المؤلف: الشيخ محمد حسن المظفر
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث - قم
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث - قم
الطبعة: 1
الموضوع : العقائد والكلام
تاريخ النشر : 1423 ه.ق
ISBN (ردمك): 964-319-354-3
ص: 1
دلائل الصدق لنهج الحق
تأليف: آية اللّه العلامة الشيخ محمد حسن المظفر
(1301 - 1375ه- )
الجزء الاول
تحقيق : موسسۀ آل البیت لاحياء التراث
ص: 2
حقوق الطبع محفوظة
الطبعة الأولى
1438 ه - 2017م
موسسة آل البیت علیهم السلام لاحیاء التراث
بيروت - حارة حريك - قرب جامع الحسنين - فوق صيدلية دياب - ط 2
تلفاكس : 541431 - 01 - هاتف : 544805 - 01 - حرب : 24/34
البريد الإلكتروني alalbayt@inco.com.lb
www.al-albayt.com
ص: 3
بسم اللّه الرحمن الرحیم
ص: 4
بقلم السيّد على الحسيني الميلاني
بسم اللّه الرحمن الرحیم
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمّد وآله الطيبين الطاهرين، ولعنة اللّه على أعدائهم أجمعين .
أما بعد ..
فقد كنت سجّلت سابقاً ملحوظات على كتاب ابن روزبهان في الردّ على نهج الحق للعلامة الحلّي رحمه اللّه تعالى ، فلما عزمَتْ مؤسسة آل البيت علیه السلام لإحياء التراث على تحقيق كتاب دلائل الصدق لنهج الحق
طلبت مني تنظيم تلك الملحوظات وترتيبها، لتكون مقدّمة له ، فأجبت
ص: 5
الطلب أداءً لبعض ما وجب ..
وكان عنوان ما كتبته : أجلى البرهان في نقد كتاب ابن روزبهان ، و هو يشتمل على مطالب تمهيدية في أصول البحث والمناقشة، وفي علم الكلام، وفي خصوص الإمامة ، ثم دراسات في مباحث الإمامة من كتاب ابن روزبهان ، فأقول وباللّه التوفيق :
إن صاحب أية فكرة أو عقيدة أو رأي يرى من حقه الطبيعي أن ينشرها بين الناس ويدعو الآخرين إليها ..
إلا أن لتقدّمه ونجاحه في مشروع الدعوة هذه شروطاً ، كما أن دعوته إلى فكره بحاجةٍ إلى أدوات .. لا سيما إذا كان في مقابل رأيه رأي آخر وله أتباع يدعون إليه .. فيقع الصراع العقيدي والفكري بين الجانبين ، لأنّ كلّاً منهما يدعي الحق والصواب ، ويحاول التغلب على الآخر والسيطرة عليه فكرياً .
إن للتغلب في ميدان الصراع العقيدي أصولاً وأدواتٍ تختلف عنها في ميدان الحرب والمواجهة العسكرية .. نوضحها في ما يأتي :
لقد وضع العقلاء - وهم أصحاب الأفكار والآراء - حدوداً وقيوداً للصراع في هذا المجال ، وأسسوا للغلبة فيه أُسساً جعلوها المعيار والميزان للرضوخ لفكر أو لرفض فكر آخر ... فكانت أساليب «الجدل» التي بحث عنها ونقحت مسائلها في كتب المنطق .
ولقد أحسنوا في اختيار هذا المصطلح لهذا العلم أو لهذه الصناعة ،
ص: 6
لشدّة ارتباط المعنى اللغوي للكلمة بالغرض المنطقي منها ..
قال الراغب الأصفهاني : «الجدال : المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة ، وأصله من جدلت الحبل ، أي : أحكمت فتله ، ومنه الجديل ، وجدلت البناء أحكمته، ودرع مجدولة ، والأجدل : الصقر المحكم البنية ، والمجدل : القصر المحكم البناء .
ومنه : الجدال ، فكأن المتجادلين يقتل كلّ واحدٍ الآخر عن رأيه .
وقيل : الأصل في الجدال الصراع، وإسقاط الإنسان صاحبه على الجدالة ، وهي الأرض الصلبة»(1)
ولقد أقرت الأديان السماوية أسلوب «الجدل» وأتخذه الأنبياء السابقون طريقاً من طرق الدعوة .. وقد ورد في القرآن الكريم نماذج من ذلك كما سيأتي ..
وأما نبينا صلى اللّه عليه وآله وسلّم، ففى الوقت الذي أُرسل كما خاطبه اللّه عزّ وجلّ في الآية المباركة : «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا »(2) فقد حدّد له كيفية الدعوة وأداتها بقوله له :«ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ » (3) ثمّ أمره بالجدال حين يكون هناك جدال منهم ، فقال بعد
ص: 7
ذلك : (« وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ » (1)
وفي الجملة ، فإنّ الوظيفة الأولية هي البلاغ والدعوة إلى سبيل اللّه ، فإن كان هناك من تنفعه الحكمة فيها، وإن كان من عموم الناس فبالنصيحة والموعظة الحسنة ، فإن وجد في القوم من يريد الوقوف أمامه أو التغلّب عليه وجب عليه جداله .
ولعل المقصود - هنا - أهل الكتاب ، كما في الآية الأخرى : «وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ»(2).
وعلى ضوء ما تقدّم، فإن الجدال قد يكون حقاً وقد يكون باطلاً، قال تعالى : « وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ »(3)
وهناك في القرآن الكريم موارد من تعليم اللّه سبحانه النبي الكريم صلى اللّه عليه وآله وسلّم طريقة الاستدلال ، ففي سورة يس مثلاً :«وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُون * أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ * إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» (4)
وفي سورة البقرة : «وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ
ص: 8
نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ» ((1))
وفي سورة البقرة أيضاً :«قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ» .(2) .
وفي سورة المائدة :«لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»(3)
وفي سورة المائدة أيضاً :«وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ...»(4)
في سورة الأنعام : «قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا...»(5)
وفي سورة الأنبياء : «أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ *لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا...أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي ...»(6)
كما جاءت في القرآن الكريم موارد كثيرة من مجادلات واحتجاجات
الأنبياء السابقين
ص: 9
ففي قضايا إبراهيم عليه السلام .. قال تعالى : «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ» (1)
وقال تعالى : «وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ»(2)
وقال سبحانه وتعالى : «قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ *قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ *فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ*ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ*قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ * أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ »(3)
وفي قضايا نوح عليه السلام .. قال تعالى : «قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ ...قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا ...»(4)
وهكذا .. في قضايا سائر الأنبياء ، صلوات اللّه وسلامه عليهم
ص: 10
أجمعين .
ثمّ إنّه قد جاء التعبير عن الجدال بالباطل» ب- «الجدال بغير سلطان» في قوله تعالى : «إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ» (1)و «السلطان» هو «الحجّة» سمّيت به لسيطرتها وتسلّطها على القلوب (2).
ومنه يُفهم أنّ المراد من «الجدال بالحق»، هو «الجدال بالحجّة» .
لكنّ «الحجّة» إنّما يحصل لها «السلطان» على القلوب إذا كانت «بالتي هي أحسن»(3) فلذا أمر اللّه تعالى بذلك ..
وفي هذا إشارة إلى آداب البحث والمناظرة والجدل ..
لقد فسرت الكلمة ب- الطريقة التي هي أصلح وأقرب للنتيجة والنفع (4) . . وهو تفسير صحيح يتناسب مع المواضع المختلفة التي استعملت فيها الكلمة في القرآن الكريم..
قال تعالى :«وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ »(5)
ص: 11
أي : بالطريقة التي هي أعود وأنفع له(1) .
وقال تعالى : «وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ » (2).
أي : بأن يتكلموا مع المشركين بالطريقة التي لا تعود بالفائدة على الشيطان في تحصيل مقاصده من الوقيعة بين المؤمنين وبين المشركين (3)
فاللّه سبحانه يريد من المؤمنين أن يكون جدالهم مقروناً بما يعينهم في إقامة الحجّة وإفحام الخصوم وظهور الحق على الباطل .
وتلخص : إن الجدال المقبول شرعاً وعقلاً هو : الجدال ب- : الحجّة المعتبرة ، مع رعاية الآداب
و «الحجة المعتبرة عند المسلمين كافّة هو « القرآن الكريم» و «السنّة النبوية» .. وهم في كلّ مسألة يقع الجدال بينهم فيها يرجعون إلى الكتاب والسنة ، وهذا ما أمر به اللّه تعالى إذ قال :
...« فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ»(4)
وقال : «فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا »(5)
ص: 12
وقال :«وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ »(1)
فكل «شيء» وقع التنازع فيه بين الأُمّة ، وكل أمر «شجر» بينهم، يجب ردّه إلى « اللّه والرسول » ، وماكان لاحدمنهم« إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ» بل« وربك»انهم«لایومنون» حتى يحكموا النبي ، « ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا »مِمَّا قَضَيْ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ».
إن الرجوع إلى القرآن الكريم واضح لا لبس فيه، فالقرآن نزل ب«لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ » (2) ، فإن أمكن استظهار معنى اللفظ فيه ولو بمراجعة المعاجم اللغوية والكتب المعدة لمعاني ألفاظه فهو .. وإلا وجب الرجوع إلى النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم المبعوث به إلى الأمة .
فالمسلمون يحتاجون إلى السُنّة النبوية المعتبرة، لكونها المصدر الثاني ، ولكونها - أيضاً - المرجع لفهم ما أغلق من ألفاظ القرآن ، ومعرفة قيد ما أطلق ، أو المخصص لما ورد ظاهراً في العموم فيه ، وهكذا ..
ف «الحجّة المعتبرة »في مقام «الجدل» هي «الكتاب والسُنّة» . أمّا« الكتاب» فلا ريب في حجيته، والمسلمون متفقون على تصديقه ، والاحتجاج به في الخصومات .
وأتفقوا أيضاً على حجّيّة «السُنّة» ووجوب تصديقها والاحتجاج بها ، في كل باب ، لكنّهم مختلفون في طريق ثبوتها .. كما هو معلوم ..
ص: 13
ومن هنا وجب على «المجادل» أن يحتج منها بما هو حجّةً على الطرف الآخر ..
وبعبارة أخرى، فإن احتجاج المسلمين بعضهم على بعض في المسائل المختلفة يدور في الأغلب مدار القرآن والسنة ، أما القرآن فقد اتفقوا على حجّيّته ، وأمّا السُنّة فمنها ما اتفقوا على تصديقه، فيكون مرجعاً في الخصومة ، ومنها ما اختلفوا فيه وفي هذا القسم لا بد من أن يحتج كل بما يصدّقه الآخر ، وإلا لم تكن «حجّة معتبرة» ، وهذا أمر مسلَّم به عند الكل ، ونكتفي هنا بإيراد تصريح به من أحد مشاهير العلماء : قال ابن حزم الأندلسي - في معرض الحديث عن احتجاج أهل السُنّة على الإمامية - :
«لا معنى لاحتجاجنا عليهم ،برواياتنا، فهم لا يصدقونها ، ولا معنى لاحتجاجهم علينا برواياتهم، فنحن لا نصدقها ، وإنما يجب أن يحتج الخصوم بعضهم على بعض بما يصدّقه الذي تقام عليه الحجّة به ، سواء. صدقه المحتج أو لم يصدقه ؛ لأنّ من صدق بشيء لزمه القول به أو بما يوجبه العلم الضروري، فيصير حينئذ مكابراً منقطعاً إن ثبت على ما كان عليه» (1) .
فهذه هي« الحجّة المعتبرة عند الجدل بالحق».
وأما الآداب التي يجب على الطرفين الالتزام بها - في الجدل المقصود
ص: 14
منه تحرّي الحقِّ والوصول إلى الحقيقة - مضافاً إلى الحجّة المعتبرة ، تلك الآداب التي جاءت الإشارة إليها في القرآن الكريم « بالتي هي أحسن » (1)
فأهمها :
1 - أن يُدلي برأيه والحجّة المعتبرة عنده بكل رفق وسكينة ووقار .
2 - أن يختار لمطلبه الألفاظ الواضحة والعبارات الجميلة .
3 - أن يجتنب السب والشتم .
4 - أن يجتنب الأساليب الملتوية ، والخروج عن البحث ، بما يشوّش على الخصم فكره .
5 - أن لا يتصرّف في كلام الخصم بزيادة فيه أو نقصان ، ولا ينسب إليه شيئاً لا يقول به أو حجّةً لا يعتبرها.
هذا إذا كان البحث والجدل بالكتابة .
وأما إذا كان بالقول، فيضاف إليها آداب أخرى ، كأن لا يقاطعه كلامه ، وأن لا يرفع صوته إلا بالمعروف ..
هذا، وقد تحصل مما ذكرنا أن الجدل قد يكون بالحق ، وقد يكون بالباطل ، والجدل بالحقِّ هو إقامة الحجّة المعتبرة عند الطرفين أو عند الطرف الآخر ، مع رعاية الآداب والأخلاق السامية.
ولم نكن - في البحث الذي عرضناه على ضوء آيات القرآن الكريم - بصدد التحقيق عن أن «علم الجدل » هو « علم المناظرة»، أو أن الأوّل هو العلم الباحث عن الطرق التي يُقتدر بها على إبرام ونقض حجّة الخصم ،
ص: 15
والثاني هو العلم الباحث عن آداب المناظرة والبحث ، فإن العلماء اختلفوا في هذا المطلب، لكنّه لا يعنينا الآن .. كما إنا لم نفرّق هنا بين «الجدل» وبين «الاحتجاج» وبين «المناظرة»، فليتنبه إلى ذلك .
قد أشرنا إلى أن« علم الجدل» لا يختص بمطلب دون غيره، أو مسألة دون أخرى ، فإنّه علم يستعمل في شتّى المسائل الخلافية ، من فقه وحديثٍ وفلسفة واقتصاد وسياسة ... وغيرها من العلوم ، إذ يقيم كلّ ذي رأي حجّته المعتبرة على دعواه وما يتبنّاه ، ثمّ يتناظران طبق القواعد المقررة والأصول المؤسسة ، حتى يتميّز الحق عن الباطل ، والصواب من الخطأ.
ومن العلوم التي كثر الجدل في مسائلها وما يزال هو : «علم الكلام» .
والظاهر أن لا اختلاف كبير بين العلماء في تعريف علم الكلام ،وفائدته ، والغرض من وضعه وتأسيسه .
قال القاضي عضد الدين الإيجي :(1)
ص: 16
الكلام : علم يقتدر معه على إثبات العقائد الدينية بإيراد الحجج ودفع الشبه».
قال : «وفائدته أمور :
الأوّل : الترقي من حضيض التقليد إلى ذروة الإيقان .
الثاني : إرشاد المسترشدين بإيضاح المحجّة ، وإلزام المعاندين بإقامةالحجه.
الثالث : حفظ قواعد الدين عن أن تزلزلها شبه المبطلين .
الرابع : أن يبنى عليه العلوم الشرعية فإنّه أساسها .
الخامس : صحة النية والاعتقاد، إذ بها يرجى قبول العمل .
قال :
وغاية ذلك كلّه : الفوز بسعادة الدارين» (1) .
وقال سعد الدين التفتازاني(2):
ص: 17
الكلام» هو : العلم بالعقائد الدينية عن الأدلّة اليقينية».
قال :« وغايته : تحلية الإيمان (بالإيقان».
ومنفعته : الفوز بنظام المعاش ، ونجاة المعاد» (1)
• والفياض اللاهيجي (2)، شارح التجريد من أصحابنا ، ذكر كلا التعريفين في كتابه شوارق الإلهام في شرح تجريد الكلام (3).
فالغرض الذي من أجله وُضع علم الكلام من قبل علماء الإسلام هو إقامة الحجة المعتبرة من العقل والنقل «بالتي هي أحسن »على أصول الدين ، إرشاداً للمسترشدين، وإلزاماً للمعاندين، ولتحفظ به قواعد الدين
ص: 18
عن أن تزلزلها شبه المبطلين ، ولأن العقائد الدينية هي الأساس للعلوم الشرعية والأحكام العملية ، فمَن صحت عقائده قبلت أعماله الشرعية ، وكيف تُقبل الأعمال عن العقائد الباطلة أو ممّن هو في شك من أمر
دینه ؟!
فعلم الكلام - بالنظر إلى موضوعه - من أهم العلوم الضرورية للأمة ؛ لأنه المتكفّل لبيان ما على المكلَّفين الالتزام به من الناحية الاعتقادية ، كما أن علم الفقه يتكفّل بيان ما يجوز وما لا يجوز عليهم من الناحية العملية ، مع جواز التقليد فيه .
وكما أن بقاء الشريعة المقدّسة في أحكامها الفرعية بعلم الفقه وجهود الفقهاء فيه ، كذلك علم الكلام وآثار المتكلمين في الحفاظ على الأصول الاعتقادية .
على إن من الواضح أنه إذا استوعب الإنسان الأدلة والبراهين على المعتقدات الحقة الصحيحة ، تمكن من الدفاع عنها والإجابة عن الشبهات المطروحة حولها ، بل ودعوة الآخرين إليها بالقلم واللسان ..
ومن هنا كثر اهتمام العلماء بهذا العلم ، وكثرت الكتب المؤلّفة فيه من مختلف المذاهب الإسلامية ..
وهذه أسماء بعض الكتب المؤلّفة فى أصول الدين من قبل علماء الإمامية في مختلف القرون :
1 - أوائل المقالات : للشيخ أبي عبد اللّه محمد بن محمد بن
ص: 19
النعمان البغدادي ، الملقب بالمفيد ، المتوفى سنة 413 .
2 - الذخيرة في علم الكلام : للسيّد المرتضى علم الهدى علي بن الحسين الموسوي البغدادي ، المتوفى سنة 436 .
3 - تقريب المعارف : للشيخ أبي الصلاح تقي الدين الحلبي ، المتوفى سنة 447 .
4 - كنز الفوائد : للشيخ أبي الفتح الكراجكي ، المتوفى سنة 449 .
5 - الاعتقاد الهادي إلى طريق الرشاد : للشيخ أبي جعفر الطوسي، المتوفى سنة 460 .
6 - الاعتصام في علم الكلام : للشيخ زين الدين علي بن عبد الجليل البياضي ، من علماء القرن السادس .
7 - المنقذ من التقليد : للشيخ سديد الدين محمود الحمصي الرازي ، من علماء القرن السادس.
8 - التجريد : للشيخ نصير الدين محمّد بن محمد الطوسي، المتوفى سنة 672 .
9 - المسلك في أصول الدين : للشيخ نجم الدين أبي القاسم جعفر ابن الحسن ، المحقق الحلّي، المتوفى سنة 676 .
10 - قواعد المرام في علم الكلام للشيخ كمال الدين ميثم بن علي ابن ميثم البحراني ، المتوفى سنة 679 .
11 - مناهج اليقين في أصول الدين . -
12 - كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد
ص: 20
13 - نهج الحق وكشف الصدق .
14 - نهج المسترشدين في أصول الدين .
15 - الباب الحادي عشر ، في أصول الدين .
والخمسة الأخيرة كلّها للشيخ أبي منصور الحسن بن يوسف بن المطهر الحلّي، المتوفى سنة 726 ، وله كتب أخرى في أصول الدين غير ما ذُكر .
ومن أشهر كتب أهل السنّة في أصول الدين :
1 - تمهيد الأوائل : للباقلاني
2 - الأربعين في أصول الدين : للفخر الرازي .
3 - العقائد : للنسفي .
4 - شرح العقائد النسفية : للتفتازاني .
5 - المواقف في علم الكلام : للإيجي .
شرح المواقف : للشريف الجرجاني .
7 - شرح المقاصد : للتفتازاني .
8 - الإبانة عن أصول الديانة : للأشعري .
9 - بحر الكلام : للنسفي .
10 - الصحائف : للسمرقندي .
11 - طوالع الأنوار : للبيضاوي .
ص: 21
12 - زبدة الكلام : لصفي الدين الهندي الأرموي .
13 - أبكار الأفكار: للآمدي .
14 - مشارق النور : لعبد القادر البغدادي .
15 - شرح التجريد : للعلاء القوشجي .
وموضوعات كتب أصول الدين في الأصل هي : إثبات الصانع وصفاته ، ومسائل العدل، ثمّ النبوة والإمامة ، والمعاد .
إلا أن مناهج المتكلمين في كتبهم في أصول الدين مختلفة ، ولكنّ المتعارف بينهم إيراد مسائل من باب المقدّمة، تتعلّق بالمعلوم، فيقسمونه إلى الموجود والمعدوم ، ثمّ يقسمون الموجود إلى الممكن والواجب ، والممكن ينقسم إلى الجوهر والعرض ، ثمّ يذكرون ما للجوهر والعرض من الأحكام أو الأقسام.
ثمّ يشرعون في إثبات واجب الوجود .. ثم يبحثون عن صفاته تعالى ، من القدرة ، والعلم ، والحياة ، والإرادة ، والإدراك ، والتكلّم ... وعمّا يستحيل عليه من الصفات ، كالمماثلة لغيره ، والتركب ، والتحيّز ، وقيام الحوادث به، واستحالة رؤية غيره له سبحانه ...
ثم يدخلون في مسائل العدل، ويتعرّضون هنا لمسألة الحسن والقبح
العقليّين ، وللجبر والاختيار...
ثمّ يأتي دور مباحث النبوة ، وصفات النبي، من العصمة ونحوها، ويبحثون في الإمامة بعد النبوة ، فتطرح هنا جميع المسائل الخلافية في
ص: 22
الإمامة والإمام بعد النبي صلى اللّه عليه وآله وسلّم.
ثمّ يبحثون عن المعاد، في مسائل كثيرة ..
وإذا عرفنا موقع علم الكلام في الإسلام ، ومدى تأثيره في حفظ الدين والشريعة المقدّسة ، فسوف يكون من المقطوع به ضرورة تعلّم هذا العلم وتطويره ونشره ، فكيف يصح القول حينئذ بأنّ علم الكلام من أسباب هزائم المسلمين أمام أعداء الإسلام ؟!
فإنه طالما بُنيت الأصول الاعتقادية على الحقِّ، وأسست على الكتاب والسنة الصحيحة والعقل السليم، ثمّ قصد بالبحث عنها الوصول إلى الحقيقة والواقع في كلّ مسألة خلافية ، مع التزام الباحث - لا سيما في رحلة إقامة الحجّة على الغير - بالعدل والإنصاف والأخلاق الكريمة والقواعد المقرّرة للمناقشة والمناظرة ، هذه الأمور التي أشار إليها القرآن بقوله : «بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ » ، كان علم الكلام من خير أسباب صمودنا وثباتناأمام الأعداء ، ووحدتنا فيما بيننا .
أما إذا كان الغرض من علم الكلام والاستفادة منه هو التغلب على الخصم - ولو بالسب والشتم - فلا شك أن هذا الأسلوب فاشل ، وأنّه سيؤدي إلى تمزق المسلمين وتفرّق صفوفهم ، وإلى الهزيمة أمام الأعداء .
فالقول بأنّه «لقد فشل أسلوب علم الكلام حتى الآن» وأنّه «أحد أسباب هزائمنا » (1) على إطلاقه ليس بصحيح .
ص: 23
وفي الجملة ، فإنّ علم الكلام من العلوم الإسلامية الأساسية، ولم يكن العلم في يوم من الأيام من أسباب ضعف المسلمين وهزيمتهم ، بل كان - متى ما استخدم على حقيقته وأتبعت أساليبه الصحيحة - من أسباب وحدة المسلمين ورص صفوفهم وصمودهم أمام الخصوم .
إنا لا ننكر أن بعض المتكلمين اتخذوا علم الكلام وسيلة لتوجيه عقائدهم الباطلة وأفكارهم الفاسدة ، إلا أن هذا لا يختص بعلم الكلام ، فقد اتَّخِذ غيره من العلوم الإسلامية وسيلة للأهداف والأغراض المخالفة للحق والدين ، وهذا لا يسوّغ اتّهام « العِلم»، بل على الناس أن يفرّقوا بين المتكلمين ، فيعرفوا المحق منهم فيتبعوه ويعرفوا المُغرض فيحذروه .
وإننا لنعتقد أن طرح المسائل الخلافية بين العلماء، ثمّ عرضها على الكتاب والسنّة والعقل السليم والمنطق الصحيح المقبول لدى العقلاء ، وتحكيم الأدلّة المتينة والحجج المعتبرة ، هو من خير الطرق لتحقيق الوحدة بين المسلمين ...
وهذا هو الغرض الذي لأجله أسس علم الكلام ، فهذا العلم في الحقيقة يدعو إلى الوحدة والوئام ، ويحذر من التفرق والخصام، فهو لا يتنافى مع وحدة المسلمين وحسب، بل من أسبابها ووسائلها إن استخدم على الطريقة الصحيحة وأبتغي به الحق والصواب ، وباللّه التوفيق .
وكما ذكرنا .. فإنّه إذا كان الاستدلال منطقياً والبحث سليماً ، وكانت
ص: 24
الأدلة مستندة إلى ما لا محيص عن قبوله والتسليم به ، فلا شك في تأثيره في القلوب الطالبة للحق ، والمحبّة للخير والفلاح .. وهذا هو السرّ في الأمر بالجدل بالتي هي هي أحسن ..
وقد كان الجدل بالتي هي أحسن من أولى الطرق والأساليب التي سلكها الأنبياء والأوصياء وسائر المصلحون في هداية البشرية إلى الصراط المستقيم .
وبالفعل .. فقد كان لعلم الكلام والجدل الصحيح ، المستند إلى الكتاب والسنّة والعقل والحجج المعتبرة المقبولة ، الأثر البالغ في تقدّم مذهب الإمامية وتشيّع الأمم ..
فهناك المئات من الناس في مختلف البلدان تشيعوا ببركة كتاب المراجعات لآية اللّه السيد عبد الحسين شرف الدين قدّس سرّه .
وتلك قصة العلامة الحلّي وتشيّع أُمّةٍ بكاملها على أثر مناظرة واحدة قام بها مع كبار علماء عصره من أهل السنة في البلاد الإيرانية .
وتشيّع بلاد جبل عامل كان على يد أبي ذر الغفاري رضي اللّه عنه ، كما يحدّثنا كبار علماء المنطقة (1).
فظهر - بهذا المختصر - ما في قول القائل ، وهو يتهجم على علم الكلام: «لم يتشيّع سُنّي إلا على مستوى الأفراد والقناعات»(2).
ولعلّ من أهمّ ما وقع فيه الخلاف بين الشيعة الاثني عشرية وبين
ص: 25
غيرهم هي المسائل التالية :
1 - في صفات الباري ، وأنها هل هي عين الذات أو زائدة عليها ؛ فقال الإمامية بأنّ صفاته تعالى عين ذاته وليست زائدة عليها .
2 - في التجسيم ، وهذا ما نفاه الإمامية وعدّوا القول به كفراً ، لكن بعض الفرق يقولون بأنّ اللّه يداً ،ورجلاً، وأنّه يصعد وينزل ... تعالى اللّه عن ذلك علوّاً كبيراً .
3 - في القرآن ، فقالت الإمامية بحدوثه وقال الآخرون بقدمه ، وللمسألة قضايا وحوادث مذكورة في السير والتواريخ .
4 - في أفعال العباد ، فقال قوم بالجبر وقال آخرون بالتفويض ، وذهبت الإمامية إلى أنّه لا جبر ولا تفويض ، بل أمر بين الأمرين .
5-في مسائل العدل، فقالت الإمامية بأنّ اللّه لا يفعل القبيح، وأنّه يريد الطاعات ويكره المعاصي، وأنه يفعل لغرض وحكمةٍ ، وأنه يمتنع عليه التكليف بما لا يطاق ... إلى غير ذلك .
6- في الإمامة والخلافة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، فالإمامية يقولون بأنّ الخليفة بعده هو علي بن أبي طالب بنص من اللّه ورسوله ، وقال أهل السنّة بأنه أبو بكر بن أبي قحافة بانتخاب من الناس .
وكانت الإمامة من بين المباحث في أصول الدين والمسائل الخلافية منها ، أشدّها حساسية وأهميةً ، بل هى المسألة المتقدّمة على غيرها بالزمان
والمرتبة ، ولذا قالوا :
ص: 26
« أعظم خلاف بين الأمة خلاف الإمامة ، إذ ما سُل سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سُلّ على الإمامة في كل زمان»(1) .
والمسلمون لم يختلفوا فى أصل «الإمامة») بل اتفقوا على وجوبها،
وهذا ما نص عليه كبار العلماء من الشيعة والسُنّة .
قال ابن حزم :« اتفق جميع أهل السنّة وجميع المرجئة وجميع المعتزلة وجميع الشيعة وجميع الخوارج على وجوب الإمامة ، وأن الأمّة فرض واجب عليها الانقياد لإمام عادل يقيم فيهم أحكام اللّه ، ويسوسهم بأحكام الشريعة التي أتى بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم .. والقرآن والسُنّة قد وردا بإيجاب الإمام . . . » (2) .
أما الإمامية الاثنا عشرية فكان اهتمامهم بأمر الإمامة من جهة أنّها عندهم من صلب أصول الدين كما سيأتي ، وقد ورد في الروايات عن أئمتهم عليهم السلام في الإمامة :
«إنّ الإمامة أس الإسلام النامي ، وفرعه السامي .. إن الإمامة زمام الدين، ونظام المسلمين، وصلاح الدنيا، وعزّ
المؤمنين » (3) .
ومن كلماتهم عليهم السلام في الإمام :
ص: 27
«بالإمام تمام الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد ، وتوفير الفيء
والصدقات ، وإمضاء الحدود والأحكام ، ومنع الثغور والأطراف» (1) .
وقال العلامة الحلّي في مقدمة كتابه منهاج الكرامة في معرفة الإمامة : «أما بعد ، فهذه رسالة شريفة ، ومقالة لطيفة ، اشتملت على أهم المطالب في أحكام الدين، وأشرف مسائل المسلمين ، وهي مسألة الإمامة التي يحصل بسبب إدراكها نيل درجة الكرامة وهي أحد أركان الإيمان المستحق بسببه الخلود في الجنان،والتخلّص من غضب الرحمن»(2) .
وممّا يشير إلى أهمية الإمامة وعظمتها عند المسلمين ما جاء في كتبهم في تعريفها ، المتفق عليه بينهم :
قال القاضي الإيجي :« قال قوم: الإمامة رئاسة عامة في أمور الدين والدنيا ..
ونقض بالنبوة ..
والأولى أن يقال : هي خلافة الرسول في إقامة الدين ، بحيث يجب اتباعه على كافة الأُمّة »(3) .
وقال التفتازاني : «الإمامة رئاسة عامة في أمر الدين والدنيا خلافةً عن النبي . . . » (4).
ص: 28
وقال العلامة الحلّي بتعريف الإمامة : «الإمامة رئاسة عامة في أُمور الدين والدنيا لشخص من الأشخاص نيابةً عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلّم »(1).
فقال الفاضل المقداد السيوري(2) بشرحه :
«الإمامة رئاسة عامة في أمور الدين والدنيا لشخص إنساني .
فالرئاسة جنس قريب، والجنس البعيد هو النسبة ، وكونها عامة فصل يفصلها عن ولاية القضاة والنوّاب . و في أُمور الدين والدنيا ) بيان
لمتعلّقها ، فإنّها كما تكون في الدين فكذا في الدنيا . وكونها لشخص إنساني، فيه إشارة إلى أمرين :
أحدهما : إنّ مستحقها يكون شخصاً معيناً معهوداً من اللّه تعالى ورسوله ، لا أي شخص اتفق .
وثانيهما : إنّه لا يجوز أن يكون مستحقها أكثر من واحد في عصر
واحد .
ص: 29
وزاد بعض الفضلاء في التعريف : بحق الأصالة ، وقال في تعريفها : الإمامة رئاسة عامة في أمور الدين والدنيا لشخص إنساني بحق الأصالة واحترز بهذا عن نائب يفوّض إليه الإمام عموم الولاية ، فإنّ رئاسته عامة لكن ليست بالأصالة .
والحقِّ : إن ذلك يخرج بقيد العموم ، فإنّ النائب المذكور لا رئاسة له على إمامه ، فلا تكون رئاسته عامة .
ومع ذلك كلّه ، فالتعريف ينطبق على النبوّة . فحينئذ زاد فيه : بحق النيابة عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أو بواسطة بشر» (1).
هذا ، وقد أورد الفياض اللاهيجي في شرح التجريد كلا تعريفي الإيجي ،والتفتازاني ، وارتضاهما(2) مما يدلّ على أن المقصد واحد وإن اختلفت الألفاظ وتنوعت التعاريف .
وهذا هو المهم في المقام، فإنّ علماء الفريقين متفقون على تعريف الإمامة بما ذكر.
ومن هذا التعريف - المتفق عليه بين الشيعة والسنة - يتبيّن أنّ الإمامة من أصول الدين وليست من الفروع ، لأنها نيابة عن النبي ، فهي من شؤون النبوة ومتعلقاتها .
مضافاً إلى أحاديث اتفقوا عليها كقوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم:
ص: 30
«من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» وقد روي هذا الحديث بألفاظ مختلفةٍ ، لكن لا بد وأن يكون المراد منها معنى واحداً وهو ما دلّ عليه اللفظ المذكور .
وهو بهذا اللفظ في عدّةٍ من الكتب كشرح المقاصد(1)..
وفي مسند أحمد وغيره بلفظ : «من مات بغير إمام مات ميتةً جاهلية »(2) .
وبلفظ : « من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية» كما في
بعض الكتب(3) .
وله ألفاظ أخرى(4) .
ص: 31
فإنّ هذا الحديث دليل صريح على وجوب معرفة الإمام ، والاعتقاد بولايته الإلهية، ووجوب طاعته والانقياد له ، وإن الجاهل به أو الجاحد له يموت على الكفر ، كما هو حكم من كان كذلك بالنسبة إلى نبوّة النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم .
وبما ذكرناه غنى وكفاية عن غيره من الأدلة .
ومن هنا، فقد حكي عن بعض الأشاعرة، كالقاضي البيضاوي ، موافقة الإمامية في أن الإمامة أصل من أصول الدين (1) ، وعن بعضهم ، كالتفتازاني ، أنّها بعلم الفروع أليق (2)، والمشهور بينهم كونها من المسائل الفرعية .
وكأن الوجه في قول المشهور منهم بكون الإمامة من الفروع المتعلّقة بأفعال المكلفين : أن نصب الإمام واجب على الأُمّة لا على اللّه .. قال السعد التفتازاني :
« نصب الإمام واجب على الخلق سمعاً عندنا وعند عامة المعتزلة ، وعقلاً عند بعضهم ، وعلى اللّه عند الشيعة ... لنا وجوه ... الأوّل - وهو العمدة - : إجماع الصحابة ، حتى جعلوا ذلك أهم الواجبات ، واشتغلوا به عن دفن الرسول . . . »(3) .
ص: 32
إنّهم قالوا بوجوب نصب الإمام ...
ثمّ قالوا بأن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم مات بلا وصية وأنكروا أن يكون هناك نص أو تعيين من اللّه ورسوله بالإمامة لأحدٍ من بعده ..
فكان وجوب نصبه من وظائف المكلفين(1).
والدليل العمدة على ذلك : إجماع الصحابة ، حتى جعلوا ذلك أهم الواجبات وأشتغلوا به عن دفن الرسول ...
واذا كان هذا هو العمدة في الأدلة ، فالأمر سهل .. ففي هذا الدليل نظر من وجوه(2) ، أحدها : عدم تحقق هذا الإجماع !
نعم ، ترك أبو بكر وعمر ومن تابعهما جنازة رسول اللّه صلّى اللّه وآله وسلّم على الأرض ، وأسرعوا إلى سقيفة بني ساعدة حيث اجتمع جمع من الأنصار للنظر في أمر الخلافة .. ثمّ أقبلوا على بني هاشم ومن بقي معهم حول الجنازة ، يطالبونهم البيعة لأبي بكر !
فالذين جعلوا ذلك أهم الواجبات»..« حتى قدموه على دفن النبي »
هم طائفة من الصحابة ، وليس كلهم .
هذا بناءً على أن يكون اجتماع الأنصار في السقيفة للنظر في أمر
ص: 33
الخلافة .
أما بناءً على ما قيل من أنّهم اجتمعوا هناك للنظر في شؤونهم الخاصة بهم ، وللاتّفاق على رأي واحد في التعامل مع المهاجرين .. ونحو ذلك .. فالأمر أوضح ..
وتقول الشيعة :
1 - أمر الإمامة بيد اللّه سبحانه.
2 - ويجب عليه نصب الإمام .
3 - وإنّه قد فعل(1) .
أمّا أنّ أمرها بيده ، فيدلُّ عليه الكتاب والسُنّة ، ومن ألطف ما وجدته السنّة في هذا الباب ، ما رواه أرباب السير:
«وذكر ابن إسحاق : أنه صلى اللّه عليه [وآله] وسلّم عرض نفسه على كندة وكلب ، أي إلى بطن منهم يقال لهم : بنو عبد اللّه ، فقال لهم : إن اللّه قد أحسن اسم أبيكم ، أي : عبد اللّه ، أي : فقد قال صلّى اللّه عليه
[ وآله] وسلّم : أحب الأسماء إلى اللّه عزّ وجلّ عبد اللّه وعبد الرحمن . ثمّ عرض عليهم فلم يقبلوا منه ما عرض عليهم .
وعرض على بني حنيفة وبني عامر بن صعصعة ، أي فقال له رجل منهم : أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك ، ثمّ أظفرك اللّه على من خالفك ،
ص: 34
أيكون لنا الأمر من بعدك ؟
فقال : الأمر إلى اللّه يضعه حيث شاء .
فقال له : أنقاتل العرب دونك - وفي رواية : أنهدف نحورنا للعرب دونك ، أي : نجعل نحورنا هدفاً لنبلهم - فإذا أظهرك اللّه كان الأمر لغيرنا ؟ !
لا حاجة لنا بأمرك . وأبوا عليه»(1).
فإنّ هذا الخبر جدير بالملاحظة الدقيقة . .
لقد كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - حين عرض نفسه على تلك القبيلة ودعاهم إلى التوحيد - في أصعب الظروف وأشقها ، إنّه كان یطلب من القوم -حسب هذه الأخبار - أن يؤمنوا به ويحموه من كيد المشركين وأذاهم .. «فيردّون عليه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أقبح الردّ ، يقولون له : أسرتك وعشيرتك أعلم بك حيث لم يتبعوك» .
إنه صل اللّه علیه واله وسلم كان يعنيه حتى الرجل الواحد يؤمن به ويتبعه ويمنعه من أن يلحقه الأذى من قريش وغيرها .
ومع كلّ هذا ، فلما طلبت منه تلك القبيلة أن يعِدَهم برئاسة إن أظفره اللّه على من خالفه ! أجاب بكل صراحة وبلا أي تردّد : «الأمر إلى اللّه يضعه حيث شاء أي : ليس أمر خلافته من بعده بيده ، كما لم يكن أمر نبوّته
بیده..
إن هذا الخبر لمن أقوى الأدلة السمعية على إن نصب الإمام بيد اللّه سبحانه وتعالى ، وليس الأمر بيد الرسول فضلاً عن أن يترك إلى الناس !!
ص: 35
وأما وجوب النصب على اللّه ، فلوجوه ، منها : وجوب اللطف عليه .
وأما أنه قد نصب الإمام بعد النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، فيدلُّ عليه الآيات الكثيرة من القرآن الكريم، والأحاديث القطعية عن النبي العظيم ، وهذا هو موضوع كتب الإمامة التي ألفها علماء الإمامية .
تقول الشيعة : إنّ اللّه سبحانه و رسوله صلى اللّه عليه وآله وسلّم وقد عيّنا عليّاً ونصباه
خليفة بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلّم.
ويقول أهل السنّة : بأنّ الخليفة بعد النبي هو أبو بكر ، باختيار من الناس.
وقد تم استدلال الشيعة الإمامية على إمامة عليّ بعد رسول اللّه في ثلاثة فصول :
1 - الأدلّة على إمامته من الكتاب والسنة .
2 - الدليل على إمامته من العقل، وهو يتشكّل من قياس صغراه من الحديث والسيرة والتاريخ: إن عليّاً كان أفضل الخلق بعد النبي ؛ وكبراء من العقل : إن تقدّم المفضول على الفاضل قبيح .
3 - الموانع من إمامة أبي بكر وصاحبيه ، وذلك بالنظر إلى : تعريف الإمامة ، والغرض منها ، والشروط المعتبرة في الإمام ..
ولقد أقامت الإمامية الحجج المعتبرة في هذه الفصول الثلاثة بالتي هي أحسن» .
ص: 36
ومن ذلك احتجاجهم على القائلين بإمامة أبي بكر بما يصدّقونه ويعتقدون به من الأدلة والحجج، واستنادهم إلى كتب القوم وأقوال علمائهم كما هي القاعدةالأصلية في المناظرة ..
ففي الاستدلال بحديث غدير خم على إمامة عليّ عليه السلام ..
يقول الشيعي : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: «ألستُ أَوْلى بالمؤمنين
من أنفسهم ؟! قالوا : بلى .
قال : فمن كنت مولاه فعلی مولاه ، اللّهم والِ مَن والاه ، وعادِ مَن عاداه . . . »
فإذا قال بعض أهل السنّة : هذا كذب(1) ، لم يقله رسول اللّه !
قال الشيعي : أخرجه فلان وفلان ... من أعلام أهل السنة(2)
ص: 37
وإذا قال الخصم : وأين كان علي في ذلك اليوم ؟! كان باليمن ...(1)
اضطرّ الشيعي لأن يقول : روى قدومه من اليمن : فلان وفلان ... من أهل السنة (2)
فإن عاد فقال : صدر الحديث : «ألستُ أَوْلى ...» لا أصل له(3)
قال الشيعي : رواية فلان وفلان ... من أهل السنّة ... (4)
فإن أنكر مجيء المولى» بمعنى «الأولى»(5) .
أخرج له الشيعي قائمة بأسماء كبار اللغويين من أهل السنة القائلين
بمجيء «المولى» بمعنى الأولى » (6)
ويستدل الشيعى بقول رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلّم :
ص: 38
«أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها ».
ويعترض بعض أهل السنّة بأنّه كذب على رسول اللّه (1)
فيجيب الشيعي : أخرجه فلان وفلان ... (2)وصححه فلان وفلان ...(3) من أهل السنّة .
فيرجع الخصم ليقول : فأبو بكر و ... أبواب كذلك !(4)
ص: 39
لكنّ الشيعي يثبت له - وعلى ضوء كتب أهل السنة - جهل أبي بكر وصاحبيه بأبسط المسائل الدينية ، حتى عرفهم بها المغيرة بن شعبة وأمثاله من جهلة الصحابة !(1)
فيلتجئ بعضهم إلى أن يقول : ليس «علي» في الحديث علماً ، بل هو وصف للباب ، أي : مرتفع ! (2) .
فاستهجن منه ذلك غير واحدٍ من علماء طائفته وسخر منه آخرون (3)..
ويستدل الشيعة بالحديث في قصة الطير :
فقد أتي النبي صلى اللّه عليه وآله وسلّم بطير ليأكله ، فقال :
«اللّهمّ ائتني بأحب خلقك إليك وإلى رسولك يأكل معي من هذا الطير ».
فجاء على فأكل معه.
فاضطرب كلام أعلام الخصوم في مقام الجواب عن هذا الاستدلال :
فزعم أحدهم بأن هذا كذب موضوع !(4).
ص: 40
لكن قد أخرجه فلان وفلان ..من الأئمة الكبار .. من أهل السنة ..
وله أسانيد كثيرة ، رجالها ثقات ، بتوثيق من فلان وفلان...من علماء الجرح والتعديل ، من أهل السنة(1) ..
فجعلوا يتشبثون - في ردّ هذا الحديث الصحيح سنداً ، والصريح في أفضلية علي أمير المؤمنين عليه السلام - باحتمالات باردة، وبتعللات سخيفة ..
لعلّ الدعاء كان لكراهة الأكل وحده !
ولعل عليّاً كان الأحب إلى اللّه والرسول في الأكل فقط !
ولعل المراد من قوله : «اللّهم ائتني بأحب الخلق ... ... هو : اللّهمّ
ائتني بمن هو من أحب الخلق ..!
وهكذا ...
وأخيراً :
لعلّ أبا بكر وعمر لم يكونا حاضرين حينذاك في المدينة المنوّرة !!
وكُتُب الشيعة الإمامية الاثنى عشرية في أصول الدين، وفي الإمامة
منها بالخصوص ، يمكن تقسيمها إلى قسمين :
ص: 41
الأوّل : ما ألّفه علماء هذه الطائفة لبيان أدلّتها على ما ذهبت إليه في أصول الدين وفي خصوص الإمامة ، وهي كتب ألفوها لبيان عقائد الشيعة مع الإشارة إلى أدلّتها، وفيها جاءت العقائد الشيعية ية مع المقارنة أحياناً بغيرها من عقائد الفرق ؛ ومن هذا القسم :
أوائل المقالات : للشيخ المفيد البغدادي .
والذخيرة في علم الكلام : للسيّد المرتضى الموسوي البغدادي . والاقتصاد الهادي إلى الرشاد : للشيخ أبي جعفر الطوسي .
وتجريد الاعتقاد : للشيخ نصير الدين الطوسي .
وكتب العلامة الحلّي ، ككتاب «نهج الحق وكشف الصدق» الذي سنتكلّم عليه بالتفصيل .
الثاني : ما ألّفه العلماء في «رد» أو «نقض» ما كتبه الخصوم ضدّ
المذهب الإمامي .
والظاهر أن كتبهم من هذا القسم أكثر عدداً منها من القسم الأوّل ، وذلك لأنّ خصومهم قد دأبوا منذ عهدٍ بعيد على الهجوم عليهم بالسب والشتم ، وعلى المكابرة وإنكار الحقائق ...
فمن السهل أن يقول القائل منهم في حديث : «مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها هلك» (1) : «كذب
ص: 42
موضوع »(1) ..
أو أن الحديث : «خُلقت أنا وعليٌّ من نور واحد»(2) : «موضوع بإجماع أهل السنة » (3) ..
أو أن الحديث : اللّهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلى رسولك . . . »(4) : «لم يروه أحد من أصحاب الصحاح ، ولا صححه أئمّة الحديث »(5) .
وكذا من السهل أن يقول القائل منهم مثلاً في حديث الغدي(6) : «لم يقل من أحد أئمّة العربية بمجيء (المولى ) بمعنى (الأَوْلى)(7)..
وفي حديث الثقلين : إني تارك فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر : كتاب اللّه حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض » (8): أنّه قال :
ص: 43
«... كتاب اللّه وسنّتي »(1) ..
وفي حديث سد الأبواب : «أُمرت بسد الأبواب إلا باب عليّ » (2) : «إنّ هذه الفضيلة كانت لأبي بكر فقلبته الرافضة إلى : علي !(3) ..
وفي حديث المنزلة : أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى»(4) : «إنّه لا يدل على عموم المنزلة»(5) ..
إنّ كلّ واحدٍ من هذه الأقاويل سطر واحد أو سطران ، لكن الجواب عنه يستدعي الكثير من البحث، وربّما يشكل كتاباً برأسه ، كما هو واضح .
فمن هنا نرى كثرة كتب الردّ والنقض في مؤلّفات الإمامية ، فهم - في الأغلب - في مقام الدفاع عن مباني المذهب ، وأسس الدين ، وربما لا نجد كتاباً لأحدهم وضعه للهجوم على الخصوم .
ص: 44
*فلقد ألّف الجاحظ - المتوفى سنة 255 - كتاب العثمانية للهجوم على الشيعة ، وقد شحنه بالكذب وإنكار الضروريات وجحد البديهيات ، وحتّى شجاعة أمير المؤمنين - عليه الصلاة والسلام - حاول إنكارها (1)- كما قال المسعودي -: «طلباً لإماتة الحق ومضادّةً لأهله ، واللّه متم نوره ولو كره الكافرون »(2).
لكنه عاد فنقض ما كتبه ، فكان أوّل من ردّ على العثمانية (3).
ثمّ ردّ عليها جماعة من الإمامية وغيرهم بردود اشتهرت ب- «نقض العثمانية» ، منهم : أبو جعفر الإسكافي المعتزلي - المتوفى سنة 240 - ، والمسعودي صاحب مروج الذهب - المتوفى سنة 346 -، والسيد جمال الدين ابن طاووس الحلّي - المتوفى سنة 673 - في بناء المقالة الفاطمية ، وهو مطبوع .
* وألف القاضي عبد الجبار بن أحمد المعتزلي - المتوفى سنة 415 - كتاب المغني ، وتعرّض فيه لعقائد الإمامية بالردّ والنقد ، وخصوصاً في باب الإمامة ، إذ كان - كما جاء في خطبة كتاب الشافي - قد بلغ النهاية في جمع الشبه ، وأورد قوي ما اعتمده شيوخه، مع زيادات يسيرة سبق إليها ، وتهذيب مواضع تفرد بها» (4).
فكتب السيد المرتضى - المتوفى سنة 436 - في الردّ عليه كتاب
الشافي في الإمامة ، ثمّ لخصه تلميذه الشيخ أبو جعفر الطوسي - المتوفى
ص: 45
سنة 460 - واشتهر كتابه ب: تلخيص الشافي .
*ثم كتب شهاب الدين الشافعي الحنفي الرازي - من بني مشاط - كتاباً سمّاه بعض فضائح الروافض ، هاجم فيه الشيعة وتحامل عليهم .
فردّ عليه معاصره الشيخ نصير الدين عبد الجليل بن أبي الحسين القزويني(1) بكتاب بعض مثالب النواصب في نقض بعض فضائح الروافض ، وهو مطبوع .
* ثم ظهر أحمد بن عبد الحليم الحرّاني ، ابن تيمية ، فألف كتاب منهاج السُنّة ، زعم أنّه ردّ على كتاب منهاج الكرامة للعلامة الحلّي ، لكنّه - من أوله إلى آخره - مجموعة سباب وافتراءات وما هو - في مجمله - إلا بغض لأمير المؤمنين وأهل البيت الطاهرين عليهم الصلاة والسلام .
فكتب بعض معاصريه ردّاً عليه، هو كتاب الإنصاف والانتصاف لأهل
الحق من أهل الإسراف ، تم تأليفه سنة 757
وكتب في الردّ عليه أيضاً : السيد مهدي القزويني - المتوفى سنة 1348 - كتاب منهاج الشريعة .
ولهذا العبد العاجز - صاحب المقدّمة - كتاب دراسات في منهاج السُنّة ، وهو كتاب جليل مطبوع منتشر في البلاد .
كما جاء الردّ على منهاج السُنّة في شرح منهاج الكرامة لهذا العبد ، والجزء الأول منه مطبوع الآن .
*وألف يوسف الأعور الواسطي الشافعي كتاب الرسالة المعارضة في الردّ على الرافضة .
ص: 46
فردّ عليه : الشيخ عز الدين الحسن بن شمس الدين المهلبي الحلّي ، في سنة 840 بكتاب الأنوار البدرية في كشف شبه القدرية ، قال : التزمت فيه على أن لا استدلّ من المنقول عن الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلّم إلا بما ثبت من طريق الخصم ، ولا أفعل كما فعل الناصب في كتابه»(1) .
كما ردّ عليه أيضاً : الشيخ نجم الدين خضر بن محمد الحبلرودي الرازي بكتاب التوضيح الأنور في دفع شبه الأعور ، وذلك في سنة 839 في مدينة الحلةبالعراق.
*وألف ابن حجر الهيتمي المكي - المتوفى سنة 974 - كتاب الصواعق المحرقة في الردّ على أهل البدع والزندقة ، قال في خطبته : فإنّي سئلت قديماً في تأليف كتاب يبيّن حقية خلافة الصديق وإمارة ابن الخطاب ، فأجبت إلى ذلك مسارعة في خدمة هذا الجناب ، فجاء بحمد اللّه أنموذجاً لطيفاً ، ومنهاجاً شريفاً ، ومسلكاً منيفاً .
ثمّ سئلت في إقرائه في رمضان سنة 950 بالمسجد الحرام ، لكثرة الشيعة والرافضة ونحوهما الآن بمكة المشرّفة أشرف بلاد الإسلام، فأجبت إلى ذلك ، رجاء لهداية بعض من زل به قدمه عن أوضح المسالك . . . »(2).
فردّ عليه القاضي نور اللّه التستري - الشهيد في الديار الهندية سنة 1019 -بكتاب الصوارم المهرقة في الردّ على الصواعق المحرقة ، وقد طبع
ص: 47
غير مرّة .
*وكتب من يدعى محمد نصر اللّه الكابلي - وهو نكرة لم يعرف ،
ولعلّه اسم مستعار - كتاب الصواقع الموبقة.
*ثم جاء المولوي عبد العزيز الدهلوي - المتوفى سنة 1239 - فأخذمطالبه وأنتحلها في كتابه تحفة اثنا عشريه بالفارسية .. وهو كتاب في التهجم على الشيعة الاثني عشرية، في الأصول والفقهيات وغير ذلك ...
*ثمّ إنّ النعمان الألوسي البغدادي نشره بالعربية ملخصاً باسم مختصر التحفة الاثنا عشرية، فزاد عليه في الهوامش بعض أتباع بني أُميّة وأعداء الدين الحنيف ما سوّلت له نفسه الخبيثة من الأكاذيب والأراجيف ، وطبعته الأيدي الأثيمة من أذناب الكفر العالمي مرات عديدة.
فكتبت على التحفة الردود الكثيرة من قبل كبار علماء الشيعة في البلاد الهندية ، في الأبواب المختلفة ، وفنّدوا مزاعمه ، وكشفوا أباطيله ،وزيّفوا تمويهاته، جملةً وتفصيلاً، وقد تناول السيد مير حامد حسین النيسابوري اللكهنوي - المتوفى سنة 1306 - باب الإمامة منه بالردّ والنقد ، في كتابه العظيم عبقات الأنوار في إثبات إمامة الأئمة الأطهار .
كما كتبت على مختصر التحفة ردود أخرى كذلك .
ومن شاء التفصيل عنه وعن سائر الردود على كتاب التحفة فليرجع إلى كتابنا دراسات في كتاب العبقات (1) .
ص: 48
وهكذا ، توالت كتب التهجم على الشيعة حتّى زماننا هذا ، بل كثرت فيه وتضاعفت ، وما زالوا يكرّرون الشتائم والأكاذيب والتهم والأباطيل ، التي تفوه بها السابقون منهم، ورُدّ عليها الردّ الجميل من علماء الإمامية .
وما زال علماء الطائفة في موقف الدفاع عن المذهب وصدّ الهجمات الواردة من مختلف البلاد .
* * *
ص: 49
للعلّامة الحلّى
وكتاب نهج الحق وكشف الصدق أحد كتب العلامة الحلي رحمه اللّه في الأصولين والفقه ، مع المقارنة بآراء المخالفين في مسائل العلوم الثلاثة ، وهو من خيرة الكتب المقارنة بين المذاهب الإسلامية .
قال رحمه اللّه في المقدّمة : «وقد وضعنا هذا الكتاب الموسوم ب- نهج الحق وكشف الصدق طالبين فيه الاختصار وترك الإكثار ، بل اقتصرنا فيه على مسائل ظاهرة معدودة، ومطالب واضحة محدودة ، وأوضحت فيه لطائفة المقلدين من طوائف المخالفين إنكار رؤسائهم ومقلديهم القضايا البديهية ، والمكابرة في المشاهدات الحسيّة، ودخولهم تحت فرق السوفسطائية ، وأرتكاب الأحكام التي لا يرتضيها لنفسه ذو عقل وروية ، لعلمي بأن المنصف منهم إذا وقف على مذهب من يقلده تبرأ منه وحاد عنه ، وعرف أنه ارتكب الخطأ والزلل، وخالف الحق في القول والعمل .
فإن اعتمدوا الإنصاف ، وتركوا المعاندة والخلاف ، وراجعوا أذهانهم الصحيحة، وما تقتضيه جودة القريحة، ورفضوا تقليد الآباء ، والاعتماد على أقوال الرؤساء ، الذين طلبوا اللذة العاجلة، وأهملوا أهوال الآجلة ، حازوا القسط والدنو من الإخلاص، وحصلوا النصيب الأسنى من النجاة والخلاص ، وإن أبوا إلا استمراراً على التقليد، فالويل لهم من نار الوعيد ،
ص: 50
وصدق عليهم قوله تعالى : «إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ » (1)
وإنّما وضعنا هذا الكتاب حسبةً اللّه ورجاءً لثوابه ، وطلباً للخلاص من أليم عقابه ، بكتمان الحق وترك إرشاد الخلق . . . »(2)
وكانت عناوين مسائل هذا الكتاب :
1- في الإدراك .
2 - في النظر .
3 - في صفاته تعالى .
4 - في النبوة .
5 - في الإمامة .
6 - في المعاد .
7 - في أصول الفقه.
8 - في ما يتعلق بالفقه.
وفي كلّ فرع من فروع هذه المسائل يقول : «قالت الإمامية» و «قالت الأشاعرة» و «قالت المعتزلة ، معتمداً في الاحتجاج وكذا في نقل آراء الآخرين على أشهر كتب القوم وأتقنها ، أمثال :
الصحاح الستة ..
والجمع بين الصحيحين ..
ومسند أحمد بن حنبل ..
ص: 51
والأم ، للشافعي ..
وسنن البيهقي ..
و مصابيح السُنّة ، للبغوي ..
والمغازي ، للواقدي ..
وتاريخ الطبري ..
وأنساب الأشراف ، للبلاذري ..
والاستيعاب ، لابن عبد البر ..
وإحياء علوم الدين ، للغزالي ..
والمغني ، للقاضي عبد الجبار ..
والكشاف ، للزمخشري ..
والتفسير الكبير ، للرازي ..
وهو في أغلب الموارد - حين يذكر القولين أو الأقوال - يخاطب الناظر فيها وأبناء المذاهب الأخرى ، بكلمات الوعظ والنصيحة ، كقوله في
موضع :
«فلينظر العاقل في المقالتين، ويلمح المذهبين ، وينصف في الترجيح ، ويعتمد على الدليل الواضح الصحيح ، ويترك تقليد الآباء والمشايخ الآخذين بالأهواء ، وغرتهم الحياة الدنيا ، بل ينصح نفسه ولا يعوّل على غيره ، ولا يُقبل عذره غداً في القيامة : إنّي قلّدت شيخي الفلاني ، أو وجدت آبائي وأجدادي على هذه المقالة، فإنّه لا ينفعه ذلك يتبرأ المتّبعون من أتباعهم ويفرون من أشياعهم ، وقد
يوم القيامة ، يوم نص اللّه تعالى على ذلك في كتابه العزيز .
ولكن أين الآذان السامعة ، والقلوب الواعية ؟! وهل يشك العاقل في
ص: 52
الصحيح من المقالتين ؟! وأن مقالة الإمامية هي أحسن الأقاويل ، وأنّها أشبه
بالدين ؟ ! . . . »(1) .
وكقوله في موضع آخر :
«فليعرض العاقل المنصف من نفسه هذه القضية على عقله ، ويتبع ما يقوده عقله إليه ، ويرفض تقليد من يخطئ في ذلك ، ويعتقد ضدّ الصواب ، فإنّه لا يُقبل منه غداً يوم الحساب ، وليحذر من إدخال نفسه في زمرة الذين قال اللّه تعالى عنهم : «وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ (2)». (3).
فهذا هو أسلوب العلامةرحمه اللّه في كتابه.
* * *
ص: 53
وإهمال كشف العاطل (1)
لابن روزبهان
وقد كتب الفضل بن روزبهان ، في نقض كتاب نهج الحق وكشف الصدق كتاباً أسماه ب- إبطال نهج الباطل وإهمال كشف العاطل افتتحه بسب الإمامية عامة والعلّامة الحلّي خاصة ! فإنّه قال بعد أن أثنى على صحابة رسول اللّه واللّه
ما نصه :
«ثمّ وثب فرقة بعد القرون المتطاولة والدول المتداولة ، يلعنونهم ويشتمونهم ، ولكل قبيح ينسبونهم ، فويل لهذه الفئة الباغية التي يسخطون العصبة الرضية، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، شاهت الوجوه ، ونالت
كلّ مكروه .
ثمّ إنّ زماننا قد أبدى من الغرائب، ما لو رآه محتلم في رؤياه لطار من وكر الجفن نومه ، ولو شاهده يقظان في يومه لاعتكر من ظلام الهموم يومه »(2).
ص: 54
من كتاب ابن روزبهان
أقول :
كانت تلك عبارات ابن روزبهان في بداية كتابه، وقد رأيت من الضروري أن أقرأ كتابه من أوله إلى آخره، لأتعرف على عقائد هذا الرجل ونفسيته ، ولأجل المقارنة بينه وبين العلّامة الحلّي وكتابه ، بل حتى أعطي لكلّ منصف نموذجاً من كتب الفريقين، ليقرأه ويقف على أسلوبه ، ثمّ يختار ما شاء منهما كما يحكم عقله ودينه، فإلى القارئ الكريم هذه الفصول في أساليب ابن روزبهان في كتابه ، بذكر موارد من كلّ أسلوب :
وسوّد الفضل صفحات كتابه بسب وشتم العلامة والشيعة عامة بما لا يُسمع عادةً إلا من الجهلة الأرذال والسوقة الأنذال ، ومن الواضح أنّ مثل هذه الأشياء تدل - مضافاً إلى دلالتها على عدم الورع والتقوى ، وعلى سوء الأدب والأخلاق - على بطلان عقيدة الشخص وعجزه عن الدفاع عنها.
ونحن نورد بعض ما تفوّه به هذا الرجل :
«ثمّ ما ذكر ... من المبالغات والتقعقعات الشنيعة ، والكلمات الهائلة المرعدة المبرقة ، التي يميل بها خواطر القلندرية والعوام إلى مذهبه الباطل
ص: 55
ورأيه الكاسد الفاسد» (1).
«هذا غاية الجهل والتعصب، وهو رجل يريد ترويج طاقاته ليعتقده
القلندرية والأوباش ورعاع الحلّة من الرفضة والمبتدعة» (2) .
«هذا الرجل الطاماتي الذي يصنّف الكتاب ويرد على أهل الحق ، ويبالغ في إنكار العلماء والأولياء ، طلباً لرضا السلطان محمد خدا بنده ، ليعطيه إدراراً ويفيض عليه مدراراً »(3) .
«هذا غاية التعصب والخروج عن قواعد الإسلام، نعوذ باللّه من عقائده الفاسدة الكاسدة»(4)
«هذا غاية الجهل والعناد والخروج عن قاعدة البحث ، بحيث لو نسب هذا الكلام إلى العوام استنكفوا منه» (5).
«والطامات والخرافات التي يريد أن يميل بها خواطر السفهة إلى مذهبه غير ملتفت إليها »(6) .
«إن الرجل كَوْدَن طاماتي متعصب ، فتعصب لنفسه لا اللّه ورسوله ، والعجب أنّه كان لا يأمل أن العقلاء ربّما ينظرون في هذا الكتاب فيفتضح عندهم ! ما أجهله من رجل متعصب ! نعوذ باللّه من شر الشيطان و شركه »(7).
ص: 56
«وهذه الطاقات المميلة لقلوب العوام لا تنفع ذلك الرجل ، وكلّ ما بنّه من الطامات افتراء» (1) .
«ولا عجب من هذه الشيعة، فإن الكذب والافتراء طبيعتهم وبه خلقت غريزتهم» (2) .
«يذكرون الأشياء عن الأئمة ، ويمزجون كلّ ما ينقلون عنهم بألف كذبة كالكهنة السامعة لأخبار الغيب»(3).
« ما ذكره من الطامات والتنفير فهو الجري على عادته في المزخرفات والترهات »(4) .
«هذا الرجل أصمّ أُطروش لا يسمع نداء المنادي ، وصوّر لنفسه مذهباً وافترى أنّه مذهب الأشاعرة ويورد عليه الاعتراضات ... والعجب أنه لا يخاف أن يلقى اللّه بهذه العقيدة الباطلة التي هو إثبات الشركاء اللّه تعالى في الخلق مثل المجوس، وذلك المذهب أردأ من مذهب المجوس بوجه ؛ لأن المجوس لا يثبتون إلا شريكاً واحداً يسمونه : أهرمن ، وهؤلاء يثبتون شركاء لا تحصر ولا تحصى ، إنّهم إذا قيل لهم : لا إله إلا اللّه يستكبرون(5) .
«مع ذلك ، افترى على الصادق - عليه السلام - كذباً في حقهم»(6).
« فعلم أنّ هذا الرجل مفتر كودن كذاب، مثل كوادن حلّة وبغداد ،
ص: 57
لا أفلح من رجل سوء»(1) .
«والعجب أنّ هؤلاء لا يفرّقون بين هذين المعنيين ، ثمّ من العجب كل العجب أنّهم لا يرجعون إلى أنفسهم ولا يتأملون ... فإذا بلغ أمر الخلق إلى الفعل رقدوا كالحمار في الوحل ونسبوا إلى أنفسهم الأفعال ، وفيه خطر الشرك»(2) .
«وهذا يدلّ على غاية حمق الرجل وحيلته وتعصبه وعدم فهمه ، أما كان يستحي من ناظر في كتابه ؟ !» (3).
«نعم ، ربّما فهم ذلك الأعرابي الجافي ، الحلّي الوطن ، ذلك المعنى
من كلام اللّه تعالى» (4).
«ورأينا المعتزلة ومن تابعهم من الشيعة كاليهود، يخفون مذهبهم
ويسمونه التقيّة ، ويهربون من كل شاهق إلى شاهق ، ولو نسب إليهم سب إليهم أنهم معتزليّون أو شيعة يستنكفون عن هذه النسبة»(5) .
«وكأن هذا الرجل لم يمارس قط شيئاً من المعقولات ، والحق أنه ليس أهلاً لأن يباحث ، لدناءة رتبته في العلم ، ولكن ابتليت بهذا مرّةً فصبرت ... وكلّ هذه الاستدلالات خرافات وهذيانات لا يتفوه بها إلا أمثاله في العلم والمعرفة(6) .
«لكنّ المعتزلة ومن تابعهم يناسب حالهم ما قال اللّه تعالى : «وَإِذَا
ص: 58
« ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ » (1).(2)
«انظروا معاشر المسلمين إلى هذا السارق الحلّي الذي اعتاد سرقة الحطب من شاطئ الفرات، حسب أن هذا الكلام حطب يسرق ؟! كيف أتى بالدليل وجعله اعتراضاً ؟! والحمد لله الذي فضحه في آخر الزمان وأظهر جهله وتعصبه على أهل الإيمان »((3).
«ومثله المعتزلة في لحس فضلاتهم كمثل الزبال يمرّ على نجاسة رجل أكل بالليل بعض الأطعمة الرقيقة كماء الحمّص ، فجرى في الطريق ، فجاء الزبال وأخذ من نجاسته وجعل يلحسه ويتلذذ به .
فهذا ابن المطهّر النجس كالزبال يمرّ على فضلات المعتزلة ويأخذ منها الاعتراضات ، ويكفر بها سادات العلماء ، ينسبهم إلى أقبح أنواع الكفر ، يحسب أنه يحسن صنعاً، نعوذ باللّه من الضلال ، واللّه الهادي »(4).
«فانظر إلى هذا الحلّي الجاهل ، كيف افترى في معنى الكسب وخلط المذاهب والأقوال ، كالحمار الرائع في جنّة عالية قطوفها دانية ، واللّه تعالى يجازيه »(5).
«العجب من هذا الرجل ، أنّه يفتري الكذب ثمّ يعترض عليه ، فكأنه لم يتفق له مطالعة كتاب في الكلام على مذهب الأشاعرة ، وسمع عقائدهم من مشايخه من الشيعة وتقرّر بينهم أن هذه عقائد الأشاعرة ، ثمّ لم يستح
ص: 59
من اللّه تعالى ومن الناظر في كتابه ، وأتى بهذه الترهات والمزخرفات» (1)
« هذا الرجل السوء الفحاش ، وكأنه حسب أنّ الأنبياء أمثاله من رعاع الحلّة الذين يفسدون على شاطئ الفرات بكل ما ذكره، نعوذ باللّه من التعصب فإنّه أورده النار »(2).
«فهذا كذب أظهر وأبين من كذب مسيلمة الكذاب»(3)
«فكيف هذا الرجل الجاهل بالحديث والأخبار ، بل بكل شيء ، حتى أنّي ندمت من معارضة كتابه وخرافاته بالجواب ، لسقوطه عن مرتبة المعارضة ، لانحطاط درجته في سائر العلوم، معقولها ومنقولها ، أصولها وفروعها ، لكن ابتليت بهذا مرّة فصبرت »(4) .
«والعجب من هذا الرجل أنّه يبالغ في احتراز الأنبياء عن الكذب وينسب الكذب الصراح إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، نعوذ باللّه من هذا» (5).
« هذا الرجل لا يعرف ما يقول ، وهو كالناقة العشواء يرتعي كلّ حشيش»(6) .
«أيّها الجاهل العامي ، الضال العاصي ، الشيعة ينسبون أنفسهم إلى الأئمة الاثني عشر ، أترى أئمة أهل السنة والجماعة يقدحون في أهل بيت النبوّة والولاية ؟! أتراهم يا أعمى القلب أنّهم يفترون مثلك ومثل أضرابك على الأئمّة ، ويفترون المطاعن|والمثالب ممّا لم يصح به خبر ، بل ظاهر
ص: 60
عليه آثار الوضع والبطلان ؟ ! » (1).
«ثمّ جاء ابن المطهر الأعرابي ، البوّال على عقبيه، ويضع لهم المطاعن ، قاتله اللّه من رجل سوء بطاط» (2).
«إن هذا الرجل السوء يذكر لمثل هذا الرجل [ يعني أبا بكر ] المطاعن ، لعن اللّه كلّ مخالف طاعن، وكنت حين بلغت باب المطاعن أردت أن أطوي عنه كشحاً ، ولا أذكر منه شيئاً ، لأنّها تؤلم خاطر المؤمن ويفرح بها المنافق الفاسد الدين، لأن من المعلوم أن هذا الدين قام في خلافة هؤلاء الخلفاء الراشدين، ولما سمع المنافق أن هؤلاء مطعونون فرح بأنّ الدين المحمدي لا اعتداد به ، لأنّ هؤلاء المطعونين - حاشاهم - كانوا مؤسسي هذا الدين، وهذا ثلمة عظيمة في الإسلام، وتقوية كاملة للكفر أقدم به الروافض لا أفلحوا .... »(3).
«ثمّ جاء البوّال الذي استوى قوله وبوله، فيجعله [أي: عثمان ] كالكفار ، ولا يقبل دفنه مع المسلمين، أنّ له وتُفّ ، والصفع على رقبته بكل كف »(4).
والفضل وإن كان يتظاهر في كتابه بحب أمير المؤمنين وأهل البيت عليهم السلام، ويعترف ببعض مناقبهم وفضائلهم ، لكنّه يحاول الدفاع عن
ص: 61
خصومهم وتبرئة مناوئيهم عن المثالب ، وتبرير أو تهوين ما صدر عنهم تجاه النبي وأهل بيته الأطهار، ولا بأس بإيراد طرف من نصوص عباراته في ذلك :
فمثلاً نجده يقول عن خروج عائشة ضدّ أمير المؤمنين علیه السلام ، تقود الجيوش لحربه في البصرة ، ما هذا لفظه :
«إنّها خرجت محتسبةً ، لأنّ قتلة عثمان قتلوا الإمام وهتكوا حرمة الإسلام ، فخرجت تريد الاحتساب وأخطأت في هذا الخروج مع الاجتهاد ، فيكون الحق مع علي ، وهي لم تكن عاصية ، للاجتهاد ... بل ذكر أرباب الأخبار أنّ بعد الفراغ من وقعة الجمل، دخل علي على عائشة ، فقالت عائشة : ما كان بيني وبينك إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها ! فقال أمير المؤمنين : واللّه ما كان إلا هذا. وهذا يدلّ على نفي العداوة ...»(1).
فاقرأ وأحكم في دين هذا الرجل وعقله بما يقتضيه العلم بالقرآن والأحكام الشرعية ومجريات الأمور .
ويقول عن الوليد بن عقبة وسعيد بن العاص وعبد اللّه بن سعد بن أبي سرح ، وأمثالهم ، ما نصه :
«معظم ما يطعنون على عثمان هو تولية بني أُمية على الممالك،
ص: 62
وذلك لأنه رأى أمراء بني أمية أولي رشد ونجابة وعلم بالسياسات ... وكان بنو أمية على هذه النعوت»(1).
قال العلّامة تحت عنوان مطاعن معاوية » : « وقد روى الجمهور منها أشياء كثيرة ، وهي أكثر من أن تحصى، منها ما روى الحميدي ، قال : قال رسول اللّهصلی اللّه علیه وال : ويح عمّار ! تقتله الفئة الباغية بصفين ، يدعوهم إلى الجنّة ويدعونه إلى النار(2) ؛ فقتله معاوية ؛ ولما سمع معاوية اعتذر فقال : قتله من جاء به فقال ابن عباس : فقد قتل رسول اللّه حمزة لأنه جاء به إلى الكفار ! )(3).
فقال الفضل : قول أهل السنة والجماعة في معاوية : إنه رجل من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله ] وسلّم ، وصحبته ثابتة . لا ينكره الموافق والمخالف ، وكان كاتب وحي رسول اللّه صلى اللّه عليه [ وآله]
وسلّم .
وبعد أن توفي رسول اللّه صلى اللّه عليه[ وآله] وسلّم ... ولاه عمر في إمارة الشام ... ثم ولاه عثمان الشام وأضافه ما فتحه من بلاد الروم ، وكان على ولايتها مدّة خلافة عثمان بن عفان . ثم لما تولّى الخلافة أمير المؤمنين علي عزله من إمارة الشام ...
ص: 63
ومذهب أهل السنّة والجماعة : إنّ الإمام الحق بعد عثمان كان عليّ ابن أبي طالب ، ولا نزاع لأحد من أهل السنة في هذا ، وإن كلّ من خرج على عليّ كانوا بغاةً ، على الباطل، ولكن كانوا من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، ينبغي أن يُحفظ اللسان عنهم ، ويُكَفَّ عن ذكرهم وما جرى بين الصحابة ، لأنه يورث الشحناء ويثير البغضاء ، ولا فائدة في ذكره .
وأما ما ذكره من مطاعن معاوية فلا اهتمام لنا أصلاً بالذب عنه ، فإنّه لم يكن من الخلفاء الراشدين حتى يكون الذب عنه موجباً لإقامة سنة الخلفاء وذبّ الطعن عن حريمهم، ليقتدوا بهم الناس ، ولا يشكوا في كونهم الأئمّة ، لأنّ معظم الإسلام منوط بآرائهم، فإنّهم كانوا خلفاء النبوة ووارثي العلم والولاية .
وأما معاوية فإنّه كان من ملوك الإسلام ،والملوك في أعمالهم لا يخلون عن المطاعن ، ولكن كفّ اللسان عنهم أَوْلى ، لأن ذكر مطاعنه لا تتعلّق به فائدة ما أصلاً ... وقد قال رسول اللّه : لا تذكروا موتاكم إلا بالخير . . . »(1) .
أقول :
في هذا الكلام ينصّ الفضل على عدم اهتمامهم بالذب عن معاوية، لكن أبناء تيمية وحجر وكثير والعربي وأمثالهم يهتمون الاهتمام البالغ بالذب عنه ، ولو سلمنا صدق الفضل - ولو في حق نفسه في الأقل -
ص: 64
في عدم الاهتمام بالذب عن معاوية والجواب عن مطاعنه ، فقد وجدنا في كلامه المذكور :
1 - يصف معاوية ب« كاتب وحي رسول اللّه» ، وهو ما يزعمه أولياؤه له ، وهو ممّا لا أساس له من الصحة، ولا نصيب له من الحقيقة .
2 - يدعو إلى الكفّ وحفظ اللسان عنه، بل يرى أولوية ذكره بالخير ، ولذا قال - في جواب رواية العلّامة «إن معاوية قتل أربعين ألفاً من المهاجرين والأنصار وأولادهم .. »(1) ، وروايته دخول أروى بنت الحارث ابن عبد المطلب على معاوية وقولها له : «لقد كفرت النعمة ، وأسأت لابن عمّك الصحبة ، وتسمّيت بغير اسمك ، وأخذت غير حقك . . . »(2) - : «إنّ هذه الحكايات والأخبار التي لم تصح بها رواية ، ولم يقم بصحتها برهان ، ترك ذكرها أولى وأليق ، سيّما أنّها متضمنة لنشر الفواحش وعظام هذه الجماعة رميمة، ولم يبق لهم آثار ...» (3).
3 - ويقول بأنه رجل من الصحابة وصحبته ثابتة ، مشيراً إلى ما كرّره في كتابه من وجوب تعظيم الصحابة كلهم ! ومن ذلك قوله : «مذهب عامة العلماء أنه يجب تعظيم الصحابة كلّهم ، والكف عن القدح فيهم ، لأنّ اللّه عظمهم وأثنى عليهم في غير موضع من كتابه ... والرسول قد أحبهم وأثنى عليهم في أحاديث كثيرة . ثم إن من تأمّل سيرتهم، ووقف على مآثرهم وجدّهم في نصرة الدين ، وبذلهم أموالهم وأنفسهم في نصرة اللّه ورسوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، لم يتخالجه شكٍّ في عظم شأنهم، وبراءتهم
ص: 65
عما نسب إليهم المبطلون من المطاعن ، ومنعه ذلك عن الطعن فيهم ، ورأى
ذلك مجانباً للإيمان»(1) .
أقول :
لكنّ المنصف إذا تأمل في هذه الكلمات ومناقشاته في استدلالات العلّامة ، حصل له الشك والتردّد في صدق الفضل في مقاله بأن لا اهتمام له بالذب عن معاوية ، لا سيّما بالنظر إلى قوله بالنسبة إلى الأخبار والحكايات التي استدل بها العلّامة : « لم تصح بها رواية ، ولم يقم بصحتها برهان »..
بل قوله في قضيّة سبّ معاوية لأمير المؤمنين علیه السلام : «أمّا سبّ أمير المؤمنين - نعوذ باللّه من هذا - فلم يثبت عند أرباب الثقة ، وبالغ العلماء في إنكار وقوعه، حتى إن المغاربة وضعوا كتباً ورسائل ، وبالغوا فيه كمال المبالغة ...» (2)يدلّ بوضوح على كونه في مقام الدفاع عن معاوية بكلّ اهتمام ! وذلك لوجود أخبار سب معاوية لأمير المؤمنين علیه السلام ، وحتّ الناس على ذلك ، في كثير من الكتب المعتمدة عند القوم ، حتى في الصحاح ! . .
أخرج مسلم في صحيحه : «أمر معاوية سعداً فقال : ما منعك أن تسب أبا تراب ؟! فقال : أما ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ له رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم فلن أسبّه ، لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم ، سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم يقول له - وقد
ص: 66
خلّفه في بعض مغازيه ، فقال له عليٌّ : يا رسول اللّه ! خلفتني مع النساء والصبيان ؟! فقال له رسول اللّه - : أما ترضى ... وسمعته يقول يوم خيبر : لأعطين الراية ... ولما نزلت هذه الآية «تعالوا . . . »(1). . . » (2) .
فهذا الحديث في كتاب التزموا بصحة رواياته ، ودلالته واضحة .
هذا ، ولفظاعة صنع معاوية ، ولأنّ النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال : «من سبّ عليّاً فقد سبني »(3) .. ومن سب رسول اللّه فهو كافر بالإجماع ، ولأن ثبوت كفر معاوية بهذا وغيره يؤدي إلى الطعن في من نصبه وفي من سبقه ، تحيّر القوم وأضطربوا !!
أما تكذيب الخبر - كما فعل الفضل - فمردود بأنه في الصحيح . .
وأما الالتزام به لصحته فيترتب عليه ما ذكرناه ، وهو هادم لأساس مذهبهم ، فكأنّهم لم يجدوا بُدّاً من التلاعب في متن الحديث :
فرواه بعضهم بلفظ : «قدم معاوية في بعض حجاته ، فدخل على سعد ، فذكروا عليّاً، فنال منه ، فغضب سعد . . . » (4) .
ثمّ جاء ابن كثير فأسقط جملة : فنال منه ، فغضب سعد» (5).
ورواه أحمد في المناقب باللفظ التالي : «ذكر علي عند رجل وعنده سعد بن أبي وقاص ، فقال له سعد : أتذكر علياً ؟ ! . . . »(6) .
ص: 67
ورواه النسائي في الخصائص بلفظ آخر ، هو : « عن سعد ، قال : كنت جالساً فتنقصوا عليّ بن أبي طالب ، فقلت : لقد سمعت رسول اللّه ...» (1).
وأبو نعيم الأصفهاني أراح نفسه من المشكلة، فأسقط القصة من
أصلها ! فلم يذكر إلا : «عن سعد بن أبي وقاص ، قال : قال رسول اللّه في علي ثلاث خلال ...»(2).
ومن ذا الذي يشك في عداء عبد اللّه بن الزبير لأمير المؤمنين عليه السلام ؟! ومع ذلك يعدّه الفضل في ذلك يعده الفضل في الخلفاء الراشدين بزعمه ! فيقول في معنى حديث الاثني عشر خليفة : «ثمّ ما ذكر من عدد اثني عشر خليفة ، فقد اختلف العلماء في معناه ، فقال بعضهم : هم الخلفاء بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله] وسلّم ، وكان اثنا عشر منهم ولاة الأمر إلى ثلاثمائة سنة ، وبعدها وقعت الفتن والحوادث ، فيكون المعنى أن أمر الدين عزيز في مدة خلافة اثني عشر ، كلهم من قريش .
وقال بعضهم : إن عدد الصلحاء الخلفاء من قريش اثنا عشر ، وهم : الخلفاء الراشدون ، وهم خمسة ، وعبد اللّه بن الزبير، وعمر بن عبد العزيز ، وخمسة أُخر من خلفاء بني العباس. فيكون هذا إشارة إلى الصلحاء من
الخلفاء القرشية »(3) .
وإذا كان من الخلفاء الراشدين فما هو الأصل في أعمالهم بنظره ؟ !
ص: 68
قال : «الأصل أن تحمل أعمال الخلفاء الراشدين على الصواب»(1) !
وقال الفضل - وهو في الحقيقة يقصد الدفاع عن أنس بن مالك - : وأما ما ذكر أن أمير المؤمنين استشهد من أنس بن مالك ، فاعتذر بالنسيان ، فدعا عليه ؛ فالظاهر أنّ هذا من موضوعات الروافض ...»(2).
وأقول :
ذكر هذا الخبر : ابن السائب الكلبي في جمهرة النسب، والبلاذري في أنساب الأشراف ، وأبن قتيبة في المعارف ، وعنه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ، وأبن عساكر في تاريخ دمشق ، وأبن حجر في الصواعق ، وغيرهم من أعلام الحديث والتاريخ(3).
وكم من قضيّة ثابتة لا تقبل الجدل والتشكيك كذبها الفضل
ص: 69
وأنكرها ! وجعل يسب ويشتم العلّامة لذكرها !!
وقد رأينا أن نذكر عشرة موارد من هذا القبيل ، تاركين الحكم للباحث المنصف الحرّ :
قال الفضل : قد صح أن أبا بكر لم يكن في جيش أسامة ، وقد قال الجزيري : من ادعى أن أبا بكر كان في جيش أسامة فقد أخطأ ، لأن النبي بعد أن أنفذ جيش أسامة قال : مُرُوا أبا بكر فليصل بالناس ؛ ولو كان مأموراً بالرواح مع أسامة لم يكن رسول اللّه يأمره بالصلاة بالأمة»(1)
أقول :
هذا كلامه !
ونحن للاختصار نكتفي بكلام الحافظ ابن حجر العسقلاني في شرح البخاري ، فإنّه يقول ما ملخصه :
«كان تجهيز أسامة يوم السبت، قبل موت النبي بيومين ... فبدأ برسول اللّه وجعه في اليوم الثالث ، فعقد لأسامة لواء بيده ، فأخذه أسامة ، فدفعه إلى بريدة، وعسكر بالجرف . وكان ممّن ندب مع أسامة من كبار
المهاجرين والأنصار ، منهم : أبو بكر، وعمر، وأبو عبيدة، وسعد وسعيد ، وقتادة بن النعمان ، وسلمة بن أسلم . فتكلّم في ذلك قوم ... ثمّ اشتد برسول اللّه وجعه فقال : أنفِذوا جيث- أسامة .
ص: 70
وقد روي ذلك عن : الواقدي، وابن سعد ، وأبن إسحاق ، وأبن الجوزي ، وابن عساكر ...» (1).
وقال الفضل : «وأما ما ذكر أن أبا بكر تفرّد برواية هذا الحديث من بين سائر المسلمين ، فهذا كذب صراح ... فكيف يقول هذا الفاجر الكاذب إن أبا بكر تفرد برواية حديث عدم توريث رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله ] وسلّم ؟ ! » (2) .
أقول :
هذا كلامه ، ونحن نذكر أسماء بعض كبار أئمّة أهل السنّة ممّن نص على تفرّد أبي بكر بالحديث المزبور ، ونشير إلى محال كلماتهم في ذلك :
القاضي الإيجي.. (3)
الفخر الرازي ..(4)
أبو حامد الغزالي ..(5)
ص: 71
سيف الدين الآمدي.. (1).
علاء الدين البخاري..(2)
سعد الدين التفتازاني..(3)
جلال الدين السيوطي عن : البغوي وأبي بكر الشافعي وأبن عساكر(4).
المتقي الهندي ، عن : أحمد ومسلم وأبي داود وابن جرير والبيهقى.. (5)
ابن حجر المكي (6).
وقال الفضل : «وأما ما ذكره من كشف بيت فاطمة ، فلم يصح بهذا رواية قطعاً » (7).
أقول :
خبر كشف بیت فاطمة الزهراء عليها السلام من أصدق الأخبار
ص: 72
وأثبتها ، وقد رواه جمع كثير من الأئمة الأعلام من أهل السنّة في كتبهم المعروفة المشهورة ، فمنهم من رواه بالإسناد، ومنهم من أرسله إرسال المسلّمات ، وتنتهي أسانيدهم إلى أبي بكر نفسه ، في خبر يبدي فيه أبو بكر أسفه على أمورٍ فعلها ود لو تركها ، في كلام طويل ، ونحن نذكر القدر المحتاج إليه هنا ، وذلك قوله : وددت أني لم أكشف بيت فاطمة عن شيء وإن غلّقوه على الحرب".
ومن رواته :
أبو جعفر الطبري ، في التاريخ 353/2 ..
وأبو عبيد القاسم بن سلام ، في كتاب الأموال : 174 ..
وابن عبد ربه القرطبي، في العقد الفريد 279/3 ..
والمسعودي ، في مروج الذهب 301/2. .
وابن قتيبة ، في الإمامة والسياسة 36/1 ..
وسعيد بن منصور ..
والطبراني، في المعجم الكبير 62/1 ح 43 ..
وابن عساكر ، في تاريخ دمشق 418/30 - 422 . .
وخيثمة بن سليمان الأطرابلسي ..
والمتقي الهندي ، عن الأربعة الأواخر ، في كنز العمّال 631/5 ح14113.
ولقد رواه الطبري قائلاً : حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا
يحيى بن عبد اللّه بن بكير ، قال : حدثنا الليث بن سعد، قال حدثنا
علوان ، عن صالح بن كيسان، عن عمر بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه ، أنّه دخل على أبي بكر .... فأورد الخبر بطوله ، وفيه : «فوددت اني
ص: 73
لم أكشف بيت فاطمة عن شيء وإن كانوا قد غلّقوه على الحرب» ثم قال بعد الخبر :
«قال لي يونس : قال لنا يحيى : ثمّ قدم علينا علوان بعد وفاة الليث ، هذا الحديث ، فحدثني به كما حدثني الليث بن سعد حرفاً أنه حدّث هو به الليث بن سعد، وسألته عن اسم أبيه فأخبرني أنه علوان بن داود».
ثمّ قال الطبري : «وحدثني محمد بن إسماعيل المرادي ، قال : حدثنا عبد اللّه بن صالح المصري ، قال : حدثني الليث ، عن علوان بن صالح ، عن صالح بن كيسان ، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، أن أبا بكر الصديق قال ... ثم ذكر نحوه ولم يقل فيه : ( عن أبيه ) »(1) .
صحّة السند :
أقول : ورجال السند كلهم ثقات، وأكثرهم من الأئمة الأعلام :
*فأما يونس بن عبد الأعلى، الصدفي المصري ، فهو من رجال مسلم والنسائي وابن ماجة ، ومن مشايخ أبي حاتم وأبي زرعة وابن خزيمة وأبي عوانة وأمثالهم من الأئمة ؛ وقد وُصف ب- «ركن من أركان الإسلام »وقال الذهبي عنه : «كان كبير المعدّلين والعلماء في زمانه بمصر».. «كان قرّة عین ،مقدّماً في العلم والخير والثقة»، توفي سنة 264(2).
*وأما يحيى بن عبد اللّه بن بكير، المصري، فهو من رجال الصحيحين وغيرهما، ووصفه الذهبي ب- «الإمام المحدّث ، الحافظ
ص: 74
الصدوق ... كان غزير العلم، عارفاً بالحديث وأيّام الناس ، بصيراً بالفتوى ، صادقاً ، ديناً ... ما علمت له حديثاً منكراً حتّى أُورده مات سنة231 (1).
*وأمّا الليث بن سعد ، عالم الديار المصرية، فهو من رجال الستة .. قال الذهبي : «كان الليث رحمه اللّه فقيه مصر ومحدثها ومحتشمها ورئيسها، ومن يفتخر بوجوده الإقليم . . . » (2).
*وأما علوان بن داود ، فقد أورده أبو حاتم في الثقات(3) ، وحسنه سعيد بن منصور كما سيأتي ، وكذا ورد في سند الحاكم في مستدركه كما ستعلم كذلك .
وأبن أبي حاتم ذكره بعنوان «علوان بن إسماعيل» ، قال : «علوان بن إسماعيل الفرقسائي، روى عن حميد بن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف .. روى عنه : الليث ... سمعت أبي يقول ذلك»(4) . وقيل : علوان بن صالح (5) ، وهكذا ورد في الإسناد الثاني للطبري(6) ، وفي بعض الكتب أنه توفي سنة 180(7).
*وأما صالح بن كيسان، فهو من رجال الصحاح الستة ، قال الذهبي : صالح بن كيسان ، الإمام الحافظ الثقة ، أبو محمد ، ويقال : أبو
ص: 75
الحارث ، المدني ...»(1)
*وأما عمر بن عبد الرحمن بن عوف، فهو من رجال أبي داود ، .قال الحافظ ابن حجر : مقبول »(2) .
وتلخص : صحة الحديث على ضوء كلمات علماء القوم ، مضافاً إلى :
1 - إن الحاكم النيسابوري أخرج قطعةً منه ، في كتاب الفرائض ، من المستدرك على الصحيحين بإسناده عن علوان بن داود ، عن صالح بن كيسان ، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه ؛ وهي قوله : «وددت أني سألت النبي صلی اللّه علیه واله عن ميراث العمة والخالة ، فإنّ في نفسي منها حاجة» (3)
2 - إن المتقي الهندي أخرج الحديث ، فأسنده إلى : أبي عبيد في كتاب الأموال ، والعقيلي ، وخيثمة بن سليمان الأطرابلسي في فضائل الصحابة ، الطبراني ، ابن عساكر ، سعيد بن منصور ، وقال : «إنّه حديث
حسن»(4) .
وسعيد بن منصور الذي حسن الحديث من أعلام الأئمة في الحديث والرجال ، ومن رجال الصحاح الستة .
فعن أحمد بن حنبل : كان سعيد من أهل الفضل والصدق .
وعن أبي حاتم الرازي : هو ثقة ، من المتقنين الأثبات ، ممّن جمع
ص: 76
وصنف .
وقال الذهبي : الحافظ الإمام ، شيخ الحرم ، مؤلف كتاب السنن(1) (2)
3 - إن سعيد بن عفير ، الراوي الآخر للحديث عن علوان بن داود ، وهو سعيد بن كثير بن عفير المصري، وينسب إلى جده ، من رجال الصحيحين وغيرهما ..
وقال ابن عدي ما ملخصه : «لم أسمع أحداً ولا بلغني عن أحد من الناس كلام في سعيد بن كثير بن عفير ، وهو عند الناس صدوق ثقة . وقد حدث الأئمّة من الناس ، ولا أعرف سعيد بن عفير غير المصري ، ولم أجد لسعيد بعد استقصائي على حديثه شيئاً مما ينكر عليه أنه أتى بحديث به برأسه إلا حديث مالك عن عمه أبي سهيل، أو أتى بحديث زاد في إسناده إلا حديث غسل النبي ، وكلا الحديثين يرويهما عنه ابنه عبيد اللّه ، ولعلّ البلاء من عبيد اللّه ، لأني رأيت سعيد بن عفير مستقيم الحديث (3).
وذكر الذهبي كلام ابن عدي وتعقبه : بلى ، لسعيد حديث منكر من رواية عبد اللّه بن حماد الأملي ، عن سعيد بن عفير ، عن يحيى بن أيوب ، عن عبيد اللّه بن عمر ، عن أبي الزبير ، عن جابر مرفوعاً، في عدم وجوب العمرة . . . » (4).
وتلخص : إنّ الرجل من أصدق الناس وأوثقهم، وإن حديثه عن «علوان» ليس حديثاً منكراً .
ص: 77
هذا ، وقد رواه عن علوان بن داود رجل آخر أيضاً ، اسمه الوليد بن الزبير ، كما سيأتي في رواية ابن عساكر .
4 - إن ابن عساكر أخرج هذا الحديث وليس فيه «علوان» ، قال : أخبرنا أبو البركات عبد اللّه بن محمد بن الفضل الفراوي وأُمّ المؤيد نازيين المعروفة بجمعة بنت أبي حرب محمد بن الفضل بن أبي حرب ، قالا : أنا أبو القاسم الفضل بن أبي حرب الجرجاني ، أنبأ أبو بكر أحمد بن الحسن ، نا أبو العباس أحمد بن يعقوب ، نا الحسن بن مكرم بن حسان البزار أبو علي ببغداد ، حدثني أبو الهيثم خالد بن القاسم ، قال : حدثنا ليث ابن سعد، عن صالح بن كيسان، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبيه ، أنه دخل على أبي بكر...»
قال ابن عساكر: كذا رواه خالد بن القاسم المدائني عن الليث ، وأسقط منه علوان بن داود .
وقد وقع لي عالياً من حديث الليث ، وفيه ذكر علوان ، أخبرناه ...» .
ثمّ قال : ورواه غير الليث عن علوان ، فزاد في إسناده رجلاً بينه وبين صالح بن كيسان ، أخبرناه أبو القاسم بن السوسي وأبو طالب الحسيني ، قالا : أنا علي بن محمد، أنا أبو محمد بن أبي نصر ، أنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان(1) ، أنا أبو محمد عبد اللّه بن زيد بن عبد الرحمن النهراني ، نا الوليد بن الزبير ، ثنا علوان بن داود البجلي ، عن أبي محمد المدني، عن صالح بن كيسان ، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبيه ، قال : دخلت على أبي بكر ... (2).
ص: 78
قلت :
والظاهر وقوع السهو في هذا السند ، فإنّ «أبو محمد المدني» هو صالح بن كيسان لا غيره ، و الوليد بن الزبير» كأنه الذي ذكره ابن أبي حاتم ، قال : سمع منه أبي بحمص وروى عنه أبي بحمص وروى عنه ... سئل أبي عنه فقال : صدوق »(1) .
ه - إن أبا عبيد ...
وهو القاسم بن سلام ، الإمام الحافظ ، المجتهد ، ذو الفنون ، المقبول عند الكلّ ، قال إسحاق بن راهويه : إن اللّه لا يستحيي من الحقِّ ، أبو عبيد أعلم منّي ومن ابن حنبل والشافعي ... توفي سنة 224 (2)، روى في كتاب الأموال قال : حدثني سعيد بن عفير ، قال : حدثني علوان بن داود - مولى أبي زرعة بن عمرو بن جرير ، عن حميد ابن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن صالح بن كيسان ، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه عبد الرحمن . قال : دخلت على أبي بكر أعوده في مرضه الذي توفّي فيه ، فسلمت عليه ، وقلت : ما أرى بك بأساً والحمد لله ، ولا تأس على الدنيا ، فواللّه إن علمناك إلا كنت صالحاً مصلحاً.
فقال : أما إنّي لا آسى على شيء إلا على ثلاث فعلتهم وددت أني لم أفعلهم ، وثلاث لم أفعلهم وددت أني فعلتهم، وثلاث وددت أني سألت رسول اللّه عنهم .
فأمّا التي فعلتها ووددت أني لم أفعلها فوددت أني لم أكن فعلت
ص: 79
كذا وكذا - لخلة ذكرها ، قال أبو عبيد : لا أريد ذكرها (1). . . .(2)
أقول :
لو كان ما فعله أبو بكر حقاً ، لما أعرض أبو عبيد عن ذكره ، ولو كان الخبر كذباً لكذب الخبر قبل أن يكتم تلك الخلة ولا يذكرها !! - وإن ابن تيمية - المعروف بنصبه وعناده لأهل البيت علیهم السلام
يعترف بالقضية ثم يقول بلا حياء : «إنّه كبس البيت لينظر هل فيه شيء من مال اللّه الذي يقسمه وأن يعطيه لمستحقه ، ثم رأى أنه لو تركه لهم لجاز فإنّه يجوز أن يعطيهم من مال الفيء»(3) .
وقال الفضل : «شأن أئمة الإسلام وخلفاء النبوة أن يحفظوا صورة سنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله] وسلّم في الأمة ، فأمرهم بترك المغالاة ، والإجماع على أن الإمام له أن يأمر بالسُنّة أن يحفظوها ، ولا يختص أمره بالواجبات ، بل له الأمر بإشاعة المندوبات ، وهذا مما لا نزاع فيه ، كما أجاب قاضي القضاة بأنّه طلب الاستحباب في ترك المغالاة والتواضع في قوله ، وأما تخطئة قاضي القضاة في جوابه ، فخطأ بيّن ، لأنّه لم يرتكب المحرّم ، بل هدّد به . . . » (4).
ص: 80
أقول :
لقد حرّم عمر المغالاة بالمهر ، وهذا ما فهمه الناس من كلامه ، وهو ما رواه وفهمه كذلك أئمة القوم من قوله .
أما أصل خطبته في ذلك ، فقد أخرجه أحمد في المسند (1) والدارمي والترمذي وابن ماجة والنسائي والبيهقي في سننهم في كتاب النكاح (2) ، وقال الحاكم بعد أن روى الحديث ببعض طرقه : «فقد تواترت الأسانيد الصحيحة بصحة خطبة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب . وهذا الباب لي مجموع في جزء كبير ، ولم يخرجاه ».
فقد نص على تواتر الخبر، ووافقه الذهبي (3) . ولكن لم يذكر اعتراض المرأة ، ولا كلام عمر ، ثم عدوله عما قاله ! ..
قال السيوطي : وأخرج سعيد بن منصور وأبو يعلى - بسند جيد- عن مسروق ، قال : ركب عمر بن الخطاب المنبر ثمّ قال : أيها الناس ! ما إكثاركم في صداق النساء ، وقد كان رسول اللّه وأصحابه وإنّما الصدقات في ما بينهم أربعمائة درهم فما دون ذلك ، ولو كان الإكثار في ذلك تقوى عند اللّه أو مكرمة لم تسبقوهم إليها ؛ فلا أعرفنّ ما زاد رجل في صداق امرأة على أربعمائة درهم . ثم نزل .
فاعترضته امرأة من قريش فقالت له : يا أمير المؤمنين ! نهيت الناس
ص: 81
أن يزيدوا النساء في صدقاتهنّ على أربعمائة درهم ؟! قال : نعم . فقالت : أما سمعت ما أنزل اللّه ، يقول : « »(1) فقال : اللّهم غفرانك ، كلّ الناس أفقه من عم عمر .
ثم رجع ، فركب المنبر فقال : يا أيها الناس ! إنّي كنت قد نهيتكم أن تزيدوا النساء في صدقاتهنّ على أربعمائة درهم، فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحبّ .
وأخرج عبد الرزاق وأبن المنذر عن أبي عبد الرحمن السلمي ، قال : قال عمر بن الخطاب : لا تغالوا في مهور النساء . فقالت امرأة : ليس ذلك لك يا عمر ، إن اللّه يقول : «وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا» - من ذهب . قال : وكذلك هي في قراءة ابن مسعود- ، فقال عمر : إنّ امرأة خاصمت عمر فخصمته .
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات ، عن عبد اللّه بن مصعب ، قال : قال عمر : لا تزيدوا في مهور النساء على أربعين أوقية ، فمن زاد ألقيت الزيادة في بيت المال. فقالت امرأة : ما ذاك لك ! قال : ولم ؟! قالت : لأنّ اللّه يقول : «وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا » . فقال عمر : امرأة أصابت ورجل أخطأ » (2).
وتلخص :
1 - إن عمر حرّم .
2 - وهدّد بإلقاء الزيادة في بيت المال .
ص: 82
3 - وإن الناس فهموا من كلامه التحريم ، فاعترضته المرأة القرشية .
4 - وخصمته بالقرآن ، فرجع عن تحريمه .
5 - وظهرت جرأته على اللّه تعالى، أو جهله بالأحكام الشرعية .
وهذا الموضع أيضاً من جملة المواضع التي يظهر فيها الفرق بين ابن روزبهان وابن تيمية ، فإنّ ابن تيمية يصرّح بكون قوله مخالفاً للنص ، وإنّه قد أخطأ فيه ، إلا أنّه كان مجتهداً ، وهو لم ينفّذ اجتهاده لما علم ببطلانه(1) .
وقال الفضل : «قد ثبت في الصحاح عن زيد بن ثابت أن النبي صلّى اللّه عليه وآله] وسلّم اتخذ حجرةً في المسجد ، وعن ابي هريرة : كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله] وسلّم يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة ... ثمّ كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدراً من خلافة عمر ، وعن أبي ذرّ ..
وهذه الأخبار كلّها في الصحاح ، وهذا يدل على إن رسول اللّه كان يصلّي التراويح بالجماعة أحياناً ولم يداوم عليها مخافة أن تفرض على المسلمين فلم يطيقوا ..
فلما انتهى هذه المخافة جمعهم عمر وصلّى التراويح ... فقال عمر : بدعة ونعمت البدعة ! أراد به أنه لم يتقرّر أمرها في زمان رسول اللّه ، وهذا لا ينافي كونها معمولة في بعض الأوقات ...(2) .
ص: 83
أقول :
ذكر الحافظ السيوطي في رسالته المصابيح في صلاة التراويح ما ملخصه :
سئلت مرات : هل صلى النبي صلى اللّه عليه [ وآله] وسلّم التراويح وهي العشرون ركعة المعهودة الآن ؟ وأنا أجيب بلا، ولا يقنع منّي بذلك ، فأردت تحرير القول فيها ؛ فأقول : الذي وردت به الأحاديث الصحيحة والحسان والضعيفة : الأمر بقيام رمضان والترغيب فيه، من غير تخصيص بعدد ، وإنّه لم يثبت أنّه صلّى اللّه عليه وآله] وسلّم صلّى عشرين ركعة ، وإنّما صلّى ليالى صلاة لم يذكر عددها ، ثمّ تأخّر في الليلة الرابعة خشية أن تفرض عليهم فيعجزوا عنها .
وقد تمسك بعض من أثبت ذلك بحديث ورد فيه ، لا يصلح الاحتجاج به ، وأنا أورده و أبين وهاءه ، ثمّ أُبين ما ثبت بخلافه :
روى ابن أبي شيبة في مسنده ، قال : حدثنا يزيد ، أنا إبراهيم بن عثمان ، عن الحكم بن مقسم، عن ابن عباس : أن رسول اللّه كان يصلي في رمضان عشرين ركعة والوتر ...
قلت : هذا الحديث ضعيف جداً لا تقوم به حجّة . قال الذهبي في الميزان : إبراهيم بن عثمان أبو شيبة الكوفي ، قاضي واسط ... ( فذكر الكلمات في تجريحه) . قال الذهبي : ومن مناكيره ما رواه عن الحكم بن مقسم عن ابن عباس ، قال : كان رسول اللّه يصلّي في رمضان في غير جماعة عشرين ركعة والوتر ...
الوجه الثاني : إنّه قد ثبت في صحيح البخاري وغيره عن عائشة :
ص: 84
سئلت عن قيام رسول اللّه في رمضان فقالت : ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة .
الثالث : قد ثبت في صحيح البخاري عن عمر أنه قال في التراويح : نعمت البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل فسماها بدعة ، يعني بدعة حسنة . وذلك صريح في أنّها لم تكن في عهد رسول اللّه . وقد نص على ذلك الإمام الشافعي وصرّح به جماعات من الأئمة ، منهم الشيخ عز الدين ابن عبد السلام حيث قسّم البدعة إلى خسمة أقسام وقال : ومثال المندوبة صلاة التراويح ، ونقله عنه النووي في تهذيب الأسماء واللغات . ثمّ قال : وروى البيهقي بإسناده في مناقب الشافعي عن الشافعي ... وقد قال عمر في قيام شهر رمضان نعمت البدعة هذه يعني : إنّها محدثة لم تكن . هذا آخر كلام الشافعي .
الرابع : إنّ العلماء اختلفوا في عددها ، ولو ثبت ذلك من فعل النبي لم يُختلف فيه .
وفي الأوائل للعسكري : أوّل من سنّ قيام رمضان عمر، سنة أربع عشرة . وأخرج البيهقي وغيره من طريق هشام بن عروة عن أبيه ، قال : إنّ عمر بن الخطاب أوّل من جمع الناس على قيام شهر رمضان ، الرجال على أبي بن كعب، والنساء على سليمان بن أبي حثمة . وأخرج ابن سعد عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة ، نحوه ..
وأخرج أحمد بسند حسن عن أبي هريرة ، قال : سمعت رسول اللّه يرغب في قيام رمضان ولم يكن رسول اللّه جمع الناس على القيام »(1) .
ص: 85
هذه خلاصة ما ذكره السيوطي في رسالته .
فالحاصل : أوّلاً: إنّ النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لم يصل الركعات المعهودة عندهم في شهر رمضان ، أصلاً .
وثانياً : إنّه لم يصل تلك الركعات جماعة .
وثالثاً : إنّ القيام بهذه الصلاة جماعة من أوليات عمر وبدعه ، وإن ذلك رأي الشافعي وجماعات كبيرة من
الأئمّة الأعلام.
وقال الفضل : «الأئمة المجتهدون قد يعرض لهم الخطأ في الأحكام ...
وإن صح ما ذكر من حكم عمر في الحامل والمجنونة، فربما كان الشيء مما ذكرناه ، ولا يكون هذا طعناً .
وكيف يصح لأحدٍ أن يطعن في علم عمر وقد شاركه النبي في علمه كما ورد في الصحاح عن ابن عمر ؟! ... »(1) .
أقول :
قد ثبت جهل عمر بآيات الكتاب والأحكام الشرعية ، في موارد كثيرة ، فإن أصر أولياؤه على كونه عالماً بالكتاب والأحكام ، لزمهم القول بجرأته على اللّه والرسول في تلك المواضع ، ومخالفته للنصوص عن علم وعمد..
ص: 86
ومن ذلك هذان الموضعان وقد ثبت في المصادر أن أمير المؤمنين عليه السلام هو الذي منعه من رجمها، وتشكيك ابن روزبهان في صحة الخبر مكابرة واضحة ، تبع فيها ابن تيمية الحراني (1).
أمّا قضيّة المرأة الحامل التي ولدت لستة أشهر فهم عمر برجمها ، فقد أخرجها :
عبد الرزاق بن همام الصنعاني ..(2)
وعبد بن حميد (3)..
وابن المنذر (4) .
وابن أبي حاتم(5) ...
والبيهقي..(6)
وابن عبد البر (7)..
والمحب الطبري(8)
والمتقي الهندي (9)..
قال ابن عبد البر : فكان عمر يقول : لولا علي لهلك عمر(10).
ص: 87
وأمّا قضية المرأة المجنونة التي زنت ، فقد أخرجها :
عبد الرزاق بن همام(1)..
والبخاري (2)..
وأحمد ..(3)..
والدارقطني (4)..
وغيرهم من الأئمّة الأعلام (5) . . قال المناوي : فقال عمر : لولا عليٌّ هلك عمر» (6) .
فكيف يكون عمر مشاركاً للنبي في علمه والحال هذه ؟!
ألا تكذب هذه الواقعة الثابتة مثل تلك الأخبار ، لا سيما وأنّها مروية عن ابن عمر ؟!
ص: 88
وقال الفضل : ضرب عثمان عبد اللّه بن مسعود ممّا لا رواية فيه أصلاً إلا لأهل الرفض، وأجمع الرواة من أهل السنّة أن هذا كذب وافتراء ، وكيف يضرب عثمان عبد اللّه بن مسعود وهو من أخص أصحاب رسول اللّه ومن علمائهم ؟! . . . » (1) .
أقول :
قال ابن قتيبة : « وكان ممّا نقموا على عثمان أنّه ... طلب إليه عبد اللّه ابن خالد بن أسيد صلةً ، فأعطاه أربعمئة ألف درهم من بيت مال المسلمين ، فقال عبد اللّه بن مسعود في ذلك ، فضربه إلى أن دقّ له
ضلعين »(2) .
وتجد ما كان بينه وبين ابن مسعود في :
تاريخ الطبري 595/2 - 596 . .
العقد الفريد 308/3 ..
الأوائل - لأبي هلال العسكري - : 129. .
الكامل في التاريخ 477/2..
أسد الغابة 285/3 رقم 3177..
الرياض النضرة 84/3 ..
ص: 89
تاريخ الخلفاء : 185..
تاريخ الخميس 261/2..
ومصادر كثيرة غيرها في التاريخ والسير ومباحث الإمامة (1) . فهل هؤلاء من أهل الرفض ؟ !
وقال الفضل : وضرب عمّار بن ياسر ممّا لا رواية به في كتاب من الكتب، ونحن نقول في جملته : إن هذه الأخبار وقائع عظيمة تتوفر الدواعي على نقلها وروايتها ، أترى جميع أرباب الروايات سكتوا عنه إلا شرذمة يسيرة من الروافض ؟! ولقد صدق مأمون الخليفة حيث قال : أربعة في أربعة ... والكذب في الروافض ... »(2)
أقول :
إن كان هذا الخبر كذباً ، فالقوم أكذب من غيرهم ؛ لأنّهم يكذبون على الخلفاء الراشدين عندهم !!
إن خبر ضرب عثمان عمّار بن ياسر رضي اللّه عنه موجود في أشهر كتب القوم في التواريخ والسير ، وغيرها ..
قال ابن عبد ربه : ومن حديث الأعمش - يرويه أبو بكر بن أبي شيبة - قال : كتب أصحاب عثمان عيبه وما ينقم الناس عليه ، في صحيفة ،
ص: 90
91
فقالوا من يذهب بها إليه ؟ فقال عمار: أنا . فذهب بها إليه ، فلما قرأها قال : أرغم اللّه أنفك . قال : وأنف أبي بكر وعمر . قال : فقام إليه فوطئه حتّى غشي عليه . ثمّ ندم عثمان وبعث إليه طلحة والزبير يقولان له: اختر إحدى ثلاث، إمّا أن تعفو، وإما أن تأخذ الأرش، وإما أن تقتص . فقال : واللّه لا قبلت واحدة منها حتّى ألقى اللّه . قال أبو بكر : فذكرت هذا الحديث للحسن بن صالح ، فقال : ما كان على عثمان أكثر ممّا
صنع»(1).
وفي الاستيعاب : «فاجتمعت بنو مخزوم وقالوا : واللّه لئن مات لا قتلنا به أحداً غير عثمان(2) .
وروى الطبري وابن الأثير - في خبر - : قال مسروق بن الأجدع لعمّار : ( يا أبا اليقظان ، على ما قتلتم عثمان ؟! قال : على شتم أعراضنا وضرب أبشارنا . فقال : واللّه ما عاقبتم بمثل ما عوقبتم به ، ولئن صبرتم لكان خيراً للصابرين»(3).
وحتى أئمة اللغة أوردوا القصّة ، ففي مادة «صبر» ما نصه عن ابن الأثير وابن منظور والزبيدي : « وفي حديث عمار حين ضربه عثمان ، فلمّا عوتب في ضربه إيّاه قال : هذه يدي لعمّار فليصطبر . معناه : فليقتص »(4).
وقال الفضل : «أمّا سبّ أمير المؤمنين - نعوذ باللّه منهذا - فلم يثبت
ص: 91
عند أرباب الثقة ، وبالغ العلماء في إنكار وقوعه ، حتى إن المغاربة وضعوا كتباً ورسائل وبالغوا فيه كمال المبالغة . وأنا أقول شعراً . . . »(1) .
أقول :
لا يدافع عن معاوية - رئيس الفرقة الباغية - إلا النواصب ، بل إنّ أكثرهم وقاحة وأشدّهم نصباً لا يجرأ على تكذيب سب معاوية لأمير المؤمنين عليه السلام ، لأن ذلك من ضروريات التاريخ ..
وقوله : «فلم يثبت عند أرباب «الثقة يكفي في كذبه ما أخرجه مسلم في صحيحه : «قال : أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال : ما منعك أن تسبّ أبا التراب ؟! فقال : أما ما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول اللّه فلن
أسبه . . . »(2).
وقال السيوطي : كان بنو أمية يسبّون علي بن أبي طالب في الخطبة ، فلما ولّي عمر بن عبد العزيز أبطله وكتب إلى نوّابه بإبطاله وقرأ مكانه
«إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ »(3) الآية . فاستمرت قراءتها إلى الآن» (4).
وقال الجاحظ : «إن قوماً من بني أُميّة قالوا لمعاوية يا أمير : المؤمنين ! إنّك قد بلغت ما أملت ، فلو كففت عن هذا الرجل ؟ فقال : لا واللّه حتى يربو عليه الصغير، ويهرم عليه الكبير، ولا يذكر له ذاكر
ص: 92
فضلاً» (1)
هذا ، وأبن تيمية لم ينكر سب معاوية لأمير المؤمنين وأمره بذلك ، وإنّما جَعَلَ يدافع عن ذلك ! وكان مما صرّح به قوله : ومعاوية رضي اللّه عنه وأصحابه ما كانوا يكفّرون عليّاً ... ومن سب أبا بكر وعمروعثمان فهو أعظم إثماً ممّن سبّ عليّاً وإن كان متأولاً » (2) فاقرأ وأحكم !!
وقال الفضل - بجواب بيان العلّامة كيفية استناد العلوم الإسلامية كلّها ورجوعها إلى أمير المؤمنين عليه السلام -: «وأما قوله : إن الشافعي قرأ على محمد بن الحسن ، فهو كذب باطل » (3).
أقول :
قال المزي بترجمة الشافعي : روى عن : إبراهيم بن سعد الزهري ... ومحمّد بن الحسن الشيباني ، ومحمد بن خالد الجندي . . . »(4) .
وقال الخطيب : سمع من مالك بن أنس ... ومحمد بن الحسن الشيباني ، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي . . . » (5) .
ص: 93
بل قال الذهبي : «وأخذ باليمن عن و ببغداد عن محمد بن الحسن فقيه العراق ، ولازمه ، وحمل عنه وقر بعير ...»(1).
فإن كان ابن روزبهان جاهلاً بمثل هذه الأمور ، فكيف يتكلّم في القضايا العقلية والمسائل العلمية، وإن كان عالماً متعمداً في تكذيبه للعلامة ، فاللّه حسيبه !
ثمّ إنّه عندما يستدل العلامة برواية من كتب علماء أهل السنّة وينقل عنها الأخبار في مقام الاحتجاج بها ، يضطرّ الفضل إلى الطعن فيهم أو في الكتب أو إلى إنكار كونهم من أهل السنة ، ليرد بذلك الحديث الذي استدلّ به العلّامة وأراد إلزام القوم به ، ومن ذلك :
قوله : «وأحمد بن حنبل قد جمع في مسنده الضعيف والمنكر ، لأنه مسند لا صحيح صحيح ، وهو ، وهو لا يعرف المسند من الصحيح ولا يفرّق بين الغث والسمين» (2) .
أقول :
بل الفضل لا يعرف المسند من الصحيح ، وكأنه توهم أن من سمّى كتابه ب- المسند فلا يكون ملتزماً بالصحة كما التزم البخاري مثلاً في كتابه الموسوم ب الصحيح ، والحال أن جماعةً من كبار أئمة أهل السنّة كالحافظ
ص: 94
أبي موسى المديني ، والحافظ عبد المغيث بن زهير الحنبلي البغدادي ، وغيرهما يصرحون بالتزام أحمد بن حنبل في مسنده ب «الصحة» (1)، وقد
فصلنا الكلام في ذلك في بعض كتبنا(2)
وقوله : «فنحن لا نعرف ابن المغازلي وأشباهه ممّن يذكر عنهم
المناكير والشواذ» (3).
وقال أيضاً في ابن المغازلي : «رجل مجهول ، لا يعرفه أحد من العلماء ، من جملة المصنفين
والمحدّثين ))(4) .
أقول :
ونحن نذكر بعض من يعرفه من العلماء ليتبين صدق الفضل من كذبه!
قال السمعاني في «الجُلّابي »: «بضم الجيم وتشديد اللام وفي آخرها الباء المنقوطة بواحدة. هذه النسبة إلى الجُلّاب . والمشهور بهذه النسبة :
أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن الطيب الجُلّابي ، المعروف بابن المغازلي، من أهل واسط العراق ، كان فاضلاً عارفاً برجالات واسط وحديثهم ، وكان حريصاً على سماع الحديث وطلبه ، رأيت له ذيل التاريخ لواسط ، وطالعته وأنتخبت منه .
ص: 95
سمع أبا الحسن علي بن عبد الصمد الهاشمي ، وأبا بكر أحمد بن محمد الخطيب ، وأبا الحسن أحمد بن مظفّر العطار ، وغيرهم .
روى لنا عنه ابنه بواسط، وأبو القاسم علي بن طراد ، الوزير ببغداد .وغرق ببغداد في الدجلة ، في صفر سنة 483 ، وحمل ميتاً إلی واسط ، فدفن بها .
وأبنه : أبو عبد اللّه ، محمد بن علي بن محمد الجلابي . كان ولي القضاء والحكومة بواسط، نيابةً عن أبي العباس أحمد بن بختيار الماندائي . وكان شيخاً فاضلاً عالماً ، سمع أباه ، وأبا الحسن محمد بن محمد بن مخلّد الأزدي ، وأبا علي إسماعيل بن أحمد بن كماري القاضي ، وغيرهم .
سمعت منه الكثير بواسط في النوبتين جميعاً ، وكنت الازمه مدّة مقامي بواسط، وقرأت عليه الكثير بالإجازة له عن أبي غالب محمد بن أحمد بن بشران النحوي الواسطي »(1) .
*وقوله : «أكثر ما ذكر من مناقب الخوارزمي موضوعات»(2) .
وقال : «هذا حديث موضوع منكر لا يرتضيه العلماء . وأكثر ما ذكر من مناقب الخوارزمي فكذلك . وهذا الخوارزمي رجل كأنه شيعي مجهول لا يعرف بحال ، ولا يعدّه العلماء من أهل العلم ، بل لا يعرفه أحد ،
ولا اعتداد برواياته وأخباره » (3).
ص: 96
أقول :
ونحن نذكر طرفاً ممّا قال العلماء بترجمة (الخوارزمي) ليتبين صدق
الفضل من كذبه كذلك ! . .
1 - قال الحافظ تقي الدين الفاسي : «الموفّق بن أحمد بن أحمد بن محمد بن محمد المكي ، أبو المؤيد ، العلامة ، خطيب خوارزم، كان أديباً فصيحاً مفوَّهاً ، خطب بخوارزم دهراً، وأنشأ الخطب ، وأقرأ الناس ، وتخرج به جماعة ، وتوفّي بخوارزم في صفر سنة 568 ..
وذكره الذهبي هكذا في تاريخ الإسلام» (1).
وذكره الشيخ محيي الدين ابن أبي الوفاء عبد القادر القرشي الحنفي في طبقات الحنفية ، وقال : «الموفّق بن أحمد بن محمد المكي ، خطيب خوارزم ، أُستاذ ناصر بن عبد السيد ، صاحب المغرب ، أبو المؤيد ، مولده في حدود سنة 484 . ذكره القفطي في أخبار النحاة ، أديب فاضل ، له معرفة بالفقه والأدب. وروى مصنفات محمد بن الحسن عن عمر بن بن أحمد النسفى النسفي ، ومات سنة 568 . فأخذ علم العربية عن محمد الزمخشري» (2).
2 - وقال الحافظ السيوطى : الموفق بن أحمد بن ... المعروف : بأخطب خوارزم، قال الصفدي: كان متمكناً في العربية ، غزير العلم ، فقيهاً فاضلاً، أديباً ، شاعراً ، قرأ على الزمخشري ، وله خطب وشعر . قال
ص: 97
القفطي : وقرأ عليه ناصر المطرزي ، وُلد في حدود سنة 484 ، ومات سنة 568»(1).
هذا، وقد اعتمد على الخطيب الخوارزمي ونقل عنه كبار العلماء ، مع وصفه بالأوصاف الحميدة والألقاب الجميلة ، كالشيخ الإمام أبي المؤيد محمد بن محمود الخوارزمي ، صاحب جامع مسانيد أبي حنيفة ، فقد روى عنه في الكتاب المذكور في مواضع عديدة، مع وصفه ب «العلّامة ، أخطب خطباء خوارزم، صدر الأئمة ونحو ذلك(2) .
* قوله : «فالطبري من الروافض مشهور بالتشيّع ، مع إن علماء بغداد
هجروه لغلوّه في الرفض والتعصب، وهجروا كتبه ورواياته وأخباره»(3) .
أقول :
لقد ناقض الفضل نفسه، فاعتمد على الطبري في كلام له ، كما ستعرف في فصل التناقضات» ... ولنذكر جملةً من كلمات علماء قومه في شأن الطبري ليتبين صدق الفضل من كذبه !
قال الذهبي : «محمد بن جرير بن يزيد بن كثير، الإمام العلم المجتهد ، عالم العصر ، أبو جعفر الطبري، صاحب التصانيف البديعة ، من أهل أمل طبرستان ، مولده سنة 224 ، وطلب العلم بعد 240 ، وأكثر الترحال ، ولقي نبلاء الرجال ، وكان من أفراد الدهر علماً وذكاء وكثرة تصانيف ، قل أن ترى العيون مثله ... واستقر في أواخر أمره ببغداد ، وكان
ص: 98
من كبار أئمة الاجتهاد ...
وقال الخطيب : كان أحد أئمة العلماء ، يحكم بقوله ويرجع إلى رأيه ، لمعرفته وفضله ، وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره ، فكان حافظاً لكتاب اللّه ، عارفاً بالقراءات ، بصيراً بالمعاني ، فقيهاً في أحكام القرآن، عالماً بالسنن وطرقها صحيحها وسقيمها، وناسخها ومنسوخها ، عارفاً بأقوال لصحابة والتابعين ، عارفاً بأيام الناس وأخبارهم ، وله الكتاب المشهور في أخبار الأمم وتأريخهم ، وله كتاب التفسير لم يصنّف مثله ، وكتاب سمّاه لم أر سواه في معناه ، لكن لم يتمه ...
قلت : كان ثقة صادقاً حافظاً رأساً في التفسير ، إماماً في الفقه والإجماع والاختلاف، علامة في التاريخ وأيام الناس ، عارفاً بالقراءات وباللغة وغير ذلك ...
قال الحاكم : سمعت حسينك بن علي يقول : أوّل ما سألني ابن خزيمة فقال لي : كتبت عن محمد بن جرير الطبري ؟ قلت : لا . قال : ولم ؟! قلت : لأنّه كان لا يظهر ، وكانت الحنابلة تمنع من الدخول عليه . قال : بئس ما فعلت ، ليتك لم تكتب عن كلّ من كتبت عنهم وسمعت من أبي جعفر » (1).
إذاً ، كان بينه وبين الحنابلة فقط شيء ، لا بينه وبين بينه وبين علماء بغداد » ، وإنّهم كانوا يمنعون من الدخول عليه ، لا أن العلماء «هجروه» !
وكم فرق بين كلام ابن روزبهان ، وبين الحقيقة والواقع ؟! وأمّا رمي الطبري بالتشيع أو الرفض،فلروايته حديث الغدير .
ص: 99
واحتجاجه لتصحيحه ، رداً على ابن أبي داود ! وأيضاً : لقوله بجواز مسح الرجلين في الوضوء ..
وقد قال الذهبي : وكان ممن لا تأخذه في اللّه لومة لائم، مع عظيم ما يلحقه من الأذى والشناعات ، من جاهل وحاسد وملحد ، فأما أهل الدين
والعلم فغير منكرين علمه وزهده في الدنيا ورفضه لها وقناعته بما كان يرد عليه من حصّة من ضيعة خلّفها له أبوه بطبرستان يسيرة »(1).
أقول :
فليلاحظ حال ابن روزبهان على ضوء كلام الذهبي !
هذا، وفي المقابل نراه يعتمد على من هو موصوف عندهم بالتعصب ، ويدافع عمّن ذكروا له القوادح الكثيرة المسقطة عن الاعتبار ؛ ومن ذلك :
لقد نقل العلامة رحمه اللّه عن الجاحظ مطلباً في مقام الاحتجاج والإلزام قائلاً: «قال الجاحظ ، وهو من أعظم الناس عداوة لأمير المؤمنين عليه السلام»(2) .
فقال الفضل : «وأما ما ذكر أن الجاحظ كان من أعدائه، فهذا
ص: 100
كذب» (1).
أقول :
قال ابن تيميّة في كلام له : «نعم، مع معاوية طائفة كثيرة من المروانية وغيرهم ، كالذين قاتلوا معه وأتباعهم بعدهم ، يقولون : إنه كان في قتاله على الحق مجتهداً مصيباً، وإن عليّاً ومن معه كانوا ظالمين أو مجتهدين مخطئين ، وقد صنّف لهم في ذلك مصنفات ، مثل المروانية الذي صنفه الجاحظ » (2).
فانظر من الكاذب ؟! وهل الفضل أكثر تعنتاً من ابن تيمية ؟ !
وإن شئت التفصيل فارجع إلى الجزء السادس من كتابنا الكبير ((3).
لقد حكم الفضل على كثير من أحاديث مناقب أمير المؤمنين عليه السلام بالبطلان والوضع، ولما لم يكن عنده أي دليل على مدعاه ، ذكر كلام أبي الفرج ابن الجوزي في كتابه الموضوعات !
فمن ذلك ردّه على استدلال العلّامة بقوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : «كنت أنا وعلي بن وعلي بن أبي طالب نوراً بين يدي اللّه ...» بقوله : «ذكر ابن الجوزي هذا الحديث في كتاب الموضوعات من طريقين، وقال: هذا
ص: 101
حديث موضوع على رسول اللّه ...» (1).
كما إنه طعن في بعض الرواة الذين نقل عنهم العلامة ، ولم يذكر دليلاً على طعنه إلا كلام ابن الجوزي في كتاب الموضوعات..
ومن ذلك قوله في الكلبي : قال ابن الجوزي في كتاب الموضوعات : وكان من كبار الكذابين : وهب بن وهب القاضي ، ومحمد بن السائب الكلبي ، و ... »قال : «والغرض أنّ محمّد بن السائب الكلبي من الكذابين الوضاعين » (2) .
أقول :
ونحن مضطرون هنا إلى ذكر بعض كلمات أئمة القوم في ابن الجوزي وفي خصوص كتاب الموضوعات ، ليتبين السبب الحقيقي لاعتماد الفضل عليه وعلى كتابه في مقابلة العلّامة في مثل هذه المواضع ، ولكي تعرف حقيقة حال الفضل أيضاً !
قال الذهبي - بترجمة أبان بن يزيد العطّار - : «قد أورده العلامة أبو الفرج ابن الجوزي في الضعفاء ، ولم يذكر فيه أقوال من وثقه . وهذا من عیوب كتابه ، يسرد الجرح ويسكت عن التوثيق » (3).
وقال بترجمة ابن الجوزي : «كان كثير الغلط في ما يصنّفه ... له وهم كثير في تواليفه ... » (4) .
ص: 102
وقال ابن حجر الحافظ - بترجمة ثمامة بن الأشرس ، بعد قصة -: دلّت هذه القصة على إن ابن الجوزي حاطب ليل لا ينقد ما يحدث به»(1).
وقال السيوطي : قال الذهبي في التاريخ الكبير : لا يوصف ابن الجوزي بالحفظ عندنا باعتبار الصنعة، بل باعتبار كثرة اطلاعه و جمعه » (2).
وقال السيوطي : «وأعلم أنّه جرت عادة الحفاظ - كالحاكم وأبن حبّان والعقيلي وغيرهم - أنّهم يحكمون على حديث بالبطلان من حيثية سند مخصوص ، لكون راويه اختلق ذلك السند لذلك المتن ، ويكون ذلك المتن معروفاً من وجه آخر ، ويذكرون ذلك في ترجمة ذلك الراوي يجرحونه به ، فيغتر ابن الجوزي بذلك ويحكم على المتن بالوضع مطلقاً ، ويورده في كتاب الموضوعات ، وليس هذا بلائق ، وقد عاب عليه الناس ذلك ، آخرهم الحافظ ابن حجر »(3).
وقال السيوطي بشرح النواوي مازجاً بالمتن: «وقد أكثر جامع الموضوعات في نحو مجلّدين ، أعني أبا الفرج ابن الجوزي ، فذكر في كتابه كثيراً ممّا لا دليل على وضعه ، بل هو ضعيف ، بل وفيه الحسن والصحيح ، وأغرب من ذلك أن فيها حديثاً من صحيح مسلم ! قال الذهبي : ربما ذكر ابن الجوزي في الموضوعات أحاديث حساناً قوية»(4) .
ص: 103
أقول :
فهل كان ابن روزبهان جاهلاً بحال ابن الجوزي وكتابه ؟ !
ثمّ إنّه قد ينقل الحديث أو غيره من كتاب من الكتب، ويظهر بعد المراجعة عدم وجوده فيه .. وبالعكس، عندما يستدل العلّامة بحديث أو ينسب إلى القوم عقيدة أو قولاً ، فينفي وجوده أو ما يفيده في الكتاب أو شيء من الكتب .. وهذه موارد من ذلك :
*ذكر العلامة أقوالاً للأشاعرة في الجواب عمّا أورد عليهم في مسألة الكسب ، فقال الفضل :
«وأما هذه الأقوال التي نقلها عن الأصحاب فما رأيناها في كتبهم» .
فذكر الشيخ المظفّر أنّها موجودة في شرح المقاصد .
والعجيب أنه مع قوله : «فما رأيناها في كتبهم يقول بالنسبة إلى القول الثاني من تلك الأقوال : هو مذهب القاضي أبي بكر الباقلاني من الأشاعرة» (1) .
*وذكر الفضل قصة زنا المغيرة ودرء عمر الحد عنه ، بنحو ينزّه فيه المغيرة عن ذلك الفعل الشنيع وعمر عن تعطيل حدّ اللّه فيه ، فقال :
ص: 104
«هذا رواية الثقات ، ذكره الطبري في تاريخه بهذه الصورة ، وذكره البخاري في تاريخه ، وأبن الجوزي ، وأبن خلكان ، وابن كثير ، وسائر المحدثين، وأرباب التاريخ في كتبهم» ..
قال : وعلى هذا الوجه هل يلزم طعن ؟؟ ! » (1) .
فقال الشيخ المظفّر في الجواب : «قبح الكذب عقلي وشرعي ، ولا سيّما في مقام تحقيق المذهب الحقِّ الذي يسأل اللّه العبد عنه ، ، وأقبح منه عدم المبالاة به وعدم الحياء ممن يطلع عليه.
أنت ترى هذا الرجل يفتعل قصّةً وينسبها إلى كتب معروفة ، وما
رأيناه منها خالٍ عن أكثر هذه القصة كتاريخ الطبري ووفيات الأعيان ولنذكر ما في تاريخ الطبري ووفيات الأعيان لتعلم كذبه في ما نسبه إليهما ، ونستدل به على كذبه في ما نسبه إلى غيرهما ...»(2).
وقال الفضل - في الدفاع عن عثمان في إيوائه الحكم بن أبي العاص وأهله - :
«روى أرباب الصحاح أن عثمان لما قيل له : لم أدخلت الحكم بن أبي العاص ؟ ! قال : استأذنت رسول اللّه في إدخاله فأذن لي ، وذكرت ذلك لأبي بكر وعمر فلم يصدّقاني ، فلما صرت والياً عملت بعلمي في إعادتهم إلى المدينة . وهذا مذكور في الصحاح ، وإنكار هذا النقل من قاضي القضاة إنكار باطل لا يوافقه نقل الصحاح ... »(3) .
ص: 105
أقول :
قد ادعى هذا قاضي القضاة عبد الجبار المعتزلي ، وأعترض عليه السيّد المرتضى علم الهدى - كما نقل العلّامة عنه - بأن هذا - قول قاضي القضاة - لم يُسمع من أحدٍ ، ولا نُقل في كتاب ، ولا يُعلم من أين نقله القاضي ؟ ! أو في أي كتاب وجده ؟ !(1).
وهنا أيضاً يقول الشيخ المظفّر : لا أثر لهذا الخبر في صحاحهم بحسب التتبع ، ولم أجد من نقله عنها ، ولو كان موجوداً فيها فلِمَ لمْ يعيّن
،
الكتاب ومحل ذكره منه بعد إنكار المرتضى رحمه اللّه ... » (2)
*وذكر الفضل مطلباً - في مقام الدفاع عن عثمان وتبرئته عن تعطيل حد اللّه في عبيد اللّه بن عمر - ونسبه إلى التواريخ قائلاً :
«هذا ما كان من أمر الهرمزان على ما ذكره أرباب صحاح التواريخ ، ونقله الطبري وغيره ...» (3).
فقال الشيخ المظفّر : عجباً لهذا الرجل من عدم حيائه من الكذب وعدم مبالاته به ، فإنّه نسب ما ذكره في قصة الهرمزان إلى الطبري وغيره ، وقد نظرت تاريخ الطبري وغيره ممّا حضرني من كتبهم، فلم أجد
بها . . . » (4)
ص: 106
وما أكثر تحريفات الفضل في الأخبار والروايات وكلمات العلماء ، بزيادة أو نقيصة ، وهو في نفس الوقت يتهم العلّامة والشيعة بالاختلاق والافتراء ، ونحن نذكر من ذلك موارد ليزداد الباحث المنصف بصيرةً
وأطلاعاً على واقع حال الفضل وقومه :
*قال العلّامة - في مبحث أن الأنبياء معصومون ، في ذكر ما في كتب القوم من الإهانة والقدح في الأنبياء - : وفي الصحيحين ، عن عبد اللّه بن : أنه كان يحدّث عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله] وسلّم أنه دعا زید بن عمرو بن نفيل ، وذلك قبل أن ينزل الوحي على رسول اللّه ، فقدّم إليه رسول اللّه سفرةً فيها لحم فأبى أن يأكل منها ، ثم قال : إنّي لا أكل ما تذبحون على أنصابكم ، ولا أكل ممّا لم يذكر اسم اللّه عليه .»
قال العلّامة : «فلينظر العاقل : هل يجوز له أن ينسب نبيه إلى عبادة الأصنام والذبح على الأنصاب ويأكل منه ، وأنّ زيد بن عمرو بن نفيل كان أعرف باللّه منه وأتم حفظاً ورعاية لجانب اللّه تعالى ؛ نعوذ باللّه من هذه الاعتقادات الفاسدة » (1) .
فقال الفضل :
«من غرائب ما يستدل به على ترك أمانة هذا الرجل وعدم الاعتماد والوثوق على نقله : روايةهذاالحديث. فقد روى بعض الحديث ليستدلّ به على مطلوبه ، وهو الطعن في رواية الصحاح ، وما ذكر تمامه ، وتمام
ص: 107
الحديث : أن رسول اللّه لما قال زيد بن عمرو بن نفيل هذا الكلام قال : وأنا أيضاً لا أكل من ذبيحتهم ومما لم يُذكر اسم اللّه عليه ؛ فأكلا معاً .
وهذا الرجل لم يذكر هذه التتمة من الطعن في الرواية ، نسأل اللّه العصمة من التعصب ، فإنّه بئس الضجيع » (1).
أقول :
قد ذكر العلّامة الحديث عن «الصحيحين» ، أما الفضل فادعى وجود التتمة ولم ينسبها إلى كتاب ! وجعل يتهم العلّامة ! وقد قال الشيخ المظفّر : قد راجعنا صحيح البخاري ، فوجدنا الحديث أثر أبواب المناقب، وفي باب ما ذُبح على النصب والأصنام من كتاب الذبائح ، وما رأينا لهذه التتمة أثراً (2).
وقد رواه أحمد في مسنده ، ولم يذكر ما أضافه الخصم (3).
وليست هذه أوّل كلمة وضعها بل سبق له مثلها قريباً في روايات اللّهو وسيأتي له أمثالها .
ولا عجب، فإنّها سُنّة لهم في غالب أخبارهم، ومنها أصل هذا الحديث ، ولكنّي أعجب من إرعاده وإبراقه وسؤاله العصمة عن التعصب ، ونسبته إلى المصنف عدم الأمانة ! وكأنّه يريد بذلك أن يدعو قومه إلى
ص: 108
إضافة هذه التتمّة » (1) .
*وقال العلّامة : من مسند أحمد .. : لما نزل « وأنذر عشيرتك الأقربين » (2) جمع النبي من أهل بيته ثلاثين ، فأكلوا وشربوا ثلاثاً ، ثم قال لهم من يضمن عنّي ديني ومواعيدي ويكون خليفتي ، ويكون معي في الجنّة ؟ فقال على : أنا ؛ فقال : أنت» (3) .
فقال الفضل : «وفي مسند أحمد بن حنبل ( ويكون خليفتي) غير موجود ، بل هو من إلحاقات الرافضة . وهذان الكتابان اليوم موجودان وهم لا يبالون من خجلة الكذب والافتراء»(4) .
أقول :
الحديث رواه العلّامة عن مسند أحمد والكتابان موجودان - كما ذكر الفضل ، وقد قال الشيخ المظفّر في جوابه : «من أعجب العجب أن يكذب هذا الرجل وينسب الكذب إلى آية اللّه المصنف رحمه اللّه ، وشدّد النكير عليه وعلى علمائنا أهل الصدق والأمانة .
وإذا أردت أن تعرف كذبه فراجع المسند 111 من الجزء الأوّل ، تجد الحديث مشتملاً على لفظ «خليفتي»
وهكذا نقله في الكنز عن المسند ، وعن ابن جرير ، قال : وصححه،
ص: 109
وعن الطحاوي والضياء في المختارة (1). . . »(2) .
*وقال العلّامة في حديث تزويج أمير المؤمنين بالزهراء عليهما السلام : «في مسند أحمد بن حنبل : إن أبا بكر وعمر خطبا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فاطمة عليها السلام ، فقال : إنّها صغيرة ؛ فخطبها عليُّ فزوجها منه(3) »(4).
فقال الفضل : «صح في الأخبار أن أبا بكر وعمر خطبا فاطمة فقال رسول اللّه : إنّي أنتظر أمر اللّه فيها ، ولم يقل : إنّها صغيرة ، وهذا افتراء على أحمد بن حنبل ، وكلّ من قال هذا فهو مفتر على رسول اللّه وناسباً(5) للكذب إليه . . . »(6) .
فقال الشيخ المظفّر : « ما نقله المصنّف رحمه اللّه عن المسند قد رواه بعينه النسائي في أوائل كتاب النكاح من سننه ، في باب تزويج المرأة مثلها في السن(7) ، ورواه الحاكم وصححه على شرط الشيخين ولم يتعقبه
ص: 110
*وقال العلّامة - في اعتراضات عمر على النبي بسوء أدب -: «وفي الجمع بين الصحيحين للحميدي، في مسند عبد اللّه بن عمر بن بن عمر بن الخطاب : إنّه لمّا توفّي عبد اللّه بن أبي سلول ، جاء ابنه عبد اللّه إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فسأله أن يصلّي عليه ، فقام رسول اللّه ليصلّي عليه ، فقام عمر فأخذ بثوب رسول اللّه فقال : يا رسول اللّه ! أتصلي عليه وقد نهاك ربّك أن تصلي عليه ؟ ! فقال رسول اللّه : إنّما خيّرني اللّه تعالى(1) . . . » (2).
فقال الفضل : غيَّر الحديث عن صورته ، والصواب - من رواية « الصحاح - أن عمر قال الرسول اللّه : أتصلّي عليه وهو قال كذا وكذا ؟ ! وطفق يعدّ مثالبه وما ظهر عليه من نفاقه ، فقال رسول اللّه : دعني ! فأنا مأمور ومخيَّر ؛ فصلّى عليه ، فأنزل اللّه تصديقاً لفعل عمر ونهيه عن الصلاة عليه قوله : «وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ ...» (3) الآية ؛ وهذا من مناقب عمر حيث وافقه اللّه على فعله وأنزل على تصديق قوله القرآن . . . »(4) .
فقال الشيخ المظفّر في جوابه : «قد روى البخاري هذا الحديث بألفاظه التي ذكرها المصنّف رحمه اللّه(5) ، وكذلك مسلم في فضائل عمر(6) ،وفي أوّل كتاب صفات المنافقين وأحكامهم (7) .. فما نسيه الفضل إلى
ص: 111
المصنف اللّه من تغيير صورة الحديث جهل وتحامل .
بل الفضل هو الذي غيّر صورة الحديث الذي صوّبه . . . » (1)
*وقال العلامة - في زيادة عمر في الأذان : الصلاة خير من النوم - : «روى الحميدي في الجمع بين الصحيحين في حديث أبي محذورة سمرة ابن مغير لمّا علّمه الأذان(2) . . . » (3)فلم يذكر فيه : «الصلاة خير من النوم ».
فقال الفضل : روى مسلم في صحيحه ، وكذا الترمذي والنسائي في صحيحهما، عن أبي محذورة ، قال : قلت: يا رسول اللّه ! علّمني الأذان فذكر الأذان وقال بعد « حي على الفلاح »: فإن كانت صلاة الصبح قلت : الصلاة خير من النوم» (4).
فقال الشيخ المظفّر : ما أصلف وجهه وأقل حيائه ، كيف افترى في حديث أبي محذورة هذه الزيادة على صحيح مسلم وهو بأيدي الناس ، ولا أثر لها فيه(5) ، كما إنّه لا وجود لهذا الحديث في صحيح الترمذي حتّى بدون الزيادة، وإنّما أشار إليه إشارة (6) .
نعم، هو موجود بالزيادة في صحيح النسائي ، في الأذان في السفر ، من طريق واحدٍ ضعيف(7) ، ورواه قبله من طرق بدون هذه الزيادة(8) . . . » (9).
ص: 112
*وقال العلامة : روى البخاري ومسلم في صحيحهما : قال عمر للعباس وعليّ : فلمّا توفّي رسول اللّه قال أبو بكر : أنا ولي رسول اللّه فجئتما أنت تطلب ميراثك من ابن أخيك ويطلب هذا ميراث امرأته من
أبيها .. فقال أبو بكر : قال رسول اللّه : لا نورث ما تركنا صدقة.
فرأيتماه كاذباً آثماً غادراً خائناً ؛ واللّه يعلم أنه لصادق بار راشد تابع للحق .
ثمّ توفّي أبو بكر فقلتُ: أنا وليّ رسول اللّه وولي أبي بكر ؛ فرأيتماني كاذباً آثماً غادراً خائناً ، واللّه يعلم أنّي لصادق بار راشد تابع للحق ...»
قال العلّامة : « ... إنه وصف اعتقاد عليّ والعباس في حقه وحق أبي بكر بأنّهما كاذبان آثمان غادران خائنان .. فإن كان اعتقاده فيهما حقاً وكان قولهما صدقاً ، لزم تطرّق الذمّ إلى أبي بكر وعمر ، وأنهما لا يصلحان للخلافة .. وإن لم يكن كذلك ، لزم أن يكون قد قال عندها :بتاناً وزوراً إن كان اعتقاده مخطئاً ، وإن كان مصيباً لزم تطرّق الدم إلى عليّ والعباس حيث اعتقدا في أبي بكر وعمر ما ليس فيهما (1)...»(2) .
أقول :
هذا ما نقله العلّامة من الصحيحين وعلّق عليه بأمور منها ما ذكرناه . فقال الفضل : «هذا كلام أدخله هذا الكاذب في الحديث الصحيح من رواية البخاري ... وليس فيه ما قال : فرأيتماه كاذباً غادراً خائناً حتّى
ص: 113
يحتاج إلى الاعتذار(1) .
قال العلامة : «روى البخاري ومسلم في صحيحهما .... »فذكر القصة عنهما، ونحن نذكر لك واقع حال اللفظ الذي أنكره الفضل ونسب إدخاله في الحديث إلى العلامة ، كي تعرف الحقيقة، وأنّ العلامة لم يُدخِل في الحديث، وإنما الخيانة من البخاري ومن لف لفه !!
أخرج مسلم في صحيحه عن مالك بن أوس : إن عمر قال مخاطباً لعلي والعباس :
«فلما توفي رسول اللّه صلّى اللّه عليه[ وآله] وسلّم قال أبو بكر : أنا ولي رسول اللّه ؛ فجئتما تطلب ميراثك من ابن أخيك ، ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها . فقال أبو بكر : قال رسول اللّه : ما نورث ما تركنا صدقة ؛ فرأيتماه كاذباً آثماً غادراً خائناً ، واللّه يعلم أنّه لصادق بار راشد تابع للحق . ثمّ توفّي أبو بكر ، وأنا ولي رسول اللّه وولي أبي بكر ، فرأيتماني كاذباً آثماً غادراً خائناً ، واللّه يعلم أنّي لصادق باز راشد تابع للحقِّ (2)»
هذا نص الحديث في صحيح مسلم . وقد أخرجه البخاري في مواضع من صحيحه ، ولكنّه في كلّ موضع
بلفظ يختلف عن غيره !
*أخرجه في باب فرض الخمس باللفظ التالي:«... فقبضها أبو بكر ، فعمل فيها بما عمل رسول اللّه صلى اللّه عليه[ وآله] وسلّم ، واللّه
ص: 114
يعلم أنّه فيها لصادق بار راشد تابع للحقِّ ؛ ثمّ توفّى اللّه أبا بكر ، فكنت أنا وليّ أبي بكر ، فقبضتها سنتين من إمارتي ، أعمل فيها بما عمله رسول اللّه وما عمل فيها أبو بكر ، واللّه يعلم أنّي فيها لصادق بار راشد تابع للحق» (1).
فحذف البخاري من الحديث كلتا الفقرتين: «فرأيتماه ...» و «فرأيتماني ...».
* وأخرجه في كتاب المغازي في حديث بني النضير : «فقبضه أبو بكر ، فعمل فيه بما عمل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله] وسلّم ، وأنتم حينئذ - فأقبل على علي وعباس وقال : - تذكران أن أبا بكر فيه كما تقولان، واللّه يعلم أنه فيه لصادق بار راشد تابع للحقِّ . ثم توفّى اللّه أبا بكر ، فقلت : أنا وليّ رسول اللّه وأبي بكر ، فقبضته سنتين من إمارتي ، أعمل فيه بما عمل فيه رسول اللّه وأبو بكر ، واللّه يعلم أنّي فيه صادق بار راشد تابع للحق . . . » (2).
فأسقط فقرة : «فرأيتماه ...» وجعل مكانها تذكران أن أبا بكر فيه كما تقولان، وحذف الفقرة الثانية .
*وأخرجه فى كتاب النفقات ، باب حبس نفقة الرجل قوت سنته : « فقبضها أبو بكر يعمل فيها بما عمل به فيها رسول اللّه صلّى اللّه عليه [ وآله ]وسلّم ، وأنتما حينئذ - وأقبل على عليّ وعباس - تزعمان أن أبا بكر كذا وكذا ؛ واللّه يعلم أنه فيها صادق بار راشد تابع للحقِّ ؛ ثمّ توفّى اللّه أبا بكر فقلتُ : أنا وليّ رسول اللّه وأبي بكر ، فقبضتها سنتين أعمل فيها بما
ص: 115
عمل رسول اللّه وأبو بكر ...»(1).
فأسقط الفقرة الأولى وجعل مكانها : «تزعمان أن أبا بكر كذا وكذا »وأسقط الفقرة الثانية .
*وأخرجه في كتاب الفرائض ، باب قول النبي : لا نورث ما تركنا صدقة :
«فتوفى اللّه نبيه فقال أبو بكر : أنا وليّ رسول اللّه ، فقبضها فعمل بما عمل به رسول اللّه ، ثمّ توفّى اللّه أبا بكر فقلت : أنا ولي ولي رسول اللّه ، فقبضتها سنتين أعمل فيها بما عمل رسول اللّه وأبو بكر ...»(2) .
فحذف الفقرتين معاً ، ولم يجعل شيئاً مكانهما !
*وأخرجه في كتاب الاعتصام ، باب ما يكره من التعمّق والتنازع :
« ثم توفى اللّه نبيه فقال أبو بكر : أنا وليّ رسول اللّه ، فقبضها أبو بكر فعمل فيها بما عمل فيها رسول اللّه ، وأنتما حينئذ - وأقبل على عليّ وعبّاس فقال : - تزعمان أن أبا بكر فيها كذا ، واللّه يعلم أنّه فيها صادق بار راشد تابع للحقِّ ؛ ثمّ توفّى اللّه أبا بكر فقلت : أنا وليّ رسول اللّه وأبي بكر فقبضتها سنتين أعمل فيها بما عمل به رسول اللّه وأبو بكر ...»(3).
فحذف الفقرة الأولى ، ووضع مكانها «تزعمان أن أبا بكر فيها كذا» ،
أمّا الفقرة الثانية فقد حذفها !
فممن هذا التلاعب بالأخبار ؟! وهل الفضل يجهل هذا أو يتجاهل ؟ !
ولماذا يتهم العلّامة والإمامية ؟ !
ص: 116
*وقال العلّامة - في مبحث عصمة الأنبياء -: «وروى الحميدي في الجمع بين الصحيحين قالت عائشة : رأيت النبي يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد ، فزجرهم عمر(1).
وروى الحميدي عن عائشة ، قالت : دخل عليَّ رسول اللّه وعندي جاریتان تغنّيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش وحوّل وجهه ، ودخل أبو بكر فانتهرني وقال : مزمارة الشيطان عند النبي . فأقبل عليه رسول اللّه وقال : دعها . فلمّا غفل غمزتهما فخرجتا(2) . . .»(3) .
فقال الفضل : « وأما منع أبي بكر عنه ، فإنّه كان يعلم جوازه في أيام العيد، وتتمة الحديث : أن النبي قال لأبي بكر : «دعهما ، فإنّها أيام عيد» فلذلك منعه أبو بكر ، فعلمه رسول اللّه أن ضرب الدف والغناء ليس بحرام في أيام العيد (4) .
أقول :
أين هذه التتمة ؟! ومن أين جاء بها الفضل ؟!
قال الشيخ المظفّر : «وأما ما ذكره من تتمّة الحديث، فمن إضافاته ، على إنّها لا تنفعه بالنظر إلى تلك الأمور السابقة ، ومن أحب الاطلاع على كذبه في هذه الإضافة - أعني قوله : ( فإنّها أيام عيد ) - تعليلاً لقوله لأبي بكر : «دعها فليراجع الباب الثاني من كتاب العيدين من صحيح البخاري(5) ،
ص: 117
وآخر كتاب العيدين من صحيح مسلم (1)»(2).
*وآخر تحريف من الفضل نذكره : تحريفه كلام الحافظ القاضي عياض ، وتفصيل ذلك : :
إن العلامة رحمه اللّه ذكر - في معرض ما في كتب القوم من الصحاح
وغيرها من الهتك لنبينا وسائر الأنبياء علیهم السلام- قصة (( الغرانيق»(3).
فأنكر الفضل وجود القصّة في الصحاح .. ثمّ قال في آخر كلامه : وذكر الشيخ الإمام القاضي أبو الفضل موسى بن عياض(4) اليحصبي المغربي في كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى أن هذا من مفتريات الملاحدة ولا أصل له ، وبالغ في هذا كل المبالغة»(5).
فقال الشيخ المظفر: «وأما ما نسبه إلى القاضي عياض في كتاب الشفا فافتراء عليه ؛ لأنّه إنما قال : صدق القاضي بكر بن العلاء المالكي حيث قال : لقد بلي الناس ببعض الأهواء والتفسير وتعلّق بذلك
ص: 118
وكم من مورد ناقض الفضل فيه نفسه .. نكتفي من ذلك بذكر موردین:
*قال العلامة طاب ثراه في مباحث أفضلية أمير المؤمنين علیه السلامالمستلزمة لإمامته : ( المطلب الثاني : العلم . والناس كلهم - بلا خلاف -عيال عليه في المعارف الحقيقية والعلوم اليقينية والأحكام الشرعية والقضايا النقلية ... وروى الترمذي في صحيحه : إن رسول اللّه صل اللّه علیه وال قال : أنا مدينة العلم وعلي بابها (1) . . . » (2).
فقال الفضل في جوابه : «ما ذكره من علم أمير المؤمنين ، فلا شك أنه من علماء الأمة ، والناس محتاجون إليه فيه ، وكيف لا ؟! وهو وصيّ النبي في إبلاغ العلم وودائع حقائق المعارف ، فلا نزاع لأحدٍ فيه .
وأما ما ذكره من صحيح الترمذي ، فصحيح (3) ...» (4)
ص: 119
وأقول :
قال الفضل في حق أمير المؤمنين علیه السلام بأنه «من علماء الأمة» .. فإن أراد أنّه من علماء الأمة بمعنى أن فى الأمّة من يساويه في العلم ، فهذا لايجتمع مع كونه وصي النبي في إبلاغ العلم وودائع حقائق المعارف» ، فيحصل التناقض .
وإن أراد أنه« من علماء الأُمّة» لكن لا يساويه غيره فيه، لكونه «وصي النبي ...» فقد اعترف بأعلمية الإمام علیه السلام بالنسبة إلى غيره ، وهذا المطلوب، ولكنّه لا يعترف به مكابرة وعناداً للحق .
*واستدل العلامة رحمه اللّه برواية أبي جعفر محمد بن جرير الطبري، صاحب التاريخ والتفسير المشهورين ، في قضيّة إقدام عمر على إحراق بيت أمير المؤمنين علیه السلام (1)(2).
فأجاب الفضل قائلاً: «من أسمج ما افتراه الروافض هذا الخبر ، وهو إحراق عمر بيت فاطمة .
وما ذكر أن الطبري ذكره في التاريخ ، فالطبري من الروافض ، مشهور بالتشيع ، مع إن علماء بغداد هجروه لغلوّه في الرفض والتعصب ، وهجروا كتبه ورواياته وأخباره، وكلّ من نقل هذا الخبر فلا يشك أنّه رافضي متعصب ، يريد إبداء القدح والطعن على الأصحاب ، لأن العاقل المؤمن الخبير بأخبار السلف ظاهر عليه أنّ هذا الخبر كذب صراح وافتراء
ص: 120
بين ...»(1).
فهنا يطعن في الطبري صاحب التاريخ وفي كتابه، ويسقطه عن الاعتبار .
لكنه في بعض الموارد الأخرى يعتمد عليه ويحتج بروايته...
فمثلاً : عندما يريد الدفاع عن عمر في قضية تعطيله حدّ المغيرة بن شعبة في الزنا ، يقول بعد نقل الخبر : «هذا رواية الثقات ، ذكره الطبري في تاریخه بهذه الصورة» (2)(3).
ومثلاً : عندما يريد الدفاع عن عثمان في تعطيله حدّ عبيد اللّه بن عمر في قتل الهرمزان ، يأتي بخبر فيقول :
«هذا ما كان من أمر الهرمزان على ما ذكره أرباب صحاح التواريخ ،
فاعتماده على الطبري بعد كلامه المذكور في جرحه تناقض .
بل نقل في مورد آخر عنه وعن ابن الجوزي مع النصّ على كونهما من أرباب صحّة الخبر ! وهذا لفظه :
«خروج أبي ذرّ - على ما ذكره أرباب الصحاح ، وذكره الطبري (6).
وأبن ، الجوزي من أرباب صحة الخبر - أنه ذهب إلى الشام ، وكان مذهب أبي ذرّ
ص: 121
أن قوله تعالى :«وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ »(1) محكم غير منسوخ ، وكنز الذهب والفضة حرام وإن أخرجوا زكاته ، ومذهب عامة الصحابة والعلماء أنّها منسوخة بالزكاة . . . » (2) .
*ومن تناقضاته : إنّه عدّ عمر بن عبد العزيز في عمر بن عبد العزيز في الخلفاء الراشدين في معنى حديث الأئمة بعدي اثنا عشر...»(3).
وهو مع ذلك ذكر نزول الآية « وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ »(4)في أولاد مروان .. وهذا كلامه في الدفاع عن معاوية ، حين قال العلامة : إنّه نزل في حقه وحق أنسابهفي« وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ»(5) قال : «هذه الآية اختلف في شأن نزولها ، قال بعضهم : نزلت في رؤيا رسول اللّه صلّى اللّه عليه[ وآله ]وسلّم، وأنّه رأى في الرؤيا أولاد مروان ينزون على منبره ؛ ولم يذكر أحد من علماء السنة أنه نزل في معاوية (6)» (7)
*ومن تناقضاته : إنّه منع من لعن معاوية وذكر مساوئه ، وقال بأن ذكر مطاعنه محض الغيبة الضارّة وقد قال رسول اللّه : لا تذكروا موتاكم إلا بالخير . وهو يقرّ بصحة حديث ويح عمّار تقتله الفئة الباغية ويعترف
ص: 122
بأنّ أصحاب معاوية قتلوا عماراً ، وهم الفئة الباغية (1).
*ومن تناقضاته قوله : مذهب عامة العلماء أنّه يجب تعظيم الصحابة كلّهم والكفّ عن القدح فيهم ، لأنّ اللّه تعالى عظمهم وأثنى عليهم في غير موضع من كتابه (2)ثمّ قوله عن سورة الجمعة : فأنزل اللّه الآية في (( شأن من يذهب ويترك رسول اللّه قائماً، وفي كل طائفة يكون عوام وخواص ، ولا يبعد هذا عن الإنسان»(3).
أقول :
فهل يرى وجوب تعظيم هؤلاء أيضاً ؟ !
وهذا أيضاً ممّا يلوح للناظر في كتابه بكثرة :
* فمثلاً : قال العلامة طاب ثراه : «الرابع عشر - من مسند أحمد بن حنبل، وفي الصحاح الستة عن النبي صلی اللّه علیه[ واله ]من عدة طرق : إن علياً منى وأنا من عليّ ، وهو ولي كل مؤمن بعدي ، لا يؤدي عنّي إلا أنا أو علي ... »(4) .
فانظر إلى كلام الفضل في جوابه : «اتصال النبي بعلي في النسب . وأُخوّة الإسلام والنصرة والمؤازرة، غير خفى على أحدٍ ، ولا دلالة على
ص: 123
النص بخلافته ، لأن مثل هذا الكلام قال رسول اللّه لغير علي ، كما ذكر أنّه قال : الأشعريون إذا قحطوا ،أرملوا أنا منهم وهم منّي ؛ ولا شك أن الأشعريين بهذا الكلام لم يصيروا خلفاء ، فلا يكون هذا نصاً»(1) .
أقول :
وهكذا عارض الفضل حديث الصحاح الستة وغيرها بحديث رووه في الأشعريين ..
ألا يعلم الفضل عدم ورود جملة وهو ولي كل مؤمن بعدي» في حق أحدٍ غير على علیه السلام؟!
ألا يعلم عدم ورود جملة لا يؤدّي عنّي إلا أنا أو عليّ» في حق أحدٍ سواه ؟!
هذا، وقد جاءت جملة : «إنّ عليّاً منّي وأنا من عليّ متعقبة بهاتين الجملتين ، لتدلّ على معنى غير المعنى المراد منها في حديث الاشعريين إن صح ...
وكلّ هذه الأمور يعلمها الفضل ، لكنّه يخرج عن البحث فراراً من الإقرار بالحق !
*وكذلك تجده يأبى الإقرار بالحقِّ في مسألة أشجعية الإمام أمير
المؤمنين علیه السلام ، فالعلّامة رحمه اللّه يقول: «أجمع الناس كافة على إن علياعلیه السلام كان أشجع الناس بعد النبي صلی اللّه علیه [واله]...»(2) .
وهل فى هذا كلام لأحدٍ حتّى لا يعترف الفضل بالأشجعية، بل
ص: 124
يقول : «شجاعة أمير المؤمنين أمر لا ينكره إلا من أنكر وجود الرمح السماك في السماء ...»(1) .
*وكذلك في آية التطهير وحديث الكساء ، فالعلامة رحمه اللّه ينقل عن مسند أحمد والجمع بين الصحاح الستة عن أُمّ سلمة ... ثمّ يقول : «وقد روي نحو هذا المعنى من صحيح أبي داود وموطأ مالك وصحيح مسلم في عدة مواضع وعدة طرق » (2) .
فإن كان العلّامة كاذباً - والعياذ باللّه - فليردّ عليه الفضل بعدم وجود الحديث في الصحاح ، وإن كان صادقاً في النقل فليعترف بالحق .. لكنّه
يقول :
«إنّ الأُمّة اختلفت فيها أنّها اختلفت فيها أنّها في من نزلت، وظاهر القرآن يدلّ على إنّها نزلت في أزواج النبي ؛ وإن صدق في النقل عن الصحاح فكانت نازلة في آل العبا، وهي من فضائلهم ، ولا تدلّ على النص بالإمامة » (3).
فلماذا هذا العناد ؟ !
وهو بالإضافة إلى مناقشته في دلالات أحاديث مناقب أمير المؤمنين عليه السلام ، فقد أنكر جملة من الأحاديث والقضايا الواضحة الدلالة على أفضليته عليه السلام ، ومنها ما هو من خصائصه التي لا يشاركه فيها أحد أصلاً !
ص: 125
*فقد أنكر ولادة الإمام عليه السلام في الكعبة المعظمة ، وهذه عبارته :
«المشهور بين الشيعة أن أمير المؤمنين ولد في الكعبة ، ولم يصححه علماء التواريخ ، بل عند أهل التواريخ أن حكيم بن حزام وُلد في الكعبة ولم يولد فيها غيره»(1)
أقول :
ليس هذا مشهوراً بين الشيعة فحسب، بل هو مشهور عند الآخرين كذلك، بل الخبر به متواتر عندهم وكذا عند غيرهم كما نص عليه الحاكم النيسابوري.(2).
*وأنكر أن تكون الراية يوم حنين بيد أمير المؤمنين عليه السلام ، وأدعى كونها بيد أبي بكر !
قال العلامة قدس سره : « وفى غزاة حنين حين استظهر النبيصلی اللّه علیه[ وآله] ولا بالكثرة ، فخرج بعشرة آلاف من المسلمين ، فعانهم أبو بكر وقال : لن تغلب اليوم من قلة ؛ فانهزموا بأجمعهم . . . » (3) .
فأجاب الفضل بقوله : « وأما ما ذكر من أمر حنين وأنّ أبا بكر عانهم ، فهذا من أكاذيبه، وكيف يعين أبو بكر أصحاب رسول اللّه ، وكان هو ذلك اليوم شيخ المهاجرين وصاحب رايتهم ... » (4).
ص: 126
أقول :
هنا مطالب :
1 - إن أبا بكر قد عان المسلمين في ذلك اليوم ، وإن ما ذكره العلامة موجود في غير واحدٍ من التفاسير ، بتفسير قوله تعالى: « وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ »(1)(2).
2 - إن الراية كانت بيد أبي بكر ؟!.. من قال هذا ؟!
3 - بل إن من خصائص أمير المؤمنينعلیه السلام كون الراية بيده في جميع الحروب والغزوات ، وهذا ما نص عليه غير واحدٍ من أعلام أهل السنة(3)
فمن الكاذب إذاً ؟ !
*ومن خصائصه علیه السلام أنه أوّل من أسلم ، وإليك عبارة الفضل في ذلك :
«ما ذُكر أنّ عليّاً أوّل الناس إسلاماً ، فهذا أمر مختلف فيه ، وأكثر العلماء على إنّ أوّل الناس إسلاماً هو خديجة ، وقال بعضهم : أبو بكر ، وقال بعضهم : زيد بن حارثة . . . »(4) .
*وقال في آية التطهير : «أكثر المفسرين على إن الآية نزلت في شأن الأزواج »(5) .
ص: 127
أقول :
نص عبارة ابن حجر المكي: «أكثر المفسّرين على إنّها نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين» (1).
وقال في الآية«وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ...»(2).
«اختلف المفسّرون في الآية نزلت في من ؟ قال كثير منهم : نزلت في صهيب الرومي ... وأكثر المفسرين على إنّها نزلت في الزبير بن العوام ومقداد بن الأسود ...
ولو كان نازلاً في شأن أمير المؤمنين علي ... ليس هو بنص في إمامته »(3) .
أقول :
فكثير من المفسّرين يقولون : «صهيب»، وأكثر المفسرين يقولون : «الزبير والمقداد» .
أما أمير المؤمنين علیه السلام «لو كان نازلاً في شأنه ...» ..
لكنك تجد القول بنزول الآية المباركة في أمير المؤمنين علیه السلام في ذيلها ، لأنه بات في مكان النبيصلی اللّه علیه السلام ولا ليلة الهجرة، في كثير من التفاسير المشهورة لأهل السنّة ، كتفاسير الرازي والقرطبي والثعلبي وأبي حيان
ص: 128
الأندلسي والنيسابوري والآلوسي(1) ، بل في شرح النهج عن أبي جعفر الإسكافي : وقد روى المفسرون كلّهم أن قول اللّه تعالى :«وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي »
الآية نزلت في عليّ ليلة المبيت على الفراش» (2).
وتجد الخبر بترجمة الإمام علیه السلام ، من تاريخ ابن عساكر وأسد الغابة وتاريخ الخميس، وغيرها من كتب التواريخ والسير (3).
وتجده في باب الإيثار من كتاب إحياء علوم الدين للغزالي 37/4 .
وتجد الإيعاز إليه في حديث عمرو بن ميمون عن ابن عباس ، المشتمل على الفضائل العشر ، التي هي خصائص لأمير المؤمنين الصحيح ، سنداً بالقطع واليقين ، وهو في مسند أحمد بن حنبل 330/1 -331 ، والخصائص - للنسائي - : 34 ح 23 ، والمستدرك على الصحيحين 143/3 ح4652.
وأخرج الحاكم في المستدرك بسندٍ - وافقه عليه الذهبي - عن عليّ ابن الحسين علیه السلام قال : «إنّ أوّل من شرى نفسه ابتغاء رضوان اللّه عليّ بن أبي طالب . وقال عليّ عند مبيته على فراش رسول اللّه صلی اللّه علیه[ وآله] من الطويل ]:
ص: 129
وقيت بنفسي خيرَ مَن وطئ الحَصا* ومن طاف بالبيت العتيق وبالحِجْرِ
رسول إله خاف أن يمكروا به* وبات رسول اللّه فى الغار آمناً
فنجاه ذو الطَوْلِ الإلهُ مِن المَكر* مُوقّى وفي حفظ الإله وفي سِتْرِ
وبِتُ أُراعيهم ولم يَشْهَمُونني *وقد وطنتُ نفسي على القتل والأُسرِ»(1).
*وقال العلامة في أدلّة إمامة أمير المؤمنين عليه السلام من الآيات الشريفة :
«الثامنة : قوله تعالى : «إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ».(2).
روى الجمهور عن ابن عباس ، قال : قال رسول صلی اللّه علیه[ وآله] : انتهت الدعوة إليَّ وإلى عليّ ، لم يسجد أحدنا لصنم قط ، فاتخذني نبياً واتخذ عليّاً وصيّاً »(3).
فقال الفضل : «هذه الرواية ليست في كتب أهل السنّة والجماعة . . . » (4).
ص: 130
أقول :
هذه الرواية رواها الحافظ ابن المغازلي في كتابه مناقب الإمام عليّ ابن أبي طالب علیه السلام بسندٍ له عن ابن مسعود (1).
وقد استدلّ بها العلّامة في كتابه منهاج الكرامة فلم ينكرها ابن تيمية في رده عليه (2) ، لكنّ الفضل ينكر أصل وجودها في كتبهم ، وكأنه هنا أشدّ تعصباً من ابن تيميّة المعروف بالنصب ! !
*وقال العلامة : «العاشرة : قوله تعالى : «إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ »...(3).
نقل الجمهور عن ابن عباس ، قال : قال رسول اللّه واللّه : أنا المنذر وعلي الهادي ، وبك يا علي يهتدي المهتدون» (4) .
فقال الفضل : ليس هذا في تفاسير أهل السنة ، ولو صح دلّ على أنّ عليّاً هادي ، وهو مسلّم ؛ وكذا أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله] وسلّم هداة ، لقوله : أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم . ولا دلالة فيه على النص » (5).
أقول :
وفي مثل هذا الموضع يمكن للباحث أن يطلع على حال الفضل
ص: 131
عقيدةً وعلماً وعدالة ! !
أمّا أوّلاً : فلأنّه أنكر أن يكون تفسير «الهادي» في الآية المباركة في شيء من تفاسير السُنة ، مع إن الأقوال بذلك عندهم كثيرة ، والروايات به معتبرة ، فلاحظ :
مسند أحمد 126/1 ، تفسير الطبري 343/7 ح 20160 و 20161 ، المستدرك على الصحيحين 140/3 ح
4646 ، المعجم الصغير 261/1 ، مجمع الزوائد ،41/7 ، تاريخ بغداد 372/12 رقم 6816 ، تاریخ دمشق
359/42 ، الدر المنثور 608/4 ، وغيرها (1).
ثمّ إنّ من رواته : ابن أبي حاتم ، في تفسيره الخالي عن الموضوعات ، كما ذكر ابن تيمية (2) ، وأيضاً فإن الهيثمي قال : رجال المسند ثقات(3)، وكذلك فقد صححه الحاكم ، وأخرجه الضياء في المختارة ، وبعض أسانيد ابن عساكر صحيح بلا كلام .
هذا، وقد رووا هذا الحديث عن جمع من الصحابة ، منهم : علي عليه السلام ، عبد اللّه بن العباس ، عبد اللّه بن مسعود ، جابر بن عبد اللّه ، بريدة ، سعد بن معاذ ، أبو برزة الأسلمي ... وغيرهم .
ص: 132
وأما ثانياً : فلأنه ادعى التساوي في الهداية بين «أمير المؤمنين »عليه الصلاة والسلام وبين سائر أصحاب رسول اللّه صلی اللّه علیه [وآله]، على الإطلاق ، وهذا ما لا يدعيه أدنى الناس إنصافاً وأقلهم عقلاً .
وأما ثالثاً : فلانه عارض الأحاديث الواردة في تفسير الآية المباركة بحديث «أصحابي كالنجوم» ، وهي معارضة باطلة لا يزعمها إلا جاهل أو متعصب ، وذلك لوجهين.
الأوّل : إن أحاديث تفسير الآية بأمير المؤمنينعلیه السلام متفق عليها بين الطرفين، معتبرة عند الفريقين ، كثيرة عدداً ، وصحيحة سنداً ... وحديث أصحابي كالنجوم خبر واحد انفرد به أهل السنّة ، ولا يكون حجّةً على الإمامية حتى لو كان صحيحاً سنداً عندهم .
والثاني : إن حديث أصحابي كالنجوم باطل موضوع عند كبار أئمّة القوم ، فهل يجهل الفضل ذلك أو يتجاهل ؟ !
قال أحمد بن حنبل : حديث غير صحيح (1).
وقال ابن حزم خبر مكذوب، موضوع ، باطل ، لم يصح قطّ(2).
وقال أبو حيان : حديث موضوع ، لا يصح بوجه عن رسول اللّه (3).
وقال ابن القيم عن طرق الحديث : لا يثبت شيء منها ... فهذا كلام لا يصح عن النبي صلی اللّه علیه [وآله](4).
وقال ابن الهمام : حديث لم يُعرف .(5).
ص: 133
وقال الشوكاني : فيه مقال معروف (1).
وأورده الألباني المعاصر في الأحاديث الموضوعة والضعيفة (2).
*وقال العلّامة : «الثانية عشرة - قوله تعالى: « وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ»(3).. روى الجمهور عن أبي سعيد الخدري ، قال : ببغضهم عليّاً عليه السلام) (4).
فقال الفضل : «ليس في تفسير أهل السنة . وإن صح دلّ على فضيلته لا نص على إمامته (5) .
أقول :
أليس كتاب الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور من تفاسير السنّة ، ومؤلّفه الحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي الشافعي ، صاحب المؤلّفات الكثيرة الشهيرة ، رواه فيه بتفسير الآية عن غير واحد من أئمّة الحديث والتفسير (6)؟ !
فإن كان الفضل جاهلاً بهذا فما الذي يحمله على الإنكار إلا العناد لأهل بيت النبي الاطهار؟ !
*وقال العلّامة : روى ابن عبد البر وغيره من السُنّة في قوله
ص: 134
تعالى : «وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا » (1)، قال : إن النبي
صلى اللّه عليه وآله وسلّم ليلة أسري به جمع اللّه بينه وبين الأنبياء ثم قال له : سلهم يا محمد على ماذا بعثتم ؟ قالوا : بعثنا على شهادة أن لا إله إلا اللّه ، وعلى الإقرار بنبوّتك ، والولاية لعلي بن أبي طالب»(2).
فقال الفضل : ليس هذا من رواية أهل السنة . . . »(3).
أقول :
وهذا الإنكار كسابقه .. ومن رواة هذا الخبر من أعلام السنة :
الحاكم النيسابوري ، في كتاب معرفة علوم الحديث : 96
أبو إسحاق الثعلبي ، في تفسيره الكبير ، المخطوط .
أبو نعيم الحافظ، في كتاب ما نزل في عليّ ، كما ذكر غير واحدٍ من الحفاظ(4).
الديلمي ، صاحب فردوس الأخبار (5).
والحافظ ابن حجر في زهرة الفردوس ، كما ذكر ابن عراق(6) .
ورواه الحاكم الحسكاني ، والخطيب الخوارزمي ، وشيخ الإسلام
ص: 135
الحمويني ، والحافظ أبو عبد اللّه الكنجي ، وغيرهم (1).
رووه عن أمير المؤمنين ، وعن عبد اللّه بن مسعود، وابن عبّاس ، وأبي هريرة ... وبعض أسانيدهم صحيح بلا ريب ... وقال العلامة : الثامنة عشرة - سورة« هل أتى » (2).. روى الجمهور : إن الحسن والحسين مرضا فعادهما رسول اللّه . . . »(3) .
فقال الفضل : «ذكر بعض المفسرين في شأن نزول السورة ما ذكره ؛ ولكن أنكر على هذه الرواية كثير من المحدثين وأهل التفسير ، وتكلّموا في أنّه يجوز أن يبالغ الإنسان في الصدقة إلى هذا الحدّ ، ويجوّع نفسه وأهله حتّى يشرف على الهلاك ؟ ... وإن صح ، الرواية لا تدلّ على النص كما علمته »(4) .
أقول :
الرواة لنزول السورة في أهل البيت الالالالالالام من السُنّة كثيرون جداً ، ومنهم :
أبو جعفر الطبري، وأبن عبد ربه القرطبي ، وأبو القاسم الطبراني ، والحاكم النيسابوري ، وابن مردويه الأصبهاني ، وأبو نعيم الأصبهاني ، وأبو إسحاق الثعلبي ، والحاكم الحسكاني ، وأبن المغازلي الشافعي ، وأبو الحسن
ص: 136
الواحدي ، وأبو عبد اللّه الحميدي ، والبغوي ، والزمخشري ، والخوارزمي ، وأبو موسى المديني ، والفخر الرازي ، وأبن الأثير ، وأبو عمرو ابن الصلاح ، وابن طلحة الشافعي ، والقاضي البيضاوي ، والمحبّ الطبري، والنسفي والحمويني ، والخازن ، والقاضي الإيجي ، وأبن حجر العسقلاني ، والجلال السيوطي ، وأبو السعود العمادي ، والشوكاني ، والآلوسي ... وغيرهم من أئمّة الحديث والتفسير .
رووه عن : أمير المؤمنين الا اللّه ، وعن ابن عباس ، وزيد بن أرقم ، وسعيد بن جبير ، والأصبغ بن نباتة ، وقنبر ، والحسن ، ومجاهد ، وعطاء ، وأبي صالح ، وقتادة ، والضحاك ... وغيرهم من الصحابة وأعلام التابعين ، العلماء في علوم القرآن .
قال القرطبي : وقال أهل التفسير : نزلت في علي وفاطمة ...»(1) .
وقال سبط ابن الجوزي : قال علماء التأويل : فيهم نزل . . . »(2).
وقال الألوسى : ( والخبر مشهور »(3) .
وكان هذا الخبر مما احتج به المأمون على علماء بغداد في أفضلية علي وأهل البيت علیهم السلام ، في خبر طويل رواه ابن عبد ربه القرطبي الأندلسي...(4).
وورد في أشعار السيد الحميري وغيره في عداد فضائل الإمام عليّ عليه الصلاة والسلام (5) .
ص: 137
وذكر غير واحدٍ من العلماء : إنّ السؤال كانوا ملائكة من عند ربّ العالمين ، أراد بذلك اختبار أهل البيت علیهم السلام(1).
وإذا كان هذا اختباراً من اللّه ، وفضيلةً من فضائلهم علیهم السلام عند قاطبة العلماء ، فأي قيمةٍ لقول من يقول بعدم جواز فعلهم ؟!
وبه أسانيد معتبرة من طرقهم ...
فقول الفضل : «إن صح»ومناقشته في القضية - نقلاً عن كثير من المحدثين وأهل الظاهرة في تكذيبه للخبر أو تشكيكه ، دليل آخر على جهله أو تعصبه !
وأما المناقشة المذكورة فقد أجاب عنها علماؤنا .. ويكفي في الردّ على الفضل ما قاله الشيخ المظفّر : كيف استشكل من جواز تلك الصدقةوهو قد ذكر في مبحث الحلول أن أبا يزيد البسطامي ترك شرب الماء سنةً تأديباً لنفسه (2) ، وعدّه منقبةً له(3) ؟ !
*وقال العلامة : قوله تعالى : «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ » (4) . . روى الجمهور عن ابن عباس ، قال : لما نزلت هذه الآية قال رسول اللّه صلی اللّه علیه [وآله]: هم أنت يا علي وشيعتك ...»(5).
فقال الفضل : «هذا غير مذكور في التفاسير، بل الظاهر العموم . وإن
ص: 138
سلّم فلا نص» (1) .
أقول :
أليس الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور من كتب التفاسير ؟ ! رواه فيه عن ابن عدي عن ابن عباس. وعن ابن مردويه عن علي علیه السلام . وعن ابن عساكر عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري. وعن ابن عدي وابن عساكر عن أبي سعيد الخدري(2).
فهم يروونه عن جماعة من الأصحاب، بأسانيدهم ، في الكتب قبل زمان الفضل وبعده ... وابن مردويه - بالخصوص - من أشهر أئمتهم في التفسير والحديث .
*وقال العلّامة : «الرابعة والثلاثون - قوله تعالى : «وصالح المؤمنين ».(3). أجمع المفسرون وروى الجمهور أنّه على علیه السلام»(4).
فقال الفضل :« اتفق المفسرون أنّ المراد من صالح المؤمنين أبو بكر وعمر ... وإن صح نزوله في أمير المؤمنين فلا شك أنه صالح المؤمنين ولكن لا يدلّ على النصّ المدّعى » (5).
أقول :
أخرجه الحافظ السيوطي في الدر المنثور عن ابن أبي حاتم عن
ص: 139
علي علیه السلام . وعن ابن مردويه وابن عساكر عن ابن عباس . وعن ابن مردويه عن أسماء بنت عميس (1).
ورواه الثعلبي في التفسير الكبير عن أسماء (2).
وكذا الحافظ أبو نعيم عنها ، في كتابه في ما نزل في عليّ من القرآن (3).
ولعل العمدة هنا رواية ابن أبي حاتم هذا الخبر في تفسيره ، فقد نص ابن تيمية على إنّ تفسيره خالٍ من الموضوعات كما مرّ بنا سابقاً .
هذا ، بالاضافة إلى روايات أصحابنا الإمامية .. فيكون الخبر متفقاً عليه بين الفريقين . فما الحامل للفضل على الإنكار ؟ !
*قال العلّامة : «الخامسة والثلاثون - قوله تعالى : « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي... »(4).
روى الجمهور عن أبي سعيد الخدري، أنّ النبي صلّى اللّه عليه [ وآله ] وسلّم دعا الناس إلى عليّ عليه السلام في يوم غدير خم ...»(5) .
فقال الفضل : « ... الذي ذكره من مفتريات الشيعة . . . »(6).
أقول :
وماذا تقول للفضل إذا علمت أنّ من رواة هذا الحديث - نزول الآية
ص: 140
في أمير المؤمنين عليه السلام في يوم الغدير - من أهل السنّة هم :
أبو جعفر الطبري ..
وأبو الحسن الدارقطني ..
وأبو حفص ابن شاهين ، كما في شواهد التنزيل 156/1 ح 210..
والحاكم النيسابوري، في المستدرك على الصحيحين 118/3 ح 4576..
وابن مردويه الأصفهاني ، كما في الدر المنثور 19/3 ..
وأبو نعيم الأصفهاني ...
وأبو بكر البيهقي ..
والخطيب البغدادي ، كما في تاريخ بغداد 290/8 رقم 4392 ..
وأبو سعيد السجستاني ..
وأبن المغازلي ، كما في مناقب الإمام علي : 69 ح 24 ..
والحاكم الحسكاني ، كما في شواهد التنزيل 156/1 - 160 ح 210 - 215..
وأبو القاسم ابن السمرقندي ..
وأبو منصور الديلمي ، كما في مناقب الإمام علي بن أبي الطالب علیه السلام -للخوارزمي -
: 135 : 135 ح 152 ..
وابن عساكر الدمشقي، كما في تاريخ دمشق 237/42 ..
و ابن كثير الدمشقي ، كما في البداية والنهاية 279/7 ..
وجلال الدين السيوطي ، كما في الدر المنثور19/3(1) .
ص: 141
وغيرهم من أئمّة الحديث والتفسير .. فكيف يقول : إنّه من مفتريات الشيعة ؟ !
*وقال العلّامة : «السادسة والستون - « وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ» (1) .. هو عليّ ، لأنّه كان مؤمناً مهاجراً ذا رحم»(2) .
فقال الفضل : «ظاهر الآية العموم، ولم يذكر المفسّرون تخصيصاً بأحد ، ولو خص فلا دلالة له على النصّ، والاستدلال بأنّه مؤمن مهاجر ذو رحم لا يوجب التخصيص ، لشمول الأوصاف المذكورة لغيره» (3)
أقول :
لماذا هذه المكابرة الواضحة الفاضحة ؟ !
أولاً : البحث يدور بين أمير المؤمنين عليه السلام وبين أبي بكر ، والآية المباركة تثبت الأولوية لمن جمع الأوصاف الثلاثة ، وأبو بكر غير جامع لها كما لا يخفى على الفضل، ولعلّه لذا قال : «لغيره» ولم يقل : أبو
بكر .
وثانياً : وإذا كان الغير ليس ابن أبي قحافة ، فمن يقصد الفضل به ؟!
ثمّ لماذا يدّعي الحبّ لأمير المؤمنين عليه السلام ويسعى لإنكار فضائله ومناقبه حتى بالأكاذيب والأباطيل ؟!
ص: 142
143
*وقال العلّامة : « وأمّا السُنّة ، فالأخبار المتواترة عن النبي صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم الدالة على إمامته ، وهي أكثر من أن تحصى ، وقد صنف الجمهور وأصحابنا في ذلك وأكثروا (1) » .
فقال الفضل : «وأما ما ذكر من أنّ الأخبار متواترة عن النبي صلّى اللّه عليه [ وآله] وسلّم على إمامة عليّ ، فنسأله أولاً عن معنى التواتر ؟ !
فإن قال : أن يبلغ عدد الرواة حداً لا يمكن للعقل أن يحكم بتواطئهم على الكذب .
فنقول : اتفق جميع المحدّثين أنه ليس لنا حديث متواتر إلا قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار .
فهذا الحديث في كل عصر رواه جماعة ، يحكم العقل على امتناع تواطئهم على الكذب . وبعضهم ألحق حديث : «البينة على المدعي واليمين على من أنكر» بالتواتر .
فكيف هذا الرجل الجاهل بالحديث والأخبار ، بل بكل شيء حتى إنّي ندمت من معارضة كتابه وخرافاته بالجواب ، لسقوطه عن مرتبة المعارضة ، لانحطاط درجته في سائر العلوم، معقولها ومنقولها ، أصولها
وفروعها، ولكن ابتليت بهذا مرّة فصبرت . . . » (2).
أقول :
يقال لهذا الشيخ العالم بالحديث والأخبار، بل بكل شيء !! وبغض
ص: 143
النظر عما ادعاه من الاتفاق على انحصار التواتر بما ذكره من أين لك القطع بأنّ العلّامة كان يقصد من
«التواتر» خصوص التواتر «اللفظي» ؟ !
أليس التواتر ينقسم إلى : «لفظي» و «معنوي» و «إجمالي» ؟ !
لماذا هذا التهجّم وهذه السباب والشتائم ؟ !
فما الذي قاله العلّامة حتى استحق كل ذلك وأمثاله ، بل الأشدّ والأقبح منه ، كما ذكرنا في فصل السباب والشتائم» ؟ ! هذا أوّلاً..
وثانياً : فإنّ جملةً من الأخبار الدالّة على إمامته متواترة يقيناً ، وقد أقرّ السنة ، كبار علماء القوم بذلك ، وأبن روزبهان جاهل أو يتجاهل لتعصبه !
وسنذكر مناقشات الفضل في بعض استدلالات العلّامة من ليرى الباحث المنصف مدى التزام الرجل بالآداب الدينية ورعايته لجانب الصدق والإنصاف ، وليجد الفرق الواضح بين طريقة العلّامة وعلماء الإمامية ، وبين طريقة الفضل وعلماء العامة في النظر والبحث والاستدلال .
*قال العلامة : «الثاني : من مسند أحمد -: «لما نزل «وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ»(1)جمع النبي صلى اللّه عليه [وآله] وسلّم من أهل بيته ثلاثين ، فأكلوا وشربوا ثلاثاً ، ثمّ قال لهم : من يضمن عنّي ديني ومواعيدي ويكون خليفتي ويكون معي في الجنّة ؟ فقال عليّ : أنا . فقال :
أنت . . . »(2) .
فقال الفضل : «هذا الحديث ذكره ابن الجوزي في الموضوعات في قصة طويلة ، وليس فيه «ويكون خليفتي»، وهذا من وضعه أو من وضع
ص: 144
مشايخه من شيوخ الرفض وأهل التهمة والافتراء .
وفي مسند أحمد بن حنبل : ( ويكون خليفتي) غير موجود ، بل هو من إلحاقات الرفضة.
وهذان الكتابان اليوم موجودان ، وهم لا يبالون من خجلة الكذب والافتراء . . . »(1) .
أقول :
ماذا لو وجد الباحث ويكون خليفتي في مسند أحمد» ؟! وماذا لو وجد في الموضوعات حديثين في أولهما وخليفتي من أهلي» وفي الثاني وخليفتي في أهلي ؟! هل يبالي الفضل وأمثاله من خجلة الكذب ؟! وهل يبقى مناص لهم من قبول الحديث ودلالته على الإمامة والخلافة لأمير المؤمنين بعد النبي بلا فصل ؟! وهل يبقى لهم من عذر في القول بإمامة غيره ؟ !
ولفظ الحديث في مسند أحمد كما يلي :
«الأسود بن عامر ، عن شريك ، عن الأعمش، عن المنهال ، عن عن عباد بن عبد اللّه الأسدي ، عن علي علیه السلام، قال : لما نزلت هذه الآية : «وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ » قال : جمع النبي صلى اللّه عليه[ وآله] وسلم من أهل بيته ، فاجتمع ثلاثون ، فأكلوا وشربوا ؛ قال : فقال لهم : من يضمن عنّي دَيني ومواعيدي ويكون معي في الجنّة ، ويكون خليفتي في أهلي ؟
فقال رجل - لم يسمه شريك - : يا رسول اللّه ! أنت كنت بحراً ، مَن
ص: 145
يقوم بهذا ؟ !
قال : ثمّ قال الآخر..
قال : فعرض ذلك على أهل بيته.
فقال عليٌّعلیه السلام : أنا »(1)
أقول :
ولو كان ثمة إلحاق فهو في كلمة « في أهلي» ، فإنّها وإن كانت لا تضرّ بالاستدلال ؛ لعدم الفرق بين أهله وغيرهم من المسلمين ، إلا أنها غير موجودة في بعض المصادر ..
وفي بعضها الآخر كلمة «فيكم» بدل «في أهلي».. روى ذلك ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي ، قال صلّى اللّه عليه وآله] وسلّم : « يا بني عبد المطلب ! إنّي واللّه ما أعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل ما جئتكم به، إنّي قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني اللّه أن أدعوكم إليه ؛ فأيكم يؤازرني على أمري هذا ؟
[ قال علي ] : فقلت - وأنا أحدثهم سناً ، وأرمصهم عيناً ، وأعظمهم بطناً ، وأحمشهم ساقاً - أنا يا نبي اللّه أكون وزيرك عليه .
فأخذ برقبتي فقال : إن هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا !
فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع وتطيع
ص: 146
لعلي» (1) .
وفي تفسير البغوي بعد : فأيكم يؤازرني على أمري هذا: «ويكون أخي ووصتي وخليفتي فيكم »(2).
وفي لفظ ابن مردويه : «من يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي وليّكم من بعدي » (3) .
وفي لفظ آخرجه أحمد وابن جرير والضياء المقدسي : «فأيكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ووارثي» ؟(4) .
وليس هذا الحديث في مسند أحمد فقط .. فقد أخرجه باللفظ المذكور :
1 - أبو جعفر الطبري وصححه ، تاريخ الطبري 543/1 ..
2 - أبو جعفر الطحاوي ..
3 - الضّياء المقدسي في كتاب المختارة الذي التزم فيه بالصحة (5)، وربما قدّمه بعضهم على بعض الكتب المعتبرة المشهورة ..
4 - ابن أبي حاتم ، الذي نص ابن تيميّة على إنّه لا يروي في تفسيره شيئاً من الموضوعات (6).
5 - أبو بكر ابن مردويه الأصبهاني..
6 - أبو نعيم الأصفهاني. .
ص: 147
7 - أبو بكر البيهقي ، في دلائل النبوة 179/2. .
8 - ابن الأثير الجزري، في الكامل في التاريخ 585/1 - 586..
9 - الشيخ علي المتقي الهندي، في كنز العمّال 131/13 ح 36419و ص 174 ح36520...
فهؤلاء جملة من رواة هذا الحديث العظيم، الذي هو نص في إمامة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، وإن رغمت أنوف النواصب اللئام .
ومن أعجب العجب أن يكذب الفضل ويفتري على العلّامة الكذب !
* وقال العلامة : «السادس - في مسند أحمد وفي الجمع بين الصحاح الستة ما معناه : إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه [ وآله] وسلّم بعث براءة مع أبي بكر إلى أهل مكة ، فلما بلغ ذا الحليفة بعث إليه عليّاً فردّه ، فرجع أبو بكر إلى النبي صلّى اللّه عليه [ وآله] وسلّم فقال : يا رسول اللّه ! أنزل في شيء ؟! قال : لا ، ولكن جبرائيل جاءني وقال : لا يؤدّي عنك إلا فيَّ أنت أو رجل منك» (1).
فذكر الفضل الخبر بنحو آخر بلا ذكر مصدر ، ثمّ قال : «هذا حقيقة الخبر، وليس فيه دلالة على نص ، ولا قدح في أبي بكر . وأما ما ذكر أن رسول اللّه قال : لا ، ولكنّ جبرائيل أتاني ... فهذا فهذا من ملحقاته وليس في أصل الحديث هذا الكلام »(2).
أقول :
أولاً : إنّ العلامةرحمه اللّه ذكر مصدر حديثه، والفضل لم يذكر لما ذكره
ص: 148
مصدراً ، وإن دققت فيه النظر وجدته مختلقاً موضوعاً !
وثانياً : الجملة المذكورة موجودة في مسند أحمد بنص الحديث ، وهذا لفظه :
«عن علي ، قال : لما نزلت عشر آيات من براءة على النبي ، دعا النبي أبا بكر فبعثه بها ليقرأها على أهل مكة ، ثم دعاني النبي فقال لي : أدرك أبا بكر ، فحيثما لحقته فخذ الكتاب منه فاذهب به إلى أهل مكة فاقرأه عليهم ؛ فلحقته بالجحفة ، فأخذت الكتاب منه ، ورجع أبو بكر إلى النبي فقال : يا رسول اللّه ، نزل في شيء ؟!
قال : لا ، ولكن جبريل جاءني فقال : لن يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك »(1).
فانظر من الكاذب المختلق ؟ !
*وقال العلامة : روى الخوارزمي عن ابن عباس ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلّم : عليّ يوم القيامة على الحوض ، لا يدخل الجنة إلا من جاء بجواز من عليّ »(2).
فقال الفضل : من ضروريات الدين أنّ النبي صلّى اللّه [وآله] وسلّم صاحب الحوض المورود والشفاعةالعظمى والمقام المحمود يوم القيامة . وأمّا أنّ عليّاً صاحب الحوض فهو من مخترعات الشيعة ، ولم يرد به نقل صحيح . وهذا الرجل الذي ينقل كلّ مطالبه من كتب أصحابنا لم ينقل هذا منهم ، وذلك لأنّه لم يصح فيه نقل عندنا ...» (3) .
ص: 149
اقول :
إنّما ينقل العلامة الأحاديث من كتاب أو كتابين من كتب أهل السنة ولم يكن يقصد الاستيعاب والاستقصاء، وإنّما مراده بيان أنّ مناقب الإمام عليه السلام متفق عليها بين الطرفين .
وهذا الحديث رواه من كتاب الخوارزمي(1) ، وهو من علماء أهل
السُنّة كما ذكرنا في فصل «الطعن في علماء السُنّة» .
ومن رواته أيضاً :
1 - أحمد بن حنبل ، كما كما في الصواعق المحرقة : 265 .
2 - أبو القاسم الطبراني ، كما في الصواعق المحرقة : 265.
3 - أبو عبد اللّه الحاكم في المستدرك على الصحيحين 148/3 ح4669 وصححه .
4 - ابن حجر المكي ، في الصواعق المحرقة : 265 .
5 ه - علي المتقي الهندي ، في كنز العمّال 145/13ح36484 وص 157ح36484 .
فاقرأ وأحكم من الكذاب المفتري !!
أقول :
وبهذا القدر ممّن ذكرته كفاية .. وقد قال الشيخ المظفر - في بيان موقف القوم من فضائل أمير المؤمنين عليه السلام المخرجة في كتبهم ، وما
ص: 150
يروونه فضيلة لغيره - : « ... ولذا لا يروون له عليه السلام فضيلة إلا وطعنوا مهما أمكن بسندها أو دلالتها ، ولا تنشرح نفوسهم لها ، بخلاف ما إذا رووا فضيلة لغيره ! ولا بُدّ أن يظهر اللّه مخفيات سرائرهم على صفحات أرقامهم وطفحات أقلامهم ، كما رأيته من هذا الرجل في كثير من كلماته» (1) .
أقول :
خصوصاً في ما رووه بفضل عمر ! فقد ذكر ابن روزبهان : « وكان عمر من المحدثين ، وكان وزير رسول اللّه » (2) .. «وكيف يصح لأحدٍ أن يطعن في علم عمر ؟ ! وقد شاركه النبي في علمه ، كما ورد في الصحاح عن ابن عمر ، قال : سمعت رسول اللّه يقول : بينا أنا نائم أُتيتُ بقدح لبن
فشربت . . . »(3) .
بل قال : «فضائله لا تعد ولا تحصى »(4)!
والأعجب من ذلك محاولة إلزام الإمامية بما رواه قومه في حقّ الآخرين، خصوصاً عمر !! يقول : روي في الصحاح عن سعد بن أبي وقاص ، قال : استأذن عمر بن الخطاب على رسول اللّه وعنده نسوة من قريش تكلّمنه ، عالية أصواتهن ... فقلن : نعم ، أنت أفظ وأغلظ . فقال رسول اللّه : يابن الخطاب ! والذي نفسي بيده ، ما لقيك الشيطان سالكاً فجّاً إلا سلك غير فجك» (5) .
ص: 151
فقال ابن روزبهان : هذا حديث نقله جمهور أرباب الصحاح ، ولا شك في صحته لأحدٍ ، وهذا حجّة على الروافض حيث يقولون : إنّ بيعة أبي بكر كانت باختيار عمر بن الخطاب ؛ فإنّه لو صح ما ذكروا أنه باختياره فهو حق لا شك فيه ، بدليل هذا الحديث، لأنه سلك فجاً يسلك الشيطان فجاً غيره ...» .
قال :« وهذا من الإلزاميات العجيبة التي ليس لهم جواب عن هذا ألبتة» (1).
قلت:
إي واللّه ، إلزام الإمامية بما لا يروونه ولا يرون صحته من الإلزاميات العجيبة ! !
وبقيت هنا عدة نقاط...
الأولى : إنّ هذا الرجل يحاول تنزيل بعض الفضائل الصحيحة الثابتة لأمير المؤمنين عليه السلام على حقيّة خلافة المشايخ ، فقد قال في حديث : «علي مع الحق والحق مع عليّ» : «هذا دليل على حقية الخلفاء ، لأنّ الحقِّ كان مع عليّ ، وعلي كان معهم، حيث تابعهم وناصحهم ، فثبت من هذا خلافة الخلفاء»(2) .
الثانية : إنّه يحاول الجمع بين حبّ عليّ وأهل البيت عليهم السلام ، وبين حبّ الشيخين وعموم الصحابة ؛ فهو يقول في موضع من كتابه ، في حبّ الإمام عليه السلام : «الحمد لله الذي جعلنا من أهل محبّته ، وملأ
ص: 152
قلوبنا من صفو مودته»(1) .. ثم يقول في موضع آخر: «المروافض لا يحكمون بالمحبّة إلا بمثالب الغير » (2)..
ويقول في موضع ثالث : كلّ ما نقل من فضائله وفضائل أهل بيت النبي ما لم يكن سبباً إلى الطعن في أفاضل الصحابة ، فنتسلّمه ونوافقه فيه لأنّ فضائلهم لا تحصى ، ولا ينكره إلا منكر نور الشمس والقمر ... فإنّ أهل السنّة يعملون بكل حديث وخبر صحيح بشرائطها ، ولكن كما صح عندهم الأحاديث الدالة على فضل عليّ بن أبي طالب وأهل بيت رسول اللّه ، كذلك صح عندهم الأحاديث الدالة على فضائل الخلفاء الراشدين ، فهم يجمعون بين الأحاديث الصحاح وينزلون كلاً منزله الذي أنزله اللّه ، ولا ينقصون أحداً ممن صح فيه هذا الحديث .
والشيعة ينقلون الأحاديث من كتب أصحابنا مما يتعلق بفضائل أهل البيت، ويسكتون عن فضائل الخلفاء وأكابر الصحابة ، ليتمشى لهم الطعن والقدح ، وهذا غاية الخيانة في الدين، وأية خيانة أعظم من أنّ رجلاً ذكر بعض كلام أحدٍ مما يتعلق بشيء، وترك البعض الآخر مما يتعلق بعين ذلك الشيء ، ليتمشى به مذهبه ومعتقده ؟! ونعوذ باللّه من هذه العقائد الفاسدة »(3).
بل إنّه يرى في كلام آخر له أنّ التشكيك في فضائل أكابر الصحابة -كالخلفاء - ينافي الإيمان ، وهذه عبارته :
«لا يشك مؤمن في فضائل عليّ بن أبي طالب ، ولا في فضائل أكابر
ص: 153
الصحابة كالخلفاء» (1).
فأولاً : إنّه يشترط في قبول الخبر الصحيح الوارد عندهم في فضل أمير المؤمنين عليه السلام أن لا يكون سبباً إلى الطعن في من تقدّم عليه الخلافة ، وإلا فالخبر غير مقبول ؛ هذا كلامه.
وأي خبر في فضله عليه السلام لا يكون سبباً في القدح في القوم وإبطال تقدّمهم عليه ؟ !
وثانياً : إنّه في الوقت الذي لا يروي في كتابه رواية واحدة من كتب الإمامية ليستدلّ بها على العلّامة الحلّي أو يلزمه بها ، يريد من الإمامية قبول كل ما ورد في كتب قومه في فضل الصحابة ، بل يقول إن التشكيك في ذلك منافٍ للإيمان !
وثالثاً : إنّه لم يرو في كتابه رواية مسندةً - ولا واحدة - عن شيء من كتب قومه ، فكأنّه لم يكن له إلمام بعلوم الحديث والأسانيد والرجال ، ومع ذلك يدّعي صحة ما رووه في حق الصحابة !
ورابعاً : إنّه ينص هنا على التسليم بما صح في فضل علي عليه السلام ، ولكنّه في كثير من الموارد التي يستدل العلامة الحلّي فيها بالأحاديث الصحاح يكذب بالحديث أو يشكك في صحته، تبعاً لابن تيميّة وإن لم يصرّح باسمه والأخذ منه !
وخامساً : إذا كان يدعي حبّ علي عليه السلام، وكان صادقاً بحمد اللّه على ذلك ، فما باله قد والى أشدّ أعدائه وأكبر مبغضيه كمعاوية وأبن العاص ومروان وأشباههم، ولم يحكم عليهم بالنفاق ، مع اتضاح حالهم في
ص: 154
بغض الإمام واستمرارهم على عداوته وسبّه ؛ كما قال الشيخ المظفر ؟ !
وسادساً : إنّه يتهم الإمامية بالخيانة ، وكأنه يجهل أدنى شرائط البحث والجدل !
وقد كرّر هذا الرجل أمثال هذه الكلمات ، مع افتراءات وأباطيل أخرى ، فمثلاً : يقول في موضع : «والعجب ، إن هذا الرجل لا ينقل حديثاً : إلا من جماعة أهل السنّة ، لأنّ الشيعة ليس لهم كتاب ولا رواة ولا علماء مجتهدون مستخرجون للأخبار ، فهو في إثبات ما يدعيه عيال على كتب أهل السنّة ، فإذا صار كذلك ، فلِمَ لا يروي عن كتب الصحاح ؟ ! . . . » (1) ! .
يقول هذا ، وكأنه يجهل أنّ ما يصنعه العلّامة الحلّي هو الصواب في مقام المناظرة ! ويدعي مع ذلك أن لا كتاب للشيعة ولا علماء ، وأنهم في إثبات إمامة أمير المؤمنين وإبطال خلافة من تقدّم عليه عيال على أهل
السُنّة !
لكنّه في موضع آخر يعترف بوجود كتب للشيعة ، غير إنّه يرميها بأنّها من موضوعات يهودي !! فيقول : «وصحاحنا ليس ككتب الشيعة التي اشتهر عند السُنة أنّها موضوعات يهودي كان يريد تخريب بناء الإسلام ، فعملها وجعلها وديعةً عند الإمام جعفر الصادق ، فلما توفّي حسب الناس إنّه من كلامه، واللّه أعلم بحقيقة هذا الكلام، وهذا من المشهورات ، ومع هذا لا ثقة لأهل السنّة بالمشهورات ، بل لا بُدّ من الإسناد الصحيح حتى تصح الرواية .
وأما صحاحنا ، فقد اتفق العلماء أنّ كلّ ما عُدّ من الصحاح - سوى
ص: 155
107
التعليقات في الصحاح السنّة - لو حُلف بالطلاق أنّه من قول رسول اللّه أو من فعله وتقريره ، لم يقع الطلاق ، ولم يحنث»(1) .
فانظر ، كيف يتجاسر على الإمام الصادق عليه السلام ، وعلى عامة الإمامية ، ثمّ يحاول الخروج من عهدة ذلك !!
الثالثة : لقد قال في كل من علي وأبي بكر وعمر : «له فضائل لا تُعدّ ولا تحصى » ...
لكن من الأفضل ؟ !
وهل تقديم المفضول على الفاضل جائز أو قبيح ؟ !
لا يخفى أنّ العلامة الحلّىرحمه اللّه استدل لإمامة أمير المؤمنين عليه السلام بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بالنقل والعقل . أما النقل ، فالكتاب ونصوص السُنّة الصحيحة عند القوم والمعتبرة عند الفريقين ..
وأمّا العقل ، فبأفضلية أمير المؤمنين ، وأنّ الأفضل هو الإمام .
وقد أجاب ابن روزبهان عن الأدلة النقلية بأنّها ليست بنص على الإمامة ، وأمّا عن الوجوه العقلية فقد صرّح قائلاً: «إمامة المفضول عندنا جائزة » (2) .
وهذا من أهم مواضع المقارنة بين آراء ابن روزبهان وآراء ابن تيمية ، فإنّه على شدّة نصبه وعداوته لأمير المؤمنين عليه السلام، ينص في غير موضع من كتابه منهاج السنّة - كغيره من أعلام القوم - على عدم جواز
ص: 156
تولية المفضول مع وجود الفاضل (1).
أما ابن روزبهان فيجوز ذلك ، بل يدعي كونه مذهب أهل السنة - إن كان مراده من قوله : «عندنا ذلك ، ليتمكن من تبرير إمامة أبي بكر بعد رسول اللّه !
وهكذا ، فقد وجدنا ابن روزبهان - في مواضع من كتابه - أشدّ عداءً لأمير المؤمنين من ابن تيمية ..
فمثلاً : لمّا استدل العلّامة في كتابه منهاج الكرامة بقوله تعالى: « إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا » (2) وذكر الرواية الواردة في ذيلها عن طريق الفقيه ابن المغازلي الواسطي الشافعي (3)، لم يكذب ابن تيمية تلك الرواية ، وإنّما طالب بصحتها(4) !
أما ابن روزبهان فيقول : هذه الرواية ليست من كتب أهل السنّة والجماعةولا أحد من المفسرين ذكر هذا » (5).. بل قد تكلّم في ابن المغازلى وطعن فيه كما تقدّم.
ووجدنا إقرار ابن تيمية بحكم عمر برجم الحامل والمجنونة(6) ، وأبن
روزبهان يكذب أو يشكك في الخبر كما تقدم .
هذا، وقد كان في النية أن نقارن بين ابن روزبهان وبين ابن تيمية
ص: 157
وكتابيهما في الردّ على العلامة الحلّي، ولكنا تركنا ذلك إلى مجال آخر خوفاً من الإطالة .
والحمد لله أوّلاً وآخراً ، وصلّى اللّه على سيدنا محمّد وآله الطيبين الطاهرين وسلم تسليماً كثيراً .
علي الحسيني الميلاني
ص: 158
هو الشيخ الأجل أبو منصور جمال الدين الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر ، المعروف بالعلّامة الحلّي، والعلّامة على الإطلاق ، ويطلق عليه العلماء : آية اللّه ، وإمام المعقول والمنقول .
وُلد في 29 شهر رمضان سنة 647 ه- كما ذكره هو نفسه في الخلاصة، وتوفّي ليلة السبت 21 من المحرم سنة 726 ه- .
ذكره معاصره ابن دوواد الحلّي في رجاله فقال: « : «شیخ الطائفة وعلامة وقته ، وصاحب التحقيق والتدقيق ، كثير التصانيف ، انتهت رئاسة الإمامية إليه في المعقول والمنقول ، مولده سنة 648 ، وكان والده - قدس اللّه روحه - فقيهاً محققاً ، عظيم الشأن ».
وما ذكره ابن داوود من تاريخ ولادته هو الأشهر والأصح .
ووصفه معاصره القاضي البيضاوي ب- «إمام المجتهدين في علم الأصول.
وقال ابن كثير : «شيخ الروافض بتلك النواحي ، وله التصانيف
ص: 159
الكثيرة ، يقال : تزيد على مئة وعشرين مجلداً، وعدتها خمسة وخمسون مصنفاً ، في الفقه والنحو والأصول والفلسفة والرفض وغير ذلك ، من كبار وصغار ، وأشهرها بين الطلبة شرح ابن الحاجب في أصول الفقه» . وذكره الصفدي فقال : «الإمام العلّامة ذو الفنون ، عالم الشيعة وفقيههم ، صاحب التصانيف التي اشتهرت في حياته ... وكان يصنّف وهو راكب ، وكان ريض الأخلاق ، حليماً ، قائماً بالعلوم ، حكيماً ، طار ذكره في الأقطار ، وأقتحم الناس إليه وتخرج به أقوام كثيرة» .
ووصفه ابن حجر في لسان الميزان فقال : «عالم الشيعة وإمامهم ومصنّفهم ، وكان آيةً في الذكاء ، شرح مختصر ابن الحاجب شرحاً جيداً سهل المأخذ غايةً في الإيضاح ، وأشتهرت تصانيفه في حياته ، وهو الذي ردّ عليه الشيخ تقي الدين ابن تيمية في كتابه المعروف بالردّ على الرافضي ، وكان ابن المطهر مشتهر الذكر وحسن الأخلاق ، ولما بلغه بعض كتاب ابن تيمية قال : لو كان يفهم ما أقول أجبته» .
وقال في الدرر الكامنة : لازم النصير الطوسي، واشتغل في العلوم العقلية فمهر فيها، وصنف في الأصول والحكمة ، وكان رأس الشيعة بالحلّة ، وأشتهرت تصانيفه ، وتخرّج به جماعة ، وشرحه على مختصر ابن الحاجب في غاية الحسن في حل ألفاظه وتقريب معانيه ، وصنف في فقه الإمامية وكان قيماً بذلك داعياً إليه .
ولما وصل إليه كتاب ابن تيمية في الردّ عليه كتب أبياتاً أوّلها :
لو كنتَ تعلمُ كلّ ما عَلمَ الوَرى *طُرّاً لَصِرت صديق كل العالم
لكنْ جَهِلتَ فقلت : إن جميع من *يهوى خلافَ هَواكَ ليسَ بعالم
وقال ابن تغري بردي : «كان عالماً بالمعقولات ، وكان رضي الخُلق
ص: 160
حليماً ، وله وجاهة عند خربنده ملك التتر ، وله عدة مصنّفات» .
وقصته مع أولجايتو وانتقاله إلى مذهب الإمامية مشهورة .
قرأ رحمه اللّه على عدد كثير من العلماء كالخواجة نصير الدين الطوسي ، وابن ميثم البحراني ، وشمس الدين الكشي الشافعي ، الذي كان يعترض عليه العلامة أحياناً فيحير الشيخ بجوابه ويعترف له بالعجز
وقد تتلمذ على يديه خَلق كثير .
توفّي بالحلة المزيدية (1) ، ونقل إلى النجف الأشرف فدفن في حجرة عن يمين الداخل إلى الحضرة الشريفة من جهة الشمال، وقبره ظاهر معروف مزور إلى اليوم .
* * *
ص: 161
162
هو أبو الخير فضل اللّه بن روزبهان - القاضي بأصبهان - بن فضل اللّه الأمين بن أمين الدين ، الخنجي الأصل، الأصبهاني الشيرازي الشافعي الصوفي ، الشهير ب- خواجه مولانا - أو : خواجه ملا ، مؤرّخ ، مشارك في بعض العلوم .
ذكره السخاوي في الضوء اللامع فقال : لازم جماعة كعميد الدين الشيرازي ، وتسلّك بالجمال الأردستاني وتجرد معه ، وتقدم في فنون من عربية ومعان وأصلين وغيرها، مع حسن سلوك وتوجه وتقشف ولطف عشرة وأنطراح (2)وذوق وتقنع.
قدم القاهرة فتوفيت أمه بها ، وزار بيت المقدس، والخليل ، ومات شيخه الجمال ببيت المقدس فشهد دفنه ، وسافر إلى المدينة النبوية فجاور بها أشهراً من سنة سبع وثمانين ، ولقيني بها فسُرّ بعد أن تكدّر حين لم يجدني بالقاهرة مع إنّه حسن له الاجتماع بالخيضري فما انشرح به ، وقرأ علَيَّ البخاري بالروضة ، وسمع دروساً في الاصطلاح ، وأغتبط بذلك كله ، وكان يبالغ في المدح بحيث عمل قصيدة بديعة يوم ختمه
أُنشدت
ص: 162
بحضرتنا في الروضة ، أوّلها :
روى النسيم حديث الأحباء*فصح مما روى أسقام أحشائى (1)
وهي عندي بخطه الحسن مع ما قيل نظماً من غيره، وكذا عمل أُخرى في ختم مسلم، وقد قرأه على أبي عبد اللّه محمد بن أبي الفرج المراغي حينئذ ، أولها :
صَحْحتُ عَنكُم حديثاً في الهوى حَسَنا *أن ليسَ يعشَقُ مَن لَمْ يَهجُرِ الوَسَنا
وهي بخطه أيضاً في ترجمته من التاريخ الكبير ، وكتبت له إجازة حافلة ، افتتحتها بقولي :
أحمد اللّه ، ففضل اللّه لا يجحد ، وأشكره فَحَقِّ له أن يُشكر ويُحمد ، وأُصلّي على عبده المصطفى سيدنا محمد..
ووصفته بما أثبته أيضاً في التاريخ المذكور ..
وقال لي : إنّه جمع مناقب شيخه الأردستاني ، وإن مولده فما بين الخمسين إلى الستين ، ثم لقيني بمكة في موسمها ، فحج ورجع إلى بلاده مبلغاً إن شاء اللّه سائر مقاصده ومراده، وبلغني في سنة سبع وتسعين أنه كان كاتباً في ديوان السلطان يعقوب لبلاغته وحسن إشارته» .
وذكر السيد نعمة اللّه الجزائري في مقاماته بأنه كانت له بنت ، فلمّا بلغت مبلغ النساء خطبها منه شرفاء مكة وعلماء الحرمين ، فقال : فقال : بنتي هذا(2)
ص: 163
لا كفو لها ، لأنّ سلطان العجم وإن كان علوياً - أي السلطان الشاه إسماعيل الصفوي - إلّا أنّه من الرَّفَضَة ، وسلطان الروم وإن كان من أهل السنّة إلا أنّه ليس بعلوي» .. إلى آخر ما قال .
وكان صاحب أسفار ، فسافر إلى الحرمين ، وبيت المقدس : والقاهرة ، والخليل ، وما وراء النهر - سمرقند و بخارى -، وكان يصحب معه أسرته، وتولى القضاء بمص- بمصر والحرمين.
طإبطال المنهج الباطل» في الردّ على ابن المطهر..
و طبديع الزمان» في قصة حي بن يقظان ..
و شرح «الوصايا» لعبد الخالق الغجدواني ..
و عالم آرا في تاريخ الدولة البايندرية - فارسي ..
وتعليقة على «إحياء العلوم» للغزالي ..
وتعليقة على تفسير «الكشاف للزمخشري ..
وتعليقة على شرح المواقف ..
وتعليقة على شرح الطوالع ..
وتعليقة على تفسير البيضاوي ..
وشرح المقاصد في الكلام ..
وكتاب في الإجازات ..
وكتاب في ترجمة شيخه الأردستاني .
* * *
ص: 164
هو السيد الشريف نور اللّه بن شریف الدین عبد اللّه بن ضياء الدين نور اللّه بن محمد شاه الحسيني المرعشي التستري ، المعروف ب- : الشهيد الثالث .
وُلد في تستر بخوزستان سنة 956 ه- ، ونشأ ونشأ بها، وأخذ العلوم الأولية عن أفاضل مدينة تستر ، ومنهم والده ، ثمّ انتقل إلى مشهد الإمام الرضا لال سنة 979 وكان عمره نحو 23 عاماً ، وحضر دروس العلّامة المحقق المولى عبد الواحد التستري وغيره ، بقي في مدينة مشهد نحو 14 عاماً .
ثمّ انتقل سنة 993 إلى البلاد الهندية، وتقرب إلى أبي الفتح ابن عبد الرزاق الكيلاني وكان له جاه في بلاط أكبر شاه ( 942) - 1025 ه- ) فولاه القضاء بمدينة لاهور ، فاستقل إلى أيام جهانگير ، وكان يخفي مذهبه
عن الناس تقيّة ، ويقضي على مذهبه بما وافقه من مذهب أهل السنّة .
وقال صاحب رياض العلماء : هو أوّل من أظهر التشيع في بلاد « الهند من العلماء علانية ، وصدع بالحق الصريح والصدق الفصيح تقريراً
ص: 165
و تحريراً ، نظماً ونثراً ، وجاهد في إعلاء كلمة اللّه ، وجاهر بإمامة عترة رسول اللّه ، حتى استشهد جوراً في بلدة لاهور من بلاد الهند ، وقتل ظلماً فيها لأجل تشيّعه وتأليفه إحقاق الحق ، وقصة قتله مشهورة ، وذلك في عام 1019 ه- »
له سبعة وتسعون كتاباً ورسالة ، أشهرها :
إحقاق الحق ؛ وهو الذي أوجب قتله، ألّفه ردّاً على الفضل بن روزبهان في كتابه «إبطال نهج الباطل».
مجالس المؤمنين ..
مصائب النواصب ..
الصوارم المهرقة في الردّ على الصواعق المحرقة ..
حاشية على تفسير البيضاوي ..
الحسن والقبح ..
وغيرها .
* * *
ص: 166
167 .
(1).
نسبه و اسرته:
هو : العلّامة الحجّة الشيخ محمد حسن بن الشيخ محمد بن الشيخ عبد اللّه بن الشيخ محمد بن الشيخ أحمد بن مظفّر الصيمري (2) الجزائري(3) .
زعيم ديني كبير ، متكلّم وباحث قدير، أديب وكاتب معروف ، وصاحب قريحة شعرية رقيقة .
يرجع نسب شيخنا المترجم إلى أسرة عريقة بالفضل والعلم ، عرفت في النجف الأشرف أواسط القرن الثاني عشر ، ولها فروع كثيرة وأنتشر أفرادها في كثير من المدن، كالبصرة ، والقرنة ، والمدينة، والمحمرة ، والأهواز ، وكربلاء ، والحيرة ، وعفك ، وبغداد ، ويسكن قسم منهم مدينة حلب .
ص: 167
ویرجع نسب آل المظفر إلى آل مسروح من أصول آل علي المضريين ، القاطنين في أرض العوالي بالحجاز ، ولا تزال بعض فروعها تسكن في عوالي المدينة المنوّرة حتى يومنا هذا، وقد كان لأحد أفرادالاسرةالماضين - وهو الشيخ يونس بن الشيخ أحمد - مراسلات معهم واتصال وثيق بهم .
وقد هاجر مظفر بن عطاء اللّه - جدّ الأُسرة الأعلى - من مدينة الرسول الأكرم صلی اللّه علیه[ وآله] قبل القرن العاشر الهجري وقصد النجف الأشرف ، فقط فيها واختلف على علمائها فاستفاد منهم ، أما وجودهم في البصرة والمُدَيْنَة فيتّصل بالقرن الحادي عشر .
وقد نبغ من هذه الأسرة أعلام كثيرون ، أشهرهم الشيخ إبراهيم بن محمد بن عبد الحسين ، المعروف بالجزائري، المعاصر للشيخ جعفر, الكبير ، رحل من النجف إلى الكاظمية فتوطنها وقرأ على أساتذتها ، وله مؤلّفات ذهبت ضمن كتبه التي بيعت بعد وفاته ، وتوفي بها فدفن في رواق المرقد الكاظمي، وله مسجد فيها يعرف باسمه إلى اليوم ، وقد وُجدت له أحكام ممضاة من علماء وقته .
ووالد المترجم هو العلّامة الشيخ محمّد المظفر ، من كبار علماء الإمامية في مطلع القرن الرابع عشر ، وقد توفي في أوّل ربیع الأوّل سنة 1322ه- في سنّ الستّين بمرض الوباء ، وله عدة مصنفات ، منها : توضيح الكلام في شرح شرائع الإسلام، وهو دورة فقهية كاملة شرح فيها كتاب «شرائع الإسلام» للمحقق الحلّي بإيجاز وتركيز ، وهو لا يزال مخطوطاً
ص: 168
ويرجع نسبه من جهة الأُمّ إلى عائلة الطريحي ، وهي عائلة عربية ، علمية استوطنت النجف الأشرف منذ عدة قرون ، وتُعدّ من أقدم العوائل العربية في النجف ، فأُمه الفاضلة ابنة الشيخ عبد الحسين الطريحي .
وللمترجم ثلاثة إخوة كانوا من العلماء الأعلام ، وهم :
1 - الحجّة الشيخ عبد النبي ، المتوفى سنة 1337 ه- ، وهو الذي تولّى رعاية شيخنا المترجم بعد وفاة والدهم.
2 - الشيخ محمد حسين ، المتوفى سنة 1381 ه- ، باحث عالم بالأدب والتاريخ ، له تصانيف عديدة منها : الإمام الصادق علیه السلام ، الإسلام نشوؤه وارتقاؤه ، تاريخ الشيعة ، ميثم التمار ، مؤمن الطاق .
3 - العلامة الكبير الشيخ محمد رضا المتوفى سنة 1384 ه- ، عميد كلية الفقه في النجف الأشرف ، صاحب المصنفات الجليلة : أصول الفقه ، المنطق ، عقائد الإمامية ، السقيفة ، والكتب الثلاثة الأولى من الكتب الأساسية في منهج الحوزات العلمية ، وعليها المدار اليوم في دروس مرحلة المقدمات ، وهو مضافاً إلى كونه عالماً مجتهداً وفقيهاً أُصولياً فقد كان أديباً وشاعراً مجيداً .
ولد شيخنا المترجم له في النجف الأشرف في 12 صفر عام 1301،
ص: 169
ونشأ فيها ، وترعرع في أنديتها ومحافلها ، درس على والده وغيره النحو ، والصرف، وعلوم البلاغة ،والمنطق ، والحساب ، والفلك ، وعلم الكلام ، والحديث ، والفقه وأصوله ، وعلوم الدين والأدب ، ونال منها حظاًوافراً. حضر دروس الشيخ الآخوند محمّد كاظم الخراساني ، والسيّد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي،وشيخ الشريعة الأصفهاني ، والشيخ علي ابن الشيخ باقر الجواهري ، وقد أجازه معظم هؤلاء المراجع العظام إجازة الاجتهاد عام 1332 ه ، كما أجازه بالرواية شيخه شيخ الشريعة ..
فاستقلّ برأيه وباشر في مواصلة الأبحاث الخارجية منذ ذلك الحين فأتم عشرات الدورات الفقهية والأصولية، حضرها رعيل كبير من أهل الفضل والعلم ، وقد تخرّج على يديه جملة من الأفاضل .
وقد تنبه إلى مقامه العلمي عشرات الرجال من أهل اليقين والمعرفة ه مع وجود زعماء مشتهرين آنذاك، أمثال الميرزا النائيني والسيد أبو الحسن الأصفهاني ، وكان السيد أبو الحسن يحترمه ويجله وقد رجاه غير مرّة أن يُرجع إليه كل ما يتعلّق بالقضاء إليه ، ولكنه رفض رفضاً باتاً ، وآثر الانعزال والانصراف إلى التأليف والتدريس والعبادة ، كما كرّر عليه أن يقيم صلاة الجماعة بمكانه في الجامع الهندي فرفض أيضاً، ولم يخرج من العراق طيلة حياته إلا مرة واحدة سافر فيها إلى إيران عام 1368 الزيارة الإمام علي الرضا علیه السلام للاستشفاء بعد إجراء عملية جراحية أُجريت له في النجف الأشرف .
وبعد وفاة السيد أبو الحسن الأصفهاني سنة 1365 ه ظهر شيخنا المظفّر إماماً مبرزاً ومرجعاً من مراجع المسلمين، رغم أنه كان قد آثر العزلة.
ص: 170
وصفه الشيخ جعفر آل محبوبة بأنه من العلماء الأبرار ، والمجتهدين الأخيار ، لم يناقش في ورعه وصلاحه، وللناس فيه أتم الوثوق ، صلّى خلفه كثير من أهل الفهم والمعرفة ، ورجع إليه في التقليد جماعة من الناس ، تقرأ في غضون جبينه آثار الأبرار ، وتلوح على مخايله سمات أهل الورع ، يغلب عليه الهدوء والسكون .
ثمّ قال : رأيته رجلاً صالحاً نقي الضمير ، طاهر النفس ، متعففاً ، صادقاً في القول .
ووصفه صاحب شعراء الغريّ بقوله : عرفته معرفة حقة، واتصلت بشخصه - شأن غيري ممّن اتّخذوا العلم صفة لهم - فوجدته إنساناً فذاً قد حصل على كافة الصفات الطيبة والخلال الحميدة ، قد نُزِّه عن كلّ ما يوصم به المرء من زَهْوِ وتدليس أو حبّ للظهور والغطرسة، يتواضع للكبير والصغير بصورة لم تُفقده قوّةَ الشخصية ، وجلال الزعيم ، ولطف مزاجه حتى عاد كالزجاجة الصافية التي لا درن عليها أو غبار ، وبهذا أخذ بمجامع قلوب مختلف الطبقات ورجال الدين، وقلّ من حاز على رضا الناس إلا هو وأفراد يُعدّون بالأصابع قد تجردوا عن زَهْوِ الحياة وزخرفها ، وابتعدوا عن كل ما يوجد الريبة والشك ، وتمشى باحتياطه في سيرته حتى لا يكاد أن يتطرق الوهم إلى نفسه، فقد بلغ مرتبة من الصفاء والتجرد أهلته أن يرتفع في جوّه الذي زخر بالأصفياء والأولياء ارتفاعاً بيِّناً، ويظهر في مجتمعه الذي كثر فيه مراجع الدين ظهوراً دون أن يرغب به أو يقصده، وكم جاءه المال فتغاضى عنه ، وأتبعته الزعامة فأعرض عنها، وهو بقية السلف الصالح الذين تتواتر عنهم القصص والأخبار بهذا الشأن .
ثم قال : عرفته معرفة جعلتني أكبر مقامه لا لغاية ، وأُحبّه لا لقصد
ص: 171
سوى ما احتفظ به من شخصية رصينة مُحكمة الروح والعقل، محكمة الدين والخُلُق، لهذه الصفات أحببته وأحبه الآلاف مثلي من الذين لم يحترموا إلا الحق والعدل والدين، ولهذه الصفات أكبرته ؛ لأنه سخر بالزعامات المزيفة ، والشخصيات المرهلة والنفسيات التي أتعبت هواها فقادها إلى مصير مظلم وهُوّة عميقة من محاسبة اللّه والضمير ، ولهذه الصفات عرفت أنّ الأرض لا تخلو من حجّة ، ... ليعيد إلى النفوس
الساخطة اطمئنانها ، والقلوب المرتبكة سكونها، والعقائد المتزلزلة إرجاعها ، لهذه الصفات أصبح المترجم له علماً من أعلام الدين ، لا يرجع له إلا من عرف اللّه وتبع تعاليم الدين الصحيحة .
وقال في حقه الشيخ محمّد شيخ الشريعة - من علماء باكستان ، بمناسبة ذكرى مرور أربعين يوماً على وفاة شيخنا الفقيد ، والتي أُقيمت في النجف الأشرف - : اعتدتُ ألا أكتب إلا ما يترجم شعوري ، وأبتدئ بإرضاء ضميري قبل غيري ، فحقاً أقول : إنا فقدنا بارتحال شيخنا الأعظم آية اللّه المظفّر أطهر وأطيب وأزكى شخص عرفته في حياتي ، وأعتقد أنّ الهيئة العلمية الدينية النجفية والجامعة الإسلامية العامة قد انثلمت بوفاة فقيدنا الأكبر ، فقد كان منهلاً لروّاد العلم، ومقتدى للمؤمنين ، وأباً باراً للمسلمين.
ثمّ قال : لا يجتمع التواضع والمرونة مع الكبرياء ولكنهما يجامعان العظمة، فقد كان رحمه اللّه عظيماً متواضعاً ، مهاب الجانب محبوباً ، يغمر جليسه بعظمته الروحية الأخلاقية، ويصهره حتى يصبح منطق الجليس نزيهاً عارياً من الغمز واللمز ، فلم تكن ترى في مجلسه غير الأدب الديني من دون أن يحدّد أحداً في منطقه ، إذا ذهبت إليه بحاجة كان يتضاءل كأنه
ص: 172
المحتاج ولم تتركه إلا وأنت راض عنه سواءً أجابك أم ردّك ، وإن قل الأخير .
كان جواداً بذولاً ، في شخصيته وماله ، وكلّ ما أُوتي ، فقد كان رحمه اللّه يعتقد أنّ شخصيّته مِلْك للمسلمين يجب أن ينتفعوا بها ، ولم يبخل بها على أحد ، وأعتقد أنّ التصدّق بالشخصية أعظم وأصعب على الرجل من التصدّق بماله ، بل أشدّ من التصدّق بنفسه بمراتب .
وقال الشيخ محمد طاهر آل راضي : كلّ يعلم علقة آل المظفّر بجمعية منتدى النشر ، وقد آزر المرحوم جميع خطوات الجمعية ، لا لأنّ إخوانه منسوبون إليها ، بل لاعتقاده أنّ تلك الحركة خطوة إصلاحية للدين
والمجتمع .
ثمّ قال : أقسم باللّه - وهو علَيَّ شهيد - إنّي مع قربي بجواره وحظوتي بمجالسته - سفراً وحضراً - ما وجدته نصر الجمعية أو جهات أُخرى بدوافع الانتماءات الفردية والتعصبات الخاصة ، بل لم يكن يفهم التعصبات القبلية أو القومية، ولا أَغالِ إن قلتُ: إن أخاه وأي مسلم آخر كان عنده سيّان إلا بما ميز الشارع بينهما ، وكان التمايز عنده بالتقوى لا بالبياض والسواد ، وكان مجبولاً على هذا الخلق الكريم ، لا أنّه يعمل به إطاعة للشرع الحنيف فقط .
وكمال الدين أن تُصبح الأحكامُ أخلاقاً مزيجاً بدم الرجل ولحمه .
كان فرداً عاماً محذوفاً عنه جميع الإضافات الخاصة ، ولمثله الحق أن يكون على رأس أُمة إسلاميةعالمية ، مع إنّه كان قدوة في التقوى ، بعيداً عن التقشف والرياء ، يحضر على المائدة الفخمة، ويشارك الفقراء في ماكلهم البسيطة ، لا ينكر الأوّل تقشّفاً ، ولا الثاني تكبراً ، يبتسم للفقير ،
ص: 173
ولا يخضع لذوي الجاه والسلطان ، متواضع مع الأول وعظيم مع الثاني وكان عظيماً مع الناس أكثر من عظمته عند نفسه على حد قول إمامنا السجاد علیه السلام: «ولا ترفعنى في الناس درجة إلا حططتني عند نفسي مثلها » .
ثمّ قال : وإنّي لأحفظ له كلمة ، وكم له من كلمات خالدة ! وهي :
«إن الرياء في زماننا لا معنى له ؛ لأنّ له ؛ لأنّ سوء الظنّ بلغ بالناس حداً يتوهمون العبادة الخالصة من المؤمن رياءً، فلا فائدة للمرائي، ورياؤه لا ينخدع به الناس».
ثم قال الشيخ محمد طاهر آل راضي في كلمته : ولا تظنّ أنّه لدمائة أخلاقه كان ممن تقتحمه العين ، فلقد كانت له هيبة تكاد أن ترتعد لها الفرائص ، وتصطك لها الأخامص ، ويخفق لها القلب .
كل ذلك في ما أعتقد سرّ هيبته الطاعة ، وعلو مكانته منها ، من غير أن يكون في شيء من ذلك متكلفاً أو متزمتاً ، فإنّه المجبول على الترسل والتبسط ، ولكنه خُلق خيراً زكيّاً.
ثم قال : وقد ذكر لي بعض ثقات أقاربه ، وكان أكبر من شيخنا سناً : إنّ الشيخ لما كان صبياً ما كانت له بطبعه هواية أن يلهو أو يلعب ، بل كان يحشر نفسه مع الصبيان ، ولكنه يقف منهم على كتب فلا يشاركهم لعبهم ولهوهم ، فكأنّه خُلق على الاتزان ، وطبع على الوقار .
وإنّي كنت أجتمع به، وأعد اجتماعي به من توفيقاتي ، كمن يجتمع مع ملك من ملائكة اللّه ، ولم أسمع سمع منه منه مدة العمر أن تعرّض لأحدٍ إلا بالخير والإطراء إذا كان ممن يستحق ذلك ، وإلا فلا يتعرّض له ، وربّما يتعرّض غيره له فتكون خطته خِطة الدفاع عنه وحمله على الصحة.
ص: 174
وهو ميمون النقيبة ، مبارك الذات والفعل، أما بركة ذاته فلطهارتها بالطاعة والمعرفة والفناء في مرضاة اللّه مع علمه البالغ وفضله العظيم الجمّ وأما بركة الفعل فقد شاهدته عقد الزواج لشاب على فتاة ، وبعد العقد ابتلي الزوج بداء كان منه على أشد نواحي الخطر ، يكاد أن يكون ميؤساً منه ، ثمّ عافاه اللّه وعاد إلى الصحة الكاملة ، وتزوّج الزوجة التي عقدها الشيخ فاتفق أن اجتمعت بأحد العلماء فتذاكرنا ما جرى لهذا الشاب فقال لي : أمّا أنا فكنت على رجاء قوي ، لم أيأس كما يئس الناس ؛ لأنّ العاقد له كان الشيخ ، فإنّه الميمون المبارك ، قد جُرِّب أنّه ما عقد لشخص فخاب زواجه.
وكان - طاب مثواه - حليماً ، يسعني أن أقول : إنه ما رُني غضب لنفسه أو لأمر من أمور الدنيا ، ولكنه كان يتأجج ناراً ويتميز غيظاً إذا هتكت عصمة من عصم الدين.
لقد كان أعلى اللّه مقامه مضرب المثل في التقوى والعدالة عند الناس ، حتى إنّي كنت أتصوّره أنّه معصوم غير واجب العصمة ، والناظر إليه يحس أنه يواجه وجهاً تنطق أساريره بمعنوية الهداية ونور الهدى ، وكنت أقصده للائتمام به في الصلاة ، فإنّه - مضافاً إلى كونه في أقصى درجات العدالة - فقد كانت له في الصلاة نغمة ، ولا سيما في قنوته ، فكأنها تأخذ بيدك فترفعك إلى نور معرفة اللّه ، وكأنّك ترى الجنّة والنار ماثلتين بين عينيك بإيحاء من تأثير صوته الخاشع ، وعذوبة لهجته ، وكمال معرفته ، ومعراجيّة نفسه، وأتصالها به تبارك وتعالى فناء وعرفاناً .
وكان - رحمه اللّه - من المجتهدين القلائل الذين تلقوا حوادث تطوّر الزمن بنفس متفتحة بعيدة عن التزمت، فنظر بذلك إلى الحياة نظرةً سمحاء ، ومتى واتاه الدليل أو قامت عنده الحجّة الشرعية أجاز ما يسهل
ص: 175
على الناس أمر حياتهم .
فمثلاً كان يرى طهارة الكتابيين وجواز الزواج منهم . .
كما كان يرى أنّ الأدلة غير متوفّرة على إن المتنجس يُنجس . .
وكان أعلى اللّه مقامه يرى لزوم ترتيب الأثر في ما تعلّق بإثبات الأهلة على وفق حكم الحاكم الشرعي ؛ معللاً بأنّ الحاكم بالهلال مجتهد أهل للحكم إذا تمت الموازين ، وقد رتب الأثر على ذلك في بعض بعض أهلة فطر شهر رمضان ، عندما حكم بالهلال بعض المراجع وخالفه الآخرون ، لقد نظر شيخنا في ذلك إلى الواقع دون أن يلتفت إلى زاوية غير الحق ، وفي نفس الوقت فإنّ هذه الحادثة تكشف عن فنائه في ذات اللّه وتجرّده وبعده عن الأنانية .
وله من أمثال ذلك الكثير ، يترصد الحقِّ دائماً ولا يحيد عنه، ولا تصدّه عنه نزوة من حبّ الذات ،وخلجاتها ولا نزعة من نزعات الكبرياء وتخيّلاتها .
وكان شيخنا من مشايخ التدريس ، دقيق النظر ، عميق التفكير والتحقيق ، حسن الأسلوب في التفهيم، فقد كان يحرر المسألة بتحرير واضح يتبين فيه موضع الخلاف جليّاً ، لئلا تلتبس الآراء من حيث تداخل بعض المصاديق ببعض ، ثمّ يُبدي رأيه معتضداً بالحجّة ، ذاباً عما اختاره في تفنيد ما قيل أو يمكن أن يقال على خلافه ، مؤيّداً بالذوق الصحيح العالي ، والفطرة السليمة الحرّة ، غير مأخوذ بما يستدعي اتباع المشهور لكونه مشهوراً من دون أن تسانده الأدلة.
وبالإمكان مراجعة كتبه الاستدلالية - ومنها كتابه المطبوع في مباحث
ص: 176
الحج - لتجد أسلوبه بارزاً في عرض الأدلة ومناقشتها، والانتهاء إلى الرأي السديد.
والمترجم له بالإضافة إلى تفوقه في الفقه والأصول ، وسُموّه في فهمها، فقد نال حظوةً كبرى في الأدب والنظم ، وله مع الشيخ جواد الشبيبي اللّه - الذي صاهره على ابنته الكبرى - مساجلات أدبية .. ومنها
قول الشبيبي من أبيات مطلعها :
فخرتُ بأعمامي وطُلْتُ بأخوالي *فزاحمتُ في الأفلاك كوكبها العالي
فأجابه شيخنا المظفر ، وذلك في 26 رمضان 1352 بقصيدة ، منها :
سهرت الليالي في أمانٍ وآمال* فإنّ الأماني بَعْدَكُم رأسُ أموالي
وَكَمْ جُبتُ ليلَ البَيْنِ أقطعُ جَوَّهُ* بسيارة للفكر تحمل أثقالى
أقولُ لعين الشمس : لا تَبزُغي بهِ *فقد سار بي فكري على برق آمالي
تبشرنی یا شمس أن سوف نلتقي * وأحظى برؤيا كوكب الشرفِ العالي
وأنتَ إذا وافيت واستتر الدجى *وأَنْجُمُهُ مَنْ يُخبرُ الندبَ عَن حالي
ص: 177
وإني لا أرضى يضونك مِنّةً* إذا بَزعَتْ شمسُ العُلى فوق أطلالي
بغُرتِها نورُ الجلالة ساطع* بها يهتدي الساري إلى المَفْخَرِ العالي
أضاءت على أُفْقِ الكمال مُطِلَّةٌ *وجَرَّتْ بروض الفضل فاضل أذيال
وألقت سناها في خمائل للعُلى* فزانت بلاد الشرق في الحَسَبِ الغالى
وبدر الهدى أنواره يَستفيدها *لأبنائه من نورها الساطع الحالي
جلا اليوم ذكراها لنفس تُفيدُها* نفائس فخر لا نفائس أموالِ
وكتب من مدينة القرنة إلى صديقه الشيخ محمد رضا الخزاعي في صدر كتاب عام 1329ه :
صَبوتُ وقد سقاني الشوقُ صَابا *ولم أرَ صَبْوتي إلا صوابا
وبِئْتُ ولى فؤاد مُستهام* يَرى عَذْبَ السلُوّ لهُ عَذابا
رحلت وقلبي المعمود آبا* إليك ، فقلتُ : ترجعُ ؟ قال : أبى
وقد أَوْدَعْتُهُ لكَ فَارْعَ فِيهِ *ودادي ، إنّهُ لهَواكَ ذابا
فأَمْسَتْ تحسد القلب المعنى* عُيوني كي يُعاني ذا الجنابا
فیا قلبي ألا أبْلِغْهُ حالي* وقُلْ : ودّعتُه صَبّاً مُصابا
ص: 178
ترجمة الشيخ المظفّر المظفّر ....
يَبيتُ مُسهَّداً سَهرانَ طَرْفٍ *قريحَ الجَفْنِ يَنسكبُ انسكابا
فمَنْ لي لَو يَحلّ سوادَ عيني* كما هو في سُوَيْدا القلبِ ذابا
وتَجْمَعُني وخير أخ ودودٍ* ديارٌ أخصبَتْ فيه جنابا
فأُشهِدُ واحداً في العِزَّ فَرداً* فَتَى طابت مآثره وطابا
حليف الفضل والإفضال قدماً* ومَنْ ملأت أياديه الرحابا
محمّد الرضا الزاكي أصولاً *رضي الفرع نَدْباً مُستطابا
ألا يا نسمة الأسحار هبى لِمَنْ مَلَكَتْ مَواهِبُه الرقابا
زعني بلغيه سلام عانٍ *بهِ حَضَرت مودته وغابا
* * *
وله قصيدة يخاطب بها أمير المؤمنين الإمام علي علیه السلام:
دهتني الهموم ولا مُنجد*وقلبي بها مُتهِمْ مُنْجِدُ
وَلاكَ فمُ الضُّرَّ قَلبي وقَدْ *طوى صَبْرِيَ الزَّمَنُ الأَنْكَدُ
فأَقْوَتْ مَعَالِمُهُ بعدما *وهى عَن قِوى جَلَدي الجَلْمَدُ
ولَمّا هَمَا كَبِدي للضَنَى* وأجْهَدَهُ الشَّجَنُ المُكْمِدُ
رَبطت فؤادي بكَفِّ المُنى* زَماناً ومالي سواها يَدُ
فَمُذْ حَابَ ظَنِّي وَرَدْتُ الأمير* وما طابَ لي غيرَهُ مَوْرِدُ
فیا رحمةَ اللّهِ عَطفاً فَقَدْ* تَجهمني الصاحب المُسْعِدُ
عَهِدْتُكَ لِلْمُلْتَجِي جُنَّةً *إذا مادهی جَلَلٌ مُجْهِدُ
وقد كنتَ مَقصَدَ أهلِ الرّجا *لدى الضُّرَّ إِذْ عَزَّ مَن يُقصَدُ
ولولاك غاضَتْ بِحارُ الندى *وما كان رفد ولا مُرْفِدُ
ولولاك ما دَر دَرُ الحَيا* ولا دارَ في أُنْقِهِ فَرْقَدُ
ص: 179
فحقق رَجاي بِما أبتَغِي* فَقَدْ حُقِّ لي مِنكُمُ الموعد
أترضى بأني أشقى وفي* فؤادي لظى شَجَني تُوقَدُ ؟!
وترضى أبيتُ ليالي الأسى *وعين الرجا طَرْفُها أرمدُ ؟ !
وترضى أضل ومنك الرشاد* وأنتَ لما نابَني تَشْهَدُ ؟!
ولولاك ما سارَ فُلْكُ الهُدى* ولا بان رُشْدّ ولا مُرْشِد !
فإن لَمْ يَسَعْنا مَدى فَضلِكم *وضاقَ بِنا فَلِمَنْ نَقْصِدُ ؟!
وَحَاشا يضيقُ وأنتَ الجَوادُ* وآيةً جُودِك لا تُجْحَدُ
أتُغْضِي وأنتَ الوَليُّ الذي* يُحَلُّ بأمرك ما يُعْقَدُ؟!
أتُغْضِي وأنتَ القَديرُ الذي *لك الأمر والنهي والسؤدد
فإِن لم تَغِثْ فَلِمَنْ نلتجي* وما في الوَرى مَقْصَدٌ يُحْمَدُ ؟!
بباب الرّجا عَكَفَتْ هِمّتي* ويَصْرُخُ في نَبَنِي المِذْوَدُ
إلى المُصطفى وإليك أنتهى* رجائي وحقاً به أَسْعَدُ
وله يرثي الإمام الحسن السبط علیه السلام بقوله :
الرُّسْلُ تَفْخَرُ والأملاك والأُمم *بالطاهر المُجتبى والبَيتُ والحَرَمُ
والأرضُ تَخضعُ إجلالاً لهيبته* والعقل يخدمه واللوحُ والقَلمُ
ما الإنس والجن والأملاك قاطبةً* إلا لهُ خُلِقوا قدماً وإِن عَظَموا
مِن مَعشر أَحدَقتْ بالعَرشِ مُشْرِقَةً* أنوارهمْ وَهُمُ الأسحارُ والكَلِمُ
ص: 180
وعصبة كان في نص الغديرِ لَهُمْ *فَضْلٌ جَلِيٌّ وفيهِ تَمّتِ النِّعَمُ
أئمّةٌ للهُدى طَابَتْ أُرُومَتُهُمْ* وفي بُيُوتِهِمُ الآيات والحِكَمُ
لَهُمْ إيابُ الوَرى يومَ الحِسابِ وفي *أيْدِيهُمُ الحَوضُ والنَّعْماءُ والنِّقَمُ
فَمِنهُمُ الحَسنُ الزاكي ومَن شَرُفَتْ *بحُسنه الخصلتانُ الحُكْمُ والكَرَمُ
رُوحُ النبيَّ ونَفْسُ المُرتضى وأخُ الشهي* د وابنُ التي تُجْلى بها الظُّلَمُ
هُوَ المَلاذُ ومَن فيهِ المَعَاذُ غداً *وفيه لِلْمُلْتَجِي مَنْجَى ومُعْتَصَمُ
الدينُ والعِلمُ والعَليا به جُمِعَتْ* لكنْ تَفرّقَ عنه الناسُ حينَ عَمُوا
ما رُوعِيَتْ لرسولِ اللّهِ حُرمته* فيه ولا عهده ، كلا ولا الرَّحِمُ
باعوا بدنياهُمُ الأُخرى على خَطَلِ *ويَمّموا قَتْلَهُ يا بِسَما أَمَمُوا
تَعْاً لَهُمْ تركوا الوَعْدَ اللئيم على* منابر المصطفى يَنْزُو وَيَحْتَكِمُ
لا غَرْوَ أنهم أحرى بَمِثْلِهُم * إذ سادَهُمْ بعدَ يَعسُوبِ الهُدَى الرَّحَمُ
ص: 181
قَدْ عاهد المُجتبى والغَدرُ شِيمَتُهُ *فَخانَهُ وَهُوَ مَن تُرعى بهِ الدِّمَمُ
وَدَسٌ سُمّاً نَقيعاً قد أصاب بهِ *فؤادَه يا فداهُ العُرْبُ والعَجَمُ
ومنه ألقى لِما يَلْقاء طائفةٌ *من قلبِه قِطَعاً في الطَّسْتِ وَهْوَ دَمُ
* * *
ومن شعره يستنجد بالإمام المهديعلیه السلام قوله :
إلامَ أُقاسي الأسى والوَصَبْ *وحَتّامَ أَضْنى وقلبي يَجِبْ
فيا رحمةَ اللّهِ عَطفاً على *مقیم بِجَنبِكَ رَهْنِ النُّوبْ
تَرامَتْ إليكَ رِكَابُ الهَوى *تَخُبُّ بِرَكْبِ الرَّجا والطَّلَبُ
* * *
وقال يتشوّق إلى وطنه وهو في البصرة :
ربوع الحِمى هَلْ إليكِ رجوعُ *وهَلْ لي بداراتِ الديارِ طُلوع ؟ !
وهل تَرِدُ الألحاظُ مَنْهَلَ أُنسِها* ويجمعُها والماجدِينَ شُروع ؟ !
وهل يبلغ المَعمودُ مأمَنَ عِزّهِ *يأمَنُ رَوْعَ للكَثِيبِ مَرُوعُ ؟ !
ص: 182
وهل لي في تلك المَنازِلِ وَقْفةٌ *تُبَتُ لَدَيها لَوعةٌ ووُلوعُ ؟!
فَقَدْ مَلَكَتْ قَلْبي الأبي هُمومُهُ *وعاصي دموعي للغرام مُطيعُ
وكَمْ بِتُ مِنْ بَعدِ الوَداع مُسَهَّداً *أعاني الأسى والوادعون هجُوعُ
فَمَن لي بِكَوْمَاء بَرى جسمها السُّرى *وشوقي بُراها والغَرامُ نُسوعُ
لتبلغني أرضَ الغَرِي ورَوضَ* ة الوصي التي منها الزمانُ يَضُوعُ
فأمْسِك أطراف العتاب بِمِذْوَدي* وأَفرُشُ خَدّاً ما عَلاهُ خُضُوعُ
وله هذه المقطوعة الجميلة :
حيّاكَ يا قلبُ فأحياكا* رِيمُ الحِمى إذْ زارَ مَغْناكا
بُشراك فيه زائراً بَعْدَما* أبْعَدَ لُقياك وأشجاكا
أخْلَفَك الوعد ولم يَتَّئِب *وعندما وافاك أوفاكا
لقد قضى بالعدلِ ما بيننا *وبَعْدَما راعاكَ أَرْعاكا
جنيتُ مِن فِيهِ جَناهُ وَقَدْ* عدا بريّاه وأزواكا
***
وله في صدر كتاب عن لسان بعض الأصحاب :
يا من به الأحكامُ والحِكَمُ *دارتْ فأَمَّتْ دارَهُ الأُمَمُ
لك في الأنامِ مَناقِبٌ ظَهَرَتْ *لم يُحصِها القرطاس والقلمُ
ص: 183
فَنَداكَ قامَ لكَ الفَخارُ بِهِ* إن الفَخارَ دِعامُهُ الكَرمُ
وجميلُ خُلْقِكَ دانَ فيهِ لك* العربُ الكُماةُ الصِّيدُ والعَجَمُ
وعَظيمُ حِلمِك قد بَلَغت بهِ * ما ليسَ يبلُغُ نَعْتَهُ الكَلِمُ
ما هَزَتِ الأيامُ رُكنك فى* ما فيه رُكنُ الطَّوْدِ يَنهَدِمُ
هبتْ عَليكَ زَعازِعٌ فَغَدَتْ* منها بحارُ البَغْيِ تَلتظِمُ
لكِنّما قابَلْتَ عَاصِفَها* برزينِ حِلْمِ زانَهُ الحُلُمُ
هذا تراتُكَ مِن نَبِيَّ هُدى* تُجلى بِنُورِ جَبينِه الظُّلَمُ
ووصيه الزاكي والهما* أسمى الوَرى وسواهُمُ الخَدَمُ
فاهْنَاً بأنّكَ يا وَليَّهُمُ* ومطيعَهُمْ مِنْهُمْ ونَجْلَهُمْ
فَهُمُ الأسود وأنتَ شِبلُهم *وهُمُ الأُصول وأنتَ فَرْعُهُمْ
وتَبِعْتَهُمْ في كلّ مَكْرُمةٍ *لِتَنالَ يومَ الفصل وَصْلَهُمْ
فَغَدَوتَ ربَّ الفخرِ مُنفرداً *وندى يديك وإنّه قَسَمُ
قَسَمَ الإِلهُ لكَ العَلاءَ رِضاً *دُونَ الوَرى إنّ العُلى قَسَمُ
أُهدي إليكَ سَلامَ ذي كَلَفٍ *عاني الحُشاشةَ شَفَهُ الألم
ما غَرَّدتْ بِنتُ الأراكِ وما* سَقَتِ الوَرى مِن كَفَكَ الدِّيمُ
* **
وله مؤرّخاً عام ولادة عبد الأمير بن الشيخ محمد رضا الخزاعي :
يرَبْعِ العِزَّ عِندَك رَوضُ مَجدِك *يُغرِّدُ في هَناكَ ونُجْح قصدِك
ويَنشُرُ فيه أعلامَ التّهاني *ويَنشُرُ لؤلؤ البشرى بجهدك
بمولودٍ لِذاتِك قلتُ : أرّخ *«تَصَوَّرَ نُورُهُ مِن بَدرِ مَجدِك »
1320
ص: 184
وله تشطير لأبياتٍ جاءته في رسالة من أحد أصدقائه ، يقول فيها :
(دَهري أراني عَجَبا) *دامَ لهُ تَعَجُبي
تاهَ بِهِ سَرْحُ النهى *(وهو كثيرُ العَجَبِ )
( مِن عَيْلَم علامة) *أظهر ما لم أحسَبٍ
ناهيك فيهِ مِن فتى* (حِلْفِ النّهى والأدب)
(مهذب راسي الحجى) *خفيف طبع عربي
إنّى وإن قل الفدا* (أفديه من مهذب)
وما سمعنا عن فتى *مِثْلِ له في الأدب
قد حالَ عن وُدّ أخ *ذا حسب و
صدق ما يسمعُهُ* مِن كَذِبِ الأوهام بي
ولَمْ يُصَدِّقْ نَبَئي *وإِنْ يَكُنْ عنِ النَّبِي
وكَذَّبَ الوُجدان مِنْ* صِدْقٍ فِعالِ الأنجب
قد طُبِعَتْ نفسي على *طَبْع عَنِ العَرْج أبي
يا فئة طابوا وما *ندنوا بالريب
مذاقهم طاب وما* طاب لهم ذو وَصَبٍ
أَقولُها لأنّهُمْ* يَعْلُونَ مَن لَمْ يُذنبٍ
لَمْ يَحْفَظُوني وَهُمُ *يَنْسُونَ ذَنْبَ المُذَنبِ
نَفْتَةُ سُوءٍ صَدرتْ* من ذي أسى مُعَذِّبِ
يقدحُ منها شررٌ* مِنْ مُهجةِ ذِي لَهَبٍ
إن أخاكَ طَيِّبٌ* نفساً لطيبِ الحَسَبِ
نما بحِجْرٍ طَيِّبِ * مِن طَيِّبٍ مِن طَيِّبِ
ص: 185
نَفْسٌ له عزيزة *أَنْفَسُ نَفْسٍ لأبي
كانت كما تهوى العُلى *مقرها في الشهبِ
قَدْ أَنْجَبَتْهُ عُصْبَةٌ* حَلَّتْ بأعلى منصب
لَمّا تَنادَتْ للعُلى* حَوَتْ جَميعَ الرُّتَبِ
علماً وحلماً، عفةً* عفواً بيوم الغضب
فضلاً سَخاءً وَرَعاً *حَيّاً كمال الأدت
ما السبب الذي بِهِ *استحقُ سُوءَ العَتَبِ
وليس بالجاني الذي *استوجب ما لم يجب
لَم يَجْن غيرَ إِنَّهُ* أَجَنَّ حُبَّ النُّجُبِ
فَلَوْتُمْ مُتَيَّماً *قال : هواكُم مَذْهَبي
ومِلّتي حُبُّكُمْ* وإِنْ قَطَعتُمْ سَببي
ولَم يَزِلْ دِيني الهوى *وَعَنْهُ لَم أَنقَلِبِ
حتّى أُوارى قَبلَكُمْ *تحت صفيح النوب
ويَدفنوني دُونَكُمْ* فديتُكُمْ في التُّرَبِ
وللحِسابِ يَنشُرُو *نَ كل جِسمٍ تَرِبِ
وللجوابِ يسألو *ني عِندَ نَشْرِ الكُتُبِ
فأُفُصِحُ القول الذي *لقِيتُ مِنه وَصَبي
مُنادياً فيه بما *مَنْ قالَه لَمْ يَخِبٍ
آل محمّدٍ هَوِي* تُ حَسبُنا ذا الأدبِ
مِنْهُمْ وَفِيهِمْ قَدْ طَلَبْ *ت ولقاهُم مَطلَبي
طُوبَى لِمَن أَحَبَّهُمْ *وَهْيَ أَعزُّ الرُّتَبِ
ص: 186
ودان في ولاهُمُ *وعَنْهُمْ لَمْ يَرْغَب
أنى وَفَوْا لِحُبِّهِ *وَعْداً وَوَفَّوْا أَرَبى
فإنني على الإيا *أفدي وَفاهُم بِأَبي
دامُوا ودامَ وُدُّهُمْ* ما دام عُمْرُ الحِقَبِ
وما زَهَتْ زَهْرُ الرُّبى* تحتَ سَقيطِ الحَبِبِ
***
وكتب في صدر رسالة :
كتابی قد تضمّنَ منكَ ذِكرا *يُحَلّي فيه ناظره نشيده
إذا نَشرَ المَلا ما فيه يطوي *ويُملي من مزاياك العديده
ذكا فيه الندي كان فيه *غدَتْ تجنى مساعيك الحميده
وكتب في صدر كتاب :
سَلامٌ مَا لَمَى شَفَتَيْ غَريرٍ* تَرَشَّفَهُ الذي فيهِ شِفَاهُ
يبيتُ مُسهداً سكران صاح* خليفَ الحُزنِ تَيَّمَهُ هَواهُ
رَمَتهُ يدُ النَّوى عنه فأمسى *یكابِدُ ما تحمل في نَواهُ
بكاه لِجُودِه بالصدِّ حتّى *جَرَتْ في صَوبِ أدمُعِه دِماهُ
غَريقاً في بحور الهم أضحى *ونار لظى الصَّبابةِ في حَشاهُ
بأَطْيَبَ منهُ نَشراً حِينَ يَهدي *ويَنشرُ مِن فَم الذكرى شَذاهُ
ولا رَشفُ الحُمَيا حِينَ تُجني *بأشهى للندامى مِن جَناهُ
ولا نَقرُ المَثاني حِينَ تَشدو*بأحلى للخواطر مِن تَناهُ
ولا زُهْرُ الدَّراري حِينَ تَبدو* بأزهى للنواظر من سناه
ص: 187
إلى عَلياكَ يُهْدِى مِن مُعَنّى *تحيل الجسم أنحلَهُ عَناه
فيا مَلِكَ الفواضل أنتَ بحرٌ* وأين البدرُ من سامي عُلاه ؟!
به العليا تُباهي كلَّ مَولى *فَهل مَن رامَ مَفْخَرَهُ حَكَاهُ ؟ !
وكان إلى الفواضل خير مأوى *فهل ساوئ فضائله سواه ؟ !
جَوادٌ ما جرى في الجُودِ إلا* وقال الناسُ ما أقصى مَداهُ !
همامٌ ما يَهُم بِغَيرِ حَزمٍ *ولا يَهْمِي الحَيَا كَحَيا حِباهُ
فتى العليا الذي خَطَبَتْهُ قِدماً *فأمهرها بما مَلَكَتْ يَداهُ
فيا دامت مساعيه ودامت *له البُشرى لِتُبلِغَهُ مُناهُ
ولا زالَ الفَخارُ به يُنادي *وفي إظهارِ عَلياه نداهُ
وله مؤرّخاً بناء دار لأحد أصدقائه :
شَيَّد بيتاً للندى* نَدْبٌ سَما أندادَهُ
بيتاً سما هامَ السَما* لمَا غَدا عِمادَهُ
أبو الحَسْنَيْنِ مَنْ بِه *نالَ الهُدى مُرادَهُ
إنَّ الفَخارَ جُملةً* ألقى له قياده
فَصَحُ في تاريخه*( لفخرِه قد شادَهُ)
1329
***
وله يهنئ الشيخ جواد بن الشيخ صافي الطريحي بقرانه سنة 1321 ،
وهو من أوائل شعره :
غادة دارت رحاها *بفؤادي من شَجاها
تُخْجِلُ الشمس إذا ما* بزغت رأدَ ضُحاها
ص: 188
أُحرقت قلب المُعَنّى* وشَجَتْهُ بهَواها
بنهارِ الحُسنِ يُهدى *وبِلَيلِ الجَعْدِ تاها
يا خَليلَيَّ إذا عُجْ *تم إلى الحي سلاها
أتراها يومَ بانَتْ *حن قلبي لسواها
وسلاها عَن فؤادي* أثرى يوماً سلاها
عَلَّها رَقَتْ لصَبّ *بات رقاً في هواها
ملكت قلبي فساءتْ *وبإحسانِ جَزاها
إن تكن قد أَسْخَطْتَني *ونَفَتْ عني رضاها
فَبِمَدحي لِجَوادٍ *حَقَّقَتْ نفسي مُناها
مِن بُيوتِ المجد لكن* فَضلُهم فوقَ ذُراها
أُسرة فوقَ الثَّرَيَّا* رَفَعَ الفَخرُ بِناها
قَد سَمَتْ قَدْراً فَشَدَّتْ *أَنْمُلُ العَلْيا حِباها
هيَ عَينٌ لِلمَعالي* رَغِمَتْ أَنفُ عِداها
أدركوا العلياء حتى* بلغوا أقصى مداها
ملكوا قَيْدَ المَعالي *فَقَضَوْا حقُّ عُلاها
دُمْتُمُ في غَضٌ عيش *والعُلى غَضٌ بناها
وقد أغنى السيخ المظفرقدس سره المكتبة الإسلامية بمصنفات جليلة في شتّى العلوم ، منها :
1 - دلائل الصدق لنهج الحق : وهو من أنفس الكتب في بابه ، طبع
ص: 189
غير مرّة في النجف الأشرف ، وطهران ، والقاهرة، وهو الذي تقرأ له هذه المقدمة
2 - شرح القواعد، وهو شرح كبير على قواعد الأحكام للعلامة الحلّي .
3 - الإفصاح عن أحوال رجال الصحاح : كتاب وحيد في بابه ، وهو قيد التحقيق في مؤسستنا ، وسيصدر قريباً إن شاء اللّه تعالى .
4 - شرح كفاية الأصول للآخوند الخراساني .
5 - حاشية على العروة الوثقى .
6 - رسالة في فروع العلم الإجمالي .
7 - وجيزة المسائل : وهي رسالة عملية مطبوعة تتضمن خلاصة آرائه وفتاواه في المسائل الفقهية ، كتبها لتكون مرجعاً لمقلديه.
8 - حاشية على رسالة السيد أبو الحسن الأصفهاني .
9 - حاشية على رسالته الصغيرة .
10 - حاشية على مناسك الحج للسيد أبو الحسن الأصفهاني .
11 - حاشية على الرسالة العملية للشيخ عبد الحسين مبارك .
12 - مضافاً إلى مجموعة شعره .
توفي رحمه اللّه ظهيرة يوم الأربعاء 23ربیع الأوّل سنة 1375 ه بمستشفى الكرخ ببغداد ، بعد مرض عضال ، وحين أعلن عن وفاته اهتزت الأوساط الشيعية في العراق وغيره لهذا النبأ المروّع، ونقل جثمانه الطاهر
ص: 190
إلى النجف الأشرف يوم الخميس 24 ربیع الأوّل بموكب قل نظيره ، وقد رقد في جوار إمامه أمير المؤمنين علي علیه السلام ، في مقبرته الخاصة الكائنة على الشارع العام من طريق الكوفة اليوم .
وقد كان يومه يوماً مشهوداً شاركت فيه جماهير المؤمنين ، وتعطلت فيه الأعمال ، وأغلقت الأسواق، وتوقفت الدراسات الدينية لمدة عشرة أيام حزناً على شيخنا العظيم ، وأقيمت مجالس الفاتحة في النجف وفي كثير من أنحاء العراق وخارجه، وأمتدت إلى يوم الأربعين .
كما أُقيم في ذكرى أربعينيته حفل تأبيني كبير في مدرسة الإمام البروجردي في النجف الأشرف يوم 8 جمادى الآخرة سنة 1375 ه ، وأُخرى في مدينة البصرة في 22 جمادى الآخرة ، أُلقيت فيها قصائد الرثاء وكلمات التأبين من قبل علماء الأمة وأدبائها عبّرت عمّا لشيخنا رضوان اللّه مكانة سامية في نفوس المؤمنين ؛ وقد أرّخ وفاته شعراً عدد من عليه من الأفاضل ، كان من بينهم العلامة السيد محمد الحلّي، الذي قال :
كم للهدى بعد أبي أحمد* من أمل خابَ ونجمٍ حَبا
فَشِرْعَةُ الحقِّ بتاريخها* تنعى رجالها (الحسن) المجتبى
وقد رثاه السيد مصطفى جمال الدين بقصيدة عنوانها «الفتنة الكبرى »قالها بتاريخ 1955/11/23 في حفل التأبين ، رثاء له وتأييداً لأخيه الشيخ محمد رضا المظفّر ، الذي قاد حملة التجديد في الحوزة العلمية ، يقول في مطلعها :
تَبقى - يَتيهُ بها الخُلودُ ويَفْخَرُ - *ذكراك في شَفَةِ الزمانِ تَكَرَّرُ
ص: 191
192
الليلُ يَطويها : خُشوعاً ذابِلاً* والصبحُ يُطلِقُها قوى تَتَفجِّرُ
وَلَأنْتَ في الحالين : أقوى ضارع* يَعنُو .. وأَلْيَنُ قائد يتحرّرُ
شَمَحَتْ طَهارةُ أصْغَرَيْكَ : فمنطق *صاف، وقلب بالحنانِ مُفجِّرُ
وصلابة في الحقِّ دُونَ مَنالِها *فكرٌ أَشَلُّ، وخاطِرٌ مُتحجِّرُ
تعبت عيون الركب .. ليس بمُدرك *أذيال شوطك طرفه المتحيّرُ
وَكَبَتْ بهم صَهَواتُ مَجدِ خَيلُها* هَزلى، من العُشْبِ المُهَوْمِ تَعثُرُ
وتَدرّعوا جُبَبَاً بَلَيْنَ، يَكادُ مِن *مزق بها تَرَفُ الغَضارةِ يَطفُرُ
آمنتُ أنّ الصِدْقَ أبلَقُ دُونَهُ*سَعَةُ المَدى .. والزَيْفَ أعرجُ أَزْوَرُ
* **
أأبا (الدلائل) مِن ضَمِيرِكَ (صِدقُها) *يُسقى .. ومن وضح بطبعك تُسفير
ومن الصّفاءِ العَذْبِ تَجري رِقّةً* وصفاءَ طَبع ، في مداها ، الأسطرُ
ص: 192
فالنفس - وَاضِحةَ السُّلوكِ وَجْهَمَةٌ -*لا بُدَّ في ما أنْتَجَتْ تَتصوَّرُ
فإذا صفا طَبْعُ النجوم وَجَدتُ في *وضح الغديرِ صَفاءَها يتموّرُ
وإذا غَرَسْتَ الكَرْمَ في مُستَنْقَعِ *سيخ .. طَعِمْتُ المِلحَ في ما يُثمِرُ
يُهنيك أنّكَ قد وَصَلْتَ إلى المدى *عَفَّ اليَدَيْنِ ، وَوَجْهُ يومِكَ مُسفِرُ
وبَلَغْتَ مرماها ، وثوبُك لم يكن *أبداً بلون غُبارِها يَتغيَّرُ
في حينَ صَفَّقَتِ الجُموع لفارس *يَطَأُ العِنانَ جَوادُهُ فَيُقَصِّرُ
ومساهم في الشوط أكبرُ حِزْقِهِ : *لو يعتليه من الغُبارِ الأكثَرُ !!
ومُجانِبِ سَمْتَ الجميع وهَمهُ *في: كيفَ يَختَزِلُ الطريق فيَظْهَرُ !!
ومُحدِ الأنصار ، يُوهِمُ نَفْسَهُ *أن المُصفِّقَ مُعجَبٌ مُتأثر !!
تَعِبوا ... فَدُونَ الغاية الكبرى يد *توهِي العِنانَ ، وحَاجِرٌ لا يُطفَرُ
* **
ص: 193
ومنها :
أأبا ( الدلائل) هل تراك قصيدتي* سَمْحاً ، كعهدِكَ في الحياة فتَعْذِرُ ؟!
فلقد حَشَدْتُ خواطري ليَطِيبَ مِن *ذكراك هذا المنبرُ المُتذكِّرُ
لكنّها ثارث ، وأَطْبَقَ أُفقها* بدخانِ قَلبٍ لم يزل يتفجرُ
حتى إذا انحسَرَ الدّخانُ وَلُحْتَ في* طرَرِ الغُروب، وضَوء وجهك أصفرُ
أدركتُ أنا قادمون لليلة *عُسرى، يغيمُ بها الرجاء الخير
يُهْنِيكَ أنّكَ قد بلغتَ مَغِيبَها *كالشمس ، لم يَحْجُبْ سَناكَ العِشْيرُ
وتركتَ في (القَمَرينِ) بعدك للسرى* فى الليلة الظلماء ما يُتَنَوَّرُ
فالجيل مِن هَدي (الرضا) مُتقدم *في شوطه ، ومن (الحسينِ مُظفَرُ )
***
ص: 194
لأهمية الكتاب المتمثلة بكونه دورة كلامية عقائدية كاملة ، جاءت على مباحث الإلهيات والنبوة والإمامة بأسلوب علمي رصين ، قوي السبك وبلغة سهلة ، مع خُلق رفيع في أدب المناظرة والحوار ، مما جعله في نظر الأوساط العلمية الردّ الأمثل على كتاب ابن روزبهان ، والكتاب الأفضل في تبيين عقائد الإمامية الاثني عشرية وإبراز معالمها ، فأصبح دلائل الصدق» في موقع الريادة على المستويين الحجاجي والكلامي .
مضافاً إلى ذلك أنّ أيّاً من طبعتي الكتاب في طهران والقاهرة غير متوفرتين في المكتبات لمن يروم اقتناءها ، بعد مضي أكثر من ربع قرن على آخر طبعاته ، ممّا جعل الحصول على إحداها عسيراً .
هذا ، مع حاجة الكتاب إلى مزيد من التحقيق والتعضيد بشكل يليق بمستواه ، خصوصاً بعد أن أصبحت أكثر المصادر الإسلامية - سواء الشيعية منها أو السُنّية - متوفّرة في زماننا الحاضر بشكل ملحوظ، علاوة على تطوّر وسائل الطباعة بمستوى عالٍ ممّا يجعل إمكانية إخراج الكتاب بشكل أنيق وبطباعة فنّية حديثة قليلة الأخطاء تساعد القراء وطلاب الحقيقة على مطالعته بسهولة ...
لذلك كلّه فقد شرعت مؤسسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث بتحقيق هذا السفر الجليل وفق أسلوب العمل الجماعي ، الذي تميزت به أعمالها .
هذا، وقد جرت خطوات العمل كالآتي :
ص: 195
اعتمدنا في عملنا على مخطوطة ومطبوعتين ، هي :
1 - النسخة المخطوطة : وهي التي أتحفنا بها نجل المؤلّف الأستاذ الدكتور محمود المظفر - حفظه اللّه تعالى -، دوّنها الشيخ المصنف قدس سره بخطه الشريف ، وهي كاملة المحتوى واضحة الخط ، كتبت عناوينها بشكل بارز، ويشاهد فيها بعض التصحيحات والتعليقات كتبها الشيخ المؤلف رحمه اللّه في الحاشية
وتتألف هذه النسخة من ثلاثة أجزاء، وقع الفراغ منها في ربیع الآخر 1350 ه- ، تضمنت هذه الأجزاء أصول الدين ، ولم يتعرض فيها إلى أصول الفقه وفروعه في رده على ابن روزبهان ، وقد أشار إلى سبب بقوله : « وليقف إلى هنا جواد القلم ، فإنّ أُصول الدين هي الأصل ، فإن وفق ذلك اللّه سبحانه الناظر في هذا الكتاب لاتباع الحقِّ فهو في غنى عن الكلام في أصول الفقه وفروعه ، وإلا فهو بعيد عن الهداية ،وعسانا إذا سنحت الفرصة تتم الكتاب ، واللّه هو الموفق»
وذكر الشيخ المظفرقدس سره في خاتمة الكتاب منهجيته في النقل من كتب أهل السنة ، فقد قال فيها :
«خاتمة : نقدّم فيها العذر لإخواننا الكرام عن قلة ما ننقل من كتب أهل السنّة ، فنقول :
أنت تعلم أنّ النجف الأشرف بلدة إمامية ، ولا حاجة لأهلها في اقتناء كتب القوم ، ولكن قد توجد في بعض المكتبات ، وأنا بالخصوص لا أملك شيئاً منها سوى كنز العمال في أثناء تأليفي لهذا الكتاب ، وما كنت أعرف
ص: 196
أكثر كتبهم مسمّى ولا اسماً .
ولمّا شرعت في هذا الكتاب التزمت باستعارة ما أحتاجه منها ، فاستعرت ما تيسر لي منها ، فقل لذلك نقلي عن كتبهم ، وقد كان لا يهون على نفسي أن تطول عندي إقامة كتاب غيري، فأنا ربّما استعرت الكتاب حيناً وأعدته إلى صاحبه ، ولذا تراني أنقل عن الكتاب الواحد مرة عنه بنفسه ومرة بالواسطة ، وربّما أنقل عن الكتاب شيئاً في مقام وفيه أشياء نافعة لمقامات أخر لا أعلم بها ، مضافاً إلى ضيق الوقت وأهتمامي بما هو أهمّ لديّ .. ومع ذلك قد جاء بحمد اللّه تعالى وافياً بالمطلوب ، كافياً لطالب الحق .
وأنا أرجو ممن يطلع من إخواني على أكثر مما ضمنته هذا الكتاب أن يعلّق عليه ، وله الفضل على ، والجزاء الأسنى من اللّه عز وجل .
فمما نقلت عنه كثيراً :
صحيحا مسلم والبخاري، وعينت المحل الذي فيه الرواية بذكر الباب والكتاب من الصحيحين ، لسهولة الوصول إليها بذلك ، ولم أُعين الصحيفة لتعدّد طبعهما، لا سيما البخاري، مع إنه يقرب حدوث طبعات
أُخر لهما ..
ونقلت أيضاً عن صحيح الترمذي في جملة من المقامات ...
كما نقلت قليلاً عن صحيحي النسائي وأبي داود وموطأ مالك ،وعيّنت المحلّ بالباب والكتاب ونحو ذلك ..
ونقلت كثيراً عن الدرّ المنثور للسيوطي ، وتعرف المحلّ منه بالآية ..
كما ربّما نقلت عن تفسير الزمخشري والرازي وبعض التفاسير
ص: 197
الأخر ، وتعرف المحل أيضاً بالآية ..
ونقلت أيضاً عن مستدرك الحاكم أبي عبد اللّه ، المطبوع بالطبعة ولى بمطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية بحيدر آباد الدكن ..
وعن كنز العمّال ، المطبوع أيضاً بهذه المطبعة ..
وعن تاريخ الطبري ، المطبوع بالطبعة الأولى بالمطبعة الحسينية المصرية ..
وعن كامل ابن الأثير ، المطبوع أيضاً بالطبعة الأولى بالمطبعة الأزهرية المصرية ..
وعن مسند أحمد بن حنبل ، المطبوع بالمطبعة الميمنية بمصر ، الذي انتهى طبعه سنة 1313 هجرية ..
وعن شرح النهج لابن أبي الحديد، المطبوع بمطبعة دار الكتب العربية الكبرى بمصر ، الذي انتهى طبعه سنة 1329 هجرية ..
وعن العقد الفريد لابن عبد ربه ، المطبوع بمصر ، المجزأ إلى أربعة أجزاء ، الذي انتهى طبعه سنة 1331 هجرية ، وقد أنقل عن المطبوع في غير هذه السنة ..
وعينت المحلّ في هذه المذكورات أخيراً بالصحيفة من الجزء، ليكون أسهل للتناول ..
ونقلت أيضاً كثيراً عن صواعق ابن حجر ، وعيّنت المحلّ بالفصل والباب ..
وعلى هذا القياس ...
وقد وقع الفراغ من تأليف هذا الكتاب في اليوم ... »
ص: 198
2 - طبعة طهران : وقد طبعت في حياة المؤلّف قدس سره، وأشرف على تصحيحها بنفسه ، فجاءت مختلفة عن النسخة المخطوطة في موارد كثيرة ، فقد غيّر وأصلح كثيراً من الموارد في ردّه على الفضل بن روزبهان ، ورتب بعض فقراتها - قياساً لما كانت عليه في النسخة المخطوطة - كتغيير جملة بجملة أخرى ، أو تقديم حديث على آخر ، كما أضاف إليها عناوين للمطالب .
وجاءت هذه الطبعة في ثلاثة أجزاء .. طبع الجزء الأوّل منها بمطبعة «بو ذر جمهري» في طهران ، سنة 1369 ه .
وطبع الجزء الثاني بالمطبعة الحيدرية في النجف الأشرف ، سنة1372 ه .
أما الجزء الثالث فقد طُبع بمطبعتي بو ذر جمهري» و «مروي چاپخانه عالي علوي في طهران ،
سنة 1373 ه .
وقد عبّرنا عن هذه الطبعة ب ( طبعة طهران من باب التغليب .
وقد طبعت هذه الطبعة مرّة أخرى في كل من طهران وبيروت بالتصوير « الأُوفسيت»، إلا أنّ طبعة لبنان لم تر النور ، لما كانت تمرّ بلبنان من ظروف عصيبة في تلك الفترة .
3-طبعة القاهرة : وهي التي طبعت بعد وفاة الشيخ بعد وفاة الشيخ المظفرقدس سره ، وبعد مرور نحو ربع قرن على الطبعة الأولى ، وهي في ثلاثة أجزاء ضخام ، تم طبعها بصفّ جديد في مطبعة «دارالمعلم للطباعة» في القاهرة، سنة 1396ه .
ثمّ أعادت مؤسسة الثقافة الإسلامية «بنياد فرهنگي كوشانپور» في طهران طبع الكتاب بالتصوير على هذه الطبعة .
ص: 199
وقد كانت هذه الطبعة كثيرة الأسقاط والأغلاط ، وتوجد فيها اختلافات كثيرة مقارنة بالنسخة المخطوطة وطبعة طهران ، المذكورتين آنفاً ، لذا فقد جعلناها نسخة مساعدة في تحقيقنا للكتاب .
وعبّرنا عن هذه الطبعة ب : «طبعة القاهرة» .
وبما أنّ «طبعة القاهرة »هي الأكثر تداولاً اليوم، فقد اعتمدها سماحة السيد الميلاني حفظه اللّه في كتابته «أجلى البرهان» مقدّمةً لهذه الطبعة المحققة من الكتاب ، والتي مرّت بنا سابقاً .
1 - قمنا بعملية المقابلة بين النسخة المخطوطة وبين المطبوعتين و معارضتها على بعضها، وتثبيت ما ورد من اختلافات مهمة ، وذلك باتباع أسلوب التلفيق بين النسخة المخطوطة وبين طبعة طهران ، اللتين اعتبرناهما نسختي الأصل ، وجعلنا طبعة القاهرة نسخة مساعدة لما فيها من أغلاط وأسقاط كما أشرنا إلى ذلك سابقاً .
فإن كان هناك خلاف مع المصدر وكانتا متفقتين على شيء ، قلنا في الهامش : « في الأصل .... كذا وكذا ، وإن لم تكونا كذلك ، ذكرنا صفة النسخة للتمييز بينهما ، وربّما ذكرنا الاختلاف الوارد في طبعة القاهرة - ولم يحدث ذلك إلا نادراً جداً - فنذكر مكان الطبع تمييزاً لها عما في المطبوعة الأُخرى .
كما قمنا بمقابلة كلام العلّامة الحلّي قدس سره تدل على «نهج الحق» و «إحقاق الحق» المطبوع والمخطوط أمّا بالنسبة إلى كلام ابن روزبهان ، فقد قابلناه وطبقناه على كتاب
ص: 200
إحقاق الحق» ، لأن كتابه «إبطال نهج الباطل» لم يُطبع مستقلاً ، كما أنه لم يُطبع كاملاً في« إحقاق الحق» المطبوع ، لأنه هو الآخر لم يُطبع بتمامه ، ممّا حدا بنا لمقابلة نصوص ابن روزبهان على ما طبع من «إحقاق الحق »والبقية على المخطوط منه ، الذي نمتلك منه عدة نسخ مخطوطة.
2 - استخراج النصوص والأقوال الأخرى الواردة في الكتاب مع المصادر المنقولة عنها مباشرة أو بالواسطة إن لم يتوفر لدينا ذلك المصدر ، ولم نُعْنَ بالاختلافات البسيطة والطفيفة والجزئية منها ، ولم نُشر في الهامش إلا إلى ما كان منها ذا تأثير على المعنى ، أو ما كان منها اختلافاً مهماً ضرورياً ، فلم نُشر إلى تقديم كلمة على أخرى ، أو جملة على أختها ، أو ما نقله الشيخ المظفر قدس سره بالمعنى أو مختصراً ، إلا في حالات الضرورة .
3- تصحيح الأخطاء المطبعية أو الإملائية أو النحوية دون الإشارة إليها في الهامش.
4 - ضبط بعض المفردات بالشكل ، تلافياً لوقوع اللبس في قراءتها ، وشرحنا بعضاً آخر منها ، لتوضيح معناها والمراد منها.
5 - التعريف ببعض الأعلام والوقائع المذكورة في ثنايا الكتاب ، وتوسعنا في استخراج بعض الأحاديث والمطالب إن دعت الضرورة إلى ذلك .
6 - التنسيق في ما بين العمليات السابقة وصياغة الهوامش بعد سبر غور الاختلافات والتعليقات الموجودة ، وانتقاء الصحيح والمناسب منها ضمن نسق واحد .
7 - تقطيع النص وتوزيعه وتقويمه، تجري بصورة تبادلية تكاملية ، أي إنّ ما ورد من اختلافات سواء ما بين النسخ المعتمدة في التحقيق ، أو
ص: 201
في المصادر التي استخرجت منها الأقوال والنصوص، أو ما كتب من تعليقات وتوضيحات، فإنّها تخضع لقراءتين مختلفتى الذوق والأسلوب، لنحصل على أكمل وأفضل صورة ممكنة .
8 - صف الحروف وتنضيدها إلكترونياً .
9 - مراجعة نهائية لكل ما ورد في متن الكتاب وهامشه ، وملاحظة كل الأعمال التي جرت على الكتاب في النقاط السابقة على شاشة الكمپیوتر.
1 - كلّ ما بين القوسين المعقوفتين [ ] في المتن -ما عدا العناوين الرئيسة أو الفرعية ، أو أسماء الأوزان الشعرية - هو من المصدر ، إلا ما أُشير إليه في الهامش .
2 - كانت هناك بعض التخريجات في الهامش أثبتها المصنفقدس سره وفق طبعات المصادر القديمة ، فأبقيناها على ما هي عليه، وألحقنا بها عبارة : « منه قدس سره » محافظة منا على الأصل، ثمّ أضفنا إلى ذلك التخريجات الجديدة وفق طبعات المصادر الجديدة ، لتعسّر الحصول على تلك الطبعات أوّلاً ، ولأن الطبعات الجديدة أكثر تداولاً وأسهل تناولاً ثانياً ، وجعلنا ذلك بين القوسين المعقوفتين [ ] .
3- وفي تراجم الرجال من مقدّمة الشيخ المظفر قدس سره اكتفينا بتخريج الأقوال من المصدرين المعتمدين من قبله ، وهما ميزان الاعتدال و «تهذيب التهذيب» إلا إذا دعت الضرورة إلى غير ذلك ، أو جاء التصريح باسم مصدرٍ ما في أحد الأقوال المنقولة .
ص: 202
4 - وكذا الحال بالنسبة إلى النقولات الأخرى في الكتاب ، فقد التزمنا بالتخريج عن المصادر المنقول عنها في المتن ، إلا إذا اضطررنا لإيضاح مبهم أو توضيح مطلب .
نسدي شكرنا إلى مرشد العمل في الكتاب وموجهه والمشرف عليه : سماحة العلامة حجّةالإسلام والمسلمين السيّد علي الحسيني الميلاني .
ولا يفوتنا أن نشكر كل من ساهم وأدلى بدلوه في سبيل إخراج هذا السفر القيم إلى الملأ العلمي ، لا سيما الإخوة منتسبي المؤسسة في دمشق الذين قاموا بإنجاز عملية التحقيق بمختلف مراحلها بأفضل صورة ممكنة ، :وهم رباح كاظم ناصر الفتلي علي جمعة باروني ، عامر عبد الحسين : عباس ، علي جلال باقر ، عبد الكريم حسن الجوهر ، جواد حسين محمد الورد ، عبد الأمير عبد علي مشهد ، بشير حسين اللامي .
كما نثمن الدور القيم الذي اضطلع به مدير فرع المؤسسة في دمشق الاستاذ المحقق الفاضل السيّد محمّد علي الحكيم في تقويم نص الكتاب وإدارة أعماله .
ونسأله جل شأنه أن يتقبل عملنا هذا خالصاً لوجهه الكريم ، ويجعله هديّة مزجاة إلى ولي نعمتنا، وليّ اللّه الأعظم، الإمام الحجّة المنتظر المهديّ ، عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف ، ملتمسين منه نظرة لطف وعطف
ورحمة .
مؤسسة آل البيت علیه السلام
لاحياء الثراث
ص: 203
ص: 204
الصورة
ص: 205
الصورة
ص: 206
الصورة
ص: 207
الصورة
ص: 208
الصورة
ص: 209
الصورة
ص: 210
الصورة
ص: 211
ص: 212
دلائل الصدق لنهج الحق
تأليف آية اللّه العلّامة الشيخ محمد حسن المظفر
(1301 - 1375 ه)
الجزء الأوّل
تحقيق : مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
ص: 1
ص: 2
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
الحمد لله الذي جلّ أن تدركه المشاعر والأبصار ، وتنزّه أن يتّحد بغيره ، أو يشبه الأغيار.
العدل الذي لا يعذّب مع الجبر والاضطرار ، ولا يكلّف بدون الوسع والاختيار.
والصلاة الزاكية على طيّب الذكر والآثار ، سيّدنا ونبيّنا المعصوم بالجهر والإسرار ، وعلى آله المصطفين حجج الملك الجبّار ، وسلّم عليهم تسليما دائما ما اختلف الليل والنهار ، وجعلنا من أوليائهم ومعهم في دار القرار.
وبعد :
فإنّي لمّا سعدت بالنظر إلى كتاب « نهج الحقّ وكشف الصدق » للإمام العلّامة ، الذي انتهت إليه في العلم والعمل الزعامة ، الطاهر المطهّر ، الحسن بن يوسف بن المطهّر ، قدّس اللّه روحه ، ونوّر ضريحه ، وجدته كتابا حافلا بالفضل ، مشحونا بالقول الفصل.
وقد ردّ عليه فاضل الأشاعرة بوقته : الفضل بن روزبهان ، وأجاب عنه
ص: 3
سيّدنا الشريف ، الحاوي لمرتبتي السعادة : العلم والشهادة ، السيّد نور اللّه الحسيني ، قدّس اللّه نفسه ، وطيّب رمسه ، فجاء وافيا شافيا كما يهواه الحقّ ويرتضيه الإنصاف.
لكنّي أحببت أن أقتدي به وأصنّف غيره ، عسى أن أفوز مثله بالأجر والشهادة ، ونقلت عنه كثيرا ، وعبّرت عنه ب : السيّد السعيد.
وتعرّضت في بعض المقامات - تتميما للفائدة - إلى بعض كلمات ابن تيميّة التي يليق التعرّض لها ، ممّا ردّ بها كتاب « منهاج الكرامة » للإمام المصنّف العلّامة ، وإن لم أصرّح باسمه غالبا ..
ولو لا سفالة مطالبه ، وبذاءة لسان قلمه ، وطول عباراته ، وظهور نصبه وعداوته ، لنفس النبيّ الأمين وأبنائه الطاهرين ، لكان هو الأحقّ بالبحث معه ؛ لأنّي - إلى الآن - لم أجد لأحد من علمائنا ردّا عليه ، لكنّي نزهت قلمي عن مجاراته ، كما نزّه العلماء أقلامهم وآراءهم عن ردّه.
ولمّا كان عمدة جوابه وجواب غيره - في مسألة الإمامة - هو المناقشة في سند الأحاديث الواردة في فضائل أهل البيت ومطاعن أعدائهم ، وضعت المقدّمة الآتية لتستغني بها عن جواب هذا على وجه الإجمال ، ولنفعها في المقصود.
ولقد سمّيت كتابي هذا :
دلائل الصدق لنهج الحقّ
فأسأل اللّه ربّي أن يعينني على إتمامه ، ويوفّقني لحسن ختامه ، إنّه أكرم المسؤولين وأرحم الراحمين.
ص: 4
إعلم أنّه لا يصحّ الاستدلال على خصم إلّا بما هو حجّة عليه ، ولذا ترى المصنّف رحمه اللّه وغيره من علمائنا إذا كتبوا في الاحتجاج على أهل السنّة التزموا بذكر أخبارهم لا أخبارنا.
والقوم لم يلتزموا بقاعدة البحث ، ولم يسلكوا طريق المناظرة! فإنّهم يستدلّون في مقام البحث بأخبارهم على مذهبهم ، ويستندون إليها في الجواب عمّا نورده عليهم ، وهو خطأ ظاهر!
على أنّ أحاديثهم - كما ستعرف - حريّة بأن لا تصلح للاستدلال بها في سائر مطالبهم - حتّى عندهم! - وإن كانت ممّا توسم بالصحّة بينهم!
لكنّها صالحة للاستدلال عليهم وإثبات مناقب آل محمّد صلی اللّه علیه و آله ، ومثالب أعدائهم وإن ضعّفوا جملة منها.
وبيان المدّعى يحتاج إلى البحث في مطالب :
ص: 5
ص: 6
إنّ عامّة أخبارهم - التي نستدلّ بها عليهم - حجّة عليهم ؛ لأمرين :
إنّها إمّا صحيحة السند عندهم ، أو متعدّدة الطرق بينهم ؛ والتعدّد يوجب الوثوق والاعتبار كما ستعرفه في طيّ مباحث الكتاب.
إنّها ممّا يقطع - عادة - بصحّتها ؛ لأنّ كلّ رواية لهم في مناقب أهل البيت ومثالب أعدائهم ، محكومة بوثاقة رجال سندها وصدقهم في تلك الرواية وإن لم يكونوا ثقات في أنفسهم!
ضرورة أنّ من جملة ما تعرف به وثاقة الرجل وصدقه في روايته التي يرويها : عدم اغتراره بالجاه والمال ، وعدم مبالاته - في سبيلها - بالخطر الواقع عليه ، فإنّ غير الصادق لا يتحمّل المضارّ بأنواعها لأجل كذبة يكذبها لا يعود عليه فيها نفع ، ولا يجد في سبيلها إلّا الضرر!
ومن المعلوم أنّ من يروي في تلك العصور السالفة فضيلة لأمير المؤمنين علیه السلام أو منقصة لأعدائه فقد غرّر بنفسه ، وجلب البلاء إليه ، كما هو واضح لكلّ ذي أذن وعين.
ذكر الذهبي في « تذكرة الحفّاظ » بترجمة الحافظ ابن السقّاء عبد اللّه
ص: 7
ابن محمّد الواسطي ، قال : « إنّه أملى حديث الطير في واسط (1) فوثبوا به وأقاموه وغسلوا موضعه »! (2).
ص: 8
ص: 9
وذكر ابن خلّكان في « وفيات الأعيان » بترجمة النسائي أحمد بن شعيب ، صاحب كتاب « السنن » أحد الصحاح الستّة ، أنّه : « خرج إلى دمشق فسئل عن معاوية وما روي في فضائله ، فقال : أما يرضى معاوية أن يخرج رأسا برأس حتّى يفضّل؟!
وفي رواية أخرى : لا أعرف له فضيلة إلّا : لا أشبع اللّه بطنه ... فما زالوا يدفعون في حضنه ... - وفي رواية : يدفعون في خصييه - وداسوه ، حتّى حمل إلى الرملة ومات بها ...
وقال الحافظ أبو نعيم الأصبهاني : لمّا داسوه بدمشق مات بسبب ذلك الدوس وهو منقول » (1).
ص: 10
فإذا كان هذا فعلهم مع أشهر علمائهم لمجرّد إنكار فضل معاوية ، فما ظنّك بفعلهم مع غيره إذا روى ما فيه طعن على الخلفاء الأوّل؟!
وذكر ابن حجر في « تهذيب التهذيب » بترجمة نصر بن عليّ بن صهبان ، نقلا عن عبد اللّه بن أحمد بن حنبل ، قال : « لمّا حدّث نصر بأنّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أخذ بيد حسن وحسين ، فقال :
من أحبّني وأحبّ هذين وأباهما وأمّهما كان في درجتي يوم القيامة (1)..
ص: 11
أمر المتوكّل بضربه ألف سوط!
فكلّمه فيه جعفر بن عبد الواحد وجعل يقول له : هذا من أهل السنّة ؛ فلم يزل به حتّى تركه »! (1).
ونقل ابن حجر أيضا في الكتاب المذكور بترجمة أبي الأزهر أحمد ابن الأزهر النيسابوري ، أنّه لمّا حدّث أبو الأزهر ، عن عبد الرزّاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عبيد اللّه ، عن ابن عبّاس ، قال :
« نظر النبيّ صلی اللّه علیه و آله إلى عليّ علیه السلام فقال :
أنت سيّد في الدنيا ، سيّد في الآخرة .. الحديث (2) ..
أخبر بذلك يحيى بن معين ، فبينا هو عنده في جماعة [ من أهل الحديث ] إذ قال يحيى : من هذا الكذّاب النيسابوري الذي يحدّث عن عبد الرزّاق بهذا الحديث؟!
فقام أبو الأزهر فقال : هو ذا أنا!
فتبسّم يحيى فقال : أما إنّك لست بكذّاب ؛ وتعجّب من سلامته
ص: 12
وقال : الذنب لغيرك في هذا الحديث! » (1). انتهى.
وقال الذهبي في « ميزان الاعتدال » بترجمة أبي الأزهر : « كان عبد الرزّاق يعرف الأمور ، فما جسر يحدّث بهذا الأثر إلّا أحمد بن الأزهر والذنب لغيره » (2).
ويعني بغيره : محمّد بن عليّ بن سفيان النجّاري (3) كما بيّنه الذهبي.
فليت شعري ما الذي يخافه عبد الرزّاق مع شرفه وشهرته وفضله ، لو لا عادية (4) النواصب ، وداعية السوء ، وأن يواجهه مثل ابن معين بالتكذيب ، وأن يشيطوا (5) بدمه؟!
ص: 13
ويا عجبا من ابن معين! لم يرض بكتمانه فضائل أمير المؤمنين علیه السلام حتّى صار يقيم الحواجز دون روايتها!
وأعجب من ذلك قوله : « الذنب فيه لغيرك » فإنّ رجال سند الحديث كلّهم من كبار علماء القوم وثقاتهم! (1).
وما أدري ما الذي أنكره من هذا الحديث؟! وهو لم يدلّ إلّا على فضيلة مسلّمة مشهورة ، من أيسر فضائل أمير المؤمنين.
ولعلّه أنكر تمام الحديث ، وهو : « من أحبّك فقد أحبّني ، ومن أبغضك فقد أبغضني ، وحبيبك حبيب اللّه ، وبغيضك بغيض اللّه ، والويل لمن أبغضك [ بعدي ] »!
وذلك لأنّهم يجدون من أنفسهم بغض إمام المتّقين ، ويعسوب الدين (2) ، وهم يزعمون أنّهم لا يبغضون رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله !
ص: 14
كما يعلمون بغض معاوية وسائر البغاة لأمير المؤمنين ، وأنّهم أشدّ أعدائه ، والبغيضون له ، وهم يرونهم أولياء اللّه وأحبّاءه!
ولذا ، لمّا أشار الذهبي في ( الميزان ) إلى الحديث قال : « يشهد القلب بأنّه باطل »! (1).
وأنا أشهد له بشهادة قلبه ببطلانه ، إذ لم يخالط قلبه حبّ ذلك الإمام الأعظم ، فكيف يصدّق بصحّته؟! - وإن استفاضت بمضمونه الرواية - حتّى
روى مسلم أنّ أمير المؤمنين علیه السلام قال : « والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة (2) [ إنّه ] لعهد النبيّ الأمّيّ إليّ أنّه لا يحبّني إلّا مؤمن ، ولا يبغضني إلّا منافق » (3).
ص: 15
فإذا كان هذا حال ملوكهم وعلمائهم وعوامّهم في عصر العبّاسيّين ، فكيف ترى الحال في عصر الأمويّين ، الذي صار فيه سبّ أخ النبيّ صلی اللّه علیه و آله ونفسه شعارا ودينا لهم ، والتسمية باسمه الشريف ذنبا موبقا عندهم؟!
قال ابن حجر في « تهذيب التهذيب » بترجمة عليّ بن رباح : « قال المقرئ : كان بنو أميّة إذا سمعوا بمولود اسمه عليّ قتلوه! فبلغ ذلك رباحا فقال : هو عليّ - مصغّرا (1) - ، وكان يغضب من ( عليّ ) ويحرّج على من
ص: 16
سمّاه به.
وقال الليث : قال عليّ بن رباح : لا أجعل في حلّ من سمّاني عليّ (1) ، فإنّ اسمي : عليّ » (2). انتهى.
ونقل ابن أبي الحديد ، عن أبي الحسن عليّ بن محمّد بن أبي سيف المدائني في « كتاب الأحداث » أنّ معاوية كتب نسخة واحدة إلى عمّاله بعد عام الجماعة ، أن : برئت الذمّة ممّن روى شيئا من فضل أبي تراب وأهل بيته! (3).
إلى أن قال ما حاصله : وكتب إلى عمّاله أن يدعوا الناس إلى الرواية في فضل عثمان والصحابة والخلفاء الأوّلين! وأن لا يتركوا خبرا يروى في عليّ إلّا وأتوه بمناقض له في الصحابة!
وقرئت كتبه على الناس ، وبذل الأموال ، فرويت أخبار كثيرة في مناقبهم مفتعلة ، فعلّموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع ، حتّى تعلّموه كما يتعلّمون القرآن ، ومضى على ذلك الفقهاء والقضاة والولاة.
وكان أعظم الناس - في ذلك - بليّة : القرّاء المراؤون ، والمستضعفون ، الّذين يظهرون الخشوع والنسك ، فيفتعلون الأحاديث ليحظوا عند ولاتهم ، ويصيبوا الأموال ، حتّى انتقلت تلك الأخبار إلى أيدي الديّانين الّذين لا يستحلّون الكذب والبهتان ، فقبلوها
ص: 17
ورووها.
ثمّ قال : وقد روى ابن عرفة - المعروف ب : نفطويه ، وهو من أكابر المحدّثين وأعلامهم (1) - في تاريخه ما يناسب هذا الخبر (2).
ولهذه الأمور ونحوها خفي جلّ فضائل أمير المؤمنين علیه السلام وإن جلّ الباقي عن الإحصاء ، ونأى عن العدّ والاستقصاء ، وليس بقاؤه إلّا عناية من اللّه تعالى بوليّه والدين الحنيف.
ويشهد لإخفائهم فضائله ما رواه البخاري ، عن أبي إسحاق ، قال : « سأل رجل البراء - وأنا أسمع - : أشهد عليّ بدرا؟ قال : بارز وظاهر » (3).
أترى أنّه يمكن أن يخفى في الصدر الأوّل محلّ أمير المؤمنين علیه السلام ببدر ، حتّى يحتاج إلى السؤال عن مشهده بها؟! وهي إنّما قامت بسيفه ، لو لا اجتهاد الناس في كتمان فضائله! (4).
ص: 18
وإذا رووا شيئا منها فلا يروونه على وجهه وبتمامه ، كما تدلّ عليه روايتهم لخطبة النبيّ صلی اللّه علیه و آله في الغدير! (1).
ص: 19
ص: 20
أمن الجائز عقلا أن يأمر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بقمّ (1) ما تحت الدوح (2) ، ويجمع المسلمين - وكانوا نحو مائة ألف - ويقوم في حرّ الظهيرة تحت وهج الشمس ، على منبر يقام له من الأحداج ، ويصعد خطيبا - وهو بذلك الاهتمام - رافعا بعضد عليّ علیه السلام ، ثمّ لا يقول إلّا : « من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللّهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه »؟!
ص: 21
لا أرى عاقلا يرتضي ذلك ، ولا سيّما إذا حمل ( المولى ) على الناصر أو نحوه!(1).
فلا بدّ أن تكون الواقعة كما رواها الشيعة ، وأنّ النبيّ صلی اللّه علیه و آله خطب تلك الخطبة الطويلة البليغة الجليلة ، التي أبان فيها عن قرب موته ، وحضور أجله ، ونصّ على خلفائه ، وولاة الأمر من بعده ، وأنّه مخلّف في أمّته الثقلين ، آمرا بالتمسّك بهما لئلّا يضلّوا ، وببيعة عليّ علیه السلام ، والتسليم عليه بإمرة المؤمنين.
لكنّ القوم بين من لم يرو أصل الواقعة - إضاعة لذكرها - وبين من روى اليسير منها بعد الطلب من أمير المؤمنين علیه السلام ! فكان لها بعده نوع ظهور ، وإن اجتهد علماء الدنيا في درس أمرها ، والتزهيد بأثرها.
ولو رأيت كيف يسرع علماؤهم في رمي الشخص بالتشيّع ، الذي يجعله هدفا للبلاء ، ومحلّا للطعن ، لعلمت كيف كان اهتمامهم في درس
ص: 22
فضائل أمير المؤمنين علیه السلام ! وكيف كان ذلك الشخص في الإنصاف والوثاقة بتلك الرواية التي رواها ، حتّى إنّهم رموا النسائي بالتشيّع كما ذكره في « وفيات الأعيان » (1).
وما ذلك إلّا لتأليفه كتاب : « خصائص أمير المؤمنين علیه السلام » وقوله : لا أعرف لمعاوية فضيلة إلّا « لا أشبع اللّه بطنه » مع استفاضة هذا الحديث حتّى رواه مسلم في صحيحه (2) كما ستعرف.
وكذا رموا بالتشيّع :
أبا عبد اللّه الحاكم محمّد بن عبد اللّه (3) ..
وأبا نعيم الفضل بن دكين (4) ..
وعبد الرزّاق (5) ..
ص: 23
وأبا حاتم الرازي (1) ..
وابنه عبد الرحمن (2) ..
وغيرهم ممّن لا ريب بتسنّنه من علمائهم (3) ؛ لروايتهم بعض فضائل آل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وعنايتهم بها في الجملة.
وما ذلك إلّا ليحصل الردع بحسب الإمكان عن رواية مناقبهم وتدوينها ، وإن كان قصد الراوي بيان سعة اطّلاعه ، وطول باعه.
وإذا صحّح قسما منها زاد طعنهم فيه وفي روايته! مع أنّ طريقتهم التساهل في باب الفضائل ، لكن في فضائل أعداء أهل البيت علیهم السلام !
ص: 24
فظهر - ممّا ذكرنا - لكلّ متدبّر : أنّ جميع ما روي في مناقب آل محمّد صلی اللّه علیه و آله وكذا مثالب أعدائهم ، حقّ لا مرية فيه ، ولا سيّما مع روايته عندنا ، وتواتر الكثير منه ؛ فيكون ممّا اتّفق عليه الفريقان ، وقام به الإسنادان.
بخلاف ما روي في فضائل مخالفي أهل البيت ، فإنّه من رواية المتّهمين بأنواع التهم! ولو كان له أقلّ أصل لتواتر ألبتّة ؛ لوجود المقتضي وعدم المانع ، بعكس فضائل آل الرسول صلی اللّه علیه و آله ، ولا سيّما مع طلبهم مقابلة ما جاء في فضل أهل البيت علیهم السلام ؛ فيكون كذبا جزما!
ولو لا خوف الملال ، لأطنبنا في المقال ، وفي ما ذكرناه كفاية لمن أنصف وطلب الحقّ.
* * *
ص: 25
ص: 26
في بيان أنّ تضعيفهم للرواية ومناقشتهم في السند لا قيمة لها ولا عبرة بها ؛ لأمرين:
إنّ علماء الجرح والتعديل ، مطعون فيهم عندهم ، فلا يصحّ اعتبار أقوالهم ، كما يدلّ عليه ما في « ميزان الاعتدال » بترجمة عبد اللّه بن ذكوان ، المعروف بأبي الزناد ، قال : « قال ربيعة [ فيه ] : ليس بثقة ولا رضيّ ».
ثمّ قال : « لا يسمع قول ربيعة فيه ؛ فإنّه كان بينهما عداوة ظاهرة » (1).
وفي ( الميزان ) أيضا بترجمة الحافظ أبي نعيم الأصبهاني أحمد بن عبد اللّه ، قال : هو « أحد الأعلام ، صدوق ، تكلّم فيه بلا حجّة ، ولكن هذه عقوبة من اللّه لكلامه في ابن مندة بهوى ».
ثمّ قال : « وكلام ابن مندة في أبي نعيم فظيع ، لا أحبّ حكايته ».
ثمّ قال : « كلام الأقران بعضهم في بعض لا يعبأ به ، لا سيّما إذا لاح لك أنّه لعداوة أو لمذهب أو لحسد ، ما ينجو منه إلّا من عصم اللّه ، وما علمت أنّ عصرا من الأعصار سلم أهله من ذلك سوى الأنبياء والصدّيقين ، ولو شئت لسردت من ذلك كراريس »! (2).
ص: 27
فإنّ هذه الكلمات ونحوها دالّة على أنّ الطعن للحسد والهوى والعداوة فاش بينهم ، وعادة لهم ، فلا يجوز الاعتبار بأقوالهم في مقام الجرح والتعديل حتّى مع اختلاف العصر ، أو عدم ظهور الحسد والعداوة ؛ لارتفاع الثقة بهم ، وزوال عدالتهم ، وصدور الكذب منهم.
وأسخف من ذلك ما في « تهذيب التهذيب » بترجمة عبيد اللّه بن سعيد أبي قدامة السرخسي ، قال : قال الحاكم : روى عنه محمّد بن يحيى ثمّ ضرب على حديثه ... وسبب ذلك أنّ محمّدا دخل عليه فلم يقم له! (1).
فإنّ من هذا فعله كيف يعتمد عليه في التوثيق والتضعيف ، ويجعل عدم روايته عن شخص دليل الضعف؟!
وقريب منه ما ذكروه في ترجمة النسائي ، كما سيأتي إن شاء اللّه تعالى في « المطلب الثالث » (2).
وأعظم من ذلك ما في « تهذيب التهذيب » بترجمة سعد بن إبراهيم ابن عبد الرحمن بن عوف ، قال : إنّ مالكا لم يكتب عنه.
قال الساجي : يقال : إنّه (3) وعظ مالكا فوجد عليه فلم يرو عنه! (4).
فإنّ من يترك الرواية عن شخص لموعظته له ، حقيق بأن لا يجعل
ص: 28
عدم روايته عن الأشخاص علامة الضعف ، وأولى بأن لا يعتمد على توثيقه وتضعيفه.
نعم ، ذكر في « تهذيب التهذيب » أيضا عن ابن معين ، أنّ سعدا تكلّم في نسب مالك فترك الرواية عنه (1).
فحينئذ يمكن أن يكون بهذا وجه لترك مالك الرواية عنه!
لكن لا لوم على سعد ، إذ لا يمكن لعاقل أن يرى أحدا ولد بعد أبيه بثلاث سنين (2) زاعما أنّه حمل في هذه المدّة ، ويصدّق نسبه!
وذكر في « تهذيب التهذيب » بترجمة محمّد بن إسحاق - صاحب « السيرة » - أنّ مالكا قال في حقّه : « دجّال من الدجاجلة » (3).
ثمّ ذكر في الجواب عنه قول محمّد بن فليح : « نهاني مالك عن شخصين من قريش ، وقد أكثر عنهما في ( الموطّأ )! وهما ممّن يحتجّ بهما » (4).
وحاصله : أنّ قدح مالك لا عبرة به ؛ لأنّ فعله ينقض قوله!
وإليك جملة من علماء الجرح والتعديل ، لتنكشف لك الحقيقة تماما!
ص: 29
ولنذكر أشهرهم وأعظمهم بيسير من أحوالهم التي تيسّر لي فعلا بيانها ..
ذكر في « تهذيب التهذيب » بترجمة عليّ بن عاصم بن صهيب الواسطي ، أنّ [ ابن ] أبي خيثمة (1) قال : « قلت (2) لابن معين : إنّ أحمد يقول : ( ليس هو ) (3) بكذّاب ، قال : لا واللّه ما كان [ عليّ ] عنده قطّ ثقة ، ولا حدّث عنه بشيء ، فكيف صار اليوم عنده ثقة؟! » (4).
فإنّه صريح في اتّهام ابن معين لأحمد وتكذيبه له.
ونقل السيّد العلوي الجليل محمّد بن عقيل (5) في كتابه : « العتب
ص: 30
الجميل » ، عن المقبلي (1) في « العلم الشامخ » ، أنّ أحمد لمّا تكلّم في مسألة خلق القرآن وابتلي بسببها ، جعلها عدل التوحيد أو زاد!
ثمّ ذكر المقبلي ، أنّ أحمد كان يردّ رواية كلّ من خالفه في هذه المسألة ، تعصّبا منه ؛ قال : وفي ذلك خيانة للسند (2).
ثمّ قال : بل زاد فصار يردّ الواقف ، ويقول : فلان واقفيّ مشؤوم.
بل غلا وزاد ، وقال : لا أحبّ الرواية عمّن أجاب في المحنة كيحيى ابن معين (3).
صدق المقبلي ، فإنّ من سبر « تهذيب التهذيب » و « ميزان الاعتدال » رأى ذلك نصب عينه.
ص: 31
ذكر في « تهذيب التهذيب » بترجمة همّام بن يحيى بن دينار ، أنّ أحمد بن حنبل قال : « شهد يحيى بن سعيد شهادة في حداثته ، فلم يعدّله همّام ، فنقم عليه » (1).
وفي « ميزان الاعتدال » : « قال أحمد : ما رأيت [ يحيى ] بن سعيد أسوأ رأيا [ في أحد ] منه في حجّاج وابن إسحاق وهمّام ، لا يستطيع أحد [ في ] أن يراجعه فيهم » (2).
وبالضرورة : أنّ تفسيق المسلم والحقد عليه مستمرّا - لأمر معذور فيه ظاهرا - أعظم ذنب ، مسقط لفاعله ، ومانع من الاعتبار بقوله في الجرح والتعديل.
ويروى هذا عن عليّ بن المديني (1) من وجوه » (2).
وقال أيضا في ترجمة شجاع بن الوليد : قال أحمد بن حنبل : لقي ابن معين شجاعا ، فقال له : يا كذّاب! فقال له شجاع : إن كنت كذّابا وإلّا فهتكك اللّه ، وقال أحمد : أظنّ أنّ دعوة الشيخ أدركته (3).
ونحوه في « ميزان الاعتدال » أيضا (4).
وقد تقدّم تناقض كلامه في قضيّة أبي الأزهر ، فإنّه نسبه إلى الكذب أوّلا ، ثمّ ما برح حتّى صدّقه ونسب الكذب إلى ثقات علمائهم! (5).
فإنّ أحمد بن حنبل كذّبه كما ذكره ابن حجر والذهبي في الكتابين المذكورين ، بترجمة ابن المديني (6).
وقال ابن حجر : « قيل لإبراهيم الحربي : أكان ابن المديني يتّهم بالكذب؟
قال : لا ، إنّما حدّث بحديث [ فزاد ] فيه كلمة ليرضى ابن أبي دؤاد (7).
ص: 33
قيل له : فهل كان يتكلّم في أحمد؟
قال : لا ، إنّما كان إذا رأى في كتابه حديثا عن أحمد قال : اضرب عليه ، ليرضى ابن أبي دؤاد »! (1).
وليت شعري كيف لا يتّهم بالكذب ، وقد زعم أنّه زاد في الحديث إرضاء لصاحبه؟!
وهل يتصوّر عدم كلامه في أحمد ، وقد فعل معه ما هو أشدّ من الكلام ومن فروعه ، وهو الضرب على حديثه؟!
وبالضرورة : إنّ من يزيد في الحديث كذبا ، ويضرب على ما هو معتبر ، ويبطل الصحيح المقبول عندهم ، طلبا للدنيا ورضا أهلها ، لا يؤمن أن يوافق الهوى في توثيق الرجال وتضعيفهم!
وإن شئت قلت : إنّ ضربه على أحاديث أحمد طعن في أحدهما ، وهو من المطلوب.
ذكر الذهبي في ( الميزان ) بترجمة إسماعيل بن رافع ، أنّ جماعة من علمائهم ضعّفوا إسماعيل ، وجماعة قالوا : متروك [ الحديث ].
ثمّ قال : « ومن تلبيس الترمذي ، قال : ضعّفه بعض أهل العلم » (2).
ص: 34
وذكر أيضا بترجمة يحيى بن يمان حديثا وقال : « حسّنه الترمذي مع ضعف ثلاثة فيه ، فلا يغترّ بتحسين الترمذي ، فعند المحاقّة غالبها ضعاف » (1).
وقال أيضا بترجمة كثير بن عبد اللّه المزني : « لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي » (2).
فإنّهم ذكروا أنّه ناصبيّ معلن به (3) ، كما ستعرفه في ترجمته بالمطلب الثالث إن شاء اللّه تعالى (4).
ومن المعلوم أنّ الناصب : فاسق منافق ؛ لما سبق في رواية مسلم أنّ مبغض عليّ علیه السلام منافق (5) ، ولا ريب أنّ النفاق أعظم الفسق ، وقد قال تعالى : ( إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ... ) (6).
بل النفاق نوع من الكفر ، بل أشدّه ، فلا يقبل قول مثله في الرجال ، وشهادته فيهم مردودة ، وتوثيقه وتضعيفه غير مسموع.
قال في ( الميزان ) بترجمته : « قال الإمام أبو عمرو ابن الصلاح
ص: 35
[ وذكره في طبقات الشافعية ] : غلط الغلط الفاحش في تصرّفه (1) ؛ وصدق أبو عمرو.
وله أوهام يتبع بعضها بعضا (2) ».
ثمّ قال : « قال أبو إسماعيل الأنصاري شيخ الإسلام : سمعت عبد الصمد بن محمّد [ بن محمّد ] يقول : سمعت أبي يقول : أنكروا على ابن حبّان قوله : النبوّة العلم والعمل ؛ وحكموا عليه بالزندقة ، وهجروه وكتبوا فيه إلى الخليفة ، فأمر بقتله.
وقال أبو إسماعيل الأنصاري : سألت يحيى بن عمّار عنه فقال :
رأيته ، ونحن أخرجناه من خراسان (3) ، كان له علم كثير ، ولم يكن له كبير دين! » (4).
قال ابن خلّكان في ترجمته من « وفيات الأعيان » : كان كثير الوقوع في العلماء المتقدّمين ، لا يكاد أحد يسلم من لسانه ، فنفرت منه القلوب ، واستهدف لفقهاء وقته ، فتمالأوا على بغضه ، وردّوا قوله ، واجتمعوا على تضليله ، وشنّعوا عليه.
إلى أن قال : وفيه قال أبو العبّاس بن العريف : لسان ابن حزم ،
ص: 36
وسيف الحجّاج بن يوسف شقيقان (1).
مضافا إلى أنّه كان شبيها بابن تيميّة في شدّة النصب لآل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
ولذا كان يستشهد بأقواله في نقص أمير المؤمنين علیه السلام وإمام المتّقين ، كما يعرف شدّة نصبه من له إلمام بكتابه المسمّى ب : « الفصل في الملل والأهواء والنحل » الذي ملأه بالجهل والهذيان ، وأخلاه من العلم والإيمان! (2).
فإنّه كان ناصبيا ظاهر النصب لآل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ! بيّن التعصّب على من احتمل فيه ولاء أهل البيت علیهم السلام ، كما يشهد به كتابه المذكور ، فإنّه ما زال يتحامل فيه على كلّ رواية في فضل آل محمّد صلی اللّه علیه و آله ، وعلى رواتها ، وكلّ من أحسّ منه حبّهم!
وقد ذكر هو في « تذكرة الحفّاظ » الحافظ ابن خراش وأطراه في الحفظ والمعرفة ، ثمّ وصفه بالتشيّع ، واتّهمه بالرواية في مثالب الشيخين ، ثمّ قال مخاطبا له وسابّا إيّاه بما لفظه : « فأنت زنديق معاند للحقّ ، فلا رضي اللّه عنك ؛ مات ابن خراش إلى غير رحمة اللّه سنة ثلاث وثمانين
ص: 37
بعد المائتين »!(1).
وما رأيناه قال بعض هذا فيمن(2) سبّ أمير المؤمنين علیه السلام ومرق عن الدين ، بل رأيناه يسدّد أمره ، ويرفع قدره ، ويدفع القدح عنه بما تمكّن ، كما هو ظاهر لمن يرى يسيرا من « ميزان الاعتدال »!
وقد نقل السيّد الأجل السيّد محمّد بن عقيل في كتابه العتب الجميل : 113 ، عن السبكي - تلميذ الذهبي - أنّه وصف شيخه الذهبي بالنصب(3).
ونقل أيضا عن المقبلي قوله من قصيدة [ من البسيط ] :
وشاهدي كتب أهل الرفض أجمعهم
والناصبين كأهل الشام كالذهبي(4)
ولنكتف بهذا القدر من ذكر علماء الجرح والتعديل ، المطعون فيهم بالنصب واتّباع الهوى ونحوهما ، فالعجب ممّن يستمع لأقوالهم ، ويصغي لآرائهم ، ويجعلهم الحجّة بينه وبين اللّه تعالى في ثبوت سنّة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله !
من الأمرين الموجبين لإلغاء مناقشتهم في السند ، أنّ ابن روزبهان
ص: 38
قال في آخر مطالب الفضائل متّصلا بالمطاعن :
« اتّفق العلماء على أنّ كلّ ما في الصحاح الستّة - سوى التعليقات - لو حلف بالطلاق أنّه من قول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أو من فعله وتقريره ، لم يقع الطلاق ولم يحنث »! (1).
فإنّ مقتضى هذا الإجماع أنّهم يلغون أقوال علمائهم في تضعيف رجال الصحاح الستّة ، لا سيّما صحيحي البخاري ومسلم ، فإنّهم جميعا يحتجّون بأخبارهما بلا نكير!
وبالضرورة : أنّه لم يرد نصّ ، ولم تقم حجّة على استثناء رجال صحاحهم ، فيلزم إلغاء أقوال علمائهم في الرجال مطلقا ، وإلّا فالفرق تحكّم.
* * *
ص: 39
ص: 40
إنّ أخبارهم غير صالحة للاستدلال بها على شيء من مطالبهم ؛ لأنّ منتقى أخبارهم ما جمعته الصحاح الستّة ، وهي مشتملة على أنواع من الخلل ، ساقطة عن الاعتبار ألبتّة ؛ لأمور :
إنّهم ذكروا في كيفيّة جمعها وفي جامعيها ما يقضي بوهنها.
ذكر ابن حجر في « تهذيب التهذيب » بترجمة سويد بن سعيد الهروي ، أنّ إبراهيم بن أبي طالب قال لمسلم : كيف استجزت الرواية عن سويد [ في الصحيح ]؟! قال : ومن أين [ كنت ] آتي بنسخة حفص بن ميسرة؟! (1).
ومثله في « ميزان الاعتدال » (2).
فهل ترى أنّ هذا عذر في الرواية عن الضعفاء؟! وهو يدّعي أنّه
ص: 41
لا يروي في صحيحه إلّا عن ثقة! فيكون غارّا (1) خائنا ، فيسقط كتابه عن الاعتبار!
ونقل الذهبي في ( الميزان ) بترجمة أحمد بن عيسى بن حسّان المصري ، أنّ أبا زرعة ذكر عنده صحيح مسلم فقال : « هؤلاء قوم أرادوا التقدّم قبل أوانه ، فعملوا شيئا يتشرّفون (2) به.
وقال : يروي عن أحمد بن عيسى في ( الصحيح ) ما رأيت أهل مصر يشكّون في أنّه - وأشار إلى لسانه - » (3).
وذكر ابن حجر بترجمة عمرو بن مرزوق ، أنّ الأزدي قال : « كان عليّ ابن المديني صديقا لأبي داود ، وكان أبو داود لا يحدّث حتّى يأمره عليّ ، وكان ابن معين يطري عمرو بن مرزوق ويرفع ذكره ، ولا يصنع ذلك بأبي داود لطاعته لعليّ » (4).
وهذا يدلّ على أنّ اعتبارهم للرجال تبع للهوى لا للحقّ!
وذكر ابن حجر بترجمة أحمد بن صالح المصري ، أنّ الخطيب قال :
احتجّ بأحمد بن صالح جميع الأئمّة إلّا النسائي ، فإنّه نال منه جفاء في مجلسه ، فذلك السبب الذي أفسد الحال بينهما.
وقال العقيلي : كان أحمد بن صالح لا يحدّث أحدا حتّى يسأل عنه ، فجاءه النسائي ، فأبى أن يأذن له ، فشنّع عليه (5). انتهى ملخّصا.
ص: 42
وذكر ابن حجر بترجمة ابن ماجة محمّد بن يزيد بن ماجة ، أنّ في كتابه « السنن » أحاديث ضعيفة جدّا ، حتّى بلغني أنّ السريّ كان يقول : مهما انفرد بخبر [ فيه ] فهو ضعيف غالبا ... ووجدت بخطّ الحافظ شمس الدين محمّد بن عليّ الحسيني ما لفظه : سمعت شيخنا الحافظ أبا الحجّاج المزّي يقول : كلّ ما انفرد به ابن ماجة [ فهو ] ضعيف (1).
وذكر كلّ من الذهبي وابن حجر - أو أحدهما - في كتابيهما المذكورين ، أنّ البخاري احتجّ بجماعة في صحيحة ضعّفهم بنفسه ، كما يعلم من تراجمهم في الكتابين ، كأيّوب بن عائذ (2) ، وثابت بن محمّد العابد (3) ، وحصين بن عبد الرحمن السلمي (4) ، وحمران بن أبان (5) ، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر الأزدي (6) ، وكهمس بن المنهال (7) ، ومحمّد بن يزيد الحزامي (8) ، ومقسم بن بجرة (9).
وإنّما خصّصنا البخاري بهذا لأنّه أعظم أرباب صحاحهم عندهم ، وإلّا فكلّهم على هذا النمط!
ص: 43
بل وجدنا أبا داود كذّب نعيم بن حمّاد الخزاعي (1) ، والوليد بن مسلم مولى بني أميّة (2) ، وهشام بن عمّار السلمي (3) ، وروى عنهم في سننه!
وقال في حقّ صالح بن بشير : لا يكتب حديثه (4) ، وكذا في حقّ عاصم بن عبيد اللّه (5) ، وروى عنهما!
مع أنّه كان يزعم أنّه لا يروي إلّا عن ثقة! كما ذكره في « تهذيب التهذيب » بترجمة داود بن أميّة (6).
ووجدنا النسائي قال في حقّ كلّ من : عبد الرحمن بن يزيد بن تميم الدمشقي (7) وعبد الكريم بن أبي المخارق (8) وعبد الوهّاب بن عطاء الخفّاف (9) : « متروك » ، وروى عنهم في سننه!
ص: 44
وكذا الترمذي ، قال في حقّ سليمان بن أرقم أبي معاذ البصري ، وعاصم بن عمرو بن حفص : « متروك » (1) ، وروى عنهما في سننه!
وذكروا في حقّ البخاري ومسلم - اللذين هما أجلّ أرباب الصحاح عندهم ، وأصحّهم خبرا - ما يخالف الإجماع ، وهو احتجاجهما بجماعة لا تحصى مجهولة الحال ، لرواية جماعة عنهم ، بل لرواية الواحد عنهم ، مع أنّ هذا الواحد لم ينصّ على قدح أو مدح في المرويّ عنه!
ولنذكر لك بعض من اكتفيا في الاحتجاج بخبره بمجرّد رواية الواحد عنه ، لتراجع « تهذيب التهذيب » فترى صدق ما قلناه ..
فمنهم : محمّد بن عثمان بن عبد اللّه بن موهب (2).
ومحمّد بن النعمان بن بشير (3).
فإنّ البخاري ومسلما احتجّا بهما ، ولم يرو عن كلّ منهما سوى الواحد!
ومنهم : عطاء أبو الحسن السوائي (4).
وعمير بن إسحاق (5).
ص: 45
ومالك [ بن مالك ] بن جشعم (1).
ومبارك بن سعيد اليماني (2).
ونبهان الجمحي (3).
فإنّ البخاري أخرج عنهم في صحيحه ، ولم يرو عن كلّ منهم غير الواحد!
ومنهم : قرفة بن بهيس العبدي (4).
ومحمّد بن عبد اللّه بن أبي رافع الفهمي (5).
ومحمّد بن عبد الرحمن بن غنج (6).
ومحمّد بن عبد الرحمن ، مولى بني زهرة (7).
ومحمّد بن عمرو اليافعي (8).
ونافع ، مولى عامر بن سعد بن أبي وقّاص (9).
ص: 46
ووهب بن ربيعة الكوفي (1).
وأبو شعبة المدني ، مولى سويد بن مقرّن (2).
فإنّ مسلما احتجّ بهم في صحيحه ، ولم يرو عن كلّ منهم غير الواحد!
ولا موثّق لهم أصلا ، وليسوا من أهل زمن الشيخين حتّى يقال :
إنّهما يعرفان وثاقتهم بالاطّلاع!
نعم ، ذكر ابن حبّان بعضهم في « الثقات » (3) كما هي عادته في مجاهيل التابعين ، فلا عبرة به ، مع أنّه متأخّر الزمان عن البخاري ومسلم ، فلا يمكن أن يعتمدا على توثيقه!
وهذا النحو كثير جدّا في الصحيحين وبقيّة صحاحهم ، وكم رووا عمّن نصّ على جهالته ، كما ستعرف أقلّ القليل منهم قريبا عند ذكر الأسماء!
وقال في « ميزان الاعتدال » بترجمة حفص بن بغيل بعد ما ذكر قول ابن القطّان فيه : « لا يعرف له حال [ ولا يعرف ] » ..
قال : « لم أذكر هذا النوع في كتابي ، فإنّ ابن القطّان يتكلّم في كلّ من
ص: 47
لم يقل فيه إمام عاصر ذلك الرجل ، أو أخذ ممّن عاصره ، ما يدلّ على عدالته ، وهذا شيء كثير ..
ففي الصحيحين من هذا النمط خلق كثير مستوون ، ما ضعّفهم أحد ، ولاهم بمجاهيل » (1).
أي : ليسوا بمجاهيل النسب - وإن كانوا مجاهيل الأحوال - كما قال ابن القطّان.
وأنت تعلم أنّه لا يكفي في اعتبار الرجل والاحتجاج بخبره مجرّد عدم تضعيف أحد له ، بل لا بدّ من ثبوت وثاقته.
وأمّا حكمه باستوائهم فغير مستو ، بعد فرض الجهالة بأحوالهم ، على أنّه غير نافع في الاحتجاج بأخبارهم ما لم تثبت وثاقتهم.
* * *
ص: 48
إنّ جملة من أخبار صحاحهم مشتملة على الكفر! كتجسّم اللّه سبحانه! وإثبات المكان والانتقال والتغيير له! وكعروض العوارض عليه من الضحك ونحوه! .. إلى غير ذلك ممّا يوجب الإمكان! (1) ..
ص: 49
حتّى رووا أنّ اللّه سبحانه يدخل رجله في نار جهنم فيزوي بعضها لبعض وتقول : قط قط! (1).
ومشتملة على وهن رسل اللّه ورسالاتهم! (2) ..
ص: 50
حتّى إنّهم صيّروا سيّد النبيّين جاهلا في أوّل البعثة بأنّه رسول مبعوث ، فعلّمه النصراني وزوجته خديجة أنّه رسول اللّه! (1).
ومشتملة على ما يوجب كذب آي من القرآن! (2) ..
ص: 51
إنّ أكثر رواتهم ، بل كلّهم ، مدلّسون في رواياتهم ، أي ملبّسون فيها ، ومظهرون خلاف الواقع ، كما لو كانت الرواية عن شخص مقبول بواسطة شخص غير مرضيّ ، فيتركون الواسطة ويروونها عن المقبول ابتداء!
أو يروونها عن شخص ضعيف وينسبونها إلى آخر ثقة ؛ ليروج الحديث منهم ويقبل.
أو يروونها عن ضعيف ويأتون باللفظ المشترك بين الضعيف والثقة ؛ ليوهم الراوي على القارئ أنّ المراد الثقة ؛ لأنّه يظهر أنّه لا يروي إلّا عن ثقة!
إلى غير ذلك من أنواع التدليس ، ولا يكاد يسلم أحد من رواتهم عنه.
قال شعبة : « ما رأيت من لا يدلّس من أصحاب الحديث إلّا عمرو بن مرّة وابن عون » ، كما نقله عنه في « ميزان الاعتدال » و « تهذيب التهذيب » بترجمة عمرو بن مرّة الجملي (1).
ويكفيك أنّ البخاري ومسلما كانا من المدلّسين!
ص: 53
قال الذهبي في ( الميزان ) بترجمة عبد اللّه بن صالح بن محمّد الجهني المصري : « روى عنه البخاري في الصحيح ... ولكنّه يدلّسه فيقول : حدّثني عبد اللّه ، ولا ينسبه » (1).
وبمعناه في « تهذيب التهذيب » بترجمة عبد اللّه أيضا (2).
وقد كان البخاري يدلّس أيضا في صحيحه محمّد بن سعيد المصلوب ، الكذّاب الشهير ، لكنّ الذهبي حمله على الخطأ! قال بترجمة ابن سعيد : « أخرجه البخاري في مواضع وظنّه جماعة »! (3).
وهو حمل بعيد ، ولو سلّم فهو يقتضي عيبا آخر في « صحيح البخاري » وسيأتي ذكر هذين الرجلين في الأسماء.
ونقل ابن حجر عن ابن مندة ، أنّه قال في كلام له : « أخرج البخاري : ( قال فلان ) .. و ( قال لنا فلان ) وهو تدليس ».
ثمّ قال ابن حجر : « الذي يظهر [ لي ] (4) أنّه يقول في ما لم يسمع : ( قال ) .. وفي ما سمع - لكن لا يكون على شرطه ، أو موقوفا - : ( قال لي ) أو : ( قال لنا ) ؛ وقد عرفت ذلك بالاستقراء من صنيعه » (5).
ص: 54
ونقل ابن حجر أيضا عن ابن مندة ، أنّه قال في حقّ مسلم : « كان يقول في ما لم يسمعه من مشايخه : ( قال لنا فلان ) وهو تدليس » (1).
فإذا كان هذا حال الصحيحين وصاحبيهما - وهما بزعمهم أصحّ الكتب - فكيف حال غيرهما؟! وكيف تعتبر أخبارهم؟! وبأيّ شيء يحصل الأمن لمن يريد الاحتجاج بها؟!
والتدليس طريقة شائعة مستمرّة بين جميع طبقاتهم ، على أنّه كذب في نفسه غالبا ، والكذب موجب لفسق صاحبه (2).
ص: 55
قال ابن الجوزي : « من دلّس كذّابا فالإثم له لازم ؛ لأنّه آثر أن يؤخذ في الشريعة بقول باطل » (1).
كما نقله عنه في « ميزان الاعتدال » بترجمة محمّد بن سعيد المصلوب (2).
والأولى لابن الجوزي أن لا يخصّص بالكذّاب ؛ لأنّ الإثم لازم أيضا لمن دلّس ضعيفا من غير جهة الكذب ؛ لأنّ الضعيف مطلقا لا يجوز الاحتجاج به.
بل من دلّس ثقة عنده كان آثما (3) ؛ لأنّ الثقة عنده ربّما لا يكون ثقة في الواقع وعند السامع وغيره ، فكيف يوقعه بالغرور ، ويدلّس عليه ما ليس له الأخذ به؟!
وسيمرّ عليك إن شاء اللّه تعالى ذكر بعض من عرف بالتدليس عندهم.
* * *
ص: 56
إنّ أكثر رجال السند في أخبار الصحاح الستّة ، مطعون فيهم عندهم بغير التدليس أيضا ، من الكذب ونحوه ، حتّى قال يحيى بن سعيد القطّان - وهو أكبر علمائهم ، وأعلمهم بأحوال رجالهم - : « لو لم أرو إلّا عمّن أرضى ، ما رويت إلّا عن خمسة! » كما حكي عنه في ( الميزان ) بترجمة إسرائيل بن يونس (1).
ولنذكر لك جماعة ممّن طعنوا بهم من غير الصحابة ، مرتّبا أسماءهم على حروف المعجم.
واشترطت على نفسي أن أذكر من رواة الصحاح من طعن به عالمان أو أكثر ، وأن يكون الطعن شديدا كقولهم : كذّاب ، أو : متّهم بالكذب ، أو :
متروك ، أو : هالك ، أو : لا يكتب حديثه ، أو : لا شيء ، أو : ضعيف جدّا ، أو : مجمع على ضعفه .. أو نحو ذلك.
ولم أذكر من قيل فيه أنّه : ضعيف ، أو : منكر الحديث ، أو : غير ضابط ، أو : كثير الخطأ ، أو : لا يحتجّ به .. أو نحو ذلك ، وإن أسقط روايته عن الحجّيّة ؛ طلبا للاختصار ، ولكفاية من جمع الشروط المذكورة في
ص: 57
الدلالة على سقم صحاحهم.
وربّما ذكرت بعض المجاهيل ، والمدلّسين ، وبعض النصّاب ؛ لتعرف اشتمال صحاحهم على أنواع الوهن.
ولا يخفى أنّ النصب أعظم العيوب ؛ لأنّ الناصب منافق كما عرفت (1) ، والمنافق كافر ، بل أشدّ منه ؛ لأنّه يسرّ الكفر ويظهر الإيمان ، فيكون أضرّ على الإسلام من الكافر الصريح.
وقد ذمّ اللّه المنافقين ، وأعدّ لهم الدرك الأسفل من النار - كما أخبر به في كتابه العزيز - ولعنهم في عدّة مواطن من الكتاب (2).
وكذلك لعنهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في ما لا يحصى من المواطن (3).
ومن المعلوم أنّ الكافر لا تقبل روايته أصلا ، في الأحكام وغيرها ،
ص: 58
حتّى لو وثّقه جماعة.
وإن أردت زيادة الاطّلاع على أحوال من سنذكرهم ، وأحوال غيرهم ، من ضعاف رجال الصحاح الستّة ، فارجع إلى كتابنا المسمّى ب « الإفصاح عن أحوال رجال الصحاح » فإنّه مشتمل على جلّ المجروحين منهم ، وجلّ المطاعن فيهم.
وقد أخذت ما ذكرته هنا في أحوالهم من « ميزان الاعتدال » للذهبي ، وجعلت رمزه : ن ، ومن « تهذيب التهذيب » لابن حجر العسقلاني ، وجعلت رمزه : يب.
فإن اتّفقا على نقل ما قيل في صاحب الترجمة ، ذكرته بعد اسمه بلا نسبة لأحدهما ، وإن اختصّ أحدهما بالنقل ، ذكرته بعد رمز الناقل منهما ، على أن يكون كلّ ما بعد رمزه من خواصّه في النقل ، إلى أن تنتهي الترجمة ، أو أنقل عن الآخر.
كما إنّي رمزت إلى أهل صحاحهم برموزهم المتداولة عندهم ، فللبخاري ( خ ) .. ولمسلم ( م ) .. وللنسائي ( س ) .. ولأبي داود ( د ) ..
وللترمذي ( ت ) .. ولابن ماجة القزويني ( ق ) .. ولهم جميعا ( ع ) .. ولمن عدا مسلم والبخاري ( 4 ).
وقد جعلت قبل اسم صاحب الترجمة رمز الراوي عنه من أهل هذه الصحاح ، متّبعا نسخة ( التهذيب ) ؛ لأنّها أصحّ إلّا قليلا ، فإنّه قد يقوى عندي صحّة نسخة ( الميزان ) فأعوّل عليها في الرمز.
هذا ، وربّما كان لي كلام أو نقل عن غير هذين الكتابين ، أذكره بعد قولي : « أقول ».
فنقول وباللّه المستعان :
ص: 59
ص: 60
1 - ( ت د ق ) إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة (1) :
قال ابن معين : ليس بشيء.
يب : قال الدارقطني : متروك.
وقال ابن حبّان : يقلب الأسانيد ، ويرفع المراسيل.
2 - ( ت ق ) إبراهيم بن عثمان ، أبو شيبة العبسي الكوفي ، قاضي واسط (2) :
كذّبه شعبة.
وقال ( س ) : متروك الحديث.
يب : قال أبو حاتم : تركوا حديثه.
وقال الجوزجاني : ساقط.
وقال صالح جزرة : لا يكتب حديثه.
ص: 61
3 - ( ت ق ) إبراهيم بن الفضل المخزومي (1) : قال ابن معين : ليس بشيء (2).
ن : قال ابن معين أيضا : لا يكتب حديثه.
وقال ( س ) وجماعة : متروك.
يب : قال ( س ) : لا يكتب حديثه.
وقال الدارقطني والأزدي : متروك.
4 - ( ت ق ) (3) إبراهيم بن يزيد الخوزي المكّي الأموي (4) :
قال أحمد و ( س ) : متروك (5).
يب : قال ابن معين : ليس بشيء.
وقال ( س ) مرّة : ليس بثقة ، ولا يكتب حديثه.
وقال ابن الجنيد : متروك.
وقال ( خ ) : سكتوا عنه (6) ؛ قال الدولابي : يعني تركوه.
وقال ابن المديني : لا أكتب عنه.
ص: 62
وقال البرقي : كان يتّهم بالكذب.
وقال ابن حبّان : روى المناكير الكثيرة حتّى يسبق إلى القلب أنّه المعتمّد لها.
صلبا في السنّة ... إلّا أنّه من صلابته ربّما [ كان ] يتعدّى طوره! (1).
وقال ابن عديّ : كان شديد الميل إلى مذهب أهل دمشق في الميل على عليّ علیه السلام (2).
وقال الدارقطني : فيه انحراف عن عليّ علیه السلام ، اجتمع على بابه أصحاب الحديث ، فأخرجت جارية له فرّوجة لتذبحها ، فلم تجد من يذبحها ، فقال : سبحان اللّه!! فرّوجة لا يوجد من يذبحها ، وعليّ يذبح في ضحوة نيفا وعشرين ألف مسلم!
ثمّ قال في يب : [ وكتابه ] في الضعفاء يوضّح مقالته.
العجب كيف كان إماما لهم في الجرح والتعديل وهو منافق؟!
وكيف تقبل شهادته وهو فاسق؟!
وأعجب منه أنّهم يصفونه بأنّه « صلب في السنّة » وهو من ألفاظ المدح عندهم!
فانظر وتبصّر!!
ص: 64
7 - ( خ د ) أحمد بن صالح المصري ، أبو جعفر الحافظ (1) : قال ( س ) : ليس بثقة ، ولا مأمون ، تركه محمّد بن يحيى ، ورماه ابن معين بالكذب.
وعن ابن معين أيضا أنّه كذّاب يتفلسف.
وقال ابن عديّ : كان ( س ) سيّئ الرأي فيه ، وأنكر عليه أحاديث ...
فسمعت محمّد بن هارون البرقي يقول : هذا الخراساني يتكلّم في أحمد ابن صالح ، لقد حضرت مجلس أحمد فطرده من مجلسه ، فحمله ذلك على أن يتكلّم فيه.
يب : قال الخطيب : احتجّ بأحمد جميع الأئمّة إلّا ( س ) ، ويقال :
كان آفة أحمد الكبر ، ونال منه ( س ) جفاء في مجلسه ، فذلك السبب الذي أفسد الحال بينهما.
9 - ( خ م س ق ) أحمد بن عيسى المصري (1) : حلف ابن معين أنّه كذّاب.
يب : قال أبو حاتم : تكلّم الناس فيه.
وقال سعيد بن عمرو البرذعي (2) : أنكر أبو زرعة على مسلم روايته عنه في الصحيح.
قال سعيد : وقال لي : ما رأيت أهل مصر يشكّون في أنّه - وأشار إلى لسانه ، كأنّه يقول : الكذب -.
ن : قال سعيد البرذعي (3) : شهدت أبا زرعة ، وذكر عنده صحيح مسلم فقال : هؤلاء قوم أرادوا التقدّم قبل أوانه ، فعملوا شيئا يتشرّفون (4) به!
وقال : يروي عن أحمد في « الصحيح » ما رأيت أهل مصر يشكّون
ص: 66
في أنّه - وأشار إلى لسانه -.
10 - ( د ) أحمد بن الفرات الضبّي الحافظ (1) :
ن : قال ابن خراش : إنّه يكذب عمدا (2).
يب : قال ابن مندة : أخطأ في أحاديث ولم يرجع عنها.
11 - ( د ت س ) أزهر بن عبد اللّه الحرازي (3) :
ن : ناصبيّ ، ينال من عليّ!
يب : قال ابن الجارود : كان يسبّ عليّا!
وساق ( د ) بإسناده إلى أزهر ، قال : كنت في الخيل الّذين سبوا أنس ابن مالك فأتينا به الحجّاج.
12 - ( م 4 ) أسامة بن زيد الليثي (4) :
قال أحمد : ليس بشيء.
يب : ترك القطّان حديثه.
ص: 67
ن : قال ابن الجوزي : قال ابن معين مرّة : ترك حديثه بأخرة (1) ؛ والصحيح أنّ هذا القول ليحيى بن سعيد.
15 - ( د ق ) إسحاق بن أسيد (1) : قال أبو حاتم : لا يشتغل به.
يب : قال ابن عديّ : مجهول (2).
وقال الأزدي : تركوه.
16 - ( د ت ق ) إسحاق بن عبد اللّه بن أبي فروة ، مولى آل عثمان بن عفّان (3) :
قال ( خ ) : تركوه.
وقال أحمد : لا تحلّ عندي الرواية عنه.
يب : قال عمرو بن عليّ وأبو زرعة و ( س ) والدارقطني والبرقاني :
متروك (4).
وتكلّم فيه مالك والشافعي وتركاه.
وقال ابن معين مرّة : ليس بثقة.
ص: 69
ومرّة : لا يكتب حديثه.
ومرّة : كذّاب.
وقال ابن عمّار وأبو زرعة : ذاهب الحديث (1).
وقال محمّد بن عاصم المصري : لم أر أهل المدينة يشكّون في أنّه متّهم ؛ قيل : في ماذا؟ قال : في الإسلام! وفي رواية أخرى : على الدين!
17 - ( خ ت ق ) إسحاق بن محمّد بن إسماعيل بن عبد اللّه ابن أبي فروة (2) :
وهّاه ( د ) جدّا.
وروى عنه ( خ ) ويوبّخونه على هذا.
ن : قال ( س ) : ليس بثقة.
يب : قال ( س ) : متروك.
18 - ( ت ق ) إسحاق بن يحيى بن طلحة بن عبيد اللّه التيمي (3) :
قال أحمد و ( س ) : متروك [ الحديث ].
يب : قال ابن معين : ليس بشيء ، ولا يكتب حديثه.
وقال [ عمرو بن عليّ ] الفلّاس : متروك [ الحديث ].
ص: 70
19 - ( ع ) إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ، أبو يوسف الكوفي (1) : يب : قال عبد الرحمن بن مهدي : لصّ يسرق الحديث.
ن : كان القطّان لا يحدّث عنه ولا عن شريك.
وقال : لو لم أرو إلّا عمّن أرضى ما رويت إلّا عن خمسة!
20 - ( خ م د س ) إسماعيل بن إبراهيم بن معمر ، أبو معمر الهذلي القطيعي :
20 - ( خ (2) م د س ) إسماعيل بن إبراهيم بن معمر ، أبو معمر الهذلي القطيعي (3) :
يب : قال ابن معين : لا صلّى اللّه عليه! ذهب إلى الرقّة (4) فحدّث بخمسة آلاف حديث ، أخطأ في ثلاثة آلاف (5).
[ قال جعفر الطيالسي : ] ولم يحدّث أبو معمر حتّى مات ابن معين.
وقال أبو زرعة : كان أحمد لا يرى الكتابة عنه.
ص: 71
21 - ( ت ق ) إسماعيل بن رافع المدني ، نزيل البصرة (1) : يب : قال ابن معين : ليس بشيء.
وقال ( س ) مرّة : ليس بثقة.
ومرّة : ليس بشيء.
وأخرى : متروك [ الحديث ].
وقال ( د ) : ليس بشيء ، سمع من الزهري فذهبت كتبه ، فكان إذا رأى كتابا قال : هذا [ قد ] سمعته.
وقال ابن خراش والدارقطني وعليّ بن الجنيد : متروك.
ن : ضعّفه أحمد ويحيى وجماعة.
وقال الدارقطني وغيره : متروك [ الحديث ].
ومن تلبيس ( ت ) قال : ضعّفه بعض أهل العلم (2).
وقال أبو نعيم : جار المسجد أربعين سنة لم ير في جمعة ولا جماعة.
وقال ابن عيينة : كان بيهسيّا ، فلم أذهب إليه ، ولم أقربه.
وتركه زائدة لمذهبه (1).
يب : قال محمّد بن يحيى : كان بيهسيّا ممّن يبغض عليّا علیه السلام .
والبيهسية : طائفة من الخوارج ينسبون إلى رأسهم أبي بيهس (2).
لو كان ذلك الجفاء للجمعة والجماعة ممّن يتّهمونه بالتشيّع ، لنالوه بكلّ سوء ، وبلغوا به كلّ مبلغ!
ولكن هوّن عليهم ذلك ، وبغضه لعثمان ، أنّه يبغض إمام المتّقين ،
ص: 73
ونفس النبيّ الأمين ، حتّى احتملوا سيّئاته ، وحملوا عنه ، واحتجّ به أهل صحاحهم ، ووثّقه ابن نمير والعجلي وأبو عليّ الحافظ و ( د ) وابن سعد وأحمد ، حتّى قال فيه : إنّه ثقة .. صالح! وقال ابن معين : ثقة مأمون! وقال أبو حاتم : صدوق صالح!
.. إلى غيرهم من علمائهم كما في ( يب )! (1).
مع استفاضة الأخبار ، بل تواترها ، بأنّ الخوارج مارقون عن الإسلام والدين (2).
ص: 74
فهم خارجون عن الإسلام حقيقة ، منافقون ظاهرا وواقعا.
فما بال القوم أمنوه على دينهم ووصفوه بالصلاح؟!
ولم أر من ينسب إليه الخلاف وترك الرواية عنه ، غير زائدة وابن
ص: 75
عيينة وجرير (1) كما سمعت ، وهو غريب!
23 - ( خ م د ت ق ) إسماعيل بن عبد اللّه أبي أويس بن عبد اللّه الأصبحي ، أبو عبد اللّه المدني (2) :
قال ابن معين : لا (3) يساوي فلسين.
وقال أيضا : هو وأبوه يسرقان الحديث.
وقال الدولابي في « الضعفاء » : قال النضر بن سلمة : كذّاب.
يب : قال ابن معين مرّة : مخلّط ، يكذب ، ليس بشيء.
وعن سيف بن محمّد ، قال : يضع الحديث.
وقال سلمة بن شبيب : سمعته يقول : ربّما كنت أضع الحديث لأهل
ص: 76
المدينة إذا اختلفوا في شيء ...
24 - ( م 4 ) إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة ، أبو محمّد السدّي (1) :
قال ليث بن أبي سليم : كان بالكوفة كذّابان - فمات أحدهما -:
السدّي والكلبي.
يب : قال الجوزجاني : كذّاب.
25 - ( ت (2) ق ) إسماعيل بن مسلم البصري (3) :
قال القطّان : لم يزل مخلّطا ، كان يحدّثنا بالحديث الواحد على ثلاثة أضرب.
وقال ابن معين : ليس بشيء.
وقال ابن المديني : لا يكتب حديثه.
وقال الجوزجاني : واه جدّا.
يب : قال ( س ) مرّة : ليس بثقة.
ومرّة : متروك [ الحديث ].
ص: 77
26 - ( خ ) أسيد بن زيد (1) : كذّبه ابن معين.
وقال ( س ) : متروك.
وقال ابن حبّان : يروي عن الثقات المناكير ، ويسرق الحديث.
وقال ابن عبد البرّ : أجمعوا (1) على ضعفه.
28 - ( خ ت ) أشهل بن حاتم (2) :
ن : قال أبو حاتم : لا شيء.
يب : قال ابن معين : لا شيء.
29 - ( م س ) أفلح بن سعيد الأنصاري القبائي (3) :
قال ابن حبّان : يروي عن الثقات الموضوعات ، لا يحلّ [ الاحتجاج به ولا ] الرواية عنه بحال.
يب : ذكره العقيلي في « الضعفاء » فقال : لم يرو عنه ابن مهدي (4).
30 - ( د ق ) أيّوب بن خوط ، أبو أميّة البصري (5) :
قال ( خ ) : تركه ابن المبارك.
وقال ( س ) والدارقطني : متروك.
وقال ابن معين : لا يكتب حديثه.
ص: 79
وقال الأزدي : كذّاب.
يب : قال الفلّاس : متروك [ الحديث ].
وقال أبو حاتم : واه ، متروك ، لا يكتب حديثه.
وقال أحمد : كان عيسى بن يونس يرميه بالكذب ( وقال : ألحقوا بكتابه ) (1).
وقال ( س ) : ليس بثقة ، ولا يكتب حديثه.
وقال ( د ) : ليس بشيء.
وقال ابن قتيبة : وضع حديث أنس.
وقال الساجي : أجمع أهل العلم على ترك حديثه.
32 - ( د ق ) أيّوب بن قطن (1) : قال الدارقطني : مجهول.
يب : قال أبو زرعة : لا يعرف.
وقال الأزدي وغيره : مجهول.
ص: 82
34 - ( 4 ) باذام ، أبو صالح (1) :
قال ( س ) : ليس بثقة.
وقال عبد الحقّ : ضعيف جدّا.
ن : قال إسماعيل بن أبي خالد : يكذب.
يب : قال الجوزجاني : متروك.
وقال الأزدي : كذّاب.
35 - ( ق ) البختري بن عبيد الشامي (2) :
يب : قال أبو حاتم : ضعيف الحديث ، ذاهب.
وقال ابن حبّان : ضعيف ذاهب ... وليس بعدل.
ص: 83
وقال الأزدي : كذّاب ساقط.
ن : ضعّفه أبو حاتم ، وغيره تركه.
36 - ( د ت س ) بسر بن أرطأة ، ويقال : ابن أبي أرطأة (1) :
قال ابن معين : كان رجل سوء.
يب : قال ابن يونس : كان من شيعة معاوية ، وكان معاوية وجّهه إلى اليمن والحجاز [ في أوّل سنة 40 ] وأمره أن يتقرّى (2) من كان في طاعة عليّ علیه السلام فيوقع بهم ، ففعل بمكّة والمدينة واليمن أفعالا قبيحة!
وحكى المسعودي في « مروج الذهب » أنّ عليّا علیه السلام دعا عليه [ أن ] يذهب عقله لمّا بلغه قتله ابني عبيد اللّه بن العبّاس ، وأنّه خرف (3)
أقول :
هكذا ينبغي أن تكون رواة صحاح الأخبار ، من نحو هؤلاء الثقات!
ص: 84
الخارجين على أئمّة العدل ، ولا يبالون بقتل النفوس البريّة ، ويهلكون الحرث والذرّيّة.
37 - ( د ت ق ) بشر بن رافع الحارثي ، أبو الأسباط النجراني ، إمامها ومفتيها (1) :
قال ابن حبّان : يروي أشياء موضوعة كأنّه المتعمّد لها.
يب : قال أحمد : ضعيف [ في الحديث ] ، ليس بشيء.
وقال ابن عبد البرّ : اتّفقوا على إنكار حديثه وطرح ما رواه. 38 - ( ق ) بشر بن نمير (2) :
قال أحمد : ترك الناس حديثه.
يب : قال أحمد : كذّاب يضع الحديث (3).
وقال أبو حاتم وعليّ بن الجنيد : متروك (4).
ص: 85
41 - ( م 4 ) بقيّة بن الوليد بن صائد الحمصي الكلاعي ، أبو محمّد (1) : ن : قال غير واحد : كان مدلّسا.
قال ابن حبّان : سمع من شعبة ومالك وغيرهما أحاديث مستقيمة ، ثمّ سمع من [ أقوام ] كذّابين عن شعبة ومالك ، فروى عن الثقات بالتدليس ما أخذ عن الضعفاء.
وقال أحمد : توهّمت أنّه لا يحدّث بالمناكير إلّا عن المجاهيل ، فإذا هو يحدّث بها عن المشاهير!
وقال وكيع : ما سمعت أحدا أجرأ على أن يقول : « قال رسول اللّه » من بقيّة!
وقال القطّان : يدلّس عن الضعفاء ويستبيحه ، وهذا - إن صحّ - مفسد لعدالته.
قال في ن : نعم واللّه صحّ منه أنّه من فعله! وصحّ عن الوليد بن مسلم ، [ بل ] وعن جماعة كبار فعله ، وهذا بليّة منهم.
وروى ابن أبي السريّ ، عن بقيّة : قال لي شعبة : ما أحسن حديثك! ولكن ليس له أركان!
فقلت : حديثكم أنتم ليس له أركان ، تجيؤني بغالب القطّان ، وحميد الأعرج [ وابي التيّاح ] ، وأجيؤك بمحمّد بن زياد الألهاني ، وأبي بكر ابن أبي مريم الغسّاني ، وصفوان بن عمرو السكسكي.
ص: 87
.. إلى غير ذلك ممّا في ن.
ومثله في يب وأضعافه (1).
42 - ( ت ق ) بكر بن خنيس العابد (2) :
يب : قال الدارقطني : متروك (3).
وكذا قال أحمد بن صالح المصري ، وابن خراش.
وقال أبو زرعة : ذاهب الحديث.
وقال ابن حبّان : روى أشياء موضوعة ، يسبق إلى القلب أنّه المتعمّد لها (4).
43 - ( 4 ) بهز بن حكيم بن معاوية القشيري (5) :
قال أحمد بن بشير : أتيته فوجدته يلعب بالشطرنج.
وقال ابن حبّان : تركه جماعة من أئمّتنا.
يب : قال ( د ) : لم يحدّث عنه شعبة.
* * *
ص: 88
ص: 90
45 ( 4 ) ثعلبة بن عباد العبدي (1) :
ن : قال ابن حزم : مجهول.
يب : ذكره ابن المديني في المجاهيل.
وقال ابن حزم : مججهول ؛ وتبعه ابن القطّان ، وكذا عن العجلي.
لا ينطحك بقرنيه.
[ ن : ] (1) وقال الوليد : قلت للأوزاعي : حدّثنا ثور ؛ فقال لي : فعلتها!
وقال سلمة بن العيّار (2) : كان الأوزاعي سيّئ القول في ثور.
يب : قال أحمد : نهى مالك عن مجالسته.
وقال ابن سعد : كان جدّه قتل بصفّين مع معاوية ،
فكان إذا ذكر عليّا علیه السلام قال : لا أحبّ رجلا قتل جدّي! (3)
وقال ابن المبارك [ من مجزوء الرمل ] :
أيّها الطالب علما *** إئت حمّاد بن زيد
فاطلبنّ العلم منه *** ثمّ قيّده بقيد
لا كثور وكجهم *** وكعمرو بن عبيد
* * *
ص: 92
47 - ( م د ت ق ) الجرّاح بن مليح ، والد وكيع (1) :
قال الدار قطني : ليس بشيء.
يب : حكى الإدريسي أنّ ابن معين كذّبه وقال : كان وضّاعا للحديث.
وقال ابن حبّان : يقلب الأسانيد ، ويرفع المراسيل ، وزعم ابن معين أنّه كان وضّاعا.
وقال الدوري : دخل وكيع البصرة فاجتمع عليه الناس ، فحدّثهم حتّى قال : حدّثني أبي وسفيان ؛ فصاح الناس من كلّ جانب : لا نريد أباك! [ حدّثنا عن الثوري ] ؛ فأعاد وأعادوا.
يب : قال شعبة : أكذب الناس.
وقال أبو حاتم و ( س ) والدارقطني والأزدي وغيرهم : متروك (1).
ونقل ابن الجوزي الإجماع على أنّه متروك.
51 - ( م د ت ) حاجب بن عمر الثقفي ، أبو خشينة (1) :
يب : حكى الساجي عن ابن عيينة أنّه كان إباضيّا.
52 - ( د س ) الحارث بن زياد ، شامي (2) :
ن : مجهول.
يب : روى : « اللّهمّ علّم معاوية الكتاب ، وقه الحساب » قال البغوي : لا أعلم للحارث غيره.
وقال ابن عبد البرّ : مجهول ، وحديثه منكر.
ص: 95
53 - ( د ت ) الحارث بن عمرو ، ابن أخي المغيرة بن شعبة (1) : ن : مجهول.
يب : قال ( خ ) : لا يعرف.
54 - ( 4 ) الحارث بن عمير البصري ، نزيل مكّة ، والد حمزة (2) :
قال ابن حبّان : روى عن الأثبات الأشياء الموضوعة.
وقال الحاكم : روى [ عن حميد الطويل وجعفر الصادق ] أحاديث موضوعة.
يب : قال ( خ ) : لا يبالي ما حدّث ، ضعيف جدّا.
وقال ( د ) : ليس بشيء.
58 - ( م س ق ) حبيب بن أبي حبيب يزيد الجرمي الأنماطي (1) : ن : نهى ابن معين عن كتابة حديثه.
يب : قال ابن أبي خيثمة : نهانا ابن معين أن نسمع حديثه.
وسمع منه القطّان ولم يحدّث عنه.
59 - ( ق ) حبيب بن أبي حبيب المصري ، كاتب مالك (2) :
قال ( د ) : كان من أكذب الناس.
وقال ( س ) وابن عديّ وابن حبّان : أحاديثه كلّها موضوعة (3).
وقال أبو حاتم : روى أحاديث موضوعة.
60 - ( م 4 ) حجّاج بن أرطأة بن ثور ، أبو أرطأة ، الكوفي ، القاضي (4) :
قال أحمد : في حديثه زيادة على حديث الناس.
وقال ابن حبّان : تركه ابن المبارك ، ويحيى القطّان ، وابن مهدي ، وابن معين ، وأحمد ... وكان لا يحضر الجماعة ، فقيل له في ذلك ، فقال :
ص: 98
أحضر مسجدكم حتّى يزاحمني فيه الحمّالون والبقّالون؟!
ن : قال يحيى بن يعلى : أمرنا زائدة أن نترك حديثه.
وقال أحمد : كان [ يحيى بن سعيد ] (1) سيّئ الرأي فيه ، وفي ابن إسحاق ، وليث ، وهمّام ، لا نستطيع أن نراجعه فيهم.
وقال أحمد : يدلّس ، [ روى ] عن الزهري ولم يره.
وقال الشافعي : قال حجّاج : لا تتمّ مروءة الرجل حتّى يترك الصلاة في الجماعة!
وقال الأصمعي : هو أوّل من ارتشى بالبصرة من القضاة.
وقال ( س ) : وذكر المدلّسين : حجّاج بن أرطأة ، والحسن ، وقتادة ، وحميد ، ويونس بن عبيد ، وسليمان التيمي ، ويحيى بن أبي كثير ، وأبو إسحاق ، والحكم ، وإسماعيل بن أبي خالد ، ومغيرة ، وأبو الزبير ، وابن أبي نجيح ، وابن جريج ، وسعيد بن أبي عروبة ، وهشيم ، وابن عيينة.
قال في ن : قلت : والأعمش ، وبقيّة ، والوليد بن مسلم ، وآخرون.
يب : قال أبو حاتم : يدلّس عن الضعفاء.
وقال ابن عيينة : كنّا عند منصور بن المعتمر فذكروا حديثا عن
ص: 99
الحجّاج ، قال : والحجّاج يكتب عنه؟! ... لو سكتّم لكان خيرا لكم!
وقال إسماعيل القاضي : مضطرب الحديث لكثرة تدليسه.
وقال محمّد بن نصر : الغالب على حديثه [ الإرسال ، و ] التدليس ، وتغيير الألفاظ.
61 - ( ت ق ) (1) حريث بن أبي مطر الفزاري الحنّاط (2) :
يب : قال ( س ) : ليس بثقة.
وقال ( س ) مرّة - والدولابي والأزدي وابن الجنيد : متروك.
62 - ( خ 4 ) حريز بن عثمان الرحبي الحمصي (3) :
ذكروا فيه ما يسوّد وجهه ووجوه من اتّخذوه حجّة ، من السبّ لإمام المتّقين ، وأخ النبيّ الأمين! فعليه لعنة اللّه أبد الآبدين.
وذكروا فيه أنّه داعية لمذهبه السوء ، وأنّه كذب على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في أحاديث ينتقص بها أمير المؤمنين علیه السلام !
ص: 100
ولكنّه مع هذا الكذب ، وذلك النفاق ، طفحت كلماتهم بتوثيقه! واحتجّوا به في صحاحهم! فدلّ على أنّهم في سرائرهم ملّة واحدة!
63 - ( 4 ) حسام بن مصكّ الأزدي البصري (1) :
قال ابن معين : ليس بشيء.
وقال الدارقطني : متروك (2).
وقال أحمد : مطروح الحديث.
يب : قال الفلّاس : متروك [ الحديث ].
وقال ابن المبارك : إرم به.
وقال ابن معين مرّة : لا يكتب من حديثه شيء.
وقال ابن المديني : لا أحدّث عنه بشيء.
64 - ( ت ق ) الحسن بن عليّ النوفلي الهاشمي (3) :
قال الدارقطني : ضعيف واه.
يب : قال الحاكم وأبو سعيد النقّاش : يحدّث عن أبي الزناد بأحاديث موضوعة.
ص: 101
65 - ( ت ق ) الحسن بن عمارة بن المضرّب الكوفي ، الفقيه ، قاضي بغداد زمن المنصور (1) :
قال أحمد : متروك (2).
وقال ابن معين : ليس [ حديثه ] بشيء.
وقال شعبة : يكذب.
وقال ابن المديني : [ كان ] يضع الحديث.
وقال أبو حاتم ومسلم والدارقطني وجماعة : متروك (3).
يب : قال أحمد مرّة : أحاديثه موضوعة.
وقال ابن معين : لا يكتب حديثه.
66 - ( ع ) الحسن ، أبو سعيد ، بن يسار أبي الحسن البصري ، مولى الأنصار (4) :
ن : كثير التدليس.
يب : قال ابن حبّان : يدلّس.
وقال يونس بن عبيد : ما رأيت رجلا أطول حزنا منه.
ص: 102
هذا من دعاء أمير المؤمنين علیه السلام عليه بأن لا يزال مسوّأ (1).
وذكره ابن أبي الحديد في المنحرفين عن أمير المؤمنين علیه السلام ..
قال : وممّن قيل إنّه كان يبغض عليّا علیه السلام ويذمّه ، الحسن البصري (2).
67 - ( ت ق ) الحسين بن عبد اللّه بن عبيد اللّه بن عبّاس بن عبد المطّلب (3):
قال ( س ) : متروك.
وقال الجوزجاني : لا يشتغل به.
وقال ( خ ) : قال عليّ : تركت حديثه.
وقال الساجي : ضعيف [ الحديث ] ، متروك ، يحدّث [ بأحاديث ] بواطيل (1).
69 - ( د س ) حشرج بن زياد الأشجعي (2) :
ن : لا يعرف.
يب : قال ابن حزم وابن القطّان : مجهول.
70 - ( ت ) حصين بن عمر الأحمسي (3) :
يب : نهى أحمد من الحديث عنه ، وقال : [ إنّه كان ] يكذب.
وقال ابن خراش : كذّاب.
وقال مسلم وأبو حاتم : متروك الحديث.
يب : قال أبو خيثمة : أتيته فإذا هو يحمل على عليّ علیه السلام فلم أعد إليه.
72 - ( ت ق ) حفص بن سليمان ، أبو عمر الأسدي ، صاحب القراءة (1) :
قال ابن خراش : كذّاب ، يضع الحديث.
وقال أبو حاتم : متروك (2) ، لا يصدّق.
وقال ( خ ) : تركوه.
يب : قال ابن مهدي : واللّه لا تحلّ الرواية عنه.
وقال ابن المديني : تركته على عمد.
وقال مسلم و ( س ) : متروك (3).
وقال ( س ) : لا يكتب حديثه.
73 - ( ع ) حمّاد بن أسامة ، أبو أسامة (4) :
ن : قال المعيطي : كثير التدليس.
وقال سفيان الثوري : إنّي لأعجب كيف جاز حديثه ، كان أمره بيّنا ، كان من أسرق الناس لحديث جيّد.
ص: 105
ومثله في يب عن سفيان بن وكيع.
وفي يب أيضا : قال ابن سعد : يدلّس ويبين تدليسه.
وحكى الأزدي في « الضعفاء » عن سفيان بن وكيع ، قال : كان يتتبّع كتب الرواة فيأخذها وينسخها ؛ قال لي ابن نمير : إنّ المحسن لأبي أسامة يقول : إنّه دفن كتبه ، ثمّ تتبّع الأحاديث بعد من الناس.
74 - ( م 4 ) حمّاد بن أبي سليمان مسلم الأشعري ، الفقيه الكوفي (1) :
قال الأعمش : غير ثقة.
ن : قال الأعمش : ما كنّا نصدّقه.
يب : قال أحمد : عند حمّاد بن سلمة عنه تخليط كثير.
وقال حبيب بن أبي ثابت : كان حمّاد يقول : قال إبراهيم ؛ فقلت :
واللّه إنّك لتكذب على إبراهيم ، وإنّ إبراهيم ليخطئ.
وقال ابن عديّ : لا يعرف.
ن : لا يدرى من هو؟!
76 - ( ت ) حمزة بن أبي حمزة النصيبي (1) :
قال الدارقطني و ( س ) : متروك (2).
وقال ( د ) وابن معين : ليس بشيء (3).
وقال ابن عديّ : يضع الحديث (4).
وقال أيضا : عامّة مرويّاته [ مناكير ] موضوعة.
وقال الحاكم : يروي أحاديث موضوعة (5).
77 - ( ع ) حميد بن أبي حميد تيرويه الطويل ، أبو عبيدة البصري (6) :
طرح زائدة حديثه.
ص: 107
يب : قال درست : ليس بشيء (1).
وقال ابن حبّان : يدلّس.
ن : يدلّس.
78 - ( د س ) حنان بن خارجة السلمي الشامي (2) :
ن : لا يعرف.
يب : قال ابن القطّان : مجهول الحال (3).
79 - ( ت ق ) حنظلة بن عبد اللّه السدوسي البصري (4) :
قال القطّان : تركته عمدا.
ن : قال ابن معين : ليس بشيء.
يب : قال ابن معين : ليس بثقة ولا دون الثقة.
وقال ابن حبّان : اختلط بآخره حتّى كان لا يدري ما يحدّث به ، فاختلط حديثه القديم بحديثه الأخير.
* * *
ص: 108
80 - ( ت ق ) خارجة بن مصعب السرخسي (1) :
قال ابن معين : كذّاب (2).
وقال ( خ ) : تركه ابن المبارك ووكيع.
يب : قال ( س ) وابن خراش وأبو أحمد الحاكم : متروك [ الحديث ].
وقال ابن سعد : اتّقى الناس حديثه فتركوه.
وقال ابن حبّان : يدلّس ، ويروي ما وضعوه على الثقات عن الثقات.
وقال يعقوب بن شيبة : ضعيف [ الحديث ] عند جميع أصحابنا.
81 - ( ت ق ) خالد بن إلياس - ويقال : إياس - العدوي (3) :
قال ( خ ) : ليس بشيء.
ص: 109
وقال أحمد و ( س ) : متروك (1).
وقال ابن معين : ليس بشيء ، لا يكتب حديثه.
يب : قال ( س ) مرّة : ليس بثقة ، لا يكتب حديثه.
وقيل لأبي حاتم : يكتب حديثه؟ فقال : زحفا!
وقال ( ت ) : ضعيف عند أهل الحديث.
وقال ابن عبد البرّ : ضعيف عند جميعهم.
وقال الحاكم والنقّاش : روى أحاديث موضوعة.
82 - ( م 4 ) خالد بن سلمة بن العاص المخزومي ، المعروف ب : الفأفاء (2) :
قال جرير : كان مرجئا ويبغض عليّا علیه السلام .
يب : قال ابن عائشة : كان ينشد بني مروان الأشعار التي هجا بها المصطفى صلی اللّه علیه و آله !
ما ترى لو قيل : إنّ فلانا يبغض الشيخين ويحفظ هجاءهما وينشده! أيّ رجل يكون عند أهل السنّة؟!
ص: 110
وهل يمكن أن يوثّقه أحد منهم أو يثني عليه ، كما فعلوا مع هذا الرجس الخبيث المنافق؟!
وما أصدق قول القائل [ من الكامل ] :
ما المسلمون بأمّة لمحمّد
كلّا ، ولكن أمّة لعتيق
ولكن لا عجب من احتجاجهم بروايته وتوثيقه ، فإنّ من كان أئمّته وخلفاؤه يأنسون بهجاء سيّد النبيّين صلی اللّه علیه و آله فحقيق أن يتّخذ هذا الشيطان المارد حجّة دينه!(1).
ص: 111
قال ابن خلّكان في ترجمته : كان يتّهم في دينه ؛ ثمّ ذكر من أحواله ما هو بالكفر أشبه (1).
85 - ( د ق ) خالد بن عمرو الأموي السعيدي (2) :
قال صالح جزرة : [ كان ] يضع الحديث.
وذكر له ابن عديّ مناكير ، وقال : عندي أنّه وضعها على الليث ، فإنّ نسخة الليث عندنا ليس فيها شيء من هذا.
يب : قال ابن معين مرّة : ليس [ حديثه ] بشيء.
وأخرى : كذّاب [ حدّث عن شعبة أحاديث موضوعة ].
وقال أبو حاتم : متروك [ الحديث ].
وقال أحمد : أحاديثه موضوعة.
وقال ( د ) : ليس بشيء.
86 - ( ق ) خالد بن يزيد الدمشقي (3) :
قال أحمد : ليس بشيء.
وقال ابن معين : لم يرض أن يكذب على أبيه حتّى كذب على
ص: 114
الصحابة.
[ يب : ] (1) وقال ( د ) : متروك [ الحديث ].
87 - ( خ م س ) خثيم بن عراك بن مالك (2) :
يب : قال ابن حزم : لا تجوز الرواية عنه.
وقال سعيد بن [ أبي ] (3) زنبر ومصعب الزبيري : استفتى أمير المدينة مالكا عن شيء فلم يفته ، فأرسل إليه : ما منعك من ذلك؟! قال : لأنّك ولّيت خثيما على المسلمين ؛ فلمّا بلغه ذلك عزله.
88 - ( ع ) خلاس بن عمرو البصري الهجري (4) :
كان يحيى القطّان يتوقّى حديثه عن عليّ علیه السلام .
يب : قال ( د ) : لم يسمع من حذيفة.
وقال أيضا : يخشون أن [ يكون ] يحدّث من صحيفة الحارث الأعور.
وقال أبو حاتم : يقال : وقعت عنده صحف عن عليّ علیه السلام .
ص: 115
وقال الأزدي : تكلّموا فيه ، يقال : كان صحفيّا.
90 - ( ع ) داود بن الحصين الأموي ، مولاهم (1) :
قال ابن عيينة : كنّا نتّقي حديثه.
وقال أبو حاتم : لو لا أنّ مالكا روى عنه لترك حديثه.
وقال ابن حبّان : كان يذهب مذهب الشراة (2).
91 - ( ت ق ) داود بن الزبرقان الرقاشي (3) :
قال ابن معين : ليس بشيء.
وقال أبو زرعة : متروك.
وقال الجوزجاني : كذّاب.
ص: 117
ن : قال ( د ) : ضعيف ، ( ترك حديثه ) (1).
يب : قال ( د ) : ليس بشيء.
وقال ابن المديني : كتبت عنه يسيرا ورميت به (2) ؛ وضعّفه جدّا.
وقال يعقوب بن أبي شيبة والأزدي : متروك.
وقال ( س ) : ليس بثقة (3).
92 - ( ق ) داود بن المحبّر (4) :
قال الدارقطني : متروك (5).
يب : قال صالح بن محمّد : يكذب.
وكذّبه أحمد.
وقال ابن حبّان : يضع الحديث [ على الثقات ].
وقال ( س ) والأزدي : متروك.
93 - ( ت ق ) داود بن يزيد الأودي الأعرج (6) :
كان يحيى وابن مهدي لا يحدّثان عنه.
ص: 118
وقال ابن معين : ليس بشيء (1).
وقال ( س ) : ليس بثقة.
يب : قال ابن المديني : لا أروي عنه.
وقال الأزدي : ليس بثقة.
94 - ( 4 ) درّاج بن سمعان ، أبو السمح المصري (2) :
قال الدارقطني : متروك.
وقال فضلك : ليس بثقة ولا كرامة.
* * *
ص: 119
ص: 120
95 - ( ت ق ) ذؤاد بن علبة الحارثي ، أبو المنذر (1) :
يب : قال ابن معين : ليس بشيء.
وقال أيضا : لا يكتب [ حديثه ].
وقال ( س ) مرّة : ليس بثقة.
وقال ابن حبّان : يروي عن الثقات ما لا أصل له ، وعن الضعفاء ما لا يعرف.
* * *
ص: 121
ص: 122
96 - ( م ت س ) رباح بن أبي معروف المكّي (1) :
يب : كان يحيى وعبد الرحمن لا يحدّثان عنه ، وكان عبد الرحمن يحدّث عنه ثمّ تركه.
97 - ( ت ق ) الربيع بن بدر ، أبو العلاء البصري ، المعروف ب : عليلة (2) :
قال ابن معين : ليس بشيء.
وقال ( س ) : متروك.
يب : قال ( د ) : لا يكتب حديثه.
وقال الأزدي وابن خراش والدارقطني ويعقوب بن سفيان :
متروك.
وقال أبو حاتم : لا يشتغل به ولا بروايته.
وقال ( س ) : ليس بثقة ، ولا يكتب حديثه.
ص: 123
98 - ( ت ق ) رشدين بن سعد بن مفلح ، أبو الحجّاج المصري (1) : قال ابن معين : ليس بشيء.
وقال ( س ) : متروك (2).
يب : قالا أيضا : لا يكتب حديثه.
وقال ابن بكير : رأيت الليث أخرجه من المسجد.
99 - ( ت ) روح بن أسلم الباهلي (3) :
قال عفّان : كذّاب.
يب : قال الدارقطني : ضعيف ، متروك.
* * *
ص: 124
100 - ( ع ) زكريّا بن أبي زائدة - صاحب الشعبي - أبو يحيى الكوفي (1) :
قال أبو زرعة : يدلّس كثيرا عن الشعبي.
وقال أبو حاتم : يدلّس.
يب : قال ( د ) : يدلّس (2).
قال يحيى بن زكريّا : لو شئت سمّيت لك من بين أبي وبين الشعبي.
101 - ( م ت س ق ) زمعة بن صالح الجندي اليماني ، نزيل مكّة (3) :
قال ( خ ) : تركه ابن مهدي أخيرا.
يب : قال ( د ) : لا أخرّج حديثه.
ص: 125
وقال ابن خزيمة : أنا بريء من عهدته.
102 - ( د س ) زميل بن عبّاس المدني الأسدي ، مولى عروة بن الزبير (1) :
يب : قال أحمد : لا أدري من هو!
وقال الخطّابي : مجهول.
103 - ( ع ) زهير بن محمّد التميمي المروزي (2) :
ن : قال ابن عبد البرّ : ضعيف عند الجميع.
[ يب : ] (3) وقال ابن حبّان : يخطئ ويخالف.
104 - ( ع ) زهير بن معاوية ، أبو خيثمة الكوفي الجعفي (4) :
يب : عاب عليه بعضهم أنّه كان ممّن يحرس خشبة زيد بن عليّ علیه السلام لمّا صلب.
105 - ( ع ) زياد بن جبير بن حيّة الثقفي البصري (5) :
يب : روى ابن أبي شيبة ، قال : كان يقع في الحسن والحسين علیهماالسلام !
ص: 126
106 - ( خ م ت ق ) زياد بن عبد اللّه بن الطفيل البكّائي العامري (1) : ضعّفه ابن المديني وقال : كتبت عنه وتركته.
يب : قال الدوري عن ابن معين : ليس بشيء.
107 - ( ع ) زياد بن علاقة بن مالك الثعلبي ، ابن أخي قطبة (2) :
يب : قال الأزدي : سيّئ المذهب ، كان منحرفا عن أهل بيت النبيّ صلی اللّه علیه و آله .
108 - ( ت ق ) زيد بن جبيرة ، أبو جبيرة الأنصاري (3) :
قال ( خ ) : متروك (4).
وقال أبو حاتم : لا يكتب حديثه.
يب : قال الأزدي : متروك.
وقال ابن عبد البرّ : أجمعوا على أنّه ضعيف.
109 - ( س ق ) زيد بن حبّان الرقّي (5) :
قال ابن معين : لا شيء.
ص: 127
وقال أحمد : ترك حديثه.
110 - ( 4 ) زيد بن الحواري ، أبو الحواري ، مولى زياد بن أبيه ، قاضي هراة (1) :
قال ابن معين : لا شيء.
يب : قال العجلي : ليس بشيء.
وقال ابن حبّان : يروي عن أنس أشياء موضوعة [ لا أصول لها ، حتّى يسبق إلى القلب أنّه المتعمّد لها ].
* * *
ص: 128
111 - ( ع ) سالم بن أبي الجعد رافع (1) :
ن : يدلّس [ ويرسل ].
قال أحمد : لم يسمع من ثوبان ولم يلقه (2).
أقول :
ذكروا من نحو هذا كثيرا! (3).
112 - ( خ د س ق ) سالم بن عجلان الأفطس الأموي ، مولاهم ، الجزري الحرّاني (4) :
قال ابن حبّان : يتفرّد بالمعضلات عن الثقات ، ويقلب الأخبار ، اتّهم بأمر سوء فقتل صبرا.
يب : قال السعدي : كان يخاصم في الإرجاء ، داعية.
ص: 129
ن : قال الفسوي : مرجئ معاند.
113 - ( ق ) السريّ [ بن ] إسماعيل ، ابن عمّ الشعبي (1) :
قال القطّان : استبان لي كذبه في مجلس.
وقال أحمد : ترك الناس حديثه.
وقال ابن معين : ليس بشيء.
وقال ( س ) : متروك (2).
114 - ( ت ق ) سعد بن طريف الإسكاف الحنظلي الكوفي (3) :
قال ابن معين : لا يحلّ لأحد أن يروي عنه.
وقال الدارقطني : متروك (4).
وقال ابن حبّان : يضع الحديث.
يب : قال ( س ) والأزدي : متروك [ الحديث ].
115 - ( د س ت ) سعد بن عثمان الرازي الدشتكي (5) :
ن : لا يدرى من هو؟!
ص: 130
116 - ( 4 ) (1) سعيد بن حيّان التيمي ، من تيم الرباب (2) : ن : لا يكاد يعرف.
يب : قال ابن القطّان : مجهول.
117 - ( م د ت ق ) سعيد بن زيد بن درهم ، أخو حمّاد (3) :
قال السعدي : يضعّفون حديثه.
يب : قال يحيى بن سعيد : ضعيف جدّا.
وقال أيضا : ليس بشيء.
119 - ( ع ) سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري (1) : ن : متّفق عليه ، مع أنّه كان يدلّس عن الضعفاء ... ولا عبرة بقول من قال : يدلّس ويكتب عن الكذّابين!
يب : قال ابن مبارك : حدّث سفيان بحديث فجئته وهو يدلّسه ، فلمّا رآني استحيى وقال : نرويه عنك!
وقال ابن معين : مرسلات سفيان شبه الريح.
ومثله عن ( د ) ، قال : ولو كان عنده شيء لصاح به.
روى الذهبي في « تذكرة الحفّاظ » بترجمة سفيان ، عن الفريابي ، قال : « سمعت سفيان يقول : لو أردنا أن نحدّثكم بالحديث كما سمعناه ما حدّثناكم بحديث واحد »! (2).
فليت شعري كيف مع هذا يقولون : هو أمير المؤمنين في الحديث؟! (3).
وذكر في « تذكرة الحفّاظ » أنّ القطّان قال في حقّه : « سفيان فوق مالك في كلّ شيء » (4).
ص: 132
وأنّ الأوزاعي قال : « لم يبق من تجتمع عليه الأمّة بالرضا والصحّة إلّا سفيان »(1).
ولا غرو أن يسمّوه أمير المؤمنين في الحديث ، إذا كان أمير المؤمنين في وجوب الطاعة مثل معاوية ويزيد والوليد والرشيد وأشباههم!
وإذا كان هذا المدلّس - الذي لم يحدّث بحديث كما سمع - أعظم علمائهم وأوثقهم ، فما حال سائر رواتهم؟!
فتدبّر وتبصّر!
120 - ( ع ) سفيان بن عيينة الهلالي (2) :
قال يحيى بن سعيد : أشهد (3) أنّه اختلط سنة 197 ه ، فمن سمع منه فيها [ وبعدها ] (4) فسماعه لا شيء.
قال في ن : سمع منه فيها محمّد بن عاصم ، ويغلب على ظنّي أنّ سائر شيوخ الأئمّة الستّة سمعوا منه قبلها.
لو صدق في غلبة ظنّه ، فالظنّ لا يغني من الحقّ شيئا!
ص: 133
وفي ن : يدلّس.
وفي يب : أورد أبو سعد السمعاني بسند له قويّ إلى عبد الرحمن ابن بشر بن الحكم ، قال : سمعت يحيى بن سعيد يقول : قلت لابن عيينة :
كنت تكتب الحديث ، وتحدّث اليوم ، وتزيد في إسناده ، وتنقص منه؟! فقال : عليك بالسماع الأوّل ، فإنّي قد سمنت (1)!
121 - ( ت ق ) سفيان بن وكيع بن الجرّاح (2) :
قال أبو زرعة : يتّهم بالكذب.
زاد في يب عنه : لا يشتغل به.
وفي يب : قال ( س ) : ليس بثقة.
وقال مرّة : ليس بشيء.
وقال الآجري : امتنع ( د ) من التحديث عنه.
وقال أبو حاتم : تركوه.
وقال ( س ) : لا يكتب حديثه.
123 - ( م 4 ) سلم بن عبد الرحمن النخعي الكوفي ، أخو حصين (1) :
ن : اتّهمه بعض الحفّاظ.
وقال إبراهيم النخعي : كذّاب (2).
124 - ( س ق ) سلمة بن الأزرق ، حجازي (3) :
ن : لا يعرف [ حديثه ].
يب : قال ابن القّطان : لا يعرف حاله ، ولا أعرف أحدا من المصنّفين في كتب الرجال ذكره.
يب : قال أحمد : ليس بشيء.
وقال ( س ) : لا يكتب حديثه.
وقال ابن حبّان : يروي عن الثقات الموضوعات.
وقال أبو حاتم و ( ت ) وابن خراش وأبو أحمد الحاكم وغير واحد :
متروك [ الحديث ].
126 - ( م 4 ) سليمان بن داود ، أبو داود الطيالسي البصري ، الحافظ (1):
قال إبراهيم بن سعيد الجوهري : أخطأ في ألف حديث.
ن : قال محمّد بن منهال الضرير : كنت أتّهم أبا داود ، قال لي : لم أسمع من ابن عون ؛ ثمّ سألته بعد سنة : أسمعت من ابن عون؟ قال : نعم ، نحو عشرين حديثا!
ونحوه في يب.
وفي الكتابين : قال محمّد بن منهال : قال يزيد بن زريع (2) : حدّثت بحديثين أبا داود [ عن شعبة ] فكتبهما عنّي ، ثمّ حدّث بهما عن شعبة.
قال في ن : دلّسهما عنه ، فكان ماذا؟! (3).
ص: 136
كان الكذب والخيانة ، وعدم الثقة والأمانة!!
127 - ( ع ) سليمان بن طرخان ، أبو المعتمر البصري (1) :
يب : قال ابن معين : يدلّس.
وقال يحيى بن سعيد : مرسلاته شبه لا شيء.
وقال : ما روى عن الحسن وابن سيرين [ صالح إذا قال : « سمعت » أو : « حدّثنا » ].
وقال ابن المبارك : لم يسمع من أبي العالية.
وقال أبو زرعة : لم يسمع من عكرمة.
وقال النهدي : لم يسمع من نافع ، ولا [ من ] عطاء.
ن : قيل : إنّه كان يدلّس عن الحسن وغيره ما لم يسمعه.
128 - ( س ت ) سمرة بن سهم (2) :
قال ابن المديني : مجهول.
ن : لا يعرف ، فلا حجّة في من ليس بمعروف العدالة ، ولا انتفت عنه الجهالة.
ص: 137
129 - ( ع ) سهيل بن أبي صالح ، ذكوان السمّان ، أبو يزيد المدني (1) : قال ابن معين : لم يزل أصحاب الحديث يتّقون حديثه.
يب : ذكره الحاكم في من عيب على مسلم إخراج حديثه.
130 - ( م ق ) سويد بن سعيد ، أبو محمّد الهروي الحدثاني الأنباري (2) :
قال أبو حاتم : كثير التدليس.
ن : روى ابن الجوزي أنّ أحمد قال : متروك [ الحديث ].
وأمّا ابن معين : فكذّبه وسبّه.
وروى ( ت ) عن ( خ ) : ضعيف جدّا.
يب : قال ( س ) : ليس بثقة ولا مأمون.
وقال ابن المديني : ليس بشيء.
وفي ن ويب : قال إبراهيم بن أبي طالب لمسلم : كيف استجزت الرواية عنه؟! فقال : ومن أين [ كنت ] آتي بنسخة حفص بن ميسرة؟!
ص: 138
131 - ( ت ق ) سويد بن عبد العزيز ، الواسطي أصلا ، القاضي (1) : قال أحمد : متروك (2).
وقال ( س ) : ليس بثقة.
وقال ابن معين : ليس بشيء.
ن : واه جدّا ولا كرامة.
يب : قال ابن معين مرّة : ليس بثقة.
ومرّة : لا يجوز في الضحايا.
وضعّفه ابن حبّان جدّا.
132 - ( ت ) سيف بن محمّد الثوري (3) :
قال أحمد : كذّاب.
وقال ابن معين : كذّاب خبيث.
وقال الدارقطني : متروك.
يب : قال ( د ) : كذّاب.
وقال الساجي : يضع الحديث.
وقال ( خ ) : ذاهب الحديث.
ص: 139
133 - ( ت ق ) سيف بن هارون ، أبو الورقاء (1) : قال ابن معين : ليس بشيء.
وقال الدارقطني : متروك.
وقال ابن حبّان : يروي عن الأثبات الموضوعات.
يب : قال ( د ) : ليس بشيء.
* * *
ص: 140
134 - ( ع ) شبابة بن سوّار المدائني ، قيل : اسمه مروان (1) :
قال أحمد : تركته للإرجاء ، وكان داعية له.
يب : قال محمّد بن أحمد بن أبي الثلج : حدّثني أبو عليّ بن سختي المدائني ، حدّثني رجل معروف من أهل المدائن ، قال : رأيت في المنام رجلا نظيف الثوب ، حسن الهيئة ... فقال لي : إنّي أدعو اللّه ، فأمّن على دعائي : « اللّهمّ إن [ كان ] شبابة يبغض أهل بيت (2) نبيّك صلی اللّه علیه و آله فاضربه الساعة بفالج ».
قال : فانتبهت وجئت المدائن وقت الظهر ؛ وإذا الناس في هرج ...
فقالوا : فلج شبابة في السحر ومات الساعة.
135 - ( د س ) شبث بن ربعي التميمي اليربوعي (3) :
قال شبث : أنا أوّل من حزّب الحرورية.
ص: 141
يب : قال العجلي : كان أوّل من أعان على [ قتل ] عثمان ، وأعان على قتل الحسين علیه السلام [ وبئس الرجل هو ].
وقال الدارقطني : يقال إنّه كان مؤذّن سجاح(1).
وقال ابن الكلبي : كان من أصحاب عليّ علیه السلام ، ثمّ صار من(2) الخوارج ، ثمّ تاب ورجع ، ثمّ حضر قتل الحسين علیه السلام !
136 - ( د س ) شبيب بن عبد الملك التميمي البصري(3) :
ن : لا يعرف.
ص: 142
137 - ( د س ) شريق الهوزني الحمصي (1) :
ن : لا يعرف.
يب : ما كان يحيى يحدّث عنه (1).
وقال ابن عديّ : ضعيف جدّا.
وقال ابن حزم : ساقط.
وقال الساجي : كان شعبة يشهد عليه أنّه رافق رجلا فخانه.
وقال عبّاد بن منصور : سرق عيبتي (2).
وفي ن ويب : كان على بيت المال فأخذ خريطة (3) فيها دراهم - ولفط ن : فأخذ منه دراهم - فقال القائل (4) [ من الطويل ] :
لقد باع شهر دينه بخريطة
فمن يأمن القرّاء بعدك يا شهر؟!
* * *
ص: 144
141 - ( د ت ) صالح بن بشير ، أبو بشر المرّي البصري ، القاصّ الواعظ (1) :
قال ( س ) : متروك (2).
يب : قال ابن معين : ليس بشيء ؛ وكلّ ما حدّث به عن ثابت باطل.
وضعّفه ابن المديني جدّا ، وقال : ليس بشيء ، ضعيف ضعيف.
وقال ( د ) : لا يكتب حديثه.
وقال أبو نعيم : متروك.
وقال الخطيب : أجمعوا على ضعفه.
وقال ابن حبّان : كان صاحب قينات وسماع ، و [ كان ] ممّن يروي الموضوعات عن الأثبات.
146 - ( د ت ق ) صالح بن نبهان ، مولى التّوأمة (1) : قال القطّان ومالك : ليس بثقة.
وقال ابن حبّان : استحقّ الترك.
يب : قال ابن عيينة : ما علمت أحدا من أصحابنا يحدّث عنه.
وقال ابن سعد : رأيتهم يهابون حديثه.
147 - ( ت س ق ) صدقة بن عبد اللّه السمين ، أبو معاوية الدمشقي (2) :
يب : قال أحمد مرّة : ليس يسوي شيئا.
وقال مرّة : ليس بشيء.
وقال الدارقطني : متروك.
يب : قال الفلّاس وأبو أحمد الحاكم وعليّ بن الجنيد : متروك (1).
وقال ( س ) : ليس بثقة (2).
وقال ابن معين (3) وابن سعد ويعقوب بن سفيان : ليس بشيء.
وقال عبد اللّه بن أحمد : نهاني أبي أن أكتب عنه (4).
وقال ابن حبّان : كان الثوري إذا حدّث عنه يقول : « حدّثنا أبو شعيب » ولا يسمّيه ، وكان ينتقص عليّا علیه السلام وينال منه.
ن : قال شعبة : إذا حدّثكم سفيان عن رجل لا تعرفونه فلا تقبلوا منه ، فإنّما يحدّثكم عن مثل أبي شعيب المجنون.
* * *
ص: 148
149 - ( 4 ) الضحّاك بن مزاحم ، المفسّر (1) :
قال يحيى بن سعيد : كان ضعيفا عندنا.
وقال شعبة : قلت لمشاش : سمع الضحّاك من ابن عبّاس؟ قال :
ما رآه [ قطّ ].
وقال ابن عديّ : عرف بالتفسير ، فأمّا روايته عن ابن عبّاس وأبي هريرة وجميع من روى عنه ففي ذلك كلّه نظر.
يب : كان شعبة لا يحدّث عنه.
ن : يروى أنّه حملت به أمّه عامين! (2).
* * *
ص: 149
ص: 150
150 - ( م د ) طارق بن عمرو المكّي ، القاضي ، مولى عثمان ، ووالي عبد الملك على المدينة (1) :
يب : قال أبو الفرج الأموي : كان طارق من ولاة الجور.
وقال عمر بن عبد العزيز - لمّا ذكره والحجّاج وقرّة بن شريك ، وكانوا إذ ذاك ولاة الأمصار - : امتلأت الأرض جورا (2).
وذكر الواقدي بسنده : أنّ عبد الملك جهّز طارقا في ستّة آلاف إلى قتال من بالمدينة من جهة ابن الزبير ، فقصد خيبر فقتل بها ستّمائة (3).
ص: 151
151 - ( ت ق ) (1) طريف بن شهاب السعدي ، الأشلّ ، أبو سفيان البصري (2) : قال ( س ) : متروك (3).
وقال أحمد : ليس بشيء.
يب : قال أحمد : لا يكتب حديثه.
وقال ( س ) : ليس بثقة.
وقال ( د ) : ليس بشيء.
152 - ( ق ) طلحة بن زيد القرشي (4) :
قال ( س ) : متروك.
وقال صالح جزرة : لا يكتب حديثه.
ن : قال ابن المديني : سيّئ ، يضع الحديث.
ص: 152
يب : قال أحمد و ( د ) : يضع الحديث.
وقال أبو نعيم : لا شيء.
153 - ( ق ) طلحة بن عمرو الحضرمي ، صاحب عطاء (1) :
قال أحمد و ( س ) : متروك [ الحديث ].
وقال ( خ ) وابن المديني : ليس بشيء.
يب : قال ابن معين وأحمد : لا شيء (2).
وقال عليّ بن الجنيد : متروك.
وقال ابن حبّان : لا يحلّ كتب حديثه ولا الرواية عنه إلّا على جهة التعجّب.
154 - ( ع ) طلحة بن مصرّف الهمداني اليامي الكوفي (3) :
يب : قال العجلي : كان عثمانيّا.
وقال ابن أبي حاتم : قيل لابن معين : سمع طلحة من أنس؟ قال : لا.
155 - ( ع ) طلحة بن نافع ، أبو سفيان الواسطي ، ويقال : المكّي الإسكاف (4) :
قال ابن معين : لا شيء.
ص: 153
وقال شعبة وابن عيينة : حديثه عن جابر [ إنّما هي ] صحيفة.
ن : قال ابن المديني ، كانوا يضعّفونه في حديثه.
156 - ( خ م د س ق ) طلحة بن يحيى بن النعمان الزرقي الأنصاري (1) :
قال يعقوب بن شيبة : ضعيف جدّا.
ومنهم من قال : لا يكتب حديثه.
* * *
ص: 154
157 - ( ع ) عاصم بن بهدلة ، وهو : ابن أبي النجود الكوفي ، أبو بكر ، أحد القرّاء السبعة (1) :
قال أبو حاتم : ليس محلّه أن يقال ثقة.
يب : قال العجلي : كان عثمانيّا.
وقال ( د ) : لا يكتب حديثه.
159 - ( ت ق ) عاصم بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطّاب (1) :
ن : قال ( س ) : متروك.
يب : قال ( ت ) مرّة : ليس بثقة.
وأخرى : متروك.
161 - ( م د س ) عبّاد بن زياد بن أبيه ، ولي لمعاوية سجستان (1) : قال ابن المديني : مجهول.
162 - ( د ق ) عبّاد بن كثير الثقفي البصري ، العابد ، المجاور بمكّة (2) :
قال ابن معين : ليس بشيء.
وقال : لا يكتب حديثه.
وقال ( خ ) : تركوه.
وقال ( س ) : متروك (3).
يب : قال أحمد : روى أحاديث كذب لم يسمعها.
وقال أبو زرعة : لا يكتب حديثه.
وقال البرقي : ليس بثقة.
وكذّبه الثوري.
ص: 157
وقال أحمد : يدلّس.
ن : قال ابن الجنيد : متروك.
وقال الساجي : مدلّس.
يب : قال ابن سعد : ضعيف عندهم.
164 - ( د ت ) عبد اللّه بن إبراهيم بن أبي عمرو الغفاري (1) :
نسبه ابن حبّان إلى أنّه يضع الحديث.
وقال الحاكم : روى عن جماعة من الضعفاء أحاديث موضوعة.
وقال ابن عديّ : عامّة ما يرويه لا يتابع عليه.
165 - ( س ق ) عبد اللّه بن بشر الرقّي ، قاضيها (2) :
يب : ذكر الساجي عن ابن معين أنّه قال : كذّاب ، لم يبق حديث منكر رواه أحد من المسلمين إلّا [ وقد ] رواه عن الأعمش.
وقال ابن حبّان : يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات.
166 - ( ت ق ) عبد اللّه بن جعفر بن نجيح ، والد عليّ بن المديني (3) :
قال ابن معين : ليس بشيء.
ص: 159
وقال ( س ) : متروك [ الحديث ].
يب : كان وكيع إذا أتى على حديثه قال : جز عليه.
وقال ابن معين : ما كنت أكتب من حديثه شيئا بعد أن تبيّنت أمره.
ن : متّفق على ضعفه.
167 - ( ق ) عبد اللّه بن خراش (1) :
قال أبو زرعة : ليس بشيء.
وقال أبو حاتم : ذاهب الحديث.
يب : قال الساجي : ليس بشيء ، كان يضع الحديث.
وقال محمّد بن عمّار الموصلي : كذّاب.
168 - ( ع ) عبد اللّه بن ذكوان ، المعروف بأبي الزناد (2) :
ن : قال ربيعة : ليس بثقة ولا رضيّ.
وقال ابن عيينة : جلست إلى إسماعيل بن محمّد بن سعيد ، فقلت :
حدّثنا أبو الزناد ، فأخذ كفّا من حصى يحصبني به.
وقال ابن معين : قال مالك : كان أبو الزناد كاتب هؤلاء - يعني بني أميّة - ؛ وكان لا يرضاه [ يعني لذلك ].
ص: 160
وقيل لمالك عن حديث أبي الزناد ، بأنّ اللّه خلق آدم على صورته! فقال : لم يزل أبو الزناد عاملا لهؤلاء حتّى مات ، وكان صاحب عمّال يتبعهم.
169 - ( ع ) عبد اللّه بن زيد بن أسلم العدوي ، مولى عمر (1) :
ن : مدلّس ، كان له صحف يحدّث منها ويدلّس.
يب : قال ابن معين : أولاد زيد ثلاثتهم حديثهم ليس بشيء.
وقال العجلي : كان يحمل على عليّ علیه السلام .
ص: 161
فهل لهذا قال ( خ ) : « رجل صالح »؟! وقال ابن سيرين : « ذاك أخي حقّا »؟! كما في يب (1).
170 - ( خ د س ) عبد اللّه بن سالم الأشعري الحمصي (2) :
قال ( د ) : كان يقول : أعان عليّ على قتل أبي بكر وعمر ؛ وجعل ( د ) يذمّه.
قال في ن : يعني ( في النصب ) (3).
إن صدق في قوله ، فكيف يوالون الشيخين بعد : شهادة اللّه تعالى لعليّ علیه السلام بالطهارة (4) ..
ص: 162
ص: 163
وقول النبيّ صلی اللّه علیه و آله : « عليّ مع الحقّ ، والحقّ مع عليّ ، يدور معه حيثما دار » (1)؟!
ص: 164
وإن كذب في قوله ، فكيف يعتمدون على روايات هذا المنافق الكاذب بهذا الكذب؟!
171 - ( ت ق ) عبد اللّه بن سعيد بن كيسان المقبري (1) :
قال ابن معين : ليس بشيء.
وقال ( خ ) : تركوه.
وقال الفلّاس وأحمد : متروك (2).
وقال الدارقطني : متروك ، ذاهب (3).
يب : قال ابن معين : لا يكتب حديثه.
وقال ( س ) : ليس بثقة ، تركه يحيى وعبد الرحمن.
وقال أبو أحمد الحاكم : ذاهب [ الحديث ]. 172 - ( م 4 ) عبد اللّه بن شقيق العقيلي البصري (4) :
قال القطّان : كان سليمان التيمي سيّئ الرأي فيه.
ص: 165
وقال ابن خراش : كان ثقة ، وكان ( عثمانيّا ) (1) يبغض عليّا علیه السلام !
يب : قال ابن سعد : كان عثمانيّا ، ثقة.
قال أحمد والعجلي (2) : ثقة ، وكان يحمل على عليّ علیه السلام !
من العجب دعوى وثاقة المنافق ، وقد قال تعالى : ( إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ ... ) (3)!
وأعجب منه ما في يب عن الجريري : كان مجاب الدعوة ، كانت تمرّ به السحابة فيقول ، اللّهمّ لا تجوز كذا وكذا حتّى تمطر ، فلا تجوز ذلك الموضع حتّى تمطر (4).
إذ كيف يمكن أن يكون المنافق - الذي هو أتعس من الكافر - مجاب الدعوة؟! ولا سيّما بهذه الإجابة السريعة التي لا تتخطّى إرادة الداعي ، وهي لا تكون إلّا للأنبياء وأوصيائهم!
173 - ( خ د ت ق ) عبد اللّه بن صالح بن محمّد بن مسلم ، أبو صالح المصري ، كاتب الليث (5) :
قال صالح جزرة : هو عندي يكذب في الحديث.
ص: 166
وقال أحمد بن صالح : متّهم ، ليس بشيء.
وقال ( س ) : ليس بثقة ؛ حدّث بحديث : « إنّ اللّه اختار أصحابي على العالمين سوى النبيّين والمرسلين ، واختار من أصحابي أربعة : أبا بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعليّا علیه السلام » وهو موضوع.
وقال أحمد بن حنبل : روى عن الليث عن [ ابن ] أبي ذئب (1) ، وما سمع الليث من [ ابن ] أبي ذئب (2).
زاد في يب : عن أحمد : ليس بشيء ، وذمّه وكرهه.
وفي يب : قال الحاكم أبو أحمد : ذاهب الحديث.
ن : قال ابن المديني : لا أروي عنه شيئا (3).
وروى عنه ( خ ) في « الصحيح » على الصحيح ، ولكنّه يدلّسه فيقول : « حدّثني عبد اللّه » ولا ينسبه [ وهو هو ]!
وفي يب ما يستلزم ذلك (4).
وفيه أيضا أنّ ( خ ) صرّح في ( البيوع ) من صحيحه بقوله :
« حدّثني (5) عبد اللّه بن صالح ، [ قال : ] حدّثني الليث [ بهذا ] » في عدّة نسخ ، عقيب ما ذكر حديث الرجل من بني إسرائيل الذي استسلف من آخر ألف دينار (6).
ص: 167
174 - ( ع ) عبد اللّه بن طاووس بن كيسان اليماني (1) : يب : ذكره ابن حبّان في « الثقات » وقال : « كان من خير عباد اللّه فضلا ونسكا ودينا » (2).
وتكلّم فيه بعض الرافضة (3).
ثمّ قال : وكان على خاتم سليمان بن عبد الملك ، وكان كثير الحمل على أهل البيت!
أقول :
لا ريب أنّه لم يقل : « كان من خير عباد اللّه ... دينا » إلّا لأنّه على مثل دينه!
ولم يمدحه بهذا جهرا إلّا لعلمه بأنّ أصحابه على شاكلته ، ولذا احتجّوا به في صحاحهم!
وما أدري كيف يكون من خيار عباد اللّه فضلا ونسكا ، وهو منابذ للثقلين ، ومتمسّك بالشجرة الملعونة في القرآن (4) ، وركن من أركان الظلم
ص: 168
والجور؟!
175 - ( خ ) عبد اللّه بن عبيدة بن نشيط ، أخو موسى (1) :
قال أحمد : لا يشتغل به.
وقال ابن معين : ليس بشيء.
176 - ( س ) عبد اللّه بن عصمة الجشمي (2) :
يب : قال ابن حزم : متروك.
وقال عبد الحقّ : ضعيف جدّا.
وقال ابن القطّان : مجهول [ الحال ].
177 - ( م 4 ) عبد اللّه بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطّاب(3):
كان يحيى القطّان لا يحدّث عنه.
ص: 169
وقال ابن حبّان : استحقّ الترك.
يب : قال أحمد وابن شيبة : يزيد في الأسانيد.
وقال ( خ ) : ذاهب ، ولا أروي عنه شيئا.
178 - ( ت ) (1) عبد اللّه بن عيسى الخزّاز ، أبو خلف البصري (2) :
قال ( س ) : ليس بثقة.
يب : قال ابن القطّان : لا أعلم له موثّقا.
179 - ( م د ت ق ) عبد اللّه بن لهيعة بن عقبة الحضرمي المصري ، قاضيها (3) :
كان يحيى بن سعيد لا يراه شيئا.
وقال ابن حبّان : يدلّس عن الضعفاء.
يب : قال ابن مهدي : لا أحمل عنه شيئا (4).
وقال ( س ) : ليس بثقة.
وقال أبو أحمد الحاكم : ذاهب الحديث.
ص: 170
ن : قال ابن سعيد : قال لي بشر بن السريّ : لو رأيت ابن لهيعة لم تحمل عنه حرفا (1).
182 - ( ق ) عبد اللّه بن محمّد العدوي (1) : قال وكيع : يضع الحديث.
يب : قال الدارقطني : متروك.
وقال ابن عبد البرّ : جماعة أهل العلم [ بالحديث ] يقولون : إنّ [ هذا ] الحديث - [ يعني ] الذي أخرجه له ابن ماجة - من وضعه ، وهو موسوم عندهم بالكذب.
183 - ( ت ق ) عبد اللّه بن مسلم بن هرمز المكّي (2) :
ن : قال ابن المديني : ضعيف ضعيف.
يب : قال أحمد والفلّاس : ليس بشيء.
وقال ابن حبّان : يجب تنكّب روايته.
184 - ( 4 ) عبد الأعلى بن عامر الثعلبي الكوفي (3) :
يب : قال العقيلي : تركه ابن مهدي والقطّان.
وقال أبو عليّ الكرابيسي : من أوهى الناس.
ص: 172
185 - ( ت ق ) عبد الجبّار بن عمر الأيلي الأموي ، مولاهم (1) : قال ( س ) : ليس بثقة.
ووهّاه أبو زرعة.
يب : قال يحيى : ليس بشيء.
وقال ( د ) : غير ثقة.
وقال الدارقطني : متروك.
186 - ( م د ) عبد الرحمن بن آدم البصري ، المعروف بصاحب السقاية ، مولى أمّ برثن (2) :
يب : قال الدارقطني : نسب إلى آدم أبي البشر ، ولم يكن له أب يعرف!
وقال المدائني : استعمله عبيد اللّه بن زياد ، ثمّ عزله وأغرمه مائة ألف ، ثمّ رحل إلى يزيد بن معاوية ، فكتب إلى عبيد اللّه أن يخلف له ما أخذ منه ...
و [ كان ] من شأنه ... أنّ أمّ برثن ... أصابت غلاما لقطة ، فربّته حتّى أدرك وسمّته عبد الرحمن ، فكلّمت نساء عبيد اللّه ابن زياد فكلّمنه فيه [ فولّاه ] ، فكان يقال له : [ عبد الرحمن ] ابن أمّ برثن.
ص: 173
هكذا فلتكن الرواة الثقات! طيّبة الأعراق! من عمّال الظلمة الفسّاق!
187 - ( ت (1) ق ) عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي مليكة (2) :
قال ( س ) : متروك (3).
[ يب : ] (4) وقال ابن خراش : ليس بشيء.
ن : قال ( خ ) : ذاهب الحديث.
188 - ( 4 ) عبد الرحمن بن أبي الزناد ، أبو محمّد المدني (5) :
قال ابن معين : ليس بشيء.
يب : قال الفلّاس : تركه عبد الرحمن وخطّ على حديثه.
وقال ابن المديني : كان عند أصحابنا ضعيفا.
ص: 174
189 - ( د ت ق ) عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ، القاضي الإفريقي (1) : قال أحمد : ليس بشيء ، ( لا نروي عنه شيئا ) (2).
وقال ابن مهدي : ما ينبغي أن يروى عنه حديث.
وقال ابن حبّان : يروي الموضوعات عن الثقات ، ويدلّس عن محمّد بن سعيد المصلوب.
يب : قال ابن خراش : متروك.
وقال الغلابي : يضعّفونه.
190 - ( ت ق ) عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوي ، مولاهم (3) :
ضعّفه ابن المديني جدّا.
وقال ابن معين : ليس بشيء (4).
يب : قال ( د ) : لا أحدّث عنه.
وقال الشافعي : ذكر رجل لمالك حديثا منقطعا ، فقال : اذهب إلى عبد الرحمن بن زيد يحدّثك عن أبيه عن نوح! (5).
ص: 175
وقال ابن حبّان : استحقّ الترك.
وقال ابن سعد : ضعيف جدّا.
وقال الحاكم وأبو نعيم : روى عن أبيه أحاديث موضوعة.
وقال ابن الجوزي : أجمعوا على ضعفه.
191 - ( ق ) عبد الرحمن بن عبد اللّه بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطّاب (1) :
قال أحمد : كان كذّابا.
وقال ( س ) : متروك (2).
يب : قال ابن معين : ليس بشيء.
وقال أبو حاتم : يكذب.
وقال أبو زرعة والدارقطني : متروك (3).
وقال ( س ) و ( د ) : لا يكتب حديثه.
192 - ( د ق ) عبد الرحمن بن عثمان ، أبو بحر البكراوي البصري (4) :
قال أحمد : طرح الناس حديثه.
ص: 176
وقال ابن المديني : لا أحدّث عنه.
يب : قال ( د ) : تركوا حديثه.
193 - ( ع ) عبد الرحمن بن محمّد بن زياد المحاربي ، أبو محمّد الكوفي (1) :
قال أحمد : يدلّس.
يب : قال العجلي : يدلّس ، أنكر أحمد حديثه عن معمر.
194 - ( د ) (2) عبد الرحمن بن النعمان بن معبد (3) :
يب : قال ابن المديني : مجهول.
وقال الدارقطني : متروك.
195 - ( د ق ) عبد الرحمن بن هانئ ، أبو نعيم النخعي (4) :
قال أحمد : ليس بشيء.
وقال ابن معين : كذّاب.
ص: 177
196 - ( س ق ) عبد الرحمن بن يزيد بن تميم السلمي الدمشقي (1) : قال ( س ) : متروك [ الحديث ].
قال في ن : هذا عجيب! إذ يروي له ويقول : متروك!
يب : قال أحمد : أخبرت عن مروان عن الوليد أنّه قال : لا ترو عنه فإنّه كذّاب.
وقال ( س ) مرّة : ليس بثقة.
وقال ( د ) والدارقطني : متروك (2).
198 - ( ق ) عبد الرحيم بن زيد (1) : قال ( خ ) : تركوه.
وقال ابن معين : كذّاب.
[ يب : ] (2) وقال ( س ) : متروك [ الحديث ].
199 - ( ت ) عبد العزيز بن أبان الأموي (3) :
قال ( خ ) : تركوه.
يب : قال ( س ) : متروك [ الحديث ].
وقال ابن معين : كان واللّه كذّابا.
وقال ابن حزم : متّفق على ضعفه.
وقال يعقوب بن شيبة : هو عند أصحابنا جميعا متروك.
ص: 179
200 - ( ع ) عبد العزيز بن المختار الدبّاغ البصري (1) : يب : قال ابن معين : ليس بشيء.
ومثله في ن عن أحمد بن زهير.
201 - ( م س ت ق ) عبد الكريم بن أبي المخارق ، أبو أميّة ، المعلّم البصري (2) :
قال ( س ) والدارقطني : متروك.
وقال ابن عبد البرّ : مجمع على ضعفه.
ن : قال يحيى : ليس بشيء.
وقال أحمد : ضربت على حديثه.
يب : قال أيّوب : لا تحملوا عنه فإنّه ليس بثقة (3).
وقال الفلّاس : سألت عبد الرحمن عن حديث من حديثه ، فقال : دعه!
فلمّا قام ظننت أنّه يحدّثني به (4) ، فسألته ، فقال : أين التقوى؟!
ص: 180
وكان أبو العالية - إذا سافر عبد الكريم - يقول : اللّهمّ لا تردّه علينا!
202 - ( ع ) عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي ، مولاهم (1) :
ن : يدلّس.
يب : قال يحيى بن سعيد : إذا قال : « قال » فهو شبه الريح.
وقال أيضا : حديثه عن عطاء لا شيء كلّه.
وقال ابن حبّان : يدلّس.
وقال الدارقطني : تجنّب تدليسه ، فهو قبيح [ التدليس ] ، لا يدلّس إلّا في ما سمعه من مجروح.
203 - ( ع ) عبد الملك بن عمير اللخمي ، قاضي الكوفة (2) :
ضعّفه أحمد جدّا.
ص: 181
وقال ابن معين : مخلّط.
يب : قال ابن حبّان : كان مدلّسا.
204 - ( س ) عبد الملك بن نافع الشيباني (1) :
ن : مجهول.
قال يحيى : يضعّفونه.
يب : قال أبو حاتم : لا يكتب حديثه.
وقال ابن معين : لا شيء.
وقال : كان خمّارا.
205 - ( ع ) عبد الواحد بن زياد ، أبو بشر العبدي ، وقيل : أبو عبيدة (2) :
قال ( د ) : عمد إلى أحاديث كان يرسلها الأعمش فوصلها.
ن : قال يحيى : ليس بشيء.
وقال القطّان : ما رأيته يطلب حديثا بالبصرة ولا بالكوفة [ قطّ ] وكنت أذاكره حديث الأعمش لا يعرف منه حرفا (3).
ص: 182
206 - ( ق ) عبد الوهّاب بن الضحّاك (1) : قال ( س ) : متروك.
ن : كذّبه أبو حاتم.
يب : قال ( د ) : يضع الحديث.
وقال صالح جزرة : عامّة حديثه كذب.
207 - ( م 4 ) عبد الوهّاب بن عطاء الخفّاف ، أبو نصر (2) :
ن : قال ابن الجوزي : في كتاب « الموضوعات » (3) : « قال الرازي : كان يكذب.
وقال [ العقيلي و ] (4) ( س ) : متروك [ الحديث ] (5) » (6).
يب : قال ( خ ) : يدلّس عن ثور وأقوام [ أحاديث ] مناكير.
ص: 183
208 - ( ق ) عبد الوهّاب بن مجاهد (1) : يب : قال ابن معين وابن المديني : لا يكتب حديثه ، وليس بشيء.
وقال الأزدي : لا تحلّ الرواية عنه.
وقال الحاكم : روى أحاديث موضوعة.
وقال ابن الجوزي : أجمعوا على ضعفه (2).
209 - ( 4 ) عبيد اللّه بن زحر (3) :
قال ابن معين : ليس بشيء.
وقال ابن حبّان : يروي الموضوعات عن الأثبات.
وقال أبو مسهر : صاحب كلّ معضلة.
210 - ( د ت ق ) عبيد اللّه بن عبد اللّه بن موهب ، أبو يحيى التيمي (4) :
قال أحمد : لا يعرف.
يب : قال الشافعي : لا نعرفه.
وقال ابن القطّان : مجهول الحال.
ص: 184
211 - ( ت ق ) عبيد اللّه بن الوليد الوصّافي ، أبو إسماعيل الكوفي (1) : قال ابن معين : ليس بشيء.
وقال ( س ) والفلّاس : متروك (2).
يب : قال ( س ) مرّة : ليس بثقة ، ولا يكتب حديثه.
وقال الساجي وابن عديّ : ضعيف جدّا (3).
وقال الحاكم : روى عن محارب أحاديث موضوعة.
وقال أبو نعيم : لا شيء.
212 - ( ق ) عبيد بن القاسم (4) :
قال ( خ ) : ليس بشيء.
وقال ابن معين : كذّاب.
وقال صالح جزرة : كذّاب ، يضع الحديث.
وقال ( د ) : يضع الحديث.
وقال ( س ) : متروك [ الحديث ].
ص: 185
213 - ( د ت ق ) عبيدة بن معتّب الضبّي ، أبو عبد الكريم الكوفي (1) : قال أحمد : تركوا حديثه.
وقال ابن معين : ليس بشيء.
يب : نهى يحيى عن كتابة حديثه.
وذكره ابن المبارك فيمن يترك حديثه.
وقال الفلّاس : متروك [ الحديث ].
214 - ( خ د س ت ) عتّاب بن بشير الجزري ، مولى بني أميّة (2) :
ن : قال ابن المديني : أصحابنا يضعّفونه.
وقال : ضربنا على حديثه.
يب : قال ( د ) : سمعت أحمد يقول : تركه ابن مهدي بآخره.
قال : ورأيت أحمد كفّ عن حديثه.
215 - ( م ق ) عثمان بن حيّان بن معبد ، أبو المغراء الدمشقي ، مولى أمّ الدرداء (3) :
يب : قال مالك : بعث ابن حيّان - وهو أمير المدينة - إلى محمّد بن
ص: 186
المنكدر وأصحابه فضربهم ، لما كان من كلامهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر! (1).
وقال ابن شوذب : قال عمر بن عبد العزيز : الوليد بالشام ، والحجّاج بالعراق ، ومحمّد بن يوسف باليمن ، وعثمان بن حيّان بالمدينة ، وقرّة بن شريك بمصر ؛ امتلأت واللّه الأرض جورا! (2).
216 - ( ع ) عثمان بن عاصم بن حصين ، أبو حصين الكوفي الأسدي (3) :
يب : قال الأعمش : يسمع منّي ثمّ يذهب فيرويه.
وقال وكيع : كان يقول : أنا أقرأ من الأعمش.
فقال الأعمش لرجل يقرأ عليه : إهمز « الحوت » (4) فهمزه.
فلمّا كان من الغد قرأ أبو حصين في الفجر نون فهمز الحوت (5).
فقال له الأعمش لمّا فرغ : [ أبا حصين! ] كسرت ظهر الحوت؟!
فقذفه أبو حصين!
ص: 187
فحلف الأعمش ليحدّنّه ، فكلّمه فيه بنو أسد ، فأبى ، فقال خمسون منهم : [ واللّه لنشهدنّ أنّ أمّه كما قال! ] (1) فغضب الأعمش وحلف أن لا يساكنهم [ وتحوّل عنهم ].
وقال العجلي : كان صاحب سنّة ، عثمانيّا ، رجلا صالحا!
لعلّ المبرّر لمدحه ووصفه بأنّه صاحب سنّة ، وبالصلاح - مع قذفه للمسلم الموجب لحدّه ، وعدم قبول روايته وشهادته - هو بغضه لإمام المتّقين ، ونفس النبيّ الأمين ، فانظر واعجب!
وفي التقريب : سنّيّ ، وربّما دلّس (2).
217 - ( ت ) عثمان بن عبد الرحمن [ بن عمر ] بن سعد بن أبي وقّاص (3) :
قال ( خ ) : تركوه.
وقال ابن معين : يكذب.
وقال ( س ) : متروك.
ص: 188
218 - ( د س ق ) عثمان بن عبد الرحمن بن مسلم الحرّاني المؤدّب (1) : قال ابن نمير : كذّاب.
يب : قال الأزدي : متروك.
وقال أحمد : لا أجيزه.
219 - ( د ت ق ) عثمان بن عمير ، أبو اليقظان الأعمى (2) :
قال ابن معين : ليس بشيء (3).
يب : قال الدارقطني : متروك.
وقال ابن عبد البرّ : كلّهم ضعّفه.
220 - ( ت ) عطاء بن عجلان البصري العطّار (4) :
قال ابن معين : ليس بشيء ، كذّاب ، كان يوضع له الحديث فيحدّث به.
وقال الفلّاس : كذّاب.
ص: 189
وقال أبو حاتم والدارقطني : متروك (1).
يب : قال الجوزجاني : كذّاب.
وقال ( ت ) : ضعيف ، ذاهب الحديث.
221 - ( م 4 ) عطاء بن أبي مسلم الخراساني (2) :
ذكره ( خ ) في « الضعفاء » ، ونقل عن سعيد بن المسيّب أنّه كذّبه ، فقال : كذب عليّ ، ما حدّثته [ هكذا ] (3).
ن : قال ( خ ) : لم أعرف رجلا يروي عنه مالك يستحقّ الترك غيره.
أقول : في التقريب : يهم كثيرا ، ويرسل ، ويدلّس (4).
222 - ( خ د س ) عطاء ، أبو الحسن السوائي (5) :
يب : ما وجدت له راويا غير الشيباني ، ولم أقف فيه على تعديل ولا تجريح ، وروايته عندهم عن ابن عبّاس غير مجزوم بها [ فيه ].
ص: 190
وقرأت بخطّ الذهبي : لا يعرف.
223 - ( د ت س ) عطاء العامري الطائفي ، والد يعلى (1) :
ن : لا يعرف إلّا بابنه.
يب : قال ابن القطّان : مجهول [ الحال ] ، ما روى عنه غير ابنه.
224 - ( ع ) عكرمة البربري ، مولى ابن عبّاس (2) :
كذّبه ابن المسيّب ، وابن عمر ، ويحيى بن سعيد.
وذكر عند أيّوب أنّه لا يحسن الصلاة ، فقال أيّوب : أو كان يصلّي؟!
وعن مطرّف : كان مالك يكره أن يذكره.
وقال أحمد : يرى رأي الصفرية.
وقال عطاء بن أبي رباح : كان إباضيا.
وقال مصعب الزبيري : يرى رأي الخوارج.
وقال يحيى بن بكير (3) : الخوارج الّذين بالمغرب عنه أخذوا.
ن : قال محمّد بن سيرين : كذّاب.
ص: 191
وقال حمّاد بن زيد في آخر يوم مات فيه. : أحدّثكم بحديث ما حدّثت به قطّ ، لأنّي أكره أن ألقى اللّه ولم أحدّث به ؛ سمعت أيّوب يحدّث عن عكرمة ، قال : إنّما أنزل اللّه متشابه القرآن ليضلّ به!
يب : قال ابن أبي ذئب (1) : غير ثقة (2).
وقال الشافعي : قال مالك : لا أرى لأحد أن يقبل حديثه.
وقال ابن معين : كان ينتحل مذهب الصفرية.
وقال يزيد بن أبي زياد : دخلت على عليّ بن عبد اللّه بن عبّاس - وعكرمة مقيّد على باب الحشّ (3) - فقلت : ما لهذا؟! قال : إنّه يكذب على أبي.
ومثله في ن عن عبد اللّه بن الحارث.
.. إلى غير ذلك ممّا ذكروه في ترجمته (4).
ص: 192
أقول :
فمن العجب أنّ البخاري يروي في صحيحه عن هذا الكذّاب المنافق الداعية إلى المذهب السوء ، ولا يروي عن حجّة اللّه وابن حججه جعفر بن محمّد الصادق ، ولا عن أبنائه الطاهرين!!
وكذا باقي أرباب صحاحهم لم يرووا عن أكثر آل محمّد وثقله الأصغر ، ويروون عن هذا الرجس وأشباهه!! 225 - ( ق ) العلاء بن زيد (1) :
قال أبو حاتم والدارقطني : متروك (2).
وقال ابن المديني : يضع الحديث.
ص: 193
226 - ( ت ) العلاء بن مسلمة الروّاس (1) : قال الأزدي : لا تحلّ الرواية عنه.
وقال ابن طاهر : يضع الحديث.
وقال ابن حبّان : يروي الموضوعات عن الثقات.
228 - ( د ت ق ) عليّ بن عاصم بن صهيب الواسطي (1) : قال ابن معين : ليس بشيء.
وقال يزيد بن هارون : ما زلنا نعرفه بالكذب.
ن : قال ( س ) : متروك [ الحديث ].
يب : قال ابن معين مرّة : كذّاب ، ليس بشيء.
وقال ابن المديني : قال خالد : كذّاب فاحذروه.
وقال الدارقطني وابن المديني وأحمد : يغلط ويثبت على غلطه.
وقال ابن أبي خيثمة : قيل (2) لابن معين : إنّ أحمد يقول : إنّه ليس بكذّاب! قال : لا واللّه ما كان عنده قطّ ثقة ، ولا حدّث عنه بشيء ، فكيف صار اليوم عنده ثقة؟!
229 - ( خ د س ت ) عليّ بن عبد اللّه بن جعفر ، أبو الحسن ، ابن المديني البصري (3) :
قال المروزي : سمعت أحمد كذّبه.
ص: 195
يب : قيل لإبراهيم الحربي : أكان ابن المديني يتّهم بالكذب؟! فقال : لا ، إنّما حدّث بحديث فزاد فيه كلمة ليرضي بها ابن أبي دؤاد.
كيف يجتمع نفي التهمة عنه والإقرار بزيادته في الحديث عمدا؟!
فتأمّل!
230 - ( ق ) عليّ بن عروة (1) :
قال ابن معين : ليس بشيء.
وقال أبو حاتم : متروك الحديث.
وقال ابن حبّان : يضع الحديث.
وكذّبه صالح جزرة.
231 - ( ت ) عليّ بن مجاهد الكابلي (2) :
قال يحيى بن الضريس : كذّاب.
وقال ابن معين : يضع الحديث.
وزاد في يب : صنّف كتاب « المغازي » فوضع للكلّ إسنادا.
وفي يب : قال محمّد بن مهران : كذّاب.
ص: 196
232 - ( خ ) عليّ بن أبي هاشم عبيد اللّه [ بن طبراخ البغدادي ] (1) : يب : قال أبو حاتم : ترك الناس حديثه.
وقال الأزدي : ضعيف جدّا (2).
233 - ( ت ق ) عليّ بن يزيد بن أبي هلال الألهاني (3) :
قال الدارقطني : متروك.
وقال ( س ) : ليس بثقة.
يب : قال الحاكم أبو أحمد : ذاهب الحديث.
وقال ( س ) في موضع ، والأزدي والبرقي : متروك (4).
وقال الساجي : اتّفق أهل العلم على ضعفه (5).
234 - ( ت ق ) عمّار بن سيف الضبّي ، أبو عبد الرحمن (6) :
يب : قال ( خ ) : منكر الحديث ، ذاهب.
ص: 197
وقال أبو نعيم : لا شيء.
وقال الدارقطني : متروك.
235 - ( م ت ق ) عمّار بن محمّد الثوري ، أبو اليقظان ، ابن أخت سفيان الثوري (1) :
قال ابن حبّان : استحقّ الترك.
[ ن : ] (2) وقال ( خ ) : مجهول.
236 - ( ت ق ) عمارة بن جوين ، أبو هارون العبدي البصري (3) :
قال أحمد : ليس بشيء.
وقال ( س ) : متروك [ الحديث ].
وقال الجوزجاني : كذّاب مفتر.
وقال شعبة : لأن أقدّم فتضرب عنقي أحبّ إليّ من أن أحدّث عنه.
وقال ابن معين : لا يصدق في حديثه.
وقال الدارقطني : يتلوّن خارجيّ وشيعيّ ، يعتبر بما يرويه عنه الثوري.
ص: 198
يب : قال حمّاد بن زيد : كذّاب (1) ، بالعشيّ شيء وبالغداة شيء.
وقال أبو أحمد الحاكم : متروك.
وقال ابن عليّة : يكذب.
وقال عثمان بن أبي شيبة : كان كذّابا.
وقال ابن البرقي : أهل البصرة يضعّفونه.
وقال ابن عبد البرّ : أجمعوا على أنّه ضعيف الحديث ؛ وقد تحامل بعضهم فنسبه إلى الكذب ، وكان فيه تشيّع ، وأهل البصرة يفرطون في من يتشيّع بين أظهرهم ؛ لأنّهم عثمانيّون.
قال في يب : كيف لا ينسبونه إلى الكذب وقد روى ابن عديّ في « الكامل » (2) بسنده عن بهز بن أسد ، قال : أتيته فقلت : أخرج إليّ ما سمعت من أبي سعيد.
فأخرج لي كتابا ، فإذا فيه : حدّثنا أبو سعيد أنّ عثمان أدخل في حفرته وإنّه لكافر باللّه!
[ قال : قلت : تقرّ بهذا؟!
قال : هو كما ترى!
قال : فدفعت الكتاب في يده وقمت ].
فهذا كذب ظاهر على أبي سعيد.
ص: 199
237 - ( 4 ) (1) عمارة بن حديد البجلي (2) :
قال أبو زرعة : لا يعرف.
ن : مجهول كما قال الرازيّان.
يب : قال أبو حاتم وابن السكن : مجهول.
238 - ( ت ق ) عمر بن راشد بن شجرة ، أبو حفص اليمامي (3) :
ن : قال ابن معين : ليس بشيء.
يب : قال الدارقطني : متروك.
وقال ابن حزم : ساقط.
وقال ابن حبّان : يضع الحديث.
239 - ( د ق ) عمر بن عبد اللّه بن يعلى بن مرّة (4) :
قال الدارقطني : متروك.
ص: 201
يب : قال ابن معين : ليس بشيء.
وقال أبو حاتم : متروك [ الحديث ].
وقال جرير بن عبد الحميد : كان يشرب الخمر.
240 - ( ع ) عمر بن عليّ بن عطاء بن مقدّم المقدّمي البصري ، أبو جعفر (1) :
قال ابن سعد : يدلّس تدليسا شديدا ، يقول : « سمعت » و « حدّثنا » ثمّ يسكت ، فيقول : « هشام بن عروة والأعمش » (2).
يب : قال أحمد وابن معين والساجي وعمر بن شيبة : يدلّس.
242 - ( ت ق ) عمر بن هارون البلخي ، مولى ثقيف (1) : قال ( س ) وأبو عليّ الحافظ : متروك (2).
ن : قال يحيى : كذّاب خبيث.
وقال صالح جزرة : كذّاب.
وقال أحمد وابن مهدي : متروك [ الحديث ].
يب : قال أبو زكريّا : كذّاب خبيث.
وقال إبراهيم بن موسى : تركوا حديثه.
وقال ابن معين : يكذب.
هذا من الجمع بين المتضادّين ، كالتحسين له مع الجهل بحاله!
ففي ن بعد ذكر حديث له قال : حسّنه ( ت ) ولم يرقه إلى الصحّة
ص: 203
للجهل بحال عمرو (1).
244 - ( ق ) عمرو بن خالد الواسطي (2) :
قال ابن معين وأحمد : كذّاب.
وقال وكيع : كان في جوارنا يضع الحديث.
ن : قال الدارقطني : كذّاب.
يب : قال إسحاق بن راهويه وأبو زرعة : يضع الحديث.
وقال ( د ) : كذّاب.
وقال ( س ) : متروك [ الحديث ].
وقال ابن حبّان : ينفرد بالموضوعات عن الأثبات.
246 - ( م ت س ق ) عمرو بن سعيد بن العاص الأموي ، المعروف ب : الأشدق (1) :
يب : ولي المدينة لمعاوية ويزيد ، ثمّ طلب الخلافة ، وغلب على دمشق ، ثمّ قتله عبد الملك بعد ما أعطاه الأمان!
ثمّ نقل عن الطبري أنّه كان واليا ليزيد على المدينة ، وكان يجهّز الجيوش إلى قتال ابن الزبير ، فحدّثه أبو شريح أنّ مكّة حرام ، فأجابه عمرو بأنّ الحرم لا يعيذ عاصيا! (2).
ثمّ قال : وكان عمرو أول من أسرّ البسملة في الصلاة مخالفة لابن الزبير ؛ لأنّه كان يجهر بها! (3).
روى ذلك الشافعي وغيره بإسناد صحيح.
ص: 205
لا يسع المقام ذكر مخازي هذا الفاسق الملقّب بلطيم الشيطان ، المخاطب لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بعد قتل الحسين علیه السلام وهو على المنبر بقوله :
ثار بثارات يا رسول اللّه! (1).
فيا عجبا من القوم كيف يحتجّون بروايته؟! وكيف يثقون به في دينهم؟! وهو لا دين له!!
ولكن لا عجب ، فإنّه ليس بأسوأ من ابن العاص ، ومروان ، وسمرة ، وأشباههم! 247 - ( د ) عمرو بن عبد اللّه بن الأسوار اليماني (2) :
سرق كتابا من عكرمة فنسخه.
وقال هشام بن يوسف القاضي : ليس بثقة.
وقال ابن معين : كان سيّئ الأخذ في حال تحمّله من عكرمة ، كان يشرب فيقول عكرمة : اطلبوه ؛ فيجده (3) ، فيقوم وهو سكران ، فيقول له عكرمة [ من الرجز ] :
ص: 206
أصبب على صدرك من بردها
إنّي أرى الناس يموتونا
يب : كان معمر إذا حدّث أهل البصرة سمّاه ، وإذا حدّث أهل اليمن لا يسمّيه!
انظر واعتبر!
248 - ( خ د ) عمرو بن مرزوق ، أبو عثمان الباهلي البصري (1) :
قال ابن المديني : اتركوا حديث العمرين ؛ يعنيه وعمرو بن حكام.
يب : قال العجلي وابن عمّار : ليس بشيء.
وقال ابن المديني : ذهب حديثه.
وقال الأزدي : كان عليّ بن المديني صديقا لأبي داود ، وكان أبو داود لا يحدّث حتّى يأمره عليّ ، وكان ابن معين يطري عمرو بن مرزوق ويرفع ذكره ، ولا يصنع ذلك بأبي داود لطاعته لعليّ.
وقال سليمان بن حرب : جاء عمرو بما ليس عندهم فحسدوه (2).
تدبّر في هذه الأحوال ، واعرف منازل هؤلاء الرجال!
ص: 207
ومن المضحك ما في يب : قال ابن عديّ : سمعت أحمد بن محمّد ابن مخلد يقول : لم يكن بالبصرة مجلس أكبر من مجلس عمرو بن مرزوق ، كان فيه عشرة آلاف رجل (1).
ليت شعري أيّ مجلس يسع هذا المقدار؟!
وأيّ صوت يبلغهم إذا أراد مجلس الحديث؟! إلّا أن يرقى في المنام ، على أعواد الأوهام!
وأسخف من ذلك ما في يب ون أنّه قيل له : أتزوّجت ألف امرأة؟! قال : أو زيادة!
فإنّ المتعة عندهم حرام ، وقد منع اللّه تعالى من الجمع بين أكثر من أربع ، فكيف يقع عادة زواج أكثر من ألف امرأة على التعاقب؟! (2).
ص: 208
249 - ( م د ت س ) عمرو بن مسلم الجندي اليماني ، صاحب طاووس (1): يب : قال ابن خراش وابن حزم : ليس بشيء.
وقال ابن المديني : ذكره يحيى بن سعيد فحرّك يده ، وقال : ما أرى هشام بن حجير إلّا أمثل منه.
قلت له : أضرب على حديث هشام؟
قال : نعم.
وقال عبد اللّه بن أحمد : قلت لابن معين : عمرو بن مسلم أضعف أو هشام بن حجير؟ فضعّف عمرا وقال : هشام أحبّ إليّ.
سيأتي إن شاء اللّه في ترجمة هشام ، أنّ ابن معين ضعّفه
ص: 209
جدّا! (1).
250 - ( ت ق ) عمرو بن واقد الدمشقي ، مولى بني أميّة (2) :
روى الفسوي عن دحيم : لم يكن شيوخنا يحدّثون عنه ؛ قال : وكأنّه لم يشكّ أنّه يكذب.
وقال مروان الطاطري : كذّاب.
وقال الدارقطني : متروك (3).
ن : هالك.
قال أبو مسهر : ليس بشيء.
يب : قال أبو مسهر : يكذب.
وقال ( خ ) وأبو حاتم ودحيم ويعقوب بن سفيان : ليس بشيء.
وقال ( س ) والبرقاني : متروك [ الحديث ].
251 - ( س ق ) عمران بن حذيفة (4) :
ن : لا يعرف.
يب : أحد المجاهيل.
ص: 210
252 - ( خ د س ) عمران بن حطّان السدوسي ،لعنه اللّه وضاعف عذابه(1): يب : قال الدارقطني : متروك لسوء اعتقاده وخبث مذهبه.
وقال المبرّد في « الكامل » : كان رأس القعد (2) من الصّفريّة (3) ، وفقيههم وخطيبهم [ وشاعرهم ] (4).
قال في يب : والقعد [ ة ] : الخوارج [ كانوا ] لا يرون الحرب ، بل ينكرون على أمراء الجور حسب الطاقة ، [ ويدعون إلى رأيهم ] ويزيّنون مع ذلك الخروج [ ويحسّنونه ]!
ولكن ذكر أبو الفرج الأصبهاني : أنّه صار قعديا لمّا عجز عن
ص: 211
الحرب (1).
أيّ عذر للبخاري في الاحتجاج بحديثه؟! وهو من الدعاة إلى النفاق ، ومذهب السوء ، وعندهم أنّ الداعية لغير مذهبهم غير معتبر الرواية ، وإن زعم ( د ) أنّ الخوارج أصحّ ذوي الأهواء حديثا! (2).
على أنّه قد ردّه في يب فقال : « ليس على إطلاقه ، فقد حكى ابن أبي حاتم ، عن القاضي عبد اللّه بن عقبة المصري - وهو ابن لهيعة - عن بعض الخوارج ممّن تاب ، أنّهم كانوا إذا هووا أمرا صيّروه حديثا » (3).
وهذا هو المناسب لمروقهم عن الدين بنصّ النبيّ الأمين صلی اللّه علیه و آله .
وهل يرجى ممّن لا يحترم دماء المسلمين وأموالهم ، ولا يرعى حرمة أخي النبيّ صلی اللّه علیه و آله ونفسه ، أن يكون صادقا في قوله ، ثقة في نقله؟!
وقد ذكر في يب أنّ بعضهم اعتذر للبخاري بأنّه أخرج عنه قبل أن يرى ما رأى ، فقال : فيه نظر ؛ لأنّه أخرج له من رواية يحيى بن أبي كثير عنه ، ويحيى إنّما سمع منه في حال هربه من الحجّاج ، وكان الحجّاج طلبه ليقتله من أجل المذهب ، وقصّته في هربه مشهورة (4).
ص: 212
ثمّ قال في يب : ذكر أبو زكريّا الموصلي ، عن محمّد بن بشير العبدي الموصلي ، قال : لم يمت عمران بن حطّان حتّى رجع عن رأي الخوارج ؛ وهذا أحسن ما يعتذر به عن تخريج ( خ ) له (1).
وفيه : إنّ التوبة المتأخّرة - لو سلّمت - لا تنفع في إخراجه عنه وهو على مذهبه الفاسد ، وفي حال لا يصحّ الإخراج عنه بها ، فلم يبق للبخاري عذر إلّا أنّه يعظّمه في نفسه ، ويشكر قوله في مدح ابن ملجم لعنه اللّه ولعن عمران معه [ من البسيط ] :
يا ضربة من تقيّ ما أراد بها *** إلّا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
إنّي لأذكره يوما فأحسبه *** أوفى البريّة عند اللّه ميزانا (2)
ن : قال العبّاس بن الوليد بن صبح (1) : قلت لمروان بن محمّد :
لا أرى سعيد بن عبد العزيز روى عن عمير بن هانئ؟!
فقال : كان أبغض إلى سعيد من النار.
قلت : ولم؟!
قال : أ وليس هو القائل على المنبر حين بويع ليزيد [ بن الوليد ] بن عبد الملك : سارعوا إلى هذه البيعة! إنّما هما هجرتان ، هجرة إلى اللّه ورسوله ، وهجرة إلى يزيد؟!!
ليس على البخاري وغيره في مثل هذا خفاء ، ولكنّ القوم فيه ونحوه سواء!
وفي ن : قال [ ابن ] جابر : حدّثني عمير بن هانئ ، قال : ولّاني الحجّاج الكوفة ، فما بعث إليّ في إنسان أحدّه إلّا حددته ، ولا في إنسان أقتله إلّا أرسلته ، فعزلني.
لا ريب أنّ الحدّ والقتل لمجرّد أمر الحجّاج سواء في الحرمة ، كالولاية من قبله ، فلا عذر له.
وقد كذب عدوّ اللّه في دعوى مخالفة الحجّاج ، فإنّه لو أطلق واحدا
ص: 214
ممّن يريد الحجّاج قتلهم ، لجعله عوضه.
كما كذب في إظهار النسك والعبادة ، كيف؟! وهو داعية المنافق يزيد بن الوليد وعامل الحجّاج الظلوم.
255 - ( خ د ) عنبسة بن خالد بن يزيد الأيلي الأموي ، مولاهم (1) :
قال أبو حاتم : كان على خراج مصر ، وكان يعلّق النساء بالثدي.
وقال الفسوي : قال يحيى بن بكير : إنّما يحدّث عنه مجنون ( أو ) (2) أحمق ، لم يكن موضعا للكتابة عنه.
وقال أحمد بن حنبل : ما لنا ولعنبسة؟! أيّ شيء خرج علينا منه؟! هل روى عنه غير أحمد بن صالح؟!
يب : قال يحيى بن بكير : إنّ عنبسة روى عن يونس ، عن ابن شهاب ، قال : وفدت على مروان وأنا محتلم ؛ قال يحيى بن بكير : هذا باطل ، إنّما وفد على عبد الملك.
256 - ( خ م د ) عنبسة بن سعيد بن العاص الأموي ، أخو عمرو الأشدق (3) :
يب : قال الدارقطني : كان جليس الحجّاج.
وقال الزبير : كان انقطاعه إلى الحجّاج.
ص: 215
والرجل يعرف بقرينه.
257 - ( ت ق ) عنبسة بن عبد الرحمن بن عنبسة (1) بن سعيد ابن العاص الأموي (2) :
قال ( خ ) : تركوه.
وقال أبو حاتم : يضع الحديث.
ن : روى ( ت ) عن ( خ ) : ذاهب الحديث.
يب : قال ابن معين : لا شيء.
وقال ( س ) : متروك.
وقال الأزدي : كذّاب.
ولا في غير هذا الحديث.
259 - ( ق ) عيسى بن أبي عيسى ميسرة المدني الحنّاط (1) :
قال ( س ) والفلّاس : متروك (2).
يب : قال الدارقطني و ( د ) : متروك [ الحديث ].
وقال ابن معين : ليس بشيء ، ولا يكتب حديثه.
260 - ( ت ق ) عيسى بن ميمون القرشي ، مولى القاسم بن محمّد (3) :
ن : قال ( خ ) : ليس بشيء.
وقال ( س ) : ليس بثقة.
وقال الفلّاس : متروك.
وقال ابن حبّان : يروي أحاديث كلّها موضوعة.
وقال ابن مهدي : قلت له : ما هذه الأحاديث التي تروي عن القاسم عن عائشة؟! قال : لا أعود.
* * *
ص: 217
ص: 218
261 - ( ت ق ) فائد بن عبد الرحمن ، أبو الورقاء العطّار الكوفي (1) :
يب : قال ابن معين : ليس بثقة ، وليس بشيء.
وقال أحمد : متروك [ الحديث ].
وقال أبو زرعة وأبو حاتم : لا يشتغل به.
وقال أبو حاتم : ذاهب الحديث ، لا يكتب حديثه ، ولو أنّ رجلا حلف أنّ عامّة حديثه كذب لم يحنث.
وقال ( د ) : ليس بشيء.
وقال ( س ) مرّة : ليس بثقة.
وأخرى : متروك [ الحديث ].
وقال الحاكم : روى أحاديث موضوعة.
ن : قال مسلم بن إبراهيم : دخلت عليه وجاريته تضرب بين يديه بالعود.
ص: 219
262 - ( ع ) فضيل بن سليمان النميري ، أبو سليمان البصري (1) : يب : قال ابن معين : ليس بشيء ، ولا يكتب حديثه.
وقال الآجري عن ( د ) : كان عبد الرحمن لا يحدّث عنه ، قال :
وسمعت ( د ) يقول : ذهب فضيل والسمتي إلى موسى بن عقبة فاستعارا منه كتابا فلم يردّاه.
263 - ( ع ) فليح بن سليمان ، أبو يحيى المدني ، وفليح لقب غلب عليه ، واسمه عبد الملك (2) :
ن : قال ابن معين : ليس بثقة.
وقال مرّة : يتّقى حديثه.
يب : قال ( د ) : ليس بشيء.
وقال الطبري : ولّاه المنصور على الصدقات ؛ لأنّه أشار عليه بحبس بني حسن لمّا طلب محمّد بن عبد اللّه بن الحسن (3).
* * *
ص: 220
264 - ( ق ) القاسم بن عبد اللّه العدوي العمري (1) :
قال ( س ) وأبو حاتم : متروك (2).
ن : قال ابن معين : كذّاب.
وقال أحمد : يكذب ، ويضع الحديث.
يب : قال أحمد : أفّ أفّ ، ليس بشيء.
وقال مرّة : كذّاب ، يضع الحديث.
وقال العجلي والأزدي : متروك [ الحديث ].
265 - ( د ت ق ) قبيصة بن الهلب (3) :
قال ابن المديني : مجهول ، لم يرو عنه غير سماك بن حرب.
يب : قال ( س ) : مجهول.
ص: 221
266 - ( ع ) قتادة بن دعامة ، أبو الخطّاب السدوسي البصري (1) : ن : مدلّس.
يب : قال ابن المديني ، قلت ليحيى بن سعيد : إنّ عبد الرحمن يقول : أترك كلّ من كان رأسا في بدعة يدعو إليها ؛ قال : كيف تصنع بقتادة ، وابن أبي دؤاد (2) ، وعمر بن ذرّ؟! .. وذكر قوما.
وقال ابن حبّان : كان مدلّسا على قدر فيه.
267 - ( د ت ق ) قيس بن الربيع ، أبو محمّد الكوفي (3) :
قال يحيى ، لا يكتب حديثه.
وقال ( س ) : متروك (4).
ن : قال ابن القطّان : ضعيف عندهم.
وقال محمّد بن عبيد الطنافسي : استعمله أبو جعفر على المدائن فعلّق النساء بثديهنّ ، وأرسل عليهنّ الزنابير (5).
يب : قال محمّد [ بن عبد اللّه ] بن عمّار : كان عالما بالحديث ، لكنّه لمّا ولّي المدائن علّق رجالا ، فنفر الناس عنه.
ص: 222
268 - ( ت ق ) كثير بن زاذان النخعي الكوفي (1) :
قال أبو حاتم وأبو زرعة : مجهول.
وقال ابن معين : لا أعرفه.
269 - ( خ م د ت ق (2) ) كثير بن شنظير ، أبو قرّة البصري (3) :
قال ابن معين مرّة : ليس بشيء.
وقال الفلّاس ، كان يحيى بن سعيد لا يحدّث عنه.
يب : قال ابن حزم : ضعيف جدّا.
270 - ( د ت ق ) كثير بن عبد اللّه بن عمرو بن عوف المزني المدني (4) :
قال ابن معين : ليس بشيء.
ص: 223
وقال الدارقطني : متروك (1).
وضرب أحمد على حديثه.
ن : قال ( د ) والشافعي : ركن من أركان الكذب.
يب : قال أحمد : ليس بشيء.
وقال ( د ) : أحد الكذّابين.
وقال الشافعي : أحد الكذّابين ؛ أو : أحد أركان الكذب.
وقال ( س ) مرّة : متروك [ الحديث ].
وقال ابن عبد البرّ : مجمع على ضعفه.
* * *
ص: 224
271 - ( د ت ق ) لمازة بن زبّار الأزدي ، أبو لبيد البصري (1) :
ن : حضر وقعة الجمل ، وكان ناصبيا ، ينال من عليّ علیه السلام ، ويمدح يزيد!
يب : قال ابن معين : كان شتّاما.
[ وقال جرير : كان ] يشتم عليّا علیه السلام !
وقال أبو لبيد : قلت له : لم تسبّ عليّا علیه السلام ؟! قال : ألا أسبّ رجلا قتل منّا خمسمائة وألفين والشمس هاهنا؟!
وقال ابن سعد : ثقة!
وقال حرب ، عن أبيه : كان صالح الحديث ، وأثنى عليه ثناء حسنا!
قال في يب : « كنت أستشكل توثيقهم الناصبي غالبا ، وتوهينهم الشيعة مطلقا ، ولا سيّما أنّ عليّا ورد في حقّه : لا يحبّه إلّا مؤمن ، ولا يبغضه إلّا منافق (2).
ص: 225
ثمّ ظهر لي في الجواب عن ذلك أنّ البغض ها هنا مقيّد بسبب! وهو كونه نصر النبيّ صلی اللّه علیه و آله ؛ لأنّ [ من ] الطبع البشري بغض من وقعت منه إساءة في حقّ المبغض ، والحبّ بعكسه ، وذلك ما يرجع إلى أمور الدنيا غالبا.
والخبر في حبّ عليّ وبغضه ليس على العموم! فقد أحبّه من أفرط فيه ، حتّى ادّعى أنّه نبيّ أو أنّه إله ... والذي [ ورد ] في حقّ عليّ [ من ذلك ، ] ورد مثله في حقّ الأنصار.
وأجاب [ عنه ] العلماء ، أنّ بغضهم لأجل النصرة كان ذلك علامة النفاق ، وبالعكس ، فكذا يكون في حقّ عليّ.
وأيضا : فأكثر من يوصف بالنصب ، يكون موصوفا بصدق اللّهجة ، والتمسّك بأمور الديانة ، بخلاف من يوصف بالرفض ، فإنّ غالبهم كاذب ولا يتورّع في الأخبار.
والأصل فيه أنّ الناصبة اعتقدوا أنّ عليّا قتل عثمان أو أعان عليه ، فكان بغضهم له ديانة بزعمهم ، ثمّ انضاف إلى ذلك أنّ منهم من قتلت أقاربه في حروب عليّ »!
إنّ تقييد بغض عليّ علیه السلام بسبب نصر النبيّ صلی اللّه علیه و آله غلط ، إذ يستلزم لغوية كلام رسول اللّه في إظهار فضل عليّ علیه السلام ؛ لأنّ كلّ من أبغض أحدا لنصرة النبيّ صلی اللّه علیه و آله منافق ، من دون خصوصية لعليّ علیه السلام .
وكيف يحسن التقييد بالنصرة مع تمدّح أمير المؤمنين علیه السلام بقوله كما سبق عن صحيح مسلم : « والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ، إنّه لعهد النبيّ
ص: 226
الأمّيّ صلی اللّه علیه و آله إليّ ، إنّه لا يحبّني إلّا مؤمن ، ولا يبغضني إلّا منافق »؟! (1)
فإنّه لو قصد النبيّ صلی اللّه علیه و آله ما زعمه ابن حجر - من التقييد بالنصرة - لما كان معنى لتمدّح الإمام بذلك.
وحاصل مقصود ابن حجر : أنّ نفس بغض عليّ علیه السلام والنصب له وسبّه ، ليس نقصا وعيبا ، تبرئة لأصحابه من العيب! وإن ورد مستفيضا أو متواترا ، أنّ : من سبّ عليّا وأبغضه فقد سبّ رسول اللّه وأبغضه (2).
وهذا الوجه مخصوص عنده بمن نصب العداوة لأمير المؤمنين وسبّه! بخلاف من أبغض خلفاءهم وسبّهم ، فإنّه لا يكون معذورا أصلا ، بل يكون محلّا لكلّ نقص ، وأهلا لكلّ لعن!
ص: 227
فهل هذا إلّا التعصّب والهوى؟!
وليت شعري كيف لا يكون مبغض عليّ علیه السلام منافقا ، مع اتّضاح تعظيم النبيّ صلی اللّه علیه و آله لعليّ علیه السلام بوجوه التعظيم ، والثناء عليه بطرق الثناء؟!
فلا يكون بحسب الحقيقة بغض عليّ وسبّه إلّا استهزاء برسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وطرحا لفعله وقوله!
فهل يكون نفاق أعظم من هذا؟!
وأمّا خروج الغلاة ؛ فبالدليل ، كسائر العمومات في الكتاب والسنّة المخصّصة بالأدلّة.
وأمّا قوله : « ورد في حقّ الأنصار مثله ».
فكاذب ، افتعله النواصب ، لدفع فضل سيّد المسلمين ، وإمام المتّقين.
ولو سلّم ، فمعناه - كما نقله عن علمائهم - أنّ بغضهم لأجل النصرة علامة النفاق ؛ لأنّ التعليق على الوصف مشعر بالحيثية (1) ، بخلاف ما ورد في أمير المؤمنين علیه السلام ، فإنّه لم يذكر فيه إلّا ما يدلّ على إرادة شخصه الكريم ، بلا اشتمال على ما يوهم إرادة النصرة.
فقد ظهر من هذا أنّه لا يجوز قبول رواية الناصب مطلقا ؛ لأنّه منافق ، والمنافق أشدّ من الكافر الصريح ، وفي أسفل درك من النار ، كما ذكره اللّه سبحانه في كتابه العزيز (2).
ومجرّد إفادة خبره الظنّ - لو وجد ناصب ثقة - لا يجعله حجّة ؛ لأنّ
ص: 228
اللّه سبحانه قد ذمّ في كتابه العزيز متّبع الظنّ ، فقال : ( إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ ... ) (1) وقال : ( إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً ... ) (2)
ولا دليل خاصّا يقتضي إخراج الظنّ الحاصل من خبر المنافق كالكافر.
وأمّا ما ذكره من أنّ أكثر من يوصف بالنصب مشهور بصدق اللّهجة.
ففيه : إنّ الشهرة إنّما هي عند أشباهه ؛ على أنّه مناف لما ذكره سابقا بترجمة عمران بن حطّان لعنه اللّه ، من أنّ الخوارج إذا هووا أمرا صيّروه حديثا (3).
وأمّا دعوى تمسّكهم بأمور الديانة ؛ فمناف لما وصفهم به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من المروق عن الدين (4).
ولو سلّم ، فليس تمسّكهم بدينهم إلّا كتمسّك اليهود بديانتهم ، لا يصيّر أخبارهم حجّة.
وأمّا ما زعمه من أنّ غالب من يوصف بالرفض كاذب ؛ فتحامل نشأ من العداوة الدينية والعصبية المذهبية ، ولا نعرف بعد التحامل سببا لهذه الدعوى إلّا رواية الشيعة لفضائل أهل البيت ، ومطاعن أعدائهم ، وقد سبق أنّها دليل الثقة ، إذ لا يقدم راويها إلّا على سيوف ظلمة الأمراء ، وأسنّة أقلام نصّاب العلماء ، وسهام ألسنة أهل الدنيا من الخطباء ، وهذا دليل على أنّ راوي تلك الروايات أشدّ الناس إنصافا وثقة (5).
ص: 229
وأمّا قوله : « والأصل فيه أنّ الناصبة اعتقدوا ... » إلى آخره.
ففيه : أنّ دعوى اعتقادهم مكابرة محضة من المدّعي والمدّعي له ، على أنّ الشيعة أيضا اعتقدوا - وكان اعتقادهم عن الأدلّة القويّة - : أنّ المشايخ الثلاثة اغتصبوا حقّ أمير المؤمنين ، وخالفوا نصّ النبيّ الأمين صلی اللّه علیه و آله ، فكان اعتقاد الشيعة فيهم ديانة.
فما بالهم لا تعتبر روايتهم كالنواصب؟!
وهل الفرق إلّا أنّ الشيعة تمسّكوا بالثقلين ، والنواصب نبذوهما وراء ظهورهم ؛ والناس إلى أشباههم أميل!
وأمّا قوله : « ثمّ انضاف إلى ذلك ... » إلى آخره.
فمن الطرائف! إذ لو كان هذا عذرا لما قبح بغض المشركين لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ؛ لأنّه قتل أقاربهم!
ولتمام الكلام محلّ آخر.
272 - ( م 4 ) الليث بن أبي سليم بن زنيم الكوفي (1) :
قال أحمد : ما رأيت يحيى بن سعيد أسوأ رأيا [ في أحد ] منه في ليث وهمّام ومحمّد بن إسحاق ، لا يستطيع أحد أن يراجعه فيهم.
يب : قال أبو زرعة وأبو حاتم : لا يشتغل به.
* * *
ص: 230
275 - ( م 4 ) مجالد بن سعيد الهمداني الكوفي (1) : قال أحمد : ليس بشيء.
وقال ( خ ) : كان ابن مهدي لا يروي عنه.
وقال الفلّاس : سمعت يحيى بن سعيد يقول : لو شئت أن يجعلها مجالد كلّها عن الشعبي عن مسروق عن عبد اللّه ، فعل.
يب : قال الدارقطني : لا يعتبر به.
276 - ( ع ) مجاهد بن جبر المقرئ المكّي (2) :
ن : قال أبو بكر بن عيّاش للأعمش : ما بال تفسير مجاهد مخالف - أو شيء نحوه -؟!
قال : أخذه من أهل الكتاب!
وفي يب : ما بالهم (3) يقولون تفسير مجاهد؟!
قال : كانوا يرون أنّه يسأل أهل الكتاب!
وفي ن : من أنكر ما جاء عن مجاهد في التفسير في قوله تعالى : ( عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً ) (4) قال : يجلسه معه على
ص: 232
العرش! (1).
لا ينبغي أن يستنكره ، وإن كان تجسيما وكفرا! فإنّهم رووا ما هو أخزى ، مثل أنّ اللّه سبحانه خلق آدم على صورته ، ومثل أنّه يدخل رجله سبحانه في النار فتقول : قط قط ... إلى غير ذلك (2).
وفي يب : قال القطب الحلبي في شرح البخاري : مجاهد معلوم التدليس ، فعنعنته لا تفيد الوصل.
277 - ( م 4 ) محمّد بن إسحاق بن يسار ، صاحب ( السيرة ) (3) :
قال مالك : دجّال من الدجاجلة.
ن : قال يحيى القطّان : أشهد أنّه كذّاب.
وقال هشام بن عروة : كذّاب.
يب : قال أحمد : يدلّس.
وسأله أيّوب بن إسحاق ، فقال : تقبله إذا انفرد [ بحديث ]؟
قال : لا واللّه!
ص: 233
278 - ( ع ) محمّد بن بشّار بن عثمان ، أبو بكر ، بندار البصري الحافظ (1) : كذّبه الفلّاس.
قال في يب : يحلف (2) أنّه يكذب [ في ما يروي عن يحيى ].
وقال عبد اللّه الدورقي : جرى ذكره عند ابن معين ، فرأيته لا يعبأ به.
279 - ( د ق ) محمّد بن ثابت العبدي البصري (3) :
قال ابن معين : ليس بشيء.
يب : قال أبو داود السجستاني : ليس بشيء.
281 - ( م د ) محمّد بن حاتم بن ميمون القطيعي ، المعروف ب : السمين (1) : قال ابن معين وابن المديني : كذّاب.
وقال الفلّاس : ليس بشيء.
282 - ( ت ) محمّد بن الحسن بن أبي يزيد (2) :
قال ابن معين : يكذب.
وقال ( س ) : متروك.
وقال ( د ) : كذّاب.
283 - ( د ت ق ) محمّد بن حميد بن حيّان ، الحافظ الرازي (3) :
قال ( س ) : ليس بثقة.
وقال فضلك : عندي منه خمسون ألف حديث لا أحدّث عنه بحرف.
وقال صالح جزرة : ما رأيت أحذق بالكذب منه ومن سليمان
ص: 235
الشاذكوني.
وقال أيضا : ما رأيت أجرأ على اللّه منه.
وقال ابن خراش : كان واللّه يكذب.
وكذّبه أبو زرعة.
ن : قال الكوسج : أشهد أنّه كذّاب.
يب : قال ( س ) مرّة : ليس بشيء.
وأخرى : كذّاب.
وقال أبو نعيم ابن عديّ : سمعت أبا حاتم [ في منزله ] وعنده ابن خراش وجماعة من مشايخ أهل الريّ وحفّاظهم ، فذكروا ابن حميد ، فأجمعوا على أنّه ضعيف [ في الحديث ] جدّا ، وأنّه يحدّث بما لم يسمع ، وأنّه يأخذ أحاديث أهل البصرة والكوفة فيحدّث بها عن الرازيّين.
284 - ( ع ) محمّد بن خازم ، أبو معاوية الضرير الكوفي (1) :
يب : قال أبو زرعة : يدعو إلى الإرجاء.
وقال ( د ) : كان رئيس المرجئة بالكوفة.
وقال ابن سعد : يدلّس.
وقال يعقوب بن شيبة : ربّما يدلّس.
ص: 236
285 - ( ق ) محمّد بن خالد الواسطي الطحّان (1) : قال ابن معين : كذّاب ، إن لقيتموه فاصفعوه.
يب : قال أبو زرعة : رجل سوء.
وقال : قال : لم أسمع من أبي إلّا حديثا واحدا ؛ ثمّ حدّث عنه [ حديثا ] كثيرا!
286 - ( ق ) محمّد بن داب المديني (2) :
قال أبو زرعة : كان يضع الحديث (3).
ن : كذّبه ابن حبّان وغيره.
287 - ( خ 4 ) محمّد بن زياد الألهاني ، أبو سفيان الحمصي (4) :
يب : قال الحاكم : اشتهر عنه النصب كحريز بن عثمان.
ن : وثّقه أحمد والناس ، وما علمت فيه مقالة سوى قول الحاكم الشيعي : أخرج ( خ ) في الصحيح لمحمّد بن زياد ، وحريز بن عثمان ، وهما ممّن [ قد ] اشتهر عنهم النصب.
ص: 237
حرّكت الذهبي حميّة المذهب ، فنسب الحاكم - بزعم الانتقام منه - إلى التشيّع ، وما نقم عليه إلّا دين اللّه وحبّ آل المصطفى المطهّرين من الرجس.
ثمّ أنكر نصب الألهاني فقال : « ما علمت هذا من محمّد ؛ بلى ، غالب الشاميّين فيهم توقّف عن أمير المؤمنين عليّ من يوم صفّين ... » إلى آخر كلامه.
فليت شعري ما معنى التوقّف؟! وشعارهم سبّ إمام المتّقين! ودينهم بغض السادة الأطهار علیهم السلام !
فما أدري ما يريد منهم الذهبي حتّى يجعل ذلك توقّفا؟!
وهل يرتفع الإشكال عن ( خ ) بإنكار نصب الألهاني وهو يروي عن حريز الذي لا مجال لإنكار نصبه؟!
وذكره [ ابن ] البرقي في طبقة الكذّابين.
وقال ابن حبّان : يضع الحديث.
289 - ( ت ق ) محمّد بن سعيد ، المصلوب ، الشامي (1) :
قال ( س ) : الكذّابون المعروفون بوضع الحديث أربعة ... ؛ وذكره منهم.
وقال أبو أحمد الحاكم : يضع الحديث.
وقال أحمد : يضع الحديث عمدا ؛ وصلبه أبو جعفر على الزندقة.
يب : قال ابن نمير : كذّاب ، يضع الحديث.
وقال أبو مسهر : هو من كذّابي الأردن.
وقال أحمد بن صالح المصري : زنديق ، ضربت عنقه ، وضع أربعة آلاف حديث عند هؤلاء الحمقى.
وقال ابن حبّان : يضع الحديث ، لا يحلّ ذكره إلّا على وجه القدح فيه.
وقال الجوزجاني : مكشوف الأمر ، هالك.
وقال الحاكم : ساقط ، لا خلاف بين أهل النقل فيه.
وقال خالد بن يزيد الأزرق : قال محمّد بن سعيد : لم أبال إذا كان
ص: 239
الكلام حسنا أن أجعل له إسنادا.
.. إلى كثير ممّا قيل فيه.
وهذا الكذّاب الشهير بينهم قد روى عنه كبار رواتهم ودلّسوه.
قال في ن : روى عنه ابن عجلان والثوري ومروان الفزاري وأبو معاوية والمحاربي وآخرون ، وقد غيّروا اسمه على وجوه سترا له وتدليسا لضعفه!
.. إلى أن قال : قال عبد اللّه بن أحمد بن سوادة : قلبوا اسمه على مائة اسم وزيادة ، قد جمعتها في كتاب!
ونحوه في يب ، وذكر جماعة كثيرة من أكابر رواتهم الراوين عنه!
وقال في ن : وقد أخرجه ( خ ) في مواضع وظنّه جماعة!
يبعد خفاء الأمر على ( خ ) ، والأقرب أنّه دلّسه اتّباعا لسلفه كما دلّس عبد اللّه بن صالح.
ولو سلّم ، فهو جهل كبير من ( خ ) ، وعيب عظيم في صحيحه!
فإذا كان مثل هذا الكذّاب الشهير قد دلّسه عظماؤهم ، واشتملت على
ص: 240
رواياته صحاحهم ، فكيف تعتبر أخبارهم ، وتلحظ بعين الصحّة والثقة بها؟!
290 - ( خ م د ت ق ) محمّد بن طلحة بن مصرّف اليامي الكوفي (1) :
قال ابن معين : ثلاثة يتّقى حديثهم : محمّد بن طلحة ، وفليح بن سليمان ، وأيّوب بن عتبة ؛ سمعت هذا من أبي كامل مظفّر بن مدرك.
وقال مظفّر : قال محمّد بن طلحة : أدركت أبي كالحلم ؛ وقد روى عن أبيه أحاديث صالحة!
يب : قال عفّان : كان يروي عن أبيه ، وأبوه قديم الموت ، وكان الناس كأنّهم يكذّبونه ، ولكن من يجترئ أن يقول له : أنت تكذب ؛ كانمن فضله وكان.
291 - ( د س ق ) محمّد بن عبد اللّه بن علاثة ، أبو اليسر الحرّاني القاضي (2) :
قال الأزدي : حديثه يدلّ على كذبه.
وقال الدارقطني : متروك.
ص: 241
وقال ابن حبّان : يروي الموضوعات.
يب : قال الحاكم : يروي الموضوعات ؛ ذاهب الحديث.
292 - ( د ق ) محمّد بن عبد الرحمن بن البيلماني (1) :
قال ابن حبّان : حدّث عن أبيه بنسخة شبيها بمائتي حديث كلّها موضوعة.
يب : قال ابن معين : ليس بشيء.
وقال الحاكم : روى عن أبيه [ عن ابن عمر ] المعضلات.
293 - ( ع ) محمّد بن عبيد بن أبي أميّة الطنافسي ، أخو يعلى (2) :
يب : قال أحمد : كان يظهر السنّة ، وكان يخطئ ولا يرجع عن خطئه (3).
وقال العجلي : كان عثمانيا.
وقال [ ابن سعد ] : كان ... صاحب سنّة!
يستفاد من المقام وغيره أنّ صاحب السنّة هو العثمانيّ ، أي الناصب
ص: 242
العداوة لأمير المؤمنين علیه السلام .
فهل من السنّة بغض أخي النبيّ ونفسه؟!
وهل من شرع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الثناء على مبغضي عليّ ، حتّى يمدحوا العثمانيّ بأنّه صاحب سنّة؟!
هذا ممّا تحير به العقول!!
294 - ( ت ق ) (1) محمّد بن عون الخراساني (2) :
قال ( س ) : متروك (3).
وقال ابن معين : ليس بشيء (4).
يب : قال ( د ) : ليس بشيء.
وقال الدولابي والأزدي : متروك [ الحديث ].
295 - ( ت د ق ) محمّد بن فضاء الأزدي ، أبو بحر البصري (5) :
قال ابن معين : ليس بشيء.
ص: 243
وقال ( خ ) : كان سليمان بن حرب يقول : كان يبيع الشراب.
يب : قال ( س ) : ليس بثقة.
296 - ( ت ق ) محمّد بن الفضل بن عطيّة (1) :
قال أحمد : حديثه حديث أهل الكذب.
وقال ابن معين : لا يكتب حديثه.
يب : قال الفلّاس ومسلم و ( س ) وابن خراش والدارقطني :
متروك (2).
وقال صالح جزرة : يضع الحديث.
وقال ابن معين والفلّاس (3) و ( س ) وابن خراش وابن أبي شيبة (4) وإسحاق بن سليمان ويحيى بن الضريس والجوزجاني : كان كذّابا.
297 - ( ت ) محمّد بن القاسم الأسدي (5) :
كذّبه أحمد والدارقطني.
يب : قال ( د ) : غير ثقة ولا مأمون ، أحاديثه موضوعة.
وقال الأزدي : متروك.
ص: 244
298 - ( د ت س ) محمّد بن كثير الصنعاني المصّيصي (1) : ضعّفه أحمد جدّا.
وقال : حدّث بمناكير ليس لها أصل.
وقال يونس بن حبيب : قلت لابن المديني : إنّه حدّث عن الأوزاعي ، عن قتادة ، عن أنس ، قال : رأى النبيّ صلی اللّه علیه و آله أبا بكر وعمر ، فقال : « هذان سيّدا كهول أهل الجنّة » (2) الحديث ..
فقال عليّ : كنت أشتهي أن أرى هذا الشيخ ، فالآن لا أحبّ أن أراه!
يب : قال أحمد : لم يكن عندي ثقة ؛ قيل له : كيف سمعت من
ص: 245
معمر؟ قال : سمعت منه باليمن ، بعث بها إلى إنسان من اليمن.
299 - ( ق ) محمّد بن محصن العكّاشي (1) :
قال الدارقطني : متروك ، يضع.
يب : قال ابن معين وأبو حاتم : كذّاب.
وقال ابن حبّان : يضع الحديث.
300 - ( ع ) محمّد بن مسلم بن تدرس ، أبو الزبير المكّي (2) :
قال سويد بن عبد العزيز : قال لي شعبة : تأخذ عنه وهو لا يحسن أن يصلّي؟!
وقال ورقاء : قلت لشعبة : ما لك تركت حديث أبي الزبير؟! قال :
[ رأيته ] يزن ويسترجح بالميزان.
يب : قال نعيم بن حمّاد : سمعت هشيما يقول : سمعت من أبي الزبير ، فأخذ شعبة كتابي فمزّقه (3).
ن : قال يونس بن عبد الأعلى : سمعت الشافعي ، واحتجّ عليه
ص: 246
[ رجل ] بحديث [ عن ] أبي الزبير ، فغضب ، وقال : أبو الزبير يحتاج إلى دعامة! (1).
وكان ابن حزم يردّ من حديثه ما يقول فيه : « عن جابر » ونحوه ؛ لأنّه عندهم ممّن يدلّس.
301 - ( د ت ق ) محمّد بن يزيد بن أبي زياد الثقفي (2) :
ن : مجهول.
يب : قال أبو حاتم والدارقطني : مجهول.
وقال أحمد : لا يعرف.
302 - ( م ت ق ) محمّد بن يزيد بن محمّد بن كثير ، أبو هشام الرفاعي ، قاضي بغداد (3) :
قال ( خ ) : رأيتهم مجمعين على ضعفه.
وقال ابن نمير : يسرق الحديث.
وقال أيضا : أضعفنا طلبا ، وأكثرنا غرائب.
يب : قال الحسين بن إدريس : سألت عثمان بن أبي شيبة عنه فقال :
يسرق حديث غيره فيرويه!
قلت : أعلى وجه التدليس أو الكذب؟
ص: 247
قال : كيف يكون تدليسا وهو يقول : « حدّثنا »؟!
303 - ( ت ق ) محمّد بن يعلى السلمي ، أبو عليّ ، الملقّب ب : زنبور (1) :
قال ( خ ) : ذاهب الحديث.
وقال أبو حاتم : متروك (2).
وقال ( س ) : ليس بثقة.
يب : قال العجلي : ترك الناس حديثه.
304 - ( م د س ) مخرمة بن بكير بن عبد اللّه بن الأشجّ ، أبو المسور (3) :
يب : قال ابن معين : وقع إليه كتاب أبيه ولم يسمعه.
وقال الساجي : يدلّس.
ن : قال ابن معين : ليس [ حديثه ] بشيء.
ص: 248
وقال أحمد : لم يسمع من أبيه [ شيئا ] (1).
305 - ( ق ) مروان بن سالم الغفاري الشامي الجزري ، مولى بني أميّة (2) :
قال أحمد : ليس بثقة (3).
وقال الدارقطني : متروك [ الحديث ] (4).
وقال أبو عروبة الحرّاني : يضع الحديث.
يب : قال ( س ) : متروك [ الحديث ] (5).
وقال الساجي : كذّاب ، يضع الحديث.
وقال أبو حاتم : لا يكتب حديثه.
306 - ( خ ق ) مطّرح بن يزيد الأسدي ، أبو المهلّب (6) :
ن : مجمع على ضعفه.
ص: 249
وقال يحيى : ليس بثقة.
يب : قال يحيى والنسائي (1) : ليس بشيء.
307 - ( د ت ق ) مظاهر بن أسلم (2) :
قال ابن معين : ليس بشيء.
يب : قال أبو عاصم النبيل : ليس بالبصرة حديث أنكر من حديثه.
وقال ( د ) : مجهول.
سعيد.
يب : قال أبو إسحاق الفزاري : ما كان بأهل أن يروى عنه.
وقال موسى بن سلمة : تركته ولم أكتب عنه.
309 - ( ت ق ) معاوية بن يحيى ، أبو روح الصدفي الدمشقي (1) :
قال ابن معين : ليس بشيء.
زاد في يب : هالك.
وفي يب أيضا : قال الجوزجاني : ذاهب الحديث.
وقال ( س ) : ليس بشيء.
وقال أحمد : تركناه.
وقال ابن حبّان : كان يشتري الكتب ويحدّث بها ، ثمّ تغيّر حفظه ، فكان يحدّث بالوهم (2).
310 - ( ع ) معلّى بن منصور ، أبو يعلى (3) :
ن : حكى ابن أبي حاتم عن أبيه : قيل لأحمد : كيف لم تكتب عنه؟!
ص: 251
قال : يكذب (1).
يب : نقل عبد الحقّ عن أحمد أنّه رماه بالكذب.
وقال ابن سعد : من أصحاب الحديث من لا يروي عنه.
311 - ( ق ) معلّى بن هلال الطحّان (2) :
قال ابن معين : هو من المعروفين بالكذب ووضع الحديث.
وقال أحمد : أحاديثه موضوعة.
وقال ابن المبارك لوكيع : عندنا شيخ ... يضع كما يضع المعلّى.
وذكر في يب جماعة تزيد على عشرة وصفوه بالكذب.
312 - ( ع ) المغيرة بن مقسم ، أبو هشام ، الفقيه الكوفي (3) :
قال ابن فضيل : يدلّس.
يب : قال أحمد : حديثه مدخول ، عامّة ما روى عن إبراهيم إنّما سمعه من حمّاد ، ومن يزيد بن الوليد ، والحارث العكلي ، وعبيدة ، وغيرهم.
وقال العجلي : كان عثمانيا.
ص: 252
وقال إسماعيل القاضي : ليس بالقويّ فيمن لقي ، لأنّه يدلّس ، فكيف إذا أرسل؟!
وقال ابن حبّان : كان مدلّسا.
313 - ( م 4 ) مقاتل بن حيّان النبطي ، أبو بسطام ، البلخي الخزّاز (1) :
كان أحمد لا يعبأ به.
ونقل الأزدي عن وكيع أنّه كذّبه.
314 - ( م 4 ) مكحول الدمشقي الشامي (2) :
ن : صاحب تدليس.
وقال ابن سعد : ضعّفه جماعة.
يب : قال ابن سعد : كان يقول بالقدر ، وكان ضعيفا في حديثه
ص: 253
ورأيه.
315 - ( ت ق ) موسى بن عبيدة الربذي (1) :
قال أحمد : لا يكتب حديثه.
وقال ابن معين : ليس بشيء.
وقال يحيى بن سعيد : كنّا نتّقيه (2).
يب : قال أحمد مرّة : لا يشتغل به.
وأخرى : لا تحلّ الرواية عنه عندي.
316 - ( ت ق ) موسى بن محمّد بن إبراهيم بن الحارث التيمي (3) :
قال ابن معين : ليس بشيء ، ولا يكتب حديثه.
وقال الدارقطني : متروك.
يب : قال ( د ) : لا يكتب حديثه.
يب : قال بندار : كتبت عنه كثيرا ثمّ تركته.
وقال أحمد : شبه لا شيء.
318 - ( ت ق ) ميمون بن موسى المرئي (1) :
قال أحمد : يدلّس.
يب : قال الفلّاس : يدلّس.
وقال ابن حبّان : يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات ، لا يجوز الاحتجاج به.
* * *
ص: 255
ص: 256
319 - ( 4 ) نجيح بن عبد الرحمن السندي ، أبو معشر (1) :
كان يحيى بن سعيد يضحك إذا ذكره.
يب : قال ابن المديني : كان ضعيفا ضعيفا.
وقال ابن معين : ليس بشيء.
وقال نصر بن طريف : أكذب من في السماء و [ من في ] الأرض.
وقال أبو نعيم : روى الموضوعات ، لا شيء.
320 - ( ق ) نصر بن حمّاد الورّاق (2) :
قال ابن معين : كذّاب.
وقال مسلم : ذاهب الحديث.
وقال صالح جزرة : لا يكتب حديثه.
يب : قال أبو حاتم والأزدي : متروك [ الحديث ].
ص: 257
321 - ( م 4 ) النعمان بن راشد الجزري ، أبو إسحاق ، مولى بني أميّة (1) : يب : قال ابن معين : ليس بشيء.
وضعّفه يحيى القطّان جدّا. 3
322 - ( خ د ت ق ) نعيم بن حمّاد الخزاعي ، أبو عبد اللّه (2) :
قال ( د ) : كان عنده نحو عشرين حديثا عن النبيّ صلی اللّه علیه و آله لا أصل لها.
يب : قال الدولابي : قال ( س ) : ضعيف (3).
وقال غيره : [ كان ] يضع الحديث في تقوية السنّة.
وقال الأزدي : قالوا : يضع الحديث في تقوية السنّة (4).
وقال ابن معين : ليس [ في الحديث ] بشيء.
323 - ( م س ت ق ) نعيم بن أبي هند الأشجعي الكوفي (5) :
قال أبو حاتم : قيل للثوري : لم لم تسمع منه؟! قال : كان يتناول عليّا علیه السلام .
ص: 258
ن : هو لون غريب ، كوفيّ ناصبيّ!
324 - ( ت ق ) نفيع بن الحارث ، أبو داود الأعمى ، القاصّ الكوفي (1) :
قال ( س ) والدارقطني : متروك (2).
يب : قال ابن معين : ليس بشيء (3) ، يضع.
وقال ( س ) مرّة : ليس بثقة ، ولا يكتب حديثه.
وقال الحاكم : روى أحاديث موضوعة.
وقال الدولابي : متروك.
325 - ( د ت ق ) النهّاس بن قهم القيسي ، أبو الخطّاب البصري (4) :
تركه يحيى القطّان.
يب : قال ابن معين مرّة : ليس بشيء.
وقال ابن عديّ : لا يساوي شيئا.
* * *
ص: 259
ص: 260
326 - ( خ م س ) هشام بن حجير المكّي (1) :
ن : سئل عنه يحيى القطّان فلم يرضه ، وضرب عليه.
يب : ضعّفه ابن معين جدّا.
وقال ابن المديني ، عن يحيى بن سعيد : خليق أن أدعه ؛ قلت :
أضرب على حديثه؟ قال : نعم.
وقال ( د ) : ضرب الحدّ بمكّة.
327 - ( ع ) هشام بن حسّان ، أبو عبد اللّه القردوسي البصري (2) :
قال وهيب : قال لي الثوري : أفدني عن هشام ؛ فقلت : لا أستحلّ [ ذلك ].
وقال ابن عيينة : لقد أتى هشام أمرا عظيما بروايته عن الحسن.
وقال عبّاد بن منصور : ما رأيته عند الحسن قطّ.
وقال جرير بن حازم : قاعدت الحسن سبع سنين ما رأيته عنده قطّ.
ص: 261
وكان شعبة يتّقي حديثه عن عطاء [ وعكرمة ] (1) والحسن.
يب : قال ( د ) : كانوا يرون أنّه أخذ كتب حوشب (2).
وقال سفيان بن حبيب : ربّما سمعته يقول : سمعت عطاء ؛ وأجيء بعد ذلك فيقول : حدّثني الثوري وقيس عن عطاء ، هو ذاك بعينه ؛ قلت له :
إثبت على أحدهما ؛ فصاح بي!
329 - ( م 4 ) هشام بن سعد ، أبو عبّاد المدني (1) : يب : قال أحمد : هو كذا وكذا ، كان يحيى بن سعيد لا يروي عنه (2).
وقال ابن معين : ليس بشيء.
330 - ( خ 4 ) هشام بن عمّار السلمي ، أبو الوليد ، خطيب دمشق [ ومقرئها ] ومحدّثها وعالمها (3) :
وقال ( د ) : حدّث بأربعمائة حديث [ مسندة ] (4) ليس لها أصل.
وقال عبد اللّه بن محمّد بن سيّار : كان يلقّن كلّ شيء ما كان من حديثه ، ويقول : أنا [ قد ] أخرجت هذه الأحاديث صحاحا.
يب : قال ( د ) : كان فضلك يدور على أحاديث أبي مسهر وغيره (5) يلقّنها هشاما ، فيحدّث بها ، وكنت أخشى أن يفتق (6) في الإسلام فتقا.
ص: 263
331 - ( ع ) هشيم بن بشير السلمي ، أبو معاوية الواسطي (1) : يب : قيل لابن معين في تساهل هشيم ، فقال : ما أدراه ما يخرج من رأسه!
ن : قال الثوري : لا تكتبوا عنه.
وقال ابن القطّان : لهشيم صنعة محذورة في التدليس ، فإنّ الحاكم أبا عبد اللّه ذكر أنّ جماعة من أصحابه اتّفقوا [ يوما ] على أن لا يأخذوا عنه تدليسا ، ففطن لذلك ، فجعل يقول في كلّ حديث يذكره : حدّثنا حصين ومغيرة عن إبراهيم ؛ فلمّا فرغ قال لهم : هل دلّست [ لكم ] اليوم؟! قالوا :
لا ؛ فقال : لم أسمع من مغيرة ممّا ذكرته حرفا ، إنّما قلت : حدّثني حصين [ وهو مسموع لي ] (2) ؛ ومغيرة غير مسموع لي!
يب : قال العجلي وابن حبّان : مدلّس.
وقال ابن سعد : يدلّس كثيرا.
* * *
ص: 264
334 - ( ع ) الوليد بن كثير المخزومي ، مولاهم (1) : قال ( د ) : إباضي.
يب : قال الساجي : كان إباضيا.
335 - ( ت ق ) الوليد بن محمّد الموقّري (2) ، أبو بشر البلقاوي ، مولى يزيد بن عبد الملك (3) :
قال ابن المديني : لا يكتب حديثه.
وقال ابن معين : كذّاب.
يب : قال محمّد بن عوف (4) : ضعيف كذّاب.
وقال ( س ) مرّة : ليس بثقة.
ومرّة : متروك [ الحديث ] (5).
ص: 266
زاد في ن : وهو يقول فيها : قال الأوزاعي (1).
وقال في ن : قال أبو مسهر : الوليد مدلّس ، وربّما دلّس عن الكذّابين.
وفي ن : إذا قال الوليد : عن ابن جريج ، أو : عن الأوزاعي ؛ فليس بمعتمد ، لأنّه يدلّس عن كذّابين.
يب : قال أحمد : كان رفّاعا.
وقال : اختلطت عليه أحاديث ما سمع وما لم يسمع ، وكانت له منكرات.
337 - ( ع ) وهب بن جرير بن حازم الأزدي ، أبو العبّاس البصري (1) : قال أحمد : قال ابن مهدي : هاهنا قوم يحدّثون عن شعبة ، ما رأيناهم عنده - يعرّض بوهب -.
يب : قال أحمد : ما رؤي وهب عند شعبة قطّ (2) ، ولكن كان وهب صاحب سنّة (3) ، حدّث [ كما ] (4) زعموا عن شعبة بنحو أربعة آلاف حديث.
* * *
ص: 269
ص: 270
338 - ( د ت ق ) يحيى بن أبي حيّة ، أبو جناب الكلبي (1) :
قال الفلّاس : متروك (2).
وقال أبو زرعة : يدلّس.
ن : قال ابن الدورقي [ عن يحيى بن معين ] (3) : يدلّس (4).
يب : قال أبو حاتم : لا يكتب حديثه.
وقال ( س ) : ليس بثقة.
وقال ( س ) ويزيد بن هارون وأبو نعيم وابن معين وابن حبّان وابن خراش ويعقوب بن سفيان : يدلّس.
وقال ابن نمير : أفسد حديثه بالتدليس.
ص: 271
وهو سنّة عن كبارهم كما عرفت (1).
339 - ( ت ) يحيى بن أكثم ، القاضي (2) :
[ يب : ] (3) قال ابن معين : يكذب.
وقال أبو عاصم : كذّاب.
وقال إسحاق بن راهويه : ذلك الرجل الدجّال - يعني ابن أكثم -.
340 - ( ت ) يحيى بن أبي أنيسة (4) :
قال ابن معين : ليس بشيء.
وقال أحمد والدارقطني : متروك (5).
وقال الفلّاس : أجمعوا على ترك حديثه.
341 - ( ع ) يحيى بن سعيد بن قيس ، أبو سعيد المدني الأنصاري القاضي النجّاري (6) :
يب : قال يحيى بن سعيد القطّان : يدلّس.
ص: 272
وقال الدمياطي : يقال إنّه يدلّس.
342 - ( خ م د ت ق ) يحيى بن صالح الوحاظي (1) :
قال أحمد بن صالح المصري : حدّثنا يحيى بن صالح ثلاثة عشر حديثا عن مالك ما وجدناها عند غيره.
يب : قال مهنّأ : سألت أحمد عنه ، فجعل يضعّفه (2).
وقال أحمد : لم أكتب عنه لأنّي رأيته يسيء الصلاة.
وقال العقيلي : هو كذا وكذا.
343 - ( خ م س ت ) يحيى بن عبّاد الضبعي ، أبو عبّاد البصري (3) :
يب : ضعّفه الساجي وقال : لم يحدّث عنه أحد من أصحابنا
ص: 273
بالبصرة.
وقال عبد اللّه بن المديني : ليس ممّن أحدّث عنه.
344 - ( خ م ق ) يحيى بن عبد اللّه بن بكير ، أبو زكريّا المصري الحافظ ، وقد ينسب إلى جدّه (1) :
قال ( س ) : ليس بثقة.
يب : قال ابن معين : ليس بشيء.
345 - ( ت ق ) يحيى بن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن موهب التيمي المدني (2) :
تركه يحيى القطّان.
وقال ابن معين : ليس بشيء.
وقال شعبة : رأيته يصلّي صلاة لا يقيمها ، فتركت حديثه.
يب : قال ابن معين : لا يكتب حديثه.
وقال أبو حاتم : لا يشتغل به.
وقال ( س ) مرّة : متروك [ الحديث ].
وأخرى : لا يكتب حديثه.
وقال مسلم بن الحجّاج : ساقط ، متروك [ الحديث ].
وقال أبو عبد اللّه الحاكم : يضع الحديث.
ص: 274
346 - ( ع ) يحيى بن أبي كثير ، أبو نصر اليمامي (1) : قال العقيلي : يذكر بالتدليس.
وقال يحيى القطّان : مرسلاته شبه الريح.
وقال همّام : كنّا نحدّثه بالغداة ، فإذا جاء العشيّ قلبه علينا.
يب : قال ابن حبّان : يدلّس ، فكلّ ما روى عن أنس فقد دلّس عنه ، لم يسمع من أنس ولا من صحابي.
349 - ( م 4 ) يحيى بن يمان ، أبو زكريّا العجلي الكوفي (1) : ن : قال أبو بكر بن عيّاش : ذاهب الحديث.
يب : قال ابن معين : لم يبال أيّ شيء حدّث ، كان يتوهّم الحديث.
وقال وكيع : هذه الأحاديث التي يحدّث بها ليست من أحاديث الثوري.
350 - ( ت ق ) يزيد بن أبان الرقاشي ، أبو عمرو ، القاصّ الزاهد (2) :
قال ( س ) : متروك (3).
وقال شعبة : لأن أزني أحبّ إليّ من أن أحدّث عنه.
يب : [ قال عمرو بن عليّ : ] كان يحيى بن سعيد لا يحدّث عنه.
وقال أحمد : لا يكتب حديثه.
وقال ( س ) : ليس بثقة.
وقال أبو أحمد الحاكم : متروك [ الحديث ].
ص: 276
351 - ( ت ق ) يزيد بن زياد القرشي الدمشقي ، ويقال : ابن أبي زياد (1) : قال ( س ) : متروك الحديث.
يب : قال ابن نمير : ليس بشيء.
وقال أبو حاتم مرّة : ذاهب الحديث.
ومرّة : ضعيف الحديث ، كأنّه موضوع.
352 - ( ت ق ) يزيد بن سنان ، أبو فروة الرهاوي (2) :
قال ( س ) : متروك (3).
يب : قال ( د ) : ليس بشيء.
وقال ابن عديّ : أحاديثه مسروقة.
353 - ( ت ق ) يزيد بن عياض بن جعدبة الليثي ، أبو الحكم (4) :
رماه مالك بالكذب.
وقال ابن معين مرّة : يكذب.
وأخرى : ليس بشيء.
ص: 277
وقال ( س ) : متروك (1).
يب : قال أحمد بن صالح : أظنّه [ كان ] يضع للناس.
وقال ( د ) : ترك حديثه [ ابن عيينة ].
وقال ( س ) : ليس بثقة ، ولا يكتب حديثه.
وقال الأزدي : متروك الحديث.
354 - ( ت ق ) يعقوب بن الوليد ، أبو يوسف ، وقيل : أبو هلال (2) :
قال أحمد : من الكذّابين الكبار ، يضع الحديث.
وقال ابن معين : كذّاب.
ن : كذّبه أبو حاتم.
يب : قال الفلّاس : ضعيف [ الحديث ] جدّا.
وقال ( س ) مرّة : ليس بشيء ، متروك [ الحديث ].
ومرّة : ليس بثقة ، لا يكتب حديثه.
وقال ابن حبّان : يضع الحديث.
355 - ( ق ) يوسف بن خالد ، الفقيه ، البصري ، الليثي (3) :
قال أبو حاتم : له كتاب وضعه في التجهّم ، ينكر فيه الميزان والقيامة.
ص: 278
وقال ابن معين : كذّاب.
زاد في يب : زنديق ، لا يكتب حديثه.
يب : قال الفلّاس : يكذب.
وقال ( د ) : كذّاب.
وقال ابن معين : يكذب (1).
وقال ابن حبّان : يضع الأحاديث.
356 - ( م د ت ق ) يونس بن بكير بن واصل الشيباني الجمّال (2) :
قال ( د ) : يأخذ كلام ابن إسحاق فيوصله بالأحاديث.
ن : قال ابن المديني : لا أحدّث عنه.
وقال يحيى الحمّاني : لا أستحلّ الرواية عنه.
وقال ابن معين : مرجئ يتّبع السلطان.
ص: 279
ومثله في يب عن الساجي.
وفي الكتابين : قال إبراهيم عن ابن معين : ثقة ، كان مع جعفر بن يحيى ، وكان موسرا ؛ فقال له رجل : إنّهم يرمونه بالزندقة؟! فقال : كذب ، رأيت ابني أبي شيبة أتياه فأقصاهما ، فذهبا يتكلّمان فيه.
من البعيد أن تجتمع الوثاقة مع اتّباع السلطان الجائر ، كما يشكل أنّ من يتكلّم في الناس للرضا والسخط يكون حجّة في الجرح والتعديل.
* * *
ولنكتف بهذا المقدار من الأسماء مضيفين إليها بعض من اشتهر بكنيته ..
ص: 280
357 - ( د ت ق ) أبو بكر بن عبد اللّه بن أبي مريم الغسّاني الشامي الحمصي ، وقد ينسب إلى جدّه (1) :
قال أحمد : ليس بشيء.
يب : قال الدارقطني : متروك.
وقال ابن حبّان : استحقّ الترك.
ومثله في يب عن أحمد.
359 - ( ع ) أبو بكر بن أبي موسى الأشعري (1) :
يب : قال ( د ) : كان يذهب مذهب أهل الشام ، جاءه أبو العادية (2) قاتل عمّار ، فأجلسه إلى جنبه وقال : مرحبا بأخي!
وقال أحمد : ما سمع من أبيه.
يعني أنّه مدلّس ، أو كاذب في ما يرويه عن أبيه.
360 - ( ق ) أبو بكر الهذلي (3) :
يب : قال ابن معين مرّة : ليس بثقة.
وأخرى : ليس بشيء.
وقال غندر : يكذب.
ص: 282
وقال ( س ) : ليس بثقة ، ولا يكتب حديثه.
وقال ( س ) وعليّ بن الجنيد : متروك [ الحديث ].
وقال ابن المديني : ليس بشيء.
وقال مرّة : ضعيف جدّا.
وأخرى : ضعيف ضعيف.
وقال الدارقطني : متروك.
361 - ( د ت (1) ق ) أبو زيد ، مولى عمرو بن حريث (2) :
قال أبو أحمد الحاكم : مجهول.
يب : قال ( خ ) وأبو زرعة وأبو إسحاق الحربي : مجهول.
وقال ابن عبد البرّ : اتّفقوا على أنّه مجهول وحديثه منكر.
362 - ( ق ) أبو سلمة العاملي الشامي الأزدي ، اسمه : الحكم بن عبد اللّه بن خطّاف ، وقيل : عبد اللّه بن سعد (3) :
قال أبو حاتم : كذّاب.
ص: 283
يب : قال ( س ) : ليس بثقة ، ولا يكتب حديثه.
وقال الدارقطني : يضع الحديث.
وقال أبو مسهر : كذّاب.
363 - ( د ت ق ) أبو سورة ، ابن أخي أبي أيّوب الأنصاري (1) :
يب : قال الدارقطني : مجهول.
وضعّفه ابن معين جدّا.
365 - ( ق ) (1) أبو مالك الواسطي النخعي (2) : يب : قال ابن معين : ليس بشيء.
وقال ( س ) : ليس بثقة ، ولا يكتب حديثه.
وقال ( س ) أيضا والأزدي : متروك الحديث (3).
366 - ( د ت ق ) أبو المهزّم التميمي البصري ، اسمه : يزيد - أو : عبد الرحمن - بن سفيان (4) :
ذكره في ن في من اسمه يزيد.
تركه شعبة.
وقال ( س ) : متروك (5).
يب : قال ابن معين : لا شيء.
وقال ( س ) : ليس بثقة.
* * *
ص: 285
وبهذا فلتتمّ المقدّمة ، وقد فاتنا الكثير ، لأنّنا إنّما أردنا الكشف عن أحوال صحاحهم في الجملة.
ولنشرع بالمقصود مستعينين باللّه سبحانه ..
* * *
ص: 286
مقدمة التحقيق ... 5
أجلى البرهان في نقد كتاب ابن روزبهان ... 5
علم الجدل ... 6
الجدل في القرآن ... 7
الجدل بالحقّ : إقامة الحجّة المعتبرة ... 11
الحجّة المعتبرة : الكتاب والسنّة ... 12
آداب المناظرة والجدل ... 14
علم الكلام ... 16
تعريف علم الكلام وفائدته ... 16
من كتب الإمامية في أصول الدين ... 19
من كتب أهل السنّة في أصول الدين ... 21
موضوعات كتب أصول الدين ... 22
هل علم الكلام من أسباب هزائمنا؟ ... 23
أثر علم الكلام في التشيّع ... 24
من المسائل الخلافية في علم الكلام ... 25
الإمامة ... 26
وجوب الإمامة ... 27
تعريف الإمامة ... 28
الإمامة من أصول الدين ... 30
على من يجب نصب الإمام؟ ... 32
من هو الإمام بعد النبيّ؟! ... 36
إلتزام الإمامية بالجدل بالتي هي أحسن ... 37
ص: 287
موقف الشيعة من هجوم الخصوم ... 41
نهج الحقّ وكشف الصدق ، للعلّامة الحلّي ... 50
إبطال نهج الباطل وإهمال كشف العاطل ، لابن روزبهان ...54
دراسات في مسائل الإمامة من كتاب ابن روزبهان ... 55
أوّلا - السبّ والشتم ... 55
ثانيا - التعاطف مع بني أميّة ومناوئي أمير المؤمنين ... 61
1 - عائشة ... 62
2 - أمراء بني أميّة ... 62
3 - معاوية ... 63
4 - عبد اللّه بن الزبير ... 68
5 - أنس بن مالك ... 69
ثالثا - التكذيب بقضايا ثابتة ... 69
1 - كون أبي بكر في جيش أسامة ... 70
2 - تفرّد أبي بكر برواية حديث « نحن معاشر الأنبياء ... » ... 71
3 - كشف أبي بكر بيت فاطمة علیهاالسلام ... 72
4 - تحريم عمر المغالاة في المهر ... 80
5 - ابتداع عمر صلاة التراويح ... 83
6 - حكم عمر بن برجم الحامل والمجنونة ... 86
7 - ضرب عثمان عبد اللّه بن مسعود ... 89
8 - ضرب عثمان عمّار بن ياسر ... 90
9 - سبّ معاوية أمير المؤمنين علیه السلام ... 91
10 - قراءة الشافعي على محمّد بن الحسن الشيباني ... 93
رابعا - الطعن في علماء أهل السنّة ... 94
خامسا - النقل والاعتماد على المتعصّبين ... 100
* دفاعه عن الجاحظ ... 100
* اعتماده على ابن الجوزي في كتاب « الموضوعات » ... 101
ص: 288
سادساً - نقل المطلب عن كتاب ، ونفي وجوده في كتاب ... 104
سابعا - التحريفات في الروايات والكلمات ... 107
ثامنا - التناقض ... 119
تاسعا - الخروج عن البحث ، والإباء عن الإقرار بالحقّ ... 123
عاشرا - إنكار فضائل أمير المؤمنين علیه السلام ... 125
ترجمة العلّامة الحلّي ... 159
ترجمة الفضل بن روزبهان ... 162
ترجمة القاضي التستري ... 165
ترجمة الشيخ المظفّر ... 167
نسبه وأسرته ... 167
والده ... 168
والدته ... 169
إخوته ... 169
ولادته ونشأته وسجاياه ... 169
شعره ... 177
مصنّفاته ... 189
وفاته ... 190
أسلوب العمل ومنهج التحقيق ... 195
النسخ المعتمدة ... 196
عملنا في الكتاب ... 200
تنبيهات ... 202
شكر وثناء ... 203
صورة النسخة المخطوطة ... 205
ص: 289
فهرس المحتويات
متن الكتاب
مقدمة المؤلف... 3
المطلب الأوّل : أخبار العامّة حجّة عليهم... 7
الأمر الأوّل : إنهما إما صحيحة السند عندهم ، أو متعدّدة الطرق بينهم... 7
الأمر الثاني : إنها مما يقطع عادة بصحتها... 7
المطلب الثاني : لا قيمة لمناقشة أهل السنّة في السند... 27
الأمر الأوّل : إن علماء الجرح والتعديل ، مطعون فيهم عندهم... 27
أحمد بن حنبل ... 30
يحيى بن سعيد القطّان :... 32
يحيى بن معين :... 32
ابن المديني ، أبو الحسن عليّ بن عبد اللّه بن جعفر :... 33
الترمذي :... 34
الجوزجاني ، إبراهيم بن يعقوب السعدي :... 35
محمّد بن حبّان :... 35
ابن حزم ، وهو : عليّ بن أحمد بن سعيد... 36
الذهبي ، محمد بن أحمد بن عثمان... 37
الأمر الثاني : إلغاء أقوال علمائهم في تضعيف رجال الصحاح الستّة... 38
المطلب الثالث : مناقشة الصحاح الستّة... 41
الأمر الأوّل : كيفيّة جمعها ... 41
الأمر الثاني : اشتمالها على الكفر... 49
الأمر الثالث : تدليس أكثر رواتها ... 53
تدليس البخاري ... 54
تدليس مسلم... 55
خطورة التدليس... 55
الأمر الرابع : جرح أكثر رواتها ... 57
تحقيق حال رجال الصحاح الستّة... 57
ص: 290
حرف الألف
إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة... 61
إبراهيم بن عثمان ، أبو شيبة الكوفي... 61
إبراهيم بن الفضل المخزومي... 62
إبراهيم بن يزيد الخوزي المكّي الأموي... 62
إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي... 63
إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني السعدي... 63
أحمد بن صالح المصري ، أبو جعفر الحافظ... 65
أحمد بن عبد الجبّار العطاردي... 65
أحمد بن عيسى المصري... 66
أحمد بن الفرات الضبّي الحافظ... 67
أزهر بن عبد اللّه الحرازي ... 67
أسامة بن زيد الليثي... 67
أسباط ، أبو اليسع... 68
إسحاق بن إبراهيم الحنيني ... 68
إسحاق بن أسيد ... 69
إسحاق بن عبد اللّه بن أبي فروة... 69
إسحاق بن محمّد بن إسماعيل بن عبد اللّه ابن أبي فروة ... 70
إسحاق بن يحيى بن طلحة بن عبيد اللّه التيمي ... 70
إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ، أبو يوسف الكوفي... 71
إسماعيل بن إبراهيم بن معمر ، أبو معمر الهذلي القطيعي ... 71
إسماعيل بن رافع المدني ، نزيل البصرة ... 72
إسماعيل بن سميع الكوفي ، الحنفي ، بيّاع السابري ... 72
ص: 291
إسماعيل بن عبد اللّه ، أبي أويس بن عبد اللّه الأصبحي... 76
إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة ، أبو محمّد السدّي... 77
إسماعيل بن مسلم البصري... 77
أسيد بن زيد ... 78
أشعث بن سعيد البصري ، أبو الربيع السمّان ... 78
أشهل بن حاتم... 79
أفلح بن سعيد الأنصاري القبائي ... 79
أيّوب بن خوط ، أبو أميّة البصري ... 79
أيّوب بن سويد الرملي ... 80
أيّوب بن قطن ... 81
أيّوب بن النجّار الحنفي ، اليمامي ... 81
حرف الباء
باذام ، أبو صالح... 83
البختري بن عبيد الشامي ... 83
بسر بن أرطأة ، ويقال : ابن أبي أرطأة ... 84
بشر بن رافع الحارثي ، أبو الأسباط النجراني... 85
بشر بن نمير... 85
بشير - مصغراً - لبن مهاجر الغنوي الكوفي... 86
بشير بن ميمون... 86
بقيّة بن الوليد بن صائد الحمصي الكلاعي ، أبو محمّد ... 87
بكر بن خنيس العابد ... 88
بهز بن حكيم بن معاوية القشيري ... 88
ص: 292
حرف التاء
تمّام بن نجيح الدمشقي ، نزيل حلب ... 89
حرف الثاء
ثعلبة بن عباد العبدي ... 91
ثور بن يزيد بن زياد الكلاعي الحمصي ... 91
حرف الجيم
الجرّاح بن مليح ، والد وكيع ... 93
جعفر بن الزبير الدمشقي ... 93
جعفر بن ميمون ، بيّاع الأنماط ... 94
جعفر بن يحيى بن ثوبان ... 94
حرف الحاء
حاجب بن عمر الثقفي ، أبو خشينة ... 95
الحارث بن زياد ، شامي ... 95
الحارث بن عمرو ، ابن أخي المغيرة بن شعبة ... 96
الحارث بن عمير البصري ، نزيل مكّة ، والد حمزة ... 96
الحارث بن نبهان الجرمي البصري ... 96
حارثة بن أبي الرجال ... 97
حبيب بن أبي ثابت ... 97
حبيب بن أبي حبيب يزيد الجرمي الأنماطي ... 98
حبيب بن أبي حبيب المصري ، كاتب مالك ... 98
ص: 293
حجّاج بن أرطأة بن ثور ، أبو أرطأة ، الكوفي ، القاضي ... 98
حريث بن أبي مطر الفزاري الحنّاط... 100
حريز بن عثمان الرحبي الحمصي ... 100
حسام بن مصكّ الأزدي البصري ... 101
الحسن بن عليّ النوفلي الهاشمي ... 101
الحسن بن عمارة بن المضرّب الكوفي... 102
الحسن ، أبو سعيد بن يسار أبي الحسن البصري... 102
الحسين بن عبد اللّه بن عبيد اللّه بن عبّاس بن عبد المطّلب ... 103
الحسين بن قيس الرحبي الواسطي... 103
حشرج بن زياد الأشجعي ... 104
حصين بن عمر الأحمسي ... 104
حصين بن نمير الواسطي ، أبو محصن الضرير ... 104
حفص بن سليمان ، أبو عمر الأسدي ... 105
حمّاد بن أسامة ، أبو أسامة ... 105
حمّاد بن أبي سليمان مسلم الأشعري ... 106
حمّاد بن حميد ... 106
حمزة بن أبي حمزة النصيبي ... 107
حميد بن أبي حميد تيرويه الطويل ، أبو عبيدة البصري ... 107
حنان بن خارجة السلمي الشامي ... 108
حنظلة بن عبد اللّه السدوسي البصري ... 108
حرف الخاء
خارجة بن مصعب السرخسي ... 109
خالد بن إلياس - ويقال : إياس - العدوي ... 109
ص: 294
خالد بن سلمة بن العاص المخزومي ، المعروف ب : الفأفاء ... 110
خالد بن عرفطة - أو : ابن عرفجة - ... 112
خالد بن عبد اللّه القسري ... 113
خالد بن عمرو الأموي السعيدي ... 114
خالد بن يزيد الدمشقي ... 114
خثيم بن عراك بن مالك ... 115
خلاس بن عمرو البصري الهجري ... 115
الخليل بن زكريّا البصري ... 116
حرف الدال
داود بن الحصين الأموي ، مولاهم ... 117
داود بن الزبرقان الرقاشي ... 117
داود بن المحبّر ... 118
داود بن يزيد الأودي الأعرج ... 118
درّاج بن سمعان ، أبو السمح المصري ... 119
حرف الذال
ذُؤاد بن عُلبَة الحارثي ، أبو المنذر ... 121
حرف الراء
رباح بن أبي معروف المكّي ... 123
الربيع بن بدر ، أبو العلاء البصري ، المعروف ب : عليلة ... 123
رشدين بن سعد بن مفلح ، أبو الحجّاج المصري ... 124
روح بن أسلم الباهلي... 124
ص: 295
حرف الزاي
زكريّا بن أبي زائدة ، أبو يحيى الكوفي ... 125
زمعة بن صالح الجندي اليماني ، نزيل مكّة ... 125
زميل بن عبّاس المدني الأسدي... 126
زهير بن محمّد التميمي المروزي ... 126
زهير بن معاوية ، أبو خيثمة الكوفي الجعفي ... 126
زياد بن جبير بن حيّة الثقفي البصري ... 126
زياد بن عبد اللّه بن الطفيل البكّائي العامري ... 127
زياد بن علاقة بن مالك الثعلبي ، ابن أخي قطبة ... 127
زيد بن جبيرة ، أبو جبيرة الأنصاري ... 127
زيد بن حبّان الرقّي ... 127
زيد بن الحواري ، أبو الحواري... 128
حرف السين
سالم بن أبي الجعد رافع... 129
سالم بن عجلان الأفطس الأموي ... 129
السريّ بن إسماعيل ، ابن عمّ الشعبي ... 130
سعد بن طريف الإسكاف الحنظلي الكوفي ... 130
سعد بن عثمان الرازي الدشتكي ... 130
سعيد بن حيّان التيمي ، من تيم الرباب ... 131
سعيد بن زيد بن درهم ، أخو حمّاد ... 131
سعيد بن محمّد الورّاق ... 131
سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ... 132
ص: 296
سفيان بن عيينة الهلالي ... 133
سفيان بن وكيع بن الجرّاح ... 134
سلّام بن سليم - أو : سلم - الطويل ... 134
سلم بن عبد الرحمن النخعي الكوفي ، أخو حصين ... 135
سلمة بن الأزرق ، حجازي ... 135
سليمان بن أرقم ، أبو معاذ البصري ... 135
سليمان بن داود ، أبو داود الطيالسي البصري... 136
سليمان بن طرخان ، أبو المعتمر البصري ... 137
سمرة بن سهم... 137
سهيل بن أبي صالح ، ذكوان السمّان ، أبو يزيد المدني ... 138
سويد بن سعيد ، أبو محمّد الهروي الحدثاني الأنباري ... 138
سويد بن عبد العزيز ، الواسطي أصلا ، القاضي ... 139
سيف بن محمّد الثوري... 139
سيف بن هارون ، أبو الورقاء ... 140
حرف الشين
شبابة بن سوّار المدائني ، قيل : اسمه مروان ... 141
شبث بن ربعي التميمي اليربوعي ... 141
شبيب بن عبد الملك التميمي البصري ... 142
شريق الهوزني الحمصي ... 143
شريك بن عبد اللّه النخعي ، أبو عبد اللّه القاضي ... 143
شعيب بن صفوان ، أبو يحيى الكوفي ... 143
شهر بن حوشب الأشعري الشامي ... 143
حرف الصاد
صالح بن بشير ، أبو بشر المرّي البصري... 145
ص: 297
صالح بن حسّان النضري ، ويقال : صالح ابن أبي حسّان ... 145
صالح بن أبي حسّان المدني... 146
صالح بن رستم ، أبو عامر الخزّاز ... 146
صالح بن موسى الطلحي ... 146
صالح بن نبهان ، مولى التّوأمة ... 147
صدقة بن عبد اللّه السمين ، أبو معاوية الدمشقي ... 147
الصلت بن دينار الأزدي البصري ، أبو شعيب المجنون ... 147
حرف الضاد
الضحّاك بن مزاحم ، المفسّر... 149
حرف الطاء
طارق بن عمرو المكّي ، القاضي ... 151
طريف بن شهاب السعدي ، الأشلّ ، أبو سفيان البصري ... 152
طلحة بن زيد القرشي... 152
طلحة بن عمرو الحضرمي ، صاحب عطاء ... 153
طلحة بن مصرّف الهمداني اليامي الكوفي ... 153
طلحة بن نافع ، أبو سفيان الواسطي... 153
طلحة بن يحيى بن النعمان الزرقي... 154
حرف العين
عاصم بن بهدلة ، ابن أبي النجود الكوفي ، أبو بكر... 155
عاصم بن عبيد اللّه بن عاصم بن عمر بن الخطّاب ... 155
عاصم بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطّاب ... 156
عامر بن صالح ... 156
عبّاد بن زياد بن أبيه... 157
ص: 298
عبّاد بن كثير الثقفي البصري ، العابد ... 157
عبّاد بن منصور الناجي ، أبو سلمة ، القاضي البصري ... 158
عبد اللّه بن إبراهيم بن أبي عمرو الغفاري ... 159
عبد اللّه بن بشر الرقّي ، قاضيها ... 159
عبد اللّه بن جعفر بن نجيح ، والد عليّ بن المديني ... 159
عبد اللّه بن خراش... 160
عبد اللّه بن ذكوان ، المعروف بأبي الزناد ... 160
عبد اللّه بن زيد بن أسلم العدوي ، مولى عمر ... 161
عبد اللّه بن سالم الأشعري الحمصي ... 162
عبد اللّه بن سعيد بن كيسان المقبري ... 165
عبد اللّه بن شقيق العقيلي البصري ... 165
عبد اللّه بن صالح بن محمّد بن مسلم ، أبو صالح المصري... 166
عبد اللّه بن طاووس بن كيسان اليماني ... 168
عبد اللّه بن عبيدة بن نشيط ، أخو موسى ... 169
عبد اللّه بن عصمة الجشمي ... 169
عبد اللّه بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطّاب... 169
عبد اللّه بن عيسى الخزّاز ، أبو خلف البصري ... 170
عبد اللّه بن لهيعة بن عقبة الحضرمي المصري ... 170
عبد اللّه بن المثنّى ، أبو المثنّى ... 171
عبد اللّه بن المحرّر ، قاضي الجزيرة ... 171
عبد اللّه بن محمّد العدوي ... 172
عبد اللّه بن مسلم بن هرمز المكّي ... 172
عبد الأعلى بن عامر الثعلبي الكوفي ... 172
عبد الجبّار بن عمر الأيلي الأموي ، مولاهم ... 173
عبد الرحمن بن آدم البصري ، المعروف بصاحب السقاية... 173
عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي مليكة ... 174
ص: 299
عبد الرحمن بن أبي الزناد ، أبو محمّد المدني ... 174
عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ، القاضي الإفريقي ... 175
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوي ... 175
عبد الرحمن بن عبد اللّه بن عمر بن الخطّاب ... 176
عبد الرحمن بن عثمان ، أبو بحر البكراوي البصري ... 176
عبد الرحمن بن محمّد بن زياد المحاربي ، أبو محمّد الكوفي ... 177
عبد الرحمن بن النعمان بن معبد... 177
عبد الرحمن بن هانئ ، أبو نعيم النخعي ... 177
عبد الرحمن بن يزيد بن تميم السلمي الدمشقي ... 178
عبد الرحمن بن يونس ، أبو مسلم المستملي... 178
عبد الرحيم بن زيد... 179
عبد العزيز بن أبان الأموي ... 179
عبد العزيز بن المختار الدبّاغ البصري ... 180
عبد الكريم بن أبي المخارق ، أبو أميّة ... 180
عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي... 181
عبد الملك بن عمير اللخمي ، قاضي الكوفة ... 181
عبد الملك بن نافع الشيباني ... 182
عبد الواحد بن زياد ، أبو بشر العبدي... 182
عبد الوهّاب بن الضحّاك ... 183
عبد الوهّاب بن عطاء الخفّاف ، أبو نصر ... 183
عبد الوهّاب بن مجاهد ... 184
عبيد اللّه بن زحر ... 184
عبيد اللّه بن عبد اللّه بن موهب ، أبو يحيى التيمي ... 184
عبيد اللّه بن الوليد الوصّافي ، أبو إسماعيل الكوفي ... 185
عبيد بن القاسم ... 185
عبيدة بن معتّب الضبّي ، أبو عبد الكريم الكوفي ... 186
ص: 300
عتّاب بن بشير الجزري ... 186
عثمان بن حيّان بن معبد ، أبو المغراء الدمشقي... 186
عثمان بن عاصم بن حصين ، أبو حصين الكوفي... 187
عثمان بن عبد الرحمن بن عمر بن سعد بن أبي وقّاص ... 188
عثمان بن عبد الرحمن بن مسلم الحرّاني المؤدّب ... 189
عثمان بن عمير ، أبو اليقظان الأعمى ... 189
عطاء بن عجلان البصري العطّار ... 189
عطاء بن أبي مسلم الخراساني ... 190
عطاء ، أبو الحسن السوائي ... 190
عطاء العامري الطائفي ، والد يعلى ... 191
عكرمة البربري ، مولى ابن عبّاس ... 191
العلاء بن زيد ... 193
العلاء بن مسلمة الروّاسي... 194
عليّ بن ظبيان ، قاضي بغداد ... 194
عليّ بن عاصم بن صهيب الواسطي ... 195
عليّ بن عبد اللّه بن جعفر ، أبو الحسن ، ابن المديني البصري ... 195
عليّ بن عروة ... 196
عليّ بن مجاهد الكابلي ... 196
عليّ بن أبي هاشم عبيد اللّه... 197
عليّ بن يزيد بن أبي هلال الألهاني... 197
عمّار بن سيف الضبّي ، أبو عبد الرحمن ... 197
عمّار بن محمّد الثوري ، أبو اليقظان... 198
عمارة بن جوين ، أبو هارون العبدي البصري ... 198
عمارة بن حديد البجلي ... 201
عمر بن راشد بن شجرة ، أبو حفص اليمامي ... 201
عمر بن عبد اللّه بن يعلى بن مرّة... 201
ص: 301
عمر بن عليّ بن عطاء بن مقدّم المقدّمي البصري ، أبو جعفر ... 202
عمر بن معتّب ، ويقال : ابن أبي معتّب المدني ... 202
عمر بن هارون البلخي ، مولى ثقيف ... 203
عمرو بن بجدان ... 203
عمرو بن خالد الواسطي ... 204
عمرو بن دينار البصري ، أبو يحيى الأعور... 204
عمرو بن سعيد بن العاص الأموي ، المعروف ب : الأشدق ... 205
عمرو بن عبد اللّه بن الأسوار اليماني ... 206
عمرو بن مرزوق ، أبو عثمان الباهلي البصري ... 207
عمرو بن مسلم الجندي اليماني ، صاحب طاووس ... 209
عمرو بن واقد الدمشقي ، مولى بني أميّة ... 210
عمران بن حذيفة... 210
عمران بن حطّان السدوسي... 211
عمران بن خالد ، أبو خالد ... 213
عمير بن هانئ العنسي ، أبو الوليد الدمشقي الداراني ... 213
عنبسة بن خالد بن يزيد الأيلي الأموي... 215
عنبسة بن سعيد بن العاص الأموي ، أخو عمرو الأشدق ... 215
عنبسة بن عبد الرحمن بن عنبسة بن سعيد ابن العاص الأموي ... 216
عيسى بن عبد الأعلى ... 216
عيسى بن أبي عيسى ميسرة المدني الحنّاط ... 217
عيسى بن ميمون القرشي ... 217
حرف الفاء
فائد بن عبد الرحمن ، أبو الورقاء العطّار الكوفي ... 219
فضيل بن سليمان النميري ، أبو سليمان البصري ... 220
فليح بن سليمان ، أبو يحيى ، واسمه عبد الملك... 220
ص: 302
حرف القاف
القاسم بن عبد اللّه العدوي العمري ... 221
قبيصة بن الهلب ... 221
قتادة بن دعامة ، أبو الخطّاب السدوسي البصري ... 222
قيس بن الربيع ، أبو محمّد الكوفي ... 222
حرف الكاف
كثير بن زاذان النخعي الكوفي ... 223
كثير بن شنظير ، أبو قرّة البصري ... 223
كثير بن عبد اللّه بن عمرو بن عوف المزني المدني ... 223
حرف اللام
لمازة بن زبّار الأزدي ، أبو لبيد البصري ... 225
الليث بن أبي سليم بن زنيم الكوفي ... 230
حرف الميم
مبارك بن فضالة ، أبو فضالة البصري ... 231
المثنّى بن الصبّاح اليماني ... 231
مجالد بن سعيد الهمداني الكوفي ... 232
مجاهد بن جبر المقرئ المكّي ... 232
محمّد بن إسحاق بن يسار ، صاحب ( السيرة )... 233
محمّد بن بشّار بن عثمان ، أبو بكر ، بندار البصري الحافظ ... 234
محمّد بن ثابت العبدي البصري ... 234
محمّد بن جابر السحيمي اليمامي الأعمى ... 234
محمّد بن حاتم بن ميمون القطيعي ، المعروف ب : السمين ... 235
محمّد بن الحسن بن أبي يزيد ... 235
محمّد بن حميد بن حيّان ، الحافظ الرازي ... 235
ص: 303
محمّد بن خازم ، أبو معاوية الضرير الكوفي ... 236
محمّد بن خالد الواسطي الطحّان ... 237
محمّد بن داب المديني ... 237
محمّد بن زياد الألهاني ، أبو سفيان الحمصي ... 237
محمّد بن زياد اليشكري الطحّان ... 238
محمّد بن سعيد ، المصلوب الشامي ... 239
محمّد بن طلحة بن مصرّف اليامي الكوفي ... 241
محمّد بن عبد اللّه بن علاثة ، أبو اليسر الحرّاني القاضي ... 241
محمّد بن عبد الرحمن بن البيلماني ... 242
محمّد بن عبيد بن أبي أميّة الطنافسي ، أخو يعلى ... 242
محمّد بن عون الخراساني ... 243
محمّد بن فضاء الأزدي ، أبو بحر البصري ... 243
محمّد بن الفضل بن عطيّة ... 244
محمّد بن القاسم الأسدي ... 244
محمّد بن كثير الصنعاني المصّيصي ... 245
محمّد بن محصن العكّاشي ... 246
محمّد بن مسلم بن تدرس ، أبو الزبير المكّي ... 246
محمّد بن يزيد بن أبي زياد الثقفي ... 247
محمّد بن يزيد بن محمّد بن كثير ، أبو هشام الرفاعي... 247
محمّد بن يعلى السلمي ، أبو عليّ ، الملقّب ب : زنبور ... 248
مخرمة بن بكير بن عبد اللّه بن الأشجّ ، أبو المسور ... 248
مروان بن سالم الغفاري الشامي الجزري ... 249
مطّرح بن يزيد الأسدي ، أبو المهلّب ... 249
مظاهر بن أسلم ... 250
معاوية بن صالح الحضرمي الحمصي ، قاضي الأندلس ... 250
معاوية بن يحيى ، أبو روح الصدفي الدمشقي ... 251
ص: 304
معلّى بن منصور ، أبو يعلى ... 251
معلّى بن هلال الطحّان ... 252
المغيرة بن مقسم ، أبو هشام ، الفقيه الكوفي ... 252
مقاتل بن حيّان النبطي ، أبو بسطام ، البلخي الخزّاز ... 253
مكحول الدمشقي الشامي... 253
موسى بن عبيدة الربذي ... 254
موسى بن محمّد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ... 254
موسى بن مسعود ، أبو حذيفة ، النهدي البصري ... 254
ميمون بن موسى المرئي... 255
حرف النون
نجيح بن عبد الرحمن السندي ، أبو معشر ... 257
نصر بن حمّاد الورّاق... 257
النعمان بن راشد الجزري ، أبو إسحاق ... 258
نعيم بن حمّاد الخزاعي ، أبو عبد اللّه ... 258
نعيم بن أبي هند الأشجعي الكوفي ... 258
نفيع بن الحارث ، أبو داود الأعمى ... 259
النهّاس بن قهم القيسي ، أبو الخطّاب البصري ... 259
حرف الهاء
هشام بن حجير المكّي... 261
هشام بن حسّان ، أبو عبد اللّه القردوسي البصري ... 261
هشام بن زياد ، أبو المقدام... 262
هشام بن سعد ، أبو عبّاد المدني ... 263
هشام بن عمّار السلمي ، أبو الوليد... 263
هشيم بن بشير السلمي ، أبو معاوية الواسطي ... 264
ص: 305
حرف الواو
واصل بن السائب الرقاشي ، أبو يحيى البصري ... 265
الوليد بن عبد اللّه بن أبي ثور المرهبي... 265
الوليد بن كثير المخزومي ... 266
الوليد بن محمّد الموقّري ، أبو بشر البلقاوي... 266
الوليد بن مسلم ، مولى بني أميّة ، أبو العبّاس الدمشقي... 267
وهب بن جرير بن حازم الأزدي ، أبو العبّاس البصري ... 269
حرف الياء
يحيى بن أبي حيّة ، أبو جناب الكلبي ... 271
يحيى بن أكثم ، القاضي ... 272
يحيى بن أبي أنيسة ... 272
يحيى بن سعيد بن قيس ، أبو سعيد المدني النجّاري ... 272
يحيى بن صالح الوحاظي... 273
يحيى بن عبّاد الضبعي ، أبو عبّاد البصري ... 273
يحيى بن عبد اللّه بن بكير ، أبو زكريّا المصري ... 274
يحيى بن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن موهب التيمي المدني ... 274
يحيى بن أبي كثير ، أبو نصر اليمامي ... 275
يحيى بن مسلم البكّاء ... 275
يحيى بن ميمون الضبّي ، أبو المعلّى العطّار ... 275
يحيى بن يمان ، أبو زكريّا العجلي الكوفي ... 276
يزيد بن أبان الرقاشي ، أبو عمرو... 276
يزيد بن زياد القرشي الدمشقي ... 277
يزيد بن سنان ، أبو فروة الرهاوي ... 277
يزيد بن عياض بن جعدبة الليثي ، أبو الحكم ... 277
ص: 306
يعقوب بن الوليد ، أبو يوسف ... 278
يوسف بن خالد ، الفقيه ، البصري ، الليثي ... 278
يونس بن بكير بن واصل الشيباني الجمّال ... 279
تتمّة في الكنى
أبو بكر بن عبد اللّه بن أبي مريم الغسّاني... 281
أبو بكر بن عيّاش الكوفي الحنّاط... 281
أبو بكر بن أبي موسى الأشعري ... 282
أبو بكر الهذلي ... 282
أبو زيد ، مولى عمرو بن حريث ... 283
أبو سلمة العاملي الشامي الأزدي... 283
أبو سورة ، ابن أخي أبي أيّوب... 284
أبو عاتكة... 284
أبو مالك الواسطي النخعي ... 285
أبو المهزّم التميمي البصري... 285
فهرس المحتويات... 287
ص: 307