منهاج الصالحين (العبادات) المجلد 1

هویة الکتاب

الكتاب : منهاج الصالحين ج1

المؤلف : فتاوى سماحة آية الله العظمى المرجع الديني الشيخ شمس الدين الواعظي

الطبعة: الثانية

الناشر: مكتب سماحة آية الله العظمى المرجع الديني الشيخ شمس الدين الواعظي

المطبعة : الفرقان

الكمية : 2000 نسخة

ص: 1

اشارة

ص: 2

مقدمة الطبعة الأولى

بسم الله الرحمن الرحيم

الله احمد استتماماً لنعمته والحمد فضله، واياه اشكر استسلاما لعزته والشكر طولُه، حمداً وشكراً كثيراً كما هو أهله واسأله تسهيل ما يلزم حمله، وتعليم مالا يسع جهله، واستعينه على القيام بما يبقى أجره، ويحسن في الملأ الاعلى ذكره، ويرجى مثوبته وذخره، واشهد ان لا اله الا الله وحده لاشريك له، واشهد ان محمداً عبده ورسوله(صلی الله علیه و آله) أرسله الى العالمين، وفضله واصطفاه على ما خلق اجمعين وعلى آله الذين حفظوا ما حمله، وعقلوا عنه ما عن جبريل عقله، حتى قرن بينهم وبين محكم كتابه وجعلهم قدوة لاولي الالباب صلاة دائمة بدوام الاحقاب.

اما بعد فيقول العبد الفقير الى رحمة ربه جل وعلا، الراجي توفيقه وتسديده علماً وعملاً، لخدمة الدين وحفظاً لشريعة سيد المرسلين (صلی الله علیه و آله) شمس الدين الواعظي عفى الله عنه وعن والديه وعافاه، نجل العلامة الجليل والاستاذ النبيل الذي صرف عمره في تربية أكثر من جيل أية الله الشيخ حامد الواعظي (قدس سره).

اعلم ايها المؤمن ان هذه الرسالة التي بين يديك الموسومة بمنهاج الصالحين والتي هي لأستاذنا الاعظم اية الله العظمى السيد الخوئي (قدس سره) قد طلب مني جماعة من المؤمنين ان اعلق عليها لبيان موارد الخلاف حسب نظرنا فأجبنا لذلك وبعد طبعها زاد طلبهم بشدة ملحة لادخالها في المتن فأجبتهم لذلك لتكون رسالة سهلة التناول وقد اضفت لها بعض المسائل وهي على جزءين: العبادات والمعاملات. وأما ما ذكر في منهاجه (قدس سره) من مستحدثات المسائل من الجزء الاول فقد اسقطناه من الطبع لقلته وقد أضفنا لها الكثير من المسائل وعلى نحو التفصيل في كتاب مستقل فمن اراد الاطلاع والاستفادة فليراجع تلك الرسالة.

الله أسأل مضاعفة التوفيق انه ولي الرشاد والسداد.

شمس الدين الواعظي

ص: 3

مقدمة الطبعة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله اعلاء لكلمته واخلاصاً لوحدانيته، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الهداة المهديين المنتجبين من خلقه أجمعين واللعنة الدائمة على معاديهم ومعناديهم وغاصبي حقوقهم الى قيام يوم الدين.

بعد ان كان من المعلوم لدى الجميع ان المكلف اذا بلغ فلابد له ان يحرز الأمتثال في التكاليف الشرعية الألزامية الموجهة اليه في الشريعة المقدسة، وهناك طرق لتحصيل الاحكام ايسرها لعامة الناس خو أخذها من خلال الرسالة العملية الخاصة بمقلده وبعد ان طبعت رسالتنا العملية بجزيئها حدثت فيها اخطاء مطبعية كثيرة وقد الحقنا نسخة من الخطأ والصواب ومع ذلك نفذت تلك الطبعة ولكثرة الطلب عليها من قبل المؤمنين أجزنا طباعتها ثانية مع تصحيح جميع الأخطاء سواء أكان في العبادات او المعاملات فأصبحت بهذه الصورة التي هي بين يديك فالله اسأل تمام التوفيق لجميع المؤمنين.

شمس الدين الواعظي

ص: 4

التقليد

(مسألة 1) : لايجب التقليد في اصول الدين والاحكام الضرورية. اما في غيرها فيجب على كل من لم يبلغ مرتبة الاجتهاد من المكلفين، سواءاً في عباداته، أومعاملاته، أوسائر أفعاله، أوتروكه : مقلداً، أو محتاطاً، الا ان يحصل له العلم بالحكم لضرورة أو غيرها كما في بعض الواجبات وكثير من المستحبات والمباحات.

(مسألة 2) : عمل العامي بلا تقليد ولا احتياط باطل، لا يجوز له الاجتزاء به الا ان يعلم بمطابقته للواقع أو لفتوى من يجب عليه تقليده فعلاً.

(مسألة 3) : الأقوى جواز ترك التقليد، والعمل بالاحتياط، سواء أكان في الفعل كما اذا احتمل كون الفعل واجبا وكان قاطعاً بعدم حرمته، أو في الترك كما اذا احتمل حرمة الفعل وكان قاطعاً بعدم وجوبه، سواء اقتضى التكرار كما إذا ترددت الصلاة بينالقصر والتمام أم لا، كما إذا احتمل وجوب الاقامة في الصلاة، لكن معرفة موارد الاحتياط متعذرة غالباً، أو متعسرة على العوام.

(مسألة 4) : التقليد هو العمل اعتماداً على فتوى المجتهد ولا يتحقق بمجرد تعلم فتوى المجتهد ولا بالتزام بها من دون عمل ولا بأخذ الرسالة.

(مسألة 5) : يصح التقليد من الصبي المميز، فاذا مات المجتهد الذي قلده الصبي قبل بلوغه، جاز له البقاء على تقليده، ولا يجوز له أن يعدل عنه الى غيره، الا إذا كان الثاني أعلم.

(مسألة 6) : يشترط في مرجع التقليد : البلوغ، والعقل، والايمان، والذكورة، والاجتهاد، والعدالة، وطهارة المولد، وان لايقل ضبطه عن المتعارف،

ص: 5

والحياة فلا يجوز تقليد الميت ابتداءاً ويجوز بقاءاً بل يجب مع الاعلمية على الاحوط.

(مسألة 7) : اذا قلد مجتهداً فمات، فان كان أعلم من الحي وجب البقاء على تقليده مطلقاً وإن لم يكن ذاكراَ لما تعلمه من المسائل. وان كان الحي اعلم وجب العدول اليه، مع العلم بالمخالفة بينهما، ولو إجملاً. وان تساويا في العلم، او لم يحرز الاعلم منهما جاز له البقاء على تقليده مطلقاً ما لم يعلم بمخالفة فتوى الحي لفتوى الميت، والا وجب الأخذ بأحوط القولين.

(مسألة 8) : اذا اختلف المجتهدون في الفتوى وجب الرجوع الى الاعلم، ومع التساوي وجب الاخذ بأحوط الاقوال، ولا عبرة بكون أحدهم أورع.

(مسألة 9) : اذا علم ان احد الشخصين اعلم من الاخر فان لم يعلم الاختلاف بينهما في الفتوى تخير بينهما. وان علم الاختلاف وجب الفحص عن الاعلم ويحتاط – وجوباً – في مدة الفحص، فان عجز عن معرفة الاعلم فالأحوط – وجوباً – الاخذ باحوط القولين، مع الامكان، ومع عدمه يختار من كان احتمال الاعلمية فيه اقوى منه في الاخر، فان لم يكن احتمال الاعلمية في احدهما اقوى منه في الاخر تخير بينهما. وان علم انهما اما متساويان، او احدهما المعين اعلم وجب الاحتياط، فان لم يمكن وجب تقليد المعين.

(مسألة 10) : إذا قلد من ليس أهلاً للفتوى وجب العدول عنه إلى من هو أهل لها. وكذا إذا قلد غير الأعلم وجب العدول إلى الأعلم على الاحوط مع العلم بالمخالفة بينهما. وكذا لو قلد الأعلم ثم صار غيره أعلم.

(مسألة 11) : إذا قلد مجتهداً ثم شك في أنه كان جامعاً للشرائط أم لا، وجب عليه الفحص. فإن تبين له أنه جامع للشرائط بقي على تقليده، وإن تبين أنه كان فاقداً لها، أو لم يتبين له شيء عدل إلى غيره. وأما أعماله السابقة فإن

ص: 6

عرف كيفيتها رجع في الاجتزاء بها إلى المجتهد الجامع للشرائط، وان لم يعرف كيفيتها قيل بنى على الصحة ولكن فيه اشكال بل منع، نعم اذا كان الشك في خارج الوقت لم يجب عليه القضاء.

(مسألة 12) : إذا بقي على تقليد الميت - غفلة أو مسامحة - من دون أن يقلد الحي في ذلك كان كمن عمل من غير تقليد، وعليه الرجوع إلى الحي في ذلك.

(مسألة 13) : إذا قلد من لم يكن جامعا للشرائط، والتفت إليه - بعد مدة - كان كمن عمل من غير تقليد.

(مسألة 14) : لا يجوز العدول من الحي إلى الميت الذي قلده أوّلاً، كما لا يجوز العدول من الحي إلى الحي إلا إذا صار الثاني أعلم.

(مسألة 15) : إذا تردد المجتهد في الفتوى، أو عدل من الفتوى إلى التردد، تخير المقلد بين الرجوع إلى غيره والاحتياط إن أمكن.

(مسألة 16) : إذا قلد مجتهداً يجوّز البقاء على تقليد الميت، فمات ذلك المجتهد لا يجوز البقاء على تقليده في هذه المسألة، بل يجب الرجوع فيها إلى الاعلم من الاحياء.

وإذا قلد مجتهداً فمات فقلد الحي القائل بجواز العدول إلى الحي أو بوجوبه فعدل اليه ثم مات فقلد من يقول بوجوب البقاء، وجب عليه البقاء على تقليد الأول.

(مسألة 17) : إذا قلد المجتهد وعمل على رأيه، ثم مات ذلك المجتهد فعدل إلى المجتهد الحي لم تجب عليه إعادة الأعمال الماضية، وإن كانت على خلاف رأي الحي في ما إذا لم يكن الخلل فيها موجباً لبطلانها مع الجهل، كمن

ص: 7

ترك السورة في صلاته اعتماداً على رأي مقلده ثم قلد من يقول بوجوبها فلا تجب عليه إعادة ما صلاه بغير سورة.

(مسألة 18) : يجب تعلم أجزاء العبادات الواجبة وشرائطها، ويكفي أن يعلم - إجمالاً - أن عباداته جامعة لما يعتبر فيها من الأجزاء والشرائط، ولا يلزم العلم - تفصيلاً - بذلك. وإذا عرضت له في أثناء العبادة مسألة لا يعرف حكمها جاز له العمل على بعض الاحتمالات، ثم يسأل عنها بعد الفراغ، فإن تبينت له الصحة اجتزأ بالعمل، وإن تبين البطلان أعاده.

(مسألة 19) : يجب تعلم مسائل الشك والسهو، التي هي في معرض الابتلاء، لئلا يقع في مخالفة الواقع.

(مسألة 20) : تثبت عدالة المرجع في التقليد بأمور:

الأول: العلم الحاصل بالاختبار وغيره

الثاني : شهادة عادلين بها ولا يبعد ثبوتها بشهادة العدل الواحد بل بشهادة مطلق الثقة أيضاً.

الثالث : حسن الظاهر، والمراد به حسن المعاشرة والسلوك الديني بحيث لو سئل غيره عن حاله لقال لم نر منه الا خيراً.ويثبت اجتهاده - وأعلميته أيضا - بالعلم، وبالشياع المفيد للأطمئنان وبالبينة، وبخبر الثقة في وجه، ويعتبر في البينة وفي خبر الثقة هنا ان يكون المخبر من اهل الخبرة.

(مسألة 21) : من ليس أهلاً للمرجعية في التقليد يحرم عليه الفتوى بقصد عمل غيره بها وكذلك من لم يكن أهلاً للقضاء يحرم عليه القضاء ولا يجوز الترافع اليه، ولا الشهادة عنده. والمال المأخوذ بحكمه حرام وان كان الآخذ محقاً،

ص: 8

الا اذا انحصر استنقاذ الحق المعلوم بالترافع اليه. هذا اذا كان المدعى به كلياً، واما اذا كان شخصياً فحرمة المال المأخوذ بحكمه، لا تخلو من أشكال.

(مسألة 22) : الظاهر ان المتجزي في الاجتهاد يجوز له العمل بفتوى نفسه، بل اذا عرف مقداراً معتداً به من الاحكام جاز لغيره العمل بفتواه إلا مع العلم بمخالفة فتواه لفتوى الافضل، أو فتوى من يساويه في العلم، وينفذ قضاؤه ولو مع وجود الاعلم.

(مسألة 23) : إذا شك في موت المجتهد، أو في تبدل رأيه، أو عروض ما يوجب عدم جواز تقليده، جاز البقاء على تقليده إلى أن يتبين الحال.

(مسألة 24) : الوكيل في عمل يعمل بمقتضى تقليد نفسه اذا لم يصرح الموكل بان يعمل على طبق فتوى الميت، او علم من حاله او من قرينة أخرى فلا بد حينئذ العمل على نحو يكون صحيحاً عندهما، وكذلك الحكم في الوصي.

(مسألة 25) : المأذون، والوكيل عن المجتهد في التصرف في الأوقاف، أو في أموال القاصرين ينعزل بموت المجتهد. وكذلك المنصوب من قبله ولياً وقيماً فإنه ينعزل بموته على الاظهر.

(مسألة 26) : حكم الحاكم الجامع للشرائط لا يجوز نقضه حتى لمجتهد آخر، إلا إذا علم مخالفته للواقع او كان صادراً عن تقصير في مقدماته.

(مسألة 27) : إذا نقل ناقل ما يخالف فتوى المجتهد، وجب عليه إعلام من سمع منه ذلك. ولكنه إذا تبدل رأي المجتهد، لم يجب عليه إعلام مقلديه فيما إذا كانت فتواه السابقة مطابقة لموازين الاجتهاد.

(مسألة 28) : اذا تعارض الناقلان في الفتوى، فمع اختلاف التاريخ واحتمال عدول المجتهد عن رأيه الاول يعمل بمتأخر التأريخ، وفي غير ذلك عمل بالاحتياط –على الاحوط وجوباً- حتى يتبين الحكم.

ص: 9

(مسألة 29) : العدالة المعتبرة في مرجع التقليد عبارة عن الاستقامة في جادة الشريعة المقدسة، وعدم الانحراف عنها يميناً وشمالاً، بان لا يرتكب معصية بترك واجب، أو فعل حرام، من دون عذر شرعاً ولا فرق في المعاصي من هذه الجهة، بين الصغيرة، والكبيرة. وفي عدد الكبائر خلاف.وقد عد من الكبائر : الشرك بالله تعالى، واليأس من روح الله تعالى، والامن من مكر الله تعالى، وعقوق الوالدين. وهو الاساءة إليهما. وقتل النفس المحرمة، وقذف المحصنة، وأكل مال اليتيم ظلماً، والفرار من الزحف، وأكل الربا، والزنا، واللواط، والسحر، واليمين الغموس الفاجرة وهي : الحلف بالله تعالى كذباً على وقوع أمر، أو على حق أمرئ أو منع حقه خاصة – كما يظهر من بعض النصوص- وشهادة الزور، وكتمان الشهادة، وشرب الخمر، ومنها ترك الصلاة أو غيرها مما فرضه الله متعمداً، ونقض العهد، وقطيعة الرحم بمعنى: ترك الإحسان إليه من كل وجه في مقام يتعارف فيه ذلك، والتعرب بعد الهجرة الى البلاد التي ينقص فيها الدين، والسرقة، وإنكار ما أنزل الله تعالى، والكذب على الله أو على رسوله صلى الله عليه وآله أو على الأوصياء عليهم السلام بل مطلق الكذب، وأكل الميتة، والدم، ولحم الخنزير، وما أهل لغير الله به، والقمار، وأكل السحت، كثمن الميتة والخمر، والمسكر، وأجر الزانية، وثمن الكلب الذي لا يصطاد، والرشوة على الحكم ولو بالحق، وأجر الكاهن، وما أصيب من أعمال الولاة الظلمة، وثمن الجارية المغنية، وثمن الشطرنج، فان جمع ذلك من السحت.

من الكبائر : البخس في المكيال والميزان، ومعونة الظالمين والركون إليهم والولاية لهم، وحبس الحقوق من غير عسر، والكبر، والإسراف والتبذير، والاستخفاف بالحج، والمحاربة لأولياء الله تعالى. والاشتغال بالملاهي، كالغناء بقصد التلهي-، وهو الصوت المشتمل على الترجيع المتعارف عند اهل الفسوق

ص: 10

وضرب الاوتار ونحوها مما يتعاطاه اهل الفسوق، والاصرار على الذنوب الصغيرة.

والغيبة، وهي: أن يذكر المؤمن بعيب في غيبته، سواء أكان بقصد الانتقاص، أم لم يكن؛ وسواء أكان العيب في بدنه، ام في نسبه، أم في خلقه، أم في فعله، أم في قوله، أم في دينه، أم في دنياه، أم في غير ذلك مما يكون عيبا مستورا عن الناس. كما لا فرق في الذِكر بين أن يكون بالقول، أم بالفعل الحاكي عن وجود العيب. والظاهر اختصاصها بصورة وجود سامع يقصد إفهامه وإعلامه.

كما أن الظاهر أنه لا بد من تعيين المغتاب، فلو قال : واحد من أهل البلد جبان لا يكون غيبة، وكذا لو قال: أحد أولاد زيد جبان. نعم قد يحرم ذلك من جهة لزوم الإهانة والانتقاص لا من جهة الغيبة. ويجب عند وقوع الغيبة التوبة والندم والاحوط - استحباباً - الاستحلال من الشخص المغتاب إذا لم تترتب على ذلك مفسدة - أو الاستغفار له.

وقد تجوز الغيبة في موارد: منها: المتجاهر بالفسق، فيجوز اغتيابه في غير العيب المتستر به. ومنها : الظالم لغيره، فيجوز للمظلوم غيبته والأحوط - استحباباً- الاقتصار على ما لو كانت الغيبة بقصد الانتصار لا مطلقاً. ومنها: نصح المؤمن، فتجوز الغيبة بقصد النصح، كما لو استشار شخص في تزويج امراة فيجوز نصحه، و لو استلزم اظهار عيبها، بل لا يبعد جواز ذلك ابتداء بدون استشارة إذا علم بترتب مفسدة عظيمة على ترك النصيحة. و منها: ما لو قصد بالغيبة ردع المغتاب عن المنكر، فيما إذا لم يمكن الردع بغيرها. ومنها: ما لو خيف على الدين من الشخص المغتاب، فتجوز غيبته،لئلا يترتب الضرر الديني. ومنها: جرح الشهود. ومنها : ما لو خيف على المغتاب الوقوع في الضرر اللازم حفظه عن الوقوع فيه، فتجوز غيبته لدفع ذلك عنه. ومنها: القدح في المقالات الباطلة، وإن أدى ذلك إلى نقص في قائلها، وقد صدر من جماعة كثيرة من العلماء القدح

ص: 11

في القائل بقلة التدبر، والتأمل، وسوء الفهم ونحو ذلك، وكأن صدور ذلك منهم لئلا يحصل التهاون في تحقيق الحقائق. عصمنا الله تعالى من الزلل، ووفقنا للعلم والعمل، إنه حسبنا ونعم الوكيل.

وقد يظهر من الروايات عن النبي والأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام أنه: يجب على سامع الغيبة أن ينصر المغتاب، ويرد عنه. وأنه إذا لم يرد خذله الله تعالى في الدنيا والآخرة. وأنه كان عليه كوزر من اغتاب.

ومن الكبائر: البهتان على المؤمن، وهو ذكره بعيب ليس هو فيه. ومنها سب المؤمن واهانته واذلاله. ومنها: النميمة بين المؤمنين بما يوجب الفرقة بينهم. ومنها: القيادة، وهي : السعي بين اثنين لجمعهما على الوطء المحرم. ومنها :الغش للمسلمين. ومنها :استحقار الذنب، فان أشد الذنوب ما استهان به صاحبه. ومنها: الرياء وغير ذلك مما يضيق الوقت عن بيانه.

(مسألة 30) : ترتفع العدالة بمجرد وقوع المعصية وتعود بالتوبة والندم وقد مر أنه لا يفرق في ذلك بين الصغيرة والكبيرة.

(مسألة 31) : الاحتياط المذكور في مسائل هذه الرسالة إن كان مسبوقاً بالفتوى أو ملحوقاً بها فهو استحبابي يجوز تركه، وإلا تخير العامي بين العمل بالاحتياط والرجوع إلى مجتهد آخر مراعياً الأعلم فالأعلم.

وكذلك موارد الإشكال والتأمل، فإذا قلنا: يجوز على إشكال أو على تأمل فالاحتياط في مثله استحبابي. وإن قلنا: يجب على إشكال، أو على تأمل فإنه فتوى بالوجوب.

وإن قلنا المشهور كذا، أو قيل كذا، وفيه تأمل، أو فيه إشكال، فاللازم العمل بالاحتياط، أو الرجوع إلى مجتهد آخر.

ص: 12

(مسألة 32) : إن كثيراً من المستحبات المذكورة في أبواب هذه الرسالة يبتني استحبابها على قاعدة التسامح في أدلة السنن، ولما لم تثبت عندنا فيتعين الاتيان بها برجاء المطلوبية.

وكذا الحال في المكروهات فتترك برجاء المطلوبية، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.

ص: 13

ص: 14

كتاب الطهارة

وفيه مباحث:

المبحث الأول: أقسام المياه وأحكامها

وفيه فصول:

الفصل الأول: ينقسم ما يستعمل فيه لفظ الماء إلى قسمين :

الأول : ماء مطلق، وهو : ما يصح استعمال لفظ الماء فيه بلا مضاف إليه، كالماء الذي يكون في البحر، أو النهر، أو البئر، أو غير ذلك فإنه يصح أن يقال له : ماء، وإضافته إلى البحر مثلا للتعيين لا لتصحيح الاستعمال.

الثاني : ماء مضاف، وهو : ما لا يصح استعمال لفظ الماء فيه بلا مضاف إليه، كماء الرمان، وماء الورد ،فإنه لا يقال له ماء إلا مجازاً، ولذا يصح سلب الماء عنه.

الفصل الثاني: الماء المطلق إما لا مادة له، أو له مادة.

و الأول : إما قليل لا يبلغ مقداره الكر، أو كثير يبلغ مقداره الكر. و القليل ينفعل بملاقاة النجس، وكذا المتنجس على الاقوى، الا إذا كان متدافعا بقوة، فالنجاسة تختص حينئذ بموضع الملاقاة، ولا تسري إلى غيره، سواء أ كان جارياً من الأعلى إلى الأسفل، كالماء المنصب من الميزاب إلى الموضع النجس،

ص: 15

فإنه لا تسري النجاسة إلى أجزاء العمود المنصب، فضلاً عن المقدار الجاري على السطح. أم كان متدافعا من الأسفل إلى الأعلى، كالماء الخارج من الفوارة الملاقي للسقف النجس، فإنه لا تسري النجاسة إلى العمود، ولا إلى ما في داخل الفوارة. وكذا إذا كان متدافعاً من أحد الجانبين إلى الآخر. و أما الكثير الذي يبلغ الكر، فلا ينفعل بملاقاة النجس، فضلا عن المتنجس، إلا إذا تغير فعلياَ بلون النجاسة او طعمها او ريحها.

(مسألة 33) : إذا كانت النجاسة لا وصف لها، أو كان وصفها يوافق وصف الماء، لم ينجس الماء بوقوعها فيه، واما اذا كان بمقدار لو كان على خلاف وصف الماء لغيره، فالاحوط الاجتناب

(مسألة 34) : إذا تغير الماء بغير اللون والطعم والريح بل بالثقل، أو الثخانة، أو نحوهما لم يتنجس أيضاً.

(مسألة 35) : إذا تغير لونه، أو طعمه، أو ريحه بالمجاورة للنجاسة لم ينجس أيضاً.

(مسألة 36) : إذا تغير الماء بوقوع المتنجس لم ينجس، إلا أن يتغير بوصف النجاسة التي تكون للمتنجس، كالماء المتغير بالدم يقع في الكر فيغير لونه، ويكون أصفر فإنه ينجس.

(مسألة 37) : يكفي في حصول النجاسة التغير بوصف النجس في الجملة، ولو لم يكن متحداَ معه، فإذا اصفر الماء بملاقاة الدم تنجس.

و الثاني : هو ما له مادة لا ينجس بملاقاة النجاسة الا اذا تغير عن النهج السابق، فيما لا مادة له، من دون فرق بين ماء الانهار، وماء البئر، وماء العيون،وغيرها مما كان له مادة، ولابد في الذي له مادة من ان يبلغ الكّر، ولو

ص: 16

بضميمة ماله المادة اليه، فاذا بلغ ما في الحياض في الحمام مع مادته كراً لم ينجس بالملاقاة على الاقوى.

(مسألة 38) : يعتبر في عد تنجس الجاري اتصاله بالمادة، فلو كانت المادة من فوق تترشح وتتقاطر، فان كان دون الكر ينجس، نعم اذا لاقى محل الرشح للنجاسة لاينجس.

(مسألة 39) : الراكد المتصل بالجاري كالجاري في عدم انفعاله بملاقاة النجس والمتنجس.فالحوض المتصل بنهر اوبساقية لاينجس بالملاقاة ،وكذا أطراف النهر وان كان ماؤها راكداً.

(مسألة 40) : إذا تغير بعض الجاري دون بعضه الآخر فالطرف المتصل بالمادة لا ينجس بالملاقاة، وإن كان قليلاَ، والطرف الآخر حكمه حكم الراكد إن تغير تمام قطر ذلك البعض، وإلا فالمتنجس هو المقدار المتغير فقط لاتصال ماعداه بالمادة.

(مسألة 41) : إذا شك في ان للجاري مادة أم لا - وكان قليلا - ينجس بالملاقاة.

(مسألة 42) : ماء المطر بحكم ذي المادة لا ينجس بملاقاة النجاسة في حالة نزوله اذا صدق عليه المطر. اما لو وقع على شيء كورق الشجر او ظهر الخيمة أونحوهما، ثم وقع على النجس تنجس.

(مسألة 43) : إذا اجتمع ماء المطر في مكان - وكان قليلاَ - فإن كان يتقاطر عليه المطر فهو معتصم كالكثير، وإن انقطع عنه التقاطر كان بحكم القليل.

(مسألة 44) : الماء النجس إذا امتزج معه ماء المطر- بمقدار معتد به لا مثل القطرة، أو القطرات - طهر، وكذا ظرفه، كالإناء و الكوز ونحوهما.

ص: 17

(مسألة 45) : يعتبر في جريان حكم ماء المطر أن يصدق عرفاَ أن النازل من السماء ماء مطر، وإن كان الواقع على النجس قطرات منه، وأما إذا كان مجموع ما نزل من السماء قطرات قليلة، فلا يجري عليه الحكم.

(مسألة 46) : الثوب او الفراش النجس إذا تقاطر عليه المطر ونفذ في جميعه طهر الجميع، ولا يحتاج إلى العصر أو التعدد، وإذا وصل إلى بعضه دون بعض طهر ما وصل إليه دون غيره. واذا وصل الى ظاهره ولم ينفذ فيه يطهر ظاهره فقط. هذا إذا لم يكن فيه عين النجاسة، وإلا فلا يطهر الا اذا تقاطر عليه بعد زوال عينها.

(مسألة 47) : الأرض النجسة تطهر بوصول المطر إليها، بشرط أن يكون من السماء ولو بإعانة الريح. وأما لو وصل إليها بعد الوقوع على محل آخر -كما إذا ترشح بعد الوقوع على مكان، فوصل مكانا نجساَ- لا يطهر، نعم لو جرى على وجه الأرض فوصل إلى مكان مسقف حال استمرار التقاطر من السماء طهر.

(مسألة 48) : إذا تقاطر على عين النجس فترشح منها على شيء آخر لم ينجس، مادام متصلاً بماء السماء بتوالي تقاطره عليه.

(مسألة 49) : مقدار الكر وزناً بحقة الاسلامبول التي هي مائتان وثمانون مثقالاً صيرفياً (مائتان واثنتان وتسعون حقة ونصف الحقة) وبحسب وزنة النجف التي هي ثمانون حقة اسلامبول (ثلاثة وزنات ونصف وثلاث حقق وثلاث أوقية) وبالكيلو (ثلاثمائة وسبعة وسبعون كيلوا ونصف ومقداره في المساحة ما بلغ مكسره سبعة وعشرون شبراً بل الاحوط ( 43) شبراً

(مسألة 50) : لا فرق في اعتصام الكر بين تساوي سطوحه واختلافها، ولا بين وقوف الماء وركوده وجريانه. نعم إذا كان الماء متدافعا لا تكفي كرية

ص: 18

المجموع، ولا كرية المتدافع إليه في اعتصام المتدافع منه، نعم تكفي كرية المتدافع منه، بل وكرية المجموع في اعتصام المتدافع إليه وعدم تنجسه بملاقاة النجس.

(مسألة 51) : لا فرق بين ماء الحمام وغيره في الأحكام، فما في الحياض الصغيرة - إذا كان متصلا بالمادة، وكانت وحدها، أو بضميمة ما في الحياض إليها كراَ - اعتصم، وأما إذا لم يكن متصلا بالمادة، أو لم تكن المادة - ولو بضميمة ما في الحياض إليها كراَ - لم يعتصم.

(مسألة 52) : الماء الموجود في الأنابيب المتعارفة في زماننا بمنزلة المادة، فإذا كان الماء الموضوع في إجانة ونحوها من الظروف نجساَ وجرى عليه ماء الأنبوب طهر، بل يكون ذلك الماء أيضاً معتصماً، مادام ماء الانبوب جارياً عليه،فيجري عليه حكم ما الكر في التطهير به، وهكذا الحال في كل ما نجس، فانه اذا اتصل بالمادة طهر.

الفصل الثالث: حكم الماء القليل

الماء القليل المستعمل في رفع الحدث الأصغر طاهر ومطهر من الحدث والخبث. و المستعمل في رفع الحدث الأكبر طاهر ومطهر من الخبث، والأحوط - وجوباًَ - عدم استعماله في رفع الحدث إذا تمكن من ماء آخر، وإلا جمع بين الغسل أو الوضوء مع التيمم، والمستعمل في رفع الخبث نجس عدا ما يتعقب استعماله طهارة المحل، وعدا ماء الاستنجاء وسيأتي حكمه.

الفصل الرابع: حكم الماء المشتبه

إذا علم - إجمالا - بنجاسة أحد الإناءين سواءأ علم بطهارة الآخر لم يجز له رفع الخبث بأحدهما ولا رفع الحدث، ولكن لا يحكم بنجاسة الملاقي

ص: 19

لأحدهما، إلا إذا كانت الحالة السابقة فيهما النجاسة، و إذا اشتبه المطلق بالمضاف جاز رفع الخبث بالغسلبأحدهما، ثم الغسل بالآخر، وكذلك رفع الحدث وإذا اشتبه المباح بالمغصوب حرم التصرف بكل منهما، ولكن لو غسل نجس بأحدهما طهر، ولا يرفع الحدث بأحدهما. و إذا كانت أطراف الشبهة غير محصورة جاز الاستعمال مطلقاً. و ضابط غير المحصورة أن تبلغ كثرة الأطراف حداَ يوجب خروج بعضها عن مورد التكليف، ولو شك في كون الشبهة محصورة - أو غير محصورة فالاحوط –وجوباً- اجراء حكم المحصورة.

الفصل الخامس: الماء المضاف

الماء المضاف - كماء الورد ونحوه، وكذا سائر المايعات - ينجس القليل والكثير منها بمجرد الملاقاة للنجاسة الا إذا كان متدافعاَ على النجاسة بقوة كالجاري من العالي، والخارج من الفوارة، فتختص النجاسة - حينئذ - بالجزء الملاقي للنجاسة، ولا تسري إلى العمود.

وإذا تنجس المضاف لا يطهر أصلا وإن اتصل بالماء المعتصم، كماء المطر أو الكر، نعم إذا استهلك في الماء المعتصم كالكر فقد ذهبت عينه. ومثل المضاف في الحكم المذكور سائر المايعات.

(مسألة 53) : الماء المضاف لا يرفع الخبث ولا الحدث.

(مسألة 54) : الأسئار كلها طاهرة، إلا سؤر الكلب، والخنزير والكافر غير الكتابي، بل الكتابي على الأحوط وجوباً، نعم يكره سؤر غير مأكول اللحم عدا الهرة. و أما المؤمن فان سؤره شفاء بل في بعض الروايات انه شفاء من سبعين داء.

ص: 20

المبحث الثاني: أحكام الخلوة

وفيه فصول:

الفصل الأول: أحكام التخلي

يجب حال التخلي بل في سائر الأحوال ستر بشرة العورة - وهي القبل والدبر والبيضتان - عن كل ناظر مميز عدا الزوج والزوجة ،وشبههما كالمالك ومملوكته، والأمة المحللة بالنسبة الى المحلل له، فإنه يجوز لكل من هؤلاء أن ينظر إلى عورة الآخر نعم اذا كانت الامة مشتركة او مزوجة او محللة، او معتدّة لم يجز لمولاها النظر الى عورتها وفي حكم العورة ما بين السرة والركبة على الاحوط الوجوبي وكذا لايجوز النظر الى عورته. ويحرم على المتخلي استقبال القبلة واستدبارها حال التخلي بمقاديم بدنه، ولا يكفي امالة العورة ان كان مستقبلاً بمقاديم بدنه، ويجوز حال الاستبراء والاستنجاء، وإن كان الأحوط استحباباَ الترك، ولو اضطر إلى أحدهما. فالاقوى التخير والاولى اجتناب الاستقبال.

(مسألة 55) : لو اشتبهت القبلة لم يجز له التخلي على الأحوط، إلا بعد اليأس عن معرفتها، وعدم إمكان الانتظار، أو كون الانتظار حرجياَ أو ضررياً.

(مسألة 56) : لا يجوز النظر إلى عورة غيره ،من وراء الزجاج ونحوه، ولا في المرآة ولا في الماء الصافي، الا للطبيب والاحوط وجوباً ان ينظر الى عورة المريض من وراء الزجاج.

(مسألة 57) : لا يجوز التخلي في ملك غيره إلا بإذنه، ولو بالفحوى.

ص: 21

(مسألة 58) : لا يجوز التخلي في المدارس ونحوها ما لم يعلم بعموم الوقف،ولو أخبر المتولي، أو بعض أهل المدرسة بذلك كفى ،وكذا الحال في سائر التصرفات فيها.

الفصل الثاني: كيفية الاستنجاء

يجب غسل موضع البول بالماء القليل مرتين على الاحوط وجوباً، وفي الغسل بغير القليل يجزئ مرة واحدة على الاظهر ولا يجزئ غير الماء. واما موضع الغائط فان تعدى المخرج تعين غسله بالماء كغيره من المتنجسات، وإن لم يتعد المخرج تخير بين غسله بالماء حتى ينقى، ومسحه بالأحجار، أو الخرق، أو نحوهما من الأجسام القالعة للنجاسة. و الماء أفضل، والجمع أكمل.

(مسألة 59) : الأحوط - وجوباً - اعتبار المسح بثلاثة أحجار أو نحوها وإن حصل النقاء بالأقل.

(مسألة 60) : يجب أن تكون الأحجار أو نحوها طاهرة.

(مسألة 61) : يحرم الاستنجاء بالأجسام المحترمة، وأما العظم والروث، فلا يحرم الاستنجاء بهما، ولكن لا يطهر المحل به على الاحوط.

(مسألة 62) : يجب في الغسل بالماء إزالة العين والأثر، ولا تجب إزالة اللون والرائحة، ويجزئ في المسح إزالة العين، ولا تجب إزالة الأثر الذي لا يزول بالمسح بالأحجار عادة.

(مسألة 63) : إذا خرج مع الغائط، أو قبله أو بعده، نجاسة أخرى مثل الدم، ولاقت المحل لايجزئ في تطهيره إلا الماء.

ص: 22

الفصل الثالث: مستحبات التخلي

يستحب للمتخلي - على ما ذكره العلماء رضوان الله تعالى عليهم - أن يكون بحيث لا يراه الناظر ولو بالابتعاد عنه، كما يستحب له تغطية الرأس والتقنع وهو يجزئ عنها، والتسمية عند التكشف، والدعاء بالمأثور، وتقديم الرجل اليسرى عند الدخول، واليمنى عند الخروج، والاستبراء وأن يتكئ - حال الجلوس - على رجله اليسرى، ويفرج اليمنى. و يكره الجلوس في الشوارع، والمشارع، ومساقط الثمار، ومواضع اللعن : كأبواب الدور ونحوها من المواضع التي يكون المتخلي فيها عرضة للعن الناس، والمواضع المعدة لنزول القوافل، بل ربما يحرم الجلوس في هذه المواضع لطرو عنوان محرم، وكذا يكره استقبال قرص الشمس، أو القمر بفرجه، واستقبال الريح بالبول، والبول في الأرض الصلبة، وفي ثقوب الحيوان، وفي الماء خصوصاً الراكد، والأكل والشرب حال الجلوس للتخلي، والكلام بغير ذكر الله، إلى غير ذلك مما ذكره العلماء رضوان الله تعالى عليهم.

(مسألة 64) : ماء الاستنجاء طاهر على الاقوى، وان كان من البول فلا يجب الاجتناب عنه ولا عن ملاقيه إذا لم يتغير بالنجاسة، ولم تتجاوز نجاسة الموضع عن المحل المعتاد، ولم تصحبه أجزاء النجاسة متميزة، ولم تصحبه نجاسة من الخارج أو من الداخل، فإذا اجتمعت هذه الشروط كان طاهراً، ولكن لايجوز الوضوء به على الاحوط.

ص: 23

الفصل الرابع: كيفية الاستبراء

كيفية الاستبراء من البول، أن يمسح من المقعد إلى أصل القضيب ثلاثاً، ثم منه إلى رأس الحشفة ثلاثاً، ثم ينترها ثلاثاً، و فائدته طهارة البلل الخارج بعده إذا احتمل أنه بول، و لا يجب الوضوء منه.

ولو خرج البلل المشتبه بالبول قبل الاستبراء - وإن كان تركه لعدم التمكن منه - أو كان المشتبه مرددا بين البول والمني بنى على كونه بولاً، فيجب التطهر منه والوضوء، ويلحق بالاستبراء - في الفائدة المذكورة - طول المدة على وجه يقطع بعدم بقاء الشيء في المجرى. و لا استبراء للنساء، والبلل المشتبه الخارج منهن طاهر لا يجب له الوضوء، نعم الأولى للمرأة أن تصبر قليلاً وتتنحنح وتعصر فرجها عرضاً ثم تغسله.

(مسألة 65) : فائدة الاستبراء تترتب عليه ولو كان بفعل غيره.

(مسألة 66) : إذا شك في الاستبراء أو الاستنجاء بنى على عدمه، وإن كان من عادته فعله. وإذا شك من لم يستبرئ في خروج رطوبة بنى على عدمها، وإن كان ظاناً بالخروج.

(مسألة 67) : إذا علم أنه استبرأ أو استنجى وشك في كونه على الوجه الصحيح بنى على الصحة.

(مسألة 68) : لو علم بخروج المذي، ولم يعلم استصحابه لجزء من البول بنى على طهارته وإن كان لم يستبرئ.

ص: 24

المبحث الثالث: الوضوء

وفيه فصول:

الفصل الأول: كيفية الوضوء واحكامه

والكلام في أجزائه وهي : غسل الوجه واليدين، ومسح الرأس والرجلين، فهنا أمور :

الأول : يجب غسل الوجه ما بين قصاص الشعر إلى طرف الذقن طولاً، وما اشتملت عليه الإصبع الوسطى والإبهام عرضاً، والخارج عن ذلك ليس من الوجه، وإن وجب إدخال شيء من الأطراف إذا لم يحصل العلم بإتيان الواجب إلا بذلك، ويجب الابتداء بأعلى الوجه إلى الأسفل فالأسفل ولا يجوز النكس، نعم لو رد الماء منكوساً ونوى الوضوء بإرجاعه إلى الأسفل صح وضوؤه.

(مسألة 69) : غير مستوي الخلقة – لطو ل الاصابع او لقصرها- يرجع الى متناسب الخلقة المتعارف، وكذا لو كان اغم قد نبت الشعر على جبهته او كان أصلع قد انحسر الشعر عن مقدمة رأسه فانه يرجع الى المتعارف. واما غير مستوي الخلقة – لكبر الوجه او لصغره – فيجب عليه غسل ما دارت عليه الوسطى والإبهام المتناسبتان مع وجهه.

(مسألة 70) : الشعر النابت فيما دخل في حد الوجه يجب غسل ظاهره، ولا يجب البحث عن الشعر المستور، فضلاً عن البشرة المستورة، نعم ما لا يحتاج غسله إلى بحث وطلب يجب غسله، وكذا الشعر الرقيق النابت في البشرة فإنه

ص: 25

يغسل مع البشرة، ومثله الشعرات الغليظة التي لا تستر البشرة على الأحوط وجوباً.

(مسألة 71) : لا يجب غسل باطن العين، والفم، والأنف، ومطبق الشفتين، والعينين.

(مسألة 72) : الشعر النابت في الخارج عن الحد إذا تدلى على ما دخل في الحد لا يجب غسله، وكذا المقدار الخارج عن الحد، وإن كان نابتاً في داخل الحد، كمسترسل اللحية.

(مسألة 73) : إذا بقي مما في الحد شيء لم يغسل - ولو بمقدار رأس إبرة - لا يصح الوضوء، فيجب أن يلاحظ آماق وأطراف عينيه أن لا يكون عليها شيء من القيح، أو الكحل المانع، وكذا يلاحظ حاجبيه أن لا يكون عليهما شيء من الوسخ، وأن لا يكون على حاجبي المرأة وسمة أو خطاط له جرم مانع.

(مسألة 74) : إذا تيقن وجود ما يشك في مانعيته عن الغسل أوالمسح يجب تحصيل اليقين بزواله، ولو شك في أصل وجوده يجب الفحص عنه – على الاحوط وجوباً إلا مع الاطمئنان بعدمه.

(مسألة 75) : الثقبة في الأنف - موضع الحلقة أو الخزامة - لا يجب غسل باطنها بل يكفي غسل ظاهرها، سواء أكانت فيها الحلقة أم لا.

الثاني : يجب غسل اليدين من المرفقين إلى أطراف الأصابع مقدماً اليمنى على اليسرى، ويجب الابتداء بالمرفقين، ثم الأسفل منهما فالأسفل - عرفاً - إلى أطراف الأصابع.

و المقطوع بعض يده يغسل ما بقي، ولو قطعت من فوق المرفق سقط وجوب غسلها.

ص: 26

و لو كان له ذراعان دون المرفق وجب غسلهما، وكذا اللحم الزائد، والإصبع الزائدة، ولو كان له يد زائدة فوق المرفق فالاحوط استحباباً غسلها ايضاً. و لو اشتبهت الزائدة بالأصلية غسلهما جميعاً ومسح بهما جميعاً على الاحوط الوجوبي.

(مسألة 76) : المرفق مجمع عظمي الذراع والعضد، يجب غسله مع اليد.

(مسألة 77) : يجب غسل الشعر النابت في اليدين مع البشرة، حتى الغليظ منه على الأحوط وجوبا.

(مسألة 78) : إذا دخلت شوكة في اليد لا يجب إخراجها إلا إذا كان ما تحتها محسوبا من الظاهر، فيجب غسله - حينئذ - ولو بإخراجها.

(مسألة 79) : الوسخ الذي يكون على الأعضاء إذا كان معدوداً جزءاً من البشرة لا تجب إزالته، وإن كان معدوداً أجنبياً عن البشرة تجب إزالته

(مسألة 80) : ما هو المتعارف بين العوام من غسل اليدين إلى الزندين والاكتفاء عن غسل الكفين بالغسل المستحب قبل الوجه، باطل.

(مسألة 81) : يجوز الوضوء برمس العضو في الماء من أعلى الوجه أو من طرف المرفق، مع مراعاة غسل الأعلى فالأعلى، ولكن لايجوز أن ينوي الغسل لليسرىبإدخالها في الماء من المرفق، لانه يلزم تعذر المسح بماء الوضوء ،وكذا الحال في اليمنى إذا لم يغسل بها اليسرى واما قصد الغسل باخراج العضو من الماء – تدريجياً – فهو غير جائز مطلقاً على الاحوط.

(مسألة 82) : الوسخ تحت الأظفار اذا لم يكن زائداً على المتعارف لاتجب إزالته، الا إذا كان ما تحته معدوداً من الظاهر. وإذا قص أظفاره فصار ما تحتها ظاهراً وجب غسله بعد إزالة الوسخ.

ص: 27

(مسألة 83) : إذا انقطع لحم من اليدين غسل ما ظهر بعد القطع، ويجب غسل ذلك اللحم أيضاً ما دام لم ينفصل وإن كان اتصاله بجلدة رقيقة ولا يجب قطعه ليغسل ما كان تحت الجلدة، وان كان هو الاحوط وجوباً. ولو عد ذلك اللحم شيئاً خارجياً ولم تحسب جزءاً من اليد.

(مسألة 84) : الشقوق التي تحدث على ظهر الكف - من جهة البرد - إن كانت وسيعة يرى جوفها وجب إيصال الماء إليها، وإلا فلا. ومع الشك فالأحوط - استحباباً - الإيصال.

(مسألة 85) : ما ينجمد على الجرح - عند البرء - ويصير كالجلد لا يجب رفعه وإن حصل البرء،ويجزي غسل ظاهره وإن كان رفعه سهلاً.

(مسألة 86) : يجوز الوضوء بماء المطر، إذا قام تحت السماء حين نزوله فقصد بجريانه على وجهه غسل الوجه، مع مراعاة الأعلى فالأعلى. وكذلك بالنسبة إلى يديه. و لو قام تحت الميزاب أو نحوه ولو لم ينو من الأول، لكن بعد جريانه على جميع محال الوضوء مسح بيده على وجهه بقصد غسله، وكذا على يديه. وإن حصل الجريان كفى ايضاً.

(مسألة 87) : إذا شك في شيء أنه من الظاهر حتى يجب غسله أو الباطن، فالأحوط - استحباباً - غسله، نعم اذا كان قبل ذلك من الظاهر وجب غسله.

الثالث : يجب مسح مقدم الرأس - وهو ما يقارب ربعه مما يلي الجبهة - ويكفي فيه المسمى طولاً وعرضاً. و الأحوط - استحباباً - أن يكون العرض قدر ثلاثة أصابع، والطول قدر طول إصبع. والأحوط - وجوباً - أن يكون المسح من الأعلى إلى الأسفل ويكون بباطن الكف وبنداوة الكف اليمنى بل الاحوط وجوباً ان يكون بباطنها.

ص: 28

(مسألة 88) : يكفي المسح على الشعر المختص بالمقدم، بشرط أن لا يخرج بمده عن حده. فلو كان كذلك فجمع وجعل على الناصية لم يجز المسح عليه.

(مسألة 89) : لا تضر كثرة بلل الماسح، وإن حصل معه الغسل.

(مسألة 90) : لو تعذر المسح بباطن الكف، مسح بغيره والاحوط –وجوباً- المسح بظاهر الكف، فان تعذر فالاحوط-وجوباً- ان يكون بباطن الذراع.

(مسألة 91) : يعتبر أن لا يكون على الممسوح بلل ظاهر، بحيث يختلط بلل الماسح بمجرد المماسة.

(مسألة 92) : لو اختلط بلل اليد ببلل أعضاء الوضوء لم يجز المسح به على الأحوط وجوباً، نعم لا بأس باختلاط بلل اليد اليمنى ببلل اليد اليسرى الناشئ من الاستمرار في غسل اليسرى بعد الانتهاء من غسلها، إما احتياطاً، أو للعادة الجارية.

(مسألة 93) : لو جف ما على اليد من البلل لعذر، أخذ من بلل لحيته الداخلة في حد الوجه ومسح به.

(مسألة 94) : لو لم يمكن حفظ الرطوبة في الماسح لحر أو غيره فالأحوط - استحباباً - الجمع بين المسح بالماء الجديد والتيمم، والأظهر جواز الاكتفاء بالتيمم.

(مسألة 95) : لا يجوز المسح على العمامة، والقناع، أو غيرهما من الحائل وإن كان شيئاً رقيقاً لا يمنع من وصول الرطوبة إلى البشرة.

الرابع : يجب مسح القدمين من أطراف الأصابع إلى الكعبين ،و الأحوط وجوباً المسح الى مفصل الساق، ويجزي المسمى عرضاً والاحوط وجوباً - مسح

ص: 29

اليمنى باليمنى أولاً ثم اليسرى باليسرى. وحكم العضو المقطوع من الممسوح حكم العضو المقطوع من المغسول، وكذا حكم الزائد من الرجل والرأس، وحكم البلة وحكم جفاف الممسوح والماسح كما سبق.

(مسألة 96) : لا يجب المسح على خصوص البشرة، بل يجوز المسح على الشعر النابت فيها أيضاً إذا لم يكن خارجاً عن المتعارف، وإلا وجب المسح على البشرة.

(مسألة 97) : لا يجزي المسح على الحائل كالخف لغير ضرورة، أو تقية، والاقوى جوازه مع الضرورة والاجتزاء بع مع التقية، ولا يجب عليه الاعادة في الوقت والقضاء خارجه كما شرحناه مفصلاً في رسالة التقية.

(مسألة 98) : لو دار الأمر بين المسح على الخف والغسل للرجلين للتقية، اختار الثاني

(مسألة 99) : يعتبر عدم المندوحة في مكان التقية على الأقوى، فلو أمكنه ترك التقية وإراءة المخالف عدم المخالفة لم تشرع التقية، ولا يعتبر عدم المندوحة في الحضور في مكان التقية وزمانها، كما لايجب بذل المال لرفع التقية، واما في سائر موارد الاضطرار فيعتبر فيها عدم المندوحة مطلقاً، نعم لايعتبر فيها بذل المال لرفع الاضطرار اذا كان ضررياً.

(مسألة 100) : إذا زال السبب المسوّغ لغسل الرجلين بعد الوضوء لم تجب الاعادة في التقية ووجبت في سائر الضرورات ،كما تجب الاعادة اذا زال السبب المسوغ أثناء الوضوء مطلقاً.

(مسألة 101) : لو توضأ على خلاف التقية فالاظهر وجوب الإعادة.

(مسألة 102) : يجب في مسح الرجلين أن يضع يده على الأصابع ويمسح إلى الكعبين بالتدريج، او بالعكس فيضع يده على الكعبين ويمسح الى اطراف

ص: 30

الاصابع تدريجياً، ولا يجوز ان يضع تمام كفه على تمام ظهر القدم من طرف الطول الى المفصل، ويجرها قليلاً بمقدار صدق المسح على الاحوط.

الفصل الثاني: حكم الجبيرة

من كان على بعض أعضاء وضوئه جبيرة فإن تمكن من غسل ما تحتها بنزعها أو بغمسها في الماء مع إمكان الغسل من الاعلى الى الاسفل وجب -- وإن لم يتمكن من الغسل لخوف الضرر - اجتزأ بالمسح على الجبيرة، ولا يجزئ غسل الجبيرة عن مسحها على الاقوى، ولا بد من استيعابها بالمسح إلا ما يتعسر استيعابه بالمسح عادة، كالخلل التي تكون بين الخيوط ونحوها.

(مسألة 103) : الجروح والقروح المعصبة حكمها حكم الجبيرة المتقدم. وان لم تكن معصبة غسل ما حولها، والأحوط - وجوباً - المسح عليها إن أمكن، ولا يجب وضع خرقة عليها ومسحها، وإن كان ذلك أحوط استحبابا.

(مسألة 104) : اللطوخ المطلي بها العضو للتداوي يجري عليها حكم الجبيرة. و أما الحاجب اللاصق - اتفاقاً - كالقير ونحوه فإن أمكن رفعه وجب، وإلا وجب التيمم إن لم يكن الحاجب في مواضعه، وإلا جمع بين الوضوء والتيمم.

(مسألة 105) : يختص الحكم المتقدم بالجبيرة الموضوعة على الموضع في موارد الجرح أو القرح أو الكسر، وأما في غيرها كالعصابة التي يعصب بها العضو - لألم، أو ورم، ونحو ذلك - فلا يجزئ المسح على الجبيرة بل يجب التيمم إن لم يمكن غسل المحل لضرر ونحوه. كما يختص الحكم بالجبيرة غير المستوعبة للعضو، أما اذا كانت مستوعبة للعضو فان كانت في الرأس او الرجلين تعين الجمع على الاحوط وان كانت في الوجه او اليد فلا يترك الاحتياط الوجوبي فيها الجمع بين وضوء الجبيرة والتيمم، وكذلك الحال مع استيعاب الجبيرة تمام

ص: 31

الاعضاء، و أما الجبيرة النجسة التي لا تصلح أن يمسح عليها فإن كانت بمقدار الجرح أجزأه غسل أطرافه، ويضع خرقة طاهرة على الجبيرة ويمسح عليها على الاحوط وان كانت أزيد من مقدار الجرح ولم يمكن رفعها وغسل ما حول الجرح تعين التيمم على الاظهر اذا لم تكن الجبيرة في مواضع التيمم، والا جمع بين الوضوء والتيمم.

(مسألة 106) : يجري حكم الجبيرة في الأغسال غير غسل الميت كما كان يجري في الوضوء، ولكنه يختلف عنه بأن المانع عن الغسل إذا كان قرحاً أو جرحاً وكان مكشوفاً تخير المكلف بين الغسل والتيمم، وإذا اختار الغسل فالأحوط أن يضع خرقة على موضع القرح أو الجرح ويمسح عليها، وإن كان الأظهر جواز الاجتزاء بغسل أطرافه. وأما إذا كان المانع كسراً فإن كان محل الكسر مجبوراً تعين عليه الاغتسال مع المسحعلى الجبيرة، وأما إذا كان المحل مكشوفا، أو لم يتمكن من المسح على الجبيرة تعين عليه التيمم.

(مسألة 107) : لو كانت الجبيرة على العضو الماسح مسح ببلتها.

(مسألة 108) : الأرمد إن كان يضره استعمال الماء يجب عليه ان يتوضأ وضوء الجبيرة ويضم اليه التيمم على الاحوط.

(مسألة 109) : إذا برئ ذو الجبيرة في ضيق الوقت أجزأ وضوؤه، سواء برئ في أثناء الوضوء أم بعده، قبل الصلاة أم في أثنائها أم بعدها ولاتجب عليه إعادته لغير ذات الوقت اذا كانت موسعة كالصلوات الآتية، اما لو برئ في السعة فالاحوط وجوباً ان لم يكن الاقوى الاعادة في جميع الصور المتقدمة.

(مسألة 110) : إذا كان في عضو واحد جبائر متعددة يجب الغسل أو المسح في فواصلها.

ص: 32

(مسألة 111) : إذا كان بعض الأطراف الصحيح تحت الجبيرة، فإن كان بالمقدار المتعارف مسح عليها، وإن كان أزيد من المقدار المتعارف وان امكن رفعها رفعها وغسل المقدار الصحيح ثم وضعها ومسح عليها وان لم يمكن ذلك وجب عليه التيمم ان لم تكن الجبيرة في مواضعه، والا جمع بين الوضوء والتيمم.

(مسألة 112) : في الجرح المكشوف اذا اراد وضع قماش طاهر عليه ومسحه وجب عليه أولاً أن يغسل ما يمكن من أطرافه ثم وضعه.

(مسألة 113) : إذا أضر الماء بأطراف الجرح بالمقدار المتعارف يكفي المسح على الجبيرة، والاحوط - وجوباً ضم التيمم اذا كانت الاطراف المتضررة أزيد من المتعارف.

(مسألة 114) : إذا كان الجرح أو نحوه في مكان آخر غير مواضع الوضوء، لكن كان بحيث يضره استعمال الماء في مواضعه، فالمتعين التيمم.

(مسألة 115) : لا فرق في حكم الجبيرة بين أن يكون الجرح، أو نحوه حدث باختياره - على وجه العصيان أم لا.

(مسألة 116) : إذا كان ظاهر الجبيرة طاهراً، لا يضره نجاسة باطنها.

(مسألة 117) : محل الفصد داخل في الجروح، فلو كان غسله مضراً يكفي المسح على الوصلة التي عليه، إن لم تكن أزيد من المتعارف، وإلا حلها وغسل المقدار الزائد ثم شدها. و أما إذا لم يمكن غسل المحل - لا من جهة الضرر، بل لأمر آخر، كعدم انقطاع الدم مثلا - فلا بد من التيمم، ولا يجري عليه حكم الجبيرة.

(مسألة 118) : إذا كان ما على الجرح من الجبيرة مغصوباً لا يجوز المسح عليه، بل يجب رفعه وتبديله.

وإن كان ظاهره مباحا، وباطنه مغصوبا فإن لم يعد مسح الظاهر تصرفاً فيه فلا يضر، وإلا بطل.

ص: 33

(مسألة 119) : لا يشترط في الجبيرة أن تكون مما تصح الصلاة فيه، فلو كانت حريراً، أو ذهباً، أو جزء حيوان غير مأكول، لم يضر بوضوئه، فالذي يضر هو نجاسة ظاهرها، أو غصبيتها.

(مسألة 120) : ما دام خوف الضرر باقيا يجري حكم الجبيرة وإن احتمل البرء، وإذاظن البرء وزال الخوف وجب رفعها.

(مسألة 121) : إذا أمكن رفع الجبيرة، وغسل المحل لكن كان موجباً لفوات الوقت، فالأظهر العدول إلى التيمم.

(مسألة 122) : الدواء الموضوع على الجرح ونحوه إذا اختلط مع الدم، وصار كالشيء الواحد، ولم يمكن رفعه بعد البرء - بأن كان مستلزماً لجرح المحل وخروج الدم - فلا يجري عليه حكم الجبيرة، بل تنتقل الوظيفة إلى التيمم.

(مسألة 123) : إذا كان العضو صحيحاً لكن كان نجساً، ولم يمكن تطهيره لا يجري عليه حكم الجرح، بل يتعين التيمم.

(مسألة 124) : لا يلزم تخفيف ما على الجرح من الجبيرة إن كانت على النحو المتعارف، كما أنه لا يجوز وضع شيء آخر عليها مع عدم الحاجة، إلا أن يحسب جزءاً منها بعد الوضع.

(مسألة 125) : الوضوء مع الجبيرة رافع للحدث، وكذلك الغسل.

(مسألة 126) : يجوز لصاحب الجبيرة الصلاة في أول الوقت برجاء استمرار العذر فاذا انكشف ارتفاعه في الوقت اعاد الوضوء والصلاة. واما اذا كان يائساً من رفع العذر فلا تجب الاعادة وان كان أحوط.

(مسألة 127) : إذا اعتقد الضرر في غسل البشرة - لاعتقاده الكسر مثلا - فعمل بالجبيرة ثم تبين عدم الكسر في الواقع، لم يصح الوضوء ولا الغسل. و أما إذا تحقق الكسر فجبره، واعتقد الضرر في غسله فمسح على الجبيرة، ثم تبين عدم

ص: 34

الضرر، فالظاهر صحة وضوئه وغسله. وا ذا اعتقد عدم الضرر فغسل، ثم تبين أنه كان مضراً، وكانت وظيفته الجبيرة صح وضوؤه وغسله، الا اذا كان الضرر ضرراً كان تحمله حراماً شرعاً وكذلك يصحان لو اعتقد الضرر، ولكن ترك الجبيرة وتوضأ أو اغتسل، ثم تبين عدم الضرر وأن وظيفته غسل البشرة، ولكن الصحة في هذه الصورة تتوقف على امكان قصد القربة.

(مسألة 128) : في كل مورد يشك في أن وظيفته الوضوء الجبيري أو التيمم الاحوط وجوباً الجمع بينهما.

الفصل الثالث: في شرائط الوضوء

منها : طهارة الماء، و إطلاقه واباحته. و كذا عدم استعماله في التطهير من الخبث على الاحوط، بل ولا في رفع الحدث الأكبر على الأحوط استحباباً، على ما تقدم.

و منها : طهارة أعضاء الوضوء.

و منها : إباحة الفضاء الذي يقع فيه الوضوء على الاحوط وجوباً، و الاظهر عدم اعتبار إباحة الإناء الذي يتوضأ منه مع عدم الانحصار به، بل الوظيفة مع الانحصار هي التيمم، لكنه لو خالف و توضأ بماء مباح من إناء مغصوب لايصح وضوؤه، من دون فرق بين الاغتراف منه - دفعة، أو تدريجاً - و الصب منه وكذا لايصح الوضوء في الاناء المغصوب اذا كان بنحو الارتماس فيه، كما ان الاظهر ان حكم المصب اذا كان وضع الماء على العضو مقدمة للوصول اليه حكم الاناء مع عدم الانحصار فوضوؤه يكون صحيحاً.

(مسألة 129) : يكفي طهارة كل عضو حين غسله، و لا يلزم أن تكون جميع الأعضاء - قبل الشروع - طاهرة، فلو كانت نجسة و غسل كل عضو بعد

ص: 35

تطهيره، أو طهره بغسل الوضوء كفى، و لا يضر تنجس عضو بعد غسله، و إن لم يتم الوضوء.

(مسألة 130) : إذا توضأ من إناء الذهب، أو الفضة، بالاغتراف منه - دفعة، أو تدريجاً، أو بالصب منه، فصحة الوضوء لاتخلو من وجه بل يصح مع عدم الانحصار. ولو توضأ بالارتماس فيه فالصحة مشكلة.

و منها : عدم المانع من استعمال الماء لمرض او عطش يخاف منه على نفسه أو على نفس محترمة. نعم الظاهر صحة الوضوء مع المخالفة في فرض العطش، ولاسيما إذا أراق الماء على أعلى جبهته ونوى الوضوء بعد ذلك- بتحريك الماء من أعلى الوجه الى اسفله.

(مسألة 131): إذا توضأ في حال ضيق الوقت عن الوضوء، فإن قصد أمر الصلاة الأدائي وكان عالماً بالضيق بطل. وان كان جاهلاً به صح. وان قصد أمر غاية أخرى ولو كانت هي الكون على الطهارة صح حتى مع العلم بالضيق.

(مسألة 132) : لا فرق في عدم صحة الوضوء بالماء المضاف، أو النجس، أو مع الحائل، بين صورة العلم، و العمد، و الجهل، و النسيان. و كذلك الحال إذا كان الماء مغصوباً فانه يحكم ببطلان الوضوء به حتى مع الجهل. نعم يصح الوضوء به مع النسيان اذا لم يكن الناسي هو الغاصب.

(مسألة133) : إذا نسي غير الغاصب وتوضأ بالماء المغصوب والتفت إلى الغصبية في أثناء الوضوء، صح ما مضى من أجزائه، و يجب تحصيل الماء المباح للباقي. و لكن إذا التفت إلى الغصبية بعد الغسلات و قبل المسح، فجواز المسح بما بقي من الرطوبة لا يخلو من قوة، و إن كان الأحوط - استحباباً - إعادة الوضوء.

ص: 36

(مسألة 134) : مع الشك في رضا المالك لا يجوز التصرف بالمملوك، و يجري عليه حكم الغصب، فلا بد من العلم بإذن المالك، و لو بالفحوى أو شاهد الحال.

(مسألة 135) : يجوز الوضوء و الشرب من الأنهار الكبار المملوكة لأشخاص خاصة، سواء أ كانت قنوات، أو منشقة من شط، و إن لم يعلم رضا المالكين كذلك الارض الوسيعة جداً، او غير المحجبة فيجوز الوضوء و الجلوس و النوم و نحوها فيها، ما لم ينه المالك او علم بان المالك صغير او مجنون.

(مسألة 136): الحياض الواقعة في المساجد و المدارس إذا لم يعلم كيفية وقفها من اختصاصها بمن يصلي فيها، أو الطلاب الساكنين فيها، أو عدم اختصاصها لا يجوز لغيرهم الوضوء منها، إلا مع جريان العادة بوضوء صنف خاص أو كل من يريد، مع عدم منع أحد، فإنه يجوز الوضوء لغيرهم منها اذا كشفت العادة عن عموم الإذن.

(مسألة 137): إذا علم أو احتمل أن حوض المسجد وقف على المصلين فيه لا يجوز الوضوء منه بقصد الصلاة في مكان آخر. ولو توضأ بقصد الصلاة فيه ثم بدا له أن يصلي في مكان آخر، فالأظهر صحة وضوئه، و كذلك إذا توضأ بقصد الصلاة في ذلك المسجد، و لكنه لم يتمكن و كان يحتمل أنه لا يتمكن، و اما إذا كان قاطعاً بالتمكن، ثم انكشف عدمه، فالظاهر صحة وضوئه، و كذلك يصح لو توضأ غفلة، أو باعتقاد عدم الاشتراط، و لا يجب عليه أن يصلي فيه، و إن كان أحوط.

(مسألة 138): إذا دخل المكان الغصبي غفلة و في حال الخروج توضأ بحيث لا ينافي فوريته، فالظاهر صحة وضوئه. و كذا إذا دخل عصيانا و خرج و توضأ في حال الخروج، فالحكم فيه هو الحكم اذا توضأ حالة الدخول.

ص: 37

و منها : النية، و هي أن يقصد الفعل ويكون الباعث إلى القصد المذكور أمر الله تعالى، من دون فرق بين أن يكون ذلك بداعي الحب له سبحانه أو رجاء الثواب، أو الخوف من العقاب. و يعتبر فيها الإخلاص فلو ضم إليها الرياء بطل، و لو ضم إليها غيره من الضمائم الراجحة، كالتنظيف من الوسخ، أو المباحة كالتبريد، فإن كانت الضميمة تابعة، أو كان كل من الامر والضميمة صالحاً للاستقلال في البعث الى الفعل لم تقدح وفي غير ذلك تقدح. والأظهر عدم قدح العجب حتى المقارن ،وان كان موجباً لحبط الثواب.

(مسألة 139): لا تعتبر نية الوجوب، و لا الندب، و لا غيرهما من الصفات و الغايات. و لو نوى الوجوب في موضع الندب، أو العكس - جهلاً أو نسيانا - صح. وكذا الحال إذا نوى التجديد و هو محدث أو نوى الرفع و هو متطهر.

(مسألة 140): لا بد من استمرار النية بمعنى صدور تمام الأجزاء عن النية المذكورة

(مسألة 141): لو اجتمعت أسباب متعددة للوضوء كفى وضوء واحد، و لو اجتمعت اسباب للغسل أجزأ غسل واحد بقصد الجميع، و كذا لو قصد الجنابة فقط، بلالاقوى ذلك أيضاً اذا قصد منها واحداً غير الجنابة و لو قصد الغسل قربة من دون نية الجميع و لا واحد بعينه فالظاهر البطلان، الا ان يرجع ذلك إلى نية الجميع إجمالاً.

ومنها : مباشرة المتوضئ للغسل و المسح، فلو وضأه غيره – على نحو لايسند اليه الفعل – بطل الا مع الاضطرار، فيوضؤه غيره، ولكن هو الذي يتولى النية، والاحوط ان ينوي الموضئ أيضاً.

ص: 38

ومنها : الموالاة، و هي التتابع في الغسل و المسح بنحو لايلزم جفاف تمام السابق في الحال المتعارفة، فلا يقدح الجفاف لاجل حرارة الهواء او البدن الخارجة عن المتعارف.

(مسألة 142): الأحوط - وجوباً - عدم الاعتداد ببقاء الرطوبة في مسترسل اللحية الخارج عن حد الوجه.

و منها : الترتيب بين الأعضاء بتقديم الوجه ثم اليد اليمنى ثم اليسرى ثم مسح الرأس والأحوط تقديم الرجل اليمنى على اليسرى، وكذا يجب الترتيب في اجزاء كل عضو، على ما تقدم، ولو عكس الترتيب - سهواً – اعاد على ما يحصل به الترتيب مع عدم فوات الموالاة، والا استأنف وكذا لو عكس –عمداً- الا ان يكون قد أتى بالجميع عن غير الامر الشرعي فيستأنف.

الفصل الرابع: أحكام الخلل

(مسألة 143): من تيقن الحدث و شك في الطهارة تطهر، و كذا لو ظن الطهارة ظناً غير معتبر شرعاً. و لو تيقن الطهارة و شك في الحدث بنى على الطهارة، و إن ظن الحدث ظناً غير معتبر شرعاً.

(مسألة 144): إذا تيقن الحدث و الطهارة و شك في المتقدم و المتأخر تطهر، سواء علم تاريخ الطهارة، أو علم تاريخ الحدث، أو جهل تاريخهما جميعا.

(مسألة 145): إذا شك في الطهارة بعد الصلاة أو غيرها مما يعتبر فيه الطهارة بنى على صحة العمل و تطهر لما يأتي، الا إذا تقدم منشأ الشك على العمل، بحيث لو التفت إليه قبل العمل لشك ،فان الاظهر –حينئذ- الاعادة.

ص: 39

(مسألة 146): إذا شك في الطهارة في أثناء الصلاة - مثلاً - قطعها و تطهر، و استأنف الصلاة.

(مسألة 147): لو تيقن الإخلال بغسل عضو أو مسحه أتى به و بما بعده، مراعيا للترتيب و الموالاة و غيرهما من الشرائط، وكذا لو شك في الإتيان بفعل من أفعال الوضوء قبل الفراغ منه، أما لو شك في ذلك بعد الفراغ لم يلتفت، و إذا شك في الجزء الأخير فإن كان ذلك قبل الدخول في الصلاة ونحوها مما يتوقف على الطهارة وقبل فوت الموالاة لزمه الاتيان به، والا فلا.

(مسألة 148): ما ذكرناه آنفا من لزوم الاعتناء بالشك فيما إذا كان الشك أثناء الوضوء، لا يفرق فيه بين أن يكون الشك بعد الدخول في الجزء المترتب أو قبله على الاحوط، ولكنه يختص بغير الوسواسي، و أما الوسواسي وهوالذي لايكون لشكه منشأ عقلائي بحيث لايلتفت العقلاء الى مثله فلا يعتني بشكه مطلقا.

(مسألة 149): إذا كان مأموراً بالوضوء من جهة الشك فيه بعد الحدث إذا نسي شكه و صلى فلا إشكال في بطلان صلاته بحسب الظاهر، فتجب عليه الإعادة إن تذكر في الوقت، و القضاء إن تذكر بعده.

(مسألة 150): إذا كان متوضئاً و توضأ للتجديد و صلى، ثم تيقن بطلان أحد الوضوئين و لم يعلم أيهما، فلا إشكال في صحة صلاته، و لا تجب عليه إعادة الوضوء للصلوات الآتية أيضاً..

(مسألة 151): إذا توضأ وضوءين و صلى بعدهما، ثم علم بحدوث حدث بعد أحدهما، يجب الوضوء للصلاة الآتية، لان الوضوء الاول معلوم الانتقاض والثاني غير محكوم ببقائه للشك في تأخره وتقدمه على الحدث. و أما الصلاة فيبني على صحتها لقاعدة الفراغ، وإذا كان في محل الفرض قد صلى بعد

ص: 40

كل وضوء صلاة، أعاد الوضوء لما تقدم واعاد الصلاة الثانية واما الصلاة الاولى فيحكم بصحتها لاستصحاب الطهارة بلا معارض والاحوط استحباباً – في هذه الصورة- اعادتها ايضاً.

(مسألة 152): إذا تيقن بعد الفراغ من الوضوء أنه ترك جزءاً منه و لا يدري أنه الجزء الواجب أو المستحب، فالظاهر الحكم بصحة وضوئه.

(مسألة 153): إذا علم بعد الفراغ من الوضوء أنه مسح على الحائل، أو مسح في موضع الغسل، أو غسل في موضع المسح، ولكن شك في أنه هل كان هناك مسوغ لذلك من جبيرة، او ضرورة أو تقية أو لا، بل كان على غير الوجه الشرعي فالأظهر وجوب الإعادة.

(مسألة 154): إذا تيقن أنه دخل في الوضوء و أتى ببعض أفعاله و لكن شك في أنه أتمه على الوجه الصحيح أو لا، بل عدل عنه اختياراً أو اضطراراً، فالظاهر عدم صحة وضوئه.

(مسألة 155): إذا شك بعد الوضوء في وجود الحاجب، أو شك في حاجبيته كالخاتم، أو علم بوجوده و لكن شك بعده في أنه أزاله، أو أنه أوصل الماء تحته، بنى على الصحة مع احتمال الالتفات حال الوضوء. و كذا إذا علم بوجود الحاجب، و شك في أن الوضوء كان قبل حدوثه أو بعده بنى على الصحة.

(مسألة 156): إذا كانت أعضاء وضوئه أو بعضها نجسا فتوضأ و شك - بعده - في أنه طهرها أم لا، بنى على بقاء النجاسة، فيجب غسله لما يأتي من الأعمال، و أما الوضوء فمحكوم بالصحة، و كذلك لو كان الماء الذي توضأ منه نجسا ثم شك - بعدالوضوء - في أنه طهره قبله أم لا، فإنه يحكم بصحة وضوئه، و بقاء الماء نجسا، فيجب عليه تطهير ما لاقاه من ثوبه و بدنه.

ص: 41

الفصل الخامس: نواقض الوضوء

يحصل الحدث بأمور :

الأول و الثاني : خروج البول و الغائط، سواء أ كان من الموضع المعتاد بالاصل أم بالعارض، أم كان من غيره على الاحوط وجوباً، و البلل المشتبه الخارج قبل الاستبراء بحكم البول ظاهراً.

الثالث : خروج الريح من الدبر أو من غيره، اذا كان من شأنه ان يخرج من الدبر، و لا عبرة بما يخرج من القبل و لو مع الاعتياد.

الرابع : النوم الغالب على العقل، و يعرف بغلبته على السمع من غير فرق بين أن يكون قائماً، و قاعداً، و مضطجعاً. و مثله كل ما غلب على العقل من جنون، أو إغماء، أو سكر، أو غير ذلك.

الخامس : الاستحاضة على تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى.

(مسألة 157): إذا شك في طرو أحد النواقض بنى على العدم، و كذا إذا شك في أن الخارج بول، أو مذي، فإنه يبني على عدم كونه بولاً، إلا أن يكون قبل الاستبراء، فيحكم بأنه بول، فإن كان متوضئاً انتقض وضوؤه.

(مسألة 158): إذا خرج ماء الاحتقان و لم يكن معه شيء من الغائط لم ينتقض الوضوء، و كذا لو شك في خروج شيء من الغائط معه.

(مسألة 159): لا ينتقض الوضوء بخروج المذي ،أو الودي ،أو الوذي، و الأول ما يخرج بعد الملاعبة، و الثاني ما يخرج بعد خروج البول، و الثالث ما يخرج بعد خروج المني.

ص: 42

الفصل السادس: في المبطون والمسلوس

من استمر به الحدث في الجملة - كالمبطون، و المسلوس، ونحوهما - له أحوال اربع :

الأولى : أن تكون له فترة تسع الوضوء والصلاة الاختيارية، وحكمه وجوب انتظار تلك الفترة، والوضوء والصلاة فيها.

الثانية : أن لا يجد فترة أصلاً أو تكون له فترة يسيرة لا تسع الطهارة و بعض الصلاة، وحكمه الوضوء والصلاة وليس عليه الوضوء لصلاة أخرى الا ان يحدث حدثاً آخر، كالنوم وغيره، فيجدد الوضوء لها.

الثالثة : أن تكون له فترة تسع الطهارة و بعض الصلاة ولا يكون عليه في تجديد الوضوء –في الاثناء مرة أو مرات – حرج، وحكمه الوضوء والصلاة في الفترة، ولاتجب عليه اعادة الوضوء اذا فاجأه الحدث اثناء صلاته وبعدها وان كان الاحوط أن يجدد الوضوء كلما فاجأه الحدث اثناء صلاته ويبني عليها، كما ان الاحوط اذا أحدث –بعد الصلاة- ان يتوضأ للصلاة الأخرى.

الرابعة : الصورة الثالثة لكن تجديد الوضوء – في الاثناء – حرجاً عليه، وحكمه الاجتزاء بالوضوء الواحد، ما لم يحدث حدثاً آخر بل له ان يتوضأ لكل صلاة على الاحوط.

(مسألة 160): الأحوط لمستمر الحدث الاجتناب عما يحرم على المحدث و إن كان الأظهر عدم وجوبه، فيما إذا جازت له الصلاة.

(مسألة 161): يجب على المسلوس و المبطون التحفظ من تعدي النجاسة إلى بدنه و ثوبه مهما أمكن بوضع كيس أو نحوه، و لا يجب تغييره لكل صلاة.

ص: 43

الفصل السابع: خاتمة في الوضوء

لا يجب الوضوء لنفسه، و تتوقف صحة الصلاة - واجبة كانت، أو مندوبة - عليه، و كذا أجزاؤها المنسية بل سجود السهو على الأحوط استحباباً. و مثل الصلاة الطواف الواجب، و هو ما كان جزءاً من حجة أو عمرة، دون المندوب و إن وجب بالنذر، نعم يستحب له.

(مسألة 162): لا يجوز للمحدث مس كتابة القرآن، حتى المد و التشديد و نحوهما، و لا مس اسم الجلالة و سائر أسمائه و صفاته على الأحوط وجوبا، وكذا إلحاق أسماء الأنبياء و الأوصياء و سيدة النساء صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين به.

(مسألة 163): الوضوء مستحب لنفسه فلا حاجة في صحته الى جعل شيء غاية له. وان كان يجوز الاتيان به لغاية من الغايات المأمور بها مقيدة به فيجوز الاتيان به لاجلها، ويجب ان وجبت ويستحب ان استحبت، سواء اتوقف عليه صحتها أم كمالها.

(مسألة 164): لا فرق في جريان الحكم المذكور بين العربية والفارسية وغيرهما ولا بين الكتابة بالمداد والحفر والتطريز وغيرهما، كما لا فرق في الماس، بين ما تحله الحياة و غيره، نعم لا يجري الحكم في المس بالشعر إذا كان الشعر غير تابع للبشرة.

(مسألة 165): الألفاظ المشتركة بين القرآن و غيره يعتبر فيها قصد الكاتب، وان شك في قصد الكاتب جاز المس.

(مسألة 166): يجب الوضوء اذا وجبت احدى الغايات المذكورة آنفاً ويستحب اذا استحبت، وقد يجب بالنذر، وشبهه ويستحب للطواف المندوب،

ص: 44

ولسائر افعال الحج ولطلب الحاجة، ولحمل المصحف الشريف، ولصلاة الجنائز، وتلاوة القرآن، وللكون على الطهارة، ولغير ذلك.

(مسألة 167): اذا دخل وقت الفريضة يجوز الإتيان بالوضوء بقصد فعل الفريضة، كما يجوز الإتيان به بقصد الكون على الطهارة و كذا بقصد الغايات المستحبة الاخرى.

(مسألة 168): سنن الوضوء على ما ذكره العلماء رضوان الله عليهم : وضع الإناء الذي يغترف منه على اليمين ،و التسمية ،و الدعاء بالمأثور، و غسل اليدين من الزندين قبل إدخالهما في الإناء الذي يغترف منه - لحدث النوم، أو البول مرة، و للغائط مرتين - و المضمضة، و الاستنشاق، و تثليثهما و تقديم المضمضة، و الدعاء بالمأثور عندهما، و عند غسل الوجه و اليدين، و مسح الرأس، و الرجلين، و تثنية الغسلات، و الأحوط استحباباً عدم التثنية في اليسرى احتياطا للمسح بها و كذلك اليمنى إذا أراد المسح بها من دون أن يستعملها في غسل اليسرى و كذلك الوجه لأخذ البلل منه عند جفاف بلل اليد، و يستحب أن يبدأ الرجل بظاهر ذراعيه في الغسلة الأولى و الثانية و المرأة تبدأ بالباطن فيهما، و يكره الاستعانة بغيره في المقدمات القريبة.

المبحث الرابع: الغسل

اشارة

و الواجب منه لغيره : غسل الجنابة، و الحيض، و الاستحاضة و النفاس، و مس الأموات. و الواجب لنفسه : غسل الأموات.

فهنا مقاصد :

ص: 45

المقصد الأول: غسل الجنابة

وفيه فصول :
الفصل الأول: ما تحقق به الجنابة

سبب الجنابة أمران :

الأول : خروج المني من الموضع المعتاد وغيره، وان كان الاحوط استحباباً عند الخروج من غير المعتاد الجمع بين الطهارتين اذا كان محدثاً بالاصغر.

(مسألة 169): إن عرف المني فلا إشكال، و إن لم يعرف فالشهوة و الدفق و فتور الجسد أمارة عليه، و مع انتفاء واحد منها لا يحكم بكونه منياً. و في المريض يرجع إلى الشهوة والفتور.

(مسألة 170): من وجد على بدنه أو ثوبه منّياً، و علم أنه منه بجنابة لم يغتسل منها وجب عليه الغسل، و يعيد كل صلاة لا يحتمل سبقها على الجنابة المذكورة، دون ما يحتمل سبقها عليها. و إن علم تاريخ الجنابة و جهل تاريخ الصلاة، كانت الإعادة لها أحوط استحباباً. و إن لم يعلم أنه منه لم يجب عليه شيء.

(مسألة 171): إذا دار أمر الجنابة بين شخصين يعلم كل منهما أنها من أحدهما ففيه صورتان : الأولى : أن تكون جنابة الآخر موضوعاً لحكم إلزامي بالنسبة إلى العالمبالجنابة إجمالاً، و ذلك كحرمة استئجاره لدخول المسجد او للنيابة عن الصلاة عن ميت مثلاً، ففي هذه الصورة يجب على العالم بالإجمال ترتيب آثار العلم فيجب على نفسه الغسل - و لايجوز له استيجاره لدخول

ص: 46

المسجد، او للنيابة في الصلاة، نعم لابد له من التوضي ايضاً تحصيلاً للطهارة لما يتوقف عليها. الثانية : أن لا تكون جنابة الآخر موضوعاً لحكم إلزامي بالإضافة إلى العالم بالجنابة إجمالاً، ففيها لا يجب الغسل على احدهما لا من حيث تكليف نفسه ولا من حيث تكليف غيره اذا لم يعلم بالفساد، أما لو علم اجمالاً لزمه الاحتياط فلا يجوز الائتمام لغيرهما باحدهما ان كان كل منهما موردا للابتلاء فضلاً عن الائتمام بكليهما، أو إتمام أحدهما بالاخر، كما لايجوز لغيرهما استنابة احدهما في صلاة او غيرها مما يعتبر فيه الطهارة.

(مسألة 172): البلل المشكوك الخارج بعد خروج المني و قبل الاستبراء منه بالبول بحكم المني ظاهراً.

الثاني : الجماع و لو لم ينزل، و يتحقق بدخول الحشفة في القبل، أو الدبر من المرأة، و أما في غيرها فالأحوط الجمع بين الغسل و الوضوء للواطئ و الموطوء فيما إذا كانا محدثين بالحدث الأصغر، و إلا يكتفي بالغسل فقط، و يكفي في مقطوع الحشفة دخول مقدارها، بل الاحوط وجوباً، الاكتفاء بمجرد الإدخال منه.

(مسألة 173): إذا تحقق الجماع تحققت الجنابة للفاعل والمفعول به، من غير فرق بين الصغير و الكبير، و العاقل و المجنون، و القاصد و غيره، بل الظاهر ثبوت الجنابة للحي اذا كان احدهما ميتاً.

(مسألة 174): إذا خرج المني بصورة الدم، وجب الغسل بعد العلم بكونه منياً..

(مسألة 175): إذا تحرك المني عن محله بالاحتلام و لم يخرج إلى الخارج، لا يجب الغسل.

ص: 47

(مسألة 176): يجوز للشخص إجناب نفسه بمقاربة زوجته و لو لم يقدر على الغسل، و كان بعد دخول الوقت، نعم إذا لم يتمكن من التيمم أيضاً لا يجوز ذلك. و أما في الوضوء فلا يجوز لمن كان متوضئا و لم يتمكن من الوضوء لو أحدث أن يبطل وضوءه إذا كان بعد دخول الوقت.

(مسألة 177): إذا شك في أنه هل حصل الدخول أم لا، لا يجب عليه الغسل، و كذا لا يجب لو شك في أن المدخول فيه فرج، أو دبر، أو غيرهما وكذا اذا شك انه بمقدار الحشفة ام لا وان كان الغسل أحوط.

(مسألة 178): الوطء في دبر الخنثى موجب للجنابة على الأحوط فيجب الجمع بين الغسل و الوضوء إذا كان الواطئ، أو الموطوء محدثاً بالأصغر دون قبلها إلا مع الإنزال فيجب عليه الغسل دونها الا ان تنزل هي أيضاً، ولو ادخلت الخنثى، في الرجل، او الانثى مع عدم الانزال لايجب الغسل على الواطئ ولا على الموطوء. واذا أدخلالرجل بالخنثى وتلك الخنثى بالانثى، وجب الغسل، على الخنثى دون الرجل والانثى على تفصيل تقدم في مسالة (171).

الفصل الثاني: صحة الغسل

فيما يتوقف صحته أو جوازه على غسل الجنابة، و هو أمور :

الأول : الصلاة مطلقاً، عدا صلاة الجنائز، و كذا أجزاؤها المنسية، بل سجود السهو على الأحوط استحبابا.

الثاني : الطواف الواجب بالإحرام مطلقاً كما تقدم في الوضوء.

الثالث : الصوم، بمعنى أنه لو تعمد البقاء على الجنابة حتى طلع الفجر بطل صومه، و كذا صوم ناسي الغسل، على تفصيل سيأتي في محله إن شاء الله تعالى.

ص: 48

الرابع : مس كتابة القرآن الشريف، و مس اسم الله تعالى على ما تقدم في الوضوء.

الخامس : اللبث في المساجد، بل مطلق الدخول فيها، و إن كان لوضع شيء فيها، بل لا يجوز وضع شيء فيها حال الاجتياز ومن خارجها، كما لا يجوز الدخول لأخذ شيء منها، و يجوز الاجتياز فيها بالدخول من باب مثلا، و الخروج من آخر إلا في المسجدين الشريفين المسجد الحرام، و مسجد النبي صلى الله عليه وآله والأحوط وجوبا إلحاق المشاهد المشرفة للمعصومين عليهم السلام، بالمساجد في الأحكام المذكورة.

السادس : قراءة آية السجدة من سور العزائم، و هي ( ألم السجدة، و حم السجدة، و النجم، و العلق ) و الأحوط استحباباً إلحاق تمام السورة بها حتى بعض البسملة.

(مسألة 179): لا فرق في حرمة دخول الجنب في المساجد بين المعمور منها و الخراب، و إن لم يصلِّ فيه أحد، ولم تبق آثار المسجدية، وكذلك المساجد في الاراضي المفتوحة عنوة اذا ذهبت آثار المسجدية بالمرة.

(مسألة 180): ما يشك في كونه جزءاً من المسجد من صحنه وحجراته و منارته و حيطانه و نحو ذلك لاتجري عليه أحكام المسجدية.

(مسألة 181): لا يجوز أن يستأجر الجنب لكنس المسجد في حال الجنابة بل الإجارة فاسدة، و لا يستحق الأجرة المسماة، وان كان يستحق أجرة المثل. هذا اذا علم الاجير بجنابته أما إذا جهل بها فالأظهر جواز استئجاره، و كذلك الصبي و المجنون الجنب.

ص: 49

(مسألة 182): إذا علم إجمالاً جنابة أحد الشخصين، لا يجوز استئجارهما، و لا استئجار أحدهما لقراءة العزائم، أو دخول المساجد أو نحو ذلك مما يحرم على الجنب.

(مسألة 183): مع الشك في الجنابة لا يحرم شيء من المحرمات المذكورة، إلا إذا كانت حالته السابقة هي الجنابة.

الفصل الثالث: ما يكره للجنب

قد ذكروا أنه يكره للجنب الأكل و الشرب إلا بعد الوضوء، أو المضمضة والاستنشاق، و يكره قراءة ما زاد على سبع آيات من غير العزائم، بل الأحوط استحباباً عدم قراءة شيء من القرآن ما دام جنباً، و يكره أيضاً مس ما عدا الكتابة من المصحف، و النوم جنبا إلا أن يتوضأ أو يتيمم بدل الغسل.

الفصل الرابع: واجبات غسل الجنابة

و هي أمور : فمنها النية، ولابد فيها من الاستدامة الى آخر الغسل كما تقدم تفصيل ذلك كله في الوضوء.

و منها : غسل ظاهر البشرة على وجه يتحقق به مسماه، فلا بد من رفع الحاجب، و تخليل ما لا يصل الماء معه إلى البشرة إلا بالتخليل، و لا يجب غسل الشعر، إلا ما كان من توابع البدن، كالشعر الرقيق ولا يجب غسل الباطن ايضاً. نعم الأحوط استحباباً غسل ما يشك في أنه من الباطن أو الظاهر الا اذا علم سابقاً أنه من الظاهر ثم شك في تبدله.

و منها : الإتيان بالغسل على إحدى كيفيتين :

ص: 50

أولاهما : الترتيب، بأن يغسل أولاً تمام الرأس - و منه العنق - ثم أن يغسل أولاً تمام النصف الأيمن ثم تمام النصف الأيسر، و لا بد في غسل كل عضو من إدخال شيء من الآخر من باب المقدمة، و لا ترتيب هنا بين أجزاء كل عضو، فله أن يغسل الأسفل منه قبل الأعلى، كما أنه لا كيفية مخصوصة للغسل هنا، بل يكفي المسمى كيف كان، فيجزي رمس الرأس بالماء أولاً، ثم الجانب الأيمن، ثم الجانب الأيسر، كما يكفي رمس البعض، و الصب على الآخر ولا يكفي تحريك العضو المرموس في الماء على الاحوط.

ثانيتهما : الارتماس، و هو تغطية البدن في الماء تغطية واحدة بنحو يحصل غسل تمام البدن فيها، فيخلل شعره فيها ان احتاج الى ذلك ويرفع قدمه عن الارض ان كانت موضوعة عليها. والاحوط وجوباً ان يحصل جميع ذلك في زمان واحد عرفاً.

(مسألة 184): النية في هذه الكيفية، يجب ان تكون مقارنة لتغطية تمام البدن.

(مسألة 185): يعتبر خروج البدن كلاً، او بعضاً من الماء ثم رمسه بقصد الغسل على الاحوط، ولو ارتمس في الماء لغرض ونوى الغسل بعد الارتماس، لم يكفه وان حرك بدنه تحت الماء.

ومنها : إطلاق الماء، و طهارته وإباحته، و المباشرة اختياراً، و عدم المانع من استعمال الماء من مرض و نحوه، و طهارة العضو المغسول على نحو ما تقدم في الوضوء. و قد تقدم فيه أيضاً التفصيل في اعتبار إباحة الإناء و المصب، و حكم الجبيرة، و الحائل و غيرهما من أفراد الضرورة، و حكم الشك، و النسيان، و ارتفاع السبب المسوغ للوضوء الناقص في الأثناء و بعد الفراغ منها فإن الغسل كالوضوء في جميعذلك نعم يفترق عنه في جواز المضي مع الشك بعد التجاوز وان كان في الاثناء، وفي عدم اعتبار الموالاة فيه في الترتيبي.

ص: 51

(مسألة 186 ): الغسل الترتيبي أفضل من الغسل الارتماسي.

(مسألة 187): يجوز العدول من الغسل الترتيبي إلى الارتماسي.

(مسألة 188): يجوز الارتماس فيما دون الكر، و إن كان يجري على الماء حينئذ حكم المستعمل في رفع الحدث الأكبر.

(مسألة 189): إذا اغتسل باعتقاد سعة الوقت، فتبين ضيقه فغسله صحيح.

(مسألة 190): ماء غسل المرأة من الجنابة، أو الحيض، أو نحوهما عليها لا على الزوج.

(مسألة 191): إذا خرج من بيته بقصد الغسل في الحمام فدخله و اغتسل، و لم يستحضر النية تفصيلاً، كفى ذلك في نية الغسل إذا كان بحيث لو سئل ماذا تفعل لأجاب بأنه يغتسل، أما لو كان يتحير في الجواب بطل، لانتفاء النية.

(مسألة 192): إذا كان قاصداً عدم إعطاء العوض للحمامي، أو كان بناؤه على إعطاء الاموال المحرمة، أو على تأجيل العوض مع عدم احراز رضا الحمامي بطل غسله، وان استرضاه بعد ذلك.

(مسألة 193): إذا ذهب إلى الحمام ليغتسل، و بعد الخروج شك في أنه اغتسل أم لا بنى على العدم. و لو علم أنه اغتسل لكن شك في أنه اغتسل على الوجه الصحيح أم لا، بنى على الصحة.

(مسألة 194): إذا كان ماء الحمام مباحاً، لكن سخن بالحطب المغصوب لا مانع من الغسل به.

ص: 52

(مسألة 195): لا يجوز الغسل في حوض المدرسة، إلا إذا علم بعموم الوقفية، أو الإباحة، نعم اذا كان الاغتسال فيه لأهلها من التصرفات المتعارفة جاز.

(مسألة 196): الماء الذي يسبلونه، لا يجوز الوضوء، و لا الغسل منه إلا مع العلم بعموم الاذن.

(مسألة 197): لبس المئزر الغصبي حال الغسل و إن كان محرماً في نفسه، لكنه لا يوجب بطلان الغسل.

الفصل الخامس: مستحبات غسل الجنابة

قد ذكر العلماء رضوان الله عليهم: أنه يستحب غسل اليدين أمام الغسل من المرفقين ثلاثاً، ثم المضمضة ثلاثاً، ثم الاستنشاق ثلاثاً، و إمرار اليد على ما تناله منالجسد، خصوصاً في الترتيبي، بل ينبغي التأكد في ذلك و في تخليل ما يحتاج إلى التخليل، و نزع الخاتم و نحوه، و الاستبراء بالبول قبل الغسل.

(مسألة 198): الاستبراء بالبول ليس شرطاً في صحة الغسل، لكن إذا تركه و اغتسل ثم خرج منه بلل مشتبه بالمني، جرى عليه حكم المني ظاهراً، فيجب الغسل له كالمني، سواء أستبرأ بالخرطات، لتعذر البول أم لا، إلا إذا علم بذلك أو بغيره عدم بقاء شيء من المني في المجرى.

(مسألة 199): إذا بال بعد الغسل و لم يكن قد بال قبله، لم تجب إعادة الغسل و إن احتمل خروج شيء من المني مع البول.

(مسألة 200): إذا دار أمر المشتبه بين البول و المني بعد الاستبراء بالبول و الخرطات، فان كان متطهراً من الحدثين، وجب عليه الغسل والوضوء معاً، وان كان محدثاً بالاصغر وجب عليه الوضوء فقط.

ص: 53

(مسألة 201): يجزئ غسل الجنابة عن الوضوء لكل ما اشترط به.

(مسألة 202): إذا خرجت رطوبة مشتبهة بعد الغسل، و شك في أنه استبرأ بالبول، أم لا، بنى على عدمه فوجب عليه إعادة الغسل.

(مسألة 203): لا فرق في جريان حكم الرطوبة المشتبهة، بين أن يكون الاشتباه بعد الفحص و الاختبار، أو يكون لعدم إمكان الاختبار من جهة العمى، أو الظلمة، أو نحو ذلك.

(مسألة 204): لو أحدث بالأصغر في أثناء الغسل من الجنابة استأنف الغسل، والاحوط وجوباً ضم الوضوء اليه.

(مسألة 205): إذا أحدث أثناء سائر الأغسال بالحدث الأصغر أتمها وتوضأ، ولكنه اذا عدل عن الغسل الترتيبي الى الارتماسي فيجب معه الوضوء وكذا في الاستحاضة المتوسطة.

(مسألة 206): إذا أحدث بالأكبر في أثناء الغسل، فإن كان مماثلاً للحدث السابق، كالجنابة في أثناء غسلها، أو المس في أثناء غسله، فلا إشكال في وجوب الاستئناف، و إن كان مخالفاً له فالأقوى عدم بطلانه فيتمه و يأتي بالآخر، و يجوز الاستئناف بغسل واحد لهما ارتماسياً. واما في الترتيبي فيقصد به رفع الحدث الموجود على النحو المأمور به واقعاً، و لا يجب الوضوء بعده في غير الاستحاضة المتوسطة.

(مسألة 207): إذا شك في غسل الرأس و الرقبة قبل الدخول في غسل البدن، رجع و أتى به، و كذا إذا كان بعد الدخول فيه لم يعتنِ ويبني على الاتيان به على الاقوى، واما اذا شك في غسل الطرف الأيمن فاللازم الاعتناء به حتى مع الدخول في غسل الطرف الأيسر.

ص: 54

(مسألة 208): إذا غسل أحد الأعضاء، ثم شك في صحته و فساده فالظاهر أنه لا يعتني بالشك، سواء أكان الشك بعد دخوله في غسل العضو الآخر، أم كان قبله.

(مسألة 209): إذا شك في غسل الجنابة بنى على عدمه، و إذا شك فيه بعد الفراغ من الصلاة واحتمل الالتفات الى ذلك قبلها فالصلاة محكومة بالصحة لكنه يجب عليه أن يغتسل للصلوات الآتية

هذا اذا لم يصدر منه الحدث الاصغر بعد الصلاة، والا وجب عليه الجمع بين الوضوء والغسل، بل وجبت إعادة الصلاة ايضاً اذا كان الشك في الوقت، وأما بعد مضيه فلا تجب اعادتها. واذا علم – اجمالاً – بعد الصلاة بطلان صلاته او غسله وجبت عليه اعادة الصلاة فقط.

(مسألة 210): إذا اجتمع عليه أغسال متعددة واجبة أو مستحبة، أو بعضها واجب و بعضها مستحب، فقد تقدم حكمها في شرائط الوضوء في المسألة ( 141 ) فراجع.

(مسألة 211): إذا كان يعلم - إجمالا - أن عليه أغسالاً لا يعلم بعضها بعينه، يكفيه أن يقصد جميع ما عليه. و إذا قصد البعض المعين كفى عن غير المعين. و إذا علم أن في جملتها غسل الجنابة و قصده في جملتها أو بعينه يحتاج إلى الوضوء، بل الأظهر الحاجة إلى الوضوء مطلقاً. وفي الاستحاضة المتوسطة بطريق أولى، الا غسل الجنابة فانه لايجب معه الوضوء.

ص: 55

المقصد الثاني: غسل الحيض

وفيه فصول:
الفصل الأول: سبب الحيض

في سببه وهو خروج دم الحيض الذي تراه المرأة في زمان مخصوص غالباً، سواء خرج من الموضع المعتاد، أم من غيره وان كان خروجه بقطنة. وإذا انصب من الرحم إلى فضاء الفرج ولم يخرج منه أصلاً ففي جريان حكم الحيض عليه إشكال، بل الاحوط وجوباً الجمع بين احكام الطهارة والحائض. لا إشكال في بقاء الحدث ما دام باقيا في باطن الفرج.

(مسألة 212): إذا افتضت البكر فسال دم وشك في أنه من دم الحيض، أو من العُذرة، أو منهما، أدخلت قطنة وتركتها ملياً ثم اخرجتها اخراجاً رقيقاً، فإن كانت مطوقة بالدم فهو من العُذرة، وإن كانت مستنقعة فهو من الحيض ولا يصح عملها بقصد الامر الجزمي بدون ذلك ظاهراً.

(مسألة 213): إذا تعذر الاختبار المذكور فالأقوى الاعتبار بحالها السابق من حيض، أو عدمه، وإذا جهلت الحالة السابقة فالأحوط وجوباً الجمع بين عمل الحائض والطاهرة. والأظهر جواز البناء على الطهارة.

ص: 56

الفصل الثاني: اعتبار البلوغ في تحقق الحيض

كل دم تراه الصبية قبل بلوغها تسع سنين ولو بلحظة، لاتكون له احكام الحيض، وان علمت انه حيض واقعاً، وكذا المرأة بعد اليأس ويتحقق اليأس ببلوغ خمسين سنة في غير القرشية ولكن الاحوط في القرشية الجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة بعد بلوغها الخمسين وقبل بلوغها الستين إذا كان الدم بصفات الحيض أو انها رأته ايام عادتها.

(مسألة 214): الاقوى اجتماع الحيض والحمل حتى بعد استبانته، لكن لايترك الاحتياط فيما يرى بعد اول العادة بعشرين يوماً، اذا كان واجداً للصفات.

الفصل الثالث: أقل الحيض وأكثره

أقل الحيض ما يستمر ثلاثة أيام ولو في باطن الفرج، وليلة اليوم الاول كليلة اليوم الرابع خارجتان، والليلتان المتوسطتان داخلتان، ولا يكفي وجوده في بعض كل يوم من الثلاثة ولا مع انقطاعه في الليل، ويكفي التلفيق من أبعاض اليوم. و أكثر الحيضعشرة أيام، وكذلك أقل الطهر فكل دم تراه المرأة ناقصا عن الثلاثة أو زائداً على العشرة أو قبل مضي عشرة من الحيض الأول فليس بحيض.

الفصل الرابع: احكام ذات العادة

تصير المرأة ذات عادة بتكرر الحيض مرتين متواليتين من غير فصل بينهما بحيضة مخالفة، فإن اتفقتا في الزمان والعدد - كأن رأت في أول كل من الشهرين

ص: 57

المتواليين او آخره سبعة أيام مثلاً - فالعادة وقتية وعددية. وإن اتفقا في الزمان خاصة دون العدد - بأن رأت في أول الشهر الأول سبعة وفي أول الثاني خمسة - فالعادة وقتية خاصة. وإن اتفقتا في العدد فقط - بأن رأت الخمسة في أول الشهر الأول وكذلك في آخر الشهر الثاني - مثلاً فالعادة عددية فقط.

(مسألة 215): ذات العادة الوقتية - سواء أ كانت عددية أم لا - تتحيض بمجرد رؤية الدم في العادة او قبلها، بيوم أو يومين. وإن كان أصفر رقيقاً فتترك العبادة، وتعمل عمل الحائض في جميع الأحكام ولكن إذا انكشف أنه ليس بحيض لانقطاعه قبل الثلاثة مثلاً وجب عليها قضاء الصلاة.

(مسألة 216): غير ذات العادة الوقتية - سواء أ كانت ذات عادة عددية فقط أم لم تكن ذات عادة أصلاً كالمبتدئة - إذا رأت الدم وكان جامعا للصفات، مثل : الحرارة، والحمرة أو السواد، والخروج بحرقة، تتحيض أيضا بمجرد الرؤية، ولكن إذا انكشف أنه ليس بحيض لانقطاعه قبل الثلاثة مثلاً، وجب عليها قضاء الصلاة، وإن كان فاقداً للصفات، فلا يحكم بكونه حيضاً الا بعد مضي ثلاثة ايام.

(مسألة 217): وإذا تقدم الدم على العادة الوقتية بمقدار كثير، أو تأخر عنها فإن كان الدم جامعاً للصفات، تحيضت به أيضاً، والا تجري عليه أحكام الاستحاضة.

(مسألة 218): الأقوى عدم ثبوت العادة بالتمييز، فغير ذات العادة المتعارفة ترجع إلى الصفات مطلقاً.

الفصل الخامس: حكم الدم في ايام العادة

كل ما تراه المرأة من الدم ايام العادة فهو حيض، وان لم يكن الدم بصفات الحيض، وكل ما تراه في غير ايام العادة – وكان فاقداً للصفات- فهو

ص: 58

استحاضة، واذا رأت الدم ثلاثة ايام وانقطع، ثم رأته ثلاثة اخرى او ازيد فان كان مجموع النقاء والدمين لايزيد عن عشرة ايام كان الكل حيضاً واحداً، والنقاء المتخلل بحكم الدمين على الاقوى. وهذا اذا كان كل من الدمين في ايام العادة، او مع تقدم احدهما عليها بيوم أو يومين، او كان كل منهما بصفات الحيض، او كان احدهما بصفات الحيض، والاخر في ايام العادة. واما اذا كان احدهما، او كلاهما فاقداً للصفات، ولم يكن الفاقد في ايام العادة، كان الفاقد استحاضة. وان تجاوز المجموع عن العشرة، لكن لم يفصل بينهما اقل الطهر، فان كان احدهما في العادة دون الآخر كان ما في العادة حيضاً، والآخر استحاضة مطلقاً. واما اذا لم يصادف شيء منهما العادة- ولو لعدم كونها ذات عادة – فان كان احدهما واجداًللصفات دون الاخر، جعلت الواجد حيضاً والفاقد استحاضة، وان تساويا، فان كان كل منهما واجداً للصفات تحيضت بالاول على الاقوى، والاولى ان تحتاط في كل الدمين- وان لم يكن شيء منهما واجداً للصفات – عملت بوظائف المستحاضة في كليهما.

(مسألة 219): إذا تخلل بين الدمين أقل الطهر، كان كل منهما حيضا مستقلاً، أذا كان كل منهما في العادة، أو واجد للصفات او كان احدهما في العادة، والآخر واجداً للصفات. واما الدم الفاقد لها في غير ايام العادة، فهو استحاضة.

الفصل السادس: انقطاع الدم دون العشرة

إذا انقطع دم الحيض لدون العشرة، فإن احتملت بقاءه في الرحم استبرأت بادخال القطنة، فإن خرجت ملوثة بقيت على التحيض، كما سيأتي، وإن خرجت نقية اغتسلت وعملت عمل الطاهرة، ولا استظهار عليها - هنا - حتى مع ظن العَود، إلا مع اعتياد تخلل النقاء على وجه تعلم أو تطمئن بعوده فعليها

ص: 59

حينئذ ترتيب آثار الحيض. والاولى لها في كيفية ادخال القطنة أن تكون ملصقة بطنها بحائط او نحوه رافعة احدى رجليها ثم تدخلها، واذا تركت الاستبراء لعذر، من نسيان او نحوه واغتسلت وصادف براءة الرحم صح غسلها، وإن تركته - لا لعذر - ففي صحة غسلها إذا صادف براءة الرحم وجهان : أقواهما ذلك أيضا. و إن لم تتمكن من الاستبراء، فالاحوط وجوباً لها الاغتسال في كل وقت تحتمل فيه النقاء، الى ان تعلم بحصوله، فتعيد الغسل والصوم.

(مسألة 220): إذا استبرأت فخرجت القطنة ملوثة، فإن كانت مبتدئة، أو لم تستقر لها عادة، أو عادتها عشرة بقيت على التحيض إلى تمام العشرة، أو يحصل النقاء قبلها، وإن كانت ذات عادة - دون العشرة - فإن كان ذلك الاستبراء في أيام العادة، فلا إشكال في بقائها على التحيض، وإن كان بعد انقضاء العادة بقيت على التحيض استظهاراً يوماً واحداً وتتخير بعده في الاستظهار وعدمه إلى العشرة إلى أن يظهر لها حال الدم، وأنه ينقطع على العشرة، أو يستمر إلى ما بعد العشرة. فإن اتضح لها الاستمرار - قبل تمام العشرة - اغتسلت وعملت عمل المستحاضة، وإلا فالأحوط لها - استحباباً - الجمع بين أعمال المستحاضة، وتروك الحائض.

(مسألة 221): قد عرفت حكم الدم إذا انقطع على العشرة في ذات العادة وغيرها، وأما إذا تجاوز العشرة فإن كانت ذات عادة وقتية وعددية تجعل ما في العادة حيضا، وإن كان فاقداً للصفات، وتجعل الزائد عليها استحاضة وإن كان واجداً لها، هذا فيما إذا لم يمكن جعل واجد الصفات حيضاً، لامنضماً، ولا مستقلاً. واما اذا امكن ذلك كما إذا كانت عادتها ثلاثة - مثلاً - ثم انقطع الدم، ثم عاد بصفات الحيض، ثم رأت الدم الأصفر فتجاوز العشرة، الظاهر في مثله جعل الدم الواجد للصفات، مع ما في العادة والنقاء المتخلل بينهما حيضاً،وكذلك اذا رأت الدم الاصفر بعد ايام عادتها وجاوز العشرة ،وبعد ذلك رأت الدم الواجد

ص: 60

للصفات، وكان الفصل بينه وبين ايام العادة عشرة ايام او اكثر، فإنها تجعل الدم الثاني حيضاً مستقلاً.

(مسألة 222): المبتدئة وهي المرأة التي ترى الدم لأول مرة. والمضطربة وهي : التي رأت الدم ولم تستقر لها عادة، إذا رأت الدم وقد تجاوز العشرة رجعت الى التمييز بمعنى ان الدم المستمر اذا كان بعضه بصفات الحيض وبعضه فاقداً لها، او كان بعضه أسود وبعضه أحمر وجب عليها التحيض بالدم الواجد للصفات او بالدم الاسود بشرط عدم نقصه عن ثلاثة ايام، وعدم زيادته على العشرة، وان لم تكن ذات تمييز فان كان الكل فاقداً للصفات، او كان الواجد اقل من ثلاثة كان الجميع استحاضة، وان كان الكل واجداً للصفات، وكان على لون واحد او كان المتميز اقل من ثلاثة او اكثر من عشرة، فالمبتدئة ترجع الى عادة اقاربها عدداً، وان اختلفن في العدد فالاظهر انها تتحيض في الشهر الاول ستة او سبعة ايام وتحتاط الى تمام العشرة،فيما يأتي من الاشهر المقبلة تتحيض بثلاثة أيام وتحتاط الى الستة او السبعة. واما المضطربة فالاظهر انها تتحيض ستة او سبعة ايام وتعمل- بعد ذلك- بوظائف المستحاضة.

(مسألة 223): إذا كانت ذات عادة عددية فقط ونسيت عادتها ثم رأت الدم بصفات الحيض ثلاثة أيام أو أكثر ولم يتجاوز العشرة كان جميعه حيضا. وأما إذا تجاوز العشرة جعلت المقدار الذي تحتمل العادة فيه حيضاً، والباقي استحاضة. وان احتملت العادة – فيما زاد على السبعة- فالاحوط وجوباً ان تجمع بين تروك الحائض، وأعمال المستحاضة في المقدار المحتمل الى تمام العشرة.

(مسألة 224):إذا كانت ذات عادة وقتية فقط ونسيتها، ثم رأت الدم بصفات الحيض ثلاث أيام او اكثر، ولم يتجاوز العشرة كان جميعه حيضاً. واذا تجاوز الدم العشرة فان علمت المرأة – اجمالا- بمصادفة الدم ايام عادتها، لزمها الاحتياط في جميع ايام الدم، حتى فيما اذا لم يكن الدم في بعض الايام، او في

ص: 61

جميعها بصفات الحيض، وان لم تعلم بذلك فإن كان الدم مختلفاً من جهة الصفات، جعلت ما بصفات الحيض – اذا لم يقل عن ثلاثة ولم يزد عن عشرة أيام – حيضا،وما بصفة الاستحاضة استحاضة. وان لم يختلف الدم في الصفة، وكان جميعه بصفة الحيض، او كان ما بصفة الحيض اكثر من عشرة ايام، جعلت ستة او سبعة ايام حيضاً، والباقي استحاضة والاحوط وجوباً ان تحتاط الى العشرة والاولى ان تحتاط في جميع ايام الدم.

(مسألة 225): إذا كانت ذات عادة عددية ووقتية فنسيتها ففيها صور :

الأولى : أن تكون ناسية للوقت مع حفظ العدد والحكم فيها هو الحكم في المسألة السابقة، غير ان الدم اذا كان بصفة الحيض وتجاوز العشرة، او لم تعلم المرأة بمصادفة الدم ايام عادتها – رجعت الى عادتها من جهة العدد فتحيض بمقدارها والزائد عليه استحاضة.

الثانية : أن تكون حافظة للوقت وناسية للعدد، ففي هذه الصورة كان ما تراه من الدم في وقتها المعتاد - بصفة الحيض أو بدونها - حيضا، فإن كان الزائد عليه بصفة الحيض – ولم يتجاوز العشرة – فجميعه حيض، وإن تجاوزها تحيضت فيما تحتمل العادةفيه من الوقت، والباقي استحاضة، لكنها اذا احتملت– فيما زاد على السبعة الى العشرة- فالاحوط ان تعمل فيه بالاحتياط.

الثالثة : أن تكون ناسية للوقت والعدد معاً والحكم في هذه الصورة وإن كان يظهر مما سبق إلا أنا نذكر فروعا للتوضيح :

الأول : إذا رأت الدم بصفة الحيض أياما - لا تقل عن ثلاثة ولا تزيد على عشرة - كان جميعه حيضاً، وأما إذا كان أزيد من عشرة - ولم تعلم بمصادفته لأيام عادتها - تحيضت بمقدار ما تحتمل انه عادتها لكن المحتمل اذا زاد على سبعة ايام، احتاطت في الزائد.

ص: 62

الثاني : إذا رأت الدم بصفة الحيض أياماً لا تقل عن ثلاثة ولا تزيد على عشرة ،وأياماً بصفة الاستحاضة ولم تعلم بمصادفة ما رأته من الدم أيام عادتها، جعلت ما بصفة الحيض حيضاً وما بصفة الاستحاضة استحاضة. والاولى ان تحتاط في الدم الذي ليس بصفة الحيض.

اذا لم يزد المجموع على عشرة ايام.

الثالث : إذا رأت الدم وتجاوز عشرة أيام أو لم يتجاوز، وعلمت بمصادفته ايام عادتها لزمها الاحتياط في جميع ايام الدم، سواء أكان الدم جميعه او بعضه بصفة الحيض، ام لم يكن.

(مسألة 226): اذا كانت المرأة ذات عادة مركبة، كما إذا رأت في الشهر الأول ثلاثة وفي الثاني أربعة وفي الثالث ثلاثة وفي الرابع أربعة فالاحوط لها الاحتياط بترتيب احكام المضطربة، وترتيب احكام ذات العادة، بل تجعل حيضها في الشهر الفرد ثلاثة، و في شهر الزوج اربعة وتحتاط بعد ذلك الى الستة او السبعة، وكذا اذا رأت في شهرين ثلاثة وفي شهرين متواليين اربعة فانها تجعل حيضها في شهرين ثلاثة وفي شهرين اربعة، ثم تحتاط في الستة أو السبعة.

الفصل السابع: أحكام الحيض

(مسألة 227): يحرم على الحائض جميع ما يشترط فيه الطهارة من العبادات - كالصلاة، والصيام، والطواف، والاعتكاف - ويحرم عليها جميع ما يحرم على الجنب مما تقدم.

(مسألة 228): يحرم وطؤها في القبل، عليها وعلى الفاعل، بل قيل إنه من الكبائر، بل الأحوط وجوباً ترك إدخال بعض الحشفة أيضاً أما وطؤها في الدبر فالأحوط وجوباً تركه، بل الاحوط ترك الوطئ في الدبر مطلقاً ولا بأس بالاستمتاع بها بغير ذلك وإن كره بما تحت المئزر مما بين السرة والركبة، وإذا نقيت

ص: 63

من الدم، جاز وطؤها وإن لم تغتسل. ولا يجب غسل فرجها قبل الوطء وان كان احوط.

(مسألة 229): الأحوط - وجوباً - للزوج دون الزوجة - الكفارة عن الوطء في أول الحيض بدينار، وفي وسطه بنصف دينار وفي آخره بربع دينار. والدينار هو ( 18 ) حمّصه، من الذهب المسكوك، والأحوط - استحباباً - أيضا دفع الدينار نفسه مع الإمكان، وإلا دفع القيمة وقت الدفع. ولا شيء على الساهي، والناسي، والصبي، والمجنون، والجاهل بالموضوع أو الحكم.

(مسألة 230): لا يصح طلاق الحائض وظهارها، إذا كانت مدخولاً بها - ولو دبراً - وكان زوجها حاضراً، أو في حكمه، إلا أن تكون حاملا فلا بأس به -حينئذ-، وإذا طلقها على أنها حائض فبانت طاهرة صح، وإن عكس فسد الطلاق.

(مسألة 231): يجب الغسل من حدث الحيض لكل مشروط بالطهارة من الحدث الأكبر، ويستحب للكون على الطهارة، وهو كغسل الجنابة في الكيفية من حيث الارتماس، والترتيب. والظاهر عدم الاجتزاء به عن الوضوء كما في غسل الجنابة.

(مسألة 232): يجب عليها قضاء ما فاتها من الصوم في شهر رمضان بل والمنذور في وقت معين - على الأقوى - ولا يجب عليها قضاء الصلاة اليومية، وصلاة الآيات، والمنذورة في وقت معين.

(مسألة 233): الظاهر أنها تصح طهارتها من الحدث الأكبر غير الحيض، فإذا كانت جنباً واغتسلت عن الجنابة صح، وتصح منها الأغسال المندوبة حينئذ وكذلك الوضوء.

ص: 64

(مسألة 234): يستحب لها التحشي والوضوء في وقت كل صلاة واجبة والجلوس في مكان طاهر مستقبلة القبلة، ذاكرة لله تعالى. والأولى لها اختيار التسبيحات الأربع.

(مسألة 235): يكره لها الخضاب بالحناء، أو غيرها، وحمل المصحف ولمس هامشه، وما بين سطوره، وتعليقه.

ص: 65

المقصد الثالث: الاستحاضة

(مسألة 236): دم الاستحاضة في الغالب أصفر بارد رقيق يخرج بلا لذع وحرقة، بعكس دم الحيض، وربما كان بصفاته، ولا حد لكثيره، ولا لقليله، ولا للطهر المتخلل بين أفراده، ويتحقق قبل البلوغ وبعده وبعد اليأس وهو ناقض للطهارة بخروجه، ولو بمعونة القطنة من المحل المعتاد بالأصل، أو بالعارض، وفي غيره إشكال، ويكفي في بقاء حدثيته، بقاؤه في باطن الفرج بحيث يمكن إخراجه بالقطنة ونحوها، والظاهر عدم كفاية ذلك في انتقاض الطهارة به، كما تقدم في الحيض.

(مسألة 237): الاستحاضة على ثلاثة أقسام : قليلة، ومتوسطة وكثيرة.

الأولى : ما يكون الدم فيها قليلاً، بحيث لا يغمس القطنة.

الثانية : ما يكون فيها أكثر من ذلك، بأن يغمس القطنة ولا يسيل.

الثالثة : ما يكون فيها أكثر من ذلك، بأن يغمسها ويسيل منها.

(مسألة 238): الأحوط لها الاختبار قبل الصلاة - بإدخال القطنة في الموضع المتعارف والصبر عليها بالمقدار المتعارف، واذا تركته –عمداً او سهواً- وصلّت، فان طابق عملها الوظيفة اللازمة لها، صح والا بطل.

(مسألة 239): حكم القليلة وجوب تبديل القطنة، او تطهيرها على الاحوط وجوباً، ووجوب الوضوء لكل صلاة، فريضة كانت، أو نافلة، دون الأجزاء المنسية وصلاة الاحتياط فلا يحتاج فيها إلى تجديد الوضوء او غيره.

ص: 66

(مسألة 240): حكم المتوسطة مضافاً إلى ما ذكر من الوضوء وتجديد القطنة او تطهيرها لكل صلاة على الاحوط، غسل قبل صلاة الصبح قبل الوضوء، او بعده.

(مسألة 241): حكم الكثيرة - مضافا إلى وجوب تجديد القطنة على الأحوط، والغسل للصبح –غسلان آخران احدهما للظهرين تجمع بينهما والآخر للعشاءين كذلك، ولا يجوز لها الجمع بين أكثر من صلاتين بغسل واحد، و يكفي للنوافل أغسال الفرائض ويجب لكل صلاة منها الوضوء، بل الظاهر وجوبه للفرائض.

(مسألة 242): اذا حدثت المتوسطة بعد صلاة الصبح وجب الغسل للظهرين، وإذا حدثت بعدهما وجب الغسل للعشاءين، واذا حدثت بينهما وجب الغسل للمتأخرة منها، وإذا حدثت قبل صلاة الصبح ولم تغتسل لها عمداً، أو سهواً، وجب الغسل للظهرين، وعليها إعادة صلاة الصبح، وكذا إذا حدثت أثناء الصلاة وجب استئنافها بعد الغسل والوضوء.

(مسألة 243): إذا حدثت الكبرى بعد صلاة الصبح وجب غسل للظهرين وآخر للعشاءين. وإذا حدثت بعد الظهرين وجب غسل واحد للعشاءين، وإذا حدثت بين الظهرين أو العشاءين وجب الغسل للمتأخرة منهما.

(مسألة 244): إذا انقطع دم الاستحاضة انقطاعَ برءٍ قبل الأعمال وجبت تلك الأعمال ولا إشكال، وإن كان بعد الشروع في الأعمال - قبل الفراغ من الصلاة - استأنفت الأعمال، وكذا الصلاة إن كان الانقطاع في أثنائها، وإن كان الانقطاع بعد الصلاة إعادت إلاعمال والصلاة وهكذا الحكم إذا كان الانقطاع انقطاع فترة تسع الطهارة والصلاة، بل الأحوط ذلك أيضاً، إذا كانت الفترة تسع الطهارة وبعض الصلاة أو شك في ذلك، فضلاً عما إذا شك في أنها تسع الطهارة وتمام الصلاة، أو أن الانقطاع لبرء، أو فترة تسع الطهارة وبعض الصلاة.

ص: 67

(مسألة 245): إذا علمت المستحاضة أن لها فترة تسع الطهارة والصلاة وجب تأخير الصلاة إليها، وإذا صلت قبلها بطلت صلاتها ولو مع الوضوء والغسل وإذا كانت الفترة في أول الوقت فأخرت الصلاة عنها - عمداً او نسياناً – عصت وعليها الصلاة بعد فعل وظيفتها.

(مسألة 246): إذا انقطع الدم انقطاع برء، وجددت الوظيفة اللازمة لها، لم تجب المبادرة إلى فعل الصلاة، بل حكمها - حينئذ - حكم الطاهرة في جواز تأخير الصلاة.

(مسألة 247): إذا اغتسلت ذات الكثيرة لصلاة الظهرين ولم تجمع بينهما - عمداً اولعذر - وجب عليها تجديد الغسل مع الوضوء للعصر، وكذا الحكم في العشاءين.

(مسألة 248): إذا انتقلت الاستحاضة من الأدنى إلى الأعلى كالقليلة إلى المتوسطة، أو إلى الكثيرة، وكالمتوسطة إلى الكثيرة، فإن كان قبل الشروع في الأعمال فلا إشكال في أنها تعمل عمل الأعلى للصلاة الآتية، أما الصلاة التي فعلتها قبل الانتقال فلا إشكال في عدم لزوم إعادتها، وإن كان بعد الشروع في الأعمال فعليها الاستئناف، وعمل الأعمال التي هي وظيفة الأعلى كلها، وكذا إذا كان الانتقال في أثناء الصلاة، فتعمل أعمال الأعلى وتستأنف الصلاة، بل يجب الاستئناف حتى إذا كان الانتقال من المتوسطة إلى الكثيرة فيما إذا كانت المتوسطة محتاجة إلى الغسل وأتت به، فإذا اغتسلت ذات المتوسطة للصبح، ثم حصل الانتقال أعادت الغسل، حتى إذا كان في أثناء الصبح، فتعيد الغسل وتستأنف الصبح، وإذا ضاق الوقت عن الغسل تيممت بدل الغسل وصلت، وإذا ضاق الوقت عن ذلك - أيضا - فالأحوط الاستمرار على عملها ثم القضاء.

(مسألة 249): إذا انتقلت الاستحاضة من الأعلى إلى الأدنى استمرت على عملها للأعلى بالنسبة إلى الصلاة الأولى ،وتعمل عمل الأدنى بالنسبة إلى

ص: 68

الباقي ،فإذا انتقلت الكثيرة إلى المتوسطة - أو القليلة - اغتسلت للظهر، واقتصرت على الوضوء بالنسبة إلى العصر والعشاءين.

(مسألة 250): قد عرفت انه يجب عليها المبادرة إلى الصلاة بعد الوضوء والغسل، لكن يجوز لها الإتيان بالأذان والإقامة والأدعية المأثورة وما تجري العادة بفعله قبل الصلاة، أو يتوقف فعل الصلاة على فعله ولو من جهة لزوم العسر والمشقة بدونه،مثل الذهاب إلى المصلى، وتهيئة المسجد ،ونحو ذلك، وكذلك يجوز لها الإتيان بالمستحبات في الصلاة.

(مسألة 251): يجب عليها التحفظ من خروج الدم بحشو الفرج بقطنة، وشده بخرقة ونحو ذلك فإذا قصرت - وخرج الدم - أعادت الصلاة، بل الأحوط - وجوباً - إعادة الغسل.

(مسألة 252): الظاهر توقف صحة الصوم من المستحاضة على فعل الأغسال النهارية في الكثيرة، وعلى غسل الليلة الماضية، على الاحوط، والاحوط –استحباباً- في المتوسطة توقفه على غسل الفجر كما ان الاحوط –استحباباً – توقف جواز وطئها على الغسل. واما دخول المساجد وقراءة العزائم فالظاهر جوازهما مطلقاً، ولايجوز لها مس المصحف ونحوه قبل الغسل والوضوء بل الاحوط –وجوباً- عدم الجواز بعدهما ايضاً، ولا سيما مع الفصل المعتد به.

ص: 69

المقصد الرابع: النفاس

(مسألة 253): دم النفاس هو دم يقذفه الرحم بالولادة معها أو بعدها، على نحو يعلم استناد خروج الدم إليها، ولا حد لقلته. وحد كثيره عشرة ايام، من حين الولادة وفيما اذا انفصل خروج الدم عن الولادة تحتاط في احتساب العشرة من حين الولادة او من زمان رؤية الدم، واذا رأته بعد العشرة لم يكن نفاساً واذا لم تر فيها دماً لم يكن لها نفاسا اصلاً. ومبدأ حساب الاكثر من حين تمام الولادة لامن حين الشروع فيها، وان كان جريان الاحكام عليه من حين الشروع ولا يعتبر فصل اقل الطهر بين النفاسين، كما اذا ولدت توأمين- وقد رات الدم عند كل منهما- بل النقاء المتخلل بينهما طهر، ولو كان لحظة، بل لايعتبر الفصل بين النفاسين اصلاً، كما اذا ولدت ورأت الدم الى عشرة ثم ولدت آخر على رأس العشرة ورأت الدم الى عشرة اخرى، فالدمان جميعهما نفاسان متواليان، واذا لم تر الدم حين الولادة ورأته قبل العشرة وانقطع عليها فذلك الدم نفاسها واذا رأته حين الولادة ثم انقطع، ثم رأته قبل العشرة وانقطع عليها فالدمان والنقاء بينهما كله نفاس واحد، وان كان الاحوط –استحباباً- في النقاء الجمع بين عمل الطاهرة والنفساء.

(مسألة 254): الدم الخارج قبل ظهور الولد ليس بنفاس فإن كان منفصلاً عن الولادة بعشرة ايام نقاء فلا اشكال، وان كان متصلاً بها وعلم انه حيض وكان بشرائطه، جرى عليه حكمه، وان كان منفصلاً عنها باقل من عشرة ايام نقاء، او كان متصلاً بالولادة ولم يعلم انه حيض فالأظهر انه ان كان بشرائط الحيض وكان في ايام العادة، او كان واجداً لصفات الحيض فهو حيض، والا فهو استحاضة.

ص: 70

(مسألة 255): النفساء ثلاثة أقسام : 1 - التي لا يتجاوز دمها العشرة، فجميع الدم في هذه الصورة نفاس. 2 - التي يتجاوز دمها العشرة، وتكون ذات عادة عددية في الحيض، ففي هذه الصورة يكون نفاسها بمقدار عادتها والباقي استحاضة. 3 - التي يتجاوز دمها العشرة ولا تكون ذات عادة في الحيض، ففي هذه الصورة جعلت مقدار عادة حيض اقاربها نفاساً، واذا كانت عادتهن اقل من العشرة، احتاطت فيما زاد عنها الى العشرة.

(مسألة 256): إذا رأت الدم في اليوم الاول من الولادة، ثم انقطع، ثم عاد في اليوم العاشر من الولادة، او قبله ففيه صورتان:

الأولى : أن لا يتجاوز الدم الثاني اليوم العاشر من اول رؤية الدم ففي هذه الصورة كان الاول والثاني كلاهما نفاساً ويجري على النقاء المتخلل حكم النفاس على الاظهر، وان كان الاحوط فيه الجمع بين اعمال الطاهرة وترك النفساء.

الثانية : ان يتجاوز الدم الثاني اليوم العاشر من اول رؤية الدم وهذا على اقسام:

1- ان تكون المرأة ذات عادة عددية في حيضها وقد رأت الدم الثاني في زمان عادتها، ففي هذه الصورة كان الدم الاول –وما رأته في ايام العادة والنقاء المتخلل – نفاساً، وما زاد على العادة استحاضة مثلاً: اذا كانت عادتها في الحيض سبعة ايام، فرأتالدم حين ولادتها يومين فانقطع، ثم رأته في اليوم السادس واستمر الى ان تجاوز اليوم العاشر من حين الولادة، وكان زمان نفاسها، اليومين الاولين، واليوم السادس والسابع، والنقاء المتخلل بينهما، وما زاد على اليوم السابع فهو استحاضة.

ص: 71

2- ان تكون المرأة ذا عادة ولكنها لم تر الدم الثاني حتى انقضت مدة عادتها فرأت الدم، وتجاوز اليوم العاشر، ففي هذه الصورة كان

نفاسها هو الدم الاول وكان الدم الثاني استحاضة،ويجري عليها احكام الطهارة في النقاء المتخلل.

3- ان لا تكون ذات عادة في حيضها، وقد رأت الدم الثاني قبل مضي عادة اقاربها، ويتجاوز اليوم العاشر، ففي هذه الصورة كان نفاساً مقدار عادة اقاربها، واذا كانت عادتهن اقل من العشرة احتاطت الى اليوم العاشر، وما بعده استحاضة.

4- ان لا تكون المراة ذات عادة في حيضها، وقد رأت الدم الثاني الذي تجاوز اليوم العاشر بعد مضي عادة اقاربها، ففي هذه الصورة كان نفاسها هو الدم الاول، وتحتاط ايام النقاء، وأيام الدم الثاني الى اليوم العاشر.

ثم ان ما ذكرناه في الدم الثاني يجري في الدم الثالث والرابع وهكذا. . مثلاً: اذا رأت الدم في اليوم الاول، والرابع، والسادس، ولم يتجاوز اليوم العاشر، كان جميع هذه الدماء والنقاء المتخلل بينها نفاساً، واذا تجاوز الدم اليوم العاشر، في هذه الصورة، وكانت عادتها في الحيض تسعة أيام كان نفاسها الى اليوم التاسع ومازاد استحاضة، واذا كانت عادتها خمسة ايام كان نفاسها الايام الاربعة الاولى، وفيما بعدها كانت طاهرة، ومستحاضة.

(مسألة 257): النفساء بحكم الحائض في الاستظهار عند تجاوز الدم أيام العادة، وفي لزوم الاختبار عند ظهور انقطاع الدم، وتقضي الصوم ولا تقضي الصلاة، ويحرم وطؤها، ولا يصح طلاقها. والمشهور أن أحكام الحائض من الواجبات، والمحرمات والمستحبات، والمكروهات تثبت للنفساء أيضا، ولكن

ص: 72

جملة من الأفعال التي كانت محرمة على الحائض تشكل حرمتها على النفساء، وإن كان الأحوط وجوباً أن تجتنب عنها. وهذه الأفعال هي:

1 - قراءة الآيات التي تجب فيها السجدة.

2 - الدخول في المساجد بغير قصد العبور.

3 - المكث في المساجد.

4 - وضع شيء فيها.

5 - دخول المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وآله ولو كان بقصد العبور.

(مسألة 258): ما تراه النفساء من الدم إلى عشرة أيام - بعد تمام نفاسها - استحاضة سواء أ كان الدم بصفات الحيض أو لم يكن، وسواء أكان الدم في أيام العادة أم لم يكن، وان استمر الدم بها الى ما بعد العشرة او انقطع وعاد بعد العشرة، فما كان منه في أيام العادة واجداً لصفات الحيض، فهو حيض، بشرط ان لايقل عن ثلاثة أيام وما لم يكن واجداً للصفات ولم يكن في ايام العادة، فهو استحاضة، واذا استمر بها الدم، او انقطع، وعاد بعد عشرة ايام من نفاسها، وصادف أيام عادتها، او كان الدم واجداً، لصفات الحيض ولم ينقطع على العشرة فالمرأة- ان كانت ذات عادة عددية- جعلت مقدار عادتها حيضها، والباقي استحاضة، وان لم تكن ذات عادة عددية رجعت الى التمييز، ومع عدمه رجعت الى العدد، على ما تقدم في الحيض.

ص: 73

المقصد الخامس: غسل الأموات

وفيه فصول:
الفصل الأول: في أحكام الاحتضار

(مسألة 259): يجب على الأحوط توجيه المحتضَر إلى القبلة، بأن يلقى على ظهره ويجعل وجهه وباطن رجليه اليها، بل الاحوط وجوباًً على المحتضَر نفسه إن أمكنه ذلك، ويعتبر في توجيه غير الولي إذن الولي على الأحوط، و ذكر العلماء ( رضوان الله عليهم ) أنه يستحب نقله إلى مصلاه إن اشتد عليه النزع وتلقينه الشهادتين، والإقرار بالنبي (صلی الله علیه و آله) والأئمة عليهم السلام و سائر الاعتقادات الحقة، و تلقينه كلمات الفرج، و يكره أن يحضره جنب أو حائض، وأن يمس حال النزع، وإذا مات يستحب أن تغمض عيناه، ويطبق فمه، ويشد لحياه، و تمد يداه إلى جانبيه، وساقاه، ويغطى بثوب، وأن يُقرأ عنده القرآن، و يسرج في المكان الذي مات فيه ان مات في الليل، وإعلام المؤمنين بموته ليحضروا جنازته، و يعجل تجهيزه، إلا إذا شك في موته فينتظر به حتى يعلم موته، ويكره أن يثقل بطنه بحديد أو غيره، وأن يترك وحده.

الفصل الثاني: في الغسل

تجب إزالة النجاسة عن جميع بدن الميت قبل الشروع في الغسل على الاحوط الاولى، و إن كان الأقوى كفاية إزالتها عن كل عضو قبل الشروع فيه. بل الاحوط وجوب غسل كل عضو قبل الغسل اذا لم يتنجس الماء بملاقاة المحل.

ص: 74

ثم ان الميت يغسل ثلاثة أغسال : الأول : بماء السدر، الثاني : بماء الكافور، الثالث : بالماء القراح، و كل واحد منها كغسل الجنابة الترتيبي ولابد فيه من تقديم الأيمن على الأيسر ،و من النية على ما عرفت في الوضوء.

(مسألة 260): اذا كان المغسل غير الولي فلابد من اذن الولي على الاحوط وهو الزوج بالنسبة الى الزوجة، ثم المالك، ثم الطبقة الاولى في الميراث وهم الابوان والاولاد، ثم الثانية، وهم الاجداد والاخوة، ثم الثالثة وهم الاعمام والاخوال، ثم المولى المعتق، ثم ضامن الجريرة، ثم الحاكم الشرعي على الاحوط.

(مسألة 261): البالغون في كل طبقة مقدمون على غيرهم والذكور مقدمون على الإناث، وفي تقديم الأب في الطبقة الاولى على الأولاد، و الجد على الأخ، و الأخ من الأبوين على الأخ من أحدهما، و الأخ من الأب على الأخ من الأم، والعم على الخال إشكال، والاحوط وجوباً – الاستئذان من الطرفين.

(مسألة 262): اذا تعذر استيذان الولي لعدم حضوره مثلاً، أو امتنع عن الاذن، وعن مباشرة التغسيل، وجب تغسيله على غيره ولو بلا أذن.

(مسألة 263): إذا أوصى أن يغسله شخص معين لم يجب عليه القبول، ولكن إذا قبل لم يحتج إلى إذن الولي، و إذا أوصى أن يتولى تجهيزه شخص معين جاز له الرد في حياة الموصي، وليس له الرد بعد ذلك على الاحوط، وان كان الاظهر جوازه، لكنه اذا لم يرد وجب الاستيذان منه دون الولي.

(مسألة 264): يجب في التغسيل طهارة الماء و إباحته، و إباحة السدر والكافور ،بل الفضاء الذي يشغله الغسل، ومجرى الغسالة على النحو الذي مر في الوضوء، ومنه السُّدة التي يغسل عليها فمع عدم الانحصار يصح الغسل

ص: 75

عليها، أما معه فيسقط الغسل لكن اذا غسل حينئذ صح الغسل وكذلك التفصيل في ظرف الماء اذا كان مغصوباً.

(مسألة 265): يجزي تغسيل الميت قبل برده.

(مسألة 266): إذا تعذر السدر أو الكافور فالأحوط - وجوبا - الجمع بين التيمم بدلا عن كل من الغسل بماء السدر والكافور، وبين تغسيله ثلاث مرات بالماء القراح، وينوي بالأولين البدلية علة الغسل بالسدر والكافور.

(مسألة 267): يعتبر في كل من السدر و الكافور أن لا يكون كثيراً بمقدار يوجب خروج الماء عن الإطلاق إلى الإضافة، و لا قليلاً بحيث لا يصدق أنه مخلوط بالسدر و الكافور، ويعتبر في الماء القراح أن يصدق خلوصه منهما، فلا بأس أن يكون فيه شيء منهما، إذا لم يصدق الخلط، و لا فرق في السدر بين اليابس، والأخضر.

(مسألة 268): إذا تعذر الماء أو خيف تناثر لحم الميت بالتغسيل ييمم على الأحوط - وجوباً - ثلاث مرات، ينوي بواحد منها ما في الذمة.

(مسألة 269): يجب أن يكون التيمم بيد الحي، و الأحوط - وجوباً - مع الإمكان أن يكون بيد الميت أيضاً.

(مسألة 270): يشترط في الانتقال إلى التيمم الانتظار إذا احتمل تجدد القدرة على التغسيل، فإذا حصل اليأس جاز التيمم، لكن إذا اتفق تجدد القدرة قبل الدفن وجب التغسيل، و إذا تجددت بعد الدفن و خيف على الميت من الضرر أو الهتك لم يجب الغسل، و إلا ففي وجوب نبشه و استئناف الغسل إشكال وان كان الاظهر وجوب النبش والغسل، وكذا الحكم فيما اذا تعذر السدر، او الكافور.

ص: 76

(مسألة 271): إذا تنجس بدن الميت بعد الغسل، أو في أثنائه بنجاسة خارجية، أو منه وجب تطهيره و لو بعد وضعه في القبر، نعم لا يجب ذلك بعد الدفن.

(مسألة 272): إذا خرج من الميت بول، أو مني ،لا تجب إعادة غسله، و لو قبل الوضع في القبر.

(مسألة 273): لا يجوز أخذ الأجرة على تغسيل الميت، ويجوز أخذ العوض على بذل الماء و نحوه، مما لا يجب بذله مجاناً.

(مسألة 274): لايجوز ان يكون المغسل صبياً – على الاحوط وجوباً – وان كان تغسيله على الوجه الصحيح.

(مسألة 275): يجب في المغسل أن يكون مماثلاً للميت في الذكورة و الأنوثة، فلا يجوز تغسيل الذكر للأنثى، و لا العكس، و يستثنى من ذلك صور :

الأولى : ان يكون الميت طفلاً لم يتجاوز ثلاث سنين فيجوز للذكر و للأنثى تغسيله، سواء أ كان ذكراً أم أنثى، مجرداً عن الثياب أم لا، وجد المماثل له أو لا.

الثانية : الزوج و الزوجة، فإنه يجوز لكل منهما تغسيل الآخر، سواء أ كان مجرداً أم من وراء الثياب، و سواء وجد المماثل أم لا، من دون فرق بين الحرة والامة، والدائمة والمنقطعة، و كذا المطلقة الرجعية إذا كان الموت في أثناء العدة.

الثالثة : المحارم بنسب، أو رضاع، أو مصاهرة والاحوط وجوباً اعتبار فقد المماثل، وكونه من وراء الثياب.

(مسألة 276): إذا اشتبه ميت بين الذكر و الأنثى، غسله كل من الذكر و الأنثى من وراء الثياب.

ص: 77

(مسألة 277): اذا انحصر المماثل بالكافر الكتابي أمره المسلم ان يغتسل أولاً ثم يغسل الميت والآمر هو الذي يتولى النية والاحوط استحباباً – نية كل من الآمر والمغسل - وإذا أمكن التغسيل بالماء المعتصم كالكر والجاري تعين ذلك على الاحوط الا اذا امكن ان لايمس الماء ولا بدن الميت تخير حينئذ بينهما، واذا أمكن المخالف قدم على الكتابي واذا امكن المماثل بعد ذلك اعاد التغسيل.

(مسألة 278): إذا لم يوجد المماثل حتى المخالف والكتابي سقط الغسل، ولكن الاحوط – استحباباً تغسيل غير المماثل من وراء الثياب من غير لمس ونظر، ثم ينشف بدنه بعد التغسيل قبل التكفين.

(مسألة 279): إذا دفن الميت بلا تغسيل - عمداً أو خطأ - جاز بل وجب نبشه لتغسيله أو تيممه ،وكذا إذا ترك بعض الأغسال و لو سهواً، أو تبين بطلانها، أو بطلان بعضها، كل ذلك إذا لم يلزم محذور من هتكه أو الإضرار ببدنه.

(مسألة 280): إذا مات الميت محدثاً بالأكبر - كالجنابة أو الحيض - لا يجب إلا تغسيله غسل الميت فقط.

(مسألة 281): إذا كان مُحرماً لا يجعل الكافور في ماء غسله الثاني إلا أن يكون موته بعد السعي في الحج، و كذلك لا يحنط بالكافور، بل لا يُقرَّب إليه طيب آخر، و لايلحق به المعتدة للوفاة و المعتكف.

(مسألة 282): يجب تغسيل كل مسلم و من بحكمه حتى المخالف عدا صنفين :

الأول : الشهيد المقتول في المعركة مع الإمام أو نائبه الخاص، أو في حفظ بيضة الإسلام، ويشترط فيه أن يكون خروج روحه في المعركة قبل انقضاء الحرب، أو بعدها بقليل ولم يدركه المسلمون وبه رمق، فاذا ادركه المسلمون وبه

ص: 78

رمق غسل على الاحوط وجوباً، واذا كان في المعركة مسلم وكافر، واشتبه احدهما بالاخر، وجب الاحتياط بتغسيل كل منهما وتكفينه ،ودفنه.

الثاني : من وجب قتله برجم أو قصاص، فإنه يغتسل و الأحوط أن يكون غسله كغسل الميت - المتقدم تفصيله - و يحنط و يكفن كتكفين الميت، ثم يقتل فيصلى عليه، و يدفن بلا تغسيل.

(مسألة 283): قد ذكروا للتغسيل سننا، مثل أن يوضع الميت في حال التغسيل على مرتفع، و أن يكون تحت الظلال، و أن يوجه إلى القبلة كحالة الاحتضار، و أن ينزع قميصه من طرف رجليه و إن استلزم فتقه بشرط إذن الوارث، والأولى أن يجعل ساتراً لعورته، و أن تلين أصابعه برفق، و كذا جميع مفاصله، و أن يغسل رأسه برغوة السدر وفرجه بالأشنان، و أن يبدأ بغسل يديه إلى نصف الذراع في كل غسل ثلاث مرات ثم بشق رأسه الأيمن، ثم الأيسر، ويغسل كل عضو ثلاثاً في كل غسل ويمسح بطنه في الأولين، إلا الحامل التي مات ولدها في بطنها فيكره ذلك، و أن يقف الغاسل على الجانب الأيمن للميت، و أن يحفر للماء حفيرة، و أن ينشف بدنه بثوب نظيف أو نحوه. و ذكروا أيضاً أنه يكره إقعاده حال الغسل، و ترجيل شعره، وقص أظافره و جعله بين رجلي الغاسل، وإرسال الماء في الكنيف، و حلق رأسه، أو عانته، و قص شاربه، و تخليل ظفره، و غسله بالماء الساخن بالنار، أو مطلقاً إلا مع الاضطرار، والتخطي عليه حين التغسيل.

الفصل الثالث: واجبات التكفين وكيفيته وأحكامه

في التكفين، يجب تكفين الميت بثلاثة أثواب :

الأول : المئزر ويجب ان يكون ساتراً ما بين السرة والركبة.

ص: 79

الثاني : القميص، و يجب ان يكون ساتراً ما بين المنكبين إلى نصف الساق،

الثالث : الإزار، و يجب أن يغطي تمام البدن و الأحوط وجوباً في كل واحد منها أن يكون ساتراً لما تحته غير حاك عنه وان حصل الستر بالمجموع.

(مسألة 284): لا بد في التكفين من اذن الولي على نحو ما تقدم في الغسل ولا يعتبر فيه نية القربة.

(مسألة 285): إذا تعذرت القطعات الثلاث فالاحوط الاقتصار على الميسور، فإذا دار الأمر بينها يقدم الإزار، و عند الدوران بين المئزر و القميص يقدم القميص، و إن لم يكن إلا مقدار ما يستر العورة تعين الستر به، و إذا دار الأمر بين ستر القبل و الدبر تعين ستر القبل.

(مسألة 286): لا يجوز اختياراً التكفين بالحرير، و لا بالنجس وحتى اذا كانت نجاسته معفواً عنها بل الأحوط - وجوباً - أن لا يكون مذهّباً، و لا من أجزاء ما لا يؤكل لحمه بل ولا من جلد المأكول وأما وبره وشعره، فيجوز التكفين به، واما في حال الاضطرار. فيجوز بالجميع فإذا انحصر في واحد منها تعين، و إذا تعدد و دار الأمر بين تكفينه بالمتنجس و تكفينه بغيره من تلك الانواع فالاحوط وجوباً الجمع بينهما واذا دار الامر بين الحرير وغير المتنجس منها، قدم غير الحرير، ولا يبعد التخيير في غير ذلك من الصور.

(مسألة 287): لا يجوز التكفين بالمغصوب حتى مع الانحصار وفي جلد الميتة اشكال. والاحوط وجوباً مع الانحصار التكفين به.

(مسألة 288): يجوز التكفين بالحرير غير الخالص بشرط أن يكون الخليط أزيد من الحرير على الاحوط وجوباً.

ص: 80

(مسألة 289): إذا تنجس الكفن بنجاسة من الميت - أو من غيره - وجب إزالتها و لو بعد الوضع في القبر، بغسل أو بقرض اذا كان الموضع يسيراً، وان لم يمكن ذلك وجب تبديله مع الامكان.

(مسألة 290): القدر الواجب من الكفن يخرج من أصل التركة قبل الدين و الوصية، وكذا ما وجب في مؤنة تجهيزه و دفنه، من السدر و الكافور، و ماء الغسل، و قيمة الأرض، وما يأخذه الظالم من الدفن في الأرض المباحة، و أجرة الحمال و الحفار، و نحوها.

(مسألة 291): كفن الزوجة على زوجها و إن كانت صغيرة أو مجنونة أو غير مدخول بها، و كذا المطلقة الرجعية، ولا يترك الاحتياط في الناشز والمنقطعة، ولا فرق في الزوج بين أحواله من الصغر و الكبر وغيرهما من الاحوال.

(مسألة 292): يشترط في وجوب كفن الزوجة على زوجها يساره، وان لا يكون محجوراً عليه قبل موتها بفلس، وان لايكون ماله متعلقاً به حق غيره برهن، او غيره، وان لايقترن موتها بموته، وعدم تعيينها الكفن بالوصية، لكن الاحوط وجوباً ان لم يكن اقوى في صورة فقد احد الشروط الثلاثة الأُوَل، وجوب الاستقراض إن امكن ولم يكن حرجياً، وكذا الاحتياط في صورة عدم العمل بوصيتها بالكفن.

(مسألة 293): كما أن كفن الزوجة على زوجها، كذلك سائر مؤن التجهيز من السدر، والكافور وغيرهما مما عرفت على الأحوط وجوبا ان لم يكن اقوى.

(مسألة 294): الزائد على المقدار الواجب و ما يلحقه من الكفن و سائر مؤن التجهيز لا يجوز إخراجه من الأصل الا مع رضا الورثة، واذا كان فيهم صغير او غير رشيد، لايجوز لوليه الاجازة في ذلك، فيتعين حينئذ إخراجه من

ص: 81

حصة الكاملين برضاهم، وكذا الحال في قيمة القدر الواجب فان الذي يخرج من الاصل ماهو اقل قيمة، ولا يجوز اخراج الاكثر منه الا مع رضاء الورثة الكاملين، فلو كان الدفن في بعض المواضع لايحتاج الى بذل مال، وفي غيره يحتاج الى ذلك، لايجوز للولي مطالبة الورثة بذلك ليدفن فيه.

(مسألة 295): كفن واجب النفقة من الأقارب في ماله لا على من تجب عليه النفقة.

(مسألة 296): إذا لم يكن للميت تركة بمقدار الكفن فلا يترك الاحتياط ببذله ممن تجب نفقته عليه، ومع عدمه يدفن عارياً، ولايجب على المسلمين بذل كفنه.

تكملة : فيما ذكروا من سنن هذا الفصل : يستحب في الكفن العمامة للرجل و يكفي فيها المسمى، و الأولى أن تدار على رأسه و يجعل طرفاها تحت حنكه على صدره، الأيمن على الأيسر، و الأيسر على الأيمن، و المقنعة للمرأة و يكفي فيها أيضاً المسمى، و لفافة لثدييها يشدان بها إلى ظهرها، و خرقة يعصب بها وسط الميت ذكراً كان أو أنثى، و خرقة أخرى للفخذين تلف عليهما، و لفافة فوق الإزار يلف بها تمام بدن الميت، و الأولى كونها بُرداً يمانياً، و أن يجعل القطن أو نحوه عند تعذره بين رجليه، يُستر به العورتان، و يوضع عليه شيء من الحنوط، و أن يحشى دبره و منخراه و قبل المرأة إذا خيف خروج شيء منه، و إجادة الكفن، و أن يكون من القطن الأبيض، وأن يكون من خالص المال و طهوره، و أن يكون ثوبا قد أحرم أو صلى فيه، و أن يلقى عليه الكافور و الذريرة، و أن يخاط بخيوطه إذا احتاج إلى الخياطة و أن يكتب على حاشية الكفن : فلان ابن فلان يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أن محمداً رسول الله، ثم يذكر الأئمة عليهم السلام واحداً بعد واحد، و أنهم أولياء الله و أوصياء رسوله، و أن البعث و الثواب و العقاب حق، و أن يكتب على الكفن

ص: 82

دعاء الجوشن الصغير، والكبير، و يلزم أن يكون ذلك كله في موضع يؤمن عليه من النجاسة و القذارة، فيكتب في حاشية الإزار من طرف رأس الميت، و قيل : ينبغي أن يكون ذلك في شيء يستصحب معه بالتعليق في عنقه أو الشد في يمينه، لكنه لا يخلو من تأمل، و يستحب في التكفين أن يجعل الطرف الأيمن من اللفافة على أيسر الميت، و الأيسر على أيمنه، و أن يكون المباشر للتكفين على طهارة من الحدث، و إن كان هو المغسل غسل يديه من المرفقين بل المنكبين ثلاث مرات، و رجليه إلى الركبتين، و يغسل كل موضع تنجس من بدنه، و أن يجعل الميت حال التكفين مستقبل القبلة، و الأولى أن يكون كحال الصلاة عليه، و يكره قطع الكفن بالحديد، و عمل الأكمام و الزرور له، و لو كفن في قميصه قطع أزراره، ويُكره بَلّ الخيوط التي يخاط بها بريقه.كما يكره تبخيره و تطييبه بغير الكافور و الذريرة، و أن يكون الكفن أسود بل مطلق المصبوغ، و أن يكتب عليه بالسواد وأن يكون من الكتان، وأن يكون ممزوجاً بإبريسم، و المماكسة في شرائه، و جعل العمامة بلا حنك، و كونه وسخاً، و كونه مخيطاً.

(مسألة 297): يستحب لكل أحد أن يهييء كفنه قبل موته و أن يكرر نظره إليه.

الفصل الرابع: في التحنيط

يجب إمساس مساجد الميت السبعة بالكافور، و يكفي المسمى والأحوط وجوباً أن يكون بالمسح باليد بل بالراحة، والأفضل أن يكون وزنه سبعة مثاقيل صيرفية، ويستحب سحقه باليد كما يستحب مسح مفاصله و لبته، و صدره، و باطن قدميه، و ظاهر كفيه.

ص: 83

(مسألة 298): محل التحنيط بعد التغسيل أو التيمم، قبل التكفين أو في أثنائه.

(مسألة 299): يشترط في الكافور أن يكون طاهراً مباحاً مسحوقاً له رائحة.

(مسألة 300): يكره إدخال الكافور في عين الميت، وأنفه، وأذنه وعلى وجهه.

الفصل الخامس: في الجريدتين

يستحب أن يجعل مع الميت جريدتان رطبتان، احداهما من الجانب الأيمن من عند الترقوة ملصقة ببدنه، والأخرى من الجانب الأيسر من عند الترقوة بين القميص والإزار، والأولى أن تكونا من النخل، فإن لم يتيسر فمن السدر، فإن لم يتيسرا فمن الخلاف، أو الرمان، والرمان مقدم على الخلاف، و إلا فمن كل عود رطب.

(مسألة 301): إذا تركت الجريدتان لنسيان أو نحوه، فالأولى جعلهما فوق القبر، واحدة عند رأسه، و الأخرى عند رجليه.

(مسألة 302): الأولى أن يكتب عليهما ما يكتب على حواشي الكفن مما تقدم، ويلزم حفظهما عن التلوث بما يوجب المهانة ولو بلفهما بما يمنعهما عن ذلك من قطن و نحوه.

ص: 84

الفصل السادس: في الصلاة على الميت

تجب الصلاة وجوباً كفائياً على كل ميت مسلم، ذكراً كان أم أنثى، حراً أم عبداً، مؤمناً أم مخالفاً، عادلاً أم فاسقاً، و لا تجب الصلاة على أطفال المسلمين إلا إذا بلغو ست سنين، و في استحبابها على من لم يبلغ ذلك وقد تولد حيا اشكال، الاحوط الاتيان بها برجاء المطلوبية. و كل من وجد ميتا في بلاد الإسلام فهو مسلم ظاهراً، و كذا لقيط دار الإسلام، بل دار الكفر إذا احتمل كونه مسلما على الأحوط.

(مسألة 303): الأحوط في كيفيتها أن يكبر أولاً، و يتشهد الشهادتين، ثم يكبر ثانيا ويصلي على النبي (صلى الله عليه و آله)، ثم يكبر ثالثاً و يدعو للمؤمنين، ثم يكبر رابعاً ويدعو للميت، ثم يكبر خامساً و ينصرف، والاحوط استحباباً الجمع بين الأدعية بعد كل تكبيرة و لاقراءة فيها و لاتسليم. و يجب فيها أمور:

منها : النية على نحو ما تقدم في الوضوء

ومنها : حضور الميت فلا يصلى على الغائب.

ومنها : استقبال المصلي القبلة.

ومنها : أن يكون رأس الميت إلى جهة يمين المصلي، و رجلاه إلى جهة يساره.

ومنها : أن يكون مستلقياً على قفاه.

ومنها : وقوف المصلي خلفه محاذياً لبعضه، إلا ان يكون مأموما و قد استطال الصف حتى خرج عن المحاذاة.

ص: 85

ومنها : أن لا يكون المصلي بعيداً عنه على نحو لا يصدق الوقوف عنده إلا مع اتصال الصفوف في الصلاة جماعة.

ومنها : أن لا يكون بينهما حائل من ستر أو جدار، و لايضر الستر بمثل التابوت ونحوه.

ومنها : أن يكون المصلي قائما، فلا تصح صلاة غير القائم إلا مع عدم التمكن من صلاة القائم.

ومنها : الموالاة بين التكبيرات و الأدعية.

ومنها : أن تكون الصلاة بعد التغسيل، و التحنيط، و التكفين ،قبل الدفن.

ومنها : أن يكون الميت مستور العورة و لو بنحو الحجر، و اللبن إن تعذر الكفن.

ومنها : إباحة مكان المصلي على الأحوط الأولى.

ومنها : إذن الولي على الأحوط إلا إذا أوصى الميت بان يصلي عليه شخص معين فلم يأذن له الولي، وأذن لغيره فلا يحتاج الى الأذن.

(مسألة 304): لايعتبر في الصلاة على الميت الطهارة من الحدث و الخبث، و إباحة اللباس، و ستر العورة. وإن كان الأحوط الأولى اعتبار جميع شرائط الصلاة، بل لا يترك الاحتياط وجوباً بترك الكلام في أثنائها و الضحك و الإلتفات عن القبلة.

(مسألة 305): إذا شك في أنه صلى على الجنازة أم لا،بنى على العدم، وإذا صلى و شك في صحة الصلاة و فسادها بنى على الصحة، و إذا علم

ص: 86

ببطلانها وجبت إعادتها على الوجه الصحيح، و كذا لو أدى اجتهاده أو تقليده إلى بطلانها.

(مسألة 306): يجوز تكرار الصلاة على الميت الواحد، لكنه مكروه الا إذا كان الميت من أهل الشرف في الدين.

(مسألة 307): لو دفن الميت بلا صلاة صحيحة، صلى على قبره ما لم يتلاش بدنه.

(مسألة 308): يستحب أن يقف الإمام و المنفرد عند وسط الرجل وعند صدر المرأة.

(مسألة 309): إذا اجتمعت جنائز متعددة جاز تشريكها بصلاة واحدة، فتوضع الجميع أمام المصلي مع المحاذاة بينها. و الأولى مع اجتماع الرجل و المرأة، أن يجعل الرجل أقرب إلى المصلي و يجعل صدرها محاذياً لوسط الرجل. و يجوز جعل الجنائز صفاً واحداً، فيجعل رأس كل واحد عند إلية الآخر شبه الدرج، و يقف المصلي وسط الصف و يراعي في الدعاء بعد التكبير الرابع، تثنية الضمير، و جمعه.

(مسألة 310): يستحب في صلاة الميت الجماعة، و يعتبر في الإمام أن يكون جامعاً لشرائط الإمامة، من البلوغ، و العقل، و الإيمان بل يعتبر فيه العدالة على الأحوط استحباباً، والاحوط وجوباً اعتبار شرائط الجماعة من انتقاء البعد، والحائل، وان لايكون موقف الامام اعلى من موقف المأموم، وغير ذلك.

(مسألة 311): إذا حضر شخص في أثناء صلاة الإمام ،كبر مع الإمام، و جعله أول صلاته و تشهد الشهادتين بعده و هكذا يكبر مع الإمام و يأتي بما هو وظيفة نفسه، فإذا فرغ الإمام أتى ببقية التكبير بلا دعاء و إن كان الدعاء أحوط.

ص: 87

(مسألة 312): لو صلى الصبي على الميت، لم تجز صلاته عن صلاة البالغين و إن كانت صلاته صحيحة.

(مسألة 313): إذا كان الولي للميت امرأة، جاز لها مباشرة الصلاة، و الإذن لغيرها ذكراً كان أم أنثى.

(مسألة 314): لا يتحمل الإمام في صلاة الميت شيئاً عن المأموم.

(مسألة 315): قد ذكروا للصلاة على الميت آدابا :

منها : أن يكون المصلي على طهارة، و يجوز التيمم مع وجدان الماء إذا خاف فوت الصلاة إن توضأ أو اغتسل.

ومنها : رفع اليدين عند التكبير.

ومنها : أن يرفع الإمام صوته بالتكبير و الأدعية.

ومنها : اختيار المواضع التي يكثر فيها الاجتماع.

ومنها : أن تكون الصلاة بالجماعة.ومنها : أن يقف المأموم خلف الإمام.

ومنها : الاجتهاد في الدعاء للميت و للمؤمنين.

و منها : أن يقول قبل الصلاة : الصلاة - ثلاث مرات -.

(مسألة 316): أقل ما يجزئ من الصلاة أن يقول المصلي: الله أكبر، أشهد أن لا إله الا الله، وأشهد أن محمد رسول الله(صلی الله علیه و آله)، ثم يقول: الله أكبر اللهم صلي على محمد وآل محمد، ثم يقول: الله أكبر اللهم أغفر للمؤمنين، ثم يقول: الله أكبر اللهم أغفر لهذا، ويشير الى الميت ثم يقول: الله أكبر.

ص: 88

الفصل السابع: في التشييع

يستحب إعلام المؤمنين بموت المؤمن ليشيعوه، و يستحب لهم تشييعه، و قد ورد في فضله أخبار كثيرة، ففي بعضها : من تبع جنازة أعطي يوم القيامة أربع شفاعات، و لم يقل شيئا إلا و قال الملك : و لك مثل ذلك. و في بعضها : أن أول ما يتحف به المؤمن في قبره أن يغفر لمن تبع جنازته. وله آداب كثيرة مذكورة في الكتب المبسوطة، مثل: أن يكون المشيع ماشيا خلف الجنازة، خاشعا متفكراً، حاملاً للجنازة على الكتف، قائلاً حين الحمل : بسم الله و بالله و صلى الله على محمد و آل محمد، اللهم اغفر للمؤمنين و المؤمنات.

و يكره الضحك و اللعب، و اللهو و الإسراع في المشي، و أن يقول : ارفقوا به، و استغفروا له، و الركوب و المشي قدام الجنازة، و الكلام بغير ذكر الله تعالى، و الدعاء و الاستغفار، و يكره وضع الرداء من غير صاحب المصيبة، فإنه يستحب له ذلك، و أن يمشي حافيا.

الفصل الثامن: احكام الدفن

تجب كفاية مواراة الميت في الارض، بحيث يؤمَن على جسده من السباع، وإيذاء رائحته للناس، ولا يكفي وضعه في بناء عليه أو تابوت وان حصل فيه الامران، ويجب وضعه على الجانب الأيمن موجهاً وجهه إلى القبلة و إذا اشتبهت القبلة عمل بالظن على الاحوط، ومع تعذره سقط وجوب الاستقبال ان لم يمكن التأخير، و إذا كان الميت في البحر و لم يمكن دفنه في البر - و لو بالتأخير - غسل و حنط و صلي عليه و وضع في خابية و أحكم رأسها، و ألقي في البحر، أو ثقل

ص: 89

بشد حجر أو نحوه برجليه ثم يلقى في البحر، و الأحوط وجوباً اختيار الأول مع الإمكان، و كذلك الحكم إذا خيف على الميت من نبش العدو قبره و التمثيل به.

(مسألة 317): لا يجوز دفن المسلم في مقبرة الكافرين، و كذا العكس.

(مسألة 318): إذا ماتت الحامل الكافرة و مات في بطنها حملها من مسلم، دفنت في مقبرة المسلمين على جانبها الأيسر مستدبرة للقبلة، و كذلك الحكم إن كان الجنين لم تلجه الروح.

(مسألة 319): لا يجوز دفن المسلم في مكان يوجب هتك حرمته كالمزبلة و البالوعة، و لا في المكان المملوك بغير إذن المالك، أو الموقوف لغير الدفن كالمدارس و المساجد والحسينيات المتعارفة في زماننا و الخانات الموقوفة و إن أذن الولي بذلك.

(مسألة 320): لا يجوز الدفن في قبر ميت قبل اندراسه وصيرورته ترابا، نعم إذا كان القبر منبوشاً جاز الدفن فيه على الاقوى.

(مسألة 321): يستحب حفر القبر قدر قامة أو إلى الترقوة، و أن يجعل له لحد مما يلي القبلة في الأرض الصلبة بقدر ما يمكن فيه الجلوس، و في الرخوة يشق وسط القبر شبه النهر و يجعل فيه الميت و يسقف عليه ثم يهال عليه التراب. و أن يغطى القبر بثوب عند إدخال المرأة. و الذكر عند تناول الميت، و عند وضعه في اللحد، والتحفي وحل الأزرار وكشف الرأس للمباشر لذلك. و أن تحل عقد الكفن بعد الوضع في القبر من طرف الرأس، وأن يحسر عن وجهه و يجعل خده على الأرض، و يعمل له وسادة من تراب، وأن يوضع شيء من تربة الحسين عليه السلام معه. و تلقينه الشهادتين و الإقرار بالأئمة عليهم السلام، و أن يسد اللحد باللبن. و أن يخرج المباشر من طرف الرجلين، و أن يهيل الحاضرون التراب بظهور الأكف غير ذي الرحم. و طم القبر و تربيعه لا مثلثاً، و لا مخمساً،

ص: 90

و لا غير ذلك. و رش الماء عليه دوراً يستقبل القبلة، و يبتدأ من عند الرأس فإن فضل شيء صب على وسطه. و وضع الحاضرين أيديهم عليه غمزاً بعد الرش، و لا سيما اذا كان الميت هاشمياً، او الحاضر لم يحضر الصلاة عليه. والترحم عليه بمثل : اللهم جاف الأرض عن جنبيه، و صعد روحه إلى أرواح المؤمنين في عليين و ألحقه بالصالحين، و أن يلقنه الولي بعد انصراف الناس رافعاً صوته. و أن يكتب اسم الميت على القبر أو على لوح أو حجر وينصب على القبر.

(مسألة 322): يكره دفن ميتين في قبر واحد. و نزول الأب في قبر ولده. و غير المحرم في قبر المرأة. و إهالة الرحم التراب. و فرش القبر بالساج من غير حاجة. و تجصيصه و تطيينه وتسنيمه. و المشي عليه و الجلوس و الاتكاء. و كذا البناء عليه و تجديده الا ان يكون الميت من اهل الشرف.

(مسألة 323): يكره نقل الميت من بلد موته إلى بلد آخر، إلا المشاهد المشرفة ،و المواضع المحترمة فإنه يستحب ،و لا سيما الغري و الحائر. و في بعض الروايات أن من خواص الأول، إسقاط عذاب القبر و محاسبة منكر و نكير.

(مسألة 324): لا فرق في جواز النقل بين ما كان قبل الدفن و ما بعده إذا اتفق تحقق النبش، بل لايبعد جواز النبش لذلك إذا كان بإذن الولي ولم يلزم هتك حرمة الميت

(مسألة 325): يحرم نبش قبر المؤمن على نحو يظهر جسده، إلا مع العلم باندراسه و صيرورته ترابا، من دون فرق بين الصغير و الكبير و العاقل و المجنون، و يستثنى من ذلك موارد :

منها : ما إذا كان النبش لمصلحة الميت، كالنقل الى المشاهد، كما تقدم او لكونه مدفوناً في موضع يوجب مهانة عليه كمزبلة أو بالوعة أو نحوهما، أو في موضع يتخوف فيه على بدنه من سيل أو سبع أو عدو.

ص: 91

ومنها : ما لو عارضه أمر راجح أهم، كما إذا توقف دفع مفسدة عظيمة على رؤية جسده.

ومنها : ما لو لزم من ترك نبشه ضرر مالي، كما إذا دفن معه مال غيره - من خاتم و نحوه - فينبش لدفع ذلك الضرر المالي، و مثل ذلك ما إذا دفن في ملك الغير من دون إذنه أو إجازته.

ومنها : ما إذا دفن بلا غسل أو بلا تكفين، أو تبين بطلان غسله، أو بطلان تكفينه، أو لكون دفنه على غير الوجه الشرعي، لوضعه في القبر على غير القبلة، أو في مكان أوصى بالدفن في غيره، أو نحو ذلك فيجوز نبشه في مثل هذه الموارد إذا لم يلزم هتك لحرمته، و إلا ففيه إشكال.

(مسألة 326): لايجوز التوديع المتعارف عند بعض الشيعة (أيدهم الله تعالى) بوضع الميت في موضع والبناء عليه ثم نقله الى المشاهد الشريفة، بل اللازم ان يدفن بمواراته في الارض مستقبلاً بوجهه القبلة على الوجه الشرعي، ثم ينقل بعد ذلك باذن الولي على نحو لايؤدي الى هتك حرمته.

(مسألة 327): اذا وضع الميت في سرداب، جاز فتح بابه وانزال ميت آخر فيه - اذا لم يظهر جسد الاول - اما للبناء عليه، او لوضعه في لحد داخل السرداب، اما اذا كان بنحو يظهر جسده ففي جوازه إشكال.

(مسألة 328): إذا مات ولد الحامل دونها، فإن أمكن إخراجه صحيحاً وجب و إلا جاز تقطيعه، و يتحرى الأرفق فالأرفق. و إن ماتت هي دونه، شق بطنها من الجانب الأيسر إن احتمل الدخل في حياته، و إلا فمن أي جانب كان وأخرج، ثم يخاط بطنها، و تدفن.

(مسألة 329): إذا وجد بعض الميت وفيه الصدر، غسل وحنط وكفن وصلي عليه ودفن، وكذا اذا كان الصدر وحده، او بعضه على الاحوط وجوباً

ص: 92

وفي الاخيرين يقتصر في التكفين على القميص والازار. وفي الاول يضاف اليهما المئزر ان وجد له محل، وان وجد غير عظم الصدر مجرداً كان، أو مشتملاً عليه اللحم، غسل وحنط ولف بخرقة ودفن على الاحوط وجوباً ولم يصل عليه، وان لم يكن فيه عظم لف بخرقة ودفن على الاحوط وجوباً.

(مسألة 330): السقط إذا تم له أربعة أشهر غسل و حنط و كفن و لم يصل عليه، و إذا كان لدون ذلك لف بخرقة على الأحوط وجوبا و دفن، لكن لو ولجته الروح حينئذ فالأحوط إن لم يكن أقوى جريان حكم الأربعة أشهر عليه.

المقصد السادس: غسل مس الميت

يجب الغسل بمس الميت الإنساني بعد برده و قبل إتمام غسله، مسلما كان أو كافراً، حتى السقط إذا ولجته الروح وان لم يتم اربعة أشهر على الاحوط، و لو غسله الكافر لفقد المماثل أو غسل بالقراح لفقد الخليط فالأقوى عدم وجوب الغسل بمسه، و لو يمم الميت للعجز عن تغسيله فالظاهر وجوب الغسل بمسه.

(مسألة 331): لا فرق في الماس و الممسوس بين أن يكون من الظاهر و الباطن، كما لا فرق بين كون الماس و الممسوس مما تحله الحياة و عدمه، والعبرة في وجوب الغسل بالمس بالشعر أو بمسه بالصدق العرفي، ويختلف ذلك بطول الشعر وقصره.

(مسألة 332): لا فرق بين العاقل والمجنون، والصغير و الكبير، و المس الاختياري والاضطراري.

(مسألة 333): إذا مس الميت قبل برده، لم يجب الغسل بمسه. نعم يتنجس العضو الماس بشرط الرطوبة المسرية في أحدهما، و إن كان الأحوط تطهيره مع الجفاف أيضا.

ص: 93

(مسألة 334): يجب الغسل بمس القطعة المبانة من الحي، أو الميت، إذا كانت مشتملة على العظم دون الخالية منه ودون العظم المجرد من الحي، اما العظم المجرد من الميت، او السن منه، فالاحوط استحباباً الغسل بمسه.

(مسألة 335): اذا قلع السن من الحي وكان معه لحم يسير، لم يجب الغسل بمسه.

(مسألة 336): يجوز لمن عليه غسل المس دخول المساجد و المشاهد و المكث فيها و قراءة العزائم. نعم لا يجوز له مس كتابة القرآن و نحوها مما لا يجوز للمحدث مسه، ولا يصح له كل عمل مشروط بالطهارة كالصلاة إلا بالغسل، و الأحوط ضم الوضوء إليه إن كان الأظهر عدم وجوبه.

ص: 94

المقصد السابع: الأغسال المندوبة : زمانية، و مكانية، و فعلية

الأول : الأغسال الزمانية، و لها أفراد كثيرة :

منها : غسل الجمعة، و هو أهمها حتى قيل بوجوبه لكنه ضعيف، و وقته من طلوع الفجر الثاني يوم الجمعة إلى الزوال، و الأحوط أن ينوي فيما بين الزوال الى الغروب القربة المطلقة من دون قصد الأداء و القضاء، و إذا فاته إلى الغروب قضاه يوم السبت إلى الغروب، و يجوز تقديمه يوم الخميس رجاءاً إن خاف إعواز الماء يوم الجمعة، و لو اتفق تمكنه منه يوم الجمعة أعاده فيه، و إذا فاته حينئذ أعاده يوم السبت.

(مسألة 337): يصح غسل الجمعة من الجنب والحائض و يجزئ عن غسل الجنابة والحيض إذا كان بعد النقاء على الاقوى.

و منها : غسل يومي العيدين، و وقته من الفجر إلى زوال الشمس والأولى الإتيان به قبل الصلاة.

وغسل ليلة الفطر والاولى الاتيان به أول الليل. ويوم عرفة، والأولى الإتيان به قبيل الظهر. ويوم التروية، و هو الثامن من ذي الحجة ،والليلة الأولى، و السابعة عشرة، و الرابعة و العشرين من شهر رمضان و ليالي القدر والغسل عند احتراق قرص الشمس في الكسوف.

(مسألة 338): جميع الأغسال الزمانية يكفي الإتيان بها في وقتها مرة واحدة، و لا حاجة إلى إعادتها إذا صدر الحدث الأكبر أو الأصغر بعدها، و يتخير في الإتيان بها بين ساعات وقتها.

ص: 95

والثاني : الأغسال المكانية، و لها أفراد كثيرة، كالغسل لدخول مكة، ولدخول الحرم، و دخول الكعبة، و لدخول المدينة ومسجد الرسول (صلى الله عليه وآاله وسلم).

(مسألة 339): وقت الغسل في هذا القسم قبل الدخول في هذه الأمكنة قريبا منه.

والثالث : الأغسال الفعلية و هي قسمان : القسم الأول : ما يستحب لأجل إيقاع فعل كالغسل للإحرام، أو لزيارة البيت الحرام، و الغسل للذبح و النحر، و الحلق، والغسل للاستخارة، أو الاستسقاء، أو المباهلة مع الخصم، و الغسل لوداع قبر النبي صلى الله عليه و آله والغسل لقضاء صلاة الكسوف اذا تركها متعمداً عالماً به مع احتراق القرص، و القسم الثاني : ما يستحب بعد وقوع فعل منه كالغسل لمس الميت بعد تغسيله.

(مسألة 340): يجزئ في القسم الأول من هذا النوع غسل أول النهار ليومه، و أول الليل لليلته، و لا يخلو القول بالاجتزاء بغسل الليل للنهار و بالعكس عن قوة، و الظاهر انتقاضه بالحدث بينه و بين الفعل.

(مسألة 341): هذه الأغسال قد ثبت استحبابها بدليل معتبر وأنها لاتغني عن الوضوء، وهناك أغسال أخر ذكرها الفقهاء في الأغسال المستحبة، و لكن لم يثبت عندنا استحبابها. و لا بأس بالإتيان بها رجاءً، و هي كثيرة نذكر جملة منها:1 - الغسل في الليالي الفرد من شهر رمضان المبارك و جميع ليالي العشر الأخيرة منه و أول يوم منه.

2 - غسل آخر في الليلة الثالثة و العشرين من شهر رمضان المبارك قبيل الفجر.

ص: 96

3 - الغسل في يوم الغدير و هو الثامن عشر من شهر ذي الحجة الحرام، و في اليوم الرابع و العشرين منه.

4 - الغسل يوم النيروز، و أول رجب، و نصفه و آخره، و يوم المبعث و هو السابع و العشرون منه.

5 - الغسل في يوم النصف من شعبان.

6 - الغسل في اليوم التاسع، و السابع عشر من ربيع الأول.

7 - الغسل في اليوم الخامس و العشرين من ذي القعدة.

8 - الغسل لزيارة كل معصوم من قريب أو بعيد.

9 - الغسل لقتل الوزغ،وهذه الأغسال لا يغني شيء منها عن الوضوء.

ص: 97

المبحث الخامس: التيمم

و فيه فصول:

الفصل الأول: في مسوغاته

و يجمعها العذر المسقط لوجوب الطهارة المائية و هو أمور : الأول : عدم وجدان ما يكفيه من الماء لوضوئه أو غسله

(مسألة 342): إن علم بفقد الماء لم يجب عليه الفحص عنه، وان احتمل وجوده في رحله أو في القافلة، فالاقوى الفحص إلى أن يحصل العلم أو الاطمئنان بعدمه، لا يبعد عدم وجوبه فيما إذا علم بعدم وجود الماء قبل ذلك و احتمل حدوثه، و اما اذا احتمل وجود الماء في الفلاة وجب عليه الطلب فيها بمقدار رمية سهم في الأرض الحزنة، وسهمين في الأرض السهلة، من الجهات الأربع إن احتمل وجوده في كل واحدة منها، و إن علم بعدمه في بعض معين من الجهات الأربع لم يجب عليه الطلب فيها فان لم يتحمل وجوده الا في جهة معينة وجب عليه الطلب فيها دون غيرها، والبينة بمنزلة العلم. فإن شهدت بعدم الماء في جهة أو جهات معينة لم يجب الطلب فيها.

(مسألة 343): يجوز الاستنابة في الطلب اذا كان النائب ثقة على الاظهر، واما اذا حصل العلم او الاطئمنان من قوله فلا إشكال.

(مسألة 344): اذا أخلّ بالطلب وتيمم صح تيممه ان حصل منه قصد القربة وصادف عدم حصول الماء.

ص: 98

(مسألة 345): اذا علم او اطمأن بوجود الماء في خارج الحدّ المذكور وجب عليه السعي اليه وان بَعُدَ، الا ان يلزم منه مشقة عظيمة.

(مسألة 346): إذا طلب الماء قبل دخول الوقت فلم يجده لم تجب إعادة الطلب بعد دخول الوقت و إن احتمل العثور على الماء لو اعاد الطلب لاحتمال تجدد وجوده، واما اذا انتقل عن ذلك المكان فيجب الطلب مع احتمال وجوده.

(مسألة 347): إذا طلب الماء بعد دخول الوقت لصلاة يكفي لغيرها من الصلوات، فلا تجب إعادة الطلب عند كل صلاة و إن احتمل العثور مع الإعادة لاحتمال تجدد وجوده.

(مسألة 348): المناط من السهم والرمي والقوس، والهواء والرامي هو المتعارف المعتدل الوسط في القوة والضعف.

(مسألة 349): يسقط وجوب الطلب في ضيق الوقت، كما يسقط اذا خاف على نفسه، أو ماله من لص، أو سبع، او نحو ذلك، وكذا اذا كان في طلبه حرج ومشقة لاتتحمل.

(مسألة 350): اذا ترك الطلب حتى ضاق الوقت عصى، لكن الأقوى صحة صلاته حينئذ. وإن علم انه لو طلب لعثر، لكن الاحوط استحباباً القضاء خصوصاً في الفرض المذكور.

(مسألة 351): إذا ترك الطلب في سعة الوقت وصلى بطلت صلاته وان تبين عدم وجود الماء، نعم لو حصل منه قصد القربة مع تبين عدم الماء بان نوى التيمم والصلاة برجاء المشروعية فالاقوى صحتها.

(مسألة 352): إذا طلب الماء فلم يجده فتيمم و صلى ثم تبين وجوده في محل الطلب من الرمية، أو الرميتين أو الرحل أو القافلة فالاحوط وجوباً الاعادة في الوقت. نعم لا يجب القضاء اذا كان التبين خارج الوقت.

ص: 99

(مسألة 353): إذا كانت الارض في بعض الجوانب حزنة وفي بعضها سهلة، يلحق كلاً حكمه من الرمية والرميتين.

الثاني: عدم التمكن من الوصول إلى الماء لعجز منه ولو كان عجزاً شرعياً، أو ما بحكمه، بأن كان الماء في اناء مغصوب، أو لخوفه على نفسه أو عرضه، أو ماله من سبع، او عدو، أو لص، او ضياع، أو غير ذلك.

الثالث : خوف الضرر من استعمال الماء بحدوث مرض أو زيادته أو بطئه، أو على النفس، او بعض البدن، ومنه الرمد المانع من استعمال الماء، كما أن منه خوف الشَين، والذي يعسر تحمله وهو الخشونة المشوهة للخلقة، والمؤدية في بعض الأبدان الى تشقق الجلد.

الرابع: خوف العطش على نفسه أو على غيره الواجب حفظه عليه ،أو على نفس حيوان يكون من شأن المكلف الاحتفاظ بها والاهتمام بشأنها – كدابته وشاته ونحوهما – مما يكون تلفه موجباً للحرج أو الضرر.

الخامس : توقف تحصيله على الاستيهاب الموجب لذله و هوانه، أو على شرائه بثمن يضر بحاله، ويلحق به كل مورد يكون الوضوء فيه حرجياً لشدة حرّ، أو برد، أو نحو ذلك.

السادس : إن يكون مبتلى بواجب يتعين صرف الماء فيه، على نحو لايقوم غير الماء مقامه، مثل إزالة الخبث عن المسجد، فيجب عليه التيمم وصرف الماء في إزالة الخبث، واما اذا دار الامر بين ازالة الحدث وإزالة الخبث عن لباسه أو بدنه فالاولى ان يصرف الماء أولاً في إزالة الخبث ثم يتيمم بعد ذلك.

السابع : ضيق الوقت عن تحصيل الماء أو عن استعماله بحيث يلزم من الوضوء وقوع الصلاة أو بعضها في خارج الوقت، فيجوز التيمم في جميع الموارد المذكورة.

ص: 100

(مسألة 354): اذا خالف المكلف عمداً فتوضأ في مورد يكون الوضوء فيه حرجاً – كالوضوء في شدة البرد – صح وضوؤه، واذا خالف في مورد يكون الوضوءفيه محرماً بطل وضوؤه واذا خالف في مورد يجب فيه حفظ الماء- كما في الامر الرابع – فالظاهر صحة وضوئه، ولا سيما اذا أراقه على الوجه ثم رده من الاسفل الى الاعلى ونوى الوضوء بالغسل من الاعلى الى الاسفل، وكذا الحال في بقية الاعضاء.

(مسألة 355): اذا خالف فتطهر بالماء لعذر من نسيان، او غفلة صح وضوؤه في جميع الموارد المذكورة وكذلك مع الجهل فيما اذا لم يكن الوضوء محرماً في الواقع، أما اذا توضأ في ضيق الوقت فان نوى الامر المتعلق بالوضوء فعلاً صح، من غير فرق بين العمد والخطأ، وكذلك ما اذا نوى الامر الادائي فيما إذا لم يكن مشرعاً في عمله..

(مسألة 356): إذا آوى إلى فراشه و ذكر أنه ليس على وضوء، جاز له التيمم رجاء. و إن تمكن من استعمال الماء، كما يجوز التيمم لصلاة الجنازة إن لم يتمكن من استعمال الماء وإدراك الصلاة، بل لا بأس به مع التمكن أيضا رجاء.

الفصل الثاني: فيما يتيمم به

الأقوى جواز التيمم بما يسمى أرضا، سواء أ كان تراباً، أم رملاً، أو مدراً، أم حصى، أم صخراً أملس، و منه أرض الجص والنورة، قبل الإحراق، ولا يعتبر علوق شيء منه باليد، و إن كان الأحوط استحباباً الاقتصار على التراب مع الإمكان.

(مسألة 357): لا يجوز التيمم بما لا يصدق عليه اسم الأرض و إن كان أصله منها، كالرماد، والنبات، والمعادن والذهب و الفضة، ونحوها مما لايسمى

ص: 101

ارضاً. وأما العقيق والفيروزج و نحوهما من الأحجار الكريمة فالأحوط ان لا يتيمم به، وكذلك الخزف والجص والنورة بعد الإحراق حالة الاختيار، ومع الانحصار لزمه التيمم بها والصلاة، والاحوط القضاء خارج الوقت.

(مسألة 358): لا يجوز التيمم بالنجس، و لا المغصوب، و لا الممتزج بما يخرجه عن اسم الأرض، نعم لا يضر إذا كان الخليط مستهلكاً فيه عرفاً، و لو أكره على المكث في المكان المغصوب فالأظهر جواز التيمم فيه.

(مسألة 359): إذا اشتبه التراب المغصوب بالمباح وجب الاجتناب عنهما، و إذا اشتبه التراب بالرماد فتيمم بكل منهما صح، بل يجب ذلك مع الانحصار، و كذلك الحكم إذا اشتبه الطاهر بالنجس.

(مسألة 360): اذا عجز عن التيمم بالارض لأحد الأمور المتقدمة في سقوط الطهارة المائية يتيمم بالغبار المجتمع على ثوبه، أو عرف دابته أو نحوهما، واذا كان غبار ما يصح التيمم به دون غيره كغبار الدقيق ونحوه ويجب مراعاة الاكثر فالاكثر على الاحوط، واذا أمكنه نفض الغبار وجمعه على نحو يصدق عليه التراب تعين ذلك.

(مسألة 361): اذا عجز عن التيمم بالغبار تيمم بالوحل وهو الطين، واذا أمكن تجفيفه والتيمم به، تعين ذلك.

(مسألة 362): إذا عجز عن الأرض، و الغبار، والوحل، كان فاقداً للطهور، والاحوط له الصلاة في الوقت والقضاء في خارجه. وإن كان الاظهر عدم وجوب الاداء. واذا تمكن من الثلج ولم يمكن اذابته والوضوء به، ولكن أمكنه مسح اعضاء الوضوء به على نحو يتحقق مسمى الغسل وجب واجتزأ به، واذا كان على نحو لا يتحقق الغسل تعين التيمم. وان كان الاحوط له الجمع بين التيمم، والمسح به والصلاة في الوقت.

ص: 102

(مسألة 363): الأحوط وجوباً نفض اليدين بعد الضرب، ويستحب أن يكون ما يتيمم به من ربى الأرض و عواليها، و يكره أن يكون من مهابطها، و أن يكون من تراب الطريق.

الفصل الثالث: كيفية التيمم

كيفية التيمم أن يضرب بيديه على الأرض، وان يكون دفعة واحدة على الاحوط وجوباً ،وان يكون بباطنها، ثم يمسح بهما جميعاً تمام جبهته و جبينيه من قصاص الشعر إلى الحاجبين و إلى طرف الأنف الأعلى المتصل بالجبهة، و الأحوط مسح الحاجبين أيضاً، ثم مسح تمام ظاهر الكف اليمنى من الزند إلى أطراف الأصابع بباطن الكف اليسرى، ثم مسح تمام ظاهر الكف اليسرى كذلك بباطن الكف اليمنى.

(مسألة 364): لا يجب المسح بتمام كل من الكفين، بل يكفي المسح ببعض كل منهما على نحو يستوعب الجبهة و الجبينين.

(مسألة 365): المراد من الجبهة الموضع المستوي. و المراد من الجبين ما بينه و بين طرف الحاجب إلى قصاص الشعر.

(مسألة 366): الأظهر كفاية ضربة واحدة في التيمم بدلاً عن الغسل أو الوضوء، و إن كان الأحوط وجوباً تعدد الضرب اذا كان بدلا من الغسل ضربة للوجه و ضربة للكفين.

(مسألة 367): إذا تعذر الضرب والمسح بالباطن انتقل إلى الظاهر، و كذا إذا كان نجساً نجاسة متعدية ولم يمكن الإزالة، أما إذا لم تكن متعدية ضرب به ومسح، بل الظاهر عدم اعتبار الطهارة في الماسح والممسوح مطلقا، و إذا كان على الممسوح حائل لايمكن ازالته مسح عليه، أما إذا كان ذلك على الباطن

ص: 103

الماسح فالأحوط وجوباً الجمع بين الضرب به والمسح بالظاهر.

(مسألة 368): المحدث بالأصغر يتيمم بدلاً عن الوضوء. و الجنب يتيمم بدلاً عن الغسل، و المحدث بالأكبر غير الجنابة يتيمم عن الغسل و إذا كان محدثا بالأصغر أيضاً أو كان الحدث استحاضة متوسطة وجب عليه ان يتيمم أيضاً بدل الوضوء، واذا تمكن من الوضوء دون الغسل أتى به وتيمم عن الغسل، واذا تمكن من الغسل اتي به وهو لا يغني عن الوضوء كما في الاستحاضة المتوسطة فلا بد فيها من الوضوء فان لم يتمكن تيمم عنه.

الفصل الرابع: اشتراط النية في التيمم

يشترط في التيمم النية على ما تقدم في الوضوء، مقارناً بها الضرب على الاظهر.

(مسألة 369): لا تجب فيه نية البدلية عن الوضوء أو الغسل، بل تكفي نية الامر المتوجه اليه، ومع تعدد الامر لابد من تعينه بالنية.

(مسألة 370): الأقوى أن التيمم رافع للحدث حالة الاضطرار، لكن لاتجب فيه نية الرفع و لا نية الاستباحة للصلاة مثلاً.

(مسألة 371): يشترط فيه المباشرة والموالاة حتى فيما كان بدلاً عن الغسل، و يشترط فيه أيضاً الترتيب على حسب ما تقدم، و الأحوط وجوباً البدأ من الأعلى و المسح منه إلى الأسفل.

(مسألة 372): مع الاضطرار يسقط المعسور، ويجب الميسور على حسب ما عرفت في الوضوء من حكم الأقطع، وذي الجبيرة، والحائل والعاجز عن المباشرة، كما يجري هنا حكم اللحم الزائد، واليد الزائدة وغير ذلك.

ص: 104

(مسألة 373): العاجز ييممه غيره ولكن يضرب بيد العاجز ويمسح بهما مع الامكان، ومع العجز يضرب المتولي بيدي نفسه، ويمسح بهما.

(مسألة 374): الشعر المتدلي على الجبهة يجب رفعه و مسح البشرة تحته، و أما النابت فيها فالظاهر الاجتزاء بمسه.

(مسألة 375): إذا خالف الترتيب بطل مع فوات الموالاة و إن كانت لجهل أو نسيان، أما لو لم تفت صح إذا أعاد على نحو يحصل به الترتيب.

(مسألة 376): الخاتم حائل يجب نزعه حال التيمم.

(مسألة 377): الاحوط وجوباً اعتبار إباحة الفضاء الذي يقع فيه التيمم. واذا كان التراب في إناء مغصوب لم يصح الضرب عليه.

(مسألة 378): إذا شك في جزء منه بعد الفراغ لم يلتفت، و لكن الشك إذا كان في الجزء الأخير و لم تفت الموالاة و لم يدخل في الامر المرتب عليه من صلاة و نحوها فالأحوط الالتفات إلى الشك، و لو شك في جزء منه بعد التجاوز عن محله لم يلتفت وإن كان الأحوط استحباباً التدارك.

الفصل الخامس: أحكام التيمم

لا يجوز التيمم لصلاة موقتة قبل دخول وقتها ويجوز عند ضيق وقتها، وفي جوازه في السعة إشكال، والاظهر الجواز مع اليأس من حصول الماء ولو اتفق التمكن منه بعد الصلاة وجبت الاعادة.

(مسألة 379): إذا تيمم لصلاة فريضة، أو نافلة، لعذر فصلاها ثم دخل وقتأخرى فإن يئس من ارتفاع العذر والتمكن من الطهارة المائية جاز له المبادرة الى الصلاة في سعة وقتها، بل تجوز المبادرة مع عدم الياس ايضاً، و على كلا

ص: 105

التقديرين فان ارتفع العذر أثناء الوقت وجبت الاعادة.

(مسألة 380): لو وجد الماء في أثناء العمل فان كان قد دخل في صلاة فريضة او نافلة، او كان وجدانه بعد الدخول في ركوع الركعة الاولى بطلت صلاته. سواء أكان وجدانه قبل الركوع او بعده.

(مسألة 381): إذا تيمم المحدث بالأكبر بدلاً عن غسل الجنابة، ثم أحدث بالأصغر انتقض تيممه. فيتوضأ ويلزمه التيمم بعد ذلك، والأحوط استحباباً الجمع بين التيمم والوضوء ولو كان التيمم بدلاً من الحدث الاكبر غير الجنابة، ثم احدث بالاصغر لزمه التيمم بدلاً عن الغسل مع الوضوء، فان لم يتمكن من الوضوء أيضاً لزمه تيمم آخر بدلآً عنه.

(مسألة 382): لا تجوز إراقة الماء الكافي للوضوء، أو الغسل بعد دخول الوقت، و إذا تعمد إراقة الماء بعد دخول وقت الصلاة، وجب عليه التيمم مع اليأس من الماء وأجزأه و لو تمكن بعد ذلك وجبت عليه إلاعادة في الوقت ولا يجب القضاء اذا كان التمكن خارج الوقت، ولو كان على وضوء لا يجوز إبطاله بعد دخول الوقت إذا علم بعدم وجود الماء أو يئس منه، و لو أبطله و الحال هذه وجب عليه التيمم وأجزأه أيضاً على ما ذكر.

(مسألة 383): يشرع التيمم لكل مشروط بالطهارة من الفرائض و النوافل، و كذا كل ما يتوقف كماله على الطهارة إذا كان مأموراً به على الوجه الكامل، كقراءة القرآن، و الكون في المساجد و نحو ذلك بل لايبعد مشروعيته للكون على الطهارة، بل الظاهر جواز التيمم لأجل ما يحرم على المحدث من دون أن يكون مأموراً به - كمس القرآن و مس اسم الله تعالى - كما أشرنا إلى ذلك في غايات الوضوء.

(مسألة 384): إذا تيمم المحدث لغاية جازت له كل غاية وصحت منه،

ص: 106

فإذا تيمم للكون على الطهارة صحت منه الصلاة وجاز له دخول المساجد و المشاهد و غير ذلك مما تتوقف صحته أو كماله أو جوازه على الطهارة المائية. نعم لايجزي ذلك فيما اذا تيمم لضيق الوقت.

(مسألة 385): ينتقض التيمم بمجرد التمكن من الطهارة المائية وإن تعذرت عليه بعد ذلك. وإذا وجد من تيمم تيممين - من الماء - ما يكفيه لوضوئه انتقض تيممه الذي هو بدل عنه، واذا وجد ما يكفيه للغسل انتقض ما هو بدل عنه خاصة، وإن امكنه الوضوء به. فلو فقد الماء بعد ذلك اعاد التيمم بدلاً من الغسل خاصة على اشكال في الاستحاضة المتوسطة.

(مسألة 386): إذا وجد جماعة متيممون ماءً مباحاً لا يكفي إلا لأحدهم، فإن تسابقوا إليه جميعاً فلم يسبق احدهم لم يبطل تيممهم و إن سبق أحدهم بطل تيمم السابق. وإن لم يتسابقوا اليه بطل تيمم الجميع واذا كان الماء مملوكاً و أباحه المالك للجميع، فإن أباحه لبعضهم بطل تيمم ذلك البعض لا غير.

(مسألة 387): حكم التداخل الذي مر سابقاً في الأغسال يجري في التيمم أيضا، فلو كان هناك أسباب عديدة للغسل، يكفي تيمم واحد عن الجميع، و حينئذ فإن كان من جملتها الجنابة، لم يحتج إلى الوضوء أو التيمم بدلاً عنه، و إلا وجب الوضوء أو تيمم آخر بدلاً عنه إذا كان محدثا بالأصغر أيضاً، او كان من جملتها غسل الاستحاضة المتوسطة.

(مسألة 388): إذا اجتمع جنب و محدث بالأصغر و ميت وكان هناك ماء لا يكفي إلا لاحدهم فإن كان مملوكاً لأحدهم تعين صرفه لنفسه. والا فالمشهور انه يغتسل الجنب ويُيَمم الميت ويتيمم المحدث بالاصغر لكن تعين صرفه في الجنب لايخلو من اشكال.

ص: 107

(مسألة 389): إذا شك في وجود حاجب في بعض مواضع التيمم فحاله حال الوضوء و الغسل في وجوب الفحص حتى يحصل اليقين أو الاطمئنان بالعدم.

ص: 108

المبحث السادس: الطهارة من الخبث

وفيه فصول:

الفصل الأول: في عدد الأعيان النجسة وهي عشرة

الأول والثاني : البول و الغائط من كل حيوان له نفس سائلة محرم الأكل بالأصل أو بالعارض، كالجلال و الموطوء، أما ما لا نفس له سائلة او كان محلل الاكل فبوله وخرؤه طاهران.

(مسألة 390): بول الطير وذرقه طاهران، و إن كان غير مأكول اللحم كالخفاش والطاووس ونحوهما ولكن في خصوص الخفاش لايترك الاحتياط.

(مسألة 391): ما يشك في أن له نفساً سائلة، محكوم بطهارة بوله وخرئه، وكذا ما يشك في أنه محلل الأكل، أو محرمه.

الثالث : المني من كل حيوان له نفس سائلة و إن حل أكل لحمه، و أما مني ما لا نفس له سائلة فطاهر.

الرابع : الميتة من الحيوان ذي نفس السائلة و إن كان محلل الأكل و كذا أجزاؤها المبانة منها و إن كانت صغاراً.

(مسألة 392): الجزء المقطوع من الحي بمنزلة الميتة، و يستثنى من ذلك : الثالول، و البثور، و ما يعلو الشفة، و القروح و نحوها عند البرء، و قشور الجرب و نحوه المتصل بما ينفصل من شعره، و ما ينفصل بالحك و نحوه من بعض الأبدان، فإن ذلك كله طاهر إذا فصل من الحي.

ص: 109

(مسألة 393): أجزاء الميتة إذا كانت لا تحلها الحياة طاهرة، و هي : الصوف، و الشعر، والوبر، والعظم، والقرن، والمنقار، والظفر، والمخلب، والريش، والظلف، و السن، و البيضة إذا اكتست القشر الأعلى و إن لم يتصلب، سواء أكان ذلك كله مأخوذاً من الحيوان الحلال أم الحرام، و سواء أخذ بجزًّ، أم نتفٍ، أم غيرهما، نعم يجب غسل المنتوف من رطوبات الميتة، و يلحق بالمذكورات الأنفحة ،و كذلك اللبن في الضرع اذا كان مما يؤكل لحمه ولاينجس بملاقاة الضرع النجس، و إن كان الأحوط استحباباً اجتنابه. هذا كله في الميتة طاهرة العين، أما ميتة نجسة العين فلا يستثنى منها شيء.

(مسألة 394): فأرة المسك طاهرة إذا انفصلت من الظبي الحي أما اذا نفصلت من الميت ففيها اشكال، و مع الشك في ذلك يبنى على الطهارة، و أما المسك فطاهر على كل حال، الا ان يعلم برطوبته المسرية حال موت الضبي ففيه اشكال.

(مسألة 395): ميتة ما لا نفس له سائلة طاهرة، كالوزغ و العقرب والسمك، و منه الخفاش على ما قضى به الاختبار، وكذا ميتة ما يشك في أن له نفساً سائلة أم لا.

(مسألة 396): المراد من الميتة ما استند موته إلى أمر آخر غير التذكية على الوجه الشرعي.

(مسألة 397): ما يؤخذ من يد المسلم، أو سوقهم من اللحم و الشحم و الجلد إذا شك في تذكية حيوانه فهو محكوم بالطهارة والحلية ظاهراً، بل لايبعد ذلك حتى لو علم بسبق يد الكافر عليه إذا احتمل ان المسلم قد أحرز تذكيته على الوجه الشرعي، وكذا ما صنع في ارض الاسلام أو وجد مطروحاً في ارض المسلمين اذا كان عليه اثر الاستعمال منهم الدال على التذكية مثل ظرف الماء والسمن واللبن، لا مثل ظروف العذرات والنجاسات.

ص: 110

(مسألة 398): المذكورات إذا أخذت من أيدي الكافرين محكومة بالطهارة ايضاً إذا احتمل انها مأخوذة من المذكى، لكنه لايجوز اكلها، ولا الصلاة فيها ما لم يحرز أخذها من المذكي، ولو من جهة العلم بسبق يد المسلم عليها.

(مسألة 399): السقط قبل ولوج الروح نجس، وكذا الفرخ في البيض على الاحوط وجوباً فيهما.

(مسألة 400): الأنفحة - و هي ما يستحيل إليه اللبن الذي يرتضعه الجدي، أو السخل قبل أن يأكل.

الخامس : الدم من الحيوان ذي النفس السائلة، أما دم ما لا نفس له سائلة كدم السمك والبرغوث، والقمل، ونحوها فإنه طاهر.

(مسألة 401): إذا وجد في ثوبه مثلاً دما لا يدري أنه من الحيوان ذي النفس السائلة أو من غيره بنى على طهارته.

(مسألة 402): دم العلقة المستحيلة من النطفة نجس وأما الدم الذي يكون في البيضة نجس على الاحوط وجوباً.

(مسألة 403): الدم المتخلف في الذبيحة بعد خروج ما يعتاد خروجه منها بالذبح طاهر،الا ان يتنجس بنجاسة خارجية کالسكين التي يذبح بها.

(مسألة 404): إذا خرج من الجرح، أو الدمل شيء أصفر يشك في أنه دم أم لا، يحكم بطهارته، و كذا إذا شك من جهة الظلمة أنه دم أم قيح، لا يجب عليه الاستعلام، و كذلك إذا حك جسده فخرجت رطوبة يشك في أنها دم أو ماء أصفر يحكم بطهارتها.

(مسألة 405): الدم الذي قد يوجد في اللبن عند الحلب نجس و منجس له على الاحوط وجوباً.

ص: 111

السادس و السابع : الكلب و الخنزير البريان، بجميع أجزائهما و فضلاتهما و رطوبتهما دون البحريين.الثامن : المسكر المائع بالأصالة بجميع اقسامه، لكن الحكم في غير الخمر والنبيذ المسكر مبني على الاحتياط، وأما الجامد كالحشيشة - و إن غلى و صار مائعا بالعارض - فهو طاهر لكنه حرام، و أما السبيرتو المتخذ من الأخشاب أو الأجسام الأخرى فالظاهر طهارته اذا اخذ من الاخشاب ولم يكن مسكراً والا فهو نجس حتى لو اخذ من الاخشاب.

(مسألة 406): العصير العنبي إذا غلى بالنار أو بغيرها فالظاهر بقاؤه على الطهارة و إن صار حراما ولكن الاحوط الاجتناب عنه، فإذا ذهب ثلثاه بالنار صار حلالاً والظاهر عدم كفاية ذهاب الثلثين بغير النار في الحلية.

(مسألة 407): العصير الزبيبي و التمري لا ينجس و لا يحرم بالغليان، فيجوز وضع التمر، و الزبيب ،و الكشمش في المطبوخات مثل المرق، و المحشي، والطبيخ و غيرها ،و كذا دبس التمر المسمى بدبس الدمعة.

التاسع: الفقاع - و هو شراب مخصوص متخذ من الشعير، و ليس منه ماء الشعير الذي يصفه الأطباء.

العاشر: الكافر، و هو من لم ينتحل ديناً، أو انتحل ديناً غير الإسلام، أو انتحل الإسلام و جحد ما يعلم أنه من الدين الإسلامي بحيث رجع جحده إلى إنكار الرسالة. نعم انكار المعاد يوجب الكفر مطلقاً، ولا فرق بين المرتد، والكافر الاصلي، والحربي، والذمي، والخارجي، والغالي والناصب، هذا في غير الكتابي، اما الكتابي فالمشهور نجاسته وهو الاحوط.

(مسألة 408): عرق الجُنُب من الحرام طاهر و لاتجوز الصلاة فيه على الأحوط الاولى ويختص الحكم بما إذا كان التحريم ثابتاً لموجب الجنابة بعنوانه

ص: 112

كالزنا، و اللواط، والاستمناء، بل وطء الحائض أيضاً دون ما إذا كان بعنوان آخر كإفطار الصائم، أو مخالفة النذر، و نحو ذلك فلا يعمه الحكم.

(مسألة 409): عرق الإبل الجلالة و غيرها من الحيوان الجلال الاحوط الاجتناب عنه ولا تجوز الصلاة فيه.

الفصل الثاني: في كيفية سراية النجاسة إلى الملاقي

(مسألة 410): الجسم الطاهر إذا لاقى الجسم النجس لا تسري النجاسة إليه، إلا إذا كان في أحدهما رطوبة مسرية يعني تنتقل من احدهما الى الآخر بمجرد الملاقاة، فإذا كانا يابسين، أو نديين جافين فلا يتنجس الطاهر بالملاقاة، و كذا لو كان أحدهما مائعاً بلا رطوبة كالذهب و الفضة، و نحوهما من الفلزات، فإنها إذا أذيبت في ظرف نجس لا تنجس.

(مسألة 411): الفراش الموضوع في أرض السرداب إذا كانت الأرض نجسة لا ينجس و إن سرت رطوبة الأرض إليه و صار ثقيلاً بعد أن كان خفيفاً، فإن مثل هذه الرطوبة غير المسرية لا توجب سراية النجاسة، و كذلك جدران المسجد المجاور لبعضالمواضع النجسة مثل الكنيف و نحوه فإن الرطوبة السارية منها إلى الجدران ليست مسرية، و لا موجبة لتنجسها و إن كانت مؤثرة في الجدار على نحو قد تؤدي إلى الخراب، ولكن الاحوط الوجوبي الاجتناب من الجدران والفراش المرطوبين خصوصاً اذا كانت مسرية.

(مسألة 412): يشترط في سراية النجاسة في المائعات، أن لا يكون المائع متدافعاً إلى النجاسة، و إلا اختصت النجاسة بموضع الملاقاة و لا تسري إلى ما اتصل به من الأجزاء، فإن صب الماء من الإبريق على شيء نجس لا تسري

ص: 113

النجاسة إلى العمود فضلاً عما في الإبريق، و كذا الحكم لو كان التدافع من الأسفل إلى الأعلى كما في الفوارة.

(مسألة 413): الأجسام الجامدة إذا لاقت النجاسة مع الرطوبة المسرية تنجس موضع الاتصال، أما غيره من الأجزاء المجاورة له فلا تسري النجاسة إليه، و إن كانت الرطوبة المسرية مستوعبة للجسم، فالخيار أو البطيخ أو نحوهما إذا لاقته النجاسة يتنجس موضع الاتصال منه لا غير، و كذلك بدن الإنسان إذا كان عليه عرق ولو كان كثيراً فإنه إذا لاقى النجاسة تنجس الموضع الملاقي لا غير، إلا أن يجري العرق المتنجس على الموضع الآخر فإنه ينجسه أيضاً.

(مسألة 414): يشترط في سراية النجاسة في المائعات أن لا يكون المائع غليظا، و إلا اختصت بموضع الملاقاة لا غير، فالدبس الغليظ إذا أصابته النجاسة لم تسر النجاسة إلى تمام أجزائه، بل يتنجس موضع الاتصال لا غير، و كذا الحكم في اللبن الغليظ. نعم إذا كان المائع رقيقاً سرت النجاسة إلى تمام أجزائه، كالسمن، و العسل، و الدبس، في أيام الصيف، بخلاف أيام البرد، فإن الغِلظ مانع من سراية النجاسة إلى تمام الأجزاء. و الحد في الغلظ و الرقة، هو أن المائع إذا كان بحيث لو أخذ منه شيء بقى مكانه خالياً حين الأخذ - و إن امتلأ بعد ذلك - فهو غليظ. و إن امتلأ مكانه بمجرد الأخذ، فهو رقيق.

(مسألة 415): المتنجس بملاقاة عين النجاسة كالنجس، ينجَّس ما يلاقيه مع الرطوبة المسرية، و كذلك المتنجس بملاقاة المتنجس ينجَّس الماء القليل بملاقاته، واما في غير ذلك فالحكم بالنجاسة مبني على الاحتياط.

(مسألة 416): تثبت النجاسة بالعلم، و بشهادة العدلين، وبإخبار ذي اليد، بل باخبار مطلق الثقة أيضاً على الاظهر خصوصاً مع حصول الاطمئنان.

ص: 114

(مسألة 417): ما يؤخذ من أيدي الكافرين من الخبز ،و الزيت والعسل، و نحوها، من المائعات، و الجامدات طاهر، إلا أن يعلم بمباشرتهم له بالرطوبة المسرية، و كذلك ثيابهم، و أوانيهم، و الظن بالنجاسة لا عبرة به.

الفصل الثالث: في أحكام النجاسة

(مسألة 418): يشترط في صحة الصلاة - الواجبة و المندوبة و كذلك في أجزائها المنسية - طهارة بدن المصلي، و توابعه، من شعره، وظفره و نحوهما و طهارةثيابه، من غير فرق بين الساتر و غيره. و الطواف الواجب و المندوب، كالصلاة في ذلك.

(مسألة 419): الغطاء الذي يتغطى به المصلي إيماءاً إن كان ملتفا به المصلي بحيث يصدق أنه صلى فيه وجب أن يكون طاهراً، و إلا فلا.

(مسألة 420): يشترط في صحة الصلاة طهارة محل السجود - و هو ما يحصل به مسمى وضع الجبهة - دون غيره من مواضع السجود، و إن كان اعتبار الطهارة فيها أحوط - استحبابا -.

(مسألة 421): كل واحد من أطراف الشبهة المحصورة بحكم النجس، فلا يجوز لبسه في الصلاة، ولا السجود عليه، بخلاف ما هو من اطراف الشبهة غير المحصورة..

(مسألة 422): لا فرق في بطلان الصلاة لنجاسة البدن أو اللباس أو المسجد بين العالم بالحكم التكليفي، او الوضعي، والجاهل بهما عن التقصير، وكذلك فيما اذا كان المسجد نجساً في السجدتين معاً حتى اذا كان الجهل عن قصور، اما في غير ذلك، فالاظهر صحة الصلاة في موارد الجهل القصوري لاجتهاد، او تقليد.

ص: 115

(مسألة 423): لو كان جاهلاً بالنجاسة و لم يعلم بها حتى فرغ من صلاته فلا إعادة عليه في الوقت، و لا القضاء في خارجه.

(مسألة 424): لو علم في أثناء الصلاة بوقوع بعض الصلاة في النجاسة، فان كان الوقت واسعاً بطلت واستأنف الصلاة، وإن كان الوقت ضيقاً حتى عن ادراك ركعة، فان أمكن التبديل او التطهير بلا لزوم المنافي فعل ذلك واتم الصلاة والا صلى فيه، والاحوط استحباباً القضاء ايضاً.

(مسألة 425): لو عرضت النجاسة في أثناء الصلاة فان أمكن التطهير أو التبديل، على وجه لا ينافي الصلاة فعل ذلك و أتم صلاته و لا إعادة عليه، و إذا لم يمكن ذلك، فإن كان الوقت واسعاً استأنف الصلاة بالطهارة. و إن كان ضيقا فمع عدم إمكان النزع - لبرد و نحوه و لو لعدم الأمن من الناظر - يتم صلاته و لا شيء عليه، و لو أمكنه النزع و لا ساتر له غيره فالأظهر وجوب الإتمام فيه.

(مسألة 426): إذا نسي أن ثوبه نجس و صلى فيه، كان عليه الاعادة ان ذكر في الوقت، وإن ذكر بعد خروج الوقت، فعليه القضاء، ولا فرق بين الذكر بعد الصلاة وفي أثنائها مع إمكان التبديل ،أو التطهير،و عدمه.

(مسألة 427): إذا طهر ثوبه النجس وصلى فيه، ثم تبين أن النجاسة باقية فيه، لم تجب الإعادة و لا القضاء لأنه كان جاهلاً بالنجاسة.

(مسألة 428): إذا لم يجد إلا ثوباً نجساً فإن لم يمكن نزعه لبرد أو نحوه صلى فيه بلا إشكال، و لا يجب عليه القضاء، و إن أمكن نزعه فالظاهر جواز الصلاة فيه، و الأحوط استحباباً الجمع بين الصلاة فيه و الصلاة عارياً.

(مسألة 429): إذا كان عنده ثوبان يعلم إجمالاً بنجاسة أحدهما وجبت الصلاة في كل منهما. ولو كان عنده ثوب ثالث يعلم بطهارته تخير بين الصلاة فيه، و الصلاة في كل منهما.

ص: 116

(مسألة 430): إذا تنجس موضع من بدنه، وموضع من ثوبه أو موضعان من بدنه أو من ثوبه، ولم يكن عنده من الماء ما يكفي لتطهيرهما معا، لكن كان يكفي لأحدهما وجب تطهير أحدهما مخيراً، إلا مع الدوران بين الأقل و الأكثر فيختار تطهير الأكثر.

(مسألة 431): يحرم أكل النجس و شربه، و يجوز الانتفاع به فيما لا يشترط فيه الطهارة.

(مسألة 432): لا يجوز بيع الميتة والخمر، و الخنزير، و الكلب غير الصيود، ولا بأس ببيع غيرها من الأعيان النجسة و المتنجسة إذا كانت لها منفعة محللة معتد بها عند العقلاء على نحو يبذل بإزائها المال، و إلا فلا يجوز بيعها و إن كان لها منفعة محللة جزئية على الأحوط.

(مسألة 433): يحرم تنجيس المساجد و بنائها، وسائر آلاتها وكذلك فراشها، و إذا تنجس شيء منها وجب تطهيره، بل يحرم إدخال النجاسة العينية غير المتعدية إليه إذا لزم من ذلك هتك حرمة المسجد، مثل وضع العذرة والميتة، ولابأس به مع عدم الهتك، ولاسيما فيما لا يعتد به لكونه من توابع الداخل. مثل أن يدخل الإنسان وعلى ثوبه أو بدنه دم لجرح، أو قرحة، أو نحو ذلك.

(مسألة 434): تجب المبادرة إلى إزالة النجاسة من المسجد، بل و آلاته و فراشه على الاحوط، حتى لو دخل المسجد ليصلي فيه فوجد فيه نجاسة وجبت المبادرة إلى إزالتها مقدما لها على الصلاة مع سعة الوقت، لكن لو صلى و ترك الإزالة عصى، و صحت الصلاة، أما في الضيق فتجب المبادرة إلى الصلاة مقدماً لها على الإزالة.

ص: 117

(مسألة 435): إذا توقف تطهير المسجد على تخريب شيء منه وجب تطهيره إذا كان يسيراً لا يعتد به، و أما إذا كان التخريب مضراً بالوقف ففي جوازه فضلاً عن الوجوب إشكال، حتى فيما إذا وجد باذل لتعميره.

(مسألة 436): إذا توقف تطهير المسجد على بذل مال وجب، إلا إذا كان بحيث يضر بحاله، ولا يضمنه من صار سبباً للتنجيس كما لا يختص وجوب إزالة النجاسة به.

(مسألة 437): إذا توقف تطهير المسجد على تنجس بعض المواضع الطاهرة وجب، إذا كان يطهر بعد ذلك.

(مسألة 438): إذا لم يتمكن الإنسان من تطهير المسجد وجب عليه إعلام غيره إذا احتمل حصول التطهير بإعلامه.

(مسألة 439): إذا تنجس حصير المسجد وجب تطهيره فيما إذا لم يستلزم فساده على الاحوط وأما مع استلزام الفساد ففي جواز تطهيره أو قطع موضع النجس منه إشكال.

(مسألة 440): لايجوز تنجيس المسجد الذي صار خراباً وان كان لا يصلي فيه أحد، ويجب تطهيره اذا تنجس.

(مسألة 441): إذا علم إجمالاً بنجاسة أحد المسجدين، أو أحد المكانين من مسجد وجب تطهيرهما.

(مسألة 442): يلحق بالمساجد المصحف الشريف ،و المشاهد المشرفة، و الضرائح المقدسة، و التربة الحسينية، بل تربة الرسول صلى الله عليه و آله و سائر الأئمة عليهم السلام المأخوذة للتبرك، فيحرم تنجيسها إذا كان يوجب إهانتها و تجب إزالة النجاسة حينئذ.

ص: 118

(مسألة 443): إذا غصب المسجد و جعل طريقاً، أو دكانا، أو خاناً، أو نحو ذلك، ففي حرمة تنجيسه ووجوب تطهيره إشكال. والاقوى عدم وجوب تطهيره من النجاسة الطارئة عليه بعد الخراب. و أما معابد الكفار فلا يحرم تنجيسها ولا تجب إزالة النجاسة عنها، نعم إذا اتخذت مسجداً بأن يتملكها ولي الأمر ثم يجعلها مسجداً، جرى عليها جميع أحكام المسجد.

تتميم :فيما يعفى عنه في الصلاة من النجاسات، وهو أمور :

الأول : دم الجروح و القروح، في البدن و اللباس حتى تبرأ بانقطاع الدم انقطاع برء، والأقوى اعتبار المشقة النوعية بلزوم الإزالة أو التبديل فاذا لم يلزم ذلك فلا عفو، ومنه دم البواسير إذا كانت ظاهرة، بل الباطنة كذلك على الأظهر، و كذا كل جرح، أو قرح باطني خرج دمه إلى الظاهر.

(مسألة 444): كما يعفى عن الدم المذكور يعفى أيضاً عن القيح المتنجس به، و الدواء الموضوع عليه، و العرق المتصل به، و الأحوط - استحباباً - شده إذا كان في موضع يتعارف شده.

(مسألة 445): إذا كانت الجروح و القروح المتعددة متقاربة بحيث تعد جرحا واحداً عرفاً، جرى عليها حكم الواحد، فلو برئ بعضها لم يجب غسله، بل هو معفو عنه حتى يبرأ الجميع.

(مسألة 446): إذا شك في دم أنه دم جرح أو قرح أو لا، لا يعفى عنه.

الثاني : الدم في البدن و اللباس إذا كانت سعته أقل من الدرهم البغلي، ولم يكن دم نجس العين ولا من الميتة، ولا من غير مأكول اللحم، والا فلا يعفى عنه على الاظهر، والاحوط وجوباً الحاق الدماء الثلاثة – الحيض والنفاس، والاستحاضة- بالمذكوات، ولا يلحق المتنجس بالدم به.

ص: 119

(مسألة 447): إذا تفشى الدم من أحد الجانبين إلى الآخر فهو دم واحد، نعم إذا كان قد تفشى من مثل الظهارة إلى البطانة، فهو دم متعدد فيلحظ التقدير المذكور على فرض اجتماعه، فإن لم يبلغ المجموع سعة الدرهم عفى عنه و إلا فلا.

(مسألة 448): إذا اختلط الدم بغيره من قيح، أو ماء أو غيرهما لم يعف عنه.

(مسألة 449): إذا تردد قدر الدم بين المعفو عنه و الأكثر، بنى على عدم العفو، بل الاحوط وجوباً عدم العفو اذا كان الدم المردد بين المعفو وغير المعفو في الثوب أو البدن. نعم لو صلى فيه جهلاً ثم انكشف انه من الدم غير المعفو لاتجب الاعادة، و إذا كانت سعة الدم أقل من الدرهم و شك في أنه من الدم المعفو عنه أو من غيره، بنى على العفو و لم يجب الاختبار، و إذا انكشف بعد الصلاة أنه من غير المعفو لم تجب الإعادة.

(مسألة 450): الأحوط الاقتصار في مقدار الدرهم على ما يساوي عقد السبابة.

الثالث : الملبوس الذي لا تتم به الصلاة وحده - يعني لا يستر العورتين - كالخف، و الجورب و التكة، و القلنسوة، و الخاتم، و الخلخال، و السوار، و نحوها، فإنه معفو عنه في الصلاة إذا كان متنجساً و لو بنجاسة غير المأكول بشرط أن لا يكون فيه شيء من أجزائه. والا فلا يعفى عنه، وكذلك اذا كان متخذاً من نجس العين كالميتة، وشعر الكلب مثلاً.

(مسألة 451): الأظهر عدم العفو عن المحمول المتخذ من نجس العين كالكلب والخنزير، وكذا ما تحله الحياة من اجزاء الميتة، وكذا ما كان من أجزاء ما لا يؤكل لحمه. اما المحمول المتنجس فهو معفو عنه حتى اذا كان مما تتم فيه

ص: 120

الصلاة، فضلاً عما اذا كان مما لاتتم به الصلاة، كالساعة والدرهم، والسكين والمنديل الصغير، ونحوها.

الرابع: ثوب الام المربية للطفل الذكر، فإنه معفو عنه اذا تنجس ببوله اذا لم يكن عندها غيره بشرط غسله في اليوم والليلة مرة، مخيرة بين ساعاته، ولا يتعدى من الام الى مربية اخرى، ولامن الذكر الى الانثى، ولا من البول الى غيره، ولا من الثوب، الى البدن ولا من المربية الى المربي، ولا من ذات الثوب الواحد الى ذات الثياب المتعددة، مع عدم حاجتها الى لبسهن جميعاً، والا فهي كالثوب الواحد هذا هو المشهور ولكن الاحوط عدم العفو عما ذكر الا مع الحرج الشخصي.

الفصل الرابع: في المطهرات

وهي أمور :

الأول : الماء، و هو مطهر لكل متنجس يغسل به على نحو يستولي على المحل النجس، بل يطهر الماء النجس ايضاً على تفصيل تقدم في احكام المياه. نعم لايطهر الماء المضاف في حال كونه مضافاً. وكذا غيره من المائعات.

(مسألة 452): يعتبر في التطهير بالقليل انفصال ماء الغسالة على النحو المتعارف، فاذا كان المتنجس مما ينفذ فيه الماء مثل الثوب، والفراش فلا بد من عصره،او غمزه بكفه او رجله. والاحوط وجوباً عدم الاكتفاء بالعصر بتوالي الصب عليه الى ان يعلم بانفصال الاول، وان كان مثل الصابون والطين، والخزف، والخشب. ونحوها مما تنفذ فيه الرطوبة المسرية يطهر ظاهره باجراء الماء عليه، وفي طهارة باطنه تبعاً للظاهر اشكال وان كان لايبعد حصول الطهارة للباطن بنفوذ الماء فيه على نحو يصل الى ما وصل اليه النجس فيغلب على المحل،

ص: 121

ويزول بذلك الاستقذار العرفي لاستهلاك الاجزاء المائية النجسة الداخلة فيه، اذا لم يكن قد جفف وان كان التجفيف اسهل في حصول ذلك، واذا كان النافذ في باطنه الرطوبة غير المسرية، فقد عرفت انه لا ينجس بها.

(مسألة 453): الثوب المصبوغ بالصبغ المتنجس يطهر بالغسل بالماء الكثير إذا بقى الماء على إطلاقه إلى أن ينفذ إلى جميع أجزائه، بل بالقليل أيضا إذا كان الماء باقيا على إطلاقه إلى أن يتم عصره.

(مسألة 454): العجين النجس يطهر، إن خبز وجفف ووضع في الماء الكثير على نحو ينفذ الماء الى اعماقه، ومثله الطين المتنجس اذا جفف ووضع في الماء الكثير حتى ينفذ الماء الى اعماقه، فحكمهم حكم الخبز المتنجس الذي نفذت الرطوبة النجسة الى اعماقه.

(مسألة 455): المتنجس بالبول غير الآنية إذا طهر بالقليل فلا بد من الغسل مرتين. والمتنجس بغير البول ومنه المتنجس بالمتنجس بالبول في غير الأواني يكفي في تطهيره غسلة واحدة، هذا مع زوال العين قبل الغسل، أما لو أزيلت بالغسل فالأحوط عدم احتسابها، إلا إذا استمر إجراء الماء بعد الإزالة فتحسب حينئذ، و يطهر المحل بها إذا كان متنجساً بغير البول، و يحتاج إلى أخرى إن كان متنجسا بالبول.

(مسألة 456): الآنية إن تنجست بولوغ الكلب فيما فيها من ماء أو غيره مما يصدق معه الولوغ غسلت بالماء القليل ثلاثاً، أولاهن بالتراب ممزوجاً بالماء وغسلتان بعدها بالماء واذا غسلت بالكثير أو الجاري لا تكفي غسلة واحدة بعد غسلها بالتراب ممزوجاً بالماء بل لابد من غسلتين مطلقاً.

(مسألة 457): إذا لطع الكلب الإناء أو شرب بلا ولوغ لقطع لسانه فالاحوط انه بحكم الولوغ في كيفية التطهير.وليس كذلك ما إذا باشره بلعابه، أو

ص: 122

تنجس بعرقه أو سائر فضلاته، أو بملاقاة بعض أعضائه. نعم إذا صب الماء الذي ولغ فيه الكلب في إناء آخر جرى عليه حكم الولوغ.

(مسألة 458): الآنية التي يتعذر تعفيرها بالتراب الممزوج بالماء تبقى على النجاسة، أما إذا أمكن إدخال شيء من التراب الممزوج بالماء في داخلها، و تحريكه بحيث يستوعبها أجزأ ذلك في طهرها.

(مسألة 459): يجب أن يكون التراب الذي يعفر به الإناء طاهراً قبل الاستعمال على الاحوط.

(مسألة 460): يجب في تطهير الإناء النجس من شرب الخنزير غسله سبع مرات، و كذا من موت الجرذ، بلا فرق فيها بين الغسل بالماء القليل أو الكثير، و إذا تنجس الإناء بغير ما ذكر وجب في تطهيره غسله ثلاث مرات بالماء القليل، ويكفي غسله مرة واحدة في الكر والجاري، هذا في غير أواني الخمر، وأما هي فيجب غسلها ثلاث مرات حتى اذا غسلت بالكثير او الجاري. والاولى ان تغتسل سبعاً.

(مسألة 461): الثياب ونحوها إذا تنجست بالبول يكفي غسلها في الماء الجاري مرة واحدة، و في غيره لا بد من الغسل مرتين، و لا بد من العصر أو الدلك في جميع ذلك.

(مسألة 462): التطهير بماء المطر يحصل بمجرد استيلائه على المحل النجس من غير حاجة إلى عصر ،ولا الى تعدد،إناءاً كان ام غيره. نعم الاناء المتنجس بولوغ الكلب لايسقط فيه الغسل بالتراب الممزوج بالماء والاحوط وجوباً التعدد.

ص: 123

(مسألة 463): يكفي الصب في تطهير المتنجس ببول الصبي ما دام رضيعا لم يتغذ وان تجاوز عمره الحولين، ولا يحتاج إلى العصر. و الأحوط استحباباً اعتبار التعدد، ولا تلحق الانثى بالصبي.

(مسألة 464): يتحقق غسل الإناء بالقليل بأن يصب فيه شيء من الماء ثم يدار فيه إلى أن يستوعب تمام أجزائه ثم يراق، فإذا فعل به ذلك ثلاث مرات فقد غسل ثلاث مرات و طهر.

(مسألة 465): يعتبر في الماء المستعمل في التطهير طهارته قبل الاستعمال.

(مسألة 466): يعتبر في التطهير زوال عين النجاسة دون أوصافها - كاللون، و الرائحة -، فإذا بقي واحد منهما أو كلاهما لم يقدح ذلك في حصول الطهارة مع العلم بزوال العين.

(مسألة 467): الأرض الصلبة أو المفروشة بالآجر أو الصخر أو الزفت أو نحوها يمكن تطهيرها بالماء القليل إذا جرى عليها، لكن مجمع الغسالة يبقى نجسا اذا كانت الغسالة نجسة.

(مسألة 468): لا يعتبر التوالي فيما يعتبر فيه تعدد الغسل، فلو غسل في يوم مرة، و في آخر أخرى كفى ذلك، نعم الاحوط استحباباً المبادرة الى العصر فيما يعصر.

(مسألة 469): ماء الغسالة التي تتعقبها طهارة المحل اذا جرى من موضع النجس لم يتنجس ما اتصل به من المواضع الطاهرة، فلا يحتاج الى تطهير، من غير فرق بين البدن، والثوب وغيرهما من المتنجسات والماء المنفصل من الجسم المغسول طاهر، اذا كان يطهر المحل بانفصاله، والاحوط وجوباً عدم استعماله في الحدث.

ص: 124

(مسألة 470): الأواني الكبيرة المثبتة يمكن تطهيرها بالقليل بأن يصب الماء فيها و يدار حتى يستوعب جميع أجزائها، ثم يخرج حينئذ ماء الغسالة المجتمع في وسطهابنزح أو غيره والاحوط استحباباً المبادرة إلى إخراجه، ولايقدح الفصل بين الغسلات، و لا تقاطر ماء الغسالة حين الإخراج عن الماء المجتمع نفسه، و الأحوط وجوباً تطهير آلة الإخراج كل مرة من الغسلات.

(مسألة 471): الدسومة التي في اللحم، أو اليد، لا تمنع من تطهير المحل، إلا إذا بلغت حداً تكون جرما حائلاً ولكنها حينئذ لا تكون دسومة بل شيئا آخر.

(مسألة 472): إذا تنجس اللحم، أو الأرز، أو الماش، أو نحوها و لم تدخل النجاسة في عمقها، يمكن تطهيرها بوضعها في طشت و صب الماء عليها على نحو يستولي عليها، ثم يراق الماء و يفرغ الطشت مرة واحدة فيطهر النجس، و كذا الطشت تبعا، و كذا إذا أريد تطهير الثوب فإنه يوضع في الطشت و يصب الماء عليه، ثم يعصر و يفرغ الماء مرة واحدة فيطهر ذلك الثوب و الطشت أيضاً، و إذا كانت النجاسة محتاجة الى التعدد كالبول كفى الغسل مرة أخرى على النحو المذكور. هذا كله فيما اذا غسل المتنجس في الطشت ونحوه. أما اذا غسل في الاناء فلابد من غسله ثلاثاً.

(مسألة 473): الحليب النجس يمكن تطهيره بان يصنع جبناً ويوضع في الماء الكثير حتى يصل الماء الى اعماقه.

(مسألة 474): إذا غسل ثوبه النجس ثم رأى بعد ذلك فيه شيئاً من الطين أو دقائق الأشنان، أو الصابون الذي كان متنجسا، لا يضر ذلك في طهارة الثوب، بل يحكم أيضاً بطهارة ظاهر الطين أو الأشنان أو الصابون الذي رآه، بل باطنه اذا نفذ فيه الماء على الوجه المعتبر.

ص: 125

(مسألة 475): الحلي التي يصوغها الكافر إذا لم يعلم ملاقاته لها مع الرطوبة يحكم بطهارتها، و إن علم ذلك يجب غسلها و يطهر ظاهرها و يبقى باطنها على النجاسة، و إذا استعملت مدة و شك في ظهور الباطن وجب تطهيرها.

(مسألة 476): الدهن المتنجس لا يمكن تطهيره بجعله في الكر الحار و مزجه به، و كذلك سائر المائعات المتنجسة، فإنها لا تطهر إلا بالاستهلاك.

(مسألة 477): إذا تنجس التنور، يمكن تطهيره بصب الماء من الإبريق عليه، و مجمع ماء الغسالة يبقى على نجاسته لو كان متنجساً قبل الصب،، وإذا تنجس التنور بالبول وجب تكرار الغسل مرتين.

الثاني : من المطهرات الأرض، فإنها تطهر باطن القدم و ما توقي به كالنعل و الخف أو الحذاء و نحوها، بالمسح بها أو المشي عليها بشرط زوال عين النجاسة بهما، و لو زالت عين النجاسة قبل ذلك كفى مسمى المسح بها، أو المشي عليها، و يشترط - على الأحوط وجوبا - كون النجاسة حاصلة على الأرض.

(مسألة 478): المراد من الأرض مطلق ما يسمى أرضا، من حجر أو تراب أو رمل، و لا يبعد عموم الحكم للآجر و الجص و النورة، و الأقوى اعتبار طهارتها، و الأحوط وجوبا اعتبار جفافها.

(مسألة 479): في إلحاق ظاهر القدم وعيني الركبتين و اليدين إذا كان المشي عليها و كذلك ما توقي به كالنعل وأسفل خشبة الأقطع وحواشي القدم القريبة من الباطن – إشكال.

(مسألة 480): إذا شك في طهارة الأرض يبني على طهارتها فتكون مطهرة حينئذ، إلا إذا كانت الحالة السابقة نجاستها.

ص: 126

(مسألة 481): إذا كان في الظلمة و لا يدري أن ما تحت قدمه أرض أو شيء آخر من فرش و نحوه، لا يكفي المشي عليه في حصول الطهارة، بل لا بد من العلم بكونه أرضا.

الثالث : الشمس، فإنها تطهر الأرض وكل ما لاينقل من الابنية وما اتصل بها من اخشاب وأعتاب وابواب، واوتاد وكذلك الاشجار والثمار، والنبات، والخضروات، وان حان قطفها وغير ذلك. وفي تطهير الحصير، والبواري لايترك الاحتياط.

(مسألة 482): يشترط في الطهارة بالشمس - مضافا إلى زوال عين النجاسة، و الى رطوبة المحل اليبوسة المستندة إلى الإشراق عرفا و إن شاركها غيرها في الجملة من ريح، أو غيرها.

(مسألة 483): الباطن النجس يطهر تبعا لطهارة الظاهر بإلاشراق.

(مسألة 484): إذا كانت الأرض النجسة جافة، و أريد تطهيرها صب عليها الماء الطاهر أو النجس، فإذا يبست بالشمس طهرت.

(مسألة 485): إذا تنجست الأرض بالبول فأشرقت عليها الشمس حتى يبست طهرت، من دون حاجة إلى صب الماء عليها، نعم إذا كان البول غليظا له جرم لم يطهر جرمه بالجفاف، بل لا يطهر سطح الأرض الذي عليه الجرم.

(مسألة 486): الحصى و التراب و الطين والأحجار المعدودة جزءاً من الأرض بحكم الأرض في الطهارة بالشمس و إن كانت في نفسها منقولة، وكذا في القطعة من اللبن في ارض مفروشة بالزفت او بالصخر، أو نحوهما.

(مسألة 487): المسمار الثابت في الأرض أو البناء بحكم الأرض فاذا قلع لم يجر عليه الحكم فاذا رجع، رجع حكمه وهكذا.

ص: 127

الرابع : الاستحالة الى جسم آخر، فيطهر ما أحالته النار رماداً أو دخاناً أو بخاراً سواء أ كان نجساً أو متنجساً و كذا يطهر ما استحال بخاراً بغير النار، أما ما أحالته النار خزفا أو آجراً أو جصاً أو نورة فهو باقي على النجاسة، وفيما أحالته فحماً إشكال.

(مسألة 488): لو استحال الشيء بخاراً، ثم استحال عرقاً، فان كان متنجساً فهو طاهر. وان كان نجساً فكذلك، الا اذا صدق على العرق نفس عنوان احدى النجسات، كعرق الخمر، فانه مسكر.

(مسألة 489): الدود المستحيل من العذرة، أو الميتة طاهر، وكذا كل حيوان تكوّن من نجس، او متنجس.

(مسألة 490): الماء النجس إذا صار بولاً لحيوان مأكول اللحم أو عرقا أو لعابا، فهو طاهر.

(مسألة 491): الغذاء النجس أو المتنجس إذا صار روثا لحيوان مأكول اللحم، أو لبنا، أو صار جزءاً من الخضروات أو النباتات أو الأشجار أو الأثمار فهو طاهر، و كذلك الكلب إذا استحال ملحا وكذا الحكم في غير ذلك مما يعد المستحال اليه متولداً من المستحيل منه.

الخامس : الانقلاب، فإنه مطهر للخمر إذا انقلبت خلاً بنفسها أو بعلاج، نعم لو تنجس إناء الخمر بنجاسة خارجية ثم انقلبت الخمر خلاً لم تطهر على الاحوط وجوباً وأما إذا وقعت النجاسة في الخمر واستهلكت فيها، ولم يتنجس الاناء بها، فانقلب الخمر خلاً ففي طهارته محل إشكال وكما ان الانقلاب الى الخل يطهر الخمر كذلك العصير العنبي اذا غلى بناءً على نجاسته، فإنه يطهر اذا انقلب خلاً.

ص: 128

السادس : ذهاب الثلثين بحسب الكم لا بحسب الثقل، فإنه مطهر للعصير العنبي إذا غلى - بناءاً على نجاسته --.

السابع : الانتقال، فانه مطهِّر للمنتقل اذا اضيف الى المنتقل اليه وعدّ جزءاً منه، كدم الانسان الذي يشربه البق والبرغوث والقمل، نعم لو لم يعدّ جزءاً منه أو شك في ذلك- كدم الانسان الذي يمصه العلق –فهو باق على النجاسة.

الثامن : الإسلام، فإنه مطهر للكافر بجميع أقسامه حتى المرتد عن فطرة على الأقوى، و يتبعه أجزاؤه كشعره و ظفره، و فضلاته من بصاقه و نخامته و قيئه، و غيرها.

التاسع : التبعية، فإن الكافر اذا اسلم يتبعه ولده في الطهارة اباً كان الكافر ام جداً أم أماً، والطفل المسبي للمسلم يتبعه في الطهارة اذا لم يكن مع الطفل احد ابائه، ويشترط في طهارة الطفل في الصورتين ان لايظهر الكفر اذا كان مميزاً، وكذا أواني الخمر فانها تتبعها في الطهارة اذا انقلب الخمر خلاً، وكذا أواني العصير اذا ذهب ثلثاه- بناء على النجاسة – وكذا يد الغاسل للميت في الطهارة والسدة التي يغسل عليها والثياب التي يغسل فيها فانها تتبع الميت في الطهارة، واما بدن الغاسل، وثيابه وسائر الآت التغسيل، فالحكم بطهارتها تبعاً للميت محل إشكال.

العاشر : زوال عين النجاسة عن بواطن الإنسان و جسد الحيوان الصامت فيطهر منقار الدجاجة الملوث بالعذرة بمجرد زوال عينها و رطوبتها، و كذا بدن الدابة المجروحة، وفم الهرة الملوث بالدم، وولد الحيوان الملوث بالدم عند الولادة بمجرد زوال عين النجاسة، وكذا يطهر باطن فم الإنسان إذا أكل نجساً أو شربه بمجرد زوال العين، و كذا باطن عينه عند الاكتحال بالنجس أو المتنجس، بل في ثبوت النجاسة لبواطن الإنسان بالنسبة الىما دون الحلق،

ص: 129

وجسد الحيوان منع ،بل و كذا المنع في سراية النجاسة من النجس إلى الطاهر إذا كانت الملاقاة بينهما في الباطن، سواء أ كانا متكونين في الباطن كالمذي يلاقي البول في الباطن، أو كان النجس متكونا في الباطن و الطاهر يدخل إليه كماء الحقنة فإنه لا ينجس بملاقاة النجاسة في الأمعاء، أم كان النجس في الخارج كالماء النجس الذي يشربه الإنسان فإنه لا ينجس ما دون الحلق، و أما ما فوق الحلق فإنه ينجس و يطهر بزوال العين، و كذا إذا كانا معاً متكونين في الخارج و دخلا و تلاقيا في الداخل، كما إذا ابتلع شيئا طاهراً، و شرب عليه ماءاً نجساً، فإنه إذا خرج ذلك الطاهر من جوفه حكم عليه بالطهارة ،و لا يجري الحكم الأخير في الملاقاة في باطن الفم،فلا بد من تطهير الملاقي.

الحادي عشر : الغَيبة: فانها مطهرة للانسان وثيابه، وفراشه، وأوانيه وغيرها من توابعه اذا علم بنجاستها ولم يكن ممن لايبالي بالطهارة والنجاسة وكان يستعملها فيما يعتبر فيه الطهارة، فانه حينئذ يحكم بطهارة ما ذكر بمجرد احتمال حصول الطهارة له.

الثاني عشر : استبراء الحيوان الجلال، فإنه مطهر له من نجاسة الجلل والاحوط اعتبار مضي المدة المعينة له شرعاً، و هي : في الإبل أربعون يوماً، و في البقر عشرون، و في الغنم عشرة، و في البطة خمسة، و في الدجاجة ثلاثة ويعتبر زوال اسم الجلل. عنها مع ذلك، ومع عدم تعين مدة شرعاً يكفي زوال الاسم..

(مسألة 492):الظاهر قبول كل حيوان ذي جلد للتذكية عدا نجس العين، فاذا ذكي الحيوان الطاهر العين جاز استعمال جلده وكذا سائر اجزائه فيما يشترط فيه الطهارة ولو لم يدبغ جلده على الاقوى.

(مسألة 493): تثبت الطهارة بالعلم، و البينة، و بإخبار ذي اليد إذا لم تكن قرينة على اتهامه، بل بإخبار الثقة ايضاً على الاظهر، وإذا شك في نجاسة ما علم طهارته سابقاً يبنى على طهارته.

ص: 130

خاتمة : يحرم استعمال أواني الذهب و الفضة، في الأكل و الشرب، بل يحرم استعمالها في الطهارة من الحدث و الخبث و غيرها على الأحوط، و لا يحرم نفس المأكول والمشروب الذي فيها، و الأحوط وجوباً عدم التزين بها و كذا اقتناؤها و بيعها و شراؤها، وصياغتها، و أخذ الأجرة عليها، و الأقوى الجواز في جميعها.

(مسألة 494): الظاهر توقف صدق الآنية على انفصال المضروف عن الظرف وكونها معدة لان يحرز فيها المأكول و المشروب او نحوهما. فرأس (الناجيلة) و رأس(الشطب) و غمد السيف و الخنجر و السكين و إطار الساعة المتداولة في هذا العصر و محل فص الخاتم وبيت المرآة وملعقة الشاي وأمثالها، خارج عن الآنية فلا بأس بها، و لايبعد ذلك أيضا في ظرف الغالية و المعجون و التتن و (الترياك) والبن.

(مسألة 495): لا فرق في حكم الآنية بين الصغيرة و الكبيرة وبين ما كان على هيئة الأواني المتعارفة من النحاس و الحديد و غيرهما.

(مسألة 496): لا بأس بما يصنع بيتاً للتعويذ من الذهب و الفضة كحرز الجواد ( عليه السلام ) و غيره.

(مسألة 497): يكره استعمال القدح المفضض، و الأحوط عزل الفم عن موضع الفضة، بل لايخلو وجوبه عن قوة.

و الله سبحانه العالم و هو حسبنا و نعم الوكيل.

ص: 131

ص: 132

كتاب الصلاة

وفيه مقاصد:

الصلاة هي إحدى الدعائم التي بني عليها الإسلام ،إن قبلت قبل ما سواها، و إن ردت رد ما سواها.

المقصد الأول: أعداد الفرائض و نوافلها ومواقيتها

وجملة من أحكامها وفيه فصول:

الفصل الأول: اعداد الفرائض

الصلوات الواجبة في هذا الزمان ستة : اليومية، و تندرج فيها صلاة الجمعة فان المكلف مخير بين أقامتها وصلاة الظهر يوم الجمعة، فإذا أقيمت بشرائطها أجزأت عن صلاة الظهر، و صلاة الطواف، وصلاة الآيات، والأموات، و ما التزم بنذر أو نحوه، أو إجارة وقضاء ما فات عن الوالد بالنسبة الى الولد الأكبر. أما اليومية فخمس : الصبح ركعتان، و الظهر أربع، و العصر أربع، والمغرب ثلاث، و العشاء أربع، و تقصر الرباعية في السفر والخوف فتكون ركعتين. و أما النوافل فكثيرة أهمها الرواتب اليومية : ثمان للظهر قبلها، و ثمان بعدها قبل العصر للعصر، و أربع بعد المغرب لها، و ركعتان من جلوس تعدان بركعة بعد العشاء لها، و ثمان صلاة الليل، و ركعتا الشفع بعدها، و ركعة الوتر بعدها، و ركعتا الفجر قبل الفريضة، و في يوم الجمعة يزاد على الست عشرة

ص: 133

أربع ركعات قبل الزوال، و لها آداب مذكورة في محلها، مثل كتاب مفتاح الفلاح للمحقق البهائي (قدس سره ).

(مسألة 498): يجوز الاقتصار على بعض النوافل المذكورة، كما يجوز الاقتصار في نوافل الليل على الشفع و الوتر، و على الوتر خاصة، و في نافلة المغرب على ركعتين.

(مسألة 499): يجوز الإتيان بالنوافل الرواتب و غيرها في حال الجلوس اختياراً لكن الاولى حينئذ عد كل ركعتين بركعة، وعليه فيكرر الوتر مرتين، كما يجوز الاتيان بها في حال المشي.

(مسألة 500): الصلاة الوسطى التي تتأكد المحافظة عليها، صلاة الظهر.

الفصل الثاني: اوقات الفرائض

وقت الظهرين من الزوال إلى المغرب، وتختص الظهر من أوله، بمقدار أدائها، و العصر من آخره كذلك، و ما بينهما مشترك بينهما، و وقت العشاءين للمختار من المغرب إلى نصف الليل، و تختص المغرب من أوله بمقدار أدائها، والعشاء من آخره كذلك، وما بينهما مشترك أيضا بينهما، و أما المضطر لنوم، أو نسيان، أو حيض، أوغيرهما فيمتد وقتهما له إلى الفجر الصادق، و تختص العشاء من آخره بمقدار أدائها و الأحوط وجوباً للعامد المبادرة إليها بعد نصف الليل قبل طلوع الفجر من دون نية القضاء، أو الأداء، و وقت الصبح من طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس.

(مسألة 501): الفجر الصادق هو البياض المعترض في الأفق الذي يتزايد وضوحا و جلاءاً، و قبله الفجر الكاذب، و هو البياض المستطيل من الأفق صاعداً إلى السماء كالعمود الذي يتناقص و يضعف حتى ينمحي.

ص: 134

(مسألة 502): الزوال هو المنتصف ما بين طلوع الشمس و غروبها و يعرف بزيادة ظل كل شاخص معتدل بعد نقصانه، أو حدوث ظله بعد انعدامه، و نصف الليل منتصف ما بين غروب الشمس وطلوعها، و يعرف الغروب بسقوط القرص والاحوط لزوماً تأخير صلاة المغرب الى ذهاب الحمرة المشرقية.

(مسألة 503): المراد من اختصاص الظهر بأول الوقت عدم صحة العصر إذا وقعت فيه عمداً، وأما إذا صلى العصر في الوقت المختص بالظهر - سهوا - صحت ولكن الأحوط أن يجعلها ظهراً، ثم يأتي بأربع ركعات بقصد ما في الذمة أعم من الظهر و العصر، بل وكذلك إذا صلى العصر في الوقت المشترك قبل الظهر سهواً، سواء أكان التذكر في الوقت المختص بالعصر، أو المشترك. و إذا قدم العشاء على المغرب سهواً صحت ولزمه الاتيان بالمغرب بعدها.

(مسألة 504): وقت فضيلة الظهر بين الزوال و بلوغ الظل الحادث به مثل الشاخص، ووقت فضيلة العصر ما بين الزوال وبلوغ الظل الحادث به مقدار مثليه، ووقت فضيلة المغرب من المغرب إلى ذهاب الشفق و هو الحمرة المغربية ،وهو اول وقت فضيلة العشاء ويمتد إلى ثلث الليل، و وقت فضيلة الصبح من الفجر إلى ظهور الحمرة المشرقية. و الغلس بها أول الفجر أفضل كما أن التعجيل في جميع أوقات الفضيلة أفضل.

(مسألة 505): وقت نافلة الظهرين من الزوال إلى آخر إجزاء الفريضتين، لكن الأولى تقديم فريضة الظهر على النافلة بعد أن يبلغ الظل الحادث سبعي الشاخص، كما أن الأولى تقديم فريضة العصر بعد أن يبلغ الظل المذكور أربعة أسباع الشاخص، ووقت نافلة المغرب بعد الفراغ منها إلى آخر وقت الفريضة، و إن كان الأولى عدم التعرض للاداء والقضاء بعد ذهاب الحمرة المغربية، و يمتد وقت نافلة العشاء بامتداد وقتها، ووقت نافلة الفجر السدس الاخير من الليل وينتهي بطلوع الحمرة المشرقية على المشهور. ويجوز دسها في

ص: 135

صلاة الليل قبل ذلك، و وقت نافلة الليل من منتصفه إلى الفجر الصادق و أفضله السحر، و الظاهر أنه الثلث الأخير من الليل.

(مسألة 506): يجوز تقديم نافلتي الظهرين على الزوال يوم الجمعة بل و في غيره أيضاً إذا علم انه لايتمكن منهما بعد الزوال فيجعلهما في صدر النهار، و كذا يجوز تقديم صلاة الليل على النصف للمسافر إذا خاف فوتها إن أخرها، أو صعب عليه فعلهافي وقتها، و كذا الشاب و غيره ممن يخاف فوتها إذا أخرها لغلبة النوم، أو طرو الاحتلام أو غير ذلك.

الفصل الثالث: وجوب الترتيب بين الفرائض

إذا مضى من أول الوقت مقدار أداء نفس الصلاة الاختيارية و لم يصل ثم طرأ أحد الأعذار المانعة من التكليف وجب القضاء. والا لم يجب. وإذا أرتفع العذر في آخر الوقت فإن وسع الصلاتين مع الطهارة وجبتا جميعا و كذا إذا وسع مقدار خمس ركعات معها، و إلا وجبت الثانية إذا بقي ما يسع ركعة معها، و إلا لم يجب شيء.

(مسألة 507): لا تجوز الصلاة قبل دخول الوقت، بل لا تجزئ إلا مع العلم به، أو قيام البينة ولا يبعد الاجتزاء بأذان الثقة العارف، او بإخباره وبجواز العمل بالظن في الغيم، و كذا في غيره من الأعذار النوعية.

(مسألة 508): إذا أحرز دخول الوقت بالوجدان، أو بطريق معتبر فصلى، ثم تبين أنها وقعت قبل الوقت لزم إعادتها، نعم إذا علم أن الوقت قد دخل و هو في الصلاة، فالمشهور أن صلاته صحيحة، و لكن الأحوط لزوماً إعادتها، و أما إذا صلى غافلاً وتبين دخول الوقت في الأثناء، فلا إشكال في

ص: 136

البطلان، نعم إذا تبين دخوله قبل الصلاة أجزأت، و كذا إذا صلى برجاء دخول الوقت ،و إذا صلى ثم شك في دخوله أعاد.

(مسألة 509): يجب الترتيب بين الظهرين بتقديم الظهر، و كذا بين العشائين بتقديم المغرب، و إذا عكس في الوقت المشترك عمداً أعاد و إذا كان سهواً لم يعد على ما تقدم، وإذا كان التقديم من جهة الجهل بالحكم، فالأقرب الصحة إذا كان الجاهل معذوراً، سواء أكان متردداً غير جازم، أم كان جازماً غير متردد.

(مسألة 510): يجب العدول من اللاحقة إلى السابقة كما اذا قدم العصر، أو العشاء سهواً، و ذكر في الأثناء فإنه يعدل إلى الظهر، أو المغرب، ولا يجوز العكس كما إذا صلى الظهر، أو المغرب، و في الأثناء ذكر أنه قد صلاهما، فإنه لا يجوز له العدول إلى العصر او العشاء.

(مسألة 511): إنما يجوز العدول من العشاء إلى المغرب إذا لم يدخل في ركوع الرابعة، وإلا بطلت ولزم استئنافها.

(مسألة 512): يجوز تقديم الصلاة في أول الوقت لذوي الأعذار مع اليأس عن ارتفاع العذر بل مع رجائه أيضاً في غير المتيمم، لكن اذا ارتفع العذر، في الوقت وجبت الاعادة. نعم في التقية يجوز البدار ولو مع العلم بزوال العذر، ولا تجب الاعادة بعد زواله في الوقت.

(مسألة 513): الأقوى جواز التطوع بالصلاة لمن عليه الفريضة أدائية، أو قضائية مالم تتضيق.

(مسألة 514): إذا بلغ الصبي في أثناء الوقت وجبت عليه الصلاة إذا أدرك مقدار ركعة أو أزيد، و لو صلى قبل البلوغ ثم بلغ في الوقت في أثناء

ص: 137

الصلاة أو بعدها فالأقوى كفايتها و عدم وجوب الإعادة، و إن كان الأحوط استحباباً الإعادة في الصورتين.

المقصد الثاني: القبلة

يجب استقبال المكان الواقع فيه البيت الشريف في جميع الفرائض اليومية وتوابعها من الأجزاء المنسية بل سجود السهو على الأحوط الأولى، والنوافل اذا صليت على الارض في حالة الاستقرار على الاحوط. اما اذا صليت حال المشي او الركوب او في السفينة فلا يجب فيها الاستقبال إن كانت منذورة.

(مسألة 515): يجب العلم بالتوجه إلى القبلة و تقوم مقامه البينة بل وإخبار الثقة وكذا قبلة بلد المسلمين في صلواتهم، و قبورهم و محاريبهم، اذا لم يعلم بناؤهم على الغلط، و مع تعذر ذلك يبذل جهده في تحصيل المعرفة بها، و يعمل على ما يحصل له ولو كان ظناً، و مع تعذره يكتفي بالجهة العرفية، ومع الجهل بها صلى الى أي جهة شاء، و الأحوط وجوباً أن يصلي إلى أربع جهات مع سعة الوقت، و إلا صلى بقدر ما وسع. و إذا علم عدمها في بعض الجهات اجتزأ بالصلاة إلى المحتملات الأخر.

(مسألة 516): من صلى إلى جهة اعتقد أنها القبلة، ثم تبين الخطأ فإن كان منحرفا إلى ما بين اليمين، و الشمال صحت صلاته، و إذا التفت في الأثناء مضى ما سبق و استقبل في الباقي، من غير فرق بين بقاء الوقت و عدمه، و لا بين المتيقِن و الظان، و الناسي و الغافل، نعم إذا كان ذلك عن جهل بالحكم، فالأقوى لزوم الإعادة في الوقت، و القضاء في خارجة، و أما إذا تجاوز انحرافه عما بين اليمين و الشمال، أعاد في الوقت وخارجه، سواء أكان التفاته أثناء الصلاة، أو بعدها.

ص: 138

المقصد الثالث: الستر و الساتر

وفيه فصول:

الفصل الأول: وجوب ستر العورة

يجب مع الاختيار ستر العورة في الصلاة و توابعها - بل و سجود السهو على الأحوط استحبابا و إن لم يكن ناظر، أو كان في ظلمة.

(مسألة 517): إذا بدت العورة لريح أو غفلة، أو كانت بادية من الأول و هو لا يعلم، أو نسي سترها صحت صلاته، وإذا التفت إلى ذلك في الأثناء يجب ستر العورة فوراً والاحوط وجوباً الاعادة.

(مسألة 518): عورة الرجل في الصلاة القضيب، و الانثيان، و الدبر دون ما بينهما، و عورة المرأة في الصلاة جميع بدنها، حتى الرأس، و الشعر عدا الوجه بالمقدار الذي يغسل في الوضوء - و عدا الكفين إلى الزندين، و القدمين إلى الساقين، ظاهرهما، وباطنهما، و لابد من ستر شيء مما هو خارج عن الحدود.

(مسألة 519): الامة، والصبية كالحرة والبالغة في ذلك إلا في الرأس و شعره و العنق، فإنه لا يجب عليهما سترها.

(مسألة 520): إذا كان المصلي واقفاً على شباك، أو طرف سطح بحيث لو كان ناظر تحته لرأى عورته، فالأقوى وجوب سترها من تحته نعم إذا كان واقفا على الأرض لم يجب الستر من جهة التحت.

ص: 139

الفصل الثاني: شروط لباس المصلي

يعتبر في لباس المصلي أمور

الأول : الطهارة، إلا في الموارد التي يعفى عنها في الصلاة، و قد تقدمت في أحكام النجاسات.

الثاني : الإباحة، فلا تجوز الصلاة فيما يكون المغصوب ساتراً له بالفعل، نعم إذا كان جاهلاً بالغصبية أو ناسيا لها فيما لم يكن هو الغاصب أو كان جاهلاً بحرمته جهلاً يعذر فيه، أو ناسيا لها أو مضطراً فلا بأس.

(مسألة 521): لا فرق في الغصب بين أن يكون عين المال مغصوباً أو منفعته، أو كان متعلقاً لحق موجب لعدم جواز التصرف فيه، بل إذا اشترى ثوبا بعين مال فيه الخمس او الزكاة مع عدم أدائهما من مال آخر، كان حكمه حكم المغصوب، وكذا اذا مات الميت وكان مشغول الذمة بالحقوق المالية من الخمس والزكاة والمظالم وغيرها بمقدار يستوعب التركة فإن أمواله بمنزلة المغصوب لايجوز التصرف فيه الا بأذن الحاكم الشرعي، وكذا اذا مات وله وارث قاصر لم ينصب عليه قيماً، فانه لايجوز التصرف في تركته الا بمراجعة الحاكم الشرعي.

(مسألة 522): لا بأس بحمل المغصوب في الصلاة إذا لم يتحرك بحركات المصلي، بل و إذا تحرك بها أيضاً على الأقوى.

الثالث : أن لا يكون من أجزاء الميتة التي تحلها الحياة، سواء أكانت من حيوان محلل الأكل، أم محرمه، وسواء اكان له نفس سائلة، ام لم تكن على الاحوط وجوباً. وقد تقدم في النجاسات حكم الجلد الذي يشك في كونه مذكى أو لا، كما تقدم بيان ما لا تحله الحياة من الميتة فراجع. و المشكوك في كونه من جلد الحيوان، أو من غيره لا بأس بالصلاة فيه.

ص: 140

الرابع : أن لا يكون مما لايؤكل لحمه، ولافرق بين ذي النفس وغيره، ولا بين ما تحل الحياة من اجزائه وغيره، بل لافرق أيضاً بين ما تتم فيه الصلاة ،وغيره على الاحوط وجوباً، بل لا يبعد المنع في مثل الشعرات الواقعة على الثوب ونحوه، بل الاحوط وجوباً عموم المنع للمحمول في جيبه.

(مسألة 523): إذا صلى في غير المأكول جهلاً به صحت صلاته، و كذا إذا كان نسياناً، أو كان جاهلاً بالحكم، أو ناسياً له، نعم تجب الإعادة إذا كان جاهلاً بالحكم عن تقصير.

(مسألة 524): إذا شك في اللباس، أو فيما على اللباس من الرطوبة أو الشعر، أو غيرهما في أنه من المأكول، أو من غيره، أو من الحيوان، أو من غيره، صحت الصلاة فيه.

(مسألة 525): لا بأس بالشمع، و العسل، و الحرير الممزوج، و مثل البق، و البرغوث، و الزنبور و نحوها من الحيوانات التي لا لحم لها، و كذا لا بأس بالصدف، و لا بأس بفضلات الإنسان كشعره، و ريقه، و لبنه و نحوها و إن كانت واقعة على المصلي من غيره، و كذا الشعر الموصول بالشعر المسمى بشعر العارية سواءأ كان مأخوذاً من الرجل، أم من المرأة.

(مسألة 526): الاحوط ترك الصلاة في جلد الخز، و السنجاب و وبرهما، خصوصاً اذا كان مغشوشاً بوبر الارنب والثعلب. وفي كون ما يسمى الآن خزاً ليس خزاً والظاهر جواز الصلاة فيه، و الاحتياط طريق النجاة، و أما السمور، و القماقم و الفنك فلا تجوز الصلاة في أجزائها على الاقوى.

الخامس : أن لا يكون من الذهب - للرجال - و لو كان حلياً كالخاتم، أما إذا كان مذهباً بالتمويه و الطلي على نحو يعد عند العرف لونا فلا بأس و يجوز ذلك كله للنساء، كما يجوز أيضا حمله للرجال كالساعة، و الدنانير. نعم الظاهر

ص: 141

عدم جواز مثل زنجيل الساعة إذا كان ذهباً ومعلقاً برقبته أو بلباسه على نحو يصدق عليه عنوان اللبس عرفاً.

(مسألة 527): إذا صلى في الذهب جاهلاً، أو ناسيا صحت صلاته.

(مسألة 528): لا يجوز للرجال لبس الذهب في غير الصلاة أيضاً و فاعل ذلك آثم، والظاهر عدم حرمة التزين بالذهب فيما لا يصدق عليه اللبس مثل جعل مقدم الأسنان من الذهب وأما شد الاسنان به، أو جعل الأسنان الداخلة منه فلا بأس به بلا إشكال.

السادس : أن لا يكون من الحرير الخالص - للرجال - و لا يجوز لبسه في غير الصلاة أيضاً كالذهب. نعم لا بأس به في الحرب، و الضرورة كالبرد و المرض حتى في الصلاة، كما لا بأس بحمله في حال الصلاة و غيرها، و كذا افتراشه و التغطي به وبنحو لايعد لبساً له، و لا بأس بكف الثوب به، والأحوط أن لا يزيد على أربع أصابع، كما لا بأس بالأزرار منه و السفائف و (القياطين) وإن تعددت وكثرت. و أما ما لاتتم فيه الصلاة من اللباس، فالأحوط وجوباً تركه.

(مسألة 529) : لا يجوز جعل البطانة من الحرير و إن كانت إلى النصف.

(مسألة 530): لا بأس بالحرير الممتزج بالقطن، أو الصوف أو غيرهما مما يجوز لبسه، في الصلاة، لكن بشرط أن يكون الخلط بحيث يخرج اللباس به عن صدق الحرير الخالص، فلا يكفي الخلط بالمقدار اليسير المستهلك عرفا.

(مسألة 531): إذا شك في كون اللباس حريراً، أو غيره جاز لبسه و كذا إذا شك في أنه حرير خالص، أو ممتزج.

(مسألة 532): يجوز للولي إلباس الصبي الحرير، أو الذهب، و لكن لا تصح صلاة الصبي فيه.

ص: 142

الفصل الثالث: احكام لباس المصلي

اذا لم يجد المصلي لباساً يلبسه في الصلاة فان وجد ساتراً غيره كالحشيش، وورق الشجر، والطين ونحوها، تستر به وصلى صلاة المختار وان لم يجد ذلك أيضاً. فان أمن الناظر المحترم صلى قائماً مومياً الى الركوع والسجود. والاحوط له وضع يديه على سوأته. وان لم يأمن الناظر المحترم صلى جالساً، مومياً الى الركوع والسجود. والاحوط الاولى ان يجعل إيماء السجود أخفض من ايماء الركوع.

(مسألة 533): إذا انحصر الساتر بالمغصوب أو الذهب أو الحرير أو ما لا يؤكل لحمه أو النجس فإن اضطر إلى لبسه صحت صلاته فيه، وان لم يضطر صلى عارياً في الاربعة الأولى وأما في النجس فالأحوط الجمع بين الصلاة فيه، والصلاة عارياً، وان كان الاظهر الاجتزاء بالصلاة فيه كما سبق في أحكام النجاسات.

(مسألة 534): الأحوط لزوماً تأخير الصلاة عن أول الوقت إذا لم يكن عنده ساتر، و احتمل وجوده في آخر الوقت، نعم إذا يئس وصلى في أول الوقت صلاته الاضطرارية بدون ساتر، فان استمر العذر الى آخر الوقت صحت صلاته، وان لم يستمر لم تصح.

(مسألة 535): إذا كان عنده ثوبان يعلم إجمالاً أن أحدهما مغصوب أو حرير، و الآخر مما تصح الصلاة فيه، لا تجوز الصلاة في واحد منهما بل يصلي عاريا. و إن علم أن أحدهما من غير المأكول و الآخر من المأكول، أو ان احدهما نجس، والآخر طاهر، صلى صلاتين في كل منهما صلاة.

ص: 143

الفصل الرابع: مكان المصلي

(مسألة 536): لا تجوز الصلاة فريضة، أو نافلة في مكان يكون احد المساجد السبعة فيه مغصوباً عيناً أو منفعة، أو لتعلق حق موجب لعدم جواز التصرف فيه، ولا فرق في ذلك في مسجد الجبهة بين العالم بالغصب، والجاهل به على الاظهر. نعم اذا كان معتقداً عدم الغصب أو كان ناسياً له، و لم يكن هو الغاصب صحت صلاته، و كذلك تصحصلاة من كان مضطراً، أو مكرها على التصرف في المغصوب كالمحبوس بغير حق، والأظهر صحة الصلاة في المكان الذي يحرم المكث فيه لضرر على النفس، أو البدن لحر، أو برد أو نحو ذلك، و كذلك المكان الذي فيه لعب قمار، أو نحوه، كما أن الأظهر صحة الصلاة فيما إذا وقعت تحت سقف مغصوب، أو خيمة مغصوبة.

(مسألة 537): إذا اعتقد غصب المكان، فصلى فيه بطلت صلاته و إن انكشف الخلاف.

(مسألة 538): لا يجوز لأحد الشركاء الصلاة في الأرض المشتركة إلا بإذن بقية الشركاء، كما لا تجوز الصلاة في الأرض المجهولة المالك إلا بإذن الحاكم الشرعي.

(مسألة 539): إذا سبق واحد إلى مكان في المسجد فغصبه منه غاصب، فصلى فيه ففي صحة صلاته إشكال.

(مسألة 540): إنما تبطل الصلاة في المغصوب مع عدم الإذن من المالك في الصلاة، و لو لخصوص زيد المصلي، و إلا فالصلاة صحيحة.

(مسألة 541): المراد من إذن من المالك المسوغ للصلاة أو غيرها من التصرفات أعم من الاذن الفعلية بأن كان المالك ملتفتاً الى الصلاة مثلاً وأذن

ص: 144

فيها، والاذن التقديرية بأن يعلم من حاله أنه لو التفت الى التصرف لاذن فيه، فتجوز الصلاة في ملك الغير مع غفلته إذا علم من حاله أنه لو التفت لأذن.

(مسألة 542): تعلم الاذن في الصلاة، إما بالقول كأن يقول : صل في بيتي، أو بالفعل كأن يفرش له سجادة إلى القبلة، أو بشاهد الحال كما في المضائف المفتوحة الأبواب و نحوها، و في غير ذلك لا تجوز الصلاة و لا غيرها من التصرفات، إلا مع العلم بالاذن ولو كان تقديراً، و لذا يشكل في بعض المجالس المعدة لقراءة التعزية الدخول في المرحاض و الوضوء بلا إذن، و لا سيما إذا توقف ذلك على تغير بعض أوضاع المجلس من رفع ستر، أو طي بعض فراش المجلس، أو نحو ذلك مما يثقل على صاحب المجلس، و مثله في الإشكال كثرة البصاق على الجدران النزهة، و الجلوس في بعض مواضع المجلس المعدة لغير مثل الجالس لما فيها من مظاهر الكرامة المعدة لأهل الشرف في الدين مثلاً، أو لعدم كونها معدة للجلوس فيها، مثل الغطاء الذي يكون على الحوض المعمول في وسط الدار، أو على درج السطح، أو فتح بعض الغرف و الدخول فيها، و الحاصل أنه لابد من إحراز رضا صاحب المجلس في كيفية التصرف و كمه، و موضع الجلوس، و مقداره، و مجرد فتح باب المجلس لا يدل على الرضا بكل تصرف يشاؤه الداخل.

(مسألة 543): الحمامات المفتوحة، و الخانات لا يجوز الدخول فيها لغير الوجه المقصود منها، إلا بالإذن، فلا يصح الوضوء من مائها و الصلاة فيها، إلا بإذن المالك أو وكيله، و مجرد فتح أبوابها لا يدل على الاذن في ذلك، وليست هي كالمضائف المسبلة للانتفاع بها.

(مسألة 544): تجوز الصلاة في الأراضي المتسعة والوضوء من مائها ،و إن لم يعلم الاذن من المالك اذا لم يكن المالك لها صغيراً أو مجنوناً، أوعلم كراهته، وكذلك الأراضي غير المحجبة، كالبساتين التي لا سور لها و لا حجاب،

ص: 145

فيجوز الدخول إليها و الصلاة فيها و إن لم يعلم الاذن من المالك. نعم إذا ظن كراهة المالك فالأحوط الاجتناب عنها.

(مسألة 545): الاقوى صحة صلاة كل من الرجل و المرأة إذا كانا متحاذيين حال الصلاة، أو كانت المرأة متقدمة، اذا كان الفصل بينهما، مقدار عشرة اذرع. وان كان الاحوط أن يتقدم الرجل بموقفه على مسجد المرأة، أو يكون بينهما حائل، او مسافة عشرة اذرع بذراع اليد، و لا فرق في ذلك بين المحارم و غيرهم، و الزوج و الزوجة و غيرهما. نعم يختص ذلك بصورة وحدة المكان بحيث يصدق التقدم و المحاذاة، فإذا كان أحدهما في موضع عالٍ، دون الآخر على وجه لا يصدق التقدم و المحاذاة فلا بأس.

(مسألة 546): لا يجوز التقدم في الصلاة على قبر المعصوم إذا كان مستلزما للهتك و إساءة الأدب، و لا بأس به مع البعد المفرط، أو الحاجب المانع الرافع لسوء الأدب، و لا يكفي فيه الضرائح المقدسة و لا ما يحيط بها من غطاء و نحوه.

(مسألة 547): تجوز الصلاة في بيوت من تضمنت الآية جواز الأكل فيها بلا إذن مع عدم العلم بالكراهة، كالأب، و الأم، و الأخ، و العم، و الخال، و العمة، و الخالة. ومن ملك الشخص مفتاح بيته و الصديق، و أما مع العلم بالكراهة فلا يجوز.

(مسألة 548): إذا دخل المكان المغصوب جهلاً أو نسيانا بتخيل الاذن ثم التفت وبان الخلاف ففي سعة الوقت لايجوز التشاغل بالصلاة ويجب قطعها، وفي ضيق الوقت يجوز الاشتغال بها حال الخروج مبادراً اليه سالكاً اقرب الطرق، مراعياً للاستقبال بقدر الامكان، ويومي للسجود ويركع، الا ان يستلزم ركوعه تصرفاً زائداً فيومي له حينئذ، وتصح صلاته و لا يجب عليه القضاء، و المراد

ص: 146

بالضيق أن لا يتمكن من إدراك ركعة في الوقت على تقدير تأخير الصلاة إلى ما بعد الخروج.

(مسألة 549): يعتبر في مسجد الجبهة - مضافا إلى ما تقدم من الطهارة - أن يكون من الأرض، أو نباتها، او القرطاس والأفضل أن يكون من التربة الشريفة الحسينية - على مشرفها أفضل الصلاة و التحية - فقد ورد فيها فضل عظيم، و لا يجوز السجود على ما خرج عن اسم الأرض من المعادن - كالذهب، و الفضة و غيرهما - ولا على ما يخرج عن اسم النبات كالرماد، والفحم، ويجوز السجود على الخزف، والاجر والجص والنورة بعد طبخها.

(مسألة 550): يعتبر في جواز السجود على النبات، أن لا يكون مأكولاً كالحنطة، و الشعير، و البقول، و الفواكه و نحوها من المأكول، و لو قبل وصولها إلى زمان الأكل، أو احتيج في أكلها إلى عمل من طبخ و نحوه، نعم يجوز السجود على قشورها ونواها، وعلى التبن، والقصيل، والجت ونحوها، وفيما لم يتعارف أكله معصلاحيته لذلك لما فيه من حسن الطعم المستوجب لاقبال النفس على أكله اشكال وان كان الاظهر، في مثله الجواز ومثله عقاقير الادوية كورد لسان الثور، وعنب الثعلب، والخوبة، ونحوها مما له طعم وذوق حسن، واما ماليس له ذلك فلا اشكال في جواز السجود عليه وان استعمل للتداوي به، وكذا ما يؤكل عند الضرورة و المخمصة أو عند بعض الناس نادراً.

(مسألة 551): يعتبر أيضاً في جواز السجود على النبات، أن لا يكون ملبوسا كالقطن، و الكتان، و القنب، و لو قبل الغزل، أو النسج. و لا بأس بالسجود على خشبها و ورقها، و كذا الخوص، و الليف، و نحوهما مما لا صلاحية فيه لذلك، و إن لبس لضرورة أو شبهها، أو عند بعض الناس نادراً.

(مسألة 552): الاظهر جواز السجود على القرطاس مطلقاً وان اتخذ مما لايصح السجود عليه، كالمتخذ من الحرير، أو القطن، أو الكتان.

ص: 147

(مسألة 553): لا بأس بالسجود على القرطاس المكتوب إذا كانت الكتابة معدودة صبغاً، لا جرماً.

(مسألة 554): إذا لم يتمكن من السجود على ما يصح السجود عليه لتقية، جاز له السجود على كل ما تقتضيه التقية، و أما إذا لم يتمكن لفقد ما يصح السجود عليه، أو لمانع من حر، أو برد فالاظهر وجوب السجود على ثوبه فإن لم يمكن فعلى ظهر الكف، أو على شيء آخر مما لايصح السجود عليه حال الاختيار.

(مسألة 555): لا يجوز السجود على الوحل، أو التراب اللذين لا يحصل تمكن الجبهة في السجود عليهما، و إن حصل التمكن جاز، و إن لصق بجبهته شيء منهما أزاله للسجدة الثانية على الاحوط. و إن لم يجد إلا الطين الذي لا يمكن الاعتماد عليه صلى إيماءاً.

(مسألة 556): إذا كانت الأرض ذات طين بحيث يتلطخ بدنه أو ثيابه إذا صلى فيها صلاة المختار و كان ذلك حرجيا، صلى مومياً للسجود، و لا يجب عليه الجلوس للسجود و لا للتشهد.

(مسألة 557): إذا اشتغل بالصلاة، و في أثنائها فقد ما يصح السجود عليه، قطعها في سعة الوقت، وفي الضيق ينتقل الى البدل من الثوب أو ظهر الكف على الترتيب المتقدم.

(مسألة 558): إذا سجد على ما لا يصح السجود عليه باعتقاده أنه مما يصح السجود عليه فإن التفت بعد رفع الرأس فالاحوط اعادة السجدة الواحدة حتى فيما اذا كانت الغلطة في السجدتين ثم اعاد الصلاة. وان التفت في اثناء السجود رفع رأسه وسجد على ما يصح السجود عليه مع التمكن وسعة الوقت، ومع ذلك فالاحوط اعادة الصلاة.

ص: 148

(مسألة 559): يعتبر في مكان الصلاة أن يكون بحيث يستقر فيه المصلي و لا يضطرب. فلا تجوز الصلاة على الدابة السائرة و الأرجوحة و نحوهما مما يفوت معه الاستقرار، و تجوز الصلاة على الدابة و في السفينة الواقفتين مع حصول الاستقرار، و كذا إذا كانتا سائرتين إن حصل ذلك أيضاً، و نحوهما العربة و القطار و أمثالهما فإنه تصح الصلاة فيها إذا حصل الاستقرار والاستقبال، و لا تصح إذا فات واحد منهما إلا مع الضرورة. و حينئذ ينحرف إلى القبلة كلما انحرفت الدابة أو نحوها، و ان لم يتمكن من الاستقبال الا في تكبيرة الاحرام اقتصر عليها، و إن لم يتمكن من الاستقبال أصلاً سقط والاحوط استحباباً تحري الاقرب الى القبلة فالاقرب، وكذا الحال في الماشي وغيره من المعذورين.

(مسألة 560): الاقوى جواز إيقاع الفريضة في جوف الكعبة الشريفة اختياراً وأن كان الاحوط تركه. أما اضطراراً فلا إشكال في جوازها، و كذا النافلة و لو اختياراً.

(مسألة 561): تستحب الصلاة في المساجد، و أفضلها المسجد الحرام والصلاة فيه تعدل الف الف صلاة، ثم مسجد النبي (صلی الله علیه و آله) والصلاة فيه تعدل عشرة الآف صلاة، ثم مسجد الكوفة والاقصى والصلاة فيها تعدل الف صلاة، ثم المسجد الجامع والصلاة فيه بمائة صلاة، ثم مسجد القبيلة وفيه تعدل خمساً وعشرين ،ثم مسجد السوق والصلاة فيه تعدل اثنتي عشرة صلاة، وصلاة المرأة في بيتها. وأفضل البيوت المخدع.

(مسألة 562): تستحب الصلاة في مشاهد الأئمة عليهم السلام، بل قيل إنها أفضل من المساجد، و قد ورد أن الصلاة عند علي عليه السلام بمائتي ألف صلاة.

ص: 149

(مسألة 563): يكره تعطيل المسجد، ففي الخبر : ثلاثة يشكون إلى الله تعالى : مسجد خراب لا يصلي فيه أحد، و عالم بين جهال، و مصحف معلق قد وقع عليه الغبار لا يقرأ فيه.

(مسألة 564): يستحب التردد إلى المساجد، ففي الخبر : من مشى إلى مسجد من مساجد الله فله بكل خطوة خطاها حتى يرجع إلى منزله عشر حسنات، و محي عنه عشر سيئات، و رفع له عشر درجات، و يكره لجار المسجد أن يصلي في غيره لغير علة كالمطر، و في الخبر: لا صلاة لجار المسجد إلا في مسجده.

(مسألة 565): يستحب للمصلي أن يجعل بين يديه حائلاً إذا كان في معرض مرور أحد قدامه، و يكفي في الحائل عود أو حبل أو كومة تراب.

(مسألة 566): قد ذكروا أنه تكره الصلاة في الحمام، و المزبلة و المجزرة، و الموضع المعد للتخلي، و بيت المسكر، و معاطن الإبل، و مرابط الخيل، و البغال، و الحمير، و الغنم، بل في كل مكان قذر، و في الطريق و إذا أضرت بالمارة حرمت وبطلت،و في مجاري المياه، و الأرض السبخة، و بيت النار كالمطبخ، و أن يكون أمامه نار مضرمة، و لو سراجاً، أو تمثال ذي روح، أو مصحف مفتوح، أو كتاب كذلك، و الصلاة على القبر و في المقبرة، أو أمامه قبر، و بين قبرين و إذا كان في الأخيرين حائل،أو بعد عشرة أذرع، فلا كراهة، و أن يكون قدامه إنسان مواجه له، و هناك موارد أخرى للكراهة مذكورة في محلها.

ص: 150

المقصد الخامس: أفعال الصلاة وما يتعلق بها

وفيه مباحث:

المبحث الأول: الأذان والإقامة

وفيه فصول:
الفصل الأول: مستحبات الاذان والاقامة

يستحب الأذان والإقامة استحباباً مؤكداً في الفرائض اليومية أداءاً وقضاءاً، حضراً، وسفراً، في الصحة والمرض، للجامع والمنفرد، رجلا كان أو امرأة، ويتأكدان في الأدائية منها، وخصوص المغرب والغداة وأشدهما تأكيداً لهم الإقامة خصوصاً للرجال بل الأحوط - استحباباً - لهم الإتيان بها ولا يشرع الأذان ولا الإقامة في النوافل، ولا في الفرائض غير اليومية.

(مسألة 567): يسقط الأذان للعصر عزيمةً يوم عرفة، اذا جمعت مع الظهر، وللعشاء ليلة المزدلفة- اذا جمعت مع المغرب.

(مسألة 568): يسقط الأذان والإقامة جميعاً في موارد :

الأول: في الصلاة جماعة إذا سمع الامام الأذان والاقامة في الخارج.

الثاني: الداخل في الجماعة التي أذنوا لها وأقاموا وان لم يسمع.

ص: 151

الثالث: الداخل إلى المسجد قبل تفرق الجماعة سواء أصلى جماعة إماماً، أم مأموماً، أم صلى منفرداً بشرط الاتحاد في المكان عرفاً فمع كون احدهما في ارض المسجد، والاخرى على سطحه يشكل السقوط، ويشترط أيضاً أن تكون الجماعة السابقة بأذان وإقامة، فلو كانوا تاركين لهما لاجتزائهم بأذان جماعة سابقة عليها وإقامتها، فلا سقوط، وان تكون صلاتهم صحيحة فلو كان الإمام فاسقاً مع علم المأمومين به فلا سقوط، وفي اعتبار كون الصلاتين أدائيتين واشتراكهما في الوقت، إشكال والاحوط الإتيان حينئذ بهما برجاء المطلوبية، بل الظاهر جواز الاتيان بهما في جميع الصور برجاء المطلوبية وكذا إذا كان المكان غير مسجد.

الرابع: إذا سمع شخصا آخر يؤذن ويقيم للصلاة إماماً كان الآتي بهما أم مأموماً أم منفرداً، وكذا في السامع بشرط سماع تمام الفصول وان سمع احدهما لم يجز عن الآخر.

الفصل الثاني: فصول الاذان

فصول الأذان ثمانية: عشر الله أكبر أربع مرات، ثم أشهد أن لا إله إلا الله، ثم أشهد أن محمداً رسول الله، ثم حي على الصلاة، ثم حي على الفلاح، ثم حي على خير العمل، ثم الله أكبر، ثم لا إله إلا الله، كل فصل مرتان، وكذلك الإقامة، إلا أن فصولها أجمع مثنى مثنى، إلا التهليل في آخرها فمرة، ويزاد فيها بعد الحيعلات قبل التكبير، قد قامت الصلاة مرتين، فتكون فصولها سبعة عشر، وتستحب الصلاة على محمد وآل محمد عند ذكر اسمه الشريف، واكمال الشهادتين بالشهادة لعلي ( عليه السلام ) بالولاية وإمرة المؤمنين في الآذان وغيره.

ص: 152

الفصل الثالث: شروط الاذان والاقامة

يشترط فيهما أمور:

الأول : النية ابتداء واستدامة، ويعتبر فيها القربة والتعيين مع الاشتراك.

الثاني والثالث : العقل والإيمان، وفي الاجتزاء بأذان المميز وإقامته إشكال.

الرابع : الذكورة للذكور فلا يعتد بأذان النساء وإقامتهن لغيرهن ،حتى المحارم على الأحوط وجوباً، نعم يجتزئ بهما لهن، فإذا أمت المرأة النساء فأذنت وأقامت كفى.

الخامس : الترتيب بتقديم الأذان على الإقامة،وكذا بين فصول كل منهما، فإذا قدم الإقامة أعادها بعد الأذان، وإذا خالف بين الفصول أعاد على نحو يحصل به الترتيب، إلا أن تفوت الموالاة فيعيد من الأول.

السادس : الموالاة بينهما وبين فصول كل منهما، وبينهما وبين الصلاة. فإذا أخل بها أعاد.

السابع : العربية وترك اللحن.

الثامن : دخول الوقت فلا يصحان قبله. نعم يجوز تقديم الأذان قبل الفجر للإعلام.

الفصل الرابع: مايستحب فيه الاذان

يستحب في الأذان الطهارة من الحدث، والقيام، والاستقبال، ويكره الكلام في أثنائه، وكذلك الإقامة، بل الظاهر اشتراط الطهارة والقيام وتشتد

ص: 153

كراهة الكلام بعد قول المقيم : (( قد قامت الصلاة ))، إلا فيما يتعلق بالصلاة، ويستحب فيهما التسكين في أواخر فصولهما مع التأني في الأذان و الحدر في الإقامة، والإفصاح بالألف والهاء من لفظ الجلالة، ووضع الأصبعين في الأذنين في الأذان، ومد الصوت فيه ورفعه إذا كان المؤذن ذكراً، ويستحب رفع الصوت في الإقامة، إلا أنه دون الأذان، وغير ذلك مما هو مذكور في المفصلات.

الفصل الخامس: ماينبغي للمصلي حال الصلاة

من ترك الأذان والإقامة، أو أحدهما عمداً، حتى أحرم للصلاة لم يجز له قطعها واستئنافهما على الأحوط، وإذا تركهما عن نسيان يستحب له القطع لتداركهما ما لم يركع، واذا نسي الاقامة وحدها فالظاهر استحباب القطع لتداركها، واذا ذكر قبل القراءة لايبعد الجواز لتداركهما او تدارك الاقامة مطلقاً

إيقاظ وتذكير : قال الله تعالى (( قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون )) وقال النبي والأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام كما ورد في أخبار كثيرة أنه لا يحسب للعبد من صلاته إلا ما يقبل عليه منها، وأنه لا يقدمن أحدكم على الصلاة متكاسلاً، ولا ناعساً، ولا يفكرن في نفسه، ويقبل بقلبه على ربه. ولا يشغله بأمر الدنيا، وأن الصلاة وفادة على الله تعالى، وأن العبد قائم فيها بين يدي الله تعالى، فينبغي أن يكون قائماً مقام العبد الذليل، الراغب الراهب، الخائف الراجي المسكين، المتضرع، وأن يصلي صلاة مودع يرى أن لا يعود إليها أبداً، وكان علي بن الحسين ( عليه السلام ) إذا قام في الصلاة كأنه ساق شجرة، لا يتحرك منه إلا ما حركت الريح منه، وكان أبو جعفر، وأبو عبد الله عليهما السلام إذا قاما إلى الصلاة تغيرت ألوانهما، مرة حمرة، ومرة صفرة، وكأنهما يناجيان شيئا يريانه، وينبغي أن يكون صادقاً في قوله : (( إياك نعبد وإياك نستعين )) فلا يكون عابداً لهواه، ولا مستعيناً بغير مولاه. وينبغي إذا أراد الصلاة، أو

ص: 154

غيرها من الطاعات أن يستغفر الله تعالى، ويندم على ما فرط في جنب الله، ليكون معدوداً في عداد المتقين الذين قال الله تعالى في حقهم ( إنما يتقبل الله من المتقين ) وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

المبحث الثاني: فيما يجب في الصلاة

وهو أحد عشر :

النية، وتكبيرة الإحرام، والقيام، والقراءة، والذكر، والركوع، والسجود، والتشهد، والتسليم، والترتيب، والموالاة، والأركان - وهي التي تبطل الصلاة بنقيصتها عمداً وسهواً - خمسة : النية، والتكبير، والقيام، والركوع، والسجود. والبقية أجزاء غير ركنية لا تبطل الصلاة بنقصها سهواً، وفي بطلانها بالزيادة تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى، فهنا فصول.

الفصل الأول: النية

في النية، وقد تقدم في الوضوء أنها : القصد إلى الفعل على نحو يكون الباعث إليه أمر الله تعالى، ولا يعتبر التلفظ بها، ولا إخطار صورة العمل تفصيلاً عند القصد إليه، ولا نية الوجوب ولا الندب، ولا تمييز الواجبات من الأجزاء عن مستحباتها، ولا غير ذلك من الصفات والغايات بل يكفي الإرادة الإجمالية المنبعثة عن أمر الله تعالى، المؤثرة في وجود الفعل كسائر الأفعال الاختيارية الصادرة عن المختار، المقابل للساهي والغافل.

ص: 155

(مسألة 569): يعتبر فيها الإخلاص. فإذا انضم الى أمر الله تعالى الرياء بطلت الصلاة، وكذا غيرها من العبادات الواجبة والمستحبة. سواء أ كان الرياء في الابتداء أم في الأثناء، وفي تمام الاجزاء، ام في بعضها الواجبة، وفي ذات الفعل ام بعض قيوده، مثل أن يرائي في صلاته جماعة، او في المسجد أو في الصف الاول أو خلف الإمام الفلاني، أو أول الوقت، أو نحو ذلك، نعم في بطلانها بالرياء في الاجزاء المستحبة مثل القنوت، او زيادة التسبيح أو نحو ذلك إشكال، بل الظاهر عدم البطلان بالرياء بما هو خارج عن الصلاة، مثل ازالة الخبث قبل الصلاة، والتصدق في اثنائها وليس من الرياء المبطل ما لو أتى بالعمل خالصاً لله، ولكنه كان يعجبه أن يراه الناس، كما أن الخطور القلبي لا يبطل الصلاة، خصوصاً إذا كان يتأذى بهذا الخطور، ولو كان المقصود من العبادة أمام الناس رفع الذم عن نفسه، أو ضرر آخر غير ذلك، لم يكن رياءاً ولا مفسداً. والرياء المتأخر عن العبادة لا يبطلها، كما لو كان قاصداً الإخلاص، ثم بعد إتمام العمل بدا له أن يذكر عمله، والعجب لا يبطل العبادة سواء أكان متأخراً أو مقارناً.

(مسألة 570): الضمائم الأخر غير الرياء إن كانت محرمة وموجبة لحرمة العبادة أبطلت العبادة، والا فان كانت راجحة، أو مباحة فالظاهر صحة العبادة إذا كان داعي القربة صالحاً للاستقلال في البعث الى الفعل بحيث يفعل للأمر به ولو لم تكن تلك الضميمة، وان لم يكن صالحاً للاستقلال، فالظاهر البطلان.

(مسألة 571): يعتبر تعيين الصلاة التي يريد الإتيان بها اذا كانت صالحة لان تكون على احد وجهين متميزين، ويكفي التعيين الاجمالي مثل: عنوان ما اشتغلت به الذمة اذا كان متحداً، او ما اشتغلت به أولاً اذا كان متعدداً أو نحو ذلك، فاذا صلى صلاة مرددة بين الفجر ونافلتها، لم تصح كل منهما. نعم اذا لم تصلح لان تكون على احد وجهين متميزين كما اذا نذر نافلتين لم يجب التعيين لعدم تميز أحدهما في مقابل الأخرى.

ص: 156

(مسألة 572): لا تجب نية القضاء ولا الأداء. فإذا علم أنه مشغول الذمة بصلاة الظهر، ولا يعلم أنها قضاء أو أداء صحت إذا قصد الإتيان بما اشتغلت به الذمة فعلاً، وإذا اعتقد أنها أداء فنواها أداءاً صحت أيضاً، إذا قصد امتثال الأمر المتوجه إليه وإن كانت في الواقع قضاءاً، وكذا الحكم في العكس.

(مسألة 573): لا يجب الجزم بالنية في صحة العبادة، فلو صلى في ثوب مشتبه بالنجس لاحتمال طهارته، وبعد الفراغ تبينت طهارته صحت الصلاة، وإن كان عنده ثوب معلوم الطهارة، وكذا إذا صلى في موضع الزحام لاحتمال التمكن من الإتمام فاتفق تمكنه صحت صلاته، وإن كان يمكنه الصلاة في غير موضع الزحام.

(مسألة 574): قد عرفت أنه لا يجب - حين العمل - الالتفات إليه تفصيلاً وتعلق القصد به، بل يكفي الالتفات إليه وتعلق القصد به قبل الشروع فيه وبقاء ذلك القصد إجمالاً على نحو يستوجب وقوع الفعل من أوله إلى آخره عن داعي الامر، بحيث لو التفت إلى نفسه لرأى أنه يفعل عن قصد الامر، وإذا سئل أجاب بذلك، ولا فرق بين أول الفعلوآخره، وهذا المعنى هو المراد من الاستدامة الحكمية بلحاظ النية التفصيلية حال حدوثها، أما بلحاظ نفس النية فهي استدامة حقيقية.

(مسألة 575): إذا كان في أثناء الصلاة فنوى قطعها أو نوى الإتيان بالقاطع ولو بعد ذلك فان أتم صلاته على هذا الحال بطلت، وكذا اذا أتى ببعض الاجزاء ثم عاد الى النية الاولى، وأما اذا عاد الى النية الاولى قبل ان يأتي بشيء منها، صحت وأتمها.

(مسألة 576): إذا شك في الصلاة التي بيده أنه عينها ظهراً، أو عصراً، فان لم يأت بالظهر قبل ذلك نواها ظهراً وأتمها وان أتى بالظهر بطلت، الا إذا

ص: 157

رأى نفسه فعلاً من صلاة العصر، وشك في انه نواها عصراً من اول الامر، أو أنه نواها ظهراً، فانه حينئذ يحكم بصحتها ويتمها عصراً.

(مسألة 577): إذا دخل في فريضة، فأتمها بزعم أنها نافلة غفلة، صحت فريضة، وفي العكس تصح نافلة.

(مسألة 578): إذا قام لصلاة ثم دخل في الصلاة، وشك في أنه نوى ما قام إليها، أو غيرها، فالاحوط الاتمام ثم الاعادة.

(مسألة 579): لا يجوز العدول من صلاة إلى أخرى، إلا في موارد :

منها : ما إذا كانت الصلاتان أدائيتين مترتبتين - كالظهرين والعشائين - وقد دخل في الثانية قبل الأولى، فإنه يجب أن يعدل إلى الأولى إذا تذكر في الأثناء.

ومنها : إذا كانت الصلاتان قضائيتين، فدخل في اللاحقة، ثم تذكر أن عليه سابقة، فإنه يجب ان يعدل إلى السابقة، في المترتبتين، ويجوز العدول في غيرهما.

ومنها : ما إذا دخل في الحاضرة فذكر أن عليه فائتة، فإنه يجوز العدول إلى الفائتة، وانما يجوز العدول في الموارد المذكورة، اذا ذكر قبل أن يتجاوز محله، أما اذا ذكر في ركوع رابعة العشاء، انه لم يصل المغرب فانها تبطل، ولابد من أن يأتي بها بعد ان يأتي بالمغرب.

ومنها : ما إذا نسي فقرأ في الركعة الأولى من فريضة يوم الجمعة غير سورة الجمعة، وتذكر بعد ان تجاوز النصف فإنه يستحب له العدول إلى النافلة ثم يستأنف الفريضة ويقرأ سورتها.

ومنها : ما إذا دخل في فريضة منفرداً ثم أقيمت الجماعة، فإنه يستحب له العدول بها إلى النافلة مع بقاء محله ثم يتمها ويدخل في الجماعة.

ص: 158

ومنها : ما إذا دخل المسافر في القصر ثم نوى الإقامة قبل التسليم فإنه يعدل بها إلى التمام، وإذا دخل المقيم في التمام فعدل عن الإقامة قبل ركوع الركعة الثالثة عدل الى القصر، واذا كان بعد ركوع الركعة الثالثة بطلت صلاته.

(مسألة 580): إذا عدل في غير محل العدول، فان لم يفعل شيئاً جاز له العود الى ما نواه أولاً، وإن فعل شيئاً فإن كان عامداً بطلت الصلاتان. وان كان ساهياً ثم التفت أتم الأولى إن لم يزد ركوعاً، أو سجدتين.

(مسألة 581): الأظهر جواز ترامي العدول، فإذا كان في فائتة فذكر ان عليه فائتة سابقة، فعدل اليها فذكر أن عليه فائتة أخرى سابقة عليها، فعدل اليها، أيضاً صح.

الفصل الثاني: تكبيرة الاحرام

في تكبيرة الإحرام : وتسمى تكبيرة الافتتاح، وصورتها : (الله أكبر) ولا يجزئ مرادفها بالعربية، ولا ترجمتها بغير العربية، وإذا تمت حرم ما لا يجوز فعله من منافيات الصلاة، وهي ركن تبطل الصلاة بنقصانها عمداً وسهواً، وتبطل بزيادتها عمداً، فإذا جاء بها ثانية بطلت الصلاة فيحتاج إلى ثالثة، فإن جاء بالرابعة بطلت أيضاً واحتاج إلى الخامسة، وهكذا تبطل بالشفع، وتصح بالوتر، والظاهر عدم بطلان الصلاة بزيادتها سهواً، ويجب الإتيان بها على النهج العربي - مادة وهيئة - والجاهل يلقنه غيره أو يتعلم، فإن لم يمكن اجتزأ منها بالممكن. فإن عجز جاء بمرادفها. وان عجز فبترجمتها.

(مسألة 582): الأحوط - وجوباً - عدم وصلها بما قبلها من الكلام دعاءاً كان أو غيره، ولا بما بعدها، من بسملة أو غيرها، وأن لا يعقب اسم الجلالة

ص: 159

بشيء من الصفاة الجلالية، أو الجمالية، وينبغي تفخيم اللام من لفظ الجلالة، والراء من أكبر.

(مسألة 583): يجب فيها القيام التام فإذا تركه - عمداً أو سهواً - بطلت من غير فرق بين المأموم الذي أدرك الإمام راكعاً وغيره، بل يجب التربص في الجملة حتى يعلم بوقوع التكبير تاما قائما، وأما الاستقرار في القيام المقابل للمشي والتمايل من أحد الجانبين إلى الآخر، أو الاستقرار بمعنى الطمأنينة، فهو وإن كان واجباً حال التكبير، لكن الظاهر أنه إذا تركه سهواً لم تبطل الصلاة.

(مسألة 584): الأخرس يأتي بها على قدر ما يمكنه فإن عجز عن النطق أخطرها بقلبه وأشار بإصبعه، والاحوط الأولى ان يحرك بها لسانه إن أمكن.

(مسألة 585): يشرع الاتيان بست تكبيرات، مضافاً الى تكبيرة الاحرام فيكون المجموع سبعاً، ويجوز الاقتصار على الخمس، وعلى الثلاث، والاولى أن يقصد بالاخير تكبيرة الاحرام..

(مسألة 586): يستحب للإمام الجهر بواحدة، والإسرار بالبقية و يستحب أن يكون التكبير في حال رفع اليدين الى الاذنين أو مقابل الوجه، أو الى النحر، مضمومة الأصابع، حتى الإبهام والخنصر مستقبلاً بباطنهما القبلة.

(مسألة 587): إذا كبر ثم شك في أنها تكبيرة الإحرام، أو للركوع بنى على الأولى، وإن شك في صحتها، فالاحوط الاتيان بالمنافي ثم الاعادة. وإن شك في وقوعها وقد دخل فيما بعدها من القراءة ،بنى على وقوعها.

(مسألة 588): يجوز الإتيان بالتكبيرات ولاءاً، بلا دعاء، والأفضل أن يأتي بثلاث منها ثم يقول : (( اللهم أنت الملك الحق، لا إله إلا أنت سبحانك إني ظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت )) ثم يأتي باثنتين ويقول : (( لبيك، وسعديك، والخير في يديك، والشر ليس إليك، والمهدي من

ص: 160

هديت ،لا ملجأ منك إلا إليك ،سبحانك وحنانيك، تباركت وتعاليت، سبحانك رب البيت )) ثم يأتي باثنتين ويقول : (( وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين )) ثم يستعيذ ويقرأ سورة الحمد.

الفصل الثالث: في القيام

وهو ركن حال تكبيرة الإحرام - كما عرفت - وعند الركوع، وهو الذي يكون الركوع عنه - المعبر عنه بالقيام المتصل بالركوع -

فمن كبر للافتتاح وهو جالس بطلت صلاته، وكذا إذا ركع جالساً سهواً وإن قام في أثناء الركوع متقوسا، وفي غير هذين الموردين يكون القيام الواجب واجباً غير ركن، كالقيام بعد الركوع، والقيام حال القراءة، أو التسبيح فإذا قرأ جالساً - سهواً - أو سبح كذلك، ثم قام وركع عن قيام ثم التفت صحت صلاته، وكذا إذا نسي القيام بعد الركوع حتى سجد السجدتين.

(مسألة 589): إذا هوى لغير الركوع، ثم نواه في أثناء الهوي لم يجز، و إن لم يكن ركوعه عن قيام بطلت صلاته، نعم إذا لم يصل إلى حد الركوع وانتصب قائما، وركع عنه صحت صلاته، وكذلك إذا وصل ولم ينوه ركوعا.

(مسألة 590): إذا هوى إلى ركوع عن قيام، وفي أثناء الهوي غفل حتى جلس للسجود، فإن كانت الغفلة بعد تحقق مسمى الركوع، صحة الصلاة، والأحوط - استحباباً - أن يقوم منتصباً، ثم يهوي إلى السجود وإذا التفت إلى ذلك وقد سجد سجدة واحدة مضى في صلاته. والأحوط - استحباباً - إعادة الصلاة بعد الإتمام. وإذا التفت إلى ذلك وقد سجد سجدتين صح سجوده

ص: 161

ومضى، وإن كانت الغفلة قبل تحقق مسمى الركوع عاد إلى القيام منتصباً، ثم هوى إلى الركوع، ومضى وصحت صلاته.

(مسألة 591): يجب مع الإمكان الاعتدال في القيام، والانتصاب فإذا انحنى، أو مال إلى أحد الجانبين بطل، وكذا إذا فرج بين رجليه على نحو يخرج عن الاستقامة عرفاً. نعم لا باس باطراق الرأس. وتجب أيضاً في القيام غير المتصل بالركوع الطمأنينة. والاحوط وجوباً الوقوف على القدمين جميعاً، والظاهر عدم جواز الاعتماد على عصا أو جدار، أو أنسان في القيام الا في حال الضرورة. و الاحوط ترك ذلك مع الامكان.

(مسألة 592): إذا قدر على ما يصدق عليه القيام عرفا، ولو منحنياً، أو منفرج الرجلين، صلى قائما، وإن عجز عن ذلك صلى جالساً ويجب الانتصاب، والاستقرار، والطمأنينة على نحو ما تقدم في القيام. هذا مع الإمكان، وإلا اقتصر على الممكن، فإنتعذر الجلوس حتى الاضطراري صلى - مضطجعاً - على الجانب الأيمن ووجهه إلى القبلة كهيئة المدفون، ومع تعذره فعلى الأيسر عكس الأول، وإن تعذر صلى مستلقياً ورجلاه إلى القبلة كهيئة المحتضر. والاحوط - وجوباً - أن يومئ برأسه للركوع والسجود مع الإمكان، والأولى أن يجعل إيماء السجود أخفض من إيماء الركوع، ومع العجز يومئ بعينيه.

(مسألة 593): إذا تمكن من القيام، ولم يتمكن من الركوع قائماً وكانت وظيفته الصلاة قائماً - صلى قائماً، وأومأ للركوع، والأحوط - استحباباً - أن يعيد صلاته مع الركوع جالسا، وإن لم يتمكن من السجود أيضا صلى قائماً وأومأ للسجود أيضاً.

(مسألة 594): اذا قدر على القيام في بعض الصلاة دون بعض وجب ان يقوم الى ان يعجز فيجلس، واذا أحس بالقدرة على القيام قام وهكذا، ولا يجب عليه استئناف ما فعله حالة الجلوس فلو قرأ جالساً ثم تجدد القدرة على القيام

ص: 162

قبل الركوع بعد القراءة - قام للركوع وركع من دون إعادة للقراءة، هذا في ضيق الوقت واما مع سعته فان استمر العذر الى آخر الوقت لايعيد، وأن لم يستمر، فان أمكن التدارك كأن تجددت القدرة بعد القراءة، وقبل الركوع استأنف القراءة عن قيام ومضى في صلاته، وان لم يمكن التدارك، فان كان الفائت قياماً ركنياً اعاد صلاته، والا لم تجب الإعادة.

(مسألة 595): إذا دار الأمر بين القيام في الجزء السابق، والقيام في الجزء اللاحق، فالترجيح للسابق حتى فيما اذا لم يكن القيام في الجزء السابق ركناً، وكان في الجزء اللاحق ركناً.

(مسألة 596): يستحب في القيام إسدال المنكبين، وإرسال اليدين ووضع الكفين على الفخذين، قبال الركبتين اليمنى على اليمنى، واليسرى على اليسرى، وضم أصابع الكفين، وأن يكون نظره إلى موضع سجوده وأن يصف قدميه متحاذيتين مستقبلاً بهما، ويباعد بينهما بثلاثة أصابع مفرجات، أو أزيد إلى شبر، وأن يسوي بينهما في الاعتماد، وأن يكون على حال الخضوع والخشوع، كقيام عبد ذليل بين يدي المولى الجليل.

الفصل الرابع: القراءة

يعتبر في الركعة الأولى والثانية من كل صلاة فريضة، أو نافلة قراءة فاتحة الكتاب، ويجب في خصوص الفريضة قراءة سورة كاملة - على الاحوط - بعدها، وإذا قدمها عليها - عمداً - استأنف الصلاة، وإذا قدمها - سهواً - وذكر قبل الركوع، فإن كان قد قرأ الفاتحة - بعدها - أعاد السورة، وإن لم يكن قد قرأ الفاتحة قرأها وقرأ السورة بعدها، وإن ذكر بعد الركوع مضى وكذا إن نسيهما، أو نسي إحداهما وذكر بعد الركوع.

ص: 163

(مسألة 597): تجب السورة في الفريضة، وإن صارت نافلة، كالمعادة، ولا تجب في النافلة وإن صارت واجبة بالنذر ونحوه على الأقوى الا ان ينذر بإن يصلي الصلاة المتعارفة. نعم النوافل التي وردت في كيفيتها سور مخصوصة، تجب قراءة تلك السور فيها فلا تشرع بدونها، إلا إذا كانت السورة شرطا لكمالها، لا لأصل مشروعيتها.

(مسألة 598): تسقط السورة في الفريضة عن المريض، والمستعجل والخائف من شيء إذا قرأها، ومن ضاق وقته، والأحوط - استحباباً - في الأوليين الاقتصار على صورة المشقة في الجملة بقراءتها. والأظهر كفاية الضرورة العرفية.

(مسألة 599): لا يجوز قراءة السور التي يفوت الوقت بقرائتها من السور الطوال فإن قرأها - عامداً - بطلت الصلاة وان كان ساهياً عدل الى غيرها مع سعة الوقت. وان ذكر بعد الفراغ منها - وقد خرج الوقت - اتم صلاته، الا اذا لم يكن قد أدرك ركعة فيحكم - حينئذ - ببطلان صلاته ولزمه القضاء.

(مسألة 600): لا تجوز قراءة إحدى سور العزائم في الفريضة على اشكال. فاذا قرأها عمداً وجب عليه السجود للتلاوة فإن سجد بطلت صلاته، وإن عصى فألاحوط وجوباً له الاتمام والاعادة، وإذا قرأها - نسياناً - وذكر قبل آية السجدة عدل الى غيرها واذا ذكر بعدها فان سجد - نسياناً - أيضاً أتمها وصحت صلاته، وان التفت قبل السجود أومأ اليها واتم صلاته، وسجد بعدها على الاحوط وان سجد وهو في الصلاة بطلت.

(مسألة 601): إذا استمع إلى آية السجدة وهو في الصلاة أومأ برأسه إلى السجود وأتم صلاته، والأحوط - وجوبا - السجود أيضاً بعد الفراغ، والظاهر عدم وجوب السجود بالسماع من غير اختيار مطلقاً.

ص: 164

(مسألة 602): تجوز قراءة سور العزائم في النافلة منفردة، أو منضمة إلى سورة أخرى، ويسجد عند قراءة آية السجدة، ويعود إلى صلاته فيتمها، وكذا الحكم لو قرأ آية السجدة وحدها. وسور العزائم أربع: ( ألم السجدة، حم السجدة، النجم، العلق ).

(مسألة 603): البسملة جزء من كل سورة فتجب قراءتها معها - عدا سورة براءة - واذا عينها لسورة لم تجز قراءة غيرها الا بعد اعادة البسملة لها، واذا قرأ البسملة من دون تعيين سورة وجبت اعادتها ويعينها لسورة خاصة، وكذا اذا عينها لسورة ونسيها فلم يدر ما عين، واذا كان متردداً بين السور لم يجز له البسملة الا بعد التعيين، اما اذا كان عازماً من اول الصلاة على قراءة سورة معينة، أو كان من عادته ذلك فقرأ غيرها كفى ولم تجب أعادة السورة.

(مسألة 604): الأحوط ترك القران بين السورتين في الفريضة، وإن كان الأظهر الجواز على كراهة، وفي النافلة يجوز ذلك بلا كراهة.

(مسألة 605): سورتا الفيل والإيلاف سورة واحدة، وكذا سورتا الضحى وألم نشرح. فلا تجزي واحدة منهما، بل لابد من الجمع بينهما مرتباً مع البسملة الواقعة بينهما.

(مسألة 606): تجب القراءة الصحيحة بأداء الحروف وإخراجها من مخارجها على النحو اللازم في لغة العرب، كما يجب أن تكون هيئة الكلمة موافقة للأسلوب العربي، من حركة البنية، وسكونها، وحركات الإعراب والبناء وسكناتها، والحذف، والقلب، والإدغام، والمد الواجب وغير ذلك. فان أخل بشيء من ذلك بطلت القراءة.

ص: 165

(مسألة 607): يجب حذف همزة الوصل في الدرج مثل همزة : الله والرحمن، والرحيم، واهدنا وغيرها، فاذا أثبتها بطلت القراءة، وكذا يجب اثبات همزة القطع مثل: إياك، وأنعمت، فإذا حذفها بطلت القراءة.

(مسألة 608): الأحوط - وجوباً - ترك الوقوف بالحركة، بل وكذا الوصل بالسكون.

(مسألة 609): يجب المد في الواو المضموم ما قبلها، أو الياء المكسور ما قبلها، أو الألف المفتوح ما قبلها، اذا كان بعدها سكون لازم مثل ضآلين، بل الاحوط في مثل: جآء، وجيء، وسوء.

(مسألة 610): الأحوط - استحباباً - الإدغام إذا كان بعد النون الساكنة أو التنوين لأحد حروف : يرملون.

(مسألة 611): يجب إدغام لام التعريف إذا دخلت على التاء والثاء، والدال، والذال، والراء، والزاء، والسين، والشين، والصاد ،والضاد، والطاء، والظاء، واللام، والنون، وإظهارها في بقية الحروف فتقول في : الله، والرحمن، والرحيم، والصراط، والضالين بالإدغام وفي الحمد، والعالمين، والمستقيم بالإظهار.

(مسألة 612): يجب الإدغام في مثل: مدّ وردّ مما اجتمع مثلان في كلمة واحدة، ولا يجب في مثل اذهب بكتابي و يدرككم الموت مما اجتمع فيه المثلان في كلمتين وكان الأول ساكنا، وإن كان الإدغام أحوط.

(مسألة 613): تجوز قراءة مالك يوم الدين، وملك يوم الدين، ويجوز في الصراط بالصاد والسين، ويجوز في كفوا، أن يقرأ بضم الفاء وبسكونها مع الهمزة، أو الواو.

ص: 166

(مسألة 614): إذا لم يقف على أحد، في قل هو الله أحد، ووصله ب- ( الله الصمد ) فالأحوط أن يقول أحدُنِ الله الصمد،بضم الدال وكسر النون.

(مسألة 615): إذا اعتقد كون الكلمة على وجه خاص من الإعراب أو البناء، أو مخرج الحرف، فصلى مدة على ذلك الوجه،ثم تبين أنه غلط، فالظاهر الصحة، وإن كان الأحوط الإعادة.

(مسألة 616): الأحوط القراءة بإحدى القراءات السبع وإن كان الأقوى جواز القراءة بجميع القراءات التي كانت متداولة في زمان الأئمة عليهم السلام.

(مسألة 617): يجب على الرجال الجهر بالقراءة في الصبح والأوليين من المغرب، والعشاء، والإخفات في غير الأوليين منهما، وكذا في الظهر والعصر في غير يوم الجمعة عدا البسملة. أما فيه فيستحب الجهر في صلاة الجمعة، بل في الظهر على الأقوى.

(مسألة 618): إذا جهر في موضع الإخفات، أو أخفت في موضع الجهر - عمداً - بطلت صلاته على الأحوط، وإذا كان ناسياً، أو جاهلاً بالحكم من أصله، أو بمعنى الجهر والإخفات صحت صلاته، والأحوط الأولى الإعادة إذا كان متردداً فجهر، أو أخفت في غير محله - برجاء المطلوبية - وإذا تذكر الناسي، أو علم الجاهل في أثناء القراءة، مضى في القراءة، ولم تجب عليه إعادة ما قرأه.

(مسألة 619): لا جهر على النساء، بل يتخيرن بينه وبين الإخفات في الجهرية، ويجب عليهن الإخفات في الإخفاتية، ويعذرن فيما يعذر الرجال فيه.

(مسألة 620): مناط الجهر والاخفات الصدق العرفي، لاسماع من بجانبه وعدمه، ولايصدق الاخفات على ما يشبه كلام المبحوح وان كان لايظهر جوهر الصوت فيه، ولا يجوز الافراط في الجهر كالصياح، والاحوط في الاخفات ان يسمع نفسه تحقيقاً، أو تقديراً، كما اذا كان أصم أو كان هناك مانع من سماعه.

ص: 167

(مسألة 621): من لا يقدر إلا على الملحون ولو لتبديل بعض الحروف ولا يمكنه التعلم أجزأه ذلك، ويجب عليه أن يصلي صلاته مأموماً على الاحوط وكذا اذا ضاق الوقت عن التعلم، نعم اذا كان مقتصراً في ترك التعلم، وجب عليه ان يصلي مأموماً، واذا تعلم بعض الفاتحة قرئها. والاحوط - استحباباً - أن يقرأ من سائر القرآن عوض البقية واذا لم يعلم شيئاً منها قرأ من سائر القرآن، والاحوط - وجوباً - أن يكون بقدر الفاتحة، واذا لم يعرف شيئاً من القرآن أجزأه أن يكبر ويسبح، والاحوط - وجوباً - ان يكون بقدرها أيضاً، بل الاحوط الاتيان بالتسبيحات الاربعة، واذا عرف الفاتحة وجهل السورة، فالظاهر، سقوطها مع العجز عن تعلمها.

(مسألة 622): تجوز اختياراً القراءة في المصحف الشريف، وبالتلقين وإن كان الأحوط - استحباباً - الاقتصار في ذلك على حال الاضطرار.

(مسألة 623): يجوز العدول اختياراً من سورة إلى أخرى ما لم يتجاوز النصف والأحوط عدم العدول ما بين النصف والثلثين ولايجوز العدول بعد بلوغ الثلثين، هذا في غير سورتي الجحد والتوحيد، واما فيهما فلا يجوز العدول من إحداهما إلى غيرهما، ولا إلى الأخرى مطلقاً، نعم يجوز العدول من غيرهما - ولو بعد تجاوز النصف - أو من إحدى السورتين مع الاضطرار لنسيان بعضها، أو ضيق الوقت عند إتمامها، او كون الصلاة نافلة.

(مسألة 624): يستثنى من الحكم المتقدم يوم الجمعة، فإن من كان بانيا فيه على قراءة سورة الجمعة في الركعة الأولى وسورة (المنافقون) في الثانية من صلاة الجمعة، أو الظهر فغفل وشرع في سورة أخرى، فإنه يجوز له العدول إلى السورتين وإن كان من سورة التوحيد، أو الجحد أو بعد تجاوز الثلثين من أي سورة كانت والأحوط وجوبا عدم العدول عن الجمعة والمنافقون يوم الجمعة،

ص: 168

حتى إلى السورتين ( التوحيد والجحد ) إلا مع الضرورة فيعدل إلى إحداهما دون غيرهما على الأحوط.

(مسألة 625): يتخير المصلي في ثالثة المغرب، وأخيرتي الرباعيات بين الفاتحة، والتسبيح، وصورته : (( سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ))، هذا في غير المأموم في الصلوات الجهرية، وأما فيه فالاحوط - لزوماً - اختيار التسبيح، وتجب المحافظة على العربية، ويجزئ ذلك مرة واحدة، والأحوط - استحباباً - التكرار ثلاثاً، والأفضل إضافة الاستغفار إليه ويجب الإخفات في الذكر، وفي القراءة بدله حتى البسملة على الاحوط وجوباً.

(مسألة 626): لا تجب مساواة الركعتين الأخيرتين في القراءة والذكر، بل له القراءة في إحداهما، والذكر في الأخرى.

(مسألة 627): إذا قصد أحدهما فسبق لسانه إلى الآخر فالظاهر عدم الاجتزاء به، وعليه الاستئناف له، أو لبديله. وإذا كان غافلاً وأتى به بقصد الصلاة اجتزأ به، وإن كان خلاف عادته، أو كان عازما في أول الصلاة على غيره، وإذا قرأ الحمد بتخيل أنه في الأولتين، فذكر أنه في الأخيرتين اجتزأ، وكذا إذا قرأ سورة التوحيد - مثلاً - بتخيل أنه في الركعة الأولى، فذكر أنه في الثانية.

(مسألة 628): إذا نسي القراءة، والذكر، وتذكر بعد الوصول إلى حد الركوع صحت الصلاة، وإذا تذكر قبل ذلك - ولو بعد الهوي - رجع وتدارك، وإذا شك في قراءتها بعد الركوع مضى، واذا شك قبل ذلك تدارك وإن كان الشك بعد الاستغفار بل بعد الهوي أيضاً.

(مسألة 629): الذكر للمأموم أفضل في الصلوات الاخفاتية من القراءة. وفي أفضليته للامام والمنفرد اشكال.وتقدم ان الاحوط - لزوماً - اختيار الذكر للمأموم في الصلوات الجهرية.

ص: 169

(مسألة 630): تستحب الاستعاذة قبل الشروع في القراءة في الركعة الأولى بأن يقول : (( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم )) والأولى الإخفات بها، والجهر بالبسملة في أوليي الظهرين، والترتيل في القراءة، وتحسين الصوت بلا غناء، والوقف على فواصل الآيات، والسكتة بين الحمد والسورة، وبين السورة وتكبير الركوع، أو القنوت، وأن يقول بعد قراءة التوحيد (( كذلك الله ربي )) أو (( ربنا )) وأن يقول بعد الفراغ من الفاتحة : (( الحمد لله رب العالمين )) والمأموم يقولها بعد فراغ الإمام. وقراءة بعض السور في بعض الصلوات كقراءة :عم، وهل أتى، وهل أتاك، ولا أقسم بيوم القيامة في صلاة الصبح، وسورة الأعلى والشمس، ونحوهما في الظهر، والعشاء، وسورة النصر، والتكاثر، في العصر، والمغرب، وسورة الجمعة، في الركعة الأولى، وسورة الأعلى في الثانية من العشاءين ليلة الجمعة، وسورة الجمعة في الأولى، والتوحيد في الثانية من صبحها، وسورة الجمعة في الأولى، والمنافقون في الثانية من ظهريها، وسورة هل أتى في الأولى، وهل أتاك في الثانية في صبح الخميس والاثنين، ويستحب في كل صلاة قراءة القدر في الأولى، والتوحيد في الثانية، وإذا عدل عن غيرهما إليهما لما فيهما من فضل، اعطي أُجر السورة التي عدل عنها، مضافاً إلى أجرهما.

(مسألة 631): يكره ترك سورة التوحيد في جميع الفرائض الخمس، وقراءتها بنفس واحد، وقراءة سورة واحدة في كلتا الركعتين الأوليين إلا سورة التوحيد، فإنه لا بأس بقراءتها في كل من الركعة الأولى والثانية.

(مسألة 632): يجوز تكرار الآية والبكاء، وتجوز قراءة المعوذتين في الصلاة وهما من القرآن، ويجوز إنشاء الخطاب بمثل : (( إياك نعبد وإياك نستعين )) مع قصد القرآنية، وكذا إنشاء الحمد بقوله : (( الحمد لله رب العالمين )) وإنشاء المدح بمثل (( الرحمن الرحيم )).

ص: 170

(مسألة 633): إذا أراد أن يتقدم أو يتأخر في أثناء القراءة يسكت وبعد الطمأنينة يرجع إلى القراءة، ولا يضر تحريك اليد، أو أصابع الرجلين حال القراءة.

(مسألة 634): إذا تحرك في حال القراءة قهراً لريح، أو غيرها بحيث فاتت الطمأنينة فالأحوط - استحباباً - إعادة ما قرأ في تلك الحال.

(مسألة 635): يجب الجهر في جميع الكلمات والحروف في القراءة الجهرية.

(مسألة 636): تجب الموالاة بين حروف الكلمة بالمقدار الذي يتوقف عليه صدق الكلمة، فاذا فاتت الموالاة - سهواً - بطلت الكلمة واذا كان عمداً بطلت الصلاة، وكذا الموالاة بين الجار والمجرور وحرف التعريف ومدخولها ونحو ذلك مما يعد جزء الكلمة. والاحوط المولاة بين المضاف والمضاف إليه والمبتدأ وخبره والفعل وفاعله والشرط وجزائه، والموصوف وصفته والمجرور ومتعلقه، ونحو ذلك مما له هيئة خاصة على نحو لايجوز الفصل فيه بالأجنبي، فاذا فاتت سهواً أعاد القراءة، واذا فاتت عمداً فالاحوط - وجوباً الاتمام والاستئناف.

(مسألة 637): إذا شك في حركة كلمة، أو مخرج حروفها، لا يجوز أن يقرأ بالوجهين، فيما إذا لم يصدق على الآخر أنه ذكر ولو غلطاً. ولكن لو اختار أحد الوجهين جازت القراءة عليه، فإذا انكشف أنه مطابق للواقع لم يعد الصلاة، وإلا أعادها.

الفصل الخامس: في الركوع

وهو واجب في كل ركعة مرة، فريضة كانت أو نافلة، عدا صلاة الآيات كما سيأتي، كما أنه ركن تبطل الصلاة بزيادته ونقيصته عمداً وسهواً، عدا صلاة

ص: 171

الجماعة، فلا تبطل بزيادته للمتابعة كما سيأتي، وعدا النافلة فلا تبطل بزيادته فيها سهواً، ويجب فيه أمور :

الأول : الانحناء بقصد الخضوع قدر ما تصل أطراف الأصابع إلى الركبتين، وغير مستوي الخلقة لطول اليدين، أو قصرهما يرجع إلى المتعارف. ولا بأس باختلاف أفراد مستوي الخلقة، فإن لكل حكم نفسه.

الثاني : الذكر، ويجزئ منه (( سبحان ربي العظيم وبحمده ))، أو ((سبحان الله)) ثلاثاً، بل يجزئ مطلق الذكر، من تحميد، وتكبير، وتهليل، وغيرها، إذا كان بقدر الثلاثالصغريات، مثل : (( الحمد لله )) ثلاثاً، أو (( الله أكبر )) ثلاثا، ويجوز الجمع بين التسبيحة الكبرى والثلاث الصغريات، وكذا بينهما وبين غيرهما من الأذكار، ويشترط في الذكر : العربية، والموالاة، وأداء الحروف من مخارجها، وعدم المخالفة في الحركات الإعرابية، والبنائية.

الثالث : الطمأنينة فيه بقدر الذكر الواجب بل الاحوط وجوباً ذلك في الذكر المندوب. واذا جاء به بقصد الخصوصية، ولا يجوز الشروع في الذكر قبل الوصول الى حد الركوع.

الرابع : رفع الرأس منه حتى ينتصب قائماً.

الخامس : الطمأنينة حال القيام المذكور، وإذا لم يتمكن لمرض، أو غيره سقطت، وكذا الطمأنينة حال الذكر، فإنها تسقط لما ذكر، ولو ترك الطمأنينة في الركوع سهواً بأن لم يبق في حده، بل رفع رأسه بمجرد الوصول إليه، ثم ذكر بعد رفع الرأس فالاحوط اتمام الصلاة ثم الاعادة.

(مسألة 638): إذا تحرك حال الذكر الواجب بسبب قهري وجب عليه السكوت حال الحركة واعادة الذكر، واذا ذكر في حال الحركة فإن كان عامداً بطلت صلاته، وان كان ساهياً فالاحوط - وجوباً - تدارك الذكر.

ص: 172

(مسألة 639): يستحب التكبير للركوع قبله، ورفع اليدين حالة التكبير، ووضع الكفين على الركبتين، اليمنى على اليمنى، واليسرى على اليسرى، ممكناً كفيه من عينيهما، ورد الركبتين إلى الخلف، وتسوية الظهر، ومد العنق موازياً للظهر، وأن يكون نظره بين قدميه، وأن يجنح بمرفقيه، وأن يضع اليمنى على الركبة قبل اليسرى، وأن تضع المرأة كفيها على فخذيها، وتكرار التسبيح ثلاثاً، أو خمساً، أو سبعاً، أو أكثر، وأن يكون الذكر وتراً، وأن يقول قبل التسبيح : ((اللهم لك ركعت ولك أسلمت، وعليك توكلت، وأنت ربي، خشع لك قلبي، وسمعي، وبصري، وشعري، وبشري، ولحمي، ودمي، ومخي، وعصبي، وعظامي، وما أقلته قدماي، غير مستنكف ولا مستكبر ولا مستحسر )) وأن يقول للانتصاب بعد الركوع (( سمع الله لمن حمده )) وأن يضم إليه : (( الحمد لله رب العالمين ))، وأن يضم إليه (( أهل الجبروت والكبرياء والعظمة، والحمد لله رب العالمين ))، وأن يرفع يديه للانتصاب المذكور. وأن يصلي على النبي صلى الله عليه وآله في الركوع، ويكره فيه أن يطأطئ رأسه، أو يرفعه إلى فوق، وأن يضم يديه إلى جنبيه، وأن يضع إحدى الكفين على الأُخرى ،ويدخلهما بين ركبتيه، وأن يقرأ القرآن فيه،وأن يجعل يديه تحت ثيابه ملاصقاً لجسده.

(مسألة 640): إذا عجز عن الانحناء التام بنفسه، اعتمد على ما يعينه عليه، وإذا عجز عنه فالاحوط ان يأتى بالممكن منه مع الإيماء الى الركوع منتصباً قائماً قبله، أو بعده، واذا دار أمر بين الركوع - جالساً - والايماء اليه - قائماً - تعين الثاني، والأولىالجمع بينهما بتكرار الصلاة، ولابد في الإيماء من أن يكون برأسه إن أمكن، وإلا فبالعينين تغميضا له، وفتحا للرفع منه.

(مسألة 641): إذا كان كالراكع خلقة، أو لعارض، فإن أمكنه الانتصاب التام للقراءة، وللهوي للركوع وجب، ولو بالاستعانة بعصاً ونحوها، وإلا فإن

ص: 173

تمكن من رفع بدنه بمقدار يصدق على الانحناء بعده الركوع في حقه عرفاً لزمه ذلك، وإلا أومأ برأسه وإن لم يمكن فبعينيه.

(مسألة 642): حد ركوع الجالس صدق ان ينحني بمقدار يساوي وجهه ركبتيه، والأفضل الزيادة في الانحناء إلى أن يستوي ظهره، وإذا لم يتمكن من الركوع انتقل إلى الإيماء كما تقدم.

(مسألة 643): إذا نسي الركوع فهوى إلى السجود، وذكر قبل وضع جبهته على الأرض رجع إلى القيام، ثم ركع، وكذلك إن ذكره بعد ذلك قبل الدخول في الثانية على الأظهر، والأحوط استحباباً حينئذ إعادة الصلاة بعد الإتمام وإن ذكره بعد الدخول في الثانية بطلت صلاته واستأنف.

(مسألة 644): يجب أن يكون الانحناء بقصد الركوع، فإذا انحنى ليتناول شيئاً من الأرض، أو نحوه، ثم نوى الركوع لا يجزئ، بل لابد من القيام، ثم الركوع عنه.

(مسألة 645): يجوز للمريض - وفي ضيق الوقت وسائر موارد الضرورة - الاقتصار في ذكر الركوع على : (( سبحان الله )) مرة.

الفصل السادس: في السجود
اشارة

والواجب منه في كل ركعة سجدتان، وهما معاً ركن تبطل الصلاة بنقصانهما معا وبزيادتهما كذلك عمداً و سهواً، ولا تبطل بزيادة سجدة واحدة ولا بنقصها سهواً، والمدار في تحقق مفهوم السجدة على وضع الجبهة، أو ما يقوم مقامها بقصد التذلل والخضوع، وعلى هذا المعنى تدور الزيادة والنقيصة دون بقية الواجبات : وهي أمور :

ص: 174

الأول : السجود على سبعة أعضاء : الكفين، والركبتين، وإبهامي الرجلين و الجبهة، ويجب في الكفين الباطن، وفي الضرورة ينتقل إلى الظاهر، ثم إلى الأقرب فالأقرب على الأحوط، ولا يجزئ السجود على رؤوس الأصابع وكذا إذا ضم أصابعه إلى راحته وسجد على ظهرها. ولا يجب الاستيعاب في الجبهة بل يكفي المسمى. ولا يعتبر أن يكون مقدار المسمى مجتمعا بل يكفي وإن كان متفرقا، فيجوز السجود على السبحة غير المطبوخة إذا كان مجموع ما وقعت عليه بمقدار مسمى السجود، مع كون أجزائها غير متباعدة. ويجزئ في الركبتين أيضا المسمى، وفي الإبهامين وضع ظاهرهما، أو باطنهما، وإن كان الأحوط وضع طرفهما.

(مسألة 646): لابد في الجبهة من مماستها لما يصح السجود عليه من أرض ونحوها، ولا تعتبر في غيرها من الأعضاء المذكورة.الثاني : الذكر على نحو ما تقدم في الركوع، والاحوط في التسبيحة الكبرى إبدال العظيم بالأعلى.

الثالث: الطمأنينة فيه كما في ذكر الركوع.

الرابع:كون المساجد في محلها حال الذكر. واذا اراد رفع شيء منها سكت الى ان يضعه ثم يرجع الى الذكر.

الخامس: رفع الرأس من السجدة الاولى الى ان ينتصب جالساً مطمئناً.

السادس: يتساوى موضع جبهته وموقفه الا ان يكون الاختلاف بمقدار لبنة وقُدَّرَ بأربعة أصابع مضمومة ولا فرق بين الانحدار والتسنيم فيما اذا كان الانحدار ظاهراً. اما في غير الظاهر فلا اعتبار بالتقدير المذكور وان كان هو الاحوط استحباباً. ولا يعتبر ذلك في باقي المساجد على الاقوى.

ص: 175

(مسألة 647): إذا وضع جبهته على الموضع المرتفع، أو المنخفض، فإن لم يصدق معه السجود رفعها ثم سجد على المستوي، وإن صدق معه السجود، أو كان المسجد مما لا يصح السجود عليه فالظاهر ايضاً لزوم الرفع والسجود على مايجوز السجود عليه، وإذا وضعها على ما يصح السجود عليه جاز جرها الى الافضل أو الاسهل.

(مسألة 648): إذا ارتفعت جبهته عن المسجد قهراً قبل الذكر ،أو بعده، فإن أمكن حفظها عن الوقوع ثانيا احتسبت له، وسجد أخرى بعد الجلوس معتدلاً، وإن وقعت على المسجد ثانيا قهراً لم تحسب الثانية فيرفع رأسه ويسجد الثانية.

(مسألة 649): إذا عجز عن السجود التام انحنى بالمقدار الممكن ورفع المسجد إلى جبهته، ووضعها عليه ووضع سائر المساجد في محالها وإن لم يمكن الانحناء أصلاً، أو أمكن بمقدار لا يصدق معه السجود عرفاً، أومأ برأسه، فإن لم يمكن فبالعينين، وإن لم يمكن فالاولى له أن يشير إلى السجود باليد، أو نحوها، وينويه بقلبه، والأحوط - استحباباً - له رفع المسجد إلى الجبهة، وكذا وضع المساجد في محالها، وإن كان الأظهر عدم وجوبه.

(مسألة 650): إذا كان بجبهته قرحة أو نحوها مما يمنعه من وضعه على المسجد، فإن لم يستغرقها سجد على الموضع السليم ولو بأن يحفر حفيرة ليقع السليم على الأرض، وإن استغرقها سجد على أحد الجبينين مقدماً الايمن على الاحوط استحباباً - والاحوط لزوماً الجمع بيته وبين السجود على الذقن ولو بتكرار الصلاة، فان تعذر السجود على الجبين اقتصر على السجود على الذقن، فان تعذر أومأ الى السجود برأسه أو بعينه على ما تقدم.

(مسألة 651): لا بأس بالسجود على غير الأرض ونحوها، مثل الفراش في حال التقية، ولا يجب التخلص منها بالذهاب إلى مكان آخر، نعم لو كان في

ص: 176

ذلك المكان وسيلة لترك التقية بأن يصلي على البارية، أو نحوها مما يصح السجود عليه وجب اختيارها.

(مسألة 652): إذا نسي السجدتين فإن تذكر قبل الدخول في الركوع وجب العود إليهما، وإن تذكر بعد الدخول فيه بطلت الصلاة، وإن كان المنسي سجدة واحدة رجع وأتى بها إن تذكر قبل الركوع، وإن تذكر بعده مضى وقضاها بعد السلام، وسيأتي في مبحث الخلل التعرض لذلك.

(مسألة 653): يستحب في السجود التكبير حال الجلوس بعد السجود، ورفع اليدين حاله، والسبق باليدين إلى الأرض، واستيعاب الجبهة في السجود عليها، والإرغام بالأنف، وبسط اليدين مضمومتي الأصابع حتى الإبهام حذاء الأذنين متوجهاً بهما إلى القبلة، وشغل النظر إلى طرف الأنف حال السجود، والدعاء قبل الشروع في الذكر فيقول : (( اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، وعليك توكلت، وأنت ربي سجد وجهي للذي خلقه، وشق سمعه وبصره الحمد لله رب العالمين تبارك الله أحسن الخالقين ) وتكرار الذكر، والختم على الوتر، واختيار التسبيح والكبرى منه وتثليثها، والأفضل تخميسها، والأفضل تسبيعها، وأن يسجد على الأرض بل التراب، ومساواة موضع الجبهة للموقف، بل مساواة جميع المساجد لهما. قيل : والدعاء في السجود بما يريد من حوائج الدنيا والآخرة، خصوصاً الرزق فيقول : (( ياخير المسؤولين، وياخير المعطين ارزقني وارزق عيالي من فضلك، فإنك ذو الفضل العظيم ))، والتورك في الجلوس بين السجدتين وبعدهما، بأن يجلس على فخذه اليسرى، جاعلاً ظهر قدمه اليمنى على باطن اليسرى، وأن يقول في الجلوس بين السجدتين : ((استغفر الله ربي وأتوب إليه ))، وأن يكبر بعد الرفع من السجدة الأولى بعد الجلوس مطمئناً، ويكبر للسجدة الثانية وهو جالس، ويكبر بعد الرفع من الثانية كذلك، ويرفع اليدين حال التكبيرات، ووضع اليدين على الفخذين حال الجلوس،

ص: 177

اليمنى على اليمنى، واليسرى على اليسرى ،و التجافي حال السجود عن الأرض، والتجنح بمعنى أن يباعد بين عضديه عن جنبيه ويديه عن بدنه، وأن يصلي على النبي وآله في السجدتين، وأن يقوم رافعا ركبتيه قبل يديه، وأن يقول بين السجدتين : (( اللهم اغفر لي، وارحمني، وأجرني، وادفع عني، إني لما أنزلت إليّ من خير فقير، تبارك الله رب العالمين )) وأن يقول عند النهوض : ((بحول الله وقوته أقوم وأقعد وأركع وأسجد )) أو (( بحولك وقوتك أقوم وأقعد )) أو (( اللهم بحولك وقوتك أقوم وأقعد )) ويضم إليه (( وأركع وأسجد)) وأن يبسط يديه على الأرض، معتمداً عليها للنهوض، وأن يطيل السجود ويكثر فيه من الذكر، والتسبيح، ويباشر الأرض بكفيه، وزيادة تمكين الجبهة. ويستحب للمرأة وضع اليدين بعد الركبتين عند الهوي للسجود وعدم تجافيهما بل تفرش ذراعيها، وتلصق بطنها بالأرض، وتضم أعضاءها ولا ترفع عجيزتها حال النهوض للقيام، بل تنهض معتدلة. ويكره الإقعاء في الجلوس بين السجدتين، بل بعدهما أيضا وهو أن يعتمد بصدر قدميه على الأرض ويجلس على عقبيه، ويكره أيضا نفخ موضع السجود إذا لم يتولد منه حرفان، وإلا لم يجز، وأن لا يرفع يديه عن الأرض بين السجدتين، وأن يقرأ القرآن في السجود.

(مسألة 654): الأحوط - استحباباً - الإتيان بجلسة الاستراحة. وهي الجلوس بعد السجدة الثانية في الركعة الأولى، والثالثة مما لا تشهد فيه.

تتميم

يجب السجود عند قراءة آياته الأربع في السور الأربع وهي ألم تنزيل عند قوله تعالى : ( ولا يستكبرون ) وحم فصلت عند قوله : ( تعبدون )، والنجم، والعلق في آخرهما، وكذا يجب على المستمع إذا لم يكن في حال الصلاة، فإن كان حال الصلاة أومأ إلى السجود، وسجد بعد الصلاة على الأحوط، ويستحب في أحد عشر موضعا في الأعراف عند قوله تعالى : ( وله يسجدون ) وفي الرعد

ص: 178

عند قوله تعالى ( وظلالهم بالغدو والآصال ) وفي النحل عند قوله تعالى : (ويفعلون ما يؤمرون) وفي بني إسرائيل عند قوله تعالى : (ويزيدهم خشوعا) وفي مريم عند قوله تعالى : ( وخروا سجدا وبكيا) وفي سورة الحج في موضعين عند قوله : ( إن الله يفعل ما يشاء) وعند قوله : (لعلكم تفلحون) وفي الفرقان عند قوله : (وزادهم نفوراً ) وفي النمل عند قوله : ( رب العرش العظيم ) وفي (( ص )) عند قوله : ( خر راكعا وأناب )، وفي الانشقاق عند قوله : ( لا يسجدون) بل الأولى السجود عند كل آية فيها أمر بالسجود.

(مسألة 655): ليس في هذا السجود تكبيرة افتتاح، ولا تشهد ولا تسليم، نعم يستحب التكبير للرفع منه، بل الأحوط - استحباباً - عدم تركه، ولا يشترط فيه الطهارة من الحدث، ولا الخبث، ولا الاستقبال ولا طهارة محل السجود، ولا الستر، ولا صفات الساتر، بل يصح حتى في المغصوب، اذا لم يكن السجود تصرفاً فيه، والأحوط وجوباً، فيه السجود على الأعضاء السبعة ووضع الجبهة على الارض، أو ما في حكمها وعدم اختلاف المسجد عن الموقف في العلو، والانخفاض، ولابد فيه من النية، وإباحة المكان ويستحب فيه الذكر الواجب في سجود الصلاة

(مسألة 656): يتكرر السجود بتكرر السبب، وإذا شك بين الأقل والأكثر، جاز الاقتصار على الأقل، ويكفي في التعدد رفع الجبهة ثم وضعها من دون رفع بقية المساجد، أو الجلوس.

(مسألة 657): يستحب السجود - شكراً لله تعالى - عند تجدد كل نعمة ودفع كل نقمة، وعند تذكر ذلك، والتوفيق لأداء كل فريضة ونافلة، بل كل فعل خير، ومنه إصلاح ذات البين، ويكفي سجدة واحدة، والأفضل سجدتان، فيفصل بينهما بتعفير الخدين ،أو الجبينين أو الجميع، مقدماً الأيمن على الأيسر، ثم وضع الجبهة ثانياً، ويستحب فيه افتراش الذراعين، وإلصاق الصدر والبطن

ص: 179

بالأرض، وأن يمسح موضع سجوده بيده، ثم يمرها على وجهه، ومقاديم بدنه، وأن يقول فيه (( شكراً لله شكراً لله )) أو مائة مرة (( شكراً شكراً )) أو مائة مرة (( عفواً عفواً )) أو مائة مرة (( الحمد لله شكراً )) وكلما قاله عشر مرات قال (( شكراً لمجيب )) ثم يقول : (( يا ذا المن الذي لا ينقطع أبداً، ولا يحصيه غيره عدداً، ويا ذا المعروف الذي لا ينفد أبداً، يا كريم يا كريم يا كريم ))، ثميدعو ويتضرع ويذكر حاجته ،وقد ورد في بعض الروايات غير ذلك، والأحوط فيه السجود على ما يصح السجود عليه، والسجود على المساجد السبعة.

(مسألة 658): يستحب السجود بقصد التذلل لله تعالى، بل هو من أعظم العبادات، وقد ورد أنه أقرب ما يكون العبد إلى الله تعالى وهو ساجد، ويستحب إطالته.

(مسألة 659): يحرم السجود لغير الله تعالى، من دون فرق بين المعصومين عليهم السلام، وغيرهم، وما يفعله الشيعة في مشاهد الأئمة عليهم السلام لابد أن يكون لله تعالى شكراً على توفيقهم لزيارتهم عليهم السلام والحضور في مشاهدهم، جمعنا الله تعالى وإياهم في الدنيا والآخرة إنه أرحم الراحمين.

الفصل السابع: في التشهد

وهو واجب في الثنائية مرة بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة من الركعة الثانية، وفي الثلاثية، والرباعية مرتين، الأولى كما ذكر، والثانية بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة من الركعة الأخيرة. وهو واجب غير ركن، فإذا تركه - عمداً - بطلت الصلاة، وإذا تركه سهواً - أتى به ما لم يركع، وإلا قضاه بعد الصلاة على الأحوط وكيفيته على الاحوط (( أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا

ص: 180

شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل على محمد وآل محمد )) ويجب فيه الجلوس والطمأنينة وأن يكون على النهج العربي مع الموالاة بين فقراته، وكلماته، والعاجز عن التعلم اذا لم يجد من يلقنه، يأتي بما أمكنه إن صدق عليه الشهادة مثل أن يقول : (( أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله )) وإن عجز فالأحوط وجوباً أن يأتي بترجمته وإذا عجز عنها أتى بسائر الأذكار بقدره.

(مسألة 660): يكره الإقعاء فيه، بل يستحب فيه الجلوس متوركاً كما تقدم فيما بين السجدتين، وأن يقول قبل الشروع في الذكر : (( الحمد لله )) أو يقول : (( بسم الله وبالله، والحمد لله، وخير الأسماء لله، أو الأسماء الحسنى كلها لله ))، وأن يجعل يديه على فخذيه منضمة الأصابع، وأن يكون نظره إلى حجره، وأن يقول بعد الصلاة على النبي (صلی الله علیه و آله): (( وتقبل شفاعته وارفع درجته )) في التشهد الأول، وأن يقول : (( سبحان الله )) سبعا، ثم يقوم، وأن يقول حال النهوض عنه : (( بحول الله و قوته أقوم وأقعد )) وأن تضم المرأة فخذيها إلى نفسها، وترفع ركبتيها عن الأرض.

الفصل الثامن: في التسليم

وهو واجب في كل صلاة و هو آخر أجزائها، وبه يخرج عنها وتحل له منافياتها ،وله صيغتان،الأولى:(( السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين )) والثانية : (( السلام عليكم )) بإضافة (( ورحمة الله وبركاته )) على الأحوط وان كان الاظهر عدم وجوبها. فبأيهما أتى فقد خرج عن الصلاة، واذا بدأ بالاولى استحبت له الثانية بخلاف العكس، اما قول ((السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته )) فليس من صيغ السلام، ولا يخرج به عن الصلاة، بل هو مستحب.

ص: 181

(مسألة 661): يجب الإتيان بالتسليم على النهج العربي، كما يجب فيه الجلوس والطمأنينة حاله، والعاجز عنه كالعاجز عن التشهد في الحكم المتقدم.

(مسألة 662): إذا أحدث قبل التسليم بطلت الصلاة وكذا إذا فعل غيره من المنافيات، وإذا نسي التسليم حتى وقع منه المنافي فصحة الصلاة أمر مشكل. وإن كانت إعادتها أحوط، وإذا نسي السجدتين حتى سلم أعاد الصلاة، اذا صدر منه ما ينافي الصلاة عمداً وسهواً، وإلا أتى بالسجدتين، والتشهد، والتسليم، وسجد سجدتي السهو لزيادة السلام.

(مسألة 663): يستحب فيه التورك في الجلوس حاله، ووضع اليدين على الفخذين، ويكره الإقعاء كما سبق في التشهد.

الفصل التاسع: في الترتيب

يجب الترتيب بين أفعال الصلاة على نحو ما عرفت، فإذا عكس الترتيب فقدم مؤخراً، فإن كان عمداً بطلت الصلاة، وإن كان سهواً، أو عن جهل بالحكم من غير تقصير، فإن قدم ركناً على ركن بطلت. وإن قدم ركنا على غيره - كما إذا ركع قبل القراءة - مضى وفات محل ما ترك ولو قدم غير الركن عليه تدارك على وجه يحصل به الترتيب، وكذا لو قدم غير الأركان بعضها على بعض.

الفصل العاشر: في الموالاة

وهي واجبة في أفعال الصلاة، بمعنى عدم الفصل بينها على وجه يوجب محو صورة الصلاة في نظر أهل الشرع. وهي بهذا المعنى تبطل الصلاة بفواتها عمداً وسهواً، ولا يضر فيها تطويل الركوع والسجود، وقراءة السور الطوال،

ص: 182

وأما بمعنى توالي الأجزاء وتتابعها. وإن لم يكن دخيلاً في حفظ مفهوم الصلاة، فوجوب الموالاة محل إشكال، والأظهر عدم الوجوب من دون فرق بين العمد، والسهو.

الفصل الحادي عشر: في القنوت

وهو مستحب في جميع الصلوات، فريضة كانت، أو نافلة على إشكال في الشفع، والأحوط الإتيان به فيها برجاء المطلوبية، ويتأكد استحبابه في الفرائض الجهرية، خصوصا في الصبح، والجمعة، والمغرب، وفي الوتر من النوافل، والمستحب منه مرة بعد القراءة قبل الركوع في الركعة الثانية، إلا في الجمعة، ففيه قنوتان قبل الركوع في الأولى وبعده في الثانية، وإلا في العيدين ففيهما خمسة قنوتات في الاولى، واربعة في الثانية،وإلا في الآيات، ففيها قنوتان قبل الركوع الخامس من الأولى وقبله في الثانية، بل خمسة قنوتات قبل كل ركوع زوج، كما سيأتي إن شاء الله تعالى، وإلا في الوتر ففيها قنوتان، قبل الركوع، وبعده على إشكال في الثاني. نعم يستحب بعده أن يدعو بما دعا به أبو الحسن موسى عليه السلام وهو : (( هذا مقام من حسناته نعمة منك، وشكره ضعيف وذنبه عظيم، وليس لذلك إلا رفقك ورحمتك، فإنك قلت في كتابك المنزل على نبيك المرسل، صلى الله عليه وآله - ( كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون، وبالأسحار هم يستغفرون ) طال والله هجوعي، وقل قيامي وهذا السحر، وأنا أستغفرك لذنوبي استغفارمن لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً، ولا موتاً، ولا حياةً، ولا نشوراً )) كما يستحب أن يدعو في القنوت قبل الركوع في الوتر بدعاء الفرج وهو : (( لا إله إلا الله الحليم الكريم لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السموات السبع، ورب الأرضين السبع، وما فيهن وما بينهن، ورب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين )) وأن يستغفر لأربعين مؤمناً أمواتاً، وأحياءاً، وأن يقول سبعين مرة

ص: 183

: (( أستغفر الله ربي وأتوب إليه )) ثم يقول : (( أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، ذو الجلال والإكرام، لجميع ظلمي وجرمي، وإسرافي على نفسي وأتوب إليه ))، سبع مرات، وسبع مرات (( هذا مقام العائذ بك من النار )) ثم يقول : (( رب أسأت، وظلمت نفسي، وبئس ما صنعت، وهذي يدي جزاء بما كسبت، وهذي رقبتي خاضعة لما أتيت، وها أنا ذا بين يديك، فخذ لنفسك من نفسي الرضا حتى ترضى، لك العتبى لا أعود)) ثم يقول : (( العفو )) ثلاثمائة مرة ويقول : (( رب اغفر لي، وأرحمني، وتب عليّ، إنك أنت التواب الرحيم)).

(مسألة 664): لا يشترط في القنوت قول مخصوص، بل يكفي فيه ما يتيسر من ذكر، أو دعاء أو حمد، أو ثناء، ويجزي سبحان الله خمساً أو ثلاثاً، أو مرة، والأولى قراءة المأثور عن المعصومين عليهم السلام.

(مسألة 665): يستحب التكبير قبل القنوت، ورفع اليدين حال التكبير، ووضعهما، ثم رفعهما حيال الوجه، قيل : وبسطهما جاعلاً باطنهما نحو السماء، وظاهرهما نحو الأرض، وأن تكونا منضمتين مضمومتي الأصابع، إلا الإبهامين، وأن يكون نظره إلى كفيه.

(مسألة 666): يستحب الجهر بالقنوت للإمام والمنفرد، والمأموم ولكن يكره للمأموم أن يسمع الإمام صوته.

(مسألة 667): إذا نسي القنوت وهوى، فإن ذكر قبل الوصول إلى حد الركوع رجع، وإن كان بعد الوصول إليه قضاه حين الانتصاب بعد الركوع، وإذا ذكره بعد الدخول في السجود قضاه بعد الصلاة جالساً مستقبلاً، والاحوط ذلك فيما اذا ذكره بعد الهوي الى السجود قبل وضع الجبهة، وإذا تركه عمداً في محله، أو بعدما ذكره بعد الركوع فلا قضاء له.

ص: 184

(مسألة 668): الظاهر انه لا تؤدى وظيفة القنوت بالدعاء الملحون أو بغير العربي، وإن كان لا يقدح ذلك في صحة الصلاة.

الفصل الثاني عشر: في التعقيب

وهو الاشتغال بعد الفراغ من الصلاة بالذكر، والدعاء، ومنه أن يكبر ثلاثاً بعد التسليم، رافعاً يديه على نحو ما سبق، ومنه - وهو أفضله - تسبيح الزهراء عليها السلام وهو التكبير أربعاً وثلاثين، ثم الحمد ثلاثاً وثلاثين، ثم التسبيح ثلاثاً وثلاثين، ومنه قراءة الحمد، وآية الكرسي، وآية شهد الله، وآية الملك، ومنه غير ذلك مما هو كثير مذكور في الكتب المعدة له.

الفصل الثالث عشر: في صلاة الجمعة، وفي فروعها

الاول: صلاة الجمعة ركعتان، كصلاة الصبح وتمتاز عنها بخطبتين قبلها، ففي الاولى منها يقوم الامام ويحمد الله ويثني عليه ويوصي بتقوى الله ويقرأ سورة من الكتاب العزيز ثم يجلس قليلاً، وفي الثانية يقوم ويحمد الله ويثني عليه ويصلي على محمد صلى الله عليه وآله وعلى ائمة المسلمين عليهم السلام ويستغفر للمؤمنين والمؤمنات.

الثاني: يعتبر في القدر الواجب من الخطبة: العربية، ولايعتبر في الزائد عليه، واذا كان الحاضرون غير عارفين باللغة العربية فالاحوط هو الجمع بين اللغة العربية ولغة الحاضرين بالنسبة الى الوصية بتقوى الله.

الثالث : صلاة الجمعة واجبة تخييراً، بمعنى أن المكلف مخير يوم الجمعة بين اقامة صلاة الجمعة اذا توفرت شرائطها الآتية وبين الاتيان بصلاة الظهر، فاذا أقام الجمعة مع الشرائط أجزأت عن الظهر.

ص: 185

الرابع : يعتبر في وجوب صلاة الجمعة أمور:

1- دخول الوقت، وهو زوال الشمس على ما مر في صلاة الظهر الى ان يصير ظل كل شيء مثله.

2- اجتماع سبعة أشخاص، أحدهم الامام، وان كانت تصح صلاة الجمعة من خمسة نفر أحدهم الامام، الا انه حينئذ لايجب الحضور معهم.

3- وجود الامام الجامع لشرائط الامامة من العدالة وغيرها - على ما نذكرها في صلاة الجماعة -.

الخامس: تعتبر في صحة صلاة الجمعة أمور:

1- الجماعة، فلا تصح صلاة الجمعة فرادى، ويجزي فيها ادراك الامام في الركوع الاول بل في القيام من الركعة الثانية أيضاً فيأتي مع الامام بركعة وبعد فراغه يأتي بركعة أخرى.

2- ان لا تكون المسافة بينها وبين صلاة جمعة اخرى اقل من الفرسخ فلو اقيمت جمعتان فيما دون فرسخ. بطلتا جميعاً ان كانتا مقترنتين زماناً. واما اذا كانت أحدهما سابقة على الاخرى ولو بتكبيرة الاحرام صحت السابقة دون اللاحقة. نعم اذا كانت إحدى الصلاتين فاقدة لشرائط الصحة فهي لاتمنع عن اقامة صلاة جمعة اخرى ولو كانت في عرضها أو متأخرة عنها.

3- قراءة خطبتين قبل الصلاة - على ما تقدم - ولابد من ان تكون الخطبتان بعد الزوال على الاحوط، كما لابد أن يكون الخطيب هو الامام.

السادس : اذا اقيمت الجمعة في بلد واجدة لشرائط الوجوب والصحة وجب الحضور على الاحوط. نعم لايجب الحضور حالة الخطبة على الاظهر.

السابع: يعتبر في وجوب الحضور أمور:

ص: 186

1- الذكورة، فلا يجب الحضور على النساء.

2- الحرية، فلا يجب على العبيد.

3- الحضور، فلا يجب على المسافر سواء في ذلك المسافر الذي وظيفته القصر ومن كانت وظيفته الاتمام كالقاصد لاقامة عشرة ايام.

4- السلامة من المرض والعمى، فلا يجب على المريض والاعمى.

5- عدم الشيخوخة، فلا يجب على الشيخ الكبير.

6- ان لايكون الفصل بينه وبين المكان الذي تقام فيه الجمعة أزيد من فرسخين، كما لايجب على من كان الحضور له حرجياً وإن لم يكن الفصل بهذا المقدار، بل لايبعد عدم وجوب الحضور عند المطر وإن لم يكن الحضور حرجياً.

الثامن : الاحوط عدم السفر بعد زوال الشمس يوم الجمعة من بلد تقام فيه الجمعة الواجدة للشرائط.

التاسع: لايجوز التكلم اثناء اشتغال الامام بالخطبة، والاحوط الاصغاء اليها لمن يفهم معناها.

العاشر : يحرم البيع والشراء بعد النداء لصلاة الجمعة اذا كانا منافيين للصلاة ولكن الأقوى بطلان المعاملة.

الحادي عشر : من يجب عليه الحضور اذا تركه وصلى صلاة الظهر فالاظهر صحة صلاته.

ص: 187

المبحث الثالث: منافيات الصلاة

و هي أمور :

الأول : الحدث، سواء أ كان أصغر، أم أكبر فإنه مبطل للصلاة أينما وقع في أثنائها عمداً او سهواً. نعم إذا وقع قبل السلام سهواً فصحة صلاته مشكل، ويستثنى من الحكم المذكور المسلوس والمبطون ونحوهما، والمستحاضة كما تقدم.

الثاني : الالتفات بكل البدن عن القبلة ولو سهواً، أو قهراً من ريح. اونحوها والساهي ان لم يذكره الا بعد خروج الوقت لم يجب عليه القضاء، اما إذا ذكره في الوقت أعاد، الا إذا كان لم يبلغ إحدى نقطتي اليمين واليسار فلا إعادة - حينئذ - فضلاً عنالقضاء، ويلحق بالالتفات بالبدن الالتفات بالوجه خاصة مع بقاء البدن على استقباله إذا كان الالتفات فاحشاً فيجري فيه ما ذكرناه من البطلان في فرض العمد، وعدم وجوب القضاء مع السهو إذا كان التذكر خارج الوقت، ووجوب الاعادة اذا كان التذكر في الوقت وكان انحراف الوجه بلغ نقطتي اليمين واليسار، واما اذا كان الالتفات بالوجه يسيراً يصدق معه الاستقبال فلا بطلان ولو كان عمداً، نعم هو مكروه.

الثالث : ما كان ماحياً لصورة الصلاة في نظر أهل الشرع، كالرقص والتصفيق، والاشتغال بمثل الخياطة والنساجة بالمقدار المعتد به، ونحو ذلك، ولا فرق في البطلان به بين صورتي العمد والسهو، ولا بأس بمثل حركة اليد، والإشارة بها، والانحناء لتناول شيء من الأرض، والمشي إلى إحدى الجهات بلا انحراف عن القبلة، وقتل الحية والعقرب، وحمل الطفل وإرضاعه، ونحو ذلك مما لا يعد منافيا للصلاة عندهم.

ص: 188

(مسألة 669): الظاهر بطلان الصلاة فيما إذا أتى في أثنائها بصلاة اخرى وتصح الصلاة الثانية مع السهو، وكذلك مع العمد إذا كانت الصلاة الأولى نافلة، وأما إذا كانت فريضة ففي صحتها إشكال، وإذا أدخل صلاة فريضة في أخرى سهوا وتذكر في الأثناء فإن كان التذكر قبل الركوع أتم الأولى إلا إذا كانت الثانية مضيقة فيتمها، وإن كان التذكر بعد الركوع أتم الثانية إلا إذا كانت الأولى مضيقة فيرفع اليد عما في يده ويستأنف الأولى.

(مسألة 670): إذا أتى بفعل كثير، أو سكوت طويل، وشك في فوات الموالاة ومحو الصورة قطع الصلاة واستأنفها، والأحوط إعادتها بعد إتمامها.

الرابع : الكلام عمداً، اذا كان مؤلفاً من حرفين، ويلحق به الحرف الواحد المفهم مثل (ق) - فعل أمر من الوقاية - فتبطل الصلاة به اذا قصد معناه، بل اذا توجه الى معناه ولو لم يقصد.

(مسألة 671): لا تبطل الصلاة بالتنحنح والنفخ، والأنين، والتأوه ونحوها، وإذا قال : آه، أو آه من ذنوبي، فإن كان شكاية إليه تعالى لم تبطل، وإلا بطلت.

(مسألة 672): لا فرق في الكلام المبطل عمداً، بين أن يكون مع مخاطب أو لو، وبين أن يكون مضطراً فيه أو مختاراً، نعم لا بأس بالتكلم سهواً ولو لاعتقاد الفراغ من الصلاة.

(مسألة 673): لا بأس بالذكر، والدعاء، وقراءة القرآن في جميع أحوال الصلاة، وأما الدعاء بالمحرم فالظاهر عدم البطلان به وإن كانت الإعادة أحوط.

(مسألة 674): إذا لم يكن الدعاء مناجاة له سبحانه، بل كان المخاطب غيره كما إذا قال لشخص (( غفر الله لك )) فالأحوط إن لم يكن الأقوى عدم جوازه.

ص: 189

(مسألة 675): الظاهر عدم جواز تسميت العاطس في الصلاة.

(مسألة 676): لا يجوز للمصلي ابتداء السلام ولا غيره من أنواع التحية. نعم يجوز رد السلام بل يجب، وإذا لم يرد ومضى في صلاته صحت وإن أثم.

(مسألة 677): يجب أن يكون رد السلام في أثناء الصلاة بمثل ما سلم. فلو قال المسلم (سلام عليكم) يجب ان يكون جواب المصلي (سلام عليكم) بل الاحوط وجوباً المماثلة في التعريف، والتنكير والافراد، والجمع، نعم اذا سلم المسلم بصيغة الجواب بان قال مثلاً، عليك السلام جاز الرد بأي صيغة كانت، وأما في غير حال الصلاة فيستحب الرد بالأحسن فيقول في سلام عليكم : عليكم السلام، أو بضميمة ورحمة الله وبركاته.

(مسألة 678): إذا سلم بالملحون وجب الجواب على النحو الصحيح.

(مسألة 679): إذا كان المسلم صبيا مميزاً، أو امرأة، فالظاهر وجوب الرد.

(مسألة 680): يجب إسماع رد السلام في حال الصلاة وغيرها، الا ان يكون المسلم أصم، أو كان بعيدا ولو بسبب المشي سريعا، وحينئذ فالاولى الجواب على النحو المتعارف في الرد.

(مسألة 681): إذا كانت التحية بغير السلام مثل:(( صبحك الله بالخير )) لم يجب الرد، وإن كان أحوط وأولى. وإذا أراد الرد في الصلاة فالأحوط - وجوبا - الرد بقصد الدعاء على نحو يكون المخاطب به الله تعالى مثل : ((اللهم صبحه بالخير )).

(مسألة 682): يكره السلام على المصلي.

(مسألة 683): إذا سلم واحد على جماعة كفى رد واحد منهم، وإذا سلم واحد على جماعة منهم المصلي فرد واحد منهم لم يجز له الرد، وإن كان

ص: 190

الراد صبياً مميزاً الأحوط الرد والإعادة، وإذا شك المصلي في أن المسلم قصده مع الجماعة لم يجز الرد. وإن لم يرد واحد منهم.

(مسألة 684): إذا سلم مرات عديدة كفى في الجواب مرة، وإذا سلم بعد الجواب احتاج أيضاً الى الجواب من دون الفرق بين المصلي وغيره.

(مسألة 685): إذا سلم على شخص مردد بين شخصين، لم يجب على أحد منهما الرد، وفي الصلاة لا يجوز الرد.

(مسألة 686): إذا تقارن شخصان في السلام، وجب على كل منهما الرد على الآخر على الأحوط.

(مسألة 687): إذا سلم سخرية، أو مزاحا، فالظاهر عدم وجوب الرد.

(مسألة 688): إذا قال : ( سلام ) بدون عليكم، فالاحوط في الصلاة الجواب بذلك أيضاً مع إعادتها بعد اتمامها.

(مسألة 689): إذا شك المصلي في أن السلام كان بأي صيغة فالظاهر جواز الجواب بكل من الصيغ الاربعة المتعارفة.

(مسألة 690): يجب رد السلام فوراً، فإذا أخر عصياناً أو نسياناً حتى خرج من صدق الجواب لم يجب الرد، وفي الصلاة لا يجوز، وإذا شك في الخروج عن الصدق وجب على الاحوط وإن كان في الصلاة فالاحوط الرد واعادة الصلاة بعد الاتمام.

(مسألة 691): لو اضطر المصلي إلى الكلام في الصلاة لدفع الضرر عن النفس أو غيره، تكلم وبطلت صلاته.

(مسألة 692): إذا ذكر الله تعالى في الصلاة، أو دعا أو قرأ القرآن على غير وجه العبادة بل بقصد التنبيه على أمر من دون قصد القربة لم تبطل الصلاة.

ص: 191

نعم لو لم يقصد الذكر، ولا الدعاء، ولا القرآن، وإنما جرى على لسانه مجرد التلفظ بطلت.

الخامس : القهقهة : وهي الضحك المشتمل على الصوت والترجيع ولا بأس بالتبسم وبالقهقهة سهواً اذا لم يخرج عن هيئة المصلي.

(مسألة 693): لو امتلأ جوفه ضحكاً وأحمر ولكن حبس نفسه عن إظهار الصوت لم تبطل صلاته والاحوط استحباباً الاتمام والاعادة.

السادس : تعمد البكاء المشتمل على الصوت، وغير المشتمل عليه على الاحوط وجوباً إذا كان لأمور الدنيا، أو لذكر ميت، فإذا كان خوفاً من الله تعالى، أو شوقاً إلى رضوانه، أو تذللاً له تعالى، ولو لقضاء حاجة دنيوية، فلا بأس به، وكذا ما كان منه على سيد الشهداء ( عليه السلام ) إذا كان راجعاً إلى الآخرة، كما لا بأس به إذا كان سهواً، أما إذا كان اضطراراً بأن غلبه البكاء فلم يملك نفسه فالظاهر انه مبطل أيضاً.

السابع : الأكل والشرب، وإن كانا قليلين، إذا كانا ماحيين للصورة. أما اذا لم يكونا كذلك ففي البطلان بهما اشكال، وكذا ابتلاع السكر المذاب في الفم، وبقايا الطعام، والاحوط تركه، ولو أكل أو شرب سهواً فإن بلغ حد محو الصورة بطلت صلاته كما تقدم، وإن لم يبلغ ذلك فلا بأس به.

(مسألة 694): يستثنى من ذلك ما إذا كان عطشاناً مشغولاً في دعاء الوتر، وقد نوى أن يصوم، وكان الفجر قريباً يخشى مفاجأته، والماء أمامه، أو قريبا منه قدر خطوتين، أو ثلاثا، فإنه يجوز له التخطي والارتواء ثم الرجوع إلى مكانه، ويتم صلاته بشرط عدم الاتيان بمناف آخر. والأحوط الاقتصار على الوتر المندوب دون ما كان واجبا كالمنذور، ولا يبعد التعدي من الدعاء إلى سائر

ص: 192

الأحوال، كما لا يبعد التعدي من الوتر إلى سائر النوافل، ولا يجوز التعدي من الشرب إلى الأكل.

الثامن : التكفير، و هو وضع إحدى اليدين على الأخرى كما يتعارف عند غيرنا، فإنه مبطل للصلاة اذا أتى به بقصد الجزئية من الصلاة، واما اذا لم يقصد به الجزئية، بل أتى به بقصد الخضوع، والتأدب في الصلاة فالاقوى البطلان، والاحوط وجوباً الاتمام ثم الاعادة. نعم هو حرام حرمة تشريعية مطلقاً. هذا فيما إذا وقع التكفير عمدا وفي حال الاختيار، وأما إذا وقع سهواً أو تقية، أو كان الوضع لغرض آخر غير التأدب أو من حك جسده ونحوه، فلا بأس به.التاسع : تعمد قول (( آمين )) بعد تمام الفاتحة اماماً كان أو مأموماً أو منفرداً، أخفت بها، أو جهر، فانه مبطل ولو لم يقصد الجزئية، وكذا لو لم يقصد الدعاء، فاذا كان سهواً فلا بأس به، وكذا اذا كان تقية، بل قد يجب واذا تركه حينئذ أثم وصحت صلاته على الاظهر.

(مسألة 695): إذا شك بعد السلام في أنه أحدث في أثناء الصلاة أو فعل ما يوجب بطلانها، بنى على العدم.

(مسألة 696): إذا علم أنه نام اختياراً، وشك في أنه أتم الصلاة ثم نام، أو نام في أثنائها غفلة عن كونه في الصلاة، بنى على صحة الصلاة، واما اذا احتمل ان نومه كان عن عمد، وابطالاً منه للصلاة فالظاهر وجوب الاعادة ،وكذلك اذا علم أنه غلبه النوم قهراً، وشك في أنه كان في أثناء الصلاة، أو بعدها، كما إذا رأى نفسه في السجود وشك في أنه سجود الصلاة، أو سجود الشكر.

ص: 193

(مسألة 697): لا يجوز قطع الفريضة اختياراً على الأحوط، ويجوز لضرورة دينية، أو دنيوية، كحفظ المال، وأخذ العبد من الاباق، والغريم من الفرار، والدابة من الشراد، ونحو ذلك، بل لا يبعد جوازه لأي غرض يهتم به دينياً كان أو دنيوياً، وإن لم يلزم من فواته ضرر. فإذا صلى في المسجد وفي الأثناء علم أن فيه نجاسة، جاز القطع وإزالة النجاسة كما تقدم، ويجوز قطع النافلة مطلقا، وإن كانت منذورة، لكن الأحوط استحباباً الترك، بل الأحوط استحباباً ترك قطع النافلة في غير مورد جواز قطع الفريضة.

(مسألة 698): إذا وجب القطع فتركه، واشتغل بالصلاة أثم، وصحت صلاته.

(مسألة 699): يكره في الصلاة الالتفات بالوجه قليلا وبالعين والعبث باليد، واللحية والرأس، والأصابع، والقران بين السورتين، ونفخ موضع السجود، والبصاق، وفرقعة الأصابع، والتمطي والتثاؤب، ومدافعة البول والغائط والريح، والتكاسل والتناعس والتثاقل، والامتخاط، ووصل إحدى القدمين بالأخرى بلا فصل بينهما، وتشبيك الأصابع، ولبس الخف، أو الجورب الضيق، وحديث النفس، والنظر إلى نقش الخاتم والمصحف والكتاب، ووضع اليد على الورك متعمداً، وغير ذلك مما ذكر في المفصلات.

ختام

تستحب الصلاة على النبي ( ص) لمن ذكره أو ذكر عنده، ولو كان في الصلاة، من دون فرق بين ذكره باسمه الشريف، أو لقبه، أو كنيته، أو بالضمير.

(مسألة 700): إذا ذكر اسمه مكرراً استحب تكرارها، وإن كان في أثناء التشهد لم يكتف بالصلاة التي هي جزء منه.

ص: 194

(مسألة 701): الظاهر كون الاستحباب على الفور، ولا يعتبر فيها كيفية خاصة. نعم لابد من ضم آله عليهم السلام إليه في الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم.

المقصد السادس: صلاة الآيات

وفيه مباحث

المبحث الأول

تجب هذه الصلاة على كل مكلف - عدا الحائض والنفساء - عند كسوف الشمس، وخسوف القمر، ولو بعضهما، وكذا عند الزلزلة وكل مخوف سماوي، كالريح السوداء، والحمراء، والصفراء، والظلمة الشديدة، والصاعقة، والصيحة، والنار التي تظهر في السماء، بل عند كل مخوف أرضي أيضاً على الاحوط، كالهدة والخسف، وغير ذلك من المخاوف.

(مسألة 702): لا يعتبر الخوف في وجوب الصلاة للكسوف والخسوف وكذا الزلزلة على الاقوى، ويعتبر في وجوبها للمخوف حصول الخوف لغالب الناس فلا عبرة بغير المخوف ولا بالمخوف النادر.

المبحث الثاني

وقت صلاة الكسوفين من حين الشروع في الانكساف إلى تمام الانجلاء. والأحوط استحبابا اتيانها قبل الشروع في الانجلاء، وإذا لم يدرك المصلي من الوقت إلا مقدار ركعة صلاها أداءا، وان ادرك اقل من ذلك صلاها من دون تعرض للقضاء والاداء. هذا فيما اذ كان الوقت في نفسه واسعاً. وأما اذا كان

ص: 195

زمان الكسوف، أو الخسوف قليلاً في نفسه، ولا يسع مقدار الصلاة ففي وجوب صلاة الايات حينئذ اشكال، والاحتياط لايترك، أما سائر الايات فثبوت الوقت بها محل اشكال. فتجب المبادرة الى الصلاة بمجرد حصولها، وان عصى ففيما بعد الى آخر العمر، على الاحوط.

(مسألة 703): إذا لم يعلم بالكسوف إلى تمام الانجلاء، ولم يكن القرص محترقاً كله لم يجب القضاء، وأما إن كان عالماً به واهمل ولو نسياناً أو كان القرص محترقاً كله وجب القضاء، وكذا إذا صلى صلاة فاسدة.

(مسألة 704): غير الكسوفين من الآيات إذا تعمد تأخير الصلاة له عصى، ووجب الاتيان بها ما دام العمر على الاحوط، وكذا اذا علم ونسي، واذا لم يعلم حتى مضى الوقت، أو الزمان المتصل بالاية فالاحوط الوجوب ايضاً.

(مسألة 705): يختص الوجوب بمن في بلد الآية وما يلحق به مما يشترك معه في رؤية الآية نوعاً، ولا يضر الفصل بالنهر كدجلة والفرات، نعم اذا كان البلد عظيماً جداً بنحو لا تحصل الرؤية لطرف منه عند وقوع الآية في الطرف الآخر اختص الحكم بطرف الآية.

(مسألة 706): إذا حصل الكسوف في وقت فريضة يومية واتسع وقتهما تخير في تقديم أيهما شاء، وإن ضاق وقت إحداهما دون الأخرى قدمها، وإن ضاق وقتهما قدماليومية، وإن شرع في إحداهما فتبين ضيق وقت الأخرى على وجه يخاف فوتها على تقدير إتمامها، قطعها وصلى الأخرى، لكن إذا كان قد شرع في صلاة الآية فتبين ضيق اليومية فبعد القطع وأداء اليومية يعود إلى صلاة الآية من محل القطع، إذا لم يقع منه مناف غير الفصل باليومية.

ص: 196

(مسألة 707): يجوز قطع صلاة الآيات وفعل اليومية إذا خاف فوت فضيلتها.

المبحث الثالث: كيفية صلاة الايات

صلاة الآيات ركعتان، في كل واحدة خمسة ركوعات ينتصب بعد كل واحد منها، وسجدتان بعد الانتصاب من الركوع الخامس، ويتشهد بعدهما ثم يسلم، وتفصيل ذلك: أن يحرم مقارناً للنية كما في سائر الصلوات. ثم يقرأ الحمد وسورة ثم يركع، ثم يرفع رأسه منتصباً فيقرأ الحمد وسورة ثم يركع، وهكذا حتى يتم خمسة ركوعات، ثم ينتصب بعد الركوع الخامس، ويهوي إلى السجود، فيسجد سجدتين ثم يقوم ويصنع كما صنع أولاً، ثم يتشهد ويسلم.

(مسألة 708): يجوز أن يفرق سورة واحدة على الركوعات الخمسة، فيقرأ بعد الفاتحة في القيام الأول بعضا من سورة ،آية كانت أو اقل من آية أو اكثر، ثم يركع ثم يرفع رأسه ويقرأ بعضاً آخر من حيث قطع اولاً، ثم يركع ثم يرفع رأسه ويقرأ بعضاً آخر من حيث قطع، ثم يركع. وهكذا يصنع في القيام الرابع والخامس حتى يتم سورة، ثم يسجد السجدتين، ثم يقوم ويصنع كما صنع في الركعة الأولى، فيكون قد قرأ في كل ركعة فاتحة واحدة،وسورة تامة موزعة على الركوعات الخمسة، ويجوز أن يأتي بالركعة الأولى على النحو الأول وبالثانية على النحو الثاني ويجوز العكس، كما أنه يجوز تفريق السورة على أقل من خمسة ركوعات، لكن يجب عليه في القيام اللاحق لانتهاء السورة الابتداء بالفاتحة وقراءة سورة تامة أو بعض سورة، وإذا لم يتم السورة في القيام السابق، لم تشرع له الفاتحة في اللاحق، بل يقتصر على القراءة من حيث قطع، نعم إذا لم يتم السورة في القيام الخامس فركع فيه عن بعض سورة وجبت عليه قراءة الفاتحة بعد القيام للركعة الثانية.

ص: 197

(مسألة 709): حكم هذه الصلاة حكم الثنائية في البطلان بالشك في عدد الركعات، وإذا شك في عدد الركوعات بنى على الأقل، إلا أن يرجع إلى الشك في الركعات، كما إذا شك في أنه الخامس أو السادس فتبطل.

(مسألة 710): ركوعات هذه الصلاة أركان تبطل بزيادتها ونقصها عمداً وسهواً كاليومية، ويعتبر فيها ما يعتبر في الصلاة اليومية من أجزاء وشرائط، وأذكار واجبة، ومندوبة وغير ذلك. كما يجري فيها أحكام السهو، والشك في المحل وبعد التجاوز.

(مسألة 711): يستحب فيها القنوت بعد القراءة قبل الركوع في كل قيام زوج، ويجوز الاقتصار على قنوتين في الخامس والعاشر، ويجوز الاقتصار على الأخير منهما،ويستحب التكبير عند الهوي إلى الركوع وعند الرفع عنه ،إلا في الخامس والعاشر فيقول: ((سمع الله لمن حمده )) بعد الرفع من الركوع.

(مسألة 712): يستحب إتيانها بالجماعة أداءاً كان، أو قضاءاً مع احتراق القرص، وعدمه، ويتحمل الإمام فيها القراءة، لا غيرها كاليومية، وتدرك بإدراك الإمام قبل الركوع الأول ،أو فيه من كل ركعة، أما إذا أدركه في غيره ففيه إشكال.

(مسألة 713): يستحب التطويل في صلاة الكسوف إلى تمام الانجلاء فإن فرغ قبله جلس في مصلاه مشتغلاً بالدعاء، أو يعيد الصلاة، نعم إذا كان إماما يشق على من خلفه التطويل خفف، ويستحب قراءة السور الطوال كياسين، والنور، والكهف، والحجر، وإكمال السورة في كل قيام، وأن يكون كل من الركوع والسجود بقدر القراءة في التطويل والجهر بالقراءة ليلاً، أو نهاراً، حتى في كسوف الشمس على الأصح، وكونها تحت السماء، وكونها في المسجد.

ص: 198

(مسألة 714): يثبت الكسوف وغيره من الآيات بالعلم، وبشهادة العدلين، بل وبشهادة الثقة الواحد أيضاً على الاظهر، ولا يثبت بأخبار الرصدي اذا لم يوجب العلم.

(مسألة 715): إذا تعدد السبب تعدد الواجب، والأحوط استحباباً التعيين مع اختلاف السبب نوعاً، كالكسوف والزلزلة.

المقصد السابع: صلاة القضاء

يجب قضاء الصلاة اليومية التي فاتت في وقتها عمداً، أو سهواً، أو جهلاً، أو لأجل النوم المستوعب للوقت، أو لغير ذلك، وكذا إذا أتى بها فاسدة لفقد جزء أو شرط يوجب فقده البطلان، ولا يجب قضاء ما تركه المجنون في حال جنونه، أو الصبي في حال صباه، أو المغمى عليه إذا لم يكن بفعله، أو الكافر الأصلي في حال كفره، وكذا ما تركته الحائض والنفساء مع استيعاب المانع تمام الوقت، أما المرتد فيجب عليه قضاء ما فاته حال الارتداد بعد توبته، وتصح منه وإن كان عن فطرة على الأقوى، والأحوط وجوباً القضاء على المغمى عليه إذا لم يكن بفعله بل مطلقاً.

(مسألة 716): إذا بلغ الصبي، وأفاق المجنون، والمغمى عليه، في أثناء الوقت وجب عليهم الأداء إذا أدركوا مقدار ركعة مع الشرائط فإذا تركوا وجب القضاء، واما الحائض، والنفساء إذا طهرت في أثناء الوقت ،فان تمكنت من الصلاة والطهارة المائية وجب عليها الاداء، فان فاتها وجب القضاء وكذلك اذا لم تتمكن من الطهارة المائية لمرض، او لعذر آخر وتمكنت من الطهارة الترابية، وأما اذا لم تتمكن من الطهارة المائية لضيق الوقت فالاحوط ان تاتي بالصلاة مع التيمم، لكنها اذا لم تصل يجب القضاء على الاحوط.

ص: 199

(مسألة 717): إذا طرأ الجنون أو الإغماء بعدما مضى من الوقت مقدار يسع الصلاة فقط وجب القضاء فيما اذا كان متمكناً من تحصيل الشرائط قبل الوقت، ويعتبروجوب القضاء فيما إذا طرأ الحيض، أو النفساء مضي مقدار يسع الصلاة والطهارة من الحدث.

(مسألة 718): المخالف إذا استبصر يقضي ما فاته أيام خلافه وما أتى به على نحو كان يراه فاسداً في مذهبه، وإلا فليس عليه قضاؤه. والأحوط استحباباً الإعادة مع بقاء الوقت، ولا فرق بين المخالف الأصلي وغيره.

(مسألة 719): يجب القضاء على السكران، من دون فرق بين الاختياري وغيره، والحلال والحرام.

(مسألة 720): يجب قضاء غير اليومية من الفرائض، عدا العيدين حتى النافلة المنذورة في وقت معين، على الأظهر.

(مسألة 721): يجوز القضاء في كل وقت من الليل والنهار، وفي الحضر والسفر، نعم يقضي ما فاته قصراً، قصراً ولو في الحضر، وما فاته تماماً، تماماً ولو في السفر، وإذا كان في بعض الوقت حاضراً، وفي بعضه مسافراً قضى ما وجب عليه في آخر الوقت.

(مسألة 722): إذا فاتته الصلاة في بعض أماكن التخيير قضى قصراً، ولو لم يخرج من ذلك المكان، فضلاً عما إذا خرج ورجع، أو خرج ولم يرجع، وإذا كان الفائت مما يجب فيه الجمع بين القصر والتمام - احتياطا - فالقضاء كذلك.

(مسألة 723): يستحب قضاء النوافل الرواتب بل غيرها، ولا يتأكد قضاء ما فات منها حال المرض، وإذا عجز عن قضاء الرواتب استحب له الصدقة عن كل ركعتين بمد، وإن لم يتمكن فمد لصلاة الليل، ومد لصلاة النهار.

ص: 200

(مسألة 724): لا يعتبر الترتيب في قضاء الفوائت غير اليومية لا بعضها مع بعض ولا بالنسبة إلى اليومية، وأما الفوائت اليومية فيجب الترتيب بينها إذا كانت مترتبة بالأصل كالظهرين، أو العشائين، من يوم واحد، أما إذا لم تكن كذلك فاعتبار الترتيب بينها في القضاء على نحو الترتيب في الفوات، بأن يقضي الأول فواتا فالأول محل إشكال، والأظهر عدم الاعتبار، من دون فرق بين العلم به والجهل.

(مسألة 725): إذا علم أن عليه إحدى الصلوات الخمس يكفيه صبح، ومغرب، ورباعية بقصد ما في الذمة، مرددة بين الظهر، والعصر، والعشاء. وإذا كان مسافراً يكفيه مغرب، وثنائية بقصد ما في الذمة مرددة بين الأربع. وإن لم يعلم أنه كان مسافراً، أو حاضراً، يأتي بثنائية مرددة بين الأربع، ورباعية مرددة بين الثلاث، ومغرب، ويتخير في المرددة في جميع الفروض بين الجهر والإخفات.

(مسألة 726): إذا علم أن عليه اثنتين من الخمس، مرددتين في الخمس من يوم، وجب عليه الإتيان بأربع صلوات، فيأتي بصبح، ثم رباعية مرددة بين الظهر والعصر، ثم مغرب، ثم رباعية مرددة بين العصر والعشاء. وإن كان مسافراً، يكفيه ثلاث صلواتثنائية : مرددة بين الصبح والظهر، والعصر، ومغرب، ثم ثنائية مرددة بين الظهر والعصر، والعشاء.

وإن لم يعلم أنه كان مسافراً أو حاضراً، أتى بخمس صلوات، فيأتي بثنائية مرددة بين الصبح والظهر والعصر، ثم برباعية مرددة بين الظهر، والعصر، ثم بمغرب، ثم بثنائية مرددة بين الظهر والعصر، والعشاء، ثم برباعية مرددة بين العصر، والعشاء.

(مسألة 727): إذا علم أن عليه ثلاثا من الخمس، وجب عليه الإتيان بالخمس، وإن كان الفوت في السفر، يكفيه أربع صلوات ثنائية، مرددة بين الصبح، والظهر، وثنائية أخرى مرددة بين الظهر، والعصر، ثم مغرب، ثم ثنائية مرددة بين العصر، والعشاء. وإذا علم بفوات أربع منها، أتى بالخمس تماماً إذا

ص: 201

كان في الحضر، وقصراً إذا كان في السفر، ويعلم حال بقية الفروض مما ذكرنا، والمدار في الجميع على حصول العلم بإتيان ما اشتغلت به الذمة ولو على وجه الترديد.

(مسألة 728): إذا شك في فوات فريضة، أو فرائض لم يجب القضاء، وإذا علم بالفوات وتردد بين الأقل والأكثر جاز له الاقتصار على الأقل، وإن كان الأحوط استحباباً التكرار حتى يحصل العلم بالفراغ.

(مسألة 729): لا يجب الفور في القضاء - فيجوز التأخير ما لم يحصل التهاون في تفريغ الذمة.

(مسألة 730): لا يجب تقديم القضاء على الحاضرة، فيجوز الإتيان بالحاضرة لمن عليه القضاء ولو كان ليومه، بل يستحب ذلك إذا خاف فوت فضيلة الحاضرة، وإلا استحب تقديم الفائتة - وإن كان الأحوط تقديم الفائتة، خصوصا في فائتة ذلك اليوم - بل يستحب العدول إليها من الحاضرة إذا غفل وشرع فيها.

(مسألة 731): يجوز لمن عليه القضاء الإتيان بالنوافل على الأقوى.

(مسألة 732): يجوز الإتيان بالقضاء جماعة، سواء أ كان الإمام قاضياً - أيضاً - أم مؤدياً، بل يستحب ذلك، ولا يجب اتحاد صلاة الإمام والمأموم.

(مسألة 733): يجب لذوي الاعذار تأخير القضاء إلى زمان رفع العذر، فيما اذا علم بارتفاع العذر بعد ذلك، ويجوز البدار إذا علم بعدم ارتفاعه إلى آخر العمر، بل إذا احتمل بقاء العذر وعدم ارتفاعه أيضا، لكن إذا قضى وارتفع العذر وجبت الاعادة، فيما إذا كان الخلل في الأركان، ولا تجب الاعادة إذا كان الخلل في غيرها.

(مسألة 734): إذا كان عليه فوائت وأراد أن يقضيها في ورد واحد إذن وأقام للأولى، واقتصر على الإقامة في البواقي. والظاهر ان السقوط رخصة.

ص: 202

(مسألة 735): يستحب تمرين الطفل على أداء الفرائض، والنوافل وقضائها، بل على كل عبادة، والأقوى مشروعية عباداته. فإذا بلغ في أثناء الوقت وقد صلى أجزأت.

(مسألة 736): يجب على الولي حفظ الطفل عن كل ما فيه خطر على نفسه وعن كل ما علم من الشرع كراهة وجوده ولو من الصبي كالزنا، واللواط، وشرب الخمر، والنميمة ونحوها، وفي وجوب الحفظ عن أكل النجاسات، والمتنجسات، وشربها إذا لم تكن مضرة إشكال وإن كان الأظهر الجواز، ولا سيما في المتنجسات، ولا سيما مع كون النجاسة منهم، أو من مساورة بعضهم لبعض نعم لايجوز ان يجعلها في مكان يتمكن الطفل من الاستعمال على الاحوط،، كما أن الظاهر جواز إلباسهم الحرير، والذهب.

(مسألة 737): يجب على ولي الميت وهو الولد الذكر الأكبر حال الموت أن يقضي ما فات أباه من الفرائض اليومية وغيرها، لعذر من مرض ونحوه، ولا يبعد اختصاص وجوب القضاء بما إذا تمكن أبوه من قضائه ولم يقضه، والأحوط استحبابا إلحاق الأكبر الذكر في جميع طبقات المواريث على الترتيب في الإرث بالابن. والاحوط احتياطاً لايترك إلحاق ما فاته عمداً، أو أتى به فاسداً بما فاته عن عذر، والأولى إلحاق الأم بالأب.

(مسألة 738): إذا كان الولي حال الموت صبياً، أو مجنوناً وجب عليه القضاء إذا بلغ، أو عقل.

(مسألة 739): إذا تساوى الذكران في السن وجب عليهما على نحو الوجوب الكفائي، بلا فرق بين إمكان التوزيع، كما إذا تعدد الفائت، وعدمه كما إذا اتحد، أو كان وتراً.

ص: 203

(مسألة 740): إذا اشتبه الأكبر بين شخصين، أو أشخاص فالأحوط الأولى العمل على نحو الوجوب الكفائي.

(مسألة 741): قيل يجب على الولي قضاء ما فات الميت مما وجب عليه أداؤه عن غيره بإجارة، أو غيرها.

(مسألة 742): لا يجب القضاء على الولي لو كان ممنوعاً عن الإرث بقتل أو رق، أو كفر ولكن لايبعد اختصاص الوجوب بغيره.

(مسألة 743): إذا مات الأكبر بعد موت أبيه، لا يجب القضاء على غيره من أخوته الأكبر فالأكبر، ولا يجب إخراجه من تركته.

(مسألة 744): إذا تبرع شخص عن الميت سقط عن الولي وكذا إذا استأجره الولي، أو الوصي، عن الميت بالاستئجار من ماله وقد عمل الاجير، أما اذا لم يعمل لم يسقط.

(مسألة 745): إذا شك في فوات شيء من الميت لم يجب القضاء وإذا شك في مقداره جاز له الاقتصار على الأقل.

(مسألة 746): إذا لم يكن للميت ولي، أو فاته ما لا يجب على الولي قضاؤه، فالأقوى عدم وجوب القضاء عنه من صلب المال وإن كان القضاء أحوط وجوباً بالنسبة إلى غير القاصرين من الورثة.

(مسألة 747): المراد من الأكبر من لا يوجد أكبر منه سناً وإن وجد من هو أسبق منه بلوغاً، أو أسبق انعقاداً للنطفة.

(مسألة 748): لا يجب الفور في القضاء عن الميت ما لم يبلغ حد الإهمال.

ص: 204

(مسألة 749): إذا علم أن على الميت فوائت، ولكن لا يدري أنها فاتت لعذر من مرض أو نحوه اولا لعذر - فالاحوط لزوماً القضاء.

(مسألة 750): في أحكام الشك والسهو يراعي الولي تكليف نفسه اجتهاداً، أو تقليداً، وكذا في أجزاء الصلاة وشرائطها.

(مسألة 751): إذا مات في أثناء الوقت بعد مضي مقدار الصلاة بحسب حاله قبل أن يصلي، وجب على الولي قضاؤها على الأحوط.

المقصد الثامن: صلاة الاستئجار

لا تجوز النيابة عن الأحياء في الواجبات ولو مع عجزهم عنها، إلا في الحج إذا كان مستطيعاً وكان عاجزاً عن المباشرة فيجب أن يستنيب من يحج عنه، وتجوز النيابة عنهم في مثل الحج المندوب وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وقبور الأئمة عليهم السلام، بل تجوز النيابة في جميع المستحبات رجاءاً، كما تجوز النيابة عن الأموات في الواجبات والمستحبات، ويجوز إهداء ثواب العمل إلى الأحياء والأموات في الواجبات والمستحبات، كما ورد في بعض الروايات، وحكي فعله عن بعض أجلاء أصحاب الأئمة ( ع) بأن يطلب من الله سبحانه أن يعطي ثواب عمله لآخر حي أو ميت.

(مسألة 752): يجوز الاستئجار للصلاة ولسائر العبادات عن الأموات وتفرغ ذمتهم بفعل الأجير، من دون فرق بين كون المستأجر وصياً، أو ولياً، أو وارثاً، أو أجنبياً.

(مسألة 753): يعتبر في الأجير العقل، والإيمان والبلوغ، ويعتبر ان يكون عارفاً بأحكام القضاء على وجه يصح منه الفعل، ويجب ان ينوي بعمله الاتيان بما في ذمة الميت امتثالاً للأمر المتوجه الى النائب نفسه بالنيابة الذي كان إستحبابياً

ص: 205

قبل الاجارة وصار وجوبياً بعدها، كما إذا نذر النيابة عن الميت فالمتقرب بالعمل هو النائب، ويترتب عليه فراغ ذمة الميت.

(مسألة 754): يجوز استئجار كل من الرجل والمرأة عن الرجل والمرأة وفي الجهر والإخفات يراعى حال الأجير، فالرجل يجهر بالجهرية وإن كان نائبا عن المرأة، والمرأة لا جهر عليها وإن نابت عن الرجل.

(مسألة 755): لا يجوز استئجار ذوي الأعذار كالعاجز عن القيام أو عن الطهارة الخبثية، أو ذي الجبيرة أو المسلوس، أو المتيمم إلا إذا تعذر غيرهم، بل الاظهر عدم صحة تبرعهم عن غيرهم. وإن تجدد للأجير العجز انتظر زمان القدرة.

(مسألة 756): إذا حصل للأجير شك أو سهو يعمل بأحكامهما بمقتضى تقليده أو اجتهاده، ولا يجب عليه إعادة الصلاة، هذا مع إطلاق الإجارة ،وإلا لزم العمل على مقتضى الإجارة، فإذا استأجره على أن يعيد مع الشك أو السهو تعين ذلك، وكذا الحكم في سائر أحكام الصلاة، فمع إطلاق الإجارة يعمل الأجير على مقتضى اجتهاده أو تقليده، ومع تقييد الإجارة يعمل على ما يقتضيه التقييد.

(مسألة 757): إذا كانت الإجارة على نحو المباشرة لا يجوز للأجير أن يستأجر غيره للعمل، ولا لغيره أن يتبرع عنه فيه، أما إذا كانت مطلقة جاز له أن يستأجر غيره، ولكن لا يجوز أن يستأجره بأقل من الأجرة في إجارة نفسه إلا إذا أتى ببعض العمل او يستأجره بغير جنس الاجرة.

(مسألة 758): إذا عين المستأجر للأجير مدة معينة فلم يأت بالعمل كله أو بعضه فيها لم يجز الإتيان به بعدها إلا بإذن من المستأجر وإذا أتى به بعدها بدون إذنه لم يستحق الأجرة وإن برئت ذمة المنوب عنه بذلك.

ص: 206

(مسألة 759): إذا تبين بطلان الإجارة، بعد العمل استحق الاجير اجرة المثل، وكذا اذا فسخت لغبن أو غيره.

(مسألة 760): إذا لم تعين كيفية العمل من حيث الاشتمال على المستحبات يجب الإتيان به على النحو المتعارف.

(مسألة 761): إذا نسي الأجير بعض المستحبات وكان مأخوذاً في متعلق الإجارة نقص من الاجرة بنسبته

(مسألة 762): إذا تردد العمل المستأجر عليه بين الأقل والأكثر جاز الاقتصار على الأقل، وإذا تردد بين متباينين وجب الاحتياط بالجمع.

(مسألة 763): يجب تعيين المنوب عنه ولو إجمالا، مثل أن ينوي من قصده المستأجر أو صاحب المال أو نحو ذلك.

(مسألة 764): إذا وقعت الاجارة على تفريغ ذمة الميت فتبرع عن الميت متبرع ففرغ ذمته انفسخت الاجارة ان لم يمض زمان يتمكن الاجير فيه من الاتيان بالعمل، والا كان عليه أجرة المثل، أما اذا كانت الاجارة على نفس العمل عنه فلا تنفسخ فيما اذا كان العمل مشروعاً بعد فراغ ذمته، فيجب على الاجير العمل على طبق الاجارة.

(مسألة 765): يجوز الإتيان بصلاة الاستئجار جماعة إماماً كان الأجير أم مأموماً، ولكن يعتبر في صحة الجماعة، إذا كان الإمام أجيراً العلم باشتغال ذمة المنوب عنه بالصلاة فاذا كانت صلاته احتياطية كانت الجماعة باطلة.

(مسألة 766): إذا مات الأجير قبل الإتيان بالعمل المستأجر عليه واشترطت المباشرة فان لم يمض زمان يتمكن الاجير من الاتيان بالعمل فيه بطلت الاجارة، ووجب على الوارث رد الأجرة المسماة من تركته، والا كان عليه أداء أجرة مثل العمل من تركته وان كانت اكثر من الاجرة المسماة. وان لم تشترط

ص: 207

المباشرة وجب على الوارث الاستئجار من تركته، كما في سائر الديون المالية، واذا لم تكن له تركة لم يجب على الوارث شيء ويبقى الميت مشغول الذمة بالعمل أو بالمال.

(مسألة 767): يجب على من عليه واجب من الصلاة والصيام أن يبادر إلى القضاء إذا ظهرت امارات الموت بل إذا لم يطمئن بالتمكن من الامتثال إذا لم يبادر فإن عجزوجب عليه الوصية به، ويخرج من ثلثه كسائر الوصايا، و إذا كان عليه دين مالي للناس ولو كان مثل الزكاة والخمس و رد المظالم وجب عليه المبادرة إلى وفائه، ولا يجوز التأخير وإن علم ببقائه حياً. وان عجز عن الوفاء وكانت له تركة وجب عليه الوصية بها إلى ثقة مأمون، ليؤديها بعد موته، وهذه تخرج من اصل المال وان لم يوص بها.

(مسألة 768): إذا آجر نفسه لصلاة شهر مثلا فشك في أن المستأجر عليه صلاة السفر أو الحضر ولم يمكن الاستعلام من المؤجر وجب الاحتياط بالجمع، وكذا لو آجر نفسه لصلاة وشك في أنها الصبح أو الظهر مثلاً وجب الإتيان بهما.

(مسألة 769): إذا علم أن على الميت فوائت ولم يعلم أنه أتى بها قبل موته أو لا استؤجر عنه.

(مسألة 770): إذا آجر نفسه لصلاة أربع ركعات من الزوال في يوم معين إلى الغروب فأخر حتى بقي من الوقت مقدار أربع ركعات ولم يصل عصر ذلك اليوم وجب الإتيان بصلاة العصر وللمستأجر حينئذ فسخ الإجارة ،والمطالبة بالأجرة المسماة، وله أن لا يفسخها ويطالب بأجرة المثل، وإن زادت على الأجرة المسماة.

(مسألة 771): الأحوط اعتبار عدالة الأجير حال الإخبار بأنه أدى ما استؤجر عليه، وإن كان الظاهر كفاية كونه ثقة، في تصديقه اذا أخبر بالتأدية.

ص: 208

المقصد التاسع: الجماعة

وفيه فصول:

الفصل الأول: استحباب صلاة الجماعة

تستحب الجماعة في جميع الفرائض غير صلاة الطواف، فإن الأحوط لزوما عدم الاكتفاء فيها بالإتيان بها جماعة مؤتماً. ويتأكد الاستحباب في اليومية خصوصا في الأدائية، وخصوصاً في الصبح والعشائين ولها ثواب عظيم، وقد ورد في الحث عليها والذم على تركها أخبار كثيرة، ومضامين عالية، لم يرد مثلها في أكثر المستحبات.

(مسألة 772): تجب الجماعة في الجمعة والعيدين مع اجتماع شرائط الوجوب. وهي حينئذ شرط في صحتها، ولا تجب بالأصل في غير ذلك. نعم قد تجب بالعرض لنذر أو نحوه، أو لضيق الوقت عن إدراك ركعة إلا بالائتمام، أو لعدم تعلمه القراءة مع قدرته عليها أو لغير ذلك.

(مسألة 773): لا تشرع الجماعة لشيء من النوافل الأصلية وإن وجبت بالعارض لنذر أو نحوه حتى صلاة الغدير على الاقوى، الا في صلاة العيدين مع عدم اجتماع شرائط الوجوب، وصلاة الاستسقاء.

(مسألة 774): يجوز اقتداء من يصلي إحدى الصلوات اليومية بمن يصلي الأخرى، وإن اختلفا بالجهر والإخفات، والأداء والقضاء، والقصر والتمام، وكذا مصلي الآية بمصلي الآية وإن اختلفت الآيتان، ولا يجوز اقتداء مصلي اليومية بمصلي العيدين، أو الآيات، أو صلاة الأموات بل صلاة الطواف على

ص: 209

الأحوط وجوباً، وكذا الحكم في العكس، كما لا يجوز الاقتداء في صلاة الاحتياط وكذا في الصلوات الاحتياطية كما في موارد العلم الاجمالي بوجوب القصر أو الاتمام الا اذا اتحدت الجهة الموجبة للاحتياط، كأن يعلم الشخصان إجمالاً بوجوب القصر أو التمام فيصليان جماعة أو قصراً أو تماماً.

(مسألة 775): أقل عدد تنعقد به الجماعة في غير الجمعة والعيدين اثنان أحدهما الإمام ولو كان المأموم امرأة أو صبيا على الأقوى، وأما في الجمعة وفي العيدين فلا تنعقد إلا بخمسة أحدهم الإمام.

(مسألة 776): تنعقد الجماعة بنية المأموم للائتمام ولو كان الإمام جاهلاً بذلك غير ناو للإمامة. فإذا لم ينو المأموم لم تنعقد، نعم في صلاة الجمعة والعيدين لابد من نية الإمام للإمامة بأن ينوي الصلاة التي يجعله المأموم فيها إماما، وكذا إذا كانت صلاة الإمام معادة جماعة.

(مسألة 777): لا يجوز الاقتداء بالمأموم لإمام آخر، ولا بشخصين ولو اقترنا في الأقوال والأفعال، ولا بأحد شخصين في الترديد، ولا تنعقد الجماعة إن فعل ذلك، ويكفي التعيين الإجمالي مثل أن ينوي الائتمام بإمام هذه الجماعة، أو بمن يسمع صوته، وإن تردد ذلك المعين بين شخصين.

(مسألة 778): إذا شك في أنه نوى الائتمام أم لا بنى على العدم وأتم منفرداً، إلا إذا علم أنه قام بنية الدخول في الجماعة، واحتمل أنه لم ينو الائتمام غفلة فإنه لا يبعد حينئذ جواز الإتمام جماعة

(مسألة 779): إذا نوى الاقتداء بشخص على أنه زيد فبان عمرو فإن لم يكن عمرو عادلاً بطلت جماعته، بل صلاته اذا وقع فيها ما يبطل الصلاة عمداً وسهواً، والا صحت، وان كان عمرو عادلاً صحت جماعته وصلاته.

ص: 210

(مسألة 780): إذا صلى اثنان وعلم بعد الفراغ أن نية كل منهما كانت الإمامة للآخر صحت صلاتهما، وإذا علم أن نية كل منهما كانت الائتمام بالآخر استأنف كل منهما الصلاة إذا كانت مخالفة لصلاة المنفرد.

(مسألة 781): لا يجوز نقل نية الائتمام من إمام إلى آخر اختياراً، إلا أن يعرض للإمام ما يمنعه من إتمام صلاته، من موت، أو جنون، أو إغماء، أو حدث، أو تذكر حدث سابق على الصلاة، فيجوز للمأمومين تقديم إمام آخر وإتمام صلاتهم معه، والأقوى اعتبار أن يكون الإمام الآخر منهم.

(مسألة 782): لا يجوز للمنفرد العدول إلى الائتمام في الأثناء.

(مسألة 783): يجوز العدول عن الائتمام الى الانفراد اختياراً في جميع احوال الصلاة على الاقوى، اذا لم يكن ذلك من نيته في أول الصلاة والا فصحة الجماعة لاتخلو من اشكال.

(مسألة 784): إذا نوى الانفراد في أثناء قراءة الإمام وجبت عليه القراءة من الأول، بل وكذلك إذا نوى الانفراد لعذر بعد قراءة الإمام قبل الركوع، على الأحوط.

(مسألة 785): إذا نوى الانفراد صار منفرداً ولا يجوز له الرجوع إلى الائتمام، وإذا تردد في الانفراد وعدمه ثم عزم على عدمه ففي جواز بقائه على الائتمام إشكال.

(مسألة 786): إذا شك في أنه عدل إلى الانفراد أو لا، بنى على العدم.

(مسألة 787): لا يعتبر في الجماعة قصد القربة، لا بالنسبة إلى الإمام ولا بالنسبة إلى المأموم، فإذا كان قصد الإمام أو المأموم غرضاً دنيوياً مباحاً مثل الفرار من الشك، أو تعب القراءة، أو غير ذلك و حينئذ صحت وترتبت عليها أحكام الجماعة ولكن لا يترتب عليها ثواب الجماعة.

ص: 211

(مسألة 788): إذا نوى الاقتداء سهواً أو جهلاً بمن يصلي صلاة لا اقتداء فيها، كما إذا كانت نافلة فإن تذكر قبل الإتيان بما ينافي صلاة المنفرد عدل إلى الانفراد وصحت صلاته، وكذا تصح إذا تذكر بعد الفراغ ولم يحصل منه ما يوجب بطلان صلاة المنفرد عمداً أو سهواً وإلا بطلت.

(مسألة 789): تدرك الجماعة بالدخول في الصلاة من أول قيام الإمام للركعة إلى منتهى ركوعه، فإذا دخل مع الإمام في حال قيامه قبل القراءة أو في أثنائها، أو بعدها قبل الركوع، أو في حال الركوع فقد أدرك الركعة، ولا يتوقف إدراكها على الاجتماع معه في الركوع فإذا أدركه قبل الركوع وفاته الركوع معه فقد أدرك الركعة ووجبت عليه المتابعة في غيره، ويعتبر في إدراكه في الركوع أن يصل إلى حد الركوع قبل أن يرفع الإمام رأسه ولو كان بعد فراغه من الذكر.

(مسألة 790): إذا ركع بتخيل إدراك الإمام راكعاً فتبين عدم إدراكه بطلت صلاته، وكذا اذا شك في ذلك.

(مسألة 791): الظاهر جواز الدخول في الركوع مع احتمال إدراك الإمام راكعاً، فإن أدركه صحت الجماعة والصلاة، وإلا بطلت الصلاة.

(مسألة 792): إذا نوى وكبر فرفع الإمام رأسه قبل أن يصل إلى الركوع تخير بين المضي منفرداً والعدول الى النافلة، ثم الرجوع الى الائتمام بعد اتمامها.

(مسألة 793): إذا أدرك الإمام وهو في التشهد الأخير يجوز له أن يكبر للإحرام ويجلس معه ويتشهد بنية القربة المطلقة على الاحوط وجوبا.ً فإذا سلم الإمام قام لصلاته من غير حاجة إلى استئناف التكبير ويحصل له بذلك فضل الجماعة، وإن لم تحصل له ركعة. وإذا أدركه في السجدة الأولى أو الثانية من الركعة الأخيرة جاز له أن يكبر للاحرام ويسجد معه السجدة أو السجدتين ويتشهد بنية القربة المطلقة على الاحوط وجوباً، ثم يقوم بعد تسليم الامام فيكبر

ص: 212

للاحرام والاولى ان يكبر مرددأً بين تكبيرة الاحرام والذكر المطلق ويدرك بذلك فضل الجماعة وتصح صلاته.

(مسألة 794): إذا حضر المكان الذي فيه الجماعة فرأى الإمام راكعاً وخاف أن يرفع الإمام رأسه إن التحق بالصف، كبر للإحرام في مكانه وركع، ثم يمشي في ركوعه أو في سجوده، أو بين السجدتين او بعدهما أو في حال القيام للثانية والتحق بالصف، سواء أكان المشي الى الامام، ام الى الخلف أم الى الجانبين بشرط ان لا ينحرف عن القبلة وان لايكون مانع آخر غير البعد من حائل وغيره وان كان الاحوط استحباباً انتفاء البعد المانع من الاقتداء أيضاً، ويجب ترك الاشتغال بالقراءة وغيرها مما يعتبر فيه الطمانينة حال المشي، والاقوى جر الرجلين حاله.

الفصل الثاني: ما يعتبر في انعقاد صلاة الجماعة

يعتبر في انعقاد الجماعة أمور :

الأول : أن لا يكون بين الإمام والمأموم حائل، وكذا بين بعض المأمومين مع الآخر ممن يكون واسطة في الاتصال بالإمام كمن في صفه من طرف الإمام أو قدامه إذا لم يكن في صفه من يتصل بالإمام، ولا فرق بين كون الحائل ستاراً أو جداراً أو شجرة أو غير ذلك، ولو كان شخص إنسان واقفاً، نعم ففي اليسير كمقدار شبر ونحوه اشكال، هذا اذا كان المأموم رجلاً، أما إذا كان امرأة فلا بأس بالحائل بينها وبين الإمام او المأمومين إذا كان رجلاً، أما إذا كان الإمام امرأة فالحكم كما في الرجل في عدم جواز الحائل.

ص: 213

(مسألة 795): الاحوط وجوباً المنع في الحيلولة بمثل الزجاج والشبابيك والجدران المخرمة، ونحوها مما لا يمنع من الرؤية. ولا بأس بالنهر والطريق إذا لم يكن فيهما البعد المانع كما سيأتي، ولا بالظلمة والغبار.

الثاني : أن لا يكون موقف الإمام أعلى من موقف المأموم علواً دفعياً كالأبنية ونحوها، بل تسريحاً قريباً من التسنيم - كسفح الجبل ونحوه، نعم لا بأس بالتسريحي الذي يصدق معه كون الأرض منبسطة، كما لا بأس بالدفعي اليسير اذا كان دون الشبر، ولا بأس أيضاً بعلو موقف المأموم من وقف الإمام بمقدار يصدق معه الاجتماع عرفاً.الثالث : أن لا يتباعد المأموم عن الإمام أو عن بعض المأمومين بما لا يتخطى بأن لايكون بين موقف الإمام ومسجد المأموم المقدار المذكور، وكذا بين موقف المتقدم ومسجد المتأخر، وبين أهل الصف الواحد بعضهم مع بعض. والأفضل، بل الأحوط عدم الفصل بين موقف السابق ومسجد اللاحق.

(مسألة 796): البعد المذكور إنما يقدح في اقتداء المأموم إذا كان البعد متحققاً في تمام الجهات فبعد المأموم من جهة لا يقدح في جماعته إذا كان متصلاً بالمأمومين من جهة أخرى، فإذا كان الصف الثاني أطول من الأول فطرفه وإن كان بعيداً عن الصف الأول إلا أنه لا يقدح في صحة ائتمامه، لاتصاله بمن على يمينه أو على يساره من أهل صفه، وكذا إذا تباعد أهل الصف الثاني بعضهم عن بعض فإنه لا يقدح ذلك في صحة ائتمامهم لاتصال كل واحد منهم بأهل الصف المتقدم. نعم لا يأتي ذلك في أهل الصف الأول فإن البعيد منهم عن المأموم الذي هو في جهة الإمام لما لم يتصل من الجهة الأخرى بواحد من المأمومين تبطل جماعته

الرابع : أن لا يتقدم المأموم على الإمام في الموقف، بل الأحوط وجوباً أن لا يساويه وأن لا يتقدم عليه في مكان سجوده وركوعه وجلوسه بل الأحوط

ص: 214

وجوباً وقوف المأموم خلف الإمام إذا كان متعدداً. هذا في جماعة الرجال. وأما في جماعة النساء فالاحوط ان تقف ممن تتولى إمامة الجماعة في وسطهن ولا تتقدمهن.

(مسألة 797): الشروط المذكورة شروط في الابتداء والاستدامة فإذا حدث الحائل أو البعد أو علو الإمام أو تقدم المأموم في الأثناء بطلت الجماعة، واذا شك في حدوث واحد منها بعد العلم بعدمه بنى على العدم. والاحوط مع عدم سبق العلم بالعدم لم يجز الدخول الا مع احراز العدم وكذا إذا حدث الشك بعد الدخول غفلة، وإن شك في ذلك بعد الفراغ من الصلاة فإن علم بوقوع ما يبطل الفرادى اعادها، إن كان قد دخل في الجماعة غفلة والا بنى على الصحة، وإن لم يعلم بوقوع ما يبطل الفرادى بنى على الصحة والاحوط - استحباباً - الاعادة في الصورتين.

(مسألة 798): لا تقدح حيلولة بعض المأمومين عن بعضهم وإن لم يدخلوا في الصلاة إذا كانوا متهيئين للصلاة.

(مسألة 799): إذا انفرد بعض المأمومين أو انتهت صلاته - كما لو كانت صلاته قصراً - فقد انفرد من يتصل به ولو عاد إلى الجماعة بلا فصل ففيه اشكال بل منع.

(مسألة 800): لا بأس بالحائل غير المستقر كمرور إنسان ونحوه، نعم إذا اتصلت المارة بطلت الجماعة.

(مسألة 801): إذا كان الحائل مما يتحقق معه المشاهدة حال الركوع لثقب في وسطه مثلاً، أو حال القيام لثقب في أعلاه، أو حال الهوي إلى السجود لثقب في أسفله، فالأقوى عدم انعقاد الجماعة، فلا يجوز الائتمام

ص: 215

(مسألة 802): إذا دخل في الصلاة مع وجود الحائل وكان جاهلاً به لعمى أو نحوه لم تصح الجماعة، فإن التفت قبل أن يعمل ما ينافي صلاة المنفرد مطلقاً ولو سهواً أتم منفرداً وصحت صلاته، وكذلك تصح لو كان قد فعل ما لا ينافيها إلا عمداً كترك القراءة.

(مسألة 803): الثوب الرقيق الذي يرى الشبح من ورائه حائل لا يجوز الاقتداء معه.

(مسألة 804): لو تجدد البعد في الأثناء بطلت الجماعة وصار منفرداً، فإذا لم يلتفت إلى ذلك وبقي على نية الاقتداء فإن أتى بما ينافي صلاة المنفرد من زيادة ركوع أو سجود مما تضر زيادته سهواً وعمداً بطلت صلاته، وإن لم يأت بذلك أو أتى بما لا ينافي إلا في صورة العمد صحت صلاته كما تقدم في ( مسألة 802 ).

(مسألة 805): لا يضر الفصل بالصبي المميز إذا كان مأموماً فيما إذا احتمل أن صلاته صحيحة عنده.

(مسألة 806): إذا كان الإمام في محراب داخل في جدار أو غيره لا يجوز ائتمام من على يمينه ويساره لوجود الحائل، أما الصف الواقف خلفه فتصح صلاتهم جميعاً وكذا الصفوف المتأخرة، وكذا إذا انتهى المأمومون إلى باب فإنه تصح صلاة تمام الصف الواقف خلف الباب لاتصالهم بمن يصلي في الباب، وإن كان الأحوط استحباباً الاقتصار في الصحة على من هو بحيال الباب دون من على يمينه ويساره من أهل صفه.

الفصل الثالث: مايشترط في صلاة الجماعة

يشترط في إمام الجماعة مضافاً إلى الإيمان والعقل وطهارة المولد،أمور :

ص: 216

الأول : الرجولة إذا كان المأموم رجلاً، فلا تصح إمامة المرأة إلا للمرأة، والاقوى صحة إمامة الصبي لمثله.

الثاني : العدالة فلا تجوز الصلاة خلف الفاسق، ولابد من إحرازها ولو بالوثوق الحاصل من أي سبب كان، فلا تجوز الصلاة خلف مجهول الحال.

الثالث : أن يكون الإمام صحيح القراءة، إذا كان الائتمام في الأوليين وكان المأموم صحيح القراءة، بل مطلقاً على الأحوط لزوماً.

الرابع : أن لا يكون أعرابياً - أي من سكان البوادي - ولاممن جرى عليه الحد الشرعي على الأحوط.

(مسألة 807): لا بأس في أن يأتم الأفصح بالفصيح، والفصيح بغيره، إذا كان يؤدي القدر الواجب.

(مسألة 808): لا تجوز إمامة القاعد للقائم ولا المضطجع للقاعد وتجوز إمامة القائم لهما، كما تجوز إمامة القاعد لمثله. وفي جواز امامة القاعد او المضطجع للمضطجعإشكال، وتجوز امامة المتيمم للمتوضئ وذي الجبيرة لغيره، والاقوى عدم جواز الاقتداء بالمسلوس والمبطون والمستحاضة والمضطر الى الصلاة في النجاسة، بل الاولى عدم امامة كل ناقص للكامل.

(مسألة 809): إذا تبين للمأموم بعد الفراغ من الصلاة أن الإمام فاقد لبعض شرائط صحة الصلاة أو الإمامة ،صحت صلاته منفرداً اذا لم يقع فيها ما يبطل الفرادى كترك القراءة والا أعادها. وان تبين في الاثناء أتمها منفرداً، ووجبت عليه القراءة مع بقاء محلها.

(مسألة 810): إذا اختلف المأموم والإمام في أجزاء الصلاة وشرائطها اجتهاداً أو تقليداً، فإن علم المأموم بطلان صلاة الإمام واقعاً ولو بطريق معتبر لم يجز له الائتمام به والإ جاز، وكذا إذا كان الاختلاف بينهما في الأمور الخارجية،

ص: 217

بأن يعتقد الإمام طهارة الماء فيتوضأ به والمأموم يعتقد نجاسته، أو يعتقد الإمام طهارة الثوب فيصلي به، ويعتقد المأموم نجاسته فإنه لا يجوز الائتمام في الفرض الأول، ويجوز في الفرض الثاني، ولا فرق فيما ذكرنا بين الابتداء والاستدامة، والمدار على علم المأموم بصحة صلاة الامام في حق الامام. هذا في غير ما يتحمله الإمام عن المأموم، وأما فيما يتحمله كالقراءة ففيه تفصيل، فإن من يعتقد وجوب السورة - مثلاً - ليس له أن يأتم قبل الركوع بمن لا يأتي بها لاعتقاده عدم وجوبها، نعم إذا ركع الإمام جاز الائتمام به.

الفصل الرابع: في أحكام الجماعة

(مسألة 811): لا يتحمل الإمام عن المأموم شيئاً من أفعال الصلاة وأقوالها غير القراءة في الأوليين إذا ائتم به فيهما فتجزيه قراءته، أما الاخيرتين فلا يتحمل عنه، بل يجب عليه بنفسه أن يقرأ الحمد أو يأتي بالتسبيحات، ويجب عليه متابعته في القيام، ولا تجب عليه الطمأنينة حاله حتى في حال قراءة الإمام وان كان أحوط.

(مسألة 812): الظاهر عدم جواز القراءة للمأموم في أوليي الاخفاتية إذا كانت القراءة بقصد الجزئية، والأفضل له أن يشتغل بالذكر والصلاة على النبي (صلی الله علیه و آله)، وأما في الأوليين من الجهرية فإن سمع صوت الإمام ولو همهمة وجب عليه ترك القراءة، بل الأحوط الأولى الإنصات لقراءته، وإن لم يسمع حتى الهمهمة جازت له القرائة بقصد القربة، وبقصد الجزئية والاحوط وجوباً الاول، وإذا شك في أن ما يسمعه صوت الإمام أو غيره فالأقوى الجواز، ولا فرق في عدم السماع بين أسبابه من صمم أو بعد أو غيرهما.

ص: 218

(مسألة 813): إذا أدرك الإمام في الأخيرتين وجب عليه قراءة الحمد والسورة وإن لزم من قراءة السورة. فوات المتابعة في الركوع اقتصر على الحمد.

وإن لزم ذلك من إتمام الحمد فالأحوط - لزوماً - الانفراد بل الاحوط استحباباً له اذا لم يحرز التمكن من اتمام الفاتحة قبل ركوع الامام عدم الدخول في الجماعة حتى يركع الامام، ولا قراءة عليه.

(مسألة 814): يجب على المأموم الإخفات في القراءة سواء أ كانت واجبة - كما في المسبوق بركعة أو ركعتين - أم غير واجبة كما في غيره حيث تشرع له القراءة، وإن جهر نسياناً أو جهلاً صحت صلاته، وإن كان عمداً بطلت.

(مسألة 815): يجب على المأموم متابعة الإمام في الأفعال بمعنى ان لا يتقدم عليه ولا يتأخر عنه تاخيراً فاحشاً، والاحوط الأولى عدم المقارنة، وأما الأقوال فالظاهر عدم وجوبها فيها فيجوز التقدم فيها والمقارنة، عدا تكبيرة الإحرام، وإن تقدم فيها كانت الصلاة فرادى، بل الاحوط وجوباً عدم المقارنة فيها كما ان الاحوط المتابعة في الاقوال خصوصاً مع السماع وفي التسليم.

(مسألة 816): إذا ترك المتابعة عمداً لم يقدح ذلك في صلاته، ولكن تبطل جماعته فيتمها فرادى، نعم اذا كان ركع قبل الامام في حال قراءة الامام بطلت صلاته، إذا لم يكن قرأ لنفسه.

(مسألة 817): إذا ركع أو سجد قبل الإمام عمداً انفرد في صلاته ولا يجوز له أن يتابع الإمام فيأتي بالركوع أو السجود ثانياً للمتابعة. واذا انفرد أجتزء بما وقع منه من الركوع والسجود وأتم، وإذا ركع أو سجد قبل الإمام سهواً فالأحوط له المتابعة بالعودة الى الإمام بعد الاتيان بالذكر. ولا يلزمه الذكر في الركوع أو السجود بعد ذلك مع الإمام، وإذا لم يتابع عمداً صحت صلاته وبطلت جماعته.

ص: 219

(مسألة 818): إذا رفع رأسه من الركوع أو السجود قبل الإمام عمداً، فإن كان قبل الذكر بطلت صلاته إذا كان متعمداً في تركه، وإلا صحت صلاته وبطلت جماعته. وان كان بعد الذكر صحت صلاته وأتمها منفرداً، ولايجوز له ان يرجع الى الجماعة فيتابع الامام بالركوع او السجود ثانياً. وان رفع رأسه من الركوع او السجود سهواً رجع اليهما. واذا لم يرجع عمداً انفرد وبطلت جماعته. وان لم يرجع سهواً صحت صلاته وجماعته وان رجع وركع للمتابعة فرفع الامام رأسه قبل وصوله الى حد الركوع بطلت صلاته.

(مسألة 819): إذا رفع رأسه من السجود فرأى الإمام ساجداً فتخيل أنه في الأولى فعاد إليها بقصد المتابعة فتبين أنها الثانية اجتزأ بها، وإذا تخيل الثانية فسجد أخرى بقصد الثانية فتبين أنها الأولى حسبت للمتابعة.

(مسألة 820): إذا زاد الإمام سجدة او تشهداً أو غيرهما مما لا تبطل الصلاة بزيادته سهواً لم تجب على المأموم متابعته، وإن نقص الإمام شيئاً لا يقدح نقصه سهوا، فعله المأموم.

(مسألة 821): يجوز للمأموم أن يأتي بذكر الركوع والسجود أزيد من الإمام، وكذلك إذا ترك بعض الأذكار المستحبة، مثل تكبير الركوع والسجود أن يأتي بها، وإذا ترك الإمام جلسة الاستراحة لعدم كونها واجبة عنده لا يجوز للمأموم المقلد لمن يقول بوجوبها أو بالاحتياط الوجوبي أن يتركها، وكذا إذا اقتصر في التسبيحات على مرة معكون المأموم مقلداً لمن يوجب الثلاث لا يجوز له الاقتصار على المرة، وهكذا الحكم في غير ما ذكر.

(مسألة 822): إذا حضر المأموم الجماعة ولم يدر أن الإمام في الأوليين أو الأخيرتين جاز له أن يقرأ الحمد والسورة بقصد القربة، فإن تبين كونه في الأخيرتين وقعت في محلها، وإن تبين كونه في الأوليين لا يضره.

ص: 220

(مسألة 823): إذا أدرك المأموم ثانية الإمام تحمل عنه القراءة فيها وكانت أولى صلاته، ويتابعه في القنوت وكذلك في الجلوس للتشهد متجافياً على الأحوط وجوباً، ويستحب له التشهد، فإذا كان في ثالثة الإمام تخلف عنه في القيام فيجلس للتشهد ثم يلحق الإمام. وكذا في كل واجب عليه دون الإمام، والأفضل أن يتابعه في الجلوس للتشهد إلى أن يسلم ثم يقوم إلى الرابعة، ويجوز له أن يقوم بعد السجدة الثانية من رابعة الإمام التي هي ثالثته، وينفرد اذا لم يكن قصد الانفراد من أول صلاته.

(مسألة 824): يجوز لمن صلى منفرداً أن يعيد صلاته جماعة إماماً كان أو مأموماً، وكذا اذا كان قد صلى جماعة إماماً أو مأموماً فان له ان يعيدها في جماعة اخرى إماماً، ويشكل صحة ذلك، فيما اذا صلى كل من الامام والمأموم منفرداً، واراد إعادتها جماعة من دون ان يكون في الجماعة من لم يؤد فريضته، ومع ذلك فلا بأس بالاعادة رجاءاً.

(مسألة 825): إذا ظهر بعد الإعادة أن الصلاة الأولى كانت باطلة اجتزأ بالمعادة.

(مسألة 826): لا تشرع الإعادة منفرداً، إلا إذا احتمل وقوع خلل في الأولى، وإن كانت صحيحة ظاهراً.

(مسألة 827): إذا دخل الإمام في الصلاة باعتقاد دخول الوقت والمأموم لا يعتقد ذلك لا يجوز الدخول معه، إلا إذا دخل الوقت في أثناء صلاة الامام فالاحوط لزوماً أن لايدخل معه.

(مسألة 828): إذا كان في نافلة فأقيمت الجماعة وخاف من إتمامها عدم إدراك الجماعة ولو بعدم إدراك التكبير مع الإمام استحب له قطعها، بل لا يبعد استحبابه بمجرد شروع المقيم في الإقامة، وإذا كان في فريضة عدل استحباباً إلى

ص: 221

النافلة وأتمها ركعتين ثم دخل في الجماعة، هذا إذا لم يتجاوز محل العدول، وإذا خاف بعد العدول من إتمامها ركعتين فوت الجماعة جاز له قطعها. وإن خاف ذلك قبل العدول لم يجز العدول بنية القطع، بل يعدل بنية الاتمام، لكن اذا بدا له ان يقطع قطع.

(مسألة 829): اذا لم يحرز الامام من نفسه العدالة فجواز ترتيبه آثار الجماعة لا يخلو من اشكال، بل الاقوى عدم الجواز، وفي كونه آثماً بذلك إشكال، والاظهر العدم.

(مسألة 830): إذا شك المأموم بعد السجدة الثانية من الإمام أنه سجد معه السجدتين أو واحدة يجب عليه الأتيان بأخرى إذا لم يتجاوز المحل.

(مسألة 831): إذا رأى الإمام يصلي ولم يعلم أنها من اليومية أو من النوافل لا يصح الاقتداء به، وكذا إذا احتمل أنها من الفرائض التي لا يصح اقتداء اليومية بها، وأما إن علم أنها من اليومية لكن لم يدر أنها أية صلاة من الخمس، أو أنها قضاء أو أداء، أو أنها قصر أو تمام فلا بأس بالاقتداء به فيها.

(مسألة 832): الصلاة إماماً أفضل من الصلاة مأموماً.

(مسألة 833): قد ذكروا أنه يستحب للإمام أن يقف محاذياً لوسط الصف الأول، وأن يصلي بصلاة أضعف المأمومين، فلا يطيل إلا مع رغبة المأمومين بذلك، وأن يُسمِع من خلفه القراءة والأذكار فيما لا يجب الإخفات فيه، وأن يطيل الركوع إذا أحس بداخل بمقدار مثلي ركوعه المعتاد، وأن لا يقوم من مقامه إذا أتم صلاته حتى يتم من خلفه صلاته.

(مسألة 834): الأحوط لزوماً للمأموم أن يقف عن يمين الإمام متأخراً عنه قليلاً إن كان رجلا واحداً ويقف خلفه ان كان امرأة وإذا كان رجل وامرأة وقف الرجل خلف الإمام والمرأة خلفه، وإن كانوا أكثر اصطفوا خلفه وتقدم

ص: 222

الرجال على النساء، ويستحب أن يقف أهل الفضل في الصف الأول، وأفضلهم في يمين الصف، وميامن الصفوف أفضل من مياسرها، والأقرب إلى الإمام أفضل، وفي صلاة الأموات الصف الأخير أفضل، ويستحب تسوية الصفوف، وسد الفرج، والمحاذاة بين المناكب، واتصال مساجد الصف اللاحق بمواقف السابق، والقيام عند قول المؤذن : (( قد قامت الصلاة )) قائلاً : ((اللهم أقمها وأدمها واجعلني من خير صالحي أهلها ))، وأن يقول عند فراغ الإمام من الفاتحة : (( الحمد لله رب العالمين )).

(مسألة 835): يكره للمأموم الوقوف في صف وحده إذا وجد موضعاً في الصفوف، والتنفل بعد الشروع في الإقامة، وتشتد الكراهة عند قول المقيم : (( قد قامت الصلاة )) والتكلم بعدها إلا إذا كان لإقامة الجماعة كتقديم إمام ونحو ذلك، وإسماع الإمام ما يقوله من أذكار، وأن يأتم المتم بالقصر وكذا العكس.

المقصد العاشر: الخلل

اشارة

من أخل بشيء من أجزاء الصلاة و شرائطها عمدا بطلت صلاته. و لو كان بحرف أو حركة من القراءة أو الذكر، و كذا من زاد فيها جزءاً عمداً قولاً أو فعلاً، من غير فرق في ذلك كله بين الركن و غيره، ولا بين كونه موافقاً لأجزاء الصلاة أو مخالفاً، ولا بين أن يكون ناوياً ذلك في الابتداء أو في الأثناء.

(مسألة 836): لاتتحقق الزيادة في غير الركوع والسجود الا بقصد الجزئية للصلاة. فان فعل شيئاً لابقصدها مثل حركة اليد وحك الجسد ونحو ذلك مما يفعله المصلي لابقصد الصلاة لم يقدح فيها، الا ان يكون ماحياً لصورتها.

(مسألة 837): من زاد جزءاً سهواً فإن كان ركوعاً أو سجدتين من ركعة واحدة بطلت صلاته وإلا لم تبطل.

ص: 223

(مسألة 838): من نقص جزءاً سهواً فإن التفت قبل فوات محله تداركه و ما بعده، و إن كان بعد فوات محله فإن كان ركناً بطلت صلاته و إلا صحت، و عليه قضاؤه بعد الصلاة إذا كان المنسي سجدة واحدة، و كذلك إذا كان المنسي تشهداً على الأحوط الأولى كما سيأتي.

و يتحقق فوات محل الجزء المنسي بأمور :

الأول : الدخول في الركن اللاحق، كمن نسي قراءة الحمد أو السورة أو بعضاً منهما، أو الترتيب بينهما، و التفت بعد الوصول إلى حد الركوع فإنه يمضي في صلاته، أما إذا التفت قبل الوصول إلى حد الركوع فإنه يرجع و يتدارك الجزء و ما بعده على الترتيب. و إن كان المنسي ركناً كمن نسي السجدتين حتى ركع بطلت صلاته. و إذا التفت قبل الوصول إلى حد الركوع تداركهما، و إذا نسي سجدة واحدة أو تشهداً أو بعضه أو الترتيب بينهما حتى ركع صحت صلاته و مضى، و إن ذكر قبل الوصول إلى حد الركوع تدارك المنسي و ما بعده على الترتيب، و تجب عليه في بعض هذه الفروض سجدتا السهو، كما سيأتي تفصيله.

الثاني : الخروج من الصلاة فمن نسي السجدتين حتى سلم و أتى بما ينافي الصلاة عمداً أو سهواً بطلت صلاته، و إذا ذكر قبل الإتيان به رجع و أتى بهما و تشهد و سلم ثم سجد سجدتي السهو للسلام الزائد، و كذلك من نسي إحداهما او التشهد او بعضه حتى سلم و لم يأت بالمنافي فإنه يرجع و يتدارك المنسي و يتم صلاته و يسجد سجدتي السهو. و إذا ذكر ذلك بعد الإتيان بالمنافي صحت صلاته و مضى، و عليه قضاء المنسي والإتيان بسجدتي السهو على ما يأتي.

الثالث : الخروج من الفعل الذي يجب فيه فعل ذلك المنسي، كمن نسي الذكر أو الطمأنينة في الركوع أو السجود حتى رفع رأسه فإنه يمضي، و كذا إذا نسي وضع بعض المساجد الستة في محله. نعم إذا نسي القيام حال القراءة أو التسبيح وجب أن يتداركهما قائماً إذا ذكر قبل الركوع.

ص: 224

(مسألة 839): من نسي الانتصاب بعد الركوع حتى سجد أو هوى إلى السجود مضى في صلاته، و الأحوط - استحباباً - الرجوع إلى القيام ثم الهوي إلى السجود إذا كان التذكر قبل السجود، و إعادة الصلاة إذا كان التذكر بعده، و أما إذا كان التذكر بعد الدخول في السجدة الثانية مضى في صلاته و لا شيء عليه، و إذا نسي الانتصاب بين السجدتين حتى جاء بالثانية مضى في صلاته، وإذا ذكره حال الهوي إليها رجع وتداركه، وإذا سجد على المحل المرتفع أو المنخفض أو المأكول أو الملبوس أو النجس و ذكر بعد رفع الرأس من السجود اعاد السجود، على ما تقدم.

(مسألة 840): إذا نسي الركوع حتى سجد السجدتين أعاد الصلاة، و إن ذكر قبل الدخول في الثانية فلا يبعد الاجتزاء بتدارك الركوع و الإتمام. و إن كان الأحوط - استحباباً - الإعادة أيضاً.

(مسألة 841): إذا ترك سجدتين و شك في أنهما من ركعة أو ركعتين، فإن كان الالتفات الى ذلك بعد الدخول في الركن لم يبعد الاجتزاء بقضاء سجدتين، وان كان قبل الدخول في الركن فإن احتمل أن كلتيهما من اللاحقة فلا يبعد الاجتزاء بتدارك السجدتين، و الإتمام. و إن علم أنهما إما من السابقة أو إحداهما منها و الأخرى من اللاحقة فلا يبعد الاجتزاء بتدارك سجدة و قضاء أخرى، و الأحوط استحباباً الإعادة في الصور الثلاثة.

(مسألة 842): إذا علم أنه فاتته سجدتان من ركعتين - من كل ركعة سجدة - قضاهما وأن كانتا من الأوليين.

(مسألة 843): من نسي التسليم و ذكره قبل فعل المنافي تداركه و صحت صلاته، و إن كان بعده صحت صلاته.

ص: 225

(مسألة 844): إذا نسي ركعة من صلاته أو أكثر فذكر قبل التسليم قام و أتى بها، و كذا إذا ذكرها بعد التسليم قبل فعل المنافي،و إذا ذكرها بعده بطلت صلاته.

(مسألة 845): إذا فاتت الطمأنينة في القراءة أو في التسبيح، أو في التشهد سهواً مضى ولكن لايترك الاحتياط الاستحبابي بتدارك. القراءة أو غيرها بنية القربة المطلقة، وإذا فاتت في ذكر الركوع أو السجود فذكر قبل أن يرفع رأسه إعاد الذكر.

(مسألة 846): إذا نسي الجهر و الإخفات و ذكر لم يلتفت و مضى. سواء أ كان الذكر في أثناء القراءة، أم التسبيح، أم بعدهما، و الجهل بالحكم يلحق بالنسيان في ذلك.

فصل في الشك وأحكامه

(مسألة 847): من شك و لم يدر أنه صلى أم لا، فإن كان في الوقت صلى، و إن كان بعد خروج الوقت لم يلتفت، و الظن بفعل الصلاة حكمه حكم الشك في التفصيل المذكور، و إذا شك في بقاء الوقت بنى على بقائه، و حكم كثير الشك في الإتيان بالصلاة و عدمه حكم غيره، فيجري فيه التفصيل المذكور من الاعادة في الوقت وعدمها بعد خروجه، وأما الوسواسي فيبني على الاتيان وان كان في الوقت. واذا شك في الظهرين في الوقت المختص بالعصر بنى على وقوع الظهر و أتى بالعصر، واذا شك وقد بقي من الوقت مقدار اداء ركعة اتى بالصلاة واذا كان اقل لم يلتفت. واذا شك في فعل الظهر وهو في العصر عدل بنية الظهر واتمها ظهراً.

ص: 226

(مسألة 848): إذا شك في جزء أو شرط للصلاة بعد الفراغ منها لم يلتفت، وإذا شك في التسليم فإن كان شكه في صحته لم يلتفت، و كذا إن كان شكه في وجوده و قد أتى بالمنافي حتى مع السهو. و أما إذا كان شكه قبل ذلك فاللازم هو التدارك و الاعتناء بالشك.

(مسألة 849): كثير الشك لا يعتني بشكه، سواء أ كان الشك في عدد الركعات، أم في الأفعال، أم في الشرائط، فيبني على وقوع المشكوك فيه، إلا إذا كان وجوده مفسداً فيبني على عدمه، كما لو شك بين الأربع و الخمس، أو شك في أنه أتى بركوع أو ركوعين مثلاً فإن البناء على وجود الأكثر مفسد فيبني على عدمه.

(مسألة 850): اذا كان كثير الشك في مورد خاص من فعل أو زمان او مكان اختص عدم الاعتناء به، والا يتعدى الى غيره.

(مسألة 851): المرجع في صدق كثرة الشك هو العرف. نعم اذا كان يشك في كل ثلاث صلوات متواليات مرة فهو كثير الشك، ويعتبر في صدقها ان لايكون ذلك من جهة عروض عارض من خوف أو غضب أو همّ أو نحو ذلك مما يوجب اغتشاش الحواس.

(مسألة 852): إذا لم يعتن بشكه ثم ظهر وجود الخلل جرى عليه حكم وجوده، فإن كان زيادة أو نقيصة مبطلة أعاد، و إن كان موجباً للتدارك تدارك، وإن كان مما يجب قضاؤه قضاه، و هكذا.

(مسألة 853): لا يجب عليه ضبط الصلاة بالحصى أو بالسبحة أو بالخاتم أو بغيرها.

(مسألة 854): لا يجوز لكثير الشك الاعتناء بشكه فإذا شك وجاء بالمشكوك فيه بطلت.

ص: 227

(مسألة 855): لو شك في أنه حصل له حالة كثرة الشك بنى على العدم، كما أنه إذا صار كثير الشك ثم شك في زوال هذه الحالة بنى على بقائها

(مسألة 856): إذا شك إمام الجماعة في عدد الركعات رجع إلى المأموم الحافظ، عادلاً كان أو فاسقاً، ذكراً أو أنثى، و كذلك إذا شك المأموم فإنه يرجع إلى الإمام الحافظ، والظان منهما بمنزلة الحافظ فيرجع الشاك إليه. و إن اختلف المأمومون لم يرجع إلى بعضهم، و إذا كان بعضهم شاكاً و بعضهم حافظاً رجع الإمام إلى الحافظ وفي جواز رجوع الشاك منهم اليه. واذا لم يحصل له الظن إشكال. والظاهر أن جواز رجوع المأموم إلى الإمام و بالعكس لا يختص بالشك في الركعات، بل يعم الشك في الأفعال أيضا، فإذا علم المأموم أنه لم يتخلف عن الإمام و شك في أنه سجد سجدتين أم واحدة و الإمام جازم بالإتيان بهما رجع المأموم إليه و لم يعتن بشكه.

(مسألة 857): يجوز في الشك في ركعات النافلة البناء على الأقل و البناء على الأكثر، إلا أن يكون الأكثر مفسداً فيبني على الأقل.

(مسألة 858): من شك في فعل من أفعال الصلاة فريضة كانت أو نافلة، أدائية كانت الفريضة أم قضائية أم صلاة جمعة أم آيات، و قد دخل في الجزء الذي بعده مضى و لم يلتفت، كمن شك في تكبيرة الإحرام و هو في القراءة، أو في الفاتحة و هو فيالسورة، أو في الآية السابقة و هو في اللاحقة، أو في أول الآية و هو في آخرها، أو في القراءة و هو في الركوع، أو في الركوع وهو في السجود، أو شك في السجود وهو في التشهد أو في القيام لم يلتفت، و كذا إذا شك في التشهد وهو في القيام أو في التسليم، فإنه لا يلتفت إلى الشك في جميع هذه الفروض، و إذا كان الشك قبل أن يدخل في الجزء الذي بعده وجب الاتيان به، كمن شك في التكبير قبل أن يقرأ، أو في القراءة قبل أن يركع، أو في الركوع قبل السجود، واذا كان الشك حال الهوى اليه أو في السجود أو في التشهد و هو جالس، أو حال

ص: 228

النهوض الى القيام، و كذلك إذا شك في التسليم وهو في التعقيب قبل ان يأتي بما ينافي الصلاة عمداً أو سهواً.

(مسألة 859): يعتبر في الجزء الذي يدخل فيه أن يكون من الأجزاء الواجبة، فاذا شك في القراءة وهو في القنوت لزمه الالتفات والتدارك.

(مسألة 860): إذا شك في صحة الواقع بعد الفراغ منه لا يلتفت و إن لم يدخل في الجزء الذي بعده، كما إذا شك بعد الفراغ من تكبيرة الإحرام في صحتها فإنه لا يلتفت، و كذا إذا شك في صحة قراءة الكلمة أو الآية.

(مسألة 861): إذا أتى بالمشكوك في المحل، ثم تبين أنه قد فعله أولاً لم تبطل صلاته إلا إذا كان ركناً، و إذا لم يأت بالمشكوك بعد تجاوز المحل فتبين عدم الإتيان به فإن أمكن التدارك به فعله، و إلا صحت صلاته، إلا أن يكون ركناً.

(مسألة 862): إذا شك و هو في فعل في أنه هل شك في بعض الأفعال المتقدمة أو لا لم يلتفت، وكذا لو شك في أنه هل سها أم لا و قد جاز محل ذلك الشيء الذي شك في أنه سها عنه أو لا. نعم لو شك في السهو و عدمه و هو في محل يتلافى فيه المشكوك فيه، أتى به على الأصح.

(مسألة 863): إذا شك المصلي في عدد الركعات فالاحوط له استحباباَ التروي يسيراً فان استقر الشك وكان في الثنائية او الثلاثية او الاوليين من الرباعية بطلت، وان كان في غيرها وقد احرز الاوليين بان اتم الذكر في السجدة الثانية من الركعة الثانية وان لم يرفع رأسه فهنا صور:

منها : ما لا علاج للشك فيها فتبطل الصلاة فيها.

ومنها : ما يمكن علاج الشك فيها و تصح الصلاة حينئذ و هي تسع صور :

ص: 229

الأولى : الشك بين الاثنتين و الثلاث بعد ذكر السجدة الأخيرة فإنه يبني على الثلاث و يأتي بالرابعة، و يتم صلاته ثم يحتاط بركعة قائماً على الأحوط وجوباً، وإن كانت وظيفته الصلاة جالساً احتاط بركعة جالساً.

الثانية : الشك بين الثلاث و الأربع في أي موضع كان، فيبني على الأربع و يتم صلاته، ثم يحتاط بركعة قائماً أو ركعتين جالساً. و الأحوط استحباباً اختيار الركعتين جالساً، وإن كانت وظيفته الصلاة جالساًً احتاط بركعة جالساً.الثالثة : الشك بين الاثنتين و الأربع بعد ذكر السجدة الأخيرة فيبني على الأربع و يتم صلاته ثم يحتاط بركعتين من قيام، وإن كانت وظيفته الصلاة جالساً أحتاط بركعتين من جلوس.

الرابعة : الشك بين الاثنتين و الثلاث و الأربع بعد ذكر السجدة الأخيرة فيبني على الأربع و يتم صلاته ثم يحتاط بركعتين من قيام وركعتين من جلوس والاقوى تأخير الركعتين من جلوس وإن كانت وظيفته الصلاة جالساً احتاط بركعتين من جلوس ثم بركعة جالساً.

الخامسة : الشك بين الأربع و الخمس بعد ذكر السجدة الأخيرة، فيبني على الأربع و يتم صلاته ثم يسجد سجدتي السهو.

السادسة : الشك بين الأربع و الخمس حال القيام، فإنه يهدم و حكمه حكم الشك بين الثلاث و الأربع، فيتم صلاته ثم يحتاط، كما سبق في الصورة الثانية.

السابعة : الشك بين الثلاث و الخمس حال القيام، فإنه يهدم و حكمه حكم الشك بين الاثنتين والأربع، فيتم صلاته و يحتاط كما سبق في الصورة الثالثة.

ص: 230

الثامنة : الشك بين الثلاث و الأربع و الخمس حال القيام، فإنه يهدم و حكمه حكم الشك بين الاثنتين و الثلاث و الأربع، فيتم صلاته و يحتاط كما سبق في الصورة الرابعة.

التاسعة : الشك بين الخمس و الست حال القيام، فإنه يهدم و حكمه حكم الشك بين الأربع و الخمس، و يتم صلاته و يسجد للسهو، و الأحوط في هذه الصور الأربع أن يسجد سجدتي السهو للقيام الزائد أيضاً.

(مسألة 864): إذا تردد بين الاثنتين و الثلاث فبنى على الثلاث ثم ضم إليها ركعة و سلم و شك في أن بناءه على الثلاث كان من جهة الظن بالثلاث أو عملاً بالشك، فعليه صلاة الاحتياط، و إذا بنى في الفرض المذكور على الاثنتين و شك بعد التسليم أنه كان من جهة الظن بالاثنتين أو خطأ منه و غفلة عن العمل بالشك صحت صلاته و لا شيء عليه.

(مسألة 865): الظن بالركعات كاليقين، أما الظن بالأفعال فالظاهر أن حكمه حكم الشك. فإذا ظن بفعل الجزء في المحل لزمه الإتيان به، و إذا ظن بعدم الفعل بعد تجاوز المحل مضى و ليس له أن يرجع و يتداركه، و الأحوط استحباباً إعادة الصلاة في الصورتين.

(مسألة 866): في الشكوك المعتبر فيها اكمال الذكر في السجدة الثانية كالشك بين الاثنتين و الثلاث، و الشك بين الاثنتين و الأربع، و الشك بين الاثنتين و الثلاث و الأربع : إذا شك مع ذلك في الإتيان بالسجدتين أو واحدة فإن كان شكه حال الجلوس قبل الدخول في القيام أو التشهد بطلت صلاته، لأنه محكوم بعدم الإتيان بهما أو بإحداهما فيكون شكه قبل اكمال الذكر، وإن كان بعد الدخول في القيام أو التشهد لم تبطل.

ص: 231

(مسألة 867): إذا تردد في أن الحاصل له شك أو ظن كما يتفق كثيراً لبعض الناس كان ذلك شكاً، و كذا لو حصلت له حالة في أثناء الصلاة و بعد أن دخل في فعل آخر لم يدر أنه كان شكاً أو ظناً يبنى على أنه كان شكاً اذا كان فعلاً شاكاً، وظناً ان كان فعلاً ظاناً، ويجري على ما يقتضيه ظنه أو شكه الفعلي، وكذا لو شك في شيء ثم انقلب شكه إلى الظن، أو ظن به ثم انقلب ظنه إلى الشك، فإنه يلحظ الحالة الفعلية و يعمل عليها، فلو شك بين الثلاث و الأربع مثلاً فبنى على الأربع، ثم انقلب شكه إلى الظن بالثلاث بنى عليه و أتى بالرابعة، و إذا ظن بالثلاث، ثم تبدل ظنه إلى الشك بينها و بين الأربع بنى على الأربع، ثم يأتي بصلاة الاحتياط.

(مسألة 868): صلاة الاحتياط واجبة لايجوز ان يدعها ويعيد الصلاة على الاحوط،ولا تصح الاعادة الا اذا أبطل الصلاة بفعل المنافي.

(مسألة 869): يعتبر فيها ما يعتبر في الصلاة من الأجزاء و الشرائط. فلا بد فيها من النية، والتكبير للإحرام، و قراءة الفاتحة اخفاتاً حتى في البسملة على الاحوط الأولى، و الركوع و السجود و التشهد و التسليم، و لا تجب فيها سورة، و إذا تخلل المنافي بينها وبين الصلاة بطلت الصلاة ولزم الاستئناف.

(مسألة 870): إذا تبين تمامية الصلاة قبل صلاة الاحتياط لم يحتج إليها، و إن كان في الأثناء جاز تركها و إتمامها نافلة ركعتين.

(مسألة 871): إذا تبين نقص الصلاة قبل الشروع في صلاة الاحتياط او في أثنائها جرى عليه حكم من سلم على النقص من وجوب ضم الناقص والاتمام مع الامكان. والا فيحكم بالبطلان كما اذا شك بين الاثنتين والاربع وتبين له بعد دخوله في ركوع الركعة الثانية من صلاة الاحتياط نقص الصلاة بركعة واحدة، و إذا تبين ذلك بعد الفراغ منها أجزأت إذا تبين النقص الذي كان يحتمله أولاً، أما إذا تبين غيره ففيه تفصيل : فان النقص المتبين اذا كان أكثر من صلاة الاحتياط

ص: 232

وأمكن تداركه لزم التدارك وصحت صلاته. وفي غير ذلك يحكم بالبطلان ولزوم اعادة أصل الصلاة، مثلاً اذا شك بين الثلاث والاربع فبنى على الاربع واتى بركعة واحدة قائماً للاحتياط، ثم تبين له قبل الاتيان بالمنافي ان النقص كان ركعتين فان عليه حينئذ اتمام الصلاة بركعة أخرى وسجود السهو مرتين لزيادة السلام في اصل الصلاة وزيادته في صلاة الاحتياط.

(مسألة 872): يجري في صلاة الاحتياط ما يجري في سائر الفرائض من أحكام السهو في الزيادة و النقيصة، و الشك في المحل، أو بعد تجاوزه أو بعد الفراغ و غير ذلك، و إذا شك في عدد ركعاتها لزم البناء على الأكثر إلا أن يكون مفسداً.

(مسألة 873): إذا شك في الإتيان بصلاة الاحتياط بنى على العدم إلا إذا كان بعد خروج الوقت، او بعد الإتيان بما ينافي الصلاة عمداً و سهواً.

(مسألة 874): إذا نسي من صلاة الاحتياط ركناً و لم يتمكن من تداركه أعاد الصلاة، و كذلك إذا زاد ركوعاً أو سجدتين في ركعة.

فصل في قضاء الأجزاء المنسية

(مسألة 875): إذا نسي السجدة الواحدة و لم يذكر إلا بعد الدخول في الركوع وجب قضاؤها بعد الصلاة، وبعد صلاة الاحتياط إذا كانت عليه، و كذا يقضي التشهد إذا نسيه و لم يذكره إلا بعد الركوع على الأحوط وجوباً، و يجري الحكم المزبور فيما إذا نسي سجدة واحدة و التشهد من الركعة الأخيرة و لم يذكر إلا بعد التسليم و الإتيان بما ينافي الصلاة عمداً و سهواً، و أما إذا ذكره بعد التسليم وقبل الإتيان بالمنافي فاللازم تدارك المنسي والاتيان بالتشهد والتسليم ثم الاتيان بسجدتي السهو للسلام الزائد على الأحوط وجوباً، و لا يقضي غير

ص: 233

السجدة و التشهد من الأجزاء و يجب في القضاء ما يجب في المقضي من جزء و شرط كما يجب فيه نية البدلية، و لا يجوز الفصل بالمنافي بينه و بين الصلاة، و إذا فصل إعادة الصلاة، والاولى ان يقضي الفائت قبل الاعادة.

(مسألة 876): إذا شك في فعله بنى على العدم، الا ان يكون الشك بعد الإتيان بالمنافي عمداً و سهواً، و إذا شك في موجبه بنى على العدم.

فصل في سجود السهو

(مسألة 877): يجب سجود السهو للكلام ساهياً، و للسلام في غير محله، و للشك بين الأربع و الخمس كما تقدم، و لنسيان التشهد والاحوط وجوباً سجود السهو لنسيان السجدة، وللقيام في موضع الجلوس، أو الجلوس في موضع القيام، كما ان الاحوط استحباباً سجود السهو لكل زيادة أو نقيصة.

(مسألة 878): يتعدد السجود بتعدد موجبه، و لا يتعدد بتعدد الكلام إلا مع تعدد السهو بأن يتذكر ثم يسهو، أما إذا تكلم كثيراً و كان ذلك عن سهو واحد وجب سجود واحد لا غير.

(مسألة 879): لا يجب الترتيب فيه بترتيب أسبابه و لا تعيين السبب.

(مسألة 880): يؤخر السجود عن صلاة الاحتياط، و كذا عن الأجزاء المقضية ،والأحوط عدم تأخيره عن الصلاة، وعدم الفصل بينهما بالمنافي واذا اخره عنها او فصله بالمنافي لم تبطل صلاته ولم يسقط وجوبه، بل لاتسقط فوريته أيضاً على الاحوط، و اذا نسيه فذكر و هو في أثناء صلاة أخرى أتم صلاته و أتى به بعدها.

(مسألة 881): سجود السهو سجدتان متواليتان و تجب فيه نية القربة و لا يجب فيه تكبير، ويعتبر فيه وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه، ووضع

ص: 234

سائر المساجد والاحوط استحباباً ان يكون واجداًلجميع ما يعتبر في سجود الصلاة من الطهارة و الاستقبال، والستر و غير ذلك، و الأقوى وجوب الذكر في كل واحد منهما، و الاحوط في صورته :

((بسم الله و بالله السلام عليك أيها النبي و رحمة الله و بركاته)) ويجب فيه التشهد بعد رفع الرأس من السجدة الثانية، ثم التسليم، و الأحوط اختيار التشهد المتعارف.

(مسألة 882): إذا شك في موجبه لم يلتفت، و إذا شك في عدد الموجب بنى على الأقل، و إذا شك في إتيانه بعد العلم بوجوبه أتى به، و إذا اعتقد تحقق الموجب - و بعد السلام شك فيه - لم يلتفت، كما أنه إذا شك في الموجب، و بعد ذلك علم به أتى به، و إذا شك في أنه سجد سجدة أو سجدتين بنى على الأقل، إلا إذا دخل في التشهد، و إذا شك بعد رفع الرأس في تحقق الذكر مضى، واذا علم بعدمه اعاد السجدة. واذا زاد سجدة لم تقدح، على اشكال ضعيف.

(مسألة 883): تشترك النافلة مع الفريضة في أنه إذا شك في جزء منها في المحل لزم الإتيان به، و إذا شك بعد تجاوز المحل لا يعتني به، و في أنه إذا نسي جزءاً لزم تداركه اذا ذكره قبل الدخول في ركن بعده، و تفترق عن الفريضة بأن الشك في ركعاتها يجوز فيه البناء على الأقل و الأكثر - كما تقدم - و أنه لا سجود للسهو فيها، و أنه لا قضاء للجزء المنسي فيها - إذا كان يقضى في الفريضة - و أن زيادة الركن سهواً غير قادحة. و من هنا يجب تدارك الجزء المنسي إذا ذكره بعد الدخول في ركن أيضاً.

ص: 235

المقصد الحادي عشر: صلاة المسافر

وفيه فصول:

الفصل الأول: شرائط القصر

تقصر الصلاة الرباعية بإسقاط الركعتين الأخيرتين منها في السفر بشروط :

الأول : قصد قطع المسافة و هي ثمانية فراسخ امتدادية ذهاباً أو إياباً أو ملفقة من الاربعة ذهاباً و اربعة إياباً، سواء اتصل ذهابه بإيابه أم انفصل عنه بمبيت ليلة واحدة أو أكثر، في الطريق أو في المقصد الذي هو رأس الأربعة، ما لم تحصل منه الإقامة القاطعة للسفر أو غيرها من القواطع الآتية.

(مسألة 884): الفرسخ ثلاثة أميال، و الميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد، و هو من المرفق إلى طرف الأصابع، فتكون المسافة أربعاً و أربعين كيلو متراً تقريباً.

(مسألة 885): إذا نقصت المسافة عن ذلك و لو يسيراً بقي على التمام، و كذا إذا شك في بلوغها المقدار المذكور، أو ظن بذلك ولا يجب عليه الفحص.

(مسألة 886): تثبت المسافة بالعلم، و بالبينة الشرعية، ولا يبعد ثبوتها بخبر العدل الواحد بل بأخبار مطلق الثقة وان لم يكن عادلاً، و إذا تعارضت البينتان او الخبران تساقطتا، ووجب التمام، و لا يجب الاختبار إذا لزم منه الحرج، وان كان الاحوط الاختبار مع عدم الحرج ايضاً، و إذا شك العامي في مقدار المسافة - شرعاً - وجب عليه إما الرجوع إلى المجتهد و العمل على فتواه، أو

ص: 236

الاحتياط بالجمع بين القصر و التمام، و إذا اقتصر على أحدهما و انكشفت مطابقته للواقع أجزأه.

(مسألة 887): إذا اعتقد كون ما قصده مسافة فقصر فظهر عدمه أعاد، و أما إذا اعتقد عدم كونه مسافة فأتم ثم ظهر كونه مسافة أعاد في الوقت دون خارجه. وان كان الاحوط الاعادة في الخارج ايضاً.

(مسألة 888): إذا شك في كونه مسافة، أو اعتقد العدم و ظهر في أثناء السير كونه مسافة قصر و إن لم يكن الباقي مسافة.

(مسألة 889): إذا كان للبلد طريقان، و الأبعد منهما مسافة دون الأقرب، فإن سلك الأبعد قصر،، و إن سلك الأقرب أتم، و لا فرق في ذلك بين أن يكون سفره من بلده إلى بلد آخر أو من بلد آخر إلى بلده أو غيره

(مسألة 890): إذا كان الذهاب خمسة فراسخ و الإياب ثلاثة لم يقصر، و كذا في جميع صور التلفيق، إلا إذا كان الذهاب اربعةً فما زاد والاياب كذلك.

(مسألة 891): مبدأ حساب المسافة من سور البلد، ومنتهى البيوت فيما لاسور له.

(مسألة 892): لا يعتبر توالي السير على النحو المتعارف، بل يكفي قصد السفر في المسافة المذكورة و لو في أيام كثيرة، ما لم يخرج عن قصد السفر عرفاً والاحوط في هذه الصورة الجمع.

(مسألة 893): يجب القصر في المسافة المستديرة ويكون الذهاب فيها الى منتصف الدائرة والاياب منه الى البلد، و لا فرق بين ما إذا كانت الدائرة في أحد جوانب البلد أو كانت مستديرة على البلد.

(مسألة 894): لابد من تحقق القصد إلى المسافة في أول السير فإذا قصد ما دون المسافة و بعد بلوغه تجدد قصده إلى ما دونها أيضا، و هكذا وجب التمام

ص: 237

و إن قطع مسافات. نعم إذا شرع في الاياب الى البلد وكانت المسافة ثمانية قصر، والا بقي على التمام. فطالب الظالة او الغريم او الآبق ونحوهم يتمون، إلا إذا حصل لهم في الأثناء قصد ثمانية فراسخ امتدادية أو ملفقة من اربعة ذهاباً ومن اربعة إياباً.

(مسألة 895): إذا خرج إلى ما دون أربعة فراسخ ينتظر رفقة - إن تيسروا سافر معهم و إلا رجع - أتم، و كذا إذا كان سفره مشروطاً بأمر آخر غير معلوم الحصول. نعم إذا كان مطمئناً بتيسر الرفقة أو بحصول ذلك الأمر قصر.

(مسألة 896): لا يعتبر في قصد السفر أن يكون مستقلاً، فإذا كان تابعاً لغيره كالزوجة والعبد والخادم والأسير وجب التقصير، إذا كان قاصداً تبعاً لقصد المتبوع، و إذا شك في قصد المتبوع بقي على التمام، و الأحوط - وجوباً - الاستخبار من المتبوع، و لكن لا يجب عليه الإخبار، و إذا علم في الأثناء قصد المتبوع، فإن كان الباقي مسافة و لو ملفقة قصر، و إلا بقي على التمام.

(مسألة 897): إذا كان التابع عازماً على مفارقة المتبوع - قبل بلوغ المسافة - أو متردداً في ذلك بقي على التمام، و كذا إذا كان عازماً على المفارقة، على تقدير حصول أمر محتمل الحصول - سواء أ كان له دخل في ارتفاع المقتضي للسفر أو شرطه مثل الطلاق او العتق، أم كان مانعاً عن السفر مع تحقق المقتضي له و شرطه - فإذا قصد المسافة و احتمل احتمالاً عقلائياً حدوث مانع عن سفره أتم صلاته، و إن انكشف بعد ذلك عدم المانع.

(مسألة 898): الظاهر وجوب القصر في السفر غير الاختياري كما إذا ألقي في قطار أو سفينة بقصد إيصاله إلى نهاية مسافة، و هو يعلم ببلوغه المسافة.

الثاني : استمرار القصد، فإذا عدل - قبل بلوغه الأربعة - إلى قصد الرجوع، أو تردد في ذلك وجب التمام، و الأحوط - لزوماً - إعادة ما صلاه قصراً

ص: 238

إذا كان العدول قبل خروج الوقت، و الإمساك في بقية النهار و إن كان قد أفطر قبل ذلك، و إذا كان العدول أو التردد بعد بلوغ الأربعة، و كان عازماً على العود قبل إقامة العشرة بقي على القصر و استمر على الإفطار.

(مسألة 899): يكفي في استمرار القصد بقاء قصد نوع السفر و إن عدل عن الشخص الخاص، كما إذا قصد السفر إلى مكان و في الأثناء عدل إلى غيره، إذا كان ما مضى مع ما بقي إليه مسافة، فإنه يقصر على الأصح، و كذا إذا كان من أول الأمر قاصداً السفر إلى أحد البلدين، من دون تعيين أحدهما، إذا كان السفر إلى كل منهما يبلغ المسافة.

(مسألة 900): إذا تردد في الأثناء، ثم عاد إلى الجزم، فإن كان ما بقي مسافة و لو ملفقة وشرع في السير قصر والا اتم صلاته. نعم إذا كان تردده بعد بلوغ اربعة فراسخ، وكان عازماً على الرجوع قبل العشرة قصر.

الثالث : أن لا يكون ناوياً في أول السفر إقامة عشرة أيام قبل بلوغ المسافة، أو يكون متردداً في ذلك، و إلا أتم من أول السفر، و كذا إذا كان ناوياً المرور بوطنه أو مقره أو متردداً في ذلك، فإذا كان قاصداً السفر المستمر، لكن احتمل احتمالاً عقلائياً عروض ما يوجب تبدل قصده على نحو يلزمه أن ينوي الإقامة عشرة، أو المرور بالوطن أتم صلاته، و إن لم يعرض ما احتمل عروضه.

الرابع : أن يكون السفر مباحا، فإذا كان حراماً لم يقصر سواء أ كان حراماً لنفسه، كإباق العبد، أم لغايته، كالسفر لقتل النفس المحترمة، أم للسرقة، أم للزنا أم لإعانة الظالم، و نحو ذلك، ويلحق به ما إذا كانت الغاية من السفر ترك واجب، كما إذا كان مديوناً و سافر مع مطالبة الدائن، وإمكان الأداء في الحضر دون السفر، فإنه يجب فيه التمام، إن كان السفر بقصد التوصل إلى ترك الواجب، أما إذا كان السفر مما يتفق وقوع الحرام أو ترك الواجب أثناءه، كالغيبة

ص: 239

و شرب الخمر و ترك الصلاة ونحو ذلك، من دون أن يكون الحرام أو ترك الواجب غاية للسفر وجب فيه القصر.

(مسألة 901): إذا كان السفر مباحاً، ولكن ركب دابة مغصوبة او مشى في ارض مغصوبة، ففي وجوب التمام او القصر وجهان، أظهرهما القصر، نعم اذا سافر على دابة مغصوبة بقصد الفرار بها عن المالك أتم.

(مسألة 902): إباحة السفر شرط في الابتداء و الاستدامة، فإذا كان ابتداء سفره مباحاً - و في الأثناء قصد المعصية - أتم حينئذ، و أما ما صلاه قصراً سابقاً فلا تجب إعادته اذا كان قد قطع مسافة والا فالاحوط - وجوباً - الاعادة في الوقت وخارجه، و إذا رجع إلى قصد الطاعة فان كان ما بقي مسافة ولو ملفقة وشرع في السير قصر، والا اتم صلاته. نعم اذا شرع في الاياب - وكان مسافة - قصر.

(مسألة 903): إذا كان ابتداء سفره معصية فعدل إلى المباح، فان كان الباقي مسافة - ولو ملفقة من أربعة ذهاباً واربعة إياباً - قصر والا اتم.

(مسألة 904): الراجع من سفر المعصية يقصر إذا كان الرجوع مسافة و ان لم يكن تائباً.

(مسألة 905): إذا سافر لغاية ملفقة من الطاعة والمعصية أتم صلاته، إلا إذا كانت المعصية تابعاً غير صالحة للاستقلال في تحقق السفر فإنه يقصر.

(مسألة 906): إذا سافر للصيد - لهواً - كما يستعمله أبناء الدنيا أتم الصلاة في ذهابه، وقصر في إيابه إذا كان وحده مسافة، أما إذا كان الصيد لقوته و قوت عياله قصر، وكذلك إذا كان للتجارة، على الأظهر، و لا فرق في ذلك بين صيد البر و البحر.

ص: 240

(مسألة 907): التابع للجائر، إذا كان مكرهاً، أو بقصد غرض صحيح، كدفع مظلمة عن نفسه أو غيره يقصر، و إلا فإن كان على وجه يعد من أتباعه و أعوانه في جوره يتم، و إن كان سفر الجائر مباحا فالتابع يتم و المتبوع يقصر.

(مسألة 908): إذا شك في كون السفر معصية أو لا، مع كون الشبهة موضوعية فالأصل الإباحة فيقصر، إلا إذا كانت الحالة السابقة هي الحرمة، أو كان هناك أصل موضوعي كما اذا كانت الحلية مشروطة بامر وجودي كأذن الولي بحيث يحرز به الحرمة فلا يقصر.

(مسألة 909): إذا كان السفر في الابتداء معصية فقصد الصوم ثم عدل في الأثناء إلى الطاعة فإن كان العدول قبل الزوال وجب الإفطار، و إن كان الباقي مسافة وقد شرع فيه، ولا يفطر بمجرد العدول من دون الشروع في قطع الباقي مما هو مسافة، وان كان العدول بعد الزوال، وكان في شهر رمضان فالاحوط - وجوباً - ان يتمه، ثم يقضيه، و لو انعكس الأمر بأن كان سفره طاعة في الابتداء، و عدل إلى المعصية في الأثناء وكان العدول بعد المسافة فان لم يأت بالمفطر وكان قبل الزوال فالاحوط - وجوباً - ان يصوم ثم يقضيه. وان كان قبلها فعليه ان يتم صومه وان كان بعد الزوال، ثم يقضيه على الاحوط. نعم لو كان ذلك بعد فعل المفطر وجب عليه أمساك بقية النهار تأدباً والقضاء.

الخامس : أن لا يتخذ السفر عملاً له كالمكاري، و الملاح و الساعي، والراعي، والتاجر الذي يدور في تجارته، و غيرهم ممن عمله السفر الى المسافة فما زاد، فان هؤلاء يتمون الصلاة في سفرهم، وان استعملوه لانفسهم، كحمل المكاري متاعه أو أهله من مكان الى آخر وكما أن التاجر الذي يدور في تجارته يتم الصلاة، كذلك العامل الذي يدور في عمله كالنجار الذي يدور في الرساتيق لتعمير النواعير و الكرود، و البناء الذي يدور في الرساتيق لتعمير الآبار التي يستقى منها للزرع، والحداد الذي يدور في الرساتيق و المزارع لتعمير الماكينات و

ص: 241

إصلاحها، والنقار الذي يدور في القرى لنقر الرحى، و أمثالهم من العمال الذين يدورون في البلاد و القرى و الرساتيق للاشتغال و الأعمال، مع صدق الدوران في حقهم، لكون مدة الإقامة للعمل قليلة، و مثلهم الحطاب و الجلاب الذي يجلب الخضر و الفواكه و الحبوب و نحوها إلى البلد، فإنهم يتمون الصلاة، ويلحق بمن عمله السفر أو يدور في عمله من كان عمله في مكان معين يسافر اليه في أكثر ايامه كمن كانت اقامته في مكان تجارته أو طبابته او تدريسه أو دراسته في مكان آخر، والحاصل أن العبرة في لزوم التمام بكون السفر بنفسه عملاً أو كون عمله في السفر، وكان السفر مقدمة له.

(مسألة 910): إذا اختص عمله بالسفر إلى ما دون المسافة قصر إن اتفق له السفر إلى المسافة، نعم إذا كان عمله السفر إلى مسافة معينة كالمكاري من النجف إلى كربلاء، فاتفق له كري دوابه إلى غيرها فإنه يتم حينئذ.

(مسألة 911): لا يعتبر في وجوب التمام تكرر السفر منه ثلاث مرات، بل يكفي كون السفر عملاً له ولو في المرة الاولى، وان كان احوط.

(مسألة 912): إذا سافر من عمله السفر سفراً ليس من عمله و لا متعلقاً به - كما إذا سافر المكاري للزيارة أو الحج - وجب عليه القصر، و مثله ما إذا انكسرت سيارته أو سفينته فتركها عند من يصلحها و رجع إلى أهله فإنه يقصر في سفر الرجوع، و كذا لو غصبت دوابه أو مرضت فتركها و رجع إلى أهله، نعم إذا لم يتهيأ له المكاراة في رجوعه فرجع إلى أهله بدوابه أو بسيارته أو بسفينته خالية من دون مكاراة فإنه يتم في رجوعه، فالتمام يختص بالسفر الذي هو عمله، أو متعلق بعمله.

(مسألة 913): إذا اتخذ السفر عملاً له في شهور معينة من السنة أو فصل معين منها، كالذي يكري دوابه بين مكة و جدة في شهور الحج أو يجلب الخضر

ص: 242

في فصل الصيف جرى عليه الحكم، و أتم الصلاة في سفره في المدة المذكورة، أما في غيرها من الشهور فيقصر في سفره إذا اتفق له السفر.

(مسألة 914): الحملدارية الذين يسافرون إلى مكة في أيام الحج في كل سنة، و يقيمون في بلادهم بقية أيام السنة يشكل جريان حكم من عمله السفر عليهم، فالأحوط لزوماً لهم الجمع بين القصر و التمام، بل لا يبعد وجوب القصر عليهم فيما إذا كان زمان سفرهم قليلاً، كما هو الغالب في من يسافر جواً في عصرنا الحاضر.

(مسألة 915): الظاهر ان عملية السفر تتوقف على العزم على المزاولة له مرة بعد أخرى على نحو لا يكون له فترة غير معتادة لمن يتخذ ذلك السفر عملاً له، فسفر بعض كسبة النجف الى بغداد، أو غيرها لبيع الاجناس التجارية او شرائها والرجوع الى البلد ثم السفر ثانياً وربما يتفق ذلك لهم في الاسبوع مرة أو في الشهر مرة، كل ذلك لايوجب كون السفر عملاً لهم، لان الفترة المذكورة غير معتادة في مثل السفر من النجف الى كربلاء أو بغداد اذا اتخذ عملاً ومهنة، وتختلف الفترة طولاً و قصراً باختلاف انحاء السفر من حيث قرب المقصد وبعده فان الفترة المعتادة في بعيد المقصد أطول منها في قريبه، فالذي يكري سيارته في كل شهر مرة من النجف إلى خراسان وربما يصدق أن عمله السفر، و الذي يسوق سيارته في كل ليلة جمعة من النجف إلى كربلاء لا يصدق ان عمله السفر، فذلك الاختلاف ناشئ من اختلاف أنواع السفر، والمدار العزم على توالي السفر من دون فترة معتد بها ويحصل ذلك فيما إذا كان عازماً على السفر في كل يوم والرجوع الى اهله، او يحضر يوماً ويسافر يوماً، أو يحضر يومين ويسافر يومين، او يحضر ثلاثة أيام ويسافرثلاثة أيام سفراً واحداً، أو يحضر أربعة ايام ويسافر ثلاثة واذا كان يحضر خمسة ويسافر يومين كالخميس والجمعة فالاحوط له لزوماً الجمع بين القصر والتمام.

ص: 243

(مسألة 916): إذا لم يتخذ السفر عملاً و حرفة له ولكن كان له غرض في تكرار السفر بلا فترة - مثل أن يسافر كل يوم من البلد للتنزه أو لعلاج مرض، أو لزيارة إمام، أو نحو ذلك، مما لايكون فيه السفر عملاً له، ولا مقدمة لعمله يجب فيه القصر.

(مسألة 917): إذا أقام المكاري في بلده عشرة أيام وجب عليه القصر في السفرة الاولى دون الثانية فضلاً عن الثالثة، وكذا اذا أقام في غير بلده عشرة منوية، اما غير المكاري ففي الحاقه بالمكاري اشكال وان كان الاظهر جواز اقتصاره على التمام.

السادس : أن لا يكون ممن بيته معه كأهل البوادي من العرب والعجم الذين لامسكن لهم معين في الارض، بل يتبعون العشب والماء أينما كانا ومعهم بيوتهم، فان هؤلاء يتمون صلاتهم وتكون بيوتهم بمنزلة الوطن. نعم اذا سافر احدهم من بيته لمقصد آخر كحج أو ز يارة أو لشراء ما يحتاج من قوت او حيوان او نحو ذلك قصر، واما اذا خرج لاختيار المنزل او موضع العشب والماء فالاحوط الجمع، اما اذا سافر لهذه الغايات ومعه بيته أتم.

(مسألة 918): السائح في الأرض الذي لم يتخذ وطناً منها يتم، و كذا إذا كان له وطن و خرج معرضاً عنه و لم يتخذ وطناً آخر إذا لم يكن بانياً على اتخاذ الوطن، و إلا وجب عليه القصر.

السابع : أن يصل إلى حد الترخص، و هو المكان الذي يتوارى فيه المسافر عن أهل البيوت، و علامة ذلك أنه لا يرى أهل بلده، او المكان الذي يخفى فيه صوت الاذان بحيث لايسمع، ويكفي احدهما مع الجهل بحصول الآخر، اما مع العلم بعدم الآخر فالاحوط الجمع بين القصر والتمام، أو يؤخر الصلاة الى ان يتحقق الآخر، ولا يلحق محل الاقامة والمكان الذي بقي فيه ثلاثين يوماً متردداً بالوطن، فيقصر فيهما المسافر صلاته بمجرد شروعه في السفر، وان كان

ص: 244

الاحوط فيهما - استحباباً - الجمع بين القصر والتمام فيما بين البلد وحد الترخّص.

(مسألة 919): المدار في السماع على المتعارف من حيث أذن السامع والصوت المسموع وموانع السمع، الخارج عن المتعارف يرجع اليه، وكذلك الحال في الرؤية.

(مسألة 920): كما لايجوز التقصير فيما بين البلد الى حدّ الترخص في ابتداء السفر، كذلك لايجوز التقصير عند الرجوع الى البلد، فانه اذا تجاوز حدّ الترخص الى البلد وجب عليه التمام.

(مسألة 921): اذا شك في الوصول إلى الحد بنى على عدمه فيبقى على التمام في الذهاب، وعلى القصر في الاياب.

(مسألة 922): يعتبر كون الاذان في أخر البلد في ناحية المسافر اذا كان البلد كبيراً، كما انه يعتبر كون الاذان على مرتفع معتاد في اذان البلد غير خارج عن المتعارف في العلو.

(مسألة 923): اذا اعتقد الوصول الى الحدّ فصلى قصراً، ثم بان انه لم يصل بطلت ووجبت الاعادة قبل الوصول اليه تماماً، وبعده قصراً فان لم يعد وجب عليه القضاء، وكذا في العود اذا صلى تماماً باعتقاد الوصول فبان عدمه وجبت الاعادة قبل الوصول اليه قصراً وبعده تماما فان لم يعد وجب القضاء.

الفصل الثاني: قواطع السفر

وهي أمور :الأول : الوطن، والمراد به المكان الذي يتخذه الانسان مقراً له على الدوام لو خلى ونفسه، بحيث اذا لم يعرض ما يقتضيه الخروج منه لم يخرج،

ص: 245

سواء اكان مسقط رأسه أم استجده، ولا يعتبر فيه ان يكون له فيه ملك،ولا أن يكون قد أقام فيه ستة اشهر.

(مسألة 924): يجوز أن يكون للإنسان وطنان بان يكون له منزلان في مكانين كل واحد منهما على الوصف المتقدم، فيقيم في كل سنة بعضاً منها في هذا وبعضهاً الآخر في الآخر، وكذا يجوز أن يكون له أكثر من وطنين.

(مسألة 925): الظاهر أنه لا يكفي في ترتيب أحكام الوطن مجرد نية التوطن، بل لابد من الإقامة بمقدار يصدق معها عرفاً أن البلد وطنه.

(مسألة 926): الظاهر جريان أحكام الوطن على الوطن الشرعي و هو المكان الذي يملك فيه الإنسان منزلاً قد استوطنه ستة أشهر، بأن أقام فيها ستة أشهر عن قصد و نية فيتم الصلاة فيه كلما دخله اذا لم يعرض عنه.

(مسألة 927): يكفي في صدق الوطن قصد التوطن و لو تبعاً، كما في الزوجة و العبد والأولاد.

(مسألة 928): اذا حدث له التردد في التوطن في المكان بعد ما اتخذه وطناً أصلياً كان أو مستجداً، ففي بقاء الحكم إشكال، والاظهر البقاء.

(مسألة 929): الظاهر أنه يشترط في صدق الوطن قصد التوطن فيه أبداً فلو قصد الاقامة في مكان مدة طويلة وجعله مقراً له - كما هو ديدن المهاجرين إلى النجف الأشرف أو غيره من المعاهد العلمية لطلب العلم قاصدين الرجوع إلى أوطانهم بعد قضاء و طرهم - لم يكن ذلك المكان وطناً له، نعم هو بحكم الوطن يتم صلاته فيه، فاذا رجع اليه من سفر الزيارة - مثلاً - أتم والاحوط بعد الرجوع قصد الاقامة عشرة ايام، كما أنه يعتبر في جواز القصر في السفر منها إلى بلد آخر أن تكون المسافة ثمانية فراسخ امتدادية أو تلفيقية، فلو كانت أقل وجب التمام، و كما ينقطع السفر بالمرور بالوطن ينقطع بالمرور بالمقر.

ص: 246

تنبيه : إذا كان وطنه النجف مثلاً، و كان له محل عمل في الكوفة يخرج إليه وقت العمل كل يوم و يرجع ليلاً، فإنه لا يصدق عليه عرفاً - و هو في محله - أنه مسافر، فإذا خرج من النجف قاصداً محل العمل و بعد الظهر - مثلاً - يذهب إلى بغداد يجب عليه التمام في ذلك المحل و بعد التعدي من حد الترخص منه يقصر، و إذا رجع من بغداد إلى النجف و وصل إلى محل عمله أتم، و كذلك الحكم لأهل الكاظمية إذا كان لهم محل عملفي بغداد و خرجوا منها إليه لعملهم ثم السفر إلى كربلاء مثلاً، فإنهم يتمون فيه الصلاة ذهاباً و إياباً إذا مروا فيه.

الثاني : العزم على الإقامة عشرة أيام متوالية في مكان واحد، أو العلم ببقائه المدة المذكورة فيه و إن لم يكن باختياره، و الليالي المتوسطة داخلة بخلاف الأولى و الأخيرة، و يكفي تلفيق اليوم المنكسر من يوم آخر فإذا نوى الإقامة من زوال أول يوم إلى زوال اليوم الحادي عشر وجب التمام، و الظاهر أن مبدأ اليوم طلوع الشمس، فإذا نوى الإقامة من طلوع الشمس فيكفي في وجوب التمام نيتها الى غروب اليوم العاشر

(مسألة 930): يشترط وحدة محل الإقامة، فإذا قصد الإقامة عشرة أيام في النجف الأشرف و مسجد الكوفة مثلاً بقي على القصر، نعم لا يشترط قصد عدم الخروج عن سور البلد، بل إذا قصد الخروج إلى ما يتعلق بالبلد من الأمكنة مثل بساتينه و مزارعه و مقبرته و مائه و نحو ذلك من الأمكنة التي يتعارف وصول أهل البلد إليها من جهة كونهم أهل ذلك البلد لم يقدح في صدق الإقامة فيها. نعم يجوز الخروج الى ما دون المسافة بحيث يصدق عليه انه مقيم بشرط ان لايبقى أكثر من ساعات فضلاً عما زاد عليه إلى ما دون المسافة - كما إذا قصد الإقامة في النجف الأشرف مع قصد الخروج إلى مسجد الكوفة أو السهلة - فالاحوط الجمع - حينئذ - مع الامكان، وإن كان الأظهر جواز الاقتصار على التمام وعدم منفاة الخروج المذكور للاقامة، اذا كان زمان الخروج قليلاً.

ص: 247

(مسألة 931): إذا قصد الإقامة إلى ورود المسافرين، أو انقضاء الحاجة أو نحو ذلك، وجب القصر و إن اتفق حصوله بعد عشرة أيام، و كذا إذا نوى الإقامة إلى يوم الجمعة الثانية - مثلا - و كان عشرة أيام كفى في صدق الاقامة ووجوب التمام، وأما في كل مقام يكون فيه الزمان محدوداً بحد معلوم، وان لم يعلم انه يبلغ عشرة ايام لتردد زمان النية بين سابق ولاحق، ففيه اشكال، وأما اذا كان التردد لاجل الجهل بالاخر كما اذا نوى المسافر الاقامة من اليوم الواحد والعشرين الى آخر الشهر وتردد الشهر بين الناقص والتام ,وجب فيه القصر وإن انكشف كمال الشهر بعد ذلك.

(مسألة 932): تجوز الإقامة في البرية، و حينئذ يجب أن ينوي عدم الوصول إلى ما لا يعتاد الوصول إليه من الأمكنة البعيدة، إلا إذا كان زمان الخروج قليلاً، كما تقدم.

(مسألة 933): إذا عدل المقيم عشرة ايام عن قصد الإقامة، فإن كان قد صلى فريضة تماماً بقي على الإتمام إلى أن يسافر، و إلا رجع إلى القصر، سواء لم يصل أصلاً أم صلى مثل الصبح و المغرب، أو شرع في الرباعية و لم يتمها و لو كان في ركوع الثالثة، و سواء أ فعل ما لا يجوز فعله للمسافر من النوافل والصوم، أو لم يفعل.

(مسألة 934): إذا صلى بعد نية الإقامة فريضة تماماً نسياناً او لشرف البقعة غافلاً عن نيته كفى في البقاء على التمام ولكن اذا فاتته الصلاة بعد نية الاقامة فقضاها خارج الوقت تماماً، ثم عدل عنها رجع الى القصر.

(مسألة 935): إذا تمت مدة الإقامة لم يحتج في البقاء على التمام إلى إقامة جديدة، بل يبقى على التمام إلى أن يسافر و إن لم يصل في مدة الإقامة فريضة تماماً.

ص: 248

(مسألة 936): لا يشترط في تحقق الإقامة كونه مكلفاً، فلو نوى الإقامة و هو غير بالغ ثم بلغ في أثناء العشرة وجب عليه التمام في بقية الأيام و قبل البلوغ أيضاً يصلي تماماً، و إذا نواها و هو مجنون و كان تحقق القصد منه ممكناً، أو نواها حال الإفاقة ثم جن يصلي تماماً بعد الإفاقة في بقية العشرة، و كذا إذا كانت حائضاً حال النية فإنها تصلي ما بقي بعد الظهر من العشرة تماماً، بل إذا كانت حائضاً تمام العشرة يجب عليها التمام ما لم تنشئ سفراً.

(مسألة 937): إذا صلى تماماً، ثم عدل لكن تبين بطلان صلاته رجع إلى القصر، و إذا صلى الظهر قصراً ثم نوى الإقامة فصلى العصر تماماً ثم تبين له بطلان إحدى الصلاتين فإنه يرجع إلى القصر، و يرتفع حكم الإقامة، و إذا صلى بنية التمام، و بعد السلام شك في أنه سلم على الأربع أو الاثنتين أو الثلاث كفى في البقاء على حكم التمام إذا عدل عن الإقامة بعد الصلاة، و كذا يكفي في البقاء على حكم التمام إذا عدل عن الإقامة بعد السلام الواجب، وقبل فعل المستحب منه، أو قبل الإتيان بسجود السهو، و لا يترك الاحتياط فيما إذا عدل بعد السلام و قبل قضاء السجدة المنسية.

(مسألة 938): إذا استقرت الإقامة و لو بالصلاة تماماً، فبدا للمقيم الخروج إلى ما دون المسافة، فإن كان ناوياً للإقامة في المقصد، أو في محل الإقامة، أو في غيرهما بقي على التمام، حتى يسافر من محل الإقامة الثانية، و إن كان ناوياً الرجوع إلى محل الإقامة و السفر منه قبل العشرة أتم في الذهاب و المقصد، و أما في الإياب و محل الإقامة فالأحوط الجمع بين القصر و التمام فيهما. و إن كان الأظهر جواز الاقتصار على التمام حتى يسافر من محل الإقامة. نعم إذا كان ناوياً السفر من مقصده و كان رجوعه إلى محل إقامته من جهة وقوعه في طريقه قصّر في إيابه و محل إقامته أيضاً.

ص: 249

(مسألة 939): إذا دخل في الصلاة بنية القصر، فنوى الإقامة في الأثناء أكملها تماماً، و إذا نوى الإقامة فشرع في الصلاة بنية التمام فعدل في الأثناء، فإن كان قبل الدخول في ركوع الثالثة أتمها قصراً، و إن كان بعده بطلت.

(مسألة 940): إذا عدل عن نية الإقامة، و شك في أن عدوله كان بعد الصلاة تماماً ليبقى على التمام، أم لا بنى على عدمها فيرجع إلى القصر.

(مسألة 941): إذا عزم على الإقامة فنوى الصوم، وعدل بعد الزوال قبل أن يصلي تماماً بقي على صومه واجزأ، وأما الصلاة فيجب فيها القصر، كما سبق.

الثالث : أن يقيم في مكان واحد ثلاثين يوماً من دون عزم على الإقامة عشرة أيام، سواء عزم على إقامة تسعة أو أقل أم بقي متردداً فإنه يجب عليه القصر إلى نهاية الثلاثين، وبعدها يجب عليه التمام إلى أن يسافر سفراً جديداً.

(مسألة 942): المتردد في الأمكنة المتعددة يقصر و إن بلغت المدة ثلاثين يوماً.

(مسألة 943): إذا خرج المقيم المتردد إلى ما دون المسافة جرى عليه حكم المقيم عشرة أيام إذا خرج إليه، فيجري فيه ما ذكرناه فيه.

(مسألة 944): إذا تردد في مكان تسعة و عشرين يوماً، ثم انتقل إلى مكان آخر، و أقام فيه - متردداً - تسعة و عشرين، و هكذا بقي على القصر في الجميع إلى أن ينوي الإقامة في مكان واحد عشرة أيام، أو يبقى في مكان واحد ثلاثين يوماً متردداً.

(مسألة 945): يكفي تلفيق اليوم المنكسر من يوم آخر هنا، كما تقدم في الإقامة.

ص: 250

(مسألة 946): في كفاية الشهر الهلالي إشكال، بل الأظهر العدم اذا نقص عن الثلاثين يوماً.

الفصل الثالث: في أحكام المسافر

اشارة

(مسألة 947): تسقط النوافل النهارية في السفر، و في سقوط الوتيرة إشكال ولا بأس بالإتيان بها برجاء المطلوبية، و يجب القصر في الفرائض الرباعية بالاقتصار على الأوليين منها فيما عدا الأماكن الأربعة، كما سيأتي، و إذا صلاها تماماً، فإن كان عالماً بالحكم بطلت، و وجبت الإعادة أو القضاء، و إن كان جاهلاً بالحكم من أصله - بأن لم يعلم وجوب القصر على المسافر - لم تجب الإعادة، فضلاً عن القضاء، و إن كان عالماً بأصل الحكم، و جاهلاً ببعض الخصوصيات الموجبة للقصر، مثل انقطاع عملية السفر بإقامة عشرة في البلد، و مثل أن العاصي في سفره يقصر إذا رجع إلى الطاعة و نحو ذلك، أو كان جاهلاً بالموضوع، بأن لا يعلم أن ما قصده مسافة - مثلاً - فأتم فتبين له أنه مسافة، أو كان ناسياً للسفر أو ناسياً أن حكم المسافر القصر فأتم، فإن علم أو تذكر في الوقت أعاد، و إن علم أو تذكر بعد خروج الوقت فالاحوط القضاء.

(مسألة 948): الصوم كالصلاة فيما ذكر فيبطل في السفر مع العلم و يصح مع الجهل، سواء أكان الجهل بأصل الحكم أم كان بالخصوصيات أم كان بالموضوع.

(مسألة 949): إذا قصر من وظيفته التمام بطلت صلاته في جميع الموارد الا في المقيم عشرة أيام إذا قصر جهلاً بأن حكمه التمام فان الاظهر فيه الصحة.

(مسألة 950): إذا دخل الوقت و هو حاضر و تمكن من الصلاة تماماً و لم يصل، ثم سافر حتى تجاوز حد الترخص و الوقت باق، صلى قصراً و إذا

ص: 251

دخل عليه الوقت و هو مسافر و تمكن من الصلاة قصراً و لم يصل حتى وصل إلى وطنه، أو محل إقامته صلى تماماً، فالمدار على زمان الأداء لا زمان تعلّق الوجوب.

(مسألة 951): إذا فاتته الصلاة في الحضر قضى تماماً و لو في السفر، و إذا فاتته في السفر قضى قصراً و لو في الحضر، و إذا كان في أول الوقت حاضراً و في آخره مسافراً أو بالعكس راعى في القضاء حال الفوات و هو آخر الوقت، فيقضي في الأول قصرا، و في العكس تماماً

(مسألة 952): يتخير المسافر بين القصر و التمام في الأماكن الأربعة الشريفة، وهي : المسجد الحرام، ومسجد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومسجد الكوفة، وحرم الحسين(عليه السلام)، والتمام افضل، والقصر أحوط، والظاهر الحاق تمام بلدتي مكة والمدينة، بالمسجدين دون الكوفة وكربلا، وفي تحديد الحرم الشريف إشكال، والظاهر جواز الاتمام في تمام الروضة المقدسة دون الرواق والصحن الشريف.

(مسألة 953): لا فرق في ثبوت التخيير في الأماكن المذكورة بين أرضها و سطحها و المواضع المنخفضة فيها، كبيت الطشت في مسجد الكوفة.

(مسألة 954): لا يلحق الصوم بالصلاة في التخيير المذكور، فلا يجوز للمسافر الذي حكمه القصر الصوم في الأماكن الأربعة.

(مسألة 955): التخيير المذكور استمراري، فإذا شرع في الصلاة بنية القصر يجوز له العدول في الأثناء إلى الإتمام، و بالعكس.

(مسألة 956): لا يجري التخيير المذكور في سائر المساجد و المشاهد الشريفة.

ص: 252

(مسألة 957): يستحب للمسافر أن يقول عقيب كل صلاة مقصورة ثلاثين مرة : (( سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر )).

(مسألة 958): يختص التخيير المذكور بالأداء و لا يجري في القضاء.

خاتمة في بعض الصلوات المستحبة
صلاة العيدين

منها : صلاة العيدين، و هي واجبة في زمان الحضور مع اجتماع الشرائط، و مستحبة في عصر الغيبة جماعة و فرادى، و لا يعتبر فيها العدد و لا تباعد الجماعتين، و لا غير ذلك من شرائط صلاة الجمعة. و كيفيتها : ركعتان يقرأ في كل منهما الحمد و سورة، و الأفضل أن يقرأ في الأولى (( و الشمس )) و في الثانية (( الغاشية )) أو في الأولى ( الأعلى ) و في الثانية (( و الشمس ) ثم يكبر في الأولى خمس تكبيرات، و يقنت عقيب كل تكبيرة. وفي الثانية يكبر بعد القراءة اربعا، ويقنت بعد كل واحدة على الاحوط في التكبيرات والقنوتات، و يجزي في القنوت ما يجزي في قنوت سائر الصلوات، و الأفضل أن يدعو بالمأثور، فيقول في كل واحد منها : ( اللهم أهل الكبرياء و العظمة، و أهل الجود و الجبروت، و أهل العفو و الرحمة، و أهل التقوى و المغفرة، أسألك بحق هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا، و لمحمد صلى الله عليه و آله و سلم ذخراً و مزيداً، أن تصلي على محمد و آل محمد، كأفضل ما صليت على عبد من عبادك، و صل على ملائكتك و رسلك، و اغفر للمؤمنين و المؤمنات، و المسلمين و المسلمات، الأحياء منهم و الأموات، اللهم إني أسألك خير ما سألك به عبادك الصالحون و أعوذ بك من شر ما استعاذ بك منه عبادك المخلصون )، و يأتي الإمام بخطبتين بعد الصلاة يفصل بينهما بجلسة خفيفة، و لا يجب الحضور عندهما، و لا الإصغاء، ويجوز تركهما في زمان الغيبة وإن كانت الصلاة جماعة.

ص: 253

(مسألة 959): لا يتحمل الإمام في هذه الصلاة غير القراءة.

(مسألة 960): إذا لم تجتمع شرائط وجوبها ففي جريان أحكام النافلة عليها إشكال، و الظاهر بطلانها بالشك في ركعاتها، و لزوم قضاء السجدة الواحدة إذا نسيت، و الاولى سجود السهو عند تحقق موجبه.

(مسألة 961): إذا شك في جزء منها و هو في المحل أتى به، و إن كان بعد تجاوز المحل مضى.

(مسألة 962): ليس في هذه الصلاة أذان و لا إقامة، بل يستحب أن يقول المؤذن : الصلاة - ثلاثاً -.

(مسألة 963): وقتها من طلوع الشمس إلى الزوال، و الأظهر سقوط قضائها لو فاتت، و يستحب الغسل قبلها، و الجهر فيها بالقراءة، إماماً كان أو منفرداً، و رفع اليدين حال التكبيرات، و السجود على الأرض، و الإصحار بها إلا في مكة المعظمة فإن الإتيان بها في المسجد الحرام أفضل، و أن يخرج إليها راجلاً حافياً لابساً عمامة بيضاء مشمراً ثوبه إلى ساقه، و أن يأكل قبل خروجه إلى الصلاة في الفطر، و بعد عوده في الأضحى مما يضحي به إن كان.

ومنها : صلاة ليلة الدفن، و تسمى صلاة الوحشة و هي ركعتان يقرأ في الأولى بعد الحمد آية الكرسي و الأحوط قراءتها إلى : (هم فيها خالدون ) و في الثانية بعد الحمد سورة القدر عشر مرات، و بعد السلام يقول : (( اللهم صل على محمد و آل محمد و ابعث ثوابها إلى قبر فلان )) و يسمي الميت، و في رواية بعد الحمد في الأولى التوحيد مرتين، و بعد الحمد في الثانية سورة التكاثر عشراً، ثم الدعاء المذكور، و الجمع بين الكيفيتين أولى و أفضل.

ص: 254

(مسألة 964): لا بأس بالاستئجار لهذه الصلاة و إن كان الأولى ترك الاستئجار و دفع المال إلى المصلي، على نحو لا يؤذن له بالتصرف فيه، إلا إذا صلى.

(مسألة 965): إذا صلى و نسي آية الكرسي أو القدر أو بعضهما أو أتى بالقدر أقل من العدد الموظف فهي لا تجزئ عن صلاة ليلة الدفن و لا يحل له المال المأذون له فيه بشرط كونه مصلياً إذا لم تكن الصلاة تامة.

(مسألة 966): وقتها الليلة الأولى من الدفن فإذا لم يدفن الميت إلا بعد مرور مدة أخرت الصلاة إلى الليلة الأولى من الدفن، و يجوز الإتيان بها في جميع آنات الليل، و إن كان التعجيل أولى.

(مسألة 967): إذا أخذ المال ليصلي فنسي الصلاة في ليلة الدفن لا يجوز له التصرف في المال إلا بمراجعة مالكه، فإن لم يعرفه و لم يمكن تعرفه جرى عليه حكم مجهول المالك، واذا علم من القرائن انه لو استأذن المالك لأذن له في التصرف في الماللم يكف ذلك في جواز التصرف فيه بمثل البيع والهبة ونحوهما، وان جاز بمثل اداء الدين والاكل والشرب ونحوهما.

و منها : صلاة أول يوم من كل شهر، و هي : ركعتان يقرأ في الأولى بعد الحمد سورة التوحيد ثلاثين مرة، و في الثانية بعد الحمد سورة القدر ثلاثين مرة، ثم يتصدق بما تيسر، يشتري بذلك سلامة الشهر ويستحب قراءة هذه الآيات الكريمة بعدها و هي : (بسم الله الرحمن الرحيم، و ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها، و يعلم مستقرها و مستودعها كل في كتاب مبين، بسم الله الرحمن الرحيم، و إن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو و إن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير، بسم الله الرحمن الرحيم، سيجعل الله بعد عسر يسرا، ما شاء الله لا قوة إلا بالله، حسبنا الله و نعم الوكيل، و أفوض أمري إلى الله إن

ص: 255

الله بصير بالعباد، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير، رب لا تذرني فرداً و أنت خير الوارثين ).

(مسألة 968): يجوز إتيان هذه الصلاة في تمام النهار.

و منها : صلاة الغفيلة، و هي : ركعتان بين المغرب و العشاء، يقرأ في الأولى بعد الحمد : (و ذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين * فاستجبنا له و نجيناه من الغم و كذلك ننجي المؤمنين) و في الثانية بعد الحمد : (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو و يعلم ما في البر و البحر و ما تسقط من ورقة إلا يعلمها و لا حبة في ظلمات الأرض و لا رطب و لا يابس إلا في كتاب مبين ) ثم يرفع يديه و يقول : (( اللهم إني أسألك بمفاتح الغيب التي لا يعلمها إلا أنت أن تصلي على محمد و آل محمد و أن تفعل بي كذا و كذا )) و يذكر حاجته، ثم يقول : (( اللهم أنت ولي نعمتي و القادر على طلبتي تعلم حاجتي فأسألك بحق محمد و آله عليه و عليهم السلام لما قضيتها أو((إلا قضيتها لي )) ثم يسأل حاجته فإنها تقضى إن شاء الله تعالى، و قد ورد أنها تورث دار الكرامة و دار السلام و هي الجنة.

(مسألة 969): يجوز الإتيان بركعتين من نافلة المغرب فيكون ذلك من تداخل المستحبين.

ومنها : الصلاة في مسجد الكوفة لقضاء الحاجة، و هي ركعتان يقرأ في كل واحدة منهما بعد الحمد سبع سور، و الأولى الإتيان بها على هذا الترتيب : الفلق - أولاً - ثم الناس، ثم التوحيد، ثم الكافرون، ثم النصر، ثم الأعلى، ثم القدر. و لنكتف بهذا المقدار من الصلوات المستحبة طلباً للاختصار.

و الحمد لله ربنا و هو حسبنا و نعم الوكيل.

ص: 256

كتاب الصوم

الفصل الأول: في النية

تقدم في النيابة في الصلاة، كما أن فعله عن نفسه يتوقف على امتثال الامر المتوجه اليه بالصوم عن نفسه، ويكفي في المقامين القصد الاجمالي.

(مسألة 973 ): لا يجب العلم بالمفطرات على التفصيل، فاذا قصد الصوم عن المفطرات - اجمالاً - كفى.

(مسألة 974 ): لا يقع في شهر رمضان صوم غيره على اشكال - فإن نوى غيره بطل الا ان يكون جاهلاً به أو ناسياً له، فيجزيء عن رمضان - حينئذ - لا عن مانواه.

(مسألة 975 ): يكفي في صحة صوم رمضان القصد اليه و لو إجمالاً. فاذا نوى الصوم المشروع في غد وكان من رمضان أجزء عنه، اما اذا قصد صوم غد دون توصيفه بخصوص المشروع لم يجز، وكذا الحكم في سائر انواع الصوم من النذر او الكفارة أو القضاء فما لم يقصد المعين لايصح، نعم اذا قصد ما في ذمته وكان واحداً اجزأ عنه، ويكفي في صحة الصوم المندوب المطلق نية صوم غد قربة الى الله تعالى اذا لم يكن عليه صوم واجب، ولو كان غد من ايام البيض مثلاً، فان قصد الطبيعة الخاصة صح المندوب الخاص والا صح مندوباً مطلقاً.

(مسألة 976 ): وقت النية في الواجب المعين - و لو بالعارض - عند طلوع الفجر الصادق بحيث يحدث الصوم حينئذ مقارناً للنية، وفي الواجب غير المعين يمتد وقتها الى الزوال وان تضيق وقته، فاذا أصبح ناوياً للإفطار و بدا له قبل

ص: 257

الزوال أن يصوم واجباً فنوى الصوم أجزأه، و إن كان ذلك بعد الزوال لم يجز، و في المندوب يمتد وقتها إلى أن يبقى من النهار ما يمكن فيه تجديد النية.

(مسألة 977): يجتزئ في شهر رمضان كله بنية واحدة قبل الشهر، والظاهر كفاية ذلك في غيره ان كان. والاحوط ان ينوي كل يوم أيضاً كصوم الكفارة و نحوها.

(مسألة 978): إذا لم ينو الصوم في شهر رمضان لنسيان الحكم أو الموضوع، أو للجهل بهما و لم يستعمل مفطراً فالأظهر الاجتزاء بتجديد نيته اذا تذكر، أو علم قبل الزوال، والاحتياط بتجديد النية والقضاء لايترك.

(مسألة 979): إذا صام يوم الشك بنية شعبان ندباً أو قضاءً أو نذراً أجزأ عن شهر رمضان إن كان، و إذا تبين أنه من رمضان قبل الزوال أو بعده جدد النية، و إن صامه بنية رمضان بطل، وأما إن صامه بنية الأمر الواقعي المتوجه إليه - إما الوجوبي أو الندبي - فالظاهر الصحة، و إن صامه على أنه إن كان من شعبان كان ندباً، و إن كان من رمضان كان وجوباً فالظاهر البطلان. و إذا أصبح فيه ناوياً للإفطار فتبين أنه منرمضان قبل تناول المفطر فإن كان قبل الزوال فالاحوط تجديد النية ثم القضاء، وان كان بعده أمسك وجوباً وعليه قضاؤه.

(مسألة 980): تجب استدامة النية إلى آخر النهار، فإذا نوى القطع فعلا أو تردد بطل، وكذا إذا نوى القطع فيما يأتي أو تردد فيه أو نوى المفطر مع العلم بمفطريته، و إذا تردد للشك في صحة صومه فالظاهر الصحة، هذا في الواجب المعين، أما الواجب غير المعين فلا يقدح شئ من ذلك فيه إذا رجع إلى نيته قبل الزوال.

(مسألة 981): لا يصح العدول من صوم إلى صوم اذا فات وقت نية المعدول إليه والا صح على إشكال.

ص: 258

الفصل الثاني: المفطرات

وهي أمور :

(الأول، و الثاني) : الأكل و الشرب مطلقاً، و لو كانا قليلين، أو غير معتادين.

الثالث : الجماع قبلاً و دبراً، اذا كان دخوله بمقدار الختان، فاعلاً و مفعولا به، حياً و ميتاً، حتى البهيمة على الأحوط وجوباً، ولو قصد الجماع و شك في الدخول أو بلوغ مقدار الحشفة بطل صومه و لكن لم تجب الكفارة عليه. ولا يبطل الصوم إذا قصد التفخيذ - مثلاً - فدخل في أحد الفرجين من غير قصد.

الرابع : الكذب على الله تعالى، أو على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أو على الأئمة عليهم السلام على الأحوط، بل الأحوط إلحاق سائر الأنبياء و الأوصياء عليهم السلام بهم، من غير فرق بين أن يكون في أمر ديني أو دنيوي، و إذا قصد الصدق فكان كذباً فلا بأس، وإن قصد الكذب فكان صدقاً كان من قصد المفطر، و قد تقدم البطلان به مع العلم بمفطريته.

(مسألة 982): إذا تكلم بالكذب غير موجه خطابه إلى أحد، أو موجهاً له إلى من لا يفهم ففي بطلان صومه إشكال، والاحتياط لايترك.

الخامس : رمس تمام الرأس في الماء، من دون فرق بين الدفعة والتدريج، و لا يقدح رمس أجزائه على التعاقب و إن استغرقه، و كذا إذا ارتمس و قد أدخل رأسه في زجاجة و نحوها كما يصنعه الغواصون.

(مسألة 983): في إلحاق المضاف بالماء إشكال، و الأظهر عدم الإلحاق.

ص: 259

(مسألة 984): اذا ارتمس الصائم عمدأً ناوياً للاغتسال فان كان ناسياً لصومه صح صومه وغسله، واما اذا كان ذاكراً فان كان في شهر رمضان بطل غسله وصومه، وكذلك الحكم في قضاء شهر رمضان بعد الزوال على الاحوط، واما في الواجب المعين غير شهر رمضان فيبطل صومه بنية الارتماس. والظاهر صحة غسله الا ان الاحتياط لاينبغي تركه، واما في غير ذلك من الصوم الواجب او المستحب فلا ينبغي الاشكال في صحة غسله وان بطل صومه.السادس : ايصال الغبار الغليظ منه وغير الغليظ الى جوفه عمداً على الاحوط. نعم ما يتعسر التحرز عنه فلا باس به، والاحوط وجوباً الحاق الدخان بالغبار.

السابع : تعمد البقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر، و الأظهر اختصاص ذلك بشهر رمضان و قضائه، والواجب المعيّن على الاظهر، أما غيرهم من الصوم الواجب أو المندوب فلا يقدح فيه ذلك.

(مسألة 985): الأقوى عدم البطلان بالإصباح جنباً لا عن عمد في صوم رمضان و غيره من الصوم الا قضاء رمضان فلا يصح معه، وان تضيق وقته.

(مسألة 986): لا يبطل الصوم - واجباً أو مندوباً، معيناً أو غيره - بالاحتلام في أثناء النهار، كما لا يبطل بالبقاء على حدث مس الميت - عمداً - حتى يطلع الفجر.

(مسألة 987): إذا أجنب - عمداً ليلاً - في وقت لا يسع الغسل و لا التيمم ملتفتاً إلى ذلك فهو من تعمد البقاء على الجنابة، نعم إذا تمكن من التيمم وجب عليه التيمم والصوم، و الأحوط استحباباً قضاؤه، و إن ترك التيمم وجب عليه القضاء و الكفارة.

ص: 260

(مسألة 988): إذا نسي غسل الجنابة - ليلاً - حتى مضى يوم أو أيام من شهر رمضان بطل صومه، وعليه القضاء، دون غيره من الواجب المعين وغيره، و إن كان أحوط استحباباً، والأقوى عدم إلحاق غسل الحيض و النفاس إذا نسيته المرأة بالجنابة، و إن كان الإلحاق أحوط استحباباً.

(مسألة 989): إذا كان المجنب لا يتمكن من الغسل لمرض ونحوه وجب عليه التيمم قبل الفجر، فإن تركه بطل صومه، و إن تيمم لم يجب عليه أن يبقى مستيقظاً إلى أن يطلع الفجر، على الأحوط.

(مسألة 990): إذا ظن سعة الوقت للغسل فأجنب، فبان الخلاف فلا شئ عليه مع المراعاة، أما بدونها فالاحوط القضاء

(مسألة 991): حدث الحيض والنفاس كالجنابة في أن تعمد البقاء عليهما مبطل للصوم في رمضان دون غيره، و إذا حصل النقاء في وقت لا يسع الغسل و لا التيمم أو لم تعلم بنقائها حتى طلع الفجر صح صومها.

(مسألة 992): المستحاضة الكثيرة يشترط في صحة صومها الغسل لصلاة الصبح، و كذا للظهرين و لليلة الماضية، على الاحوط، فاذا تركت إحداها بطل صومها، ولايجب تقديم غسل الصبح على الفجر، بل لا يجزي لصلاة الصبح الا مع وصلها به، واذا اغتسلت لصلاة الليل لم تجز به للصبح، ولو مع عدم الفصل المعتد به، على الاحوط الوجوبي.

(مسألة 993): إذا أجنب في شهر رمضان - ليلاً - و نام حتى أصبح فإن نام ناوياً لترك الغسل، أو متردداً فيه لحقه حكم تعمد البقاء على الجنابة، وإن نام ناوياً للغسل، فإن كان في النومة الأولى صح صومه وإن كان في النومة الثانية - بأن نام بعد العلم بالجنابة ثم أفاق ونام ثانياً حتى أصبح - وجب عليه القضاء، دون الكفارة، على الأقوى، و إذا كان بعد النومة الثالثة، فالأحوط - استحباباً -

ص: 261

الكفارة أيضا،ً و كذلك في النومين الأولين إذا لم يكن معتاد الانتباه. و إذا نام عن ذهول و غفلة فالأظهر وجوب القضاء مطلقاً والأحوط الأولى الكفارة أيضاً في الثالث.

(مسألة 994): يجوز النوم الأول والثاني مع إحتمال الاستيقاظ وكونه معتاد الانتباه، والاحوط - وجوباً - تركه اذا لم يكن معتاد الانتباه، اما النوم الثالث فالاولى تركه مطلقاً.

(مسألة 995): إذا احتلم في نهار شهر رمضان لا تجب المبادرة إلى الغسل منه، و يجوز له الاستبراء بالبول، و إن علم ببقاء شئ من المني في المجرى، و لكن لو اغتسل قبل الاستبراء بالبول فالأحوط تأخيره إلى ما بعد المغرب.

(مسألة 996): لايعد النوم الذي احتلم فيه ليلاً من النوم الأول بل اذا أفاق ثم نام كان نومه بعد الافاقة هو النوم الاول.

(مسألة 997): الأقوى عدم إلحاق الحائض والنفساء بالجنب، فيصح الصوم مع عدم التواني في الغسل و إن كان البقاء على الحدث في النوم الثاني أو الثالث.

الثامن : إنزال المني بفعل ما يؤدي إلى نزوله مع احتمال ذلك وعدم الوثوق بعدم نزوله، و أما إذا كان واثقاً بالعدم فنزل اتفاقاً، أو سبقه المني بلا فعل شئ لم يبطل صومه.

التاسع : الاحتقان بالمائع، و لا بأس بالجامد، كما لا بأس بما يصل إلى الجوف من غير طريق الحلق مما لا يسمى أكلاً أو شرباً، كما إذا صب دواءً في جرحه أو إذنه أو في إحليله أو عينه فوصل إلى جوفه، و كذا إذا طعن برمح أو سكين فوصل إلى جوفه و غير ذلك، نعم إذا فرض إحداث منفذ لوصول الغذاء إلى الجوف من غير طريق الحلق، كما يحكى عن بعض أهل زماننا فلا يبعد صدق

ص: 262

الأكل و الشرب حينئذ فيفطر به، كما هو كذلك إذا كان بنحو الاستنشاق من طريق الأنف، و أما إدخال الدواء بالإبرة في اليد او الفخذ أو نحوهما من الاعضاء فلا بأس به وان كان الاحوط الاجتناب اذا كانت الابرة مغذية وكذا تقطير الدواء في العين أو الإذن.

(مسألة 998): لايجوز ابتلاع ما يخرج من الصدر أو ينزل من الرأس من الخلط إذا وصل إلى فضاء الفم على الاحوط، أما اذا لم يصل الى فضاء الفم فلا بأس بهما

(مسألة 999): لا بأس بابتلاع البصاق المجتمع في الفم و إن كان كثيراً و كان اجتماعه باختياره كتذكر الحامض مثلاً.

العاشر : تعمد القئ و إن كان لضرورة من علاج مرض و نحوه و لا بأس بما كان بلا اختيار.

(مسألة 1000): إذا خرج بالتجشؤ شئ ثم نزل من غير اختيار لم يكن مبطلاً، و إذا وصل إلى فضاء الفم فابتلعه - اختياراً - بطل صومه و عليه الكفارة، على الأحوط.

(مسألة 1001): إذا ابتلع في الليل ما يجب قيؤه في النهار بطل صومه إذا اراد القيئ نهاراً، والا فلا يبطل صومه على الاظهر من غير فرق في ذلك بين الواجب المعين وغير المعين، كما انه لافرق بين ما اذا انحصر اخراج ما ابتلعه بالقيء وعدم الانحصار به.

(مسألة 1002): ليس من المفطرات مص الخاتم، و مضغ الطعام للصبي، و ذوق المرق و نحوها مما لا يتعدى إلى الحلق، أو تعدى من غير قصد، أو نسياناً للصوم، أما ما يتعدى - عمداً - فمبطل و إن قل، ومنه ما يستعمل في بعض البلاد المسمى عندهم بالنسوار - على ما قيل - و كذا لا بأس بمضغ العلك و إن وجد له

ص: 263

طعماً في ريقه، ما لم يكن لتفتت أجزائه، و لا بمص لسان الزوج و الزوجة، و الأحوط الأولى الاقتصار على صورة ما إذا لم تكن عليه رطوبة.

(مسألة 1003): يكره للصائم ملامسة النساء و تقبيلها و ملاعبتها إذا كان واثقاً من نفسه بعدم الإنزال، و إن قصد الإنزال كان من قصد المفطر، و يكره له الاكتحال بما يصل طعمه أو رائحته إلى الحلق كالصبر و المسك، و كذا دخول الحمام إذا خشي الضعف، و إخراج الدم المضعف، و السعوط مع عدم العلم بوصوله إلى الحلق، و شم كل نبت طيب الريح، و بلّ الثوب على الجسد، و جلوس المرأة في الماء، و الحقنة بالجامد، و قلع الضرس بل مطلق إدماء الفم، و السواك بالعود الرطب، و المضمضة عبثاً، و إنشاد الشعر إلا في مراثي الأئمة ( عليهم السلام ) و مدائحهم. و في الخبر : (إذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم عن الكذب، و غضوا أبصاركم، و لا تنازعوا، و لا تحاسدوا و لا تغتابوا، و لا تماروا، و لا تكذبوا، و لا تباشروا، و لا تخالفوا، و لا تغضبوا، و لا تسابوا، و لا تشاتموا، و لا تنابزوا، و لا تجادلوا، و لا تباذوا، و لا تظلموا، و لا تسافهوا، و لا تزاجروا، و لا تغفلوا عن ذكر الله تعالى ) الحديث طويل.

تتميم

المفطرات المذكورة إنما تفسد الصوم إذا وقعت على وجه العمد، ولا فرق بين العالم بالحكم والجاهل به، والظاهر عدم الفرق في الجاهل بين القاصر والمقصر بل الظاهر فساد الصوم بارتكاب المفطر حتى مع الاعتقاد بانه حلال وليس بمفطر. نعم اذا وقعت على غير وجه العمد كما اذا اعتقد ان المائع الخارجي مضاف فارتمس فيه فتبين انه ماء، أو اخبر عن الله ما يعتقد انه صدق فتبين كذبه لم يبطل صومه. وكذلك لا يبطل الصوم اذا كان ناسياً للصوم فاستعمل المفطر، او دخل في جوفه شيء قهراً بدون اختياره.

ص: 264

(مسألة 1004): إذا أفطر مكرهاً بطل صومه، و كذا إذا كان لتقية سواء أكانت التقية في ترك الصوم - كما إذا أفطر في عيدهم تقية - أم كانت في أداء الصوم كالإفطار قبل الغروب، والارتماس في نهار الصوم فانه يجب الافطار - حينئذ - ولكن يجب القضاء.

(مسألة 1005): إذا غلب على الصائم العطش و خاف الضرر من الصبر عليه، أو كان حرجاً جاز أن يشرب بمقدار الضرورة، و يفسد بذلك صومه، و يجب عليهالإمساك في بقية النهار إذا كان في شهر رمضان على الاظهر، وأما في غيره من الواجب الموسع أو المعين فلا يجب.

الفصل الثالث: كفارة الصوم

تجب الكفارة بتعمد شيء من المفطرات اذا كان الصوم مما تجب فيه الكفارة كشهر رمضان وقضائه بعد الزوال، والصوم المنذور المعين، و الظاهر اختصاص وجوب الكفارة بمن كان عالماً بكون ما يرتكبه مفطراً، و أما اذا كان جاهلاً به فلا تجب الكفارة، حتى اذا كان مقصراً ولم يكن معذوراً لجهله، نعم اذا كان عالماً بحرمة ما يرتكبه، كالكذب على الله سبحانه وجبت الكفارة أيضاً، وان كان جاهلاً بمفطريته.

(مسألة 1006): كفارة إفطار يوم من شهر رمضان مخيرة بين عتق رقبة، وصوم شهرين متتابعين، و إطعام ستين مسكيناً، لكل مسكين مد وهو يساوي ثلاثة ارباع الكيلو تقريباً. و كفارة إفطار قضاء شهر رمضان - بعد الزوال - إطعام عشرة مساكين، لكل مسكين مد، فإن لم يتمكن صام ثلاثة أيام، و كفارة إفطار الصوم المنذور المعين كفارة يمين، وهي عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، لكل واحد مد، أو كسوة عشرة مساكين، فإن عجز صام ثلاثة أيام.

ص: 265

(مسألة 1007): تتكرر الكفارة بتكرر الموجب في يومين، لا في يوم واحد الا في الجماع و الاستمناء، فإنها تتكرر بتكررهما على الاحوط الوجوبي، و من عجز عن الخصال الثلاث والاحوط ان يتصدق بما يطيق ويظم اليه الاستغفار ويلزم التكفير عند التمكن، على الأحوط وجوباً.

(مسألة 1008): يجب في الإفطار على الحرام الجمع بين الخصال الثلاث المتقدمة على الاحوط.

(مسألة 1009): إذا أكره زوجته على الجماع في صوم شهر رمضان فالأحوط أن عليه كفارتين، و تعزيرين خمسين سوطاً، فيتحمل عنها الكفارة والتعزير، ولا فرق في الزوجة بين الدائمة و المنقطعة، ولا تلحق بها الامة، كما لا تلحق بالزوج الزوجة إذا أكرهت زوجها على ذلك

(مسألة 1010): إذا علم أنه أتى بما يوجب فساد الصوم، و تردد بين ما يوجب القضاء فقط، أو يوجب الكفارة معه لم تجب عليه. و إذا علم أنه أفطر أياماً و لم يدر عددها اقتصر في الكفارة على القدر المعلوم، و إذا شك في أنه أفطر بالمحلل او المحرم كفاه إحدى الخصال. واذا شك في ان اليوم الذي افطره كان من شهر رمضان أو كان من قضائه و قد أفطر قبل الزوال لم تجب عليه الكفارة، و إن كان قد أفطر بعد الزوال كفاه إطعام ستين مسكيناً.

(مسألة 1011): إذا أفطر عمداً ثم سافر قبل الزوال لم تسقط عنه الكفارة

(مسألة 1012): إذا كان الزوج مفطراً لعذر فأكره زوجته الصائمة على الجماع لم يتحمل عنها الكفارة، و إن كان آثماً بذلك، و لا تجب الكفارة عليها.

(مسألة 1013): يجوز التبرع بالكفارة عن الميت صوماً كانت أو غيره، و في جوازه عن الحي إشكال.

ص: 266

(مسألة 1014): وجوب الكفارة موسع، و لكن لا يجوز التأخير إلى حد يعد توانياً وتسامحاً في أداء الواجب.

(مسألة 1015): مصرف كفارة الإطعام، الفقراء إما بإشباعهم، و إما بالتسليم إليهم، كل واحد مد، و الأحوط مدان، و يجزي مطلق الطعام من التمر و الحنطة و الدقيق و الأرز و الماش و غيرها مما يسمى طعاماً، نعم الأحوط في كفارة اليمين الاقتصار على الحنطة و دقيقها وخبزها.

(مسألة 1016): لا يجزي في الكفارة إشباع شخص واحد مرتين أو أكثر أو إعطاؤه مدين أو أكثر، بل لابد من ستين نفساً.

(مسألة 1017): إذا كان للفقير عيال فقراء جاز إعطاؤه بعددهم إذا كان ولياً عليهم، أو وكيلاً عنهم في القبض، فإذا قبض شيئاً من ذلك كان ملكاً لهم، و لا يجوز التصرف فيه إلا بإذنهم إذا كانوا كباراً، و إن كانوا صغاراً صرفه في مصالحهم كسائر أموالهم.

(مسألة 1018): زوجة الفقير إذا كان زوجها باذلاً لنفقتها على النحو المتعارف لا تكون فقيرة، و لا يجوز إعطاؤها من الكفارة إلا إذا كانت محتاجة إلى نفقة غير لازمة للزوج من وفاء دين و نحوه.

(مسألة 1019): تبرأ ذمة المكفر بمجرد ملك المسكين، و لا تتوقف البراءة على أكله الطعام، فيجوز له بيعه عليه و على غيره.

(مسألة 1020): تجزي حقة النجف - التي هي ثلاث حقق إسلامبول وثلث - عن ستة أمداد.

(مسألة 1021): في التكفير بنحو التمليك يعطى الصغير والكبير سواء، كل واحد مد.

(مسألة 1022): يجب القضاء دون الكفارة في موارد :

ص: 267

الأول : نوم الجنب حتى يصبح على تفصيل قد مر.

الثاني : إذا أبطل صومه بالإخلال بالنية من دون استعمال المفطر.

الثالث : إذا نسي غسل الجنابة يوماً أو أكثر.الرابع : من استعمل المفطر بعد طلوع الفجر بدون مراعاته ولا حجة على طلوعه، أما إذا قامت حجة على طلوعه وجب القضاء و الكفارة، و إذا كان مع المراعاة واعتقاد بقاء الليل فلا قضاء هذا اذا كان صوم رمضان، واما غيره من الواجب المعين، او غير المعين او المندوب فالاقوى فيه البطلان مطلقاً.

الخامس : الإفطار قبل دخول الليل ،لظلمة ظن منها دخوله ولم يكن في السماء غيم، بل الاحوط ان لم يكن أقوى وجوب الكفارة. نعم اذا كان غيم فلا قضاء ولا كفارة، واما العلة التي تكون في السماء غير الغيم ففي الحاقها بالغيم في ذلك اشكال، والاحوط وجوباً عدمه.

(مسألة 1023): إذا شك في دخول الليل لم يجز له الإفطار، و إذا أفطر أثم و كان عليه القضاء و الكفارة، إلا أن يتبين أنه كان بعد دخول الليل، و كذا الحكم إذا قامت حجة على عدم دخوله فأفطر، أما إذا قامت حجة على دخوله أو قطع بدخوله فأفطر فلا إثم و لا كفارة. نعم يجب عليه القضاء إذا تبين عدم دخوله، و إذا شك في طلوع الفجر جاز له استعمال المفطر ظاهراً، و إذا تبين الخطأ بعد استعمال المفطر فقد تقدم حكمه.

السادس : إدخال الماء إلى الفم بمضمضة أو غيرها، فيسبق و يدخل الجوف، فإنه يوجب القضاء دون الكفارة، وإن نسي فابتلعه فلا قضاء، و كذا اذا كان في مضمضة وضوء الفريضة، والتعدي الى النافلة مشكلة.

(مسألة 1024): الظاهر عموم الحكم المذكور لرمضان و غيره.

ص: 268

السابع : سبق المني بالملاعبة ونحوها إذا لم يكن قاصداً، ولا من عادته فإنه يجب فيه القضاء دون الكفارة، هذا إذا كان يحتمل ذلك احتمالاً معتداً به، و أما إذا كان واثقاً من نفسه بعدم الخروج فسبقه المني اتفاقاً فالظاهر عدم وجوب القضاء أيضاً.

الفصل الرابع: شرائط صحة الصوم

وهي أمور :

الايمان، والعقل، والخلو من الحيض والنفاس، وفي اشتراط الايمان في صحة صوم المخالف اشكال. نعم يشترط الايمان في صحة القبول. ولا يصح من المجنون ولا من الحائض والنفساء، فاذا أسلم او عقل اثناء النهار لم يجب عليه الأمساك بقية النهار، وكذا اذا طهرت الحائض والنفساء، نعم اذا استبصر المخالف اثناء النهار- ولو بعد الزوال - اتم صومه وأجزأه واذا حدث الكفر او الخلاف أو الجنون او الحيض أو النفاس - قبل الغروب - بطل الصوم.

ومنها : عدم الإصباح جنباً، أو على حدث الحيض أو النفاس كما تقدم.

ومنها: أن لا يكون مسافراً سفراً يوجب قصر الصلاة، مع العلم بالحكم في الصوم الواجب، إلا في ثلاثة مواضع :أحدها : الأيام الثلاثة و التي هي بعض العشرة بدلاً من هدي التمتع لمن عجز عنه.

ثانيها : صوم الثمانية عشر يوماً، التي هي بدل البدنة كفارة لمن أفاض من عرفات قبل الغروب.

ثالثها : الصوم المنذور إيقاعه في السفر أو الأعم منه و من الحضر.

ص: 269

(مسألة 1025): الأقوى عدم جواز الصوم المندوب في السفر، إلا ثلاثة أيام للحاجة في المدينة، والأحوط أن يكون ذلك في الأربعاء و الخميس و الجمعة.

(مسألة 1026): يصح الصوم من المسافر الجاهل بالحكم، و إن علم في الأثناء بطل، و لا يصح من الناسي.

(مسألة 1027): يصح الصوم من المسافر الذي حكمه التمام، كناوي الإقامة، و المسافر سفر معصية و نحوهما.

(مسألة 1028): لا يصح الصوم من المريض، و منه الأرمد، إذا كان يتضرر به لإيجابه شدته، أو طول برئه، أو شدة ألمه، كل ذلك بالمقدار المعتد به، ولا فرق بين حصول اليقين بذلك و الظن و الاحتمال الموجب لصدق الخوف، و كذا لا يصح من الصحيح إذا خاف حدوث المرض، فضلاً عما إذا علم ذلك، أما المريض الذي لا يتضرر من الصوم فيجب عليه و يصح منه.

(مسألة 1029): لا يكفي الضعف في جواز الإفطار و لو كان مفرطاً إلا أن يكون حرجاً فيجوز الإفطار، و يجب القضاء بعد ذلك، و كذا إذا أدى الضعف إلى العجز عن العمل اللازم للمعاش، مع عدم التمكن من غيره، أو كان العامل بحيث لا يتمكن من الاستمرار على الصوم لغلبة العطش. والاحوط فيهم الاقتصار في الأكل و الشرب على مقدار الضرورة و الإمساك عن الزائد.

(مسألة 1030): إذا صام لاعتقاد عدم الضرر فبان الخلاف فالظاهر صحة صومه. نعم و إن كان الضرر بحد يحرم ارتكابه مع العلم ففي صحة صومه إشكال، واذا صام باعتقاد الضرر أو خوفه بطل، الا اذا كان قد تمشى منه قصد القربة، فانه لايبعد الحكم بالصحة اذا بان عدم الضرر بعد ذلك.

(مسألة 1031): قول الطبيب إذا كان يوجب الظن بالضرر أو خوفه وجب لاجله الافطار، وكذلك اذا كان حاذقاً وثقة اذا لم يكن المكلف مطمئناً

ص: 270

بخطأه، ولا يجوز الافطار بقوله في غير هاتين الصورتين. واذا قال الطبيب لاضرر في الصوم وكان المكلف خائفاً وجب الافطار.

(مسألة 1032): إذا برئ المريض قبل الزوال و لم يتناول المفطر وجدّد النية لم يصح صومه، وان لم يكن عاصياً بامساكه، فالاحوط - استحباباً - ان يمسك بقية النهار.

(مسألة 1033): يصح الصوم من الصبي كغيره من العبادات.

(مسألة 1034): لا يجوز التطوع بالصوم لمن عليه صوم واجب من قضاء شهر رمضان أو غيره، و إذا نسي أن عليه صوماً واجباً فصام تطوعاً فذكر بعد الفراغ صح صومه، والظاهر جواز التطوع لمن عليه صوم واجب استجاري، كما انه يجوز أيجار نفسه للصوم عن غيره اذا كان عليه صوم واجب.

(مسألة 1035): يشترط في وجوب الصوم البلوغ و العقل و الحضر و عدم الإغماء و عدم المرض و الخلو من الحيض و النفاس.

(مسألة 1036): لو صام الصبي تطوعاً و بلغ في الأثناء - و لو قبل الزوال - لم يجب عليه الإتمام، و الأحوط استحباباً الاتمام.

(مسألة 1037): إذا سافر قبل الزوال وكان ناوياً للسفر من الليل، وجب عليه الافطار، والا وجب عليه الاتمام والقضاء على الاحوط. وان كان السفر بعده وجب اتمام الصيام، واذا كان مسافراً فدخل بلده او بلداً نوى فيه الاقامة، فان كان قبل الزوال ولم يتناول المفطر وجب عليه الصيام، وان كان بعد الزوال أو تناول المفطر في السفر بقي على الافطار. نعم يستحب له الامساك الى الغروب.

(مسألة 1038): الظاهر أن المناط في الشروع في السفر قبل الزوال و بعده، و كذا في الرجوع منه هو البلد لا حد الترخص. نعم لا يجوز الإفطار

ص: 271

للمسافر إلا بعد الوصول إلى حد الترخص فلو أفطر - قبله - عالماً بالحكم وجبت الكفارة.

(مسألة 1039): يجوز السفر في شهر رمضان - اختياراً - و لو للفرار من الصوم و لكنه مكروه، إلا في حج أو عمرة، أو غزو في سبيل الله، أو مال يخاف تلفه، أو إنسان يخاف هلاكه، أو يكون بعد مضي ثلاث وعشرين ليلة، وإذا كان على المكلف صوم واجب معين جاز له السفر وان فات الواجب، وإن كان في السفر لم تجب عليه الاقامة لادائه.

(مسألة 1040): يجوز للمسافر التملي من الطعام و الشراب، و كذا الجماع في النهار على كراهة في الجميع، و الأحوط - استحبابا ً- الترك و لا سيما في الجماع.

الفصل الخامس: ترخيص الإفطار

وردت الرخصة في إفطار شهر رمضان لأشخاص : منهم الشيخ و الشيخة و ذو العطاش إذا تعذر عليهم الصوم، و كذلك إذا كان حرجاً و مشقة ولكن يجب عليهم حينئذ الفدية عن كل يوم بمد من الطعام، والأفضل كونها من الحنطة، بل كونها مدين، بل هو أحوط استحبابا، والاحوط وجوباً القضاء على الشيخ و الشيخة، إذا تمكنا منه، وكذا لذي العطاش القضاء مع التمكن، و منهم الحامل المقرب التي يضر بها الصوم أو يضر حملها، و المرضعة القليلة اللبن إذا أضر بها الصوم أو أضر بالولد، و عليهما القضاء بعد ذلك، كما أن عليهما الفدية - أيضاً - فيما اذا كان الضرر على الحمل أو الولد، ولا يجزيالاشباع عن المد في الفدية من غير فرق بين مواردها، ثم ان الترخيص في هذه الموارد ليس

ص: 272

بمعنى تخيير المكلف بين الصيام والافطار، بل بمعنى عدم وجوب الصيام فيها وإن كان اللازم عليهم الافطار.

(مسألة 1041): لا فرق في المرضعة بين أن يكون الولد لها، و أن يكون لغيرها، و الاقوى الاقتصار على صورة عدم التمكن من إرضاع غيرها للولد.

الفصل السادس: ثبوت الهلال

يثبت الهلال بالعلم الحاصل من الرؤية أو التواتر، أو غيرهما، و بالاطمئنان الحاصل من الشياع أو غيره، و بمضي ثلاثين يوماً من هلال شعبان فيثبت هلال شهر رمضان، أو ثلاثين يوماً من شهر رمضان فيثبت هلال شوال و بشهادة عدلين، و الاقوى ثبوته بحكم الحاكم الذي لايعلم خطأه ولا خطأ مستنده، ولا يثبت بشهادة النساء، و لا بشهادة العدل الواحد و لو مع اليمين، و لا بقول المنجمين، و لا بغيبوبته بعد الشفق ليدل على أنه لليلة السابقة، و لا بشهادة العدلين إذا لم يشهدا بالرؤية، و لايبعد ثبوته برؤيته قبل الزوال، فيكون يوم الرؤية من الشهر اللاحق، وكذا بتطوق الهلال، فيدل على أنه لليلة السابقة.

(مسألة 1042): لا تختص حجية البينة بالقيام عند الحاكم، بل كل من علم بشهادتها عوّل عليها.

(مسألة 1043): إذا رؤي الهلال في بلد كفى في الثبوت في غيره مع اشتراكهما في الأفق، بحيث اذا رؤي في احدهما رؤي في الاخر، بل الظاهر كفاية الرؤية في بلد ما في الثبوت لغيره من البلاد المشتركة معه في الليل وان كان أول الليل في احدهما آخره في الاخر.

بيان ذلك ان البلدان الواقعة على سطح الارض تنقسم الى قسمين:

أحدهما : ما تتفق مشارقه ومغاربه، او تتقارب.

ص: 273

ثانيهما: ما تختلف مشارقه ومغاربه أختلافاً كبيراً.

اما القسم الاول : فقد اتفق علماء الامامية على أن رؤية الهلال في بعض هذه البلاد كافية لثبوته في غيرها، فان عدم رؤيته فيه انما يستند لا - محالة - الى مانع يمنع من ذلك، كالجبال، او الغابات، أو الغيوم، أو ما شاكل ذلك.

واما القسم الثاني (ذات الآفاق المختلفة) : فلم يقع التعرض لحكمه في كتب علمائنا المتقدمين. نعم حكي القول باعتبار اتحاد الافق عن الشيخ الطوسي في المبسوط، فاذن: المسألة مسكوت عنها في كلمات اكثر المتقدمين، انما صارت معركة للآراء بين علمائنا المتأخرين: المعروف بينهم القول باعتبار اتحاد الأفق، ولكن قد خالفهم فيه جماعة من العلماء والمحققين فاختاروا القول بعدم الاتحاد وقالوا بكفاية الرؤية في بلد واحد لثبوته في غيره من البلدان ولو مع اختلاف الافق بينها.فقد نقل العلامة في (التذكرة) هذا القول عن بعض علمائنا واختاره صريحاً في (المنتهى) واحتمله الشهيد الاول في (الدروس) واختاره - صريحاً - المحدث الكاشاني في (الوافي) وصاحب الحدائق في حدائقه، ومال اليه صاحب الجواهر في جواهره والنراقي في (المستند) والسيد ابو تراب الخونساري في شرح (نجاة العباد) والسيد الحكيم في مستمسكه في الجملة.

وهذا القول - أي كفاية الرؤية في بلد ما لثبوت الهلال في بلد آخر مع اشتراكهما في كون ليلة واحدة ليلة لهما معاً وإن كان أول ليلة لاحدهما وآخر ليلة للآخر، ولو مع اختلاف افقهما - هو الاظهر، ويدلنا على ذلك أمران:

(الاول): ان الشهور القمرية إنما تبدأ على أساس وضع سير القمر واتخاذه موضعاً خاصاً من الشمس في دورته الطبيعية، وفي نهاية الدورة يدخل تحت شعاع الشمس، وفي هذه الحالة (حالة المحاق) لايمكن رؤيته في أي بقعة من

ص: 274

بقاع الارض وبعد خروجه عن حالة المحاق والتمكن من رؤيته ينتهي شهر قمري، ويبدأ شهر قمري جديد.

ومن الواضح، ان خروج القمر من هذا الوضع هو بداية شهر قمري جديد لجميع بقاع الارض على اختلاف مشارقها ومغاربها، لا لبقعة دون اخرى، وان كان القمر مرئياً في بعضها دون الآخر وذلك لمانع خارجي كشعاع الشمس، او حيلولة بقاع الارض او ما شاكل ذلك، فانه لايرتبط بعدم خروجه من المحاق، ضرورة أنه ليس لخروجه منه أفراد عديدة بل هو فرد واحد متحقق في الكون لايعقل تعدده بتعدد البقاع، وهذا بخلاف طلوع الشمس فانه يتعدد بتعدد البقاع المختلفة فيكون لكل بقعة طلوع خاص بها.

وعلى ضوء هذا البيان فقد اتضح أن قياس هذه الظاهرة الكونية بمسألة طلوع الشمس وغروبها قياس مع الفارق وذلك لان الارض بمقتضى كرويتها يكون - بطبيعة الحال - لكل بقعة منها مشرق خاص ومغرب كذلك، فلا يمكن ان يكون للأرض كلها مشرق واحد ولا مغرب كذلك وهذا بخلاف هذه الظاهرة الكونية - أي خروج القمر عن منطقة شعاع الشمس - فانه لعدم ارتباطه ببقاع الارض وعدم صلته بها لايمكن ان يتعدد بتعددها.

ونتيجة ذلك ان رؤية الهلال في بلد ما إمارة قطعية على خروج القمر عن الوضع المذكور الذي يتخذه من الشمس في نهاية دورته. وانه بداية لشهر قمري جديد لأهل الارض جميعاً لا لخصوص البلد الذي يرى فيه، وما يتفق معه في الافق.

ومن هنا يظهر : ان ذهاب المشهور الى اعتبار اتحاد البلدان في الافق مبنى على تخيل ان ارتباط خروج القمر عن تحت الشعاع ببقاء الارض كارتباط طلوع الشمس وغروبها بها، إلا أنه لاصلة كما عرفت - لخروج القمر عنه ببقعة معينة دون أخرى. فإن حاله مع وجود الكرة الار ضية وعدمها سواء.

ص: 275

(الثاني) : النصوص الدالة على ذلك، ونذكر جملة منها:1- صحيحة هشام بن الحكم عن ابي عبد الله (عليه السلام) انه قال فيمن صام تسعة وعشرين قال : (إن كانت له بينة عادلة على أهل مصر أنهم صاموا ثلاثين على رؤيته قضى يوماً).

فان هذه الصحيحة باطلاقها تدلنا - بوضوح - على ان الشهر اذا كان ثلاثين يوماً في مصر كان كذلك في بقية الامصار بدون فرق بين كون هذه الامصار متفقة في آفاقها أو مختلفة. إذ لو كان المراد من كلمة مصر فيها المصر المعهود المتفق مع بلد السائل في الافق لكان على الامام (عليه السلام) أن يبين ذلك، فعدم بيانه مع كونه عليه السلام في مقام البيان كاشف عن الاطلاق.

2- صحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه سئل عن اليوم الذي يقضي من شهر رمضان فقال: (لا تقضه الا أن يثبت شاهدان عدلان من جميع أهل الصلاة متى كان رأس الشهر، وقال : لاتصم ذلك اليوم الذي يقضي الا ان يقضي أهل الامصار فان فعلوا فصمه.

الشاهد في هذه الصحيحة جملتان : (الاولى) قوله (عليه السلام) (لاتقضه الا ان يثبت شاهدان عدلان من جميع أهل الصلاة) (الخ) فانه يدل - بوضوح - على أن رأس الشهر القمري واحد بالاضافة الى جميع أهل الصلاة على اختلاف بلدانهم باختلاف آفاقها ولا يتعدد بتعددها، (الثانية) قوله (عليه السلام): (لا تصم ذلك اليوم الا أن يقضي أهل الأمصار) فانه كسابقه واضح الدلالة على ان الشهر القمري لا يختلف باختلاف الامصار في آفاقها فيكون واحداً بالاضافة الى جميع أهل البقاع والامصار، وان شئت فقل: إن هذه الجملة تدل على ان رؤية الهلال في مصر كافية لثبوته في بقية الامصار من دون فرق بين اتفاقها معه في الآفاق أو اختلافها فيها، فيكون مرده الى ان الحكم المترتب على

ص: 276

ثبوت الهلال - أي خروج القمر عن المحاق - حكم تمام أهل الارض لا لبقعة خاصة.

3- صحيحة اسحاق بن عمار قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن هلال رمضان يغم علينا في تسع وعشرين من شعبان فقال: (ولا تصمه الا أن تراه فان شهد أهل بلد آخر أنهم رأوه فاقضه).

فهذه الصحيحة ظاهرة الدلالة باطلاقها على أن رؤية الهلال في بلد تكفي لثبوته في سائر البلدان بدون فرق بين كونها متحدة معه في الافق أو مختلفة، والا فلا بد من التقييد بمقتضى ورودها في مقام البيان.

4- صحيحة عبد الرحمان بن أبي عبد الله قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن هلال رمضان يغم علينا في تسع وعشرين من شعبان فقال (لا تصم الا ان تراه فإن شهد أهل بلد آخر فاقضه) فهذه الصحيحة كسابقتها في الدلالة على ما ذكرناه.

ويشهد على ذلك ما ورد في عدة روايات في كيفية صلاة عيدي الاضحى والفطر وما يقال فيها من التكبير من قوله (عليه السلام) في جملة تلك التكبيرات: أسألك بحق هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيداً).فان الظاهر ان المشار اليه في قوله (عليه السلام) في هذا اليوم هو يوم معين خاص جعله الله تعالى عيداً لمسلمين، لا أنه كل يوم ينطبق عليه أنه يوم فطر أو أضحى على اختلاف الامصار في رؤية الهلال باختلاف آفاقها، هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى أنه تعالى جعل هذا اليوم عيداً للمسلمين كلهم لا لخصوص أهل بلد تقام فيه صلاة العيد.

فالنتيجة على ضوئهما ان يوم العيد يوم واحد لجميع أهل البقاع والامصار على إختلافها في الآفاق والمطالع.

ص: 277

ويدل أيضاً على ما ذكرنا الآية الكريمة الظاهر في أن ليلة القدر ليلة واحدة شخصية لجميع أهل الارض على اختلاف بلدانهم في آفاق ضرورة أن القران نزل في ليلة واحدة وهذه الليلة الواحدة هي ليلة القدر وهي خير من ألف شهر وفيها يفرق كل أمر حكيم.

ومن المعلوم ان تفريق كل امر حكيم فيها لا يخص بقعة معينة من بقاع الارض بل يعم أهل البقاع أجمع، هذا من ناحية ،ومن ناحية أخرى قد ورد في عدة من الروايات ان في ليلة القدر تكتب المنايا والبلايا والأرزاق، وفيها يفرق كل أمر حكيم، ومن الواضح ان كتابة الارزاق والبلايا والمنايا في هذه الليلة انما تكون لجميع اهل العالم لا لأهل بقعة خاصة. فالنتيجة على ضوئهما أن ليلة القدر ليلة واحدة لأهل الارض جميعاً، لا أن لكل بقعة ليلة خاصة.

هذا مضافاً الى سكوت الروايات بأجمعها عن اعتبار اتحاد الافق في هذه المسألة، ولم يرد ذلك حتى في رواية ضعيفة.

ومنه يظهر ان ذهاب المشهور الى ذلك ليس من جهة الروايات بل من جهة ما ذكرناه من قياس هذه المسألة بمسألة طلوع الشمس وغروبها وقد عرفت أنه قياس مع الفارق.

الفصل السابع: أحكام قضاء شهر رمضان

(مسألة 1044): لا يجب قضاء ما فات زمان الصبا، أو الجنون أو الإغماء أو الكفر الأصلي، و يجب قضاء ما فات في غير ذلك من ارتداد أو حيض، أو نفاس، أو نوم، أو سكر، أو مرض، او خلاف للحق. نعم إذا صام المخالف على وفق مذهبه لم يجب عليه القضاء.

ص: 278

(مسألة 1045): إذا شك في أداء الصوم في اليوم الماضي بنى على الأداء، و إذا شك في عدد الفائت بنى على الأقل.

(مسألة 1046): لا يجب الفور في القضاء، و إن كان الأحوط - استحباباً - عدم تأخير قضاء شهر رمضان عن رمضان الثاني، و إن فاتته أيام من شهر واحد لا يجب عليه التعيين، و لا الترتيب، و إن عين لم يتعين، وإذا كان عليه قضاء من رمضان سابق و من لاحق لم يجب التعيين و لا يجب الترتيب، فيجوز قضاء اللاحق قبل السابق، ويجوز العكس، إلا أنه إذا تضيق وقت اللاحق بمجيئ رمضان الثالث فالأحوط قضاء اللاحق، و إن نوى السابق حينئذ صح صومه، و وجبت عليه الفدية.

(مسألة 1047): لا ترتيب بين صوم القضاء و غيره من أقسام الصوم الواجب كالكفارة و النذر فله تقديم أيهما شاء.

(مسألة 1048): إذا فاتته أيام من شهر رمضان بمرض، و مات قبل أن يبرأ لم يجب القضاء عنه، و كذا إذا فات بحيض أو نفاس ماتت فيه أو بعد ما طهرت قبل مضي زمان يمكن القضاء فيه.

(مسألة 1049): إذا فاته شهر رمضان، أو بعضه بمرض، و استمر به المرض إلى رمضان الثاني سقط قضاؤه، و تصدق عن كل يوم بمد و لا يجزئ القضاء عن التصدق، أما إذا فاته بعذر غير المرض وجب القضاء و تجب الفدية أيضاً على الأحوط، و كذا إذا كان سبب الفوت المرض و كان العذر في التأخير السفر، و كذا العكس.

(مسألة 1050): إذا فاته شهر رمضان، أو بعضه لعذر أو عمد وأخر القضاء إلى رمضان الثاني، مع تمكنه منه، عازماً على التأخير أو متسامحاً و متهاوناً وجب القضاء والفدية معاً، وان كان عازماً على القضاء - قبل مجيئ رمضان الثاني

ص: 279

- فاتفق طرو العذر. وجب القضاء، بل الفدية ايضاً على الاحوط، أن لم يكن أقوى، ولا فرق بين المرض وغيره من الأعذار، ويجب اذا كان الافطار عمداً - مضافاً الى الفدية - كفارة الافطار.

(مسألة 1051): إذا استمر المرض ثلاثة رمضانات وجبت الفدية مرة للأول و مرة للثاني، و هكذا إن استمر إلى أربعة رمضانات، فتجب مرة ثالثة للثالث، و هكذا و لا تتكرر الكفارة للشهر الواحد.

(مسألة 1052): يجوز إعطاء فدية أيام عديدة من شهر واحد و من شهور إلى شخص واحد.

(مسألة 1053): لا تجب فدية العبد على سيده، ولا فدية الزوجة على زوجها، و لا فدية العيال على المعيل، و لا فدية واجب النفقة على المنفق.

(مسألة 1054): لا تجزئ القيمة في الفدية، بل لابد من دفع العين و هو الطعام، و كذا الحكم في الكفارات.

(مسألة 1055): يجوز الإفطار في الصوم المندوب إلى الغروب، و لا يجوز في قضاء صوم شهر رمضان بعد الزوال إذا كان القضاء عن نفسه بل تقدم أن عليه الكفارة، أما قبل الزوال فيجوز، و أما الواجب الموسع غير قضاء شهر رمضان فالظاهر جواز الإفطار فيه مطلقاً، و إن كان الأحوط ترك الإفطار بعد الزوال.

(مسألة 1056): لا يلحق القاضي عن غيره بالقاضي عن نفسه في الحرمة و الكفارة و إن كان الأحوط - استحباباً - الإلحاق.

(مسألة 1057): يجب على ولي الميت - و هو الولد الذكر الأكبر - حال الموت أن يقضي ما فات أباه من الصوم لعذر إذا وجب عليه قضاؤه. والاحوط استحباباً - الحاق الذكر الاكبر في جميع طبقات المواريث - على الترتيب في الارث

ص: 280

بالابن، والاقوى عدمه. وأما ما فات عمداً أو أتى به فاسداً ففي إلحاقه بما فات عن عذر إشكال، وان كان احوط لزوماً، بل الاحوط الحاق الام بالاب وان كان الاقوى خلافه، و إن فاته ما لا يجب عليه قضاؤه، كما لو مات في مرضه لم يجب القضاء و قد تقدم في كتاب الصلاة بعض المسائل المتعلقة بالمقام، لأن المقامين من باب واحد.

(مسألة 1058): يجب التتابع في صوم الشهرين من كفارة الجمع و كفارة التخيير، و يكفي في حصوله صوم الشهر الأول، و يوم من الشهر الثاني متتابعاً.

(مسألة 1059): كل ما يشترط فيه التتابع إذا أفطر لعذر اضطر إليه بنى على ما مضى عند ارتفاعه، و إن كان العذر بفعل المكلف إذا كان مضطراً إليه، أما إذا لم يكن عن اضطرار وجب الاستئناف، و من العذر ما إذا نسي النية الى ما بعد الزوال، أو نسي فنوى صوماً آخر ولم يتذكر الا بعد الزوال، و منه ما إذا نذر قبل تعلق الكفارة صوم كل خميس فإن تخلله في الأثناء لا يضر في التتابع بل يحسب من الكفارة أيضاً إذا تعلق النذر بصوم يوم الخميس على الإطلاق، و لا يجب عليه الانتقال إلى غير الصوم من الخصال.

(مسألة 1060): إذا نذر صوم شهرين متتابعين جرى عليه الحكم المذكور، إلا أن يقصد تتابع جميع أيامه.

(مسألة 1061): إذا وجب عليه صوم متتابع لا يجوز له أن يشرع فيه في زمان يعلم أنه لا يسلم بتخلل عيد أو نحوه، الا في كفارة القتل في الاشهر الحرم فانه يجب على القاتل صوم شهرين من الاشهر الحرم ولا يضره تخلل العيد على الاظهر. نعم إذا لم يعلم فلا بأس اذا كان غافلاً، فاتفق ذلك، وأما اذا كان شاكاً فالظاهر البطلان، ويستثنى من ذلك الأيام الثلاثة بدل الهدي، إذا شرع فيها يوم التروية وعرفة، فان له أن يأتي بالثالث بعد العيد بلا فصل، او بعد أيام التشريق، لمن كان بمنى، امام اذا شرع يوم عرفة وجب الاستئناف.

ص: 281

(مسألة 1062): إذا نذر أن يصوم شهراً أو أياماً معدودة لم يجب التتابع إلا مع اشتراط التتابع، أو الانصراف إليه على وجه يرجع إلى التقييد.

(مسألة 1063): إذا فاته الصوم المنذور المشروط فيه التتابع فالأحوط الأولى التتابع في قضائه.

(مسألة 1064): الصوم من المستحبات المؤكدة، و قد ورد أنه جُنة من النار، و زكاة الأبدان، و به يدخل العبد الجنة، و إن نوم الصائم عبادة و نفسه و صمته تسبيح، و عمله متقبل، و دعاءه مستجاب، و خلوق فمه عند الله تعالى أطيب من رائحة المسك، و تدعوا له الملائكة حتى يفطر، و له فرحتان فرحة عند الإفطار، و فرحة حين يلقى الله تعالى. و أفراده كثيرة والمؤكد منه: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، و الأفضل في كيفيتهاأول خميس من الشهر، و آخر خميس منه، و أول أربعاء من العشر الأواسط، و يوم الغدير، فإنه يعدل مائة حجة، و مائة عمرة مبرورات متقبلات، و يوم مولد النبي ( صلى الله عليه و آله وسلم ) و يوم بعثه، و يوم دحو الأرض، و هو الخامس و العشرون من ذي القعدة، و يوم عرفة لمن لا يضعفه عن الدعاء مع عدم الشك في الهلال، و يوم المباهلة و هو الرابع و العشرون من ذي الحجة، و تمام رجب، و تمام شعبان، و بعض كل منهما على اختلاف الأبعاض في مراتب الفضل، و يوم النوروز، و أول يوم محرم و ثالثه و سابعه، و كل خميس و كل جمعة إذا لم يصادفا عيداً.

(مسألة 1065): يكره الصوم في موارد : منها الصوم يوم عرفة لمن خاف أن يضعفه عن الدعاء، و الصوم فيه مع الشك في الهلال، بحيث يحتمل كونه عيد أضحى، و صوم الضيف نافلة بدون إذن مضيفه، و الولد من غير إذن والده.

(مسألة 1066): يحرم صوم العيدين و أيام التشريق لمن كان بمنى ناسكاً كان أم لا، و يوم الشك على أنه من شهر رمضان، و نذر المعصية بأن ينذر الصوم على تقدير فعل الحرام شكراً، أما زجراً فلا بأس به، و صوم الوصال. و

ص: 282

لا بأس بتأخير الإفطار و لو إلى الليلة الثانية إذا لم يكن عن نية الصوم، و الأحوط اجتنابه، و كما أن الأحوط عدم صوم الزوجة والمملوك - تطوعاً - بدون إذن الزوج والسيد، وإن كان الأقوى الجواز في الزوجة اذا لم يمنع من حقه. و لا يترك الاحتياط بتركها الصوم إذا نهاها زوجها عنه و الحمد لله رب العالمين.

الخاتمة في الاعتكاف

اشارة

وهو اللبث في المسجد و الأحوط أن يكون بقصد فعل العبادة فيه من صلاة و دعاء و غيرهما، وان كان الاقوى عدم اعتباره، ويصح في كل وقت يصح فيه الصوم، والأفضل شهر رمضان، و أفضله العشر الأواخر.

(مسألة 1067): يشترط في صحته مضافاً إلى العقل و الايمان أمور:

الأول : نية القربة، كما في غيره من العبادات. وتجب مقارنتها لأوله بمعنى وجوب ايقاعه من أوله الى آخره عن النية، وحينئذ يشكل الاكتفاء بتبييت النية، اذا قصد الشروع فيه في أول يوم. نعم لو قصد الشروع فيه وقت النية في أول الليل كفي.

(مسألة 1068): لا يجوز العدول من اعتكاف إلى آخر اتفقا في الوجوب و الندب أو اختلفا، و لا من نيابة عن شخص إلى نيابة عن شخص آخر و لا من نيابة عن غيره إلى نفسه و بالعكس.

الثاني : الصوم، فلا يصح بدونه فلو كان المكلف ممن لا يصح منه الصوم لسفر، أو غيره لم يصح منه الاعتكاف.

الثالث : العدد، فلا يصح أقل من ثلاثة أيام، و يصح الأزيد منها و إن كان يوماً أو بعضه، أو ليلة أو بعضها، و تدخل فيه الليلتان المتوسطتان دون الأولى و الرابعة، وإن جاز إدخالهما بالنية، فلو نذره كان أقل ما يمتثل به ثلاثة.

ص: 283

و لو نذره أقل لم ينعقد، وكذا لو نذره ثلاثة معينة، فاتفق أن الثالث عيد لم ينعقد، و لو نذر اعتكاف خمسة فإن نواها بشرط لا من جهة الزيادة و النقصان بطل، و إن نواها بشرط لا من جهة الزيادة و لا بشرط من جهة النقصان وجب عليه اعتكاف ثلاثة أيام، و إن نواها بشرط لا من جهة النقيصة، و لا بشرط من جهة الزيادة ضم إليها السادس أفرد اليومين أو ضمهما إلى الثلاثة.

الرابع : أن يكون في أحد المساجد الأربعة : المسجد الحرام، و مسجد المدينة، و مسجد الكوفة، و مسجد البصرة، أو في المسجد الجامع في البلد، و الأحوط استحباباً - مع الإمكان - الاقتصار على المساجد الأربعة.

(مسألة 1069): لو اعتكف في مسجد معين فاتفق مانع من البقاء فيه بطل، و لم يجز اللبث في مسجد آخر، و عليه قضاؤه على الاحوط - إن كان واجباً - في مسجد آخر، أو في ذلك المسجد بعد ارتفاع المانع.

(مسألة 1070): يدخل في المسجد سطحه و سردابه، كبيت الطشت في مسجد الكوفة، و كذا منبره و محرابه، و الإضافات الملحقة به.

(مسألة 1071): إذا قصد الاعتكاف في مكان خاص من المسجد لغى قصده.

الخامس : إذن من يعتبر إذنه في جوازه، كالسيد بالنسبة الى مملوكه والزوج بالنسبة الى زوجته، إذا كان منافياً لحقه، والوالدين بالنسبة الى ولدهما اذا كان موجباً لإيذائهما شفقة عليه.

السادس : استدامة اللبث في المسجد الذي شرع به فيه، فإذا خرج لغير الأسباب المسوغة للخروج بطل، من غير فرق بين العالم بالحكم والجاهل، و لا يبعد البطلان في الخروج نسياناً أيضاً، بخلاف ما إذا خرج عن اضطرار أو إكراه أو لحاجة لابد له منها من بول أو غائط أو غسل جنابة، أو استحاضة، أو مس ميت

ص: 284

و إن كان السبب باختياره. و يجوز الخروج للجنائز لتشييعها، و الصلاة عليها، و دفنها، و تغسيلها، و تكفينها، و لعيادة المريض، أما تشييع المؤمن و إقامة الشهادة و تحملها و غير ذلك من الأمور الراجحة ففي جوازها إشكال، و الأظهر الجواز فيما إذا عد من الضرورات عرفاً و الأحوط - استحباباً - مراعاة أقرب الطرق و لا تجوز زيادة المكث عن قدر الحاجة، و أما التشاغل على وجه تنمحي به صورة الاعتكاف فهو مبطل، و إن كان عن إكراه أو اضطرار. والاحوط وجوباً ترك الجلوس في الخارج ولو اضطر اليه اجتنب الظلال مع الامكان.

(مسألة 1072): إذا امكنه أن يغتسل في المسجد فالظاهر عدم جواز الخروج لأجله إذا كان الحدث لا يمنع من المكث في المسجد كمس الميت

فصل

الاعتكاف في نفسه مندوب، و يجب بالعارض من نذر و شبهه، فإن كان واجباً معيناً فلا إشكال في وجوبه - قبل الشروع - فضلاً عما بعده، و إن كان واجباً مطلقاً أو مندوباً فالأقوى عدم وجوبه بالشروع، و إن كان في الأول أحوط استحباباً. نعم يجب بعد مضي يومين منه فيتعين اليوم الثالث، إلا إذا اشترط حال النية الرجوع لعارض، فاتفق حصوله بعد يومين، فله الرجوع عنه - حينئذ - إن شاء، و لا عبرة بالشرط إذا لم يكن مقارناً للنية، سواء أ كان قبلها أم بعد الشروع فيه.

(مسألة 1073): الظاهر أنه يجوز اشتراط الرجوع متى شاء و إن لم يكن عارض.

(مسألة 1074): إذا شرط الرجوع حال النية، ثم بعد ذلك اسقط شرطه، فالظاهر عدم سقوط حكمه.

ص: 285

(مسألة 1075): إذا نذر الاعتكاف، و شرط في نذره الرجوع فيه ففي جواز الرجوع إذا لم يشترطه في نية الاعتكاف إشكال،والاظهر جوازه.

(مسألة 1076): إذا جلس في المسجد على فراش مغصوب لم يقدح ذلك في الاعتكاف، و إن سبق شخص إلى مكان من المسجد فأزاله المعتكف من مكانه، وجلس فيه ففي البطلان تأمل.

فصل في أحكام الاعتكاف

(مسألة 1077): لابد للمعتكف من ترك أمور :

(منها ): مباشرة النساء بالجماع، والأحوط - وجوباً - إلحاق اللمس و التقبيل بشهوة به. و لا فرق في ذلك بين الرجل و المرأة.

و منها : الاستمناء على الأحوط وجوباً.

و منها:شم الطيب والريحان مع التلذذ ولا أثر له اذا كان فاقداً لحاسة الشم.

ومنها : البيع و الشراء بل مطلق التجارة، على الأحوط وجوباً، ولا بأس بالاشتغال بالأمور الدنيوية من المباحات، حتى الخياطة و النساجة و نحوهما، و إن كان الأحوط - استحباباً - الاجتناب، و إذا اضطر إلى البيع و الشراء لأجل الأكل أو الشرب مما تمس حاجة المعتكف به و لم يمكن التوكيل و لا النقل بغيرهما فَعَلَه.

و منها : المماراة في أمر ديني أو دنيوي بداعي إثبات الغلبة و إظهار الفضيلة، لا بداعي إظهار الحق و رد الخصم عن الخطأ، فإنه من أفضل العبادات، والمدار على القصد.

ص: 286

(مسألة 1078): الاحوط - استحباباً - للمعتكف الاجتناب عما يحرم على المحرم وان كان الأقوى خلافه، و لا سيما في لبس المخيط و إزالة الشعر، و أكل الصيد، و عقدالنكاح، فإن جميعها جائز له.

(مسألة 1079): الظاهر أن المحرمات المذكورة مفسدة للاعتكاف من دون فرق بين وقوعها في الليل و النهار، و في حرمتها تكليفاً إذا لم يكن واجبا معيناً، ولو لأجل انقضاء يومين منه إشكال، و إن كان الأحوط وجوباً.

(مسألة 1080): إذا صدر منه أحد المحرمات المذكورة - سهواً - ففي عدم قدحه اشكال، ولا سيما في الجماع.

(مسألة 1081): إذا أفسد اعتكافه بأحد المفسدات، فإن كان واجباً معيناً وجب قضاؤه على الأحوط. و إن كان غير معين وجب استئنافه، و كذا يجب القضاء - على الأحوط - إذا كان مندوباً، و كان الإفساد بعد يومين، أما إذا كان قبلهما فلا شئ عليه، و لا يجب الفور في القضاء.

(مسألة 1082): إذا باع أو اشترى في أيام الاعتكاف لم يبطل بيعه أو شراؤه، و إن بطل اعتكافه.

(مسألة 1083): إذا أفسد الاعتكاف الواجب بالجماع و لو ليلاً وجبت الكفارة، والاقوى عدم وجوبها بالافساد، بغير الجماع وان كان احوط استحباباً، و كفارته ككفارة صوم شهر رمضان، و إن كان الأحوط أن تكون كفارته مثل كفارة الظهار. و إذا كان الاعتكاف في شهر رمضان و أفسده بالجماع نهاراً وجبت كفارتان، إحداهما لإفطار شهر رمضان، و الأخرى لإفساد الاعتكاف، و كذا إذا كان في قضاء شهر رمضان بعد الزوال، و إن كان الاعتكاف المذكور منذوراً وجبت كفارة ثالثة لمخالفة النذر، و إذا كان الجماع لامرأته الصائمة في شهر رمضان و قد أكرهها وجبت كفارة رابعة عنها على الأحوط.

ص: 287

و الحمد لله رب العالمين.

ص: 288

كتاب الزكاة

اشارة

وهي أحد الأركان التي بني عليها الإسلام، و وجوبها من ضروريات الدين ومنكرها مع العلم بها كافر، بل في جملة من الاخبار أن مانع الزكاة كافر.

المقصد الأول: شرائط وجوب الزكاة

لاتجب في مال من كان صبياً أو مجنوناً أو عبداً في زمان التعلق أو في اثناء الحول اذا كان مما يعتبر فيه الحول على الاحوط، بل لابد من استئناف الحول من حين البلوغ والعقل والحرية.

(مسألة 1084): لا فرق في الجنون المانع عن ثبوت الزكاة بين الإطباقي و الإدواري.

الاول : الملك.

في زمان التعلق، أو في تمام الحول كما تقدم، فلا زكاة على المال الموهوب والمقروض قبل قبضه، والمال الموصى به قبل وفاة الموصي.

الثاني : التمكن من التصرف

واعتباره على نحو ما سبق والمراد به القدرة على التصرف فيه بالاتلاف ونحوه. فلا زكاة في المسروق، والمجحود، والمدفون في مكان منسي والمرهون والموقوف والغائب الذي لم يصل اليه، ولا إلى وكيله ولا في الدين وان تمكن استيفاءه، واما المنذور التصدق به فلا تجب الزكاة فيه.

(مسألة 1085): لا تجب الزكاة في نماء الوقف إذا كان مجعولاً على نحو المصرف، وتجب إذا كان مجعولاً على نحو الملك، من دون فرق بين العام

ص: 289

والخاص، فاذا جعل بستانه وقفاً على أن يصرف نماؤها على ذريته أو على علماء البلد لم تجب الزكاة فيه،، وإذا جعلها وقفاً على أن يكون نماؤها ملكاً للأشخاص كالوقف على الذرية - مثلاً - و كانت حصة كل واحد تبلغ النصاب وجبت الزكاة على كل واحد منهم. واذا اجعلها وقفاً - على أن يكون نماؤها ملكاً للعنوان - كالوقف على الفقراء أو على العلماء - لم تجب الزكاة وأن بلغت حصة من يصل اليه النماء مقدار النصاب.

(مسألة 1086): إذا كانت الأعيان الزكوية مشتركة بين اثنين أو أكثر اعتبر في وجوب الزكاة على بعضهم بلوغ حصته النصاب، و لا يكفي في الوجوب بلوغ المجموع النصاب.

(مسألة 1087): قيل ثبوت الخيار المشروط برد مثل الثمن مانع من التمكن من التصرف، بخلاف سائر الخيارات، ولكنه محل إشكال، بل منع.

(مسألة 1088): الإغماء و السكر حال التعلق أو في أثناء الحول لا يمنعان من وجوب الزكاة.

(مسألة 1089): إذا عرض عدم التمكن من التصرف، بعد تعلق الزكاة، او مضى الحول متمكناً فقد استقر الوجوب، فيجب الأداء إذا تمكن بعد ذلك، فإن كان مقصراً كان ضامناً وإلا فلا.

(مسألة 1090): زكاة القرض على المقترض بعد قبضه، لا على المقرض. فلو اقترض نصاباً من الأعيان الزكوية، و بقي عنده سنة وجبت عليه الزكاة، و إن كان قد اشترط في عقد القرض على المقرض أن يؤدي الزكاة عنه. نعم إذا أدى المقرض عنه صح، و سقطت الزكاة عن المقترض و يصح مع عدم الشرط أن يتبرع المقرض عنه بأداء الزكاة كما يصح تبرع الأجنبي.

ص: 290

(مسألة 1091): يستحب لولي الصبي و المجنون إخراج زكاة مال التجارة إذا اتجر بمالهما لهما.

(مسألة 1092): اذا علم البلوغ والتعلق ولم يعلم السابق منهما لم تجب الزكاة. سواء أعلم تاريخ التعلق وجهل تاريخ الجنون، أم علم تاريخ الجنون وجهل تاريخ التعلق، أم جهل التاريخان، وكذا الحكم في المجنون اذا كان جنونه سابقاً وطرأ العقل، أما اذا كان عقله سابقاً وطرأ الجنون وجبت الزكاة، سواء أعلم تاريخ التعلق وجهل تاريخ الجنون، أم علم تاريخ الجنون وجهل تاريخ التعلق، أم جهل التاريخان معاً.

(مسألة 1093): إذا استطاع بتمام النصاب أخرج الزكاة، إذا كان تعلقها قبل تعلق الحج، و لم يجب الحج، و إن كان بعده وجب الحج و يجب عليه - حينئذ - حفظ استطاعته و لو بتبديل المال بغيره. نعم إذا لم يبدل حتى مضى عليه الحول وجبت الزكاة أيضاً.

المقصد الثاني: ما تجب فيه الزكاة

اشارة

تجب الزكاة في الأنعام الثلاثة :الإبل و البقر و الغنم، و الغلات الأربع : الحنطة، و الشعير، و التمر، و الزبيب، و في النقدين : الذهب و الفضة، ولا تجب فيما عدا ذلك. نعم تستحب في غيرها من الحبوب التي تنبت في الأرض كالسمسم، و الأرز، و الدخن، و الحمص، و العدس، و الماش، و الذروة، و غيرها، و لا تستحب في الخضروات مثل: البقل و القثاء و البطيخ و الخيار و نحوها وتستحب ايضاً في مال التجارة، وفي الخيل والاناث دون الذكور ودون الحمير والبغال.

والكلام في التسعة الأول يقع في مباحث :

ص: 291

المبحث الأول: الأنعام الثلاثة

اشارة

و شرائط وجوبها - مضافاً إلى الشرائط العامة المتقدمة - أربعة :

الشرط الأول : النصاب.

في الإبل إثنا عشر نصاباً، الأول : خمس، و فيها : شاة، ثم عشر و فيها : شاتان، ثم خمس عشرة و فيها ثلاث شياه، ثم عشرون و فيها أربع شياه، ثم خمس و عشرون و فيها : خمس شياه، ثم ست و عشرون، و فيها : بنت مخاض، و هي الداخلة في السنة الثانية، ثم ست و ثلاثون و فيها : بنت لبون، و هي الداخلة في السنة الثالثة، ثم ست و أربعون و فيها : حقة، و هي الداخلة في السنة الرابعة، ثم إحدى و ستون و فيها : جذعة، و هي الداخلة في السنة الخامسة، ثم ست و سبعون و فيها : بنتا لبون، ثم إحدى و تسعون، و فيها : حقتان، ثم مائة و إحدى و عشرون و فيها : في كل خمسين حقة، و في كل أربعين : بنت لبون، فإن كان العدد مطابقاً للأربعين - بحيث إذا حسب بالأربعين لم تكن زيادة و لا نقيصة - عمل على الأربعين كالمائة و الستين، و إذا كان مطابقاً للخمسين - بالمعنى المتقدم - عمل على الخمسين، كالمائة و الخمسين، و إن كان مطابقاً لكل منهما - كالمائتين - تخير المالك بين العد بالأربعين و الخمسين، و إن كان مطابقاً لهما - معاً - كالمائتين و الستين عمل عليهما معاً، فيحسب خمسينين و أربع أربعينات، وعلى هذا لا عفو الا فيما دون العشرة.

(مسألة 1094): إذا لم يكن عنده بنت مخاض أجزأ عنها إبن لبون، و إذا لم يكن عنده تخير في شراء أيهما شاء.

(مسألة 1095): في البقر نصابان، الأول ثلاثون، وفيها تبيع و لا تجزئ التبيعة على الأحوط، و هو ما دخل في السنة الثانية، ثم أربعون، و فيها مسنة و

ص: 292

هي الداخلة في السنه الثالثة، و فيما زاد على هذا الحساب، و يتعين العد بالمطابق الذي لا عفو فيه، فإن طابق الثلاثين - لا غير - كالستين عد بها، و إن طابق الأربعين - لا غير - كالثمانين عد بها، و إن طابقهما - كالسبعين - عد بهما معاً، و إن طابق كلا منهما كالمائة و العشرين - يتخير بين العد بالثلاثين و الأربعين وما بين الاربعين والستين عفو، وكذا ما دون الثلاثين، و ما زاد على النصاب من الآحاد الى التسعة.

(مسألة 1096): في الغنم خمسة نصب : أربعون، و فيها : شاة، ثم مائة و إحدى و عشرون، و فيها : شاتان، ثم مائتان و واحدة، و فيها : ثلاث شياه، ثم ثلاثمائة و واحدة، و فيها : أربع شياه، ثم أربعمائة ففي كل مائة: شاة بالغاً ما بلغ، و لا شيء فيما نقص عن النصاب الأول و لا فيما بين نصابين.

(مسألة 1097): الجاموس و البقر جنس واحد، و لا فرق في الإبل بين العراب و البخاتي، و لا في الغنم بين المعز و الظأن، و لا بين الذكر و الأنثى في الجميع.

(مسألة 1098): المال المشترك - إذا بلغ نصيب كل واحد منهم النصاب - وجبت الزكاة على كل منهم، و إن بلغ نصيب بعضهم النصاب دون بعض وجبت على من بلغ نصيبه دون شريكه، و إن لم يبلغ نصيب كل واحد منهم النصاب لم تجب الزكاة، و إن بلغ المجموع النصاب.

(مسألة 1099): إذا كان مال المالك الواحد متفرقاً بعضه عن بعض فإن كان المجموع يبلغ النصاب وجبت فيه الزكاة، و لا يلاحظ كل واحد على حدة.

(مسألة 1100): الأحوط وجوباً في الشاة التي تجب في نصب الإبل و الغنم أن تكمل لها سنة، و تدخل في الثانية، إن كانت من الظأن، أو تكمل لها سنتان و تدخل في الثالثة، إن كانت من المعز، و يتخير المالك بين دفعها من

ص: 293

النصاب و غيره، و لو كانت من بلد آخر، كما يجوز دفع القيمة من النقدين، و ما بحكمهما من الأثمان، كالأوراق النقدية و إن كان دفع العين أفضل و أحوط اذا كانت العين موجودة، اما مع التلف فالظاهر وجوب قيمة يوم التلف.

(مسألة 1101): الظاهر اعطاء العين اذا كانت موجودة اما مع التلف فالظاهر وجوب قيمة يوم التلف، و في كون الاعتبار بقيمة بلد الدفع أو بلد النصاب إشكال و الاحوط دفع أعلى القيمتين.

(مسألة 1102): إذا كان مالكا للنصاب لا أزيد - كأربعين شاة مثلاً - فحال عليه أحوال فإن أخرج زكاته كل سنة من غيره تكررت لعدم نقصانه - حينئذ - عن النصاب، و لو أخرجها منه أو لم يخرج أصلاً لم تجب إلا زكاة سنة واحدة لنقصانه - حينئذ - عنه، ولو كان عنده أزيد من النصاب - كأن كان عنده خمسون شاة - و حال عليه أحوال لم يؤد زكاتها وجبت عليه الزكاة بمقدار ما مضى من السنين، إلى أن ينقص عن النصاب.

(مسألة 1103): إذا كان جميع النصاب من الإناث يجزئ دفع الذكر عن الأنثى، و بالعكس، و إذا كان كله من الضأن يجزي دفع المعز عن الضأن، و بالعكس، و كذا الحال في البقر و الجاموس و الإبل العراب و البخاتي.

(مسألة 1104): لا فرق بين الصحيح و المريض، و السليم و المعيب و الشاب و الهرم في العد من النصاب، نعم إذا كانت كلها صحيحة لا يجوز له دفع المريض، و كذا إذا كانت كلها سليمه لا يجوز له دفع المعيب و إذا كانت كلها شابة لا يجوز له دفع الهرم، و كذا إذا كان النصاب ملفقاً من الصنفين على الأحوط، إن لم يكن أقوى. نعم إذا كانت كلها مريضة أو هرمة أو معيبة جاز له الإخراج منها.

ص: 294

الشرط الثاني : السوم طول الحول

فإذا كانت معلوفة، و لو في بعض الحول لم تجب الزكاة فيها. نعم في انقطاع السوم بعلف اليوم او اليومين والثلاثة إشكال، والاحوط ان لم يكن أقوى عدم الانقطاع.

(مسألة 1105): لا فرق في منع العلف من وجوب الزكاة بين أن يكون بالاختيار والاضطرار، و أن تكون من مال المالك و غيره بإذنه أو لا، كما أن الظاهر الفرق في السوم بين أن يكون من نبت مملوك أو مباح ففي صورة كونه مملوكاً والعلف في ارض مملوكة لايصدق عليه السوم، فإن رعاها في الحشيش و الدغل الذي ينبت في الأرض المملوكة في أيام الربيع أو عند نضوب الماء وجبت فيها الزكاة. نعم إذا كان المرعىمزروعاً ففي صدق السوم إشكال، و الأظهر عدم الصدق، و إذا جز العلف المباح فأطعمها إياه كانت معلوفة، و لم تجب الزكاة فيها.

الشرط الثالث : أن لا تكون عوامل

ولو في بعض الحول، والا لم تجب الزكاة فيها، وفي قدح العمل يوماً أو يومين أو ثلاثة - إشكال، الاحوط - إن لم يكن أقوى - عدم القدح، كما تقدم في السوم.

الشرط الرابع : أن يمضي عليها حول جامعة للشرائط

ويكفي فيه الدخول في الشهر الثاني عشر، و الأقوى استقرارالوجوب بذلك، فلا يضر فقد بعض الشرائط قبل تمامه. نعم الشهر الثاني عشر محسوب من الحول الأول، و ابتداء الحول الثاني بعد إتمامه.

(مسألة 1106): إذا إختلَّ بعض الشروط في أثناء الأحد عشر بطل الحول، كما إذا نقصت عن النصاب أو لم يتمكن من التصرف فيها أو بدلها

ص: 295

بجنسها، أو بغير جنسها و لو كان زكوياً، ولا فرق بين ان يكون التبديل بقصد الفرار من الزكاة وعدمه.

(مسألة 1107): إذا حصل لمالك النصاب - في أثناء الحول - ملك جديد بنتاج، أو شراء، أو نحوهما، فإما أن لا يكون الجديد بمقدار العفو كما إذا كان عنده أربعون من الغنم، و في أثناء الحول ولدت أربعين فلا شيء عليه، إلا ما وجب في الأول، و هو شاة في الفرض، و إما أن يكون نصاباً مستقلاً، كما إذا كان عنده خمس من الإبل، فولدت في أثناء الحول خمساً أخرى، كان لكل منهما حول بانفراده، و وجب عليه فريضة كل منهما عند انتهاء حوله، و كذلك الحكم - على الأحوط - إذا كان نصاباً مستقلاً، و مكملاً للنصاب اللاحق كما إذا كان عنده عشرون من الإبل و في أثناء حولها ولدت ستة، و أما إذا لم يكن نصاباً مستقلاً، و لكن كان مكملاً للنصاب اللاحق، كما إذا كان عنده ثلاثون من البقر، و في أثناء الحول و لدت إحدى عشرة وجب عند انتهاء حول الأول استئناف حول جديد لهما معاً.

(مسألة 1108): ابتداء حول السخال من حين النتاج، اذا كانت أمها سائمة، وكذا اذا كانت معلوفة - على الاحوط- أن لم يكن أقوى.

المبحث الثاني: زكاة النقدين

(مسألة 1109): يشترط في زكاة النقدين - مضافاً إلى الشرائط العامة - أمور:

ص: 296

الأول : النصاب، وهو في الذهب عشرون ديناراً، وفيه نصف دينار، والدينار ثلاثة ارباع المثقال الصيرفي، ولا زكاة فيما دون العشرين ولا فيما زاد عليها حتى يبلغ اربعة دنانير، وهي ثلاثة مثاقيل صيرفية. وفيها ايضاً ربع عشرها، وهكذا كلما زاد اربعة دنانير وجب ربع عشرها أما الفضة فنصابها مائتا درهم، وفيها خمسة دراهم، ثم أربعوندرهماً وفيها درهم واحد، وهكذا كلما زاد اربعون كان فيها درهم، وما دون المائتين عفو، وكذا ما بين المائتين والاربعين، ووزن عشرة دراهم خمسة مثاقيل صيرفية وربع، فالدرهم نصف مثقال صيرفي وربع عشره، والضابط في زكاة النقدين من الذهب والفضة: ربع العشر، لكنه يزيد على القدر الواجب كما اذا زاد عن النصاب الاول ولم يصل الى النصاب في الثاني.

الثاني : أن يكونا مسكوكين بسكة المعاملة : بسكة الإسلام أو الكفر بكتابة و بغيرها، بقيت السكة أو مسحت بالعارض، أما الممسوح بالأصل فالأحوط وجوب الزكاة فيه إذا تعومل به، و أما المسكوك الذي جرت المعاملة به ثم هجرت فالأحوط الزكاة فيه وان كان الاظهر العدم، و إذا اتخذ للزينة فإن كانت المعاملة به باقية وجبت فيه على الأحوط، و إلا فالأظهر عدم الوجوب، و لا تجب الزكاة في الحلي و السبائك و قطع الذهب و الفضة.

الثالث : الحول، على نحو ما تقدم في الانعام، كما تقدم أيضاً حكم اختلال بعض الشرائط وغير ذلك، والمقامان من باب واحد.

(مسألة 1110): لا فرق في الذهب و الفضة بين الجيد و الرديء، و لا يجوز الإعطاء من الرديء إذا كان تمام النصاب من الجيد.

(مسألة 1111): تجب الزكاة في الدراهم والدنانير المغشوشة و إن لم يبلغ خالصهما النصاب، و إذا كان الغش كثيراً بحيث لم يصدق الذهب أو الفضة على المغشوش، ففي وجوب الزكاة فيه إن بلغ خالصه النصاب إشكال.

ص: 297

(مسألة 1112): إذا شك في بلوغ النصاب فالظاهر عدم وجوب الزكاة، وفي وجوب الاختبار إشكال أظهره العدم، والاختبار أحوط.

(مسألة 1113): إذا كان عنده أموال زكوية من أجناس مختلفة اعتبر بلوغ النصاب في كل واحد منها، و لا يضم بعضها إلى بعض، فإذا كان عنده تسعة عشر ديناراً و مائة و تسعون درهماً لم تجب الزكاة في أحدهما، و إذا كان من جنس واحد - كما إذا كان عنده ليرة ذهب عثمانية و ليرة ذهب انكليزية - ضم بعضها إلى بعض في بلوغ النصاب، و كذا إذا كان عنده روبية انكليزية و قران إيراني.

المبحث الثالث: زكاة الغلات الأربع

(مسألة 1114): يشترط في وجوب الزكاة فيها أمران :

الأول : بلوغ النصاب، وهو بوزن النجف - في زماننا هذا - ثمان وزنات وخمس حقق ونصف الا ثمانية وخمسين مثقلاً وثلث مثقال، والوزنة اربعة وعشرون حقة، والحقة ثلاث حقق اسلامبول وثلث، وبوزن الاسلامبول سبع وعشرون وزنة وعشر حقق وخمسة وثلاثون مثقالاً صيرفياً والوزنة اربعة وعشرون حقة، والحقة مائتان وثمانونمثقالاً صيرفياً، والحقة وبوزن الكيلو يكون النصاب ثمانمائة و سبعة و أربعين كيلو تقريباً.

الثاني : الملك في وقت تعلق الوجوب، سواء أ كان بالزرع، أم بالشراء أم بالإرث، أم بغيرها من أسباب الملك.

(مسألة 1115): المشهور أن وقت تعلق الزكاة عند اشتداد الحب في الحنطة و الشعير، و عند الاحمرار و الاصفرار في ثمر النخيل، و عند انعقاده

ص: 298

حصرما في ثمر الكرم، لكن الظاهر أن وقته إذا صدق أنه حنطة أو شعير أو تمر أو عنب.

(مسألة 1116): المدار في قدر النصاب هو اليابس من المذكورات فاذا بلغ النصاب وهو عنب، ولكنه اذا صار زبيباً نقص عنه لم تجب الزكاة.

(مسألة 1117): وقت وجوب الإخراج حين تصفية الغلة، واجتذاذ التمر، و اقتطاف الزبيب على النحو المتعارف، فإذا أخر المالك الدفع عنه - بغير عذر - ضمن مع وجود المستحق، و لا يجوز للساعي المطالبة قبله، نعم يجوز الاخراج قبل ذلك بعد تعلق الوجوب، ويجب على الساعي القبول.

(مسألة 1118): لا تتكرر الزكاة في الغلات بتكرر السنين، فإذا أعطى زكاة الحنطة ثم بقيت العين عنده سنين لم يجب فيها شيء و هكذا غيرها.

(مسألة 1119): المقدار الواجب إخراجه في زكاة الغلات، العشر إذا سقي سيحاً، أو بماء السماء، أو بمص عروقه من الأرض، و نصف العشر إذا سقي بالدلاء و الماكينة، و الناعور، و نحو ذلك من العلاجات، و إذا سقي بالأمرين فإن كان أحدهما الغالب بحيث ينسب السقي إليه و لا يعتد بالآخر، فالعمل على الغالب، و إن كانا بحيث يصدق الاشتراك عرفاً و إن كان السقي بأحدهما أكثر من الآخر، يوزع الواجب فيعطي من نصفه العشر ومن نصفه الآخر نصف العشر، و إذا شك في صدق الاشتراك والغلبة كفى الأقل، و الأحوط - استحباباً - الأكثر.

(مسألة 1120): المدار في التفصيل المتقدم على الثمر، لا على الشجر فإذا كان الشجر حين غرسه يسقى بالدلاء، فلما أثمر صار يسقى بالنزيز أو السيح عند زيادة الماء وجب فيه العشر، و لو كان بالعكس وجب فيه نصف العشر.

ص: 299

(مسألة 1121): الأمطار المعتادة في السنة لا تخرج ما يسقى بالدوالي عن حكمه، إلا إذا كثرت بحيث يستغني عن الدوالي، فيجب حينئذ العشر، أو كانت بحيث توجب صدق الاشتراك في السقي، فيجب التوزيع.

(مسألة 1122): إذا أخرج شخص الماء بالدوالي عبثاً، أو لغرض فسقى به آخر زرعه فالظاهر وجوب العشر، وكذا اذا اخرجه هو عبثاً أو لغرض آخر ثم بدا له فسقى به زرعه، وأما إذا أخرجه لزرع، فبدا له فسقى به زرعاً آخر، أو زاد فسقى به غيره فالظاهر وجوب نصف العشر.

(مسألة 1123): ما يأخذه السلطان بإسم المقاسمة - و هو الحصة من نفس الزرع - لا يجب إخراج زكاته.

(مسألة 1124): المشهور استثناء المؤن التي يحتاج إليها الزرع و الثمر من أجرة الفلاح، و الحارث، و الساقي، و العوامل التي يستأجرها للزرع و أجرة الأرض و لو غصباً، و نحو ذلك مما يحتاج إليه الزرع، أو الثمر، و منها ما يأخذه السلطان من النقد المضروب على الزرع المسمى بالخراج، و لكن الاقوى إخراج النفقات التي تصرف في سبيل تنمية الحنطة والشعير والتمر والزبيب من المحصول ثم اذا كان الباقي بمقدار النصاب يدفع زكاته.

(مسألة 1125): يضم النخل بعض إلى بعض، و إن كانت في أمكنة متباعدة و تفاوتت في الإدراك، بعد أن كانت الثمرتان لعام واحد، و إن كان بينهما شهر أو أكثر، و كذا الحكم في الزروع المتباعدة فيلحظ النصاب في المجموع، فإذا بلغ المجموع النصاب وجبت الزكاة، و إن لم يبلغه كل واحد منها، و أما إذا كان نخل يثمر في العام مرتين ففي الضم فيه إشكال و إن كان الضم أحوط وجوباً.

ص: 300

(مسألة 1126): يجوز دفع القيمة عن الزكاة من النقدين، و ما بحكمهما من الأثمان، كالأوراق النقدية.

(مسألة 1127): إذا مات المالك بعد تعلق الوجوب وجب على الوارث إخراج الزكاة، أما لو مات قبله و انتقل إلى الوارث، فإن بلغ نصيب كل واحد النصاب وجبت على كل واحد منهم زكاة نصيبه، و إن بلغ نصيب بعضهم دون نصيب الآخر، وجبت على من بلغ نصيبه دون الآخر، و إن لم يبلغ نصيب واحد منهم لم تجب على واحد منهم، و كذا الحكم فيما إذا كان الانتقال بغير الإرث كالشراء أو الهبة.

(مسألة 1128): إذا اختلفت أنواع الغلة الواحدة يجوز دفع الجيد عن الأجود والرديء عن الاردأ، و في جواز دفع الرديء عن الجيد إشكال، والأحوط وجوبا اعطاء كل نوع بحصته.

(مسألة 1129): الأقوى أن الزكاة حق متعلق بالعين، لا على وجه الإشاعة، و لا على نحو الكلي في المعين، و لا على نحو حق الرهانة، و لا على نحو حق الجناية، بل على نحو آخر وهو الشركة في المالية، ويجوز للمالك التصرف في المال المتعلق بالزكاة في غير مقدارها مشاعاً او غير مشاع نعم لايجوز له التصرف في تمام النصاب، فاذا باعه لم يصح البيع في حصة الزكاة، الى ان يدفعها البائع، فيصح بلا حاجة اجازة الحاكم، أو يدفعها المشتري فيصح أيضاً، ويرجع بها على البائع وان أجاز الحاكم البيع قبل دفع البائع او المشتري صح البيع وكان الثمن زكاة فيرجع الحاكم به الى المشتري أن لم يدفعه الى البائع، والا فله الرجوع الى ايهما شاء.

(مسألة 1130): لا يجوز التأخير في دفع الزكاة من دون عذر، فإن أخره لطلب المستحق فتلف المال قبل الوصول إليه - لم يضمن، وإن أخره - مع العلم بوجود المستحق- ضمن. نعم يجوز للمالك عزل الزكاة من العين أو من مال آخر

ص: 301

مع عدم المستحق، بل مع وجوده على الأقوى فيتعين المعزول زكاة، و يكون أمانة في يده لا يضمنه إلا مع التفريط، أو مع التأخير مع وجود المستحق، من دون غرض صحيح. و في ثبوت الضمان معه - كما إذا أخره لانتظار من يريد إعطاءه أو للإيصال إلى المستحق تدريجاً في ضمن شهر أو شهرين أو ثلاثة - إشكال. و نماء الزكاة تابع لها في المصرف، و لا يجوز للمالك إبدالها بعد العزل.

(مسألة 1131): إذا باع الزرع أو الثمر، و شك في أن البيع كان بعد تعلق الزكاة حتى تكون عليه، أو قبله حتى تكون على المشتري لم يجب عليه شيء، حتى إذا علم زمان التعلق و شك في زمان البيع على الأظهر وإن كان الشاك هو المشتري، فإن علم بأداء البائع للزكاة على تقدير كون البيع بعد التعلق لم يجب عليه إخراجها، و إلا وجب عليه، حتى إذا علم زمان التعلق و جهل زمان البيع، فإن الزكاة متعلقة بالعين على ما تقدم.

(مسألة 1132): يجوز للحاكم الشرعي ووكيله خرص ثمر النخل و الكرم على المالك، وفائدته جواز الاعتماد عليه، بلا حاجة إلى الكيل و الوزن، و الظاهر جواز الخرص للمالك، لكن لو ظهرت الزيادة لما في يده لابد في إخراج زكاته أي لو انكشف الخلاف كان المدار على الواقع.

ص: 302

المقصد الثالث: أصناف المستحقين و أوصافهم

وفيه مبحثان:

المبحث الأول

أصنافهم وهم ثمانية :

الأول : الفقير.

الثاني : المسكين.

و كلاهما من لا يملك مؤونة سنته اللائقة بحاله له و لعياله. و الثاني أسوأ حالاً من الأول، والغني بخلافهما فإنه من يملك قوت سنته فعلاً - نقداً أو جنساً - و يتحقق ذلك بأن يكون له مال يقوم ربحه بمؤونته و مؤونة عياله، أو قوة : بأن يكون له حرفة أو صنعة يحصل منها مقدار المؤنة، و إذا كان قادراً على الاكتساب و تركه تكاسلاً، فالظاهر عدم جواز أخذه. نعم إذا خرج وقت التكسب جاز له الأخذ.

(مسألة 1133): إذا كان له رأس مال لا يكفي ربحه لمؤونة السنة جاز له أخذ الزكاة، و كذا إذا كان صاحب صنعة تقوم آلاتها بمؤنته، أو صاحب ضيعة أو دار أو خان أو نحوها تقوم قيمتها بمؤونته، و لكن لا يكفيه الحاصل منها فإن له إبقاءها و أخذ المؤونة من الزكاة.

(مسألة 1134): دار السكنى و الخادم و فرس الركوب المحتاج إليها بحسب حاله - و لو لكونه من أهل الشرف - لا تمنع من أخذ الزكاة، و كذا ما يحتاج إليه من الثياب، و الألبسة الصيفية، و الشتوية، و الكتب العلمية، و أثاث البيت من الظروف، و الفرش، و الأواني، و سائر ما يحتاج إليه. نعم إذا كان عنده من المذكورات أكثر من مقدار الحاجة و كانت كافية في مؤنته لم يجز له

ص: 303

الأخذ، بل إذا كان له دار تندفع حاجته بأقل منها قيمة، و كان التفاوت بينهما يكفيه لمؤنته لم يجز له الأخذ من الزكاة على الاحوط وجوباً أن لم يكن أقوى، و كذا الحكم في الفرس و العبد والجارية و غيرها من أعيان المؤنة، إذا كانت عنده و كان يكفي الأقل منها.

(مسألة 1135): إذا كان قادراً على التكسب لكنه ينافي شأنه جاز له الاخذ،، و كذا إذا كان قادراً على الصنعة، لكنه كان فاقداً لآلاتها.

(مسألة 1136): إذا كان قادراً على تعلم صنعة أو حرفة لم يجز له أخذ الزكاة، إلا إذا خرج وقت التعلم فيجوز، و لا يكفي في صدق الغنى القدرة على التعلم في الوقت اللاحق، إذا كان الوقت بعيداً، بل إذا كان الوقت قريباً - مثل يوم أو يومين أو نحو ذلك - جاز له الأخذ ما لم يتعلم.

(مسألة 1137): طالب العلم الذي لا يملك فعلاً ما يكفيه يجوز له أخذ الزكاة إذا كان طلب العلم واجباً عليه، والا فان كان قادراً على الاكتساب، وكان يليق بشأنه لم يجز له أخذ الزكاة، واما اذا لم يكن قادراً على الاكتساب بفقد رأس المال، او غيره من المعدات للكسب، او كان لا يليق بشأنه كما هو الغالب في هذا الزمان جاز له الاخذ، هذا بالنسبة إلى سهم الفقراء، و أما من سهم سبيل الله تعالى فيجوز له الأخذ منه إذا كان يترتب على اشتغاله مصلحة محبوبة لله تعالى، و إن لم يكن المشتغل ناوياً للقربة. نعم إذا كان ناوياً للحرام كالرئاسة المحرمة لم يجز له الأخذ.

(مسألة 1138): المدعي للفقر إن علم صدقه أو كذبه عومل به، و إن جهل ذلك جاز إعطاؤه إلا إذا علم غناه سابقاً، فلابد في جواز الاعطاء - حينئذ - من الوثوق بفقره.

ص: 304

(مسألة 1139): إذا كان له دين على الفقير جاز احتسابه من الزكاة حياً كان أم ميتاً، نعم يشترط في الميت أن لا يكون له تركة تفي بدينه و إلا لم يجز، إلا إذا تلف المال على نحو لا يكون مضموناً، و إذا امتنع الورثة من الوفاء ففي جواز الاحتساب إشكال، وكذا إذا غصب التركة غاصب لا يمكن أخذها منه، أو أتلفها متلف لا يمكن استيفاء بدلها منه.

(مسألة 1140): لا يجب إعلام الفقير بأن المدفوع إليه زكاة، بل يجوز الإعطاء على نحو يتخيل الفقير أنه هدية، و يجوز صرفها في مصلحة الفقير كما إذا قدم إليه تمر الصدقة فأكله.

(مسألة 1141): إذا دفع الزكاة - باعتقاد الفقر - فبان كون المدفوع إليه غنياً فان كانت معينة بالعزل وجب عليه استرجاعها و صرفها في مصرفها إذا كانت عينها باقية، و إن كانت تالفة فإن كان الدفع اعتماداً على حجة فليس عليه ضمانها والا ضمنها، ويجوز له ان يرجع الى القابض، إذا كان يعلم أن ما قبضه زكاة، وان لم يعلم بحرمتها على الغني، والا فليس للدافع الرجوع اليه، وكذا الحكم إذا تبين كون المدفوع اليه ليس مصرفاً للزكاة من غير جهة الغنى، مثل أن يكون ممن تجب نفقته، أو هاشمياً إذا كان الدافع غير هاشمي أو غير ذلك.

الثالث : العاملون عليها.

وهم المنصَّبون لأخذ الزكاة و ضبطها و حسابها و إيصالها إلى الإمام أو نائبه، أو إلى مستحقها.

الرابع : المؤلفة قلوبهم.

وهم المسلمون الذين يضعف إعتقادهم بالمعارف الدينية، فيعطون من الزكاة ليحسن إسلامهم، و يثبتوا على دينهم، أو الكفار الذين يوجب إعطاؤهم الزكاة ميلهم إلى الإسلام، أو معاونة المسلمين في الدفاع أو الجهاد مع الكفار.

ص: 305

الخامس : الرقاب.

و هم العبيد المكاتبون العاجزون عن أداء الكتابة مطلقة أو مشروطة فيعطون من الزكاة ليؤدوا ما عليهم من المال، والعبيد الذين هم تحت الشدة، فيشترون ويعتقون، بل مطلق عتق العبد إذا لم يوجد المستحق للزكاة بل مطلقاً على الاظهر.

السادس : الغارمون.

وهم الذين ركبتهم الديون و عجزوا عن أدائها، و إن كانوا مالكين قوت سنتهم، بشرط أن لا يكون الدين مصروفاً في المعصية، و لو كان على الغارم دين لمن عليه الزكاة جاز له احتسابه عليه زكاة، بل يجوز أن يحتسب ما عنده من الزكاة للمدين فيكون له، ثم يأخذه وفاءً عما عليه من الدين، و لو كان الدين لغير من عليه الزكاة يجوز له وفاؤه عنه بما عنده منها، ولو بدون اطلاع الغارم، ولو كان الغارم ممن تجب نفقته على من عليه الزكاة جاز له إعطاؤه لوفاء دينه أو الوفاء عنه و إن لم يجز إعطاؤه لنفقته.

السابع : سبيل الله تعالى.

وهو جميع سبل الخير كبناء القناطر، والمدارس والمساجد، وإصلاح ذات البين، ورفع الفساد، ونحوها من الجهات العامة، وفي جواز دفع هذا السهم في كل طاعة، معتمكن المدفوع اليه من فعلها بدونه أو مع تمكنه اذا لم يكن مقدماً عليه الا به، إشكال بل منع.

الثامن : ابن السبيل.

الذي نفدت نفقته، بحيث لا يقدر على الذهاب إلى بلده، فيدفع له ما يكفيه لذلك، بشرط أن لا يكون سفره في معصية، بل عدم تمكنه من الاستدانة او بيع ماله الذي هو في بلده، على الاحوط وجوباً.

ص: 306

(مسألة 1142): إذا اعتقد وجوب الزكاة فأعطاها، ثم بان العدم جاز له استرجاعها، و إن كانت تالفة استرجع البدل، إذا كان الفقير عالماً بالحال، و إلا لم يجز الاسترجاع.

(مسألة 1143): إذا نذر أن يعطي زكاته فقيراً معيناً انعقد نذره فإن سها فأعطاها فقيراً آخر أجزأ، و لا يجوز استردادها، و إن كانت العين باقية، و إذا أعطاها غيره - متعمداً - فالظاهر الإجزاء أيضاً، و لكن كان آثماً بمخالفة نذره، ووجبت عليه الكفارة.

المبحث الثاني: في أوصاف المستحقين

وهي أمور:
الأول : الإيمان

فلا يعطى الكافر، و كذا المخالف من سهم الفقراء، وتعطى أطفال المؤمنين و مجانينهم، فإن كان بنحو التمليك وجب قبول وليهم، و إن كان بنحو الصرف - مباشرة أو بتوسط أمين - فلا يحتاج إلى قبول الولي و إن كان أحوط استحباباً.

(مسألة 1144): إذا أعطى المخالف زكاته أهل نحلته، ثم استبصر اعادها، وان كان قد أعطاها المؤمن أجزأ.

الثاني : ان لايكون من أهل المعاصي

بحيث يصرف الزكاة في المعاصي، ويكون الدفع اليه إعانة على الإثم، والاحوط عدم اعطاء الزكاة لتارك الصلاة، أو شارب الخمر، أو المتجاهر بالفسق.

ص: 307

الثالث : أن لا يكون ممن تجب نفقته على المعطي.

كالأبوين وان علوا، والأولاد وان سلفوا من الذكور أو الإناث و كذا الزوجة الدائمة - إذا لم تسقط نفقتها - والمملوك، فلا يجوز إعطاؤهم منها للإنفاق، و يجوز إعطاؤهم منها لحاجة لا تجب عليه، كما إذا كان للوالد أو للولد زوجة او مملوك، أو كان عليه دين يجب وفاؤه، أو عمل يجب أداؤه بإجارة و كان موقوفاً على المال، و أماإعطاؤهم للتوسعة زائداً على اللازم فالأحوط - إن لم يكن أقوى - عدم جوازه إذا كان عنده ما يوسع به عليهم.

(مسألة 1145): يجوز لمن وجبت نفقته على غيره أن يأخذ الزكاة من غير من تجب عليه، إذا لم يكن قادراً على الإنفاق، أو لم يكن باذلاً ،بل و كذا إذا كان باذلاً مع المنة غير القابلة للتحمل عادة و الاقوى عدم وجوب الانفاق عليه، مع بذل الزكاة، ولا يجوز للزوجة أن تأخذ من الزكاة، مع بذل الزوج للنفقة حتى للتوسعة في صورة ما إذا كان الزوج باذلاً لها، بل مع إمكان إجباره، إذا كان ممتنعاً.

(مسألة 1146): يجوز دفع الزكاة إلى الزوجة المتمتع بها، سواء كان الدافع الزوج أم غيره، و كذا الدائمة إذا سقطت نفقتها بالشرط و نحوه، أما إذا كان بالنشوز ففيه إشكال، والاظهر العدم.

(مسألة 1147): يجوز للزوجة دفع زكاتها إلى الزوج، و لو كان للإنفاق عليها.

(مسألة 1148): إذا عال بأحد تبرعاً جاز للمعيل و لغيره دفع الزكاة إليه، من غير فرق بين القريب و الأجنبي.

ص: 308

(مسألة 1149): يجوز لمن وجب الإنفاق عليه أن يعطي زكاته لمن تجب عليه نفقته، إذا كان عاجزاً عن الإنفاق عليه، و إن كان الأحوط - استحباباً - الترك.

الرابع : أن لا يكون هاشمياً
اشارة

إذا كانت الزكاة من غير هاشمي و لا فرق بين سهم الفقراء و غيره من سائر السهام، حتى سهم العاملين، و سبيل الله. نعم لا بأس بتصرفهم في الأوقاف العامة إذا كانت من الزكاة، مثل المساجد، و منازل الزوار و المدارس، و الكتب و نحوها.

(مسألة 1150): يجوز للهاشمي أن يأخذ زكاة الهاشمي من دون فرق بين السهام أيضاً، كما يجوز له أخذ زكاة غير الهاشمي مع الاضطرار، و في تحديد الاضطرار إشكال، و قد ذكر جماعة من العلماء أن المسوغ عدم التمكن من الخمس بمقدار الكفاية و هو أيضاً مشكل، والأحوط تحديده بعدم كفاية الخمس، و سائر الوجوه يوماً فيوماً، مع الإمكان.

(مسألة 1151): الهاشمي هو المنتسب - شرعاً - إلى هاشم بالأب دون الأم، و أما إذا كان منتسباً إليه بالزنا فيشكل إعطاءه من زكاة غير الهاشمي، و كذا الخمس.

(مسألة 1152): المحرم من صدقات غير الهاشمي على الهاشمي هو زكاة المال و زكاة الفطرة. أما الصدقات المندوبة فليست محرمة، بل كذلك الصدقات الواجبة كالكفارات، و رد المظالم، و مجهول المالك، و اللقطة و منذور الصدقة، و الموصى به للفقراء وان كان الاحوط استحباباً عدم الاعطاء.

ص: 309

(مسألة 1153): يثبت كونه هاشمياً بالعلم، و البينة، وبالشياع الموجب للاطمئنان، و لا يكفي مجرد الدعوى. و في براءة ذمة المالك - إذا دفع الزكاة إليه حينئذ - إشكال و الأظهر عدم البراءة.

فصل في بقية أحكام الزكاة

(مسألة 1154): لا يجب البسط على الأصناف الثمانية على الأقوى ،و لا على أفراد صنف واحد، و لا مراعاة أقل الجمع فيجوز له إعطاؤها لشخص واحد من صنف واحد.

(مسألة 1155): يجوز نقل الزكاة من بلد إلى غيره لكن إذا كان المستحق موجوداً في البلد كانت مؤنة النقل عليه، و إن تلفت بالنقل يضمن، و لا ضمان مع التلف بغير تفريط، إذا لم يكن في البلد مستحق، كما لا ضمان إذا وكله الفقيه في قبضها عنه، فقبضها ثم نقلها بأمره، و أجرة النقل حينئذ على الزكاة.

(مسألة 1156): إذا كان له مال في غير بلد الزكاة جاز دفعه زكاة عما عليه في بلده، و لو مع وجود المستحق فيه، و كذا إذا كان له دين في ذمة شخص في بلد آخر جاز احتسابه عليه من الزكاة، إذا كان فقيراً، و لا إشكال في شيء من ذلك.

(مسألة 1157): إذا قبض الحاكم الشرعي الزكاة بعنوان الولاية العامة برئت ذمة المالك، وإن تلفت بعد ذلك بتفريط أو بدونه، أو دفعها إلى غير المستحق.

(مسألة 1158): لا يجوز تقديم الزكاة قبل تعلق الوجوب، نعم يجوز أن يعطي الفقير قرضاً قبل وقت الوجوب، فإذا جاء الوقت احتسبه زكاة بشرط بقائه على صفة الاستحاق، كما يجوز له أن لا يحتسبه زكاة بل يدفعها إلى غيره، و يبقى

ص: 310

ما في ذمة الفقير قرضاً، و إذا أعطاه قرضاً فزاد عند المقترض زيادة متصلة أو منفصلة فهي له لا للمالك، و كذلك النقص عليه إذا نقص.

(مسألة 1159): إذا أتلف الزكاة المعزولة أو النصاب متلف، فإن كان مع عدم التأخير الموجب للضمان فالضمان يكون على المتلف دون المالك و إن كان مع التأخير الموجب للضمان فكلاهما ضامن، و للحاكم الرجوع على أيهما شاء، فإن رجع على المالك رجع هو على المتلف، و إن رجع على المتلف لم يرجع هو على المالك.

(مسألة 1160): دفع الزكاة من العبادات، فلا يصح الا مع نية القربة والتعيين وغيرهما مما يعتبر في صحة العبادة، وان دفعها بلا نية القربة بطل الدفع وبقيت على ملك المالك، وتجوز النية ما دامت العين موجودة فان تلفت بلا ضمان القابض وجب الدفع ثانياً، وإن تلفت مع الضمان امكن احتساب ما في الذمة زكاة، ويجوز ابقاؤها ديناً له والدفع الى ذلك الفقير.

(مسألة 1161): يجوز للمالك التوكيل في أداء الزكاة، كما يجوز التوكيل في الإيصال إلى الفقير، فينوي المالك حين الدفع إلى الوكيل و الأحوط استمرارها إلى حين الدفع إلى الفقير.

(مسألة 1162): يجوز للفقير أن يوكل شخصاً في أن يقبض عنه الزكاة من شخص أو مطلقاً، و تبرأ ذمة المالك بالدفع إلى الوكيل و إن تلفت في يده.

(مسألة 1163): الأقوى عدم وجوب دفع الزكاة الى الفقيه الجامع للشرائط في زمن الغيبة، و إن كان أحوط وأفضل، نعم اذا طلبها على وجه الايجاب، بان كان هناك ما يقتضي وجوب صرفها فيه وجب على مقلديه الدفع اليه، بل على غيرهم أيضاً، اذا كان طلبه على نحو الحكم دون الفتوى، والا لم يجب الا على مقلديه.

ص: 311

(مسألة 1164): تجب الوصية بأداء ما عليه من الزكاة إذا أدركته الوفاة، و كذا الخمس، و سائر الحقوق الواجبة، و إذا كان الوارث مستحقاً جاز للوصي احتسابها عليه و إن كان واجب النفقة على الميت حال حياته.

(مسألة 1165): الأحوط عدم نقصان ما يعطى الفقير من الزكاة عما يجب في النصاب الأول من الفضة في الفضة وهو خمسة دراهم و عما يجب في النصاب الأول من الذهب في الذهب وهو نصف دينار و إن كان الأقوى الجواز.

(مسألة 1166): يستحب لمن يأخذ الزكاة الدعاء للمالك، سواء كان الآخذ الفقيه أم العامل أم الفقير، بل هو الأحوط - استحباباً - في الفقيه الذي يأخذه بالولاية.

(مسألة 1167): يستحب تخصيص أهل الفضل بزيادة النصيب كما أنه يستحب ترجيح الأقارب و تفضيلهم على غيرهم، و من لا يسأل على من يسأل، و صرف صدقة المواشي على أهل التجمل، و هذه مرجحات قد تزاحمها مرجحات أهم و أرجح.

(مسألة 1168): يكره لرب المال طلب تملك ما أخرجه في الصدقة الواجبة و المندوبة. نعم إذا أراد الفقير بيعه بعد تقويمه فالمالك أحق به و لا كراهة، كما لا كراهة في إبقائه على ملكه إذا ملكه بسبب قهري، من ميراث وغيره.

المقصد الرابع: زكاة الفطرة

اشارة

ويشترط في وجوبها التكليف، و الحرية في غير المكاتب، و أما فيه فالأحوط عدم الاشتراط، ويشترط فيه الغني فلا تجب على الصبي والمملوك والمجنون والفقير الذي لايملك قوت سنة فعلاً أو قوة، كما تقدم في زكاة الاموال،

ص: 312

وفي اشتراط الوجوب بعدم الاغماء إشكال والاحوط عدم الاشتراط، و المشهور أنه يعتبر اجتماع الشرائط آناً ما قبل الغروب ليلة العيد إلى أن يتحقق الغروب، فإذا فقد بعضها قبل الغروب بلحظة، أو مقارناً للغروب لم تجب، و كذا إذا كانت مفقودة فاجتمعت بعد الغروب، لكن الأحوط وجوباً إخراجها فيما إذا تحققت الشرائط مقارنة للغروب، بل بعده أيضا ما دام وقتها باقياً.

(مسألة 1169): يستحب للفقير إخراجها أيضاً، و إذا لم يكن عنده إلا صاع تصدق به على بعض عياله، ثم هو على آخر يديرونها بينهم، و الأحوط عند إنتهاء الدور التصدق على الأجنبي، كما أن الأحوط إذا كان فيهم صغير أو مجنون أن يأخذه الولي لنفسه و يؤدي عنه.

(مسألة 1170): إذا أسلم الكافر بعد الهلال سقطت الزكاة عنه و لا تسقط عن المخالف إذا استبصر، و تجب فيها النية على النهج المعتبر في العبادة

(مسألة 1171): يجب على من جمع الشرائط أن يخرجها عن نفسه و عن كل من يعول به، واجب النفقة كان أم غيره، قريباً أم بعيداً مسلماً أم كافراً، صغيراً أم كبيراً، بل الظاهر الاكتفاء بكونه منظماً الى عياله ولو في وقت يسير، كالضيف إذا نزل عليه قبل الهلال ولو كان بدون رضا صاحب الدار وبقي عنده ليلة العيد و إن لم يأكل عنده، و كذلك فيما إذا نزل بعده على الأحوط، و أما إذا دعا شخصاً إلى الإفطار ليلة العيد لم يكن من العيال، و لم تجب فطرته على من دعاه واما اذا دعاه قبل الغروب فلاحوط وجوباً دفع الزكاة على من دعاه.

(مسألة 1172): إذا بذل لغيره مالا يكفيه في نفقته لم يكف ذلك في صدق كونه عياله، فيعتبر في العيال نوع من التابعية.

(مسألة 1173): من وجبت فطرته على غيره سقطت عنه، و إن كان الأحوط - استحباباً - عدم السقوط إذا لم يخرجها من وجبت عليه غفلةً أو نسياناً

ص: 313

ونحو ذلك مما يسقط معه التكليف واقعاً، وإذا كان المعيل فقيراً وجبت على العيال إذا اجتمعت شرائط الوجوب.

(مسألة 1174): إذا ولد له ولد بعد الغروب، لم تجب عليه فطرته، و أما إذا ولد له قبل الغروب، أو ملك مملوكاً أو تزوج امرأة، فإن كانوا عيالاً وجبت عليه فطرتهم، و إلا فعلى من عال بهم، و إذا لم يعل بهم أحد وجبت فطرة الزوجة على نفسها إذا جمعت الشرائط و لم تجب على المولود و المملوك.

(مسألة 1175): إذا كان شخص عيالاً لاثنين وجبت فطرته عليهما على نحو التوزيع، و مع فقر أحدهما تسقط عنه، و الأظهر عدم سقوط حصة الآخر، و مع فقرهما تسقط عنهما، فتجب على العيال إن جمع الشرائط.

(مسألة 1176): الضابط في جنس الفطرة أن يكون قوتاً في الجملة كالحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، والارز، والذرة، والأقط، واللبن ونحوها. والاحوط الاقتصار على الاربعة الاولى اذا كانت من القوت الغالب، والاحوط اخراج التمر ثم الزبيب، والاحوط ان يكون صحيحاً، و يجزي دفع القيمة من النقدين و ما بحكمهما من الأثمان، و المدار قيمة وقت الأداء لا الوجوب، و بلد الإخراج لا بلد المكلف.

(مسألة 1177): المقدار الواجب صاع و هو ستمائة واربعة عشر مثقالاً صيرفياً وربع مثقال، وبحسب حقة النجف يكون نصف حقة ونصف أوقية وواحد وثلاثين مثقالاً الا مقدار حمصتين، وان دفع ثلثي حقة زاد مقدار مثاقيل، وبحسب حقة الاسلامبولحقتان وثلاثة ارباع الأوقية ومثقالان الا ربع مثقال - وبحسب المن الشاهي وهو ألف ومئتان وثمانون مثقالاً نصف مَن الا خمسة وعشرين مثقالاً وثلاثة أرباع المثقال. ومقدار الصاع بحسب الكيلو: ثلاثة كيلوات تقريباً. ولايجزي ما دون الصاع من الجيد وان كانت قيمته تساوي قيمة صاع من غير الجيد، كما لايجزي الصاع الملفق من جنسين، ولا يشترط اتحاد ما يخرجه عن

ص: 314

نفسه، مع ما يخرج عن عياله، و لا اتحاد ما يخرجه عن بعضهم مع ما يخرجه عن البعض الآخر.

فصل

وقت اخراجها طلوع الفجر من يوم العيد، والاحوط اخراجها أو عزلها قبل صلاة العيد، وان لم يصلها أمتد الوقت الى الزوال، و إذا عزلها جاز له التأخير في الدفع إذا كان التأخير لغرض عقلائي، كما مر في زكاة الأموال، فإن لم يدفع و لم يعزل حتى زالت الشمس فالأحوط - استحباباً - الإتيان بها بقصد القربة المطلقة.

(مسألة 1178): الظاهر جواز تقديمها في شهر رمضان، و إن كان الأحوط استحباباً التقديم بعنوان القرض.

(مسألة 1179): يجوز عزلها في مال مخصوص من تلك الأجناس، أو من النقود بقيمتها. و في عدم جواز عزلها في ماله على نحو الاشاعة، وكذا عزلها في المال المشترك بينه و بين غيره على نحو الاشاعة، على الاحوط وجوباً.

(مسألة 1180): إذا عزلها تعينت، فلا يجوز تبديلها، و إن أخر دفعها ضمنها إذا تلفت مع إمكان الدفع إلى المستحق على ما مر في زكاة المال

(مسألة 1181): يجوز نقلها الى غير بلد التكليف، مع عدم المستحق، أما مع وجوده فالاحوط وجوباً تركه، واذا سافر عن بلد التكليف الى غيره جاز دفعها في البلد الآخر.

فصل

مصرفها مصرف الزكاة من الاصناف الثمانية على الشرائط المتقدمة.

ص: 315

(مسألة 1182): تحرم فطرة غير الهاشمي على الهاشمي، و تحل فطرة الهاشمي على الهاشمي و غيره، و العبرة على المعيل دون العيال، فلو كان العيال هاشميين دون المعيل لم تحل فطرته على الهاشمي، و إذا كان المعيل هاشمياً و العيال غير هاشميين حلت فطرته على الهاشمي.

(مسألة 1183): يجوز اعطاؤها الى المستضعف من اهل الخلاف عند عدم القدرة على المؤمن.

(مسألة 1184): يجوز للمالك دفعها إلى الفقراء بنفسه، و الأحوط والأفضل دفعها إلى الفقيه.

(مسألة 1185): الأحوط - استحباباً - أن لا يدفع للفقير أقل من صاع إلا إذا اجتمع جماعة لا تسعهم، و يجوز أن يعطى الواحد أصواعاً.

(مسألة 1186): يستحب تقديم الأرحام ثم الجيران، وينبغي الترجيح بالعلم، و الدين، و الفضل.

والله سبحانه أعلم، والحمد لله رب العالمين

ص: 316

كتاب الخمس

وفيه مبحثان:

المبحث الأول: فيما يجب فيه

وهي أمور:

الأول : الغنائم :

المنقولة المأخوذة بالقتال من الكفار الذين يحل قتالهم، يجب فيه الخمس، إذا كان القتال بإذن الامام (علیه السلام)، بل الحكم كذلك اذا لم يكن باذنه، سواء أكان القتال بنحو الغزو للدعاء الى الاسلام أم لغيره، أو كان دفاعاً لهم عن هجومهم على المسلمين.

(مسألة 1187): ما يؤخذ منهم بغير القتال من غيلة، أو سرقة أو ربا، أو دعوى باطلة، فليس فيه خمس الغنيمة، بل خمس الفائدة كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

(مسألة 1188): لا يعتبر في وجوب الخمس في الغنيمة بلوغها عشرين ديناراً على الأصح، نعم يعتبر أن لا تكون غصباً من مسلم، أو غيره ممن هو محترم المال، و إلا وجب ردها على مالكها، أما إذا كان في أيديهم مال للحربي بطريق الغصب، أو الأمانة، أو نحوهما جرى عليه حكم مالهم.

ص: 317

(مسألة 1189): يجوز أخذ مال الناصب الذي نصب العداء للنبي والائمة عليهم السلام لامطلقاً أينما وجد، والاحوط - وجوباً - وجوب الخمس فيه من باب الغنيمة، لا من باب الفائدة.

الثاني : المعدن :

كالذهب، و الفضة، و الرصاص، و النحاس، و العقيق، و الفيروزج، و الياقوت، و الكحل، و الملح، و القير، و النفط، و الكبريت، و نحوها. و الأحوط إلحاق مثل الجص و النورة و حجر الرحى و طين الغسل و نحوها مما يصدق عليه اسم الارض، وكان له خصوصية في الانتفاع به وإن كان الاظهر وجوب الخمس فيها من جهة الفائدة، ولا فرق في المعدن بين ان يكون في أرض مباحة، او مملوكة.

(مسألة 1190): يشترط في وجوب الخمس في المعدن النصاب و هو قيمة عشرين ديناراً (ثلاثة ارباع المثقال الصيرفي من الذهب المسكوك ) سواء أ كان المعدن ذهباً أم فضة أو غيرهما، والأحوط - أن لم يكن أقوى - كفاية بلوغ المقدار المذكور، ولو قبل استثناء مؤنة الاخراج والتصفية فاذا بلغ ذلك أخرج الخمس من الباقي بعد استثناء المؤنة.

(مسألة 1191): يعتبر في بلوغ النصاب وحدة الاخراج عرفاً، فإذا اخرجه دفعات لم يكف بلوغ المجموع النصاب، نعم ان اعرض في الاثناء ثم رجع، على نحو لم يتعدد الاخراج عرفاً كفى بلوغ المجموع النصاب.

(مسألة 1192): إذا اشترك جماعة لايكفي بلوغ مجموع الحصص النصاب، وان كان الاخراج أحوط.

(مسألة 1193): المعدن في الارض المملوكة، اذا كان من توابعها ملك لمالكها وان أخرجه غيره بدون إذنه فهو لمالك الارض، وعليه الخمس، واذا كان في الارض المفتوحة عنوة التي هي ملك المسلمين ملكه المخرج، اذا اخرجه بإذن

ص: 318

ولي المسلمين، على الأحوط وجوباً، وفيه الخمس وما كان في الارض الموات حال الفتح يملكه المخرج وفيه الخمس.

(مسألة 1194): إذا شك في بلوغ النصاب فالأحوط استحباباً والاختبار مع الإمكان، و مع عدمه لا يجب عليه شئ، و كذا إذا اختبره فلم يتبين له شئ.

الثالث : الكنز :

وهو المال المذخور في موضع، أرضاً كان، أم جداراً، أم غيرهما فانه لواجده ،وعليه الخمس، هذا فيما اذا كان المال المذخور ذهباً أو فضة مسكوكين، وأما في غيرهما ففي وجوب الخمس من جهة الكنز إشكال. والوجوب احوط، ويعتبر في جواز تملك الكنز، إنه لا يعلم انه لمسلم سواء وجده في دار الحرب ام في دار الاسلام، مواتاً كانت حال أرض الفتح أم عامرة، ام في خربة باد أهلها، سواء كان عليه أثر الاسلام ام لم يكن.ويشترط في وجوب الخمس فيه بلوغ النصاب، وهو اقل نصابي الذهب والفضة مالية في وجوب الزكاة، و لا فرق بين الإخراج دفعة و دفعات. و يجري هنا أيضاً استثناء المؤنة، و حكم بلوغ النصاب قبل استثنائها وحكم اشتراك جماعة فيه إذا بلغ المجموع النصاب كما تقدم في المعدن، و إن علم أنه لمسلم، فان كان موجوداً وعرفه دفعه اليه، وان جهله وجب عليه التعريف على الاحوط، فان لم يعرف المالك أو كان المال ما لايمكن تعريفه تصدق به عنه على الاحوط وجوباً. واذا كان المسلم قديماً فالاظهر ان الواجد يملكه، وفيه الخمس، والاحوط - استحباباً - إجراء حكم ميراث من لاوارث له عليه.

(مسألة 1195): إذا وجد الكنز في الأرض المملوكة له فإن ملكها بالإحياء كان الكنز له، وعليه الخمس، الا ان يعلم انه لمسلم موجود أو قديم، فتجري عليه الاحكام المتقدمة،، و إن ملكها بالشراء و نحوه فالاحوط ان يعرفه المالك السابق واحداً أو متعددأً. فإن عرفه دفعه إليه و إلا عرفه السابق، مع العلم

ص: 319

بوجوده في ملكه ،وهكذا فان لم يعرفه الجميع فهو لواجده، اذا لم يعلم أيضاً انه لمسلم موجود أو قديم، والا جرت عليه الاحكام المتقدمة، وكذا اذا وجده في ملك غيره، اذا كان تحت يده باجارة ونحوها، فانه يعرفه المالك فان عرفه دفعه اليه، والا فالاحوط - وجوباً - ان يعرفه السابق، مع العلم بوجوده في ملكه، وهكذا فان لم يعرفه الجميع فهو لواجده الا ان يعلم انه لمسلم موجود او قديم فيجري عليه ما تقدم.

(مسألة 1196): إذا اشترى دابة فوجد في جوفها مالاً عرفه البائع فان لم يعرفه كان له، وكذا الحكم في الحيوان غير الدابة، مما كان تحت يد البائع، واما اذا اشترى سمكة ووجد في جوفها مالاً، فهو له من دون تعريف، ولا يجب في جميع ذلك الخمس بعنوان الكنز، بل يجري عليه حكم الفائدة والربح.

الرابع : ما أخرج من البحر بالغوص :

من الجوهر وغيره، لا مثل السمك و غيره من الحيوان.

(مسألة 1197): الاحوط وجوباً الخمس فيه وان لم تبلغ قيمته ديناراً.

(مسألة 1198): إذا أخرج بآلة من دون غوص فالأحوط وجوباً جريان حكم الغوص عليه.

(مسألة 1199): الظاهر أن الأنهار العظيمة حكمها حكم البحر بالنسبة إلى ما يخرج منها بالغوص.

(مسألة 1200): لا إشكال في وجوب الخمس في العنبر إن أخرج بالغوص، و الأحوط وجوبه فيه إن أخذ من وجه الماء أو الساحل.

ص: 320

الخامس: الأرض التي اشتراها الذمي من المسلم :

فانه يجب فيها الخمس على الاقوى، ولا فرق بين الارض الخالية وأرض الزرع وارض الدار، وغيرها. ولا يختص الحكم بصورة وقوع البيع على الارض، بل اذا وقع على مثل الدار او الحمام، أو الدكان وجب الخمس في الارض، كما انه لايختص الحكم بالشراء بل يجري في سائر المعاوضات او الانتقال المجاني.

(مسألة 1201): اذا اشترى الارض ثم اسلم لم يسقط الخمس، وكذا اذا باعها من مسلم، فاذا اشتراها منه - ثانياً - وجب خمس آخر، فان كان الخمس الاول دفعه من العين كان الخمس الثاني خمس الاربعة أخماس الباقية، وان كان دفعه من غير العين كان الخمس الثاني خمس تمام العين، نعم اذا كان المشتري من الشيعة جاز له التصرف فيها، من دون اخراج الخمس.

(مسألة 1202): يتعلق الخمس برقبة الارض المشتراة، ويتخير الذمي بين دفع خمس العين ودفع قيمتها، فلو دفع احدهما وجب القبول، واذا كانت الارض مشغولة بشجرة او بناء، فان اشتراها على ان تبقى مشغولة بما فيها باجرة أو مجاناً قوم خمسها كذلك، وان اشتراها على ان يقلع ما فيها قوم أيضاً كذلك.

(مسألة 1203): اذا اشترى الذمي الارض، وشرط على المسلم البائع ان يكون الخمس عليه، أو أن لا يكون فيها الخمس بطل الشرط. وان اشترط ان يدفع الخمس عنه صح الشرط، ولكن لايسقط الخمس الا بالدفع.

السادس : المال المخلوط بالحرام :

إذا لم يتميز و لم يعرف مقداره، ولا صاحبه فانه يحل باخراج خمسه، والاحوط صرفه بقصد الاعم من المظالم والخمس فان علم المقدار ولم يعلم المالك تصدق به عنه سواء أكان الحرام بمقدار الخمس، ام كان أقل منه، أم كان

ص: 321

اكثرمنه والاحوط - وجوباً - ان يكون باذن الحاكم الشرعي. وان علم المالك وجهل المقدار فيمكن التعيين بالقرعة والمصالحة.

(مسألة 1204): إذا علم قدر المال الحرام و لم يعلم صاحبه بعينه، بل علمه في عدد محصور فالاحوط التخلص من الجميع باسترضائهم، فان لم يمكن ففي المسألة وجوه، أقربها العمل بالقرعة في تعيين المالك، وكذا الحكم اذا لم يعلم قدر المال، وعلم صاحبه في عدد محصور.

(مسألة 1205): إذا كان في ذمته مال حرام فلا محل للخمس، فإن علم جنسه و مقداره فإن عرف صاحبه رده إليه، و إن لم يعرفه، فإن كان في عدد محصور، فالأحوط - وجوباً - استرضاء الجميع، و إن لم يمكن عمل بالقرعة، و إن كان في عدد غير محصور تصدق به عنه، و الأحوط - وجوباً - أن يكون بإذن الحاكم الشرعي، و إن علم جنسه وجهل مقداره جاز له في إبراء ذمته الاقتصار على الأقل. فإن عرف المالك ردهإليه و إلا فإن كان في عدد محصور، فالأحوط - وجوباً - استرضاء الجميع، فإن لم يمكن رجع إلى القرعة، و إلا تصدق به عن المالك، و الأحوط - وجوباً - أن يكون بإذن الحاكم، و إن لم يعرف جنسه و كان قيمياً و كانت قيمته في الذمة فالحكم كما لو عرف جنسه، وان لم يعرف جنسه وكان مثلياً، فان أمكن المصالحة مع المالك تعين ذلك، والا فلا يبعد بالقرعة بين الاجناس.

(مسألة 1206): إذا تبين المالك بعد دفع الخمس فالظاهر عدم الضمان له.

(مسألة 1207): إذا علم بعد دفع الخمس أن الحرام أكثر من الخمس وجب عليه دفع الزائد أيضاً، و إذا علم أنه أنقص لم يجز له استرداد الزائد على مقدار الحرام.

ص: 322

(مسألة 1208): إذا كان الحرام المختلط من الخمس، أو الزكاة أو الوقف العام، أو الخاص لا يحل المال المختلط به بإخراج الخمس، بل يجري عليه حكم معلوم المالك، فيراجع ولي الخمس أو الزكاة، أو الوقف على أحد الوجوه السابقة.

(مسألة 1209): إذا تصرف في المال المختلط بالحرام قبل إخراج خمسه، بالإتلاف لم يسقط الخمس، بل يكون في ذمته، وحينئذ ان عرف قدره دفعه الى مستحقه، وان تردد بين الاقل والاكثر جاز له الاقتصار على الاقل والاحوط دفع الاكثر.

السابع : ما يفضل عن مؤونة سنته.

له و لعياله من فوائد الصناعات و الزراعات، و التجارات، و الإجارات و حيازة المباحات، بل الأحوط الأقوى تعلقه بكل فائدة مملوكة له كالهبة و الهدية، و الجائزة، و المال الموصى به، و نماء الوقف الخاص أو العام والميراث الذي لايحتسب، والظاهر عدم وجوبه في المهر، وفي عوض الخلع.

(مسألة 1210): الأحوط - إن لم يكن أقوى - إخراج خمس ما زاد عن مؤونته مما ملكه بالخمس أو الزكاة أو الكفارات أو رد المظالم أو نحوها

(مسألة 1211): إذا كان عنده من الأعيان التي لم يتعلق بها الخمس أو تعلق بها، و قد أداه فنمت، و زادت زيادة منفصلة، كالولد، و الثمر، و اللبن، و الصوف، و نحوها مما كان منفصلاً، او بحكم المنفصل - عرفاً - فالظاهر وجوب الخمس في الزيادة، بل الظاهر وجوبه في الزيادة المتصلة أيضاً، كنمو الشجر وسمن الشاة اذا كانت الزيادة مالية عرفاً، وأما اذا ارتفعت قيمتها السوقية - بلا زيادة عينية - فإن كان الأصل قد اشتراه وأعده للتجارة وجب الخمس في الارتفاع المذكور، وان لم يكن قد اشتراه للتجارة لم يجب الخمس في الارتفاع، واذا باعه

ص: 323

بالسعر الزائد لم يجب الخمس في الزائد من الثمن، كما إذا ورث من أبيه بستاناً قيمته مائة دينار فزادت قيمته، وباعه بمائتي دينار لم يجب الخمس في المائة الزائدة. و إن كان قد اشتراه بمائة دينار، و لم يعده للتجارة فزادت قيمته، و بلغت مائتي دينار لم يجب الخمس في زيادة القيمة، نعم إذا باعه بالمائتين وجب الخمس في المائة الزائدة، و تكون من أرباح سنة البيع.فأقسام ما زادت قيمته ثلاثة :

الأول : ما يجب فيه الخمس في الزيادة، و إن لم يبعه، و هو ما اشتراه للتجارة.

الثاني : ما لا يجب فيه الخمس في الزيادة، و إن باعه بالزيادة و هو ما ملكه بالإرث و نحوه، مما لم يتعلق به الخمس بماله من المالية للتجارة.

و من قبيل ذلك ما ملكه بالهبة أو الحيازة فيما اذا لم يكن متعلقاً للخمس من الاول، أو كان متعلقاً للخمس وقد أداه من نفس المال و أما إذا أداه من مال آخر فلا يجب الخمس في زيادة القيمة بالنسبة إلى أربعة أخماس من ذلك المال، و يجري على الخمس الذي ملكه بأداء قيمته من مال آخر حكم المال الذي ملكه بالشراء.

الثالث : ما لا يجب فيه الخمس في الزيادة، إلا إذا باعه، و هو ما ملكه بالشراء او نحو ذلك، بقصد الاقتناء لا التجارة.

(مسألة 1212): الذين يملكون الغنم يجب عليهم - في آخر السنة - إخراج خمس الباقي بعد مؤونتهم من نماء الغنم من الصوف، و السمن، و اللبن، و السخال المتولدة منها، و إذا بيع شئ من ذلك في أثناء السنة و بقي شئ من ثمنه وجب إخراج خمسه أيضاً، و كذلك الحكم في سائر الحيوانات، فإنه يجب تخميس ما يتولد منها، إذا كان باقياً في آخر السنة بنفسه أو ثمنه.

ص: 324

(مسألة 1213): إذا عمر بستاناً وغرس فيه نخلاً و شجراً للانتفاع بثمره لم يجب إخراج خمسه، إذا صرف عليه مالاً لم يتعلق به الخمس كالموروث، أو مالاً قد أخرج خمسه كأرباح السنة السابقة، أو مالاً فيه الخمس - كأرباح السنة السابقة - و لم يخرج خمسه. نعم يجب عليه حينئذ إخراج خمس المال نفسه، و أما إذا صرف عليه من ربح السنة - قبل تمام السنة - وجب إخراج خمس نفس تعمير البستان بعد استثناء مؤنة السنة، ووجب أيضاً الخمس في نمائه المنفصل، أو ما بحكمه من الثمر، و السعف، و الأغصان اليابسة المعدة للقطع، بل في نمائه المتصل أيضاً على ما عرفت، و كذا يجب تخميس الشجر الذي يغرسه جديداً في السنة الثانية، و إن كان أصله من الشجر المخمس ثمنه مثل : الفسائل التي تنبت فيقلعها و يغرسها، و كذا إذا نبت جديداً لا بفعله، كالفسيل و غيره، إذا كان له مالية. و بالجملة كل ما يحدث جديداً من الأموال التي تدخل في ملكه يجب إخراج خمسه في آخر سنته، بعد استثناء مؤونة سنته، و لا يجب الخمس في ارتفاع القيمة في هذه الصورة. نعم إذا باعه بأكثر مما صرفه عليه من ثمن الفسيل، و أجرة الفلاح و غير ذلك وجب الخمس في الزائد، و يكون الزائد من أرباح سنة البيع ،و أما إذا كان تعميره بقصد التجارة بنفس البستان وجب الخمس في ارتفاع القيمة الحاصلة في آخر السنة و إن لم يبعه كما عرفت

(مسألة 1214): إذا اشترى عيناً للتكسب بها فزادت قيمتها في أثناء السنة، و لم يبعها غفلة، أو طلباً للزيادة، أو لغرض آخر، ثم رجعت قيمتها في رأس السنة على رأس مالها فليس عليه خمس تلك الزيادة، بل إذا بقيت الزيادة إلى آخر السنة، ولم يبعها من دونعذر وبعدها نقصت قيمتها لم يضمن النقص. نعم يجب عليه أداء الخمس من الباقي بالنسبة.

(مسألة 1215): المؤنة المستثناة من الأرباح، و التي لا يجب فيها الخمس أمران : مؤنة تحصيل الربح، و مؤنة سنته، و المراد من مؤنة التحصيل كل مال

ص: 325

يصرفه الإنسان في سبيل الحصول على الربح، كأجرة الحمال، و الدلال، و الكاتب، و الحارس، و الدكان، و ضرائب السلطان، و غير ذلك فإن جميع هذه الأمور تخرج من الربح، ثم يخمس الباقي، و من هذا القبيل ما ينقص من ماله في سبيل الحصول على الربح كالمصانع، و السيارات، و آلات الصناعة، و الخياطة، و الزراعة، و غير ذلك فإن ما يرد على هذه من النقص باستعمالها أثناء السنة يتدارك من الربح، مثلاً إذا اشترى سيارة بألفي دينار و آجرها سنة بأربعمائة دينار، و كانت قيمة السيارة نهاية السنة من جهة الاستعمال ألفا و ثمانمائة دينار لم يجب الخمس إلا في المائتين، و المائتان الباقيتان من المؤنة. و المراد من مؤنة السنة التي يجب الخمس في الزائد عليها كل ما يصرفه في سنته في معاش نفسه و عياله على النحو اللائق بحاله، أم في صدقاته و زياراته، و هداياه و جوائزه المناسبة له، أم في ضيافة أضيافه، أم وفاءاً بالحقوق اللازمة له بنذر أو كفارة، أو أداء دين أو أرش جناية أو غرامة ما أتلفه عمداً أو خطأ، أو فيما يحتاج إليه من دابة وجارية و كتب و أثاث، أو في تزويج أولاده و ختانهم و غير ذلك، فالمؤنة كل مصرف متعارف له سواء أ كان الصرف فيه على نحو الوجوب، أم الاستحباب، أم الإباحة، أم الكراهة. نعم لابد في المؤنة المستثناة من الصرف فعلاً فإذا قتّر على نفسه لم يحسب له، كما أنه إذا تبرع متبرع له بنفقته أو بعضها لا يستثنى له مقدار التبرع من أرباحه بل يحسب ذلك من الربح الذي لم يصرف في المؤنة، و أيضاً لابد أن يكون الصرف على النحو المتعارف فإن زاد عليه وجب خمس التفاوت، و إذا كان المصرف سفهاً و تبذيراً لا يستثنى المقدار المصروف، بل يجب فيه الخمس، والظاهر أن المصرف اذا كان راجحاً شرعاً لم يجب فيه الخمس وان كان غير متعارف من مثل المالك مثل عمارة المساجد، والانفاق على الضيوف ممن هو قليل الربح.

ص: 326

(مسألة 1216): رأس سنة المؤنة وقت ظهور الربح، وإن لكل ربح سنة تخصه، ومن الجائز ان يجعل الانسان لنفسه رأس سنة فيحسب مجموع وارداته في آخر السنة، وإن كانت من أنواع، كالتجارة و الإجارة و الزراعة ،وغيرها و يخمس ما زاد على مؤنته، كما يجوز له أن يجعل لكل نوع بخصوصه رأس سنة، فيخمس ما زاد عن مؤنته في آخر تلك السنة.

(مسألة 1217): ان من كان بحاجة الى راس مال، لاعاشة نفسه وعياله فحصل على مال لايزيد على مؤنة سنته، بحيث لو صرفه فيها لم يزد عليها، فالظاهر انه من المؤونة، فيجوز اتخاذ رأس مال، والاتجار به لاعاشة نفسه وعائلته من ارباحها، فإن زاد الربح على المؤنة خمس الزائد وان لم يزد عليها لم يجب عليه شيء، وان كان قد حصل على مايزيد على مؤنة سنته جاز له أن يتخذ مقدار مؤنته من ذلك المال رأس مال له،يتجر به لاعاشة نفسه وعائلته، ولايجب الخمس في ذلك المقدار حينئذ، وانما يجب في الباقي، وفيما يزيد على مؤنته من ارباح ذلك المال.

وأما من لم يكن بحاجة الى اتخاذ رأس مال للتجارة، لاعاشة نفسه وعياله كمن كان عنده رأس مال بمقدار الكفاية، أو لم يكن محتاجاً في اعاشته وعائلته الى التجارة لم يجزله ان يتخذ من ارباحه رأس مالٍ للتجارة من دون تخميس، بل يجب عليه إخراج خمسه أولاً ثم اتخاذه رأس مال له، وفي حكم رأس المال ما يحتاجه الصانع من الآت الصناعة، والزارع من آلات الزراعة. فقد يجب إخراج خمس ثمنها وقد لايجب، فان وجب إخراج خمس ثمنها ونقصت آخر السنة تلاحظ القيمة آخر السنة.

(مسألة 1218): كل ما يصرفه الإنسان في سبيل حصول الربح يستثنى من الأرباح كما مر، و لا يفرق في ذلك بين حصول الربح في سنة الصرف و حصوله فيما بعد، فكما لو صرف مالاً في سبيل إخراج معدن استثنى ذلك من

ص: 327

المخرج. و لو كان الإخراج بعد مضي سنة أو أكثر فكذلك لو صرف مالاً في سبيل حصول الربح، و من ذلك النقص الوارد على المصانع، و السيارات، و آلات الصنائع و غير ذلك مما يستعمل في سبيل تحصيل الربح.

(مسألة 1219): لا فرق في مؤنة السنة بين ما يصرف عينه، مثل المأكول و المشروب، و ما ينتفع به - مع بقاء عينه - مثل الدار و الفرش و الأواني و نحوها من الآلات المحتاج إليها، فيجوز استثناؤها إذا اشتراها من الربح، و إن بقيت للسنين الآتية. نعم إذا كان عنده شئ منها قبل الاكتساب، لا يجوز استثناء قيمته، بل حاله حال من لم يكن محتاجاً إليها.

(مسألة 1220): يجوز إخراج المؤنة من الربح، و إن كان له مال غير مال التجارة فلا يجب إخراجها من ذلك المال، و لا التوزيع عليهما.

(مسألة 1221): إذا زاد ما اشتراه للمؤنة من الحنطة، والشعير، والسمن، والسكر، وغيرها وجب عليه إخراج خمسه، أما المؤن التي يحتاج إليها - مع بقاء عينها - إذا استغنى عنها فالظاهر عدم وجوب الخمس فيها، سواء أكان الاستغناء عنها بعد السنة، كما في حلي النساء التي يستغنى عنه في عصر الشيب، أم كان الاستغناء عنها في أثناء السنة، فإن كانت مما يتعارف إعدادها للسنين الآتية، كالثياب الصيفية و الشتائية عند انتهاء الصيف أو الشتاء في أثناء السنة، وما لم تكن كذلك.

(مسألة 1222): إذا كانت الأعيان المصروفة في مؤنة السنة قد اشتراها من ماله المخمس فزادت قيمتها - حين الاستهلاك في أثناء السنة - لم يجز له استثناء قيمة زمان الاستهلاك، بل يستثنى قيمة الشراء.

ص: 328

(مسألة 1223): ما يدخره من المؤن، كالحنطة و الدهن و نحو ذلك إذا بقي منه شئ إلى السنة الثانية - و كان أصله مخمساً - لا يجب فيه الخمس لو زادت قيمته، كما أنه لو نقصت قيمته لا يجبر النقص من الربح.

(مسألة 1224): إذا اشترى بعين الربح شيئاً، فتبين الاستغناء عنه وجب إخراج خمسه، و الأحوط - استحباباً - مع نزول قيمته عن رأس المال مراعاة رأس المال، و كذا إذا اشتراه عالماً بعدم الاحتياج إليه كبعض الفرش الزائدة، و الجواهر المدخرة لوقت الحاجة في السنين اللاحقة، و البساتين و الدور التي يقصد الاستفادة بنمائها، فإنه لا يراعي في الخمس رأس مالها، بل قيمتها و إن كانت أقل منه، و كذا إذا اشترى الأعيان المذكورة بالذمة، ثم وفى من الربح لم يلزمه إلا خمس قيمة العين آخر السنة، و إن كان الأحوط - استحباباً - في الجميع ملاحظة الثمن.

(مسألة 1225): من جملة المؤن مصارف الحج واجباً كان أو مستحباً و إذا استطاع في أثناء السنة من الربح و لم يحج - و لو عصياناً - وجب خمس ذلك المقدار من الربح و لم يستثن له، وإذا حصلت الاستطاعة من أرباح سنين متعددة وجب خمس الربح الحاصل في السنين الماضية، فإن بقيت الاستطاعة بعد إخراج الخمس وجب الحج و إلا فلا، أما الربح المتمم للاستطاعة في سنة الحج فلا خمس فيه. نعم إذا لم يحج - و لو عصيانا - وجب إخراج خمسه.

(مسألة 1226): إذا حصل لديه أرباح تدريجية فاشترى في السنة الأولى عرصة لبناء دار، و في الثانية خشباً و حديداً، و في الثالثة آجراً مثلاً، و هكذا لا يكون ما اشتراه من المؤن المستثناة لتلك السنة، لأنه مؤنة للسنين الآتية التي يحصل فيها السكنى، فعليه خمس تلك الأعيان.

(مسألة 1227): إذا آجر نفسه سنين، كانت الأجرة الواقعة بإزاء عمله في سنة الإجارة من أرباحها، و ما يقع بإزاء العمل في السنين الآتية من أرباح تلك

ص: 329

السنين، و أما إذا باع ثمرة بستانه سنين كان الثمن بتمامه من أرباح سنة البيع، و وجب فيه الخمس بعد المؤنة، و بعد استثناء ما يجبر به النقص الوارد على البستان، من جهة كونه مسلوب المنفعة في المدة الباقية بعد انتهاء السنة، مثلاً : إذا كان له بستان قيمته ألف دينار، فباع ثمرته عشر سنين بأربعمائة دينار، و صرف منها في مؤنته مائة دينار فكان الباقي له عند انتهاء السنة ثلاثمائة دينار لم يجب الخمس في تمامه، بل لابد من استثناء مقدار يجبر به النقص الوارد على البستان، من جهة كونه مسلوب المنفعة تسع سنين، فإذا فرضنا أن قيمته صارت لاتزيد عن ثمانمائة دينار لم يجب الخمس إلا في مائة دينار فقط، و بذلك يظهر الحال فيما إذا آجر داره - مثلاً - سنين متعددة.

(مسألة 1228): إذا دفع من السهمين أو أحدهما، ثم بعد تمام الحول حسب موجوداته ليخرج خمسها، فإن كان ما دفعه من أرباح هذه السنة حسب المدفوع من الارباح ووجب إخراج خمس الجميع.

(مسألة 1229): أداء الدين من المؤنة سواء أ كانت الاستدانة في سنة الربح أم فيما قبلها، والاحوط وجوب اخراج الخمس قبل الاداء خصوصاً اذا كان متمكناً من الاداء ولم يؤد.

(مسألة 1230): إذا اشترى ما ليس من المؤنة بالذمة، أو استدان شيئاً لإضافته إلى رأس ماله و نحو ذلك، مما يكون بدل دينه موجوداً، و لم يكن من المؤنة لم يجز له أداء دينه من أرباح سنته، بل يجب عليه التخميس وأداء الدين من المال المخمس أو من مال آخر لم يتعلق به الخمس.

(مسألة 1231): إذا اتجر برأس ماله - مراراً متعددة في السنة - فخسر في بعض تلك المعاملات في وقت، و ربح في آخر، فان كان الخسران بعد الربح أو مقارناً له يجبر الخسران بالربح، فان تساوى الخسران والربح فلا خمس، و إن زاد الربح وجب الخمس في الزيادة، و إن زاد الخسران على الربح فلا خمس عليه و

ص: 330

صار رأس ماله في السنة اللاحقة أقل مما كان في السنة السابقة. اما اذا كان الربح بعد الخسران فالاحوط أن لم يكن أقوى عدم الجبر ويجري الحكم المذكور فيما إذا وزع رأس ماله على تجارات متعددة، كما اذا اشترى ببعضه حنطة، وببعضه سمناً فخسر في احدهما وربح في الاخر، وكذا الحكم فيما اذا تلف بعض رأس المال، او صرفه في نفقاته، بل اذا انفق من ماله غير مال التجارة في مؤنته بعد حصول الربح جاز له ان يجبر ذلك من ربحه، وليس عليه خمس ما يساوي المؤن التي صرفها، وانما عليه خمس الزائد لاغير، وكذلك حال أهل المواشي، فانه اذا باع بعضها لمؤنته، أو مات بعضها أو سرق فانه يجبر جميع ذلك بالنتاج الحاصل له قبل ذلك، ففي آخر السنة يجبر النقص الوارد على الأمهات بقيمة السخال المتولدة، فإنه يضم السخال إلى أرباحه في تلك السنة، من الصوف و السمن و اللبن و غير ذلك، فيجبر النقص، و يخمس ما زاد على الجبر، فإذا لم يحصل الجبر إلا بقيمة جميع السخال - مع أرباحه الأخرى - لم يكن عليه خمس في تلك السنة.

(مسألة 1232): اذا كان له نوعان من التكسب كالتجارة والزراعة فربح في احدهما وخسر في الآخر، ففي جبر الخسارة بالربح إشكال، و الأحوط عدم الجبر.

(مسألة 1233): إذا تلف بعض أمواله مما ليس من مال التكسب، و لا من مؤنته ففي الجبر - حينئذ - إشكال، و الأظهر عدم الجبر.

(مسألة 1234): إذا انهدمت دار سكناه، أو تلف بعض أمواله - مما هو من مؤنته - كأثاث بيته أو لباسه أو سيارته التي يحتاج إليها و نحو ذلك، ففي الجبر من الربح إشكال، و الأظهر عدم الجبر. نعم يجوز له تعمير داره و شراء مثل ما تلف من المؤن أثناء سنة الربح، و يكون ذلك من التصرف في المؤنة المستثناة من الخمس.

ص: 331

(مسألة 1235): لو اشترى ما فيه ربح ببيع الخيار فصار البيع لازماً، فاستقاله البائع فأقاله، لم يسقط الخمس إلا إذا كان من شأنه أن يقيله هذا اذا وقعت الاقالة في سنة الربح أما اذا وقعت في السنة اللأحقة ففيه اشكال

(مسألة 1236): إذا أتلف المالك أو غيره المال ضمن المتلف الخمس، و رجع عليه الحاكم، و كذا الحكم إذا دفعه المالك إلى غيره وفاءً لدين أو هبة، أو عوضاً لمعاملة، فإنه ضامن للخمس، و يرجع الحاكم عليه، و لا يجوز الرجوع على من انتقل إليه المالإذا كان مؤمناً، و إذا كان ربحه حَبّاً فبذره فصار زرعاً وجب خمس الحب لا خمس الزرع، و إذا كان بيضاً فصار دجاجاً وجب عليه خمس البيض لا خمس الدجاج، و إذا كان ربحه أغصاناً فغرسها فصارت شجراً وجب عليه خمس الشجر لا خمس الغصن، فالتحول إذا كان من قبيل التولد وجب خمس الاول واذا كان من قبيل النمو وجب خمس الثاني.

(مسألة 1237): إذا حسب ربحه فدفع خمسه ثم انكشف أن ما دفعه كان أكثر مما وجب عليه لم يجز له احتساب الزائد مما يجب عليه في السنة التالية. نعم يجوز له أن يرجع به على الفقير، مع بقاء عينه، وكذا مع تلفها إذا كان عالماً بالحال.

(مسألة 1238): إذا جاء رأس الحول، و كان ناتج بعض الزرع حاصلاً دون بعض فما حصلت نتيجته يكون من ربح سنته، و يخمس بعد إخراج المؤن، و ما لم تحصل نتيجته يكون من أرباح السنة اللاحقة. نعم إذا كان له أصل موجود له قيمة أخرج خمسه في آخر السنة. والفرع يكون من ارباح السنة اللاحقة، مثلاً في رأس السنة كان بعض الزرع له سنبل وبعضه قصيل لا سنبل له، وجب اخراج خمس الجميع، واذا ظهر السنبل في السنة الثانية كان من أرباحها، لا من أرباح السنة السابقة.

ص: 332

(مسألة 1239): إذا كان الغوص و إخراج المعدن مكسباً كفاه إخراج خمسهما، و لا يجب عليه إخراج خمس آخر من باب أرباح المكاسب.

(مسألة 1240): المرأة التي تكتسب يجب عليها الخمس إذا عال بها الزوج وكذا إذا لم يعل بها الزوج ،و زادت فوائدها على مؤونتها، بل و كذا الحكم إذا لم تكتسب، و كانت لها فوائد من زوجها أو غيره، فإنه يجب عليها في آخر السنة إخراج خمس الزائد كغيرها من الرجال ؛ و بالجملة يجب على كل مكلف أن يلاحظ ما زاد عنده في آخر السنة من أرباح مكاسبه و غيرها، قليلاً كان أم كثيراً، و يخرج خمسه، كاسباً كان أم غير كاسب.

(مسألة 1241): الظاهر عدم اشتراط البلوغ و العقل في ثبوت الخمس في جميع ما يتعلق به الخمس من أرباح المكاسب و الكنز، و الغوص، و المعدن، والارض التي يشتريها الذمي من المسلم، فلا يجب الخمس في مال الصبي والمجنون على الولي، ولا عليهما بعد البلوغ والافاقة. وان كان الاحوط استحباباً اخراج الخمس بعد البلوغ، غير الحلال المختلط بالحرام فانه فيجب على الولي إخراج الخمس، و إن لم يخرج فيجب عليهما الإخراج بعد البلوغ و الإفاقة.

(مسألة 1242): إذا اشترى من أرباح سنته ما لم يكن من المؤنة، فارتفعت قيمته كان اللازم إخراج خمسه عيناً أو قيمة فإن المال حينئذ بنفسه من الأرباح، و أما إذا اشترى شيئاً بعد انتهاء سنته و وجوب الخمس في ثمنه، فإن كانت المعاملة شخصية وجب تخميس ذلك المال أيضاً عيناً أو قيمة، و أما إذا كان الشراء في الذمة، كما هو الغالب، و كان الوفاء به من الربح غير المخمس فلا يجب عليه إلا دفع خمس الثمن الذي اشتراه به،و لا يجب الخمس في ارتفاع قيمته، ما لم يبعه، و إذا علم أنه ادى الثمن من ربح لم يخمسه، و لكنه شك في أنه كان أثناء السنة ليجب الخمس في ارتفاع القيمة ايضاً، او كان بعد انتهائها لئلا يجب الخمس الا بمقدار الثمن فقط، فالاحوط المصالحة مع الحاكم الشرعي.

ص: 333

(مسألة 1243): إذا كان الشخص لا يحاسب نفسه مدة من السنين و قد ربح فيها و استفاد أموالاً، و اشترى منها أعياناً و أثاثاً، و عمر دياراً ثم التفت إلى ما يجب عليه من إخراج الخمس من هذه الفوائد فالواجب عليه إخراج الخمس من كل ما اشتراه أو عمره أو غرسه، مما لم يكن معدوداً من المؤنة، مثل الدار التي لم يتخذها دار سكنى و الأثاث الذي لا يحتاج إليه أمثاله، و كذا الحيوان و غيرها على تفصيل مر في المسألة السابقة، أما ما يكون معدوداً من المؤنة مثل دار السكنى و الفراش و الأواني اللازمة له و نحوها، فإن كان قد اشتراه من ربح السنة التي قد اشتراه فيها لم يجب إخراج الخمس منه، و إن كان قد اشتراه من ربح السنة السابقة، بأن كان لم يربح في سنة الشراء أو كان ربحه لا يزيد على مصارفه اليومية وجب عليه إخراج خمسه، على التفصيل المتقدم، و إن كان ربحه يزيد على مصارفه اليومية، لكن الزيادة أقل من الثمن الذي اشتراه به وجب عليه إخراج خمس مقدار التفاوت، مثلاً إذا عمر داراً لسكناه بألف دينار و كان ربحه في سنة التعمير يزيد على مصارفه اليومية بمقدار مائتي دينار وجب إخراج خمس ثمانمائة دينار، و كذا إذا اشترى أثاثاً بمائة دينار، و كان قد ربح زائداً على مصارفه اليومية عشرة دنانير في تلك السنة والاثاث الذي اشتراه محتاج اليه، وجب تخميس تسعين ديناراً، و إذا لم يعلم أن الأعيان التي اشتراها، وكان محتاجاً اليها يساوي ثمنها ربحه في سنة الشراء أو أقل منه. أو أنه لم يربح في سنة الشراء زائداً على مصارفه اليومية فالأحوط المصالحة مع الحاكم الشرعي، و إذا علم أنه لم يربح في بعض السنين بمقدار مصارفه، و أنه كان يصرف من أرباح سنته السابقة وجب إخراج خمس مصارفه التي صرفها من أرباح السنة السابقة.

(مسألة 1244): قد عرفت أن رأس السنة أول ظهور الربح لكن إذا أراد المكلف تغيير رأس سنته أمكنه ذلك بدفع خمس ما ربحه أثناء السنة و استئناف

ص: 334

رأس سنة جديدةً للأرباح الاتية، و يجوز جعل السنة عربية ورومية وفارسية وغيرها.

(مسألة 1245): يجب على كل مكلف - في آخر السنة - أن يخرج خمس ما زاد من أرباحه عن مؤنته مما ادخره في بيته لذلك، من الأرز، و الدقيق، و الحنطة، و الشعير و السكر، و الشاي، و النفط، و الحطب، و الفحم، و السمن، و الحلوى، و غير ذلك من أمتعة البيت، مما أعد للمؤنة فيخرج خمس ما زاد من ذلك. نعم إذا كان عليه دين استدانه لمؤنة السنة و كان مساوياً للزائد لم يجب الخمس في الزائد، و كذا إذا كان أكثر، أما إذا كان الدين أقل أخرج خمس مقدار التفاوت لا غير، و إذا بقيت الأعيان المذكورة إلى السنة الآتية، فوفى الدين في أثنائها صارت معدودة من أرباح السنة الثانية، فلا يجب الخمس إلا على ما يزيد منها على مؤنة تلك السنة، و كذا الحكم إذا اشترى أعياناً لغير المؤنة - كبستان - و كان عليه دين للمؤنة يساويها لم يجب إخراج خمسها، فإذا وفى الدين في السنة الثانية كانت معدودة من أرباحها، و وجب إخراج خمسها آخر السنة، و إذا اشترى بستاناً- مثلاً - بثمن في الذمة مؤجلاً فجاء رأس السنة لم يجب إخراج خمس البستان، فإذا وفى تمام الثمن في السنة الثانية كانت البستان من أرباح السنة الثانية و وجب إخراج خمسها، و إذا وفى نصف الثمن في السنة الثانية كان نصف البستان من أرباح تلك السنة، و وجب إخراج خمس النصف، و إذا وفى ربع الثمن في السنة الثانية كان ربعها من أرباح تلك السنة، و هكذا كلما وفى جزءاً من الثمن كان ما يقابله من البستان من أرباح تلك السنة ولكن الأظهر في هذه الصور عدم وجوب الخمس في نفس الاعيان والبستان وانما يجب تخميس ما يؤديه وفاءاً لديه هذا إذا كان ذاك الشئ موجوداً، أما إذا تلف فلا خمس فيما يؤديه لوفاء الدين، و كذا إذا ربح في سنة مائة دينار - مثلاً - فلم يدفع خمسها العشرين ديناراً حتى جاءت السنة الثانية، فدفع من أرباحها عشرين

ص: 335

ديناراً وجب عليه خمس العشرين ديناراً التي هي الخمس، مع بقائها، لا مع تلفها، و إذا فرض أنه اشترى داراً للسكنى فسكنها، ثم وفى في السنة الثانية ثمنها لم يجب عليه خمس الدار، و كذا إذا وفى في السنة الثانية بعض أجزاء الثمن لم يجب الخمس في الحصة من الدار، و يجري هذا الحكم في كل ما اشترى من المؤن بالدين.

(مسألة 1246): إذا نذر أن يصرف نصف أرباحه السنوية - مثلاً - في وجه من وجوه البر، وجب عليه الوفاء بنذره، فإن صرف المنذور في الجهة المنذور لها قبل انتهاء السنة لم يجب عليه تخميس ما صرفه، و إن لم يصرفه حتى انتهت السنة وجب عليه إخراج خمسه كما يجب عليه إخراج خمس النصف الآخر من أرباحه، بعد إكمال مؤنته.

(مسألة 1247): إذا كان رأس ماله مائة دينار مثلاً فاستأجر دكاناً بعشرة دنانير، و اشترى آلات للدكان بعشرة، و في آخر السنة وجد ماله بلغ مائة كان عليه خمس الآلات فقط، و لا يجب إخراج خمس أجرة الدكان، لأنها من مؤنة التجارة، و كذا أجرة الحارس، و الحمال، و الضرائب التي يدفعها إلى السلطان، و السرقفلية التي يدفعها للحصول على الدكان، فإن هذه المؤن مستثناة من الربح. و الخمس إنما يجب فيما زاد عليها، كما عرفت. نعم إذا كانت السرقفلية التي دفعها إلى المالك أو غيره أوجبت له حقاً في أخذها من غيره وجب تقويم ذلك الحق في آخر السنة، و إخراج خمسه، فربما تزيد قيمته على مقدار ما دفعه من السرقفلية، و ربما تنقص، و ربما تساوي.

(مسألة 1248): إذا حل رأس الحول فلم يدفع خمس الربح ثم دفعه تدريجاً من ربح السنة الثانية لم يحسب ما يدفعه من المؤن بل يجب فيه الخمس، وكذا لو صالحه الحاكم على مبلغ في الذمة فان وفاءه من ارباح السنة الثانية لايكون من المؤن، بل يجب فيه الخمس اذا كان مال المصالحة عوضاً عن خمس

ص: 336

عين موجودة، واذا كان عوضاً عن خمس عين أو اعيان تالفة فوفاؤه يحسب من المؤن، ولا خمس فيه.

(مسألة 1249): إذا حل رأس السنة فوجد بعض أرباحه أو كلها ديناً في ذمة الناس، فإن أمكن استيفاؤه وجب دفع خمسه، و إن لم يمكن تخير بين أن ينتظر استيفاءه في السنة اللاحقة، فإذا استوفاه أخرج خمسه و كان من أرباح السنة السابقة، لا من أرباحسنة الاستيفاء، و بين أن يقدر مالية الديون فعلاً فيدفع خمسها، فإذا استوفاها في السنة الآتية كان الزائد على ما قدر من أرباح سنة الاستيفاء.

(مسألة 1250): يتعلق الخمس بالربح بمجرد حصوله و إن جاز تأخير الدفع إلى آخر السنة - احتياطاً - للمؤنة، فإذا أتلفه ضمن الخمس، و كذا إذا أسرف في صرفه، أو وهبه، أو اشترى أو باع على نحو المحاباة، إذا كانت الهبة، أو الشراء، أو البيع غير لائقة بشأنه، و إذا علم أنه ليس عليه مؤنة في باقي السنة، فالأحوط - استحباباً - أن يبادر إلى دفع الخمس، و لا يؤخره إلى نهاية السنة.

(مسألة 1251): إذا مات المكتسب - أثناء السنة بعد حصول الربح - فالمستثنى هو المؤنة إلى حين الموت، لإتمام السنة.

(مسألة 1252): إذا علم الوارث أن مورثه لم يؤد خمس ما تركه وجب عليه أداؤه على الاحوط، و إذا علم أنه أتلف مالاً له قد تعلق به الخمس وجب إخراج خمسه من تركته، كغيره من الديون.

(مسألة 1253): إذا اعتقد أنه ربح، فدفع الخمس فتبين عدمه، انكشف أنه لم يكن خمس في ماله، فيرجع به على المعطى له مع بقاء عينه، و كذا مع تلفها إذا كان عالماً بالحال، وأما إذا ربح في أول السنة، فدفع الخمس باعتقاد عدم

ص: 337

حصول مؤنة زائدة، فتبين عدم كفاية الربح لتجدد مؤونة لم تكن محتسبة، لم يجز له الرجوع إلى المعطى له، حتى مع بقاء عينه فضلاً عما إذا تلفت.

(مسألة 1254): الخمس بجميع أقسامه و إن كان يتعلق بالعين، إلا أن المالك يتخير بين دفع العين و دفع قيمتها، و لا يجوز له التصرف في العين بعد انتهاء السنة قبل أدائه بل الاحوط - وجوباً - عدم التصرف في بعضها أيضاً و إن كان مقدار الخمس باقياً في البقية، و إذا ضمنه في ذمته بإذن الحاكم الشرعي صح، و يسقط الحق من العين، فيجوز التصرف فيها.

(مسألة 1255): لا بأس بالشركة مع من لا يخمس، إما لاعتقاده - لتقصير أو قصور - بعدم وجوبه، أو لعصيانه و عدم مبالاته بأمر الدين، و لا يلحقه وزر من قبل شريكه. و يجزيه أن يخرج خمسه من حصته في الربح.

(مسألة 1256): يحرم الاتجار بالعين بعد انتهاء السنة قبل دفع الخمس، لكنه اذا اتجر بها عصياناً أو لغير ذلك فالظاهر صحة المعاملة اذا كانت في الذمة اما اذا كانت بنفس العين فالمعاملة بالنسبة الى مقدار الخمس غير صحيحة.

المبحث الثاني: مستحق الخمس و مصرفه

(مسألة 1257): يقسم الخمس في زماننا - زمان الغيبة - نصفين، نصف لإمام العصر الحجة المنتظر - عجل الله تعالى فرجه و جعل أرواحنا فداه - و نصف لبني هاشم : أيتامهم، و مساكينهم، و أبناء سبيلهم، و يشترط في هذه الأصناف جميعاً الإيمان، كمايعتبر الفقر في الأيتام، و يكفي في ابن السبيل الفقر في بلد التسليم، و لو كان غنياً في بلده إذا لم يتمكن من السفر بقرض و نحوه على ما عرفت في الزكاة. و الأحوط وجوباً اعتبار أن لا يكون سفره معصية و لا يعطى

ص: 338

أكثر من قدر ما يوصله إلى بلده، والأظهر عدم اعتبار العدالة في جميعهم وان كان الاحوط عدم الاعطاء للمتجاهر بالفسق.

(مسألة 1258): الأحوط - إن لم يكن أقوى - أن لا يعطى الفقير أكثر من مؤنة سنته، و يجوز البسط و الاقتصار على إعطاء صنف واحد، بل يجوز الاقتصار على إعطاء واحد من صنف.

(مسألة 1259): المراد من بني هاشم من انتسب إليه بالأب، أما إذا كان بالأم فلا يحل له الخمس و تحل له الزكاة، و لا فرق في الهاشمي بين العلوي و العقيلي و العباسي و إن كان الأولى تقديم العلوي بل الفاطمي.

(مسألة 1260): لا يُصدَّق من ادعى النسب إلا بالبينة، و يكفي في الثبوت الشياع و الاشتهار في بلده، كما يكفي كل ما يوجب الوثوق و الاطمئنان به.

(مسألة 1261): لا يجوز إعطاء الخمس لمن تجب نفقته على المعطي على الأحوط. نعم إذا كانت عليه نفقة غير لازمة للمعطي جاز ذلك.

(مسألة 1262): يجوز استقلال المالك في توزيع النصف المذكور والاحوط استحباباً الدفع الى الحاكم الشرعي او الاستدانة في الدفع الى المستحق.

(مسألة 1263): النصف الراجع للإمام عليه و على آبائه أفضل الصلاة و السلام يرجع فيه في زمان الغيبة إلى نائبه و هو الفقيه المأمون العارف بمصارفه إما بالدفع إليه أو الاستئذان منه، و مصرفه ما يوثق برضاه عليه السلام بصرفه فيه، كدفع ضرورات المؤمنين من السادات زادهم الله تعالى شرفاً و غيرهم، و الأحوط استحباباً نية التصدق به عنه عليه السلام، و اللازم مراعاة الأهم فالأهم. و من أهم مصارفه في هذا الزمان الذي قل فيه المرشدون و المسترشدون إقامة دعائم الدين و رفع أعلامه، و ترويج الشرع المقدس، و نشر قواعده و

ص: 339

أحكامه و مؤنة أهل العلم الذين يصرفون أوقاتهم في تحصيل العلوم الدينية الباذلين أنفسهم في تعليم الجاهلين، و إرشاد الضالين، و نصح المؤمنين و وعظهم، و إصلاح ذات بينهم، و نحو ذلك مما يرجع إلى إصلاح دينهم و تكميل نفوسهم، و علو درجاتهم عند ربهم تعالى شأنه و تقدست أسماؤه، و الأحوط لزوماً مراجعة المرجع الأعلم المطلع على الجهات العامة.

(مسألة 1264): يجوز نقل الخمس من بلده إلى غيره مع عدم وجود المستحق، بل مع وجوده إذا لم يكن النقل تساهلاً و تسامحاً في أداء الخمس و يجوز دفعه في البلد إلى وكيل الفقير و إن كان هو في البلد الآخر كما يجوز دفعه إلى وكيل الحاكم الشرعي، و كذا إذا وكل الحاكم الشرعي المالك فيقبضه بالوكالة عنه ثم ينقله إليه.

(مسألة 1265): إذا كان المال الذي فيه الخمس في غير بلد المالك فاللازم عدم التساهل و التسامح في اداء الخمس والاحوط تحري اقرب الأزمنة في الدفع سواء أكان بلد المالك أم المال أم غيرهما.

(مسألة 1266): في صحة عزل الخمس بحيث يتعين في مال مخصوص إشكال، و عليه فإذا نقله إلى بلد لعدم وجود المستحق فتلف بلا تفريط يشكل فراغ ذمة المالك، نعم إذا قبضه وكالة عن المستحق أو عن الحاكم فرغت ذمته، و لو نقله بإذن موكله فتلف من غير تفريط لم يضمن.

(مسألة 1267): إذا كان له دين في ذمة المستحق ففي جواز احتسابه عليه من الخمس إشكال، فالأحوط وجوباً الاستئذان من الحاكم الشرعي في احتساب المذكور.

ص: 340

كتاب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر

اشارة

من أعظم الواجبات الدينية الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، قال الله تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و أولئك هم المفلحون ).

وقال النبي صلى الله عليه و آله: (كيف بكم إذا فسدت نساؤكم، و فسق شبابكم، و لم تأمروا بالمعروف و لم تنهوا عن المنكر فقيل له : و يكون ذلك يا رسول الله ؟ قال صلى الله عليه و آله : نعم فقال : كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر، و نهيتم عن المعروف فقيل له : يا رسول الله و يكون ذلك ؟ فقال : نعم و شر من ذلك كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكراً و المنكر معروفاً ؟).

و قد ورد عنهم - عليهم السلام: - أن بالأمر بالمعروف تقام الفرائض و تأمن المذاهب، و تحل المكاسب، و تمنع المظالم، و تعمر الأرض و ينتصف للمظلوم من الظالم، و لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف، و نهوا عن المنكر، و تعاونوا على البر، فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات و سلط بعضهم على بعض، و لم يكن لهم ناصر في الأرض و لا في السماء.

(مسألة 1268): يجب الأمر بالمعروف الواجب، والنهي عن المنكر وجوباً كفائياً، إن قام به واحد سقط عن غيره، واذا لم يقم به واحد أثم الجميع واستحقوا العقاب.

(مسألة 1269): إذا كان المعروف مستحباً كان الأمر به مستحباً، فإذا أمر به كان مستحقاً للثواب، و إن لم يأمر به لم يكن عليه إثم و لا عقاب

ص: 341

يشترط في وجوب الأمر بالمعروف الواجب، و النهي عن المنكر أمور :

الأول : معرفة المعروف و المنكر و لو إجمالاً، فلا يجبان على الجاهل بالمعروف و المنكر.

الثاني : احتمال ائتمار المأمور بالمعروف بالأمر، و انتهاء المنهي عن المنكر بالنهي، فإذا لم يحتمل ذلك، و علم أن الشخص الفاعل لا يبالي بالأمر أو النهي، و لا يكترث بهما لا يجب عليه شيء.

الثالث : أن يكون الفاعل مصراً على ترك المعروف، و ارتكاب المنكر فإذا كانت أمارة على الاقلاع وترك الاصرار لم يجب شيء، بل لا يبعد عدم الوجوب بمجرد احتمال ذلك، فمن ترك واجباً أو فعل حراماً ولم يعلم انه مصر على ترك الواجب أو فعل الحرام ثانياً، أو انه منصرف عن ذلك او نادم عليه لم يجب عليه شيء، هذا بالنسبة الى من ترك المعروف او ارتكب المنكر خارجاً، واما من يريد ترك المعروف، او ارتكاب المنكر فيجب امره بالمعروف ونهيه عن المنكر، وان لم يكن قاصداً الا المخالفة مرة واحدة.

الرابع : أن يكون المعروف و المنكر منجزاً في حق الفاعل، فإن كان معذوراً في فعله المنكر، أو تركه المعروف، لاعتقاد أن ما فعله مباح و ليس بحرام، أو أن ما تركه ليس بواجب، و كان معذوراً في ذلك للاشتباه في الموضوع، أو الحكم اجتهاداً، أو تقليداً لم يجب شيء.

الخامس: أن لايلزم من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ضرر في النفس، أوفي العرض، أو في المال، على الآمر، أو على غيره من المسلمين، فاذا لزم الضرر عليه، أو على غيره من المسلمين لم يجب شيء. والظاهر أنه لافرق بين العلم بلزوم الضرر والظن به والاحتمال المعتد به عند العقلاء الموجب لصدق الخوف. هذا فيما اذا لم يحرز تأثير الامر او النهي وأما اذا احرز ذلك فلابد من

ص: 342

رعاية الاهمية فقد يجب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر مع العلم بترتب الضرر ايضاً، فضلاً عن الظن به أواحتماله.

(مسألة 1270): لا يختص وجوب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بصنف من الناس دون صنف، بل يجب عند اجتماع الشرائط المذكورة على العلماء و غيرهم، و العدول و الفساق، و السلطان و الرعية، و الأغنياء و الفقراء، وقد تقدم انه ان قام به واحد سقط الوجوب عن غيره، وان لم يقم به أحد أثم الجميع، واستحقوا العقاب.

للأمر بالمعروف و النهي عن المنكر مراتب :

الأولى : الانكار بالقلب، بمعنى إظهار كراهة المنكر أو ترك المعروف، إما باظهار الانزعاج من الفاعل، أو الإعراض و الصد عنه، أو ترك الكلام معه، أو نحو ذلك من فعل أو ترك يدل على كراهة ما وقع منه.الثانية : الانكار باللسان و القول، بأن يعظه و ينصحه، و يذكر له ما أعد الله سبحانه للعاصين من العقاب الأليم و العذاب في الجحيم، أو يذكر له ما أعده الله تعالى للمطيعين من الثواب الجسيم و الفوز في جنات النعيم

الثالثة : الانكار باليد بالضرب المؤلم الرادع عن المعصية، و لكل واحدة من هذه المراتب مراتب أخف و أشد، و المشهور الترتب بين هذه المراتب، فإن كان إظهار الإنكار القلبي كافيا في الزجر اقتصر عليه، و إلا أنكر باللسان، فإن لم يكف ذلك أنكره بيده، و لكن الظاهر أن القسمين الأولين في مرتبة واحدة فيختار الآمر أو الناهي ما يحتمل التأثير منهما، و قد يلزمه الجمع بينهما. و أما القسم الثالث فهو مترتب على عدم تأثير الأولين، و الأحوط بل الأقوى في الأقسام الثلاثة الترتيب بين مراتبه فلا ينتقل إلى الأشد إلا إذا لم يكف الأخف.

ص: 343

(مسألة 1271): إذا لم تكف المراتب المذكورة في ردع الفاعل ففي جواز الانتقال إلى الجرح و القتل وجهان، بل قولان أقواهما العدم، و كذا إذا توقف على كسر عضو من يد أو رجل أو غيرهما، أو إعابة عضو كشلل أو اعوجاج أو نحوهما، فإن الأقوى عدم جواز ذلك، و إذا أدى الضرب إلى ذلك - خطأ أو عمداً - فالأقوى ضمان الآمر و الناهي لذلك، فتجري عليه أحكام الجناية العمدية، إن كان عمداً، و الخطأية إن كان خطأ. نعم يجوز للإمام و نائبه ذلك إذا كان يترتب على معصية الفاعل مفسدة أهم من جرحه أو قتله، و حينئذ لا ضمان عليه.

(مسألة 1272): يتأكد وجوب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر في حق المكلف بالنسبة إلى أهله، فيجب عليه إذا رأى منهم التهاون في الواجبات، كالصلاة و أجزائها و شرائطها، بأن لا يأتوا بها على وجهها، لعدم صحة القراءة و الأذكار الواجبة، أو لا يتوضأوا وضوءاً صحيحاً أو لا يطهروا أبدانهم و لباسهم من النجاسة على الوجه الصحيح أمرهم بالمعروف على الترتيب المتقدم، حتى يأتوا بها على وجهها، و كذا في الحال بقية الواجبات، وكذا إذا رأى منهم التهاون في المحرمات كالغيبة و النميمة، و العدوان من بعضهم على بعض، أو على غيرهم، أو غير ذلك من المحرمات، فإنه يجب أن ينهاهم عن المنكر حتى ينتهوا عن المعصية.

(مسألة 1273): إذا صدرت المعصية من شخص من باب الاتفاق، و علم أنه غير مصر عليها لكنه لم يتب منها وجب أمره بالتوبة، فإنها من الواجب، وتركها كبيرة موبقة، هذا مع التفات الفاعل إليها، أما مع الغفلة ففي وجوب أمره بها إشكال، و الأحوط - استحباباً - ذلك.

فائدة :

ص: 344

قال بعض الأكابر قدس سره : إن من أعظم أفراد الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و أعلاها و أتقنها و أشدها، خصوصاً بالنسبة إلى رؤساء الدين أن يلبس رداء المعروف واجبه و مندوبه، و ينزع رداء المنكر محرمه و مكروهه، و يستكمل نفسهبالأخلاق الكريمة، و ينزهها عن الأخلاق الذميمة، فإن ذلك منه سبب تام لفعل الناس المعروف، و نزعهم المنكر، خصوصاً إذا أكمل ذلك بالمواعظ الحسنة المرغبة و المرهبة، فإن لكل مقام مقالاً، و لكل داء دواءً، وطب النفوس و العقول أشد من طب الأبدان بمراتب كثيرة، و حينئذ يكون قد جاء بأعلى أفراد الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

ختام وفيه مطلبان :

المطلب الأول : في ذكر أمور هي من المعروف :

منها : الاعتصام بالله تعالى، قال الله تعالى : (( و من يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم )) و قال أبو عبد الله (عليه السلام): (أوحى الله عز و جل إلى داود : ما اعتصم بي عبد من عبادي دون أحد من خلقي عرفت ذلك من نيته، ثم تكيده السماوات و الأرض و من فيهن إلا جعلت له المخرج من بينهن).

ومنها : التوكل على الله سبحانه، الرؤوف الرحيم بخلقه العالم بمصالحهم و القادر على قضاء حوائجهم. و إذا لم يتوكل عليه تعالى فعلى من يتوكل؟ أعلى نفسه ؟ أم على غيره مع عجزه و جهله ؟ قال الله تعالى : ((ومن يتوكل على الله فهو حسبه )) وقال أبو عبد الله (عليه السلام): (الغنى و العز يجولان، فإذا ظفرا بموضع من التوكل أوطنا).

ومنها : حسن الظن بالله تعالى، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) فيما قال : (والذي لا إله إلا هو لا يحسن ظن عبد مؤمن بالله إلا كان الله عند ظن عبده

ص: 345

المؤمن، لأن الله كريم بيده الخير يستحي أن يكون عبده المؤمن قد أحسن به الظن ثم يخلف ظنه و رجاءه، فأحسنوا بالله الظن و ارغبوا إليه).

ومنها : الصبر عند البلاء، و الصبر عن محارم الله، قال الله تعالى : (( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ))، وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حديث: (فاصبر فإن في الصبر على ما تكره خيراً كثيراً، و اعلم أن النصر مع الصبر، و أن الفرج مع الكرب، فإن مع العسر يسراً، إن مع العسر يسراً )، وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): (لا يعدم الصبر الظفر و إن طال به الزمان)، وقال (عليه السلام) أيضاً : (الصبر صبران : صبر عند المصيبة حسن جميل، و أحسن من ذلك الصبر عند ما حرم الله تعالى عليك).

ومنها : العفة، قال أبو جعفر (عليه السلام) : (ما عبادة أفضل عند الله من عفة بطن و فرج)، و قال أبو عبد الله (عليه السلام) : (إنما شيعة جعفر من عف بطنه و فرجه، و اشتد جهاده، و عمل لخالقه، و رجا ثوابه، و خاف عقابه، فإذا رأيت أولئك فأولئك شيعة جعفر) عليه السلام

ومنها : الحلم، قال رسول الله (صلى الله وآله وسلم): (ما أعز الله بجهل قط، ولا أذل بحلم قط)، وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): (أول عوض الحليم من حلمه أن الناسأنصاره على الجاهل ) وقال الرضا (عليه السلام) أنه قال : (لا يكون الرجل عابداً حتى يكون حليما).

و منها : التواضع، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (من تواضع لله رفعه الله و من تكبر خفضه الله، و من اقتصد في معيشته رزقه الله و من بذر حرمه الله، و من أكثر ذكر الموت أحبه الله تعالى).

ص: 346

و منها : إنصاف الناس، و لو من النفس، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ( سيد الأعمال إنصاف الناس من نفسك، و مواساة الأخ في الله تعالى على كل حال).

و منها : اشتغال الإنسان بعيبه عن عيوب الناس، قال رسول الله صلى الله عليه و آله: « طوبى لمن شغله خوف الله عز و جل عن خوف الناس، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب المؤمنين وقال (صلى الله عليه و آله وسلم) : (إن أسرع الخير ثواباً البر، و إن أسرع الشر عقاباً البغي، و كفى بالمرء عيباً أن يبصر من الناس ما يعمى عنه من نفسه، و أن يعير الناس بما لا يستطيع تركه، و أن يؤذي جليسه بما لا يعنيه).

ومنها : إصلاح النفس عند ميلها إلى الشر، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (من أصلح سريرته أصلح الله تعالى علانيته، و من عمل لدينه كفاه الله دنياه، و من أحسن فيما بينه و بين الله أصلح الله ما بينه و بين الناس).

ومنها : الزهد في الدنيا و ترك الرغبة فيها، قال أبو عبد الله (عليه السلام): (من زهد في الدنيا أثبت الله الحكمة في قلبه، و انطلق بها لسانه، و بصره عيوب الدنيا داءها و دواءها، و أخرجه منها سالماً إلى دار السلام )، وقال رجل لأبي عبد الله (عليه السلام) : إني لا ألقاك إلا في السنين فأوصني بشيء حتى آخذ به ؟ فقال (عليه السلام) : (أوصيك بتقوى الله، و الورع و الاجتهاد، و إياك أن تطمع إلى من فوقك، و كفى بما قال الله عز و جل لرسول الله (صلى الله عليه و آله وسلم): (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا) وقال تعالى : ((فلا تعجبك أموالهم و لا أولادهم )) فإن خفت ذلك فاذكر عيش رسول الله (صلى الله عليه و آله وسلم)، فإنما كان قوته من الشعير، و حلواه من التمر و وقوده من السعف إذا وجده، و إذا أصبت بمصيبة في نفسك

ص: 347

أو مالك أو ولدك فاذكر مصابك برسول الله (صلى الله عليه و آله وسلم) فإن الخلائق لم يصابوا بمثله قط).

المطلب الثاني : في ذكر بعض الأمور التي هي من المنكر :

منها : الغضب. قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): (الغضب يفسد الإيمان كما يفسد الخل العسل) وقال أبو عبد الله (عليه السلام): (الغضب مفتاح كل شر) وقال أبو جعفر (عليه السلام): (إن الرجل ليغضب فما يرضى أبداً حتى يدخل النار، فأيما رجل غضب على قومه و هو قائم فليجلس من فوره ذلك، فإنه سيذهب عنه رجس الشيطان، و أيما رجل غضب على ذي رحم فليدن منه فليمسه، فإن الرحم إذا مست سكنت).ومنها : الحسد، قال أبو جعفر و أبو عبد الله (عليهما السلام): (إن الحسد ليأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب )، وقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذات يوم لأصحابه : (إنه قد دب إليكم داء الأمم من قبلكم، و هو الحسد ليس بحالق الشعر، و لكنه حالق الدين، و ينجى فيه أن يكف الإنسان يده، و يخزن لسانه، و لا يكون ذا غمز على أخيه المؤمن).

و منها : الظلم، قال أبو عبد الله (عليه السلام): (من ظلم مظلمة أخذ بها في نفسه أو في ماله أو في ولده)، وقال أيضاً: (ما ظفر بخير من ظفر بالظلم، أما أن المظلوم يأخذ من دين الظالم أكثر مما يأخذ الظالم من مال المظلوم).

ومنها : كون الإنسان ممن يتقى شره، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): (شر الناس عند الله يوم القيامة الذين يكرمون اتقاء شرهم)، وعن أبي عبد الله (عليه السلام) : (و من خاف الناس لسانه فهو في النار) و قال (عليه السلام) أيضاً : (إن أبغض خلق الله عبد اتقى الناس لسانه) و لنكتف بهذا المقدار.

والحمد لله أولاً وآخراً، وهو حسبنا ونعم الوكيل

ص: 348

كتاب الجهاد

اشارة

الجهاد ماخوذ من الجَهْد - بالفتح - بمعنى التعب والمشّقة أو من الجُهْد - بالضم - بمعنى الطاقة، والمراد به هنا القتال لاعلاء كلمة الإسلام وإقامة شعائر الايمان.

وفيه فصول

الفصل الاول: الطوائف الواجب قتالها

فيمن يجب قتاله، وهم طوائف ثلاث:

الطائفة الاولى : الكفار المشركون غير أهل الكتاب، فإنّه يجب دعوتهم الى كلمة التوحيد والإسلام، فان قبلوا والاّ وجب قتالهم وجهادهم الى ان يسلموا أو يقتلوا وتطهّر الأرض من لوث وجودهم.

ولا خلاف في ذلك بين المسلمين قاطبة، ويدلُ على ذلك غير واحدة من الآيات الكريمة منها قوله تعالى : ((فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ))(1)، وقوله تعالى ((وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ کله لِلَّهِ))(2)وقوله تعالى: ((وَحَرِّضْ الْمُؤْمِنِينَ عَلى القتالُ))(3)، وقوله تعالى: ((فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ))(4)، وقوله تعالى: ((وَقَاتِلُوا

ص: 349


1- سورة النساء، الآية 74.
2- سورة الانفال، الاية 39.
3- سورة الانفال، الاية 65.
4- سورة التوبة، الآية 5.

الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً))(1)، وغيرها من الآيات.

والروايات المأثورة في الحثّ على الجهاد - أنه مما بنى عليه الاسلام ومن أهمّ الواجبات الإلهية - كثيرة، القدر المتيقن من مواردها هو الجهاد مع المشركين(2).

الطائفة الثانية: أهل الكتاب من الكفار، وهم اليهود والنصارى، ويلحق بهم المجوس والصابئة، فانه يجب مقاتلتهم حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، ويدلّ عليه الكتاب والسُنّة.

قال الله تعالى: ((قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ))(3) والروايات الواردة في اختصاص اهل الكتاب بجواز أخذ الجزية منهم كثيرة وسيجيء البحث عنه.الطائفة الثالثة: البغاة، وهم طائفتان:

إحداهما : الباغية على الامام عليه السلام، فانه يجب على المؤمنين أن يقاتلوهم حتى يفيئوا الى أمر الله وإطاعة الإمام عليه السلام، ولا خلاف في ذلك بين المسلمين وسيجيء البحث عن ذلك.

والآخرى : الطائفة الباغية على الطائفة الاخرى من المسلمين فإنه يجب على سائر المسلمين أن يقوموا بالاصلاح بينهما، فان ظلّت الباغية على بغيها قاتلوها حتى تفيء الى امر الله. قال الله تعالى: ((وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ

ص: 350


1- سورة التوبة، الآية 36.
2- الوسائل ج11، ب1، من أبواب جهاد العدو وغيره.
3- سورة التوبة، الآية 29.

اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ))(1).

الفصل الثاني: في الشرائط

اشارة

يشترط في وجوب الجهاد أمور:

الاول : التكليف، فلا يجب على المجنون ولا على الصبي.

الثاني: الذكورة، فلا يجب على المرأة اتفاقاً، وتدل عليه - مضافاً الى سيرة النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم - معتبرة الاصبغ، قال : قال أمير المؤمنين(عليه السلام): (كتب الله الجهاد على الرجال والنساء، فجهاد الرجل أن يبذل ماله ونفسه حتى يقتل في سبيل الله، وجهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من اذى زوجها)(2).

الثالث: الحرية على المشهور ودليله غير ظاهر، والاجماع المدّعى على ذلك غير ثابت.

نعم إن هنا روايتين: احداهما رواية يونس بن يعقوب، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن معنا مماليك لنا وقد تمتعوا، علينا أن نذبح عنهم؟ قال: فقال: (آن المملوك لاحج له ولا عمرة ولا شيء) (3).

والاخرى رواية آدم بن علي، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: (ليس على المملوك حجّ ولا جهاد) الحديث (3) ولا يمكن الاستدلال بشيء منها على اعتبار الحريّة.

ص: 351


1- سورة الحجرات، الآية 9.
2- الوسائل ج11، باب 4، من أبواب جهاد العدو الحديث 1.
3- و(3) الوسائل ج8، باب 15، من من وجوب الحج الحديث 3و4.

أما الرواية الاولى فهي ضعيفة سنداً ودلالة.

أما سنداً، فلأن الموجود في التهذيب وإن كان هو رواية الشيخ بسنده عن العباس عن سعد بن سعد، الا أن الظاهر وقوع التحريف فيه، والصحيح عبّاد، عن سعد بن سعد ،وهو عباد بن سليمان، حيث أنه راوٍٍ لكتاب سعد بن سعد وقد أكثر الرواية عنه. وطريق الشيخ الى عبّاد مجهول، فالنتيجة أن الرواية ضعيفة سنداً.وأما الدلالة، فلانه لايمكن الأخذ باطلاقها لاستلزامه تخصيص الاكثر المستهجن لدى العرف.

هذا مضافاً الى انه لايبعد ان يكون المراد من الشيء في نفسه ما هو راجع الى الحج.

وأما الرواية الثانية فهي وإن كانت تامة دلالة الا انها ضعيفة سنداً فان ادم ابن علي لم يرد فيه توثيق ولا مدح.

الرابع: القدرة، فلا يجب على الاعمى والاعرج والمقعد والشيخ الهرم والزمن والمريض والفقير الذي يعجز عن نفقة الطريق والعيال والسلاح ونحو ذلك، ويدل عليه قول الله تعالى: ((ليس على الاعمى حرج ولا على الاعرج حرج)) (1) وقوله تعالى : ((ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لايجدون ما ينفقون حرج))(2).

(مسألة 1): الجهاد واجب كفائي، فلا يتعين على أحد من المسلمين، الا ان يعينه الامام عليه السلام لمصلحة تدعو الى ذلك، او فيما لم يكن من به الكفاية موجوداً الا بضمه كما انه يتعين بالنذر وشبهه.

ص: 352


1- سورة الفتح، الآية 17.
2- سورة التوبة، الآية 91.

(مسألة 2): ان جهاد الكفار من أحد اركان الدين الاسلامي وقد تقوى الاسلام وانتشر امره في العالم بالجهاد مع الدعوة الى التوحيد في ظل راية النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلّم)، ومن هنا قد اهتم القرآن الكريم به في ضمن نصوصه التشريعية حيث قد ورد في الآيات الكثيرة وجوب القتال والجهاد على المسلمين ضد الكفار المشركين حتى يسلموا او يقتلو وضدّ أهل الكتاب حتى يسلموا او يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، ومن الطبيعي أن تخصص هذا الحكم بزمان موقت وهو زمان الحضور لا ينسجم مع اهتمام القران وأمره به من دون توقيت في ضمن نصوصه الكثيرة، ثم ان الكلام يقع في مقامين:

المقام الاول: هل يعتبر اذن الامام عليه السلام أو نائبه الخاص في مشروعية اصل الجهاد في الشريعة المقدسة؟ فيه وجهان:

المشهور بين الاصحاب هو الوجه الاول، وقد استدل عليه بوجهين

الوجه الاول دعوى الاجماع على ذلك.

وفيه ان الاجماع لم يثبت، اذ لم يتعرض جماعة من الاصحاب للمسألة ولذا استشكل السبزواري في الكفاية في الحكم بقوله:ويشترط في وجوب الجهاد وجود الامام (عليه السلام) او من نصبه على المشهور بين الاصحاب ولعل مستنده اخبار لم تبلغ درجة الصحة مع معارضتها بعموم الايات. ففي الحكم به اشكال (1).

ثم على تقدير ثبوته فهو لايكون كاشفاً عن قول المعصوم عليه السلام لاحتمال ان يكون مداركه الروايات الآتية فلا يكون تعبدياً.

نعم الجهاد في عصر الحضور يعتبر فيه إذن ولي الامر، النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) أو الامام (عليه السلام) بعده.

ص: 353


1- كفاية الاحكام: 74.

الوجه الثاني الرويات التي استدل بها على اعتبار اذن الامام (عليه السلام) في مشروعية الجهاد والعمدة منها روايتان:

الاولى: رواية سويد القلاء، عن بشير، عن ابي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له إني رأيت في المنام اني قلت لك، أن القتال مع غير الامام المفترض طاعته حرام مثل الميتة والدم ولحم الخنزير، فقلت لي: نعم هو كذلك، فقال ابو عبد الله (عليه السلام) : (هو كذلك هو كذلك) (1).

وفيه إن هذه الرواية مضافاً الى امكان المناقشة في سندها على اساس أنه لا يمكن لنا اثبات أن المراد من بشير الواقع في سندها هو بشير الدهان، ورواية سويد القلاء عن بشير الدهان في مورد لاتدل على ان المراد من بشير هنا هو بشير الدّهان، مع ان المسمى ب- (بشير) متعدّد في هذه الطبقة ولا يكون منحصراًب- (بشير) الدهان.

نعم روى في الكافي هذه الرواية مرسلاً عن بشير الدهان (2) وهي لاتكون حجة من جهة الارسال وقابلة للمناقشة دلالةً، فان الظاهر منها بمناسبة الحكم والموضوع هو حرمة القتال بأمر غير الإمام المفترض طاعته وبمتابعتة فيه، ولا تدل على حرمة القتال على المسلمين ضد الكفار اذا رأى المسلمون من ذوي الآراء والخبرة فيه مصلحة عامة للاسلام واعلاء كلمة التوحيد بدون إذن الإمام عليه السلام كزماننا هذا.

الثانية رواية عبد الله بن مغيرة، قال محمد بن عبد الله للرضا (عليه السلام) وأنا اسمع: حدثني أبي، عن أهل بيته، عن آبائه أنه قال له بعضهم: ان في بلادنا موضع رباط يقال له قزوين، وعدواً يقال له الديلم، فهل من جهاد؟ أو هل من رباط ؟ فقال: عليكم بهذا البيت فحجوه. فأعاد الحديث، فقال: عليكم

ص: 354


1- الوسائل ج11 باب 12 من ابواب جهاد العدو، الخديث 1.
2- الوسائل ج11 باب 12 من جهاد العدو، ذيل الحديث 1.

بهذا البيت فحجوه، اما يرضى أحدكم أن يكون في بيته وينفق على عياله من طوله ما ينتظر أمرنا، فان أدركه كان كمن شهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله بدراً، وان مات منتظراً لأمرنا كان كمن كان مع قائمنا صلوات الله عليه، الحديث (1).ولكن الظاهر انها في مقام بيان الحكم المؤقت لا الحكم الدائم بمعنى أنه لم يكن في الجهاد او الرباط صلاح في ذلك الوقت الخاص، ويشهد على ذلك ذكر الرباط تلو الجهاد مع أنه لا شبهة في عدم توقفه على إذن الإمام (عليه السلام) وثبوته في زمان الغيبة ومما يؤكد ذلك أنه يجوز أخذ الجزية في زمن الغيبة من أهل الكتاب اذا قبلوا ذلك. مع أن أخذ الجزية إنما هو في مقابل ترك قتالهم، فلو لم يكن قتالهم في هذا العصر مشروعاً لم يجز أخذ الجزية منهم أيضاً.

وقد تحصل من ذلك أن الظاهر عدم سقوط وجوب الجهاد في عصر الغيبة، وثبوته في الاعصار كافة لدى توفر شرائطه، وهو في زمن الغيبة منوط بتشخيص المسلمين من ذوي الخبرة في الموضوع أن في الجهاد ضدهم، مصلحة للاسلام على أساس أن لديهم قوة كافية من حيث العدد والعدة لدحرهم بشكل لايحتمل عادة أن يخسروا في المعركة، فاذا توفرت هذه الشرائط عندهم وجب عليهم الجهاد والمقاتلة معهم.

وأما ما ورد في عدة من الروايات، من حرمة الخروج بالسيف على الحكام وخلفاء الجور قبل قيام قائمنا صلوات الله عليه فهو اجنبي عن مسألتنا هذه وهي الجهاد ضد الكفار رأساً، ولا يربط بها نهائياً.

المقام الثاني: أنا لو قلنا بمشروعية أصل الجهاد في عصر الغيبة فهل يعتبر فيها إذن الفقيه الجامع للشرائط أولاً؟ يظهر من صاحب الجواهر (قدس سره)

ص: 355


1- الوسائل ج11 باب 12 من جهاد العدو، الحديث 5.

اعتباره بدعوى عموم ولايته بمثل ذلك في زمن الغيبة.

وهذا الكلام غير بعيد بالتقريب الآتي، وهو أن على الفقيه أن يشاور في هذا الامر المهم أهل الخبرة والبصيرة من المسلمين حتى يطمئن بأن لدى المسلمين من العدة والعدد ما يكفي للغلبة على الكفار الحربيين، وبما ان عملية هذا الأمر المهم في الخارج بحاجة الى قائد وآمر يرى المسلمين نفوذ أمره عليهم، فلا محال يتعين ذلك في الفقيه الجامع للشرائط، فانه يتصدى لتنفيذ هذا الامر المهم من باب الحسبة على اساس أن تصدّى غيره لذلك يوجب الهرج والمرج ويؤدي الى عدم تنفيذه بشكل مطلوب وكامل.

(مسألة 3): اذا كان الجهاد واجباً على شخص عيناً على اساس عدم وجود من به الكفاية، لم يكن الدين الثابت على ذمته مانعاً عن وجوب الخروج اليه، بلا فرق بين كون الدين حاّلاً أو مؤجلاً، وبلا فرق بين إذن الغريم فيه وعدم إذنه. نعم لو تمكن - والحال هذه - من التحفظ على حق الغريم بإيصاء أو نحوه وجب ذلك، وأما اذا كان من به الكفاية موجوداً لم يجب عليه الخروج الى الجهاد مطلقاً وإن كان دينه مؤجلاً أو كان حالاً ولكن لم يكن موسراً، بل لايجوز إذا كان موجباً لتفويت حق الغير.

(مسألة 4): إذا منع الابوان ولدهما عن الخروج الى الجهاد فان كان عينياً وجب عليه الخروج ولا أثر لمنعهما، وإن لم يكن عينياً - لوجود من به الكفاية - لم يجز له الخروج اليه اذا كان موجباً لايذائهما لا مطلقاً

وفي اعتبار الابوين حرين إشكال، بل منع لعدم الدليل عليه.

(مسألة 5): اذا طرأ العذر على المقاتل المسلم أثناء الحرب فإن كان مما يعتبر عدمه في وجوب الجهاد شرعاً كالعمى والمرض ونحوهما سقط الوجوب عنه، وأما اذا كان العذر مما لايعتبر عدمه فيه، وإنما كان اعتباره لأجل المزاحمة

ص: 356

مع واجب آخر كمنع الابوين أو مطالبة الغريم أو نحو ذلك فالظاهر عدم السقوط، وذلك لان الخروج الى الجهاد وإن لم يكن واجباً عليه الاّ أنه اذا خرج ودخل فيه لم يجز تركه والفرار منه، لانه يدخل في الفرار من الزحف والأدبار عنه وهو محرم.

(مسألة 6): اذا بُذل للمعسر ما يحتاج اليه في الحرب، فان كان من به الكفاية موجوداً لم يجب عليه القبول مجاناً فضلاً عما اذا كان بنحو الاجارة وان لم يكن موجوداً وجب عليه القبول، بل الظاهر وجوب الاجارة عليه على أساس أن المعتبر في وجوب الجهاد على المكّلف هو التمكن، والفرض أنه متمكن ولو بالاجارة.

(مسألة 7): الاظهر أنه لايجب، عيناً ولا كفاية، على العاجز عن الجهاد بنفسه لمرض أو نحوه ان يجهز غيره مكانه، حيث إن ذلك بحاجة الى دليل ولا دليل عليه. نعم لا شبهة في استحاب ذلك شرعاً على أساس أن ذلك سبيل من سبل الله، هذا فيما اذا لم يكن الجهاد الواجب متوقفاً على اقامة غيره مكانه، والا وجب عليه ذلك جزماً.

(مسألة 8): جهاد الكفار يقوم على اساس أمرين:

الاول: الجهاد بالنفس:

الثاني : الجهاد بالمال:

ويترتب على ذلك وجوب الجهاد بالنفس والمال معاً على من تمكن من ذلك كفايةً إن كان من به الكفاية موجوداً، وعيناً إن لم يكن موجوداً، وبالنفس فقط على من تمكن من الجهاد بها كفاية أو عيناً، والمال فقط على من تمكن من الجهاد به كذلك وتدل على ذلك عدة من الآيات.

ص: 357

ومنها قوله تعالى: ((انْفِرُوا خِفافاً وَ ثِقالاً وَ جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)) (1).

ومنها قوله تعالى: (فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَ كَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)(2).

ومنها قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ، تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ تُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)(3).وتدل على ذلك أيضاً معتبرة الأصبغ المتقدمة في الشرط الثاني من شرائط وجوب الجهاد.

ثم إن كثيراً من الاصحاب لم يتعرضوا لهذه المسألة، ولا يبعد أن يكون ذلك لوضوح الحكم، فلا يصغى الى ما قيل من عدم وجدان قائل بوجوب الجهاد بالنفس والمال معاً على شخص واحد.

حرمة الجهاد في الاشهر الحرم

(مسألة 9): يحرم القتال في الاشهر الحرم - وهي رجب وذو القعدة وذو الحجة ومحرم - بالكتاب والسنة، نعم اذا بدأ الكفار في القتال في تلك الاشهر جاز قتالهم فيها على اساس أنه دفاع في الحقيقة، ولا شبهة في جوازه فيها، وكذا يجوز قتالهم في تلك الاشهر قصاصاً، وذلك كما اذا كان الكفار بادئين في القتال في شهر من تلك الاشهر جاز للمسلمين ان يبدأوا فيه في شهر آخر من هذه الاشهر في هذه السنة، أو في السنة القادمة، ويدلّ على ذلك قوله تعالى : ((الشَّهْرُ الْحَرامُ

ص: 358


1- سورة التوبة، الآية 41.
2- سورة التوبة، الاية 81.
3- سورة الصف، الآية 10 و11.

بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَ الْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ)) (1).

(مسألة 10): المشهور ان من لايرى للاشهر الحرم حرمة جاز قتالهم في تلك الاشهر ابتداءً، ولكن دليله غير ظاهر عندنا.

(مسألة 11): يجوز قتال الطائفة الباغية في الاشهر الحرم، وهم الذين قاتلوا الطائفة الاخرى ولم يقبلوا الإصلاح وظلّوا على بغيهم على تلك الطائفة، فان الآية الدالة على حرمة القتال في الاشهر الحرم تنصرف عن القتال المذكور حيث انه لدفع البغي وليس من القتال الابتدائي كي يكون مشمولاً للاية.

(مسألة 12): يحرم قتال الكفار في الأشهر الحرام الا أن يبدأ الكفار بالقتال فيه فعندئذ يجوز قتالهم فيه، ويدلّ عليه قول تعالى: ((وَ لا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ)) (2).

(مسألة 13): لايجوز البدء بقتال الكفار الا بعد دعوتهم الى الاسلام، فإذا قام المسلمون بدعوتهم اليه ولم يقبلوا وجب قتالهم.

واما اذا بدأوا بالقتال قبل الدعوة وقتلوهم، فانهم وان كانوا آثمين الا انه لا ضمان عليهم، على اساس أنه لاحرمة لهم نفساً ولا مالاً.

نعم لو كانوا مسبوقين بالدعوة او عارفين بها لم يجب عليهم دعوتهم مرة ثانية، بل يجوز البدء بالقتال معهم حيث ان احتمال الموضوعية في وجوب الدعوة غير محتمل.

(مسألة 14): اذا كان الكفار المحاربون على ضعف من المسلمين بأن يكون واحد منهم في مقابل اثنين من هؤلاء الكفار وجب عليهم أن يقاتلوهم،

ص: 359


1- سورة البقرة، الآية 194.
2- سورة البقرة، الآية 191.

وذلك لقوله تعالى:((يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ، الآْنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَ عَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ اللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)) (1) فانه يدّل على ان كل فرد من المسلمين في مقابل اثنين منهم. ويدلّ عليه موثقة مسعدة بن صدقة أيضاً عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال: (إن الله عزوجل فرض على المؤمنين - الى أن قال - ثم حولهم عن حالهم رحمة منه لهم، فصار الرجل منهم عليه أن يقاتل رجلين من المشركين تخفيفاً من الله عزوجل فنسخ الرجلان العشرة) (2).

نعم اذا حصل العلم بالشهادة لفرد من المسلمين المقاتلين اذا ظلّ على القتال مع الاثنين منهم، جاز له الفرار اذا لم يترتب فائدة عامة على شهادته، لانصراف الآية المزبورة عن هذا الفرض.

واما اذا كان الكفار اكثر من الضعف فلا يجب عليهم الثبات في القتال معهم الا اذا كانوا مطمئنين بالغلبة عليهم واذا ظنوا بالغلبة لم يجب عليهم الثبات او البدء في القتال معهم، ولكن لاشبهة في مشروعية الجهاد في هذا الفرض في الشريعة المقدسة وذلك لاطلاق الآيات المتضمنة لترغيب المسلمين فيه.

واما اذا ظنوا بغلبة الكفار عليهم فهل الجهاد مشروع في هذا الفرض ؟ قيل بعدم المشروعية ووجوب الانصراف، وقيل بالمشروعية ومرغوبية الجهاد، والظاهر هو الثاني لاطلاق الآيات.

(مسألة 15): لايجوز الفرار من الزحف الا لتحرف في القتال أو تحيز الى فئة وان ظنوا بالشهادة في ساحة المعركة وذلك لإطلاق الآية الكريمة ((يا أَيُّهَا

ص: 360


1- سورة الانفال، الآية 65-66.
2- الوسائل ج11 باب 27 من جهاد العدو، الحديث 2.

الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَْدْبارَ، وَ مَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَ مَأْواهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ)) (1).

(مسألة 16): يجوز قتال الكفار المحاربين بكل وسيلة ممكنة من الوسائل والادوات الحربية في كل عصر حسب متطلبات ذلك العصر، ولا يختص الجهاد ضدهم بالادوات القتالية المخصوصة.

(مسألة 17): قد استثني من الكفار الشيخ الفاني والمرأة والصبيان، فانه لا يجوز قتلهم، وكذا الاسارى من المسلمين الذين أسروا بيد الكفار. نعم لو تترس الاعداء بهم جاز قتلهم اذا كانت المقاتلة معهم أو الغلبة عليهم متوقفة عليهم.

وهل تجب الدية على قتل المسلم من هؤلاء الأسارى وكذا الكفارة؟ الظاهر عدم الوجوب، اما الدية فمضافاً الى عدم الخلاف فيها تدل عليه معتبرةالسكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (من اقتص منه فهو قتيل القرآن) (2) وذلك فان المتفاهم العرفي منها بمناسبة الحكم الموضوع هو أن كلما كان القتل بأمر الهي فلا شيء فيه من الاقتصاص والدية، والقتل بالقصاص من صغريات تلك الكبرى وتؤيد ذلك رواية حفص بن غياث، قال: سألت ابا عبد الله عن مدينة من مدائن الحرب هل يجوز ان يرسل عليها الماء أو تحرق بالنار أو ترمى بالمنجنيق حتى يقتلوا ومنهم النساء والصبيان والشيخ الكبير والاسارى

ص: 361


1- سورة الانفال الآية 15-16.
2- الوسائل ج19 باب 24 من قصاص النفس، الحديث 2.

من المسلمين والتجار؟ فقال: (يفعل ذلك بهم ولايمسك عنهم لهؤلاء ولا دية عليهم للمسلمين ولاكفارة ) الحديث (1).

واما الكفارة فهل تجب أولاً ؟ فيه وجهان: المشهور بين الاصحاب وجوبها، وقد يستدل على الوجوب بقوله تعالى: ((فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ)) (2).

بدعوى أن الآية تدل على الوجوب في المقام: الاولوية، وفيه أنه لا أولوية فان القتل في مورد الآية قتل خطئي ولا يكون بمأمور به والقتل في المقام يكون ماموراً به على انه لو تم الاستدلال بالآية في المقام فظاهرها وجوب الكفارة على القاتل كما نص على ذلك غير واحد من الاصحاب وهو على خلاف مصلحه الجهاد.فانه يوجب التخاذل فيه كما صرح به الشهيد الثاني (قدس سره) فالصحيح هو عدم وجوب الكفارة في المقام المؤيد برواية حفص المتقدم.

(مسألة 18): المشهور كراهة طلب المبارزة في الحرب بغير إذن الامام عليه السلام)، وقيل :يحرم وفيه اشكال والاظهر طلبه اذا كان أصل الجهاد مشروعاً.

(مسألة 19): اذا طلب الكافر مبارزاً من المسلمين ولم يشترط عدم الاعانة بغيره جاز اعانته، والمشهور على أنه لايجوز ذلك اذا اشترط عدم الاعانة بغيره حيث أنه نحو أمان من قبل غيره فلا يجوز نقضه ولكنه محل إشكال بل منع.

(مسألة 20): لايجوز قتال الكفار بعد الامان والعهد، حيث إنه نقض لهما وهو غير جائز.

ص: 362


1- الوسائل ج11 باب 16 من جهاد العدو، الحديث 2.
2- سورة النساء الآية 92.

ويدل عليه غير واحدة من الروايات، منها صحيحة جميل عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اذا اراد أن يبعث سرية دعاهم فاجلسهم صلى الله عليه وآله وسلم بين يديه ثم يقول - الى أن قال - وأيما رجل من ادنى المسلمين او افضلهم نظر الى أحد من المشركين فهوجار حتى يسمع كلام الله فان تبعكم فاخوكم في الدين، وإن ابى فابلغوه مأمنه واستعينوا بالله) (1).

ومنها معتبرة السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: ما معنى قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (يسعى بذمّتهم أدناهم)؟ قال: (لو أن جيشاً من المسلمين حاصروا قوماً من المشركين فاشرف رجل فقال: أعطوني الامان حتى القى صاحبكم واناظره، فاعطاه ادناهم الامان وجب على أفضلهم الوفاء به.) (2).

نعم تجوز الخدعة في الحرب ليتمكنوا بها من الغلبة عليهم، وتدل عليه معتبرة اسحاق بن عمار عن جعفر عن ابيه أن علياً عليه السلام كان يقول : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول يوم الخندق: (الحرب خدعة) ويقول : تكلموا بما أردتم) (3).

(مسألة 21): لايجوز الغلول من الكفار بعد الامان، فانه خيانة، وقد ورد في صحيحة جميل المتقدمة آنفاً، وفي معتبرة مسعد بن صدقة نهى النبي 0(صلى الله علية وآله وسلم) عن الغلول (4) وكذا لاتجوز السرقة من الغنيمة على اساس أنها ملك عام لجميع المقاتلين.

ص: 363


1- الوسائل ج11 باب 15 من جهاد العدو ،ذيل الحديث 1.
2- الوسائل ج11 باب 20 من جهاد العدو، الحديث 1.
3- الوسائل ج11 باب 53 من جهاد العدو، الحديث 1.
4- الوسائل ج11 باب 15 من جهاد العدو، الحديث 3.

(مسألة 22): لايجوز التمثيل بالمقتلوين من الكفار، لورود النهي عنه في صحيحة جميل ومعتبرة مسعدة المتقدمتين آنفا،ً وكذا لايجوز إلقاء السم في بلاد المشركين لنهي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي معتبرة السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال أمير المؤمنين (عليه السلام): نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يُلقى السم في بلاد المشركين) (1).

نعم اذا كانت هناك مصلحة عامة تستدعي ذلك كما اذا توقف الجهاد او الفتح عليه جاز، واما إلقاؤه في جبهة القتال فقط من جهة قتل المحاربين من الكفار فلا بأس به.

الفصل الثالث: في أحكام الاسارى

اشارة

(مسألة 23): اذا كان المسلمون قد اسروا من الكفار المحاربين في أثناء الحرب، فان كانوا إناثاً لم يجز قتلهن كما مر. نعم يملكوهن بالسبي والاستيلاء عليهن، وكذلك الحال في الذراري غير البالغين، الشيوخ وغيرهم ممن لايقتل وتدل على ذلك - مضافاً الى السيرة القطعية الجارية في تقسيم غنائم الحرب بين المقاتلين المسلمين الروايات المتعددة الدالة على جواز الاسترقاق حتى في حالة غير الحرب، منها معتبرة رفاعة النخاس، قال : قلت لابي الحسن(عليه السلام): إن الروم يغيرون على الصقالبة فيسرقون اولادهم من الجواري والغلمان فيعمدون على الغلمان فيخصونهم ثم يبعثون بهم الى بغداد الى التجار، فما ترى في شرائهم

ص: 364


1- الوسائل ج11 باب 16 من جهاد العدو، الحديث 1.

ونحن نعلم أنهم قد سرقوا وانما اغاروا عليهم من غير حرب كانت بينهم؟ فقال (لابأس بشرائهم، انما أخرجوهم من الشرك الى دار الاسلام) (1).

واما اذا كانوا ذكوراً بالغين فيتعين قتلهم الا اذا اسلموا، فان القتل حينئذ يسقط عنهم وهل عليهم بعد الاسلام مَنٌّ أو فداء او لأسترقاق؟ الظاهر هو العدم، حيث ان كل ذلك بحاجة الى دليل، ولا دليل عليه.

واما اذا كان الاسر بعد الاثخان والغلبة عليهم فلا يجوز قتل الاسير منهم وإن كانوا ذكوراً، وحينئذ كان الحكم الثابت عليهم أحد أمور: أما المَنّ أو الفداء أو الاسترقاق.

وهل تسقط عنهم الاحكام الثلاثة اذا اختاروا الاسلام؟ الظاهر عدم سقوطها بذلك، ويدل عليه قوله تعالى: ((فَإِذا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا)) (2) بضميمة معتبرة طلحة بن زيد الآتية الواردة في هذا الموضوع.

ومن الغريب ان الشيخ الطوسي - قدس سره - في تفسيره (التبيان) نسب الى الأصحاب انهم رووا تخيير الامام عليه السلام في الاسير اذا انفضت الحرب بين القتل وبين المن والفداء والاسترقاق، وتبعه في ذلك الشيخ الطبرسي - قدس سره - في تفسيره مع أن الشيخ - قدس سره - قد صرح هو في كتابه (المبسوط) بعدم جواز قتله في هذه الصورة.

وجه الغرابة مضافاً الى دعوى الاجماع في كلمات غير واحد على عدم جواز القتل في هذا الفرض - انه مخالف لظاهر الآية المشار اليها، ولنص معتبرة طلحة بن زيد، قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول : (كان ابي يقول إن للحرب حكمين:

ص: 365


1- الوسائل ج13 الباب 1و2و3 من ابواب بيع الحيوان.
2- سورة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).

اذا كانت الحرب قائمة ولم يثخن اهلها فكل اسير اخذ في تلك الحال فان الامام عليه السلام فيه بالخيار، وان شاء ضرب عنقه، وان شاء قطع يده ورجليه من خلاف بغير حسم، ثم يترك يتشحط بدمه حتى يموت، وهو قول الله عزوجل: ((إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الأَْرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ)) - الى أن قال :-

والحكم الآخر اذا وضعت الحرب اوزارها وأثخن اهلها فكل أسير أخذ على تلك الحال فكان في ايديهم فالامام، فيه بالخيار إن شاء مَنَّ عليهم فارسلهم، وان شاء فاداهم أنفسهم وان شاء إستعبدهم فصاروا عبيداً (1).

(مسألة 24): من لم يتمكن في دار الحرب أو في غيرها من أداء وظائفه الدينية وجبت المهاجرة عليه، الا من لا يتمكن منها كالمستضعفين من الرجال والنساء والولدان لقوله تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَْرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ ساءَتْ مَصِيراً، إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً، فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَ كانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُوراً)) (2).

(المرابطة)

وهي الارصاد لحفظ الحدود وثغور بلاد المسلمين من هجمة الكفار.

ص: 366


1- الوسائل ج11 باب 23 من أبواب جهاد العدو، الحديث 1.
2- سورة النساء، الآية 97،99.

(مسألة 25): تجب المرابطة لدى وقوع البلاد الاسلامية في معرض الخطر من قبل الكفار، واما اذا لم تكن في معرض ذلك فلا تجب وان كانت في نفسها امراً مرغوباً فيه في الشريعة المقدسة.

(مسألة 26): اذا نذر شخص الخروج للمرابطة فان كانت لحفظ بيضة الاسلام وحدود بلاده وجب عليه الوفاء به، وإن لم تكن لذلك وكانت غير مشروعة لم يجب الوفاء به.

وكذا الحال فيما اذا نذر ان يصرف مالاً للمرابطين , ومن ذلك يظهر حال الاجارة على المرابطّّّة.

(مسألة 27): يجوز جعل الامان للكافر الحربي على نفسه أو ماله أو عرضه برجاء أن يقبل الاسلام، فان قبل فهو، والا ردّ الى مأمنه، ولا فرق في ذلك بين أن يكون من قبل وليّ الامر أو من قبل آحاد سائر المسلمين، ويدل عليه قوله تعالى: ((وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ)) (1) وكذا صحيحة جميل ومعتبرة السكوني المتقدمتين في المسألة (20).

وهل يعتبر ان يكون الامان بعد المطالبة فلا يصح ابتداءً؟ فيه وجهان، لايبعد دعوى عدم اعتبار المطالبة في نفوذه، للاية الكريمة وان كان لها ظهور في اعتبار المطالبة في نفوذه بقطع النظر عمّا في ذيلها وهو قوله تعالى : (حتى يسمع كلام الله) الا أنه مع ملاحظته لا ظهور لها في ذلك، حيث أن الذيل قرينة على أن الغرض من إجارة الكافر المحارب هو أن يسمع كلام الله، فان احتمل سماعه جازت اجارته و كانت نافذة، وان لم تكن مسبوقة بالطلب، ثم ان المعروف بين الاصحاب ان حق الامان الثابت لآحاد من المسلمين محدود الى عشرة رؤوس من الكفار

ص: 367


1- سورة التوبة، الاية 6.

وما دونهم، فلا يحق لهم ان يعطوا الامان لاكثر من هذا العدد، ولكن لا دليل على هذا التحديد. فالظاهر أن لواحد من المسلمين أنيعطي الامان لاكثر من العدد المزبور لاجل المناظرة في طلب الحق، وقد ورد في معتبرة مسعدة بن صدقة أنه يجوز لواحد من المسلمين إعطاء الامان لحصن من حصونهم (1).

(مسألة 28): لو طلب الكفار الامان من أحد المسلمين وهم لم يقبلوه، ولكنهم ظنوا انهم قبلوا ذلك، فنزلوا عليهم، كانوا آمنين فلا يجوز للمسلمين أن يقتلوهم أو يسرقوهم، بل يردونهم الى مأمنهم، وقد دلّت على ذلك معتبرة محمد بن الحكيم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (لو ان قوماً حاصروا مدينة فسألوهم الامان فقالوا لا، فظنوا أنهم قالوا نعم، فنزلوا اليهم كانوا آمنين) (2).

وكذا الحال اذا دخل المشرك دار الاسلام بتخيّل الامان بجهة من الجهات.

(مسألة 29): لا يكون أمان المجنون والمكره والسكران وما شاكلهم نافذاً وأما أمان الصبي المراهق فهل يكون نافذاً؟ فيه وجهان: الظاهر عدم نفوذه، لا لأجل عدم صدق المؤمن والمسلم عليه، حيث لا شبهة في صدق ذلك، بل لاجل ما ورد في الصحيحة من عدم نفوذ أمر الغلام ما لم يحتلم. (3).

ص: 368


1- الوسائل ج11 باب 20 من جهاد العدو، الحديث 2.
2- الوسائل ج11 باب 20 من جهاد العدو، الحديث 4.
3- الوسائل ج13 باب 2 من احكام الحجر، الحديث 5.

(مسألة 30): لايعتبر في صحة عقد الأمان من قبل آحاد المسلمين الحرية بل يصح من العبد ايضاً إذ مضافاً الى ما في معتبرة مسعدة (1) من التصريح بصحة عقد الامان من العبد انه لا خصوصية للحر فيه على اساس ان الحق المزبور الثابت له انما هو بعنوان أنه مسلم، ومن هنا لافرق في ذلك بين الرجل والمرأة أيضاً.

(مسألة 31): لايعتبر في صحة عقد الأمان صيغة خاصة، بل يتحقق بكل ما دلّ عليه من لفظ او غيره.

(مسألة 32): وقت الامان أنما هو قبل الاستيلاء على الكفار المحاربين وأسرهم، ,أما بعد الأسر فلا موضوع له.

(مسألة 33): اذا كان أحد من المسلمين أقرّ بالأمان لمشرك، فان كان الاقرار في وقت يكون أمانه في ذلك الوقت نافذاً صح، لان إقراره به في الوقت المزبور أمان له وان لم يصدر أمان منه قبل ذلك، وعليه فلا حاجة فيه الى التمسك بقاعدة من ملك شيئاً ملك الاقرار به.

(مسألة 34): لو أدعى الحربي الأمان من غير من جاء به لم يسمع، وان أقر ذلك الغير بالامان له، على اساس أن الاقرار بالامان انما يسمع اذا كان في وقت كان الامان منه في ذلك الوقت نافذاً، كما اذا كان قبل الاستيلاء والاسر، وأما اذا كان في وقت لايكون الامان منه في ذلك الوقت نافذاً فلا يكون مسموعاً كما اذا كان بعد الاسروالاستيلاء عليه، وفي المقام بما أن اقرار ذلك الغير بالامان له بعد الاسر فلا يكون مسموعاً.

ص: 369


1- الوسائل ج11 باب 20 من جهاد العدو، حديث 2.

نعم لو أدعى الحربي على من جاء به انه عالم بالحال فحينئذ إن اعترف الجائي بذلك ثبت الامان له وان انكره قبل قوله، ولا يبعد توجه اليمين عليه على اساس أن انكاره يوجب تضييع حقه.

واما اذا ادعى الحربي الامان على من جاء به فان اقر بذلك فهو مسموع حيث انه تحت يده واستيلائه، ويترتب على اقراره به وجوب حفظه عليه، وان أنكر ذلك قدّم قوله مع اليمين على الاظهر كما عرفت.

(مسألة 35): لو ادعى الحربي على الذي جاء به الأمان له، ولكن حال مانع من الموانع كالموت او الاغماء او نحو ذلك بين دعوى الحربي ذلك وبين جواب المسلم، لم تسمع ما لم تثبت دعواه بالبينة أو نحوها، وحينئذٍ يكون حكمه حكم الأسير، وقال المحقق في الشرايع: إنه يرّد الى مأمنه ثم هو حرب، ووجهه غير ظاهر. (1)

(الغنائم)

اشارة

(مسألة 36): ان ما استولى عليه المسلمون المقاتلون من الكفار بالجهاد المسلح يكون على ثلاثة أنواع:

النوع الاول: ما يكون منقولاً كالذهب والفضة والفرش والاواني والحيوانات وما شاكل ذلك.

النوع الثاني : ما يسبى كالاطفال والنساء.

النوع الثالث: ما لا يكون منقولاً كالاراضي والعقارات.

أما النوع الاول: فيخرج منه الخمس وصفايا الاموال وقطايع الملوك إذا كانت، ثم يقسم الباقي بين المقاتلين على تفصيل يأتي في ضمن الابحاث الآتية.

ص: 370


1- شرايع الاسلام /139.

نعم، لولي الامر حق التصرف فيه كيفما يشاء حسب ما يرى فيه من المصلحة قبل التقسيم. فإن ذاك مقتضى ولايته المطلقة على تلك الاموال، ويؤكده قول زرارة في الصحيح : (الامام يجري وينفل ويعطي ما يشاء قبل أن تقع السهام، وقد قاتل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم بقوم لم يجعل لهم في الفيء نصيباً، وإن شاء قسم ذلك بينهم) (1)ويؤيد ذلك مرسلة حمّاد بن عيسى عن بعض اصحابنا عن العبد الصالح في حديث قال: (وللامام صفو المال - الى أن قال - وله أن يسّد بذلك المال جميع ما ينو به من مثل إعطاء المؤلفة قلوبهم وغير ذلك) الحديث (2).

واما رواية حفص بن غياث عن ابي عبد الله عليه السلام، قلت : فهل يجوز للامام أن ينفل؟ فقال له : (أن ينفل قبل القتال، وأما بعد القتال والغنيمة فلا يجوز ذلك، لان الغنيمة قد أُحرزت) (3)، ولا يمكن الأخذ بها لضعف الرواية سنداً.

(مسألة37) : لايجوز للمقاتلين الذين استولوا عليه أن يتصرفوا فيه قبل القسمة وضعاً ولا تكليفاً.

نعم يجوز التصّرف فيما جرت السيرة بين المسلمين على التصرف فيه أثناء الحرب كالماكولات والمشروبات وعلف الدواب وما شاكل ذلك بمقدار ما كانت السيرة عليه دون الزائد.

ص: 371


1- الوسائل ج6 باب 1 من ابواب الأنفال، الحديث2.
2- الوسائل ج6 باب 1 من ابواب الأنفال وما يختص بالامام، الحديث4.
3- الوسائل ج11 باب 38 من جهاد العدو، الحديث1.

(مسألة 38): اذا كان المأخوذ من الكفار مما لايصح تملكه شرعاً كالخمر والخنزير وكتب الضلال أو ما شابه ذلك لم يدخل في الغنيمة جزماً، ولا يصح تقسيمه بين المقاتلين، بل لا بُد من اعدامه وإفنائه. نعم يجوز أخذ الخمر للتخليل ويكون للآخذ.

(مسألة 39): الاشياء التي كانت في بلاد الكفار ولم تكن مملوكة لاحد كالمباحات الاصلية مثل الصيود والاحجار الكريمة ونحو ذلك لاتدخل في الغنيمة، بل تظل على اباحتها فيجوز لكل واحد من المسلمين تملكها بالحيازة، نعم إذا كان عليها أثر الملك دخلت في الغنيمة.

(مسألة 40): اذا وجد شيء في دار الحرب كالخيمة والسلاح ونحوهما، ودار أمره بين أن يكون للمسلمين أو من الغنيمة، ففي مثل ذلك المرجع هو القرعة، حيث أنه ليس لنا طريق آخر لتعيين ذلك غيرها. فحينئذٍ إن أصابت القرعة على كونه من الغنيمة دخل في الغنائم، وتجري عليه أحكامها، وان اصابت على كونه للمسلمين فحكمه حكم المال المجهول مالكه.

واما النوع الثاني وهو ما يسبى كالاطفال والنساء، فانه بعد السبي والاسترقاق يدخل في الغنائم المنقولة، ويكون حكمه حكمها، واما حكمه قبل السبي والاسترقاق فقد تقدم.

(مسألة 41): إذا كان في الغنيمة من ينعتق على بعض الغانمين فذهب جماعة الى انه ينعتق عليه بمقدار نصيبه منه وهذا القول مبني على أساس ان الغانم يملك الغنيمة بمجرد الاغتنام والاستيلاء، وهو لايخلو من إشكال، بل منع، فالاقوى عدم الانعتاق، لعدمالدليل على انه يملك بمجرد الاغتنام، بل يظهر من قول زرارة في الصحيحة المتقّدمة آنفاً عدم الملك بمجرد ذلك.

ص: 372

واما النوع الثالث وهو ما لا ينقل كالاراضي او العقارات فان كانت الارض مفتوحة عنوة وكانت محياة حال الفتح من قبل الناس، فهي ملك لعامة المسلمين بلا خلاف بين الاصحاب، وتدل عليه صحيحة الحلبي الآتية وغيرها، وإن كانت مواتاً أو كانت محياة طبيعية ولا ربَّ لها فهي من الأنفال.

الارض المفتوحة عنوة وشرائطها وأحكامها

(مسألة 42): المشهور بين الاصحاب في كون الارض المفتوحة عنوة ملكاً عاماً للامة باعتبار كون الفتح بإذن الامام عليه السلام، والا فتدخل في نطاق ملكية الامام عليه السلام، لا ملكية المسلمين، ولكن اعتباره في ذلك لايخلو من اشكال بل منع، فان ما دل على اعتبار إذن الامام عليه السلام كصحيحة معاوية بن وهب ورواية العباس الوراق (1) مورده الغنائم المنقولة التي تقسم على المقاتلين مع الاذن، وتكون للامام عليه السلام بدونه على أن رواية العباس ضعيفة.

(مسألة 43): الارض المفتوحة عنوة التي هي ملك عام للمسلمين امرها بيد ولي الأمر في تقبيلها بالذي يرى، ووضع الخراج عليها حسب ما يراه فيه من المصلحة كمّاً وكيفاً.

(مسألة 44): لايجوز بيع رقبتها ولا شراؤها على أساس ماعرفت من أنها ملك عام للامة. نعم يجوز شراء الحق المتعلق بها من صاحبه، وقد دلتّ على كلا الحكمين - مضافاً الى انهما على القاعدة - عدة من الروايات، منها صحيحة الحلبي قال سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن السواد ما منزلته؟ فقال: (هو لجميع المسلمين لمن هو اليوم، ولمن يدخل في الاسلام بعد اليوم، ولمن يخلق بعد) فقلت: الشراء من الدهاقين؟: قال (لايصلح الا أن تشتري منهم على أن يصيرها

ص: 373


1- الوسائل ج6 باب 1 من ابواب الأنفال، الحديث4،16.

للمسلمين، فاذا شاء وليّ الامر ان يأخذها أخذها) قلت: فان أخذها منه؟ قال : (يرد عليه رأس ماله، وله ما أكل من غلتها بما عمل) (1).

ولذلك لايصح وقفها ولا هبتها ولاغير ذلك من التصرفات المتوقفة على الملك الاّ اذا كان بإذن وليّ الأمر.

(مسألة 45): يصرف وليّ الأمر الخراج المأخوذ من الاراضي في مصالح المسلمين العاّمة كسدّ الثغور للوطن الاسلامي وبناء القناطر وما شاكل ذلك.

(مسألة 46): يملك المحيي الأرض بعملية الاحياء. سواء أكانت الارض مواتاً بالاصالة أم كانت محياةً ثم عرض عليها الموت لإطلاق النصوص الدالة على تملك المحيي الأرض بالاحياء، منها صحيحة الفضلاء عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهماالسلام) قالا: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أحيى أرضاً مواتاً فهي له) (2) فاذا ماتت الارض المفتوحة عنوة وقام فرد بإحيائها ملكها على أساس أن ملكية الارض المزبورة للأمة متقومة بالحياة. فلا إطلاق لما دل على ملكيتها لهم لحال ما اذا ماتت وخربت.

وعلى تقدير الاطلاق فلا يمكن أن يعارض ما دّل على أنّ كل أرض خربة للامام عليه السلام (3)، حيث ان دلالته عليها بالإطلاق ومقدمات الحكمة، وهو لا يمكن أن يعارض ما دلّ عليها بالعموم وضعاً، وعليه فتدخل الارض التي عرض عليها الموت في عموم ما دلّ على أن من أحيى أرضاً مواتاً فهي له.

ثم انه إذا افترض أن الارض التي هي بيد شخص فعلاً كانت محياة حال الفتح، وشك في بقائها على هذه الحالة، فاستصحاب بقائها حيّة وإن كان جارياً في نفسه الا أنه لايمكن أن يعارض قاعدة اليد التي تجري في المقام وتحكم بأنها

ص: 374


1- الوسائل ج12 باب 21 من ابواب عقد البيع، الحديث4.
2- الوسائل ج17 باب 1 من إحياء الموات، الحديث1.
3- الوسائل ج6 باب 1 من ابواب الأنفال.

ملك للمتصرف فيها فعلاً، على أساس أن احتمال خروجها عن ملك المسلمين بالشراء أو نحوه، أو عروض الموت عليها وقيام هذا الشخص بإحيائها موجود وهو يحقق موضوع قاعدة اليد فتكون محكمة في المقام، ومقتضاها كون الارض المزبورة ملكاً له فعلاً.

ثم أن اقسام أرض الموات وأحكامها وشرائطها مذكورة في كتاب إحياء الموات من المنهاج.

أرض الصلح

(مسألة 47): أرض الصلح تابعة في كيفية الملكية لمقتضى عقد الصلح وبنوده،فان كان مقتضاه صيرورتها ملكاً عاماً للمسلمين كان حكمها حكم الارض المفتوحة عنوة، وتجري عليها ما تجري على تلك الارض من الاحكام والآثار.

وإن كان مقتضاه صيروتها ملكاً للامام عليه السلام كان حكمها حكم الأرض التي لا رب لها من هذه الجهة.

وان كان مقتضاه بقاؤها في ملك أصحابها ظّلت في ملكهم كما كانت غاية الأمر أن وليّ الامر يضع عليها الطسق والخراج من النصف أو الثلث أو أكثر أو أقل.

الارض التي أسلم أهلها بالدعوة

(مسألة 48): الارض التي أسلم عليها اهلها تركت في يدهم إذا كانت عامرة وعليهم الزكاة من حاصلها، العشر أو نصف العشر، وأما إذا لم تكن عامرة فيأخذها الامام عيه السلام ويقبلها لمن يعمرها وتكون للمسلمين، وتدل على ذلك صحيحة البزنطي، قال: ذكرت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام) وما سار به أهل بيته، فقال: (العشر ونصفالعشر على من أسلم طوعاً، وتركت

ص: 375

أرضه في يده، وأخذ منه العشر ونصف العشر فيما عمر منها، ومالم يعمر منها أخذه الوالي فقبله ممن يعمر) الحديث (1).

فصل في قسمة الغنائم المنقولة
اشارة

(مسألة 49): يخرج من هذه الغنائم قبل تقسيمها بين المقاتلين ما جعله الامام عليه السلام جعلاً لفرد على حسب ما يراه من المصلحة، ويستحق ذاك الفرد الجعل بنفس الفعل الذي كان الجعل بإزائه، وهو في الكم والكيف يتبع العقد الواقع عليه. ولا فرق في ذلك بين أن يكون الفرد المزبور (المجعول له) مسلماً أو كافراً، وكذا لا فرق بين كونه من ذوي السهام أو لا. فان الامر بيد الامام عليه السلام وهو يتصرف فيها حسب مايرى فيه من المصلحة، ويؤكد ذلك - مضافاً الى هذا- قول زرارة في الصحيحة المتقدمة في المسألة الحادية والاربعين، ويدخل فيه السلب أيضاً.

(مسألة 50): ويخرج منها أيضاً قبل القسمة ما تكون الغنيمة بحاجة اليه في بقائها من المؤن كأجرة النقل والحفظ والرعي وما شاكل ذلك.

(مسألة 51): المرأة التي حضرت ساحة القتال والمعركة لتداوي المجروحين او ما شابه ذلك باذن الامام عليه السلام لا تشترك مع الرجال المقاتلين في السهام من الغنائم المأخوذة من الكفار بالقهر والغلبة.

نعم، يعطي الامام عليه السلام منها لها مقدار ما يرى فيه مصلحة، وتدل على ذلك معتبرة سماعة عن أحدهما عليه السلام قال : أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خرج بالنساء في الحرب يداوين الجرحى ولم يقسم لهن من الفيء شيءً ولكنه نفلهن (2).

ص: 376


1- الوسائل ج11 باب 72 من جهاد العدو، الحديث2.
2- الوسائل ج11 باب 41 من جهاد العدو، الحديث6.

واما العبيد والكفار الذين يشتركون في القتال باذن الامام عليه السلام فالمشهور بين الاصحاب، بل ادعى عليه الاجماع، انه لاسهم لهم في الغنائم، ولكن دليله غير ظاهر.

(مسألة 52): يخرج من الغنائم قبل القسمة كما مر صفو المال ايضاً وقطائع الملوك والجارية الفارهة والسيف القاطع وما شاكل ذلك على اساس انها ملك طلق للإمام عليه السلام بمقتضى عدة من الروايات، منها :معتبرة داود بن فرقد، قال، قال أبو عبد الله عليه السلام : (قطائع الملوك كلّها للامام (عليه السلام)، وليس للناس فيها شيء.

ومنها معتبرة أبي بصير، عن ابي عبد الله (عليه السلام)، قال : سألته عن صفو المال؟ قال : الامام ياخذ الجارية الروقة والمركب الفاره والسيف القاطع والدرع قبل ان تقسم الغنيمة، فهذا صفو المال (1).

(مسألة 53): يخرج من الغنائم خمسها أيضاً قبل تقسيمها بين المسلمين المقاتلين، ولايجوز تقسيم الخمس بينهم، حيث ان الله تعالى قد جعل له موارد خاصة ومصارف مخصوصة، قال عزّ من قائل : ((وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَإَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ)) (2) والروايات الدالة على ذلك كثيرة.

(مسألة 54): تقسم الغنائم بعد إخراج المذكورات على المقاتلين ومن حضر ساحة القتال ولو لم يقاتل فانه لايعتبر في تقسيم الغنيمة على جيش المسلمين دخول الجميع في القتال مع الكفار، فلو قاتل بعض منهم وغنم وكان الآخر حاضراً في ساحة القتال والمعركة ومتهيئاً للقتال معهم اذا اقتضى الامر ذلك، كانت الغنيمة مشتركة بين الجميع، ولا اختصاص بها للمقاتلين فقط، وهذا

ص: 377


1- الوسائل ج6 باب 1 من ابواب الانفال، الحديث 6و15.
2- سورة الانفال، الآية 41.

بخلاف ما اذا أرسل فرقة الى جهة وفرقة أخرى الى جهة، فلا تشارك احداهما الاخرى في الغنيمة.

وفي حكم المقاتلين الطفل اذا ولد في ارض الحرب وتدل عليه معتبرة مسعدة ابن صدقة، عن جعفر، عن أبيه عن آبائه أن علياً (عليه السلام) قال : (اذا ولد المولود في ارض الحرب قسم له مما أفاء الله عليهم) (1).

والمشهور انه تشترك مع المقاتلين في الغنائم فئة حضروا أرض الحرب للقتال وقد وضعت الحرب اوزارها بغلبة المسلمين على الكفار وأخذ الغنائم منهم قبل خروجهم الى دار الاسلام، فان الغنيمة حينئذ تقسم بين الجميع رغم عدم اشتراك تلك الفئة معهم في القتال. ومدركهم في ذلك رواية حفص بن غياث، قال: كتب اليّ بعض إخواني ان اسال ابا عبد الله عليه السلام عن مسائل من السيرة، فسألته وكتبت بها اليه، فكان فيما سألت:أخبرني عن الجيش اذا غزوا ارض الحرب فغنموا غنيمة ثم لحقهم جيش آخر قبل أن يخرجوا الى دار الأسلام، ولم يلقوا عدواً حتى خرجوا الى دار الاسلام، هل يشاركونهم فيها؟ قال: (نعم) (2).

ولكن بما أن الرواية ضعيفة باعتبار ان القاسم بن محمد الواقع في سندها مردد بين الثقة وغيرها فالحكم لايخلو من اشكال بل منع، وقد يستدل على ذلك بمعتبرة طلحة بن زيد عن جعفر، عن أبيه، عن علي عليه السلام، في الرجل يأتي القوم وقد غنموا ولم يكن ممن شهد القتال قال: فقال: (هؤلاء المحرمون فأمر أن يقسم لهم) (3)، بتقريب ان المراد المحرومون من ثواب القتال لا أنهم محرومون من الغنيمة، وفيه:

ص: 378


1- الوسائل ج11 باب 41 من جهاد العدو، الحديث8 .
2- الوسائل ج11 باب 37 من جهاد العدو، الحديث1.
3- الوسائل ج11 باب 37 من جهاد العدو، الحديث1.

أولاً : أنه لايمكن أن تكون كلمة (هؤلاء) اشارة الى الرجل الذي ياتي القوم بعد أخذهم الغنيمة من الكفار.وثانياً: أن تحريمهم من الثواب لايدل على أن لهم نصيباً في الغنيمة، فان ضمير (لهم) في قوله (عليه السلام) (فأمر أن يقسم لهم) ظاهر في رجوعه الى القوم. وكيف كان فالرواية مجملة، فلا دلالة لها على المقصود أصلاً.

ثم انه بناء على الاشتراك اذا حضروا دار الحرب قبل القسمة، فهل هم مشتركون فيها معهم ايضاً اذا حضروها بعدها؟ المشهور عدم الاشتراك، وهو الظاهر، لانصراف الرواية عن هذه الصورة وظهورها بمناسبة الحكم والموضوع في حضورهم دار الحرب قبل القسمة.

(مسألة 55): المشهور بين الاصحاب أنه يعطى من الغنيمة للراجل سهم، وللفارس سهمان، بل ادعي عدم الخلاف في المسألة، واعتمدوا في ذلك على رواية حفص بن غياث، ولكن قد عرفت آنفاً أن الرواية ضعيفة فلا يمكن الاعتماد عليها، فحينئذ إن ثبت الاجماع في المسألة فهو المدرك والا فما نُسب الى ابن جنيد من أنه يعطي للراجل سهم وللفارس ثلاثة أسهم هو القوي، وذلك لاطلاق معتبرة إسحاق ابن عمار، عن جعفر، عن أبيه أن علياً عليه السلام كان يجعل للفارس ثلاثة اسهم وللراجل سهماً (1)، وعدم المقيد لهما.

وعليه فلا فرق في ذلك بين أن يكون المقاتل صاحب فرس واحد أو أكثر. فما عن المشهور من أن لصاحب فرس واحد سهمين وللأكثر ثلاثة أسهم فلا يمكن إتمامه بدليل، ولا فرق فيما ذكرناه بين أن تكون المقاتلة مع الكفار في البر أو البحر.

ص: 379


1- الوسائل ج11 باب 38 من جهاد العدو، الحديث1.

(مسألة 56): لايملك الكافر الحربي أموال المسلمين بالاستغنام، فلو أخذها المسلم منه سرقة أو هبة أو شراء أو نحو ذلك فلا إشكال في لزوم عودها الى اصحابها من دون غرامة شيء، وان كان الآخذ جاهلاً بالحال حيث ان الحكم - مضافاً الى أنه على القاعدة قد دل عليه قوله (عليه السلام) في صحيحة هشام: (المسلم أحق بماله اينما وجده) (1) واما اذا أخذ تلك الاموال منه بالجهاد والقوة، فان كان الآخذ قبل القسمة رجعت الى اربابها ايضاً بلا اشكال ولا خلاف.

واما اذا كان بعد القسمة، فنسب الى العلامة في النهاية انها تدخل في الغنيمة، ولكن المشهور بين الاصحاب انها ترد الى اربابها وهو الصحيح، اذ يكفي في ذلك قوله (عليه السلام) في صحيحة هشام التي ذكرت آنفاً المؤيدة بخبر طربال، والدليل على الخلاف غير موجودة في المسألة.

واما صحيحة الحلبي، عن ابي عبد الله عليه السلام، قال سألته عن رجل لقيه العدو وأصاب منه مالاً أو متاعاً ثم إن المسلمين أصابوا ذلك، كيف يصنع بمتاع الرجل؟ فقال : (اذا كانوا أصابوه قبل أن يحوزوا متاع الرجل رد عليه، وان كانوا اصابوه بعد ماحازوا فهو فيء للمسلمين فهو أحق بالشفعة) (2)، فهي بظاهرها، وهو التفصيل بين ما قبل الحيازة وما بعدها، فعلى الاول ترد الى اربابها، وعلى الثاني تدخل في الغنيمة مقطوعة البطلان، فانه لا اشكال كما لا خلاف في وجوب الردّ قبل القسمة فلا تدخل في الغنيمة بالحيازة، وحمل الحيازة على القسمة بحاجة الى قرينة وهي غير موجودة.

ص: 380


1- الوسائل ج11 باب 35 من جهاد العدو، الحديث3.
2- الوسائل ج11 باب 35 من جهاد العدو، الحديث2.

وعليه فالقسمة باطلة، فمع وجود الغانمين تقسم ثانياً عليهم بعد إخراج اموال المسلمين، ومع تفرقهم يرجع من وقعت تلك الاموال في حصته الى الامام عليه السلام.

الدفاع

(مسألة 57): يجب على كل مسلم الدفاع عن الدين الاسلامي اذا كان في معرض الخطر، ولا يعتبر فيه إذن الامام عليه السلام بلا اشكال ولا خلاف في المسألة.

ولا فرق في ذلك بين أن يكون في زمن الحضور أو الغيبة، وإذا قتل فيه جرى عليه حكم الشهيد في ساحة الجهاد ضد الكفار، لأنه قتل في سبيل الله. و في صحيحة أبان موضوعٌ للحكم المزبور، قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : الذي يقتل في سبيل الله يدفن في ثيابه ولا يغسل الا ان يدركه المسلمون وبه رمق ثم يموت ) الحديث، وقريب منها صحيحته الثانية (1).

(مسألة 58):تجري على الاموال المأخوذة من الكفار في الدفاع عن بيضة الاسلام أحكام الغنيمة، فان كانت منقولة تقسم بين المقاتلين بعد إخراج الخمس، وان كانت غير منقولة فهي ملك للامة على تفصيل تقّدم , تدل على ذلك اطلاقات الادلة من الآية والرواية.

فما عليه المحقق القّمي - قدس سره - من عدم جريان احكام الغنيمة عليها، وأنها لآخذها خاصة بدون حقّ الآخرين فيها لايمكن المساعدة عليه.

قتال اهل البغي

وهم الخوارج على الامام المعصوم (عليه السلام) الواجبة إطاعته شرعاً، فانه لا اشكال في وجوب مقاتلتهم اذا أمر الامام عليه السلام بها، ولا يجوز لاحد

ص: 381


1- الوسائل ج2 باب 14 من غسل الميت، الحديث 7و9.

المخالفة ولا يجوز الفرار لانه كالفرار عن الزحف في حرب المشركين، والحاصل أنه تجب مقاتلتهم حتى يفيئوا أو يقتلوا.

وتجري على من قتل فيها أحكام الشهيد لانه قتل في سبيل الله.

(مسألة 59): المشهور - بل ادعي عليه الاجماع - انه لايجوز قتل اسراهم ولا الإ جهاز على جريحهم، ولا يتبع مدبرهم اذا لم تبق منهم فئة يرجعون اليها، وأما اذا كانت لهم فئة كذلك فيقتل اسراؤهم ويجهز على جريحم، ويتبع مدبرهم، ولكن اتمام ذلك بالدليل مشكل، فان رواية حفص بن غياث التي هي نص في هذا التفصيل ضعيفة سنداًكما مر، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الطائفتين من المؤمنين احداهما باغية والاخرى عادلة فهزمت العادلة الباغية؟ قال (عليه السلام): (ليس لاهل العدل ان يتبعوا مدبراً ولا يقتلوا أسيراً ولا يجهزوا على جريح، وهذا اذا لم يبق من أهل البغي أحد، ولم يكن فئة يرجعون اليها) الحديث (1).

وعليه فلا يمكن الاعتماد عليها.

واما معتبرة أبي حمزة الثمالي، قال : قلت لعلي بن الحسين (عليه السلام): ان علياً (عليه السلام) سار في أهل القبلة بخلاف سيرة رسول الله صلى الله علية وآله في أهل الشرك قال: فغضب ثم جلس ثم قال: سار والله فيهم بسيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم الفتح، إن علياً كتب الى مالك وهو على مقدمته في يوم البصرة بأن لا يطعن في غير مقبل، ولا يقتل مدبراً ولايجهز على جريح ومن أغلق بابه فهو آمن) الحديث (2). فهي قضية في واقعة فلا يستفاد منها الحكم الكلي كما يظهر من روايتها الاخرى قال: قلت لعلي بن الحسين (عليه السلام): بما سار علي بن ابي طالب (عليه السلام) فقال: (ان ابا اليقظان كان رجلاً حاداً فقال: يا أمير المؤمنين : بم تسير في هؤلاء غداً ؟ فقال : بالمنّ كما سار

ص: 382


1- الوسائل ج11 باب 24 من جهاد العدو، الحديث1.
2- الوسائل ج11 باب 24 من جهاد العدو، الحديث2.

رسول الله صلى الله عليه وآله في أهل مكة) (1) فحينئذ ان تم الاجماع في المسألة فهو، والا فالامر كما ذكرنا فاذن القضية في كل واقعة راجعة الى الامام عليه السلام نفياً واثباتاً حسب ما يراه من المصلحة.

(مسألة 60): لاتسبى ذراري البغاة وان كانوا متولدين بعد البغي، ولا تملك نساؤهم، وكذا لايجوز أخذ اموالهم التي لم يحوها العسكر كالسلاح والدواب ونحوهما.

وهل يجوز أخذ ما حواه العسكر من الاموال المنقولة ؟ فيه قولان عن جماعة القول الاول، وعن جماعة أخرى القول الثاني بل نسب الى ذلك الى المشهور، وهذا القول هو الصحيح ويدل على كلا الحكمين عدّة من الروايات، منها صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : (لولا أن علياً عليه السلام سار في أهل حربه بالكف عن السبي والغنيمة للقيت شيعته من الناس بلاء عظيما) ثم قال: (والله لسيرته كانت خيراً لكم مما طلعت عليه الشمس) (2).

(مسألة 61): يجوز قتل ساب النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) أو أحد الائمة الاطهار (عليهم السلام ) لكل من سمع ذلك، وكذا الحال في ساب فاطمة الزهراء سلام الله عليها.

احكام أهل الذمة

(مسألة 62): تؤخذ الجزية من أهل الكتاب وبذلك يرتفع عنهم القتال والاستعباد ويقرون على دينهم ،ويسمح لهم بالسكنى في دار الاسلام آمنين على أنفسهم وأموالهم. وهم اليهود والنصارى والمجوس بلا اشكال ولا خلاف، بل الصابئة ايضاً على الاظهر،لانهم من أهل الكتاب على ماتدل عليه الآية الكريمة وهي قوله تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هادُوا وَ النَّصارى وَ الصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ

ص: 383


1- التهذيب ج6 ص154، الحديث 272.
2- الوسائل ج11 باب 35 من جهاد العدو حديث 8.

بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الآْخِرِ وَ عَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ)) (1).

والجزية توضع عليهم من قبل النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله)، أو الامام (عليه السلام) حسب ما يراه فيه من المصلحة كماً وكيفاً ولا تقبل من غيرهم كسائر الكفار بلا خلاف، فان عليهم ان يقبلوا الدعوة الاسلامية او يقتلوا، وتدل عليه غير واحدة من الايات الكريمة منها قوله تعالى : ((فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ)) (2) ومنها قوله تعالى : ((قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كلّه لِلَّهِ)) (3) وغيرهما من الايات. وبعموم هذه الايات ترفع اليد عن إطلاق معتبرة مسعدة بن صدقة الدالة باطلاقها على عدم اختصاص اخذ الجزية باهل الكتاب، فقد روي عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال : (ان النبي صلى الله عليه وآله وسلّم) اذا بعث أميراً له على سرية أمره بتقوى الله عزوجل في خاصة نفسه، ثم في اصحابه العامة - الى ان قال : - واذا لقيتم عدواً للمسلمين فادعوهم، الى إحدى ثلاث، فان هو أجابكم اليها فاقبلوا منه وكفّوا عنه وادعوهم الى الاسلام فان دخلوا فيه فاقبلوا منهم وكفوا عنهم، وادعوهم الى الهجرة بعد الاسلام فان فعلوا فاقبلوا منهم وكفوا عنهم - الى أن قال - فان أبو هاتين فادعوهم الى إعطاء الجزية عن يد وهم صاغرون) الحديث (4).

(مسألة 63): الظاهر أنه لافرق في مشروعية أخذ الجزية من أهل الكتاب بين أن يكون في زمن الحضور او في زمن الغيبة لاطلاق الأدلة وعدم الدليل على التقييد ووضعها عليهم في هذا الزمان انما هو بيد الحاكم الشرعي كما وكيفا حسب ما تقتضيه المصلحة العامة للامة الاسلامية.

ص: 384


1- سورة البقرة، الآية 62.
2- سورة محمد صلى الله عليه وآله، الاية 4.
3- سورة الانفال الآية 39
4- الوسائل ج11 باب 18 من جهاد العدو، الحديث3.

(مسألة 64): اذا التزم اهل الكتاب بشرائط الذمة يعاملون معاملة المسلمين في ترتيب احكامهم عليهم كحقن دمائهم وأموالهم وأعراضهم، واذا أخلّوا بها خرجوا عن الذمة على تفصيل يأتي في المسائل المقبلة.

(مسألة 65): اذا ادعى الكفار انهم من أهل الكتاب ولم تكن قرينة على الخلاف سمعت في ترتيب احكام أهل الذمة عليهم، وعدم الحاجة فيه الى إقامة البينة على ذلك. نعم اذا علم بعد ذلك خلافها كشف عن بطلان عقد الذمة.

(مسألة 66): الاقوى ان الجزية لاتؤخذ من الصبيان والمجانين والنساء وذلك لمعتبرة حفص بن غياث التي تدل على كبرى كلية وهي ان أي فرد لم يكن قتله في الجهاد جائزاً لم توضع عليه الجزية، فقد سأل أبا عد الله عليه السلام عن النساء كيف سقطت الجزية عنهن ورفعت عنهن؟ قال : فقال: لان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نهى عن قتل النساء والولدان في دار الحرب - الى أن قالوا - ولو امتنعت أن تؤدي الجزية لم يمكن قتلها، فلما لم يمكن قتلها رفعت الجزية عنها - الى أن قال - وكذلك المقعد من أهلالذمة والأعمى والشيخ الفاني والمرأة والولدان في ارض الحرب فمن أجل ذلك رفعت عنهم الجزية. (1)

وتدل على ذلك في خصوص المجانين معتبرة طلحة بن زيد الآتية وأما المملوك سواء كان مملوكاً لمسلم أم كان لذمي فالمشهور أنه لاتؤخذ الجزية منه وقد عللّ ذلك في بعض الكلمات بانه داخل في الكبرى المشار اليها آنفاً، وهي ان من لم يجز قتله لم توضع عليه الجزية، ولكن الاظهر ان الجزية توضع عليه ،و ذلك لمعتبرة أبي الورد، فقد روى الشيخ الصدوق بسنده المعتبر عن الحسن بن محبوب عن هشام بن سالم، عن أبي الورد، عن ابي جعفر عليه السلام، قال : سألته عن مملوك نصراني لرجل مسلم عليه جزية؟ قال: (نعم انما هو مالكه يفتديه اذا اخذ

ص: 385


1- الوسائل ج11 باب 15 من جهاد العدو، الحديث3.

يؤدي عنه) (1) وروى قريباً منه باسناده عن ابي الورد نفسه (2) الا ان في بعض النسخ في الرواية الثانية (ابا الدرداء) بدل (ابي الورد) والظاهر انه من غلط النسّاخ.

ونسب هذا القول الى الصدوق في المقنع، والى العلامة في التحرير. وأما الشيخ الهرم والمقعد والاعمى فالمشهور بين الاصحاب إنه تؤخذ الجزية منهم لعموم أدلة الجزية وضعف رواية حفص، ولكن الاقوى عدم جواز أخذها منهم فان رواية حفص وان كانت ضعيفة في بعض طرقها الا انها معتبرة في بعض طرقها الاخر وهو طريق الشيخ الصدوق اليه. وعليه فلا مانع من الاعتماد عليها في الحكم المزبور.

(مسألة 67): اذا حاصر المسلمون حصناً من حصون اهل الكتاب فقتل الرجال منهم وبقيت النساء فعندئذ ان تمكن المسلمون من فتح الحصن فهو، وان لم يتمكنوا منه فلهم ان يتوسلوا الى فتحه باية وسيلة ممكنة ولو كانت تلك الوسيلة بالصلح معهن اذا رأى ولي الامر مصلحة فيه وبعد عقد الصلح لايجوز سبيهن لعموم الوفاء بالعقد، فما قيل من جواز اظهار عقد الصلح معهن صورة وبعد العقد المزبور يجوز سبيهن فلا دليل عليه بل هو غير جائز، لانه داخل في الغدر.

واما اذا فتحه المسلمون بأيديهم فيكون امرهن بيد ولي الامر، فان رأى مصلحة في اعطاء الامان لهّن واعطاه لم يجز حينئذ استرقاقهن، وان رأى مصلحة في الاسترقاق والاستعباد تعّين ذلك.

ص: 386


1- الفقيه ج3 باب نوادر العتق، الحديث 9.
2- الوسائل ج11 باب 49 من جهاد العدو، الحديث6.

(مسألة 68): اذا كان الذمي عبداً فاعتق وحينئذ ان قبل الجزية ظل في دار الاسلام، وان لم يقبل منع من الاقامة فيها وأجبر على الخروج الى مأمنه، ولايجوز قتله ولا استعباده على اساس انه دخل دار الاسلام آمناً.

(مسألة 69): تقدم عدم وجوب الجزية على المجنون مطبقاً، واما اذا كان ادوارياً فهل تجب عليه او لا ؟ أو فيه تفصيل؟ وجوه وعن شيخ الطائفة الشيخ الطوسي - قدس سره - اختار التفصيل بدعوى انه يعمل في هذا الفرض بالاغلب، فان كانت الافاقةاكثر واغلب من عدمها وجبت الجزية عليه، وان كان العكس فبالعكس، ولكن هذا التفصيل بحاجة الى دليل ولا دليل عليه، فالعبرة حينئذ انما هي بالصدق العرفي، فان كان لدى العرف معتوهاً لم تجب الجزية عليه والا وجبت. ففي معتبرة طلحة عن ابي عبد الله عليه السلام قال: (جرت السنة ان لا تؤخذ الجزية من المعتوه، ولا من المغلوب عليه عقله) (1).

نعم لو افاق حولاً كاملاً وجبت عليه الجزية في هذا الحول على كل حال.

(مسألة 70): اذا بلغ صبيان أهل الذمة عرض عليهم الاسلام فان قبلوا فهو، والا وضعت الجزية عليهم، وان امتنعوا منها ايضاًَ ردوا الى مأمنهم ولا يجوز قتلهم ولا استعبادهم باعتبار انهم دخلوا في دار الاسلام آمنين.

(مسألة 71): المشهور بين الاصحاب قديماً وحديثاً هو انه لاحد للجزية، بل أمرهم الى الامام عليه السلام كما وكيفاً حسب ما يراه فيه من المصلحة، ويدل على ذلك مضافاً الى عدم تحديدها في الروايات - ما في صحيحة زرارة: أن أمر الجزية الى الامام عليه السلام، يأخذ من كل انسان منهم ما شاء على قدر ما يطيق (2).

ص: 387


1- الوسائل ج11 باب 18 من جهاد العدو، الحديث3.
2- الوسائل ج11 باب 68 من جهاد العدو، الحديث1.

(مسألة 72): اذا وضع ولي الامر الجزية على رؤسهم لم يجز وضعها على أراضيهم، حيث ان المشروع في الشريعة المقدسة وضع جزية واحدة حسب امكاناتهم وطاقاتهم المالية التي بها حقنت دماؤهم وأموالهم، فاذا وضعت على رؤوسهم انتفى موضوع وضعها على الاراضي وبالعكس.

وصحيحتا محمد بن مسلم ناظرتان الى هذه الصورة فقد قال : قلت لابي عبد الله عليه السلام: ارأيت ما يأخذ هؤلاء من هذا الخمس - الى ان قال - وليس للامام أكثر من الجزية إن شاء الامام وضع على رؤوسهم وليس على أموالهم شيء، وان شاء فعلى اموالهم وليس على رؤوسهم شيء. الحديث.

وقال : سألته عن أهل الذمة ماذا عليهم مما يحقنون به دمائهم وأموالهم ؟ قال: (الخراج، وان أخذ من رؤوسهم الجزية فلا سبيل على ارضهم، وان أخذ من ارضهم فلا سبيل على رؤوسهم) (1).

واما اذا وضع ولي الامر قسطاً من الجزية على الرؤوس وقسطاً منها على الاراضي فلا مانع فيه، على أساس أن أمر وضع الجزية بيد ولي الأمر من حيث الكم والكيف. والصحيحتان المزبورتان لا تشملان هذه الصورة فانهما ناظرتان الى ان وضع الجزية كاملاً، اذا كان على الرؤوس انتفى موضوع وضعها على الاراضي وبالعكس، واما تبعيض تلك الجزية ابتداء عليهما معاً فلا مانع منه والاحوط تركه لعدم الدليل.

(مسألة 73): لولي الامر أن يشترط عليهم - زائداً على الجزية - ضيافة المارة عليهم من العساكر أو غيرهم من المسلمين حسب ما يراه فيه مصلحة، من حيث الكموالكيف، على قدر طاقاتهم وامكاناتهم المالية، وما قيل من أنه لابد

ص: 388


1- الوسائل ج11 باب 68 من جهاد العدو، الحديث2 و 3.

من تعيين نوع الضيافة كماً وكيفاً بحسب القوت والادام ونوع علف الدواب وعدد الايام فلا دليل عليه، بل هو راجع الى ولي الامر.

(مسألة 74): ظاهر فتاوى الاصحاب في كلماتهم أن الجزية تؤخذ سنة بعد سنة وتتكرربتكرار الحول ولكن اثبات ذلك بالنصوص مشكل جداً، فالصحيح أن أمرها بيد الامام عليه السلام، وله ان يضع الجزية في كل سنة وله أن يضعها في أكثر من سنة مرة واحدة حسب مافيه من المصلحة.

(مسألة 75): اذا أسلم الذمي قبل تمامية الحول او بعد تماميته وقبل الاداء سقطت عنه بسقوط موضوعها، فان موضوعها حسب ما في الاية الكريمة وغيرها هو الكافر، فاذا أصبح مسلماً، ولو بعد الحول سقطت الجزية ولا تجب عليه تأديتها. ولا فرق في ذلك بين ان يكون الداعي لقبوله الاسلام، أو يكون الداعي له أمراً آخر.

(مسألة 76): المشهور بين الاصحاب انه لو مات الذمي وهو ذمي بعد الحول لم تسقط الجزية عنه واخذت من تركته كالدين، ولكن ذلك مبني على ان يكون جعل الجزية من قبيل الوضع كجعل الزكاة والخمس على الاموال. ولازم ذلك هو أن الذمي لو مات في أثناء الحول مثلاً لاخذت الجزية من تركته بالنسبة. هذا وان كان مذكوراً في كلام بعضهم الا انه غير منصوص عليه في كلمات المشهور، ومن هنا لايبعد ان يقال انها ليست كالدين الثابت على ذمته حتى تخرج من تركته بعد موته مطلقاً ،بل المستفاد من الدليل هو أن الواجب عليه انما هو الاعطاء عن يد وهو صاغر. فاذا مات انتفى بانتفاء موضوعه، وبذلك يظهر حال ما اذا مات في اثناء الحول بل هو اولى بالسقوط.

(مسألة 77): يجوز أخذ الجزية من ثمن الخمور والخنازير والميتة من الذمي حيث ان وزره عليه لا على غيره. وتدل عليه صحيحة محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن صدقات أهل الذمة وما يؤخذ من جزيتهم من

ص: 389

ثمن خمورهم وخنازيرهم وميتتهم؟ قال (عليهم الجزية في أموالهم، تؤخذ من ثمن لحم الخنزير أو الخمر، فكل ما أخذوا منهم من ذلك فوزر ذلك عليهم وثمنه للمسلمين حلال، يأخذونه في جزيتهم) (1).

(مسألة 78): لا تتداخل جزية سنين متعددة اذا اجتمعت على الذمي بل عليه ان يعطي الجميع الا اذا رأى ولي الامر مصلحة في عدم الاخذ.

شرائط الذمة

(مسألة 79): من شرائط الذمة ان يقبل اهل الكتاب اعطاء الجزية لولي الامر على الكيفية المذكورة، فانه مضافاً الى التسالم بين الاصحاب يدل عليه الكتاب والسنةومنها: ان لايرتكبوا ما ينافي الامان كالعزم على حرب المسلمين وامداد المشركين في الحرب وما شاكل ذلك. وهذا الشرط ليس من الشروط الخارجية بل هو داخل في مفهوم الذمة فلا يحتاج اثباته الى دليل آخر.

(مسألة 80): المشهور بين الاصحاب ان التجاهر بالمنكرات كشرب الخمر وأكل لحم الخنزير والربا والنكاح بالاخوات وبنات الاخ وبنات الاخت وغيرها من المحرمات كالزنا واللواط ونحوهما يوجب نقض عقد الذمة.

ومن هذا القبيل عدم احداث الكنائس والبِيَع وضرب الناقوس وما شاكل ذلك مما يوجب اعلان اديانهم وترويجها بين المسلمين. هذا فيما اذا اشترط عدم التجاهر بتلك المحرمات والمنكرات في ضمن عقد الذمة واضح.

واما اذا لم يشترط عدم التجاهر بها في ضمن العقد المزبور فهل التجاهر بها يوجب النقض ؟ فيه وجهان، فعن العلامة في التذكرة والتحرير والمنتهى الوجه الثاني، ولكن الاظهر هو الوجه الاول وذلك لصحيحة زرارة فقد روي عن أبي

ص: 390


1- الوسائل ج11 باب 70 من جهاد العدو، الحديث1.

عبد الله عليه السلام قال : (ان رسول الله صلى الله عليه وآله قبل الجزية من أهل الذمة على ان لايأكلوا الربا ولا يأكلوا لحم الخنزير ولا ينكحوا الاخوات ولا بنات الاخ ولا بنات الاخت، فمن فعل ذلك منهم برئت منه ذمة الله وذمة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال : (وليس لهم اليوم ذمة) (1).

فان مقتضى ذيل الصحيحة وهو قوله عليه السلام: (ليس لهم اليوم ذمة) هو أن التجاهر بها يوجب نقض الذمة وانتهاءها ،وانها لاتنسجم معه. وبما أن أهل الكتاب كانوا في زمان الخلفاء متجاهرين بالمنكرات المزبورة فلاجل ذلك نفى عنهم الذمة.

واما غير ذلك كارتفاع جدارنهم على جدران المسلمين وعدم تميزهم في اللباس والشعر والركوب والكنى والالقاب ونحو ذلك مما لاينافي مصلحة عامة للاسلام او المسلمين فلا دليل على انه يوجب نقض الذمة.

نعم لولي الامر اشتراط ذلك في ضمن العقد اذا رأى فيه مصلحة.

(مسألة 81): يشترط على أهل الذمة ان لايربوا اولادهم على الاعتناق أديانهم - كاليهودية او النصرانية او المجوسية او نحوها - بأن يمنعوا من الحضور في مجالس المسلمين ومراكز تبليغهم والاختلاط مع أولادهم، بل عليهم تخلية سبيلهم في اختيار الطريقة وبطبيعة الحال انهم يختارون الطريقة الموافقة للفطرة وهي الطريقة الاسلامية. وقد دلت على ذلك صحيحة فضيل بن عثمان الأعور عن أبي عبد الله عليه السلام انه قال : (ما من مولود يولد الا على الفطرة فأبواه اللذان يُهوّدانه ويُنصّرانه ويُمجّسانه وانمااعطى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذمة وقبل الجزية عن رؤوس اولئك باعيانهم على أن لا يهوّدوا أولادهم ولا يُنصّروا واما أولاد اهل الذمة اليوم فلا ذمة لهم) (2).

ص: 391


1- الوسائل ج11 باب 48 من جهاد العدو، الحديث1.
2- الوسائل ج11 باب 48 من جهاد العدو، الحديث3.

(مسألة 82): اذا أخل اهل الكتاب بشرائط الذمة بعد قبولها خرجوا منها. وعندئذٍ هل على ولي الامر ردهم الى مامنهم أوله قتلهم او استرقاقهم؟ فيه قولان: الاقوى هو الثاني حيث انه لا أمان لهم بعد خروجهم عن الذمة، ويدل على ذلك قوله عليه السلام في ذيل صحيحة زرارة المتقدمة آنفاً : فمن فعل ذلك منهم برئت منه ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم. فان ظاهر البراءة هو أنه لا أمان له، ومن الظاهر أن لزوم الرد الى مأمنه نوع أمان له.

فاذن على ولي الامر ان يدعوهم الى اعتناق الاسلام فان قبلوا فهو، والا فالوظيفة التخيير بين قتلهم وسبى نسائهم وذراريهم وبين استرقاقهم أيضاً.

(مسألة 83): اذا أسلم الذمي بعد اخلاله بشرط من شرائط الذمة سقط عنه القتل والاسترقاق ونحوهما مما هو ثابت حال كفره. نعم لا يسقط عنه القود والحد ونحوهما مما ثبت على ذمته، حيث لايختص ثبوته بكونه كافراً، وكذا لاترتفع رقبته بالاسلام اذا أسلم بعد الاسترقاق.

(مسألة 84): يكره الابتداء بالسلام على الذمي وهو مقتضى الجمع بين صحيحة غياث بن أبراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام، قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام لاتبدؤا اهل الكتاب بالتسليم، واذا سلموا عليكم فقولوا : وعليكم) (1).

وصحيحة ابن الحجاج قال: قلت لابي الحسن عليه السلام أرأيت ان احتجت الى طبيب وهو نصراني أسلم عليه وادعو له ؟ قال نعم أنه لاينفعه دعاؤك) (2). فان مورد الصحية الثانية وان كان فرض الحاجة الا ان الحاجة انما هي في المراجعة الى الطبيب النصراني لا في السلام عليه. اذ يمكن التحية له بغير

ص: 392


1- الوسائل ج8 باب 49 من احكام العشرة، الحديث1.
2- الوسائل ج8 باب 53 من احكام العشرة، الحديث1.

لفظ السلام مما هو متعارف عنده، على أن التعليل في ذيل الصحيحة شاهدعلى أنه لا مانع منه مطلقاً حيث أن الدعاء لا يفيده.

واما اذا ابتدأ الذمي بالسلام على المسلم فالاحوط وجوب الرد عليه بصيغة عليك او عليكم او بصيغة (سلام) فقط.

(مسألة 85): لايجوز لاهل الذمة احداث الكنائس والبيع والصوامع وبيوت النيران في بلاد الاسلام، واذا احدثوها خرجوا عن الذمة فلا أمان لهم بعد ذلك.

هذا اذا اشترط عدم احداثها في ضمن العقد، واما اذا لم يشترط لم يخرجوا منها ولكن لولي الامر هدمها اذا رأى فيه مصلحة ملزمة.واما اذا كانت هذه الامور موجودة قبل الفتح فحينئذ ان كان ابقاؤها منافياً لمظاهر الاسلام وشوكته فعلى ولي الامر هدمها وازالتها، والا فلا مانع من اقرارهم عليها، كما ان عليهم هدمها اذا اشترط في ضمن العقد.

(مسألة 86): المشهور أنه لا يجوز للذمي ان يعلو بما استجده من المساكن على المسلمين وعن المسالك انه موضع وفاق بين المسلمين، ولكن دليله غير ظاهر. فان تم الاجماع والا فالامر راجع الى ولي الامر

نعم اذا كان في ذلك مذلة للمسلمين وعزة للذمي لم يجز.

(مسألة 87): المعروف بين الاصحاب عدم جواز دخول الكفار اجمع في المساجد كلها، ولكن اتمام ذلك بدليل مشكل الا اذا أوجب دخولهم الهتك فيها أو تلوثها بالنجاسة.

نعم لايجوز دخول المشركين خاصة في المسجد الحرام جزماً.

ص: 393

(مسألة 88): المشهور بين الفقهاء ان على المسلمين ان يخرجوا الكفار من الحجاز ولا يسكنوا فيه، ولكن اتمامه بالدليل مشكل.

المهادنة

(مسألة 89): يجوز المهادنة مع الكفار المحاربين اذا اقتضتها المصلحة للاسلام او المسلمين، ولا فرق في ذلك بين ان تكون مع العوض او بدونه، بل لا بأس بها مع إعطاء ولي الأمر العوض لهم اذا كانت فيه مصلحة عامة.

نعم اذا كان المسلمون في مكان القوة والكفار في مكان الضعف بحيث تعلم الغلبة عليهم لم تجز المهادنة.

(مسألة 90): عقد الهدنة بيد ولي الامر حسب ما يراه فيه من المصلحة، وعلى هذا فبطبيعة الحال تكون مدته من حيث القلة والكثرة بيده حسب ما تقتضيه المصلحة العامة.

ولا فرق في ذلك بين أن تكون مدته اربعة اشهر أو أقل أو أكثر، بل يجوز جعلها اكثر من سنة اذا كانت فيه مصلحة، واما ما هو المشهور بين الفقهاء من أنه لايجوز جعل المدة أكثر من سنة فلا يمكن اتمامه بدليل.

(مسألة 91): يجوز لولي الامر ان يشترط على الكفار في ضمن العقد أمراً سائغاً ومشروعاً كارجاع اسارى المسلمين وما شاكل ذلك، ولا يجوز اشتراط امر غير سائغ كإرجاع النساء المسلمات الى دار الكفر وما شابه ذلك.

(مسألة 92): اذا هاجرت النساء الى دار الاسلام في زمان الهدنة وتحقق اسلامهن لم يجز ارجاعهن الى دار الكفر، بلا فرق بين أن يكون اسلامهن قبل الهجرة او بعدها. نعم يجب اعطاء ازواجهن ما انفقوا من المهور عليهنّ.

ص: 394

(مسألة 93): لو ارتدت المرأة المسلمة بعد الهجرة من دار الكفر الى دار الاسلام لم ترجع الى دار الكفر ويجري عليها حكم المسلمة المرتدة في دار الاسلام ابتداء من الحبس والضرب في اوقات الصلاة حتى تتوب أو تموت.

(مسألة 94): اذا ماتت المرأة المسلمة المهاجرة بعد مطالبة زوجها المهر منها وجب رده اليه أن كان حياً والى ورثته ان كان ميتاً.

واما اذا كانت المطالبة بعد موت الزوجة فالظاهر عدم وجوب رده اليه، لان ظاهر الآية الكريمة هو أن رد المهر انما هو عوض رد الزوجة بعد مطالبة الزوج اياها، واذا ماتت انتفى الموضوع.

كما انه لو طلقها بائناً بعد الهجرة لم يستحق المطالبة. على اساس ان ظاهر الاية هو أنه لايجوز ارجاع المراة المزبورة بعد المطالبة، وانما يجب ارجاع المهر اليه بدلاً عن ردها، فاذا طلقها بائنا فقد انقطعت علاقته عنها نهائياً فليس له حق المطالبة بارجاعها حينئذ.

هذا بخلاف ما اذا طلقها رجعياً حيث أن له حق المطالبة بارجاعها في العدة باعتبار انها زوجة له، فاذا طالب فيها وجب رد مهرها اليه.

(مسألة 95): اذا اسلمت زوجة الكافر بانت منه، ووجبت عليها العدة اذا كانت مدخولاً بها، فاذا اسلم الزوج وهي في العدة كان أحق بها. وتدل على ذلك عدة من الروايات منها معتبرة السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليه السلام أن أمرأة مجوسية اسلمت قبل زوجها قال عليّ (عليه السلام) : (اتسلم) قال لا ففرق بينهما ثم قال: (ان اسلمت قبل انقضاء عدتها فهي امرأتك، وان انقضت عدتها قبل ان تسلم ثم اسلمت فانت خاطب من الخطاب) (1).

ص: 395


1- التهذيب ج7 صفحة 301، الحديث 1257.

وفي حكمها ما اذا اسلمت في عدتها من الطلاق الرجعي، فاذا اسلم الزوج بعد اسلام زوجته المهاجرة في عدتها من طلاقها طلاقاً رجعياً كان أحق بها، ووجب عليه رد مهرها ان كان قد اخذه.

واما اذا اسلم بعد انقضاء العدة فليس له حق الرجوع بها فانه - مضافاً الى انه مقتضى القاعدة - تدل عليه ردُ معتبرة السكوني وغيرها.

(مسألة 96): اذا هاجر الرجال الى دار الاسلام واسلموا في زمان الهدنة لم يجز ارجاعهم الى دار الكفر، لان عقد الهدنة لايقتضي أزيد من الأمان على أنفسهم وأعراضهم وأموالهم ما داموا على كفرهم في دار الاسلام، ثم يرجعوهم الى مأمنهم.

واما اذا اسلموا فيصبحون محقوني الدم والمال بسبب اعتناقهم الاسلام. وحينئذ خرجوا عن موضوع عقد الهدنة فلا يجوز ارجاعهم الى موطنهم بمقتضى العقد المذكور. هذا اذا لم يشترط في ضمن العقد إعادة الرجال، وأما اذا اشترط ذلك في ضمن العقدفحينئذ ان كانوا متمكنين بعد اعادتهم الى موطنهم من اقامة شعائر الاسلام والعمل بوضائفهم الدينية بدون خوف فيجب الوفاء بالشرط المذكور والا فالشرط باطل.

(مسألة 97): اذا هاجرت نساء الحربيين من دار الكفر الى دار الاسلام واسلمت لم يجب ارجاع مهورهن الى ازواجهن، لاختصاص الآية الكريمة الدالة على هذا الحكم بنساء الكفار المعاهدين بقرينة قوله تعالى : ((واسئلوا ما انفقتم وليسئلوا ما انفقوا)) (1) باعتبار ان السؤال لا يمكن عادة الا من هؤلاء الكفار على ان الحكم على القاعدة.

ص: 396


1- سورة الممتحنة الآية 10.

والحمد لله أوّلاً وآخراً.

ص: 397

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.