نبي الله آدم عليه السلام ما جرى له في الجنة وهبوطه الى الأرض
جميع الحقوق محفوظة للعتبة الحسينية المقدسة الطبعة الأولى 1436 ه - 2015 م العراق: كربلاء المقدسة - العتبة الحسينية المقدسة مؤسسة علوم نهج البلاغة
ص: 1
ص: 2
سلسلة الأنبياء في نهج البلاغة نبي الله آدم عليه السلام ما جرى له في الجنة وهبوطه إلى الأرض الجزء الثاني
ص: 3
جميع الحقوق محفوظة للعتبة الحسينية المقدسة الطبعة الأولى 1436 ه - 2015 م العراق: كربلاء المقدسة - العتبة الحسينية المقدسة مؤسسة علوم نهج البلاغة www.Inahj.org E-mail: Inahj.org@gmail.com
ص: 4
بسمه تعالی
الحمد لله على ما أنعم وله الشكر بما ألهم والثناء بما قدّم والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد وآله الطيبين الأخيار.
تناولنا في الكتاب السابق جانباً مما ورد في کلام أمير المؤمنين علي عليه السلام المجموع في کتاب نهج البلاغة حول نبي الله آدم عليه السلام، وفي هذا الكتاب سنتناول بقية ما ورد عنه عليه السلام حول نبي الله آدم ضمن ثلاثة بحوث تفرعت الى مجموعة من المسائل بحسب مقتضيات البحث والله الموفق لكل خير.
ص: 5
ص: 6
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما السلام:
«وَ اسْتَأْدَی اللّه سُبْحَانَهُ الْمَلائِکَةَ وَدِیعَتَهُ لَدَیْهِمْ، وَعَهْدَ وَصِیَّتِهِ إِلَیْهِمْ فِی الْإِذْعانِ بِالسُّجُودِ لَهُ، وَالْخُنُوعِ لِتَکْرِمَتِهِ، فَقالَ سُبْحانَهُ:
«اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّ إِبْلِیسَ»(1).
اعْتَرَتْهُ الْحَمِیَّةُ، وَغَلَبَتْ عَلَیْهِ الشِّقْوَةُ، وَتَعَزَّزَ بِخِلْقَهِ النّارِ وَاسْتَوْهَنَ خَلْقَ الصَّلْصالِ، فَأَعْطَاهُ اللّه النَّظِرَةَ اسْتِحْقَاقاً لِلسُّخْطَةِ، وَاسْتِتْماماً لِلْبَلِیَّةِ،
ص: 7
وَإِنْجازاً لِلْعِدَة، فَقالَ:
«فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِینَ إِلی یَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ»(1)(2).
قبل أن يخلق الله سبحانه وتعالی آدم قال للملائكة:
«وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ»(3).
فسمع الملائكة الوصية وحفظوها، ولما تمِّ كل شيء من خلق آدم طلب سبحانه من ملائكته أن يؤدوا الوديعة والوصية التي عهد بها إليهم من قبل، وهي السجود لآدم عند تمام خلقه وإلى هذا أشار الإمام بقوله: "في الإذعان بالسجود له
ص: 8
والخشوع لتكرمته"، قال سبحانه:
«اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا»(1) له سجود التحية.
روي عن أبي بصير قال لأبي عبد الله عليه السلام: سجدت الملائكة لآدم عليه السلام ووضعوا جباههم على الأرض؟ قال: نعم تكرمة من الله تعالى(2). وقوله عليه السلام: "والخشوع لتكرمته" وقد تكون الحكمة في إخبار الملائكة من قبل أن لا يفاجئوا بوجوب السجود لآدم فيشتد وقعه عليهم، وأنه تعالی أراد أن يعلمنا كيف نفعل اذا أردنا أن نخبر أو نطلب شيئاً من شخص أو مجموعة لم يكن ذلك الأمر في حسبانه، كما هو شأن الملائكة آنذاك بالنسبة لآدم والسجود له ولذا قالوا:
ص: 9
«أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ»(1).
وجاء في البحار عن أبي جعفر محمد عن أبيه عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: "ان الله تبارك وتعالی أراد أن يخلق خلقاً بيده وذلك بعدما مضى من الجن والنسناس(2) في الأرض سبعة آلاف سنة وكان من شأنه خلق آدم كشط عن أطباق السماوات وقال للملائكة: أنظروا إلى أهل الأرض من خلقي من الجن والنسناس، فلما رأوا ما يعملون من المعاصي وسفك الدماء والفساد في الأرض بغير الحق عظم ذلك عليهم وغضبوا لله وتأسفوا على أهل الأرض ولم يملكوا غضبهم
ص: 10
فقالوا: ربنا أنت العزيز القادر الجبار القاهر العظيم الشأن، وهذا خلقك الضعيف الذليل يتقلبون في قبضتك ويعيشون برزقك ويستمتعون بعافيتك وهم يعصونك بمثل هذه الذنوب العظام لا تأسف عليهم، ولا تغضب ولا تنتقم لنفسك لما تسمع منهم وترى وقد عظم ذلك علينا واكبرناه فيك، قال فلما سمع ذلك من الملائكة قال:
«إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً».
يكون حجة في أرضي على خلقي، فقالت الملائكة سبحانك:
«أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا».
كما أفسد بنو الجان، ويسفكون الدماء كما سفكت بنو الجان، ويتحاسدون ويتباغضون؟، فاجعل ذلك الخليفة منا فإنا لا نتحاسد ولا نتباغض ولا نسفك الدماء:
ص: 11
«نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ»».
فقال: عز وجل:
«إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ».
إني أريد أن أخلق خلقا بيدي وأجعل من ذریته أنبياء ومرسلين وعباداً صالحين وأئمة مهتدين أجعلهم خلفاء على خلقي في أرضي، ينهونهم عن معصيتي وينذروهم من عذابي، ويهدوهم الى إطاعتي ويسلكون بهم سبيلي. وأجعلهم لي حجة عليهم وعذرا ونذرا وأبين النسناس عن أرضي وأطهرها منهم، وأنقل مردة الجن العصاة عن بريتي وخلقي وخيرتي وأسكنهم في الهواء وفي أقطار الأرض فلا يجاورن نسل خلفي، واجعل بين الجن وبين خلقي حجابا فلا يرى نسل خلقي الجن ولا يجالسونهم ولا يخالطونهم، فمن عصاني من نسل خلقي الذين اصطفيتهم أسكنهم مساكن العصاة
ص: 12
وأوردهم مواردهم ولا أبالي قال: فقالت الملائكة: يا ربنا افعل ما شئت:
«قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ».
قال: فباعدهم الله من العرش مسيرة خمسمائة عام
قال: فلاذوا بالعرش فأشاروا بالأصابع، فنظر الرب جل جلاله إليهم ونزلت الرحمة فوضع لهم البيت المعمور فقال: طوفوا به، ودعوا العرش فانه لي رضا. فطافوا به وهو البيت الذي يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه أبدا. فوضع الله البيت المعمور توبةً لأهل السماء، ووضع الكعبة توبة لأهل الأرض، فقال الله تبارك وتعالی:
«وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ
ص: 13
مَسْنُونٍ (6) وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ»(1).
وجاء في تفسير النور علَّم الله تعالی آدم أسماء وأسرار العالم، بما في ذلك أسماء أوليائه والجماد، وقد سئل الإمام الصادق عليه السلام ماذا علمه الله تعالى قال: الأرضين والجبال والشعاب والأودية ثم نظر إلى البساط تحته فقال وهذا مما علمه(2).
وجاء في البحار «وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ» أسماء أنبياء الله وأسماء محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والطيبين من آلهما وأسماء رجال من خيار شیعتهم وعصاة أعدائهم «ثُمَّ عَرَضَهُمْ» عرض محمدا وعليا والأئمة (على الملائكة) اي عرض أشباحهم وهم أنوار في الأظلة فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ
ص: 14
هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ». أنّ جميعكم تسبحون وتقدسون، وان ترككم هنا أصلح من إيراد من بعدكم، أي فكما لم تعرفوا غيب من في خلالكم فبالحري أن لا تعرفوا الغيب الذي لم يكن، كما لا تعرفون أسماء أشخاص ترونها، قالت الملائكة «سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ».
العليم بكل شي والحكيم والمصيب في كل فعل، فقال الله تعالی «يَا آدَمُ» له أنبئ هؤلاء الملائكة و «بِأَسْمَائِهِمْ» أسماء الأنبياء والأئمة عليهم السلام و «فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ» فعرفوها أخذ عليهم العهد والميثاق بالإيمان بهم والتفضل لهم، قال الله تعالی عند ذلك: «أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ» ما كان يعتقد إبليس من الإباء على
ص: 15
آدم إن أمر بطاعته وإهلاكه إن سلّط عليه، ومن اعتقادكم انه لا أحد يأتي بعدكم إلا وانتم أفضل، منه بل محمد وآله الطيبون أفضل منكم، الذين أنبأكم آدم بأسمائهم(1).
أي غشته العصبية والضلالة واستكبر على الله. قال تعالى:
«إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ»(2).
وقوله عليه السلام:
«وادّرع لباس التعزز واخلع قناع التذلل».
ص: 16
إن الله تعالى كان يعلم أن إبليس من الضالين ومن المتكبرين منذ البدء ولكن أراد أن يظهر ما بداخله للملائكة ولجميع المخلوقات فلما أمره بالسجود أبى ذلك وتعصب حيث نزع ذاك الوجه الذي كان يتعبد فيه وأظهر حقيقته.
وجاء في البحار: خلق الله آدم فبقى أربعين سنة مصورا وكان يمر به إبليس اللعين فيقول لأمر ما خلقت، فقال العالم علیه السلام فقال إبليس: لئن أمرني الله بالسجود لهذا لعصيته، زیاده وقال ثم نفخ فيه فلما بلغت فيه الروح الى دماغه عطس فقال الحمد لله، فقال الله له يرحمك الله، قال الصادق فسبقت له من الله الرحمة ثم قال تبارك وتعالى للملائكة: «اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا» فأخرج إبليس ما كان في قلبه من الحسد فأبى إن يسجد فقال الله «قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ»
ص: 17
فقال «أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ»(1).
قال الإمام الصادق عليه السلام: "فأول من قاس إبليس واستكبر والاستكبار هو أول معصية عصي الله بها، قال: "فقال إبليس يا رب اعفني من السجود لآدم وأنا أعبدك عبادة لم يعبدکها ملك مقرب ولا نبي مرسل، فقال الله لا حاجة لي إلى عبادتك، إنما اُريد أن أعبد من حيث أريد لا من حيث تريد فأبى أن يسجد فقال تبارك وتعالى: «فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ»(2).
وقوله عليه السلام:
ص: 18
«فافتخر على آدم بخلقه وتعصب عليه لأصله»(1).
عن الصادق عليه السلام أنه دخل عليه أبو حنيفة فقال له: «يا أبا حنيفة بلغني أنك تقیس»؟، قال نعم قال: «لا تقس فإن أول من قاس إبليس حين قال خلقتني من نار وخلقته من طين، فقاس بين النار وبين الطين ولو قاس نورية آدم بنورية النار عرف فضل ما بين النورين وصفاء أحدهما على الآخر»(2).
طلب إبليس من الله أن يمهله ويبقيه حيا ما دام على وجه الأرض إنسان ليتولى غوايته للبشر أبناء
ص: 19
آدم وعدوه الأكبر طلب الإمداد له وهو يعلم أن ذلك يعود عليه بالشر والوبال، ومع هذا أمر وآثر أن يتحمل كل شيء من أجل التنكيل بآدم وذريته والانتقام منه، فاختار الله تعالى لإبليس ما اختار لنفسه واستحق غضب الله وعذابه بسوء ما اختار «مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا»(1).
وقال عليه السلام:
«ما ابتلي أحد بمثل الإملاء له»(2).
وقال عليه السلام:
«ألا ترون كيف صفره الله بتكبره ووضعه بترفعه، فجعله في الدنيا مدحورا واعد له
ص: 20
في الآخرة سعيرا»(1).
إن إمهال إبليس هو زيادة له في الكفر وزيادة له في عذاب الدنيا والآخرة، قال تعالى: «إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا»(2) فالإمهال هو عقاب بحد ذاته.
ومثلما ابتلي الله إبليس بآدم ليتم الحجة عليه وإن الله كان يعلم ما بداخل إبليس فأتمّ الحجة عليه وأظهر إبليس حقده، فكذلك الله علم أن من البشر من هو مثل إبليس فأبقى إبليس لإغوائهم لكي تظهر أفعالهم وسرائرهم لتتم الحجة عليهم، وقوله عليه السلام: "ألا ترون أن الله سبحانه اختبر الأولين من ولد آدم صلوات الله عليه إلى الآخرين منهم من هذا العالم" فإن الله
ص: 21
جعل إبليس فتنة للمتكبرين والمنافقين الذين اتخذوا الشيطان وليا لهم، أما العباد الصالحون فلا خوف عليهم، قال تعالى: «إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ»(1).
إن إبليس عبد الله ستة الاف سنة فأضاعها بتكبره في ساعة واحدة، فأمهله الله تلك النظرة إلى الوقت المعلوم، قال الإمام عليه السلام "فاعتبروا بما فعل الله بإبليس إذ أحبط عمله الطويل وجهده الجهيد وكان قد عبد الله ستة آلاف سنة لا يدرى أمِن سنّي الدنيا أم من سنّي الآخرة"(2) وقال تعالى: «مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا
ص: 22
لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ»(1).
جاء في منهاج البراعة في شرح السيد حبيب الله قال: اختلفوا في المراد في يوم «الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ»، فقيل أولاً: احدهما: ان المراد من يوم الوقت المعلوم وقت النفخة الاولى حين تموت كل الخلائق، وإنما سمي هذا الوقت بالوقت المعلوم لان من المعلوم انه تموت كل الخلائق فيه، وقيل إنما سماه الله تعالى بهذا الاسم لأن العالم بذلك هو الله تعالى لا غيره، قال تعالى «إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ»(2). وقوله «إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ»(3).
ثانيا: ان المراد من الوقت المعلوم هو الذي
ص: 23
ذكره الله تعالى بقوله: «إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ»(1).
ثالثا: ان المراد بيوم الوقت المعلوم يوم لا يعلمه الا الله وليس المراد منه يوم القيامة(2).
وجاء عن وهب بن جميع مولی اسحاق بن عمار، سألت أبا عبد الله عن قول إبليس «رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ»، قال له وهب: جعلت فداك أي يوم هو؟ قال: يا وهب أتحسب انه يوم يبعث الله فيه الناس؟ ان الله أنظره إلى يوم يبعث فيه قائمنا فإذا بعث الله قائمنا كان في مسجد الكوفة وجاء إبليس حتى يجثو بين يديه على ركبتيه فيقول يا ويليه من هذا اليوم فيأخذ بناصيته، فيضرب عنقه فذلك اليوم هو الوقت المعلوم(3).
ص: 24
وجاء في البحار: عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى «إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ»: قال يوم الوقت المعلوم يوم يذبحه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الصخرة التي في بيت المقدس(1).
ص: 25
ص: 26
قال أمير المؤمنين عليه السلام: ثُمّ أَسكَنَ سُبحَانَهُ آدَمَ دَاراً أَرغَدَ فِيهَا عَيشَهُ وَ آمَنَ فِيهَا مَحَلّتَهُ وَ حَذّرَهُ إِبلِيسَ وَ عَدَاوَتَهُ، فَاغتَرّهُ عَدُوّهُ نَفَاسَةً عَلَيهِ بِدَارِ المُقَامِ، وَ مُرَافَقَةِ الأَبرَارِ، فَبَاعَ اليَقِينَ بِشَكّهِ وَ العَزِيمَةَ بِوَهنِهِ، وَ استَبدَلَ بِالجَذَلِ وَجَلًا وَ بِالِاغتِرَارِ نَدَماً
قال عليه السلام: "وكل نعيم دون الجنة فهو محقور"(1).
ص: 27
وقال تعالى: «وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا»(1).
وقال تعالى: «ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ»(2) فهي أمان من كل المصائب والابتلاءات التي تكون في الدنيا.
قال تعالى: «إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا»(3) وقوله تعالى: «فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى».
وقوله عليه السلام: «فاحذروا عباد الله - عدو الله أن يعدیکم بدائه، وأن يستفزكم بندائه، وان يجلب علیکم بخيله ورجله، فلعمري لقد فوّق
ص: 28
لكم سهم الوعيد، وأغرق لكم بالنزع الشديد، ورماكم من مكان قريب وقال «قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ»(1)»(2).
فوسوس إليه الشيطان فقال: «يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى».
(أي انتهز منه غرة فأغواه وكان الحامل للشيطان على غواية آدم هو حسده)(3) لأن الله أعطاه منزلة عظيمة إذ جعله خليفة واسجد له الملائكة وجعل في صلبه أشرف البرية من أنبياء وأوصياء وحسده على وجوده بالجنة، هم
ص: 29
الملائكة.
(وقيل في بيع اليقين بالشك وجوه): الوجه الأول: ان معیشة آدم في الجنة كانت على حال يعلمها يقينا، وما كان يعلم كيف يكون معاشه بعد مفارقتها.
الوجه الثاني: إن ما أخبره الله من عداوة إبليس «إِنَّ هَذَا عَدُوُّلَكَ» كان يقينا، فباعه بالشك في نصح إبليس اذ قال: «إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ».
الوجه الثالث: إن هذا مثل قديم للعرب لمن عمل عملا لا ينفعه وترك ما ينبغي له ان يفعله.
الوجه الرابع: إن كونه في الجنة كان يقينا فباعه بأن أكل من الشجرة فأهبط إلى دار التكليف، التي من شأنها الشك في المصير أما الجنة
ص: 30
او النار(1).
وجاء في البحار «فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ» فقيل هي «رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا» وقیل هي: {اللهم لا اله إلا أنت سبحانك وبحمدك ربي إني ظلمت نفسي فاغفر لي إنك خير الغافرين اللهم لا اله الا أنت سبحانك وبحمدك ربي اني ظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم} وهو المروي عن الإمام الباقر عليه السلام وقيل هي "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله اكبر" وقيل هي رواية تختص بأهل البيت: أن آدم رأي مكتوب على العرش أسماء مكرمة معظمة، فسأل عنها فقيل له: هذه أسماء أجلّة الخلق عند الله منزلة، والأسماء محمد وعلى وفاطمة والحسن والحسين فتوسل آدم إلى ربه بهم
ص: 31
في قبول توبته ورفع منزلته فتاب عليه(1).
بعدما توسل آدم بهذه الأسماء وهي أسماء أهل البيت كما في قوله: «فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ» حيث تاب عليه بفضل هذه الأسماء المكرمة عند الله، وجاء في العلل عن الباقر عليه السلام لولا أن الله عز وجل تاب على آدم ما تاب على مذنب أبدا(2).
فالجذل هو الفرح والوجل الخوف. والمعنى أن آدم عليه السلام كان يعيش في الجنة حيث السعادة والهناء والنعيم فيها، فكل الخيرات والأمان والاستقرار في الجنة، فبعد ما أغواه الشيطان أصبح
ص: 32
خائفا وهكذا عاقبة التفريط حيث ندم آدم علی تلك الخطيئة ودعا الله أن يتوب عليه.
ص: 33
ص: 34
قال عليه السلام: ثُمّ بَسَطَ اللّهُ سُبحَانَهُ لَهُ فِي تَوبَتِهِ، وَ لَقّاهُ كَلِمَةَ رَحمَتِهِ وَ وَعَدَهُ المَرَدّ إِلَي جَنّتِهِ، وَ أَهبَطَهُ إِلَي دَارِ البَلِيّةِ وَ تَنَاسُلِ الذّرّيّةِ.
جاء في تفسير النور إن الكلمات التي جعلها الله لآدم لكي يتوسل بها ويتوب عن زلته هي أسماء أكرم خلق الله تعالى وهم الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وعلي وفاطمة والحسن والحسين، فقد ورد في تفسير الدر المنثور نقلا عن ابن عباس بأنه لما أذنب آدم بالذنب الذي أذنبه رفع رأسه إلى السماء فقال: أسألك بحق محمد
ص: 35
وعلي وفاطمة والحسن والحسين(1).
وقيل إن أول توبة قبلت نتيجة التوسل بمحمد وآل محمد والمستفاد من هذه الروايات ان فضل أهل البيت عليهم السلام كان على جميع الخلق فلولا ان تاب الله على آدم بفضل هذه الأسماء لما تاب الله على خلقه وكذلك توضح الروايات بان أهل البيت عليهم السلام هم وسيلة الله في استجابة الدعاء فبفضل هذه الأسماء يقبل الدعاء.
قال عليه السلام: «فما زلت من آدم الخطيئة واعتذر إلى ربه عز وجل وقال يا رب تب علي، واقبل معذرتي، وأعدني الى مرتبتي، وارفع لديك درجتي فلقد تبين نقص الخطيئة وذلّها في أعضائي وسائر بدني»، قال الله تعالى: «يا آدم أما تذكر أمري إياك بأن تدعوني بمحمد وآله الطيبين عند
ص: 36
شدائدك ودواهيك وفي النوازل [التي] تبهظك؟ قال آدم: یا رب بلى.. قال الله عز وجل له فتوسل «بمحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم خصوصاً فأدعني أجبك إلى ملتمسك وأزدك فوق مرادك».
فقال ادم: يا رب يا الهي وقد بلغ عندك من محلهم أنك بالتوسل [إليك] بمم تقبل توبتي وتغفر خطيئتي، وأنا الذي أسجدت له ملائكتك وأبحته جنتك وزوجته حواء أمتك واخدمته کرام ملائكتك قال الله تعالی: یا آدم انما أمرت الملائكة بتعظيمك وبالسجود لك إذ كنت وعاءً لهذه الأنوار. ولولا كنت سألتني بهم قبل خطيئتك ان اعصمك منها. وأن أفطنك لدواعي عدوك إبليس حق تتحرّز منه لكنت قد جعلت ذلك ولكن المعلوم في سابق علمي يجري موافقا لعلمي. فالآن
ص: 37
فبهم ادعتني لأجبك فعند ذلك قال ادم: (اللهم بجاه محمد واله الطيبين) بجاه محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والطيبين من الهم لمّا تفضلت علي بقبول توبتي وغفران زلتي وإعادتي من کرامتك الى مرتبتي، فقال الله عز وجل: قد قبلت توبتك، واقبلت برضواني عليك، وصرفت الآئي ونعمائي إليك وإعادتك الى مرتبتك من كرامتي ووفرت نصيبك من رحمتي(1).
فذلك قوله عز وجل: «فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ».
فبفضل هذه الأسماء "وَ وَعَدَهُ المَرَدّ إِلَي جَنّتِهِ" ولكن جعل الطريق إليها محفوفاً بالمكاره، قال تعالى: «أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ».
ص: 38
قال عليه السلام وَ أَهبَطَهُ إِلَي دَارِ البَلِيّةِ وَ تَنَاسُلِ الذّرّيّةِ.
إن الدنيا دار ابتلاء ودار اختبار البشر ليعرف الله أيّهم أحسن عملا ويميز بين الحق والباطل وبين الخير والشر.
قال الإمام عليه السلام: "دار بالبلاء محفوفة وبالغدر معروفة لا تدوم أحوالها ولا يسلم نزالها، أحوالٌ مختلفةٌ، وتارة متصرفة، العيش فيها مذموم، والأمان فيها معدوم، وإنما أهلها فيها أغراض مستهدفة، ترميهم بسهامها وتفنيهم بحمامها"(1).
قوله تعالى: «الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ»
ص: 39
فالدنيا تغوي الإنسان وتطيل في أمله وتخدعه بزغارفها ولذاتها والأئمة الأطهار علیهم السلام يحذورن الناس منها ومن عواقبها.
وقوله عليه السلام: "وتناسل الذرية" قال أمير المؤمنين عليه السلام: "فأهبطه بعد التوبة ليعمر أرضه بنسله وليقيم الحجة به على عباده(1)
قال تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ»(2) فمن خصائص الدنيا التناسل والتكاثر لكي تتم الحجة علی الخلق، فإن الله جعل من الأسرة امة مصغرة فلابد من إنشاء أسرة صالحة تنفع المجتمع وتخرج ذرية صالحة تكون داعية للخير ومتبعة سنة النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم
ص: 40
إن سائلا قد يسأل كيف بدأ النسل؟ والمعنى هل كان ابتداء الخلق من الإخوان وهل هذا جائز؟
جاء في العلل في علة بدء النسل، جاء عن زرارة قوله: سئل أبو عبد الله عن بدء النسل من آدم كيف كان؟ وعن بدء النسل من ذرية آدم عليه السلام؟ أناساً يقولون: إن الله عز وجل أوحى إلى آدم أن يزوج بناته ببنيه وإن هذا الخلق كله أصله من الإخوة والأخوات؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، يقول من قال بأن الله عز وجل خلق صفوة خلقه، وأحبائه وأنبيائه ورسله والمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات من حرام، ولم يكن له من القدرة ما يخلقهم من حلال وقد أخذ ميثاقهم على الحلال الطهر الطاهر الطيب فوالله لقد تبینت أن بعض البهائم قد تنكرت له أخته فلما نزا عليها
ص: 41
ونزل كشفت له عنها، فلما علم أنها أخته اخرج غرموله ثم قبض عليه بأسنانه حتى قطعه فخر میتا وآخر تنكرت له أمه ففعل هذا بعينه فكيف الإنسان في أنسيته وفضله وعمله؟ غير أن جيلا من هذا الخلق الذي ترون رغبوا عن علم أهل بيوتات أنبيائهم، وأخذوا من حيث لم يؤمروا بأخذه فصاروا إلى ما قد ترون من الضلال والجهل بالعلم، كيف كانت الأشياء الماضية من بدء ان خلق الله ما خلق وما هو كائن أبدا، ثم قال ويح بحجاز ولا فقهاء هو این هم عمالهم يختلف فيه فقهاء اهل العراق، ان الله عز وجل أمر القلم فجري على اللوح المحفوظ بما هو كائن الى يوم القيامة قبل خلق آدم بألفي عام، وان في كتب الله كلها فيما جرى فيها القلم في كلها تحريم الأخوات على الأخوة مع ما حرم الكتب الأربعة المشهورة في هذا العالم: التوراة والإنجيل والزبور والفرقان،
ص: 42
انزلها الله عن اللوح المحفوظ على رسله صلوات الله عليهم أجمعين فالتوراة علی موسی علیه السلام والزبور على داود عليه السلام والإنجيل على عيسى عليه السلام والقرآن على محمد صلی الله عليه وآله وسلم وعلى النبيين عليهم السلام وليس فيها تحليل شيء من ذلك حقا أقول ما أراد من يقول هذا وشبهه إلا تقوية حجج المجوس، فمالهم قاتلهم الله، ثم انشأ يحدثنا كيف كان بدء النسل من آدم وكيف كان بدء النسل من ذريته(1).
عن جميل بن دراج قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن إبليس أكان من الملائكة أو كان يلي شيئاً من أمر السماء؟ فقال: لم يكن من الملائكة، وكانت الملائكة ترى أنه منها وكان الله
ص: 43
يعلم انه ليس منها ولم يكن يلي شيئا من أمر السماء ولا كرامة، فأتيت الطيار فأخبرته بما سمعت فأنكر، وقال: كيف لا يكون من الملائكة والله يقول للملائكة: «اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ» فدخل عليه الطيار فسأله وأنا عنده فقال له جعلت فداك قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» في غير مكان في مخاطبة المؤمنين أيدخل في هذه المنافقون؟ فقال: نعم يدخلون في هذه المنافقون والضلال وكل من أقر بالدعوة الظاهرة(1).
روي عن الحسين بن أبي العلا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما أهبط الله آدم من الجنة ظهرت فيه شامة سوداء في وجهه من قرنه إلى
ص: 44
قدمه فطال حزنه وبكاؤه على ما ظهر به فأتاه جبرائیل فقال له: ما يبكيك يا ادم؟ فقال: لهذه الشامة التي ظهرت بي، قال قم فصلِّ فهذا وقت الصلاة الأُولى، فقام فصلى فانحطت الشامة إلى عنقه فجاءه في وقت الصلاة الثانية فقال: يا آدم قم فصلّ فهذا وقت الصلاة الثانية فقام فصلی فانحطت الشامه إلى سِرته، فجاءه وقت الصلاة الثالثة فقال یا آدم قم فصلّ فهذا وقت الصلاة الثالثة فصلى فقام فانحطت الشامة إلى ركبتيه، فجاءه في الصلاة الرابعة فقال يا آدم قم فصلِّ فهذا وقت الصلاة الرابعة فقام فصلى فانحطت الشامة إلى رجليه، فجاءه في الصلاة الخامسة فقال یا آدم قم فصل فهذا وقت الصلاة الخامسة فقام فصلی فخرج منها، فحمد الله واثنى عليه فقال جبرائیل یا آدم مثل ولدك في هذه الصلاة كمثلك في هذه الشامة من صلى من ولدك في كل يوم
ص: 45
وليلة خمس صلوات خرج من ذنوبه كما خرجت من هذه الشامة(1).
واصطفی سبحانه من ولده أنبياء، أخذ على الوحي ميثاقهم وعلى تبليغ الرسالة أمانتهم لما بدّل أكثر خلقه عهد الله إليهم، فجهلوا حقه، واتخذوا الأنداد معه، واجتالتهم الشياطين عن معرفته، واقتطعتهم عن عبادته، فبعث فيهم رسله، وواتر إليهم أنبياءه ليستأدوهم میثاق فطرته، ويذكّروهم منسيّ نعمته ويحتجوا عليهم بالتبليغ، ويثيروا لهم دفائن العقول، ویروهم آیات المقدرة، من سقف فوقهم مرفوع، ومهاد تحتهم موضوع، ومعایش تحييهم، وآجال تفنيهم، وأوصاب تهرمهم، وأحداث تتابع عليهم، ولم يُخل الله تعالى خلقه من نبي مرسل، او کتاب
ص: 46
منزل، او حجة لازمة او محجة قائمة، رسل لا تُقصّر بهم قلة عددهم، ولا كثرة المكذبين لهم: من سابق سمي له من بعده او غابر عرّفه من قبله، على ذلك نسلت القرون، ومضت الدهور، وسلفت الآباء، وخلفت الأبناء إلى أن بعث الله سبحانه وتعالى محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
ص: 47
ص: 48
قال عليه السلام: وَ اصطَفَي سُبحَانَهُ مِن وَلَدِهِ أَنبِيَاءَ، أَخَذَ عَلَي الوحَيِ مِيثَاقَهُم، وَ عَلَي تَبلِيغِ الرّسَالَةِ أَمَانَتَهُم، لَمّا بَدّلَ أَكثَرُ خَلقِهِ عَهدَ اللّهِ إِلَيهِم، فَجَهِلُوا حَقّهُ وَ اتّخَذُوا الأَندَادَ مَعَهُ، وَ اجتَالَتهُمُ الشّيَاطِينُ عَن مَعرِفَتِهِ، وَ اقتَطَعَتهُم عَن عِبَادَتِهِ، فَبَعَثَ فِيهِم رُسُلَهُ، وَ وَاتَرَ إِلَيهِم أَنبِيَاءَهُ، لِيَستَأدُوهُم مِيثَاقَ فِطرَتِهِ، وَ يُذَكّرُوهُم منَسيَّ نِعمَتِهِ، وَ يَحتَجّوا عَلَيهِم بِالتّبلِيغِ، وَ يُثِيرُوا لَهُم دَفَائِنَ العُقُولِ، وَ يُرُوهُم آيَاتِ المَقدِرَةِ، مِن سَقفٍ فَوقَهُم مَرفُوعٍ وَ مِهَادٍ تَحتَهُم مَوضُوعٍ، وَ مَعَايِشَ
ص: 49
تُحيِيهِم وَ آجَالٍ تُفنِيهِم وَ أَوصَابٍ تُهرِمُهُم، وَ أَحدَاثٍ تَتَابَعُ عَلَيهِم، وَ لَم يُخلِ اللّهُ سُبحَانَهُ خَلقَهُ مِن نبَيٍّ مُرسَلٍ، أَو كِتَابٍ مُنزَلٍ أَو حُجّةٍ لَازِمَةٍ أَو مَحَجّةٍ قَائِمَةٍ، رُسُلٌ لَا تُقَصّرُ بِهِم قِلّةُ عَدَدِهِم، وَ لَا كَثرَةُ المُكَذّبِينَ لَهُم، مِن سَابِقٍ سمُيّ لَهُ مَن بَعدَهُ أَو غَابِرٍ عَرّفَهُ مَن قَبلَهُ، عَلَي ذَلِكَ نَسَلَتِ القُرُونُ وَ مَضَتِ الدّهُورُ، وَ سَلَفَتِ الآبَاءُ وَ خَلَفَتِ الأَبنَاءُ إِلَي أَن بَعَثَ اللّهُ سُبحَانَهُ مُحَمّداً، رَسُولَ اللّهِ صَلّی اللهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ وَسَلَّم(1).
اصطفی: اختار من ولد آدم
أخذ عليهم الميثاق أن يبلّغوا ما أوحي إليهم ويكون ما بعده بمنزلة التأكيد له، أو أخذ عليهم أن اج لا يشرعوا للناس إلا ما يوحى إليهم(2).
ص: 50
قال تعالى:
«وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى»(1).
وقوله تعالی:
«وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ»(2).
وقوله تعالی:
«وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ»(3).
ص: 51
«أَخَذْنَا» أي أذكر يا محمد حين أخذ الله الميثاق «مِنَ النَّبِيِّينَ» خصوصا بأن يصدقوا بعضهم بعضاً، وقيل أخذ «مِيثَاقَهُمْ» على أن يعبدوا الله ويدعون إلى عبادة الله، أن يصدّقوا بعضهم بعضا أو ينصحوا لقومهم ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم، خصَّ هؤلاء بالذكر لأنهم أصحاب الشرائع «وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا»، أي عهدا شديدا على الوفاء بما حُملوا من أعباء الرسالة وقيل على أن يعلنوا أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويعلن محمد صلی الله عليه وآله وسلم أن لا نبيَّ من بعده(1).
قال تعالى: «مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ»(2).
ص: 52
قال عليه السلام: "وعَلی تَبلیغِ الرِّسَالَةِ أمانَتَهُم ، لَمّا بَدَّلَ أکثَرُ خَلقِهِ عَهدَ اللَّهِ إلَیهِم"
إن قضية الإرشاد وهداية الناس ودعوتهم إلى الله هي قضية الأنبياء، فهم أمناء الله في أرضه یُجهدون أنفسهم في سبيل إيصال ما أنزل الله وما كلّف الله به العباد ويتحملون في ذلك ألوان العذاب.
وقوله عليه السلام: "أرسله داعيا الى الحق وشاهدا على الخلق فبلَّغ رسالات ربه غير وانٍ ولا مقصر وجاهد في الله أعداءه غير واهن ولا معذر امام من اتقى وبصر من اهتدى"(1)، أشار إلى أن المراد بعهد الله هو میثاق الفطرة.
والميثاق يعني عهده المأخوذ عليهم في الذر كما
ص: 53
في الآية المباركة: «وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ»(1)، وقوله تعالى: «وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ»(2).
أي أنهم ضلّوا عن الفطرة التي فطرها الله لهم في التصديق به وبالرسل والأولياء والكتب السماوية.
نذيرا للعالمين وأمينا على التنزيل وأنتم معشر العرب على شردين وفي شردار منيخون بين حجارة خشن وحيات صم، تشربون الكدر وتأكلون الجشب وتسفكون دماءكم وتقطعون أرحامكم، الأصنام فيكم منصوبة والآثام بكم معصوبة»(1).
وقال علي محمد علي في بيان قوله "الآثام بكم معصوبة" فمعصوبة مشدودة ومن يعبد صنماً فهو مشدود بأوثق الشد إلى جميع الآثام.(2)
اجتالتهم: صرفتهم عن قصدهم الذي وجِّهوا إليه بالهداية المغروزة في فطرهم.
قال الإمام علي عليه السلام:
ص: 55
"إن الشيطان اليوم قد استفلهم وهوغدا متبرّئ منهم، ومتخلٍ عنهم فحسبهم بخروجهم من الهدى وارتكاسهم في الضلالة والعمي وصدِّهم عن الحق وجماحهم في التيه»(1).
وجاء في القاموس اجتالهم؛ حوّلهم عن قصدهم(2).
والمراد من هذا الكلام إن الشياطين صرفتهم عن طاعة الله إلى طاعة الشيطان ومن عبادة الخالق إلى عبادة المخلوق وهو الشيطان قال تعالى:
«أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ»(3).
ص: 56
إن الله بعث أنبياءه بشكل متواتر أي بين كل نبي ونبي فترة قال تعالی:
«ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ»(1).
وجاء في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين عليه السلام:
«بعث الله رسلَه بما خصّهم به من وحيه وجعلهم حجة له على خلقه لئلّا تجب الحجة لهم بترك الأعذار إلیهم»(2).
وعنه عليه السلام قال:
ص: 57
«كلما مضى منهم سلف قام بدين الله خلف»(1).
أي إن الله تعالی أرسل رسله لكي يلقوا الحجة على عباده ويبلغوهم وينذروهم لكي لا يكون لأحد حجة على الله يوم الحساب.
روي عن الحارث بن المغيرة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
«إن العلم الذي نزل مع آدم عليه السلام لم يرفع، وما مات عالم إلا وقد ورث علمه، إن الأرض لا تبقى بغير عالم»(2).
قال تعالى:
ص: 58
«فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ»(1).
روي عن هاشم بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام: قال: (قلت «فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا»(2)، قال عليه السلام: «التوحيد»(3).
عن زرارة قال: (سألت أبا جعفر عن قوله تعالى: «حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ»(4)، فقلت: ما الحنيفية؟ قال عليه السلام:
«هي الفطرة»)(5).
ص: 59
فالله تعالی أرسل الرسل ليطلبوا من العباد أداء الفطرة وهي التوحيد لله وحده لا شريك له والتصديق بالرسل والأنبياء والكتب السماوية، وأرسلهم لتذكرة الناس بما أنعم الله عليهم من نعمٍ ظاهرة ونِعمٍ باطنة ليتذكروا ما مَنَّ الله عليهم من العطاء الجزيل، ومن نعم الله على البشر إرسال الرسل لهدايتهم وإخراجهم من الظلمات إلى النور.
وقوله عليه السلام:
«وأردد إلى الله ورسوله ما يضلعك من الخطوب، ويشتبه عليك من الأمور، فقد قال الله تعالى لقوم أحبّ إرشادهم»:
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ»(1).
ص: 60
فالردّ إلى الله الأخذ بمحكم كتابه، والردّ إلى الرسول الأخذ بسنّته الجامعة غير المفرقة(1)، قال تعالى:
«وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ»(2).
قال تعالى: «لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ»(3).
وقوله عليه السلام:
«أرسله بالدين المشهور والعلم المأثور والنور
ص: 61
الساطع والضياء اللامع إزاحةً للشبهات واحتجاجا بالبينات وتحذيرا بالآيات وتخويفا بالمثُلات»(1).
أي يحتجون على الناس بالتبليغ وما أنزل الله لهم من حجج وافية وكافية لدلالة صنع الخالق وما أعطاهم من بينات خلال الرسل.
والكتب السماوية والبراهين الواضحة مثل معجزات موسى وعيسى وباقي الرسل ومعجزة الرسول القرآن الكريم فكل نبي يأتي وله معاجز فبهذه المعاجز والدلائل تحتج الرسل على الخلق فتكون حجة كافية.
قال تعالى:
«إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا
ص: 62
يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ»(1).
وقال عليه السلام:
«أنشأ الخلق إنشاءً وابتدأه ابتداءً، بلا رؤية أجلها، ولا تجربة استفادها ولا حركة أحدثها ولا همامة نفس اضطرب فيها».
روي عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه هذه اعمى السلام في قوله تعالى «وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى»(2). فمن لم يدلّه خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار ودوران الفلك بالشمس والقمر والآيات
ص: 63
العجيبات على أن وراء ذلك امرا هو أعظم منه فهو في الآخرة أعمى: قال: فهو أي عن مالم یعاين اعمى وأضلّ سبيلا(1).
روي عن هشام بن الحكم إنه قال: كان من سؤال الزنديق الذي أتى أبا عبد الله عليه السلام قال: ما الدليل على صانع العالم؟ فقال: أبو عبد الله عليه السلام وجود الأفاعيل التي دلّت على أن صانعها صنعها، ألا ترى انك إذا نظرت إلى بناء مشيد مبني علمت أن له بانياً وإن كنت لم ترَ الباني ولم تشاهده، قال: وما هو؟ قال: هو شيء بخلاف الأشياء، ارجع بقولي: شيء إلى إثباته وإنه شيء بحقيقة الشيئية غير أنه لا جسم ولا صورة ولا يحسّ ولا يجسّ ولا يُدرك بالحواس الخمس، لا تدركه الأوهام ولا تنقصه الدهور ولا يغيره
ص: 64
الزمان(1).
قال تعالى: «وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ»(2).
وقال تعالى:
«أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6)... إلی قوله (11) وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا»(3).
وقال أمير المؤمنين عليه السلام:
«فطر الخلائق بقدرته ونشر الرياح برحمته ووتد بالصخور ميدان أرضه»(4).
وقوله تعالى:
ص: 65
«اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ»(1).
تحدثنا هذه الآيات عن قدرة الله وإبداعه بخلقه للعالم العلوي وهو خلق السموات بغير عماد فمن يستطيع أن يأتي بمثل هذا الخلق غيره، هو القادر فالأنبياء وخلفاؤهم يذكّرون الناس بقدرة وبهذه الآيات العجاب التي توضح صنع الله الخالق.
أي إن الله جعل من الغذاء والماء مصدرا
ص: 66
للحياة وجعل الموت فناء البشر وجعل من العلل والأمراض والأوصاب هو هلاكاً للبشر.
أي مثلما جعل الماء والغذاء سبباً للحياة كذلك وضع أسباب كثيرة للموت ومثلما جعل من الماء والغذاء بناء وقوة للجسم فإنه جعل من الأمراض والعلل هرماً له، والأحداث والتقلبات التي تمر على الإنسان كلها أسباب من عند الله، فمن أسماءه المانع والمغني والضار والنافع، وفكل هذه المسببات هي من عند الله، قاله تعالى:
«الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ»(1).
ص: 67
قال عليه السلام:
«بعث الله رسله بما خصّهم به من وحيه وجعلهم حجة به على خلقه، لئلاً تجب الحجة لهم بترك الأعذار إليهم»(1).
لا تكون الحجة من الله على العباد إلا بعد البيان منه من خلال الرسل والكتب السماوية والسنّة النبوية الثابتة عن الرسول وأهل البيت عليهم السلام، فالقرآن والسنة هو المراد بالمحجة القائمة أما الحجة اللازمة فهو العقل، أو الإمام المعصوم فالأرض لا تخلوا من حجة ونحن في زمان الغيبة فان القرآن هو حجة علينا قال الإمام
ص: 68
عليه السلام :
«ثم انزل عليه الكتاب نورا لا تطفأ مصابيحه وسراجا لا يخبو توقده وبحرا لا يدرك قعره ومنهاجا لا يضل نهجه وشعاعاً لا يظلم ضوؤه وفرقانا لا يخمد برهانه»(1).
وكذلك إن أقوال الأئمة حول الغيبة ووصايا الإمام المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف حول غيبته كلها حجة علينا فالله تعالى ورسوله الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة المعصومون عليهم السلام وضحوا كل شيء حتى في زماننا هذا.
سأل جابر الأنصاري النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: هل ينتفع الشيعة بالقائم عجل الله تعالى فرجه الشريف في غيبته؟ فقال صلى الله
ص: 69
عليه وآله وسلم:
«إي والذي بعثني بالنبوة إنهم أم يتنفعون به ويستضيئون بنور ولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن جللها السحاب»(1).
عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام: قال سمعته يقول:
«إن الأرض لا تخلوا الا وفيها إمام كيما إن زاد المؤمنون شيئا ردَّهم وإن نقصوا شيئا أتمّه لهم»(2).
عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
«الحجّة قبل الخلق ومع الخلق وبعد الخلق»(3).
ص: 70
وعلى الرغم من قلة عددهم إلاّ أنهم بلغوا رسالات ربهم وتعرضوا إلى شتى أنواع العذاب حتى قيل عنهم إنهم سحرة واتهموا بالكذب، يقول الإمام علي عليه السلام في خطبته القاصعة:
«ولقد كنت معه صلى الله عليه وآله وسلم لما أتاه الملأ من قريش فقالوا له (يا محمد انك قد ادعيت عظيما لم يدعه أباؤك ولا احد من بيتك ونحن نسألك أمراً إن أنت أجبتنا إليه وأريتناه، علمنا أنك في ورسول وان لم تفعل علمنا انك ساحر كذاب)، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «وما تسألوني؟» قالوا تدعو لنا هذه الشجرة حتى تنقلع بعروقها وتقف بين يديك»(1).
إلى أن يقول عليه السلام:
ص: 71
«فقلت أنا (لا اله إلاّ الله فإني أول مؤمن بك يا رسول الله وأول من أقرّ بأن الشجرة فعلت ما فعلت بأمر الله تعالى تصديقا بنبوتك، وإجلالا لكلمتك فقال القوم كلهم: بل ساحر کذاب عجيب السحر خفيف فيه وهل يصدقك في أمرك إلا مثل هذا؟»(1).
فرغم كل المخالفين والمعاندين فقد بلغ الرسل رسالات الله وثبتوا دعائم الدين وقواعد الإسلام، ونشروا راية التوحيد فقد نصرهم الله وأيّدهم لقوة عزيمتهم وثقتهم به، قال تعالى:
«إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ»(2).
ص: 72
من سابق بيان للرسل، وكثير من الأنبياء السابقين سُميت لهم أسماء الأنبياء الذين يأتون بعدهم فبشّروا بهم كما ترى ذلك في التوراة. والغابر الذي يأتي زياده بعد أن يشير به السابق جاء معروفا بتعريف من قِبَله(1).
قال تعالى:
«وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ»(2).
روي في البحار للمجلسي (عن أبي أمامة قال: يا رسول الله ما كان بدء أمرك؟ قال صلی الله عليه وآله وسلم:
ص: 73
«دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى بن مريم، ورأت أمي أنه خرج منها شيء أضاءت منه قصور الشام».
بيان قوله ما كان بدء أمرك، أي ابتداء ظهوره، ودعوة إبراهيم عليه السلام قوله:
«رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ»(1).
وبشارة عيسى عليه السلام:
«وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ»(2).
إن الأنبياء جميعهم بشّروا برسالة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ذلك أنه أرسل لعامة الناس، قال تعالى:
ص: 74
«وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ»(1))(2).
فالرسول الأكرم خاتم الرسل وسيد الأولين والآخرين والمحمود بصفاته الذي قال عنه الله جل وعلا: «وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ»(3).
فاختاره الله من بين الأنبياء والأوصياء حبيباً ونجيباً، واصطفاه من بين خلقه.
قال الإمام علي عليه السلام:
«بل تعاهدهم بالحجج على ألسُن الخيرة من
ص: 75
أنبيائه ومتحملي وودائع رسالته قرنا فقرنا حتى تمت بنبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم»(1).
قال عليه السلام:
«فلما مهد أرضه».
قوله تعالی:
«وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ»(2).
«وأنفذ أمره».
فيها بما أراد من الجبال والبحار وغيرها.
«اختار آدم عليه السلام خيرة من خلقه».
قوله تعالی:
«وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً...فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
ص: 76
وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ»(1).
«وجعله اول جبلته». أي: خليقته من البشر:
«يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ...»(2).
«وأسكنه جنته وأرغده».
أي: أوسعه.
«فيها أُكُله».
قوله تعالى :
«وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا...»(3).
«واوعز». أي: تقدم.
«إليه فيما نهاه عنه».
ص: 77
في قوله تعالى لهما:
«وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ»(1).
«وأعلمه أن في الإقدام عليه». أي: على ما نهاه عنه.
«التعرض لمعصيته».
قوله تعالى:
«وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى»(2).
«والمخاطرة بمنزلته».
قوله تعالى:
«إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى»(3).
«فأقدم على ما نهاه عنه».
ص: 78
قوله تعالى:
«فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ...»(1).
«موافاةً لسابق علمه».
يمكن أن يكون مفعولا مطلقا لقوله «فأقدم».
والأصل (إقداما موافاة)، وان يكون مفعولا له، من باب «فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا...»(2). لسابق علمه بجعله في الأرض خليفة لهم(3).
«فاهبطه بعد التوبة».
إن ظاهر کلامه عليه السلام هنا وفي الآتي إن إهباطه کان بعد توبته، وهو ظاهر قوله تعالى في
ص: 79
سورة طه: «ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى»(1).
ثم قال: «اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا...»(2).
ولكن - في سورة البقرة - قال:
«وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36) فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ...»(3).
ويمكن الجمع بأن توبته كانت فورا بعد عتاب الله تعالى له.
قال سبحانه:
«فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22) قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا
ص: 80
وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ»(1).
وإنما قبول توبته كان بعد الإهباط.
قال عليه السلام:
«وفي إثبات الوصية».
ثم أمر الله تعالى الملائكة بإخراجه فأخذوا بيده ليخرجوه، فقال اللهم بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام تب عليّ. فأوحى الله اليه: أهبط إلى الأرض حتى أتوب عليك.
وفيه: وقد هبط آدم على الصفا وحواء على المروة، فاشتق للجبلين هذين الاسمين.
وكان مكثه في الجنة - فيما روي - سبع ساعات «من ساعات الدنيا» وروي إنه دخلها قبل زوال الشمس وخرج قبل أن تغيب(2).
ص: 81
قال عليه السلام:
«ليعمر أرضه».
وفي خبر عن الإمام الصادق عليه السلام ما معناه أن ملكا زار آدم بعد هبوطه، فلما رأى قلقه سلّاه ثلاثاً بأن قال له: إن الله تعالى قال لنا فيك «إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً...»(1).
فهو خلقك لان تكون في الارض اي ايستقيم ان تكون في السماء؟!
«وليقيم الحجة به على عباده».
وفي خبر: إن الحجة قبل الخلق ومع الخلق وبعد الخلق ولو لم يبقَ في الأرض إلا رجلان لوجب أن يكون أحدهما الحجة.
هذا واشتهر إجماع الإمامية على عدم جواز صدور معصية ولو صغيرة من الأنبياء ولو قبل
ص: 82
نبوتهم، ولكن قال شيخنا المفيد في (مقالاته): (إن الصغيرة لا تجوز منهم مع الاستخفاف مطلقا، وأما بدونه فجاز وقوعها منهم قبل النبوة وعلى غير التعمد).
وما قاله الصواب وعليه يحتمل أكل آدم من الشجرة، أنه لم يكن عن تعمد لقوله: «فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا»(1).
وفي خبر الهروي عن الإمام الرضا عليه السلام:
«أما قوله تعالى في آدم: «وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى» فإن الله عز وجل خلق آدم حجة في أرضه وخليفة في بلاده لم يخلقه للجنة، وكانت المعصية من آدم في الجنة لا في الأرض، وعصمته يجب أن تكون في الأرض
ص: 83
ليتم مقادير أمر الله عز وجل، فلما اُهبط إلى الأرض وجُعل حجة وخليفة، عُصِم بقوله عز وجل: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ»(1).
ومثله خبر ابن الجهم عنه عليه السلام مع زيادة قال:
«إن إبليس ألبس عليهما بأن المراد بهذه الشجرة في خطابه تعالي الشخص لا الجنس، وحلف لهما وما ظن آدم أن احداً يحلف بالله كذباً»(2).
والحمد لله رب العالمين
ص: 84
1. القرآن الكريم.
2. نهج البلاغة تحقيق محمد عبده، طبعة جديدة ومنقحة ومصححة / مؤسسة التاريخ العربي.
3. في ظلال نهج البلاغة / شرح الشيخ محمد جواد مغنية / منشورات الرضا.
4. لسان العرب / ابن منظور / سنة الطبع 1405 / الناشر: نشر ادب الحوزة - علوم اللغة العربية.
5. بحار الانوار الجامعة لدرر اخبار الائمة الاطهار عليهم السلام / تأليف الشيخ محمد باقر
ص: 85
المجلسي قدس سره / طبعة منقحة بتعاليق العلامة الشيخ علي النمازي الشاهرودي قدس سره / منشورات مؤسسة الأعلمی للمطبوعات / بيروت - لبنان.
6. اصول الكافي / تأليف ثقة الاسلام ابي جعفر محمد بن يعقوب الكليني قدس سره / منشورات شركة الاعلمي للمطبوعات / بيروت - لبنان.
7. تفسير النور / الشيخ محسن قراءتي / دار المؤرخ العربي / بيروت - لبنان.
8. منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة / العلامة المحقق الحاج میرزا حبیب الله الهاشمي الخوئي 1261 ه - 1324 / دار المحجة البيضاء.
9. تفسير العياشي / جزئين.
10. علل الشرائع للصدوق / المتوفي 381 /
ص: 86
مؤسسة الاعلمي / الجزء الأول والثاني.
11. تفسير الامام حسن العسكري.
12. الكافي للكليني / الوفاة 329 / تحقيق وتصحيح وتعليق: علي اكبر الغفاري / الطبعة الخامسة / سنة الطبع 1363 / النشر دار الكتب الاسلامية.
13. بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة / العلامة الشيخ محمد تقي التستري / مؤسسة التاريخ العربي / بيروت - لبنان.
87
ص: 87
المبحث الرابع سجود الملائكة لآدم عليه السلام وامتناع إبليس لعنه الله
المسألة الأولى: في سجود الملائكة وكيف جرى...7
المسألة الثانية: امتناع إبليس لعنه الله عن السجود...16
أولا: قال عليه السلام: {فسجدوا إلا إبليس اعترته الحمية وغلبت عليه الشقوة}...16
ثانياً: قال عليه السلام: وتعَرَّزَ بِخِلقَةِ النَّارِ واستوهَنَ خَلقَ الصَّلصَالِ...18
ثالثا: قال عليه السلام: فَأَعطَاه الله النَّظِرَةَ استِحقَاقَاً لِلسُّخطَة...19
رابعا: قال عليه السلام: واستِتمَاماً لِلبَليَّةِ...21
خامساً: قال عليه السلام: وإِنجَازاً لِلعِدَةِ، فَقَالَ: (فَإِنَكَ مِنَ المُنظَرِينَ إِلى يَومِ الوَقتِ المَعلُومِ)...22
ص: 88
المبحث الخامس ما جرى لآدم عليه السلام في الجنة
أولاً قال عليه السلام: "ثُمَّ أسكَنَ سُبحَانَه آدم دَاراً أَرغَدَ فِيهَا عَيشَه، وآمَنَ فِيهَا مَحَلَّتَه:...27
ثانيا: قال عليه السلام: وحَذَّرَه إبلِيسَ وعَدَاوَتَه...28
ثالثا: قال عليه السلام: فَاغتَرَّه عَدُوُّه نَفَاسَةً عَلَيه بدَار المُقَامِ، ومُرَافَقَةِ الأَبرَار...29
رابعاً: قال عليه السلام: واستَبدَلَ بالجَذَلِ وَجَلًا وبالاِغتِرَار نَدَماً...32
المبحث السادس هبوط آدم عليه السلام إلى الأرض وتلقيه الكلمات
أولا: توبة آدم عليه السلام...35
ثانيا: اختيار الله لأدم عليه السلام دار الدنيا...39
ثالثاً: هل كان إبليس من الملائكة أم من الجن؟...43
رابعاً: العلة التي من أجلها فرض الله على الناس خمس صلوات في خمس مواقيت...44
المبحث السابع اصطفاء الله تعالى من ولد آدم عليهم السلام أنبياء
أولاً: معنى الاصطفاء...49
ثانياً: أخذ الميثاق...52
ثالثا: تبليغ الرسالة...53
ص: 89
رابعاً: قال علیه السلام: "فَجَهلُوا حَقَّه واتَّخَذُوا الأَندَادَ مَعَه"...54
خامساً: قال عليه السلام: "واجتَالَتهُمُ الشَّيَاطِينُ عَن مَعرفَتِه، واقتَطَعَتهُم عَن عِبَادَتِه"...55
سادساً: قال علیه السلام: "فَبَعَثَ فِيهِم رُسُلَه، ووَاتَرَ إلَيهُم أَنبيَاءَه"...57
سابعاً: قال علیه السلام: "لِيَستَادُوهُم مِيثَاقَ فِطرَتِه، ويُذَكِّرُوهُم مَنسِيَّ نِعمَتِه"...58
ثامناً: قال علیه السلام: "ويَحتَجُّوا عَلَيهِم بالتَّبلِيغِ"...61
تاسعاً: قال علیه السلام: "ويُثِيرُوا لَهُم دَفَائِنَ العُقُولِ"...62
عاشراً: قال علیه السلام: "ويُرُوهُم آيَاتِ المَقدِرَةِ، مِن سَقفٍ فَوقَهُم مَرفُوعٍ ومِهَادٍ تَحتَهُم مَوضُوعٍ"...65
حادي عشر: قال عليه السلام: "ومَعَايشَ تُحييهِم وأجَالِ تُفنِيهِم وأَوصَابٍ تهُرمُهُم، وأحدَاثٍ تَتَابَعَ عَلَيهِم"...66
ثاني عشر: قال عليه السلام: "ولَم يُخلِ الله سُبحَانَه خَلقَه مِن نَبيٍّ مُرسَلٍ، أَو كِتَابٍ مُنزَلٍ أَو حُجَّةٍ لَازمَةٍ أَو مَحَجَّةٍ قَائِمَةٍ"...68
ثالث عشر: قال علیه السلام: "رُسُلٌ لَا تُقَصِّرُ بِهِم قِلَّةُ عَدَدِهِم، ولَا كَثرَةُ المُكَذِّبينَ لَهُم"...71
رابع عشر: قال عليه السلام: "مِن سَابقٍ سُمِّي لَه مَن بَعدَه أو غَابرِ عَرَّفَه مَن قَبلَه"...73
خامس عشر: قال عليه السلام: "عَلَى ذَلِكَ نَسَلَتِ القُرُونَ ومَضَتِ الدُّهُورُ، وسَلَفَتِ الآبَاءُ وخَلَفَتِ الأَبنَاءُ إلَى أن بَعَثَ الله سُبحَانَه مُحَمَّداً، رَسُولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَیهِ وَآلِهِ وَسَلَّم"...75
ص: 90