منهاج الصالحين (المعاملات) المجلد 2

هویة الکتاب

الكتاب: منهاج الصالحين ج2

المؤلف : فتاوى سماحة آية الله العظمى المرجع الديني الشيخ شمس الدين الواعظي

الطبعة: الثانية

الناشر: مكتب سماحة آية الله العظمى المرجع الديني الشيخ شمس الدين الواعظي

المطبعة: الفرقان

الكمية: 2000 نسخة

ص: 1

اشارة

ص: 2

كتاب التجارة

وفيه مقدمة وفصول :

مقدمة

التجارة في الجملة من المستحبّات الأكيدة في نفسها، وقد تستحبّ لغيرها، وقد تجب كذلك إذا كانت مقدمة لواجب، أو مستحبّ، وقد تكره لنفسها أو لغيرها، وقد تحرم كذلك، والمحرّم منها أصناف، وهنا مسائل :

(مسألة 1): تَحرم ولا تصح التجارة بالخمر، وباقي المسكرات، والميتة والكلب غير الصيود، والخنزير،ولا فرق في الحرمة بين بيعها وشرائها، وجعلها أجرة في الإجارة، وعوضاً عن العمل في الجعالة، ومهراً في النكاح، وعوضاً في الطلاق الخلعي، وأمّا سائر الأعيان النجسة فالظاهر جواز بيعها إذا كانت لها منافع محللة مقصودة كبيع العذرة للتسميد والدم للتزريق، وكذلك تجوز هبتها والاتجار بها بسائر أنحاء المعاوضات.

(مسألة 2): الأعيان النجسة التي لا يجوز بيعها ولا المعاوضة عليها لا يبعد ثبوت حق الاختصاص لصاحبها فيها،فلو صار خلّه خمراً،أو ماتت دابته، أو اصطاد كلباً غير كلب الصيد لا يجوز أخذ شيء من ذلك قهراً عليه، وكذا الحكم في بقية الموارد. وتجوز المعاوضة على الحق المذكور فيبذل له مال في مقابله، ويحل ذلك المال له، بمعنى أنه يبذل لمن في يده العين النجسة كالميتة مثلاً مالاً ليرفع يده عنها، ويوكل أمرها إلى الباذل.

ص: 3

(مسألة 3): الظاهر أن الميتة الطاهرة كميتة السمك والجراد لا يجوز بيعها والمعاوضة عليها، إلاّ إذا كانت لها منفعة محللة معتد بها عند العرف بحيث يصح عندهم بذل المال بازائها.

(مسألة 4): يجوز بيع مالا تحلّه الحياة من أجزاء الميتة إذا كانت له منفعة محلّلة معتدّ بها.

(مسألة 5): يجوز الانتفاع بالأعيان النجسة في غير الجهة المحرّمة مثل التسميد بالعذرات، والإشعال، والطلي بدهن الميتة النجسة، والصبغ بالدم. وغير ذلك.

(مسألة6): يجوز بيع الأرواث الطاهرة إذا كانت لها منفعة محللة معتد بها - كما هي كذلك اليوم- وكذلك الأبوال الطاهرة.

(مسألة 7): الأعيان المتنجّسة كالدبس، والعسل، والدهن والسكنجبين وغيرها إذا لاقت النجاسة يجوز بيعها والمعاوضة عليها، إن كانت لها منفعة محلّلة معتدّ بها عندالعرف. ويجب إعلام المشتري بنجاستها، ولو لم تكن لها منفعة محلّلة لا يجوز بيعها ولا المعاوضة عليها على الأحوط. والظاهر بقاؤها على ملكية مالكها، ويجوز أخذ شيء بازاء رفع اليد عنها.

(مسألة 8): تحرم ولا تصح التجارة بما يكون آلة للحرام،بحيث يكون المقصود منه غالباً الحرام : كالمزامير والأصنام والصلبان والطبول وآلات القمار، كالشطرنج ونحوه. ولا إشكال في أن منها الصفحات الغنائية (الأسطوانات) لصندوق حبس الصوت، وكذلك الأشرطة المسجّل عليها الغناء وأمّا الصندوق نفسه فهو كالراديو من الآلات المشتركة،فيجوز بيعهما كما يجوز أن يستمع منهما الأخبار والقرآن والتعزية ونحوهما ممّا يباح استماعه، أمّا التلفزيون، فإن عدّ عرفاً من آلات الله و فلا يجوز بيعه ولا استعماله، وأما مشاهدة أفلامه فلا بأس بها إذا لم تكن مثيرة للشهوة، بل كانت فيها فائدة علمية أو ترويح للنفس، وإذا اتّفق أن

ص: 4

صارت فوائده المحللة المذكورة كثيرة الوقوع بحيث لم يعد من آلات اللهو عرفاً جاز بيعه واستعماله، ويكون كالراديو وتختصّ الحرمة حينئذ باستعماله في جهات اللهو المثيرة للشهوات الشيطانية، وأما المسجّلات فلا بأس ببيعها واستعمالها.

(مسألة 9): كما يحرم بيع الآلات المذكورة يحرم عملها، وأخذ الأجرة عليها،بل يجب تغيير الصورة وابقاء المادة،ويجوز بيع مادتها من الخشب والنحاس والحديد بعد تغيير هيئتها بل قبله،لكن لا يجوز دفعها إلى المشتري، إلاّ مع الوثوق بأن المشتري يغيرها، أمّا مع عدم الوثوق بذلك، فالظاهر جواز البيع وإن أثم بترك التغيير مع انحصار الفائدة في الحرام، أمّا إذا كانت لها فائدة ولو قليلة لم يجب تغييرها.

(مسألة 10): تحرم ولا تصح المعاملة بالدراهم الخارجة عن السّكة المعمولة لأجل غش الناس، فلا يجوز جعلها عوضاً أو معوضاً عنه في المعاملة مع جهل مَن تدفع إليه، أمّا مع علمه ففيه إشكال، والأظهر الجواز، بل الظاهر جواز دفع الظالم بها من دون إعلامه بأنها مغشوشة، وفي وجوب كسرها إشكال، والأظهر عدمه.

(مسألة 11): يجوز بيع السباع، كالهرّ والأسد والذئب ونحوها إذا كانت لها منفعة محلّلة معتدّ بها، وكذا يجوز بيع الحشرات والمسوخات - إذا كانت كذلك- كالعلق الذي يمصّ الدم ودود القز ونحل العسل والفيل، أمّا إذا لم تكن لها منفعة محلّلة، فلا يجوز بيعها ولا يصح على الأحوط.

(مسألة 12): المراد بالمنفعة المحلّلة المجوِّزة للبيع الفائدة المحلّلة المحتاج إليها حاجة كثيرة غالبة باعثة على تنافس العقلاء على اقتناء العين. سواء أكانت الحاجة إليها في حال الاختيار أم في حال الاضطرار كالأدوية والعقاقير المحتاج إليها للتداوي.

ص: 5

(مسألة 13): المشهور المنع عن بيع أواني الذهب والفضة للتزيين أو لمجرَّد الاقتناء، والأقوى الجواز، وإنما يحرم استعمالها كما مر.

(مسألة 14): يَحرم ولا يصح بيع المصحف الشريف على الكافر على الأحوط، وكذا يَحرم تمكينه منه إلاّ إذا كان تمكينه لإرشاده وهدايته فلا بأس به حينئذ، والأحوط الاجتناب عن بيعه على المسلم فإذا أريدت المعاوضة عليه فلتجعل المعاوضة على الغلاف ونحوه، أو تكون المعاوضة بنحو الهبة المشروطة بعوض، وأمّا الكتب المشتملة على الآيات والأدعية وأسماء الله تعالى، فالظاهر جواز بيعها على الكافر، فضلاً عن المسلم، وكذا كتب أحاديث المعصومين (عليهم السلام) كما يجوز تمكينه منها.

(مسألة 15): يَحرم بيع العنب أو التمر ليُعمل خمرا، أو الخشب _ مثلاً _ ليُعمل صنماً، أو آلة لهو، أو نحو ذلك سواء أكان تواطؤهما على ذلك في ضمن العقد أم في خارجه، و إذا باع و اشترط الحرام فالأحوط بطلان المعاملة، وكذا تحرم ولا تصح إجارة المساكن لتباع فيها الخمر، أو تحرز فيها، أو يعمل فيها شيء من المحرّمات، و كذا تَحرم و لا تصح إجارة السفن أو الدواب أو غيرها لحمل الخمر، والثمن والأجرة في ذلك محرمّان و أما بيع العنب ممّن يعلم أنه يعمله خمراً، أو إجارة المسكن ممّن يعلم أنه يحرز فيه الخمر، أو يعمل بها شيئاً من المحرمّات من دون تواطؤهما على ذلك في عقد البيع أو الإجارة أو قبله فقيل أنه حرام و هو أحوط والأظهر الجواز.

(مسألة 16): يَحرم تصوير ذوات الأرواح من الإنسان والحيوان إذا كانت مجسمة أما في غير المجسمة فالأظهر الجواز، ويحرم أخذ الأجرة عليه أمّا تصوير غير ذوات الأرواح، كالشجر وغيره فلا بأس به، ويجوز أخذ الأجرة عليه، كما لا بأس بالتصوير الفوتغرافي المتعارف في عصرنا، ومثله تصوير بعض البدن كالرأس والرجل ونحوهما، ممّا لا يعدّ تصويراً ناقصاً، أمّا إذا كان كذلك،

ص: 6

مثل تصوير شخص مقطوع الرأس ففيه إشكال، أمّا لو كان تصويراً له على هيئة خاصة مثل : تصويره جالساً أو واضعاً يديه خلفه أو نحو ذلك ممّا يعدّ تصويراً تاماً فالظاهر هو الحرمة، بل الأمر كذلك فيما إذا كانت الصورة ناقصة ولكن النقص لا يكون دخيلاً في الحياة كتصوير إنسان مقطوع اليد أو الرجل ويجوز -على كراهة- اقتناء الصور وبيعها وإن كانت مجسّمة وذوات أرواح.

(مسألة 17): الغناء حرام إذا وقع على وجه اللهو والباطل، بمعنى أن تكون الكيفية كيفية لهوية، والعبرة في ذلك بالصدق العرفي، وكذا استماعه. ولا فرق في حرمته بين وقوعه في قراءة ودعاء ورثاء وغيرها. ويستثنى منه غناء النساء في الأعراس إذا لم يضم إليه محرّم آخر من الضرب بالطبل والتكلم بالباطل، ودخول الرجال على النساء، وسماع أصواتهن على نحو يوجب تهييج الشهوة، وإلاّ حرم ذلك.

(مسألة 18): معونة الظالمين في ظلمهم، بل في كلّ محرّم حرام، أما معونتهم في غير المحرّمات من المباحات و الطاعات فلا بأس بها إذا لم يفض ذلك إلى إعانتهم في المحرمات. نعم إذا عدّ الشخص من أعوانهم والمنسوبين إليهم فتحرم.

(مسألة 19): اللعب بآلات القمار كالشطرنج، و الدوملة، و الطاولي و غيرها ممّا أُعدّ لذلك حرام مع الرهن، و يحرم أخذ الرهن أيضا سواء كان منهما أو من ثالث،ولا يملكه الغالب. ويَحرم اللعب بها إذا لم يكن رهن أيضاً ويّحرم اللعب بغيرها مع الرهن، كالمراهنة على حمل الوزن الثقيل، أو على المصارعة أو على القفز أو نحو ذلك، ويحرَم أخذ الرهن، و أمّا إذا لم يكن رهن فالأظهر الجواز.

ص: 7

(مسألة 20): عمل السحر حرام، وكذا تعليمه وتعلّمه والتكسّب به والمراد منه ما يوجب الوقوع في الوهم بالغلبة على السمع والبصر أو غيرهما وفي كون تسخير الجن أو الملائكة أو الإنسان من السحر إشكال. والأظهر تحريم ما كان مضرّاً بمَن يَحرم الإضرار به دون غيره.

(مسألة 21): القيافة حرام. و هي إلحاق الناس بعضهم ببعض استنادا إلى علامات خاصة على خلاف الموازين الشرعية في الإلحاق.

(مسألة 22): الشعبذة. وهي : إراءة غير الواقع واقعاً بسبب الحركة السريعة الخارجة عن العادة حرام، إذا ترتّب عليها عنوان محرّم كالإضرار بمؤمن و نحوه.

(مسألة 23): الكهانة حرام. وهي : الإخبار عن المغيبات بزعم أنه يخبره بها بعض الجان، أما إذا كان اعتماداً على بعض الإمارات الخفيّة فالظاهر أنه لا بأس به إذا اعتقد صحته أو اطمأنّ به.

(مسألة 24): النجش حرام. وهو: أن يزيد الرجل في ثمن السلعة ،و هو لا يريد شراءها، بل لكي يسمعه غيره فيزيد لزيادته، سواء أكان ذلك عن مواطاة مع البائع أم لا.

(مسألة 25): التنجيم حرام. وهو : الإخبار عن الحوادث، مثل الرخص و الغلاء و الحر و البرد و نحوها، استنادا إلى الحركات الفلكية و الطوارئ الطارئة على الكواكب، من الاتّصال بينها، أو الانفصال، أو الاقتران، أو نحو ذلك، باعتقاد تأثيرها في الحادث، على وجه ينافي الاعتقاد بالدين.

(مسألة 26): الغش حرام. قال رسول الله صلى الله عليه و آله : « مَن غشّ أخاه المسلم نزع الله بركة رزقه،وسدّ عليه معيشته ووكله إلى نفسه

ص: 8

و يكون الغش بإخفاء الأدنى في الأعلى، كمزج الجيد بالرديء وبإخفاء غير المراد في المراد، كمزج الماء باللبن، و بإظهار الصفة الجيدة مع أنها مفقودة واقعاً، مثل رش الماء على بعض الخضروات ليتوهم أنها جديدة، و بإظهار الشيء على خلاف جنسه، مثل طلي الحديد بماء الفضة أو الذهب. ليتوهّم أنه فضة أو ذهب. و قد يكون بترك الإعلام مع ظهور العيب و عدم خفائه كما إذا أحرز البائع اعتماد المشتري عليه في عدم إعلامه بالعيب فاعتقد أنه صحيح و لم ينظر في المبيع ليظهر له عيبه، فإن عدم إعلام البائع بالعيب _ مع اعتماد المشتري عليه _ غش له

(مسألة 27): الغش و إن حرم لا تفسد المعاملة به، لكن يثبت الخيار للمغشوش، إلا في بيع المطلي بماء الذهب أو الفضة، فإنّه يبطل فيه البيع، و يحرم الثمن على البائع، وكذا أمثاله ممّا كان الغش فيه موجباً لاختلاف الجنس.

(مسألة 28): لا تصح الإجارة على العبادات التي لا تشرع إلاّ أن يأتي بها الأجير عن نفسه مجاناً، واجبة كانت أو مستحبة، عينية كانت أو كفائية فلو استأجر شخصاً على فعل الفرائض اليومية، أو نوافلها أو صوم شهر رمضان، أو حجة الإسلام، أو تغسيل الأموات، أو تكفينهم أو الصلاة عليهم أو غير ذلك من العبادات الواجبة والمستحبة لم تصح الإجارة، إذا كان المقصود أن يأتي بها الأجير عن نفسه. نعم لو استأجره على أن ينوب عن غيره في عبادة من صلاة أو غيرها إذا كانت ممّا تشرع فيه النيابة جاز، وكذا لو استأجره على الواجب غير العبادي كوصف الدواء للمريض، أو العلاج له، أو نحو ذلك فإنه يصح، وكذا لو استأجره لفعل الواجبات التي يتوقف عليها النظام، كتعليم بعض علوم الزراعة والصناعة والطب، ولو استأجره لتعليم الحلال والحرام فيما هو محل الابتلاء فالأحوط وجوباً البطلان وحرمة الأجرة، بل الصحة والجواز فيما لا يكون محلاً للابتلاء لا يخلو من إشكال أيضاً.

ص: 9

(مسألة 29): يحرم النوح بالباطل، يعني الكذب، ولا بأس بالنوح بالحق

(مسألة 30): يحرم هجاء المؤمن، ويجوز هجاء المخالف إذا كان لمصلحة، وكذا الفاسق المبتدع، لئلا يؤخذ ببدعته.

(مسألة 31): يحرم الفحش من القول، و هو ما يُستقبح التصريح به إذا كان في الكلام مع الناس، غير الزوجة والأمة، أمّا معهما فلا بأس به.

(مسألة 32): تحرم الرشوة على القضاء بالحق أو الباطل. و أمّا الرشوة على استنقاذ الحق من الظالم فجائزة، و إن حرم على الظالم أخذها.

(مسألة 33): يحرم حفظ كتب الضلال مع احتمال ترتّب الضلال لنفسه أو لغيره، فلو أمن من ذلك أو كانت هناك مصلحة أهم، جاز، كما إذا كان للنقض عليه بشرط أن يكون النقض متوقفاً على إبقائه،وكذا يحرم بيعها ونشرها، ومنها : الكتب الرائجة من التوراة والإنجيل وغيرها. هذا مع احتمال التضليل به

(مسألة 34): يحرم على الرجل لبس الذهب حتى التختم به و نحوه وأمّا التزين به من غير لبس كتلبيس مقدم الأسنان به فالظاهر جوازه إذا كان للضرورة.

(مسألة 35): يحرم الكذب : و هو : الإخبار بما ليس بواقع، و لا فرق في الحرمة بين ما يكون في مقام الجدّ و ما يكون في مقام الهزل، نعم إذا تكلم بصورة الخبر _ هزلا _ بلا قصد الحكاية و الإخبار فلا بأس به. و مثله التورية بأن يقصد من الكلام معنى له واقع، و لكنه خلاف الظاهر، كما أنه يجوز الكذب لدفع الضرر عن نفسه أو عن المؤمن، بل يجوز الحلف كاذباً حينئذ، و يجوز الكذب أيضاً للإصلاح بين المؤمنين، و الأحوط _ استحباباً _ الاقتصار فيهما على صورة عدم إمكان التورية، و أما الكذب فيالوعد، بأن يخلف في وعده فالظاهر جوازه على كراهة شديدة. نعم لو كان الوعد بانياً على الخلف فالظاهر حرمته، والأحوط _ لزوما ً_ الاجتناب عن وعد أهله بشيء وهو لا يريد أن يفي به.

ص: 10

(مسألة 36): تحرم الولاية من قبل السلطان الجائر، إلا مع القيام بمصالح المؤمنين، وعدم ارتكاب ما يخالف الشرع المبين، ويجوز _ أيضا ً_ مع الإكراه من الجائر بأن يأمره بالولاية، ويتوعده على تركها، بما يوجب الضرر بدنياً أو مالياً عليه، أو على من يتعلق به، بحيث يكون الإضرار بذلك الشخص إضراراً بالمكره عرفاً، كالإضرار بأبيه أو أخيه أو ولده أو نحوهم ممن يهمه أمرهم.

(مسألة 37): ما يأخذه السلطان المخالف المدعي للخلافة العامة من الضرائب المجعولة على الأراضي والأشجار والنخيل يجوز شراؤه وأخذه منه مجاناً، بلا فرق بين الخراج. وهو: ضريبة النقد، والمقاسمة. وهي : ضريبة السهم من النصف والعشر ونحوهما، وكذا المأخوذ بعنوان الزكاة. والظاهر براءة ذمة المالك بالدفع إليه، بل الظاهر أنه لو لم تأخذه الحكومة وحولت شخصاً على المالك في أخذه منه، جاز للمحول أخذه، وبرئت ذمة المحول عليه. وفي جريان الحكم المذكور فيما يأخذه السلطان المسلم المؤالف أو المخالف الذي لايدعي الخلافة العامة، أو الكافر إشكال.

(مسألة 38): إذا دفع إنسان مالاً له الى آخر، ليصرفه في طائفة من الناس، وكان المدفوع إليه منهم، فإن فهم من الدافع الإذن في الأخذ من ذلك المال جاز له أن يأخذ منه مثل أحدهم أو أكثر على حسب الإذن، وإن لم يفهم الإذن لم يجز الأخذ منه أصلاً، وإن دفع له شيئاً مما له مصرف خاص، كالزكاة ليصرفه في مصارفه، فله أن يأخذ منه بمقدار ما يعطيه لغيره إذا كان هو أيضاً من مصارفه، ولا يتوقف الجواز فيه على إحراز الإذن من الدافع.

(مسألة 39): جوائز الظالم حلال، وإن علم إجمالاً أن في ماله حراماً وكذا كل ما كان في يده يجوز أخذه منه وتملكه والتصرف فيه بإذنه، إلا أن يعلم أنه غصب، فلو أخذه منه _ حينئذ _ وجب رده إلى مالكه ، إن عرفه بعينه، فإن جهله وتردد بين جماعة محصورة، فإن أمكن استرضاؤهم وجب، وإلا رجع في

ص: 11

تعيين مالكه إلى القرعة. وإن تردد بين جماعة غير محصورة تصدق به عن مالكه، مع الإذن من الحاكم الشرعي على الأحوط إن كان يائساً من معرفته وإلا وجب الفحص عنه وإيصاله إليه.

(مسألة 40): يكره بيع الصرف، وبيع الأكفان. وبيع الطعام وبيع العبيد كما يكره أن يكون الإنسان جزاراً أو حجّاماً، ولا سيما مع الشرط بأن يشترط أجرة، ويكره أيضاً التكسب بضراب الفحل، بأن يؤجره لذلك، أو بغير إجارة بقصد العوض، اما لو كان بقصد المجانية فلا بأس بما يعطى بعنوان الهدية.

(مسألة 41): لا يجوز بيع أوراق اليانصيب، فإذا كان الإعطاء بقصد البدلية عن الفائدة المحتملة فالمعاملة باطلة، وأما إذا كان الإعطاء مجاناً وبقصد الاشتراك فيمشروع خيري فلا بأس به، بل الظاهر الجواز مطلقاً ولو لم يقصد بذلك الاشتراك في المشروع الخيري، وعلى كلا التقديرين فالمال المعطى لمن أصابت القرعة باسمه إذا كان المتصدي لها شركة غير أهلية من المال المجهول مالكه، لابد من مراجعة الحاكم الشرعي لإصلاحه.

(مسألة 42): يجوز إعطاء الدم إلى المرضى المحتاجين إليه. كما يجوز اخذ العوض في مقابله على ما تقدم.

(مسألة 43): يحرم حلق اللحية على الأحوط ويحرم أخذ الأجرة عليه كذلك، إلا إذا كان ترك الحلق يوجب سخرية ومهانة شديدة لا تتحمل عند العقلاء

فيجوز حينئذ.

آداب التجارة

(مسألة 44): يستحب التفقه فيها ليعرف صحيح البيع وفاسده ويسلم من الربا، ومع الشك في الصحة والفساد لا يجوز له ترتيب آثار الصحة، بل يتعين عليه الاحتياط، ويستحب أن يساوي بين المبتاعين فلا يفرق بين المماكس وغيره

ص: 12

بزيادة السعر في الأول أو بنقصه، أما لو فرق بينهم لمرجحات شرعية كالعلم والتقوى ونحوهما، فالظاهر انه لا بأس به، ويستحب أن يقيل النادم ويشهد الشهادتين عند العقد، ويكبر الله تعالى عنده، ويأخذ الناقص ويعطى الراجح.

(مسألة 45): يكره مدح البائع سلعته، وذم المشتري لها، وكتمان العيب إذا لم يؤد إلى غش، وإلا حرم كما تقدم، والحلف على البيع، والبيع في المكان المظلم الذي يستتر فيه العيب، بل كل ما كان كذلك، والربح على المؤمن زائداً على مقدار الحاجة، وعلى الموعود بالإحسان، والسوم ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس ،وأن يدخل السوق قبل غيره، ومبايعة الادنين وذوي العاهات والنقص في أبدانهم، والمحارفين، وطلب تنقيص الثمن بعد العقد، والزيادة وقت النداء لطلب الزيادة، أما الزيادة بعد سكوت المنادي فلا بأس بها، والتعرض للكيل أو الوزن أو العدّ أو المساحة إذا لم يحسنه حذراً من الخطأ، والدخول في سوم المؤمن، بل الأحوط تركه. والمراد به الزيادة في الثمن الذي بذله المشتري، أو بذل مبيع له غير ما بذله البائع، مع رجاء تمامية المعاملة بينهما فلو انصرف أحدهما عنه، أو علم بعدم تماميتها بينهما فلا كراهة، وكذا لو كان البيع مبنياً على المزايدة، وأن يتوكل بعض أهل البلد لمن هو غريب عنها بل الأحوط استحباباً تركه، وتلقي الركبان الذين يجلبون السلعة وحدّه إلى ما دون أربعة فراسخ، فلو بلغ أربعة فراسخ فلا كراهة، وكذا لو اتفق ذلك بلا قصد. والظاهر عموم الحكم لغير البيع من المعاملة، كالصلح والإجارة ونحوهما.

(مسألة 46): يحرم الاحتكار وهو : حبس السلعة والامتناع من بيعها لانتظار زيادة القيمة، مع حاجة المسلمين إليها، وعدم وجود الباذل لها والظاهر اختصاص الحكم بالحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن والزيت لا غير، وإن كان الأحوط _ استحباباً _ إلحاق الملح بها بل كل ما يحتاج إليه عامة المسلمين من الملابس والمساكن والمراكبوغيرها، ويجبر المحتكر على البيع في الاحتكار المحرم،

ص: 13

من دون أن يعيّن له السعر. نعم إذا كان السعر الذي اختاره مجحفاً بالعامة أجبر على الأقل منه.

الفصل الأول: شروط العقد

البيع هو : نقل المال بعوض بما أن العوض مال لا لخصوصية فيه. والاشتراء هو إعطاء الثمن بإزاء ما للمشتري غرض فيه بخصوصه في شخص المعاملة. فمن يبيع السكَّر مثلاً يريد حفظ مالية ماله في الثمن لكن المشتري إنما يطلب السكّر لحاجته فيه، فإذا كان الغرض لكلا المتعاملين أمراً واحداً كمبادلة كتاب بكتاب _ مثلاً _ لم يكن هذا بيعاً، بل هو معاملة مستقلة.

(مسألة 47): يعتبر في البيع الإيجاب والقبول، ويقع بكل لفظ دال على المقصود، وإن لم يكن صريحاً فيه مثل : بعت وملكت، وبادلت ونحوها في الإيجاب، ومثل : قبلت ورضيت وتملكت واشتريت ونحوها في القبول، ولا تشترط فيه العربية، كما لا يقدح فيه اللحن في المادة أو الهيئة ويجوز إنشاء الإيجاب بمثل : اشتريت، وابتعت، وتملكت، وإنشاء القبول بمثل : شريت وبعت وملّكت.

(مسألة 48): إذا قال : بعني فرسك بهذا الدينار، فقال المخاطب : بعتك فرسي بهذا الدينار، ففي صحته وترتب الأثر عليه بلا أن ينضم إليه إنشاء القبول من الآمر إشكال، وكذلك الحكم في الولي عن الطرفين، أو الوكيل عنهما فإنه يكتفي فيه بالإيجاب بدون القبول.

(مسألة 49): يعتبر في تحقق العقد الموالاة بين الإيجاب والقبول فلو قال البائع: بعت فلم يبادر المشتري إلى القبول حتى انصرف البائع عن البيع لم يتحقق العقد، ولم يترتب عليه الأثر. أما إذا لم ينصرف وكان ينتظر القبول حتى قبل صح، كما أنه لا تعتبر وحدة المجلس فلو تعاقدا بالتليفون فأوقع أحدهما الإيجاب

ص: 14

وقبل الآخر صح. أما المعاملة بالمكاتبة ففيها إشكال، والأظهر الصحة إن لم ينصرف البائع عن بيعه وكان ينتظر القبول.

(مسألة 50): الظاهر اعتبار التطابق بين الإيجاب والقبول في الثمن والمثمن وسائر التوابع، فلو قال : بعتك هذا الفرس بدرهم، بشرط أن تخيط قميصي، فقال المشتري : اشتريت هذا الحمار بدرهم، أو هذا الفرس بدينار أو بشرط أن أخيط عباءتك، أو بلا شرط شيء أو بشرط أن تخيط ثوبي، أو اشتريت نصفه بنصف دينار، أو نحو ذلك من أنحاء الاختلاف لم يصح العقد. نعم لو قال : بعتك هذا الفرس بدينار، فقال : اشتريت كل نصف منه بنصف بدينار صح، وكذا في غيره مما كان الاختلاف فيه بالإجمال والتفصيل.

(مسألة 51): إذا تعذر اللفظ لخرس ونحوه قامت الإشارة مقامه، وإن تمكن من التوكيل، وكذا الكتابة مع العجز عن الإشارة. أما مع القدرة عليها ففي تقديم الإشارة أو الكتابة وجهان بل قولان، والأظهر الجواز بكل منهما، بل يحتمل ذلك حتى مع التمكن من اللفظ.

(مسألة 52): الظاهر وقوع البيع بالمعاطاة، بأن ينشئ البائع البيع بإعطائه المبيع إلى المشتري، وينشئ المشتري القبول بإعطاء الثمن إلى البائع ولا فرق في صحتها بين المال الخطير والحقير، وقد تحصل بإعطاء البائع المبيع وأخذ المشتري بلا إعطاء منه، كما لو كان الثمن كلياً في الذمة، أو بإعطاء المشتري الثمن وأخذ البائع له بلا إعطاء منه، كما لو كان المثمن كلياً في الذمة.

(مسألة 53): الظاهر أنه يعتبر في صحة البيع المعاطاتي جميع ما يعتبر في البيع العقدي من شرائط العقد والعوضين والمتعاقدين، كما أن الظاهر ثبوت الخيارات _ الآتية إن شاء الله تعالى _ على نحو ثبوتها في البيع العقدي.

ص: 15

(مسألة 54): الظاهر جريان المعاطاة في غير البيع من سائر المعاملات بل الإيقاعات الا في موارد خاصة، كالنكاح والطلاق والعتق والتحليل والنذر واليمين، والظاهر جريانها في الرهن والوقف أيضاً.

(مسألة 55): في قبول البيع المعاطاتي للشرط سواء أكان شرط خيار في مدة معينة، أم شرط فعل، أم غيرهما : إشكال، وإن كان القبول لا يخلو من وجه، فلو أعطى كل منهما ماله إلى الآخر قاصدين البيع، وقال أحدهما في حال التعاطي : جعلت لي الخيار إلى سنة _ مثلاً _ وقبل الآخر صح شرط الخيار، وكان البيع خيارياً.

(مسألة 56): لا يجوز تعليق البيع على أمرٍ غير حاصل حين العقد. سواء أعلم حصوله بعد ذلك، كما إذا قال : بعتك إذا هلّ الهلال، أم جهل حصوله، كما لو قال : بعتك إذا ولد لي ولد ذكر،ولا على أمر مجهول الحصول حال العقد، كما إذا قال : بعتك إن كان اليوم يوم الجمعة مع جهله بذلك، أما مع علمه به فالوجه الجواز.

(مسألة 57): إذا قبض المشتري ما اشتراه بالعقد الفاسد، فإن علم برضا البائع بالتصرف فيه حتى مع فساد العقد جاز له التصرف فيه وإلا وجب عليه رده إلى البائع. وإذا تلف _ ولو من دون تفريط _ وجب عليه ردّ مثله إن كان مثلياً، وقيمته إن كان قيمياً، وكذا الحكم في الثمن إذا قبضه البائع بالبيع الفاسد، وإذا كان المالك مجهولاً جرى عليه حكم المال المجهول مالكه، ولا فرق في جميع ذلك بين العلم بالحكم والجهل به، ولو باع أحدهما ما قبضه كان البيع فضولياً وتوقفت صحته على إجازة المالك وسيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى.

ص: 16

الفصل الثاني: شروط المتعاقدين

اشارة

(مسألة 58): يشترط في كل من المتعاقدين أمور :

الأول : البلوغ، فلا يصح عقد الصبي في ماله إلا في الأشياء اليسيرة كما هو المعتاد بتصدي الصبي المميز في معاملاته.

الثاني : العقل، فلا يصح عقد المجنون، وإن كان قاصداً إنشاء البيع.الثالث : الاختيار، فلا يصح بيع المكره، وهو من يأمره غيره بالبيع المكروه له، على نحو يخاف من الإضرار به لو خالفه، بحيث يكون وقوع البيع منه من باب ارتكاب أقل المكروهين، ولو لم يكن البيع مكروهاً وقد أمره الظالم بالبيع فباع صح، وكذا لو أمره بشيء غير البيع وكان ذلك الشيء موقوفاً على البيع المكروه فباع فإنه يصح، كما إذا أمره بدفع مقدار من المال ولم يمكنه إلا ببيع داره فباعها، فإنه يصح بيعها

(مسألة 59): إذا أُكره أحد الشخصين على بيع داره،كما لو قال الظالم: فليبع زيد أو عمرو داره فباع أحدهما داره بطل البيع، إلاّ إذا علم إقدام الآخر على البيع.

(مسألة 60): لو أُكره على بيع داره أو فرسه فباع أحدهما بطل، ولو باع الآخر بعد ذلك صحّ، ولو باعهما جميعاً دفعة بطل فيهما جميعاً.

(مسألة 61): لو أكرهه على بيع دابّته فباعها مع ولدها بطل بيع الدابة ،وصح بيع الولد.

ص: 17

(مسألة 62): لا يُعتبر في صدق الإكراه عدم إمكان التفصي بالتورية، فلو أكرهه على بيع داره فباعها _ مع قدرته على التورية _ لم يصح البيع.

(مسألة 63): المراد من الضرر الذي يخافه، على تقدير عدم الإتيان بما أُكره عليه ما يعمّ الضرر الواقع على نفسه وماله وشأنه، وعلى بعض من يتعلّق به ممّن يهمه أمره. فلو لم يكن كذلك فلا إكراه، فلو باع حينئذٍ _ صحّ البيع

البيع الفضولي

الرابع : من شرائط المتعاقدين القدرة على التصرّف بكونه مالكاً أو وكيلاً عنه، أو مأذوناً منه ،أو ولياً عليه، فلو لم يكن العاقد قادراً على التصرّف لم يصح البيع، بل توقّفت صحته على إجازة القادر على ذلك التصرف،مالكاً كان، أو وكيلاً عنه، أو مأذوناً منه، أو ولياً عليه، فإن أجاز صح، وإن ردّ بطل. وهذا هو المسمى بعقد الفضولي. والمشهور أن الإجازة بعد الردّ لا أثر لها، ولكنه لا يخلو عن إشكال، بل لا يبعد نفوذها. وأمّا الردّ بعد الإجازة فلا أثر له جزماً.

(مسألة 64): لو منع المالك من بيع ماله فباعه الفضولي، فإن أجازه المالك صح، ولا أثر للمنع السابق في البطلان.

(مسألة 65): إذا علم من حال المالك أنه يرضى بالبيع فباعه لم يصح وتوقّفت على الإجازة.

(مسألة 66): إذا باع الفضولي مال غيره عن نفسه لاعتقاده أنه مالك، أو لبنائه على ذلك، كما في الغاصب، فأجازه المالك صحّ البيع ويرجع الثمن إلى المالك.

(مسألة 67): لا يكفي في تحقّق الإجازة الرضا الباطني، بل لابدّ من الدلالة عليه بالقول مثل : رضيت، وأجزت، ونحوهما، أو بالفعل مثل أخذ الثمن، أو بيعه، أو الإذن في بيعه أو إجازة العقد الواقع عليه أو نحو ذلك.

ص: 18

(مسألة 68): الظاهر أن الإجازة كاشفة عن صحة العقد من حين وقوعه كشفاً حكمياً،فنماء الثمن من حين العقد إلى حين الإجازة ملك مالك المبيع، ونماء المبيع ملك المشتري.

(مسألة 69): لو باع باعتقاد كونه ولياً أو وكيلاً فتبين خلافه فإن أجازه المالك صحّ وإن ردّ بطل، ولو باع باعتقاد كونه أجنبياً فتبين كونه ولياً أو وكيلاً صح، ولم يحتج إلى الإجازة، ولو تبين كونه مالكاً ففي صحة البيع _ من دون حاجة إلى إجازته _ إشكال والأظهر هو الصحة.

(مسألة 70): لو باع مال غيره فضولاً، ثم ملكه قبل إجازة المالك ففي صحته بلا حاجة إلى الإجازة أو توقفه على الإجازة أو بطلانه رأساً _ وجوه أقواها أوسطها.

(مسألة 71): لو باع مال غيره فضولاً فباعه المالك من شخص آخر صحّ بيع المالك، ويصح بيع الفضولي _ أيضاً _ إن أجازه المشتري.

(مسألة 72): إذا باع الفضولي مال غيره ولم تتحققّ الإجازة من المالك فإن كانت العين في يد المالك فلا إشكال، وإن كانت في يد البائع جاز للمالك الرجوع بها عليه، وإن كان البائع قد دفعها إلى المشتري جاز له الرجوع على كل من البائع والمشتري، وإن كانت تالفة رجع على البائع إن لم يدفعها إلى المشتري، أو على أحدهما إن دفعها إليه بمثلها، إن كانت مثلية، وبقيمتها إن كانت قيمية.

(مسألة 73): المنافع المستوفاة مضمونة، وللمالك الرجوع بها على مَن استوفاها،وكذا الزيادات العينيّة، مثل اللبن والصوف والشعر والسرجين ونحوها،ممّا كانت له مالية، فإنّها مضمونة على مّن استولى عليها كالعين، أمّا المنافع غير المستوفاة ففي ضمانها إشكال، والضمان أظهر.

ص: 19

(مسألة 74): المثلي : ما يَكثر وجود مثله في الصفات التي تختلف باختلافها الرغبات، والقيمي : ما لا يكون كذلك، فالآلات والظروف والأقمشة المعمولة في المعامل في هذا الزمان من المثلي، والجواهر الأصلية من الياقوت والزمرد والألماس والفيروزج ونحوها من القيمي.

(مسألة 75): الظاهر أن المدار في القيمة المضمون بها القيمي قيمة زمان القبض لا زمان التلف، ولا زمان الأداء.

(مسألة 76): إذا لم يمضِ المالك المعاملة الفضولية فعلى البائع الفضولي أن يرد الثمن المسمّى إلى المشتري، فإذا رجع المالك على المشتري ببدل العين من المثل أو القيمة فليس للمشتري الرجوع على البائع في مقدار الثمن المسمّى. ويرجع في الزائد عليهإذا كان مغروراً وإذا رجع المالك على البائع رجع البائع على المشتري بمقدار الثمن المسمّى إذا لم يكن قد قبض الثمن ولا يرجع في الزائد عليه إذا كان غارّاً. وإذا رجع المالك على المشتري ببدل نماء العين من الصوف واللبن ونحوهما أو بدل المنافع المستوفاة أو غير ذلك فإن كان المشتري مغروراً من قبل البائع، بأن كان جاهلاً بأن البائع فضولي وكان البائع عالماً فاخبره البائع بأنه مالك، أو ظهر له منه أنه مالك رجع المشتري على البائع بجميع الخسارات التي خسرها للمالك، وإن لم يكن مغروراً من البائع كما إذا كان عالماً بالحال، أو كان البائع أيضاً جاهلاً لم يرجع عليه بشيء من الخسارات المذكورة، وإذا رجع المالك على البائع ببدل النماءات، فإن كان المشتري مغروراً من قِبَل البائع لم يرجع البائع إلى المشتري، وإن لم يكن مغروراً من قِبَل البائع رجع البائع عليه في الخسارة التي خسرها للمالك، وكذا الحال في جميع الموارد التي تعاقبت فيها الأيدي العادية على مال المالك، فعليه إن رجع المالك على السابق رجع السابق على اللاحق إن لم يكن مغروراً منه

وإلاّ لم يرجع على اللاحق، وإن رجع المالك على اللاحق لم يرجع إلى السابق إلاّ مع كونه مغروراً منه، وكذا الحكم في

ص: 20

المال غير المملوك لشخص كالزكاة المعزولة، ومال الوقف المجعول مصرفاً في جهة معيّنة أو غير معينة، أو في مصلحة شخص أو أشخاص فإن الولي يرجع على ذي اليد عليه، مع وجوده وكذا مع تلفه على النهج المذكور.

(مسألة 77): لو باع إنسان ملكه وملك غيره صفقة واحدة صح البيع فيما يملك، وتوقّفت صحة بيع غيره على إجازة المالك، فإن أجازه صح، وإلاّ فلا، وحينئذ يكون للمشتري خيار تبعّض الصفقة، فله فسخ البيع بالإضافة إلى ما يملكه البائع.

(مسألة 78): طريق معرفة حصة كل واحد منهما من الثمن : أن يُقوُّم كل من المالين بقيمته السوقية، فيرجع المشتري بحصة من الثمن نسبتها إلى الثمن نسبة قيمة مال غير البائع إلى مجموع القيمتين، فإذا كانت قيمة ماله عشرة وقيمة مال غيره خمسة، والثمن ثلاثة يرجع المشتري بواحد، الذي هو ثلث الثمن، ويبقى للبائع اثنان. وهما ثلثا الثمن. هذا إذا لم يكن للاجتماع دخل في زيادة القيمة ونقصها، أمّا لو كان الأمر كذلك وجب تقويم كل منهما في حال الانضمام إلى الآخر ثم تنسب قيمة كل واحد منهما إلى مجموع القيمتين، فيؤخذ من الثمن بتلك النسبة. مثلاً إذا باع الجارية وابنتها بخمسة، وكانت قيمة الجارية في حال الانفراد ستة، وفي حال الانضمام أربعة، وقيمة ابنتها بالعكس فمجموع القيمتين عشرة، فإن كانت الجارية لغير البائع، رجع المشتري بخمسَين، وهما اثنان من الثمن، وبقي للبائع ثلاثة أخماس. وإن كانت البنت لغير البائع، رجع المشتري بثلاثة أخماس الثمن، وهو ثلاثة وبقي للبائع اثنان.

(مسألة 79): إذا كانت الدار مشتركة بين شخصين على السويّة، فباع أحدهما نصف الدار، فإن قامت القرينة على أن المراد نصف نفسه، أو نصف غيره، أو نصف في النصفين عمل على القرينة، وإن لم تقم القرينة على شيء من ذلك، حمل على نصف نفسه لا غير.

ص: 21

(مسألة 80): يجوز للأب والجد للأب وإن علا التصرّف في مال الصغير وكذا يجوز للمجتهد الجامع للشرائط أو وكليه أو عدول المؤمنين مع فقد الأب والجد إذا كانت هناك مصلحة في تصرفهم بالبيع والشراء والإجارة وغيرها وكل من الأب والجد مستقل في الولاية فلا يُعتبر الإذن من الآخر، كما لا تُعتبر العدالة في ولايتهما، ولا أن تكون مصلحة في تصرّفهما، بل يكفي عدم المفسدة فيه، إلاّ أن يكون التصرف تفريطاً منهما في مصلحة الصغير، كما لو اضطر الولي إلى بيع مال الصغير، وأمكن بيعه بأكثر من قيمة المثل، فلا يجوز له البيع بقيمة المثل، وكذا لو دار الأمر بين بيعه بزيادة درهم عن قيمة المثل وزيادة درهمين، لاختلاف الأماكن أو الدلاّلين، أو نحو ذلك لم يجز البيع بالأقل وإن كانت فيه مصلحة إذا عدّ ذلك تساهلاً عرفاً في مال الصغير، والمدار في كون التصرف مشتملاً على المصلحة أو عدم المفسدة على كونه كذلك في نظر العقلاء، لا بالنظر إلى علم الغيب، فلو تصرف الولي باعتقاد المصلحة فتبيّن انه ليس كذلك في نظر العقلاء بطل التصرّف، ولو تبيّن أنه ليس كذلك بالنظر إلى علم الغيب صح، إذا كانت فيه مصلحة بنظر العقلاء.

(مسألة 81): يجوز للأب والجد التصرف في نفس الصغير بإجارته لعمل ما، أو جعله عاملاً في المعامل، وكذلك في سائر شؤونه مثل تزويجه. نعم ليس لهما طلاق زوجته. وهل لهما فسخ نكاحه عند حصول المسوّغ للفسخ، وهبة المدة في عقد المتعة : وجهان والثبوت أقرب.

(مسألة 82): إذا أوصى الأب أوالجد إلى شخص بالولاية بعد موته على القاصرين نفذت الوصية، وصار الموصى إليه ولياً عليهم بمنزلة الموصي تنفذ تصرفاته. ويُشترط فيه الرشد والأمانة،ولا تُشترط فيه العدالة على الأقوى. كما يُشترط في صحة الوصية فقد الآخر، فلا تصح وصية الأب بالولاية على الطفل مع وجود الجد، ولا وصية الجد بالولاية على حفيده مع وجود الأب، ولو أوصى

ص: 22

أحدهما بالولاية على الطفل، بعد فقد الآخر لا في حال وجوده، ففي صحّتها إشكال.

ليس لغير الأب والجد للأب والوصي لأحدهما ولاية على الصغير، ولو كان عمّاً أو أُمّاً أو جداً للأم أو أخاً كبيراً، فلو تصرّف أحد هؤلاء في مال الصغير أو في نفسه، أو سائر شؤونه لم يصح، وتوقّف على إجازة الولي.

(مسألة 83): تكون الولاية على الطفل للحاكم الشرعي، مع فقد الأب والجد والوصي لأحدهما، ومع تعذّر الرجوع إلى الحاكم فالولاية لعدول المؤمنين، لكن الأحوط الاقتصار على صورة لزوم الضرر في ترك التصرّف كما لو خيف على ماله التلف _ مثلاً _ فيبيعه العادل،لئلا يتلف، ولا يعتبر _ حينئذ _ أن تكون في التصرّف فيه غبطة وفائدة، بل لو تعذّر وجود العادل _ حينئذ _ لم يبعد جواز ذلك لسائر المؤمنين، ولو اتُفق احتياج المكلّف إلى دخول دار الأيتام والجلوس على فراشهم، والأكل من طعامهم، وتعذّر الاستئذان من وليهم لم يبعد جواز ذلك، إذا عوّضهم عن ذلك بالقيمة، ولم يكن فيه ضررعليهم وإن كان الأحوط تركه، وإذا كان التصرّف مصلحة لهم جاز من دون حاجة إلى عوض. والله سبحانه العالم.

الفصل الثالث: شروط العوضين

يُشترط في المبيع أن يكون عيناً، سواء أكان موجوداً في الخارج أم في الذمة، وسواء أكانت الذمة ذمة البائع أم غيره، كما إذا كان له مال في ذمة غيره فباعه لشخص ثالث، فلا يجوز بيع المنفعة، كمنفعة الدار، ولا بيع العمل كخياطة الثوب، وأمّا الثمن فيجوز أن يكون عيناً أو منفعة أو عملاً.

ص: 23

(مسألة 84): المشهور على اعتبار أن يكون المبيع والثمن مالاً يتنافس فيه العقلاء، فكل ما لا يكون مالاً كبعض الحشرات لا يجوز بيعه، ولا جعله ثمناً ولكن الظاهر عدم اعتبار ذلك، وإن كان الاعتبار أحوط.

(مسألة 85): الحقوق مطلقاً من قبيل الأحكام، فكما لا يصح بيعها لا يصح جعلها ثمناً، نعم في مثل حق التحجير القابل للانتقال يجوز جعل متعلّق الحق بما هو كذلك ثمناً ويجوز جعل شيء بازاء رفع اليد عن الحق، حتى فيما إذا لم يكن قابلاً للانتقال، وكان قابلاً للإسقاط، كما يجوز جعل الإسقاط ثمناً، بأن يملك البائع عليه العمل فيجب عليه الإسقاط بعد البيع.

(مسألة 86): يُشترط في البيع أن لا يكون غررياً وتكفي المشاهدة فيما تعارف بيعه بالمشاهدة، ولا تكفي في غير ذلك، بل لابدّ أن يكون مقدار كل من العوضين المتعارف تقديره به عند البيع، من كيل أو وزن، أو عد، أو مساحة معلوماً، ولا بأس بتقديره بغير المتعارف فيه عند البيع، كبيع المكيل بالوزن وبالعكس إذا لم يكن البيع غررياً، وإذا كان الشيء ممّا يباع في حال بالمشاهدة وفي حال أخرى بالوزن أو الكيل، كالثمر يُباع على الشجر بالمشاهدة وفي المخازن بالوزن، والحطب محمولاً على الدابة بالمشاهدة وفي المخزن بالوزن واللبن المخيض يباع في السقاء بالمشاهدة وفي المخازن بالكيل. كل ذلك صحيح بيعه مقدّراً أو مشاهداً متابعةً للعرف.

(مسألة 87): يكفي في معرفة التقدير إخبار البائع بالقدر، كيلاً أو وزناً أو عداً، ولا فرق بين عدالة البائع وفسقه، والأحوط اعتبار حصول اطمئنان المشتري بإخباره، ولو تبيّن الخلاف بالنقيصة كان المشتري بالخيار في الفسخ والإمضاء بتمام الثمن. ولو تبيّنت الزيادة كان البائع بالخيار بين الفسخ والإمضاء بتمام المبيع، وقيل : يرجع المشتري على البائع بثمن النقيصة في الأول وتكون الزيادة للبائع في الثاني وهو ضعيف

ص: 24

(مسألة 88): لابدّ في مثل القماش والأرض ونحوهما _ ممّا يكون تقديره بالمساحة دخيلاً في زيادة القيمة _ معرفة مقداره، ولا يكتفى في بيعه بالمشاهدة إلاّ إذا كانت المشاهدة رافعة للغرر كما هو الغالب في بيع الدور والفرش ونحوهما.

(مسألة 89): إذا اختلفت البلدان في تقدير شيء، بأن كان موزوناً في بلد ومعدوداً في آخر، ومكيلاً في ثالث، فالظاهر أن المدار في التقدير بلد المعاملة. ولكن يجوز البيع بالتقدير الآخر أيضاً إذا لم يكن فيه غرر.

(مسألة 90): قد يؤخذ الوزن شرطاً في المكيل أو المعدود، أو الكيل شرطاً في الموزون، مثل أن يبيعه عشرة أمنان من الدبس، بشرط أن يكون كيلها صاعاً، فيتبين أن كيلها أكثر من ذلك لرقة الدبس، أو يبيعه عشرة أذرع من قماش، بشرط أن يكون وزنها ألف مثقال، فيتبين أن وزنها تسعمائة، لعدم إحكام النسج، أو يبيعه عشرة أذرع من الكتان، بشرط أن يكون وزنها مائة مثقال، فيتبين أن وزنها مائتا مثقال لغلظة خيوطه ونحو ذلك، ممّا كان التقدير فيه ملحوظاً صفة كمال للمبيع لا مقوّماً له، والحكم أنه مع التخلّف بالزيادة أو النقيصة يكون الخيار للمشتري، لتخلّف الوصف فإن أمضى العقد كان عليه تمام الثمن، والزيادة للمشتري على كل حال.

(مسألة 91): يّشترط معرفة جنس العوضين وصفاتهما التي تختلف القيمة باختلافها، كالألوان والطعوم والجودة والرداءة والرقة والغلظة والثقل والخفة ونحو ذلك، ممّا يوجب اختلاف القيمة، أمّا ما لا يوجب اختلاف القيمة منها فلا تجب معرفته، وإن كان مرغوباً عند قوم، وغير مرغوب عند آخرين، والمعرفة إمّا بالمشاهدة، أو بتوصيف البائع، أو بالرؤية السابقة.

(مسألة 92): يشترط أن يكون كل واحد من العوضين ملكاً، مثل أكثر البيوع الواقعة بين الناس، أو ما هو بمنزلته، كبيع الكلي في الذمة، أو بيع مال شخصي مختص بجهة من الجهات مثل بيع ولي الزكاة بعض أعيان الزكاة وشرائه

ص: 25

العلف لها، وعليه فلا يجوز بيع ما ليس كذلك : مثل بيع السمك في الماء والطير في الهواء، وشجر البيداء قبل أن يُصطاد أو يُحاز.

(مسألة 93): يصح للراهن بيع العين المرهونة بإذن المرتهن، وكذلك لو أجازه بعد وقوعه، والأظهر صحة البيع مع عدم إجازته أيضاً إلاّ أن يثبت الخيار _ حينئذ _ للمشتري إذا كان جاهلاً بالحال حين البيع.

(مسألة 94): لا يجوز بيع الوقف إلاّ في موارد :

منها أن يخرب بحيث لا يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه، كالحيوان المذبوح، والجذع البالي، والحصير المخرق فيجوز بيعه ويصرف ثمنه في نفس الوقف.

ومنها : أن يخرب على نحو يسقط عن الانتفاع المعتد به، مع كونه ذا منفعة يسيرة ملحقة بالمعدوم عرفاً.

ومنها : ما إذا اشترط الواقف بيعه عند حدوث أمر، من قلة المنفعة أو كثرة الخراج، أو كون بيعه أنفع، أو احتياجهم إلى عوضه، أو نحو ذلكومنها: ما إذا وقع الاختلاف الشديد بين الموقوف عليهم، بحيث لا يؤمن معه من تلف النفوس والأموال.

ومنها : ما لو علم أن الواقف لاحظ في قوام الوقف عنواناً خاصاً في العين الموقوفة، مثل كونها بستاناً، أو حماماً فيزول ذلك العنوان، فإنه يجوز البيع _ حينئذ _ وإن كانت الفائدة باقية بحالها أو أكثر.

ومنها : ما إذا طرأ ما يستوجب أن يؤدي بقاؤه إلى الخراب المسقط له عن المنفعة المعتدّ بها عرفاً، واللازم حينئذٍ تأخير البيع إلى آخر أزمنة إمكان البقاء.

(مسألة 95): ما ذكرناه من جواز البيع في الصور المذكورة لا يجري في المساجد فانها لا يجوز بيعها على كل حال. نعم يجري في مثل الخانات الموقوفة للمسافرين، وكتب العلم والمدارس والرباطات الموقوفة على الجهات الخاصة.

ص: 26

(مسألة 96): إذا جاز بيع الوقف، فإن كان من الأوقاف غير المحتاجة إلى المتولي كالوقف على الأشخاص المعينين لم تحتج إلى إجازة غيرهم، وإلاّ فإن كان له متولّ خاص فاللازم مراجعته، ويكون البيع بإذنه، وإلاّ فالأحوط مراجعة الحاكم الشرعي، والاستئذان منه في البيع، كما أن الأحوط وجوباً أن يشتري بثمنه ملكاً، ويوقف على النهج الذي كان عليه الوقف الأول، نعم لو خرب بعض الوقف جاز بيع ذلك البعض وصرف ثمنه في مصلحة المقدار العامر أو في وقف آخر إذا كان موقوفاً على نهج وقف الخراب. وإذا خرب الوقف ولم يمكن الانتفاع به وأمكن بيع بعضه وتعمير الباقي بثمنه فالأحوط : الاقتصار على بيع بعضه وتعمير الباقي بثمنه.

(مسألة 97): لا يجوز بيع الأمة إذا كانت ذات ولد لسيّدها، ولو كان حملاً غير مولود، وكذا لا يجوز نقلها بسائر النواقل، وإذا مات ولدها جاز بيعها كما يجوز بيعها في ثمن رقبتها مع إعسار المولى، وفي هذه المسالة فروع كثيرة لم نتعرض لها لقلة الابتلاء بها.

(مسألة 98): لا يجوز بيع الأرض الخراجية. وهي : الأرض المفتوحة عنوة العامرة حين الفتح، فإنها ملك المسلمين. مَن وجد ومَن يوجد، ولا فرق بين أن تكون فيها آثار مملوكة للبائع من بناء أو شجر أو غيرهما، وأن لا تكون بل الظاهر عدم جواز التصرّف فيها إلاّ بإذن الحاكم الشرعي، إلاّ أن تكون تحت سلطة السلطان المدعي للخلافة العامة فيكفي الاستئذان منه، بل في كفاية الاستئذان من الحاكم الشرعي _ حينئذ _ إشكال، ولو ماتت الأرض العامرة _ حين الفتح _ فلا يبعد أنها تملك الأحياء. أمّا الأرض الميتة في زمان الفتح فهي ملك للإمام عليه السلام، وإذا أحياها أحد ملكها بالإحياء، مسلماً كان المحيي أو كافراً، وليس عليه دفع العوض وإذا تركها حتى ماتت فهي على ملكه، ولكنه إذا ترك زرعها وأهملها ولم ينتفع بها بوجه، جاز لغيره زرعها، وهو أحق بها منه.

ص: 27

وإن كان الأحوط استحباباً عدم زرعها بلا إذن منه إذا عرف مالكها إلاّ إذا كان المالك قدأعرض عنها وإذا أحياها السلطان المدعي للخلافة على أن تكون للمسلمين لحقها حكم الأرض الخراجية.

(مسألة 99): في تعيين أرض الخراج إشكال، وقد ذكر العلماء والمؤرخون مواضع كثيرة منها.وإذا شك في أرض أنها كانت ميتة أو عامرة _ حين الفتح _ تحمل على أنها كانت ميتة، فيجوز إحياؤها وتملّكها إن كانت حيّة كما يجوز بيعها وغيره من التصرّفات الموقوفة على الملك.

(مسألة 100): يشترط في كل من العوضين أن يكون مقدوراً على تسليمه فلا يجوز بيع الجمل الشارد، أو الطير الطائر، أو السمك المرسل في الماء، ولا فرق بين العلم بالحال والجهل بها، ولو باع العين المغصوبة وكان المشتري قادراً على أخذها من الغاصب صح، كما أنه يصح بيعها على الغاصب أيضاً، وإن كان البائع لا يقدر على أخذها منه ثم دفعها إليه، فإذا كان المبيع ممّا لا يستحق المشتري أخذه، كما لو باع من ينعتق على المشتري صح، وإن لم يقدر على تسليمه.

(مسألة 101): لو علم القدرة على التسليم فباع فانكشف الخلاف بطل ولو علم العجز عنه فانكشف الخلاف فالظاهر الصحة.

(مسألة 102): لو انتفت القدرة على التسليم في زمان استحقاقه، لكن علم بحصولها بعده، فإن كانت المدة يسيرة صح، وإذا كانت طويلة لا يتسامح بها، فإن كانت مضبوطة كسنة أو اكثر فالظاهر الصحة مع علم المشتري بها وكذا مع جهله بها، لكن يثبت الخيار للمشتري، وإن كانت غير مضبوطة فالظاهر البطلان، كما لو باعه دابة غائبة يعلم بحضورها لكن لا يعلم زمانه.

(مسألة 103): إذا كان العاقد هو المالك فالاعتبار بقدرته، وإن كان وكيلاً في إجراء الصيغة فقط فالاعتبار بقدرة المالك، وإن كان وكيلاً في المعاملة

ص: 28

كعامل المضاربة، فالاعتبار بقدرته أو قدرة المالك فيكفي قدرة أحدهما على التسليم في صحة المعاملة، فإذا لم يقدرا بطل البيع.

(مسألة 104): يجوز بيع العبد الآبق مع الضميمة، إذا كانت ذات قيمة معتد بها.

الفصل الرابع: الخيارات

اشارة

الخيار حق يقتضي السلطنة على فسخ العقد برفع مضمونه وهو أقسام :

(الأول) : خيار المجلس :

أي مجلس البيع فإنه إذا وقع البيع كان لكل من البائع والمشتري الخيار في المجلس ما لم يفترقا، فإذا افترقا _ عرفاً _ لزم البيع وانتفى الخيار، ولو كان المباشر للعقد الوكيل كان الخيار للمالك، فإن الوكيل وكيل في إجراء الصيغة فقط، وليس له الفسخ عن المالك، ولو كان وكيلاً في تمام المعاملة وشؤونها كان له الفسخ عن المالك، والمدارعلى اجتماع المباشرين وافتراقهما لا المالكين، ولو فارقا المجلس مصطحبين بقي الخيار لهما حتى يفترقا، ولو كان الموجب والقابل واحداً وكالة عن المالكين أو ولاية عليهما، ففي ثبوت الخيار إشكال، بل الأظهر العدم هذا مع عدم حضور المالكين في مجلس العقد وإلا يكون الخيار باقياً مع عدم تفرقهما.

(مسألة 105): هذا الخيار يختص بالبيع ولا يجري في غيره من المعاوضات.

(مسألة 106): يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في العقد، كما يسقط بإسقاطه بعد العقد.

(الثاني) : خيار الحيوان :

ص: 29

كل مَن اشترى حيواناً _ إنساناً كان أو غيره _ ثبت له الخيار ثلاثة أيام مبدؤها زمان العقد، وإذا كان العقد في أثناء النهار لفق المنكسر من اليوم الرابع، والليلتان المتوسطتان داخلتان في مدة الخيار، وكذا الليلة الثالثة في صورة تلفيق المنكسر، وإذا لم يفترق المتبايعان حتى مضت ثلاثة أيام سقط خيار الحيوان، وبقي خيار المجلس.

(مسألة 107): يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في متن العقد، كما يسقط بإسقاطه بعده، وبالتصرّف في الحيوان تصرّفاً يدل على إمضاء العقد واختيار عدم الفسخ.

(مسألة 108): يثبت هذا الخيار للبائع أيضاً، إذا كان الثمن حيواناً.

(مسألة 109): يختص هذا الخيار أيضاً بالبيع، ولا يثبت في غيره من المعاوضات.

(مسألة 110): إذا تلف الحيوان قبل القبض أو بعده في مدة الخيار كان تلفه من مال البائع، ورجع المشتري عليه بالثمن إذا دفعه إليه.

(مسألة 111): إذا طرأ عيب في الحيوان من غير تفريط من المشتري لم يمنع من الفسخ والرد، وإن كان بتفريط منه سقط خياره.

(الثالث) : خيار الشرط.

والمراد به : الخيار المجعول باشتراطه في العقد، إمّا لكل من المتعاقدين أو لأحدهما بعينه، أو لأجنبي.

(مسألة 112): لا يتقدّر هذا الخيار بمدة معينة، بل يجوز اشتراطه في أي مدة كانت قصيرة أو طويلة، متّصلة أو منفصلة عن العقد، نعم لابدّ من تعيين مبدئها وتقديرها بقدر معيّن، ولو ما دام العمر، فلا يجوز جعل الخيار بلا مدة، ولا جعله مدة غير محدودة قابلة للزيادة والنقيصة وموجبة للغرر، وإلاّ بطل العقد.

ص: 30

(مسألة 113): إذا جعل الخيار شهراً كان الظاهر منه المتصل بالعقد وكذا الحكم في غير الشهر من السنة أو الأسبوع أو نحوهما، وإذا جعل الخيار شهراً مردداً بين الشهور احتمل البطلان من جهة عدم التعيين، لكن الظاهر الصحة فإن مرجع ذلك هو جعل الخيار في تمام تلك الشهور

(مسألة 114): لا يجوز اشتراط الخيار في الإيقاعات، كالطلاق والعتق ولا في العقود الجائزة، كالوديعة والعارية، ويجوز اشتراطه في العقود اللازمة عدا النكاح، وفي جواز اشتراطه في الصدقة وفي الهبة اللازمة وفي الضمان إشكال، وإن كان الأظهر عدم الجواز في الأخير والجواز في الثاني.

(مسألة 115): يجوز اشتراط الخيار للبائع في مدة معيّنة متصلة بالعقد أو منفصلة عنه، على نحو يكون له الخيار في حال رد الثمن بنفسه مع وجوده أو ببدله مع تلفه، ويسمّى بيع الخيار. فإذا مضت مدة الخيار لزم البيع وسقط الخيار وامتنع الفسخ. وإذا فسخ في المدة من دون رد الثمن أو بدله مع تلفه لا يصحّ الفسخ، وكذا لو فسخ قبل المدة فلا يصح الفسخ إلاّ في المدة المعيّنة، في حال رد الثمن أو ردّ بدله مع تلفه، ثم إنّ الفسخ إمّا أن يكون بإنشاء مستقل في حال الرد مثل فسخت ونحوه ،أو يكون بنفس الرد، على أن يكون إنشاء الفسخ بالفعل وهو الرد، لا بقوله : فسخت، ونحوه.

(مسألة 116): المراد من ردّ الثمن إحضاره عند المشتري، وتمكينه منه، أو إحضاره عند مالك الثمن إذا كان المشتري وكيله كذلك، فلو أحضره عند أحدهما جاز له الفسخ.

(مسألة 117): الظاهر أنه يجوز اشتراط الفسخ في تمام المبيع برد بعض الثمن، كما يجوز اشتراط الفسخ في بعض المبيع بذلك.

ص: 31

(مسألة 118): إذا تعذر تمكين المشتري من الثمن لغيبة، أو جنون، أو نحوهما مما يرجع إلى قصور فيه فالظاهر أنه يكفي في صحة الفسخ تمكين وليه ولو كان الحاكم الشرعي أو وكيله، فإذا مكنه من الثمن جاز له الفسخ.

(مسألة 119): نماء المبيع في زمان العقد إلى زمان الفسخ للمشتري، كما أن نماء الثمن للبائع.

(مسألة 120): لا يجوز للمشتري فيما بين العقد إلى انتهاء مدة الخيار التصرف الناقل للعين من هبة أو بيع أو نحوهما، ولو تلف المبيع كان ضمانه على المشتري، ولا يسقط بذلك خيار البائع، إلا إذا كان المقصود من الخيار المشروط خصوص الخيار في حال وجود العين بحيث يكون الفسخ موجباً لرجوعها نفسها إلى البائع، لكن الغالب الأول.

(مسألة 121): إذا كان الثمن المشروط رده ديناً في ذمة البائع كما إذا كان للمشتري دين في ذمة البائع فباعه بذلك الدين، واشترط الخيار مشروطاً برده كفى فيرده إعطاء فرد منه، وإذا كان الثمن عيناً في يد البائع فالظاهر ثبوت الخيار في حال دفعها للمشتري. وإذا كان الثمن كلياً في ذمة المشتري فدفع منه فرداً إلى البائع بعد وقوع البيع فالظاهر كفاية رد فرد آخر في صحة الفسخ.

(مسألة 122): لو اشترى الولي شيئاً للمولى عليه ببيع الخيار، فارتفع حجره قبل انقضاء المدة _ كان الفسخ مشروطاً برد الثمن اليه، ولا يكفي الرد إلى وليه، ولو اشترى أحد الوليين كالأب ببيع الخيار جاز الفسخ بالرد إلى الولي الآخر كالجد، إلا أن يكون المشروط الرد إلى خصوص الولي المباشر للشراء.

(مسألة 123): إذا مات البائع _ قبل إعمال الخيار _ انتقل الخيار إلى ورثته، فلهم الفسخ بردهم الثمن إلى المشتري،ويشتركون في المبيع على حساب سهامهم ،ولو امتنع بعضهم عن الفسخ لم يصح للبعض الآخر الفسخ،لا في تمام المبيع ولا في بعضه. ولو مات المشتري كان للبائع الفسخ برد الثمن إلى ورثته.

ص: 32

(مسألة 124): يجوز اشتراط الخيار في الفسخ للمشتري برد المبيع إلى البائع، والظاهر منه رد نفس العين، فلا يكفي رد البدل حتى مع تلفها إلا أن تقوم قرينة على إرادة ما يعم رد البدل عند التلف، كما يجوز أيضاً اشتراط الخيار لكل منهما عند رد ما انتقل إليه بنفسه أو ببدله عند تلفه.

(مسألة 125): لا يجوز اشتراط الخيار في الفسخ برد البدل مع وجود العين، بلا فرق بين رد الثمن ورد المثمن، وفي جواز اشتراطه برد القيمة في المثلي، أو المثل في القيمي مع التلف إشكال، وإن كان الأظهر أيضاً العدم.

(مسألة 126): يسقط هذا الخيار، بانقضاء المدة المجعولة له، مع عدم الرد وبإسقاطه بعد العقد.

(الرابع) : خيار الغبن.

إذا باع بأقل من قيمة المثل، ثبت له الخيار، وكذا إذا اشترى بأكثر من قيمة المثل، ولا يثبت هذا الخيار للمغبون، إذا كان عالماً بالحال.

(مسألة 127): يشترط في ثبوت الخيار للمغبون أن يكون التفاوت موجباً للغبن عرفاً، بأن يكون مقداراً لا يتسامح به عند غالب الناس. فلو كان جزئياً غير معتد به لقلته لم يوجب الخيار، وعدّه بعضهم بالثلث وآخر بالربع وثالث بالخمس، ولا يبعد اختلاف المعاملات في ذلك. فالمعاملات التجارية المبنية على المماكسة الشديدة يكفي في صدق الغبن فيها العشر، بل نصف العشر وأما المعاملات العادية فلا يكفي فيها ذلك. والمدار على ما عرفت من عدم المسامحة الغالبية.

(مسألة 128): الظاهر كون الخيار المذكور ثابتاً من حين العقد لا من حين ظهور الغبن فلو فسخ قبل ظهور الغبن. صح فسخه مع ثبوت الغبن واقعاً

ص: 33

(مسألة 129): ليس للمغبون مطالبة الغابن بالتفاوت وترك الفسخ. ولو بذل له الغابن التفاوت، لم يجب عليه القبول، بل يتخير بين فسخ البيع من اصله وإمضائه بتمام الثمن المسمى، نعم لو تصالحا على إسقاط الخيار بمال، صح الصلح وسقط الخيار، ووجب على الغابن دفع عوض المصالحة.

يسقط الخيار المذكور بأمور:

الأول : إسقاطه بعد العقد وإن كان قبل ظهور الغبن. ولو أسقطه بزعم كون التفاوت عشرة فتبين كونه مائة فإن كان التفاوت بالأقل ملحوظاً قيداً،بطل الإسقاط، وإن كان ملحوظاً من قبيل الداعي كما هو الغالب، صح، وكذا الحال لو صالحه عليه بمال.

الثاني : اشتراط سقوطه في متن العقد وإذا اشترط سقوطه بزعم كونه عشرة فتبين أنه مائة جرى فيه التفصيل السابق.

الثالث : تصرف المغبون _ بائعاً كان أو مشترياً فيما انتقل إليه _ تصرفاً يدل على الالتزام بالعقد، هذا إذا كان بعد العلم بالغبن، أما لو كان قبله فالمشهور عدم السقوط به، ولا يخلو من تأمل، بل البناء على السقوط به _ لو كان دالاً على الالتزام بالعقد _ لا يخلو من وجه. نعم إذا لم يدل على ذلك كما هو الغالب في التصرف حال الجهل بالغبن فلا يسقط الخيار، به ولو كان متلفاً للعين أو مخرجاً لها عن الملك أو مانعاً عن الاسترداد كالاستيلاء.

(مسألة 130): إذا ظهر الغبن للبائع المغبون ففسخ البيع فإن كان المبيع موجوداً عند المشتري استرده منه، وإن كان تالفاً بفعله أو بغير فعله رجع بمثله، إن كان مثلياً، وبقيمته إن كان قيمياً، وإن وجده معيباً بفعله أو بغير فعله، أخذه مع أرش العيب، وإن وجده خارجاً عن ملك المشتري بأن نقله إلى غيره بعقد لازم كالبيع والهبة المعوضة أو لذي الرحم، فالظاهر أنه بحكم التالف فيرجع عليه بالمثل أو القيمة وليس له إلزام المشتري بإرجاع العين بشرائها أو استيهابها، بل لا يبعد

ص: 34

ذلك لو نقلها بعقد جائز كالهبة والبيع بخيار فلا يجب عليه الفسخ وإرجاع العين، بل لو اتفق رجوع العين إليه بإقالة أو شراء أو ميراث أو غير ذلك بعد دفع البدل من المثل أو القيمة،لم يجب عليه دفعها إلى المغبون، نعم لو كان رجوع العين إليه قبل دفع البدل، وجب إرجاعها إليه. وأولى منه في ذلك لو كان رجوعها إليه قبل فسخ المغبون، بلا فرق بين أن يكون الرجوع بفسخ العقد السابق وأن يكون بعقد جديد. فإنه يجب عليه دفع العين نفسها إلى الفاسخ المغبون ولا يجتزي بدفع البدل من المثل أو القيمة،واذا كانت العين باقية عند المشتري حين فسخ البائع المغبون لكنه قد نقل منفعتها إلى غيره بعقد لازم كالإجارة اللازمة، أو جائز كالإجارة المشروط فيها الخيار لم يجب عليه الفسخ أو الاستقالة مع إمكانها، بل يدفع العين وأرش النقصان الحاصل بكون العين مسلوبة المنفعة مدة الإجارة.

(مسألة 131): إذا فسخ البائع المغبون وكان المشتري قد تصرف في المبيع تصرفاً مغيّراً له فإما أن يكون بالنقيصة أو بالزيادة، أو بالامتزاج بغيره فإن كان بالنقيصة أخذ البائع من المشتري المبيع مع أرش النقيصة، وإن كان بالزيادة فإما أن تكونالزيادة صفة محضة كطحن الحنطة وصياغة الفضة وقصارة الثوب، وإما أن تكون صفة مشوبة بالعين كصبغ الثوب، وإما أن تكون عيناً غير قابلة للفصل كسمن الحيوان ونمو الشجرة أو قابلة للفصل كالثمرة والبناء والغرس والزرع. فإن كانت صفة محضة أو صفة مشوبة بالعين فإن لم تكن لها مالية لعدم زيادة قيمة العين بها فالمبيع للبائع ولا شيء للمشتري، وكذا إن كانت لها مالية ولم تكن بفعل المشتري كما إذا اشترى منه عصاً عوجاء فاعتدلت أو خّلاً قليل الحموضة فزادت حموضته، وإن كانت لها مالية وكانت بفعل المشتري، فلكون الصفة للمشتري وشركته مع الفاسخ بالقيمة وجه، لكنه ضعيف والأقوى المصالحة، وإن كانت الزيادة عيناً فإن كانت غير قابلة للانفصال كسمن الحيوان ونمو الشجرة فلا شيء للمشتري أيضاً وإن كانت قابلة للانفصال كالصوف واللبن والشعر والثمر والبناء والزرع كانت الزيادة للمشتري، وحينئذ فإن لم يلزم من فصل الزيادة

ص: 35

ضرر على المشتري حال الفسخ كان للبائع إلزام المشتري بفصلها كاللبن والثمر، بل له ذلك وإن لزم الضرر على المشتري من فصلها، وإذا أراد المشتري فصلها فليس للبائع منعه عنه، وإذا أراد المشتري فصل الزيادة بقلع الشجرة أو الزرع أو هدم البناء فحدث من ذلك نقص على الأرض تداركه، فعليه طمّ الحفر وتسوية الأرض ونحو ذلك، وإن كان بالامتزاج بغير الجنس فحكمه حكم التالف يضمنه المشتري ببدله من المثل أو القيمة سواء عُدَّ المبيع مستهلكاً عرفاً كامتزاج ماء الورد المبيع بالماء، أم لم يعد مستهلكاً بل عد موجوداً على نحو المزج مثل خلط الخل بالعسل أو السكر فإن الفاسخ بفسخه يملك الخل مثلاً. والمفروض أنه لا وجود له وإنما الموجود طبيعة ثالثة حصلت من المزج فلا مناص من الضمان بالمثل أو القيمة بل الحال كذلك في الخلط بجنسه كخلط السمن بالسمن سواء كان الخلط بمثله أو كان بالأجود والأردأ فإن اللازم بعد الفسخ رد شخص المبيع، فإن لم يمكن من جهة المزج وجب رد بدله من المثل أو القيمة.

(مسألة 132): إذا فسخ المشتري المغبون وكان قد تصرف في المبيع تصرفاً غير مسقط لخياره لجهله بالغبن، فتصرفه أيضاً تارة لا يكون مغيراً للعين وأخرى يكون مغيراً لها بالنقيصة أو الزيادة أو بالمزج. وتأتي فيه الصور المتقدمة وتجري عليه أحكامها، وهكذا لو فسخ المشتري المغبون وكان البائع قد تصرف في الثمن أو فسخ البائع المغبون وكان هو قد تصرف في الثمن تصرفاً غير مسقط لخياره فإن حكم تلف العين ونقل المنفعة ونقص العين وزيادتها ومزجها بغيرها وحكم سائر الصور التي ذكرناها هناك جار ٍ هنا على نهج واحد.

(مسألة 133): الظاهر أن الخيار في الغبن ليس على الفور فلو أخر إنشاء الفسخ عالماً عامداً لانتظار حضور الغابن أو حضور من يستشيره في الفسخ وعدمه ونحو ذلك من الأغراض الصحيحة لم يسقط خياره فضلاً عما لو أخره

ص: 36

جاهلاً بالغبن أو بثبوت الخيار للمغبون أو غافلاً عنه أو ناسياً له فيجوز له الفسخ إذا علم أو التفت.

(مسألة 134): الظاهر ثبوت خيار الغبن في كل معاملة مبنية على المماكسة صلحاً كانت أو إجارة أو غيرهما.

(مسألة 135): إذا اشترى شيئين صفقة بثمنين كعبد بعشرة وفرس بعشرة وكان مغبوناً في شراء الفرس جاز له الفسخ ويكون للبائع الخيار في بيع العبد.

(مسألة 136): إذا تلف ما في يد الغابن بفعله أو بأمر سماوي وكان قيمياً ففسخ المغبون رجع عليه بقيمة التالف. وفي كونها قيمة زمان التلف أو زمان الفسخ أو زمان الأداء وجوه أقواها الثاني، ولو كان التلف بإتلاف المغبون لم يرجع عليه بشيء، ولو كان بإتلاف أجنبي ففي رجوع المغبون بعد الفسخ على الغابن أو على الأجنبي، أو يتخير في الرجوع على أحدهما وجوه أقواها الأول، ويرجع الغابن على الأجنبي، وكذا الحكم لو تلف ما في يد المغبون ففسخ بعد التلف فإنه إن كان التلف بفعل الغابن لم يرجع على المغبون بشيء، وإن كان بآفة سماوية أو بفعل المغبون أو بفعل أجنبي رجع على المغبون بقيمة يوم الفسخ، ورجع المغبون على الأجنبي إن كان هو المتلف وحكم تلف الوصف الموجب للأرش حكم تلف العين.

(الخامس) : خيار التأخير :

إطلاق العقد يقتضي أن يكون تسليم كل من العوضين فعلياً فلو امتنع أحد الطرفين عنه أجبر عليه فإن لم يسلم كان للطرف الآخر فسخ العقد بل لا يبعد جواز الفسخ عند الامتناع قبل الإجبار أيضاً، ولا يختص هذا الخيار بالبيع بل يجري في كل معاوضة ويختص البيع بخيار وهو المسمى بخيار التأخير، ويتحقق فيما إذا باع سلعة ولم يقبض الثمن ،ولم يسلم حتى يجيء المشتري بالثمن فإنه يلزم البيع ثلاثة أيام، فإن جاء المشتري بالثمن فهو أحق بالسلعة وإلا فللبائع فسخ

ص: 37

البيع. ولو تلفت السلعة كانت من مال البائع سواء أكان التلف في الثلاثة أم بعدها، حال ثبوت الخيار وبعد سقوطه.

(مسألة 137): الظاهر أن قبض بعض الثمن كلا قبض، وكذا بعض المبيع.

(مسألة 138): المراد بالثلاثة أيام : أيام البيع ويدخل فيها الليلتان المتوسطتان دون غيرهما ويجزي في اليوم الملفق كما تقدم في مدة خيار الحيوان.

(مسألة 139): يشترط في ثبوت الخيار المذكور عدم اشتراط تأخير تسليم أحد العوضين وإلا فلا خيار.

(مسألة 140): لا إشكال في ثبوت الحكم المذكور فيما لو كان المبيع شخصياً، وفي ثبوته إذا كان كلياً في الذمة قولان، فالأحوط وجوباً عدم الفسخ بعد الثلاثة إلا برضى الطرفين.

(مسألة 141): ما يفسده المبيت مثل بعض الخضر والبقول واللحم في بعض الأوقات يثبت الخيار.ولو بقي أقل من اليوم إذا علم بفساده لو أبقاه إلى الليل، فإذا فسخ جاز له أن يتصرف في المبيع كيف يشاء، ويختص هذا الحكم بالمبيع الشخصي.

(مسألة 142): يسقط هذا الخيار بعد الثلاثة وفي سقوطه بإسقاطه قبلها وباشتراط سقوطه في ضمن نفس العقد إشكال، أما إذا كان في ضمن عقد آخر فلا،والأظهر السقوط. والظاهر عدم سقوطه ببذل المشتري الثمن بعد الثلاثة قبل فسخ البائع ولا بمطالبة البائع للمشتري بالثمن، نعم الظاهر سقوطه بأخذه الثمن منه بعنوان الجري على المعاملة لا بعنوان العارية أو الوديعة. ويكفي ظهور الفعل في ذلك ولو بواسطة بعض القرائن.

ص: 38

(مسألة 143): في كون هذا الخيار على الفور أو التراخي قولان: أقواهما الثاني.

(السادس) : خيار الرؤية :

ويتحقق فيما لو رأى شيئاً ثم اشتراه فوجده على خلاف ما رآه أو اشترى موصوفاً غير مشاهد فوجده على خلاف الوصف فإن للمشتري الخيار بين الفسخ والإمضاء.

(مسألة 144): لا فرق في الوصف الذي يكون تخلفه موجباً للخيار بين وصف الكمال الذي تزيد به المالية لعموم الرغبة فيه وغيره إذا اتفق تعلق غرض للمشتري به، سواء أكان على خلاف الرغبة العامة مثل كون العبد أمياً لا كاتباً ولا قارئاً أم كان مرغوباً فيه عند قوم ومرغوباً عنه عند آخرين، مثل اشتراط كون القماش أصفر لا أسود.

(مسألة 145): الخيار هنا بين الفسخ والرد وبين ترك الفسخ وإمساك العين مجاناً وليس لذي الخيار المطالبة بالأرش لو ترك الفسخ، كما أنه لا يسقط الخيار ببذل البائع الأرش، ولا بإبدال العين بعين أخرى واجدة للوصف.

(مسألة 146): كما يثبت الخيار للمشتري عند تخلف الوصف يثبت للبائع عند تخلف الوصف ايضاً إذا كان قد رأى المبيع سابقاًَ فباعه بتخيل أنه على ما رآه فتبين خلافه، أو باعه بوصف غيره فانكشف خلافه.

(مسألة 147): المشهور أن هذا الخيار على الفور ولكن الأقرب عدمه.

(مسألة 148): يسقط هذا الخيار بإسقاطه بعد الرؤية بل قبلها

وبالتصرف بعد الرؤية إذا كان دالاً على الالتزام بالعقد وكذا قبل الرؤية إذا كان كذلك، وفي جواز اشتراط سقوطه في ضمن العقد إشكال.

ص: 39

(مسألة 149): مورد هذا الخيار بيع العين الشخصية ولا يجري في بيع الكلي. فلو باع كلياً موصوفاً ودفع إلى المشتري فرداً فاقداً للوصف لم يكن للمشتري الخيار وإنما له المطالبة بالفرد الواجد للوصف. نعم لو كان المبيع كلياً في المعين كما لو باعه صاعاً من هذه الصبرة الجيدة فتبين الخلاف كان له الخيار.

(السابع) : خيار العيب :وهو فيما لو اشترى شيئاً فوجد فيه عيباً فإن له الخيار بين الفسخ برد المعيب وإمضاء البيع فإن لم يمكن الرد جاز له الإمساك والمطالبة بالأرش ولا فرق في ذلك بين المشتري والبائع. فلو وجد البائع عيباً في الثمن كان له الخيار المذكور.

(مسألة 150): يسقط هذا الخيار بالالتزام بالعقد، بمعنى اختيار عدم الفسخ ومنه التصرف في المعيب تصرفاً يدل على اختيار عدم الفسخ

موارد جواز طلب الأرش :

لا يجوز فسخ العقد بالعيب في موارد وإنما يتعين جواز المطالبة بالأرش فيها :

الأول : تلف العين.

الثاني : خروجها عن الملك ببيع أو عتق أو هبة أو نحو ذلك.

الثالث : التصرف الخارجي في العين الموجب لتغيير العين مثل تفصيل الثوب وصبغه وخياطته ونحوها.

الرابع : التصرف الإعتباري إذا كان كذلك مثل إجارة العين ورهنها.

الخامس : حدوث عيب فيه بعد قبضه من البائع ففي جميع هذه الموارد ليس له فسخ العقد برده نعم يثبت له الأرش إن طالبه.

ص: 40

(مسألة 151): يسقط الأرش دون الرد فيما لو كان العيب لا يوجب نقصاً في المالية كالخصاء في العبيد إذا اتفق تعلق غرض نوعي به بحيث صارت قيمة الخصي تساوي قيمة الفحل، وإذا اشترى ربوياً بجنسه فظهر عيب في أحدهما قيل : لا أرش حذراً من الربا، لكن الأقوى جواز أخذ الأرش.

يسقط الرد والأرش بأمرين :

الأول : العلم بالعيب قبل العقد.

الثاني : تبرؤ البائع من العيوب بمعنى اشتراط عدم رجوع المشتري عليه بالثمن أو الأرش.

(مسألة 152): الأقوى أن هذا الخيار أيضاً ليس على الفور.

(مسألة 153): المراد من العيب ما كان على خلاف مقتضى الخلقة الأصلية سواء أكان نقصاً مثل العور والعمى والصمم والخرس والعرج ونحوها أم زيادة مثل الإصبع الزائد واليد الزائدة، أما ما لم يكن على خلاف مقتضى الخلقة الأصلية لكنه كان عيباً عرفاً مثل كون الأرض مورداً لنزول العساكر ففي كونه عيباً بحيث يثبت الأرش إشكال وإن كان الأظهر الثبوت.

(مسألة 154): إذا كان العيب موجوداً في أغلب أفراد ذلك الصنف مثل الثيبوبة في الإماء، فالظاهر عدم جريان حكم العيب عليه.

(مسألة 155): لا يشترط في العيب أن يكون موجباً لنقص المالية. نعم لا يثبت الأرش إذا لم يكن كذلك كما تقدم.

(مسألة 156): كما يثبت الخيار بالعيب الموجود حال العقد كذلك يثبت بالعيب الحادث بعده قبل القبض فيجوز رد العين به. وفي جواز أخذ الأرش به قولان أظهرهما عدم الجواز إذا لم يكن العيب بفعل المشتري وإلا فلا أثر له.

ص: 41

(مسألة 157): يثبت خيار العيب في الجنون والجذام والبرص والقرن إذا حدث بعد العقد إلى انتهاء السنة من تاريخ الشراء.

(مسألة 158): كيفية أخذ الأرش أن يقوّم المبيع صحيحاً، ثم يقوَّم معيباً و تلاحظ النسبة بينهما، ثم ينقص من الثمن المسمى بتلك النسبة. فإذا قوّم صحيحاً بثمانية ومعيباً بأربعة وكان الثمن أربعة ينقص من الثمن النصف وهو اثنان وهكذا، ويرجع في معرفة قيمة الصحيح والمعيب إلى أهل الخبرة وتعتبر فيهم الأمانة والوثاقة.

(مسألة 159): إذا اختلف أهل الخبرة في قيمة الصحيح والمعيب فإن اتفقت النسبة بين قيمتي الصحيح والمعيب على تقويم بعضهم مع قيمتها على تقويم البعض الآخر فلا إشكال، كما إذا قوّم بعضهم الصحيح بثمانية والمعيب بأربعة، و بعضهم الصحيح بستة والمعيب بثلاثة فإن التفاوت على كل من التقويمين يكون بالنصف فيكون الأرش نصف الثمن، وإذا اختلفت النسبة كما إذا قوّم بعضهم الصحيح بثمانية والمعيب بأربعة وبعضهم الصحيح بثمانية والمعيب بستة ففيه وجوه وأقوال، والذي تقتضيه القواعد لزوم الأخذ بقول أقواهم خبرة والأحوط التصالح.

(مسألة 160): إذا اشترى شيئين بثمنين صفقة، فظهر عيب في أحدهما كان له الخيار في رد المعيب وحده، فإن اختار الرد كان للبائع الفسخ في الصحيح، وكذا إذا اشترى شيئين بثمن واحد لكن ليس له رد المعيب وحده بل يردهما معاً على تقدير الفسخ.

(مسألة 161): إذا اشترك شخصان في شراء شيء فوجداه معيباً جاز لأحدهما الفسخ في حصته ويثبت الخيار للبائع حينئذ على تقدير فسخه.

(مسألة 162): لو زال العيب قبل ظهوره للمشتري فالأظهر عدم سقوط الخيار، فيجوز له الرد مع إمكانه، وإلا طالب بالأرش.

ص: 42

أحكام الشرط

كما يجب الوفاء بالعقد اللازم يجب الوفاء بالشرط المجعول فيه، كما إذا باعه فرساً بثمن معين واشترط عليه أن يخيط له ثوبه. فإن البائع يستحق على المشتري الخياطة بالشرط، فتجب عليه خياطة ثوب البائع.ويشترط في وجوب الوفاء بالشرط أمور :

منها : أن لا يكون مخالفاً للكتاب والسنة ويتحقق هذا في موردين:

الأول : أن يكون العمل بالشرط غير مشروع في نفسه كما إذا استأجره للعمل في نهار شهر رمضان بشرط أن يفطر، أو يبيعه شيئاً بشرط أن يرتكب محرماً من المحرمات الإلهية.

الثاني : أن يكون الشرط بنفسه مخالفاً لحكم شرعي كما إذا زوجه أمته بشرط أن يكون ولدها رقاً،أو باعه أو وهبه مالاً بشرط أن لا يرثه منه ورثته، أو بعضهم. وأمثال ذلك، فإن الشرط في جميع هذه الموارد باطل

ومنها : أن لا يكون منافياً لمقتضى العقد كما إذا باعه بشرط أن لا يكون له ثمن أو أجّره الدار بشرط أن لا تكون لها أجرة.

ومنها : أن يكون مذكوراً في ضمن العقد صريحاً أو ضمناً كما إذا قامت القرينة على كون العقد مبنياً عليه ومقيداً به إما لذكره قبل العقد أو لأجل التفاهم العرفي مثل اشتراط التسليم حال استحقاق التسليم. فلو ذكر قبل العقد ولم يكن العقد مبنياً عليه عمداً أو سهواً لم يجب الوفاء به.

ومنها : أن يكون مقدوراً عليه، بل لو علم عدم القدرة لم يمكن إنشاء الإلتزام به.

(مسألة 163): لا بأس بأن يبيع ماله ويشترط على المشتري بيعه منه ثانياً ولو بعد حين، نعم لا يجوز ذلك فيما إذا اشترط على المشتري أن يبيعه بأقل مما

ص: 43

اشتراه أو يشترط المشتري على البائع بأن يشتريه بأكثر مما باعه والبيع في هذين الفرضين محكوم بالبطلان.

(مسألة 164): لا يعتبر في صحة الشرط أن يكون منجّزاً بل يجوز فيه التعليق كما إذا باع داره وشرط على المشتري أن يكون له السكنى فيها شهراً إذا لم يسافر، بل الظاهر جواز اشتراط أمر مجهول أيضاً إلا إذا كانت الجهالة موجبة لأن يكون البيع غررياً فيفسد البيع حينئذ.

(مسألة 165): الظاهر أن فساد الشرط لا يسري إلى العقد المشروط فيه فيصح العقد ويلغو الشرط.

(مسألة 166): إذا امتنع المشروط عليه من فعل الشرط جاز للمشروط له إجباره عليه، والظاهر أن خياره غير مشروط بتعذر إجباره، بل له الخيار عند مخالفته وعدم إتيانه بما اشترط عليه حتى مع التمكن من الإجبار.

(مسألة 167): إذا لم يتمكن المشروط عليه من فعل الشرط كان للمشروط له الخيار في الفسخ، وليس له المطالبة بقيمة الشرط سواء أكان عدم التمكن لقصور فيه كمالو اشترط عليه صوم يوم فمرض فيه، أو كان لقصور في موضوع الشرط كما لو اشترط عليه خياطة ثوب فتلف الثوب وفي الجميع له الخيار لا غير.

الفصل الخامس: أحكام الخيار

الخيار حق من الحقوق فإذا مات من له الخيار انتقل إلى وارثه ويُحرَم منه من يحرم من إرث المال بالقتل أو الكفر أو الرق، ويحجب عنه ما يحجب عن إرث المال ولو كان العقد الذي فيه الخيار متعلقاً بمال يحرم منه الوارث كالحبوة المختصة

ص: 44

بالذكر الأكبر ،والأرض التي ترث منها الزوجة ففي حرمان ذلك الوارث من إرث الخيار وعدمه أقوال : أقربها عدم حرمانه والخيار لجميع الورثة، فلو باع الميت أرضاً وكان له الخيار أو كان قد اشترى أرضاً وكان له الخيار، ورثت منه الزوجة كغيرها من الورثة.

(مسألة 168): إذا تعدد الوارث للخيار، فالظاهر أنه لا اثر لفسخ بعضهم بدون انضمام الباقين إليه في تمام المبيع، ولا في حصته إلا إذا رضي من عليه الخيار فيصح في حصته.

(مسألة 169): إذا فسخ الورثة بيع مورّثهم بالخيار فإن كان عين الثمن موجوداً دفعوه إلى المشتري وإن كان تالفاً أو بحكمه، أخرج من تركة الميت كسائر ديونه.

(مسألة 170): لو كان الخيار لأجنبي عن العقد فمات فانتقال الخيار إلى وارثه محل تأمل.

(مسألة 171): إذا تلف المبيع في زمان الخيار في بيع الحيوان، فهو من مال البائع وكذا إذا تلف قبل انتهاء مدة الخيار في خيار الشرط إذا كان الخيار للمشتري، أما إذا كان للبائع أو تلف في زمان خيار المجلس بعد القبض فالأظهر أنه من مال المشتري.

الفصل السادس: ما يدخل في المبيع

من باع شيئاً دخل في المبيع ما يقصد المتعاملان دخوله فيه دون غيره ويعرف قصدهما بما يدل عليه لفظ المبيع وضعاً أو بالقرينة العامة أو الخاصة فمن باع بستاناً دخل فيه الأرض والشجر والنخل والطوف والبئر والناعور والحضيرة ونحوها مما هو من أجزائها أو توابعها، أما من باع أرضاً فلا يدخل فيها الشجر

ص: 45

والنخل الموجودان وكذا لا يدخل الحمل في بيع الأم ولا الثمرة في بيع الشجرة، نعم إذا باع نخلاً فإذا كان التمر مؤبراً فالتمر للبائع وإن لم يكن مؤبراً فهو للمشتري ويختص هذا الحكم ببيع النخل، أما في نقل النخل بغير البيع أو بيع غير النخل من سائر الشجر فالثمر فيه للبائع مطلقاً وإن لم يكن مؤبراً، هذا إذا لم تكن قرينة على دخول الثمر في بيع الشجر أو الشجر في بيع الأرض أو الحمل في بيع الدابة، أما إذا قامت القرينة على ذلك وإن كانت هي التعارف الخارجي عمل عليها وكان جميع ذلك للمشتري.

(مسألة 172): إذا باع الشجر وبقي الثمر للبائع مع اشتراط بقائه واحتاج الشجر إلى السقي جاز للبائع سقيه وليس للمشتري منعه وإذا لم يحتج إلى السقي لم يجب علىالبائع سقيه وإن امره المشتري بذلك، ولو تضرّر أحدهما بالسقي والاخر بتركه ففي تقديم حق البائع أو المشتري وجهان، بل قولان : أرجحهما الأول إن اشترط الإبقاء وإلا فالأرجح الثاني.

(مسألة 173): إذا باع بستاناً واستثنى نخلة مثلاً فله الممر إليها والمخرج منها ومد جرائدها وعروقها من الأرض وليس للمشتري منع شيء من ذلك.

(مسألة 174): إذا باع داراً دخل فيها الارض والبناء الأعلى والأسفل، إلا أن يكون الأعلى مستقلاً من حيث المدخل والمخرج فيكون ذلك قرينة على عدم دخوله، وكذا يدخل في بيع الدار السراديب والبئر والأبواب والأخشاب الداخلة في البناء، و كذا السلم المثبت بل لا يبعد دخول ما فيها من نخل وشجر وأسلاك كهربائية وأنابيب الماء ونحو ذلك مما يعد من توابع الدار ،حتى مفتاح الغلق فإن ذلك كله داخل في المبيع إلا مع الشرط

(مسألة 175): الأحجار المخلوقة في الأرض والمعادن المتكونة فيها تدخل في بيعها إذا كانت تابعة للأرض عرفاً، و أما إذا لم تكن تابعة لها كالمعادن المكنونة في جوف الأرض فالظاهر أنها غير مملوكة لأحد ويملكها مَن يخرجها

ص: 46

وكذلك لا تدخل في بيع الأرض الأحجار المدفونة فيها والكنوز المودعة فيها ونحوها.

الفصل السابع: التسليم والقبض

يجب على المتبايعين تسليم العوضين عند انتهاء العقد إذا لم يشترطا التأخير ،ولا يجوز لواحد منهما التأخير مع الإمكان إلا برضى الآخر. فإن امتنعا أُجبرا، ولو امتنع أحدهما مع تسليم صاحبه أُجبر الممتنع ولو اشترط أحدهما تأخير التسليم إلى مدة معينة جاز، وليس لصاحبه الامتناع عن تسليم ما عنده حينئذٍ.

(مسألة 176): يجوز أن يشترط البائع لنفسه سكنى الدار أو ركوب الدابة أو زرع الأرض، أو نحو ذلك من الانتفاع بالمبيع مدة معينة.

(مسألة 177): التسليم الواجب على المتبايعين في غير المنقول هو التخلية برفع المانع عنه والإذن لصاحبه بالتصرف.

(مسألة 178): إذا تلف المبيع بآفة سماوية أو أرضية قبل قبض المشتري، انفسخ البيع وكان تلفه من مال البائع ورجع الثمن إلى المشتري وكذا إذا تلف الثمن قبل قبض البائع.

(مسألة 179): يكفي في القبض الموجب للخروج عن الضمان التخلية بالمعنى المتقدم في غير المنقولات كالأراضي، واما في المنقولات فلا بدّ فيها من الاستيلاء عليها خارجاً مثل أخذ الدرهم والدينار واللباس وأخذ لجام الفرس أو ركوبه.

ص: 47

(مسألة 180): في حكم التلف تعذّر الوصول إليه كما لو سرق أو غرق أو نهب أو أبق العبد أو أفلت الطائر، أو نحو ذلك، لأن هذه الأمور كلها بحكم العدم.

(مسألة 181): لو أمر المشتري البائع بتسليم المبيع إلى شخص معين فقبضه كان بمنزلة قبض المشتري، وكذا لو أمره بإرساله إلى بلده أو غيره فأرسله كان بمنزلة قبضه، ولا فرق بين تعيين المرسل معه وعدمه

(مسألة 182): إذا أَتلف المبيع البائع أو الأجنبي الذي يمكن الرجوع إليه في تدارك خسارته فالأقوى صحة العقد وللمشتري الرجوع على المتلف بالبدل من المثل إذا كان مثلياً أو القيمة إذا كان قيمياً. وهل له الخيار في فسخ العقد لتعذّر التسليم؟ إشكال والأظهر ذلك.

(مسألة 183): إذا حصل للمبيع نماء فتلف الأصل قبل قبض المشتري كان النماء للمشتري.

(مسألة 184): لو حدث في المبيع عيب قبل القبض كان للمشتري الرد كما تقدّم.

(مسألة 185): لو باع جملة فتلف بعضها قبل القبض انفسخ البيع بالنسبة إلى التالف، ورجع إليه ما يخصّه من الثمن وكان له الخيار في الباقي.

(مسألة 186): يجب على البائع تفريغ المبيع عمّا فيه من متاع أو غيره حتى أنه لو كان مشغولاً بزرع لم يأتِ وقت حصاده وجبت إزالته منه. نعم إذا اشترط بقاؤه جاز لمالكه إبقاؤه إلى وقت الحصاد، لكن عليه الأجرة إن لم يشترط الإبقاء مجاناً ولو أزال المالك الزرع وبقيت له عروق تضرّ بالانتفاع بالأرض أو كانت في الأرض حجارة مدفونة وجبت إزالتها وتسوية الأرض، ولو كان شيء لا يمكن فراغ المبيع منه إلاّ بتخريب شيء من الأبنية وجب إصلاحه وتعمير البناء.

ص: 48

(مسألة 187): مَن اشترى شيئاً ولم يقبضه فإن كان مما لا يُكال ولا يوزن جاز له بيعه قبل قبضه، وكذا إذا كان ممّا يُكال أو يوزن وكان البيع برأس المال، أمّا لو كان بربح ففيه قولان : أظهرهما المنع.

الفصل الثامن: النقد والنسيئة

اشارة

مَن باع ولم يشترط تأجيل الثمن كان الثمن حالاً، فللبائع المطالبة به بعد انتهاء العقد، كما يجب عليه أخذه إذا دفعه إليه المشتري وليس له الإمتناع من أخذه.

(مسألة 188): إذا اشترط تأجيل الثمن يكون نسيئة لا يجب على المشتري دفعه قبل الأجل، وإن طالبه به البائع، ولكن يجب على البائع أخذه إذا دفعه إليه المشتري قبله إلا أن تكون قرينة على كون التأجيل حقاً للبائع أيضاً فلا يجب عليه أخذه.

(مسألة 189): يجب أن يكون الأجل معيناً لا يتردّد فيه بين الزيادة والنقصان فلو جعل الأجل قدوم زيد أو الدياس أو الحصاد أو جذاذ الثمر أو نحو ذلك بطل العقد.

(مسألة 190): لو كانت معرفة الأجل محتاجة إلى الحساب مثل أول الحمل أو الميزان فالظاهر البطلان، نعم لو كان الأجل أول الشهر القابل مع التردّد في الشهر الحالي بين الكمال والنقصان فالظاهر الصحة.

(مسألة 191): لو باع شيئاً بثمن نقداً وبأكثر منه مؤجلاً بأن قال : بعتك الفرس بعشرة نقداً وبعشرين إلى سنة فقبل المشتري فالمشهور البطلان وهو الأظهر.

ص: 49

(مسألة 192): لا يجوز تأجيل الثمن الحال، بل مطلق الدين بأزيد منه بأن يزيد فيه مقداراً ليؤخره إلى أجل، وكذا لا يجوز أن يزيد في الثمن المؤجل ليزيد في الأجل ويجوز عكس ذلك بأن يعجّل المؤجل بنقصان منه على وجه الإبراء لا على وجه المعاوضة وأيضاً في غير المكيل والموزون.

(مسألة 193): يجوز بيع الأكثر المؤجل بالأقل الحال في غير ما يُكال ويوزن. وأمّا فيهما فلا يجوز لأنه ربا، ولا يجوز للدائن في الدين المؤجل أن يزيد في الأجل على أن ينقد المدين بعضه قبل حلول الأجل.

(مسألة 194): إذا اشترى شيئاً نسيئة جاز شراؤه منه قبل حلول الأجل أو بعده بجنس الثمن أو بغيره مساوياً له أو زائداً عليه أو ناقصاً عنه، حالاً كان البيع الثاني أو مؤجلاً. نعم إذا اشترط البائع على المشتري في البيع الأول أن يبيعه عليه بعد شرائه بأقل ممّا اشتراه به، أو شرط المشتري على البائع في البيع الأول أن يشتريه منه بأكثر ممّا اشتراه منه فإن المشهور فيه البطلان وهو الأظهر.

إلحاق في المساومة والمرابحة والمواضعة والتولية

التعامل بين البائع والمشتري تارة يكون بملاحظة رأس المال الذي اشترى به البائع السلعة، وأخرى لا يكون كذلك. والثاني يسمّى مساومة وهذا هو الغالب المتعارف، والأول تارة يكون بزيادة على رأس المال والأخرى بنقيصة عنه. وثالث بلا زيادة ولا نقيصة، والأول يسمى مرابحة والثاني مواضعة، والثالث يسمى تولية.

(مسألة 195): لا بدّ في جميع الأقسام الثلاثة _ غير المساومة _ من ذكر الثمن تفصيلاً فلو قال : بعتك هذه السلعة برأس مالها وزيادة درهم أو بنقيصة درهم أو بلا زيادة ولا نقيصة لم يصح حتى يقول : بعتك هذه السلعة بالثمن الذي اشتريتها به وهو مائة درهم بزيادة مثلاً أو نقيصته أو بلا زيادة ولا نقيصة.

ص: 50

(مسألة 196): إذا قال البائع : بعتك هذه السلعة بمائة درهم وربح درهم في كل عشرة فإن عرف المشتري أن الثمن مائة وعشرة دراهم صح البيع، بل الظاهر الصحة إذا لم يعرف المشتري ذلك حال البيع وعرفه بعد الحساب، وكذلك الحكم في المواضعة كما إذا قال : بعتك بمائة درهم مع خسران درهم في كل عشرة.

(مسألة 197): إذا كان الشراء بالثمن المؤجل وجب على البائع مرابحة أن يخبر بالأجل، فإن أخفى تخيّر المشتري بين الرد والإمساك بالثمن.

(مسألة 198): إذا اشترى جملة صفقة بثمن لم يجز له بيع أفرادها مرابحة بالتقويم إلاّ بعد الإعلام.

(مسألة 199): إذا تبين كذب البائع في إخباره برأس المال كما إذا أخبر أن رأس ماله مائة وباع بربح عشرة وكان في الواقع رأس المال تسعين صح البيع وتخيّر المشتري بين فسخ البيع وإمضائه بتمام الثمن المذكور في العقد وهو مائة وعشرة.

(مسألة 200): إذا اشترى سلعة بثمن معيّن مثل مائة درهم ولم يعمل فيها شيئاً كان ذلك رأس مالها وجاز له الإخبار بذلك، أمّا إذا عمل في السلعة عملاً فإن كانت بأجرة جاز ضم الأجرة إلى رأس المال فإذا كانت الأجرة عشرة جاز له أن يقول بعتك السلعة برأس مالها مائة وعشرة وربح كذا.

(مسألة 201): إن باشر العمل بنفسه وكانت له أجرة لم يجز له أن يضم الأجرة إلى رأس المال، بل يقول رأس المال مائة وعملي يساوي كذا وبعتكها بما ذكر وربح كذا.

ص: 51

(مسألة 202): إذا اشترى معيباً فرجع إلى البائع بالأرش كان الثمن ما بقي بعد الأرش ولو أسقط البائع بعض الثمن تفضلاً منه أو مجازاةً على الإحسان لم يسقط ذلك من الثمن، بل رأس المال هو الثمن في العقد.

الفصل التاسع: الربا

وهو قسمان :

الأول : ما يكون في المعاملة.

الثاني : ما يكون في القرض ويأتي حكمه في كتاب القرض إن شاء الله تعالى.

أمّا الأوّل : فهو بيع أحد المثلين بالآخر مع زيادة عينية في أحدهما كبيع مائة كيلو من الحنطة بمائة وعشرين منها، أو خمسين كيلو من الحنطة بخمسين كيلو حنطة ودينار، أو زيادة حكمية كبيع عشرين كيلو من الحنطة نقداً بعشرين كيلو من الحنطة نسيئة. وهل يختص تحريمه بالبيع أو يجري في غيره من المعاوضات ؟ قولان، والأظهر اختصاصه بما كانت المعاوضة فيه بين العينين، سواء أكانت بعنوان البيع أو الصلح مثل أن يقول : صالحتك على أن تكون هذه العشرة التي لك بهذه الخمسة التي لي، أمّا إذا لم تكن المعاوضة بين العينين كأن يقول : صالحتك على أن تهب لي تلك العشرة وأهب لك هذه الخمسة أو يقول: أبرأتك عن الخمسة التي لي عليك بشرط أن تبرئني عن العشرة التي لك عليّ ونحوهما فالظاهر الصحة.

يُشترط في تحقّق الربا في المعاملة أمران :

الأول : إتحاد الجنس والذات عرفاً وإن اختلفت الصفات، فلا يجوز بيع مائة كيلو من الحنطة الجيدة بمائة وخمسين كيلو من الرديئة لان جيد كل جنس مع

ص: 52

رديئه واحد، ولا بيع عشرين كيلو من الأرز الجيد كالعنبر بأربعين كيلو منه أو من الرديء كالحويزاوي، أما إذا اختلفت الذات فلا بأس كبيع مائة وخمسين كيلو من الحنطة بمائة كيلو من الأرز، ولا يجوز بيع مائة كيلو من الحنطة بمائة وخمسين من الشعير.

الثاني : لو تغير الشيء بأمر عارض ولكن العرف يرى بينه وبين غير المتغير المماثلة كما لو أصبحت الحنطة مقلية فلا يجوز بيعها بأكثر من الحنطة غير المقلية.

الثالث : أن يكون كل من العوضين من المكيل أو الموزون، بان كانا ممّا يباع بالعدّ كالبيض والجوز فلا بأس، فيجوز بيع بيضة ببيضتين وجوزة بجوزتين.

(مسألة 203): المعاملة الربوية باطلة مطلقاً من دون فرق بين العالم والجاهل سواء أكان الجهل جهلاً بالحكم أم كان جهلاً بالموضوع. وعليه فيجب على كل من المتعاملين ردّ ما أخذه إلى مالكه.

(مسألة 204): الحنطة والشعير في الربا جنس واحد فلا يُباع مائة كيلو من الحنطة بمائتي كيلو من الشعير وإن كانا في باب الزكاة جنسين، فلا يضم أحدهما إلى الآخر في تكميل النصاب، فلو كان عنده نصف نصاب حنطة ونصف نصاب شعير لم تجب فيهما الزكاة.

(مسألة 205): الظاهر أن العلس ليس من جنس الحنطة، والسلت ليس من جنس الشعير.

(مسألة 206): اللحوم والألبان والأدهان تختلف باختلاف الحيوان فيجوز بيع كيلو من لحم الغنم بكيلوين من لحم البقر ،وكذا الحكم في لبن الغنم ولبن البقر فإنه يجوز بيعهما مع التفاضل، أما إذا لم يكونا مختلفين فهو ربا كما لو باع كيلو من لحم الغنم بكيلو ونصف بلحم الغنم.

ص: 53

(مسألة 207): التمر بأنواعه جنس واحد، والحبوب كل واحد منها جنس فالحنطة والأرز والماش والذرة والعدس وغيرها كل واحد جنس. والفلزات من الذهب والفضة والصفر والحديد والرصاص وغيرها كل واحد منها جنس برأسه

(مسألة 208): التمر المنزوع منه النوى يجوز أن يباع بالتمر الذي فيه النوى.ولو حصل التفاضل إذا كانت للنواة قيمة كما إذا نفعت لعلف الدواب وإن الزيادة في التمر يصبح مقابل النواة.

(مسألة 209): الضأن والمعز جنس واحد، والبقر والجاموس جنس واحد، والإبل العراب والبخاتي جنس واحد، والطيور كل صنف يختص باسم فهو جنس واحد في مقابل غيره، فالعصفور غير الحمام وكل ما يختص باسم من الحمام جنس في مقابلغيره فالفاختة والحمام المتعارف جنسان والسمك جنس واحد على قول وأجناس على قول آخر وهو الأقوى

(مسألة 210): الوحشي من كل حيوان مخالف للأهلي. فالبقر الأهلي يخالف الوحشي فيجوز التفاضل بين لحميهما، وكذا الحمار الأهلي والوحشي والغنم الأهلي والوحشي.

(مسألة 211): كل أصل مع ما يتفرّع عنه جنس واحد، وكذا الفروع بعضها مع بعض كالحنطة والدقيق والخبز، وكالحليب واللبن والجبن والزبد والسمن، وكالبسر والرطب والتمر والدبس.

(مسألة 212): إذا كان الشيء ممّا يُكال أو يوزن وكان فرعه لا يُكال ولا يوزن جاز بيعه مع أصله بالتفاضل كالصوف الذي هو من الموزون والثياب المنسوجة منه التي ليست منه.فإنه يجوز بيعها به مع التفاضل ،وكذلك القطن والكتان والثياب المنسوجة منهما.

ص: 54

(مسألة 213): إذا كان الشيء في حال موزوناً أو مكيلاً وفي حال أخرى ليس كذلك لم يجز بيعه بمثله متفاضلاً في الحال الأولى وجاز في الحال الثانية.

(مسألة 214): لا بأس ببيع لحم حيوان بحيوان حيّ من غير جنسه كبيع لحم الغنم ببقر. والأحوط عدم جواز بيع لحم حيوان بحيوان حي من جنسه كبيع لحم الغنم بغنم خصوصاً في عصرنا الحاضر حيث يكون الحيوان مكيلاً.

(مسألة 215): إذا كان للشيء حالتان حالة رطوبة وحالة جفاف كالرطب يصير تمراً والعنب يصير زبيباً والخبز اللين يكون يابساً يجوز بيعه جافاً بجاف منه ،ورطباً برطب منه متماثلاً ولا يجوز متفاضلاً، وأمّا بيع الرطب منه بالجاف متماثلاً ففيه إشكال. ولا يجوز بيعه متفاضلاً حتى بمقدار الزيادة بحيث إذا جفّ يساوي الحد.

(مسألة 216): إذا كان الشيء يباع جزافاً في بلد ومكيلاً أو موزوناً في آخر فلكل بلد حكمه، وجاز بيعه متفاضلاً في الأول ولا يجوز في الثاني وأما إذا كان مكيلاً أو موزوناً في غالب البلاد فالأحوط لزوماً أن لا يباع متفاضلاً مطلقاً.

(مسألة 217): يتخلّص من الربا بضم غير الجنس إلى الطرف الناقص بأن يبيع مائة كيلو من الحنطة ودرهماً بمائتي كيلو من الحنطة، وبضم غير الجنس إلى كل من الطرفين ولو مع التفاضل فيهما كما لو باع درهمين ومائتي كيلو من الحنطة بدرهم ومائة كيلو منها.

(مسألة 218): لا ربا بين الوالد وولده فيجوز لكل منهما البيع للآخر مع التفاضل، وكذا بين الرجل وزوجته، وبين المسلم والحربي إذا أخذ المسلم الزيادة، ويجوز أيضاً أخذ الربا من الحربي بعد وقوع المعاملة من باب الاستنقاذ

(مسألة 219): الأظهر عدم جواز الربا بين المسلم والذمي، ولكنه بعد وقوع المعاملة يجوز أخذ الربا منه من جهة قاعدة الإلزام.

ص: 55

(مسألة 220): الأوراق النقدية لما لم تكن من المكيل أو الموزون لا يجري فيها الربا فيجوز التفاضل في البيع بها، لكن إذا لم تكن المعاملة شخصية لا بدّ في صحة المعاملة من امتياز الثمن عن المثمن كبيع الدينار العراقي في الذمة بالدينار الكويتي، أو بالريال الإيراني مثلاً، ولا يجوز بيع الدينار العراقي بمثله في الذمة. نعم إن تنزيل الأوراق لا بأس به مطلقاً.

(مسألة 221): ما يتعارف في زماننا من إعطاء سند بمبلغ من الأوراق النقدية من دون أن يكون في ذمته شيء فيأخذه آخر فينزله عند شخص ثالث بأقل منه فالظاهر عدم جواز ذلك. نعم لا بأس به في المصارف غير الأهلية بجعل ذلك وسيلة إلى أخذ مجهول المالك والتصرّف فيه بعد إصلاحه بمراجعة الحاكم الشرعي.

(مسألة 222): إذا قلد مجتهداً كان يقول بصحة معاملة وآخر يقول ببطلانها يجب عليه إرجاع ما حصل عليه من الزيادة طبق فتوى المجتهد الثاني خصوصاً إذا كانت العين موجودة.

الفصل العاشر: بيع الصرف

وهو بيع الذهب والفضة، بالذهب أو الفضة ولا فرق بين المسكوك منهما وغيره.

(مسألة 223): يُشترط في صحة بيع الصرف التقابض قبل الافتراق فلو لم يتقابضا حتى افترقا بَطل البيع.ولو تقابضا في بعض المبيع صحّ فيه وبَطَل في غيره.

(مسألة 224): لو باع النقد مع غيره بنقد صفقة واحدة ولم يتقابضا حتى افترقا صح في غير النقد وبطل في النقد.

ص: 56

(مسألة 225): لو فارقا المجلس مصطحبين وتقابضا قبل الافتراق صح البيع.

(مسألة 226): لا يشترط التقابض في الصلح الجاري في النقدين بل تختص شرطيته بالبيع.

(مسألة 227): لا يجري حكم الصرف على الأوراق النقدية كالدينار العراقي والنوط الهندي والتومان الإيراني والدولار والباون ونحوها من الأوراق المستعملة في هذه الأزمنة استعمال النقدين فيصح بيع بعضها ببعض وإن لم يتحقق التقابض قبل الافتراق، كما أنه لا زكاة فيها.

(مسألة 228): إذا كان له في ذمة غيره دين من أحد النقدين فباعه عليه بنقد آخر وقبض الثمن قبل التفرّق صح البيع ولا حاجة إلى قبض المشتري ما في ذمته.

(مسألة 229): لو كان له دين على زيد فباعه على عمرو بنقد وقبضه من عمرو ووكل عمرو زيداً على قبض ما في ذمته ففي صحته بمجرد التوكيل إشكال، بل لا يبعد عدم الصحة حتى يقبضه زيد ويعينه في مصداق بعينه.

(مسألة 230): إذا اشترى منه دراهم معينة بنقد ثم باعها عليه أو على غيره قبل قبضها لم يصح البيع الثاني. فإذا قبض الدراهم بعد ذلك قبل التفرق صح البيع الأول. فإن أجاز البيع الثاني وأقبضه صح البيع الثاني أيضاً. وإذا لم يقبضها حتى افترقا بطل البيع الأول والثاني.

(مسألة 231): إذا كان له دراهم في ذمة غيره فقال له حولها دنانير في ذمتك فقبل المديون صح ذلك ،وتحوّل ما في الذمة إلى دنانير وإن لم يتقابضا وكذا لو كان له دنانير في ذمته فقال له حولها دراهم وقبل المديون فإنه يصح

ص: 57

وتتحوّل الدنانير إلى دراهم، وكذلك الحكم في الأوراق النقدية إذا كانت في الذمة فيجوز تحويلها الى جنس آخر.

(مسألة 232): لا يجب على المتعاملين بالصرف إقباض المبيع أو الثمن حتى لو قبض أحدهما لم يجب عليه إقباض صاحبه. ولو كان للمبيع أو الثمن نماء قبل القبض كان لمن انتقل عنه لا لمن انتقل إليه.

(مسألة 233): الدراهم والدنانير المغشوشة إن كانت رائجة في المعاملة بها يجوز صرفها وإنفاقها والمعاملة بها. سواء أكان غشها مجهولاً أم معلوماً وسواء أكان مقدار الغش معلوماً أم مجهولاً وإن لم تكن رائجة فلا يجوز صرفها وإنفاقها والمعاملة بها إلاّ بعد إظهار حالها.

(مسألة 234): يجوز صرف المسكوكات من النحاس وأمثاله إلى أبعاضها ولو مع التفاضل بين الأصل وأبعاضه كما هو الغالب نعم لا يجوز ذلك في المسكوكات الذهبية والفضية فإنها من الموزون فلا يجوز تصريفها إلى أبعاضها، مع التفاضل إلاّ مع الضميمة.

(مسألة 235): يكفي في الضميمة التي يتخلّص بها من الربا بالغش الذي يكون في الذهب والفضة المغشوشين إذا كان الغش غير مستهلك وكانت له قيمة في حال كونه غشاً. ولا يكفي أن تكون له قيمة على تقدير التصفية. فإذا كان الطرفان مغشوشين كذلك صح مع التفاضل وإذا كان أحدهما مغشوشاً دون الآخر جاز التفاضل إذا كانت الزيادة في الخالص، ولا يصح إذا كانت الزيادة في المغشوش.

(مسألة 236): الآلات المحلاة بالذهب يجوز بيعها بالذهب إذا كان أكثر من الذهب المحلاة به ،وإلا لم يجز. نعم لو بيع السيف بالسيف وكان كل منهما محلّى جاز مطلقاً وإن كانت الحلية في أحدهما أكثر من الحلية في الآخر.

ص: 58

(مسألة 237): الكلبتون المصنوع من الفضة يجوز بيعه بالفضة إذا كانت أكثر منه وزناً أو مساوية له. والمصنوع من الذهب يجوز بيعه بالذهب إذا كان أكثر منه وزناً أو مساوياً له.

(مسألة 238): إذا اشترى فضة معينة بفضة أو بذهب وقبضها قبل التفرّق فوجدها جنساً آخر رصاصاً أو نحاساً أو غيرهما بطل البيع، وليس له المطالبة بالإبدال. ولو وجد بعضها كذلك بطل البيع فيه وصحّ في الباقي. ولو حينئذ ردّ الكل لتبعّض الصفقة.وإن وجدها فضة معيبة كان بالخيار فله الرد والمطالبة بالأرش مع عدم التمكن من الرد. ولا فرق بين كون الثمن من جنس المبيع وغيره، وكون أخذ الأرش قبل التفرّق وبعده

(مسألة 239): إذا اشترى فضة في الذمة بفضة أو بذهب وبعد القبض وجدها جنساً آخر رصاصاً أو نحاساً أو غيرهما، فإن كان قبل التفرق جاز للبائع إبدالها. فإذا قبض البدل قبل التفرق صح البيع. وإن وجدها جنساً آخر بعد التفرق بطل البيع ولا يكفي الإبدال في صحته. وإذا وجدها فضة معيبة فالأقوى أن المشتري مخيّر بين رد المقبوض وإبداله، والرضا به من دون أرش، وليس له فسخ العقد من أصله. ولا فرق بين كون الثمن من جنس المبيع وغيره ولا بين كون ظهور العيب قبل التفرق وبعده.

(مسألة 240): لا يجوز أن يشتري من الصائغ أو غيره خاتماً أو غيره من المصوغات من الفضة أو الذهب بجنسه مع زيادة بملاحظة أجرة الصياغة بل إما أن يشتريه بغير جنسه أو بأقل من مقداره من جنسه مع الضميمة لتخلص من الربا.

(مسألة 241): لو كان له على زيد نقود كالليرات الذهبية واخذ منه شيئاً من المسكوكات الفضية كالروبيات فإن كان الأخذ بعنوان الاستيفاء ينقص من الليرات في كل زمان أخذ فيه ما أخذ بسعر ذلك الزمان. فإذا كان الدين خمس

ص: 59

ليرات وأخذ منه في الشهر الأول عشر روبيات وفي الثاني عشراً، وفي الثالث عشراً وكان سعر الليرة في الشهر الأول خمس عشرة روبية، وفي الثاني اثنتي عشرة روبية، وفي الثالث عشر روبيات نقص من الليرات ثلثا ليرة في الشهر الأول وخمسة أسداسها في الثاني وليرة تامة في الثالث.وإن كان الأخذ بعنوان القرض كان ما أخذه ديناً عليه لزيد وبقي دين زيد عليه. وفي جواز احتساب أحدهما دينه وفاءاً عن الآخر إشكال، والأظهر الجواز، وتجوز المصالحة بينهما على إبراء كل منهما صاحبه ممّا له عليه.

(مسألة 242): إذا أقرض زيداً معيّناً من الذهب أو الفضة أو أصدق زوجته مهراً كذلك أو جعله ثمناً في الذمة مؤجلاً أو حالاً فتغيّر السعر لزمه النقد المعين ولا اعتبار بالقيمة وقت اشتغال الذمة.

(مسألة 243): لا يجوز بيع درهم بدرهم بشرط صياغة خاتم مثلاً ويجوز أن يقول له : صغ لي هذا الخاتم وأبيعك درهماً بدرهم على أن يكون البيع جعلاً لصياغة الخاتم، كما يجوز أيضاً أن يشتري منه مثقال فضة مصوغاً خاتماً بمثقال غير مصوغ.

(مسألة 244): لو باع عشر روبيات بليرة ذهبية إلاّ عشرين فلساً صح بشرط أن يعلما مقدار نسبة العشرين فلساً إلى الليرة.

(مسألة 245): المصوغ من الذهب والفضة معاً لا يجوز بيعه بأحدهما بلا زيادة، بل إما أن يباع بأحدهما مع الزيادة أو يباع بهما معاً أو بجنس آخر غيرهما.

(مسألة 246): الظاهر أن ما يقع في التراب عادة من أجزاء الذهب والفضة ويجتمع فيه عند الصائغ _ وقد جرت العادة على عدم مطالبة المالك بها _ ملك للصائغ نفسه والأحوط _ وجوباً _ أن يتصدق به عن مالكه مع الجهل به، والاستيذان منه مع معرفته، ويطرد الحكم المذكور في الخياطين والنجارين

ص: 60

والحدادين ونحوهم فيما يجتمع عندهم من الأجزاء المنفصلة من أجزاء الثياب والخشب والحديد ولا يضمنون شيئاً من ذلك وإن كانت له مالية عند العرف إذا كان المتعارف في عملهم انفصال تلك الأجزاء.

الفصل الحادي عشر: في السلف

ويقال : له السلم أيضاً وهو ابتياع كلّي مؤجّلِ بثمن حال، عكس النسيئة ويقال للمشتري : المسلِّم (بكسر اللام) وللبائع المسلَّم إليه ولثمن المسلَّم وللمبيع المسلَّم فيه (بفتح اللام) في الجميع.

(مسألة 247): يجوز في السلف أن يكون المبيع والثمن من غير النقدين مع اختلاف الجنس أو عدم كونهما أو أحدهما من المكيل والموزون، كما يجوز أن يكون أحدهما من النقدين والآخر من غيرهما ثمناً كان أو مُثْمَناً ولا يجوز أن يكون كل من الثمن والمُثْمَن من النقدين اختلفا في الجنس أو اتّفقا.

يشترط في السلف أمور :

(الأول) : أن يكون مضبوط الأوصاف التي تختلف القيمة باختلافها كالجودة والرداءة والطعم والريح واللون وغيرها كالخضر والفواكه والحبوب والجوز واللوز والبيض والملابس والأشربة والأدوية وآلات السلاح وآلات النجارة والنساجة والخياطة وغيرها من الأعمال والحيوان والإنسان وغير ذلك فلا يصح فيما لا يمكن ضبط أوصافه كالجواهر واللآلي والبساتين وغيرها مما لا ترتفع الجهالة والغرر فيها إلا بالمشاهدة

(الثاني) : ذكر الجنس والوصف الرافع للجهالة.

ص: 61

(الثالث) : قبض الثمن قبل التفرق ولو قبض البعض صح فيه وبطل في الباقي. ولو كان الثمن ديناً في ذمة البائع فالأقوى الصحة إذا كان الدين حالاً، لا مؤجلاً.

(الرابع) : تقدير المبيع ذي الكيل أو الوزن أو العد بمقداره.

(الخامس) : تعيين أجل مضبوط للمسلم فيه بالأيام أو الشهور أو السنين أو نحوها، ولو جعل الأجل زمان الحصاد أو الدياس أو الحضيرة بطل البيع ويجوز فيه أن يكون قليلاً كيوم ونحوه، وأن يكون كثيراً كعشرين سنة.(السادس) : إمكان دفع ما تعهد البائع دفعه وقت الحلول وفي البلد الذي شرط التسليم فيه إذا كان قد شرط ذلك سواء أكان عام الوجود أم نادره، فلو لم يمكن ذلك ولو تسبيباً لعجزه ولو لكونه في سجن أو في بيداء لا يمكنه الوصول إلى البلد الذي اشترط التسليم فيه عند الأجل بطل.

(مسألة 248): إطلاق العقد يقتضي وجوب تسليم المسلَّم فيه في بلد العقد إلا أن تقوم قرينة على الاطلاق أو على تعيين غيره، فيعمل على طبقها والأقوى عدم وجوب تعيينه في العقد إلا إذا اختلفت الأمكنة في صعوبة التسليم فيها، ولزوم الخسارة المالية بحيث يكون الجهل بها غرراً فيجب تعيينه حينئذ.

(مسألة 249): إذا جعل الأجل شهراً قمرياً أو شمسياً أو شهرين فإن كان وقوع المعاملة في أول الشهر فالمراد تمام ذلك الشهر، وإن كان في أثناء الشهر فالمراد من الشهر مجموع ما بقي منه مع إضافة مقدار من الشهر الثاني يساوي الماضي من الشهر الأول وهكذا.

(مسألة 250): إذا جعل الأجل جمادى أو ربيعاً حمل على أولهما من تلك السنة وحل بأول جزء من ليلة الهلال، وإذا جعله الجمعة أو الخميس حمل على الأول من تلك السنة وحل بأول جزء من نهار اليوم المذكور.

ص: 62

(مسألة 251): إذا اشترى شيئاً سلفاً جاز بيعه من بايعه قبل حلول الأجل وبعده بجنس آخر، أو بجنس الثمن بشرط عدم الزيادة ولا يجوز بيعه من غيره قبل حلول الأجل، ويجوز بعده سواء باعه بجنس آخر او بجنس الثمن مع الزيادة أو النقيصة أو التساوي. هذا في غير المكيل والموزون وأما فيهما فلا يجوز بيعهما قبل القبض مرابحة مطلقاً كما تقدم لأنه ربا.

(مسألة 252): إذا دفع البائع المسلّم فيه دون الصفقة لم يجب على المشتري القبول، ولو رضي بذلك صح، وكذلك إذا دفع أقل من المقدار، وتبرأ ذمة البائع إذا أبرأ المشتري الباقي. وإذا دفعه على الصفة والمقدار الواجب وجب عليه القبول.وإذا دفع فوق الصفة، فإن كان شرط الصفة راجعاً إلى استثناء ما دونها فقط وجب القبول أيضاً، وإن كان راجعاً إلى استثناء ما دونها وما فوقها لم يجب القبول، ولو دفع إليه زائداً على المقدار لم يجب القبول.

(مسألة 253): إذا حل الأجل ولم يتمكن البائع من دفع المسلّم فيه تخير المشتري بين الفسخ والرجوع بالثمن بلا زيادة ولا نقيصة وبين أن ينتظر إلى أن يتمكن البائع من دفع المبيع إليه في وقت آخر، ولو تمكن من دفع بعضه وعجز عن الباقي كان له الخيار في الباقي بين الفسخ فيه والانتظار، وفي جواز فسخه في الكل حينئذ إشكال، والأظهر الجواز، نعم لو فسخ في البعض جاز للبائع الفسخ في الكل.

(مسألة 254): لو كان المبيع موجوداً في غير البلد الذي يجب التسليم فيه فإن تراضيا بتسليمه في موضع وجوده جاز ،وإلا فإن أمكن وتعارف نقله إلى بلد التسليم وجب على البائع نقله، وإلا فيجري الحكم المتقدم من الخيار بين الفسخ والانتظار.

ص: 63

الفصل الثاني عشر: بيع الثمار والخضر والزرع

لا يجوز بيع ثمرة النخل والشجر قبل ظهورها عاماً واحداً بلا ضميمة، ويجوز بيعها عامين فما زاد و عاماً واحداً مع الضميمة على الأقوى، وأما بعد ظهورها فإن بدا صلاحها أو كان البيع في عامين أو مع الضميمة جاز بيعها بلا إشكال أما مع انتفاء الثلاثة فالأقوى الجواز والاحتياط لا يترك.

(مسألة 255): بدو الصلاح في الثمر هو كونه قابلاً للأكل في العادة وإن كان أول أوان أكله.

(مسألة 256): يعتبر في الضميمة المجوزة لبيع الثمر قبل بدو صلاحه أن تكون مما يجوز بيعه منفرداً، ويعتبر كونها مملوكة للمالك، وكون الثمن لها وللمنضم إليه على الإشاعة ولا يعتبر فيها أن تكون متبوعة على الأقوى فيجوز كونها تابعة.

(مسألة 257): يكتفى في الضميمة في ثمر النخل مثل السعف والكرب والشجر اليابس الذي في البستان.

(مسألة 258): لو بيعت الثمرة قبل بدو صلاحها مع أصولها جاز بلا إشكال.

(مسألة 259): إذا ظهر بعض ثمر البستان جاز بيع المتجدد في تلك السنة معه وإن لم يظهر، اتحد الجنس أم اختلف، اتحد البستان أم تكثر، على الأقوى.

(مسألة 260): إذا كانت الشجرة تثمر في السنة الواحدة مرتين ففي جريان حكم العامين عليهما إشكال.

ص: 64

(مسألة 261): إذا باع الثمرة سنة أو سنتين أو أكثر، ثم باع أصولها على شخص آخر لم يبطل بيع الثمرة، بل تنتقل الأصول إلى المشتري مسلوبة المنفعة في المدة المعينة وله الخيار في الفسخ مع الجهل.

(مسألة 262): لا يبطل بيع الثمرة بموت بائعها، بل تنتقل الأصول إلى ورثة البائع بموته مسلوبة المنفعة، وكذا لا يبطل بيعها بموت المشتري، بل تنتقل إلى ورثته.

(مسألة 263): إذا اشترى ثمرة فتلفت قبل قبضها انفسخ العقد وكانت الخسارة من مال البائع كما تقدم ذلك في أحكام القبض، وتقدم أيضاً إلحاق السرقة ونحوها بالتلف وحكم ما لو كان التلف من البائع أو المشتري أو الأجنبي

(مسألة 264): يجوز لبائع الثمرة أن يستثني ثمرة شجرات أو نخلات بعينها، وأن يستثني حصة مشاعة كالربع والخمس، وإن يستثني مقداراً معيناً كمائة كيلو لكن في هاتين الصورتين لو خاست الثمرة وزع النقص على المستثنى والمستثنى منه على النسبة. ففي صورة استثناء حصة مشاعة يوزع الباقي بتلك النسبة، وأما إذا كان المستثنى مقداراً معيناً فطريقة معرفة النقص تخمين الفائت بالثلث أو الربع مثلاً فيسقط من المقدار المستثنى بتلك النسبة. فإن كان الفائت الثلث يسقط منه الثلث، وإن كان الربع يسقط الربع وهكذا.

(مسألة 265): يجوز بيع ثمرة النخل وغيره في أصولها بالنقود وبغيرها كالأمتعة والحيوان والطعام وبالمنافع والأعمال وغيرها، كغيره من أفراد البيع.

(مسألة 266): لا تجوز المزابنة وهي بيع ثمرة النخل _ تمراً كانت أو رطباً أو بسراً _ أو غيرها بالتمر من ذلك النخل وأما بيعها بثمرة غيره سواء أكان في الذمة أم كان معيناً في الخارج فالظاهر جوازه وإن كان الترك أحوط.

ص: 65

(مسألة 267): الظاهر أن الحكم المزبور لا يختص بالنخل فلا يجوز بيع ثمر غير النخل بثمره أيضاً، وأما بيعه بغير ثمره فلا إشكال فيه أصلاً.

(مسألة 268): يجوز أن يبيع ما اشتراه من الثمر في أصله بثمن زائد على ثمنه الذي اشتراه به أو ناقص أو مساو، سواء أباعه قبل قبضه أم بعده

(مسألة 269): لا يجوز بيع الزرع قبل ظهوره على الأحوط، ويجوز بيعه تبعاً للأرض لو باعها معه، أما بعد ظهوره فيجوز بيعه مع أصله بمعنى بيع المقدار الظاهر مع أصوله الثابتة. فإن شاء المشتري قصله وإن شاء أبقاه مع اشتراط الإبقاء أو بإذن من صاحب الأرض. فإن أبقاه حتى يسنبل كان له السنبل وعليه أجرة الأرض إذا لم يشترط الإبقاء مجاناً، وإن قصله قبل أن يسنبل فنمت الأصول الثابتة في الأرض حتى سنبلت كان له أيضاً ولا تجب عليه أجرة الأرض وإن كان الوجوب أحوط.

(مسألة 270): يجوز بيع الزرع لا مع أصله بل قصيلاً إذا كان قد بلغ أوان قصله أو قبل ذلك على أن يبقى حتى قصيلاً أو قبل ذلك فإن قطعه ونمت الأصول حتى صارت سنبلاً كان السنبل للبائع وإن لم يقطعه كان لصاحب الأرض إلزامه بقطعه وله إبقاؤه والمطالبة بالأجرة. فلو أبقاه فنما حتى سنبل كان السنبل للمشتري وليس لصاحب الأرض إلا مطالبة الأجرة، وكذا الحال لو اشترى نخلاً

(مسألة 271): لو اشترى الجذع بشرط القلع فلم يقلعه ونما كان النماء للمشتري وعليه أجرة الأرض.

(مسألة 272): يجوز بيع الزرع محصوداً ولا يشترط معرفة مقداره بالكيل أو الوزن، بل تكفي فيه المشاهدة.

ص: 66

(مسألة 273): لا تجوز المحاقلة وهي بيع سنبل الحنطة أو الشعير بالحنطة منه، وكذا بيع سنبل الشعير بالشعير منه، بل وكذا بيع سنبل غير الحنطة والشعير من الحبوب بحب منه على الأحوط.

(مسألة 274): الخضر كالخيار والباذنجان والبطيخ لا يجوز بيعها قبل ظهورها على الأحوط، ويجوز بعد ظهورها مع المشاهدة لقطة واحدة أو لقطات والمرجع في تعيين اللقطة عرف الزراع.

(مسألة 275): لو كانت الخضرة مستورة كالشلغم والجزر ونحوهما فالظاهر جواز بيعها أيضاً.

(مسألة 276): إذا كانت الخضرة مما يجز كالكراث والنعناع واللفت ونحوها يجوز بيعها بعد ظهورها جزة وجزات ولا يجوز بيعها قبل ظهورها على الأحوط. والمرجع في تعيين الجزة عرف الزراع كما سبق، وكذا الحكم فيما يخرط كورق الحناء والتوت فإنه يجوز بيعه بعد ظهوره خرطة وخرطات.

(مسألة 277): إذا كان نخل أو شجر أو زرع مشتركاً بين اثنين جاز أن يتقبل أحدهما حصة صاحبه بعد خرصها بمقدار معين فيتقبلها بذلك المقدار.فإذا خرص حصة صاحبه بوزنة مثلاً جاز أن يتقبلها بتلك الوزنة زادت عليها في الواقع أو نقصت عنها أو ساوتها.

(مسألة 278): الظاهر أنه لا فرق بين أن يكون الشركاء اثنين أو أكثر وكون المقدار المتقبل به منها وفي الذمة. نعم إذا كان منها فتلفت الثمرة فلا ضمان على المتقبل بخلاف ما لو كان في الذمة فإنه باق على ضمانه، والظاهر انه صلح على تعيين المقدار المشترك في كمية خاصة على أن يكون اختيار التعيين بيد المتقبل ويكفي فيها كل لفظ دال على المقصود بل تجري فيها المعاطاة كما في غيرها من العقود.

ص: 67

(مسألة 279): إذا مر الإنسان بشيء من النخل أو الشجر ولم يكن قاصداً لها من الأول بل كان اتفاقياً جاز له أن يأكل _ مع الضرورة العرفية _ من ثمره بلا إفساد للثمر أو الأغصان أو الشجر أو غيرها ولا يحمل معه منه.

(مسألة 280): الظاهر عدم جواز الأكل للمار إن كان قاصداً له من أول الأمر، ولا يجوز له أن يحمل معه شيئاً من الثمر.وإذا حمل معه شيئاً حرم ما حمل وهو ضامن، ويحرم ما أكل. وإذا كان للبستان جدار أو حائط أو علم بكراهة المالك، فالمنع أظهر.

(مسألة 281): لا بأس ببيع العرية وهي النخلة الواحدة لشخص في دار غيره فيبيع ثمرتها قبل أن تكون تمراً منه بخرصها تمراً، بل يجوز له المرور على تلك العرية.

الفصل الثالث عشر: في بيع الحيوان

يجوز استرقاق الكافر الأصلي إذا لم يكن معتصماً بعهد أو ذمام سواء أكان في دار الحرب أم كان في دار الإسلام ،وسواء أكان بالقهر والغلبة أو بالسرقة أو بالغيلة.ويسري الرق في أعقابه وإن كان قد أسلم.

(مسألة 282): المرتد الفطري والملي لا يجوز استرقاقهما على الأقوى.

(مسألة 283): لو قهر حربياً آخر فباعه ملكه المشتري وإن كان أخاه أو زوجته أو ممن ينعتق عليه كأبيه وأمه حيث يملكه آناً ما، ثم ينعتقان. وفي كونه بيعاً حقيقة وتجري عليه أحكامه إشكال وإن كان أقرب.

(مسألة 284): يصح أن يملك الرجل كلَّ أحد غير الأب والأم والجد وإن علا لأب كان أو لأم، والولد _ وإن نزل _ ذكراً كان أم أنثى والمحارم وهي

ص: 68

الأخت والعمة والخالة وإن علون، وبنات الأخ وبنات الأخت وإن نزلن، ولا فرق في المذكورين بين النسبيين والرضاعيين.

(مسألة 285): إذا وجد السبب المملك فيما لا يصح ملكه اختيارياً كان السبب كالشراء أو قهرياً كالإرث انعتق قهراً.

(مسألة 286): لو ملك أحد الزوجين صاحبه ولو بعضاً منه استقر الملك وبطل النكاح ولا يجوز له الإدخال بها لو كان له شريك إلا مع إذن شريكه.

(مسألة 287): يكره أن يملك الرجل غير هؤلاء من ذوي قرابته كالأخ والعم والخال وأولادهم.

(مسألة 288): تملك المرأة كلَّ أحد غير الأب والام والجد والجدة والولد وإن نزل ذكراً كان أو أنثى، نسبيين كانوا أو رضاعيين.

(مسألة 289): الكافر لا يملك المسلم ابتداء ولو أسلم عبد الكافر بيع على مسلم وأعطي ثمنه.

(مسألة 290): كل من أقر على نفسه بالعبودية حكم عليه بها مع الشك إذا كان عاقلاً بالغاً مختاراً.

(مسألة 291): لو اشترى عبداً فادعى الحرية لم يقبل قوله إلا بالبينة.

(مسألة 292): يجب على مالك الأمة إذا أراد بيعها وقد وطأها أن يستبرئها قبل بيعها بحيضة إن كانت تحيض، وبخمسة وأربعين يوماً من حين الوطء إن كانت لا تحيض وهي في سن من تحيض.

(مسألة 293): لو باعها بدون الاستبراء صح البيع ووجب على المشتري استبراؤها فلا يطأها إلا بعد حيضة أو مضي المدة المذكورة.

ص: 69

(مسألة 294): إذا لم يعلم أن البائع استبرأها أو وطأها وجب عليه الاحتياط في استبرائها وإذا علم أن البائع لم يطأها أو أنه استبرأها لم يجب عليه استبراؤها، وكذا إذا أخبره صاحبها بأنه قد استبرأها أو أنه لم يطأها إذا كان أميناً.

(مسألة 295): لا يجب الاستبراء في أمة المرأة إلا أن يعلم أنها موطوءة وطئاً محترماً، ولا في الصغيرة ولا في اليائسة ولا في الحائض حال البيع. نعم لا يجوز وطؤها حال الحيض.

(مسألة 296): لا استبراء في الحامل. نعم لا يجوز وطؤها في القبل إلا بعد مضي أربعة أشهر وعشرة أيام من زمان حملها، فإن وطأها وقد استبان حملها عزل استحباباً، فإن لم يعزل فالأحوط لو لم يكن أقوى عدم جواز بيع الولد بل وجوب عتقه وجعل شيء له من ماله يعيش به.

(مسألة 297): يثبت وجوب استبراء البائع للأمة قبل البيع لكل مالك يريد نقلها إلى غيره ولو بسبب غير البيع، وكذلك وجوب استبراء المشتري قبل الوطء يثبت لكل من تنتقل إليه الأمة بسبب. وإن كان إرثاً أو استرقاقاً أو نحوهما فلا يجوز له وطؤها إلا بعد الاستبراء.

(مسألة 298): يجوز شراء بعض الحيوان مشاعاً كنصفه وربعه ولا يجوز شراء بعض معين منه، كرأسه وجلده إذا لم يكن مما يطلب لحمه، بل كان المقصود منه الإبقاء للركوب أو الحمل أو نحوهما.

(مسألة 299): لو كان الحيوان مما يطلب لحمه جاز شراء بعض معين منه، لكن لو لم يذبح لمانع كما إذا كان في ذبحه ضرر مالي كان المشتري شريكاً بنسبة الجزء، وكذا لو باع الحيوان واستثنى الرأس والجلد، وأما إذا اشترك اثنان أو جماعة وشرط أحدهم لنفسه الرأس والجلد فإنه يكون شريكاً بنسبة المال لا بنسبة الرأس والجلد.

ص: 70

(مسألة 300): لو قال شخص لآخر : اشتر حيواناً بشركتي صح ويثبت البيع لهما على السوية مع الإطلاق، ويكون على كل واحد منهما نصف الثمن ولو قامت القرينة على كون المراد الاشتراك على التفاضل كان العمل عليها.

(مسألة 301): لو دفع المأمور عن الآمر بالشراء شركة ما عليه من جزء الثمن فإن كان الأمر بالشراء على وجه الشركة قرينة على الأمر بالدفع عنه رجع الدافع عليه بما دفعه عنه وإلا كان متبرعاً وليس له الرجوع عليه به.

(مسألة 302): لو اشترى أمة فوطأها فظهر أنها ملك لغير البائع كان للمالك انتزاعها منه وله على المشتري عشر قيمتها إن كانت بكراً ونصف العشر إن كانت ثيباً، ولو حملت منه كان عليه قيمة الولد يوم ولد حياً ويرجع المشتري على البائع بما اغترمه للمالك إن كان جاهلاً.

(مسألة 303): الأقوى أن العبد يملك فلو ملّكه مولاه شيئاً وكذا لو ملّكه غيره أو حاز لنفسه شيئاً إذا كان بإذن المولى، ولا ينفذ تصرفه فيما ملكه بدون إذن مولاه.

(مسألة 304): إذا اشترى كل من العبدين المأذونين من مولاهما بالشراء صاحبه من مولاه فإن اقترن العقدان وكان شراؤهما لأنفسهما بطلا وإن كان شراؤهما للسيدين فالأقوى الصحة، وإن ترتبا صح السابق، وأما اللاحق فهو باطل إن كان الشراء لنفسه، وإن كان الشراء لسيده صح إذا كان إذنه بالشراء مطلقاً، وأما إذا كان مقيداً بعبديته فصحته تتوقف على إجازته.

(مسألة 305): لو وطأ الشريك جارية الشركة حُدَّ بنصيب غيره فإن حملت قُوّمت عليه وانعقد الولد حراً وعليه قيمة حصص الشركاء من الولد عند سقوطه حياً، بل يحتمل تقويمهم لها بمجرد الوطء مع احتمال الحمل.

ص: 71

(مسألة 306): يستحب لمن اشترى مملوكاً تغيير اسمه وإطعامه شيئاً من الحلاوة والصدقة عنه بأربعة دراهم ولا يريه ثمنه في الميزان.

(مسألة 307): الأحوط عدم التفرقة بين الأم والولد قبل الاستغناء عن الأم، أما البهائم فيجوز فيها ذلك ما لم يؤد إلى إتلاف المال المحترم.

خاتمة في الإقالة

وهي فسخ العقد من أحد المتعاملين بعد طلبه من الآخر و الظاهر جريانها في عامة العقود اللازمة حتى الهبة اللازمة غير النكاح و الضمان، وفي جريانها في الصدقة إشكال، وتقع بكل لفظ يدل على المراد وإن لم يكن عربياً، بل تقع بالفعل كما تقع بالقول، فإذا طلب أحدهما الفسخ من صاحبه فدفعه إليه كان فسخاً وإقالة ووجب على الطالب إرجاع ما في يده إلى صاحبه.

(مسألة 308): لا تجوز الإقالة بزيادة عن الثمن أو المثمن أو نقصان فلو أقال كذلك بطلت وبقي كل من العوضين على ملك مالكه.

(مسألة 309): إذا جعل له مالاً في الذمة أو في الخارج ليقيله بأن قال له :أقلني ولك من هذا المال، أو أقلني ولك علي كذا _ نظير الجعالة _ فالأظهر الصحة.

(مسألة 310): لو أقال بشرط مال عين أو عمل كما لو قال للمستقيل : أقلتك بشرط أن تعطيني كذا أو تخيط ثوبي فقبل صح.

(مسألة 311): لا يجري في الإقالة فسخ أو إقالة.

(مسألة 312): في قيام وارث المتعاقدين مقام المورّث في صحة الإقالة إشكال. والظاهر العدم.نعم تجوز الإستقالة من الوارث والإقالة من الطرف الآخر.

ص: 72

(مسألة 313): تصح الإقالة في جميع ما وقع عليه العقد وفي بعضه ويتقسط الثمن حينئذ على النسبة، وإذا تعدد البائع أو المشتري تصح الإقالة بين أحدهما ولطرف لآخر بالنسبة إلى حصته ولا يشترط رضى الآخر.

(مسألة 314): تلف أحد العوضين أو كليهما لا يمنع من صحة الإقالة. فإذا تقايلا رجع كل عوض إلى صاحبه الأول، فإن كان موجوداً أخذه وإن كان تالفاً رجع بمثله إن كان مثلياً وبقيمته يوم الفسخ إن كان قيمياً.

(مسألة 315): الخروج عن الملك ببيع أو هبة أو نحوهما بمنزلة التلف وتلف البعض كتلف الكل يستوجب الرجوع بالبدل عن البعض التالف.

(مسألة 316): العيب في يد المشتري يستوجب الرجوع عليه بالأرش مع الإقالة .

والحمد لله رب العالمين.

ص: 73

ص: 74

كتاب الشفعة

وفيه فصول

إذا باع أحد الشريكين حصته على ثالث كان لشريكه أخذ المبيع بالثمن المجعول له في البيع.ويسمى هذا الحق بالشفعة.

فصل في ما تثبت فيه الشفعة

(مسألة 317) : تثبت الشفعة في بيع ما لا ينقل إذا كان يقبل القسمة كالارضين والدور والبساتين بلا إشكال. و هل تثبت فيما ينقل كالالات والثياب والحيوان وفيما لا ينقل إذا لم يقبل القسمة ؟ قولان: أقواهما الاول فيما عدا السفينة والنهر والطريق والحمام والرحى فإنها لا تثبت فيها الشفعة.

(مسألة 318) : لا تثبت الشفعة بالجوار فإذا باع أحد داره فليس لجاره الأخذ بالشفعة.

(مسألة 319) : إذا كانت داران مختصة كل واحدة منهما بشخص وكانا مشتركين في طريقهما فبيعت إحدى الدارين مع الحصة المشاعة من الطريق تثبت الشفعة لصاحب الدار الأخرى. سواء أكانت الداران قبل ذلك مشتركتين وقسمتا أم لم تكونا كذلك.

(مسألة 320) : يجري هذا الحكم في الدور المختصة كل واحدة منها بواحد مع الاشتراك في الطريق. فإذا بيعت واحدة منها مع الحصة من الطريق ثبتت الشفعة للباقين.

ص: 75

(مسألة 321) : إذا بيعت إحدى الدارين بلا ضم حصة الطريق إليها لم تثبت الشفعة للشريك في الطريق.

(مسألة 322) : إذا بيعت الحصة من الطريق وحدها تثبت الشفعة للشريك.

(مسألة 323) : هل يختص الحكم المذكور بالدار أو يعم غيرها من الاملاك المفروزة المشتركة في الطريق وجهان، أقواهما الاول.

(مسألة 324) : ألحق جماعة بالطريق النهر، والساقية، والبئر فإذا كانت الداران المختص كل منهما بشخص مشتركتين في نهر أو ساقية أو بئر فبيعت إحداهما مع الحصة من النهر أو الساقية أو البئر كان لصاحب الدار الاخرى الشفعة في الدار أيضاً وفيه إشكال بل منع.

(مسألة 325) : إذا بيع المقسوم منضماً إلى حصة من المشاع صفقة واحدة كان للشريك في المشاع الأخذ بالشفعة في الحصة المشاعة بما يخصها من الثمن بعد توزيعه وليس له الأخذ في المقسوم.

(مسألة 326) : تختص الشفعة في غير المساكن والارضين بالبيع.فإذا انتقل الجزء المشاع بالهبة المعوضة أو الصلح أو غيرهما فلا شفعة للشريك. وأما المساكن والارضين فاختصاص الشفعة فيها بالبيع محل إشكال.

(مسألة 327) : إذا كانت العين بعضها ملكاً وبعضها وقفا،ً فبيع الملك لم يكن الموقوف عليهم الشفعة على الاقوى وإن كان الموقوف عليه واحداً.

(مسألة 328) : إذا بيع الوقف في مورد يجوز بيعه ففي ثبوت الشفعة للشريك قولان أقربهما ذلك.

ص: 76

(مسألة 329) : يشترط في ثبوت الشفعة أن تكون العين المبيعة مشتركة بين اثنين. فإذا كانت مشتركة بين ثلاثة فما زاد وباع أحدهم لم تكن لأحدهم شفعة. وإذا باعوا جميعاً الا واحداً منهم ففي ثبوت الشفعة له إشكال بل منع.

(مسألة 330) : إذا كانت العين بين شريكين فباع أحدهما بعض حصته ثبتت الشفعة للآخر.

فصل في الشفيع

(مسألة 331) : يعتبر في الشفيع الاسلام إذا كان المشتري مسلماً فلا شفعة للكافر على المسلم وإن اشترى من كافر وتثبت للمسلم على الكافر وللكافر مثله.

(مسألة 332) : يشترط في الشفيع أن يكون قادراً على أداء الثمن فلا تثبت للعاجز عنه وإن بذل الرهن أو وجد له ضامناً الا أن يرضى المشتري بذلك. نعم إذا ادعى غيبة الثمن أُجِّل ثلاثة أيام وإذا ادعى أن الثمن في بلد آخر أجل بمقدار وصول المال إليه وزيادة ثلاثة أيام، فإن انتهى الاجل فلا شفعة ويكفي في الثلاثة أيام التلفيق، كما أن مبدأها زمان الأخذ بالشفعة لا زمان البيع.

(مسألة 333) : إذا كان التأجيل إلى زمان نقل الثمن من البلد الاخر حيث يدّعي وجوده فيه زائداً على المقدار المتعارف فالظاهر سقوط الشفعة.

(مسألة 334) : إذا كان الشريك غائباً عن بلد البيع وقت البيع جاز له الأخذ بالشفعة إذا حضر البلد وعلم بالبيع وإن كانت الغيبة طويلة.

(مسألة 335) : إذا كان له وكيل مطلق في البلد أو في خصوص الأخذ بالشفعة جاز لذلك الوكيل الأخذ بالشفعة عنه.

(مسألة 336) : تثبت الشفعة للشريك وإن كان سفيهاً أو صبياً أو مجنوناً، فيأخذ لهم الولي بها بل إذا أخذ السفيه بها بإذن الولي صح وكذا الصبي على احتمال قوي خصوصاً إذا كان مميزاً

ص: 77

(مسألة 337) : تثبت الشفعة للمفلس إذا رضي المشتري ببقاء الثمن في ذمته، أو استدان الثمن من غيره أو دفعه من ماله بإذن الغرماء.

(مسألة 338) : إذا اسقط الولي عن الصبي أو المجنون أو السفيه حق الشفعة لم يكن لهم المطالبة بها بعد البلوغ والرشد والعقل ،وكذا إذا لم يكن الأخذ بها مصلحة فلم يطالب. أما إذا ترك المطالبة بها مساهلة منه في حقهم فالظاهر أن لهم المطالبة بها بعد البلوغ والرشد.

(مسألة 339) : إذا كان المبيع مشتركاً بين الولي والمولى عليه فباع الولي عنه جاز له أن يأخذ بالشفعة على الاقوى.

(مسألة 340) : إذا باع الولي عن نفسه فإنه يجوز له أن يأخذ بالشفعة للمولى عليه وكذا الحكم في الوكيل إذا كان شريكاً مع الموكل.

فصل في الأخذ بالشفعة

(مسألة 341) : الأخذ بالشفعة من الانشائيات المعتبر فيها الايقاع ويكون بالقول مثل أن يقول : أخذت المبيع المذكور بثمنه، وبالفعل مثل أن يدفع الثمن ويستقل بالمبيع.

(مسألة 342) : لا يجوز للشفيع أخذ بعض المبيع وترك بعضه، بل إما أن يأخذ الجميع أو يدع الجميع.

(مسألة 343) : الشفيع يأخذ بقدر الثمن إذا كان مثلياً لا بأكثر منه ولا أقل. سواء أكانت قيمة المبيع السوقية مساويةَ للثمن أم زائدة أم ناقصة.

ص: 78

(مسألة 344) : في ثبوت الشفعة في الثمن القيمي بأن يأخذ المبيع بقيمته قولان أقواهما العدم.

(مسألة 345) : إذا غرم المشتري شيئاً من أجرة الدلال أو غيرها أو تبرّع به للبائع من خلعة ونحوها لم يلزم الشفيع تداركه.

(مسألة 346) : إذا حطّ البائع شيئاً من الثمن للمشتري لم يكن للشفيع تنقيصه.

(مسألة 347) : الأقوى لزوم المبادرة إلى الأخذ بالشفعة فيسقط مع المماطلة والتأخير بلا عذر ولا يسقط إذا كان التأخير عن عذر كجهله بالبيع أو جهله باستحقاق الشفعة، أو توهّمه كثرة الثمن فبان قليلاً، أو كون المشتري زيداً فبان عمراً، أو أنه اشتراه لنفسه فبان لغيره أو العكس أو أنه واحد فبان اثنين أو العكس، أو أن المبيع النصف بمائة فتبيّن أنه الربع بخمسين أو كون الثمن ذهباً فبان فضة، أو لكونه محبوساً ظلماً أو بحق يعجز عن أدائه، وكذا أمثال ذلك من الاعذار.

(مسألة 348) : المبادرة اللازمة في استحقاق الأخذ بالشفعة يراد منها المبادرة على النحو المتعارف الذي جرت به العادة. فإذا كان مشغولاً بعبادة واجبة أو مندوبة لم يجب عليه قطعها.

(مسألة 349) : إذا كان مشغولاً بأكل أو شرب لم يجب قطعه ولا يجب عليه الاسراع في المشي.

(مسألة 350) : يجوز له إن كان غائباً انتظار الرفقة إذا كان الطريق مخوفاً، أو انتظار زوال الحر والبرد إذا جرت العادة بانتظاره، وقضاء وطره من الحمام إذا علم بالبيع وهو في الحمام وأمثال ذلك مما جرت العادة بفعله لمثله، نعم يشكل مثل عيادة المريض وتشييع المؤمن ونحو ذلك إذا لم يكن تركه موجباً

ص: 79

للطعن فيه، وكذا الاشتغال بالنوافل ابتداء والأظهر السقوط في كل مورد صدقت فيه المماطلة عرفاً.

(مسألة 351) : إذا كان غائباً عن بلد البيع وعلم بوقوعه وكان يتمكّن الأخذ بالشفعة بالتوكيل فلم يبادر إليه سقطت الشفعة.

(مسألة 352) : لا بدّ في الأخذ بالشفعة من إحضار الثمن ولا يكفي قول الشفيع أخذت بالشفعة في انتقال المبيع إليه. فإذا قال ذلك وهرب أو ماطل أو عجز عن دفع الثمن بقي المبيع على ملك المشتري لا أنه ينتقل بالقول إلى ملك الشفيع وبالعجز أو الهرب أو المماطلة يرجع إلى ملك المشتري.

(مسألة 353) : إذا باع المشتري قبل أخذ الشفيع بالشفعة لم تسقط، بل جاز للشفيع الأخذ من المشتري الاول بالثمن الاول فيبطل الثاني وتجزي الاجازة منه في صحته له، وله الأخذ من المشتري الثاني بثمنه فيصح البيع الاول.

(مسألة 354) : إذا زادت العقود على اثنين فإن أخذ بالسابق بطل اللاحق ويصح مع إجازته، وإن أخذ باللاحق صح السابق، وإن أخذ بالمتوسط صحّ ما قبله وبطل ما بعده ويصح مع إجازته.

(مسألة 355) : إذا تصرّف المشتري في المبيع بوقف أو هبة لازمة أو غير لازمة أو بجعله صداقاً أو غير ذلك ممّا لا شفعة فيه كان للشفيع الأخذ بالشفعة بالنسبة إلى البيع فتبطل التصرّفات اللاحقة له.

(مسألة 356) : الشفعة من الحقوق فتسقط بالاسقاط ويجوز تعويض المال بإزاء إسقاطها وبإزاء عدم الأخذ بها، لكن على الاول لا يسقط الا بالاسقاط. فإذا لم يسقطه وأخذ بالشفعة صحّ وكان آثماً ومعطى العوض مخيّر بين الفسخ ومطالبة العوض وأن يطالبه بأجرة المثل للإسقاط والظاهر صحة الأخذ بالشفعة على الثاني أيضاً. ويصحّ الصلح عليه نفسه فيسقط بذلك.

ص: 80

(مسألة 357) : الظاهر أنه لا إشكال في أن حق الشفعة لا يقبل الانتقال إلى غير الشفيع.

(مسألة 358) : إذا باع الشريك نفسه نصيبه قبل الأخذ بالشفعة فالظاهر سقوطها خصوصاً إذا كان بيعه بعد علمه بالشفعة.

(مسألة 359) : المشهور اعتبار العلم بالثمن في جواز الأخذ بالشفعة فإذا أخذ بها وكان جاهلاً به لم يصح لكن الصحة لا تخلو من وجه.

(مسألة 360) : إذا تلف تمام المبيع قبل الأخذ بالشفعة سقطت.

(مسألة 361) : إذا تلف بعضه دون بعض لم تسقط وجاز له أخذ الباقي بتمام الثمن من دون ضمان على المشتري.

(مسألة 362) : إذا كان التلف بعد الأخذ بالشفعة فإن كان التلف بفعل المشتري ضمنه.

(مسألة 363) : إذا كان التلف بغير فعل المشتري ضمنه المشتري أيضاً فيما إذا كان التلف بعد المطالبة ومسامحة المشتري في الاقباض.

(مسألة 364) : في انتقال الشفعة إلى الوارث إشكال وعلى تقدير الانتقال ليس لبعض الورثة الأخذ بها ما لم يوافقه الباقون

(مسألة 365) : إذا أسقط الشفيع حقه قبل البيع لم يسقط، وكذا إذا شهد على البيع أو بارك للمشتري. الا أن تقوم القرينة على إرادة الاسقاط بذلك بعد البيع.

(مسألة 366) : إذا كانت العين مشتركة بين حاضر وغائب وكانت حصة الغائب بيد ثالث فباعها بدعوى الوكالة عن الغائب جاز الشراء منه والتصرّف فيه، وهل يجوز للشريك الحاضر الأخذ بالشفعة بعد اطلاعه على البيع ؟ إشكال، وإن كان الجواز أقرب. فإذا حضر الغائب وصدق فهو، وإن أنكر كان القول قوله

ص: 81

بيمينه فإذا حلف انتزع الحصة من يد الشفيع وكان له عليه الاجرة إن كانت ذات منفعة مستوفاة بل مطلقاً فإن دفعها إلى المالك رجع بها على مدّعي الوكالة.

(مسألة 367) : إذا كان الثمن مؤجلاً جاز للشفيع الأخذ بالشفعة بالثمن المؤجّل والظاهر جواز إلزامه بالكفيل، ويجوز أيضاً الأخذ بالثمن حالا إن رضي المشتري به أو كان شرط التأجيل للمشتري على البائع.

(مسألة 368) : الشفعة لا تسقط بالاقالة فإذا تقايلا جاز للشفيع الأخذ بالشفعة فينكشف بطلان الاقالة فيكون نماء المبيع بعدها للمشتري ونماء الثمن للبائع كما كان الحال قبلها كذلك.

(مسألة 369) : إذا كان للبائع خيار ردّ العين فالظاهر أن الشفعة لا تسقط به لكن البائع إذا فسخ يرجع المبيع إليه بل الظاهر ثبوت سائر الخيارات أيضاً.ومع الفسخ يرجع المبيع إلى البائع.

(مسألة 370) : إذا كانت العين معيبة فإن علمه المشتري فلا خيار له ولا أرش. فإذا أخذ الشفيع بالشفعة فإن كان عالماً به فلا شيء له، وإن كان جاهلاً كان له الخيار في الرد وليس له اختيار الأرش، وإذا كان المشتري جاهلاً كان له الارش ولا خيار له في الرد فإذا أخذ الشفيع بالشفعة كان له الرد فإن لم يمكن الرد لم يبعد رجوعه على المشتري بالارش حتى إذا كان قد أسقطه عن البائع.

(مسألة 371) : إذا اتّفق اطّلاع المشتري على العيب بعد أخذ الشفيع فالظاهر أن له أخذ الأرش وعليه دفعه إلى الشفيع، وإذا اطّلع الشفيع عليه دون المشتري فليس له مطالبة البائع بالارش ولا يبعد جواز مطالبة المشتري به إن لم يمكن الرد.

ص: 82

كتاب الإجارة

وفيه فصول

وهي المعاوضة على المنفعة عملاً كانت أو غيره، فالاول مثل إجارة الخياط للخياطة، والثاني مثل إجارة الدار.

(مسألة 372) : لا بدّ فيها من الايجاب والقبول، فالايجاب مثل قول الخياط: آجرتك نفسي، وقول صاحب الدار: أجرتك داري، والقبول مثل قول المستأجر قبلت، ويجوز وقوع الايجاب من المستأجر، مثل : استأجرتك لتخيط ثوبي واستأجرت دارك، فيقول المؤجر : قبلت وتجري فيها المعاطاة أيضاً.

(مسألة 373) : يُشترط في المتعاقدين أن لا يكون أحدهما محجوراً عن التصرّف لصغر أو سفه أو تفليس أو رق ولكن يجوز للرق إجراء العقد وكالة

كما يشترط أن لا يكون أحدهما مكرهاً الا مع الاجازة اللاحقة على التصرّف الا أن يكون الاكراه بحق.

يشترط في كل من العوضين أمور :

الاول : أن يكون معلوماً بحيث لا يلزم الغرر على الاحوط، فالاجرة إذا كانت من المكيل أو الموزون أو المعدود لا بدّ من معرفتها بالكيل أو الوزن أو العدّ، وما يعرف منها بالمشاهدة لا بدّ من مشاهدته أو وصفه على نحو ترتفع الجهالة.

(مسألة 374) : لا يُعتبر العلم بمقدار المنفعة فيما لا غرر مع الجهل به كما في إجارة السيارة مثلاً إلى مكة أو غيرها من البلاد المعروفة.فإن المنفعة حينئذٍ أمر عادي متعارف ولا بأس بالجهل بمقدارها ولا بمقدار زمان السير. وفي غير ذلك لا

ص: 83

بدّ من العلم بالمقدار وهو إما بتقدير المدة مثل سكنى الدار سنة أو شهراً، أو المسافة مثل ركوب الدابة فرسخاً أو فرسخين، وإما بتقدير موضوعها مثل خياطة الثوب المعلوم طوله وعرضه ورقّته وغلظته ولا بدّ من تعيين الزمان في الاولين، فإذا استأجر الدار للسكنى سنة والدابة للركوب فرسخاً من دون تعيين الزمان بطلت الاجارة الا أن تكون قرينة على التعيين كالاطلاق الذي هو قرينة على التعجيل

(مسألة 375) : الظاهر عدم اعتبار تعيين الزمان في الاجارة على مثل الخياطة غير المتقوّمة ماليتها بالزمان، فيجب الاتيان به متى طالب المستأجر.

الثاني : أن يكون مقدوراً على تسليمه فلا تصحّ إجارة العبد الابق، وإن ضمّت إليه ضميمة على الاقوى.

الثالث : أن تكون العين المستأجرة ذات منفعة فلا تصح إجارة الارض التي لا ماء لها للزراعة.الرابع : أن تكون العين ممّا يمكن الانتفاع بها مع بقائها فلا تصح إجارة الخبز للأكل.

الخامس : أن تكون المنفعة محللّة فلا تصح إجارة المساكن لإحراز المحرّمات، ولا إجارة الجارية للغناء.

السادس : تمكّن المستأجر من الانتفاع بالعين المستأجرة فلا تصح إجارة الحائض لكنس المسجد.

(مسألة 376) : إذا آجر مال غيره توقّفت صحة الاجارة على إجازة المالك. وإذ آجر مال نفسه وكان محجوراً عليه لسفه أو رقّ توقفت صحتها على إجازة الولي. وإذا كان مكرهاً يكون عقده باطلاً ولا يجري عليه حكم الفضولي.

ص: 84

(مسألة 377) : إذا آجر السفيه نفسه لعمل فالاظهر الصحة والاحوط الاستيذان من الولي.

(مسألة 378) : إذا استأجر دابة للحمل فلا بد من تعيين الحمل، وإذا استأجر دابة للركوب فلا بد من تعيين الراكب، وإذا استأجر دابة لحرث جريب من الارض فلا بد من تعيين الارض. نعم إذا كان اختلاف الراكب أو الحمل أو الارض لا يوجب اختلافاً في المالية لم يجب التعيين

(مسألة 379) : إذا قال: آجرتك الدار شهراً أو شهرين بطلت الاجارة وإذا قال : آجرتك كل شهر بدرهم صح في الشهر الاول و أما الصحة في البقية محل تأمل، وكذا إذا قال: آجرتك شهراً بدرهم فإن زادت فبحسابه، هذا إذا كان بعنوان الاجارة، أما إذا كان بعنوان الجعالة بأن يجعل المنفعة لمن يعطي درهماً أو كان من قبيل الاباحة بالعوض بأن يبيح المنفعة لمن يعطيه درهماً فلا بأس.

(مسألة 380) : إذا قال : إن خطت هذا الثوب بدرز فلك درهم، وإن خطته بدرزين فلك درهمان، فإن قصد الجعالة كما هو الظاهر صح وإن قصد الاجارة بطل، وكذا إن قال : إن خطته هذا اليوم فلك درهم وإن خطته غداً فلك نصف درهم. والفرق بين الاجارة والجعالة أن في الاجارة تشتغل ذمة العامل بالعمل للمستأجر حين العقد، وكذا تشتغل ذمة المستأجر بالعوض.ولأجل ذلك صارت عقداً. وليس ذلك في الجعالة فإن اشتغال ذمة المالك بالعوض يكون بعد عمل العامل من دون اشتغال لذمة العامل بالعمل أبداً. ولأجل ذلك صارت إيقاعاً.

(مسألة 381) : إذا استأجره على عمل مقيد بقيد خاص من زمان أو مكان أو آلة أو وصف فجاء به على خلاف القيد لم يستحق شيئاً على عمله فإن لم يمكن العمل ثانياً تخير المستأجر بين فسخ الاجارة وبين مطالبة الاجير بأجرة

ص: 85

المثل للعمل المستأجر عليه. فإن طالبه بها لزمه إعطاؤه أجرة المثل وإن أمكن العمل ثانياً وجب الاتيان به على النهج الذي وقعت عليه الاجارة.

(مسألة 382) : إذا استأجره على عمل بشرط، بأن كان إنشاء الشرط في ضمن عقد الإجارة كما إذا استأجره على خياطة ثوبه واشترط عليه قراءة سورة من القرآن فخاط الثوب ولم يقرأ السورة كان له فسخ الاجارة وعليه حينئذ أجرة المثل وله إمضاؤه ودفع الاجرة المسماة. والفرق بين القيد والشرط أن متعلق الاجارة في موارد التقييد حصة خاصة مغايرة لسائر الحصص وأما في موارد الاشتراط فمتعلق الاجارة هو طبيعي العمل لكن الالتزام العقدي معلق على الالتزام بما جعل شرطاً.

(مسألة 383) : إذا استأجر دابة إلى (كربلاء) مثلاً بدرهم واشترط على نفسه أنه إن أوصله المؤجر نهاراً أعطاه درهمين صح.

(مسألة 384) : لو استأجر دابة مثلاً إلى مسافة بدرهمين واشترط على المؤجر أن يعطيه درهماً واحداً إن لم يوصله نهاراً صح ذلك.

(مسألة 385) : إذا استأجر دابة على أن يوصله المؤجر نهاراً بدرهمين أو ليلاً بدرهم بحيث تكون الاجارة على أحد الامرين مردداً بينهما فالاجارة باطلة.

(مسألة 386) : إذا استأجره على أن يوصله إلى (كربلاء) وكان من نيته زيارة ليلة النصف من شعبان ولكن لم يذكر ذلك في العقد ولم تكن قرينة على التعيين استحق الاجرة وإن لم يوصله ليلة النصف من شعبان.

ص: 86

فصل وفيه مسائل تتعلق بلزوم الاجارة

(مسألة 387) : الاجارة من العقود اللازمة لا يجوز فسخها الا بالتراضي بينهما، أو يكون للفاسخ الخيار. والاظهر أن الاجارة المعاطاتية أيضاً لازمة.

(مسألة 388) : إذا باع المالك العين المستأجرة قبل تمام مدة الاجارة لم تنفسخ الاجارة بل تنتقل العين إلى المشتري مسلوبة المنفعة مدة الاجارة وإذا كان المشتري جاهلاً بالاجارة أو معتقداً قلة المدة فتبين زيادتها كان له فسخ البيع وليس له المطالبة بالارش. وإذا فسخت الاجارة رجعت المنفعة إلى البائع.

(مسألة 389) : لا فرق فيما ذكرناه من عدم انفساخ الاجارة بالبيع بين أن يكون البيع على المستأجر وغيره.

(مسألة 390) : إذا باع المالك العين على شخص وآجرها وكيله مدة معينة على شخص آخر واقترن البيع والاجارة زماناً صحت الاجارة وصح البيع مسلوب المنفعة مدة الاجارة ويثبت الخيار حينئذ للمشتري.

(مسألة 391) : لا تبطل الاجارة بموت المؤجر ولا يموت المستأجر حتى فيما إذا استأجر داراً على أن يسكنها بنفسه فمات.

(مسألة 392) : إذا آجر نفسه للعمل بنفسه فمات قبل مضي زمان يتمكن فيه من العمل بطلت الاجارة.

(مسألة 393) : إذا آجر البطن السابق من الموقوف عليهم العين الموقوفة فانقرضوا قبل انتهاء مدة الاجارة بطلت. وإذا آجرها البطن السابق ولاية منه على العين لمصلحة البطون جميعها لم تبطل بانقراضه.

ص: 87

(مسألة 394) : إذا آجر نفسه للعمل بلا قيد المباشرة فإنها لا تبطل بموته إذا كان متمكناً منه ولو بالتسبيب.ويجب حينئذ أداء العمل من تركته كسائر الديون.

(مسألة 395) : إذا آجر الولي مال الصبي في مدة تزيد على زمان بلوغه صح وإن آجر الولي الصبي كذلك ففي صحتها في الزيادة إشكال حتى إذا قضت ضرورة الصبي بذلك.

(مسألة 396) : إذا آجرت المرأة نفسها للخدمة مدة معينة فتزوجت في أثنائها لم تبطل الاجارة وإن كانت الخدمة منافية لحق الزوج.

(مسألة 397) : إذا آجرت نفسها بعد التزويج توقفت صحة الاجارة على إجازة الزوج فيما ينافي حقه، ونفذت الاجارة فيما لا ينافي حقه.

(مسألة 398) : إذا آجر عبده أو أمته للخدمة ثم أعتقه قبل انتهاء مدة الاجارة لم تبطل الاجارة ،وتكون نفقته في كسبه إن أمكن له الاكتساب لنفسه في غير زمان الخدمة وإن لم يمكن فهي على المسلمين كفاية.

(مسألة 399) : إذا وجد المستأجر في العين المستأجرة عيباً فإن كان عالماً به حين العقد فلا أثر له، وإن كان جاهلاً به فإن كان موجباً لفوات بعض المنفعة كخراب بعض بيوت الدار قسطت الاجرة ورجع على المالك بما يقابل المنفعة الفائتة، وله فسخ العقد من أصله. وإن لم يوجب العيب شيئاً من ذلك لكن يوجب نقص الاجرة كان له الخيار أيضاً، وإن لم يوجب ذلك أيضاً فلا خيار. هذا إذا كانت العين شخصية، أما إذا كان كلياً وكان المقبوض معيباً كان له المطالبة بالصحيح ولا خيار في الفسخ، وإذا تعذر الصحيح كان له الخيار في أصل العقد

ص: 88

(مسألة 400) : إذا وجد المؤجر عيباً في الاجرة وكان جاهلاً به كان له الفسخ وليس له المطالبة بالارش.وإذا كانت الاجرة كلياً فقبض فرداً معيباً منها فليس له فسخ العقد بل له المطالبة بالصحيح، فإن تعذر كان له الفسخ

(مسألة 401) : يجري في الاجارة خيار الغبن وخيار الشرط _ حتى للأجنبي _ وخيار العيب وخيار تخلف الشرط وتبعض الصفقة، وتعذر التسليم والتفليس والتدليس والشركة، وخيار شرط رد العوض نظير شرط رد الثمن ولا يجري فيها خيار المجلس، ولا خيار الحيوان.

(مسألة 402) : إذا حصل الفسخ في عقد الايجار ابتداء المدة فلا إشكال. وإذا حصل أثناء المدة فالاقوى كونه موجباً لانفساخ العقد في جميع المدة فيرجع المستأجر بتمام المسمى ويكون للمؤجر أجرة المثل بالنسبة إلى ما مضى.

فصل وفيه مسائل في أحكام التسليم في الاجارة

إذا وقع عقد الاجارة ملك المستأجر المنفعة في إجارة الاعيان والعمل في الاجارة على الاعمال بنفس العقد، وكذا المؤجر والاجير يملكان الاجرة بنفس العقد لكن ليس للمستأجر المطالبة بالمنفعة والعمل الا في حال تسليم الاجرة وليس للأجير والمؤجر المطالبة بالاجرة الا في حال تسليم المنفعة ويجب على كل منهما تسليم ما عليه تسليمه الا إذا كان الاخر ممتنعاً عنه وتسليم المنفعة يكون بتسليم العمل فيما لا يتعلق بالعين بإتمامه وفيما يتعلق بالعين يكون بتسليم العين بمعنى التخلية بينها وبين المالك مع إتمام العمل فيها. وليس للأجير المطالبة بالاجرة قبل إتمام العمل الا إذا كان قد اشترط تقديم الاجرة صريحاً ،أو كانت العادة جارية على ذلك، وكذا ليس للمستأجر المطالبة بالعين المستأجرة أو العمل المستأجر عليه مع تأجيل الاجرة، الا إذا كان قد شرط ذلك. وإن كان لأجل جريان العادة عليه. وإذا امتنع من تسليم العين المستأجرة مع بذل المستأجر الاجرة

ص: 89

جاز للمستأجر إجباره على تسليم العين كما جاز له الفسخ وأخذ الاجرة إذا كان قد دفعها وله إبقاء الاجارة والمطالبة بقيمة المنفعة الفائتة، وكذا إذا دفع المؤجر العين ثم أخذها من المستأجر بلا فصل أو في أثناء المدة ومع الفسخ في الاثناء يرجع بتمام الاجرة وعليه أجرة المثل لما مضى ،وكذا الحكم فيما إذا امتنع المستأجر من تسليم الاجرة مع بذل المؤجر للعين المستأجرة.

(مسألة 403) : إذا كان العمل المستأجر عليه في العين التي هي بيد الاجير، فتلفت العين، بعد تمام العمل قبل دفعها إلى المستأجر من غير تفريط، استحق الاجير المطالبة بالاجرة فإذا كان أجيراً على خياطة ثوب فتلف بعد الخياطة وقبل دفعه إلى المستأجر استحق الاجير مطالبة الاجرة. فإذا كان الثوب مضموناً على الاجير استحق عليه المالك قيمة الثوب مخيطاً والا لم يستحق عليه شيئاً.

(مسألة 404) : يجوز للأجير بعد إتمام العمل حبس العين إلى أن يستوفي الاجرة وإذا حبسها لذلك فتلفت من غير تفريط لم يضمن.

(مسألة 405) : إذ تلفت العين المستأجرة قبل انتهاء المدة بطلت الاجارة. فإن كان التلف قبل القبض أو بعده بلا فصل لم يستحق المالك على المستأجر شيئاً. وإن كان بعد القبض بمدة كان للمستأجر الخيار في فسخ الايجار.فإن فسخ رجع على المؤجر بتمام الاجرة المسماة وعليه للمؤجر أجرة المثل بالنسبة إلى المدة الماضية وإن لم يفسخ قسطت الاجرة على النسبة وكان للمالك حصة من الاجرة على نسبة المدة، هذا إذا تلفت العين بتمامها ،وأما إذا تلف بعضها ولم يمكن الانتفاع به تبطل الاجارة بنسبته من أول الامر أو في أثناء المدة ويثبت الخيار للمستأجر حينئذ أيضاً.

(مسألة 406) : إذا قبض المستأجر العين المستأجرة ولم يستوف منفعتها حتى انقضت مدة الاجارة كما إذا استأجر دابة أو سفينة للركوب، أو حمل المتاع

ص: 90

فلم يركبها ولم يحمل متاعه عليها، أو استأجر داراً وقبضها ولم يسكنها حتى مضت المدة استقرت عليه الاجرة، وكذا إذا بذل المؤجر العين المستأجرة فامتنع المستأجر من قبضها واستيفاء المنفعة حتى انقضت مدة الاجارة، وكذا الحكم في الاجارة على الاعمال فإنه إذا بذل الاجير نفسه للعمل وامتنع المستأجر من استيفائه كما إذا استاجر شخصاً لخياطة ثوبه في وقت معين فهيأ الاجير نفسه للعمل فلم يدفع المستأجر إليه الثوب حتى مضى الوقت فإنه يستحق الاجرة سواء اشتغل الأجير في ذلك الوقت بشغل لنفسه، أو غيره أم لم يشتغل، كما لا فرق على الاقوى في الاجارة الواقعة على العين بين أن تكون العين شخصية مثل أن يؤجره الدابة فيبذلها المؤجر للمستأجر فلا يركبها حتى يمضي الوقت وأن تكون كلية كما إذا آجره دابة كلية فسلم فرداً منها إليه أو بذله له حتى انقضت المدة فإنه يستحق تمام الاجرة على المستأجر، كما لا فرق في الاجارة الواقعة على الكلي بين تعيين الوقت وعدمه إذا كان قد قبض فرداً من الكلي بعنوان الجري على الاجارة فإن الاجرة تستقر على المستأجر في جميع ذلك وإن لم يستوف المنفعة هذا إذا كان عدم الاستيفاء أختيارياً أما اذا كان لعذر فإن كان عاماً مثل نزول المطر المانع من السفر على الدابة أو في السفينة حتى انقضت المدة بطلت الاجارة وليس على المستأجر شيء من الاجرة، وإن كان العذر خاصاً بالمستأجر كما إذا مرض فلم يتمكن من السفر فلا إشكال في الصحة فيما لم تشترط فيه المباشرة، بل الاقوى الصحة فيما إذا اشترطت مباشرته في الاستيفاء أيضاً الا إذا كان العذر على نحو يوجب بطلان الاجارة إذا كان حاصلاً قبل العقد فإذا استأجره لقلع ضرسه فبريء من الالم وكان القلع حينئذ محرماً بطلت الاجارة.

(مسألة 407) : إذا لم يستوف المستأجر المنفعة في بعض المدة جرت الاقسام المذكورة بعينها وجرت عليه أحكامها.

ص: 91

(مسألة 408) : إذا غصب العين المستأجرة غاصب فتعذر استيفاء المنفعة فإن كان الغصب قبل القبض تخير المستأجر بين الفسخ فيرجع على المؤجر بالاجرة إن كان قد دفعها إليه، والرجوع على الغاصب بأجرة المثل وإن كان الغصب بعد القبض تعين الثاني، وكذلك إذا منعه الظالم من الانتفاع بالعين المستأجرة من دون غصب العين فيرجع عليه بالمقدار الذي فوته عليه من المنفعة.

(مسألة 409) : إتلاف المستأجر للعين المستأجرة بمنزلة قبضها واستيفاء منفعتها فتلزمه الاجرة.

(مسألة 410) : إذا أتلفها المؤجر تخير المستأجر بين الفسخ والرجوع عليه بالاجرة وبين الرجوع عليه بقيمة المنفعة.

(مسألة 411) : إذا أتلفها الاجنبي فإن كان بعد القبض رجع المستأجر عليه بالقيمة. وإن كان قبل القبض تخيّر بين الفسخ والرجوع إلى المؤجر بالاجرة وبين الامضاء والرجوع إلى المتلف بالقيمة.

(مسألة 412) : إذا انهدم بعض الدار التي استأجرها فبادر المؤجر إلى تجديدها فالاقوى أنه إن كانت الفترة غير معتدّ بها فلا فسخ ولا انفساخ. وإن كانت معتداً بها رجع المستأجر بما يقابلها من الأجرة وكان له الفسخ في الجميع لتبعّض الصفقة، فإذا فسخ رجع بتمام الاجرة وعليه أجرة المثل لما قبل الانهدام وإذا انهدم تمام الدار فالظاهر انفساخ العقد.

(مسألة 413) : المواضع التي تبطل فيها الاجارة وتثبت للمالك أجرة المثل لا فرق بين أن يكون المالك عالماً بالبطلان أوجاهلاً به.

(مسألة 414) : تجوز إجارة الحصة المشاعة من العين لكن لا يجوز تسليمها إلى المستأجر الا بإذن الشريك إذا كانت العين مشتركة.

ص: 92

(مسألة 415) : يجوز أن يستأجر اثنان داراً أو دابة فيكونان مشتركين في المنفعة فيقتسمانها بينهما كالشريكين في ملك العين.

(مسألة 416) : يجوز أن يستأجر شخصين لعمل شيء معين كحمل متاع أو غيره أو بناء جدار أو هدمه أو غير ذلك فيشتركان في الاجرة وعليهما معاً القيام بالعمل الذي استؤجرا عليه.

(مسألة 417) : لا يشترط اتّصال مدة الاجارة بالعقد على الاقوى، فيجوز أن يؤجر داره سنة مثلاً متأخّرة عن العقد بسنة أو أقل أو أكثر. ولا بدّ من تعيين مبدأ المدة، وإذا كانت المدة محدودة وأطلقت الاجارة ولم يذكر البدء انصرف إلى الاتّصال.

(مسألة 418) : إذا آجره دابة كليّة ودفع فرداً منها فتلف كان على المؤجر دفع فرد آخر.

فصل وفيه مسائل في أحكام التلف

(مسألة 419) : العين المستأجرة أمانة في يد المستأجر لا يضمنها إذا تلفت أو تعيّبت الا بالتعدي أو التفريط، وإذا اشترط المؤجر ضمانها بمعنى أداء قيمتها أو أرش عيبها صح، لابمعنى الضمان، وأما بمعنى اشتغال الذمة بمثلها أو قيمتها فالظاهر عدم صحة اشتراطه، كما أن الظاهر أنه لا ضمان في الاجارة الباطلة إذا تلفت العين أو تعيّبت بدون تفريط.

(مسألة 420) : العين التي للمستأجر بيد الاجير الذي آجر نفسه على عمل فيها كالثوب الذي أخذه ليخيطه لا يضمن تلفه أو نقصه الا بالتعدي أو التفريط.

ص: 93

(مسألة 421) : إذا اشترط المستأجر ضمان العين على الاجير بمعنى أداء قيمتها أو أرش عيبها صحّ الشرط.

(مسألة 422) : إذا تلف محل العمل في الاجارة أو أتلفه الاجنبي قبل العمل أو في الاثناء قبل مضي زمان يمكن فيه إتمام العمل بطلت الاجارة ورجعت الاجرة كلاًّ أو بعضاً إلى المستأجر.

(مسألة 423) : إذا أتلفه المستأجر كان إتلافه بمنزلة قبضه فيستحق الاجير عليه تمام الاجرة، لأنه بإتلافه إياه فوت على نفسه المنفعة.

(مسألة 424) : إذا أتلفه الاجير كان المستأجر مخيراً بين فسخ العقد وإمضائه. فإن أمضى جاز له مطالبة الاجير بقيمة الفائت.

(مسألة 425) : المدار في القيمة على زمان الضمان.

(مسألة 426) : كلّ من آجر نفسه لعمل في مال غيره إذا أفسد ذلك المال ضمن، كالحجّام إذا جنى في حجامته. والختّان في ختانه، وهكذا الخيّاط والنجّار والحدّاد إذا أفسدوا. هذا إذا تجاوز الحد المأذون فيه أما إذا لم يتجاوز ففي الضمان إشكال وإن كان الاظهر العدم، وكذا الطبيب المباشر للعلاج بنفسه إذا أفسد فهو ضامن، وأما إذا كان واصفاً فالاظهر الضمان، لأنه سبب وهو أقوى من المباشر.

(مسألة 427) : اذا تبّرأ الطبيب من الضمان وقبل المريض أو وليه بذلك ولم يقصر في الاجتهاد فانه يبرأ من الضمان بالتلف وان كان مباشراً للعلاج.

(مسألة 428) : إذا عثر الحمال فسقط ما كان على رأسه أو ظهره فانكسر ضمنه مع التفريط في مشيه، ولا يضمنه مع عدمه ،وكذلك إذا عثر فوقع ما على رأسه على إناء غيره فكسره لعدم صدق الاتلاف عليه

ص: 94

(مسألة 429) : إذا قال للخياط : إن كان هذا القماش يكفيني قميصاً فاقطعه فلم يكفه ضمن، وأما إذا قال له : هل يكفيني قميصاً فقال : نعم، فقال : إقطعه فقطعه، فلم يكفه فالظاهر أنه لا ضمان إذا كان الخياط مخطئاً في اعتقاده

(مسألة 430) : إذا آجر عبده لعمل فأفسده فالاقوى كون الضمان في كسبه. فإن لم يفِ فعلى ذمة العبد يتبع به بعد العتق إذا لم يكن جناية على نفس أو طرف والا تعلّق برقبته. وللولي فداؤه بأقل الامرين من الارش والقيمة إن كانت خطأ، وإن كانت عمداً تخيّر ولي المجني عليه بين قتله واسترقاقه على تفصيل يأتي في محله.

(مسألة 431) : إذا آجر دابته لحمل متاع فعثرت فتلف أو نقص فلا ضمان على صاحبها الا إذا كان هو السبب بنخس أو ضرب وإذا كان غيره السبب كان هو الضامن.

(مسألة 432) : إذا استأجر سفينة أو دابة لحمل متاع فنقص أو سرق لم يضمن صاحبها. ولو شرط عليه أداء قيمة التالف أو أرش النقص صح الشرط ولزم العمل به لعموم دليل الشرط.

(مسألة 433) : إذا حمّل الدابة المستأجَرة أكثر من المقدار المقرّر بينهما بالشرط أو لأجل التعارف فتلفت أو تعيّبت ضمن ذلك وعليه أجرة المثل للزيادة مضافة إلى الاجرة المسمّاة، وكذا إذا استأجرها لنقل المتاع مسافة معيّنة فزاد على ذلك.

(مسألة 434) : إذا استأجر دابة لحمل المتاع مسافة معيّنة فركبها أو بالعكس لزمته الاجرة المسمّاة وأجرة المثل للمنفعة المستوفاة، وكذا الحكم في أمثاله مما كانت فيه المنفعة المستوفاة مضادة للمنفعة المقصودة بالاجارة بلا فرق بين الاجارة الواقعة على الاعيان كالدار والدابة، والاجارة الواقعة على الاعمال كما إذا استأجره لكتابة فاستعمله في الخياطة.

ص: 95

(مسألة 435) : إذا استأجر العامل للخياطة فاشتغل العامل بالكتابة للمستأجر عمداً أو خطأ لم يستحق على المستأجر شيئاً.

(مسألة 436) : إذا آجر دابة لحمل متاع زيد فحمّلها المالك متاع عمرو لم يستحق أجرة لا على زيد ولا على عمرو.

(مسألة 437) : إذا استأجر دابة معينة من زيد للركوب إلى مكان معين فركب غيرها عمداً أو خطأ لزمته الاجرة المسمّاة للأولى وأجرة المثل للثانية وإذا اشتبه فركب دابة عمرو لزمته أجرة المثل لها مضافة إلى الاجرة المسمّاة لدابة زيد.

(مسألة 438) : إذا استأجر سفينة لحمل الخل المعيّن مسافة معينة فحمّلها خمراً مع الخل المعين استحق المالك عليه الاجرة المسّماة وأجرة المثل لحمل الخمر لو فرض أنه كان حلالا.

(مسألة 439) : يجوز لمن استأجر دابة للركوب أو الحمل أن يضربها أو يكبحها باللجام على النحو المتعارف الا مع منع المالك، وإذا تعدّى عن المتعارف أو مع منع المالك ضمن نقصها أو تلفها. وفي صورة الجواز لا ضمان للنقص على الاقوى.

(مسألة 440) : صاحب الحمّام لا يضمن الثياب ونحوها لو سرقت الا إذا جعلت عنده وديعة وقد تعدّى أو فرّط.

(مسألة 441) : إذا استؤجر لحفظ متاع فسُرق لم يضمن الا مع التقصير في الحفظ. والظاهر أن غلبة النوم لا تعدّ من التقصير. نعم إذا اشترط عليه أداء القيمة إذا سرق المتاع وجب الوفاء به ولم يستحق أجرة في الصورتين.

(مسألة 442) : إنما يجب تسليم العين المستأجرة إلى المستأجر إذا توقف استيفاء المنفعة على تسليمها كما في إجارة آلات النساجة والنجارة والخياطة أو

ص: 96

كان المستأجر قد اشترط ذلك والا لم يجب، فمَن استأجر سفينة للركوب لم يجب على المؤجر تسليمها إليه.

(مسألة 443) : يكفي في صحة الاجارة ملك المؤجر المنفعة وإن لم يكن مالكاً للعين، فمن استأجر داراً جاز له أن يؤجرها من غيره وإن لم يكن مالكاً لنفس الدار، فإذا توقف استيفاء المنفعة على تسليمها وجب على المؤجر الثاني تسليمها إلى المستأجر منه وإن لم يأذن له المالك، وإذا لم يتوقّف استيفاء المنفعة على التسليم كالسفينة والسيّارة لم يجب على المؤجر الاول تسليمها إلى الثاني الا إذا اشترط عليه ذلك. ولا يجوز للمؤجر الثاني تسليمها إلى المستأجر منه وإن اشترط عليه، بل الشرط يكون فاسداً. نعم إذا أذن له المالك فلا بأس كما أنه في الصورة السابقة التي يجب فيها تسليم المؤجر الثاني إلى المستأجر منه لا يجوز التسليم الا إذا كان المستأجر منه أميناً فإذا لم يكن أميناً وسلّمها إليه كان ضامناً، هذا إذا كانت الإجارة مطلقة، أما إذا كانت مقيّدة كما إذا استأجر دابة لركوب نفسه فلا تصح إجارتها من غيره فإذا آجرها من غيره بطلت الإجارة فإذا ركبها المستأجر الثاني وكان عالماً بالفساد كان آثماً. أما الضمان فللمالك أجرة المثل للمنفعة المستوفاة. و أما الضمان للمؤجر بأجرة المثل للمنفعة الفائتة فمحلّ تأمّل، لأنه مبني على صحة الملكية بالمنافع المتضادة ولكنه مع الجهل وعلم المؤجر بالحال يرجع إلى المؤجر بما غرمه للمالك.

(مسألة 444) : إذا آجر الدابة للركوب واشترط على المستأجر استيفاء المنفعة بنفسه أو أن لا يؤجرها من غيره فآجرها قيل : بطلت الإجارة، فإذا استوفى المستأجر منه المنفعة كان ضامناً له أجرة المثل لا للمالك، ولكن الأظهر صحة الإجارة وثبوت الخيار للمالك في فسخ عقده ومطالبة المستأجر منه بأجرة المثل.

ص: 97

(مسألة 445) : إذا استأجر الدكان مثلاً مدة فانتهت وجب عليه إرجاعه إلى المالك ولا يجوز له إيجاره من ثالث إلا بإذن المالك، كما لا يجوز له أخذ مال من ثالث ليمكِّنه من الدكان المسمى في عرفنا (سرقفلية) إذا لم يشترط له ذلك إلا إذا رضي المالك به.

وإذا مات المستأجر والحال هذه لم يجز لوارثه أخذ (السرقفلية) إلا إذا رضي المالك به. فإذا أخذها برضا المالك لم يجب إخراج ثلث للميت إذا كان قد أوصى إلا إذا كان رضا المالك مشروطاً بإخراج الثلث.

(مسألة 446) : إذا اشترط المستأجر على المالك في عقد الإجارة أو عقد آخر لازم أن يأخذ (السرقفلية) جاز له أخذها فإذا مات كان ذلك موروثاً لوارثه، و وجب إخراج ثلثه إذا كان أوصى به، وإذا كان للمستأجر حق في أخذ (السرقفلية) من غيره وإن لم يرضَ المالك به كان ذلك من أرباح التجارة و وجب إخراج خمسه بقيمته وربّما زادت القيمة وربما نقصت وربما ساوت ما دفعه.

(مسألة 447) : يجوز للمستأجر مع عدم اشتراط المباشرة وما بمعناها أن يؤجر العين المستأجرة بأقل مما استأجرها به وبالمساوي، وكذا بالأكثر منه إذا أحدث فيها حدثاًأو كانت الأجرة من غير جنس الأجرة السابقة بل يجوز أيضاً مع عدم الشرطين المذكورين عدا البيت والدار والدكان والأجير فلا يجوز إجارتها بالأكثر حينئذٍ، والأحوط إلحاق السفينة بها، بل الأحوط إلحاق الرحى والأرض أيضاً وإن كان الأقوى فيهما الجواز على كراهة.

(مسألة 448) : لا يجوز أن يؤجر بعض أحد هذه الأربعة، بل السفينة أيضاً على الأحوط بأكثر من الأجرة كما إذا استأجر داراً بعشرة دراهم فسكن بعضها وآجر البعض الآخر بأكثر من عشرة دراهم إلا أن يحدث فيها حدثاً، وأما إذا آجره بأقل من العشرة فلا إشكال والأقوى الجواز بالعشرة أيضاً.

ص: 98

(مسألة 449) : إذا استؤجر على عمل من غير اشتراط المباشرة ولا مع الانصراف إليها يجوز أن يستأجر غيره لذلك العمل بتلك الأجرة أو الأكثر ولا يجوز بالأقل إلا إذا أتى ببعض العمل ولو قليلاً كما إذا تقبّل خياطة ثوب بدرهمين ففصله أو خاط منه شيئاً ولو قليلاً فإنه يجوز أن يستأجر غيره على خياطته بدرهم، بل لا يبعد الاكتفاء في جواز الاستيجار بشراء الخيوط والأبرة.

(مسألة 450) : في الموارد التي يتوقف العمل المستأجر عليه على تسليم العين إلى الأجير إذا جاز للأجير أن يستأجر غيره على العمل الذي استؤجر عليه جاز له أن يسلّم العين إلى الأجير الثاني نظير ما تقدّم في تسليم العين المستأجرة إلى المستأجر الثاني.

(مسألة 451) : إذا استؤجر للعمل بنفسه مباشرة ففعله قبل مضي زمان يتمكّن فيه الأجير من العمل بطلت الإجارة ولم يستحق العامل ولا الأجير الأجرة، وكذلك إذا استؤجر على عمل في ذمته لا بقيد المباشرة ففعله غيره لا بقصد التبرّع عنه. واما إذا فعله بقصد التبرع عنه كان أداءً للعمل المستأجر عليه واستحق الأجير الأجرة.

(مسألة 452) : إجارة الأجير على قسمين :

(الأول) : أن تكون الإجارة واقعة على منفعته الخارجية من دون اشتغال ذمته بشيء نظير إجارة الدابة والدار ونحوهما من الأعيان المملوكة.

(الثاني) : أن تكون الإجارة واقعة على عمل في الذمة فيكون العمل المستأجر عليه ديناً في ذمته كسائر الديون، فإن كانت على النحو الأول فقد تكون الإجارة على جميع منافعه في مدة معينة، وحينئذٍ لا يجوز له في تلك المدة العمل لنفسه ولا لغيره لا تبرعاً ولا بإجارة، ولا بجعالة. نعم لا بأس ببعض الأعمال التي تنصرف عنها الإجارة ولا تشملها ولا تكون منافية لما شملته كما إنه إذا كان مورد الإجارة أو منصرفها الاشتغال بالنهار مثلاً فلا مانع من الاشتغال ببعض الأعمال

ص: 99

في الليل له أو لغيره تبرعاً أو بإجارة أو جعالة إلا إذا أدّى إلى ضعفه في النهار عن القيام بما استؤجر عليه، فإذا عمل في المدة المضروبة في الإجارة بعض الأعمال المشمولة لها فإن كان العمل لنفسه تخير المستأجر بين فسخ الإجارة واسترجاع تمام الأجرة وبين إمضاء الإجارة ومطالبته بقيمةالعمل الذي عمله لنفسه وكذا إذا عمل لغيره تبرعاً. نعم يحتمل أن له أيضاً حينئذٍ مطالبة غيره بقيمة العمل الذي استوفاه فيتخير بين أمور ثلاثة ولا يخلو من وجه، وأما إذا عمل لغيره بعنوان الإجارة أو الجعالة فله الخيار بين الأمرين المذكورين أولاً وبين إمضاء الإجارة أو الجعالة وأخذ الأجرة أو الجعل المسمّى فيها ويحتمل قريباً أن له مطالبة غيره على ما عرفت فيتخير بين أمور أربعة ثم إذا اختار المستأجر فسخ الإجارة الأولى في جميع الصور المذكورة ورجع بالأجرة المسماة فيها وكان قد عمل الأجير بعض العمل للمستأجر كان له عليه أجرة المثل. هذا إذا كانت الإجارة واقعة على جميع منافعه، أما إذا كانت على خصوص عمل بعينه كالخياطة فليس له أن يعمل ذلك العمل لنفسه ولا لغيره لا تبرعاً ولا بإجارة ولا بجعالة فإذا خالف وعمل لنفسه تخير المستأجر بين الأمرين السابقين، وإن عمل لغيره تبرعاً تخير بين الأمور الثلاثة وإن عمل لغيره بإجارة أو جعالة تخير بين الأمور الأربعة كما في الصورة السابقة وفي هذه الصورة لا مانع من أن يعمل لنفسه أو لغيره بإجارة أو جعالة غير ذلك العمل إذا لم يكن منافياً له، فإذا آجر نفسه في يوم معين للصوم عن زيد جاز له أن يخيط لنفسه أو لغيره بإجارة أو جعالة وله الأجر أو الجعل المسمى، أما إذا كان منافياً له كما إذا آجر نفسه للخياطة فاشتغل بالكتابة تخير المستأجر بين فسخ الإجارة والمطالبة بقيمة العمل المستأجر عليه الذي فوّته على المستأجر، وإذا كانت الإجارة على النحو الثاني الذي يكون العمل المستأجر عليه في الذمة، فتارة تؤخذ المباشرة قيداً على نحو وحدة المطلوب، وتارة على نحو تعدد المطلوب، فإن كان على النحو الأول جاز له كل عمل لا ينافي الوفاء بالإجارة، ولا يجوز له ما ينافيه سواء أكان من نوع العمل المستأجر عليه، أم من غيره. وإذا عمل ما ينافيه تخير

ص: 100

المستأجر بين فسخ الإجارة والمطالبة بقيمة العمل الفائت المستأجر عليه. وإذا آجر نفسه لما ينافيه توقفت صحة الإجارة الثانية على إجازة المستأجر الأول بمعنى رفع يده عن حقه.

فإن لم يجز بطلت واستحق الأجير على من عمل له أجرة المثل، كما إن المستأجر الأول يتخير كما تقدم بين فسخ الإجارة الأولى والمطالبة بقيمة العمل الفائت وإن أجاز صحة الإجارة الثانية واستحق الأجير على كل من المستأجر الأول والثاني الأجرة المسماة في الإجارتين وبرئت ذمته من العمل الذي استؤجر عليه أولاً، وإن كانت الإجارة على نحو تعدد المطلوب فالحكم كذلك. نعم لا يسقط العمل المستاجر عليه عن ذمة الأجير بمجرد الإجازة للإجارة الواقعة على ما ينافيه. بل يسقط شرط المباشرة ويجب على الأجير العمل للمستأجر الأول لا بنحو المباشرة والعمل للمستأجر الثاني بنحو المباشرة. لكن فرض تعدد المطلوب في الذميات لا يخلو من شبهة.

فصل وفيه مسائل متفرقة

(مسألة 453) : لا تجوز إجارة الأرض للزرع بما يحصل منها كحنطة أو شعير مقداراً معيناً كما لا تجوز إجارتها بالحصة من زرعها مشاعة ربعاً أو نصفاً وتجوز إجارتها بالحنطة أو الشعير في الذمة ولو كان من جنس ما يزرع فيها، فضلاً عن إجارتها بغير الحنطة والشعير من الحبوب وإن كان الأحوط تركه.

(مسألة 454) : تجوز إجارة حصة مشاعة من أرض معينة كما تجوز إجارة حصة منها على نحو الكلي في المعين، أما على نحو الكلي في الذمة مشكل، بل منع لعدم ارتفاع الغرر بالوصف.

ص: 101

(مسألة 455) : لا تجوز إجارة الأرض مدة طويلة لتُوقف مسجداً، ولا تترتب آثار المسجد عليها. نعم تجوز إجارتها لتعمل مصلى يصلّى فيه أو يتعبد فيه أو نحو ذلك من أنواع الانتفاع، ولا تترتب عليها أحكام المسجد

(مسألة 456) : يجوز استئجار الشجرة لفائدة الاستظلال ونحوه كربط الدواب ونشر الثياب، ويجوز استيجار البستان لفائدة التنزه.

(مسألة 457) : يجوز استئجار الإنسان للاحتطاب والإحتشاش والاستقاء ونحوها. فلو استأجر لحمل الماء من الشط ملكه، فإن كانت الإجارة واقعة على المنفعة الخاصة وحدها أو مع غيرها ملك المستأجر العين المحازة وإن قصد الأجير نفسه أو شخصاً آخر غير المستأجر، وإن كانت واقعة على العمل في الذمة فإن قصد الأجير تطبيق العمل المملوك عليه على فعله الخاص بأن كان في مقام الوفاء بعقد الإجارة ملك المستأجر المحاز أيضاً. وإن لم يقصد ذلك، بل قصد الحيازة لنفسه أو غيره فيما يجوز الحيازة له كان المحاز ملكاً لمن قصد الحيازة وكان للمستأجر الفسخ والرجوع بالأجرة المسماة، والإمضاء والرجوع بقيمة العمل المملوك له بالإجارة الذي فوته عليه.

(مسألة 458) : يجوز استئجار المرأة للإرضاع، بل للرضاع أيضاً بمعنى ارتضاع اللبن وإن لم يكن بفعل منها أصلاً مدة معينة، ولا بدّ من معرفة الصبي الذي استؤجرت لإرضاعه ولو بالوصف على نحو يرتفع الغرر، كما لا بدّ من معرفة المرضعة كذلك كما لا بدّ أيضاً من معرفة مكان الرضاع وزمانه إذا كانت تختلف المالية باختلافهما.

(مسألة 459) : لا بأس باستئجار الشاة والمرأة مدة معينة للإنتفاع بلبنها الذي يتكوّن فيها بعد الإيجار ،وكذلك استئجار الشجرة للثمرة، والبئر للاستقاء. وفي جواز استئجارها للمنافع الموجودة فيها فعلاً من اللبن والثمر والماء إشكال بل المنع أظهر.

ص: 102

(مسألة 460) : تجوز الإجارة لكنس المسجد، والمشهد، ونحوهما وإشعال سراجهما ونحو ذلك.

(مسألة 461) : لا تجوز الإجارة عن الحي في العبادات الواجبة عينية كانت أو كفائية، فالأول كالصلاة والصوم والثاني دفن الميت وتغسليه، الا في الحج عن المستطيع العاجز عن المباشرة وتجوز في المستحبات ولكن في جوازها فيها على الإطلاق حتى في مثل الصلاة والصيام إشكالاً. ولا بأس بها في فرض الإتيان بها رجاءً.

(مسألة 462) : تجوز الإجارة عن الميت في الواجبات والمستحبات وتجوز أيضاً الإجارة على أن يعمل الأجير عن نفسه ويهدي ثواب عمله إلى غيره.

(مسألة 463) : إذا أمر غيره بإتيان عمل فعمله المأمور فإن قصد المأمور التبرع لم يستحق الأجرة، وإن كان من قصد الآمر دفع الأجرة، وإن قصد الأجرة استحقها، وإن كان من قصد الآمر بالتبرع إلا أن تكون قرينة على قصد المجانية، كما إذا جرت العادة على فعله مجاناً أو كان المأمور ممّن ليس من شأنه فعله بأجرة أو نحو ذلك مما يوجب ظهور الطلب في المجانية، كما أنه لو عمل للغير بلا إذن ولا أمر فلا يستحق شيئاً.

(مسألة 464) : إذا استأجره على الكتابة أو الخياطة فمع إطلاق الإجارة : يكون المداد والخيوط على الأجير، وكذا الحكم في جميع الأعمال المتوقفة على بذل عين فإنها لا يجب بذلها على المستأجر إلا أن يشترط كونها عليه أو تقوم القرينة على ذلك.

(مسألة 465) : يجوز استئجار الشخص للقيام بكل ما يراد منه مما يكون مقدوراً له ويتعارف قيامه به والأقوى أن نفقته حينئذٍ على نفسه لا على المستأجر إلا مع الشرط أو قيام القرينة ولو كانت هي العادة.

ص: 103

(مسألة 466) : يجوز أن يستعمل العامل ويأمره بالعمل من دون تعيين أجرة ولكنه مكروه، ويكون عليه أجرة المثل لاستيفاء عمل العامل وليس من باب الإجارة.

(مسألة 467) : إذا استأجر أرضاً مدة معينة فغرس فيها أو زرع ما يبقى بعد انقضاء تلك المدة فإذا انقضت المدة جاز للمالك أن يأمره بقلعه، وكذا إذا استأجرها لخصوص الزرع أو الغرس وليس له الإبقاء بدون رضا المالك وإن بذل الأجرة، كما أنه ليس له المطالبة بالأرش إذا نقص بالقلع، أما إذا غرس ما لا يبقى فاتفق بقاؤه لبعض الطوارئ فيمكن أن يقال بوجوب البقاء مع إعطاء الأجرة.

(مسألة 468) : خراج الأرض المستأجرة _ إذا كانت خراجية _ على المالك نعم إذا شرط أن تكون على المستأجر بمعنى كون أدائه عليه لا كون تعلّقه به صح على الأقوى.

(مسألة 469) : لا بأس بأخذ الأجرة على ذكر مصيبة سيد الشهداء (عليه السلام) وفضائل أهل البيت عليهم السلام والخطب المشتملة على المواعظ ونحو ذلك مما له فائدة عقلائية دينية أو دنيوية.

(مسألة 470) : يجوز الإستئجار للنيابة عن الإحياء والأموات في العبادات التي تشرع فيها النيابة دون ما لا تشرع فيه كالواجبات العبادية مثل الصلاة والصيام عن الإحياء، وتجوز عن الأموات.

ولا تجوز الإجارة على تعليم الحلال والحرام وتعليم الواجبات مثل الصلاة والصيام وغيرهما مما هو محل الابتلاء على الأحوط وجوباً، بل إذا لم يكن محل الابتلاء فلا يخلو عن إشكال أيضاً.

ولا يجوز أخذ الأجرة على تغسيل الأموات وتكفينهم ودفنهم.

ص: 104

نعم الظاهر أنه لا بأس بأخذ الأجرة على حفر القبر على نحو خاص من طوله وعرضه وعمقه. أما أخذ الأجرة على مسمى حفر القبر اللازم فلا يجوز ولا تصح الإجارة عليه، كما يجوز أخذ الأجرة للأدوات التي يحفر بها.

(مسألة 471) : إذا بقيت أصول الزرع في الأرض المستأجرة للزراعة فنبتت فإن أعرض المالك عنها فهي لمن سبق إليها بلا فرق بين مالك الأرض وغيره، نعم لا يجوز الدخول في الأرض إلا بإذنه. وإن لم يعرض عنها فهي له

(مسألة 472) : إذا استأجر شخصاً لذبح حيوان فذبحه على غير الوجه الشرعي فصار حراماً ضمن، وكذا لو تبرع بلا إجارة فذبحه كذلك.

(مسألة 473) : إذا استأجر شخصاً لخياطة ثوب معين مثلاً لا بقيد المباشرة جاز لغيره التبرع عنه فيه وحينئذ يستحق الأجير الأجرة المسماة لا العامل. وإذا خاطه غيره لا بقصد النيابة عنه بطلت الإجارة إذا لم يمضِ زمان يتمكن فيه الأجير من الخياطة. وإلا ثبت الخيار لكل منهما.

هذا فيما إذا لم تكن الخياطة من غير الأجير بأمر من المستأجر أو بإجارته ثانية وإلا فالظاهر أن الأجير يستحق الأجرة لأن التفويت حينئذ مستند إلى المستأجر نفسه كما إذا كان هو الخائط.

وأما الخائط فيستحق على المالك أجرة المثل إن خاط بأمره، وأما إذا كان قد استأجره ثانية للخياطة فقيل أن الإجارة الثانية باطلة ويكون للخائط أجرة المثل، ولكن الأظهر صحتها واستحقاق الأجير الأجرة المسماة.

وإن خاط بغير أمره ولا إجازته لم يستحق عليه شيئاً. وإن اعتقد أن المالك أمره بذلك.

(مسألة 474) : إذا استأجره ليوصل متاعه إلى بلد كذا في مدة معينة فسافر بالمتاع وفي أثناء الطريق حصل مانع من الوصول بطلت الإجارة. فإن كان

ص: 105

المستأجر عليه نفس إيصال المتاع لم يستحق شيئاً، وإن كان مجموع السفر وإيصال المتاع على نحو تعدد المطلوب استحق من الأجرة بنسبة ما حصل من قطع المسافة إلى مجموع المستأجر عليه، أما إذا لم يكن على نحو تعدد المطلوب فالأظهر عدم استحقاقه شيئاً.

(مسألة 475) : إذا كان للأجير الخيار في الفسخ لغبن أو تخلف شرط أو وجود عيب أو غيرها فإن فسخ قبل الشروع في العمل فلا شيء عليه، وإن كان بعد تمام العمل كان له أجرة المثل ،وإن كان في أثنائه استحق بمقدار ما أتى به من أجرة المثل إلا إذا كان مجموع العمل ملحوظاً بنحو وحدة المطلوب كما إذا استأجره على الصلاة أو الصيام فإنه لو فسخ في الأثناء لم يكن له شيء، وكذا إذا كان الخيار للمستأجر ويحتمل بعيداً أنه إذا كان المستأجر عليه هو المجموع على نحو وحدة المطلوب ففسخ المستأجر في الأثناء كما إذا استأجره على الصلاة ففسخ في أثنائها أن يستحق الأجير بمقدار ما عمل من أجرة المثل.

(مسألة 476) : إذا استأجر عيناً مدة معينة ثم اشتراها في أثناء المدة فالإجارة باقية على صحتها، وإذا باعها في أثناء المدة ففي تبعية المنفعة للعين وجهان أقواهما ذلك.

(مسألة 477) : تجوز إجارة الأرض مدة معينة بتعميرها داراً أو تعميرها بستاناً بكري الأنهار، وتنقية الآبار، وغرس الأشجار، ونحو ذلك. ولا بد من تعيين مقدار التعمير كمّاً وكيفاً حتى لا تحصل الجهالة.

(مسألة478) : تجوز الإجارة على الطبابة ومعالجة المرضى سواء أكانت بمجرد وصف العلاج أو المباشرة كجبر الكسير وتضميد القروح والجروح ونحو ذلك.

ص: 106

(مسألة 479) : تجوز المقاطعة على العلاج بقيد البرء إذا كانت العادة تقتضي ذلك كما في سائر موارد الإجارة على الأعمال الموقفة على مقدمات غير اختيارية وكانت توجد عادة عند إرادة العمل.

(مسألة 480) : إذا أسقط المستأجر حقه من العين المستأجرة لم يسقط وبقيت المنفعة على ملكه.

(مسألة 481) : لا يجوز في الاستئجار للحج البلدي أن يستأجر شخصاً من بلد الميت إلى (النجف) مثلاً وآخر من (النجف) إلى (المدينة) وثالثاً من المدينة إلى (مكة) بل لا بد من أن يستأجر من يسافر من البلد بقصد الحج إلى أن يحج.

(مسألة 482) : إذا استؤجر للصلاة عن الميت فنقص بعض الأجزاء أو الشرائط غير الركنية سهواً، فإن كانت الإجارة على الصلاة الصحيحة كما هو الظاهر عند الإطلاق استحق تمام الأجرة ،وكذا إذا كانت على نفس الأعمال المخصوصة وكان النقص على النحو المتعارف وإن كان على خلاف المتعارف نقص من الأجرة بمقداره.

(مسألة 483) : إذا استؤجر لختم القرآن الشريف فالأحوط الترتيب بين السور والظاهر لزوم الترتيب بين آيات السور وكلماتها وإذا قرأ بعض الكلمات غلطاً والتفت إلى ذلك بعد الفراغ من السورة أو الختم، فإن كان بالمقدار المتعارف لم ينقص من الأجرة شيء، وإن كان بالمقدار غير المتعارف ففي إمكان تداركه بقراءة ذلك المقدار صحيحاً إشكال، والأحوط للأجير أن يقرأ السورة من مكان الغلط إلى آخرها.

(مسألة 484) : إذا استؤجر للصلاة عن (زيد) فاشتبه وصلى عن (عمرو) فان كان على نحو الخطأ في التطبيق بان كان مقصوده الصلاة عمن استؤجر للصلاة عنه فأخطأ في اعتقاده أنه عمرو، صح عن زيد واستحق الأجرة، وإن كان على نحو آخر لم يستحق الأجرة ولم يصح عن زيد.

ص: 107

(مسألة 485) : الموارد التي يجوز فيها استئجار البالغ للنيابة في العبادات المستحبة يجوز فيها أيضاً استئجار الصبي.

والله سبحانه العالم.

ص: 108

كتاب المزارعة

المزارعة هي الاتفاق بين مالك الأرض والزارع على زرع الأرض بحصة من حاصلها.

يعتبر في المزارعة أمور :

(الأول) : الإيجاب من المالك والقبول من الزارع بكل ما يدل على تسليم الأرض للزراعة وقبول الزارع لها من لفظ كقول المالك للزارع مثلاً: سلمت إليك الأرض لتزرعها فيقول الزارع :قبلت أو فعل دال على تسليم الأرض للزارع وقبول الزارع لها من دون كلام. ولا يعتبر فيها العربية والماضوية كما لا يعتبر تقديم الإيجاب على القبول ولا يعتبر أن يكون الإيجاب من المالك والقبول من الزارع بل يجوز العكس.

(الثاني) : أن يكون كل من الملك والزارع بالغاً عاقلاً ومختاراً ،وأن يكون المالك غير محجور عليه لسفه أو فلس وكذلك العامل إذا استلزم تصرفاً مالياً.

(الثالث) : أن يكون نصيبهما من تمام حاصل الأرض فلو جعل لأحدهما أول الحاصل وللآخر آخره بطلت المزارعة وكذا الحال لو جعل الكل لأحدهما.

(الرابع) : أن تجعل حصة كل منهما على نحو الإشاعة كالنصف والثلث ونحوهما فلو قال للزارع ازرع واعطني ما شئت لم تصح المزارعة وكذا لو عين للمالك أو الزارع مقدار معين كعشرة أطنان.

(الخامس) : تعيين المدة بالأشهر أو السنين، أو الفصل بمقدار يمكن حصول الزرع فيه. وعليه فلو جعل آخر المدة إدراك الحاصل بعد تعيين أولها كفى في الصحة.

ص: 109

(السادس) : أن تكون الأرض قابلة للزرع ولو بالعلاج والإصلاح. وأما إذا لم تكن كذلك كما إذا كانت الأرض سبخة لا يمكن الإنتفاع بها أو نحوها بطلت المزارعة.

(السابع) : تعيين الزرع إذا كان بينهما اختلاف نظر في ذلك وإلا لم يلزم التعيين. نعم لو كان مرادهما غير التعيين فيتخير الزارع بين أنواعه.

(الثامن) : تعيين الأرض وحدودها ومقدارها. فلو لم يعينها بطلت، وكذا إذا لم يعين مقدارها نعم لو عين كلياً موصوفاً على وجه لا يكون فيه غرر كمقدار جريب من هذه القطعة من الأرض التي لا اختلاف بين أجزائها صحت.

(التاسع) : تعيين ما عليهما من المصارف كالبذر ونحوه بان يجعل على أحدهما أو كليهما، ويكفي في ذلك المتعارف الخارجي لانصراف الإطلاق إليه.

(مسألة 486) : يجوز للعامل أن يزرع الأرض بنفسه أو بغيره أو بالشركة مع غيره.هذا فيما إذا لم يشترط المالك عليه المباشرة وإلا لزم أن يزرع بنفسه.

(مسألة 487) : لو أذن شخص لآخر في زرع أرضه على أن يكون الحاصل بينهما بالنصف أو الثلث أو نحوهما فهل هو من المزارعة المصطلحة أو لا ؟ وجهان الظاهر أنه من المزارعة ويترتب عليه أحكامها، وكذلك الحال لو أذن لكل من يتصدى للزرع وإن لم يعين شخصاً معيناً بأن يقول : لكل من زرع أرضي هذه نصف حاصلها أو ثلثه.

(مسألة 488) : قيل يجوز اشتراط مقدار معين من الحاصل لأحدهما وتقسيم الباقي بينهما بنسبة معينة إذا علما ببقاء شيء من الحاصل بعد استثناء ذلك المقدار، كما يجوز استثناء مقدار البذر لمن كان منه أو استثناء مقدار خراج السلطان أو ما يصرف في تعمير الأرض ولكن في جواز استثناء غير الخراج من المذكورات إشكالٌ، بل منعاً.

ص: 110

(مسألة 489) : لا يشترط في المزارعة بأن تكون الأرض ملكاً للمزارع بل يكفي كونه مسلّطاً على الأرض بالتولية للوقف أو يكون وصياً، أو له حق الاختصاص بها كالتحجير أو السبق أو غير ذلك.

(مسألة 490) : إذا عين المالك نوعاً خاصاً من الزرع من حنطة أو شعير أو نحو ذلك في ضمن عقد المزارعة تعين ذلك على الزارع.فلا يجوز له التعدي عنه، ولكن لو تعدى إلى غيره وزرع نوعاً آخر منه فللمالك الخيار بين الفسخ والإمضاء. فإن فسخ رجع على العامل بأجرة مثل المنفعة الفائتة للأرض

وأما الحاصل فهو للعامل إن كان البذر له: وإن كان للمالك فله المطالبة ببدله أيضاً. وعلى تقدير البذل كان الحاصل للعامل أيضاً وليست له مطالبة المالك بأجرة العمل مطلقاً.

هذا إذا علم المالك بذلك بعد بلوغ الحاصل. واما إذا علم به قبل بلوغه فله المطالبة ببدل المنفعة الفائتة، وإلزام العامل بقطع الزرع أو إبقائه بالأجرة أو مجاناً إن كان البذر له. وأما إذا كان للمالك فله المطالبة ببدل المنفعة الفائتة وبدل البذر أيضاً ومع بذله يكون الزرع للعامل.

هذا إذا كان على نحو الاشتراط وأما إذا كان التعيين على نحو التقييد بطلت المزارعة، وحكمه ما تقدم في فرض الفسخ.

(مسألة 491) : إذا ظهر بطلان المزارعة بعد الزرع فإن كان البذر للمالك كان الزرع له وعليه للزارع ما صرفه من الأموال وكذا أجرة عمله وأجرة الآلات التي استعملها في الأرض.وإن كان البذر للزارع فالزرع له وعليه للمالك أجرة الأرض وما صرفه المالك وأجرة أعيانه التي استعملت في ذلك الزرع.

ثم إن رضي المالك والزارع ببقاء الزرع في الأرض بالأجرة أو مجاناً فهو.وإن لم يرض المالك بذلك جاز له إجبار الزارع على إزالة الزرع وإن لم

ص: 111

يدرك الحاصل وتضرر بذلك وليس للزارع إجبار المالك على بقاء الزرع في الأرض ولو بأجرة كما أنه ليس للمالك إجبار الزارع على إبقاء الزرع في الأرض ولو مجاناً.وكذلك الحال فيما إذا انقضت مدة المزارعة الصحيحة ولم يدرك الحاصل

(مسألة 492) : يصح أن يشترط أحدهما على الآخر شيئاً على ذمته من ذهب أو فضة أو نحوهما مضافاً إلى حصته.

(مسألة 493) : المزارعة عقد لازم لا ينفسخ إلا بالتقايل أو الفسخ بخيار الشرط أو بخيار تخلف بعض الشروط المشترطة فيه ولا ينفسخ بموت أحدهما فيقوم الوارث مقامه. نعم ينفسخ بموت الزارع إذا قيدت المزارعة بمباشرته للعمل.

(مسألة 494) : إذا ترك الزارع الأرض بعد عقد المزارعة فلم يزرع حتى انقضت المدة فإن كانت الأرض في تصرفه وكان تركه بلا عذر ضمن أجرة المثل للمالك. ولا فرق في ضمانه في هذه الصورة بين أن يكون المالك عالماً بالحال وأن يكون غير عالم. وإن لم تكن الأرض تحت يده، بل كانت تحت يد المالك فحينئذ إن كان المالك مطلعاً على ذلك فالظاهر عدم ضمان الزارع وإن لم يكن المالك مطلعاً فالظاهر ضمانه.

(مسألة 495) : يجوز لكل من المالك والزارع أن يخرص الزرع بعد إدراكه بمقدار معين منه بشرط رضا الآخر به.وعليه فيكون الزرع للآخر وله المقدار المعين. ولو تلف الزرع أو بعضه كان عليهما معاً.

(مسألة 496) : إذا غرقت الأرض قبل القبض أو بعده قبل ظهور الزرع أو قبل إدراكه بطلت المزارعة.وإذا غرق بعضها تخير المالك والعامل في الباقي بين الفسخ والإمضاء.

ص: 112

(مسألة 497) : الأقوى عدم جواز عقد المزارعة بين أكثر من اثنين بأن تكون الأرض من واحد والبذر من آخر والعمل من ثالث والعوامل من رابع، وكذا الحال إذا وقع العقد بين جماعة على النحو المذكور.

(مسألة 498) : لا فرق في صحة عقد المزارعة بين أن يكون البذر من المالك أو العامل أو منهما معاً ولكن كل ذلك يحتاج إلى تعيين وجعل في ضمن العقد، إلا أن يكون هناك متعارف ينصرف إليه الإطلاق.

وكذا لا فرق بين أن تكون الأرض مختصة بالمزارع أو مشتركة بينه وبين العامل، كما أنه لا يلزم أن يكون تمام العمل على العامل فيجوز أن يكون عليهما، وكذا الحال في سائر التصرفات والآلات.

والضابط أن كل ذلك تابع للجعل في ضمن العقد.

(مسألة 499) : إذا وجد مانع في الأثناء قبل ظهور الزرع أو قبل بلوغه وإدراكه كما إذا انقطع الماء عنه ولم يمكن تحصيله أو استولى عليه الماء ولم يمكن قطعه، أو وجد مانع لم يمكن رفعه فالظاهر بطلان المزارعة من الأول، لكشفه عن عدم قابلية الأرض للزراعة وعليه فيكون الزرع الموجود لصاحب البذر. فإن كان البذر للمالك فعليه أجرة مثل عمل العامل. وإن كان للعامل فعليه أجرة مثل أرضه.

(مسألة 500) : إذا كانت الأرض التي وقعت المزارعة عليها مغصوبة وكان البذر من العامل بطلت المزارعة بالإضافة إلى المزارع. فإن أجاز المالك عقد المزارعة وقع له وإلا كان الزرع للزارع وعليه أجرة المثل لمالك الأرض.

وإذا انكشف الحال قبل بلوغ الزرع وإدراكه كان المالك مخيراً أيضاً بين الإجازة والرد. فإن ردّ فله الأمر بالإزالة أو الرضا ببقائه ولو بأجرة وعلى الزارع أجرة المثل بالنسبة إلى ما مضى.

ص: 113

(مسألة 501) : تجب على كل من المالك والزارع الزكاة إذا بلغت حصة كل منهما حد النصاب، وتجب على أحدهما إذا بلغت حصته كذلك.

هذا إذا كان الزرع مشتركاً بينهما من الأول أو من حين ظهور الثمر قبل صدق الاسم.

وأما إذا اشترطا الاشتراك بعد صدق الاسم او من حين الحصاد والتصفية فالزكاة على صاحب البذر سواء أكان هو المالك أم العامل.

(مسألة 502) : الباقي في الأرض من أصول الزرع بعد الحصاد وانقضاء المدة إذا نبت في السنة الجديدة وأدرك فحاصله تابع للأصل فإن البذرة للزارع والحاصل يكون له أيضاً. وإن لم يشترط في عقد المزارعة اشتراكهما في الأصول.

(مسألة 503) : إذا اختلف المالك والزارع في المدة فادّعى أحدهما الزيادة والآخر القلة فالقول قول منكر الزيادة ولو اختلفا في الحصة قلة وكثرة فالقول قول صاحب البذر المدعي للقلة.

وأما إذا اختلفا في اشتراط كون البذر أو العمل أو العوامل على أيهما، فالمرجع التحالف. ومع حلفهما أو نكولهما تنفسخ المعاملة.

(مسألة 504) : الزارع إذا قصد في تربية الأرض فقلَّ الحاصل لم يبعد ضمانه التفاوت فيما إذا كان البذر للمالك.

وأما إذا كان للعامل وكان التقصير قبل ظهور الزرع فلا ضمان ولكن للمالك حينئذ الفسخ والمطالبة بأجرة المثل للأرض.

(مسألة 505) : لو ادعى المالك على الزارع عدم العمل بما اشترط عليه في ضمن عقد المزارعة من بعض الأعمال او ادعى تقصيره فيه على وجه يضر بالزراعة أو تقصيره في الحفظ أو نحو ذلك وأنكره الزارع فالقول قوله.

ص: 114

وكذلك الحال في كل مورد ادعى أحدهما شيئاً وأنكره الآخر ما لم يثبت ما ادعاه شرعاً.

(مسألة 506) : إذا أوقع المتولي لوقف عقد المزارعة على الأرض الموقوفة على البطون إلى مدة حسب ما يراه صالحاً لهم لزم. ولا يبطل بالموت. وأما إذا أوقعهالبطن المتقدم من الموقوف عليهم ثم مات في الأثناء قبل انقضاء المدة بطل العقد من ذلك الحين، إلا إذا أجاز البطن اللاحق.

(مسألة 507) : يجوز لكل من المالك والعامل بعد ظهور الحاصل أن يصالح الآخر عن حصته بمقدار معين من جنسه، أو غير جنسه بعد التخمين بحسب المتعارف في الخارج.

(مسألة 508) : لا يعتبر في عقد المزارعة على الأرض أن تكون قابلة للزرع من حين العقد وفي السنة الأولى، بل يصح العقد على أرض بائرة وخربة لا تصلح للزرع إلا بعد إصلاحها وتعميرها سنة أو أكثر.

وعليه فيجوز للمتولي أن يزارع الأراضي الموقوفة وقفاً عاماً أو خاصاً التي أصبحت بائرة إلى عشر سنين أو أقل أو اكثر حسب ما يراه صالحاً.

ص: 115

ص: 116

كتاب المُسَاقَاةْ

المساقاة هي اتفاق شخص مع آخر على سقي أشجار مثمرة وإصلاح شؤونها إلى مدة معينة بحصة من أثمارها ويشترط فيها أمور :

(الأول) : الإيجاب والقبول ويكفي فيه كل ما يدل على المعنى المذكور من لفظ أو فعل أو نحوهما. ولا تعتبر فيها العربية ولا الماضوية.

(الثاني) : البلوغ والعقل والاختيار وأما عدم الحجر لسفه أو فلس فهو إنما يعتبر في المالك دون العامل إذا لم يشترط عليه صرف المال.

(الثالث) : أن تكون أصول الأشجار مملوكة عيناً ومنفعة، أو منفعة فقط أو يكون تصرفه فيها نافذاً بولاية أو وكالة أو تولية.

(الرابع) : أن تكون معلومة ومعينة عندهما.

(الخامس) : تعيين مُدة العمل فيها إما ببلوغ الثمرة المساقى عليها، وإما بالأشهر أو السنين بمقدار تبلغ فيها الثمرة غالباً فلو كانت أقل من هذا المقدار بطلت المساقاة.

(السادس) : تعيين الحصة وكونها مشاعة في الثمرة فلا يجوز أن يجعل للعامل ثمرة شجر معين دون غيره. نعم يجوز اشتراط مقدار معين كطن من الثمرة مثلاً بالإضافة إلى الحصة المشاعة لأحدهما إذا علم وجود ثمرة غيرها.

(السابع) : تعيين ما على المالك من الأمور وما على العامل من الأعمال ويكفي الانصراف إذا كان قرينة على التعيين.

ص: 117

(الثامن) : أن تكون المساقاة قبل ظهور الثمرة أو بعده قبل البلوغ إذا كان محتاجاً إلى السقي ونحوه. وأما إذا لم يحتج إلى ذلك فصحتها بلحاظ القطف والحفظ محل إشكال ،لكن لا إشكال بعنوان الجعالة.

(التاسع) : أن تكون المعاملة على أصل ثابت وأما إذا لم يكن ثابتاً كالبطيخ والباذنجان ونحوهما فالظاهر عدم وقوع المساقات. وأما كونها معاملة مستقلة محكومة بالصحة فمحل إشكال. والاحتياط لا يترك، ولا تصح المساقاة على الأشجار غير المثمرة كالصفصاف والغرب ونحوهما، بل صحتها على الشجر الذي ينتفع بورقه كالحناء ونحوه لا تخلو من إشكال.

(مسألة 509) : يصح عقد المساقاة في الأشجار المستغنية عن السقي بالمطر أو بمص رطوبة الأرض إذا احتاجت إلى أعمال أخرى ويكون العمل موجباً لاستزادة الثمرة.

(مسألة 510) : يجوز اشتراط شيء من الذهب أو الفضة للعامل أو المالك زائداً على الحصة من الثمرة. وهل يجب الوفاء به إذا لم تسلم الثمرة؟ قولان، بل أقوال أظهرهاالوجوب بلا فرق بين أن يكون الشرط للمالك وأن يكون للعامل ولا بين صورة عدم ظهور الثمرة أصلاً وصورة تلفها بعد الظهور.

(مسألة 511) : يجوز تعدد المالك واتحاد العامل فيساقي الشريكان عاملاً واحداً ويجوز العكس فيساقي المالك الواحد عاملين بالنصف له مثلاً والنصف الآخر لهما ويجوز تعددهما معاً.

(مسألة 512) : خراج الأرض على المالك، وكذا بناء الجدران وعمل الناضح ونحو ذلك مما لا يرجع إلى الثمرة وإنما يرجع إلى غيرها من الأرض أو الشجرة.

ص: 118

(مسألة 513) : يملك العامل مع إطلاق العقد الحصة في المساقاة من حين ظهور الثمرة. وإذا كانت المساقاة بعد الظهور ملك الحصة من حين تحقق العقد.

(مسألة 514) : الظاهر أن عقد المغارسة باطل وهي: أن يدفع شخص أرضه إلى غيره ليغرس فيها على أن تكون الأشجار المغروسة بينهما بالسوية، أو بالتفاضل على حسب القرار الواقع بينهما.

فإذا اتفق وقوعها كان الغرس لمالكه. فإن كان هو مالك الأرض استحق العامل عليه أجرة مثل عمله.وإن كان هو العامل استحق عليه مالك الأرض أجرة مثل أرضه، ولكن ليس له إجبار مالك الأرض على إبقائها ولو بأجرة، بل وجب عليه قلعها إن لم يرض المالك ببقائها كما أن عليه طم الحفر التي تحدث في الأرض بذلك، وليس على المالك نقص الأشجار بالقلع نعم لو قلعها المالك فنقصت وعابت ضمن تفاوت القيمة.

(مسألة 515) : يبطل عقد المساقاة بجعل تمام الحاصل للمالك ومع ذلك يكون تمام الحاصل والثمرة له وليس للعامل مطالبته بالأجرة حيث أنه أقدم على العمل في هذه الصورة مجاناً وأما إذا كان بطلان المساقاة من جهة أخرى وجب على المالك أن يدفع للعامل أجرة مثل ما عمله حسب المتعارف.

(مسألة 516) : عقد المساقاة لازم لا يبطل ولا ينفسخ إلا بالتقايل والتراضي أو الفسخ ممن له الخيار ولو من جهة تخلف بعض الشروط التي جعلاها في ضمن العقد أو بعروض مانع موجب للبطلان.

(مسألة 517) : إذا مات المالك قام وارثه مقامه ولا تنفسخ المساقاة. وإذا مات العامل قام وارثه مقامه إن لم تؤخذ المباشرة في العمل قيداً. فإن لم يقم الوارث بالعمل ولا استأجر من يقوم به فللحاكم الشرعي أن يستأجر من مال الميت من يقوم بالعمل، ويقسم الحاصل بين المالك والوارث.

ص: 119

وأما إذا أخذت المباشرة في العمل قيداً انفسخت المعاملة.

(مسألة 518) : مقتضى إطلاق عقد المساقاة كون الأعمال التي تتوقف تربية الأشجار وسقيها عليها والآلات مشتركة بين المالك والعامل بمعنى أنهما عليهما لا على خصوص واحد منهما.نعم إذا كان هناك تعيين أو انصراف في كون شيء على العامل أو المالك فهو المتبع.

والضابط أن كون عمل خاص أو آلة خاصة على أحدهما دون الآخر تابع للجعل في ضمن العقد بتصريح منهما أو من جهة الإنصراف من الإطلاق، وإلا فهو عليهما معاً.

(مسألة 519) : إذا خالف العامل فترك ما اشترط عليه من بعض الأعمال فللمالك إجباره على العمل المزبور، كما أن له حق الفسخ. وإن فات وقت العمل فله الفسخ من جهة تخلف الشرط. وليس له أن لا يفسخ ويطالبه بأجرة العمل بالإضافة إلى حصته على الأظهر الأقوى.

(مسألة 520) : لا يعتبر في المساقاة أن يكون العامل مباشراً للعمل بنفسه إن لم يشترط عليه المباشرة فيجوز له أن يستأجر شخصاً في بعض أعمالها أو في تمامها وعليه الأجرة، كما أنه يجوز أن يشترط كون أجرة بعض الأعمال على المالك.

(مسألة 521) : إذا كان البستان مشتملاً على أنواع من الأشجار كالنخل والكرم والرمان ونحوها من أنواع الفواكه فلا يعتبر العلم بمقدار كل واحد من هذه الأنواع تفصيلاً في صحة المساقاة عليها، بل يكفي العلم الإجمالي بها على نحو يرتفع معه الغرر.

ص: 120

(مسألة 522) : لا فرق في صحة المساقاة بين أن تكون على المجموع بالنصف أو الثلث أو نحوهما، وبين أن تكون على كل نوع منها بحصة مخالفة لحصة نوع آخر.كأن تجعل في النخل النصف مثلاً وفي الكرم الثلث وفي الرمان الربع وهكذا.

(مسألة 523) : قيل تصح المساقاة مردداً مثلاً بالنصف إن كان السقي بالناضح ،وبالثلث إن كان السقي بالسيح، ولا يضر هذا المقدار من الجهالة بصحتها، ولكن الأظهر عدم الصحة كما في الإجارة.

(مسألة 524) : يجوز في المساقاة أن يشترط أحدهما على الآخر شيئاً من ذهب أو فضة أو غيرهما مضافاً إلى حصته.

(مسألة 525) : إذا تلف بعض الثمرة فهل ينقص عما اشترط أحدهما على الآخر من ذهب أو فضة أو نحوهما بنسبة ما تلف من الثمرة أم لا؟ وجهان الأقوى الثاني لأنه ليس الاشتراط مشروطاً بالسلامة.

(مسألة 526) : إذا ظهر بطريق شرعي أن الأصول في عقد المساقاة مغصوبة فعندئذٍ إن أجاز المالك المعاملة صحت المساقاة بينه وبين العامل. وإلا بطلت وكان تمام الثمرة للمالك وللعامل أجرة المثل يرجع بها إلى الغاصب.

(مسألة 527) : إذا كان ظهور غصب الأصول بعد تقسيم الثمرة وتلفها فعندئذٍ للمالك أن يرجع إلى الغاصب فقط بتمام عوضها. وله أن يرجع إلى كل منهما لأن يد كل منهما يد عدوان.

(مسألة 528) : تجب الزكاة على كل من المالك والعامل إذا بلغت حصة كل منهما حد النصاب فيما إذا كانت الشركة قبل زمان الوجوب. وإلا فالزكاة على المالك فقط.

ص: 121

(مسألة 529) : إذا اختلف المالك والعامل في اشتراط شيء على أحدهما وعدمه فالقول قول منكره.

(مسألة 530) : لو اختلف المالك والعامل في صحة العقد وفساده قُدِّم قول مدعي الصحة.

(مسألة 531) : لو اختلف المالك والعامل في مقدار حصة العامل فالقول قول المالك المنكر للزيادة، وكذا الحال فيما إذا اختلفا في المدة.

وأما إذا اختلفا في مقدار الحاصل زيادة ونقيصة بأن يطالب المالك العامل بالزيادة فالقول قول العامل ولا تسمع دعوى المالك على العامل الخيانة أو السرقة أو الإتلاف أو كون التلف بتفريط منه ما لم تثبت شرعاً بعد ما كان المفروض أن العامل كان أميناً له.

ص: 122

كتاب الجعالة

الجعالة من الإيقاعات لا بد فيها من الإيجاب عاماً مثل : من رد عبدي الآبق، أو بنى جداري فله كذا، أو خاصاً مثل إن خطت ثوبي فلك كذا.

ولا يحتاج إلى القبول لأنها ليست معاملة بين طرفين حتى يحتاج إلى قبول. بخلاف المضاربة والمزارعة والمساقاة ونحوها.

وتصح على كل عمل محلل مقصود عند العقلاء.

ويجوز أن يكون مجهولاً، كما يجوز في العوض أن يكون مجهولاً إذا كان بنحو لا يؤدي إلى التنازع مثل : من رد عبدي فله نصفه أو هذه الصبرة أو هذا الثوب.

وإذا كان العوض مجهولاً محضاً مثل من رد عبدي فله شيء بطلت ،وكان للعامل أجرة المثل.

(مسألة 532) : إذا تبرع العامل بالعمل فلا أجرة له، سواء أجعل لغيره أم لم يجعل.

(مسألة 533) : يجوز أن يكون الجعل من غير المالك كما إذا قال من خاط ثوب زيد فله درهم فإذا خاطه أحد لزم القائل الدرهم دون زيد.

(مسألة 534) : يستحق الجعل بالتسليم إذا كان المجعول عليه التسليم،اما إذا كان المجعول عليه غيره كما إذا قال : من أوصل عبدي إلى

ص: 123

البلد كان له درهم، استحق العامل الدرهم بمجرد الإيصال إلى البلد وإن لم يسلمه إلى أحد.وإذا قال : من خاط هذا الثوب فله درهم استحق الخياط الدرهم بمجرد الخياطة.

(مسألة 535) : الجعالة جائزة يجوز للجاعل الرجوع فيها قبل العمل. وفي جواز الرجوع في أثنائه إشكال. فإن صح رجوعه فيها فلا إشكال في أن للعامل أجرة المقدار الذي عمله.

(مسألة 536) : إذا جعل جعلين بأن قال : من خاط هذا الثوب فله درهم ثم قال : من خاط هذا الثوب فله دينار، كان العمل على الثاني. فإذا خاطه الخياط لزم الجاعل الدينار لا الدرهم.

ولو انعكس الفرض لزم الجاعل الدرهم لا الدينار، وإذا لم تكن قرينة على العدول من الأول إلى الثاني وجب الجعلان معاً.

(مسألة 537) : إذا جعل جعلاً لفعل فصدر جميعه من جماعة من كل واحد منهم بعضه كان للجميع جعل واحد لكل واحد منهم بعضه بمقدار عمله. ولو صدر الفعل بتمامه من كل واحد منهم كان لكل واحد منهم جعل تام.

(مسألة 538) : إذا جعل جعلاً لمن ردّه من مسافة معينة فرده من بعضها كان له من الجعل بنسبة عمله مع قصد الجاعل التوزيع.

(مسألة 539) : إذا تنازع العامل والمالك في الجعل وعدمه، أو في تعيين المجعول عليه، أو القدر المجعول عليه، أو في سعي العامل كان القول قول المالك.

(مسألة 540) : إذا تنازع العامل والمالك في تعيين الجعل ففيه إشكال. والأظهر أنه مع التنازع في قدره يكون القول قول مدعي الأقل

ص: 124

ومع التنازع في ذاته يكون القول قول الجاعل في نفي دعوى العامل،وتجب عليه التخلية بين ما يدعيه للعامل وبينه.

(مسألة 541) : عقد التامين للنفس أو المال _ المعبر عنه في هذا العصر بال (سيكورته) _ صحيح بعنوان المعاوضة إن كان للمتعهد بالتأمين عمل محترم له مالية وقيمة عند العقلاء من وصف نظام للأكل والشرب أو غيرهما أو وضع محافظ على المال أو غير ذلك من الأعمال المحترمة فيكون نوعاً من المعاوضة،وأخذ المال من الطرفين حلال، وإلا فالعقد باطل وأخذ المال حرام.

نعم إذا كان بعنوان الهبة المشروطة فيدفع مقداراً من المال هبة ويشترط على المتهّب دفع مال آخر على نهج خاص بينهم فأخذ المال من الطرفين حلال.

ص: 125

ص: 126

كتاب السبق والرماية

(مسألة 542) : لا بد فيهما من إيجاب وقبول، وإنما يصحّان في السهام والحراب، والسيوف، والإبل، والفيلة، والخيل، والبغال والحمير ولا يبعد صحة المسابقة في جميع الآلات المستعملة في الحرب كالآلات المتداولة في زماننا.

(مسألة 543) : يجوز أن يكون العوض عيناً وديناً، وأن يبذله أجنبي أو احدهما أو من بيت المال، ويجوز جعله للسابق وللمحلل وليس المحلل شرطاً.

(مسألة 544) : لا بد في المسابقة من تعيين الجهات التي يكون الجهل بها موجباً للنزاع. فلا بد من تقدير المسافة، والعوض وتعيين الدابة، ولا بد في الرماية من تقدير عدد الرمي وعدد الإصابة وصفتها وقدر المسافة والغرض، والعوض، ونحو ذلك.

(مسألة 545) : إذا قالا بعد أن اخرج كل منهما سبقاً من نفسه وأدخلا محللاً : من سبق منا ومن المحلل فله العوضان. فمن سبق من الثلاثة فهما له فإن سبقا فلكلٍ ماله، وإن سبق أحدهما والمحلل فللسابق ماله ونصف الآخر والباقي للمحلل.

(مسألة 546) : المحلل هو الذي يدخل بين المتراهنين ولا يبذل معهما عوضاً، بل يُجري دابته بينهما أو في أحد الجانبين على وجه يتناوله العقد على أنه إن سبق بنفسه أو مع غيره أخذ العوض، أو بعضه على حسب الشرط وإن لم يسبق لم يَغرم شيئاً.

(مسألة 547) : إذا فسد العقد فلا اجرة للغالب ويضمن العوض إذا ظهر مستحقاً للغير مع عدم إجازته وعدم كون الباذل غارّاً، ويحصل السبق بتقدم

ص: 127

العنق أو الكتد وهو العظم الناتئ بين الظهر وأصل العنق إذا لم تكن قرينة على خلاف ذلك.

ص: 128

كتاب الشركة

(مسألة 548) : الشركة عقد جائز فيجوز لكل من المتعاقدين فسخه. فإذا فسخ أحدهما لم يجز للآخر التصرف في المال المشترك فيه. وينفسخ عقد الشركة بعروض الموت أو الجنون بفلس أو سفه لأحد الشريكين، ويكره مشاركة الذمي.

(مسألة 549) : تصح الشركة في الأموال ولا تصح في الأعمال بأن يتعاقدا على أن تكون أجرة عمل كل منهما مشتركة بينهما. فإذا تعاقدا على ذلك بطل وكان لكل منهما أجرة عمله.

نعم لو صالح كل منهما صاحبه على أن يكون نصف منفعة نفسه بنصف منفعة صاحبه مدة معينة فقبل الآخر صح، وكان عمل كل منهما مشتركاً بينهما.

(مسألة 550) : لو تصالح العاملان في ضمن عقد آخر لازم على أن يعطي كل منهما نصف أجرته للآخر صح ذلك ووجب العمل بالشرط.

(مسألة 551) : لا تصح الشركة في الوجوه بأن يتعاقدا على أن يشتري كل منهما مالاً بثمن في ذمته إلى أجل، ثم يبيعانه ويكون ربحه بينهما والخسران عليهما.

(مسألة 552) : لا تصح شركة المفاوضة بأن يتعاقدا على أن يكون ما يحصل لكل منهما من ربح تجارة أو زراعة أو إرث أو غير ذلك بينهما، وما يرد على كل منهما من غرامة تكون عليهما معاً.

(مسألة 553) : لو تعاقدا في شركة الوجوه أو شركة المفاوضة على ما ذكر كان لكل منهما ربحه وعليه خسارته. نعم إذا تصالحا في ضمن عقد آخر لازم

ص: 129

على أنه إنربح أحدهما أعطى صاحبه نصف ربحه وإن خسر أحدهما تدارك صاحبه نصف خسارته صح في المقامين.

(مسألة 554) : تتحقق الشركة في المال باستحقاق شخصين فما زاد مالاً واحداً عيناً كان أو ديناً بإرث أو وصية أو بفعلهما معاً. كما إذا حفرا بئراً أو اصطادا صيداً، أو اقتلعا شجرة أو نحو ذلك من الأسباب الاختيارية وغيرها.

وقد تكون بمزج المالين على نحو يرتفع الامتياز بينهما مع الاتحاد في الجنس، كمزج الحنطة بالحنطة والماء بالماء واختلافه كمزج دقيق الحنطة بدقيق الشعير ودهن اللوز بدهن الجوز.

(مسألة 555) : يلحق كلاً من الشريكين من الربح والخسران بنسبة ماله. فإن تساويا في الحصة كان الربح والخسران بينهما بالسوية، وإن اختلفا فبالنسبة.

(مسألة 556) : إذا اشترطا المساواة في الربح مع اختلاف الحصص، أو اشترطا الاختلاف ومع تساوي الحصص صح، ولكن يحصل كل منهما من النفع بنسبة ماله.

(مسألة 557) : لا يجوز لأحد الشريكين التصرف في العين المشتركة بدون إذن شريكه. وإذا أذن له في نوع من التصرف لم يجز التعدي إلى نوع آخر.

نعم إذا كان الاشتراك في أمر تابع مثل البئر والطريق غير النافذ والدهليز ونحوها مما كان الانتفاع به مبنياً عرفاً على عدم الاستئذان جاز التصرف وإن لم يأذن الشريك.

(مسألة 558) : إذا كان ترك التصرف موجباً لنقص العين كما لو كانا مشتركين في طعام، فإذا لم يأذن أحدهما في التصرف رجع الشريك إلى الحاكم الشرعي ليأذن في أكله، أو بيعه أو نحوهما ليسلم من الضرر.

ص: 130

(مسألة 559) : إذا كانا شريكين في دار مثلاً فتعاسرا، وامتنع أحدهما من الإذن في جميع التصرفات بحيث أدّى ذلك إلى الضرر رجع الشريك إلى الحاكم الشرعي ليأذن في التصرف الأصلح حسب نظره.

(مسألة 560) : إذا طلب أحد الشريكين القسمة فإن لزم الضرر منها لنقصان في العين أو القيمة بما لا يتسامح فيه عادة لم تجب إجابته وإلا وجبت الإجابة ويجبر عليها لو امتنع.

(مسألة 561) : إذا طلب الشريك بيع ما يترتب على قسمته نقص ليقسم الثمن، فإنه تجب الإجابة ويجبر الشريك عليها لو امتنع.

(مسألة 562) : إذا اشترط أحد الشريكين في عقد لازم عدم القسمة إلى أجل بعينه لم تجب الإجابة حينئذ إلى أن ينتهي الأجل.

(مسألة 563) : يكفي في تحقق القسمة تعديل السهام ثم القرعة وفي الاكتفاء بمجرد التراضي وجه، لكن الاحوط استحباباً خلافه.

(مسألة 564) : تصح قسمة الوقف مع الملك الطلق، ولا تصح قسمة الوقف في نفسه إذا كانت منافية لشرط الواقف. وإلا صحت.

(مسألة 565) : الشريك المأذون أمين لا يضمن ما في يده من المال المشترك إلا بالتعدي أو التفريط. وإذا ادّعى التلف قبل قوله مع يمينه، وكذلك يقبل قوله مع يمينه إذا ادّعى عليه التعدي أو التفريط فأنكر.

ص: 131

ص: 132

كتاب المضاربة

المضاربة هي أن يدفع الإنسان مالاً إلى غيره ليتجر فيه على أن يكون الربح بينهما بالنصف أو الثلث أو نحو ذلك لا بتمامه للمالك ولا بتمامه للعامل ويعتبر فيها أمور :

(الأول) : الإيجاب والقبول، ويكفي فيهما كل ما يدل عليهما من لفظ أو فعل، أو نحو ذلك. ولا يعتبر فيهما العربية ولا الماضوية.

(الثاني) : البلوغ والعقل والاختيار في كل من المالك والعامل وأما عدم الحجر من سفه أو فلس فهو إنما يعتبر في المالك دون العامل.

(الثالث) : تعيين حصة كل منهما من نصف أو ثلث أو نحو ذلك إلا أن يكون هناك تعارف خارجي ينصرف إليه الإطلاق.

(الرابع) : أن يكون الربح بينهما فلو شرط مقدار منه لأجنبي لم تصح المضاربة إلا إذا اشترط عليه عمل متعلق بالتجارة.

(الخامس) : أن يكون العامل قادراً على التجارة فيما كان المقصود مباشرته للعمل فإذا كان عاجزاً عنه لم تصح.

هذا إذا أخذت المباشرة قيداً، وأما إذا كانت شرطاً لم تبطل المضاربة، ولكن يثبت للمالك الخيار عند تخلف الشرط.

وأما إذا لم يكن لا هذا ولا ذاك وكان العامل عاجزاً عن التجارة حتى مع الاستعانة بالغير بطلت المضاربة.

ص: 133

ولا فرق في البطلان بين تحقق العجز من الأول وطروه بعد حين فتنفسخ المضاربة من حين طروّ العجز.

(مسألة 566) : الأقوى صحة المضاربة بالذهب والفضة المسكوكين بسكة المعاملة من الأوراق النقدية ونحوها. وفي صحتها بالمنفعة إشكال، وأما الدين فلا تصح المضاربة فيه.

(مسألة 567) : لا يعتبر في صحة المضاربة أن يكون المال بيد العامل فلو كان بيد المالك وتصدى العامل للمعاملة صحت.

(مسألة 568) : مقتضى عقد المضاربة الشركة في الربح ويكون لكل من العامل والمالك ما جعل له من الحصة نصفاً أو ثلثاً أو نحو ذلك. وإذا وقع فاسداً كان للعامل أجرة المثل وللمالك تمام الربح.

(مسألة 569) : يجب على العامل أن يقتصر على التصرف المأذون فيه. فلا يجوز التعدي عنه. فلو أمره أن يبيعه بسعر معين أو بلد معين أو سوق معين أو جنس معين فلا يجوز التعدي عليه، ولو تعدى إلى غيره لم ينفذ تصرفه وتوقف على إجازة المالك.

(مسألة 570) : يعتبر في صحة المضاربة أن يكون المال معلوماً قدراً ووصفاً، كما يعتبر أن يكون معيناً. فلو أحضر المالك مالين وقال قارضتك بأحدهما لم يصح.

(مسألة 571) : لا خسران على العامل من دون تفريط وإذا اشترط المالك على العامل أن تكون الخسارة عليهما كالربح في ضمن العقد فالظاهر بطلان الشرط. نعم لو اشترط على العامل أن يتدارك الخسارة من كيسه إذا وقعت صح ولا بأس به.

ص: 134

(مسألة 572) : إذا كان لشخص مال موجود في يد غيره أمانة أو غيرها فضاربه عليه صح.

(مسألة 573) : إذا كان المال في يده غصباً أو لغيره مما تكون اليد فيه يد ضمان، فضاربه عليه فهل يرتفع الضمان بذلك أو لا؟ قولان الأقوى هو الأول. وذلك لأن عقد المضاربة في نفسه وإن لم يقتض رضا المالك ببقاء المال في يده لما عرفت من أنه لا يعتبر في صحته كون المال بيد العامل، إلا أن عقد المضاربة من المالك على ذلك المال قرينة عرفية على رضاه ببقاء هذا المال في يده وتصرفه فيه. فحينئذ يرتفع الضمان بذلك. نعم إذا لم تكن قرينة على ذلك لم يرتفع الضمان.

(مسألة 574) : عقد المضاربة جائز من الطرفين فيجوز لكل منهما فسخه سواء أكان قبل الشروع في العمل أم بعده، كان قبل تحقق الربح أو بعده، كما أنه لا فرق في ذلك بين كونه مطلقاً أو مقيداً إلى أجل خاص. نعم لو اشترط عدم الفسخ إلى زمان كذا فالأقوى عدم جواز فسخه.

(مسألة 575) : لا يجوز للعامل خلط رأس المال مع مال آخر لنفسه أو غيره إلا مع إذن المالك عموماً أو خصوصاً وعليه فلو خلط من دون إذنه ضمن ما تلف تحت يده من ذلك المال، ولكن هذا لا يضر بصحة المضاربة، بل هي باقية على حالها والربح بينهما على النسبة.

(مسألة 576) : يجوز للعامل مع إطلاق عقد المضاربة التصرف حسب ما يراه مصلحة من حيث البائع والمشتري ونوع الجنس. نعم لا يجوز له أن يسافر به من دون إذن المالك، إلا إذا كان هناك تعارف ينصرف الإطلاق إليه. وعليه فلو خالف وسافر وتلف المال ضمن.

وكذا الحال في كل تصرف وعمل خارج عن عقد المضاربة.

ص: 135

(مسألة 577) : مع إطلاق العقد يجوز البيع حالاً ونسيئةً إذا كان البيع نسيئة أمراً متعارفاً في الخارج يشمله الاطلاق، وأما إذا لم يكن أمراً متعارفاً فلا يجوز من دون الإذن الخاص.

(مسألة 578) : لو خالف العامل المضارب وباع نسيئة بدون إذنه عندئذ إن استوفى الثمن قبل اطلاع المالك فهو، وإن اطلع المالك قبل الاستيفاء فإن أجاز صح البيع وإلا بطل.

(مسألة 579) : إطلاق العقد لا يقتضي بيع الجنس بالنقد، بل يجوز بيع الجنس بجنس آخر أيضاً. نعم لو كان الجنس من الأجناس التي لا رغبة للناس فيها أصلا فعندئذ لا يجوز ذلك لانصراف الإطلاق عنه.

(مسألة 580) : يجب على العامل بعد عقد المضاربة العمل بما يعتاد بالنسبة إليه، وعليه إن يتولى ما يتولاه التاجر لنفسه من الأمور المتعارفة في التجارة اللائقة بحاله فيجوز له استئجار من يكون متعارفاً استئجاره كالدلاّل والحمّال والوزّان والكيّال والمحل وما شاكل ذلك.

ومن هنا يظهر أنه لو استأجر فيما كان المتعارف مباشرته فيه بنفسه فالأجرة من ماله لا من الوسط، كما أنه لو تولى ما يتعارف الاستئجار جاز له أن يأخذ الأجرة إن لم يتصد له مجاناً.

(مسألة 581) : نفقة سفر العامل من المأكل والمشرب والملبس والمسكن وأجرة الركوب وغير ذلك مما يصدق عليه النفقة من رأس المال إذا كان السفر بإذن المالك ولم يشترط نفقته عليه.

وكذلك الحال بالإضافة إلى كل ما يصرفه من الأموال في طريق التجارة.

ص: 136

نعم ما يصرفه مما لا تتوقف عليه التجارة فعلى نفسه. والمراد من النفقة هي اللائقة بحاله. فلو أسرف حُسب عليه. نعم لو قتَّر على نفسه أو حل ضيفاً عند شخص لا يحسب له.

(مسألة 582) : المراد بالسفر هو العرفي لا الشرعي فيشمل فرسخين أو ثلاثة.

(مسألة 583) : إذا كان شخص عاملاً لاثنين أو اكثر ،أو عاملاً لنفسه ولغيره توزعت النفقة على نسبة العملين على الأظهر لا على نسبة المالين كما قيل.

(مسألة 584) : لا يشترط في استحقاق العامل النفقة تحقق الربح، بل ينفق من أصل المال. نعم إذا حصل الربح بعد هذا تحسب منه ويعطى المالك تمام رأس ماله، ثم يقسّم الربح بينهما.

(مسألة 585) : إذا مرض العامل في السفر فإن لم يمنعه من شغله فله اخذ النفقة. نعم ليس له أخذ ما يحتاج إليه للبرء من المرض. وأما إذا منعه عن شغله فليس له أخذ النفقة.

(مسألة 586) : إذا فسخ العامل عقد المضاربة في أثناء السفر أو انفسخ فنفقة الرجوع عليه لا على المال المضارب به.

(مسألة 587) : إذا اختلف المالك والعامل في أنها مضاربة فاسدة أو قرض ولم يكن هناك دليل معين لأحدهما فقد يكون الاختلاف من جهة أن العامل يدعي القرض ليكون الربح له، والمالك يدعي المضاربة لئلا يكون عليه غير اجرة المثل، ويكون الربح له. ففي مثل ذلك يتوجه الحلف على المالك وبعده يحكم بكون الربح للمالك وثبوت أجرة المثل للعامل.

ص: 137

وقد يكون من جهة أن المالك يدعي القرض لدفع الخسارة عن نفسه، أو لعدم اشتغال ذمته للعامل بشيء والعامل يدعي المضاربة الفاسدة فيحكم فيه بعد التحالف بكون الخسارة على المالك وعدم اشتغال ذمته للعامل.

هذا إذا كان الاختلاف بينهما في كونها مضاربة فاسدة أو قرضاً واما إذا كان الاختلاف بينهما في أنها مضاربة فاسدة أو بضاعة فالظاهر في هذه الصورة أن يكون الربح تماماً للمالك بعد حلف المالك، ولا يكون للعامل أجرة المثل.

(مسألة 588) : يجوز أن يكون المالك واحداً والعامل متعدداً سواء أكان المال أيضاً واحداً أو كان متعدداً، وسواء أكان العمال متساوين في مقدار الجعل في العمل أو كانوا متفاضلين.

وكذا يجوز أن يكون المالك متعدداً والعامل واحداً.

(مسألة 589) : إذا كان المال مشتركاً بين شخصين وقارضاً واحداً واشترطا له النصف وتفاضلا في النصف الآخر بان جعل لأحدهما أكثر من الآخر مع تساويهما في رأس المال أو تساويا فيه بان كانت حصة كل منهما مساوية لحصة الآخر مع تفاضلهما في رأس المال. فالظاهر بطلان المضاربة بعد وقوع النقص في حصة الشريك إذا لم تكن الزيادة في مقابل عمل.

نعم لو كان المقصود من ذلك النقص على حصة العامل بمعنى أن أحدهما قد جعل للعامل في العمل بماله أقل مما جعله الآخر، مثلاً جعل أحدهما له ثلث ربح حصته وجعل الآخر له ثلثي ربح حصته صحت المضاربة.

(مسألة 590) : تبطل المضاربة بموت كل من المالك والعامل، أما على الأول فلفرض انتقال المال إلى وارثه بعد موته. فإبقاء المال بيد العامل يحتاج إلى مضاربة جديدة. وأما على الثاني فلفرض اختصاص الإذن به

ص: 138

(مسألة 591) : لا يجوز للعامل أن يُوَكِّل وكيلاً في عمله، أو يستأجر شخصاً إلا بإذن المالك، كما لا يجوز أن يضارب غيره إلا بإذنه فلو فعل ذلك بدون إذنه وتلف ضمن.

نعم لا بأس بالاستئجار أو التوكيل في بعض المقدمات على ما هو المتعارف في الخارج المنصرف إليه الإطلاق.

(مسألة 592) : يجوز لكل من المالك والعامل أن يشترط على الاخر في ضمن عقد المضاربة مالاً او عملاً كخياطة ثوب أو نحوها، أو إيقاع بيع أو صلح أو وكالة او قرض أو نحو ذلك ويجب الوفاء بهذا الشرط سواء أتحقق الربح بينهما أو لم يتحقق. وسواء أكان عدم تحقق الربح من جهة مانع خارجي أم من جهة ترك العامل العمل بالتجارة.

(مسألة 593) : مقتضى عقد المضاربة خارجاً عن ملكية العامل لحصته من حين ظهور الربح ولا تتوقف على الأنضاض أو القسمة.

نعم لو عرض بعد ذلك خسران أو تلف يجبر به إلى أن تستقر ملكية العامل.

وهل يكفي في الاستقرار قسمة تمام الربح والمال بينهما فحسب من دون فسخ المضاربة خارجاً أو لا يكفي ؟ وجهان، الظاهر هو الأول لأنها فسخ فعلي. وعليه فلا يكون التلف بعد القسمة محسوباً من الربح

(مسألة 594) : إذا ظهر الربح وتحقق في الخارج فطلب أحدهما قسمته فإن رضي الآخر فلا مانع منها، وإن لم يرض فإن كان هو المالك فليس للعامل إجباره عليها وإن كان هو العامل فالظاهر أن للمالك إجباره عليها

ص: 139

(مسألة 595) : إن اقتسما الربح ثم عرض الخسران فإن حصل بعده ربح جبر به إذا كان بمقداره أو أكثر ،وأما إذا كان أقل منه وجب على العامل رد أقل الأمرين من مقدار الخسران وما أخذه من الربح.

(مسألة 596) : إذا باع العامل حصته من الربح أو وهبها أو نحو ذلك ثم طرأت الخسارة على مال المضاربة وجب على العامل دفع أقل الأمرين من قيمة ما باعه أو وهبه ومقدار الخسران.

ولا يكشف الخسران اللاحق عن بطلان البيع أو الهبة أو نحوهما بل هو في حكم التلف.

(مسألة 597) : لا فرق في جبر الخسارة بالربح بين الربح السابق واللاحق ما دام عقد المضاربة باقياً، بل الأظهر الجبر وإن كانت الخسارة قبل الشروع في التجارة، كما إذا سرق في أثناء سفر التجارة قبل الشروع فيها أو في البلد قبل الشروع في السفر.هذا في تلف البعض، وأما لو تلف الجميع قبل الشروع في التجارة. فالظاهر أنه موجب لبطلان المضاربة.

هذا في التلف السماوي، وأما إذا أتلفه العامل أو الأجنبي فالمضاربة لا تبطل إذا أدى المتلف بدل التالف.

(مسألة 598) : فسخ عقد المضاربة أو انفساخه تارة يكون قبل الشروع في العمل وأخرى بعده وقبل ظهور الربح. وعلى كلا التقديرين لا شيء للمالك ولا عليه، وكذا العامل من دون فرق بين أن يكون الفسخ من العامل أو المالك.

(مسألة 599) : لو كان الفسخ من العامل بعد السفر بإذن المالك وصرف مقدار من رأس المال في نفقته فالاحتياط في هذه الصورة بإرضاء المالك لا يترك.

ص: 140

(مسألة 600) : إذا كان الفسخ أو الانفساخ بعد حصول الربح فإن رضي كل من المالك والعامل بالقسمة فلا كلام، وإن لم يرض أحدهما أجبر عليها.

(مسألة 601) : إذا كانت في مال المضاربة ديون فهل يجب على العامل أخذها بعد الفسخ أو الانفساخ أو لا وجهان. والوجوب إن لم يكن أقوى فهو أحوط.

(مسألة 602) : لا يجب على العامل بعد الفسخ إلا التخلية بين المالك وبين ماله، وأما الإيصال إليه فلا يجب إلا إذا أرسله إلى بلد آخر. فعندئذ الأظهر وجوب الرد إلى بلده.

(مسألة 603) : إذا اختلف المالك والعامل في مقدار رأس المال الذي أعطاه للعامل بأن ادعى المالك الزيادة وأنكرها العامل قدِّم قول العامل مع يمينه إذا لم تكن للمالك بينة عليها.

ولا فرق في ذلك بين كون رأس المال موجوداً أو تالفاً مع ضمان العامل

(مسألة 604) : إذا اختلفا في مقدار نصيب العامل بأن يدعي المالك الأقل والعامل يدعي الأكثر فالقول قول المالك.

(مسألة 605) : إذا ادعى المالك على العامل الخيانة والتفريط فالقول قول العامل.

(مسألة 606) : لو ادعى المالك على العامل أنه شرط عليه بان لا يشتري الجنس الفلاني أو لا يبيع من فلان أو نحو ذلك والعامل ينكره فالقول قول المالك، فإن الشك يرجع إلى أن المالك هل أذن فيما يدعيه العامل أو لا فالأصل عدمه.

(مسألة 607) : لو ادعى العامل التلف وأنكره المالك قُدِّم قول العامل، وكذا الحال إذا ادعى الخسارة أو عدم الربح أو عدم حصول المطالبات مع فرض كونه مأذوناً في معاملات النسيئة لأنه أمين.

ص: 141

(مسألة 608) : لا فرق في سماع قول العامل في هذه الفروض بين أن تكون الدعوى قبل فسخ المضاربة أو بعده، بل الأظهر سماع قوله حتى فيما إذا ادعى بعد الفسخ التلف بعده.

(مسألة 609) : إذا مات العامل وكان عنده مال المضاربة فإن كان معلوماً بعينه فلا كلام، وإن علم بوجوده في التركة من غير تعيين فيأخذ المالك مقدار ماله منها، ولا يكون المالك شريكاً مع الورثة بالنسبة على الظهر الأقوى.

(مسألة 610) : إذا كان رأس المال مشتركاً بين شخصين فضاربا واحداً، ثم فسخ أحد الشريكين دون الآخر فالظاهر بقاء عقد المضاربة بالإضافة إلى حصة الآخر.

(مسألة 611) : إذا أخذ العامل مال المضاربة وأبقاه عنده ولم يتجر به إلى مدة قليلة او كثيرة لم يستحق المالك عليه غير أصل المال وإن كان عاصياً في تعطيل مال الغير.

(مسألة 612) : إذا اشترط العامل على المالك في عقد المضاربة عدم كون الربح جابراً للخسران المتقدم على الربح، أو المتأخر عنه ففي الصحة إشكال.

ص: 142

كتاب الوديعة

وهي من العقود الجائزة ومفادها الائتمان في الحفظ.

(مسألة 613) : يجب على الودعي حفظ الوديعة بمجرى العادة. وإذا عين المالك محرزاً تعين، فلو خالف ضمن إلا مع الخوف، إذا لم ينص المالك على الخوف وإلا ضمن حتى مع الخوف.

(مسألة 614) : يضمن الودعي الوديعة لو تصرف فيها تصرفاً منافياً للاستئمان وموجباً لصدق الخيانة، كما إذا خلطها بماله بحيث لا تتميز أو أودعه كيساً مختوماً ففتح ختمه، أو أودعه طعاماً فأكل بعضه أو دراهم فاستقرض بعضها.

(مسألة 615) : إذا أودعه كيسين فتصرف في أحدهما ضمنه الآخر.

(مسألة 616) : إذا كان التصرف لا يوجب صدق الخيانة كما إذا كتب على الكيس بيتاً من الشعر أو نقش عليه أو نحو ذلك فإنه لا يوجب ضمان الوديعة، وإن كان التصرف حراماً لكونه غير مأذون فيه.

(مسألة 617) : يجب على الودعي علف الدابة وسقيها ويرجع به على المالك.

(مسألة 618) : إذا فرط الودعي ضمن ولا يزول الضمان إلا بالرد إلى المالك أو الإبراء منه.

ص: 143

(مسألة 619) : يجب على الودعي أن يحلف للظالم ويورِّي إن أمكن. ولو أقرّ له ضمن.

(مسألة 620) : يجب رد الوديعة إلى المودع أو وارثه بعد موته وإن كان كافراً، إلا إذا كان المودع غاصباً فلا يجوز ردها إليه، بل يجب ردها إلى مالكها فإن ردها إلى المودع ضمن.

ولو جهل المالك عرّف بها. فإن لم يعرفه تصدق بها عنه. فإن وجد ولم يرض بذلك فالأظهر عدم الضمان. ولو أجبره الغاصب على أخذها منه لم يضمن.

(مسألة 621) : إذا أودعه الكافر الحربي فالأحوط إنه تحرم عليه الخيانة، ولم يصح له تملك المال ولا بيعه.

(مسألة 622) : إذا اختلف المالك والودعي في التفريط او قيمة العين كان القول قول الودعي مع يمينه، وكذلك إذا اختلفا في التلف إن لم يكن الودعي متهماً.

(مسألة 623) : إذا اختلفا في الرد فالأظهر إن القول قول المالك مع يمينه وكذلك إذا اختلفا في أنها دين أو وديعة مع التلف.

(مسألة 624) : لا يصح إيداع الصبي والمجنون فإن لم يكن مميزاً لم يضمن الوديعة حتى إذا أتلف وكذلك المجنون.

(مسألة 625) : إذا كان الودعي صبياً مميزاً ضمن بالإتلاف.

ولا يضمن بمجرد القبض. ولا سيما إذا كان بإذن الولي. وفي ضمانه بالتفريط والإهمال إشكال والأظهر الضمان.

ص: 144

كتاب العارية

وهي التسليط على العين للانتفاع بها مجاناً.

(مسألة 626) : كل عين مملوكة يصح الانتفاع بها مع بقائها تصح إعارتها، وتجوز إعارة ما تملك منفعته وإن لم تملك عينه.

(مسألة 627) : ينتفع المستعير على العادة الجارية، ولا يجوز له التعدي عن ذلك. فإن تعدى ضمن ولا يضمن مع عدمه إلا أن يشترط عليه الضمان، أو تكون العين من الذهب أو الفضة وإن لم يكونا مسكوكين على إشكال ضعيف. ولو اشترط عدم الضمان فيهما صح.

(مسألة 628) : إذا نقصت العين المستعارة بالاستعمال المأذون فيه لم تضمن، وإذا استعار من الغاصب ضمن. فإن كان جاهلاً رجع على المعير بما أخذ منه إذا كان قد غرّه.

(مسألة 629) : إذا أذن له في انتفاع خاص لم يجز التعدي عنه إلى غيره، وإن كان معتاداً.

(مسألة 630) : لو أعار الذهب أو الفضة وشرط أنه إذا أتلف لم يضمن فلو تلف لم يكن ضامناً.

(مسألة 631) : تصح الإعارة للرهن وللمالك المطالبة بالفك بعد المدة، بل قيل : له المطالبة قبلها أيضاً ولا يبطل الرهن.

(مسألة 632) : إذا لم يفك الرهن جاز بيع العين في وفاء الدين فإن كان الرهن عارية ضمن المستعير بما بيعت به، إلا أن تباع بأقل من قيمة المثل.

ص: 145

وفي ضمان الراهن العين لو تلفت بغير الفك إشكال. والظاهر عدم الضمان إلا مع اشتراطه.

(مسألة 633) : لو جنّ المعير بحيث لم يتمكن من التصرف في ماله، فلا بد أن يرجع مال العارية إلى وليه.

ص: 146

كتاب اللقطة

وهي المال الضائع الذي لا يد لأحد عليه، المجهول مالكه.

(مسألة 634) : الضائع إما إنسان أو حيوان أو غيرهما من الأموال.

(والأول) : يسمى لقيطاً.

(والثاني) : يسمى ضالة.

(والثالث) : يسمى لقطة بالمعنى الأخص.

(مسألة 635) : لقيط دار الإسلام محكوم بحريته، وكذا لقيط دار الكفر إذا كان فيها مسلم أو ذمي يمكن تولده منه. ووارثه الإمام إذا لم يكن له وارث، وكذلك الإمام عاقلته، وإذا بلغ رشيداً فأقر برقّيته قُبل منه.

(مسألة 636) : لقيط دار الكفر إذا لم يكن فيها مسلم أو ذمي يمكن تولده منه يجوز استرقاقه.

(مسألة 637) : أخذ اللقيط واجب على الكفاية إذا توقف عليه حفظه. فإذا اخذه كان احق بتربيته وحضانته من غيره إلا أن يوجد من له الولاية عليه لنسب او غيره فيجب دفعه إليه حينئذ ولا يجري عليه حكم الالتقاط.

(مسألة 638) : ما كان في يد اللقيط من مال محكوم بأنه ملكه.

(مسألة 639) : يشترط في ملتقط الصبي البلوغ والعقل والحرية. فلا اعتبار بالتقاط الصبي والمجنون والعبد إلا بإذن مولاه، بل يشترط الإسلام فيه إذا كان اللقيط محكوماً بإسلامه، فلو التقط الكافر صبياً في دار الإسلام لم يجر على التقاطه أحكام الالتقاط ولا يكون أحق بحضانته.

ص: 147

(مسألة 640) : اللقيط إن وجد متبرع بنفقته أنفق عليه وإلا فإن كان له مال أنفق عليه منه بعد الاستئذان من الحاكم الشرعي أو مَن يقوم مقامه،

وإلا أنفق الملتقط من ماله عليه ورجع بها عليه إن لم يكن قد تبرع بها وإلا لم يرجع.

(مسألة 641) : يكره أخذ الضالة حتى لو خيف عليها التلف.

(مسألة 642) : إذا وجد حيوان في غير العمران كالبراري والجبال والآجام والفلوات ونحوها من المواضع الخالية من السكان فإن كان الحيوان يحفظ نفسه ويمتنع عن السباع لكبر جثته أو سرعة عدوه أو قوته كالبعير والفرس والجاموس والثور ونحوها لم يجز له أخذه سواء أكان في كلأ وماء أم لم يكن فيهما إذا كان صحيحاً يقوى على السعي إليهما.فإن أخذه الواجد حينئذ كان آثماً وضامناً له وتجب عليه نفقته ولا يرجع بها على الملك.وإذا استوفى شيئاً من نمائه كلبنه وصوفه كان عليه مثله أو قيمته. وإذا ركبه أو حمَّله حملاً كان عليه أجرته ولا يبرأ من ضمانه إلا بدفعه إلى مالكه.نعم إذا يئس من الوصول إليه ومعرفته تصدق به عنه بإذن الحاكم الشرعي.

(مسألة 643) : إن كان الحيوان لا يقوى على الامتناع من السباع جاز أخذه كالشاة وأطفال الإبل والبقر والخيل والحمير ونحوها.

فإن أخذه عرّفه في موضع الالتقاط والأحوط أن يعرّفه في ما حول موضع الالتقاط أيضاً فإن لم يعرف المالك جاز له تملكها والتصرف فيها بالأكل والبيع.

والمشهور أنه يضمنها حينئذ بقيمتها لكن من الظاهر ان الضمان مشروط بمطالبة المالك. فإذا جاء صاحبها وطلبها وجب عليه دفع القيمة وجاز له أيضاً إبقاؤها عنده إلى أن يعرف صاحبها ولا ضمان عليه حينئذ.

ص: 148

(مسألة 644) : إذا ترك الحيوان صاحبه في الطريق، فإن كان قد أعرض عنه جاز لكل أحد تملكه كالمباحات الأصلية ولا ضمان على الأخذ. وإذا تركه عن جهد وكلل بحيث لا يقدر أن يبقى عنده ولا يقدر أن يأخذه معه. فإذا كان الموضع الذي تركه فيه لا يقدر الحيوان على التعيش فيه لأنه لا ماء ولا كلأ ولا يقوى الحيوان فيه على السعي إليهما جاز لكل أحد أخذه وتملكه.

وأما إذا كان الحيوان يقدر فيه على التعيّش لم يجز لأحد أخذه ولا تملكه. فمن أخذه كان ضامناً له.

وكذا إذا تركه عن جهد وكان ناوياً للرجوع إليه قبل ورود الخطر عليه.

(مسألة 645) : إذا وجد الحيوان في العمران وهو المواضع المسكونة التي يكون فيها مأموناً، كالبلاد والقرى وما حولها ممّا يتعارف وصول الحيوان منها إليه لم يجز له أخذه ومن أخذه ضمنه ويجب عليه التعريف ويبقى في يده مضموناً إلى أن يؤديه إلى مالكه فإن يئس منه تصدق به بإذن الحاكم الشرعي.

نعم إذا كان غير مأمون من التلف عادة لبعض الطوارئ لم يبعد جريان حكم غير العمران عليه من جواز تملكه في الحال بعد التعريف ومن ضمانه له كما سبق.

(مسألة 646) : إذا دخلت الدجاجة أو السخلة في دار الإنسان لا يجوز له أخذها ويجوز إخراجها من الدار وليس عليه شيء إذا لم يكن قد أخذها أما إذا أخذها ففي جريان حكم اللقطة عليها إشكال. والأحوط التعريف بها حتى يحصل اليأس من معرفة مالكها، ثم يتصدق بها ولا يبعد عدم ضمانها لصاحبها إذا ظهر.

(مسألة 647) : إذا احتاجت الضالة إلى نفقة فإن وجد متبرع بها أنفق عليها وإلا انفق عليها، من ماله ورجع بها على المالك.

ص: 149

(مسألة 648) : إذا كان للضالة نماء أو منفعة استوفاها الآخذ يكون ذلك بدل ما أنفقه عليها ولكن لا بد أن يكون ذلك بحساب القيمة على الأقوى.

(مسألة 649) : كل مال ليس حيواناً ولا إنساناً إذا كان ضائعاً ومجهول المالك وهو المسمى : لقطة بالمعنى الأخص يجوز أخذه على كراهة ولا فرق بين ما يوجد في الحرم وغيره وإن كانت كراهة الأخذ في الأول أشد وآكد.

(مسألة 650) : لو انكسرت سفينة في البحر فما أخرجه من متاعها فهو لصاحبه، وما أخرج بالغوص فهو لمخرجه إذا كان صاحبه قد تركه.

(مسألة 651) : اللقطة المذكورة إن كانت قيمتها دون الدرهم جاز تملكها بمجرد الأخذ، ولا يجب فيها التعريف ولا الفحص عن مالكها.

ثم إذا جاء المالك فإن كانت العين موجودة ردّها إليه وإن كانت تالفة لم يكن عليها البدل.

(مسألة 652) : إذا كانت قيمة اللقطة درهماً فما زاد وجب على الملتقط التعريف بها والفحص عن مالكها فإن لم يعرفه فإن كان قد التقطها في الحرم فالأحوط أن يتصدق بها عن مالكها وليس له تملكها وإن التقطها في غير الحرم تخيّر بين أمور ثلاثة : تملكها مع الضمان، والتصدق بها مع الضمان، وإبقاؤها أمانة في يده بلا ضمان.

(مسألة 653) : المدار في القيمة على مكان الالتقاط وزمانه دون غيره من الأمكنة والأزمنة.

(مسألة 654) : المراد من الدرهم ما يساوي (12,6) حمصة من الفضة المسكوكة فإن عشرة دراهم تساوي خمسة مثاقيل صيرفية وربع مثقال.

ص: 150

(مسألة 655) : إذا كان المال الملتقط مما لا يمكن تعريفه إما لأنه لا علامة فيه كالمسكوكات المفردة والمصنوعات بالمصانع المتداولة في هذه الأزمنة، أو لأن مالكه قد سافر إلى البلاد البعيدة التي يتعذر الوصول إليها، أو لأن الملتقط يخاف من الخطر والتهمة إن عرّف به، أو نحو ذلك من الموانع، سقط التعريف والأحوط التصدق به عنه، وجواز التملك لا يخلو من إشكال. وإن كان الأظهر جوازه فيما لا علامة له.

(مسألة 656) : تجب المبادرة إلى التعريف من حين الالتقاط إلى تمام السنة على وجه التوالي. فإن لم يبادر إليه كان عاصياً، ولكن لا يسقط وجوب التعريف عنه بل تجب المبادرة إليه بعد ذلك إلى أن ييأس من المالك.وكذا الحكم لو بادر إليه من حين الالتقاط ولكن تركه بعد ستة أشهر مثلاً حتى تمت السنة. فإذا تم التعريف تخير بين التصدق والإبقاء للمالك.

(مسألة 657) : إذا كان الملتقط قد ترك المبادرة إلى التعريف من حين الالتقاط لعذر أو ترك الاستمرار عليه كذلك إلى انتهاء السنة فالحكم كما تقدم، فيتخير بين التصدق والإبقاء للمالك غير إنه لا يكون عاصياً.

(مسألة 658) : لا تجب مباشرة الملتقط للتعريف فتجوز له الاستنابة فيه بلا أجرة أو بأجرة، والأقوى كون الأجرة عليه لا على المالك. وإن كان الالتقاط بنية إبقائها في يده للمالك.

(مسألة 659) : إذا عرّفها سنة كاملة، فقد عرفت أنه يتخير بين التصدق وغيره من الأمور المتقدمة، ولا يشترط في التخيير بينها اليأس من معرفة المالك.

ص: 151

(مسألة 660) : إذا كان الملتقط يعلم بالوصول إلى المالك لو زاد في التعريف على السنة، فالأحوط لو لم يكن أقوى لزوم التعريف حينئذ، وعدم جواز التملك أو التصدق.

(مسألة 661) : إذا كانت اللقطة مما لا تبقى كالخضر والفواكه واللحم ونحوها جاز أن يقوّمها الملتقط على نفسه ويتصرف فيها بما شاء من أكل ونحوه ويبقى الثمن في ذمته للمالك.

كما يجوز له أيضاً بيعها على غيره ويحفظ ثمنها للمالك والأحوط أن يكون بيعها على غيره بإذن الحاكم الشرعي ولا يسقط التعريف عنه على الأحوط بل يحفظ صفاتها ويعرف بها سنة. فإن وجد صاحبها دفع إليه الثمن الذي باعها به، أو القيمة التي في ذمته، وإلا لم يبعد جريان التخيير المتقدم.

(مسألة 662) : إذا ضاعت اللقطة من الملتقط فالتقطها آخر وجب عليه التعريف بها سنة. فإن وجد المالك دفعها إليه وإن لم يجده ووجد الملتقط الأول جاز دفعها إليه إذا كان واثقاً بأنه يعمل بوظيفته وعليه إكمال التعريف سنة ولو بضميمة تعريف الملتقط الثاني. فإن لم يجدها حتى تمت السنة جرى التخيير المتقدم من التملك والتصدق والإبقاء للمالك.

(مسألة 663) : قد عرفت أنه يعتبر تتابع التعريف طوال السنة فقال بعضهم يتحقق التتابع بان لا ينسى اتصال الثاني بما سبقه ويظهر أنه تكرار لما سبق. ونسب إلى المشهور إنه يعتبر فيه أن يكون في الاسبوع الاول كل يوم مرة وفي بقية الشهر الاول كل أسبوع مرة، وفي بقية الشهور كل شهر مرة.

وكلا القولين مشكل واللازم الرجوع إلى العرف فيه ولا يبعد صدقه إذا كان في كل ثلاثة أيام.

ص: 152

(مسألة 664) : يجب أن يكون التعريف في موضع الالتقاط ولا يجزئ في غيره.

(مسألة 665) : إذا كان الالتقاط في طريق عام أو في السوق أو ميدان البلد ونحو ذلك وجب أن يكون التعريف في مجامع الناس كالأسواق ومحل إقامة الجماعات، والمجالس العامة ونحو ذلك مما يكون مظنة وجود المالك.

(مسألة 666) : إذا كان الالتقاط في القفار والبراري فإن كان فيها نزّال عرّفهم، وإن كانت خالية فالأحوط التعريف في المواضع القريبة التي هي مظنة وجود المالك.

(مسألة 667) : إذا التقط في موضع الغربة جاز له السفر واستنابة شخص أمين في التعريف ولا يجوز السفر بها إلى بلده.

(مسألة 668) : إذا التقطها في منزل السفر جاز له السفر بها والتعريف بها في بلد المسافرين.

(مسألة 669) : إذا التقط في بلده جاز له السفر واستنابة أمين في التعريف.

(مسألة 670) : لا يلزم في عبارة التعريف مراعاة ما هو أقرب إلى تنبيه السامع لتفقد المال الضائع وذكر صفاته للملتقط.

بل يكفي أن يقول من ضاع له شيء أو مال، فلا يجب أن يقال من ضاع له ذهب أو فضة أو إناء أو ثوب أو نحو ذلك.

(مسألة 671) : إذا وجد مقداراً من الدراهم أو الدنانير وأمكن معرفة صاحبها بسبب بعض الخصوصيات التي هي فيها مثل العدد الخاص والزمان الخاص والمكان الخاص وجب التعريف ،ولا تكون حينئذ مما لا علامة له الذي تقدم سقوط التعريف فيه.

ص: 153

(مسألة 672) : إذا التقط الصبي أو المجنون فإن كانت اللقطة دون الدرهم جاز للولي أن يقصد تملكها لهما. وإن كانت درهماً فما زاد جاز لوليهما التعريف بها سنة. وبعد التعريف سواء أكان من الولي أو من غيره يجري التخيير المتقدم.

(مسألة 673) : إذا تملك الملتقط اللقطة بعد التعريف فعرف صاحبها فإن كانت العين موجودة دفعها إليه وليس للمالك المطالبة بالبدل، وإن كانت تالفة أو منتقلة منه إلى غيره ببيع أو صلح أو هبة أو نحوها كان للمالك عليه البدل وهو المثل في المثلي، والقيمة في القيمي

(مسألة 674) : إذا تصدق الملتقط بها فعرف صاحبها غرم له المثل أو القيمة، وليس له الرجوع بالعين إذا كانت موجودة، ولا الرجوع على المتصدق عليه بالمثل أو القيمة إن كانت مفقودة.هذا إذا لم يرض المالك بالصدقة وإلا فلا رجوع له على أحد وكان له أجر التصدق.

(مسألة 675) : اللقطة أمانة في يد الملتقط لا يضمنها إلا بالتعدي عليها أو التفريط بها ولا فرق بين مدة التعريف وما بعدها. نعم إذا تملكها أو تصدق بها ضمنها على ما عرفت.

(مسألة 676) : المشهور جواز دفع الملتقط اللقطة إلى الحاكم فيسقط وجوب التعريف عن الملتقط وفيه إشكال. وكذا الإشكال في جواز أخذ الحاكم لها أو وجوب قبولها.

(مسألة 677) : إذا شهدت البينة بأن مالك اللقطة فلان وجب دفعها إليه وسقط التعريف. سواء أكان ذلك قبل التعريف أم في أثنائه أم بعده قبل التملك أم بعده.

ص: 154

نعم إذا كان بعد التملك فقد عرفت أنه إذا كانت موجودة عنده دفعها إليه، وإن كانت تالفة أو بمنزلة التالف دفع إليه البدل، وكذا إذا تصدق بها ولم يرض المالك بالصدقة.

(مسألة 678) : إذا تلفت العين قبل التعريف فإن كانت غير مضمونة بأن لم يكن تعد أو تفريط سقط التعريف. وإذا كانت مضمونة لم يسقط.

وكذا إذا كان التلف في أثناء التعريف ففي الصورة الأولى يسقط التعريف، وفي الصورة الثانية يجب إكماله. فإذا عرف المالك دفع إليه المثل أو القيمة.

(مسألة 679) : إذا ادعى اللقطة مدع وعلم صدقه وجب دفعها إليه، وكذا إذا وصفها بصفاتها الموجودة فيها مع حصول الاطمئنان بصدقه ولا يكفي مجرد التوصيف بل لا يكفي حصول الظن أيضاً.

(مسألة 680) : إذا عرف المالك وقد حصل للّقطة نماء متصل دفع إليه العين والنماء. سواء حصل النماء قبل التملك أم بعده.

(مسألة 681) : إذا حصل للّقطة نماء منفصل فإن حصل قبل التملك كان للمالك وإن حصل بعده كان للملتقط.

(مسألة 682) : إذا لم يعرف المالك وقد حصل للّقطة نماء فإن كان متصلاً ملكه الملتقط تبعاً لتملك اللقطة، وأما إذا كان منفصلاً ففي جواز تملكه إشكال والأحوط التصدق به.

(مسألة 683) : لو عرف المالك ولكن لم يمكن إيصال اللقطة إليه ولا إلى وكيله فإن أمكن الاستيذان منه في التصرف فيها ولو بمثل الصدقة عنه، أو دفعها إلى أقاربه أو نحو ذلك تعين، وإلا تعين التصدق بها عنه.

ص: 155

(مسألة 684) : إذا مات الملتقط فإن كان بعد التعريف والتملك انتقلت إلى وارثه كسائر أملاكه.

وإن كان بعد التعريف وقبل التملك فالمشهور قيام الوارث مقامه في التخيير بين الأمور الثلاثة أو الأمرين.

وإن كان قبل التعريف قام الوارث مقامه فيه، وإن كان في أثنائه قام مقامه في إتمامه.

فإذا تم التعريف تخيّر الوارث بين الأمور الثلاثة أو الاثنين. والأحوط إجراء حكم مجهول المالك عليه في التعريف به إلى أن يحصل اليأس من الوصول إلى مالكه ثم يتصدق به عنه.

(مسألة 685) : إذا وجد مالاً في صندوقه ولم يعلم أنه له أو لغيره فإذا كان لا يدخل أحد يده في صندوقه فهو له.

وإن كان يدخل أحد يده في صندوقه عرّفه إيّاه. فإن عرفه دفعه إليه. وإن أنكره فهو له. وإن جهله لم يبعد الرجوع إلى القرعة كما في سائر موارد تردد المال بين مالكين.

هذا إذا كان الغير محصوراً، أما إذا لم يكن فلا يبعد الرجوع إلى القرعة فإن خرجت باسم غيره فحص عن المالك وبعد اليأس منه تصدق به عنه

(مسألة 686) : إذا وجد مالاً في داره ولم يعلم أنه له أو لغيره فإن لم يدخلها أحد غيره فهو له، وإن كان يدخلها كثير كما في المضائف ونحوها جرى عليه حكم اللقطة.

(مسألة 687) : إذا تبدلت عباءة إنسان بعباءة غيره أو حذاؤه بحذاء غيره، فإن علم أن الذي بدله قد تعمّد ذلك جاز له أخذ البدل من باب المقاصة، وإن كانت قيمته أكثر من ماله تصدق بالزائد إن لم يمكن إيصاله إلى المالك.

ص: 156

وإن لم يعلم أنه قد تعمد ذلك فإن علم رضاه بالتصرف جاز له التصرف فيه. وإلا جرى عليه حكم مجهول المالك فيفحص عن المالك فإن يئس منه ففي جواز أخذه وفاء عمّا أخذه إشكال، والأحوط التصدق به بإذن الحاكم الشرعي، وأحوط منه أخذه وفاءاً ثم التصدق به عن صاحبه كل ذلك بإذن الحاكم الشرعي.

ص: 157

ص: 158

كتاب الغصب

وهو حرام عقلاً وشرعاً. ويتحقق بالاستيلاء على مال الغير ظلماً، وإن كان عقاراً، ويضمن تمامه بالاستقلال، ولو سكن الدار قهراً مع المالك ضمن النصف لو كانت بينهما بنسبة واحدة. ولو اختلفت فبتلك النسبة، ويضمن المنفعة إذا كانت مستوفاة، وكذا إذا تلفت تحت يده، ولو غصب الحامل ضمن الحمل.

(مسألة 688) : لو منع المالك من إمساك الدابة المرسلة فشردت أو من القعود على بساطه فسرق لم يضمن ما لم يستند الإتلاف إليه، وإلا فيضمن.

(مسألة 689) : لو غصب من الغاصب تخير المالك في الاستيفاء ممن شاء فإن رجع على الأول رجع الأول على الثاني وإن رجع على الثاني لم يرجع على الأول.

(مسألة 690) : إذا استولى على حرّ فتلف عنده فلا ضمان على المستولي، وإن كان الحرّ صغيراً إلا أن يكون تلفه مستنداً إليه.

(مسألة 691) : إذا منع حُرّاً عن عمله لم يضمن إلا إذا كان أجيراً خاصاً لغيره فيضمن لمن استأجره. ولو كان أجيراً له لزمته الأجرة. ولو استعمل الحرّ فعليه أجرة عمله.

(مسألة 692) : لو أزال القيد عن العبد المجنون أو الفرس ضمن جنايتهما، وكذا الحكم في كل حيوان جنى على غيره من إنسان أو حيوان أو غيرهما. فإن صاحبه يضمن جنايته إذا كان بتفريط منه أما بترك رباطه أو بحله من الرباط إذا كان الحيوان من شأنه أن يربط وقت الجناية للتحفظ منه.

ص: 159

(مسألة 693) : لو انهار جدار الجار فوقع على إنسان أو حيوان أو غيرهما فصاحب الدار ضامن إذا كان عالماً بالانهيار فلم يصلحه أو يهدمه، وتركه حتى انهدم فأصاب عيناً فأتلفها. وكذا لو كان الجدار في الطريق العام فإن صاحب الجدار ضامن للتلف الحاصل من انهدامه إذا لم يبادر إلى قلعه أو إصلاحه. وضمان صاحب الجدار في الفرضين مشروط بجهل التالف بالحال إن كان إنساناً ،وبجهل مالكه إن كان من الأموال فلو وقف شخص تحت الجدار المنهار ،أو ربط حيواناً هناك مع علمه بالحال فانهدم الجدار فتلف الإنسان أو الحيوان لم يكن على صاحب الجدار ضمان.

(مسألة 694) : ضمان الإنسان يتعلق بذمته في ماله لا على عاقلته.

(مسألة 695) : لو فتح باباً فسرق غيره المتاع ضمن السارق.

(مسألة 696) : لو أجج ناراً من شأنها السراية إلى مال الغير فسرت إليه ضمنه، وإذا لم يكن من شانها السراية فاتفقت السراية بتوسط الريح أو غيره لم يضمن.

(مسألة 697) : يضمن المسلم للذمي الخمر والخنزير بقيمتهما عندهم مع الاستتار ،وكذا يضمن للمسلم حق اختصاصه فيما إذا استولى عليهما لغرض صحيح.

(مسألة 698) : يجب ردّ المغصوب. فإن تعيب ضمن الأرش. فإن تعذر الرد ضمن مثله. ولو لم يكن مثلياً ضمنه بقيمته يوم الغصب والأحوط التصالح لو اختلفت القيمة من يوم غصبه إلى يوم أدائه.

(مسألة 699) : لو أعوز المثل في المثلي ضمن قيمة يوم الأداء.

ص: 160

(مسألة 700) : لو زادت القيمة للسوق فنقصت لم يضمنها. ولو زادت الصفة فنقصت ضمنها وعليه رد العين وقيمة تلك الزيادة، ولو تجددت صفة لا قيمة لها لم يضمنها.

(مسألة 701) : لو زادت القيمة لنقص بعضه مما له مقدّر كالجب فعليه دية الجناية، ولو زادت العين زيادة حكمية أو عينية كانت الزيادة للمالك. وإن كانت مستندة إلى فعل الغاصب. نعم إذا كانت الزيادة ملك الغاصب كما إذا غرس في الأرض المغصوبة شجراً رجع بها وعليه أرش النقصان لو نقصت العين، وليس له الرجوع بأرش نقصان عينه.

(مسألة 702) : لو غصب عبداً وجنى عليه بكمال قيمته رده مع القيمة على قول وفيه تأمل.

(مسألة 703) : لو امتزج المغصوب بجنسه فإن كان بما يساويه شارك المالك بقدر كميته، وإن كان بأجود منه أو بالأدون فله أن يشارك بقدر ماليته، وله أن يطالب الغاصب ببدل ماله، وكذا لو كان المزج بغير جنسه ولم يتميز كامتزاج الخل بالعسل ونحو ذلك.

(مسألة 704) : لو اشترى شيئاً جاهلاً بالغصب رجع بالثمن على الغاصب ربما غرم للمالك عوضاً عما لا نفع له في مقابله، أو كان له فيه نفع، ولو كان عالماً فلا رجوع بشيء مما غرم للمالك.

(مسألة 705) : لو غصب أرضاً فزرع فيها زرعاً كان الزرع له وعليه الأجرة للمالك. والقول قول الغاصب في مقدار القيمة مع اليمين وتعذر البينة.

(مسألة 706) : يجوز لمالك العين المغصوبة انتزاعها من الغاصب ولو قهراً. وإذا انحصر استنقاذ الحق بمراجعة الحاكم الجائر جاز ذلك، ولا يجوز له مطالبة الغاصب بما صرفه في سبيل أخذ الحق.

ص: 161

(مسألة 707) : إذا كان له دين على آخر وامتنع من أدائه وصرف مالاً في سبيل تحصيله لا يجوز له أن يأخذه من المدين، إلا إذا اشترط عليه ذلك في ضمن معاملة لازمة.

(مسألة 708) : إذا وقع في يده مال الغاصب جاز له أخذه مقاصة ولا يتوقف على إذن الحاكم الشرعي، كما لا يتوقف ذلك على تعذر الاستيفاء بواسطة الحاكم الشرعي.

(مسألة 709) : لا فرق في مال الغاصب المأخوذ مقاصة بين أن يكون من جنس المغصوب وغيره، كما لا فرق بين أن يكون وديعة عنده وغيره

(مسألة 710) : إذا كان مال الغاصب أكثر قيمة من ماله أخذ منه حصة تساوي ماله وكان بها استيفاء حقه ولا يبعد جواز بيعها أجمع واستيفاء دينه من الثمن، والأحوط أن يكون ذلك بإجازة الحاكم الشرعي، ويرد الباقي من الثمن إلى الغاصب.

(مسألة 711) : لو كان المغصوب منه قد استحلف الغاصب فحلف على عدم الغصب لم تجز المقاصة منه.

(مسألة 712) : لو أخذ مالاً من البائع للمعاينة أو يبقى عنده بحيث لو وقع نظره عليه أن يشتري منه فتلف عنده قبل الشراء فهو ضامن.

(مسألة 713) : لو غصب غنماً وكان هزيلاً ولكن في مدة ما بقي عنده سمن وتلف عند الغاصب لا بد من إعطاء قيمة يوم السمن.

(مسألة 714) : لو خلط شعيره بالحنطة المغصوبة وفرض إمكان إفرازهما ولو مع المشقة، فلا بدّ من ذلك وردّ الحنطة إلى صاحبه.

ص: 162

كتاب إحياء الموات

المراد بالموات : الأرض المتروكة التي لا ينتفع بها، إما لعدم المقتضي لإحيائها، وإما لوجود المانع عنه كانقطاع الماء عنها، أو استيلاء المياه أو الرمال أو الأحجار أو السبخ عليها أو نحو ذلك.

(مسألة 715) : الموات على نوعين :

1-الموات بالأصل وهي ما لم يعلم بعروض الحياة عليها، أو علم عدمه كأكثر البراري والمفاوز والبوادي وسفوح الجبال ونحو ذلك.

2- الموات بالعارض وهي ما عرض عليها الخراب والموَتان بعد الحياة والعمران.

(مسألة 716) : يجوز لكل أحد إحياء الموات بالأصل والظاهر أنه يملك بها من دون فرق بين كون المحيى مسلماً أو كافراً.

(مسألة 717) : الموات بالعارض على أقسام :

الأول : ما لا يكون لها مالك وذلك كالأراضي الدارسة المتروكة والقرى أو البلاد الخربة والقنوات الطامسة التي كانت للأمم الماضية الذين لم يبق منهم أحد، بل ولا اسم ولا رسم أو أنها تنسب إلى طائفة لم يعرف عنهم سوى الاسم.

الثاني : ما يكون لها مالك مجهول لم يعرف شخصه.

الثالث : ما يكون له مالك معلوم.

ص: 163

أما القسم الأول فحاله حال الموات بالأصل ولا يجري عليه حكم المجهول المالك.

وأما القسم الثاني ففي جواز إحيائه والقيام بعمارته وعدمه وجهان :

المشهور هو الأول، ولكن الأحوط فيه الفحص عن صاحبه وبعد اليأس عنه يعامل معه معاملة مجهول المالك، فإما أن يشتري عينه من الحاكم الشرعي أو وكيله المأذون ويصرف ثمنه على الفقراء، وإما أن يستأجره منه باجرة معينة أو بقدر ما هو أجرة مثله ويتصدق بها على الفقراء. هذا فيما إذا لم يعلم بإعراض مالكه عنه، وأما إذا علم به جاز إحياؤه وتملكه بلا حاجة إلى الإذن أصلاً.

وأما القسم الثالث فإن أعرض عنه صاحبه جاز لكل أحد إحياؤه. وإن لم يعرض عنه فإن أبقاه مواتاً للانتفاع به على تلك الحال من حشيشه أو قصبه أو جعله مرعى لدوابه وأنعامه أو أنه كان عازماً على إحيائه وإنما أخر ذلك لانتظار وقت صالح له، أو لعدم توفر الآلات والأسباب المتوقف عليها الإحياء ونحو ذلك فلا إشكال في جميع ذلك في عدم جواز إحيائه لأحد، والتصرف فيه بدون إذن مالكه.

وأما إذا علم أن إبقاءه من جهة عدم الاعتناء به، وأنه غير قاصد لإحيائه فالظاهر جواز إحيائه لغيره إذا كان سبب ملك المالك الأول الإحياء وليس له انتزاعه من يد المحيي. وإن كان الأحوط أنه لو رجع إليه المالك الأول أن يعطي حقه إليه ولا يتصرف فيه بدون إذنه.

وأما إذا كان سبب ملكه غير الإحياء من الشراء أو الإرث فالأحوط عدم جواز إحيائه لغيره والتصرف فيه بدون إذنه، ولو تصرف فيه بزرع أو نحوه فعليه أجرته لمالكه على الأحوط.

ص: 164

(مسألة 718) : كما يجوز إحياء البلاد القديمة الخربة والقرى الدارسة التي باد أهلها، كذلك يجوز حيازة موادها وأجزائها الباقية من الأخشاب والأحجار والآجر وما شاكل ذلك ويملكها الحائز إذا أخذها بقصد التملك.

(مسألة 719) : الأراضي الموقوفة التي طرأ عليها المَوَتان والخراب على أقسام :

1- ما لا يعلم كيفية وقفها أصلاً وأنها وقف خاص، أو عام أو أنها وقف على الجهات أو على أقوام.

2- ما علم أنها وقف على أقوام ولم يبق منهم أثر أو على طائفة لم يعرف منهم سوى الاسم خاصة.

3- ما علم أنها وقف على جهة من الجهات ولكن تلك الجهة غير معلومة أنها مسجد أو مدرسة أو مشهد أو مقبرة أو غير ذلك.

4- ما علم أنها وقف على أشخاص ولكنهم غير معلومين بأشخاصهم وأعيانهم، كما إذا علم أن مالكها وقفها على ذريته مع العلم بوجودهم فعلاً

5- ما علم أنها وقف على جهة معينة أو أشخاص معلومين بأعيانهم.

6- ما علم إجمالاً بأن مالكها قد وقفها، ولكن لا يدري أنه وقفها على جهة كمدرسته المعينة، أو أنه وقفها على ذريته المعلومين بأعيانهم ولم يكن طريق شرعي لإثبات وقفها على أحد الأمرين.

أما القسم الأول : والثاني فالظاهر أنه لا إشكال في جواز إحيائهما لكل أحد، ويملكهما المحيي فحالهما من هذه الناحية حال سائر الأراضي الموات.

وأما القسم الثالث: فالمشهور جواز إحيائه ولكنه لا يخلو من إشكال. فالأحوط لمن يقوم بإحيائه وعمارته بزرع أو نحوه أن يراجع الحاكم الشرعي أو

ص: 165

وكيله ويدفع أجرة مثله إليه أو يصرفها في وجوه البر وله أن يشتريه منه أو يستأجره بأجرة معينة وكذلك الحال في القسم الرابع.

وأما القسم الخامس: فيجب على من أحياه وعمّره أجرة مثله ويصرفها في الجهة المعينة إذا كان الوقف عليها ويدفعها إلى الموقوف عليهم المعينين إذا كان الوقف عليهم ويجب أن يكون التصرف بإجازة المتولي أو الموقوف عليهم.

وأما السادس: فيجب على من يقوم بعمارته وإحيائه أجرة مثله ويجب صرفها في الجهة المعينة بإجازة من الذرية، كما أنه يجب عليه أن يستأذن في تصرفه فيه منهم ومن المتولي لتلك الجهة إن كان، وإلا فمن الحاكم الشرعي أو وكيله وإذا لم يجز الذرية الصرف في تلك الجهة فينتهي الأمر إلى القرعة في تعيين الموقوف عليه كما يأتي.

(مسألة 720) : من أحيى أرضاً مواتاً تبعها حريمها بعد الإحياء وحريم كل شيء مقدار ما يتوقف عليه الانتفاع به. ولا يجوز لأحد أن يحيي هذا المقدار بدون رضا صاحبه.

(مسألة 721) : حريم الدار عبارة عن مسلك الدخول إليها والخروج منها في الجهة التي يفتح إليها باب الدار ومطرح ترابها ورمادها ومصب مائها وثلوجها وما شاكل ذلك.

(مسألة 722) : حريم حائط البستان ونحوه مقدار مطرح ترابه والآلات والطين والجص إذا احتاج إلى الترميم والبناء.

(مسألة 723) : حريم النهر مقدار مطرح ترابه وطينه إذا احتاج إلى الإصلاح والتنقية والمجاز على حافتيه للمواظبة عليه.

ص: 166

(مسألة 724) : حريم البئر موضع وقوف النازح إذا كان الاستقاء منها باليد وموضع تردد البهيمة والدولاب والموضع الذي يجتمع فيه الماء للزرع أو نحوه ومصبه ومطرح ما يخرج منها من الطين عند الحاجة ونحو ذلك.

(مسألة 725) : حريم العين ما تحتاج إليه في الانتفاع منها على نحو ما مر في غيرها.

(مسألة 726) : حريم القرية ما تحتاج إليه في حفظ مصالحها ومصالح أهلها من مجمع ترابها وكناستها ومطرح سمادها ورمادها ومجمع أهاليها لمصالحهم ومسيل مائها والطرق المسلوكة منها وإليها ومدفن موتاهم ومرعى ماشيتهم ومحتطبهم وما شاكل ذلك.

كل ذلك بمقدار حاجة أهل القرية بحيث لو زاحم مزاحم لوقعوا في ضيق وحرج. وهي تختلف باختلاف سعة القرية وضيقها وكثرة أهليها وقلتهم وكثرة مواشيها ودوابها، وقلتها وهكذا وليس لذلك ضابط غير ذلك، وليس لأحد أن يزاحم أهاليها في هذه المواضع.

(مسألة 727) : حريم المزرعة ما يتوقف عليه الانتفاع منها ويكون من مرافقها كمسالك الدخول إليها والخروج منها ومحل بيادرها وحظائرها ومجتمع سمادها ونحو ذلك.

(مسألة 728) : الأراضي المنسوبة إلى طوائف العرب والعجم وغيرهم لمجاورتها لبيوتهم ومساكنهم من دون تملكهم لها بالإحياء باقية على إباحتها الأصلية. فلا يجوز لهم منع غيرهم من الانتفاع بها، ولا يجوز لهم أخذ الأجرة ممن ينتفع بها وإذا قسموها فيما بينهم لرفع التشاجر والنزاع لا تكون القسمة صحيحة، فيجوز لكل من المتقاسمين التصرف فيما يختص بالآخر بحسب القسمة.

ص: 167

نعم لو كانوا يحتاجون إليها لرعي الحيوان أو نحو ذلك كانت من حريم أملاكهم ولا يجوز لغيرهم مزاحمتهم وتعطيل حوائجهم.

(مسألة 729) : للبئر حريم آخر وهو أن يكون الفصل بين بئر وبئر أخرى بمقدار لا يكون في إحداث البئر الثانية ضرر على الأولى من جذب مائها تماماً أو بعضاً، أو منع جريانه من عروقها. وهذا هو الضابط الكلي في جميع أقسامها.

(مسألة 730) : للعين والقناة أيضاً حريم آخر وهو أن يكون الفصل بين عين وعين أخرى، وقناة وقناة ثانية في الأرض الصلبة خمسمائة ذراع، وفي الأرض الرخوة ألف ذراع.

ولكن الظاهر أن هذا التحديد غالبي حيث أن الغالب يندفع الضرر بهذا المقدار من البعد وليس تعبدياً.

وعليه فلو فرض أن العين الثانية تضر بالأولى وينقص ماؤها مع هذا البعد. فالظاهر عدم جواز إحداثها ولا بد من زيادة البعد بما يندفع به الضرر، أو يرضى به مالك الأولى كما أنه لو فرض عدم لزوم الضرر عليها في إحداث قناة أخرى في أقل من هذا البعد فالظاهر جوازه بلا حاجة إلى الإذن من صاحب القناة الأولى.

ولا فرق في ذلك بين إحداث قناة في الموات وبين إحداثها في ملكه. فكما يعتبر في الأول أن لا يكون مضراً بالأولى فكذلك في الثاني.

كما أن الأمر كذلك في الآبار والأنهار التي تكون مجاري للماء فيجوز إحداث بئر يجري فيها الماء من منبعها قرب بئر أخرى كذلك.

وكذلك إحداث نهر قرب آخر وليس لمالك الأول منعه إلا إذا استلزم ضرراً فعندئذ يجوز منعه.

ص: 168

(مسألة 731) : يجوز إحياء الموات التي في أطراف القنوات والآبار في غير المقدار الذي يتوقف عليه الانتفاع منها فإن اعتبار البعد المذكور في القنوات والآبار إنما هو بالإضافة إلى إحداث قناة أو بئر أخرى فقط.

(مسألة 732) : إذا لم تكن الموات من حريم العامر ومرافقه على النحو المتقدم جاز إحياؤها لكل أحد. وإن كانت بقرب العامر ولا تختص بمن يملك العامر ولا أولوية له.

(مسألة 733) : الظاهر أن الحريم مطلقاً ليس ملكاً لمالك ما له الحريم. سواء أكان حريم قناة أو بئر أو قرية أو بستان أو دار أو نهر أو غير ذلك وإنما لا يجوز لغيره مزاحمته فيه باعتبار أنه من متعلقات حقه.

(مسألة 734) : لا حريم للأملاك المتجاورة مثلاً لو بنى المالكان المتجاوران حائطاً في البين لم يكن له حريم من الجانبين، وكذا لو بنى أحدهما في نهاية ملكه حائطاً أو غيره لم يكن له حريم في ملك الآخر.

(مسألة 735) : يجوز لكل مالك أن يتصرف في ملكه بما شاء ما لم يستلزم ضرراً على جاره، وإلا فالظاهر عدم جوازه، كما إذا تصرف في ملكه على نحو يوجب خللاً في حيطان دار جاره أو حبس ماء في ملكه بحيث تسري الرطوبة إلى بناء جاره أو أحدث بالوعة أو كنيفاً بقرب الجار فأوجب فساد مائها أو حفر بئراً بقرب بئر جاره فأوجب نقصان مائها.

والظاهر عدم الفرق بين أن يكون النقص مستنداً إلى جذب البئر الثانية ماء الأولى، وأن يكون مستنداً إلى كون الثانية أعمق من الأولى. نعم لا مانع من تعلية البناء وإن كانت مانعة عن الاستفادة من الشمس أو الهواء .

ص: 169

(مسألة 736) : إذا لزم من تصرفه في ملكه ضرر معتد به على جاره ولم يكن مثل هذا الضرر أمراً متعارفاً فيما بين الجيران لم يجز له التصرف فيه. ولو تصرف وجب عليه رفعه.

هذا إذا لم يكن في ترك التصرف ضرر على المالك، وأما إذا كان في تركه ضرر عليه ففي جواز تصرفه عندئذ وعدمه وجهان والاحتياط في ترك التصرف لا يترك.

كما أن الأحوط إن لم يكن أقوى ضمانه للضرر الوارد على جاره إذا كان مستنداً إليه عرفاً مثلاً لو حفر بالوعة في داره تضر ببئر جاره وجب عليه طمها إلا إذا كان فيه ضرر على المالك وعندئذ ففي وجوب طمها وعدمه إشكال والاحتياط لا يترك.

نعم الظاهر عدم جريان هذا الحكم لو كان حفر البئر متأخراً عن حفر البالوعة.

(مسألة 737) : من سبق من المؤمنين إلى أرض ذات أشجار وقابلة للانتفاع بها ملكها، ولا يتحقق السبق إليها إلا بالاستيلاء عليها وصيرورتها تحت سلطانه، وخروجها من إمكان استيلاء غيره عليها.

(مسألة 738) : قد حث في الروايات الكثيرة على رعاية الجار وحسن المعاشرة مع الجيران وكف الأذى عنهم وحرمة إيذائهم. وقد ورد في بعض الروايات أن الجار كالنفس وأن حرمته كحرمة أمه، وفي بعضها الآخر أن حسن الجوار يزيد في الرزق، ويعمّر الديار ويزيد في الأعمال، وفي الثالث : من كف أذاه عن جاره أقال الله عثرته يوم القيامة، وفي الرابع : ليس منا من لم يحسن مجاورة من جاوره وغيرها مما أكد في الوصية بالجار وتشديد الأمر فيه.

ص: 170

(مسألة 739) : يستحب للجار الإذن في وضع خشب جاره على حائطه مع الحاجة. ولو أذن جاز له الرجوع قبل البناء عليه وكذا بعد البناء إذا لم يضر الرفع. وإلا فالظاهر عدم جوازه.

(مسألة 740) : لو تداعيا جداراً لا بد لأحدهما عليه فهو للحالف منهما مع نكول الآخر. ولو حلفا أو نكلا فهو لهما ولو اتصل ببناء أحدهما دون الآخر أو كان له عليه طرح فهو له مع اليمين.

(مسألة 741) : إذا اختلف مالك العلو ومالك السفل كان القول قول مالك السفل في جدران البيت، وقول مالك العلو في السقف وجدران الغرفة والدرجة، وأما المخزن تحت الدرجة فلا يبعد كونه لمالك السفل وطريق العلو في الصحن بينهما والباقي للأسفل.

(مسألة 742) : يجوز للجار عطف أغصان شجر جاره عن ملكه إذا تدلت عليه. فإن تعذر عطفها قطعها بإذن مالكها فإن امتنع أجبره الحاكم الشرعي.

(مسألة 743) : راكب الدابة أولى بها من قابض لجامها، ومالك الأسفل أولى بالغرفة المفتوح بابها إلى الجار من الجار مع التنازع واليمين وعدم البينة.

(مسألة 744) : يعتبر في تملك الموات أن لا تكون مسبوقة بالتحجير من غيره. ولو أحياها بدون إذن المحجر لم يملكها. ويتحقق التحجير بكل ما يدل على إرادة الإحياء كوضع الأحجار في أطرافها أو حفر أساس أو حفر بئر من أبار القناة الدارسة الخربة فإنه تحجير بالإضافة إلى بقية آبار القناة، بل هو تحجير أيضاً بالإضافة إلى الأراضي الموات التي تسقى بمائها بعد جريانه فلا يجوز لغيره إحياؤها.

ص: 171

(مسألة 745) : لو حفر بئراً في الموات بالأصل لإحداث قناة فيها فالظاهر أنه تحجير بالإضافة إلى أصل القناة، وبالإضافة إلى الأراضي الموات التي يصل إليها ماؤها بعد تمامها. وليس لغيره إحياء تلك الأراضي.

(مسألة 746) : التحجير كما عرفت يفيد حق الأولوية ولا يفيد الملكية، ولكن مع ذلك فالظاهر عدم جواز نقل ما تعلق به بما هو كذلك لأنه غير مملوك فكيف يكون قابلاً للنقل بالبيع، بل له أخذ المال تجاه رفع يده.

(مسألة 747) : يعتبر في كون التحجير مانعاً تمكن المحجر من القيام بعمارته وإحيائه فإن لم يتمكن من إحياء ما حجّره لمانع من الموانع كالفقر أو العجز عن تهيئة الأسباب المتوقف عليها الإحياء جاز لغيره إحياؤه.

(مسألة 748) : لو حجر زائداً على ما يقدر على إحيائه، لا أثر لتحجيره بالإضافة إلى المقدار الزائد.

(مسألة 749) : لو حجّر الموات من كان عاجزاً عن إحيائها ليس له نقلها إلى غيره بصلح أو هبة أو بيع أو نحو ذلك.

(مسألة 750) : لا يعتبر في التحجير أن يكون بالمباشرة، بل يجوز أن يكون بالتوكيل والاستئجار وعليه فالحق الحاصل بسبب عملهما للموكل والمستأجر لا للوكيل والأجير.

(مسألة 751) : إذا وقع التحجير عن شخص نيابة عن غيره ثم أجاز النيابة فهل يثبت الحق للمنوب عنه أو لا وجهان لا يبعد عدم الثبوت.

(مسألة 752) : إذا انمحت آثار التحجير فإن كان من جهة إهمال المحجر بطل حقه وجاز لغيره إحياؤه. وإذا لم يكن من جهة إهماله وتسامحه وكان زوالها بدون اختياره كما إذا أزالها عاصف ونحوه ففي بطلان حقه إشكال.

ص: 172

(مسألة 753) : اللازم على المحجر أن يشتغل بالعمارة والإحياء عقيب التحجير. فلو أهمل وترك الإحياء وطالت المدة ففي جواز إحيائه لغيره بدون إذنه إشكال. فالأحوط أن يرفع أمره إلى الحاكم الشرعي مع بسط يده أو وكيله فيلزم المحجر بأحد أمرين: أما الإحياء أو رفع يده عنه. نعم إذا أبدى عذراً مقبولاً يمهل بمقدار زوال عذره. فإذا اشتغل بعده بالتعمير ونحوه فهو، وإلا بطل حقه وجاز لغيره إحياؤه. وإذا لم يكن الحاكم موجوداً فالظاهر سقوط حق المحجر إذا أهمل بمقدار يُعدُّ عرفاً تعطيلاً له. والأحوط الأولى مراعاة حقه إلى ثلاث سنين.

(مسألة 754) : الظاهر أنه لا يعتبر في التملك بالإحياء قصد التملك، بل يكفي قصد الإحياء والانتفاع به بنفسه أو من هو بمنزلته. فلو حفر بئراً في مفازة بقصد أن يقضي منها حاجته ملكها، ولكن إذا ارتحل وأعرض عنها، فهي مباحة للجميع.

(مسألة 755) : لا بد في صدق إحياء الموات من العمل فيه إلى حد يصدق عليه أحد العناوين العامرة كالدار والبستان والمزرعة والحظيرة والبئر والقناة والنهر وما شاكل ذلك. ولذلك يختلف ما اعتبر في الإحياء باختلاف العمارة فما اعتبر في إحياء البستان والمزرعة ونحوهما غير ما هو معتبر في إحياء الدار وما شاكلها. وعليه فحصول الملك تابع لصدق أحد هذه العناوين ويدور مداره وجوداً وعدماً.وعند الشك في حصوله يحكم بعدمه.

(مسألة 756) : الإعراض عن الملك لا يوجب زوال ملكيته فهو يبقى على ملك مالكه فإذا مات فهو لوارثه ولا يجوز التصرف فيه إلا بإذنه.

ص: 173

ص: 174

كتاب المشتركات

المراد بالمشتركات : الطرق والشوارع والمساجد والمدارس والربط والمياه والمعادن.

(مسألة 757) : الطرق على قسمين: نافذ وغير نافذ، أما الأول فهو الطريق المسمى بالشارع العام والناس فيه شرع سواء، ولا يجوز التصرف لأحد فيه بإحياء أو نحوه، ولا في أرضه ببناء حائط أو حفر بئر أو نهر أو مزرعة أو غرس أشجار ونحو ذلك، وإن لم يكن مضراً بالمارة.

وأما حفر بالوعة فيه ليجتمع فيها ماء المطر ونحوه فلا إشكال في جوازه لكونها من مصالحه ومرافقه.

وكذا لا بأس بحفر سرداب تحته إذا أحكم أساسه وسقفه. كما أنه لا بأس بالتصرف في فضائه بإخراج روشن أو جناح أو فتح باب أو نصب ميزاب أو غير ذلك.والضابط أن كل تصرف في فضائه لا يكون مضراً بالمارة جائز.

(مسألة 758) : لو أحدث جناحاً على الشارع العام، ثم انهدم أو هُدم فإن كان من قصده تجديده ثانياً، فالظاهر أنه لا يجوز للطرف الآخر إشغال ذلك الفضاء. وإن لم يكن من قصده تجديده جاز له ذلك.

(مسألة 759) : الطريق الذي لا يسلك منه إلى طريق آخر أو أرض مباحة لكونه محاطاً بالدور من جوانبه الثلاثة، وهو المسمى بالسكة المرفوعة والدريبة، فهو ملك لأرباب الدور التي أبوابها مفتوحة إليه، دون كل من كان حائط داره إليه، وهو مشترك بينهم من صدره إلى ساقه، وحكمه حكم سائر

ص: 175

الأموال المشتركة، فلا يجوز لكل واحد منهم التصرف فيه بدون إذن الآخرين. نعم يجوز لكل منهم فتح باب آخر وسد الباب الأول.

(مسألة 760) : لا يجوز لمن كان حائط داره إلى الدريبة فتح باب إليها للاستطراق إلا بإذن أربابها. نعم له فتح ثقبة وشبّاك إليها وأما فتح باب لا للاستطراق، بل لمجرد دخول الهواء أو الاستضاءة، فلا يخلو عن إشكال

(مسألة 761) : يجوز لكل من أصحاب الدريبة الجلوس فيها والاستطراق والتردد منها إلى داره بنفسه وعائلته ودوابه، وكل ما يتعلق بشؤونه من دون إذن باقي الشركاء، وإن كان فيهم القصر، ومن دون رعاية المساواة معهم.

(مسألة 762) : يجوز لكل أحد الانتفاع من الشوارع والطرق العامة كالجلوس أو النوم أو الصلاة أو البيع أو الشراء أو نحو ذلك، ما لم يكن مزاحماً للمستطرقين، وليس لأحد منعه عن ذلك وإزعاجه، كما أنه ليس لأحد مزاحمته في قدر ما يحتاج إليه لوضع متاعه ووقوف المعاملين ونحو ذلك.

(مسألة 763) : إذا جلس أحد في موضع من الطريق ثم قام عنه فإن كان جلوسه جلوس استراحة ونحوها بطل حقه، وإن كان لحرفة ونحوها فإن كان قيامه بعد استيفاء غرضه، او انه لا ينوي العود بطل حقه أيضاً. فلو جلس في محله غيره لم يكن له منعه.

وإن كان قيامه قبل استيفاء غرضه وكان ناوياً للعود فعندئذ إن بقي منه فيه متاع أو رحل أو بساط فالظاهر بقاء حقه. وإن لم يبق منه شيء فبقاء حقه لا يخلو عن إشكال والاحتياط لا يترك فيما إذا كان في يوم واحد، وأما إذا كان في يوم آخر فالظاهر أنه لا إشكال في أن الثاني أحق به من الأول.

(مسألة 764) : يتحقق الشارع العام بأمور :

ص: 176

الأول : كثرة الاستطراق والتردد ومرور القوافل في الأرض الموات.

الثاني : جعل الإنسان ملكه شارعاً وتسبيله تسبيلاً دائمياً لسلوك عامة الناس، فإنه بسلوك بعض الناس يصير طريقاً وليس للمسبل الرجوع بعد ذلك.

الثالث : إحياء جماعة أرضاً مواتاً وتركهم طريقاً نافذاً بين الدور والمساكن.

(مسألة 765) : لو كان الشارع العام واقعاً بين الأملاك فلا حد له كما إذا كانت قطعة أرض موات بين الأملاك عرضها ثلاثة أذرع أو أقل أو أكثر، واستطرقها الناس حتى أصبحت جادة، فلا يجب على الملاّك توسيعها وإن تضيقت على المارة.

وكذا الحال فيما لو سبّل شخص في وسط ملكه او من طرف ملكه المجاور لملك غيره مقداراً لعبور الناس.

(مسألة 766) : إذا كان الشارع العام واقعاً بين الموات بكلا طرفيه أو أحد طرفيه فلا يجوز إحياء ذلك الموات بمقدار يوجب نقص الشارع عن خمسة أذرع، فإن ذلك حد الطريق المعين من قبل الشرع بل الأفضل أن يكون سبعة أذرع. وعليه فلو كان الإحياء إلى حد لا يبقى للطريق خمسة أذرع وجب عليه هدمه.

نعم لو أحيى شخص من أحد طرفيه، ثم أحيى آخر من طرفه الآخر بمقدار يوجب نقصه عن حده لزم على الثاني هدمه دون الأول.

(مسألة 767) : إذا انقطعت المارة عن الطريق إما لعدم المقتضي أو لوجود المانع، زال حكمه، بل ارتفع موضوعه وعنوانه وعليه فيجوز لكل أحد إحياؤه.

ص: 177

(مسألة 768) : إذا زاد عرض الطريق عن خمسة أذرع، فإن كان مسبلاً فلا يجوز لأحد إحياء ما زاد عليها وتملكه. وأما إذا كان غير مسبل فإن كان الزائد مورداً للحاجة لكثرة المارة، فلا يجوز ذلك أيضاً وإلا فلا مانع منه.

(مسألة 769) : يجوز لكل مسلم أن يتعبد ويصلي في المسجد وجميع المسلمين فيه شرع سواء، ولا يجوز لأحد أن يزاحم الآخر فيه إذا كان الاخر سابقاً عليه، لكنالظاهر تقدم الصلاة على غيرها، فلو أراد أحد أن يصلي فيه جماعة أو فرادى، فلا يجوز لغيره أن يزاحمه ولو كان سابقاً عليه، كما إذا كان جالساً فيه لقراءة القرآن أو الدعاء او التدريس بل يجب عليه تخلية ذلك المكان للمصلي. ولا يبعد أن يكون الحكم كذلك حتى لو كان اختيار المصلى هذا المكان اقتراحاً منه، فلو اختار المصلي مكاناً مشغولاً بغير الصلاة ولو اقتراحاً، يشكل مزاحمته بفعل غير الصلاة وإن كان سابقاً عليه بعدما كانت الأولوية للمصلي على الإطلاق.

(مسألة 770) : من سبق إلى مكان للصلاة فيه منفرداً فليس لمريد الصلاة فيه جماعة منعه وإزعاجه، وإن كان الأولى للمنفرد حينئذ أن يخلي المكان للجماعة إذا وجد مكاناً آخر فارغاً لصلاته، ولا يكون منّاعاً للخير.

(مسألة 771) : إذا قام الجالس من المسجد وفارق المكان، فإن أعرض عنه بطل حقه، ولو عاد إليه وقد اخذه غيره، فليس له منعه وإزعاجه. وأما إذا كان ناوياً للعود فان بقي رحله فيه بقي حقه بلا إشكال، وإن لم يبق ففي بقاء حقه إشكال. فالأحوط مراعاة حقه، ولا سيما إذا كان خروجه لضرورة، كتجديد الطهارة أو نحوه.

(مسألة 772) : في كفاية وضع الرحل في ثبوت الأولوية إشكال والاحتياط لا يترك. هذا إذا لم يكن بين وضع الرحل ومجيئه طول زمان بحيث يستلزم تعطيل المكان، وإلا فلا أثر له، وجاز لغيره رفعه والصلاة في مكانه إذا كان شغل المحل بحيث لا يمكن الصلاة فيه إلا برفعه.

ص: 178

وهل أنه يضمنه برفعه أم لا ؟ وجهان الظاهر عدم الضمان، إذ لا موجب له بعد جواز رفعه للوصول إلى حقه.

(مسألة 773) : المشاهد المشرفة كالمساجد في تمام ما ذكر من الأحكام

(مسألة 774) : جواز السكنى في المدارس لطالب العلم وعدمه تابعان لكيفية وقف الواقف، فإذا خصها الواقف بطائفة خاصة كالعرب أوالعجم، أو بصنف خاص كطالبي العلوم الشرعية أو خصوص الفقه أو الكلام مثلاً، فلا يجوز لغير هذه الطائفة أو الصنف السكنى فيها.

واما بالنسبة إلى مستحقي السكنى بها فهي كالمساجد، فمن حاز غرفة وسكنها فهو أحق بها، ولا يجوز لغيره أن يزاحمه ما لم يعرض عنها وإن طالت المدة، إلا إذا اشترط الواقف مدة خاصة كخمس سنين مثلاً، فعندئذ يلزمه الخروج بعد انقضاء تلك المدة بلا مهلة.

(مسألة 775) : إذا اشترط الواقف اتصاف ساكنها بصفة خاصة كأن لا يكون معيلاً، أو يكون مشغولاً بالتدريس أو بالتحصيل، فإذا تزوج أو طرأ عليه العجز لزمه الخروج منها.والضابط أن حق السكنى _ حدوثاً وبقاء _ تابع لوقف الواقف بتمام شرائطه، فلا يجوز السكنى لفاقدها حدوثاً أو بقاءاً.

(مسألة 776) : لا يبطل حق السكنى لساكنها بالخروج لحوائجه اليومية من المأكول والمشروب والملبس وما شاكل ذلك، كما لا يبطل بالخروج منها للسفر يوماً أو يومين او أكثر وكذلك الأسفار المتعارفة التي تشغل مدة من الزمن كالشهر أو الشهرين أو ثلاثة أشهر أو أكثر كالسفر إلى الحج أو الزيارة، أو لملاقاة الأقرباء أو نحو ذلك مع نية العود وبقاء رحله ومتاعه، فلا بأس بها ما لم تناف شرط الواقف.

ص: 179

نعم لا بد من صدق عنوان ساكن المدرسة عليه، فإن كانت المدة طويلة بحيث توجب عدم صدق العنوان عليه بطل حقه.

(مسألة 777) : إذا اعتبر الواقف البيتوتة في المدرسة في ليالي التحصيل خاصة إو في جميع الليالي لم يجز لساكنها أن يبيت في مكان آخر ولو بات فيه بطل حقه.

(مسألة 778) : لا يجوز للساكن في غرفة منع غيره عن مشاركته إلا إذا كانت الحجرة حسب الوقف أو بمقتضى قابليتها معدّة لسكنى طالب واحد.

(مسألة 779) : الربط وهي المساكن المعدة لسكنى الفقراء أو الغرباء كالمدارس في جميع ما ذكر.

(مسألة 780) : مياه الشطوط والأنهار الكبار كدجلة والفرات وما شاكلهما، أو الصغار التي جرت بنفسها من العيون أو السيول أو ذوبان الثلوج، وكذا العيون المتفجرة من الجبال او في أراضي الموات وغير ذلك من المشتركات.

(مسألة 781) : كل ما جرى بنفسه او اجتمع بنفسه في مكان بلا يد خارجية عليه فهو من المباحات الأصلية. فمن حازه بإناء أو غيره ملكه من دون فرق بين المسلم والكافر في ذلك.

(مسألة 782) : مياه الآبار والعيون والقنوات التي جرت بالحفر لا بنفسها، ملك للحافر، فلا يجوز لأحد التصرف فيها بدون إذن مالكها.

(مسألة 783) : إذا شق نهراً من ماء مباح سواء أكان بحفرة في أرض مملوكة له، أو بحفرة في الموات بقصد إحيائه نهراً ملك ما يدخل فيه من الماء.

(مسألة 784) : إذا كان النهر لأشخاص متعددين، ملك كل منهم بمقدار حصته من النهر، فإن كانت حصة كل منهم من النهر بالسوية اشتركوا في الماء

ص: 180

بالسوية، وإن كانت بالتفاوت ملكوا الماء بتلك النسبة ولا تتبع نسبة استحقاق الماء نسبة استحقاق الأراضي التي تسقى منها.

(مسألة 785) : الماء الجاري في النهر المشترك حكمه حكم سائر الأموال المشتركة، فلا يجوز لكل واحد من الشركاء التصرف فيه بدون إذن الباقين.وعليه فإن أباح كل منهم لسائر شركائه أن يقضي حاجته منه في كل وقت وزمان وبأي مقدار شاء، جاز له ذلك.

(مسألة 786) : إذا وقع بين الشركاء تعاسر وتشاجر فإن تراضوا بالتناوب والمهاياة بالأيام أو الساعات فهو، وإلا فلا محيص من تقسيمه بينهم بالأجزاء بأن توضع في فم النهر حديدة مثلاً ذات ثقوب متعددة متساوية ويجعل لكل منهم من الثقوب بمقدار حصته.

فإن كانت حصة أحدهم سدساً والآخر ثلثاً والثالث نصفاً، فلصاحب السدس ثقب واحد، ولصاحب الثلث ثقبان ولصاحب النصف ثلاثة ثقوب فالمجموع ستة.

(مسألة 787) : القسمة بحسب الأجزاء لازمة. والظاهر أنها قسمة إجبار، فإن طلبها أحد الشركاء أُجبر الممتنع منهم عليها.

وأما القسمة بالمهاياة والتناوب، فهي ليست لازمة، فيجوز لكل واحد منهم الرجوع عنها. نعم الظاهر عدم جواز رجوع من استوفى تمام نوبته دون الآخر.

(مسألة 788) : إذا اجتمع جماعة على ماء مباح من عين أو واد او نهر أو نحو ذلك، كان للجميع حق السقي منه، وليس لأحد منهم شق نهر فوقها ليقبض الماء كله أو ينقصه عن مقدار احتياج الباقين.

ص: 181

وعندئذ فإن كفى الماء للجميع من دون مزاحمة فهو، وإلا قدّم الأسبق فالأسبق في الإحياء إن كان عُلم السابق، وإلا قدم الأعلى فالأعلى والأقرب فالأقرب إلى فوهة العين أو أصل النهر، وكذا الحال في الأنهار المملوكة المنشقة من الشطوط، فإن كفى الماء للجميع، وإلا قدم الأسبق فالأسبق أي: من كان شق نهره أسبق من شق نهر الآخر.

وهكذا إن كان هناك سابق ولاحق. وإلا فيقبض الأعلى بمقدار ما يحتاج إليه، ثم ما يليه وهكذا.

(مسألة 789) : تنقية النهر المشترك وإصلاحه ونحوهما على الجميع بنسبة ملكهم إذا كانوا مقدمين على ذلك باختيارهم، وأما إذا لم يقدم عليها إلا البعض لم يجبر الممتنع.

كما أنه ليس للمقدمين مطالبته بحصته من المؤنة إلا إذا كان إقدامهم بالتماس منه وتعهده ببذل حصته.

(مسألة 790) : إذا كان النهر مشتركاً بين القاصر وغيره، وكان إقدام غير القاصر متوقفاً على مشاركة القاصر إما لعدم اقتداره بدونه أو لغير ذلك وجب على ولي القاصر مراعاة لمصلحته مشاركته في الإحياء والتعمير ،وبذل المؤنة من مال القاصر بمقدار حصته.

(مسألة 791) : يحبس النهر للأعلى إلى الكعب في النخل، وفي الزرع إلى الشراك، ثم كذلك لمن هو دونه، وليس لصاحب النهر تحويله إلا بإذن صاحب الرحى المنصوبة عليه بإذنه، وكذا غير الرحى أيضاً من الأشجار المغروسة على حافتيه وغيرها. وليس لأحد أن يحمي المرعى ويمنع غيره عن رعي مواشيه إلا أن يكون المرعى ملكاً له فيجوز له أن يحيمه حينئذ.

ص: 182

(مسألة 792) : المعادن على نوعين :

الأول : المعادن الظاهرة، وهي الموجودة على سطح الأرض فلا يحتاج استخراجها إلى مؤنة عمل خارجي، وذلك كالملح والقير والكبريت والمومياء والفيروزج وما شاكل ذلك.

الثاني : المعادن الباطنة وهي التي يتوقف استخراجها على الحفر والعمل وذلك كالذهب والفضة.

(أما الأولى) فهي تملك بالحيازة، فمن حاز منها شيئاً ملك قليلاً كان او كثيراً، وبقي الباقي على الاشتراك.

و(أما الثانية) فهي تُملك بالإحياء بعد الوصول إليها وظهورها : واما إذا حفر، ولم يبلغ نيلها، فهو يفيد فائدة التحجير.

(مسألة 793) : إذا شرع في إحياء معدن ثم أهمله وعطّله أجبره الحاكم او وكيله على إتمام العمل او رفع يده عنه. ولو أبدى عذراً أمهله إلى أن يزول عذره ثم يلزمه على أحد الأمرين.

(مسألة 794) : المعادن الباطنة إنما تملك بإحياء الأرض إذا عدت عرفاً من توابع الأرض وملحقاتها، وأما إذا لم تعد منها كمعادن النفط المحتاجة إلى حفر زائد للوصول إليها او ما شاكلها، فلا تتبع الأرض ولا تملك بإحيائها.

(مسألة 795) : لو قال المالك اعمل ولك نصف الخارج من المعدن فإن كان بعنوان الإجارة بطل، ولا بأس بعنوان الجعالة لأنه لايظر الجهل في ذلك بمقدار الجعل.

ص: 183

ص: 184

كتاب الدَّيْن والقرض

اشارة

(مسألة 796) : لا تعتبر الصيغة في القرض، فلو دفع مالاً إلى أحد بقصد القرض وأخذه المدفوع له بهذا القصد صح القرض.

(مسألة 797) : يكره الدين مع القدرة، ولو استدان، وجبت نية القضاء والإقراض أفضل من الصدقة.

(مسألة 798) : يعتبر في القرض أن يكون المال عيناً، فلو كان ديناً او منفعة لم يصح القرض. نعم يصح إقراض الكلي في المعين كإقراض درهم من درهمين خارجيين.

(مسألة 799) : يعتبر في القرض أن يكون المال مما يصح تملكه، فلا يصح إقراض الخمر والخنزير ولا يعتبر فيه تعيين مقداره وأوصافه وخصوصياته التي تختلف المالية باختلافها، سواء أكان مثلياً أو قيمياً. نعم على المقترض تحصيل العلم بمقداره واوصافه مقدمة لأدائه وهذا أجنبي عن اعتباره في صحة القرض.

(مسألة 800) : يعتبر في القرض القبض، فلا يملك المستقرض المال المقترض إلا بعد قبضه.

(مسألة 801) : إذا كان المال المقترض مثلياً كالحنطة والشعير والذهب والفضة ونحوها ثبت في ذمة المقترض مثل ما اقترض، وعليه أداء المثل سواء أبقى على سعره وقت الأداء أو زاد او تنزل، وليس للمقرض مطالبة المقترض بالقيمة. نعم يجوز الأداء بها مع التراضي. والعبرة عندئذ بالقيمة وقت الأداء. وإذا كان قيمياً ثبتت في ذمته قيمته وقت القرض.

ص: 185

(مسألة 802) : إذا أقرض إنسان عيناً، وقبضها المقترض، فرجع المقرض وطالب بالعين لا تجب إعادة العين على المقترض. وإن إستحب للمقترض دفع نفس العين إذا كان موجوداً.

(مسألة 803) : لا يتأجل الدين الحال إلا باشتراطه في ضمن عقد لازم، ويصح تعجيل المؤجل بإسقاط بعضه، ولا يصح تأجيل الحال بإضافة شيء.

(مسألة 804) : ليس للدائن الامتناع عن قبض الدين من المدين في أي وقت كان إذا كان الدين حالاً، وأما إذا كان مؤجلاً فكلذلك بعد حلوله. واما قبل حلوله فهل للدائن حق الامتناع من قبوله فيه وجهان : الظاهر أنه ليس له ذلك إلا إذا علم من الخارج أن التأجيل حق للدائن أيضاً.

(مسألة 805) : يحرم اشتراط زيادة في القدر أو الصفة على المقترض، لكن الظاهر أن القرض لا يبطل بذلك، بل يبطل الشرط فقط، ويحرم أخذ الزيادة، فلو أخذالحنطة مثلاً بالقرض الربوي فزرعها جاز له التصرف في حاصله، وكذا الحال فيما إذا أخذ مالاً بالقرض الربوي، ثم اشترى به ثوباً. نعم لو اشترى شيئاً بعين الزيادة التي أخذها في القرض لم يجز التصرف فيه.

(مسألة 806) : لا فرق في حرمة اشتراط الزيادة بين أن تكون الزيادة راجعة إلى المقرض وغيره، فلو قال : أقرضتك ديناراً بشرط أن تهب زيداً، او تصرف في المسجد أو المأتم درهماً لم يصح، وكذا إذا اشترط أن يعمر المسجد أو يقيم المأتم أو نحو ذلك مما لوحظ فيه المال فإنه يحرم، ويجوز قبولها مطلقاً من غير شرط، كما يجوز اشتراط ما هو واجب على المقترض، مثل أقرضتك بشرط أن تؤدي زكاتك أو دينك مما كان مالاً لازم الأداء، وكذا اشتراط ما لم يلحظ فيه المال، مثل أن تدعو لي او تدعو لزيد أو تصلي أنت او تصوم من غير فرق بين أن ترجع فائدته للمقرض او المقترض وغيرهما، فالمدار في المنع ما لوحظ فيه المال ولم يكن ثابتاً بغير القرض، فيجوز شرط غير ذلك، ولو شرط موضع التسليم

ص: 186

لزم، وكذا إذا اشترط الرهن، ولو شرط تأجيله في عقد لازم صح ولزم الأجل، بل الظاهر جواز اشتراط الأجل في عقد القرض نفسه، فلا يحق للدائن حينئذ المطالبة قبله.

(مسألة 807) : لو أقرضه شيئاً وشرط عليه أن يبيع منه شيئاً بأقل من قيمته أو يؤجره بأقل من أجرته دخل في شرط الزيادة، فلا يجوز.وأما إذا باع المقترض المقرض شيئاً بأقل من قيمته أو اشترى منه شيئاً بأكثر من قيمته وشرط عليه أن يقرضه مبلغاً من المال جاز ولم يدخل في القرض الربوي.

(مسألة 808) : يجوز للمقرض أن يشترط على المقترض في قرض المثلى أن يؤديه من غير جنسه، بأن يؤدي الدراهم دنانير وبالعكس ويلزم عليه هذا الشرط إذا كانا متساويين في القيمة، أو كان ما شرط عليه أقل قيمة مما اقترضه.

(مسألة 809) : إنما يحرم شرط الزيادة للمقرض على المقترض

وأما إذا شرطها للمقترض فلا بأس به، كما إذا أقرضه عشرة دنانير على أن يؤدي تسعة دنانير، كما لا بأس أن يشترط المقترض على المقرض شيئاً له.

(مسألة 810) : يجب على المدين أداء الدين فوراً عند مطالبة الدائن إن قدر عليه. ولو ببيع سلعته ومتاعه أو عقاره أو مطالبة غريمه او استقراضه إذا لم يكن حرجياً عليه او إجارة أملاكه. وأما إذا لم يقدر عليه بذلك فهل يجب عليه التكسب اللائق بحاله والأداء منه ؟ الأحوط ذلك. نعم يستثنى من ذلك بيع دار سكناه، وثيابه المحتاج إليها ولو للتجمل، وخادمه ونحو ذلك، مما يحتاج إليه ولو بحسب حاله وشؤونه. والضابط هو كل ما احتاج إليه بحسب حاله وشرفه، وكان بحيث لولاه لوقع في عسر وشدة أو حزازة ومنقصة. ولا فرق في استثناء هذه الأشياء بين الواحد والمتعدد، فلو كانت عنده دور متعددة واحتاج إلى كل منها لسكناه ولو بحسب حاله وشرفه لم يبع شيئاً منها، وكذا الحال في الخادم ونحوه. نعم إذا لم يحتج إلى بعضها أو كانت داره أزيد مما يحتاج إليه وجب عليه بيع

ص: 187

الزائد. ثم إن المقصود من كون الدار ونحوها من مستثنيات الدين أنه لا يجبرعلى بيعها لأدائه ولا يجب عليه ذلك. وأما لو رضي هو بذلك وقضى به دينه جاز للدائن أخذه. وإن كان ينبغي له أن لا يرضى ببيع داره.

(مسألة 811) : لو كانت عنده دار موقوفة عليه لم يسكنها فعلاً ولكنها كافية لسكناه، وله دار مملوكة، فإن لم تكن في سكناه في الدار الموقوفة أيّة حزازة ومنقصة، فالأحوط بل الظهر أن عليه أن يبيع داره المملوكة لأداء دينه.

(مسألة 812) : لو كانت عنده بضاعة او عقار زائدة على مستثنيات الدين، ولكنها لا تباع إلا بأقل من قيمتها السوقية، وجب عليه بيعها بالأقل لأداء دينه. نعم إذا كان التفاوت بين القيمتين بمقدار لا يتحمل عادة ولا يصدق عليه اليسر في هذه الحال لم يجب.

(مسألة 813) : يجوز التبرع بأداء دين الغير، سواء أكان حياً او كان ميتاً وتبرأ ذمته، ولا فرق في ذلك بين أن يكون التبرع به بإذن المدين أو بدونه، بل وإن منعه المدين عن ذلك.

(مسألة 814) : لا يتعين الدين فيما عينه المدين، وإنما يتعين بقبض الدائن فلو تلف قبل قبضه فهو من مال المدين، وتبقى ذمته مشغولة به.

(مسألة 815) : إذا مات المدين حل الأجل، ويخرج الدين من أصل ماله، وإذا مات الدائن بقي الأجل على حاله، وليس لورثته مطالبته قبل انقضاء الأجل. وعلى هذا فلو كان صداق المرأة مؤجلاً، ومات الزوج قبل حلوله استحقت الزوجة مطالبته بعد موته. وهذا بخلاف ما إذا ماتت الزوجة، فإنه ليس لورثتها المطالبة قبل حلول الأجل، وهل يلحق بموت الزوج طلاقه ؟ فيه وجهان، الظاهر هو الإلحاق لانصراف اشتراط التأجيل إلى جواز التأخير مع بقاء الزوجية.

ص: 188

(مسألة 816) : لا يلحق بموت المدين حجره بسبب الفلس، فلو كانت عليه ديون حالة ومؤجلة، قسمت أمواله بين أرباب الديون الحالة ولا يشاركهم أرباب الديون المؤجلة.

(مسألة 817) : لو غاب الدائن وانقطع خبره ،وجب على المستدين نية القضاء والوصية به عند الوفاة، فإن جهل خبره ومضت مدة يقطع بموته فيها وجب تسليمه إلى ورثته، ومع عدم معرفتهم أو مع عدم التمكن من الوصول إليهم يتصدق به عنهم. ويجوز تسليمه إلى الورثة مع انقطاع خبره بعد مضي عشر سنين، وإن لم يقطع بموته، اما جواز ذلك بعد مضي أربع سنين من غيبته ولو فحص عنه في هذه المدة ففيه إشكال.

(مسألة 818) : لا تجوز قسمة الدين، فإذا كان لاثنين دين مشترك على ذمم أشخاص عدة، كما إذا افترضنا انهما باعا مالاً مشتركاً بينهما من أشخاص عديدة أو ورثا من مورثهما ديناً على أشخاص ثم قسما الدين بينهما بعد التعديل، فجعلا ما في ذمة بعضهم لأحدهما، وما في ذمة الباقي لآخر لم تصح، ويبقى الدين على الاشتراك السابقبينهما. نعم إذا كان لهما دين مشترك على واحد جاز لأحدهما أن يستوفي حصته منه ويتعين الباقي في حصة الآخر وهذا ليس من تقسيم الدين المشترك في شيء.

(مسألة 819) : تحرم على الدائن مطالبة المدين إذا كان معسراً بل عليه الصبر والنظرة إلى الميسرة.

(مسألة 820) : إذا اقترض دنانير مثلاً، ثم أسقطتها الحكومة عن الاعتبار وجاءت بدنانير أخرى غيرها، كانت عليه الدنانير الأولى. نعم إذا اقترض الأوراق النقدية المسماة ب (اسكنساس) ثم أسقطت عن الاعتبار، لم تسقط ذمة المقترض بأدائها بل عليه أداء قيمتها قبل زمن الإسقاط.

ص: 189

(مسألة 821) : يصح بيع الدين بمال موجود وإن كان أقل منه إذا كان من غير جنسه أو لم يكن ربوياً، ولا يصح بيعه بدين مثله إذا كان ديناً قبل العقد. ولا فرق في المنع بين كونهما حالين ومؤجلين ومختلفين. ولو صار ديناً بالعقد بطل في المؤجلين على الأحوط وصح في غيرهما، ولو كان أحدهما ديناً قبل العقد والآخر ديناً بعد العقد صح إلا في بيع المسلم فيه قبل حلوله، فإنه لا يجوز بيعه من غير بائعه مطلقاً ويجوز بيعه من غير بائعه بعد حلوله ومن بائعه مطلقاً على تفصيل تقدم.

(مسألة 822) : يجوز للمسلم قبض دينه من الذمي من ثمن ما باعه من المحرمات. ولو أسلم الذمي بعد البيع لم يسقط استحقاقه المطالبة بالثمن وليس للعبد الاستدانة بدون إذن المولى، فإن فعل ضمن العين فيرد ما أخذ ولو تلفت ففي ذمته مثله او قيمته، ولو أذن المولى له لزمه دون المملوك وإن أعتق، وغريم المملوك أحد غرماء المولى، ولو أذن له في التجارة فاستدان لها ألزم المولى مع إطلاق الإذن وإلا تبع به بعد العتق.

(مسألة 823) : يجوز دفع مال إلى شخص في بلد ليحوله إلى صاحبه في بلد آخر إذا كان له مال على ذمة صاحبه في ذلك البلد، ولم يكن مما يكال أو يوزن بلا فرق بين أن يكون التحويل بأقل مما دفعه أو أكثر.

(مسألة 824) : ما أخذه بالربا في القرض وكان جاهلاً، سواء أكان جهله بالحكم أو بالموضوع، ثم علم بالحال، فإن تاب، فما أخذه له وعليه أن يترك فيما بعد.

(مسألة 825) : إذا ورث مالاً فيه الربا، فإن كان مخلوطاً بالمال الحلال فليس عليه شيء،وإن كان معلوماً ومعروفاً وعرف صاحبه رده إليه،وإن لم يعرف عامله معاملة المال المجهول مالكه.

ص: 190

خاتمة

إقراض المؤمن من المستحبات الأكيدة سيما لذوي الحاجة منهم لما فيه من قضاء حاجة المؤمن وكشف كربته. وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : من كشف عن مسلم كربة من كرب الدنيا كشف الله عنه كربه يوم القيامة. وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم): من أقرض مؤمناً قرضاً ينظر به ميسوره كان ماله في زكاة وكان هو في صلاة من الملائكة حتى يؤديه، وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم): من أقرض اخاه المسلم كان له بكل درهم أقرضه وزن جبل أحد من جبال رضوى وطور سيناء حسنات وإن رفق به في طلبه تعدى على الصراط كالبرق الخاطف اللامع بغير حساب ولا عذاب ومن شكا إليه أخوه المسلم ولم يقرضه حرّم الله عز وجل عليه الجنة يوم يجزي المحسنين، وعن أبي عبد الله (عليه السلام): ما من مؤمن أقرض مؤمناً يلتمس به وجه الله إلا حسب الله له أجره بحساب الصدقة حتى يرجع ماله إليه، وعنه (عليه السلام) أيضاً : مكتوب على باب الجنة، الصدقة بعشرة والقرض بثمانية عشر، إلى غير ذلك من الروايات.

ص: 191

ص: 192

كتاب الرَّهْن

ولا بد فيه من الإيجاب والقبول من أهله، ولا يعتبر في الإيجاب والقبول التلفظ، بل يتحققان بالفعل أيضاً. وفي اشتراط الإقباض إشكال أقواه ذلك.

(مسألة 826) : يشترط في الرهن أن يكون المرهون عيناً مملوكة يمكن قبضها ويصح بيعها وأن يكون الرهن على حق ثابت في الذمة عيناً كان أو منفعة.

(مسألة 827) : يتوقف رهن غير المملوك للراهن على إجازة مالكه، ولو ضم مملوك غيره إلى مملوكه فرهنهما، لزم الرهن في ملكه وتوقف في الضميمة على إجازة مالكها.

(مسألة 828) : يلزم الرهن من جهة الراهن.

(مسألة 829) : رهن الحامل ليس رهناً للحمل وإن تجدد.

(مسألة 830) : فوائد الرهن للمالك والرهن على أحد الدينين ليس رهناً على الآخر، ولو استدان من الدائن ديناً آخر وجعل الرهن على الأول رهناً عليهما صح.

(مسألة 831) : يجوز للولي أن يرهن مال المولّى عليه مع مصلحته.

(مسألة 832) : المرتهن ممنوع من التصرف بغير إذن الراهن ولا بأس بتصرف الراهن في المرهون تصرفاً لا ينافي حق الرهانة، ولا يجوز له التصرف المنافي من دون إذن المرتهن وتقدم حكم بيع الراهن العين المرهونة مع علم المشتري وجهله في شروط العوضين.

ص: 193

(مسألة 833) : لو شرط المرتهن في عقد استيفاء منافع العين في مدة الرهن مجاناً فإن لم يرجع ذلك إلى الاشتراط في القرض، أو في تأجيل الدين صح، وكذلك ما لو شرط استيفاءها بالأجرة مدة، وإذا صح الشرط لزم العمل به إلى نهاية المدة وإن برئت ذمة الراهن من الدين.

(مسألة 834) : لو شرط في عقد الرهن وكالة المرتهن أو غيره في البيع لم ينعزل ما دام حياً.

(مسألة 835) : لو أوصى الراهن إلى المرتهن أن يبيع العين المرهونة ويستوفي حقه منها لزمت الوصية. وليس للوارث إلزامه برد العين واستيفاء دينه من مال آخر.

(مسألة 836) : حق الرهانة موروث فإذا مات المرتهن قامت ورثته مقامه.

(مسألة 837) : المرتهن أمين لا يضمن بدون التعدي، ويضمن معه لمثله إن كان مثلياً وإلا فلقيمته يوم التعدي، والقول قوله مع يمينه في قيمته وعدم التفريط، وقول الراهن في قدر الدين.

(مسألة 838) : المرتهن أحق بالعين المرهونة من باقي الغرماء إذا صار الراهن مفلساً، ولو فضل من الدين شيء شاركهم في الفاضل ولو فضل من الرهن وله دين بغير رهن تساوى الغرماء فيه.

(مسألة 839) : لو تصرف المرتهن بدون إذن الراهن ضمن وعليه الأجرة.

(مسألة 840) : لو أذن الراهن في البيع قبل الأجل فباع لم يتصرف في الثمن إلا بإذن الراهن حتى بعد الأجل. وإذا لم يأذن في الاستيفاء حينئذ جاز للمرتهن الاستيفاء بلا إذن، كما أنه لو لم يأذن في البيع حينئذ وامتنع من وفاء

ص: 194

الدين جاز للمرتهن البيع والاستيفاء بلا إذن والأحوط مراجعة الحاكم الشرعي إن أمكن.

(مسألة 841) : لو كان الرهن على الدين المؤجل وكان مما يفسد قبل الأجل كالأثمار فإن شرط الراهن عدم بيعه قبل الأجل بطل الرهن، وإلاّ لزم بيعه ويجعل ثمنه رهناً، فإن باعه الراهن أو وكيله فهو، وإن امتنع أجبره الحاكم، فإن تعذر باعه الحاكم أو وكيله، ومع فقده باعه المرتهن.

(مسألة 842) : لو خاف المرتهن جحود الوارث عند موت الراهن ولا بينة له جاز أن يستوفي من الرهن مما في يده.

(مسألة 843) : إذا اختلفا فالقول قول المالك مع ادعائه الوديعة وادعاء الآخر الرهن. هذا إذا لم يكن الدين ثابتاً وإلا فالقول قول مدعي الرهن.

ص: 195

ص: 196

كتاب الحجر

وأسبابه أمور :

(الأول) : الصغر، فالصغير ممنوع من التصرف حتى يبلغ ويعلم بنبت الشعر الخشن على العانة، أو الاحتلام، أو إكمال خمس عشرة سنة في الذكر وتسع في الأنثى، والصغير كما أنه لا ينفذ تصرفه في أمواله لا ينفذ تصرفه في ذمته. فلا يصح منه البيع والشراء في الذمة، ولا الاقتراض وإن صادف مدة الاداء من البلوغ، وكذا لا ينفذ منه التزويج والطلاق ولا إجارة نفسه، ولا جعل نفسه عاملاً في المضاربة والمزارعة ونحو ذلك.

(الثاني) : الجنون، فلا يصح تصرفه إلا في أوقات إفاقته.

(الثالث) : السفه، فيحجر على السفيه في تصرفاته ويختص الحجر بأمواله على المشهور.ويُعلم الرشد بإصلاح ماله عند اختباره بحيث يسلم من المغابنات وتقع أفعاله على الوجه الملائم. ولا يزول الحجر مع فقد الرُشد وإن طعن في السن، ويثبت الرشد في الرجال بشهادة أمثالهم، وفي النساء بشهادة الرجال وكذلك بشهادتهن على إشكال.

(الرابع) : الملك، فلا ينعقد تصرف المملوك بدون إذن مولاه. ولو ملّكه مولاه شيئاً ملكه على الأصح وكذا غيره إذا كان بإذن المولى.

(الخامس) : الفَلَس، ويحجر على المُفَلَّس بشروط أربعة : ثبوت ديونه عند الحاكم، وحلولها، وقصور أمواله عنها، ومطالبة أربابها الحجر. وإذا حجر عليه الحاكم بطل تصرفه في ماله مع عدم إجازة الديان ما دام الحجر باقياً.

ص: 197

(مسألة 844) : لو اقترض المفلس بعد الحجر عليه أو اشترى في الذمة لم يشارك المقرض والبائع الغرماء. ولو أتلف مال غيره فالأظهر عدم مشاركة صاحبه للغرماء، وكذا لو أقر بدين سابق أو بعين.

(مسألة 845) : للمفلس إجازة بيع الخيار وفي جواز فسخه إشكال.

(مسألة 846) : من وجد عين ماله في أموال المفلس كان له أخذها دون نمائها المنفصل، أما المتصل فإن كان كالطول والسمن وبلوغ الثمرة ونحوها مما لا يصلح للانفصال تبعها وما يصلح لذلك كالصوف والثمرة ونحوهما ففيه إشكال. والأظهر عدم التبعية.

(مسألة 847) : من وجد عين ماله وقد خلطها المفلس بجنسها فله عين ماله مطلقاً، وإن كان بالأجود وكذا لو خلطها بغير جنسها ما لم تعد من التالف.

(مسألة 848) : لا يختص الدائن بعين ماله إذا كانت في مال الميت مع قصور التركة.

(مسألة 849) : يخرج الحب والبيض بالزرع والاستفراخ عن الاختصاص.

(مسألة 850) : للشفيع أخذ الشقص ويضرب البائع مع الغرماء، وإذا كان في التركة عين زكوية قُدِّمت الزكاة على الديون وكذلك الخمس، وإذا كانا في ذمة الميت كانا كسائر الديون.

(مسألة 851) : لو أفلس بثمن أم الولد بيعت أو أخذها البائع بعد موت الولد، وأما قبله ففيه إشكال, والجواز أظهر.

(مسألة 852) : لا يحل مطالبة المعسر ولا إلزامه بالتكسب إذا لم يكن من عادته، وكان عسراً عليه، ولا بيع دار سكناه اللائقة بحاله، ولا عبد خدمته، ولا غيره مما يعسر عليه بيعه كما تقدم في كتاب الدين.

ص: 198

(مسألة 853) : لا يحل بالحجر الدين المؤجل ولو مات من عليه الدين حل ولا يحل بموت صاحبه.

(مسألة 854) : ينفق على المفلس من ماله إلى يوم القسمة، وعلى عياله. ولو مات قدم الكفن وغيره من واجبات التجهيز.

(مسألة 855) : يقسم المال على الديون الحالة بالتقسيط. ولو ظهر دين حال بعد القسمة نقضت وشاركهم، ومع القسمة يطلق ويزول الحجر بالأداء.

(مسألة 856) : الولاية في مال الطفل والمجنون والسفيه إذا بلغا كذلك للأب والجد له، فإن فقدا فللوصي إذا كان وصياً في ذلك فإن فقد فللحاكم. وفي مال السفيه والمجنون اللذين عرض عليهما السفه والجنون بعد البلوغ فالمشهور أن الولاية للحاكم خاصة وفيه إشكال.

ص: 199

ص: 200

كتاب الضمان

الضمان هو نقل المال عن ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن للمضمون له.

(مسألة 857) : يعتبر في الضمان الإيجاب من الضامن، والقبول من المضمون له بكل ما يدل على تعهد الأول بالدين، ورضا الثاني بذلك

(مسألة 858) : الأحوط اعتبار التنجيز في عقد الضمان فالتعليق لا يخلو عن إشكال. نعم لا تبعد صحة الضمان إذا كان تعهد الضامن للدين فعلياً، ولكن علق أداءه على عدم أداء المضمون عنه، فعندئذ للدائن أن يطالب الضامن على تقدير عدم أداء المدين.

(مسألة 859) : يعتبر في الضامن والمضمون له البلوغ والعقل والاختيار وعدم السفه، وعدم التفليس أيضاً في خصوص المضمون له واما في المديون فلا يعتبر شيء من ذلك. فلو ضمن شخص ما على المجنون أو الصغير من الدين صح.

(مسألة 860) : إذا دفع الضامن ما ضمنه إلى المضمون له رجع به إلى المضمون عنه إذا كان الضمان بطلبه وإلا لم يرجع.

(مسألة 861) : إذا أبرأ المضمون له ذمة الضامن عن تمام الدين برئت ذمته، ولا يجوز له الرجوع إلى المضمون عنه، وإذا أبرأ ذمته عن بعضه برئت عنه، ولا يرجع إلى المضمون عنه بذلك المقدار. وإذا صالح المضمون له الضامن بالمقدار الأقل، فليس للضامن مطالبة المضمون عنه إلا بذلك المقدار دون الزائد، وكذا الحال لو ضمن الدين بمقدار أقل من الدين برضا المضمون له. والضابط أن

ص: 201

الضامن لا يطالب المضمون عنه إلا بما خسر دون الزائد. ومنه يظهر أنه ليس له المطالبة في صورة تبرع أجنبي لأداء الدين.

(مسألة 862) : عقد الضمان لازم، فلا يجوز للضامن فسخه ولا للمضمون له.

(مسألة 863) : يشكل ثبوت الخيار لكل من الضامن والمضمون له بالاشتراط أو بغيره، بل الأظهر عدمه.

(مسألة 864) : إذا كان الدين حالاً وضمنه الضامن مؤجلاً

فيكون الأجل للضمان لا للدين، فلو أسقط الضامن الأجل وأدى الدين حالاً، فله مطالبة المضمون عنه كذلك، وكذا إذا مات الضامن قبل انقضاء الأجل المذكور.

(مسألة 865) : إذا كان الدين مؤجلاً وضمنه شخص كذلك، ثم أسقط الأجل وأدى الدين حالاً، فليس له مطالبة المضمون عنه قبل حلول الأجل، وكذا الحال إذا مات الضامن في الأثناء، فإن المضمون له يأخذ المال المضمون من تركته حالاً، ولكن ليس لورثته مطالبة المضمون عنه قبل حلول الأجل.

(مسألة 866) : إذا كان الدين مؤجلاً وضمنه شخص حالاً بإذن المضمون عنه، وأدى الدين، فالظاهر جواز الرجوع إليه بعد أداء الدين لأنه المتفاهم العرفي من إذنه بذلك.

(مسألة 867) : إذا كان الدين مؤجلاً وضمنه بأقل من اجله، كما إذا كان أجله ثلاثة أشهر مثلاً، وضمنه بمدة شهر وأداهُ بعد هذه المدة وقبل حلول الأجل، فليس له مطالبة المضمون عنه بذلك قبل انقضاء الأجل الأول، وهو أجل الدين. وإذا ضمنه بأكثر من أجله، ثم أسقط الزائد وأداه، فله مطالبة المضمون عنه بذلك، وكذا الحال إذا مات الضامن بعد انقضاء أجل الدين وقبل انقضاء المدة الزائدة.

ص: 202

(مسألة 868) : إذا احتسب المضمون له ما على ذمة الضامن خُمْساً أو زكاة بإجازة من الحاكم الشرعي، أو صدقة، فالظاهر أن للضامن أن يطالب المضمون عنه بذلك، وكذا الحال إذا أخذه منه ثم رده إليه بعنوان الهبة أو نحوها، وهكذا إذا مات المضمون له وورث الضامن ما في ذمته

(مسألة 869) : يجوز الضمان بشرط الرهانة من المضمون عنه.

(مسألة 870) : إذا كان على الدين الثابت في ذمة المضمون عنه رهن فهو ينفك بالضمان.

(مسألة 871) : إذا ضمن شخصان مثلاً عن واحد، فلا يخلو من أن يكون إما بنحو العموم المجموعي أو بنحو العموم الاستغراقي، فعلى الأول يقسط الدين عليهما، وعلى الثاني قيل يكون كل واحد منهما ضامناً على نحو تعاقب الأيدي. وعليه فإذا أبرأ المضمون له أحدهما بخصوصه برئت ذمته دون الآخر وفيه إشكال، بل الأظهر البطلان.

(مسألة 872) : إذا كان مديوناً لشخصين، صح ضمان شخص لهما أو لأحدهما المعين، ولا يصح ضمانه لأحدهما لا على التعيين، وكذا الحال إذا كان شخصان مديونين لواحد، فضمن عنهما شخص، فإن كان ضمانه عنهما أو عن أحدهما المعين صح، وإن كان عن أحدهما لا على التعيين لم يصح.

(مسألة 873) : إذا كان المديون فقيراً لم يصح أن يضمن شخص عنه بالوفاء من الخمس أو الزكاة أو المظالم. ولا فرق في ذلك بين أن تكون ذمة الضامن مشغولة بها فعلاً أم لا.

(مسألة 874) : إذا كان الدين الثابت على ذمة المدين خمساً أو زكاة صح أن يضمن عنه شخص للحاكم الشرعي أو وكيله.

ص: 203

(مسألة 875) : إذا ضمن شخص في مرض موته صح الضمان ويخرج المال المضمون من أصل تركته، سواء أكان الضمان بإذن المضمون عنه أم لا.

(مسألة 876) : يصح أن يضمن شخص للمرأة نفقاتها الماضية وأما ضمانه لنفقاتها الآتية، ففي صحته إشكال. وأما نفقة الأقارب فلا يصح ضمانها بلا إشكال.

(مسألة 877) : يصح ضمان الأعيان الخارجية، بمعنى كون العين في عهدة الضامن فعلاً، وأثر ذلك وجوب ردها مع بقاء العين المضمونة، وردّ بدلها من المثل أو القيمة عند تلفها. ومن هذا القبيل ضمان شخص عهدة الثمن للمشتري إذا ظهر المبيع مستحقاً للغير ،أو ظهر بطلان البيع من جهة أخرى. والضابط أن الضمان في الأعيان الخارجية بمعنى التعهد لا بمعنى الثبوت في الذمة، فهو قسم آخر من الضمان.

(مسألة 878) : في صحة ضمان ما يحدثه المشتري في الأرض المشتراة من بناء أو غرس أو نحو ذلك إذا ظهر كونها مستحقة للغير إشكال.

(مسألة 879) : إذا قال شخص لآخر إلْقِ متاعك في البحر وعليّ ضمانه، فألقاه ضمنه، سواء أكان لخوف غرق السفينة أو لمصلحة أخرى من خفتها أو نحوها، وهكذا إذا أمره بإعطاء دينار مثلاً لفقير ،أو أمره بعمل لآخر أو لنفسه، فإنه يضمن إذا لم يقصد المأمور المجانية.

(مسألة 880) : إذا اختلف الدائن والمدين في أصل الضمان، كما إذا ادعى المديون الضمان وأنكره الدائن، فالقول قول الدائن، وهكذا إذا ادعى المديون الضمان في تمام الدين، وأنكره المضمون له في بعضه.

(مسألة 881) : إذا ادعى الدائن على أحد الضمان فأنكره فالقول قول المنكر.وإذا اعترف بالضمان واختلفا في مقداره أو في اشتراط التعجيل إذا كان

ص: 204

الدين مؤجلاً، فالقول قول الضامن، وإذا اختلفا في اشتراط التأجيل مع كون الدين حالاً، أو في وفائه للدين، أو في إبراء المضمون له قدم قول المضمون له.

(مسألة 882) : إذا اختلف الضامن والمضمون عنه في الإذن وعدمه أو في وفاء الضامن للدين، أو في مقدار الدين المضمون، أو في اشتراط شيء على المضمون عنه، قدم قول المضمون عنه.

(مسألة 883) : إذا أنكر المدعى عليه الضمان، ولكن استوفى المضمون له الحق منه بإقامة بينة، فليس له مطالبة المضمون عنه لاعترافه بأن المضمون له أخذ المال منه ظلماً.

(مسألة 884) : إذا ادعى الضامن الوفاء. وأنكر المضمون له وحلف، فليس للضامن الرجوع إلى المضمون عنه إذا لم يصدِّقه في ذلك.

(مسألة 885) : يجوز الترامي في الضمان بأن يضمن زيد دين عمرو ويضمن بكر عن زيد وهكذا فتبرأ ذمة غير الضامن الأخير وتشتغل ذمته للدائن. فإذا أداه رجع به إلى سابقه وهو إلى سابقه وهكذا إلى أن ينتهي إلى المدين الأول. هذا إذا كان الضمانبإذن المضمون عنه وإلا فلا رجوع عليه فلو كان ضمان زيد بغير إذن عمرو وكان ضمان بكر بإذن زيد وأدى بكر الدين رجع به إلى زيد ولا يرجع زيد إلى عمرو.

ص: 205

ص: 206

كتاب الحوالة

الحوالة هي تحويل المدين ما في ذمته من الدين إلى ذمة غيره بإحالة الدائن عليه.

(مسألة 886) : يعتبر في الحوالة الإيجاب من المحيل والقبول من المحال بكل ما يدل عليهما من لفظ أو فعل أو كتابة.

(مسألة 887) : يشترط في المحيل والمحال البلوغ والعقل والرشد ،كما يعتبر فيهما عدم التفليس إلا في الحوالة على البريء، فإنه يجوز فيها أن يكون المحيل مفلساً أو سفيهاً، ويعتبر في المحيل والمحال الاختيار، وفي اعتباره في المحال عليه إشكال. والأظهر عدم الاعتبار إلا في الحوالة على البريء أو بغير الجنس، فيعتبر عندئذ قبول المحال عليه برضاه واختياره.

(مسألة 888) : يعتبر في الحوالة أن يكون الدين ثابتاً في ذمة المحيل، فلا تصح الحوالة فيما إذا لم يكن ثابتاً في ذمة المحيل إلا مع قبوله كما أنه لا تصح الحوالة إلى شخص لم يكن مديناً إذا أراد الاستقراض إلا بعد الاستقراض.

(مسألة 889) : يشترط في الحوالة أن يكون المال المحال به مُعيّناً، فإذا كان شخص مديناً لآخر بمنٍّ من الحنطة ودينار، لم يصح أن يحيله بأحدهما من غير تعيين.

(مسألة 890) : يكفي في صحة الحوالة تعين الدين واقعاً، وإن لم يعلم المحيل والمحال بجنسه أو مقداره حين الحوالة. فإذا كان الدين مسجلاً في الدفتر، فحوله المدين على شخص قبل مراجعته فراجعه وأخبر المحال بجنسه ومقداره صحت الحوالة.

ص: 207

(مسألة 891) : للمحال أن لا يقبل الحوالة وإن لم يكن المحال عليه فقيراً ولا مماطلاً في أداء الحوالة.

(مسألة 892) : لا يجوز للمحال عليه البريء مطالبة المال المحال به من المحيل قبل أدائه إلى المحال، وإذا تصالح المحال مع المحال عليه على أقل من الدين، لم يجز أن يأخذ من المحيل إلا الأقل.

(مسألة 893) : لا فرق في المال المحال به بين أن يكون عيناً في ذمة المحيل، أو منفعة أو عملاً لا يعتبر فيه المباشرة، كخياطة ثوب ونحوها، بل ولو مثل الصلاة والصوم والحج والزيارة والقراءة وغير ذلك، ولا فرق في ذلك بين أن تكون الحوالة على البريء أو على المشغول ذمته، كما لا فرق بين أن يكون المال المحال به مثلياً أو قيمياً.

(مسألة 894) : الحوالة عقد لازم، فليس للمحيل والمحال فسخه. نعم لو كان المحال عليه معسراً حين الحوالة، وكان المحال جاهلاً به، جاز له الفسخ بعد علمه بالحالوإن صار غنياً فعلاً. وأما إذا كان حين الحوالة موسراً أو كان المحال عالماً بإعساره، فليس له الفسخ.

(مسألة 895) : يجوز جعل الخيار لكل من المحيل والمحال والمحال عليه.

(مسألة 896) : لو أدى المحيل نفسه الدين، فإذا كان بطلب من المحال عليه وكان مديناً، فله أن يطالب المحال عليه بما أداه. وأما إذا لم يكن بطلبه، أو لم يكن مديناً له، فليس له ذلك.

(مسألة 897) : إذا تبرع أجنبي عن المحال عليه برئت ذمته، وكذا إذا ضمن شخص عنه برضا المحال.

(مسألة 898) : إذا طالب المحال عليه المحيل بما أداه، وادعى المحيل أن له عليه مالاً وأنكره المحال عليه، فالقول قوله مع عدم البينة فيحلف على براءته.

ص: 208

(مسألة 899) : تصح الحوالة بمال الكتابة المشروطة أو المطلقة من السيد على مكاتبه، سواء أكانت قبل حلول النجم أو بعده وبها يتحرر المكاتب لبراءة ذمته لمولاه، وتشتغل ذمته للمحال، ولا يتوقف تحرره على قبوله الحوالة، لفرض أنه مدين لمولاه.

(مسألة 900) : إذا كان للمكاتب دين على أجنبي. فأحال المكاتب سيده عليه بمال الكتابة، فقبلها صحت الحوالة. وينعتق المكاتب، سواء أدى المحال عليه المال للسيد أم لا.

(مسألة 901) : إذا اختلف الدائن والمدين في أن العقد الواقع بينهما كان حوالة أو وكالة. فمع عدم قيام البينة يقدم قول منكر الحوالة سواء أكان هو الدائن أو المدين.

(مسألة 902) : إذا كان له على زيد دنانير وعليه لعمرو دراهم فأحال عمراً على زيد بالدنانير، فإن كان المراد بذلك تحويل ما بذمته من الدراهم بالدنانير برضا عمرو به ثم إحالة عمرو على زيد بالدنانير فلا إشكال، وإن كان المراد إحالته على زيد ليحتسب الدنانير بقيمة الدراهم من دون تحويل في الذمة لم يجب على زيد قبول الحوالة، كما أنه إذا أحاله عليه بالدراهم مع بقاء اشتغال ذمته عليه بالدنانير لم يجب القبول بل هو من قبيل الحوالة على البريء.

ص: 209

ص: 210

كتاب الكفالة

الكفالة هي التعهد بإحضار المدين وتسليمه إلى الدائن عند طلبه ذلك.

(مسألة 903) : تصح الكفالة بالإيجاب من الكفيل بكل ما يدل على تعهده والتزامه، والقبول من الدائن بكل ما يدل على رضاه بذلك.

(مسألة 904) : يعتبر في الكفيل العقل والبلوغ والاختيار والقدرة على إحضار المدين، وعدم السفه، ولا يشترط في الدائن البلوغ والرشد والعقل والاختيار، فتصح الكفالة للصبي والسفيه والمجنون إذا قبلها الولي.

(مسألة 905) : تصح الكفالة بإحضار المكفول إذا كان عليه حق مالي، ولا يشترط العلم بمبلغ ذلك المال.

(مسألة 906) : إذا كان المال ثابتاً في الذمة، فلا شبهة في صحة الكفالة. وأما إذا لم يكن ثابتاً في الذمة فعلاً، ولكن وجد سببه كالجعل في عقد الجعالة وكالعوض في عقد السبق والرماية وما شاكل ذلك، ففي صحة الكفالة في هذه الموارد إشكال، والصحة أقرب.

(مسألة 907) : الكفالة عقد لازم لا يجوز فسخه من طرف الكفيل إلا بالإقالة، أو بجعل الخيار له.

(مسألة 908) : إذا لم يحضر الكفيل المكفول، فأخذ المكفول له المال من الكفيل، فإن لم يأذن المكفول لا في الكفالة ولا في الأداء فليس للكفيل الرجوع عليه والمطالبة بما أداه. وإذا أذن في الكفالة والأداء أو أذن في الأداء فحسب، كان له أن يرجع عليه، وإن أذن له في الكفالة دون الأداء، فالظاهر عدم رجوعه عليه بما أداه. وإن كان غير متمكن من إحضاره عند طلب المكفول له ذلك.

ص: 211

(مسألة 909) : يجب على الكفيل التوسل بكل وسيلة مشروعة لإحضار المكفول فإذا احتاج إلى الاستعانة بشخص قاهر، ولم تكن فيها مفسدة دينية وجبت الاستعانة به.

(مسألة 910) : إذا كان المكفول غائباً واحتاج حمله إلى مؤنة

فالظاهر أنها على الكفيل، إلا إذا كان صرفها بإذن من المكفول.

(مسألة 911) : إذا نقل المكفول له حقه الثابت على المكفول إلى غيره ببيع أو صلح أو حوالة، أو هبة، بطلت الكفالة.

(مسألة 912) : إذا أخرج أحد من يد الغريم مديونه قهراً أو حيلة بحيث لا يظفر به ليأخذ منه دينه، فهو بحكم الكفيل يجب عليه إحضاره لديه، وإلا فيضمن عنه دينه، ويجب عليه تأديته له.

(مسألة 913) : ينحل عقد الكفالة بأمور : (الأول) _ أن يسلم الكفيل المكفول إلى المكفول له (الثاني) _ أن يؤدي دينه (الثالث) _ ما إذا أبرأ المكفول له ذمة المدين (الرابع) _ ما إذا مات المدين (الخامس) _ ما إذا رفع المكفول له يده عن الكفالة.

ص: 212

كتاب الصُلح

الصلح عقد شرعي للتراضي والتسالم بين شخصين في أمر : من تمليك عين أو منفعة أو إسقاط دين أو حق أو غير ذلك مجاناً، أو بعوض.

(مسألة 914) : الصلح عقد مستقل ولا يرجع إلى سائر العقود وإن أفاد فائدتها فيفيد فائدة البيع إذا كان الصلح على عين بعوض وفائدة الهبة إذا كان على عين بغير عوض، وفائدة الإجارة إذا كان على منفعة بعوض، وفائدة الإبراء إذا كان على إسقاط حق أو دين.

(مسألة 915) : إذا تعلق الصلح بعين أو منفعة أفاد انتقالهما إلى المتصالح، سواء أكان مع العوض أو بدونه. وكذا إذا تعلق بدين على غير المصالح له أو حق قابل للانتقال، كحقي التحجير والاختصاص وإذا تعلق بدين على المتصالح أفاد سقوطه. وكذا الحال إذا تعلق بحق قابل للإسقاط وغير قابل للنقل والانتقال، كحق الشفعة ونحوه. وأما ما لايقبل الانتقال ولا الإسقاط، فلا يصح الصلح عليه.

(مسألة 916) : يصح الصلح على مجرد الانتفاع بعين، كأن يصالح شخصاً على أن يسكن داره أو يلبس ثوبه في مدة، أو على أن يكون جذوع سقفه على حائطه، أو يجري ماؤه على سطح داره، أو يكون ميزابه على عرصة داره، أو يكون الممر والمخرج من داره أوبستانه، أو على أن يخرج جناحاً في فضاء ملكه، أو على أن تكون أغصان أشجاره في فضاء أرضه، وغير ذلك. ولا فرق فيه بين أن يكون بلا عوض أو معه.

(مسألة 917) : يجري الفضولي في الصلح، كما يجري في البيع ونحوه

ص: 213

(مسألة 918) : لا يعتبر في الصلح العلم بالمصالح به فإذا اختلط مال أحد الشخصين بمال الآخر جاز لهما أن يتصالحا على الشركة بالتساوي أو بالاختلاف، كما يجوز لأحدهما أن يصالح الآخر بمال خارجي معين، ولا يفرق في ذلك بين ما إذا كان التمييز بين المالين متعذراً وما إذا لم يكن متعذراً.

(مسألة 919) : يجوز للمتداعيين أن يتصالحا بشيء من المدعى به أو بشيء آخر، حتى مع إنكار المدعى عليه، ويسقط بهذا الصلح حق الدعوى، وكذا يسقط حق اليمين الذي كان للمدعي على المنكر فليس للمدعي بعد ذلك تجديد المرافعة، ولكن هذا قطع للنزاع ظاهراً ولا يحل لغير المحق ما يأخذه بالصلح، وذلك مثل ما إذا ادعى شخص على آخر بدين فأنكره، ثم تصالحا على النصف، فهذا الصلح وإن أثر في سقوط الدعوى، ولكن المدعي لو كان محقاً فقد وصل إليه نصف حقه، ويبقى نصفه الآخر في ذمة المنكر، إلا أنه إذا كان المنكر معذوراً في اعتقاده لم يكن عليه إثم. نعم لو رضي المدعي بالصلح عن جميع ما في ذمته، فقد سقط حقه.

(مسألة 920) : لو قال المدعى عليه للمدعي صالحني : لم يكن ذلك منه إقراراً بالحق، لما عرفت من أن الصلح يصح مع الإقرار والإنكار. وأما لو قال بعني أو ملكني، كان إقراراً.

(مسألة 921) : يعتبر في المتصالحين البلوغ والعقل والاختيار والقصد وعدم الحجر لسفه أو غيره.

(مسألة 922) : يتحقق الصلح بكل ما يدل عليه من لفظ أو فعل أو نحو ذلك، ولا تعتبر فيه صيغة خاصة.

(مسألة 923) : لو تصالح شخص مع الراعي بأن يسلم نعاجه إليه ليرعاها سنة مثلاً، ويتصرف في لبنها ويعطي مقداراً معيناً من الدهن مثلاً صحت

ص: 214

المصالحة، بل لو آجر نعاجه من الراعي سنة على أن يستفيد من لبنها بعوض مقدار معين من دهن أو غيره صحت الإجارة.

(مسألة 924) : لا يحتاج إسقاط الحق أو الدين إلى القبول. وأما المصالحة عليه فتحتاج إلى القبول.

(مسألة 925) : لو علم المديون بمقدار الدين، ولم يعلم به الدائن وصالحه بأقل منه، لم تبرأ ذمته عن المقدار الزائد إلا أن يعلم برضا الدائن بالمصالحة، حتى لو علم بمقدار الدين أيضاً.

(مسألة 926) : لا تجوز المصالحة على مبادلة مالين من جنس واحد إذا كان مما يكال أو يوزن. مع العلم بالزيادة في أحدهما على الأحوط وكذا مع احتمال الزيادة.

(مسألة 927) : لا بأس بالمصالحة على مبادلة دينين على شخص واحد أو على شخصين فيما إذا لم يكونا من المكيل أو الموزون أو لم يكونا من جنس واحد، أو كانا متساويين في الكيل أو الوزن. وأما إذا كانا من المكيل أو الموزون أومن جنس واحد، فجواز الصلح على مبادلتهما مع زيادة محل إشكال.

(مسألة 928) : يصح الصلح في الدين المؤجل بأقل منه إذا كان الغرض إبراء ذمة المديون من بعض الدين وأخذ الباقي منه نقداً. هذا فيما إذا كان الدين من جنس الذهب أو الفضة أو غيرهما من المكيل أو الموزون وأما في غير ذلك، فيجوز البيع والصلح بالأقل من المديون وغيره. وعليه فيجوز للدائن تنزيل الكمبيالة في المصرف وغيره في عصرنا الحاضر لأن الدنانير الرائجة ليست مما يوزن أو يكال.

ص: 215

(مسألة 929) : عقد الصلح لازم في نفسه حتى فيما إذا كان بلا عوض وكانت فائدته فائدة الهبة ولا ينفسخ إلا بتراضي المتصالحين بالفسخ، أو بفسخ من جعل له حق الفسخ منهما في ضمن الصلح.

(مسألة 930) : لا يجري خيار الحيوان ولا خيار المجلس ولا خيار التأخير في الصلح إلا إذا أدخلناه في البيع. نعم لو أخر تسليم المصالح به عن الحد المتعارف، أو اشترط تسليمه نقداً فلم يعمل به، فللآخر أن يفسخ المصالحة. وأما الخيارات الباقية فهي تجري في عقد الصلح.

(مسألة 931) : لو ظهر العيب في المصالح به جاز الفسخ. وأما أخذ التفاوت بين قيمتي الصحيح والمعيب ففيه إشكال.

(مسألة 932) : لو اشترط في عقد الصلح وقف المال المصالح به على جهة خاصة ترجع إلى المصالح نفسه أو إلى غيره أو جهة عامة في حياة المصالح أو بعد وفاته صح، ولزم الوفاء بالشرط.

(مسألة 933) : الأثمار والخضر والزرع يجوز الصلح عليها قبل ظهورها في عام واحد من دون ضميمة وإن كان لا يجوز ذلك في البيع على ما مر.

(مسألة 934) : إذا كان لأحد الشخصين سلعة تسوى بعشرين درهماً مثلاً وللآخر سلعة تسوى بثلاثين واشتبهتا ولم تتميز إحداهما عن الأخرى فإن تصالحا على أن يختار إحداهما فلا إشكال. وإن تشاجرا بيعت السلعتان وقسّم الثمن بينهما بالنسبة فيعطى لصاحب العشرين سهمان وللآخر ثلاثة أسهم، هذا فيما إذا كان المقصود لكل من المالكين المالية، وأما إذا كان مقصود كل منهما شخص المال من دون نظر إلى قيمته وماليته كان المرجع في التعيين هو القرعة.

ص: 216

كتاب الإقرار

وهو إخبار عن حق ثابت على المخبر أو نفي حق له على غيره ولا يختص بلفظ، بل يكفي كل لفظ دال على ذلك عرفاً ولو لم يكن صريحاً، وكذا تكفي الإشارة المعلومة.

(مسألة 935) : لا يعتبر في نفوذ الإقرار صدوره من المقر ابتداء واستفادته من الكلام بالدلالة المطابقية أو التضمنية فلو استفيد من كلام آخر على نحو الدلالة الألتزامية كان نافذاً أيضاً فإذا قال : الدار التي أسكنها اشتريتها من زيد كان ذلك إقراراً منه بكونها ملكاً لزيد سابقاً وهو يدعي انتقالها منه إليه ومن هذا القبيل ما إذا قال أحد المتخاصمين في مال للآخر : بِعْنيهِ، فإن ذلك يكون اعترافاً منه بمالكيته له.

(مسألة 936) : يعتبر في المقرّ به أن يكون مما لو كان المقر صادقاً في إخباره كان للمقر له إلزامه ومطالبته به وذلك بأن يكون المقر به مالاً في ذمته، أو عيناً خارجية أو منفعة، أو عملاً أو حقاً كحق الخيار والشفعة وحق الاستطراق في ملكه أو إجراء الماء في نهره، أو نصب الميزاب على سطح داره وما شاكل ذلك وأما إذا أقر بما ليس للمقر له إلزامه به فلا أثر له، كما إذا أقر بأن عليه لزيد شيئاً ثمن خمر أو قمار ونحو ذلك لم ينفذ إقراره.

(مسألة 937) : إذا أقر بشيء ثم عقّبه بما يضاده وينافيه فإن كان ذلك رجوعاً عن إقراره ينفذ إقراره ولا أثر لرجوعه، فلو قال : لزيد عليّ عشرون ديناراً ثم قال : لا بل عشرة دنانير ألزم بالعشرين. وأما إذا لم يكن رجوعاً، بل كان قرينة على بيان مراده لم ينفذ الإقرار إلا بما يستفاد من مجموع الكلام. فلو

ص: 217

قال : لزيد عليّ عشرون ديناراً إلا خمسة دنانير كان هذا إقراراً على خمسة عشر ديناراً فقط ولا ينفذ إقراره إلا بهذا المقدار.

(مسألة 938) : يشترط في المقر التكليف والحرية فلا ينفذ إقرار الصبي والمجنون ولا إقرار العبد بالنسبة إلى ما يتعلق بحق المولى بدون تصديقه مطلقاً ولو كان مما يوجب الجناية على العبد نفساً أو طرفاً. وأما بالنسبة إلى ما يتعلق به نفسه مالاً كان أو جناية فيتبع به بعد عتقه. وينفذ إقرار المريض في مرض موته على الأظهر.

(مسألة 939) : يشترط في المقر له أهلية التملك ولو أقر للعبد فهو له لو قيل بملكه كما هو الظاهر.

(مسألة 940) : لو قال : له عليّ مال، ألزم به فإن فسره بما لا يملك لم يقبل.

(مسألة 941) : لو قال : هذا لفلان بل لفلان كان للأول وغرم القيمة للثاني، وإذا اعترف بنقد أو وزن أو كيل فيرجع في تعيينه إلى عادة البلد ومع التعدد إلى تفسيره.

(مسألة 942) : لو أقر بالمظروف لم يدخل الظرف ولو أقر بالدين المؤجل ثبت المؤجل ولم يستحق المقر له المطالبة به قبل الأجل ولو أقر بالمردد بين الأقل والأكثر ثبت الأقل.

(مسألة 943) : لو أبهم المقر له فإن عيّن قُبِل، ولو ادعاه الآخر كانا خصمين وللآخر على المقر اليمين على عدم العلم إن ادعى عليه العلم.

(مسألة 944) : لو أبهم المُقَر به ثم عيّن أو عيّنه من الأول وأنكره المقر له فإن كان المقر به ديناً على ذمة المقر فلا أثر للإقرار ولا يطالب المقر بشيء وإن كان عيناً خارجية، قيل: أن للحاكم انتزاعها من يده ولكن الأظهر عدمه.

ص: 218

(مسألة 945) : لو ادعى البائع المواطاة على الإشهاد وأنه لم يقبض الثمن كان عليه إقامة البينة عليها، أو إحلاف المشتري على إقباض الثمن

(مسألة 946) : إذا أقر بولد أو أخ أو أخت أو غير ذلك، نفذ إقراره مع احتمال صدقه في ما عليه من وجوب إنفاق أو حرمة نكاح أو مشاركة في إرث ونحو ذلك. وأما بالنسبة إلى غير ما عليه من الأحكام ففيه تفصيل فإن كان الإقرار بالولد فيثبت النسب بإقراره مع احتمال صدقه وعدم المنازع إذا كان الولد صغيراً وكان تحت يده، ولا يشترط فيه تصديق الصغير ولا يلتفت إلى إنكاره بعد بلوغه فيثبت بذلك النَسَب بينهما وبين أولادهما وسائر الطبقات. وأما في غير الولد الصغير فلا أثر للإقرار إلا مع تصديق الآخر، فإن لم يصدقه الآخر لم يثبت النسب وإن صدقه ولا وارث غيرهما توارثا، وفي ثبوت التوارث مع الوارث الآخر إشكال، والاحتياط لا يترك وكذلك في تعدي التوارث إلى غيرهما ولا يترك الاحتياط أيضاً فيما لو أقر بولد أو غيره ثم نفاه بعد ذلك.

(مسألة 947) : لو أقر الوارث بأولى منه دفع ما في يده إليه، ولو كان مساوياً دفع بنسبة نصيبه من الأصل، ولو أقر باثنين فتناكرا لم يلتفت إلى تناكرهما فيعمل بالإقرار ،ولكن تبقى الدعوى قائمة بينهما ولو أقر بأولى منه في الميراث ثم أقر بأولى من المقر له أولاً كما إذا أقر العم بالأخ ثم أقر بالولد فإن صدقه المقر له أولاً دفع إلى الثاني وإلا فإلى الأول ويغرم للثاني.

(مسألة 948) : لو أقر الولد بآخر ثم أقر بثالث وأنكر الثالث الثاني كان للثالث النصف وللثاني السدس، ولو كانا معلومي النسب لا يتلفت إلى إنكاره وكذلك الحكم إذا كان للميت ولدان وأقر أحدهما له بثالث وأنكره الآخر فإن نصف التركة حينئذ للمنكر وثلثها للمقر وللمقر له السدس. وإذا كانت للميت زوجة واخوة مثلاً وأقرت الزوجة بولد له فإن صدقتها الاخوة كان ثمن التركة

ص: 219

للزوجة والباقي للولد، وإن لم تصدقها أخذت الاخوة ثلاثة أرباع التركة وأخذت الزوجة ثمنها والباقي وهو الثمن للمقر له.

(مسألة 949) : يثبت النسب بشهادة عدلين ولا يثبت بشهادة رجل وامرأتين ولا بشهادة رجل ويمين، ولو شهد الأخوان بابن للميت وكانا عدلين كان أولى منهما ويثبتالنسب، ولو كانا فاسقين لم يثبت النسب ويثبت الميراث إذا لم يكن لهما ثالث، وإلا كان إقرارهما نافذاً في حقهما دون غيرهما.

ص: 220

كتاب الوكالة

ولا بد فيها من الإيجاب والقبول بكل ما يدل عليهما من لفظ أو فعل ولا يعتبر فيها اتصال القبول بالإيجاب كما لا يشترط فيها التنجيز فلو علقها على شرط غير حاصل حال العقد أو مجهول الحصول حينه فالظاهر الصحة ويصح تصرف الوكيل حينئذ عند تحقيق الشرط.

(مسألة 950) : الوكالة جائزة من الطرفين ولكن يعتبر في عزل الموكل له إعلامه به، فلو عزله فلا يجوز له التصرف ولو تصرف قبل علمه به صح تصرفه.

تبطل الوكالة بالموت وتلف متعلقها، وفعل الموكل نفسه كما أنها تبطل بجنون الموكل وبإغمائه حال جنونه وإغمائه، وفي بطلانها مطلقاً حتى بعد رجوع العقل والإفاقة إشكال.

(مسألة 951) : تصح الوكالة فيما لا يتعلق غرض الشارع بإيقاعه مباشرة، ويعلم ذلك ببناء العرف والمتشرعة عليه.

(مسألة 952) : الوكيل المأذون لا يجوز له التعدي حتى في تخصيص السوق إلا إذا علم أنه ذكره من باب أحد الأفراد.

(مسألة 953) : لو عمّم الموكل التصرف صح تصرف الوكيل مع المصلحة مطلقاً إلا في الإقرار.نعم إذا قال أنت وكيلي في أن تقر عليّ بكذا لزيد مثلاً كان هذا إقراراً منه لزيد به.

(مسألة 954) : الإطلاق في الوكالة يقتضي البيع حالاً بثمن المثل بنقد البلد وابتياع الصحيح وتسليم المبيع وتسليم الثمن بالشراء والرد بالعيب.

ص: 221

(مسألة 955) : وكالة الخصومة عند القاضي لا تقتضي الوكالة في القبض وكذلك العكس.

(مسألة 956) : يشترط أهلية التصرف في الوكيل والموكل، فيصح توكيل الصغير فيما جاز له مباشرته كالوصية إذا بلغ عشراً، ويجوز أن يكون الصغير وكيلاً ولو بدون إذن وليه.

(مسألة 957) : لو وكل العبد بإذن مولاه صح.

(مسألة 958) : ليس للوكيل أو يوكل غيره بغير إذن الموكل.

(مسألة 959) : للحاكم التوكيل عن السفهاء والبله.

(مسألة 960) : يستحب لذوي المروءات التوكيل في مهماتهم.

(مسألة 961) : لا يتوكل الذمي على المسلم على المشهور ولكن الأظهر الجواز.

(مسألة 962) : لا يضمن الوكيل إلا بتعدٍ أو تفريط، ولا تبطل وكالته به.

(مسألة 963) : القول قول الوكيل مع اليمين وعدم البيّنة في عدم التعدي والتفريط. وكذلك في العزل والعلم به والتصرف، وفي قبول قوله الرد إشكال والأظهر العدم.

(مسألة 964) : لو ادعى الوكيل التلف فالقول قوله إلا إذا كان متهماً فيطالب بالبينة.

(مسألة 965) : القول قول منكر الوكالة، وقول الموكل لو ادعى الوكيل الإذن في البيع بثمن معين فإن وجدت العين استعيدت وإن فقدت أو تعذرت فالمثل أو القيمة إن لم يكن مثلياً.

ص: 222

(مسألة 966) : لو زوجه فأنكر الموكل الوكالة حلف وعلى الوكيل نصف المهر لها، وعلى الموكل إن كان كاذباً في إنكاره الزوجية طلاقها ولو لم يفعل وقد علمت الزوجة بكذبه رفعت أمرها إلى الحاكم ليطلقها بعد أمره الزوج بالإنفاق عليها وامتناعه.

(مسألة 967) : لو وكل اثنين لم يكن لأحدهما الانفراد بالتصرف إلا إذا كانت هناك دلالة على توكيل كل منهما على الاستقلال.

(مسألة 968) : لا تثبت الوكالة عند الاختلاف إلا بشاهدين عدلين.

(مسألة 969) : لو أخّر الوكيل التسليم مع القدرة والمطالبة ضمن.

(مسألة 970) : الوكيل المفوض إليه بحكم المالك يرجع عليه البائع ويرجع عليه المشتري بالمثمن، وترد عليه العين بالفسخ بعيب ونحوه ويؤخذ منه العوض.

(مسألة 971) : يجوز التوكيل فيما لا يتمكن الموكل منه فعلاً شرعاً إذا كان تابعاً لما يتمكن منه كما إذا وكله في شراء دار له وبيعها أو وكله في شراء عبد وعتقه أو في تزويج امرأة وطلاقها ونحو ذلك، وأما التوكيل فيه استقلالاً بأن يوكله في بيع دار يملكها بعد ذلك أو في تزويج امرأة معتدة بعد انقضاء عدتها، أو في طلاق امرأة يتزوجها بعد حين ونحو ذلك ففي صحته إشكال. والأقرب الصحة ويجوز التوكيل في القبض والإقباض في موارد لزومهما كما في القرض والرهن وبيع الصرف وفي موارد عدم لزومهما كما إذا باع داره من زيد ووكل عمرواً في قبض الثمن. فإن قبض الوكيل في جميع هذه الموارد بمنزلة قبض الموكل ولا يعتبر في صحة التوكيل حينئذ قدرة الموكل على القبض خارجاً، فيجوز لمن لا يقدر على أخذ ماله من غاصب أو يوكل من يقدر على أخذه منه فيكون أخذه بمنزلة أخذ الموكل.

ص: 223

(مسألة 972) : تصح الوكالة في حيازة المباحات فإذا وكل أحداً في حيازتها وقد حازها الوكيل لموكله كان المال المحوز ملكاً للموكل دون الوكيل.

(مسألة 973) : إذا وكل شخصاً لاستيفاء حق له على غيره فجحد من عليه الحق لم يكن للوكيل مخاصمته والمرافعة معه لإثبات الحق عليه إلا إذا كان وكيلاً في ذلك أيضاً.

(مسألة 974) : لا بأس بجعل جعلٍ للوكيل، ولكنه إنما يستحق الجعل بالإتيان بالعمل الموكل فيه. فلو وكله في البيع أو الشراء وجعل له جعلاً لم يكن للوكيل أن يطالب به إلا بعد إتمام العمل. نعم له المطالبة به قبل حصول القبض والاقباض.

(مسألة 975) : لو وكله في قبض ماله على شخص من دين فمات المدين قبل الأداء بطلت الوكالة وليس للوكيل مطالبة الورثة. نعم إذا كانت الوكالة عامة وشاملة لأخذ الدين ولو من الورثة لم تبطل الوكالة وكان حينئذ للوكيل مطالبة الورثة بذلك.

ص: 224

كتاب الهبة

وهي تمليك عين مجاناً من دون عوض وهي عقد يحتاج إلى إيجاب وقبول ويكفي في الإيجاب كل ما دل على التمليك المذكور من لفظ أو فعل أو إشارة، ولا تعتبر فيه صيغة خاصة ولا العربية، ويكفي في القبول كل ما دل على الرضا بالإيجاب من لفظ أو فعل أو نحو ذلك.

(مسألة 976) : يعتبر في الواهب البلوغ والعقل والقصد والاختيار وعدم الحجر عليه بسفه أو فلس أو ملك.

(مسألة 977) : تصح الهبة من المريض في مرض الموت وإن زاد عن الثلث، كما تصح سائر تصرفاته من بيع أو صلح أو نحو ذلك.

(مسألة 978) : تصح الهبة في الأعيان المملوكة وإن كانت مشاعة، ولا تبعد أيضاً صحة هبة ما في الذمة لغير من هو عليه، ويكون قبضه بقبض مصداقه. ولو وهبه ما في ذمته كان إبراءاً.

(مسألة 979) : يشترط في صحة الهبة القبض ولا بد فيه من إذن الواهب إلا أن يهبه ما في يده فلا حاجة حينئذ إلى قبض جديد، ولا تعتبر الفورية في القبض ولا كونه في مجلس العقد فيجوز فيه التراخي عن العقد بزمان كثير. ومتى تحقق القبض صحت الهبة من حينه، فإذا كان للموهوب نماء سابق على القبض قد حصل بعد الهبة كان للواهب دون الموهوب له وإذا وهبه شيئين فقبض الموهوب له أحدهما دون الآخر صحت الهبة في المقبوض دون غيره.

(مسألة 980) : للأب والجد ولاية القبول والقبض عن الصغير والمجنون إذا بلغ مجنوناً. أما لو جُنَّ بعد البلوغ فولاية القبول والقبض للحاكم على المشهور

ص: 225

وفيه إشكال، ولو وهب شخص لأحدهما وكانت العين الموهوبة بيد الولي لم يحتج إلى قبض جديد.

(مسألة 981) : يتحقق القبض في غير المنقول بالتخلية ورفع الواهب يده عن الموهوب وجعله تحت استيلاء الموهوب له وسلطانه، ويتحقق في المنقول بوضعه تحت يد الموهوب له.

(مسألة 982) : ليس للواهب الرجوع بعد الاقباض إن كانت لذي رحم أو بعد التلف أو مع التعويض. وفي جواز الرجوع مع التصرف خلاف، والأقوى جوازه إذا كان الموهوب باقياً بعينه، فلو صبغ الثوب أو قطعه أو خاطه أو نقله إلى غيره لم يجز له الرجوع، وله الرجوع في غير ذلك فإن عاب فلا أرش وإن زادت زيادة منفصلة فهي للموهوب له وإن كانت متصلة فإن كانت غير قابلة للانفصال كالطول والسمن وبلوغالثمرة ونحوها فهي تتبع الموهوب وإن كانت قابلة للانفصال كالصوف والثمرة ونحوهما ففي التبعية إشكال والأظهر عدمها وإن الزيادة للموهوب له، بعد رجوع الواهب أيضاً.

(مسألة 983) : في إلحاق الزوج أو الزوجة بذي الرحم في لزوم الهبة إشكال الأقرب عدمه.

(مسألة 984) : لو مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض بطلت الهبة وانتقل الموهوب إلى ورثة الواهب.

(مسألة 985) : لو مات الواهب أو الموهوب له بعد القبض لزمت الهبة فليس للواهب الرجوع إلى ورثة الموهوب كما أنه ليس لورثة الواهب الرجوع إلى الموهوب له.

(مسألة 986) : لا يعتبر في صحة الرجوع علم الموهوب له فيصح الرجوع مع جهله أيضاً.

ص: 226

(مسألة 987) : في الهبة المشروطة يجب على الموهوب له العمل بالشرط فإذا وهبه شيئاً بشرط أن يهبه شيئاً وجب على الموهوب له العمل بالشرط، فإذا تعذر أو امتنع المتهب من العمل بالشرط جاز للواهب الرجوع في الهبة بل الظاهر جواز الرجوع في الهبة المشروطة قبل العمل بالشرط.

(مسألة 988) : في الهبة المطلقة لا يجب التعويض على الأقوى لكن لو عوض المتهب لزمت الهبة ولم يجز للواهب الرجوع.

(مسألة 989) : لو بذل المتهب العوض ولم يقبل الواهب لم يكن تعويضاً

(مسألة 990) : العوض المشروط إن كان معيناً تعين وإن كان مطلقاً أجزأ اليسير، إلا إذا كانت قرينة من عادة أو غيرها على إرادة المساوي.

(مسألة 991) : لا يشترط في العوض أن يكون عيناً بل يجوز أن يكون عقداً أو إيقاعاً كبيع شيء على الواهب أو إبراء ذمته من دين له عليه أو نحو ذلك.

ص: 227

ص: 228

كتاب الوَصِيَّة

اشارة

وهي قسمان :

1- تمليكية : بأن يجعل شيئاً من تركته لزيد أو للفقراء مثلاً بعد وفاته فهي وصية بالملك أو الاختصاص.

2-عهدية : بأن يأمر بالتصرف بشيء يتعلق به من بدن او مال كأن يأمر بدفنه في مكان معين أو زمان معين أو يأمر بأن يعطى من ماله أحدٌ أو يستناب عنه في الصوم والصلاة من ماله أو يوقف ماله، أو يباع أو نحو ذلك، فإن وَجَّهَ أمره إلى شخص معين فقد جعله وصياً عنه وجعل له ولاية التصرف، وإن لم يوجه أمره إلى شخص معين ولم تكن قرينة على التعيين كما إذا قال أوصيت بأن يحج عني أو يصام عني او نحو ذلك فلم يجعل له وصياً معيناً كان تنفيذه من وظائف الحاكم الشرعي.

(مسألة 992) : الوصية العهدية لا تحتاج إلى قبول سواء جعل له وصياً أم لم يجعل.

وأما الوصية التمليكية فكما إذا قال : هذا المال لزيد بعد مماتي فالمشهور احتياجه إلى القبول من الموصى له، لكن الأظهر عدمه.

(مسألة 993) : تتضيق الواجبات الموسعة إذا لم يطمئن المكلف بالتمكن من الامتثال مع التأخير كقضاء الصلاة والصيام وأداء الكفارات والنذور ونحوها من الواجبات البدنية وغيرها فتجب المبادرة إلى أدائها.

ص: 229

وإذا ضاق الوقت عن أدائها وجب الإيصاء والإعلام بها على الأقوى إلا أن يعلم بقيام الوارث أو غيره به.

وأما أموال الناس من الوديعة والعارية ومال المضاربة ونحوها مما يكون تحت يده فالظاهر عدم وجوب المبادرة إلى أدائه إلاّ إذا خاف عدم أداء الوارث.

ويجب الإيصاء به والإشهاد عليه إذا كان يتوقف عليهما الأداء وإلا لم يجب، ومثلها الديون التي عليه مع عدم مطالبة الدائن، أما مع مطالبته فتجب المبادرة إلى أدائها وإن لم يخف الموت.

(مسألة 994) : يكفي في تحقق الوصية كل ما دلّ عليها من لفظ صريح أو غير صريح أو فعل وإن كان كتابة أو إشارة بلا فرق بين صورتي الاختيار وعدمه، بل يكفي وجود مكتوب بخطه أو بإمضائه بحيث يظهر منه إرادة العمل به بعد موته، وإذا قيل لههل أوصيت ؟ فقال : لا، فقامت البينة على أنه قد أوصى، كان العمل على البيّنة ولم يعتد بخبره.

نعم إذا كان قد قصد من إنكاره إنشاء العدول عن الوصية صح العدول منه.

وكذا الحكم لو قال نعم وقامت البيّنة على عدم الوصية منه، فإنه إن قصد الإخبار كان العمل على البينة، وإن قصد إنشاء الوصية صح الإنشاء وتحققت الوصية.

(مسألة 995) : المشهور أن ردّ الموصى له الوصية في الوصية التمليكية مبطل لها إذا كان الردّ بعد الموت ولم يسبق بقبوله، ولكنه لا يخلو من إشكال أما إذا سبقه القبول بعد الموت أو في حال الحياة فلا أثر له، وكذا الرد حال الحياة.

ص: 230

(مسألة 996) : لو أوصى له بشيئين فقبل أحدهما ورد الآخر صحت فيما قبل وبطلت فيما ردّ على إشكال، وكذا لو أوصى له بشيء واحد فقبل في بعضه ورد في البعض الآخر.

(مسألة 997) : لا يجوز للورثة التصرف في العين الموصى بها قبل أن يختار الموصى له أحد الأمرين من الرد والقبول وليس لهم إجباره على الاختيار معجلاً.

(مسألة 998) : إذا مات الموصى له قبل قبوله ورده قام وارثه مقامه في ذلك فله القبول أو الرد إذا لم يرجع الموصي من وصيته، ولا فرق بين أن يموت في حياة الموصي أو بعد وفاته.

(مسألة 999) :الظاهر أن الوارث يتلقى المال الموصى به من مورثه الموصى له إذا مات بعد موت الموصي فتخرج منه ديوانه ووصاياه ولا ترث منه الزوجة إذا كان أرضاً وترث قيمته إن كان نخلاً او بناءاً وأما إذا مات الموصى له قبل الموصي فالظاهر أن ورثة الموصى له يتلقون الموصى به من الموصي نفسه فلا يجري عليه حكم تركة الميت الموصى له. وفي كلتا الصورتين المدار على الوارث للموصى له عند موته لا الوارث عند موت الموصي.

وأما إذا مات الوارث في حياة الموصي أيضاً ففي انتقال الموصى به إلى ورثته أيضاً إشكال، والانتقال أظهر.

(مسألة 1000) : إذا أوصى إلى أحد أن يعطي بعض تركته لشخص مثلاً فهل يجري الحكم المذكور من الانتقال إلى الوارث لو مات في حياة الموصي بتمليكه إشكال والجريان أظهر.

(مسألة 1001) : يشترط في الموصي أمور :

ص: 231

(الأول) : البلوغ فلا تصح وصية الصبي إلا إذا بلغ عشراً وكان قد عقل وكانت وصيته في وجوه الخير والمعروف لأرحامه. وفي نفوذ وصيته لغير أرحامه إشكال.(الثاني) : العقل، فلا تصح وصية المجنون والمغمى عليه والسكران حال جنونه وإغمائه وسكره، وإذا أوصى حال عقله ثم جنّ أو سكر أو أغمي عليه لم تبطل وصيته. وفي اعتبار الرشد فيه إشكال فلا يترك الاحتياط.

(الثالث) : الاختيار، فلا تصح وصية المكره.

(الرابع) : الحرية، فلا تصح وصية المملوك إلا أن يجيز مولاه. ولا فرق بين أن تكون في ماله و أن تكون في غير ماله كما إذا أوصى أن يدفن في مكان معين، وإذا أوصى ثم انعتق وأجازها فالأقوى عدم الصحة. نعم لو علقها على الحرية صحت.

(الخامس) : أن لا يكون قاتل نفسه فإذا أوصى بعد ما أحدث في نفسه ما يوجب هلاكه من جرح أو شرب سم أو نحو ذلك لم تصح وصيته إذا كانت في ماله، أما إذا كانت في غيره من تجهيز ونحوه صحت، وكذا تصح الوصية إذا فعل ذلك لا عن عمد، بل كان خطأ أو سهواً او كان لا بقصد الموت بل لغرض آخر أو على غير وجه العصيان مثل الجهاد في سبيل الله، وكذا إذا عوفي ثم أوصى، بل الظاهر الصحة أيضاً إذا أوصى بعد ما فعل السبب ثم عوفي ثم مات.

(مسألة 1002) : إذا أوصى قبل أن يحدث في نفسه ذلك ثم أحدث فيها صحت وصيته وإن كان حين الوصية بانياً على أن يحدث ذلك بعدها.

(مسألة 1003) : تصح الوصية من كل من الأب والجد بالولاية على الطفل مع فقد الآخر ولا تصح مع وجوده.

ص: 232

(مسألة 1004) : لا يجوز للحاكم الوصية بالولاية على الطفل بعد موته، بل بعد موته يرجع الأمر إلى حاكم آخر غيره.

(مسألة 1005) : لو أوصى وصية تمليكية لصغير من أرحامه أو من غيرهم بمال ولكنه جعل أمره إلى غير الأب والجد وغير الحاكم لم يصح هذا الجعل بل يكون أمر ذلك المال للأب والجد مع وجود أحدهما وللحاكم مع فقدهما. نعم لو أوصى أن يبقى ماله بيد الوصي حتى يبلغوا فيملكهم إيّاه صح.

وكذا إذا أوصى أن يصرف ماله عليهم من دون أن يملكهم إياه.

(مسألة 1006) : يجوز أن يجعل الأب والجد الولاية والقيمومة على الأطفال لاثنين أو أكثر كما يجوز جعل الناظر على القيم المذكور بمعنى كونه مشرفاً على عمله أو بمعنى كون العمل بنظره وتصويبه كما يأتي في الناظر على الوصي.

(مسألة 1007) : إذا قال الموصي لشخص : أنت وليّ وقيم على أولادي القاصرين وأولاد ولدي ولم يقيد الولاية بجهة بعينها جاز له التصرف في جميع الشؤون المتعلقة بهم من حفظ نفوسهم وتربيتهم وحفظ أموالهم، والإنفاق عليهم واستيفاء ديونهم ووفاء ما عليهم من نفقات أو ضمانات أو غير ذلك من الجهات.

(مسألة 1008) : إذا قيد الموصي الولاية بجهة دون جهة وجب على الولي الاقتصار على محل الإذن دون غيره من الجهات، وكان المرجع في الجهات الأخرى الحاكم الشرعي.

(مسألة 1009) : يجوز للقيم على اليتيم أن يأخذ أجرة مثل عمله إذا كانت له أجرة وكان فقيراً أما إذا كان غنياً ففيه إشكال والأحوط الترك.

ص: 233

فصل في الموصى به

(مسألة 1010) : يشترط في الموصى به أن يكون مما له نفع محلل معتد به سواء أكان عيناً موجودة أو معدومة إذا كانت متوقعة الوجود، كما إذا أوصى بما تحمله الجارية أو الدابة، أو منفعة لعين موجودة أو معدومة متوقعة الوجود أو حق من الحقوق القابلة للنقل مثل حق التحجير ونحوه، لا مثل حق القذف ونحوه مما لا يقبل الانتقال إلى الموصى له.

(مسألة 1011) : إذا أوصى لزيد بالخمر القابلة للتخليل أو التي ينتفع بها في غير الشرب، أو أوصى بآلات اللهو إذا كان ينتفع بها إذا كُسِّرت صح

(مسألة 1012) : يشترط في الموصى به أن لا يكون زائداً على الثلث فإذا أوصى بما زاد عليه بطل الإيصاء في الزائد إلا مع إجازة الوارث. وإذا أجاز بعضهم دون بعض نفذ في حصة المجيز دون الآخر وإذا أجازوا في بعض الموصى به وردوا في غيره صح فيما أجازوه وبطل في غيره.

(مسألة 1013) : لا إشكال في الاجتزاء بالإجازة بعد الوفاة. وفي الاجتزاء بها حال الحياة قولان: أقواهما الأول.

(مسألة 1014) : ليس للمجيز الرجوع عن إجازته حال حياة الموصي ولا بعد وفاته، كما لا أثر للردّ إذا لحقته الإجازة.

(مسألة 1015) : لا فرق بين وقوع الوصية حال مرض الموصي وحال صحته، ولا بين كون الوارث غنياً وفقيراً.

(مسألة 1016) : لا يشترط في نفوذ الوصية قصد الموصي أنها من الثلث الذي جعله الشارع له. فإذا أوصى بعين غير ملتفت إلى ذلك وكانت بقدره أو أقل صح.

ص: 234

(مسألة 1017) : إذا أوصى بثلث ما تركه ثم أوصى بشيء وقصد كونه من ثلثي الورثة فإن أجازوا صحت الثانية أيضاً وإلا بطلت.

(مسألة 1018) : إذا أوصى بعين وقصد كونها من الأصل نفذت الوصية في ثلثها وتوقفت في ثلثيها على إجازة الورثة كما إذا قال : فرسي لزيد وثلثي من باقي التركة لعمرو فإنه تصح وصيته لعمرو ،وأما وصيته لزيد فتصح إذا رضي الورثة وإلا صحت في ثلث الفرس وكان الثلثان للورثة.

(مسألة 1019) : إذا أوصى بعين ولم يوصِ بالثلث فإن لم تكن الوصية زائدة على الثلث نفذت، وإن زادت على الثلث توقف نفوذها في الزائد على إجازة الورثة.

(مسألة 1020) : إذا أوصى بعين معينة أو بمقدار كلي من المال كألف دينار، يلاحظ في كونه بمقدار الثلث أو أقل أو أكثر بالإضافة إلى أموال الموصي حين الموت لا حين الوصية.

فإذا أوصى لزيد بعين كانت بقدر نصف أمواله حين الوصية وصارت حين الموت بمقدار الثلث إما لنزول قيمتها أو لارتفاع قيمة غيرها أو لحدوث مال له لم يكن حين الوصية صحت الوصية في تمامها.

(مسألة 1021) : إذا كانت العين حين الوصية بمقدار الثلث فصارت أكثر من الثلث حال الموت إما لزيادة قيمتها او لنقصان قيمة غيرها أو لخروج بعض أمواله عن ملكه نفذت الوصية بما يساوي الثلث وبطلت في الزائد إلا إذا أجاز الورثة.

(مسألة 1022) : إذا أوصى بكسر مشاع كالثلث فإن كان حين الوفاة مساوياً له حين الوصية فلا إشكال في صحة الوصية بتمامه، وكذا إذا كان أقل فتصح فيه بتمامه حين الوفاة.

ص: 235

أما إذا كان حين الوفاة أكثر منه حين الوصية كما لو تجدد له مال فهل يجب إخراج ثلث الزيادة المتجددة أيضاً أو يقتصر على ثلث المقدار الموجود حين الوصية فهو لا يخلو من إشكال. وإن كان الأقوى الأول إلا أن تقوم القرينة على إرادة الوصية بثلث الأعيان الموجودة حين الوصية لا غير.فإذا تبدّلت أعيانها لم يجب إخراج شيء، أو تقوم القرينة على إرادة الوصية بمقدار ثلث الموجود حينها، وإن تبدلت أعيانها فلا يجب إخراج الزائد.

وكذا إذا كان كلامه محفوفاً بما يوجب إجمال المراد فإنه يقتصر حينئذٍ على القدر المتيقن وهو الأقل.

(مسألة 1023) : يحسب من التركة ما يملكه الميت بعد الموت كالدية في الخطأ وكذا في العمد إذا صالح عليها أولياء الميت وكما إذا نصب شبكة في حياته فوقع فيها شيء بعد وفاته فيخرج من جميع ذلك الثلث إذا كان قد أوصى به.

(مسألة 1024) : إذا أوصى بعين تزيد على ثلثه في حياته وبضم الدية ونحوها تساوي الثلث نفذت الوصية فيها بتمامها.

(مسألة 1025) : إنما يحسب الثلث بعد استثناء ما يخرج من الأصل من الديون المالية فإذا أخرج جميع الديون المالية من مجموع التركة كان ثلث الباقي هو مورد العمل بالوصية.

(مسألة 1026) : إذا كان عليه دين فأبرأه الدائن بعد وفاته او تبرع متبرع في ادائه بعد وفاته لم يكن مستثنى من التركة وكان بمنزلة عدمه.

(مسألة 1027) : لا بدّ في إجازة الوارث الوصية الزائدة على الثلث من إمضاء الوصية وتنفيذها ولا يكفي فيها مجرد الرضا النفساني.

(مسألة 1028) : إذا عين الموصي ثلثه في عين مخصوصة تعين وإذا فوض التعيين إلى الوصي فعينه في عين مخصوصة تعين أيضاً بلا حاجة إلى رضا الوارث.

ص: 236

وإذا لم يحصل منه شيء من ذلك كان ثلثه مشاعاً في التركة ولا يتعين في عين بعينها بتعيين الوصي إلا مع رضا الورثة.

(مسألة 1029) : الواجبات المالية تخرج من الأصل وإن لم يوصِ بها الموصي وهي: الأموال التي اشتغلت بها ذمته، مثل المال الذي اقترضه، والمبيع الذي باعه سلفاً وثمن ما اشتراه نسيئة، وعوض المضمونات، وأروش الجنايات ونحوها، ومنها الخمس والزكاة والمظالم، وأما الكفارات والنذور ونحوها فالظاهر إنها لا تخرج من الأصل.

(مسألة 1030) : إذا تلف من التركة شيء بعد موت الموصي وجب، إخراج الواجبات المالية من الباقي وإن استوعبه، وكذا إذا غصب بعض التركة.

(مسألة 1031) : إذا تمرد بعض الورثة عن وفاء الدين، لم يسقط من الدين ما يلزم في حصته، بل يجب على غيره وفاء الجميع كما يجب عليه

ثم إذا وفىّ غيره تمام الدين، فإن كان بإذن الحاكم الشرعي، رجع على المتمرد بالمقدار الذي يلزم في حصته، وإذا كان بغير إذن الحاكم الشرعي ففي رجوعه عليه بذلك المقدار إشكال، وإن كان الأظهر الجواز.

(مسألة 1032) : الحج الواجب بالاستطاعة من قبيل الدين يخرج من الأصل، وأما الحج النذري فيخرج من الثلث على الأظهر.

(مسألة 1033) : إذا أوصى بوصايا متعددة متضادة، كان العمل على الثانية وتكون ناسخة للأولى، فإذا أوصى بعين شخصية لزيد، ثم أوصى بها لعمرو، أعطيت لعمرو، وكذا إذا أوصى بثلثه لزيد، ثم أوصى به لعمرو.

(مسألة 1034) : إذا أوصى بثلثه لزيد ثم أوصى بنصف ثلثه لعمرو، كان الثلث بينهما على السوية.

ص: 237

(مسألة 1035) : إذا أوصى بعين شخصية لزيد، ثم أوصى بنصفها لعمرو، كانت الثانية ناسخة للأولى بمقدارها.

(مسألة 1036) : إذا أوصى بوصايا متعددة غير متضادة وكانت كلها مما يخرج من الأصل وجب إخراجها من الأصل وإن زادت على الثلث.

(مسألة 1037) : إذا كانت الوصايا كلها واجبات، لا تخرج من الأصل كالواجبات البدنية والكفارات والنذور أخرجت من الثلث، فإن زادت على الثلث وأجاز الورثة، أخرجت جميعها، وإن لم يجز الورثة، ورد النقص على الجميع بالنسبة سواءأكانت مرتبة بأن ذكرت في كلام الموصي واحدة بعد أخرى كما إذا قال : أعطوا عني صوم عشرين شهراً وصلاة عشرين سنة، أم كانت غير مرتبة بأن ذكرت جملة واحدة إذا قال: اقضوا عني عباداتي مدة عمري صلاتي وصومي.

فإذا كانت تساوي قيمتها نصف التركة، فإن أجاز الورثة نفذت في الجميع، وإن لم يجز الورثة ينقص من وصية الصلاة الثلث ومن وصية الصوم الثلث.

وكذا الحكم إذا كانت كلها تبرعية غير واجبة، فإن زادت على الثلث وأجاز الورثة، وجب إخراج الجميع وإن لم يجز الورثة ورد النقص على الجميع بالنسبة.

(مسألة 1038) : إذا كانت الوصايا المتعددة مختلفة، بعضها واجب يخرج من الأصل، وبعضها واجب لا يخرج من الأصل، كما إذا قال : أعطوا عني ستين ديناراً : عشرين ديناراً زكاة وعشرين ديناراً صلاة وعشرين ديناراً صوماً، فإن وسعها الثلث، أخرج الجميع وكذلك إن لم يسعها وأجاز الورثة.

ص: 238

أما إذا لم يسعها ولم يجز الورثة، فيقسم الثلث على الجميع وما يجب إخراجه من أصل التركة يلزم تتميمه منها.

فإن كان الميت قد ترك مائة دينار، يخرج من أصل تركته عشرة دنانير للزكاة، ثم يخرج ثلثه ثلاثون ديناراً، فيوزع على الزكاة والصلاة والصوم.

وكذا الحال فيما إذا تعددت الوصايا وكان بعضها واجباً، يخرج من الأصل وبعضها تبرعية.

نعم إذا لم يمكن التتميم من التركة، تعين التتميم من الثلث في كلتا الصورتين.

(مسألة 1039) : إذا تعددت الوصايا وكان بعضها واجباً لا يخرج من الأصل، وبعضها تبرعية ولم يف الثلث بالجميع ولم يجزها الورثة، ففي تقديم الواجب على غيره إشكال وكلام. والأظهر هو التقديم.

(مسألة 1040) : المراد من الوصية التبرعية: الوصية بما لا يكون واجباً عليه في حياته سواء أكانت تمليكية كما إذا قال : فرسي لزيد بعد وفاتي، أم عهدية كما إذا قال : تصدقوا بفرسي بعد وفاتي.

(مسألة 1041) : إذا أوصى بثلثه لزيد من دون تعيينه في عين شخصية،يكون الموصى له شريكاً مع الورثة فله الثلث ولهم الثلثان، فإن تلف من التركة شيء كان التلف على الجميع وإن حصل لتركته نماء كان النماء مشتركاً بين الجميع.

(مسألة 1042) : إذا أوصى بصرف ثلثه في مصلحته من طاعات وقربات، يكون الثلث باقياً على ملكه، فإن تلف من التركة شيء كان التلف موزعاً عليه وعلى بقية الورثة، وإن حصل النماء كان له منه الثلث

ص: 239

(مسألة 1043) : إذا عين ثلثه في عين معينة تعين، كما عرفت. فإذا حصل منها نماء، كان النماء له وحده، وإن تلف بعضها أو تمامها اختص التلف به ولم يشاركه فيه بقية الورثة.

(مسألة 1044) : إذا أوصى بثلثه مشاعاً، ثم أوصى بشيء آخر معيناً،كما إذا قال : أنفقوا عليّ ثلثي وأعطوا فرسي لزيد، وجب إخراج ثلثه من غير الفرس وتصح وصيته بثلث الفرس لزيد. وأما وصيته بالثلثين الآخرين من الفرس لزيد فصحتها موقوفة على إجازة الورثة فإن لم يجيزوا بطلت كما تقدم.

وإذا كان الشيء الآخر غير معين، كما إذا قال أنفقوا عليّ ثلثي وأعطوا زيداً مائة دينار، توقفت الوصية بالمائة على إجازة الورثة، فإن أجازوها في الكل، صحت في تمامها، وإن أجازوها في البعض، صحت في بعضها وإن لم يجيزوا منها شيئاً، بطلت في جميعها، ونحوها إذا قال : أعطوا ثلثي لزيد وأعطوا ثلثاً آخر من مالي لعمرو، فإنه تصح وصيته لزيد ولا تصح وصيته لعمرو إلا بإجازة الورثة.

أما إذا قال : أعطوا ثلثي لزيد ثم قال : أعطوا ثلثي لعمرو كانت الثانية ناسخة للأولى كما عرفت، والمدار على ما يفهم من الكلام.

(مسألة 1045) : لا تصح الوصية في المعصية فإذا أوصى بصرف مال في معونة الظالم أو في ترويج الباطل كتعمير الكنائس والبيع ونشر كتب الضلال بطلت الوصية.

(مسألة 1046) : إذا كان ما أوصى به جائزاً عند الموصي باجتهاده أو تقليده وليس بجائز عند الوصي كذلك لم يجز للوصي تنفيذ الوصية، وإذا كان الأمر بالعكس وجب على الوصي العمل بها.

(مسألة 1047) : إذا أوصى بحرمان بعض الورثة من الميراث، فلم يُجز ذلك البعضُ لم يصح.

ص: 240

نعم إذا لم يكن قد أوصى بالثلث وأوصى بذلك وجب العمل بالوصية بالنسبة إلى الثلث لغيره. فإذا كان له ولدان وكانت التركة ستة فأوصى بحرمان ولده زيد من الميراث أعطي زيد اثنين وأعطي الآخر أربعة.

وإذا أوصى بسدس ماله لأخيه وأوصى بحرمان ولده زيد من الميراث أعطي أخوه السدس وأعطي زيد الثلث وأعطي ولده الآخر النصف.

(مسألة 1048) : إذا أوصى بمال زيد بعد وفاة نفسه لم يصح وإن أجازها زيد، وإذا أوصى بمال زيد بعد وفاة زيد فأجازها زيد صح.

(مسألة 1049) : قد عرفت أنه إذا أوصى بعين من تركته لزيد ثم أوصى بها لعمرو كانت الثانية ناسخة ووجب دفع العين لعمرو، فإذا اشتبه المتقدم والمتأخر تعين الرجوع إلى القرعة في تعيينه.

(مسألة 1050) : إذا دفع إنسان إلى آخر مالاً وقال له إذا مت فأنفقه عني، ولم يعلم أنه اكثر من الثلث أو أقل أو مساو له أو علم أنه أكثر واحتمل أنه مأذون من الورثة في هذه الوصية، أو علم أنه غير مأذون من الورثة لكن احتمل أنه كان له ملزم شرعي يقتضي إخراجه من الأصل فهل يجب على الوصي العمل بالوصية حتى يثبت بطلانها فيه إشكال ولا سيما في الفرضين الأخيرين.

(مسألة 1051) : إذا اوصى بشيء لزيد وتردد بين الأقل والأكثر، اقتصر على الأقل، وإذا تردد بين المتباينين عُيِّنَ بالقرعة.

فصل في الموصى له

(مسألة 1052) : الأظهر صحة الوصية العهدية للمعدوم إذا كان متوقع الوجود في المستقبل مثل أن يوصي بإعطاء شيء لأولاد ولده الذين لم يولدوا حال الوصية ولا حين موت الموصي، فيبقى المال الموصى به في ملك الموصي فإن ولدوا بعد ذلك أعطي لهم وإلا صرف في الأقرب فالأقرب إلى نظر الموصي.

ص: 241

(مسألة 1053) : الوصية التمليكية لا تصح للمعدوم إلى زمان موت الموصي.

(مسألة 1054) : لو أوصى لحمل فإن ولد حياً ملك الموصى به وإلا بطلت الوصية ورجع المال إلى ورثة الموصي.

(مسألة 1055) : تصح الوصية للذمي ولمملوكه وأم ولده ومدبره ومكاتبه، وأمّا للحربي فمحلّ تأمل بل منع.

(مسألة 1056) : لا تصح الوصية لمملوك غيره قناً كان أو غيره وإن أجاز مولاه إلا إذا كان مكاتباً مطلقاً وقد أدى بعض مال الكتابة فيصح من الوصية له قدر ما تحرر منه.

(مسألة 1057) : إذا كان ما أوصى به لمملوكه بقدر قيمته اعتق ولا شيء له.

وإذا كان اكثر من قيمته اُعتق وأعطي الزائد، وإن كان أقل منها اعتق واستسعى في الزائد سواء أكان ما أوصى به بقدر نصف قيمته أم اكثر أم أقل.

(مسألة 1058) : إذا أوصى لجماعة ذكوراً أوإناثاً، أو ذكوراً وإناثاً بمال اشتركوا فيه على السوية إلا أن تكون قرينة على التفضيل.

(مسألة 1059) : إذا أوصى لأبنائه وبناته، أو لأعمامه وعماته أو أخواله وخالاته، أو أعمامه وأخواله فإن الحكم في الجميع التسوية، إلا أن تقوم القرينة على التفضيل فيكون العمل على القرينة.

فصل في الوصي

(مسألة 1060) : يجوز للموصي أن يعين شخصاً لتنفيذ وصاياه

ويقال له : الوصي، ويشترط فيه أمور :

ص: 242

(الأول) : البلوغ على المشهور، فلا تصح الوصاية إلى الصبي منفرداً إذا أراد منه التصرف في حال صباه مستقلاً، ولكنه لا يخلو عن إشكال. نعم الأحوط أن يكون تصرفه بإذن الولي أو الحاكم الشرعي.

أما لو أراد أن يكون تصرفه بعد البلوغ أو مع إذن الولي. فالأظهر صحة الوصية، وتجوز الوصاية إليه منضماً إلى الكامل سواء أراد أن لا يتصرف الكامل إلا بعد بلوغ الصبي أم أراد أن يتصرف منفرداً قبل بلوغ الصبي، لكن في الصورة الأولى إذا كانت عليه تصرفات فورية كوفاء دين عليه ونحوه يتولى ذلك الحاكم الشرعي.

(الثاني) : العقل فلا تصح الوصية إلى المجنون في حال جنونه سواء أكان مطبقاً أم أدواريا.ً وإذا أوصى إليه في حال العقل ثم جُنَّ بطلت الوصاية إليه، وإذا أفاق بعد ذلك عادت على الأظهر وأما إذا نصّ الموصي على عودها فلا إشكال.

(الثالث) : الإسلام، إذا كان الموصي مسلماً.

(مسألة 1061) : الظاهر عدم اعتبار العدالة في الوصي، بل يكفي فيه الوثوق والأمانة.

هذا في الحقوق الراجعة إلى غيره كأداء الحقوق الواجبة والتصرف في مال الأيتام ونحو ذلك.

أما ما يرجع إلى نفسه، كما إذا أوصى إليه في أن يصرف ثلثه في الخيرات والقربات، ففي اعتبار الوثوق به إشكال.

(مسألة 1062) : إذا ارتد الوصي، بطلت وصايته بناء على اعتبار الإسلام في الوصي، ولا تعود إليه إذا أسلم إلا إذا نص الموصي على عودها.

ص: 243

(مسألة 1063) : إذا اوصى إلى عادل ففسق فإن ظهر من القرينة التقييد بالعدالة بطلت الوصية، وإن لم يظهر من القرينة التقيد بالعدالة لم تبطل، وكذا الحكم إذا أوصى إلى الثقة.

(مسألة 1064) : لا تجوز الوصية إلى المملوك إلا بإذن سيده أو معلّقة على حريته.

(مسألة 1065) : تجوز الوصاية إلى المرأة على كراهة والأعمى والوارث.

(مسألة 1066) : إذا أوصى إلى صبي وبالغ فمات الصبي قبل بلوغه أو بلغ مجنوناً ففي جواز انفراد البالغ بالوصية قولان أحوطهما الرجوع إلى الحاكم الشرعي فيضم اليه آخر.

(مسألة 1067) : يجوز جعل الوصاية إلى اثنين أو أكثر على نحو الانضمام وعلى نحو الاستقلال.

فإذا نص على الأول، فليس لأحدهما الاستقلال بالتصرف لا في جميع ما أوصى به ولا في بعضه.

وإذا عرض لأحدهما ما يوجب سقوطه من الوصاية من موت ونحوه، ضم الحاكم آخر إلى الآخر، وإن نص على الثاني جاز لأحدهما الاستقلال وأيهما سبق نفذ تصرفه، وإن اقترنا في التصرف مع تنافي التصرفين، بأن باع أحدهما على زيد والآخر على عمرو في زمان واحد بطلا معاً ولهما أن يقتسما الثلث بالسوية وبغير السوية.

وإذا سقط أحدهما عن الوصاية، انفرد الآخر ولم يضم إليه الحاكم آخر. وإذا أطلق الوصاية إليهما ولم ينص على الانضمام والاستقلال جرى عليه حكم الانضمام إلا إذا كانت قرينة على الانفراد كما إذا قال : وصيي فلان وفلان، فإذا

ص: 244

ماتا كان الوصي فلاناً، فإنه إذا مات أحدهما استقل الباقي، ولم يحتج إلى أن يضم إليه الحاكم آخر، وكذا الحكم في ولاية الوقف.

(مسألة 1068) : إذا قال زيد وصيي، فإن مات فعمرو وصيي صح، ويكونان وصيين مترتبين، وكذا يصح إذا قال وصيي زيد فإن بلغ ولدي فهو الوصي.

(مسألة 1069) : يجوز أن يوصي إلى وصيين أو اكثر ويجعل الوصاية إلى كل واحد في أمر بعينه لا يشاركه فيه الآخر.

(مسألة 1070) : إذا أوصى إلى اثنين بشرط الانضمام فتشاحا لاختلاف نظرهما، فإن لم يكن مانع لأحدهما بعينه من الانضمام إلى الآخر أجبره الحاكم على ذلك، وإن لم يكن مانع لكل منهما من الانضمام أجبرهما الحاكم عليه، وإن كان لكل منهما مانع شرعي لا يجبرهما الحاكم على الانضمام.

(مسألة 1071) : إذا قال أوصيت بكذا وكذا وجعلت الوصي فلاناً إن استمر على طلب العلم مثلاً،صح وكان فلان وصياً إذا استمر على طلب العلم، فإن إنصرف عنه بطلت وصايته وتولى تنفيذ وصيته الحاكم الشرعي.

(مسألة 1072) : إذا عجز الوصي عن تنفيذ الوصية، ضم إليه الحاكم من يساعده، وإذا ظهرت منه الخيانة، ضم إليه أميناً يمنعه عن الخيانة، فإن لم يمكن ذلك عزله ونصب غيره.

(مسألة 1073) : إذا مات الوصي قبل تنجيز تمام ما أوصى اليه

به، نصب الحاكم الشرعي وصياً لتنفيذه.وكذا إذا مات في حياة الموصي ولم يعلم هو بذلك أو علم ولم ينصب غيره ولم يكن ما يدل على عدوله عن أصل الوصية.

ص: 245

(مسألة 1074) : ليس للوصي أو يوصي إلى أحد في تنفيذ ما أوصي إليه به إلا أن يكون مأذوناً من الموصي في الإيصاء إلى غيره.

(مسألة 1075) : الوصي أمين لا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط ويكفي في الضمان حصول الخيانة بالإضافة إلى ضمان موردها، أما الضمان بالنسبة إلى الموارد الأخر مما لم يتحقق فيها الخيانة ففيه إشكال، بل الأظهر العدم.

(مسألة 1076) : إذا عين الموصي للوصي عملاً خاصاً أو قدراً خاصاً أو كيفية خاصة، وجب الاقتصار على ما عين ولم يجز له التعدي فإن تعدى كان خائناً، وإذا أطلق له التصرف بأن قال له : أخرج ثلثي وأنفقه. عمل بنظره ولا بد من ملاحظة مصلحة الميت فلا يجوز له أن يتصرف كيف شاء وإن لم يكن صلاحاً للميت أو كان غيره أصلح مع تيسر فعله على النحو المتعارف ويختلف ذلك باختلاف الأموات، فربما يكون الأصلح أداء العبادات الاحتياطية عنه، وربما يكون الأصلح أداء الحقوق المالية الاحتياطية وربما يكون الأصلح أداء حق بعينه إحتياطي دون غيره أو أداء الصلاة عنه دون الصوم، وربما يكون الأصلح فعل القربات والصدقات وكسوة العراة ومداواة المرضى ونحو ذلك.

هذا إذا لم يكن من الامور المتعارفة ويكون قرينة على تعيين مصرف بعينه وإلا كان عليها العمل.

(مسألة 1077) : إذا قال أنت وصيي ولم يعين شيئاً ولم يعرف المراد منه وإنه تجهيزه أو صرف ثلثه أو شؤون أخرى كان لغواً، إلا إذا كان تعارف يكون قرينة على تعيين المراد، كما يتعارف في كثير من بلدان العراق أنه وصى في إخراج الثلث وصرفه في مصلحة الموصي وأداء الحقوق التي عليه وأخذ الحقوق التي له ورد الأمانات والبضائع إلى أهلها وأخذها.

ص: 246

نعم في شموله للقيمومة على القاصرين من أولاده إشكال والأحوط أن لا يتصدى لأمورهم إلا بعد مراجعة الحاكم الشرعي وعدم نصب الحاكم الشرعي غيره إلا بإذن منه.

(مسألة 1078) : يجوز للموصى إليه أن يردّ الوصية في حال حياة الموصي بشرط أن يبلغه الرد، بل الأحوط اعتبار إمكان نصب غيره له أيضاً، ولا يجوز له الرد بعد موت الموصي سواء قبلها قبل الرد أو لم يقبلها.

(مسألة 1079) : الرد السابق على الوصية لا أثر له، فلو قال زيد لعمرو : لا أقبل أن توصي إلي، فأوصى عمرو إليه لزمته الوصية إلا أن يردها بعد ذلك.

(مسألة 1080) : لو أوصى إلى أحد فردّ الوصية، فأوصى إليه ثانياً ولم يردّها ثانياً لجهله بها ففي لزومها له قول والأقوى عدم اللزوم.

(مسألة 1081) : إذا رأى الوصي أن تفويض الأمر إلى شخص في بعض الأمور الموصى بها أصلح للميت، جاز له تفويض الأمر إليه كأن يفوض أمر العبادات التي أوصى بها إلى من له خبرة في الاستنابة في العبادات ويفوض أمر العمارات التي أوصى بها إلى من له خبرة فيها، ويفوض أمر الكفارات التي أوصى بها إلى من له خبرة بالفقراء وكيفية القسمة عليهم وهكذا.

وربما يفوض الأمر في جميع ذلك إلى شخص واحد إذا كانت له خبرة في جميعها.

وقد لا يكون الموصي قد أوصى بأمور معينة، بل أوصى بصرف ثلثه في مصالحه وأوكل تعيين المصرف كماً وكيفاً إلى نظر الوصي فيرى الوصي من هو أعرف منه في تعيين جهات المصرف وكيفيتها فيوكل الأمر إليه فيدفع الثلث إليه بتمامه، ويفوض إليه تعيين الجهات كماً وكيفاً، كما يتعارف ذلك عند كثير من

ص: 247

الأوصياء حيث يدفعون الثلث الموصى به إلى المجتهد الموثوق به عندهم، فالوصاية إلى شخص ولاية في التصرف ولو بواسطة التفويض إلى الغير.

فلا بأس أن يفوض الوصي أمر الوصية إلى غيره إلا أن تقوم القرينة على إرادة الموصي منه المباشرة، فلا يجوز له حينئذ التفويض.

(مسألة 1082) : لا يجوز للوصي تفويض الوصاية إلى غيره بمعنى عزل نفسه عن الوصاية وجعلها له فيكون غيره وصياً عن الميت بجعل منه.

(مسألة 1083) : إذا بطلت وصاية الوصي لفوات شرطها نصب الحاكم الشرعي وصياً مكانه أو تولى الصرف بنفسه، وكذا إذا أوصى ولم يعين وصياً أصلاً.

(مسألة 1084) : إذا نسي الوصي مصرف المال الموصى به وعجز عن معرفته، صرفه في وجه البر الذي اخرج بالقرعة من الوجوه المحتملة التي تكون مصرف المال الموصى به. بلا فرق بين المحصور وغيره.

(مسألة 1085) : يجوز للموصي أن يجعل ناظراً على الوصي مشرفاً ومطلعاً على عمله بحيث لا يجوز للوصي أن يعمل بالوصية إلا بإطلاع الناظر وإشرافه عليه. فإذا عمل بدون إشرافه كان بدون إذن من الموصي وخيانة له. وإذا عمل بإطلاعه كان مأذوناً فيه وأداء لوظيفته ولا يجب على الوصي متابعة مثل هذا الناظر في رأيه ونظره، فإذا أوصى الموصي باستنابة من يصلي عنه فاستناب الوصي زيداً وكان الناظر يريد استنابة عمرو ويراها أرجح، لم يقدح ذلك في صحة استنابة زيد وليس للناظر الإعتراض عليه في ذلك.

نعم لو جعله ناظراً على الوصي بمعنى أن يكون عمل الوصي بنظره ففي المثال المذكور لا تصح استنابة زيد وتجب استنابة عمرو ،ولكن هذا المعنى خلاف ظاهر جعل الناظر على الوصي.

ص: 248

والظاهر أنه إذا خان الوصي لم يجب على الناظر _ بما هو ناظر _ مدافعته في كلتا الصورتين. فلو لم يدافع لم يكن ضامناً، وفي كلتا الصورتين إذا مات الناظر لزم الوصي الرجوع إلى الحاكم الشرعي.

(مسألة 1086) : الوصية جائزة من طرف الموصي فإذا أوصى بشيء جاز له العدول إلى غيره.

(مسألة 1087) : إذا أوصى إلى أحد جاز له العدول إلى غيره.

(مسألة 1088) : إذا أوصى بأشياء جاز له العدول عن جميعها وعن بعضها، كما يجوز له تبديل جميعها وتبديل بعضها ما دام فيه الروح إذا وجدت فيه الشرائط المتقدمة من العقل والاختيار وغيرهما.

(مسألة 1089) : إذا أوصى إلى شخص، ثم أوصى إلى آخر ولم يخبر الوصي الأول بالعدول عنه إلى غيره فمات، فعمل الوصي الأول بالوصية ثم علم كانت الغرامة على الميت فتخرج من أصل التركة ثم يخرج الثلث للوصي الثاني.

هذا إذا لم يكن العدول عن الأول لسبب ظاهر، أما إذا كان لسبب ظاهر كما إذا هاجر الوصي الأول إلى بلاد بعيدة أو حدثت بينه وبين الوصي عداوة ومقاطعة فعدل عنه كان ما صرفه الوصي الأول من مال نفسه هذا إذا علم بالعدول عنه قبل العمل بالوصية وإلا فهو مشكل.

(مسألة 1090) : يتحقق الرجوع عن الوصية بالقول مثل أن يقول : رجعت عن وصيتي إلى زيد، وبالفعل مثل أن يوصي بصرف ثلثه ثم يوصي بوقفه، ومثل أن يوصي بوقف عين أو بصرفها ثم يبيعها أو يهبها

(مسألة 1091) : لا يعتبر في وجوب العمل بالوصية مرور مدة طويلة أو قصيرة. فإذا أوصى ثم مات بلا فصل وجب العمل بها، وكذا إذا مات بعد مرور سنين. نعم يعتبر عدم الرجوع عنها، وإذا شك في الرجوع بنى على عدمه.

ص: 249

(مسألة 1092) : إذا قال : إذا مت في هذا السفر فوصيي فلان ووصيتي كذا وكذا، فإذا لم يمت في ذلك السفر ومات في غيره لم يجب العمل بوصيته ولم يكن له وصي.

(مسألة 1093) : إذا كان الداعي له على إنشاء الوصية خوف الموت في السفر الذي عزم عليه وجب العمل بوصيته وإن لم يمت في ذلك السفر، ولأجل ذلك يجب العمل بوصايا الحجاج عند العزم على الحج ومثلهم زوار الرضا عليه السلام والمسافرون أسفاراً بعيدة فإن الظاهر أن هؤلاء وأمثالهم لم يقيدوا الوصية بالموت في ذلك السفر وإنما كان الداعي على الوصية خوف الموت في ذلك السفر فيجب العمل بوصاياهم ما لم يتحقق الرجوع عنها.

(مسألة 1094) : يجوز للوصي أن يأخذ أجرة مثل عمله إذا كانت له أجرة، إلا إذا كان أوصى إليه بأن يعمل مجاناً كما لو صرح الموصي بذلك، او كانت قرينة عليه فلا يجوز له أخذ الأجرة حينئذ ويجب عليه العمل بالوصية إن كان قد قبل، أما إذا لم يقبل ففي الوجوب إشكال والأقرب العدم.

هذا بالنسبة إلى العمل الذي أوصى إليه فيه كالبيع والشراء وأداء الديون ونحو ذلك من الأعمال التي هي موضوع ولايته.

أما لو أوصى بأعمال أخرى مثل أن يوصي إلى زيد أن يحج عنه، أو يصلي عنه أو نحو ذلك، لم يجب عليه القبول حتى لو لم يعلم بذلك في حياة الموصي. ولو قبل في حياته فإن كان أوصى إليه بالعمل مجاناً مثل أن يحج فقبل لم يبعد جواز الرد بعد وفاته.

(مسألة 1095) : إذا جعل له أجرة معينة بأن قال له : حج عني بمائة دينار كان إجارةً ووجب العمل بها وله الأجرة إذا كان قد قبل في حياته وإلا لم يجب.

ص: 250

ولو كان بأجرة غير معينة عندهما بأن قال له : حج عني بأجرة المثل ولم تكن الأجرة معلومة عندهما فقبل في حياته لم يبعد أيضاً عدم وجوب العمل وجريان حكم الإجارة الفاسدة.

ولو كان بطريق الجعالة لم يجب العمل، لكنه يستحق الأجرة على تقدير العمل لصدق الوصية حينئذ.

(مسألة 1096) : تثبت الوصية التمليكية بشهادة مسلمَيْن عادِلَين، وبشهادة مسلم عادل مع يمين الموصى له وبشهادة مسلم عادل مع مُسلِمَتَيْنِ عادلتين كغيرها من الدعاوى المالية.

(مسألة 1097) : تختص الوصية التمليكية بأنها تثبت بشهادة النساء منفردات فيثبت ربعها بشهادة مسلمة عادلة ونصفها بشهادة مسلمتين عادلتين وثلاثة أرباعها بشهادة ثلاثة مسلمات عادلات وتمامها بشهادة أربع مسلمات عادلات، بلا حاجة إلى اليمين في شهادتهن.

(مسألة 1098) : الوصية العهدية وهي الوصاية بالولاية لا تثبت إلا بشهادة مسلمين عادلين.

(مسألة 1099) : تثبت الوصية التمليكية والعهدية بشهادة كتابيينْ عدلين في دينهما عند عدم عدول المسلمين ولا تثبت بشهادة غيرهما من الكفار.

(مسألة 1100) : تثبت الوصية التمليكية بإقرار الورثة جميعهم إذا كانوا عقلاء بالغين، وإن لم يكونوا عدولاً.وإذا أقر بعضهم دون بعض، تثبت بالنسبة إلى حصة المقر دون المنكر. نعم إذا أقر منهم اثنان وكانا عدلين، ثبتت الوصية بتمامها، وإذا كان عدلاً واحداً، تثبت أيضاً مع يمين الموصى له.

ص: 251

(مسألة 1101) : تثبت الوصية العهدية بإقرار الورثة جميعهم

وإذا أقر بعضهم ثبت بعض الموصى به على نسبة حصة المقر وينقص من حقه. نعم إذا أقر اثنان عدلان منهم ثبتت الوصية بتمامها.

فصل في منجزات المريض

(مسألة 1102) : إذا تصرف المريض في مرض الموت تصرفاً منجزاً، فإن لم يكن مشتملاً على المحاباة، كما إذا باع بثمن المثل أو آجر بأجرة المثل فلا إشكال في صحته ولزوم العمل به.

وإذا كان مشتملاً على نوع من المحاباة والعطاء المجاني، كما إذا أعتق أو أبرأ أو وهب هبة مجانية غير معوضة أو معوضة بأقل من القيمة أو باع بأقل من ثمن المثل أو آجر بأقل من أجرة المثل أو نحو ذلك مما يستوجب نقصاً في ماله، فالظاهر أنه نافذ كتصرفه في حال الصحة، والقول بأنه يخرج من الثلث، فإذا زاد عليه لم ينفذ إلا بإجازة الوارث ضعيف.

(مسألة 1103) : إذا أقر بعين أو دين لوارث أو لغيره، فإن كان المقر مأموناً ومصدقاً في نفسه، نفذ الإقرار من الأصل وإن كان متهماً نفذ من الثلث.

هذا إذا كان الإقرار في مرض الموت. وأما إذا كان في حال صحة أو في مرض غير مرض الموت، أخرج من الأصل وإن كان متهماً.

(مسألة 1104) : إذا قال : هذا وقف بعد وفاتي، أو نحو ذلك مما يتضمن تعليق الإيقاع على الوفاة فهو باطل لا يصح، وإن أجاز الورثة.

(مسألة 1105) : الإنشاء المعلق على الوفاة إنما يصح في مقامين :

1- إنشاء الملك وهي الوصية التمليكية أو إنشاء الولاية كما في موارد الوصية العهدية.

2- إنشاء العتق وهو التدبير، ولا يصح في غيرهما من أنواع الإنشاء.

ص: 252

(مسألة 1106) : إذا قال : بعت أو آجرت أو صالحت أو وقفت بعد وفاتي بطل، ولا يجري عليه حكم الوصية بالبيع أو الوقف، مثلاً بحيث يجب على الورثة أن يبيعوا أو يوقفوا بعد وفاته إلا إذا فهم من كلامه أنه يريد الوصية بالبيع أو الوقف فحينئذ كانت وصيته صحيحة ووجب العمل بها.

(مسألة 1107) : إذا قال للمدين أبرأت ذمتك بعد وفاتي، ففي إجازة الوارث بعد موته في براءة ذمة المدين إشكال.

ص: 253

ص: 254

كتاب الوقف

اشارة

وهو تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة :

(مسألة 1108) : لا يكفي في تحقق الوقف مجرد النية بل لا بد من إنشاء ذلك بمثل : وقفت، وحبست ونحوهما مما يدل على المقصود.

(مسألة 1109) : الظاهر وقوعه بالمعاطاة مثل أن يعطي إلى قيّم مسجد أو مشهد آلات الإسراج أو يعطيه الفراش أو نحو ذلك.

بل ربما يقع بالفعل بلا معاطاة مثل أن يعمّر الجدار أو الاسطوانة الخربة من المسجد أو نحو ذلك فإنه إذا مات من دون إجراء صيغة الوقف لا يرجع ميراثاً إلى ورثته.

(مسألة 1110) : الوقف تارة يكون له موقوف عليه يقصد عود المنفعة إليه وتارة لا يكون كذلك، والثاني كوقف المسجد فإن الواقف لم يلحظ في الوقف منفعة خاصة وإنما لاحظ مجرد حفظ العنوان الخاص وهو عنوان المسجدية وهذا القسم لا يكون له موقوف عليه.

(مسألة 1111) : إذا لاحظ الواقف منفعة خاصة مثل الصلاة أو الذكر أو الدعاء أو نحوها من أنحاء العبادة فقال : وقفت هذا المكان على المصلين أو الذاكرين أو الداعين أو نحو ذلك لم يصر مسجداً ولم تجر عليه أحكام المسجد وإنما يصير وقفاً على الصلاة أو غيرها مما لاحظه الواقف ويكون من القسم الأول الذي له موقوف عليه وهو الذي لاحظ الواقف فيه المنفعة وهو على أقسام :

(الأول) : أن يلحظ عود المنفعة إلى الموقوف عليهم بصيرورتها ملكاً لهم كما إذا قال : هذا المكان وقف على أولادي على أن تكون منافعه لهم، أو هذه

ص: 255

البستان وقف على أولادي على أن تكون ثمرتها لهم فتكون المنافع والثمرة ملكاً لهم كسائر أملاكهم، تجوز المعاوضة منهم عليها ويرثها وارثهم وتضمن لهم عند طروء سبب الضمان وتجب الزكاة على كل واحد منهم عند بلوغ حصته النصاب.

(الثاني) : أن يلحظ صرف المنافع على الموقوف عليهم من دون تمليك فلا تجوز المعاوضة من أحد الموقوف عليهم على حصته ولا تجب فيها الزكاة وإن بلغت النصاب ولا يرثها وارث الموقوف عليه إذا مات قبل أن تصرف المنفعة عليه ولكن المنفعة تضمن بطروء سبب الضمان وهذا القسم على نوعين :

(الأول) : أن يلحظ فيه صرف شخص المنفعة كما إذا قال : هذه الشجرة وقف على أولادي يأكلون ثمرتها، وفي مثله لا يجوز للولي تبديلها والمعاوضة عليها، بل يصرف نفس الثمرة عليهم ليأكلوها.(الثاني) : أن لا يلحظ فيه صرف شخص المنفعة بل يلحظ الأعمّ منها ومن بدلها كما إذا قال : هذه البستان وقف على أولادي تصرف منفعتها عليهم سواء أكان بتبديلها إلى عين أخرى بأن يبدل الولي الثمرة بالحنطة أو الدقيق أو الدراهم أم ببذل نفسها لهم.

(القسم الثالث) : أن يلاحظ الواقف انتفاع الموقوف عليهم مباشرة باستيفاء المنفعة بأنفسهم مثل وقف خانات المسافرين والرباطات والمدارس وكتب العلم والأدعية ونحوها.

وهذا القسم كما لا تجوز المعاوضة على منافعه لا من الموقوف عليهم ولا من الولي، لا توارث فيه. والظاهر ثبوت الضمان فيه أيضاً إذا غصب المنفعة غاصب كالأقسام السابقة.

نعم الظاهر عدم الضمان في مثل المساجد التي يكون الوقف فيها تحريراً

ص: 256

(مسألة 1112) : الظاهر عدم اعتبار القبول في الوقف بجميع أنواعه وإن كان الاعتبار أحوط ولا سيما في الوقف بلحاظ ملك المنفعة سواء أكان عاماً مثل الوقف على العلماء أم خاصاً مثل الوقف على أولاده، فيقبل في الأول الحاكم الشرعي وفي الثاني الموقوف عليهم من الطبقة الأولى.

(مسألة 1113) : الأظهر عدم اعتبار القربة في صحة الوقف ولا سيما في مثل الوقف على الذرية.

(مسألة 1114) : يعتبر في صحة الوقف قبض الموقوف عليه أو قبض وكيله أو وليه فإذا مات قبل القبض بطل، ولا يعتبر في القبض الفورية، والأحوط اعتبار إذن الواقف في القبض.

(مسألة 1115) : يكفي في تحقق القبض في مثل الوقف على الذرية مثلاً قبض الطبقة الأولى.

(مسألة 1116) : إذا وقف على أولاده الصغار وأولاد أولاده وكانت العين في يده كفى ذلك في تحقق القبض ولم يحتج إلى قبض آخر، وإذا كانت العين في يد غيره فلا بد من أخذها منه ليتحقق قبض وليهم.

(مسألة 1117) : إذا كانت العين بيد الموقوف عليه كفى ذلك في قبضها ولم يحتج إلى قبض جديد.

(مسألة 1118) : يكفي في قبض غير المنقول رفع الواقف يده عنه واستيلاء الموقوف عليهم عليه.

(مسألة 1119) : في اعتبار القبض في صحة الوقف على الجهات العامة إشكال ولا يبعد عدم اعتباره ولا سيما إذا كان من نية الواقف أن تبقى في يده ويعمل بها على حسب ما وقف.

ص: 257

(مسألة 1120) : بناء على اعتبار القبض في الوقف على الجهات العامة فالظاهر عدم الحاجة إلى قبض الحاكم فإذا وقف مقبرة كفى في تحقق القبض الدفن فيها، وإذا وقف مكاناً للصلاة تكفي الصلاة فيه، وإذا وقف حسينية تكفي إقامة العزاء فيها ويتحقق الوقف بما ذكر.

وكذا الحكم في مثل وقف الخان على المسافرين والدار على سكنى العلماء والفقراء فإنه يكفي في قبضها السكنى فيها.

(مسألة 1121) : إذا وقف حصيراً للمسجد كفى وضعه في المسجد وكذا في مثل آلات المشاهد والمعابد والمساجد ونحوها فإن الظاهر أنه يكفي في قبضها وضعها فيها بقصد استعمالها.

(مسألة 1122) : إذا خرب جانب من جدار المسجد أو المشهد أو نحوهما فعمره عامر فالظاهر كفاية ذلك في تمامية الوقف وإن لم يقبضه قابض، وإذا مات لم يرجع ميراثاً لوارثه كما عرفت.

(مسألة 1123) : إذا وقف على أولاده الكبار فقبض واحد منهم صح القبض في حصته ولم يصح في حصة الباقين.

(مسألة 1124) : الوقوف التي تتعارف عند الأعراب بأن يقفوا شاة على أن يكون الذكر المتولد منها (ذبيحة) أي يذبح ويؤكل والأنثى (منيحة) أي تبقى وينتفع بصوفها ولبنها وإذا ولدت ذكراً كان (ذبيحة) وإذا ولدت أنثى كانت (منيحة) وهكذا، فإذا كان وقفهم معلقاً على شفاء مريض أو ورود مسافر أو سلامة غنمهم من الغزو أو المرض أو نحو ذلك فهي باطلة.

وإذا كانت منجزة غير معلقة فالظاهر بطلانها أيضاً، لأن المنيحة إذا كانت ملكاً للواقف فلا يمكن أن يكون نتاجها الذكر ذبيحة، لأن وقف المعدوم باطل

ص: 258

وإن خرجت عن ملك الواقف، فلا يمكن أن يكون صوفها ولبنها راجعاً إليه أو إلى ورثته.

(مسألة 1125) : لا يجوز في الوقف توقيته بمدة فإذا قال : داري وقف على أولادي سنة أو عشر سنين بطل، والظاهر عدم صحته حبساً.

(مسألة 1126) : إذا وقف على من ينقرض كما إذا وقف على أولاده وأولاد أولاده صح وقفاً فإذا انقرضوا رجع إلى ورثة الواقف حين الموت لا حين الانقراض. فإذا مات الواقف عن ولدين ومات أحدهما قبل الانقراض وترك ولداً ثم انقرض الموقوف عليهم كانت العين الموقوفة مشتركة بين العم وابن أخيه.

(مسألة 1127) : لا فرق فيما ذكرناه من صحة الوقف ورجوعه إلى ورثة الواقف بين كون الموقوف عليه مما ينقرض غالباً وبين كونه مما لا ينقرض غالباً فاتفق انقراضه.نعم يستثنى من ذلك ما إذا ظهر من القرائن إن خصوصية الموقوف عليه ملحوظة بنحو تعدد المطلوب بأن كان الواقف قد أنشأ التصدق بالعين وكونه على نحو خاص، فإذا بطلت الخصوصية بقي أصل التصدق، فإذا قامت القرينة على ذلك وانقرض الموقوف عليه لم يرجع إلى الوارث أو ورثته، بل تبقى العين وقفاً وتصرف منافعها في جهة أخرى الأقرب فالأقرب.

(مسألة 1128) : إذا وقف عيناً على غيره وشرط عودها إليه عند الحاجة ففي صحته قولان والأظهر البطلان.

(مسألة 1129) : يشترط في صحة الوقف التنجيز فلو علقه على أمر مستقبل معلوم الحصول أو متوقع الحصول أو أمر حالي محتمل الحصول إذا كان لا يتوقف عليه صحة العقد بطل. فإذا قال : وقفت داري إذا جاء رأس الشهر أو إذا ولد لي ذكر أو إن كان هذا اليوم يوم الجمعة بطل، وإذا علقه على أمر حالي

ص: 259

معلوم الحصول أو علقه على أمر مجهول الحصول ولكنه كان يتوقف عليه صحة العقد كما إذا قال زيد : وقفت داري إن كنت زيداً أو وقفت داري إن كانت لي صح.

(مسألة 1130) : إذا قال هذا وقف بعد وفاتي بطل إلا أن يفهم منه عرفاً أنه أراد الوصية بالوقف فيجب العمل بها عند تحقق شرائطها فيوقف بعده

(مسألة 1131) : يشترط في صحة الوقف إخراج الواقف نفسه عن الوقف فإذا وقف على نفسه بطل، وإذا قال: داري وقف علي وعلى أخي مثلاً على نحو التشريك بطل الوقف في نصف الدار، وإذا كان عل نحو الترتيب بأن قصد الوقف على نفسه ثم على غيره كان الوقف من المنقطع الأول فيبطل مطلقاً. وإن قصد الوقف على غيره ثم على نفسه بطل بالنسبة إلى نفسه فقط وكان من الوقف المنقطع الآخر. وإن قال: هي وقف على أخي، ثم على نفسي، ثم على شخص آخر بطل الوقف بالنسبة إلى نفسه والشخص الآخر، وكان من الوقف المنقطع الوسط.

(مسألة 1132) : إذا وقف على أولاده واشترط عليهم وفاء ديونه من مالهم، عرفية كانت الديون أم شرعية كالزكاة والكفارات المالية صح، بل الظاهر صحة الوقف إذا اشترط وفاء ديونه من حاصل الوقف أيضاً.

(مسألة 1133) : إذا وقف على جيرانه واشترط عليهم أكل ضيوفه أو القيام بمؤنة أهله وأولاده حتى زوجته صح، وإذا اشترط عليهم نفقة زوجته الواجبة عليه من مالهم صح، بل الظاهر الصحة مع اشتراطها من حاصل الوقف أيضاً.

(مسألة 1134) : إذا وقف عيناً له على وفاء ديونه العرفية والشرعية بعد الموت ففي صحته كما قيل إشكال، بل الأظهر البطلان وكذا في ما لو وقفها على أداء العبادات عنه بعد الوفاة.

ص: 260

(مسألة 1135) : إذا أراد التخلص من إشكال الوقف على النفس فله أن يُملّك العين لغيره ثم يقفها غيره على النهج الذي يريد من ادرار مؤنته ووفاء ديونه ونحو ذلك. ويجوز له أن يشترط ذلك عليه في ضمن عقد التمليك، كما يجوز له أن يؤجرها مدة ويجعل لنفسه خيار الفسخ وبعد الوقف يفسخ الإجارة فترجع المنفعة إليه لا إلى الموقوف عليهم، بل لا يبعد صحة وقف العين مع اشتراط بقاء منافعها على ملكه مدة معينة كسنة أو غير معينة مثل مدة حياته.

(مسألة 1136) : يجوز انتفاع الواقف بالعين الموقوفة في مثل المساجد والقناطر والمدارس ومنازل المسافرين وكتب العلم والزيارات والأدعية والآبار والعيون ونحوها مما لم تكن المنفعة معنونة بعنوان خاص مضاف إلى الموقوف عليه، بل قصد مجرد بذل المنفعة وإباحتها للعنوان العام الشامل للواقف. أما إذا كان الوقف على الأنحاء الأُخر مع كون الموقوف عليه عنواناً كلياً عاماً ففي جواز مشاركة الواقف إشكال والأظهر الجواز

(مسألة 1137) : إذا تم الوقف كان لازماً لا يجوز للواقف الرجوع فيه، وإن وقع في مرض الموت لم يجز للورثة رده وإن زاد على الثلث.

فصل في شرائط الواقف

(مسألة 1138) : يعتبر في الواقف أن يكون جائز التصرف بالبلوغ والعقل والاختيار، وعدم الحجر لسفه أو رقّ أو غيرهما، فلا يصح وقف الصبي وإن بلغ عشراً. نعم إذا أوصى بأن يوقف ملكه بعد وفاته على وجوه البر والمعروف لأرحامه وكان قد بلغ عشراً وعقل نفذت وصيته كما تقدم، وإذا كان وقف الصبي بإذن الولي وكان ذا مصلحة ففي بطلانه إشكال والأظهر الصحة.

(مسألة 1139) : يجوز للواقف جعل الولاية على العين الموقوفة لنفسه ولغيره على وجه الاستقلال والاشتراك كما يجوز له أيضاً جعل الناظر على الولي بمعنى المشرف عليه أو بمعنى أن يكون هو المرجع في النظر، والرأي ولا فرق في

ص: 261

المجعول له الولاية والنظارة بين العادل والفاسق. نعم إذا خان الوليّ ضم إليه الحاكم الشرعي من يمنعه عن الخيانة فإن لم يمكن ذلك عزله.

(مسألة 1140) : يجوز للمجعول له الولاية أو النظارة الرد وعدم القبول، بل لا يبعد جواز الرد بعد القبول أيضاً.

(مسألة 1141) : يجوز أن يجعل الواقف للولي والناظر مقداراً معيناً من ثمرة العين الموقفة أو منفعتها سواء أكان أقل من أجرة المثل أم أكثر أم مساوياً، فإن لم يجعل له شيئاً كانت له أجرة المثل إن كانت لعمله أجرة إلا أن يظهر من القرائن أن الواقف قصد المجانية.

(مسألة 1142) : إذا لم يجعل الواقف ولياً على الوقف كانت الولاية عليه للحاكم الشرعي. نعم إذا كان الوقف على نحو التمليك وكان خاصاً كانت الولاية عليه للموقوف عليه، فإذا قال : هذه الدار وقف لأولادي ومن بعدهم لأولادهم وهكذا، فالولاية عليها، ومنافعها تكون للأولاد، وإذا لم يكن الوقف خاصاً أو كان ولم يكن على نحو التمليك بأن كان على نحو الصرف وغيره من الأنواع فالولاية للحاكم الشرعي.

(مسألة 1143) : إذا جعل الواقف ولياً أو ناظراً على الولي فليس له عزله. نعم إذا فقد شرط الواقف كما إذا جعل الولاية للعدل ففسق أو جعلها للأرشد فصار غيره أرشد، أو نحو ذلك انعزل بذلك بلا حاجة إلى عزل.

(مسألة 1144) : يجوز للواقف أن يفوض تعيين الولي على الوقف إلى شخص بعينه وأن يجعل الولاية لشخص ويفوض إليه تعيين من بعده.

(مسألة 1145) : إذا عين الواقف للولي (المجعول له الولاية) جهة خاصة اختصت ولايته بتلك الجهة، وكان المرجع في بقية الجهات الحاكم الشرعي. وإن أطلق له الولاية كانت الجهات كلها تحت ولايته فله الإجارة والتعمير وأخذ

ص: 262

العوض ودفع الخراج وجمع الحاصل وقسمته على الموقوف عليهم وغير ذلك مما يكون تحت ولاية الولي. نعم إذا كان في الخارج تعارف تنصرف إليه الولاية اختصت الولاية بذلك المتعارف.

(مسألة 1146) : لا يشترط في الواقف الإسلام فيصح وقف الكافر إذا كان واجداً لسائر الشرائط على الأقوى. بعد أن لم يعتبر فيه قصد القربة

فصل في شرائط العين الموقوفة

(مسألة 1147) : يعتبر في العين الموقوفة أن تكون عيناً موجودة فلا يصح وقف الدين ولا وقف الكلي ولا وقف المنفعة. فإذا قال وقفت ما هو لي في ذمة زيد من فرش أو إناء أو نحوهما، أو قال وقفت فرساً أو عبداً من دون تعيين أو قال وقفت منفعة داري لم يصح في الجميع.

(مسألة 1148) : يعتبر أن تكون العين مملوكة أو بحكمها فلا يصح وقف الحر والمباحات الأصلية قبل حيازتها ويجوز وقف إبل الصدقة وغنمها وبقرها إذا كان الواقف مالك العين الزكوية أو الحاكم الشرعي.

(مسألة 1149) : يعتبر في العين الموقوفة أن تكون مما يمكن الانتفاع بها مع بقائها فلا يصح وقف الأطعمة والخضر والفواكه مما لا نفع فيه إلا بإتلاف عينه، كما يعتبر أن يكون الانتفاع بها محللاً فلا يصح وقف آلات اللهو وآلات القمار والصلبان ونحوها مما يحرم الانتفاع به ويعتبر أن تكون المنفعة المقصودة بالوقف محللة فلا يصح وقف الدابة لحمل الخمر والخنزير.

(مسألة 1150) : لا يعتبر في إنشاء الوقف أن تكون العين مما يمكن قبضه حال الوقف فإذا وقف العبد الآبق أو الجمل الشارد أو الطير الطائر وتحقق القبض بعده صح الوقف.

ص: 263

(مسألة 1151) : لا إشكال في صحة وقف الثياب والأواني والفرش والدور والبساتين والأراضي الزراعية والكتب والسلاح والحيوانات إذا كان ينتفع بها في الركوب أو الحمل أو اللبن أو الوبر والشعر والصوف أو غير ذلك، وكذا غيرها مما له منفعة محللة ،ويجوز وقف الدراهم والدنانير إذا كان ينتفع بها في التزيين، وأما وقفها لحفظ الاعتبار ففيه إشكال.

(مسألة 1152) : المراد من المنفعة أعم من المنفعة العينية مثل الثمر واللبن ونحوهما، والمنفعة الفعلية مثل الركوب والحرث والسكنى وغيرها

(مسألة 1153) : لا يشترط في المنفعة أن تكون موجودة حال الوقف فيكفي أن تكون متوقعة الوجود في المستقبل مثل وقف الشجرة قبل أن تثمر ووقف الدابة الصغيرة قبل أن تقوى على الركوب أو الحمل عليها.

فصل في شرائط الموقوف عليه

(مسألة 1154) : يشترط في الموقوف عليه أمور :

(الأول) : التعيين، فإذا وقف على المردد بين شيئين أو أشياء مثل أحد المسجدين أو أحد المشهدين أو أحد الولدين لم يصح. نعم إذا وقف على الجامع بين أمرين أو أمور صح.

(الثاني) : أن يكون الموقوف عليه إذا كان خاصاً موجوداً حال الوقف فلا يصح الوقف على المعدوم حاله، سواء أكان موجوداً قبل ذلك كما إذا وقف على زيد الذي مات، أو يوجد بعد الوقف مثل أن يوقف على ولده الذي سيولد. وأما إذا كان حملاً لم ينفصل حين الوقف ففي بطلان الوقف تأمل. نعم إذا وقف على المعدوم تبعاً للموجود كما إذا وقف على أولاده ثم على أولادهم ثم على أولاد أولادهم وهكذا صح.

ص: 264

(مسألة 1155) : إذا وقف على أولاده الموجودين ثم على من سيوجد على أن يكون بعد وجوده مقدماً على الموجودين فالظاهر الصحة.

(الثالث) : أن لا يكون الوقف عليه على نحو الصرف في المعصية كالصرف في الزنا وشرب الخمر ونسخ كتب الضلال ونشرها وتدريسها وشراء آلات الملاهي ونحو ذلك.

(مسألة 1156) : يجوز وقف المسلم على الكافر في الجهات المحللة.

(مسألة 1157) : يجوز الوقف على المملوك قناً كان أو غيره أو كان الوقف على نحو التمليك أو الصرف.

(مسألة 1158) : إذا وقف على ما لا يصح الوقف عليه وما يصح على نحو التشريك بطل بالنسبة إلى حصة الأول وصح بالنسبة إلى حصة الثاني، وإن كان على نحو الترتيب فإن كان الأول مقدماً فالأقوى بطلانه رأساً وإن كان مؤخراً كان من المنقطع الآخر فيصح فيما يصح الوقف عليه ويبطل فيما بعده.

(مسألة 1159) : إذا وقف على ما يصح الوقف عليه ثم على ما لا يصح الوقف عليه، ثم على ما يصح الوقف عليه كان من المنقطع الوسط فيصح في الأول ويبطل فيما بعده مطلقاً حتى في الأخير.

(مسألة 1160) : إذا وقف على الزائرين أو الحجاج أو عالم البلد أو نحو ذلك من العناوين العامة التي توجد لها أفراد في وقت ولا توجد في وقت آخر صح، وإن لم يكن له فرد حين الوقف.

فصل في بيان المراد من بعض عبارات الواقف

(مسألة 1161) : إذا وقف مسلم على الفقراء أو فقراء البلد فالمراد فقراء المسلمين، وإذا كان الواقف من الشيعة فالمراد فقراء الشيعة، وإذا كان كافراً فالمراد

ص: 265

فقراء أهل دينه، وإن كان يهودياً فالمراد فقراء اليهود، وإن كان نصرانياً فالمراد فقراء النصارى وهكذا وكذا إذا كان سنياً فالمراد فقراء السنة وإذا كان السنيون على مذاهب بحيث لا يعطف بعضهم على بعض فالأقوى الرجوع إلى ما هو المتعارف عندهم.

(مسألة 1162) : إذا وقف على الفقراء أو فقراء البلد أو فقراء بني فلان أو الحجاج أو الزوار أو العلماء أو مجالس العزاء لسيد الشهداء (عليه السلام) أو خصوص مجالس البلد فالظاهر منه المصرف فلا يجب الاستيعاب وإن كانت الأفراد محصورة. نعم إذا وقف على جميعهم وجب الاستيعاب فإن لم يمكن لتفرقهم عزل حصة من لم يتمكن من إيصال حصته إليه إلى زمان التمكن، وإذا شك في عددهم اقتصر على الأقل المعلوم والأحوط له التفتيش والفحص.

(مسألة 1163) : إذا قال : هذا وقف على أولادي أو ذريتي أو أصهاري أو أرحامي أو تلامذتي أو مشايخي أو جيراني، فالظاهر منه العموم فيجب فيه الاستيعاب.

(مسألة 1164) : إذا وقف على المسلمين كان لمن يعتقد الواقف إسلامه فلا يدخل في الموقوف عليهم من يعتقد الواقف كفره وإن أقر بالشهادتين ويعم الوقف المسلمين جميعاً الذكور والإناث والكبار والصغار.

(مسألة 1165) : إذا وقف على المؤمنين اختص الوقف بمن كان مؤمناً في اعتقاد الواقف، فإذا كان الواقف اثني عشرياً اختص الوقف بالإثني عشرية من الإمامية ولا فرق بين الرجال والنساء والأطفال والمستضعفين ولا بين العدول والفساق وكذا إذا وقف على الشيعة. نعم إذا كان الواقف على الشيعة من بعض الفرق الأُخر من الشيعةفالظاهر من الشيعة العموم للإثني عشرية وغيرهم ممن يعتقد الخلافة لعلي (عليه السلام) بلا فصل.

ص: 266

(مسألة 1166) : إذا وقف في سبيل الله تعالى أو في وجوه البر فالمراد منه ما يكون قربة وطاعة.

(مسألة 1167) : إذا وقف على أرحامه أو أقاربه فالمرجع فيه العرف. وإذا وقف على الأقرب فالأقرب كان على كيفية الإرث.

(مسألة 1168) : إذا وقف على أولاده اشترك الذكر والأنثى والخنثى. نعم إذا كان المفهوم في العرف الخاص لبعض البلاد خصوص الذكر اختص به دون الأنثى وكذا الحال إذا وقف على أولاده وأولاد أولاده.

(مسألة 1169) : إذا وقف على اخوته اشترك الاخوة للأبوين والاخوة للأب فقط والاخوة للأم فقط بالسوية، وكذا إذا وقف على أجداده اشترك الأجداد لأبيه والأجداد لأمه. وكذا إذا وقف على الأعمام أو الأخوال فإنه يعم الأعمام للأبوين وللأب وللأم وكذلك الأخوال، ولا يشمل الوقف على الاخوة أولادهم ولا الأخوات ولا الوقف على الأعمام والأخوال أعمام الأب والأم وأخوالهما والعمات مطلقاً والخالات كذلك.

(مسألة 1170) : إذا وقف على أبنائه لم تدخل البنات وإذا وقف على ذريته دخل الذكر والأنثى الصُلْبي وغيره.

(مسألة 1171) : إذا قال : هذا وقف على أولادي ما تعاقبوا وتناسلوا فالظاهر منه التشريك، وإذا قال : وقف على أولادي الأعلى فالأعلى فالظاهر منه الترتيب، وإذا قال : وقف على أولادي نسلاً بعد نسل أو طبقة بعد طبقة أو طبقة فطبقة، ففي كونه للترتيب أو للتشريك قولان والأظهر الأول.

(مسألة 1172) : إذا تردد الموقوف عليه بين عنوانين أو شخصين فالمرجع في تعيينه القرعة، وإذا شك في الوقف أنه ترتيبي أو تشريكي فإن كان هناك إطلاق في عبارة الواقف كان مقتضاه التشريك وإن لم يكن فيها إطلاق أعطي أهل المرتبة

ص: 267

المحتملة التقدم حصتهم وأقرع في الحصة المرددة بينهم وبين من بعدهم فيعطى من خرجت القرعة باسمه.

(مسألة 1173) : إذا وقف على العلماء فالظاهر منه علماء الشريعة فلا يشمل علماء الطب والنجوم والهندسة والجغرافيا ونحوهم إلا إذا كان هو منهم ويفهم من عبارته كذلك.

وإذا وقف على أهل بلد اختص بالمواطنين والمجاورين منهم ولا يشمل المسافرين وإن نووا إقامة مدة فيه.

(مسألة 1174) : إذا وقف على مسجد أو مشهد صرف نماؤه في مصالحه من تعمير وفرش وسراج وكنس ونحو ذلك من مصالحه وفي جواز إعطاء شيء من النماء لإمام الجماعة إشكال، إلا أن تكون هناك قرينة على إرادة ما يشمل ذلك فيعطى منه حينئذ.

(مسألة 1175) : إذا وقف على الحسين (ع) صرف في إقامة عزائه مع بذل الطعام فيه وبدونه والأحوط إهداء ثواب ذلك إليه (ع) ولا فرق بين إقامة مجلس للعزاء وأن يعطى الذاكر لعزائه (ع) في المسجد أو الحرم أو الصحن أو غير ذلك.

(مسألة 1176) : إذا وقف على أن يصرف على ميت أو أموات صرف في مصالحهم الأخروية من الصدقات عنهم وفعل الخيرات لهم، وإذا احتمل اشتغال ذمتهم بالديون صرف أيضاً في إفراغ ذمتهم.

(مسألة 1177) : إذا وقف على النبي (ص) والأئمة (ع) صرف في إقامة المجالس لذكر فضائلهم ومناقبهم ووفياتهم وبيان ظلاماتهم ونحو ذلك مما يوجب التبصر بمقامهم الرفيع والأحوط إهداء ثواب ذلك إليهم (ع) ولا فرق بين إمام العصر (عج) وآبائه الطاهرين.

ص: 268

(مسألة 1178) : إذا وقف على أولاده فالأقوى العموم لأولاد أولاده وأولادهم وإن سفلوا.

(مسألة 1179) : إذا قال : هذا وقف على أولادي فإذا انقرض أولادي وأولاد أولادي فهو على الفقراء، فالأقوى أنه وقف على أولاده الصلبيين وغيرهم على التشريك، وكذا إذا قال : وقف على أولادي فإذا انقرضوا وانقرض أولاد أولادي فهو على الفقراء على الأقوى.

(مسألة 1180) : إذا قال : هذا وقف على سكنى أولادي فالظاهر أنه لا يجوز أن يؤجرها ويقتسموا الأجرة، بل يتعين عليهم السكنى فيها فإن أمكن سكنى الجميع سكنوا جميعاً وإن تشاحوا في تعيين المسكن فالمرجع نظر الولي فإن تعدد الأولياء واختلف نظرهم فالمرجع الحاكم الشرعي، وإذا اختلف حكام الشرع فالمرجع القرعة وإذا امتنع بعضهم عن السكنى حينئذ جاز للآخر الاستقلال فيها وليس عليه شيء لصاحبه، وإن تعذر سكنى الجميع اقتسموها بينهم يوماً فيوماً أو شهراً فشهراً أو سنة فسنة، وإن اختلفوا في ذلك وتشاحوا فالحكم كما سبق وليس لبعضهم ترك السكنى وعدم الرضا بالمهاياة والمطالبة بالأجرة حينئذ بالنسبة إلى حصته

(مسألة 1181) : إذا قال هذا وقف على الذكور من أولادي أو ذكور أولادي نسلاً بعد نسل أو طبقة بعد طبقة اختص بالذكور من الذكور ولا يشمل الذكور من الإناث.

(مسألة 1182) : إذا قال وقف على اخوتي نسلاً بعد نسل فالظاهر العموم لأولادهم الذكور والإناث.

ص: 269

(مسألة 1183) : إذا قال : هذا وقف على أولادي، ثم أولاد أولادي كان الترتيب بين أولاده الصلبيين وأولادهم ولا يكون بين أولاد أولاده وأولادهم ترتيب، بل الحكم بينهم على نحو التشريك.

(مسألة 1184) : إذا وقف على زيد والفقراء فالظاهر التنصيف، وكذا إذا قال وقف على زيد وأولاد عمرو ،أو قال وقف على أولاد زيد وأولاد عمرو، أو قال وقف على العلماء والفقراء.

(مسألة 1185) : إذا وقف على الزوار فالظاهر الاختصاص بغير أهل المشهد ممن يأتي من الخارج للزيارة، وفي كونه كذلك إذا قال : وقف على من يزور المشهد الظاهر شموله لمن يزوره ولو كان ساكناً في البلد، إلا إذا كان هناك قرينة بأن المراد به الزائر الخارجي.

فصل في بعض أحكام الوقف

(مسألة 1186) : إذا تم الوقف لا يجوز للواقف ولا لغيره التبديل والتغيير في الموقوف عليه بنقله منهم إلى غيرهم وإخراج بعضهم منه وإدخال أجنبي عنهم معهم إذا لم يشترط ذلك، أما إذا اشترط إدخال من شاء معهم فالظاهر صحته حينئذ فإذا ادخل غيرهم معهم نفذ، وإذا لم يدخل أحداً إلى أن مات بقي الوقف على حاله الأولى، وإذا اشترط إخراج بعضهم فالظاهر صحته أيضاً.

(مسألة 1187) : العين الموقوفة تخرج من ملك الواقف وتدخل في ملك الموقوف عليه ويكون نماؤها له. نعم إذا كان الوقف وقفاً على الصرف لم تدخل العين في ملك الموقوف عليه بل يتعين صرف نمائها في الجهة الموقوف عليها على اختلاف كيفيات الوقف.

ص: 270

(مسألة 1188) : إذا اشترط الواقف شرطاً في الموقوف عليه كما إذا وقف المدرسة على الطلبة العدول أو المجتهدين ففقد الشرط خرج عن الوقف، وإذا اشترط عليه شرطاً كما إذا وقف على الطلبة واشترط عليهم التهجد في الليل وجب فعل الشرط فإن لم يتهجدوا فالظاهر أنه يخرج عن الوقف أيضاً.

(مسألة 1189) : إذا احتاجت الأملاك الموقوفة إلى التعمير أو الترميم لأجل بقائها وحصول النماء منها فإن عين الواقف لها ما يصرف فيها عمل عليه وإلا صرف من نمائها وجوباً مقدماً على حق الموقوف عليهم وإذا احتاج إلى التعمير بحيث لولاه لم يبق للبطون اللاحقة فالظاهر وجوبه وإن أدى إلى حرمان البطن السابق.

(مسألة 1190) : الثمر الموجود على النخل أو الشجر حين إجراء صيغة الوقف باق على ملك مالكه ولا يكون للموقوف عليه، وكذا الحمل الموجود حين وقف الدابة ،واللبن والصوف الموجودان حين وقف الشاة، وكذا ما يتجدد من الثمر أو الحمل أو اللبن أو الصوف ونحوها بعد إنشاء الوقف وقبل القبض فيما يعتبر القبض في صحته.

(مسألة 1191) : إذا وقف على مصلحة فبطل رسمها كما إذا وقف على مسجد فخرب أو مدرسة فخربت ولم يمكن تعميرها أو لم يحتاجا إلى مصرف لانقطاع من يصلي في المسجد أو مهاجرة الطلبة أو نحو ذلك فإن كان الوقف على نحو تعدد المطلوب كما هو الغالب صرف نماء الوقف في مسجد أو مدرسة أخرى إن أمكن. وإلا ففي وجوه البر الأقرب فالأقرب.

(مسألة 1192) : إذا جهل مصرف الوقف فإن كانت المحتملات متصادقة صرف في المتيقن كما إذا لم يدر أن الوقف وقف على العلماء مطلقاً أو على خصوص العدول منهم، أو لم يدر أن الوقف وقف على العلماء أو الفقراء فإنه يصرف في الفرض الأول على العلماء العدول وفي الفرض الثاني على العلماء

ص: 271

الفقراء. وإن كانت المحتملات متباينة فإن كانت غير محصورة تصدق به إذا كان التصدق من الوجوه المحتملة للوقف وإلا صرفه في وجه آخر من الوجوه المحتملة. وإن كانت الوجوه محصورة كما إذا لم يدر أن الوقف وقف على المسجد الفلاني أو على المسجد الآخر أو إنه وقف لزيد أو لعمرو على نحو المصرف أو على نحو التمليك فالأقرب الرجوع إلى القرعة في تعيين الموقوف عليه.

(مسألة 1193) : إذا آجر البطن الأول من الموقوف عليهم العين الموقوفة في الوقف الترتيبي وانقرضوا قبل انقضاء مدة الإجارة لم تصح الإجارة بالنسبة إلى بقية المدة، وكذا الحكم في الوقف التشريكي إذا ولد في أثناء المدة من يشارك الموقوف عليه المؤجر فإنه لا تصح الإجارة بالنسبة إلى حصته. والظاهر صحتها بالإجازة من البطن الثاني في الصورة الأولى، ومن الشريك في الصورة الثانية فيكون للمجيز حصته من الأجرة ولا يحتاج إلى تجديد الإجارة وإن كان أحوط. نعم إذا كانت الإجارة من الولي لمصلحة الوقف صحت ونفذت، وكذا إذا كانت لمصلحة البطون اللاحقة إذا كانت له ولاية على ذلك فإنها تصح ويكون للبطون اللاحقة حصتهم من الأجرة.

(مسألة 1194) : إذا كانت للعين الموقوفة منافع مختلفة وثمرات متنوعة كان الجميع للموقوف عليه مع إطلاق الوقف فإذا وقف الشجر أو النخل كانت ثمرتهما ومنفعة الاستظلال بهما والسعف والأغصان والأوراق اليابسة وأكمام الطلع والفسيل ونحوها مما هو مبني على الانفصال للموقوف عليه ولا يجوز للمالك ولا لغيره التصرف فيها إلا على الوجه الذي اشترطه الواقف.

(مسألة 1195) : الفسيل الخارج بعد الوقف إذا نما واستطال حتى صار نخلاً أو قلع من موضعه وغرس في موضع آخر فنما حتى صار مثمراً لا يكون وقفاً بل هو من نماء الوقف فيجوز بيعه وصرفه في الموقوف عليه، وكذا إذا قطع بعض

ص: 272

الأغصان الزائدة للإصلاح وغرس فصار شجرة فإنه لا يكون وقفاً بل يجري عليه حكم نماء الوقف من جواز بيعه وصرف ثمنه في مصرف الوقف.

(مسألة 1196) : إذا خرب المسجد لم تخرج العرصة عن المسجدية وإن تعذر تعميره، وكذا إذا خربت القرية التي هو فيها حتى بطل الانتفاع به إلى الأبد.

(مسألة 1197) : غير المسجد من الأعيان الموقوفة إذا تعذر الانتفاع بها في الجهة المقصودة للواقف لخرابها وزوال منفعتها يجوز بيع بعضها وعمارة الباقي للانتفاع به، فإن لم يمكن ذلك جاز بيعها وتبديلها بما يمكن الانتفاع به وإن لم يمكن ذلك أيضاً صرف ثمنها في الجهة الموقوف عليها

(مسألة 1198) : إذا تعذر الانتفاع بالعين الموقوفة لانتفاء الجهة الموقوف عليها صرفت منافعها فيما هو الأقرب فالأقرب، فإذا كان الوقف وقفاً على إقامة عزاء الحسين عليه السلام في بلد خاص ولم يمكن ذلك صرفت منافعه في إقامة عزائه عليه السلام في بلد آخر.

(مسألة 1199) : إذا تعذر الانتفاع بالوقف لانقراض الموقوف عليه تبطل وقفيته، ويرجع ملكاً للواقف على ما تقدم فإن لم يكن موجوداً كان لورثته.

(مسألة 1200) : إذا خرب الوقف ولم تبطل منفعته، بل بقيت له منفعة معتد بها قليلة أو كثيرة فإن أمكن تجديده وإن كان بإجارة مدة وصرف الإجارة في العمارة وجب ذلك، وإن لم يمكن فالظاهر بقاء الوقفية بحالها وتصرف منافعه في الجهة الموقوف عليها.

(مسألة 1201) : إذا وقف بستاناً لصرف نمائها في جهة خاصة فانقطع عنها الماء حتى يبس شجرها أو انقلع شجرها، وبقيت عرصة فإن أمكن إيجارها وجب ذلك وصرفت الأجرة في الجهة الموقوف عليها. نعم إذا فهم من القرائن أن الوقفية قائمة بعنوان البستان، كما إذا وقفها للتنزه أو للاستظلال فإن أمكن بيعها

ص: 273

وشراء بستان أخرى تعين ذلك وإلا بطلت الوقفية بذهاب عنوان البستان وترجع ملكاً للواقف.

(مسألة 1202) : يجوز وقف البستان واستثناء نخلة منها ويجوز له حينئذ الدخول إليها بمقدار الحاجة، كما أن له إبقاؤها مجاناً وليس للموقوف عليهم وقلعها. وإذا انقلعت لم يبق له حق في الأرض فلا يجوز له غرس نخلة أخرى مكانها وكذا يجوز في وقف الدار استثناء غرفة منها، ولكن إذا خربت بقيت له الأرض لأن الأرض جزء الغرفة.

(مسألة 1203) : إذا كانت العين مشتركة بين الوقف والملك الطلق جازت قسمتها بتمييز الوقف عن الملك الطلق ويتولى القسمة المالك للملك الطلق ومتولي الوقف، بل الأقوى جواز القسمة إذا تعدد الواقف والموقوف عليه كما إذا كانت دار مشتركة بين شخصين فوقف كل منهما نصفه المشاع على أولاده، وكذا إذا اتحد الواقف مع تعدد الموقوف عليه كما إذا وقف مالك الدار نصفها على مسجد ونصفها على مشهد وكذا إذا اتحد الواقف والموقوف عليه إذا لم تكن القسمة منافية للوقف كما إذا وقف أرضاً على أولاده وكانوا أربعة فإنه يجوز لهم اقتسامها أرباعاً، فإذا صار له ولد آخر بطلت القسمة وجاز اقتسامها أخماساً، فإذا مات اثنان منهم بطلت القسمة وجاز اقتسامها أثلاثاً، وهكذا.

(مسألة 1204) : لا يجوز تغيير العين الموقوفة إذا علم من الواقف إرادة بقاء عنوانها سواء فهم ذلك من كيفية الوقف كما إذا وقف داره على السكنى فلا يجوز تغييرهاإلى الدكاكين أم فهم من قرينة خارجية، بل إذا احتمل ذلك ولم يكن إطلاق في إنشاء الوقف لم يجز ذلك ولو كان بناءه على النحو الأحسن، نعم إذا كان إطلاق في إنشاء الوقف جاز للولي التغيير فيبدل الدار إلى دكاكين والدكاكين إلى دار وهكذا. وقد يعلم من حال الوقف إرادة بقاء العنوان ما دام

ص: 274

له دخل في كثرة المنفعة فحينئذ لا يجوز التغيير ما دام الحال كذلك، فإذا قلت المنفعة جاز التغيير.

(مسألة 1205) : إذا انقلعت نخلة من البستان الموقوفة فإن كان وقفها للانتفاع بثمرها جاز بيعها وصرف ثمنها في البستان إن احتاج إليه، وإلا ففي الجهة الموقوف عليها. وإذا وقفها للانتفاع بأي وجه كان فإن أمكن الانتفاع بها في جعلها سقفاً أو عمداً أو نحو ذلك لم يجز بيعها. وإن بطل الانتفاع بها على حالها جاز بيعها وصرف ثمنها في البستان مع الحاجة ومع عدمها في الجهة الموقوف عليها.

(مسألة 1206) : الأموال التي تجمع لعزاء سيد الشهداء عليه السلام من صنف خاص لإقامة مأتمهم أو من أهل بلد لإقامة مأتم فيها، أو للأنصار الذين يذهبون في زيارة الأربعين الى (كربلاء) الظاهر أنها من قسم الصدقات المشروط صرفها في جهة معينة، وليست باقية على ملك مالكها ولا يجوز لمالكها الرجوع فيها، وإذا مات قبل صرفها لا يجوز لوارثه المطالبة بها، وكذا إذا أفلس لا يجوز لغرمائه المطالبة بها وإذا تعذر صرفها في الجهة المعينة فالأحوط صرفها فيما هو الأقرب فالأقرب إلى الجهة الخاصة. نعم إذا كان الدافع للمال غير معرض عنه ويرى أن الآخذ للمال بمنزلة الوكيل عنه لم يخرج حينئذ عن ملك الدافع وجاز له ولورثته ولغرمائه المطالبة به بل يجب إرجاعه إليه عند مطالبته وإلى وارثه عند موته وإلى غرمائه عند تفليسه، وإذا تعذر صرفه في الجهة الخاصة واحتمل عدم إذنه في التصرف فيه في غيرها وجبت مراجعته في ذلك.

(مسألة 1207) : لا يجوز بيع العين الموقوفة إلا في موارد كما اذا أوقع المتشاحن بين الموقوف عليهم أو خرج من الانتفاع او غير ذلك.

(مسألة 1208) : إذا كان غرض الواقف من الوقف حصول شيء فبان عدم حصوله لا يكون ذلك موجباً لبطلان الوقف، فإذا علم أن غرض الواقف من الوقف على أولاده أن يستعينوا به على طلب العلم أو الإقامة بالمشهد الفلاني

ص: 275

أو نحو ذلك فلم يترتب الغرض المذكور عليه لم يكن ذلك موجباً لبطلان الوقف، وهكذا الحال في جميع الأغراض والدواعي التي تدعو إلى إيقاع المعاملات أو الإيقاعات، فإذا كان غرض المشتري الربح فلم يربح لم يكن ذلك موجباً لبطلان الشراء أو التسلط على الفسخ.

(مسألة 1209) : الشرائط التي يشترطها الواقف تصح ويجب العمل عليها إذا كانت مشروعة، فإذا اشترط أن لا يؤجر الوقف أكثر من سنة أو لا يؤجر على غير أهل العلم لا تصح إجارته سنتين ولا على غير أهل العلم.

(مسألة 1210) : تثبت الوقفية بالعلم _ وإن حصل من الشياع _ وبالبينة الشرعية وبإقرار ذي اليد وان لم تكن اليد مستقلة كما إذا كان جماعة في دار فأخبر بعضهم بأنها وقف حكم بها في حصته وإن لم يعترف غيره بها.

(مسألة 1211) : إذا كان كتاب أو إناء قد كتب عليه إنه وقف فالظاهر الحكم بوقفيته. نعم إذا كان بيد شخص وادعى ملكيته واعتذر عن الكتابة بعذر مقبول قيل صدق وحكم بملكيته له فيجوز حينئذ الشراء منه والتصرف بإذنه وغير ذلك من أحكام الملك لكنه لا يخلو عن إشكال.

(مسألة 1212) : إذا وجدت ورقة في تركة الميت قد كتب عليها إن الشيء الفلاني وقف فإن كان عليه إمارة الاعتراف بالوقفية من توقيعه في ذيلها ووضعها في ظرف مكتوب عليه هذه ورقة الوقف الفلاني أو نحو ذلك مما يكون ظاهراً في الاعتراف بالوقفية، وإلا فلا يحكم بها وإن علم أنها بخط المالك.

(مسألة 1213) : لا فرق في حجية إخبار ذي اليد بين أن يكون إخباراً بأصل الوقف وأن يكون إخباراً بكيفيته من كونه ترتيبياً أو تشريكياً وكونه على الذكور فقط أو على الذكور والإناث وأنه على نحو التساوي أو على نحو الاختلاف كما أنه لا فرق في الإخبار بين أن يكون بالقول وأن يكون بالفعل كما إذا كان يتصرف فيه على نحو الوقف أو يتصرف فيه على نحو الوقف الترتيي أو

ص: 276

التشريكي أو للذكور والإناث أو للذكور دون الإناث وهكذا، فإن تصرفه إذا كان ظاهراً في الإخبار عن حاله كان حجة كخبره القولي.

(مسألة 1214) : إذا كانت العين الموقوفة من الأعيان الزكوية كالغنم والبقر والإبل لم تجب الزكاة فيها وإن اجتمعت فيها شرائط الزكاة وأما إذا كان نماؤها زكوياً كما إذا وقف بستاناً فإن كان الوقف على نحو التمليك للأشخاص الموقوف عليهم كما إذا قال : وقفت البستان لأولادي فإن بلغت حصة واحد منهم النصاب وجبت عليه الزكاة وإلا لم تجب، وإن كان الوقف على نحو التمليك للعنوان كما إذا قال : وقفت البستان على فقراء البلد غير قاصد لاستيعابهم، لم تجب الزكاة على واحد منهم إلا إذا أعطي الولي واحداً منهم بعض النماء قبل زمان تعلق الزكاة وكان يبلغ النصاب فإنه تجب الزكاة على من ملك منهم واحداً كان أو أكثر وكذلك لا تجب الزكاة على حاصل الوقف إذا كان على نحو المصرف كما إذا قال وقفت البستان على تزويج أولادي أو على إطعام الفقراء وكسوتهم ونحو ذلك.

الحاق فيه بابان

الباب الأول في الحبس وأخواته

(مسألة 1215) : يجوز للمالك أن يحبس ملكه على جهة معينة يجوز الوقف عليها على أن يصرف نماؤه فيها ولا يخرج بذلك عن ملكه فإن كان الحابس قد قصد القربة بحبسه وكان حبسه مطلقاً أو مقيداً بالدوام لزم ما دامت العين ولم يجز له الرجوعفيه، وإن كان مقيداً بمدة معينة لم يجز له الرجوع قبل انقضاء المدة وإذا انتهت المدة انتهى التحبيس فإذا قال : فرسي محبس على نقل الحجاج أو عبدي محبس على خدمة العلماء لزمت ما دامت العين باقية. وإذا جعل المدة عشر سنين مثلاً لزم في العشر وانتهى بانقضائها.

ص: 277

(مسألة 1216) : ذكر جماعة كثيرة أنه لا يصح التحبيس إلا بعد القبض ولا يخلو من إشكال، بل الأظهر الصحة بدونه، ولكنه شرط في اللزوم فيجوز للمالك الرجوع فيه قبل القبض.

(مسألة 1217) : إذا حبس ملكه على شخص فإن عين مدة كعشرة سنين أو مدة حياة ذلك الشخص لزم الحبس في تلك المدة وبعدها يرجع إلى الحابس. وإذا مات الحابس قبل انقضاء المدة بقي الحبس على حاله إلى أن تنتهي المدة فيرجع ميراثاً، وإذا حبس عليه مدة حياته نفسه يعني الحابس لم يجز له الرجوع ما دام حياً، فإذا مات رجع ميراثاً، وإذا حبسه على شخص ولم يذكر مدة معينة ولا مدة حياة نفسه ولا حياة المحبس عليه ففي لزومه إلى موت الحابس وبعد موته يرجع ميراثاً وجوازه فيجوز له الرجوع فيه متى شاء قولان أقربهما الثاني.

(مسألة 1218) : يلحق بالحبس السكنى والعمرى والرقبى والأولى تختص بالمسكن والأخيرتان تجريان فيه وفي غيره من العقار والحيوانات والأثاث ونحوها مما لا يتحقق فيه الإسكان فإن كان المجعول الإسكان قيل له (سكنى) فإن قيد بعمر المالك أو الساكن قيل له أيضاً (عمرى) وإن قيده بمدة معينة قيل له (رقبى) وإذا كان المجعول غير الإسكان كما في الأثاث ونحوه مما لا يتحقق فيه السكنى لا يقال له سكنى، بل قيل (عمرى) إن قيد بعمر أحدهما و(رقبى) إن قيد بمدة معينة.

(مسألة 1219) : الظاهر أن القبض فيها ليس شرطاً في الصحة بل في اللزوم كما تقدم في الحبس.

(مسألة 1220) : إذا أسكنه مدة معينة كعشر سنين أو مدة عمر المالك أو مدة عمر الساكن لم يجز الرجوع قبل انقضاء المدة فإن انقضت المدة في الصور الثلاث رجع المسكن إلى المالك أو ورثته.

ص: 278

(مسألة 1221) : إذا قال له : أسكنتك هذه الدار لك ولعقبك لم يجز له الرجوع في هذه السكنى ما دام الساكن موجوداً أو عقبه فإذا انقرض هو وعقبه رجعت الدار إلى المالك.

(مسألة 1222) : إذا قال له : أسكنتك هذه الدار مدة عمري فمات الساكن في حال حياة المالك فإن كان المقصود السكنى بنفسه وتوابعه كما يقتضيه إطلاق السكنى انتقلت السكنى بموته إلى المالك قبل وفاته على إشكال، وإن كان المقصود تمليك السكنى له انتقلت السكنى إلى وارثه ما دام المالك حياً، فإذا مات انتقلت من ورثة الساكن إلى ورثة المالك وكذا الحكم لو عين مدة معينة فمات الساكن في أثنائها.

(مسألة 1223) : إذا جعل السكنى له مدة حياته كما إذا قال له : أسكنتك هذه الدار مدة حياتك، فمات المالك قبل الساكن لم يجز لورثة المالك منع الساكن بل تبقى السكنى على حالها إلى أن يموت الساكن.

(مسألة 1224) : إذا جعل له السكنى ولم يذكر له مدة ولا عمر أحدهما صح، ولزم بالقبض ووجب على المالك إسكانه وقتاً ما وجاز له الرجوع بعد ذلك أي وقت شاء وإذا مات المالك يجوز للورثة أخذ الدار من الساكن، ولا يجري ذلك في الرقبى والعمرى لاختصاص الأولى بالمدة المعينة والثانية بمدة عمر أحدهما والمفروض انتفاء ذلك كله.

(مسألة 1225) : إطلاق السكنى كما تقدم يقتضي أن يسكن هو وأهله وسائر توابعه من أولاده وخدمه وعبيده وضيوفه بل دوابه إن كان فيها موضع معدّ لذلك وله اقتناء ما جرت العادة فيه لمثله من غلة وأوان وأمتعة المدار على ما جرت به العادة من توابعه وليس له إجارته ولا إعارته لغيره فلو آجره ففي صحة الإجارة بإجازة المالك وكون الأجرة له حينئذ إشكال.

ص: 279

(مسألة 1226) : الظاهر أن (السكنى) و(العمرى) و(الرقبى) من العقود المحتاجة في وجودها الاعتباري إلى إيجاب وحده، ويعتبر فيها ما يعتبر في العقود كما يعتبر في المتعاقدين هنا ما يعتبر في المتعاقدين في غيره، وأما الحبس فالظاهر اعتبار القبول فيه في الحبس على الشخص وعدم اعتباره في الحبس على الصرف في جهة معينة.

(مسألة 1227) : الظاهر جواز بيع المحبس قبل انتهاء أجل التحبيس فتنتقل العين إلى المشتري على النحو الذي كانت عليه عند البائع فيكون للمحبس عليهم الانتفاع بالعين حسب ما يقتضيه التحبيس ويجوز للمشتري المصالحة معهم على نحو لا تجوز لهم مزاحمته في الانتفاع بالعين مدة التحبيس بأن يعطيهم مالاً على أن لا ينتفعوا بالعين، أما المصالحة معهم على إسقاط حق الانتفاع بها أو المعاوضة على حق الانتفاع بها ففيه إشكال.

الباب الثاني

في الصدقة التي تواترت الروايات في الحث عليها والترغيب فيها. وقد ورد أنها دواء المريض وبها يدفع البلاء وقد أبرم إبراماً، وبها يستنزل الرزق وأنها تقع في يد الرب قبل أن تقع في يد العبد وأنها تخلف البركة وبها يقضى الدين وأنها تزيد في المال وأنها تدفع ميتة السوء والداء والدبيلة والحرق والغرق والجذام والجنون إلى أن عد سبعين باباً من السوء ويستحب التبكير بها فإنه يدفع شر ذلك اليوم وفي أول الليل فإنه يدفع شر الليل.

(مسألة 1228) : المشهور كون الصدقة من العقود فيعتبر فيها الإيجاب والقبول، ولكن الأظهر كونها الإحسان بالمال على وجه القربة فإن كان الإحسان بالتمليكاحتاج إلى إيجاب وقبول وإن كان بالإبراء كفى الإيجاب بمثل أبرأت ذمتك وإن كان بالبذل كفى الإذن في التصرف وهكذا فيختلف حكمها من هذه الجهة باختلاف موردها.

ص: 280

(مسألة 1229) : المشهور اعتبار القبض فيها مطلقاً ولكن الظاهر أنه لا يعتبر فيها كلية وإنما يعتبر فيها إذا كان العنوان المنطبق عليه مما يتوقف على القبض فإذا كان التصدق بالهبة أو بالوقف اعتبر القبض وإذا كان التصدق بالإبراء أو البذل لم يعتبر، وهكذا.

(مسألة 1230) : يعتبر في الصدقة القربة فإذا وهب أو أبرأ أو وقف بلا قصد القربة كان هبة وإبراء ووقفاً ولا يكون صدقة.

(مسألة 1231) : تحل صدقة الهاشمي على الهاشمي وعلى غيره حتى زكاة المال وزكاة الفطرة، وأما صدقة غير الهاشمي، فإن كانت زكاة المال أو زكاة الفطرة فهي حرام على الهاشمي ولا تحل للمتصدق عليه ولا تفرغ ذمة المتصدق بها عنها وإن كانت غيرهما كردّ المظالم والكفارات وفدية الصوم ففيه إشكال والاحتياط في محله، وأمّا المندوبة إذا كانت من قبيل ما يتعارف من دفع المال القليل لدفع البلاء ونحو ذلك، مما كان من مراسم الذل والهوان ففي جواز مثل ذلك أيضاً إشكال.

(مسألة 1232) : لا يجوز الرجوع في الصدقة إذا كانت هبة مقبوضة وإن كانت لأجنبي على الأصح.

(مسألة 1233) : تجوز الصدقة المندوبة على الغني والمخالف والكافر الذمي.

(مسألة 1234) : الصدقة المندوبة سراً أفضل إلا إذا كان الإجهار بها بقصد رفع التهمة أو الترغيب أو نحو ذلك مما يتوقف على الإجهار، أما الصدقة الواحبة ففي بعض الروايات أن الأفضل إظهارها وقيل الأفضل الإسرار بها، والأظهر اختلاف الحكم باختلاف الموارد في الجهات المقتضية للإسرار والإجهار.

ص: 281

(مسألة 1235) : التوسعة على العيال أفضل من الصدقة على غيرهم والصدقة على القريب المحتاج أفضل من الصدقة على غيره وأفضل منها الصدقة على الرحم الكاشح يعني المعادي ويستحب التوسط في إيصالها إلى المسكين ففي الخبر لو جرى المعروف على ثمانين كفاً لأُجروا كلهم من غير أن ينقص من أجر صاحبه شيء.

والله سبحانه العالم والموفق.

ص: 282

ص: 283

كتاب النِكاح

وفيه فصول :

الفصل الأول: النكاح ثلاثة

النكاح ثلاثة : دائم، ومنقطع، وملك يمين، ويفتقر الأول إلى العقد وهو الإيجاب والقبول بلفظ الماضي على الاحوط استحباباً كزوجتك وانكحتك وقبلت، وتجزي ترجمتها بشرط العجز عن العربية على الأحوط وجوباً وتجزي الإشارة مع العجز عن النطق. ولو زوجت المرأة نفسها صح ويشترط في تزويج البكر إذن الولي وهو الأب أو الجد للأب على الأحوط وجوباً إلا إذا منعها الولي عن التزويج بالكفؤ شرعاً وعرفاً فإنه تسقط ولايته حينئذ. وإذا تزوجت البكر بدون إذن وليها ثم أجاز وليها العقد صح بلا إشكال.

(مسألة 1236) : يجزي في صورة عقد النكاح الدائم أن تقول الزوجة للزوج : زوجتك نفسي بمهر دينار. مثلاً، فيقول الزوج، قبلت وإذا كانت الزوجة قد وكلت وكيلاً قال وكيلها للزوج : زوجتك موكلتي هنداً مثلاً بمهر دينار، فيقول الزوج قبلت، وإذا كان الزوج قد وكل وكيلاً قالت الزوجة لوكيل الزوج : زوجت موكلك زيداً مثلاً نفسي بمهر دينار مثلاً، فيقول الوكيل : قبلت، وإذا كان كل من الزوج والزوجة قد وكل وكيلاً قال وكيل الزوجة لوكيل الزوج : زوجت موكلك زيداً موكلتي هنداً بمهر دينار مثلاً، فيقول وكيل الزوج: قبلت.

ويجوز لشخص واحد تولي طرفي العقد حتى الزوج نفسه لكن الأحوط استحباباً أن لا يتولى الزوج الإيجاب عن الزوجة والقبول عن نفسه.

ص: 284

(مسألة 1237) : لا يجب التطابق بين الإيجاب والقبول فلو قال : أنكحتك فلانة وقال : قبلت التزويج أو العكس كفى.

(مسألة 1238) : لا يشترط الشهود في صحة النكاح ولا يلتفت إلى دعوى الزوجية بغير بينة مع حلف المنكر وإن تصادقا على الدخول فلو رد اليمين فحلف المدعي حكم بها كما أنه يلزم المقر بإقراره على كل حال ولو تصادقا على الزوجية ثبتت.

(مسألة 1239) : القول قول الأب في تعيين المعقود عليها بغير تسمية مع رؤية الزوج للجميع وإلا بطل العقد ويستحب لمن أراد التزويج أن يتخير البكر العفيفة الكريمة الأصل وصلاة ركعتين عند إرادة التزويج والدعاء بالمأثور وهو: (اللهم إني أريد أن أتزوج فقدر لي من النساء أعفهن فرجاً وأحفظهن لي في نفسها ومالي وأوسعهن رزقاً وأعظمهن بركة) والإشهاد على العقد والإعلان به والخطبة أمام العقد وإيقاعه ليلاً وصلاة ركعتين عند الدخول والدعاء بالمأثور بعد أن يضع يده على ناصيتها وهو (اللهم على كتابك تزوجتها وفي أمانتك أخذتها وبكلماتك استحللت فرجها فإن قضيت لي في رحمها شيئاً فاجعله مسلماً سوياً ولا تجعله شرك شيطان) وأمرها بمثله ويسأل الله تعالى الولد الذكر.

(مسألة 1240) : يكره إيقاع العقد والقمر في العقرب وتزويج العقيم والجماع في ليلة الخسوف ويوم الكسوف وعند الزوال إلا يوم الخميس وعند الغروب قبل ذهاب الشفق وفي المحاق وبعد الفجر حتى تطلع الشمس وفي أول ليلة من الشهر إلا رمضان وفي ليلة النصف من الشهر وآخره، وعند الزلزلة والريح الصفراء والسوداء ويكره مستقبل القبلة ومستدبرها وفي السفينة وعارياً وعقيب الاحتلام قبل الغسل والنظر في فرج المرأة والكلام بغير الذكر والعزل عن الحرة بغير إذنها وأن يطرق المسافر أهله ليلاً ويحرم الدخول بالزوجة قبل بلوغها تسع سنين.

ص: 285

(مسألة 1241) : يجوز للرجل النظر إلى من يريد التزويج بها أو شراءها وكذا إلى نساء أهل الذمة وكذا المبتذلات اللاتي لا ينتهين إذا نهين عن التكشف وإلى المحارم اللاتي يحرم نكاحهن مؤبداً لنسب أو مصاهرة أو رضاع بشرط عدم التلذذ في الجميع ويحرم النظر إلى غيرهن بغير تلذذ أيضاً في غير الوجه والكفين بلا إشكال، وفيهما على الأحوط خصوصاً إن كانت شابة حسنة الوجه والمنظر، ومن غير المحارم أخت الزوجة وكذا الربيبة قبل الدخول بأمها، ويحرم على المرأة النظر إلى الرجل على الأحوط في غير الوجه واليدين والرأس والرقبة والقدمين. وأما نظرها إلى هذه المواضع من الرجل فالظاهر جوازه فيما إذا لم يكن بتلذذ أو ريبة وإن كان الأحوط ترك ذلك أيضاً. وكذا يحرم النظر واللمس مع التلذذ ولو إلى المماثل وكذا يحرم اللمس من الرجل والمرأة لغير المحارم، ويجوز النظر واللمس من الرجل للصبيّة غير البالغة ومن المرأة للصبي غير البالغ مع عدم التلذذ في الجميع، أما مع التلذذ فإنه حرام مطلقاً.

(مسألة

1242) : يجب على المرأة ستر ما زاد على الوجه والكفين عن غير الزوج والمحارم بل يجب عليها ستر الوجه والكفين عن غير الزوج حتى المحارم مع تلذذه، بل عن غير المحارم مطلقاً على الأحوط ولا يجب على الرجل الستر مطلقاً.

(مسألة 1243) : يجوز سماع صوت الأجنبية مع عدم التلذذ.

(مسألة 1244) : لا يجوز ترك وطء الزوجة الدائمة أكثر من أربعة أشهر إذا كانت شابة بل الحكم كذلك في المنقطعة على الأحوط.

الفصل الثاني: في الأولياء

إنما الولاية للأب وإن علا ووصيه والحاكم والمولى.

ص: 286

(مسألة 1245) : للأب الولاية على الصغيرين والمجنونين البالغين كذلك ولا خيار لهما بعد زوال الوصفين إلا إذا كان العقد حين وقوعه مفسدة عند العقلاء فلا يصح إلا بإلإجازة بعد البلوغ والعقل نعم إذا زوج الأبوان الصغيرين ولاية فالعقد وإن كانصحيحاً إلا أن في لزومه عليهما بعد بلوغهما إشكالاً فالاحتياط لا يترك. ولا يبعد ولاية الأب على من جن بعد بلوغه على إشكال، فالأحوط الاستجازة من الحاكم الشرعي أيضاً.

(مسألة 1246) : لا ولاية للأب والجد على البالغ الرشيد ولا على البالغة الرشيدة عدا البكر فإن الأحوط لزوماً في تزويجها اعتبار إذن أحدهما وإذنها معاً كما مر. ويكفي في إثبات إذنها سكوتها إلا إذا كانت هناك قرينة على عدم الرضا وإذا زالت بكارتها بغير الوطء فهي بمنزلة البكر بخلاف ما إذا زالت بالوطء شبهة أو زناً على الأظهر.

(مسألة 1247) : لا تعتبر الاستجازة من الأب في تزويج البكر إذا تعذرت الاستجازة لغيبته أو حبسه ونحوهما وكانت البنت بحاجة إلى الزواج.

(مسألة 1248) : للوصي ولاية النكاح على الصبي إذا نص عليه الموصي وكذا على المجنون إذا اضطر إلى التزويج والأحوط استئذان الحاكم.

(مسألة 1249) : للحاكم الشرعي الولاية على المجنون إذا لم يكن له ولي مع ضرورته إلى التزويج وفي ولايته على الصبي في ذلك إشكال والأظهر الجواز مع ضرورته إليه.

(مسألة 1250) : في صحة تزويج السفيه إشكال فالأحوط أن لا ينكح إلا بإذن الأب إن كان وإلا فالحاكم وإذا كان رشيداً في المال غير رشيد في التزويج فالأحوط له الاستئذان من الحاكم في تزويجه.

(مسألة 1251) : للمولى الولاية على مملوكه ذكراً كان أم أنثى مطلقاً.

ص: 287

(مسألة 1252) : لو زوج الولي الصغيرين توارثا ولو كان المزوج غيره وقف على الإجازة فإن مات أحدهما قبل البلوغ بطل وإن بلغ أحدهما وأجاز ثم مات أحلف الثاني بعد بلوغه على انتفاء الطمع إذا احتمل كون إجازته طمعاً في الميراث فإذا حلف على ذلك ورث وإلا فلا

(مسألة 1253) : كما يصح عقد الفضولي في البيع يصح في النكاح فإذا عقد شخص لغيره من دون إذنه فأجاز المعقود له صح العقد وإذا لم يجز بطل.

(مسألة 1254) : إذا وكلت المرأة شخصاً على تزويجها لم يصح له أن يتزوجها إلا مع عموم الإذن منها بل لو أذنت له في أن يتزوجها فالأحوط له استحباباً أن لا يتولى الإيجاب والقبول بنفسه بل يوكل عنها من يتولى الإيجاب عنها ولا بأس له أن يوكلها فتتولى الإيجاب منها والقبول منه.

(مسألة 1255) : إذا أكره الزوجان على العقد ثم رضيا وأجازا العقد صح وكذلك الحكم في إكراه أحدهما والأحوط تجديد العقد فيهما.

الفصل الثالث: في المحرمات

في المحرمات : وهي قسمان : نسب وسبب (فالنسب) الأم وإن علت والبنت وإن سفلت والأخت وبناتها وإن نزلن والعمة والخالة وإن علتا كعمة الأبوين والجدين وخالتهما وبنات الأخ وإن نزلن (وأما السبب) فأمور :

(الأول) : ما يحرم بالمصاهرة.

(مسألة 1256) : من وطأ امرأة بالعقد أو الملك حرمت عليه أمها وإن علت وبناتها وإن نزلن، لابن أو بنت تحريماً مؤبداً سواء سبقن على الوطء أو تأخرن عنه.

(مسألة 1257) : تحرم الموطوءة بالملك أو العقد على أبي الواطيء وإن علا، ولو كان لأمه وعلى أولاده وإن نزلوا وكذا المعقود عليها لأحدهما مطلقاً

ص: 288

فإنها تحرم على الآخر وكذا الأمة المملوكة الملموسة بشهوة أو المنظور إلى شيء منها مما يحرم النظر إليه لغير المالك بشهوة فإنها تحرم على الآخر.

(مسألة 1258) : من عقد على امرأة ولم يدخل بها حرمت عليه أمها وإن علت أبداً، وتحرم بنتها على الأحوط وإن نزلت من بنت كانت أو من ابن ما دامت الأم في عقده فإن فارقها قبل الدخول جاز له العقد على بنتها ولو دخل حرمت عليه البنت أبداً ولم تحرم البنت على أبيه ولاعلى ابنه.

(مسألة 1259) : تحرم أخت الزوجة جمعاً لا عيناً وكذا بنت أختها وأخيها إلا مع إذن العمة والخالة ولو عقد من دون إذنهما فأجازتا صح على الأقوى وإن كان الأحوط تجديد العقد.

(مسألة 1260) : من زنا بخالته في قبلها أو دبرها حرمت عليه بناتها أبداً إذا كان الزنا سابقاً على العقد ويلحق بالزنا بالخالة الزنا بالعمة على الأحوط وجوباً والأحوط استحباباً أن لا يتزوج الزاني بنت المزني بها مطلقاً وفي إلحاق الوطء بالشبهة بالزنا وكذلك إلحاق الزنا بعد العقد وقبل الدخول بالزنا قبل العقد قولان والإلحاق أحوط وأولى والأظهر عدم الإلحاق.

(مسألة 1261) : لا يلحق بالزنا التقبيل واللمس والنظر بشهوة ونحوها فلو قبل خالته أو عمته أو امرأة أخرى ولمسها أو نظر إليها بشهوة لم تحرم عليه بنتها.

(مسألة 1262) : الزنا والوطء بالشبهة الطارئان على العقد والدخول لا يوجبان التحريم فلو تزوج بنت خالته ودخل بها ثم زنى بخالته أو وطأها شبهة لم تحرم عليه بنتها.

ص: 289

(مسألة 1263) : المشهور أن المرأة المزني بها تحرم على آباء الزاني وأبنائه إذا كان الزنا سابقاً على العقد وإلا لم تحرم ولكن الظاهر عدم التحريم حتى فيما إذا كان الزنا سابقاً على العقد وإن كان الاحوط الوجوبي الترك في هذه الصورة.

(مسألة 1264) : لو ملك الأختين فوطأ إحداهما حرمت الأخرى جمعاً فلو وطأها أيضاً لم تحرم الأولى إلا أن يكون عالماً بالحرمة والموضوع فتحرم حينئذ، ثم إنه إن أخرج الأولى عن ملكه حلت الثانية مطلقاً وإن أخرج الثانية عن ملكه لم تحل الأولى إلا إذا كان إخراجه للثانية لا بقصد الرجوع إلى الأولى، والأحوط في وطء الثانية جهلاً أن لا تحل له الأولى إلا بالشرط المذكور.

(مسألة 1265) : يحرم على الحر في الدائم ما زاد على أربع حرائر وفي الإماء ما زاد على الأمتين وله أن يجمع بين حرتين وأمتين أو ثلاث حرائر وأمة ويحرم على العبد ما زاد على أربع إماء وفي الحرائر ما زاد على حرتين، وله أن ينكح حرة وأمتين ولا يجوز نكاح الأمة على الحرة إلا بإذنها ولو عقد بدونه كان باطلاً بدون إجازتها وأما معها فالأظهر الصحة ولو أدخل الحرة على الأمة ولم تعلم فلها الخيار في عقد نفسها ولو جمعهما في عقد واحد صح عقد الحرة وتوقف عقد الأمة على إجازة الحرة.

(مسألة 1266) : يحرم العقد على ذات البعل أو المعتدة ما دامتا كذلك، ولو تزوجها جاهلاً بالحكم أو الموضوع بطل العقد، فإن دخل حينئذ حرمت عليه أبداً والولد له وعليه مهر المثل للمرأة مع جهلها والأحوط أن تتم عدة الأول إن كانت معتدة وتستأنف عدة الثاني والاظهر التداخل ولو عقد عالماً بالحكم والموضوع حرمت عليه أبداً بالعقد وكذا إذا كانت المعتدة المعقود عليها عالمة بهما، وأما ذات البعل فلا أثر لعلمها ولا فرق في العدة بين عدة الطلاق بائناً أو رجعياً وعدة الوفاة وعدة وطء الشبهة ولا فرق في المعتدة بين الحرة والأمة ولا في الدخول بين أن يكون في القبل والدبر ولا يلحق بالعدة مدة استبراء الأمة ولا

ص: 290

بالعقد وطء الشبهة ولا الوطء بالملك ولا بالتحليل والمدار على علم الزوج فلا يقدح علم وليه أو وكيله.

(مسألة 1267) : لا يصح العقد على المرأة في المدة التي تكون بين وفاة زوجها وعلمها بوفاته وهل يجري عليها حكم العدة قيل : لا، فلو عقد على امرأة في تلك المدة لم تحرم عليه وإن كان عالماً ودخل بها فله تجديد العقد بعد العلم بالوفاة وانقضاء العدة بعده ولكنه محل إشكال جداً، والاحتياط لا يترك.

(مسألة 1268) : من لاط بغلام فأوقبه حرمت عليه أبداً _ على الأحوط _ أم الغلام وإن علت وأخته وبنته وإن سفلت ولو شك في الدخول لم يحرم عليه، ولو سبق عقدهن لم يحرمن وإن كان الأحوط الاجتناب وفي عموم الحكم للواطىء إذا كان صغيراً أو كان الموطوء كبيراً إشكال والأظهر العدم، ولا تحرم على الواطئ بنت أخت الموطوء ولا بنت أخيه.

(مسألة 1269) : لو دخل بصبية لم تبلغ تسعاً فأفضاها قيل حرمت عليه أبداً ولو اندمل الجرح، بل تجب لها النفقة ما دامت حية وإن نشزت أو طلقت، بل وإن تزوجت بعد الطلاق على الأحوط، ولو أفضاها بعد التسع لم تحرم عليه أيضاً ولا تجب لها الدية مطلقاً وتجب إذا أفضاها قبل التسع إذا كان قد طلقها والأقوى الحرمة مطلقاً، والأحوط وجوب النفقة لها كما لو كان الإفضاء قبل التسع، ولو أفضى الأجنبية لم تحرم عليه أيضاً.

(مسألة 1270) : لو زنى بامرأة غير معتدة ولا ذات بعل لم يحرم نكاحها عليه والأحوط وجوباً أن لا يتزوجها قبل استبرائها بحيضة.

(مسألة 1271) : يجوز التزويج بالزانية والأحوط لزوماً ترك التزويج بالمشهورة بالزنا قبل أن تظهر توبتها.

ص: 291

(مسألة 1272) : لو زنى بذات بعل أو في عدة رجعية حرمت عليه أبداً على الأحوط، ولا فرق في ذات البعل بين الدائمة والمتمتع بها والحرة والأمة والصغيرة والكبيرة والمدخول بها وغيرها والعالمة والجاهلة ولا في البعل بين الحر والعبد والصغير والكبير، ولا في الزاني بين العالم بكونها ذات بعل أو في العدة و الجاهل بذلك.

(مسألة 1273) : لا يلحق بذات البعل الأمة الموطوءة بالملك أو التحلل كما لا يلحق بالعدة الرجعية عدة البائنة وعدة الوفاة وعدة وطء الشبهة ومدة استبراء الأمة.

(مسألة 1274) : إذا زنت ذات البعل لم تحرم على بعلها.

(مسألة 1275) : لو عقد المحرم على امرأة عالماً بالتحريم حرمت عليه أبداً ولو كان جاهلاً بطل العقد ولم تحرم.

(مسألة 1276) : لو طلقت الحرة ثلاثاً حرمت على المطلق حتى تنكح زوجاً غيره، وإن كانت تحت عبد، ولو طلقت الأمة طلقتين حرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره وإن كانت تحت حر.

(مسألة 1277) : المطلقة تسعاً للعدة بينها نكاحان ولو لرجل واحد تحرم على المطلق أبداً، بل لا يبعد تحريم المطلقة تسعاً مطلقاً كما يأتي.

(مسألة 1278) : لو طلق إحدى زوجاته الأربع رجعياً لم يجز أن ينكح بدلها حتى تخرج من العدة ويجوز ذلك في البائن على المشهور ولكنه محل إشكال.

(مسألة 1279) : لو عقد ذو الزوجات الثلاث على اثنتين مرتباً بطل الثاني، ولو عقد عليهما دفعة لم يبعد أن يكون له الخيار في تعيين أيتهما شاء وكذا الحكم في تزويج الأختين.

(الثاني) : من أسباب التحريم : الرضاع.

ص: 292

(مسألة 1280) : يحرم بالرضاع ما يحرم بالنسب إذا كان اللبن ناتجاً من ولادة عن وطء صحيح وإن كان عن شبهة، يوماً وليلة. أو ما أنبت اللحم وشدّ العظم أو كان خمس عشرة رضعة كاملة من الثدي.

(مسألة 1281) : يشترط في التحريم برضاع يوم وليلة أو خمس عشرة رضعة أن لا يفصل بينها رضاع آخر، ولا يقدح الفصل بذلك فيما أنبت اللحم وشدّ العظم.

(مسألة 1282) : لا يقدح الفصل بين الرضعات بالأكل والشرب للغذاء في الرضاع بخمس عشرة رضعة وفيما أنبت اللحم وشدّ العظم ولكن يقدح ذلك في رضاع يوم وليلة فلو أكل أو شرب الرضيع للغذاء شيئاً آخر لم يحرّم الرضاع.

(مسألة 1283) : لا يبعد كفاية عشر رضعات كاملة في التحريم إذا لم يتخلل بينها شيء حتى الأكل والشرب.

(مسألة 1284) : يشترط في حصول التحريم بالرضاع أن يكون في الحولين بالنسبة إلى المرتضع دون ولد المرضعة فالرضاع بعد مضي الحولين على المرتضع لا أثر له، ويعتبر أن يكون اللبن لفحل واحد من امرأة واحدة، فلو أرضعت امرأة صبياً بعض العدد من فحل وأكملته من فحل آخر لم ينشر الحرمة، وكذا لو أرضعته امرأة بعض العدد من فحل وأكملته الأخرى من ذلك الفحل فإنه لا ينشر الحرمة.

(مسألة 1285) : لا ينشر الرضاع الحرمة بين المرتضعين إلا مع اتحاد الفحل وإن تعددت المرضعة فلو أرضعت امرأتان صبيين بلبن فحل واحد نشر الحرمة بينهما، ولو أرضعت امرأة صبيين بلبن فحلين لم ينشر الحرمة بينهما.

ص: 293

(مسألة 1286) : مع اجتماع الشرائط تصير المرضعة أُمّاً للرضيع وذو اللبن أباً له واخوتهما أخوالاً وأعماماً له، وأخواتهما عمات وخالات له، وأولادهما اخوة له.

(مسألة 1287) : إذا أرضعت زوجته الصغيرة امرأة حرمت المرضعة عليه وجاز له النظر إليها فإن الأم الرضاعية للزوجة بمنزلة الأم النسبية لها وكذلك تحرم زوجة الابن على أبيه الرضاعي فإنها بمنزلة زوجة الابن النسبي.

(مسألة 1288) : يحرم أولاد صاحب اللبن ولادة ورضاعاً على المرتضع وكذا أولاد المرضعة ولادة لا رضاعاً.

(مسألة 1289) : لا ينكح أبو المرتضع في أولاد صاحب اللبن ولادة ورضاعاً ولا في أولاد المرضعة ولادة لا رضاعاً فإذا أرضعت زوجة الجد للأم طفلاً من لبن جده لأمه حرمت أم المرتضع على أبيه ولا فرق في المرضعة بين أن تكون أماً لأم المرتضع وأن لاتكون أماً لها، بل تكون زوجة لأبيها.

(مسألة 1290) : في جواز نكاح أولاد أبي المرتضع الذين لم يرتضعوا من هذا اللبن في أولاد المرضعة نسباً وفي أولاد الفحل مطلقاً قولان أقربهما الجواز.هذا إذا لم يكن مانع من النكاح من نسب أو سبب كما إذا كان الأولاد من زوجة أخرى ليست بنتاً لصاحب اللبن وإلا لم يجز كما في المثال المتقدم لأن أولاد أبي المرتضع حينئذ أولاد أخت لأولاد صاحب اللبن وأولاد المرضعة.

(مسألة 1291) : لو أرضعت كبيرة الزوجتين صغيرتهما حرمتا إن كان قد دخل بالمرضعة أو فرض الإرضاع بلبنه مع عدم الدخول وإلا حرمت هي ولا يترك الاحتياط بتجديد العقد على المرتضعة.

ص: 294

(مسألة 1292) : لو أرضعت الأم من الرضاع الزوجة الصغيرة مع اتحاد الفحل حرمت. وفي حرمة أم أم الولد من الرضاع على الولد لأنها قد حرمت من النسب أو عدم حرمتها لعدم اتحاد الفحل قولان أقواهما الأول.

(مسألة 1293) : يستحب اختيار المسلمة الوضيئة العفيفة العاقلة للرضاع.

(مسألة 1294) : إذا كان للمرتضع أخ لم يرتضع معه جاز له أن يتزوج بالمرضعة أو إحدى بناتها. وإذا كان له أخت لم ترضع معه جاز لها أن تتزوج بصاحب اللبن أو أحد أولاده.

(مسألة 1295) : يجوز للمرأة أن ترضع بلبن فحلها الذي هي في نكاحه حال الرضاع أخاها أو أختها ولا يضر كونها بالرضاع أختاً لولد فحلها وكذا يجوز لها أن ترضع ولد أختها أو أخيها ولا يضر صيرورتها بالرضاع عمة أو خالة لولد فحلها وكذا يجوز لها أن ترضع ابن ابنها وإن صارت بذلك جدة ولد فحلها فلا تحرم على فحلها، ولا تحرم أم المرتضع على زوجها ومثل ذلك أن ترضع إحدى زوجتي الفحل إبن ابن الأخرى وكذا يجوز لها أن ترضع عمها أو عمتها أو خالها أو خالتها ولا تحرم بذلك على زوجها وإن صار بذلك أباً لعمها أو عمتها أو خالها أو خالتها، وكذا يجوز لها أن ترضع أخا الزوج أو أخته فتكون بذلك أماً لأخيه أو أخته، وكذا يجوز لها أن ترضع إبن ابن الزوج فتكون بذلك أماً لولد ولده وكذا يجوز لها أن ترضع ولد أخي زوجها أو أخته وأن ترضع عمه أو عمته أو خاله أو خالته.

(مسألة 1296) : يثبت الرضاع بشهادة أربع نسوة منفردات ليس معهن رجل كما يثبت بشهادة عدلين. ولا يثبت بشهادة المرضعة وأمه منفردتين أو منضمتين.

ص: 295

(الثالث) من أسباب التحريم : اللعان ويثبت به التحريم المؤبد وكذا يثبت التحريم المؤبد بقذف الزوج امرأته الخرساء. وفي ثبوت التحريم في قذف زوجته الصماء إشكال.

(الرابع) من أسباب التحريم : الكفر فلا يجوز للمسلم أن ينكح غير الكتابية إجماعاً لا دواماً ولا انقطاعاً وفي الكتابية قولان أظهرهما الجواز في المنقطع. وإن كان الاحتياط لا ينبغي تركه وفي عموم الحكم للمجوسية وإن كانت من الكتابية إشكال.

(مسألة 1297) : لا يجوز للمسلمة المرتدة أن تنكح المسلم وكذا لا يجوز للمسلم المرتد أن ينكح المسلمة ولا يجوز للمسلمة أن تنكح غير المسلم ولو ارتد أحد الزوجين قبل الدخول انفسخ في الحال وكذلك بعد الدخول إذا ارتد الزوج عن فطرة. وأما في غير ذلك فالمشهور على أن الانفساخ يتوقف على انقضاء العدة وفيه إشكال والاحتياط لا يترك.

(مسألة 1298) : عدة زوجة المرتد عن فطرة عدة الوفاة وعدتها عن المرتد عن ملة عدة الطلاق.

(مسألة 1299) : لو أسلم زوج الكتابية ثبت عقده ولو أسلمت دونه قبل الدخول انفسخ العقد وبعده يقف على انقضاء العدة فإن أسلم فيها كان أملك بها.

(مسألة 1300) : لو كان الزوجان غير كتابيين وأسلم أحدهما قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال، ولو كان بعده توقف على انقضاء العدة.

(مسألة 1301) : لو أسلم الزوج على أكثر من أربع غير كتابيات وأسلمن فاختار أربعاً انفسخ نكاح الباقي.

ص: 296

(مسألة 1302) : لو أسلم الزوج وعنده أربع كتابيات ثبت عقده عليهن ولو كن أكثر تخير أربعاً وبطل نكاح الباقي.

(مسألة 1303) : يصح نكاح المريض بشرط الدخول إذا مات في مرضه فإن لم يدخل حتى مات في مرضه بطل العقد ولا مهر لها ولا ميراث سواء مات بمرضه أو بسبب آخر من قتل أو مرض آخر.

أما إذا مات بعد الدخول بها صح العقد وثبت المهر والميراث، ولو برئ من مرضه فمات ولم يدخل بها ورثته وكان لها نصف المهر.

(مسألة 1304) : لو تزوج امرأة وهي مريضة فماتت في مرضها أو بعدما برئت ولم يدخل بها ورثها وكان لها نصف المهر.

(مسألة 1305) : في إرث الزوج لو تزوجها في مرضه فماتت قبل الدخول بها ثم مات الزوج في مرضه إشكال والاحتياط لا يترك.

(مسألة 1306) : الظاهر أن النكاح في حال مرض الزوج إذا مات فيه قبل الدخول بمنزلة العدم فلا عدّة عليها بموته، والظاهر عموم الحكم للأمراض الطويلة التي تستمر سنين أيضاً.

(مسألة 1307) : يجوز للمؤمنة أن تتزوج بالمخالف على كراهة، بل الأحوط تركه إلا إذا خيف عليها الضلال فيحرم، ويجوز العكس إلا إذا خيف الضلال، ويكره تزويج الفاسق وتتأكد الكراهة في شارب الخمر.

(مسألة 1308) : نكاح الشغار باطل وهو جعل نكاح امرأة مهر أخرى.

(مسألة 1309) : يجوز تزويج الحرة بالعبد والهاشمية بغيره والعربية بالعجمي وبالعكس.

ص: 297

(مسألة 1310) : لا يجوز التعريض بالخطبة لذات البعل ولا لذات العدة الرجعية ويجوز للمعتدة البائنة، وكذا من الزوج لها إلا أن تكون محرمة أبداً عليه أو تحتاج إلى محلل.

الفصل الرابع: في عقد المتعة

ويشترط فيه الإيجاب مثل أن تقول المرأة : متعتك أو زوجتك أو أنكحتك نفسي، والقبول من أهله مثل : قبلت، ويشترط فيه ذكر المهر كما يشترط أيضاً ذكر أجل معين لا يزيد على عمر الزوجين عادة وإلا كان العقد عقد دوام على الأظهر ولو لم يذكر المهر بطل.

(مسألة 1311) : لو نسي ذكر الأجل ففي البطلان أو انقلابه دائماً قولان أظهرهما الأول.

(مسألة 1312) : يحرم عقد المتعة على غير الكتابية من الكفار ،والأمة على الحرة من دون إذنها، وبنت الأخ والأخت من دون إذن العمة والخالة ويكره على البكر وعلى الزانية، وإذا كانت مشهورة بالزنا فالأحوط لزوماً ترك التمتع بها.

(مسألة 1313) : لا تنحصر المتعة في عدد فيجوز التمتع بما شاء الرجل من النساء، كما لا ينحصر ملك اليمين في عدد،ولا حدّ للمهر قلة وكثرة ويجوز أن يكون المهر عملاً كخياطة ثوب أو تعليم كتابة ونحوهما كما يجوز أن يكون حقاً قابلاً للانتقال كحق التحجير، ولو وهبها المدة قبل الدخول ثبت نصف المهر على

ص: 298

الأظهر ولو ماتت أو مات أو انقضت المدة لم ينقص منه شيء وإن كان قبل الدخول.

(مسألة 1314) : تملك المتمتع بها تمام المهر بالعقد وتسليم نفسها للاستمتاع بها، لكنها لو أخلت ببعض المدة سقط من المهر بنسبته ولا فرق بين كون الإخلال لعذر أو غيره عدا أيام الحيض ونحوها مما يحرم عليه فيها الوطء. والمدار في الإخلال على الاستمتاع بالوطء دون غيره من أنواع الاستمتاع فلو أخلت به مع التمكين من الوطء لم يسقط من المهر شيء ولو لم تحضر في بعض المدة لعجزه عن الاستمتاع بالوطء فلا يسقط بعض المهر.

(مسألة 1315) : لو ظهر بطلان العقد فلا مهر لها قبل الدخول

وبعده لها أقل الأمرين من المهر المسمى ومهر المثل متعة لا دواماً مع جهلها، ولا مهر لها مع علمها بالبطلان.

(مسألة 1316) : يلحق الولد بزوج المتمتع بها إذا وطأها وإن كان قد عزل، يلحق بالوطء الإنزال في فم الفرج وليس للزوج حينئذ نفي الولد مع احتمال تولده منه. ولو نفاه جزماً انتفى ظاهراً بلا لعان إلا إذا كان قد أقر به سابقاً وكذا الحكم في الأمة.

(مسألة 1317) : لو أبرأها المدة على أن لا تتزوج فلاناً صح الإبراء وصح الشرط فيجب عليها الوفاء به، لكنها لو تزوجت منه ولو عصياناً صح زواجها على الأظهر.

(مسألة 1318) : لو صالحها على أن يبرئها المدة وأن لا تتزوج بفلان صح الصلح ووجب عليه الإبراء فإن امتنع أجبره الحاكم فإن تعذر تولاه الحاكم، ولا يجوز لهاأن تتزوج بفلان لكنها إن تزوجت به صح التزويج وإن كانت المصالحة على أن تتزوج بفلان وجب ذلك عليها فإن امتنعت أجبرها الحاكم فإن تعذر إجبارها زوجها الحاكم منه. ولو صالحها على أن تكون بريئة من المدة بنحو

ص: 299

شرط النتيجة صحت المصالحة ولو أبرأها معلقاً على شيء مثل أن لا تتزوج من فلان مثلاً أو مطلقاً بطل الإبراء.

(مسألة 1319) : تعتد الحائل بعد الأجل أو بعد الإبراء بحيضتين كاملتين ولا يكفي فيهما المسمى أو في إحداهما فإن كانت في سن من تحيض ولا تحيض فبخمسة وأربعين يوماً وفي الموت بأربعة أشهر وعشرة أيام إن كانت حرة وإن كانت أمة اعتدت بشهرين وخمسة أيام وتعتد الحامل بأبعد الأجلين من المدة ووضع الحمل إن كان الاعتداد للوفاة، بل لغيرها أيضاً على الأحوط.

(مسألة 1320) : لا يصح للزوج تجديد العقد على المتمتع بها دائماً أو منقطعاً قبل انقضاء الأجل.

(مسألة 1321) : إذا اختلف الزوجان في الدوام والانقطاع لم يبعد تقديم قول مدعي الانقطاع بيمينه إن لم تكن بينة على الدوام.

(مسألة 1322) : لا يجوز جعل المدة منفصلة عن العقد فيتزوجها شهراً بعد شهر العقد وقيل يجوز وهو ضعيف.

(مسألة 1326) : يجوز للمتمتع بها أن تشترط على زوجها أن لا يدخل بها ويجب عليه الوفاء بالشرط، ولكنها إذا أسقطت الشرط جاز له ذلك.

(مسألة 1324) : يجوز التمتع بالصغيرة إن كانت قابلة للاستمتاع وإن كانت المدة قليلة لجواز الاستمتاع بها بغير الوطء وإنما لا يجوز الدخول بها قبل بلوغها.

(مسألة 1325) : صحة العقد متعة للصغير لمدة لا تكون قابلة للاستمتاع فيها محل إشكال والاحتياط لا يترك.

(مسألة 1326) : يجوز لولي الصغير إبراء المدة إذا كانت فيه مصلحة للصبي.

ص: 300

(مسألة 1327) : لا تجب نفقة الزوجة المتمتع بها على زوجها إلا إذا اشترط ذلك في عقد المتعة أو في ضمن عقد آخر لازم.

(مسألة 1328) : لا طلاق ولا لعان في المتعة ولا توارث بينهما إلا إذا اشترط ذلك لهما أو لأحدهما ومع الاشتراط ينفذ الشرط.

الفصل الخامس: في جواز الاستمتاع بالإماء ونكاحهن

(مسألة 1329) : يجوز وطء الأمة بالملك وسائر الاستمتاعات بها كالزوجة إذا لم تكن محرّمة عليه بسبب ما، كما إذا كانت موطوءة الأب أو الابن أو كانت منظورة أوملموسة له بشهوة. ولا فرق في الأمة بين أن تكون مسلمة أو كافرة وقيل إن الأمة إذا كانت مشركة أو مرتدة لا يجوز وطؤها، ودليله غير ظاهر.

(مسألة 1330) : لا يجوز للعبد والأمة أن يعقدا لأنفسهما بغير إذن المولى فإن فعل أحدهما ذلك وقف على الإجازة.

(مسألة 1331) : لو أذن المولى في العقد للعبد فالمهر والنفقة على المولى ويستقر المهر بالدخول.

(مسألة 1332) : لو تزوّج عبد بأمة لغير مولاه فالمعروف أنه إن كان بإذن السيدين سابقاً أو لاحقاً فالولد لهما وكذا لو لم يأذنا، ولو أذن أحدهما فقط فالولد للآخر مع جهل الزوجين بالحرمة في الصورتين ولكن الخروج في الصور الثلاث عن قاعدة تبعية الولد للأم في الملك لا يخلو من تأمل.

(مسألة 1333) : لو كان أحد الزوجين حراً فالولد مثله، ولو اشترط المولى رقيته فالأقوى إلغاء شرطه.

ص: 301

(مسألة 1334) : لو تزوّج الحر ألأمة من دون إذن المولى عالماً فهو زان والولد رق للمولى، ولو كان جاهلاً سقط الحدّ دون المهر وعليه قيمة الولد لمولاها يوم سقوطه حياً وكذلك الحكم لو ادعت الأمة الحرية وعلى الأب فك أولاده ويلزم المولى دفعهم إليه ولو عجز سعى في القيمة ومع عدم الدخول لا مهر.

(مسألة 1335) : لو تزوجت الحرّة بعبد عالمة من دون إذن المولى فلا مهر لها والولد رق ومع الجهل كان الولد حرّاً على المشهور ولا قيمة عليها وعلى العبد المهر يتبع به بعد العتق مع الدخول.

(مسألة 1336) : لو زنى الحر أو المملوك بمملوكة فالولد لمولاها.

(مسألة 1337) : لو اشترى الزوج جزءاً من زوجته بطل العقد وتحل بالتحليل من الشريك على قول قوي، ولو اشترت الزوجة زوجها أو جزءاً منه بطل عقد النكاح بينهما.

(مسألة 1338) : لو أعتقت الأمة المزوّجة كان لها فسخ النكاح إن كان زوجها رقّاً.

(مسألة 1339) : يجوز جعل العتق مهراً لمملوكته سواء قدم العتق أم قدم النكاح والأولى تقديم النكاح. وإذا قدم العتق فليعطها شيئاً للمهر.

(مسألة 1340) : أم الولد رق ولا يجوز بيعها إلاّ في ثمن رقبتها إذا لم يكن غيرها على تفصيل، وتنعتق بموت المولى من نصيب الولد ولو عجز النصيب سعت في قيمتها.

(مسألة 1341) : إذا بيعت الأمة المزوّجة كان للمشتري فسخ النكاح وكذا إذا بيع العبد المزوّج بأمة ومع فسخ مشتري الأمة قبل الدخول لا مهر، ولو أجاز قبله أو بعده فالمهر للبائع.

ص: 302

(مسألة 1342) : إذا زوّج المولى عبده بحرّة أو أمة لغيره فالطلاق بيد العبد ولو كانا لواحد كان للمولى الطلاق والفسخ.

(مسألة 1343) : يحرم لمن زوّج أمته وطؤها ولمسها والنظر إليها بشهوة ما دامت في حبال الزوج، وكذلك إذا كانت في العدة.

(مسألة 1344) : ليس لأحد الشريكين وطء الأمة المشتركة بالملك ويجوز بالتحليل من شريكه كما سبق.

(مسألة 1345) : يجب على مشتري الجارية من الرجل استبراؤها بحيضة إذا لم يستبرئها البائع إلا إذا علم بعدم كونها موطوءة وتقدم تفصيل ذلك في مسائل بيع الحيوان.

(مسألة 1346) : لو أعتقها مولاها جاز وطؤها بالعقد من غير استبراء إلا إذا علم كونها موطوءة بالوطء الصحيح فإن الأحوط لزوجها الاستبراء حينئذٍ.

(مسألة 1347) : لو حلل أمته لغيره حلت له ولو كان مملوكه ولا يشترط فيه تعيين مدة ولا ذكر مهر ولا نفقة لها عليه، ولا سلطان له عليها وليس هو عقد نكاح ولا تمليك انتفاع ولاتمليك منفعة، بل هو إذن في الانتفاع داخل في ملك اليمين بان يكون المراد منه ما يعم ذلك فتجري عليه أحكامه الثابتة له بما هو عام.

(مسألة 1348) : يختص التحليل بالإماء ولا يجوز للحرّة أن تحلل نفسها لأحد ولا تحل له بذلك.

(مسألة 1349) : إذا أطلق المالك التحليل حل للمحلل له جميع الاستمتاعات وإن خصصه بمعين اختص الحل به ولا يحل ما سواه ومع حرية المحلل له ينعقد الولد حراً.

ص: 303

الفصل السادس: في العيوب

(مسألة 1350) : العيوب في الرجل التي توجب الخيار للزوجة في فسخ عقد الزواج أربعة :

(1)الجنون وإن تجدد بعد العقد والوطء.

(2)العنن وإن تجدد بعد العقد لكن لو تجدد بعد العقد والوطء _ ولو مرة _ لم يوجب الخيار.(3)الخصاء إذا سبق على العقد مع تدليس الزوج وجهل الزوجة به.

(4)الجب الذي لا يقدر معه على الوطء أصلاً إذا سبق على العقد أو تجدد قبل الوطء أما إذا كان بعد الوطء ولو مرة فالأقوى أنه لا يقتضي الخيار.

(مسألة 1351) : العيوب في المرأة التي توجب الخيار للزوج في فسخ العقد سبعة : (الجنون) و(الجذام) و(البرص) و(القرن) وهو العفل ومثله الرتق و(الافضاء) و(العمى) و(الاقعاد) ومنه العرج البين ويثبت الخيار للزوج فيما إذا كان العيب سابقاً على العقد وفي ثبوته في المتجدد بعد العقد وقبل الوطء إشكال والأقرب الثبوت وإن كان الاحتياط لا ينبغي تركه.

(مسألة 1352) : الخيار من جهة العيب في الرجل أو المرأة يثبت في الدائم والمنقطع والأظهر أنه ليس على الفور فلا يسقط بالتأخير.

(مسألة 1353) : ليس الفسخ بطلاق ولا مهر مع فسخ الزوج قبل الدخول وللزوجة المسمى بعده ويرجع به على المدلس إن كان، وإن كانت هي المدلسة نفسها فلا مهر لها كما لا مهر لها مع فسخها قبل الدخول إلا في العنة فيثبت نصفه.

ص: 304

(مسألة 1354) : القول قول منكر العيب مع اليمين وعدم البينة.

(مسألة 1355) : لا بدّ في خصوص العنة من رفع الأمر إلى الحاكم الشرعي فيؤجل العنين بعد المرافعة سنة فإن وطأها أو وطأ غيرها فلا فسخ وإلا فسخت إن شاءت وإذا امتنع من الحضور عند الحاكم جرى عليه حكم التأجيل.

(مسألة 1356) : لو تزوّجها على أنها حرّة فبانت أمة فله الفسخ ولا مهر إلا مع الدخول فيرجع به على المدلس فإن لم يكن المدلس مولاها كان له عُشر قيمتها إن كانت بكراً وإلا فنصف العشر.

(مسألة 1357) : لو تزوّجته على أنه حر فبان عبداً فلها الفسخ ولها المهر بعد الدخول لا قبله. وكذا إذا قال أنا من بني فلان فتزوّجته على ذلك فبان أنه من غيرهم.

(مسألة 1358) : لو تزوجها على أنها بكر فبانت ثيباً لم يكن له الفسخ. نعم ينقص من المهر بمقدار ما به التفاوت بين البكر والثيب للنص الصحيح ولا يثبت الأرش في غير ذلك من العيوب.

الفصل السابع: في المهر

(مسألة 1359) : المرأة تملك المهر بالعقد ويسقط نصفه بالطلاق قبل الدخول وكذا في موت أحدهما على الأظهر ولو دخل بها قبلاً أو دبراً استقر المهر، وكذا إذا أزال بكارتها بإصبعه من دون رضاها.

(مسألة 1360) : إذا أزال غير الزوج بكارة المرأة بإكراهها بالوطء أو بغيره كان عليه مهر المثل بكراً.

ص: 305

(مسألة 1361) : يصح أن يكون المهر عيناً أو ديناً أو منفعة ويجوز أن يكون من غير الزوج، ولو طلقها الزوج قبل الدخول حينئذٍ رجع إليه نصف المهر لا إلى الزوج.

(مسألة 1362) : لا يتقدر المهر قلة ولا كثرة ولا بدّ فيه من أن يكون متعيناً وإن لم يكن معلوماً بالوصف أو المشاهدة ولو اجله وجب تعيين الأجل ولو في الجملة مثل ورود المسافر ووضع الحمل ونحو ذلك ولو كان الأجل مبهماً بحتاً مثل إلى زمان ما أو ورود مسافر ما، صح العقد وصح المهر أيضاً على الأظهر وسقط التأجيل.

(مسألة 1363) : لو لم يذكر المهر صح العقد وكان لها مع الدخول مهر المثل. ومع الطلاق قبله لها المتعة على الموسر وعلى الفقير بحسب قدرهما ولو مات أحدهما قبل الدخول فلا مهر ولا متعة.

(مسألة 1364) : لو وطأ امرأة شبهة كان لها مهر المثل سواء أكان الوطء بعقد باطل أو بلا عقد.

(مسألة 1365) : لو تزوّجها بحكم أحدهما صح ويلزم ما يحكم به صاحب الحكم ما لم يتجاوز حكم المرأة مهر السنّة إن كانت هي الحاكمة ولو مات الحاكم قبله وقبل الدخول فلها المتعة وبعد الدخول فلها مهر المثل إن كان الحكم إلى الزوج، واما إن كان إلى الزوجة فلا يبعد أن يكون مهر السنة.

(مسألة 1366) : لو تزوجها على خادم مطلقاً أو دار أو بيت كان لها وسط ذلك، ولو قال : على السنة فخمسمائة درهم.

(مسألة 1367) : لو تزوّج الذميان على خمر صح فإن أسلما قبل القبض فللزوجة القيمة، وإن أسلم أحدهما قبله فالظاهر لزوم القيمة أيضاً، ولو

ص: 306

تزوج المسلم عليها ففيه أقوال أقواها صحة العقد وثبوت مهر المثل مع الدخول بها ولو أمهر المدبر بطل التدبير.

(مسألة 1368) : لو شرط في العقد محرّماً بطل الشرط دون العقد. ولو اشترط أن لا يخرجها من بلدها لزم الشرط، ويجوز أن تشترط الزوجة على الزوج في عقد النكاح أو غيره أن لا يتزوج عليها ويلزم الزوج العمل به ولكن لو تزوّج صح تزويجه كما يجوز أن تشترط الوكالة على طلاق نفسها عند ارتكابه بعض الأمور من سفر طويل أو جريمة موجبة لحبسه أو غير ذلك فتكون حينئذٍ وكيلة على طلاق نفسها ولا يجوز له عزلها فإذا طلقت نفسها صح طلاقها.

(مسألة 1369) : القول قول الزوج في قدر المهر ولو أنكره بعد الدخول لزمه أقل الأمرين مما تدعيه الزوجة ومهر المثل، ولو ادعت المواقعة وأنكرها الزوج فالقول قوله مع يمينه.

(مسألة 1370) : لو زوّج الأب ابنه الصغير ضمن المهر إن لم يكن للولد مال وإلا كان المهر على الولد.

(مسألة 1371) : للمرأة الامتناع من التمكين قبل الدخول حتى تقبض المهر إلا أن يكون المهر مؤجلاً فلا يجوز لها الامتناع وإن حل الأجل. ولا فرق بين الموسر والمعسر، وإذا مكنت من نفسها فليس لها الامتناع بعد ذلك لأجل أن تقبض المهر فلو امتنعت حينئذٍ صارت ناشزاً.

الفصل الثامن: في القسمة والنشوز

(مسألة 1372) : الظاهر عدم وجوب القسمة ابتداءاً مع تعدد الزوجات بالمبيت ولكن إذا بات عند إحداهن ليلة من أربع ليال وجب المبيت عند الأخرى ليلة منها. والأحوط القسمة ابتداءاً، بل الأحوط القسمة وإن اتحدت الزوجة. ولو

ص: 307

وهبته إحداهن، وضع ليلتها حيث شاء ولو وهبت ضرتها بات عندها إن رضي بالهبة. والواجب المضاجعة ليلاً لا المواقعة.

(مسألة 1373) : إذا تزوج حرة وأمة أو كتابية كان للحرة ليلتان من ثمان والأمة او الكتابية ليلة من ثمان. ولا قسمة للمتمتع بها ولا للموطوءة بالملك. وتختص البكر عند الدخول بسبع والثيب بثلاث ويستحب التسوية في الإنفاق على الزوجات.

(مسألة 1374) : يجب على الزوجة التمكين وإزالة المنفر، وله ضرب الناشزة من دون إدماء لحم، ولا كسر عظم بعد وعظها وهجرها على الترتيب ولو نشز طالبته ولها ترك بعض حقها أو كله استمالة ويحل قبوله

(مسألة 1375) : لو كره كل منهما صاحبه أنفذ الحاكم حَكَمَين من أهلهما أو أجنبيين مع تعذر أهلهما على الأحوط فإن رأيا الصلح أصلحا، وإن رأيا الفرقة راجعاهما في الطلاق والبذل. ومع اختلافهما لا بد للزوجة من أن تصبر مع زوجها إن كان العصيان منها أو منهما، وإن كان من الزوج فقط رفعت أمرها إلى الحاكم الشرعي فيأمر الحاكم زوجها بالرجوع والإنفاق، أو الطلاق والتسريح، فإن امتنع عن كليهما طلقها الحاكم.

الفصل التاسع: في أحكام الأولاد

(مسألة 1376) : يلحق ولد المرأة بزوجها في الدائم والمنقطع بشروط.

(الأول) : الدخول مع العلم بالإنزال أو احتماله أو الإنزال على فم الفرج.

(الثاني) : مضي ستة أشهر من حين الوطء ونحوه.

ص: 308

(الثالث) : عدم التجاوز عن أقصى الحمل وهو تسعة أشهر أو عشرة أشهر أو سنة والمشهور الأول والأظهر الأخير.

(مسألة 1377) : لو غاب الزوج أو اعتزل زوجته أكثر من أقصى الحمل ثم ولدت لم يلحق الولد به.

(مسألة 1378) : القول قول الزوج في عدم الدخول ولو اعترف به ثم أنكر الولد لم ينتف إلا باللعان في الدائم.

(مسألة 1379) : لا يجوز للزاني إلحاق ولد الزنا به وإن تزوج بأُمِّه بعد الزنا، وكذا لو زنى بأمة فأحبلها ثم اشتراها.

(مسألة 1380) : لو تزوجت الحرة أو الأمة بآخر بعد طلاق الأول وأتت بولد لأقل من ستة أشهر من عقد الثاني ودخوله بها، فهو للأول ويظهر كون عقد الثاني في العدة فتحرم عليه مؤبداً. وإن كان الإتيان به لستة أشهر فصاعداً من دخوله بها فهو للأخير، سواء أمكن كونه للأول بأن لم تتجاوز أقصى مدة الحمل من وطء الأول أم لم يمكن بان تجاوز المدة المذكورة من وطئه، ولو كان الاتيان بولد لأقل من ستة أشهر من الثاني وأكثر من أقصى الحمل من وطء الأول فليس الولد لهما، وكذا الأمة لو بيعت بعد الوطء بالملك أو التزويج فوطأها المشتري أو زوجت فوطأها الزوج.

(مسألة 1381) : إذا طلقت المرأة فوطأها رجل في غير العدة الرجعية شبهة ،واشتبه إلحاق الولد بالمطلق والواطئ قيل يقرع بينهما وفي إلحاقه بالثاني مشكل، وكذا المتمتع بها إذا وهبها زوجها المدة أو انتهت المدة ووطأها رجل شبهة واشتبه إلحاق الولد بهما. وإذا وطئت الزوجة أو المعتدة الرجعية شبهة ثم ولدت وعلم لحوقه بالزوج أو الواطئ ألحق به، وإن اشتبه أمره ألحق بالزوج لأنه هو الذي يكون عنده كما في حديث علي بن جعفر.

ص: 309

(مسألة 1382) : لو ولدت زوجتان لزوجين أو لزوج واحد ولدين واشتبه أحدهما بالآخر عمل بالقرعة.

(مسألة 1383) : الأمة إذا وطأها المولى فولدت ولداً ألحق به إلا إذا نفاه فيقبل نفيه ظاهراً ولا يجوز له نفيه بغير جزم. ولو وطأها المولى وأجنبي فجوراً فالولد للمولى، ولو وطأها المشتركون فتداعوه أحلق بمن تخرجه القرعة، ويغرم للباقين حصصهم من قيمة الأمة وقيمة ولدها يوم سقوطه حياً.

(مسألة 1384) : لو وطأ المرأة أجنبي شبهة فحملت يلحق به الولد، فإن كان لها زوج ردت عليه بعد العدة من الثاني.

(مسألة 1385) : المراد بوطء الشبهة الوطء غير المستحق مع بناء الواطئ على استحقاقه له سواء كان معذوراً فيه شرعاً أم عقلاً أم غير معذور.

(مسألة 1386) : إذا أدخلت المرأة مني رجل أجنبي في فرجها أثمت ولحق بها الولد وبصاحب المني فإذا كان الولد أنثى لم يجز لصاحب المني تزويجها، وكذا الحكم لو أدخلت مني زوجها في فرجها فحملت منه ولكن لا إثم عليها في ذلك.

(مسألة 1387) : يجوز للمرأة استعمال ما يمنع الحمل إذا لم يكن فيه ضرر كثير وإن لم يرض الزوج بذلك.

(مسألة 1388) : لا يجوز إسقاط الحمل وإن كان نطفة وفيه الدية كما يأتي في المواريث.

(مسألة 1389) : إذا وطأ الرجل زوجته فساحقت بكراً فحملت البكر استحقت الزوجة الرجم والبكر الجلد وكان على الزوجة مهر البكر ويلحق الولد بصاحب النطفة كما يلحق بالبكر للنص.

ص: 310

(مسألة 1390) : يجب عند الولادة استبداد النساء والزوج بالمرأة.

(مسألة 1391) : يستحب غسل المولود والأذان في أذنه اليمنى والإقامة في اليسرى وتحنيكه بتربة الحسين (عليه السلام) وبماء الفرات وتسميته باسم أحد الأنبياء والائمة (عليهم السلام) وتكنيته (ولا يكنى محمد بأبي القاسم) وحلق رأسه في اليوم السابع والعقيقة بعده والتصدق بوزن شعره ذهباً أو فضة وثقب أذنه وختانه فيه ويجب عليه الختان بعد البلوغ لو لم يختن قبله، وخفض الجواري مستحب وإن بلغن والأولى أن يكون بعد بلوغها سبع سنين.

(مسألة 1392) : يستحب أن يعق عن الذكر بذكر وعن الأنثى بأنثى وأن تكون سالمة من العيوب سمينة. وفي الروايات، هي شاة لحم يجزئ فيها كل شيء، وإن خيرها أسمنها، ويكره أن يأكل الأب منها أو أحد من عيال الأب والأحوط للأم الترك وتجزي الشاة والبقرة والبدنة والأفضل الكبش ويستحب أن تقطع جداول وقيل يكره أن تكسر العظام ويستحب أن تعطى القابلة منها الربع ويقسم الباقي على المؤمنين. وأفضل منه أن يطبخ ويعمل عليه وليمة. والأفضل أن يكون عددهم عشرة فما زاد، كما أن الأفضل أن يكون ما يطبخ به ماء وملحاً. وأما ما اشتهر بين بعض السواد من استحباب لف العظام بخرقة بيضاء ودفنها فلم نعثر على مستنده.

(مسألة 1393) : من بلغ ولم يعق عنه استحب له أن يعق عن نفسه.

(مسألة 1394) : لا يجزئ عن العقيقة التصدق بثمنها ومن ضحي عنه أجزأته الأضحية عن العقيقة.

(مسألة 1395) : أفضل المراضع الأم. وللحرة الأجرة على الأب إذا لم يكن للولد مال، وإلا فمن ماله. ومع موته فمن مال الرضيع إن كان له مال ،وإلا فمن مال من تجب نفقته عليه كما يأتي بيانه. ولا تجبر على إرضاعه وتجبر الأمة.

ص: 311

(مسألة 1396) : حد الرضاعة حولان وتجوز الزيادة على ذلك وأقله واحد وعشرون شهراً على المشهور. والأم أحق بالرضاعة إذا رضيت بما يرضى به غيرها من أجرة أو تبرع.

(مسألة 1397) : الأم أحق بحضانة الولد إن شاءت إذا كانت حرة مسلمة عاقلة مأمونة على الولد إلى سنتين، وإن كانت أنثى فالأولى جعلها في حضانة الأم إلى سبع سنين، وتسقط الحضانة لو تزوجت ولا تسقط لو زنت.

(مسألة 1398) : لو مات الأب بعد انتقال الحضانة إليه أو كان مملوكاً أو كافراً أو مجنوناً فالأم أولى به إلى أن يبلغ من الوصي للأب ومن الجد والجدة له وغيرهما من أقاربه وإن تزوجت.

(مسألة 1399) : لو ماتت الأم في مدة الحضانة فالأب أولى به من وصيها وأبيها وأمها وغيرهما من أقاربها، وإذا فقد الأبوان فأب الأب أولى به. ومع فقده فالوصي لأحدهما ومع فقده فثبوت حق الحضانة للأقرب من الأقارب إشكال.

(مسألة 1400) : إذا بلغ الولد رشيداً سقطت ولاية الأبوين عنه وكان له الخيار في الانضمام إلى من شاء منهما أو من غيرهما.

(مسألة 1401) : إذا طلبت الأم أجرة للرضاع زائدة على غيرها أو وجد متبرع به وكان نظر الأب الإرضاع من غيرها ففي سقوط حق الحضانة إشكال والأظهر سقوطه.

(مسألة1402) : لو تزوجت فسقطت حضانتها ففي رجوع حضانتها بالطلاق قولان أقواهما العدم.

(مسألة 1403) : حق الحضانة الذي يكون للأم ففي إسقاطه بإسقاطها محل تأمل. بخلاف حق الحضانة الذي يكون للأب أو الجد فإنه لا يسقط بإسقاطه.

ص: 312

(مسألة 1404) : الظاهر إن الأم تستحق الأجرة على الحضانة إلا إذا كانت متبرعة بها أو وجد متبرع بالحضانة.

(مسألة 1405) : إذا أخذ الأب أو غيره الطفل من أمه ولو عدواناً لم يكن عليه تدارك حق الحضانة بقيمة أو نحوها.

(مسألة 1406) : يصح إسقاط حق الحضانة المستقبلة كما يصح إسقاطه يوماً فيوماً.

الفصل العاشر: في النفقات

وهي أقسام : نفقة الزوجة ونفقة الأقارب ونفقة المملوك إنساناً كان أو حيواناً.أما نفقة الزوجة الدائمة فتجب على الزوج وهي الإطعام والكسوة والسكنى والفراش والغطاء وآلة التنظيف وسائر ما تحتاج إليه بحسب حالها بشرط أن تكون عنده فإذا خرجت من عنده تاركة له من دون مسوغ شرعي لم تستحق النفقة. والمشهور أن وجوب النفقة مشروط بعدم النشوز وهو التمرد على الزوج بمنعه عن حقوقه أو بفعل المنفرات له عنها وإن كان مثل سبه وشتمه وفيه إشكال.

(مسألة 1407) : الظاهر أن من النفقة الواجبة على الزوج أجرة الحمام عند حاجة الزوجة إلى التنظيف إذا لم تتهيأ لها مقدمات التنظيف في البيت أو كان ذلك عسراً عليها لبرد أو غيره، كما أن منها أجرة مصاريف الولادة والفصد والحجامة عند الاحتياج إليهما، وكذلك أجرة الطبيب والأدوية المتعارفة التي يكثر الاحتياج إليها عادة بل لا يبعد أن يكون منها ما يصرف في سبيل علاج الأمراض الصعبة التي يكون الابتلاء بها اتفاقياً، ولو احتاج إلى بذل مال خطير ما لم يكن ذلك حرجياً.

ص: 313

(مسألة 1408) : في وجوب نفقة الزوجة في الزمان الفاصل بين العقد والزفاف إشكال. والاحتياط حسن، فإن الارتكاز العرفي قرينة على إسقاطها في هذه المدة.

(مسألة 1409) : تجب النفقة للزوجة الدائمة، وإن كانت ذمية أو أمة أو صغيرة. فإن طلقت رجعياً بقيت لها النفقة. فإن طلقت بائناً أو مات الزوج فلا نفقة لها مع عدم الحمل وأما مع الحمل فتجب في الطلاق دون الموت، وتقضى مع الفوات فلو ماتت انتقلت إلى ورثتها.

(مسألة 1410) : يجب على الولد الإنفاق على الأبوين ويجب على الوالد الإنفاق على الولد ولا يسقط الوجوب بمجرد القدرة على أخذ الحقوق مثل الزكاة والخمس إذا كان فيه مهانة بل مع عدمها أيضاً.

نعم لا يجب الإنفاق مع البذل خارجاً كما لا يجب مع غناهم أو قدرتهم على الكسب.

(مسألة 1411) : يشترط في وجوب الإنفاق قدرة المنفق على الإنفاق فإن عجز بقيت في ذمته نفقة الزوجة وسقطت نفقة الأقارب.

(مسألة 1412) : المشهور أن نفقة الأولاد مع فقد الآباء على الأم، فإن فقدت فعلى أبيها وأمها بالسوية ولو كانت معهما أم الأب شاركتهما في النفقة وهو لا يخلو من إشكال وإن كان أحوط، ولا تجب النفقة على غير العمودين من الأخوة والأعمام والأخوال ذكوراً أو إناثاً وأولادهم.

(مسألة 1413) : نفقة النفس مقدمة على نفقة الزوجة ،وهي مقدمة على نفقة الأقارب والأقرب منهم مقدم على الأبعد، فالولد مقدم على ولد الولد ولو تساووا وعجز عن الإنفاق عليهم تخير بينهم.

ص: 314

(مسألة 1414) : الإنسان المملوك تجب نفقته على مولاه، وله أن يجعلها في كسبه مع الكفاية، وإلا تممه المولى والأحوط للمالك النفقة للبهائم أو البيع أو الذبح إن كانت من المذكاة.

(مسألة 1415) : الأشهر أن القدرة على النفقة ليست شرطاً في صحة النكاح. فإذا تزوجت المرأة الرجل العاجز أو طرأ العجز بعد العقد لم يكن لها الخيار في الفسخ لا بنفسها ولا بواسطة الحاكم، ولكن يجوز لها أن ترجع أمرها إلى الحاكم الشرعي فيأمر زوجها بالطلاق ،فإن امتنع طلقها الحاكم الشرعي وإذا امتنع القادر على النفقة عن الإنفاق جاز لها أيضاً أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي، فيلزمه بأحد الأمرين من الإنفاق والطلاق، فإن امتنع عن الأمرين ولم يمكن الإنفاق عليها من ماله جاز للحاكم طلاقها، ولا فرق في ذلك بين الحاضر والغائب. نعم إذا كان الزوج مفقوداً وعلمت حياته وجب عليها الصبر وإن لم يكن له مال ينفق عليها منه ولا ولي ينفق عليها من مال نفسه. ويأتي في مبحث العدة التعرض لبقية أحكام المفقود.

(مسألة 1416) : لا يجوز للزوجة أن تخرج من بيتها بغير إذن زوجها فيما إذا كان خروجها منافياً لحق الاستمتاع بها بل مطلقاً على الأقوى. فإن خرجت بغير إذنه كانت ناشزاً ولا يحرم عليها سائر الأفعال بغير إذن الزوج إلا أن يكون منافياً لحق الاستمتاع.

(مسألة 1417) : ما كان من النفقة يتوقف الانتفاع به على ذهاب عينه كالطعام والشراب والصابون ونحوها تملك الزوجة عينه فلها مطالبة الزوج بتمليكه إياها، ولها الاجتزاء بما يبذله لها منه كما هو المتعارف، فتأكل وتشرب من طعامه وشرابه وأما ما تبقى عينه بالانتفاع به فإن كان مثل المسكن والخادم فلا إشكال في كونه إمتاعاً لا تمليكاً، فليس لها المطالبة بتمليكها إياه والظاهر أن الفراش والغطاء أيضاً كذلك. وأما الكسوة ففي كونها كالأول أو الثاني إشكال.

ص: 315

ولا يبعد أن الأول أقرب ولا يجوز لها في القسم الثاني نقله إلى غيرها ولا التصرف فيه على غير النحو المتعارف بغير إذن الزوج، ويجوز لها ذلك كله في القسم الأول.

(مسألة 1418) : مر أن الزوجة إذا خرجت من عند زوجها تاركة له من دون مسوغ شرعي سقطت نفقتها ويستمر السقوط ما دامت كذلك، فإذا رجعت وتابت رجع الاستحقاق.

(مسألة 1419) : إذا نشز الزوج فلم يؤد إلى زوجته النفقة اللازمة من غير عذر وتعذر رفع أمرها إلى الحاكم الشرعي ففي جواز نشوزها وامتناعها عن القيام بحقوق الزوج حينئذ إشكال.

(مسألة 1420) : إذا لم يكن للزوج مال ينفق منه على زوجته وكان يتمكن من الكسب وجب عليه، إلا إذا كان لا يليق به فتبقى النفقة ديناً عليه والظاهر وجوب الاستدانةعليه إذا علم التمكن من الوفاء أما إذا احتمل عدم التمكن من الوفاء ففي سقوط الوجوب إشكال والأقرب عدم السقوط.

(مسألة 1421) : نفقة الزوجة تقبل الإسقاط في كل يوم أما الإسقاط في جميع الأزمنة المستقبلة فلا يخلو من إشكال وإن كان الجواز أظهر، وأما نفقة الأقارب فلا تقبل الإسقاط لأنها واجبة تكليفاً محضاً.

(مسألة 1422) : يجزئ في الإنفاق على القريب بذل النفقة في دار المنفق ولا يجب عليه تمليكها ولا بذلها في دار أخرى ولو طلب المنفق عليه ذلك لم تجب إجابته، إلا إذا كان عن عذر مانع له عن استيفاء النفقة في بيت المنفق من حر أو برد أو وجود من يؤذيه هناك أو نحو ذلك مما يرجع إلى خلل في محل الإنفاق.

(مسألة 1423) : إذا وجب السفر على الزوجة لم تسقط نفقتها في السفر، ووجب على الزوج القيام بها. أما بذل أجور السفر ونحوها مما تحتاج إليه

ص: 316

من حيث السفر فإن كان السفر لشؤون حياتها بأن كانت مريضة وتوقف علاجها على السفر إلى طبيب وجب على الزوج بذل ذلك، وإذا كان السفر أداءاً لواجب في ذمتها فقط كما إذا استطاعت للحج أو نذرت الحج الاستحبابي بإذن الزوج لم يجب على الزوج بذل ذلك كما لا يجب عليه أداء الفدية والكفارة وفداء الإحرام ونحو ذلك من الواجبات التي لا تقوم بها حياتها.

(مسألة 1424) : إذا اختلف الزوجان في الإنفاق وعدمه مع اتفاقهما على استحقاق النفقة فالظاهر أن القول قول الزوجة مع يمينها بلا فرق بين أن يكون الزوج غائباً أو كانت الزوجة منعزلة عنها وغير ذلك.

(مسألة 1425) : إذا كانت الزوجة حاملاً ووضعت وقد طلقت رجعياً فادعت الزوجة أن الطلاق كان بعد الوضع فتستحق عليه النفقة وادعى الزوج أنه كان قبل الوضع وقد انقضت عدتها فلا نفقة لها فالقول قول الزوجة مع يمينها فإن حلفت استحقت النفقة، ولكن الزوج يلزم باعترافه فلا يجوز له الرجوع إليها.

(مسألة 1426) : إذا اختلفا في الإعسار واليسار فادعى الزوج الإعسار وأنه لا يقدر على الإنفاق، وادعت الزوجة يساره كان القول قول الزوج مع يمينه. نعم إذا كان الزوج موسراً وادعى تلف أمواله وأنه صار معسراً فأنكرته الزوجة كان القول قولها مع يمينها.

(مسألة 1427) : لا يعتبر في استحقاق الزوجة النفقة على زوجها فقرها وحاجتها بل تستحقها على زوجها وإن كانت غنية غير محتاجة.

(مسألة 1428) : يتخير الزوج بين أن يدفع إلى الزوجة عين المأكول كالخبز والطبيخ واللحم المطبوخ وما شاكل ذلك، وأن يدفع إليها موادها كالحنطة والدقيق والأرز واللحم ونحو ذلك مما يحتاج في إعداده للأكل إلى علاج ومؤنة فإذا اختار الثاني كانت مؤنة الإعداد على الزوج دون الزوجة.

ص: 317

كتاب الطلاق

اشارة

(مسألة 1429) : يشترط في المطلق البلوغ والعقل والاختيار والقصد فلا يصح طلاق الصبي وإن بلغ عشراً ولا المجنون وإن كان جنونه أدوارياً إذا كان الطلاق في دور الجنون ولا طلاق المكره وإن رضي بعد ذلك، ولا طلاق السكران ونحوه مما لا قصد له معتداً به ويجوز لولي المجنون أن يطلق عنه مع المصلحة، ولا يجوز لولي الصبي والسكران أن يطلق عنهما. وهل يجوز لولي الصبي أن يهب المتمتع بها المدة فيه إشكال.

(مسألة 1430) : يشترط في المطلقة دوام الزوجية فلا يصح طلاق المتمتع بها، ولا الموطوءة بملك اليمين، ويشترط أيضاً خلوها من الحيض والنفاس إذا كانت مدخولاً بها وكانت حائلاً، وكان المطلق حاضراً فلو كانت غير مدخول بها أو حاملاً مستبينة الحمل جاز طلاقها وإن كانت حائضاً، وكذا إذا كان المطلق غائباً وكان جاهلاً بحالها. ولا فرق بين أن يكون المطلق هو الزوج أو الوكيل الذي فُوّض إليه أمر الطلاق، نعم يشترط في صحة طلاقه على الأحوط مضي مدة يعلم بحسب عادتها انتقالها فيها من طهر إلى آخر والأحوط أن لا يقل ذلك عن شهر. فإذا مضت المدة المذكورة فطلقها صح طلاقها وإن كانت حائضاً حال الطلاق وبحكم الغائب في ذلك الحاضر الذي لا يقدر بحسب العادة أن يعرف أنها حائض أو طاهر كالمحبوس كما أن الغائب الذي يقدر على معرفة أنها

ص: 318

حائض أو طاهر لا يصح طلاقه، وإن وقع الطلاق بعد المدة المزبورة، إلا إذا تبين أنها كانت طاهراً في حال الطلاق.

(مسألة 1431) : اعتبار المدة المذكورة في طلاق الغائب يختص بمن كانت تحيض فإذا كانت لا تحيض وهي في سن من تحيض جاز طلاق الغائب لها بعد ثلاثة أشهر من الدخول بها وإن احتمل طروء الحيض حال الطلاق.

(مسألة 1432) : يشترط في المطلقة أيضاً أن تكون طاهراً طهراً لم يجامعها زوجها فيه. فلو طلقها في طهر قد جامعها فيه لم يصح إلا إذا كانت صغيرة أو يائسة أو حاملاً مستبينة الحمل. فإن كل واحدة من المذكورات يصح طلاقها وإن وقع في طهر قد جامعها فيه، ومثلها من غاب عنها زوجها إذا كان جاهلاً بذلك وكان طلاقها بعد انقضاءالمدة المتقدمة على الأحوط فإنه يصح الطلاق وإن كان وقوعه في طهر قد جامعها فيه على نحو ما تقدم في شرطية عدم الحيض.

(مسألة 1433) : إذا أخبرت الزوجة أنها طاهر فطلقها الزوج أو وكيله ثم أخبرت أنها كانت حائضاً حال الطلاق لم يقبل خبرها إلا بالبينة، ويكون العمل على خبرها الأول ما لم يثبت خلافه.

(مسألة 1434) : لو طلق الغائب زوجته قبل مضي المدة المذكورة فتبين كون الطلاق في طهر لم يجامعها فيه صح وأما إذا طلق الحاضر زوجته غير مستبينة الحمل في طهر المجامعة فتبين كونها حاملاً ففي صحة طلاقه إشكال والاحتياط بإعادة الطلاق لا يترك، وكذا الإشكال فيما إذا وطأها حال الحيض عمداً أو خطأ ثم طلقها بعد أن طهرت من الحيض، بل لا يبعد فيه البطلان. وإذا طلقها اعتماداً على استصحاب الطهر أو استصحاب عدم الدخول صح الطلاق ظاهراً، أما صحته واقعاً فتابعة لتحقق الشرط واقعاً.

ص: 319

(مسألة 1435) : إذا كانت المرأة مسترابة بأن كانت لا تحيض وهي في سن من تحيض سواء أكان لعارض اتفاقي أم لعادة جارية في أمثالها كما في أيام إرضاعها أو في اوائل بلوغها جاز طلقها في طهر قد جامعها فيه إذا كان قد اعتزلها حتى مضت ثلاثة أشهر فإنه إذا طلقها بعد مضي المدة المذكورة صح طلاقها وإن كان في طهر المجامعة.

(مسألة 1436) : يشترط في صحة الطلاق تعيين المطلقة مع تعدد الزوجات فلو كانت له زوجة واحدة فقال : زوجتي طالق صح، ولو كانت له زوجتان أو زوجات فقال زوجتي طالق فإن نوى معينة منهما أو منهن صح وقبل تفسيره وإن نوى غير معينة بطل على الأقوى.

(مسألة 1437) : يجوز التوكيل في الطلاق من الحاضر والغائب للحاضر والغائب.

(مسألة 1438) : الصيغة التي يقع بها الطلاق أن يقول : أنت طالق وهي طالق أو فلانة طالق وفي وقوعه بمثل طلقت فلانة أو طلقتك أو أنت مطلقة أو فلانة مطلقة إشكال بل الأظهر البطلان.

(مسألة 1439) : لا يقع الطلاق بالكتابة ولا بالإشارة للقادر على النطق، ويقع بهما للعاجز عنه. ولو خيّرَ زوجته وقصد تفويض الطلاق إليها فاختارت نفسها بقصد الطلاق قيل يقع الطلاق رجعياً، وقيل لا يقع أصلاً وهو الأقوى. ولو قيل له : هل طلقت زوجتك فلانة ؟ فقال : نعم، بقصد إنشاء الطلاق قيل يقع الطلاق بذلك وقيل لا وهو الأقوى.

(مسألة 1440) : يشترط في صحة الطلاق عدم تعليقه على الشرط المحتمل الحصول أو الصفة المعلومة الحصول متأخراً فلو قال : إذا جاء زيد فأنت طالق، أو إذا طلعت الشمس فأنت طالق، بطل. نعم إذا كان الشرط المحتمل الحصول مقوماً لصحةالطلاق كما إذا قال : إن كنت زوجتي فأنت طالق، أو

ص: 320

كانت الصفة المعلومة الحصول غير متأخرة كما إذا أشار إلى يده وقال إن كانت هذه يدي فأنت طالق، صح.

(مسألة 1441) : يشترط أيضاً في صحة الطلاق سماع رجلين عدلين ولا يعتبر معرفة المرأة بعينها بحيث تصح الشهادة عليها فلو قال : زوجتي هند طالق بمسمع الشاهدين صح وإن لم يكونا يعرفان هنداً بعينها، بل وإن اعتقدا غيرها ولو طلقها وكيل الزوج لم تكف شهادة الزوج ولا شهادته وتكفي شهادة الوكيل على التوكيل عن الزوج في إنشاء الطلاق.

فصل في أقسام الطلاق

الطلاق قسمان بدعة، وسنة :

(مسألة 1442) : الطلاق (بدعة ) هو طلاق الحائض الحائل، أو النفساء حال حضور الزوج مع إمكان معرفة حالها أو مع غيبته كذلك، أو قبل المدة المعتبرة والطلاق في طهر المواقعة مع عدم اليأس والصغر والحمل وطلاق المسترابة قبل انتهاء ثلاثة أشهر وطلاق الثلاث إما مرسلاً بأن يقول : هي طالق ثلاثاً وإما ولاءاً بان يقول هي طالق، هي طالق، هي طالق، والكل باطل عدا طلاق الثلاث فإن فيه تصح واحدة ويبطل الزائد

(مسألة 1443) : إذا طلق المخالف زوجته طلاقاً بدعياً جاز لنا تزويجها إلزاماً له بما ألزم به نفسه. ولو طلقها ثلاثاً بانت منه فلا يجوز له مراجعتها. نعم إذا تبصر بعد الطلاق جرى عليه حكم المتبصر.

(مسألة 1444) : الطلاق (سنةً) قسمان : بائن ورجعي.

(الأول) : طلاق اليائسة والصغيرة غير البالغة تسعاً وغير المدخول بها ولو دبراً والمختلعة والمباراة مع استمرار الزوجة على البذل والمطلقة ثلاثاً بينها

ص: 321

رجعتان ولو كان الرجوع بعقد جديد إن كانت حرة، والمطلقة طلقتين بينهما رجعة ولو بعقد جديد إن كانت أمة.

(الثاني) : ما عدا ذلك ويجوز للزوج الرجوع فيه أثناء العدة.

(مسألة 1445) : الطلاق العدي هو أن يطلق زوجته مع اجتماع الشرائط بإتمامها تسع سنين وليست يائسة ولم يواقعها زوجها ثم يراجع قبل خروجها من العدة فيواقعها ثم يطلقها في طهر آخر ثم يراجعها فيه ويواقعها ثم يطلقها في طهر آخر فتحرم عليه حتى تنكح زوجاً آخر فإذا نكحت وخلت منه فتزوجها الأول فطلقها ثلاثاً على النهج السابق حرمت عليه حتى تنكح زوجاً آخر فإذا نكحت آخر وخلت منه فتزوجها الأول فطلقها ثلاثاً على النهج السابق حرمت في التاسعة تحريماً مؤبداً إذا كانت حرة أما إذا كانت أمة فإنها تحرم بعد كل تطليقتين حتى تنكح زوجاً آخر وفي السادسة تحرم مؤبداًوما عدا ذلك فليس بعدّي وإذا لم يكن الطلاق عدّياً فالمشهور أنها لا تحرم المطلقة مؤبداً وإن زاد عدد الطلاق على التسع لكنه لا يخلو من إشكال والاحتياط لا يترك بل التحريم مؤبداً غير بعيد.

(مسألة 1446) : تحرم المطلقة الحرة في الثالث مطلقاً حتى تنكح زوجاً غيره والأمة المطلقة تحرم في الثاني كذلك حتى تنكح زوجاً غيره.

(مسألة 1447) : الطلاق السني أقسام : سني بالمعنى الأعم وهو كل طلاق جامع للشرائط مقابل الطلاق البدعي وسني مقابل العدّي وهو ما يراجع فيه في العدة من دون جماع، وسني بالمعنى الأخص وهو أن يطلق الزوجة فلا يراجعها حتى تنقضي العدة ثم يتزوجها.

(مسألة 1448) : المشهور أنه يشترط في الزوج الذي يكون نكاحه محللاً للزوجة بعد ثلاث تطليقات في الحرة أو تطليقتين في الأمة أمور : بلوغه ووطؤه قبلاً بالعقد الصحيح الدائم. فإذا فقد واحد منها لم تحل للأول ولكنه لا يخلو من إشكال في التزويج بالمراهق والوطء في الدبر نعم الاشتراط أحوط وكما يهدم

ص: 322

نكاحه الطلقات الثلاث يهدم ما دونها، فلو نكحت زوجاً آخر بعد تطليق الأول تطليقتين لم تحرم عليه إذا طلقها الثالثة، بل لا بد في تحريمها عليه من ثلاث تطليقات مستأنفة.

(مسألة 1449) : الرجوع الموجب لرجوع الزوجية من الإيقاعات فيصح إنشاؤه باللفظ مثل : رجعت بك وراجعتك وأرجعتك، إلى نكاحي ونحو ذلك، وبالفعل كالتقبيل بشهوة ونحو ذلك مما لا يحل إلا للزوج. ولا بد في تحقق الرجوع بالفعل من قصده فلو وقع من الساهي أو بظن أنها غير المطلقة أو نحو ذلك لم يكن رجوعاً. نعم الظاهر تحقق الرجوع بالوطء وإن لم يقصده به.

(مسألة 1450) : لا يجب الإشهاد في الرجوع فيصح بدونه وإن كان الإشهاد أفضل، ويصح فيه التوكيل، فإذا قال الوكيل : أرجعتك إلى نكاح موكلي أو رجعت بك، قاصداً ذلك صح.

(مسألة 1451) : يقبل قول المرأة في انقضاء العدة بالحيض وبالشهور، ويقبل قول الرجل في الطلاق حتى بعد انقضاء العدة بالنسبة إلى أصل الطلاق وعدم الحق له على زوجته. وأما بالنسبة إلى حقوق الزوجة كمطالبتها النفقة للأيام السابقة على إخباره بالطلاق فلا يقبل قوله على الأظهر.

(مسألة 1452) : يثبت الرجوع بمجرد ادعاء الزوج وإخباره به إذا كان في أثناء العدة، أما بعد انقضاء العدة إذا أخبر بالرجعة سابقاً في العدة فلا يقبل إلا بالبينة، وفي قبول شهادة شاهد ويمين الزوج إشكال وكذا بشهادة شاهد وامرأتين وإن كان الأظهر في الثاني القبول.

(مسألة 1453) : إذا طلقها فادعت الزوجة بعده أن الطلاق كان في الحيض وأنكره الزوج ففي كون القول قوله مع اليمين إشكال وإذا رجع الزوج وادعت الزوجة انقضاء عدتها صدقت وإذا علم بالرجوع وانقضاء العدة وشك في المتقدم والمتأخر فادعى الزوج تقدم الرجوع وادعت الزوجة تأخره كان القول

ص: 323

قول الزوج سواء أكان تاريخ انقضاء العدة معلوماً وتاريخ الرجوع مجهولاً، أم كان الأمر بالعكس أم كانا مجهولي التاريخ.

فصل في العدة

(مسألة 1454) : لا عدة في الطلاق على الصغيرة واليائسة وإن دخل بهما وعلى غير المدخول بها قبلاً ولا دبراً ويتحقق الدخول بإدخال الحشفة وإن لم ينزل، حراماً كان كما إذا دخل في نهار الصوم الواجب المعين، أو في حالة الحيض أو حلالاً.

(مسألة 1455) : عدة طلاق الزوجة الحرة غير الحامل في التي تحيض ثلاثة أطهار إذا كانت مستقيمة الحيض فإذا رأت دم الحيضة الثالثة فقد خرجت من العدة وأما غير المستقيمة كمن تحيض في كل أربعة أشهر مثلاً مرة فعدتها ثلاثة أشهر.

(مسألة 1456) : عدة طلاق الزوجة الأمة غير الحامل في التي تحيض وكانت مستقيمة الحيض طُهران فإذا رأت دم الحيضة الثانية فقد خرجت من العدة والأحوط انتظار الحيضة الأخيرة، وإن كانت غير مستقيمة الحيض فعدتها خمسة وأربعون يوماً.

(مسألة 1457) : عدة طلاق الزوجة غير الحامل في التي لا تحيض _ وهي في سن من تحيض لخلقة أو لعارض من رضاع أو غيره _ ثلاثة أشهر ولو كانت ملفقة إن كانت حرة، وإن كانت أمة فعدتها خمسة وأربعون يوماً.

(مسألة 1458) : عدة طلاق الزوجة الحامل، وإن كان حملها بإراقة ماء زوجها في فرجها من دون دخول، إلى وضع الحمل ولا فرق بين الحرة والأمة.

(مسألة 1459) : عدة المتوفى عنها زوجها إن كانت حرة حائلاً أربعة أشهر وعشرة أيام، صغيرة كانت أم كبيرة يائسة كانت أم غيرها مسلمة كانت أم

ص: 324

غيرها مدخولاً بها أم غير مدخول دائمة كانت أم متمتعاً بها ولا فرق في الزوج بين الكبير والصغير والحر والعبد والعاقل وغيره والأحوط استحباباً أن تكون الشهور عددية فتكون المدة مائة وثلاثين يوماً وإن كانت حرة حاملاً فعدتها أبعد الأجلين من المدة المذكورة ووضع الحمل كما سبق.

(مسألة 1460) : عدة الأمة الحائل ذات الولد من الوفاة كعدة الحرة على الأقوى أربعة أشهر وعشرة أيام سواء أكان الاعتداد من وفاة سيدها أم من وفاة زوجها إذا كانت مزوجة وكذلك غير ذات الولد من وفاة سيدها إذا كانت موطوءة له. وأما عدتها من وفاة زوجها فالظاهر أنها شهران وخمسة أيام، أما إذا كانت حاملاً فعدتها أبعد الأجلين من عدة الحائل ومن وضع الحمل.

(مسألة 1461) : يجب على المعتدة عدة الوفاة الحداد ما دامت في العدة بترك الزينة في البدن واللباس مثل الكحل والطيب والخضاب والحمرة وماء الذهب ولبس مثل الأحمر والأصفر إذا كان لباس زينة عند العرف. وربما يكون لباس الأسود كذلك إما لكيفية تفصيله أو لبعض الخصوصيات الموجودة فيه مثل كونه مخططاً. وبالجملة ما يكون زينة من اللباس يحرم لبسه ومنه الحلي، ولا بأس بما لا يعد زينة مثل تنظيف البدن واللباس وتقليم الأظفار ودخول الحمام، ولا فرق بين المسلمة والذمية، ولا فرق في الزوج بين الكبير والصغير، والأقوى عدم ثبوت الحداد في الصغيرة، كما أن الظاهر اختصاص الوجوب بالحرة فلا يجب على الأمة. نعم الأقوى وجوبه على المتمتع بها كالدائمة. والظاهر أنه ليس شرطاً في العدة، فلو تركته عمداً أو لعذر جاز لها التزويج بعد انقضاء العدة، ولا يجب عليها استئنافها والأقوى جواز خروجها من بيتها على كراهية إلا لضرورة أو أداء حق أو فعل طاعة أو قضاء حاجة.

(مسألة 1462) : إذا وطأ أمته ثم أعتقها اعتدت منه كالحرة بثلاثة أطهار إن كانت مستقيمة الحيض وإلا فبثلاثة أشهر.

ص: 325

(مسألة 1463) : إذا طلق زوجته رجعياً فمات في أثناء العدة اعتدت عدة الوفاة. فإن كانت حرة اعتدت عدة الحرة، وإن كانت أمة اعتدت عدة الأمة للوفاة. أما لو كان الطلاق بائناً أكملت عدة الطلاق لا غير، حرة كانت أم أمة.

(مسألة 1464) : الحمل الذي يكون وضعه هو منتهى عدة الحامل أعم مما كان سقطاً تاماً وغير تام، حتى لو كان مضغة أو علقة.

(مسألة 1465) : إذا كانت حاملاً باثنين لم تخرج من العدة إلا بوضع الاثنين.

(مسألة 1466) : لا بد من العلم بوضع الحمل فلا يكفي الظن به فضلاً عن الشك. نعم يكفي قيام الحجة على ذلك كالبينة وإن لم تفد الظن

(مسألة 1467) : المشهور أنه يعتبر في انقضاء عدة الحامل بوضع حملها، إلحاق الولد بذي العدة فلو لم يلحق به كما لو كان الزوج بعيداً عنها بحيث لا يحتمل تولده منه لم يكن وضعه موجباً للخروج عن العدة منه بل تكون عدتها الأقراء أو الشهور. والأقوى الخروج والاحتياط في محله.

(مسألة 1468) : الغائب إن عرف خبره وعلمت حياته صبرت امرأته، وكذا إن جهل خبره وأنفق عليها وليه من مال الغائب أو من مال نفسه، وإن لم يكن للغائب مال ولم ينفق الولي عليها من مال نفسه فإن صبرت المرأة على ذلك فهو، وإن لم تصبر فالمشهور أنها ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي فيؤجلها أربع سنين ثم يفحص عنه في الجهات التي فقد فيها فإن علم حياته صبرت وإن علم موته اعتدت عدة الوفاة وإن جهل حاله وانقضت الأربع سنين أمر الحاكم وليه بأن يطلقها فإن امتنع أجبره فإن لم يكن له ولي أو لم يمكنإجباره طلقها الحاكم ثم اعتدت عدة الوفاة، وليس عليها حداد فإذا خرجت من العدة صارت أجنبية

ص: 326

عن زوجها وجاز لها أن تتزوج من شاءت. وإذا جاء زوجها حينئذ فليس له عليها سبيل، وما ذكره المشهور قريب وإن منعه بعض.

(مسألة 1469) : لو كانت للغائب زوجات أخرى لم يرفعن أمرهن إلى الحاكم فهل يجوز للحاكم طلاقهن إذا طلبن ذلك فيجتزي بمضي المدة المذكورة والفحص عنه بعد طلب إحداهن أو يحتاج إلى تأجيل وفحص جديد ؟ وجهان أقربهما الأول.

(مسألة 1470) : لا يبعد الاجتزاء بمضي الأربع سنين بعد فقد الزوج، مع الفحص فيها وإن لم يكن بتأجيل من الحاكم، ولكن الحاكم يأمر حينئذ بالفحص عنه مقداراً ما، ثم يأمر بالطلاق أو يطلق والأحوط الأولى أن يكون التأجيل من قبل الحاكم والفحص في تلك المدة من قبله.

(مسألة 1471) : لو فقد الزوج في بلد مخصوص أو جهة مخصوصة بحيث دلت القرائن على عدم انتقاله منها كفى البحث في ذلك البلد أو تلك الجهة.

(مسألة 1472) : لو تحقق الفحص التام في مدة يسيرة فإن احتمل الوجدان بالفحص في المقدار الباقي ولو بعيداً لزم الفحص وإن تيقن عدم الوجدان سقط وجوب الفحص ولكن يجب الانتظار تمام المدة على الأحوط

(مسألة 1473) : لو تمت المدة واحتمل وجدانه بالفحص بعدها لم يجب، بل يكتفي بالفحص في المدة المضروبة.

(مسألة 1474) : لا فرق في المفقود بين المسافر ومن كان في معركة قتال ومن انكسرت سفينته ففقد.

(مسألة 1475) : يجوز للحاكم الاستنابة في الفحص وإن كان النائب نفس الزوجة، ويكفي في النائب الوثاقة ولا فرق في الزوج بين الحر والعبد وكذلك الزوجة والظاهر اختصاص الحكم بالدوام فلا يجري في المتعة.

ص: 327

(مسألة 1476) : الطلاق الواقع من الولي أو الحاكم رجعي تجب فيه النفقة. وإذا حضر الزوج أثناء العدة جاز له الرجوع بها، وإذا مات أحدهما في العدة ورثه الآخر ولو مات بعد العدة فلا توارث بينهما.

(مسألة 1477) : ذكر بعض الأكابر أن المفقود المعلوم حياته مع عدم تمكن زوجته من الصبر يجوز للحاكم أن يطلق زوجته وكذلك المحبوس الذي لا يمكن إطلاقه من الحبس أبداً إذا لم تصبر زوجته على هذه الحال وما ذكره قدس سره بعيد. وأبعد منه ما ذكره أيضاً من أن المفقود إذا أمكن إعمال الكيفيات المذكورة من ضرب الأجل والفحص لكن كان ذلك موجباً للوقوع في المعصية تجوز المبادرة إلى طلاقها من دون ذلك ولازم كلامه جواز المبادرة إلى طلاق الزوجة بلا إذن من الزوج إذا علم كون بقائها على الزوجية موجباً للوقوع في المعصية، وهو كما ترى.

(مسألة 1478) : مر أن الزوج إذا كان ممتنعاً من الإنفاق على زوجته مع استحقاقها النفقة عليه رفعت أمرها إلى الحاكم فيأمر زوجها بالإنفاق أو الطلاق فإن امتنع عن كليهما طلقها الحاكم والظاهر أن الطلاق حينئذ بائن لا يجوز للزوج الرجوع بها أثناء العدة، وعدتها عدة الطلاق.

(مسألة 1479) : عدة الموطوءة بشبهة عدة الطلاق، فإن كانت حاملاً فبوضع الحمل، وإن كانت حائلاً مستقيمة الحيض فبالأقراء وإلا فبالشهور ،وكذا المفسوخ نكاحها بعد الدخول بفسخ فاسخ لعيب أو نحوه أو بانفساخ لارتداد أو رضاع أو غيره. نعم إذا ارتد الزوج عن فطرة فالعدة عدة الوفاة. أما إذا كان الفسخ قبل الدخول فلا عدة عليها.

هذا في الحرة وحكم الأمة حكم الحرة فيما ذكرناه على الأحوط.

ص: 328

(مسألة 1480) : لا عدة على المزني بها من الزنا إن كانت حرة ولا استبراء عليها إن كانت أمة، فيجوز لزوجها أن يطأها ويجوز التزويج بها للزاني وغيره، لكن الأحوط لزوماً أن لا يتزوج بها الزاني إلا بعد استبرائها بحيضة.

(مسألة 1481) : الموطوءة شبهة لا يجوز لزوجها أن يطأها ما دامت في العدة وفي جواز سائر الاستمتاعات منع، والظاهر أنه لا يجوز تزويجها في العدة لو كانت خلية.

(مسألة 1482) : مبدأ عدة الطلاق من حين وقوعه، حاضراً كان الزوج أو غائباً. ومبدأ عدة الوفاة في الحاضر من حينها، وفي الغائب ومن بحكمه كالمحبوس من حين بلوغ خبر الوفاة، بل لا يبعد ذلك في الحاضر إذا لم يبلغها خبر وفاته إلا بعد مدة، وفي عموم الحكم للأمة إذا مات من له العدة وعلمت به بعد مدة إشكال، وكذا الإشكال في عمومه للصغيرة والمجنونة وهل يشترط في تحقق البلوغ حجية الخبر ؟ وجهان أظهرهما ذلك ومبدأ عدة الفسخ من حينه وكذا مبدأ عدة وطء الشبهة من حين زوال الشبهة على الأظهر.

(مسألة 1483) : المطلقة بائناً بمنزلة الأجنبية لا تستحق نفقة على زوجها ولا تجب عليها إطاعته ولا يحرم عليها الخروج بغير إذنه أما المطلقة رجعياً فهي بمنزلة الزوجة ما دامت في العدة فيجوز لزوجها الدخول عليها بغير إذن ويجوز ،بل يستحب لها إظهار زينتها له، وتجب عليه نفقتها وتجب عليها إطاعته، ويحرم عليها الخروج من بيته بغير إذنه على ما مر ويتوارثان إذا مات أحدهما في أثناء العدة ولا يجوز له أن يخرجها من بيت الطلاق إلى بيت آخر إلاّ أن تأتي بفاحشة مبينة، كما إذا كانت بذيئة اللسان وفي ترددها على الأجانب أو ترددهم مشكل بأن يكون سبباً لإخراجها. ولو اضطرت إلى الخروج بغير إذن زوجها فالأحوط أن يكون بعد نصف الليل وترجع قبل الفجر إذا أدت الضرورة بذلك.

ص: 329

(مسألة 1484) : إذا طلقها فحاضت بحيث لم يتخلل زمان طهر بين الطلاق والحيض لم يحسب ذلك الطهر الذي وقع فيه الطلاق من الأطهار الثلاثة واحتاجت في انتهاء عدتها إلى أطهار ثلاثة أخرى فتنتهي عدتها برؤية الحيضة الرابعة، ولو تخلل زمان طهر بين الطلاق والحيض احتسب ذلك الطهر اليسير من الأطهار الثلاثة وانتهت عدتها برؤية الحيضة الثالثة.

(مسألة 1485) : إذا كانت المرأة تحيض بعد كل ثلاثة أشهر مرة فطلقها في أول الطهر ومرت عليها ثلاثة أشهر بيض فقد خرجت من العدة وكانت عدتها الشهور لا الأطهار، وإذا كانت تحيض في كل ثلاثة أشهر مرة بحيث لا تمر عليها ثلاثة أشهر بيض لا حيض فيها فهذه عدتها الأطهار لا الشهور، وإذا اختلف حالها فكانت تحيض في الحر مثلاً أقل من ثلاثة أشهر مرة وفي البرد بعد كل ثلاثة أشهر مرة، اعتدت بالسابق من الشهور والأطهار فإن سبق لها ثلاثة أشهر بيض كانت عدتها، وإن سبق لها ثلاثة أطهار كانت عدتها أيضاً. نعم إذا كانت مستقيمة الحيض فطلقها ورأت الدم مرة ثم ارتفع على خلاف عادتها وجهل سببه وأنه حمل أو سبب آخر انتظرت تسعة أشهر من يوم طلاقها فإن لم تضع اعتدت بعد ذلك بثلاثة أشهر وخرجت بذلك عن العدة.

(مسألة 1486) : إذا رأت الدم مرة ثم بلغت سن اليأس أكملت العدة بشهرين.

(مسألة 1487) : تختص العدة في وطء الشبهة بما إذا كان الواطئ جاهلاً سواء كانت الموطوءة عالمة أم جاهلة، أما إذا كان الواطئ عالماً والموطوءة جاهلة فالظاهر أنه لا عدة له عليها.

(مسألة 1488) : إذا طلق زوجته بائناً ثم وطأها شبهة فهل تتداخل العدتان بأن تستأنف عدة للوطء وتشترك معها عدة الطلاق من دون فرق بين كون العدتين من جنس واحد أو من جنسين بأن يطلقها حاملاً ثم وطأها أو طلقها

ص: 330

حائلاً ثم وطأها فحملت أو لا تتداخل قولان: أشهرهما الثاني والأول أحوط، بل لا يبعد ذلك لو وطأها أجنبي شبهة، ثم طلقها زوجها أو بالعكس ولكن لا يترك الاحتياط بتعدد العدة حينئذ، وكذا إذا وطأها رجل شبهة ثم وطأها آخر كذلك. نعم لا ينبغي الإشكال في التداخل إذا وطأها رجل شبهة مرة بعد أخرى.

(مسألة 1489) : إذا طلق زوجته غير المدخول بها ولكنها كانت حاملاً بإراقته على فم الفرج اعتدت عدة الحامل وكان له الرجوع فيها.

فصل في الخلع والمباراة

وهما نوعان من الطلاق على الأقوى فإذا انضم إلى أحدهما تطليقتان حرمت الزوجة حتى تنكح زوجاً غيره.

(مسألة 1490) : يقع الخلع بقوله : أنت طالق على كذا، وفلانة طالق على كذا، وبقوله : خلعتك على كذا، أو أنت مختلعة على كذا، أو فلانة مختلعة على كذا، بالفتحفيهما وفي الكسر إشكال، وإن لم يلحق بقوله : أنت طالق أو هي طالق وإن كان الأحوط الوجوبي إلحاقه به ولا يقع بالتقايل بين الزوجين.

(مسألة 1491) : يشترط في الخلع الفدية ويعتبر فيها أن تكون مما يصح تمليكه، وأن تكون معلومة قدراً ووصفاً ولو في الجملة على الأحوط، وأن يكون بذلها باختيار المرأة فلا تصح مع إكراهها على بذلها سواء كان الإكراه من الزوج أم من غيره ويجوز أن تكون أكثر من المهر وأقل منه ومساوية له، ويشترط في الخلع أيضاً كراهة الزوجة للزوج فلو انتفت الكراهة منها لم يصح خلعاً ولم يملك الزوج الفدية. والأحوط أن تكون الكراهة بحد يخاف منها الوقوع في الحرام.

(مسألة 1492) : يشترط في الخلع عدم كراهة الزوج لها وحضور شاهدين عادلين حال إيقاع الخلع، وأن لا يكون معلقاً على شرط مشكوك الحصول ولا معلوم الحصول إذا كان مستقبلاً. وإذا وقع بدون حضور شاهدين

ص: 331

عادلين بطل من أصله وكذا إذا كان معلقاً على شرط. نعم إذا كان معلقاً على شرط يقتضيه العقد كما إذا قال : خلعتك إن كنت زوجتي أو إن كانت كارهة صح.

(مسألة 1493) : يشترط في الزوج الخالع البلوغ والعقل والاختيار والقصد، ولا يشترط في الزوجة المختلعة البلوغ ولا العقل على الأقوى فيصح خلعها ويتولى الولي البذل.

(مسألة 1494) : يشترط في الخلع أن تكون الزوجة حال الخلع طاهراً من الحيض والنفاس، وأن لا يكون الطهر طهر مواقعة فلو كانت حائضاً أو نفساء أو طاهرة طهراً واقعها فيه الزوج لم يصح الخلع. نعم اعتبار ذلك إنما هو إذا كانت قد دخل بها بالغة غير آيس حائلاً وكان الزوج حاضراً، أما إذا لم تكن مدخولاً بها أو كانت صغيرة أو يائسة أو حاملاً، أو كان الزوج غائباً صح خلعها وإن كانت حائضاً أو نفساء أو كانت في طهر المواقعة. نعم الغائب الذي يقدر على معرفة حالها بحكم الحاضر، والحاضر الذي لا يقدر على معرفة حالها بحكم الغائب على نحو ما تقدم في الطلاق.

(مسألة 1495) : يجوز للزوجة الرجوع في الفدية كلا أو بعضاً ما دامت في العدة وإذا رجعت كان للزوج الرجوع بها، وإذا لم يعلم الزوج برجوعها في الفدية حتى خرجت عن العدة كان رجوعها بها لغواً، وكذا إذا علم برجوعها في الفدية قبل خروجها من العدة، لكن كان الزوج لا يمكنه الرجوع بها بأن كان الخلع طلاقاً بائناً في نفسه ككونه طلاقاً ثالثاً أو كان الزوج قد تزوج بأختها أو برابعة قبل رجوعها بالبذل أو نحو ذلك مما يمنع من رجوعه في العدة.

(مسألة 1496) : لا توارث بين الزوج والمختلعة لو مات أحدهما في العدة، إلا إذا رجعت في الفدية فمات أحدهما بعد ذلك في العدة.

ص: 332

(مسألة 1497) : لو كانت الفدية المسلَّمة مما لا يملكه المسلم كالخمر والخنزير بطل الخلع، ولو كانت مستحقة لغير الزوجة ففي صحة الخلع والرجوع إلى البدل وبطلانه قولان أقربهما الثاني.

(مسألة 1498) : إذا خلعها على خلًّ فبان خمراً بطل البذل، بل الخلع أيضاً على الأظهر، ولو خلعها على ألف ولم يعين بطل، إلا اذا كانت هناك قرينة تدل بان مراده الدرهم او الدينار او الثوب.

(مسألة 1499) : قد عرفت أنه إذا بذلت له على أن يطلقها وكانت كارهة له فقال : أنت طالق على كذا، صح خلعها وإن تجرد عن لفظ الخلع، أما إذا لم تكن كارهة له فلا يصح خلعها وهل يصح طلاقها فيه إشكال وخلاف. والأقرب البطلان، إلا إذا ملك البذل بسبب مستقل قد أخذ الطلاق شرطاً فيه. كما إذا صالحته على مال واشترطت عليه أن يطلقها فإنه بعقد الصلح المذكور يملك المال وعليه الطلاق، والطلاق حينئذ رجعي لا خلعي حتى إذا اشترطت عليه عدم الرجوع، إلا أنه يحرم عليه مخالفة الشرط، لكنه إذا خالف ورجع صح رجوعه ويثبت للزوجة الخيار في فسخ عقد الصلح من جهة تخلف الشرط.

(مسألة 1500) : الظاهر عدم صحة الخلع مع كون البذل من متبرع. نعم لا تبعد صحة البذل والطلاق ويكون رجعياً أو بائناً على حسب اختلاف موارده، وكذا لو بذلت الزوجة مال غيرها بإذنه. نعم إذا ملكها الغير ماله فبذلته صح الخلع ولو بذل السيد لزوج أمته على أن يخلعها فخلعها ففي صحة الخلع وإلزام المولى به إشكال.

(مسألة 1501) : لو خالعها على عبد كاتب فتبين أنه غير كاتب فإن رضي به صح الخلع وإن رده بطل الخلع وصح طلاقها بلا عوض وكذا لو خالعها على عين فتبين أنها معيبة.

ص: 333

(مسألة 1502) : الأحوط المبادرة إلى إيقاع الطلاق والخلع من الزوج بعد إيقاع البذل من الزوجة بلا فصل، فإذا قالت له : طلقني على ألف درهم لزم فوراً أن يقول : أنتِ طالق على ألف درهم.

(مسألة 1503) : يجوز أن يكون البذل والخلع بمباشرة الزوجين وبتوكيلهما وبالاختلاف، فإذا وقع بمباشرتهما فالأحوط أن تبدأ الزوجة فتقول :

بذلت لك كذا على أن تطلقني، فيقول الزوج أنت مختلعة على كذا فأنت طالق، وفي جواز ابتداء الزوج بالطلاق وقبول الزوجة بعده إشكال، وإذا كان بتوكيلهما يقول وكيل الزوجة : بذلت لك كذا على أن تطلق موكلتي فلانة فيقول وكيل الزوج موكلتك فلانة زوجة موُكلي مختلعة على كذا فهي طالق، وفي جواز ابتداء وكيل الزوج وقبول وكيل الزوجة بعده إشكال كما تقدم.

(مسألة 1504) : الكراهة المعتبرة في صحة الخلع أعم من أن تكون لذاته، كقبح منظره وسوء خلقه، أو عرضية من جهة بعض الأعمال الصادرة منه التي هي على خلاف ذوق الزوجة من دون أن يكون ظلماً لها واغتصاباً لحقوقها الواجبة كالقسم والنفقة، وأما إذا كان منشأ الكراهة شيئاً من ذلك فالظاهر عدم صحة البذل فلا يقع الطلاق خلعاً.

(مسألة 1505) : المباراة كالخلع وتفترق عنه بأن الكراهة فيها منهما جميعاً وبلزوم إتباعها بالطلاق فلا يجتزأ بقوله : بارأت زوجتي على كذا حتى يقول : فأنت طالق أو هي طالق كما أنه يكفي الاقتصار على صيغة الطلاق فقط ولا يجوز في الفدية فيها أن تكون أكثر من المهر.

(مسألة 1506) : طلاق المباراة بائن لا يجوز الرجوع فيه ما لم ترجع الزوجة في البذل قبل انتهاء العدة فإذا رجعت فيه في العدة جاز له الرجوع بها على ما تقدم في الخلع.

ص: 334

ص: 335

كتاب الظِهَار

(مسألة 1507) : الظهار حرام وقيل أنه معفو عنه ولم يثبت.

(مسألة 1508) : يتحقق الظهار بأن يقول لزوجته أو أمته : أنت أو هند أو نحوهما __ مما يميزها عن غيرها __ عليَّ كظهر أمي، وفي ثبوت الظهار ،في التشبيه بغير الظهر من اليد والرجل ونحوهما إشكال. والأحوط تركه، ويلحق بالأم جميع المحرمات النسبية، كالعمة والخالة وغيرهما ولا تلحق المحرمات بالرضاع وبالمصاهرة النسبية في ذلك.

(مسألة 1509) : لو قالت الزوجة لزوجها أنت عليَّ كظهر أبي لم يتحقق الظهار.

(مسألة 1510) : يعتبر في الظهار سماع شاهدي عدل قول المظاهر، وكماله بالبلوغ والعقل والاختيار والقصد وعدم الغضب، وإيقاعه في طهر لم يجامعها فيه إذا كان حاضراً. ومثلها تحيض.

(مسألة 1511) : كما يقع الظهار في الزوجة الدائمة يقع في المتمتع بها، وكذلك في الأمة ويصح مع التعليق على الشرط أيضاً حتى الزمان على الأقوى. نعم لا يقع في يمين بأن كان غرضه الزجر عن فعل كما لو قال إن كلمتك فأنتِ عليّ كظهر أمي، أو البعث على فعل كما لو قال إن تركت الصلاة فأنتِ عليَّ كظهر أمي.

(مسألة 1512) : لا يقع الظهار على غير المدخول بها ولا يقع في إضرار على الأحوط.

ص: 336

(مسألة 1513) : لو قُيِّد الظهار بمدة كشهر أو سنة ففي صحته إشكال.

(مسألة 1514) : يحرم الوطء بعد الظهار فلو أراد الوطء لزمه التكفير أولاً ثم يطأها. فإن طلق وراجع في العدة لم تحل حتى يكفر، ولو خرجت عن العدة أو كان الطلاق بائناً وتزوجها في العدة أو مات أحدهما أو ارتد بنحو لا يمكن الرجوع إلى الزوجية كما لو كان الارتداد قبل الدخول أو بعده وكان المرتد الرجل عن فطرة فلا كفارة.

(مسألة 1515) : لو وطأ المظاهر قبل التكفير عامداً لزمته كفارتان إحداهما للوطء والأخرى لاإرادة العود إليه وتتكرر الكفارة بتكرر الوطء، كما أنها تتكرر بتكررالظهار مع تعدد المجلس. أما مع اتحاده ففيه إشكال، ولو عجز لم يجزئه الاستغفار على الأحوط.

(مسألة 1516) : إذا رافعت المظاهرة زوجها إلى الحاكم أنظره الحاكم ثلاثة أشهر من حين المرافعة فيضيّق عليه بعدها حتى يكفِّر أو يطلِّق.

(مسألة 1517) : لو ظاهر زوجته الأمة ثم اشتراها ووطأها بالملك فلا كفارة.

ص: 337

كتاب الإيلاء

(مسألة 1518) : الإيلاء هو الحلف على ترك وطء الزوجة. ولا ينعقد بغير اسم الله تعالى ولا لغير إضرار فلو كان لمصلحة وإن كانت راجعة إلى الطفل لم ينعقد إيلاء، بل انعقد يميناً وجرى عليه حكم الأيمان.

(مسألة 1519) : يشترط في الإيلاء وقوعه من بالغ كامل مختار قاصد وإن كان عبداً أو خصياً، بل مجبوباً على إشكال قوي فيمن لا يتمكن من الإيلاج.

(مسألة 1520) : لا بد في الإيلاء أن تكون المرأة منكوحة بالدائم مدخولاً بها وأن يولي مطلقاً أو أزيد من أربعة أشهر.

(مسألة 1521) : إذا رافعت الزوجة زوجها بعد الإيلاء إلى الحاكم أنظره الحاكم إلى أربعة أشهر من حين المرافعة فإن رجع وكَفّر بعد الوطء، وإلاّ ألزمه بالطلاق أو الفيئة والتكفير ويضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يقبل أحدهما فإن امتنع عن كليهما طلقها الحاكم ولو طلّق وقع الطلاق رجعياً وبائناً على حسب اختلاف موارده.

(مسألة 1522) : لو آلى مدة فدافع حتى خرجت، فلا كفارة عليه. وعليه الكفارة لو وطأ قبله.

(مسألة 1523) : لو ادعى الوطء فالقول قوله مع يمينه.

(مسألة 1524) : فيئة القادر هو الوطء قبلاً، وفيئة العاجز إظهار العزم على الوطء مع القدرة.

ص: 338

(مسألة 1525) : لا تتكرر الكفارة بتكرر اليمين إذا كان الزمان المحلوف على ترك الوطء فيه واحداً.

ص: 339

كتاب اللِعَان

(مسألة 1526) : سبب اللعان قذف الزوجة بالزنا مع ادعاء المشاهدة وعدم البينة، وفي ثبوته بإنكار ولد يلحق به ظاهراً بدون القذف إشكال.

(مسألة 1527) : يشترط في الملاعن والملاعنة التكليف وسلامة المرأة من الصمم والخرس ودوام النكاح والدخول، وصورته أن يقول الرجل : أربع مرات

أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما قلته عن هذه المرأة، ثم يقول : إن لعنة الله عليّ إن كنت من الكاذبين، ثم تقول المرأة أربع مرات : أشهد بالله إنه لمن الكاذبين، ثم تقول : إن غضب الله عليّ إن كان من الصادقين فتحرم عليه أبداً، ويجب التلفظ بالشهادة، وقيامهما عند التلفظ وبدء الرجل وتعيين المرأة والنطق بالعربية مع القدرة، ويجوز غيرها مع التعذر والبدأة بالشهادة ثم باللعن في الرجل، والمرأة تبدأ بالشهادة ثم بالغضب ويستحب جلوس الحاكم مستدبر القبلة ووقوف الرجل عن يمينه والمرأة عن يساره وحضور من يستمع اللعان، والوعظ قبل اللعن والغضب.

(مسألة 1528) : لو أكذب الملاعن نفسه بعد اللعان فلا يحد للقذف، ولم يزل التحريم. ولو أكذب في أثنائه يحد ولا تثبت أحكام اللعان.

(مسألة 1529) : إذا اعترف الرجل بعد اللعان بالولد ورثه الولد ولا يرثه الأب ولا من يتقرب به ولو اعترفت المرأة بعد اللعان بالزنا أربعاً ففي الحد تردد. والأظهر العدم، ولو ادعت المرأة المطلقة الحمل منه فأنكر الدخول فأقامت بينة بإرخاء الستر، فالأقرب ثبوت اللعان والله العالم بحقائق الأحكام.

ص: 340

ص: 341

كتاب العِتْق

وفيه فصول

الفصل الأول: في الرق

(مسألة 1530) : يختص الاسترقاق بأهل الحرب، وبأهل الذمة إن أخلّوا بالشرائط على تفصيل في محله فإن أسلموا بقي الرق بحاله فيهم وفي أعقابهم.

(مسألة 1531) : يحكم على المقر بالرقية إذا كان مختاراً بالغاً.

(مسألة 1532) : لا يقبل قول مدعي الحرية إذا كان يباع في الأسواق إلا ببينة.

(مسألة 1533) : لا يملك الرجل ولا المرأة أحد الأبوين وإن علا، والأولاد وإن نزلوا، ولا يملك الرجل المحارم بالنسب من النساء. ولو ملك أحد هؤلاء عتق، وحكم الرضاع حكم النسب.

الفصل الثاني: في صيغة العتق

(مسألة 1534) : الصريح من صيغة العتق : أنت حر، وفي لفظ العتق إشكال أظهره الوقوع به، ولا يقع بغيرهما ولا بالإشارة والكتابة مع القدرة، ولا يقع معلقاً على شرط ولا في يمين كما إذا قال إن كلمت زيداً فعبدي حر، ولو شرط مع العتق شيئاً من خدمة وغيرها جاز.

(مسألة 1535) : يشترط في المعتق البلوغ والاختيار والقصد والقربة، ويشترط في المعتَق بالفتح الملك. وفي اشتراط إسلامه إشكال، والأقرب العدم.

ص: 342

ويكره عتق المخالف ويستحب أن يعتق من مضى عليه في ملكه سبع سنين فصاعداً.

(مسألة 1536) : لو أعتق ثلث عبيده استخرج بالقرعة، ولو أعتق بعض عبده أعتق كله، ولو كان شريك فيه قومت عليه حصة شريكه، ولو كان معسراً سعى العبد في النصيب.

(مسألة 1537) : لو أعتق الحبلى فالوجه تبعية الحمل له.

(مسألة 1538) : من أسباب العتق عمى المملوك وجذامه، وتنكيل المولى به، وإسلام العبد وخروجه عن دار الحرب قبل مولاه، وكذا الإقعاد على المشهور المدعى عليه الإجماع ويحتمل ذلك في الجنون.

(مسألة 1539) : لو مات ذو المال وله وارث مملوك لا غير، اشتري من مولاه وأعتق وأعطي الباقي، ولا فرق بين المملوك الواحد والمتعدد

الفصل الثالث: في التدبير

(مسألة 1540) : التدبير أن يقول المولى لعبده : أنت حر بعد وفاتي، ونحو ذلك مم دل صريحاً على ذلك من العبارات ويعتبر صدروه من الكامل القاصد المختار ،فيعتق من الثلث بعد الوفاة كالوصية. وله الرجوع متى شاء، وهو متأخر عن الدين.

(مسألة 1541) : لو دبر الحبلى اختصت بالتدبير دون الحمل. فلا يدبر بمجرد تدبيرها. هذا فيما لم يعلم المولى بحملها، وإلا فلا تبعد التبعية، أما لو تجدد الحمل من مملوك بعد التدبير فإنه يكون مدبراً. وحينئذ يصح رجوعه في تدبير الأم ولا يصح رجوعه في تدبير ولدها على الأقوى.

ص: 343

(مسألة 1542) : ولد المدبر المولود بعد تدبير أبيه إذا كان مملوكاً لمولاه مدبر. ولا يبطل تدبير الولد بموت أبيه قبل مولاه وينعتقون من الثلث فإن قصر استسعوا.

(مسألة 1543) : إباق المدبر إبطال لتدبيره وتدبير أولاده الذين ولدوا بعد الإباق.

الفصل الرابع: في الكتابة

وهي قسمان : مطلقة ومشروطة :

(مسألة 1544) : المكاتبة المطلقة أن يقول المولى لعبده أو أمته : كاتبتك على كذا، على أن تؤديه في نجم كذا، إما في نجم واحد أو نجوم متعددة فيقول العبد : قبلت، فهذا يتحرر منه بقدر ما يؤدي، وليس له ولا لمولاه فسخ الكتابة وإن عجز يفك من سهم الرقاب وفي وجوب ذلك تأمل.

(مسألة 1545) : المكاتب المطلق إن أولد من مملوكة تحرر من أولاده بقدر ما فيه من الحرية، وإن مات ولم يتحرر منه شيء كان ميراثه للمولى، وإن تحرر منه شيء كان لمولاه من ماله بقدر الرقية ولورثته الباقي، ويؤدون ما بقي من مال الكتابة إن كانوا تابعين له في الحرية والرقية. ولو لم يكن له مال سعى الأولاد فيما بقي على أبيهم، ومع الأداء ينعتقون. ولو أوْصى أو أُوصيَ له بشيء صح بقدر الحرية، وكذا لو وجب عليه حد ولو وطأ المولى أمته المكاتبة حد بنصيب الحرية.

(مسألة 1546) : المكاتبة المشروطة أن يقول المولى بعد ما قاله في المطلقة فإن عجزت فأنت رد في الرق. وهذا لا يتحرر منه شيء إلا بأداء جميع ما عليه فإن عجز رُدَّ في الرق، وحد العجز أن يؤخر نجماً عن وقته لا عن مطل، إلا أن

ص: 344

يكون الشرط عدم التأخير مطلقاً، والمدار في جواز الرد عدم القيام بالشرط ويستحب للمولى الصبر عليه.

(مسألة 1547) : لا بد في صحة المكاتبة في المولى من جواز التصرف وفي العبد من البلوغ وكمال العقل وفي العوض من كونه ديناً مؤجلاً على قول، عيناً كان أو منفعة كخدمة سنة معلوماً مما يصح تملكه.

(مسألة 1548) : إذا مات المكاتب في المشروطة بطلت الكتابة وكان ماله وأولاده لمولاه.

(مسألة 1549) : ليس للمكاتب أن يتصرف في ماله بغير الاكتساب إلاّ بإذن المولى وينقطع تصرّف المولى عن ماله بغير الاستيفاء بإذنه.

(مسألة 1550) : لو وطأ مكاتبته فلها المهر وليس لها أن تتزوج بدون إذن المولى. وأولادها بعد الكتابة مكاتبون إذا لم يكونوا أحراراً، كما إذا كان زوجها حراً.

ص: 345

ص: 346

كتاب الأَيْمَان والنُذور

وفيه فصول

الفصل الأول في اليمين

(مسألة 1551) : ينعقد اليمين بالله بأسمائه المختصة، أو بما دل عليه جل وعلا مما ينصرف إليه، وكذا مما لا ينصرف إليه على الأحوط وينعقد لو قال : والله لأفعلن أو بالله أو برب الكعبة أو تالله أو أيم الله أو لعمر الله أو أقسم بالله أو أحلف برب المصحف ونحو ذلك، ولا ينعقد ما إذا قال وحق الله إلا إذا قصد به الحلف بالله تعالى، ولا ينعقد اليمين بالبراءة من الله أو من أحد الأنبياء والأئمة عليهم السلام ويحرم اليمين بها

(مسألة 1552) : يشترط في الحالف التكليف والقصد والاختيار، ويصح من الكافر وإنما ينعقد على الواجب أو المندوب أو المباح مع الأولوية أو ترك الحرام أو ترك المكروه أو ترك المباح مع الأولوية، ولو تساوى متعلق اليمين وعدمه في الدين والدنيا فالأظهر وجوب العمل بمقتضى اليمين.

(مسألة 1553) : لا يتعلق اليمين بفعل الغير وتسمى يمين المناشدة كما إذا قال : والله لتفعلن، ولا بالماضي ولا بالمستحيل فلا يترتب أثر على اليمين في جميع ذلك.

(مسألة 1554) : لو حلف على أمر ممكن ولكن تجدد له العجز مستمراً إلى انقضاء الوقت المحلوف عليه أو إلى الأبد إن لم يكن له وقت انحلت اليمين.

ص: 347

(مسألة 1555) : يجوز أن يحلف على خلاف الواقع مع تضمن المصلحة الخاصة كدفع الظالم عن ماله، أو مال المؤمن ولو مع إمكان التورية، بل قد يجب الحلف إذا كان به التخلص عن الحرام أو تخليص نفسه أو نفس مؤمن من الهلاك.

(مسألة 1556) : لو حلف واستثنى بالمشيئة انحلت اليمين كما إذا قال : إن شاء الله قاصداً به التعليق. أما إذا كان قصده التبرك لزمت.

(مسألة 1557) : لا يمين للولد مع الأب، ولا للزوجة مع الزوج، ولا للعبد مع المولى بمعنى أن للأب حل يمين الولد، وللزوج حل يمين الزوجة، وللمولى حل يمين العبد، بل لا يبعد أن لا تصح يمينهم بدون إذنهم.

(مسألة 1558) : إنما تجب الكفارة بحنث اليمين بأن يترك ما يجب فعله أو يفعل ما يجب عليه تركه باليمين، لا بالغموس وهي اليمين كذباً على وقوع أمر وقد يظهر من بعض النصوص اختصاصها باليمين على حق امرئ أو منع حقه كذباً ولا يجوز أن يحلف إلا مع العلم.

الفصل الثاني في النذر

(مسألة 1559) : يشترط في الناذر التكليف والاختيار والقصد وإذن المولى للعبد وفي اعتبار إذن الزوج في نذر ما لا ينافي حقه إشكال ولا يبعد عدم اعتباره ولا سيما في نذر الزوجة أمراً لا يتعلق بمالها، أما نذر ما ينافي حق الزوج فلا إشكال في اعتبار إذنه في صحته، ولو كان لاحقاً إذا كان النذر في حال زوجيتها، بل إذا كان قبلها أيضاً على الأظهر. وأما نذر الولد فالظاهر أنه لا ينعقد مع نهي والده عما تعلق به النذر وينحل بنهيه عنه بعد النذر

(مسألة 1560) : النذر إما نذر بر شكراً كقوله : إن رزقت ولداً فلله عليّ كذا، أو استدفاعاً لبلية كقوله : إن برئ المريض فلله علي كذا وإما نذر زجر كقوله : إن فعلت محرماً فللّه عليّ كذا أو إن لم افعل الطاعة فلله عليّ كذا، وإما

ص: 348

نذر تبرع كقوله : لله علي كذا، ومتعلق النذر في جميع ذلك يجب أن يكون طاعة لله مقدوراً للناذر.

(مسألة 1561) : يعتبر في النذر أن يكون لله فلو قال : علي كذا ولم يقل لله لم يجب الوفاء به. ولو جاء بالترجمة فالأظهر وجوب الوفاء به.

(مسألة 1562) : لو نذر فعل طاعة ولم يعيّن، تصدق بشيء أو صلى ركعتين أو صام يوماً أو فعل أمراً آخر من الخيرات، ولو نذر صَوْمَ حين كان عليه ستة أشهر، أو قال زماناً فخمسة أشهر ففيها تأمل، ولو نذر الصدقة بمال كثير فالمروي أنه ثمانون درهماً وعليه العمل، ولو نذر عتق كل عبد قديم عتق من مضى عليه ستة أشهر فصاعداً في ملكه. هذا كله إذا لم تكن هناك قرينة تصرفه عنه وإلا كان العمل عليها. ولو نذر عتق أول مملوك يملكه فملك جماعة فإن قصد عتق الواحد عيّنه بالقرعة، وإن قصد عتق كل مملوك ملكه أولاً فعليه عتق الجميع.

(مسألة 1563) : لو عجز عما نذر سقط فرضه إذا استمر العجز فلو تجددت القدرة عليه في وقته وجب وإذا أطلق النذر لا يتقيّد بوقت ولو قيده بوقت معين أو مكان معين لزم.

(مسألة 1564) : لو نذر صوم يوم فاتفق له السفر أو المرض أو حاضت المرأة أو نفست أو كان عيداً أفطر ولزمه القضاء، ولو أفطر عمداً لزمته الكفارة أيضاً.

(مسألة 1565) : لو نذر أن يجعل دابته أو عبده أو جاريته هدياً لبيت الله تعالى أو المشاهد، استعملت في مصالح البيت أو المشهد فإن لم يمكن ذلك بيعت وصرف ثمنها في مصالحه من سراج وفراش وتنظيف وتعمير وغير ذلك.

ص: 349

(مسألة 1566) : لو نذر شيئاً للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أو لولي فالمدار على قصد الناذر ويرجع في تعيينه مع الشك إلى ظاهر كلام الناذر ولو لم يقصد إلا نفس هذا العنوان يصرف على جهة راجعة إلى المنذور له، كالإنفاق على زواره الفقراء أوالإنفاق على حرمه الشريف ونحو ذلك. ولو نذر شيئاً لمشهد من المشاهد المشرفة صرف في مصارفه، فينفق على عمارته أو إنارته أو في شراء فراش له وما إلى ذلك من شؤونه.

الفصل الثالث في العهود

(مسألة 1567) : العهد أن يقول عاهدت الله أو عليّ عهد الله أنه متى كان كذا فعليّ كذا، والظاهر انعقاده أيضاً لو كان مطلقاً غير معلّق وهو لازم ومتعلقه كمتعلق النذر على إشكال ولا ينعقد النذر، بل العهد أيضاً إلا باللفظ وإن كان الأحوط فيه أن لا يتخلف عما نواه.

(مسألة 1568) : لو عاهد الله أن يتصدق بجميع ما يملكه وخاف الضرر قوّمه وتصدق به شيئاً فشيئاً حتى يوفي.

ص: 350

كتاب الكفارات

(مسألة 1569) : الكفارة قد تكون مرتبة وقد تكون مخيّرة، وقد يجتمع فيها الأمران، وقد تكون كفارة الجمع.

(مسألة 1570) : كفارة الظهار، وقتل الخطأ، مرتبة ويجب فيهما عتق رقبة فإن عجز صام شهرين متتابعين فإن عجز أطعم ستين مسكيناً، وكذلك كفارة من أفطر يوماً من قضاء شهر رمضان بعد الزوال ويجب فيها إطعام عشرة مساكين فإن عجز صام ثلاثة أيام والأحوط أن تكون متتابعات.

(مسألة 1571) : كفارة من أفطر يوماً من شهر رمضان أو خالف عهداً مخيرة وهي عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً.

(مسألة 1572) : كفارة الإيلاء وكفارة اليمين وكفارة النذر حتى نذر صوم يوم معين اجتمع فيها التخيير والترتيب وهي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم فإن عجز صام ثلاثة أيام متواليات.

(مسألة 1573) : كفارة قتل المؤمن عمداً ظلماً كفارة جمع وهي عتق رقبة وصيام شهرين متتابعين وإطعام ستين مسكيناً وكذلك الإفطار على حرام في شهر رمضان على الأحوط.

(مسألة 1574) : إذا اشترك جماعة في القتل وجبت الكفارة على كل واحد منهم وكذا في قتل الخطأ.

(مسألة 1575) : إذا كان المقتول مهدور الدم شرعاً كالزاني المحصن واللائط والمرتد فقتله غير الإمام لم تجب الكفارة إذا كان بإذنه وأما إن كان بغير إذن الإمام ففيه إشكال.

ص: 351

(مسألة 1576) : قيل من حلف بالبراءة فحنث فعليه كفارة ظهار فإن عجز فكفارة اليمين. ولا دليل عليه وقيل كفارته إطعام عشرة مساكين وبه رواية معتبرة.

(مسألة 1577) : في جز المرأة شعرها في المصاب كفارة الإفطار في شهر رمضان. وفي نتفه أو خدش وجهها إذا أدمته أو شقّ الرجل ثوبه في موت ولده أو زوجته كفارة يمين على الأحوط في جميع ذلك.

(مسألة 1578) : لو تزوّج بامرأة ذات بعل أو في العدة الرجعية فارقها، والأحوط أن يكفر بخمسة أصوع من دقيق وإن كان الأقوى عدم وجوبه.

(مسألة 1579) : لو نام عن صلاة العشاء الآخرة حتى خرج الوقت أصبح صائماً على الأحوط.

(مسألة 1580) : لو نذر صوم يوم أو أيام فعجز عنه فالأحوط أن يتصدق لكل يوم بمد على مسكين، أو يعطيه مدّين ليصوم عنه.

(مسألة 1581) : من وجد ثمن الرقبة وأمكنه الشراء فقد وجد الرقبة، ويشترط فيها الإيمان بمعنى الإسلام وجوباً في القتل، وكذا في غيره على الأظهر. والأحوط استحباباً اعتبار الإيمان بالمعنى الأخص في الجميع ويجزي الآبق. والأحوط استحباباً اعتبار وجود طريق إلى حياته وأم الولد والمدبر إذا نقض تدبيره قبل العتق والمكاتب المشروط والمطلق الذي لم يؤد شيئاً من مال الكتابة.

(مسألة 1582) : من لم يجد الرقبة أو وجدها ولم يجد الثمن انتقل إلى الصوم في المرتبة، ولا يبيع ثياب بدنه ولا خادمه ولا مسكنه ولا غيرها مما يكون في بيعه ضيق وحرج عليه لحاجته إليه.

ص: 352

(مسألة 1583) : كفارة العبد في الظهار بالنسبة إلى الصوم صوم شهر. وهو نصف كفارة الحر.والمشهور على أن الكفارة في قتل الخطأ كذلك لكنه مشكل.

(مسألة 1584) : إذا عجز عن الصيام في المرتبة ولو لأجل كونه حرجاً عليه وجب الإطعام، وكلما كان التكفير بالإطعام، فإن كان بالتسليم لزم لكل مسكين مدّ من الحنطة أو الدقيق أو الخبز على الأحوط في كفارة اليمين. وأما في غيرها فيجزي مطلق الطعام كالتمر، والأرز، والاقط، والماش، والذرة، ولا تجزي القيمة والأفضل، بل الأحوط مدّان ولو كان بالإشباع أجزأه مطلق الطعام، ويستحب الأدام وأعلاه اللحم وأوسطه الخل وأدناه الملح.

(مسألة 1585) : يجوز إطعام الصغار بتمليكهم وتسليم الطعام إلى وليهم ليصرفه عليهم، ولو كان بالإشباع فلا يعتبر إذن الولي على الأقوى، والأحوط احتساب الاثنين منهم بواحد.

(مسألة 1586) : يجوز التبعيض في التسليم والإشباع فيشبع بعضهم ويسلم إلى الباقي، ولكن لا يجوز التكرار مطلقاً بأن يشبع واحداً مرات متعددة، أو يدفع إليه أمداداً متعددة من كفارة واحدة إلا إذا تعذر استيفاء تمام العدد.

(مسألة 1587) : الكسوة لكل فقير ثوب وجوباً، وثوبان استحباباً، بل هما مع القدرة أحوط.

(مسألة 1588) : لا بد من التعيين مع اختلاف نوع الكفارة ويعتبر التكليف والإسلام في المكفر، كما يعتبر في مصرفها الفقر والأحوط اعتبار الإيمان. ولا يجوز دفعها لواجب النفقة ويجوز دفعها إلى الأقارب بل لعله أفضل.

(مسألة 1589) : المدار في الكفارة المرتبة على حال الأداء فلو كان قادراً على العتق ثم عجز صام، ولا يستقر العتق في ذمته ويكفي في تحقق الموجب

ص: 353

للانتقال إلى البدل فيها العجز العرفي في وقت، فإذا أتى بالبدل ثم طرأت القدرة أجزأ، بل إذا عجز عن الرقبة فصام شهراً ثم تمكن منها اجتزأ بإتمام الصوم.

(مسألة 1590) : في كفارة الجمع إذا عجز عن العتق وجب الباقي وعليه الاستغفار على الأحوط وكذا إذا عجز عن غيره من الخصال.

(مسألة 1591) : يجب في الكفارة المخيرة التكفير بجنس واحد فلا يجوز أن يكفر بنصفين من جنسين بأن يصوم شهراً ويطعم ثلاثين مسكيناً

(مسألة 1592) : الأشبه في الكفارة المالية وغيرها جواز التأخير بمقدار لا يعد من المسامحة في أداء الواجب، ولكن المبادرة أحوط.

(مسألة 1593) : من الكفارات المندوبة ما روي عن الصادق (عليه السلام) من أن كفارة عمل السلطان قضاء حوائج الإخوان، وكفارة المجالس أن تقول عند قيامك منها: (سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين)، وكفارة الضحك : (اللهم لا تمقتني) وكفارة الاغتياب : الاستغفار للمغتاب، وكفارة الطيرة : التوكل، وكفارة اللطم على الخدود : الاستغفار والتوبة.

(مسألة 1594) : إذا عجز عن الكفارة المخيرة لإفطار شهر رمضان عمداً استغفر وتصدق بما يطيق على الأحوط ولكن إذا تمكن بعد ذلك لزمه التكفير على الأحوط وجوباً.

ص: 354

كتاب الصيد والذباحة

اشارة

لا يجوز أكل الحيوان بدون تذكية، والتذكية تكون بالصيد والذبح والنحر وغيرها فهنا فصول :

الفصل الأول في الصيد

(مسألة 1595) : لا يحل الحيوان إذا اصطاده غير الكلب من أنواع الحيوان كالعقاب، والباشق، والصقر والبازي، والفهد، والنمر وغيرها ويحل إذا اصطاده الكلب من دون فرق بين السلوقي وغيره والأسود وغيره، فكل حيوان حلال اللحم قد قتله الكلب بعقره وجرحه فهو ذكي ويحل أكله كما إذا ذبح.

(مسألة 1596) : يشترط في حلية صيد الكلب أمور :

(الأول) : أن يكون معلماً للاصطياد ويتحقق ذلك بأمرين : أحدهما استرساله إذا أرسل بمعنى أنه متى أغراه صاحبه بالصيد هاج عليه وانبعث إليه، ثانيهما أن ينزجر إذا زجره. وهل يعتبر فيه الانزجار بالزجر حتى إذا كان بعد إرساله ؟ وجهان أقواهما العدم، والأحوط اعتبار أن لا يأكل مما يمسكه في معتاد الأكل، ولا بأس بأكله اتفاقاً إذا لم يكن معتاداً.

(الثاني) : أن يكون بإرساله للاصطياد فلو استرسل بنفسه من دون إرسال لم يحل مقتوله، وكذا إذا أرسله لأمر غير الاصطياد من طرد عدو أو سبع فاصطاد حيواناً فإنه لا يحل، وإذا استرسل بنفسه فأغراه صاحبه لم يحل صيده وإن أثر الإغراء فيه أثراًكشدّة العدو على الأحوط، وإذا استرسل لنفسه فزجره صاحبه فوقف ثم أغراه وأرسله فاسترسل كفى كذلك في حل مقتوله، وإذا أرسله

ص: 355

لصيد غزال بعينه فصاد غيره حل وكذا إذا صاده وصاد غيره معه فإنهما يحلان فالشرط قصد الجنس لا قصد الشخص.

(الثالث) : أن يكون المرسل مسلماً فإذا أرسله كافر فاصطاد لم يحل صيده. ولا فرق في المسلم بين المؤمن والمخالف حتى الصبي كما لا فرق في الكافر بين الوثني وغيره والحربي والذمي.

(الرابع) : أن يسمي عند إرساله والأقوى الاجتزاء بها بعد الإرسال قبل الإصابة. فإذا ترك التسمية عمداً لم يحل الصيد، أما إذا كان نسياناً حل، وكذلك حكم الصيد بالآلة الجمادية كالسهم.

(مسألة 1597) : يكفي الاقتصار في التسمية هنا وفي الذبح والنحر على ذكر الله مقترناً بالتعظيم مثل : الله اكبر، والحمد لله، وبسم الله ولا يكفي ذكر الاسم الشريف وحده.

(الخامس) : أن يستند موت الحيوان إلى جرح الكلب وعقره، أما إذا استند إلى سبب آخر من صدمة أو اختناق أو إتعاب في العدو أو نحو ذلك لم يحل.

(مسألة 1598) : إذا أرسل الكلب إلى الصيد فلحقه فأدركه ميتاً بعد إصابة الكلب حل أكله، وكذا إذا أدركه حياً بعد إصابته ولكن لم يسع الزمان لتذكيته فمات، أما إذا كان الزمان يسع لتذكيته فتركه حتى مات لم يحل، وكذا الحال إذا أدركه بعد عقر الكلب له حياً لكنه كان ممتنعاً بأن بقي منهزماً يعدو فإنه إذا تبعه فوقف فإن أدركه ميتاً حل، وكذا إذا أدركه حياً ولكنه لم يسع الزمان لتذكيته، أما إذا كان يسع لتذكيته فتركه حتى مات لم يحل.

ص: 356

(مسألة 1599) : أدنى زمان تدرك فيه ذكاته أن يجده تطرف عينه، أو تركض رجله أو يتحرك ذنبه أو يده، فإنه إذا أدركه كذلك ولم يذكه والزمان متسع لتذكيته لم يحل إلا بالتذكية.

(مسألة 1600) : إذا اشتغل عن تذكيته بمقدمات التذكية من سلّ السكين ورفع الحائل من شعر ونحوه عن موضع الذبح ونحو ذلك فمات قبل أن يذبحه حل، كما إذا لم يسع الوقت للتذكية، أما إذا لم تكن عنده آلة الذبح فلم يذبحه حتى مات لم يحل. نعم لو أغرى الكلب به حينئذ حتى يقتله فقتله حل أكله على الأقوى.

(مسألة 1601) : الظاهر عدم وجوب المبادرة إلى الصيد من حين إرسال الكلب ولا من حين إصابته له إذا بقي على امتناعه وفي وجوب المبادرة حينما أوقفه وصيّره غير ممتنع وجهان أحوطهما الأول. هذا إذا احتمل أن في المسارعة إليه إدراك ذكاته أما إذا علم بعدم ذلك ولو من جهة بعد المسافة على نحو لا يدركه إلا بعد موته بجناية الكلب فلا إشكال في عدم وجوب المسارعة إليه.

(مسألة 1602) : إذا عضّ الكلب الصيد كان موضع العضة نجساً فيجب غسله ولا يجوز أكله قبل غسله.

(مسألة 1603) : لا يعتبر في حل الصيد وحدة المرسل فإذا أرسل جماعة كلباً واحداً مع اجتماع الشرائط في الجميع أو في واحد منهم مع كفاية إغرائه في ذهاب الكلب لو كان هو المغري وحده حل صيده، وكذا لا يعتبر وحدة الكلب فإذا أرسل شخص واحد كلاباً فاصطادت على الاشتراك حيواناً حل. نعم يعتبر في المتعدد اجتماع الشرائط فلو أرسل مسلم وكافر كلبين فاصطادا حيوناً لم يحل، وكذا إذا كانا مسلمين فسمى أحدهما ولم يسم الآخر، أو كان كلب أحدهما معلماً دون كلب الآخر هذا إذا استند القتل إليهما معاً، أما إذا استند إلى أحدهما كما إذا سبق أحدهما فأثخنه وأشرف على الموت ثم جاءه الآخر فأصابه

ص: 357

يسيراً بحيث استند الموت إلى السابق اعتبر اجتماع الشروط في السابق لا غير. وإذا أجهز عليه اللاحق بعد أن أصابه السابق ولم يوقفه بل بقي على امتناعه بحيث استند موته إلى اللاحق لا غير اعتبر اجتماع الشروط في اللاحق.

(مسألة 1604) : إذا شك في أن موت الصيد كان مستنداً إلى جناية الكلب أو إلى سبب آخر لم يحل. نعم إذا كانت هناك إمارة عرفية على استناده إليها حل وإن لم يحصل منها العلم.

(مسألة 1605) : لا يحل الصيد المقتول بالآلة الجمادية إلا إذا كانت الآلة سلاحاً قاطعاً كان كالسيف والسكين والخنجر ونحوها، أو شائكاً كالرمح والسهم والعصا. وإن لم يكن في طرفهما حديدة، بل كانا محددين بنفسهما. نعم يعتبر الجرح فيما لا حديدة له دون ما فيه حديدة فإنه إذا قتل بوقوعه على الحيوان حل وإن لم يجرحه بخلاف ما لا حديدة له فإنه لا يحل إذا وقع معترضاً فالمعراض _ وهو كما قيل خشبة غليظة الوسط محددة الطرفين _ إن قتل معترضاً لم يحل ما يقتله وإن قتل بالخرق حل

(مسألة 1606) : الظاهر أنه يجزي عن الحديد غيره من الفلزات كالذهب والفضة والصفر وغيرها فيحل الحيوان المقتول بالسيف أو الرمح المصنوعين منها.

(مسألة 1607) : لا يحل الصيد المقتول بالحجارة والمقمعة والعمود والشبكة والشرك والحبالة ونحوها من آلات الصيد مما ليست قاطعة ولا شائكة.

(مسألة 1608) : في الاجتزاء بمثل المخيط والشوكة ونحوهما مما لا يصدق عليه السلاح عرفاً وإن كان شائكاً إشكال وأما ما يصدق عليه السلاح فلا إشكال فيه وإن لم يكن معتاداً.

ص: 358

(مسألة 1609) : لا يبعد حل الصيد بالبنادق المتعارفة في هذه الأزمنة إذا كانت محددة مخروطة سواء أكانت من الحديد أم الرصاص أم غيرهما. نعم إذا كانت البنادق صغيرة الحجم المعبر عنها في عرفنا (بالصجم) فلا يحل.

(مسألة 1610) : يشترط في حل الصيد بالآلة الجمادية كون الرامي مسلماً والتسمية حال الرمي واستناد القتل إلى الرمي وأن يكون الرمي بقصد الاصطياد فلو رمى لا بقصد شيء أو بقصد هدف أو عدو أو خنزير فأصاب غزالاً فقتله لم يحل وكذا إذا أفلت من يده فأصاب غزالاً فقتله ولو رمى بقصد الاصطياد فأصاب غير ما قصد حل. ويعتبر في الحلية أن تستقل الآلة المحللة في القتل. فلو شاركها غيرها لم يحل كما إذا سقط في الماء او سقط من أعلى الجدار إلى الأرض بعدما أصابه السهم فاستند الموت إليهما، وكذا إذا رماه مسلم وكافر ومن سمى ومن لم يسمّ، أو من قصد ومن لم يقصد واستند القتل إليهما معاً وإذا شك في الاستقلال في الاستناد إلى المحلل بني على الحرمة.

(مسألة 1611) : إذا رمى سهماً فأوصلته الريح إلى الصيد فقتله حل، وإن كان لولا الريح لم يصل، وكذا إذا أصاب السهم الأرض ثم وثب فأصابه فقتله.

(مسألة 1612) : لا يعتبر في حلية الصيد بالآلة وحدة الآلة ولا وحدة الصائد فلو رمى أحد صيداً بسهم وطعنه آخر برمح فمات منهما معاً حل إذا اجتمعت الشرائط في كل منهما بل إذا أرسل أحد كلبه إلى حيوان فعقره ورماه آخر بسهم فأصابه فمات منهما معاً حل أيضاً.

(مسألة 1613) : إذا اصطاد بالآلة المغصوبة حل الصيد وإن أثم باستعمال الآلة وكان عليه أجرة المثل إذا كان للاصطياد بها أجرة، ويكون الصيد ملكاً للصائد لا لصاحب الآلة.

ص: 359

(مسألة 1614) : يختص الحل بالاصطياد بالآلة الحيوانية والجمادية بما كان الحيوان ممتنعاً بحيث لا يقدر عليه إلا بوسيلة كالطير والظبي وبقر الوحش وحماره ونحوها، فلا يقع على الأهلي الذي يقدر عليه بلا وسيلة كالبقر والغنم والإبل والدجاج ونحوها، وإذا استوحش الأهلي حل لحمه بالاصطياد وإذا تأهل الوحشي كالظبي والطير المتأهلين لم يحل لحمه بالإصطياد، وولد الحيوان الوحشي قبل أن يقوى على الفرار وفرخ الطير قبل نهوضه للطيران بحكم الأهلي، فإذا رمى طيراً وفرخه فماتا حل الطير وحرم الفرخ.

(مسألة 1615) : الثور المستعصي والبعير العاصي والصائل من البهائم يحل لحمه بالإصطياد كالوحشي بالأصل وكذلك كل ما تردى من البهائم في بئر ونحوها وتعذر ذبحه أو نحره فإن تذكيته تحصل بعقره في أي موضع كان من جسده وإن لم يكن في موضع النحر أو الذبح، ويحل لحمه حينئذ، ولكن في عموم الحكم للعقر بالكلب إشكال فالأحوط الاقتصار في تذكيته بذلك على العقر بالآلة الجمادية.

(مسألة 1616) : لا فرق في تحقق الذكاة بالإصطياد بين حلال اللحم وحرامه فالسباع إذا اصطيدت صارت ذكية وجاز الانتفاع بجلدها هذا إذا كان الصيد بالآلة الجمادية، أما إذا كان بالكلب فالأقوى عدم الجواز.

(مسألة 1617) : إذا قطعت آلة الصيد الحيوان قطعتين فإن كانت الآلة مما يجوز الإصطياد بها مثل السيف والكلب فإن زالت الحياة عنهما معاً حلتا جميعاً مع اجتماع سائر شرائط التذكية وكذا، إن بقيت الحياة ولم يتسع الزمن لتذكيته. وإن وسع الزمان لتذكيته حرم الجزء الذي ليس فيه الرأس، وحل ما فيه الرأس بالتذكية. فإن مات ولم يذك حرم هو أيضاً، وإن كانت الآلة مما لا يجوز الاصطياد بها كالحبالة والشبكة حرم ما ليس فيه الرأس وحل ما فيه الرأس بالتذكية. فإن لم يذك حتى مات حرم أيضاً

ص: 360

(مسألة 1618) : الحيوان الممتنع بالأصل يملك بأخذه كما إذا قبض على يده أو رجله أو رباطه فإنه يملكه الآخذ، وكذا إذا نصب شبكة أو شركاً أو نحوهما من الآلات التي يعتاد الاصطياد بها فوقع فيها فإنه يملكه ناصبها، وكذا إذا رماه بسهم أو نحوه من آلات الصيد فصيره غير ممتنع كما إذا جرحه فعجز عن العدو أو كسر جناحه فعجز عن الطيران فإنه يملكه الرامي ويكون له نماؤه ولا يجوز لغيره التصرف فيه إلا بإذنه، وإذا أفلت من يده أو شبكته أو برأ من العوار الذي أصابه بالرمي فصار ممتنعاً فاصطاده غيره لم يملكه ووجب دفعه إلى مالكه.

نعم إذا نصب الشبكة لا بقصد الاصطياد لم يملك ما ثبت فيها، وكذا إذا رمى لا بقصد الاصطياد فإنه لا يملك الرميّة ويجوز لغيره أخذها ولو أخذها لا بقصد الملك ففي تحقق ملكه لها إشكال. والأقرب ذلك.

(مسألة 1619) : إذا توحل الحيوان في أرضه أو وثبت السمكة في سفينته لم يملك شيئاً من ذلك. أما إذا أعدّ شيئاً من ذلك للاصطياد كما إذا أجرى الماء في أرضه لتكون موحلة أو وضع سفينته في موضع معين ليثب فيها السمك فوثب فيها، أو وضع الحبوب في بيته وأعدّه لدخول العصافير فيه فدخلت وأغلق عليها باب البيت أو طردها إلى مضيق لا يمكنها الخروج منه فدخله ونحو ذلك من الاصطياد بغير الآلات التي يعتاد الاصطياد بها ففي إلحاق ذلك بآلة الصيد المعتادة في حصول الملك إشكال. وإن كان الإلحاق هو الأظهر.

(مسألة 1620) : إذا سعى خلف حيوان فوقف للإعياء لم يملكه حتى يأخذه فإذا أخذه غيره قبل أن يأخذه هو ملكه.

(مسألة 1621) : إذا وقع حيوان في شبكة منصوبة للاصطياد فلم تمسكه الشبكة لضعفها وقوته فانفلت منها لم يملكه ناصبها.

(مسألة 1622) : إذا رمى الصيد فأصابه لكنه تحامل طائراً أو عادياً بحيث بقي على امتناعه ولم يقدر عليه إلا بالاتباع والإسراع لم يملكه الرامي.

ص: 361

(مسألة 1623) : إذا رمى إثنان صيداً دفعة فإن تساويا في الأثر بأن أثبتاه معاً فهو لهما. وإذا كان أحدهما جارحاً والآخر مثبتاً وموقفاً له كان للثاني ولا ضمان على الجارح. وإذا كان تدريجاً فهو ملك من صيّره رميَّة غير ممتنع سابقاً كان أو لاحقاً.

(مسألة 1624) : إذا رمى صيداً حلالاً باعتقاد كونه كلباً أو خنزيراً فقتله لم يحل.

(مسألة 1625) : إذا رماه فجرحه لكن لم يخرج عن الامتناع فدخل داراً فأخذه صاحب الدار ملكه بأخذه لا بدخول الدار.

(مسألة 1626) : إذا صنع برجاً في داره ليعشّش فيه الحمام فعشّش فيه، لم يملكه فيجوز لغيره صيده ويملكه بذلك.

(مسألة 1627) : إذا أطلق الصائد صيده من يده فإن لم يكن ذلك عن إعراض عنه بقي على ملكه لا يملكه غيره باصطياده. وإن كان عن إعراض صار كالمباح بالأصل فيجوز لغيره اصطياده ويملكه بذلك. وليس للأول الرجوع عليه، وكذا الحكم في كل مال أعرض عنه مالكه حيوناً كان أو غيره، بل الظاهر أنه لا فرق بين أن يكون الإعراض ناشئاً عن عجز المالك عن بقائه في يده وتحت استيلائه لقصور في المال أو المالك وأن يكون لا عن عجز عنه بل لغرض آخر.

(مسألة 1628) : قد عرفت أن الصائد يملك الصيد بالاصطياد إذا كان مباحاً بالأصل، أو بمنزلته كما تقدم. ولا يملكه إذا كان مملوكاً لمالك وإذا شك في ذلك بنى على الأول إلا إذا كانت إمارة على الثاني مثل أن يوجد طوق في عنقه أو قرط في أذنه أو حبل مشدود في يده أو رجله أو غيرها. وإذا علم كونه مملوكاً لمالك وجب رده إليه. وإذا جهل جرى عليه حكم اللقطة إن كان ضائعاً، وإلا جرى عليه حكم مجهول المالك. ولا فرق في ذلك بين الطير وغيره. نعم إذا ملك الطائر جناحيه فهو لمن أخذه إلا إذا كان له مالك معلوم معين فيجب رده إليه وإن

ص: 362

كان الأحوط فيما إذا علم أن له مالكاً غير معين أجرى حكم اللقطة أو ومجهول المالك عليه.

فصل في ذكاة السمك والجراد

(مسألة 1629) : ذكاة السمك تحصل بالاستيلاء عليه حياً خارج الماء. إما بأخذه من داخل الماء إلى خارجه حياً باليد أو شبكة وشص وفالة وغيرها، أو بأخذه خارج الماء باليد أو بالآلة بعدما خرج بنفسه أو بنضوب الماء عنه أو غير ذلك. فإذا وثب في سفينة أو على الأرض فأخذ حياً صار ذكياً، وإذا لم يؤخذ حتى مات صار ميتة وحرم أكله، وإن كان قد نظر إليه وهو حي يضطرب. وإذا ضربها وهي في الماء بآلة فقسمها نصفين ثم أخرجهما حيين فإن صدق على أحدهما أنه سمكة ناقصة كما لو كان فيه الرأس حل دون غيره، وإذا لم يصدق على أحدهما أنه سمكة ففي حلهما إشكال والأظهر العدم.

(مسألة 1630) : لا يشترط في تذكية السمك الإسلام ولا التسمية فلو أخرجه الكافر حياً من الماء أو أخذه بعد أن خرج فمات صار ذكياً كما في المسلم. ولا فرق في الكافر بين الكتابي وغيره.

(مسألة 1631) : إذا وجد السمك في يد الكافر ولم يعلم أنه ذكاه أم لا بنى على العدم، وإذا أخبره بأنه ذكاه لم يقبل خبره، وإذا وجده في يد مسلم يتصرف فيه بما يدل على التذكية أو أخبر بتذكيته بنى على ذلك ويكون حلالاً.

(مسألة 1632) : إذا وثبت السمكة في سفينة لم يملكها السفان ولا صاحب السفينة حتى تؤخذ فيملكها آخذها، وإن كان غيرهما. نعم إذا قصد صاحب السفينة الاصطياد بها وعمل بعض الأعمال المستوجبة لذلك كما إذا وضعها في مجتمع السمك وضرب الماء بنحو يوجب وثوب السمك فيها كان ذلك

ص: 363

بمنزلة إخراجه من الماء حياً في صيرورته ذكياً وفي تحقق الملك بمجرد ذلك ما لم يؤخذ باليد ونحوها إشكال، وتقدم أنه هو الأظهر.

(مسألة 1633) : إذا وضع شبكة في الماء فدخل فيها السمك ثم أخرجها من الماء ووجد ما فيها ميتاً كله أو بعضه فالظاهر حليته.

(مسألة 1634) : إذا نصب شبكة أو صنع حظيرة لاصطياد السمك فدخلها ثم نضب الماء بسبب الجزر أو غيره فمات بعد نضوب الماء صار ذكياً وحل أكله، أما إذا مات قبل نضوب الماء فقولان أقواهما الحلية.

(مسألة 1635) : إذا اخرج السمك من الماء حياً ثم ربطه بحبل مثلاً وأرجعه إليه فمات فالظاهر الحرمة، وإذا أخرجه ثم وجده ميتاً وشك في أن موته كان في الماء أو في خارجه حكم بحليته سواء علم تاريخ الإخراج أو الموت، أو جهل التاريخان وإذا اضطر السماك إلى إرجاعه إلى الماء وخاف موته فيه فليكن ذلك بعد موته ولو بأن يقتله هو بضرب أو غيره.

(مسألة 1636) : إذا طفا السمك على وجه الماء بسبب ابتلاعه ما يسمى بالزهر أو عض حيوان له أو غير ذلك مما يوجب عجزه عن السباحة فإن أخذ حياً صار ذكياً وحل أكله وإن مات قبل ذلك حرم.

(مسألة 1637) : إذا ألقى إنسان الزهر في الماء لا بقصد اصطياد السمك فابتلعه السمك وطفا لم يملكه إلا إذا أخذه. فإن أخذه غيره ملكه، وأما إذا كان بقصد الاصطياد فالظاهر أيضاً أنه لا يملكه به من دون فرق بين أن يقصد سمكة معينة أو بعضاً غير معين. نعم لو رماه بالبندقية أو بسهم أو طعنه برمح فعجز عن السباحة وطفا على وجه الماء ففي كونه ملكاً للرامي والطاعن محل إشكال.

ص: 364

(مسألة 1638) : لا يعتبر في حل السمك إذا خرج من الماء حياً أن يموت بنفسه فلو مات بالتقطيع أو بشق بطنه أو بالضرب على رأسه فمات حل أيضاً، بل لو شواه في النار حياً فمات حل أكله بل الأقوى جواز أكله حياً.

(مسألة 1639) : إذا اخرج السمك من الماء حياً فقطع منه قطعة وهو حي وألقى الباقي في الماء فمات فيه حلت القطعة المبانة منه وحرم الباقي، وإذا قطعت منه قطعةوهو في الماء قبل إخراجه ثم أخرج حياً فمات خارج الماء حرمت القطعة المبانة منه وهو في الماء وحل الباقي.

ذكاة الجراد

(مسألة 1640) : ذكاة الجراد أخذه حياً سواء أكان الأخذ باليد أو بالآلة فما مات قبل أخذه حرم ولا يعتبر في تذكيته التسمية والإسلام، فما يأخذه الكافر حياً فهو أيضاً ذكي حلال، نعم لا يحكم بتذكية ما في يده إلا أن يعلم بها، وإن اخبر بأنه ذكاه لا يقبل خبره.

(مسألة 1641) : لا يحل الدبا من الجراد وهو الذي لم يستقل بالطيران.

(مسألة 1642) : إذا اشتعلت النار في موضع فيه الجراد فمات قبل أن يؤخذ حياً حرم أكله، وإذا اشتعلت النار في موضع فجاء الجراد الذي كان في المواضع المجاورة لذلك وألقى نفسه فيه فمات فالظاهر أنه لا إشكال في حليته إذا جعلت النار مصيدة.

فصل في الذباحة

(مسألة 1643) : يشترط في حل الذبيحة بالذبح أن يكون الذابح مسلماً، فلا تحل ذبيحة الكافر وإن كان كتابياً، ولا يشترط فيه الإيمان، فتحل ذبيحة المخالف إذا كان محكوماً بإسلامه على الأقوى، ولا تحل إذا كان محكوماً بكفره كالناصب والخارجي وبعض أقسام الغلاة.

ص: 365

(مسألة 1644) : يجوز أن تذبح المسلمة وولد المسلم وإن كان طفلاً إذا أحسن التذكية، وكذا الأعمى والأغلف والخصي والجنب والحائض والفاسق ولا يجوز ذبح غير الشاعر بفعله كالمجنون والنائم والسكران. نعم الظاهر جواز ذبح المجنون ونحوه إذا كان مميزاً في الجملة مع تحقق سائر الشرائط.

(مسألة 1645) : لا يعتبر في الذبح الاختيار فيجوز ذبح المكره وإن كان إكراهه بغير حق، كما لا يعتبر أن يكون الذابح ممن يعتقد وجوب التسمية فيجوز ذبح غيره إذا كان قد سمّى.

(مسألة 1646) : يجوز ذبح ولد الزنا إذا كان مسلماً بالغاً كان أم غيره.

(مسألة 1647) : لا يجوز الذبح بغير الحديد في حال الاختيار وإن كان من المعادن المنطبعة كالنحاس والصفر والرصاص والذهب والفضة فإن ذبح بغيره مع القدرة عليه لا يحل المذبوح، أما مع عدم القدرة على الحديد فيجوز الذبح بكل ما يفري الأوداج وإن كان ليطة أو خشبة أو حجراً حاداً أو زجاجة. والأظهر عدم اعتبار خوف فوت الذبيحة في الضرورة وإن كان الاعتبار أحوط. وفي جوازه حينئذ بالسن والظفر إشكال ولا يبعد جواز الذبح اختياراً بالمنجل ونحوه مما يقطع الأوداج ولو بصعوبة وإن كان الأحوط الاقتصار على حال الضرورة.

(مسألة 1648) : الواجب قطع الأعضاء الأربعة وهي : المريء وهو مجرى الطعام، والحلقوم وهو مجرى النفس، ومحله فوق المريء، والودجان، وهما عرقان محيطان بالحلقوم والمريء، وفي الاجتزاء بفريها من دون قطع إشكال، بل الظاهر وجوب القطع، وكذا الإشكال في الاجتزاء بقطع الحلقوم وحده، وإن كان الأظهر عدمه.

ص: 366

(مسألة 1649) : الظاهر أن قطع تمام الأعضاء يلازم بقاء الخرزة المسماة في عرفنا (بالجوزة) في العنق فلو بقي شيء منها في الجسد لم يتحقق قطع تمامها كما شهد بذلك بعض الممارسين المختبرين.

(مسألة 1650) : يعتبر قصد الذبح فلو وقع السكين من يد أحد على الأعضاء الأربعة فقطعها لم يحل وإن سمى حين أصاب الأعضاء، وكذا لو كان قد قصد بتحريك السكين على المذبح شيئاً غير الذبح فقطع الأعضاء، أو كان سكراناً أو مغمى عليه أو مجنوناً غير مميز على ما تقدم.

(مسألة 1651) : الظاهر عدم وجوب تتابع قطع الأعضاء فلو قطع بعضها، ثم أرسلها، ثم أخذها فقطع الباقي قبل أن تموت حل لحمها، ولكن الاحتياط بالتتابع أولى وأحسن.

(مسألة 1652) : ذهب جماعة كثيرة إلى أنه يشترط في حل الذبيحة استقرار الحياة بمعنى إمكان أن يعيش مثلها اليوم والأيام، وذهب آخرون إلى عدم اشتراط ذلك وهو الأقوى. نعم يشترط الحياة حال قطع الأعضاء بالمعنى المقابل للموت فلا تحل الذبيحة بالذبح إذا كانت ميتة. وهذا مما لا إشكال فيه. وعلى هذا فلو قطعت رقبة الذبيحة من فوق وبقيت فيها الحياة فقطعت الأعضاء على الوجه المشروع حلت، وكذا إذا شق بطنها وانتزعت أمعاؤها فلم تمت بذلك فإنها إذا ذبحت حلت وكذا إذا عقرها سبع أو ذئب أو ضربت بسيف أو بندقية وأشرفت على الموت فذبحت قبل أن تموت فإنها تحل.

(مسألة 1653) : لو أخذ الذابح بالذبح فشق آخر بطنه وانتزع أمعاءه مقارناً للذبح فالظاهر حل لحمه، وكذا الحكم في كل فعل يزهق إذا كان مقارناً للذبح، ولكن الاحتياط لا يترك.

(مسألة 1654) : لا يعتبر اتحاد الذابح فيجوز وقوع الذبح من اثنين على سبيل الاشتراك مقترنين بأن يأخذا السكين بيديهما ويذبحا معاً، أو يقطع أحدهما بعض الأعضاء والآخر الباقي دفعة، أو على التدريج بأن يقطع أحدهما

ص: 367

بعض الأعضاء، ثم يقطع الآخر الباقي وتجب التسمية عليهما معاً ولا يجتزأ بتسمية أحدهما على الأقوى.

(مسألة 1655) : إذا أخطأ الذابح فذبح من فوق الجوزة والتفت فذبحها من تحت الجوزة قبل أن تموت حل لحمها كما تقدم.

(مسألة 1656) : إذا قطع بعض الأعضاء الأربعة على غير النهج الشرعي بأن ضربها شخص بآلة فانقطع بعض الأعضاء، أو عضّها الذئب فقطعه بأسنانه، أو غير ذلكوبقيت الحياة وكان بعض الأعضاء سالماً أمكنت تذكيتها بقطع العضو الباقي وبفري العضو المقطوع، من فوق محل القطع من العضو المقطوع أو من تحته وتحل بذلك. نعم إذا قطع الذئب أو غيره تمام العضو فلم يبق ما يكون قابلاً للفري حرمت.

(مسألة 1657) : إذا ذبحت الذبيحة ثم وقعت في نار أو ماء أو سقطت إلى الأرض من شاهق أو نحو ذلك مما يوجب زوال الحياة لم تحرم، وليس الحكم كذلك في الصيد كما تقدم فتفترق التذكية بالصيد عن التذكية بالذبح فإنه يعتبر في الأول العلم باستناد الموت إليها ولا يعتبر ذلك في الثانية.

(مسألة 1658) : يشترط في التذكية بالذبح أمور :

(الأول) : الاستقبال بالذبيحة حال الذبح بأن يوجّه مقاديمها ومذبحها إلى القبلة فإن أخلّ بذلك عامداً حرمت، وإن كان ناسياً أو جاهلاً بالحكم أو خطأً منه في القبلة. بأن وجهها إلى جهة اعتقد أنها القبلة فتبين الخلاف لم تحرم في جميع ذلك وكذا إذا لم يعرف القبلة أو لم يتمكن من توجهها إليها واضطر إلى تذكيتها كالحيوان المستعصي أو الواقع في بئر ونحوه.

(مسألة 1659) : لا يشترط استقبال الذابح نفسه وإن كان أحوط.

ص: 368

(مسألة 1660) : إذا خاف موت الذبيحة لو اشتغل بالاستقبال بها فالظاهر عدم لزومه.

(مسألة 1661) : يجوز في وضع الذبيحة على الأرض حال الذبح أن يضعها على الجانب الأيمن كهيئة الميت حال الدفن وإن يضعها على الأيسر ويجوز أن يذبحها وهي قائمة مستقبلة القبلة.

الشرط الثاني : التسمية من الذابح مع الالتفات. ولو تركها عمداً حرمت الذبيحة، ولو تركها نسياناً لم تحرم والأحوط استحباباً الإتيان بها عند الذكر، ولو تركها جهلاً بالحكم فالظاهر الحرمة.

(مسألة 1662) : الظاهر لزوم الإتيان بالتسمية بعنوان كونها على الذبيحة من جهة الذبح ولا تجزي التسمية الاتفاقية أو المقصود منها عنوان آخر. والظاهر لزوم الإتيان بها عند الذبح مقارنة له عرفاً ولا يجزي الإتيان بها عند مقدمات الذبح كربط المذبوح.

(مسألة 1663) : يجوز ذبح الأخرس، وتسميته تحريك لسانه وإشارته بإصبعه.

(مسألة 1664) : يكفي في التسمية الإتيان بذكر الله تعالى مقترناً بالتعظيم مثل: الله أكبر، والحمد لله، وبسم الله، وفي الاكتفاء بمجرد ذكر الاسم الشريف إشكال كما تقدم في الصيد.الشرط الثالث : خروج الدم المعتاد على النحو المتعارف على الأحوط لو لم يكن أقوى. فلو لم يخرج الدم أو خرج متثاقلاً أو متقاطراً لم تحل وإن علم حياتها حال الذبح. والعبرة في ذلك بملاحظة نوع الحيوان فقد يكون الحيوان ولو من جهة المرض يخرج منه الدم متثاقلاً متقاطراً لكنه متعارف في نوعه فلا يضر ذلك بحليته.

ص: 369

الشرط الرابع : أن يكون الذبح من المذبح فلا يجوز أن يكون من القفا، بل الأحوط وضع السكين على المذبح ثم قطع الأوداج، فلا يكفي إدخال السكين تحت الأوداج ثم قطعها إلى فوق.

(مسألة 1665) : إذا شك في حياة الذبيحة كفى في الحكم بها حدوث حركة بعد تمامية الذبح وإن كانت قليلة، مثل أن تطرف عينها أو تحرك ذنبها أو أذنها أو تركض برجلها أو نحو ذلك، ولا حاجة إلى هذه الحركة إذا علم بحياتها حال الذبح.

(مسألة 1666) : الأحوط لزوماً عدم قطع رأس الذبيحة عمداً قبل موتها ولا بأس به إذا لم يكن عن عمد، بل كان لغفلة أو سبقته السكين أو غير ذلك، كما أن الأحوط أن لا تنخع الذبيحة عمداً بأن يصاب نخاعها حين الذبح. والمراد به الخيط الأبيض الممتد في وسط الفقار من الرقبة إلى الذنب.

(مسألة 1667) : إذا ذبح الطير فقطع رأسه متعمداً فالظاهر جواز أكل لحمه، ولكن يحرم تعمد ذلك مع عدم الاضطرار تكليفاً.

(مسألة 1668) : تختص الإبل من بين البهائم بأن تذكيتها بالنحر ،ولا يجوز ذلك في غيرها فلو ذكى الإبل بالذبح أو ذكى غيرها بالنحر لم يحل. نعم لو أدرك ذكاته بأن نحر غير الإبل وأمكن ذبحه قبل أن يموت فذبحه حل، وكذا لو ذبح الإبل ثم نحرها قبل أن تموت حلت.

(مسألة 1669) : لا يجب في الذبح أن يكون في أعلى الرقبة بل يجوز أن يكون في وسطها وفي أسفلها إذا تحقق قطع الأوداج الأربعة.

(مسألة 1670) : كيفية النحر أن يدخل الآلة من سكين وغيره حتى مثل المنجل في اللبة. وهو الموضع المنخفض الواقع في أعلى الصدر متصلاً بالعنق، ويشترط في الناحر ما يشترط في الذابح، وفي آلة النحر ما يشترط في آلة الذبح.

ص: 370

ويجب فيه التسمية والاستقبال بالمنحور والحياة حال النحر وخروج الدم المعتاد ويجوز نحر الإبل قائمة وباركة مستقبلاً بها القبلة.

(مسألة 1671) : إذا تعذر ذبح الحيوان أو نحره كالمستعصي والواقع عليه جدار والمتردي في بئر أو نهر ونحوهما على نحو لا يتمكن من ذبحه أو نحره جاز أن يعقر بسيف أو خنجر أو سكين أو غيرها، وإن لم يصادف موضع التذكية، ويحل لحمه بذلك. نعم لا بد من التسمية واجتماع شرائط الذابح في العاقر وقد تقدم التعرض لذلك في الصيد فراجع.

(مسألة 1672) : ذكاة الجنين ذكاة أمه. فإذا ماتت أمه بدون تذكية فإن مات هو في جوفها حرم أكله، وكذا إذا اخرج منها حياً فمات بلا تذكية. وأما إذا أخرج حياً فذكي حل أكله وإذا ذكيت أمه فمات في جوفها حل أكله وإذا أخرج حياً فإن ذكي حل أكله وإن لم يذك حرم.

(مسألة 1673) : إذا ذكيت أمه فخرج حياً ولم يتسع الزمان لتذكيته فمات بلا تذكية فالأقوى حرمته. وأما إذا ماتت أمه بلا تذكية فخرج حياً ولم يتسع الزمان لتذكيته فمات بدونها فلا إشكال في حرمته.

(مسألة 1674) : الظاهر وجوب المبادرة إلى شق جوف الذبيحة وإخراج الجنين منها على النحو المتعارف. فإذا توانى عن ذلك زائداً على المقدار المتعارف فحرج ميتاً حرم أكله.

(مسألة 1675) : يشترط في حل الجنين بذكاة أمه أن يكون تام الخلقة بأن يكون قد أشعر أو وبر فإن لم يكن تام الخلقة فلا يحل بذكاة أمه. والذي تحصّل مما ذكرناه أن حلية الجنين بلا تذكية مشروطة بأمور : تذكية أمه وتمام خلقته، وموته قبل خروجه من بطنها، وإلا ففي حليته تشترط التذكية مستقلاً.

ص: 371

(مسألة 1676) : لا فرق في ذكاة الجنين بذكاة أمه بين محلل الأكل ومحرمه إذا كان مما يقبل التذكية.

(مسألة 1677) : تقع التذكية على كل حيوان مأكول اللحم. فإذا ذكي صار طاهراً وحل أكله، ولا تقع على نجس العين من الحيوان كالكلب والخنزير، فإذا ذكي كان باقياً على النجاسة، ولا تقع على الإنسان فإذا مات نجس وإن ذكي، ولا يطهر بدنه إلا بالغسل إذا كان مسلماً، أما الكافر الذي هو نجس العين فلا يطهر بالغسل أيضاً، وأما غير الأصناف المذكورة من الحيوانات غير مأكولة اللحم فالظاهر وقوع الذكاة عليه إذا كان له جلد يمكن الانتفاع به بلبس وفرش ونحوهما ويطهر لحمه وجلده بها. ولا فرق بين السباع كالأسد والنمر والفهد والثعلب وغيرها وبين الحيوانات التي تسكن باطن الأرض إذا كان لها جلد على النحو المذكور مثل ابن عرس والجرذ ونحوهما فيجوز استعمال جلدها إذا ذكيت فيما يعتبر فيه الطهارة فيتخذ ظرفاً للسمن والماء، ولا ينجس ما يلاقيها برطوبة.

(مسألة 1678) : الحيوان غير مأكول اللحم إذا لم تكن له نفس سائلة ميتته طاهرة ويجوز الانتفاع بما يمكن الانتفاع به من أجزائه كالجلد على الأظهر، ولكن لا يجوز بيعه، فإذا ذكي جاز بيعه.

(مسألة 1679) : لا فرق في الحيوان غير مأكول اللحم في قبوله للتذكية إذا كان له جلد بين الطير وغيره.

(مسألة 1680) : إذا وجد لحم الحيوان الذي يقبل التذكية أو جلده ولم يعلم أنه مذكى أم لا، يبنى على عدم التذكية فلا يجوز أكل لحمه ولا استعمال جلده فيما يعتبر فيهالتذكية ولكن لا يحكم بنجاسة ملاقيه برطوبة حتى إذا كانت له نفس سائلة ما لم يعلم أنه ميتة. نعم إذا وجد بيد المسلم يتصرف فيه بما يناسب التذكية مثل تعريضه للبيع والاستعمال باللبس والفرش ونحوهما يحكم بأنه مذكى حتى يثبت خلافه والظاهر عدم الفرق بين كون تصرف المسلم مسبوقاً بيد الكافر

ص: 372

وعدمه. نعم إذا علم أن المسلم أخذه من الكافر من دون تحقيق حكم عليه بعدم التذكية. والمأخوذ من مجهول الإسلام بمنزلة المأخوذ من المسلم إذا كان في بلاد يغلب عليها المسلمون، وإذا كان بيد المسلم من دون تصرف يشعر بالتذكية كما إذا رأينا لحماً بيد المسلم لا يدرى أنه يريد أكله أو وضعه لسباع الطير لا يحكم بأنه مذكى، وكذا إذا صنع الجلد ظرفاً للقاذورات مثلاً.

(مسألة 1681) : ما يؤخذ من يد الكافر من جلد ولحم وشحم يحكم بأنه غير مذكى وإن أخبر بأنه مذكى، إلا إذا علم أنه كان في تصرف المسلم الدال على التذكية. وأما دهن السمك المجلوب من بلاد الكفار فلا يجوز شربه من دون ضرورة إذا اشتري من الكافر. وإن أحرز تذكية السمكة المأخوذ منها الدهن إذا لم يحرز أنها كانت ذات فلس، ويجوز شربه إذا اشتري من المسلم إلا إذا علم أن المسلم، أخذه من الكافر من دون تحقيق

(مسألة 1682) : لا فرق في المسلم الذي يكون تصرفه أمارة على التذكية بين المؤمن والمخالف وبين من يعتقد طهارة الميتة بالدبغ وغيره، وبين من يعتبر الشروط المعتبرة في التذكية كالاستقبال والتسمية، وكون المذكي مسلماً وقطع الأعضاء الأربعة وغير ذلك، ومن لا يعتبرها.

(مسألة 1683) : إذا كان الجلد مجلوباً من بلاد الإسلام ومصنوعاً فيها حكم بأنه مذكى، وكذا إذا وجد مطروحاً في أرضهم وعليه أثر استعمالهم له باللباس والفرش والطبخ أو بصنعه لباساً أو فراشاً أو نحوها من الاستعمالات الموقوفة على التذكية، أو المناسبة لها فإنه يحكم بأنه مذكى، ويجوز استعماله استعمال المذكى من دون حاجة إلى الفحص عن حاله. وفي حكم الجلد اللحم المجلوب من بلاد الإسلام.

ص: 373

(مسألة 1684) : قد ذكر للذبح والنحر آداب فيستحب في ذبح الغنم أن تربط يداه ورجل واحدة، ويمسك صوفه أو شعره حتى يبرد، وفي ذبح البقر أن تعقل يداه ورجلاه ويطلق الذنب، وفي الإبل أن تربط أخفافها إلى إباطها وتطلق رجلاها هذا إذا نحرت باركة أما إذا نحرت قائمة فينبغي أن تكون يدها اليسرى معقولة، وفي الطير يستحب أن يرسل بعد الذباحة ويستحب حدّ الشفرة وسرعة القطع وأن لا يُري الشفرة للحيوان، ولا يحركه من مكان إلى آخر، بل يتركه في مكانه إلى أن يموت وأن يساق إلى الذبح برفق ويعرض عليه الماء قبل الذّبح ويمرّ السكين بقوة ذهاباً وإياباً ويجدّ في الإسراع ليكون أسهل وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) إن الله تعالى شأنه كتب عليكم الإحسان في كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحدّ أحدكم شفرته وليرح ذبيحته. وفي خبر آخر أنه (صلى الله عليه وآله وسلّم) أمر أن تحدّ الشفار وأن توارى عن البهائم.

(مسألة 1685) : تكره الذباحة ليلاً وكذا نهار الجمعة إلى الزوال.

ص: 374

كتاب الأطعمة والأشربة

وهي على أقسام :

(القسم الأول) : حيوان البحر :

(مسألة 1686) : لا يؤكل من حيوان البحر إلاّ سمك له فلس. وإذا شك في وجود الفلس بني على حرمته، ويحرم الميت الطافي على وجه الماء، والجلال منه حتى يزول الجلل منه عرفاً، والجري والمارماهي والزمير والسلحفاة، والضفدع، والسرطان، ولا بأس بالكنعت والربيثا والطمر والطيراني والابلامي والأربيان.

(مسألة 1687) : يؤكل من السمك ما يوجد في جوف السمكة المباحة إذا كان مباحاً، ولا يؤكل من السمك ما تقذفه الحية إلاّ أن يضطرب ويؤخذ حياً خارج الماء والأحوط الأولى اعتبار عدم انسلاخ فلسه أيضاً.

(مسألة 1688) : البيض تابع لحيوانه، ومع الاشتباه قيل يؤكل الخشن المسمى في عرفنا (ثروب) ولا يؤكل الأملس المسمى في عرفنا (حلبلاب) وفيها تأمل. بل الأظهر حرمة كل ما يشتبه منه.

(القسم الثاني) البهائم :

(مسألة 1689) : يؤكل من الأهلية منها : الإبل، والبقر، والغنم، ومن الوحشية كبش الجبل، والبقر، والحمير، والغزلان واليحامير، وفي تخصيص الحل بهذه الخمسة إشكال والحلية غير بعيدة.

(مسألة 1690) : يكره أكل لحوم الخيل والبغال والحمير.

ص: 375

(مسألة 1691) : يحرم الجلال من المباح وهو ما يأكل عذرة الإنسان خاصة، إلا مع الاستبراء وزوال الجلل والأحوط مع ذلك أن تطعم الناقة بل مطلق الإبل علفاً طاهراً أربعين يوماً والبقر عشرين، والشاة عشرة، والبطة خمسة أو سبعة والدجاجة ثلاثة.

(مسألة 1692) : لو رضع الجدي لبن خنزيرة واشتد لحمه حرم هو ونسله، وإن لم يشتدّ استبرئ سبعة أيام فيلقى على ضرع شاة، وإذا كان مستغنياً عن الرضاع علف ويحل بعد ذلك. ولا يلحق بالحنزيرة الكلبة والكافرة وفي عموم الحكم لشرب اللبن من غير ارتضاع إشكال والأظهر العدم.

(مسألة 1693) : يحرم كل ذي ناب كالأسد والثعلب ويحرم الأرنب والضب واليربوع والحشرات والقمل والبق والبراغيث.

(مسألة 1694) : إذا وطأ إنسان حيواناً محللاً أكله ومما يطلب لحمه حرم لحمه ولحم نسله ولبنهما ولا فرق في الواطئ بين الصغير والكبير على الأحوط، كما لا فرق بين العاقل والمجنون والحر والعبد والعالم والجاهل والمختار والمكره، ولا فرق في الموطوء بين الذكر والأنثى، ولا يحرم الحمل إذا كان متكوناً قبل الوطء، كما لا يحرم الموطوء إذا كان ميتاً أو كان من غير ذوات الأربع، ثم إن الموطوء إن كان مما يقصد لحمه كالشاة ذبح فإذا مات أحرق، فإن كان الواطئ غير المالك أغرم قيمته للمالك وإن كان المقصود ظهره نفي إلى بلد غير بلد الوطء وأغرم الواطئ قيمته للمالك إذا كان غير المالك، ثم يباع في البلد الآخر وفي رجوع الثمن إلى المالك أو الواطئ، أو يتصدق به على الفقراء وجوه، خيرها أوسطها، وإذا اشتبه الموطوء فيما يقصد لحمه أخرج بالقرعة.

(مسألة 1695) : إذا شرب الحيوان المحلل الخمر فسكر فذبح جاز أكل لحمه ولا بدّ من غسل ما لاقته الخمرة مع بقاء عينها، ولا يؤكل ما في جوفه من

ص: 376

القلب والكرش وغيرهما على الأحوط. ولو شرب بولاً أو غيره من النجاسات لم يحرم لحمه ويؤكل ما في جوفه بعد غسله مع بقاء عين النجاسة فيه.

(القسم الثالث) : الطيور :

(مسألة 1696) : يحرم السبع منها كالبازي والرخمة وكل ما كان صفيفه أكثر من دفيفه، فإن تساويا فالأظهر الحلية إذا كانت فيه إحدى العلامات الآتية وإلا فيحرم. والعلامات هي: القانصة والحوصلة والصيصية. وهي الشوكة التي خلف رجل الطائر خارجة عن الكف. والقانصة وهي في الطير بمنزلة الكرش في غيره، ويكفي في الحل وجود واحدة منها وإذا انتفت كلها حرم، وإذا تعارض انتفاء الجميع مع الدفيف قدم الدفيف فيحل ما كان دفيفه أكثر ،وإن لم تكن له إحدى الثلاث، وإذا كانت له إحدى الثلاث وكان صفيفه أكثر حرم. نعم إذا وجدت له إحدى الثلاث أو جميعها وشُكَّ في كيفية طيرانه حكم بالحل. وأما اللقلق فقد حكي وجود الثلاث فيه والظاهر حليته مع العلم بوجود الثلاث.

(مسألة 1697) : يحرم الخفاش والطاووس والجلال من الطير حتى يستبرأ ويحرم الزنابير والذباب وبيض الطير المحرم وكذا يحرم الغراب على إشكال في بعض أقسامه. وإن كان الأحوط الحرمة في الجميع. وما اتفق طرفاه من البيض المشتبه حرام.

(مسألة 1698) : يكره الخطاف والهدهد والصرد والصوام والشقراق والفاختة والقبّرة.

(القسم الرابع) : الجامد :

(مسألة 1699) : تحرم الميتة وأجزاؤها وهي نجسة إذا كان الحيوان ذا نفس سائلة، وكذلك أجزاؤها عدا صوف ما كان طاهراً في حال حياته وشعره

ص: 377

ووبره وريشه، وقرنه وعظمه، وظلفه، وبيضه، إذا اكتسى الجلد الفوقاني وإن كان مما لا يحل أكله والأنفحة.

(مسألة 1700) : يحرم من الذبيحة على المشهور القضيب والأنثيان والطحال، والفرث، والدم، والمثانة، والمرارة، والمشيمة، والفرج، والعلباء، والنخاع، والغدد، وخرزة الدماغ، والحدق وفي تحريم بعضها إشكال والإجتناب أحوط، هذا في ذبيحة غير الطيور. وأما الطيور فالظاهر عدم وجود شيء من الأمور المذكورة فيها ما عدا الرجيع والدم والمرارة والطحال والبيضتين في بعضها، ويكره الكلى، وأذنا القلب.

(مسألة 1701) : تحرم الأعيان النجسة كالعذرة والقطعة المبانة من الحيوان الحي، وكذا يحرم الطين عدا اليسير الذي لا يتجاوز قدر الحمصة من تربة الحسين عليه السلام للاستشفاء، ولا يحرم غيره من المعادن والأحجار والأشجار.

(مسألة 1702) : تحرم السموم القاتلة وكل ما يضرّ الإنسان ضرراً يعتد به ومنه (الأفيون) المعبّر عنه بالترياك سواء أكان من جهة زيادة المقدار المستعمل منه، أم من جهة المواظبة عليه. فيحرم ابتداء، أما إذا استمر مدة ولم يمكن تركه وكانت حياته متوقفةً عليه فيجوز شربه.

(القسم الخامس) : في المائع :

(مسألة 1703) : يحرم كل مسكر من خمر وغيره حتى الجامد والفقاع والدم والعلقة وإن كانت في البيضة وكل ما ينجس من المائع وغيره.

(مسألة 1704) : إذا وقعت النجاسة في الجسم الجامد كالسمن والعسل الجامدين لزم إلقاء النجاسة وما يكنفها من الملاقي ويحل الباقي، وإذا كان المائع غليظاً ثخيناً فهو كالجامد ولا تسري النجاسة إلى تمام أجزائه إذا لاقت بعضها بل تختص النجاسة بالبعض الملاقي لها ويبقى الباقي على طهارته.

ص: 378

(مسألة 1705) : الدهن المتنجس بملاقاة النجاسة يجوز بيعه والانتفاع به فيما لا يشترط فيه الطهارة، والأولى الاقتصار على الإستصباح به تحت السماء.

(مسألة 1706) : تحرم الأبوال مما لا يؤكل لحمه، بل مما يؤكل لحمه أيضاً على الأحوط، عدا بول الإبل للاستشفاء، وكذا يحرم لبن الحيوان المحرم دون الإنسان فإنه يحل لبنه.

(مسألة 1707) : لو اشتبه اللحم فلم يُعلم أنه مذكى ولم يكن عليه يد مسلم تشعر بالتذكية اجتنب، ولو اشتبه فلم يعلم أنه من نوع الحلال أو الحرام حكم بحله.

(مسألة 1708) : يجوز للإنسان أن يأكل من بيت من تضمنته الآية الشريفة المذكورة في سورة النور وهم : الآباء والأمهات والإخوان والأخوات، والأعمام، والعمّات، والأخوال، والخالات والأصدقاء، والموكل المفوض إليه الأمر، وتلحق بهم الزوجة والولد فيجوز الأكل من بيوت من ذكر على النحو المتعارف مع عدم العلم بالكراهية، بل مع عدم الظن بها أيضاً على الأحوط، بل مع الشك فيها وإن كان الأظهر الجواز حينئذٍ.

(مسألة 1709) : إذا انقلبت الخمر خلا طهرت وحلت بعلاج كان أو غيره على تفصيل قد مرّ في فصل المطهرات.

(مسألة 1710) : لا يحرم شيء من المربيات وإن شم منها رائحة المسكر.

(مسألة 1711) : العصير من العنب إذا غلى بالنار أو بغيرها أو نشّ حرم، حتى يذهب ثلثاه بالنار أو ينقلب خلاً.

(مسألة 1712) : يجوز للمضطر تناول المحرم بقدر ما يمسك رمقه، إلا الباغي وهو الخارج على الإمام أو باغي الصيد لهواً، والعادي وهو قاطع

ص: 379

الطريق، أو السارق ويعاقب عليه. وأما الخارج على الإمام فلا يبعد شمول وجوب قتله لنفسه أيضاً.

(مسألة 1713) : يحرم الأكل بل الجلوس على مائدة فيها المسكر.

(مسألة 1714) : يستحب غسل اليدين قبل الطعام والتسمية والأكل باليمنى، وغسل اليد بعده والحمد له تعالى والاستلقاء وجعل الرجل اليمنى على اليسرى.

ص: 380

كتاب الميراث

وفيه فصول

الفصل الأول: وفيه فوائد

(الفائدة الأولى) : في بيان موجباته وهي نوعان : نسب وسبب أما النسب فله ثلاث مراتب :

(المرتبة الأولى) : صنفان : أحدهما الأبوان المتصلان دون الأجداد والجدات. وثانيهما الأولاد وإن نزلوا ذكوراً وإناثاً.

(المرتبة الثانية) : صنفان أيضاً : أحدهما الأجداد والجدات وإن علوا كآبائهم وأجدادهم، وثانيهما الاخوة والأخوات وأولادهم وإن نزلوا.

(المرتبة الثالثة) : صنف واحد : وهم الأعمام والأخوال وإن علوا كأعمام الآباء والأمهات وأخوالهم، وأعمام الأجداد والجدات وأخوالهم وكذلك أولادهم وإن نزلوا كأولاد أولادهم وأولاد أولاد أولادهم وهكذا بشرط صدق القرابة للميت عرفاً.

وأما السبب فهو قسمان: زوجية وولاء. والولاء ثلاث مراتب : ولاء العتق، ثم ولاء ضمان الجريرة، ثم ولاء الإمامة.

(الفائدة الثانية) ينقسم الوارث إلى خمسة أقسام :

(الأول) من يرث بالفرض لا غير دائماً وهو الزوجة فإن لها الربع مع عدم الولد والثمن معه ولا يرد عليها أبداً.

ص: 381

(الثاني) من يرث بالفرض دائماً وربما يرث معه بالرد كالأم فإن لها السدس مع الولد والثلث مع عدمه إذا لم يكن حاجب. وربما يرد عليها زائداً على الفرض كما إذا زادت الفريضة على السهام، وكالزوج فإنه يرث الربع مع الولد والنصف مع عدمه ويرد عليه إذا لم يكن وارث إلا الإمام.

(الثالث) من يرث بالفرض تارة، وبالقرابة أخرى كالأب فإنه يرث بالفرض مع وجود الولد وبالقرابة مع عدمه، والبنت والبنات فإنها ترث مع الإبن بالقرابة وبدونه بالفرض، والأخت والأخوات للأب أو للأبوين فإنها ترث مع الأخ بالقرابة ومع عدمه بالفرض وكالأخوة والأخوات من الأم فإنها ترث بالفرض إذا لم يكن جد للأم وبالقرابة معه.

(الرابع) من لا يرث إلا بالقرابة كالابن والأخوة للأبوين أو للأب والجد والأعمام والأخوال.(الخامس) من لا يرث بالفرض ولا بالقرابة بل يرث بالولاء كالمعتق وضامن الجريرة والإمام.

(الفائدة الثالثة) الفرض هو السهم المقدّر في الكتاب المجيد وهو ستة أنواع النصف، والربع، والثمن، والثلثان، والثلث، والسدس وأربابها ثلاثة عشر (فالنصف) للبنت الواحدة والأخت للأبوين أو للأب فقط إذا لم يكن معها أخ، وللزوج مع عدم الولد للزوجة وإن نزل. (والربع) للزوج مع الولد للزوجة وإن نزل، وللزوجة مع عدم الولد للزوج وإن نزل. فإن كانت واحدة اختصت به وإلا فهو لهن بالسوية (والثمن) للزوجة مع الولد للزوج وإن نزل. فإن كانت واحدة اختصت به وإلاّ فهو لهنّ بالسوية (والثلثان) للبنتين فصاعداً مع دعم الابن المساوي وللأختين فصاعداً للأبوين أو للأب فقط مع عدم الأخ. (والثلث) سهم الأم مع دعم الولد وإن نزل وعدم الإخوة على تفصيل يأتي، وللأخ والأخت من الأم مع التعدد (والسدس) لكل واحد من الأبوين مع الولد وإن نزل وللأم مع

ص: 382

الاخوة للأبوين أو للأب على تفصيل يأتي، وللأخ الواحد من الأم والأخت الواحدة منها.

(الفائدة الرابعة) الورثة إذا تعددوا فتارة يكونون جميعاً ذوي فروض، وأخرى لا يكونون جميعاً ذوي فروض، وثالثة يكون بعضهم ذا فرض دون بعض، وإذا كانوا جميعاً ذوي فروض فتارة تكون فروضهم مساوية للفريضة، وأخرى تكون زائدة عليها، وثالثة تكون ناقصة عنها فالأولى مثل أن يترك الميت أبوين وبنتين فإن سهم كل واحد من الأبوين السدس وسهم البنتين الثلثان ومجموعها مساو للفريضة. والثانية مثل أن يترك الميت زوجاً وأبوين وبنتين فإن السهام في الفرض الربع والسدسان والثلثان وهي زائدة على الفريضة وهذه هي مسألة العول. ومذهب المخالفين فيها ورود النقص على كل واحد من ذوي الفروض على نسبة فرضه، وعندنا يدخل النقص على بعض منهم معين دون بعض، ففي إرث أهل المرتبة الأولى يدخل النقص على البنت أو البنات وفي إرث المرتبة الثانية كما إذا ترك زوجاً وأختاً من الأبوين وأختين من الأم فإن سهم الزوج النصف وسهم الأخت من الأبوين النصف وسهم الأختين من الأم الثلث ومجموعها زائد على الفريضة يدخل النقص على المتقرب بالأبوين كالأخت في المثال دون الزوج ودون المتقرب بالأم، والثالثة ما إذا ترك بنتاً واحدة فإن لها النصف وتزيد الفريضة نصفاً وهذه هي مسألة التعصيب. ومذهب المخالفين فيها إعطاء النصف الزائد إلى العصبة وهم الذكور الذين ينتسبون إلى الميت بغير واسطة أو بواسطة الذكور وربما عمموها للأنثى على تفصيل عندهم، وأما عندنا فيرد على ذوي الفروض كالبنت في الفرض فترث النصف بالفرض، والنصف الآخر بالرد. وإذا لم يكونوا جميعاً ذوي فروض قُسِّم المال بينهم على تفصيل يأتي، وإذا كان بعضهم ذا فرض دون آخر أعطي ذو الفرض فرضه وأعطي الباقي لغيره على تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى

ص: 383

الفصل الثاني: موانع الإرث ثلاثة : الكفر، والقتل، والرق.

اشارة

(مسألة 1715) : لا يرث الكافر من المسلم وإن قرب ولا فرق في الكافر بين الأصلي ذمياً كان أو حربياً وبين المرتد فطرياً كان أو ملياً، ولا في المسلم بين المؤمن وغيره.

(مسألة 1716) : الكافر لا يمنع من يتقرب به فلو مات مسلم وله ولد كافر وللولد ولد مسلم كان ميراثه لولد ولده. ولو مات المسلم وفقد الوارث المسلم كان ميراثه للإمام.

(مسألة 1717) : المسلم يرث الكافر ويمنع من إرث الكافر للكافر فلو مات كافر وله ولد كافر وأخ مسلم أو عم مسلم أو معتق أو ضامن جريرة ورثه ولم يرثه الكافر فإن لم يكن له وارث إلا الإمام كان ميراثه للكافر. هذا إذا كان الكافر أصلياً، أما إذا كان مرتداً عن ملة أو فطرة فالمشهور أن وارثه الإمام ولا يرثه الكافر، وكان بحكم المسلم، ولكن لا يبعد أن يكو المرتد كالكافر الأصلي ولا سيما إذا كان ملّياً.

(مسألة 1718) : لو أسلم الكافر قبل القسمة فإن كان مساوياً في المرتبة شارك وإن كان أولى انفرد بالميراث ولو أسلم بعد القسمة لم يرث وكذا لو أسلم مقارناً للقسمة ولا فرق فيما ذكرنا بين كون الميت مسلماً وكافراً. هذا إذا كان الوارث متعدداً. وأما إذا كان الوارث واحداً لم يرث. نعم لو كان الواحد هو الزوجة وأسلمت قبل القسمة بينها وبين الإمام ورثت وإلا لم ترث.

(مسألة 1719) : لو أسلم بعد قسمة بعض التركة ففيه أقوال قيل يرث من الجميع وقيل لا يرث من الجميع، وقيل بالتفصيل، وأنه يرث مما لم يقسّم ولا يرث مما قسِّم وهو الأقرب.

ص: 384

(مسألة 1720) : المسلمون يتوارثون وإن اختلفوا في المذاهب والآراء، والكافرون يتوارثون على ما بينهم وإن اختلفوا في الملل.

(مسألة 1721) : المراد من المسلم والكافر وارثاً وموروثاً وحاجباً ومحجوباً أعم من المسلم والكافر بالأصالة وبالتبعية كالطفل والمجنون. فكل طفل كان أحد أبويه مسلماً حال انعقاد نطفته بحكم المسلم فيمنع من إرث الكافر ولا يرثه الكافر، بل يرثه الإمام إذا لم يكن له وارث مسلم. وكل طفل كان أبواه معاً كافرين حال انعقاد نطفته بحكم الكافر، فلا يرث المسلم مطلقاً كما لا يرث الكافر إذا كان له وارث مسلم غير الإمام. نعم إذا أسلم أحد أبويه قبل بلوغه تبعه في الإسلام وجرى عليه حكم المسلمين

(مسألة 1722) : المرتد قسمان فطري وملي فالفطري من انعقدت نطفته وكان أحد أبويه مسلماً ثم كفر. وفي اعتبار إسلامه بعد البلوغ قبل الكفر قولان أقربهما العدم. وحكمه أنه يقتل في الحال وتعتد امرأته من حين الارتداد عدة الوفاة، ويقسم ميراثه بين ورثته ولا تسقط الأحكام المذكورة بالتوبة، نعم إذا تاب تقبل توبته باطناً على الأقوى بل ظاهراً أيضاً بالنسبة إلى غير الأحكام المذكورة فيحكم بطهارة بدنه وصحة تزويجه جديداًحتى بامرأته السابقة. وأما المرتد الملي وهو ما يقابل الفطري فحكمه أنه يستتاب فإن تاب فهو وإلا قتل وينفسخ نكاحه لزوجته فتبين منه إن كانت غير مدخول بها وتعتد عدة الطلاق من حين الارتداد إن كانت مدخولاً بها، ولا تقسم أمواله إلا بعد الموت بالقتل أو بغيره وإذا تاب ثم ارتد ففي وجوب قتله من دون استتابة في الثالثة أو الرابعة إشكال بل الأظهر عدم القتل. وأما المرأة المرتدة فلا تقتل ولا تنتقل أموالها عنها إلى الورثة إلا بالموت، وينفسخ نكاحها فإن كانت مدخولاً بها اعتدت عدة الطلاق، وإلا بانت بمجرد الارتداد وتحبس ويضيق عليها وتضرب أوقات الصلاة حتى تتوب فإن تابت قبلت توبتها. ولا فرق بين أن تكون عن ملة أو عن فطرة.

ص: 385

(مسألة 1723) : يشترط في ترتيب الأثر على الارتداد البلوغ وكمال العقل والاختيار فلو أكره على الارتداد فارتد كان لغواً، وكذا إذا كان غافلاً أو ساهياً أو سبق لسانه أو كان صادراً عن الغضب الذي لا يملك به نفسه ويخرج به عن الاختيار أو كان عن جهل بالمعنى.

(الثاني) من موانع الإرث القتل.

(مسألة 1724) : القاتل لا يرث المقتول إذا كان القتل عمداً ظلماً، أما إذا كان خطأ محضاً فلا يمنع كما إذا رمى طائراً فأصاب الموروث، وكذا إذا كان بحقٍ قصاصاً أو دفاعاً عن نفسه أو عرضه أو ماله. أما إذا كان الخطأ شبيهاً بالعمد كما إذا ضربه بما لا يقتل عادة قاصداً ضربه غير قاصد قتله فقتل به. ففيه قولان أقواهما أنه بحكم الخطأ من حيث عدم المنع من الإرث وإن كان بحكم العمد من حيث كون الدية فيه على الجاني لا على العاقلة وهم الآباء والأبناء والاخوة من الأب وأولادهم والأعمام وأولادهم بخلاف الخطأ المحض فإن الدية فيه عليهم فإن عجزوا عنها أو عن بعضها تكون الدية أو النقص على الجاني فإن عجز فعلى الإمام والخيار في تعيين الدية من الأصناف الستة للجاني لا المجني عليه والمراد من الأصناف الستة مائة من الإبل، ومائتان من البقر، وألف شاة، وألف دينار وعشرة آلاف درهم، ومائتا حلة هذا للرجل، ودية المرأة نصف ذلك ولا فرق في القتل العمدي بين أن يكون بالمباشرة كما لو ضربه بالسيف فمات وأن يكون بالتسبيب كما لو كتّفه وألقاه إلى السبع فافترسه، أو أمر صبياً غير مميز أو مجنوناً بقتل أحد فقتله.وأما إذا أمر به شخصاً عاقلاً مختاراً فامتثل أمره بإرادته واختياره فقتله فلا إشكال في أنه ارتكب حراماً ويحكم بحبسه إلى أن يموت إلا أنه لا يكون قاتلاً لا عمداً ولا خطأ. وإذا قتل اثنان شخصاً عمداً وكانا وارثين منعا جميعاً وكان لولي المقتول القصاص منهما جميعاً، ورد نصف الدية على كل واحد

ص: 386

منهما، وإذا قتل واحد اثنين منع من إرثهما وكان لولي كل منهما القصاص منه فإذا اقتص منه لأحدهما ثبتت للآخر الدية في مال الجاني.

(مسألة 1725) : القتل خطأ لا يمنع من إرث غير الدية كما مر. وفي منعه عن إرث الدية إشكال. نعم في خصوص الزوج والزوجة الظاهر أنهما لا يرثان من الدية.

(مسألة 1726) : القاتل لا يرث ولا يحجب من هو أبعد منه وإن تقرب به. فإذا قتل الولد أباه ولم يكن له ولد آخر وكان للقاتل عمداً ولد، كان ولده وارثاً لأبيه. فإن كان للمقتول أب أو أم كان الإرث له ولولد القاتل.

(مسألة 1727) : إذا انحصر الوارث في الطبقة الأولى بالولد القاتل انتقل إرث المقتول إلى الطبقة الثانية وهم أجداده واخوته ومع عدمهم فإلى الطبقة الثالثة وهم أعمامه وأخواله ولو لم يكن له وارث إلا الإمام كان ميراثه للإمام.

(مسألة 1728) : إذا أسقطت الأم جنينها كانت عليها ديته لأبيه أو غيره من ورثته وهي عشرون ديناراً إذا كان نطفة، وأربعون إذا كان علقة، وستون إذا كان مضغة، وثمانون إذا كان عظاماً ومائة إذا تم خلقه ولم تلجه الروح فإن ولجته الروح كانت ديته دية الإنسان الحي. وإذا كان الأب هو الجاني على الجنين كانت ديته لأمه. وفي تحديد المراتب المذكورة خلاف والأظهر أنه أربعون يوماً نطفة، وأربعون علقة، وأربعون مضغة.

(مسألة 1729) : الدية في حكم مال المقتول، تقضى منها ديونه، وتخرج منها وصاياه، سواء أكان القتل خطأ أم كان عمداً أم أخذت الدية صلحاً، أو لتعذر القصاص بموت الجاني أو فراره أونحوهما. ويرثها كل وارث سواء أكان ميراثه بالنسب أو السبب حتى الزوجين وإن كانا لا يرثان من القصاص شيئاً. نعم لا يرثها من يتقرب بالأم سواء الاخوة والأخوات وأولادهم وغيرهم كالأجداد للأم والأخوال.

ص: 387

(مسألة 1730) : إذا جرح أحدٌ شخصاً فمات، لكن المجروح أبرأ الجارح في حياته، لم تسقط الدية عمداً كان الجرح أو خطأ.

(مسألة 1731) : إذا لم يكن للمقتول عمداً وارث سوى الإمام رجع الأمر إليه ،وله المطالبة بالقصاص وله أخذ الدية مع التراضي. وإذا كان الوارث غير الإمام كان له العفو بلا مال. ولو عفا بشرط المال لم يسقط القصاص ولم تثبت الدية إلا مع رضا الجاني.

(مسألة 1732) : لو عفا بعض الوراث عن القصاص قيل لم يجز لغيره الاستيفاء، وقيل يجوز له مع ضمان حصة من لم يأذن والأظهر الثاني.

(مسألة 1733) : إذا كان المقتول مهدور الدم شرعاً كالزاني المحصن واللائط، فقتله قاتل بغير إذن الإمام قيل لم يثبت القصاص ولا الدية، بل ولا الكفارة وفيه إشكال نعم يصح ذلك فيما يجوز فيه القتل كموارد الدفاع عن النفس أو العرض، أو قتل ساب النبي والأئمة عليهم السلام ونحو ذلك

(مسألة 1734) : إذا كان على المقتول عمداً ديون وليس له تركة توفى منها جاز للولي القصاص وليس للديان المنع عنه.

(مسألة 1735) : إذا كانت الجناية على الميت بعد الموت لم تعط الدية إلى الورثة بل صرفت في وجوه البر عنه وإذا كان عليه دين ففي وجوب قضائه منها إشكال والأظهر الوجوب.

(الثالث من موانع الإرث) الرق

فانه مانع من الوارث والموروث، من غير فرق بين المتشبث بالحرية كأم الولد والمكاتب المشروط والمطلق الذي لم يؤد شيئاً من مال الكتابة فإذا مات المملوك كان ماله لسيده، وإذا مات الحر وكان له وارث حر وآخر مملوك كان

ص: 388

ميراثه للحر دون المملوك وإن كان أقرب من الحر، ولو كان الوارث ملوكاً وله ولد حر كان الميراث لولده دونه، وإذا لم يكن له وارث أصلاً كان ميراثه للإمام.

(مسألة 1736) : إذا أعتق المملوك قبل القسمة شارك مع المساواة وانفرد بالميراث إذا كان أولى، ولو أعتق بعد القسمة أو مقارناً لها أو كان الوارث واحداً لم يرث. نعم إذا كان الوارث الزوجة والإمام فأعتق قبل القسمة بينهما ورث كما تقدم في الكافر.

(مسألة 1737) : إذا انحصر الوارث بالمملوك، اشتري من التركة اتحد أو تعدد على إشكال في ضامن الجريرة إرثاً وحجباً والأحوط عتقه بعد الشراء، فإن زاد من المال شيء دفع إليه، وإذا امتنع مالكه عن بيعه قهر على بيعه، وإذا قصرت التركة عن قيمته لم يفك وكان الإرث للإمام.

(مسألة 1738) : لو كان الوارث المملوك متعدداً ووفت حصة بعضهم بقيمته دون الآخر فلا يبعد لزوم فك الأول، وإذا كانت حصة كل منهم لا تفي بقيمته كان الوارث الإمام.

(مسألة 1739) : لو كان المملوك قد تحرر بعضه، ورث من نصيبه بقدر حريته، وإذا مات وكان له مال ورث منه الوارث بقدر حريته. والباقي لمالكه ولا فرق بين ما جمعه بجزئه الحر وغيره.

الفصل الثالث: (في كيفية الإرث حسب مراتبه)

اشارة

(المرتبة الأولى) : الآباء والأبناء.

(مسألة 1740) : للأب المنفرد تمام المال وللأم المنفردة أيضاً تمام المال الثلث منه بالفرض والزائد عليه بالرد.

ص: 389

(مسألة 1741) : لو اجتمع الأبوان وليس للميت ولد ولا زوج أو زوجة كان للأم الثلث مع عدم الحاجب والسدس معه على ما يأتي والباقي للأب، ولو كان معهما زوج كان له النصف، ولو كان معهما زوجة كان لها الربع وللأم الثلث مع عدم الحاجب والسدس معه والباقي للأب.

(مسألة 1742) : للإبن المنفرد تمام المال وللبنت المنفردة أيضاً تمام المال النصف بالفرض والباقي يرد عليها، وللإبنين المنفردين فما زاد تمام المال يقسم بينهم بالسوية، وللبنتين المنفردتين فما زاد الثلثان ويقسم بينهن بالسوية والباقي يرد عليهن كذلك.

(مسألة 1743) : لو اجتمع الابن والبنت منفردين، أو الأبناء والبنات منفردين كان لهما أو لهم تمام المال للذكر مثل حظ الأنثيين.

(مسألة 1744) : إذا اجتمع الأبوان مع ابن واحد كان لكل من الأبوين السدس والباقي للإبن، وإذا اجتمعا مع الأبناء الذكور فقط كان لكل واحد منهما السدس والباقي يقسّم بين الأبناء بالسوية، وإذا كان مع الإبن الواحد أو الأبناء البنات قسّم الباقي بينهم جميعاً للذكر مثل حظ الأنثيين، وإذا اجتمع أحد الأبوين مع ابن واحد كان له السدس والباقي للإبن، وإذا اجتمع مع الأبناء الذكور كان له السدس والباقي يقسّم بين الأبناء بالسوية، ولو كان مع الابن الواحد أو الأبناء البنات كان لأحد الأبوين السدس والباقي يقسّم بين الأبناء والبنات للذكر مثل حظ الأنثيين.

(مسألة 1745) : إذا اجتمع أحد الأبوين مع بنت واحدة لا غير كان لأحد الأبوين الربع بالتسمية والرد والثلاثة الأرباع للبنت كذلك، وإذا اجتمع أحد الأبوين مع البنتين فما زاد لا غير كان له الخمس بالتسمية والرد والباقي للبنتين أو البنات بالتسمية والرد يقسم بينهن بالسوية، وإذا اجتمع الأبوان معاً مع البنت الواحدة لا غير كان لكل واحد منهما الخمس بالتسمية والرد والباقي

ص: 390

للبنت كذلك، وإذا اجتمعا معاً مع البنتين فما زاد كان لكل واحد منهما السدس والباقي للبنتين فما زاد.

(مسألة 1746) : لو اجتمع زوج أو زوجة مع أحد الأبوين ومعهما البنت الواحدة أو البنات كان للزوج الربع وللزوجة الثمن وللبنت الواحدة النصف وللبنات الثلثان ولأحد الأبوين السدس. فإن بقي شيء يرد عليه وعلى البنت أو البنات وإن كان نقص ورد النقص على البنات.

(مسألة 1747) : إذا اجتمع زوج مع الأبوين والبنت كان للزوج الربع وللأبوين السدسان وللبنت سدسان ونصف سدس ينتقص من سهمها وهو النصف نصف السدس. ولو كان البنتان مكان البنت كان لهما سدسان ونصف فينتقص من سهمهما وهو الثلثان سدس ونصف سدس.

(مسألة 1748) : إذا اجتمعت زوجة مع الأبوين وبنتين كان للزوجة الثمن وللأبوين السدسان وللبنتين الباقي. وهو أقل من الثلثين اللذين هما سهم البنتين، وإذا كان مكان البنتين في الفرض بنت فلا نقص، بل يزيد ربع السدس فيرد على الأبوين والبنت خمسان منه للأبوين وثلاثة أخماس منه للبنت.

(مسألة 1749) : إذا خلف الميت مع الأبوين أخاً وأختين أو أربع أخوات أو أخوين حجبوا الأم عما زاد على السدس بشرط أن يكونوا مسلمين غير مماليك، ويكونوامنفصلين بالولادة لا حملاً ،ويكونوا من الأبوين أو من الأب ويكون الأب موجوداً. فإن فقد بعض هذه الشرائط فلا حجب وإذا اجتمعت هذه الشرائط فإن لم يكن مع الأبوين ولد ذكر أو أنثى كان للأم السدس خاصة والباقي للأب وإن كان معهما بنت فلكل من الأبوين السدس وللبنت النصف والمشهور أن الباقي يرد على الأب والبنت أرباعاً ولا يرد شيء منه على الأم ولكنه لا يخلو من إشكال ولا يبعد أن يرد الباقي على الجميع.

ص: 391

(مسألة 1750) : أولاد الأولاد يقومون مقام الأولاد عند عدمهم ويأخذ كل فريق منهم نصيب من يتقرب به، فلو كان للميت أولاد بنت وأولاد ابن كان لأولاد البنت الثلث يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، ولأولاد الابن الثلثان يقسم بينهم كذلك ولا يرث أولاد الأولاد إذا كان للميت ولد ولو أنثى، فإذا كان له بنت وابن ابن كان الميراث للبنت والأقرب من أولاد الأولاد يمنع الأبعد، فإذا كان للميت ولد ولد وولد ولد ولد كان الميراث لولد الولد دون ولد ولد الولد ويشاركون الأبوين كآبائهم، لأن الآباء مع الأولاد صنفان ولا يمنع قرب الأبوين إلى الميت عن إرثهم، فإذا ترك أبوين وولد ابن كان لكل من الأبوين السدس ولولد الابن الباقي، وإذا ترك أبوين وأولاد بنت كان للأبوين السدسان ولأولاد البنت النصف ويرد السدس على الجميع على النسبة ثلاثة أخماس منه لأولاد البنت وخمسان للأبوين فينقسم مجموع التركة أخماساً، ثلاثة منها لأولاد البنت بالتسمية والرد، واثنان منها للأبوين بالتسمية والرد كما تقدم في صورة ما إذا ترك أبوين وبنتاً، وإذا ترك أحد الأبوين مع أولاد بنت كان لأولاد البنت ثلاثة أرباع التركة بالتسمية والرد، والربع الرابع لأحد الأبوين كما تقدم فيما إذا ترك أحد الأبوين وبنتاً، وهكذا الحكم في بقية الصور فيكون الرد على أولاد البنت كما يكون الرد على البنت، وإذا شاركهم زوج أو زوجة دخل النقص على أولاد البنت فإذا ترك زوجاً وأبوين وأولاد بنت كان للزوج الربع وللأبوين السدسان ولأولاد البنت سدسان ونصف سدس فينقص من سهم البنت وهو نصف نصف سدس.

(مسألة 1751) : يحبى الولد الذكر الأكبر وجوباً مجاناً بثياب بدن الميت وخاتمه وسيفه ومصحفه لا غيرها وإذا تعدد الثوب أعطي الجميع ولا يترك الاحتياط عند تعدد غيره من المذكورات بالمصالحة مع سائر الورثة في الزائد على الواحد، وإذا كان على الميت دين مستغرق للتركة جاز للمحبو فكها بما يخصها من الدين، وإذا لم يكن مستغرقاً لها جاز له فكها بالنسبة، فإذا كان دينه عشرة

ص: 392

دراهم وكان مازاد على الحبوة من التركة يساوي ثمانية وقيمة الحبوة أربعة فكها المحبو بثلاثة دراهم وثلث درهم، وإذا كان الدين في الفرض المذكور ثمانية دراهم فكها المحبو بدرهمين وثلثي درهم وهكذا، وكذا الحكم في الكفن وغيره من مؤنة التجهيز التي تخرج من أصل التركة.

(مسألة 1752) : إذا أوصى الميت بتمام الحبوة أو ببعضها لغير المحبو نفذت وصيته وحرم المحبو منها، وإذا أوصى بثلث ماله أخرج الثلث منها ومن غيرها، وكذلكإذا أوصى بمائة دينار مثلاً فإنها تخرج من مجموع التركة بالنسبة إن كانت تساوي المائة ثلثها أو تنقص عنه، ولو كانت أعيانها أو بعضها مرهونة وجب فكها من مجموع التركة.

(مسألة 1753) : لا فرق بين الكسوة الشتائية والصيفية ولا بين القطن والجلد وغيرهما، ولا بين الصغيرة والكبيرة فيدخل فيها مثل القلنسوة وفي الجورب والحزام والنعل تردد أظهره الدخول، ولا يتوقف صدق الثياب ونحوها على اللبس بل يكفي إعدادها لذلك. نعم إذا أعدها للتجارة أو لكسوة غيره من أهل بيته وأولاده وخدّامه لم تكن من الحبوة.

(مسألة 1754) : لا يدخل في الحبوة مثل الساعة وفي دخول مثل الدرع والطاس والمغفر ونحوها من معدات الحرب إشكال، بل الأظهر العدم والأحوط في مثل البندقية والخنجر ونحوهما من آلات السلاح المصالحة مع سائر الورثة. نعم لا يبعد تبعية غمد السيف وقبضته وبيت المصحف وحمائلهما لهما. وفي دخول ما يحرم لبسه مثل خاتم الذهب وثوب الحرير إشكال، وإذا كان مقطوع اليدين فالسيف لا يكون من الحبوة ولو كان أعمى فالمصحف ليس منها. نعم لو طرأ ذلك اتفاقاً وكان قد أعدهما قبل ذلك لنفسه كانا منها.

ص: 393

(مسألة 1755) : إذا اختلف الذكر الأكبر وسائر الورثة في ثبوت الحبوة أو في أعيانها أو في غير ذلك من مسائلها لاختلافهم في الاجتهاد أو في التقليد روجعوا إلى الحاكم الشرعي في فصل خصومتهم.

(مسألة 1756) : إذا تعدد الذكر مع التساوي في السن فالمشهور الاشتراك فيها ولا يخلو من وجه قوي.

(مسألة 1757) : المراد بالأكبر الأسبق ولادة لا علوقاً وإذا اشتبه فالمرجع في تعيينه القرعة، والظاهر اختصاصها بالولد الصلبي فلا تكون لولد الولد ولا يشترط انفصاله بالولادة فضلاً عن اشتراط بلوغه حين الوفاة.

(مسألة 1758) : قيل يشترط في المحبو أن لا يكون سفيهاً وفيه إشكال، بل الأظهر عدمه وقيل يشترط أن يخلف الميت مالا غيرها وفيه تأمل.

(مسألة 1759) : يستحب لكل من الأبوين الوارثين لولدهما إطعام الجد والجدة المتقرب به سدس الأصل إذا زاد نصيبه عن السدس وهل يختص بصورة اتحاد الجد فلا يشمل التعدد أو صورة فقد الولد للميت فلا يشمل صورة وجوده إشكال.

(المرتبة الثانية) الاخوة والأجداد.

(مسألة 1760) : لا ترث هذه المرتبة إلا إذا لم يكن للميت ولد وإن نزل ولا أحد الأبوين المتصلين.

(مسألة 1761) : إذا لم يكن للميت جد ولا جدة فللأخ المنفرد من الأبوين المال كله يرثه بالقرابة ومع التعدد ينقسم بينهم بالسوية، وللأخت المنفردة من الأبوين المال كله ترث نصفه بالفرض كما تقدم ونصفه الآخر رداً بالقرابة، وللأختين أو الأخوات من الأبوين المال كله يرثن ثلثيه بالفرض كما تقدم والثلث الثالث رداً بالقرابة، وإذا ترك أخاً واحداً أو أكثر من الأبوين مع أخت واحدة أو

ص: 394

أكثر كذلك فلا فرض، بل يرثون المال كله بالقرابة يقتسمونه بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.

(مسألة 1762) : للأخ المنفرد من الأم والأخت كذلك المال كله يرث السدس بالفرض والباقي رداً بالقرابة وللإثنين فصاعداً من الاخوة للأم ذكوراً أو إناثاً أو ذكوراً وإناثاً المال كله يرثون ثلثه بالفرض الباقي رداً بالقرابة ويقسم بينهم فرضاً وردّاً بالسوية.

(مسألة 1763) : لا يرث الأخ أو الأخت للأب مع وجود الأخ والأخت للأبوين. نعم مع فقدهم يرثون على نهج ميراثهم فللأخ من الأب واحداً كان أو متعدداً تمام المال بالقرابة، وللأخت الواحدة النصف بالفرض والنصف الآخر بالقرابة وللأخوات المتعددات تمام المال يرثن ثلثيه بالفرض والباقي رداً بالقرابة، وإذا اجتمع الاخوة والأخوات كلهم للأب كان لهم تمام المال يقسمونه بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.

(مسألة 1764) : إذا اجتمع الاخوة بعضهم من الأبوين وبعضهم من الأم فإن كان الذي من الأم واحداً كان له السدس ذكراً كان أو أنثى والباقي لمن كان من الأبوين، وإن كان الذي من الأم متعدداً كان له الثلث يقسّم بينهم بالسوية ذكوراً كانوا أو إناثاً أو ذكوراً وإناثاً والباقي لمن كان من الأبوين واحداً كان أو متعدداً ومع اتفاقهم في الذكورة والأنوثة يقسم بالسوية ومع الاختلاف فيهما يقسّم للذكر مثل حظ الأنثيين. نعم في صورة كون المتقرب بالأبوين إناثاً وكون الأخ من الأم واحداً كان ميراث الأخوات من الأبوين بالفرض ثلثين وبالقرابة السدس وإذا كان المتقرب بالأبوين أنثى واحدة كان لها النصف فرضاً وما زاد على سهم المتقرب بالأم وهو السدس أو الثلث رداً عليها ولا يرد على المتقرّب بالأم وإذا وجد معهم إخوة من الأب فقط فلا ميراث لهم كما عرفت.

ص: 395

(مسألة 1765) : إذا لم يوجد للميت إخوة من الأبوين وكان له إخوة بعضهم من الأب فقط وبعضهم من الأم فقط فالحكم كما سبق في الإخوة من الأبوين من أنه إذا كان الأخ من الأم واحداً كان له السدس، وإذا كان متعدداً كان له الثلث يقسّم بينهم بالسوية. والباقي الزائد على السدس أو الثلث يكون للإخوة من الأب يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين مع اختلافهم في الذكورة والأنوثة، ومع عدم الاختلاف فيهما يقسم بينهم بالسوية. وفي الصورة التي يكون المتقرب بالأب أنثى واحدة يكون أيضاً ميراثها ما زاد على سهم المتقرب بالأم بعضه بالفرض وبعضه بالردّ بالقرابة.

(مسألة 1766) : في جميع صور انحصار الوارث القريب بالإخوة سواء كانوا من الأبوين أم من الأب أم من الأم أم بعضهم من الأبوين وبعضهم من الأب وبعضهم منالأم إذا كان للميت زوج كان له النصف وإذا كانت له زوجة كان لها الربع وللأخ من الأم مع الاتحاد السدس ومع التعدد الثلث والباقي للإخوة من الأبوين أو من الأب إذا كانوا ذكوراً أو ذكوراً وإناثاً أما إذا كانوا إناثاً ففي بعض الصور تكون الفروض أكثر من الفريضة كما إذا ترك زوجاً أو زوجة وأختين من الأبوين أو الأب وأختين أو أخوين من الأم فإن سهم المتقرّب بالأم الثلث وسهم الأختين من الأبوين أو الأب الثلثان وذلك تمام الفريضة، ويزيد عليها سهم الزوج أو الزوجة وكذا إذا ترك زوجاً وأختاً واحدة من الأبوين أو الأب وأختين أو أخوين من الأم فإن نصف الزوج ونصف الأخت من الأبوين يستوفيان الفريضة ويزيد عليها سهم المتقرب بالأم ففي مثل هذه الفروض يدخل النقص على المتقرب بالأبوين أو بالأب خاصة، ولا يدخل النقص على المتقرب بالأم ولا على الزوج أو الزوجة. وفي بعض الصور تكون الفريضة أكثر كما إذا ترك زوجة وأختاً من الأبوين وأخاً وأختاً من الأبوين وأخاً أو أختاً من الأم فإن الفريضة تزيد على الفروض بنصف سدس فيرد على الأخت من الأبوين فيكون

ص: 396

لها نصف التركة ونصف سدسها وللزوجة الربع وللأخ أو الأخت من الأم السدس.

(مسألة 1767) : إذا لم يكن للميت أخ أو أخت وانحصر الوارث بالجد أو الجدة للأب أو للأم كان له المال كله. وإذا اجتمع الجد والجدة معاً فإن كانا لأب كان المال لهما يقسّم بينهما للذكر ضعف الأنثى، وإن كانا لأم فالمال أيضاً لهما لكن يقسم بينهما بالسوية، وإذا اجتمع الأجداد بعضهم للأم وبعضهم للأب كان للجد للأم الثلث وإن كان واحداً وللجد للأب الثلثان، ولا فرق فيما ذكرنا بين الجد الأدنى والأعلى. نعم إذا اجتمع الجد الأدنى والجد الأعلى كان الميراث للأدنى ولم يرث الأعلى شيئاً ولا فرق بين أن يكون الأدنى ممن يتقرب به الأعلى كما إذا ترك جدة وأبا جدته وغيره كما إذا ترك جداً وأبا جدة فإن الميراث في الجميع للأدنى هذا مع المزاحمة، أما مع عدمها كما إذا ترك إخوة لأم وجداً قريباً لأب وجداً بعيداً لأم أو ترك إخوة لأب وجداً قريباً لأم وجداً بعيداً لأب فإن الجد البعيد في الصورتين يشارك الإخوة ولا يمنع الجد القريب من إرث الجد البعيد.

(مسألة 1768) : إذا اجتمع الزوج أو الزوجة مع الأجداد كان للزوج نصفه وللزوجة ربعه، ويعطى المتقرب بالأم الثلث والباقي من التركة للمتقرب بالأب.

(مسألة 1769) : إذا اجتمع الإخوة مع الأجداد فالجد وإن علا كالأخ، والجدة وإن علت كالأخت. فالجد وإن علا يقاسم الإخوة وكذلك الجدة. فإذا اجتمع الإخوة والأجداد فإما أن يتحد نوع كل منهما مع الاتحاد في جهة النسب بأن يكون الأجداد والإخوة كلهم للأب أو كلهم للأم أو مع الاختلاف فيها كأن يكون الأجداد للأب والإخوة للأم وإمّا أن يتعدد نوع كل منهما بأن يكون كل من الأجداد والإخوة بعضهم للأب وبعضهم للأم أو يتعدد نوع أحدهما ويتحد

ص: 397

الآخر بأن يكون الأجداد نوعين بعضهم للأب وبعضهم للأم والإخوة للأب لا غير، أو للأم لا غير أو يكون الإخوة بعضهم للأب وبعضهم للأم والأجداد كلهم للأب لا غير، أو للأم لا غير، ثم إن كلاً منهما إما أن يكون واحداً ذكراً أو أنثى أو متعدداً ذكوراً أو إناثاً أو ذكوراً وإناثاً فهنا صور :الأولى : أن يكون الجد واحداً ذكراً أو أنثى أو متعدداً ذكوراً أو إناثاً أو ذكوراً وإناثاً من قبل الأم وكان الأخ على أحد الأقسام المذكورة أيضاً من قبل الأم فيقتسمون المال بينهم بالسوية.

الثانية : أن يكون كل من الجد والأخ على أحد الأقسام المذكورة فيهما للأب فيقتسمون المال بينهم أيضاً بالسوية إن كانوا جميعاً ذكوراً أو إناثاً، وإن اختلفوا في الذكورة والأنوثة اقتسموا المال بالتفاضل للذكر مثل حظ الأنثيين.

الثالثة : أن يكون الجد للأب والأخ للأبوين والحكم فيها كذلك.

الرابعة : أن يكون الأجداد متفرقين بعضهم للأب وبعضهم للأم ذكوراً كانوا أو إناثاً أو ذكوراً وإناثاً والإخوة كذلك بعضهم للأب وبعضهم للأم ذكوراً أو إناثاً أو ذكوراً وإناثاً فللمتقرب بالأم من الإخوة والأجداد جميعاً الثلث يقتسمونه بالسوية وللمتقرب بالأب منهم جميعاً الثلثان يقتسمونهما للذكر مثل حظ الأنثيين مع الاختلاف بالذكورة والأنوثة وإلا فبالسوية.

الخامسة : أن يكون الجد على أحد الأقسام المذكورة للأب والأخ على أحد الأقسام المذكورة أيضاً للأم فيكون للأخ السدس إن كان واحداً والثلث إن كان متعدداً يقسم بينهم بالسوية، والباقي للجد واحداً كان أو متعدداً. ومع الاختلاف في الذكورة والأنوثة يقتسمونه بالتفاضل.

السادسة : أن ينعكس الفرض بأن يكون الجد بأقسامه المذكورة للأم والأخ للأب فيكون للجد الثلث وللأخ الثلثان، وإذا كانت مع الجد للأم أخت للأب فإن كانتا اثنتين فما زاد لم تزد الفريضة على السهام، وإن كانت واحدة كان لها النصف

ص: 398

وللجد الثلث وفي السدس الزائد من الفريضة لا يترك الاحتياط بالصلح ،وإذا كان الأجداد متفرقين وكان معهم أخ أو أكثر لأب كان للجد للأم وإن كان أنثى واحدة الثلث ومع تعدد الجد يقتسمونه بالسوية ولو مع الاختلاف في الذكورة والأنوثة، والثلثان للأجداد للأب مع الإخوة له يقتسمونه للذكر مثل حظ الأنثيين وإذا كان معهم أخ لأم كان للجد للأم مع الأخ للأم الثلث بالسوية ولو مع الاختلاف بالذكورة والأنوثة، وللأجداد للأب الثلثان للذكر مثل حظ الأنثيين، وإذا كان الجد للأب لا غير والإخوة متفرقين فللإخوة للأم السدس إن كان واحداً، والثلث إن كان متعدداً يقتسمونه بالسوية وللإخوة للأب مع الأجداد للأب الباقي. ولو كان الجد للأم لا غير والإخوة متفرقين كان للجد مع الإخوة للأم الثلث بالسوية وللأخ للأب الباقي.

(مسألة 1770) : أولاد الإخوة لا يرثون مع الإخوة شيئاً فلا يرث ابن الأخ للأبوين مع الأخ من الأب أو الأم، بل الميراث للأخ. هذا إذا زاحمه، أما إذا لم يزاحمه كما إذا ترك جداً لأم وابن أخ لأم مع أخ لأب فابن الأخ يرث مع الجد الثلث، والثلثان للأخ.

(مسألة 1771) : إذا فقد الميت الإخوة قام أولادهم مقامهم في الإرث وفي مقاسمة الأجداد وكل واحد من الأولاد يرث نصيب من يتقرب به. فلو خلف الميت أولاد أخ أو أخت لأم لا غير كان لهم سدس أبيهم أو أمهم بالفرض والباقي بالرد. ولو خلّف أولاد أخوين أو أختين أو أخ وأخت كان لأولاد كل واحد من الإخوة السدس بالفرضوسدسين بالرد. ولو خلف أولاد ثلاثة إخوة كان لكل فريق من أولاد واحد منهم حصة أبيه أو أمه. وهكذا الحكم في أولاد الإخوة للأبوين أو للأب ويقسم المال بينهم بالسوية إن كانوا أولاد أخ لأم. وإن اختلفوا بالذكورة والأنوثة والمشهور على أن التقسيم بالتفاضل للذكر مثل حظ

ص: 399

الأنثيين إن كانوا أولاد أخ للأبوين أو للأب ولكنه لا يخلو من إشكال، ولا يبعد أن تكون القسمة بينهم أيضاً بالسوية والأحوط هو الرجوع إلى الصلح.

(مسألة 1772) : إذا خلف الميت أولاد أخ لأم وأولاد أخ للأبوين أو للأب كان لأولاد الأخ للأم السدس وإن كثروا ولأولاد الأخ للأبوين أو للأب الباقي وإن قلّوا.

(مسألة 1773) : إذا لم يكن للميت إخوة ولا أولادهم الصلبيون كان الميراث لأولاد الإخوة والأعلى طبقة منهم. وإن كان من الأب يمنع من إرث الطبقة النازلة وإن كانت من الأبوين.

(المرتبة الثالثة) : الأعمام والأخوال.

(مسألة 1774) : لا يرث الأعمام والأخوال مع وجود المرتبتين الأوليين وهم صنف واحد يمنع الأقرب منهم الأبعد.

(مسألة 1775) : للعم المنفرد تمام المال وكذا للعمَّين فما زاد يقسم بينهم بالسوية، وكذا العمة والعمتان والعمات لأب كانوا أم لأم أم لهما.

(مسألة 1776) : إذا اجتمع الذكور والإناث كالعم والعمة والأعمام والعمات فالمشهور والمعروف أن القسمة بالتفاضل للذكر مثل حظ الأنثيين إن كانوا جميعاً للأبوين، أو للأب، لكن لا يبعد أن تكون القسمة بينهم بالتساوي، والأحوط الرجوع إلى الصلح، أما إذا كانوا جميعاً للأم ففيه قولان أقربهما القسمة بالسوية.

(مسألة 1777) : إذا اجتمع الأعمام والعمات وتفرقوا في جهة النسب بأن كان بعضهم للأبوين وبعضهم للأب وبعضهم للأم سقط المتقرب بالأب ولو فقد المتقرب بالأبوين قام المتقرب بالأب مقامه والمشهور على أن المتقرب بالأم إن كان واحداً كان له السدس، وإن كان متعدداً كان لهم الثلث يقسم بينهم بالسوية

ص: 400

والزائد على السدس أو الثلث يكون للمتقرب بالأبوين واحداً كان أو أكثر يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، ولكن لا يبعد أن يكون الأعمام والعمات من طرف الأم كالأعمام والعمات من الأبوين ويقتسمون المال بينهم جميعاً بالسوية.

(مسألة 1778) : للخال المنفرد المال كله وكذا الخالان فما زاد يقسم بينهم بالسوية، وللخالة المنفردة المال كله وكذا الخالتان والخالات. وإذا اجتمع الذكور والإناث بأن كان للميت خال فما زاد وخالة فما زاد يقسم المال بينهم بالسوية الذكر والأنثى سواء أكانوا للأبوين أم للأب أم للأم. أما لو تفرقوا بأن كان بعضهم للأبوين وبعضهم للأب وبعضهم للأم سقط المتقرب بالأب. ولو فقد المتقرب بالأبوين قام مقامه. والمشهور على أنه للمتقرب بالأم السدس إن كان واحداً والثلث إن كان متعدداً يقسم بينهم بالسوية والباقيللمتقرب بالأبوين يقسم بينهم بالسوية أيضاً، ولكن لا يبعد أن يكون المتقرب بالأم كالمتقرب بالأبوين وأنهم يقتسمون المال جميعاً بينهم بالسوية.

(مسألة 1779) : إذا اجتمع الأعمام والأخوال كان للأخوال الثلث وإن كان واحداً ذكراً أو أنثى ،والثلثان للأعمام وإن كان واحداً ذكراً أو أنثى، فإن تعدد الأخوال اقتسموا الثلث على ما تقدم، وإذا تعدد الأعمام اقتسموا الثلثين كذلك.

(مسألة 1780) : أولاد الأعمام والعمات والأخوال والخالات يقومون مقام آبائهم عند فقدهم فلا يرث ولد عم او عمه مع عم، ولا مع عمة ولا مع خال ولا مع خالة، ولا يرث ولد خال أو خالة مع خال، ولا مع خالة ولا مع عم ولا مع عمة، بل يكون الميراث للعم أو الخال أو العمة أو الخالة لما عرفت من أن هذه المرتبة كلها صنف واحد لا صنفان كي يتوهم أن ولد العم لا يرث مع العم والعمة، ولكن يرث مع الخال والخالة، وإن ولد الخال لا يرث مع الخال أو الخالة

ص: 401

ولكن يرث مع العم أو العمة، بل الولد لا يرث مع وجود العم أو الخال ذكراً أو أنثى ويرث مع فقدهم جميعاً.

(مسألة 1781) : يرث كل واحد من أولاد العمومة والخؤولة نصيب من يتقرب به، فإذا اجتمع ولد عمة وولد خال أخذ ولد العمة وإن كان واحداً أنثى الثلثين، وولد الخال وإن كان ذكراً متعدداً الثلث، والقسمة بين أولاد العمومة أو الخؤولة على النحو المتقدم في أولاد الإخوة في (المسألة رقم 1771).

(مسألة 1782) : قد عرفت أن العم والعمة والخال والخالة يمنعون أولادهم ويستثنى من ذلك صورة واحدة وهي ابن عم لأبوين مع عم لأب فإن ابن العم يمنع العم ويكون المال كله له، ولا يرث معه العم للأب أصلاً، ولو كان معهما خال أو خالة سقط ابن العم وكان الميراث للعم والخال والخالة، ولو تعدد العم أو ابن العم أو كان زوج أو زوجة ففي جريان الحكم الأول إشكال.

(مسألة 1783) : الأقرب من العمومة والخؤولة يمنع الأبعد منهما فإذا كان للميت عم وعم أب، أو عم أم أو خال لأب أو أم كان الميراث لعم الميت ولا يرث معه عم أبيه، ولا خال أبيه ولا عم أمه ولا خال أمه. ولو لم يكن للميت عم أو خال، لكن كان له عم أب وعم جد أو خال جد كان الميراث لعم الأب دون عم الجد أو خاله.

(مسألة 1784) : أولاد العم والخال مقدمون على عم أب الميت وخال أبيه، وعم أم الميت وخالها وكذلك من نزلوا من الأولاد وإن بعدوا فإنهم مقدمون على الدرجة الثانية من الأعمام والأخوال.

(مسألة 1785) : إذا اجتمع عم الأب وعمته وخاله وخالته، وعم الأم وعمتها وخالها وخالتها كان للمتقرب بالأم الثلث يقسم بينهم بالسوية وللمتقرب بالأب الثلثان. والمشهور أن ثلثهما لخال أبيه وخالته يقسم بينهما بالسوية والباقي

ص: 402

يقسم بين عم أبيه وعمته للذكر مثل حظ الأنثيين. ولا يبعد أن المتقربين بالأب أيضاً يقتسمون المال بينهم بالسوية من دون فرق بين الخال والعم.

(مسألة 1786) : إذا دخل الزوج أو الزوجة على الأعمام والأخوال كان للزوج أو الزوجة نصيبه الأعلى من النصف أو الربع وللأخوال الثلث وللأعمام الباقي، وأما قسمة الثلث بين الأخوال وكذلك قسمة الباقي بين الأعمام فعلى ما تقدم.

(مسألة 1787) : إذا دخل الزوج أو الزوجة على الأخوال فقط وكانوا متعددين أخذ نصيبه الأعلى من النصف والربع. والباقي يقسم بينهم على ما تقدم. وهكذا الحكم فيما لو دخل الزوج أو الزوجة على الأعمام المتعددين.

(مسألة 1788) : إذا اجتمع لوارث سببان للميراث فإن لم يمنع أحدهما الآخر ورث بهما معاً سواء اتحدا في النوع كجد لأب هو جد لأم أم تعددا كما إذا تزوج أخو الشخص لأبيه بأخته لأمه فولدت له فهذا الشخص بالنسبة إلى ولد الشخص عم وخال وولد الشخص بالنسبة إلى ولدهما ولد عم لأب وولد خال لأم وإذا منع أحد السببين الآخر ورث بالمانع كما إذا تزوج الأخوان زوجتين فولدتا لهما ثم مات أحدهما فتزوجها الآخر فولدت له، فولد هذه المرأة من زوجها الأول ابن عم لولدها من زوجها الثاني، وأخ لأم فيرث بالأخوة لا بالعمومة.

ص: 403

فصل في الميراث بالسبب

اشارة

وهو اثنان : الزوجية والولاء فهنا مبحثان :

(الأول) : الزوجية.

(مسألة 1789) : يرث الزوج من الزوجة النصف مع عدم الولد لها والربع مع الولد وإن نزل وترث الزوجة من الزوج الربع مع عدم الولد له والثمن مع الولد وإن نزل.

(مسألة 1790) : إذا لم تترك الزوجة وارثاً لها ذا نسب أو سبب إلا الإمام فالنصف لزوجها بالفرض والنصف الآخر يرد عليه على الأقوى. وإذا لم يترك الزوج وارثاً له ذا نسب أو سبب إلا الإمام فلزوجته الربع فرضاً وهل يرد عليها الباقي مطلقاً أو إذا كان الامام غائباً أو لا يرد عليها، بل يكون الباقي للإمام أقواها الأخير.

(مسألة

1791) : إذا كان للميت زوجتان فما زاد اشتركن في الثمن بالسوية مع الولد وفي الربع بالسوية مع عدم الولد.

(مسألة 1792) : يشترط في التوارث بين الزوجين دوام العقد فلا ميراث بينهما في الانقطاع، كما تقدم ولا يشترط الدخول في التوارث فلو مات أحدهما قبل الدخول ورثه الآخر زوجاً كان أم زوجة، والمطلقة رجعياً ترثه وتورث بخلاف البائن.

(مسألة 1793) : يصح طلاق المريض لزوجته ولكنه مكروه. فإذا طلقها في مرضه وماتت الزوجة في العدة الرجعية ورثها. ولا يرثها في غير ذلك. وأما إذا مات الزوج فهي ترثه سواء أكان الطلاق رجعياً أم كان بائناً إذا كان موته قبل انتهاء السنة من حين الطلاق، ولم يبرأ من مرضه الذي طلق فيه ولم يكن الطلاق

ص: 404

بسؤالها ولم يكن خلعاً ولا مباراة ولم تتزوج بغيره، فلو مات بعد انتهاء السنة ولو بلحظة أو برئ من مرضه فمات لم ترثه، وأما إذا كان الطلاق بسؤالها، أو كان الطلاق خلعاً أو كانت قد تزوجت المرأة بغيره ففيه إشكال.

(مسألة 1794) : إذا طلق المريض زوجاته وكن أربعاً وتزوج أربعاً أخرى ودخل بهن ومات في مرضه قبل انتهاء السنة من الطلاق اشتركت المطلقات مع الزوجات في الربع أو الثمن.

(مسألة 1795) : إذا طلق الشخص واحدة من أربع فتزوج أخرى ثم مات واشتبهت المطلقة في الزوجات الأولى ففي الرواية _ وعليها العمل _ : أنه كان للتي تزوجها أخيراً ربع الثمن وتشترك الأربع المشتبهة فيهن المطلقة بثلاثة أرباعه، هذا إذا كان للميت ولد وإلاّ كان لها الربع وتشترك الأربعة الأولى في ثلاثة أرباعه، وهل يتعدى إلى كل مورد اشتبهت فيه المطلقة بغيرها أو يعمل بالقرعة قولان أقواهما الثاني.

(مسألة 1796) : يرث الزوج من جميع ما تركته الزوجة منقولاً وغيره أرضاً وغيرها، وترث الزوجة مما تركه الزوج من المنقولات والسفن والحيوانات، ولا ترث من الأرض لا عيناً ولا قيمة وترث مما ثبت فيها من بناء وأشجار وآلات وأخشاب ونحو ذلك، ولكن للوارث دفع القيمة إليها ويجب عليها القبول ولا فرق في الأرض بين الخالية والمشغولة بغرس أو بناء أو زرع أو غيرها.

(مسألة 1797) : كيفية التقويم أن يفرض البناء ثابتاً من غير أجرة ثم يقوّم على هذا الفرض فتستحق الزوجة الربع أو الثمن من قيمته.

(مسألة 1798) : الظاهر أنها تستحق من عين ثمرة النخل والشجر والزرع الموجودة حال موت الزوج، وليس للوارث إجبارها على قبول القيمة.

ص: 405

(مسألة 1799) : إذا لم يدفع الوارث القيمة لعذر أو لغير عذر سنة أو أكثر كان للزوجة المطالبة بأجرة البناء، وإذا أثمرت الشجرة في تلك المدة كان لها فرضها من الثمرة عيناً. فلها المطالبة بها، وهكذا ما دام الوارث لم يدفع القيمة تستحق الحصة من المنافع والثمرة وغيرهما من النماءات.

(مسألة 1800) : إذا انقلعت الشجرة أو انكسرت أو انهدم البناء فالظاهر عدم جواز إجبارها على أخذ القيمة فيجوز لها المطالبة بحصتها من العين كالمنقول. نعم إذا كان البناء معرضاً للهدم والشجر معرضاً للكسر والقطع جاز إجبارها على أخذ القيمة ما دام لم ينهدم ولم ينكسر ،وكذا الحكم في الفسيل المعد للقطع، وهل يلحق بذلك الدولاب والمحالة والعريش الذي يكون عليه أغصان الكرم وجهان أقواهما ذلك. فللوارث إجبارها على أخذ قيمتها وكذا بيوت القصب.

(مسألة 1801) : القنوات والعيون والآبار ترث الزوجة من آلاتها وللوارث إجبارها على أخذ القيمة، وأما الماء الموجود فيها فإنها ترث من عينه وليس للوارث إجبارها على أخذ قيمته. ولو حفر سرداباً أو بئراً قبل أن يصل إلى حد النبع فمات ورثت منها الزوجة وعليها أخذ القيمة.

(مسألة 1802) : لو لم يرغب الوارث في دفع القيمة للزوجة عن الشجرة والبناء فدفع لها العين نفسها كانت شريكة فيها كسائر الورثة، ولا يجوز لها المطالبة بالقيمة. ولو عدل الوارث عن بذل العين إلى القيمة ففي وجوب قبولها إشكال وإن كان الأظهر العدم.

(مسألة 1803) : المدار في القيمة على قيمة يوم الدفع.

(مسألة 1804) : قد تقدم في كتاب النكاح أنه لو تزوج المريض ودخل بزوجته ورثته، وإذا مات قبل الدخول فنكاحه باطل ولا مهر لها ولا ميراث.

ص: 406

(المبحث الثاني) : في الولاء، وأقسامه ثلاثة :
(الأول) : ولاء العتق.

(مسألة 1805) : يرث المعتق عتيقه بشروط ثلاثة :

(الشرط الأول) : أن لا يكون عتقه في واجب كالكفارة والنذر، وإلا لم يثبت للمعتق الميراث، وكذا المكاتب إلا إذا شرط المولى عليه الميراث فإنه حينئذ يرثه. نعم إذا شرط عليه الميراث مع وجود القريب لم يصح الشرط.

(مسألة 1806) : الظاهر أنه لا فرق في عدم الولاء لمن أعتق عبده عن نذر بين أن يكون قد نذر عتق عبد كلي فأعتق عبداً معيناً وفاءاً بنذره، وأن يكون قد نذر عتق عبد بعينه فأعتقه وفاءاً بنذره.

(مسألة

1807) : لو تبرع بالعتق عن غيره ممن كان العتق واجباً عليه لم يرث عتيقه.(الشرط الثاني) : أن لا يتبرأ من ضمان جريرته فلو اشترط عليه عدم ضمان جريرته لم يضمنها ولم يرثه، ولا يشترط في سقوط الضمان الإشهاد على الأقوى. وهل يكفي التبري بعد العتق أو لا بد من أن يكون حال عتق وجهان.

(الشرط الثالث) : أن لا يكون للعتيق قرابة، قريباً كان أو بعيداً فلو كان له قريب كان هو الوارث.

(مسألة 1808) : إذا كان للعتيق زوج أو زوجة كان له نصيبه الأعلى والباقي للمعتق.

(مسألة 1809) : إذا اشترك جماعة في العتق، اشتركوا في الميراث ذكوراً كانوا أما إناثاً، أم ذكوراً وإناثاً. وإذا عدم المعتق فإن كان ذكراً انتقل الولاء إلى

ص: 407

ورثته الذكور كالأب والبنين دون النساء كالزوجة والأم والبنات، وإذا كان أنثى انتقل إلى عصبتها وهم أولاد أبيها دون أولادها ذكوراً وإناثاً. وفي عدم كون الأب نفسه من العصبة إشكال.

(مسألة 1810) : يقوم أولاد الأولاد مقام آبائهم عند عدمهم ويرث كل منهم نصيب من يتقرب به كما تقدم في الميراث بالقرابة.

(مسألة 1811) : مع فقد الأب والأولاد حتى من نزلوا يكون الولاء للإخوة والأجداد من الأب دون الأخوات والجدات والأجداد من الأم. ومع فقدهم فللأعمام دون الأخوال والعمات والخالات، ومع فقد قرابة المعتق يرثه المعتق له. فإن عدم وكان ذكراً ورثه أولاده الذكور وأبوه وأقاربه من الأب دون الأم وإن كان أنثى ورثته العصبة.

(مسألة 1812) : لا يرث العتيق مولاه، بل إذا لم يكن له قريب ولا ضامن جريرة كان ميراثه للإمام.

(مسألة 1813) : لا يصح بيع الولاء ولا هبته ولا اشتراطه في بيع.

(مسألة 1814) : إذا حملت الأمة المعتقة بعد العتق من رق فالولد حر، وولاؤه لمولى الأمة الذي أعتقها، فإذا أعتق أبوه انجر الولاء من معتق أمه إلى معتق أبيه، فإن فقد فإلى ورثته الذكور، فإن فقدوا فإلى عصبته، فإن فقدوا فإلى معتق معتق أبيه، ثم إلى ورثته الذكور، ثم إلى عصبته، ثم إلى معتق معتق معتق أبيه وهكذا، فإن فقد الموالي وعصباتهم فلمولى عصبة الأب، ثم إلى عصبات موالي العصبات، فإن فقد الموالي وعصباتهم ومواليهم فإلى ضامن الجريرة فإن لم يكن، فإلى الإمام عليه السلام ولا يرجع إلى مولى الأم ولو كان له زوج رد عليه ولم يرثه الإمام ولو كانت زوجة كان الزائد على نصيبها للإمام.

ص: 408

(مسألة 1815) : إذا حملت الأمة المعتقة من حر لم يكن لمولى أمه ولاء وإذا حملت به قبل العتق فتحرر لا بعتق أمه فولاؤه لمعتقه.

(مسألة 1816) : إذا فقد معتق الأم كان ولاء الولد لورثته الذكور ،فإذا فقدوا فلعصبة المعتق، ثم إلى معتقه ثم إلى ورثته الذكور.فإن فقدوا فلعصبته فإن فقدوا فلمعتقه، وهكذا فإن فقد الموالي وعصباتهم وموالي عصباتهم فإلى ضامن الجريرة، فإن فقد فإلى الإمام.

(مسألة 1817) : إذا مات المولى عن ابنين ثم مات المعتق بعد موت أحدهما اشترك الابن الحي وورثة الميت الذكور لأن الأقوى كون إرثهم من أجل إرث الولاء.

(الثاني) ولاء ضمان الجريرة.

(مسألة 1818) : يجوز لأحد الشخصين أن يتولى الآخر على أن يضمن جريرته أي جنايته فيقول له مثلاً : عاقدتك على أن تعقل عني وترثني فيقول الآخر : قبلت. فإذا عقدا العقد المذكور صح وترتب عليه أثره وهو العقل والإرث ويجوز الاقتصار في العقد على العقل وحده من دون ذكر الإرث، فيترتب عليه الإرث. وأما الاقتصار على ذكر الإرث ففي صحته وترتب الإرث عليه إشكال، فضلاً عن ترتب العقل عليه بل الأظهر العدم فيهما. والمراد من العقل الدية، فمعنى عقله عنه قيامه بدية جنايته.

(مسألة 1819) : يجوز التولي المذكور بين الشخصين على أن يعقل أحدهما بعينه الآخر دون العكس. كما يجوز التولي على أن يعقل كل منهما عن الآخر فيقول مثلاً : عاقدتك على أن تعقل عني وأعقل عنك، وترثني وأرثك فيقول الآخر : قبلت، فيترتب عليه العقل من الطرفين والإرث كذلك.

ص: 409

(مسألة 1820) : لا يصح العقد المذكور إلا إذا كان المضمون لا وارث له من النسب ولا مولى معتق، فإن كان الضمان من الطرفين اعتبر عدم الوارث النسبي والمولى المعتق لهما معاً، وإن كان من أحد الطرفين اعتبر ذلك في المضمون لا غير، فلو ضمن من له وارث نسبي أو مولى معتق لم يصح ولأجل ذلك لا يرث ضامن الجريرة إلا مع فقد القرابة من النسب والمولى المعتق.

(مسألة 1821) : إذا وقع الضمان مع من لا وارث له بالقرابة ولا مولى معتق، ثم ولد له بعد ذلك فهل يبطل العقد أو يبقى مراعى بفقده وجهان.

(مسألة 1822) : إذا وجد الزوج أو الزوجة مع ضامن الجريرة كان له نصيبه الأعلى وكان الباقي للضامن.

(مسألة 1823) : إذا مات الضامن لم ينتقل الولاء إلى ورثته.

(الثالث) ولاء الإمامة.

(مسألة 1824) : إذا فقد الوارث المناسب، والمولى المعتق وضامن الجريرة كان الميراث للإمام، إلا إذا كان له زوج فإنه يأخذ النصف بالفرض ويرد الباقي عليه، وإذا كانت له زوجة كان لها الربع والباقي يكون للإمام كما تقدم.

(مسألة 1825) : إذا كان الإمام ظاهراً كان الميراث له يعمل به ما يشاء وكان علي (عليه السلام) يعطيه لفقراء بلده، وإن كان غائباً كان المرجع فيه الحاكم الشرعي وسبيله سبيل سهمه (عليه السلام) من الخمس يصرف في مصارفه كما تقدم في كتاب الخمس.

(مسألة 1826) : إذا أوصى من لا وارث له إلا الإمام بجميع ماله في الفقراء والمساكين وابن السبيل ففي نفوذ وصيته في جميع المال كما عن ظاهر بعضهم وتدل عليه بعض الروايات أو لا كما هو ظاهر الأصحاب إشكال. ولا

ص: 410

يبعد الأول، ولو أوصى بجميع ماله في غير الأمور المذكورة فالأظهر عدم نفوذ الوصية.

والله سبحانه العالم.

فصل في ميراث ولد الملاعنة والزنا والحمل والمفقود

(مسألة 1827) : ولد الملاعنة ترثه أمه ومن يتقرب بها من إخوة وإخوان والزوج والزوجة ،ولا يرثه الأب ولا من يتقرب به وحده. فإن ترك أمه منفردة كان لها الثلث فرضاً والباقي يرد عليها على الأقوى وإن ترك مع الأم أولاداً كان لها السدس والباقي لهم للذكر مثل حظ الأنثيين، إلا إذا كان الولد بنتاً فلها النصف ويرد الباقي أرباعاً عليها وعلى الأم، وإذا ترك زوجاً أو زوجة كان له نصيبه كغيره، وتجري الأحكام السابقة في مراتب الميراث جميعاً، ولا فرق بينه وبين غيره من الأموات إلا في عدم إرث الأب ومن يتقرب به وحده كالأعمام والأجداد وإخوة للأب، ولو ترك أخوة من الأبوين قسم المال بينهم جميعاً بالسوية وإن كانوا ذكوراً وإناثاً.

(مسألة 1828) : يرث ولد الملاعنة أمه وقرابتها ولا يرث أباه إلا أن يعترف به الأب بعد اللعان، ولا يرث هو من يتقرب بالأب إذا لم يعترف به. وهل يرثهم إذا اعترف به الأب قولان أقواهما العدم.

(مسألة 1829) : إذا تبرأ الأب من جريرة ولده ومن ميراثه ثم مات الولد قيل كان ميراثه لعصبة أبيه دون أبيه، وقيل لا أثر للتبري المذكور في نفي التوارث وهو الأقوى.

(مسألة 1830) : ولد الزانى لا يرثه أبوه الزاني ولا من يتقرب به ولا يرثهم هو، وفي عدم إرث أمه الزانية ومن يتقرب بها إشكال ويرثه ولده وزوجه

ص: 411

أو زوجته ويرثهم هو، وإذا مات مع عدم الوارث فإرثه للمولى المعتق ثم الضامن ثم الإمام. وإذا كان له زوج أو زوجة حينئذ كان له نصيبه الأعلى ولا يردّ على الزوجة إذا لم يكن له وارث إلا الإمام بل يكون له ما زاد على نصيبها. نعم يردّ على الزوج على ما سبق.

(مسألة 1831) : الحمل وإن كان نطفة حال موت المورث يرث إذا سقط حياً، وإن لم يكن كاملاً. ولا بد من إثبات ذلك وإن كان بشهادة النساء ،وإذا مات بعد أن سقطحياً كان ميراثه لوارثه وإن لم يكن مستقر الحياة، وإذا سقط ميتاً لم يرث وإن علم أنه كان حياً حال كونه حملاً أو تحرك بعدما انفصل إذا لم تكن حركته حركة الحياة.

(مسألة 1832) : إذا خرج نصفه واستهل صائحاً، ثم مات فانفصل ميتاً لم يرث ولم يورث.

(مسألة 1833) : يترك للحمل قبل الولادة نصيب ذكرين احتياطاً ويعطى أصحاب الفرائض سهامهم من الباقي فإن ولد حياً وكان ذكرين فهو. وإن كان ذكراً وأنثى أو ذكراً واحداً أو أنثيين أو أنثى واحدة قسّم الزائد على أصحاب الفرائض بنسبة سهامهم. هذا إذا رضي الورثة بذلك وإلا يترك له سهم ذكر واحد ويقسّم الباقي مع الوثوق بحفظ السهم الزائد للحمل وإمكان أخذه له ولو بعد التقسيم على تقدير سقوطه حياً.

(مسألة 1834) : دية الجنين يرثها من يرث الدية على ما تقدم.

(مسألة 1835) : المفقود خبره والمجهول حاله يتربص بماله وفي مدة التربص أقوال والأقوى أنها أربع سنين يفحص عنه فيها، فإذا جهل خبره قسم ماله بين ورثته الذين يرثونه لو مات حين انتهاء مدة التربص، ولا يرثه الذين يرثونه لو مات بعد انتهاء مدة التربص ويرث هو مورثه إذا مات قبل ذلك، ولا

ص: 412

يرثه إذا مات بعد ذلك. والأظهر جواز التقسيم بعد مضي عشر سنوات بلا حاجة إلى الفحص.

(مسألة 1836) : إذا تعارف اثنان بالنسب وتصادقا عليه توارثا إذا لم يكن وارث آخر، وإلا فيه إشكال كما تقدم في كتاب الإقرار.

فصل في ميراث الخنثى

(مسألة 1837) : الخنثى _ وهو من له فرج الرجال وفرج النساء _ إن علم أنه من الرجال أو النساء عمل به، وإلا رجع إلى الأمارات، فمنها : البول من أحدهما بعينه فإن كان يبول من فرج الرجال فهو رجل، وإن كان يبول من فرج النساء فهو امرأة، وإن كان يبول من كل منهما كان المدار على ما سبق البول منه، فإن تساويا في السبق قيل المدار على ما ينقطع عنه البول أخيراً ولا يخلو من إشكال وعلى كل حال إذا لم تكن أمارة على أحد الأمرين أعطي نصف سهم رجل ونصف سهم امرأة، فإذا خلف الميت ولدين ذكراً وخنثى فرضتهما ذكرين تارة ثم ذكراً وأنثى، وضربت إحدى الفريضتين في الأخرى فالفريضة على الفرض الأول اثنان وعلى الفرض الثاني ثلاثة فإذا ضرب الاثنان في الثلاثة. كان حاصل الضرب ستة، فإذا ضرب في مخرج النصف وهو اثنان صار اثني عشر، سبعة منها للذكر وخمسة للخنثى وإذا خلف ذكرين وخنثى فرضتها ذكراً فالفريضة ثلاثة لثلاثة ذكور وفرضتها أنثى فالفريضة خمسة، للذكرين أربعة، وللأنثى واحد، فإذا ضرب الثلاثة في الخمسة كان خمسة عشر، فإذا ضربت في الاثنين صارت ثلاثين يعطى منها للخنثى ثمانية ولكل من الذكرين أحد عشر وإن شئت قلت في الفرض الأول لو كانت أنثى كان سهمها أربعة من اثني عشر، ولو كانت ذكراً كان سهمها ستة فيعطى الخنثى نصف الأربعة ونصف الستة وهو خمسة

وفي الفرض الثاني لو كانتذكراً كان سهمها عشرة ولو كانت أنثى سهمها ستة فيعطى الخنثى نصف العشرة ونصف الستة.

ص: 413

(مسألة 1838) : من له رأسان أو بدنان على حقو واحد فإن انتبها معاً فهما واحد وإلا فإثنان والظاهر التعدي عن الميراث إلى سائر الأحكام.

(مسألة 1839) : من جهل حاله ولم يعلم أنه ذكر أو أنثى لغرق ونحوه يورث بالقرعة، وكذا من ليس له فرج الرجال ولا فرج النساء يكتب على سهم (عبد الله) وعلى سهم آخر (أمة الله) ثم يقول المقرع : (اللهم أنت الله لا إله إلا أنت عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون بَيِّن لنا هذا المولود حتى يورث ما فرضت له في الكتاب) ثم يطرح السهمان في سهام مبهمة وتشوش السهام ثم يجال السهم على ما خرج، ويورث عليه. والظاهر أن الدعاء مستحب وإن كان ظاهر جماعة الوجوب.

فصل (في ميراث الغرقى والمهدوم عليهم)

(مسألة 1840) : يرث الغرقى بعضهم من بعض وكذلك المهدوم عليهم بشروط ثلاثة :

(الأول) : أن يكون لهم أو لأحدهم مال.

(الثاني) : أن يكون بينهم نسب أو سبب يوجب الإرث من دون مانع.

(الثالث) : أن يجهل المتقدم والمتأخر، فمع اجتماع الشرائط المذكورة يرث كل واحد منهما صاحبه من ماله الذي مات عنه، لا مما ورثه منه. فيفرض كل منهما حياً حال موت الآخر فما يرثه منه يرثه إذا غرقا.

مثلاً إذا غرق الزوجان واشتبه المتقدم والمتأخر وليس لهما ولد ورث الزوج النصف من تركة الزوجة، وورثت الزوجة ربع ما تركه زوجها، فيدفع النصف الموروث للزوج إلى ورثته مع ثلاثة أرباع تركته الباقية بعد إخراج ربع الزوجة، ويدفع ربع الموروث للزوجة مع نصف تركتها الباقي بعد نصف الزوج

ص: 414

إلى ورثتها. هذا حكم توارثهما فيما بينهما. أما حكم إرث الحي غيرهما من أحدهما من ماله الأصلي فهو أنه يفرض الموروث سابقاً في الموت ويورث الثالث الحي منه، ولا يفرض لاحقاً في الموت، مثلاً، إذا غرقت الزوجة وبنتها فالزوج يرث من زوجته الربع وإن لم يكن للزوجة ولد غير البنت ولا يرث النصف، وكذا إرث البنت فإنها تفرض سابقة فيكون لأمها التي غرقت معها الثلث ولأبيها الثلثان، وإذا غرق الأب وبنته التي ليس له ولد سواها كان لزوجته الثمن ولا يفرض موته بعد البنت.

وأما حكم إرث غيرهما الحي لأحدهما من ماله الذي ورثه من صاحبه الذي غرق معه فهو أنه يفرض المورث لاحقاً لصاحبه في الموت فيرثه وارثه على هذا التقدير ،ولا يلاحظ فيه احتمال تقدم موته عكس ما سبق في إرث ماله الأصلي، وإذا كان الموتىثلاثة فما زاد، فرض موت كل واحد منهم وحياة الآخرين فيرثان منه كغيرهما من الأحياء.

(مسألة 1841) : إذا ماتا بسبب غير الغرق والهدم كالحرق والقتل في معركة قتال، أو افتراس سبع أو نحو ذلك ففي الحكم بالتوارث من الطرفين كما في الغرق والهدم قولان أقواهما ذلك، بل الظاهر عموم الحكم لما إذا ماتا حتف أنفهما بلا سبب.

(مسألة 1842) : إذا كان الغرقى والمهدوم عليهم يتوارث بعضهم من بعض دون بعض آخر، إلا على تقدير غير معلوم كما إذا غرق الأب وولداه، فإن الولدين لا يتوارثان إلا مع فقد الأب ففي الحكم بالتوارث إشكال بل الأظهر العدم.

(مسألة 1843) : المشهور اعتبار صلاحية التوارث من الطرفين فلو انتفت من أحدهما لم يحكم بالإرث من أحد الطرفين، كما إذا غرق أخوان

ص: 415

لأحدهما ولد دون الآخر وقيل لا يعتبر ذلك ويحكم بالإرث من أحد الطرفين وهو قوي.

فصل في ميراث المجوس

(مسألة 1844) : لا إشكال في أن المجوس يتوارثون بالنسب والسبب الصحيحين. وهل يتوارثون بالنسب والسبب الفاسدين كما إذا تزوج من يحرم عليه نكاحها عندنا فأولدها قيل نعم. فإذا تزوج أخته فأولدها ومات ورثت أخته نصيب الزوجة وورث ولدها نصيب الولد وقيل لا، ففي المثال لا ترثه أخته الزوجة ولا ولدها، وقيل بالتفصيل بين النسب والسبب فيرثه في المثال المذكور الولد ولا ترثه الزوجة، والأقوال المذكورة كلها مشهورة وأقواها الأول للنص، ولولاه لكان الأخير هو الأقوى.

(مسألة 1845) : إذا اجتمع للوارث سببان ورث بهما معاً كما إذا تزوج المجوسي أمه فمات، ورثته أمه نصيب الأم ونصيب الزوجة، وكذا إذا تزوج بنته فإنها ترثه نصيب الزوجة ونصيب البنت. وإذا اجتمع سببان أحدهما يمنع الآخر ورث من جهة المانع دون الممنوع كما إذا تزوج أمه فأولدها فإن الولد أخوه من أمه فهو يرث من حيث كونه ولداً، ولا يرث من حيث كونه أخاً، وكما إذا تزوج بنته فأولدها فإن ولدها ولد له وابن بنته فيرث من السبب الأول ولا يرث من السبب الثاني.

(مسألة 1846) : المسلم لا يرث بالسبب الفاسد، ويرث بالنسب الفاسد ما لم يكن زنا، فولد الشبهة يرث ويورث، وإذا كانت الشبهة من طرف واحد اختص التوارث به دون الآخر.والله سبحانه العالم

ص: 416

خاتمة

مخارج السهام المفروضة في الكتاب العزيز خمسة الاثنان مخرج النصف والثلاثة مخرج الثلث والثلثين، والأربعة مخرج الربع والستة مخرج السدس والثمانية مخرج الثمن.

(مسألة 1847) : لو كان في الفريضة كسران فإن كانا متداخلين بأن كان مخرج أحدهما يفني مخرج الآخر إذا سقط منه مكرراً كالنصف والربع، فإن مخرج النصف وهو الاثنان يفني مخرج الربع وهو الأربعة، وكالنصف والثمن والثلث والسدس، فإذا كان الأمر كذلك كانت الفريضة مطابقة للأكثر، فإذا اجتمع النصف والربع كانت الفريضة أربعة، وإذا اجتمع النصف والسدس كانت ستة، وإذا اجتمع النصف والثمن كانت ثمانية، وإن كان الكسران متوافقين بأن كان مخرج أحدهما لا يفني مخرج الآخر إذا سقط منه مكرراً، ولكن يفني مخرجيهما عدد ثالث إذا سقط مكرراً من كل منهما كالربع والسدس فإن مخرج الربع أربعة ومخرج السدس ستة. والأربعة لا تفني الستة، ولكن الاثنين يفني كلاً منهما وكسر ذلك العدد وفق بينهما، فإذا كان الأمر كذلك ضرب أحد المخرجين في وفق الآخر وتكون الفريضة مطابقة لحاصل الضرب، فإذا اجتمع الربع والسدس ضربت نصف الأربعة في الستة، أو نصف الستة في الأربعة وكذا الحاصل هو عدد الفريضة وهو اثنا عشر. وإذا اجتمع السدس والثمن كانت الفريضة أربعة وعشرين حاصلة من ضرب نصف مخرج السدس، وهو ثلاثة في الثمانية نصف مخرج الثمن وهو الأربعة في الستة.

وإن كان الكسران متباينين بأن كان مخرج أحدهما لا يفني مخرج الآخر ولا يفنيهما عدد ثالث غير الواحد كالثلث والثمن. ضرب مخرج أحدهما في مخرج الآخر وكان المتحصل هو عدد الفريضة.

ص: 417

ففي المثال المذكور تكون الفريضة أربعة وعشرين حاصلة من ضرب الثلاثة في الثمانية.

وإذا اجتمع الثلث والربع كانت الفريضة اثنتي عشرة حاصلة من ضرب الأربعة في الثلاثة.

(مسألة 1848) : إذا تعدد أصحاب الفرض الواحد كانت الفريضة حاصلة من ضرب عددهم في مخرج الفرض، كما إذا ترك أربع زوجات وولداً، فإن الفريضة تكون من اثنين وثلاثين حاصلة من ضرب الأربعة (عدد الزوجات) في الثمانية مخرج الثمن.

وإذا ترك أبوين وأربع زوجات كانت الفريضة من ثمانية وأربعين حاصلة من ضرب الثلاث التي هي مخرج الثلث في الأربع التي هي مخرج الربع فتكون اثنتي عشرة، فتضرب في الأربع (عدد الزوجات) ويكون الحاصل ثمانية وأربعين.

وهكذا تتضاعف الفريضة بعدد من ينكسر عليه السهم.الحمد لله رب العالمين

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

ص: 418

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.