانية و يردها عليهم سرا و خفية ؟

فهذا دليل على أنه لا يجوز دفع الخراج إلى السلطان الجائر.

(3) أي راوي هذا الحديث.

(4) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 140. الحديث 8.

الباب 46.

ص: 277

قال (1) المحقق الكركي في قاطعة اللجاج: إنه يمكن (2) أن يكون المراد به (3) ما يجعل عليهم من وجوه الظلم المحرمة.

و يمكن (4) أن يراد به وجوه الخراج و المقاسمات و الزكوات، لأنها و إن كانت حقا عليهم، لكنها ليست حقا للجائر فلا يجوز جمعه لأجله إلا عند الضرورة.

و ما زلنا (5) نسمع من كثير ممن عاصرناهم و لا سيما شيخنا الأعظم.

++++++++++

(1) جملة قال المحقق مرفوعة محلا خبر للمبتدإ المتقدم في قوله:

و ما روي.

و هذه الجملة جواب عن الوهم المذكور.

و حاصلها: أن لقول الامام عليه السلام: فاتق أموال الشيعة احتمالين:

و نذكرهما عند رقمهما الخاص.

(2) هذا هو الاحتمال الاول، و خلاصته: أنه يمكن أن يكون المراد من قوله عليه السلام في ص 277: فاتق أموال الشيعة عدم جواز أخذ أموالهم بطرق الظلم و الوجوه المحرمة غير الخراج و المقاسمة و الزكوات.

و أما هي فلا يشملها قوله عليه السلام: فاتق أموال الشيعة، فهي جائز الدفع إلى السلطان الجائر.

(3) مرجع الضمير قول الامام عليه السلام: فاتق أموال الشيعة كما عرفت.

(4) هذا هو الاحتمال الثاني و خلاصته يحتمل أن يكون المراد من قوله عليه السلام: فاتق أموال الشيعة نفس الخراج و الزكوات، فانها و إن كانت حقا على الشيعة لكنه لا يجوز جمع هذه الزكوات للسلطان، لأنها ليست حقا له، إلا إذا اقتضت الضرورة جمع الزكوات للسلطان.

(5) هذا الكلام من (المحقق الكركي).

ص: 278

إلى آخر ما تقدم نقله عنه (1) عن مشايخه.

أقول (2): ما ذكره من الحمل على وجوه الظلم المحرمة مخالف لظاهر العام (3) في قول الإمام عليه السلام: فاتق أموال الشيعة، فالاحتمال الثاني أولى، لكن (4) بالنسبة إلى ما عدا الزكوات، لأنها (5) كسائر

++++++++++

(1) و قد ذكره الشيخ في ص 270 فى قوله: قال المحقق الكركي في رسالته.

(2) من هنا يروم الشيخ أن يورد على ما أفاده المحقق الكركي من الاحتمالين المذكورين في ص 278.

و خلاصته: أن الاحتمال الأول مخالف لظاهر العام الوارد في قول الامام عليه السلام: فاتق أموال الشيعة، حيث إن كلمة أموال عامة تشمل جميع أموالهم، سواء أ كانت تؤخذ منهم على سبيل الظلم و الجور أم على سبيل الخراج و المقاسمة و الزكوات من دون اختصاص لها بالثاني.

فاذا اريد منها المعنى الخاص المذكور كما أفاده المحقق في الاحتمال الأول خرج العام عن عمومه.

(3) و قد عرفته آنفا.

و أما وجه الأولوية في احتمال الثاني فقد عرفته عند قولنا: حيث إن كلمة أموال عامة.

(4) أي أولوية احتمال الثاني عن الاحتمال الأول بالنسبة الى ما عدا الزكوات الذي هو الخراج و المقاسمة.

و أما الزكوات فلا يأتي هذا الاحتمال فيها، فلا يجوز أخذها و اعطاؤها للسلطان الجائر، فإنه ظلم يشمله قوله عليه السلام: فاتق أموال الشيعة لأنها داخلة في وجوه الظلم المحرمة.

(5) تعليل لعدم شمول أولوية احتمال الثاني للزكوات، و قد عرفت

ص: 279

وجوه الظلم المحرمة، خصوصا بناء (1) على عدم الاجتزاء بها عن الزكاة الواجبة، لقوله عليه السلام: إنما هؤلاء (2) قوم غصبوكم أموالكم و إنما الزكاة لأهلها (3).

و قوله (4) عليه السلام: لا تعطوهم شيئا ما استطعتم فإن المال لا ينبغي

++++++++++

- التعليل عند قولنا في ص 279: و أما الزكوات.

(1) أي عدم شمول أولوية احتمال الثاني للزكوات بناء على عدم الاكتفاء بها لو اعطيت للسلطان الجائر عن الزكوات الواجبة التي يجب دفعها إلى الفقراء و المساكين: يكون أولى، لأنها إن دفعت إلى الجائر في هذه الحالة فقد ظلمنا المالك، لوجوب دفعها عليه ثانيا: مرة للسلطان.

و مرة للفقراء، و هذا ظلم فاحش.

و إن قلنا بكفاية هذه الزكوات المعطاة إلى السلطان الجائر عن الزكوات الواجبة التي لا بد من دفعها إلى من شملتهم الآية الكريمة: إنّما الصّدقات فقد ظلمنا الفقراء و المساكين، لأنه لا يجب حينئذ على المالك الدفع ثانيا.

(2) أي (بنو امية).

(3) (وسائل الشيعة) الجزء 6. ص 175 الباب 20 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث 6.

و المراد لأهلها في قوله: لأهلها هم المعنيون بالآية الكريمة في قوله تعالى: إِنَّمَا اَلصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ اَلْمَسٰاكِينِ وَ اَلْعٰامِلِينَ عَلَيْهٰا وَ اَلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي اَلرِّقٰابِ وَ اَلْغٰارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ وَ اِبْنِ اَلسَّبِيلِ (1).

و من المعلوم أن (بني امية) ليسوا أهلا لأخذ الزكوات.

(4) بالجر عطفا على مجرور (اللام الجارة) في قوله: لقوله -

ص: 280


1- التوبة: الآية 61.

أن يزكى مرتين (1).

و فيما ذكره المحقق من الوجه الثاني (2) دلالة على أن مذهبه ليس وجوب دفع الخراج و المقاسمة إلى خصوص الجائر، و جواز (3) منعه عنه و إن نقل (4) بعد عن مشايخه في كلامه المتقدم ما يظهر منه خلاف ذلك

لكن (5) يمكن، بل لا يبعد أن يكون مراد مشايخه المنع عن سرقة

++++++++++

- عليه السلام: إنما هؤلاء، أي و لقوله عليه السلام: لا تعطوهم، فهو دليل ثان لعدم شمول الأولوية الزكوات.

(1) نفس المصدر. ص 174. الحديث 3.

(2) و هو الاحتمال الثاني في قول المحقق الكركي في ص 278: و يمكن أن يراد به وجوه الخراج و المقاسمات و الزكوات، لأنها و إن كانت حقا عليهم، لكنها ليست حقا للجائر فلا يجوز جمعه لأجله، فإن كلامه هذا صريح في عدم جواز دفع الخراج إلى السلطان الجائر.

(3) بالرفع خبر ثان لأن في قوله: على أن مذهبه، أي على أن مذهبه هو جواز منع السلطان الجائر عن الخراج.

(4) أي و إن نقل المحقق الكركي بعد ذكر الاحتمالين المذكورين في ص 278 بقوله: يمكن أن يراد و يمكن أن يراد به في توجيه رواية علي ابن يقطين، و بعد ذكر كلام شيخه الأعظم: ما يظهر منه خلاف ذلك و هو جواز الدفع إلى السلطان الجائر.

(5) من هنا يريد الشيخ أن يوجه كلام شيخ المحقق الكركي و استاذه.

و خلاصته: أنه من الممكن أن يكون مراده من عدم جواز المنع عدم جواز منع الخراج عن السلطان العادل. فان السلطان العادل لا يجوز منعه من الخراج.

ص: 281

الخراج، أو جحوده (1) رأسا حتى عن نائب العادل، لا منعه (2) عن خصوص الجائر، مع دفعه إلى نائب العادل، أو صرفه (3) حسبة في وجوه بيت المال كما يشهد لذلك (4) تعليل المنع بكونه حقا واجبا عليه فإن وجوبه (5) عليه إنما يقتضي حرمة منعه رأسا (6)، لا عن خصوص الجائر. لأنه ليس حقا واجبا له (7).

++++++++++

(1) بالنصب عطفا على خبر كان فهو خبر ثان له أي و يمكن أن يكون مراد مشايخ المحقق الكركي من عدم جواز منع الخراج انكاره رأسا و أساسا حتى إلى السلطان العادل.

(2) أي و ليس مراد مشايخ المحقق الكركي من عدم جواز المنع، منع خصوص السلطان الجائر، بل يقول بجواز المنع عن السلطان الجائر إذا دفع الخراج إلى السلطان العادل، فإنه لا يجوز الدفع إلى الجائر حينئذ.

(3) أي و كذا لا يجوز دفع الزكوات إلى الجائر لو صرفها المالك في المشاريع الخيرية، و المصالح العامة حسبة.

(4) من هنا يريد الشيخ أن يستشهد على ما ادعاه: من امكان أن يكون مراد مشايخ المحقق، أي و يشهد لما ادعيناه تعليل مشايخ المحقق عدم جواز المنع: بكون الدفع حقا واجبا على المكلف في قوله نقلا عنه في ص 271: لأن ذلك حق واجب عليه، و التعليل المذكور دليل على أن المراد من عدم جواز المنع ما ذكرناه: و هو عدم جواز المنع من السلطان العادل، لا مطلقا حتى من السلطان الجائر.

(5) أي وجوب دفع الزكوات على المالك.

(6) أي حتى إلى نائب العادل كما عرفت

(7) أي للجائر.

ص: 282

و لعل ما ذكرناه (1) هو مراد المحقق، حيث (2) نقل هذا المذهب عن مشايخه رحمهم اللّه بعد ما ذكره من التوجيه المتقدم بلا فصل من دون اشعار بمخالفته لذلك الوجه.

و مما يؤيد ذلك (3) أن المحقق المذكور بعد ما ذكر أن هذا يعني حل ما يأخذه الجائر من الخراج و المقاسمة مما وردت به النصوص (4) و أجمع عليه الأصحاب، بل المسلمون قاطبة.

قال (5): فإن قلت: فهل يجوز أن يتولىّ من له النيابة حال الغيبة ذلك (6) أعني الفقيه الجامع للشرائط (7).

++++++++++

(1) و هو الذي أشرنا إليه بقولنا في ص 281: و خلاصته: أنه من الممكن.

(2) تعليل لكون ما ذكرناه هو مراد المحقق الكركي، أي توجيه المحقق الكركي رواية علي بن يقطين بالاحتمالين المذكورين في ص 278 بعد نقل كلام مشايخه من دون أن يظهر منه مخالفة للتوجيه المذكور، بابداء رأي منه يخالف ما ذهب إليه مشايخه.

(3) أي مراد المحقق الكركي هو ما ذكرناه، و أنه موافق لمذهب شيخه علي بن هلال.

(4) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 6 ص 173. الباب 20 من أبواب المستحقين للزكاة. الأحاديث.

(5) أي (المحقق الكركي).

(6) مرجع الاشارة: أخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(7) أي لشرائط الفتوى و شرائط الفتوى كما يلي.

البلوغ العقل الذكورة. الايمان. العدالة. طهارة المولد و قوة الاستنباط هذه هي الشروط المجمع عليها من (الطائفة الامامية). -

ص: 283

قلنا: لا نعرف للأصحاب في ذلك تصريحا، لكن من جوّز للفقهاء حال الغيبة تولى استيفاء الحدود، و غير ذلك: من توابع (1) منصب الإمامة ينبغي له تجويز ذلك (2) بطريق أولى، و لا سيما المستحقون لذلك موجودون في كل عصر، و من تأمل في أقوال كبراء علمائنا الماضين مثل

++++++++++

أما الكتابة و الحرية و البصر فهو الأشهر بين علماء الطائفة.

ثم لا بد للمفتي من الاجتهاد في الأحكام الشرعية و اصول الفقه.

ثم الاجتهاد يتحقق بمعرفة المقدمات الست:

اللّغة. الصرف. النحو المنطق الكلام. الاصول الأربعة:

الكتاب. السنة الإجماع. دليل العقل.

راجع حول الموضوع (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة. الجزء 6 من ص 62 إلى ص 66.

و (المكاسب) من طبعتنا الحديثة الجزء 1. حياة (الشيخ الأنصاري) من ص 81-89 فقد اشبعنا الكلام حول الاجتهاد هناك.

(1) هذه التوابع و استيفاء الحدود كلها للفقيه الجامع لشرائط الافتاء حال الغيبة.

(2) أي أخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات.

و وجه الأولوية: أنه إذا كان تصدى الفقيه الجامع لشرائط الإفتاء للحدود التي هي إراقة الدماء. و الجلد، و الرجم، و التعزير: جائزا فبطريق أولى تصديه لأخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات جائز.

و هكذا تصديه لتوابع منصب الإمامة كالحكم بكون هذا المال لزيد و ذاك لعمرو، و هذه المرأة مطلقة، و هذا الولد لهذا الرجل، و غير ذلك من لوازم منصب الإمامة إذا كان جائزا: فبطريق أولى يكون تصديه لأخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات جائزا.

ص: 284

علم الهدى (1) و علم المحققين نصير الملة و الدين (2)، و بحر العلوم (3) جمال الملة و الدين العلامة، و غيرهم نظر متأمل منصف: لم يشك في أنهم كانوا يسلكون هذا المسلك (4)، و ما كانوا يودعون في كتبهم إلا ما يعتقدون صحته (5). انتهى.

و حمل (6) ما ذكره: من تولي الفقيه على صورة عدم تسلط الجائر خلاف (7) الظاهر.

و أما قوله (8): و من تأمل إلى آخره فهو استشهاد على أصل المطلب

++++++++++

(1) يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

(2) يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

(3) يأتي شرح حياته في (أعلام المكاسب).

(4) و هو جواز تولي الفقيه الجامع لشرائط الإفتاء لأخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(5) و من جملة ما اودعوه في كتبهم مسألة الخراج و المقاسمة و الزكوات و الايداع هذا دليل على صحة أخذ الخراج.

(6) دفع وهم:

حاصل الوهم: أن (المحقق الكركي) لم يقصد من جواز تولي الفقيه أخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات له مطلقا حتى مع وجود الحاكم الجائر بل يريد جواز تصديه في صورة عدم وجود الحاكم الجائر.

(7) هذا جواب عن الوهم.

و خلاصته: أن ما ذكر خلاف ظاهر كلام المحقق في هذا المقام حيث قال: و المستحقون موجودون في كل عصر فظاهر هذه الجملة يدل على التعميم أي سواء أ كان حاكم الجور موجودا أم لا.

(8) أي قول (المحقق الكركي)

ص: 285

و هو حل ما يؤخذ من السلطان من الخراج على وجه الاتهاب، و من (1) الأراضي على وجه الاقتطاع، و لا دخل له (2) بقوله: فإن قلت: قلنا أصلا فإن علماءنا المذكورين و غيرهم لم يعرف منهم الاستقلال على أراضي الخراج بغير اذن السلطان (3).

و ممن يترأى منه القول بحرمة منع (4) الخراج عن خصوص الجائر

++++++++++

(1) عطف على قوله: و هو حل ما يأخذه السلطان من الخراج أي و حل ما يؤخذ من السلطان من الأراضي على وجه الإقطاع.

و الاقطاع عبارة عن اعطاء السلطان قطعة أرض من الأراضي التي تخص الدولة و الحكومة المعبر عنها في العصر الحاضر ب: (الاراضي الأميرية) لشخص للزراعة، ثم يقاوله في الحصة التي تفرضها عليه الحكومة و تقاولها معه إما بالثلث، أو الربع، أو الخمس، أو السدس، أو العشر مثلا.

و يقال لمن له هذه الأرض في عصرنا الحاضر (الإقطاعي).

(2) أي لا ربط لقول المحقق: و من تأمل في أقوال كبراء علمائنا الإمامية إلى آخره مع قوله في ص 283: فإن قلت: فهل يجوز أن يتولى من له النيابة حال الغيبة ذلك قلنا: لا نعرف للأصحاب إلى آخر ما قاله فإن بين مقول القولين بون شاسع لا ربط بينهما حتى يقال: إن مقول إن قلت الذي هو جواز تولي الفقيه حال الغيبة لاخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات: جواز توليه في صورة عدم وجود السلطان الجائر، أو عدم تسلطه على أخذ المذكورات، لا جواز توليه مطلقا حتى في صورة وجود السلطان الجائر، أو في صورة تسلطه على اخذ الزكوات.

(3) بل كان علماؤنا يستأذنون من السلطان الجائر.

(4) أي لا يجوز لمن اتفق مع السلطان في دفع الخراج عن الأراضي الخراجية له أن يمنع عن اعطاء الخراج له.

ص: 286

شيخنا الشهيد في الدروس، حيث قال:

يجوز شراء ما يأخذه الجائر باسم الخراج و المقاسمة و الزكاة و إن لم يكن (1) مستحقا له.

ثم قال: و لا يجب رد المقاسمة و شبهها (2) على المالك، و لا يعتبر رضاه (3)، و لا يمنع تظلمه (4) من الشراء.

و كذا (5) لو علم أن العامل يظلم، إلا أن يعلم الظلم بعينه (6).

نعم يكره معاملة الظلمة، و لا يحرم، لقول الامام الصادق عليه السلام كل شيء فيه حلال و حرام فهو حلال حتى تعرف الحرام بعينه (7).

++++++++++

(1) أي السلطان الجائر.

(2) و هي الزكوات و الخراج، و الضرائب.

(3) أي رضى المالك في جواز أخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(4) أي تظلم المالك المعطي للخراج لا يكون سببا لعدم جواز شراء المذكورات من السلطان الجائر.

(5) أي و كذا يجوز للمكلف شراء الخراج و الزكوات و المقاسمة و أخذها من السلطان الجائر لو علم أن عمال السلطان و جباته يظلمون الزراع و أهل الإبل و البقر و الغنم عند ما يأخذون منهم الزكوات و الخراج و المقاسمة فعلم المكلف بذلك لا يكون سببا لعدم جواز أخذ المذكورات من السلطان

(6) بأن علم مشتري الخراج و المقاسمة و الزكوات أن الذي يأخذه الجائر و يشتريه منه بعوض، أو مجانا: هو المأخوذ بعينه من المالك ظلما و عدوانا فلا يجوز له الأخذ حينئذ.

(7) (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 59 الباب 4 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1.

ص: 287

و لا فرق (1) بين قبض الجائر إياها، أو وكيله، و بين عدم القبض فلو (2) أحاله بها،

++++++++++

(1) أي لا فرق في جواز أخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات: بين قبض الجائر الأشياء المذكورة بنفسه، أو وكيله، و بين عدم قبضه لتلك الأشياء.

و كذا لا فرق أيضا بين قبض وكيل الجائر تلك الأشياء، و بين عدم قبضه إياها.

(2) الفاء تفريع على ما أفاده آنفا: من عدم الفرق بين قبض الجائر الامور المذكورة، و بين عدم قبضه لها.

و فاعل أحاله: (الجائر)، و مرجع الضمير في أحاله: الدائن أو المشتري، أو المتهب، و الباء في بها للتعدية.

و المعنى: أنه بناء على ما ذكرناه: من عدم الفرق في جواز أخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات بين قبض الجائر المذكورات، و بين عدم قبضه: فلو أحال الجائر الدائن، أو المشتري على المالك و هو الذي يعطي الخراج و المقاسمة و الزكوات بأخذ المذكورات و قبل الثلاثة و هم: المحيل الذي هو الجائر، و المحال و هو الدائن، و المحال عليه و هو المالك الذي يدفع الخراج و المقاسمة و الزكوات: جاز للدائن، أو المشتري، أو المتهب أخذ المذكورات، و يحرم على المالك الامتناع من إعطائها له.

و المراد من الدائن: من كان له على ذمة الجائر طلب، إما بالبيع له أو الإفراض، أو الإتلاف من ناحية الجائر، أو الغصب فتشتغل ذمة الجائر للدائن بواسطة أحد المذكورات فيحيل الجائر المحال الذي هو الدائن على المحال عليه الذي هو المالك كما عرفت آنفا.

ثم الظاهر عدم اعتبار رضى المالك هنا إذا أحال السلطان الخراج عليه -

ص: 288

و قبل: الثلاثة (1)، أو وكله (2) في قبضها، أو باعها (3) و هي في يد المالك، أو في ذمته (4) جاز (5) التناول، و يحرم على المالك المنع.

و كما يجوز الشراء (6) تجوز سائر المعاوضات (7) و الوقف و الهبة و الصدقة و لا يحل (8) تناولها بغير ذلك. انتهى (9).

++++++++++

- لأنه بناء على عدم جواز المنع لا مجال لرضاه.

(1) المراد من الثلاثة: المحيل و المحال و المحال عليه كما عرفت.

(2) أي أو و كل الجائر الدائن، أو المشتري، أو المتهب في قبض المذكورات من المالك فلا يجوز للمالك الامتناع من إعطائها لهم.

(3) أي باع الجائر الخراج و المقاسمة و الزكوات و هي في يد المالك و لم تؤخذ بعد فلا يجوز للمالك الامتناع من إعطائها للمشتري.

(4) أي أو كانت الزكوات و الخراج و المقاسمة في ذمة المالك و لم يدفعها إلى الجائر: بأن لم يعزلها عن بقية الغلات، ثم حوّل الجائر على المالك كما عرفت آنفا فلا يجوز للمالك الامتناع من اعطائها للمحال.

(5) جواب ل (لو) في قوله: فلو أحاله، أي لو أحال الجائر بالمذكورات على المالك، أو وكله في قبضها، أو باعها، أو كانت المذكورات في ذمته جاز للمحال أخذ المذكورات.

(6) أي شراء المذكورات من الجائر كما عرفت في ص 287.

(7) كالصلح على الزكوات، أو جعلها صداقا، أو اجارتها.

(8) أي و لا يحل للمكلف أخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات الراجعة للسلطان الجائر من دون الشراء، أو الحوالة، أو الوقف، أو الصدقة أو المعاوضة كما أفاد عدم الحل بغير الأسباب المملكة المذكورة (الشهيد الأول) في الدروس.

(9) أي ما أفاده الشهيد في الدروس في هذا المقام.

ص: 289

لكن الظاهر من قوله (1): و يحرم على المالك المنع: أنه عطف على قوله: جاز التناول فيكون (2) من أحكام الإحالة بها و التوكيل (3) و البيع (4) فالمراد منع المالك المحال و المشتري عنها (5).

و هذا (6) لا إشكال فيه، لأن اللازم من فرض صحة الإحالة و الشراء تملك المحال و المشتري فلا يجوز منعهما عن ملكهما.

++++++++++

(1) أي من قول الشهيد في الدروس.

(2) أي التحريم المذكور في قول الشهيد في الدروس يكون من توابع الإحالة بالمذكورات: بمعنى أنه يحرم على المالك منع السلطان الجائر من الخراج و المقاسمة و الزكوات لو أحال بها على المالك.

(3) بالجر عطفا على المضاف إليه: و هي كلمة الإحالة، أي التحريم المذكور في قول الشهيد في الدروس يكون من توابع الوكالة: بمعنى أنه يحرم على المكلف تناول الزكوات و الخراج و المقاسمة بغير الوكالة من السلطان الجائر في أخذها.

(4) بالجر عطفا على المضاف إليه المذكور، أي التحريم الواقع في قول الشهيد في الدروس يكون من توابع البيع: بمعنى أنه يحرم على المكلف تناول الزكوات و الخراج و المقاسمة بغير البيع و الشراء من السلطان الجائر.

فالحاصل أنه لو لم يصدر من السلطان الجائر إذن في تناول المذكورات من الحوالة، أو الوكالة، أو البيع، أو غيرها من الأسباب المملكة لم يجز للمكلف تناول شيء مما ذكر.

(5) أي عن المذكورات و هي الزكوات و الخراج و المقاسمة كما عرفت

(6) و هو عدم جواز منع المالك المحال و المشتري و الوكيل من قبل السلطان الجائر عن إعطاء الخراج و المقاسمة و الزكوات.

ص: 290

و أما قوله (1) رحمه اللّه: و لا يحل تناولها (2) بغير ذلك فلعل المراد به (3) ما تقدم في كلام مشايخ الكركي (4): من إرادة تناولها (5) بغير إذن أحد حتى الفقيه النائب عن السلطان العادل (6).

و قد عرفت أن هذا (7) مسلم فتوى و نصا، و أن الخراج لا يسقط من مستعملي أراضي المسلمين.

ثم إن ما ذكره (8): من جواز الوقف لا يناسب ذكره في جملة التصرفات فيما يأخذه الجائر (9).

++++++++++

(1) أي قول الشهيد في الدروس.

(2) أي تناول الزكوات و المقاسمة و الخراج بغير الإحالة و البيع و الشراء و الوقف و الهبة و المعاوضة.

(3) أي بقول الشهيد: و لا يحل تناولها.

(4) و هو الشيخ علي بن هلال الذي ذكر اسمه في ص 270.

(5) أي تناول المذكورات و هو الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(6) و هو الامام المعصوم عليه السلام من (أئمة أهل البيت).

(7) أي حرمة أخذ المذكورات بغير اذن أحد حتى الإمام العادل مسلمة عند الكل نصا و فتوى و لا اشكال فيه.

(8) أي الشهيد في الدروس بقوله: تجوز سائر المعاوضات و الوقف.

(9) حيث إن مثل الحنطة و الشعير و الفواكه و الحبوب و الدراهم و الدنانير التي لا تبقى أعيانها بالتصرف كيف يصح وقفها الغرض من الوقف بقاء عينها و تسبيل منفعتها.

نعم مثل الإبل و البقر و الغنم يصح وقفها لجواز الانتفاع بها مع بقاء عينها ما دامت باقية.

ص: 291

و ان أراد (1) وقف الأرض المأخوذة منه إذا نقلها السلطان إليه لبعض مصالح (2) المسلمين فلا يخلو عن إشكال (3).

و أما ما تقدم من المسالك: من نقل الاتفاق (4) على عدم جواز المنع عن الجائر، و الجحود فالظاهر منه أيضا ما ذكرناه: من جحود الخراج، و منعه رأسا (5)، لا عن خصوص الجائر،

++++++++++

(1) أي لو أراد الشهيد في الدروس من الوقف بقوله: تجوز سائر المعاوضات و الوقف.

(2) كبناية المساجد و المكتبات العامة، و الحسينيات و المستشفيات و دور العجزة، و محلات نزول المسافرين.

(3) وجه الإشكال أن هذه الأرض التي تعطى من قبل السلطان لتلك المصالح إما مفتوحة عنوة و قهرا، أو صلحا.

فعلى الأول هو ملك مشترك بين المسلمين قاطبة فلا اختصاص لها بأحد.

و على الثاني فهي للامام المعصوم عليه السلام فليس للآخذ من السلطان حق وقف الأرض من دون إذنه.

(فإن قلت): لم لا يجوز وقف الأرض المفتوحة عنوة و إن كانت مشتركة بين المسلمين، لأنها تصرف في مصالحهم و المذكورات احدى المصالح.

(قلنا): ليس للآخذ صلاحية ذلك، لأنه ليس وليا على المسلمين بل الولي عليهم هو الامام المعصوم عليه السلام.

(4) في قوله في ص 271: و ذكر الأصحاب أنه لا يجوز لأحد جحدها و لا منعها، و لا التصرف فيها بغير اذنه، بل ادعى بعضهم الاتفاق عليه

(5) أي حتى عن الإمام المعصوم عليه السلام، أو نائبه الخاص أو العام.

ص: 292

مع تسليمه (1) إلى الفقيه النائب عن العادل، فإنه رحمه اللّه بعد ما نقلنا عنه من حكاية الاتفاق قال بلا فصل:

و هل يتوقف التصرف في هذا القسم (2) على إذن الحاكم الشرعي إذا كان (3) متمكنا من صرفها على وجهها، بناء (4) على كونه نائبا عن المستحق، و مفوضا إليه ما هو أعظم من ذلك (5)؟

الظاهر ذلك (6)، و حينئذ (7) يجب عليه صرف حاصلها في مصالح المسلمين، و مع عدم التمكن (8) أمرها إلى الجائر.

و أما جواز التصرف فيها (9) كيف اتفق لكل واحد من المسلمين

++++++++++

(1) أي مع تسليم المالك الخراج و المقاسمة للفقيه النائب عن الإمام العادل عليه السلام.

(2) و هي الخراج و المقاسمة و الزكوات و الضرائب.

(3) أي الحاكم الشرعي متمكنا من صرف المذكورات في مواردها و عالما بذلك.

(4) تعليل لتوقف التصرف في المذكورات على إذن الحاكم الشرعي

(5) و هو إجراء الحدود من التعزير و الرجم و الجلد و القتل و الحرق و الحكم بالدفاع عن بيضة الاسلام، و الحكم بطلاق المرأة، و بينونتها عن الرجل و الحكم بأن هذا المال لزيد.

(6) و هو توقف التصرف في المذكورات على إذن الحاكم الشرعي.

(7) أي حين أن قلنا بتوقف التصرف في المذكورات على إذن الحاكم الشرعي.

(8) أي و مع عدم إمكان إيصال الخراج و المقاسمة و الزكوات إلى الحاكم الشرعي.

(9) أي في الخراج و المقاسمة و الزكوات.

ص: 293

فبعيد جدا، بل لم أقف على قائل (1) به، لأن المسلمين بين قائل بأولوية الجائر (2) و توقف التصرف على اذنه.

و بين مفوض الأمر إلى الإمام عليه السلام، و مع غيبته يرجع الأمر إلى نائبه، فالتصرف بدونهما (3) لا دليل عليه. انتهى (4).

و ليس مراده (5) رحمه اللّه من التوقف التوقف على اذن الحاكم بعد الأخذ من الجائر (6)، و لا خصوص صورة عدم استيلاء الجائر على الأرض كما لا يخفى.

و كيف كان (7) فقد تحقق مما ذكرناه (8): أن غاية ما دلت عليه النصوص (9) و الفتاوى كفاية إذن الجائر في حل الخراج،

++++++++++

(1) أي بهذا النوع من التصرف: و هو أنه كيف اتفق لكل واحد من المسلمين.

(2) أي حتى عن الحاكم الشرعي.

(3) أي بدون إذن السلطان الجائر، و الحاكم الشرعي.

(4) أي ما أفاده الشهيد الثاني في المسالك.

(5) أي مراد الشهيد الثاني في المسالك من قوله: و هل يتوقف ؟

(6) لأنه بعد القول بوجوب اعطاء الخراج للسلطان لا معنى لتوقف التصرف على اذن الحاكم الشرعي لخروج الطاغي عن حكم السلطان عن وجوب الدفع إلى السلطان، حيث إن قوانينه تشمل المطيع فقط.

(7) أي أي شيء قلنا في الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(8) من عدم وجود قائل بالتصرف في المذكورات كيف اتفق لكل أحد من دون مراجعة أحد حتى الحاكم الشرعي.

(9) المشار إليها في صدر العنوان في ص 245 إلى 263.

ص: 294

و كون (1) تصرفه بالإعطاء و المعاوضة و الإسقاط، و غير ذلك نافذا.

و أما انحصاره (2) بذلك فلم يدل عليه دليل (3)، و لا أمارة (4) بل لو نوقش في كفاية تصرفه (5) في الحلية، و عدم (6) توقفها على اذن الحاكم الشرعي مع التمكن، بناء (7) على أن الأخبار الظاهرة

++++++++++

(1) بالجر عطفا على مجرور في، أي و كفاية إذن الجائر في كون تصرفه.

(2) أي انحصار الإذن في حلية التصرف في المذكورات في شخص الجائر.

(3) المراد منه الأخبار و غيرها، لأن الدليل أعم من الخبر.

(4) المراد منها الأخبار فقط فهو من قبيل عطف الخاص على العام

(5) أي لو نوقشت كفاية تصرف الجائر: بأن قلنا: إن تصرفه في الخراج لا يكفي في حليته للمشتري.

(6) بالجر عطفا على المجرور في قوله: في الحلية، و مرجع الضمير في توقفها: الحلية، أي لو نوقش عدم توقف الحلية على إذن الحاكم الشرعي مع تمكن الوصول إليه: بأن قلنا: إنه لا بد مع الاذن من السلطان الجائر الاذن من الحاكم الشرعي مع التمكن من الوصول إليه.

(7) تعليل للمناقشة في عدم توقف الحلية على اذن الحاكم، و خلاصة التعليل: أن الأخبار الواردة في الخراج الظاهرة في كفاية إذن الجائر من دون توقف اذنه على إذن الحاكم الشرعي منصرفة إلى عدم التمكن من الوصول إليه و قد ذكرت هذه الأخبار في صدر عنوان البحث في ص 245 إلى 263.

و أما في صورة التمكن فلا يكفي إذن الجائر فقط، بل لا بد من الرجوع إلى الحاكم، فالأخبار الواردة مقيدة بقيد عدم التمكن.

ص: 295

في الكفاية منصرفة إلى الغالب: من عدم تيسر استيذان الامام عليه السلام أو نائبه.

أمكن (1) ذلك، إلا أن المناقشة في غير محلها، لأن المستفاد من الأخبار (2) الإذن العام من الأئمة الأطهار عليهم السلام بحيث لا يحتاج بعد ذلك إلى إذن خاص في الموارد الخاصة منهم عليهم السلام، و لا من نوابهم (3).

هذا كله مع استيلاء الجائر على تلك الأرض، و التمكن من استيذانه و أما مع عدم استيلائه (4) على أرض خراجية، لقصور (5) يده عنها

++++++++++

(1) جواب ل (لو) الشرطية في قوله: بل لو نوقش، أي هذه المناقشة ممكنة، لكنها في غير محلها.

(2) و هي الواردة في الخراج و المقاسمة و الزكوات و قد اشير إليها في ص 241-263.

(3) فإن الامام عليه السلام قد أذن لشيعتهم في مثل هذه التصرفات التي تكون من قبل السلطان الجائر بقوله: إنا ابحنا لشيعتنا، لطيب ولادتهم

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 6. من ص 378 إلى ص 386.

الباب 4. الأحاديث.

(4) أي عدم استيلاء الجائر على الأراضي الخراجية، ثم إن لعدم استيلائه عليها خمسة أسباب:

(5) هذا هو السبب الأول): أي ضعف سلطته و حكومته على أصحاب الأراضي الخراجية لقصور يده عنها كما لو كانوا أقوياء أشداء مقتدرين لا يخضعون لسلطانه من بداية تشكيل دولته و حكومته.

و لقصور اليد منشئان نذكرهما في الهامش 1-2 من ص 298.

ص: 296

..........

++++++++++

(الثاني): ضعف سلطته بعد التمكن عليهم و استيلائه و نفوذه عليهم بأن طغوا عليه و هو لا يقدر على دفعهم و مقاومتهم.

(الثالث): عدم إمكان وصول السلطان إليهم، لعدم وجود الطرق الإيصالية إليهم، أو لكونهم في الجبال و الأودية الصعبة، و الصحاري البعيدة بحيث يصعب الوصول إليهم.

(الرابع): فقد سلطان الجور: بأن مات أو قتل و لم يعين أحدا مكانه فحصل الفوضى في البلاد ففي هذه الفترة امتنع كثير من أصحاب الأراضي الخراجية من إعطاء الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(الخامس): أن يكون سكنى أصحاب الأراضي الخراجية في الحدود و الثغور بين دولتين كل منهما يتودد و يتحبب قربهم إليه.

ففي جميع هذه الموارد: الأقوى عدم جواز الاستيذان منه و لا يكون حكمه نافذا في حقهم.

و أما وجه عدم جواز الاستيذان، و عدم نفوذ حكمه في حقهم فللاقتصار على مورد اليقين و المقطوع به من الأخبار الواردة في كفاية إذن الجائر في حل الخراج و المقاسمة و الزكوات، إذ المتيقن منها أصحاب الأراضي الخراجية الذين تشملهم قوة سلاطين الجور و أنظمتهم فعلى هؤلاء يجب دفع الخراج و المقاسمة و الزكوات إليهم، و لا يجوز لهم سرقتها و يحرم على المالك منعها، و يجوز للآخرين شراؤها، و المعاوضة عليها.

و أما الذين ذكرناهم في بيان عدم استيلاء الجائر على الأراضي الخراجية فلا تشملهم تلك الأخبار الواردة في الكفاية، بل لا بدّ حينئذ من الرجوع إلى الاصول و القواعد الدالة على عدم جواز اعطاء هؤلاء الخراج و المقاسمة و الزكوات للسلطان الجائر، حيث إن الأصل يقتضي عدم التصرف في مال

ص: 297

لعدم (1) انقياد أهلها له ابتداء، أو طغيانهم (2) عليهم بعد السلطة عليهم.

فالأقوى خصوصا مع عدم الاستيلاء (3) ابتداء عدم جواز استيذانه (4) و عدم مضي إذنه فيها (5) كما صرح به (6) بعض الأساطين، حيث قال بعد بيان أن الحكم مع حضور الامام مراجعته، أو مراجعة الجائر مع التمكن.

++++++++++

الغير إلا بطيب نفسه، و مما لا شك فيه أن إعطاء الخراج و المقاسمة و الزكوات إلى الجائر يكون بغير طيب النفس.

لكن لما جاء الدليل و اخرج هذه عن عدم جواز التصرف، و أنه لا بدّ من اعطائها إلى الجائر فنقتصر على موردها: و هم الذين يمتثلون أوامره فيكون حكمه نافذا في حقهم فيجب عليهم دفع الزكوات و الخراج و المقاسمة على هؤلاء فقط.

هذه خلاصة ما أفاده الشيخ في هذا المقام.

(1) هذا هو المنشأ الأول لقصور يد الجائر على الأراضي الخراجية أي قصور اليد عبارة عن عدم انقياد أصحاب الأراضي الخراجية للسلطان الجائر في بداية الأمر بسبب ضعفه كما عرفته في السبب الأول في ص 296.

(2) هذا هو المنشأ الثاني لقصور اليد.

(3) أي استيلاء السلطان الجائر على الأراضي الخراجية.

(4) أي الاستيذان من السلطان الجائر في التصرف في الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(5) أي في الزكوات و المقاسمة و الخراج.

(6) أي بعدم جواز الاستيذان من السلطان الجائر، و عدم مضي إذنه في الزكوات لو اذن في صورة عدم استيلائه.

ص: 298

و أما (1) مع فقد سلطان الجور، أو ضعفه (2) عن التسلط أو عدم (3) التمكن من مراجعته: فالواجب الرجوع إلى الحاكم الشرعي إذ ولاية الجائر إنما ثبتت على من دخل في قسم رعيته (4) حتى يكون في سلطانه، و يكون مشمولا لحفظه من الاعداء و حمايته، فمن بعد عن سلطانهم (5)، أو كان على الحد فيما بينهم (6)، أو يقوي عليهم فخرج عن مأموريتهم (7) فلا يجري عليه (8) حكمهم، اقتصارا (9)

++++++++++

(1) هذا مقول قول بعض الأساطين و هو (كاشف الغطاء) و هو السبب الرابع لعدم استيلاء الجائر على الأراضي، و قد عرفته في ص 297 عند قولنا: الرابع فقد سلطان الجور.

(2) هذا هو السبب الأول لعدم استيلاء الجائر على الأراضي و قد عرفته في ص 296 عند قولنا: الأول ضعف سلطته.

(3) هذا هو السبب الثالث لعدم استيلاء الجائر على الأراضي و قد عرفته في ص 297 عند قولنا: الثالث عدم إمكان.

(4) بأن تكون الرعية مطيعة للسلطان في امتثال قوانينه.

(5) بأن كانت الرعية في الجبال و الصحاري و الأودية كما عرفت في السبب الثالث في ص 297.

(6) بأن كان في الحدود و الثغور بين دولتين و قد عرفته في السبب الخامس لعدم استيلاء الجائر في ص 297 عند قولنا: الخامس أن يكون سكنى.

(7) هذا هو السبب الثاني لعدم استيلاء الجائر على الأراضي و قد عرفته في ص 297 عند قولنا: الثاني ضعف سلطته.

(8) أي على هذا الذي خرج عن سلطة حكام الجور، أو كان على الثغور و الحدود، أو قوي على الحكام.

(9) منصوب على المفعول لأجله فهو تعليل لعدم شمول قوانين الجائر

ص: 299

على المقطوع به من الاخبار (1)، و كلام (2) الاصحاب في قطع الحكم

++++++++++

لمن خرج عن سلطة حكام الجور، بل تخص المطيعين له في الأنظمة.

(1) و هي الأخبار المجوزة لدفع الخراج و المقاسمة و الزكوات إلى الجائر و كفاية إذنه في حلية التصرف، و أنه يجب دفعها إليه.

و قد اشير إلى هذه الأخبار في ص 166-167.

(2) بالجر عطفا على مجرور (من الجارة) في قوله: من الأخبار أي و اقتصارا على المقطوع به من كلمات الأصحاب في دفع الخراج إلى السلطان الجائر.

مقصود الشيخ أن من القواعد المسلمة الفقهية، و الاصول المقررة القطعية عدم جواز التصرف في أموال الناس إلا بطيب صاحبها و رضاه المقطوع به و لا يمكن رفع اليد عن هذه القاعدة المسلمة القطعية إلا في موارد خاصة ورد النص بها في الشريعة الاسلامية.

من تلك الموارد دفع الخراج و المقاسمة و الزكوات و إعطاؤها إلى السلطان الجائر، و عدم جواز سرقتها منه، و الامتناع عنها و إن كان الإعطاء و الدفع لا يحصل هنا بطيب النفس، لكنه ورد النص به، و العلماء أفتوا بوجوبه و عدم جواز سرقتها، و أنه لا يجوز التصرف فيها بغير إذنه، و لا أخذها بغير احالته، أو توكيل الغير.

و أما الذين لا يتمكن السلطان عليهم بأحد الأسباب المذكورة في ص 297 فلا تشملهم الأخبار المذكورة الآمرة بوجوب دفع الزكوات و الخراج و المقاسمة إليه.

فلا يجب على هؤلاء المتمردين من حكومته دفع المذكورات إلى السلطان الجائر، اقتصارا على المتيقن من مورد الأخبار، و كلمات الأصحاب:

و هم المطيعون لنظام السلطان، و الخاضعين لأوامره.

ص: 300

بالاصول و القواعد، و تخصيص (1) ما دل على المنع عن الركون إليهم و الانقياد لهم.

الثالث: أن ظاهر الأخبار و إطلاق الأصحاب حل الخراج و المقاسمة المأخوذين من الأراضي التي يعتقد الجائر كونها خراجية

(الثالث) (2): أن ظاهر،

++++++++++

(1) بالجر عطفا على مجرور (الباء الجارة) في قوله: بالاصول أي و في قطع الحكم المذكور بتخصيص ما دل.

مقصود الشيخ من هذه العبارة أنه مما لا شك فيه أن الركون إلى الظالم و الاعتماد عليه حرام، لقوله تعالى: وَ لاٰ تَرْكَنُوا إِلَى اَلَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ اَلنّٰارُ هود: الآية 114.

و المراد من الركون هنا هي تهيئة الأسباب الموجبة لتقوية الظالم و شوكته و سلطته، و من البديهي أن إعطاء المال إلى السلطان الجائر من أقوى عوامل تقويته و شوكته فيكون الإعطاء حراما بنحو العموم.

لكن خرج عن تحت هذا العموم إعطاء الخراج و المقاسمة و الزكوات بموجب تلك الأخبار المذكورة فيخصص هذا العموم بتلك الأخبار.

إلا أن الأخبار لا تخصص إلا القدر المتيقن: و هو المكلف المطيع لأحكام السلطان و قوانينه.

و أما العاصي الطاغي فلا تشمله الأخبار المذكورة، و يكون داخلا تحت عموم آية و لا تركنوا إلى الذين ظلموا.

فعلى ضوء ما ذكرناه لك ظهر أن الاصول القطعية و القواعد الفقهية المسلمة الآمرة بعدم جواز التصرف في أموال الناس إلا بطيب أنفسهم لا تقاوم بتلك الأخبار إلا بمقدار المتيقن منها: و هو المكلف المطيع و ما عداه خارج عن تحتها.

(2) أي الأمر الثالث من الامور التي قالها الشيخ في ص 264 و ينبغي التنبيه على امور.

ص: 301

الأخبار (1)، و إطلاق الأصحاب حل الخراج و المقاسمة المأخوذين من الأراضي التي يعتقد الجائر كونها خراجية و إن كانت عندنا من الأنفال (2)

++++++++++

(1) و هي التي اشير إليها في ص.

(2) جمع نفل بالتحريك. و هو في الأصل بمعنى الزيادة.

يقال: لهذا نفل على ذاك أي زيادة، و منه سميت النافلة من الصلوات نفلا، لأنها زيادة على الفرائض.

و يقال لولد الولد: نافلة، لأنه زيادة على الولد.

و منه قوله تعالى: وَ وَهَبْنٰا لَهُ إِسْحٰاقَ وَ يَعْقُوبَ نٰافِلَةً ، حيث إنه دعا ربه أن يهبه اسحاق فأعطاه هذا و يعقوب، زيادة على طلبه.

و الأنفال كل ما اخذ من دار الحرب بغير قتال، و كل أرض انجلى عنها أهلها بغير حرب و نزاع.

و من الأنفال: الأراضي التي انجلى عنها أهلها، أو سلمت للمسلمين طوعا، أو باد أهلها.

و من الانفال الآجام: و رءوس الجبال و الاودية، و صوافي ملوك أهل الحرب، و هي الاراضي الاميرية، و الاشياء المختصة بأهل الحرب من القصور، و الاثاث، و البواخر و السفن و المركوب.

و هذه الانفال (للّه و للرسول)، و لمن قام مقامه و هم (الائمة الاطهار من أهل البيت) المعصومين صلوات اللّه و سلامه عليه و عليهم أجمعين يصرفها حيث يشاء من مصالحه و مصالح عياله.

و من الانفال: (فدك) بفتحتين. و هي قرية خارجة عن (المدينة المنورة) من قرى خيبر، بينها و بين مدينة (الرسول الاعظم) صلى اللّه عليه و آله و سلم يومان.

و هذه القرية فتحها رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله مع (أمير المؤمنين)

ص: 302

..........

++++++++++

صلوات اللّه و سلامه عليه لما نزل عليه (جبرائيل) عليه السلام فشد صلى اللّه عليه و آله سلاحه، و أسرج دابته، و شد علي عليه السلام سلاحه و أسرج دابته، ثم توجها في جوف الليل و علي لا يعلم حيث يريد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله حتى انتهيا إلى (فدك).

فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: يا علي تحملني أو أحملك ؟ قال عليه السلام: أحملك يا رسول اللّه.

فقال رسول اللّه: يا علي أنا أحملك لأني أطول بك، و لا تطول بي فحمل عليا على كتفه ثم قام به فلم يزل يطول به حتى علا على سور الحصن فصعد علي على الحصن و معه سيف رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فأذّن على الحصن و كبّر فابتدر أهل الحصن في باب الحصن هربا حتى فتحوه و خرجوا منه فاستقبلهم رسول اللّه بجمعهم و نزل علي إليهم فقتل ثمانية عشر من عظمائهم و كبرائهم، و ساق رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله ذراريهم و من بقي منهم و غنائمهم يحملونها على رقابهم إلى (المدينة المنورة).

فهذه القرية لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب، غير رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فهي له و لذريته خاصة، و ليس للمسلمين فيها حق فهي من الانفال التي امتازت عن غيرها من المغنم باختصاصها (بالرسول الاعظم) يعطيها من يشاء فهي كسائر أمواله و قد أعطاها (الصديقة فاطمة) سلام اللّه عليها عند نزول الآية الكريمة (و آت ذا القربى حقّه) فدعا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله (الزهراء) سلام اللّه عليها فأعطاها فدكا

و كانت (فدك) في يد (الصديقة فاطمة) صلوات اللّه عليها في حياة الرسول الاعظم صلى اللّه عليه و آله إلى أن ارتحل، ثم انتزعها من يدها أبو بكر حينما استولى على الخلافة بحجة أن النبي صلى اللّه عليه -

ص: 303

و هو (1) الذي يقتضيه نفي الحرج.

نعم (2) مقتضى بعض أدلتهم، و بعض كلماتهم هو الاختصاص

++++++++++

- و آله قال: نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة، و شهدت بذلك عائشة و حفصة و رجل من بني نضر يقال له: اوس بن الحدثان عند أبي بكر بأن رسول اللّه قال: لا اورث(1).

(1) أي حل الخراج و المقاسمة من هذه الاراضي التي يعتقدها الجائر أراضي خراجية هو مقتضى نفي الحرج في قوله تعالى: وَ مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي اَلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ، لانه لو قلنا بعدم جواز إعطاء الخراج و المقاسمة و الزكوات من هذه الاراضي التي هي من الانفال عندنا و قد أباحها لشيعتهم أئمتهم صلوات اللّه عليهم أجمعين: لاستلزم العسر و الحرج، لان الجائر عند امتناعنا عن الإعطاء له يمنعنا عن الزراعة فاذا منعنا عن الزراعة اختل النظام فيلزم العسر و الحرج المنفيين بالآية الكريمة.

(2) استدراك عما أفاده آنفا: من أن المراد من الاخبار و اطلاق الاصحاب حل الخراج و المقاسمة على الاراضي التي يعتقدها الجائر أراضي خراجية و إن كانت هي أراضي الانفال عندنا.

و خلاصة الاستدراك: أن مقتضى بعض أدلة الاصحاب، و بعض كلماتهم على حل الخراج و المقاسمة: هو كون الخراج و المقاسمة و الزكوات مختصة بغير أراضي الانفال، و أما هي فلا تشملها.

و لا يعلم أن هذا المقتضى بالفتح هل هو مقصود لبعض الفقهاء الذين ذكرهم الشيخ، أو لا؟

ص: 304


1- (الدرة البيضاء) في شرح خطبة (الزهراء) سلام اللّه عليها ص 3-4.

فإن العلامة قد استدل في كتبه على حل الخراج و المقاسمة: بأن (1) هذا مال لا يملكه الزارع، و لا صاحب الأرض، بل هو حق اللّه عز و جل اخذه غير مستحقه (2) فبرأت (3) ذمته، و جاز شراؤه.

و هذا الدليل (4) و إن كان فيه ما لا يخفى من الخلل إلا أنه كاشف عن اختصاص محل الكلام (5) بما كان من الأراضي التي لها حق على الزارع (6)

++++++++++

(1) هذا استدلال (العلامة) على اختصاص الخراج و المقاسمة و الزكوات بغير أراضي الأنفال، أي بأن الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(2) لأن الجائر لم يكن منصوبا من قبل الباري عز و جل، و لم ينص عليه (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله، بل هو مدع للخلافة الباطلة فاذا اخذ الجائر الخراج برأت ذمة الدافع و جاز شراؤها.

(3) الفاء للترتيب كقولك: رأيت زيدا فسلمت عليه، أو لاقيت زيدا فكلمته فكما أن السلام و الكلام مترتبان على الرؤيا و الملاقاة.

كذلك براءة ذمة المالك تترتب على أخذ غير المستحق لهذه الأموال.

(4) أي دليل العلامة، و أليك ذلك الخلل.

(الأول): أن الخراج و المقاسمة و الزكوات لما كانت حقوقا للّه تعالى و قد أخذها غير مستحقها فكيف تبرأ ذمة الدافع، بل هذا الأخذ موجب لاشتغال ذمته، و عدم براءتها.

(الثاني): أنه كيف يجوز شراء شيء من زيد إذا لم يكن مالكا له و أنه غير مستحقه.

(5) و هي حلية الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(6) بأن تكون الأراضي أميرية و تحت نفوذ السلطان.

ص: 305

و ليست الأنفال كذلك (1)، لكونها مباحة للشيعة.

نعم لو قلنا: بأن غيرهم (2) يجب عليه اجرة الأرض كما لا يبعد:

أمكن تحليل ما يأخذه منهم (3) الجائر بالدليل المذكور (4) لو تم.

و مما يظهر منه الاختصاص (5) ما تقدم من الشهيد (6)، و مشايخ

++++++++++

(1) حيث إن الأنفال ابيحت للشيعة من قبل (أئمة أهل البيت) عليهم السلام، فإنها من ممتلكاتهم و مختصاتهم فلا يترتب على الشيعة حق في استعمال تلك الأراضي.

و يمكن أن يقال: إن السلطان الجائر المدعي للخلافة امام ادعائي قد أجازه (الإمام المعصوم) عليه السلام في تصرفاته في الأرض حسب دعواه فهو يرى أن الأنفال من حقوقه فيشملها اجازة الامام عليه السلام.

فما يأخذه من الخراج من أراضي الأنفال مشمولة لاجازته عليه السلام.

(2) أي غير (الشيعة الامامية) من الفرق الاخرى الذين لم تبح (أئمة أهل البيت) لهم تلك الأراضي يجب عليهم دفع اجرة أراضي الأنفال.

(3) أي ما يأخذه السلطان الجائر من غير الشيعة الإمامية.

(4) و هو دليل العلامة في قول الشيخ في ص 305: فإن العلامة قد استدل في كتبه على حل الخراج و المقاسمة و الزكوات: بأن هذا مال لا يملكه المالك

و أما عدم تمامية دليل العلامة فلوجود الخلل الموجود فيه، و قد أشرنا إلى ذلك الخلل في ص 305.

(5) أي اختصاص الخراج و المقاسمة و الزكوات بأراضي غير الأنفال

(6) عند نقله عنه في ص 271: و ذكر الأصحاب أنه لا يجوز لأحد جحدها و لا منعها، و لا التصرف فيها بغير اذنه، بل ادعى بعضهم الاتفاق عليه.

ص: 306

المحقق الثاني (1): من حرمة جحود الخراج و المقاسمة، معللين ذلك (2) بأن ذلك حق عليه، فإن الأنفال لا حق و لا اجرة في التصرف فيها.

و كذا (3) ما تقدم من التنقيح، حيث (4) ذكر بعد دعوى الإجماع على الحكم: أن تصرف الجائر في الخراج و المقاسمة من قبيل تصرف الفضولي إذا أجاز المالك.

و الإنصاف أن كلمات الأصحاب بعد التأمل في أطرافها ظاهرة

++++++++++

(1) في قول المحقق الثاني في ص 270: ما زلنا نسمع من كثير ممن عاصرناهم و لا سيما شيخنا الاعظم الشيخ علي بن هلال.

(2) أي حرمة الجحود، و حرمة المنع من اعطائها، و حرمة التصرف فيها بغير اذن السلطان الجائر.

(3) أي و كذا يظهر اختصاص الخراج بأراضي غير الانفال من قول صاحب التنقيح في نقل الشيخ عنه في ص 243: لأن الدليل على جواز شراء الثلاثة من الجائر.

وجه الظهور قول صاحب التنقيح في ص 243: إذا انضم إليه اذن المالك، حيث إن المراد من المالك المسلمون قاطبة، لان هذه الاراضي فتحت عنوة و قهرا فهي مشتركة بين المسلمين من دون فرق بينهم فيها فيحتاج التصرف فيها إلى إذن المالك، فالجائر يكون أحد المتصرفين في هذه الأراضي فيحتاج تصرفه فيها إلى إذن المالك، فهذه قرينة على أن المراد من الأراضي أراضي غير الأنفال، لأن الأنفال ملك للامام عليه السلام، لا للمسلمين و قد أباحها لشيعته فلا يحتاج التصرف فيها إلى إذنه.

فالمحتاجة إلى الإذن هي الاراضي المفتوحة عنوة و قهرا، لكونها للمسلمين.

(4) هذا وجه الظهور و قد عرفته آنفا.

ص: 307

في الاختصاص بأراضي المسلمين، خلافا لما استظهره (1) المحقق الكركي قدس سره: من كلمات الأصحاب، و إطلاق الأخبار، مع أن الأخبار (2) أكثرها لا عموم فيها، و لا اطلاق.

نعم (3) بعض الأخبار الواردة في المعاملة على الأراضي الخراجية التي جمعها صاحب الكفاية شاملة لمطلق الأرض المضروب عليها الخراج من السلطان.

++++++++++

(1) لم نعثر على هذا الاستظهار الذي نسبه الشيخ إلى المحقق من بداية كلامه إلى نهايته عند ما نقل الشيخ عنه في ص 241 بقوله: الثالثة ما يأخذه السلطان.

و لعل الاستظهار استفيد من (رسالة الخراجية للمحقق الكركي).

(2) و هي الواردة في الخراج و المقاسمة و الزكوات المشار إليها في ص 245-263

(3) استدراك عما أفاده: من أن المحقق الكركي قد استظهر من كلمات الأصحاب، و إطلاق الأخبار الواردة في الخراج المشار إليها في ص 245 - إلى 263 وجوب دفع الخراج من مطلق الأراضي، سواء أ كانت خراجية أم غيرها مع أن هذا الاستظهار خلاف كلمات الاصحاب، حيث إنها صريحة في اختصاص الخراج بالأراضي الخراجية التي فتحت عنوة.

و خلاصة الاستدراك أنه يمكن أن يكون الحق مع المحقق الكركي، حيث إن خبر الفيض بن المختار الذي مر ذكره في ص 261 الوارد في الأرض في قول الراوي: أتقبلها من السلطان ثم اواجرها من اكرتي إلى آخره:

عام يشمل مطلق الأراضي، سواء أ كانت خراجية أم غيرها.

و كذا جواب الامام عليه السلام له في ص 262: لا بأس عام يشمل مطلق الأراضي.

ص: 308

نعم (1) لو فرض أنه ضرب الخراج على ملك غير الامام، أو على ملك الامام لا بالإمامة، أو على الأراضي التي اسلم أهلها عليها طوعا لم يدخل في منصرف الأخبار قطعا.

++++++++++

(1) استدراك عما أفاده: من أن خبر الفيض بن المختار شامل لمطلق الأراضي، سواء أ كانت خراجية أم غيرها.

و حاصل الاستدراك: أنه يمكن القول بعدم شمول الرواية المذكورة مطلق الأراضي، سواء أ كانت خراجية أم أنفالا، بل تخص الأراضي المفتوحة عنوة: ببيان أنه لو فرضنا أن الجائر وضع الخراج و المقاسمة على ملك غير الإمام، أو ملك الإمام الذي حصل له بالهبة، أو الميراث أو الصلح، أو غير ذلك، لا أنه عليه السلام ملكه بالإمامة كالأنفال.

أو فرضنا أنه وضع الخراج على الأراضي التي صولح عليها، فإنه حينئذ يمنع دخول هذه الأملاك في منصرف تلك الرواية، و تقول بعدم شمول الأخبار الخراجية لهذه الأملاك فهذه خارجة عن تلك و لم تشملها.

و لكن لا يخفى عدم صحة هذا الفرض، لأن الأخبار الخراجية تشمل هذه الأملاك أيضا، فإنها مطلقة لا تقييد فيها تخص ما عدا هذه الأملاك.

بالإضافة إلى لزوم العسر و الحرج، و عدم استقرار النظام العالمي الذي هو الحجر الأساسي للمشاريع الحيوية في البلاد لو خصصنا الاخبار الخراجية بغير هذه الأملاك، لأنه إذا قلنا بعدم دخول هذه الأملاك في منصرف تلك الأخبار: بأنه لا يؤخذ منها الخراج لازمه عدم حصول ايجاد الطرق بين البلاد، و نفس المدن: من تعديلها و تبليطها، و عدم حصول المشاريع الزراعية من السدود، و حفر الآبار الارتوازية و الجداول، و غرس الأشجار و مكافحة الآفات و الهوام الموجبة لإضرار الأشجار و الفواكه و أثمارها.

و هكذا لازمه عدم تأسيس المشاريع الصناعية و اليدوية و الماء و الكهرباء -

ص: 309

و لو أخذ الخراج من الأرض المجهولة (1) المالك معتقدا (2) لاستحقاقه إياها ففيه (3) وجهان:

الرابع: ظاهر الأخبار و منصرف كلمات الأصحاب الاختصاص بالسلطان المدعي للرئاسة العامة و عماله

(الرابع) (4): ظاهر الأخبار (5)، و منصرف كلمات الأصحاب

++++++++++

- و المستشفيات و المستوصفات إلى غير ذلك من لوازم الحياة الأولية، فنتيجة هذا القول ايقاف الامور بدوا و نهاية، و ايجاد الخمول في البلاد، و نتيجة هذا الخمول خراب البلاد و تشتت العباد.

(1) المراد من مجهولة المالك: عدم العلم بكون هذه الأرض اخذت عنوة، أو صلحا، أو من الأنفال حتى تكون للامام عليه السلام.

(2) أي يعتقد الجائر أن هذه الأراضي المجهولة أراضي خراجية تستحق الخراج فهو يستحق الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(3) أي ففي جواز أخذ مثل هذا الخراج الذي أخذه الجائر من الأراضي المجهولة وجهان:

الجواز، و عدم الجواز.

أما وجه الجواز: فلأن القدر المتيقن من خروج الأراضي عن سيطرة الخراج هي أراضي الأنفال التي علم أنها ملك الإمام عليه السلام.

و أما ما لم يعلم فيدخل في مطلقات أخذ الخراج.

و أما وجه عدم الجواز فهو الرجوع إلى الاصول و القواعد الثابتة المقررة من عدم جواز التصرف في مال الغير إلا بطيب نفسه، و الأراضي المجهولة من هذا القبيل.

(4) أي الأمر الرابع من الامور التي ينبغي التنبيه عليها التي أشار الشيخ إليها بقوله في ص 264: و ينبغي التنبيه على امور.

(5) و هي الأخبار الخراجية التي تثبت الخراج و قد اشير إليها في ص 245-264

ص: 310

الاختصاص (1) بالسلطان المدعي للرئاسة العامة و عماله فلا يشمل (2) من تسلط على قرية، أو بلدة خروجا (3) على سلطان الوقت فيأخذ منهم حقوق المسلمين.

++++++++++

(1) اي اختصاص الخراج و المقاسمة و الزكوات بالسلطان المدعي للسلطنة العامة.

(2) أي فلا يشمل ظاهر الاخبار الخراجية، و منصرف كلمات الأصحاب

(3) منصوب بنزع الخافض، أي من تسلط على القرية، أو المدينة بالخروج على السلطان الجائر المدعي للرئاسة العامة و المطلقة يخرج عن حكمه فلا تشمله الأخبار الخراجية فلا يعطي له الخراج.

ثم لا يخفى أن التسلط المذكور خروجا عن حكم السلطان الجائر المدعي للرئاسة العامة لا يختص بالقرية، أو المدينة.

بل يشمل من تسلط على قطر من أقطار المملكة الاسلامية، إلا إذا كان هذا الخارج قد خرج بأمر الامام المعصوم عليه السلام.

لكنه لم يتفق لحد الآن خروج شخص بأمر الامام المعصوم.

و هنا يتوجه سؤال ؟

و هو أنه إذا كان السلطان المدعي للرئاسة العامة متعددا في البلاد الإسلامية كما كانت مصر و افريقية و السودان يحكمها الفاطميون.

و الاندلس، و الجزائر و تونس و مراكش يحكمها الامويون الذين هربوا من العباسيين و سكنوا هناك، و العراق و ايران شرقها و غربها إلى حدود الصين و جميع البلاد العربية يحكمها العباسيون.

و كان كل واحد من هؤلاء الخلفاء يدعي الرئاسة العامة على كافة المسلمين لنفسه فأيهم يعد خارجا على سلطان وقته، و لأيهم يعطى الخراج و المقاسمة و الزكوات ؟ -

ص: 311

نعم ظاهر الدليل المتقدم من العلامة (1) شموله له.

لكنك عرفت أنه (2) قاصر عن افادة المدعى، كما أن ظاهره (3) عدم الفرق بين السلطان المخالف المعتقد لاستحقاق أخذ الخراج، و المؤمن (4) و الكافر (5) و ان اعترفا (6) بعدم الاستحقاق، إلا أن ظاهر الأخبار (7) الاختصاص بالمخالف.

++++++++++

- و الظاهر أن كل واحد منهم سلطان مستقل برأسه فيعطى الخراج و المقاسمة و الزكوات له: بمعنى أن رعية كل من الأقطار الثلاثة المذكورة تعطي الخراج لسلطانه.

(1) المشار إليه في قوله في ص 305: بأن هذا مال لا يملكه الزارع إلى آخر كلامه.

فقوله: أخذه غير مستحقه عام يشمل الخارج على سلطان الوقت أيضا

(2) أي دليل العلامة لا يشمل المدعى: و هي حلية الخراج و المقاسمة و قد عرفت ذلك في تعليقة 4 من ص 305

(3) أي ظاهر دليل العلامة.

(4) أي و بين السلطان المؤمن كعصر البويهيين و الحمدانيين.

(5) أي و بين السلطان الكافر.

(6) أي السلطان المؤمن و السلطان الكافر بعدم استحقاقهما الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(7) أي أخبار الخراج و المقاسمة و الزكوات التي اشير إليها في صدر عنوان المسألة الخراجية في ص 245-263: اختصاص أخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات بالسلطان المخالف فحسب فلا يشمل المؤمن و الكافر.

ثم إن المراد من المخالف: المخالف اعتقادا، أو جحودا، مثل (هارون و المأمون العباسيين) الذين كانا يعتقدان الحق و يعترفان بإمام -

ص: 312

و المسألة (1) مشكلة من (2) اختصاص موارد الأخبار بالمخالف المعتقد لاستحقاق أخذه، و لا عموم فيها (3) لغير المورد فيقتصر في مخالفة القاعدة (4) عليه.

++++++++++

زمانهما و هو الامام (موسى بن جعفر و علي بن موسى الرضا) صلوات اللّه عليهما، لكنهما جحداهما، لحبهما الرئاسة و الخلافة.

و لهارون كلمته المشهورة لولده المأمون حين رأى الاهتمام الزائد و التجليل و التعظيم البالغ من والده للامام (موسى بن جعفر) عليهما السلام حينما دخل صلوات اللّه و سلامه عليه و خرج من عنده فقال له المأمون: من هذا

قال: هذا (الامام موسى بن جعفر) الذي هو أهل للخلافة و مستحقها.

فقال له: فلم تحبسه و تضغط عليه ؟

قال: الملك عقيم فلو نازعتني فيه أنت لاخذت ما فيه عيناك.

(1) أي مسألة حلية أخذ الخراج و المقاسمة بالسلطان المخالف، حيث إن موارد الأخبار الخراجية التي اشير إليها في ص 241 إلى 263 تختص بالسلطان الجائر المخالف المعتقد لاستحقاقه أخذ الخراج و المقاسمة.

(2) و من المسلم المشهور بين الاصوليين أن المورد لا يخصص الوارد و هي الأخبار الواردة في الخراج، فوجود السلطان المخالف المعتقد لاستحقاق الخراج في زمان صدور الأخبار لا يخصص هذه الأخبار بأن يكون حق الخراج لهؤلاء، لا لغيرهم.

(3) أي في هذه الأخبار الخراجية بحيث تشمل المؤمن و الكافر.

بل تخص المخالف المعتقد لاستحقاقه أخذ الخراج، و قد عرفت آنفا أن المورد لا يخصص الوارد.

(4) و هي الاصول و القواعد المقررة الدالة على عدم جواز التصرف

ص: 313

و من (1) لزوم الحرج، و دعوى (2) الاطلاق في بعض الأخبار المتقدمة.

مثل قوله عليه السلام في صحيحة الحلبي: لا بأس بأن يتقبل الرجل الأرض و أهلها من السلطان (3).

و قوله عليه السلام في صحيحة محمد بن مسلم: كل أرض دفعها أليك

++++++++++

- في مال الغير إلا بطيب نفسه، و قد خرج من هذه الاصول و القواعد:

القدر المتيقن منها بسبب الأخبار الواردة التي اشير إليها في ص 241 إلى 263 فحينئذ يقتصر في حلية أخذ الخراج و المقاسمة على الجائر المخالف المعتقد لاستحقاقه الخراج.

(1) دليل لتعميم حلية أخذ الخراج للمخالف و المؤمن و الكافر لو قلنا به، حيث يلزم العسر و الحرج للمكلف لو لم نقل بالتعميم، لأنه يتعامل مع الجائر غير المخالف لا محالة، فإذا حصرنا الحلية بالمخالف لزم ترك التعامل مع المؤمن، لعدم وجود آخر يتعامل معه

(2) بالجر عطفا على مجرور (من الجارة) في قوله: من لزوم الحرج أي و من دعوى، هذا وجه ثان لتعميم حلية أخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات، سواء أ كان الآخذ مخالفا أم مؤمنا، حيث إن بعض الأخبار الواردة في الخراج مطلق لا تقييد فيها بالمخالف مثل صحيحة الحلبي الآتية.

(3) المصدر السابق. الجزء 13. ص 214. الباب 18. كتاب المزارعة. الحديث 3، فان قوله: لا بأس بأن يتقبل الرجل الأرض و أهلها من السلطان: مطلق لا تقييد فيه، حيث إن كلمة من (السلطان) مطلقة لا تخص شخصا معينا.

ص: 314

سلطان فعليك فيما أخرج اللّه منها الذي قاطعك عليه (1) و غير ذلك (2).

و يمكن (3) أن يرد لزوم الحرج بلزومه على كل تقدير،

++++++++++

(1) نفس المصدر. الجزء 6 ص 129. الباب 7 من أبواب زكاة الغلات. الحديث 1، فإن قوله: كل أرض دفعها أليك سلطان مطلق لا تقييد في كلمة سلطان.

(2) أي و غير هذين الخبرين من الأخبار الواردة في المقام فانها مطلقة لا تقييد فيها.

راجع نفس المصدر و نفس الباب. الأحاديث.

(3) من هنا يقصد الشيخ أن يناقش العسر و الحرج الّذي قاله في ص 314:

و من لزوم الحرج، أي و يمكن أن يرد لزوم الحرج بلزومه على كل تقدير و على أي حال، سواء عمنا السلطان الجائر إلى المخالف و المؤمن أم لا.

ببيان أنه من العيان و المشاهد أن السلطان المؤمن في العصور الماضية و حتى العصر الحاضر يأخذ الخراج و المقاسمة من كل أرض، سواء أ كانت مفتوحة عنوة أم صلحا أم كانت من الأنفال، كما كان يأخذ أيضا ضرائب اخرى: من المكوس و الجمارك، و ضريبة الدخل و العقار، و الاستيراد و الصادرات، و غير هذه حتى بلغت الضرائب في عصرنا قمتها.

و من الواضح أن المكلف مجبور بدفع تلك و هذه الى السلطان المؤمن لا محالة و لا محيص له عنها، و لا سيما في عصرنا، و مجبور أيضا بتعامله مع الحكومة بهذه النقود المدفوعة إليه، إذ لو لم يتعامل معها لتوقفت الأعمال و اختل النظام فلو خصصنا الخراج و المقاسمة و الزكوات بالسلطان الجائر المخالف للزم العسر و الحرج بعينه هنا كما يلزم هناك حسب المدعى فانه لو لم يدفع الخراج و المقاسمة و الضرائب للسلطان المؤمن فإما أن يحبس أو تتوقف أعماله التجارية، أو يقطع ماؤه و كهرباؤه، أو لايجاز في بناية -

ص: 315

لأن (1) المفروض أن السلطان المؤمن خصوصا في هذه الأزمنة يأخذ الخراج عن كل أرض و لو لم تكن خراجية، و أنهم (2) يأخذون كثيرا من وجوه الظلم المحرمة (3) منظما إلى الخراج، و ليس (4) الخراج ممتازا عندهم عن سائر ما يأخذونه ظلما من العشور، و سائر ما يظلمون به الناس كما

++++++++++

- دار، أو ترميمها و قس على ذلك فعلل و تفعلل من المشاكل الحياتية، فالعسر و الحرج لازمان لا محالة.

(1) تعليل للزوم العسر و الحرج لا محالة و على كل حال و كل تقدير و قد عرفت التعليل آنفا.

(2) أي السلاطين المؤمنون كانوا يأخذون الخراج و المقاسمة من الأراضي الخراجية و غيرها ظلما و عدوانا.

كما كانوا يأخذون ضرائب اخرى في كل عصر و دور.

انظر تاريخ الفاطميين و الحمدانيين و البويهيين و الحسنيين في المغرب و مراكش و تونس و العلويين في طبرستان ايران و الصفويين و اليمنيين و الزندية و الافشارية و القاجارية، و ملوك هند: تجد كثرة الضرائب و كيفية جبايتها و توزيعها على البلاد في سبيل مصالحها، و سكانها، و كانت البلاد في دورهم مزدهرة بالعمران و المزارع و الصناعات حتى قال بعض رحالة الفرنسيين في احدى رحلاته عن بعض البلدان: و هذه المدينة لو لم تفق (باريس) لم تكن أقل منها، ثم يصف المدينة بما يبهر العقول، و ان أصبحت خربة في عصرنا الحاضر.

(3) و هي ضرائب الدخل و العقار و الاستيراد و الصادرات كما عرفت آنفا في ص 315.

(4) أي تلك الضرائب كانت مختلطة مع الخراج و المقاسمة و ليست منحازة عن تلك حتى يقال: إن عدم التعامل معهم لا يلزم العسر و الحرج.

ص: 316

لا يخفى على من لاحظ سيرة عمالهم فلا بد إما من الحكم بحل ذلك كله لدفع الحرج.

و إما من الحكم بكون ما في يد السلطان، و عماله من الأموال (1) المجهولة المالك.

و أما الاطلاقات (2) فهي (3) مضافا إلى امكان دعوى انصرافها (4) إلى الغالب كما في المسالك: مسوقة (5) لبيان حكم آخر كجواز ادخال أهل

++++++++++

(1) الجار و المجرور منصوب محلا خبر لكان في قوله: بكون ما.

(2) دفع وهم.

حاصل الوهم: أن كلمة السلطان الواردة في صحيحة الحلبي المشار إليها في ص 314.

و كلمة سلطان الواردة في صحيحة محمد بن مسلم المشار إليها في ص 314 مطلقة تشمل السلطان المخالف و الموافق، فعليه يجوز دفع الخراج و المقاسمة و الزكوات إلى أي سلطان كان: مؤمنا أو مخالفا.

(3) من هنا يروم الشيخ في الجواب عن الوهم المذكور.

و قد أجاب بجوابين نذكرهما تحت رقمهما الخاص.

(4) هذا هو الجواب الأول و خلاصته أن الاطلاق المذكور منصرف إلى الغالب و الغالب هو السلطان المخالف فعليه لا يبقى إطلاق حتى يشمل الموافق، إذ الإطلاق إنما يصح لو لم يكن هناك انصراف.

(5) هذا هو الجواب الثاني و خلاصته: أن الاطلاقات المذكورة إنما سيقت لبيان حكم آخر غير جواز اعطاء الخراج و المقاسمة و الزكوات إلى السلطان.

و الحكم الآخر هو جواز إدخال أهل الأرض الخراجية في تقبل الأرض: بأن يشتري شخص جزية أهالي الأرض الذين هم من أهل الجزية

ص: 317

الأرض الخراجية في تقبل الأرض في صحيحة الحلبي، لدفع توهم حرمة ذلك (1) كما يظهر (2) من أخبار اخرى.

و كجواز (3) أخذ أكثر مما تقبل به الأرض من السلطان في رواية

++++++++++

من السلطان بمبلغ معين بالإضافة إلى شراء الخراج منه كما في صحيحة الحلبي الدالة على جواز هذا الشراء، و هذا الجواز لأجل دفع توهم حرمة هذا الشراء.

ففي صحيحة الحلبي بيان حكمين:

أخذ الخراج عن الأرض، و أخذ الجزية عن الرءوس.

(1) أي حرمة أخذ الجزية عن الرءوس كما عرفت آنفا.

(2) أي يظهر توهم حرمة أخذ الجزية عن الرءوس من أحاديث اخرى.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 13. ص 214. الباب 18 من كتاب المزارعة و المساقاة. الحديث 5.

إليك نص الحديث:

عن أبي الربيع الشامي عن (أبي عبد اللّه) عليه السلام قال: سألته عن أرض يريد رجل أن يتقبلها فأي وجوه القبالة أحل ؟

قال: يتقبل الأرض من أربابها بشيء معلوم إلى سنين مسماة فيعمر و يؤد الخراج، فإن كان فيه علوج فلا يدخل العلوج في قبالته، فإن ذلك لا يحل، فجملة: (فإن ذلك لا يحل) تدل على توهم حرمة أخذ الجزية.

(3) هذا فرد ثان لبيان حكم آخر أي و يمكن أن تكون الاطلاقات المذكورة لجواز أخذ الزيادة عما أخذه المكلف من السلطان الجائر: بأن يبيع ما اشتراه منه بألف دينار بألفي دينار مثلا

ص: 318

الفيض بن المختار (1)، و كغير ذلك: من أحكام قبالة الأرض و استيجارها فيما عداها من الروايات (2).

و الحاصل: أن الاستدلال بهذه الأخبار (3) على عدم الباس بأخذ أموالهم، مع اعترافهم (4) بعدم الاستحقاق مشكل.

و مما يدل على عدم شمول كلمات الأصحاب (5): أن عنوان المسألة (6) في كلامهم: ما يأخذه الجائر لشبهة المقاسمة، أو الزكاة كما في المنتهى، أو باسم الخراج و المقاسمة كما في غيره (7)

و ما يأخذه الجائر المؤمن ليس لشبهة الخراج و المقاسمة، لأن المراد بشبهتهما شبهة استحقاقهما الحاصلة في مذهب العامة (8).

++++++++++

(1) نفس المصدر. ص 208. الحديث 3. الباب 15.

(2) نفس المصدر. ص 208. الحديث 1-2. الباب 15.

(3) و هي صحيحة الحلبي في ص 259، و رواية الفيض بن المختار في ص 261 و الروايات المشار إليها في ص 262-263.

(4) أي مع اعتراف الفقهاء بعدم استحقاق السلطان الجائر المؤمن للخراج و المقاسمة و الزكوات، و سائر الضرائب.

(5) أي للسلطان الجائر الموافق.

(6) و هي مسألة حلية أخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(7) أي في غير المنتهى من الكتب الفقهية.

و لا يخفى أن الجائر المؤمن يأخذ باسم الخراج و المقاسمة و الزكوات فلا تدل كلمات الأصحاب على عدم شمول الأخبار المذكورة الجائر المؤمن فانحصر عدم شمول كلمات الأصحاب بعبارة المنتهى في قوله: لشبهة المقاسمة

(8) حيث إن (علماء اخواننا السنة) يقولون باستحقاق أخذ السلطان لهذه الضرائب و الخراج و المقاسمة و الزكوات.

ص: 319

نظير شبهة تملك سائر ما يأخذون مما لا يستحقون (1)، لأن مذهب الشيعة أن الولاية في الأراضي الخراجية إنما هي للامام، أو نائبه الخاص أو العام (2).

فما يأخذه الجائر المعتقد لذلك (3) إنما هو شيء يظلم به في اعتقاده معترفا بعدم براءة ذمة زارع الأرض من اجرتها (4) شرعا.

نظير ما يأخذه من الأملاك الخاصة (5) التي لا خراج عليها أصلا.

و لو فرض حصول شبهة الاستحقاق لبعض سلاطين الشيعة من بعض الوجوه (6) لم يدخل ذلك في عناوين الأصحاب قطعا، لأن مرادهم من الشبهة الشبهة من حيث المذهب التي أمضاها الشارع للشيعة، لا الشبهة في نظر شخص خاص، لأن الشبهة الخاصة إن كانت عن سبب صحيح كاجتهاد، أو تقليد فلا اشكال في حليته (7) له، و استحقاقه للاخذ بالنسبة إليه، و إلا (8) كانت باطلة غير نافذة في حق أحد.

++++++++++

(1) كالضرائب التي ليست خراجا و لا مقاسمة.

(2) و هو الفقيه الجامع للشرائط.

(3) أي يعتقد أن هذه الأراضي للامام عليه السلام إذا كان حاضرا و لنائبه العام إذا كان غائبا فما يأخذه ظلم و جور.

(4) المراد من الاجرة الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(5) من الدور و الأراضي الخاصة و المحلات و البنايات.

(6) بأن حصلت له شبهة استحقاق هذه الزكوات و الضرائب و الخراج اجتهادا، أو تقليدا.

(7) أي في حلية هذا الخراج لهذا الشخص الخاص الذي حصلت له شبهة الحلية بسبب الاجتهاد، أو التقليد.

(8) أي و إن لم تحصل لهذا الشخص سبب صحيح لشبهته مثل الاجتهاد

ص: 320

و الحاصل أن آخذ الخراج و المقاسمة لشبهة الاستحقاق في كلام الأصحاب ليس إلا الجائر المخالف.

و مما يؤيده (1) أيضا عطف الزكاة عليها، مع أن الجائر الموافق لا يرى لنفسه ولاية جباية الصدقات.

و كيف كان (2) فالذي اتخبل أنه كلما ازداد المنصف المتأمل في كلماتهم يزداد له هذا المعنى (3) وضوحا.

فما أطنب به بعض في دعوى عموم النص (4)، و كلمات الأصحاب مما لا ينبغي أن يغتر به.

و لأجل ما ذكرنا (5)، و غيره (6) فسر صاحب إيضاح النافع

++++++++++

- أو التقليد فشبهته باطلة غير نافذة في حق أحد

(1) أي و يؤيد مراد الأصحاب: من أن آخذ الخراج و المقاسمة هو السلطان الجائر المخالف لا غير: عطف الفقهاء الزكاة على الخراج و المقاسمة، لأن من مذهب الشيعة عدم جواز أخذ السلطان الزكوات و ما كان سلاطينهم يأخذونها، فالعطف هذا أقوى دليل على اختصاص الخراج و المقاسمة بالسلطان المخالف.

(2) أي سواء قلنا باختصاص الخراج و المقاسمة و الزكوات بالمخالف أم قلنا بالتعميم و شمول الجواز للسلطان الشيعي.

(3) و هو اختصاص الخراج و المقاسمة و الزكوات بالمخالف.

(4) و هي الأخبار المتقدمة في ص 245-263 الواردة في الخراج و المقاسمة فقد ادعى هذا البعض بأن هذه الأخبار تعم حتى السلطان الشيعي.

(5) و هي الأخبار المتقدمة في ص 245-263 الدالة على اختصاص الخراج بالمخالف.

(6) و هي الأخبار التي ذكرت في باب الخراج و المقاسمة و لم يذكرها

ص: 321

الجائر الواقع في عبارة النافع بالمخالف.

فالقول (1) بالاختصاص كما استظهره في المسالك و جزم به في إيضاح النافع، و جعله الأصح في الرياض لا يخلو عن قوة.

فينبغي (2) في الأراضي التي بيد الجائر الموافق في المعاملة على عينها أو على ما يؤخذ عليها مراجعة الحاكم الشرعي.

و لو فرض (3) ظهور سلطان مخالف لا يرى نفسه مستحقا لجباية

++++++++++

الشيخ هنا و ذكرنا مصادرها نحن ظاهرة في اختصاص الخراج بالمخالف.

(1) الفاء تفريع على ما ذكره من قوله: و كيف كان فالذي أتخيل أي فعلى ما أتخيله فالقول باختصاص أخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات بالجائر المخالف كما جعل (صاحب الرياض) هذا القول أصح.

(2) الفاء تفريع على الاختصاص المذكور أي فعلى ضوء ما ذكر: من اختصاص الخراج و المقاسمة و الزكوات بالجائر المخالف فلو استأجر رجل شيعي إمامي الأراضي الخراجية التي بيد السلطان الجائر الموافق.

أو اشترى غلاتها منه: فعليه أن يستأذن الحاكم الشرعي الامامي في هذه الاجارة و الشراء.

(3) هذا الفرض كما أفاده الشيخ، أو الفرع المتولد من الاختصاص المذكور كما نقوله نحن تفريع على ما أفاده الشيخ من اختصاص الخراج و المقاسمة و الزكوات بالسلطان الجائر المخالف.

و خلاصته: أنه لو وجد سلطان جائر مخالف لا يرى لنفسه استحقاق أخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات طبقا لمذهبه، ثم أخذ المذكورات، و بقية الضرائب المجعولة على غير الأراضي الخراجية طبقا للمقرر الحكومي من غير زيادة و نقيصة: يكون أخذه منصرفا عن تلك الأخبار الواردة في جواز أخذ السلطان الجائر الخراج و المقاسمة و الزكوات، لعدم وجود ملاك الجواز -

ص: 322

تلك الوجوه و إنما أخذ (1) ما يأخذ نظير ما يأخذه على غير الأراضي الخراجية من الأملاك الخاصة فهو (2) أيضا غير داخل في منصرف الأخبار و لا في كلمات الأصحاب فحكمه (3) حكم السلطان الموافق.

و أما السلطان الكافر فلم أجد فيه نصا.

++++++++++

- فيه: و هو اعتقاد السلطان الجائر المخالف استحقاقه لتلك الزكوات و الخراج و المقاسمة.

فلو دفع الخراج و الزكوات و المقاسمة إلى هذا السلطان فلا بد أن يكون الدفع بإجازة من الحاكم الشرعي الشيعي.

(1) أي السلطان المخالف الذي لا يرى نفسه مستحقا للخراج كما عرفت آنفا و ما يأخذ عبارة عن بقية الضرائب المقررة على الأملاك الشخصية و غيرها مما تجعله الدولة ضريبة عليه كما عرفت آنفا.

(2) أي مثل هذا السلطان المخالف الذي لا يرى نفسه مستحقا للخراج و الزكوات و المقاسمة و مع ذلك يأخذها، و يأخذ بقية الضرائب: لا يدخل تحت تلك الأخبار الواردة في الخراج و المقاسمة في ص 245-263 و اختصاصهما به

(3) الفاء نتيجة ذاك الفرض، أو الفرع حسب تعبيرنا.

و خلاصة النتيجة أنه على الفرض المذكور فلو دفع شخص الخراج و المقاسمة و الزكوات لهذا السلطان الذي لا يرى لنفسه استحقاقها فلا بد له من أخذ الإجازة من الحاكم الشرعي الامامي.

و كذا لو اشتراها منه، أو استأجر الأراضي الخراجية منه فلا بد من الإجازة، فحكم هذا السلطان حكم السلطان الجائر الشيعي في أن الدافع لا بدّ له من أخذ الإجازة من الحاكم الشرعي الإمامي، لعدم وجود ملاك جواز الأخذ في هذا السلطان أيضا كما عرفت في الهامش 3 ص 223 عند قولنا:

لعدم وجود ملاك جواز الأخذ فيه.

ص: 323

و ينبغي لمن تمسك بإطلاق النص و الفتوى التزام دخوله (1) فيهما.

لكن الإنصاف انصرافهما (2) إلى غيره.

مضافا (3) إلى ما تقدم في السلطان الموافق: من (4) اعتبار كون الأخذ بشبهة الاستحقاق.

و قد تمسك في ذلك (5) بعض بنفي السبيل للكافر على المؤمن

++++++++++

(1) أي دخول الكافر في اطلاق النص و الفتوى الواردين في الخراج و المقاسمة و الزكوات فيقال بجواز الدفع إليه.

(2) أي انصراف النص و الفتوى الواردين في الخراج و المقاسمة إلى غير السلطان الكافر: و هو السلطان المخالف و المؤمن.

و أما هو فخارج عنهما فلا يجوز دفع الخراج و المقاسمة و الزكوات إليه.

و مرجع الضمير في غيره الكافر كما عرفت.

(3) أي بالإضافة إلى أن النص و الفتوى لا ينصرفان إلى السلطان الكافر لنا دليل آخر على ذلك: و هو الملاك الذي اعتبرناه في السلطان الجائر المخالف: من أن أخذه الخراج و المقاسمة و الزكوات إنما كان لأجل شبهة الاستحقاق في حقه.

و من الواضح عدم مجيء هذه الشبهة و تصورها في حق الكافر، و بهذا الملاك قلنا بعدم جواز دفع الخراج إلى السلطان الموافق، و أنه لا بدّ للدافع إلى الموافق من أخذ الإجازة من الحاكم الشرعي الشيعي.

(4) كلمة من بيان لما تقدم أي ما تقدم عبارة عن هذا.

و قد عرفته آنفا في ص 223 عند قولنا: و هو اعتقاد السلطان.

(5) أي في شبهة الاستحقاق و أنها لا تجري في حق الكافر.

خلاصة استدلال البعض في هذا المقام أن إعطاء الخراج و المقاسمة و الزكوات للسلطان الكافر لازمه تسلط الكافر على المسلم و اعتلاؤه عليه

ص: 324

فتأمل (1).

الخامس: الظاهر أنه لا يعتبر في حل الخراج المأخوذ أن يكون المأخوذ منه ممن يعتقد استحقاق الآخذ للأخذ

(الخامس) (2): الظاهر أنه لا يعتبر في حل الخراج المأخوذ أن يكون المأخوذ منه (3) ممن يعتقد استحقاق الآخذ (4) للأخذ، فلا فرق حينئذ (5) بين المؤمن و المخالف و الكافر، لاطلاق (6) بعض الأخبار

++++++++++

- عند ما يقدمه له، أو لجباته و هذا الاعتلاء منفي بقوله تعالى:

وَ لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (1) .

(1) لعل وجه التأمل: أن السبيل للكافر على المؤمنين و اعتلاءه عليهم إنما يلزم لو قلنا بولايته على التصرف، لكنا لا نعترف بذلك.

بل غاية ما نقوله في حق الوالي الكافر: أن تصرفاته ممضاة و هذا المقدار لا يلزم سبيلا و اعتلاء للكافر على المسلم حتى يقال: إنه منفي بالآية الكريمة، لعدم ثبوت ولاية له حتى يتمسك بها.

(2) أي من الامور التي ذكرها الشيخ بقوله في ص 364: و ينبغي التنبيه على امور.

(3) و هو صاحب الأرض الزراعية الذي يدفع الزكوات و الخراج و المقاسمة إلى السلطان.

(4) و هو السلطان الجائر المخالف.

(5) أي حين أن قلنا بعدم اعتبار اعتقاد دافع الخراج و المقاسمة استحقاق السلطان للخراج.

(6) تعليل لعدم اعتبار اعتقاد الدافع استحقاق الآخذ أخذ الخراج.

و خلاصة التعليل: أن لفظة الرجل الواقعة في صحيحة الحلبي المشار إليها في ص 259 في قول الامام عليه السلام: لا بأس بأن يتقبل الرجل الأرض و أهلها مطلقة لا فرق فيها بين كون الرجل المتقبل الذي يدفع -

ص: 325


1- النساء: الآية 14.

المتقدمة، و اختصاص بعضها الآخر بالمؤمن كما في روايتي الحذاء (1) و اسحاق (2) بن عمار، و بعض روايات قبالة الأراضي الخراجية (3).

و لم يستبعد بعض (4) اختصاص الحكم (5) بالمأخوذ من معتقد استحقاق الآخذ، مع اعترافه: بأن ظاهر الأصحاب التعميم (6).

و كأنه (7) أدخل هذه المسألة: يعني مسألة حل الخراج و المقاسمة في القاعدة المعروفة:

من (8) الزام الناس بما ألزموا به أنفسهم، و وجوب المضي معهم في أحكامهم (9) على ما يشهد به تشبيه بعضهم ما نحن فيه باستيفاء الدين

++++++++++

- الخراج إلى السلطان في قبال هذا التقبل مؤمنا أو مخالفا أو كافرا.

(1) المشار إليها في ص 245 فإن كلمة نا في قول السائل: يجيئنا القاسم يدل على كون معطي الخراج مؤمنا.

(2) المشار إليها في ص 253.

(3) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 13. ص 213. الباب 18.

الأحاديث.

(4) و هو (الفاضل القطيفي) في رسالته الخراجية.

(5) و هي حلية أخذ المكلف الخراج من السلطان الجائر إذا كان قد أخذه ممن يعتقد ولايته على الخراج.

(6) أي سواء اعتقد معطي الخراج ولاية الآخذ على الارض أم لا.

(7) أي كأن الفاضل القطيفي.

(8) كلمة من بيانية للقاعدة المعروفة أي القاعدة المعروفة عبارة عن الزام كل قوم بما الزموا به أنفسهم.

(9) بمعنى أن أية فرقة من فرق المسلمين التزموا بحكم من الأحكام الاسلامية يجوز لنا أن ترتب الاثر على ذلك، و إن لم يصح ذلك في مذهبنا. -

ص: 326

من الذمي من ثمن ما باعه من الخمر و الخنزير (1).

و الأقوى أن المسألة (2) أعم من ذلك و أن الممضى فيما نحن فيه (3) تصرف الجائر في تلك الأراضي مطلقا (4).

السادس: ليس للخراج قدر معين

(السادس) (5): ليس للخراج قدر معين، بل المناط فيه ما تراضى فيه السلطان، و مستعمل الأرض، لأن الخراج هي (6) اجرة الارض فيناط برضى الموجر و المستأجر.

++++++++++

- خذ لذلك مثالا:

لو طلقت المرأة عند (اخواننا السنة) بغير شاهدين عدلين يجوز لنا بعد خروج المرأة عن عدتها نكاحها، الزاما لهم بذلك و ان كانت المطلقة بغير حضور عدلين عندنا لا يجوز نكاحها.

كما أنه يجوز لنا أن نأخذ بإرث الميت لو كان من (اخواننا السنة) و كنا نحن من عصبته، إلزاما لهم بذلك.

و هكذا أهل الذمة، فإنه يجوز لنا أن نلزمهم بما ألزموا به أنفسهم.

(1) أي إذا كان الذمي الذي هو اليهودي، أو المسيحي، مدينا لمسلم فباع خمره و خنزيره جاز للدائن أن يستوفي دينه من هذا الثمن، و إن كان ثمنهما عندنا سحتا و لا يجوز استيفاء ذلك من المسلم المدين.

(2) أي مسألة حل الخراج للمكلف أعم من ذلك، أي سواء كان المعطي يعتقد استحقاق الآخذ للخراج و المقاسمة و الزكوات أم لا.

(3) و هو أخذ الخراج.

(4) أي سواء أ كان التصرف بنحو البيع أم بنحو الهبة.

(5) أي الأمر السادس من الامور التي في قول الشيخ في ص 264:

و ينبغي التنبيه على امور.

(6) تأنيث الضمير مع أن المرجع مذكر باعتبار الخبر. -

ص: 327

نعم لو استعمل أحد الارض قبل تعيين الاجرة (1) تعين عليه اجرة المثل و هي (2) مضبوطة عند أهل الخبرة.

و أما قبل العمل (3) فهو تابع لما يقع التراضي عليه.

و نسب ما ذكرناه (4) إلى ظاهر الأصحاب.

و يدل عليه (5) قول أبي الحسن عليه السلام في مرسلة حماد بن عيسى و الأرضون التي اخذت عنوة بخيل، أو ركاب فهي موقوفة متروكة في يدي من يعمرها و يحييها، و يقوم عليها على ما صالحهم الوالي على قدر طاقتهم من الحق الخراج: النصف، أو الثلث، أو الثلثين على قدر ما يكون لهم صلاحا و لا يضرهم إلى آخر الحديث (6).

++++++++++

- و قد ذكرنا هنا و في (اللمعة الدمشقية) من طبعتنا الحديثة أنه إذا دار الأمر بين المرجع و الخبر فمراعاة الخبر أولى كما في قوله تعالى: فَلَمّٰا رَأَى اَلشَّمْسَ بٰازِغَةً قٰالَ هٰذٰا رَبِّي .

و كما في قوله عز من قائل: فَذٰانِكَ بُرْهٰانٰانِ مع أن المشار إليه في الآية الاولى: الشمس، و في الآية الثانية اليد و العصى، و من الواضح أن الشمس و اليد و العصا مؤنثات مجازية.

لكن الخبر و هو ربي، و برهانان مذكران فروعي جانب الخبر.

(1) أي قبل أن يراجع السلطان اقدم على الزراعة.

(2) أي اجرة المثل معينة عند الخبراء.

(3) و هو قبل الحرث، و نثر البذر في الأرض، فإنه متوقف على التراضي مع السلطان في قدر الخراج.

(4) و هو أنه ليس للخراج قدر معين.

(5) أي على ما ذكرناه: من أنه ليس للخراج قدّر معين.

(6) (وسائل الشيعة) الجزء 11 ص 84 الباب 41 من أبواب -

ص: 328

و يستفاد منه (1) أنه إذا جعل عليهم من الخراج، أو المقاسمة ما يضر بهم لم يجز ذلك (2) كالذي يؤخذ من بعض مزارعي بعض بلادنا بحيث لا يختار الزارع الزراعة من كثرة الخراج فيجبرونه على الزراعة و حينئذ (3) ففي حرمة كل ما يؤخذ، أو المقدار الزائد على ما تضر الزيادة عليه وجهان (4).

و حكي عن بعض أنه يشترط أن لا يزيد (5) على ما كان يأخذه المتولي له (6) الامام العادل إلا برضاه

++++++++++

- جهاد العدو. الحديث 2، فإن قوله عليه السلام: و يقوم عليها على صلح ما صالحهم الوالي يدل على أنه ليس للخراج قدر معين، بل القدر بيد السلطان و مستعمل الأرض

(1) أي من حديث حماد بن عيسى.

(2) أي تراضي السلطان مع مستعمل الأرض كما في قوله عليه السلام على قدر ما يكون لهم صالحا و لا يضر بهم و في قوله عليه السلام: على قدر طاقتهم.

(3) أي و حين أن فرض الوالي على الزارع أكثر من طاقته.

(4) حرمة الكل أو حلية البعض و حرمة الزائد.

أما وجه حرمة الكل فمن حيث بطلان معاملة السلطان مع الزارع في هذه الصورة.

و أما وجه حلية البعض و هو المقدار الذي أخذه السلطان من الزارع فهو أن للسلطان أن يأخذ من الزارع ما لا يضر بحاله فهذا المقدار مما أخذه حلال، و الزائد من المقدار المقرر حرام.

(5) أي الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(6) أي المتولي للأخذ.

ص: 329

و التحقيق أن مستعمل الأرض بالزرع و الغرس إن كان مختارا في استعمالها فمقاطعة (1) الخراج و المقاسمة باختياره، و اختيار الجائر فإذا تراضيا على شيء فهو الحق قليلا كان أو كثيرا.

و إن كان لا بدّ من استعمال الأرض، لأنها كانت مزرعة له مدة سنين و يتضرر بالارتحال عن تلك القرية إلى غيرها، فالمناط ما ذكر في المرسلة (2) من (3) عدم كون المضروب عليهم مضرا: بأن لا يبقى لهم بعد اداء الخراج ما يكون بإزاء ما انفقوا على الزرع من المال، و بذلوا له من أبدانهم الأعمال.

السابع: ظاهر اطلاق الأصحاب أنه لا يشترط فيمن يصل إليه الخراج أن يكون مستحقا له

(السابع) (4): ظاهر اطلاق

++++++++++

- و لا يخفى أن ما يأخذه السلطان العادل لا يمكن أن يتمشى في كل الأعوام و السنين، حيث إنها تختلف شدة و رخاء.

نعم إذا تساوت السنين من هذه الحيثية يصح ما أفاده الشيخ قدس سره

(1) المراد من المقاطعة: هو تعيين الخراج بين الطرفين.

(2) و هي مرسلة حماد بن عيسى المارة آنفا.

(3) كلمة من بيانية لكلمة مناط في قوله: فالمناط.

(4) أي الأمر السابع من الامور التي قال الشيخ في ص 264:

و ينبغي التنبيه على امور.

المقصود من التنبيه السابع: أنه لا اشكال في جواز الشراء، و جميع المعاوضات من الجائر و معه بالنسبة إلى الخراج و المقاسمة و الزكوات و إن لم يكن المشتري و المعاوض مستحقا، لعدم اعتبار الاستحقاق في المشتري و المعاوض، و لا يعتبر كونه مصرفا للخراج و المقاسمة، لدلالة اطلاقات الأخبار الواردة في الخراج و المقاسمة على ذلك.

و قد اشير إلى هذه المطلقات في صدر العنوان في ص 245 إلى 273. -

ص: 330

الأصحاب (1) أنه لا يشترط فيمن يصل إليه الخراج، أو الزكاة من السلطان على وجه الهدية، أو يقطعه الأرض الخراجية اقطاعا أن يكون (2) مستحقا له (3)، و نسبه الكركي في رسالته (4) إلى اطلاق الأخبار (5) و الأصحاب.

و لعله أراد (6) اطلاق ما دل على حل جوائز السلطان و عماله

++++++++++

- لكن الكلام فيمن يأخذ الجوائز و الهبات من السلطان الجائر، فهل يشترط في هذا الآخذ: الاستحقاق أم لا؟

ذهب الشيخ إلى عدم اشتراط الاستحقاق في الآخذ، و أنه لا يعتبر فيه أن يكون موردا للزكاة و الخراج لو وصله من السلطان على وجه الهدية أو الهبة، أو اقطاع الأرض الخراجية، و تمسك بذلك بإطلاقات الأخبار الواردة في جواز ابتياع الخراج و المقاسمة و الزكاة، و بالأخبار الواردة في تقبل هدايا السلطان و جوائزه.

و هذه الأخبار كلها مطلقة ليس فيها أي إشعار يقيد الآخذ و المتقبل بالاستحقاق و أهلية الآخذ فهي آبية عن التقييد.

(1) أي في حكمهم بحلية الخراج.

(2) اسم يكون من الموصولة في قوله: فيمن يصل إليه فجملة يكون مع اسمها مرفوعة محلا نائب فاعل لقوله: لا يشترط فيمن يصل إليه.

(3) أي للخراج فعليه يجوز الأخذ و إن كان الآخذ غنيا.

(4) و هي رسالته المسماة ب: (قاطعة اللجاج في حل الخراج).

(5) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 12. ص 156. الباب 51 من أبواب ما يكتسب به. الأحاديث.

(6) أي المحقق الكركي اراد من اطلاق الأخبار، الأخبار التي أشرنا إليها في ص 166-167 الواردة في جوائز السلطان، حيث إنها أعم تدل على أن -

ص: 331

مع كونها (1) غالبا من بيت المال، و إلا (2) فما استدلوا به لأصل المسألة (3) إنما هي الأخبار الواردة في جواز ابتياع الخراج و المقاسمة و الزكاة (4)، و الواردة في حل تقبل الأرض الخراجية (5) من السلطان، و لا ريب في عدم اشتراط كون المشتري و المتقبل مستحقا لشيء من بيت المال (6) و لم يرد خبر (7) في حل ما يهبه السلطان من الخراج حتى يتمسك بإطلاقه عدا أخبار جوائز السلطان (8)، مع أن تلك الأخبار (9) واردة أيضا

++++++++++

- الجوائز التي تصل من السلطان، أو عماله جائزة الأخذ، سواء أ كانت من الزكوات، أم من الخراج، أم غيرهما، و سواء أ كان الآخذ مستحقا أم غنيا.

(1) أي مع كون الجوائز في الأغلب من بيت المال، و لا شك أن بيت المال إما من الخراج، أو المقاسمة، أو الزكوات، أو ضرائب اخرى.

(2) أي و إن لم يرد المحقق الكركي من الإطلاقات تلك الأخبار التي أشرنا إليها في ص 166-167.

(3) و هي مسألة حلية أخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات من السلطان

(4) مرت هذه الأخبار في صدر عنوان المسألة في ص 245-263.

(5) ص 261.

(6) راجع نفس الأخبار المشار إليها في صدر العنوان في ص 166-167.

(7) أي لم يرد خبر خاص مطلق في حلية هبة السلطان حتى يصح لنا التمسك بإطلاقه بأن يقال: إنه مطلق لا قيد فيه يشعر على أن الآخذ يشترط فيه الاستحقاق و أهلية أخذه للخراج.

(8) المشار إليها في ص 166-167.

(9) أي أخبار جوائز السلطان وردت في أشخاص يحتمل استحقاقهم -

ص: 332

في أشخاص خاصة فيحتمل كونهم ذوي حصص من بيت المال.

فالحكم بنفوذ تصرف الجائر على الاطلاق في الخراج من (1) حيث البذل و التفريق كنفوذ تصرفه على الإطلاق فيه (2) بالقبض و الأخذ و المعاملة عليه (3) مشكل (4)

و أما (5) قوله عليه السلام في رواية الحضرمي السابقة: ما يمنع

++++++++++

- من بيت المال.

و لا يخفى أن من جملة الأخبار الواردة في حلية جوائز السلطان رواية محمد بن مسلم المشار إليها في ص 167: فإن قوله عليه السلام فيها: جوائز السلطان ليس بها بأس.

و هذه الرواية ليس فيها اشارة إلى كون الآخذ مستحقا، أو له حق فهي ليست واردة في أشخاص خاصة.

(1) من بيانية لقوله: على الاطلاق، أي الإطلاق عبارة عن البذل و التفريق كيف شاء الجائر.

(2) أي في الخراج، و الباء في قوله: بالقبض: بيانية لكيفية تصرف الجائر على الإطلاق.

(3) أي على الخراج الذي يأخذه الجائر من أرباب الأرض و المزارع

(4) خبر للمبتدإ المتقدم في قوله: فالحكم، أي الحكم بنفوذ كلما يتصرف الجائر في الخراج مشكل.

(5) دفع وهم حاصل الوهم أنه كيف تقولون بعدم ورود رواية تدل على أن المراد من الآخذ من كان مستحقا للخراج، مع أن رواية الحضرمي المشار إليها في ص 254 تدل على أن الاستحقاق من شروط لوازم من يأخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات في قوله عليه السلام: أما علم أن لك -

ص: 333

ابن أبي سماك أن يبعث أليك بعطائك أما علم أن لك نصيبا من بيت المال ؟

فإنما (1) يدل على أن كل من له نصيب في بيت المال يجوز له الأخذ، لا أن كل من لا نصيب له لا يجوز أخذه (2).

و كذا (3) تعليل العلامة رحمه اللّه فيما تقدم من دليله: بأن الخراج حق للّه أخذه غير مستحقه، فان هذا (4) لا ينافي امضاء الشارع لبذل الجائر اياه (5) كيف شاء.

كما أن للامام عليه السلام أن يتصرف في بيت المال كيف شاء.

فالاستشهاد بالتعليل المذكور في الرواية المذكورة (6)، و بالمذكور في كلام العلامة (7) رحمه اللّه على اعتبار استحقاق الآخذ لشيء من بيت المال

++++++++++

- نصيبا من بيت المال، فإن من له نصيب من بيت المال لا بدّ أن يكون مستحقا له.

(1) جواب عن الوهم المذكور و قد ذكر في المتن.

(2) أي أخذ ما في بيت المال.

(3) أي و كذا تعليل العلامة فيما تقدم في ص 305 لا يدل على أن الاستحقاق شرط فيمن يأخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات.

و قد ذكر التعليل الشيخ بقوله: بأن الخراج حق اللّه.

(4) أي دليل العلامة بأن الخراج حق للّه اخذه غير مستحقه.

(5) أي الخراج و المقاسمة و الزكوات يبذله الجائر كيف شاء و لمن اعطاه.

(6) و هي رواية الحضرمي، في قوله عليه السلام في ص 256: أما علم أن لك نصيبا من بيت المال.

(7) أي و في التعليل المذكور في كلام العلامة بقوله في ص 305:

بأن الخراج حق للّه أخذه غير مستحقه.

ص: 334

كما في الرسالة الخراجية (1)، محل نظر (2).

ثم أشكل (3) من ذلك تحليل الزكاة المأخوذة منه لكل أحد (4) كما هو (5) ظاهر اطلاقهم القول بحل اتهاب ما يؤخذ باسم الزكاة.

و في المسالك أنه يشترط أن يكون صرفه لها (6) على وجهه المعتبر

++++++++++

(1) (للمحقق الكركي)، حيث استشهد فيها أنه لا بد من الاستحقاق لآخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(2) خبر للمبتدإ المتقدم و هو قوله: فالاستشهاد.

وجه النظر هو عدم وجود خبر خاص يكون مطلقا يدل على المقصود في قوله: و لم يرد خبر في حل.

(3) بصيغة أفعل التفضيل مبتدأ خبره قوله: تحليل الزكاة.

و مرجع الضمير في منه: السلطان الجائر.

و المعنى: أن الأشكل من القول الأول القائل باشتراط الاستحقاق فيمن يأخذ الخراج و المقاسمة و الزكوات: القول بحلية أخذ الزكوات و الخراج و المقاسمة لكل أحد، سواء أ كان مستحقا أم لا، فصاحب هذا القول أفرط في الجواز فأوسع دائرته.

كما أن القول الأول فرّط في الجواز فضيق دائرته فخصه بالمستحق فبين مفرط و مفرّط.

(4) أي سواء أ كان الآخذ مستحقا أم لا كما عرفت آنفا.

(5) أي حلية أخذ الزكوات لكل أحد: ظاهر اطلاق أقوال العلماء في حكمهم بحلية اتهاب ما يؤخذ من الزكوات.

فمن اطلاق هذا الحكم نستكشف جواز الاخذ لكل أحد.

(6) مرجع الضمير: الزكوات، و في له: آخذ الزكاة و هو السلطان الجائر. -

ص: 335

بحيث لا يعد عندهم عاصيا، إذ يمتنع (1) الأخذ منه عندهم أيضا.

ثم قال (2): و يحتمل الجواز مطلقا (3)، نظرا إلى اطلاق النص و الفتوى (4).

قال (5): و يجيء مثله في الخراج و المقاسمة، فإن مصرفهما (6)

++++++++++

- و في عندهم: (علماء اخواننا السنة) أي و يشترط في جواز أخذ الزكوات من السلطان الجائر أن تكون كيفية صرف الآخذ للزكوات مطابقة للاصول المعتبرة عند علمائهم و مذهبهم في خصوص الزكوات، بحيث لا يكون صرفه لها مخالفا لمذهبهم، فلو خالف مذهبهم في كيفية الصرف للزكوات لا يجوز أخذ الزكوات منه، لانه يعد عاصيا عندهم حسب اصول مذهبهم.

(1) أي أو يكون السلطان الجائر من الذين لا يجوز أخذ الزكوات منه حتى عند علمائهم بأن كان فاسقا فحينئذ لا يجوز أخذ الزكوات ممن هذه صفته.

(2) أي (الشهيد الثاني) في المسالك.

(3) أي سواء عد عندهم عاصيا أم لا، و سواء أ كان يمتنع الأخذ منه حتى عند علمائهم أم لا.

(4) أي اطلاق النصوص المشار إليها في ص 245-263، و اطلاق الفتوى عندنا.

(5) أي (الشهيد الثاني) قال في المسالك: و يجيء مثل ما قلناه في الزكوات من أنه يشترط في صحة أخذها أن لا تكون كيفية صرفه لها مخالفة للاصول المقررة في مذهبهم، أو لا يكون السلطان يمتنع الأخذ منه حسب مذهبهم: في الخراج و المقاسمة، من دون فرق بين الزكوات و بينهما

(6) تعليل لكون الخراج و المقاسمة مثل الزكوات في الاشتراط -

ص: 336

بيت المال و له (1) أرباب مخصوصون عندهم أيضا انتهى (2).

الثامن: أن كون الأرض خراجية: بحيث يتعلق بما يؤخذ منها ما تقدم من أحكام الخراج و المقاسمة يتوقف على امور ثلاثة.
اشارة

(الثامن) (3): أن كون الأرض خراجية: بحيث يتعلق بما يؤخذ منها ما تقدم من أحكام الخراج و المقاسمة يتوقف على امور ثلاثة.

الأول: كونها مفتوحة عنوة، أو صلحا على أن تكون الأرض للمسلمين

(الأول): كونها (4) مفتوحة عنوة، أو صلحا على أن تكون الأرض للمسلمين إذ ما عداهما (5) من الأرضين لا خراج عليها.

نعم لو قلنا بأن حكم ما يأخذه الجائر من الأنفال حكم ما يأخذه من أرض الخراج دخل ما يثبت كونه من الأنفال في حكمها (6).

فنقول (7): يثبت الفتح عنوة بالشياع (8) الموجب للعلم، و بشهادة (9)

++++++++++

- المذكور، أي لأن مصرف الخراج و المقاسمة بيت المال، كما أن مصرف الزكوات بيت المال.

(1) أي و لبيت المال عند (علماء اخواننا السنة) أشخاص مخصوصون

(2) أي ما أفاده (الشهيد الثاني) في هذا المقام.

(3) أي من الامور التي أشار إليها الشيخ بقوله في ص 264: و ينبغي التنبيه على امور.

(4) أي الأرض تكون من الأراضي الخراجية.

(5) أي ما عدا الأرض المفتوحة عنوة، أو صلحا من بقية الأراضي لا خراج عليها، لكونها من الأنفال، و الأنفال للامام عليه السلام.

(6) أي في حكم الأرض المفتوحة صلحا، أو عنوة في وجوب الخراج عليها.

(7) من هنا يروم الشيخ أن يثبت طرقا للفتح عنوة فحصرها في ثلاثة ثم أخذ في عدها.

(8) هذه هي الطريقة الاولى

(9) هذه هي الطريقة الثانية.

ص: 337

عدلين، و بالشياع (1) المفيد للظن المتاخم للعلم، بناء على كفايته (2) في كل ما يعسر اقامة البينة عليه كالنسب (3) و الوقف، و الملك المطلق (4)

و أما ثبوتها (5) بغير ذلك: من الامارات الظنية حتى بقول من يوثق به: من المؤرخين فمحل اشكال، لأن الأصل (6) عدم الفتح عنوة، و عدم (7) تملك المسلمين.

نعم الأصل عدم تملك غيرهم (8) أيضا،

++++++++++

(1) هذه هي الطريقة الثالثة.

(2) أي كفاية الشياع المفيد للظن المتاخم للعلم.

(3) بأن يقال: هذا ابن فلان، أو منسوب إلى هاشم، أو أنه علوي.

(4) المراد منه عدم شبهة الوقفية في الأرض أصلا و أبدا و إن لم يكن المالك معلوما.

(5) أي ثبوت المفتوحة عنوة بغير ما ذكر: من الشياع المفيد للعلم.

و شهادة عدلين، و الشياع المفيد للظن المتاخم للعلم.

(6) الظاهر أن المراد من الأصل هنا الأصل العدمي.

(7) بالرفع عطفا على خبر إن في قوله: لأن الأصل عدم الفتح أي و لأن الأصل العدمي أيضا هو عدم تملك المسلمين لهذه الأراضي، لأنها إن فتحت عنوة فهي للمسلمين.

و إن لم تفتح فهي للامام عليه السلام.

ثم لا يخفى أنه بعد اجراء الأصل العدمي في الفتح عنوة لا مجال لإجراء الأصل العدمي في عدم تملك المسلمين لتلك الأراضي.

(8) أي الأصل عدم تملك غير المسلمين و هو الإمام عليه السلام لهذه الأراضي أيضا، لأن الأرض إما مفتوحة عنوة فهي للمسلمين، و إما غير -

ص: 338

فإن فرض (1) دخولها بذلك في الأنفال و ألحقناها بأرض الخراج في الحكم فهو، و إلا (2) فمقتضى القاعدة حرمة تناول ما يؤخذ من زراعها قهرا.

و أما الزراع فيجب عليهم مراجعة حاكم الشرع فيعمل فيها (3) معهم على طبق ما تقتضيه القواعد (4) عنده: من كونه مال الامام عليه السلام أو مجهول المالك، أو غير ذلك.

و المعروف بين الامامية بلا خلاف ظاهر: أن أرض العراق فتحت

++++++++++

- مفتوحة فهي للامام عليه السلام.

و المفروض عدم ثبوت هذا و ذاك.

(1) أي إن فرض دخول هذه الأراضي التي يؤخذ منها الخراج و المقاسمة و الزكوات: في الأنفال بسبب الأصل العدمي، و بسبب أن الأصل عدم تملك المسلمين لهذه الأراضي، و ألحقنا الأنفال بالأراضي الخراجية في الحكم الذي هو وجوب دفع الخراج إلى السلطان الجائر: فهو المطلوب فيحل حينئذ أخذ الجوائز و الخراج من السلطان، و من الأراضي الخراجية.

(2) أي و إن لم تدخل هذه الأراضي في الأنفال بسبب الأصلين المذكورين فمقتضى القواعد الثابتة، و الاصول المقررة الفقهية التي هي حرمة التصرف في مال الغير إلا بطيب نفسه: حرمة تناول ما يؤخذ قهرا من الزراع فلا يجوز للمكلف أخذ الجوائز و الهدايا من السلطان الجائر.

و كذا لا يجوز للبائع أخذ ثمن مبيعه من هذا الخراج.

و كذا لا يجوز للمستأجر أخذ بدل ايجاره من هذا الخراج و المقاسمة و الزكوات.

(3) أي في هذه الأراضي التي لم يثبت أنها فتحت عنوة.

(4) و هي القواعد الفقهية التي منها قاعدة حرمة تناول ما يؤخذ قهرا من الزارع.

ص: 339

عنوة، و حكي ذلك (1) عن التواريخ المعتبرة.

و حكي عن بعض العامة أنها فتحت صلحا.

و ما دل على كونها (2) ملكا للمسلمين يحتمل الأمرين (3).

ففي صحيحة الحلبي أنه سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن أرض السواد (4) ما منزلته ؟

++++++++++

(1) أي و حكي فتح أراضي العراق عنوة عن التواريخ المعتبرة.

و إنما استشهد بالتواريخ المعتبرة تأييدا لنقل الاتفاق المذكور على أن أراضي العراق فتحت عنوة، و لو لا التأييد لكان يتوجه إلى (شيخنا الأنصاري) سؤال فما عدا عما بدى ؟

حيث إنه أفاد بعدم ثبوت العنوة في الأراضي المجهولة بقول المؤرخين في قوله في ص 338: و أما ثبوتها بغير ذلك من الإمارات الظنية حتى قول من يوثق به من المؤرخين فمحل اشكال.

(2) أي أراضي العراق.

(3) و هما: الفتح عنوة، أو الفتح صلحا بشرط كون الأرض ملكا للمسلمين.

(4) المراد من السواد: (أراضي العراق)، و إنما اطلق عليها (السواد) لكثرة نخيلها و مزارعها و أشجارها حتى قيل: لم توجد في عصر (العباسيين) أرض في العراق فارغة من الزراعة.

و بالغ بعض و إن كان ليس ببعيد: أن من الكوفة إلى البصرة كانت الأراضي قطعة واحدة من الأشجار و المزارع و الخضرة.

و كذلك منها إلى (بغداد) و الخضرة تشبه السواد، و العرب تسمي كل أرض كثيرة الأشجار و المزارع ب: (السواد).

ص: 340

فقال: هو لجميع المسلمين لمن اليوم مسلم، و لمن يدخل في الإسلام بعد اليوم، و لمن لم يخلق بعد (1).

و رواية أبي الربيع الشامي: لا تشتر من أرض السواد شيئا إلا من كانت له ذمة، فإنما هي فيء للمسلمين (2).

و قريب منها صحيحة ابن الحجاج (3).

و أما غير هذه الأرض (4) مما ذكر، و اشتهر فتحها عنوة فإن اخبر به عدلان يحتمل حصول العلم لهما من السماع، أو الظن المتاخم من (5) الشياع اخذ به على تأمل في الأخير (6)

++++++++++

(1) (وسائل الشيعة) الجزء 12. ص 274. الباب 21 من أبواب ما يكتسب به من كتاب التجارة. الحديث 4.

(2) المصدر نفسه الحديث 5.

و المراد من كلمة ذمة في قوله: إلا من كانت له ذمة: أهل الكتاب الذين النزموا بشرائط الذمة عند دخول المسلمين أراضيهم، و المعاهدة معهم.

(3) المصدر نفسه. ص 161. الباب 52. الحديث 1.

(4) أي غير أرض (العراق) من بقية البلاد التي ذكروا أنها فتحت عنوة.

(5) كلمة (من) هنا نشرية أي يكون منشأ هذا الظن من الشياع بين المسلمين.

(6) و هو الظن الحاصل من الشياع: فإنه لا يفيد في المقام، بل لا بدّ من حصول العلم من الشياع.

و لا يخفى أن الظن المتاخم من الشياع هو الظن القريب من العلم فلا فرق فيهما عرفا، فعليه لا وجه لإخراجه من العلم. -

ص: 341

كما في العدل الواحد (1)، و إلا (2) فقد عرفت الاشكال في الاعتماد على مطلق الظن (3).

و أما العمل بقول المؤرخين، بناء على أن قولهم في المقام (4) نظير قول اللغوي في اللغة، و قول الطبيب، و شبههما فدون اثباته خرط القتاد (5)

++++++++++

- و قد ذكر هذا المعنى (شيخنا الأنصاري) قريبا بقوله في ص 338:

و بالشياع المفيد للظن المتاخم للعلم.

(1) أي الاكتفاء بقول العدل الواحد في الموضوعات الخارجية لا يخلو من اشكال.

(2) أي و إن لم يخبر عدلان أن الأراضي العراقية فتحت عنوة.

(3) و من جملة مطلق الظنون قول المؤرخين الثقات فحينئذ يجوز الاعتماد عليهم.

(4) و هو أن أراضي العراق، و غيرها فتحت عنوة فيكون قولهم في ذلك حجة كحجية قول اللغويين في وضع الألفاظ.

(5) هذا مثل سائر يضرب لكل أمر مشكل صعب مستصعب، إذ كلمة (خرط) موضوعة لغة لجذب الورق من الشجر بباطن كف اليد من طرف الغصن إلى الطرف الآخر.

يقال: خرط الورق أي انتزعه من الغصن اجتذابا بكفه.

(و القتاد) شجر صلب له شوك كالإبرة.

و معنى المثال أن أخذ الشوك بباطن الكف من فوق الشجر إلى أسفله صعب و مشكل، حيث إن الشوك يدخل في الكف فيدميها و يجرحها، و مع ذلك كله تكون هذه العملية أهون و أسهل من اثبات كون أراضي العراق مفتوحة عنوة، فيقال: فدون اثباته (خرط القتاد).

و كذا كل أمر مشكل صعب جدا يقال في حقه: فدونه خرط القتاد -

ص: 342

و أشكل منه (1) اثبات ذلك باستمرار السيرة على أخذ الخراج من أرض، لأن (2) ذلك إما من (3) جهة ما قيل: من كشف السيرة عن ثبوت ذلك (4) من الصدر الأول من غير نكير، إذ لو كان شيئا حادثا لنقل في كتب التواريخ، لاعتناء أربابها بالمبتدعات و الحوادث (5)

++++++++++

- أي خرط القتاد أهون من هذا الموضوع.

(1) أي و أشكل و أصعب من اثبات الفتح عنوة بقول المؤرخين الثقات اثباته بالسيرة المستمرة على أخذ الخراج من عصرنا هذا إلى بداية العصر الاسلامي.

(2) تعليل لوجه الأشكلية و الأصعبية.

و خلاصة التعليل: أن منشأ هذا الاستمرار المدعى أحد الشيئين على سبيل منع الخلو:

(3) هذا هو المنشأ الأول أي السبب الأول للاستمرار المذكور هو كشف سيرة المسلمين من زماننا هذا إلى بداية العصر الاسلامي: من أخذ سلاطين المسلمين الخراج من الزراع من غير أن ينكر هذا الاخذ و الاستمرار أحد من المسلمين.

و يقال لهذا الاستمرار و الثبوت: (الاستصحاب القهقرائي): بمعنى أن أخذ الخراج في زماننا من المسلمات الأولية التي لا شك فيها، ثم نشك في أخذه قبل عصرنا، و قبل عصر عصرنا إلى عصر (الأئمة من أهل البيت) عليهم الصلاة و السلام فنجري الاستصحاب المذكور في جميع هذه الأعصار و الأدوار.

(4) أي أخذ الخراج من هذه الأراضي المشكوكة.

(5) حيث إن موضوع التاريخ هو البحث و التحقيق عن الحوادث الواقعة، و السوانح الطارئة في الأدوار الماضية، و العهود السالفة في الأمم -

ص: 343

و إما (1) من جهة وجوب حمل تصرف المسلمين و هو أخذهم الخراج على الصحيح.

و يرد على الأول (2)، مع أن (3) عدم التعرض يحتمل كونه لأجل عدم اطلاعهم الذي لا يدل على العدم: أن (4) هذه الامارات ليست

++++++++++

- الغابرة، و تسجيل كل ما يقع في العالم

فلو كان أخذ الخراج أمرا حادثا و لم يكن في الصدر الأول لسجله التاريخ، و اثبته الذين لهم الاهتمام البالغ بتسجيل الحوادث.

(1) هذا هو المنشأ الثاني لاستمرار السيرة على أخذ الخراج.

و خلاصته: أن المسلمين بما أنهم مسلمون و متدينون بالدين و منهم السلطان الآخذ للخراج تحمل أفعالهم الصادرة منهم على الصحة، فأخذ الخراج من الزراع أحد أفعال المسلم الذي لا بدّ أن تحمل على الصحة و منشأ الحمل على الصحة هو أن الأرض المأخوذ منها الخراج مفتوحة عنوة.

(2) من هنا أخذ الشيخ في الرد على المنشأ الأول لاثبات كون بقية الأراضي مفتوحة عنوة.

و خلاصته: أن الامارات المذكورة و هي السيرة المستمرة، و حمل فعل المسلم على الصحة لا تكون أقوى من تصريحات المؤرخين الموثوقين بكون بقية الأراضي مفتوحة عنوة، حيث لا يعتنى بأقوالهم في إخباراتهم بذلك.

(3) هذا رد على ما أفاده المستدل على كون غير أراضي العراق مفتوحة عنوة: بأن أخذ الخراج لو كان أمرا حادثا و شيئا جديدا لسجله التاريخ، و لنقله لنا.

و خلاصته: أن عدم نقلهم هذا الأمر لأجل عدم اطلاعهم على ذلك و عدم علمهم به، لا لأجل أن الخراج لم يكن موجودا في العصور الماضية.

(4) جملة أن هذه الامارات مرفوعة محلا فاعل لقوله: و يرد على الأول

ص: 344

بأولى من تنصيص أهل التواريخ الذي عرفت حاله (1).

و على الثاني (2) أنه ان اريد بفعل المسلم تصرف السلطان بأخذ الخراج فلا ريب أن أخذه حرام و إن علم كون الأرض خراجية فكونها كذلك (3) لا يصحح فعله.

و دعوى (4) أن أخذه الخراج من أرض الخراج أقل فسادا من أخذه من غيرها (5) توهم (6)، لأن مناط الحرمة في المقامين واحد و هو أخذ مال الغير من غير استحقاق.

++++++++++

(1) أي حال أهل التواريخ: من عدم اعتبار قول الموثوقين منهم.

(2) هذا رد على المنشأ الثاني: و هو حمل فعل المسلم على الصحة.

(3) أي كون الأراضي خراجية لا يصحح فعل السلطان: و هو أخذه الخراج و المقاسمة و الزكوات من الزراع حتى يحمل على الصحة

(4) دفع وهم.

حاصل الوهم: أنه إذا دار الأمر بين القول بكون الأرض خراجية و بين القول بأنها غير خراجية فلا شك أن القول الأول أولى، لكونه أقل فسادا و قبحا من الثاني و إن كان القول بالخراجية مشتملا على القبح و الفساد لأن اعطاء الخراج للسلطان لا يكون بطيب النفس و رضاها، لكن مما يهون الفساد على من يتعامل مع السلطان في شرائه الخراج و أخذه منه.

(5) أي من أخذ الخراج من غير الأراضي الخراجية.

(6) جواب عن التوهم المذكور.

و خلاصة الجواب: أن ملاك الحرمة و مناطها في كلا القولين واحد:

و هو أخذ مال الغير من غير استحقاق، سواء قلنا بخراجية الأرض أم لا فالاخذ ظلم فاحش فلا مجال لأقلية الفساد فيه.

ص: 345

و اشتغال (1) ذمة المأخوذ منه باجرة الأرض الخراجية، و عدمه في غيرها لا يهون (2) الفساد.

نعم (3) بينهما فرق: من حيث الحكم المتعلق بفعل غير السلطان و هو من يقع في يده شيء من الخراج بمعاوضة، أو تبرع فيحل في الأرض

++++++++++

(1) دفاع عن التوهم المذكور و تأييد له.

و خلاصة الدفاع: أنه بناء على القول بخراجية الأرض تكون ذمة الزارع الذي هو المأخوذ منه الخراج مشغولة للسلطان بدفع اجرة الأرض له و عدم اشتغالها بالخراج بناء على القول بعدم كون الأرض خراجية، و هذا الاشتغال مما يهون الخطب و هو الفساد فيكون الفساد في الأرض الخراجية أقل من الأرض غير الخراجية.

(2) هذا رد من الشيخ على الدفاع المذكور.

و خلاصته: أن الدفاع لا يهون الفساد الموجود في أخذ الخراج من الزراع و هي الحرمة.

(3) استدراك عما أفاده: من أن اشتغال الذمة و عدمه لا يهون الفساد سواء قلنا بخراجية الأرض أم لا.

و خلاصته: أن هناك فرقا بين القول بخراجية الأرض، و بين القول بعدمها: و هو أن من يقع شيء من الخراج في يده بأي نحو كان الوقوع:

تبرعا، أو معاوضة: فله التصرف في هذا الشيء كيف شاء و أراد من أنحاء التصرف: من هبته و وقفه و إقراضه و بيعه.

فعلى القول بالخراجية يجوز لمن يقع في يده هذا الشيء هذه التصرفات بخلاف ما لو قلنا بعدم كونها خراجية، فإنه لا يجوز لمن يقع في يده شيء من الخراج و المقاسمة و الزكوات التصرف فيه.

ص: 346

الخراجية دون غيرها، مع (1) أنه لا دليل على وجوب حمل الفاسد على الأقل فسادا إذا لم يتعدد عنوان الفساد.

كما (2) لو دار الأمر بين الزنا مكرها للمرأة، و بين الزنا برضائها

++++++++++

(1) هذا اشكال آخر على القول بوجوب حمل الفاسد على الأقل فسادا كما افيد في قوله في ص 345: و دعوى أن أخذه الخراج.

خلاصته: أنه لا دليل على وجوب هذا الحمل إن لم يكن هناك تعدد عنوان الفساد، فإنه إذا تعدد وجب الحمل على الأقل فسادا، بخلاف ما إذا لم يوجد.

(2) هذا تنظير لتعدد عنوان الفساد الموجب لحمله على الأقلية.

و خلاصته: أن الزنا بما هو زناء حرام و فيه مفاسد عظيمة دنيا و آخرة و قد عرفت هذه المفاسد في الجزء الثالث من المكاسب من طبعتنا الحديثة في ص 311-312. فراجع.

فاذا دار الأمر بين الزنا بالمرأة مكرها لها، و بين الزنا بها برضائها فلا شك أن الزنا بها برضاها أهون من الزنا بها مكرها لها، لأقلية الفساد فيه، حيث إن في الزنا مكرها لها يجتمع فسادان: الظلم: لكونها مكرهة ليست راضية، و الحرمة التكليفية.

بخلاف الزنا بها و هي راضية، فإنه ليس فيه سوى الحرمة التكليفية و هو أخف من الأول، فهنا قد تعدد العنوان و اجتمع فسادان فاختلف حكمهما، فان حكم الأول الجلد و القتل، و حكم الثاني الجلد فقط إذا لم يكن الرجل ذا امرأة يتمكن من اتيانها ليلا و نهارا، فإنه إذا كان كذلك و زنى بالمرأة و هي راضية يجلد و يرجم.

و هذا بخلاف ما نحن فيه و هو القول بكون الأرض خراجية أو ليست بخراجية، فإنه ليس فيه تعدد العنوان، و اجتماع فسادين.

ص: 347

حيث إن الظلم (1) محرم آخر غير الزنا، بخلاف ما نحن فيه (2)

مع أن (3) أصالة الصحة لا تثبت الموضوع: و هو كون لأرض خراجية.

إلا (4) أن يقال: إن المقصود ترتب آثار الاخذ الذي هو أقل فسادا: و هو حل تناوله من الآخذ و إن لم يثبت كون الأرض خراجية بحيث تترتب عليها آثار اخرى مثل وجوب دفع اجرة الأرض إلى حاكم الشرع ليصرفه في المصالح إذا فرض عدم السلطان الجائر.

و مثل حرمة التصرف فيه من دون دفع اجرة أصلا، لا إلى الجائر و لا إلى حاكم الشرع.

++++++++++

(1) و هو الزنا بالمرأة مكرها لها.

(2) و هو القول بخراجية الأرض و عدمها.

(3) هذا رد آخر على المنشأ الثاني للقول بخراجية الأرض

و خلاصته: أن حمل فعل السلطان و هو أخذ الخراج على الصحة لا يثبت الموضوع: و هو كون الأرض خراجية.

(4) استدراك عما أفاده آنفا: من أن اجراء أصالة الصحة في المقام لا يثبت خراجية الأرض.

و خلاصته: أنه لو كان المراد من أصالة الصحة هو ترتب آثار الأخذ لمن يقع الخراج في يده: و هي حلية الأخذ له، و جواز تصرفه فيها بأي نحو من الأنحاء، و إن لم نقل بأن الأرض خراجية حتى ترتب عليه الآثار: من وجوب دفع اجرة الأرض إلى الحاكم الشرعي عند عدم وجود السلطان الجائر، و من حرمة التصرف فيما يأخذه من السلطان أن يقصد عدم دفع اجرة الأرض أصلا، لا إلى السلطان، و لا إلى الحاكم الشرعي:

أمكن القول بهذا الإجراء.

ص: 348

و إن (1) اريد بفعل المسلم تصرف المسلمين فيما يتناولونه من الجائر من خراج هذه الأرض.

ففيه (2) أنه لا عبرة بفعلهم إذا علمنا بأنهم لا يعلمون حال هذه الأراضي كما هو الغالب في محل الكلام، إذا نعلم بفساد تصرفهم من جهة عدم احراز الموضوع (3).

و لو احتمل (4) تقليدهم لمن يرى تلك الأرض خراجية لم ينفع (5).

++++++++++

(1) هذا توجيه آخر للمنشإ الثاني للقول بخراجية الأرض و هي أصالة الصحة في فعل السلطان.

و خلاصته: أنه لو كان المراد من أصالة الصحة هي أصالة صحة تصرف المسلمين فيما يأخذونه من الجائر من الخراج و المقاسمة و الزكوات:

من حيث إنهم مسلمون لا يرتكبون المحرمات فتكون تصرفاتهم صحيحة.

(2) هذا جواب عن التوجيه الآخر للمنشإ الثاني.

و خلاصته: أنه بعد علمنا القطعي بعدم علم المسلمين بكيفية هذه الأراضي التي بيد السلطان من حيث كونها خراجية، أو ليست بخراجية لا يبقى اعتبار بتصرفاتهم المذكورة حتى تحمل على الصحة، لأن علمهم بالكيفية المذكورة فرع علمهم بكون الأراضي مفتوحة عنوة.

(3) و هو كون الأراضي خراجية أو لا.

(4) هذا توجيه ثان لحمل تصرفات المسلمين على الصحة لو اريد من الأصالة أصالة حمل فعل المسلمين على الصحة.

(5) أي التوجيه المذكور غير مفيد، لأن حكم المجتهد بكون الأرض خراجية يفيد في حق مقلديه فقط.

و أما غيرهم فيبقى الإشكال على حاله.

ص: 349

و لو فرض (1) احتمال علمهم بكونها خراجية كان اللازم من ذلك (2) جواز التناول من أيديهم، لا من يد السلطان كما لا يخفى.

الثاني: أن يكون الفتح بإذن الإمام

(الثاني) (3): أن يكون الفتح باذن الامام، و إلا كان المفتوح مال الامام، بناء على المشهور (4)، بل عن المجمع (5) أنه كاد يكون اجماعا.

و نسبه في المبسوط إلى رواية أصحابنا و هي مرسلة العباس الوراق و فيها (6) أنه إذا غزى قوم بغير اذن الامام فغنموا كانت الغنيمة كلها للامام عليه السلام (7).

قال في المبسوط: و على هذه الرواية (8) يكون جميع ما فتحت بعد

++++++++++

(1) هذا توجيه ثالث للمنشإ الثاني و هو حمل تصرفات المسلمين على الصحة.

و خلاصته: أنه على فرض احتمال علم آخذي الخراج من السلطان بكون الأراضي خراجية، لأنها فتحت عنوة لا يكون علمهم سببا لأخذ الخراج من السلطان، بل يكون سببا لجواز الأخذ من يد الآخذين.

(2) أي من هذا الاحتمال.

(3) أي الأمر الثاني من شرائط كون الأرض خراجية.

(4) القيد راجع إلى كون الفتح بإذن الامام عليه السلام.

(5) أي مجمع البرهان و هو للمقدس الأردبيلي.

(6) أي و في مرسلة العباس الوراق.

(7) (وسائل الشيعة). الجزء 6. ص 369. الباب 1. الحديث 16.

(8) أي مرسلة العباس الوراق.

ص: 350

النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم إلا ما فتحت في زمان الوصي عليه السلام (1) من مال الامام. انتهى.

أقول: فيبتني حل المأخوذ منها (2) خراجا على ما تقدم من حل الخراج المأخوذ من الأنفال (3).

و الظاهر أن أرض العراق مفتوحة بالاذن (4) كما يكشف عن ذلك ما دل على أنها (5) للمسلمين.

و أما غيرها (6) مما فتحت في زمان خلافة الثاني و هي أغلب ما فتحت فظاهر بعض الأخبار كون ذلك أيضا بإذن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام و أمره.

ففي الخصال في أبواب السبعة في باب أن اللّه تعالى يمتحن أوصياء الأنبياء في حياة الأنبياء في سبعة مواطن، و بعد وفاتهم في سبعة مواطن عن أبيه و شيخه عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن الحسين بن سعيد

++++++++++

(1) هذا لقب سام رفيع يخص (الامام أمير المؤمنين) عليه السلام و هو مشهور بين (السنة و الشيعة).

(2) أي من الأراضي التي اخذت بغير اذن الامام عليه السلام.

(3) حيث إن الأنفال للامام عليه السلام، فما اخذ عنوة بغير اذنه فهو له.

(4) أي بإذن الامام عليه السلام.

و المراد من الإذن هنا هو الإمضاء، حيث كان عليه السلام أقر الفتوحات التي وقعت في عصر الخلفاء.

(5) أي أرض (العراق).

(6) أي غير أرض (العراق) كبلاد (ايران) و بلاد (الروم)

ص: 351

عن جعفر بن محمد النوفلي عن يعقوب بن الرائد عن أبي عبد اللّه جعفر ابن أحمد بن أبي طالب عن يعقوب بن عبد اللّه الكوفي عن موسى بن عبيد عن عمر بن أبي المقدام عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام:

أنه أتى يهودي أمير المؤمنين عليه السلام في منصرفه عن وقعة النهروان (1) فسأله عن تلك المواطن و فيه قوله عليه السلام:

و أما الرابعة يعني من المواطن الممتحن بها بعد النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم، فإن القائم بعد صاحبه يعني عمر بعد أبي بكر كان يشاورني (2) في موارد الامور و مصادرها فيصدرها عن أمري، و يناظرني في غوامضها فيمضيها عن رأى لا يعلمه أحد، و لا يعلمه أصحابي، و لا يناظرني غيره إلى آخر

++++++++++

(1) مضى شرح (النهروان) في الجزء 2 من (المكاسب) من طبعتنا الحديثة في الهامش 4 من ص 358.

(2) خلاصة القصة: أن (عمر بن الخطاب) عند ما تعتريه مشكلة في مهام الامور و أصعبها كان يستشير (الامام أمير المؤمنين) عليه السلام في كيفية حلها و الدخول فيها و الخروج عنها فالامام عليه السلام يبين له كيفية ذلك.

ثم يعترض على الامام عليه السلام فيبين الامام له أخطاءه بالطرق الصحيحة السليمة فيقتنع فيعمل برأيه عليه السلام.

(و لعمر بن الخطاب) كلمته المشهورة عند هذه المشاكل السياسية:

(لا أبقاني اللّه لمعضلة ليس لها أبو الحسن علي).

كما قال عند ما تعتريه المسائل الفقهية و هو حائر عن الحكم فيها:

(لو لا علي لهلك عمر).

و لاشتهار هاتين الكلمتين كاشتهار الشمس في رائعة النهار تركنا ذكر مصادرهما

ص: 352

الخبر (1).

و الظاهر أن عموم الامور (2) اضافي بالنسبة إلى ما يقدح في رئاسته (3) مما يتعلق بالسياسة.

و لا يخفى أن الخروج إلى الكفار، و دعاءهم إلى الاسلام من أعظم تلك الامور (4)، بل لا أعظم منه.

و في سند الرواية جماعة تخرجها عن حد الاعتبار، إلا أن اعتماد القميين (5) عليها، و روايتهم لها، مع ما عرف من حالهم لمن تتبعها (6) من أنهم لا يثبتون في كتبهم رواية في راويها ضعف إلا بعد احتفافها بما يوجب الاعتماد عليها: جابر (7) لضعفها في الجملة (8).

مضافا (9) إلى ما اشتهر من حضور

++++++++++

(1) (التهذيب). الجزء 2. ص 20 من الابواب السبعة.

(2) أي الامور المذكورة في قوله عليه السلام في ص 352: في موارد الامور

(3) أي في رئاسة (عمر بن الخطاب).

(4) و هي التي كان يشاور عمر فيها الامام عليه السلام.

(5) المراد منهم المحدثون و الروات.

(6) أي تتبع حال القميين من المحدثين و الروات منهم.

(7) خبر لأن في قوله: إلا أن اعتماد القميين.

(8) أي رواية القميين الحديث المذكور و إن كانت جابرة لضعف سندها إلا أن الجبران لا يبلغ حدا يجعل الرواية في رتبة الصحيح.

(9) هذا ترق من الشيخ عما أفاده في المقام: من أن اعتماد القميين على الرواية جابر لضعف الرواية.

و خلاصة الترقي: أن لنا دليلا آخر غير هذه الرواية المروية في الخصال و ذاك الدليل هو اشتهار حضور (الامام أبي محمد الحسن) عليه السلام -

ص: 353

أبي محمد الحسن (1) عليه السلام في بعض الغزوات، و دخول بعض

++++++++++

- في المعارك الحربية، و الفتوحات الاسلامية و هذا الحضور يكفينا في كون هذه الفتوحات كانت بإذن الإمام عليه السلام.

(1) هو (السبط الأول الامام المجتبى) عليه السلام ثاني (أئمة الاثني عشر) على (مذهب الامامية).

(ميلاده):

ولد عليه السلام ليلة النصف من شهر اللّه الأعظم شهر (رمضان المبارك) عام الثاني، أو الثالث من الهجرة.

استقبل حفيد (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله و سلم دنيا الوجود في شهر هو أبرك الشهور و أفضلها فغمرت موجات من السرور و الفرح قلبه الطاهر.

أخذ النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم في مراسيم الولادة: من الأذان في اذنه اليمنى، و الإقامة في اليسرى.

إن أول صوت قرع سمعه هو صوت جده الأعظم (أبو الزهراء عقل الكل، و كل العقل)، نور مصباح الأزل، أول الفكر و آخر العمل، علة الموجودات، و سيد الكائنات.

كانت انشودة ذلك الصوت: اللّه أكبر لا إله إلا اللّه.

(اسمه المبارك):

سماه (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله (حسنا).

حقا إنه من أحسن الأسماء و أجملها و قد اختار اللّه عز و جل هذا الاسم له، ليدل جمال لفظه على جمال معناه و حسنه.

عق له (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله و سلم يوم السابع من ولادته و حلق رأسه ثم تصدق بوزن شعره فضة على المساكين.

ص: 354

خواص أمير المؤمنين عليه السلام من الصحابة كعمار (1) في أمرهم.

++++++++++

ثم أجرى عليه الختان في سابع الولادة، لأن الختان في ذلك الوقت أطيب للطفل و أطهر له.

ثم كناه صلى اللّه عليه و آله و سلم: أبا محمد، و ليس له كنية سوى هذه ألقابه كثيرة:

الزكي، السبط، المجتبى، السيد، النقي.

بويع له بالخلافة بعد وفاة (الامام أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام في (الكوفة).

صالح معاوية بعد الحرب معه، و خيانة قواد جيشه.

و قد أخبر (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله عن هذا الصلح بقوله: هذان ابناي امامان قاما، أو قعدا.

و إخباره هذا لعمر الحق معجزة خالدة من صاحب الرسالة، حيث اخبر عن مستقبل سبطيه: (الحسن و الحسين): من صلح الامام الحسن مع معاوية، و قيام الحسين على جرثومة الفساد، شارب الخمور، معلن الفسوق، طاغية امية، فرخ معاوية (يزيد) القائل:

لعبت هاشم بالملك فلا *** خبر جاء و لا وحي نزل

لست من خندف إن لم أنتقم *** من بني أحمد ما كان فعل

(وفاته):

توفي سلام اللّه عليه يوم السابع من شهر صفر عام 49 من الهجرة و دفن في البقيع بعد أن منع من الدفن بجواز جده صلى اللّه عليه و آله و سلم هدم قبره الشريف أيام احتلال (عبد العزيز السعود) الحجاز كلها، و سوي مع الأرض.

(1) يأتي شرح حياة هذا الصحابي العظيم الجليل في (أعلام المكاسب) -

ص: 355

و في صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن سيرة الامام عليه السلام في الأرض التي فتحت بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم.

فقال: إن أمير المؤمنين عليه السلام قد سار في أهل العراق بسيرة فهي (1) إمام لسائر الأرضين إلى آخر الخبر (2).

و ظاهرها (3) أن سائر الأرضين المفتوحة بعد النبي صلى اللّه عليه و آله حكمها حكم أرض العراق.

مضافا إلى أنه يمكن الاكتفاء عن اذن الإمام المنصوص في مرسلة الوراق بالعلم (4) بشاهد الحال برضا أمير المؤمنين عليه السلام و سائر الأئمة بالفتوحات الإسلامية الموجبة لتأييد هذا الدين.

++++++++++

- و المعروف أن (عمار بن ياسر) رضوان اللّه تبارك و تعالى عليه صار واليا على (الكوفة) من قبل (عمر بن الخطاب).

(1) أي أرض العراق حجة لبقية الأراضي المفتوحة.

(2) راجع (وسائل الشيعة). الجزء 11. ص 117. الباب 69.

الحديث 2.

(3) أي و ظاهر الصحيحة.

(4) الجار و المجرور متعلق بقوله: الاكتفاء، أي نكتفي بعلمنا الحاصل من الشواهد الحالية الواقعة في عصر (الأئمة من أهل البيت) عليهم الصلاة و السلام، حيث إنهم أقروا تلك الفتوحات و اعترفوا بها و لم يصدر منهم أي خلاف في العلن و الخفاء: لا في عصر أمير المؤمنين عليه السلام مع الخلفاء الثلاث، و لا في عصر الأئمة عليهم السلام مع الخلفاء (الامويين و العباسيين) فلا نحتاج في اذن الامام بالاستشهاد بمرسلة الوراق المشتملة على اذن الامام.

ص: 356

و قد ورد أن اللّه تعالى يؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم منه (1)

مع أنه يمكن أن يقال بحمل الصادر من الغزاة من فتح البلاد على الوجه الصحيح: و هو كونه بأمر (2) الإمام عليه السلام، مع أنه يمكن أن يقال:

إن عموم ما دل من الأخبار الكثيرة (3) على تقييد الأرض المعدودة من الأنفال بكونها ما لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب معارض بالعموم من وجه.

++++++++++

و من البديهي أن اقرارهم و إمضاءهم لهذه الفتوحات كان لأجل تأييد الدين، و إعلاء كلمة الاسلام، و نشر تعاليمه.

(1) (التهذيب) طباعة النجف الأشرف عام 1380. الجزء 6.

ص 134. الباب 7 من كتاب الجهاد. الحديث 3.

و كلمة خلاق بفتح الخاء معناها: الحظ و النصيب، أي لا نصيب و لا حظ لهؤلاء الأقوام الذين يدافعون عن الدين الحنيف: بمعنى أن هؤلاء الأقوام لا يعملون بأحكام الدين و قوانينه و دستوره حتى يكون لهم الحظ لكنهم يؤيدون الدين، و يدافعون عنه و عن حريمه عند نزول بلية عليه.

(2) المراد من أمر الإمام رضاه كما سبق ذلك في قوله في ص 356:

برضا أمير المؤمنين و سائر الأئمة بالفتوحات الإسلامية.

(3) راجع (اصول الكافي). الجزء 1. ص 538. الحديث 1.

كتاب الفيء و الأنفال.

و (وسائل الشيعة). الجزء 6. ص 364. الباب 1. الأحاديث أليك نص الحديث الأول:

عن (أبي عبد اللّه) عليه السلام قال: الأنفال ما لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب، أو قوم صالحوا، أو قوم أعطوا بأيديهم، و كل أرض خربة، و بطون الأودية فهو لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم و هو للإمام من بعده يضعه حيث يشاء.

ص: 357

..........

++++++++++

و أليك بعض الحديث الثاني من نفس المصدر. الجزء 11. ص 85 الباب 41.

و الأرضون التي اخذت عنوة بخيل، أو ركاب فهي موقوفة متروكة في يدي من يعمرها و يحييها و يقوم عليها على ما صالحهم الوالي على قدر طاقتهم من الحق الخراج: النصف أو الثلث، أو الثلثين على قدر ما يكون لهم صلاحا و لا يضرهم.

فبين هذه الأخبار، و بين مرسلة العباس الوراق المشار إليها في ص 350 في قوله عليه السلام: إذا غزا قوم بغير اذن الإمام فغنموا كانت الغنيمة كلها للامام: عموم و خصوص من وجه، لهما مادتا افتراق، و مادة اجتماع إذ المرسلة خاصة من جهة اذن الامام، و عامة من جهة شمولها الأراضي و غيرها.

و أخبار الفتح خاصة من جهة اختصاصها بالأراضي.

و عامة من جهة شمولها لما كان الغزو باذن الامام،

فمادة افتراق المرسلة مع الأخبار. بأن تصدق أخبار الفتح و لا تصدق المرسلة كما لو كانت الغزوة باذن الامام و كانت الغنيمة من غير الأراضي

و مادة افتراق الأخبار مع المرسلة: بأن تصدق المرسلة و لا تصدق الأخبار كما لو اخذت الأراضي بغير حرب، و لا أوجف عليها بخيل و لا ركاب.

و مادة الاجتماع كما إذا كانت الغزوة بغير اذن الامام و كانت الغنيمة من الأراضي.

فالمرسلة تحكم بكون الغنيمة للامام عليه السلام، لأن الغزو كان بغير اذنه.

و أخبار الفتح تحكم بعدم ملكية الامام للغنيمة، لأنها فتحت بالسيف -

ص: 358

و على أن ما اخذت بالسيف من الأرضين يصرفها في مصالح المسلمين:

لمرسلة الوراق فيرجع إلى عموم قوله تعالى:

وَ اِعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي اَلْقُرْبىٰ وَ اَلْيَتٰامىٰ وَ اَلْمَسٰاكِينِ وَ اِبْنِ اَلسَّبِيلِ (1).

فيكون الباقي للمسلمين، إذ ليس لمن قاتل شيء من الأرضين نصا و اجماعا.

الثالث: أن يثبت كون الأرض المفتوحة عنوة بإذن الإمام عليه السلام محياة حال الفتح

(الثالث) (2): أن يثبت كون الأرض المفتوحة عنوة بإذن الامام عليه السلام محياة حال الفتح، لتدخل في الغنائم، و يخرج منها الخمس أولا على المشهور و يبقى الباقي للمسلمين، فإن كانت (3) حينئذ مواتا كانت

++++++++++

فهي ملك للمسلمين.

فهنا يقع التعارض بين المرسلة و الأخبار فتتساقطان، فيرجع إلى عموم قوله تعالى: وَ اِعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ ، لأنك قد عرفت في الجزء 4 من كتاب (المكاسب) من طبعتنا الحديثة ص 197: أن المراد من الاجتماع في مادة الاجتماع في قول الفقهاء هو الاجتماع من حيث المورد، لا من حيث الحكم فان الاجتماع من حيث الحكم يختلف مع مادة الاجتماع في مصطلح المنطقيين إذ هذا لا يوجب التساقط و الرجوع إلى الاصول اللفظية، أو العملية.

بخلاف الاجتماع في عرف الفقهاء، فانه موجب للسقوط و الرجوع إلى الاصول.

و كلمة معارض بصيغة المفعول أي عموم الأخبار المذكورة تعارضها المرسلة المذكورة كما عرفت آنفا.

(1) الأنفال: الآية 41.

(2) أي الأمر الثالث من شرائط كون الأرض خراجية.

(3) أي إن كانت هذه الأراضي حين أن فتحت بإذن الإمام عليه السلام

ص: 359

للامام عليه السلام كما هو المشهور، بل المتفق عليه على الظاهر المصرح به عن الكفاية، و محكي التذكرة.

و يقتضيه (1) اطلاق الاجماعات المحكية على أن الموات من الأنفال لاطلاق (2) الأخبار الدالة على أن الموات بقول مطلق له عليه السلام.

و لا يعارضها (3) اطلاق الاجماعات، و الأخبار الدالة على أن المفتوحة عنوة للمسلمين، لأن موارد الإجماعات (4) هي الأرض المغنومة من الكفار

++++++++++

(1) أي كون هذه الأراضي المفتوحة للامام مقتضى الإجماعات المحكية عن الفقهاء في أن الأراضي التي كانت مواتا من الأنفال، و الأنفال للامام عليه السلام.

(2) تعليل لكون أراضي الموات حين الفتح للامام عليه السلام.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 6. ص 364-368. الأحاديث أليك الحديث الأول من ص 264.

عن أبي حفص البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

قال: الأنفال ما لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب، أو قوم صالحوا أو قوم أعطوا بأيديهم، و كل أرض خربة. و بطون الأودية فهو لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم و هو للامام من بعده يضعه حيث يشاء.

(3) أي لا يعارض هذه الإجماعات المحكية المستفادة من تلك الأخبار اجماعات اخرى، و أخبار اخرى تدل بإطلاقها على أن الأراضي المفتوحة عنوة للمسلمين، سواء أ كانت محياة حين الفتح أم مواتا.

راجع حول هذه الأخبار المصدر نفسه. ص 365. الباب 1.

الأحاديث.

(4) أي موارد هذه الإجماعات المخالفة لتلك الإجماعات هي الأراضي التي اخذت من الكفار بعنوان الغنيمة فيكون حكمها حكم بقية الغنائم المأخوذة

ص: 360

كسائر الغنائم التي يملكونها منهم و يجب فيها الخمس، و ليست الموات من أموالهم و إنما هي مال الامام.

و لو فرض جريان أيديهم (1) عليها كان بحكم المغصوب لا يعد في الغنيمة و ظواهر (2) الأخبار خصوص المحياة، مع (3) أن الظاهر عدم الخلاف.

نعم لو ماتت المحياة حال الفتح فالظاهر بقاؤها على ملك المسلمين.

بل عن ظاهر الرياض استفادة عدم الخلاف في ذلك (4) من السرائر

++++++++++

من الكفار في كونها للمسلمين بعد إخراج خمسها.

و أما الموات فإنها للامام عليه السلام، و ليس لأحد فيها اشتراك فحكمها مختلف عن حكم تلك الأراضي فلا تشملها الاجماعات المذكورة فلا تعارض بينها، و بين تلك الإجماعات.

(1) بمعنى أن المسلمين قد وضعوا أيديهم عليها و هي تحت تصرفهم يفعلون فيها كيف شاءوا

(2) بالنصب عطفا على اسم إن في قوله: لأن موارد الاجماعات أي و لأن ظواهر الأخبار المعاوضة الدالة على أن الأراضي المفتوحة عنوة للمسلمين، سواء أ كانت محياة أم مواتا تخص الأراضي المحياة، لا الموات فلا تعارض بين هذه الاخبار و تلك الأخبار الدالة على أن الأراضي الموات بقول مطلق للامام عليه السلام.

(3) هذا ترق من الشيخ و خلاصته: أن الظاهر من كلمات الأصحاب عدم الخلاف بين الفقهاء في أن الأراضي المحياة للمسلمين، و الموات للامام عليه السلام، و هذا الحكم مما لا يختلف فيه اثنان من الفقهاء.

(4) أي في أن الأراضي المحياة لو ماتت باقية على ملك المسلمين و ليس للإمام عليه السلام فيها حق.

ص: 361

لاختصاص أدلة (1) الموات بما إذا لم يجر عليه ملك مسلم، دون ما عرف صاحبه (2).

ثم إنه تثبت المحياة حال الفتح بما كان يثبت به الفتح عنوة (3) و مع الشك فيها (4) فالأصل العدم و إن وجدناها الآن محياة، لأصالة عدمها حال الفتح فيشكل (5) الأمر في كثير من محياة أراضي البلاد المفتوحة عنوة.

++++++++++

(1) و هي الأخبار الدالة على أن الموات ملك للامام عليه السلام لأنها داخلة في الأنفال و الأنفال ملك له، و قد اشير إلى هذه الأخبار في الهامش 3 ص 357.

(2) كهذه الأراضي المحياة التي كانت محياة عند الفتح و وزعت على المسلمين ثم ماتت فهي للمسلمين بلا خلاف.

(3) و طرق ثبوت كون الأراضي محياة حين الفتح منحصرة في ثلاثة امور:

(الأول): الشياع المفيد للعلم.

(الثاني): شهادة عدلين.

(الثالث): الشياع المفيد للظن المتاخم للعلم على المبنى الذي أفاده الشيخ في ثبوت الفتح عنوة في ص 337 بقوله: فنقول: يثبت الفتح.

(4) أي و مع الشك في كون الأراضي محياة حين الفتح نحكم بعدم كونها محياة حين الفتح، لأنه مقتضى الأصل الذي هو الاستصحاب أي استصحاب عدم عروض الحياة لهذه الأراضي التي فتحت عنوة إلى زمان الفتح.

(5) الفاء تفريع على ما أفاده: من أنه في صورة الشك في كون الأراضي محياة حين الفتح نحكم بعدم كونها محياة أي فبناء على هذا

ص: 362

نعم ما وجد منها في يد مدع (1) للملكية حكم بها له.

أما إذا كانت بيد السلطان، أو من أخذها (2) منه فلا يحكم لأجلها (3) بكونها خراجية، لأن يد السلطان عادية على الأراضي الخراجية أيضا.

و ما لا يد لمدعي الملكية عليها (4) كان (5) مرددا بين المسلمين، و مالك خاص مردد (6) بين الإمام، لكونها (7) تركة من لا وارث له، و بين غيره فيجب مراجعة حاكم الشرع في أمرها، و وظيفة الحاكم في الاجرة المأخوذ منها (8) إما القرعة (9)، و إما صرفها في مصرف مشترك بين

++++++++++

الاستصحاب يشكل الحكم بأن الأراضي المفتوحة عنوة كانت محياة حين الفتح حتى تكون ملكا للمسلمين، لأنها مشكوكة الحياة حين الفتح.

(1) أى من ادعى أن هذه الأرض التي تحت يدي و تصرفي و ملك لي يحكم بملكيتها له.

(2) أي أخذ الأرض شخص من السلطان: بأن تقبلها منه للزراعة

(3) أي لا يحكم لأجل يد السلطان، أو يد من كانت الأرض المأخوذة من السلطان تحت تصرفه: أن هذه الأرض من الأراضي الخراجية لأن يد السلطان يد ظلم و عدوان على هذه الأراضي كما أن يده يد عادية على بقية الأراضي التي لم تكن خراجية.

(4) أي على الأراضي الخراجية.

(5) جملة كان مرفوعة محلا خبر (لما الموصولة) في قوله: و ما لا يد

(6) بالجر صفة لكلمة مالك.

(7) أي لكون هذه الأراضي تركة من لا وارث له و الامام وارث من لا وارث له.

(8) أي من هذه الأراضي المدعاة ملكيتها و ليس له يد عليها.

(9) بمعنى أنه بالقرعة تعين مصارف هذه الاجارة المأخوذة من الأراضي

ص: 363

الكل (1) كفقير يستحق الانفاق من بيت المال (2)، لقيامه ببعض مصالح المسلمين.

ثم اعلم أن ظاهر الأخبار (3) تملك المسلمين لجميع أرض العراق المسمى بأرض السواد من غير تقييد بالعامر (4) فينزل (5) على أن كلها كانت عامرة حال الفتح.

و يؤيده (6) أنهم ضبطوا أرض الخراج كما في المنتهى و غيره بعد المساحة (7) بستة، أو اثنين و ثلاثين الف الف (8) جريب.

++++++++++

(1) أي بين تمام المسلمين.

(2) لقيام هذا الفقير في مصالح المسلمين.

(3) و هي المذكورة في ص 340-341 الدالة على أن أرض العراق ملك للمسلمين.

(4) أي من غير تقييد أراضي العراق بالعمران حال الفتح.

(5) أي بناء على هذه الظاهرة المستفادة من الأخبار تحمل جميع أراضي (العراق) على أنها كانت عامرة حال الفتح فالعامرة تكون للمسلمين و الموات منها للامام عليه السلام.

(6) أي و يؤيد هذه الظاهرة.

(7) المراد من المساحة مقدار الأرض وسعتها: من حيث الطول و العرض، فقد كان هناك خبراء يعينون سعة الأرض تخمينا، و يعبرون عن هؤلاء الخبراء في عصرنا الحاضر ب: (المساحين) و هم أدق و أضبط منهم، لكثرة الوسائل الموجودة لهم.

(8) أي ستة و ثلاثون، أو اثنان و ثلاثون مليون جريب.

و الجريب حسب ما ذكره صاحب (مجمع البحرين) 60 * 60 3600 ذراعا و في القاموس الجريب 144 ذراعا.

ص: 364

و حينئذ (1) فالظاهر أن البلاد الاسلامية المبنية في العراق و هي مع ما يتبعها من القرى: من المحياة حال الفتح التي تملكها المسلمون.

و ذكر العلامة في كتبه تبعا لبعض ما عن ظاهر المبسوط و الخلاف أن حد سواد العراق ما بين منقطع الجبال بحلوان (2) إلى أطراف القادسية (3)

++++++++++

و الذراع في متداول عرف الفقهاء يراد منه من المرفق إلى رءوس الأصابع من الانسان المستوي الخلقة.

و أما بحسب السانت فيكون 45 سانتيمترا بالتحقيق.

فضرب 45 * 60 2700 * 2700 7390000 ثم ضرب الحاصل 7390000 * 36000000 267040000.

هذا مجموع مساحة ارض (العراق) حسب مساحي القدامى.

و أما بحسب تقدير مساحي العراق الجدد المقرر في الكتب الدراسية العراقية من قبل الحكومة فتكون مساحة العراق 434294 كيلومترا مربعا فيضرب 434924 * 1000 متر 434294000 مترا مربعا.

فيختلف التقديران اختلافا فاحشا.

لكن التقدير الثاني أضبط و أدق كما عرفت.

(1) أي و حين أن قلنا: إن مساحة أرض العراق 36 مليون جريب

(2) بضم الحاء و سكون اللام مدينة قديمة من المدن الايرانية واقعة في العراق العجمي فتحها العرب.

(3) من المدن العراقية وقعت فيها الواقعة المشهورة بين العرب و الفرس منها فتحت (بلاد فارس) و هزم المسلمون الفرس.

كان عدد المسلمين 16000 جنديا و رئيسهم و قائد الجيش (سعد بن أبي وقاص).

و عدد الفرس 800000 جنديا و رئيسهم و قائد الجيش (رستم).

ص: 365

المتصل بعذيب من أرض العرب عرضا، و من تخوم الموصل (1) إلى ساحل البحر ببلاد عبادان (2) طولا.

و زاد العلامة رحمه اللّه قوله: من شرقي دجلة.

فأما الغربي الذي تليه البصرة (3) فانما هو اسلامي مثل شط عثمان ابن أبي العاص و ما والاها كانت سباخا مماتا فأحياها عثمان.

++++++++++

و لانتصار المسلمين على الفرس عاملان: طبيعية. و غير طبيعية و قد ذكرت هذين العاملين في محاضراتي التاريخية في (جامعة النجف الدينية) أيام الاسبوع: السبت الأحد الثلاثاء الأربعاء.

و ذكرت نقاطا مهمة أهملها التاريخ و أغفلها جهلا، أو تجاهلا (و الثاني أولى عند أهل البصرة).

و بالقريب العاجل ان شاء اللّه أقوم بطباعة هذا التاريخ المهم إذا ما سامحتني الظروف و سميت هذا التاريخ ب: (تاريخ الشيعة الامامية).

و التاريخ هذا مشتمل على قضايا مهمة وقعت في الإسلام من بداية طلوعه إلى يومنا هذا.

بالإضافة إلى حياة أجداد (الرسول الأعظم) صلى اللّه عليه و آله و سلم إلى (عدنان).

(1) بفتح الميم و سكون الواو و كسر الصاد من المدن العراقية و محافظاتها المهمة الكبيرة، و كانت تلقب ب: (الحدباء) واقعة على نهر (دجلة) و بالقرب منها أنقاض (نينوى).

و تسمى في عصرنا الحاضر ب: (محافظة نينوى).

(2) من المدن (الايرانية) و مركز تكرير النفط الايراني و مرفا تصديره.

(3) بفتح الباء و سكون الصاد من المدن العراقية و محافظاتها المهمة

ص: 366

و يظهر من هذا التقييد (1) أن ما عدا ذلك كانت محياة كما يؤيده ما تقدم: من تقدير الأرض المذكورة بعد المساحة بما ذكر من الجريب (2)

فما (3) قيل: من أن البلاد المحدثة بالعراق مثل بغداد (4)

++++++++++

و مرفأ في (العراق) واقعة على (شط العرب).

و منها يصدر النفط بحرا.

و هي من المدن الاسلامية ازدهرت أيام (العباسيين).

كانت البصرة و الكوفة مهدا للدروس العربية و الاسلامية.

(1) و هو أن ما أولاها كانت سباخا مماتا.

(2) و هو ستة و ثلاثون مليون جريب.

(3) الفاء تفريع على ما أفاده: من أن أرض العراق كلها فتحت عنوة.

(4) بفتح الباء و سكون الغين عاصمة العراق.

و كانت تسمى: دار السلام. الزوراء.

تقع على ضفتي دجلة بناها (أبو جعفر المنصور الدوانيقي) ثاني خلفاء العباسيين.

ازدهرت (بغداد) في عصر العباسيين و لا سيما هارون و المأمون أصبحت من العواصم العلمية الاسلامية لها صداها في العالم أجمع.

و كانت مزدهرة بصناعاتها فتحها الوحشي الكافر عدو الاسلام و البشر حفيد جنكيز الوثني (هولاكو).

و قد فعل هذا الوحشي الأفاعيل في (بغداد) ما تقشعر من ذكرها الأبدان.

ص: 367

و الكوفة (1) و الحلة (2)، و المشاهد (3) المشرفة اسلامية بناها المسلمون و لم تفتح عنوة، و لم يثبت أن أرضها (4) تملكها المسلمون بالاستغنام و التي فتحت عنوة و أخذت من الكفار قهرا قد انهدمت لا يخلو عن نظر لأن المفتوح عنوة لا يختص بالأبنية حتى يقال: إنها انهدمت، فاذا كانت البلاد المذكورة و ما يتعلق بها من قراها غير مفتوحة عنوة فأين أرض العراق المفتوحة عنوة المقدرة بستة و ثلاثين الف الف جريب (5).

++++++++++

(1) بضم الكاف و سكون الواو من المدن العراقية تقع الكوفة على ساعد الفرات.

بناها (سعد بن أبي وقاص) بعد فتح المدائن و وقعة القادسية استوطنتها قبائل عربية متعددة.

اتخذها (أمير المؤمنين) عليه الصلاة و السلام عاصمة له كانت مزدهرة بالعلم و العلماء.

و للكوفة تاريخ حافل طويل.

راجع (تاريخ الكوفة) للبراقي ص 114. و (خطط الكوفة) ص 9.

(2) بكسر الحاء و فتح اللام من محافظات العراق.

تأسست على أنقاض مدينة (بابل).

كانت من امهات العواصم العلمية الشيعية و مزدهرة بالعلماء و قد انجبت فطاحل و أعاصم كالمحقق و العلامة و فخر المحققين و ابن ادريس و بني طاوس و ابن فهد و غيرهم.

(3) هي (العتبات المقدسة): (النجف الأشرف و كربلاء و الكاظمية و سامراء).

(4) أي أرض هذه المدن المستحدثة.

(5) لأنه إذا اخرجنا المدن المستحدثة التي منها (العتبات المقدسة)

ص: 368

و أيضا من البعيد عادة أن يكون بلد المدائن (1) على طرف العراق بحيث يكون الخارج منها مما يليه و هي البلاد المذكورة (2) مواتا غير معمورة وقت الفتح، و اللّه العالم.

و للّه الحمد أولا و آخرا، و ظاهرا و باطنا، و به نستعين.

++++++++++

- يلزم أن تكون مساحة (أرض العراق) بأقل من المقرر عند القدامى ب 36000000 مليون جريب، حيث إن هذه المدن تأخذ قسما وافرا من (أرض العراق).

(1) بفتح الميم عاصمة (الأكاسرة الساسانيين) تبعد عن (بغداد) بثلاثين كيلومترا و هي واقعة في جنوب (بغداد) على جانبي دجلة فتحها (سعد بن أبي وقاص).

كانت (المدائن) تشتمل على سبعة مدن سمتها العرب: (المدائن) و تسميها الفرس: (تيسفون).

و فيها (طاق كسرى) و هذا الطاق من الأبنية العجيبة و قد مضى عليه تقريبا 1600 عام.

هدمه (أبو جعفر المنصور العباسي) بقي منه جناح واحد.

(2) و هي المدن المستحدثة.

ص: 369

ص: 370

الفهارس

اشارة

1 - الأبحاث

2 - التعليقات

3 - الآيات الكريمة

4 - الأحاديث الشريفة

5 - الأعلام

6 - الأمكنة و البقاع

7 - الشعر

8 - الكتب

9 - الخاتمة

ص: 371

ص: 372

1 - فهرس الأبحاث

ص الموضوع

3 الإهداء

7 هجاء المؤمن حرام

9 في جواز هجاء الفاسق المبدع

13 الهجر

17 ما يحرم التكسب به

19 في أخذ الاجرة على الواجبات

21 محور الكلام في الواجبات

23 ما أفاده صاحب الرياض في أخذ الاجرة على الواجبات

25 رد صاحب مفتاح الكرامة على صاحب الرياض

27 ما أورده الشيخ على صاحب مفتاح الكرامة

31 ما أورده الشيخ حول الواجبات التعبدية

33 الفرق بين الغرض الدنيوي المطلوب من اللّه و المطلوب من غيره

35 استدلال كاشف الغطاء على حرمة أخذ الاجرة على الواجبات

ص الموضوع

37 مناقشة الشيخ مع كاشف الغطاء في استدلاله

41 اشكال من الشيخ على الإجماع المدعى من قبل المحقق الثاني

43 في الأقوال التي ذكرها الشيخ مخالفة للإجماع المدعى

49 عدم الفرق بين التعبدي و التوصلي في منافاة أخذ الاجرة

51 في أقسام الواجب التخييري

53 في أن الواجب الكفائي حق للمسلم على المسلم

55 الوجه الثالث في توجيه أخذ الاجرة على الواجبات الكفائية

57 الوجه السادس في توجيه أخذ الاجرة على الواجبات الكفائية

59 ما أورده الشيخ على الشيخ كاشف الغطاء

61 في اجبار الحاكم الشرعي المريض على دفع الاجرة للطبيب

ص: 373

ص الموضوع

63 ما أفاده الشيخ في الواجبات التوصلية

65 جواز أخذ الوصي الاجرة على تولي أموال الطفل بالنص و الإجماع

67 في جواز أخذ الاجرة على الواجب الكفائي

69 عدم جواز أخذ الاجرة على الواجب الكفائي إذا كان حقا للغير

71 عدم جواز أخذ الاجرة على المستحبات

73 تقرب النائب بعد جعل نفسه نائبا هو تقرب المنوب عنه

75 في عدم وصول نفع للميت إذا لم يمكن الإخلاص في العبادة

77 اتحاد متعلق الاجارة و النيابة خارجا

79 ترتب الآثار الدنيوية و الاخروية على الفعل الخارجي

81 جواز أخذ الاجرة على عبادات الميت

83 في استيجار شخص لإطافة صبي أو مغمى عليه

85 الأقوال الواردة في مسألة حمل الغير للطواف

ص الموضوع

87 لا يجوز أخذ الاجرة على الاذان الإعلامي

89 المراد من أن الأذان عبادة عدم حصول الثواب

91 لا يجوز أخذ الاجرة على العبادة

93 لا يجوز أخذ الاجرة على أداء الشهادة أو تحملها

95 لا يجوز ارتزاق مؤدي الواجبات و المستحبات

97 لا يجوز ارتزاق القاضي من بيت المال مع الاستغناء

101 في كيفية المعاوضة على المصحف الكريم

103 الأخبار الواردة في كيفية المعاوضة على المصحف الكريم

105 رأي الشيخ في الأخبار الواردة في شراء المصحف الكريم

107 المراد من حرمة بيع المصحف و شرائه

111 هل النقوش تعد من الأعيان أم لا

113 لزوم تعطيل الأحكام لو لم نقل بدخول النقوش

ص: 374

ص الموضوع

115 عدم جواز بيع المصحف الكريم للكافر

117 أبعاض القرآن كالقرآن في عدم جواز بيعه للكافر

119 اسم الرسول الأعظم ملحق بالقرآن في عدم جواز بيعه للكافر

123 في جوائز السلطان و عماله

125 الحديث الوارد عن الحجة المنتظر عجل اللّه تعالى فرجه

127 اشتراط تنجز التكليف في الشبهة المحصورة

129 أخذ المال من السلطان موجب لمحبته

131 مستند رفع الكراهة

133 لا فرق بين يد الظالم في تصرفه و بين إخباره

135 إمكان الخدشة في استدلال العلامة

137 إمكان الاستدلال باستحباب الخمس بفتوى النهاية

139 ارتفاع الكراهة مع وجود مصلحة أقوى

141 الصورة المتفق عليها من الصور الأربع

ص الموضوع

143 الأقوال الدالة على حلية أخذ جوائز السلطان

151 الموارد التي لا تشمله قاعدة الاحتياط

153 الموارد التي تشمله قاعدة الاحتياط

155 اشكال الشيخ على خروج صور الثلاث عن القاعدة

157 الالتزام بأحد الأمرين لا محالة

159 الاستدلال بصحيحة أبي ولاد على المدعى

161 تمامية الاستشهاد بصحيحة أبي ولاد

163 الاعتماد على اليد

165 تحقيق حول الرواية في حلية مال السلطان

167 رواية محمد بن مسلم و زرارة

169 عدم جريان أصالة الصحة في تصرفات السلطان

171 عدم نهوض الحديثين للحكومة على قاعدة الاحتياط

173 وجود العلم الاجمالي بمال الحرام

175 علة عدم حمل فعل السلطان على الصحيح.

ص: 375

ص الموضوع

177 عبارة ابن ادريس في السرائر

179 عدم تمامية قاعدة ابن ادريس

181 أقسام الصورة الثالثة

183 في الضمان و عدمه في المأخوذ من السلطان

185 الضمان في ترتب الأيدي

187 في رجوع المالك على الغاصب أو المستودع

189 المراد من رد الأمانة إلى أهلها

191 لو ادعى شخص أن المال لي

193 اجرة التعريف على الواجد

195 الوديعة مورد رواية حفص بن غياث

197 ما ذكره ابن ادريس في السرائر

199 الرواية الواردة في أموال عمال بني امية

199 في الاشكال على ما ذكره ابن ادريس

203 الأمر بالتصدق بما يجتمع عند الصاغة

205 الأمر بالتصدق بما ورد في ذمة الشخص للأجير

207 اشكال الشيخ على المؤيدات المذكورة

209 مقتضى الجمع بين الدليلين هو التخيير

ص الموضوع

211 امكان القول بوقوع أخبار التصدق في مقام الاذن

213 عدم تشخيص الكلي للغريم إلا بقبض الحاكم

215 لو ظهر المالك بعد التصدق و لم يرض به

217 التمسك بالضمان بقاعدة من أتلف

219 احتمال كون التصدق مراعى كالفضولي

221 التفصيل بين ما لو اخذ لمصلحة نفسه أو لمصلحة المالك

223 الصدقة عن صاحب المال في حكم اليأس عن صاحب المال

225 هل يقوم وارث المالك مقامه لو مات

227 احتمال ضمان الدافع لو دفع المال إلى الحاكم

229 لو كان المكلف بالتصدق الحاكم الشرعي

231 في اختلاف القدر و المالك

233 في أقسام الاخذ

235 ما ذكره الشيخ كاشف الغطاء

237 ما أورده الشيخ على كاشف الغطاء

ص: 376

ص الموضوع

241 ما يأخذه السلطان المستحل

243 النصوص الدالة على جواز شراء الزكوات و الخراج و المقاسمة

245 الأحاديث الدالة على جواز أخذ الزكوات و الخراج و المقاسمة

247 جواز أخذ الخراج و الزكوات و المقاسمة كان مفروغا عنه

249 ما أفاده الفاضل القطيفي في الخراج

251 بيان سبب الاجمال في الحديث

253 الأحاديث الواردة في جواز شراء الخراج و المقاسمة

257 تعجب المحقق الأردبيلي عما أفاده المحقق الكركي

259 الأحاديث الواردة في جواز تقبل الخراج من السلطان

265 عدم الفرق بين قبض السلطان الخراج و عدمه

267 المراد من تعبير أكثر الفقهاء الجواز بالمأخوذ

269 التنبيه الثاني

271 ما أفاده الشهيد الثاني في المسالك

273 ما أفاده الشيخ في الخراج و المقاسمة

ص الموضوع

275 الأحاديث الدالة على جواز أخذ الزكوات و الخراج و المقاسمة

277 في رواية علي بن يقطين

279 في ايراد الشيخ على ما أفاده المحقق الكركي

281 تحقيق حول كلام المحقق الكركي

283 تأييد من الشيخ حول مراد المحقق الكركي

285 كلمات الأعلام حول تولي الفقيه لاخذ الخراج

287 ما أفاده الشهيد الأول في الخراج و المقاسمة

289 لا فرق بين قبض الجائر الخراج و بين وكيله

291 تحليل الشيخ كلام الشهيد الأول

293 هل يتوقف التصرف في الخراج على اذن الحاكم الشرعي

295 المناقشة في كفاية تصرف اذن الجائر

297 أسباب عدم استيلاء الجائر على أراضي الخراج

301 الامر الثالث من الامور التي ينبغي التنبيه عليها.

ص: 377

ص الموضوع

305 استدلال العلامة على عدم اختصاص الخراج بأراضي غير الانفال

307 ظهور كلمات الاعلام في اختصاص الخراج بأراضي غير الانفال

309 امكان عدم شمول رواية الفيض ابن المختار مطلق الاراضي

311 اختصاص الخراج بالسلطان المدعي للرئاسة العامة

313 الإشكال في مسألة الخراج

315 لزوم الحرج على كل تقدير دفع وهم و الجواب عنه

319 الاستدلال بأخبار الخراج على جواز أخذ السلطان الخراج

321 عقيدة الشيخ حول الخراج

323 عدم وجود نص في الاخبار حول السلطان الكافر

325 عدم اعتبار اعتقاد معطي الخراج استحقاق الآخذ

327 عدم تعيين مقدار للخراج في الاخبار

329 اشتراط بعض الفقهاء عدم زيادة الخراج عما يأخذه المتولي

331 مراد المحقق الكركي من اطلاق الاخبار

ص الموضوع

333 المراد من رواية الحضرمي

335 ما أفاده في المسالك حول الخراج

337 ثبوت خراجية الارض متوقف على امور ثلاثة

339 أرض العراق مفتوحة عنوة

341 الاحاديث الواردة في أن أرض العراق ملك للمسلمين

343 اثبات أن أرض العراق فتحت عنوة

345 المراد من حمل فعل المسلم على الصحة

347 دوران الامر بين الاقل فسادا و الاكثر منه

349 اشكال الشيخ على المراد من حمل فعل المسلم على الصحة

350 الأمر الثاني من شرائط كون الأرض خراجية

351 عقيدة الشيخ في أرض العراق

353 رأي الشيخ في الحديث المروي عن الخصال

355 دخول عمار بن ياسر في أمر الخليفة

357 امكان حمل الصادر من الغزاة على الوجه الصحيح

ص: 378

ص الموضوع

359 الامر الثالث من شرائط كون الارض خراجية

361 بقاء الارض المحياة على ملك المسلمين لو ماتت

ص الموضوع

363 الارض المفتوحة بيد شخص لا يحكم عليها بكونها خراجية

365 مساحة أرض العراق

367 ما قيل في البلاد المستحدثة في العراق

ص: 379

2 - فهرس التعليقات

ص الموضوع

7 تعليل لحرمة الهجاء

8 تعليل لكون أدلة البهتان تشمل الهجاء

8 ما أفاده صاحب جامع المقاصد في الهجاء

9 دفع وهم

9 الجواب عن الوهم

9 دفع وهم

10 الجواب عن الوهم

13 الإشارة إلى مصادر أحاديث الهجر

17-18 تحقيق حول أقسام الواجب

18 تحقيق حول ما نسب إلى الشهيد الثاني في تحريم أخذ الاجرة على الواجبات

19-20 موضوع البحث و محوره في مسألة عدم جواز أخذ الاجرة على الواجبات

ص الموضوع

22 تحقيق حول عبارة الشيخ و الصحيح منها

23 خلاصة استدلال صاحب الرياض

24 رد الشيخ على ما استدل به صاحب الرياض

25 رد آخر على استدلال صاحب الرياض بطريق آخر

25 بيان الفارق بين الاجارة و الجعالة

26 اشكال الشيخ على من رد استدلال صاحب الرياض

26 اشكال ثان من الشيخ على صاحب مفتاح الكرامة

27 اشكال ثالث من الشيخ على صاحب مفتاح الكرامة

27-28 اشكال رابع من الشيخ على رد صاحب مفتاح الكرامة صاحب الرياض

28 تعليل للمنافاة المذكور

ص: 380

ص الموضوع

28-29 وهم و الجواب عنه

31 تحقيق حول اخذ الاجرة عن العبادات الفائتة عن الميت

33-34 تقييد الواجب التعبدي بقوله:

في الجملة

35-36 مسلك كاشف الغطاء في حرمة أخذ الاجرة على الواجبات

37 مناقشة الشيخ مع كاشف الغطاء فيما أفاده

38 المراد من الفعل آثاره و منافعه

40 أفراد الواجب

41 نقل الشيخ أقوال المخالفين و حكاياتهم

42 جواز أخذ الاجرة للقاضي على قسمين

43 تعليل للواجب الكفائي المشترط فيه قصد القربة

44 قيدان لجواز أخذ القاضي الاجرة على القضاء

45 بذل الشخص مالا للمصلي لإيقاع صلاته في أول الوقت

46 تحقيق حول الفعل المقابل

ص الموضوع

46 تحقيق حول عدم صلاحية العمل إذا لم تكن له منفعة محللة عند الشارع

48 تعليل لعدم منافاة عدم جواز أخذ الاجرة مع جواز أخذ الوصي الاجرة

50-51 تحقيق حول الواجب التخييري التعبدي

52 أمثلة للواجبات التوصلية

56 وجه النظر في التخصيص

59 ايراد على ما أشكله الشيخ

61 تحقيق حول الحسية

62 تحقيق حول كلمة إلا في قول الشيخ

63 تحقيق حول الشق الثاني لجواز طلب الاجرة

64 تحقيق حول تأميم الطب

64 وهم

65 الجواب عن الوهم

66 وهم

66 الجواب عن الوهم

67 جواب ثان عن الوهم

67 اشارة إلى فافهم و بيان وجه الضعف

ص: 381

ص الموضوع

69 الشق الثاني من نوع الواجب

70 أمثلة لجواز أخذ الاجرة في المكروه و المباح

71 أقسام المستحب

74 خلاصة إن قلت

75 77 جواب من الشيخ عن إن قلت

79 تحقيق حول تفريع الفاء

80 تحقيق حول تفريع الفاء

81 تحقيق حول أن الفعل الخارجي له اعتباران

82 المقدمات التوصلية

84 الأقوال في مسألة حمل الغير في الطواف

85-86 ما أفاده فخر المحققين في مسألة حمل الغير في الطواف

87 تنظير لكيفية وجود نفع في الاذان

89 تحقيق في أن للاذان حكمين

89 استدراك من الشيخ

90 تحقيق حول رواية زيد بن علي ابن الحسين و حمران

91 ترق من الشيخ

ص الموضوع

91 دليل آخر على حرمة أخذ الاجرة على الواجبات

93 عدم كون الشهادة من الامور العبادية

93 اشكال على ما أفاده الشيخ

97 شرطان للارتزاق من بيت المال

106 كيفية ورود الأخبار في بيع المصحف الكريم

107 تحقيق حول كلمة الاختيار و أنها الصواب

107 للخطوط بعد كتابتها على الأوراق فرضان

109 تحقيق حول كيفية انتقال خطوط المصحف إلى المشتري

112 تنظير لانتقال الخطوط إلى المشتري قهرا

115 المراد من الفحوى

117 تحقيق حول كلمة تضاعيف

118 في لحوق الأحاديث بالقرآن و عدمه

119 تحقيق حول النقود الذهبية و الدنانير المسكوكة في عهد ملوك الإسلام

ص: 382

ص الموضوع

120 اشكال في بيع الدنانير من ناحية كونها مشتملة على اسم الرسول

126 تحقيق حول الشبهة المحصورة

126 مثال للشبهة المحصورة

129 اشكال على الشيخ بقولنا:

لا يخفى

131 المراد من الشبهة الاحتمال

132 وهم

133 جواب الوهم

134 وجه التأمل

134 وجه ما ذكره العلامة في استحباب الخمس من جوائز السلطان

136 تحقيق حول أن المال يحتمل كله حلالا و يحتمل كله حراما

136 تحقيق حول ما أفاده الشيخ من عدم امكان مجال للأولوية

137 تحقيق حول فتوى ابن ادريس

139 تحقيق حول كلمة اعتذار الواردة في الحديث

140 المراد من المظالم

141 المراد من الفروع

141 صور جواز أخذ جوائز السلطان

ص الموضوع

141 الصورة الاولى

142 الصورة الثانية

142 الصورة الثالثة

142 الصورة الرابعة

144 الحديث الوارد في عدم وجوب الاجتناب عن جوائز السلطان الجائر

144 نقاش من الشيخ مع الشهيد الثاني

145 تحقيق حول كلمة أقصى

146 تحقيق حول الحكومة

147 معنى التخصيص و الفرق بينه و بين الحكومة

148 الحكومة على قسمين

149 معنى الورود و الفرق بينه و بين التخصص

150 الفرق بين الحكومة و الورود

151 الموارد التي لا تشمله قاعدة الاحتياط

152 رابع الموارد التي لا تشمله قاعدة الاحتياط

152 تنظير للحرام المردد

152 الفرق بين المورد الرابع و الثالث

ص: 383

ص الموضوع

153 أول مورد داخل تحت قاعدة الاحتياط

153 معنى المقاصة و موارده

154 ثان الموارد الداخلة تحت قاعدة الاحتياط

154 ثالث الموارد

154 وهم

154 جواب الوهم

155 شروع الشيخ في نقل الأخبار المستدل بها من الخصم

156 رد من الشيخ على الأخبار المذكورة

157 مناقشة الشيخ مع الشهيد الثاني

158 التناقض المستفاد من كلام الشهيد الثاني

158 اشكالنا على ما أفاده الشيخ في التناقض

160 خلاصة التفريع

160 الاشكال على الاحتمال

160 الاحتمال الثاني

160 اشكال الشيخ على الاحتمال الثاني

162 بيان الاشكال الآخر على الاحتمال الأول

ص الموضوع

164 تحقيق حول الخراج

164 تحقيق حول المقاسمة

164 تحقيق حول الأراضي

168 ترق من الشيخ و خلاصته

169 طريق آخر لحلية ما يؤخذ من السلطان

172 تحقيق حول تصرفات السلطان

173 تحقيق حول صحة اطلاق الفقهاء حلية أخذ الجوائز

174 خدشة من الشيخ في صحة تصرفات الجائر

174 الفرق بين الحمل على الصحة و الحمل على الصحيح

176 أركان شرائط قاعدة الاحتياط

177 خلاصة تعليل ابن ادريس

178 خلاصة ما أفاده الشيخ في تحليل كلام ابن ادريس

179 المراد من القاعدة

179 تصحيح من الشيخ لما أفاده ابن ادريس

180 المراد من وجه التأمل

181 أقسام الصورة الثالثة

ص: 384

ص الموضوع

181 الصورة الثانية و خلاصتها

182 القسم الثاني من الصورة الثالثة

183 نقل الشيخ دليل الشهيد الثاني

184 خلاصة ايراد الشيخ على كلام الشهيد الثاني

184 تحقيق حول ترتب الأيدي

185 الاشكال على القيد الذي أفاده الشيخ

185 ذكر تأييد من الشيخ للضمان

186 تأييد آخر من الشيخ للضمان

187 ذكر مبنى الاستظهار

190 الفرق بين الدين المجهول المالك و بين ما نحن فيه

191 المراد من الأصل الاشتغال

194 المراد من الأصل عند الشيخ الأنصاري

194 الأقوال الممكنة في الفحص

196 مقصود الشيخ الأنصاري

197 استدراك و خلاصته

198 رواية حفص بن غياث و العمل بها

198 نظر الشيخ الأنصاري حول ما يؤخذ من الغاصب

ص الموضوع

199 تحقيق حول عبارة الشيخ الأنصاري

201 ترق من الشيخ على ما أفاده

202 اثبات الشيخ الأمر بالتصدق

202 الحديث المروي حول التصدق و هو أول المؤيدات للمرسلة

202 ثان المؤيدات للمرسلة

203 ثالث المؤيدات للمرسلة

203 رابع المؤيدات للمرسلة

204 حديث ميمون الصائغ

204 خامس المؤيدات

204 حديث علي بن راشد

206 استدراك من الشيخ

209 مقبولة عمر بن حنظلة

211 تحقيق حول على طريق الحكم العام

212 تحقيق حول وقوع مقاصة في طريق العام

213 سؤال حفص الأعور

214 حكم المال المعلوم بالتفصيل حكم المال المجهول

214 دليل جواز اعطاء الصدقة للهاشمي

215 دليل عدم جواز الإعطاء للهاشمي

ص: 385

ص الموضوع

215 الإشكال على الدليل بقولنا:

و لا يخفى

215 تأييد لدليل عدم جواز الصدقة للهاشمي

215 الإشكال على التأييد بقولنا:

و لا يخفى

216 دليل للضمان مطلقا

217 تحقيق حول الإتلاف

217 استيناف و حاصله

218 وجه التأمل

219 ترق من الشيخ

221 المراد من تحكيم الاستصحاب

222 تحقيق حول عدم القول بالفصل

222 المنشأ الثاني للقول بالضمان

223 المنشأ الثالث للقول بالضمان

223 زيادة كلمة لو

224 وجود الاستصحاب يحكم بالضمان

224 عدم مجال للاستصحاب

226 امكان المناقشة

227 عدم صحة الاحتمال

228 تعليل لفرض ثبوت الولاية

229 التعريف حولا كاملا

ص الموضوع

229 توجه الخطاب نحو الحاكم

231 تحقيق حول القرعة

232 الإشارة إلى الأحكام الخمسة

234 اشكال على ما أفاده الشيخ

234 وجوب تقديم أداء الديون على الوصايا

235 ما ذكره كاشف الغطاء

235 الأدلة الثلاثة لكاشف الغطاء

236 اشكال من شيخنا الأنصاري على الشيخ كاشف الغطاء في أدلته

236 تحقيق حول عبارة المتن و الصواب منها

237 حديث داود بن رزين

237 دليل ثان من الشيخ لكون ما في ذمة السلطان من الديون

238 السيرة المستمرة كاشفة عن عدم مبالاة الناس

238 فساد أكثر معاملة الظلمة

242 تنظير لفساد مصالحة الظالم

243 وجه الأولوية

245 تحقيق حول كلمة بعناها

248 وجه الضعف

ص: 386

ص الموضوع

250 ظهور ان لكلام الامام عليه السلام

251 عدم وجود اجمال في الحديث

251 وجه التأمل

251 رد من الشيخ الأنصاري على ما أفاده المحقق الأردبيلي

252 صحيحة الحذاء تخصص العمومات

256 المراد من العلة المنصوصة

258 تحقيق حول تبعية المحقق الأردبيلي للفاضل القطيفي

258 المراد من تقبل الخراج

260 تحقيق حول كلمة الخبر

266 تحقيق حول كلمة المساقاة

266 تحقيق حول كلمة المزارعة

267 وهم

267 الجواب عن الوهم

268 وهم آخر

268 الجواب عن الوهم

269 المراد من فافهم

270 تفريع و خلاصته

273 تحقيق حول كلمة الرز

276 عدم العثور على ما أفاده الشيخ

276 وهم

ص الموضوع

276 الجواب عن الوهم

277 وهم آخر

278 الجواب عن الوهم الآخر

278 الاحتمال الأول و خلاصته

278 الاحتمال الثاني و خلاصته

279 ايراد شيخنا الأنصاري على ما أفاده المحقق الكركي

279 وجه الأولوية

281 توجيه شيخنا الأنصاري كلام المحقق الكركي

282 استشهاد الشيخ على مدعاه

283 شرائط الفتوى

284 الاجتهاد

284 وجه الأولوية

285 وهم

285 الجواب عن الوهم

286 تحقيق حول الإقطاع

286 تحقيق حول عدم الربط بين كلامي المحقق

288 المراد من الثلاثة

292 وجه الإشكال

292 إن قلت قلنا

ص: 387

ص الموضوع

295 المناقشة و تعليلها

296 لعدم استيلاء السلطان خمسة أسباب

297 أسباب عدم استيلاء الجائر

300 مقصود الشيخ من القواعد المسلمة و الاصول المقررة

302 تحقيق حول الأنفال

303 تحقيق حول (فدك)

304 استدراك

305 الخلل الوارد في استدلال العلامة

306 امكان القول بأن السلطان الجائر امام ادعائي

307 وجه الظهور

308 استدراك و خلاصته

309 استدراك و خلاصته

310 وجه الجواز و وجه العدم

311 سؤال

312 المراد من المخالف

313 كلمة هارون الرشيد

315 مناقشة الشيخ

316 كلام حول ملوك الشيعة

317 وهم و الجواب عنه

318 حديث أبي الربيع الشامي

ص الموضوع

321 تأييد حول مراد الأصحاب

322 تفريع و خلاصته

322 تفريع و خلاصته

322 فرض و خلاصته

323 نتيجة و خلاصتها

324 دليل آخر على عدم مراد السلطان الكافر

325 وجه التأمل

325 تعليل و خلاصته

326 تحقيق حول القاعدة المعروفة:

الزموا الناس بما الزموا أنفسهم

328 تحقيق حول قاعدة نحوية

329 وجه حرمة الكل و وجه حلية البعض

330 المقصود من التنبيه السابع

333 دفع وهم و حاصله

337 انحصار طرق الفتح عنوة بامور ثلاثة

338 في إجراء الأصل العدمي

338 الأصل عدم تملك غير المسلمين للأراضي المفتوحة

339 صحة أخذ الخراج لو فرض دخول الأراضي المفتوحة في الأنفال

ص: 388

ص الموضوع

339 مقتضى الاصول الفقهية عدم جواز أخذ الخراج من الزارع

340 المراد من السواد

341 المراد من كلمة ذمة

341 الظن المتاخم هو الظن القريب من العلم

342 تحقيق حول المثل السائر: دونه خرط القتاد

343 المنشأ الأول للاستمرار

344 بحث حول التاريخ و موضوعه

344 المنشأ الثاني لاستمرار السيرة

344 رد الشيخ على المنشأ الأول

345 رد الشيخ على المنشأ الثاني

345 وهم و الجواب عنه

346 دفاع عن الوهم و خلاصته

346 رد من الشيخ عن الدفاع المذكور

346 استدراك و خلاصته

347 اشكال آخر

347 تنظير لتعدد العنوان

348 استدراك و خلاصته

349 توجيه آخر للمنشإ الثاني و خلاصته

349 الجواب عن التوجيه

350 توجيه ثالث للمنشإ الثاني و خلاصته

ص الموضوع

352 خلاصة القصة

352 كلمتان لعمر بن الخطاب

353 ترق من الشيخ عما أفاده و خلاصته

354 حياة الإمام أبي محمد الحسن عليه السلام

355 الحديث الوارد عن (الرسول الأعظم)

356 الاكتفاء بالعلم الحاصل من الشواهد

357 تحقيق حول كلمة خلاق

357 الحديث الوارد عن الامام الصادق

358 الحديث الثاني

358 بيان المعارضة بين الأخبار و المرسلة

360 حديث أبي حفص البختري

360 عدم معارضة الإجماعات لإجماعات اخرى

361 ترق من الشيخ و خلاصته

362 طرق اثبات كون الأرض من المحياة

364 المراد من المساحة

ص: 389

ص الموضوع

364 المراد من الجريب

365 المراد من الذراع

365 تقدير الذراع بالسانت

365 الحلوان - القادسية

366 ذكر عاملين لانتصار المسلمين

ص الموضوع

367 عبادان - بغداد

368 الكوفة - الحلة النجف الأشرف - كربلاء

368 الكاظمية

ص: 390

3 - فهرس الآيات الكريمة

- أ -

أَطِيعُوا اَللّٰهَ وَ أَطِيعُوا اَلرَّسُولَ وَ أُولِي اَلْأَمْرِ مِنْكُمْ 139

إِنَّ اَللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا اَلْأَمٰانٰاتِ إِلىٰ أَهْلِهٰا 188

إِنَّمَا اَلصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ اَلْمَسٰاكِينِ وَ اَلْعٰامِلِينَ عَلَيْهٰا وَ اَلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي اَلرِّقٰابِ وَ اَلْغٰارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ وَ اِبْنِ اَلسَّبِيلِ 280

إِنَّمٰا يُرِيدُ اَللّٰهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً 139

إِنَّمٰا وَلِيُّكُمُ اَللّٰهُ وَ رَسُولُهُ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا اَلَّذِينَ يُقِيمُونَ اَلصَّلاٰةَ وَ يُؤْتُونَ اَلزَّكٰاةَ وَ هُمْ رٰاكِعُونَ 139

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ 28

- ف -

فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ 67

فَذٰانِكَ بُرْهٰانٰانِ 328

فَلَمّٰا رَأَى اَلشَّمْسَ بٰازِغَةً قٰالَ هٰذٰا رَبِّي 328

فَلْيُؤَدِّ اَلَّذِي اُؤْتُمِنَ أَمٰانَتَهُ 188

- و -

وَ اِعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي اَلْقُرْبىٰ وَ اَلْيَتٰامىٰ وَ اَلْمَسٰاكِينِ وَ اِبْنِ اَلسَّبِيلِ 359

وَ آتِ ذَا اَلْقُرْبىٰ حَقَّهُ 303

وَ لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ 95

وَ لاٰ تَرْكَنُوا إِلَى اَلَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ اَلنّٰارُ 301

فَلاٰ تَقُلْ لَهُمٰا أُفٍّ 115

وَ لاٰ يَأْبَ اَلشُّهَدٰاءُ إِذٰا مٰا دُعُوا 92

وَ لاٰ يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ 7

وَ لَنْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً 115، 118، 325

وَ مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي اَلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ 125، 304

وَ مٰا أُمِرُوا إِلاّٰ لِيَعْبُدُوا اَللّٰهَ مُخْلِصِينَ لَهُ اَلدِّينَ 43

وَ وَهَبْنٰا لَهُ إِسْحٰاقَ وَ يَعْقُوبَ نٰافِلَةً 302

وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ 7

ص: 391

4 - الأحاديث الشريفة

- أ -

إنّ اللّه حرم الجنة على كل فحاش بذيّ قليل الحياء لا يبالي بما قال و لا ما قيل فيه 13

إنّ من شر عباد اللّه من يكره مجالسته لفحشه 13

- م -

من علامات شرك الشيطان الذي لا شك فيه أن يكون فحاشا لا يبالي بما قال و لا ما قيل فيه 14

المؤمنون عند شروطهم 57

ص: 392

5 - فهرس الأعلام

- أ -

آدم 275

آل أبي طالب 130، 139، 140

آل هاشم 275

ابليس 275

ابن الحجاج 341

ابن هاشم 91

الأردبيلي: المحقق 131، 132، 134 249، 250-253، 257، 258 350

اسحاق 302

أبو بصير 103

أبو بكر: الخليفة الأول 303، 304 352

أبو حمزة 10

أبو سفيان: معاوية بن أبي سفيان 355

أبو الشهداء: الامام الحسين (ع) 355

أبو عبيدة 13

أبو المعزى 166

أبو ولاد 159، 161، 165

أحمد: أبو عبد اللّه جعفر بن أحمد 352

الاسكافي 83

الافشاريون 316

الامويون: بنو امية 119، 139، 199 203، 241، 274، 275، 280، 311، 365

أهل البيت: الائمة عليهم السلام 33، 119، 129، 164، 243، 244 259، 275، 291، 296، 302، 304، 306، 343، 356، 357

- ب -

الباقر: الامام أبو جعفر عليه السلام 10، 119، 144، 167، 193، 245، 256، 352، 356

بحر العلوم: السيد 49

بحر العلوم: العلامة الحلي 285

البختري: أبو حفص 276، 360

بني نضر 304

البويهيون 312، 316

ص: 393

- ج -

جبرائيل 303

الجعفي: جابر 352

جنكيز خان 367

- ح -

الحارث: عبد اللّه بن الحارث 106

الحجاج: عبد الرحمن 263، 264

الحدثان: اوس بن الحدثان 304

الحذاء 245، 248، 253، 264 326

الحسنيون في المغرب 316

الحضرمي: أبو بكر 254، 255 257، 258، 264، 333، 334

حفصة: زوجة النبي صلى اللّه عليه و آله 304

الحلبي 259، 264، 314، 317، 318، 319، 325، 340

الحلي: ابن ادريس 103، 137 177، 178، 179-180، 197، 200، 201، 202، 203، 204، 205، 206

الحلي: المحقق 41، 55، 143، 172 265

حمران 88، 90، 91

حنظلة: عمر بن حنظلة 209، 211 256

الحمدانيون 312، 316

- خ -

الخراساني: أبو مسلم 274

الخطاب: عمر بن الخطاب، الخليفة الثاني 352، 353، 356

- ر -

الرائد: يعقوب بن الرائد 352

الراشد: أبو علي بن الراشد 204

رستم 365

الرسول الأعظم صلى اللّه عليه و آله 33، 57، 104، 118، 119، 120 139، 183، 259، 260، 302، 303، 351، 352، 354، 355، 356، 357، 366

الرضا: الامام أبي الحسن عليه السلام 313

الرشيد: هارون 312، 367

- ز -

زرارة 167، 273، 276

الزنديون 316

ص: 394

الزهراء: الصديقة فاطمة عليها السلام 303، 304، 354

- س -

السجاد: الامام علي بن الحسين عليه السلام 88

السعود: عبد العزيز 355

سعيد: أحمد بن الحسين بن سعيد 352

سماعة 13، 101، 102

سماك: ابن أبي سماك 254، 255، 257

سيابة: عبد الرحمن بن سيابة 102

- ش -

الشامي: أبو الربيع 341

الشهيد الأول: محمد بن مكي العاملي 269، 287، 289، 290، 291، 292، 306

الشهيد الثاني: زين الدين الجبعي 18 19، 42، 45، 84، 142، 157 158، 183، 187، 218، 271، 294، 336، 337

الشهيدان 270

- ص -

صاحب إيضاح النافع 321

صاحب التنقيح 307

صاحب جامع المقاصد 8، 19، 40

صاحب الرياض 19، 23-27، 33 34، 35، 43، 49، 130، 322

صاحب الكفاية 308

صاحب مفتاح الكرامة 25-27، 56

صاحب المقنعة 42

صاحب النهاية 42، 137

الصادق: الامام أبو عبد اللّه جعفر عليه السلام 9، 10، 65، 70، 88 102، 103، 106، 108، 109، 112، 129، 137، 147، 148، 156، 159، 160، 163، 171، 179، 180، 182، 190، 192، 203، 204، 206، 209، 211، 213، 214، 216، 218، 225، 247، 250، 252، 254، 257، 259، 264، 274، 281، 287، 308 314، 333، 334، 340، 357، 360

الصادق: اسماعيل بن الإمام جعفر الصادق عليه السلام 82، 254

صالح: جميل بن صالح 262، 263، 264

الصائغ: ميمون 204

الصفويون 316

ص: 395

- ط -

الطباطبائي: العلامة 41، 45، 49 131، 183

الطباطبائي: السيد المجاهد 130

الطوسي: أبو جعفر 101

الطوسي الخواجة: علم المحققين نصير الملة و الدين 285

- ع -

عائشة: زوجة النبي صلى اللّه عليه و آله 304

العباسيون 119، 139، 241، 274 311، 340، 356، 367

عبد اللّه: سعد بن عبد اللّه 352

عبد اللّه: عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه 106

عبد الرحمن: يونس بن عبد الرحمن 205

عبد الرحيم: روح بن عبد الرحيم 104، 105

عبد الملك: ضريس بن عبد الملك 273، 274، 275

عبيد اللّه: موسى بن عبيد اللّه 352

العثمانيون 241

عدنان: جد النبي صلى اللّه عليه و آله 366

العلامة 45، 44، 85، 86

علي 304

علي: أمير المؤمنين عليه السلام 60 88، 168، 202، 302، 303، 351، 352، 355، 356، 357

علي: زيد بن علي 88، 90، 91

علوان: حسين بن علوان 90

العلويون في طبرستان 316

عمار: اسحاق بن عمار 264، 326

العميد: السيد 265

عيسى: عثمان بن عيسى 102

- غ -

غياث: حفص بن غياث 195، 197، 198

- ف -

الفاطميون 119، 311، 316

فخر الدين (فخر المحققين): علي بن يوسف 41، 43، 44

- ق -

قاجار: محمد شاه 119

القاجاريون 316

القطيفي: الفاضل 249، 250، 254

القميان: 353

- ك -

كاشف الغطاء: جعفر (الكبير) 35، 37، 59، 235

ص: 396

الكاظم: الامام أبو الحسن موسى عليه السلام 130، 138، 140

كثير: الحسين بن كثير 202

الكركي: المحقق 118، 157، 158

الكوفي: يعقوب بن عبد اللّه 352

- م -

المأمون 312، 367

المجتبى: الإمام أبو محمد الحسن عليه السلام 353-355

المجلسي: العلامة 90

المحقق الثاني 40، 41، 44

مختار: فضل بن المختار 264

مختار: الفيض بن مختار 261، 308 309

المدائنيّ : جراح 102

المرتضى: السيد علم الهدى 90، 285

مروان: عبد الملك بن مروان 119

معاوية: يزيد بن معاوية 355

مسلم: محمد بن مسلم 167، 193، 314، 317

المقدام: عمر بن أبي المقدام 352

المنتظر: الامام صاحب الغيبة (ع) 61، 96، 124، 125

المنصور: أبو جعفر 367

منيع: عبد اللّه بن منيع 90

- ن -

النوفلي: جعفر بن محمد 352

- و -

الوراق: عباس 350، 356، 358

الوراق: عنبسة 106

وقاص: سعد بن أبي وقاص 365

- ه -

الهاشمي: اسماعيل بن المفضل 260 261، 264

هبيرة 274، 275، 276

هشام: محمد بن هشام 167

هلال: علي بن هلال 270

هولاكو 267

- ي -

ياسر: عمار بن ياسر 256

اليزدي: السيد الطباطبائي 44

يزيد: داود بن أبي يزيد 206، 212

يعقوب 302

يقطين: علي بن يقطين 277

ص: 397

6 - فهرس الامكنة و البقاع

- أ -

أرض العرب 366

الأندلس 311

ايران 351، 366

- ب -

باريس 316

البصرة 366، 367

بغداد 340، 367

البقيع 355

بيت اللّه الحرام 33، 51

- ت -

تونس 311

- ج -

جامعة النجف الدينية 366

الجزائر 311

- ح -

الحائر الحسيني 34، 51

الحجاز 355

الحدباء 366

حلوان 365

- د -

دار السلام 367

دجلة (نهر) 366، 367

- ر -

الروم 351

- ز -

الزوراء 367

- س -

السواد 340، 341، 364

السودان 311

- ش -

شرقي دجلة 366

شط عثمان بن أبي العاص 366

شط العرب 367

- ط -

طهران 119

- ع -

عبادان 366

العراق 164، 274، 340، 341 342، 344، 351، 356، 364

ص: 398

365، 367

عين أبي زياد 262، 263

- ف -

فارس (بلاد) 365

فدك 303

- ق -

القادسية 365

القاهرة 126

- ك -

الكوفة 355، 356، 367

- م -

المدينة المنورة 302، 303

مراكش 311

مسجد الكوفة 33، 51

مسجد النبي صلى اللّه عليه و آله 33 51، 104

مصر 311

مطبعة النجف 129

مكة المكرمة 205

الموصل 366

- ن -

النجف الأشرف 126، 274، 357

النهروان 352

نينوى 366

ص: 399

7 - فهرس الشعر

- ل -

لعبت هاشم بالملك فلا *** خبر جاء و لا وحي نزل

لست من خندف إن لم أنتقم *** من بني أحمد ما كان فعل

355

ص: 400

8 - فهرس الكتب

- أ -

اصول المظفر 150

الايضاح 43، 85

إيضاح النافع 322

- ب -

البحار 90، 168

- ت -

تاريخ الشيعة الامامية 366

التحرير 197

تحف العقول 69

التذكرة 101، 107، 118، 193-360

التنقيح 243، 244، 307

التهذيب 88، 209، 246، 260 261، 274، 353، 357

- ج -

جامع المقاصد 8، 9، 44، 87، 101، 107، 194، 244، 353

الجواهر 276

- ح -

الحدائق 130، 275، 276

- خ -

الخلاف 87، 365

- د -

الدروس 84، 101، 107، 143 287، 289، 290، 291، 292

- ذ -

الذكرى 87، 88

- ر -

رسالة الخراجية 308، 335

الرياض 19، 130، 134، 244 253، 261، 265

- س -

السرائر 101، 103، 107، 137 177، 197، 200، 201، 202، 266، 361

- ش -

الشرائع 41، 44، 55، 84، 85 143، 272، 265

ص: 401

- ص -

الصحاح 8

- غ -

الغنية 266

- ف -

فرائد الاصول 128، 146

فروع الكافي 206

- ق -

قاطعة اللجاج في حل الخراج 331

القاموس 8، 364

القرآن الكريم 22، 88، 101-109

القواعد 35، 43، 84

- ك -

الكافي 10، 13، 102، 188، 261

الكفاية 360

- ل -

اللمعة الدمشقية 44، 48، 66، 87 117، 119، 132، 193، 231، 266، 276، 284

- م -

المبسوط 350، 365

المختصر النافع 265، 322

المختلف 41، 55، 82، 85

مجمع البحرين 364

مجمع البرهان 88، 90، 350

المسالك 18، 42، 83، 85، 90 142، 143، 158، 172، 183، 184، 186، 187، 244، 271، 294، 322، 335

المصابيح 41، 45، 49

المصباح 8

المفاتيح 244، 253

مفتاح الكرامة 25، 26، 56

المقنعة 42

المنتهى 129، 134

من لا يحضره الفقيه 88، 129، 261

- ن -

النهاية 8، 42، 101، 107، 137 143، 178، 197

- و -

وسائل الشيعة 60، 65، 82، 88 90، 92، 102، 115، 125، 129 130، 138، 144، 145، 159، 167، 190، 192، 193، 196، 199، 202، 213، 237، 252، 256، 263، 276، 277، 280، 283، 287، 296، 318، 326، 328، 331، 341، 350، 356، 357، 360

ص: 402

9 - الخاتمة (نهاية المطاف)

و قد أنهينا بحمد اللّه تبارك و تعالى (بالجزء الخامس) (المكاسب المحرمة) من البداية إلى النهاية.

و لعلنا و فينا و للّه الشكر على ما أنعم بعض ما كان يجب علينا:

من توضيح عبارات الكتاب الغامضة، و شرح مفرداته حسب الوسع و الإمكان فأصبح و للّه الحمد مورد إعجاب الأعلام، و إقبال رواد العلم و الأفذاذ.

و ليعلم القارئ الكريم أني قد تركت جل اموري، و صرفت كل أوقاتي، و استهلكت أكثر طاقاتي في سبيل إحياء هذا المشروع المقدس.

و كيف كان فقد شرعنا في المشروع من بداية ربيع الأول عام 1390 ملتزمين بتحقيق محتويات الكتاب بمراجعة عدة نسخ مطبوعة و خطية.

كما التزمنا بإرجاع الأخبار إلى مصادرها بترقيم دقيق ليتسنى لمن أراد مراجعتها العثور عليها بسرعة و سهولة.

و هكذا استمر العمل فكانت به الكفاية للاستاذ و الطالب.

فكانت إرادة اللّه جل شأنه و عز اسمه أن يمن علينا بلطفه العميم و فضله الجسيم تلك الامنية حتى يبرز الأجزاء الخمسة كلها إلى الوجود.

فحمدا لك يا إلهي على ما ذلّلت أمام طريقنا كل الصعاب، و وفرت علينا كل جوانب العمل.

فنسألك اللهم و ندعوك أن تتقبله منّا بأحسن قبولك و تجعله خالصا لوجهك المقدس، عاريا عن كل ما يبعدنا عن ساحة لطفك.

ص: 403

و قد تم الجزء الخامس بحمد اللّه تبارك و تعالى في اليوم العاشر من جمادى الاولى عام 1395 في غرفة إدارة (جامعة النجف الدينية) العامرة حتى (ظهور الحجة البالغة) عجل اللّه تعالى له الفرج.

و كان الشروع فيه يوم الرابع من شوال المكرم 1394.

و قد جاء بحمد اللّه تعالى على طراز حسن جميل، و اسلوب رائع بديع و يتلوه إن شاء اللّه تعالى (الجزء السادس من كتاب البيع) و أوله:

بسم اللّه الرحمن الرحيم.

الحمد للّه رب العالمين و الصلاة و السلام على محمد و آله الطاهرين (كتاب البيع) و هو في الأصل.

و إني لارى هذه الإفاضات كلها من بركات صاحب هذا (القبر المقدس العلوي) على من حل فيه آلاف التحية و الثناء.

فشكرا لك يا إلهي على هذه النعم الجسيمة، و الآلاء الجزيلة

و نسألك اللهم و ندعوك التوفيق لإتمام بقية أجزاء الكتاب و المشروعات الخيرية الدينية النافعة للامة الإسلامية جمعاء بلطفك السابق، و رحمتك الواسعة إنك ولي ذلك و القادر عليه.

في 1395/5/15 عبدك السيد محمد كلانتر

ص: 404

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.