توضیح مناسك الحج المجلد 1

هوية الكتاب

تَۉضِیحُ

مناسك الحج

الجزء الاول

وجوب الحج - الوصية - النيابة - أقسام الحج والعمرة

طِبقًا لِفَتَاوىٰ المَرجِع الدِّيني الأعلىٰ

السيد او الحسيني السيستاني

الشَّيخُ سَليم العامري

إصلار

مَعْهَدُتَرَاثِ الأنبَياء علیهم السّلام لِلدِرَاسَاتِ الحَوزَونَة الالكتروِنيّة

ص: 1

اشارة

قسم الشؤون الفكرية والثقافية

www.alkafeel.net

info@alkafeel.net

nashra@alkafeel.net

كربلاء المقدسة

ص.ب (233)

هاتف: 322600، داخلي: 175-163

الكتاب: توضيح مناسك الحج / الجزء الأول.

بقلم : الشيخ سليم العامري .

الناشر : قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة، معهد تراث الأنبياء للدراسات الحوزوية الإلكترونية.

الاخراج الطباعي: علاء سعيد الاسدي، محمد قاسم النصراوي.

المطبعة : دار الكفيل للطباعة والنشر .

الطبعة: الأولى.

عدد النسخ: 500

شهر شعبان 1442ھ - آذار 2021م

ص: 2

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 3

ص: 4

مقدمة المعهد

معهد تراث الأنبياء، مؤسَّسة علمية حوزوية تُدِّرس المناهج الدِّينية المعَدَّة لطُلّاب الحوزة العلمية في النجف الأشرف.

الدراسة فيه عن طريق الانترنيت وليست مباشرة.

يساهم المعهد في نشر وترويج المعارف الإسلاميَّة وعلوم آل البيت علیهم السّلام ووصولها إلىٰ أوسع شريحة ممكنة من المجتمع، وذلك من خلال توفير المواقع والتطبيقات الإلكترونية التي يقوم بإنتاجها كادر متخصِّص من المبرمجين والمصممين في مجال برمجة وتصميم المواقع الإلكترونية والتطبيقات علىٰ أجهزة الحاسوب والهواتف الذكيَّة.

وبالنظر للحاجة الفعلية في مجال التبليغ الإسلامي النسوي فقد أخذ المعهد على عاتقه تأسيس جامعة متخصِّصة في هذا المجال، فتمَّ إنشاء جامعة أُمُّ البنين عليها السّلام الإلكترونية لتلبية حاجة المجتمع وملء الفراغ في الساحة الإسلامية لإعداد مبلِّغات رساليّات قادرات علىٰ إيصال الخطاب الإسلامي بطريقة علمية بعيدة عن الارتجال في العمل التبليغي، بالإضافة إلى فتح التخصصات العقائدية والفقهية والقرآنية.

على أنَّ المعهد لم يُهمِل الجانب الإعلامي، فبادر إلىٰ إنشاء مركز القمر

ص: 5

للإعلام الرقمي ، الذي يعمل علىٰ تقوية المحتوىٰ الإيجابي علىٰ شبكة الانترنيت ووسائل الإعلام الاجتماعي، حيث يكون هذا المحتوى موجَّهاً لإيصال فكر أهل البيت عليهم السلام وتوجيهات المرجعية الدِّينية العليا إلىٰ نطاق واسع من الشرائح المجتمعية المختلفة وبأحدث تقنيات الإنتاج الرقمي وبأساليب خطابية تناسب المتلقّي العصري.

والمعهد يقوم بطباعة ونشر الإنتاج الفكري والعلمي لطلبة العلم ،ضمن سلسلة من الإصدارات في مختلف العناوين العقائدية والفقهية

والأخلاقية، التي تهدف إلىٰ ترسيخ العقيدة والفكر والأخلاق، بأُسلوب بعيد عن التعقيد، يستقي معلوماته من مدرسة أهل البيت علیهم السّلام الموروثة.

وهذا الكتاب (توضيح مناسك الحج) هو أحد إصدارات معهدنا، وهو الكتاب السابع لسماحة الشيخ سليم العامري، حيث بذل جهداً كبيراً في بيان مناسك الحج بطريقة مبتكرة وبعبارات واضحة ، تنفع المتفقهين من جهة، وحجاج بيت الله الحرام من جهة أخرى، فشكر الله سعيه،وتقبله منه بقبول حسن .

إدارة المعهد

ص: 6

المقدمة

اشارة

لا يخفى على كل متابع للشأن الديني عموماً، والإسلامي خصوصاً، أن فريضة الحج تحتل مركزاً محورياً في الإسلام، ذاك ما دلت عليه الكثير من النصوص الدينية، من قبيل ما روي عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السّام قَالَ : بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: عَلَى الصَّلَاةِ والزَّكَاةِ والصَّوْمِ والحَجِّ والوَلَايَةِ، وَلَمْ يُنَادَ بِشَيْءٍ كَمَا نُودِيَ ِالوَلايَةِ (1) .

علاوة على ذلك، فإن النصوص الدينية تصرح بفضل وثواب عظيمين للحج، من قبيل ما روي عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ الله علیه السّلام : إِنِّي أَحُجُّ سَنَةٌ ، وشَرِيكي سَنَةً؟ قَالَ علیه السّلام : مَا يَمْنَعُكَ مِنَ الْحَجِّ يَا إِبْرَاهِيمُ ؟ قُلْتُ : لَا أَتَفَرَّغُ لِذَلِكَ، جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَتَصَدَّقُ بِخَمْسِمائَةٍ مَكَانَ ذَلِكَ؟ قَالَ علیه السّلام: الحَجُّ أَفْضَلُ قُلْتُ: أَلْفِ ؟! قَالَ علیه السّلام: الحَج أَفْضَلُ، قُلْتُ: فَأَلْفِ وخَمْسِمِائَةِ؟ قالَ علیه السّلام: الحَجُّ أَفْضَلُ. قُلْتُ: أَلْفَيْنِ؟ قَالَ : أَفِي أَلْفَيْكَ طَوَافُ البَيْتِ؟ قُلْتُ: لَا ، قَالَ علیه السّلام : أَفِي أَلْفَيْكَ سَعْيٌّ بَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَةِ؟ قُلْتُ: لَا ، قَالَ علیه السّلام : أفِي أَلْفَيْكَ وُقُوفٌ بعَرَفَةَ؟ قُلْتُ: لَا ، قَالَ علیه السّلام : أي أَلْفَيْكَ رَمْيُ الجَمَارِ؟ قُلْتُ: لَا قَالَ علیه السّلام : أفِي أَلْفَيْكَ المَنَاسِكُ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ علیه السّلام : الحَجُ أَفْضَلُ. (2)

ص: 7


1- الكافي للكليني ج 2 ص 18 بَابُ دَعَائِمِ الإِسْلامِ / ح 1
2- الكافي للكليني ج 4 ص 259 بَابُ فَضْلِ الحَجِّ والعُمْرَةِ وثَوَابِها - ح 29

وعن أبي عبد الله الصادق علیه السّلام : كانَ أبي يَقولُ : الحَجُّ أفضَلُ مِنَ الصَّلاةِ والصيام، إِنَّمَا الْمُصَلِّي يَشتَغِلُ عَن أهلِهِ ساعَةً، وإِنَّ الصائِمَ يَسْتَغِلُ عَن أهلِهِ بَياضَ يَوم، وإنَّ الحاج يُنعِبُ بَدَنَهُ ويُضجِرُ نَفسَهُ ويُنفِقُ مَالَهُ ويُطيلُ الغَيبَةَ عَن أهلِهِ، لا في مال يَرجوه ولا إلى تِجارَة.

وكانَ أَبي يَقولُ: وما أفضَلُ مِن رَجُل يَجِيءُ يَقودُ بِأَهلِهِ والنّاسُ وُقوفٌ بِعَرَفات يَمينًا وشمالاً ، يَأتي بِهِمُ الحَجَّ فَيَسأَلُ بِهِمُ اللهَ تَعالى . (1)

كما لا ريب في أن مسائل الحج، وقضاياه، هي من الدقة والعمق بحيث لا يتمكّن من فهم عمقها، ودرك غورها، إلا من عاشر الحج عملياً، وتابع نصوصه الفقهية والتاريخية علمياً، الأمر الذي كان يتساءل عن السر وراءه زرارة من الإمام الصادق علیه السّلام حينما سأله عن عدم فناء مسائله لمدة أربعين عاماً، فقد روي في أحوال زرارة أنه قال: قلت لأبي عبد الله علیه السّلام : جعلني الله فداك، أسألك في الحج منذ أربعين عامًا فتُفتيني، فقال علیه السّلام: يا زرارة، بيتٌ يُحَجُّ قبل آدمَ علیه السّلام بألفي عامٍ، تريدُ أنْ تفنى مسائله في أربعين عامًا . (2)

وهذا ما يُضيف إلى أهمية الحج أهمية أخرى تتعلّق بكثرة مسائله وتفرعها، إلى الحد الذي تصعب الإحاطة بها، وهو ما يراه كل من يقرأ في كتب مناسك الحج التي كتبها علماؤنا الأعلام، وقد صدق من قال: إني لم أعرف الحج حتى حججتُ .

ص: 8


1- - من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق ج 2 ص 221 ح 2236
2- - من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق ج 2 ص 519 ح 3111

أضف إليه : أن الحج لا يتكرر للفرد إلا نادراً، لصعوبة الوصول إلى الديار المقدسة، خصوصاً في أزماننا .

هذا فضلاً عن الابتلاء بمسائل مستحدثة كثيرة فيه، من حيث الزمان والجغرافيا المتعلّقة بالمناسك.

وغير ذلك من الأسباب التي يعرفها من مارس الحج.

من هنا، كانت الحاجة إلى وجود عارف بالأحكام الشرعية، مُتْقنٍ لتطبيقاتها، أمراً ضرورياً في قافلة الحاجّ، كدليل للقافلة، ومرشد لأفرادها،

يعمل على أن يؤدي الحاج عمله مطابقاً للحكم الشرعي، ويصحح ما قد يقع فيه الآخرون من خطأ عملي.

وحتى يُتقن دليل القافلة مهمته، يحتاج إلى فهم دقيق لمسائل الحج، فضلاً عن أهمية الممارسة العملية فيه.

من جهة أخرى، فإن الرسائل العملية المختصة بمناسك الحج، معروفة بسبك العبارة، وهو أمر يقتضيه التخصص العلمي للمجتهد، إذ المنهجية

تقتضي أن يكون الخطاب متناسباً مع الدقة العلمية التي عُرف بها الاجتهاد الفقهي، وهذا ما يؤدي إلى عدم فهم كثير من عباراتها إلا لطلبة العلم الذين قضوا شطراً معتداً به في الدراسة الحوزوية.

ومن هذا المنطلق، كانت الفكرة بكتابة مناسك الحج، بألفاظ واضحة، سهلة المنال، وبعبارات أقرب إلى الأدبية منها إلى التخصصية، مع الحفاظ

ص: 9

على المضمون العلمي للفتاوى، ولا يعني هذا أن يخلو الكتاب من التعبيرات الفقهية الدقيقة، إلا أنها لو كانت ، فقد حاولت قدر الإمكان ذكرها بعبارة أوضح .

ولا بد أن نبين هنا أموراً :

الأمر الأول

اشتمل هذا التوضيح على ثلاثة أجزاء وخاتمة:

الجزء الاول: في وجوب الحج والنيابة والوصية وأقسام الحج والعمرة.

الجزء الثاني : في عمرة التمتع.

الجزء الثالث: في حج التمتع.

الأمر الثاني

إن هذا التوضيح يحتوي على متن مناسك الحج وملحقاته المطبوعة في هامش المناسك لسماحة المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني (دام ظله)، بالإضافة إلى مجموعة من الاستفتاءات الخاصة الصادرة عن مكتب سماحته، تمت الإشارة إليها في مواضعها .

الأمر الثالث

و عي في هذا التوضيح أمور عدة :

1- تبويب مسائل المناسك تبويباً موضوعياً مشتملاً على مباحث

ص: 10

و فصول وفروع كثيرة.

2- طرح المسائل بأسلوب بسيط وبيان واضح، وغالباً ما يكون بطريقة السؤال والجواب.

3- إيضاح بعض الاستفتاءات والتعليق عليها .

4 - ذكر تنبيهات وملاحظات توضيحية بعد أغلب الموضوعات.

5- ضبط القيود والشروط المتعلّقة بموضوع واحد والمبعثرة في المسائل أو الاستفتاءات وتسليط الضوء عليها وجمعها لتكون في موضع واحد.

6 - استيعاب شقوق كل مسألة وذكر تفاصيلها.

7- ذكر خلاصات لجملة من الموضوعات.

8- تبويب الاستفتاءات والملحقات ضمن موضوعاتها المناسبة تحت عنوان (أسئلة تطبيقيّة).

9 - هناك بعض الاستفتاءات تعد مصداقاً لأكثر من عنوان، تم تكرارها في مواضعها المتعددة.

و في الختام لا يسعني إلا أن اتقدّم بالشكر الجزيل لكل من راجع هذا التوضيح وأبدى ملاحظاته عليه من الأساتذة الفضلاء والإخوة الأعزاء...

والشكر موصول إلى إدارة معهد تراث الأنبياء للدراسات الحوزوية الإلكترونية لاهتمامها بإخراج هذا التوضيح إلى النور.

ص: 11

و في الختام، لا يسعني إلا أن اسأل الله تبارك وتعالى أن يتقبل منا هذا القليل، وأن يجعله ذخراً يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سلیم

سليم العامري/ النجف الأشرف

الاثنين 23 رجب المرجب 1442 ھ

23 آذار 2021 م.

ص: 12

الإهداء

إلی نور الأخیار ...

وهداة الأبرار ...

إلی من به ینزل الغیث ...

وسمسك السماء ٲن تقع علی الارض إلا بإذنه ...

إلی من به فتح الله وبه یختم ...

مولاي أمیر الحج ...

أُقدم هذا الجهد علّي أحظی بنظرة القبول .

ص: 13

ص: 14

المقصد الاول وجوب الحج وشؤونه

وفيه مباحث :

المبحث الأول وجوب الحج

اشارة

وفيه أُمور:

وجوب الحج

الأمر الأول حجّة الاسلام

يجب الحجّ على كلّ مكلّف جامع للشرائط الآتية، ووجوبه ثابت بالكتاب والسنّة القطعية.

والحجّ ركن من أركان الدين، فإنّ الإسلام بني على خمسة أشياء كما في صحيحة زرارة عن أبي جعفر - صلوات الله عليه - : بُني الإسلام على خمسة أشياء : على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية».

و وجوبه من الضروريات.

ص: 15

س 1 - وماذا يترتب على كون وجوب الحج من الضروريات؟

ج- يترتب عليه: أنّ من أنكر أصل وجوب الحج ولم يكن انكاره مستنداً الى شبهة فقد كفر ، وأمّا إذا كان إنكاره مستنداً الى شبهة فلا يكون موجباً للكفر.

س 2 - من كان يعترف بوجوب الحج ولكنّه يترك الحج عمداً ولا يؤدي هذه الفريضة، فهل يُحكم بكفره؟

ج- لا يُحكم بكفره، ولكنّه قد ارتكب معصية كبيرة، بل من أعظم الكبائر.

س 3- وما الدليل على وجوب الحج من القرآن؟

ج - يدل على وجوبه من القرآن قوله تعالى: ﴿وَالله عَلَى النَّاسِ حجّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ومَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ ﴾ .

س 4 - وما الدليل على وجوب الحج من السنة؟

ج- يدل على وجوبه من السنة ما رواه الشيخ الكليني - بطريق معتبر

– عن أبي عبد الله علیه السّلام قال: « من مات ولم يحجّ حجّة الاسلام، لم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به، أو مرض لا يطيق فيه الحجّ، أو سلطان يمنعه، فليمت يهودياً أو نصرانياً»، وهناك روايات كثيرة تدل على وجوب الحجّ والاهتمام به لم نتعرّض لها طلباً للاختصار، وفيما ذكرناه من الآية الكريمة والرواية كفاية للمراد.

ص: 16

س 5- وكم مرةً يجب على المكلّف المستطيع أن يحج في عمره؟

ج - الحجّ الواجب على المكلّف - في أصل الشرع- إنّما هو مرّة واحدة، ويسمّى ذلك ب (حجّة الإسلام) أي الحج الذي بُني عليه الاسلام، نعم قد يجب الحج بعنوان آخر كالنذر او اليمين او الإجارة او غير ذلك .

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - هل يعني ما ورد في الروايات من أنّ الله تعالى يغفر للحاج ما تقدّم من ذنبه أنّه لا يجب عليه قضاء ما فاته من صلاة وصيام واداء ما تعلّق بذمته من كفارات؟

ج - كلا لا يعني ذلك بل معناه مجرد أنّه إذا تاب لا يعاقب على ما صدر منه من ترك واجب أو فعل حرام واما ما يلزمه من القضاء والكفارة ونحو ذلك فلا بد من الاتيان به .

س 2 - إذا خلت مكّة من الحجيج فهل يُلزم الناس بالحجّ؟

ج - ورد في بعض الروايات المعتبرة ما يدل على أنّ على إمام المسلمين أن لا يسمح بخلو مكّة من الحجّاج فيجبر الناس على الحجّ ويدفع تكاليف من لا يتمكّن ذلك من بيت المال، و هكذا بالنسبة إلى زيارة قبر النبي صلّی اللهُ علیه وآله .

الأمر الثاني فورية الحج

وجوب الحجّ بعد تحقق شرائطه فوريّ، ولكن هل فوريته شرعية او عقلية ؟

ص: 17

ج - فورية وجوب الحج عقلية وإن كان الاحوط استحباباً اعتبار الفورية الشرعية.

س - ماذا يقصد من الفورية الشرعية والعقلية؟

ج - الفورية الشرعية تعني أنّ الشارع يوجب المبادرة الى الحج كما يوجب الحج، فيجب على المكلّف أن يبادر الى الحج في سنة الاستطاعة، وهذا قد ذهب اليه مشهور فقهائنا (رض).

وأمّا الفورية العقلية فتعني أن العقل يحكم بلزوم المبادرة الى الحج عند تحقق شروطه حتى لا يلزم الاخلال بالواجب لو لم يبادر، فبعد تحقق شروط وجوب الحج من الاستطاعة وغيرها يحكم العقل بلزوم احراز امتثال هذا الوجوب بملاك لزوم الاحتياط - فإنّ اشتغال الذمة يقيناً بوجوب الحج يستدعي بحكم العقل تفريغها يقيناً - لئلا يلزم الاخلال بالواجب وبالتالي يستحق العقاب و هذا هو مختار سماحة السيد (دام ظله) .

الأمر الثالث الآثار المترتب على الفورية

يترتب على كون الفورية شرعية وجوب المبادرة الى الحج في سنة الاستطاعة ولا يجوز التأخير حتى لو كان واثقاً بأنّه سيدرك الحج في السنوات اللّاحقة، ومن أخّر الحج من دون عذر كان عاصياً ويستقر الحج في ذمته.

وأمّا على الفورية العقلية فيوجد حالتان :

ص: 18

19

الحالة الأُولى: أن لا يكون المكلّف واثقاً بأنّه سيدرك الحج في السنوات اللّاحقة، وفي هذه الحالة يجب عليه المبادرة الى الحج في سنة الاستطاعة.

و ماذا يترتب عليه إذا لم يبادر الى الحج في نفس السنة؟

ج- يكون متجرّياً إذا اتفق وأدرك الحج في السنوات اللّاحقة، وأمّا إذا لم يدركه اصلاً فهو عاصي ويستقر عليه الحج.

الحالة الثانية: أن يكون المكلّف واثقاً بأنّه سيدرك الحج في السنوات اللاحقة، وفي هذه الحالة لا تجب عليه المبادرة الى الحج في سنة الاستطاعة بل يجوز له التأخير لأنّ العقل لا يلزمه بالمبادرة، ولو أخّر الحج لكونه واثقاً بأدراكه في السنوات اللّاحقة فإن أداه بعد ذلك فبها، وإن اتفق أنّه لم يدركه - بسبب مرض او غيره_ فلا يستحق العقاب ولا يستقر عليه الحج.

وسماحة السيد – دام ظله - وإن بني على كون الفورية عقلية وبالتالي يجوز تأخير الحج عن سنة الاستطاعة لمن كان واثقاً بأنّه سيدرك الحج في السنوات اللّاحقة، إلا أنّ الاحوط استحباباً لمن كان واثقاً بادراك الحج في السنوات اللّاحقة أن يبادر الى الحج في سنة الاستطاعة ولا يؤخّر الحج، وهذا معنى أنّ اعتبار الفورية الشرعية بنحو الاحتياط الاستحبابي

تنبیهان:

التنبيه الأول: الجاهل بفورية الحج ولم يبادر فإن كان مقصراً ولم يدرك الحج أصلاً استقر الحج في ذمته، حتى لو كان جازماً بجواز التأخير.

ص: 19

التنبيه الثاني: الجاهل القاصر بفورية الحج ولم يبادر الى الحج، لا يستقر عليه الحج في حالتين:

1 - أن يكون واثقاً بإدراك الحج في عام لاحق.

2- أن لا يكون واثقاً من أداء الحج لاحقاً ومع ذلك أخّره لكونه جازماً او مطمئناً بجواز التأخير، وأمّا إذا أخره ولم يكن واثقاً بادراك الحج في سنوات لاحقه، ولم يكن – في سنة الاستطاعة - جازماً او مطمئناً التأخير فيستقر الحج في ذمته.

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - شاب مستطيع صادف وقت الحجّ ایام امتحاناته الجامعية بحيث لو سافر للحجّ لأثر ذلك سلبياً في دراسته فماذا يصنع؟

ج - إذا كان واثقاً اداء الحجّ في عام لاحق جاز له التأخير في أدائه من وإلاّ - كما هو الغالب - وجب عليه أداؤه في هذا العام، نعم إذا كان ذلك يؤدي إلى رسوبه وضياع سنته مثلاً وكان فيه من الحرج ما لا يتحمل عادة لم يجب عليه.

س 2 - من كان مستطيعاً وعالماً بوجوب الحجّ ولكنّه لم يكن يعلم بفورية وجوبه حتى زالت عنه الاستطاعة فهل يعدّ الحجّ مستقراً عليه؟

ج - إذا كان في أيام استطاعته غير واثق من أداء الحجّ لاحقاً ومع ذلك أخرّه باعتقاد جزمي أو ما بحكمه بجواز التأخير فان لم يكن اعتقاده هذا مستنداً إلى تقصيره في التعلم لم يحكم باستقرار الحجّ عليه وإلاّ حكم به.

ص: 20

الأمر الرابع تحصيل مقدّمات الحج

إذا وجب الخروج إلى الحجّ - بعد توفر شروطه الآتية - فهل يجب تحصيل مقدماته الوجودية أي التي يتوقف عليها الحج كتهيئة جواز السفر والفيزة وتذكرة السفر والخروج مع الرفقة وغير ذلك؟

ج - نعم يجب ذلك حتى يلزم إدراك الواجب في وقته، فإنّ العقل يحكم بلزوم تهيئة مقدمات الحج ووسائله حتى يدرك الواجب.

الأمر الخامس الحكم التكليفي لتأخير المقدّمات

تقدّم أنه يجب - بحكم العقل - تهيئة مقدمات الحج التي منها الرفقة وغيرها، ولكن لو توفر من المقدّمات أكثر من فرد كما لو تعدّدت الرفقة – او تعدّدت رحلات الطيران مثلاً- فهل يتخيّر بينها او يختار الخروج مع الأُولى؟

ج- ههنا ثلاث صور:

الصورة الأُولى: أن يثق بإدراك الحج مع أيٍّ منها فيتخيّر في الذهاب مع أيّ واحدة.

الصورة الثانية: أن يكون الادراك مع واحدة أوثق من الأخرى، وهنا يكون مخيّراً أيضاً وإن كان الأُولى أن يختار الأوثق إدراكاً.

الصورة الثالثة : أن يثق بإدراك الحج مع واحدة دون الأخرى، فلا يجوز

ص: 21

له التأخير الى الأخرى بل يجب عليه - بحكم العقل - أن يذهب مع التي يثق بإدراك الحج معها.

تنبيهات :

التنبيه الأول: الصور المتقدّمة تشمل جميع المقدّمات ولا تختص بالخروج مع الرفقة .

التنبيه الثاني: الصور المتقدّمة تجري في سائر خصوصيات الخروج، ككونه من طريق البرّ أو الجوّ أو البحر ونحو ذلك، فلو كان يثق بإدراك الحج .

عن طريق السفر جوّاً ولا يثق بإدراكه عن طريق البر فيتعين عليه السفر جوّاً، ولو كان يثق بإدارك الحج من كلا الطريقين تخيّر ، ولو كان أحدهما أوثق من الآخر فالأُولى اختيار الأوثق.

الأمر السادس الحكم الوضعي لتأخير المقدّمات

تقدّم في الأمر السابق بيان الحكم التكليفي للتأخير في المسير الى الحج ، وأنّه متى يجوز التأخير ومتى لا يجوز ، ولكن ما هو الحكم الوضعي الذي يترتب على تأخير الحج، بمعنى هل يستقر الحج في ذمته لو أخّر الخروج مع عدم جواز التأخير ولم يدرك الحج او لا يستقر ؟

ج- ههنا صورتان

الصورة الأُولى : إذا لم يجز له التأخير فأخّر ولم يدرك الحج – كما إذا لم يكن

ص: 22

واثقاً بإدراك الحج في عام لاحق ومع ذلك أخّره -، فلا اشكال في أنّه يستقر في ذمته الحج.

الصورة الثانية: إذا جاز له التأخير - كما إذا كان واثقاً بإدراك الحج في عام لاحق وأخّره ثم اتفق أنّه لم يدركه أصلاً لطرو مانع - فلا إثم عليه ولا يستقر الحج في ذمته، لكونه معذوراً في التأخير، فإنّ العقل لا يحكم بوجوب المبادرة الى الحج في سنة الاستطاعة بعدما كان واثقاً بإدراك الحج في السنوات اللّاحقة، باعتبار أنّ حكم العقل بالمبادرة إنّما هو بملاك ادراك الواجب وعدم تضييعه، ومع الوثوق بإدراكه في سنوات لاحقه لا يحكم بلزوم البدار.

س- ماذا يقصد من استقرار الحج في ذمة المكلّف؟

ج- يقصد منه ما يلي:

1 - إذا وجب الحج على المكلّف لتوفر شروطه ولم يذهب الى الحج - ولم يكن معذوراً - فيستقر الحج في ذمته ويجب عليه أداؤه ولو متسكعاً - أي حتى لو كان فيه حرج شديد لا يتحمل عادة، او كان منافياً لشانه ومخلاً بكرامته-، ولو لم يحج الى أن مات وجب إخراج تكاليف الحج من أصل التركة.

2- إذا وجبت الاستنابة على المكلّف لعدم قدرته البدنية على الحج - بسبب كبر السن او المرض الذي لا يرجو زواله او غير ذلك فتتعين عليه الاستنابة إذا كان مستطيعاً مالياً - ولم يستنب فيستقر الحج في ذمته، ويجب إخراجه بعد وفاته من أصل التركة.

ص: 23

تنبیه:

الحكم السابق يجري في سائر موارد حصول العجز عن إدراك الحجّ بسبب الطوارئ والمصادفات الخارجية من دون تفريط منه، فلا يستقر عليه الحج.

ص: 24

المبحث الثاني شرائط وجوب حجّة الإسلام

الشرط الأول : البلوغ

فلا يجب الحجّ على غير البالغ ، وإن كان مراهقاً (1) .

س 1 - لو حجّ الصبيّ فهل يصح حجّه ويجزي عن حجّة الإسلام او لا؟

ج - تارة يحج الصبي عن نفسه ، وأخرى يحج نيابة عن غيره، فهنا صورتان :

الصورة الأولى أن يحج عن نفسه، فإن كان بإذن الولي فيصح حجه - ولكن لا يجزئه عن حجة الإسلام، فإذا بلغ وكان مستطيعاً وجب عليه الحج - وإن لم يكن بإذن الولي فلا يصح.

الصورة الثانية: أن يحج نيابة عن غيره، فإن كان الحج مستحبّاً فيصح إذا كان بإذن الولي، ولا يصح من دون إذنه، وأما إذا كان الحج واجباً فلا يصح على الاحوط وجوباً.

س 2- لو خرج الصبي الى الحج وبلغ في الأثناء فهل يجزيه حجّه عن

ص: 25


1- المراهق: هو من قارب البلوغ ولم يبلغ بعدُ

حجّة الإسلام ؟

ج- ههنا صور :

الصورة الأُولى: أن يبلغ في الميقات قبل أن يُحرم، فهو أتى بمقدّمات الحج من السفر وغيره، وقبل أن يُحرم بلغ ، فهل يجزيه هذا الحج الذي وقعت مقدماته قبل البلوغ عن حجّة الاسلام؟

ج- نعم يجزيه بلا اشكال إذا توفرت باقي الشروط كالاستطاعة - ولو كان مستطيعاً من موضعه، حيث يكفي في الاستطاعة أن تكون من موضعه كما سيأتي-.

الصورة الثانية: أن يبلغ بعد الاحرام - بعد أن لبّى- وقبل أن يأتي

بالطواف، فهل يجزيه عن حجّة الإسلام؟

ج - نعم يجزيه عن حجّة الإسلام.

الصورة الثالثة: أن يحرم ويأتي ببعض المناسك كالطواف والسعي وغيرها، ويبلغ قبل الوقوف في المزدلفة، فهل يجزيه عن حجّة الإسلام؟

ج - نعم يجزيه عن حجّة الإسلام.

الصورة الرابعة : أن يبلغ بعد الوقوف في المزدلفة، ولا اشكال في أن حجّه لا يجزي عن حجّة الإسلام، وإنّما يقع مستحباً، ويجب عليه الحج بعد البلوغ إذا توفرت باقي الشروط.

س 3- إذا كان الحج مستوفياً لجميع الشروط المعتبرة في حجّة الإسلام -

ص: 26

كالاستطاعة وغيرها - إلا أنّه اعتقد أنّه فاقد الشرطية البلوغ، ثم تبيّن له - بعد أداء الحج او أثنائه- أنّه كان بالغاً حين الحج، فهل يجزيه عن حجة الإسلام او لا؟

ج - نعم يجزيه عن حجّة الإسلام مادام المكلّف مستجمعاً لشروط

حجّة ،الإسلام، وإن لم يقصدها بعنوانها - لما سيأتي من عدم اعتبار قصد عنوان حجّة الإسلام -، ويكون اعتقاده هذا (من كون وظيفته الحج المندوب لاعتقاد أنّه غير بالغ) من الخطأ في التطبيق (1) ، وهذا نظير ما إذا حجّ معتقداً أنّه غير مستطيع فبان مستطيعاً، كما سيأتي.

س 4 - الصبي المميّز (2) لا يجب عليه الحج ولكن هل يستحب له؟

ج - نعم يستحب له أن يحجّ، ولكن يشترط في صحة حجّه إذن الولي، كما تقدّم.

س 5 - هل يستحب للوليّ إحجاج الصبي او الصبيّ غير المميّزين؟

ج - نعم يستحب له إحجاج الصبي والصبية غير المميّزين.

ص: 27


1- معنى الخطأ في التطبيق: أن يقصد الحج الذي هو وظيفته واقعاً ولكنه طبقه على غيره خطأ اشتباهاً، كما إذا كانت وظيفته حجّة الإسلام لكونه مستجمعاً لشرائطها، ولكنّه قصد الحج المندوب توهماً منه أنّه وظيفته - لاعتقاد كونه غير بالغ -، فهو قاصد لنسكه ووظيفته إلا أنّه طبقها خطأ على الحج المندوب متخيلاً أنّه وظيفته، ومثل ذلك لا يضر بالعمل
2- الصبي المميّز: هو من يدرك معنى الحج، فيدرك معنى التلبية والطواف والسعي وباقي المناسك،مقابل الصبي غير المميز الذي لا يدرك معنى ذلك فقد يتمكّن من التلبية مثلاً ولكنّه لا يدرك معناها وهكذا باقي المناسك

س 6 - كيف يقوم الولي بإحجاج الصبي او الصبية ؟

ج- يقوم الولي بإلباس الصبي ثوبي الإحرام، وأمّا الصبية فتحرم بثيابها، ويأمرهما بالتلبية ويلقنهما إيّاها - إن كانا قابلين للتلقين وإلاّ لبّي عنهما- ويجنّبهما عمّا يجب على المحرم الاجتناب عنه، ويجوز أن يؤخّر تجريد الصبي عن المخيط وما بحكمه إلى فخ - إذا كان سائراً من ذلك الطريق - ويأمرهما بالإتيان بكل ما يتمكنا منه من أفعال الحجّ، وينوب عنهما فيما لا يتمكّنا، ويطوف بهما، ويسعى بهما بين الصفا والمروة، ويقف بهما في عرفات والمشعر، ويأمرهما بالرمي إن قدرا عليه وإلاّ رمى عنهما، وكذلك صلاة الطواف، فيأمرهما بالصلاة إن تمكنا منها وإلا صلى عنهما، ويقصّر لهما في العمرة، ويحلق رأس الصبي او يقصر له في الحج، وأمّا الصبية فيقصر لها، وهكذا بقية الأعمال.

س 7 - هل يجب على الولي الذي يقوم باحجاج الصبي أن يكون محرماً؟

ج - لا يجب بل يجوز أن يُحرم بالصبيّ وإن كان نفسه مُحلّاً، نعم لا يجوز له دخول مكة او الحرم إلا محرماً بحج او عمرة، ولكن لو فرض أنه كان ممن يجوز له الدخول محلاًّ - كما لو أتى بعمرة مفردة في نفس الشهر او كان ممن يتكرر منه الدخول والخروج كالحطاب او الحشاش وغيرهم- فيجوز له أن یُحرم بالصبي وهو محل، بل حتى لو عصى ودخل من غير احرام فهو وإن كان آثماً إلّا أنّه يجوز له إحجاج الصبي.

س 8- لو لم يتمكّن الصبي غير المميّز من بعض أفعال الحج، فهل يجب

ص: 28

على وليّه أن ينوب عنه او يُستحب له ذلك؟

ج - نعم يجب عليه أن ينوب عنه فيما لا يتمكّن منه من أفعال الحج.

س 9 - ما المراد من الولي الذي يُستحب له إحجاج الصبي؟ هل خصوص الأب والجد من طرف الأب؟ او كل من يتولى أمر الصبي وإن لم يكن أباً او جدّاً؟ او من له حق حضانته؟

ج - المراد منه من له حق حضانته من الابوين او غيرهما (1) .

س 10 - على من تكون نفقة حجّ الصبي هل في أمواله او على الولي؟

ج - هنا صورتان:

الصورة الأُولى : أن لا يكون للصبي مال يخصه، وفي هذه الصورة تكون نفقة الحج جميعها على الولي.

الصورة الثانية: أن يكون للصبي أموال - كما لو اعطي ما يسمى

ص: 29


1- وتفصيل حق الحضانة : 1 - حق الحضانة مشترك بين الابوين بالسوية خلال السنتين إذا لم ينفصلا، وبعد السنتين يكون الحق للأب. 2 - إذا انفصلا خلال السنتين فإن لم تتزوج الأم فحقها باقي خلال السنتين، وأمّا إذا تزوجت فيسقط حقها من الحضانة. 3- إذا مات الأب فالام أحق بحضانته - الى أن يبلغ - حتى وإن تزوجت. 4 - إذا فُقد الابوان فالحضانة للجد من طرف الأب. 5- إذا فُقد الجد فالحضانة للوصي، فإن لم يكن وصي، فيكون حق الحضانة بالتراضي بين الأقارب - على ترتيب مراتب الإرث - على الاحوط وجوباً، مع الاستئذان من الحاكم الشرعي على الاحوط وجوباً

ب-(النكوط) فإنّه يملكها ولا يجوز لأبويه التصرف في أمواله إلا بالانفاق عليه- وهنا حالتان :

الحالة الأُولى: أن يكون في السفر مصلحة للصبي، او كان حفظ الصبي متوقفاً على السفر به - كما لو أرادوا السفر ولا يوجد من يتركوا الصبي عنده -، ففي هذه الحالة تكون نفقة أصل السفر – لا نفقة الحج- من مال الصبي ، ولو فرض أن نفقة الحج تزيد على نفقة السفر فتكون الزيادة من مال الولي.

الحالة الثانية : أن لا يكون في السفر مصلحة للصبي، وفي هذه الحالة، تكون نفقة حج الصبي في ما يزيد على نفقة الحضر على الولي، فمثلاً لو كان الصبي يحتاج في الحضر الى (100) الف، وفي الحج يحتاج الى نفقات بمقدار (500) الف، فيؤخذ من مال الصبي (100) الف، والباقي يكون على الولي.

س11- من المعلوم أنّ ثمن الهدي جزء من نفقة الحج، فهل ثمن هدي الصبي غير المميز على وليّه او في مال الصبي؟

ج - ثمن هديه على الولي، لما تقدّم من أنّ الولي يتحمل نفقة حج الصبي فيما زاد على نفقة الحضر.

س 12 - كفارة صيد الصبي غير المميّز على من تكون؟

ج- كفارة صيده على الولي.

س 13 - إذا أتى الصبي بما يوجب الكفارة – غير الصيد- كما لو ادهن

ص: 30

بالدهن الطيب او المطيب او أكل الطيب او غير ذلك، فهل تثبت الكفارة او لا؟

ج- لا تثبت ولا تخرج لا من مال الصبي ولا من مال الولي، بلا فرق بين الصبي المميّز وغير المميّز.

تنبيهات :

التنبيه الأول: لا يعتبر في طواف الصبي غير المميّز الطهارة من الحدث ولا الطهارة من الخبث، ولا الختان، ولا اختيارية الحركة، ولا الستر، ولا المباشرة، فيجوز أن يطوّفه وليّه وغيره محمولاً، كما لا يعتبر كون الكعبة على يساره، فلا يضر في طوافه انحرافه عن الكعبة ببدنه، كما لا يعتبر في صحة طوافه أن يكون مستيقظاً، فيصح تطويفه وإن كان نائماً .

كل تلك الأمور و غيرها مما يعتبر في الطواف هي غير معتبرة في طواف الصبي غير المميز ، كما سيأتي في ما يعتبر في الطواف في الجزء الثاني من توضيح المناسك.

التنبيه الثاني : إذا أحرم الولي بالصبي غير المميّز للعمرة المفردة فيلزمه أن يكمل أعماله ، وإلا فيبقى على احرامه، فإذا بلغ حرم عليه ارتكاب شيء من تروكات الاحرام، كما يلزمه أن يطوّفه طواف النساء، وإلا تحرم عليه النساء إذا بلغ، وهكذا الصبية غير المميّزة.

التنبيه الثالث : إذا كان للصبي أموال، فيترتب على ذلك أمران:

ص: 31

1_ لا يجب على الأب أن ينفق عليه من أمواله الخاصة بل يجوز له أن ينفق على الصبي من مال الصبي.

2- لا يحق للولي أن يتصرف في أموال الصبي إلا في شؤونه الخاصة، ولكن هل يكفي في نفوذ تصرفه مجرد عدم وجود مفسدة في التصرف او يعتبر في جواز التصرف وجود مصلحة للصبي؟

ج- يكفي عدم وجود مفسدة في التصرف.

التنبيه الرابع: لا يعتبر إذن الأبوين في صحة حجّ البالغ مطلقاً - واجباً كان الحج او مستحباً -، بل لا يسقط الحج الواجب بنهيها.

نعم، في الحج المستحب لا يجوز له الخروج تكليفاً إذا توفر أمران:

1 - إذا أوجب خروجه إلى الحجّ أذيّة أبويه أو أحدهما.

2 - أن يكون تأذيهما او أحدهما شفقةً عليه من مخاطر الطريق مثلاً .

س- لو خرج الى الحج المندوب وكان موجباً لأذية أبويه شفقة عليه، فهل يبطل حجّه ؟

ج- لا يبطل وإن كان آثماً.

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - إذا تمّ الإحرام بالصبيّ المميّز من دون إذن وليه فما هو حكمه؟

ج - لا يبعد بطلان احرامه من دون إذن الولي.

س 2 - إذا كان الأب يحرم قبل الميقات بالنذر فكيف يصنع بولده الصبيّ

ص: 32

المميّز أو غير المميّز حين ارادة الإحرام به بالنذر؟

ج- لا يصح أن يحرم الصبيّ المميّز بالنذر ولا أن يحرم الولي بالصبيّ غير المميِز بالنذر

س 3- إذا حجّ الرجل بولده غير المميز فأخل ببعض واجبات الحج فهل هناك فرض يكون فيه الولد باقياً على الإحرام؟

ج - لا ، بل يحكم ببطلان إحرامه من الأول إذا ترك ما يبطل الحجّ بتركه.

س 4 - إذا لم يقم الولي بالنيابة عن الصبيّ فيما لا يقدر عليه من الأعمال فما حكم احرام الصبيّ هل يبطل أو يبقى؟

ج- إذا كان احرام عمرة التمتّع أو احرام الحجّ يبطل بفوات الوقت وان كان احرام العمرة المفردة يبقى عليه.

س 5 - إذا احرم الاب بابنه الصغير للعمرة المفردة ثم صرفه عن تكميل الطواف وارجعه إلى البلد فهل يبقى الولد على احرامه إلى ان يأتي بأعمال العمرة ام تبطل عمرته ؟

ج- يبقى على احرامه.

س 6 - طفل ألبسه والده ثوب الإحرام ولقّنه التلبية فهل يلزم الوالد متابعة أعماله حتى يأتي بها على الوجه الصحيح ام يكفي ان يكون هذا الطفل مع الركب؟

ج- لا بد أن يتابع أعماله حتى يأتي بها على الوجه الصحيح كما لا بد ان يجنّبه كل ما يجب على المحرم تجنّبه.

ص: 33

س 7- ورد في المناسك أنّه يستحبّ للولي احجّاج الصبيّ غير المميّز ويأمره بالاتيان بما يتمكّن منه من افعال الحجّ وينوب عنه فيما لا يتمكّن

والسؤال: إنّه هل تجب النيابة أو تستحب؟

ج- تجب.

س 8- من هو الولي الذي يحرم بالطفل والمجنون وهل يشمل الام والحاكم ومن عينّه قيماً؟

ج- المختار أن من يحرم بالطفل هو من يثبت له حق حضانته فيشمل المذكورين في موارد ثبوت حق الحضانة لهم، واما المجنون فلم يثبت

استحباب الاحجاج به.

س 9 - ما هو المقصود بالولي الذي يحرم بالطفل؟

ج - الولي الذي يستحبّ له إحجاج الطفل هو من له حق حضانته سواء أكان هو الاب أم الجد للأب أم غيرهما.

الشرط الثاني : العقل

فلا يجب الحجّ على المجنون.

س 1 - هل يستحب إحجاج المجنون كالصبي غير المميّز؟

ج- لم يثبت استحباب احجاجه.

س 2 - إذا كان المجنون أدوارياً - يُجن في وقت ويفيق في آخر - ووفى دور

ص: 34

افاقته بالاتيان بالحج ومقدّماته وكان مستطيعاً فهل يجب عليه الحج؟

ج - نعم يجب عليه.

س 3- من كان جنونه أدوارياً وعلم بمصادفة جنونه لأيام الحج دائماً فما تکلیفه؟

ج - تجب عليه الاستنابة في حال إفاقته.

الشرط الثالث: الحريّة

فلا يجب الحج على المملوك حتى يُعتق.

الشرط الرابع : الاستطاعة

اشارة

ويعتبر فيها أمور ، فلا تتحقق الاستطاعة ما لم تتحقق جميع هذه الأمور:

الأمر الأول السعة في الوقت

ومعنى ذلك وجود القدر الكافي من الوقت للذهاب إلى الأماكن المقدّسة والقيام بالأعمال الواجبة فيها.

وعليه، فلا يجب الحجّ إذا كان حصول المال أو توفر سائر الشرائط في وقت لا يسع للذهاب إلى الأماكن المقدّسة وأداء مناسك الحجّ، أو أنّه يسع ذلك ولكن بمشقّة شديدة لا تُتحمل عادة.

س - هل يجب التحفظ على المال في حال عدم سعة الوقت للذهاب الى

ص: 35

الأماكن المقدّسة وأداء الحج؟

ج - إذا أحرز أنّه يتمكّن من المسير الى الحج في أوانه فيجب عليه التحفظ على المال ولا يجوز له التصرف فيه بما يخرجه عن الاستطاعة المالية مع عدم إمكان التدارك، ولو تصرف في المال ولم يمكنه التدارك استقر الحج في ذمته، كما سيأتي.

الأمر الثاني صحّة البدن وقوّته

من لم يقدر - لمرض أو هرم - على قطع المسافة إلى الأماكن المقدّسة، أو لم يقدر على البقاء فيها بمقدار أداء أعمالها لشدّة الحرّ مثلاً، أو كان ذلك حرجيّاً عليه، لم يجب عليه الحجّ مباشرة.

تنبيهات :

التنبيه الأول : نلفت النظر الى أنّ صحة البدن وقوته هما شرط لوجوب الحج بالمباشرة، وليسا شرطاً لأصل وجوب الحج بحيث يسقط الحج عن المريض والهرم، وعليه فلو كان المريض او الهرم مستطيعاً مالياً فيجب عليهما الاستنابة، كما سيأتي.

التنبيه الثاني : ليس كل مرض يوجب سقوط المباشرة في الحج وتعيّن الاستنابة، وإنّما خصوص المرض الذي لا يرجو زواله، وأمّا إذا كان يرجو زوال المرض فيتعيّن عليه الانتظار والحج بالمباشرة.

ص: 36

التنبيه الثالث : المريض الذي لا يرجو زوال المرض وهكذا الهرم إذا كان في الحج عليهما حرج ومشقة، هل تتعيّن عليهما الاستنابة او يجوز لهما مباشرة الحج رغم الحرج والمشقة؟

ج - الحرج يُسقط عنهما وجوب المباشرة – أي لا يجب عليهما الحج تعييناً- ولكن يجوز لهما مباشرة الحج، فهما مخيّران بين الحج بأنفسهما وبين الاستنابة، والحج بنفسيهما أفضل من الاستنابة، بمعنى أنّ الأفضل لهما في حال كون الحج فيه حرج عليهما أن يذهبا الى الحج بنفسيهما ويباشرا ما يقدرا علیه من مناسك الحج - ویتحملا الحرج المشقة - ویستنیبا فیما لا یقدرا الحج - ويتحملا الحرج والمشقة - ويستنيبا فيما لا يقدرا عليه منها .

فروعٌ

الفرع الاول يجب على المستطيع أن يباشر الحج بنفسه

من استطاع الى الحج وكان متمكّناً من أدائه بنفسه، وجب عليه أن يباشر الحج بنفسه، ولا تجزي الاستنابة بأن يحج شخصٌ آخر عنه، سواءً حج عنه باجارة ام تبرّعاً.

الفرع الثاني :حكم العاجز عن مباشرة الحج

اشارة

من كانت له القدرة المالية على الحج - سواءً استقر عليه الحج ام لا -ولكنّه لا يتمكّن من مباشرة الحج بنفسه لهرم او مرض لا يرجو زواله او لمنع

ص: 37

السلطان ونحو ذلك، او كان في مباشرة الحج حرج عليه، فهل يسقط عنه الحج او تجب النيابة؟

ج- يجب عليه الاستنابة للحج.

تنبيهات :

التنبيه الأول: إن وجوب الاستنابة ليس مطلقاً بل تجب في خصوص ما إذا يئس من زوال عذره أي اطمأن ببقاء عذره الى آخر عمره، وأما إذا لم يكن يائساً وكان يرجو زوال عذره فلا تجب النيابة عليه، فضلاً عما إذا كان مطمئناً بزوال عذره ، ولو مات قبل أداء الحج لم يستقر عليه الحج.

التنبيه الثاني: وجوب الاستنابة فوري كفورية وجوب الحج، وفوريتة عقلية بمعنى تجب عليه المبادرة الى الاستنابة عند التمكن منها إذا لم يكن واثقاً من الاستنابة في السنوات اللّاحقة، وأمّا مع الوثوق بتمكنه من الاستنابة في السنوات اللّاحقة فلا تجب عليه المبادرة الى الاستنابة في هذه السنة التي تمكن من الاستنابة فيها، ولو لم يتمكن بعد ذلك من الاستنابة لا يستقر عليه الحج.

التنبيه الثالث: من وجبت عليه الاستنابة وكان قادراً عليها – ولم يكن واثقاً من الاستنابة في السنوات اللّاحقة - ولم يستنب حتى مات استقر الحج في ذمته ووجب القضاء عنه، كما سيأتي.

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - انسان مكفوف البصر ويشعر بالحرج إذا اراد ان يذهب إلى الحجّ

ص: 38

ولا سيما انه مصاب بخفة البول ويحتاج إلى الدخول في المرافق كلّ ساعة أو ساعتين فهل هذا يسوغ له ترك الحجّ والاكتفاء بالاستنابة؟

ج- هذا المقدار من الحرج لا يسقط عنه وجوب المباشرة للحجّ.

س 2- من أدى حجّة الإسلام واراد اعادتها احتياطاً إلاّ انه مصاب بالوسوسة ويجد حرجاً شديداً في اداء مناسك الحجّ فهل يكفي في الاحتياط

ان يستأجر احداً لاداء الحج عنه؟

ج - نعم إذا ظلت مباشرة الحجّ حرجية عليه بحد لا يتحمل عادة.

س 3- المستطيع مالياً إذا عجز عن مباشرة الحجّ ولكنّه يرجو زوال عذره في السنة القادمة هل يجب عليه الاستنابة ؟

ج- لا تجب الاستنابة في الفرض المذكور.

س 4- من توفر لديه شروط الاستطاعة سوى أنّه مريض لا يتمكّن من المباشرة في ادائه ولكنّه يرجو البرء من مرضه في السنوات اللّاحقة فهل تلزمه المبادرة إلى الاستنابة على اساس ان الحجّ قد استقرّ عليه ام يمكنه الانتظار إلى حين الشفاء ليباشر ،اداءه، وماذا لو لم يبرأ حتى مات ولم يأت بالحجّ؟

ج- إذا كان يأمل أن يتمكّن من أداء الحجّ بنفسه – كما هو مورد السؤال - لم تجب عليه الاستنابة بل ينتظر ليؤدي الحجّ بنفسه، واذا مات قبل ادائه وهو يرجو زوال مرضه لم يستقر الحجّ عليه.

س 5- مريض كان مستطيعاً مالياً وبدنياً لاداء الحج ولكنّه لم يكن يمنح جواز السفر لاداء هذه الفريضة لعدم بلوغه السن المحدد قانوناً للسفر ثم

ص: 39

مات بمرضه فهل يعتبر الحجّ مستقرّاً في ذمته لتجب الاستنابة من اصل تركته ام لا؟

ج- إذا لم يكن يرجو زوال المانع من ادائه للحجّ قبل وفاته وكان متمكّناً من الاستنابة فلم يفعل تجب الاستنابة عنه وإلاّ لم تجب.

س 6 - إذا لم يتمكّن المكلّف من اداء مناسك الحج إلاّ باستصحاب غيره ولم يجد من يصاحبه إلاّ باجرة لا يتمكّن منها فهل تجب عليه الاستنابة؟

ج- إذا كان ميؤساً من التمكن من المباشرة لزمه ذلك على الاحوط وجوباً.

س 7- إذا ملك الإنسان مالاً يكفيه للحج ولكنّه كان مريضاً فهل يجب عليه أن يعالج نفسه ليتمكّن من أداء الحج بنفسه؟

ج- إذا لم يعد عرفاً مستطيعاً بالفعل لم يجب عليه تحصيل الإستطاعة بالمعالجة.

س 8- من تجوز له الإستنابة في حجّة الإسلام لهرم أو ضعف فهل يرجح له شرعاً أن يتحمل الحرج والمشقة ويؤدي الحجّ بنفسه مع الإستنابة فيما لا يقدر على مباشرته من طواف أو سعي أو رمي أو غيرها أم الأرجح له الإستنابة في جميع مناسك الحجّ ؟

ج - الظاهر رجحان الأول.

س 9 - مقتضى ما ورد في جواب السؤال السابق انه لا يشترط في كون الحجّة حجّة الإسلام عدم الحرج من جهة الضعف أو المرض، مع انه قد ذكر

ص: 40

في المناسك في الامر الثاني من الامور المعتبرة في الاستطاعة عدم وجوب الحجّ على المريض والهرم فكيف التوفيق بينهما؟

ج - المقصود مما ورد في المناسك من عدم وجوب الحجّ مباشرة على من يجد الحرج الشديد في اداءه لمرض أو هرم عدم وجوبه عليه تعييناً فلا ينافي ما ذكر من التخيير بينه وبين الاستنابة مع افضلية الاوّل.

س 10 - امرأة سجلت لنفسها دوراً في مؤسسة الحجّ والزيارة وتوفيت قبل مجيء دورها ويريد ولدها ان يؤدي الحجّ عنها ولكن بقية الورثة يرفضون ذلك ويطلبون منح الدور للغير بازاء مبلغ يوزع على الورثة فما هو الحكم؟

ج - إذا كان الحجّ مستقراً في ذمتها - ولو من جهة تمكنها من شراء دور غيرها قبل وفاتها من دون ان يكون اجحافاً في حقها - وجبت الاستنابة عنها وإلاّ لم يجب.

الفرع الثالث حكم المعذور لو عجز عن الاستنابة

إذا لم يتمكّن المعذور – المريض او الهرم ونحوهما- من الاستنابة بأن لم يجد من يستنيب عنه، سقط وجوب الاستنابة عنه بلا اشكال لعدم القدرة عليه.

س 1 - بعد فرض سقوط وجوب الاستنابة بسبب العجز عنها، هل تجب الاستنابة عنه بعد وفاته؟

ج- هنا حالتان:

ص: 41

الحالة الأُولى: أن يكون الحج قد استقر عليه – بأن استطاع ولم يحج حتى ذهبت استطاعته وصار عاجزاً عن المباشرة والاستنابة- فيجب القضاء عنه.

الحالة الثانية: أن لا يكون الحج مستقراً عليه، أي حصل على مال الاستطاعة في سنته ولم يتمكِن من المباشرة ولا من الاستنابة فإذا مات لا يجب القضاء عنه .

س 2 - المعذور عن المباشرة إذا تمكن من الاستنابة ولم يستنب حتى مات هل يجب القضاء عنه بعد موته ؟

ج- يجب القضاء عنه بعد موته - بلا فرق بين من استقر الحج عليه ومن لم يستقر - ، هذا إذا لم يكن واثقاً بإمكان النيابة في السنوات اللّاحقة، بناءً على كون فورية الاستنابة عقلية.

الفرع الرابع حكم التبرّع بالنيابة

من وجبت عليه الاستنابة ولم يستنب ولكن تبرّع متبرّع عنه لم يجزئه ذلك، ووجبت عليه الاستنابة على الاحوط وجوباً.

تنبيهات:

التنبيه الأول : معنى الاستنابة هو الاتيان بالعمل النيابي بطلب من المنوب عنه، فلابد من انشاء الطلب من المنوب عنه، ولا يكفي التبرّع عنه من دون طلب منه .

ص: 42

التنبيه الثاني : التبرّع له معنيان:

الأول: يطلق ويراد به الاتيان بالعمل مجاناً في مقابل أخذ الأجرة، والتبرّع بهذا المعنى لا يضر بصحة النيابة عن الحي، فلا يلزم أن يكون النائب أجيراً بحيث يستحق مالاً على المنوب عنه، بل تصح النيابة حتى بلا اجرة – أي مجاناً -.

الثاني : يطلق مقابل الاستنابة، ويقصد به أن يأتي بالعمل من دون طلب من المنوب عنه، وهذا هو المقصود هنا، فلا يجزي ذلك العمل على الاحوط وجوباً.

التنبيه الثالث: إنّما لا يصح التبرّع - بالمعنى الثاني- عن الحي في الحج إذا كان الحج واجباً، وأمّا الحج المستحب فيصح التبرّع فيه من دون طلب المنوب عنه، كما سيأتي.

الفرع الخامس الاستنابة من الميقات

من عجز عن مباشرة الحج ووجبت عليه الاستنابة، هل يجب عليه أن يستنيب شخصاً من بلده او يكفي أن تكون الاستنابة من الميقات؟

ج- يكفي الاستنابة من الميقات ولا تجب من البلد.

ص: 43

الفرع السادس الاجتزاء بحج النائب

من عجز عن المباشرة في الحج ، واستناب شخصاً ليحج عنه، فهل يجتزئ بحج النائب ؟

ج- ههنا ثلاث صور :

الصورة الأُولى: أن يستمر العذر الى حين وفاة المنوب عنه، وفي هذه الصورة لا اشكال في إجزاء حج النائب عن المنوب عنه، فإذا مات المنوب

عنه لا يجب اخراج الحج عنه من أصل التركة حتى لو كان الحج مستقراً عليه.

الصورة الثانية: أن يستمر العذر الى حين إتمام الحج النيابي، ولكن قبل وفاة المنوب عنه يرتفع العذر، والاحوط وجوباً أن يحج المنوب عنه بنفسه.

الصورة الثالثة: أن يرتفع العذر أثناء الحج النيابي – أي بعد احرام النائب- وفي هذه الصورة يجب أمران:

1 - يجب على المنوب عنه أن يأتي بالحج، ولا يجزيه ما أتى به النائب.

2- الاحوط وجوباً للنائب أن يكمل الحج عن المنوب عنه.

الأمر الثالث تخلية السرب

ويُقصد منها أمران:

ص: 44

الأول: أن يكون الطريق مفتوحاً، بمعنى أن لا يكون هناك مانع من الوصول الى الميقات والأراضي المقدسة، فلو كان في الطريق قطّاع طرق مثلاً يقطعون الطريق فيسقط وجوب الحج.

س 1 - إذا كان في الطريق عدوّ لا يمكن دفعه إلا ببذل المال له، فهل يجب بذل المال له او يسقط وجوب الحج ؟

ج - يجب بذل المال لدفعه إلا إذا كان بذله مجحفاً بحاله – بحيث يوجب الحرج او الضرر - فلا يجب عليه ذلك، ويسقط عنه وجوب الحجّ.

س 2 - وهل يجب بذل المال لأجل استعطافه حتى يفتح الطريق ويخلّي السرب؟

ج - لا يجب حتى وإن لم يكن بذل المال مجحفاً بحاله.

الثاني: أن يكون الطريق آمناً ولا ضرر فيه على النفس او المال او العرض، فإذا كان في الطريق خطر على النفس - كأن يتعرض الى القتل او الجرح او الضرب، أو على المال - كأن يتعرض لسرقة نقوده او متاعه او راحتله-، او على العرض - كأن يُعتدى على شرفه وكرامته بالإهانة والشتم او غير ذلك -فلا يجب الحج.

هذا في الذهاب، وأما الإياب فهل يعتبر في طريق العود أن يكون مفتوحاً ومأموناً كطريق الذهاب؟

ج - فيه تفصيل:

ص: 45

1 -إذا أراد العود الى وطنه فلابد أن يكون طريق العود مفتوحاً ومأموناً، وإلا فلا يجب الحج ، وأمّا إذا لم يرد العود وإنّما أراد المقام في الديار المقدسة فلا يشترط أن يكون طريق العود مأموناً ومفتوحاً.

2- إذا أراد العود الى بلد أقرب من وطنه فلابد أن يكون طريق العود اليه مأموناً ومفتوحاً وإلا فلا يجب الحج، ولا يشترط أن يكون طريق العود الى وطنه مأموناً ومفتوحاً.

3- إذا أراد العود الى بلد أبعد من وطنه فلا يشترط أن يكون طريقه مأموناً ومفتوحاً بل يكفي أن يكون طريق العود الى وطنه مأموناً ومفتوحاً إلا إذا كان مضطراً الى السكنى في ذلك البلد فيشترط حينئذٍ أن يكون طريق العود اليه مفتوحاً ومأموناً.

س 1 - إذا عرض على المكلّف بعد تلبّسه بالاحرام ما يمنعه من الوصول إلى الأماكن المقدّسة من مرض أو عدوّ أو نحوهما فماذا يفعل؟

ج - هذا له أحكام خاصة ستأتي إن شاء الله تعالى في بحث المصدود والمحصور في الجزء الثالث من توضيح المناسك .

س 2- إذا كان للحجّ طريقان أبعدهما مأمون، والأقرب غير مأمون، فهل يسقط وجوب الحج؟

ج - لا يسقط وجوب الحجّ، بل يجب الذهاب من الطريق المأمون وإن كان أبعد.

ص:46

نعم، إذا استلزم ذلك الدوران في البلاد كثيراً بحيث لا يصدق عرفاً أنّه مخلّى السرب، لم يجب عليه الحجّ.

س 3- إذا كان له في بلده مال يتلف بذهابه إلى الحجّ، فهل يسقط عنه وجوب الحج ؟

ج- لا يسقط إلا إذا كان ذلك مجحفاً بحاله.

س 4 - لو انحصر الطريق بالبحر مثلاً، واحتمل في ركوبه الغرق أو المرض أو نحوهما احتمالاً عقلائياً، فهل يجب عليه الحج او يسقط ؟

ج- لا يجب الخروج الى الحج مادام احتمال الضرر عقلائياً حتى إذا لم يستلزم الحرج.

س 5 - إذا انحصر الطريق بالبحر مثلاً وكان موجباً للقلق والخوف الذي يعسر عليه تحمّله ولا يتيسّر له علاجه، فهل يسقط عنه الحج؟

ج- نعم يسقط عنه وجوب الحجّ مادام يستلزم الحرج.

س6- في (س4 و س5) لو فرض أنّ المكلّف رغم احتمال الغرق او المرض او الخوف والقلق خرج الى الحج فهل يصح حجّه ويجزي عن حجّة الإسلام او لا؟

ج - نعم يصح ويجزي عن حجّة الإسلام، فإنّه وإن لم يجب عليه الخروج للحج في البداية، إلا أنّه المفروض خرج ووصل الى الميقات وبذلك هو لا يخاف الغرق أو المرض فيكون مستطيعاً بعد وصوله الى الميقات فيصح حجّه، إذ يكفي في الاستطاعة أن تكون من الميقات

ص: 47

س 7- إذا استلزم الإتيان بالحجّ ترك واجب أهم من الحجّ، كإنقاذ غريق أو حريق فما هو تكليفه؟

ج - يتعين عليه ترك الحج.

س -8- إذا استلزم الإتيان بالحجّ ترك واجب مساوي في الأهمية الى الحج ،فما هو تكليفه؟

ج- يتخيّر بين الاتيان بالحج او الواجب الآخر.

س 9 - إذا توقّف أداء الحجّ على ارتكاب محرّم كان الاجتناب عنه أهمّ من الحجّ أو مساوياً له، فما هو تكليفه؟

ج - يتعيّن عليه ترك الحج في الصورة الأُولى، ويتخيّر في الصورة الثانية.

س 10 - إذا حجّ مع استلزام حجّه ترك واجب أهمّ أو ارتكاب محرّم كان الاجتناب عنه أهم من الحج، فما حكم حجّه؟

ج- حجّه صحيح ويجزي عن حجّة الإسلام إذا كان واجداً لسائر الشرائط، وإن كان عاصياً من جهة ترك الواجب أو فعل الحرام، بلا فرق في ذلك بين من كان الحجّ مستقراًّ عليه ومن كان أول سنة استطاعته .

تنبیهان :

التنبيه الأول : في زماننا يُمنع الشخص من الذهاب الى الحج إلا عبر القرعة وتسجيل اسمه في مؤسسة الحج، ولكنّه يتمكّن من الحج عبر طريق آخر كالذي يسمى ب (الحج التجاري فهل يجب عليه الحج عن ذلك

ص: 48

الطريق؟

ج - نعم يجب عليه الحج إلا إذا كان ما يبذله مجحفاً بحاله بحيث يستلزم وقوعه في الضرر او الحرج الذي لا يُتحمّل عادة.

التنبيه الثاني: في الموارد التي يستلزم الذهاب الى الحج حرجاً شديداً لا يُتحمل عادة – كما لو كان يتعرض للمهانة كسماع السباب والألفاظ الركيكة من بعض المسؤولين مما يوجب الحرج على المكلّف او كان في الطريق الذي يسلكه حرج او غير ذلك _ يسقط وجوب الحج، ولكن لو خالف المكلّف وحجّ، فهل تجزي عن حجّة الإسلام او لا؟

ج- هنا حالتان:

الحالة الأُولى: أن يكون الحرج في المقدّمات وقبل الوصول الى الميقات، كما لو كان يتعرض الى السباب والشتم في المنافذ الحدودية الأمر الذي يوجب الحرج عليه، او كان الحرج في سلوك الطريق كما لو كان طريق البحر او الجو يوجب له القلق والخوف الذي لا يُتحمل عادة، وفي هذه الحالة لو حجّ يقع حجه صحيحاً ويجزي عن حجّة الإسلام، وذلك لزوال الحرج عند ووصوله الى الميقات فيكون مستطيعاً منه، ويكفي في الاستطاعة أن تكون من الميقات، كما تقدّم ويأتي.

الحالة الثانية: أن يكون الحرج في الميقات او أثناء أداء المناسك او في الديار المقدسة، وفي هذه الحالة لو حجّ لا يجزي حجّه عن حجّة الإسلام لعدم كونه

ص: 49

مستطيعاً ومخلى السرب.

نعم تقدّم أنّ من كان في أداء المناسك حرج عليه لمرض او هرم فإنّه مخيّر بين مباشرة الحج وتحمّل الحرج وبين الاستنابة، ولو اختار المباشرة صح حجّه وأجزأه عن حجّة الإسلام .

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - من ملك مالاً يفي بتكاليف الحجّ لو اودعه في مؤسسة الحجّ والزيارة وقيّد اسمه فيها وانتظر لمدة سنوات، ولا يتيسر له اداء الحجّ بغير هذه الطريقة فهل تلزمه المبادرة إلى تسجيل اسمه في المؤسسة المذكورة وايداع المال فيها او لا يلزمه ذلك بل يجوز له التصرّف في ماله وان لم يكن يستطيع بعد ذلك ابداً؟

ج- إذا لم يكن يتوقع طرو مانع آخر من اداء الحجّ في تلك السنة التي يصل دوره فيها لزمه التسجيل على الاحوط وجوباً.

س 2 - إذا كان المكلّف مستطيعاً مالياً وبدنياً من أداء الحجّ ولكن مؤسسة الحجّ والزيارة لا تسمح له بذلك لأن دوره لم يأت بعد فهل يجوز له أو يجب علیه اتباع أحد الطرق التالية ليتمكّن من أداء الحجّ في سنته:

1 - أن يطلب من غيره ممن وصل دوره أن يتنازل له عنه إزاء مبلغ من المال وإن كان باهضاً؟

ج - إذا كان بذل المبلغ المطلوب مجحفاً بحاله لم يجب عليه البذل وإلا وجب

ص: 50

2 - أن يدعي كذباً أو تورية توفر بعض الشروط التي يسمح لمن تتوفر فيه بأداء الحجّ استثناء عن الضوابط العامة؟

ج - إذا كانت المؤسسة المعنية تطبق العدالة في إيفاد الحجّاج لم يجز التخلّف عن قوانينها بما ذكر أو نحوه.

3- أن يبحث عن شخص وصل دوره في هذه السنة ولكنه توفي قبل ذلك أو عجز عن الذهاب بنفسه فيقبل النيابة عنه صورة ويأتي بالحجّ لنفسه؟

ج - لا يجوز له أن يخدع بهذه الطريقة الشخص العاجز أو ولي الميّت.

س 3- إذا شرطت الحكومة في الاقتراع للحجّ ان لا يكون المشارك ممن حج قبل ذلك والغرض من هذا الشرط تمكين اكبر عدد ممكن من الذهاب إلى الحجّ، فهل يجوز لمن حجّ قبل ذلك ان يشارك في القرعة من دون علم الحكومة؟

ج - إذا كانت الدائرة المعنية تطبق العدالة في ايفاد الحجّاج فلا بد من رعاية ضوابطها المقررة لذلك.

س 4 - فرضت الحكومة السعودية - اخيراً- نظاماً معيناً على الحجاج من داخل المملكة يقضي بالمنع من الحج إلاّ مرة في كل خمس سنوات، فهل يجب على المؤمنين الالتزام بالنظام المذكور ، وهل يصح الحج مع مخالفته؟

ج - إذا كان فرض النظام المذكور الموجب لتقليص عدد الحجاج مما تحتمه مصلحة الحفاظ عليهم وتوفير فرص متكافئة للمسلمين في أداء الحج

ص: 51

فاللازم مراعاته، ولكن لا تضر مخالفته بصحة الحج.

س 5- إذا دفع المكلّف مقدار نفقات الحج إلى مؤسسة الحج والزيارة وانتظر سنوات حتى يأتي دوره وعندما أتى دوره مرض مرض الموت فأوصى إلى بعض ولده بالحج عنه والولد مستطيع مالياً ولكن لا يسمح له بالذهاب إلى الحج لأنه لم يأت دوره بعد فما هو تكليفه هل يعمل بوصية الأب فيحج عنه أو يستفيد من حق أبيه فيحج لنفسه؟

ج - ينفذ وصية أبيه في الحج عنه فإنه لا استطاعة سربية له ليحج عن نفسه .

س6 - من استقرّ عليه الحجّ ثم لم يتمكّن منه لفقره ثم عمل فتمكن من سداد بعض ديونه واشترى املاكاً وهو يحاول تسديد بقية ديونه، فهل يجب عليه الحجّ مع مطالبة الديّان؟

ج- إذا امكنه ان يتمهل ديانه لزمه ذلك فيقدم الحجّ وان لم يمهلوه قدّم اداء ديونه ولكن لا يكون معذوراً في ترك الحجّ بل يكون حاله حال من عجز عن الجمع بين امتثال تكليفين بسوء اختياره حيث يلزمه صرف قدرته في امتثال الاهم ومع ذلك لا يكون معذوراً في ترك المهم.

س 7 - إذا حجّ المديون الذي يحّل دَينه في اول ذي الحجّة وبذهابه إلى الحجّ لا يستطيع وفاء دَينه هل يحكم بصحة حجّه؟

ج - الحجّ صحيح ، وان كان آثماً في عدم أداء الدَين المطالب به في حينه.

س 8 - المستطيع للحجّ هل يجوز له الخروج قبل أوانه للسفر الذي يحتمل

ص: 52

انه سيحرمه من مه من أداء الحجّ في سنة الاستطاعة؟

ج - لا يجوز الاّ إذا كان يحتمل - احتمالاً معتداً به - أن لا يتيسر له الذهاب إلى الحجّ في أوانه لمانع آخر، أو كان واثقاً من تمكنه من ادائه في عام لاحق.

س 9 - إذا تعرض المتمتع لعارض منعه من أداء حجّ التمتّع وتم إرجاعه إلى بلده قبل أوان الحجّ فهل يستقر عليه الحجّ ويلزمه أداؤه وإن لم تتجدد لديه الاستطاعة؟

ج- لا يستقر عليه الحجّ.

س 10 - من أدى العمرة المفردة في شهر رجب ولم يسبق له أداء حجّة الإسلام هل يلزمه البقاء في الديار المقدسة إلى أوان الحجّ لأدائه؟ ولو لم يفعل ذلك فهل يستقر الحجّ على ذمته ؟

ج- إذا كان قادراً على البقاء من غير ضرر أو حرج لا يتحمل عادة ولم يكن واثقاً من تمكنه من أداء الحجّ لو رجع قبل الإتيان به لزمه ذلك ولو ترك استقرّ الحجّ على ذمته، وأمّا في غير هذه الصورة فلا يلزمه البقاء ولا يستقر الحجّ عليه، نعم إذا كان بإمكانه تأخير الذهاب إلى الديار المقدسة إلى اوان الحجّ ولكنّه لم يفعل ذلك مع الالتفات إلى ما ذكر فالحجّ مستقر عليه.

س 11 - إذا كان في الذهاب إلى الحجّ مهانة كسماع السباب والألفاظ الركيكة من بعض المسؤولين مما يوجب الحرج على المكلّف فهل يجب الحجّ عليه مع ذلك وإذا حجّ فهل يكون حجّه حجّة الإسلام؟

ج- إذا كان الحرج شديداً بحيث لا يتحمل عادة لم يجب معه الحجّ وإن

ص: 53

حجّ لم تكن حجّته حجّة الإسلام، نعم إذا كان ذلك قبل الوصول إلى الميقات وجب عليه الحج وتكون حجّة الإسلام.

الأمر الرابع النفقة

يعتبر في الاستطاعة النفقة، ويُعبّر عنها بالزاد والراحلة

ويُقصد بالزاد : كلّ ما يحتاج إليه المكلّف في سفره من المأكول والمشروب وغيرهما من ضروريات ذلك السفر .

ويُقصد بالراحلة الوسيلة النقليّة التي يستعان بها في قطع المسافة.

ما يعتبر في الزاد والراحلة

يعتبر في الزاد والراحلة خمسة أمور:

الأول : أن يكونا مما يليق بشأن المكلّف

يلزم في الزاد والراحلة أن يكونا مما يليق بشأن المكلّف ومكانته الاجتماعية، وذلك يختلف باختلاف الأشخاص، فلو كانت الوسيلة النقلية لا تليق بشأن المكلّف بحيث توجب تنقيص قدره والحط من كرامته ويكون في ذلك ذلٌ ومهانة عليه الأمر الذي يوقعه في الحرج فلا يجب عليه الحج، كما لو كان الشخص من ذوي الوجاهة في المجتمع وكان لا يتمكّن من الحج الا بركوب سيارة البضائع مثلاً وكان ذلك منافياً لشأنه فلا يجب عليه الحج ولا يكون مستطيعاً شرعاً.

ص: 54

الثاني : يعتبر وجود أعيانهما او وجود مال يفي بهما

هل يلزم في الزاد والراحلة أن يملك المكلّف عينهما أي يملك وسيلة نقل وما يحتاج اليه من المأكل والمشرب وغيرهما مما يحتاجه في السفر او يكفي أن يملك مقداراً من المال يفي بذلك؟

ج- لا يلزم وجود أعيانهما، بل يكفي وجود مقدار من المال (النقود أو غيرها) يمكن أن يصرف في سبيل تحصيلهما.

الثالث : يعتبر في الزاد والراحلة وجودهما فعلاً

تقدّم أنّ الزاد والراحلة شرط في تحقق الاستطاعة سواءً كانا موجودين بأعيانهما او بوجود مال (نقود او غيرها) يمكن تحصيلهما به والسؤال: لو فرض أن الزاد والراحلة غير موجودين بالفعل - لا موجودين بأعيانهما ولا يوجد مال يمكن تحصيلهما به - ولكنّ المكلّف كان قادراً على تحصيلها بالاكتساب ونحوه فهل يجب عليه الحج؟

ج - لا يجب عليه الحج لعدم وجود الزاد والراحة بالفعل لا بأعيانهما ولا بوجود مال يفي بهما، فإنّ الاستطاعة لا تتحقق إلا مع توفر المال بالفعل، ولا تتحقق بمجرد القدرة على تحصيله ، وعليه فمن كان له مهنة او صنعة وكان قادراً على أن يؤجر نفسه ويصرف الأجرة في نفقة الحج لا يجب عليه الحج ما لم يحصل على المال الكافي لنفقة الحج بالفعل.

ص: 55

الرابع : يعتبر في الراحلة الحاجة الفعلية لها

تقدّم أنّ الراحلة (الوسيلة النقلية) معتبرة في الاستطاعة، ولكن هل هي شرط عند الحاجة اليها او أنّها شرط مطلقاً حتى مع عدم الحاجة، فمن كان قادراً على المشي للحج من دون مشقة ولم يكن منافياً لشأنه – ولا يتمكّن من الراحلة - هل يجب عليه الحج او لا؟

ج - نعم يجب عليه الحج وإن لم يكن متمكّناً من الراحلة لعدم حاجته الفعلية لها، فإنّ الراحلة إنّما تكون شرطاً في الاستطاعة مع الحاجة الفعلية اليها، وأمّا مع عدم الحاجة فلا تكون شرطاً في الاستطاعة، فيجب عليه أن يحج ماشياً مادام لا ينافي شأنه ولا يستلزم المشقة والحرج.

س - اتضح مما تقدّم أنّ الراحلة شرط في الاستطاعة عند الحاجة اليها وليست شرطاً مع عدم الحاجة، والسؤال هل يختلف الأمر بين القريب والبعيد؟

ج- لا فرق بين القريب والبعيد، فمن كان بحاجة الراحلة ولا يتمكّن من المشي للحج فتكون الراحلة شرطاً في استطاعته بحيث لا يجب عليه الحج إن لم يكن متمكّناً من الراحلة حتى لو كان قريباً – كأهل مكة-، ومن كان متمكّناً من المشي للحج - ولم يكن فيه حرج عليه ولا منافياً لشأنه- يجب عليه الحج وإن لم يكن متمكّناً من الراحلة حتى لو كان بعيداً.

الخامس : يعتبر في الزاد والراحلة بقاؤهما الى إتمام المناسك

اشارة

إذا تلف المال الذي يحتاجه المكلّف في أداء الحج او في عوده الى وطنه او

ص: 56

تلف ما به الكفاية فهل يكشف ذلك عن عدم تحقق الاستطاعة او لا؟

ج - فيه تفصيل بحسب الصور الآتية:

الصورة الأُولى: أن يتلف المال الذي يتوقف عليه الوصول الى الأماكن المقدسة او يتوقف عليه أداء الحج - ولم يكن التلف بسببه- وفي هذه الحالة لا يجب عليه الحج ويكشف ذلك عن عدم تحقق الاستطاعة من الأول، بلا فرق بين الحالات التالية :

1 - أن يتلف كل المال او بعضه بحيث لا يكفي الباقي لأداء الحج، فلا يجب عليه الحج.

2 - أن يتلف في بلده قبل الخروج او في الطريق قبل الشروع بالأعمال، فلا يجب عليه الحج.

3- أن يتلف بعد الشروع بالأعمال، كما لو تلف ماله في أثناء عمرة التمتع او في يوم عرفة.

وفي هذه الحالة الثالثة - إذا كان التلف بعد الشروع بالأعمال- يجب عليه إتمام الحج (1) بالاقتراض أو غيره - إذا لم يكن فيه حرج عليه - إلا أنّه لا يكون حجّه هذا حجّة الإسلام لعدم تحقق الاستطاعة.

وبذلك يتضح أنّه كما يعتبر في وجوب الحج وجود الزاد والراحلة حدوثاً

ص: 57


1- من شرع في نسك واجب او مستحب عن نفسه او عن غيره وجب عليه اتمامه مع التمكن منه من دون حرج، ولا يجوز له تركه

كذلك يعتبر في وجوب الحج بقاؤهما الى تمام الأعمال، فهما شرط حدوثي وبقائي.

ويترتب على ذلك: أنّه متى ما حدث على المكلّف دين قهري وبدون اختياره - كما إذا أتلف مال غيره خطاً فصار ضامناً له ببدله- كشف ذلك عن عدم تحقق الاستطاعة إذا كان الدين مستوعباً لما عنده من المال او كالمستوعب .

س - إذا أتلف مال غيره او جنى عليه عمداً وصار ضامناً فهل يسقط عنه الحج ويكشف ذلك عن عدم تحقق الاستطاعة؟

ج- الاتلاف العمدي او الجناية العمدية لا تسقط وجوب الحج وإن صار مديناً فيجب عليه الحج ولو متسكعاً.

الصورة الثانية : أن تتلف مؤونة عوده الى وطنه - سواء تلفت في أثناء أداء الأعمال او بعد الفراغ منها - فهل يكشف ذلك عن عدم تحقق الاستطاعة من البداية فلا يكون حجّه حجّة الإسلام او لا؟

ج- لا يضر ذلك بالاستطاعة ولا يكشف عن عدم تحققها من أول الأمر، بل يجتزئ حينئذٍ بحجّه، ولا يجب عليه الحج بعد ذلك، وبذلك يتضح أنّ مؤونة العود شرط في الاستطاعة حدوثاً لا بقاءً.

الصورة الثالثة: أن يتلف ما به الرجوع الى الكفاية في بلده - أثناء أداء الأعمال او بعد الفراغ منها - فهل يكشف ذلك عن عدم تحقق الاستطاعة

ص: 58

وبالتالي لا يكون حجّه حجّة الإسلام او لا؟

ج- لا يضر ذلك بالاستطاعة ولا يكشف عن عدم تحققها من أول الأمر، بل يجتزئ حينئذٍ بحجّه، ولا يجب عليه الحج بعد ذلك، وبذلك يتضح أنّ ما به الكفاية شرط في الاستطاعة حدوثاً لا بقاءً.

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - هل فقد ثمن الهدي يمنع من تحقق الاستطاعة أم لا؟

ج- لا يمنع منه فيصوم بدل الهدي (1) .

س 2 - هل فقد ثمن الكفارة مع العلم بحصول موجبها منه يمنع من حصول الاستطاعة؟

ج- لا يمنع.

س 3- إذا سرقت أموال الحاج بعد وصوله إلى مكّة فما هو تكليفه؟

ج - إذا زالت بذلك استطاعته فان أمكنه الإتيان بأعمال حج ّالتمتّع ولو بالاستدانة أو بطلب تبرّع الغير من غير حرج أو مشقة لا تتحمل عادة لزمه ذلك وان لم يكن حجّه حجّة الإسلام في الصورة الأُولى، وإذا لم يمكنه ذلك أو كان حرجياً أحلّ من إحرامه بأداء العمرة المفردة وان لم تزل استطاعته بذلك كما لو كان قد دفع مسبقاً أجور سكنه ومأكله ومشربه ونحو ذلك وإنما

ص: 59


1- نعم سيأتي في الاستطاعة البذليّة أن الباذل إذا لم يبذل ثمن الهدي وبذل بقية المصارف ففي وجوب الحج على المبذول له اشكال إلا إذا كان متمكّناً من شرائه من ماله ولم يكن ذلك موجباً لوقوعه في الحرج

بقي عليه ثمن الهدي ونفقة العود أو كان متمكّناً من الاستدانة لنفقته والوفاء ببعد الرجوع مما لديه من مال موجود فعليه إتمام الحجّ وتكون حجّة الإسلام.

س 4 - رجل تحقق لديه جميع شروط الاستطاعة فذهب إلى الحجّ وبعد إتمام الأعمال كلّها فقد ماله الذي يكفيه للعود إلى وطنه وليس له مال غيره فهل تجزي حجّته هذه عن حجّة الإسلام علماً بأن الحجّ لم يستقر عليه وانما هذه أول سنة الاستطاعة ؟

ج - يعتبر حجّه حجّة الإسلام.

فروعٌ

الفرع الأول عدم اعتبار ملكيّة الزاد والراحلة

هل يعتبر في الاستطاعة (الزاد والراحلة) أن يكون المال الوافي بمصارف الحج مملوكاً للمكلف او يكفي أن يكون مباحاً له وتحت تصرفه وإن لم يكن ملكاً له؟

ج - تكفي الإباحة حتى لو كانت إباحة مطلقة لا لخصوص الحج، فمن أُبيح له التصرف في مال وكان وافياً بمصارف الحج وجب عليه الحج إذا توفرت سائر شرائط الاستطاعة.

من أُبيح له التصرف في المال الوافي بنفقات الحج هل يجب عليه

ص: 60

الخروج الى الحج؟

ج- لا يجب عليه الخروج إلا في حالتين:

1- أن تكون الاباحة لازمة، كما لو أُخذت شرطاً في عقد لازم كعقد البيع فمثلاً : لو باعه سيارته وشرط عليه أن يبيح له التصرف في ماله فتكون الاباحة لازمة.

2- أن يثق باستمرار الاباحة - إذا لم تكن لازمة - الى إتمام الأعمال، كما الحال في الملكيّة المتزلزلة الآتية.

فإذا لم يتحقق أحد الأمرين فلا يجب عليه الخروج الى الحج.

فائدة :

من أُبيح له التصرف في المال الوافي بمصارف الحج إباحة مطلقة - أي لم تُخصص بالحج - لا تكون استطاعته بذليّة ولا تترتب عليه أحكام الاستطاعة البذليّة الآتية، وذلك لعدم تخصيص ذلك المال بالحج، وسيأتي أنّ الاستطاعة البذليّة إنّما تتحقق عندما يبذل المال لخصوص الحج.

الفرع الثاني لا يعتبر في الاستطاعة أن تكون من البلد

لا يعتبر في الاستطاعة التي هي شرط في وجوب الحج تحققها في بلد المكلّف - أي البلد الذي يسكنه- بل من أي مكان حصلت له الاستطاعة وجب عليه الحج، فإذا ذهب المكلّف إلى بلد آخر للتجارة أو الزيارة او

ص: 61

لغير ذلك وكان له هناك ما يمكن أن يحجّ به من الزاد والراحلة، أو ما يفي بتحصيلهما من النقود ونحوها، وجب عليه الحجّ، وإن لم يكن مستطيعاً من بلده.

أسئلة تطبيقيّة :

س - شخص تحرك من بلده فاقداً للاستطاعة ثم لما وصل الميقات استطاع هناك فهل يكفيه حجّه عن حجّة الإسلام؟

ج- نعم.

الفرع الثالث حكم ما لو توقفت الاستطاعة على بيع بعض أملاكه

إذا لم يتمكّن المكلّف من الحج إلا ببيع بعض أملاكه، فهل يجب عليه بيعه والذهاب للحج ؟

ج- ههنا صور:

الصورة الأُولى: أن يُعدّ ما يملكه من حاجاته الضرورية، ولا اشكال في أنّه لا يجب عليه بيعها لصرفها في نفقات الحج، فمثله لا يُعدّ مستطيعاً.

الصورة الثانية: أن يكون ما يملكه زائداً على حاجاته الضرورية، ولكنّه يحتاج اليه وكان لائقاً بحاله لا أزيد - كمّاً وكيفاً- وفي هذه الصورة أيضاً لا

يجب عليه بيعه والذهاب للحج، كما سيأتي.

الصورة الثالثة: أن يكون ما يملكه ليس من ضروريات معاشه، وليس

ص: 62

مما يحتاج اليه بحسب شأنه، بل زائد على ذلك، وهنا حالات:

الحالة الأُولى: أن يتمكّن من بيعه بثمن المثل – أي قيمته السوقية المتعارفة-، ولا اشكال في وجوب الحج عليه في هذه الحالة ولو ببيعه وصرفه في الحج.

الحالة الثانية : أن لا يتمكّن من بيعه إلا بأقل من ثمن المثل ولكن لا يكون ذلك مجحفاً بحاله، فيجب عليه الحج ولو ببيعه.

الحالة الثالثة: أن لا يتمكّن من بيعه إلا بأقل من ثمن المثل، وكان ذلك مجحفاً بحاله، فلا يجب عليه بيعه والذهاب الى الحج لكون ذلك موجباً للحرج عليه.

الفرع الرابع حكم ما لو ارتفعت الأسعار في سنة الاستطاعة

إذا احتاج المكلّف الى شراء شيء او استئجاره لأداء الحج – كما إذا احتاج الى استئجار وسيلة نقل - ولكن ارتفعت الأسعار عما كانت عليه في السنة السابقة - لظرف معين - إلا أنّها سترجع في العام القادم الى ما كانت عليه ويمكن الشراء او الاستئجار بالأسعار التي كانت متعارفة، في هذه الحالة هل يجوز للمكلف تأخير الحج بسبب ذلك - لا بسبب الوثوق بإدراك الحج في السنوات القادمة، فإنّ هذا جائز كما تقدّم-؟

ج- لا يجوز له تأخير الحج لمجرد ارتفاع الأسعار لما تقدّم من وجوب

ص: 63

المبادرة الى الحج في سنة الاستطاعة، نعم يمكنه التأخير من جهة ثانية وهي: ما إذا وثق بإدراك الحج في السنوات القادمة بناءً على كون فورية الحج عقلية -كما تقدّم - وأمّا إذا لم يثق بإدراك الحج فلا يجوز له التأخير لمجرد ارتفاع الأسعار.

ومن خلال ذلك يتضح أن الأسعار إذا ارتفعت وكان ارتفاعها أمراً مستمراً – لا بسبب ظرف مؤقت- ولا يُتوقّع نزول الأسعار ورجوعها الى ما كانت عليه، ففي هذه الحالة لا يجوز التأخير بلا اشكال لمجرد ارتفاع الأسعار.

الفرع الخامس هل يعتبر في تحقق الاستطاعة نفقة الإياب

تقدّم أن النفقة معتبرة في الاستطاعة، ولكن هل هي معتبرة في الذهاب والإياب او في الذهاب فقط او فيه تفصيل؟

ج- لا اشكال في أنّ نفقة الذهاب معتبرة في الاستطاعة، فمن لا يملك نفقة الذهاب لا يكون مستطيعاً ، وأمّا نفقة الإياب ففيها تفصيل:

الصورة الأُولى: أن يُفرض أنّ المكلّف يريد العود الى وطنه، وهنا يعتبر في تحقق الاستطاعة نفقة العود، بحيث إذا لم يكن عنده نفقة العود لا يكون مستطيعاً، ولا يجب عليه الحج .

الصورة الثانية: أن يُفرض أنّه يريد السكنى في بلد آخر بعد أداء الحج،

ص: 64

وكانت نفقة الذهاب الى ذلك البلد أقل من نفقة العود الى وطنه، وهنا لا يعتبر في الاستطاعة وجود نفقة العود الى وطنه بل يكفي وجود نفقة العود الى ذلك البلد الذي يريد السكنى فيه، فإذا كان عنده نفقة العود الى ذلك البلد يجب عليه الحج وإن لم يكن عنده ما يكفي لنفقة العود الى وطنه.

الصورة الثالثة: أن يُفرض أنّه يريد السكنى في بلد آخر بعد أداء الحج أيضاً ، ولكن تكون نفقة الذهاب الى ذلك البلد أكثر من نفقة العود الى وطنه، ولم يكن مضطراً إلى السكنى في ذلك البلد، وهنا لا يعتبر في الاستطاعة وجود نفقة الذهاب الى ذلك البلد بل يكفي في تحقق الاستطاعة وجود نفقة العود الى وطنه.

الصورة الرابعة : نفس الصورة الثالثة ولكن كان مضطرّاً الى السكنى في البلد الآخر - كما هو حال بعض المغتربين - وهنا يعتبر في الاستطاعة وجود نفقة الذهاب الى ذلك الوطن ولا تكفي وجود نفقة الإياب الى وطنه، فلو لم يكن قادراً على نفقة الذهاب الى ذلك البلد فلا يكون مستطيعاً وإن كان قادراً على نفقة الإياب الى وطنه.

الصورة الخامسة : أن يفرض أن المكلّف يريد البقاء في الديار المقدسة ولا يريد العود الى وطنه ولا الى بلد آخر، وفي هذه الحالة لا تعتبر نفقة العود في الاستطاعة بل يكفي توفر نفقة الذهاب.

ص: 65

الأمر الخامس الرجوع إلى الكفاية

يعتبر في تحقق الاستطاعة الرجوع الى الكفاية، والمقصود منه أن الحاج بعدما يرجع من الحج يكون له مورد مالي يكفي لنفقته ونفقة عياله، بحيث لا يكون صرف ماله في نفقة الحج موجباً لبقائه بلا مورد يؤمّن نفقته ونفقة عياله، بل يلزم في تحقق الاستطاعة أن يكون متمكّناً بالفعل أو بالقوّة من إعاشة نفسه وعائلته بعد الرجوع إذا خرج إلى الحجّ وصرف ما عنده في نفقته، بحيث لا يحتاج إلى التكفّف ولا يقع في الشدّة والحرج.

وبعبارة واضحة : يلزم أن يكون المكلّف على حالة لا يخشى معها على نفسه وعائلته من العوز والفقر بسبب الخروج إلى الحجّ أو صرف ما عنده من المال في سبيله.

ونذكر لذلك بعض الأمثلة والموارد :

1 - إذا كان عند شخص مال يكفي لنفقات الحج، وكان ذلك المال وسيلة لإعاشته وإعاشة عياله، ولكن لو صرفه في سبيل الحج كان مؤثراً على وضعه المعيشي بحيث يقع في شدة وحرج لصيرورته فقيراً بذلك، وليس له وسيلة أخرى لإعاشة نفسه، فمثله لا يجب عليه الحج بلا اشكال لعدم تحقق الاستطاعة.

2 - لو كان عند المكلّف رأس مال يتجر به لتحصيل نفقته ونفقة عياله ، فلا يجب عليه صرفه في نفقات الحج لو استلزم صرفه تعطل معيشته ومعيشة

ص: 66

عیاله .

3- لو كان عند المكلّف بستان يرتزق منه فلا يجب عليه بيعه في سبيل الحج ، لو كان يؤثر على معيشته ومعيشة عياله.

4 - ما إذا كان ذهابه الى الحج نفسه مؤثر سلباً على وضعه المعيشي – لا بسبب صرف ما عنده من المال في سبيل الحج - كما لو كان كسوباً في خصوص أيام الحج ولا يتوفر له عمل آخر في غير أيام الحج، بحيث لو ذهب الى الحج لا يتمكّن من الكسب ويتعطّل أمر معاشه في سائر أيام العام او بعضها، ومثله لا يجب عليه الحج.

5- لا يجب على المكلّف بيع ما يحتاج اليه من ضروريات معاشه.

6- لا يجب بيع ما يحتاج اليه وإن لم يكن ضرورياً مما هو لائق بشأنه دون ما زاد – كمّا او كيفاً - فلا يجب بيع الدار التي يسكن فيها ولا ثيابه ولا أثاث بيته ونحو ذلك.

7- لا يجب بيع آلات الصنائع التي يحتاج اليها في كسب معيشته، فإنّ حكمها حكم رأس المال والبستان الذي يرتزق منه.

ومن خلال كل ذلك اتضح : أن المكلّف لا يكون مستطيعاً للحجّ إذا كان يملك فقط ما يحتاج إليه في حياته، وكان صرفه في سبيل الحج موجباً للعسر والحرج.

ص: 67

تنبيهات :

التنبيه الأول : إذا زادت تلك الأموال المذكورة عن مقدار الحاجة بقدر نفقة الحجّ - ولو بضميمة ما لديه من غيرها - صار مستطيعاً، فيجب عليه أداء الحجّ ولو ببيع الزائد وصرف ثمنه في نفقته، فمثلاً: من كان عنده دار قيمتها مائة مليون - مثلاً - ويمكنه بيعها وشراء دار أُخرى بأقلّ منها من دون عسر و حرج وجب عليه الحجّ - وإن لم يبع الدار - إذا كان الزائد - ولو بضميمة غيره - وافياً بمصارف الحجّ ذهاباً وإياباً وبنفقة عياله، وهكذا لو كان عنده سيارة يمكنه بيعها وشراء سيارة أقل منها تناسب شأنه أيضاً وكان الزائد - ولو بضميمة ما عنده - يفي بنفقات الحج ذهاباً وإياباً وبنفقة عياله وجب عليه الحج وإن لم يبعها لصيرورته مستطيعاً بتلك الزيادة.

التنبيه الثاني : من باع حاجاته الضرورية في سبيل الذهاب الى الحج، فهل مثل ذلك الحج يجزي عن حجّة الإسلام او لا؟

ج- لا يجزي عن حجّة الإسلام، وهذا بخلاف ما إذا باع ما يحتاج اليه مما يكون لائقاً بحاله كما لو باع سيارته او دار سكناه - ولم تكن ضروريّة - وصرفها في سبيل الحج فإنّه يجزيه عن حجّة الإسلام وإن لم يجب عليه بيعها في سبيل الحج.

التنبيه الثالث: من خلال ما تقدّم يتضح أنّ الحج لا يجزي عن حجّة الإسلام في ثلاثة موارد :

الأول: إذا لم يكن المكلّف مستطيعاً وحج فلا يجزيه عن حجّة الإسلام.

ص: 68

الثاني : ما إذا باع ضروريات معاشه - ولم يكن مستطيعاً وحج بها فلا يجزيه عن حجّة الإسلام، بخلاف ما إذا باع ما يحتاج اليه مما يكون لائقاً

بحاله وحجّ به فإنّه يجزيه عن حجّة الإسلام.

الثالث : ما إذا سقط وجوب الحج بسبب الحرج في نفس الحج، فلو خالف المكلّف وحج فلا يجزيه عن حجّة الإسلام، بخلاف ما إذا كان الحرج

في مقدّمات الحج كما لو انحصر الطريق في البحر وكان في ركوب البحر حرج عليه، فلو خالف وحج أجزأه عن حجة الإسلام.

نعم من كان في أداء المناسك حرج عليه لمرض او هرم فإنّه مخيّر بين مباشرة الحج وتحمّل الحرج وبين الاستنابة، ولو اختار المباشرة صح حجّه وأجزأه عن حجة الإسلام ، كما تقدّم كل ذلك في تخلية السرب.

أسئلة تطبيقية :

س 1 - شخص أدى حجّه بتقليد من لا يرى ضرورة الرجوع إلى كفاية في تحقق الاستطاعة والآن يرجع إليكم فما ترون في حجّه هذا؟

ج - يُجتَزأ به على الأقوى.

س 2 - شخص عنده ما يحجّ به ولكنّه عند عوده سيضطر إلى الاقتراض أو يكون محتاجاً إلى الوجوه الشرعية مثل الخمس والزكاة لإقامة وليمة العود ولتمشية امور حياته فهل يجب عليه الحجّ؟

ج - إذا كان بعد رجوعه يقع في حرج شديد جراء توفير تكاليف الوليمة التي لا محيص له منها أو لتأمين معاشه لم يجب عليه الحجّ، واما إذا كان بحيث

ص: 69

يصبح محتاجاً للوجوه الشرعية التي تنطبق عليه ويتيسر له تحصيل مقدار الكفاية منها من دون حرج ومشقة فالحجّ واجب عليه.

س 3- إذا استدان مبلغاً يؤدي به الحجّ أو باع ما يحتاج إليه في معيشته وحجّ بثمنه فهل يجزيه عن حجّة الإسلام؟

ج- لا يجزيه في الدَين ويجزيه في بيع ما يحتاج إليه إن لم يكن من ضروريات معاشه .

فروعٌ

الفرع الأول حكم من كان كسبه يفي بنفقته وحصل له مال

كلّ صاحب حرفة كالحدّاد والبنّاء والنجّار وغيرهم ممن يفي كسبهم بنفقتهم ونفقة عوائلهم يجب عليهم الحجّ إذا حصل لهم مقدار من المال بإرثٍ أو غيره، باعتبار أنّ هؤلاء يمكنهم أن يؤمّنوا قوتهم ونفقة عيالهم بعد رجوعهم من الحج فلا يؤثر ما صرفوه في الحج على وضعهم المعيشي، وبذلك تتحقق كل الأمور المعتبرة في الاستطاعة ومنها الرجوع للكفاية، ولكن إنّما يجب عليهم الحج إذا حصلوا على ذلك المال بشرطين:

1 - أن يكون المال وافياً بالزاد والراحلة المعتبرين في الاستطاعة.

2 - أن يكفي لنفقة العيال مدّة الذهاب والإياب، ولكن هل المقصود من العيال خصوص واجبي النفقة او يشمل حتى غير واجبي النفقة ؟

ص: 70

ج - العيال على قسمين:

القسم الأول : من تجب النفقة عليهم

وهم الابوان والزوجة والأولاد، وهؤلاء يلزم توفر النفقة لهم في فترة الذهاب والإياب وإلا فلا يُعد مستطيعاً، فلو كان المال الذي حصل عليه صاحب الحرفة يفي بالزاد والراحلة ولكن لا يكفي لنفقة واجبي النفقة في فترة الذهاب الى الحج فلا يكون مستطيعاً ولا يجب عليه الحج.

القسم الثاني : من لا تجب النفقة عليهم

اشارة

وهم كل من عال به من غير الابوين والزوجة والأولاد كالإخوة والأخوات وغيرهم من الأقارب وغيرهم، فإنّ هؤلاء لا تجب النفقة عليهم

وإن كانوا من عياله، وهل يلزم في تحقق الاستطاعة بذلك المال الذي حصل عليه صاحب الحرفة أن يفي بنفقات عياله من هذا القسم؟

ج - إذا كان ترك الإنفاق عليهم لا يوجب وقوعه في الحرج، فيجب عليه الحج وإن لم يف ذلك المال بنفقاتهم.

وأمّا إذا كان ترك الانفاق عليهم موجباً لوقوعه في الحرج الذي لا يتحمل عادة ولو لكون ذلك موجباً للحط من كرامته ومنافياً لشأنه، فلا يجب عليه الحج إذا لم يتمكّن من الانفاق عليهم فترة الذهاب والإياب إلا إذا لم يتمكّن من نفقتهم حتى مع ترك الحج، فيجب عليه الحج في هذه الحالة، كما سيأتي تفصيل ذلك في الاستطاعة البذليّة.

ص: 71

الفرع الثاني: حكم من يرتزق من الوجوه الشرعيّة إذا حصل له مال

من كان يرتزق من الوجوه الشرعية كالخمس والزكاة وغيرهما، وكانت نفقاته بحسب العادة مضمونة من دون مشقّة، يجب عليه الحجّ فيما إذا ملك مقداراً من المال يفي بذهابه وإيابه ونفقة عائلته، وذلك لتحقق الاستطاعة بامورها المعتبرة التي منها الرجوع للكفاية، فإنّ ذهابه الى الحج لا يؤثر على وضعه المعيشي بعدما كان رزقه بعد رجوعه من الحج مضموناً من الوجوه الشرعية.

والكلام في نفقة العيال نفس الكلام في الفرع الأول.

أسئلة تطبيقية :

س 1 - هل يعتبر من أجيز له التصرّف في سهم الإمام علیه السّلام مستطيعاً للحجّ إذا حصل على مقدار الاستطاعة؟

ج- لا يعتبر مستطيعاً بمجرد كونه مجازاً بالتصرف في سهم الامام علی السّلام.

نعم إذا ملّكه الحاكم الشرعي أو وكيله المخوّل في ذلك بمقدار نفقة الحجّ، أو بذل له ما يحجّ به صار مستطيعاً.

س 2 - هل يجوز للزوج أن يبذل لزوجته الهاشمية نفقة الحجّ من سهم السادة، وهل يجوز للغير أن يفعل ذلك؟

ج- ليس له ذلك إلا إذا كان أداء الحجّ من مؤنتها كما إذا كان الحجّ مستقراً في ذمتها ولم يكن لديها ما تحجّ به فيجوز للزوج أن يدفع لها تكاليفه

ص: 72

السادة كما يجوز ذلك للغير أيضاً.

س3 - المرشد الديني وغيره ممن يتكفل رئيس القافلة بمصارفه هناك هل هو مستطيع بذلك وهل يجوز له الاستنابة عن غيره؟

ج- إذا تحققت سائر شروط الاستطاعة بما فيها الرجوع إلى الكفاية فهو مستطيع ويجب عليه حجّة الإسلام واذا لم تتحقق سائر الشروط المعتبرة فيمكنه الإتيان بالحجّ المندوب أو أن يأتي به نيابة عن غيره.

الفرع الثالث حكم من تكفّل أحد بالإنفاق عليه وحصل له مال

من قام أحد بالإنفاق عليه طيلة حياته، يجب عليه الحجّ فيما إذا ملك مقداراً من المال يفي بذهابه وإيابه ونفقة عائلته، لتحقق الاستطاعة بما فيها الرجوع الى الكفاية، بعدما لم يكن ذهابه الى الحج مؤثراً على وضعه المعيشي.

والكلام في نفقة العيال نفس الكلام في الفرع الأول.

كذلك يجب الحج على كلّ من لا يتفاوت حاله قبل الحجّ وبعده من جهة المعيشة إن صرف ما عنده في سبيل الحجّ .

ص: 73

ص: 74

المبحث الثالث شؤون الاستطاعة المّالية

وفيه فصول :

الفصل الأول الاستطاعة والمال المستغنى عنه

كان عنده مال وكان محتاجاً اليه ويستعمله في معيشته فلا يجب عليه بيعه وصرفه في سبيل الحج ، ولكن لو استغنى عنه فهل يجب عليه بيعه والذهاب الى الحج إذا كان يفي بنفقات الحج ولو بضميمة ما عنده من أموال أخرى او لا؟

وبعبارة أخرى: هل ذلك المال الذي استغنى عنه يُحقّق الاستطاعة وبالتالي يجب عليه الحج او لا؟

ج- ههنا حالتان:

الحالة الأُولى: أن يكون الاستغناء عنه مؤقتاً كالملابس الشتوية التي يُستغنى عنها في الصيف، أو الحلي التي تستغني عنها المرأة في المصاب، وفي

ص: 75

هذه الحالة لا يجب الحج ولا تتحقق الاستطاعة بذلك الاستغناء.

الحالة الثانية: أن يكون الاستغناء دائمياً، ونذكر لذلك مثالين :

الأول: ما إذا كبرت المرأة واستغنت عن حُلّيها بسبب كبرها، وفي هذه الحالة يجب عليها الحج ولو ببيع تلك الحلي إذا كان المال يفي بنفقات الحج ولو بضميمة ما عندها.

ونلفت النظر الى أنّها لا يجب عليها بيع تلك الحلي، وإنّما الواجب عليها بعد تحقق الاستطاعة، وتتحقق الاستطاعة بذلك المال الذي استغنت عنه، فيجب الحج ولو متسكعاً او بالاقتراض او غير ذلك.

الثاني : ما إذا كانت له دار مملوكة، وكانت تحت يده فعلاً دارٌ أخرى يمكنه السكنى فيها من غير مانع - كما إذا كانت تحت يده دار موقوفة تنطبق عليه مثل ما لو كانت موقوفة على السادة وكان منهم - ولم يكن في السكنى فيها حرج عليه، كما أنّها ليست في معرض قصر يده عنها – أي لا تكون في معرض إزالة يده عنها _بأن لا يأخذها المتولي منه او لا يزاحمه أحد آخر عليها، فإذا توفرت تلك القيود وجب عليه أداء الحج ولو ببيع داره المملوكة، والقيود هي:

1 - أن تكون الدار الأخرى تحت يده بالفعل وعنوان وقفها ينطبق عليه، وأمّا إذا لم تكن تحت يده وإنّما كان يمكنه تحصيلها بطلبها من المتولي مثلاً فلا يكفي ذلك في تحقق الاستطاعة ووجوب الحج عليه.

ص: 76

2 - أن لا يكون في السكنى في تلك الدار حرج عليه وإلا لم يجب عليه الحج .

3- أن لا تكون تلك الدار في معرض إزالة يده عنها بأن لا يأخذها منه المتولي مثلاً او لا يزاحمه عليها شخص آخر وإلا لم يجب عليه الحج.

ونلفت النظر الى أنّه إذا توفرت تلك القيود لا يجب عليه بيع داره المملوكة، وإنّما الواجب عليه هو الحج بعد تحقق الاستطاعة بسبب استغنائه

عن داره المملوكة، ومع تحقق الاستطاعة يجب عليه الحج ولو متسكعاً او بالاقتراض أو غير ذلك.

تنبيه :

إذا كان عنده مقدار من المال يفي بمصارف الحج وكان بحاجة الى الزواج او تزويج ولده او شراء دار لسكناه او غير ذلك مما يحتاج اليه، فهل يجب عليه الحج بتلك الأموال او يجوز له صرفها في حاجاته وترك الحج؟

ج- إذا كان صرف ذلك المال في الحج موجباً لوقوعه في الحرج – وهو المشقة التي لا تُتحمل عادة لا مجرد المشقة - لم يجب عليه الحج، وأمّا إذا كان صرف ذلك المال في سبيل الحج وتأخير الزواج مثلاً لا يوجب وقوعه في الحرج فيجب عليه الحج إلا إذا كان واثقاً بإدراك الحج في سنوات لاحقه، فيجوز له حينئذٍ تأخير الحج.

ص: 77

أسئلة تطبيقية :

س 1 - شاب مستطيع يفكر بالزواج فلو سافر لأداء فريضة الحجّ لتأخر مشروع زواجه فأتّهما يقدّم؟

ج- يحجّ ويؤخر الزواج إلاّ إذا كان الصبر عنه حرجياً عليه بحدّ لا يتحمل عادة، ولو كان واثقاً من التمكن من أداء الحج لاحقاً جاز له تقديم الزواج ولكن الغالب عدم الوثوق بذلك.

س 2- إذا كان عنده مقدار من المال يفي بمصارف الحجّ وكان ولده بحاجة إلى الزواج فهل يعد مستطيعاً ويجب عليه الحجّ أم لا بل يجوز له صرف ماله في زواج ولده؟

ج- إذا كان صرف المال في الحجّ موجباً لوقوعه في الحرج من جهة ترك تزويج ولده لم يجب عليه الحجّ وإلا وجب.

س 3- شخص أودع أموالا وقيّد اسمه في مؤسسة الحجّ والزيارة ثم لحاجته إليها سحب تلك الأموال فهل يستقر الحجّ عليه بذلك؟

ج- إذا احتاج إليها لنفقاته اللازمة ولم يكن له غيرها من نقد أو غيره مما يوجب استطاعته المالية لم يستقر عليه الحجّ.

ص: 78

الفصل الثاني الاستطاعة والدين

اشارة

تارة يُفرض أنّ المكلّف له دين على ذمة غيره وكان محتاجاً اليه في نفقة الحج - كلاً او بعضاً-، وأخرى يُفرض أن الشخص يقترض مالاً لأجل أن

يحج به، فالكلام يقع في أمرين :

الأمر الأول أن يكون له دين على ذمة غيره

إذا كان للمكلف دين على شخص - وكان يفي بنفقات الحج ولو بضميمة ما عنده من مال - وقد احتاج اليه في جميع نفقات الحج او بعضها،

فهل تتحقق الاستطاعة للدائن ويجب عليه الحج او لا؟

ج- ههنا ثلاث صور :

الصورة الأُولى: أن يكون الدين حالاً – بأن كان قد استدان لفترة معينة وانتهت تلك الفترة - وهنا حالتان :

الحالة الأُولى: أن يكون المدين معسراً ولا يتمكّن من سداد الدين إلا بحرج ومشقة كأن يبيع دار سكناه، وفي هذه الحالة لا تتحقق الاستطاعة للدائن ولا يجب عليه الحج إلا إذا تمكّن من بيع الدين نقداً على الغير ولو

ص: 79

بالأقل منه، كما سيأتي في الصورة الثالثة

الحالة الثانية: أن يكون المدين موسراً ومتمكّناً من أداء الدين من دون عسر و حرج، وهنا فرضان:

الفرض الأول : أن يكون المدين باذلاً للدين في حال لو طالب به الدائن، وفي هذا الفرض تتحقق الاستطاعة للدائن ويجب عليه الحج ولو بالمطالبة بدينه وصرفه في الحج .

ونلفت النظر الى أنّ الدائن لا تجب عليه المطالبة بدينه، وإنّما الواجب عليه هو الحج بعد تحقق الاستطاعة بذلك الدين، فيجب عليه الحج ولو متسكعاً او بالاقتراض او غير ذلك.

الفرض الثاني : أن لا يكون المدين باذلاً للدين، بل كان إمّا جاحداً للدين – أي ينكر الدين وغير معترف به - او مماطلاً - أي يعترف بالدين ولكن يماطل بالوفاء - وفي هذا الفرض إن أمكن إثبات الدين على الجاحد وأخذه منه او التقاص منه - بأن تقع أموال المدين بيد الدائن ويقتص منه ويأخذ دينه - وأمكن إجبار المماطل على أداء الدين ولو بالرجوع الى المحاكم الحكومية، وجب الحج على الدائن لتحقق الاستطاعة بذلك الدين حتى وإن لم يُجبِر المماطل ويأخذ الدين منه او لم يُثبِت الدين على الجاحد او يقتص منه.

الصورة الثانية: أن يكون الدين مؤجلاً، وهنا حالتان:

الحالة الأُولى: أن يكون التأجيل لأمد غير محدد، كما لو اقترض لوقت

ص: 80

ما، من دون تحديد أجل معيّن ، ومثل هذا التأجيل لا قيمة له، فهذا يُعدّ بحكم الدين الحال، لأنّ الدائن يجوز له أن يطالب المدين بالدين في أيِّ وقت يشاء، وحكم هذا حكم الدين الحال في الصورة الأُولى، فيجري فيه التفصيل المتقدّم.

الحالة الثانية: أن يكون التأجيل لأمد محدّد - أي استدان لفترة معينة ولم يحل الأجل بعد - وهنا فرضان :

الفرض الأول : أن يكون التأجيل لمصلحة الدائن، كما لو كان له مال يتعذر عليه حفظه فأقرضه لشخص لفترة سنة مثلاً على أن لا يرجعه له إلا بعد انقضاء السنة، ففي هذه الحالة يكون التأجيل حق للدائن وليس للمدين، ولا يحق للمدين الزام الدائن بإرجاع دينه قبل مضي السنة، وفي هذا الفرض يجب على الدائن الحج لتحقق الاستطاعة بذلك الدين.

الفرض الثاني: أن يكون التأجيل لمصلحة المدين – كما هو الغالب في الدين المؤجّل - وفي مثله ليس من حق الدائن أن يطالب المدين بأداء الدين قبل انقضاء الأجل، وهنا شقان :

الشق الأول : أن يبذل المدين دينه قبل حلول الأجل من تلقاء نفسه ومن دون مطالبة الدائن، وفي هذه الحال يصير الدائن مستطيعاً ويجب عليه الحج.

الشق الثاني: أن لا يبذل المدين الدين قبل حلول الأجل إلا إذا طالبه الدائن به، وفي هذه الحالة لا يصير الدائن مستطيعاً ولا يجب عليه الحج إلا

ص: 81

إذا تمكن من بيع الدين بأقل منه ووفى ولو بضميمة ما عنده بنفقات الحج، كما سيأتي في الصورة الثالثة.

الصورة الثالثة : أن يتمكّن الدائن من بيع دينه على شخص آخر نقداً ولو بأقل من قيمة الدين، ولم يكن ذلك البيع مجحفاً بحال الدائن بحيث يوجب الحرج الذي لا يُتحمّل عادة، وكان يفي بمصارف الحج ولو بضميمة ما عنده من المال، ففي هذه الصورة تتحقق الاستطاعة للدائن ويجب عليه الحج وإن لم يبع الدين ، بلا فرق في هذه الصورة بين الحالات التالية:

1 - أن يكون الدين حالاً والمدين معسراً لا يتمكّن من أدائه .

2 - أن يكون الدين مؤجلاً لأمد معين وكان المدين مماطلاً ولا يمكن اجباره او كان الاجبار حرجياً (1) او كان المدين منكراً وجاحداً للدين ولا يمكن اثباته ولا التقاص منه او كان اثباته او التقاص منه فيه حرج على الدائن.

3- أن يكون الدين مؤجلاً والتأجيل لمصلحة المدين ولم يبذل الدين من تلقاء نفسه قبل حلول الأجل.

و من خلال ذلك اتضح أن الدائن يجب عليه الحج في ستة موارد:

1 - أن يكون الدين حالاً والمدين باذلاً.

ص: 82


1- كما لو كان الزوج مماطلاً في أداء المهر المؤجل لزوجته عند مطالبتها به - وكان وافياً بنفقات الحج - وكان إجباره على الأداء حرجياً عليها، فإذا كان الأمر بحد يصعب عليها تحمله لم يجب عليها الحج

2 - أن يكون الدين حالاً والمدين جاحداً وأمكن اثبات الدين وأخذه او التقاص منه او كان مماطلاً وأمكن اجباره على الأداء.

3- أن يكون الدين مؤجلاً الى أجل غير محدد وكان المدين باذلاً، او كان جاحداً وأمكن اثباته واخذه منه او التقاص منه، او كان مماطلاً وأمكن

اجباره .

4 - أن يكون الدين مؤجلاً والتأجيل لمصلحة الدائن.

5- أن يكون الدين مؤجلاً لأمد محدد وبذله المدين من تلقاء نفسه.

6 - إذا امكن بيع الدين نقداً بأقل منه بالقيود المتقدّمة.

ولا يجب على الدائن الحج في ثلاثة موارد :

1 - أن يكون الدين حالاً والمدين معسراً ولا يمكن بيع الدين نقداً ولو بأقل منه او كان في البيع حرج او ضرر على الدائن.

2 - أن يكون الدين حالاً والمدين جاحداً ولا يمكن اثبات الدين وأخذه او التقاص منه، او كان المدين مماطلاً ولا يمكن اجباره، وفي الحالين لا يمكن بيع الدين نقداً ولو بأقل منه او كان في البيع حرج او ضرر على الدائن.

3- أن يكون الدين مؤجلاً والتأجيل لمصلحة المدين، ولم يبذل الدين من تلقاء نفسه ولا يمكن بيع الدين نقداً ولو بأقل منه او كان في البيع حرج او ضرر على الدائن.

ص: 83

الأمر الثاني أن يقترض مالاً لأجل الحج

من اقترض مقداراً من المال لأجل الحج، ولم يكن مستطيعاً قبل الاقتراض، فهل يصير مستطيعاً بذلك المال الذي اقترضه، وبالتالي يجب عليه الحج وتكون حجته مجزية عن حجّة الإسلام او لا؟

ج- الاقتراض تارة يكون من الحكومة وأخرى من غيرها، فالكلام يقع في مقامين:

المقام الأول الاقتراض من غير الحكومة

من اقترض مقداراً من المال يفي بنفقات الحج، لا يصير مستطيعاً بذلك المال حتى لو كان قادراً على وفائه بعد ذلك، وبالتالي لا يجب عليه الحج، ولو حجّ به فلا يجزيه عن حجّة الإسلام بل يقع مستحبّاً، ولو استطاع بعد ذلك وجب عليه الحج، ويستثنى من ذلك ما إذا كان الدين مؤجلاً بأجل بعيد جداً بحيث لا يعتني به العقلاء كخمسين سنة، فمثل ذلك الدين لا يمنع من الاستطاعة، ويجب عليه الحج ويجزي عن حجّة الإسلام.

فرعٌ

إذا كان عند المكلّف مقدار من المال يفي بنفقات الحج، ولكن كان عليه دين مستوعب لما عنده من المال او كالمستوعب بحيث لو اقتطع منه مقدار الدين فالباقي لا يفي بنفقات الحج ونفقة عياله فترة الذهاب الى الحج، فهل

ص: 84

يجب عليه الحج في هذه الحالة ؟

ج- لا يجب عليه الحج، فإنّ الدين مانع من الاستطاعة، ولو حجّ تكون حجته مستحبّة ولا تجزي عن حجّة الإسلام، بحيث لو استطاع بعد ذلك وجب عليه الحج.

ثم إنّه لا فرق في الدين بين أن يكون قد حصل بسبب الاقتراض وصرف المال في شؤونه او بسبب نفقة زوجته او بسبب جناية او غير ذلك .

كما أنّه لا فرق في الدين بين أن يكون حالاً او مؤجلاً إلا إذا كان مؤجلاً بأجل بعيد جداً كخمسين سنة مثلاً مما لا يعتني به العقلاء فمثل ذلك الدين لا يمنع من تحقق الاستطاعة ووجوب الحج.

كما أنّه لا فرق في الدين بين أن يكون سابقاً على حصول المال او كان بعد حصوله بلا تقصير منه، كما لو أتلف مال غيره خطأ فصار ضامناً له ببدله.

وأمّا لو كان حصول الدين بتقصير منه كما لو أتلف مال غيره متعمّداً او جنى على غيره متعمّداً فصار بذلك مديناً فلا يسقط عنه الحج بسبب ذلك الدين بل يجب عليه الحج ولو متسكّعاً.

المقام الثاني الاقتراض من الحكومة

لا يجوز تكليفاً أخذ القرض من البنك الحكومي او المشترك (بين الحكومي والأهلي ) بشرط الفائدة فإنّه ربا محرم .

ص: 85

وسماحة السيد - دام ظله - أجاز أخذ المال من البنك الحكومي او المشترك ولكن بنية مجهول المالك - لا بنية القرض الربوي- والمكلّف مخيّر في أخذه بين كيفيّتين:

الكيفيّة الأُولى: أن يقبضه من البنك على سبيل المجانيّة – من دون نيّة الضمان - وحينئذٍ يُعدّ ذلك المال من ارباح سنة القبض، ويملكه المكلّف ولا يكون حكمه حكم القرض بل هو كسائر أملاكه، ويترتب على ذلك أنّه يجب تخميسه عند نهاية السنة اذا لم يصرفه في مؤونته.

الكيفية الثانية : أن يقبضه ويتملّكه مع نيّة ضمان مثله في الذمّة – ولابد من ابراز ذلك إمّا بالفعل، كأن يأخذ المال من يد ويضعه في اليد الأخرى، او بالقول، كأن يقول : اقبض ذلك المال بنية مجهول المالك مع ضمان مثله في الذمة -

و حينئذٍ يجري عليه حكم القرض، ويترتب على ذلك أنّه يجب عليه أنّ يخمّس ما يسدده منه فقط إذا لم يصرفه في مؤونته .

ونلفت النظر الى أنّ من قبض المال من البنك الحكومي او المشترك بنية الاقتراض ولم يطبّق احدى الكيفيّتين السابقتين في القبض يكون قد ارتكب حراماً - إن كان يعلم بذلك - لأنّه قرض ربوي، ولكن رغم ذلك سماحة السيد – دام ظله - يُمضي ذلك القرض من دون الشرط الربوي، وحينئذٍ تجري عليه أحكام القرض.

ص: 86

وإذا اتضح ذلك نقول: هل القرض من البنوك الحكومية او المشتركة مانع من تحقق الاستطاعة وبالتالي لا يجب الحج او أنّه ليس بمانع وتتحقق به الاستطاعة؟

ج- ههنا ثلاث حالات لقبض المال من البنوك الحكومية او المشتركة، في حالتين يمنع من تحقق الاستطاعة ولا يجب الحج ، وفي الثالثة لا يمنع من تحقق الاستطاعة ويجب الحج :

الحالة الأُولى: أن يقبض ذلك المال بنية مجهول المالك مع نية ضمان مثله فيكون المكلّف بذلك مديناً شرعاً، ولا يكون مستطيعاً ولا يجب عليه الحج.

الحالة الثانية : أن يقبض المال على أنّه قرض - لا بنية مجهول المالك - فهو وإن كان قرضاً ربوياً محرّماً ولكن حيث أنّ سماحة السيد – دام ظله - أمضاه وأجازه فتجري عليه أحكام القرض ، ويكون المكلّف حينئذٍ مديناً شرعاً، ولا يكون مستطيعاً، ولا يجب عليه الحج.

الحالة الثالثة : أن يقبض المال بنية مجهول المال من دون نية الضمان بل يقبضه بنية المجانية - الكيفيّة الأُولى - وبذلك يملكه ويصير كسائر أملاكه ولا يكون مديناً شرعاً - وإن كان ملزماً بموجب القانون بدفع بدله - ومادام قد ملكه ولا يُعدّ مديناً شرعاً فلا يمنع ذلك من تحقق الاستطاعة ووجوب الحج.

ص: 87

تنبیهات :

التنبيه الأول: بعض المكلّفين غير ملتفت الى كيفيّة قبض القرض من الحكومة، فيقبضه بنية الاقتراض وبالتالي يكون مديناً شرعاً، فلو حجّ لا

يجزي حجّه عن حجة الإسلام.

التنبيه الثاني: إنّ الدين إنّما يمنع من الاستطاعة وبالتالي لا يجب الحج، ولو حج لا يجزي عن حجّة الإسلام فيما إذا لم يكن للمكلف مال آخر زائد على ضروريات معاشه وما يحتاج اليه - كمّاً وكيفاً، وأمّا إذا كان له مال آخر ولكن لا يريد التصرف فيه واقترض مالاً او كان عليه دين، فلا اشكال في عدم كون ذلك القرض او الدين مانعاً من الاستطاعة ووجوب الحج فيما إذا كان ذلك المال يزيد على قيمة الدين بمقدار يفي بنفقات الحج ونفقة عياله في فترة ذهابه للحج، على أن لا يقع في الحرج بعد رجوعه من الحج بسبب صرف ذلك المال فيه، ونذكر لذلك بعض الأمثلة التي لا يمنع فيها الدين من الاستطاعة :

1 - لو كان عند المكلّف بضاعة تحقق له الاستطاعة، وجب عليه الحج، ولو اقترض او كان عليه دين فلا يضر بحجته وتحسب له حجّة الإسلام، فيما لو كانت قيمة البضاعة تزيد على الدين والزائد - ولو بضميمة ما عنده - يفي بنفقات الحج وعياله في فترة الذهاب الى الحج.

2- من كان عنده عرصة تفي بنفقات الحج ولم تكن من المؤونة وجب عليه الحج، ولو اقترض لا يضر بحجته، فيما لو كان الزائد على الدين من

ص: 88

قيمة العرصة - ولو بضميمة ما عنده - يفي بنفقات الحج وعياله.

3- لو كان له دار يسكن فيها وأمكنه بيعها بأقل منها وشراء دار أخرى تناسب شأنه ويكون الفاضل - ولو بضميمة ما عنده - وافياً بنفقات الحج ونفقة عياله، وجب عليه الحج، ولو اقترض مالاً وحج به فلا يضر، ويجزيه عن حجّة الإسلام.

4- لو كان عنده سيارة وأمكنه بيعها وشراء سيارة أخرى أقل منها تناسب شأنه ويكون الفاضل - ولو بضميمة ما عنده- وافياً بحجته وجب عليه الحج، ولو اقترض وحج أجزأه عن حجّة الإسلام.

الى غير ذلك من الأمثلة.

وبالجملة كل من كان عنده مال زائد على حاجته التي تناسب شأنه وكان ذلك المال زائداً على مقدار دينه، وكان وافياً بنفقات الحج ونفقة عياله، وجب عليه الحج وإن كان مديناً ، و لا يضر مثل ذلك الدين في الاستطاعة.

التنبيه الثالث : من خلال ما تقدّم وما يأتي يتضح أنّ الدين لا يمنع من الاستطاعة في خمسة موارد :

1 - إذا كان الدين مؤجلاً بأجل بعيد جداً لا يعتني به العقلاء كخمسين سنة .

2 - الدين الحاصل بعد الاستطاعة بسبب الاتلاف العمدي لمال غيره او الجناية العمدية.

ص: 89

3- الدين في مورد الاستطاعة، فمن كان عنده مال يفي بنفقات الحج وكان يكفي لسداد الدين ولنفقات الحج ونفقة عياله، فلا يضره إذا حج وهو مديون .

4 - الدين في مورد الاستطاعة ،البذليّة، فمن بُذل له مال ليحج به وكان وافياً بنفقات الحج ونفقة عيالة وجب عليه الحج حتى لو كان مديناً، وتجزي حجته عن حجّة الإسلام، كما سيأتي.

5 - المدين الذي تتحقق له الاستطاعة من الميقات، فإذا فرض أنّ شخصاً لم يكن مستطيعاً للحج من بلده ولو لكونه مديناً إلا أنّه استطاع بعد وصوله للميقات ولو من جهة تكفل الحكومة بنفقات حجّه، مع توفر باقي الشروط كان ذلك موجباً لاجزاء حجّه عن حجّة الإسلام.

التنبيه الرابع: تقدّم أنّ من كان عليه دين لا يجزي حجّه عن حجّة الإسلام، ولكن يمكن إيجاد حل لذلك عن طريق الحج البذلي، فلو تكفل شخص بكافة نفقات حجك من الأكل والشرب والهدي، ونفقة العيال - إن لم تكن موجودة - ففي هذه الحالة تتحقق الاستطاعة ويجب عليك الحج حتى لو كان عليك دين - كما سيأتي من أنّ الدين لا يضر بالاستطاعة البذليّة - ونذكر لذلك بعض الأمثلة:

1 - أن تهب الحملدار او الشركة المتكفّلة بشؤون الحج (1) مبلغاً من المال - يفي بنفقات حجك حتى الهدي، بشرط أن يتكفلوا بجميع نفقات الحج،

ص: 90


1- كما يحصل في بعض الدول من أن الذي يدير أمر الحج هو الحملدار

فتقول له : أهبك هذا المال بشرط أن تبذل لي الزاد والراحلة والهدي، فإذا قبل تكون حجتك بذليّة وتجزي عن حجّة الإسلام حتى لو كنت مديناً.

2 - لو كان على المرأة دين – لشخص او للحكومة - وتكفّل زوجها او ابوها مثلاً بنفقات حجّها أجزأها ذلك عن حجّة الإسلام ولا يضر مثل ذلك الدين.

التنبيه الخامس : بعض المكلّفين يقدّم على قرعة الحج، وعندما يخرج اسمه لا يكون في وقتها مستطيعاً، فيقترض مبلغاً من المال ليحج به، ومثل تلك الحجّة تقع مستحبة ولا تجزي عن حجّة الإسلام، وإذا أراد أن تجزي عن حجّة الإسلام فله طريقان:

1 - أن يستقرض مالاً ويهبه لزوجته مثلاً، ثم هي تبذله له لنفقة حجّه فيكون مستطيعاً ،بالبذل، وهو وإن كان مديناً ولكن الدين لا يمنع من الاستطاعة البذليّة، وبذلك تجزي حجّته عن حجة الإسلام.

2 - أن يتفق مع شخص آخر – كزوجته او أخيه- يقترض المال ويهبه له ليحج به، وفي هذه الحالة لا يصير مديناً، وتجزي حجته عن حجّة الإسلام.

و هذان طريقان يتمكّن من خلالهما كل شخص غير مستطيع أن يجعل حجّه مجزياً عن حجّة الإسلام .

أسئلة تطبيقية :

س 1 - من كان مديناً ولكنّه كان يملك ما يفي بادائه ويملك أيضاً اعياناً

ص: 91

هو بحاجة اليها هل يعدّ مستطيعاً؟

ج- لا يعدّ مستطيعاً إلاّ إذا كان ما لديه يزيد على قيمة الدَين بمقدار يفي بنفقة الحجّ ولا يحتاج اليه في مؤونته بحيث يقع في الحرج والمشقة لولا صرفه فيها.

س 2 - أنا رجل ميسور العمل وقد اقترضت من أحد البنوك الاسلامية بعض المال يفي بمصاريف الحجّ ثم بدأت بأداء القرض بعد رجوعي من الحجّ فهل حجّي هذا يعدّ حجّة الإسلام؟

ج- اقتراض مقدار من المال يفي بمصارف الحجّ لا يحقق الاستطاعة التي هي شرط لوجوب الحجّ وان كان المقترض قادراً على وفاء قرضه لاحقاً ، نعم إذا كان يملك زائداً على ما يحتاج اليه في معيشته من البضائع والأعيان الأخرى ما تفي قيمته بكلفة الحجّ ولكنّه لم يتصرف فيه واختار الاقتراض والحجّ به كان حجّه عن استطاعة فلا يجب عليه مرة أخرى.

س 3- ما حكم ديون التجار التي تزداد وتنقص على مدار الشهر بل اليوم هل هي تمنع من استطاعته للحجّ؟

ج - لا تمنع إذا كان ما لديه من البضاعة والنقد والديون على ذمم الآخرين ونحو ذلك يزيد على ما في ذمته من الديون بمقدار نفقة الحجّ مع

توفر سائر الشروط .

س 4 - شخص لديه ما يكفيه للحجّ ولكنّه مدين لآخر وقد أذن الدائن له في تأخير أداءه خمس سنوات ليتمكّن من الحجّ فهل يعد مستطيعاً و يجب

ص: 92

عليه الحجّ أم لا؟

ج - لا يُعدّ مستطيعاً على الأظهر.

س 5 - موظف اشترى لنفسه سيارة يحتاج اليها بثمن يؤدى أقساطاً وعليه سلفة للبيت الذي يسكنه وتخصم أقساطها من راتبه ولديه مال يفي بمصارف الحجّ فهل يعدّ مستطيعاً علماً ان صرفه لا يزاحم أداء ما عليه من الديون اصلاً؟

ج - المدين لا يعدّ مستطيعاً وان كان الدَين لا يزاحم بصرف المال في أداء الحجّ .

س 6 - شخص عنده ما يكفيه للحجّ وعليه دَين مستوعب لما عنده ولكنّه مؤجل بأجل بعيد كأربعين سنة يدفعه أقساطاً خلالها فهل يعد مستطيعاً ويجب عليه الحجّ أم لا؟

ج- لا ، إلا إذا كانت الأقساط المستحقة في السنوات الثلاثين الأول -مثلاً - ضئيلة لا يعتد بها .

س 7- ذكرتم أنّ من كان عنده مال وكان مديناً بدَين مستوعب أو كالمستوعب لا يعدّ مستطيعاً إلا إذا كان الدَين مؤجّلاً بأجل بعيد جداً والسؤال: انه هل يجري الحكم المذكور فيما لو كان الدين للحكومة ويؤدى على أقساط سنوية تصل إلى 30 سنة ؟

ج- لا يعدّ مستطيعاً في مثل ذلك أيضاً.

نعم اذا لم يكن مديناً شرعاً وان كان ملزماً بموجب القانون بدفع بدله لم

ص: 93

يمنع ذلك من كونه مستطيعاً، كما لو كان قد تسلّم المال من البنك الحكومي من دون نيّة الاقتراض الربوي ثم تملكه مجاناً بإذن الحاكم الشرعي فانه لا يعد مديناً شرعاً وان كان القانون يلزمه بدفع عوضه.

س 8- في بعض الدول الاسكندنافية يقوم البنك باسقاط ما له من القرض بعد عدة سنوات من موعد أدائه إذا ابلغ المقترض عدم قدرته على

الاداء، والسؤال انه هل يعدّ مستطيعاً للحجّ عند تسلم المال بالنظر إلى العلم باسقاطه لاحقاً؟

ج- من أخذ المبلغ بنية الاقتراض لا يعدّ مستطيعاً به قبل اسقاط القرض ، واما من أخذه بنية التملك المجاني فهو مستطيع حتى لو لم يتأكد من ان البنك سوف يسقط قرضه.

س 9 - غير المستطيع مالياً من حيث كونه مديناً هل يمكنه التوصل إلى أداء حجّة الإسلام بان يستقرض مالاً ويهبه إلى زوجته ثم تقوم هي ببذله نفقة لحجّه فيكون مستطيعاً بالبذل ؟

ج - نعم يمكن ذلك إذا لم يكن الذهاب إلى الحجّ مانعاً من أداء ديونه في اوقاتها.

س 10 - من كان مديناً وأراد أن يحجّ حجّة الإسلام فهل يمكنه التوصل إلى ذلك عن طريق الهبة المشروطة بان يهب مبلغاً للحملدار مثلاً مشروطاً ببذل ما يعادله له للحجّ به؟

ج- نعم يمكنه ذلك فانه يصبح مستطيعاً بالبذل ، إذا لم يكن الخروج

ص: 94

للحجّ مانعاً من أداء الدَين في وقته.

ص: 95

الفصل الثالث الاستطاعة والحقوق الشرعيّة المالية

إذا كان على المكلّف خمس او زكاة، وكان عنده مقدار من المال ولكن لا يفي بمصارف الحج لو أدى منه الخمس او الزكاة، فهل يُعدّ مستطيعاً بذلك المال ويُقدّم الحج، او يجب عليه تقديم الخمس او الزكاة على الحج، وحينئذٍ تزول الاستطاعة ؟

ج- الواجب عليه هو تقديم الخمس او الزكاة، ولا يجب عليه الحج.

تنبيهات :

التنبيه الأول: إنّ الخمس او الزكاة يقدمان على الحج سواء كانا ثابتين في عين المال او ثابتين في الذمة، وتوضيح ذلك :

لا اشكال في أنّ الخمس والزكاة يثبتان في عين المال وليس في ذمة المكلّف، فإنّ العين الخارجية هي التي يتعلّق بها الخمس او الزكاة، ولذلك لا يجوز التصرف في العين بعد تعلّق الحق لصيرورة صاحب الحق – كالفقير - شريكاً مع المالك بنسبة الحق، ولكن أحياناً يثبت الخمس او الزكاة في الذمة، ونذكر لذلك بعض الموارد :

ص: 96

1 - إذا أتلف المال الذي تعلّق به الخمس او الزكاة، فإنّه يضمنهما وتشتغل ذمته ،بهما، فينتقل الحق من العين التالفة الى الذمة ، بلا فرق في الإتلاف بين إعدام العين المتعلّق بها الحق او بيعها او هبتها او غير ذلك، ففي جميع ذلك يضمن الخمس من العين.

2 - أن يجري المکّف مداورة مع الحاكم الشرعي او وكيله بنقل الخمس العين الى الذمة، وحينئذٍ تشتغل ذمته بالخمس.

3- أن يجري مصالحة مع الحاكم الشرعي او وكيله على نقل الخمس من العين الى الذمة (1) .

ص: 97


1- المداورة والمصالحة : طريقتان لنقل الخمس من العين الى الذمة ، ببيان : أولاً: المداورة هي طريقة لنقل الخمس من الاعيان الخارجية الى الذمة . كيفية المداورة :يقوم المكلّف بدفع الخمس الى الحاكم الشرعي او وكيله ، وبعد استلام الحاكم الشرعي او وكيله للخمس يقوم بإقراضه للمكلف على أن يؤديه بعد ذلك دفعة واحدة او بالتدريج من دون تهاون او تساهل في الأداء، وبذلك ينتقل الخمس من العين الى ذمة المكلّف. ثم إنّه لا فرق في المداورة بين استلام كامل الخمس واقراضه الى المكلّف او وبين أن يستلم جزءاً من الخمس ثم اقراضه له، ثم يستلمه منه مرة ثانية ويقرضه له وهكذا تتكرر هذه العملية الى أن يستوفي جميع الحق فينتقل بتمامه الى ذمته. شرط المداورة: شرط المداورة هو أن يقع المكلّف في الحرج الشديد لو أراد تعجيل دفع الخمس لكونه بحاجة اليه في تجارته مثلاً او غير ذلك، وإلا فلا مسوغ للمداورة والترخيص في تأخير أداء الخمس. س - لو تمكن المكلّف من التعجيل بدفع بعض الخمس من دون حرج، فهل يجوز اجراء المداورة في تمام الخمس ؟ ج- لا يجوز بل تختص المداورة في المقدار الذي لو دفعه لوقع في حرج ومشقة لا تتحمل عادة، فإن أداء

ففي جميع ذلك الواجب على المكلّف أن يدفع الخمس او الزكاة ولا يجب (1)

ص: 98


1- الحق واجب فوري عند حلول رأس السنة الخمسية. فوائد المداورة : ذكر الفقهاء - رضوان الله عليهم - عدّة فوائد للمداورة منها: اولاً : بعد المداورة يجوز للمكلف أن يتصرف في عين المال المتعلّق به الخمس، وأمّا قبل المداورة ونقل الحق الى الذمة فلا يجوز له التصرف في العين. ثانياً: عدم وجوب اخراج خمس المنافع المستوفاة والمفوّته من العين التي تعلّق بها الخمس كالإيجارات وغيرها، فإن المكلّف قبل أن ينقل الخمس الى الذمة يجب عليه أن يخرج إضافة الى خمس العين خمسين: 1 - خمس الإيجارات المستوفاة وغير المستوفاة من العين التي تعلّق بها الخمس، لأن أصحاب الحق شركاء معه في العين بنسبة الخمس. 2 - خمس الايجار المتبقي من حصته نهاية السنة بعد استثناء مؤونته. كل ذلك قبل المداورة ونقل الخمس الى الذمة، وأمّا بعد نقله الى الذمة فلا يجب عليه اخراج خمس المنافع بل تصير العين خالصة له. ثالثاً : عدم وجوب الخمس في ارتفاع القيمة بعد نقل الخمس الى الذمة إذا لم تكن العين معدّة للتجارة، وأمّا إذا كانت معدّة للتجارة وارتفعت قيمتها فيجب الخمس في ارتفاع القيمة ولا تظهر فائدة المداورة لأن ارتفاع القيمة في مال التجارة يُعدّ ربحاً فيتعلّق به الخمس فيرجع للعين مرة أخرى. تنبیه : ما يفعله بعد الوكلاء او المعتمدين في نقل الخمس من الاعيان الى الذمة بالاجازة او الاذن – كأن يقول للمكلف : نقلت الخمس الى ذمتك او أجزتك ونحو ذلك من دون أن يقوم بالمداورة او المصالحة- لا يكفي ويبقى الخمس ثابتاً في العين ، فلا ولاية للوكيل على الاجازة او الاذن، وإنّما هو وكيل في قبض الحق وإقراضه بعد القبض للمكلف وهو المداورة او يجري المصالحة مع المكلّف، كما سيأتي. ثانيا : المصالحة ولها موردان : المورد الأول: أن يجري الحاكم الشرعي او وكيله عقد صلح مع المكلّف لنقل الخمس من العين الى الذمة، فمثلاً لو كان عند المكلّف عقار ب (100) مليون ويريد نقل خمسه الى ذمته، فيقول الحاكم الشرعي أو وكيله للمكلف : صالحتك عن الخمس المتعلۀق بالعين ب (20) مليوناً في ذمتك، فيقول المكلّف: قبلت المصالحة، وبذلك يكون العقار خالصاً من الخمس وتشتغل ذمة المكلّف بالخمس. شرط المصالحة بهذا المعنى:

عليه الحج.

(1)

ص: 99


1- تختص المصالحة بما إذا كان تعجيل المكلّف في أداء الخمس موجباً لوقوعه في الحرج والمشقة التي لا تتحمل، ولو أمكنه دفع بعض الحق من دون حرج وجب عليه دفعه ويصالح على الباقي الذي في دفعه حرج. المورد الثاني: أن يجري الحاكم الشرعي او وكيله صلحاً مع المكلّف حول المال المشكوك تعلّق الخمس به، كما لو وجد المكلّف مالاً وشك هل هو من الأموال التي اخرج خمسها سابقاً فلا يجب فيها الخمس او أنّه من الأرباح الجديدة التي يجب فيه الخمس، فيجري عقد صلح مع الحاكم الشرعي او وكيله لإبراء ذمته، وهكذا لو فُرض أن المكلّف لم يخمس لسنوات وقد اشتبهت عليه الأمور ولا يعلم مقدار الخمس المتعلّق بذمته فيجري مصالحة مع الحاكم الشرعي او وكيله لإبراء ذمته، ولابد في المصالحة من ايجاب وقبول بأن يقول الحاكم او وكيله للمكلف: صالحتك عن الخمس المتعلّق بالعين او المتعلّق بالذمة – إذا لم يكن مخمساً في السنوات السابقة - بكذا دينار، فيقول المكلّف : قبلت المصالحة. شرط المصالحة بهذا المعنى: شرط المصالحة بهذا المعنى هو أن يشك المكلّف بتعلّق الخمس او بمقداره، ولا تجري في موارد العلم بتعلّق الخمس والعلم بمقداره ، نعم في مورد العلم بتعلّق الخمس والعلم بمقداره تجري المصالحة بالمعنى الأول لنقل الخمس من العين الى الذمة، كما تقدّم. ملاحظتان : الملاحظة الأُولى: هناك مفهوم خاطي للمصالحة لعلّه مرتكز في بعض الاذهان حيث يتصور البعض أنّ من حق الوكيل تخفيض نسبة الخمس واخذ أقل من المقدار الواجب على المكلّف، فإذا كان مقدار الخمس (100) الف مثلاً يصالحه على (70) الفاً، وهذا غير صحيح فليس من صلاحيات الوكيل ذلك ولا ولاية له عليه، ومن أخرج خمسه بهذه الطريقة لا تبرأ ذمته، وعليه دفع ما تبقى من الخمس عليه. الملاحظة الثانية: ما هو مقدار المصالحة - بالمعنى الثاني - في الموارد المشكوكة، فهل الوكيل يصالح المكلّف على أيّ بمقدار يرتئيه او تكون المصالحة بالاحتمال الأقل او الأكثر او ماذا؟ ج - تجب المصالحة بمقدار النسبة التي يحتملها المكلّف في تعلّق الخمس بالمال، فمثلاً لو كان عند المكلّف قطعة قماش قيمتها (100) ألف، وشك هل أخرج خمسها في السنة السابقة فلا يجب فيها الخمس الآن او أنّها من أرباح هذه السنة فيجب عليه تخميسها، وكان يحتمل (70٪) أنها من أرباح هذه السنة، فهو يحتمل (70٪) تعلّق الخمس بها، ففي هذه الحالة يصالح الوكيل بنسبة ( 70%) من الخمس، وحيث أن مقدار الخمس هو (20) الفاً، فتكون المصالحة على (14) ألفاً، ويمكن اتباع الطريقة التالية:

التنبيه الثاني: إن الخمس او الزكاة مقدّمان على الحج في جميع الفروض

(1)

ص: 100


1- 1 - نخرج خمس المبلغ 100000÷ 5 = 20000 2 - نقسم مقدار الخمس على (100) 20000 ÷ 100 = 200 3- نضرب الناتج بنسبة الاحتمال 200 × 70 = 14000 دينار او نتبع الطريقة التالية: مقدار الخمس في نسبة الاحتمال المئوية 2000= %70 × 14000 مثال ثاني: لو فرض أن الشيء المشكوك كانت قيمته (2000) دولار، وكان المكلّف يحتمل بنسبة (40) تعلّق الخمس به، فيجب أن يدفع (160) دولاراً، وكالتالي: 1 - نخرج خمس المبلغ 2000 ÷ 5 = 400 دولار 2 - نقسم الخمس على (100) 400 ÷ 100 = 4 3- نضرب الناتج في نسبة الاحتمال 400 × 40 ٪ = 160دولاراً او نتبع الطريقة التالية: مقدار الخمس في نسبة الاحتمال المئوية 400× 40٪ = 160 دولاراً مثال ثالث: لو فرض أن الشيء المشكوك كانت قيمته (2000) دولار، وكان المكلّف يحتمل بنسبة (25) تعلّق الخمس به ، فيجب أن يدفع (100) دولاراً، وكالتالي: 1 - نخرج خمس المبلغ 2000 ÷ 5 = 400 دولار 2 - نقسم الخمس على (100)

التالیة :

1- أن تكون الاستطاعة للحج حاصلة قبل تعلّق الخمس والزكاة بالمال، كما لو حصل على مال يفي بنفقات الحج وقبل أن يصرفه في سبيل الحج تعلّق به الخمس او الزكاة.

2 - أن يتعلّق الخمس او الزكاة بالمال قبل توفر بقية شروط الاستطاعة، كما لو حصل على مقدار من المال يفي بنفقات الحج ولكن الطريق لم يكن مفتوحاً وقبل فتح الطريق حلّ رأس سنته الخمسية او دار الحول على المال او وجبت فيه الزكاة.

3- أن يتزامن حصول الخمس او الزكاة مع حصول الاستطاعة، كما لو حصل على مال يفي بنفقات الحج وكان الطريق مغلقاً، وتزامن فتح الطريق مع حلول رأس سنته الخمسية او مع تعلّق الزكاة بالمال .

ففي جميع تلك الحالات يجب دفع الخمس والزكاة، ويقدّمان على الذهاب الى الحج لعدم تحقق الاستطاعة، وذلك لخروج جزء من المال – بعد

تعلّق الخمس او الزكاة - عن ملك المالك.

(1)

ص: 101


1- 400 ÷ 100 = 4 3- نضرب الناتج في نسبة الاحتمال 4 × 25 = 100 دولار او نتبع الطريقة التالية: مقدار الخمس في نسبة الاحتمال المئوية 400 × 25 / 100 = 100 دولار

التنبيه الثالث: إنّ الخمس والزكاة إنّما يقدّمان على الحج فيما إذا لم يكن الحج مستقراً على المكلّف، وأما إذا كان مستقراً عليه فيُفصّل كالآتي:

إن كان الخمس متعلّقاً بعين المال فيقدّم الخمس إلا أن يستأذن من الحاكم الشرعي، فإذا أذن له فيقدّم الحج، وأمّا إذا كان مديناً بالخمس – بأن تعلّق الخمس بذمته - فيقدّم الحج لكونه أهم.

التنبيه الرابع : ما تقدّم من تقديم الخمس او الزكاة على الحج هو في حال كون الشخص على قيد الحياة وحصل على مال يفي بنفقات الحج وكان عليه خمس او زكاة يزاحمان الحج، وأمّا من مات وعليه حجّة الإسلام وكانعليه خمس او زكاة وقصرت التركة بحيث لا تفي بنفقات الحج لو دُفع منها الخمس او الزكاة، فهل يقدّم الحج عليهما او بالعكس؟

ج - فيه تفصيل:

فإن كان المال الذي تعلّق به الخمس او الزكاة موجوداً بعينه لزم تقديم الخمس او الزكاة، وأمّا إذا كان الخمس او الزكاة في الذمة فيتقدّم الحج

عليها (1) ، كما سيأتي.

التنبيه الخامس : هل يجب الخمس في المال الذي يدفعه المكلّف الى مؤسسة الحج، حيث يدفع المكلّف اليها مبلغاً من المال وينتظر دوره في القرعة؟

ج- ههنا صورتان :

ص: 102


1- تقدّم بيان كيفيّة تعلّق الخمس او الزكاة بالذمة

الصورة الأُولى: أن لا يكون الحج مستقراً على المكلّف، لعدم توفر شرائط الاستطاعة فيما مضى، وهنا حالتان :

الحالة الأُولى: أن يكون للمكلف مهنة يعتاش منها كما لو كان موظفاً او كاسباً او تاجراً أو نحو ذلك، فإن كان ذلك المال من أرباح سنته وحج به قبل حلول رأس سنته فلا خمس فيه، وأمّا إذا حل رأس سنته قبل أن يحج وجب عليه أن يخمسه .

الحالة الثانية: أن لا يكون له مهنة يعتاش منها كالمتقاعد وربات البيوت ومن يستلم منحة السجناء او الشهداء او الرعاية والضمان الاجتماعي، فإن حج قبل أن يمضي سنة على تملكه لذلك المال فلا خمس عليه، وإن كان حجّه بعدما يمضي سنة على تملكه لذلك المال فيجب تخميسه .

الصورة الثانية : أن يفرض أنّ الحج قد استقر على ذمة المكلّف بالاستطاعة او النذر او غير ذلك (1) ، فإن حج قبل حلول رأس سنته – إذا كان له مهنة- او قبل أن يدور الحول على ذلك المال – إذا لم يكن له مهنة- فلا خمس فيه، وأمّا إذا كان الحج بعد حلول رأس سنته او بعد أن دار الحول على ذلك المال من حين تملكه فهنا حالتان :

الحالة الأُولى: أن يَفرض أنّ المكلّف لا يتمكّن من أداء الحج الذي استقر عليه بغير هذه الطريقة - وهي أن ينتظر دوره في قرعة المؤسسة- ففي هذه الحالة لا يجب عليه الخمس لو حل رأس سنته او دار الحول عليه.

ص: 103


1- وقد تقدّم بيان كيفيّة استقرار الحج على المكلّف

الحالة الثانية: أن يتمكّن من أداء الحج بطريق آخر – كما لو تمكن من شراء دور شخص آخر او تمكن من الحج عن طريق ما يسمى بالحج التجاري مثلاً - ومع ذلك دفع المال الى مؤسسة الحج، ففي هذه الحالة يجب عليه تخميس ذلك المال .

التنبيه السادس : إذا دفع المكلّف نفقة الحج الى الحملة او الشركة المتكفلة بالحج، ثم حل رأس سنته الخمسية قبل تأدية الحج بأيام، فهل يجب عليه تخميس ذلك المال؟

ج - هنا حالتان :

الحالة الأُولى: أن يكون للمكلف مهنة يعتاش منها كما لو كان موظفاً او كاسباً او تاجراً، ففي هذه الحالة يجب عليه تخميس ذلك المال.

الحالة الثانية : أن لا يكون من أصحاب المهن كالمتقاعد وربات البيوت وغيرهم، وفي هذه الحالة إن مضت سنة كاملة من حين تملك هذا المال الذي دفعه للحملة او الشركة وجب إخراج خمسه، وأمّا إذا لم تمضِ سنة كاملة عليه من حين تملّكه فلا يجب عليه اخراج خمسه .

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - إذا حلّ رأس السنة الخمسية للمكلّف وقد اودع في مؤسسة الحجّ والزيارة مبلغاً من ارباحه لغرض التمكن من اداء الحجّ والعمرة فهل يثبت

ص: 104

فيه الخمس؟

ج - نعم الا إذا كان الحجّ أو العمرة مستقرّاً عليه بالاستطاعة أو النذر أو نحوهما ولم يكن يتيسر له اداؤه بغير هذا الطريق.

س 2 - من يسلّم إلى مؤسسة الحجّ والزيارة مبلغاً من المال ويسجل اسمه في قائمة طلبات السفر إلى الديار المقدسة للحجّ ويتسلم البطاقة الخاصة بذلك ولا توفّر له هذه الفرصة فى السنة نفسها فإذا حلّ رأس سنته الخمسية هل يلزمه تخميس المال المدفوع وهل يختلف الحجّ الواجب عن الحجّ المستحب في ذلك؟

ج- إذا كان ذلك لأداء الحجّ الواجب المستقر في ذمته ولم يكن يتيسر له اداؤه بغير هذه الطريقة فلا يبعد عدم ثبوت الخمس فيه وإلاّ وجب .

س 3 - في مورد السؤال السابق إذا فرض ثبوت الخمس فهل يجب تخميس المال المدفوع او تخميس البطاقة بقيمتها في آخر السنة الخمسية؟

ج- إذا كان تسليم المال إلى المؤسسة على سبيل كونه أجرة الذهاب إلى الحج وفرض توفر شروط الصحّة في هذه الإجارة فاللازم تخميس البطاقة بقيمتها حين التخميس، وأمّا في غير هذه الصورة فيكفي اخراج بدل خمس المال المدفوع.

س 4 - في مورد السؤال المتقدّم إذا اراد صاحب البطاقة بيعها في عام لاحق بأزيد من سعر الكلفة فهل يثبت الخمس في الفارق ويجب اداؤه فوراً

ص: 105

او يجوز صرفه في المؤنة السنوية ؟

ج- يجوز صرفه في المؤنة إلاّ إذا كان تسليم المال بعنوان الاجرة مع صحة العقد شرعاً فانه يجب تخميس تمام قيمتها فوراً.

س 5 - من كان مستطيعاً مالياً ولكن لا يسمح له بالذهاب إلى الحجّ إلاّ ان يودع مبلغاً في مؤسسة الحجّ والزيارة ليأتي دوره بعد سنوات فيسمح له عندئذ بالخروج إلى الحجّ هل يجب عليه الخمس فيما يودعه من ارباح سنته في المؤسسة المذكورة؟

ج - نعم.

س6 - من وجب عليه اداء الحجّ - لاستطاعة أو نذر أو غيرهما - واودع مبلغاً من ارباحه السنوية في مؤسسة الحجّ والزيارة ليتمكّن من ادائه عند دوره هل يجب عليه الخمس فيه عند حلول رأس سنته الخمسية إذا كان متمكّناً من اداء الحجّ من طريق آخر كأن يشتري دور شخص غيره مثلاً؟

ج - نعم لا يعفى من خمس ذلك المال في مفروض السؤال.

س 7 - إذا أودع مالاً في مؤسسة الحج والزيارة وهو يعتقد انه غير متمكن من اداء الحج الواجب عليه من طريق آخر غير ذلك، ولكنّه تمكن منه في العام نفسه أو في عام آخر فهل يجب عليه خمس المبلغ المودع، وهل يختلف الحكم فيما لو كان يشك في تمكنه فيما بعد؟

ج - إذا تمكن من اداء ذلك الحج الواجب عليه في العام نفسه أو كان عالماً بتمكنه من ادائه في عام لاحق وجب اخراج خمس المال المودع وإلا لم يجب .

ص: 106

فرعٌ

تقدّم أن المال إذا كان لا يفي بنفقات الحج وأداء ما عليه من الخمس او الزكاة فيقدّم الخمس والزكاة على الحج، ولكن لو فرض أنّ المال يفي بنفقات الحج وأداء الحق الشرعي إلا أنّه وقع تزاحم بين أداء الحق الذي عليه او أداء الحج – لا من جهة قصور المال - فإمّا أن يذهب الى الحج ويؤخّر أداء الخمس او الزكاة او يترك الذهاب الى الحج كي يؤدي الخمس او الزكاة، فأيّهما يقدّم؟

ونفس الكلام فيما لو كان عليه حقوق مالية واجبة – غير الخمس والزكاة - كحق الانفاق على الزوجة او الأولاد او الابوين، وكان ذهابه الى الحج يزاحم أداء ذلك الحق فأيّهما يقدم؟

ونلفت النظر الى أنّ مورد هذه المسألة هو ما إذا لم يتمكّن من المكلّف من الاتيان بالواجبين - الحج والحقوق المالية الواجبة - لا من جهة قلّة المال بل من جهة أخرى، كما لو استطاع الى الحج في الساعات الأخيرة التي يذهب فيها للحج وكانت تلك الساعات هي موعد رأس سنته الخمسية او موعد أداء الزكاة او موعد الانفاق الواجب على زوجته مثلاً، فأيّهما يقدّم؟

ج- يجب عليه أن يؤدي الحق الشرعي المالي ولا يذهب الى الحج، ويستثنى من ذلك الموارد التالية:

1 - أن يتمكّن المكلّف من الوصول الى الحاكم الشرعي او وكيله وتسليمه

ص: 107

الحق الشرعي في موعده، فيجب عليه الحج في هذه الحالة.

2 - أن يتمكّن المكلّف من اجراء مصالحة او مداورة مع الحاكم الشرعي على تحويل الخمس الى الذمة وتسديده بعد ذلك دفعة او دفعات، فيجب عليه الحج في هذه الحالة.

3- أن يتمكّن المكلّف من الوصول الى الفقير وتسليمه حق السادة او حق الامام - بناءً على وجود إذن لصرف حق الامام على الفقير في مورد الضرورة - عند حلول وقته، فيجب الحج في هذه الحالة.

4 - أن يتمكّن من أخذ الإذن من صاحب الحق المالي كالزوجة وتأخير ما عليه من نفقة، فيجب عليه الحج في هذه الحالة.

وأمّا إذا لم يتمكّن من كل ذلك فيجب أن يؤدي الحق الشرعي المالي في وقته ويؤخّر الحج.

س - لو خالف المكلّف وذهب الى الحج وأخّر الحق الشرعي المالي الذي عليه فهل يحكم ببطلان حجّه ؟

ج- حجّه صحيح، ويجزي عن حجّة الإسلام، وإن كان آثماً لمخالفته لوجوب أداء الحق الذي عليه في وقته.

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - من استقرّ عليه الحجّ وعليه حقوق شرعية ولا يسعه التعجيل في

ص: 108

ادائهما معاً فهل يؤدي الحجّ اولاً أو الحقوق الشرعية؟

ج- يراجع الحاكم الشرعي فيستأذن منه في التأخير في اداء الحق الشرعي فإذا اذن له في ذلك بعد ان يعرف منه العزم على ادائه في اول فرصة ممكنة يقدّم اداء الحجّ .

س 2- لو كانت أموال الشخص مما تعلّق بها الخمس هل يجزيه تخميس ما يحجّ به لصحة حجّه على أن يسدد خمس باقي أمواله بعد الحجّ؟

ج- لا يجوز التأخير في إخراج الخمس فإنه غصب حرام، ولو أخرج خمس البعض وحجّ به صحّ حجّه ولكنّه آثم من حيث التأخير من إخراج خمس الباقي.

س3- شخص لديه اموال تعلّق بها الخمس ويريد الذهاب إلى الحجّ هل يستطيع ان يخمس البعض ويحجّ به وبعد عودته يخمس الباقي؟

ج - لا يكفي مجرد العزم على أداء خمس الباقي بعد الرجوع من الحجّ، بل تجب المبادرة إلى اخراج خمسه أيضاً ، واذا كان الوقت لا يسمح له بالمحاسبة والاخراج فيمكن الاستئذان من الحاكم الشرعي في التأجيل في ذلك وعليه القيام به في أول فرصة ممكنة.

س 4 - من اراد أداء فريضة الحجّ ولكن كانت امواله مخلوطة بالحرام فماذا يصنع ؟

ج- يلزمه تحليلها اولاً باخراج الخمس او غيره وفق ما ذكرناه في الحلال المختلط بالحرام ، فان كان الحلال المتبقى مما استقرّ عليه الخمس بمضي السنة

ص: 109

وجب أداء خمسه والحجّ بالباقي.

ص: 110

الفصل الرابع الاستطاعة والواجبات المالية

إذا كان على المكلّف واجبات ماليه كالكفارة والفدية ونحو ذلك وكان عنده مقدار من المال ولكن لا يفي بمصارف الحج لو أدى تلك الواجبات المالية، فهل يُعدّ مستطيعاً بذلك المال ويقدّم الحج، او يجب عليه تقديم الواجبات المالية على الحج وحينئذٍ تزول الاستطاعة؟

ج- يجب عليه تقديم الحج لكونها واجبات موسّعة فلا تزاحم الحج، ولا تمنع من تحقق الاستطاعة.

س - ما حكم رد المظالم عند مزاحمته للحج ؟

ج- إذا كان رد المظالم واجباً فهو دين للناس، فيجري عليه حكم الدين المتقدّم.

تنبيه :

ينبغي التفريق بين الحقوق الواجبة والواجبات المالية :

أمّا الحقوق الواجبة على قسمين:

-1- الحقوق المالية وهي التي يكون للغير حق متعلّق فيها مثل حق

ص: 111

الانفاق على الزوجة والأولاد والابوين ، ومثل الزكاة والخمس التي يكون الفقير هو صاحب الحق فيها.

2 - الحقوق غير المالية : كحق القسمة للزوجة أي البيتوتة عندها ليلة من كل أربع ليالي.

و ما تقدّم في الفصل السابق كان في القسم الأول.

و أمّا الواجبات المالية : فهي واجبة في الأموال ولا يكون للفقير حق فيها وإنّما هو مصرف لها مثل الكفارات والفدية ونحو ذلك ، وما ذكرناه في هذا الفصل مرتبط بهذا القسم.

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - شخص في ذمّته كفارة مالية ولا يسعه اداؤها فعلاً مع تحمل نفقات الحجّ فهل يجب عليه الحجّ؟

ج- وجوب اداء الكفارة ليس فورياً وعلى كل حال فهو لا يمنع من تحقق الاستطاعة.

س 2- شخص على ذمته كفارة الإفطار في شهر رمضان متعمدا لفترة طويلة وهو لا يتمكّن من صيام شهرين متتابعين لكل يوم منها وقد توفرت لديه مبالغ مالية لا تفي بنفقات الحج والتكفير بإطعام ستين مسكينا فهل يعد مستطيعا ويجب عليه الحج أم يصرف المبالغ الموجودة في أداء ما عليه من

ص: 112

الكفارة؟

ج- يعد مستطيعاً شرعاً فيلزمه أداء الحج.

س 3_ من كان عليه كفارات الافطار في شهر رمضان لمدة طويلة وهو غير قادر على الصيام شهرين متتابعين عن كل يوم ولكنّه متمكّن من اطعام ستين مسكيناً الاّ ان كلفة ذلك تشكل مبلغا كبيراً بحيث انه لو اراد ان يدفعه فلا يستطيع أداء الحج فهل يجب عليه الذهاب إلى الحج وتأجيل دفع الكفارات ام يجب عليه دفع الكفارات وتأجيل الحج؟

ج- إذا لم يكن مطمئناً من تمكنه من أداء الحج لاحقاً فعليه ان يحج اولاً ويؤجل دفع الكفارات إلى ما بعد ذلك.

ص: 113

الفصل الخامس الاستطاعة والمال المغصوب

اشارة

لا شك في أنّ وجوب الحج مشروط بالاستطاعة، ولكن هل يلزم أن يكون الحج بمال الاستطاعة؟

ج- لا اشكال في أنّه لا يجب على المستطيع أن يحج من ماله، فلو استطاع المكلّف بمال هو عبارة عن بضاعة او دين على ذمة شخص وكان يمكنه استيفاؤه، او استطاع بمال تحت يده وتصرفه او بغير ذلك لم يجب عليه أن يصرف ذلك المال في الحج بل لو حجّ متسكعاً – أي حتى لو كان فيه حرج شديد لا يتحمل عادة، او كان منافياً لشانه ومخلاً بكرامته او كان في غاية التقصير والضيق على نفسه - صح حجّه.

كما يجوز له أن يحج بمال آخر لم تتحقق به الاستطاعة كما لو اقترض نفقة الحج من غيره وحج بها.

كما يجوز له أن يحج من مال شخص آخر ولو غصباً.

وكذلك يجوز له أن يحج بأموال تعلّق بها الخمس.

ولا يبطل حجّه في جميع ذلك ويجزيه عن حجة الإسلام، وإن كان آثماً

ص: 114

فيما لو حج بمال مغصوب او متعلّق للخمس او حج متسکعاً – فيما إذا ظهر بمظهر لا يليق بكرامته ، ولكن كل ذلك لا يوجب بطلان الحج، ويستثنى من ذلك موردان :

المورد الأول: ما إذا كان ساتره او ثمن الساتر في الطواف او في صلاة الطواف مغصوباً او متعلّقاً للحق الشرعي فلا يصح حجّه على الاحوط

وجوباً.

المورد الثاني: ما إذا كان ثمن هديه او نفس الهدي مغصوباً او متعلّقاً للحق الشرعي، فلا يصح حجّه .

ولتفصيل ذلك يقع الكلام في مقامين :

المقام الأول

إباحة الساتر (1) على الاحوط

يعتبر في صحة الطواف والصلاة اباحة الساتر للعورة على الاحوط وجوباً فلا يصح الطواف - على الاحوط - في ساتر مغصوب كما لا تصح الصلاة فيه على الاحوط وجوباً.

و في حكمه الساتر المتعلّق للحق الشرعي فلو طاف او صلى بساتر متعلّق

ص: 115


1- الساتر هو خصوص ما يستر العورة دون ثوبي الاحرام - إذا كان ستر العورة بغيرهما كما لوستر عورته بقطعة من القماش فتكون هي الساترة دون ثوبي الاحرام - ودون ثياب المرأة التي لا تكون ساترة كالتي تكون فوق الساتر كالعباءة مثلاً، وسيأتي بيان حدود العورة في الرجل والمرأة في مبحث الطواف وما يعتبر فيه في الجزء الثاني من توضيح المناسك

للخمس لم يصح - على الاحوط وجوباً - طوافه ولا صلاته.

وهكذا إذا اشترى ساتره في الطواف او الصلاة بثمن مغصوب او متعلّق للحق الشرعي فلا يصحّان على الاحوط وجوباً إلا إذا اشترى الساتر

بشراء كلي في الذمة ووفاه من المغصوب او من المال المتعلّق للحق الشرعي، وللتوضيح والتفصيل أكثر نقول:

يوجد صورتان :

الصورة الأُولى: أن يكون نفس الساتر في الطواف مغصوباً او متعلّقاً للخمس كما إذا اشترى إحراماً بأرباح سنته وبقي سنته كاملة او حل

عليه رأس سنته - إذا كان له مهنة (1) ثم طاف به وكان ساتراً للعورة فيحكم ببطلان طوافه على الاحوط وجوباً، فإن تداركه بساتر مباح فلا اشكال، وإذا لم يتداركه الى أن انتهى وقت النسك (2) بطلت عمرته وحجّه على الاحوط وجوباً.

نعم، لا يضر ذلك بصحة طوافه وحجّه فيما إذا كان غافلاً أو جاهلاً

ص: 116


1- المكلّف على قسمين: الأول: الذي عنده عمل او منفعة يعتاش منها كالتاجر والعامل والموظف والخطيب والكاسب ومن يعتاش من ايجارات العقارات وغيرهم، ومثله يجب عليه أن يجعل له راس سنة لأرباحه ويكون مبدؤها يوم مباشرته بوظيفته او عمله. الثاني : من ليس له مهنة أو منفعة كالمتقاعد وربات البيوت وغيرهم، ويجوز لهؤلاء أن يجعلوا لكل ربح سنة تخصه ولا يجب أن يجعلوا لجميع الأرباح رأس سنة واحد.
2- ينتهي وقت التدارك في عمرة التمتع إذا لم يبق من الوقت ما يكفي لأداء أعمالها قبل الزوال من يوم عرفة، وفي الحج بدخول محرم.

بالموضوع (1) او جاهلا بالحكم (2) جهلًا يعذر فيه - - قاصراً-.

هذا في الطواف.

وأمّا في الصلاة، فإذا صلى بساتر مغصوب او متعلّق للخمس فهل تصح صلاته ؟

ج- تصح في بعض الموارد وتبطل في الأخرى :

فتصح في خمسة موارد:

1 - إذا كان جاهلاً بالموضوع أي جاهلاً بالغصبيّة وأن هذا الساتر مغصوب ولم يكن هو الغاصب.

2 - إذا كان ناسياً للموضوع أي ناسياً للغصبيّة وأنّ هذا الساتر مغصوب ولم يكن هو الغاصب.

3- إذا كان جاهلاً بالحكم جهلاً يعذر فيه - جاهلاً قاصراً- أي يجهل بحرمة المغصوب وكان معذوراً.

4 - أن يكون ناسياً للحكم أي ناسياً لحرمة الغصب وصلى بالثوب المغصوب او المتعلّق للخمس.

5- إذا كان مضطراً الى لبس الساتر المغصوب او المتعلّق للخمس.

و لا تصح الصلاة على الاحوط وجوباً في ثلاثة موارد :

ص: 117


1- أي جاهلًا بالغصبية او بأن الساتر متعلّق للخمس
2- أي يجهل بحرمة الغصب

1 - إذا كان جاهلاً بالغصبيّة - الموضوع - وكان هو الغاصب.

2- إذا كان ناسياً للغصبيّة - الموضوع - وكان هو الغاصب.

3- إذا كان جاهلاً بالحكم عن تقصير - أي يجهل بحرمة الغصب وكان مقصّراً في عدم التعلم-.

و في هذا المورد الثالث إن اعاد صلاة الطواف بساتر مباح فلا اشکال، وأمّا إذا لم يعدها الى أن انتهى وقت النسك فيجب عليه قضاؤها وتصح عمرته وحجّه.

الصورة الثانية : أن يكون ثمن الساتر (1) في الطواف او الصلاة مغصوباً او متعلّقاً للخمس، وهنا حالتان :

الحالة الأُولى: أن يشتري الساتر في الصلاة او الطواف بثمن شخصي وذلك بأن يأخذ المال المغصوب او المتعلّق للخمس ويقول للبائع: اشتري منك هذا الساتر بهذه النقود التي في يدي ، فهنا ينتقل الخمس من الثمن إلى الساتر ويجري فيه نفس الاحكام المتقدّمة في الصورة الأولى.

الحالة الثانية: أن يشتري الساتر بثمن كلي في الذمة- كما هو الغالب في الشراء - كأن يقول للبائع : اشتري منك هذا الساتر بعشرة آلاف من دون أن يحدد أوراقاً نقدية معينة، وحينئذ تشتغل ذمته بذلك المبلغ للبائع، وفي مقام الوفاء يدفع له العشرة المغصوبة او التي تعلّق بها الخمس، وفي هذه الحالة لا

ص: 118


1- وقد يكون الساتر هو نفس ثياب الاحرام

يكون الساتر مغصوباً - إن اشتراه بالمال المغصوب- ولا ينتقل الخمس من الثمن إلى الساتر - إن اشتراه بالمال المتعلّق للخمس- وإنّما يصير الخمس ديناً في ذمة المكلّف، باعتبار أن العشرة التي دفعها ليست هي الثمن وإنّما هي مصداق للثمن، والثمن هو العشرة الكلية، وحينئذٍ يكون الساتر خالصاً للمكلف غايته يضمن الثمن للبائع إن وفاه بالمغصوب، ويضمن خمس الثمن للفقراء إن وفاه بالمال المتعلّق للخمس ، لأنّ الخمس ينتقل من الثمن إلى الذمّة لكونه أتلف المال المتعلّق للخمس بدفعه الى البائع فيضمن خمسه ويصير ديناً عليه، وحينئذٍ يصح الطواف والصلاة.

و سيأتي زيادة تفصيل في مبحث الطواف وصلاته في الجزء الثاني من توضيح المناسك.

المقام الثاني

اباحة الهدي

يعتبر في الهدي أن يكون مباحاً فلا يجزي المغصوب.

و في حكمه الهدي المتعلّق للحق الشرعي، فلو ذبح هدياً تعلّق به الحق الشرعي لم يجزئه إذا كان عالماً عامداً او جاهلاً مقصراً.

وهكذا إذا اشترى هدياً بثمن مغصوب او متعلّق للحق الشرعي فلا يجزي إلا إذا اشتراه بشراء كلي في الذمة ووفاه من المغصوب اومن المال المتعلّق للحق الشرعي، وللتوضيح والتفصيل أكثر نقول:

ص: 119

يوجد صورتان:

الصورة الأُولى: أن يكون نفس الهدي مغصوباً او متعلّقاً للخمس كما إذا اشترى شاةً بأرباح سنته وبقيت عنده سنة كاملة او دخل عليها رأس سنته – إذا كان له مهنة - ثم ذبحها هدياً فلا تجزئ ، فإن تدارك وذبح هدياً مباحاً في أيام الذبح فلا اشكال، وإذا لم يتداركه الى أن انقضت أيام الذبح بطل حجّه إذا كان عالماً عامداً أو جاهلاً مقصراً.

نعم، لا يضر ذلك بصحة حجّه إذا كان ناسياً او جاهلاً قاصراً وأتى بوظيفته حسب التفصيل المذكور في الفصل الثاني في مبحث الذبح او النحر في الجزء الثالث من توضيح المناسك.

الصورة الثانية : أن يكون ثمن الهدي مغصوباً او متعلّقاً للخمس، وهنا حالتان :

الحالة الأُولى: أن يشتري الهدي بثمن شخصي وذلك بأن يأخذ المال المغصوب او المتعلّق للخمس ويقول للبائع : اشتري منك هذه الشاة مثلاً بهذه النقود التي في يدي ، فهنا ينتقل الخمس من الثمن إلى الشاة ويجري فيه نفس الاحكام المتقدّمة في الصورة الأُولى.

الحالة الثانية: أن يشتري الهدي بثمن كلي في الذمة، كما هو الغالب في الشراء - كأن يقول للبائع : اشتري منك هذه الشاة بمائة ألف من دون أن يحدد أوراقاً نقدية معينة، وحينئذ تشتغل ذمته بذلك المبلغ للبائع، وفي مقام الوفاء

ص: 120

یدفع له المائة المغصوبة او التي تعلّق بها الخمس وفي هذه الحالة لا تكون الشاة مغصوبة - إن اشتراها بالمال المغصوب- ولا ينتقل الخمس من الثمن اليها - إن اشتراها بالمال المتعلّق للخمس - وإنّما يصير الثمن او الخمس ديناً في ذمة المكلّف، باعتبار أن المائة التي دفعها ليست هي الثمن، وإنّما هي مصداق للثمن، والثمن هو المائة الكلية، وحينئذ تكون الشاة خالصة للمكلف، غايته يضمن الثمن للبائع إن وفاه بالمغصوب ، ويضمن خمس الثمن للفقراء إن وفاه بالمال المتعلّق للخمس، لأن الخمس ينتقل من الثمن إلى الذمة لكونه أتلف المال المتعلّق للخمس بدفعه الى البائع فيضمن خمسه ويصير ديناً عليه وحينئذٍ يجزئ ذبحه لتلك الشاة.

و سيأتي زيادة تفصيل في مبحث ما يعتبر في الهدي في الجزء الثالث من توضیح المناسك .

أسئلة تطبيقية :

س 1 - من أدى الحجّ وهو لا يُخمّس وأراد أن يُخمّس بعد رجوعه فهل عليه إعادة الحجّ؟

ج - إذا لم يكن ساتره في الطواف ولا في صلاة الطواف ولا هديه مما تعلّق الخمس، فلا حاجة إلى اعادة حجّه .

س 2- إذا حجّ في ثوب تعلّق به الخمس ولم يخرجه جهلاً او غفلة فما هو حكمه؟

ج - المختار صحة حجّه إذا كان غافلاً أو جاهلاً بالموضوع او جاهلاً

ص: 121

بالحكم جهلاً يعذر فيه وإلاّ ففيه إشكال اذا كان ذلك الثوب هو ساتره في الطواف او في صلاة الطواف وإلاّ صحّ أيضاً.

س 3- إذا لم يعلم إن ثوبي إحرامه اشتراهما من ربح استقر عليه الخمس أو اشتراهما من أرباح سنة الإستعمال أو مما لم يتعلّق به الخمس أصلا فما هو تكليفه؟

ج- لا مانع من إحرامه في الثوبين المذكورين والأحوط مراجعة الحاكم الشرعى والمصالحة معه بنسبة الإحتمال.

س 4 - من احرم في لباس مغصوب او متعلّق للخمس إلا أنّه لم يطف به او يصلي فهل يصح إحرامه ؟

ج - نعم إحرامه صحيح إذ ليس من شروط صحة الاحرام كون اللباس مباحاً بل حتى لو كان بعينه مخصوباً او متعلّقاً للحق الشرعي أو اشتراه بشراء شخصي بمال متعلّق للحق الشرعي ففي جميع ذلك لا يضر بصحة إحرامه، ولو كان الشراء بنحو الكلي في الذمة كان الثوب حلالاً واللازم عليه تخميس الثمن الذي دفعه.

س 5 - لو حج المكلّف بأموال فيها الخمس فهل يبطل حجّه؟

ج- لا يبطل الحج بمجرد ذلك، نعم يبطل الطواف وصلاته على الاحوط اذا كان ساتره فيهما من المال المتعلّق للخمس لكون إباحة الساتر في الطواف والصلاة شرطاً في صحتهما، فإن لم يتدارك الطواف والصلاة في وقتهما بطل الحج.

ص: 122

نعم اذا صلى في الساتر عن جهل تقصيري فيجب إعادة الصلاة او قضاؤها فقط وحجّه صحيح.

هذا بالنسبة للساتر في الطواف والصلاة، وأما بالنسبة للهدي، فإن كان الهدي بعينه متعلّقاً للخمس - بأن بقي عنده ودار عليه الحول -فيبطل الحج، وهكذا إذا اشتراه بأموال متعلّق بها الخمس وكان الشراء شخصياً بخلاف ما إذا اشتراه بنحو الكلي في الذمة ووفاه من مال تعلّق به الخمس، فإن ذمته تشتغل بالخمس ولا ينتقل الخمس إلى العين.

س6- إذا حج في ثوب متعلّق به الخمس - كما إذا بقي عنده سنه - ولم يخرجه جهلاً او غفلة فما حكم حجّه؟

ج - يصح حجّه اذا كان غافلاً أو جاهلاً بالموضوع او جاهلاً بالحكم جهلاً يعذر فيه وإلا ففيه أشكال اذا كان ساتره في الطواف.

نعم إذا كان جاهلاً مقصراً فصلاة طوافه وإن كانت محكومة بالبطلان على الاحوط ولكن يجب عليه الاعادة او قضاء تلك الصلاة ولا يضر بصحة حجّه، وإن لم يكن ذلك الثوب هو ساتره في الطواف او في الصلاة صح حجّه ايضاً.

ص: 123

الفصل السادس الاستطاعة المتزلزلة

لا شك أنّ الاستطاعة متى ما حصلت وجب الحج، فمن ملك مقداراً من المال يفي بمصارف الحج ونفقة عياله في فترة الذهاب الى الحج، وتوفرت باقي الأمور المعتبرة في الاستطاعة وجب عليه الحج، ولكن لو فرض أنّ المكلّف ملك تلك الأموال التي تفي بنفقة الحج - ولو بضميمة ما عنده من مال آخر - ولكن بملكيّة متزلزلة فهل يُعدّ مستطيعاً ويجب عليه الحج او لا؟

ج - الملكيّة على قسمين:

1 - الملكيّة المستقرة : وهي الملكية الحاصلة بالعقد اللازم كما لو ملك ما يفي بنفقة الحج عن طريق البيع والشراء او الإجارة ونحو ذلك، وهي متى ما حصلت وتوفرت باقي شروط الاستطاعة وجب الحج بلا اشكال.

2 - الملكيّة المتزلزلة : وهي الملكيّة الحاصلة بالعقد غير اللازم ، كالملكيّة الحاصلة في مورد الهبة الجائزة (1) كما لو وهبك شخص شيئاً وقبضته فقد ملكته ولكن بملكيّة غير مستقرة إذ يجوز للواهب - إذا لم يكن من الارحام -

ص: 124


1- مقابل الهبة اللاّزمة كالهبة التي تكون بين الارحام حيث لا يجوز للواهب التراجع عما وهبه، وكالهبة المشروطة، كما لو وهبك كتاباً بشرط أن تهبه مقداراً من المال وحصل القبول والقبض، فلا يجوز للواهب نقض الهبة، وتكون لازمة

أن يرجع بالهبة ويبطل الملكيّة، فهل مثل تلك الملكيّة تحقق الاستطاعة؟

ج- ههنا صورتان:

الصورة الأُولى: أن يكون المنتقل اليه - وهو الموهوب له - قادراً على إزالة حق المنتقل عنه - وهو الواهب - وفي هذه الصورة تتحقق الاستطاعة بالقبول والقبض، غايته أنّ الواهب له القدرة على إزالة استطاعة الموهوب له عن طريق التراجع عن الهبة والفسخ وإعمال الخيار، ولكن الموهوب له يتمكّن من منعه من ذلك وإزالة حقه.

س - وكيف يتمكّن الموهوب له من إزالة حق الواهب - وهو إعمال الخيار والفسخ - ومنعه من ذلك قبل أن يُعمل الخيار؟

ج- يتمكّن الموهوب له من إزالة حق الواهب - قبل أن يُعمل الخيار - في حالتين:

1 - أن يتصرف في المال الذي ملكه بالهبة تصرفاً ناقلاً كأن يبيعه او يهبه، وحينئذٍ لا يحق للواهب أن يفسخ الهبة ويأخذ المال، وبذلك تتحول ملكية الموهوب له الى ملكيّة مستقرة .

2 - أن يتصرف في المال تصرفاً مغيّراً في عينه كما لو وهبه خاتماً من ذهب وغيّر صياغته ، فلا يحق حينئذٍ للواهب فسخ الهبة، وبذلك تصير ملكيّة الموهوب له مستقرّة.

ونلفت النظر الى أنّ الموهوب له مادام قادراً على إزالة حق الواهب ومنعه

ص: 125

من الفسخ فيجب عليه الحج حتى لو لم يُزل حق الواهب.

الصورة الثانية : أن لا يكون المنتقل اليه قادراً على إزالة حق المنتقل عنه في الفسخ، وفي هذه الصورة هل يُعدّ المنتقل اليه مستطيعاً ويجب عليه الخروج للحج ؟

ج - نعم يُعدّ مستطيعاً ولكن استطاعته تكون مراعاة بعدم فسخ المنتقل عنه، فإذا لم يفسخ فالحج صحيح ومجزي، وأمّا إذا فسخ قبل تمام الأعمال او بعدها فيكشف ذلك عن عدم تحقق الاستطاعة من الأول.

س 1 - هل يجب عليه الخروج للحج في هذه الحالة؟

ج - لا يجب عليه الخروج إلا إذا وثق بعدم طرو الفسخ ، ولا يكفي مجرد احتمال عدم الفسخ.

س 2- هل بالإمكان ذكر أمثلة للملكيّة المتزلزلة التي لا يتمكّن معها المنتقل اليه من إزالة حق المنتقل عنه ؟

ج- من أمثلة ذلك:

1- أن يهبه مالاً بهبة جائزة وقبل أن يمضى زمان يتمكّن فيه من التصرف في المال تصرفاً ناقلاً او مغيّراً في العين فسخ الواهب، ففي هذه الحالة هو غير قادر على إزالة حق الواهب لعدم مضى فترة يتمكّن فيها من التصرف ولو بسبب طرو ظرف خاص منعه من التصرف.

2- لو كان بين شخصين نزاع وصالحه على خمسة ملايين وجعل لنفسه

ص: 126

الخيار لمدة سنة مثلاً، فلا يتمكّن المنتقل اليه من إزالة حق المنتقل عنه في الفسخ، فهو وإن كان بإمكانه التصرف في المال حيث ملكه بالصلح ولكن بملكية متزلزلة حيث يتمكّن المصالح خلال السنة من إبطال ملكيته بإعمال حقه في الفسخ.

3- لو باعه محاباةً (1) كما لو باعه ما قيمته عشرة ملايين بمليون وجعل لنفسه حق الفسخ لمدة سنة مثلاً، فهنا وإن أمكن المشتري أن يبيع العين التي اشتراها ويصرف الفارق بين القيمتين في أداء الحج لكونه قد ملك ذلك المال، إلا أنّه ليس بإمكانه منع المنتقل عنه من إعمال حقه في الفسخ، فتكون ملكيته متزلزلة حيث يمكن للمنتقل عنه – البائع محاباة- من الغاء ملكيته خلال السنة عن طريق إعمال حقه في الفسخ .

ص: 127


1- المحاباة : بيع السلعة بأقل من قيمتها، فالزائد من قيمة المبيع عطية، يقال حابيته في البيع محاباةً

الفصل السابع تحصيل الاستطاعة

تقدّم أنّ العبرة في الزاد والراحلة على وجودهما الفعلي – بأعيانهما او بنقود ونحوها تفي بهما - وعليه فلا يجب على المكلّف تحصيل الاستطاعة بالاكتساب ،ونحوه، فمن كان قادراً على تحصيل الاستطاعة عن طريق الاكتساب مثلاً فلا يجب عليه التكسب لتحصيلها، نعم لو تكسب وحصلت له الاستطاعة وجب عليه الحج لو توفرت باقي شروطها .

س 1- لو أمكن للمكلف تحصيل الاستطاعة بغير الاكتساب كما لو وهبه شخص مالاً هبة مطلقة - من دون أن يشترط عليه الحج به- وكان المال وافياً بنفقات الحج - ولو بضميمة ما عنده من مال-، فهل يجب عليه القبول وبالتالي يصير مستطيعاً ويجب عليه الحج؟

ج- لا يجب عليه القبول، لما تقدّم من أنّ المكلّف لا يجب عليه تحصيل الاستطاعة، ولكن لو قَبِل صار مستطيعاً ووجب عليه الحج على التفصيل الذي تقدّم في الفصل السادس.

س 2 - لو طُلب منه أن يؤجر نفسه للخدمة بما يصير به مستطيعاً فهل

ص: 128

يجب عليه القبول وتحصيل الاستطاعة؟

ج- لا يجب عليه القبول، لما تقدّم من أنّه لا يجب تحصيل الاستطاعة بالاكتساب، ولكن لو قَبِل وصار مستطيعاً وجب عليه الحج.

س 3- من يؤجر نفسه للخدمة في طريق الحج كالسائق الذي يُستأجر لنقل الحجاج، واستطاع بمال الإجارة هل يجب عليه أن يحج؟

ج - نعم يجب عليه الحج لتحقق الاستطاعة.

س 4 - من آجر نفسه للنيابة عن غيره في الحج هل يجب عليه أن يحج عن نفسه؟

ج- هنا صورتان:

الصورة الأُولى: أن يفرض عدم وفاء مال الإجارة – ولو بضميمة ما لديه- بنفقات الحج عن نفسه كما لو كانت اُجرة النيابة قليلة لا تفي بمصاريف الحج ، فلا يجب عليه الاتيان بحجّة الإسلام بل يجب عليه الاتيان بالحج النيابي.

الصورة الثانية: أن تفي اجرة النيابة – ولو بضميمة ما عنده- بنفقات الحج كما هو الغالب، فهل يجب عليه أن يؤدي الحج عن نفسه او لا؟

ج- ههنا حالتان:

الحالة الأولى : أن يكون الحج النيابي مقيداً بسنة الإجارة - السنة الحالية كما هو الغالب - وهنا يقدم الحج النيابي، فإذا بقيت استطاعته المالية الى العام

ص: 129

القادم – كما لو كانت الأجرة مبلغاً كبيراً يكفي لأداء الحجتين- وجب عليه الحج عن نفسه وإلا فلا يجب.

الحالة الثانية: أن لا يكون الحج النيابي مقيداً بسنة الإجارة، وهنا شقان :

الشق الأول: أن تفي اجرة النيابة بحجتين، والواجب عليه أن يقدّم الحج عن نفسه إلا إذا وثق بأداء الحج في عام لاحق فيجوز له حينئذٍ أن يقدّم الحج النيابي.

الشق الثاني: أن لا تكفي اجرة النيابة إلا لحجّة واحدة، فيجب عليه تقديم الحج النيابي إلا إذا علم أنّه يتمكّن من أداء الحج النيابي في عام لاحق من دون حرج ومشقة فيلزمه حينئذٍ تقديم الحج نفسه .

فائدة :

لو شرع النائب في الحج النيابي فلا يجوز له تركه حتى لو استطاع في أثنائه وإذن له المنوب عنه بتركه، فإنّه لا عبرة بالإستطاعة المستجدة حتى لو كانت بغير مال الإجارة.

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - إذا آجر نفسه للنيابة عن غيره في السنة الفعلية ثم حصلت له الإستطاعة بهبة أو إرث أو نحوهما فهل يأتي بالحجّ لنفسه أم يعمل بموجب الإجارة السابقة على حصول الإستطاعة ؟

ج- إذا كان واثقاً من تمكنه من أداء الحجّ لنفسه في عام لاحق فالإجارة

ص: 130

صحيحة فيعمل بمقتضاها وإلا فهي باطلة فيلزمه الحجّ لنفسه.

س 2 - إذا استؤجر لحجّة الإسلام وعلم الأجير بعد أداء عمرة التمتع أن المنوب عنه لا يجب عليه الحج وخيّره المنوب عنه بين الفسخ والاستمرار في اداء الحج ندباً فإذا فرض انه لو ترك الحج النيابي لكان مستطيعاً على أداء الحج عن نفسه من مكانه فما هي وظيفته؟

ج - يكمل حجّه النيابي ولا عبرة بالاستطاعة المستجدة كذلك.

س 3- النائب عن العاجز بدناً إذا علم بعد أداء عمرة التمتع ان المنوب عنه غير مستطيع بالاستطاعة المالية وخيّره المنوب عنه بين فسخ الإجارة وبين اتمام الحج ندباً فاختار الفسخ وأتى بعمرة مفردة عن نفسه من أدنى الحل في شهر آخر ليأتي بالحج عن نفسه والمفروض أنه مستطيع لاداء الحج من مكانه إما بماله أو بما يستحقه من أجرة المثل بما أتى به من عمرة التمتع بعد افتراض فسخه للإجارة فهل يصح حجّه عن نفسه وهل يجزي عن حجّة الإسلام ام لا ؟

ج- لم يكن يحق لهذا أن يترك الحج النيابي بل كان الواجب عليه أن يتمّه عن المنوب عنه وان لم يكن مستطيعاً، ولكن إذا افترضنا أنه عصى وخرج من مكة ولم يرجع إلى أن مضى الشهر الذي اعتمر فيه فله حينئذٍ أن يحرم بالعمرة لنفسه وإذا كان مستطيعاً من مكانه - مكان الإحرام بالعمرة المفردة - أجزأه عن حجّة الإسلام .

س 4 - إذا لم يكن المكلّف مستطيعاً مالياً للحجّ ولكنّه آجر نفسه لخدمة

ص: 131

الحجّاج فهل تجزي هذه الحجّة عن حجّة الإسلام وان لم يكن من شأنه ان يؤجر نفسه لمثل هذا العمل ؟

ج - إذا صار مستطيعاً مالياً بذلك وتوفرت سائر شروط الاستطاعة كان حجّه حجة الإسلام حتى في هذه الصورة.

س 5 - إذا كان في الحساب البنكي للموظف من راتبه الذي هو من مجهول المالك ما يتمكّن به من اداء الحجّ فهل يجب عليه الحجّ ؟

ج- لا يجب عليه الحجّ بذلك (1) ، نعم مع امضاء عقد توظيفه مع الدولة من قبل الحاكم الشرعي يصبح مالكاً للمبلغ شرعاً فيكون مستطيعاً مالياً (2) .

س6- من كان في المدينة المنورة كموظف للقيام ببعض الأعمال الإدارية وتوفير الخدمات للحجّاج واقتضت الأنظمة الحكومية أن يرجع إلى بلده قبل حلول أيام الحجّ ولكنّه كان متمكّناً من تحصيل الإذن بالبقاء بإسقاط ما يستحقه من الأجرة إزاء خدماته فهل يجب عليه أن يفعل ذلك وتكون حجّته حجّة الإسلام؟

ج- إذا لم يكن التخلي عما يستحقه من الأجرة مجحفاً بحاله وكان مع ذلك مستجمعاً لسائر شروط وجوب الحج كالاستطاعة المالية والرجوع الى الكفاية وجب عليه الحج ويكون حجّه حجّة الإسلام.

ص: 132


1- لعدم تحقق الاستطاعة بالمال المملوك
2- وقد أمضى سماحة السيد (دام ظله) منذ عدة سنوات عقود التوظيف لمقلديه ولمن بقي على تقليد المراجع الماضين (قدس سرهم) بالرجوع اليه

الفصل الثامن الاستطاعة والمال الغائب

إذا امتلك شخص مالاً غائباً يفي بنفقات الحج منفرداً أو بضميمة المال الموجود عنده، فهل ذلك المال الغائب يحقق الاستطاعة ويجب عليه الحج او لا؟

ج - هنا حالتان:

الحالة الأُولى: أن يتمكّن من التصرف في ذلك المال فعلاً او كان يمكنه بيعه بنفسه او بوكيله، ففي هذه الحالة يُعدّ مستطيعاً ويجب عليه الحج.

الحالة الثانية: أن لا يكون قادراً على التصرف فيه، فلا يُعدّ مستطيعاً ولا يجب عليه الحج.

ص: 133

الفصل التاسع التحفظ على الاستطاعة المالية

إذا حصل المكلّف على مال يفي بنفقات الحج وصار مستطيعاً – كما لو حصل على ميراث او هبة او غير ذلك - فهنا ثلاثة أسئلة :

السؤال الأول: هل يجوز له تكليفاً أن يتصرف في ذلك المال بما يخرجه عن الاستطاعة او يجب عليه حفظ المال ويحرم عليه التصرف به بما يخرجه عن الاستطاعة؟

ج- لا يجوز له التصرف فيه متى ما اجتمع الشرطان الآتيان :

1 - أن يحرز المسير الى الحج في أوانه لتوفر سائر شروط الاستطاعة، وأما إذا لم يحرز أنه يتمكّن من المسير الى الحج عند حلول وقته فلا يجب عليه التحفّظ على المال .

2 - أن لا يتمكّن من تدارك ذلك المال ولا يتمكّن من أداء الحج ولو متسكّعاً، وأمّا إذا أمكنه تدارك المال او أمكنه الحج باقتراض او أمكنه الحج متسكّعاً - أي مع الضيق والتقتير على نفسه - فيجوز له التصرف في ذلك المال بما يخرجه عن الاستطاعة.

السؤال الثاني: إذا لم يجز له التصرف في المال ووجب عليه حفظه لتوفر

ص: 134

الشرطين السابقين، ولكنّه خالف وتصرف فيه، فهل يستقر عليه الحج؟

ج- نعم يستقر الحج في ذمته.

السؤال الثالث: إذا لم يجز له التصرف في المال ووجب عليه حفظه لتوفر

الشرطين السابقين، ولكنّه خالف وتصرف فيه - كما لو باعه محاباة (1) بأن باع ما قيمته خمسة ملايين مثلاً بمليون وهو لا يكفي للحج، او وهبه هبة مجانيّة- فهل يحكم بصحة البيع او الهبة او لا؟

ج- نعم يحكم بصحة البيع او الهبة.

س- هل يُعد آثماً بذلك التصرف؟

ج - نعم يكون آثماً لتفويته الاستطاعة وعدم قدرته على أداء الحج، وأمّا إذا كان متمكناً من أداء الحج ولو متسكعاً فلا يكون آثماً من هذه الجهة، نعم قد يأثم من جهة إذلال نفسه الذي هو خلاف حفظ كرامة المؤمن.

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - إذا لم يسمح للمستطيع مالياً أن يسافر إلى الديار المقدسة لأداء الحجّ في عام استطاعته فهل يلزمه التحفظ على استطاعته المالية ما أمكنه ليؤدي الحجّ في السنة القادمة؟

ج - إذا أحرز أنّ سائر شروط الاستطاعة سوف تكون متوفرة له في العام القادم لزمه التحفظ على استطاعته المالية وإلا لم يجب على الأظهر.

س 2 - من ملك من المال ما لا يفي بكلفة الحجّ ولكنّه يعرف انه سيحصل

ص: 135


1- المحاباة : بيع السلعة بأقل من قيمتها، فالزائد من قيمة المبيع عطية، يقال حابيته في البيع محاباةً

على غيره خلال المدة المتبقية إلى أوان الحجّ بحيث يصبح مستطيعاً فهل يلزمه التحفظ عليه ام يجوز له التصرّف فيه ؟

ج- لا يلزمه التحفظ على المال غير الكافي لمصارف الحجّ وان علم بحصوله على متممه لاحقاً.

س 3- من ملك ما يفي بنفقة الحجّ ووثق من تمكنه من الذهاب اليه في أوانه هل يلزمه التحفظ على ما ملكه إلى وقت الحجّ ويعدّ صرفه في غيره حراماً والسفر به سفر معصية؟

ج - في مفروض السؤال يعد مستطيعاً فيلزمه التحفظ على المال إذا توقف أداء الحجّ عليه ولا يجوز له التصرف فيه ولو سافر به بقصد تعجيز نفسه عن أداء الحجّ كان سفره سفر معصية، وأمّا إذا كان متمكّناً من أداء الحجّ بمال آخر ولو اقتراضاً او نحوه فلا حرج عليه في التصرف فيما لديه من المال.

ص: 136

الفصل العاشر الشك في الاستطاعة

لا شك في أنّه متى ما حصل عند المكلّف مقدار من المال يحقق الاستطاعة وتوفرت باقي عناصرها وعلم المكلّف بذلك وجب عليه الحج، ولكن لو فرض أنّ المكلّف شك في أنّ المال الذي حصل عنده هل يفي بنفقات الحج او لا، فهل يجب عليه الفحص لمعرفة أنّه مستطيع وأنّ المال يفي – حتى يجب عليه الحج - او ليس مستطيعاً وأنّ المال لا يفي – فلا يجب عليه الحج - او لا يجب الفحص؟

ج- يجب عليه الفحص على الأحوط لزوماً.

ص: 137

الفصل الحادي عشر الغفلة عن الاستطاعة او الجهل بها

من كان عنده ما يفي بمصارف الحج وكان مستطيعاً لكنّه كان جاهلاً او غافلاً ثم علم او التفت وتذكر بعد أن تلف المال وزالت الاستطاعة فهل

يستقر عليه الحج او لا؟

ج- فيه تفصيل بين حالتين:

الحالة الأُولى: أن يكون معذوراً في جهله او غفلته بأن لم يكن ذلك ناشئاً تقصيره - كما لو كانت الغفلة او الجهل ناشئةً عن مرض او شدّة ابتلاء ونحو ذلك بحيث يُعدّ عذراً عند العرف والعقلاء- ففي هذه الحالة لا يستقر عليه الحج.

الحالة الثانية: أن لا يكون معذوراً في جهله وغفلته، بأن كان جاهلاً مقصّراً او غافلاً مقصّراً، فيستقر عليه الحج إذا كان واجداً لسائر الشروط عندما كان المال موجوداً.

تنبيه :

لا فرق في التفصيل المتقدّم بين كون الجهل والغفلة بالموضوع او بالحكم ،فإن الجاهل والغافل على قسمين:

ص: 138

1 - الجاهل بالموضوع أي لا يعلم أنّ المال الذي عنده يفي بمصارف الحج.

2- الجاهل بالحكم أي يجهل أنّ الحج واجب على المستطيع.

3- الغافل عن الموضوع أي غفل ولم يلتفت الى أنّ المال الذي عنده يفي بمصارف الحج.

4 - الغافل عن الحكم أي لم يلتفت الى أنّ الحج واجب على المستطيع.

ففي جميع ذلك يأتي التفصيل المتقدّم: فمن كان معذوراً لا يستقر عليه الحج وإلا يستقر .

أسئلة تطبيقيّة :

س - إذا أتى المكلّف بعمرة التمتّع نيابة عن غيره، وقبل الإتيان بالحجّ التفت إلى أنه كان مستطيعاً من حين خروجه من بلده، فهل يجب عليه إتمام الحجّ النيابي أم يأتي بالحجّ لنفسه، وإذا وجب عليه الإتيان بالحج لنفسه فمن أين يحرم لعمرة التمتّع ؟ وما هو الحكم لو صار مستطيعاً بعد العمرة النيابية وقبل الحجّ؟

ج- في الصورة الأُولى إذا كان واثقاً بتمكنه من الحجّ لنفسه في عام لاحق أتم الحجّ النيابي وإلا تركه وذهب إلى بعض المواقيت وأحرم للحجّ لنفسه وأما في الصورة الثانية فالظاهر أنه لا عبرة بالإستطاعة المستجدة ولو كانت بغير مال الإجارة.

ص: 139

ص: 140

المبحث الرابع الاستطاعة البذليّة

والمقصود بها أن يبذل شخصٌ للمكلف الزادَ والراحلةَ، بمعنى أن يبذل له مالاً يفي بنفقات الحج ونفقة عياله ويشترط عليه أن يحج به، وأمّا إذا لم يشترط عليه الحج بذلك المال فلا تتحقق الاستطاعة البذلية، وإنّما يصير مستطيعاً بالاستطاعة المالية.

ثم إنّه لا فرق بين كون الباذل واحداً او متعدداً ، ولا فرق بين أن يبذل عين الزاد والراحلة - كما إذا عرض عليه الحج والتزم بزاده وراحلته ونفقة عياله - او يبذل له مالا يفي بهما وبنفقة عياله.

إذن كما أن الاستطاعة تتحقق بوجدان الزاد والراحلة – وهي الاستطاعة المالية - كذلك تتحقق ببذلهما .

تنبيه :

الحج البذلي يجزي عن حجّة الإسلام، ولا يجب عليه الحج ثانياً إذا استطاع بعد ذلك.

والكلام يقع في فصول:

ص: 141

الفصل الأول ما يعتبر في الاستطاعة البذليّة

اشارة

يعتبر في تحقق الاستطاعة البذليّة أُمور:

الأمر الأول أن يُبذل له نفقة الحج

يشترط في تحقق الاستطاعة البذليّة أن يبذل له ما في بنفقات حجّه (الزاد والراحلة) عيناً او ثمناً.

الأمر الثاني أن يشترط عليه الحج

يشترط في تحقق الاستطاعة البذليّة أن يشترط الباذلُ عليه الحج، فلا تتحقق الاستطاعة البذليّة بما بذله ما لم يشترط عليه ذلك، نعم قد تتحقق الاستطاعة المالية عند توفر باقي الشروط ( والتي منها الرجوع الى الكفاية وعدم كونه مديناً وغير ذلك).

الأمر الثالث أن يبذل له نفقة العيال

يشترط في تحقق الاستطاعة البذليّة أن يبذل له نفقة العيال في مدّة

ص: 142

الذهاب والإياب، فلا تتحقق الاستطاعة البذليّة فيما إذا لم يبذل له نفقة عياله مدّة ذهابه الى الحج وإن بذل له نفقة الحج، وبالتالي لا يجب عليه الحج إلا في الحالات التالية:

1 - أن يكون عندهم ما يكفيهم الى أن يعود من الحج، ففي هذه الحالة يجب عليه الحج إذا بُذل له نفقة الحج وإن لم يُبذل له نفقة عياله.

2 - أن لا يتمكّن من نفقتهم حتى لو ترك الحج، فيجب عليه الحج وإن لم يُبذل له نفقة عياله.

3- أن يكون عياله غير واجبي النفقة عليه - كالاخوة والاخوات - ولم يكن تركهم بلا نفقة موجباً لوقوعه في الحرج، فيجب عليه الحج وإن لم يُبذل له نفقتهم.

ولا يجب عليه الحج لو لم يُبذل له نفقة عياله في الحالتين التاليتين:

1 - أن يكون عياله واجبي النفقة عليه - كالابوين والأولاد والزوجة- فلا يجب عليه الحج لو لم يُبذل له نفقتهم - وإن لم يكن تركهم بلا نفقه فيه

حرج عليه - إلا إذا كان عندهم ما يكفيهم او كان لا يتمكن من الانفاق عليهم لو ترك الحج، كما تقدّم.

2 - أن يكون عياله غير واجبي النفقة عليه - كالاخوة والاخوات -ولكن كان تركهم بلا نفقة فيه حرج عليه، فلا يجب عليه الحج لو لم يُبذل له

نفقتهم إلا إذا كان عندهم ما يكفيهم او كان لا يتمكّن من الانفاق عليهم لو

ص: 143

ترك الحج، كما تقدّم.

الأمر الرابع أن يبذل له نفقة العود

يشترط في تحقق الاستطاعة البذليّة أن يُبذل له نفقة العود، فلو بُذل له نفقة الذهاب ولم يُبذل نفقة العود لا يجب عليه الحج، وتفصيل ذلك أن يقال:

ههنا خمس صور

الصورة الأُولى: أن يُفرض أنّ المكلّف يريد العود الى وطنه، وهنا تعتبر نفقة العود في تحقق الاستطاعة ،البذليّة، فإذا لم يُبذل له نفقة العود لا يكون مستطيعاً، ولا يجب عليه الحج.

الصورة الثانية: أن يُفرض أنّه يريد السكنى في بلد آخر بعد أداء الحج، وكانت نفقة الذهاب الى ذلك البلد أقل من نفقة العود الى وطنه، وهنا لا يعتبر في تحقق الاستطاعة البذليّة بذل نفقة العود الى وطنه بل يكفي بذل نفقة العود الى ذلك البلد الذي يريد السكنى فيه، فإذا بُذل له نفقة العود الى ذلك البلد يجب عليه الحج حتى وإن لم يُبذل له ما يكفي لنفقة العود الى وطنه، وأمّا إذا لم يبذل له نفقة العود الى ذلك البلد فلا يجب عليه الحج.

الصورة الثالثة: أن يُفرض أنّه يريد السكنى في بلد آخر بعد أداء الحج أيضاً ، ولكن تكون نفقة الذهاب الى ذلك البلد أكثر من نفقة العود الى وطنه، ولم يكن مضطراً الى السكنى في ذلك البلد، وهنا لا يعتبر في تحقق الاستطاعة البذليّة أن يُبذل له نفقة الذهاب الى ذلك البلد بل يكفي في تحقق الاستطاعة

ص: 144

البذليّة أن يبذل له نفقة العود الى وطنه، وأمّا إذا لم يبذل له حتى نفقة العود الى وطنه فلا يجب عليه الحج.

الصورة الرابعة: نفس الصورة الثالثة ولكن كان مضطراً الى السكنى في البلد الآخر - كما هو حال بعض المغتربين - وهنا يعتبر في الاستطاعة البذليّة أن يبذل له نفقة الذهاب الى ذلك الوطن ولا يكفي أن يبذل له نفقة الإياب الى وطنه، فلو لم يُبذل له نفقة الذهاب الى ذلك البلد فلا يكون مستطيعاً وإن بذل له نفقة الإياب الى وطنه.

الصورة الخامسة : أن يفرض أن المكلّف يريد البقاء في الديار المقدسة ولا يريد العود الى وطنه ولا الى بلد آخر، وفي هذه الحالة لا تعتبر نفقة العود في الاستطاعة البذليّة بل يكفي توفر نفقة الذهاب، فإذا بُذل له نفقة الذهاب وجب عليه الحج وإن لم يُبذل له نفقة العود.

الأمر الخامس أن يبذل له ثمن الهدي

يشترط في تحقق الاستطاعة البذليّة أن يبذل له ثمن الهدي، فلو لم يبذله وبذل بقية المصارف ففي وجوب الحج عليه اشكال – حتى لو كان قادراً على الصوم بدلاً عن الهدي - فلو حج فلا يجزيه عن حجّة الإسلام على الاحوط وجوباً إلا في حالتين:

1 - أن يكون متمكّناً من شراء الهدي من ماله، ولم يكن فيه حرج عليه، ففي هذه الحالة يجب عليه القبول ويجب عليه الحج، وأمّا إذا كان في صرف

ص: 145

الهدي من حرج عليه فلا يجب عليه القبول ولا يجب الحج.

ونلفت النظر الى أنّ المبذول له إذا اشترى الهدي من ماله فتصير استطاعته ملفّقة مشروطة بالرجوع الى الكفاية.

2 - أن يرجع الى فقيه آخر يحكم بالإجزاء ، مع مراعاة الاعلم فالاعلم.

س- إذا ارتكب المبذول له ما يوجب الكفارة، فهل تجب عليه او على الباذل؟

ج - تجب على المبذول له دون الباذل.

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - من بذل له صاحب الحملة مستلزمات حجّه ازاء خدمته للحجاج هل يعدّ حجّه بذلياً ليكون حجّة الإسلام وان كان مديناً بما يستوعب تكاليف الحج؟

ج- لا يعد حجّاً بذلياً.

س 2 - إذا بذل شخص لآخر مالاً للحجّ بزعم ان المبذول له لا يتمكّن من الحجّ لعدم استطاعته المالية، فإذا كان المبذول له يملك ما يفي بمصاريف الحجّ أو انه كان قد حجّ حجّة الإسلام فهل يجب عليه ان يخبر الباذل بذلك أو لا؟

ج- لا يجب عليه الاخبار ولكن إذا كان ظاهر البذل الترخيص في التصرف في المال المبذول مقيداً بما ذكر لم يجز له التصرّف فيه.

ص: 146

الفصل الثاني ما لا يعتبر في الاستطاعة البذليّة

لا يُعتبر في الاستطاعة البذليّة ثلاثة امور :

الأمر الأول: لا يعتبر الرجوع الى الكفاية – بالمعنى الذي تقدّم في الاستطاعة المالية - وهذا بخلافه في الاستطاعة غير البذليّة حيث تقدّم اعتبار الرجوع الى الكفاية في تحققها.

نعم في الاستطاعة البذليّة يعتبر في تحققها الرجوع الى الكفاية في موردين:

المورد الأول: أن يكون كسوباً في خصوص أيام الحج، ويعيش بربح كسبه – الذي يحصل عليه في تلك الأيام- في سائر أيام السنة او بعضها

بحيث لا يتمكّن من اعاشة نفسه وعياله خلال السنة او بعضها فيما لو خرج الی الحج، ففي هذه الحالة يعتبر في الاستطاعة البذليّة الرجوع الى الكفاية فلو بذل له نفقة الحج ونفقة عياله ولكن لم يبذل له ما به الكفاية بعد رجوعه من الحج فلا يجب عليه الحج ، كما هو الحال في الاستطاعة غير البذليّة.

وهكذا لو فرض أنّه كان موظفاً مثلاً يعتاش من راتبه، وكان خروجه الى الحج يؤدي الى فصله من وظيفته، بحيث يرجع بلا كفاية، فلا يجب عليه الحج لو بذل له نفقة الحج وعياله ولم يبذل له ما به الرجوع الى الكفاية.

ص: 147

المورد الثاني: لو كانت الاستطاعة ملفّقة من البذل وغيره بأن كان له مال لا يفي بمصارف الحج وبُذل له ما يتمم ذلك، ففي هذه الحالة يعتبر الرجوع الى الكفاية، فلا يجب عليه الحج إلا إذا كان عنده ما يعتاش منه وعياله بعد الرجوع من الحج او بُذل له ما به الكفاية، كما هو الحال في الاستطاعة غير البذليّة.

ومن خلال ذلك اتضح أنّ الاستطاعة على ثلاثة أقسام:

القسم الأول : الاستطاعة غير البذليّة (الاستطاعة المالية) ويعتبر فيها الرجوع الى الكفاية.

القسم الثاني: الاستطاعة الملفّقة - من البذل ومما عنده البذل ومما عنده من المال - ويعتبر فيها الرجوع الى الكفاية كالاستطاعة الماليّة.

القسم الثالث: الاستطاعة البذليّة، ولا يعتبر فيها الرجوع الى الكفاية إلا في مورد ما إذا كان كسوباً في خصوص أيام الحج ويعيش به في سائر أيام السنة او بعضها بحيث لا يتمكّن من اعاشة نفسه وعياله لو خرج الى الحج.

الأمر الثاني: لا يعتبر في الاستطاعة البذليّة أن لا يكون مديناً، فلا يمنع الدين من الاستطاعة البذليّة، فلو بذل له ما يفي بنفقات الحج وعياله، وكان علیه دین مستوعب للبذل او كالمستوعب فلا يضر في تحقق الاستطاعة ويجب عليه الحج، وهذا فارق ثاني بين الاستطاعة البذليّة وغير البذليّة.

وبذلك يتضح أنّ الدين:

ص: 148

1 - يمنع من الاستطاعة غير البذليّة (الاستطاعة المالية) إذا كان مستوعباً لما عنده او كالمستوعب إلا إذا كان مؤجّلاً بأجل بعيد كخمسين سنة.

2 - يمنع من الاستطاعة الملفّقة كالاستطاعة المالية.

3- لا يمنع من الاستطاعة البذليّة.

نعم إذا كان الخروج الى الحج منافياً لأداء الدين في وقته – سواءً كان الدين حالاً او مؤجّلاً - وكان الدائن مطالباً به، و لا يتمكّن من أدائه إذا خرج

الی الحج، ففي مثل ذلك لا يجب عليه الحج بلا فرق بين أقسام الاستطاعة المتقدّمة (الماليّة والملفّقة والبذليّة) ولكنّه لو خرج يصح حجّه وإن كان آثماً.

ونفس ما تقدّم في الدين يجري فيما لو كان عليه حقوق شرعية، فإنّها لا تمنع من تحقق الاستطاعة البذليّة.

الأمر الثالث : لا يعتبر في الاستطاعة البذليّة أن يكون البذل على سبيل التمليك، فتتحقق الاستطاعة سواءً كان البذل على سبيل التمليك او على نحو الاباحة، وتفصيل ذلك :

إن البذل له أربع حالات :

الحالة الأُولى: أن يكون على نحو التمليك المستقر، وهنا لا اشكال في وجوب الحج ووجوب الخروج اليه.

الحالة الثانية : أن يكون على نحو التمليك المتزلزل - كما في موارد الهبة الجائزة، فلو وهبه الزاد والراحلة او وهبه مالاً يفي بهما وقَبِل وقبضه فقد

ص: 149

ملكه ولكن بملكيّة متزلزلة حيث يجوز للواهب الرجوع وفسخ الهبة إذا لم یکن من الارحام - وفي هذه الحالة إن أمكنه إزالة حق المنتقل عنه وجب عليه الحج، وإن لم يمكنه تكون استطاعته مراعاة بعدم فسخ الباذل ورجوعه في بذله فمتى ما فسخ - ولو كان الفسخ بعد الفراغ من الأعمال - كشف عن عدم تحقق الاستطاعة، ولا يجزي حجّه عن حجّة الإسلام، كما لا يجب عليه الخروج الى الحج إلا مع الوثوق بعدم الفسخ، وقد تقدّم تفصيل ذلك في الفصل السادس (الاستطاعة المتزلزلة).

الحالة الثالثة: أن يكون على نحو الاباحة غير اللّازمة بأن يمكّنه من الزاد والراحلة ويبيح له التصرف فيهما كيفما شاء، وفي هذه الحالة يجب عليه الحج مع توفر باقي الشروط، نعم لا يجب الخروج الى الحج إلا إذا وثق باستمرار الاباحة.

الحالة الرابعة : أن يكون على نحو الإباحة اللّازمة – كما إذا وقعت ضمن عقد لازم فلو باعه سيارة مثلاً على أن يبيح له الذهاب بها الى الحج فهذه الاباحة لازمة لأنّها اخذت في عقد لازم- وفي هذه الحالة يجب عليه الحج إذا أباح له الزاد والراحلة مع توفر باقي الشروط، كما يجب عليه الخروج الى الحج.

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - المدين بالحق الشرعي كالخمس أو بحقوق الناس إذا بُذل له نفقة

ص: 150

الحجّ هل يعدّ مستطيعاً ويكون حجّه حجّة الإسلام؟

ج - نعم فانّ الدَين لا يمنع من الاستطاعة البذليّة إلا إذا كان الخروج إلى الحجّ منافياً لأداء الدَين في وقته.

س 2- غير المستطيع مالياً من حيث كونه مديناً هل يمكنه التوصل إلى أداء حجّة الإسلام بان يستقرض مالاً ويهبه إلى زوجته ثم تقوم هي ببذله نفقة الحجّه فيكون مستطيعاً بالبذل ؟

ج - نعم يمكن ذلك إذا لم يكن الذهاب إلى الحجّ مانعاً من أداء ديونه في اوقاتها.

س3- من كان مديناً وأراد ان يحجّ حجّة الإسلام فهل يمكنه التوصل إلى ذلك عن طريق الهبة المشروطة بان يهب مبلغاً للحملدار مثلاً مشروطاً ببذل ما يعادله له للحجّ به؟

ج- نعم يمكنه ذلك فانّه يصبح مستطيعاً بالبذل، إذا لم يكن الخروج للحجّ مانعاً من أداء الدَين في وقته.

س 4 - من عليه دَين مستوعب لما لديه من المال الوافي بنفقات الحجّ لا يعد مستطيعاً في نظركم الشريف فهل يجوز له أن يحجّ حجّاً استحبابياً لنفسه أو عن غيره؟

ج- يجوز ، نعم إذا كان الدَين حالاً والدائن مطالباً به وكان صرف ماله في أداء الحجّ الاستحبابي موجباً لتعجيزه عن أدائه لم يجز له ذلك ولو خالف عصى ولكن يصح حجّه .

ص: 151

الفصل الثالث الاستطاعة الملفّقة

لو كان عند المكلّف بعض نفقة الحج، وبُذل له الباقي وجب عليه الحج لتحقق الاستطاعة الملفّقة مما عنده من المال ومما بُذل له، ويعتبر في الاستطاعة الملفقة ما يعتبر في الاستطاعة غير البذليّة (الاستطاعة المالية) فيعتبر فيها الرجوع الى الكفاية، كما أنّ الدين يمنع من تحققها لو كان مستوعباً او كالمستوعب ، ونذكر بعض الأمثلة للاستطاعة الملفقة :

1 - أن يكون عنده بعض نفقة الحج ويبذل له الباقي، فيجب عليه الحج وتكون استطاعته ملفقة .

2 - أن يبذل له نفقات الحج كاملة دون نفقة عياله، وكان عنده ما يكفيهم الى أن يعود ، فيجب عليه الحج وتكون استطاعته ملفقة.

3- أن يبذل له نفقات الحج ونفقة عياله دون ثمن الهدي، وكان قادراً على شرائه من ماله من دون حرج، فيجب عليه الحج وتكون استطاعته ملفقة.

ص: 152

الفصل الرابع ما يجب من الحج بالاستطاعة البذليّة

لو بُذل مال لزيد ليحج به فلا يجب عليه الحج إلا إذا كان الحج المبذول له هو وظيفته الواجبة عليه ، فلو كانت وظيفته حج التمتع وبُذل له حج القران او الافراد (1) لم يجب عليه القبول، ولو كانت وظيفته حج الافراد او القران وبُذل له حج التمتع لم يجب عليه القبول، كما هو الحال في الاستطاعة المالية فلا يجب الحج على المكلّف لو استطاع لغير ما هو فرضه، فالآفاقي (2) مثلًا لا يجب عليه الحج لو استطاع لحج الافراد او القرآن ولم يستطع لحج التمتع.

نعم يُستثنى من ذلك موردان يجب فيهما القبول لو بُذل للمكلف غير وظيفته :

الأول: لو كانت حجّة الإسلام مستقرة عليه (3) ، وصار معسراً فبُذل له

ص: 153


1- سيأتي أنّ الحج على ثلاثة أقسام: تمتع وافراد وقران
2- وهو من كان البعد بين منزلة ومكة اكثر من ستة عشر فرسخاً أي ما يقرب من (88) كيلو متر تقريباً، ووظيفته حج التمتع ، وأمّا حج الافراد او القرآن فهو وظيفة أهل مكة او من كان البعد بين منزله ومكة أقل من ستة عشر فرسخاً
3- ويستقر الحج على المكلّف فيما إذا استطاع له ولم يأتِ به من دون عذر، فإنّه يجب عليه أداؤه لو زالت الاستطاعة بأي وجه حتى لو كان فيه حرج شديد لا يتحمل عادة، او كان منافياً لشانه ومخلاً بكرامته، وهو ما يعبّر عنه بالحج متسكعاً

غير وظيفته او بُذل له بنحو الهبة المطلقة وجب عليه القبول إذا لم يتمكّن من أدائه إلا بذلك البذل.

الثاني من وجب عليه الحج بنذر او عهد او يمين او اجارة او نحو ذلك، ولم يكن متمكّناً مالياً من أدائه، وبذلت له نفقة الحج وجب عليه القبول، حتى لو بذلت له نفقة حج آخر مادام لا يتمكّن من أداء ما وجب عليه إلا بذلك البذل، فلو وجب عليه حج الافراد مثلاً بالنذر وبذل له نفقة التمتّع ، وكان لا يتمكّن من أداء حج الافراد إلا بقبول ذلك البذل وجب عليه القبول.

س- من أدى حجّة الإسلام وسقط عنه التكليف، ثم بُذل له مال ليحج به فهل يجب عليه القبول والحج؟

ج - لا يجب عليه القبول ولا الحج.

ص: 154

الفصل الخامس الاستطاعة البذليّة بالوصية

إذا أوصى شخص بمال لزيد ليحج به وجب على زيد الحج بعد موت الموصي او بذل الوصي، فإنّ الوصية على قسمين:

1 - الوصيّة التمليكيّة : كما إذا أوصى لزيد بمقدار من المال بعد موته ليحج به، أي ملّكه له ولكن معلّقاً على موته، فإذا مات الموصي وجب

على زيد الحج بذلك المال - إذا كان وافياً بمصارف الحج ونفقة عياله على التفصيل المتقدّم - لصيرورته مالكاً له بالفعل.

2- الوصية العهديّة: كما إذا أوصى لولده أن يعطي لزيد بعد وفاته مقداراً من المال ليحج به، فهو لا يملّكه لزيد بنفسه، وإنّما يعهد الى وصيّه بأن يملّك زيداً بعد وفاته، فإذا مات الموصي وبذل الوصي المال لزيد وكان وافياً بنفقات الحج ونفقة عياله - على التفصيل المتقدّم - وجب على زيد الحج، وأمّا إذا لم يبذل الوصي المال لزيد فلا يجب عليه الحج.

ونفس الحكم يجري في الموارد الآتية:

-1- لو وقّف شخص عيناً ليكون واردها لأداء الحج، كما إذا أوقف بستاناً على أن يكون نماؤه ووارده للفقراء ليحجوا به، فيكون نماؤه ملكاً

ص: 155

لعنوان الفقراء، ولكن لا يجب الحج على أيّ فرد من الفقراء إلا إذا عرض عليه المتولي ما يفي بنفقة الحج ونفقة عياله - على التفصيل المتقدّم- فإذا بذل المتولي لأحد الفقراء نفقة الحج وعياله وجب عليه الحج.

2 - لو نذر لزيد مالاً ليحج به وبذل الناذر المال وجب على زيد الحج إذا كان وافياً بنفقة الحج وعياله، على التفصيل المتقدّم.

3- لو نذر مالاً لعنوان الفقراء ليحجوا به، فلا يجب الحج على أيّ فرد منهم، وإنّما يجب الحج على خصوص من يقدّم الناذر له المال، إذا كان وافياً بنفقات الحج وعياله على التفصيل المتقدّم.

ص: 156

الفصل السادس الاستطاعة البذليّة بالهبة

إذا أُعطي مالاً هبةً وكان وافياً بنفقات الحج ونفقة عياله، فهل ذلك المال يحقق الاستطاعة ويجب عليه الحج، وهل يجب عليه القبول او لا؟

ج- ههنا ثلاث حالات :

الحالة الأُولى: أن يهبه المال ويشترط عليه أن يحج به، وفي هذه الحالة يصير مستطيعاً بنفس ذلك العرض فيجب عليه القبول ويجب عليه الحج، بمعنى أنّه يجب عليه الحج ولو من مال آخر فيما إذا لم يقبل بذلك المال.

الحالة الثانية : أن يهبه المال ويخيّره بين الحج وعدمه، فمثل هذه الهبة تكون مطلقة ولا تحقق الاستطاعة البذليّة لأنّها ليست مشروطة بالحج، والاستطاعة البذليّة إنّما تتحقق لو شرط عليه الحج، وفي هذه الحالة لا يجب القبول لما تقدّم من انّه لا يجب تحصيل الاستطاعة، وبالتالي لا يجب الحج.

الحالة الثالثة : أن يهبه المال من دون ذكر الحج لا تعييناً – كما في الصورة الأولى- ولا تخييراً - كما في الصورة الثانية -، ومثل هذه تكون هبة مطلقةً أيضاً فلا تحقق الاستطاعة البذليّة ولا يجب القبول ولا الحج.

س- ما تقدّم من الحالات الثلاث هو فيما إذا بُذل المال لشخص معين، ولكن ما الحكم فيما لو بُذل المال الجماعة ليحج أحدهم، أي بُذلت نفقة الحج

ص: 157

الشخص من مجموعة أشخاص من دون تعيينه؟

ج- هنا حالتان:

الحالة الأُولى: أن يسبق أحدهم ويقبض المال فيجب عليه الحج دون الآخرين.

الحالة الثانية: أن يترك الجميع مع تمكن كل واحد منهم من قبض المال المبذول، ففي هذه الحالة هل يستقر الحج عليهم ؟

ج- لا يجب الحج على أيّ واحد منهم ، ولا يستقر عليهم مادام لم يقبضه أيّ واحد منهم.

أسئلة تطبيقيّة:

س 1 - إذا اقترحت مؤسسة حكومية الحجّ على أحد فهل يعتبر من الحجّ البذلي ويجب القبول؟

ج - إذا كانت المؤسسة الحكومية في بلد اسلامي وأذن الحاكم الشرعي بالتصرف فيما بذلته المؤسسة من النقد وغيره فهو من الحجّ البذلي ويجب القبول، ولسماحة السيد - دام ظله - إذن عام للمؤمنين في امثال المورد.

س 2- من بذل له الزاد والراحلة ولكن كان في قبوله منّ وذلّ عليه فهل يلزمه القبول؟

ج - إذا كان القبول حرجياً بحد لا يتحمل عادةً لم يجب القبول.

ص: 158

الفصل السابع الاستطاعة البذليّة بالحق الشرعي

اشارة

إذا اُعطي الفقير او غيره من الزكاة او الخمس بشرط أن يصرفه في أداء الحج فهل تتحقق بذلك الاستطاعة البذليّة ويجب عليه الحج؟

ج- هنا صورتان:

الصورة الأُولى: إذا أُعطى الفقير او غيره من الزكاة من سهم سبيل الله (1)بشرط أن يصرفه في أداء الحج وجب عليه الحج لتحقق الاستطاعة البذليّة بذلك، ولكن بشرطين:

1 - أن يكون في حجّه مصلحة عامة تعود الى الإسلام او المسلمين – كما لو كان من العلماء وفي حجّه عزّة للمذهب او كان وجوده في الحج ضرورياً لكونه من أعضاء لجنة الإفتاء او كان يتصدى لدفع الشبهات او غير ذلك -.

2 - أن يكون ذلك بإذن الحاكم الشرعي على الاحوط وجوباً.

فوائد:

1 - مصرف الزكاة ثمانية أصناف : الفقراء والمساكين والعاملون عليها

ص: 159


1- يجوز أن يعطى هذا السهم ( سبيل الله ) لغير الفقير إذا كان في ذلك مصلحة عامة وأذن الحاكم الشرعي على الاحوط

والمؤلفة قلوبهم والرقاب (وهم العبيد حيث يعتقون من الزكاة) والغارمون (وهم الذين ركبتهم الديون وعجزوا عن أدائها) وفي سبيل الله وابن السبيل.

2- سهم سبيل الله يصرف في المصالح العامة للاسلام او المسلمين كتعبيد الطرق وبناء الجسور والمستشفيات والمدارس الدينية والمساجد ونشر الكتب وغير ذلك مما يحتاجه المسلمون.

3- الاحوط وجوباً عدم ثبوت الولاية والحق للمالك في صرف سهم سبيل الله إلا بإذن الحاكم الشرعي. الصورة الثانية : إذا أعطي الفقير من سهم الفقراء من الزكاة او من سهم السادة (1) من الخمس، وشرط عليه أن يصرفه في الحج، فهل يصح الشرط ويجب عليه الحج او لا يصح ؟

ج- لا يصح ذلك الشرط ولا يجب عليه الحج ، ولا تحصل به الاستطاعة البذليّة، بل يجوز له أن يصرفه حيث يشاء ولو لم يكن في المؤونة، فإنّه يملكه بالقبض ويصير كسائر أملاكه.

فائدة :

السهم المبارك للإمام - صلوات الله عليه- هو ملك للإمام، وفي زمان الغيبة يرجع الى نائبه وهو الفقيه المأمون العارف بمصارفه، ومصرفه ما يوثق برضاه – صلوات الله عليه- بصرفه فيه، كدفع ضرورات المؤمنين، والترويج

ص: 160


1- إن كان من بني هاشم

للدين ونحو ذلك، وليس مصرفه الفقراء، فلا يجوز صرفه على الفقراء إلا عند تحقق الضرورة.

فروعٌ

الفرع الأول حكم ما لو تلف المال المبذول

لو بذل له مال ليحج به فتلف المال أثناء الطريق سقط وجوب الحج عنه إلا إذا كان متمكّناً من الاستمرار في السفر من ماله بأن كان مستطيعاً من موضعه ، فيجب عليه الحج ويجزيه عن حجّة الإسلام إذا كان عنده ما به الكفاية بعد عوده من الحج وإلا فلا يجب عليه الحج.

الفرع الثاني الاستطاعة والمال المغصوب

هل تتحقق الاستطاعة ببذل المال المغصوب إذا لم يعلم بذلك المبذول له الى آخر الحج او لا تتحقق ؟ فلو بُذل مال مغصوب لشخص وحج به وهو لا يعلم وبعد الفراغ عن الحج انكشف له أنّه مغصوب، فهنا أسئلة ثلاث:

س 1 - هل يجزي ذلك الحج عن حجّة الإسلام او لا؟

ج- لا يجزي عن حجّة الإسلام لعدم تحقق الاستطاعة ببذل المال المغصوب (1) .

ص: 161


1- وهذا بخلاف ما إذا كان الشخص مستطيعاً باستطاعة مالية او بذلية ولكن حج بمال مغصوب - غير الذي بذل له - فإنّه يجزيه عن حجّة الإسلام ، لما تقدّم من أنّ المستطيع لا يجب عليه الحج من أمواله

تنبیهان :

التنبيه الأول: نلفت النظر الى أن الشخص لو بذل له مال مباح وتحققت الاستطاعة به، ولكنّه حج بمال مغصوب أجزأه عن حجّة الإسلام، إذا لم يكن ساتره او ثمنه في الطواف او الصلاة من مال مغصوب او متعلّق للحق الشرعي على الاحوط وجوباً، ولم يكن هديه او ثمن الهدي مغصوباً او متعلّقاً لحق الشرعي كما تقدّم تفصيله في الفصل الخامس من المبحث الثالث.

التنبيه الثاني: تقدّم أن الاستطاعة لا تحصل بالمال المغصوب وعليه فلا فرق بين أن يحج بنفس المال المغصوب او بمال آخر مباح، ففي الفرضين لا يجزي حجّه عن حجّة الإسلام مادامت الاستطاعة غير حاصلة.

س 2- على فرض عدم الإجزاء هل يقع الحج صحيحاً مستحبّاً او لا؟

ج - يقع صحيحاً إذا لم يكن ساتره او ثمنه في الطواف او صلاته مغصوباً او متعلّقاً للحق الشرعي على الاحوط وجوباً ولم يكن هديه او ثمن هديه مغصوباً او متعلّقاً للحق الشرعي، كما تقدّم تفصيله في الفصل الخامس من المبحث الثالث.

س 3- هل يرجع مالك المال المغصوب على الباذل او على المبذول له؟

ج- يجوز للمالك أن يرجع على الباذل كما يجوز له أن يرجع على المبذول له، ولكنّه إذا رجع الى المبذول له وأخذ منه بدل المال جاز للمبذول له أن (1)

ص: 162


1- بل يجزيه حجّه حتى لو حج بمال مغصوب إذا لم يكن ساتره في الطواف وصلاته مغصوباً او متعلّقا للحق الشرعي على الاحوط وجوباً ولم يكن هديه او ثمن هديه من مال ،مغصوب كما تقدّم تفصيله .

يرجع على الباذل ويأخذ منه المال الذي دفعه للمالك إذا كان المبذول له جاهلاً بكون المال مغصوباً، وأمّا إذا كان عالماً بكون المال مغصوباً ومع ذلك صرفه في نفقات الحج فلا يحق له الرجوع على الباذل ومطالبته بما أخذه منه المالك.

أسئلة تطبيقيّة :

س - ورد في المناسك انه إذا بذل له مالٌ فحجّ به ثم انكشف انه كان مغصوباً لم يجزه عن حجّة الإسلام والسؤال انه إذا أدّى الباذل أو المبذول له عوض المال المغصوب إلى المالك فهل يصح حجّه ويغني عن حجّة الإسلام؟

ج- لا يجزي عن حجّة الإسلام ولكن ربما يقع صحيحاً – سواء أدى العوض ام لا - كما إذا لم يكن ساتره في الطواف ولا في صلاته مغصوباً وكذلك هديه، ولا يضر اشتراؤه بثمن في الذمة ووفاؤه من المال المغصوب (1) .

الفرع الثالث حكم رجوع الباذل ببذله

هل يجوز تكليفاً للباذل الرجوع في البذل؟ وهل يجب على المبذول له إتمام الحج لو رجع الباذل في بذله؟ وما حكمه لو كان في إتمام الحج حرج عليه؟ وهل يضمن الباذل للمبذول له لو رجع في البذل؟

فهنا أربعة أسئلة:

س 1 - هل يجوز تكليفاً للباذل أن يرجع في البذل؟

ج- إذا كان البذل لازماً - كالهبة بين الارحام او الهبة بين غير الارحام

ص: 163


1- راجع تفصيل ذلك في الفصل الخامس من المبحث الثالث

ولكن بعد تصرف الموهوب له في العين الموهوبة بحيث لا يصدق أنّها قائمة على حالها - فلا يجوز له الرجوع، وأمّا إذا كان البذل غير لازم – كما في موارد الهبة الجائزة او الاباحة الجائزة كما لو وهبه مالاً ليحج به او أباح له الحج على دابته فيجوز للباذل الرجوع في البذل قبل الدخول في الاحرام او بعده.

س 2 - إذا رجع الباذل في البذل هل يجب على المبذول له إتمام الحج ؟

ج- إذا كان الرجوع بعد التلبّس بالإحرام وجب عليه إتمام الحج - إذا لم يكن في ذلك حرج -عليه- وإن لم يكن مستطيعاً فعلاً، ولكنه لا يجزي عن حجّة الإسلام لعدم تحقق الاستطاعة.

نعم لو تكفلت الدولة بمصارف حجّه - كما هو الحال في زماننا- فتحسب له حجّة الإسلام.

س 3- إذا كان الرجوع في البذل بعد التلبّس بالإحرام، وكان إتمام الحج فيه حرج على المبذول له فما هو تكليفه ؟

ج- لا يجب عليه إتمام الحج، ويكون حكمه حكم من تعذر عليه مواصلة السير الى الأماكن المقدسة لمانع غير الصد والحصر، حيث سيأتي (1) أنّ له ثلاث حالات :

الحالة الأُولى: أن يتعذّر عليه إدراك الموقفين أو الموقف في المشعر خاصة، وفي هذه الحالة عليه أن يتحلّل من إحرامه بعمرة مفردة.

ص: 164


1- راجع توضيح المناسك ج 3 المبحث الثالث من المقصد السابع

الحالة الثانية : أن يتعذّر عليه الوصول إلى المطاف والمسعى لأداء الطواف والسعي، فيجوز له أن يستنيب لهما ويأتي هو بصلاة الطواف بعد طواف النائب.

الحالة الثالثة : أن يتعذر عليه الذهاب إلى منى للإتيان بمناسكها، فيستنيب للرمي والذبح ثم يحلق أو يقصر ويبعث بشعره الى منى مع الامكان ويأتي بسائر المناسك فيتم حجّه.

س 4 - إذا رجع الباذل عن بذله هل يضمن للمبذول له ما صرفه؟

ج - نعم يضمن للمبذول له ما صرفه لإتمام حجّه والعود، وإذا رجع الباذل في أثناء الطريق وجبت عليه نفقة العود.

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - ذكر في المناسك في (المسألة 54) انه إذا رجع الباذل عن البذل بعد دخول المبذول له في الإحرام وجب على المبذول له اتمام الحجّ ان لم يكن في ذلك حرج عليه وان لم يكن مستطيعاً فعلاً على الاظهر والسؤال انه إذا كان اتمام الحج حرجياً على المبذول له فكيف يتحلل من احرامه؟

ج - يلحقه ما ذكر في حكم تعذر مواصلة السير إلى الاماكن المقدسة لأداء المناسك لمانع غير الصدّ والاحصار المذكور في (المسألة 453) من المناسك.

الفرع الرابع حكم المال المبذول من حيث الخمس

هل يجب على المبذول له أن يخمس المال المبذول للحج ؟

ص: 165

ج- هنا حالتان:

الحالة الأُولى: أن يكون البذل على سبيل التمليك - كما لو كان البذل بصلح او هبة مقبوضة ونحو ذلك-، وفي هذه الحالة يجب تخميسه عند حلول رأس سنته الخمسية - إذا كان ممن له مهنة- او عند دوران الحول عليه - إذا لم يكن ممن له مهنة - بلا فرق بين أن يكون الباذل قد خمس ذلك المال او لم يخمسه.

س- إذا كان اخراج خمس البذل يوجب عدم كفاية الباقي لأداء الحج، فهل يجب اخراج الخمس في هذه الحالة؟

ج - نعم يجب تخميسه، فإذا كان لديه مال آخر يفي بنفقات الحج لو ضمه الى الباقي وجب عليه الحج وإلا فلا يجب.

الحالة الثانية: أن يكون البذل على سبيل الاذن في الصرف والاباحة، وفي هذه الحالة لا يجب على المبذول له أن يخمسه لكونه باقياً على ملك الباذل، ولا خمس إلا في ملك.

أسئلة تطبيقيّة :

س1- هل يجب الخمس في المال المبذول للحجّ وان كان مخمساً عند الباذل؟

ج - إذا كان البذل على سبيل التمليك وجب عليه اداء خمسه عند حلول رأس سنته الخمسية إذا لم يصرفه في الحجّ، واما إذا كان على سبيل الاذن في الصرف فلا موضوع لوجوب الخمس فيه على المبذول له.

ص: 166

س 2- ذكرتم أن من وهب مالاً لآخر وشرط عليه صرف ما يعادله في أداء الصلاة مثلاً عنه بعد وفاته لا يجب على الموهوب له تخميس ذلك المال لعدم صدق الربح والفائدة عليه، فهل يجري مثل ذلك فيما لو وهبه مالاً ليصرفه في أداء الحجّ لنفسه – أي الموهوب له – فلا يجب فيه الخمس إذا لم يصرفه في الحجّ إلى انقضاء سنته الخمسية ؟

ج - هذا يختلف عن المثال الأول لانه انما شرط عليه صرف المال فيما هو من شؤونه فلا يمنع من صدق الربح والفائدة عليه.

س 3- من وهب له مقدار من المال وشرط عليه صرفه بتمامه في نفقة الحجّ فمضى عليه الحول ولم يصرفه بعد، فهل يعدّ الشرط المذكور عذراً له في عدم اخراج خمسه؟

ج- لا يعدّ عذراً.

4 - من وهب له مال واشترط عليه صرفه في اداء الحجّ، وحلّ رأس سنته الخمسية ووجد انه لو اخرج خمسه لما وفى الباقي بتكاليف الحجّ فماذا يصنع ؟

ج- يلزمه اداء خمسه فان كان لديه مال آخر يستطيع مع ضمه إلى الباقي على اداء الحجّ وجب عليه وإلاّ فلا وبامكان الواهب الرجوع في هبته مع تخلّف الموهوب له عن الوفاء بالشرط وان كان تخلّفه عن عذر.

س6 - من بذل له كلفة الحجّ من ربح مضى عليه الحول في مال الباذل هل

ص: 167

يجب على المبذول له اخراج خمسه؟

ج- لا يجب إذا كان الباذل ممن لا يخمسّ.

س 6 - اذا بذل الزوج الحجّ لزوجته وهي لا تعلم هل كان قد خمّس هذا المال أو لا هل يجب عليها الخمس ؟

ج- لا يجب.

ص: 168

خاتمة

مسائل متفرقة ترتبط بالبذل والحج

س 1 - إذا دفع لشخص ما يحجّ به وتردد بعد وصوله إلى الميقات بين كونه بذلاً له ليحجّ عن نفسه أو مخصصاً ليحجّ به نيابة عن غيره فما هو تكليفه؟

ج- يجزيه الإحرام امتثالاً للأمر الفعلي المتوجه إليه وكذا يأتي بسائر الأعمال بهذه النيّة، فإذا تبين بعد ذلك أن دفع المال كان على وجه البذل اجزاء عن حجّة الإسلام، وإذا تبيّن انه كان للاستنابة عن الغير أجزأ عنه.

س 2 - شخص غير مستطيع دخل لعمرة مفردة ثم بذل له الحجّ فهل له ان يعدل إلى عمرة التمتّع ليؤدي حجّ التمتّع بعدها؟

ج- إذا بقي في مكّة إلى يوم التروية بنية أداء الحجّ تنقلب عمرته المفردة متعة فيصح منه حجّ التمتّع ولكن لا يقع حجّة الإسلام، فلو كان يريد أداء حجّة الإسلام لكان عليه بعد اتمام العمرة المفردة الرجوع إلى الميقات والاحرام منه لعمرة التمتّع مراعياً وقوعه في شهر آخر على الأحوط وجوباً، ويكفي أيضاً أن يخرج من مكة قبل يوم التروية ويحرم من ادنى الحل بعمرة مفردة مراعياً وقوعها في شهر آخر إذا كانت العمرة الأولى لنفسه فتنقلب إلى عمرة التمتع ببقائه في مكة إلى يوم التروية قاصداً أداء الحجّ .

ص: 169

س 3- شخص لا يتمكّن من الحجّ لمرض أو هرم ولا يرجو تمكنه بعد ذلك ولا يملك ما يحجّ به فإذا بذل له تكاليف الحجّ هل يجب عليه القبول والاستنابة؟

ج- لا يجب عليه ذلك، فان تحقق الاستطاعة بالبذل يختص بالفاقد للمال المتمكّن من مباشرة الحجّ بنفسه، فالعاجز عن المباشرة إذا بذل له ما يكفي للاستنابة أو عرض عليه تحمل نفقة النائب لا يكون بذلك مستطيعاً ولا يجب عليه القبول.

س 4 - شخص أودع مبلغاً باسم زوجته في مؤسسة الحجّ والزيارة لتؤدي الحجّ عندما يصل دورها وماتت الزوجة قبل أن يصل دورها فهل يستقر الحجّ عليها، علماً بأنها لم تكن تملك ما يفي تكاليف الحجّ؟

ج- إذا كان قد ملّكها المبلغ المودع قبل توديعه - بهبة مقبوضة أو صلح أو نحوهما - فهي وان كانت مستطيعة مالياً الا انه مع ذلك لم يكن يجب عليها الحجّ لفرض عدم السماح لها بالذهاب قبل وصول دورها، نعم إذا فرض انها كانت متمكّنة من سحب المبلغ المودع والاضافة اليه بما يجعله وافياً بتكاليف الذهاب إلى الحجّ من طريق آخر من دون ان يكون ذلك مجحفاً بحالها كانت تعتبر مستطيعة للحجّ فيجب اداؤه عنها بعد وفاتها.

و إذا لم يكن الزوج قد ملّك المبلغ المودع لزوجته وانما قصد بذل الحجّ لها عند مجيء دورها لم يستقرّ عليها الحجّ على كلّ تقدير .

س 5 - من كان من اهالي المدينة المنورة واحرم من مسجد الشجرة لحجّة

ص: 170

الإسلام على اساس انه يذهب في طريقه إلى جدّة ويأخذ المال الكافي لاداء الحجّ من اخيه ولما وصل إلى جدّة لم يدفع له اخوه كلفة الحج وتبرّع غيره بادائها فما هو حكم حجّه؟

ج- يصح حجّه ولكنّه لا يكون حجّة الإسلام الاّ مع سبق تعهد الاخ بدفع كلفة الحجّ.

ص: 171

ص: 172

المبحث الخامس مسائل متفرقة حول شرائط الحج

المسألة الأُولى: غير المستطيع لا يجزي حجّه عن حجّة الاسلام

من لم يكن مستطيعاً وحج لنفسه فلا يجزيه عن حجّة الاسلام – سواءً قصد الاستحباب او قصد حجّة الاسلام كما لو تخيل أنه مستطيع فقصد حجّة الاسلام او تبين أن المال المبذول له للحج مغصوبٌ او غير ذلك-فيجب عليه الحج لو استطاع بعد ذلك.

ونلفت النظر الى أنّ ذلك الحج لا يجزيه عن حجّة الاسلام إذا أتى به وهو غير مستطيع عند تلبسه بالاحرام، وأمّا لو كان في بلده غير مستطيع إلا أنّه استطاع عندما وصل الى الميقات فلا اشكال في الاجتزاء به عن حجّة الاسلام.

ونفس الحكم لو حجّ غير المستطيع نيابة عن غيره – تبرعاً او باجارة- فيقع الحج عمن ناب عنه ولا يقع عن نفسه ولا يجزيه عن حجّة الاسلام.

المسألة الثانية: حكم حج المستطيع لو حج ندباً

إذا اعتقد أنّه غير مستطيع فحج استحباباً وقصد به امتثال الأمر الفعلي

ص: 173

المتوجه اليه (1) ، واتضح أنّه كان مستطيعاً حين أداء الحج أجزأه عن حجّة الاسلام، ولا يجب عليه الحج ثانياً، نظير ما تقدّم من أنّ من حج باعتقاد أنّه غير بالغ، فبان بعد ادائه أنّه كان بالغاً أجزأه عن حجّة الاسلام.

المسألة الثالثة : حكم حج الزوجة بدون إذن الزوج

تارة يكون الحج واجباً على الزوجة واخرى يكون مستحباً، فهنا صورتان :

الصورة الأُولى: الحج الواجب

إذا كانت الزوجة مستطيعة فلا يشترط إذن الزوج لها في أداء حجّة الاسلام، ولا يجوز له منعها عن اداء حجّة الاسلام.

نعم يجوز له منعها من الخروج في أول الوقت مع سعة الوقت.

س 1 - لو كان على الزوجة حج واجب كما لو وجب عليها الحج بالنذر او الإجارة او بالافساد – بأن افسدت حجّها بالجماع قبل المزدلفة فوجب عليها إعادته - او غير ذلك، فهل يجوز للزوج منعها عن أداء ذلك الحج؟

ج- لا يجوز له منعها.

ص: 174


1- لا شك في وجود أمر بالحج متوجه الى كل شخص في علم الله عز وجل، فإذا لم يكن مستطيعاً فالأمر المتوجه اليه هو الأمر الاستحبابي، وإذا كان مستطيعاً فالأمر المتوجه اليه هو الأمر الوجوبي، فإذا كان في الواقع مستطيعاً وقصد ذلك الامر المتوجه اليه بالفعل - والامر المتوجه اليه وهو مستطيع هو الوجوبي - أجزأه حجّه عن حجّة الإسلام وإن لم يكن يعلم بأنّه مستطيع، ونفس الكلام في شرطية البلوغ، فإنّه كالاستطاعة شرط في وجوب الحج

نعم يجوز له منعها من الخروج في أول الوقت مع سعة الوقت.

س 2- هل المطلقة الرجعية كالزوجة في الاحكام المتقدّمة او حكمها يختلف؟

ج- نعم كالزوجة ما دامت في العدة فلا يشترط اذن طليقها في حجّة الاسلام، ولا يجوز له منعها عن الخروج لحجّة الاسلام والحج الواجب عليها، وإنّما يجوز له منعها من الخروج في اول الوقت مع سعة الوقت.

س 3- هل المطلقة البائن حكمها حكم الزوجة في الاحكام المتقدّمة ؟

ج - المطلقة البائن أجنبية عن المطلق وإن كانت في العدّة.

س 4 - هل يجوز للمتوفى عنها زوجها أن تحج في العدّة إذا كان الحج واجباً عليها ؟

ج- يجب عليها أن تحج.

الصورة الثانية : الحج المستحب

يشترط في حج الزوجة إذن الزوج إذا كان الحج مستحباً، فإذا لم يأذن يبطل حجّها .

س 1 - وهل يشترط في حج المطلقة الرجعية إذا كان الحج مستحباً إذن طليقها؟

ج - نعم يشترط لأنّها كالزوجة مادامت في العدّة، فلو لم يأذن لها يبطل حجّها .

ص: 175

س 2- هل يشترط في حج المطلقة البائنة إذن طليقها إذا كان الحج مستحباً؟

ج- لا يشترط وإن كانت في العدّة لأنها أجنبية عنه.

س 3- هل يجوز للمعتدة بعدة الوفاة أن تحج في عدّتها حجاً مستحباً؟

ج - نعم يجوز.

أسئلة تطبيقيّة :

س1 - امرأة مستطيعة للحج ولكن زوجها يمنعها من ادائه ويهددها بالطلاق لو خالفته فهل يسوغ لها ترك الحجّ خوفاً من تنفيذ الزوج تهديده؟ و ماذا لو زالت استطاعتها بعد ذلك ؟

ج- لا يسقط الحجّ عنها بمجرد تهديد الزوج بالطلاق نعم إذا كانت تتضرر من جراء الطلاق او كانت مطمئنة بانه سوف ينفذ تهديده وكان موجباً لوقوعها في الحرج الشديد الذي لا يتحمل عادة فلها تأجيله إلى وقت آخر ولو لم تكن ترجو زوال عذرها فعليها الاستنابة، ومع وجوب الحجّ عليها باحد الوجهين وتركها له يستقر عليها فيلزمها اداؤه وان زالت استطاعتها.

س 2 - المرأة المستطيعة للحجّ إذا كان زوجها يمنعها من ادائه بدعوى انه لا يطيق ان يرى زوجته تطوف وتسعى وتمشي مع الرجال فما هو حكمها؟

ج- إذا امكنها مقاومته والذهاب مع من تأمن معه على نفسها لزمها ذلك ولا يحق للزوج منعها من الحجّ.

س 3- امرأة استطاعت للحجّ وقد توفي زوجها في اشهر الحجّ فهل يجب

ص: 176

عليها أن تخرج إلى الحجّ وهي في عدتها ام لا؟

ج- نعم وتراعي آداب الحداد في سفرها.

س 4 - هل على المستطيعة ان تمنع من الحمل إذا كان يمنعها من الحجّ؟

ج - إذا لم تكن مطمئنة بالتمكن من اداء الحجّ في عام لاحق وكانت واثقة بانه مع عدم استعمال المانع سوف يحصل الحمل المانع من الذهاب في هذه السنة فالاحوط وجوباً لها استعمال المانع الا إذا كان موجباً للضرر أو الحرج الذي لا يتحمل عادة أو كان منافياً لحق الزوج في المقاربة.

س 5 - اذا كانت الزوجة قادرة على نفقات الحجّ ولكن كان زوجها مديناً بمبالغ كبيرة فهل يحق لها ترك الحجّ ومساعدة زوجها في أداء ديونه ام لا بد لها من الذهاب إلى الحجّ؟

ج - يلزمها أداء الحجّ الا إذا فرض ان ترك مساعدتها له يستلزم تضررها أو وقوعها في حرج شديد ولو من جهة قيامه بطلاقها أو ايذائها بنحو آخر.

س 6 - ذكرتم فيما إذا كانت المرأة قادرة على نفقات الحجّ ولكن كان زوجها مديناً انه ليس لها ترك الحجّ ومساعدة زوجها في أداء ديونه فهل يعم ذلك ما إذا كان الزوج يتضرر لعدم أداء ديونه كما لو كان يتعرض للحبس عدة سنوات مثلاً؟

ج- يعّم حتى هذه الصورة إلا إذا كان تضرره يوجب تضررها أو وقوعها في حرج شديد لا يتحمل عادة.

س 7- إذا قبضت المرأة في بدء الزواج مهرها قبيل أيام الحجّ فهل تعد

ص: 177

مستطيعة مع انها بحسب المتعارف تحتاج إلى شراء الثياب والذهب ونحو ذلك؟

ج - إذا كان صرف مهرها في الحجّ موجباً لوقوعها في الحرج والمشقة من جهة ترك صرفه في مستلزمات الزواج لم يجب عليها الحجّ وإلا وجب.

س 8- إذا كان الزوج موسراً ولكن مطالبته بالمهر المؤجّل توجب حدوث مشاكل وبرودة في العلاقة الزوجية فهل يجب على الزوجة المطالبة به والذهاب الى الحجّ؟

ج- يجري في مثله حكم من له دَين على غيره ويكون إجباره على الأداء حرجياً، فإذا كان الأمر بحد يصعب عليها تحمله لم يجب عليها ذلك، وأما إذا لم يبلغ هذا الحد فيجب عليها المطالبة به والذهاب إلى الحجّ.

س 9 - ذكرتم في المناسك انه يعتبر اذن الزوج في حجّ المرأة إذا كان مندوباً وكذلك المعتدة بالعدة الرجعية مع ان النص الدال على ذلك وهو خبر جابر بن يزيد (لا يجوز ان تحجّ تطوعاً إلاّ باذن زوجها) غير نقي السند وما دل على عدم جواز خروج المرأة من بيتها إلاّ باذن زوجها لا يقتضي اناطة صحة حجّها بإذن الزوج بل عدم صحة طوافها وسعيها ووقوفها في عرفة والمشعر إذا لم تكن مأذونة في الحضور في المطاف والمسعى والموقفين وهذا اعم مما ذكر فما هو الوجه فيما ذكرتم؟

ج- يمكن استفادة اعتبار إذن الزوج في حجّ المرأة تطوعاً من قوله (صلوات الله عليه) في صحيحة معاوية بن عمار : (المطلقة تحجّ في عدتها إن

ص: 178

طابت نفس زوجها) فانّه محمول على المطلقة الرجعية وكون حجها ندبياً، وحيث انها زوجة حقيقة أو بحكمها فلا يبعد ان يكون المتفاهم منه كون ذلك من احكام الزوجة الدائمة لا خصوص الزوجة التي أُنشىء طلاقها ولم يُنفذ بعد لعدم انقضاء العدة.

س 10 - يشترط في حجّ المرأة تطوعاً اذن زوجها، فهل هذا الحكم يشمل الزوجة التي لم تنتقل إلى دار الزوجية أي في المدة الفاصلة بين العقد والزفاف؟

ج - الأحوط وجوباً ذلك إلاّ إذا كان المتعارف عدم الاستئذان للسفر في مثل هذا الغرض وجرى العقد مبنياً على ذلك.

س 11 - ذكرتم في المناسك انه لا يصح حجّ المرأة من دون اذن زوجها إذا كان الحجّ ندباً فما هو حكم العمرة المفردة المندوبة ؟

ج - الظاهر جريان حكم الحجّ عليها .

المسألة الرابعة : حكم حج المرأة من غير محرم

لا يشترط في وجوب الحج على المرأة وجود المحرم لها إذا كانت مأمونة على نفسها، وأمّا إذا لم تأمن على نفسها فيجب عليها أن تستصحب معها من تأمن معه على نفسها ولو باُجرة إذا تمكنت من ذلك، وأمّا إذا لم يمكن ذلك فلا يجب عليها الحج.

س- ماذا يقصد من الحرم؟

ج- المقصود الزوج او من يحرم عليه نكاحها بنسب ( كأبيها أو أخيها) او

ص: 179

رضاع (كأبيها من الرضاعة او أخيها من الرضاع) او مصاهرة (كأب زوجها او زوج امها إذا دخل بها).

أسئلة تطبيقية :

س 1 - ما المقصود بالمحرم الذي يجب ان تذهب معه المرأة للحجّ مع عدم الأمن على نفسها أهو من يحرم عليه نكاحها ام مطلق المؤمن الثقة؟

ج - محرم المرأة هو من تحرم عليه بنسب أو رضاع أو مصاهرة، ولكن اللازم في خروج المرأة إلى الحجّ ونحوه هو ان تأمن على نفسها وان كان من يصحبها من غير المحارم .

س 2- القانون هنا يمنع من حجّ النساء إلاّ بمحرم فهل يجوز لغير المحرم ان يتحايل على القانون علماً انه إذا انكشف امره تهتك حرمته ويعاقب بالسجن وربما يساء إلى مذهبه؟

ج- لا يجوز في مفروض السؤال.

المسألة الخامسة : كل نذريزاحم الحج ينحل

من نذر أن يزور الامام الحسين - صلوات الله عليه- في كل يوم عرفة مثلاً، واستطاع بعد ذلك، هل ينحل نذره او يسقط عنه وجوب الحج؟

ج- وجب عليه الحج وانحل ،نذره ، وهكذا كل نذر يزاحم الحج ينحل ويجب الحج.

ص: 180

المسألة السادسة : حكم من مات في الحرم بعد الاحرام

من أحرم ودخل الحرم ومات أجزأه عن حجّة الاسلام – سواءً كان الحج مستقراً عليه او لا- وهذا الحكم مختص بحجّة الاسلام، وإذا تخلّف أحد القيدين او كلاهما - بأن مات بعد الاحرام وقبل دخول الحرم او مات بعد دخول الحرم وقبل الاحرام او مات قبل الاحرام وقبل دخول الحرم- لم يجزِ عن حجّة الاسلام، وحينئذٍ إن كان الحج مستقراً عليه وجب القضاء عنه وإلا فلا يجب.

وللتوضيح أكثر نقول: ههنا صورتان :

الصورة الأُولى: حكم من استقر عليه الحج من استقر عليه الحج (1) إذا خرج الى الحج ومات، وكان موته بعد الاحرام للحج وفي الحرم - كما لو مات في مزدلفة او منى او مكة التي داخل الحرم- أجزأه ما أتى به عن حجّة الاسلام، ولا يجزي ما أتى به عن حجّة الاسلام في ثلاث حالات :

1 - أن يكون موته بعد الاحرام للحج وقبل الدخول في الحرم.

2 - أن يكون موته بعد الدخول في الحرم من دون احرام للحج، كما لو نسي او جهل وجوب الاحرام.

3 - أن يكون موته قبل الاحرام وقبل الدخول في الحرم.

ص: 181


1- بأن استطاع للحج وكان قادراً على أدائه ولم يؤده حتى زالت استطاعته فيستقر عليه الحج ويجب أن يؤديه ولو متسكعاً، كما تقدّم بيانه ويأتي

ونلفت النظر الى الامور التالية:

اولاً: إنّ الحكم بالاجزاء مختص بحجّة الاسلام، فلا يشمل الحج الواجب بالنذر او الحج الواجب بالافساد (1) ، فمن وجب عليه الحج بالنذر او بسبب افساد حجّه بالجماع ، لو مات بعد الاحرام وفي الحرم لا يجزيه ما أتى به عن الحج المنذور او الواجب بالافساد.

ثانياً: لا فرق في الحكم المذكور بين حج التمتع او الافراد او القرآن، فمن مات بعد الاحرام وفي الحرم أجزاه عن حجّة الاسلام – سواء كان حجّه حج تمتع ام افراد قران -، فمثلاً من كان فرضه حج الافراد او القرآن إذا أحرم من الميقات ودخل الحرم - المزدلفة او منى او مكة التي داخل الحرم دون مكة التي خارجه- ومات أجزاه عن حجّة الاسلام.

ثالثاً : إذا كان موته في أثناء عمرة التمتع - كما لو مات بعد الاحرام او اثناء الطواف ونحو ذلك - أجزأه ما أتى به عن حجّة الاسلام إذا كان موته

في الحرم .

رابعاً: إنّ الحكم المذكور لا يشمل العمرة المفردة الواجبة، فإنّ من كان فرضه حج الافراد او القران تجب عليه العمرة المفردة إذا استطاع لها، فلو مات بعد الاحرام لها وفي الحرم لا يجزيه ما أتى به عن العمرة المفردة، ويجب القضاء عنه إن استقرت عليه كما هو مفروض الكلام.

ص: 182


1- بأن أفسد حجّه بالجماع قبل المزدلفة فيجب عليه مجموعة من الأمور: منها وجوب إعادة الحج في العام القادم، وهذا الحج وجب عليه بسبب افساده لحجّه بالجماع، كما سيأتي في تروكات الاحرام

بقي سؤالان:

السؤال الأول: إذا مات بعد الفراغ من أداء عمرة التمتع وقبل الاحراملحج التمتع - سواءً مات في الحرم كما لو مات في مكة (1) او المزدلفة او منى ام في خارجه كما لو مات في عرفات او في أدنى الحل (2) او في جدّه- فما حكمه؟

ج - أجزأه ما أتى به عن حجّة الاسلام.

السؤال الثاني: إذا مات بعد الاحرام لحج التمتع وكان موته خارج الحرم كما إذا مات في عرفات او في منطقة ادنى الحل - فما حكمه؟

ج - أجزأه ما أتى به عن حجّة الاسلام.

و منه يتضح : أنّه يكفي في الاجزاء - اجزاء ما أتى به عن حجّة الاسلام-تحقق الاحرام ودخول الحرم ولا يشترط أن يكون الموت حال تلبسه بالاحرام وفي الحرم، بل متى ما تحققا أجزاء ما أتى به عن حجّة الاسلام إذا مات، حتى وإن كان موته وهو محل او كان موته في الحل ،كعرفات، ونذكر لذلك مثالين :

المثال الأول (أن يموت وهو محرم في الحل)

كما لو أحرم الحملدار لحج التمتع وخرج الى عرفات لمعرفة مكان الخيم ومات في عرفات أجزأه عن حجّة الاسلام لتحقق كلا القيدين - الاحرام ودخول الحرم-.

ص: 183


1- مكة القديمة او الحديثة التي داخل الحرم
2- سواءً كان خروجه من مكة جائزاً كما لو كان لحاجة ولم يخشَ فوات الحج ام لم يكن جائزاً كما لو خرج لغير حاجة

المثال الثاني (أن يموت وهو محل في الحرم او خارجه)

كما لو فرغ من أعمال عمرة التمتع ومات قبل الاحرام للحج – سواءً كان في الحرم ام خارجه-.

ومنه يتضح أيضاً : أنّ من كان فرضه الافراد او القرآن إذا أحرم وذهب الى عرفات مباشرة - حيث يجوز له تقديم الوقوفين على أعمال مكة- ومات، لم يجزئه عن حجّة الاسلام لأنّه لم يدخل الحرم، وأمّا لو أحرم لحج الافراد او القرآن من الميقات ودخل الحرم ثم خرج منه ومات في الحل أجزاه عن حجّة الاسلام لتحقق كلا القيدين (الاحرام ودخول الحرم).

الصورة الثانية: حكم من لم يستقر عليه الحج

من استطاع الى الحج وذهب في سنة استطاعته ومات بعد الاحرام للحج ودخول الحرم فقد أجزأه ما أتى به عن حجّة الاسلام، ولا يجب القضاء عنه، ولا يجزيه ما أتى به عن حجّة الاسلام في الحالات التالية:

1- أن يكون موته بعد الاحرام وقبل دخول الحرم.

2- أن يكون موته بعد دخول الحرم وقبل الاحرام، كما لو نسي او جهل وجوب الاحرام.

3- أن يكون موته قبل الاحرام وقبل دخول الحرم.

و في هذه الحالات الثلاثة لا يجب القضاء عنه لأن موته قبل ذلك يكشف عن كونه غير مستطيع.

ص: 184

أسئلة تطبيقيّة :

س- ما حكم من استقر عليه الحج إذا مات :

1 - بعد الاحرام لعمرة التمتع قبل دخول الحرم او بعد دخوله.

2- إذا مات بين عمرة التمتع ،والحج ، سواءً كان في الحرم او خارج الحرم .

3- مات في عرفات اثناء وقوفه او بعد أداء الوقوف فيها.

ج- لا يجب القضاء عنه في الفرض الثاني والثالث وكذا في الأول إذا مات محرماً بعد دخول الحرم (1).

المسألة السابعة : حكم الكافر المستطيع

الكافر المستطيع يجب عليه الحج، فإنّ الكفار مكلفون بالفروع كالاصول، فإذا استطاع الكافر وجب عليه الحج كسائر المكلّفين.

س 1 - لو أدى الكافر الحج حال كفره فهل يصح منه؟

ج- لا يصح منه لفقد شرطية الاسلام، فإنّ الاسلام شرط في صحة العمل.

س 2 - إذا لم يسلم الكافر حتى زالت استطاعته فهل يستقر عليه الحج؟

ج- لا يستقر عليه الحج، فلو اسلم بعد ذلك لا يجب عليه الحج إلا إذا استطاع بعد الاسلام ، وهذا بخلاف المسلم إذا استطاع ولم يحج حتى زالت

ص: 185


1- استفتاء على الموقع

استطاعته فيستقر عليه الحج ويجب عليه أداؤه ولو متسكعاً.

المسألة الثامنة: حكم المرتد المستطيع

المرتد كالكافر الاصلي مكلف بالفروع كالاصول، كما أنّه كالكافر لا تصح منه العبادات حال كفره وارتداده لفقد شرطية الاسلام، ولكن لو تاب المرتد ورجع الى الاسلام وكان مستطيعاً فهل يصح منه اداء الحج او لا؟

ج - نعم يصح منه فإنّه بعد توبته يصير مسلماً وتصح توبته حتى لو كان مرتداً فطرياً.

فائدة :

الكافر على قسمين:

القسم الاول : الكافر الاصلي

وهو على قسمين :

الاول : الكافر غير الكتابي

وهو الملحد الذي لا يؤمن ،بدین او يؤمن بدين غير سماوي كالبوذي.

الثاني: الكافر الكتابي

هو الذي يؤمن بوجود الله عز وجل ويؤمن بكتاب سماوي كالإنجيل والتوراة، ومثاله اليهود والنصارى فإنّهم كفار كتابيّون.

ص: 186

القسم الثاني : الكافر المرتد

وهو من خرج من الاسلام واختار الكفر، وهو على قسمين ايضاً:

الأول: المرتد الفطري

وهو من ولد على فطرة الإسلام اي من أبوين مسلمين ، او من أب مسلم فقط او من ام مسلمة فقط، واظهر الاسلام بعدما بلغ مرحلة التمييز - وان لم يكن بالغاً - ثم كفر، وهذا له احكام:

أ- يُقتل.

ب- تبين منه زوجته بمجرد ارتداده بلا حاجة الى طلاق، وتعتد عدّة وفاة وإن لم يقتل.

ج - تقسّم امواله بين ورثته.

هذا ، اذا لم يتب، وأما اذا تاب فهل تقبل توبته اولا؟

ج- تقبل توبته ظاهراً وباطناً إلا بالنسبة للأحكام الثلاثة المتقدّمة (قتله، تقسیم امواله ،بينونة زوجته) فلا تقبل.

وما فائدة وثمرة قبول توبته ظاهراً وباطناً؟

ج- تظهر ثمرة ذلك في:

1 - صحة عباداته فإنّها مشروطة بالإسلام، فاذا قبلت توبته صار مسلماً وصحت عباداته.

2 - يجوز تزويجه من المسلمة .

ص: 187

3- يجوز له أن يجدد العقد على زوجته السابقة حتى قبل خروجها من العدة.

الثاني: المرتد الملي

وهو من ولد من أبوين كافرين ثم أسلم ثم كفر .

وحكمه :

أ- يستتاب فإن تاب فبها والا قُتل.

ب- لا تقسم امواله إلا بعد موته.

س- ما حكم المرأة إذا ارتدت؟

ج - إذا ارتدت المرأة فهنا احكام :

1 - لا تُقتل.

2 - لا تنتقل اموالها عنها الى الورثة إلا بالموت.

3- ينفسخ زواجها بمجرد الارتداد إذا لم تكن مدخولاً بها او كانت صغيرة او يائسة، وأمّا إذا كانت مدخولاً بها ولم تكن صغيرة ولا يائسة فلا ينفسخ عقدها إلا بعد انقضاء العدّة ، وهي بمقدار عدّة الطلاق.

4 - تُحبس ويُضيّق عليها وتضرب على الصلاة حتى تتوب، فإن تابت قبلت توبتها بلا فرق بين أن تكون مرتدة فطريّة او ملّية.

ص: 188

المسألة الثامنة : حكم حج المخالف

إذا حج من يتبع بعض المذاهب الإسلامية غير مذهبنا ثم استبصر واعتقد بالولاية، فما حكم حجّه الذي أتى به في فترة خلافه، هل يحكم بصحته او ببطلانه ولزوم اعادته؟

ج- إذا أتى به صحيحاً وفق مذهبه او كان صحيحاً وفق مذهبنا – مع تمشي قصد القربة منه كما لو كان يرجع الى من يجوّز له التعبد بمذهبنا - فيحكم بصحته، فإنّ الولاية شرط لقبول العمل لا لصحته، بمعنى أن العمل الذي يأتي به واجداً للأجزاء والشرائط وفق مذهبه او وفق مذهبنا – مع تمشي قصد القربة منه - يحكم بصحته واجزائه ولا يجب عليه اعادته، وإن لم يستحق عليه الثواب (أي ليس مقبولاً).

المسألة التاسعة : استقرار الحج

استقرار الحج على المكلّف يتحقق بأمرين:

الأول: أن يجب عليه الحج لتوفر سائر شرائطه.

الثاني: أن يهمل في أدائه بمعنى أن يترك أداءه من دون عذر حتى تزول الاستطاعة، وأمّا إذا كان التأخير لعذر كما لو وثق بالأداء في عام لاحق وأخّر ثم لم يوفق له فلا يستقر عليه الحج لما تقدّم من كون فورية وجوب الحج عقلية لا شرعية.

ونلفت النظر الى أنّ من استقر عليه الحج تترتب عليه الاحكام التالية:

ص: 189

1 - يجب عليه الاتيان بالحج بأي جه ولو متسكّعاً أي حتى لو كان فيه شديد لا يتحمل عادة، او كان منافياً لشأنه ومخلاً بكرامته او كان في

غاية الضيق والتقتير على نفسه .

2- إذا مات وجب القضاء عنه من أصل التركة.

3- يجوز التبرّع عنه بالحج بعد موته، فإنّ من يموت وهو مشغول الذمة بحجة الإسلام فلا يلزم أن يؤدى الحج عنه من تركته بل يجوز التبرّع عنه كما يجوز الحج عنه بأجرة من غير ماله كما لو تبرّع بها شخص.

تنبيه :

تقدّم أنّ من توفر لديه ما يفي بنفقات الحج وأحرز أنّه يتمكّن من المسير الى الحج في أوانه فيجب عليه التحفظ على المال ولا يجوز له التصرف فيه بما يخرجه عن الاستطاعة المالية مع عدم إمكان التدارك، ولو تصرف في المال ولم يمكنه التدارك استقر الحج في ذمته.

وتقدّم أيضاً أنّ من كان عنده ما يفي بمصارف الحج وكان مستطيعاً لكنّه كان جاهلاً او غافلاً ثم علم او التفت وتذكر بعد أن تلف المال وزالت الاستطاعة ولم يكن معذوراً في جهله وغفلته، بأن كان جاهلاً مقصراً او غافلاً مقصراً، استقر عليه الحج إذا كان واجداً لسائر الشروط عندما كان المال موجوداً.

ص: 190

أسئلة تطبیقیّة :

س 1 - إذا حجّ المستطيع فأخل بما يوجب بطلان الحجّ جهلاً منه بالحكم ولكنّه كان في حينه مطمئناً بصحة عمله، فهل يستقر الحجّ عليه فيجب عليه أداؤه في عام لاحق وان زالت استطاعته؟

ج - نعم إذا كان اطمئنانه بصحة عمله ناشئاً من عدم تعلمه للمسائل الشرعية كما يحدث لكثير من العوام فانه يعد مقصراً، واما إذا كان جهله عن قصور فالظاهر عدم استقرار الحجّ عليه.

س 2- من استقرّ عليه الحجّ ولا يملك ما يفي بتكاليفه هل يلزمه الاقتراض لأدائه وان كان حرجياً عليه، وهكذا بالنسبة إلى ترك عمله مدة الحجّ إذا كان حرجياً عليه؟

ج - إذا لم يمكنه اداء الحجّ من دون ذلك وجب عليه ما ذكر تخلصاً من العقاب.

ص: 191

ص: 192

المقصد الثاني الوصيّة بالحج

اشارة

وفيه مقامات ثلاثة :

المقام الأول ما يرتبط بالوصية بالحج

وفيه أمور:

الأمر الأول وجوب الوصية بالحج

من ظهرت عليه أمارات الموت، ولم يكن قد أدى حجّة الإسلام، فهل يجب عليه أن يوصي بأداء حجّة الاسلام عنه بعد موته؟

ج- ههنا حالتان :

الحالة الأُولى: أن يكون له مال يفي بمصارف الحج، وفي هذه الحالة يجب عليه الاستيثاق بأداء الحج عنه بعد موته ولكن بشروط:

1- ظهور أمارات الموت عليه.

2 - أن يكون الحج مستقراً عليه، بأن تمكن منه سابقاً وتهاون في أدائه.

ص: 193

3- أن لا يتمكّن من الحج بنفسه الان - كما لو ظهرت امارات الموت قبل موسم الحج - كما لا يمكنه الاستنابة.

ونلفت النظر الى أنّ الواجب عليه عند تحقق الشروط هو أن يحصل له وثوق واطمئنان بأداء الحج عنه بعد الموت، والاستيثاق قد يحصل عن طريق الوصية بالحج، فتجب الوصية والاستشهاد عليها في هذه الحالة، وقد لا يحصل الاستيثاق بالوصية وإنّما يحصل بطريق آخر كما لو وثق واطمأن بأنّه لو أخبر ولده او صديقه باشتغال ذمته بالحج سيؤدي الحج عنه، عنه، ففي هذه الحالة لا تجب الوصية وإنّما يجب عليه اخبار ولده او صديقه لحصول الوثوق بأداء الحج عنه بذلك، وقد يعلم بعدم حصول الاستيثاق بالوصية كما لو علم بأنّ أولاده سيمنعون الوصي من أداء الحج، ففي هذه الحالة لا قيمة للوصية، واللّازم عليه التماس طريق آخر يحصل له به الوثوق بأداء الحج بعد موته.

عنه

الحالة الثانية: أن لا يكون له مال يفي بمصارف الحج، وفي هذه الحالة لا يجب عليه الوصية بالحج إلا بشرطين:

1 - أن يكون الحج مستقراً عليه.

2- أن يحتمل أن يتبرّع شخص بأداء الحج عنه مجاناً.

فإذا توفر الشرطان وجبت عليه الوصية وإلا فلا تجب.

و من خلال ذلك اتضح أنّ الوصية لا تجب في حالات ثلاث:

ص: 194

1 - لا تجب الوصية ولا الاستيثاق بأداء الحج عنه إذا لم يكن الحج مستقراً عليه، ولم تظهر أمارات الموت.

2 - لا تجب الوصية إذا لم يحصل الاستيثاق بها .

3- لا تجب الوصية إذا لم يكن له مال ولم يحتمل تبرع شخص بالحج عنه.

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - إذا كان عاجزاً عن مباشرة الحجّ وقد أوصى بالحجّ عنه بعد وفاته ثم بعد الوصية استناب من يحجّ عنه في حياته فهل يلزم العمل بوصيته السابقة على الإستنابة أم تعتبر ملغاة؟

ج - إذا عرف أن ما أوصى به من الحجّ هو نفس ما استناب له في حياته بحيث يعد استنابته عدولاً عن وصيته اعتبرت الوصيّة ملغاة وفي غير هذه الصورة يلزم العمل بالوصيّة.

س 2- من اوصى باداء الحجّ عنه بعد وفاته ثم استناب هو في حياته من ينوب عنه لكونه عاجزاً عن مباشرته بنفسه فهل تنفذ وصيته بالحجّ من ثلث تركته ام تعتبر ملغية؟

ج- تنفذ إلا إذا وجدت قرينة على عدوله عنها أو كونها مقيدة بعدم الاستئجار للحجّ في حال حياته.

س 3- إذا اوصى غير الامامي بإداء حجّة الاسلام عنه من ماله فهل يجب

ص: 195

على الوصيّ الامامي العمل بالوصيّة وكيف يعمل بها؟

ج- يجب العمل بها ولكن يؤتى بالعمل بنحو لا يكون باطلاً على مذهب الوصىّ ويكون مجزياً على مذهب الموصي.

الأمر الثاني قضاء حجّة الإسلام من أصل التركة

من استقرت عليه حجّة الإسلام، ومات قبل أدائها، فهنا سؤالان:

س 1 – هل يجب على الورثة تفريغ ذمته بالقضاء عنه بأنفسهم او باستئجار من يحج عنه ؟

ج- إذا كان للميت تركة وجب على الورثة القضاء عنه - إمّا بأنفسهم او باستئجار من يقضي عنه - وأمّا إذا لم يكن له تركة فلا يجب عليهم القضاء عنه – لا بأنفسهم ولا باستئجار من يحج عنه - نعم يستحب تفريغ ذمة الميت ولاسيما لقرابته.

س 2- إذا كان للميت تركة وجب قضاء حجّة الإسلام عنه ولكن هل تُقضى من أصل التركة او من الثلث؟

ج- ههنا صور أربع :

الصورة الأُولى: أن لا يكون قد أوصى بأداء حجة الإسلام عنه، فيجب القضاء من أصل التركة.

الصورة الثانية: أن يكون قد أوصى بأدائها عنه، ولكن لم يقيدها بالثلث

ص: 196

- سواءً قيد الوصية بأصل التركة ام لم يقيّدها بأن كانت الوصية مطلقة- فيجب أن تُقضى عنه من أصل التركة أيضاً.

الصورة الثالثة : أن يوصي بإخراجها من الثلث، مع وفاء الثلث بها، فيجب إخراجها من الثلث ولا تُخرج من الأصل.

الصورة الرابعة: أن يوصي بإخراجها من الثلث، ولكن الثلث لا يكفي لأدائها، فيجب إخراجها من الثلث وتتميمها من أصل التركة.

تنبیهان :

التنبيه الأول : لو أوصى بإخراج حجة الإسلام من الثلث، فهل تقدّم على سائر الوصايا او لا ؟

ج- الوصايا على اقسام:

تارة تكون من قبيل الخيرات والمستحبات ، كما لو أوصى ببناء مسجد بعد وفاته.

وأخرى تكون من قبيل الواجبات البدنية كالصلاة والصيام.

وثالثة تكون من قبيل الواجبات المالية كالنذورات والكفارات.

ورابعة تكون من قبيل الحقوق الشرعية المالية كالزكاة والخمس.

وخامسة تكون من قبيل ديون الناس.

والوصية بالحج تقدّم على سائر الوصايا عدا الوصية بأداء الدين، فإنّه

ص: 197

سيأتي أنّ الدين يتقدّم على الحج.

التنبيه الثاني : إنّما يوصي المكلّف بإخراج حجّة الإسلام من الثلث ارفاقاً منه بالورثة حتى تزيد حصصهم، إذ لو أخرجت بتمامها من الأصل ثم اخرج الثلث - إذ المفروض توجد وصية - فسوف يقل نصيب الورثة، فمثلاً لو كان مقدار التركة (6) ملايين، وكانت مصاريف الحج (3) ملايين، فلو اخرجت الحجّة من الأصل فيبقى من التركة (3) ملايين، ثم يخرج ثلثها مليون ليصرف في شؤون الميت فيبقى للورثة (2) مليون، وأمّا لو أوصى بإخراجها من الثلث ، فسوف يخرج الثلث وهو (2) مليون، ويكملها بمليون من الأصل لأداء الحج، فالباقي للورثة (3) ملايين وبذلك تزيد حصصهم.

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - إذا كان على الميّت حجّة الإسلام ومات وعليه دَين او خمس في الذمة ولم يوص فهل يقدم الحجّ او الديون؟

ج- دَين الناس مقدم على الحجّ والحجّ مقدّم على الخمس المنتقل إلى الذمة.

س 2- من مات وقد استقرّ الحجّ في ذمته هل يجب ارسال من يحجّ عنه سواء اوصى بذلك ام لا وهل يخرج تكاليف الحجّ حتى من حصص القاصرين من الورثة؟

ج- تكاليف أداء الحجّ عنه تخرج من أصل التركة إلا مع الوصيّة باخراجها من الثلث وكفايته لها ، فهي بحكم الدَين في تقدّمه على الارث بلا

ص: 198

فرق بين حصص القاصرين من الورثة وغيرهم.

الأمر الثالث الشك في الموصى به

إذا أوصى بالحج عنه بعد موته، فهنا صورتان:

الصورة الأُولى: أن نعلم بمقصوده من الحج الذي أوصى به، وهنا حالتان :

الحالة الأُولى: أن نعلم أن الموصى به هو حجّة الإسلام، فإن لم يقيدها بالثلث وجب إخراجها من أصل التركة ، وأمّا إذا أوصى باخراجها من الثلث، فتخرج منه إن وفى بها، وإن لم يفِ لزم تتميمها من أصل التركة، كما تقدّم كل ذلك في الأمر السابق.

الحالة الثانية: أن نعلم أن الحجّ الموصى به غير حجّة الإسلام – سواءً كان مستحباً او واجباً بنذر او غيره - فيجب إخراجه من الثلث.

الصورة الثانية : أن نشك في مقصوده، فهو أوصى بالحج عنه، ولكن شككنا هل أنّ الموصى به هو حجّة الإسلام حتى تُخرج من أصل التركة او غيرها حتى تُخرج من الثلث، تُخرج من الثلث، ففي هذه الصورة يجب إخراج الحج من الثلث ولا يُخرج من الأصل.

أسئلة تطبيقيّة :

س- إذا أدى الحجّ لنفسه وقد أوصى بالحجّ عنه بعد وفاته أيضاً ولا

ص: 199

يدري هل أن الموصى به هو حجّة الإسلام - كما لو إنكشف لديه بطلان حجّته السابقة أو عدم كونه مستطيعاً حينذاك - فيلزم إخراجها من الأصل، أو أنه حجّ احتياطي أو استحبابي فيخرج من الثلث فإذا لم يف به توقف تنفيذه على موافقة الورثة فما هو العمل في مثل ذلك؟

ج - إذا علم استطاعته زماناً ما ولم يعلم أنه أتى بعده بحجّة الإسلام أو لا وجب على الورثة إخراجها عنه وتتميمها من الأصل بأن نقص الثلث وإن لم يعلم استطاعته أو علمت وعلم إتيانه بحجّة لنفسه بعدها أخرج له حجّة من الثلث وإن لم يف بها ضم إليه من الباقي بإجازة الورثة.

الأمر الرابع الوصية بالحج البلدي

من مات وعليه حجّة الإسلام، وأوصى بالحج عنه، ولم يحدد ذلك بالثلث، فله ثلاث حالات :

الحالة الأُولى: أن يوصي بالاستئجار عنه من بلده، وفي هذه الحالة يجب الاستئجار عنه من بلده عملاً بالوصية، ولكن الزائد على اجرة الحجّة الميقاتية يخرج من الثلث، وذلك لأن ما يخرج من أصل التركة هو أجرة الحج الميقاتي فقط، كما سيأتي.

الحالة الثانية : أن يوصي بالاستئجار عنه من بلد آخر، كما لو كان من بلاد خراسان وأوصى بالحج عنه من النجف الأشرف مثلاً، فيجب الاستئجار عنه من النجف الاشرف عملاً بالوصية ويخرج الزائد عن اجرة الحجّة

ص: 200

الميقاتية من الثلث.

الحالة الثالثة : أن يوصي بأداء الحج عنه ولكن لا يحدد بلداً معيناً، وفي هذه الحالة يكفي الاستئجار عنه من الميقات إلا إذا كان هناك قرينة على إرادة الاستئجار من البلد كما إذا عيّن مقداراً من المال يناسب الحج البلدي، او استأجر أحد أبناء بلده عند ذلك يجب الاستئجار عنه من البلد، والزائد على اجرة الحج الميقاتي يخرج من الثلث.

تنبیهان :

التنبيه الأول: ماذا يقصد بالحج البلدي والحج الميقاتي ؟

ج - المقصود بالحج البلدي أن يستأجر شخصاً يسافر من البلد – بقصد الحج - إلى أن يحج، أي يكون قاصداً للحج عن المنوب عنه من حين سفره من البلد الى أن يصل الديار المقدسة ويحج عنه، وعليه فلا يجوز في الاستئجار للحج البلدي أن يستأجر شخصاً من بلد الميت إلى (النجف) مثلاً، وآخر من (النجف) إلى (المدينة) ، وثالثاً من المدينة إلى (مكة) بل لا بد من أن يستأجر من يسافر من البلد بقصد الحج إلى أن يحج.

وأمّا الحج الميقاتي فيقصد به أن يستأجر شخصاً يحج من الميقات، أي يقصد الحج من الميقات لا من بلد المنوب عنه.

التنبيه الثاني: إنّما تكون الوصية بالحج البلدي نافذةً بشرطين :

1 - أن يسع ثلث الميت للفارق بين الحج البلدي والميقاتي، وأمّا إذا لم

ص: 201

يسع - كما لو كان الفارق بين الحجتين ثلاثة ملايين، وكان مقدار الثلث من التركة مليونين - فيتوقف نفوذ الوصية على رضا الورثة بالزائد - وهو

المليون ، فإن لم يرضوا فيُستأجر عنه من الميقات.

2 - أن تسع التركة للحج البلدي، وأمّا إذا لم تسع إلا للحج الميقاتي ولم يوجد متبرّع فلا تنفذ الوصية بالحج ،البلدي، وإنّما يُستأجر عنه من الميقات.

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - من اوصى بحجّة بلدية ثم دفن في المدينة المنورة هل يحجّ عنه من المدينة او من بلده؟

ج- يحجّ عنه من بلده.

س 2- إذا أوصى بالحجّ عنه ولم يعلم هل أراد الحجّ البلدي أو الميقاتي أو الأعم منهما فما هو وظيفة الوصيّ؟

ج - يكفي الحجّ الميقاتي عنه إلا إذا كانت هناك قرينة على إرادة البلدي.

س 3- إذا أوصى بالحجّ من البلد وتردد الوصيّ في مراده بين كونه بلد الوصى أو بلد السكنى أو بلد الموت أو بلد الاستطاعة فماذا يفعل؟

ج - الظاهر انصرافه إلى بلد السكنى لولا القرينة على خلاف ذلك.

الأمر الخامس لو أوصى بالحج البلدي وخالف الوصي او الوارث

من مات وعليه حجّة الإسلام، وأوصى بالاستئجار عنه من البلد،

ص: 202

وكانت الوصية نافذة، ولكنّ الوصي او الوارث خالف واستأجر من الميقات، فهنا سؤالان :

س 1 - هل تفرغ ذمة الميت؟

ج- نعم يجزي ذلك الحج الميقاتي وتفرغ به ذمة الميت ، لكفاية الحج الميقاتي لتفريغ الذمة، كما سيأتي.

س 2 - هل تبطل الإجارة للحج الميقاتي؟

ج- هنا ثلاث حالات :

الحالة الأُولى: أن تكون الإجارة من مال الميت أي من ثلثه، – كما إذا أوصى أن يُحج عنه من البلد من ثلثه ، والوصي استلم الثلث، ثم استأجر عنه من الميقات وجعل الأجرة من الثلث - ففي هذه الحالة تبطل الإجارة.

الحالة الثانية أن تكون الإجارة من خارج التركة، فتصح بلا اشكال لأنّها ليست من مال الميت.

الحالة الثالثة: أن تكون اجرة الحج الميقاتي من أصل التركة، كما لو أوصى بالحج البلدي من ثلثه ، والوارث دفع الثلث للوصي، ثم استأجر الوارث عن الميت من الميقات من أصل التركة فهذه الإجارة ليست من مال الميت فتصح أيضاً.

تنبيه :

تقدّم في الأمر السابق أن الوصية بالحج البلدي إنّما تكون نافذة بشرطين،

ص: 203

وإلا فلا يجب العمل بها، ويجب الاستئجار من الميقات.

الأمر السادس حكم ما لو عيّن أجرة الحج بالوصية

من مات وعليه حجّة الإسلام، وأوصى أن يُحج عنه، فهنا صورتان:

الصورة الأُولى: أن يوصي بأداء الحج عنه من دون أن يحدد مبلغاً معيناً،

وفي هذه الصورة يرجع الى اجرة المثل، فيُستأجر عنه وتجعل الأجرة بمقدار اجرة المثل او أزيد إذا كان برضا الورثة.

الصورة الثانية: أن يوصي بأداء الحج عنه بمبلغ معين، وهنا ثلاث حالات :

الحالة الأُولى: أن يكون المبلغ الذي حدده مساوياً لأجرة المثل – كما لو حدد ستة ملايين وكانت اجرة الحج ستة ملايين - فيجب العمل بالوصية وتُخرج الأجرة من أصل التركة.

الحالة الثانية: أن يكون المبلغ الذي حدده أكثر من اجرة المثل – كما لو كانت اجرة المثل ستة ملايين وهو حدد سبعة ملايين - فيجب العمل

بالوصية ولكن الزائد على اجرة المثل يُخرج من الثلث إذا وفى الثلث به، وأمّا إذا لم يف بالزائد فلا تنفذ الوصية إلا بموافقة الورثة، فإن لم يرضوا فتسقط الوصية.

الحالة الثالثة : أن يكون المبلغ الذي حدده أقل من أجرة المثل – كما لو

ص: 204

كانت اجرة المثل ستة ملايين وهو حدد ثلاثة ملايين (1) - وفي هذه الحالة إن

وجد من يحج عنه بذلك المقدار فلا اشكال، وإن لم يوجد فهنا فرضان:

الفرض الأول : أن يكون الحج الموصى به هو حجّة الإسلام، فيلزم تتميم الأجرة من أصل التركة، وتسقط الوصية بتحديد الأجرة بما لا يرغب به أحد.

الفرض الثاني: أن يكون الحج الموصى به غير حجّة الإسلام - سواءً كان مستحباً او واجباً كالحج المنذور او غيره - فتبطل الوصية، ولكن هل يرجع المال للورثة او يصرف في وجوه الخير؟

ج- إذا كانت الوصية على نحو تعدد المطلوب فيصرف في وجوه الخير مراعياً للأقرب الى غرض الموصي، وإن كانت الوصية على نحو وحدة المطلوب فتبطل وترجع الأجرة ميراثاً.

س - ماذا يقصد من كون الوصية على وجه تعدد المطلوب او وحدته ؟

ج- المقصود من كونها على نحو تعدد المطلوب هو أنّ الموصي يريد صرف ذلك المبلغ الذي حدده في ثوابه ، ولكن جعل مطلوبه الاول أن يصرف في الحج، فإن لم يمكن صرف ذلك المبلغ في الحج فهو يريد صرفه في بعض وجوه الخير الأخرى، فهو له مطلوبان الحج وهو مطلوبه الأول، فإن لم يمكن فيصار الى مطلوبه الثاني وهو وجوه الخير والبر.

ص: 205


1- والمقصود أنّه حدد ثلاثة ملايين بنحو الكلي في المعين، بمعنى أنّه لم يعزل الثلاثة ويشخصها خارجاً، وإنّما حدد بوصيته ثلاثة كلية من التركة

والمقصود من كونها على نحو وحدة المطلوب هو أنّ الموصى له مطلوب واحد وغرض واحد وهو الحج لا غير، فيريد صرف ذلك المبلغ الذي حددهفي الحج لا غير، فإن لم يمكن ذلك تبطل الوصية ويرجع ميراثاً .

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - شخص أوصى أن يباع البعض المعين من أملاكه بعد وفاته ويستناب بثمنه في الحجّ عنه ، ولما بيع كان ثمنه يزيد على أجرة الحجّ بكثير فما يصنع بالزيادة؟

ج - يصرفها فيما هو الأقرب إلى غرض الموصي من وجوه البر إذا أستفيد من الوصيّة إرادة تعدّد المطلوب وإلا رجعت ميراثاً لورثته.

س 2- من مات وعليه حجّة الإسلام وقد اوصى بادائها عنه وكانت تركته وافية بذلك ولكن قصّر الورثة فلم يستأجروا من ينوب عنه حتى انخفضت قيمة العملات الورقية التي كانت من ضمن التركة فلم تعد وافية بتكاليف الحجّ فهل يضمن الورثة ذلك الانخفاض ؟

ج- لا ضمان عليهم وان كانوا آثمين في حبس المال.

س 3- اوصی شخص بان يخصّص مبلغ معين من وارد ثلثه سنوياً لاداء الحجّ عنه، وكان ذلك المبلغ يفي بتكاليف الحجّ في السنوات الأُولى بعد وفاته وصار الان لايكفي فهل يجوز للوصي ان يزيد عليه من الثلث بما يجعله وافياً للاستنابة عنه في كلّ سنة ام يترك الاستنابة في بعض السنوات ويدخر ما

ص: 206

يخصه لتكميل النقص في السنة أو السنوات اللّاحقة؟

ج- إذا كان لوارد الثلث فائض لم يحدد له مصرف خاص تعين الوجه الأول وإلاّ تعين الثاني.

الأمر السابع حكم ما لوعين شخصاً بالوصية للحج عنه

إذا أوصى بالحج ،عنه وعيّن شخصاً يستنيب عنه يستنيب عنه في أداء عنه في أداء الحج - كما لو عيّن زيداً - فيجب العمل بالوصية واستئجار ذلك الشخص ، ولكن لو فُرض أنّه طلب زيادة على اجرة المثل، فهل يجب استئجاره او يستناب غيره؟

ج - هنا حالتان :

الحالة الأُولى: أن تكون الحجّة الموصى بها حجّة الإسلام، فيجب استئجاره، والزائد على اجرة المثل يخرج من الثلث.

س - إذا لم يفِ الثلث بالزائد، فما الحكم؟

ج - إن رضي الورثة بدفع الزائد فلا اشكال، وإن لم يرضوا بطلت الوصية واستؤجر شخص آخر للحج عنه.

الحالة الثانية: أن تكون الحجّة الموصى بها غير حجّة الإسلام - سواءً كانت مستحبة او واجبة - فيجب استئجاره أيضاً ولكن تمام الأجرة تخرج من الثلث إن وسع لها.

ص: 207

س - إذا لم يسع الثلث للاجرة فما الحكم؟

ج- إن رضي الورثة بدفع تمام الأجرة فلا اشكال، وإلا تبطل الوصية ويُستأجر شخص آخر باجرة المثل إذا كانت الوصية على نحو تعدد المطلوب، وأمّا إذا كانت على سبيل وحدة المطلوب (1) فتبطل وترجع ميراثاً .

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - هل تصح الوصية بأن يحجّ عنه شخص ناقص الأعضاء بحيث يؤثر على إتيانه بالنحو الطبيعي لأعمال الحجّ في حجّة الإسلام وغيرها؟

ج- إذا كان الموصي لا يعلم بالنقص أو طرأ بعد الوصيّة ولم يعلم به حتى مات أو طرأ بعد الموت فلا يبعد بطلان الوصيّة وأما لو أوصى مع العلم به أو طرأ بعد الوصيّة وعلم به ولم يرجع عنها فالظاهر لزوم تنفيذها من الثلث نعم إذا كان الموصى به حجّة الإسلام فالأحوط لزوماً الجمع بين تنفيذ الوصيّة واستنابة من يقدر على أداء العمل الاختياري من أصل التركة.

س 2 - شخص أوصى بالحجّ من ثلثه وعيّن شخصاً معيّناً لأدائه ولكنّ الورثة استنابوا غيره للحجّ عنه فما هو حكم حجّه وعلى من تكون أجرته؟

ج- حجّه صحيح ولكنّ الأجرة يضمنها الورثة فإن كان الموصى به حجة الإسلام صرف الثلث فيما هو الأقرب إلى نظر الموصي وإن كان حجّاً مندوباً لزم تنفيذ الوصيّة.

ص: 208


1- تقدّم بيان المقصود من ذلك، وفي المقام إذا كان للموصي غرض ومطلوب واحد وهو الحج باستنابة زيد لا غيره فهذا معناه أنّ الوصية على سبيل وحدة المطلوب، وأمّا إذا كان له مطلوبان: الأول أن يحج عنه زيد فإن لم يمكن فشخص آخر فهذا معناه أنّ الوصية على سبيل تعدد المطلوب

س3- إذا اوصى الاب ولده الاكبر بالحجّ عنه ثم استطاع بالارث، فهل يجوز له الحجّ عن أبيه؟

ج- إذا ّكان واثقاً من أدائه في عام لاحق جاز له الحجّ عن ابيه وإلاّ فالوصيّة باطلة، هذا إذا كانت الوصيّة بالحجّ في نفس عام الاستطاعة، وإلاّ أتى بالحجّ عن نفسه، ويؤخر الحجّ عن ابيه إلى عام لاحق.

س 4 - رجل مات فاشترك ثلاثة من اولاده في دفع تكاليف بطاقة الذهاب إلى الحجّ لينوب عنه في ذلك ولده الاكبر، ولكنه توفي وقد اوصى إلى الاكبر من بعده بالحجّ المذكور ، فاستخدم تلك البطاقة وذهب إلى المدينة المنورة للحجّ عن أبيه ولكنّه تبين له انه بنفسه كان مستطيعاً للحجّ فهل ينفّذ وصيّة اخيه بالحجّ عن الاب أو يحجّ لنفسه وكيف يعوض أخويه عن ثمن البطاقة؟

ج- إذا كان واثقاً من تمكنه من اداء الحجّ لنفسه في عام لاحق فبإمكانه الحجّ عن ابيه في هذه السنة وإلاّ يلزمه الحجّ لنفسه، ويعوض حصة أخويه في البطاقة بقيمتها السوقية لا الرسمية.

س 5 - مات شخص وقد اوصى بأداء ولده الاكبر الحجّ عنه ولكن هناك عوائق من قيام الولد الاكبر بذلك في عام الوفاة فما هو الحكم؟

ج - إذا كانت الوصيّة مطلقة أي غير محددة بعام الوفاة يؤجل تنفيذها إلى حين يتيسر ذلك للولد الاكبر .

ص: 209

الأمر الثامن حكم ما لو كان المال الموصى به للحج فيه الخمس او الزكاة

إذا أوصى بالحج عنه بمال معين، وعلم الوصي أن المال فيه خمس او زكاة، فهل يجوز له صرف ذلك المال بتمامه في الحج او يجب عليه اولاً اخراج الخمس او الزكاة؟

ج- يجب عليه اخراج الخمس او الزكاة أولاً، ثم يصرف الباقي في الحج إن وفى به بلا فرق بين حجة الإسلام وغيرها.

نعم إذا كان الحج مستحباً فإن لم يزد الباقي عن الثلث فلا اشكال وأمّا إذا زاد فلابد من تحصيل رضا الورثة.

س- لو أخرج الوصي الخمس او الزكاة، ولم يفِ الباقي بمصارف الحج فما الحكم؟

ج - إن كان الحج الموصى به هو حجّة الإسلام وجب تتميم الباقي من أصل التركة، وأمّا إذا كان غير حجّة الإسلام - سواءً كان واجباً او مستحباً- فیصرف الباقي في وجوه الخير إن كانت الوصية على نحو تعدد المطلوب، وأمّا إذا كانت على سبيل وحدة المطلوب فيرجع الباقي ميراثاً (1) .

الأمر التاسع حكم ما لو باع شيئا واشترط على المشتري صرفه في الحج عنه

إذا باع داره - مثلاً - بمبلغ معين، واشترط على المشتري أن يصرف

ص: 210


1- تقدّم في الامر السادس بيان المقصود من كون الوصية على نحو وحدة المطلوب او تعدده

الثمن في أداء الحج عنه بعد وفاته، كان الثمن من التركة، وتجري عليه أحكام التركة، وللتوضيح أكثر نقول:

ههنا ثلاثة أمور:

1 - بيع الدار بمبلغ معين وهو يقتضي صيرورة الدار ملكاً للمشتري، والثمن ملكاً للبائع ، فلو مات البائع فالثمن الذي بيد المشتري يصير من التركة، وتجري عليه أحكام التركة، ولا يختلف عن سائر أموال البائع التي بيد غيره او التي تكون ديوناً على الاخرين.

2 - وصية البائع الى المشتري بأن يصرف الثمن – الذي هو امانة عنده او دين على ذمته (1) - في الحج عنه بعد وفاته .

3 - اشتراط البائع على المشتري - في ضمن عقد البيع - تنفيذ الوصية، ومعناه جعل البيع معلقاً على التزامه بتنفيذ الوصية، فلو تخلّف يثبت الخيار.

وبعد اتضاح ذلك يوجد صورتان :

الصورة الأُولى: أن يكون الموصى به حجّة الإسلام أي أنّ البائع قد أوصى المشتري بصرف الثمن في حجّة الإسلام، وهنا حالتان :

الحالة الأُولى: أن يكون الثمن بمقدار أُجرة المثل للحج او أقل منها، وفي هذه الحالة تنفذ الوصية، ويجب على المشتري أن يصرف الثمن في الحج

ص: 211


1- إذا كان الثمن شخصياً بأن باعه الدار بهذه الأوراق النقدية المعينة مثلا فيصير الثمن المشتري، وأما إذا كان كلياً بأن باعه الدار بمبلغ معين ولم يشخصه في أوراق نقدية معينة فيصير الثمن ديناً على ذمة المشتري

عن الميت، فإذا لم يفعل فيحق للولي فسخ البيع، وترجع الدار ضمن التركة، وتجري عليها أحكام التركة، التي منها وجوب اخراج حجّة الإسلام عن الميت.

الحالة الثانية: أن يكون الثمن أزيد من أجرة المثل، وهنا تصح الوصية وتنفذ أيضاً، ولكن الزائد على اجرة المثل يخرج من الثلث، فإن لم يسعه الثلث فالأمر منوط بموافقة الورثة، فإن رضوا بدفع الزائد من أموالهم فبها ، وإن لم يرضوا يرجع الزائد اليهم.

الصورة الثانية: أن يكون الموصى به غير حجّة الإسلام – سواءً كان مستحباً ام واجباً بنذر او غيره - وهنا يلزم الشرط ويجب على المشتري تنفيذ الوصية أيضاً، ولكن تمام اجرة الحج تخرج من الثلث إن وفى بها.

س - إذا لم يف الثلث بأجرة الحج فما الحكم؟

ج- الأمر راجع الى الورثة في المقدار الزائد، فإن رضوا بصرفه من أموالهم فبها ، وإن لم يرضوا فلا يلزم الشرط في المقدار الزائد، وتبطل الوصية، ويعطى الثلث الى الولي ليصرفه في شؤون الميت، فمثلاً : لو كان ثلث الميت من جميع تركته بمقدار سبعة ملايين وكان ثمن البيت ثمانية ملايين، والمفروض أنّهجعل ثمن البيت أجرة للحج، وهو أزيد من الثلث بمليون، فهذا المليون منوط برضا الورثة، فإن لم يرضوا بدفعه فيرجع اليهم.

ص: 212

الأمر العاشر حكم ما لو ملّكه الدار مثلاً بصلح وشرط عليه الحج عنه

إذا ملّكه داره بالصلح بشرط أن يحج عنه بعد وفاته، بمعنى لو صالح شخصاً على داره بأن يملّكه الدار بالصلح - سواءً كان الصلح بعوض ام بدونه- واشترط عليه أن يحج عنه بعد موته، فجعل الحج شرطاً في الصلح وليس هو - الحج - بدلاً عن الدار ، فالمشروط عليه (المصالح) ملك الدار بعقد الصلح واشتمل العقد على شرط وهو أن يحج عنه بعد وفاته، ويترتب على ذلك أمران :

1 - خروج الدار عن ملك المصالِح وانتقالها الى ملك المصالَح بنفس عقد الصلح وفي حياة المصالِح.

2 - يبقى حق للمصالِح الشارط - بسبب الشرط في ضمن عقد الصلح - على المصالح وهو الحج عنه، وهذا الحق لا ينتقل الى الورثة، فلا حق للوارث لا في الدار ولا في الحج المشروط، وليس للوارث اسقاط هذا الشرط عن المشروط عليه.

س 1 - لو تخلّف المشروط عليه عن الوفاء بالشرط ولم يحج عن الميت فمال الحكم؟

ج- يجوز لولي الميت الزامه بالحج عن الميت بنفسه او بإرسال شخص آخر، كما أنّه يثبت الخيار لولي الميت - وهو الوصي او الحاكم الشرعي و لا يثبت للورثة - فإذا فسخ عقد الصلح رجعت الدار الى ملك الميت فتكون

ص: 213

ميراثاً لورثته.

س 2 - ما الفارق بين هذا الأمر (الصلح على الدار) والأمر السابق (بيع الدار)؟

ج- هما يشتركان في نقطة ويختلفان في أخرى : فهما يشتركان في كون كل منهما (عقد البيع وعقد الصلح) تضمن شرطاً وهو أداء الحج عن الميت، فيبيعه الدار او يملّكه بصلح بشرط أن يحج عنه بعد وفاته.

ويختلفان في نقطة وهي في الأمر السابق كان المشروط هو اخراج الحج عن الميت بالثمن الذي هو باقي على ملكه وهو أمانة او دين على المشتري، وأمّا في هذا الأمر فالمشروط هو أداء الحج عن الميت بعد وفاته على أن يتكفل المشروط عليه بنفسه لنفقة الحج ولا تخرج النفقة من تركة الميت.

الأمر الحادي عشر حكم ما لو ملكه الدار بهبة بشرط أن يبيعها ويصرف ثمنها في الحج عنه بعد موته

إذا ملّكه داره مثلاً بهبة بشرط أن يبيعها ويصرف ثمنها في الحج عنه بعد موته ، فالهبة صحيحة، ويترتب على ذلك أمران:

1 - خروج الدار عن ملك الواهب في حياته، ولا يكون للوارث بعد موت الواهب حق في الدار .

2- الشرط لازم - على الموهوب له - وهو أن يبيع الموهوب له الدار

ص: 214

ويصرف ثمنها في الحج عن الميت، فالمشروط هو صرف ثمن الدار بعد بيعها في أداء الحج، فيجب على الموهوب له ذلك.

س 1 - لو تخلّف الموهوب له عن الوفاء بالشرط ولم يصرف ثمن الدار في الحج عن الميت فماذا يترتب على ذلك؟

ج- يحق لولي الميت الزامه ببيع الدار وصرف ثمنها في أداء الحج عن الميت، كما يثبت للولي - الوصي او الحاكم الشرعي دون الوارث- الخيار في فسخ عقد الهبة، فإذا فسخ رجعت الدار الى ملك الميت، فتكون ميراثاً لورثته.

س 2 - ما الفرق بين هذا الأمر (تمليك الدار بهبة) وبين الأمر التاسع (بيع الدار)؟

ج- هما يشتركان في أمر ويختلفان في أمرين : فهما يشتركان في كون كل منهما (عقد البيع وعقد الهبة) تضمّن شرطاً، ويختلفان في أمرين:

1 - في البيع الشرط هو أداء الحج عن الميت، وفي الهبة الشرط هو صرف ثمن الدار بعد بيعها في الحج عنه بعد وفاته.

2- في البيع كان المشروط هو اخراج الحج عن الميت بالثمن الذي هو باقي على ملكه وهو أمانة او دين على المشتري، وأمّا في الهبة فالدار خرجت ملك الواهب في حياته على أن يبيعها بعد وفاته ويصرف ثمنها في نفقة الحج عنه، ولا تخرج النفقة من تركة الميت.

س 3- ما الفرق بين هذا الأمر (تمليك الدار بهبة) وبين الأمر السابق

ص: 215

(تمليك الدار بصلح)؟

ج- الفارق بينهما : في الأمر السابق كان المشروط في عقد الصلح هو الحج نفسه، فهو ملّكه الدار بالصلح بشرط أن يحج عنه بعد وفاته، وأمّا في الهبة فالمشروط هو صرف ثمن الدار الموهوبة بعد بيعها في الحج عنه بعد وفاته.

المقام الثاني ما يرتبط بالوصي

و فیه امور :

الأمر الاول حكم الشك في تنفيذ الوصي للوصية

لو مات الوصي - بإخراج الحج عن الميت - فهنا ثلاثة حالات :

الحالة الأُولى: أن نعلم بقيامه بتنفيذ الوصية قبل موته والاستئجار للحج عن الميت ، فلا اشكال في ذلك، ولا يجب الاستئجار مرة ثانية.

الحالة الثانية: أن نعلم بعدم تنفيذ الوصية قبل موته، فيجب الاستئجار من أصل التركة إذا كان الموصى به حجّة الإسلام، ومن الثلث إن كان الموصى به غيرها ، سواءً كان مستحباً او واجباً .

الحالة الثالثة: أن نشُك في أنّه نفذ الوصية قبل موته واستأجر للحج عن الميت او لم ينفذها، فعلامَ يُبنى؟

ص: 216

ج - يُبنى على عدم تنفيذها، فيجب الاستئجار للحج عن الميت من أصل التركة إن كان الموصى به حجّة الإسلام، ومن الثلث إن كان غيرها.

س- إذا قبض الوصي المال، وشككنا في تنفيذه الوصية قبل موته، فما حكم ذلك المال؟

ج- هنا صورتان:

الصورة الأُولى: أن يكون المال موجوداً بعينه في تركة الوصي - بعد موته- وفي هذه الحالة يؤخذ ذلك المال ويرجع للتركة، بلا فرق بين الحالتين

التاليتين:

1- سواءً كان المال مميّزاً في تركة الوصي كما لو جعله في ظرف وكتب عليه، ام لم يكن مييزاً.

2- وسواءً احتملنا أنّ الوصي قد استأجر للحج قبل موته ودفع بدل هذا المال الى الأجير، وتملّك هذا المال بدلاً عما أعطاه، ام لم نحتمل ذلك.

الصورة الثانية : أن لا يكون المال موجوداً، فلا ضمان على الوصي لأنّه أمين ، والأمين لا يُخوّن ، لاحتمال تلف المال عنده بلا تفريط، ولا يضمن إلا مع التفريط .

الأمر الثاني حكم تلف المال بيد الوصي

إذا تلف المال بيد الوصي، فهنا حالات ثلاثة :

ص: 217

الحالة الأُولى: أن نعلم أنّه تلف بتعدي منه او تفريط، ولا اشكال في وجوب الضمان عليه.

س - ماذا يقصد من التعدي والتفريط ؟

ج- التعدي هو التصرف بما لم يؤذن فيه كما لو ابقاه عنده وأخّره ولم يصرفه في الحج بلا مبرر للتأخير الى أن تلف المال، وأمّا التفريط فهو الإهمال في حفظ المال.

الحالة الثانية : أنّ نعلم أنّه تلف بلا تعدي ولا تفريط منه فلا يضمنه بلا اشکال، ويجب حينئذٍ الاستئجار من بقية التركة إذا كان الموصى به حجّة الإسلام، ومن بقية الثلث إن كان الموصى به غير حجّة الإسلام، سواءً كان مستحباً ام واجباً.

س 1 - إذا كانت بقية التركة او بقية الثلث (1) موزعة على الورثة فما الحكم؟

ج - يسترجع منهم مقدار أُجرة الحج بنسبة حصصهم.

س 2 - إذا استؤجر أحد للحج ومات قبل الاتيان بالعمل، فما الحكم؟

ج- إذا كان له تركة وأمكن اخذ الأجرة منها، فتؤخذ ويُستأجر بها شخص آخر للحج، وأمّا إذا لم يكن له تركه ، او كان له تركة ولكن لا يمكن

ص: 218


1- مثلا لو كان مقدار التركة (24) مليوناً فثلثها (8) مليون، فلو كانت كلفة الحج (4) مليون، وقد أوصى بالحج عنه - غير حجّة الإسلام-، وتلفت الأجرة عند الوصي بلا تعدي وتفريط، فيكشف ذلك عن أنّ ال(4) ملايين الباقية من الثلث لم تنتقل الى الورثة بل باقية على ملك الميت فيجب إخراجها للحج عنه

أخذ الأجرة منها، فيعد ما دفع للأجير بمنزلة التالف، ويجب الاستئجار من باقي تركة الميت للحج عنه إن كان الموصى به حجّة الإسلام، ومن باقي الثلث إن كان الموصى به غيرها.

الحالة الثالثة: أن نشك في أنّ التلف كان عن تعدي او تفريط حتى يضمن او من دونهما فلا يضمن، وفي هذه الحالة لا ضمان على الوصي، ولا يجوز تغريمه، ويجب الاستئجار من بقية التركة إن كان الموصى به حجّة الإسلام ومن بقية الثلث إن كان الموصى به غيرها .

الأمر الثالث عدم جواز صرف المال مع احتمال زيادته عن الثلث

إذا أوصى شخص بمقدار من المال لغير حجّة الإسلام - سواءً كان مستحباً ام واجباً - كما لو أوصى بالحج عنه بمقدار عشرة ملايين ، وأحتمل الوصي أنّها زائدة على ثلث الميت ، فهل يجوز له صرفها في الحج ؟

ج- لا يجوز له صرفها جميعها في الحج إلا برضا الورثة.

ص: 219

المقام الثالث ما يرتبط بتفريغ ذمة الميت من الحج والقضاء عنه

وفيه أمور:

الأمر الأول وجوب قضاء الحج عن الميت

من استقرت عليه حجّة الإسلام، ومات قبل أدائها، فهل يجب على الورثة تفريغ ذمته بالقضاء عنه بأنفسهم او باستئجار من يحج عنه ؟

ج - تقدّم أنّه إذا كان للميت تركة وجب القضاء عنه - إمّا بأنفسهم او باستئجار من يقضي عنه، وأمّا إذا لم يكن له تركة فلا يجب عليهم عنه - لا بأنفسهم ولا باستئجار من يحج عنه - نعم يستحب تفريغ ذمة الميت ولاسيما لقرابته.

س- إذا علم الوارث استقرار الحج على الميت، وشك في أدائه، فهل يجب القضاء عنه او لا؟

ج - نعم يجب القضاء عنه ويخرج من أصل التركة.

لفت نظر

اشارة

ونلفت النظر الى أنّه لا يجب على الورثة تفريغ ذمة الميت مما اشتغلت به، لا على الولد الأكبر ولا على غيره الا في الحالات التالية:

1 - أن يكون ما اشتغلت به ذمته هو حجّة الإسلام وكان له تركة

ص: 220

وافية بمصارف الحج، وأمّا إذا لم يكن له تركة او كان له ولكن لم تكن وافية بمصارف الحج فلا يجب عليهم تفريغ ذمته، كما سيأتي.

2 - أن يكون ما اشتغلت به ذمته هو الدين فيجب إخراجه من أصل التركة، وتفريغ ذمة الميت.

3- أن يكون ما اشتغلت به ذمته هو الزكاة او الخمس، وكان ملتزماً بأداء الخمس، فيجب تفريغ ذمته، وأمّا إذا لم يكن ملتزماً فلا يجب عليهم تفريغ ذمته من الخمس.

4 - أن يكون ما اشتغلت به ذمته غير ما تقدّم كما لو اشتغلت بالصلاة او الصيام او الكفارة او الفدية او غير ذلك، وقد أوصى بتفريغ ذمته، فيجب العمل بالوصية وتخرج من الثلث إن وفى الثلث بها.

5- أن يكون ما اشتغلت به ذمته هو الصلاة والصيام ولم يوص بالقضاء عنه، فالاحوط وجوباً على الولد الأكبر أن يقضي ما فات أباه بعذر من الصلاة والصيام، وأمّا إذا كان الفائت بغير عذر او أوصى بالقضاء عنه (1) ، فيسقط القضاء عن الولد الأكبر.

نعم يستحب تفريغ ذمة الميت ولاسيما لقرابته مطلقاً - من الحج وغيره-.

ص: 221


1- بمجرد الوصية يسقط القضاء عن الولد الاكبر

الأمر الثاني فورية وجوب الاستنابة

من مات وعليه حجّة الإسلام، وكانت تركته وافية بمصارفها، وجب على الورثة تفريغ ذمته إمّا بأن يحجوا عنه او يستأجروا من يحج عنه - كما تقدّم -، ولكن هل لزوم تفريغ ذمة الميت على الفور وفي السنة الأُولى بعد الوفاة او يجوز التأخير؟

ج- الاحوط وجوباً المبادرة الى تفريغ ذمته في السنة الأُولى بعد الوفاة، ويكفي في تفريغ ذمته الحج عنه من الميقات او استئجار من يحج عنه من الميقات، ولا يجب أن يكون من البلد.

س 1 - لو لم يمكن الاستئجار في السنة الأُولى من الميقات فهل يجوز التأخير الى السنة اللّاحقة او يلزم الاستئجار من البلد وإن كانت الكلفة أزيد؟

ج - الاحوط لزوماً الاستئجار من البلد وعدم التأخير الى السنة اللّاحقة - حتى لو علم الورثة او الوصي بإمكان الاستئجار في السنة اللّاحقة من الميقات - ولكن الزائد على اجرة الميقات لا يحسب على الصغار من الورثة بل يخرج من حصص الكبار وإن لم يكن برضاهم.

س 2 - إذا لم يتيسر في السنة الأُولى الاستئجار عن الميت إلا بأزيد من اجرة المثل - كما لو كانت اجرة المثل ستة ملايين، ولكن لم يجد الوارث او الوصي في السنة الأُولى بعد الوفاة إلا من يحج بسبعة ملايين- فهل يلزم

ص: 222

المبادرة والاستئجار بسبعة ملايين او يجوز التأخير الى السنة اللّاحقة؟

ج- الاحوط وجوباً المبادرة والاستئجار عنه وعدم التأخير الى السنة اللّاحقة توفيراً على الورثة - حتى مع علم الورثة او الوصي بإمكان الاستئجار في السنة اللّاحقة بأُجرة المثل - ولكن الزائد على اجرة المثل (وهو المليون في المثال) يخرج من حصص الكبار وإن لم يكن برضاهم، ولا يحسب على الصغار.

س 3- إذا وجب الاستئجار للحج عن الميت بوصية – سواءً كانت حجّة الإسلام او غيرها - او بغير وصية - كما لو كانت حجّة الإسلام - وكان يمكن الاستئجار في السنة الأُولى، ولكن الوصى او الوارث أهمل ولم يستأجر حتى تلف المال، فهل يضمنه او لا؟

ج - نعم يضمنه ويجب عليه الاستئجار من ماله.

تنبيهات :

التنبيه الأول: الاحوط وجوباً المبادرة الى تفريغ ذمة الميت في السنة الأُولى بعد الوفاة بلا فرق بين البناء على كون فورية وجوب الحج عقلية او شرعية، فإن تلك مسالةٌ خاصة بالحي.

التنبيه الثاني : الوارث او الوصي إنّما يضمن إذا أهمل وتلف المال، وأمّا إذا أهمل ولم يستأجر الى أن انخفضت قيمة المال ولم تفِ بمصارف الحج فلا يكون ضامناً وإن كان آثماً .

ص: 223

التنبيه الثالث: الكلام في الفورية يقع في ثلاثة موارد :

الأول: فورية وجوب الحج على الحي، واتضح أنها عقلية من باب الاحتياط، كما تقدّم.

الثاني: فورية وجوب الاستنابة في الحج على العاجز عن المباشرة وكان مستطيعاً مالياً، وقد تقدّمت أيضاً.

الثالث: فورية وجوب الاستنابة عن الميت او تفريغ ذمته، وهي محل الكلام في هذا الأمر.

أسئلة تطبيقيّة :

س- من مات وعليه حجّة الإسلام وقد اوصى بادائها عنه وكانت تركته وافية بذلك ولكن قصر الورثة فلم يستأجروا من ينوب عنه حتى انخفضت قيمة العملات الورقية التي كانت من ضمن التركة فلم تعد وافية بتكاليف الحجّ فهل يضمن الورثة ذلك الانخفاض؟

ج- لا ضمان عليهم وإن كانوا آثمين في حبس المال.

الأمر الثالث لا تبرأ ذمة الميت بمجرد الإجارة للحج

إذا كانت ذمة الميت مشغولة بحجّة الإسلام، فلا تبرأ بمجرد استئجار شخص للحج عنه، وإنّما تبرأ إذا حج عنه الأجير، فإنّ الثابت في ذمة الميت هو الحج، فما لم يحصل خارجاً لا تبرأ ذمته .

ص: 224

س 1 - لو علم الورثة أنّ الأجير لم يحج عن الميت – بعذر او من دون عذر - فما هي وظيفتهم؟

ج- يجب عليهم الاستئجار ثانياً، وتخرج الأجرة الثانية من أصل التركة كالأولى .

س 2- وهل يجب استرداد الأجرة من الأجير الأول في حال بطلان الإجارة او فسخها (1) ؟

ج- هنا حالتان:

الحالة الأُولى: أن تكون الأجرة من مال الميت أي من ثلثه بعد عزله وفرزه – كما لو أوصى بالحج عنه من ثلثه ، والوارث عزل الثلث، وجُعلت الأجرة منه - وفي هذه الحالة يجب استرداد الأُجرة من الأجير إن أمكن ذلك.

الحالة الثانية: أن تكون الأجرة من أصل التركة، وفي هذه الحالة يرجع أمر استردادها الى الورثة.

ص: 225


1- الإجارة تارة تبطل وذلك في حال عدم القدرة على الاتيان بمتعلّقها كما لو استؤجر للحج في سنة الوفاة فمرض الأجير ولم يتمكن من الحج، فإنّ ذلك يكشف عن بطلان الإجارة لعدم قدرة الأجير على العمل المستأجر عليه، وأخرى لا تبطل كما لو كان الأجير قادراً على الاتيان بالحج، ولكنه تركه عمداً فلا تبطل الإجارة وإنّما يحق للمستأجر فسخ الإجارة ويُرجع الأجرة المسماة كما يحق له عدم الفسخ ومطالبة الأجير بأُجرة مثل العمل

الأمر الرابع حكم تعدد الاجراء

إذا تعدد الاجراء تعين استئجار من لا تكون استنابته منافية لشأن الميت حتى لو كان غيره أقل أجرة ، فمثلاً : لو كان الميت أحد الفضلاء او العلماء فالمناسب لشأنه أن يستناب عنه أحد طلاب العلم، وهكذا لو كان الميت شخصية اجتماعية وله وجاهة فالمتعين استنابة من له وجاهة اجتماعية عنه بحيث لو استؤجر عنه شخص عادي لكان حطاً من كرامته.

س 1 - لو كان في الورثة قصّر - صغار اومجانين- او كان بعض الورثة غير راضين باستئجار المناسب لشأن الميت لكون غيره أقل اجرة منه، فهل

يتعين استئجاره او لا يجوز؟

ج- يجب استئجاره حتى وإن كان في الورثة قصّر او غير راضين.

س 2- لو كان على الميت واجبات مالية (1) متعلّقة بذمته، كما لو كان عليه خمس او زكاة او كان عليه غير الواجبات المالية مما اشتغلت ذمته بها وأوصى بإخراجها كالصلاة والصوم، وكانت التركة قاصرة عن استئجار من لا تكون اجارته منافية لشأن الميت وعن اخراج تلك الواجبات، فهل المتعين استئجار المناسب لشأن الميت وترك تلك الواجبات، او المتعين استئجار المنافي لشأن الميت وإخراج تلك الواجبات؟

ج- الاحوط وجوباً استئجار من تكون استنابته منافية لشأن الميت

ص: 226


1- المقصود الواجبات المتعلقة بالمال أعم من الحق وغيره، ولا يراد بها الواجبات المالية الاصطلاحية، لأن الزكاة والخمس من الحقوق المالية لا الواجبات المالية

واخراج تلك الواجبات، فمثلاً : لو ترك الميت سبعة ملايين، وكانت اجرة المنافي لشأنه خمسة ملايين، واجرة المناسب لشأنه ستة ملايين، وكان عليه زكاة او خمس بمقدار مليونين، فيتعين - على الاحوط وجوباً - استئجار المنافي وإخراج الخمس او الزكاة.

الأمر الخامس حكم التصرف بالتركة قبل اخراج الحج

من مات وعليه حجّة الإسلام، فهل يجوز - تكليفاً- لورثته التصرف في التركة قبل اخراج الحج عنه او لا يجوز؟

ج- لا يجوز لهم التصرف في التركة تصرّفاً ينافي أداء الحج، بلا فرق بين أن يكون مصرف الحج مستغرقاً للتركة - كما لوكان مقدار التركة ستة ملايين وكلفة الحج ستة ملايين- او لم يكن مستغرقاً – كما لو كان مقدار التركة عشرة ملايين وكلفة الحج ستة ملايين -

وأمّا إذا كان التصرف في التركة لا ينافي أداء الحج - كما لو كانت التركة عشرة ملايين، وكانت كلفة الحج ستة ملايين، وهم باعوا او وهبوا من التركة أربعة ملايين - فهو جائز بلا اشكال.

س - لو تصرف الورثة بالتركة تصرفاً متلفاً كما لو باعوها او وهبوها او غير ذلك، فهل يصح البيع او الهبة او لا؟

ج - هنا حالتان:

ص: 227

الحالة الأُولى: أن يكون التصرف متلفاً حتى لمصارف الحج كما لو باعوا كل التركه او وهبوها، وهنا لا تصح تلك التصرفات، فلا يصح البيع ولا الهبة، سواءً كانت مصارف الحج مستغرقة للتركة او لا .

الحالة الثانية: أن يكون التصرف فيما عدا مصارف الحج - وذلك يكون في صورة عدم استغراق مصارف الحج للتركة كما لو كانت التركة عشرة ملايين، وكانت كلفة الحج ستة ملايين وهم باعوا من التركة او وهبوا بمقدار أربعة ملايين، وفي هذه الحالة تصح تلك التصرفات فيصح البيع او الهبة او غيرهما.

الأمر السادس قصور التركة عن الوفاء بمصارف الحج

مات وعليه حجّة الإسلام، ولم تكن تركته وافيه بمصارف الحج - كما لو كان مقدار التركة ثلاثة ملايين وكلفة الحج ستة ملايين- فهل يجب على الورثة تتميمها من مالهم الخاص؟

ج- لا يجب عليهم تتميمها من أموالهم ، فلا يجب عليهم تفريغ ذمة الميت، نعم يستحب لهم ذلك.

س- إذا لم تفِ التركة بمصارف الحج، كما لا يجب على الورثة تتميمها من مالهم الخاص، فهل ترجع ميراثاً او تصرف في غير الحج مما اشتغلت به ذمة الميت؟

ج- يجب أن تصرف في الزكاة او الخمس إن كان عليه شيء من ذلك،

ص: 228

وإلا فهي للورثة.

تنبیه :

إنّما يجب على الورثة اخراج الخمس المتعلّق بعين التركة او تفريغ ذمة الميت من الخمس إذا كان ملتزماً بالخمس، وإلا فلا يجب عليهم ذلك، كما سيأتي في الأمر الثامن.

الأمر السابع حكم الوديعة عند موت المودع الذي عليه حجّة الاسلام

من مات وعليه حجّة الاسلام وكان له عند شخص وديعة، قيل: إن الودعي إذا احتمل أن الورثة لا يؤدّونها إن ردّ المال إليهم جاز له بل وجب عليه أن يحجّ بها عنه بنفسه أو باستئجار غيره لذلك، فإذا زاد المال عن أجرة الحجّ ردّ الزائد إلى الورثة، ولكن هذا الحكم لا يخلو عن إشكال، والاحتياط الوجوبي يقتضي أن يرد الوديعة الى الورثة او يكون الحج او الاستئجار بإذنهم وبرضاهم.

الأمر الثامن التزاحم بين الخمس او الزكاة والحج

من مات وعليه حجّة الإسلام، وكان عليه خمس او زكاة وقصرت التركة عن الوفاء بكلفة الحج إذا أخرج الخمس او الزكاة، فهل يجب على الورثة تقديم الحج او اخراج الخمس او الزكاة؟

ص: 229

ج- هنا صورتان:

الصورة الأُولى: أن يكون الخمس او الزكاة متعلّقان بعين المال (1) - لا فيذمة الميت - فهنا يلزم تقديم الخمس او الزكاة على الحج.

الصورة الثانية : أن يكون الخمس او الزكاة متعلّقان بذمة الميت، فيقدّم الحج عليهما .

تنبيهات :

التنبيه الأول: إذا تعلّق الخمس بعين المال الموروث كالدار، والمورّث (الميّت) لم يخرج الخمس في حياته، فهل يجوز للورثة او غيرهم التصرف

في التركة بمثل الصلاة فيها وغير ذلك او لا يجوز؟ وهل يجب على الورثة إخراج الخمس عنه ؟

ج - توجد حالتان :

الحالة الأُولى: أن يكون الميّت ممن يعطى الخمس وملتزماً به ولكنّه مات أثناء السنة او قبل إخراج الخمس، فيجب على الورثة إخراج الخمس ولا يجوز لهم التصرف بمثل الصلاة وغيرها قبل إخراج الخمس.

الحالة الثانية : أن يكون الميت ممن لا يعطي الخمس وغير ملتزم به، فلا يجب على الورثة إخراج الخمس عنه ويجوز لهم التصرف في التركة، إلا إذا

ص: 230


1- الخمس والزكاة يتعلّقان بعين المال، ولكن أحيانا ينتقلان الى ذمة المكلّف كما لو اتلف العين التي تعلّق بها الخمس او الزكاة فتشتغل ذمته بذلك، وكما لو اجرى مصالحة مع الحاكم الشرعي او وكيله او أجرى مداورة على نقل الخمس من العين الى الذمة

أوصى الميّت بإخراج الخمس عنه فيجب حينئذٍ العمل بالوصية وإخراج الخمس من أصل التركة إلا إذا قيّد في الوصية إخراج الخمس من الثلث

فيخرج من الثلث، ولا يجوز التصرف قبل إخراج الخمس.

التنبيه الثاني : إذا كانت ذمة الميّت مشتغلة بالخمس، كما لو تعلّق الخمس بالدار وأجرى المالك مصالحة او مداورة (1) مع الحاكم الشرعي او وكيله ونقل الخمس الى ذمته، ومات قبل اخراج الخمس، فهل يجوز للورثة او غيرهم الصلاة في تلك الدار والتصرف فيها ؟

ج - نعم يجوز لهم الصلاة فيها والتصرف فيها.

و هل يجب على الورثة اخراج الخمس عنه ؟

ج - يأتي فيه التفصيل المتقدّم في التنبيه الأول.

ص: 231


1- المصالحة هي إجراء عقد صلح بين المكلّف والحاكم الشرعي او وكيله ولها موردان: الأول: إجراء عقد الصلح في المال الذي يشك المكلّف في تعلّق الخمس به بمقدار نسبة احتمال المكلّف في تعلّق الخمس بالمال، كما لو كان عنده مال وشك هل خمسه سابقاً أو لا، فيجري صلحاً مع الحاكم او وكيله لإبراء ذمته. الثاني: إجراء عقد الصلح بين المكلّف والحاكم او وكيله لنقل الخمس من العين الى ذمة المكلّف بشرط عدم تمكنه من دفع الخمس او حاجته الى الخمس بحيث يشق عليه دفعه. وأمّا المداورة فهي طريقة لنقل الخمس من عين المال الى ذمة المكلّف، فإذا تعلّق الخمس بالدار مثلاً ولم يتمكّن المكلّف من دفعه او كان بحاجة اليه في تجارته مثلاً بحيث يقع في حرج لو أخرج الخمس فيجري المداورة مع الحاكم الشرعي او وكيله لنقل الخمس من الدار الى ذمته بهذه الطريقة: يدفع المكلّف الخمس للحاكم او وكيله، ويقوم الحاكم او الوكيل بعد استلامه للخمس بإقراضه للمكلف على أن يؤديه بعد ذلك دفعة واحدة او بالتقسيط من دون تهاون بالأداء، وقد يحدد له فترة معينة، وبذلك ينتقل الخمس من العين الى ذمة المكلّف

التنبيه الثالث: لا اشكال في أنّ الخمس يتعلّق بعين المال، فإذا تعلّق بالدار وجب إخراج خمسها، ولا يجوز للمالك التصرف فيها بمثل الصلاة وغيرها قبل إخراج الخمس إلا بإذن الحاكم الشرعي، لأنّ الدار بعد تعلّق الخمس فيها تصير مشتركة بين المالك وأصحاب الخمس ، ولا يجوز التصرف بالمال المشترك إلا بتأدية حق الشركاء او إذنهم ، فلا يجوز للمالك الدخول والجلوس والصلاة في الدار وغير ذلك.

التنبيه الرابع : إذا كان الشخص لا يخرج الخمس من أمواله وتعلّق الخمس بها فقد تقدّم أن المالك لا يجوز له التصرف في المال الذي تعلّق فيه الخمس والصلاة فيه قبل إخراج خمسه او مراجعة الحاكم الشرعي، ولكن هل يجوز لعائلته وغيرهم من الناس الأكل والشرب عنده والدخول والصلاة في بيته او لا يجوز؟

ج- نعم يجوز لهم ذلك، فإنّ الأئمة (صلوات الله عليهم) - تفضلاً منهم على شيعتهم - قد أجازوا لشيعتهم التصرف في هذا المال وأباحوه لهم

بعد إذن المالك، فيجوز لهم الأكل والشرب والدخول في منزله والصلاة فيه وقبول هداياه، ويكون المهنّاً لهم والوزر والإثم على مانع الخمس.

التنبيه الخامس : تقدّم أن الخمس والزكاة يقدّمان على الحج في حال الحياة، فإذا كان على المكلّف خمس او زكاة، وكان عنده مقدار من المال ولكن لا يفي بمصارف الحج لو أدى منه الخمس او الزكاة، فهل يُعدّ مستطيعاً بذلك المال ويقدّم الحج، او يجب عليه تقديم الخمس او الزكاة على الحج

ص: 232

وحينئذٍ تزول الاستطاعة ؟

ج- الواجب عليه هو تقديم الخمس او الزكاة، ولا يجب عليه الحج - سواءً كانا ثابتين في عين المال او ثابتين في الذمة-

هذا إذا لم يكن الحج مستقراً على المكلّف، وأمّا إذا كان مستقراً عليه فيُفصّل كالتالي:

إن كان الخمس متعلّقاً بعين المال فيقدم الخمس إلا أن يستأذن من الحاكم الشرعي، فإذا أذن له فيقدم الحج ، وأمّا إذا كان مديناً بالخمس – بأن تعلّق الخمس بذمته - فيقدّم الحج لكونه أهم.

الأمر التاسع التزاحم بين الدين والحج

مات وعليه حجّة الإسلام وكان عليه دين، وقصرت التركة عن الوفاء بكلفة الحج إذا اُخرج الدين، فهل يجب على الورثة تقديم الحج او الوفاء بالدين؟

ج- يجب تقدّم الدين على الحج.

تنبیه :

تقدّم أنّ الدين يتقدّم على الحج أيضاً في حال الحياة، فمن كان عليه دين لو أداه لا يفي الباقي من أمواله بكلفة الحج وجب عليه أداؤه ولا يكون مستطيعاً ولا يجب عليه الحج.

234

ص: 233

أسئلة تطبيقيّة :

س- إذا كان على الميّت حجّة الإسلام ومات وعليه دَين او خمس في الذمة ولم يوص فهل يقدم الحجّ او الديون؟

ج - دَين الناس مقدّم على الحجّ والحجّ مقدّم على الخمس المنتقل إلى الذمة.

الأمر العاشر الحج البلدي والميقاتي

مات وعليه حجّة الإسلام، وأُريد تفريغ ذمته والقضاء عنه، فهل يجب أن يكون الحج من البلد او يكفي أن يكون من الميقات؟

ج- يكفي أن يكون من الميقات، بل يكفي أن يكون من أقرب المواقيت الى مكة، ولا يلزم أن يكون من البلد، وإن كان هو الاحوط استحباباً، بلا

فرق بين الحالتين التاليتين:

الحالة الأُولى: أن لا يكون للميت تركة، أو يكون له تركة ولكن لا تفي بمصارف الحج، ففي هذه الحالة وإن لم يجب على الورثة تفريغ ذمته من حجّة الإسلام، إلا أنّه يستحب لهم ذلك، ويكفي أن يكون الحج من الميقات.

الحالة الثانية : أن يكون للميت تركة تفي بمصارف الحج، فيجب عليهم الحج عنه او استئجار من يحج عنه، ويكفي أن يكون الاستئجار من بعض المواقيت بل من أقلها اجرة، ولا يجب الاستئجار من البلد، ويستثنى من ذلك موردان:

ص: 234

الأول: إذا لم يمكن الاستئجار في السنة الأُولى من الميقات فالاحوط لزوماً الاستئجار من البلد وعدم التأخير الى السنة اللّاحقة - حتى مع العلم بإمكان الاستئجار من الميقات في السنة اللاحقة ولكن الزائد على اجرة الميقات لا يحسب على القاصرين من الورثة بل يؤخذ من الكبار وإن لم يكن برضاهم، كما تقدّم.

الثاني: إذا أوصى بالاستئجار من البلد وجب ذلك، ولكن الزائد على اجرة الميقات يخرج من الثلث ، كما تقدّم.

تنبيهات :

التنبيه الأول : تقدّم بيان المقصود من الحج البلدي والميقاتي.

التنبيه الثاني: تقدّم أنّه لا يجب الاستئجار من البلد إلا أنّه هو الاحوط الأُولى ولكن بشرط أن يسع المال للحج البلدي ولما يجب تفريغ ذمة الميت منه - كما لو كانت ذمته مشغولة بالزكاة او الخمس وكان ممن يلتزم بدفع الخمس او أوصى بدفعهما عنه او كان عليه صلاة وصيام وقد أوصى بدفعهما عنه-، ولكن الزائد على اجرة الميقات إنّما يحسب من حصص كبار الورثة - برضاهم - ولا يحسب على الصغار.

التنبيه الثالث: البحث في لزوم أن تكون النيابة في حجّة الإسلام من البلد او من الميقات يذكر في ثلاثة موارد:

الأول : في الحي العاجز عن المباشرة، وكان مليّاً، فيكفي أن يستأجر من

ص: 235

يحج عنه من الميقات، وهذا ما تقدّم في الفرع الخامس من الامر الثاني من الأمور المعتبرة في الاستطاعة.

الثاني: ما إذا اريد تفريغ ذمة الميت من حجّة الإسلام بإجارة او بدونها، وهذا هو محل الكلام في هذا الأمر.

الثالث : ما إذا كانت ذمة الميت مشغولة بحجّة الإسلام، وأوصى بأدائها عنه، فإن أوصى بإخراج الحج البلدي فيجب ، وإلا فيكفي الحج الميقاتي، وهذا تقدّم في الأمر الرابع من المقام الاول.

الأمر الحادي عشر المدار في الاستئجار من البلد او الميقات على تقليد الوارث او اجتهاده

لو اختلف تقليد الميت والوارث او اجتهاده في الاستئجار من البلد او الميقات، فهل تكون العبرة على تقليد الميت او اجتهاده او على تقليد الوارث او اجتهاده؟

ج - المدار على تقليد الوارث او اجتهاده، فلو كان الميت يعتقد وجوب الحج البلدي - تبعاً لتقليده او اجتهاده - والوارث يعتقد كفاية الاستئجار من الميقات - تبعاً لتقليده او اجتهاده - لم يلزم على الوارث الاستئجار من البلد بل يكفي الاستئجار من الميقات.

ص: 236

الأمر الثاني عشر إقرار بعض الورثة باشتغال ذمة الميت بالحج وانكار الآخرين

من مات وأقر بعض ورثته باشتغال ذمته بحجّة الإسلام، وأنكره الآخرون، فهل يجب على المقر أن يدفع تمام كلفة الحج من حصته او من ماله

الشخصي او لا يجب عليه أن يدفع إلا ما يخص حصته بالنسبة؟

ج- لا يجب عليه أن يدفع إلا ما يخص حصته بالنسبة فمثلاً: لو كان للميت ولدان، وكانت كلفة الحج ستة ملايين ، فلا يجب على المقر إلا دفع ثلاثة ملايين لا أكثر، وحينئذٍ إن وجد من يذهب الى الحج بتلك الأجرة - أقل من اجرة المثل - او وجد متبرّع يتمم الأجرة وجبت الاستنابة عنه، وإلا فلا تجب، ومن حق المقر أن يتصرف بتلك الأموال، ولا يجب عليه تتميمها من حصته من التركة او من ماله الشخصي.

نعم يستحب له تفريغ ذمة الميت.

تنبيه :

إن كلفة الحج توزع على حصص الورثة قبل تقسيم التركة بالنسبة ، ومن هنا لا يجب على المقر إلا دفع ما يخص حصته.

أسئلة تطبيقية :

س- توفي شخص وقد اوصى باداء الحجّ المستقر على ذمته وله ورثة متعدّدون وبعضهم يوافق على استئجار من يحجّ عنه من تركته وبعضهم لا يوافق على ذلك فهل على الذي يوافق ان يخرج كامل اجرة الحجّ من حصته

ص: 237

فقط ؟

ج- لا يجب عليه ذلك بل يدفع بمقدار ما يخص حصته بالنسبة فان وفى بمصارف الحجّ ولو بتتميمه من قبل متبرّع او بنحو آخر وجبت الاستنابة عنه وإلاّ لم يجب.

الأمر الثالث عشر الحج التبرّعي

من مات وعليه حجّة الإسلام ، وكان له تركة تفي بمصارف الحج، ولكن تبرّع عنه متبرّع قبل أن يُؤدى الحج عنه من التركة، فهل مثل ذلك الحج التبرّعي يجزي عن حجّة الاسلام او يجب أداء الحج من التركة؟

ج- يجزي عن حجّة الإسلام، ولا يجب اخراج الحج من التركة.

س 1 - من مات وعليه حجّة الإسلام، وكان له تركة تفي بمصارف الحج، ولم يكن قد أوصى بإخراج الحج عنه، وتبرّع متبرّع لأداء الحج عنه، فهل ما يقابل مصارف الحج من التركة - اجرة الحج - يكون للورثة ويوزع بنسبة حصصهم او يصرف في وجوه الخير؟

ج- يكون للورثة ويوزع عليهم بنسبة حصصهم.

س 2- من مات وعليه حجّة الإسلام، وقد أوصى بإخراجها من ثلثه، ولكن تبرّع متبرّع بالحج عنه، فهل ما يقابل مصارف الحج - اجرة الحج - يرجع الى الورثة او يصرف في وجوه الخير؟

ج- يصرف فيما هو الأقرب في نظره من وجوه الخير.

ص: 238

س 3- من مات وعليه حجّة الإسلام، وقد أوصى بإخراجها، ولكن لم يقيدها بالثلث، وتبرّع متبرّع بالحج عنه، فهل ما يقابل مصارف الحج – اجرة الحج - يرجع الى الورثة او يصرف في وجوه الخير؟

ج- يكون للورثة ويوزع عليهم بنسبة حصصهم. ومنه يتضح أنّه في حالتين ترجع الأجرة ميراثاً:

1- إذا لم يوصِ .

2 - إذا أوصى ولم يقيدها بالثلث.

وأمّا إذا قيدها بالثلث فلا ترجع ميراثاً بل تصرف فيما هو الأقرب الى نظره من وجوه الخير.

تنبيه :

تقدّم في المسألة التاسعة من المبحث الخامس أنّ من استقر عليه الحج - بأن استطاع له وأهمل حتى زالت استطاعته - ومات قبل أدائه، جاز التبرّع عنه من دون اجرة ولا يجب الحج عنه من تركته .

ص: 239

ص: 240

المقصد الثالث في النيابة

وفیه فصول :

الفصل الأول ما يعتبر في النائب

یعتبر في النائب أمور :

الأول : البلوغ

فلا تصح استنابة الصبي غير المميّز لعدم تأتي منه قصد الحج فضلاً عن قصد النيابة، وإلا لكان مميّزاً.

وأمّا الصبي المميز (1) فلا يجزي - على الاحوط وجوباً- حجّه عن غيره في الحج الواجب - أعم من كونه حجّة الإسلام او غيرها -.

ص: 241


1- الصبي المميّز: هو من يميّز الحج وأفعاله عن غيره ويعقل معناها، كما يتأتى منه قصد النيابة، بخلاف غير المميّز فإنّه لا يعقل معنى الحج ولا يميزه عن غيره، كما لا يعقل معنى النيابة عن الغير

س - وهل يجزي حج الصبي المميّز عن غيره في الحج المستحب؟

ج- نعم يجزي بشرط أن يكون بإذن الولي، ولا يصح من دون إذنه.

تنبیهان :

التنبيه الأول : تقدّم أن الصبي لو حج عن نفسه فيصح حجّه إذا كان بإذن الولي وإلا فلا يصح.

التنبيه الثاني : إن عبادات الصبي وإن كانت مشروعة وصحيحة، ولكن ذلك لا يكفي لمشروعية استنابته عن الغير، فإنّ النيابة - الاتيان بالعمل عن الغير - تحتاج الى دليل مستقل.

الثاني : العقل

فلا تصح نيابة المجنون لعدم تحقق القصد منه الى أفعال الحج، وإلا لكان عاقلاً.

س 1 - هل تصح نيابة المجنون الادواري (1) عن غيره؟

ج- إذا أتى بالحج في دور جنونه فلا يصح منه، وأمّا إذا أتى بالحج في دور إفاقته فيصح منه.

س 2 - هل تصح نيابة السفيه (2) عن غيره؟

ج- نعم تصح نيابته عن غيره.

ص: 242


1- المجنون الادواري هو من له فترة يجن فيها وأخرى يفيق فيها، فجنونه في فترة لا دائماً، بخلاف المجنون المطبق الذي ليس له فترة يفيق فيها من الجنون
2- السفيه : هو من ليس له حالة باعثة لحفظ ماله والاعتناء به ، فيصرفه في غير موقعه، ويتلفه في غير

الثالث: الإيمان على الاحوط وجوباً

وهو الاعتقاد بإمامة الأئمة الاثني عشر - صلوات الله عليهم- فلا تصح - على الاحوط وجوباً - نيابة المخالف حتى لو أتى بالعمل على طبق مذهبنا، كما لا تصح - على الاحوط وجوباً - نيابة من يعتقد بإمامة بعض الائمة دون غيرهم كالزيدية والاسماعيلية وغيرهم.

تنبیه :

كما أنّ الايمان هو شرط في النائب في الحج على الاحوط وجوباً، كذلك هو شرط – على الاحوط وجوباً - في النائب في بعض أفعال الحج كالطواف والسعي في حال مشروعية النيابة، فلا يصح طواف النائب او سعيه او رميه للجمار وغير ذلك مما تشرع فيه النيابة في الحج إذا لم يكن اثني عشرياً.

ويستثنى من ذلك الذبح والنحر فلا يشترط في النائب فيهما الايمان بل يصحان من المخالف ايضاً.

أسئلة تطبيقيّة :

س - هل الإيمان شرط في النائب لأداء بعض أعمال الحجّ كما هو شرط في النائب في الجميع؟

ج - نعم هو شرط فيما سوى الذبح والنحر على الأحوط وجوباً.

(1)

ص: 243


1- محله، وليست معاملاته مبنية على العقلانية والتحفظ عن المغابنة، فلا يبالي بالانخداع فيها، ولا يعرف كيف يتصرف في أمواله، والشارع المقدّس حجر عليه في معاملاته المالية فقط، فلا تنفذ تصرفاته في ماله ببيع وصلح واجارة وايداع وعارية وغيرها، ومقابله الرشيد.

244

الرابع: أن يكون النائب موثوقاً به في أصل اتيانه بالحج، فلا تصح استنابة من لا يُوثق به في الاتيان بالحج، ولا يُحكم ببراءة ذمة المنوب عنه ظاهراً .

س 1 - هل يكفي إخبار النائب بأنه أتى بالحج في الحكم بفراغ ذمة المنوب عنه ؟

ج- لا يكفي على الاحوط وجوباً إلا إذا حصل الوثوق من اخباره.

س 2 - هل يعتبر في النائب أن يكون عادلاً؟

ج- لا يعتبر ذلك.

س 3- تقدّم أنّه يعتبر في الحكم بفراغ ذمة المنوب عنه أن يحصل الوثوق بأنّ النائب قد أتى بالحج، ولكن هل يعتبر في الحكم بفراغ ذمة المنوب عنه أن يأتي النائب بالحج صحيحاً (مستجمعاً للأجزاء والشرائط)؟

ج - نعم لا يحكم بفراغ ذمة المنوب عنه بمجرد إتيان النائب بالحج بل لابد أن يأتي به صحيحاً، فلابد أن يكون عارفاً بأعمال الحج واحكامه وإن كان ذلك بإرشاد غيره عند كل عمل.

س 4 - إذا علمنا أن النائب أتى بالحج، ولكن شككنا في صحته - ولو لأجل الشك في معرفته بأحكام الحج ، فهل يُبنى على الصحة او لا؟

ج - نعم يُبنى على صحة الحج، ويُحكم بفراغ ذمة المنوب عنه .

ص: 244

الفصل الثاني ما يعتبر في المنوب عنه

يشترط في المنوب عنه الإسلام، فلا تصح النيابة عن الكافر، فلو مات الكافر مستطيعاً، وكان الوارث مسلماً، لم يجب عليه الاستئجار للحج عنه .

س 1 - هل تجوز النيابة عن الناصبي؟

ج - تحرم النيابة عن الناصبي، ويستثنى من ذلك مورد واحد وهو : ما إذا كان الاب ناصبياً فتجوز النيابة عنه (1) .

س 2- هل تجوز النيابة عن غير الاب من ذوي القربى إذا كان ناصبياً كالأم والاخ والولد وغيرهم؟

ج- لا تجوز على الاحوط وجوباً.

س -3 هل يجوز الاتيان بالحج واهداء الثواب للناصبي وإن لم يكن أباً او لم يكن من الأقارب؟

ج - نعم يجوز ذلك.

ص: 245


1- ففي الخبر: (قلت لأبي عبد الله - صلوات الله عليه - أيحج الرجل عن الناصبي؟ فقال: لا، قلت: فإن كان أبي ؟ قال : فإن كان أباك فنعم)

س 4 - ما الفارق بين النيابة واهداء الثواب؟

ج- النيابة هي أن تأتي بالعمل من البداية عن غيرك، وهي تحتاج الى قصد فلا يحسب له العمل ولا يقع عنه إلا إذا قصدت النيابة عنه، وإذا لم تقصدها فيقع العمل عن نفسك، كما أن النيابة تحتاج الى دليل من الشارع فلا يصح أن تنوب عن شخص إلا إذا جوّز الشارع ذلك ، ومن هنا لا تشرع النيابة عن الكافر او الناصبي إلا في مورد واحد أذن فيه الشارع بالنيابة عن الناصبي وهو المورد المتقدّم : جواز نيابة الولد عن أبيه الناصبي في الحج دون غيره من العبادات.

وأمّا اهداء الثواب فيقصد به أن تأتي بالعمل عن نفسك وبعد إكماله تطلب من الله عز وجل أن يجعل ثوابه لشخص آخر فهي دعاء وطلب من الله، وهو عز وجل قد يستجيب وقد لا يستجيب، وهي بهذا المعنى لا تحتاج الى دليل خاص كما يجوز أن تهدي ثواب العمل حتى للكافر او الناصبي، فأنت تطلب من الله أن يجعل ثواب ما عملت له، وربما يستجيب الله عز وجل وربما لا يستجيب، كما أنّها بهذا المعنى يجوز لك أن تهدي ثواب الأعمال الواجبة عليك لغيرك، فيمكنك بعد الفراغ من صلاة الصبح مثلاً أن تطلب من الله عز وجل أن يجعل ثوابها لوالديك مثلاً .

س 5 - أيّهما أفضل النيابة او اهداء الثواب؟

ج - النيابة أفضل من اهداء الثواب.

ص: 246

س 6 - هل تجوز النيابة عن الحي في الحج المستحب؟

ج- نعم تجوز سواءً كان تبرّعاً او بإجارة.

س - هل تجوز النيابة عن الحي في الحج الواجب؟

ج- لا يجوز إلا في مورد واحد وهو : ما إذا عجز عن مباشرة الحج وكان مستطيعاً مالياً، كما تقدّم.

س 8- تقدّم في جواب السؤال السابق جواز النيابة عن الحي في مورد العجز عن المباشرة، ولكن هل يجوز التبرّع عنه او يلزم أن يكون باستنابته؟

ج- لا يجوز التبرّع عنه على الاحوط وجوباً بل لابد - على الاحوط - أن يكون باستنابته (بمعنى أن ينشيء النيابة ويطلب من النائب أن ينوب عنه، لا أن يتبرّع شخص عنه من دون طلبه) كما تقدّم.

س 9 - تقدّم في السؤال السابق أن العاجز يلزمه طلب النيابة من غيره - على الاحوط وجوباً - ولا يصح للغير أن يتبرّع عنه من دون أن يطلب منه، ولكن هل يلزم أن تكون الاستنابة بأُجرة او يجوز أن تكون من دون اجرة (تبرّعاً)؟

ج- لا يلزم أن تكون بأجرة بل تصح أن تكون تبرّعاً (من دون اجرة) (1) .

ص: 247


1- التبرع له معنيان: الأول: يطلق ويراد به الاتيان بالعمل مجاناً في مقابل أخذ الأجرة، والتبرّع بهذا المعنى لا يضر بصحة النيابة عن الحي، فلا يلزم أن يكون النائب أجيراً بحيث يستحق مالاً على المنوب عنه بل تصح النيابة حتى بلا اجرة أي مجاناً. الثاني: يطلق مقابل الاستنابة، ويقصد به أن يأتي بالعمل من دون طلب من المنوب عنه، وهذا هو

س 10 - هل تجوز النيابة عن الأموات في الحج مطلقاً؟

ج- نعم تجوز مطلقاً، سواءً كان الحج واجباً او مستحباً، وسواءً كانت باجرة ام تبرّع .

س 11 - هل تشترط المماثلة بين النائب والمنوب عنه ؟

ج- لا تشترط فتصح نيابة الرجل عن المرأة وبالعكس.

س12- هل تجوز استنابة الصرورة (1) في الحج؟

ج - نعم تجوز استنابة الصرورة عن الصرورة وغيره - سواءً كان النائب او المنوب عنه رجلاً ام امرأة - بل الأَولى والأفضل استنابة الصرورة في

موردین :

1 – من عجز عن مباشرة الحج وكان مستطعياً مالياً فإنّه يجب عليه أن يستنيب من يحج عنه والأولى أن يستنيب الصرورة.

2 - من استقر عليه الحج ومات، فالأولى أن يُستناب عنه الصرورة.

س 13 - هل تجوز النيابة عن الصبي المميّز؟

ج - نعم تجوز .

س 14 - هل تجوز النيابة عن المجنون ؟

ج- نعم تجوز ،بل إذا كان مجنوناً ادوارياً وعلم بمصادفة جنونه لأيام

(2)

ص: 248


1- الصرورة: وهو من حج أول حجّة لم يحج قبلها - سواءً حج عن نفسه ام غيره، وسواء كانت حجّة اسلام ام غيرها، وسواءً كان حجاً واجباً ام مستحباً -.
2- المقصود هنا، فلا يجزي ذلك العمل على الاحوط وجوباً – وقد تقدّم كل ذلك.

الحج دائماً وجبت عليه الاستنابة حال إفاقته.

س 15 - من استقر عليه الحج في حال إفاقته ولكنّه مات مجنوناً، هل يجب الاستئجار عنه ؟

ج - نعم يجب الاستئجار عنه إذا كان له تركة .

تنبيهات :

التنبيه الأول: تقدّم استحباب احجاج الصبي، وأمّا المجنون فلم يثبت استحباب احجاجه، وأمّا النيابة عنه فقد ثبتت مشروعيتها.

التنبيه الثاني: النيابة عن الأحياء في الواجبات لا تجوز النيابة عن الأحياء في الواجبات حتى مع عجزهم عنها، فلا يصح أن تستنيب عن شخص حي وتصلي عنه او تصوم عنه لا في عباداته الأدائية ولا القضائية ، ويستثنى من ذلك مورد واحد جوّز فيه الشارع المقدس النيابة عن الحي في الواجب وهو : إذا كان شخص عاجزاً عن أداء الحج مباشرة بنفسه لهرم او مرض لا يرجو زواله او غير ذلك وكان عنده استطاعة مالية للحج، فيجب أن يستنيب شخصاً يحج عنه وهو حي، وهكذا إذا كان شخص مستطيعاً للحج وتهاون ولم يحج الى أن عجز عن مباشرة الحج بنفسه فمثله يستقر عليه الحج، ويجب عليه أن يستنيب من يحج عنه.

التنبيه الثالث : النيابة عن الأحياء في المستحبات

تجوز النيابة عن الأحياء في بعض المستحبات العبادية وهي:

ص: 249

1 - تجوز النيابة عن الحي في الحج المستحب، كما تقدّم.

2- تجوز النيابة عن الحي في العمرة المستحبة إذا لم يكن حاضراً في مكة، وأمّا إذا كان حاضراً في مكة فلا تصح النيابة عنه في العمرة المفردة على الاحوط وجوباً.

-3- تجوز النيابة عن الحي في الطواف المستحب إذا لم يكن حاضراً في مكة، وإلا فلا يجوز.

4 - تجوز النيابة عن الحي في زيارة قبر النبي صلِّ اللهُ علیه وآله وقبور الأئمة عليهم السّلام كما تجوز النيابة عنه في صلاة الزيارة التي تستتبع الزيارة.

وهذه الموارد ورد الدليل على جوازها من الشارع المقدس، وفي غير هذه الموارد لا تجوز النيابة عن الحي بنية جزمية، نعم يجوز النيابة عنهم في جميع المستحبات ولكنّه يأتي بها برجاء المطلوبية لا بنية جزمية، فيجوز أن يصلي صلاة الليل مثلاً عن والده الحي ولكن برجاء المطلوبية.

كما يجوز إهداء ثواب جميع الأعمال الواجبة والمستحبة إلى الأحياء.

التنبيه الرابع : معنى رجاء المطلوبية

معنى ذلك أن العمل لم يقم دليل معتبر عليه من الشارع ولكن يُحتمل أن الشارع يطلبه ويريده، وهذا الاحتمال نشأ من وجود رواية ضعيفة مثلاً ولتوضيح ذلك:

إنّ أي عمل - كالنيابة عن الحي - ثبت استحبابه بدليل معتبر كما لو ورد

ص: 250

في رواية صحيحة كالنيايبة عن الحي في الزيارة او الحج فحينئذٍ يؤتى به بنيّة جزمية.

وأما إذا لم يثبت الفعل بطريق معتبر كما لو ورد في رواية ضعيفة فلا يؤتى به على أنّه مطلوب جزماً للشارع وإنّما يؤتى به بنية رجاء المطلوبية، أي برجاء وأمل واحتمال أن يكون مطلوباً ومراداً للشارع، ولا يصح الاتيان به بنية جزمية على أنّ الشارع يطلبه ويريده ، وإلا كان تشريعاً محرماً ونحواً من الإنباء بغير علم، لاحتمال أن العمل ليس مراداً للمولى فتكون نسبته اليه تشريعاً محرماً.

التنبيه الخامس : النيابة عن الأموات

تجوز النيابة عن الأموات في الواجبات والمستحبات، بل هي مستحبة، ففي صحيحة معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله علیه الله ما يلحق الرجل بعد موته؟ (فقال : سنة سنها يُعمل بها بعد موته فيكون له مثل أجر من يعمل بها، من غير أن ينتقص من أجورهم شيء، والصدقة الجارية تجري من بعده، والولد الطيب يدعو لوالديه بعد موتهما ويحج ويتصدق ويعتق عنهما ويصلي ويصوم عنهما، فقلت: اشركهما في حجتي؟ قال: نعم).

و في صحيحة عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد الله علیه السّلام نصلى عن الميت؟ فقال: (نعم حتى أنّه ليكون في ضيق فيوسع الله عليه ذلك الضيق، ثم يؤتى فيقال له: خُفّف عنك هذا الضيق بصلاة فلان أخيك عنك، قال: فقلت: فاشرك بين رجلين في ركعتين؟ قال: نعم).

ص: 251

كما لا فرق في النيابة عن الأموات بين أن تكون باجرة او بتبرّع. كما يجوز إهداء ثواب العمل إلى الأموات في الواجبات والمستحبات - كما ورد في بعض الروايات وحُكي فعله عن بعض أجلاء أصحاب الأئمة عليه السلام _بأن يطلب من الله سبحانه أن يعطي ثواب عمله لآخر حي أو ميت، كما تقدّم بيانه .

التنبيه السادس : الاستئجار عن الأحياء

يجوز للحي أن يستأجر شخصاً ينوب عنه في الموارد التي تجوز النيابة فيها عنه وهي:

1 - يجوز له أن يستأجر من ينوب عنه في الحج الواجب إذا كان عاجزاً عن مباشرة الحج وكان مستطيعاً او استقر الحج في ذمته بل يجب عليه الاستئجار.

2 - ويجوز أن يستأجر من ينوب عنه في الحج المستحب.

3- ويجوز أن يستأجر من ينوب عنه في العمرة المستحبة اذا لم يكن حاضراً في مكة، وأما إذا كان حاضراً فلا يجوز على الاحوط وجوباً.

4 - ويجوز أن يستأجر من ينوب عنه في الطواف المستحب إذا لم يكن حاضراً في مكة.

5 - ويجوز أن يستأجر من ينوب عنه في زيارة قبر النبي صلّی اللهُ علیه وآله وقبور الأئمة عليهم السلام وما يستتبع ذلك من صلاة الزیارة .

ص: 252

التنبيه السابع : الاستئجار عن الأموات

يجوز الاستئجار للحج وللصلاة ولسائر العبادات عن الأموات، وتفرغ ذمتهم بفعل الأجير، من دون فرق بين كون المستأجر وصيّاً أو ولياً أو وارثاً

أو أجنبياً.

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - هل يجوز الاتيان بالعبادة كالصلاة والصوم والحج وقراءة القرآن واهداء ثوابها للوالدين ان لم يكونا مسلمين؟

ج- لا يحرم اهداء ثوابها اليهما برجاء تخفيف العذاب عنهما.

س2- يرجّح بعض الناس في الاستنابة للحجّ أن يستأجر من سبق له الحجّ مرة أو اكثر فهل هذا راجح شرعاً؟

ج- بل الراجح أن يستناب الصرورة عمن استقرّ عليه الحجّ فمات وكذلك الموسر العاجز عن مباشرة الحجّ، ولكن قد يختار غير الصرورة لأنه في الغالب يكون مظنة لأداء المناسك بصورة اضبط لإلمامه عملاً بها.

س 3- المرحوم السيد الخوئي قدس سرة يحتاط في النائب عن الموسر العاجز عن مباشرة الحجّ ان يكون صرورة فلو استأجر العاجز شخصاً ثم تبين بعد اداء الحجّ انه لم يكن صرورة فما هو تكليفه؟

ج- المختار كفاية استنابة غير الضرورة، ولو اراد الاحتياط فعليه أن يستنيب الصرورة.

ص: 253

الفصل الثالث ما يعتبر في صحة النيابة

اشارة

يعتبر في صحة النيابة أمران:

1 - قصد النيابة بمعنى أن يقصد النائب الاتيان بالعمل نيابة عن الغير ، فإنّ النيابة من العناوين القصدية التي لا تتحقق خارجاً إلا بالقصد، فلا يقع العمل عن الغير إلا مع قصد كونه عن الغير، وما لم يقصد ذلك يقع عن نفسه .

2 - يعتبر في صحة النيابة تعيين المنوب عنه بوجه من وجوه التعيين، وإلا وقع العمل باطلاً فلا يقع عن نفسه ولا عن غيره، فلو قصد النيابة ولم يعيّن المنوب عنه بطل العمل.

و هل يشترط في تعيين المنوب عنه ذكر اسمه؟

ج- لا يشترط بل يكفي التعيين بأي وجه من الوجوه - كأن يقصد الاتيان بالعمل عن ابن فلان او عن صاحب المال او غير ذلك -.

نعم يستحب للنائب أن يذكر المنوب عنه بالاسم في جميع المواطن والمواقف من حين الاحرام الى آخر الأعمال.

ص: 254

تنبيه :

كما تصح النيابة بالتبرّع وبالإجارة تصح بالجعالة وبالشرط في ضمن العقد ونحو ذلك، فلو أجرى عقد البيع مثلاً واشترطوا عليه في ضمن العقد

أن ينوب بالحج عن شخص صحت النيابة ولزمت، وهكذا لو جعل شخص مبلغاً من المال لمن حج نيابة عن والده مثلاً، وحج شخص نيابة عنه صحت النيابة واستحق الجُعل .

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - نرجو من سماحتكم تعيين موارد لزوم قصد النائب في الحجّ عن نفسه و موارد لزوم قصده عن المنوب عنه ؟

ج - يقصد النائب النيابة في جميع مناسك عمرته وحجّه بلا استثناء.

س 2- النائب عن غيره في الحجّ هل ينوي الوضوء لأداء الطواف وصلاته عن المنوب عنه ؟

ج - بل يقصد حصول الطهارة لنفسه.

س 3- إذا آجر نفسه للنيابة عن الغير أو كان عازماً على النيابة عنه تبرّعاً وقد أحرم للعمرة أو الحج وهو يشك - الآن - في أنه هل قصد النيابة عند إحرامه أم لا ليقع عن نفسه فما هو تكليفه؟

ج- إذا كان باعثه ومحركه نحو العمل هو النيابة عن ذلك الغير بحيث لولاه لما كان تلبس بذلك كفى ذلك في الوقوع عنه .

س 4 - إذا تجاوز النائب الميقات ثم شك في انّه هل احرم لنفسه أو للمنوب

ص: 255

عنه فما هو حكمه؟

ج- إذا احتمل انمحاء نيّة الحج أو العمرة عن الغير من قلبه بالمرة حين الإحرام يبني على كون إحرامه لنفسه ، وامّا مع عدم احتمال انمحائها كذلك - كما هو الحال عادة إذا كان المرء عازماً على أداء الحجّ أو العمرة عن الغير - فيبني على كون إحرامه عن ذلك الغير.

س 5- شخص أستنيب لأداء الحجّ عن غيره فتحرك من بلده لهذا الغرض ولما أتى الميقات وأحرم لعمرة التمتّع نسي ذلك بالكلية بحيث لو سئل ماذا تفعل لقال : ( أُحرم لنفسي) ولم يقل : أحرم عن فلان ولم يلتفت إلى خطئه إلا بعد أن وجد نفسه في مكّة فماذا يصنع حينئذٍ هل يسعه الإعراض عن إحرامه وتجديد الإحرام عن المنوب عنه أم يلزمه إتمام الحجّ لنفسه؟

ج- لا يجوز له الإعراض عن إحرامه ولكنّ إذا أتى بأعمال عمرة التمتّع ثم خرج من مكّة ولم يدخلها في الشهر الذي أتى فيه بعمرته – كأن أدى العمرة في شهر ذي القعدة فخرج ولم يرجع إلى نهاية الشهر - فحيث أن ذلك يؤدي إلى بطلان عمرته فله الإحرام من بعض المواقيت لعمرة التمتّع عن المنوب عنه وإن كان آثما في إبطاله عمرة نفسه.

س 6 - إذا احرم نيابة عن الغير للعمرة المفردة ولكنّه نسي فأتى بالطواف لنفسه فهل عليه ان يعيده للمنوب عنه ويصحّ عمله؟

ج - نعم عليه أن يعيده عن المنوب عنه .

س 7- إذا استؤجر للحجّ عن غيره فنسى وأحرم لنفسه وتذكر بعد

ص: 256

التلبية فهل يصح عن نفسه وعلى هذا التقدير هل يمكن العدول بالنية؟

ج - يصح عن نفسه مع انمحاء نيّة الحجّ عن الغير من قلبه حين الإحرام ولا يصح منه العدول في النيّة كما لا يجوز له الاعراض عن الإحرام، نعم إذا اتى بأعمال عمرة التمتّع ثم خرج من مكّة ولم يرجع إلى أن انقضى الشهر الذي اتى فيه بعمرة التمتّع تبطل عمرته فيجوز له الذهاب إلى بعض المواقيت والاحرام لعمرة التمتّع عن المنوب عنه.

س 8- شخص أحرم للعمرة لنفسه ندباً فهل يجوز له العدول بها للحجّ عن أبيه؟

ج- لا يجوز العدول، نعم لا بأس بأن يجعل الحجّ عن أبيه.

س 9 - من دخل مكّة لأداء عمرة التمتّع لنفسه وكان حجّه استحبابياً فهل يسعه أن يعرض عن أداء حجّ التمتّع ويؤجر نفسه هناك لأداء الحجّ عن غيره فيخرج إلى بعض المواقيت فيحرم لعمرة التمتّع عن المنوب عنه ؟

ج- عليه أن يتم حجّه كما بدأ ولا تبطل عمرته بإعراضه عنها. نعم إذا كانت عمرته قبل شهر ذي الحجّة فخرج من مكّة بعد الفراغ من أعمال العمرة ولم يرجع إلى أن مضى الشهر الذي اعتمر فيه بطلت عمرته فله حينئذٍ أن يحرم من أحد المواقيت لعمرة التمتّع عمن يريد النيابة عنه فيصح حجّه عنه وإن كان آثما في إبطال عمرة نفسه.

س 10 - من ورد مكّة بعمرة مفردة وهو الان يريد أن يأتي بحجّ التمتّع

ص: 257

نيابة عن أبيه فهل يمكنه ذلك ومن اين يحرم؟

ج- يجوز ذلك، والاحوط وجوباً ان يذهب إلى أحد المواقيت فيحرم منه ولا يحرم من أدنى الحلّ، نعم لو احرم من ادنى الحل للعمرة المفردة عن ابيه ثم بقي إلى يوم التروية بمكة انقلبت عمرته متعة فيأتي بحجّ التمتع عنه.

فرعان

الفرع الاول حكم استنابة العاجز

لا يجوز - على الاحوط وجوباً - استئجار من يُعلم مسبقاً عجزه عن أداء العمل الاختياري مطلقاً كالعاجز عن الطواف إلا بعربة، وتفصيل ذلك أن يقال:

إنّ العجز عن العمل تارة يكون من البداية وقبل الاستئجار وأخرى يطرأ في اثناء العمل وبعد الاستئجار، فهنا صورتان :

الصورة الأُولى: العجز من البداية وقبل الاستئجار، وهنا حالتان:

الحالة الأُولى: أن يُعلم مسبقاً - وقبل الاستئجار - عجزه عن أداء نفس العمل الاختياري في الحج مطلقاً كما لو علمنا من البداية أنّه لا يتمكّن من الطواف إلا بعربة، ففي هذه الصورة لا يجوز استنابته على الاحوط وجوباً.

س 1 - لو تبرّع العاجز وناب عن غيره فهل تصح نيابته؟

ج- لا تصح على الاحوط وجوباً.

ص: 258

س 2- إذا علمنا عجزه أداء العمل الاختياري لكن ليس مطلقاً بل على النهج المقرر له شرعاً كما لو عجز عن الوقوف في عرفات وفق ثبوت الهلال الشرعي عندنا، فمثل ذلك هل يصح استئجاره؟

ج - نعم يصح استئجاره.

الحالة الثانية: أن يُعلم عجزه مسبقاً عما هو خارج عن مناسك الحج، وهذا على نحوين :

النحو الأول: ما يقع في الواجبات المستقلة التي محلّها الحج كطواف النساء وصلاته، والمبيت في منى ليلة (11 و12)، ورمي الجمار يوم (11 و 12) والافاضة من منى ونحو ذلك مما لا يضر تركه ولو متعمداً في صحة الحج كالإفاضة من عرفات قبل الغروب، والافاضة من مزدلفة قبل الفجر،وفي مثل ذلك يجوز استئجار العاجز، بل يجوز استئجار حتى من يُعلم تركه لتلك الواجبات عن عمدٍ.

النحو الثاني: ما يقع في المحرمات كالتظليل وغيره، فيجوز استئجار من يُعلم مسبقاً بارتكابه للتظليل ونحوه ولو عمداً، لعدم اضرار ذلك بالحج.

الصورة الثانية : أن يطرأ عليه العجز في أثناء العمل، وحكمه حكم من حج عن نفسه إذا طرأ عليه العجز عن أداء بعض المناسك مطلقاً - أي لا يتمكّن من الاتيان بالعمل الاختياري مطلقاً كما لو كان مشلولاً أو مريضاً ولا يتمكّن من الطواف الا بعربة- او لا يتمكّن من الاتيان بها على النهج المقرر لها - كما إذا لم يتمكّن من الوقوف في عرفات في اليوم المقرر شرعاً لمنع

ص: 259

السلطات من ذلك، فهو عاجز شرعاً لا مطلقاً -، وفي هذه الصورة يصح حجّه ويجزي عن المنوب عنه في بعض الموارد ، ويبطل في موارد أخرى، ونذكر لذلك بعض الأمثلة:

1 - إذا طرأ عليه العجز عن الوقوف الاختياري بعرفات اجتزأ بالوقوف الاضطراري فيها وصح حجّه وتفرغ ذمة المنوب عنه.

2- إذا عجز عن الوقوف الاختياري والاضطراري في عرفات اجتزاً بالوقوف الاختياري في المزدلفة ويصح حجّه وتفرغ به ذمة المنوب عنه.

3- إذا عجز عن الطواف - بسبب مرض ونحوه- وضاق الوقت جاز له الاستنابة ويصح حجّه وتفرغ ذمة المنوب عنه .

4 - إذا عجز عن رمي جمرة العقبة يوم العيد استناب في الرمي ويصح حجّه وتفرغ به ذمة المنوب عنه.

5- إذا طرأ الحيض على المرأة النائبة في حج التمتع قبل الاحرام وضاق وقتها انقلب حجّها الى الافراد واجزأ المنوب عنه وتفرغ به ذمته.

6 - إذا عجز عن الوقوفين - في عرفات والمزدلفة - بطل حجّه .

تنبیهان :

التنبيه الأول : لا يجوز - على الاحوط وجوباً - استئجار العاجز عن الهدي إلا في مورد واحد وهو : ما إذا كان المنوب عنه مستطيعاً لما عدا الهدي.

التنبيه الثاني: تجوز النيابة في الذبح او النحر حتى اختياراً.

ص: 260

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - النائب في الحجّ هل يحق له أن يستنيب غيره في أداء بعض الأعمال التي تجوز فيها الإستنابة؟

ج - إذا طرأ عليه العذر المسوغ للإستنابة جازت وفي الذبح تجوز مطلقاً.

س 2 - النائب في الحجّ إذا تعرض لطارئ تعذر معه ان يطوف بنفسه وان كان في وضع يسمح بان يطاف به إلاّ انه جهل ذلك فاستناب آخر في الطواف ولم يعلم بالحكم إلاّ بعد انقضاء وقت الطواف فهل يجتزئ المنوب عنه بحجّه ؟

ج- لا يجتزئ به بل يحكم ببطلان حجّه وان كان جهله عن قصور.

س 3- النائب عن غيره في اداء الحجّ إذا طرأ عليه عذر فاستناب غيره في اداء الطواف مثلاً فكيف تكون نيّة النائب الثاني؟

ج- ينوي اداء ما وجب على النائب الأول أي يطوف عنه ما وجب عليه وان كان يأتي بالحجّ عن غيره.

س 4 - هل تصحّ استنابة المرأة عن الرجل في حجّ التمتّع فيما إذا احتمل عدم تمكنها من أداء عّمرة التمتّع لطرو الحيض وانقلاب حجّها إلى حجّ الإفراد؟ ولو أستنيبت وحدث لها ذلك فهل يجزئ عملها عن المنوب عنه ؟

ج - إذا لم يحصل الإطمئنان بعدم تمكنها من حج التمتع فالأقرب جواز استنابتها والإجتزاء بعملها ولو في صورة طرو الإنقلاب.

س 5 - المرأة تكون نائبة عن الغير فيعرضها الحيض فلا تستطيع أداء

ص: 261

عمرة التمتّع فهل يصح عملها ؟

ج- إذا أدت وظيفتها كفى ذلك للحجّ النيابي.

س 6- من استؤجر للحجّ عن غيره فطرأ عليه العذر المسوغ للاستنابة في الطواف أو الرمي أو غيرها فقام بذلك فهل يستحق تمام الاجرة المسماة ام يسقط منها ما يقابل العمل الذي لم يقم به مباشرة وانه استناب غيره في ادائه ؟

ج - الظاهر استحقاقه تمام الاجرة المسماة.

س7- هل يجوز أن يستأجر لأداء حجّة الإسلام شخص يعلم مسبقاً عجزه عن أداء العمل الإختياري بأحد الأنحاء التالية:

1 - إذا كان معذوراً عن الوقوف الإختياري بعرفة أو المزدلفة فيأتي بالوقوف الإضطراري؟

ج- لا يجتزئ بنيابته على الأحوط وجوباً.

2 - إذا كان معذوراً عن إدراك الوقوف الإختياري في تمام الوقت فيقف بمقدار الركن؟

ج- لا يبعد جواز نيابته.

3 - إذا كان معذوراً عن مباشرة طواف عمرة التمتّع أو الحج وسعيهما فيستنيب فيها ؟

ج- لا يجتزئ بنيابته على الأحوط وجوباً.

4 - إذا كان في تلبيته لحن ولا يمكنه أداؤها على النهج الصحيح ولو

ص: 262

بالتلقين فيلبي هو ويستنيب غيره أيضاً ليلبي عنه .

ج - الأحوط وجوباً عدم الإجتزاء بنيابته.

5 - إذا كان في قراءته لحن لا يتمكّن معه من أداء صلاة الطواف على النهج المعتبر شرعاً فيصلي هو ويستنيب غيره أيضاً في أدائها؟

ج - الأحوط لزوماً عدم الإجتزاء بنيابته.

6 - إذا كان معذوراً عن مباشرة رمي جمرة العقبة يوم العيد فيستنيب فيه غيره ؟

ج- الأحوط وجوباً عدم الإجتزاء بنيابته.

7 – إذا كان معذوراً عن المبيت بمنى؟

ج - تجوز نيابته على الأظهر.

8 - إذا كان معذوراً عن مباشرة رمي الجمار في اليوم الحادي عشر والثاني عشر فيستنيب له غيره؟

ج- لا يبعد صحّة نيابته.

9 - إذا كان معذوراً من إرتكاب بعض محرمات الإحرام كالتظليل وستر الرأس ونحوهما؟

ج- تجوز نيابته.

س 8- إذا كانت الحجّة في فروض السؤال السابق حجّة استحبابية فهل

ص: 263

يصح الإستيجار لها ؟

ج - يصح إذا كان عمل الأجير صحيحاً في حق نفسه ولكن يلزمه إعلام المستأجر بالحال.

س 9 - هل تجوز نيابة أقطع الرجل أو اليد في الحجّ من حيث النقص في وضوئه وسجوده؟

ج- لا نقصان في وضوئه، نعم صلاته ناقصة من حيث عدم السجود فيها ببعض المساجد، ومن هنا يشكل الاجتزاء بعمله في تفريغ ذمّة المنوب

عنه .

س 10 - إذا كان الشخص ناقص العضو فهل تجوز استنابته في حجّة الإسلام أو غيرها؟

ج- تجوز استنابته إذا كان نقص عضوه لا يوجب خللاً في أداء العمل الإختياري وإلا جرى عليه ما تقدّم من جواب السؤالين ( 7 و 8).

س 11 - من لا يستطيع القراءة الصحيحة ولكنّه يحسن منها مقداراً معتداً به بل ربما يكون لحنه في حرف أو حرفين هل يجوز ان يكون نائباً؟

ج- إذا كانت قراءته مجزية في حق نفسه جاز ان يكون نائباً في الحجّ المستحب والعمرة المندوبة ولكن إذا اراد الغير استئجاره لذلك فلا بد من اعلامه بالحال ، وامّا الاجتزاء بعمله النيابي المشتمل على اللحن في القراءة وان كان قليلاً في الحجّ والعمرة الواجبين فمحل اشكال.

س 12 - من يرافق النساء والمرضى ليلة العيد ويكتفي بالوقوف في

ص: 264

المزدلفة معهم لعدم استغنائهم عن مرافقته اصلاً هل يجوز ان يكون نائباً في الحج عن الغير؟

ج- لا يبعد الاجتزاء بنيابته.

س 13 - هل تجوز استنابة من يعلم مسبقاً عجزه عن الذبح في منى لمنع السلطات ذلك منعاً باتاً؟

ج- يجوز فان تمكّن من الذبح في وادي محسّر فهو وإلاّ اجتزأ بالذبح في أي موضع من مواضع الحرم المكي والافضل اختيار مكّة.

س 14 - هل يجوز استنابة ذي الجبيرة لأداء الحجّ الواجب؟

ج- يجوز.

س 15 - هل يجتزأ باستنابة دائم الحدث لاداء الحجّ الواجب؟

ج- لا يبعد ذلك بناءاً على ما هو المختار من عدم انتقاض طهارته ما لم يصدر منه غير ما ابتلى به من سائر الاحداث أو نفس الحدث المبتلى به غير مستند إلى مرضه .

س 16 - هل تجوز نيابة المضطر إلى تقديم أعمال مكّة على الوقوفين في الحجّ؟

ج- لا مانع منه .

س 17 - هل تجوز استنابة من يجوز له تقديم أعمال مكّة على الوقوفين؟

ج- لا مانع منه .

ص: 265

س 18 - إذا استناب من لا يقدر على أداء العمل الإختياري فيما لا تجوز استنابته - فتوى أو احتياطاً - من جهة الجهل بالحكم أو بالموضوع ثم التفت إلى ذلك بعد فوات الأوان فهل يكون جهله معذراً فيحكم بالإجتزاء بعمل النائب؟

ج- لا .

س 19 - إذا أَجَّرَ نفسه للحجّ عن غيره ولما أحرم للحجّ علم بعدم الإجتزاء بعمله - فتوى أو احتياطاً – فماذا يعمل ؟

ج - إن كان لا يجزي فتوى فإحرامه باطل وإن كان احتياطياً احتاط بإتمام حجّته عن المنوب عنه رجاءً.

س 20 - المعذور عن مباشرة الحجّ بنفسه إذا لم يجد من يستنيبه في اداء الحجّ الواجب الا من هو عاجز عن اداء العمل الاختياري كمن في قراءته لحن - من قبيل تبديل الضاد بالظاء - فهل تجب عليه المبادرة إلى استنابته وهل يجتزأ بها عندئذ ام يجوز له الانتظار إلى حين تيسّر القادر على اداء العمل الاختياري في السنوات القادمة؟

ج- يجوز له الانتظار مع توقع حصول القادر ، ولو استناب العاجز ثم تيسر له القادر في سنة قادمة فالاحوط وجوباً تجديد الاستنابة.

الفرع الثاني حكم موت النائب

إذا مات النائب بعد إكمال أعمال الحج فلا اشكال في أنّه يجزي المنوب عنه

ص: 266

وتبرأ ذمته به، وأما إذا مات في الاثناء فهل ما أتى به يجزي عن المنوب عنه وتبرأ ذمته به او لا؟

ج- في المسألة صور أربع:

الصورة الأُولى: أن يموت قبل الاحرام، ولا اشكال في عدم براءة ذمة المنوب عنه، فتجب الاستنابة عنه ثانية فيما تجب الاستنابة فيه - كما لو كان الحج مستقراً عليه - بلا فرق بين حجّة الإسلام وغيرها.

الصورة الثانية : أن يموت بعد الاحرام وقبل دخول الحرم، فلا تبرأ ذمة المنوب عنه على الاحوط وجوباً، وتجب - على الاحوط - الاستنابة عنه ثانية فيما تجب الاستنابة فيه، بلا فرق بين حجّة الإسلام وغيرها .

الصورة الثالثة: أن يموت بعد الاحرام فيجزي وتبرأ ذمة المنوب عنه بشرطين:

1- أن يكون موته بعد دخول الحرم على الاحوط وجوباً.

2- أن تكون النيابة بأجرة.

بلا فرق بين حجّة الإسلام وغيرها.

الصورة الرابعة: أن يموت بعد الاحرام وبعد دخول الحرم، وكانت النيابة تبرّعاً - من دون اجرة - فلا يجزي ولا تبرأ ذمة المنوب عنه علی الاحوط وجوباً، بلا فرق بين حجّة الإسلام وغيرها.

ص: 267

تنبيه :

تقدّم أنّ من أحرم عن نفسه ودخل الحرم وم-ات أجزأه عن حجّة الإسلام (1) ، وتلك المسألة تختلف عن هذه من ناحيتين:

1- إن تلك المسألة تفترض أن الشخص يحج عن نفسه، وأمّا هذه فمختصة بالنيابة.

2- إن الحكم بالاجزاء في تلك المسألة مختص بحجّة الإسلام، وأمّا هذه فالحكم فيها يعم حجّة الإسلام وغيرها.

ص: 268


1- تقدّمت في المسألة السادسة من المبحث الخامس (مسائل متفرقة حول شرائط الحج)

الفصل الرابع ما يعتبر في صحة الإجارة

اشارة

يعتبر في صحة الإجارة للحج أن لا يكون النائب مشغول الذمة بحج واجب عليه منجّز في عام النيابة، فلو كان مستطيعاً للحج وعنده القدرة على الذهاب، وكان عالماً بوجوب الحج عليه، ولكنّه تماهل وتسامح وآجر نفسه للنيابة عن الغير في نفس العام، فلا تصح الإجارة، وهنا أسئلة:

س 1 - ما معنى تنجّز الوجوب، ومتى يكون وجوب الحج منجّزاً على المكلّف؟

ج- معنى التنجّز هو استحقاق العقوبة على مخالفة التكليف (الوجوب او الحرمة)، ويكون الوجوب منجّزاً إذا علم به المكلّف وكان ملتفتاً، وأمّا إذا كان جاهلاً به او كان غافلاً عنه فلا يتنجّز الوجوب في حقه، وحينئذٍ تصح استنابته للحج وتصح الإجارة.

س 2- لو كانت ذمة النائب مشغولة بوجوب الحج وكان منجّزاً عليه، فهنا أسئلة :

1 - هل تقع الحجّة التي أتى بها عن الغير صحيحة ؟

ج - نعم تقع صحيحة وتبرأ ذمة المنوب عنه، وإن كان النائب آثماً بتركه

ص: 269

الحج عن نفسه.

2- على فرض صحة الحجّة، فهل الإجارة عليها صحيحة ؟

ج - الإجارة عليها ،باطلة، ولا تصح اجارته إلا إذا كان جاهلاً بوجوب الحج أو كان غافلاً لعدم تنجّز الوجوب في حقه حينئذٍ، كما تقدّم.

3- إذا كانت الإجارة باطلة فهل يستحق الجير الأًجرة المسماة (المتّفق عليها) او اجرة المثل؟

ج- لا يستحق الأجرة المسماة مادامت الإجارة باطلة، وإنّما يستحق اجرة المثل بشرط أن لا تزيد على الأجرة المسماة، وأمّا إذا كانت زائدة فلا يستحق الزيادة، لأن قبوله بالأقل من اجرة المثل مرجعه الى الغاء احترام ماله (الزيادة) والاتيان به مجاناً .

س 3- لو كان الشخص مشغول الذمة بحج واجب عليه منجّز فهل تصح اجارته للنيابة عن الغير إذا لم تكن الإجارة مقيّدة بهذه السنة؟

ج- إذا لم تكن مقيّدة بسنة الوجوب فلا اشكال في صحتها.

تنبيه:

من كان الحج واجباً عليه تصح اجارته في ثلاث حالات: 1

1- أن يكون جاهلاً بالحكم ( يجهل بوجوب الحج عليه).

2 - أن يكون غافلاً عن الحكم ( يغفل عن وجوب الحج عليه).

ص: 270

3- أن يكون عاجزاً عن الحج عن نفسه ولو متسكعاً فتصح اجارته للحج عن غيره.

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - من استقرّ عليه الحجّ ثم زالت عنه الاستطاعة هل يجوز أن يستأجر نائباً؟

ج- إذا لم يكن قادراً على الحجّ لنفسه ولو متسكعاً تصح إجارته للحجّ عن الغير.

2 - شخص أراد أن يحجّ نيابة عن الغير وبعد أن أحرم وغادر الميقات علم بأنه مستطيع فماذا عليه؟

ج - إذا كان مستطيعاً من الأول وجب عليه الرجوع إلى الميقات والإحرام لنفسه، إلا إذا كان واثقاً من تمكنه من الحجّ في عام لاحق فانّه يكمل حجّه النيابي في هذه الصورة.

فروعٌ

الفرع الأول حكم الأُجرة عند موت الأجير

إذا مات الأجير بعد إتمام أعمال الحج استحق تمام الأجرة المسماة بلا اشكال، وأمّا إذا مات قبل ذلك فهنا صور:

الصورة الأُولى: أن يموت الأجير بعد الاحرام ودخول الحرم، وكانت

ص: 271

الإجارة على تفريغ ذمة الميت، فيستحق تمام الأجرة المسماة (المتفق عليها).

الصورة الثانية : أن يموت بعد الاحرام ودخول الحرم، وكانت الإجارة على الأعمال - وليس على تفريغ ذمة الميت - بحيث تكون الأعمال ملحوظة في الإجارة على نحو تعدد المطلوب بمعنى أنّ كل عمل من أعمال الحج هو ملحوظ في الإجارة وجُعل بإزائه مقدار من الأجرة، ففي ة، ففي هذه الصورة يستحق الأجير من الأجرة بنسبة ما أتى به.

الصورة الثالثة: أن يموت قبل الاحرام، ولم تكن المقدمات مأخوذة على نحو تعدد المطلوب أي لم تكن ملحوظة في الإجارة ولم يجعل بإزائها جزء من الأجرة، وفي هذه الصورة لا يستحق الأجير شيئاً – سواءً كان أجيراً على تفريغ ذمة الميت ام على الأعمال- لعدم تحقق كلا الامرين إذا لم تفرغ ذمة الميت لفرض أنّ الموت حصل قبل الاحرام، كما أنه لم يأتِ بشيء من الأعمال.

الصورة الرابعة: أن يموت قبل الاحرام، وكانت الإجارة على أعمال الحج مع المقدمات، أي أنّ المقدمات مأخوذة على نحو تعدد المطلوب بمعنى

أنها ملحوظة في الإجارة وجُعل بإزائها جزء من الأجرة، ففي هذه الصورة يستحق من الأجرة بقدر ما أتى به من المقدمات.

تنبيه:

يختلف هذا الفرع عن الفرع الثاني من فرعي الفصل الثالث: بأنّ ذلك الفرع كان ناظراً الى أنّ النائب لو مات فهل يجزي ما أتى به عن المنوب عنه او

ص: 272

لا ، وأمّا هذا الفرع فناظر الى حكم النائب لو مات من جهة استحقاق الأجرة وعدمها.

أسئلة تطبيقيّة :

س - إذا استؤجر للحجّ عن غيره فأتى ببعض المقدمات وصرف في سبيل ذلك مبالغ من المال ثم منعته الحكومة من السفر إلى الديار المقدسة فهل له أن يطالب المستأجر ببدل ما صرفه من تهيئة المقدمات أم لا؟

ج- إذا استؤجر للحجّ مع مقدماته ووقعت الأجرة بإزاء الجميع فله مطالبته ببدل ما قام به من المقدمات وإن استؤجر للحجّ ولم تلحظ معه المقدمات لم يستحق شيئاً.

الفرع الثاني حكم من استؤجر للحج البلدي من حيث سلوك الطريق

من استؤجر للحج البلدي فهل يلزمه أن يسلك طريقاً معيّناً او بالخيار في ذلك؟

ج - تارة يقع الكلام في الحكم التكليفي، واخرى في الحكم الوضعي:

أولاً: الحكم التكليفي :

من استؤجر للحج نيابة عن غيره فله صورتان:

الصورة الأُولى: أن يستأجره للحج البلدي ولا يعيّن الطريق، وفي هذه الصورة يكون الأجير مخيّراً في سلوك أيّ طريق يشاء.

ص: 273

الصورة الثانية : أن يستأجره ويُعيّن له طريقاً محدّداً، فلا يجوز له العدول عنه الى غيره.

الحكم الوضعي:

إذا استأجره للحج وعيّن له طريقاً محدّداً إلا أنّ الأجير عدل عنه وسلك طريقاً آخر، وأتى بالأعمال فماذا يترتب على ذلك؟

ج- تارة يؤخذ الطريق بنحو الشرطيّة، واخرى بنحو الجزئية، وثالثة بنحو القيديّة، فههنا صور ثلاثة :

الصورة الأُولى: أن يكون اعتبار الطريق في الإجارة على نحو الشرطيّة، فلو شرط عليه في عقد الإجارة أن يسلك طريق المدينة مثلاً، ولكن الأجير خالف وسلك طريقاً آخر، ففي هذه الصورة يثبت للمستأجر خيار الفسخ ( خيار تخلّف الشرط)، وهنا حالتان :

الحالة الأُولى: إذا لم يفسخ المستأجر استحق الأجير تمام الأُجرة المسمّاة (المتفق عليها).

الحالة الثانية: وإن فسخ استحق الأجير أُجرة المثل إذا لم تزد على الاجرة المسماة، وأمّا إذا كانت زائدة فلا يستحق الزيادة، لأن قبوله بالأقل من اجرة المثل مرجعه الى الغاء احترام ماله (الزيادة) والاتيان به مجاناً.

الصورة الثانية : أن يكون اعتبار الطريق على نحو الجزئيّة، وفي هذه الصورة يثبت للمستأجر خيار الفسخ أيضاً (خيار تبعض الصفقة)، وهنا

ص: 274

حالتان أيضاً:

الحالة الأُولى : إذا فسخ المستأجر استحق الأجير أُجرة المثل لما قام به من أعمال دون ما سلكه من الطريق.

الحالة الثانية: وإن لم يفسخ كان له تمام الأجرة المسماة، ولكن يحق للمستأجر أن يطالبه بقيمة ما خالفه فيه من سلوك الطريق المعيّن.

الصورة الثالثة: أن يكون اعتبار الطريق على نحو القيديّة (1) ، وفي هذه الصورة يثبت خيار الفسخ للمستأجر، وهنا حالتان:

الحالة الأُولى: أن يفسخ الإجارة، وحينئذٍ لا يستحق الأجير شيئاً.

الحالة الثانية: أن لا يفسخ الإجارة، وحينئذٍ يستحق الأجير تمام الاجرة المسّماة، ولكن له مطالبة الأجير بأُجرة المثل للعمل المستأجر عليه، ويجب على الأجير أن يدفع أُجرة المثل للمستأجر إذا طالبه بها.

فائدة:

الفارق بين الشرطيّة والجزئيّة والقيديّة :

في الشرطيّة يكون متعلّق الإجارة هو طبيعي الحج ولكن الُمنشأ بها معلّق على التزام الأجير بسلوك طريق معين في أداء الحج، ففي الشرطيّة يوجد

ص: 275


1- في المنهاج ج 2 مسألة :377: (وإن كان اعتباره على نحو القيديّة لم يستحق الأجير شيئاً على عمله وتخيّر المستأجر بين فسخ الإجارة وبين مطالبة الأجير باجرة المثل للعمل المستأجر عليه، فإن طالبه بها لزمه اعطاؤه اجرة المثل)

مطلوبان : العمل وسلوك الطريق المعيّن، غايته لم يجعل مقابل الطريق شيء من الاجرة، وإنّما الاجرة بتمامها جعلت مقابل العمل، وفائدة الشرط هي ثبوت الخيار للمستأجر على تقدير تخلّف الشرط.

وأمّا في الجزئية فيوجد مطلوبان أيضاً وقد جعلت الاجرة إزاء كليهما (الحج والطريق)، فهناك قسط من الأجر قد جعل إزاء الطريق المعيّن، او قل: هناك عمل واحد مركب من جزئين: أحدهما الطريق المعيّن والثاني ذو الطريق (الحج)

فإذا خالف المستأجر فيثبت له خيار تبعّض الصفقة، وإذا لم يفسخ يدفع للأجير تمام الاجرة المسمّاة، ويحق له مطالبته بقيمة الطريق المعيّن الذي لم يسلكه .

وأمّا في القيديّة فلا يوجد للمستأجر إلا مطلوب واحد، وليس له إلا غرض واحد وهو الحصة المعيّنة من الحج، وهي الحج عن ذلك الطريق المعيّن بحيث لو أتى به عن طريق آخر لم يتحقق غرضه من الاستنابة، أي لا غرض له في طبيعي الحج، ولا في سلوك الطريق في حد ذاته، وإنّما غرضه بالحج المقيّد بكونه من ذلك الطريق، كما هو الحال في الصلاة المقيّدة بالوضوء، فإنّ الحكم بوجوب الصلاة ينصب على التقيّد الذي هو معلول للقيد (الوضوء).

وبعبارة اخرى في الشرطيّة والجزئية يوجد مطلوبان بينما في القيديّة لا يوجد إلا مطلوب واحد، فإن التقيّد معلول للقيد والمقيّد، وبعد التقيّد يكون المطلوب الحصّة الخاصة وهي الحج المقيّد بهذا الطريق، نظير الصلاة والوضوء

ص: 276

فإن المطلوب هي الصلاة المقيّدة بالوضوء، وأمّا الفارق بين الشرطيّة والجزئيّة فهو في الشرطيّة لا يُجعل إزاء الشرط (الطريق) قسط من الأجر وإنّما تمام الاجر يُجعل مقابل العمل (الحج) لأنّه هو المطلوب غايته جُعل معلّقاً على الشرط وهو سلوك الطريق المعيّن، ولازم ذلك جعل الخيار على تقدير تخلّف الشرط، وهذا بخلافه في الجزئية حيث جُعل قسط من الأجر مقابل المطلوب الثاني وهو سلوك الطريق.

وفي الجميع يثبت الخيار عند تخلّف المطلوب (سلوك الطريق المعين) غايته في الشرطيّة يثبت خيار تخلّف الشرط، وفي الجزئية يثبت خيار تبعّض الصفقة، وهكذا في القيديّة يثبت الخيار، وبناءً على ما تقدّم تارة المستأجر يُعمل الخيار ويفسخ، وأُخرى لا يفسخ، فإن فسخ فعلى الشرطيّة لا يستحق الأجير سوى اجرة المثل، وعلى الجزئية يستحق اجرة ما أتى به، وعلى القيديّة لا يستحق شيئاً لأنّه لم يحقق غرض المستأجر فلم يأتِ بشيء، وأمّا إذا لم يفسخ فيستحق الأجير تمام الاجرة المسمّاة في الجميع، غايته على الشرطية ليس للمستأجر شيء مقابل الطريق لأنّ تمام الاجرة جعلت إزاء الحج ولم يجعل شيء إزاء الطريق، وأمّا على الجزئيّة فللمستأجر أن يطالبه بقيمة الجزء الآخر الذي لم يأتِ به (الطريق)، وأمّا على القيديّة فللمستأجر أن يطالب الأجير بأُجرة المثل للعمل المستأجر عليه.

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - إذا استؤجر للحجّ البلدي فتوجه إلى بلد الميّت قبل موعد الحجّ

ص: 277

بشهر – مثلاً – ثم رجع إلى بلده قاصداً به الشروع في سفر الحجّ ومن هناك توجه إلى مكّة المكرمة فهل يجزيه عمله؟ ويكون حجّاً بلدياً؟

ج- نعم.

س 2- إذا استؤجر للحجّ البلدي ولكنّه غفل في ساعة الحركة أن ينوي ذلك فهل تكفيه النيّة السابقة؟

ج- إذا كان الحجّ النيابي هو المحرك له نحو العمل كفى.

س 3- إذا استؤجر للحجّ البلدي فلما وصل إلى المدينة المنورة أحرم من مسجد الشجرة للعمرة المفردة لنفسه وبعد الإتيان بها رجع إلى المدينة وأحرم ثانية للحجّ المستأجر عليه فهل يكون بذلك قد أدى ما عليه من الحجّ البلدي؟

ج- لا مانع من ذلك ولا يضر بحجّه النيابي.

س 4 - إذا استؤجر للحجّ البلدي فسافر إلى ذلك البلد لغرض آخر ثم رجع إلى بلده ومن هناك سافر إلى الحجّ فما هو حكم حجّه لو كان المنوب عنه حياً وما الحكم من جهة استحقاقه الأجرة؟

ج - اما الحجّ فالظاهر صحته حتى لو كان عن الحي وكان اعتبار الشروع فيه من البلد المعين ملحوظاً على نحو القيدية في الاستنابة. واما الأجرة فيختلف الحال فيها فانه إذا كان اعتبار الشروع من ذلك البلد ملحوظاً في الإجارة على نحو الشرطيّة فمقتضاه استحقاق الأجير تمام الأجرة المسماة إذا لم يفسخ المستأجر وإلاّ فيرجع إلى أجرة المثل ما لم تزد على الاجرة المسماة. واذا كان اعتباره ملحوظاً على نحو القيدية بان يكون مخصصاً للعمل المستأجر

ص: 278

عليه فلا يستحق الأجير شيئاً من الاجرة. وإذا كان اعتباره ملحوظاً على نحو الجزئية فللأجير تمام الأجرة المسماة ولكن للمستأجر مطالبته بقيمة ما خالفه من المسير من ذلك البلد، هذا إذا لم يفسخ المستأجر وإلاّ استحق الأجير أجرة المثل دون الأجرة المسماة.

الفرع الثالث حكم من آجر نفسه عن أكثر من شخص

من آجر نفسه للحج عن شخص ، هل يجوز له أن يؤجر نفسه للحج عن شخص آخر في نفس السنة؟

ج- ههنا صور أربع:

الصورة الأُولى: أن تكون كلا الإجارتين مقيّدة بالمباشرة في نفس السنة، وحينئذٍ لا تصح إجارته الثانية، لأنّه بالإجارة الأُولى صار العمل مملوكاً

للأول فكيف يراد تمليكه للثاني؟

الصورة الثانية أن تكون كلا الإجارتين مقيّدة بالمباشرة في سنة ، تختلف عن الأخرى، ولا اشكال في صحة كلا الاجارتين.

الصورة الثالثة: أن تكون إحدى الاجارتين مقيّدة في سنة معينة والاخرى مطلقة (غير مقيّدة ) ولا اشكال في صحتهما أيضاً.

الصورة الرابعة : أن تكون كلا الاجارتين مطلقة، ولا اشكال في صحتهما أيضاً.

ص: 279

الفرع الرابع حكم الأجير لو قدّم او أخر الحج النيابي المشروط

إذا اشترط المستأجر على الأجير الاتيان بالحج النيابي في سنة معيّنة فهل يجوز للأجير التأخير او التقديم ؟

ج- ههنا صورتان :

الصورة الأُولى : إذا اشترط المستأجر على الأجير الاتيان بالحج النيابي في سنة متقدّمة كما إذا آجره للحج في السنة الحالية، ولكن الأجير أخّر وأتى بالحج في السنة القادمة، فتترتب الاحكام التالية :

1- يكون آثماً، إلا مع رضا المستأجر.

2- تبرأ ذمة المنوب عنه.

3- يثبت للمستأجر خيار الفسخ، وهنا حالتان:

الحالة الأُولى: إذا فسخ المستأجر فلا يستحق الأجير شيئاً إذا كان التعيين على وجه التقييد، ويستحق أُجرة المثل إذا كان التعيين على وجه الشرطيّة.

الحالة الثانية: إذا لم يفسخ المستأجر يستحق الأجير تمام الاجرة المسماة سواءً كان اعتبار التعيين على نحو الشرطيّة او القيديّة، غايته إذا كان اعتبار التعيين على نحو الشرطيّة فلا يستحق المستأجر على الأجير شيئاً لأن تمام الاجرة جعلت بإزاء العمل، وأمّا إذا كان على نحو القيديّة فللمستأجر أن يطالب الأجير بقيمة المثل لما فوّته عليه من الزمان المعيّن.

ص: 280

الصورة الثانية : إذا اشترط المستأجر على الأجير الاتيان بالحج النيابي في سنة متأخّرة كما لو شرط عليه الاتيان بالحج في السنة القادمة، ولكن الأجير قدّم وأتى به في السنة الحالية، فهنا حالتان:

الحالة الأُولى: أن يكون العمل المستأجر عليه من قبيل حجّة الاسلام حيث تفرغ ذمة المنوب عنه بما أتى به سابقاً، ولا يمكن استيفاء العمل المستأجر عليه في وقته المعيّن ، لعدم تكرار حجّة الاسلام، ففي هذه الحالة يكون الحكم هو عين ما تقدّم في الصورة الأُولى.

الحالة الثانية : أن لا يكون العمل المستأجر عليه من قبيل حجّة الاسلام ، كما إذا آجره على الحج المندوب عن نفسه في العام المقبل فأتى به في العام الحالي، فهنا شقان :

الاول : أن يكون التعيين على وجه التقييد، فلا يستحق الأجير على ما أتى به شيئاً، ووجب عليه الاتيان بالعمل المستأجر عليه في وقته المعين، و لا يثبت الخيار للمستأجر لعدم تخلّف العمل في وقته.

الثاني: أن يكون التعيين على نحو الشرطيّة، فإن ألغى المستأجر شرطه استحق الأجير تمام الاجرة المسمّاة، وإن لم يلغِ المستأجر شرطه، فلا يستحق الأجير على ما أتى به شيئاً، ووجب عليه الاتيان بالعمل المستأجر عليه في وقته المعين، و لا يثبت الخيار للمستأجر لعدم تخلّف العمل في وقته، لأنّ المفروض أن وقت العمل المستأجر عليه هو في العام القادم، والخيار إنّما يثبت إذا حلّ وقت العمل ولم يفِ المشروط عليه بالشرط.

ص: 281

الفرع الخامس حكم الأجير إذا صُدّ او أُحصر

إذا صُدّ الأجير او أُحصر فلم يتمكّن من الاتيان بالأعمال كان حكمه حكم الحاج عن نفسه، وسيأتي حكم المصدود والمحصور مفصلاً في الجزء الثالث.

ولكن ما حكم الإجارة؟

ج - إذا كانت الإجارة مقّيدة (1) بتلك السنة التي صُدّ او أحصر فيها كشف ذلك عن بطلانها لأنّ شرط صحة الإجارة القدرة على الاتيان بمتعلّقها، وأمّا إذا لم تكن مقيّدة بتلك السنة فيبقى الحج في ذمة الأجير ولكن يثبت للمستأجر خيار تخلّف الشرط إذا كان اعتبار تلك السنة على نحو الشرطيّة.

الفرع السادس الكفارة من مال النائب لا المنوب عنه

إذا أتى النائب بما يوجب الكفّارة فهي من ماله، سواءً كانت النيابة بإجارة ام بتبرّع .

الفرع السابع حكم ما لو قصرت الأُجرة عن مصارف الحج او زادت

إذا استأجره للحج بأُجرة معيّنة فقصرت الاجرة عن مصارف الحج لم يجب على المستأجر تتميمها، لأنّ العقد حصل على المقدار المعيّن، كما أنّها إذا

ص: 282


1- أي كان اعتبار تلك السنة بنحو القيديّة

زادت عنها ليس من حق المستأجر استرداد الزائد لأن الأجير استحق تمام الاجرة بنفس عقد الاجارة.

أسئلة تطبيقيّة :

س- إذا استأجر الورثة شخصاً ليحجّ عن ميتهم في سنة معينة وبمبلغ معين وقبل موعد الحجّ تضاعفت تكاليف أدائه لبعض الطوارئ فهل يكون الأجير ملزماً بأداء الحجّ المستأجر عليه بنفس المبلغ السابق أم يسعه فسخ الإجارة أو مطالبة الورثة بجبر مقدار النقص؟

ج - ليس له الفسخ و لا مطالبة الجبر ما لم يكن هناك شرط معاملي يقتضي استحقاق احدهما .

الفرع الثامن حكم ما لو أفسد الأجير حجّه بالجماع

إذا استأجره للحج الواجب او المندوب فأفسد الأجير حجّه بالجماع قبل المشعر، فهل يجزي ما أتى به عن المنوب عنه، وهل يجب على الأجير إتمام ذلك الحج الذي جامع فيه او لا؟

ج- إذا جامع الأجير زوجته في الحج قبل المزدلفة وكان عالماً عامداً وأفسد حجّه ترتبت عليه الأحكام الآتية:

1 - يجب على الأجير إتمام ذلك الحج الذي جامع فيه.

2 - يجب على الأجير في السنة القادمة إعادة الحج

ص: 283

س- وهل الحج الثاني يأتي به عن نفسه او عن المنوب عنه ؟

ج- يأتي به عن نفسه.

3- على الأجير كفارة الجماع وهي بدنة ومع العجز عنها شاة.

4 - يجب التفريق بين الأجير وزوجته في حجّتهما التي جامعا فيها- بأن لا يجتمعا إلا إذا كان معهما ثالث - إلى أن يفرغا من مناسك الحجّ حتى أعمال منى ويرجعا إلى نفس المحل الذي وقع فيه الجماع، ولو رجعا من غير ذلك الطريق جاز أن يجتمعا إذا قضيا المناسك.

5 - يجب التفريق بينهما أيضاً في الحجّة المعادة من حين الوصول إلى محل وقوع الجماع - الذي حصل في الحجّة السابقة - إلى وقت الذبح بمنى، بل الأحوط وجوباً استمرار التفريق إلى الفراغ من تمام الأعمال والرجوع إلى المكان الذي وقع فيه الجماع.

6 - يجب على الأجير المبيت ليلة الثالث عشر في منى على الاحوط وجوباً، ولا يجوز له الافاضة من منى في اليوم الثاني عشر.

7 - الحج الاول - الذي جامع فيه - هو الذي يقع عن المنوب عنه ويجزي عنه، وأمّا الثاني فهو عقوبة على النائب.

8- مادام الحج الاول هو الذي يقع عن المنوب عنه فالأجير يستحق تمام الأجرة المسمّاة، سواءً كان أجيراً على تفريغ الذمة ام على الأعمال، لكونه قد أتى بتمام الأعمال وفرّغ ذمة المنوب عنه.

ص: 284

س - لو لم يحج الأجير في السنة القادمة فهل يستحق الاجرة؟

ج - نعم يستحق تمام الاجرة وإن لم يحج من قابل لعذر او بدون عذر.

9 - الأحكام المتقدّمة تعم النائب، سواءً كان أجيراً او متبرّعاً، غايته أنّ

المتبرّع لا يستحق الأجرة.

أسئلة تطبيقيّة :

س- ورد في المناسك ان من استؤجر للحجّ إذا افسد حجّه بالجماع قبل المشعر وجب عليه اتمامه وعلى الاجير الحجّ من قابل فهل ان الاجير يحجّ عن نفسه أو عن المنوب عنه؟

ج - يحجّ عن نفسه.

الفرع التاسع يحق للأجير أن يطالب بالأُجرة قبل الحج

يحقّ للأجير للحج ّأن يطالب بالأجرة قبل الإتيان بالعمل حتى وإن لم يشترط التعجيل صريحاً، من جهة وجود القرينة على الاشتراط، فإنّ الأجير

يحتاج الى مالٍ لكي يهيّئ مقدمات سفره، وهذه العادة الجارية بالتعجيل ، تشكل شرطاً ضمنياً، حيث إنّ الغالب أنّ الأجير لا يتمكّن من الذهاب إلى الحجّ والإتيان بالأعمال قبل أخذ الأجرة.

ص: 285

الفرع العاشر من آجر نفسه للحج فليس له أن يؤجر غيره

إذا آجر نفسه للحجّ فهل يجوز للأجر أن يستأجر شخصاً آخر للذهاب للحج عن نفس المنوب عنه ؟

ج- هنا حالتان :

الحالة الأُولى : أن تكون الإجارة مشروطة بالمباشرة، بأن يشترط المستأجِر على الأجير أن يباشر الحج بنفسه، ولو كان الاشتراط ضمنيّاً، وفي هذه الحالة ليس له أن يستأجِر غيره إلّا مع إذن المستأجِر.

الحالة الثانية : أن تكون الإجارة مطلقة، بأن لا يشترط عليه المباشرة، وفي هذه الحالة يجوز للأجير أن يستأجِر غيره للحج.

تنبيه :

إذا جاز للأجير أن يستأجر غيره فلا يجوز له أن يستأجره بأقل من الأُجرة المسمّاة.

أسئلة تطبيقيّة :

س - إذا استؤجر للنيابة عن غيره في الحجّ فهل له أن يستأجر شخصاً آخر لأدائه؟

ج- إذا لم يشترط عليه المستأجر أداءه بنفسه لا صريحاً ولا انصرافاً جاز ولكن لا يجوز أن تكون الأجرة في إجارة غيره أقل قيمة من الأجرة في إجارة

ص: 286

نفسه .

الفرع الحادي عشر حكم الأجير لحج التمتع إذا ضاق عليه الوقت

لا اشكال في أنّ من أحرم لعمرة التمتع وتبيّن عجزه عن أدائها من جهة ضيق الوقت تنقلب وظيفته الى حج الافراد ويأتي بعمرة مفردة بعده، هذا لو كان حاجاً عن نفسه - كما سيأتي - .

ولكن هل ذلك الحكم - انقلاب الوظيفة من حج التمتع الى حج الإفراد - يشمل النائب او لا؟

ج- نعم يشمله سواءً كان حجّه بتبرّع أو إجارة، فمن استؤجر لحج التمتع عن شخص في سعة الوقت، واتفق أنّ الوقت قد ضاق، فوظيفته العدول الى حج الإفراد ويأتي بعمرة مفردة بعده عن المنوب عنه.

س 1 - هل ما أتى به النائب من حج الإفراد يجزي عن المنوب عنه - الذي كانت وظيفته حج التمتع - وتبرأ ذمته به او لا؟

ج - نعم يجزي وتبرأ ذمته به

س 2 - هل يستحق النائب لو كان أجيراً الاجرة المسماة او لا يستحق شيئاً او يستحق الاجرة بالنسبة؟

ج- إذا كانت الاجارة على نفس الأعمال - حج التمتع - فلا يستحق شيئاً لعدم اتيانه بالعمل المستأجر عليه، بعد افتراض أنّ التغاير تام بين حج

ص: 287

لتمتع وحج الإفراد، وأمّا إذا كان مستأجراً على تفريغ ذمة الميت فيستحق الاجرة المسمّاة كاملة لتحقق العمل المستأجر عليه.

تنبیه :

إنّ الحكم السابق – انقلاب الوظيفة- يختص بمن استؤجر في سعة الوقت ثم ضاق وقته وأمّا من كان الوقت ضيقاً في حقه عن أداء حج التمتع من البداية فلا يجوز استئجاره لحج التمتع وإن أمكنه أن يأتي بحج الإفراد.

ص: 288

الفصل الخامس سائر أحكام النيابة

الحكم الاول نيابة شخص عن جماعة

هل يجوز لشخص واحد أن ينوب عن جماعة في الحج أو العمرة المفردة؟

ج- إذا كان الحج أو العمرة مستحبين جاز ذلك، وأمّا إذا كانا واجبين فلا يجوز فيهما نيابة الواحد عن اثنين وما زاد إلا في مورد واحد وهو ما إذا كان وجوب الحج أو العمرة عليهما او عليهم على نحو الشركة، كما إذا نذر شخصان أن يشترك كلٌ منهما مع الاخر في الاستئجار في الحج، فحينئذٍ يجوز لهما أن يستأجرا شخصاً واحداً للنيابة عنها.

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - هل يجوز الإتيان بالحجّ النيابي عن عدة أشخاص وهل يفرق في ذلك كون بعضهم أو جميعهم أموات؟

ج- لا بأس بذلك في الحجّ المندوب مطلقاً، ولا يجوز في الواجب إلا في مورد واحد مذكور في المسألة 126 من المناسك (1) .

ص: 289


1- وهو ما تقدّم بيانه في الحكم الاول

س 2 - شخص اعتمر تمتعاً عن أمه ندباً وبعد إتمامه العمرة اراد ان يجعل حجّه نيابة عن أمه وأبيه فهل يجوز له ذلك؟

ج - لا يبعد ذلك.

س 3- هل يجوز ان ينوب الشخص عن اكثر من واحد في العمرة المفردة المندوبة؟

ج- يجوز.

الحكم الثاني نيابة جماعة عن شخص

هل يجوز أن ينوب جماعة عن شخص واحد في عام واحد؟

ج- فيه تفصيل:

1 - لا بأس بنيابة جماعة في عام واحد عن شخص واحد ميّت أو حيّ - تبرّعاً أو بالإجارة - فيما إذا كان الحجّ مندوباً.

2- لا بأس بنيابة جماعة في عام واحد عن شخص واحد في الحجّ الواجب فيما إذا كان متعدّداً، كما إذا كان على الميّت أو الحيّ (1) حجّان واجبان بنذر – مثلاً – أو كان أحدهما حجّة الاسلام وكان الآخر واجباً بالنذر، فيجوز - حينئذٍ - استئجار شخصين أحدهما لأحد الواجبين والآخر للآخر.

3- وكذلك يجوز استئجار شخصين عن واحد أحدهما للحجّ الواجب

س: 290


1- إذا كان عاجزاً عن المباشرة

والآخر للمندوب في نفس العام.

4 - بل لا يبعد جواز استئجار شخصين لواجب ،واحد كحجّة الاسلام من باب الاحتياط، لاحتمال نقصان حجّ أحدهما.

مع الالتفات الى أنّ كل واحد من النائبين يأتي بالحج عن المنوب عنه بنية جزمية لا بنحو الاحتياط، وأمّا الاحتياط فهو مرتبط بالمنوب عنه.

الحكم الثالث النيابة في الطواف مستحب

لا اشكال في كون الطواف مستحباً في حد ذاته (1) ، وكذلك لا اشكال في جواز النيابة في الطواف المستحب (2) عن الميت وأمّا الحي فيستحب النيابة عنه في الطواف المستحب في حالتين:

ص: 291


1- بمعنى يشرع الاتيان به مستقلا عن باقي المناسك للنصوص الكثيرة الدالة على ذلك
2- للنصوص من قبيل صحيحة موسى بن القاسم قال : قلت لأبي جعفر الثاني علیه السّلام : قد أردت أن أطوف عنك وعن أبيك فقيل لي: إن الأوصياء لا يطاف عنهم، فقال لي: «بل طف ما أمكنك فإنه جائز» ثم قلت له بعد ذلك بثلاث سنين: إني كنت استأذنتك في الطواف عنك وعن أبيك فأذنت لي في ذلك فطفت عنكما ما شاء الله ثم وقع في قلبي شيء فعملت به قال: «وما هو؟» قلت: طفت يوماً عن رسول الله صلّی اللهُ علیه وآله فقال : ثلاث مرات «صلى الله على رسول الله» ، ثم اليوم الثاني عن أمير المؤمنين ثم طفت اليوم الثالث عن الحسن عليهما السّلام والرابع عن الحسين علیه السّلام والخامس عن علي ابن الحسين عليهما السّلام والسادس عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السّلام واليوم السابع عن جعفر بن محمد عليهما السّلام واليوم الثامن عن أبيك موسى علیه السّلام واليوم التاسع عن أبيك علي علیه السّلام واليوم العاشر عنك يا سيدي، وهؤلاء الذين أدين الله بولايتهم فقال : « إذن والله تدين بالدين الذي لا يقبل من العباد غيره» قلت: وربما طفت عن أمك فاطمة عليهما السلام ، وربما لم أطف، فقال: «استكثر من هذا فإنه أفضل ، ما أنت عامله إن شاء الله»، الكافي ج 4 باب الطواف والحج عن الأئمة ح 2 ص 314

1- إذا لم يكن حاضراً في مكة.

2 - إذا كان حاضراً ولكنّه عاجز عن الطواف مباشرة.

وأمّا إذا كان حاضراً في مكة وقادراً على مباشرة الطواف فلا تجوز النيابة عنه في الطواف.

س 1 - هل يوجد في أفعال الحج ما هو مستحب في ذاته كالسعي مثلاً؟

ج- لا دليل على استحباب السعي او غيره في حد ذاته.

س 2 - هل الحكم السابق مختص بالطواف او يشمل العمرة المفردة؟

ج - يشكل الاتيان بالعمرة المفردة عمن كان حاضراً في مكة.

أسئلة تطبيقيّة :

س - يشترط في النيابة عن الغير في الطواف المندوب عدم حضور المنوب عنه في مكة مع قدرته على ادائه بنفسه فهل يشترط في أداء العمرة المفردة المندوبة عن الغير عدم تمكنه من ادائها بنفسه؟

ج- لا يشترط ذلك (1) .

الحكم الرابع يجوز للنائب أن يعتمر او يطوف عن نفسه

يجوز للنائب بعد فراغه من أعمال الحج النيابي أن يأتي بالعمرة المفردة عن نفسه او عن غيره او عن نفسه وغيره، كما يجوز له أن يطوف عن نفسه او عن

ص: 292


1- تم العدول عن ذلك الى : أنّ النيابة في العمرة المفردة عن الحي الحاضر في مكة محل إشكال

غيره او عن نفسه وغيره ؛ بأن يأتي بالعمل أصالة عن نفسه ونيابة عن غيره.

الحكم الخامس حكم جعل العمرة عن شخص والحج عن آخر

يجوز للنائب إذا كان حج التمتع مستحباً أن يجعل العمرة عن غيره والحج عن نفسه، كما يجوز أن يجعل العمرة عن شخص والحج عن نفس الشخص وعن شخص آخر، ولا يجوز ذلك إذا كان الحج واجباً.

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - شخص أحرم لعمرة التمتع نيابة عن أمه وجوباً أو استحباباً ثم احرم لحجّ التمتّع عن نفسه فهل يصحّ ؟

ج- إذا كان الحج واجباً فلا يجزئ، وأمّا إذا كان استحبابياً فلا يبعد أن يكون صحيحاً.

س 2 - شخص اعتمر تمتعاً عن أمه ندباً وبعد إتمامه العمرة اراد ان يجعل حجّه نيابة عن أمه وأبيه فهل يجوز له ذلك؟

ج- لا يبعد ذلك.

الحكم السادس حكم الاتيان بالحج أو العمرة أصالة عن نفسه ونيابة عن غيره

يجوز لشخص أن يأتي بالحج المستحب أصالة عن نفسه ونيابة عن غيره ،

كما يجوز له الاتيان بالعمرة المفردة المستحبة أصالة عن نفسه ونيابة عن غيره ،

ص: 293

ويترتب عليها أثر العمرة التي يأتي بها عن نفسه فقط، فيجوز له الخروج من مكة او الحرم والعود اليهما في نفس شهر العمرة كما هو الحال في العمرة التي يأتي بها عن نفسه، وهذا بخلافه في من أتى بالعمرة نيابة عن غيره فلا يجوز له الدخول الى مكة او الحرم بعد خروجه منهما وإن كان عوده في نفس الشهر الذي اعتمر فيه إلا أن يأتي بعمرة اخرى.

أسئلة تطبيقيّة :

س - هل يجوز للشخص الإتيان بعمرة مفردة اصالة عن نفسه ونيابة عن آخر؟

ج- لا يبعد جوازه.

الحكم السابع حكم الأجير عند فسخ المستأجر للإجارة

إذا استؤجر لأداء الحج عن الغير وبعد ادائه أعمال عمرة التمتّع فسخ المستأجر الاجارة - لغبن أو نحوه- وجب على الأجير الإتيان بمناسك حجّ

التمتع أيضاً الا إذا لم يكن متمكّناً منه أو كان حرجياً عليه بحد لا يتحمّل عادة فإنّه يجوز له في هذه الصورة أن يترك الحجّ، والاحوط الأُولى عندئذٍ أن يجعلها عمرة مفردة فيأتي بطواف النساء وصلاته.

أسئلة تطبقيّة :

س 1 - إذا استؤجر لأداء الحجّ عن الغير وبعد ادائه أعمال عمرة التمتّع

ص: 294

فسخ المستأجر الاجارة - لغبن أو نحوه - فما هو تكليف الاجير؟

ج- يجب عليه الإتيان بمناسك حجّ التمتّع أيضاً الا إذا لم يكن متمكّناً منه أو كان حرجياً عليه بحد لا يتحمّل عادة فانه يجوز له في هذه الصورة ان يترك الحجّ والاحوط الأُولى عندئذ ان يجعلها عمرة مفردة فيأتي بطواف النساء وصلاته.

الحكم الثامن حكم الأجير للحج من حيث زيارة المشاهد

يجب على الأجير للحج أن يزور النبي صلّی اللهُ علیه وآله والأئمة – صلوات الله عليهم- وسائر المشاهد في المدينة المنورة ومكة المكرمة مما يتعارف زيارته نيابة عن المنوب عنه.

أسئلة تطبيقيّة :

س - المستأجر لاداء الحجّ عن الميّت هل يجب عليه أن يزور النبي والائمة نيابة عنه وكذا بالنسبة إلى زيارة بقية المشاهد في المدينة المنورة ومكة المكرمة ؟

ج- يلزمه زيارة النبي صلّی اللهُ علیه وآله والأئمة عليهم السّلام من حيث اندراجها في العمل المستأجر عليه عند الاطلاق، واذا كانت هناك زيارات اخرى يتعارف قيام الحجّاج بها بحيث يشملها عقد الايجار مع الاطلاق لزمه الإتيان بها أيضاً، وإلاّ لم يجب.

ص: 295

الحكم التاسع النائب يأتي بالعمل وفق تقليده

من استؤجر لأداء الحج أو العمرة يعمل على طبق تقليده لا على طبق تقليد المنوب عنه ولا على طبق تقليد المستأجر، ويستثنى من ذلك مورد واحد وهو : ما إذا فرض تقييد متعلّق الاجارة - الحج او العمرة- بالصحيح في نظر المستأجر او بالصحيح في نظر المنوب عنه، ففي هذه الحالة يجب على الأجير أن يعمل بمقتضى ذلك إلا إذا تيقن بفساد الحج لو أتى به على طبق تقليد المستأجر او المنوب عنه.

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - هل يجب أن تكون أعمال النائب في الحجّ على طبق تقليده أو لابد من أن تكون مطابقة لتقليد المنوب عنه ؟

ج- يعمل على طبق تقليد نفسه، نعم إذا كان أجيراً وفرض تقييد متعلّق الإجارة بالصحيح في نظر المنوب عنه أو المستأجر صريحا أو لانصراف إطلاقه إليه كانت وظيفته حينئذٍ العمل بمقتضاه ما لم يتيقن بفساد العبادة معه.

س 2 - امرأة استنيبت للحجّ وقبل الإتيان بطواف الحجّ رأت الدم وهو وفق تقليدها من دم الحيض الذي يكون حكمها معه هو الاستنابة للطواف وصلاته، لأنه لا يتيسر لها المكث في مكّة لتطوف وتصلي بعد الطهر؛ ولكن مقتضى تقليد المنوب عنه ان الدم المرئي من دم الاستحاضة فلا بد ان تأتي بنفسها بالطواف وصلاته بعد القيام بأعمال المستحاضة ولا مورد للاستنابة

ص: 296

فماذا تصنع؟

ج- تراعي تقليد نفسها ولكن ليس للمنوب عنه الاجتزاء بعملها على الاحوط وجوباً.

أحكام أخرى :

س 1 - من استؤجر في البلد للعمرة المفردة المندوبة هل يحق له ان يؤدي العمرة لنفسه أوّلاً ثم يحرم من أدنى الحل للعمرة المستأجرة؟

ج- يحق له ذلك إلاّ إذا كان المستأجر عليه – بموجب الانصراف أو غيره من القرائن - هي العمرة البلدية أو العمرة الأُولى التي يدخل باحرامها في مكّة المكرمة أو نحو ذلك.

س 2- هل يجوز أخذ الأجرة إزاء القيام بالعمرة المفردة النيابية التي يؤتى بها رجاء؟

ج- لا مانع منه.

س 3- إذا استأجر من لا تصحّ منه النيابة - على الاحوط - جهلاً منها فهل يستحق الاُجرة؟

ج- إذا علم المستأجر عدم تمكّن الاجير من العمل الاختياري ومع ذلك استأجره - وان كان جاهلاً بعدم الاجتزاء بعمله - فالإجارة صحيحة، ويستحق تمام الأجرة المسماة ، وأما إذا كان يجهل ذلك فان كان المستأجر عليه العمل الكامل لم يستحق شيئاً وان كان هو العمل الموجب لفراغ ذمّة الميّت فلا بد من التراضي بصلح ونحوه.

ص: 297

س 4 - أتى شخص إلى المدينة المنورة قاصداً أداء حجّة الإسلام فمات قبل مباشرة الأعمال، هل يجوز للقائمين على أمره أن يستنيبوا له من يحجّ عنه من أمواله التي تركها ؟ وهل يحتاج الأمر إلى الإستئذان من ورثته أم تكفي إجازة الحاكم الشرعي علماً أن الحجّ كان مستقرّاً في ذمته.

ج- يجب الإستئذان من ورثته ولا تكفي إجازة الحاكم الشرعي ، والنص الدال على أنّه يجعل نفقته وزاده وراحلته في الحجّ عنه لا يدل على جعل الولاية في ذلك لغير ورثته.

س 5- شخص بادر إلى الاستنابة لأعمال مكة بعد مناسك منى ثم تمكّن من المباشرة فهل تجب عليه الاعادة؟

ج - نعم.

س6- تستوفي حملتنا للحج مبلغ سبعمائة وعشرين ديناراً كويتياً ازاء توفير الخدمات المعهودة، ويأتي بعض الاشخاص بهذا المبلغ إلى صاحب الحملة لتكليف من يطمئن اليه بالحج عن بعض ذويهم فهل يجوز لصاحب الحملة ان يقسم المبلغ على شخصين ليؤدي الحج شخصان بدل ان يؤديه شخص واحد؟

ج- لا يجوز من دون علم دافع المبلغ وموافقته.

س 7 - النائب عن غيره هل يحق له ان يستنيب للحجّ عن نفسه مستحباً لدرك الثواب؟

ج- لا يخلو عن اشكال ولا بأس به رجاءً.

ص: 298

س 8- إذا استناب أحداً في أداء أعمال الحجّ فقبل النيابة مجاناً ثم عزله ولم يبلغه العزل وأتى النائب بالعمل فهل يصح ؟

ج- لا يبعد صحته.

س 9 - النائب في الإتيان بطواف عمرة التمتّع وحجّه وصلاتي الطوافين هل يلزمه أن يكون محرماً حال أدائها؟

ج- لا يلزمه ذلك.

س 10 - النائب عن غيره في العمرة أو الحجّ هل يجوز له أن يحرم بالنذر فيما قبل الميقات أم يلزمه الإحرام من الميقات نفسه؟

ج- يجوز له الإحرام قبل الميقات بالنذر.

س 11 - هل يجوز الإتيان بالحجّ أو العمرة نيابة عن مولانا صاحب الزمان عليه السلام؟

ج - نعم يجوز ذلك.

س 12 - أيهما افضل ان يأتي بالعمرة المفردة أو الحجّ ثم يهدي ثوابه لوالديه - مثلاً - أو يحرم من البداية نيابة عن والديه؟

ج- لعل الثاني افضل (1)

ص: 299


1- الفارق بين النيابة واهداء الثواب : النيابة هي أن تأتي بالعمل من البداية عن غيرك، وهي تحتاج الى قصد فلا يحسب له العمل ولا يقع عنه إلا إذا قصدت النيابة عنه، وإذا لم تقصدها فيقع العمل عن نفسك، كما أن النيابة تحتاج الى دليل من الشارع فلا يصح أن تنوب عن شخص إلا إذا جوّز الشارع ذلك ، ومن هنا لا تشرع النيابة عن الكافر او الناصبي إلا في مورد واحد أذن فيه الشارع بالنيابة عن الناصبي وهو: جواز نيابة الولد عن أبيه الناصبي في الحج دون غيره من العبادات. وأمّا اهداء الثواب فيقصد به أن تأتي بالعمل عن نفسك وبعد إكماله تطلب من الله عز وجل أن يجعل ثوابه لشخص آخر فهي دعاء وطلب من الله وهو عز وجل قد يستجيب وقد لا يستجيب، وهي بهذا المعنى لا تحتاج الى دليل خاص كما يجوز ان تهدي ثواب العمل حتى للكافر او الناصبي، فأنت تطلب من الله أن يجعل ثواب ما عملت له، وربما يستجيب الله عز وجل وربما لا يستجيب، كما أنّها بهذا المعنى يجوز لك أن تهدي ثواب الأعمال الواجبة عليك لغيرك، فيمكنك بعد الفراغ من صلاة الصبح مثلاً أن تطلب من الله عز وجل أن يجعل ثوابها لوالديك مثلاً .

13 - من يستأجر للقيام بمهمة المرشد الديني في الحملة هل يجوز له اداء الحجّ لنفسه أو عن غيره بأجرة أو مجّاناً؟

ج- يجوز له ذلك إلاّ إذا كان قد اشترط عليه تركه.

ص: 300

المقصد الرابع الحج المندوب

اشارة

يستحبّ لمن يمكنه الحجّ أن يحجّ وإن لم يكن مستطيعاً (1)، وكذلك يستحب لمن أتى بحجّة الإسلام وسقط وجوب الحج عنه أن يحج مستحباً، ويستحبّ الإتيان به في كلّ سنة لمن يتمكّن من ذلك (2) .

تنبیهان :

التنبيه الأول: يستحب الحج لغير المستطيع حتى لو كان مديناً، نعم إذا كان الدَين حالاً والدائن مطالباً به وكان صرف ماله في أداء الحجّ الاستحبابي موجباً لتعجيزه عن أدائه لم يجز له ذلك، ولو خالف عصى ولكن يصح حجّه.

التنبيه الثاني: تقدّم أنّ غير المستطيع لا يجب عليه الحج، ولو حجّ فلا يعدّ حجّة اسلام، وإنّما يقع حجّاً مستحباً، ولكنّه لو خرج ووصل الى الميقات وكان واجداً لنفقة الحج فيكون مستطيعاً من مكانه وتكون حجّته حجّة

ص: 301


1- للنصوص الكثيرة من قبيل ما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله): (لا تدع الحج وانت تقدر عليه) الكافي ج 4 باب فضل الحج والعمرة ح 7 ص 254
2- للنصوص من قبيل ما روي عن عيسى بن أبي منصور قال: قال لي جعفر بن محمد (عليه السلام): (يا عيسى إن استطعت أن تأكل الخبز والملح وتحجّ في كل سنة فافعل) تهذيب الاحكام ج 5 باب من الزيادات في فقه الحج ح 184 ص 442

إسلام، إذ يكفي في الاستطاعة تحققها من مكانه ولا يشترط من البلد، كما تقدم.

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - من عليه دَين مستوعب لما لديه من المال الوافي بنفقات الحجّ لا يعد مستطيعاً في نظركم الشريف فهل يجوز له أن يحجّ حجاً استحبابياً لنفسه أو عن غيره؟

ج- يجوز ، نعم إذا كان الدَين حالاً والدائن مطالباً به وكان صرف ماله في أداء الحجّ الاستحبابي موجباً لتعجيزه عن أدائه لم يجز له ذلك ولو خالف عصى ولكن يصح حجّه.

س 2- هناك روايات كثيرة تدل على استحباب أداء الحجّ أكثر من مرة فهل هناك حكم ثانوي يقتضي خلاف ذلك في هذا الزمن بالنظر إلى الزحام الذي يحصل في الموسم؟

ج- لا .

س 3- هل يستحبّ الذهاب إلى الحجّ بالنسبة إلى امرأة قد أدت الحجّ الواجب عليها سابقاً مع علمها بما يحصل من اختلاط النساء مع الرجال في الأعمال كالطواف والسعي وغير ذلك؟

ج- يستحبّ ولا يضر الاختلاط على النحو المتعارف غير الموجب للإثارة.

س 4 - هل يفضل ترك الحجّ المستحب بقصد التخفيف وإتاحة الفرصة

ص: 302

لمن عليه حجّ واجب؟

ج- ليس كذلك إلا مع انطباق عنوان يقتضيه كإعانة الأخ المؤمن ونحوها.

س5 - إذا منعت الحكومة الحجّ لمواطني المملكة إلا مرة كلّ خمس سنوات فهل يجوز لمن يريد الحجّ ندباً قبل ذلك أن يحرم ويلبس المخيط فوق ثوبي الإحرام أثناء الدخول في مكّة وكذلك يركب السيارة المسقفة في النهار؟

ج- يجوز الإحرام للحج المندوب وإن علم أنه سيضطر إلى لبس المخيط والاستظلال المحرم ولكن تثبت عليه الكفارة ، علماً أنا لا نرخص في مخالفة القوانين المنظمة لمواسم الحجّ وفق ما تقتضيه مصلحة الحجّاج إذا كانت العدالة تراعى في تطبيقها .

س 6 - أيّهما أفضل زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) في يوم عرفة أو الحجّ المندوب؟

ج- هناك روايات كثيرة تدل على أفضلية زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) ولعلّ الأمر يختلف باختلاف الظروف والأحوال.

س 7- يستحبّ تكرار الحجّ كلّ عام غير أنّه يكثر الفقراء المؤمنون المحتاجون إلى لقمة العيش واللباس في العديد من البلدان الإسلامية فلو دار الأمر بين صرف الأموال بتكرار الحجّ أو الزيارة لأحد المعصومين (عليهم (السلام) وبين التبرّع به لهؤلاء المؤمنين المحتاجين فأیّهما يقدم؟

ج - مساعدة أولئك المؤمنين المحتاجين أفضل من الحجّ وزيارة العتبات

ص: 303

المقدسة في حد نفسيهما ولكن قد يقترن الحجّ أو الزيارة ببعض الأمور الاُخرى التي تبلغ بها تلك الدرجة من الفضل أو تزيد عليها.

س 8- هل الأفضل أن يحجّ الإنسان ندباً لنفسه أو أن يبذل نفقة الحجّ لفاقدي الإستطاعة من المؤمنين ليؤدوا حجّة الإسلام أو أن يباشر الحجّ نيابة عن غيره؟

ج- الأول أفضل.

س 9 - هل إن أداء الحجّ الإستحبابي يعد من المؤنة المستثناة من الخمس أم لابد من تخميس نفقته إذا كانت من الأرباح التي يثبت فيها الخمس؟

ج- لا يجب تخميسها.

فروعٌ

الفرع الأول ينبغي نية العود الى الحج

ينبغي نيّة العود إلى الحجّ لمن رجع من مكّة (1) ، بل نيّة عدم العود من قواطع الأجل كما ورد في بعض الروايات (2) .

ص: 304


1- كما في خبر عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله علیه السّلام يقول : من رجع من مكة وهو ينوي : الحج من قابل زيد في عمره»، الكافي ج 4 ح 3 ص 281
2- روي عن الحسن بن علي عن محمد بن أبي حمزة رفعه قال: «من خرج من مكة وهو لا يريد العود إليها فقد اقترب اجله ودنا عذابه» تهذيب الاحكام ج 5 باب من الزيادات في فقه الحج ح191 ص 444 . وعن الحسن بن علي عن أبي عبد الله علیه السّلام قال: «إنّ يزيد بن معاوية لعنهما الله حج فلما انصرف قال شعراً: إذا جعلنا ثافلاً يميناً* فلا نعود بعدها سنيناً للحج والعمرة ما بقينافنقص الله عمره وأماته قبل اجله» المصدر السابق ح192

الفرع الثاني يستحبّ إحجاج من لا استطاعة له

يستحبّ إحجاج من لا استطاعة له، كما يستحبّ الاستقراض للحجّ إذا كان واثقاً بالوفاء بعد ذلك - سواءً كان الحج مستحباً ام حجّة الاسلام إذا كان الاجل بعيداً وواثقا بالسداد، ويستحبّ كثرة الإنفاق في الحجّ والعمرة (1) .

الفرع الثالث حكم صرف الزكاة في الحج

يجوز للفقير إذا أُعطي الزكاة من سهم الفقراء أن يصرفها في الحجّ المندوب.

الفرع الرابع يعتبر إذن الزوج للزوجة في الحج والعمرة المستحبين

يشترط في حج المرأة وعمرتها المفردة إذن الزوج، إذا كان الحجّ أو العمرة مستحبين ، فلو حجت او اعتمرت من دون إذنه بطل حجّها وعمرتها،

ص: 305


1- روی عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله علیه السّلام قال : قال رسول الله صلّی اللهُ علیه وآله : (ما من نفقة أحب إلى الله من نفقة قصد، ويبغض الاسراف إلا في حج أو عمرة» من لا يحضره الفقيه ج 2 ح 2446 ص 279

وكذلك يعتبر إذن الطليق في المعتدة بالعدّة الرجعيّة، ولا يعتبر ذلك في البائنة، ويجوز للمتوفّى عنها زوجها أن تحجّ او تعتمر في عدّتها، وقد تقدّم تفصيل ذلك كله في المسألة الثالثة من المبحث الخامس.

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - ذكرتم في المناسك انه يعتبر اذن الزوج في حجّ المرأة إذا كان مندوباً وكذلك المعتدة بالعدة الرجعية مع ان النص الدال على ذلك وهو خبر جابر بن يزيد «لا يجوز ان تحجّ تطوعاً إلاّ باذن زوجها» غير نقي السند وما دل على عدم جواز خروج المرأة من بيتها إلاّ باذن زوجها لا يقتضي اناطة صحة حجّها بإذن الزوج بل عدم صحة طوافها وسعيها ووقوفها في عرفة والمشعر إذا لم تكن مأذونة في الحضور في المطاف والمسعى والموقفين وهذا اعم مما ذكر فما هو الوجه فيهما ذكرتم؟

ج- يمكن استفادة اعتبار إذن الزوج في حجّ المرأة تطوعاً من قوله علیه السّلام في صحيحة معاوية بن عمار «المطلقة تحجّ في عدتها إن طابت نفس زوجها» فانه محمول على المطلقة الرجعية وكون حجّها ندبياً، وحيث انها زوجة حقيقة أو بحكمها فلا يبعد ان يكون المتفاهم منه كون ذلك من احكام الزوجة الدائمة لا خصوص الزوجة التي أُنشىء طلاقها ولم يُنفذ بعد لعدم انقضاء العدة.

س 2 - يشترط في حجّ المرأة تطوعاً اذن زوجها، فهل هذا الحكم يشمل الزوجة التي لم تنتقل إلى دار الزوجية أي في المدة الفاصلة بين العقد والزفاف؟

ج - الأحوط وجوباً ذلك إلاّ إذا كان المتعارف عدم الاستئذان للسفر في

ص: 306

مثل هذا الغرض وجرى العقد مبنياً على ذلك.

س 3- ذكرتم في المناسك انه لا يصح حجّ المرأة من دون اذن زوجها إذا كان الحجّ ندباً فما هو حكم العمرة المفردة المندوبة؟

ج - الظاهر جريان حكم الحجّ عليها

ص: 307

ص: 308

المقصد الخامس أقسام العمرة وحكم الدخول في الحرم

اشارة

وفیه مقامان :

المقام الأول أقسام العمرة

العمرة كالحجّ، فقد تكون واجبة وقد تكون مندوبة، وقد تكون مفردة،

وقد تكون عمرة تمتع.

والكلام يقع في فصول:

الفصل الأول واجبات العمرة المفردة

تتألف العمرة المفردة من سبعة واجبات:

1 - الاحرام.

2 - الطواف.

ص: 309

310

3- صلاة الطواف.

4 - السعي.

5 - الحلق او التقصير.

6 - طواف النساء.

7- صلاة طواف النساء.

وسيأتي تفصيل الكلام عن كل واحد من هذه الواجبات عند التعرض الى واجبات عمرة التمتع والحج.

ص: 310

الفصل الثاني العمرة المفردة الواجبة

تجب العمرة المفردة في موارد :

المورد الاول: تجب بالأصالة على من كان فرضه حج الإفراد او القِران وكان مستطيعاً لها (1) ، فكما أنّ من استطاع الى الحج يجب عليه كذلك من استطاع للعمرة المفردة وكان فرضه حج الإفراد او القِران تجب عليه، ويعتبر في الاستطاعة للعمرة المفردة ما يعتبر في الاستطاعة للحج من صحة البدن وقوته وتخلية السرب وغير ذلك مما تقدّم في تحقق الاستطاعة للحج.

س 1 - وهل وجوب العمرة فوري او على نحو التراخي؟

ج- وجوبها فوريّ كفوريّة وجوب الحجّ.

س 2- وهل الفورية عقلية او شرعية ؟

ج - فورية الوجوب عقلية بمعنى أنّه يلزم المبادرة على المستطيع للخروج عن عهدة التكليف إذا لم يكن واثقاً بالامتثال في عام لاحق، وأمّا إذا كان واثقاً فجوز له التأخير ، كما هو الحال في فورية وجوب الحج.

ص: 311


1- سواءً كان فرضه حج الافراد او القرآن بالاصالة كما لو كان البعد بين منزله ومكة أقل من 16 فرسخاً، أو كان فرضه حج الافراد بسبب الانقلاب كما لو انقلب فرضه من حج التمتع الى حج الافراد فيلزمه الاتيان بالعمرة المفردة، كما سياتي بيان موارد الانقلاب

3 - هل وجوب العمرة المفردة على من كان فرضه حج الافراد او القران مشروط بالاستطاعة للحج او وجوبها مستقل ؟

ج - وجوبها مستقل فمن استطاع لها - حتى لو لم يستطع للحجّ - وجبت علیه .

س 4 - هل تجب العمرة المفردة على المستطيع لها في كل سنة؟

ج- تجب على المستطيع لها في العمر مرة واحدة كوجوب الحج.

المورد الثاني: تجب بالنذر او الحلف او العهد او الاجارة او الشرط في ضمن العقد اللازم او غير ذلك.

المورد الثالث: تجب لدخول الحرم المكي او لدخول مكة، كما سيأتي.

المورد الرابع: تجب على من أفسد عمرته المفردة بالجماع قبل السعي، فإنّه يجب عليه البقاء في مكة الى الشهر القادم ويعيدها فيه، ويلزمه الاحرام للعمرة المعادة من أحد المواقيت ، ولا يجزيه الإحرام لها من أدنى الحل على الاحوط لزوماً، كما سيأتي.

المورد الخامس: تجب على من انقلب فرضه من حج التمتع الى حج الإفراد بسبب ضيق الوقت، حيث يلزمه بعد الفراغ من أعمال حج الإفراد أن يأتي بالعمرة المفردة، كما سيأتي.

المورد السادس: تجب على من انقلب فرضه من حج التمتع الى حج الإفراد بسبب الصد او الحصر، كما سيأتي بيانه.

ص: 312

المورد السابع : تجب على المرأة الحائض إذا انقلب فرضها من حج التمتع الى حج الإفراد حيث يلزمها الاتيان بالعمرة المفردة بعده، كما سيأتي.

المورد الثامن: تجب على من لم يدرك الموقفين، او أدرك الموقف الاضطراري في المزدلفة فقط، او أدرك الموقف الاختياري في عرفات فقط ، او ادرك الموقف الاضطراري في عرفات فقط، ففي جميع ذلك يبطل حجّه وينقلب الى العمرة المفردة، كما سيأتي.

المورد التاسع : إذا مرض الحاج قبل وصوله الى الديار المقدسة فبعث بهديه ثم خفّ مرضه وظن إدراك الحج فيجب عليه الالتحاق فإذا لم يدرك الموقفين او المشعر خاصة ولم يُذبح او يُنحر عنه قبل وصوله انقلب حجّه الى العمرة ،المفردة، كما سيأتي .

المورد العاشر: من ترك التقصير عمداً في عمرة التمتع وأحرم للحج انقلب فرضه الى حج الإفراد، ويجب عليه الاتيان بالعمرة المفردة بعده.

المورد الحادي عشر: من أتى بعمرة التمتع ولم يتمكّن من الاتيان بالحج فالاحوط وجوباً أن يقلبها الى عمرة مفردة ويأتي بطواف النساء، كما سيأتي.

تنبیهان :

التنبيه الأول: من كان فرضه حج التمتّع وأدّى حجة الإسلام ثم حجّ استحباباً حجّ إفراد لا يلزمه أداء العمرة المفردة بعده.

التنبيه الثاني : من حجّ تمتعاً استحباباً ثم انقلب حجّه إلى الإفراد لسبب

ص: 313

من الاسباب لا يجب عليه أداء عمرة مفردة بعده.

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - هل يلزم المبادرة إلى الإتيان بالعمرة المفردة بعد حجّ الإفراد أم يجوز التأخير في أدائها؟

ج- وجوبها فوري كفورية وجوب الحجّ.

س 2- من كان فرضه حجّ الإفراد والعمرة المفردة فأخرّ الإتيان بالعمرة إلى السنة الثانية بعد ان أتى بأعمال الحجّ فهل يجزيه ذلك؟

ج - نعم يجزيه ولكن وجوب أداء العمرة لمن استطاع اليها فوري كفورية وجوب الحجّ.

س3- من كان فرضه التمتّع وأدّى حجّة الإسلام ثم حجّ استحباباً حجّ إفراد هل يلزمه أداء العمرة المفردة أيضاً؟

ج- لا .

س 4 - من حجّ تمتعاً استحباباً ثم انقلب حجّه إلى الإفراد لسبب من الاسباب هل يتعين عليه أداء عمرة مفردة؟

ج- لا .

ص: 314

الفصل الثالث العمرة المفردة المستحبة

يستحبّ الإتيان بالعمرة المفردة في الموارد الآتية - واستحبابها في كلّ شهر -:

1 - من كانت وظيفته حج الافراد او القران وقد أتى بها، وسقط عنه الوجوب، فيستحب له تكرارها كل شهر .

2- من كانت وظيفته حج التمتع، ولم يكن مستطيعاً للحج ولكنّه استطاع لها، فإنّها لا تجب عليه ، ولكنّها مستحبة له، بل الاحوط استحباباً أن يأتي بها عن نفسه.

و عليه، فلا يجب الاستئجار لها من مال الشخص إذا استطاع ومات قبل الموسم، وإن كان الاحوط استحباباً الاستئجار عنه للعمرة المفردة.

3- الأجير للحجّ بعد فراغه من عمل النيابة، وإن كان مستطيعاً من الإتيان بها فإنّها لا تجب عليه وإنّما تستحب له، بل الاحوط استحباباً أن يأتي بها عن نفسه.

4 - من أتى بحجّ التمتّع فلا يجب عليه الإتيان بالعمرة المفردة جزماً وإن

ص: 315

كان مستطيعاً لها، ولكنّها تستحب له.

س 1 - هل يجوز الإتيان بعمرتين مفردتين في شهر واحد، سواءً كانتا واجبتين او مستحبتين او احداهما واجبة والأخرى مستحبة؟

ج - إذا كانت العمرتان عن نفس المعتمر أو كلتاهما عن شخص آخر فلا يجوز ، وإن كان لا بأس بالاتيان بالثانية برجاء المطلوبية، ويجوز ذلك فيما إذا كانت إحدى العمرتين عن نفسه والأخرى عن غيره، أو كانت كلتاهما عن شخصين غيره بمعنى كل واحدة عن شخص.

س 2 - إذا كانت احدى العمرتين مفردة والاخرى عمرة تمتع فهل يجوز إيقاعهما في شهر واحد؟

ج- الاحوط وجوباً تركه، وعليه فالأحوط وجوباً لمن اعتمر عمرة التمتّع في ذي الحجّة وأراد الإتيان بالعمرة المفردة بعد أعمال الحجّ أن يؤخرها

إلى محرّم، والاحوط وجوباً لمن أتى بعمرة مفردة في شوال مثلاً وأراد الإتيان بعمرة التمتّع بعدها أن لا يأتي بها في نفس الشهر .

س 3- هل يعتبر الفصل بين عمرة مفردة وأخرى بثلاثين يوماً؟

ج- لا يعتبر، فيجوز الإتيان بعمرة مفردة في شهر وإن كان في آخره وبعمرة أخرى في شهر آخر وإن كان في أوّله.

س 4 - من أتى بعمرة مفردة في شهر، وهلّ هلال الشهر التالي، فهل يجوز له أن يأتي بعمرة أخرى في الليلة الأُولى من الشهر؟

ج- نعم يجوز له ذلك.

ص: 316

سه - ما حكم الإتيان بالعمرة المفردة بين عمرة التمتّع والحجّ؟

ج - ذلك يوجب بطلان عمرة التمتّع، فتلزم إعادتها.

نعم، إذا بقي في مكّة إلى يوم التروية قاصداً للحج تنقلب العمرة المفردة الى عمرة تمتّع، فيأتي بحجّ التمتّع بعدها، كما سيأتي بيانه.

تنبيهات :

التنبيه الأول: من أحرم للحج أو العمرة المستحبين وجب عليه إكمالها ولا يجوز له الاعراض عنهما وتركها .

التنبيه الثاني : العمرة المفردة التي يراد قلبها الى عمرة تمتع لا يجب فيها طواف النساء، كما سيأتي.

التنبيه الثالث: سيأتي أنّه لا يجوز الخروج من مكة بعد عمرة التمتع على الاحوط وجوباً، وأنّ من خرج ورجع في غير الشهر الذي اعتمر فيه تبطل عمرة تمتعه، والسؤال: هل أنّ نفس الخروج من مكة مبطل لعمرة التمتع او أنّ المبطل لها هو الإحرام لعمرة اخرى للدخول الى مكة أو أنّ المبطل شيء آخر؟

ج- المبطل هو عدم الرجوع الى مكة في نفس الشهر الذي أدى فيه عمرته بحيث يلزمه الإحرام لعمرة اخرى عند العود، فلو كان ممن يجوز له دخول مكة من دون احرام - كمن يتكرر منه الدخول والخروج الى مكة- لم تبطل عمرته بمجرد الخروج وعدم العود في نفس الشهر.

ص: 317

إذن المبطل هو اجتماع أمرين:

1- عدم الرجوع في نفس الشهر.

2- ولزوم الاحرام لعمرة أخرى.

فإذا تخلّف أحد الشرطين لا تبطل عمرة تمتعه، فإذا رجع في نفس الشهر او كان ممن لا يجب عليه الاحرام عند الدخول الى مكة او الحرم كمن يتكرر منه الدخول والخروج فلا تبطل عمرته.

التنبيه الرابع : لا يجوز الاتيان بعمرة مفردة بعد عمرة التمتع وقبل الحج فإنّه موجب لبطلان عمرة التمتع وإن لم يخرج من مكة، كما إذا كان في مكة وأحرم للعمرة المفردة من التنعيم الواقع في العصر الحاضر في مكة الحديثة.

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - من يكون فرضه الحج تمتعاً إذا لم يكن مستطيعاً له ولكنّه استطاع للعمرة المفردة لا يجب عليه أداؤها ولكنّه إذا اراد اداءها فكيف ينوي؟

ج- له أن يأتي بها بقصد القربة المطلقة، ولو أراد قصد الوجه فعليه أن يقصد الاستحباب.

س 2 - من كان فرضه التمتّع وأدّى حجّة الإسلام ثم حجّ استحباباً حجّ إفراد هل يلزمه أداء العمرة المفردة أيضاً؟

ج- لا .

س 3- من حجّ تمتعاً استحباباً ثم انقلب حجّه إلى الإفراد لسبب من

ص: 318

الاسباب هل يتعين عليه أداء عمرة مفردة؟

ج- لا.

س 4 - الآفاقي الذي أدى حجّ الإفراد ندباً لعدم استطاعته للحجّ فهل يلزمه أداء العمرة المفردة بعده؟

ج- لا يجب.

28

س 5 - إذا أدى العمرة المفردة في شهر ذي الحجّة ثم أحرم لعمرة التمتّع جهلاً منه بعدم جواز الإتيان بعمرتين في شهر واحد فماذا عليه؟

ج - عدم جواز الإتيان بعمرة التمتّع في نفس الشهر الذي اتى به بالعمرة المفردة مبنيٌ عندنا على الاحتياط اللزومي ورعاية هذا الاحتياط - في مفروض السؤال - تقتضي ان يكمل مناسك عمرة التمتّع رجاءً ويأتي بحجّ التمتعّ بعده كذلك، وله أن يأتي بالأعمال المشتركة بين حجّ التمتّع والإفراد بقصد الاعم منهما فيتيقن حينئذٍ بأداء حجّ صحيح شرعاً ولكن لا يعتد به فيما لو كانت فريضته حجّ التمتّع وعليه أن يأتي به في عام لاحق، هذا إذا لم يكن حجّ التمتّع واجباً تعييناً عليه في هذا العام وإلاّ لم يعتد بعمرته المفردة، وان كان اجيراً لها مطلقاً احتاط بإعادتها في شهر آخر.

س 6 - امرأة احرمت من بلدها بالنذر للعمرة المفردة وذهبت إلى جدّة حيث قاربها زوجها فاعتقدت بطلان عمرتها فذهبت إلى الميقات واحرمت منه لعمرة مفردة اخرى وبعد تمامها أنت بحجّ الإفراد فما هو حكمها؟

ج - قد بطل احرامها الأول للعمرة المفردة بالجماع عن علم وعمد وعليها

ص: 319

الكفارة، فان كان الإحرام الثاني للعمرة في شهر آخر صحّ وتمت عمرتها وإلاّ كان باطلاً أيضاً وعليها التدارك واما حجّ افرادها فصحيح.

س 7 - من اعتمر في آخر رجب مثلاً هل يجوز له الإتيان بعمرة أخرى في أول شعبان؟

ج- يجوز له ذلك.

س8- من اتى بعمرة مفردة عن نفسه في شهر فهل يصح منه الاتيان بعمرة مفردة أخرى في الشهر ذاته عن نفسه وعن غيره؟

ج- محل إشكال ولا بأس به رجاءً.

س 9 - من دخل مكّة المكرمة باحرام العمرة المفردة، ثم خرج منها بعد اداء الأعمال واراد الرجوع قبل انقضاء الشهر القمري الذي اعتمر فيه فهل يصح منه الإحرام لعمرة اخرى؟

ج- لا يصح الا إذا كانت العمرة الثانية عن غيره. نعم لا بأس به رجاءً.

س 10 - المستطيع للحجّ إذا اعتمر عن أمه عمرة مفردة بعد اتيانه بعمرة التمتّع لنفسه فهل عليه شيء؟

ج - تبطل عمرة تمتعه فإمّا أن يذهب إلى أحد المواقيت ويحرم ثانية لعمرة التمتّع أو يأتي بعمرة مفردة لنفسه ويحرم لها من ادنى الحل ثم يبقى إلى يوم التروية فتنقلب إلى عمرة التمتّع .

س 11- إذا أحل من إحرام عمرة التمتّع فأحرم للعمرة المفردة فماذا

ص: 320

يترتب على عمله ؟

ج- عليه أن يتم عمرته المفردة وتبطل عمرته الأُولى ويعيدها بعد ذلك.

نعم إذا بقي في مكّة إلى يوم التروية قاصداً للحجّ كانت عمرته المفردة متعته فيأتي بالحجّ.

س 12 - هل يجوز لمن أحرم للعمرة أو الحجّ أن يعرض عن إحرامه ويترك أداء المناسك ؟

ج- لا يجوز له ذلك ولو فعل فإن كان في عمرة التمتّع أو الحجّ وترك أداء المناسك إلى أن انقضى الوقت المحدد لهما بطل إحرامه وأما لو كان في العمرة المفردة فلا يخرج من إحرامه إلا بأداء مناسكها.

س 13- إذا فرغ من أعمال عمرة التمتع فوجد أن المنزل المعين له في مكة يقع خارج الحرم فهل له أن يسكنه أم لا؟

ج- لا مانع منه إذا كان من محلات مكة، نعم إذا كان احرامه لعمرة التمتع في شهر سابق فان خروجه (1) من الحرم موجب لبطلان عمرته وهذا غير جائز ، ولو فعله كان عليه الإحرام لعمرة اخرى لدخول الحرم كما مر نظيره.

س 14 - إذا استؤجر للحج عن غيره فنسى وأحرم لنفسه وتذكر بعد التلبية فهل يصح عن نفسه وعلى هذا التقدير هل يمكن العدول بالنية؟

ج- يصح عن نفسه مع انمحاء نية الحج عن الغير من قلبه حين الإحرام

ص: 321


1- يظهر منه أن نفس الخروج موجب لبطلان عمرة التمتع

ولا يصح منه العدول في النية كما لا يجوز له الاعراض عن الإحرام، نعم إذا اتي بأعمال عمرة التمتع ثم خرج من مكة ولم يرجع إلى أن انقضى الشهر الذي اتي فيه بعمرة التمتع تبطل عمرته (1) فيجوز له الذهاب إلى بعض المواقيت والاحرام لعمرة التمتع عن المنوب عنه.

س 15 - من دخل مكة لأداء عمرة التمتع لنفسه وكان حجّه استحبابياً فهل يسعه أن يعرض عن أداء حج التمتع ويؤجر نفسه هناك لأداء الحج عن غيره فيخرج إلى بعض المواقيت فيحرم لعمرة التمتع عن المنوب عنه ؟

ج- عليه أن يتم حجّه كما بدأ ولا تبطل عمرته بإعراضه عنها. نعم إذا كانت عمرته قبل شهر ذي الحجّة فخرج من مكة بعد الفراغ من أعمال العمرة ولم يرجع إلى أن مضى الشهر الذي اعتمر فيه بطلت عمرته (2) فله حينئذ أن يحرم من أحد المواقيت لعمرة التمتع عمن يريد النيابة عنه فيصح حجّه عنه وإن كان آثما في إبطال عمرة نفسه.

س 16 - هل المبطل لعمرة التمتع هو الخروج من مكة وعدم الرجوع إلى نهاية الشهر كما ورد في جواب السؤال (13 و 14 و 15) أم الإتيان بعمرة اخرى كما ربما يفيده بعض العبارات؟

ج - المبطل هو عدم الرجوع إلى مكة في نفس الشهر الذي أدى فيه عمرته بحيث يلزمه الإحرام لعمرة اخرى عند العود، فلو كان ممن يجوز له

ص: 322


1- يظهر منه أن نفس الخروج موجب لبطلان عمرة التمتع أيضاً
2- يظهر منه أنّ نفس الخروج موجب لبطلان عمرة التمتع أيضاً

دخول مكة من دون احرام لم تبطل عمرته بمجرد الخروج وعدم العود في نفس الشهر، نعم إذا أتى بعمرة مفردة بعد عمرة التمتع وقبل الحج بطلت عمرة تمتعه وان لم يخرج من مكة كما إذا أحرم لها من التنعيم الواقع في العصر الحاضر في مكة نفسها.

س 17 - شخص أتى بعمرة مفردة في شهر رجب ثم أحرم لعمرة ثانية في نفس الشهر فما حكمه؟ وهل يجوز له ترك إتمام الثانية ؟

ج- ما فعله محل اشكال ، ولكن لا يجوز ترك اتمام العمل بل يأتي به رجاء (1) .

ص: 323


1- استفتاء على الموقع

الفصل الرابع عمرة التمتع

وهي جزء من حج التمتع، فإنّ حج التمتّع مركب من عبادتين :

1 - عمرة التمتع ، وهي مركبة من واجبات خمسة:

أ- الإحرام من أحد المواقيت.

ب- الطواف حول البيت سبعة أشواط.

ج - صلاة الطواف خلف مقام ابراهيم علیه السّلام .

د- السعي بين الصفا والمروة.

- التقصير: وهو قصّ بعض شعر الرأس أو اللحية أو الشارب، فإذا أتى المكلّف به خرج من إحرامه، وحلت له الأمور التي كانت قد حرمت عليه بسبب .

و سيأتي تفصيل واجباتها في الجزء الثاني.

2- حج التمتع ، وسيأتي تفصيل واجباته في الجزء الثالث

ص: 324

الفصل الخامس الفارق بين العمرة المفردة وعمرة التمتع

اشارة

تشترك العمرة المفردة مع عمرة التمتع في أعمالها وتفترق عنها في امور:

1 - إنّ العمرة المفردة يجب لها طواف النساء، ولا يجب ذلك لعمرة التمتّع ، نعم لا بأس بالإتيان به برجاء المطلوبية.

2 - إن عمرة التمتّع لا تقع إلا في أشهر الحجّ، وهي: شوال، وذو القعدة، وذو الحجّة، وتصحّ العمرة المفردة في جميع الشهور ، وأفضلها شهر رجب.

3- ينحصر الخروج عن الإحرام في عمرة التمتّع بالتقصير فقط، ولكن الخروج عن الإحرام في العمرة المفردة يتحقق بالتقصير وبالحلق، والحلق أفضل.

هذا بالنسبة إلى الرجال، وأما النساء فيتعيّن عليهن التقصير مطلقاً، في عمرة التمتع والعمرة المفردة.

4 - يجب أن تقع عمرة التمتّع والحجّ في سنة واحدة على ما يأتي، وليس كذلك في العمرة المفردة، فمن وجب عليه حجّ الإفراد والعمرة المفردة صحّ منه أن يأتي بالحجّ في سنة، والعمرة في سنة أخرى، هذا من حيث الحكم

ص: 325

الوضعي، وأمّا من حيث الحكم التكليفي فيجب الاتيان بالعمرة المفردة بعد الحج على من تمكن لهما في سنة واحدة - لما تقدّم من كون وجوبها فورياً - إلا إذا كان واثقاً بالأداء في عام لاحق.

5- إنّ من جامع في العمرة المفردة عالماً عامداً قبل الفراغ من السعي فسدت عمرته بلا إشكال، ووجبت عليه الإعادة بأن يبقى في مكّة إلى الشهر القادم فيعيدها فيه، وأما من جامع في عمرة التمتّع فالاحوط وجوباً أن يتم عمرته ويأتي بالحج بعدها ثم يُعيدهما في العام القابل، كما سيأتي.

6 - إن إحرام العمرة المفردة لا يبطل بترك أعمالها او الاتيان بها باطلة ،ولا يحلّ منه بعد انعقاده إلا بأداء مناسكها على الوجه الصحيح، بلا فرق بين العالم العامد و الجاهل والناسي، و ذلك لعدم كونها من الواجبات الموقتة، وأمّا في عمرة التمتع فيبطل إحرامها عند انتهاء وقتها، وذلك عند ضيق الوقت عن الاتيان بطوافها والسعي قبل الزوال من يوم عرفة .

7- يجب أن يكون الإحرام لعمرة التمتع من أحد المواقيت او من المنزل إذا كان منزله دون الميقات الى مكة، وأمّا من كان في مكة وأراد الاتيان بعمرة التمتّع فيلزمه أن يحرم لها من أحد المواقيت على الاحوط وجوباً ولا يجزيه الاحرام لها من أدنى الحل على الاحوط وجوباً.

و أمّا الاحرام للعمرة المفردة ففيه تفصيل : ففي ثلاثة موارد في العمرة المفردة يلزم الاحرام من أحد المواقيت الخمسة الأُول التي سيأتي بيانها، وفي موردين من أدنى الحل، وفي خامس يجوز الاحرام من منزله:

ص: 326

أمّا الموارد الثلاثة:

أ-الآفاقي، وهو من كان البُعد بين منزله ومكة أكثر من (16) فرسخاً .

ب- من كان في مكة وأفسد عمرته بالجماع قبل السعي فيلزمه الاحرام من الميقات على الاحوط وجوباً للعمرة المعادة.

ج- من كان في مكة وقد دخلها على غير الوجه المشروع كما لو دخلها من غیر احرام، سواء ًكان عاصياً أم لا.

وأمّا الآخران :

أ- من كان في مكة وقد دخلها على وجه مشروع، فيجوز له الاحرام من أدنى الحل حتى من مسجد التنعيم.

ب- من لم يكن قاصداً النسك او دخول الحرم ثم بدا له ذلك، فيجوز له الاحرام من أدنى الحل، من غير مسجد التنعيم.

وأمّا الخامس:

فهو من كان منزله دون الميقات الى مكّة.

تنبیهان:

التنبيه الأول: من دخل مكة بعمرة ثم خرج منها وأراد الرجوع في غير الشهر الذي اعتمر فيه، وجب عليه الاحرام بعمرة مفردة من المواقيت او من أدنى الحل ولكن لا يجوز له الاحرام لها من التنعيم لاستلزامه دخول مكة من

ص: 327

غیر احرام بعدما صار مسجد التنعيم في زماننا جزءاً من مكة.

التنبيه الثاني من أفسد عمرته المفردة بالجماع قبل السعي وجبت عليه أمور ثلاثة:

1 - الكفارة وهي بدنة ومع العجز شاة.

2- الأحوط وجوباً له إتمام العمرة الفاسدة.

3- يجب عليه أن يقيم في مكة إلى شهر آخر ثم يخرج إلى أحد المواقيت الخمسة المعروفة ويحرم منه للعمرة المعادة على الاحوط وجوباً، ولا يجزئه الإحرام من أدنى الحل على الأحوط وجوباً.

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - هل يستحبّ الهدي في العمرة المفردة وعلى تقدير الاستحباب فما هو محل الذبح ؟

ج - يستحبّ ويذبح في مكّة المكرّمة.

س 2 - ذكرتم في رسالة المناسك إن من جامع امرأته عالماً عامداً في العمرة المفردة بعد السعي (1) تبطل عمرته فهل أن ترك الطواف أو السعي متعمداً مبطل للعمرة فيخرج المكلّف من إحرامه أم لا يحل من إحرامه إلا بأداء مناسكها تماماً؟

ج- لا يحل من إحرامه إلا بذلك.

ص: 328


1- المناسب قبل السعي

بعض ما يعتبر في العمرة او لا يعتبر فيها

س 3- إذا كان المكلّف مستطيعاً لأداء الحجّ في أوانه فهل يصح منه أداء العمرة المفردة قبل حلول أشهر الحجّ؟

ج- يصح ولكنّ إذا كان ذلك يؤدي إلى عدم قدرته على أداء الحجّ لاحقاً لم يجز له.

س4 - هل يجوز لمن استقرّ الحجّ في ذمته أن يعتمر في شهر رجب، وماذا إذا استطاع للحجّ في شهر رمضان فهل يجوز له ان يعتمر فيه؟

ج - تصحّ منه العمرة المفردة، ولكن إذا كان سفره للعمرة يؤدي إلى عدم قدرته على أداء الحجّ لاحقاً لم يجز له ذلك .

س -5 - المعتمر عمرة مفردة نيابة عن غيره هل يجب عليه أداء العمرة عن نفسه أيضاً؟

ج- لا يجب إذا كان ممن وظيفته حجّ التمتّع او أتى بها سابقاً.

س6 - من لم يأت بحجّة الإسلام هل يجوز له أن يأتي بالعمرة المفردة في أيام الحجّ كأن يحرم للعمرة المفردة من الميقات فيأتي بها في مكّة ثم يعود إلى الميقات فيحرم للحجّ أو لعمرة التمتّع.

ج- يجوز له ذلك، والأحوط أن لا تكون العمرتان في شهر واحد الا إذا كانت العمرة المفردة عن غيره.

س 7- امرأة حائض لزمها الإتيان بحجّ الإفراد بدلاً عن حجّ التمتّع

ص: 329

فأتت به ولكنّها احرمت للعمرة المفردة قبل الإتيان بطواف الحجّ وصلاته وطواف النساء وصلاته ثم اتت بهذه الأعمال ومن بعدها بأعمال عمرتها المفردة فما هو حكمها؟

ج - حجّها صحيح ولكن احرام عمرتها المفردة باطل فان علمت بالحكم قبل اكمال مناسك العمرة لزمها الاستيناف وان لم تعلم حتى اكملتها فالحكم بلزوم الاستيناف مبني على الاحتياط اللزومي.

س 8- امرأة اعتمرت قبل ثلاث سنوات وأدت أعمال العمرة وهي حائض والآن جاءت إلى الحجّ وقد أدّت مناسك عمرة التمتّع فما هو تكليفها ؟

ج - حيث ان أعمال عمرتها المفردة كانت باطلة فإحرامها لعمرة التمتّع باطل أيضاً وعليه فإن كانت قد أدّت طوافها والصلاة والسعي والتقصير بقصد أداء ما في الذمّة بان كان قصد عمرة التمتّع بها من قبيل الاشتباه في التطبيق، فلها ان تطوف طواف النساء ثم تأتي بصلاته فتكون قد اكملت عمرتها المفردة وعليها بعد ذلك ان تعود إلى الميقات فتحرم لعمرة التمتّع، أو تخرج إلى ادنى الحل فتحرم لعمرة مفردة اخرى وتبقى في مكّة إلى يوم التروية فتنقلب عمرتها المفردة إلى المتعة.

س 9 - فتاة انت بالعمرة المفردة وهي تظن انها طاهرة ثم تبين انها كانت حائضاً وبقيت على هذا الحال سنوات ثم حجّت حجّ التمتّع فهل يصح

حجّها ؟

ج- لا يصحّ لأنها كانت لا تزال على احرام العمرة المفردة فلا يصح منها

ص: 330

الإحرام للحجّ في هذه الحال.

س 10- لو لم يقصّر المعتمر للعمرة المفردة جهلاً أو نسياناً ثم احرم في الميقات لعمرة التمتّع ثم التفت فما هي وظيفته مع سعة الوقت لإعادة عمرة التمتّع أو ضيقه؟

ج- احرامه لعمرة التمتّع باطل وعليه ان يأتي بالتقصير للعمرة المفردة وان التفت إلى حاله بعد الفراغ من أعمال عمرة التمتّع يكون كمن أتى بها

بلا احرام جهلاً بالحال وصحتها محل إشكال فالاحوط وجوباً اعادتها بعد الإحرام لها وفق ما سيأتي في المسألة 169 في رسالة المناسك (1) .

المقام الثاني حكم الدخول في الحرم او مكة

لا يجوز دخول مكّة المكرّمة بل ولا دخول الحرم المكي إلاّ محرماً (2) لأي سبب كان حتى وإن لم يكن قاصداً لأداء النسك، فمن أراد الدخول فيهما في غير أشهر الحجّ (3) وجب عليه أن يحرم للعمرة المفردة، ويستثنى من

ص: 331


1- وهو ما سيأتي في الجزء الثاني في مبحث ترك الاحرام
2- الحرم المكي يشمل مكة المكرمة - القديمة والحديثة - ومنى ومزدلفة، وفي الأزمنة الاخيرة توسعت مكة من جهة المدينة وصار جزء منها خارج الحرم وهو ما كان من جهة المدينة ومسجد التنعيم الذي يقع على حد الحرم، وبذلك تكون النسبة بين مكة والحرم عموماً وخصوصاً من وجه، فيتصادقان في مكة القديمة والحديثة التي لا تقع بعد مسجد التنعيم، وهناك أماكن تعد من مكة وليست بحرم وهي مكة الحديثة الواقعة خارج الحرم من جهة المدينة ومسجد التنعيم، وهناك حرم وليس بمكة وهو منى ومزدلفة
3- وأمّا في أشهر الحج (شوال وذي القعدة وذي الحجّة) فيدخلهما بإحرام عمرة التمتع او بإحرام حج الإفراد او القران حسب وظيفته ، كما يجوز أن يدخلها بعمرة مفردة

موارد :

1- غير البالغ فإنه يجوز له الدخول الى مكة المكرّمة او الحرم المكي من غير إحرام، كما يجوز لوليّه أن يسمح له بالدخول من غير إحرام.

2- من يتكرر منه الدخول والخروج لحاجة بمقدار ثلاث مرات في الاسبوع على الأقل كالحطّاب والحشّاش والمجتَلِبة الذين يجلبون الطعام والخضروات مما يحتاجه أهل مكة من الطعام، والطلاب في أيام الدراسة وكالذي عنده مريض ويتكرر منه الدخول والخروج ونحو ذلك .

3- من خرج من مكّة بعد إتمامه أعمال عمرة التمتّع والحجّ، إذا كانت عمرة تمتعه في شهر ذي الحجّة، وأمّا لو كانت عمرته في شهر ذي القعدة وخرج بعد الحج فالاحوط وجوباً أن يحرم بعمرة مفردة لدخول مكة او الحرم.

4 - من خرج بعد أداء العمرة المفردة، فإنّه يجوز له العود الى مكة او الحرم من دون إحرام قبل مضي الشهر الذي أدّى فيه عمرته، هذا إذا كانت العمرة عن نفسه او أصالة عن نفسه ونيابة عن غيره، وأمّا لو كانت عمرته عن غيره وخرج فالاحوط وجوباً أن يحرم بعمرة اخرى للدخول حتى لو كان عوده في نفس الشهر الذي اعتمر فيه للعمرة السابقة.

وسيأتي حكم الخارج من مكّة بعد عمرة التمتّع وقبل الحجّ في آخر الجزء الثاني تحت عنوان (تتميم).

أقسام العمرة وحكم الدخول في الحرم

ص: 332

تنبيهات :

التنبيه الأول : لا فرق في الحكم السابق ( عدم جواز دخول مكة او الحرم إلا محرماً) بين أهل مكة وغيرهم.

التنبيه الثاني: إنّ مكة المكرّمة في العصر الحاضر قد توسعت وصار جزء منها خارج الحرم، وهو الجزء الذي يقع من جهة المدينة ومسجد التنعيم، وبالتالي يلزم على أهل مكة او غيرهم - إذا خرجوا من الجزء الواقع في الحرم الى الجزء الخارج منه وارادوا العود - الإحرام للدخول لأنهم وإن لم يخرجوا من مكة، إلّا أنّهم خرجوا من الحرم فيلزمهم الإحرام لدخوله لأول مرة في كلّ شهر إلا إذا كان يشملهم أحد الاستثناءات السابقة.

ونفس الكلام يأتي بحق أهل مكة الساكنين في الجزء الواقع خارج الحرم إذا أرادوا الدخول الى الجزء الواقع داخل الحرم.

التنبيه الثالث: إنّ المدار في احتساب العمرة على الاحرام لا على إتمام الأعمال، فمن أحرم للعمرة المفردة في آخر شهر جمادى الاخرة مثلاً وأتى بأعمالها في شهر رجب فتحسب من عمرة شهر جمادى الآخرة، وعليه فإذا خرج من مكة او الحرم وأراد الرجوع اليهما في شهر رجب نفسه وجب عليه الإحرام بعمرة مفردة (1) .

التنبيه الرابع : سيأتي في أحكام المواقيت أنّه لا يجوز تجاوز الميقات إلا محرِماً إذا كان قاصداً النسك او دخول مكة او الحرم، ولكن يستثنى من ذلك

ص: 333


1- خلافاً للسيد الخوئي قدس سرة حيث أنّ المدار عنده في احتساب العمرة على إتمام الأعمال لا على الاحرام

من خرج من مكة بعد اداء العمرة المفردة وتجاوز الميقات وأراد العود في نفس الشهر الذي اعتمر فيه، ففي هذه الحالة لا يجب عليه الاحرام من الميقات عند المرور عليه.

التنبيه الخامس : إنّ من كان داخل مكة وأراد الاتيان بعمرة مفردة جاز له الاحرام لها من أدنى الحل حتى ولو كان من مسجد التنعيم، هذا من جهة، ومن جهة اخرى: إنّ الدخول الى مكة بغير إحرام هو حرام حدوثاً لا بقاءً، فيكون آثماً حين الدخول، وأمّا بقاؤه في مكة فلا إثم عليه، ولكن مثل هذا الشخص الذي دخل مكة او الحرم بغير وجه شرعي لو اراد الاتيان بعمرة مفردة فيجب عليه الاحرام لها من المواقيت ولا يجزيه الاحرام لها من ادنى الحل، سواءً كان عاصياً حين الدخول بغير إحرام كما لو كان عالماً ام لم يكن عاصياً، كما تقدّم.

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - هل يجوز الدخول إلى مكّة المكرمة على سبيل السياحة من دون احرام؟

ج- لا يجوز دخول مكّة ولا دخول الحرم المكي إلاّ محرماً لأي غرض كان ويستثنى من ذلك بعض الحالات وهي مذكورة في رسالة المناسك.

س 2 - من أدى أعمال العمرة المفردة عدا طواف النساء فخرج من مكّة واراد ان يدخلها في شهر هلالي آخر هل يجوز له ذلك من دون إحرام لان عليه

ص: 334

طواف النساء من الإحرام السابق؟

ج- لا يجوز له ذلك بل يحرم من جديد ويأتي بعد الإتيان بنسكه بطواف النساء للعمرة السابقة على الاحوط وجوباً.

س 3- إذا أتى بعمرة مفردة في آخر شهر ذي القعدة وأخّر طواف النساء فهل يجب عليه الإحرام إذا خرج واراد دخول مكّة اول ذي الحجّة؟

ج- نعم.

س 4 - من اراد الذهاب إلى عرفات فهل يجب عليه الإحرام للدخول فيها ؟

ج - عرفات ليست من الحرم ولا يجب الإحرام للدخول فيها.

س -5 - هل يجوز لوليّ غير البالغ ان يسمح بدخوله في الحرم المكي أو مكّة المكرمة من دون احرام؟

ج- يجوز.

س 6 - هل هناك كفارة في الدخول من غير إحرام في الحرم المكي أو في مكّة المكرمة؟

ج- لا كفارة في ذلك.

س 7 - إذا دخل الحرم أو مكّة بغير إحرام عمداً أو لعذر فهل يكون بقاؤه فيه محرّماً ليجب عليه الخروج فوراً أم لا؟

ج- الظاهر إن الدخول بغير إحرام حرام حدوثاً لا بقاءً.

ص: 335

س8- أنا من أهل مكّة المكرمة فهل يجب عليّ الإحرام للعمرة شهرياً إذا اردت العود اليها بعد ذهابي إلى جدّة أو المدينة المنورة أو نحوهما أو فيما إذا زرت صديقي الساكن في الجزء الواقع خارج الحرم من مكّة المكرمة ثم اردت العود إلى مكّة القديمة؟

ج- إذا لم تكن ممن يتكرر منه الدخول والخروج من مكّة وحرمها وخرجت من احدهما في شهر واردت الدخول في شهر آخر غير الذي دخلت

فيه محرماً لزمك الإحرام لذلك، فلو خرجت من الجزء الواقع في الحرم من مكّة إلى الجزء الواقع في خارجه ثم أردت العود إلى الجزء الأول وجب عليك الإحرام لذلك إذا لم تكن قد دخلت اليه محرماً في نفس الشهر الذي انت فيه.

س 9- تفريعاً على السؤال رقم (8) ما حكم الساكنين في الأقسام المستحدثة من مكّة المكرمة الواقعة في خارج الحرم على بعد ثمانية كيلومترات من مسجد التنعيم مثلاً وهم يدخلون الجزء الواقع في الحرم من المدينة المقدسة كلّ يوم للدراسة أو للعمل أو للتسوق ونحو ذلك وبعضهم يدخل مكّة في الاسبوع مرة واحدة؟

ج- من يتكرر منه الدخول والخروج يومياً لا يلزمه الدخول محرماً، وكذلك من يتكرر منه ثلاث مرات في الاسبوع واما من يدخل ويخرج في الاسبوع الواحد فيها دون ذلك فعليه ان يحرم لدى الدخول لأول مرة في كلّ شهر .

س 10 - المقيم في مكّة إذا تكرر منه الخروج في كلّ يوم أو في كلّ أسبوع

ص: 336

فهل يجب عليه تجديد الإحرام للدخول فيها؟

ج - إذا تكرر خروجه يومياً أو ثلاث أو أربع مرات في الأسبوع لم يلزمه الإحرام للدخول فيها.

س 11 - أهل مكّة أو الذي أقام بها سنوات إذا خرج منها لزيارة أو تجارة عائلته أو بدونها فهل يجب عليه عند العود اليها الإحرام بعمرة مفردة مثلاً، وعلى تقدير الوجوب فهل يعم ما إذا خرج إلى ما دون الحرم أو يختص بما إذا تجاوز الحرم أو وصل إلى الميقات أو إلى محاذيه؟

ثم هل يلزم الإحرام مكرراً مع تكرر الدخول في شهر عدة مرات ام يكفي في كلّ شهر مرة واحدة ولا يجب غيرها؟

ج- إذا كان ممن يتكرر منه الدخول والخروج اسبوعياً لم يجب عليه الإحرام بدخولها، وان لم يكن كذلك فان خرج من مكّة ولم يخرج من الحرم أحرم لدخولها واذا خرج من الحرم أحرم لدخوله ولا اثر لوصوله إلى الميقات أو محاذيه.

واذا تكرر منه الدخول والخروج في الشهر الواحد كفى الإحرام للدخول أول مرة.

س 12 - من اعتمر عن نفسه وجمع آخرين في اول الشهر هل يسوغ له دخول مكّة بدون احرام خلال ذلك الشهر؟

ج- لا يبعد ذلك.

س 13 - من احرم في آخر شهر جمادى الآخرة مثلاً وأتى بأعمال العمرة

ص: 337

المفردة في شهر رجب فلو خرج من مكّة وأراد الرجوع اليها في شهر رجب نفسه هل يجب عليه الإحرام؟

ج- نعم.

س 14 - ما المدار في احتساب العمرتين في شهر واحد؟ هل الإحرام او الإتمام؟

ج- الإحرام (1).

س 15 - ذكرتم في المناسك إن من أتمّ أعمال عمرته المفردة في مكّة المكرمة وخرج منها جاز له العود إليها من دون إحرام قبل مضي الشهر الذي أدى فيه عمرته والسؤال: إنه هل يجري الحكم المذكور فيما إذا كانت العمرة المأتي بها لا لنفسه بل نيابة عن غيره؟

ج - فيه إشكال فالأحوط وجوباً أن لا يرجع إلى مكّة في مفروض السؤال إلا بإحرام جديد ولو كان ذلك في نفس ذلك الشهر الذي أتى فيه بالعمرة النيابية.

س 16- إذا خرج الحاج من مكّة بعد أداء عمرة التمتّع وحينما أراد الرجوع مرّ على أحد المواقيت كمسجد الشجرة أيضاً، فهل يجب عليه أن يحرم للعمرة من جديد؟ واذا وجب فهل هو للعمرة المفردة أو العمرة التمتّع ؟

ج- إذا كان رجوعه إلى مكّة قبل مضي الشهر الذي أدى عمرته فيه، رجع من غير إحرام واما بعد مضي ذلك الشهر فلا يسوغ له دخولها إلا محرماً

ص: 338


1- استفتاء خطي

وحينئذ فإن كان قاصداً للخروج من مكّة ثانيةً والرجوع اليها في شهر آخر لزمه الإحرام لعمرة مفردة، ويحرم في رجوعه في الشهر اللاحق لعمرة التمتّع وان لم يقصد الخروج من مكّة ثانيةً أو قصد الخروج ولكن مع العود اليها في نفس الشهر احرم لعمرة التمتّع.

س 17 - من دخل مكة المكرمة بإحرام العمرة المفردة فأتى بأعمالها ثم خرج إلى عرفات مثلا لإنجاز بعض الأعمال المتعلّقة بخدمة الحجاّج وأراد الرجوع إلى مكة فهل يلزمه الإحرام لعمرة مفردة أخرى أم لا؟ ولو وجب عليه ذلك فمن أين يحرم؟

ج - إذا أراد الرجوع قبل مضي الشهر الذي أدّى عمرته فيه رجع من غير إحرام وأمّا بعد مضي ذلك الشهر فلا يسوغ له دخولها إلا محرماً ويجوز له الإحرام للعمرة المفردة من أدنى الحل (1) إذا بدا له الرجوع إلى مكة وهو دون المواقيت وإلا لزمه الإحرام لها من أحدها .

س 18 - من خرج من مكّة محرماً للحجّ ومتوجهاً إلى عرفات ثم عاد إلى مكّة ودخل اليها مضطراً أو غير مضطر فما هو حكمه؟

ج لا شيء عليه.

س 19 - شخص يعمل سائقاً لسيارات نقل الركاب إلى مكة المكرمة فهل يجوز له ان يقلّ اليها ركاباً يعلم انهم لا يتقيدون بالاحرام لدخولها ؟

ج- لا يحرم عليه نقلهم اليها.

ص: 339


1- من غير مسجد التنعيم

تتميم

انقلاب العمرة المفردة الى عمرة تمتع

عمرة التمتع لا تنقلب الى العمرة المفردة إلا في فرض واحد وهو: من أتى بها ولم يتمكّن من الاتيان بالحج فيجعلها عمرة مفردة ويأتي بطواف النساء وصلاته بعدها، كما سيأتي.

وأمّا العمرة المفردة فتنقلب الى عمرة التمتع بشروط :

1 - أن يأتي بها في أشهر الحج (شوال، ذي القعدة، ذي الحجّة)، وعليه فمن أتى بعمرة مفردة في رجب مثلاً ثم تبيّن له بطلانها فهو باقٍ على احرامه ويلزمه اتمامها، فإذا ذهب الى الحج وأتم تلك العمرة في أشهر الحج فلا تنقلب الى تمتع وإن توفرت فيها بقية الشروط، لأنّ المدار في احتساب العمرة على أحرامها وليس على اتمام أعمالها، فمثل هذه العمرة التي احرم لها في رجب وأتمها في ذي القعدة مثلاً تحسب عمرة رجب، فلا تنقلب الى تمتع.

2 - أن يبقى في مكة، فلو خرج من مكة إلى عرفات او مزدلفة أو جدّة او غير ذلك قبل احرامه للحج فلا تنقلب الى عمرة تمتع .

3- أن يكون بقاؤه في مكة إلى اليوم الذي يحرم فيه للحج سواء كان هو يوم التروية او ليلة عرفة او يوم عرفة، ولا تنقلب قبل يوم التروية.

4 - أن يكون بقاؤه في مكة بقصد الحج حتى لو قصد حج الإفراد. 5

5- أن تكون العمرة المفردة والحج عن نفسه او كلاهما عن شخص

ص: 340

واحد غيره، وأمّا إذا كان احدهما عن نفسه والآخر عن غيره فلا تنقلب، فإذا أتى بالعمرة المفردة عن نفسه وبقي في مكّة إلى يوم التروية عازماً على أن يأتي بالحجّ عن غيره لا تكون العمرة المفردة متعة، وهكذا إذا أتى بالعمرة المفردة نيابة عن غيره وبقي في مكّة إلى يوم التروية وعزم على الإتيان بالحجّ عن نفسه لا تكون عمرته المفردة تلك متعة.

فإذا توفرت تلك الشروط الخمسة انقلبت عمرته الى متعة بشكل قهري ، وتعيّن عليه الاتيان بحج التمتع ولا يمكنه الاتيان بحج الإفراد حتى إذا كان قاصداً ،له وعليه فمن أتى بعمرة مفردة وأراد الاتيان بحج الافراد بعدها فليس له إلا أحد طريقين:

1- إمّا أن يخرج بعد العمرة المفردة من مكة .

2- أو يحرم لحج الافراد قبل يوم التروية.

تنبيه :

العمرة المفردة التي يراد قلبها الى عمرة تمتع لا يجب فيها الاتيان بطواف النساء وصلاته ، بل له الاقتصار على احرامها وطوافها وصلاته والسعي والتقصير .

أسئلة تطبيقيّة :

س1 – إذا أتى بالعمرة المفردة في شهر ذي الحجّة ثم سافر إلى جدّة وعاد إلى مكّة قبل يوم التروية وهو ناو للحجّ فهل تكون عمرته متعة فيأتي بحجّ

ص: 341

التمتّع ؟

ج- لا يكون متعة لأن من شرط ذلك أن لا يخرج من مكّة بعد الإتيان

بالعمرة المفردة إلى يوم التروية.

س 2- إذا اعتمر عمرة مفردة نيابة عن غيره وبقي إلى يوم التروية واراد الحجّ لنفسه أو نيابة فهل تنقلب عمرته متعة وكذلك العكس؟

ج - إذا أتى بالعمرة المفردة عن نفسه وبقي في مكّة إلى يوم التروية عازماً على ان يأتي بالحجّ عن غيره لا تكون العمرة المفردة متعة وكذا إذا أتى بالعمرة المفردة نيابة وبقي في مكّة إلى يوم التروية وعزم على الإتيان بالحجّ عن نفسه لا تكون عمرته المفردة تلك متعة، واما إذا أتى بالعمرة المفردة نيابة عن شخص وبقي في مكّة عازماً على ان يأتي بالحجّ عن نفس ذلك الشخص فلا يبعد ان تكون عمرته متعة ويحق له ان يأتي بحجّ التمتّع عن ذلك الشخص.

س 3- ذكرتم في المناسك أن من أتى بعمرة مفردة في أشهر الحج وبقي في مكة إلى يوم التروية وقصد الحج كانت عمرته متعة، فهل يلزمه الإتيان بطواف النساء لو لم يكن قد أتى به من قبل؟

ج- لا يبعد سقوطه حينئذ.

س 4 - شخص حج نيابة عن الغير وبعد أداء عمرة التمتع حولها إلى عمرة مفردة وخرج من مكة لأداء شغل له، ثم عاد إليها بعمرة التمتع بقصد تلك النيابة مرة أخرى فهل يجوز له ذلك وهل يصح حجّه ؟

ج- لا تنقلب عمرة التمتع في مفروض السؤال إلى العمرة المفردة وعليه

ص: 342

فإذا كان رجوعه إلى مكة في نفس الشهر الذي أتى فيه بعمرة التمتع فالعمرة الثانية ملغاة ولا شيء عليه وان كان رجوعه في شهر آخر فالعمرة الأُولى باطلة وحينئذ فإن كان إحرامه للعمرة الثانية من أحد المواقيت صحت وصح حجّه ولا شيء عليه.

ص: 343

ص: 344

المقصد السادس أقسام الحج

اشارة

الحجّ على ثلاثة أقسام: تمتع، وإفراد، وقِران.

والأول فرض من كان البعد بين منزله ومكّة المستحدثة أكثر عشر فرسخاً.

والآخران فرض أهل مكّة ومن يكون البعد بين منزله ومكة المستحدثة أقلّ من ستة عشر فرسخاً، أي ما يقرب من (88) كيلو متر.

تنبيه :

من كان فرضه الإفراد او القرآن - سواءً كان من أهل مكة او لا - إذا أقام في غير بلده يبقى فرضه الإفراد او القران مطلقاً حتى وإن أعرض عن بلده.

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - المتوطن بمكّة إذا أقام في غيرها مؤقتاً لمدة سنة أو اكثر فما هي وظيفته؟

ج- لا يبعد أن يكون فرضه حجّ الإفراد أو القِران.

س 2- إذا استطاع من فرضه حجّ الإفراد او القرآن ولم يحجّ ثم انتقل إلى

ص: 345

بلد بعيد وأعرض عن البلد الأول فهل ينتقل فرضه إلى التمتّع بمجرد ذلك؟

ج- بل يبقى فرضه الإفراد أو القِران .

س 3- ورد في المناسك ان من كان بين مكّة المكرمة وأهله اقل من ستة عشر فرسخاً يكون فرضه الإفراد أو القِران فما هو مقدار المسافة بالكيلومترات؟

ج- يقرب من 88 كيلومتراً.

س 4 - ذكر في المناسك ان حجّ التمتّع هو فرض من كان البعد بين أهله ومكة أكثر من ستة عشر فرسخاً فهل مبدأ الاحتساب في جانب الاهل هو المنزل أو منتهى البلد وأيضاً هل المراد بمكة خصوص المسجد الحرام – كما في تعبير مناسك السيد الخوئي قدس سرة - أو مكّة القديمة أو مكّة الحالية؟

ج - العبرة بتحقق المسافة المذكورة بين منزل المكلّف وحدود مكّة المكرمة وان توسعت.

س5 - ورد في المناسك ان حجّ التمتّع فرض من كان البعد بين أهله ومكة أكثر من ستة عشر فرسخاً، والسؤال أنه هل المناط من ناحية المبدأ مكّة القديمة أو الجديدة ومن ناحية المنتهى بيت المكلّف أو حدود بلده؟

ج - العبرة بأن يكون البعد من آخر مكّة المكرمة - بما لها من الامتدادات الحديثة - الى مكان سكنه لا حدود بلده أزيد من ستة عشر فرسخاً.

س 6 - إذا كان بين مسكن المكلّف في جدّة ومكة المكرمة طريقان: احدهما القديم والاخر الجديد، والثاني اطول مسافة من الأول، والاول اقل من ستة

ص: 346

عشر فرسخاً فما هو فرض المكلّف في مفروض السؤال؟

ج- حكمه الإفراد أو القِران ولا اثر لوجود الطريق الآخر الاطول مسافة .

فروعٌ

الفرع الأول

لا يجزي حجّ التمتّع عمن فرضه الإفراد أو القِران، كما لا يجزي حجّ القران أو الإفراد عمن فرضه التمتّع ، نعم قد تنقلب وظيفة المتمتع إلى الإفراد كما سيأتي.

هذا بالنسبة إلى حجّة الاسلام، وأمّا الحجّ المندوب والمنذور مطلقاً (1) والموصى به كذلك (2) من دون تعيين فيتخيرّ فيها البعيد (وهو من كان البعد بين منزله ومكة أكثر من 16 فرسخاً وقد يُعبّر عنه بالنائي او الآفاقي) والحاضر (وهو من كان البعد بين منزله ومكة أقل من 16 فرسخاً) بين الأقسام الثلاثة، وإن كان الأفضل التمتّع.

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - من كان فرضه التمتع ولكن استطاع لحج الافراد فهل يجب عليه

ص: 347


1- أي نذر أن يحج من دون أن يعينّ نوع الحج وأنّه تمتع او إفراد او قران، ففي مقام الامتثال هو مخيرّ بين الاقسام الثلاثة، بلا فرق بين البعيد والقريب، ولكن التمتع أفضل
2- أي أوصى بالحج عنه بعد وفاته من دون أن يعينّ نوع الحج - والمفروض أنّه ليس حجّة الاسلام -فالوصي مخيّر بين الاقسام الثلاثة، بلا فرق بين البعيد والقريب، ولكن التمتع أفضل

الافراد ؟

ج- لا تتحقق الاستطاعة لمن فرضه التمتع إلاّ إذا اصبح مستطيعاً على هذا النوع من الحج.

س 2- من كان فرضه التمتّع بموجب ما ذكرتم من احتساب المسافة بين مكّة المكرمة ومنزل المكلّف لا حدود بلده ولكنّه قد اتى بحجّ الإفراد اعتماداً على ما فهمه من المناسك أو نقل له شفها فهل يجزيه حجّه ؟

ج- لا يجزيه.

س3- إذا حجّ من وظيفته الإفراد تمتعاً جهلاً منه بالحكم فهل يجب عليه الاعادة وان كان جهله عن قصور؟

ج- لا يكون حجّه حجّة الإسلام فان بقيت الاستطاعة اتى بحجّ الإفراد وإلاّ فلا شيء عليه، هذا إذا كان جاهلاً قاصراً، واما الجاهل المقصر فيستقر الحجّ عليه ويلزمه أداؤه ولو متسكعاً.

الفرع الثاني

تقدّم أنّ وظيفة النائي في حجّة الاسلام هي التمتع ولا يجزي غيره عنه، ولكن لو انتقل الى السكنى في مكة او المناطق المحيطة بها فمتى ينتقل فرضه الى الإفراد او القران ؟

ج- إذا أقام البعيد في مكّة انتقل فرضه إلى حجّ الإفراد أو القِران بعد إكمال سنتين والدخول في السنة الثالثة، وأمّا قبل ذلك فيجب عليه حجّ التمتّع ، ولا فرق في ذلك بين أن تكون استطاعته ووجوب الحجّ عليه قبل

ص: 348

إقامته في مكّة أو في أثنائها، كما لا فرق فيه بين أن تكون إقامته بقصد التوطّن أو لا .

وكذلك الحال فيمن أقام في غير مكّة من الأماكن التي يكون البعد بينها وبين مكّة أقل من ستة عشر فرسخاً ، كما لو أقام في جدّة، فإذا أكمل سنتين ودخل في الثالثة انقلب فرضه الى الإفراد او القرآن.

تنبيه :

تقدّم أنّ من كان فرضه الإفراد او القرآن لو أقام في بلد آخر يبقى على فرضه وإن أعرض عن بلده الأول بلا فرق بين أهل مكة وغيرهم.

أسئلة تطبيقيّة :

س1 - من مضى على سكناه في مدينة جدّة سبعة اشهر فما هو حكمه في الحجّ وما هو حكمه في الصلاة؟

ج - حكمه في الحجّ التمتّع بمعنى انه لا تنقلب وظيفته إلى حجّ الإفراد أو القِران الاّ بعد الدخول في السنة الثالثة، اما في الصلاة فحكمه التمام مع قصده الاقامة فيها مدة طويلة نسبياً كسنة ونصف السنة فإنّها تعد مقراً له بعد مضي مدة كشهر مثلاً وفي مدة الشهر يحتاط بالجمع بين القصر والتمام.

س 2 - من كان من اهالي القطيف وسكن في جدّة اكثر من عشر سنوات اقتضاء عمله ذلك ولا يزال ساكناً فيها ولا يعلم متى يتم نقله منها فهل تنقلب وظيفته في الحجّ إلى القِران أو الإفراد ام تبقى على التمتّع علماً ان استطاعته

ص: 349

حصلت بعد الإقامة في جدّة؟

ج - وظيفته في مفروض السؤال الإفراد أو القِران.

الفرع الثالث

النائي إذا أقام في مكة او ما بحكمها (1) وأراد أن يؤدي حج التمتع لعدم انتقال حكمه الى الإفراد او القران فمن أين يحرم لعمرة التمتع ؟

ج - إذا أقام في مكّة او ما بحكمها وأراد أن يحجّ حجّ التمتّع قبل انقلاب فرضه إلى حجّ الإفراد أو القِران، قيل : يجوز له أن يحرم لعمرة التمتّع من أدنى الحل، ولكنّه لا يخلو عن إشكال، والأحوط وجوباً أن يخرج إلى أحد المواقيت فيحرم منه (2) ، بل الأحوط استحباباً أن يخرج إلى ميقات أهل بلده.

ونلفت النظر الى أنّ هذا حكم كلّ من كان في مكّة وأراد الإتيان بحجّ التمتّع ولو مستحباً حتى لو كان من أهل مكة.

والكلام في أقسام الحج يقع في فصول:

ص: 350


1- وهي المناطق التي يكون البعد بين منزله فيها ومكة أقل من 16 فرسخاً كجدّة
2- اضطربت كلمات السيد الخوئي (قدس) في هذا المجال، ففي رسالة المناسك اكتفى بالاحرام من أدنى الحل، وفي اجوبة الاستفتاءات أوجب الإحرام من أحد المواقيت، ونصه: (س- من دخل مكة المكرمة بعمرة مفردة في أشهر الحج وخرج منها ورجع اليها قبل مضي شهر من الاتيان بالعمرة المذكورة وبقي في مكة الى أوان الحج، فإذا أراد هذا الشخص أن يأتي بحج تمتع فماذا يعمل ؟ وإذا كان يلزمه الاتيان بعمرة التمتع فمن أين يحرم لها ؟ هل يحرم من أحد المواقيت او يجوز له الاحرام من ادنى الحل؟ ج - عليه الاحرام من أحد المواقيت، وإن لم يتمكّن من ذلك عليه أن يخرج من مكة الى مقدار يمكن له الخروج الى ذلك المقدار ويحرم منه

الفصل الأول حج التمتّع

اشارة

(1)

أجزاؤه وواجباته :

يتألف هذا الحجّ من عبادتين: تسمى أولاهما بعمرة التمتع، والثانية بالحجّ، وقد يطلق حجّ التمتّع على الجزء الثاني منهما، ويجب الإتيان بالعمرة فيه قبل الحجّ.

والكلام فيه يقع في جهتين:

الجهة الأُولى : عمرة التمتع

تجب في عمرة التمتّع خمسة أمور:

الأمر الأول : الإحرام من أحد المواقيت، وسيأتي تفصيلها.

الأمر الثاني: الطواف حول البيت.

ص: 351


1- سبب التسمية هو أن الحاج بعد فراغه من عمرة التمتع يحل مما كان محرماً عليه فيجوز له الانتفاع والتمتع بما حرم عليه. بسبب الاحرام، وحيث أنّ العمرة والحج كالشيء الواحد فإذا حصل ذلك بينهما فكأنّما حصل في الحج. وقد أجمع المسلمون على تشريع هذا النوع من الحج وخالفوا من حرّم عمرة التمتع بقوله المعروف: (متعتان كانتا حلاً على عهد رسول الله وأنا احرمها واعاقب عليهما : متعة الحج ومتعة النساء) فخالفوه في الأُولى ووافقوه في الثانية، وهو من الازدواج في المنهج

الأمر الثالث: صلاة الطواف.

الأمر الرابع: السعي بين الصفا والمروة.

الأمر الخامس: التقصير وهو قصّ بعض شعر الرأس أو اللحية أو الشارب ، فإذا أتى المكلّف به خرج من إحرامه، وحلت له الأمور التي كانت قد حرمت عليه بسبب الإحرام.

وسيأتي تفصيل واجباتها في الجزء الثاني من توضيح المناسك

الجهة الثانية : حج التمتع

واجبات الحجّ ثلاثة عشر ، وهي كما يلي:

1 - الإحرام من مكّة، على تفصيل يأتي.

2 – الوقوف في عرفات في اليوم التاسع من ذي الحجّة الحرام من بعد يمضي من زوال الشمس مقدار الإتيان بالغسل وأداء صلاتي الظهر والعصر - جمعاً - إلى المغرب، وتقع عرفات على بعد أربعة فراسخ من مكّة (1) .

3- الوقوف في المزدلفة شطراً من ليلة العيد إلى قبيل طلوع الشمس،

ص: 352


1- هذا في الزمن الماضي ولذا كان الواجب على أهل مكة او المقيم فيها عشرة أيام أن يقصر الصلاة في عرفات لتحقق المسافة الملفقة من أربعة فراسخ، وقد دلت عليه بعض الروايات من قبيل صحيحة معاوية بن عمار ، قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنّ أهل مكة يتمون الصلاة بعرفات، فقال: (ويحهم وأيُّ سفرٍ أشد منه). وأمّا في زماننا فقد توسعت مكة وتقلصت المسافة بينهما، وعليه فإذا كانت المسافة التي يطويها المكي او المقيم عشراً للوصول الى عرفات ومنها الى مزدلفة فمنى تقل عن ثمانية فراسخ فحكمه التمام في عرفات – كما هو الواقع فعلاً- وأمّا إذا كانت المسافة ثمانية فراسخ فحكمه القصر

وتقع المزدلفة بين عرفات ومكة.

4 – رمي جمرة العقبة في منى يوم العيد، ومنى على بعد فرسخ واحد من مكّة تقريباً.

5 - النحر أو الذبح في منى يوم العيد أو في أيام التشريق.

6 - الحلق أو التقصير في منى، وبذلك يحلّ له ما حرم عليه من جهة الإحرام، ما عدا النساء والطيب، وكذا الصيد على الأحوط وجوباً.

7 – طواف الزيارة او الحج بعد الرجوع إلى مكّة.

8 - صلاة الطواف .

9 - السعي بين الصفا والمروة، وبذلك يحلّ الطيب أيضاً.

10- طواف النساء.

11 - صلاة طواف النساء، وبذلك تحلّ النساء أيضاً.

12 - المبيت في منى ليلة الحادي عشر وليّلة الثاني عشر، بل وليّلة الثالث عشر في بعض الصور كما سيأتي.

13 - رمي الجمار الثلاث في اليوم الحادي عشر والثاني عشر، بل وفي اليوم الثالث عشر أيضاً، فيما إذا بات المكلّف ليلة الثالث عشر.

وسيأتي تفصيل تلك الواجبات في الجزء الثالث من توضيح المناسك.

ص: 353

تنبیه :

يجب على المكلّف أن يتهيأ لأداء وظائف الحجّ فيما إذا قرب منه اليوم التاسع من ذي الحجّة الحرام ، فإذا كان شيء من واجبات الحج يحتاج الى تهيّئ وإعداد له قبل حلول وقته يلزم ذلك، ولو لم يفعل وفاته الواجب يكون آثماً.

شروط حج التمتع :

يشترط في حجّ التمتّع أمور:

1- النية، بأن يقصد الإتيان بحجّ التمتّع بعنوانه، فلو نوى غيره أو تردّد في نيّته لم يصحّ حجّه .

2 - أن يكون مجموع العمرة والحجّ في أشهر الحجّ (شوال وذي القعدة وذي الحجّة)، فلو أتى بجزء من العمرة قبل دخول شوّال لم تصحّ العمرة.

3 - أن يكون الحجّ والعمرة في سنة واحدة، فلو أتى بالعمرة وأخّر الحجّ إلى السنة القادمة لم يصحّ التمتّع ، ولا فرق في ذلك بين أن يقيم في مكّة إلى السنة القادمة وبين أن يرجع إلى أهله ثم يعود إليها، كما لا فرق بين أن يحلّ من إحرامه بالتقصير وبين أن يبقى محرماً إلى السنة القادمة (1) .

4 - أن يكون إحرام حجّه من مكّة مع الاختيار، وأفضل مواضعها المسجد الحرام، وإذا لم يمكنه الإحرام من مكّة - لعذر - أحرم من أيّ موضع

ص: 354


1- كما إذا أكمل الطواف والسعي ولم يقصرّ ولم يحرم الى حج التمتع ، فلا تبطل عمرته بحلول الزوال من يوم عرفة لأنّه قد أكمل الطواف والسعي، كما أنّه لا ينقلب حجّه الى الافراد لفرض عدم الاحرام لحج الافراد ، وبذلك يبقى على إحرامه مادام لم يقصّر

تمكّن منه.

5 - أن يؤدي مجموع عمرته وحجّه شخص واحد عن شخص واحد، فلو استؤجر اثنان لحجّ التمتّع عن ميّت أو حيّ أحدهما لعمرته والآخر لحجّه لم يصحّ ذلك، وكذلك لو حجّ شخص وجعل عمرته عن واحد وحجّه عن آخر لم يصحّ، هذا في الحج الواجب، وأمّا المستحب فتقدّم أنه يجوز أن يجعل العمرة عن شخص والحج عن نفسه.

أسئلة تطبيقيّة :

س- بماذا يبطل الحجّ، واذا بطل بأي وجه كان فهل يخرج من احرامه؟

ج - بطلان الحجّ يكون بامور منها ترك الإحرام له اختياراً حتى يفوت الوقوف الاختياري في عرفة، ومنها ترك احد الوقوفين اختياراً، ومنها ترك رمي جمرة العقبة يوم العيد متعمداً ومنها ترك الذبح متعمداً إلى ان تمضي ايامه، ومنها ترك طواف الحجّ أو سعيه متعمداً حتى يمضي شهر ذي الحجّة، واذا أحرم للحجّ ثم أبطله بطل إحرامه أيضاً.

تذييل

تذييل 1 خروج المعتمر للتمتّع من مكة

هل يجوز للمعتمر عمرة التمتع أن يخرج من مكة قبل الفراغ من عمرته او بعد الفراغ منها ؟

ص: 355

ج - تم التعرض الى ذلك مفصلاً في آخر الجزء الثاني من توضيح المناسك تحت عنوان (تتميم) فراجع.

تذييل 2 حكم العدول من نسك إلى آخر

اشارة

لا يجوز العدول من نسك بعد التلبس بإحرامه الى نسك آخر إلا فيما قام الدليل على جوازه في بعض الموارد ، نذكرها في أمرين :

الأمر الاول العدول من عمرة التمتع الى حج الإفراد

من كان فرضه في حجّة الاسلام هو حج التمتّع وتلبس بإحرام عمرته فهل يجوز له العدول الى حج الإفراد او القران؟

ج- لا يجوز ولا يصح منه العدول، ويستثنى من ذلك بعض الموارد نذكر منها :

اولاً : من دخل في عمرة التمتّع ، ثم ضاق وقته عن إتمامها، فإنه ينقل نيته إلى حجّ الإفراد ويأتي بالعمرة المفردة بعد الحجّ.

س 1 - ما هو حد الضيق المسوّغ للعدول ؟

ج- حد حد الضيق المسوّغ للعدول هو أن يتضيّق الوقت بحدٍ لا يتمكّن المكلّف من إتمام أعمال العمرة قبل زوال الشمس من يوم عرفة.

س 2 - هل يسوغ للمكلف العدول لو تمكّن من إتمام أعمال العمرة في يوم

ص: 356

التروية أو بعده؟

ج- لا يجوز العدول على الاحوط وجوباً.

س 3- هل يسوغ للمكلف العدول لو تمكّن من إتمام أعمال العمرة قبل يوم التروية؟

ج- لا يجوز له العدول.

س 4 - هل الحكم السابق يختص بمن كان حجّه عن نفسه او يشمل النائب؟

ج- يشمل النائب سواءً كانت متبرّعاً ام بأُجرة، فمن استأجر شخصاً لحج التمتع في سعة الوقت، ثم اتفق أن ضاق الوقت فعدل الأجير عن عمرة التمتع الى حج الإفراد وأتى بعمرة مفردة بعده برئت ذمة المنوب عنه، كما تقدّم.

س 5 - من كان فرضه حجّ التمتّع وعلم قبل أن يحرم لعمرة التمتع ضيق الوقت عن إتمامها قبل زوال الشمس من يوم عرفة، فهل يسوغ له العدول الى حج الإفراد ؟

ج- لا يجزئه العدول إلى حجّ الإفراد أو القِران، بل يجب عليه الإتيان بحجّ التمتّع بعد ذلك إذا كان الحجّ مستقرّاً عليه.

نعم يُستثنى من ذلك الحائض، فإنّ المرأة إذا حاضت قبل الإحرام ولم يسعها الوقت لإتمام أعمال عمرتها قبل موعد الحج، ففي هذه الحالة ينقلب حجها الى الإفراد وبعد الفراغ تأتي بعمرة مفردة في نفس السنة إن تمكنت

ص: 357

وإلا ففي السنوات اللّاحقة، كما سيأتي.

س 6 - إذا أحرم لعمرة التمتّع في سعة الوقت، وأخّر الطواف والسعي متعمّداً إلى زوال الشمس من يوم عرفة، فهل يسوغ له العدول الى حج الافراد؟

ج- تبطل عمرته، ولا يجزئه العدول إلى حج الإفراد، وإن كان الأحوط الأُولى الإتيان بأعمال حج الإفراد رجاءً، بل الأحوط استحباباً أن يأتي بالطواف وصلاته والسعي والحلق أو التقصير فيها بقصد الأعمّ من حجّ الإفراد والعمرة المفردة (1) .

ثانياً: من ترك التقصير عمداً في عمرة التمتع وأحرم للحج، تبطل عمرته وينقلب حجّه الى حج الإفراد ويأتي بعمرة مفردة بعده في نفس السنة إن تمکن منها والّا ففي سنة أخرى، ويجزيه ذلك عن حجّة الاسلام، وإن كان الاحوط استحباباً إعادة حج التمتع في سنة اخرى، كما سيأتي.

ثالثاً: إذا حاضت المرأة حين الإحرام ولم يسع الوقت لأداء أعمال عمرة التمتع قبل موعد الحج، انقلب حجّها الى الإفراد، وبعد الفراغ من الحج تجب عليها العمرة المفردة في نفس السنة إن تمكنت منها وإلا ففي السنوات اللّاحقة، ويجزيها ذلك عن حجّة الاسلام.

ص: 358


1- لأنّه يحتمل أنّه لا يجوز له العدول الى حج الافراد، ويحتمل أنّ وظيفته للخروج من الاحرام هي العمرة المفردة، فإذا فعل ذلك جزم بفراغ ذمته، ولا يضر في العمرة المفردة الوقوف بعرفات والمشعر، لأنّه ليس لازماً فيها لا أنّه منافي لها

وهكذا إذا حاضت بعد الاحرام وكان الوقت ضيّقاً فالاحوط استحباباً أن تعدل الى حج الافراد، كما سيأتي تفصيله.

الأمر الثاني العدول من حج الإفراد الى عمرة التمتع

يجوز العدول من حج الإفراد الى عمرة التمتع في موردين:

1- إذا أحرم لحجّ الإفراد ندباً جاز له أن يعدل إلى عمرة التمتّع فيقصّر ويحلّ، إلاّ فيما إذا لبّى بعد السعي، فليس له العدول – حينئذٍ – إلى عمرة التمتّع.

2 - من كان فرضه حج التمتع ولكنّه أحرم جهلاً لحج الإفراد فيصح إحرامه ويعدل الى عمرة التمتع.

تذييل 3 انقلاب نسك الى نسك آخر

اشارة

کما لا یصح العدول من نسك لآخر الا إذا قام الدلیل علیه ، کذلك لا ینقلب نسك لآخر إلا في قیام الدلیل ، ونذکر بعض الموارد في امور :

الأمر الأول انقلاب عمرة التمتع الى العمرة المفردة

عمرة التمتع لا تنقلب الى العمرة المفردة إلا في فرض واحد وهو: من أتى بها ولم يتمكّن من الاتيان بالحج فيجعلها عمرة مفردة ويأتي بطواف النساء وصلاته بعدها.

ص: 359

الأمر الثاني انقلاب العمرة المفردة الى عمرة تمتع

تقدّم أنّ العمرة المفردة لا تنقلب الى عمرة تمتع إلا في مورد واحد وهو: من أتى بعمرة مفردة في أشهر الحج وبقي في مكة الى يوم التروية وقصد الحج انقلبت عمرته الى متعة فيأتي بالحج بعدها .

الأمر الثالث انقلاب الحج الى العمرة المفردة

ينقلب الحج الى عمرة مفردة في بعض الموارد نذكر منها:

1 - من لم يدرك الموقفين بطل حجّه وانقلب الى العمرة المفردة، كما سيأتي.

2- أدرك الموقف الاضطراري في المشعر فقط، فقد بطل حجّه وانقلب الى العمرة المفردة

3- من أدرك الموقف الاختياري لعرفة فقط، بطل حجّه وانقلب الى العمرة المفردة.

4- من ادرك الموقف الاضطراري لعرفة فقط، بطل حجّه وانقلب الى العمرة المفردة.

5- الانقلاب في موارد الصد والحصر، كما سيأتي.

6- إذا مرض الحاج قبل وصوله الى الديار المقدسة فبعث بهديه ثم خفّ مرضه وظن إدراك الحج وجب عليه الالتحاق فإذا لم يدرك الموقفين

ص: 360

او المشعر خاصة ولم يُذبح او يُنحر عنه قبل وصوله انقلب حجّه الى العمرة المفردة، كما سيأتي.

أسئلة تطبيقيّة :

س 1 - من علم ببطلان طواف عمرة تمتعه جهلاً منه ببعض اركانه بعد انقضاء وقت التدارك يحكم ببطلان متعته، والسؤال انه هل يجزيه العدول إلى حجّ الإفراد ام يجب عليه الحجّ في عام لاحق؟

ج - إذا بطلت عمرة تمتعه بطل احرامه وان كان الاحوط استحباباً العدول بها إلى حجّ الإفراد، ويلزمه اداء الحجّ في عام لاحق إذا بقيت استطاعته أو مع استقرار الحجّ عليه.

س 2 - هل يجوز لمن احرم للنسك أن يعدل إلى غيره كأن يعدل من العمرة المفردة إلى حجّ الإفراد ، أو ان يعدل من العمرة لنفسه إلى العمرة عن الغير؟

ج- لا يجوز بل لا بد من اتمام نسكه كما احرم له ويستثنى من ذلك بعض الموارد كما في مورد المسألة 159 من رسالة المناسك .

س3- من كان فرضه حجّ التمتّع إذا خرج إلى الجحفة واحرم لحجّ الإفراد جهلاً منه بالحكم فما هو تكليفه؟

ج- لا يبعد صحة احرامه وجواز عدوله إلى التمتّع في مفروض السؤال.

س 4 - من كان فرضه حجّ التمتّع ولكنّه احرم لحجّ الإفراد بتخيل انه فرضه فأتى بالطواف وصلاته والسعي ثم ذهب إلى عرفات فعلم فيها ان وظيفته التمتّع فاحتسب ما اتى به لعمرة التمتّع وقصر قبل الزوال ليخرج

ص: 361

من احرامه ثم احرم من مكانه لحجّ التمتّع واكمل الأعمال فهل يصح حجّه ؟

ج- لا يبعد صحة حجّه إذا كان احرامه من عرفات من جهة عدم تمكنه من العود إلى مكّة لضيق الوقت أو نحوه.

س 5 - إذا كانت وظيفته حجّ التمتّع لكونه ساكناً في جدة منذ ستة أشهر فقط ولكن خرج إلى الجحفة واحرم منها لحجّ الإفراد جهلاً منه بوظيفته وأُخبر بذلك في عرفات قبل الزوال بعد ان قدّم الطواف والسعي فقيل له ان وظيفته العدول إلى التمتّع واحتساب ما أتى به من أعمال على انها الواجب عليه في عمرة التمتّع وبناءاً على ذلك قصّر ليخرج من الإحرام ثم احرم في مكانه لحجّ التمتّع خوفاً من فوات الوقوف الاختياري وأكمل الأعمال فهل حجّه صحيح، وإلاّ فما هي وظيفته فعلاً؟

ج - لا يبعد صحة حجّه في مفروض السؤال.

س 6 - من أحرم للعمرة المفردة هل يجوز له العدول بنيته إلى حجّ التمتّع ؟

ج- لا يجوز ، نعم إذا كانت عمرته في أشهر الحجّ وبقي في مكّة إلى يوم التروية وقصد الحجّ فإنه تحسب عمرته عمرة تمتع فيأتي بحجّ التمتّع.

س7- من اعتمر عمرة التمتّع هل يجوز له ان يقلبها إلى عمرة مفردة باختياره ومن دون عذر؟

ج- لا يجوز.

ص: 362

الفصل الثاني حج الإفراد

اشارة

تقدّم أنّ حجّ التمتّع يتألف من جزئين، هما: عمرة التمتّع والحجّ، والجزء الأول منه متصل بالثاني، والعمرة تتقدّم على الحجّ .

وأمّا حج الإفراد فهو عمل مستقل في نفسه، واجب مخيّراً بينه وبين حجّ القِران على أهل مكّة، ومن يكون الفاصل بين منزله وبين مكّة الحديثة أقلّ من ستة عشر فرسخاً، وإذا تمكّن مثل هذا المكلّف من العمرة المفردة وجبت عليه بنحو الاستقلال أيضاً.

وعليه ، فإذا تمكّن من أحدهما دون الآخر وجب عليه ما يتمكّن منه خاصة، وإذا تمكّن من أحدهما في زمان ومن الآخر في زمان آخر وجب عليه القيام بما تقتضيه وظيفته في كلّ وقت.

وإذا تمكّن منهما في وقت واحد وجب عليه – حينئذٍ- الإتيان بهما، والمشهور بين الفقهاء في هذه الصورة وجوب تقديم الحجّ على العمرة المفردة، وهو الأحوط وجوباً.

والكلام يقع في امور:

ص: 363

الأمر الأول أجزاؤه وواجباته وشروطه

يشترك حجّ الإفراد مع حجّ التمتّع في جميع أعماله ، ويفترق عنه في أمور:

أولاً: يعتبر في حجّ التمتّع وقوع العمرة والحجّ في أشهر الحجّ من سنة واحدة - كما مرّ - ولا يعتبر ذلك في حجّ الإفراد.

ثانياً: يجب النحر أو الذبح في حجّ التمتّع - كما مرّ - ولا يعتبر شيء من ذلك في حجّ الإفراد.

ثالثاً: الأحوط لزوماً عدم تقديم الطواف والسعي على الوقوفين في حجّ التمتّع إلاّ لعذر - كما سيأتي في الجزء الثالث - ويجوز ذلك في حجّ الإفراد ولكن لا يقدّم طواف النساء على الاحوط وجوباً.

رابعاً: إن إحرام حجّ التمتّع يكون بمكّة، وأمّا الإحرام في حجّ الإفراد فيختلف الحال فأهل مكّة يحرمون منها، ومن كان منزله دون الميقات يحرم منه، والآفاقي يحرم من الميقات لو أراد أن يحرم لحج الإفراد المستحب او الواجب عليه بنذر ونحوه، وسيأتي تفصيل ذلك في فصل المواقيت من الجزء الثاني.

خامساً: يجب تقديم عمرة التمتّع على حجّه، ولا يعتبر ذلك في حجّ الإفراد، بل الاحوط وجوباً تأخير العمرة المفردة عنه إن تمكن منهما في عام واحد.

ص: 364

سادساً: لا يجوز بعد إحرام حجّ التمتّع - قبل الخروج الى عرفات- الطواف المندوب على الأحوط وجوباً، ويجوز ذلك في حجّ الإفراد، كما

سيأتي.

الأمر الثاني العدول من حج الإفراد المستحب الى عمرة التمتع

إذا أحرم لحجّ الإفراد ندباً جاز له أن يعدل إلى عمرة التمتّع فيقصّر ويحلّ، إلاّ فيما إذا لبّى بعد السعي، فليس له العدول – حينئذٍ – إلى عمرة

التمتّع ، كما تقدّم .

أسئلة تطبيقيّة :

س - ورد في المناسك أن من أحرم لحجّ الافراد ندباً يجوز له أن يعدل إلى عمرة التمتع في حال عدم الإتيان بالتلبية بعد السعي، والسؤال: أنه هل في حال العدول قبل التلبية بعد السعي إلى عمرة التمتع يجوز أن يكون العدول للنيابة عن الغير؟

ج - إذا قصّر بعد السعي قبل أن يلبي يحسب ما أتى به بنية حج الافراد من عمرة التمتع عن نفس من نوى له الحجّ سواء أكان هو أم غيره وليس بإمكانه العدول في ذلك.

الأمر الثالث جواز الطواف ندباً بعد الإحرام لحج الإفراد

إذا أحرم لحجّ الإفراد ودخل مكّة جاز له أن يطوف بالبيت

ص: 365

ندباً، ولكنّ الأحوط الأُولى أن يجدّد التلبية بعد الفراغ من صلاة الطواف المستحب الذي أتى به (1) إذا لم يقصد العدول إلى التمتّع في مورد جوازه، وهو ما إذا كان حج الإفراد مستحباً، فإذا أراد أن يعدل الى التمتع بعدما طاف مستحباً فلا يوجد احتياط استحبابي بالتلبية بعد صلاة الطواف.

س - إذا أحرم لحجّ الإفراد ودخل مكّة هل يجوز له أن يطوف طوافاً واجباً قبل طواف حج الإفراد - كما لو كان عليه طواف نساء من عمرة مفردة او حج، او كان عليه طواف عمرة التمتع او الحج من سنة سابقة قد نسيهما، او كان عليه طواف واجب بنذر ونحوه - فهل يجوز له أن يأتي بذلك الطواف الواجب بعد الإحرام لحج الإفراد وقبل طوافه ؟

ج - نعم يجوز ، ولكن الاحوط الأُولى أن يجدد التلبية بعد صلاة الطواف الواجب الذي أتى به كما هو الحال في الطواف المستحب لو أتى به بعد الإحرام لحج الإفراد.

ص: 366


1- اختلف الفقهاء في أنّه هل يجب تجديد التلبية بعد كل طواف لئلا يحل من احرامه او لا؟ والمشهور على وجوب تجديد التلبية، وسماحة السيد يحتاط استحباباً في ذلك

الفصل الثالث حجّ القِران

(1)يتّحد هذا العمل مع حجّ الإفراد في جميع الجهات، ويختلف عنه في ثلاثة امور :

1 - يجب فيه الهدي حيث أن المكلّف يصحب معه الهدي وقت الإحرام (2) ، فإذا أحرم المكلّف وكان معه شاة وقد اشعرها او قلّدها فتتعين كونها هدياً، بخلاف حج الإفراد فإنّه لا يجب فيه الهدي.

2 - الاحرام في هذا القسم من الحجّ كما يكون بالتلبية يكون بالاشعار أو بالتقليد، بخلافه في حج الإفراد والتمتع فلا ينعقد إحرامهما الا بالتلبية، كما سيأتي.

3- إذا أحرم لحجّ القِران لم يجز له العدول إلى حجّ التمتّع بأن يقصر بعد السعي ويجعله عمرة تمتع حتى لو كان حج القرآن مستحباً، بخلافه في حج الإفراد فإنّه يجوز فيه العدول الى عمرة التمتع لو كان مستحباً إذا لم يلبِ قبل السعي ، كما تقدّم.


1- سمي بذلك لأنّ الحاج يصطحب الهدي معه حال الإحرام
2- فهو مثل حجّ التمتع من هذه الناحية غايته في حج التمتع لا يجب اصطحاب الهدي حين الإحرام

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.