تَحریرُ مَبَاني الأَحکام المجلد 4

هویة الکتاب

تَحریرُ مَبَاني الأَحکام

تقریر لابحاث آیه الله العظمی المرجع الدینی الشیخ شمس الدین الواعظی (دام ظله)

الديات

مؤلف: السید عبدالستار کامل موسوي

المجلدات: 4

ص: 1

اشارة

ص: 2

كتاب الديات

ص: 3

ص: 4

بسم الله الرحمن الرحیم

كتاب الديات

الدية: هي المال المفروض في الجناية على النفس أو الطرف أو الجرح أو نحو ذلك(1).

_______________________________________________________________

(1) الدية بالكسر حقّ القتل، والجمع ديات والأصل ودية مثل وعدة والهاء عوض، يقال ودي القاتل القتيل بدية دمه إذا أعطى وليه المال الذي هو بدل النفس، ثم قيل لذلك الدية تسمية بالمصدر، وأيديت أخذت الدية(1) وقال في الرياض: الديات جمع دية بتخفيف الياء، وهي المال الواجب بالجناية على الحر في نفس أو ما دونها، وربما اختصت بالمقدر بالأصالة وأطلق على غيره اسم الأرش والحكومة .

والمراد بالعنوان ما يعم الامرين وهاؤها عضو من واو فاء الكلمة يقال وديت القتيل أعطيت ديته، وربما تسمى الدية لغة عقلاً لمنعها من التجري علىالدماء، فإن من معاني العقل المنع(2).

ص: 5


1- مجمع البحرين / مادة وديه .
2- الرياض /16/ 343 .

المسألة 203: تثبت الدية في موارد الخطأ المحض، أو الشبيه بالعمد أو فيما لا يكون القصاص فيه أو لا يمكن، وأمّا ما ثبت فيه القصاص بلا ردّ شيء فلا تثبت فيه الدية إلا بالتراضي والتصالح، سواء أكان في النفس أم كان في غيرها، وقد تقدم حكم ما يستلزم القصاص فيه الرد(1).

_______________________________________________________________

الديات جمع دية والهاء بدل عن واو وديه، ويقال دين القاتل القتيل بديه دمه ودية القتيل أي أديت ديته، والخلاصة هي المال الواجب على الحر بالنفس، أو الطرف، أو الجرح، وهي قد تكون محدودة، كدية الجنين قبل ولوج الروح مائة دينار، ودية النطفة عشرون، ودية العلقة أربعون، والمضغة ستون، ثم العظم ثمانون، فإذا أكمل فديته ألف دينار في الذكر، والأنثى خمسمائة .

قال في الرياض: والأصل فيها قبل الإجماع الكتاب والسنة، قال الله سبحانه: «وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ»(1) والسنة متواترة مضى جملة منها وسيأتي إلى جملة أخرى منها الإشارة في تضاعيف الأبحاث الآتية(2).

(1) الدية تثبت في موارد الأول: قتل الخطأ، الثاني: شبيه بالعمد الثالث: العمد مع التراضي سواء كان الأقل من الدية أو الأكثر، وفيما لا يمكنالقصاص، كقتل الوالد لولده، أو لم يكن القصاص، كما لو بادر أحد الأولياء إلى قتله بالنسبة إلى حصص الباقين، أو مات القاتل، أو كان القاتل عاقلاً والمقتول مجنوناً وغير ذلك .

ص: 6


1- سورة النساء الآية / 92 .
2- الرياض / 16 / 343 .

................................

والمراد من العمد أن يكون عامداً في فعله ويكون قاصداً، قال في المسالك: وضابط العمد أن يكون عامداً في فعله وقصده(1)، والخطأ هو أن يرمي طائراً فيصيب إنساناً، وشبيه العمد أن يكون عامداً في فعله وهو الضرب للتأديب، ولكن غير قاصد للقتل، وكذا علاج الطبيب فيتفق الموت به، أو الضرب بما لا يقتل غالباً وصدفة يقع الموت، وهذه الثلاثة تقع في النفس والطرف .

أمّا في النفس فقد تقدم مفصلاً في كتاب القصاص، وأمّا الطرف فالمسألة غير خلافية، و متفق عليها، مضافاً إلى ما ورد في صحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: سألته عن السن والذراع يكسران عمداً، لهما أرش، أو قود، فقال: قود ؟ قال قلت: فإن أضعفوا الدية، قال: إن أرضوه بما شاء فهو له»(2)، ومعتبرة إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) فيما كان من جراحات الجسد أنَّ فيها القصاص، أو يقبل المجروح دية الجراحة فيعطاها»(3).

وتؤيد ذلك رواية الحكم بن عتيبة عن أبي جعفر (علیه السلام) «قال،قلت: ما تقول في العمد والخطأ في القتل والجراحات، قال، فقال: ليس الخطأ مثل العمد، العمد فيه القتل، والجراحات فيها القصاص، والخطأ في القتل والجراحات فيها الديات»(4).

ص: 7


1- المسالك / 15 / 315 .
2- الوسائل باب 13 من أبواب قصاص الطرف ح4 .
3- الوسائل باب 13 من أبواب قصاص الطرف ح3 .
4- الوسائل باب 13 من أبواب قصاص الطرف ح1 .

المسألة 204: دية قتل المسلم متعمداً مائة بعير(1) فحل من مسان الأبل، أو مائتا بقرة أو ألف دينار _ وكل دينار يساوي ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي من الذهب المسكوك _ أو ألف شاة أو عشرة آلاف درهم وكل درهم يساوي 6/12 حمصة من الفضة المسكوكة _ فعشرة دراهم تساوي خمسة مثاقيل صيرفية وربع المثقال _ أو مائتا حلة وكل حلة ثوبان .

_______________________________________________________________

(1) في موارد منها تعين الدية، أو يصالح عليها، أو لا يكون مورداً للقصاص، أو لا يمكن، والمسألة غير خلافية، وقد ادعى البعض الإجماع والعمدة الروايات الواردة في الباب .

منها: صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج «قال: سمعت ابن أبي ليلى يقول: كانت الدية في الجاهلية مائة من الأبل فأقرّها رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلّم) ثم أنّه فرض على أهل البقر مائتي بقرة، وفرض على أهل الشاة ألف شاة ثنيّة وعلى أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق عشرة آلاف درهم، وعلى أهل اليمن الحلل مائتي حلة، قال عبد الرحمن بن حجاج: فسالت أبا عبد الله (علیه السلام) عما روى بن أبي ليلى فقال: كان علي (علیه السلام) يقول: الدية ألف دينار وقيمة الدينار عشرة دراهم، وعشرة آلاف لأهل الأمصار، وعلى أهل البوادي مائة من الإبل، ولأهل السواد مائتا بقرة، أو ألف شاة»(1) .ومنها: ما وروي عن ابن أبي عمير في الصحيح عن جميل بن دراج في الدية «قال: ألف دينار، أو عشرة آلاف درهم، ويؤخذ من أصحاب الحلل الحلل، ومن أصحاب الإبل الإبل، ومن أصحاب الغنم الغنم، ومن أصحاب البقر البقر»(2).

ص: 8


1- الوسائل باب 1 من أبواب ديات النفس ح1.
2- الوسائل باب 1 من أبواب ديات النفس ح4 .

وقيل لابد أن يكون من أبراد اليمن وهو غير ثابت(1).

_______________________________________________________________

ويظهر من الروايتين أنّها وردت لأجل التسهيل للمكلفين لا في مقام أن يتعين كل منها لأهله فالمكلف مخير بين دفع أي شيء منها، نعم هناك رواية عن محمد بن مسلم وزرارة عن أحدهما C في الدية «قال هي مائة من الإبل، وليس فيها دنانير ولا دراهم ولا غير ذلك»(1)، ولكن لا يمكن العمل بها لأنّها مضافاً إلى الروايات الصحاح المستفيضة لم يؤخذ بها ولذلك لابد من طرحها أو تأويلها بما لا ينافي ذلك .

(1) كما عيله الشهيد الأول: كل حلة ثوبان من برود اليمن(2) والمحقق مائتا حلة كل حلة ثوبان من برود اليمن(3)، والعلامة في التحرير كذلك(4) ويقال من باب الاحتياط وينسب القول إلى المشهور، وإلى بعض أهل اللغة والحق كفاية الثوبين من أي قسم كان يمني وغير يمني، لعدم الدليلبالاختصاص اليمني، وهنا لابد من بيان أمور:

الأول: أن حد سن الإبل لابد أن تكون مسنة، وهي التي أكملت الخامسة ودخلت في السادسة، والمسألة غير خلافية، فعن الغنية: دية الحر المسلم في قتل العمد مائة من مسان الابل(5)، والسرائر: ومائة من مسان الإبل إن كان من أصحاب الإبل(6)،

ص: 9


1- الوسائل باب 2 من أبواب ديات النفس ح7 .
2- اللمعة الدمشقية / 10 / 176 .
3- شرائع الإسلام / 5 / 245 .
4- تحرير الاحكام / 5 / 561 .
5- الغنية / 1 / 412 .
6- السرائر / 3 / 351 .

................................

وكشف اللثام: مائة من مسان الإبل عندنا وهي الكبار(1).

الثاني: إن المتفق عليه لابد أن تكون ألف شاة، وقد ورد ذلك في روايات كثيرة، وما ورد في بعض الروايات ألفا شاة كما في صحيحة ابن سنان «قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول _ في حديث _ إن الدية مائة من الإبل، وقيمة كل بعير من الورق مائة وعشرون درهماً، أو عشرة دنانير ومن الغنم قيمة كل بعير من الإبل عشرون شاة»(2)، وصحيحة معاوية بن وهب، «قال: سألت أبا عبدالله (علیه السلام) عن دية العمد، فقال مائة من فحولة الإبل المسان، فإن لم يكن إبل فمكان كل جمل عشرون من فحولة الغنم»(3) ومعتبرة أبي بصير «قال: سألته عن دية العمد الذي يقتل الرجل عمداً قال، فقال: مائة من فحولة الإبل المسان، فإن لم يكن الإبل فمكان كل جمل عشرون منفحولة الغنم»(4).

ولا يخفى بأن هاتين الروايتين شاذتان، فلابد من طرحهما، مضافاً إلى معارضتهما بأن الدية بالنسبة إلى الشاة تكون ألف شاة أو تحمل على التقية لأنّها موافقة للعامة، وقلنا بأن الدية من الدراهم تكون عشرة آلاف كما ورد في صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج وفي صحيحة جميل وفي صحيحة عبد الله ابن سنان أن الدية إذا كانت من الدراهم كانت اثني عشر ألف درهم «قال: وسمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول: من قتل مؤمناً متعمداً قيْد منه، إلا أن يرضى أولياء المقتول أن يقبلوا الدية، فإن رضوا بالدية، وأحب ذلك القاتل فالدية اثنا عشر ألفاّ أو ألف دينار،

ص: 10


1- كشف اللثام / 11 / 305 .
2- الوسائل باب 1 من أبواب ديات النفس ح3 .
3- الوسائل باب 2 من أبواب ديات النفس ح2 .
4- الوسائل باب 2 من أبواب ديات النفس ح3.

المسألة 205: تستوفى دية العمد في سنة واحدة من مال الجاني ويتخير الجاني بين الأصناف المذكورة، فله اختيار أيّ صنف شاء وإن كان أقلها قيمة، وهو عشرة آلاف درهم أو مائتا حلة في زماننا هذا وليس لولي المقتول إجباره على صنف خاص من الأصناف المذكورة(1).

_______________________________________________________________

أو مائة من الإبل وإن كان في أرض فيها الدنانير فالف دينار وإن كان في أرض فيها الإبل، فمائة من الإبل، وإن كان في أرض فيها الدراهم فدراهم بحساب ذلك اثنا عشر ألفا»(1) وفي صحيحة عبد الله بن زرارة عن أبي عبد الله(علیه السلام) «قال: الدية ألف دينار أو اثنا عشر ألف درهم، أو مائة من الإبل، وقال: إذا ضربت الرجل بحديدة فذلك العمد»(2)، فلابد من طرح هاتين الروايتين، لأنّهما مخالفتان للروايات الصحيحة المعول عليها ولم يعمل بهما أحد فتحمل على التقية لموافقتهما العامة .

(1) والمسألة غير خلافية، وفي الغنية الإجماع عليه قال: وتجب هذه الدية في مال القاتل إلى أن قال وتستأدى في ثلاث السنتين بلا خلاف من أصحابنا(3) والعمدة صحيحة أبي ولاد عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: كان علي (علیه السلام) يقول: تستأدي دية الخطأ في ثلاث سنين، وتستأذي دية العمد في سنة»(4) خلافاً لأبي حنيفة حيث أجلها ثلاث سنين .

أمّا كفاية التخيير لأن المسألة غير خلافية، وقد ذكر ذلك صاحب التحرير: أن يبذل أي أصناف الديات شاء في الخطأ المحض والشبيه بالعمد وأمّا في العمد،

ص: 11


1- الوسائل باب 1 من أبواب ديات النفس ح9 .
2- الوسائل باب 1 من أبواب ديات النفس ح10 .
3- الغنية / 1 / 413 .
4- الوسائل باب 4 من أبواب ديات النفس ح1 .

................................

فإن وقع الصلح بينه وبين الولي على الدية مطلقاً تخيير أيضاً بين المسان من الإبل أو ما ذكر من باقي الأنواع(1) قال في السرائر: وكل واحد من هذه الأجناس الستة أصل في نفسه وليس بعضه بدلاً عن بعض(2)وفي المسالك: ولا تجب الدية إلا صلحاً كما هو مذهب المصنف والأكثر ففائدته تظهر معالتراضي بالدية من غير تقييد، فيتخير في أدائها من أحد الأمور الستة وإلى ذلك أشار بقوله مع التراضي بالدية(3)، وقد ذكروا الإجماع عليه، كما ورد في عدة روايات، وقد ورد فيها كلمة (أو) الظاهر في التخيير كما في صحيحة عبد الله بن زرارة عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: الدية ألف دينار، أو اثنا عشر ألف درهم أو مائة من الإبل وقال: إذا ضربت الرجل بحديد فذلك العمد»(4)، وصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (علیه السلام) «يقول: من قتل مؤمناً متعمداً قيْد منه، إلا أن يرضى أولياء المقتول إن يقبلوا الدية، فإن رضوا بالدية وأحب ذلك القاتل، فالدية اثنا عشر ألفاً أو ألف دينار، أو مائة من الإبل، وإن كان في أرض فيها دنانير فألف دينار»(5) .

وأمّا ما ورد فيها كلمة (أو) فإن الظاهر منها الجمع ولكن لابد أن تحمل على التخيير للاتفاق على عدم وجوب الجمع، وفي رواية عبد الرحمن بن الحجاج قال: سمعت ابن أبي ليلى يقول: كانت الدية في الجاهلية مائة من الإبل فأقرها رسول لله (صلی الله علیه و آله وسلّم) ثم أنّه فرض على أهل البقر مائتي بقرة وفرض على أهل الشاة ألف شاة

ص: 12


1- تحرير الاحكام / 5 / 564 .
2- السرائر / 3/ 345 .
3- المسالك / 15 / 316 .
4- الوسائل باب 1 من أبواب ديات النفس ح10 .
5- الوسائل باب 1 من أبواب ديات النفس ح9 .

المسألة 206: دية شبه العمد أيضاً أحد الأمور الستة(1).

_______________________________________________________________

ثنيّة، وعلى أهل الذهب ألف دينار وعلى أهل الورق عشرة آلاف درهم، وعلىأهل اليمن الحلل مائتي حلة، قال عبد الرحمن بن الحجاج «فسالت أبا عبد الله (علیه السلام) _ عمّا روى ابن أبي ليلى _ فقال: كان علي (علیه السلام) يقول: الدية ألف دينار»(1) ويظهر منها أن كل من أصناف الديات لأهله خاصة ومنها صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج المتقدمة .

ولكن لا إشكال في عدم إمكان الأخذ بظاهرها، لأن الإجماع على خلافها، بل إنّها وردت في مقام الإرفاق، خصوصاً وأن الروايات الدالة على التخيير، دالة على عدم الأخذ بظهورها، كما أنّه لا يمكن القول بالترتيب بعد أن فرض أن الأصحاب لم يقولوا به، بل قالوا بالتخيير، فإن الجاني مخير في دفع أي واحد شاء ولو كان أقلّ قيمة، فإذا فرض أن عليه التخيير فلا يكون لولي المقتول إجباره على صنف معين .

(1) والمسألة غير خلافية لإطلاق الأدلة، فإن ما دل على أن دية القتل أحد تلكم الأمور فغير مختص بالعمد، وأيضاً لابد أن تدفع الدية من مال الجاني بنفسه أيضاً، وادعى البعض الإجماع عليه لا على العاقلة لأنّه خلاف القاعدة لأنّ العمل صدر منه، فهو الذي لابد أن يدفع الدية، وإطلاق الآية يشمل المقام: «وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ»(2) إذاً فيدفع الجاني الدية بنفسه، لصحيحة زرارة قال «سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل قتل رجلاً خطأ في أشهر الحرم، فقال: عليه الدية وصوم شهرين متتابعين من اشهر الحرم»(3)،

ص: 13


1- الوسائل باب 1 من أبواب ديات النفس ح1 .
2- سورة النساء الآية / 92 .
3- الوسائل باب 3 من أبواب ديات النفس ح4 .

................................

فظهور هذا الحديث على أن الدية مطلقاً تكون على القاتل عمداً أو خطأ أو الخطأ المحض، ولكن في المحض لابد أن تدفع العاقلة لورود عدة روايات .

منها: رواية سلمة بن كهيل، قال «أُتى أمير المؤمنين (علیه السلام) برجل قد قتل رجلاً خطأ، فقال له أمير المؤمنين (علیه السلام) من عشيرتك وقرابتك...»(1) والرواية طويلة جداً وأنّها ضعيفة بسلمة بن كهيل وهو صحابي مجهول .

ومنها: معتبرة الحلبي قال «سالت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل ضرب رأس رجل بمعول فسالت عيناه على خدّيه فوثب المضروب على ضاربه فقتله قال: فقال أبو عبد الله (علیه السلام) هذان متعديان جميعاً فلا أرى على الذي قتل الرجل قوداً، لأنّه قتله حين قتله وهو أعمى، والأعمى جنايته خطأ يلزم عاقلته»(2).

وقد وردت روايات أخرى في الأبواب المتفرقة قد ذكرها الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) أن الدية في القتل الخطأ على القاتل وإن كان خطأ محضاً، غاية الأمر أنّها تحمل على العاقلة أي الخطأ المحض عدا ما دلت عليه عدة روايات منها عمد الصبيان خطأ يحمل على العاقلة وقوله (علیه السلام) «والأعمى جنايته خطأ يلزم عاقلته» ونحو ذلك(3).

ومنها: صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (علیه السلام) «فيرجل دفع رجلاً على رجل فقتله، قال: الدية على الذي دفع إلى أن قال: وإن أصاب المدفوع شيء فهو على الدافع أيضاً»(4)، وغيرها من الروايات .

ص: 14


1- الوسائل باب 2 من أبواب العاقلة ح1 .
2- الوسائل باب 10 من أبواب العاقلة ح1 .
3- المباني / 2 / 235 .
4- الوسائل باب 21 من أبواب القصاص في النفس ح1 .

وهي على الجاني نفسه إلا أنّه إذا اختار تأديتها من الإبل اعتبر أن تكون الأوصاف التالية: أربعون منها خلفة من بين ثنيّة إلى بازل عامها وثلاثون حقة، وثلاثون بنت لبون(1).

المسألة 207: المشهور بين الأصحاب أن دية شبه العمد تستوفى في سنتين ولكن لا دليل عليه بل الظاهر أنّها تستوفى في ثلاث سنوات(2).

_______________________________________________________________

(1) للروايات الصحيحة، منها: صحيحة عبد الله بن سنان، قال «سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) إن في الخطأ شبه العمد أن يقتل بالسوط، أو العصا، أو بالحجر، إن دية ذلك تغلظ وهي مائة من الإبل، منها أربعون خلفة من بين ثنيّة إلى بازل عامها، وثلاثون حقه وثلاثون بنت لبون»(1)، وهناك روايات أخرى تدل على خلاف ذلك، إمّا غير صحيحة من جهة السند، أو من جهة الدلالة.

(2) الأقوى أنّها تستوفى في ثلاث سنين لا في سنتين كما قال ابن أبي حمزة وتستأدى في سنة إذا كان القاتل في غنا ويسار، وفي سنتين إذا لميكن(2) لعدم الدليل عليه، ولا في سنتين كما عليه المشهور بادعاء الإجماع عليه مع عدم حجية هذا الإجماع، وما قيل لأنّه الوسط بين العمد والخطأ المحض مجرد استحسان، وقيل بأنّه يحمل على الإشراف في الدخول إلى ثلاث سنين خلاف الظاهر، والحق هو ثلاث سنين لصحيحة أبي ولاد عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: كان علي (علیه السلام) يقول تستأدى دية الخطأ في ثلاث سنين»(3)، فلو لم نقل بإطلاقه فيكفي أصالة البراءة في دفع المبلغ في أقلّ من ثلاث سنين إذا يدفع في ثلاث سنين في كل سنة لمثلها .

ص: 15


1- الوسائل باب 2 من أبواب ديات النفس ح1 .
2- الوسيلة / 441 .
3- الوسائل باب4 من أبواب ديات النفس ح1 .

المسألة 208: إذا هرب القاتل فيما يشبه العمد فلم يقدر عليه أو مات، أخذت الدية من ماله، فإن لم يكن له مال فالدية على الأقرب والأقرب إليه(1).

_______________________________________________________________

(1) حسب القاعدة أنّه تؤخذ الديه من ماله وإن لم يكن له مال فلابد أن يؤدي الإمام لئلا يهدر دم المسلم، ولكن ورد في المعتبرة عن أبي بصير قال «سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل قتل رجلاً متعمداً ثم هرب القاتل فلم يقدر عليه قال (علیه السلام) إن كان له مال أخذت الدية من ماله، وإلا فمن الأقرب فالأقرب، فإن لم يكن له قرابة أداه الإمام، فإنّه لا يبطل دم امرئ مسلم»(1)ورواية أخرى عن البزنطي وهي تكون مؤيده لأنّها مرسلهومراسيل البيزنطي حجة أول الكلام، عن أبي جعفر (علیه السلام) «في رجل قتل رجلاً عمداً ثم فرّ فلم يقدر عليه حتى مات، قال: إن كان له مال أخذ منه وإلا أُخذ من الأقرب فالأقرب»(2).

قيل المعتبرة والمرسلة وإن وردتا في القتل العمد ولكن على العموم بعموم العلة أي ثبوت الحكم في كل مورد لم يقدر عليه، وما قيل بأنّه لم يقدر عليه من الاقتصاص محل الكلام، بل لم يقدر عليه على الإطلاق، وهو أحد المصاديق الاقتصاص والمورد غير مخصص، وفي الرياض: لو فر القاتل عمداً حتى مات فالمروي في الموثقين وغيرهما وجوب الدية في ماله إن كان له مال ولو لم يكن له مال أخذت الأقرب إليه فالأقرب وزيد في الموثقين فإن لم يكن له قرابة أداه الإمام فإنّه لا يطبل دم أمرئ مسلم وبه افتى أكثر الأصحاب بل في الغنية الإجماع عليه وهو حجة أخرى، وقيل كما في السرائر: وعن المبسوط أنّه لا دية لأنّ الثابت بالآية

ص: 16


1- الوسائل باب 4 من أبواب العاقلة ح1 .
2- الوسائل باب 4 من أبواب العاقلة ح3 .

المسألة 209: دية الخطأ المحض أيضاً أحد الأمور الستة المذكورة(1) وهي تحمل على(2) العاقلة .

_______________________________________________________________

والإجماع هو القصاص فإذا فات حمله فات، وهو حسن لولا ما مرّ من الإجماع المحكي والروايات مع إمكان أن يقال بوجوب الدية(1).

(1) وقد مرّ ذكره .

(2) والمسألة غير خلافيه بين العامة والخاصة، قال في الخلاف: دية قتلالخطأ على العاقلة، وبه قال جميع الفقهاء وقال الأصم: أنّه يلزم القاتل دون العاقلة، قال ابن المنذر وبه قالت الخوارج(2)، كما ذكره الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) وسميت العاقلة لعقلها الإبل التي هي الدية بفناء أولياء المقتول والعقل الدية وأصله إن القاتل إذا قتل قتيلاً جمع الدية من الإبل فعقلها بفناء أولياء المقتول أي شدها في عقلها ليسلمها إليهم، يقبضونها منه فتسمية الدية عقلاً بالمصدر، ويقال عقل البعير ليعقله عقلاً والجمع عقول(3)، أو لعقلها أي منعها القاتل من القتل ولعقلهم عنه أي تحملهم الدية، وتدل عليه مضافاً إلى الاتفاق بين الفريقين عدة روايات .

منها: صحيحة محمد الحلبي المتقدمة قال «سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل ضرب رأس رجل بمعول فسالت عيناه على خديه، فوثب المضروب على ضاربه فقتله، قال: فقال أبو عبد الله (علیه السلام) هذان متعديان جميعاً فلا أرى على الذي قتل الرجل قوداً، لأنّه قتله حين قتله وهو أعمى، والأعمى جنايته خطأ يلزم عاقلته يؤخذون بها في ثلاث سنين» .

ص: 17


1- الرياض / 16 / 309 .
2- الخلاف / 5 / 275 _ 276 .
3- مجمع البحرين مادة / عقل .

................................

ومنها: معتبرة إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه «إن علياً (علیه السلام) كان يقول عمد الصبيان خطأ يحمل على العاقلة»(1) قال في الخلاف: العاقلة كل عصبة خرجت عن الوالدين والمولودين وهم الأخوة وأبنائهم إذا كانوا من جهة أب وأم، أو من جهة أب، والأعمام وأبنائهم وأعمام الأب وأبناؤهم والموالي، وبه قال الشافعي وجماعة أهل العلم، وقال أبو حنيفةيدخل الوالد والولد فيها ويعقل القاتل(2). وهنا أمور:

الأول: إن الجاني لا يدخل في العاقلة، خلافاً لأبي حنيفة وهو واضح البطلان لمخالفة قوله للنص والإجماع .

الثاني: عدم رجوع العاقلة على الجاني، قال في التحرير: الدية تجب ابتداء على العاقلة فلا ترجع العاقلة بها على الجاني على الأصح، بل ولا يشاركهم، نعم لو لم يكن له عاقلة ولا شيء في بيت المال أخذت الدية من ماله(3) خلافاً للمحكي عن المفيد في المقنعة: وترجع العاقلة على القاتل فإن كان له مال أخذت منه ما أدته عنه، وإن لم يكن له مال فلا شيء لها عليه(4) وقد نسب ذلك إلى المراسم وسلار حيث ذهبا إلى أن العاقلة يرجعون إلى الجاني بعد تأدية الدية ويأخذونها منه، وذلك لعدم الدليل، مع أنّه ورد في السرائر بقوله: وهذا خلاف إجماع المسلمين قاطبة ولأنّه حكم شرعي يحتاج في إثباته إلى دليل شرعي، وقال شيخنا أبو جعفر في مبسوطه وقال: بعض أصحابنا إن العاقلة ترجع على القاتل بالدية ولست أعرف به نصاً ولا قولاً لأحد(5)، وإن أنكر عليه الفاضل في المختلف بقوله: وقال

ص: 18


1- الوسائل باب 11 من أبواب العاقلة ح3 .
2- الخلاف / 5 / 278 .
3- التحرير / 5/ 643 .
4- المقنعة / 373 .
5- السرائر / 3 / 355 / 356 .

المسألة 210: إذا أرادت العاقلة أداء الدية من الإبل اعتبر أن يكون ثلاثون منها حقة، وثلاثون منها بنت لبون وعشرون منها بنت مخاض، وعشرون منها ابن لبون(1).

_______________________________________________________________

أبو الصلاح فعلى هذا التحرير يتنوع القتل ستة أنواع عمد يوجب القود، وخطأ محض، وخطأ شبيه العمد يوجبان الدية على العاقلة، إلا أن العلامة في المختلف لم يقبل منه كون العاقلة تجب عليها دفع دية خطأ المحض وخطأ شبه العمد وإنما تجب عليها في الخطأ المحض، حيث قال: وهذا ليس بجيد، فإن المشهور أن دية شبيه العمد على القاتل وأن العاقلة إنما تضمن الخطأ المحض(1).

الثالث: لا يخفى بأنّه حسب القاعدة أن تحمل الدية تكون على الجاني لأنّّه هو الذي قتل، فتكون الدية في ذمته، ويظهر ذلك من أنّه لو لم يكن له عاقلة، أو أنّه غير قادر على الأداء أو أمتنعت ولم يمكن الأخذ منها وجب الأداء على القاتل.

(1) هناك أقوال في المسألة:

الأول: وهو ما عن المشهور وادعى في الجواهر أن عليه عامة المتأخرين(2)، وعن الشيخ في المبسوط، وابن إدريس في السرائر أن دية الخطأ المحض من الإبل عشرون بنت مخاض، وعشرون ابن لبون ذكر، وعشرون بنت لبون، وعشرون حقة، وعشرون جذعه(3).

وتدل على ما هو موجود، أولاً الشهرة بين الأصحاب، والعمدة صحيحة عبد الله بن سنان قال «سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) في الخطأ

ص: 19


1- المختلف / 9 / 434 .
2- الجواهر / 43 / 23 .
3- المبسوط / 5 / 132، والسرائر / 3 / 344 .

شبه العمد أن يقتل بالسوط أو بالعصا أو بالحجر إن دية ذلك تغلظ، وهي من الإبل منها أربعون خلفه إلى أن قال: والخطأ يكون فيه ثلاثون حقه، وثلاثون أبنة لبون، وثلاثون بنت مخاض، وعشرون ابن لبون ذكر، وقيمة كل بعير مائة وعشرون درهماً»(1)، ثانياً: تدل عليه رواية العلاء بن الفضيل عن أبي عبد الله (علیه السلام) في حديث «قال: والخطأ مائة من الإبل، أو ألف من الغنم، أو عشرة آلاف درهم، أو ألف دينار، وإن كانت الإبل فخمس وعشرون بنت مخاض، وخمس وعشرون بنت لبون، وخمس وعشرون حقة وخمس وعشرون جذعه»(2)، ولكنها ضعيفة بمحمد بن سنان، ورواية أخرى مرسلة عن العياشي عن عبد الرحمن عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: كان علي (علیه السلام) يقول: في الخطأ خمس وعشرون بنت لبون، وخمس وعشرون بنت مخاض، وخمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون جذعة»(3).

وأمّا ما ذكره الشيخ فلم يكن عليه الدليل، فالصحيح هو القول الأول وأمّا ما ذكره من صحيح زرارة ومحمد بن مسلم وغيرهما عن أحدهما C في الدية «قال: مائة من الإبل وليس فيها دنانير ولا دراهم ولا غير ذلك قال ابن أبي عمير فقلت لجميل هل للأبل أسنان معروفة ؟ فقال: نعم ثلاث وثلاثون حقة وثلاث وثلاثون جذعة، أربع وثلاثون ثنيّة، إلى بازل عامها كلها خلفة إلى بازل عامها، وقال: وروي ذلك بعض أصحابه عنهما، وزاد على بن حديد _ فيحديثه _ أن ذلك في الخطأ ...»(4) فالرواية من جهة السند وإن كانت تامة، ولكن الجملة الأخيرة

ص: 20


1- الوسائل باب 2 من أبواب ديات النفس ح1.
2- الوسائل باب 1 من أبواب ديات النفس ح13 .
3- الوسائل باب 2 من أبواب ديات النفس ح10 .
4- الوسائل باب 2 من أبواب ديات النفس / 7 .

المسألة 211: يستثنى من ثبوت الدية في القتل الخطائي ما إذا قتل مؤمناً في دار الحرب معتقداً جواز قتله وأنّه ليس بمؤمن فبان أنّه مؤمن فإنّه لا تجب الدية عندئٍذ، وتجب فيه الكفارة فقط(1).

_______________________________________________________________

(وزاد) غير ثابتة، فإن علي بن حديد ضعيف جداً، ولعل ما ورد في الرواية من جميل نفسه من الإمام، مضافاً إلى أنّه لم يعمل بها من الأصحاب أحد، وأمّا ما قيل أنّه من أصحاب الإجماع فلا دليل عليه، فالرواية ضعيفة .

(1) لا يخفى أنّ القاعدة الأولية هي الدية لمن قتل شخصاً خطأ، وقد ذكرنا مقدار الدية وأقسامها، وما ذكره ابن إدريس لا يكون طبقاً للقاعدة بقوله: والذي يقوي في نفسي ويقتضيه أصول مذهبنا أن عليه الدية والكفارة معاً لقوله (علیه السلام) المجمع عليه «لا يبطل دم أمرئ مسلم»(1).

ولكن يستثنى من هذه القاعدة هو ما إذا قتل مؤمناً خطأ في دار الحرب بعدم وجوب الدية، وتدل عليه الآية الكريمة بأنّه يجب على القاتل الكفارة لا الدية، قال تعالى: «فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ» مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله، وهي قوله تعالى: «وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍمُؤْمِنَةٍ»(2)، فهما قرينتان بأنّ الآيتين في مقام بيان عدم ثبوت الدية والثابت على القاتل هو الكفارة، وبهما تقيد إطلاق وجوب الدية في مطلق قتل الخطأ، يقول الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) وأن كلمة من في قوله تعالى: «مِنْ قَوْمٍ» ليست بمعنى النشوء فإنّ لازمه هو أنّه لو قتل مؤمناً خطأ في دار الإسلام أيضاً لهم تجب الدية له وهذا باطل جزماً فإن المسلمين

ص: 21


1- السرائر / 3 / 343 .
2- سورة النساء الآية/ 92 .

المسألة 212: دية القتل في أشهر الحرم عمداً أو خطأ دية كاملة وثلثها(1) وعلى القاتل متعمداً مطلقاً كفارة الجمع وهي عتق رقبة وصوم شهرين متتابعين وإطعام ستين مسكينا(2).

_______________________________________________________________

في زمان نزول الآية كان فيهم كثير ممن كان قومه باقين على الكفر والعداوة إلا نادراً، فالصحيح هو أن كلمة (من) هنا بمعنى في يعني أن المقتول المؤمن خطأ كان بين قومه الكفار فتوهم أنّه كافر مهدور الدم، وكان هذا هو السبب في قتله، وإلا لم يكن فرق بينه وبين غيره من المسلمين في ثبوت الدية بقتله، فالمراد من الخطأ في الآية المباركة هو ما إذا اعتقد القاتل أنّه كافر وعدو له فقتله ثم بآن أنّه كان مؤمناً ففي مثله لا دية بمقتضى الآية، والواجب إنما هو الكفارة فحسب(1).

(1) المسألة غير خلافية وأدّعى البعض الإجماع كما في المحكي عنالخلاف نسبته إلى إجماع الفرقة وأخبارها(2)، والمراد من اشهر الحرم رجب وذي القعدة، وذي الحجة، والمحرم، وهذا التغليظ كان لأجل انتهاكه للحرمة والعمدة الروايات الكثيرة، منها صحيحة كليب الأسدي، قال «سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرجل يقتل في الشهر الحرام ما ديته ؟ قال: دية وثلث»(3) وعن زرارة قال «قلت لأبي جعفر (علیه السلام) رجل قتل في الحرم، قال عليه دية وثلث، ويصوم شهريين متتابعين في أشهر الحرم، قال، قلت: هذا يدخل فيه العيد وأيام التشريق، قال: يصومه فإنّه حق لزمه»(4).

(2) والمسألة غير خلافية، وتدل عليه عدة روايات .

ص: 22


1- المباني / 2 / 246 _ 227 .
2- الخلاق / 5 / 222 .
3- الوسائل باب 3 من أبواب ديات النفس ح1 .
4- الوسائل باب 3 من أبواب ديات النفس ح3 .

................................

منها: صحيحة عبد الله بن سنان وبن بكير جميعاً عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال «سئل عن المؤمن يقتل المؤمن متعمداً إلى أن قال، فإن عفوا عنه فلم يقتلوه أعطاهم الدية وأعتق نسمة، وصام شهرين متتابعين، وأطعم ستين مسكيناً توبة إلى الله عز وجل»(1) .

ومنها: صحيحة عبد الله بن سنان قال «قال أبو عبد الله (علیه السلام) كفارة الدم إذا قتل الرجل المؤمن متعمداً فعليه أن يمّكن نفسه إلى أن قال، وإن عفي عنه فعليه أن يعتق رقبة، ويصوم شهرين متتابعين، ويطعم ستين مسكيناً وأن يندم على ما كان منه، ويعزم على ترك العود، ويستغفر الله عزوجل أبداً ما بقي»(2) .

ومنها: عن بن سنان _ يعني عبد الله _ عن أبي عبدالله (علیه السلام) «أنّه سئل عن رجل قتل مؤمناً إلى أن قال، هل له من توبة إن أراد ذلك، أو لا توبة له ؟ قال: توبته إن لم يعلم إلى أن قال فإن عفي عنه أعطاهم الدية وأعتق رقبة وصام شهرين متتابعين، وتصدق على ستين مسكيناً»(3)، وغيرها من الروايات .

ص: 23


1- الوسائل 28 من أبواب الكفارات ح1 .
2- الوسائل 28 من أبواب الكفارات ح2 .
3- الوسائل باب 28 من أبواب الكفارات ح3 .

وإذا كان القتل في الأشهر الحرم فلابد أن يكون الصوم فيها فيصوم يوم العيد أيضاً إذا صادفه(1)، والكفارة مرتبة إذا كان القتل خطأ حتى إذا كان في الأشهر الحرم على المشهور، وفيه إشكال والأقرب أن الكفارة معيّنة فيما إذا وقع القتل في الأشهر الحرم وهي صوم شهريين متتابعين فيها، وهل يلحق بالقتل في الأشهر الحرم في تغليظ الدية القتل في الحرم، فيه قولان، الأقرب عدم الإلحاق ولاتغليظ في الجنايات على الأطراف إذا كانت في الأشهر الحرم(2).

_______________________________________________________________

(1) إذا وقع القتل في الاشهر الحرم وجب الصوم فيها إن صادف العيد فيها، وتدل عليه صحيحة زرارة قال «سمعت أبا جعفر (علیه السلام) يقول إذا قتل الرجل في شهر حرام صام شهرين متتابعين من أشهر الحرم»(1)، قلنا إذا كان العيد صادف في غير الاشهر الحرم، فإن صادف في الشهر الأول فالصوم باطل لأنّه لم يحصل التتابع، وأمّا إذا صادف في الشهر الثاني فيصح الصوم لحصول التتابع بالشهر يوم .

(2) قد ذكر صاحب المقنعة: من قتل في الحرم فديته دية كاملة وثلث لانتهاك حرمته في الحرم، وكذلك المقتول في الأشهر الحرم وهن رجب، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم(2)، وأمّا في الخلاف: أن يلزم دية وثلث الدية من اجناس الديات، وقال في الرياض: الزم دية ثلثا من أي الاجناس كان، لمستحق الأصل تغليظاً عليه لانتهاكه الحرمة بلا خلاف أجده، بل عليه الإجماع في عبائر جماعة

ص: 24


1- الوسائل باب 3 من أبواب ديات النفس ح2 .
2- المقنعة / 743 .

................................

حد الاستفاضة(1)، بل مذهب الأكثر كما في كشف اللثام وفاقاً للأكثر(2)،والمشهور كما في مجمع البرهان(3)، وفي ظاهر المحكي عن موضعين في المبسوط والسرائر وغاية المراد وكذا الغنية الإجماع عليه، ويدل على ما ذكره المشهور صحيحة زرارة قال «قلت لأبي جعفر (علیه السلام) رجل قتل في الحرم، قال: عليه دية وثلث»(4)، وهذه الرواية تامة السند والدلالة ولذا قال السيد في الرياض: وكأنهم أي القائلون بعدم تغليظ الدية لم يقفوا على هذه الرواية الصحيحة، وأيضاً يؤيده روايته الأخرى قال «قلت لأبي جعفر (علیه السلام) رجل قتل رجلاً في الحرم قال عليه دية وثلث»(5)، ولكن هي مرسلة لأن ابن أبي عمير لا يمكنه أن يروي عن أبان، فإنّ أبان مات في زمن الصادق (علیه السلام) وابن أبي عمير لم يدرك الصادق (علیه السلام) .

والقول الثاني منسوب إلى المحقق والفاضل وأبي العباس والمقداد، وما قيل بأن الحرم المراد به الأشهر الحرم خلاف الظاهر والمتعارف في التعبير فالأصح هو القول الأول خلافاً لما عليه الاستاد الاعظم بقوله: دية القتل في الأشهر الحرم عمداً أو خطأ دية كاملة وثلثها من دون خلاف بين الفقهاء(6).

ص: 25


1- الرياض / 16 / 358 .
2- الخلاف / 5 / 223 .
3- مجمع البرهان / 15 / 318 .
4- الوسائل باب 3 من أبواب ديات النفس ح2 .
5- الوسائل باب 8 من أبواب بقية الصوم الواجب ح2 .
6- تكملة المباني / 246 .

المسألة 213: دية المرأة الحرة المسلمة نصف دية الرجل الحرالمسلم من جميع الأجناس المتقدمة(1).

_______________________________________________________________

(1) فمن الإبل خمسون ومن الدنانير خمسمائة، والمسألة غير خلافية وادعى الإجماع بقسميه، بل نسب إلى عامة المسلمين إلا من شذ من العامة ويدل على ذلك روايات .

منها: صحيحة عبد الله بن سنان قال «سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول: في رجل قتل امرأته متعمداً، قال: إن شاء أهلها أن يقتلوه قتلوه، ويؤدُّوا إلى أهله نصف الدية، وإن شاؤوا أخذوا نصف الدية خمسة آلاف درهم»(1).

ومنها: صحيحة عبد الله بن مسكان عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: إذا قتلت المرأة رجلاً قتلت به، وإذا قتل الرجل المرأة، فإن أرادوا القود أدُّوا فضل دية الرجل على دية المرأة وأقادوه بها، وإن لم يفعلوا قبلوا الدية، دية المرأة كاملة، ودية المرأة نصف دية الرجل»(2) .

أمّا كونه من جميع الاجناس لأن المسألة اتفاقية، وأمّا ما ورد من الروايات التي بظاهرها، تدل على أنّه مختص بالنقود، وفيه أنّه من باب أحد المصاديق لا أن الدية مختصة به كصحيحة عبد الله بن سنان التي مرت وعيّنت فيه الدية خمسة آلاف درهم، ونرى في صحيحة أبان بن تغلب قال «قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) ما تقول في رجل قطع أصبعاً من أصابع المرأة، كم فيها ؟ قال: عشرة من الإبل قلت: قطع اثنتين قال: عشرون، قلت: قطع ثلاثاً ،قال: ثلاثون، قلت: قطع أربعاً قال: عشرون، قلت سبحان الله يقطع ثلاثاً فيكونعليه ثلاثون ويقطع أربعاً فيكون

ص: 26


1- الوسائل باب 33 من أبواب قصاص النفس ح1 .
2- التهذيب / 10 / 206، والوسائل باب 5 أن دية المرأة نصف دية الرجل ح2 .

المسألة 214: المشهور بين الأصحاب أن دية ولد الزنا إذا كان محكوماً بالإسلام دية المسلم، وقيل: ديته ثمانمائة درهم(1)، وهو الأقرب .

_______________________________________________________________

عليه عشرون ؟ إن هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق فنبرأ ممن قاله ونقول الذي جاء به شيطان، فقال: مهلاً يا أبان هذا حكم رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلّم) إن المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث الدية، فإذا بلغت الثلث رجعت إلى النصف، يا أبان إنك أخذتني بالقياس، والسنة إذا قيست محق الدين»(1).

(1) في المسألة أقوال:

الأول: أن دية ابن الزنا المحكوم بالإسلام هي دية المسلم، وعليه المشهور .

الثاني: أن ديته دية الذمي وهي ثمانمائة درهم .

الثالث: أنّه لا دية له أو بمقدار إنفاق من أنفق عليه .

أمّا القول الأول وهو ما عليه المشهور، وفي الرياض: واشهرهما بين المتأخرين، بل عليه عامتهم أن ديته كدية الحر المسلم، لعموم الأدلة على إسلام من أظهره وجريان أحكامه عليه من غير قاطع على استثناء ولد الزنا مضافاً إلى إطلاق أخبار الديات ولتصريح بعضها بالمسلم أو المؤمن الصادقينعليه بمجرد إظهارهما(2) .

وأمّا القول الثاني وهو المنسوب إلى الصدوق وعلم الهدى، قال في الرياض: القول الثاني للصدوق وعلم الهدى وهو أن ديته كدية أهل الكتاب ثمانمائة درهم كما في النصوص الصريحة المروية في آخر باب الزيادات من التهذيب(3)، وقواه في

ص: 27


1- الوسائل باب 44 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
2- الرياض / 16 / 361 .
3- الرياض / 16 / 366 .

................................

مفتاح الكرامة(1)، وعليه الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) ويدل على القول الثاني معتبرة إبراهيم بن عبد الحميد عن جعفر (علیه السلام) قال «قال: دية ولد الزنا دية الذمي ثمانمائة درهم»(2)، وهذه المعتبرة من جهة الدلالة وإن كانت تامة، ولكن من جهة السند ضعيفة بعبد الرحمن بن حماد، فإنّه لم يوثق في كتب الرجال، قال الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) ورد في اسناد كامل الزيارات(3)، إلا أنّه قد عرفت حال الكتاب والرجال الموجودين فيه فإن بعضهم ضعاف .

وأمّا رواية جعفر بن بشير عن بعض رجاله، قال «سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن دية ولد الزنا، قال: ثمانمائة درهم مثل دية اليهودي والنصراني والمجوسي»(4)، فإنها مرسلة .

وأمّا ما قاله النجاشي أنّه روي عن الثقات، فهذا لا دليل على كل أن مايرويه يكون ثقة، وقد استشكل الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه)على هذا الكلام في مدخل كتابه معجم الرجال الحديث(5)، وهكذا ما روي عن عبد الرحمن بن عبد الحميد عن بعض مواليه، قال «قال ليّ أبو الحسن (علیه السلام) دية ولد الزنا دية اليهودي

ثمانمائة درهم»(6)، فإنها ضعيفة بالإرسال، إذاً مادام ولد الزنا محكوماً بالإسلام وهو الصحيح فديته دية المسلم ، فما ذكره الحلي بأنّه لا دية له، لا وجه له(7)، مع أنّه ورد في

ص: 28


1- مفتاح الكرامة / 26 / 265_ 266 .
2- الوسائل باب 15 دية ولد الزنا ح3 .
3- المباني / 2/ 256 .
4- الوسائل باب 15 دية ولد الزنا ح2 .
5- معجم رجال الحديث / 68 .
6- الوسائل باب 15 دية ولد الزنا ح1 .
7- السرائر / 3/ 376 .

المسألة 215: دية الذمي من اليهود والنصارى والمجوس ثمانمائة درهم ودية نسائهم نصف ديتهم، وأمّا سائر الكفار فلا دية في قتلهم كما لا قصاص فيه(1) .

_______________________________________________________________

صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبدالله (علیه السلام) «قال: سألته فقلت له: جعلت فداك كم دية ولد الزنا، قال: يعطى الذي أنفق عليه ما أنفق عليه»(1)، فإنّها بالنسبة إلى أصل الدية ثابت وإن كان ما انفق عليه أقل من دية المسلم أو الذمي، وهذا يُدفع بالاتفاق .

(1) هناك أقوال في المسألة:

الأول: وهي ثمانمائة درهم .

الثاني: أربعة آلاف درهم .

الثالث: ما دل على أن دية اليهود والنصراني أربعة آلاف درهم وديةالمجوسي ثمانمائة درهم .

الرابع: أن ديتهم دية المسلم .

والقول الأول هو الحق، وقد دل عليه صحيح ابن مسكان عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: دية اليهودي والنصراني والمجوسي ثمانمائة درهم»(2) وصحيح ليث المرادي، قال «سألت أبا عبدالله (علیه السلام) عن دية النصراني واليهودي والمجوسي فقال (علیه السلام) ديتهم جميعاً سواء ثمانمائة درهم ثمانمائة درهم»(3).

وأما القول الثاني ما دل على ديتهم اربعة الاف درهم كما روي عن محمد بن

ص: 29


1- الوسائل باب 8 من أبواب ميراث ولد الملاعنة وما اشبهه ح3 .
2- الوسائل باب 13 أن دية اليهودي والنصراني والمجوسي سواء ح2 .
3- الوسائل باب 13 أن دية اليهودي والنصراني والمجوسي سواء ح5 .

................................

علي بن الحسين قال: روي أن دية اليهودي والنصراني والمجوسي أربعة آلاف درهم أربعة آلاف درهم لأنّهم أهل الكتاب(1)، ولكن الرواية مرسلة، ورواية الصدوق ورواية أبي بصير عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف درهم، ودية المجوسي ثمانمائة»(2)، فهي أولاً ضعيفة من جهة السند، لأنّ في السند علي البطائني، أو تحمل على التقية كما ذكره الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) لموافقتهما للمروي عن عمر وعثمان وسعيد بن المسيب وعطا والحسن والعكرمة وعمرو بن دينار والشافعي وإسحاق وابنثور على ما ذكره ابن قدامة في المغنى(3).

وأمّا القول الثالث ما دل على أن دية اليهودي أربعة آلاف والمجوسي ثمانمائة ألف درهم»(4) وهذا القول لم يقل به أحد .

والقول الرابع ما دل على أن ديتهم دية المسلمين كصحيح أبان بن تغلب عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: دية اليهودي ودية المجوسي دية المسلم»(5) وصحيح زرارة عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: مَن أعطاه رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلّم) ذمة فديته كاملة، قال زرارة فهؤلاء ؟ قال أبو عبد الله (علیه السلام) وهؤلاء من أعطاهم ذمة»(6) وموثق سماعة قال «سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن مسلم قتل ذمياً فقال: هذا شيء شديد لا يحتمله الناس فليعط أهله دية المسلم حتى ينكل عن قتل أهل السواد، وعن قتل الذمي ثم

ص: 30


1- الوسائل باب 13 أن دية اليهودي والنصراني والمجوسي سواء ح12.
2- الوسائل باب 14 من أبواب ديات النفس ح4 .
3- تكملة المباني / 2 / 285 .
4- الوسائل باب 14 من أبواب ديات النفس ح4 .
5- الوسائل باب 14 من أبواب ديات النفس ح2 .
6- الوسائل باب 14 من أبواب ديات النفس ح3 .

................................

قال: لو أن مسلماً غضب على ذمي فأراد أن يقتله ويأخذ أرضه ويؤدي إلى أهله ثمانمائة درهم إذا يكثر القتل في الذميين ومن قتل ذمياً ظلماً فإنه ليحرم على المسلم أن يقتل ذمياً حراماً ما آمن بالجزية وأداها ولم يجحدها»(1)، وقد جمع الشيخ بين الطوائف بحمل الأخبار الدالة على زيادة ديته على ثمانمائة على من يعتاد قتل أهل الذمة، وهذا الجمع يكون تبرعاً فلا يمكن أن يحملبخصوص من لا يعمل بشرائط الذمة لأنّه لو لم يعمل بالذمة، فإنّه خرج عن أن يكون ذمياً ولا يكون لقتله دية أصلاً .

والحق هو القول الأول ثمانمائة درهم، وما دل على أن ديته دية المسلم يحمل على التقية، كما عليه جماعة من العلماء، ومجاهد، والشعبي، والثوري وأبي حنيفة .

ص: 31


1- الوسائل باب 14 من أبواب ديات النفس ح1 .

المسألة 216: دية العبد قيمته ما لم تتجاوز دية الحر، فإن تجاوزت لم يجب الزائد(1)، وكذلك الحال في الأعضاء والجراحات، فما كانت ديته كاملة كالأنف واللسان واليدين والرجلين والعينين ونحو ذلك، فهو في العبد قيمته وما كانت ديته نصف الدية كأحد اليدين أو الرجلين فهو في العبد نصف قيمته، وهكذا(2).

_______________________________________________________________

(1) لا يخفى تارة يكون مسلماً وأخرى ذمياً، يقول المحقق: ودية العبد قيمته(1)، ويقول في الجواهر: نصاً وفتوى، والمسألة متفق عليها، ثم يقول المحقق لو تجاوزت دية الحر ردت إليها(2)، أي إن كان مسلماً ردّت إلى ديته وإن كان ذمياً فإلى ديته وحكم الأمة يكون مثل ذلك أي مثل الحرة .

(2) وكذا يقول المحقق: في دية أعضائه وجراحاته مقيسة على دية الحر فما فيه ديته ففي العبد قيمته كاللسان والذكر، وما فيه نصف ديته كاليد ففي العبد نصف قيمته(3)، وما فيه الدية كاملة لو تجاوزت ديته دية الحر ردّت إلى دية الحر، ولا يخفى بأن الأمة تكون كالحرة، والمسألة في جميع ذلك اتفاقية .

ص: 32


1- شرائع الإسلام / 2 / 247 .
2- الجواهر / 43/42 .
3- المصدر السابق .

المسألة 217: لو جنى على عبد بما فيه قيمته، كأن قطع لسانه أو أنفه أو يديه، لم يكن لمولاه المطالبة بها إلا مع دفع العبد إلى الجاني(1) كما أنّه ليس له المطالبة ببعض القيمة مع العفو عن بعضها الآخر ما لم يدفع العبد إليه(2).

_______________________________________________________________

(1) كما عليه المحقق بقوله: لو جنى عليه جانٍ بما لا يستوعب قيمته كان لمولاه المطالبة بدية الجناية مع إمساك العبد(1)، والمسألة محل اتفاق وادعى البعض الإجماع والعمدة الروايات، منها معتبرة غياث عن جعفر عن أبيه C قال «قال علي (علیه السلام) إذا قطع أنف العبد أو ذكره أو شيء يحيط بقيمته أدى إلى مولاه قيمة العبد وأخذ العبد»(2)، ونحوه معتبرة ابن مريم عن أبي جعفر (علیه السلام) «قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في أنف العبد أو ذكره أو شيء يحيط بقيمته أنّه يؤدي إلى مولاه قيمة العبد فيأخذ العبد»(3).

(2) لأنّه حينما عفى عن البعض وأخذ قيمة البعض لابد أن يدفع العبد ولا يجوز له الجمع بين العبد وديته، فلا يجوز له أخذ قيمة العبد بالكامل من دون أن يؤدي العبد إلى الجاني .

ص: 33


1- شرائع الإسلام / 2 / 247 .
2- الوسائل باب 34 من أبواب ديات الاعضاء ح1 .
3- الوسائل باب 8 من أبواب الشجاج والجراح ح3 .

وأمّا لو جنى عليه بما لا يستوعب قيمته كان لمولاه المطالبة بدية الجناية مع إمساك العبد(1)، وليس له إلزام الجاني بتمام القيمة مع دفع العبد إليه(2).

المسألة 218: كل جناية لا مقدّر فيها شرعاً ففيها الأرش، فيؤخذ من الجاني إن كانت الجناية عمدية أو شبه عمد(3).

_______________________________________________________________

(1) المسألة غير خلافية وبما أن الجاني وقع على ماله فله أن يطالب بقيمة الجناية وليس للجاني الامتناع من ذلك، والعمدة الروايات كصحيحة عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (علیه السلام) «في رجل شج عبداً موضحة، قال: عليه نصف عشر قيمته»(1)، ومعتبرة السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي (علیهم السلام) «قال: جراحات العبيد على نحو جراحات الأحرار في الثمن»(2).

(2) لعدم الدليل كما أنّه ليس للجاني إلزام المولى .

(3) والمسألة غير خلافية ولابد من أخذ الأرش من الجاني، لأنّه السبب في ذلك ولأن لا يذهب دم المسلم هدراً والعمدة الروايات، منها صحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله (علیه السلام) في حديث «قال: إن عندنا الجامعة قلت: وما الجامعة ؟ قال: صحيفة فيها كل حلال وحرام، وكل شيء يحتاج إليه الناس حتى الأرش في الخدش، وضرب بيده اليّ، فقال: أتاذن يا أبا محمدقلت: جعلت فداك إنما أنا لك فاصنع ما شئت، فغمزني بيده، وقال: حتى أرش هذا»(3)، وصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: دية اليد إذا قطعت خمسون من الإبل، وما كان جروحاً دون الاصطلام

ص: 34


1- الوسائل باب 8 من أبواب الشجاج والجراح ح1 .
2- الوسائل باب 8 من أبواب الشجاج والجراح ح2 .
3- الوسائل باب 48 من أبواب ديات الاعضاء ح1 .

وإلا فمن عاقلته(1)، وتعيين الأرش بنظر الحاكم بعد رجوعه في ذلك إلى ذوي عدل من المؤمنين(2).

المسألة 219: لا دية لمن قتله الحد أو التعزير، وقيل أن ديته إذا كان الحد للناس من بيت مال المسلمين، ولكنه ضعيف(3).

_______________________________________________________________

فيحكم به ذوا عدل منكم، ومن لم يحكم بما أنزل الله فاؤلئك هم الكافرون»(1).

(1) ولا يخفى بأنّه خلاف القاعدة، ولكن بما أنّه ورد الدليل فنأخذ به .

(2) لصحيحة عبد الله بن سنان .

(3) على المشهور وقيل أن ديته من بيت مال المسلمين، إذا كان الحد للناس، ومنشأ الاختلاف اختلاف الروايات، فمنها ما يدل على القول الأول كصحيح الحلبي عن أبي عبد الله (علیه السلام) «أيّما رجل قتله الحد أو القصاص فلا دية له»(2)، وخبر الكناني عن أبي عبد الله (علیه السلام) في حديث قال «سألته عن رجل قتله القصاص له دية؟ فقال: (علیه السلام) لو كان ذلك لم يقتص من أحد وقال من قتله الحد فلا دية له»(3)، وأمّا ما دل علىالقول الآخر هو خبر الحسن بن صالح الثوري عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: سمعته يقول من ضربناه حدّاً من حدود الله فمات فلا دية له علينا ومن ضربناه حدّاً من حدود الناس فمات فإنّ ديته علينا»(4)، ولكن الرواية ضعيفة بحسن بن صالح .

ص: 35


1- الوسائل باب 9 من أبواب ديات الشجاج والجراح ح1 .
2- الوسائل باب 24 من أبواب القصاص في النفس ح9 .
3- الوسائل باب 24 من أبواب القصاص في النفس ح1 .
4- الوسائل باب 24 من أبواب القصاص في النفس ح3 .

المسألة 220: إذا بان فسق الشاهدين أو الشهود بعد قتل المشهود عليه، فلا ضمان على الحاكم، بل كانت ديته من بيت مال المسلمين(1).

المسألة 221: من اقتض بكراً أجنبية، فإن كانت حرة لزمه مهر نسائها، ولا فرق في ذلك بين كون الاقتضاض بالجماع أو بالإصبع أو بغير ذلك(2).

_______________________________________________________________

(1) لا يخفى أنّه قد يظهر فسقهما قبل الحكم فانتقض حكمه، وإذا كان بعد حكمه قتل المشهود عليه هنا فلا شيء على الحاكم، لفرض عدم تقصيره ولا جوره في الحكم، فحينئذٍ تكون الدية على بيت المال، لمعتبرة أبي مريم عن أبي جعفر (علیه السلام) «قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) أنَّ ما أخطأت به القضاة في دم أو قطع فعلى بيت مال المسلمين»(1)، ويؤيده خبر الأصبغ بن نباتة قال: «قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) أنّ ما أخطأتالقضاة في دم أو قطع فهو على بيت مال المسلمين»(2).

(2) أمّا بالنسبة إلى الافتضاض بأي شيء كان لإطلاق الروايات، وأمّا إعطاء الصداق الكامل إذا كانت حرة وعليه المشهور، ونسب إلى الفقيه أن أكثر أصحابنا في ذلك الدية، ولكن العمدة الروايات .

منها: معتبرة طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي (علیه السلام) «قال: إذا اغتصب أمة فاقتضها فعليه عشر قيمتها، وإن كانت حرة فعليها الصداق»(3).

ومنها: صحيحة ابن سنان يعني عبد الله وغيره عن أبي عبد الله (علیه السلام) «في امرأة اقتضت جارية بيدها، قال: عليها المهر، وتضرب الحد»(4) وصحيحته الأخرى

ص: 36


1- الوسائل باب 7 من أبواب دعوى القتل او ما يثبت به ح1 .
2- الوسائل باب 10 من أبواب آداب القاضي ح1 .
3- الوسائل باب 39 من أبواب حد الزنا وما يثبت به ح5 .
4- الوسائل باب 39 من أبواب حد الزنا وما يثبت به ح1 .

أمّا اذا كانت أمة لزمه عشر قيمتها(1).

_______________________________________________________________

عن أبي عبد الله (علیه السلام) «في امرأة اقتضت جارية بيدها قال قال: عليها مهرها وتجلد ثمانين»(1).

وأمّا صحيحة معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (علیه السلام) في حديث طويل «إن امرأة دعت نسوة فامسكن صبية يتيمة بعدما رمتها بالزنا وأخذت عذرتها بإصبعها، فقضى أمير المؤمنين (علیه السلام) أن تضرب المرأة حد القاذف والزمهن جميعاً العقر وجعل عقرها أربعمائة درهم»(2)، فلاتعارض هذه تلك الروايات الصحاح، ولذا قال الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) لأنّها قضية في واقعة، ولعل مهرها كان كذلك، فلا يمكن التعدي فيها إلى غيرها من الموارد(3).

(1) وعليه الشهرة وقد مرّ ذكر الأقوال في المسألة، ولكن الصحيح أنّ قيمتها العشر كما ورد في معتبرة طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي (علیهم السلام) «قال: إذا اغتصب أمة فاقتضها فعليه عشر قيمتها، وإن كانت حره فعليه الصداق»(4).

ص: 37


1- الوسائل باب 39 من أبواب حد الزن وما يثبت به ح4 .
2- الوسائل باب 3 من أبواب النكاح المحرم ما يثبت به ح2 .
3- مباني تكملة المنهاج / 2 / 266 .
4- الوسائل باب 39 من أبواب الجناية ح5 .

المسألة 222: من أكره امرأة أجنبية غير بكر فجامعها فعليه مهر المثل(1) .

وأمّا إذا كانت مطاوعة فلا مهر لها سواء كانت بكراً أم لم تكن(2).

_______________________________________________________________

(1) لا يخفى بأنّه تارة يقع العمل وتكون المرأة مكرهة، وأخرى أنّها مطاوعة، ففي الصورة الأولى المشهور على أن عليه مهر المثل، ولذا قال الشيخ في المبسوط: وإن كانت مكرهة فعليه الحد، لأنّه زانٍ ولا حد عليها لأنّها مكرهة(1)، ولها المهر، وقال آخرون لا مهر لها، وهو مذهبنا لأن الأصل براءة الذمة كما قال الاستاذ الاعظم(2).

لكن الحق هو ثبوت المهر لأنّ عليه المشهور، والعمدة الروايات، منها صحيحة عبيد الله بن علي الحلبي قال «سئل أبو عبد الله (علیه السلام) عن الرجل يصيب المرأة فلا ينزل أعليه غسل ؟ قال كان علي (علیه السلام) يقول: إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل، قال: وكان علي (علیه السلام) يقول كيف لا يوجب الغسل والحد يجب فيه ؟ وقال يجب عليه المهر والغسل»(3)، وغيرها من الروايات .

ص: 38


1- المبسوط / 5 / 171 .
2- مباني تكملة المنهاج / 2 / 267 .
3- الوسائل باب 6 من أبواب حد الزنا ح4 .

(2) وأمّا إذا كانت مطاوعة فلا مهر لها بكراً كانت أو ثيباً، وعليها الحد كما عليه الحد أيضاً للآية الشريفة: «الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَامِائَةَ جَلْدَةٍ»(1)، وعدم الخلاف بين الأصحاب وورود عدة من الروايات.

................................

منها: صحيحة بريد العجلي «قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن رجل تزوج امرأة فزفتها إليه أُختها وكانت أكبر منها، فأدخلت منزل زوجها ليلاً فعمدت إلى ثياب امرأته فنزعتها منها ولبستها، ثم قعدت في حجلة أُختها ونحت امرأته وأطفأت المصباح واستحيت الجارية أن تتكلم فدخل الزوج الحجلة فواقعها وهو يظن أنّها امرأته التي تزوجها، فلما أن أصبح الرجل قامت إليه امرأته فقالت: أنا امرأتك فلانة التي تزوجت وإنَّ أُختي مكرت بي فأخذت ثيابي فلبستها وقعدت في الحجلة ونحّتي فنظر الرجل في ذلك فوجد كما ذكر، فقال أرى أن لا مهر للتي دلت نفسها وأرى أن عليها الحد»(2)، وصحيحة علي بن أحمد بن أشيم قال «كتب إليه الريان بن شبيب يعني _ أبا الحسن (علیه السلام) _ الرجل يتزوج المرأة متعة بمهر الى أجل معلوم وأعطاها بعض مهرها وأخرته بالباقي ثم دخل بها وعلم بعد دخوله بها قبل أن يوفيها باقي مهرها أنّها زوجته نفسها ولها زوج مقيم معها، أيجوز له حبس باقي مهرها أم لا يجوز ؟ فكتب لا يعطيها شيئاً لأنّها عصت الله عز وجل»(3).

ومنها: معتبرة السكوني عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال «قال رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلّم) أيّما امرأة حرة زوجت نفسها عبداً بغير إذن مواليه فقد أباحت فرجها ولا صداق لها»(4).ومنها: المعتبرة الثانية عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: السحت ثمن الميتة وثمن الكلب، وثمن الخمر، ومهر البغي، والرشوة في الحكم، وأجر الكاهن»(5) .

ومنها: معتبرة سماعة، قال: قال: «السحت أنواع كثيرة، منها كسب الحجام،

ص: 39


1- سورة النور الآية / 2 .
2- الوسائل باب 9 من أبواب العيوب والتدليس ح1 .
3- الوسائل باب 28 من أبواب المتعة ح2 .
4- الوسائل باب 24 من أبواب نكاح العبيد ح3 .
5- الوسائل باب 5 من أبواب ما يكتسب به ح5 .

المسألة 223: لو أدب الزوج زوجته تأديباً مشروعاً فأدى إلى موتها اتفاقاً قيل إنّه لا دية عليه كما لا قود، ولكن الظاهر ثبوت الدية(1) وكذلك الحال في الصبي إذا أدبه وليه تأديباً مشروعاً فأدى إلى هلاكه(2).

المسألة 224: إذا أمر شخصاً بقطع عقدة في رأسه _ مثلاً _ ولم يكن القطع مما يؤدي إلى الموت غالباً(3)، فقطعها فمات، فلا قود، وكذلك لا دية على القاطع إذا كان قد أخذ البراءة من الآمر، وإلا فعليه الدية(4).

_______________________________________________________________

وأجر الزانية، وثمن الخمر»(1)، وصحيحة عمار بن مروان قال «سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن الغلول، فقال: كل شيء غلّ من الإمام إلى أن قال وهو سحت، والسحت أنواع كثيرة، منها أُجور الفواجر»(2).(1) لأنّ التأديب المشروع يرفع القود دون الدية .

(2) لا يخفى أن الضرب تارة يكون بدون تأديب فهو يكون ضامناً ولياً كان أو معلماً وعليه القود لقاعدة التسبيب، وأمّا إذا كان للتأديب فبما أنّه مشروع فلا يكون هناك قود داعٍ، لأنّ جواز الحكم التكليفي لا ينافي الحكم الوضعي، فإنّه لا قود ولكن الدية موجودة .

(3) لأنّه كان أمره بالقطع، والموت وقع اتفاقاً فلا شيء على القاطع أي لا قود عليه لعدم صدق القتل العمدي .

(4) حاله حال الطبيب فإنّه لابد من أخذ البراءة كما ورد في معتبرة السكوني عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال «قال أمير المؤمنين (علیه السلام) من تطبب أو تبيطر

ص: 40


1- الوسائل باب 5 من أبواب ما يكتسب به ح6 .
2- الوسائل باب 5 من أبواب ما يكتسب به ح1 .

المسألة 225: لو قطع عدة أعضاء شخص خطأً، فإن لم يسرِ القطع(1) فعلى الجاني دية تمام تلك الأعضاء المقطوعة، وإن سرى فإن كان القطع متفرقاً فعليه دية كل عضو إلا الأخير زائدة على دية النفس(2)، وأمّا العضو الأخير المترتب على قطعه الموت فتتداخل ديته في دية النفس(3).

_______________________________________________________________

فليأخذ البراءة من وليّه، وإلا فهو له ضامن»(1).

إن قلت: لا يمكن أن تكون البراءة موجبة لإسقاط الدية لأنّه إسقاط ما لم يجب .قلنا ليس لزوم أخذ البراءة أولاً لإسقاط الدية حتى يقال أسقاط ما لم يجب، بل يكون موجباً لإسقاط الفعل من اقتضاء الدية، تكون فائدة البراءة عدم وجوب الدية، أمّا في صورة عدم أخذه لابد من ثبوت الدية لأنّ القتل مستند إليه .

إن قلت: إنّه حصل على الأذن في الفعل فلا دية .

قلنا الأذن كان في الفعل لا في القتل .

(1) لأنّ الأصل عدم تداخل المسببات بعد تعدد الأسباب .

(2) أمّا أعطاء دية جميع الأعضاء أي كل واحد لأنّ الأصل كما ذكرنا عدم التداخل، وأمّا تداخل العضو الأخير لفرض السراية وأن القتل غالباً يكون مسبوقاً بالجرح أو القطع .

(3) والمسألة غير خلافية، والعمدة فيها هي صحيحة أبي عبيدة الحذاء قال «سالت أبا جعفر (علیه السلام) عن رجل ضرب رجلاً بعمود فسطاط على رأسه ضربة واحدة فأجافة حتى وصلت الضربة إلى الدماغ فذهب عقله، قال: إن كان المضروب

ص: 41


1- الوسائل باب 24 من أبواب موجبات الضمان ح1 .

................................

لا يعقل منها أوقات الصلاة ولا يعقل ما قال ولا ما قيل له فإنّه ينتظر به سنة، فإن مات ما بينه وبين السنة أُقيد به ضاربه، وإن لم يمت فيما بينه وبين السنة ولم يرجع إليه عقله أُغرم ضاربه الدية في ماله لذهاب عقله قلت: فما ترى عليه في الشجة شيئاً ؟ قال: لا لأنّه إنما ضرب ضربة واحدة فجنت الضربة جنايتين فالزمته أغلظ الجنايتين، وهي الدية، ولو كان ضربه ضربتين فجنت الضربتان جنايتين لألزمته جناية ما جنتا كائناً ما كان، إلا أن يكون فيهما الموتفيقاد به ضاربه، فإن ضربه ثلاث ضربات واحدة بعد واحدة فجنين ثلاث جنايات ألزمته جناية ما جنت الثلاث الضربات كائنات ما كانت ما لم يكن فيها الموت فيقاد به ضاربه، قال: فإن ضربه عشر ضربات فجنين جناية واحدة الزمته تلك الجناية التي جنتها العشر ضربات»(1).

ولا يخفى كما ذكره الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) أن موردها وإن كان خصوص الجناية العمدية كما أن الدية موردها دية العقل دون النفس إلا أن مقتضى التعليل بقوله (علیه السلام) «لأنّه إنما ضرب ضربة واحدة ...» هو التعدي عنه إلى غيره وهو الجناية الخطائية بموجب التعليل، لأنّه إنما ضرب ضربة واحدة .

ص: 42


1- الوسائل باب 7 من أبواب ديات المنافع ح1 .

وإن كان قطعها بضربة واحدة دخلت دية الجميع في دية النفس(1) فعلى الجاني دية واحدة وهي دية النفس وإن شك في السراية، فهل لولي المجني عليه مطالبة الجاني بدية الأعضاء المقطوعة أم ليس له إلا دية النفس ؟ قولان: الأظهر هو الأول .

موجبات الضمان

وهي أمران: المباشرة، والتسبيب.

_______________________________________________________________

(1) لأنّ الأصل عدم السراية .

الأول: المباشرة والمراد بها هي أعم من أن يصدر الفعل منه بلا آلة كما لو خنقه بيده، أو ضربه بها، أو برجله فقتل بها، أو بآلة كما إذا رماه بسهم ونحوه، أو ذبحه بحدية، أو ما إذا كان القتل منسوباً إليه كالقائه في النار أو غرقه في البحر، أو القائه من شاهق إلى غير ذلك من الوسائط بحيث تصدق نسبة القتل إليه في نظر العرف .

الثاني: التسبيب والمراد به كل فعل يحصل التلف بفعل غيره بحيث لولاه لما حصل التلف، كحفر بئر، ونصب سكين وغيرها كما نقل عن العلامة في القواعد بقوله: وهو كل ما يحصل التلف عنده بعلة غيره، إلا أنّه لولاه لما حصل من العلة تأثير كالحفر مع التردي وهو موجب للضمان أيضاً(1)، وقال المحقق: وهو كل فعل يحصل لتلف بسببه كحفر البئر في غير الملك وطرح المعاشر، في المسالك قال: بلا خلاف أجده في أصل الضمان به بل يمكنتحصيل الإجماع عليه(2).

ص: 43


1- قواعد الاحكام / 3 / 651 .
2- الجواهر / 37 / 46 .

المسألة 226: من قتل نفساً من دون قصد إليه ولا إلى فعل يترتب عليه القتل عادة، كمن رمى هدفاً فأصاب إنساناً أو ضرب صبياً تأديباً فمات اتفاقاً أو نحو ذلك ففيه الدية دون القصاص(1).

المسألة 227: يضمن الطبيب ما يتلف بعلاجه مباشرة(2)، إذا عالج المجنون أو الصبي بدون إذن وليه، أو عالج بالغاً عاقلاً بدون إذنه وكذلك مع الإذن إذا قصر، وأمّا إذا أذن له المريض في علاجه ولم يقصر ولكنه آل إلى التلف اتفاقاً، فهل عليه الضمان أم لا ؟ قولان: الأقرب هو الأول، كذلك الحال إذا عالج حيواناً بأذن صاحبه وآل إلى التلف، هذا إذا لم يأخذ الطبيب البراءة من المريض أو وليه أو صاحب الدابة، وأمّا إذا أخذها فلا ضمان عليه .

_______________________________________________________________

(1) أمّا عدم القصاص فلأنّ القصاص موضوعه القتل العمدي لا مطلق العمد، وأمّا وجوب الدية لأن لا يهدر دم المسلم .

(2) هذه المسألة تتصور بأمور:

الأول: ما يتلف الشخص الكامل بدون إذنه فيتلف لإصالة الضمان وقد ادعيّ عليه الإجماع .الثاني: المعالجة من الإنسان الكامل ولو مع إذنه، ولكن قد قصر لأنّ الإذن كان في العلاج الصحيح وبدون التقصير، وأمّا لو قصر فهو ضامن وإطلاق دليل الضمان يشمله .

الثالث: ما إذا عالج المجنون والصبي مع الإذن، ولكن بدون التقصير إن كان الإذن من وليهما أو الحاكم الشرعي، وأمّا مع عدم الإذن فمعلوم، وأمّا مع الإذن فقد عرفت بأنّ الإذن كان في العلاج الصحيح وبدون تقصير، إذاً يجب الدية.

ص: 44

المسألة 228: إذا انقلب النائم غير الظئر فاتلف نفساً أو طرفاً منها، قيل إن الدية في ماله، وقيل إنّها على عاقلته، وفي كلا القولين إشكال، والأقرب عدم ثبوت الدية(1).

_______________________________________________________________

الرابع: العلاج الكامل مع الإذن وعدم التقصير في العلاج ولكن اتفق التلف بالعلاج فهو ضامن أيضاً لأن الإذن كان في العلاج دون التلف .

الخامس: وهو البراءة من المريض الكامل أو الولي الشرعي بغير الكامل واتفق التلف في العلاج فهو ليس بضامن إذا لم يقصر في ذلك وعليه المشهور وادعيّ عليه الإجماع، ولما ورد في معتبرة السكوني عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال «قال: أمير المؤمنين من تطبب أو تبيطر فليأخذ البراءة من وليّه وإلا فهو ضامن»(1).

وأمّا معالجة الحيوان لو كان بدون الإذن فهو ضامن، لأنّه تصرف فيملك الغير بدون إذنه ومع إذنه أيضاً هو ضامن، لأن الإذن كان في العلاج ولو كان الطبيب ماهراً ولم يقصر، نعم مع الأخذ بالبراءة فلا يضمن .

والمراد بالولي إذا كان بالغاً كاملاً هو نفسه، وإذا كان مجنوناً، أو صغيراً فلابد من أخذ البراءة من وليه أو حاكم الشرع، وإذا كان الحيوان فأخذ البراءة من مالكه .

(1) كما عن الدليمي والمفيد وابن زهرة ادعوا عليه إجماع الإمامية .

ص: 45


1- الوسائل باب 24 من أبواب موجبات الضمان ح1 .

المسألة 229: لو اتلفت الظئر طفلاً وهي نائمة بانقلابها عليه أو حركتها، فإن كانت إنما ظايرت طلباً للعز والفخر، فالدية في مالها(1).

_______________________________________________________________

(1) هناك أقوال في المسألة:

الأول: أنّها في ماله مطلقاً، ذهب إليه الشيخان في النهاية والمقنعة والجامع للشرائع وتحرير الأحكام(1).

الثاني: أنّها على العاقلة مطلقاً، نسب ذلك إلى العلامة في القواعد لو انقلبت الظئر فقتلت الصبي لزمها الدية في مالها إن طلبت الفخر، وعلى العاقلة إن كان للحاجة، والأقرب على العاقلة مطلقاً(2)، ونسب إلى بعض كتبه وولده والشهيدين بقولهما: النائم يضمن ما يجنيه في مال العاقلة لأنّه مخطيء في فعله وقصده(3)، وفي المسالك: كون فعل النائم من باب الخطأ المحض يلزم العاقلة(4)وغيرهم .

الثالث: التفصيل كما عن الإرشاد وتضمن العاقلة ما يتلفه النائم بانقلابه وإن كانت ظئراً للضرورة، وإن كانت للفخر فالدية من مالها(5) وابن إدريس في السرائر: قد روي أنّه متى تقلبت الظئر على الصبي في منامها فقتلته، فإن كانت إنما فعلت ذلك للفقر والحاجة كانت الدية على عاقلتها، وإن كانت إنما طلبتالمظائرة للفخر والعز كان عليها الدية في مالها خاصة(6) ونسب إلى غيرهما ذلك أيضاً .

ص: 46


1- النهاية / 758 / المقنعة / 747 / الجامع 583 / تحرير الاحكام / 2 / 262 .
2- قواعد الاحكام / 3 / 601 .
3- اللمعة الدمشقية / 10 / 113 .
4- مسالك الافهام / 15 /330 .
5- ارشاد الاذهان / 2 / 223 .
6- السرائر / 3 / 390 .

وإن كانت مظايرتها للفقر، فالدية على عاقلها(1).

_______________________________________________________________

لا يخفى أن القول الأول وإن كان طبق القاعدة لأنّه خطأ محض، ولكن الصحيح هو القول الثالث لصحيحة محمد بن مسلم قال «قال أبو جعفر (علیه السلام) أيّما ظئر قوم قتلت صبياً لهم وهي نائمة فقتلته، فإن عليها الدية من مالها خاصة إن كانت إنما ظائرت طلب العز والفخر، وإن كانت إنما ظائرت من الفقر فإنَّ الدية على عاقلتها»(1)، ورواه عبد الرحمن بن سالم عن أبيه عن أبي جعفر مثله، ولكن ذكر الشهيد الثاني أن هذه الروايات في سندها ضعف وجهالة وهكذا ذكر الاردبيلي مثله، والرواية ذكرت بطريقين ورواه البرقي في المحاسن عن أبيه عن هارون بن جهم عن محمد بن مسلم والطريق صحيح إلا أنّه يقتصر على موردها ولا يجوز التعدي لغير موردها، فليس هناك دية كما عليه الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) بقوله: لا دية عليه ولا على عاقلته وهذا هو الأقرب(2)، أو عليها الدية كما قلنا، إذاً التفصيل هو الحق إذا علم بإنّها لأجل الفقر أو الشأن والاعتزاز، أمّا في صورة الجهل فلا يجب الدية لأن عملها كان لأمرار المعيشة فتكون عن فقر واحتياج فتكون الدية في مالها لأنّها هي المسبب .

(1) هناك أقوال في المسألة :

الأول: نسب إلى المقنعة قوله: إذا نام الصبي إلى جنب الظئر فانقلبتعليه في النوم فقتلته لم يجب عليها بذلك القود وكانت ضامنة لديته(3) والنهاية والجامع بقوله: والظئران ظائرت للفقر فنامت على الصبي فمات فالدية على عاقلتها وإن ظائرت للعز والفخر ففي مالها(4)، والتحرير بقوله: ولو انقلبت الظئر على الطفل

ص: 47


1- الوسائل باب 29 من أبواب موجبات الضمان ح1 .
2- مباني تكملة المنهاج / 2 / 275 .
3- المقنعة / 747 .
4- الجامع للشرائع / 583 .

................................

فقتلته، فإن كانت طلبت بالمظائرة بالفخر لزمتها الدية في مالها، وإن كانت طلبت ذلك للحاجة والضرورة فالدية على العاقلة، وعندي في هذا التفصيل نظر لأنّ فعل النائم إن كان خطأ فالدية على العاقلة على التقديرين وإن كان شبيه العمد، فالدية في ماله على التقديرين والتفصيل لا وجه له(1)، والإرشاد بقوله: وتضمن العاقلة ما يتلفه النائم بانقلابه وإن كانت ظئراً للضرورة، وإن كانت للفخر فالدية في مالها(2) ومجمع البرهان بقوله: ونقل عن الشيخ كونه في مال النائم لأنّ إتلاف النائم من الأسباب لا الجنايات بالمباشرة لأنّه قد ارتفع اختياره، ويؤيده ما تقدم أن الضمان على العاقلة خلاف القواعد العقلية والشرعية فلا يصار إليه إلا في المنصوص والمتفق عليه(3) أي ثبوت الدية في ماله .

الثاني: على عاقلته كما في الجواهر والذي يقتضيه مذهبنا أن الدية في جميع هذا يعني النائم ومسألة الظئر على العاقلة، لأن النائم غير عامد في فعلهولا عامد في قصده، وهذا احد قتل الخطأ المحض(4)ونسب إلى القواعد وكشف الرموز والإيضاح واللمعة والتنقيح والروضة والمسالك وقال في الشرائع وهو أشبه بأصول المذهب(5).

الثالث: أنّه لا دية عليه ولا على عاقلته .

الرابع: أنّه من بيت المال .

ص: 48


1- تحرير الاحكام / 5 / 529 .
2- ارشاد الاذهان / 2 / 223 .
3- مجمع الفائدة والبرهان / 14 /231 .
4- جواهر الكلام / 43/51 .
5- انظر المسالك / 15 / 351، واللمعة الدمشقية / 10 / 113 وغيرها من المصادر المشار إليها .

................................

أمّا القول الأول فقد ادعوا:

أولاً: أنّه من باب شبيه العمد كما عليه الشيخ، لأنّه حيث ارتفع عنه الاختيار فلا يكون عمداً، ولكن ضمانها عليه، وفيه لو فرض أنّه ليس بعمد وليس بشبيه العمد لأنّ شبيه العمد ما لو كان قاصداً للفعل وغير قاصد للقتل، والنائم ليس بقاصد شيء أصلاً .

ثانياً: إن الأصحاب جميعهم قد أوردوا ذلك في باب ضمان النفوس وذلك لا تحمله العاقلة بلا خلاف كما نسب إلى الحلي، أو عليه رواية كما في السرائر(1) ويندفع هذا بأن الأصحاب كثير منهم لم يوردها في ضمان النفوس ومن أورد منهم وأفتوا بأن الدية تكون على العاقلة، إذاً لا يمكن القول بادعاء الإجماع الذي يكون كاشفاً عن رأي المعصوم (علیه السلام)، وأمّا الخبر فلا يمكن الاستناد عليه لأنّه مرسل، مضافاً إلى التشويش في المتن .

ويندفع الثاني بأن المورد ليس من القتل الخطأ حتى تكون الدية علىالعاقلة، لأن الخطأ بأن يقصد شيئاً وأصاب غيره، أو أعتمد على شيء وأصاب غيره، والقصد منتفي من النائم، فلا يكون من القتل الخطائي وكلا القولين غير تام، فالأصل عدم الضمان وكان حكمه حكم من سقط من شاهق على آخر بغير قصد قتله، فلا دية على الساقط .

أمّا الوجه الرابع أيّ الدية من بيت مال المسلمين قال الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) وفيه أن هذا الوجه لا يتم أيضاً وذلك لأنّ التعليل لا يعم ما إذا كان الموت بقضاء الله وقدره من دون أن يستند إلى اختيار شخص كما إذا اطار الريح مثلاً رجلاً من على سطح فوقع على إنسان فقتله، فإنّه لا دية في ذلك لا على الواقع ولا على عاملته

ص: 49


1- السرائر / 3/ 390 .

المسألة 230: إذا أعنف الرجل بزوجته جماعاً في قبل أو دبر، أو ضمها إليه بعنف فماتت الزوجة، فلا قود ولكن يضمن الدية في ماله وكذلك الحال في الزوجة إذا أعنفت بزوجها فمات(1).

_______________________________________________________________

ولا على بيت المال، وما نحن فيه من هذا القبيل(1) .

ولكن يمكن أن يقال إن النائم إذا كسر كوز شخص فهو ضامن، وأمّا بالنسبة إلى النفس فيكون بطريق أولى وأصالة الضمان جارية .

(1) لأنّه يدخل في دية شبه العمد وليس من قصده القتل فيكون ثبوت الدية طبقاً للقاعدة، مضافاً إلى معتبرة سلمان بن خالد عن أبي عبد الله (علیه السلام) «إنه سُئل عن رجل أعنف على أمرأته فزعم أنّها ماتت من عنفه، قال(علیه السلام) الدية كاملة، ولا يقتل الرجل»(2)، ولا فرق بين الجماع في القبل أو في الدبر لإطلاق الرواية، وتؤيد ذلك رواية زيد عن أبي جعفر (علیه السلام) «في رجل نكح امرأة في دبرها، فالحَّ عليها حتى ماتت من ذلك، قال: عليه الدية»(3)، وهكذا بالنسبة إلى الزوجة إذا اعنفت بزوجها فمات لأنّه داخل في مسألة شبيه العمد، وأمّا ما ورد في مرسلة يونس عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: سألته عن رجل أعنف على امرأته أو أمرأة أعنفت على زوجها فقتل أحدهما الآخر قال: لا شيء عليهما إذا كانا مأمونين فإن إتّهما أُلزما اليمين بالله أنّهما لم يريدا القتل»(4)، فهي مرسلة فلا يمكن الاستدلال بها ففي السند صالح بن سعيد لم يوثق بل مجهول، ثم إنها ناظرة إلى عدم القود لا عدم الدية .

ص: 50


1- مباني تكملة المنهاج / 2 / 277 .
2- الوسائل باب 31 من أبواب موجبات الضمان ح1 .
3- الوسائل باب 31 من أبواب موجبات الضمان ح2 .
4- الوسائل باب 31 من أبواب موجبات الضمان ح4 .

المسألة 231: من حمل متاعاً على رأسه فأصاب إنساناً فعليه ديته في ماله ويضمن المال إذا أتلف منه شيء على المشهور(1) وفيه إشكال والأقرب أن الدية على العاقلة، ولا ضمان عليه في تلف المال إذا كان مأموناً غير مفرط .

_______________________________________________________________

(1) أمّا الضمان فللأصل، والإجماع، والاتفاق، والكلام يقع في أصل الدية هل هي على نفس أو على العاقلة، فعن الشرائع بقوله: من حمل على رأسه متاعاً فكسرة وأصاب به إنساناً ضمن جنايته في ماله(1)والتحرير بقوله: إذاحمل على رأسه متاعاً فكسره أو أصاب به إنساناً في نفس أو طرف أو جرح ضمن المتاع وما جناه في ماله(2)، والقواعد بقوله: يضمن حامل المتاع إذا كسره أو أصاب به غيره المتاع، والمصدوم في ماله(3) والإرشاد بقوله: وحامل المتاع إذا كسره أو اصاب به غيره الصائح بالمريض، أو المجنون أو الطفل، أو العاقل مع غفلته، أو بالمفاجات بالصيحة مع التلف في ماله، وكذا المشهر سيفه في الوجه ولو فرّ فألقى نفسه في بئر، أو من سقف، أو ما صادفه في هربه سبع، قال الشيخ لا ضمان له(4)، واللمعة بقوله: وحامل المتاع يضمن لو أصاب به إنسان في ماله(5)، والسرائر بقوله: من حمل على رأسه متاعاً بأجرة فكسره وأصاب إنساناً به كان عليه ضمانه أجمع(6) وقال الماتن بأن الدية على العاقلة وليس عليه ضمان في تلف المتاع، واستدل من يقول بأن

ص: 51


1- شرائع الإسلام / 4 / 492 .
2- تحرير الأحكام / 5 / 529 .
3- قواعد الأحكام / 3 / 651 .
4- ارشاد الاذهان / 2/ 225 .
5- اللمعة الدمشقية / 10/ 113 .
6- السرائر / 3 / 393 .

................................

الدية من ماله بصحيح داود بن سرحان عن أبي عبد الله (علیه السلام) «في رجل حمل على رأسه متاعاً فأصاب إنساناً فمات أو كسر منه، قال: هو مأمون»(1) ففي المسالك: في طريق الرواية سهل بن زياد وهو ضعيف(2) والضعف من حيث الطريق المروي بالكافي والتهذيب في باب الضمان، وإلا أنّه يوجد هناك طريقاً آخراً وهو في التهذيب والفقيه في كتاب الإجارة، ليسبضعيف، والطريق الثاني يكون عن داود بن سرحان، ثم أنّه يكون داخلاً في خطأ المحض لذا قال _ أي صاحب المسالك _ وهي بإطلاقها مخالفة للقواعد لأنّه إنما يضمن المصدوم في ماله مع قصده إلى الفعل وخطئه في القصد، فلو لم يقصد الفعل كان خطأ محضاً كما تقرر(3) .

وأمّا عدم الضمان في تلف المال لأنّه مأمون، ويؤيد ذلك ما ورد في الخبر بالسند الصحيح إلى داود بن سرحان عن الإمام الصادق (علیه السلام) «في رجل حمل على رأسه متاعاً فأصاب إنساناً فمات أو كسر منه شيئاً، قال (علیه السلام) هو مأمون»(4)وهناك رواية أخرى عن أبي بصير _ يعني المرادي _ عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: لا يضمن الصائغ ولا القصار ولا الحائك إلا أن يكونوا متهمين فيخوف بالبينة ويستحلف لعله يستخرج منه شيئاً، وفي الرجل يستأجر جمّالاً فيكسر الذي يحمل أو يهريقه، فقال: على نحو من العامل إن كان مأموناً فليس عليه شيء، وإن كان غير مأمون فهو ضامن»(5)، وعدم الضمان لأنّه كان مأموناً ولم يتعد، إذاً بالنسبة إلى الضمان في

ص: 52


1- الوسائل باب 10 من أبواب موجبات الضمان ح1 .
2- المسالك / 15/ 331 .
3- المسالك / 15 / 331 .
4- الوسائل باب 10 من أبواب موجبات الضمان ح1 .
5- الوسائل باب 29 من أبواب كتاب الإجارة ح11 .

المسألة 232: من صاح على أحد فمات، فإن كان قصد ذلك أو كانت الصيحة في محل يترتب عليها الموت عادة وكان الصائح يعلم بذلك فعليه القود(1)، وإلا فعليه الدية(2)هذا فيما إذا علم استناد الموت إلى الصيحة، وإلا فلا شيء عليه(3)، ومثل ذلك ما لو شهر سلاحه في وجه إنسان فمات(4).

_______________________________________________________________

ماله روايتان متعارضتان فنرجع إلى القاعدة وهو الدية على العاقلة، وأمّا مع عدم الضمان فتلف المال أيضاً في الرواية يكون طبقاً للقاعدة .

(1) وذلك لدخولهما في القتل العمدي وهو يكون موضوعاً للقصاص.

(2) وأمّا إذا لم يقصد ذلك أو لم يكن في مورد يترتب عليه الموت غالباً فتكون المسألة من باب شبيه العمد لا الخطأ المحض حتى تكون الدية على العاقلة، ويدل على ذلك صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال أيّما رجل فزع رجلاً عن الجدار أو نفر به عن دابته فخرّ، فمات فهو ضامن لديته وإن أنكسر فهو ضامن لدية ما ينكسر منه»(1).

(3) لأنّ الأصل عدم استناد موته إليه ومعه لا موجب لا للقصاص ولا الدية .

(4) فهو موجب للضمان كما تقدم في الصيحة هنا .

ص: 53


1- الوسائل باب 15 من أبواب موجبات الضمان ح2 .

المسألة 233: لو صدم شخصاً عمداً غير قاصد لقتله، ولم تكن الصدمة مما يترتب عليه الموت عادة فاتفق موته، فديته في مال الصادم(1) وأمّا إذا مات الصادم فدمه هدر(2)، وكذلك إذا كان الصادمالمقتول غير قاصد للصدم وكان المصدوم واقفاً في ملكه أو نحوه مما لا يكون فيه تفريط من قبله(3)، وأمّا إذا كان واقفاً في مكان لا يسوغ له الوقوف فيه كما إذا وقف في طريق المسلمين وكان ضيقاً فصدمه إنسان من غير قصد فمات، كان ضمانه على المصدوم(4).

_______________________________________________________________

(1) لأنّه كان سبباً لقتله فيتعين عليه الدية، وأمّا لو كان الفعل مما يقتل غالباً أو كان قاصداً ذلك فلابد من القصاص .

(2) لعدم اسناد الفعل إلى أحد، بل يكون مستنداً لنفسه .

(3) وكذا لو كان المصدوم في ملكه أو في طريق واسع غير مزاحم فصدم شخصاً فمات بعد صدم المصدوم فدمه هدر .

(4) لأنّه يقع سبب القتل على المصدوم عرفاً فلابد من دفع الدية هذا إذا مات الصادم، أمّا لو مات المصدوم فدمه هدر، لأنّه حصل الموت بفعله .

ص: 54

المسألة 234: لو اصطدم حران بالغان عاقلان قاصدان ذلك فماتا اتفاقاً، ضمن كل واحد منهما نصف دية الآخر(1)، ولا فرق في ذلك بين كونهما مقبلين أو مدبرين أو مختلفين(2).

المسألة 235: لو تصادم فارسان فمات الفرسان أو تعيّبا فعلى كل واحد منهما نصف قيمة الفرس الآخر أو نصف الأرش(3)، هذا إذا كان الفارس مالكاً للفرس، وأمّا إذا كان غيره ضمن نصف قيمة كل من الفرسين لمالكيهما(4).

_______________________________________________________________

(1) تارة يموت كلاهما، وأخرى أحدهما، فإذا مات أحدهما أخذ ورثته نصف الدية، لأنّ الفعل وقع بفعله وفعل غيره، وكذا إذا مات كلاهما ضمن كل واحد نصف دية الآخر، فإن تساويا في الدية فلا شيء على أحدهما للتهاتر .

(2) وأمّا في صورة ما إذا كانا مختلفين كالرجل والمرأة فأخذ صاحب الفضل الزيادة لزيادة ديته، ولا فرق بين كونهما مقبلين أو مدبرين أو مختلفين أو اتحدا في نفس المركوب، أو اختلفا فإن الضابط هو أن يصدم أحدهما الآخر مع القصد .

(3) وقد مرت المسألة وبيانها فيما إذا تساوت القيمتان أو زادت قيمة أحدهما على الآخر .

(4) لأنّ الفرس ملك للغير فلابد أن يدفع الخسارة إليه .

ص: 55

هذا إذا كان التلف مستنداً إلى فعل الفارس، وأمّا إذا استند إلى أمر آخر كإطارة الريح ونحوها مما هو خارج عن اختيار الفارس لم يضمن شيئاً، ومثله إذا كان الاصطدام من طرف واحد، أو كان التعدي منه فإنّه لا ضمان حينئذٍ على الطرف الآخر، بل الضمان على المصدوم أو المتعدي(1)، ويجري ما ذكرناه من التفصيل في غير الفرس من المراكب سواء أكان حيواناً أم سيارة أم سفينة أم غيرها(2) .

المسألة 236: إذا اصطدم صبيان راكبان بأنفسهما أو بأذن ولييهما إذناً سائغاً فماتا فعلى عاقلة كل منهما نصف دية الآخر(3) .

المسألة 237: لو اصطدم عبدان بالغان عاقلان سواء أكانا راكبين أم راجلين أم مختلفين فماتا فلا شيء على مولاهما(4) .

_______________________________________________________________

(1) لأنّ الفارس لم يكن سبباً في الموت أو العيب .

(2) لأنّ الحكم في الجميع واحد .

(3) المسألة غير خلافية، أمّا الدية فتكون على عاقلة كل منهما، لأنّ عمد الصبي خطأ وتحمله العاقلة، أي عاقلة كل منهما نصف دية الآخر لأنّ الفعل وهو الموت مستند إليه وإلى الآخر فعليه النصف وعلى الآخر النصف إلا إذا كان أحدهما بنتاً .

(4) لا يخفى بأنّ جناية العبد تتعلق برقبته دون رقبة المولى، فنصفالدية أصبح هدراً لانتفاء الموضوع، والنصف الآخر ينتفي بانتفاء محله .

ص: 56

المسألة 238: إذا اصطدم عبد وحر فماتا اتفاقاً، فلا شيء على مولى العبد ولا له من دية العبد شيء(1).

المسألة 239: إذا اصطدم فارسان فمات أحدهما دون الآخر ضمن الآخر نصف دية المقتول، والنصف الآخر منها هدر(2).

المسألة 240: إذا اصطدمت امرأتان إحداهما حامل والأخرى غير حامل فماتتا سقطت ديتهما، وإذا قتل الجنين فعلى كل واحدة منهما نصف ديته إن كان القتل شبيه عمد، كما إذا كانتا قاصدتين للاصطدام وعالمتين بالحمل، وإلا فالقتل خطأ محض، فالدية على عاقلتهما(3).

_______________________________________________________________

(1) أمّا عدم وجوب الشيء على المولى فلأنه كما ذكرنا دية العبد برقبته لا برقبة المولى، وليس له شيء لأنّ النصف منه يذهب هدراً لاستناده إلى فعل نفسه .

(2) فهنا إذا قصدا القتل أو كان الفعل مما يقتل به عادة فلابد من القصاص، وأمّا إذا لم يقصدا القتل فبما أن الجناية حصلت من فعل المقتول والقاتل، فيستحق المقتول نصف الدية من القاتل .

(3) لا يخفى بإنّه تارة يكون القتل شبيه العمد، وأخرى خطأ، أمّا بالنسبة إلى الامرأتين فبما أن القتل حصل بفعلهما فكل منهما يضمن نصف دية الآخر فيتساقطان، وأمّا بالنسبة إلى الجنين إذا قتل فيهدر النصف من الدية لأنّه كان بفعل والدته وبقي النصف من الدية على الآخرى، هذا إذا كان القتل شبيهعمد، أمّا لو كان القتل خطأ فعلى العاقلة .

ص: 57

ومن ذلك يظهر حال ما إذا كانت كلتاهما حاملاً(1) .

المسألة 241: لو رمى إلى طرف قد يمر فيه إنسان فأصاب عابراً اتفاقاً، فالدية على عاقلة الرامي(2)، وإن كان الرامي قد أخبر من يريد العبور بالحال، وحذره فعبر والرامي جاهل بالحال فأصابه الرامي فقتله لم يكن عليه شيء(3).

_______________________________________________________________

(1) وظهر مما ذكرنا بأنّ هنا أيضاً يحصل التساقط لأنّ على كل منهما نصف ديته ونصف دية الجنين ونصفهما على الآخر فيتساقطان بالتهاتر .

(2) المسألة لا تدخل في مسألة الخطأ المحض وتكون الدية على العاقلة لا على الرامي مضافاً إلى أن المسألة اتفاقية .

(3) لأنّه حينما أخبر وعلم الحال مع ذلك عبر والرامي كان جاهلاً بالحال فقد أقدم على قتل نفسه فيكون دمه هدراً، إذاً لا قصاص على الرامي لجهله ولا دية عليه بعد إن أقدم المقتول على قتل نفسه، ويؤيد ذلك رواية أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: كان صبيان في زمان علي (علیه السلام) يلعبون بأخطار لهم، فرمى أحدهم بخطره فدق رباعية صاحبه، فرفع ذلك إلى أمير المؤمنين (علیه السلام) فأقام الرامي البينة بأنّه قال حذار، فدرأ عنه القصاص، ثم قال: أعذر من حذر»(1).

ص: 58


1- الوسائل باب 26 من أبواب القصاص في النفس ح1 .

فلو اصطحب العابر صبياً فأصابه الرامي، فهل ديته على العابر أو الرامي أو على عاقلتهما ؟ فيه خلاف والأقرب هو التفصيل، فمن كان منهما عالماً بالحال فعليه نصف الدية، ومن كان جاهلاً بها فعلى عاقلته كذلك(1).

المسألة 242: إذا اخطأ الختّان فقطع حشفة غلام ضمن(2).

_______________________________________________________________

(1) قد يقال بأن الضمان على من مرّ به لأنّه هو المباشر لتلف الصبي ففي صورة علم الرامي وقصده كانا مشتركين في القتل الشبيه للعمد، وأمّا لو كانا جاهلين ففي هذه الصورة الدية على العاقلة، وفي الصورة الثالثة فالعالم بالقتل يكون مستنداً إليه فيكون شبيه العمد، وبالنسبة إلى الجاهل خطأ محض فالدية على العاقلة .

(2) قد مرّ البحث في مسألة الطبيب بأنّه ضامن وإن كان حاذقاً ويكون عمله شبيه العمد، نعم هنا إذا أخذ البراءة فلا يكون ضامناً، وتدل عليه معتبرة السكوني عن جعفر عن أبيه C «إن علياً (علیه السلام) ضمّن ختّاناً قطع حشفة غلام»(1) أمّا حمل الرواية على ما أفرط فيحتاج إلى دليل، فمع تجاوزه الحد يكون ضامناً وإن كان ماهراً ولا يفيد الأذن، لأنّه لم يكن مأذوناً عن الزيادة عن الحد ولو فرض إذنه من الولي في الختان فليس للولي الإذن في الزيادة لأنّه خارج عن ولايته .

ص: 59


1- الوسائل باب 24 من أبواب موجبات الضمان ح2 .

المسألة 243: من سقط من شاهق على غيره اختياراً فقتله(1)، فإن كان قاصداً قتله أو كان السقوط مما يقتل غالباً فعليه القود، وإلا فعليه الدية، وإن قصد السقوط على غيره ولكن سقط عليه خطأ فالدية على عاقلته(2).

المسألة 244: إذا سقط من شاهق على شخص بغير اختياره، كما لو ألقته الريح الشديدة أو زلّت قدمه فسقط فمات الشخص، فالظاهر أنّه لا دية لا عليه ولا على عاقلته، كما لا قصاص عليه(3).

_______________________________________________________________

(1) إذا قصد من وقوعه عليه قتله، أو لم يقصد قتله ولكن كان مما يقتل به غالباً فهو عمد يترتب عليه حكم العمد، وأمّا إذا لم يكن من قصده القتل أو لا يكون مما يقتل به غالباً فهو شبيه العمد، والدية تكون في ذمته .

(2) لأنّه خطأ محض فالدية تكون على العاقلة، والمسألة تكون واضحة من جهة ما مضى بيانه .

(3) والمسألة غير خلافية، فإنّه لا قصاص، لأنّه ليس بقتل العمد ولا شبيه العمد فلا دية عليه، ولا هو خطأ محض فلا يكون الدية على العاقلة وفي جميع ذلك لم يستند القتل إليه أصلاً، مضافاً إلى ورود عدة من الروايات .

منها: صحيحة عبيد بن زرارة قال: «سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل وقع على رجل فقتله، فقال: ليس عليه شيء»(1).

وصحيحته الثانية قال: «سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرجل وقععلى رجل من فوق البيت فمات أحدهما، قال: ليس على عليه شيء، ولا على الأسفل شيء»(2).

ص: 60


1- الوسائل باب 20 من أبواب قصاص النفس ح2 .
2- الوسائل باب 20 من أبواب قصاص النفس ح3 .

المسألة 245: لو دفع شخصاً على آخر، فإن أصاب المدفوع شيء فهو على الدافع بلا إشكال(1)، وأمّا إذا مات المدفوع عليه فالدية على المدفوع، وهو يرجع إلى الدافع .

المسألة 246: لو ركبت جارية جارية أخرى فنخستها جارية ثالثة فقصمت الجارية المركوبة قهراً وبلا اختيار فصرعت الراكبة فماتت فالدية على الناخسة دون المنخوسة(2).

_______________________________________________________________

ومنها: صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما C «قال: في الرجل يسقط على الرجل فيقتله، فقال: لا شيء عليه وقال من قتله القصاص فلا دية له»(1).

(1) لا يخفى بأنّ المسألة متفق عليها، فإن كان عمداً فعليه القود أو الدفع مما يقتل به عادة، أمّا إذا لم يكن القصد منه القتل ولا مما يقتل به عادة فعلى الدافع دية ما أصبب من الدفع، أمّا إذا مات المدفوع عليه فحسب القاعدة تكون على الدافع لأنّه لم يصدر من المدفوع الفعل لا عمداً ولا شبيه عمد ولا خطأ محضاً، لأنّ الفعل لم يستند إليه وإنما استند إلى الدافع، فليس على المدفوع شيء، نعم هناك رواية صحيحة عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (علیه السلام) «في رجل دفع رجلاً على رجل فقتله، قال: الدية على الذي دفع على الرجل فقتله لأولياء المقتول، قال: ويرجع المدفوع بالدية علىالذي دفعه قال: وإن أصاب المدفوع شيء فهو على الدافع أيضاً»(2) وقد عمل في كتبه الثلاثة النهاية والتهذيب والاستبصار .

(2) هناك أقوال في المسألة :

القول الأول: الدية على الناخسة وهو الصحيح لتحقق السببية من قبلها

ص: 61


1- الوسائل باب 20 من أبواب قصاص النفس ح2 .
2- الوسائل باب 21 من أبواب القصاص في النفس ح1 .

................................

فالضمان عليها فهي إن أرادت بهذا العمل القتل فعليها القود وإلا فعليها دية شبه العمد .

القول الثاني: الدية نصفان بين الناخسة والمنخوسة كما روي عن أبي جميلة عن سعد الاسكافي عن الأصبغ بن نباتة، قال: «قضى أمير المؤمنين في جارية ركبت جارية فنخستها أخرى فقمصت المركوبة فصرعت الراكبة فماتت فقضى بديتها نصفين بين الناخسة والمنخوسة»(1)، وهي ضعيفة بأبي جميلة محمد بن مهران وعن النجاشي: والخلاصة أنّه من أبناء الأعاجم غالٍ كذاب فاسد المذهب والحديث مشهور بذلك، بل عن النجاشي أن سعد الإسكافي يعرف وينكر حديثه وكان قاضياً وإن حكيّ عن الشيخ أنه صحيح الحديث(2)ونسب الجواهر إلى المقنعة والغنية ومحكي الإصباح الشيعة والكافي والمحقق على الناخسة والقامصة ثلثا الدية ويسقط الثلث(3)وروي بهذا المضمون رواية مرسلة قال: «إن علياً (علیه السلام) رفع إليه خبر جاريةحملت جارية على عاتقها عبثاً ولعباً فجاءت جارية أخرى فقرصت الحاملة فقمصت لفرصتها، فوقعت الراكبة فاندق عنقها فهلكت، فقضي على القارصة بثلث الدية وعلى القامصة بثلثها وأسقط الثلث الباقي لركوب الواقعة فبلغ النبي (صلی الله علیه و آله وسلّم) فامضاه»(4) الحق هو القول الأول .

ص: 62


1- الوسائل باب 7 من أبواب موجبات الضمان ح1 .
2- رجال النجاشي رقم 942 .
3- الجواهر / 43 / 74 .
4- الوسائل باب 7 من أبواب الضمان ح2 .

فروع

الأول: من دعا غيره ليلاً فأخرجه من منزله فهو له ضامن حتى يرجع إلى منزله، فإن فقد ولم يعرف حاله فعليه ديته(1)، نعم إن أدّعى أهل الرجل القتل على الداعي المخرج، فقد تقدم حكمه في ضمن مسائل الدعاوي .

_______________________________________________________________

(1) والمسألة غير خلافية وفي الغنية بقوله: من أخرج غيره من منزله ليلاً ضمن ديته في ماله حتى يرده أو يقيم البينة بسلامته أو براءته من هلاكه(1)، وقال المحقق: من دعاه غيره فأخرجه من منزل ليلاً، فهو له ضامن حتى يرجع إليه، فإن عدم فهو ضامن لديته(2)، وقال في الرياض: بلا خلاف فيه في الجملة بل عليه الوفاق كذلك في الروضة وكلام جماعة وادعى الإجماع عليه مطلقاً في الغنية وعن الماتن في نكت النهاية(3)، والعمدة صحيحة عمرو بن أبي المقدام «إنّ رجلاً قال لأبي جعفر المنصور _ وهو يطوف _: يا أمير المؤمنين إنّ هذين الرجلين طرقا أخي ليلاً، فأخرجاه من منزله ولم يرجع إليّ، والله ما أدري ما صنع به، فقال لهما: ما صنعتما به ؟ فقالا: يا أمير المؤمنين كلّمناه ثم رجع إلى منزله إلى أن قال، فقال لأبي عبد الله جعفر بن محمد C اقض بينهم إلى أن قال، فقال: يا غلام اكتب بسم الله الرحمن الرحيم قال رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلّم) كل من طرق رجلاً بالليل فأخرجه من منزله فهو ضامنإلا أن يقيم عليه البيّنة أنّه قد ردَّه إلى منزله، يا غلام نحِّ هذا فاضرب عنقه، فقال: يا ابن رسول الله، والله ما أنا قتلته ولكني أمسكته ثم جاء هذا فوجأه

ص: 63


1- غنية النزوع / 2 / 414 .
2- شرائع الإسلام / 2 / 252 .
3- رياض المسائل / 16 / 393 .

................................

فقتله، فقال أنا ابن رسول الله يا غلام نحِّ هذا فاضرب عنقه للأخر، فقال: يا ابن رسول الله، ما عذبته ولكني قتلته بضربة واحدة، فأمر أخاه فضرب عنقه، ثم أمر بالآخر فضرب جنبيه وحبسه في السجن ووقع على رأسه يحبس عمره، ويضرب في كل سنة خمسين جلدة»(1).

يقول الاستاذ والرواية مطابقة لما في الفقيه(2) وخبر عبد الله بن ميمون عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: إذا دعا الرجل أخاه بليل فهو له ضامن حتى يرجع إلى بيته»(3)، والرواية ضعيفة سنداً .

لا يخفى إن ذكر الليل إنما هو من باب الاغلبية وإلا لو اختطفه في النهار يصح، فهو كما إن ذكر الرجل في الرواية من باب أحد المصاديق كبيراً كان أو صغيراً، رجلاً كان، أو امرأة، أخرجه من بيته، أو بيت غيره، أو من محله كان بالتماس منه، أو بالتخويف والعصبية، أو الإيجار، والمخرج كان أميناً أم لا للإطلاق، ولا يخفى أيضاً أنّه لا يجوز القصاص في فرض عدم وجدانه مقتولاً وإنما تجب الدية .

إن قلت ورد في الخبر بأنّه نحِّ هذا الواحد منهما واضرب عنقه .

قلت أنّه لم يكن أمر الإمام على نحو الحقيقة، بل كما في المسالكوغيره أنّه لاستخراج ما فعلاه تهديد وحيله على الإقرار الصحيح(4) كما أنّه ولو وجد قتيلاً فلا قود ما لم يثبت ولو بينة أو الإقرار بأن القاتل المخرج .

ص: 64


1- الوسائل باب 18 من أبواب القصاص في النفس ح1 .
2- مباني تكملة المنهاج / 2/ 294 .
3- الوسائل باب 18 من أبواب القصاص في النفس ح2، مباني تكملة المنهاج / 2 / 294.
4- مسالك الافهام / 5 / 349 .

................................

ولا يخفى أن الحر لا يضمن ولكن نسب إلى الشهيد في حواشيه أن الحر لا يضمن بإثبات اليد عليه ولا أثر اليد في غير المال ثم يستثنى في ذلك موارد منها المقام، ومنها الظئر إن لم تكن مأمونة، ومنها تلف الصبي المغصوب، أمّا لو وجد ميتاً ولم يكن فيه أثر القتل فهل يثبت الضمان من المخرج ؟ فنسب الضمان في النافع والنفي في الشرائع بقوله: وإن وجد ميتاً ففي لزوم الدية تردد والأشبه أنّه لا يضمن(1).

والحق كما ذكره الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) التفصيل، بقوله: أنّه إن احتمل استناد الموت إلى المخرج وإن كان لأمر غير ظاهر فالضمان عليه لأطلاق الدليل، وأمّا إذا علم أنّه مات حتف أنفه أو بسبب آخر لابد للمخرج فيه فلا ضمان عليه، والرواية منصرفة عنه جزماً(2).

ص: 65


1- شرائع الإسلام / 2/252 .
2- مباني تكملة المنهاج / 2 / 295 .

الثاني: الظئر إن جاءت بالولد، فأنكره أهله صدّقت ما لم يثبت كذبها(1)، فإن علم كذبها وجب عليها إحضار الولد، والمشهور أنّ عليها الدية مع عدم إحضارها الولد، ووجهه غير ظاهر(2)، ولو أدعت الظئر إن الولد قد مات صدّقت(3) .

الثالث: لو استأجرت الظئر امرأة أُخرى ودفعت الولد إليها بغير إذن أهله، فجهل خبره ولم تأتِ بالولد، فعليها دية كاملة(4) .

_______________________________________________________________

(1) والمسألة غير خلافية وقد ادعوا الإجماع والعمدة الروايات، منها صحيحة الحلبي قال «سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل استأجر ظئراً فدفع إليها ولده، فغابت بالولد سنين ثم جاءت بالولد وزعمت أمه أنّها لا تعرفه وزعم أهلها أنّهم لا يعرفونه، فقال (علیه السلام) ليس لهم ذلك فليقبلوه إنما الظئر مأمونة»(1).

(2) لعدم تحقق موجب الدية مع أنّه فرض بأنّها مأمونة وليس على الأمين إلا الحلف.

(3) ولا قصاص ولا دية لأمانتها كما ورد في الروايات إذا في فرض امانتها لأتحقق موجبهما، نعم إذا دلت البينة على القتل عمداً أو شبيه العمد يترتب عليها أثرها .

(4) فإن علم موته عمداً أو شبيه العمد فله حكمه، وأمّا إذا لم يعلم فعليها الدية لصحيحة سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (علیه السلام) «عنرجل استأجر ظئراً فدفع إليها ولده فانطلقت الظئر فدفعت ولده إلى ظئر أُخرى فغابت به حيناً، ثم إن الرجل طلب ولده من الظئر التي كان أعطاها أبنه فأقرت أنّها استأجرته وأقرت بقبضها ولده وأنّها كانت دفعته إلى ظئر أُخرى فقال (علیه السلام) عليها الدية أو تأتي به»(2).

ص: 66


1- الوسائل باب 29 من أبواب موجبات الضمان ح2 .
2- الوسائل باب 80 من أبواب أحكام الأولاد ح2 .

فروع التسبيب

المسألة 247: إذا أدخلت المرأة أجنبياً في بيت زوجها فجاء الزوج وقتل الرجل، فهل تضمن المرأة ديته ؟ فيه وجهان، الأقرب عدم الضمان(1) .

_______________________________________________________________

وصحيحته الأخرى عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: «سألته عن رجل استأجر ظئراً فأعطاها ولده وكان عندها فانطلقت الظئر واستأجرت أُخرى فغابت الظئر بالولد ولا يدري ما صنعت به، قال: (علیه السلام) عليها الدية كاملة»(1).

(1) أمّا عدم ضمانها فلعدم الدليل، وأمّا عدم الضمان على صاحب البيت فلأنّه هو الذي أهدر دمه في دخوله في بيت الغير، نعم في صورة دخول الرجل في البيت جبراً، أو لم يكن عالماً بالحال فالضمان .

وأمّا من يقول بضمان المرأة فلعله استدل برواية إبراهيم بن هاشم عن محمد بن حفص عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال «قلت: له رجل تزوجامرأة فلما كان ليلة البناء عمدت المرأة إلى رجل صديق لها فأدخلته الحجلة، فلما دخل الرجل يباضع أهله ثار الصديق فاقتتلا في البيت فقتل الزوج الصديق فقامت المرأة فضربت الزوج ضربة فقتلته بالصديق، فقال: تضمن دية الصديق، وتقتل بالزوج»(2).

ولكن الرواية ضعيفة بمحمد بن حفص الذي يروي عنه إبراهيم هاشم لأنّه مجهول، وفي الطريق أيضاً عبد الله بن طلحة ولم يوثق، والظاهر أن دم الرجل هدر والقاتل لم يكن عليه شيء لأنّه قتله دفاعاً .

ص: 67


1- الوسائل باب 29 من أبواب موجبات الضمان ح3 .
2- الوسائل باب 23 من أبواب القصاص في النفس ح3 .

المسألة 248: لو وضع حجراً في ملكه لم يضمن دية العاثر به اتفاقاً(1)، ولو وضعه في ملك غيره أو في طريق مسلوك وعثر به شخص فمات أو جرح ضمن ديته، وكذلك لو نصب سكيناً أو حفر بئراً في ملك غيره أو في طريق المسلمين فوقع عليه أو فيها شخص فجرح أو مات ضمن ديته(2).

_______________________________________________________________

(1) وذلك لقاعدة السلطنة أي الناس مسلطون على أموالهم خصوصاً إذا وضعه لمصلحة، ولأنّه لم يتحقق منه العمد ولا شبه العمد ولا الخطأ وورد بذلك معتبرة سماعة قال «سألته عن الرجل يحفر البئر في داره أو في أرضه فقال: أمّا ما حفر في ملكه فليس عليه ضمان، وأمّا ما حفر في الطريق أو في غير ما يملك فهو ضامن لما يسقط فيه»(1)، وصحيحة زرارة عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: لو أنّ رجلاً حفر بئراً في داره ثم دخل رجل (داخل)فوقع فيها لم يكن عليه شيء ولا ضمان، ولكن ليغطها»(2).

(2) كل ذلك لأجل تحقق التسبيب والعمدة الروايات .

منها: صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال «سألته عن الشيء يوضع في الطريق فتمر الدابة فتعقره بصاحبها فتنفره، فقال: كل شيء يضر بطريق المسلمين فصاحبه ضامن لما يصيبه»(3).

ومنها: صحيحة أبي الصباح الكناني، قال «قال: أبو عبد الله (علیه السلام) من أضرَّ بشيء من طريق المسلمين فهو له ضامن»(4).

ص: 68


1- الوسائل باب 8 من أبواب موجبات الضمان ح3 .
2- الوسائل باب 8 من أبواب موجبات الضمان ح4 .
3- الوسائل باب 9 من أبواب موجبات الضمان ح1 .
4- الوسائل باب 8 من أبواب موجبات الضمان ح2 .

هذا إذا كان العابر جاهلاً بالحال، وأمّا إذا كان عالماً بها فلا ضمان له(1) .

المسألة 249: لو حفر في طريق المسلمين ما فيه مصلحة العابرين فاتفق وقوع شخص فيه فمات، قيل لا يضمن الحافر، وهو قريب(2).

_______________________________________________________________

ومنها: معتبرة سماعة، قال «سألته عن الرجل يحفر البئر في داره أو في أرضه، فقال: أمّا ما حفر في ملكه فليس عليه ضمان، وأمّا ما حفر في الطريق، أو في غير ما يملك فهو ضامن لما يسقط فيه»(1).

ومنها: صحيحة زرارة عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال «قلت له:رجل حفر بئراً في غير ملكه، فمرَّ عليها رجل فوقع فيها، فقال: عليه الضمان لأن كل من حفر في غير ملكه كان عليه الضمان»(2) وغيرها من الروايات .

(1) لأنّه هو الذي أوقع نفسه في الهلكة وأقدم على هلاكها .

(2) كما إذا رش الماء لكي يرفع الحرارة عن المار ولعدم أذيتهم من الغبار فإنّه لا يكون ضامناً، وفاقاً لجماعة كما نسب الاستاد الاعظم (قدس سرُّه) إلى الشيخ في محكي المبسوط والنهاية، والفاضل، والشهيد الثاني، والمحقق في الشرائع خلافاً لجماعة كفخر المحققين وصاحب الجواهر(3)، وما قيل بالضمان كما ورد في صحيحة الحلبي(4)، بقوله (علیه السلام) «وكل شيء يضر بطريق المسلمين فصاحبه ضامن كما يصيبه» فيظهر منها أن موضوع الضمان هو الإضرار وهكذا في صحيحة

ص: 69


1- الوسائل باب 8 من أبواب موجبات الضمان ح3 .
2- الوسائل باب 8 من أبواب موجبات الضمان ح1 .
3- مباني تكملة المنهاج / 2 /300 .
4- قد مر الحديث .

المسألة 250: لو كان يعلّم صبياً للسباحة فغرق الصبي اتفاقاً ضمن المعلّم إذا كان الغرق مستنداً إلى فعله(1)وكذا الحال إذا كان بالغاً رشيداً وقد تقدم حكم التبريء عن الضمان .

المسألة 251: إذا اشترك جماعة في قتل واحد منهم خطأ، كما إذا اشتركوا في هدم حائط _ مثلاً _ فوقع على أحدهم فمات، سقط من الدية بقدر حصة المقتول(2)، والباقي منها على عاقلة الباقين، فإذا كان الاشتراك بين اثنين سقط نصف الدية لأنّه نصيب المقتول،ونصفها الآخر على عاقلة الباقي، وإذا كان الاشتراك بين ثلاثة سقط ثلث الدية وثلثان منها على عاقلة الشخصين الباقيين، وهكذا .

_______________________________________________________________

ابن الصباح بقوله (علیه السلام) «من أضر بشيء بطريق المسلمين» فهاتان لاتشملان ما إذا كان العمل لمصلحة المارة، وكذا إذا حفر بئراً لنفع المسلمين ووقع فيه أحد فلا يضمن .

(1) لأنّه يُعدّ من القتل الشبيه بالعمد، وديته تكون على المعلم حتى لو أذن له الولي أو كان بالغاً رشيداً أو أذن البالغ له، كان في ذلك كله الدية على المعلم، وهكذا لو أذن الولي لابد أن يدفع الدية، ففي صورة البراءة ليس عليه شيء، نعم لو كان القتل حصل بتفريط، أو كان في مكان ما يوجب القتل والغرق غالباً فيقتض منه بلا فرق بين أن يأذن الولي له أم لا.

(2) أمّا سقوط الدية بقدر حصة المقتول كما إذا كانوا ثلاثة فتسقط الدية وهي الثلث، والثلثان الآخران على العاقلة، ونسب إلى الحلي وعامة المتأخرين على ما في الرياض بقوله: ضمن الآخران الباقيان الدية على رواية أبي بصير المروية في الكتب الثلاثة بأسانيد متعددة عن علي بن أبي حمزة عنه، وهو ضعيف بلا شبهة

ص: 70

................................

ولأجله تحقق في الرواية ضعف .... مضافاً إلى ما فيها من المخالفة للأصول الآتية ومع ذلك شاذة لا عامل بها صريحاً(1) ولذا ما ذهب إليه الشيخ في النهايةوالصدوق في الفقيه والمقنع أنّه يضمن الآخران الباقيان الدية فغير تام، وقد يستدل لقولهم بخبر أبي بصير عن الإمام الصادق (علیه السلام) «قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في حائط اشترك في هدمه ثلاثة نفر فوقع على واحد منهم فمات فضمن الباقين ديته لأنّ كل واحد منهما ضامن لصاحبه»(2)وهذه الرواية وإن وردت بأسانيد متعددة ولكن في سند الجميع علي بن أبي حمزة وهو ضعيف .

وما قيل بأنّه ينقل عنه محمد بن أبي عمير وهو من أصحاب الإجماع قلنا لا دليل عليه، مع أنّه لم يعمل بها أحد .

وأمّا أن الدية على العاقلة فلأنه من قبيل الخطأ المحض، وما كان من قصدهم وقوع الحائط على أحد حتى يكون من قبيل شبيه العمد، فثلثا الدية على العاقلة لا على الباقين خلافاً للمحقق كما ذكره في المسالك بقوله: إذا اشترك في هدم الحائط ثلاثة، فوقع على أحدهم، ضمن الآخران ديته، لأن كل واحد ضامن لصاحبه(3) وغيره .

ص: 71


1- رياض المسائل / 16 / 395 .
2- الوسائل باب 3 من أبواب موجبات الضمان ح1 .
3- المسالك / 15 / 364 .

المسألة 252: لو أراد إصلاح سفينة حال سيرها فغرقت بفعله كما لو أسمر مسماراً فقلع لوحة أو أراد ردم موضع فانهتك ضمن ما يتلف فيها من مال لغيره أو نفس(1).

المسألة 253: لا يضمن مالك الجدار ما يتلف من إنسان أو حيوان بوقوع جداره عليه إذا كان قد بناه في ملكه أو في مكان مباح، وكذلك الحال لو وقع في طريق فمات شخص بغباره(2)، نعم لو بناه مائلاً إلى غير ملكه، أو بناه في ملك غيره فوقع على إنسان أو حيوان اتفاقاً فمات ضمن(3)، ولو بناه في ملكه ثم مال إلى الطريق أو إلى غير ملكه فوقع على عابر فمات ضمن مع علمه بالحال وتمكنه من الإزالة أو الإصلاح قبل وقوعه(4).

_______________________________________________________________

(1) يفهم شرح المسألة من المسائل المتقدمة بالنسبة إلى من تلف مال الغير أو نفس الغير .

(2) وذلك لعدم الضمان في هذه الموارد لعدم الدليل، لأنّ الفعل لم يكن مستنداً إليه والأصل يقتضي عدمه، ولأنّ الفعل كما مرّ في باب حفر البئر والمدار هنا هو الإضرار والتفريط .

(3) إذا كان بنائه من دون إذن مالكه .

(4) لأنّه متمكن من الإصلاح ولم يفعل، وهذا يعد تعدياً منه ويكون ضامناً، وقال المسالك: وإن بناه مائلاً إلى الشارع وجب ضمان ما يتولد من سقوطه، وإن بناه مستوياً ثم مال إلى الشارع وسقط، فإن لم يتمكن من الهدموالإصلاح فلا ضمان، وإن تمكن ولم يفعل ضمن، لتقصيره بترك النقض والإصلاح، وكذا القول لو سقط في الطريق فلم يرفعه حتى عثر به إنسان أو هلك(1)، خلافاً

ص: 72


1- مسالك الافهام / 15 / 369 .

ولو وقع مع جهله أو قبل تمكنه من الازالة أو الاصلاح لم يضمن(1).

المسألة 254: يجوز نصب الميازيب وتوجيهها نحو الطرق النافذة فلو وقعت على إنسان أو حيوان فتلف لم يضمن(2).

_______________________________________________________________

للمبسوط في موضع حيث أطلق عدم الضمان بقوله: الثانية بناه مائلاً إلى ملكه فوقع فأتلف فلا ضمان له، لأنّ له أن يصنع في ملكه ما يشاء(1)، وخلافاً للتفصيل الذي صدر عن غيره من الفرق بين المطالبة بنقضه والإشهاد عليه فوقع الضمان بعد القدرة على نقضه، أمّا إذا وقع قبل القدرة فلا ضمان .

(1) لعدم صدق الإفراط والتعدي عليه .

(2) لا يخفى أن هذا الميزاب تارة يستوجب ضرراً، فالظاهر هو الضمان لما ورد من أضر بطريق المسلمين فهو ضامن، لصدق الإفراط والتعدي، كما في صحيحة أبي الصباح الكناني، قال «قال: أبو عبد الله (علیه السلام) من أضر بشيء من طريق المسلمين فهو له ضامن»(2).

أمّا مع عدم الإضرار فلو اتفق وقوعه على الغير لم يضمن، والمشهورعلى ذلك، وقال في الرياض: إلا مع التفريط في نفسه وفاقاً للمفيد والحلي وجماعة للأذن في نصبها شرعاً، فلا يتعقب ضماناً ولأصالة البراءة(3).

ونسب إلى الشيخ في الخلاف من أخرج ميزاباً إلى شارع فوقع على إنسان فقتله أو متاع فأتلفه، كان ضامناً وبه قال جميع الفقهاء إلا بعض أصحاب الشافعي،

ص: 73


1- المبسوط / 5 / 212 .
2- الوسائل باب 8 من أبواب موجبات الضمان ح2 .
3- الرياض / 16 / 408 __ 409 .

نعم إذا كانت في معرض الانهيار مع علم المالك بالحال وتمكنه من الإزالة أو الإصلاح ضمن(1)، وفي حكم ذلك إخراج الرواشن والأجنحة.

المسألة 255: لو أجج ناراً في ملكه فسرت إلى ملك غيره اتفاقاً، لم يضمن(2)، إلا إذا كانت في معرض السراية، كما لو كانت كثيرة أو كانت الريح عاصفة فإنّه يضمن(3). ولو أججها في ملك غيره بدون إذنه ضمن ما يتلف بسببها من الأموال والأنفس(4) .

_______________________________________________________________

فإنّه قال: لا ضمان عليه لأنّه محتاج إليه، قال أصحابه ليس هذا بشيء(1).

والمبسوط: أما المرازيب فلكل احد نصبها للخبر والاجماع ولأن به حاجة داعية الى ذلك إلا أنّه لو وقع على إنسان فقتله فالحكم فيه كخشب الجناح سواء، وقال بعضهم هاهنا لا ضمان عليه لإنّه محتاج إلى فعله مضطر إليه والأول هو الصحيح(2)، وما ذكره لا دليل عليه وما ورد من الروايات منالضمان إنما هو فيما إذا كان بعد التفريط والإضرار .

(1) مع عدم الضرر لا يضمن ومعه يضمن .

(2) والمسألة غير خلافية وقد ادعى الإجماع بقسميه، لأنّه لم يصدر منه تعدٍ ولا تفريط .

(3) أي كانت أكثر من مقدار المتعارف .

(4) فإنّه يضمن لحصول التعدي حتى لو كان بمقدار الحاجة وكانت عاصفة أيضاً يكون ضامناً مع علمه أو كان في الطريق العام لا لمصلحة المارة لأنّه يصدق عليه التعدي .

ص: 74


1- الخلاف / 5 / 290 _ 291 .
2- المبسوط / 5 / 214 .

ولو كان قاصداً إتلاف الأنفس أو كان التأجيج مما يترتب عليه ذلك عادة وإن لم يكن المقصود إتلافها ولم يكن الشخص التالف متمكناً من الفرار والتخلص ثبت القود(1).

المسألة 256: لو ألقى قشر بطيخ أو موز ونحوه في الطريق، أو أسال الماء فيه فزلق به إنسان فتلف أو كسرت رجله _ مثلاً _ ضمن(2).

المسألة 257: لو وضع إناء على حائط وكان في معرض السقوط فسقط(3)، فتلف به إنسان أو حيوان ضمن، وإن لم يكن كذلك وسقط اتفاقاً لعارض لم يضمن .

_______________________________________________________________

(1) لأنّه قتل عمدي وهو الموجب للقصاص ولمعتبرة السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي (علیهم السلام) «إنّه قضى في رجل أقبل بنار فأشعلهافي دار قوم فاحترقت واحترق متاعهم، قال: يغرم قيمة الدار وما فيها، ثم يقتل»(1).

(2) لا يخفى قد يكون قاصداً لقتل الغير أو كان الفعل مما يستوجب القتل غالباً فعليه القود .

وأمّا إذا لم يكن من قصده ذلك فهو ضامن، أو كان اسالة الماء فيه لم يكن في مصلحة العامة فزلق إنسان فضمن، نعم لو كان العابر جعل رجله متعمداً عليها فلا ضمان، كما أنّه لا ضمان فيما لا يكون موجباً للضرر غالباً وإن اتفق الضرر .

(3) تارة لا يكون في معرض السقوط، وأخرى يكون كذلك، ففي الصورة الأولى الأصل عدم الضمان لعدم تحقق السبب منه وكان التلف بقضاء وقدر، لأنّ السقوط كان كذلك ولم يكن العمل مستنداً إليه، وفي الصورة الثانية إذا كان في معرض السقوط، فهو ضامن لتحقق السبب واستناد التلف إليه .

ص: 75


1- الوسائل باب 41 من أبواب موجبات الضمان ح1 .

المسألة 258: يجب على صاحب الدابة حفظ دابته الصائلة كالبعير المغتلم، والكلب العقور، فلو أهملهما وجنيا على شخص ضمن جنايتهما(1).

نعم لو جهل المالك بالحال أو علم، ولكنه لم يفرط فلا ضمان عليه(2).

_______________________________________________________________

(1) أي يجب حفظ كل ما يكون عدم حفظه مضراً للغير، كالدابة الصائلة، والبعير المغتلم، والكلب العقور، لأنّ الضرر والتلف مستند إليه والمسألة غير خلافية، مضافاً إلى ما ورد من الروايات .

منها: صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال «سئل عن بختي اغتلم فخرج من الدار فقتل رجلاً فجاء أخو الرجل فضرب الفحل بالسيف فقال: صاحب البختي ضامن للدية ويقتص ثمن بختيه»(1) .

ومنها: صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر C قال «سألته عن بختي مغتلم قتل رجلاً، فقام أخو المقتول فعقر البختي وقتله، ما حاله ؟ قال: على صاحب البختي دية المقتول ولصاحب البختي ثمنه على الذي عقر بختيه»(2)،

ولا يخفى بأن المورد لا يخصص .

(2) أي يكون جاهلاً بالحال أو عالماً، ولكن لا يتمكن من الحفظ والروايات التي وردت منصرفة عن صورة عدم التقصير وعدم إمكان الحفظ لأنّه لا يصدق عليه المفرط وقد ادعى الإجماع، ولكن العمدة الروايات هنا كمعتبرة السكونيعن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلّم) البئر جبار، والعجماء جبار، والمعدن جبار»(3)،

ومعتبرة زيد بن علي عن أبيه عن آبائه (علیهم السلام) قال «رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلّم) العجماء جبار، والبئر جبار، والمعدن جبار وفي الركاز الخمس، والجبار (الهدر) الذي لا دية

ص: 76


1- الوسائل باب 14 من أبواب موجبات الضمان ح1 .
2- الوسائل باب 14 من أبواب موجبات الضمان ح4 .
3- الوسائل باب 32 من أبواب موجبات الضمان ح2 .

................................

فيه ولا قود»(1).

ويؤيد ذلك مرسلة يونس عن رجل عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه «قال: بهيمة الأنعام لا يغرم اُهلها شيئاً»(2)، وجبارية العجماء إنما هو في صورة عدم التفريط والتعدي من قبل المالك كما ذكرنا وإلا فمع التعدي فلا إشكال في الضمان .

وأمّا ما وردت من الروايات كمعتبرة زيد بن علي عن أبائه عن علي (علیه السلام) «إنّه كان يضمن صاحب الكلب إذا عقر نهاراً ولا يضمنه إذا عقر بالليل وإذا دخلت دار قوم بإذنهم فعقرك كلبهم فهم ضامنون، وإذا دخلت بغير إذن فلا ضمان عليهم»(3)، ومعتبرة السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي (علیه السلام) «قال: كان علي (علیه السلام) لا يضمن ما أفسدت البهائم نهاراً، ويقول على صاحب الزرع حفظ زرعه، وكان يضمن ما أفسدت البهائم ليلاً»(4).ولا يخفى أنّه لا فرق بين الليل والنهار في الروايات لأجل صدق التعدي وعدمه من المالك، ويؤيد ذلك رواية مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله (علیه السلام) «إن أمير المؤمنين (علیه السلام) كان إذا صال الفحل أوَّل مرة لم يضمن صاحبه فاذا ثنّى عليه ضمّن صاحبه»(5)،

ومرسلة الحلبي عن رجل عن أبي جعفر (علیه السلام) «قال: بعث رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلّم) علياً (علیه السلام) إلى اليمن فأفلت فرس لرجل من أهل اليمن ومر يعدو برجل فنفحه برجله فقتله، فجاء أولياء المقتول إلى الرجل فأخذوه فرفعوه إلى علي (علیه السلام) فأقام صاحب الفرس البينة عند علي (علیه السلام) إنَّ فرسه أفلت من داره ونفح الرجل،

ص: 77


1- الوسائل باب 32 من أبواب موجبات الضمان ح5 .
2- الوسائل باب 32 من أبواب موجبات الضمان ح3 .
3- الوسائل باب 17 من أبواب موجبات الضمان ح3 .
4- الوسائل باب 40 من أبواب موجبات الضمان ح1 .
5- الوسائل باب 14 من أبواب موجبات الضمان ح2.

ولو جنى على صائلة، فإن كان دفاعاً عن نفسه أو ماله لم يضمن(1)، وإلا ضمن وإن كانت جنايته انتقاماً من جنايتها على نفس محترمة أو غيرها(2).

المسألة 259: إذا كان حفظ الزرع على صاحبه في النهار كما جرت العادة به فلا ضمان فيما أفسدته البهائم، نعم إذا أفسدته ليلاً فعلى صاحبها الضمان(3).

_______________________________________________________________

فابطل علي (علیه السلام) دم صاحبهم، فجاء أولياء المقتول من اليمن إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلّم) فقالوا: يا رسول الله إن علياً (علیه السلام) ظلمنا وأبطل دم صاحبنا، فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلّم)إن علياً ليس بظلام ولم يخلق للظلم، إنَّ الولاية لعلي من بعدي والحكم حكمه، والقول قوله، لا يرد حكمه وقوله ولايته إلا كافر»(1) وإن روي عن الصدوق مسنداً ولكن السند ضعيف .

(1) والمسألة غير خلافية بعد إن كان دفاعاً عن النفس أو المال .

(2) لما ورد في صحيحتي الحلبي وعلي بن جعفر، والمسألة غير خلافية .

(3) كما في معتبرة السكوني «لا يضمن ما أفسدته البهائم نهاراً» ومعتبرة هارون بن حمزة، قال «سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن البقر والغنم والإبل تكون في الرعي (المرعى) فتفسد شيئاً، هل عليها ضمان ؟ فقال: إن أفسدت نهاراً فليس عليها ضمان من أجل أن أصحابه يحفظونه، وإن أفسدت ليلاً فإنّه عليها ضمان»(2)،

ولا يخفى كما مرّ بأن الرواية تشير إلى التفريط وعدمه والضمان في الأول دون الثاني .

ص: 78


1- الوسائل باب 20 من أبواب موجبات الضمان ح1 .
2- الوسائل باب 40 من أبواب موجبات الضمان ح3 .

المسألة 260: لو هجمت دابة على أخرى، فجنت الداخلة، ضمن صاحبها(1)جنايتها إذا أفرط في حفظها، وإلا فلا ولو جنت بها المدخولة كانت هدراً .

_______________________________________________________________

(1) لأنّ الجناية تنسب إليه لتركه الاحتفاظ، وهو تسبيب في الجناية على الغير وهو نوع تفريط، والضمان يدور مدار التفريط، أمّا لو جنت المدخولة فلا ضمان بعد، إن كانت مدافعة عن نفسها والمدافع لا شيء عليهويؤيد ذلك رواية سعد بن طريف الإسكافي عن أبي جعفر (علیه السلام) «قال: أتى رجل رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلّم) فقال: إنَّ ثور فلان قتل حماري، فقال له النبي (صلی الله علیه و آله وسلّم) إئت أبا بكر فسله، فأتاه فسأله، فقال ليس على البهائم قود، فرجع إلى النبي (صلی الله علیه و آله وسلّم) فأخبره بما قاله ابي بكر، فقال له النبي (صلی الله علیه و آله وسلّم) إئت عمر فسله، فأتى عمر فسأله فقال: مثل مقالة أبو بكر فرجع إلى النبي فاخبره، فقال له النبي (صلی الله علیه و آله وسلّم) إئت علياً فسله، فأتاه فقال علي (علیه السلام) إن كان الثور الداخل على حمارك في منامه حتى قتله فصاحبه ضامن، وإن كان الحمار هو الداخل على الثور في منامه فليس على صاحبه ضمان، فرجع إلى النبي (صلی الله علیه و آله وسلّم) فأخبره، فقال النبي (صلی الله علیه و آله وسلّم) الحمد لله الذي جعل من أهل بيتي من يحكم بحكم الأنبياء»(1).

ويؤيد ذلك رواية مصعب التميمي عن أبي عبد الله عن أبيه (علیهم السلام) «إن ثوراً قتل حماراً على عهد النبي (صلی الله علیه و آله وسلّم) فرفع ذلك إليه وهو في أُناس من أصحابه فيهم أبو بكر وعمر، فقال: يا أبا بكر اقض بينهم، فقال: يا رسول الله بهيمة قتلت بهيمة ما عليهما شيء، فقال: يا عمر اقض بينهم، فقال: مثل قول أبي بكر فقال: يا علي اقض بينهم فقال: نعم يا رسول الله، إن كان الثور دخل على الحمار في مستراحه ضمن أصحاب الثور، وإن كان الحمار دخل على الثور في مستراحه فلا ضمان

ص: 79


1- الوسائل باب 19 من أبواب موجبات الضمان ح2 .

المسألة 261: إذا دخل دار قوم فعقره كلبهم ضمنوا جنايته إن كان الدخول بأذنهم(1)، وإلا فلا ضمان عليهم، وإذا عقر الكلب إنساناً خارج الدار، فإن كان العقر في النهار ضمن صاحبه(2)، وإن كان في الليل فلا ضمان .

المسألة 262: إذا أتلفت الهرة المملوكة مال أحد، فهل يضمن مالكها ؟ قال الشيخ نعم(3)، بالتفريط مع الضراوة، والأظهر عدم الضمان مطلقاً .

_______________________________________________________________

عليهما، قال: فرفع رسول الله يده إلى السماء، فقال: الحمد لله الذي جعل مني من يقضي بقضاء النبيين»(1).

(1) بلا فرق بين الإذن الخاص أو العام كالمضايف المفتوحة أبوابها لمن دخل، والمسألة غير خلافية .

(2) والمسألة واضحة .

(3) لعل نظره أنّه لابد من حفظها عن الإضرار بالغير لتحقق التسبيب لو لم يفعل لذلك، ولكن الحق عدم صدق التفريط بالإضافة إلى الهرة فإن العادة هي أن يتحفظ منها لا على حفظها، إذاً لا ضمان على صاحبها فيما إذا أتلفت ولو تعدى على الغير يجوز قتله، ولا ضمان لأن الطرف المقابل دافع عن نفسه وهو واجب .

ص: 80


1- الوسائل باب 19 من أبواب موجبات الضمان ح1 .

المسألة 263: يضمن راكب الدابة وقائدها ما تجنيه بيديها(1).

_______________________________________________________________

(1) والمسألة غير خلافية وقد ادعيّ الإجماع كما نسب إلى الخلاف بقوله: دليلنا اجماع الفرقة واخبارهم(1)،

والغنية وغاية المرام وظاهر المبسوط بقوله: وقال قوم في التي يسوقها مثل ذلك فأما التي هو راكبها أو قائدها فإنّها إن أتلفت بيدها أو بفيها فعليه الضمان، وإن أتلفت برجلها أو ذنبها فلا ضمان وهذا مذهبنا(2)، وقد دلت عليه عدة روايات .

منها: صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (علیه السلام) «إنه سئل عن الرجل يمرّ على طريق من طرق المسلمين فتصيب دابته إنساناً برجلها، فقال: ليس عليه ما أصابت برجلها، ولكن عليه ما أصابت بيدها، لأن رجليها خلفه إن ركب فإن كان قاد بها فإنه يملك بأذن الله يدها يضعها حيث يشاء»(3)،

وقريب منه صحيحة سليمان بن خالد «قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل مرّ في طريق المسلمين فتصيب دابته برجلها، فقال: ليس على صاحب الدابة شيء مما أصابت برجلها ولكن عليه ما أصابت بيدها»(4).

ومنها: معتبرة السكوني عن أبي عبد الله (علیه السلام) «إنّه ضمّن القائد والسائق والراكب، فقال: ما أصاب الرجل فعلى السائق وما أصاب اليد فعلى القائد والراكب»(5)، ومقتضى أطلاق هذه الروايات أنهما يضمنان ما تجنيه الدابة بيدها سواء أكان مع التفريط وعدمه حسب الإطلاق .

ص: 81


1- الخلاف / 5 / 512 .
2- المبسوط / 5 / 427 .
3- الوسائل باب 13 من أبواب موجبات الضمان ح3 .
4- الوسائل باب 13 من أبواب موجبات الضمان ح9 .
5- الوسائل باب 13 من أبواب موجبات الضمان ح5 .

وكذلك ما تجنيه برجليها إن كانت الجناية مستندة إليهما، بأن كانت بتفريط منهما(1) وإلا فلا ضمان، كما أنّهما لا يضمنان ما ضربته الدابة بحافرها إلا إذا عبث بها أحد، فيضمن العابث جنايتها(2).

وأمّا السائق فيضمن ما تجنيه الدابة برجلها دون يدها(3)، إلا إذا كانت الجناية مستندة إليه بتفريطه فإنه يضمن .

_______________________________________________________________

(1) لأنّ الجناية مستندة إليهما، وأمّا عدم الضمان من دون التفريط والتسبيب، فلا وجه للضمان كما وردت في الروايات «لا ضمان في جناية العجماء فإنّها جبار» أمّا معتبرة أبي مريم عن أبي جعفر (علیه السلام) «قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في صاحب الدابة أنّه يضمن ما وطئت بيدها ورجلها، وما نفحت برجلها فلا ضمان عليه إلا أن يضربها إنسان»(1)،

وفيه أنّها مجملة لعدم وجود الرجل في الكافي كما نقل عن الوافي .

(2) وذلك لمعتبرة ابن مريم الآنفة الذكر «بقوله وما نفحت برجلها فلا ضمان عليه إلا أن يضربها إنسان» ومعتبرة غياث عن جعفر عن أبيه C «إن علياً (علیه السلام) ضمّن صاحب الدابة ما وطئت بيديها ورجليها، وما نفحت برجلها فلا ضمان عليها إلا أن يضربها إنسان»(2)، ويضمن العابث أيضاً لذيل معتبرة إسحاق بقوله «إلا أن يعبث بهما أحد فيكون الضمان على الذي عبث بها»(3).(3) كما في معتبرة السكوني بقوله «ما أصاب الرجل فعلى السائق وما أصاب اليد فعلى القائد والراكب» .

ص: 82


1- الوسائل باب 13 من أبواب موجبات الضمان ح4 .
2- الوسائل باب 13 من أبواب موجبات الضمان ح7 .
3- الوسائل باب 13 من أبواب موجبات الضمان ح10.

المسألة 264: المشهور أنّ من وقف بدابته فعليه ضمان ما تصيبه بيدها ورجلها، وفيه إشكال، والأقرب عدم الضمان(1).

_______________________________________________________________

(1) يقول العلامة: لو وقف بها، ضمن ما تجنيه بيدها ورجليها(1)،

وفي الرياض: بلا خلاف في شيء من ذلك أجده(2)، وكذا في الجواهر: بلا خلاف أجده فيه إلى أن قال كخبر علاء بن الفضيل(3).

واستدل من قال بالضمان بخبر العلاء عن أبي عبد الله (علیه السلام) «أنّه سئل عن رجل يسير على طريق من طرق المسلمين على دابته فتصيب برجلها، قال: ليس عليه ما أصابت برجلها وعليه ما أصابت بيدها، وإذا وقف فعليه ما أصابت بيدها ورجلها وإن كان يسوقها فعليه ما أصابت بيدها ورجلها أيضاً»(4)، وفي الجواهر: بل الظاهر ضمان ما تجنيه مطلقاً ولو برأسها وغيره إلى أن يقول الظاهر عدم الفرق في ذلك بين الطريق الضيق والواسع والمفرط وغيره، والراكب والقائد والسائق عملاً بإطلاق النص والفتوى(5)، ولكن إن ثبت اتفاق فيها أو الإجماع التعبدي فيه .

أمّا الرواية فهي ضعيفة بمحمد بن سنان، ودعوى الانجبار بعملالأصحاب غير مفيد أن عملهم ليس بجابر ولا يفيد كون الراوي عنه يونس عبد الرحمن، والأقرب عدم الضمان لعدم الدليل، ويدل على ذلك ما رواه الصدوق(6).

ص: 83


1- تحرير الاحكام / 5 / 548 .
2- رياض المسائل / 16/ 413 .
3- الجواهر / 43 / 135 .
4- الوسائل باب 13 من أبواب موجبات الضمان ح2 .
5- جواهر الكلام / 43 / 138 .
6- الوسائل 13 من أبواب موجبات الضمان ذيل ح3 .

المسألة 265: لو ركب الدابة رديفان، فوطئت شخصاً فمات أو جرح، فالضمان عليهما بالسوية(1).

المسألة 266: إذا ألقت الدابة راكبها فمات أو جرح، فلا ضمان على مالكها(2)، نعم لو كان إلقاؤها مستنداً إلى تنفيره ضمن(3) .

_______________________________________________________________

(1) والمسألة غير خلافية وقد ورد بسند صحيح ما رواه الصدوق عن قضايا أمير المؤمنين (علیه السلام) «في دابة عليها رديفان فقتلت الدابة رجلاً أو جرحته فقضى بالغرامة بين الرديفين بالسوية»(1)،

ورواه الشيخ بأسناده عن سلمة بن تمام عن علي (علیه السلام) «في دابة عليها ردفان قتلت الدابة رجلاً أو جرحت، فقضى بالغرامة

بين الردفين بالسوية»(2)، ولو كانت الرواية بهذا السند ضعيفة ويكفي سند الصدوق .

(2) وذلك لعدم الموجب لضمان المالك بعد أن لا يكون الإلقاء مستنداً إليه .(3) لاستناد الإلقاء إليه، فالتلف يكون بتفريط منه فيصبح ضامناً، إذاً الإلقاء إن كان مستنداً إليه فضامن وإلا فلا .

ص: 84


1- الوسائل باب 43 من أبواب موجبات الضمان ح1 .
2- من لا يحضره الفقيه / 4/ 401 .

المسألة 267: لو حمل المولى عبده على دابته فوطئت رجلاً، ضمن المولى ديته(1).

_______________________________________________________________

(1) ويقول المحقق: لو أركب مملوكه دابة ضمن المولى جناية الراكب(1)

وهو المنسوب إلى الشيخ والقاضي، ثم ذكر المحقق من الأصحاب من يقول بالتفصيل كما ذكر ابن إدريس بقوله: ومن أركب مملوكاً له غير بالغ دابة فجنت الدابة جناية، كان ضمانها على مولاه، لأنّه فرط بركوبه له الدابة هذا إذا كان المملوك غير بالغ(2) .

فأمّا إذا كان بالغاً عاقلاً، فإن كانت الجناية على بني آدم فيؤخذ المملوك إذا كان دية الجناية بقدر قيمته، أو يفديه السيد على ما شرحناه في قتل العبيد للأحرار وجناياتهم عليهم، وإن كانت الجناية على الأموال، فلا يباع العبد في قيمة ذلك ولا يستسعى ولا يلزم مولاه ذلك لأنّه لا دليل عليه، وحمله على الجناية على بني آدم قياس، فليلحظ ذلك(3).

ويعقب صاحب الجواهر على ذلك بقوله: لتفريطه حينئذٍ لإركابه مع صغره وذلك لا يوافق للضوابط المتقدمة في غير المقام(4).

أمّا لو كان بالغاً فتكون الجناية في رقبته، بلا فرق بين أن تكون على نفس الآدمي، أو طرفه، وقال الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) تدل على ذلك صحيحة علي بن رئاب عن أبي عبد الله (علیه السلام) «في رجل حمل عبدهعلى دابته فوطئت رجلاً، فقال: الغرم على مولاه» ومقتضى إطلاقها عدم الفرق بين كون العبد بالغاً أو غير بالغ خلافاً لابن إدريس حيث اشترط في ضمانه كون المملوك صغيراً إلى أن يقول وفيه لا وجه لهذا

ص: 85


1- شرائع الإسلام / 2 / 257 .
2- السرائر / 3/ 397 .
3- السرائر / 3 / 397 _ 398.
4- جواهر الكلام / 42 / 143 .

ولا فرق في ذلك بين أن يكون العبد بالغاً أو غير بالغ، ولو كانت جنايتها على مال لم يضمن(1).

المسألة 268: لو شهر سلاحه على وجه إنسان، ففر وألقى نفسه في بئر أو من شاهق اختياراً فمات، فلا ضمان عليه(2)، وأمّا إذا كان بغير اختيار، كما إذا كان أعمى أو بصيراً لا يعلم به، فقيل أنّه يضمن ولكنه لا يخلو من إشكال، بل لا يبعد عدم الضمان(3).

_______________________________________________________________

التفصيل مع إطلاق النص المذكور فإن مقتضاه الضمان سواء كان بتفريط فيه أو لا(1)، وإذا كان التلف على المال أيضاً لم يضمن المولى، فهل يسعى به العبد لفك رقبته أو يتبع به إذا اعتق ؟ الظاهر أنّه يسعى به بعد العتق .

ولكن الحق أن الضمان يكون على المولى لإطلاق الصحيحة التي وردت عن علي بن رئاب عن أبي عبد الله (علیه السلام) «عن رجل حمل عبده على دابته فوطئت رجلاً، قال: الغرم على مولاه»(2).

(1) أمّا عدم ضمان المولى المال لعدم الدليل، بل حسب القاعدة يكون برقبة العبد .

(2) أمّا عدم الضمان في هذه الصورة فواضح كما عليه بعض الفطاحللأنّ الموت كان مستنداً لنفسه، وهو قتل نفسه باختياره لا الإشهار للسيف فما نسب إلى العلامة من الضمان بقوله: ولو قيل بالضمان كان وجهاً فلا دليل عليه، وهذا نظير ما إذا أكره شخصاً وقتل المكرَه _ بالفتح _ نفسه باختياره فإنّه لا ضمان على المكرِه بالكسر(3)

.

(3) لا يخفى أنّه حسب القاعدة لا يضمن، والضمان بالتسبيب يحتاج إلى

ص: 86


1- مباني تكملة المنهاج / 2 / 317 .
2- الوسائل باب 16 من أبواب موجبات الضمان ح1 .
3- تحرير الاحكام / 5 / 530 .

وكذا الحال إذا اضطره إلى مضيق فافترسه سبع اتفاقاً أو ما شاكل ذلك(1) .

المسألة 269: لو أركب صبياً بدون إذن الولي على دابة وكان في معرض السقوط فوقع فمات ضمن ديته(2)، ولو أركب صبيين كذلك فتصادما فتلفا، ضمن ديتهما تماماً إن كان المركب واحداً، وإن كانا اثنين فعلى كل واحد منهما نصف دية كل منهما، وإن كانوا ثلاثة فعلى كل منهم ثلث دية كل منهما وهكذا، وكذلك الحال إذا أركبهما وليهما مع وجود المفسدة فيه .

_______________________________________________________________

دليل ولم يكن القتل مستنداً إليه .

وأمّا ما ورد بأنّه إذا كان السبب أقوى من المباشر كما أنّه إذا أعطى سكيناً ليقتل الطفل شخصاً فقتله، فيكون الضامن السبب، فإنّه يكون خلاف القاعدة ومختص بمورد خاص، ولا يمكن التعدي إلى هنا والإجماع أولاً غيرحاصل، وثانياً غير حجة .

(1) لعدم استناد الفعل إلى الذي اضطره .

(2) هل استناد الموت إلى الطفل أو المركب، ولكن لو كان بالغاً فيستند الموت إليه، أمّا لو كان الطفل صغيراً فأراد الركوب باختياره وإرادته ملغية وغير مؤثرة، فيستند الموت إلى المركب، وأمّا أنّه في صورة عدم كونه في معرض السقوط وكان الوقوع والموت اتفاقياً ولم ينسب السقوط إلى المركب، فلا ضمان عليه ولا على الطفل، وهكذا لو كان هناك مفسدة في الركوب فاركبه الولي فهو ضامن لاستناد السقوط إليه .

ص: 87

فروع تزاحم الموجبات

المسألة 270: إذا كان أحد شخصين مباشراً للقتل والآخر سبباً له ضمن المباشر(1)، كما إذا حفر بئراً في غير ملكه ودفع الآخر ثالثاً إليها فسقط فيها فمات، فالضمان على الدافع إذا كان عالماً، وأمّا إذا كان جاهلاً فالمشهور أن الضمان على الحافر(2)، وفيه إشكال .

_______________________________________________________________

(1) أمّا الضمان فيكون عليه لأنّ الموت مستند إليه فهو القاتل عمداً إذا كان قاصداً للقتل، أو كان مما يترتب عليه القتل عادة، فيثبت عليه القصاص، وأمّا لو لم يكن كذلك فعليه الدية .

(2) وقد استدل بالإجماع وقد عرفت حال هذه الإجماعات، وقد قال الاستاذ الاعظم (علیه السلام) إن تم الإجماع في المسألة فبه، ولكنه غير تام حيث لا يحصل منه الاطمئنان بقول المعصوم (علیه السلام) وعليه فلا يبعد أن يكون الضمان على كليهما معاً .

أمّا الحافر فالإطلاق ما دل على ضمانه، وأمّا الدافع فلاستناد القتل إليه فيكون داخلاً في القتل الشبيه بالعمد، والجهل بالحال لا يكون رافعاً لصحة استناد القتل إليه، وقال ومن هنا لو دافع شخصاً إلى حفيرة طبيعية لا يعلمها الدافع فسقط فيها فمات أو دفعه إلى بئر في ملكه لا يعلمها فلا شبهة في ضمان الدافع ولا فرق بين ذلك وبين ما نحن فيه(1)

.

ولكن الحق لو قلنا بشمول الأخبار للمقام فتكون الدية بتمامها علىالحافر، وثانياً مع جهل الدافع بعد إن كان قاصداً للدفع إلى الأرض لا البئر فهو خطأ محض لا شبيه بالعمد .

ص: 88


1- مباني تكملة المنهاج / 2 / 321 .

ولا يبعد كون الضمان على كليهما، وإذا أمسك أحدهما شخصاً وذبحه الآخر فالقاتل هو الذابح كما تقدم، وإذا وضع حجراً _ مثلاً _ في كفة المنجنيق وجذبه الآخر فأصاب شخصاً فمات أو جرح فالضمان على الجاذب دون الواضع(1).

المسألة 271: لو حفر بئراً في ملكه وغطاه ودعا غيره فسقط فيها فإن كان البئر في معرض السقوط كما لو كانت في ممر الدار وكان قاصداً للقتل(2)، أو كان السقوط فيها مما يقتل غالباً ثبت القود، وإلا فعليه الدية، وإن لم تكن في معرض السقوط واتفق سقوطه فيها لم يضمن.

_______________________________________________________________

(1) في القتل مستنداً إلى الجاذب فمع العلم بترتب الموت بفعله يقتص منه، وأمّا في صورة جهله فالمسألة داخلة في شبيه العمد فالدية عليه وأمّا واضع الحجر فلا شيء عليه لعدم استناد القتل إليه .

(2) لأنّ القتل استند إليه وهو عمدي، فلابد من القود بعد إن كان قاصداً للقتل فتشمله أدلة القصاص، وأمّا إن لم يكن قاصداً ذلك ولا مما يقتل به غالباً ثبتت عليه الدية لكونه من الشبيه بالعمد، فتكون عليه الدية وإن لم يكن في معرض السقوط واتفق سقوطه فيها لم يضمن لعدم استناد القتل إليه .

ص: 89

المسألة 272: لو اجتمع سببان لموت شخص، كما إذا وضع أحد حجراً _ مثلاً _ في غير ملكه وحفر الآخر بئراً فيه فعثر ثالث بالحجر وسقط في البئر فمات، فالأشهر أن الضمان على من سبقت جنايته(1) وفيه إشكال فالأظهر أن الضمان على كليهما .

_______________________________________________________________

(1) قيل لاستصحاب أثر السبب الأول، فإن السابق في التأثير موجب للضمان أي ضمان فاعله فيستصحب حكمه وبه يرجح على السبب المتأخر في التأثير، ولكن هذا إنما يتم فيما إذا لم يكن للسبب الآخر تأثير وفي زمان المتأخر، وإلا يشكل الحكم باختصاص الضمان في المتقدم فقط، نعم لو فرض التأثير مستنداً إلى المتقدم دون المتأخر فعليه الضمان والاستصحاب هنا يكون من الاستصحاب التعليقي وهو غير حجة، إذاً الحق أن الضمان يكون عليهما كما قال الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) .

وما قيل بأنّه يستصحب الأثر الأول وبه يرجع على السبب الثاني .

وفيه أنّه لا مجال للاستصحاب أصلاً في حين أن الأثر للسبب الأول قبل السبب الثاني، بل هو مستند إلى كليهما معاً .

فالنتيجة أن نسبة الضمان بالإضافة إلى كلا السببين على حد سواء فلا وجه لترجيح السابق جناية على اللاحق كذلك(1).

ص: 90


1- مباني تكملة المنهاج / 2 / 322 .

نعم إذا كان أحدهما متعدياً كما إذا حفر بئراً في غير ملكه والآخر لم يكن متعدياً، كما إذا وضع حجراً في ملكه فمات العاثر بسقوطه في البئر، فالضمان على المتعدي(1).

المسألة 273: إذا حفر بئراً في الطريق عدواناً فسقط شخصان فيها فهلك كل واحد منهما بسقوط الآخر فيها فالضمان على الحافر(2).

_______________________________________________________________

(1) أمّا غير المتعدي فلا دليل على ضمانه، وأمّا على المتعدي فالضمان عليه بالكلام .

(2) لأنّه في فرض عدم علمهما فإن القتل لم يصدر منهما ولم يكن مستنداً إليهما، قلنا الضمان يكون في القتل العمدي، أو شبيه العمد، أو خطأ، وهذا لا يصدق عليه أي شيء منها حتى الخطأ، بل يكون القتل مستنداً إلى المسبب المباشر والعرف أيضاً يرى ذلك، بل لا فرق بين أن يكون موت كليهما مستنداً إلى سقوطهما في البئر معاً أو مستنداً إلى سقوط كل واحد منهما مستقلاً .

ص: 91

المسألة 274: لو قال لآخر ألقِ متاعك في البحر لتسلم السفينة من الغرق والخطر، وكانت هناك قرينة على المجانية وعدم ضمان الآمر فالقاه المأمور فلا ضمان على الآمر(1)، ولو أمر به وقال على ضمانه ضمن إذا كان الإلقاء لدفع الخوف ونحوه من الدواعي العقلائية(2)وأمّا إذا لم يكن ذلك ومع هذا ألق متاعك في البحر وعلي ضمانه، فالمشهور على أنّه لا ضمان عليه، بل ادعيّ الإجماع عليه، وفيه إشكال والأقرب هو الضمان(3).

_______________________________________________________________

(1) المسألة غير خلافية ونسب ذلك إلى الفريقين غير أبي ثور، قال في الخلاف: إذا قال لغيره وقد خاف الغرق الق متاعك في البحر وعليّ ضمانه فالقاه كان عليه ضمانه، وبه قال جماعة من الفقهاء إلا أبا ثور فإنّه قال لا ضمان عليه، دليلنا إجماع الفرقة بل إجماع الأمة، وأبو ثور لا يعتد به لأنّه شاذ(1).

(2) أمّا إذا لم يكن إجماع يكفي الأمر العقلائي .

(3) نسب إلى المشهور عدم الضمان، ولكن الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) قال وذلك لعدم اختصاص السيرة المتقدمة بما إذا كان هناك غرض عقلائي في الإتلاف، والإجماع المدعى في المقام على عدم الضمان لم يثبت(2)، ولكن لو فرض وجود بناء العقلاء في فرض المسألة، وهو يحتاج إلىإمضاء من الشارع وافتاء الأصحاب بالفرق بين الفرضين ولو لم يكن كاشفاً عن عدم الإمضاء يكون مانعاً عن استكشاف الإمضاء، فالصحيح ما يقوله المشهور .

ص: 92


1- الخلاف / 5 / 275 .
2- مباني تكملة المنهاج / 2 / 324 .

المسألة 275: لو أمر شخصاً بإلقاء متاعه في البحر وقال عليّ وعلى ركّاب السفينة ضمانه، فإن قال ذلك من قبلهم بتخيل أنّهم راضون به ولكنهم بعد ذلك أظهروا عدم الرضا به، ضمن الآمر بقدر حصته دون تمام المال(1).

_______________________________________________________________

(1) أمّا عدم الضمان التام لعدم تفريط الآمر، أو غرور من قبله، بل الضمان كان من الآمر وبقية الركاب، والآمر لم يضمن المال كله، وهكذا لو ادعى الإذن من قبلهم وأنكروا في الواقع، فلو كانوا ضامنين لابد أن يدفعوا حصصهم، فالضمان على الآمر يكون بمقدار حصته، ولأنّه حين ادعائه لم يثبت كذبه واحتمل اشتباهه، بل صدّقه في الواقع وكذب الركّاب، فما ذكره المحقق بقوله: ولو قال عند الخوف ألقِ متاعك وعلي ضمانه مع ركبان السفينة فامتنعوا، فإن قال أردت التساوي قبل ولزمه بحصته والركبان إن رضوا لزمهم الضمان وإلا فلا، ولو قال أذنوا ليّ فانكروا بعد الإلقاء صدقوا مع اليمين وضمن هو الجميع(1)،

والعلامة في القواعد بقوله: وأمّا الركبان فإن رضوا ضمنوا وإلا فلا فإن قال قد أذنوا ليّ فأنكروا بعد الإلقاء حلفوا وضمن هو الجميع(2)،

والتحرير: وإن قال ألقه عليّ إن أضمنه لك أنا وركبان السفينة فقدأذنوا ليّ في ذلك فألقاه ثم أنكروا الإذن ضمن الجميع . وأمّا ضمان الآمر للجميع فلا دليل عليه .

ص: 93


1- شرائع الإسلام / 1 / 258 .
2- قواعد الأحكام / 3 / 664 ، تحرير الأحكام / 5/ 534 .

وكذلك الحال فيما إذا ادعى الإذن من قبلهم ولكنهم أنكروا ذلك وأمّا إذا قال ذلك مدعياً الإذن منهم أو بدونه ولكن مع ذلك قال لو لم يعط هؤلاء فأنا ضامن، فإنّه يضمن التمام إذا لم يقبلوا(1).

المسألة 276: إذا وقع من شاهق، أو في بئر، أو ما شاكل ذلك فتعلق بآخر ضمن ديته، وإذا تعلق الثاني بالثالث ضمن كل من الأول والثاني نصف دية الثالث، وإذا تعلق الثالث بالرابع ضمن كل من الثلاثة ثلث دية الرابع، وإذا تعلق الرابع بالخامس ضمن كل من الأربعة ربع دية الخامس(2).

_______________________________________________________________

(1) وذلك لأنّ إتلاف المال من المالك يكون بضمان الآمر، وبتمام العوض، فإذا أمتنع البقية فالضمان يكون عليه .

(2) قد يقال بما أنّ موت كل لاحق مستند لاستمساكه بالسابق له حيث إن السابق يكون سبباً لموت اللاحق، فتخرج دية الثاني بكاملها من تركه الأول ودية الثالث من تركه الثاني، والرابع من تركه الثالث، والخامس من تركة الرابع .

ولكن الحق موت الثاني مستند إلى الأول فعليه تمام الدية، ودية الثالث مستندة إلى الأول والثاني فتقسط الدية، فلكل واحد منهما النصف ودية الرابع تكون على الأول والثاني والثالث فعلى كل واحد الثلث، لأن موت الرابع مستند إلى الثلاثة .

ص: 94

وهكذا كله فيما إذا علم المجذوب بالآخر وإلا فالقتل بالإضافة إليه خطأ محض، والدية فيه على العاقلة، نعم يستثنى من ذلك ما إذا وقع في زُبية الأسد فتعلق بالآخر وتعلق الثاني بالثالث والثالث بالرابع فقتلهم الأسد ضمن أهل الأول ثلث دية الثاني، والثاني ثلثي دية الثالث، والثالث تمام دية الرابع(1).

_______________________________________________________________

(1) وعليه المشهور، وهذا خلاف القاعدة، والقاعدة ما ذكرناه في صدر المسألة، ولكن هنا وردت رواية صحيحة وهي عن محمد بن قيس عن أبي جعفر (علیه السلام) «قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في أربعة اطلعوا في زُبية الأسد فخر أحدهم فاستمسك بالثاني، واستمسك الثاني بالثالث، واستمسك الثالث بالرابع حتى أسقط بعضهم بعضاً على الأسد فقتلهم الأسد، فقضى بالأوّل فريسة الأسد، وغرَّم أهله ثلث الدية لأهل الثاني، وغرَّم الثاني لأهل الثالث ثلثي الدية، وغرَّم الثالث لأهل الرابع الدية كاملة»(1).

نعم هناك وردت رواية بخلاف هذه الطريقة وهي عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله (علیه السلام) «إن قوماً احتفروا زُبية للأسد باليمن فوقع فيها الأسد فازدحم الناس عليها ينظرون إلى الأسد فوقع رجل فتعلق بآخر فتعلق الآخر بآخر، والآخر بآخر، فجرحهم الأسد فمنهم من مات من جراحة الأسد ومنهم من أُخرج فمات، فتشاجروا في ذلك حتى أخذوا السيوف فقال أمير المؤمنين (علیه السلام) هلموا اقضي بينكم، فقضى أن للأول ربعالدية والثاني ثلث الدية، والثالث نصف الدية، والرابع الدية كاملة»(2)،

إلا أنّها ضعيفة بسهل بن زياد ومحمد بن الحسن بن شمون وعبد الله بن عبد الرحمن الأصم .

ص: 95


1- الوسائل باب 4 من أبواب موجبات الضمان ح2 .
2- الوسائل باب 4 من أبواب موجبات الضمان ح1 .

المسألة 277: لو جذب غيره إلى بئر مثلاً فسقط المجذوب فمات الجاذب بسقوطه عليه فدمه هدر(1) ولو مات المجذوب فقط ضمنه الجاذب فإن كان قاصداً لقتله أو كان عمله مما يؤدي إلى القتل عادة، فعليه القود(2)، وإلا فعليه الدية(3)، وإذا مات كلاهما معاً فدم الجاذب هدر ودية المجذوب في مال الجاذب(4).

_______________________________________________________________

(1) لأنّه هو الذي أتلف نفسه فلا دليل لضمان غيره .

(2) لأنّه يدخل في موضوع قصاص العمد، والمسألة واضحة .

(3) لأنّه يكون من قبيل شبيه العمد فالدية تكون عليه .

(4) أمّا دم الجاذب هدر فلأنّه كان سبباً لقتل نفسه، وأمّا بالنسبة إلى المجذوب فإنّه يدخل في مسألة شبيه العمد .

ص: 96

المسألة 278: لو سقط في بئر مثلاً فجذب ثانياً، والثاني ثالثاً فسقطوا فيها جميعاً فماتوا بسقوط كل منهم على الآخر، فعلى الأول ثلاثة أرباع(1) دية الثاني، وعلى الثاني ربع دية الأول، وعلى كل واحد من الأول والثاني نصف دية الثالث، ولا شيء على الثالث ومن ذلك يظهر الحال فيما إذا جذب الثالث رابعاً وهكذا(2).

_______________________________________________________________

(1) قال الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه)وذلك لأنّ موت الأول بما أنّه مستند إلى سقوط الثاني والثالث عليه، فبطبيعة الحال تسقط ثلاثة أرباع ديته، أمّا سقوط نصفها فمن جهة استناده إلى جذبه وحده الثاني، وأمّا سقوط ربعها فمن جهة اشتراكه مع الثاني في جذب الثالث، وعليه فيتقسط النصف الباقي عليهما معاً فلا محالة يبقى ربع ديته على الثاني، ثم أن الأول والثاني إذا كانا متساويين في الدية كالحرين مثلاً حصل التهاتر بينهما في الربع ونتيجته هي على الأولى نصف دية الثاني ولا شيء على الثاني، وأمّا إذا لم يكونا مستاويين كما إذا كان أحدهما رجل والآخر امرأة حصل التهاتر بينهما بحسب المقدار(1)وأمّا الثالث فديته على الأول والثاني بالتنصيف، وأما ما قيل بأنّ موته مستند إلى جذب الثاني فقط لأنّه غير ملجأ إلى جذبه فهو المباشر للجذب دون الأول، إذاً ديته على الثاني فقط، وهذا غير تام .

(2) لأنّ سقوط الثالث معلول لجذب الأول والثاني له، فموته مستند إليهما، وأمّا الثالث فلم يرتكب شيئاً، بل موته مستند إلى جذب الأولين .

ص: 97


1- المباني / 2 / 328 .

ديات الأعضاء

اشارة

وفيها فصول :

الفصل الأول: في دية القطع .

المسألة 279: في قطع كل عضو من أعضاء الإنسان أو ما بحكمه الدية وهي على قسمين: الأول ما ليس فيه مقدر خاص في الشرع والثاني ما فيه مقدر كذلك، أمّا الأول فالمشهور أنّ فيه الأرش ويسمى بالحكومة، وهو أن يفرض الحر مملوكاً فيقوّم صحيحاً مرّة وغير صحيح أُخرى ويؤخذ ما به التفاوت بينهما، إذا كانت الجناية توجب التفاوت وأمّا إذا لم توجبه فالأمر بيد الحاكم، فله أن يأخذ من الجاني ما يرى فيه مصلحة، وفيه إشكال والأظهر أن له ذلك مطلقاً حتى فيما إذا كانت الجناية موجبة للتفاوت، وأمّا الثاني فهو ستة عشر موضعاً(1) .

_______________________________________________________________

(1) لابد فيه من الأرش المسمى بالحكومة، فبما أن العبد أصل للحر فيما فيه مقدّر وهو فرض الحر عبداً فيقوّم صحيحاً مرة وغير صحيح أخرى ويؤخذ ما به التفاوت بينهما إذا كانت الجناية موجبة للتفاوت، وإن لم توجب التفاوت يكون

ص: 98

................................

الأمر بيد الحاكم، فله أن يأخذ من الجاني في ما يرى فيه مصلحة، وادعى في الجواهر: بلا خلاف أجده فيه والإجماع بقسميه عليه(1) وأمّا استاذنا الأعظم (قدس سرُّه) فقد قال: والأظهر أن له ذلك مطلقاً حتى فيما إذا كانت الجناية موجبة للتفاوت(2)، أي أن الأمر بيد الحاكم على الإطلاق، فهو يأخذ من الجاني حسب ما يراه من المصلحة مطلقاً، حتى فيما إذا كانت الجانية موجبة للتفاوت، ويؤيد قول الأول الإجماع المدعي في المقام فتأمل .

أمّا الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) بعد أن ردّ الإجماع بقوله: إن الإجماع المدعى في المسألة إنما هو إجماع على الحكومة وأما تفسيرها بما ذكر من المتن فلم يثبت بدليل ولا إجماع عليه، ثم قال فإذاً الصحيح ما ذكرناه، وتدل عليه عدة روايات(3).

منها: صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: دية اليد إذا قطعت خمسون من الإبل، وما كان جروحاً دون الاصطلام فيحكم به ذوا عدل منكم، ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون»(4)، قالهذه الصحيحة تدل على تعيين دية الجروح دون الاصطلام، إنما هو يحكم به عدل بين المسلمين، بمعنى أن الحكم يستعين في تعيين الدية في أمثال ذلك بشهادتهما ولا يخفى بأنه لابد وأن يكون المراد بشهادتهما لا حكم ذوي العدل لأنّه لو كان لحكم ذي العدل فلا معنى أن يكون الثبوت بحكم الحاكم ولو كان المراد هو الاستعانة أي استعانة برأيهما إذا كانوا ذوا بصيرة .

ص: 99


1- جواهر الكلام / 43 / 168 .
2- مباني تكملة المنهاج / 2 / 330 .
3- نفس المصدر .
4- الوسائل باب 9 من أبواب ديات الشجاح والجراح ح1 .

................................

ومنها: صحيحة أبي عبيدة قال «سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن أعمى فقأ عين صحيح، فقال (علیه السلام) إنَّ عمد الأعمى مثل الخطأ، هذا فيه الدية من ماله فإن لم يكن له مال فالدية على الإمام (علیه السلام) ولا يبطل حق أمرئ مسلم»(1)

فيفهم من الرواية أنّه إذا كان هناك مقدّر فيدفع، وإن لم يكن له مقدّر فللحاكم ان يعين لئلا يذهب دم المسلم هدراً، فيعين الحاكم بشهادة ذوي عدل من المسلمين .

ومنها: صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: دية اليد إذا قطعت خمسون من الإبل وما كان جروحاً دون الاصطلام فيحكم به ذوا عدل منكم ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون»(2) أي أن الجروح والاصطلام كان بحكم حاكم الشرع باستعانة وشهادة ذوي العدل.

ومنها: صحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله (علیه السلام) في حديث «قال: إنّ عندنا الجامعة، قلت: وما الجامعة ؟ قال: صحيفة فيها كل حلال وحرام وكل شيءيحتاج إليه الناس حتى الأرش في الخدش، وضرب بيده اليّ، فقال أتأذن يا أبا محمد، قلت جعلت فداك إنّما أنا لك فاصنع ما شئت، فغمزني بيده وقال حتى أرش هذا»(3).

ص: 100


1- الوسائل باب 35 من أبواب قصاص النفس ح1 .
2- الوسائل باب 9 من أبواب ديات الشجاج والجراح ح1 .
3- الوسائل باب 48 من أبواب ديات الاعضاء ح1 .

الأول: الشعر(1).

_______________________________________________________________

(1) لا يخفى بأن المقدر ثمانية عشر من الأعيان: 1_ الشعر، 2_ العينان 3 _ الأنف، 4 _ الأذن، 5_ الشفتان، 6 _ اللسان، 7 _ الأسنان 8_ العنق، 9_ اللحيان، 10_ اليدان، 11_ الرجلان، 12_ الأصابع، 13_ الظهر 14_ النخاع 15_الثديان، 16 _ الخصيتان، 17 _ الشفران، 18_ الذكر .

الأول: الشعر، وهو في اللحية والرأس من الرجل، وأمّا المرأة فالحاجب والرأس، أما شعر اللحية فتارة ينبت، وأخرى لا ينبت، ففي الصورة الثانية فدية كاملة وأدّعى في الخلاف إجماع الفرقة(1)،

فيها وفي شعر الرأس وقد عرفت حال هذه الإجماعات، وحكي عن الغنية ذلك أيضاً وتدل عليه معتبرة مسمع عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في اللحية إذا حلقت ولم تنبت الدية كاملة، فإذا نبتت فثلث الدية»(2)

وقد روى الشيخ الصدوق هذا على الحديث بأسناده عن السكوني، ولكن الرواية مرسلة وضعيفة بمحمد بن حسن بن شمون، وعبد الله عبد الرحمن الأصم .

أمّا شعر الرأس فإذا لم ينبت فدية كاملة كما ذكرنا بالنسبة إلى اللحية وعليه المشهور، ونسب إلى المبسوط الإجماع عليه، وفي الجواهر: إن لم ينبت كما هو المشهور نقلاً وتحصيلاً، بل لم أجد فيه خلافاً يعتد به عدا ما تسمعه من المفيد، بل عن ظاهر المبسوط الإجماع عليه، بل الرياض نسبته إلى صريح الغنية وإن كنا لم نتحققه(3).ولكن العمدة صحيحة سلمان بن خالد «قال قلت: لأبي عبد الله (علیه السلام) رجل صب ماءً حاراً على رأس رجل فامتعط شعره فلا ينبت أبداً، قال:

ص: 101


1- الخلاف / 5 / 211 .
2- الوسائل باب 37 من أبواب ديات الاعضاء ح1 .
3- جواهر الكلام / 43 / 169 .

................................

عليه الدية»(1) والرواية موافقة للفقيه .

ويؤيد ذلك مرسلة علي بن خالد عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال، قلت: الرجل يدخل الحمّام فيصبّ عليه صاحب الحمّام ماءً حارً فيمتعط شعر رأسه فلا ينبت فقال عليه دية كاملة»(2)،

ورواية سلمة بن تمام «قال: أهرق رجل قدراً فيها مرق على رأس رجل فذهب شعره، فاختصموا في ذلك إلى علي (علیه السلام) فأجّله سنة فجاء فلم ينبت شعره، فقضى عليه بالدية»(3).

وقد يظهر من كلام المسالك: بأن الدية الكاملة على مجموع شعر الرأس واللحية، واستدل بحسنة سلمان بن خالد، وأمّا رواية مسمع أيضاً أن وجوب الدية عليهما معاً، وأمّا الرواية الثانية عن أمير المؤمنين (علیه السلام) فهي ضعيفة فلا تصح سنداً(4)،

وقال في المختلف وهذه الرواية _ سلمان بن خالد _ عندي حسنة يتعين العمل بها ولأنّه واحد في الإنسان فيدخل تحت حكم ما في الإنسان منه واحد(5).

وأجاب عنه الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) أن الظاهر منها بقرينة ما تقدم على ثبوت الدية كاملة في اللحية فحسب إذا لم تنبت، إرادة (أو) من (الواو)وتؤكد ذلك رواية الصدوق المتقدمة فإنّها خالية عن ذكر اللحية(6)وفي

الرياض: أمّا الاعتراض عليها بأن مفادها لزوم الدية في جناية شعر الرأس واللحية معاً، وهو غير لزومها في أحدهما خاصة كما هو المدعى، فمندفع بابتنائه على نسخة التهذيب، وأمّا نسخة

ص: 102


1- من لا يحضره الفقيه / 4 / 111 / 379 .
2- الوسائل باب 37 من أبواب ديات الاعضاء ح2 .
3- الوسائل باب 37 من أبواب ديات الاعضاء ح3 .
4- مسالك الافهام / 15 / 298 .
5- مختلف الشيعة / 9 / 358 .
6- مباني تكملة المنهاج / 2 / 334 .

ففي اللحية إذا حلقت فإن نبتت ففيها ثلث الدية(1)، وإن لم تنبت ففيها الدية كاملة، وفي شعر الرأس إذا ذهب فإن لم ينبت ففيه الدية كاملة، وإن نبت ففيه الحكومة(2)، وفي شعر المرأة إذا حلق فإن نبت ففيه مهر نسائها، وإن لم ينبت ففيه الدية كاملة(3).

_______________________________________________________________

الفقيه فقد عرفت خلوها عن اللحية ولعلها اضبط من تلك النسخة سيّما مع موافقتها للروايات الأخر في المسألة(1)

.

(1) كما في معتبرة السكوني عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في اللحية إذا حلقت فلم تنبت الدية كاملة، فإذا نبتت فثلث الدية»(2) وكذلك خبر مسمع(3).

(2) لأنّه من المسلم عندهم بأنّ كل مورد لا مقدّر له فيه الدية .

(3) والمسألة غير خلافية على ما ادعاه صاحب الجواهر كما مرّ ذكره وكذا في الرياض بقوله: بل عليه الإجماع في الغنية(4)للنصوص

المستفيضة.ويدل على الحكمين صحيح عبد الله بن سنان، قال «قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) جعلت فداك ما على رجل وثب على امرأة فحلق رأسها ؟ قال: يضرب ضرباً وجيعاً ويحبس في سجن المسلمين حتى يستبرأ شعرها، فإن نبت أُخذ منه مهر نسائها، وإن لم ينبت أُخذ منه الدية كاملة، قلت: فكيف صار مهر نسائها إن نبت شعرها ؟ فقال: يا بن سنان إنَّ شعر المرأة وعذرتها شريكان في الجمال، فإذا ذهب بأحدهما وجب لها المهر كملاً»(5).

ص: 103


1- رياض المسائل / 16 / 425 .
2- الوسائل باب 37 من أبواب ديات الاعضاء ح1 .
3- الوسائل باب 37 من أبواب ديات الاعضاء ح1 .
4- رياض المسائل / 6 / 426 .
5- الوسائل باب 30 من أبواب ديات الاعضاء ح1 .

وفي شعر الحاجب إذا ذهب كله فديته نصف دية العين مائتان وخمسون ديناراً، وإذا ذهب بعضه فعلى حساب ذلك(1).

_______________________________________________________________

لا يخفى بأن صاحب الوسائل روى هذه الرواية عن محمد بن سلمان المنقذي وهو لا وجود له في كتب الرجال، ولذا من لم يؤكد تصور بأن الرواية ضعيفة، مع أن الرواية وردت عن سليمان بن داود المنقري، إذاً الرواية صحيحة من جهة السند هذا أولاً، وثانياً أنّه نسبة الرواية إلى الصدوق مع أن الرواية التي ذكرها الصدوق كان مقطعاً من صدرها فقط في باب القود ولم يذكر الذيل، وروي عن التهذيب بسند صحيح، فالرواية صحيحة من جهة الدلالة والسند .

(1) أمّا شعر الحاجبين معاً فخمسمائة دينار، وفي كل واحد مائتان وخمسون ديناراً، وإذا ذهب بعضه فعلى حساب ذلك على المشهور، وظاهر قصاص المبسوط بقوله: وعندنا يضمن شعر الرأس إذا لم يعد بكمال الديةوكذلك شعر اللحية وشعر الحاجبين بنصف الدية وشعر الأشفار مثله وإن عاد ففي شعر اللحية ثلث الدية، وفي الباقي حكومة، وكذلك ما عدا هذا الشعر فيه الحكومة(1)،

وصريح السرائر: وفي الحاجبين إذا ذهب بشعرهما خمسمائة دينار وفي كل واحد منهما مائتان وخمسون ديناراً، وهذا إجماع من أصحابنا(2).

ولكن العمدة الرواية كما في معتبرة ظريف «وإن أُصيب الحاجب فذهب شعره كله فديته نصف دية العين مائتا دينار وخمسون ديناراً فما أُصيب منه فعلى حساب ذلك»(3).

ص: 104


1- المبسوط / 5 / 95 .
2- السرائر / 3 / 403 .
3- الوسائل باب 2 من أبواب ديات الاعضاء ح3 .

................................

وقد ذكر صاحب مفتاح الكرامة: وفي الحاجبين خمسمائة دينار وفي كل واحد منهما نصف ذلك ربع الدية، كما في المقنعة والنهاية والمبسوط في القصاص _ وستسمع كلامه _ والمراسم والوسيلة والسرائر والشرائع والنافع والإرشاد والتحرير والتبصرة واللمعة والروضة، وهو المحكي عن القاضي، والمشهور كما في المسالك، والمفاتيح ومجمع البرهان، ومذهب الأكثر كما في كشف اللثام والرياض وفي السرائر الإجماع عليه وهو _ أي الإجماع _ ظاهر المبسوط قال: في قصاص المبسوط وعندنا يضمن شعر الرأس إذا لم يُعد بكمال الدية، وكذلك شعر اللحية وشعر الحاجبين بنصف الدية وشعر الأشفار مثله، ومعناه أن شعر الحاجبين يضمن نصف الدية ولم أجده تعرّض لشعر الحاجبين في غير هذا الموضع .

وقوله: إن في الاهداب _ في باب الديات _ الدية عدول عما فيالقصاص ولا مانع منه، ثم قال: وفي الغنية أن فيهما الدية وفي كل واحد نصفها، قد حكوه هو عن المبسوط والإصباح، وفي كشف اللثام أن ظاهر المبسوط الإجماع عليه، قلت والاجماع أيضاً ظاهر الغنية، ولعله ظفر بما حكاه عن المبسوط في موضع لم نظفر به فيكون له فيه مذهبان، وأيّدوه بالنصوص على أن فيهما كان من الجسد اثنين الدية(1).

وهناك قول آخر عن صاحب الغنية والإصباح: من أن ذهاب شعر الحاجبين إذا لم ينبت الدية كاملة إحداهما نصف الدية(2)، بل أدّعى في الغنية الإجماع عليه، ولعل مستند ذلك ما دل على أن فيما كان في الجسد اثنان ففيه الدية وفي كل واحد منهما نصفها .

ولكن الحق الرواية صحيحة وما ذكراه وإن كان طبقاً للقاعدة ولكن وردت صحيحة على خلاف القاعدة، فأما نقول أن تلك الرواية مطلقة وتقيد بهذه

ص: 105


1- مفتاح الكرامة / 26 / 304 .
2- الغنية / 2/ 417 .

الثاني: العينان .

وفيهما الدية كاملة(1)، وفي كل منهما نصف الدية(2)، ولا فرق في ذلك بين العين الصحيحة والعمشاء والحولاء والجاحظة(3).

_______________________________________________________________

الرواية الصحيحة، وأمّا نقول تلك الرواية منصرفة عن محل البحث لأنّ الظاهر منها الأعضاء والحاجب لا يصدق عليه الأعضاء حقيقة .

(1) والمسألة غير خلافية بين المسلمين كما ادعيا الشيخ وابن زهرةوفي المسالك دعوى إجماع المسلمين بقوله: أجمع المسلمون على أن في العينين معاً الدية(1)، والعمدة الروايات .

منها: صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: ما كان في الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية، مثل اليدين والعينين، قال، قلت: رجل فقئت عينه، قال: نصف الدية»(2).

ومنها: صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (علیه السلام) «في الرجل يكسر ظهره قال: فيه الدية كاملة وفي العينين الدية، وفي أحدهما نصف الدية»(3).

(2) بلا خلاف، وتدل عليه صحيحتا الحلبي، وعبد الله بن سنان المتقدمتان .

(3) لإطلاق الأدلة وليس هناك دليل يقيده خلافاً لما عن الوسيلة: وفي ذهابه من العينين كمال الدية ومن إحداهما نصفها، أو القصاص مع التساوي(4)،

ص: 106


1- مسالك الافهام / 15 / 404 .
2- الوسائل باب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
3- الوسائل باب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح4 .
4- الوسيلة إلى نيل الفضيلة / 446 .

والمشهور أن في الأجفان الأربعة، الدية كاملة(1).

_______________________________________________________________

حيث جعل دية العمشاء _ وهو كما عن مجمع البحرين مادة عمش العمش بالتحريك في العين ضعف الرؤية مع سيلان دمعها في أكثر اوقاتها(1)،

ثلث ديةالنفس وما ذكره دعوى بلا دليل .

(1) المسألة غير خلافية وادعي الإجماع بقسميه كما عن السرائر: إلا أن شيخنا أبا جعفر رجع في مبسوطه إلى ما اخترناه، فقال: في الأربعة أجفان الدية الكاملة وفي كل واحد منهما مائتان وخمسون ديناراً، وروى أصحابنا أن في السفلى ثلث ديتها، وفي العليا ثلثيها، ومتى قلعت الأجفان والعينان معاً ففي الكل ديتان، فإن جني على أهدابهما فأعدم إنباتها ففيهما الدية، وهو الذي يقتضيه مذهبنا، فإن أعدم وأتلف الشعر والأجفان، فيقتضي مذهبنا أن فيهما ديتين، هذا آخر كلامه في مبسوطه، وخيرته في مسائل خلافه، وهو الأظهر الأصح، لأنّه تقتضيه الأدلة، ويحكم بصحته أصول المذهب إلا في قوله أهداب العينين في ذلك الدية الكاملة(2)،

لصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: ما كان في الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية، مثل اليدين والعينين، قال، قلت: رجل فقئت عينه ؟ قال: نصف الدية»(3)

وصحيحة هشام بن سالم عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: كل ما كان في الإنسان اثنان ففيهما الدية، وفي أحدهما نصف الدية، وما كان فيه واحد ففيه الدية»(4).

ص: 107


1- مجمع البحرين / مادة عمش .
2- السرائر / 3 / 404 .
3- الوسائل باب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
4- الوسائل باب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح12.

................................

ولكن هناك من يقول _ والقائل الشيخ في المبسوط _ وفي الأربعة أجفان الدية كاملة وفي كل واحد منهما مائتان وخمسون دينار(1)، وتبعهالفاضل في كتابه التنقيح بقوله: وفي الأجفان الدية، قال في المبسوط في كل واحد ربع الدية، واختار العلامة في المختلف قول المبسوط محتجاً، بصحيحة هشام بن سالم المتقدمة(2)، والشهيدان بقولهما: وفي الأجفان الأربعة الدية وفي كل واحد الربع(3)،

كما ورد في الصحيحتين المتقدمتين لأبن سنان وهشام، لأن كل جفنين بمنزلة العين الواحدة، ومنهم من قال في الجفن الأعلى ثلثا الدية وفي الأسفل الثلث وهو المنسوب إلى السرائر كما مرّ، وعن الشيخ هو إجماع الفرقة وأخبارهم كما مرّ ذلك أيضاً، وكشف اللثام عن المبسوط والخلاف والسرائر في الأعلى من شفري كل عين ثلث الدية أي دية العين وفي الأسفل الثلث للإجماع والأخبار كما في الخلاف(4)،

ولكن الحق أنّه لا دليل لهم ما عدى دعوى الإجماع .

ص: 108


1- المبسوط / 2 / 149 .
2- التنقيح الرائع / 4 / 493 _ 494 .
3- اللمعة الدمشقية / 10 / 202 .
4- كشف اللثام / 11/ 334 .

وفيه إشكال والأقرب العدم، بل أن في الجفن الأعلى ثلث دية العين وهو مائة وستة وستون ديناراً وثلثا دينار، وفي الجفن الأسفل نصف دية العين وهو مائتان وخمسون ديناراً(1)، وأمّا الأهداب فلا تقدير فيها شرعاً كما أنّه ليس فيها شيء إذا انضمت مع الأجفان وفيها الحكومة إذا انفردت(2).

المسألة 280: لو قلعت الأجفان مع العينين لم تتداخل ديتهما(3).

_______________________________________________________________

(1) والعمدة معتبرة ظريف عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: افتى أمير المؤمنين (علیه السلام) فكتب الناس فتياه، وكتب به أمير المؤمنين إلى أُمرائه ورؤوس أجناده فمما كان فيه إن أصيب شفر العين الأعلى فشتر، فديته ثلث دية العين مائة دينار وستة وستون ديناراً وثلثا دينار، وإن أصيب شفر العين الأسفل فشتر، فديته نصف دية العين مائتا دينار وخمسون ديناراً»(1)،

ويقول الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) وهذا القول هو الأقرب، أمّا القول الأول فالروايتان منصرفتان عن المورد، وإن ذهب إليه المشهور، وقال، ولذا ناقش في دلالتهما على ذلك الشهيد الثاني في المسالك ونفاها كشف اللثام صريحاً، ثم قال: فإن تم إجماع في المسألة فهو ولكنه غير تام(2)، وهو عجيب منه لأنه ليس بحجة عنده .(2) لأنّه في صورة الانفراد لم ترد ديته شرعاً فلابد من الحكومة .

(3) لأن الأصل عدم تداخل الأسباب والمسببات، إذاً لكل ديته .

ص: 109


1- الوسائل باب 2 من أبواب ديات الأعضاء ح3 ، والشتر أي القطع انظر قاموس المحيط / 2/ 555 .
2- مباني تكملة المنهاج / 2/ 348 _ 342 .

المسألة 281: إذا قلع العين الصحيحة من الأعور ففيه الدية كاملة(1).

_______________________________________________________________

(1) لا يخفى بأنّ العور تارة يكون خلقة بآفة، وأخرى من جناية جان وهنا مرة أخذ الدية منه وأخرى لا، وهل هو قادر على أخذ الدية أو لا لعود قدرته، أو كان العور قصاصاً .

أمّا إذا كان لخلقة فهو محل اتفاق، ونسب إلى الخلاف بقوله: وفي العين العوراء إذا كانت خلقة أو ذهبت بآفة أم من جهة الله الدية كاملة(1)، والغنية بقوله: وفي قلع عين الأعور إذا كان عوره خلقة أو بآفة من قبل الله تعالى الدية، بدليل إجماع الطائفة(2)، والمختلف بقوله: قال الشيخ في النهاية وفي العين العوراء الدية كاملة إذا كانت خلقة أو قد ذهبت في آفة من جهة الله(3)،

والتنقيح بقوله: وفي عين الاعور الصحيحة الدية كاملة إذا كان العور خلقة أو ذهبت بشيء من قبل الله(4)،

وقد استدلوا بصحيحة محمد بن قيس، قال: «قال: أبو جعفر (علیه السلام) قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في رجل أعور أُصيبت عينه الصحيحة ففقئت إن تفقأ إحدى عيني صاحبه ويعقل له نصف الدية، وإن شاء أخذ دية كاملة ويُعفى عن عين صاحبه»(5)،

ومنها صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: في عين الأعور الديةكاملة»(6).

ص: 110


1- الخلاف / 5 / 235 _ 236 .
2- غنية النزوع / 2 / 416 .
3- المختلف / 9 / 362 .
4- التنقيح الرائع / 4 / 495 .
5- الوسائل باب 27 من أبواب ديات الأعضاء ح2 .
6- الوسائل باب 27 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .

والمشهور قيّدوا ذلك بما إذا كان العور خلقة أو بآفة سماوية، وأمّا إذا كان بجناية فعليه نصف الدية، وفيه إشكال والأقرب عدم الفرق كما أنّه لا فرق فيما إذا كان العور بالجناية بين ما إذا أخذ الأعور ديتها من الجاني وما إذا لم يأخذها، وفي خسف العين العوراء ثلث الدية(1).

_______________________________________________________________

ولكن المشهور على أنّه هناك فرق بين ما إذا كان بآفة سماوية أو خلقة وبينما إذا أعوره جانٍ واستحق الدية أخذها أم لا، أو إذا كان أعواره قصاصاً وحملوا الصحيحتان على ما إذا كان العور خلقة أو بآفة و أنصرافها عن مورد ما ذكره الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) هو إطلاق الصحيحتين(1)

ويكون عينه الواحدة بمنزلة عينين .

(1) ثلث الدية وعليه المشهور لصحيحة بريد بن معاوية عن أبي جعفر (علیه السلام) «قال: في لسان الأخرس وعين الأعمى وذكر الخصيِّ وأُنثييه ثلث الدية»(2)،

والرواية تامة دلالة وسنداً .

وهناك روايتان إحداهما تدل على أن فيه نصف الدية، وهي رواية عبد الله بن أبي جعفر عن أبي عبد الله (علیه السلام) «في العين العوراء تكون قائمة فتخسف، فقال: قضى فيها عليُّ بن أبي طالب (علیه السلام) نصفالدية في العين الصحيحة»(3).

ورواية عبد الله بن سليمان عن أبي عبدالله (علیه السلام) «في رجل فقأ عين رجل ذاهبة وهي قائمة، قال (علیه السلام) عليه ربع دية العين»(4)،

والروايتان بما أنهما ضعيفتان بعبد الله بن سليمان وهو مجهول، وأبي جميلة مفضل بن صالح وهو ضعيف .

ص: 111


1- مباني تكملة المنهاج / 2 / 342 .
2- الوسائل باب 31 من أبواب ديات الأعضاء ح1.
3- الوسائل باب 29 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
4- الوسائل باب 29 من أبواب ديات الأعضاء ح2 .

من دون فرق في ذلك بين كونه أصلياً، أو عارضياً، وكذا الحال في قطع كل عضو مشلول، فإنّ الدية فيه ثلث دية الصحيح(1).

_______________________________________________________________

(1) بلا فرق بين أن يكون العور خلقة أو بآفة من الله تعالى، أو جناية جانٍ فيستحق الدية، أخذها أم لا، أو قصاصاً لإطلاق صحيحة بريد، وذلك لدلالة الصحيحتين .

الأولى: عن أبي بصير عن أبي جعفر (علیه السلام) «قال: سأله بعض آل زرارة عن رجل قطع لسان رجل أخرس، فقال: إن كان ولدته أُمه وهو أخرس فعليه ثلث الدية، وإن كان لسانه ذهب به وجع أو آفة بعدما كان يتكلم، فانَّ على الذي قطع لسانه ثلث دية لسانه، قال: وكذلك القضاء في العينين والجوارح، قال: وهكذا وجدناه في كتاب علي»(1).

الثانية: وهي رواية الحكم بن عتيبة «قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن أصابع اليدين وأصابع الرجلين أرأيت ما زاد فيهما على عشرة أصابع في اليدين أو نقص من عشرة فيها دية ؟ قال: فقال ليّ: يا حكم الخلقة التي قسّمت عليها الدية عشرة أصابع في اليدين ما زاد أو نقص فلا دية له إلى أن قال وكلما كان من على شلل فهو على الثلث من دية الصحاح»(2).

ص: 112


1- الوسائل باب 31 من أبواب ديات الأعضاء ح2 .
2- الوسائل باب 39 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .

المسألة 282: لو قلع عين شخص وادعى أنّها كانت قائمة لا تبصر وادعى المجني عليه أنّها كانت صحيحة، ففيه قولان، والأظهر أنّ القول قول المجني عليه مع يمينه(1)، وكذلك الحال فيما إذا كان لاختلاف بينهما في سائر الأعضاء من هذه الناحية(2).

_______________________________________________________________

(1) هنا قولان، الأول وهو قول المشهور لأن الجاني يكون منكراً ويقدّم قوله مع اليمين إذا لم يكن للمجني عليه البينة، ولأن قول الجاني يوافق الأصل، وقد قيل أن الحق هو قول المجني عليه لاستصحاب العدم الازلي إن قلنا به، والأصل فيه هو الصحة، وهو مقدم على اصالة البراءة .

قد يقال بأن استصحاب العدم الأزلي اتصافها بالإبصار لا يثبت العمى إلا بالأصل المثبت .

قلنا بأن استصحاب العدم الازلي غير حجة لأنًه مثبت، إذاً القول قول المشهور، هذا إذا لم تكن حالتها السابقة الصحة، وإلا يجري الاستصحاب أي استصحاب الصحة، ولا يعارضه استصحاب عدم الإبصار لأنّه لا يثبت العمى إلا بالأصل المثبت .

(2) يفهم ذلك مما سبق .

ص: 113

الثالث: الأنف

إذا استؤصل الأنف أو قطع مارنه ففيه الدية كاملة(1)، وفي قطع روثته نصف ديته(2).

_______________________________________________________________

(1) قال في الجواهر: وفاقاً للشيخ في النهاية وابن ادريس ويحيى بن سعيد والفاضلين والشهيد بل والغنية والإصباح وغيرهم على ما حكي عن بعض لأنّه مما في الإنسان منه واحد وفيه الدية نصاً وفتوى(1)،

وفي صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (علیه السلام) «في الأنف إذا استؤصل جدعه الدية»(2)،

وصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (علیه السلام) «في الرجل يكسر ظهره قال: فيه الدية كاملة إلى أن قال وفي الأنف إذا قطع المارن الدية»(3).

(2) وذلك لمعتبرة سماعة عن أبي عبد الله (علیه السلام) «في الرجل الواحدة نصف الدية إلى أن قال وفي الأنف إذا قطع دية كاملة»(4)، وصحيحة هشام ابن سالم عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: كل ما كان في الإنسان اثنان ففيهما الدية، وفي إحداهما نصف الدية وما كان فيه واحد ففيه الدية»(5).

ص: 114


1- جواهر الكلام / 43 / 190 .
2- الوسائل باب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح5 .
3- الوسائل باب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح4 .
4- الوسائل باب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح7 .
5- الوسائل باب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح12 .

المسألة 283: في دية قطع إحدى المنخرين خلاف، قيل إنّها نصف الدية(1)، وقيل ربع الدية، والصحيح أنّها ثلث الديه(2) .

_______________________________________________________________

(1) المراد من الروثة كما عن مجمع البحرين: هي الحاجز بين المنخرين وهي طرف الأرنبة والأرِنبة طرف الأنف ومنه فلان يضرب بلسانه روثة أنفه وفي كلام الصدوق الروثة من الأنف مجمع المارِن، والمارن ما دون قصبة الأنف(1)،

وعن ابن بابويه هي مجمع المارن وعن بعض أهل اللغة هي طرف المارِن كما في الشرائع(2).

وفي المسالك، نسبه إلى المشهور(3)،

وتدل على ذلك معتبرة ظريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام) في الأنف «قال: فإن قطع روثة الأنف _ وهي طرفه _ فديته خمسمائة دينار»(4).

(2) قال صاحب مفتاح الكرامة: هو مذهبنا، كما في المبسوط وهو خيرة الوسيلة والسرائر والنافع والإرشاد والتبصرة وكذا التحرير، وكأنه مال إليه في التنقيح، وقد احتج عليه في المبسوط والسرائر، بأنّه ذهب نصف الجمال والمنفعة، وقد أُيّد بأنّهما إثنان فيعمّها ما مرّ من الحكم فيما كانا أثنين وفيه إن الظاهر أن المراد الاثنان المنفصلان لا كل ما يمكن أن يقال أنهما اثنان في الجملة، ولهذا لا يجب بقطعهما معاً من دون قطع الحاجز وما بقي من الأنف تمام الدية بل إنما تجب بجميع الأنف المشتمل عليهما ويلزم أنّه لو قطعإحداهما من الحاجز كله أن لا يكون في الحاجز شيء أو نقول فيه حكومة مع أن ذلك يوجب قطع الروثة فتأمل.

وقيل الثلث وهو الأقرب هذا هو المشهور، وكما في المسالك، وكشف اللثام، والمفاتيح، والأشهر كما في الروضة مذهب الأكثر كما في المسالك أيضاً، ومجمع

ص: 115


1- مجمع البحرين مادة روثه .
2- شرائع الإسلام / 4/ 505 .
3- المسالك / 15 / 409 .
4- الوسائل باب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .

................................

البرهان وهو المحكي عن أبي علي، وخيرة المقنع، والشرائع وكشف الرموز، والإيضاح، واللمعة، والمسالك وكذا مجمع البرهان وحكي عن المحقق الثاني واستحسنه في المختلف واستجود في التحرير(1).

أمّا القول الأول: وهو نصف الدية ودليلهم على أن كل ما في البدن منه اثنان ففيه الدية، وفي كل واحد منهما نصف الدية، ولكن هذا القول غير تام فلا يشمل المقام، لأن مجموع الأنف يكون واحد، قال صاحب مفتاح الكرامة: وفيه أن الظاهر أن المراد الاثنان المنفصلان لا كل ما يمكن أن يقال أنهما اثنان في الجملة(2)،

يقول الاستاذ الاعظم أن ما افاده (قدس سرُّه) من التعليل عليل جداً ولا يمكن المساعدة عليه بوجه، وذلك لأنّه إن استند (قدس سرُّه) في ذلك إلى ما دل على أن ما كان في الإنسان اثنان ففيهما الدية وفي كل واحد منهما نصف الدية، فهو غير شامل للمقام لأن مجموع الأنف شيء واحد، وإن استند إلى ما هو ظاهر تعليله فلا دليل عليه أصلاً، بل الدليل على خلافه(3) لعدم الدليل بل الدليل يكون وهو معتبرة غياث كما يأتي .وأمّا القول الثاني: فقد استدل عليه بالإجماع، وفيه أن الإجماع غير حجة مضافاً لعدم ثبوته صغروياً لأنّ المشهور على خلافه، إذاً فالصحيح هو القول الثاني لمعتبرة غياث عن جعفر عن أبيه عن علي (علیهم السلام) «إنّه قضى في شحمة الأذن بثلث دية الأذن، وفي الأصبع الزائدة ثلث دية الأصبع وفي كل جانب من الأنف ثلث دية الأنف»(4).

ص: 116


1- مفتاح الكرامة / 26 /329 .
2- مفتاح الكرامة / 26 / 330 .
3- المباني / 2/ 349 .
4- الوسائل باب 43 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .

الرابع: الأذنان

وفيهما دية كاملة(1)، وفي إحداهما نصف الدية(2)، وفي بعضهما بحساب ذلك .

_______________________________________________________________

ويؤيد ذلك رواية عبد الرحمن عن جعفر عن أبيه (علیهم السلام) «وفي خشاش الأنف كل واحد ثلث الدية»(1).

(1) والمسألة غير خلافية وقد أدعيّ في الغنية وفي قطع الاذنين أو ذهاب السمع جملة الدية كاملة وفي احديهما نصف الدية وفي نقصان السمع بحساب ذلك يقاس بالصوت في الجهات كالقياس في العين بالبصر وفي قطع شحمة الأذنين ثلث ديتها كل ذلك بدليل إجماع الطائفة(2)،

والعمدة الروايات ففي صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (علیه السلام) «في الرجل يكسر ظهره قال: فيه الدية كاملة إلى أن قال وفي الأذنين الدية، وفي إحداهما نصف الدية، وفي الذكر إذا قطعت الحشفة وما فوق الدية، وفي الأنف إذا قطع المارِن الديةوفي الشفتين الدية»(3)،

وصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبدالله (علیه السلام) «قال: ما كان في الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية»(4)،

ومنها معتبرة سماعة قال «وفي الأذن نصف الدية إذا قطعها من أصلها»(5).

(2) فيعتبر مساحة المجموع من أصل الأذن وينسب المقطوع عليه ويؤخذ بحسابه .

ص: 117


1- الوسائل باب 43 من أبواب ديات الأعضاء ح2 .
2- غنية النزوع / 2 / 417 .
3- الوسائل باب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح4 .
4- الوسائل باب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
5- الوسائل باب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح9 .

وفي شحمة الأذن ثلث ديتها(1).

_______________________________________________________________

(1) والمسألة غير خلافية، ونسب إلى الغنية كما تقدم والخلاف إجماع الفرقة وأخبارهم(1) وهكذا الرياض: وفي شحمتهما ثلث ديتها على الأشهر الأقوى، بل لا أجد فيه خلافاً من أحد صريحاً مع أن في الغنية وعن الخلاف أن عليه إجماعنا وهو الحجة(2)،

ويؤيد ذلك معتبرة غياث عن جعفر عن أبيه عن علي (علیهم السلام) «فإنّه قضى في شحمة الأذن بثلث دية الأذن»(3)، وخبر مسمع عن أبي عبد الله (علیه السلام) «إنّ علياً (علیه السلام) قضى في شحمة الأذن ثلث دية الأذن»(4) ولكن الشهيد الثاني قال في المسالك: الرواية المذكورة رواها مسمع .... وفي طريقهاسهل بن زياد وابن شمّون وعبد الله الأصم، وهم في غاية الضعف كما اشرنا إليه سابقاً(5)

.

ص: 118


1- الخلاف / 5 / 234 .
2- رياض المسائل / 16 / 442 .
3- الوسائل باب 43 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
4- وقد مر الحديث .
5- مسالك الافهام / 15 / 410 .

الخامس: الشفتان

وفيهما دية كاملة(1)، وفي كل منهما نصف الدية(2).

_______________________________________________________________

(1) قال في الجواهر: بلا خلاف أجده فيه بيننا كما اعترف به غير واحد، بل بين المسلمين بل الإجماع بقسميه(1) والعمدة الروايات الكثيرة منها صحيحة الحلبي، وصحيحة هشام بن سالم «فما كان في الإنسان اثنان ففيهما الدية وفي أحدهما نصف الدية»(2).

(2) في المسألة أقوال، قال العلامة في القواعد: واختلف في التقسيط فقيل في العليا الثلث وفي السفلى الثلثان، لأنّ فيها مع الجمال زيادة المنفعة بإمساك الطعام والشراب(3)ويعلق في مفتاح الكرامة على ذلك: وشينها أقبح من شين العليا، وبهذا ثبتت الآثار عن أئمة الهدى Dكما في المقنعة وهذه شهادة منه على ثبوت ذلك، وهو أبلغ وأثبت ممّا يرويه ويسنده وظاهر المبسوط والغنية الاجماع عليه، وفي كشف الرموز أنّه أظهر بين الأصحاب وفي السرائر في أول كلامه أنه هو الأظهر، وهو المحكي عن الكافي والإصباح والجامع والكيدري .

وقيل في العليا خُمسا الدية وفي السفلى ثلاثة أخماسها، قال صاحب مفتاح الكرامة: بإجماع الفرقة وأخبارهم كما في الخلاف وهو خيرة المقنع والهداية والنهاية و التهذيب والاستبصار والوسيلة والمهذب والمختلف وهو الذي استقرّ عليه رأيه في السرائر وهو المحكي عن الطبرسي والصهرشتيوظاهر الفقيه لروايته له(4)

.

ص: 119


1- الجواهر / 43 / 203 .
2- قد مر الحديث .
3- القواعد / 3 / 673 .
4- مفتاح الكرامة / 26 / 349 _ 350 .

................................

وقيل في العليا النصف وفي السفلى الثلثان هذا حكاه المحقق والمصنف عن ابن بابويه، وقيل إنهما ارادا علياً وحكاه أيضاً عن أبي علي وهو الموجود في كتاب ظريف المشهورة المروية بعدة طرق .

وقيل بالسوية وهو حسن هذا محكي عن العماني وهو خيرة الإرشاد والتبصرة واللمعة والمقتصر والتنقيح والمسالك ومجمع البرهان والمفاتيح وكذا الروضة(1).

وهناك قول ثان بأن في قطع العليا ثلث الدية وفي السفلى الثلثين نسب ذلك إلى الشيخين في المبسوط والمقنعة والديلمي وأبي الصلاح وابني زهرة وادريس والكيدري وابن سعيد والطبرسي وابن حمزة والعلامة في المختلف، وثالثها في الشفة العليا أربعمائة درهم وفي السفلى ستمائة درهم ونسب إلى الشيخ في الخلاف والنهاية والمقنع والهداية والمهذب البارع والوسيلة والصهرشتي والطبرسي وابن حمزة في المختلف، رابعها أن في العليا نصف الدية وفي السفلى ثلثي الدية نسب إلى الإسكافي وابن بابويه .

أمّا ما قيل بأن السفلى تمسك الطعام والشراب وترد اللعاب أن شينُها أقبح من شين العليا .

وأمّا الإجماعات التي استدلوا بها فقد عرفت حالها، وقد وردت رواية أبان بن تغلب عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: في الشفة السفلى ستةآلاف درهم وفي العليا أربعة آلاف، لأنَّ السفلى تمسك الماء»(2)،

والرواية ضعيفة بأبي جميلة، وما ذكره مجرد استحسان فلا يصبح دليلاً في المسألة .

وأمّا القول الثاني: فدليلهم بعد دعوى الإجماع المذكور في الخلاف الأخبار، منها خبر أبان بن تغلب عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: في الشفة السفلى ستة آلاف

ص: 120


1- مفتاح الكرامة / 26 / 351 .
2- الوسائل باب 5 من أبواب ديات الاعضاء ح2 .

................................

درهم، وفي العليا أربعة آلاف درهم لأنّ السفلى تمسك الماء»(1)،

والخبر ضعيف بأبي جميلة ودعوى إجبار الضعف بعملهم معتضد بإجماع الخلاف فتأمل .

وأمّا القول الثالث قال الاستاذ الاعظم (علیه السلام) ونعم ما قال: بلا خلاف ظاهر، بل أدعيّ عليه إجماع الفرقة، ويدل عليه ما رواه الصدوق بسنده الصحيح إلى قضايا أمير المؤمنين (علیه السلام) المتقدم المؤيد برواية الحكيم بن عتبة المتقدمة .

وبإزاء هذه عدة روايات تدل على أن الأسنان كلها سواء في الدية، منها ما في كتاب ظريف المعتبر عن أمير المؤمنين (علیه السلام) قال «في الأسنان في كل سن خمسون ديناراً، والأسنان سواء»(2)ومنها معتبرة سماعة قال: سألته عن الأسنان فقال: «هي سواء في الدية»(3)ولكن بما أن هذه الروايات موافقة للعامة ولا خلاف بينهم في ذلك، وتلم مخالفة لهم، فتتقدم تلك عليها في مقامالمعارضة(4).

وأمّا القول الرابع فإنهما سواء في الدية، وقد استدل عليه بما في كتاب ظريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام) «قال: إذا قطعت الشفة العليا واستؤصلت فديتها خمسمائة دينار، فما قطع منها فبحساب ذلك، فإن انشقت حتى تبدوا منها الأسنان ثم دويت وبرأت والتأمت فديتها مائة دينار، فذلك خمس دية الشفة إذا قطعت واستؤصلت، وما قطع منها فبحساب ذلك، فإن شترت فشينت شيناً قبيحاً فديتها مائة دينار وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار، ودية الشفة السفلى إذا استؤصلت ثلثا الدية ستمائة وستة وستون ديناراً، وثلثا دينار، فما قطع منها فبحساب ذلك،

ص: 121


1- الوسائل باب 5 من أبواب ديات الاعضاء ح2.
2- الوسائل باب 8 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
3- الوسائل باب 8 من أبواب ديات الأعضاء ح2 .
4- مباني تكملة المنهاج / 2 / 365 _ 366.

وما قطع منهما فبحسابهما(1) .

السادس: اللسان

وفي استئصال اللسان الصحيح الدية كاملة(2).

_______________________________________________________________

فإن انشقت حتى تبدوا الأسنان منها ثم برأت والتأمت فديتها مائة وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار، وإن أصيبت فشينت شيناً قبحاً فديتها ثلاثمائة وثلاث وثلاثون ديناراً، وذلك نصف ديتها قال ظريف: فسألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن ذلك، فقال: بلغنا أنَّ أمير المؤمنين فضّلها لأنّها تمسك الماء والطعام مع الأسنان، فلذلك فضّلها في حكومته»(1).

وهذه الرواية لا يمكن الأخذ بها لمخالفتها مع الموثقة، وموافقتها للعامةوهي كل ما في الإنسان منه اثنان ففيهما الدية وفي كل واحد منهما نصف الدية، والموثقة تكون موافقة لها، فالحق هو صحة قول الأول .

(1) لأن تلك القاعدة متسالم عليها ويؤيدها صريح رواية ظريف .

(2) والمسألة غير خلافية وأدعيّ الإجماع بقسميه على ما ذكره صاحب الجواهر(2)

بلا فرق بين الكبير والصغير للإطلاق، فما ذكره وهو صاحب الوسيلة: ومن لم يبلغ النطق وهو يحرك لسانه للبكاء، أو غيره بما يعبر عنه باللسان فحكمه حكم الناطق(3)وما

ذكره هو دعوى بلا دليل، والعمدة الروايات، منها كما في معتبرة سماعة عنه (علیه السلام) «في الرجل الواحد نصف الدية إلى أن قال وفي اللسان إذا قطع الدية كاملة»(4)،

ولصحيح علاء بن فضيل عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: في أنف

ص: 122


1- الوسائل باب 5 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
2- جواهر الكلام / 43 / 209 .
3- الوسيلة / 449 .
4- الوسائل باب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح7 .

وفي قطع لسان الأخرس ثلث الدية(1)، وفيما قطع من لسانه فبحسابه مساحة(2)، وأمّا في لسان الصحيح فيحاسب بحروف المعجم ويعطى الدية وبحساب مالا يفصح منها(3) .

_______________________________________________________________

الرجل إذا قطع من المارِن الدية تامة، وذكر الرجل الدية تامة، ولسانه دية تامة»(1)، وصحيحة هشام بن سالم «قال: كل ما كان في الإنسان اثنان ففيهما الدية، وفي أحدهما نصف الدية وما كان فيه واحد ففيه الدية»(2).(1) فالمسألة غير خلافية كما ادعاه صاحب الجواهر(3)، مضافاً إلى ما في صحيح بريد بن معاوية عن أبي جعفر (علیه السلام) «قال: في لسان الأخرس وعين الأعمى وذكر الخصي وأُنثييه ثلث الدية»(4).

وأمّا صحيح أبي بصير عن أبي جعفر (علیه السلام) «قال: سأله بعض آل زرارة عن رجل قطع لسان رجل أخرس، فقال: إن كان ولدته أمه وهو أخرس فعليه ثلث الدية، وإن كان لسانه ذهب به وجع أو آفة بعدما كان يتكلم فإنّ على الذي قطع لسانه ثلث دية لسانه» فلا تعارض هذه الرواية صحيحة بريد، لأن صحيحة أبي بصير غير مطابقة للقاعدة، إذاً الإطلاق يكون شاملاً، مضافاً إلى الاتفاق .

(2) والمسألة غير خلافية لأنّ كل مورد ليس له مقدّر شرعاً فعليه الحكومة، ومقتضاه هو بحساب مساحته .

(3) قال صاحب الجواهر: وعليه الشيخان في المقنعة والنهاية والديلمي وابن حمزة والفاضلان وغيرهم، بل في المسالك إلى المشهور، بل عن المبسوط والسرائر

ص: 123


1- الوسائل باب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح11.
2- الوسائل باب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح12.
3- جواهر الكلام / 43 / 209.
4- الوسائل باب 31 من أبواب ديات الأعضاء ح1.

المسألة 284: المشهور بين الأصحاب أن حروف المعجم ثمانية وعشرون حرفاً، وفيه إشكال، والأظهر أنّها تسعة وعشرون حرفاً(1).

_______________________________________________________________

ظاهر الإجماع عليه، بل عن الخلاف إجماع الفرقة واخبارها عليه(1)،

وتدل عليه معتبرة سماعة عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: قلت له رجل ضربلغلام ضربة فقطع بعض لسانه فأفصح ببعض ولم يفصح ببعض، فقال: يقرأ المعجم فما أفصح به طرح من الدية، وما لم يفصح أُلزم الدية، قال: قلت: كيف هو ؟ قال: على حساب الجمل»(2).

ولا يخفى أن ما في الذيل يحتمل أنّه من الراوي، كما ذكر هذا الاحتمال الشيخ بقوله: فما تضمن هذا الخبر من تفصيل دية الحروف يجوز أن يكون من كلام بعض الروات من حيث سمعوا أنه قال تفرق ذلك على حروف الجمل ظنوا أنّه على ما يتعارفه الحساب من ذلك ولم يكن من القصد ذلك(3)،

فعلى أي حال فهي مطروحة لعدم العمل بها .

(1) وعن الخليل الحروف المعجمة هي الحروف المقطعة ولأنّها اعجمية يعني أن الحرف الواحد لا يدل على ما يدل عليه الحروف الموصولة فكان أمرها مستعجماً فإذا وصلت أعربت وبيّنت(4).

والمشهور بين الأصحاب كذلك، وروي عن الخلاف، وظاهر المبسوط والسرائر الإجماع عليه، وأمّا بالنسبة إلى عدد الحروف وما وقع الاختلاف فيه من أنّها ثمان وعشرون أو تسعة وعشرون وردت روايات .

ص: 124


1- جواهر الكلام / 43 / 210 .
2- الوسائل باب 2 من أبواب ديات المنافع ح7 .
3- الاستبصار / 4 / 835 باب دية نقصان الحروف من اللسان .
4- مجمع البحرين باب (ع _ ج _ م ) وذكر فيه الحروف ثمانية وعشرون حرفاً .

................................

منها: رواية السكوني عن أبي عبد الله (علیه السلام) «أُتي أمير المؤمنين (علیه السلام) برجل ضرب فذهب بعض كلامه وبقي البعض فجعل ديته على حروف المعجم، ثم قال: تكلم بالمعجم فما نقص عن كلامه فبحسابه ذلك والمعجم ثمانية وعشرون حرفاً، فجعل ثمانية وعشرين جزءاً فما نقص منكلامه فبحسابه ذلك»(1).

ومقابل هذه الرواية صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (علیه السلام) «في رجل ضرب رجلاً بعصا على رأسه فثقل لسانه، فقال: يعرض عليه حروف المعجم فما أفصح، وما لم يفصح به كان عليه الدية، وهي تسعة وعشرون حرفا»(2).

أمّا الرواية الأولى فهي ضعيفة من جهة السند، والانجبار غير مفيد .

وأمّا الثانية فهي صحيحة من جهة السند، ولكنها معارضة لما نقله الصدوق في هذه الرواية عن عبد الله بن سنان، حيث ورد فيها ثمانية وعشرون حرفاً .

وأمّا ادعاء الإجماع فهو غير تام صغرى وكبرى، وما ذكره الاستاذ الاعظم (علیه السلام) فإذا بنينا على تقديم رواية الكافي على رواية الصدوق باعتبار أنّه اضبط منه ولا سيما مع موافقته للشيخ فهو، وإلا فالمرجع هو الأخذ بالقدر المتيقن، وهو تقسيم الدية على تسع وعشرين حرفاً والزائد يدفع بالأصل(3) وهو الحق .

ص: 125


1- الوسائل باب 2 من أبواب ديات المنافع ح6 .
2- الوسائل باب 2 من أبواب ديات المنافع ح2 .
3- مباني تكملة المنهاج / 2 / 378 .

المسألة 285: لا اعتبار بالمساحة في المقدار المقطوع من اللسان الصحيح فيما إذا أوجب ذهاب المنفعة، لما عرفت من أن العبرة فيه بحروف المعجم(1)، فلو قطع ربع لسانه وذهب نصف كلامه ففيه نصف الدية، ولو قطع نصفه وذهب ربع كلامه ففيه ربع الدية .

_______________________________________________________________

(1) وهذا واضح فالمدار يكون بالنطق لا على المساحة خلافاً لما عليه المحقق الاردبيلي في مجمعه بقوله: اعتبار ذهاب مخارج الحروف ومنفعة اللسان إنما كان في لسان الصحيح، وفي لسان الأخرس إنما هو باعتبار المساحة والمقادير(1)

.

ثم أنّهم جعلوا المدار على المنفعة مطلقاً وفيه بحث، فإن الدليل على ما سمعت إنما دل على كون المدار على النفعة فيما ذهبت المنفعة فقط ولم يذهب من الحروف شيء إذ ما كان في الدليل شمل مع قطع بعض اللسان مع كون المدار على نقصان الحروف وأنّه قد يسقط من اللسان ولا يحصل قصور في صدور الحروف.

فالمناسب أن يكون المدار على المنفعة فيما كان النقص فيها فقط وعلى المساحة والمقدار على تقدير النقص فيه فقط، وعلى تقدير الاجتماع يحتمل جعل المدار على المساحة فإنّها المدار فيما له المقدر وليس للنقص مقدّر ويبعد احتمال هل المدار على المنفعة كما هو ظاهر المتن والأكثر ويحتمل أكثر الأمرين للاحتياط وللعمل بدليل المساحة والمنفعة، إذاً لو كان الربعفذهب النصف من الحروف ويعطى نصف الدية وعلى العكس لو كان الذاهب النصف وذهب ربع الحروف تكون الدية الربع لأن المناط كما في معتبرة سماعه ذهاب المنافع ولا اعتبار بالمساحة .

ص: 126


1- مجمع الفائدة والبرهان / 14 / 379 .

المسألة 286: لو جنى على شخص فذهب بعض كلامه بقطع بعض لسانه أو بغير ذلك فأخذ الدية ثم عاد كلامه، قيل تستعاد الدية ولكن الصحيح هو التفصيل بين ما إذا كان العود كاشفاً عن أن ذهابه كان عارضيّاً ولم يذهب حقيقة(1)، وبين ما إذا ذهب واقعاً، فعلى الأول تستعاد الدية، وأمّا على الثاني فلا تستعاد .

المسألة 287: لو كان اللسان ذا طرفين كالمشقوق فقطع أحدهما دون الآخر كان الاعتبار بالحروف، فإن نطق بالجميع فلا دية مقدرة وفيه الحكومة، وإن نطق ببعضها دون بعض أُخذت الدية بنسبة ما ذهب منها(2).

_______________________________________________________________

(1) لأنّ المتفاهم العرفي من الأدلة هو أن يكون الذهاب حقيقياً لا العارضي، فإذا ابتلى بعارض وارتفع النطق ثم عاد فالأدلة غير شاملة له فلابد أن يرجع الدية، أمّا إذا كان الذهاب حقيقياً كما لو أن الطبيب قال بأن الضربة شديدة بالدماغ فهو غير قابل للرجوع، فيكون شاملاً للروايات وعود النطق يكون هبة ونعمة جديدة من الله سبحانه، وهذا لا يستوجب استعادة الدية .

(2) لو كان للسان طرفان فكان أحدهما أصلياً والآخر زائداً كاليدوالأصبع فإذا قطع أحد الطرفين ولم ينقص من نفعه شيء فقطع الزائد الذي لا تقدير له فتكون ديته الأرش، ولو كانا كلاهما اصليين فقطع أحدهما فإن بقي النطق بكماله والمقطوع بمنزلة الزائد وفيه الحكومة، وإلا لو ذهب كله فالدية كاملة وأمّا لو ذهب بعضه فإن الاعتبار بالحروف، والمسألة تكون واضحة في جميع شقوقها .

ص: 127

المسألة 288: في قطع لسان الطفل الدية كاملة(1)، وأمّا إذا بلغ حداً ينطق مثله وهو لم ينطق، فإن علم أو اطمأن بأنّه أخرس(2)، ففيه ثلث الدية، وإلا فالدية كاملة(3).

السابع: الأسنان

وفيها دية كاملة وتقسم الدية على ثماني وعشرين سناً ست عشرة في مواخير الفم، واثنتي عشرة في مقاديمه، ودية كل سن من المقاديم إذا كسرت حتى يذهب خمسون ديناراً، فيكون المجموع ستمائة دينار، ودية كل سن من المواخير إذا كسرت حتى يذهب على النصف من دية المقاديم خمسة وعشرون ديناراً فيكون ذلك أربعمائة دينار والمجموع ألف دينار، فما نقص فلا دية له، وكذلك ما زاد عليها، وفيه الحكومة إذا قلع منفرداً(4).

_______________________________________________________________

(1) لإطلاق الروايات .(2) لأن الاخرس في قطع لسانه ثلث الدية كما مر ويشهد له اطلاق صحيحة، بريد بن معاوية عن ابي جعفر (علیه السلام) «في لسان الاخرس وعين الاعمى وذكر الخصي وانثييه ثلث الدية»(1).

(3) أمّا وجوب الدية كاملة للإطلاق فخرج منها لسان الأخرس ومع الشك فالمرجع يكون الإطلاقات .

(4) والمسألة غير خلافية كما ذكره الجواهر بقوله: بلا خلاف أجده فيه كما اعترف في كشف اللثام ومحكي الخلاف والغنية، بل عن ظاهر المبسوط الإجماع عليه بل هو صريح محكي التحرير، مضافاً إلى ما سمعته من النصوص بل في

ص: 128


1- قد مر الحديث .

................................

المسالك لا خلاف في ثبوت الدية بجملة الأسنان سواء زادت أو نقصت(1)

والعمدة الروايات عن محمد بن علي بن الحسين بإسناده إلى قضايا أمير المؤمنين (علیه السلام) «أنّه قضى في الأسنان التي تقسّم عليه الدية أنّها ثمانية وعشرون سناً، ستة عشر في مواخير الفم، واثنى عشر في مقاديمه، فدية كل سن من المقاديم إذا كسر حتى يذهب خمسون ديناراً يكون ذلك ستمائة دينار ودية كل سن من المواخير إذا كسر حتى يذهب على النصف من دية المقاديم خمسة وعشرون ديناراً، فيكون ذلك أربعمائة دينار فذلك ألف دينار، فما نقص فلا دية له، وما زاد فلا دية له»(2),

وتؤيد ذلك رواية الحكم بن عتيبة«قال: قلت لأبي جعفر (علیه السلام) بعض الناس فيه اثنان وثلاثون سناً، وبعضهم له ثمانية وعشرون سناً، فعلى كم تقسّم دية الأسنان فقال: الخلقة إنما هي ثمانية وعشرون سناً، اثنتا عشرة في مقاديم الفم وستَّ عشرة في مواخيره فعلى هذا قسمت دية الأسنان، فدية كل سنّ من المقاديم إذا كسرت حتى تذهب خمسمائة درهم، فديتها كلها ستة آلاف درهم، وفي كل سنّ من المواخير إذا كسرت حتى تذهب فإنّ ديتها مائتان وخمسون درهماً وهي ستة عشر سناً فديتها كلها أربعة آلاف درهم، فجمع دية المقاديم والمواخير من الأسنان عشرة آلاف درهم، وإنما وضعت الدية على هذا فما زاد على ثمانية وعشرين سناً فلا دية له، وما نقص فلا دية له، هكذا وجدناه في كتاب علي»(3).

ولكن في قبال هذه الروايات روايات ما تدل على أن الأسنان كلها سواء في الدية، ففي كتاب ظريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام) «قال وفي الأسنان في كلِّ سنّ

ص: 129


1- جواهر الكلام / 43 / 229 .
2- الوسائل باب 38 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
3- الوسائل باب 38 من ابواب ديات الأعضاء ح2 .

................................

خمسون ديناراً، والأسنان كلها سواء»(1) وصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: الأسنان كلها سواء في كل سن خمسمائة درهم»(2).

ولكن هاتين الروايتين لا يمكن الأخذ بهما من جهتين، أولاً لموافقتها مع العامة لأن في نظرهم أن في كل سن خمساً من الإبل من غير فرق بين المقادموالمآخر، قال الشفاعي الأسنان اثنان وثلاثون الأصلية في كل سن خمس من الإبل المقاديم والمواخير سواء، فإن قلعت واحدة كان فيها خمس من الإبل وبه قال ابن عباس ومعاوية(3)ثانياً:

مضافاً إلى أن الأخذ بالروايتين يستوجب زيادة دية الأسنان عن الدية التامة فيكون المجموع بالدينار ألف وأربعمائة دينار والدرهم أربعة عشر ألف درهماً .

فالحق التقسيم الذي ورد في رواية الصدوق، وأمّا ما ذكره الشهيد الثاني(4)

وتبعه صاحب الرياض(5)كأنهما

غفلا عمّا رواه الصدوق في الصحيح وتخيلا انحصار المدرك بخبر الحكم، ولذا ذكر صاحب المسالك: أمّا قسمتهما على ثمانية وعشرين وتفصيلها على الوجه الذي ذكره وهو المعروف من مذهب الأصحاب، وبه رواية ضعيفة لكنها مشهورة مجبورة بذلك على قاعدتهم(6) .

ولكن الحق أن الرواية غير منحصرة بالرواية الضعيفة كما مرّ ذكره فلا نحتاج إلى قاعدة الجبر، مضافاً على عدم صحة هذه القاعدة، أمّا خبر السكوني عن

ص: 130


1- الوسائل باب 8 من ابواب ديات الأعضاء ح1 .
2- الوسائل باب 8 من أبواب ديات الأعضاء ح2 .
3- الموطأ / 2 / 861 _ 862 وسنن أبي داود / 4 / 4559 وغيرها .
4- مسالك الافهام / 15 / 420 .
5- رياض المسائل / 16/ 456 .
6- مسالك الافهام / 15 / 420 _ 421 .

................................

أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) الأسنان احدى وثلاثون ثغرة، في كل ثغرة ثلاث أبعره وخمس بعير»(1)، فلا يمكن الأخذ به لأمور:الأول: أن سنده يكون ضعيفاً فإن طريق الشيخ إلى النوفلي فيه ضعف.

الثاني: أنّه لم يعمل به أحد .

الثالث: أنّه مخالف للواقع لأنّه ما أريد من الثغر الفرجة، فلا تكون الفرجة بين الأسنان واحد وثلاثون ولو فرض إن الأسنان اثنان وثلاثون وإن أريد به السن فلا يكون عددها فرداً إذ لا يجوز العمل به .

أمّا ما زاد فلا دية فيه، إلا إذا كان منفرداً، والمسألة متفق عليها، وأمّا إذا كان منفرداً فاختلف الأصحاب كما ذكره صاحب مفتاح الكرامة في شرح قول العلامة في الزائد ثلث دية الاصلي إن قلع منفرداً، وإن قلع منضماً فلا شيء فيه ونسب صاحب المفتاح هذا القول الى الفقيه والنهاية والسرائر والشرائع والنافع والتحرير والإرشاد والتبصرة واللمعة والروضة والمفاتيح وكذا المختلف وهو المحكي عن الجامع ثم قال: عليه وينزل اطلاق الخلاف والوسيلة والمهذب من أن في الزائد ثلث دية الأصلي من دون تفصيل بين ما إذا قلع منفرداً أو منضماً فينزل على ما إذا قلع منفرداً، وفي المسالك والروضة أنّه أشهر، وفي مجمع البرهان تارة نسبيته إلى ظاهر الأكثر وأخرى إلى المشهور، وفي الخلاف الإجماع عليه فيما حكي عنه، وفي الفقيه والوسيلة والتحرير التصريح بأن فيه ثلث دية الأصلي(2)

وفي الجامع والشرائع وغيرها ثلث دية الأصلية أي إذا كان في المقاديم فثلث ديته الخمسون، وإذا كانت في المواخير فثلث الدية خمسة وعشرون .

ص: 131


1- الوسائل باب 38 من أبواب ديات الأعضاء ح5 .
2- مفتاح الكرامة / 26 / 394 .

المسألة 289: إذا ضربت السن انتظر بها سنة واحدة، فإن وقعتغرم الضارب ديتها، وإن لم تقع واسودت غرم ثلثي ديتها(1).

_______________________________________________________________

الثاني: أن فيها الحكومة .

الثالث: منسوب إلى المقنعة أنّه لا شيء فيها .

أمّا القول الأول فقد ادعوا الإجماع وهو في حد ذاته لا يكون حجة لا صغرى ولا كبرى، أمّا صغرى فمعلوم وأمّا كبرى، لأنّه فيه مخالف كما عن المقنع أنّه لا دية للزائد ولا الناقص، ولم يفرق في الزائد بينما إذا قطع منفرداً ومنضماً ولعله استند إلى خبر الحكم(1)،

وكذا نسب إلى نكت النهاية والكافي والإصباح وكشف اللثام والرياض أن فيها الحكومة .

ثانياً: استدلوا بالحمل على الأصبع الزائدة وفيه أنّه قياس، وعلى الثاني أن كل ما لم يكن مقدّراً لابد من الحكومة لئلا يهدر دم مسلم .

(1) ادعى عدم الخلاف كما في الجواهر: بلا خلاف محقق أجده كما اعترف فيه في الرياض، بل ربما ظهر من الغنية الإجماع عليه، بل في كشف اللثام نسبته إلى قطع الأصحاب، وفي المبسوط نسبته إلى رواية أصحابنا بل عن الخلاف فيه إجماع الفرقة واخبارها(2)،

والعمدة الصحيحة الواردة منها عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: السن إذا ضربت انتظر بها سنة، فإن وقعت أُغرم الضارب خمسمائة درهم، وإن لم تقع واسودَّت أُغرم ثلثي الدية»(3).وقد نسب صاحب الجواهر إلى الشيخ من الالتزام بثلث الدية(4) أمّا إذا

ص: 132


1- المقنع / 530 .
2- جواهر الكلام / 43 / 273 .
3- الوسائل باب 8 من أبواب ديات الأعضاء ح4 .
4- الجواهر / 43 / 231 .

................................

ذهبت كل المنافع حتى لا يتمكن ولا يقوى على أن يمضغ بها شيئًا وإن كان أقلّ فلابد من الحكومة، فهو غير تام للإطلاق، وقال الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) وهذه الصحيحة وإن كان موردها ما تكون الدية فيه خمسمائة درهم إلا أنّه لا شك في عدم اختصاص الحكم بذلك فيعم ما إذا كانت الدية فيه مائتان وخمسون درهما(1).

وبإزاء هذه الرواية المعتبرة عن ظريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام) «قال: في الأسنان في كل سن خمسون ديناراً إلى أن قال فإذا اسودت السن إلى الحول ولم تسقط فديتها دية الساقطة خمسون ديناراً»(2)يقول الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) وثانيتهما مرسلة ابان عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله «قال: كان أمير المؤمنين يقول: إذا اسودت الثنية جعل فيها الدية»(3).

أقول الرواية الأخيرة ضعيفة سنداً، فلا يمكن الاعتماد عليها، وأمّا الرواية الأولى فبما أنّها معتبرة سنداً فتعارض هذه الصحيحة في ثلث الدية فتسقطان معاً من جهة المعارضة، فالمرجع هو الأصل العملي، ومقتضاه البراءة عنه، فالنتيجة هي ما ذكرناه من ثبوت ثلث الدية(4).والحق أنّه في صورة التعارض لابد من الرجوع إلى المرجحات، وبما أن خبر عبد الله بن سنان من جهة الشهرة وصفات الراوي هو المتقدم .

ص: 133


1- مباني تكملة المنهاج / 2 / 367 .
2- الوسائل باب 8 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
3- الوسائل باب 40 من أبواب ديات الأعضاء ح2 ، وانظر مباني تكملة منهاج / 2 / 368 .
4- مباني تكملة المنهاج / 2 / 368 .

وفي سقوطها بعد الاسوداد ثلث ديتها على المشهور، وفيه اشكال والأظهر ان فيه ربع ديتها(1).

المسألة 290: لا فرق في ثبوت الدية بين قلع السن من اصلها الثابت في اللثة وبين كسرها منها(2).

وأمّا إذا كسرها أحد من اللثة وقلعها منها آخر فعلى الأول ديتها وعلى الثاني الحكومة(3).

_______________________________________________________________

(1) يقول الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) الأقوال في المسألة ثلاثة:

الأول: أن فيه ثلث ديتها وهذا هو المعروف والمشهور بين الأصحاب بل عن الخلاف وظاهر الغنية الإجماع عليه .

الثاني: أن فيه ربع الدية كما عن النهاية والقاضي ويحيى بن سعيد .

الثالث: أن المرجع في المقام هو الحكومة واختاره الشيخ في المبسوط وتتبعه عليه المتأخرون(1) والأصح هو القول الأول لما اشتهر به بين الأصحاب وكون الإجماع عليه مضافاً إلى وجود الرواية الصحيحة .

(2) أمّا ثبوت الدية في صورة القلع إذ يقول في الجواهر: لا خلاف فيهبل الإجماع بقسميه(2)،

وهو القدر المتيقن من النصوص، أمّا ثبوت الكسر فعليه الأكثر، ولما رواه الصدوق بسنده الصحيح إلى قضايا أمير المؤمنين (علیه السلام) في الأسنان التي تقسم عليها الدية إلى أن قال فدية كل سن من المقاديم إذا كسر حتى يذهب خمسون ديناراً .

(3) أمّا ثبوت الدية كما عرفت بأن في الكسر الدية كما مرّ بيانه من ذكر الرواية، وفي الثاني لأنّه لم يقدّر فعليه الحكومة .

ص: 134


1- مباني تكملة المنهاج / 2/ 369 _ 370 .
2- جواهر الكلام / 43/ 240 .

المسألة 291: المشهور بين الأصحاب أنّه لو قلع سن الصغير أو كسرت تماماً ينتظر بها سنة، فإن نبتت لزم الأرش(1)وإلا ففيها الدية(2) ولكن دليله غير ظاهر فلا يبعد ثبوت الدية مطلقاً .

_______________________________________________________________

(1) قد يقال ثبوت الأرش في صورة الإنبات، ونسب ذلك إلى المبسوط والمهذب والكافي والغنية والوسيلة والإصباح(1)،

ومستندهم مرسل جميل أنّه قال في سن الصبي يضربها الرجل فتسقط ثم تنبت «قال (علیه السلام) ليس عليه قصاص، وعليه الأرش»(2)، قد يقال بأن الرواية ولو كانت مرسلة فلا يضر الإرسال لأجل عمل المشهور، والمرسل من أصحاب الإجماع، وفيه كلا المبنيين كما ذكرنا في محله من كتابنا شمس الأصول لا اعتبار بهما .

(2) لإطلاق النصوص، ومقتضاه عدم الفرق بين سن الصغير وغيره و أمّا ما نسب إلى الشيخ في المبسوط وابن فهد في المهذب وابن زهرة في الغنيةوابن حمزة في الوسيلة أنّ دية سن الصبي بعير مطلقاً نبت أم لم ينبت، يكون مستندهم خبرين، وكلاهما ضعيفان رواية مسمع عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال إنّ علياً (علیه السلام) قضى في سن الصبي قبل أن يثغر بعيراً في كل سنً»(3)، وفي رواية السكوني عن أبي عبد الله (علیه السلام) «إنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) قضى في سنّ الصبيّ إذا لم يثغر ببعير»(4)، إذاً أن الحق هو ثبوت الدية مطلقاً نبت أو لم ينبت كما عليه الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) .

ص: 135


1- جواهر الكلام / 43/ 241 .
2- الوسائل باب 33 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
3- الوسائل باب 33 من أبواب ديات الأعضاء ح2 .
4- الوسائل باب 33 من أبواب ديات الأعضاء ح3 .

المسألة 292: لو زرع الإنسان في موضع السن المقلوعة عظماً فثبت فيه ثم قلعه قالع فلا دية فيه ولكن فيه الحكومة(1).

_______________________________________________________________

(1) والأقوال مختلفة ونسب إلى الشيخ أنّه لا دية ولا شيء فيه للأصل كما عن الجواهر(1)،

وعن العلامة في قواعده قال: ولو أنبت عوضها عظماً فثبت فقلعه آخر فالأرش(2)، وثاني الشهيدين يقول: هذا هو الأقوى لأنّ ذلك لا يُعدّ سناً لغة ولا عرفاً فلا تتناوله الأدلة الدالة على دية السن، ويثبت الأرش إن حصل به نقص كما هو مقتضاه(3)،

وغيرهما أنّه فيه الأرش ومنهم الماتن .

أمّا عدم وجوب الدية فلأنّ الدية إنما تجب في السن إذا قلع، والدليلمنصرف عن المورد .

وأمّا وجوب الأرش فلأنّه يستصحب الماً وشيّناً، ولتفويت المصلحة من الانتفاع به ولو لم يكن سناً، إذاً أولاً كل ما لم يقدّر فعليه الأرش، وثانياً لئلا يذهب حق المسلم هدراً، وما ذكره الشيخ بأنّه لا دية ولا أرش فلا يكون صحيحاً.

ص: 136


1- جواهر الكلام / 43 /241 .
2- قواعد الاحكام / 3 / 677 .
3- سالك الافهام / 15 / 425 .

الثامن: اللحيان

وهما العظمان اللذان يلتقيان في الذقن، ويتصل طرفاهما بالأذن من جانبي الوجه وعليهما نبات الأسنان، وفيهما الدية كاملة وفي كل واحد منهما نصف الدية(1)، هذا فيما إذا قلعا منفردين عن الأسنان ولو قلعا مع الأسنان ففي كل منهما ديته(2) .

التاسع: اليدان

وفيهما الدية كاملة، وفي كل واحدة منهما نصف الدية(3).

_______________________________________________________________

(1) وذلك للروايات المتقدمة بإطلاقها بأنّ كل ما في الإنسان اثنان ففيهما دية كاملة، وفي كل واحد منهما نصف الدية .

(2) لأنّ الأصل عدم التداخل كما ذكرنا في الأصول، بأنّ الأصل عدم تداخل الأسباب والمسببات .

(3) والمسألة متفق عليها بيننا، بل بين المسلمين أجمع وقد ادعى عليه الإجماع بقسميه كما ذكره صاحب الجواهر(1)،

ولكن العمدة النصوص الواردة في المقام، بأن كل ما في الإنسان منه اثنان ففيهما الدية كاملة(2)،

ومنها معتبرة ظريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام) فإنّها دلت في مواضع متعددة على أن دية اليد خمسمائة دينار كقوله (علیه السلام) «ودية المنكب إذا كسر خمس دية اليد مائة دينار»(3)وقوله

(علیه السلام) «في العضد إذا كسر فجبر على غيرإثم ولا عيب فديتها خمس دية اليد مائة دينار كذلك»(4).

ص: 137


1- جواهر الكلام / 43 / 245 .
2- قد مر .
3- الوسائل باب 9 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
4- الوسائل باب 10 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .

ولا حكم للأصابع مع قطع اليد(1).

المسألة 293: لاريب في ثبوت الدية بقطع اليد من الزند، وأمّا إذا قطع معها مقدار من الزند، ففيه خلاف، والمشهور بين الأصحاب أن فيه دية قطع اليد والأرش لقطع الزائد، وفيه إشكال، بل لا يبعد الاقتصار فيه على الدية فقط(2).

_______________________________________________________________

(1) والمسألة متفق عليها إجماعاً، لإطلاق الأدلة بأنّ في اليدين الدية وفي أحدهما نصف الدية، وما ورد في ثبوت الدية على الأصابع فلا يشمل المقام فإنّه فيما إذا ورد القطع على الأصابع منفرداً لا مع اليد .

(2) اختلفوا في معنى اليد، قالوا هي المفصل بين الكف والذراع وقال في مفتاح الكرامة: وحد اليد المعصم كما في الشرائع والنافع والتحرير والإرشاد واللمعة والروض والروضة ومجمع البرهان والمفاتيح وهو معنى ما في المبسوط من قوله حد اليد إلى الكوع، والمفصل الذي بينها وبين الذراع وما في التحرير من قوله أيضاً هو المفصل بين الكف والذراع وما في الروض أيضاً أنّه موضع السوار وظاهر كشف اللثام الإجماع عليه، حيث قال وحد اليد المعصم عندنا خلافاً لبعض العامة وكلامهم وإجماعهم هو القرينة على المراد في النصوص ولولا ذلك لأشكل الحكم، إمّا للإجمال كما عليه علم الهدى المرتضى(1)، بأنّها مجملةوانصرافها إلى العضو الذي هو المنكب إلى رؤوس الأصابع(2)والمورد كما يقال في القرآن حيث يطلق على الكل والبعض، أمّا لو قطع اليد مع مقدار من الزند والذراع، فالمشهور أنّ فيه دية القطع والزيادة، وهل في الزيادة الحكومة كما هو الموافق إلى الشيخ والقاضي والفاضل على ما حكي

ص: 138


1- مفتاح الكرامة / 26 /414 .
2- جواهر الكلام / 43 / 345 .

المسألة 294: إذا كان لشخص يدان على زند إحداهما أصلية والأخرى زائدة، فإن قطعت اليد الأصلية ففيها خمسمائة دينار(1)، وإن قطعت اليد الزائدة، قيل أن ديتها ثلث دية اليد وهو لا يخلو عن إشكال، والأقرب أن المرجع فيه هو الحكومة(2).

_______________________________________________________________

عن بعضهم، بل وعن المختلف وهو الأشهر(1) بعد أن لم تكن للزيادة مقدر .

ولكن قد يشكل على أصل الحكومة بناءً على أن في الذراع الدية بأن المتجه اعتبار المساحة كما عرفته في كل ما له مقدّر، ولذا كان المحكي عن ابن إدريس اعتبارها(2)،

أو أن في القطع الدية فقط كما قال الماتن، وليس فيه الأرش ولا اعتبار للمساحة كما نسب إلى غير واحد وفي الروضة نسبته إلى المشهور وأنّه لو قطعت في المرفق أو المنكب لم يكن له إلا دية اليد خمسمائة دينار(3)، لأنّه يشملها ما دل على قطع اليد ولو كان فيه الزيادة .(1) الوجه واضح كما مرّ .

(2) قال الشيخ في المبسوط: وعندنا في الزائدة ثلث الدية(4)،

وتبعه آخرون منهم العلامة في التبصرة وفي الشلاء ثلث الصحيحة وكذا للزائدة(5)

ولكن هذا قياس لأنّه تشبيه بالسن والأصبع، لما عرفت في الزائدة منهما ثلث الدية، فالمرجع كما ذكرنا في كل ما ليس له مقدّر الحكومة فما ذكره الشيخ بأن فيه ثلث الديه قياس على الأصبع الزائدة وهو باطل لبطلان القياس .

ص: 139


1- جواهر الكلام / 43 / 346 .
2- جواهر الكلام / 43 /246 .
3- جواهر الكلام ج43/ 246 .
4- المبسوط / 5 / 165 .
5- تبصرة المتعلمين / 120.

المسألة 295: لو اشتبهت اليد الأصلية بالزائدة ولم يمكن تمييز إحداهما عن الأخرى لتساويهما في البطش والقوة وغيرهما من الجهات، فإن قطعتا معاً ففيه الدية كاملة والحكومة .

وإن قطعت إحداهما دون الأخرى ففيه الحكومة ما لم تزد على دية اليد الكاملة(1) .

المسألة 296: لو قطع ذراع لا كف لها ففيه نصف الدية، وكذا الحال في العضد(2).

العاشر: الأصابع

المشهور أن في قطع كل واحد من أصابع اليدين أو الرجلين عشر الدية، وعن جماعة أنّ في قطع الإبهام ثلث دية اليد أو الرجل وفي كل واحد من الأربعة البواقي سدس دية اليد أو الرجل وهو الصحيح(3).

_______________________________________________________________

(1) فأمّا في اليد الأصلية الوجه ظاهر فيها، وأمّا في الزائدة بما أنّه لا مقدّر له فالمرجع في كل ما ليس له مقدّر شرعاً الحكومة، وما ذكره الشيخ في المبسوط بثلث الدية قياس، وأمّا إذا لم يمكن تمييز الأصلية عن الزائدة وقطعت إحداهما فلابد من الحكومة ما لم تزد على دية أصلية، لأنّه لا يمكن دية الزائد حكومة أكثر من دية اليد الأصلية .

(2) وذلك لصدق اليد على كل هذه الموارد فتشمله إطلاق ما دل على كل ما في الإنسان منه اثنان ففيهما الدية وفي كل واحد نصف الدية .

(3) وفي الكل الدية كاملة، والمسألة غير خلافية ويدل عليه عدة روايات منها صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (علیه السلام) «في الأصبع عشر الدية إذا قطعت من

ص: 140

................................

أصلها أو شلت، قال: وسألته عن الأصابع أهنّ سواء في الدية ؟ قال: نعم»(1).

وهناك طائفتان متعارضتان ولابد من الرجوع إلى أخبار الترجيح، وبما أن أول المرجحات هي الشهرة وصفات الراوي، فتقدم الطائفة الأولى على الثانية، ويقول الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) وهذه المعتبرة _ معتبرة ظريف _ تعارض الصحاح المتقدمة فلابد من الرجوع إلى قواعد باب المعارضة .

أمّا الطائفة الأولى فهي موافقة للعامة، حيث أنّه لا خلاف بينهم على ما نص عليه صاحبا العدة والمغني، نعم في المغني نسب الخلاف إلى مجاهد فحسب، وهو اختار قولاً لا يوافق شيئاً من القولين المزبورين .

والطائفة الثانية مخالفة لهم فتتقدم عليها، فالنتيجة ما ذكرناه(2)وهل

بناءً على قول الاستاذ أن الثلث مختص بدية اليد أو يشمل دية الرجل أيضاً الظاهر هو شموله لإطلاق الرواية، والأقوال في المسألة أربعة:

الأول: عن المشهور أن في كل أصبع من اليدين عشر الدية .

الثاني: ما نسب إلى الخلاف وفي كل أنملة من الأصابع الأربعة ثلث ديتها، وفي الإبهام نصف ديتها(3)،

وابن حمزة في الوسيلة وفي قطع أنملة الإبهام القصاص أو نصف ديتها، وديتها ثلث دية اليد(4)،

وعليه الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) أن في قطع الإبهام ثلث دية اليد(5).

الثالث: عن الحلبي إلا في الإبهام كما في الرياض بقوله: وفي الأصابعمن كل

ص: 141


1- الوسائل باب 39 من أبواب ديات الأعضاء ح3.
2- مباني تكملة المنهاج / 2 / 378 .
3- الخلاف / 5 / 249 .
4- الوسيلة / 453 .
5- مباني تكملة المنهاج / 2 / 380 .

................................

أصبع سدس دية اليد ثلاثة وثمانون ديناراً وثلث الدينار(1)،

ديتها ثلث دية اليد، أمّا أصابع الرجلين ففي الجميع العشر من دون فرق بين الإبهام وغيرها .

الرابع: وهو ما نسبه السيد الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) إلى الغنية والإصباح من أن دية الإبهام ثلث دية اليد، وفي الباقي العشر بلا فرق بين أصابع اليدين والرجلين(2)،

والعمدة هو القول الأول والثاني، وهناك روايات منها ما مرّ في صحيحة الحلبي المتقدمة، وصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: أصابع اليدين والرجلين سواء في الدية وفي كل أصبع عشر من الإبل»(3)،

ومعتبرة سماعة «سألته عن الأصابع هل لبعضها على بعض فضل في الدية ؟ فقال: (علیه السلام) هن سواء في الدية»(4)،

هذا ما دل على القول الأول وهو ما عن المشهور .

وما يدل على القول الثاني معتبرة ظريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام) «في دية الأصابع والقصب التي في الكفّ، ففي الإبهام إذا قطع ثلث دية اليد مائة دينار وستة وستون ديناراً وثلث دينار إلى أن قال: وفي الأصابع في كل إصبع سدس دية اليد ثلاثة وثمانون دينار وثلث دينار»(5).

وأمّا دليل القول الثالث، والرابع، فهو ما ذكره السيد الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) بقوله: فلا مقتضى له أصلاً على أن المراد من عشر الدية إن أريدعشر دية اليد الواحدة يقتضي نقصان في الدية، وإن أريد عشر دية الإنسان يقتضي أن تزيد دية الأصابع عن دية النفس، ولا يمكن الالتزام بشيء منهما(6).

ص: 142


1- رياض المسائل / 16/ 467 .
2- مباني تكملة المنهاج / 2 / 379 .
3- الوسائل باب 39 من أبواب ديات الأعضاء ح4 .
4- الوسائل باب 39 من أبواب ديات الأعضاء ح6 .
5- الوسائل باب 12 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
6- مباني تكملة المنهاج / 2 / 379.

المسألة 297: دية كل أصبع مقسومة على ثلاث أنامل، ما عدا الإبهام فإن ديتها مقسومة على انملتين، فإذا قطع المفصل الأوسط من الأصابع الأربع فديتها خمسة وخمسون ديناراً وثلث دينار(1)، وإن قطع المفصل الأعلى منها فديتها سبعة وعشرون ديناراً وثمانية أعشار دينار(2).

_______________________________________________________________

(1) ولكل أنملة ثلث ديتها، وفي الإبهام تقسم ديتها على أنملتين، وفي كل منهما نصفها، وقد ادعى الإجماع نقله صاحب مفتاح الكرامة بقوله: كما في الخلاف، ويمكن دعوى الإجماع من الغنية، وفي الرياض لا أجد فيه خلافاً وفي مجمع البرهان أنّه مشهور(1)،

ودليلهم معتبرة السكوني عن أبي عبد الله (علیه السلام) «إنَّ أمير المؤمنين (علیه السلام) كان يقضي في كل مفصل من الأصبع بثلث عقل تلك الأصبع إلاّ الإبهام فإنّه كان يقضي في مفصلها بنصف عقل تلك الإبهام، لأنّ لها مفصلين»(2).

(2) لمعتبرة ظريف عن أمير المؤمنين «في دية الأصابع والقصب التي في الكف ففي الإبهام إذا قطع ثلث دية اليد مائة دينار وستة وستون ديناراً وثلثادينار إلى أن قال دية المفصل الأوسط من الأصابع الأربع إذا قطع فديته خمسة وخمسون ديناراً وثلث دينار إلى أن قال وفي المفصل الأعلى من الأصابع الأربع إذا قطع سبعة وعشرون ديناراً ونصف وربع ونصف عشر ديناراً»(3).

ص: 143


1- مفتاح الكرامة / 26 / 434 .
2- الوسائل باب 42 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
3- الوسائل باب 12 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .

المسألة 298: في فصل الظفر من كل إصبع من أصابع اليد خمسة دنانير(1)، وقيل أن لم ينبت الظفر أو نبت أسود ففيه عشرة دنانير، وهو ضعيف .

_______________________________________________________________

(1) هناك قولان:

القول الأول: أنّه في الفصل عشرة دنانير إن لم ينبت أو نبت أسود ولو نبت أبيض فخمسة دنانير، وعليه الشيخ وابن حمزة والقاضي والفاضلان والشهيدان والمقداد والكركي وغيرهم كما حكي عن بعضهم ولذا نسبه غير واحد إلى الشهرة لرواية مسمع بن عبد الملك(1)

عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في الظفر إذا قطع ولم ينبت أو خرج أسود فاسداً عشرة دنانير، فإن خرج أبيض فخمسة دنانير»(2)،

ولكن الرواية جميع رواتها غير مسمع من الضعفاء .

القول الثاني: أنّه في الفصل في كل إصبع مطلقاً خمسة دنانير وهو الحق، نبتت سوداء أو لم تنبت أصلاً في الإبهام

كان أم في غيره ومستند القول الثاني صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (علیه السلام) في حديث«قال وفي الظفر خمسة دنانير»(3)، ومعتبر طريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام) «قال: ... وفي ظفر كل اصبع منها خمسة دنانير»(4)

وهذه الرواية وإن لم تشمل ظفر الإبهام، ولكن يكفينا صحيحة عبد الله بن سنان لأنّ الرواية التي استدلوا بها على القول الأول، أولاً ضعيفة السند، وثانياً يمكن أن تحمل على الرواية الصحيحة، وأمّا انجبار الأولى بعمل الأصحاب فالانجبار ليس بحجة عندنا .

ص: 144


1- جواهر الكلام / 43 / 258 .
2- الوسائل باب 41 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
3- الوسائل باب 41 من أبواب ديات الأعضاء ح2 .
4- الوسائل باب 12 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .

المسألة 299: في فصل ظفر الإبهام من القدم ثلاثون ديناراً، وفي فصله من كل إصبع غير الإبهام عشرة دنانير(1).

المسألة 300: في الإصبع الزائدة في اليد أو الرجل ثلث(2) دية الإصبع الصحيحة، وفي قطع العضو المشلول ثلث ديته .

_______________________________________________________________

(1) لا يخفى بأن فصل الظفر من أصابع القدم تارة يكون من الإبهام واخرى من غير الإبهام، وهناك قولان فالمشهور على أنّه مطلقاً خمسة دنانير لإطلاق صحيح ابن سنان أي خمسة دنانير، والقول الثاني للأستاذ الاعظم (قدس سرُّه) ويدل على ذلك معتبرة ظريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام) في ظفره _ الإبهام _ ثلاثون ديناراً، وذلك لأنّه ثلث دية الرجل، ودية كل ظفر من الأصابع الاربع من القدم عشرة دنانير، ولكن هذه الرواية لا يمكن العمل بها، كما صرح به العلامة المجلسي وسيد الرياض فهي تكون مطروحة، وقال الاستاذ الاعظم (علیه السلام) بأن مجرد ذلك لا يكفي في رد الرواية المعتبرةما لم يكن إجماع على خلافها ولا ‘جماع في المقام جزماً(1).

وفيه أن الإجماع عنده ليس بحجة ولكن يكفي في ضعف الرواية عدم عمل العلماء بها، والرواية بين أيديهم فيحصل لنا من ذلك الاطمئنان بمخدوشيتها، فلابد من الرجوع إلى إطلاق الرواية .

(2) والمسألة غير خلافية، قال صاحب كشف اللثام: لخبر غياث بن إبراهيم عن الصادق (علیه السلام) ولا نعرف فيه خلافاً(2)،

وتدل عليه المعتبرة هي عن غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله (علیه السلام) «في الاصبع الزائدة إذا قطعت ثلث دية

ص: 145


1- مباني تكملة المنهاج / 2 / 382 .
2- كشف اللثام / 11 /377 _ 378 .

................................

الصحيحة»(1)،

ومعتبرته الأخرى عن جعفر عن أبيه (علیه السلام) «أنّه قضى في شحمة الأذن بثلث دية الأذن وفي الإصبع الزائدة ثلث دية الإصبع»(2).

وأمّا ما ورد عن الحكم بن عتيبة قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) «عن أصابع اليدين وأصابع الرجلين أرأيت ما زاد فيهما على عشرة أصابع أو نقص من عشرة فيها دية ؟ قال، فقال: ليّ يا حكم، الخلقة التي قسّمت عليها الدية عشرة أصابع في اليدين، ما زاد أو نقص فلا دية له، وعشرة أصابع في الرجلين فما زاد أو نقص فلا دية له، وفي كل أصبع من أصابع اليدين ألف درهم، وفي كل أصبع من أصابع الرجلين ألف درهم، وكلما كان من شلل فهوعلى الثلث من دية الصحاح»(3)،

لا تعارض تلك الصحاح لأنّها ضعيفة السند بالحكم، وقطع العضو المشلول ثلث دية الصحيح بلا خلاف .

والعمدة صحيحة أبي بصير عن أبي جعفر (علیه السلام) قال «سأله بعض آل زرارة عن رجل قطع لسان رجل أخرس، فقال: إن كان ولدته أُمه وهو أخرس فعليه ثلث الدية إلى أن قال: وكذلك القضاء في العينين والجوارح»(4)،

أي كل جارحة مشلولة من الإنسان إذا قطعت فعلى القاطع ثلث ديتها .

ص: 146


1- الوسائل باب 39 من أبواب ديات الأعضاء ح2 .
2- الوسائل باب 43 من أبواب ديات الأعضاء ح2 .
3- الوسائل باب 39 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
4- الوسائل باب 31 من أبواب ديات الأعضاء ح2 .

الحادي عشر: النخاع

المشهور أن في قطعه الدية كاملة، وهو لا يخلو عن اشكال، بل لا يبعد فيه الحكومة(1).

الثاني عشر: الثديان

وفي قطعهما الدية كاملة وفي كل منهما نصف الدية(2)، ولو قطعهما مع شيء من جلد الصدر ففي قطعهما الدية، وفي قطع الجلد الحكومة، ولو أجاف الصدر مع ذلك ففيه زائداً على ذلك دية الجائفة .

_______________________________________________________________

(1) والمسألة غير خلافية لأنّه عضو واحد في البدن فيشمله عموم ما دل على أن كل ما في الإنسان واحد ففيه الدية كاملة ولكن الحق تبعاً للأستاذ الاعظم (قدس سرُّه) بقوله: ولكن شموله لمثل النخاع مشكل جداً بل لا يبعد انصرافه عنه فإن النخاع لا يُعد من اعضاء الإنسان بنفسه إنما هو تابع للفقرات على أن دليل ثبوت الدية في كلما كان في الإنسان واحد ظاهر في قطعة وفصله عن البدن ولا يعم قطعه وهو في محله، وعلى ذلك فأتمام ما ذهب إليه المشهور بالدليل لا يمكن فإن تم اجماع في المسألة فهو ولكن غير تام والأظهر أن المرجع فيه الحكومة فإنه يدخل فيما لا مقدر له شرعاً(1).

(2) وقد ادعى الإجماع بقسميه، وتدل عليه مضافاً إلى ما مرّ مراراً بأن كل ما في الإنسان اثنان ففيهما الدية وفي أحدهما نصف الدية لما ورد فيصحيحة أبي بصير عن أبي جعفر (علیه السلام) «قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في رجل قطع ثدي امرأته، قال: أُغرّمه إذاً لها نصف الدية»(2)،

ودية الجائفة كما يأتي ثلاثمائة وثلاث وثلاثون وثلث دينار .

ص: 147


1- مباني تكملة المنهاج / 2 / 384 .
2- الوسائل باب 46 من أبواب ديات الأعضاء ح1.

المسألة 301: في كل واحد من الحلمتين من الرجل ثمن الدية(1).

وكذلك الحال في قطع حلمة المرأة(2).

_______________________________________________________________

(1) قد يقال بأنّه نصف الدية للقاعدة التي ذكرناها مراراً، قال في الجواهر: قال في المبسوط فيهما الدية، وتبعه الفاضل ابن حمزة وابن إدريس في محكي الوسيلة والسرائر للضابط المزبور(1)منصرف وعلى فرض الشمول فيرده نص خاص، وهو معتبرة ظريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام) «قال في الصدر إذا رض فثنى شقيه كليهما فديته خمسمائة دينار، إلى أن قال: وفي حلمة ثدي الرجل ثمن الدية مائة وخمسة وعشرون ديناراً»(2).

(2) قيل الدية كاملة كما في المبسوط قال: إذا قطع من الثديين الحلمتين وهما اللذان كهيئة الزر في رأس الثدي يلتقمها الطفل ففيهما الدية لأنّهما من تمام الخلقة وفيهما الجمال والمنفعة، وامّا حلمتا الرجل قال قوم فيهما الحكومة وقال آخرون فيهما الدية وهو مذهبنا(3)،

وفي السرائر: أنّهمذهبنا(4)، وقال الشيخ في الخلاف وكذا في المبسوط، وقال ابن الجنيد في حلمة ثدي الرجل ربع دية الثدي، وقال ابن حمزة في قطع حلمة ثدي الرجل ثمن الدية، كما قال ابن الجنيد وابن إدريس وافق الشيخ في الخلاف(5) فإن النص وإن ورد في الرجل إلا أن المرأة تشترك معه في الدية إلى أن تبلغ ثلث(6) هذا ما ذكره السيد الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) .

وقال البعض بأن الدية الكاملة تكون في الثديين والحلمة جزء منهما وفي

ص: 148


1- الجواهر / 43 / 263 .
2- الوسائل باب 13 من أبواب ديات الأعضاء ح1.
3- المبسوط / 5 / 170 .
4- السرائر / 3 / 421 .
5- المختلف / 9 / 391 .
6- مباني المنهاج / 2 / 386 .

الثالث عشر: الذكر

وفي قطع الحشفة وما زاد الدية كاملة(1)، ولا فرق في ذلك بين الشاب والشيخ والصغير والكبير(2).

_______________________________________________________________

المسالك: وتقريره بترتيب قياس استثنائي يلزم من صدق مقدمه ثبوت تاليه وهو: كلما في الثديين الدية لم تجب في الحلمتين الدية، ولكن المقدم حق بالإجماع، فالتالي مثله(1) .

أمّا الحمل على اليدين فقياس مع أنه هناك فرق في إن اليد تصدق على بعضها والثدي لا يصدق على الحلمة .

إذاً الحق هو الحكومة لا الدية وما قاسه الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه)فإن النص وإن ورد في الرجل إلا أن المرأة تشترك معه في الدية(2)،

على حلمة الرجل في غير محله .

(1) والمسألة غير خلافية وادعو عليه الإجماع، والعمدة الروايات منها صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (علیه السلام) «في الرجل يُكسر ظهره، قال: فيه الدية كاملة، إلى أن قال: وفي الذكر إذا قطعت الحشفة وما فوق الدية»(3)وفي صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبدالله (علیه السلام) «وفي الذكر إذا قطع من موضع الحشفة الدية»(4)،

وفي صحيحة يونس أنّه «عُرض على أبي الحسن الرضا (علیه السلام) كتاب الديات، وكان فيه: في ذهاب السمع كله ألف دينار إلى أن قال والذكر إذا استؤصل الف دينار»(5)،

فإنّها تحمل على قطع الحشفة بعد إن اتفق الأصحاب على القول الأول .

(2) للإطلاق، ولما ورد من الصحاح كمعتبرة السكوني عن أبي عبد الله (علیه السلام)

ص: 149


1- مسالك الافهام / 15 / 432 .
2- مباني تكملة المنهاج / 2 / 385 _ 386 .
3- الوسائل باب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح4 .
4- الوسائل باب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح5 .
5- الوسائل باب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح2 .

وأمّا من سلت خصيتاه فإن لم يؤد ذلك إلى شلل ذكره ففي قطعه تمام الدية(1)، وإن أدّى إليه ففيه ثلث الدية(2)، وكذلك الحال في قطع ذكر الخصي(3).

المسألة 302: في قطع بعض الحشفة الدية بنسبة دية المقطوع من الكمرة(4).

المسألة 303: إذا قطع حشفة شخص، وقطع آخر ما بقي منذكره فعلى الأول الدية كاملة، وعلى الثاني الحكومة(5).

_______________________________________________________________

«قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) في ذكر الصبي الدية، وفي ذكر العنين الدية»(1)،

وصحيحة بريد العجلي عن أبي جعفر (علیه السلام) «قال: في ذكر الغلام الدية»(2).

(1) أيضا للإطلاق .

(2) وقد مرّ في محله بأن استئصال العضو المشلول ثلث الدية .

(3) وقد دلت عليه صحيحة بريد بن معاوية عن أبي جعفر (علیه السلام) «قال في لسان الأخرس وعين الأعمى وذكر الخصي وانثييه ثلث الدية»(3).

(4) أمّا بالحساب أو الحكومة، وحاله حال ما مرّ من المسائل المتقدمة.

(5) كما ورد الإجماع والنصوص، وعلى الثاني لأنّه لا مقدّر له فلابد من الحكومة .

ص: 150


1- الوسائل باب 35 من أبواب ديات الأعضاء ح2 .
2- الوسائل باب 35 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
3- الوسائل باب 31 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .

المسألة 304: المشهور أن في قطع ذكر العنين ثلث الدية، وهو لا يخلو عن إشكال، والأظهر أن فيه الدية كاملة(1).

_______________________________________________________________

(1) للإطلاقات والمشهور وكذا في الرياض قال: وذكر العنين يؤخذ من ديتهما بحسابه أي بحساب ذلك المقطوع منسوباً إلى مجموع الحشفة في الأول وإلى مجموع الذكر في الثاني واشله مطلقاً، والفرق بينهما وبين الصحيح أن الحشفة في الصحيح هي الركن الاعظم من لذة الجماع ووردت بخصوصها الدية بخلافها فيهما لاستواء الجميع في عدم المنفعة وعدم ورود الدية فيهما(1)

عليه عامة من تأخر .

أمّا ذكر العنين ففيه ثلث الدية وكذا الأشل(2)، ولكن هناك بعض من العلماء ومنهم الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) قال: وجه الاشكال هو أن المشهور وإن ذهبوا إلى أن فيه ثلث الدية، بل ادعي الاجماع عليه حيث أن دية العضو المشلول ثلث دية الصحيح إلا أن معتبرة السكوني دلت على ثبوت تمام الدية ولا موجب لرفع اليد عنها(3) ولكن هذه الرواية وإن كانت معتبرة ولم يعمل بها أحد فلا يمكن أن نأخذ بها، إذاً قول المشهور موجب للاطمئنان فلابد من الأخذ به.

ص: 151


1- رياض المسائل / 16 / 478 .
2- تحرير الاحكام / 5 / 578 .
3- مباني تكملة المنهاج / 2 / 389 .

المسألة 305: وفي قطع الخصيتين الدية كاملة، وقيل(1) في قطع اليسرى ثلثا الدية، وفي اليمنى ثلث الدية، وفيه إشكال والأظهر ما هو المشهور من التساوي(2).

_______________________________________________________________

(1) والمسألة غير خلافية وادعى البعض الإجماع بقسميه ولما دل من النصوص العامة بأن كل ما في الإنسان منه اثنان ففيهما الدية كاملة وقد وردت رواية الخاصة كصحيح يونس أنّه عرض على أبي الحسن الرضا (علیه السلام) كتاب الديات ... وكان فيه البيضتين ألف دينار(1)،

وصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (علیه السلام) «في الرجل يُكسر ظهره إلى أن قال: وفي البيضتين الدية»(2) وهناك رواية عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (علیه السلام) إلى أن يقول «قال: رجل ذهبت إحدى بيضتيه قال: إن كانت اليسار ففيهما ثلثا الدية»(3)

ولكن هذه لا تعارض تلك لأنّ العلة ليست بعلة تامة، مضافاً إلى ما فرض من التعارض فيكون المرجع هو التساقط والمرجح هي العمومات .

(2) قد يقال بأن لكل واحد منهما النصف للعمومات كما ورد عن عبد الله بن سنان في الصحيح ما كان في الجسد منه اثنان، وقال في الرياض وفاقاً للمقنعة والمبسوط والنهاية والكافي والكامل والإصباح والسرائر والغنية(4)، وقال في مفتاح الكرامة وروي: في اليسرى الثلثان وفي اليمنى الثلث، لأن الولديخلق من اليسرى، وهذا رواه عبد الله بن سنان عن الصادق (علیه السلام) ورفعه وأبو يحيى الواسطي عن أبي عبد الله (علیه السلام) أيضاً واقتصر على روايته في الفقيه والمقنع وحكيت هذه الرواية

ص: 152


1- الوسائل باب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح2 .
2- الوسائل باب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح4 .
3- الوسائل باب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
4- رياض المسائل / 16 / 479 .

................................

في المقنعة والنهاية والمبسوط والغنية والسرائر والشرائع وغيرها، وقد عمل بها الصدوق في الهداية والشيخ في الخلاف وسلار فيما حكاه جماعة عنه _ وهو خلاف ما وجدناه _ والقاضي في المهذب وصاحب الفاخر وابن سعيد فيما حكي عنهم وابن حمزة في الوسيلة والمصنف في المختلف، واحتج عليه في الخلاف بإجماع الفرقة واخبارهم(1)

.

ويدل على الثاني صحيح ابن سنان عن أبي عبدالله (علیه السلام) «ما كان في الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية، إلى أن قال، قلت فرجل ذهبت إحدى بيضتيه قال: (علیه السلام) إن كانت اليسار ففيها ثلثا الدية، قلت: ولِمَ ؟ أليس قلت ما كان في الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية ؟ فقال (علیه السلام) لأن الولد من البيضة اليسرى»(2)،

وقريب منه خبر الواسطي فتعارض الخبران فالمرجح للخبر الذي قيل لكل واحد نصف لأنّها موافقة للشهرة والعمومات .

ص: 153


1- مفتاح الكرامة / 26 / 478 .
2- الوسائل باب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .

الرابع عشر: الشفران

وهما اللحمان المحيطان بالفرج(1) وفي قطعهما الدية كاملة، وفي قطع واحد منهما نصف الدية، ولا فرق في ذلك بين المرأة السليمة وغيرها كالرتقاء، والقرناء، والكبيرة، والصغيرة، والثيب، والبكر .

_______________________________________________________________

(1) وحكمهما حكم إحاطة الشفتين بالفم كما عليه كثير من الفقهاء وعن المبسوط أنّهما الاسكتان والشفران عبارة عن شيء واحد، وهو اللحم المحيط بالفرج احاطة الشفتين بالفم، وهما عند أهل اللغة عبارة عن شيئين وقال بعضهم الاسكتان هو اللحم المحيط بشق الفرج .

والشفران حاشية الاسكتين كما أن للعينين جفنين ينطبقان عليهما وشفرهما هي الحاشية التي ينبت فيها أهداب العينين، فالاسكتان كالاجفان والشفران كشفري العين .

فإذا ثبت هذا فمتى جنى عليهما جان فقطع ذلك منها فعليه ديتها فإن اندمل المكان فخرجت في موضع الاندمال فعلى الجاني الحكومة، لأنّه جناية على لحم، فإن جنى عليهما فشلتا ففيهما الدية، وعلى مذهبنا ينبغي أن يكون ثلثا الدية ولا فصل بين أن يكونا غليظتين أو دقيقتين قصيرتين، أو طويلتين لأن الاعتبار بالاسم(1).

والمسألة غير خلافية في وجوب الدية ولعل نظره الشريف من الدية أي الدية الكاملة ولذا في أحدهما نصف الدية لصحيحة عبد الرحمن بن سيابه عنأبي عبد الله (علیه السلام) «قال: إن في كتاب علي (علیه السلام) لو أن رجلاً قطع فرج امرأته لأغرمته لها ديتها»(2).

ص: 154


1- المبسوط / 5 / 170 .
2- الوسائل باب 36 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .

وفي قطع الركب _ وهو في المرأة كموضع العانة في الرجل الحكومة(1) .

الخامس عشر: الاليتان

وفي قطعهما معاً الدية كاملة، وفي قطع إحداهما منهما نصف الدية(2).

السادس عشر: الرجلان

وفي قطع كلتيهما الدية كاملة، وفي قطع إحداهما نصف الدية(3) ولا فرق في ذلك بين قطعهما من المفصل أو من الساق أو من الركبة أو الفخذ .

_______________________________________________________________

(1) للإطلاقات .

(2) قال في المبسوط: وفي الاليتين الدية لأنّهما من تمام الخلقة، وفيهما الجمال والمنفعة(1)،

ولكن العمدة العمومات .

(3) للقاعدة التي مرت، والمسألة غير خلافية وقد دلت عليها نصوص خاصة منها معتبرة سماعة عن أبي عبد الله (علیه السلام) «في الرجل الواحدة نصف الدية»(2)، ومنها معتبرة ظريف المتقدمة آنفاً(3)، قال في المبسوط: وحد ما يجب فيه نصف الدية أن يقطع من مفصل الساق والقدم، وهو الذي يقطع من الساق عندهم، فإن قطعها من نصف الساق ففيها دية رجل وحكومة فأن قطعهامن الركبة فكذلك، وأن قطعها من الفخذ كذلك، إلا أنه كلما قطع معها أكثر كانت الحكومة اكثر وعندنا في جميع ذلك مقدّر مثل ما قلنا في اليد(4).

ص: 155


1- المبسوط / 5 / 167 .
2- الوسائل باب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح7 .
3- مضى الحديث .
4- المبسوط / 5 / 164 .

المسألة 306: وفي قطع أصابع الرجلين دية كاملة(1).

المسألة 307: وفي قطع الساقين الدية كاملة، وفي قطع أحدهما نصف الدية، وكذلك قطع الفخذين(2).

_______________________________________________________________

(1) للإطلاقات، وكذا لا فرق بين اليمنى واليسرى، وحكمهما حكم اليدين وقد ادعو عليه الإجماع، ولما ورد في الصحيح(1)، عن ابن سنان عن أبي عبد الله (علیه السلام)، قال في المبسوط: والخلاف في أصابع الرجلين كالخلاف أصابع اليدين في كل واحدة عشر من الإبل يتساوى فيه عندهم وعندنا في الإبهام ثلث دية الرجل وفي كل أنملة ثلث دية الأصابع إلا الإبهام فإن لها مفصلين، ففي كل واحدة منها نصف ديتها(2)، وأصابع اليدين والرجلين سواء في الدية في كل إصبع عشر من الإبل.

(2) والمسألة محل اتفاق ويدل عليه أنّ كل ما في الإنسان اثنان عليه دية كاملة .

ص: 156


1- الوسائل باب 39 من أبواب ديات الأعضاء ح4 .
2- المبسوط / 5 / 164 .

المسألة 308: كل ما كان من أعضاء الرجل فيه دية كاملة، كالأنف واليدين، والرجلين ونحو ذلك، كان فيه من المرأة ديتها(1)، وكل ما كان فيه نصف الدية كإحدى اليدين ففي المرأة نصف ديتها، وكذلك الحال بالنسبة إلى الذمي فلو قطعت إحدى يدي الذمي ففيه نصف ديته، وفي الذمية نصف ديتها(2).

_______________________________________________________________

(1) والمسألة غير خلافية وقد ادعو عليها الإجماع بقسميه لما ورد وكل ما في الإنسان اثنان، مضافاً إلى دية المرأة نصف الدية الرجل فإذا قطع أنف المرأة أو يديها أو رجليها فتمام ديتها، وإذا قطع أحدهما فنصف ديتها .

(2) والمسألة غير خلافية ثم إن دية الذمي ثمانمائة درهم في الذكور وأربعمائة في الإناث، ولا يمكن أن تكون دية الأعضاء أكثر من ذلك، مضافاً إلى ما ورد من الروايات .

منها: صحيحة محمد بن قيس عن أبي جعفر (علیه السلام) «قال: لا يقاد مسلم بذمي في القتل ولا في الجراحات، ولكن يؤخذ من المسلم جنايته للذمي على قدر دية الذمي ثمانمائة درهم»(1).

ومنها: ما ذكره السيد الاستاذ(2) الاعظم (قدس سرُّه) صحيحة محمد بن قيس هو أن «في قطع أنف الذمي أو يديه أو ما شاكل ذلك تمام ديته وهو ثمانمائة درهم، وفي الذمية تمام ديتها وهو أربعمائة درهم وفي قطع إحدى يدي الذمي أو رجله نصف ديته وهو اربعمائة درهم وفي الذمية نصف ديتهاوهو مائتا درهم»(3).

ص: 157


1- الوسائل باب 47 من أبواب القصاص في النفس ح5 .
2- مباني تكملة المنهاج / 2 / 394 .
3- الوسائل باب 5 من أبواب قصاص الطرف ح4 .

وكذا الحال في العبد فلو قطع احدى يدي العبد كان فيه نصف قيمته(1).

المسألة 309: كل جناية كانت فيها دية مقدّرة شرعاً سواء أكانت بقطع عضو أو كسره أو جرحه أو زوال منفعته، فإن كانت الدية أقل من ثلث دية الرجل فالمرأة تعاقله فيها، وإن كان بقدر الثلث أو أزيد صارت دية المرأة نصف دية الرجل(2).

_______________________________________________________________

(1) والمسألة غير خلافية وعليه الإطلاقات، والعمدة الروايات .

منها: معتبرة السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي (علیهم السلام) «قال: جراحات العبيد على نحو جراحات الأحرار في الثمن»(1).

ومنها: معتبرة أبي مريم عن جعفر عن أبيه عن علي (علیه السلام) «قال: قضى أمير المؤمنين في أنف العبد أو ذكره أو شيء يحيط بقيمته أنّه يؤدي إلى مولاه قيمة العبد ويأخذ العبد»(2) أي في أنف العبد ويديه تمام قيمته .

(2) أي تساوى المرأة والرجل في الدية والقصاص فيما دون الثلث فإذا بلغت الجناية ثلث الدية صارت دية المرأة على النصف، وادعى عدم الخلاف والإجماع بقسميه عليه، ويدل على ذلك جملة من النصوص .

منها: صحيح أبان بن تغلب «قال: قلت لأبي عبد الله (علیه السلام) ماتقول في رجل قطع إصبعاً من أصابع المرأة كم فيها ، قال (علیه السلام) عشرة من الإبل قلت: قطع اثنين، قال: عشرون قلت قطع ثلاثاً ؟ قال: ثلاثون، قلت: قطع أربعاً ؟ قال: عشرون قلت: سبحان الله يقطع ثلاثاً، فيكون عليه ثلاثون، ويقطع أربعاً فيكون عليه

ص: 158


1- الوسائل باب 5 من أبواب قصاص الطرف ح1 .
2- الوسائل باب 8 من أبواب الشجاج والجراحات ح3 .

................................

عشرون ؟ إنَّ هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق فنبرأ ممن قاله ونقول: الذي جاء به شيطان، فقال: مهلاً يا أبان هذا حكم رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلّم) إنّ المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث الدية، فإذا بلغت الثلث رجعت إلى النصف، يا أبان أنك أخذتني بالقياس، والسنة إذا قيست محق الدين»(1).

ومنها: معتبرة سماعة «قال: سألته عن جراحة النساء، فقال: الرجال والنساء في الدية سواء حتى تبلغ الثلث، فإذا جازت الثلث فإنّها مثل نصف دية الرجل»(2).

ومنها: صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (علیه السلام) في حديث «قال: جراحات الرجال والنساء سواء سن المرأة بسن الرجل، وموضحة المرأة بموضحة الرجل، وإصبع المرأة بأصبع الرجل حتى تبلغ الجراحات ثلث الدية فإذا بلغت ثلث الدية ضعفت دية الرجل على دية المرأة»(3).

ص: 159


1- الوسائل باب 44 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
2- الوسائل باب 44 من أبواب ديات الأعضاء ح2 .
3- الوسائل باب 1 من أبواب قصاص الطرف ح1 .

فصل في ديات الكسر والصدع والرض والنقل والنقب والفك والجرح في غير الرأس

اشارة

المسألة 310: المشهور أن في كسر العظم من كل عضو كان له مقدّر في الشرع خُمس دية ذلك العضو(1)، فإن صلح من غير عيب ولا عثم فديته أربعة أخماس دية كسره(2)، وفي موضحته ربع دية كسره، وفي رضه ثلث دية ذلك العضو، فإذا بريء على غير عيب ولا عثم فديته أربعة أخماس دية رضه(3).

_______________________________________________________________

(1) وقد ادعوا الإجماع وقد عرفت حال هذه الإجماعات .

(2) أيضاً ادعيّ عليه الإجماع .

(3) على المشهور وادعوا الإجماع، ورواية ظريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام) «في الصدر إذا رُضّ فثنيّ شقيه كليهما فديته خمسمائة دينار إلى أن قال: وإن أنكسر الصلب فجبر على غير عثم ولا عيب فديته مائة دينار،وإن عثم فديته ألف دينار»(1)،

ودية موضحتها ربع دية كسرها .

ص: 160


1- الوسائل باب 13 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .

وفي فكّه من العضو بحيث يصبح العضو عاطلاً ثلثا ديته، فإن صلح على غير عيب ولا عثم فأربعة أخماس دية فكّه(1)، ولكن مستند جميع ذلك على الإطلاق غير ظاهر حيث أن دية هذه الأمور تختلف باختلاف الأعضاء والنسبة غير محفوظة في الجميع كما ستأتي في ضمن المسائل الآتية .

المسألة 311: وفي كسر الظهر الدية كاملة(2).

_______________________________________________________________

(1) على المشهور وادعيّ عليه الإجماع فتأمل .

(2) والمسألة غير خلافية، وتدل عليه صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (علیه السلام) «في الرجل يكسر ظهره، قال (علیه السلام) فيه دية كاملة»(1)،

ومعتبر السكوني عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في الصلب الدية» وقد رواه الصدوق إلا أنّه قال: «في الصلب إذا أنكسر الدية»(2) .

نعم ورد في معتبرة سماعة عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: في الرجل الواحدة نصف الدية إلى أن قال وفي الظهر إذا أنكسر حتى لا ينزل صاحبه الماء الدية كاملة»(3) .ولا يخفى كما قاله الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) من التقييد بعدم إنزال الماء فالظاهر أنّه من جهة الملازمة الخارجية بين كسر الظهر وقطع إنزال الماء، لا من جهة خصوصية فيه ليوجب التقييد، فالنتيجة أن موضوع الحكم هو الكسر(4).

ص: 161


1- الوسائل باب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح4 .
2- الوسائل باب 14 من أبواب ديات الأعضاء ح2 .
3- الوسائل باب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح7 .
4- مباني منهاج الصالحين /2 /401 .

وكذلك إذا أصيب فأحدب(1)، أو صار بحيث لا يستطيع الجلوس(2).

المسألة 312: إذا كسر الظهر فجبر على غير عثم ولا عيب، قيل إن فيه ثلث الدية، وهو لا يخلو عن إشكال(3)، والصحيح أن ديته مائة دينار وإن عثم ففيه ألف دينار .

_______________________________________________________________

أقول بل يكون عدم نزول الماء من علامات الكسر وقد دل على ذلك ما ورد من القاعدة بأن كل ما في البدن واحد الدية كاملة .

(1) المسألة غير خلافية، كما ادعوا وورد في صحيحة يونس أنّه عرض على أبي الحسن الرضا (علیه السلام) كتاب الديات وكان فيه «ذهاب السمع كله ألف دينار، إلى أن قال: والظهر إذا أحدب ألف دينار»(1).

(2) أي ارتفع عن المستوى، والمسألة غير خلافية أو صار بحيث لا يقدر على القعود اصلاً، وعن الخلاف الإجماع عليه ويشهد له جملة من النصوص منها صحيح بريد العجلي عن أبي جعفر (علیه السلام) «قال: قضىأمير المؤمنين في رجل كسر صلبه فلا يستطيع أن يجلس أنَّ فيه الدية»(2)،

وصحيح يونس أنّه عرض على الإمام أبي الحسن الرضا (علیه السلام) كتاب الديات «وكان فيه ذهاب السمع كله ألف دينار إلى أن قال: ذو الظهر إذا أحدب ألف دينار»(3).

(3) أمّا وجه الإشكال _ وإن ذهب إليه المشهور _ لأنّه لم يعرف الدليل وقال في الرياض: ويمكن أن يكونوا حملوه على اللحية إذا نبتت، وقد مر أو على الساعد إلى أن قال: وهنا أقوال أخرى غير معلومة المأخذ عدا ما في الغنية من أن

ص: 162


1- الوسائل باب 1 من ابواب ديات الأعضاء ح2 .
2- الوسائل باب 14 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
3- الوسائل باب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح2 .

المسألة 313: إذا كسر الظهر فشلت الرجلان ففيه دية كاملة وثلثا الدية(1).

المسألة 314: إذا كسر الصلب فذهب به جُماعه ففيه ديتان(2).

_______________________________________________________________

فيه عشر الدية(1)،

والحق كما ذكره الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) ومستنده معتبر ظريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام) «قال: في الصدر إذا رضَّ فثني شقيه كليهما فديته خمسمائة دينار، إلى أن قال: وإن انكسر الصلب فجبر على غير عثم ولا عيب فديته مائة دينار، وإن عثم فديته ألف دينار»(2).

(1) أمّا الأول: فلأن في الظهر الدية كاملة لما مرّ .

الثاني: فلصحيح إبراهيم بن عمر عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال:قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في رجل ضرب رجلاً بعصا فذهب سمعه، وبصره ولسانه، وعقله، وفرجه، وانقطع جُماعَه وهو حيّ بستّ ديات»(3)، فإنّه دال عل تعدد الدية، وسيأتي أن في شلل كل عضو ثلث دية ذلك العضو .

(2) قد ادعى على ذلك عدم الخلاف وإجماع الفرقة، ويدل على ذلك صحيحة إبراهيم بن عمر كما مرّ، إذاً في كسر الظهر وذهاب الجماع لابد من إعطاء ديتين .

ص: 163


1- رياض المسائل / 16/ 473 _ 474 .
2- الوسائل باب 13 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
3- الوسائل باب 6 من أبواب ديات المنافع ح1 .

المسألة 315: في موضحة الظهر خمسة وعشرون ديناراً(1)، وفي نقل عظامه خمسون ديناراً، وفي قرحته التي لا تبرأ ثلث دية كسره، وكذلك الحال في قرحة سائر الاعضاء(2).

_______________________________________________________________

(1) وذلك لمعتبرة ظريف، فدية موضحة الكتفين والظهر خمسة وعشرون دينار(1).

(2) والدليل على ذلك صحيحة يونس عن أبي الحسن (علیه السلام) وعنه عن أبيه عن بن فضال «قال: عرضت الكتاب على أبي الحسن (علیه السلام) فقال: هو الصحيح، قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في دية جراحةالأعضاء كلها في الرأس، والوجه، وسائر الجسد، والسمع، والبصر، والصوت، والعقل واليدين والرجلين في القطع وسائر الكسر، والصدع، والبطِّ، والموضحة، والدامية ونقل العظام، والناقبه يكون في شيء من ذلك، فما كان من عظم كُسر فجبر على غير عثم ولا عيب لم ينقل منه عظام فإنّ ديته معلومة، فإن أوضح ولم ينقل عظامه فدية كسره، ودية موضحته، فإنّ دية كل عظم كُسر معلوم ديته، نقل عظامه نصف دية كسره ودية موضحته ربع دية كسره فيما وارت الثياب غير قصبتي الساعد والإصبع، وفي قرحة لا تبرأ ثلث دية العظم الذي هو فيه»(2).

ص: 164


1- الوسائل باب 13 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
2- الوسائل باب 2 من أبواب الشجاج والجراح ح3 .

المسألة 316: في كسر الترقوة إذا جبرت على غير عثم ولا عيب أربعون ديناراً، وفي صدعها أربعة اخماس دية كسرها، وفي موضحتها خمسة وعشرون ديناراً، وفي نقل عظامها نصف دية كسرها، وفي نقبها ربع دية كسرها(1).

_______________________________________________________________

(1) الترقوة هي العظم الذي يقع بين ثغرة النحر والعاتق، فإذا انكسرت وجبرت من غير عيب أربعون ديناراً إذا كسرت وجبرت على غير عثم ونسبه صاحب مفتاح الكرامة إلى الوسيلة والإرشاد والتبصرة واللمعة والروضة، ومجمع البرهان(1)،

ويدل عليه معتبرة ظريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام) «قال: في الترقوة إذا انكسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب أربعون ديناراً فإن انصدعت فديتها أربعة أخماس كسرها اثنان وثلاثون ديناراً فإن أوضحت فديتها خمسة وعشرون ديناراً، وذلك خمسة أجزاء من ثمانية من ديتها إذا انكسرت، فإن نقل منها العظام فديتها نصف دية كسرها عشرون ديناراً فإن نقبت فديتها ربع دية كسرها عشرة دنانير»(2) .

بقي هنا كلام بالنسبة إلى الترقوتين، قال صاحب الكرامة: في الخلاف والمبسوط في الترقوتين، وفي كل واحدة منهما مقدّر عند أصحابنا وفي الأول أن على التقدير فيهما إجماع الفرقة وأخبارهم، وفي الشرائع قال في المبسوط والخلاف في الترقوتين في كل واحد منهما مقدر عند أصحابنا(3)، قال في الجواهر: لكن ابن حمزة وشرح الصيمري، وعن المهذب الدية فيها ونصفها فيأحدهما للعموم السابق(4) وما قالوه يكون طبقاً للقاعدة أن كل ما في الإنسان اثنان ففيهما الدية وفي أحدهما نصفها .

ص: 165


1- مفتاح الكرامة / 26 / 459 .
2- الوسائل باب 9 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
3- مفتاح الكرامة / 26 / 459 .
4- جواهر الكلام / 43 / 287 .

المسألة 317: في كسر كل ضلع من الاضلاع التي خالط القلب خمسة وعشرون ديناراً(1)، وفي صدعه اثنا عشر ديناراً ونصف دينار، وفي موضحته ربع دية كسره وكذا في نقبه، وفي نقل عظامه سبعة دنانير ونصف دينار(2) .

_______________________________________________________________

ولكن في شموله الترقوتين محل كلام، اضف إلى أن القاعدة هي ما إذا قطع من الإنسان لا ما كسره، ولعله خبر ظريف كان ضعيفاً، ولكن قد ثبت اعتباره .

وأمّا ما قيل بأن فيه ما لم يعمل به الأصحاب، ولكن هذا يوجب وهنا بالنسبة إلى تلك الجملة فقط، لا جميع الجمل لما ذكرنا من أن الخبر إذا كان فيه جمل متعددة فكل جملة تكون بمنزلة الخبر المستقل .

(1) والمسألة متفق عليها، ولم نعلم خلافاً من أحد، والعمدة في ذلك معتبرة ظريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام) «قال: وفي الأضلاع فيما خالط القلب من الأضلاع إذا كسر منها ضلع فديته خمسة وعشرون ديناراً، وفي صدعه اثنا عشر ديناراً ونصف، ودية نقل عظامها سبعة دنانير ونصف وموضحته على ربع دية كسره، ونقبه مثل ذلك، وفي الأضلاع مما يلي العضدين دية كل ضلع عشرة دنانير إذا كسر، ودية صدعه سبعة دنانير ودية نقل عظامه خمسةدنانير، موضحة كل ضلع منها ربع دية كسره ديناران ونصف، فإن نقب ضلع منها فديتها ديناران ونصف»(1).

(2) والمسألة غير خلافية كما في الجواهر ونسب إلى ابن ادريس في السرائر بأن دية كل ضلع خمسة وعشرون ديناراً على الإطلاق ولم يفرق في دية الأضلاع(2) كما مر في معتبرة ظريف .

ص: 166


1- الوسائل باب 13 من أبواب دية الأعضاء ح1.
2- جواهر الكلام / 43 / 280 .

المسألة 318: في كسر كل ضلع من الأضلاع التي تلي العضدين عشرة دنانير، وفي صدعه سبعة دنانير، وفي موضحته ديناران ونصف دينار، وكذا في نقبه، وفي نقل عظامه خمسة دنانير(1).

المسألة 319: في رضّ الصدر إذا انثنى شقّاه نصف الدية، وإذا انثنى أحد شقيه ربع الدية(2)، وكذلك الحال في الكتفين، وفي موضحة كل من الصدر والكتفين خمسة وعشرون ديناراً .

_______________________________________________________________

(1) والدليل هو ما جاء في ذيل معتبرة ظريف، وبهذا يقيّد إطلاق صحيحة يونس التي مرّ ذكرها .

(2) كل ذلك لمعتبرة ظريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام) «قال: في الصدر إذا رضّ فثنى شقيه كليهما فديته خمسمائة دينار، ودية أحد شقيه إذا انثنى مائتان وخمسون ديناراً، وإذا انثنى الصدر والكتفان فديته ألف دينار، وأنانثنى أحد شقي الصدر وأحد الكتفين فديته خمسمائة دينار، ودية موضحة الصدر خمسة وعشرون ديناراً»(1).

ص: 167


1- الوسائل باب 13 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .

المسألة 320: في كسر المنكب إذا جبر على غير عثم ولا عيب خمس دية اليد مائة دينار، وفي صدعه ثمانون ديناراً وفي موضحته خمسة وعشرون ديناراً، وكذلك الحال في نقبه، وفي نقل عظامه خمسون ديناراً وفي رضّه إذا عثم ثلث دية النفس، وفي فكّه ثلاثون ديناراً(1).

المسألة 321: في كسر العضد إذا جبرت على غير عثم ولا عيب خمس دية اليد، وفي موضحتها خمسة وعشرون ديناراً، وكذلك في نقبها وفي نقل عظامها خمسون ديناراً(2) .

_______________________________________________________________

(1) لما ذكر في معتبرة ظريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام) «قال: في الترقوة إذا انكسرت، إلى أن قال: ودية المنكب إذا كسر خُمس دية اليد مائة دينار فإن كان في المنكب صدع فديته أربعة أخماس كسره ثمانون ديناراً، فإن أوضح فديته ربع دية كسره خمسة وعشرون ديناراً، فإن نقلت منه العظام فديته مائة دينار وخمسة وسبعون ديناراً، منها مائة دينار دية كسره، وخمسون دينار لنقل عظامه وخمسة وعشرون دينار لموضحته، فإن كانت ناقبة فديتها ربع دية كسره خمسة وعشرون ديناراً، فإن رُضّ فعثم فديته ثلث دية النفس ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار، فإن فك فديته ثلاثون ديناراً»(1).

(2) وتدل عليه أيضاً معتبرة ظريف .

ص: 168


1- الوسائل باب 9 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .

المسألة 322: وفي كسر الساعد إذا جبرت على غير عثم ولا عيب ثلث دية النفس(1)، وفي كسر إحدى قصبتي الساعد إذا جبرت على غير عثم ولا عيب مائة دينار، وفي صدعها ثمانون ديناراً، وفي موضحتها خمسة وعشرون ديناراً، وفي نقل عظمها مائة ديناراً، وفي نقبها اثنا عشر ديناراً ونصف دينار، وفي نافذتها خمسون ديناراً، وفي قرحتها التي لا تبرأ ثلاثة وثلاثون دينار وثلث دينار .

_______________________________________________________________

(1) العمدة معتبرة ظريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام) «قال: في الساعد إذا كسر ثم جبر على غير عثم ولا عيب فديته خمس دية اليد مائة دينار، فإن كسرت قصبتا الساعد فديتها خمس دية اليد مائة دينار، في الكسر لأحد الزندين خمسون ديناراً، وفي كليهما مائة دينار، فإن انصدعت إحدى القصبتين ففيها أربعة أخماس دية إحدى قصبتي الساعد ثمانون ديناراً، ودية موضحتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون ديناراً، ودية نقل عظامها مائة دينار وذلك خمس دية اليد، وإن كانت ناقبة فديتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون ديناراً ودية نقيها نصف دية موضحتها اثنا عشر ديناراً ونصف دينار، ودية نافذتها خمسون ديناراً، فإن كانت فيه قرحة لا تبرأ فديتها ثلث دية الساعد ثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار وذلك ثلث دية التي هي فيه»(1).

ص: 169


1- الوسائل باب 11 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .

المسألة 323: في كسر المرفق إذا جبر على غير عثم ولا عيب مائة دينار(1)، وفي صدعه ثمانون ديناراً، وفي نقل عظامه خمسون ديناراً، وفي نقبه خمسة وعشرون ديناراً، وكذلك موضحته، وفي فكه ثلاثون ديناراً وفي رضه إذا عثم ثلث دية النفس .

_______________________________________________________________

(1) على المشهور وادعيّ عليه الإجماع، والعمدة معتبرة ظريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام) «قال: في العضد إذا انكسر فجبر على غير عثم ولا عيب فديتها خمس دية اليد مائة دينار، إلى أن يقول: وفي المرفق إذا كسر فجبر على غير عثم ولا عيب فديته مائة دينار، وذلك خمس دية اليد، وإن انصدع فديته أربعة أخماس كسره ثمانون ديناراً، فإن نقل منه العظام فديته مائة وخمسة وسبعون ديناراً للكسر مائة دينار، ولنقل العظام خمسون ديناراً، وللموضحة خمسة وعشرون ديناراً فان كانت فيه ناقبة فديتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون ديناراً، فإن رُضّ المرفق فعثم فديته ثلث دية النفس ثلاث مائة دينار وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار، فإن كان فك فديته ثلاثون ديناراً»(1).

ص: 170


1- الوسائل باب 10 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .

المسألة 324: وفي كسر كلا الزندين إذا جبرا على غير عثم ولا عيب مائة دينار(1)، وفي كسر إحداهما خمسون ديناراً، وفي نقل عظامها نصف دية كسرها(2) .

المسألة 325: وفي رضّ أحد الزندين إذا جبر على غير عيب ولا عثم ثلث دية اليد(3).

_______________________________________________________________

(1) كما في معتبرة ظريف المتقدمة عن أمير المؤمنين (علیه السلام) إلى أن «يقول وفي الكسر لأحد الزندين خمسون ديناراً، وفي كليهما مائة دينار» .

(2) لصحيحة يونس المتقدمة عن أبي الحسن (علیه السلام) وعنه عن أبيه عن ابن فضال «قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في دية جراحة الأعضاء وكلها إلى أن قال: فما كان من عظم كسر فجبر على غير عثم ولا عيب ولم ينقل منه عظام فإن ديته معلومة، فإن أوضح ولم ينقل عظامه فدية كسره ودية موضحته

فإن دية كل عظم كسر معلوم ديته، ونقل عظامه نصف دية كسره، ودية موضحته ربع دية كسره» .

والمنقلة كما يقول العلامة: هي التي تحوج إلى نقل العظم وفيها خمسة عشر بعيراً، ولا قصاص فيها ولا في الهاشمة(1).

(3) ونسب إلى المراسيم: إطلاق الثلث من غير تفصيل بين البرء من غير عيب وعدمه(2)والعمدة

خبر ظريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام) «وديةالرسخ إذا رضّ فجبر على غير عثم ولا عيب ثلث دية اليد مائة دينار وستة وستون ديناراً وثلثا دينار» .

ص: 171


1- قواعد الأحكام /3 /690 .
2- جواهر الكلام / 3 /285 .

المسألة 326: في كسر الكف إذا جبرت على غير عثم ولا عيب أربعون ديناراً، وفي صدعها اثنان وثلاثون ديناراً، وفي موضحتها خمسة وعشرون ديناراً، وفي نقل عظامها عشرون ديناراً ونصف دينار، وفي نقبها ربع دية كسرها، وفي قرحة لا تبرأ ثلاثة عشر ديناراً وثلث دينار(1) .

_______________________________________________________________

(1) والمسألة غير خلافية، والعمدة معتبرة ظريف، وفي الكف إذا كسرت وجبرت على غير عثم ولا عيب فديتها أربعون ديناراً ودية صدعها أربعة أخماس دية كسرها اثنان وثلاثون دينار وفي موضحتها خمسة وعشرون ديناراً، ودية نقل عظامها عشرون ديناراً ونصف دينار ودية نقبها ربع دية كسرها عشرة دنانير وثلث دينار(1) .

وذكر الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) في موضع اخر من المعتبرة ما يدل على أن دية كسر الكف خُمس دية اليد مائة دينار، ودية نقل عظامها نصف دية كسرها خمسون ديناراً ودية ناقبتها ربع دية كسرها خمس وعشرون ديناراً، ثم ذكر بأن هذا الاختلاف موجود في كل من الكافي والفقيه والتهذيب ومن الجائز أن يكون ذلك من غلط النسخ، وأن الصحيح في الموضع الثاني كلمة الكتف بدل كلمة الكف وعليه فدية الكتف تكون مثل دية المنكب إن لم يتم ذلك فالأمر دائر بين الأقل وأكثر، فتجري البراءة من الأكثر المشكوك ثبوته(2)

ولا يخفى أنّه ورد في المعتبرة في موضع آخر ثلاثة وثلاثون دينار وثلث ديناربقوله فإن كان في الكف قرحة لا تبرأ فديتها ثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث ديناراً، ولكن بعد التعارض نرجع إلى الأقل والأكثر فأصالة البراءة تقتضي رفع اليد عن الزائد .

ص: 172


1- الوسائل باب 12 من أبواب ديات الأعضاء ح 1 .
2- مباني تكملة المنهاج / 2 / 412 .

المسألة 327: في كسر قصبة إبهام الكف إذا جبرت على غير عثم ولا عيب ثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار، وفي صدعها ستة وعشرون ديناراً وثلثا دينار، وفي موضحتها ثمانية دنانير وثلث دينار، وفي نقل عظامها ستة عشر ديناراً وثلثا دينار، وفي نقبها ثمانية دنانير وثلث دينار وفي فكها عشرة دنانير(1).

المسألة 328: وفي كسر كل قصبة من قصب أصابع الكف دون الإبهام إذا جبرت على غير عثم ولا عيب(2) عشرون دينار وثلثا ديناراً.

وفي موضحة كل قصبة من تلك القصب الأربع أربعة دنانير وسدس دينار(3) وفي نقل كل قصبة منها ثمانية دنانير وثلث دينار .

_______________________________________________________________

(1) وتدل عليه معتبرة ظريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام) «ودية قصبة الإبهام التي في الكف تجبر على غير عثم خمُس دية الإبهام ثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار إذا استوى جبرها وثبت، ودية صدعها ستة وعشرون ديناراً وثلثا دينار، ودية موضحتها ثمانية دنانير وثلث دينار، ودية نقل عظامها ستة عشر ديناراً وثلثا دينار إلى أن قال ودية فكها عشرة دنانير»(1).(2) كما في ذيل معتبرة ظريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام) «ودية قصب أصابع الكف سوى الإبهام دية كل قصبة عشرون ديناراً وثلثا دينار».

(3) أيضاً كما في ذيل المعتبرة التي دلت على أن «دية كل موضحة في كل قصبة من القصب الأربع (أصابع) أربعة دنانير وسدس دينار، دية نقل كل قصبة منهن ثمانية دنانير وثلث دينار»(2).

ص: 173


1- الوسائل باب 12 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
2- الوسائل باب 12 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .

المسألة 329: وفي كسر المفصل الذي فيه الظفر من الإبهام في الكف إذا جبر على غير عيب ولا عثم ستة عشر ديناراً وثلثا دينار وفي موضحتها أربعة دنانير وسدس دينار، وكذا في نقبها وفي صدعها ثلاثة عشر ديناراً وثلث دينار، وفي نقل عظامها خمسة دنانير(1).

المسألة 330: وفي كسر كل مفصل من الأصابع الأربع التي تلي الكف غير الإبهام ستة عشر ديناراً وثلثا دينار، وفي صدع كل قصبة منهن ثلاثة عشر ديناراً وثلث دينار، وفي نقل عظامها ثمانية دنانير وثلث دينار، وفي موضحتها أربعة دنانير وسدس دينار، وكذلك في نقبها، وفي فكها خمسة دنانير(2).

_______________________________________________________________

(1) كما وردت في قول أمير المؤمنين(علیه السلام) في معتبرة ظريف «ودية المفصل الثاني من أعلى الإبهام إن كسر فجبر على غير عثم ولا عيب ستة عشر ديناراً وثلثا دينار، ودية الموضحة إن كانت فيها أربعة دنانير وسدسدينار ودية صدعها ثلاثة عشر ديناراً، وثلث دينار ودية نقل عظامها خمسة دنانير»(1).

(2) كما في ذيل معتبرة ظريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام) «ودية كسر كل مفصل من الأصابع الأربع التي تلي الكف ستة عشر ديناراً وثلثا دينار، وفي صدع كل قصبة منهن ثلاثة عشر ديناراً وثلث دينار، إلى أن قال وفي نقل عظامها ثمانية دنانير وثلث دينار، وفي موضحته أربعة دنانير وسدس دينار وفي نقبه أربعة دنانير سدس دينار، وفي فكه خمسة دنانير»(2).

ص: 174


1- الوسائل باب 12 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
2- الوسائل باب 12 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .

المسألة 331: وفي كسر المفصل الأوسط من الأصابع الأربع أحد عشر ديناراً وثلث دينار، وفي صدعه ثمانية دنانير ونصف دينار، وفي موضحته ديناران وثلث دينار، وكذا في نقبه، وفي نقل عظامه خمسة دنانير وثلث دينار وفي فكه ثلاثة دنانير وثلثا دينار(1) .

المسألة 332: وفي كسر المفصل الأعلى من الأصابع الأربع خمسة دنانير وأربعة أخماس دينار، وفي صدعه أربعة دنانير وخمس دينار، وفي موضحته ديناران وثلث دينار، وفي نقل عظامه خمسة دنانير وثلث دينار وفي نقبه ديناران وثلثا دينار، وفي فكه ثلاثة دنانير وثلثا دينار(2).

_______________________________________________________________

(1) كل ذلك ورد في معتبرة ظريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام)«ودية المفصل الأوسط من الأصابع الأربع إذا قطع فديته خمسة وخمسون ديناراً وثلث دينار، في كسره أحد عشر ديناراً وثلث دينار، وفي صدعه ثمانية دنانير ونصف دينار، وفي موضحته ديناران وثلثا دينار، وفي نقل عظامه خمسة دنانير وثلث دينار، وفي نقيه ديناران وثلثا دينار، وفي فكه ثلاثة دنانير وثلثا دينار»(1)

.

(1) كما في ذيل معتبرة ظريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام) «وفي المفصل الأعلى من الأصابع الأربع إذا قطع سبعة وعشرون ديناراً ونصف وربع ونصف وعشر دينار، وفي كسره خمسة دنانير وأربعة أخماس الدينار، وفي صدعه أربعة دنانير وخمس دينار، وفي موضحته ديناران وثلث دينار، وفي نقل عظامه خمسة دنانير وثلث، وفي نقبه ديناران وثلثا دينار، وفي فكه ثلاثة دنانير وثلثا دينار»(2).

ص: 175


1- الوسائل باب 12 من أبواب ديات الأعضاء ح1.
2- نفس المصدر .

المسألة 333: في الورك إذا كسر فجبر على غير عثم ولا عيب خمس دية الرجل، وفي صدعه أربعة أخماس دية كسره، وفي موضحته ربع دية كسره، وفي نقل عظامه خمسون ديناراً، وفي رضّه إذا عثم ثلث دية النفس والأقرب أن دية فكه ثلاثون ديناراً(1) .

المسألة 334: في الفخذ إذا كسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب خمس دية الرجل، فإن عثمت فديتها ثلث دية الرجل، وفي صدعها ثمانون ديناراً، وفي موضحتها ربع دية كسرها، وكذلك في نقبها، وفي نقل عظامها نصف دية كسرها، وإن كانت فيها قرحة لا تبرأ فديتها ثلث دية كسرها(2).

_______________________________________________________________

(1) وذلك لما ورد في معتبرة ظريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام) «في الورك إذا كسر فجبر على غير عثم ولا عيب خمس دية الرجلين مائتا دينار»(1) .

والمراد به هنا كلا وركي الرجلين لأنّه ورد في المعتبرة بأن دية كسر أحد الوركين مائة دينار لقوله لكسرها مائة دينار «وإن صدع الورك فديته مائة وستون ديناراً أربعة أخماس دية كسره، فإن أوضحت فديته ربع دية كسره خمسون ديناراً، و دية نقل عظامه مائة وخمسة سبعون ديناراً، إلى أن قال ودية فكها ثلاثون ديناراً، فإن رضت فعثمت فديتها ثلاثمائة دينار وثلاث وثلاثونديناراً وثلث دينار»(2).

(2) كما في صحيحة ظريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام) «وفي الفخذ إذا كسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب خمس دية الرجل مائتا دينار، فإن عثمت فديتها ثلاث مائة وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار، وذلك ثلث دية النفس ودية صدع

ص: 176


1- نفس المصدر .
2- الوسائل باب 15 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .

المسألة 335: في كسر الركبة إذا جبرت على غير عثم ولا عيب مائة دينار، وفي صدعها ثمانون ديناراً، وفي موضحتها خمسة وعشرون ديناراً، وكذلك في نقبها وفي نقل عظامها خمسون ديناراً، ودية فكها ثلاثون ديناراً، وفي رضها إذا عثمت ثلث دية النفس، وفي قرحتها التي لا تبرأ ثلث دية كسرها(1).

_______________________________________________________________

الفخذ أربعة أخماس دية كسرها مائة دينار وستون ديناراً فإن كانت قرحة لا تبرأ فديتها ثلث دية كسرها ستة وستون ديناراً وثلثا دينار ودية موضحتها ربع دية كسرها خمسون ديناراً، ودية نقل عظامها نصف دية كسرها مائة دينار، ودية نقبها ربع دية كسرها خمسون ديناراً»(1).

(1) كل ذلك أيضاً من جهة معتبرة الظريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام) «قال: وفي الركبة إذا كسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب خمس دية الرجلين مائتا دينار، فإن انصدعت فديتها أربعة أخماس دية كسرها مائة وستة وستون ديناراً، ودية موضحتها ربع دية كسرها خمسون ديناراً، ودية نقل عظامها مائة ديناراً وخمسة وسبعون ديناراً، إلى أن قال وفي موضحتها خمسة وعشرون ديناراً، ودية نقبها ربع دية كسرها خمسون ديناراً، فإن رضت فعثمت ففيها ثلث دية النفس ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارً وثلث دينار، فإن فكت فديتها ثلاثة أجزاء من دية الكسر ثلاثون ديناراً»(2).

ص: 177


1- الوسائل باب 15 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
2- الوسائل باب 16 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .

المسألة 336: في كسر الساق إذا جبرت على غير عثم ولا عيب مائة دينار، ومع العثم مائة وستون ديناراً وثلثا دينار، وفي صدعها ثمانون ديناراً، وفي موضحتها خمسة وعشرون ديناراً، وكذلك في نقل عظامها ونفوذها، ودية نقبها نصف دية موضحتها، وفي قرحتها التي لا تبرأ ثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار(1).

_______________________________________________________________

(1) أي في الساقين، لأنّه ورد في معتبرة ظريف في الساق إذا كسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب خُمس دية الرجلين مائتا دينار ودية صدعها أربعة أخماس دية كسرها مائة وستون ديناراً، وفي موضحتها ربع دية كسرها خمسون ديناراً، وفي نقبها نصف موضحتها خمس وعشرون ديناراً، وفي نقل عظامها ربع دية كسرها خمسون، وفي نفوذها ربع دية كسرها خمسون، وفي قرحة لا تبرأ ثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث ديناراً، فإن عثم الساق فديتها ثلث دية النفس ثلاث مائة وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار(1)، لا يخفى أنّ المراد من القرحة قرحة أحدها كما قال الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) بقرينة أن دية قرحة كل عضو ثلث دية ذلك العضو، على ما دلت عليه صحيحة .

وأمّا قوله (علیه السلام) بعد ذلك فإن عثم الساق فالظاهر منه بيان دية الكسر مع العثم في كلا الساقين بقرينة أنّه (علیه السلام) في مقام بيان حكم موضوع واحد وهو كسر كلتا الساقين، مرة بدون العثم وأخرى معالعقم(2).

ص: 178


1- الوسائل باب 16 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
2- مباني تكملة المنهاج /2/ 420 _ 421 .

المسألة 337: في رضّ الكعبين إذا جبرتا على غير عثم ولا عيب ثلث دية النفس، وفي رض إحداهما إذا جبرت على غير عثم ولا عيب نصف ذلك(1).

المسألة 338: في القدم إذا كسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب مائة دينار، وفي موضحتها ربع دية كسرها، وفي نقل عظامها نصف دية كسرها، وفي نافذتها التي لا تنسد مائة دينار، وفي ناقبتها ربع دية كسرها(2) .

_______________________________________________________________

(1) وهكذا يدل عليه معتبرة ظريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام) «قال: وفي الكعب إذا رضّ فجبر على غير عثم ولا عيب ثلث دية الرجلين ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار»(1).

(2) لمعتبرة ظريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام) «أنّه قال: في القدم إذا كسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب خُمس دية الرجلين مائتا دينار، ودية موضحتها ربع دية كسرها خمسون ديناراً، وفي نقل عظامها مائة دينار، نصف دية كسرها، وفي نافذة فيها لا تنسد خُمس دية الرجل مائتا دينار، وفي ناقبة فيها ربع كسرها خمسون دينار»(2).ولا يخفى أن المراد من الرجل في الرواية هو الرجلين لأن خمس دية الرجلين هو المائتين ديناراً وخمس دية الرجل الواحدة مائة دينار، وهكذا في الموضحة ربع الدية في الرجلين يكون خمسين .

ص: 179


1- الوسائل باب 16 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
2- الوسائل باب 17 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .

المسألة 339: دية كسر قصبة الإبهام(1)، التي تلي القدم كدية قصبة الإبهام من اليد، وفي نقل عظامها ستة وعشرون ديناراً وثلثا دينار(2) وكذلك الحال في صدعها، ودية موضحتها ونقبها، وفكها كديتها في اليد، ودية كسر الأعلى من الإبهام _ وهو الثاني الذي فيه الظفر _ كدية كسر الأعلى من الإبهام في اليد، وكذلك الحال في موضحتها وفي نقبها وصدعها، وفي نقل عظامها ثمانية دنانير وثلث دينار، وفي فكها خمسة دنانير وفي كسر قصبة كل من الأصابع الأربعة سوى الإبهام ستة عشر ديناراً، وثلثا دينار ودية صدعها ثلاثة عشر ديناراً وثلث دينار ودية موضحتها ونقبها، ونقل عظامها كديتها في اليد، وفي قرحة لا تبرأ في القدم ثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار .

_______________________________________________________________

(1) كسر قصبة الإبهام ثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار، أي خمس دية الرجل لأنّه ورد في معتبرة ظريف «ودية كسر قصبة الإبهام التي تلي القدم خمس دية الإبهام ستة وستون ديناراً وثلثا دينار»(1)، أي المراد به الابهامان وحال الإبهام من الرجل حكمه حكم إبهام اليد كما مرّ .

(2) كما في المعتبرة .

ص: 180


1- الوسائل باب 17 من أبواب ديات الأعضاء ح1.

المسألة 340: في كسر المفصل الأخير من كل من الأصابع الأربع من القدم غير الإبهام ستة عشر ديناراً وثلث دينار، وفي صدعها ثلاثة عشر ديناراً وثلث دينار(1)، وفي كسر المفصل الأوسط من الأصابع الأربع أحد عشر ديناراً وثلثا دينار، وفي صدعها ثمانية دنانير وأربعة أخماس دينار، وفي موضحتها ديناران، وفي نقل عظامها خمسة دنانير وثلثا دينار، ودية نقبها كديته في اليد، وفي فكها ثلاثة دنانير، ودية كسر المفصل الأعلى منها كديته في اليد، وكذلك في صدعها، وفي موضحتها دينار وثلث دينار، وكذلك في نقبها، وفي نقل عظامها ديناران وخمس دينار، وفي فكها ديناران وأربعة أخماس دينار .

_______________________________________________________________

(1) كما في معتبرة ظريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام) «ودية كسر كل مفصل من الأصابع الأربع التي تلي القدم ستة عشر ديناراً وثلث ودية صدعها ثلاثة عشر ديناراً وثلث دينار إلى أن قال ودية كسره أحد عشر ديناراً وثلثا دينار، ودية صدعه ثمانية دنانير وأربعة أخماس الدينار، ودية موضحته ديناران، ودية نقل عظامها خمسة دنانير وثلثا دينار، ودية نقبه ديناران وثلثادينار، ودية فكه ثمانية دنانير»(1).

ص: 181


1- الوسائل باب 17 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .

المسألة 341: لو نفذت نافذة من رمح أو خنجر في شيء من(1) أطراف البدن فديتها مائة دينار .

المسألة 342: في قرحة كل عضو إذا لم تبرأ ثلث دية ذلك العضو(2).

_______________________________________________________________

(1) مائة الدينار وهو عشر دية الرجل لمعتبرة ابن فضال «قال: عرضت الكتاب على أبي الحسن (علیه السلام) فقال: هو صحيح قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في دية جراحة الأعضاء كلها، إلى أن قال: وافتى في النافذة إذا نفذت من رمح أو خنجر في شيء من البدن في أطرافه فديتها عشر دية الرجل مائة دينار»(1).

وهناك رواية أخرى تعارض هذه الرواية وهي عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في الناقلة تكون في العضو ثلث دية ذلك العضو»(2).

ولكن الرواية معارضة وهي ضعيفة بسهل بن زياد وشمون والأصم والرواية وإن وردت في الرجل ولكنها أيضاً تعم المرأة(3) لأنّها تعاقل الرجل إلى الثلث .

(2) كما عليه المشهور، وقد ادعى البعض الإجماع، وفي معتبرة الظريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام) «ودية قرحة لا تبرأ ثلاثة عشر ديناراً وثلثدينار»(4)،

ولو أن المورد هو الكف، ولكن لم يخص وإن برأت فعليه الحكومة لعدم ورود تحديد من الشارع فيه .

ص: 182


1- الوسائل باب 2 من أبواب ديات الشجاج والجراح ح3 .
2- الوسائل باب 2 من أبواب ديات الشجاج والجراح ح7 .
3- مباني تكملة المنهاج / 2 / 427 .
4- الوسائل باب 12 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .

المسألة 343: إذا اجتمع بعض ما فيه الدية المقدّرة شرعاً مع بعضها الآخر كذلك فلكل ديته(1)، نعم إذا كانت الجنايتان بضربة واحدة وكانتا مترتبتين وكانت دية إحداهما أغلظ من الأُخرى دخلت دية غير الأغلظ في الأغلظ(2) .

_______________________________________________________________

(1) لتعدد السبب الموجب لعدم تداخل المسبب .

(2) وذلك لورود الدليل وهو صحيح أبي عبيدة الحذاء «قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن رجل ضرب رجلاً بعمود فسطاط على رأسه ضربة واحدة فاجافه حتى وصلت الضربة إلى الدماغ فذهب عقله، قال: إن كان المضروب لا يعقل منها أوقات الصلاة ولا يعقل ما قال ولا ما قيل له، فإنه ينتظر به سنة، فإن مات فيما بينه وبين السنة أُقيد به ضاربه، وإن لم يمت فيما بينه وبين السنة ولم يرجح عقله أُغرم ضاربه الدية في ماله لذهاب عقله، قلت: فما ترى عليه في الشجة شيئاً ؟ قال: لا، لأنّه إنما ضرب ضربة واحدة فجنت الضربة جنايتين فألزمته أغلظ الجنايتين، وهي الدية، ولو كان ضربه ضربتين فجنت الضربتان جنايتين لألزمته جناية ما جنتا كائناً ما كان إلا أن يكون فيهما الموت فيقاد به ضاربه، فإن ضربه ثلاث ضربات واحدة بعد واحدة فجنين ثلاث جنايات ألزمته جناية ما جنت الثلاث الضربات كائنات ما كانت ما لم يكن فيها الموتفيقاد به ضاربه، قال: فإن ضربه عشر ضربات فجنين جناية واحدة ألزمته تلك الجناية التي جنتها العشر ضربات»(1)

وصحيحة إبراهيم بن عمر عن ابي عبد الله (علیه السلام) «قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في رجل ضرب رجلاً بعصا فذهب سمعه، وبصره، ولسانه، وعقله وفرجه، وانقطع جماعه وهو حي، بست ديات»(2).

ص: 183


1- الوسائل باب 7 من أبواب ديات المنافع ح1 .
2- الوسائل باب 6 من أبواب ديات المنافع ح1 .

دية الجناية على منافع الأعضاء

وهي كما يلي:

الأول: العقل

وفي ذهابه دية كاملة(1)، وفي ثبوت الدية فيما إذا رجع العقل أثناء السنة إشكال، بل لا يبعد عدم الثبوت، وعليه فالمرجع فيه الحكومة .

_______________________________________________________________

(1) والمسألة غير خلافية والعمدة صحيحة أبي عبيدة الحذاء «قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن رجل ضرب رجلاً بعمود فسطاط على رأسه ضربة واحدة فأجافه حتى وصلت الضربة إلى الدماغ فذهب عقله، قال: إن كان المضروب لا يعقل منها الصلاة، ولا يعقل ما قال ولا ما قيل له، فإنّه ينتظر به سنة، فإن مات فيما بينه وبين السنة أٌقيد به ضاربه، وإن لم يمت فيما بينه وبين السنة ولم يرجع إليه عقله أغرم ضاربه الدية في ماله لذهاب عقله قلت فما ترى عليه في الشجة شيئاً، قال: لا لأنّه إنما ضرب بضربة واحدة فجنت الضربة جنايتين فألزمته أغلظ الجنايتين وهي الدية، ولو كان ضربه ضربتين فجنت الضربتان جنايتين لألزمته جناية ما جنتا كائنا ما كان إلا أن يكون فيهما الموت، فيقاد به ضاربه فإن ضربه ثلاث ضربات واحدة بعدالواحدة فجنين ثلاث جنايات الزمته جناية ما جنت الثلاث ضربات كائنات ما كانت ما لم يكن فيها الموت فيقاد به ضاربه، قال: فإن ضربه عشر ضربات فجنين جناية واحدة ألزمته تلك الجناية التي جنتها العشر ضربات»(1).

ص: 184


1- الوسائل باب 7 من أبواب ديات المنافع ح1 .

وأمّا اذا تمت السنة ولم يرجع استحق الدية وإن رجع بعد ذلك(1).

المسألة 344: إذا جنى على شخص بما أوجب نقصان عقله لم تثبت الدية فالمرجع فيه الحكومة، وكذلك فيما أوجب جنوناً أدوارياً(2).

_______________________________________________________________

وهل التحديد بالسنة له موضوعية، الظاهر لا بل لو أحرز بطريق آخر بأنّه ذهب عقله كما إذا أثبت ذلك عند أهل الخبرة فلابد من إعطاء الدية وفي صحيحة إبراهيم بن عمر عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في رجل ضرب رجلاً بعصا فذهب سمعه، وبصره، ولسانه وعقله وفرجه، وأنقطع جماعه وهو حي بست ديات»(1).

(1) لأنّه محل اتفاق، ولما دلت عليه الصحيحة المتقدمة لأبي عبيدة .

(2) وذلك بعدما لم يكن له مقدّر فيكون المال بالحكومة، وكذلك بالنسبة إلى الجنون الأدواري، وصحيحة ابن عمر لا يشمل المورد، قال الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) جماعة منهم الشيخ في المبسوط وابن حمزة في الوسيلة والعلامة في القواعد من أن الدية تسقط بالزمان، فلا دليل عليه أصلاً إذاً الصحيح ما ذكرناه من أنّ المرجع فيه الحكومة(2)،

وإن قطع جماعة وهو حي بست ديات(3)، وما نسب إلى الشيخ بأنّ الدية تقسط بالزمان لا دليل عليه.

ص: 185


1- الوسائل باب 6 من أبواب ديات المنافع ح1 .
2- مباني تكملة المنهاج / 2 / 431 _ 432 .
3- مر ذكرها .

المسألة 345: لو شج شخصاً شجة فذهب بها عقله، فإن كانت الشجة وذهاب العقل بضربة واحدة تداخلت ديتاهما، وإن كانا بضربتين فجنى بكل ضربة جناية لم تتداخلا(1).

الثاني: السمع

وفي ذهابه كله دية كاملة(2)، وفي ذهاب سمع إحدى الأذنين كله نصف الدية .

_______________________________________________________________

(1) قد يقال بعدم التداخل لأنّ تعدد السبب مستوجب لتعدد المسبب ولمعتبرة إبراهيم بن عمر عن أبي عبد الله (علیه السلام) إلى أن يقول «رجل ضرب رجلاً بعصا فذهب سمعه، وبصره، ولسانه، وعقله، وفرجه، ست ديات» ولكن الحق هو التفصيل بين الضربة الواحدة وبين الضربتين، ففي الأولى هو التداخل، وفي الثانية عدم التداخل كما في صحيحة أبي عبيدة الحذاء المتقدمة الذكر «قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) إلى أن يقول، قلت فما ترى عليه في الشجة شيئاً، قال: لا، لأنّه إنما ضرب ضربة واحدة فجنت الضربة جنايتين فألزمته أغلظ الجنايتين، وهي الدية، ولو كان ضربه ضربتين فجنت الضربتان جنايتين لألزمته جناية ما جنتا كائناً ما كان» إذاً في صورة التعدد فالتداخل خلاف الأصل .

(2) المسألة غير خلافية وقد ادعيّ عليه الإجماع كما في التحرير بقوله: في السمع الدية كاملة إجماعاً(1)وغيره

كما عن صاحب كشف اللثام بقوله:وفيه الدية إجماعاً كما في التحرير(2)وقال

في الرياض: بلا خلاف أجده، بل عليه الإجماع في صريح التحرير فظاهر الغنية وهو الحجة إلى أن قال والصحيح في ذهاب السمع كله

ص: 186


1- تحرير الاحكام / 5 / 608 .
2- كشف اللثام / 11/ 409 .

................................

الف دينار(1)

والعمدة الروايات الكثيرة .

منها: صحيحة يونس أنّه عرض على الرضا (علیه السلام) كتاب الديات وكان فيه «وفي ذهاب السمع ألف دينار» .

ومنها: صحيحة سليمان بن خالد عن الإمام الصادق (علیه السلام) «أنّه قال في رجل ضرب رجلاً في أذنه فأدّعى أنّه لا يسمع، قال (علیه السلام) يترصد ويستغفل وينتظر به سنة، فإن سمع أو شهد عليه رجلان أنّه يسمع، وإلا حلفه وأعطاه الدية، قيل: يا أمير المؤمنين فإن عثر عليه بعد ذلك أنّه يسمع ؟ قال: إن كان الله ردّ عليه سمعه لم ار عليه شيئاً»(2)

.

وهكذا ورد في صحيحة إبراهيم بن عمر، أمّا بالنسبة لإحدى الأذنين فهي النصف بلا فرق بين أن تكون الذاهبة أصح من الأخرى أم لا بلا فرق بين أن يكون السمع بالأخرى ذاهباً من الله تعالى أم بجناية جانٍ، وذلك للإطلاق .

قال في مفتاح الكرامة: ولا أجد في ذلك خلافاً إلا من ابن حمزة في الوسيلة فأوجب الدية كاملة إن كانت الأخرى ذهبت بسبب من الله سبحانه والنصف إن كانت ذهبت بسبب من الناس فلا دليل عليه مقابل الإطلاق إلا بالقياس بعين الأعور.وأمّا في نقص البعض فبحسابه من الدية، والمسألة غير خلافية كما ادعاه البعض، يقول العلامة: ولو نقص سمع أحدهما قيس إلى الأخرى بأن تسد الناقصة وتطلق الصحيحة ويصاح به حتى يقول لا اسمع، ثم يعاد عليه مرة ثانية، فإن تساوت المسافتان صدق، ثم تسد الصحيحة وتطلق الناقصة ويعتبر بالصوت حتى يقول لا اسمع، ثم يعتبر ثانية فإن تساوت المسافتان صدق(3)

ويؤخذ بحساب التفاوت بين المسافتين وهو المشهور بين الأصحاب .

ص: 187


1- رياض المسائل / 16/ 501 .
2- الوسائل باب3 من أبواب ديات المنافع ح1 .
3- كما في مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة / 26 / 517 .

وإذا جنى على رجل فأدّعى ذهاب سمعه كله قبل قوله إن صدّقه الجاني(1)، وأمّا إذا أنكره أو قال لا أعلم بذلك، أُجل إلى سنة يترصد واستغفل بسؤاله، فإن انكشف الخلاف وبآن أنّه يسمع أو شهد شاهدان بذلك فليس له مطالبة الدية، وإلا فعليه أن يأتي بالقسامة بأن يحلف هو وخمسة أشخاص إن وجدوا، وإلا حلف هو ست مرات فعندئذ يستحق الدية .

_______________________________________________________________

(1) لأن إقرار العقلاء على أنفسهم حجة، وأمّا إذا وقع الاختلاف بينهما وادّعى المجني عليه ذهاب السمع كله وأنكره الجاني، فإن اثبته المجني عليه فهو، وإلا فعليه أن يأتي بالقسامة بأن يحلف هو وستة أشخاص إن كانوا موجودين، وإلا حلف هو ستّ مرات فيثبت له الدية والشاهد على ذلك معتبرة ابن فضال عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) «قضى أمير المؤمنين (علیهالسلام) إذا أصيب الرجل في إحدى عينيه إلى أن قال والقسامة مع ذلك من الستّة الأجزاء على قدر ما أصيب من عينه، فإن كان سدس بصره حلف هو وحده وأعطي، وإن كان ثلث بصره حلف هو وحلف معه رجل واحد، وإن كان نصف بصره حلف هو وحلف معه رجلان، وإن كان ثلثي بصره حلف هو ومعه ثلاثة نفر، وإن كان أربعة أخماس بصره حلف هو وحلف معه أربعة نفر، وإن كان بصره كله حلف هو وحلف معه خمسة نفر وكذلك القسامة كلها في الجروح، وإن لم يكن للمصاب بصره من يحلف معه ضوعفت عليه الأيمان، إلى أن قال وإنما القسامة على مبلغ منتهى بصره، وإن كان السمع فعلى نحو ذلك غير أنّه يضرب له بشيء حتى يعلم منتهى سمعه ثم يقاس ذلك، والقسامة على نحو ما ينقص من سمعه، فإن كان سمعه كله فخيف منه فجور فإنّه يترك حتى إذا استقل نوماً صيح به وإن سمع قاس بينهم الحاكم برأيه»(1)

.

ص: 188


1- الوسائل باب 12 من أبواب ديات المنافع ح1 .

المسألة 346: لو أدّعى المجني عليه النقص في سمع كلتا الأذنين فإن ثبت ذلك ببيّنة فبها، وإلا فعليه القسامة بالنسبة، بمعنى أن المدّعي إن كان ثلث سمعه حلف هو وحلف معه رجل واحد، وإن كان نصف سمعه حلف هو وحلف معه رجلان وهكذا(1)، ولو ادعى النقص في إحداهما قيست إلى الصحيحة، بأن تسد الناقصة سداً جيداً وتطلق الصحيحة ويصاح به ويتباعد عنه حتى يقول لا أسمع، فإن علم أو اطمئن بصدقه فهو وإلا يعلم ذلك المكان ثم يعاد عليهمن طرف آخر كذلك فإن تساوت المسافتان صدق وإلا فلا، ثم بعد ذلك تطلق الناقصة وتسد الصحيحة جيداً ويختبر بالصيحة أو بغيرها حتى يقول لا أسمع، فإن علم أو اطمئن بصدقه وإلا يكرر عليه الاختبار فإن تساوت المقادير صدق ثم تمسح المسافتان الأولى والثانية فتؤخذ الدية عندئذ من الجاني بنسبة التفاوت وتعطى له بعد إتيانه بالقسامة على ما يدعي من النقص في سمع إحدى أذنيه .

_______________________________________________________________

وبهذا الحديث قيد التحليف بالخبر الصحيح عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (علیه السلام) «أنّه قال: في رجل ضرب رجلاً إلى أن قال فإن سمع أو شهد عليه رجلان أنّه سمع وإلا حلفه وأعطاه الدية»(1).

(1) وذلك على ما جاء من التفصيل في معتبرة ابن فضال، ويؤيد ذلك رواية أبي بصير وبما أنّها ضعيفة فهي كافية للتأييد سنداً .

ص: 189


1- الوسائل باب 3 من أبواب ديات المنافع ح1 .

المسألة 347: إذا أوجب قطع الأذنين ذهاب السمع ففيه ديتان دية لقطعهما ودية لذهاب السمع(1).

_______________________________________________________________

(1) لأن تعدد السبب يوجب تعدد المسبب، والأصل عدم التداخل ويدل على ذلك صحيحة إبراهيم بن عمر عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في رجل ضرب رجلاً بعصا فذهب سمعه،وبصره ولسانه، وعقله، وفرجه، وانقطع جماعه وهو حي بست ديات»(1)،

ورواية محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم رفعه «قال: عن أمير المؤمنين (علیه السلام) عن رجل ضرب رجلاً على هامته فأدّعى المضروب أنّه لا يبصر شيئاً ولا يشم الرائحة، وأنّه قد ذهب لسانه، فقال أمير المؤمنين (علیه السلام) إن صدق فله ثلاث ديات إلى أن قال وأما ما ادّعاه أنّه لا يشم رائحة فإنّه يدنى منه الحراق، فإن كان كما يقول وإلا نحى رأسه ودمعت عينه، وأمّا ما ادّعاه في عينيه فإنّه يقابل بعينيه الشمس فإن كان كاذباً لم يتمالك حتى يغمض عينيه، وإن كان صادقاً بقيتا مفتوحتين، وأمّا ما ادعاه في لسانه فإنّه يضرب على لسانه بأبره فإن خرج الدم أحمر، فقد كذب وإن خرج الدم أسود فقد صدق»(2)، إذاً يجب على الجاني أن يدفع ديتين .

وأمّا ما ورد في صحيح أبي عبيدة في مسألة ذهاب العقل على الاجتزاء بدية واحدة والمتضمنة بأن الجنايتين إذا كانتا بضربة واحدة ففيهما أغلظ الجنايتين، فإنّها وردت في غير المقام، بل موردها إذا كانت الجنايتان طويلتين وإحداهما مسببة للأخرى، ومترتبة عليها وكون أحدهما أغلظ من الأخرى وأمّا في صورة عدم الغلظة كانتا في عرض واحد لابد من تعدد الدية .

ص: 190


1- قد تقدم الحديث .
2- الوسائل باب 4 من أبواب ديات المنافع ح1 .

الثالث: ضوء العينين

وفي ذهابه منهما الدية كاملة(1)، وفي ذهابه من إحداهما نصف الدية، وإن ادعى المجني عليه ذهاب بصره كله فإن صدّقه الجاني فعليه الدية، وإن أنكره أو قال لا أعلم أُختبر بجعل عينيه في قبال نورقوي كالشمس ونحوها فإن لم يتمالك حتى غمض عينيه فهو كاذب ولا دية له وإن بقيتا مفتوحتين كان صادقاً واستحق الدية، مع الاستظهار بالأيمان وإن عاد البصر بعد مدة فإن كان كاشفاً عن عدم الذهاب من الأول فلا دية، وفيه الحكومة وإن لم يكشف عن ذلك ففيه الدية .

_______________________________________________________________

(1) والمسألة غير خلافية وادعى البعض الإجماع، ويدل عليه صحيحة إبراهيم بن عمر(1)،

وصحيحة محمد بن يعقوب عن أبي جعفر عن أمير المؤمنين (علیه السلام) «عن رجل ضرب رجلاً على هامته وادعى المضروب أنّه لا يبصر شيئاً و لا يشم رائحة وأنّه قد ذهب لسانه، فقال أمير المؤمنين (علیه السلام) إن صدق فله ثلاث ديات»(2)،

ومعتبرة ظريف «والضوء كله من العينين ألف دينار»(3).

ص: 191


1- الوسائل باب 6 من أبواب ديات المنافع ح1 .
2- الوسائل باب 3 من أبواب ديات المنافع ح1 .
3- الوسائل باب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح3 .

المسألة 348: إذا اختلف الجاني والمجني عليه في العود وعدمه(1) فإن أقام الجاني البينة على ما يدعيه فهو، وإلا فالقول قول المجني عليه مع الحلف .

المسألة 349: لو ادعى المجني عليه النقصان في إحدى عينيه وأنكره الجاني أو قال لا أعلم، اختبر ذلك بقياسها بعينه الأخرى الصحيحة(2) ومع ذلك لابد في إثبات ما يدعيه من القسامة، ولو ادعى النقص في العينين كان القياس بعين من هو من أبناء سنّه .

_______________________________________________________________

(1) قد يقال لابد من الرجوع إلى المتخصصين من أهل الخبرة، فإن قالوا بالرجوع فهو، وإلا فلابد من دفع الدية، وإن لم يكن هناك متخصص فالقول قول المجني عليه مع اليمين إذا لم يكن للجاني البينة .

(2) والمسألة إجماعية ولما ورد من الروايات .

منها: صحيحة يونس «قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) إذا أُصيب الرجل في إحدى عينيه فإنّها تقاس ببيضه تربط على عينيه المصابة وينظر ما منتهي نظر عينه الصحيحة، ثم تغطى عينه الصحيحة وينظر ما منتهى عينه المصابة فيعطى دية من حساب ذلك»(1)

.

ومنها: صحيحة معاوية بن عمار «قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرجل يصاب في عينيه فيذهب بعض بصره، أي شيء يعطى ؟ قال: تربط إحداهما ثم توضع له بيضة ثم يقال له أنظر، فما دام يدَّعى أنّه يبصر موضعهاحتى إذا انتهى إلى موضع إن جازه قال: لا بصر، قربها حتى يبصر ثم يعلّم ذلك المكان، ثم يقاس ذلك القياس من خلفه وعن يمينه وعن شماله فإن جاء سواء وإلا قيل له كذبت حتى

ص: 192


1- الوسائل باب 12 من أبواب ديات المنافح ح1 .

................................

يصدق، قلت: أليس يؤمن ؟ قال: لا ولا كرامة ويصنع بالعين الأخرى مثل ذلك ثم يقاس ذلك على دية العين»(1).

ومنها: صحيحة يونس المتقدمة عن أبيه عن بن فضال جميعاً عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) قال يونس عرضت عليه الكتاب فقال: هو صحيح، قال: ابن فضال قال: «قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) إذا أصيب الرجل في إحدى عينيه فإنّها تقاس بيضة تربط على عينيه المصابة وينظر ما منتهى نظر عينه الصحيحة ثم تغطى عينه الصحيحة وينظر ما منتهى نظر عينه المصابة فيعطى ديته من حساب ذلك والقسامة مع ذلك من الستة الأجزاء على قدر ما أصيب من عينه، فإن كان سدس بصره حلف هو وحده وأعطى، وإن كان ثلث بصره حلف هو وحلف معه رجل واحد، وإن كان نصف بصره حلف هو وحلف معه رجلان، وإن كان ثلثي بصره حلف هو وحلف معه ثلاثة نفر، وإن كان أربعة أخماس بصره حلف هو وحلف معه أربعة نفر، وإن كان بصره كله حلف هو وحلف معه خمسة نفر، وكذلك القسامة كلها في الجروح وإن لم يكن للمصاب بصره من يحلف معه ضوعفت عليه الأيمان إن كان سدس بصره حلف مرة واحدة، وإن كان ثلث بصره حلف مرتين، وإن كان أكثر على هذا الحساب وإنما القسامة على مبلغ منتهى بصره» .

ص: 193


1- الوسائل باب 8 من أبواب ديات المنافع ح1 .

المسألة 350: لا تقاس العين في يوم غيم، وكذا لا تقاس في أرض مختلفة الجهات علواً وانخفاضاً ونحو ذلك مما يمنع عن معرفة الحال(1) .

الرابع: الشم

وفي إذهابه من كلا المنخرين الدية كاملة، وفي إذهابه من أحدهما نصف الدية، ولو ادعى المجني عليه ذهابه عقيب الجناية الواردة عليه فإن صدّقه الجاني فهو، وإن أنكره أو قال لا أعلم أُختبر بالحراق ويدنى منه فإن دمعت عيناه ونحى رأسه فهو كاذب، وإلا فصادق، وحينئذٍ قيل أن عليه خمسين قسامة، ولكن دليله غير ظاهر، بل الظاهر أنّها من الستة الأجزاء الواردة في المنافع(2).

_______________________________________________________________

(1) لأن القياس في تلك الحالات والجهات لا يستوجب معرفة الحال في الأغلب مضافاً إلى معتبرة إسماعيل بن أبي زياد عن أبي عبد الله عن أبيهعن علي (علیهم السلام) قال: «لا تقاس عين في يوم غيم»(1).

(2) والمسألة غير خلافية مضافاً إلى صحيحة محمد بن يعقوب «قال: سئل أمير المؤمنين (علیه السلام) عن رجل ضرب رجلاً على هامته فادّعى المضروب أنّه لا يبصر شيئاً، ولا يشم الرائحة، وأنّه قد ذهب لسانه، فقال أمير المؤمنين (علیه السلام) إن صدق فله ثلاث ديات، فقيل: أي أمير المؤمنين وكيف يعلم أنّه صادق، فقال: أمّا ما ادعاه أنّه لا يشم رائحة فإنّه يدنا منه الحراق فإن كان كما يقول وإلا نحّى رأسه ودمعت عينه»(2).

ص: 194


1- الوسائل باب 5 من أبواب ديات المنافع ح1.
2- الوسائل باب 4 من أبواب ديات المنافع ح1 .

المسألة 351: إذا ادعى المجني عليه النقص في الشم فعليه أن يأتي بالقسامة على النحو المتقدم في السمع(1) .

المسألة 352: إذا أخذ المجني عليه الدية ثم عاد الشم، فإن كان العود كاشفاً عن عدم ذهابه من الأول فللجاني أن يسترد الدية وللمجني عليه أن يرجع إليه بالحكومة، وإلا فليس للجاني حق الاسترداد(2).

_______________________________________________________________

والحق أنّه يستوجب القسامة ولو في صحيح محمد بن يعقوب يدل على كيفية استعلام ذهاب الشم وهو معلوم ولا يحتاج إلى القسامة .

وأمّا إذا لم يكن كذلك فلابد من القسامة كما في صحيح يونس ومعتبرة ابن فضال كذلك القسامة كلها في الجروح أي مطلق الجناية الموجبة لذهابالمنفعة.

(1) فإن كان ثلث سمعه حلف هو وحلف معه رجل واحد، وإن كان نصف سمعه حلف هو وحلف معه رجلان، وإن كان ثلثي سمعه حلف هو وحلف معه ثلاثة نفر، وإن كان أربعة أخماس سمعه حلف هو وحلف معه أربعة نفر، وإن كان كله حلف وحلف معه خمسة أنفر كما ذُكر بالرواية بالنسبة إلى ذهاب البصر، وعلى هذا فيجري في الشم كذلك .

(2) الدية إنما كانت من أجل ذهاب الشم، وقد انكشف بأنّه لم يذهب وكان المانع من الشم إنما كان بسبب الجناية الواردة عليه، ولكن في هذه الصورة لابد من الحكومة حتى لا يذهب حق المسلم هدراً، وأمّا لو علم بالعود فليس للجاني العود إلى الدية بعد أن حكم الحاكم والمجني عليه بثبوت الذهاب بالحلف، إذاً هذا الرجوع كان هبة من الله تعالى وكذا في صورة الشك بأن احتمال الرجوع هبة .

ص: 195

المسألة 353: لو قطع أنف شخص فذهب به الشم أيضاً فعليه ديتان(1) .

الخامس: النطق

وفي ذهابه بالضرب أو غيره دية كاملة(2).

_______________________________________________________________

(1) لأنّ لكل واحد دية مستقلة، والأصل عدم التداخل كما مرّ بالنسبة إلى قطع الأذنين وذهاب السمع .

(2) وقد ادعيّ الإجماع، وكما قال البعض أن المسألة غير خلافية وتدلعليه القاعدة وهي كل ما في الإنسان واحد فدية كاملة، مضافاً إلى الروايات.

منها: صحيحة إبراهيم بن عمر عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في رجل ضرب رجلاً بعصا فذهب سمعه، وبصره، ولسانه وعقله وفرجه، وأنقطع جماعه وهو حي بست ديات»(1).

ومنها: صحيحة محمد بن يعقوب عن أمير المؤمنين (علیه السلام) «قال: ضرب رجل رجلاً على هامته فأدّعى المضروب أنّه لا يبصر بعينه شيئاً ولا يشم رائحة، وأنّه قد أخرس فلا ينطق، فقال: إن كان صادقاً فقد وجبت له ثلاث ديات»(2).

ص: 196


1- الوسائل باب 6 من أبواب ديات المنافع ح1 .
2- الوسائل باب 4 من أبواب ديات المنافع ح1 .

وفي ذهاب بعضه الدية بنسبة ما ذهب بأن تعرض عليه حروف المعجم كلها ثم تعطى الدية بنسبة ما لم يفصحه منها(1).

_______________________________________________________________

(1) بعد أن لم يكن له مقدّر فتعرض عليه حروف المعجم فبمقدار ما يمكنه أن ينطق فلا شيء على الجاني، وبمقدار ما لم يتمكن يدفع له الدية وقد ذكر صاحب الجواهر: مع ظروف ذهابها بذلك لا بالمساحة على ما نص عليه الشيخان في المقنعة والنهاية، والديلمي، وابن حمزة، والفاضلان وغيرهم على ما حكي عن بعضهم، بل نسبه بعض إلى الأكثر، بل في المسالك إلى المشهور، بل عن المبسوط والسرائر ظاهر الإجماع عليه، بل عن الخلاف إجماع الفرقة وأخبارها عليه(1)، والعمدة روايات .

منها: صحيحة سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (علیه السلام) «في رجل ضرب رجلاً في رأسه فثقل لسانه أنّه يعرض عليه حروف المعجم كلها ثم يعطى الدية بحصة ما لم يفصحه منها»(2).

ومنها: صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (علیه السلام) «في رجل ضرب رجلاً بعصا على رأسه فثقل لسانه، فقال: يعرض عليه حروف المعجم فما أفصح، وما لم يفصح به كان عليه الدية، وهي تسعة وعشرون حرفاً»(3).

ومنها: صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: إذا ضرب الرجل على رأسه فثقل لسانه عرضت عليه حروف المعجم تقرأ ثم قسّمتالدية على حروف المعجم، فما لم يفصح به الكلام كانت الدية بالقياس من ذلك»(4).

ص: 197


1- جواهر الكلام / 43 / 210.
2- الوسائل باب 2 من أبواب ديات المنافع ح1.
3- الوسائل باب 2 من أبواب ديات المنافع ح2.
4- الوسائل باب 2 من أبواب ديات المنافع ح3 .

المسألة 354: لو ادعى المجني عليه ذهاب نطقه بالجناية كلاً، فإن صدّقه الجاني فهو، وإن أنكره أو قال لا أعلم، أُختبر بأن يضرب لسانه بأبرة أو نحوها، فإن خرج الدم أحمر فقد كذب، وإن خرج الدم أسود فقد صدق(1) والظاهر اعتبار القسامة هنا أيضاً على النحو المتقدم في السمع والبصر.

وإذا عاد النطق فالكلام فيه هو الكلام في نظائره، وفي إلحاق الذوق بالنطق إشكال والأظهر أن فيه الحكومة، وكذلك الحال في ما يوجب نقصان الذوق(2).

_______________________________________________________________

(1) أمّا احتياج إلى تصديق الجاني لاستصحاب السلامة عند إنكار الجاني يكون القول قوله فلابد أن يأتي المجني عليه البينة .

وأما الامتحان فقد جاء في صحيحة محمد بن يعقوب «قال: سئل أمير المؤمنين (علیه السلام) ضرب رجل رجلاً على هامته على فادّعى المضروب أنّه لا يبصر شيئاً، و لا يشم الرائحة، وأنّه قد ذهب لسانه، فقال أمير المؤمنين (علیه السلام) إن صدق فله ثلاث ديات، فقيل يا أمير المؤمنين وكيف يعلم أنّه صادق ؟ فقال: إلى أن قال وأما ما أدّعاه أنه لا يشم رائحة فإنّه يُدنا منه الحراق فإن كان كما يقول وإلا نحّى رأسه ودمعت عيناه، فأمّا ما ادّعاه فيعينيه فإنّه يقابل بعينه الشمس فإن كان كاذباً لم يتمالك حتى يغمض عينيه وإن كان صادقاً بقيتا مفتوحتين، وأمّا ما أدّعاه في لسانه فإنّه يضرب على لسانه بأبرة فإن خرج الدم أحمر فقد كذب وإن خرج أسود فقد صدق»(1)، أمّا بالنسبة إلى القسامة فهو كما ورد في السمع والبصر .

(2) لعدم الدليل، فلابد من الحكومة فيه لما مرّ تفصيله .

ص: 198


1- الوسائل باب 4 من أبواب ديات المنافع ح1 .

المسألة 355: إذا أوجبت الجناية ثقلاً في اللسان أو نحو ذلك مما لا تقدير له في الشرع كالجناية على اللحيين بحيث يعسر تحريكهما، ففيه الحكومة(1).

المسألة 356: لو جنى على شخص فذهب بعض كلامه ثم جنى عليه آخر فذهب بعضه الآخر فعلى كل منهما الدية بنسبة ما ذهب بجنايته(2).

المسألة 357: لو جنى على شخص فذهب كلامه كله(3)، ثم قطع هو أو آخر لسانه، ففي الجناية الأولى تمام الدية والثانية ثلثها(4).

_______________________________________________________________

(1) تعرف المسألة مما سبق حيث أنّه في كل ما ليس مقدّر فيكون فيه الحكومة .

(2) لأن كل واحد منهما أصبح جانٍ، لذهاب بعض من كليهما الكلام فيكون لكل منهما دية بالنسبة .

(3) لما ورد في صحيحة يونس أنّه عرض على الرضا (علیه السلام) كتاب الديات وكان فيه: «ذهاب السمع كله ألف دينار، والصوت كان من الغنن والبحح ألف دينار»(1).

(4) لأنّه قطع لسان الأخرس وفيه ثلث الدية كما في صحيحة بريد ابن معاوية عن الباقر (علیه السلام) «قال في لسان الأخرس وعين الأعمى وذكر الخصي وانثييه ثلث الدية» وعن أبي بصير عن أبي جعفر (علیه السلام) «قال:سأله بعض آل زرارة عن رجل قطع لسان رجل أخرس، فقال: إن كان ولدته أمه أخرس فعليه ثلث الدية» .

ص: 199


1- الوسائل باب 1 من أبواب ديات المنافع ح1.

السادس: صعر العنق

والمشهور أن في صعره _ الميل إلى أحد الجانبين _ دية كاملة(1)، وهو لا يخلو عن إشكال، فلا يبعد الرجوع فيه إلى الحكومة، نعم الصعر إذا كان على نحو لا يقدّر على الالتفات ففيه نصف الدية .

_______________________________________________________________

(1) والصعر كما في المتن الميل إلى أحد الجانبين بدون كسر، وما ذكره في الشرائع يقيد بالكسر(1)، فلم يدل عليه دليل بعد أن كان المدرك هو رواية مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال «قال: أمير المؤمنين (علیه السلام) قال رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلّم) في القلب إذا أُرعد فطار الدية، وقال رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلّم) في الصعر الدية، والصعر يثني عنقه فيصير في ناحية»(2).

ولكن لا يمكن العمل بالرواية من جهة ضعف السند بعدة من الأشخاص منهم سهل ومحمد بن حسن الشمون وعبد الله بن عبد الرحمن الأصم، وادّعى الشيخ في الخلاف الإجماع(3).

وقد عرفت حال هذه الإجماعات بأنّها محتمل أو مظنونة المدركية وادعى في الجواهر بقوله: بلا خلاف أجده بيننا بل عن الخلاف الإجماع عليهلقول رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلّم) في خبر مسمع (في الصعر) والصعر أن يثني عنقه في ناحية والعنق منجر(4).

وهذه الدعوى لا تدل على اتفاقهم على الحكم خصوصاً في المسائل التي لم تذكر في كلام الأصحاب والعجب من الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) حيث يقول والإجماع

ص: 200


1- شرائع الإسلام / 2 / 227.
2- الوسائل باب 11 من أبواب ديات المنافع ح1 .
3- الخلاف / 5 / 254 .
4- جواهر الكلام / 43/ 243 .

السابع: البعصوص

وفيه بحيث لا يملك استه الدية كاملة(1).

_______________________________________________________________

إن تم في المسألة فهو ولكنه غير تام(1).

أقول خصوصاً إجماعات الخلاف، وقوله الإجماع إن تم مع أن الإجماع ليس بحجة عنده، إذاً فهو ليس بتام عنده .

والعمدة رواية ظريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام) قال في الصدر «إذا رضّ فثني شقيه كليهما فديته خمسمائة دينار إلى أن قال: وإن اعترى الرجل من ذلك صعر لا يستطيع أن يلتفت فديته خمسمائة دينار»(2)، وعن الجواهر بعد نقل ذلك قال: إلا أني لم أجد عاملاً به منا كالقول بالحكومة المحكي عن الشافعي مضافاً إلى الإجمال في الثاني باعتبار احتمال اعجام عين الصدغ وضم جيم الرجل في الموضعين واهمال العين وتسكين الجيم مع كسر الراء أي إذا صدعت الرجل فلم يستطع أن يلتفت ما لم يحول رجله(3).(1) لصريح أقوال جملة من الأصحاب كما ذكر الرياض بقوله: كما في الكتب المتقدمة من غير خلاف لهم أجده وبه صرح الصيمري، بل زاد فقال: بل فتوى الأصحاب متطابقة، وبالشهرة صرح في المسالك والروضة قال: وكثير من الأصحاب لم يذكر فيه خلافاً وهذه العبارة ربما اشعرت بوجود ناقل للخلاف في المسألة ولم أعرفه وعلى تقدير وجوده فضعيف غايته إلى أن قال: ومع ذلك فيه إذهاب للمنفعة المهمة فيناسبه ايجاب الدية كاملة(4) .

ص: 201


1- مباني تكملة المنهاج / 2 / 450 .
2- الوسائل باب 13 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
3- جواهر الكلام / 43 / 243 _ 244 .
4- الرياض / 16 / 488 _ 489 .

الثامن: سلس البول

وفيه دية كاملة إن كان مستمراً(1).

_______________________________________________________________

ثم قال: المراد بالبعصوص عظم الورك وعظم رقيق حول الدبر وهو العصعص كما في مجمع البحرين(1) وغيره .

وبالعجان بكسر العين ما بين الخصية وحلقة الدبر بالفتح كما في الرواية(2).

منها: صحيحة سليمان بن خالد «قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل كسر بعصوصه فلم يملك أسته، ما فيه من الدية ؟ فقال دية كاملة»(3).

ومنها: معتبرة إسحاق بن عمار أو صحيحته «قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في الرجل يُضربعلى عجانه فلا يستمسك غائطه ولا بوله أن في ذلك الدية كاملة»(4).

ولا يخفى أنّ مقتضى القاعدة هو تعدد الدية لأن عدم التمسك من كل منهما يستوجب الدية، ولكن ظاهر الرواية التداخل .

(1) إذا لم يتمكن من إمساك البول تكون على الجاني الدية كاملة، كما مرّ في كسر العصص، ولا يخفى بأن الرواية وإن صرحت بالرجل، ولكن الحكم شامل للمرأة، نعم كما ورد من الروايات أن كل مورد ثبت فيه الدية للرجل فللمرأة النصف، ولا يخفى أنّه لا موضوعية لكسر البعصوص في موضوع الحكم فالموضوع عدم تملك الغائط أو البول على القاعدة من أن عليه ديتان .

ص: 202


1- مجمع البحرين / مادة عصص .
2- مجمع البحرين / مادة عجن .
3- الوسائل باب 9 من أبواب ديات المنافع ح1 .
4- الوسائل باب 9 من أبواب ديات المنافع ح2.

................................

ولكن ورد الدليل كما في معتبرة إسحاق في الرجل يضرب على عجانه ففيه التداخل والدية واحدة كما يأتي، قال في المسالك: المشهور بين الأصحاب ثبوت الدية في سلس البول وهو نزوله ترشيحاً لضعف القوة الماسكة(1)،

والعمدة الروايات.

منها: معتبرة إسحاق بن عمار «قال سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) يقول قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في الرجل يضرب على عجانه فلا يستمسك غائطه ولا بوله أن في ذلك الدية كاملة»(2)،

ومعتبرته الثانية عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: سأله رجل _ وأنا عنده _ عن رجل ضرب رجلاً قطع بوله، فقال له: إن كان البول يمر إلى الليل فعليه الدية لأنّه قد منعهالمعيشة، وإن كان إلى آخر النهار فعليه الدية، وإن كان إلى نصف النهار فعليه ثلثا الدية، وإن كان إلى ارتفاع النهار فعليه ثلث الدية»(3).

ومنها: معتبرة غياث بن إبراهيم عن جعفر عن ابيه (علیهم السلام) «أنّ علياً (علیه السلام) قضى في رجل ضُرب حتى سلس ببوله بالدية الكاملة»(4).

يقول الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) أنّه لا بأس بالالتزام بما هو مقتضى معتبرة إسحاق بن عمار الثانية من التفصيل بحسب الكبرى، إلا أن الظاهر عدم تحقق صغرى لها في الخارج، فإن اختصاص سلس البول الناشئ من الجناية بما إذا كان إلى نصف النهار أو ارتفاعه وإن كان ممكناً اتفاقاً إلا أن من الظاهر عدم تحققه في الخارج مستمراً الذي هو الموضوع للدية في مفروض الرواية(5).

وقال في كشف اللثام: الظاهر أن المراد بالدوام إلى الليل أو الظهر والضحوة

ص: 203


1- المسالك / 15 / 451 .
2- الوسائل باب 9 من أبواب ديات المنافع ح2.
3- الوسائل باب 9 من أبواب ديات المنافع ح3 .
4- الوسائل باب 9 من أبواب ديات المنافع ح4 .
5- المباني / 2 / 452 _ 453 .

التاسع: الصوت

وفي ذهابه كله من الغنن والبحح دية كاملة(1).

العاشر: أُدرة الخصيتين

وفيها أربعمائة دينار، وإن فحج أي تباعد رجلاه بحيث لا يستطيع المشي النافع له فديته أربعة أخماس دية النفس(2).

_______________________________________________________________

في كل يوم لا في يوم أو أيام لأن المعهود أن الدية وبعضها المقدّر إنما يجب في ذهاب العضو أو المنفعة رأساً وأن مع العود الحكومة مع أصل البراءة(1).

(1) أمّا الغنة فهي صوت في الخيشوم، قالوا: والنون أشد الحروف غنة ومن ذلك الأغن وهو الذي يتكلم من قبل خياشيمه يقال رجل أغن وامرأة غناء(2)،

والمسألة غير خلافية لما ورد في صحيحة يونس أنّه عرض على أبي الحسن الرضا (علیه السلام) كتاب الديات وكان فيه «ذهاب السمع كله ألف دينار، والصوت كله من الغنن والبحح الف دينار»(3).

والمراد من الغنن والبحح هو عدم التمكن من الجهر فلا ينافي في تكلمه اخفاتاً بحيث سمع نفسه، أو من يكون أقرب إليه من نفسه أي إلى أذنه منه، أمّا إذا ذهب مع ذهاب الصوت على الإطلاق فيجب فيه ديتان .

(2) يكون ذلك سبباً للانتفاخ وإن فحج أي حصل التباعد بين رجليه بانتفاخهما بحيث لا يتمكن من المشي بلا مشقة، قال في المسالك: الأدرة بضم الهمزة وسكون الدال انتفاخ الخصية يقال رجل آدر إذا كان كذلك والفحج هو تباعد أعقاب الرجلين مع تقارب صدورهما حال المشي، قال الجوهري: الفحج

ص: 204


1- كشف اللثام / 11 / 425 .
2- مجمع البحرين مادة غنن .
3- الوسائل باب 9 من أبواب ديات المنافع ح2 .

الحادي عشر: تعذر الانزال

المشهور: أن من أصيب بجانية فتعذر عليه الإنزال في الجماع ففيه دية كاملة، وفيه إشكال، فالأظهر أن فيه الحكومة(1).

_______________________________________________________________

بالتسكين مشية الأفحج وتفحّج في مشيه مثله(1)، تكون الدية أربعة أخماس ديةالنفس ثمانمائة دينار، كما ورد في رواية ظريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام) «قال: فإن أصيب رجل فآدر خصيتاه كلتاهما فديته اربعمائة دينار، فإن فحج فلم يستطع المشي إلا مشياً لا ينفعه فديته أربعة أخماس دية النفس ثمانمائة دينار»(2).

وقد ذكرنا أن رواية ظريف ضعيفة ولكن غير معرض عنها وعليها الشهرة، إذاً يحصل الاطمئنان بصحتها وحجية الاطمئنان أمر عقلائي كما ذكرناه في المباحث الأصولية(3)

فراجع .

(1) ونسب نفي الخلاف إلى الرياض بقوله: لو أصيب أحد بجنابة فتعذر عليه إنزال المني كان به الدية كاملة، بلا خلاف أجده(4)، فإن ثبت هذا فلا نحتاج إلى الدليل وهو دليل خامس كما عليه الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) ولكن قد استدل بأمور:

أولاً: شمول القاعدة العامة المتقدمة وهي قوله (علیه السلام) «في الإنسان واحد ففيه الدية كاملة»(5)بدعوى

شمولها للمنافع .

وفيه أنّه منصرف إلى الأعضاء ولا يعم المنافع .

ص: 205


1- مسالك الافهام / 15 / 437 .
2- الوسائل باب 18 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
3- شمس الأصول .
4- رياض المسائل / 16 /507 .
5- قد مر الحديث .

................................

ثانياً: الروايات، منها: موثقة سماعة عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: في الظهر إذا انكسر حتى لا ينزل صاحبه الماء الدية كاملة»(1)،

ومنها: موثقته الاخرى عن ابي عبد الله (علیه السلام) «قال: في الظهرإذا كسر حتى لا ينزل صاحبه الماء الدية كاملة»(2)، باعتبار أن الموضوع هو الإنزال ولكن الحق أن الدية كاملة لكسر الظهر وعدم الإنزال معرف لذلك، وأن الموضوع مركب منهما.

ثالثاً: قد يستدل على ثبوت الدية كاملة مع عدم تمكنه من الإنزال بصحيحة إبراهيم بن عمر عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في رجل ضرب رجلاً بعصا فذهب سمعه وبصره ولسانه وعقله وفرجه وأنقطع جماعه وهو حي، بست ديات»(3).

ودعوى انقطاع جماعه ظاهره عدم انتشار ذكره، لا بمعنى تعذر إنزاله مع التمكن من الدخول، إذاً إن تم ما ذكره الرياض فهو وإلا ما ذكره الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) بقوله: فالنتيجة لا دليل في المسألة فإن تم إجماع فيها فهو، ولكنه غير تام إذاً المرجع فيه الحكومة(4) لما عرفت إن كل ما لا تقدير فيه شرعاً ففيه الحكومة وفيه أن الإجماع وإن تم على سبيل الفرض فهو ليس بحجة حتى عنده (قدس سرُّه) بقوله إن تم إجماع فيها فهو، ولكنه غير تام(5) .

ص: 206


1- الوسائل باب 1 من أبواب الديات ح7 .
2- الوسائل باب 14 من أبواب الديات ح1 .
3- الوسائل باب 6 من أبواب ديات المنافع ح1 .
4- مباني تكملة المنهاج / 2 / 455 .
5- نفس المصدر .

الثاني عشر: دوس البطن

من داس بطن إنسان بحيث خرج منه البول أو الغائط فعليه ثلث الدية، أو يداس بطنه حتى يحدث في ثيابه(1).

_______________________________________________________________

(1) وعليه المشهور، وتدل عليه معتبرة السكوني عن أبي عبد الله(علیه السلام) «قال: رفع إلى أمير المؤمنين (علیه السلام) رجل داس بطن رجل حتى أحدث في ثيابه، فقضى عليه أن يداس بطنه حتى يحدث في ثيابه كما أحدث، أو يغرم ثلث الدية»(1).

ولابد من بيان أمور :

الأول: قد يقال بضعف السند لأن في سندها النوفلي، والسكوني عامي ولكن لا يضر عامية السكوني بعدما كان موثقاً، وأمّا النوفلي الذي يروي عن السكوني كثيراً فيُعدّ من المعاريف، وعمل بروايته في موارد مختلفة وذكر الشيخ عمل الأصحاب بروايته، أي الرواية التي في سندها ما عن السكوني، وهذا كافٍ في حصول الاطمئنان، ولذا قد عبر الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) بقوله: عنها بالمعتبرة(2).

الثاني: وقد استشكل في الدلالة، بأن مدلول هذه الرواية هو قضية في واقعة خاصة ولخفاء خصوصيتها فلا يمكن التعدي واستفادة العموم، ولكن إن تصدى الإمام (علیه السلام) وإن كانت قضية في واقعة ولكن ظاهرها بيان حكم كلي لا نقل قضيته خاصة، فلا يرد الإشكال بأنه كيف يمكن القصاص وهو تغرير في النفس ؟ وقد ذكرنا لو كان هناك رواية لها جملتان فهما بمنزلة روايتين وإن كانت أحدهما غير تامة، فالثانية تامة، أي أن الحد إن كان غير ممكن للتغرير، ولكن إعطاء الدية ممكن .

ص: 207


1- الوسائل باب 20 من أبواب قصاص الاطراف ح1 .
2- مباني تكملة المنهاج / 2 / 456 .

الثالث عشر: خرق مثانة البكر

المشهور أن من افتض بكراً بأصبعه فخرق مثانتها فلم تملكبولها فعليه ديتها كاملة، ولكنه لا يخلو عن إشكال فالأظهر أن فيه ثلث ديتها(1)، وفيه أيضاً مثل مهر نساء قومها .

_______________________________________________________________

(1) المشهور الدية الكاملة أي خمسمائة دينار، واستدلالهم يكون برواية هشام إبراهيم عن أبي الحسن (علیه السلام) لها الدية(1)،

وهي ضعيفة سنداً من جهة الإرسال وأن في السند هشام هو مردد بين الضعيف والثقة، وأن الرواية ذكرت في سلس البول أن فيه الدية كاملة، وذكر الصدوق بأسناده إلى كتاب ظريف، إلا أنّه قال في آخره وأكثر روايات أصحابنا في ذلك الدية الكاملة ولعله نظره إلى روايات السلس .

ولكن هذه الروايات ترفع اليد عنها برواية ظريف بما رواه الشيخ والصدوق في كتاب ظريف في رجل اقتض جارية بأصبعه فخرق مثانتها فلا تملك بولها، فجعل لها ثلث الدية مائة وستة وستين ديناراً وثلثي دينار وقضى (علیه السلام) لها عليه بصداق مثل نساء قومها(2)،

وتكون ثلث الدية لا دية كاملة للمرأة، مضافاً إلى وجوب المثل كما في المعتبرة .

ص: 208


1- الوسائل باب 30 من أبواب ديات الاعضاء ح3 .
2- الوسائل باب 30 من أبواب ديات المنافع ح2 .

الرابع عشر: الافضاء

المسألة 358: في افضاء المرأة دية كاملة إذا كان المفضي أجنبياً(1).

_______________________________________________________________

(1) ومعنى الافضاء كما في مجمع البحرين أن يصير المسلكان الحيض والغائط واحد(1)وقيل هو أن يخرق الحاجز بين مخرج البول ومخرج الحيض كما في المبسوط والسرائر والفاضل في القواعد والشهيدين في اللمعتين(2).

لا يخفى بأن المفضي تارة يكون زوجها فسيأتي بيانه، وأخرى يكون أجنبياً، أمّا في صورة الثانية أي إذا كان أجنبياً فدية كاملة، والمسألة غير خلافية، وذلك لصحيحة سليمان بن خالد «قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل كسر بعصوصه فلم يملك أسته، ما فيه من الدية ؟ فقال: الدية كاملة، وسألته عن رجل وقع بجارية فأفضاها وكانت إذا نزلت بتلك المنزلة لم تلد، فقال: الدية كاملة»(3)

وروي عن الصدوق بأسناده إلى أمير المؤمنين (علیه السلام) أنه قضى في امرأة افضيت بالدية(4)بلا فرق بين أن يكون وطي شبه أو غير ذلك، وسواء كانت مطاوعة أو مكرهة، وأمّا الزانية لا تستحق المهر ولا دية الجناية .

ص: 209


1- مجمع البحرين / مادة فضض .
2- رياض المسائل / 16 / 484 .
3- الوسائل باب 9 من أبواب ديات المنافع ح1 .
4- الفقيه / 4 / 111 / 377 .

وأمّا إذا كان المفضي زوجها فإن أفضاها ولها تسع سنين فلا شيء عليه، وإن أفضاها قبل بلوغ تسع سنين فإن طلقها فعليه الدية، وإن أمسكها فلا شيء عليه(1).

_______________________________________________________________

(1) وأمّا إذا كان المفضي زوجها فتارة تكون بالغة، وأخرى غير بالغة فأمّا إذا كانت بالغة بإكمالها تسع سنين ففي هذه الصورة لا يجب على زوجها شيء .

وأمّا في صورة ما إذا افضاها قبل البلوغ، أولاً يحرم على زوجها وطئها قبل إكمال تسع سنين فيتعلق بالإفضاء إعطاء الدية، فهل إعطاء الدية مطلق أو لا، بل إذا طلقها بعد الإفضاء ؟ فالمشهور بين الأصحاب ثبوت الدية مع الإمساك أيضاً، وفي الرياض: لو كان إفضاء الزوج زوجته قبل البلوغ ضمن الدية كاملة لما عرفت من إطلاق الفتوى، مضافاً إلى التصريح به في الصحيح وغيره المتقدمتين .

لكن فيهما أنّه لا شيء عليه لو أمسكها ولم يطلقها والشيء المنفي يعم الدية أيضاً، ولكن لم أجد به قائلاً وبه صرح خالي العلامة المجلسي رحمه الله بل زاد فقال ولم يقل به أحد، وحمل على ما سوى الدية، أما هي فتجب عليه بلا شبهة(1).

وقد ورد على خلاف ذلك صحيحة حمران عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: سئل عن رجل تزوج جارية بكر لم تدرك فلما دخل بها اقتضها فافضاها فقال (علیه السلام) إن كان دخل بها حين دخل بها ولها تسع سنينفلا شيء عليه وإن كانت لم تبلغ تسع سنين أو كان لها أقلّ من ذلك بقليل حين دخل بها فاقتضها فإنّه أفسدها وعطّلها على الزواج فعلى الإمام أن يغرمه ديتها، وإن أمسكها ولم يطلقها حتى تموت فلا شيء عليه»(2).

ص: 210


1- رياض المسائل / 16/486 .
2- الوسائل باب 45 من أبواب مقدمات النكاح ح9 .

................................

والرواية صحيحة وإعراض المشهور عنها وعدم العمل بها لا يضر فما نقله الرياض عن المجلسي لا يكون مضراً، ولكن أصل الاعراض محل كلام حيث أن المسألة لم يتعرضوا لها اصلاً، وبهذا تقيد صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: من وطأ امرأته قبل تسع سنين فأصابها عيب فهو ضامن»(1).

ثم إن دخول الزوج بزوجته غير جائز لعدم بلوغها، أمّا النكاح قبل البلوغ فجائز، كما في جملة من الروايات .

منها: صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: إذا تزوّج الرجل الجارية وهي صغيرة فلا يدخل بها حتى يأتي لها تسع سنين»(2)

.

ومنها: موثقة طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي (علیهم السلام) «قال: من تزوج بكراً فدخل بها في أقلّ من تسع سنين فعيبت ضمن»(3).

ومنها: صحيحة ابن أبي عمير عن غير واحد عن أبي عبد الله «قال: حد البلوغ للمرأة تسع سنين» .

فهل لابد من بطلان الزوجية بالطلاق ؟ قد يقال تبطل الزوجية بالإفضاء ولا يحتاج إلى الطلاق .ويدل على ذلك مرسلة يعقوب بن يزيد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله «قال: إذا اغتصب الرجل أمة فافتضها فعليه عشر قيمتها، وإن كانت حرة فعلية الصداق»(4)،

إذاً حرمة الدخول غير محتاجة إلى الطلاق، وأمّا عدم البقاء الزوجية يحتاج إلى الطلاق .

ص: 211


1- الوسائل باب 45 من أبواب مقدمات النكاح ح5 .
2- الوسائل باب 45 من أبواب مقدمات النكاح ح1 .
3- الوسائل باب 45 من أبواب مقدمات النكاح ح6 .
4- الوسائل باب 45 من أبواب ما المهر ح2 .

المسألة 359: إذا أكره المرأة فجامعها فأفضاها فعليه الدية والمهر معاً(1)، وهل يجب عليه أرش البكارة _ إذا كانت بكراً _ زائداً على المهر؟ قيل يجب وهو ضعيف، فالصحيح عدم وجوبه .

_______________________________________________________________

(1) لما ورد في الإفضاء من الدية والمهر، هذا إذا كانت مكرهة، أمّا إذا كانت مطاوعة فتكون زانية فيسقط مهرها، نعم تستحق دية الإفضاء، وقد يقال بأنّها إذا كانت باكراً تستحق ثلاثة أمور وهي المهر، والدية، وأرش بكارتها، زائداً على المهر .

وفيه أنّه لا دليل عليه وأرش البكارة تدخل في مهر المثل، وقال البعض لابد من أرش البكارة زيادة على الدية والمهر وذلك لتعدد الأسباب الذي يستوجب تعدد المسبب .

ونسب إلى الشيخ بقوله: وإذا ثبت هذا نظرت فإن كانت ثيباً فلا كلام، وإن كانت بكراً وجب المهر والدية، وقال قوم لا يجب أرش البكارة فأنّه يدخل في دية الإفضاء، ومنهم من قال يجب أرش البكارة وهو مذهبنا لأنّه لا دليل على دخوله في أرش الافضاء(1).والوجه الصحيح هو أن أرش البكارة تدخل في المهر، فلا يكون تفويت هذا الجزء، ولا يكون خلاف قاعدة التعدد، وتدل على عدم وجوب الأرش روايتان .

الأولى: معتبرة طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي (علیه السلام) «قال إذا اغتصب الرجل أمة فاقتضها فعليه عشر قيمتها، وإن كانت حرة فعليه الصداق»(2).

والثانية: وصحيحة عبد الله بن سنان «قال، قلت: لأبي عبد الله (علیه السلام) جعلت فداك ما على رجل وثب على امرأة فحلق رأسها ؟ قال: يضرب ضرباً وجيعاً، ويحبس في سجن المسلمين حتى يستبرأ شعرها، إلى أن قال: فقال يابن سنان أن

ص: 212


1- المبسوط / 5 / 172 .
2- الوسائل باب 45 من أبواب المهور ح2 .

الخامس عشر: تقلص الشفتين

قال الشيخ أن فيه دية كاملة، وهو لا يخلو عن اشكال، والاظهر أن فيه الحكومة(1).

_______________________________________________________________

شعر المرأة وعذرتها شريكان في الجمال، فإذا ذهب بأحدهما وجب لها المهر كملاً»(1)،

وبما أنّها وردتا في مقام البيان، ولم يذكرا الأرش زائداً على المهر فتدلان على عدم وجوبه .

(1) معنى التقلص أي جمعت بالجناية فصارت كاليابسة، وما عن مجمع البحرين بقوله: ومنه من علامات الميت تقلص شفتاه أي تنضم وتنزوي(2) فعنالشيخ في المبسوط بقوله: فأمّا إن جنى عليها جانٍ فيبستا حتى صارتا مقلصتين لا تنطبقان على الأسنان أو استرختا فصارتا لا يتقلصان عن الأسنان إذ كشر أو ضحك ففيهما الدية لأنّهما في حكم المتلفتين، ولا يبقى فيهما منفعة بجمال، فإن لم تيّبسا بكل حال ولكن تقلصتا بعض التقلص ففيه الحكومة وقال بعضهم فيه الدية بالحصة، والأول أقوى لأنّ هذا يتعذر الوصول إليه(3).

ولكن الحق لابد من الحكومة لعدم تعيين مقدّر لها والتقلص لا يصدق عليه التلف، بل نوع عيب يحدث بجناية جانٍ، وحيث لا مقدّر لها شرعاً فلابد من الحكومة وليس بمعنى المسترخاة التي تعتبر شلل، لأن فيها ثلثا دية الشفة لأن الجنابة على عضو الموجبة شلله فيها ثلثا دية العضو، أمّا التقلص لم يرد فيه تعيين الدية فلابد من الحكومة .

ص: 213


1- الوسائل باب 30 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
2- مجمع البحرين مادة قلص .
3- المبسوط / 5 / 151 _ 152 .

السادس عشر: شلل الأعضاء

في شلل كل عضو ثلثا دية العضو، إلا الذكر فإن في شلله الدية الكاملة(1).

_______________________________________________________________

(1) لا يخفى بأن المسألة غير خلافية، وفي صحيح الخلاف كما في قوله: كل عضو فيه مقدر إذا جنى عليه فصار أشل وجب فيه ثلثا ديته(1)ويمكن أن يستظهر من صحيحة فضيل بن يسار «قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الذراع إذا ضرب فانكسر من الزند، قال، فقال: إذا يبست منه الكف فشلت أصابع الكف كلها فأن فيها ثلثي الدية دية اليد، قال: وإنشلت بعض الأصابع وبقي البعض فإن في كل أصبع شلت ثلثي ديتها، قال: وكذلك الحكم في الساق والقدم إذا شلت أصابع القدم»(2).

ولا يخفى بأن قوله: الحكم في الساق يعني أن الحكم بثلثي الدية في العضو فإنّه حكم الشلل وأنّه غير مختص بمورده من قطع العضو المشلول ثلث ديته، فيكون مجموع شلله وقطعه تمام الدية .

ويعارض هذه الصحيحة بأن في شلل الأصابع مع تمام ديتها وكذلك في شلل اليدين، ففي صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (علیه السلام) «في إصبع عشر الدية إذا قطعت من أصلها أو شلت، قال: وسألته عن الإصابع أهنّ سواء في الدية ؟ قال: نعم»(3)

وفي موثقة زرارة عن أبي عبد الله (علیه السلام) «في الأصبع عشر من الإبل إذا قطعت من أصلها أو شلت»(4)،

ولكن هذه الروايات لا يمكنها أن تعارض صحيحة الفضيل،

ص: 214


1- الخلاف / 5 / 261 .
2- الوسائل باب 39 من أبواب ديات الأعضاء ح5 .
3- الوسائل باب 39 من أبواب ديات الأعضاء ح3 .
4- الوسائل باب 39 من أبواب ديات الأعضاء ح8 .

المسألة 360: المشهور في انصداع السن ثلثي ديتها، وهذا هو الأظهر إن وصلت إلى حد الشلل، وإلا ففيه الحكومة(1) .

_______________________________________________________________

بل لابد من الأخذ بالصحيحة وطرح هذه الروايات لأنّها موافقة للعامة .

وأمّا ما ورد عن يونس في كتاب الديات عن أبي الحسن الرضا (علیه السلام) لا ينافي ذلك فأن تصديقه (علیه السلام) بأن ما فيه عن علي (علیه السلام) معناه ليس ما فيه حكماً واقعياً لأن أمير المؤمنين (علیه السلام) أيضاًفي كثير من الموارد في زمان خلافته كان مبتلى بالتقية، ولعل ما فيه من جهة رعاية التقية .

ولكن مع ذلك بناءً على أن دية المشلول للدليل كما في معتبرة السكوني عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: قال أمير المؤمنين (علیه السلام) في ذكر الصبي الدية، وفي ذكر العينين الدية»(1)،

وهكذا صحيح إبراهيم بن عمر إلى أن يقول «وانقطع جماعه وهي في ست ديات»(2)

فإن انقطاع الجماع عبارة أخرى عن العنن والشلل .

(1) لما ذكرنا بأن القاعدة الكلية لكل عضو شل ففيه دية، وإن لم يدخل في الشلل فلابد من الحكومة لعدم مقدّر له وصدق الشلل على السن المتصدع محل كلام، إلا بما أنّه لم يكن لسن المتصدع نفع يدخل في الشلل .

ص: 215


1- الوسائل باب 35 من أ بواب ديات الأعضاءح2 .
2- قد مر الحديث .

فصل دية الشجاج والجراح

اشارة

الشجاج: هو الجرح المختص بالرأس والوجه وهو على أقسام:

الأول: الخارصة

الأول: الخارصة، وقد ويعبر عنها بالدامية، وهي التي تسلخ الجلد ولا تأخذ من اللحم وفيها بعير أي جزء من مائة جزء من الدية(1) .

_______________________________________________________________

(1) المراد من الشجاج جرح الرأس والوجه ويطلق الجراح على جرح سائر الأعضاء، وقال في المسالك: الشجاج بكسر الشين جمع شجة بفتحها وهي الجرح المختص بالرأس والوجه ويسمى في غيرهما جرحاً بقول مطلق(1)

وللشجاج ثمانية أقسام والدية في كل منها مختلفة عن الدية في الأخرى، الأول الخارصة وهي التي تقشر الجلد ولم تأخذ من اللحم شيء وموضع الخدش وديتها بعير وليس المراد البعير بخصوصه، بل جزء من مائة جزء ومن دية النفس، وإن عبر بلفظ البعير ولكن يظهر أنّه لا خصوصية للبعير كما هو الظاهر من صحيحة معاوية بن وهب «قال: سألت أبا عبد الله عن الشجة المأمومة،فقال: ثلث الدية، والشجة الجائفة ثلث الدية»(2).

ص: 216


1- مسالك الافهام / 15/452 .
2- الوسائل باب 2 من أبواب ديات الشجاج والجراح ح12.

الثاني: الدامية

وقد يعبر عنها بالباضعة، وهي التي تأخذ من اللحم يسيراً وفيها بعيران(1).

_______________________________________________________________

ولا يخفى بأنّه حكي عن الإسكافي فنصف بعير وهو شاذ ومستنده غير واضح وإطلاق النص وأكثر الفتاوى يقتضي عدم الفرق بينه كون المشجوج ذكراً أو أنثى حراً أو مملوك(1) وقد ورد في صحيحة منصور بن حازم عن أبي عبد الله (علیه السلام) «في الخرصة شبه الخدش بعير، وفي الدامية بعيران، وفي الباضعة وهي ما دون السمحاق ثلاث من الإبل، وفي السمحاق وهي ما دون الموضحة أربع من الإبل، وفي الموضحة خمس من الإبل»(2).

وهل الخارصة والدامية بمرتبة واحدة ؟ الظاهر لا، ولكن يظهر من الرواية أن الدامية في مرتبة ثانية لأن الدية في الخارصة بعير وفي الدامية بعيران .

(1) والدامية هي التي تدمي وضعها من الشق والخدش أي فيما إذا جرى الدم على موضعها، وقد جعلها الشيخ في النهاية مرادفة مع الخارصة ولكن حسب ما ورد في رواية منصور بن حازم عن أبي عبد الله (علیه السلام) بقوله «في الخرصة شبه الخدش بعير وفي الدامية بعيران»(3)، أنّها فيالمرتبة الثانية ومقابلة للخارصة، فعلى أي حال يظهر من رواية منصور أنّها قسم من الباضعة، وفي معتبرة السكوني عن أبي عبد الله (علیه السلام) «إن رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلّم) قضى في الدامية بعيراً وفي الباضعة بعيرين، وفي المتلاحمة ثلاثة أبعرة، وفي السمحاق أربعة أبعرة»(4)، فهي في المتربة الثانية على الخارصة .

ص: 217


1- رياض المسائل / 16/ 510 _ 511.
2- الوسائل باب 2 من أبواب ديات الشجاج والجراح ح14.
3- الوسائل باب 2 من أبواب الشجاج والجراح ح12 .
4- الوسائل باب 2 من أبواب ديات الشجاج والجراح ح 8 .

الثالث: الباضعة

وقد يعبر عنها بالمتلاحمة، وهي التي تأخذ من اللحم كثيراً، ولا تبلغ السمحاق، وفيها ثلاثة أباعر(1).

الرابع: السمحاق

وهو الذي يبلغ الجلد الرقيق بين العظم واللحم، وفيه أربعة من الإبل(2).

_______________________________________________________________

(1) للروايات، منها: صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: في الموضحة خمس من الأبل، وفي السمحاق أربع من الإبل، والباضعة ثلاث من الإبل، والمأمومة ثلاث وثلاثون من الإبل، والجائفة ثلاث وثلاثون والمنقلة خمس عشرة من الإبل»(1)،

ومنها: وصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (علیه السلام) أنّه «قال: في الباضعة ثلاث من الابل»(2).(2) المسمحاق وهي التي تبلغ السمحاقة وهي جلدة مغشية للعظم وفيها أربعة أباعر، وقال في المسالك: أمّا السمحاق هي الشبحة التي تبلغ الجلدة التي بين اللحم والعظم ويقال لتلك الجلدة السمحاق، وقيل كل جلدة رقيقة فهي سمحاق وتسمى هذه الجلدة الملطي والملطات واللاطية والمشهور عند الفقهاء أنّها تسمى السمحاقة بالهاء(3).

والمسألة غير خلافية، وقد ادعوا الإجماع بقسميه وقد وردت فيها روايات .

منها: عن منصور بن حازم إلى أن يقول «وفي السمحاق دون الموضحة من الإبل».

ص: 218


1- الوسائل باب 2 من أبواب ديات الشجاج والجراح ح4 .
2- الوسائل باب 2 من أبواب ديات الشجاج والجراح ح1 .
3- مسالك الافهام / 15 / 455 .

الخامس: الموضحة

وهي التي توضح العظم وفيها خمس من الإبل(1).

السادس: الهاشمة

وهي التي تهشم العظم، وفيها: عشرة من الإبل، ويتعلق الحكم بالكسر وإن لم يكن جرحاً(2).

_______________________________________________________________

ومنها: معتبرة السكوني إلى أن يقول «وفي السمحاق أربعة أبعرة» وغيرها(1).

(1) الموضحة وهي التي تكشف عن وضح العظم بياضه وتقشرالسمحاقة، وفيها خمسة، أبعرة يقول في الرياض: بلا خلاف على الظاهر المصرح به في الغنية وحكى عن الخلاف وغيره للصحاح والموثق القريب منها وغيرها من المستفيضة(2).

المسألة غير خلافية كما في صحيحة منصور المتقدمة .... إلى أن يقول «وفي الموضحة خمس من الإبل»، وصحيحة الحلبي «وفي الموضحة خمس من الإبل» وغيرها .

(2) الهاشمة هي التي تهشم العظم وديتها عشر من الإبل، وهنا أيضاً المسألة غير خلافية .

ولا يخفى بأن الحكم متعلق بنفس كسر العظم ولو لم يكن هناك جرح ويدل عليه معتبرة السكوني أن علياً (علیه السلام) «قضى في الهاشمة بعشر من الإبل»(3)

.

ولكن إن ذكر المعتبرة للسكوني محل تأمل، لأنّه لم يذكر السكوني الواسطة للرواية عن قضاء أمير المؤمنين (علیه السلام) حتى يصدق عليها معتبرة لأنّه غالباً يذكر عن أبي عبد الله (علیه السلام) .

ص: 219


1- قد مرت الروايات .
2- رياض المسائل / 16 / 515 .
3- الوسائل باب 2 من أبواب دية الشجاج والجراح ح4 .

السابع: المنقلة

وهي التي تنقل العظم من الموضع الذي خلقه الله تعالى إلى موضع آخر، وفيها خمس عشرة من الإبل(1)، والحكم متعلق بالنقل وإن لم يكن جرحاً(2).

_______________________________________________________________

ويمكن أن يستدل لكسر العظم ولو لم يكن هناك شجة كما ورد في صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال في الموضحة خمس من الإبل وفي السمحاق أربع من الإبل والباضعة ثلاث من الإبل والمأمومة ثلاث وثلاثون من الإبل والجائفة ثلاث وثلاثون والمتنقلة خمس عشرة من الإبل»(1).

(1) والمنقلة هي نقل العظم من محل إلى محل آخر، والمسألة غير خلافية ولا يمكن فيها القصاص، فلابد من الدية خمسة عشر بعيراً كما ورد في صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: في الموضحة خمس من الإبل وفي السمحاق أربع من الإبل، والباضعة ثلاث من الإبل، والمأمومة ثلاث وثلاثون من الإبل والجائفة ثلاث وثلاثون من الإبل، والمنقلة خمس عشرة من الإبل»(2) ومعتبرة أبي مريم «قال: قال ليّ أبو عبد الله إن رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلّم) قد كتب لابن حزم كتاباً فخذه منه فأتني به حتى أنظر إليه، قال فانطلقت إليه فأخذت منه الكتاب ثم أتيته به فعرضته عليه، فإذا فيه أبواب الصدقات وأبواب الديات، فإذا فيه: في العين خمسون، وفي الجائفة الثلث، وفي المنقلة خمس عشرة، وفي الموضحة خمس من الإبل»(3).

(2) لعدم الملازمة .

ص: 220


1- الوسائل باب 2 من أبواب دية الشجاج والجراح ح4 .
2- الوسائل باب 2 من أبواب ديات الشجاج والجراح ح4 .
3- الوسائل باب 2 من أبواب ديات الشجاج والجراح ح13 .

الثامن: المأمومة

وهي التي تبلغ أم الدماغ، وفيها ثلث الدية ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار ويكفي فيها ثلاث وثلاثون من الإبل، وكذا الحال في الجائفة(1).

_______________________________________________________________

(1) والمسألة غير خلافية، أي أنّها تبلغ أم الرأس أي الخريطة التي تجمع الدماغ وتغشاه فيها ثلث الدية، فتكون ثلاثمائة وثلاثون دينار وثلث دينار، وهو من الإبل ثلاثة وثلاثون إبلاً من غير حاجة إلى ضم ثلث بعير وهكذا بالنسبة إلى الجائفة وهي التي تصل إلى الجوف من أي الجهات كان ولو من ثغرة النحر، وفيها ثلث الدية ولا قصاص فيها .

ويدل عليها صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: ففي الموضحة خمس من الإبل، وفي السمحاق أربع من الإبل، والباضعة ثلاث من الإبل، والمأمومة ثلاث وثلاثون من الإبل، والجائفة ثلاث وثلاثون والمنقلة خمس عشرة من الإبل»(1)وفي

صحيحة معاوية بن وهب «قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الشجة المأمومة ثلث الدية والشجة الجائفة ثلث الدية»(2)، وفي هذه الرواية إن لم ينقل في الصحيحة الإبل لأنّه نقله في صحيحة الحلبي وهو كاف .

ص: 221


1- الوسائل باب 2 من أبواب دية الشجاج والجراح ح4 .
2- الوسائل باب 2 من أبواب دية الشجاج والجراح ح12 .

المسألة 361: في ما ذكرناه من المراتب تدخل المرتبة الدانية في المرتبة العالية إذا كانتا بضربة واحدة، وأمّا إذا كانتا بضربتين فلكل منهما دية من دون فرق بين أن تكونا من شخص واحد أو شخصين(1).

_______________________________________________________________

(1) لا يخفى بأن الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) يقول: مضافاً إلى أن التعدد يحتاج إلى دليل ولا دليل في المقام(1)، ولكن في الواقع أن التعدد هو طبق القاعدة لأن الأصل عدم التداخل، ولكن ورد في صحيحة أبي عبيدة الحذاء عن أبي جعفر (علیه السلام) حيث ورد فيها «فما ترى عليه في الشجة شيئاً، قال: لا لأنّه إنما ضربه ضربة واحدة فجنت الضربة جنايتين فألزمته أغلظ الجنايتين وهي الدية، ولو كان ضربه ضربتين فجنت الضربتان جنايتين لألزمته جناية ما جنتا كائناً ما كان إلا أن يكون فيهما الموت، فيقاد ضاربه»(2)

إذاً لو ضرب ضربة واحدة فشملت المرتبة الدانية والأعلى منها فتدخل الدانية في العالية.

وأمّا إذا كانتا ضربتين من شخص واحد فلكل منهما دية، أي تتعدد الدية لصحيحة أبي عبيدة «قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن رجل ضرب رجلاً بعود فسطاط على رأسه إلى أن قال: ولو كان ضربه ضربتين فجنت الضربتان جنايتين لألزمته جناية ما جنتا كائناً ما كان» .

ص: 222


1- مباني تكملة المنهاج / 2 / 472 .
2- الوسائل باب 7 من ابواب ديات المنافع ح1 .

المسألة 362: لو أوضح موضحتين فلكل منهما ديتها(1)، ولو أوصل آخر إحدى الموضحتين بالأخرى بجناية ثالثة فعليه ديتها(2)، ولو كان ذلك بفعل المجني عليه فهي هدر، وإن كان ذلك بفعل الجاني أو بالسراية فهل هذا يوجب اتحاد الموضحتين أو هو موضحة ثالثة أو فيه تفصيل وجوه، بل أقوال والأقرب أنّه موضحة ثالثة إذا كان بفعل الجاني ولا شيء عليه إذا كان بالسراية .

المسألة 363: إذا اختلفت مقادير الشجة في الضربة الواحدة أخذت دية الأبلغ عمقاً كما إذا كان مقدار منها خارصة، ومقدار منهما متلاحمة، والأبلغ عمقاً موضحة، فالواجب هو دية الموضحة(3) .

_______________________________________________________________

(1) أي لكل منهما خمس من الإبل .

(2) لأن إلحاقها بما إذا كانت الموضحة من الأول وموسعة طولاً بضربة واحدة فيكون من القياس مع الفارق .

وأمّا إذا كان الوصول بفعل المجني عليه فيلزم هدراً، وهكذا لو كان بالسراية فلا يزيد على الجاني شيء فليست هناك جناية ثالثة، بل هي جناية أخرى غاية الأمر أصبحت متسعة دائرتها بالجناية .

وأمّا إذا كانت من الجاني فإنّه لا يوجب زوال الحكم تعدد الجنايتين بعدما وقع من الجاني، إذاً تكون هي جناية ثالثة بعد بقاء الجانيتين الأُوليين على حالهما فللثالثة حكمهما .(3) للتداخل لأن الموضحة شاملة للخارصة والدامية، ولأنه إذا فرض كلها موضحة لم تزد الدية بل تؤخذ فقط دية الموضحة، لأنها لا تختلف باختلاف المقدار من جهة السعة والضيق، فإذا كان بعض أقلّ من الموضحة فبطريق اولى لابد

ص: 223

المسألة 364: إذا جرح عضوين مختلفين لشخص كاليد والرأس كان لجرح كل عضو حكمه، فإن كان جرح الرأس بقدر الموضحة _ مثلاً _ و جرح الآخر دونها(1)، ففي الأول دية الإيضاح، وفي الثاني دية ما دونه .

ولا فرق في ذلك بين أن يكون الجرحان بضربة واحدة أو بضربتين، ولو جرح موضعين من عضو واحد كالرأس أو الجبهة أو نحو ذلك جرحاً متصلاً ففيه دية واحدة(2) .

_______________________________________________________________

له من دفع الموضحة .

(1) وذلك لتعدد الجرحين، وإن كان جرح أحدهما أقلّ سعة من الآخر أي أحد الجرحين موضحة والآخر دون ذلك فيدفع دية الموضحة، وما دون ذلك بلا فرق بين أن يكون الجرحان بضربة واحدة، أو بضربتين .

أمّا إذا كانا بضربتين فمعلوم لأن الأصل عدم التداخل، وأمّا بضربة واحدة أيضاً للقاعدة وعدم التداخل وإطلاق الأدلة .

(2) لأنه يُعدّ جرحاً واحداً عرفاً .

ص: 224

المسألة 365: لو جنى شخص بموضحة فجنى آخر بجعلها هاشمة وثالث منقلة ورابع مأمومة، فعلى الأول خمس من الأبل وقيل على الثاني خمس من الأبل، _ أي ما به التفاوت بين الموضحة والهاشمة _ وعلى الثالث ما به التفاوت بين الهاشمة والمنقلة، وعلى الرابع ثمان عشر من الأبل، وفيه إشكال والأظهر أن على الثاني تمام دية الهاشمة، وعلى الثالث تمام دية المنقلة، وعلى الرابع تمام دية المأمومة(1) .

_______________________________________________________________

(1) وعليه بعض الفقهاء كالمحقق بقوله: ولو جنى عليه موضحة فاتمها آخر هاشمة، وثالث منقلة، ورابع مأمومة، فعلى الأول خمسة، وعلى الثاني ما بين الموضحة والهاشمة خمسة أيضاً، وعلى الثالث ما بين الهاشمة والمنقلة خمسة أيضاً، وعلى الرابع تمام دية المأمومة ثمانية عشر بعيراً(1)،

والعلامة في التحرير بقوله: لو اوضحه فاتمها آخر هاشمة، وثالث منقلة، ورابع مأمومة فعلى الأولى خمسة وعلى الثاني ما بين الموضحة والهاشمة خمسة أيضاً(2)

والاردبيلي لو شج شخص موضحة فعليه خمس إبل، ثم جعل شخص آخر تلك الموضحة هاشمة فكأنما فعلاها معاً فديتها عليهما معاً، فعلى كل واحد نصف وعلى الثاني أيضاً خمس إبل ولو جعلها ثالث منقلة فديتهما خمسة عشر إبلاً فيعطي الثالث خمسة مثلها لما مرّ، وإن جعلها رابع مأمومة فعليهثمانية عشر بعيراً(3)،

ولكن لا يمكن المساعدة عليه، لأنّه من أحدث شجة خارصة فعليه تمام دية ذلك الشجة، ومن أحدث مأمومة فعليه ديتها، وهكذا بالنسبة إلى الهاشمة فعليه ديتها، ولو أحدث المنقلة فعليه ديتها لإطلاق ما ورد من الروايات ولإطلاق الشجة .

ص: 225


1- شرائع الاسلام / 4 / 519 .
2- تحرير الاحكام / 5 / 618 .
3- مجمع الفائدة والبرهان / 14/464 .

وعلى الرابع ثمان عشرة من الأبل وفيه إشكال، والأظهر أن على الثاني تمام دية الهاشمة، وعلى الثالث تمام دية المنقلة، وعلى الرابع تمام دية المأمومة(1) .

المسألة 366: الجائفة وهي التي تصل الجوف بطعنة أو رمية فيها ثلث دية النفس ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار ولا تختص بما يدخل جوف الدماغ، بل يعم الداخل في الصدر والبطن أيضاً(2) .

_______________________________________________________________

يقول الاستاذ (قدس سرُّه)عدا ما قيل من أن الدية كالعشر من الإبل إنما تجب في الهاشمة إذا كان الهشم مع الإيضاح فلو أوضح ثم هشم فعليه خمس من الإبل بإزاء الإيضاح وخمس بإزاء الهشم .

وفيه أنّه مناف لإطلاق ما دل على أن في الهشم عشر من الإبل ومقتضاه أن العشرة بإزاء الهشم، غاية الأمر أنّه إن كان الإيضاح معه بضربة واحدة فلا دية فيه وإنما الدية على أغلظ الجنايتين، وهو الهشم في المفروض المقام بمقتضى ما تقدم، وإن كان الإيضاح بضربة أخرى كما لو أوضح أولاً ثم هشمففيه دية زائدة على دية الهشم، ولا يفرق في ذلك بين أن يكون الجاني واحداً أو متعدداً، مضافاً إلى ما تقدم من الدية في الهشم تترتب على الكسر وإن لم يكن جرح وكذا الحال في المنقلة(1).

(1) كما مرّ .

(2) في أي جهة من جهات الجسد، بل على نحو يصل الجرح جوف الجسد للإطلاق، وفي المقنعة: ولا قصاص في الجائفة وهي الجراحة التي تصل إلى الجوف وفيها الدية كدية المامومة في الشجاج(2)، وفي كلام الكليني أن المأمومة هي التي تبلغ

ص: 226


1- مباني تكملة المنهاج / 2 / 476 .
2- المقنعة / 766 .

................................

أم الدماغ ثم الجائفة وهي التي تصير في جوف الدماغ(1)، وعن المحقق الاردبيلي: ويحتمل أن يكون المراد جوف الرأس وأن يصل إلى أم الرأس، واجافه فيكون فيها تمام الدية، إن قتلت وإن لم تكن قاتلة يكون ثلث الدية مثل المأمومة فلا فرق في الرأس بينهما كما فهم من الرويات، فإن الظاهر أنّها في الرأس أيضاً ويحتمل الأعم فتأمل(2).

لصحيحة معاوية بن وهب «قال سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الشجة المأمومة، فقال: ثلث الدية، والشجة الجائفة ثلث الدية»(3)،

وفي صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال في الموضحة خمس من الإبل، وفي السمحاق أربع من الإبل، والباضعة ثلاث من الإبل، والمأمومة ثلاث وثلاثون من الإبل،والجائفة ثلاثون وثلاثون، والمنقلة خمس عشر من الإبل»(4)، ورواية زيد الشحام «قال سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الشجة المأمومة، فقال: فيها ثلث دية، وفي الجائفة ثلث الدية، وفي الموضحة خمس من الإبل»(5)، إذاً ما ورد في كلامه من اختصاص الجائفة بالرأس، فلا معنى له .

ويؤيد ذلك إطلاق معتبرة أبي مريم قال «قال: أبو عبد (علیه السلام) إن رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلّم) قد كتب لابن حزم كتاباً فخذه منه فأتني به حتى أنظر إليه، قال: فانطلقت إليه فأخذت الكتاب ثم أتيته به فعرضته عليه فإذا فيه إلى أن قال في والجائفة الثلث وفي المنقلة خمس عشرة وفي الموضحة خمس من الإبل»(6).

ص: 227


1- الكافي /7 /329 باب تفسير الجراحات والشجاح .
2- مجمع الفائدة والبرهان / 12 / 457.
3- الوسائل باب 2 من أبواب دية الشجاج والجراح ح12 .
4- الوسائل باب 2 من أبواب ديات الشجاج والجراح ح4 .
5- الوسائل باب 2 من أبواب ديات الشجاج والجراح ح5 .
6- الوسائل باب 2 من أبواب ديات الشجاج والجراح ح13 .

ويكفي فيها ثلاث وثلاثون من الأبل(1).

المسألة 367: لو جرح عضواً ثم أجافه _ مثلاً _ أن يشق الكتف إلى أن يحاذي الجنب ثم يجيفه، لزمه دية الجرح ودية الجائفة(2) .

المسألة 368: لو أجافه كان عليه دية الجائفة، ولو أدخل فيه سكيناً ولم يزد عمّا كان عليه فعليه التعزير(3)، وإن زاد باطناً فحسب أو ظاهراً كذلك ففيه الحكومة، ولو زاد فيهما معاً فهو جائفة أُخرى فعليه ديتها .

_______________________________________________________________

(1) لا يخفى أن المجمع عليه عند الأصحاب عدم ثبوت القصاص بالنسبة إلى الجائفة، بل لابد من الدية وتؤيد ذلك مقطوعة أبي حمزة «في الجائفة ما وقعت في الجوف ليس فيها قصاص إلا الحكومة»(1)،

ولا يخفى بأن الحكومة في الرواية يحمل على الحكم بثلث الدية لأن في الجائفة مقدّر .

(2) لأن الأصل عدم التداخل، ولإطلاق الأدلة سواء كان الجاني واحداً أو متعدداً، فإن جرح واحد وأجاف آخر فالكل منهما دية .

(3) لأنّ بالإدخال المذكور لم تحصل جناية ولو بتوسعة الجرح ظاهراً أو باطناً إلا بما أنّه ظلم فيستحق فاعله التعزير، نعم لو وسعه ظاهراً أو باطناً ففيه الحكومة وكذا لو حصل بذلك جائفة أخرى لابد من دية أخرى فعليه الثلث، بلا فرق بين إن حصل من شخص واحد أو شخصين .

ص: 228


1- الوسائل باب 16 من أبواب قصاص الطرف ح2 .

المسألة 369: لو كانت الجائفة مخيطة ففتقها شخص، فإن كانت بحالها وغير ملتئمة ففيه الحكومة، وإن كانت ملتئمة فهي جائفة جديدة وعليه ثلث الدية(1) .

المسألة 370: لو طعنه في صدره فخرج من ظهره، فهل عليه دية واحدة لوحدة الطعنة، أو متعددة لخروجه من الظهر، وجهان قيل بأنّه جائفة واحدة وفيها ديتها، والأظهر أن ديته أربعمائة وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار(2) .

_______________________________________________________________

(1) لأنّه لا مقدّر فيه، وهكذا لو كان بعض الجرح ملتئمة، وإن كان ملتئماً تماماً ففتقه فهي جائفة جديدة فيجب عليه ثلث الدية .

(2) في المسألة أقوال:

الأول: ما نسب إلى المبسوط قال: فأمّا أن جرحه فأجافه وأطلعها من ظهره قال قوم هما جائفتان، ومنهم من قال جائفة واحدة وهو الأقوى لأن الجائفة ما نفذت إلى الجوف من ظاهر(1)، وقيل أن الوحدة ظاهر فتوى العلماء وهذا محكي عن فاضل الهند عن الشهيد في كشف اللثام لو طعنه في صدره فخرج من ظهره فهما جائفتان على رأي كما في الخلاف والشرائع لأنّهما عضوان متباينان تحقق في كل منهما جائفة وهي الجرح النافذ من الظاهر إلى الباطن، وكذا لو طعنه في مقدم الرأس فاخرج من مؤخره لم يكن إلا جائفة واحدة كما قال الشهيد بأنّه ظاهر فتاوى علمائنا، وفي المبسوط قوى اتحادهما لاتحاد الجناية واصل البراءة، وكون الجائفة من نفذت إلى الجوف من ظاهرأعم من أن تنفذ إلى الظاهر من جانب الآخر أولا، وكذا لو أصابه من جنبه وخرج من الجنب الآخر(2)، ومال إليه صاحب

ص: 229


1- المبسوط / 5 / 142 .
2- كشف اللثام / 11 / 452 .

المسألة 371: في دية خرم الأذن خلاف، قيل أنّها ثلث ديتها، وفيه إشكال، والأظهر فيه الرجوع إلى الحكومة(1) .

_______________________________________________________________

الجواهر بقوله: إلا أن ذلك كما نرى مخالف للعرف فالأشبه حينئذٍ الوحدة، وكذا الكلام لو أصابه من جنبه وخرج من الجنب الآخر أو طعنه من مقدّم الرأس فأخرجه من مؤخره بل عن الشهيد في ذلك أن الوحده ظاهر فتوى علمائنا(1).

الثاني: أنّهما جنايتان وحكمها ما إذا ضرب بضربة واحدة فجرح الرأس والجبين، وما ذكر بأن الضربة الواحدة إذا أوجبت جنايتين أحدهما أغلظ من الأخرى يكون على الجاني أغلظهما، هو فيما إذا كانتا مترتبين في عضو واحد .

الثالث: وهو الوجوب زائداً على دية الجائفة، والدليل على ذلك معتبرة ظريف بعد بيان الجائفة ثلث دية النفس هو معتبرة ظريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام) «قال: في الصدر في إذا رُضّ فثني شقيه كليهما فديته خمسائة دينار إلى أن قال، وإن نفذت من الجانبين كليهما رمية أو طعنة فديتها أربعمائة دينار وثلاث وثلاثون دينار وثلث دينار» وحيث لا معارض لها فنأخذ بهما .

(1) أمّا الرجوع إلى الحكومة لأنّه كل ما لا مقدّر له فيرجع فيه إلى الحكومة، قيل ثلث الدية بالإجماع، ولكن إثبات الإجماع يفيد إن كان كاشفاًعن قول المعصوم (علیه السلام) ولا يكون موجوداً .

وأمّا الرواية فهي رواية مسمع ولكن الموجود فيها خرم الأنف عن أبي عبد الله (علیه السلام) «إن أمير المؤمنين قضى في خرم الأنف ثلث دية الأنف»(2)،

ولا يمكن قياسه بدية الأنف، مضافاً إلى ضعف السند، والموجود في الرواية ثلث دية الأنف لا دية الأذن، فالحق هي الحكومة، وأمّا صحيحة معاوية بن عمار «قال: تزوج جار

ص: 230


1- جواهر الكلام / 43 / 344 .
2- الوسائل باب 4 من أبواب دية الأعضاء ح2 .

المسألة 372: لو كسر الأنف ففسد فالمشهور بين الأصحاب أن فيه دية كاملة وهو لا يخلو عن إشكال والأقرب فيه الرجوع إلى الحكومة(1).

_______________________________________________________________

ليّ امرأة فلما أراد مواقعتها رفسته برجلها ففتقت بيضتيه فصار آدر فكان بعد ذلك ينكح ويولد له، فسألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن ذلك وعن رجل أصاب سرّة رجل ففتقها، فقال (علیه السلام) في كل فتق ثلث الدية»(1) ولا يمكن الاعتماد على هذه الرواية، كما قال السيد الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) فهي خاصة بموردها، فلا عموم لها لكل فتق، بقرينة أن الظاهر من الدية فيها هو دية الإنسان، ومن الواضح أن الفتق في كل عضو ليست ديته ثلث دية الإنسان(2).

(1) وقد ادعوا عليه الإجماع، وفيه ما قد عرفت حال هذه الإجماعاتالتي نوهنا عنها كثيراً، وقد استدلوا أيضاً بقوله (علیه السلام) «ما كان في الإنسان واحد ففيه الدية كالأنف» وفيه كما ذكرنا في علم الأصول بأنّه لا يمكن التعدي من مورد إلى مورد آخر إلا بالقطع واليقين لوحدة الملاك بين الشيئين ولذا أن الظاهر من الرواية هو القطع، ومحل البحث فساد الأنف فلا يمكن التعدي من القطع إلى الفساد، لعدم العلم بوحدة الملاك، فتدخل المسألة فيما لا تقدير فيه فالمرجع هو الحكومة .

ص: 231


1- الوسائل باب 32 من أبواب دية الأعضاء ح1 .
2- مباني الأحكام / 2 / 482 .

المسألة 373: لو كسر الأنف فجبر على غير عيب ولا عثم فالمشهور أن ديته مائة دينار وهو لا يخلو عن إشكال(1)، بل لا يبعد الرجوع فيه إلى الحكومة، وكذلك الحال فيما إذا جبر على عيب وعثم .

_______________________________________________________________

(1) لا يخفى أن هناك ثلاث فروض .

الأول: ما إذا قطع كله .

الثاني: قطع المارِنة .

الثالث: هو كسر الأنف ففسد .

ففي هذه الفروض الثالثة تمام الدية كما ورد في صحيحة هشام عن أبي عبد الله (علیه السلام) «كل ما في الإنسان اثنان ففيهما الدية، وما كان فيه واحد ففيه الدية»(1)، وصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (علیه السلام) «وفي الأنف إذا قطع المارن الدية»(2)، وغيرها وقد مرّ شرح المسألة، وكذا ما إذا كسر ففسد .

وأمّا إذا أجبر على غير عيب ولا عثم فقد ادعى الإجماع، وقد بينا حال هذه الإجماعات فيما مضى .

ص: 232


1- الوسائل باب 1 من أبواب دية الأعضاء ح12 .
2- الوسائل باب 1 من أبواب ديات الأعضاء ح4 .

المسألة 374: إذا نفذت في الأنف نافذة فإن انسدت وبرأت ففيه خمس دية روثة الأنف، وما أصيب منه فبحساب ذلك(1)، وإن لم تنسد فديته ثلث ديته، وإن كانت النافذة في إحدى المنخرين إلى الخيشوم فديتها عشر دية روثة الأنف وإن كانت في إحدى المنخرين إلى المنخر الأخرى أو في الخيشوم إلى المنخر الأخرى فديتها ستة وستون ديناراً وثلثا دينار .

_______________________________________________________________

(1) تدل عليها الرواية التي تقدمة في المسألة السابقة . وفي المسالك نسبه إلى المشهور وبما أنّه لا مقدّر له في الشرع فعليه الحكومة، لما جاء في الرواية عن أمير المؤمنين (علیه السلام) في الأنف «قال: فإن قطع روثة الأنف، وهي طرفة فديته خمسمائة دينار وإن نفذت فيه نافذة لا تنسد بسهم أو رمح فديته ثلاثمائة دينار وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار، وإن كانت نافذة فبرأت والتأمت فديتها خمُس دية الأنف مائتا دينار فما اصيب منه فعلى حساب ذلك وإن كانت نافذة في أحد المنخرين إلى الخيشوم وهو الحاجز بين المنخرين فديتها عشر دية رونة الأنف خمسون دينار لأنّه النصف، وإن كانت نافذة في إحدى المنخرين، أو الخيشوم إلى المنخر الآخر فديتها ستة وستون ديناراً وثلث دينار»(1).

وهذه الرواية بعيدة عن محل البحث، إذاً نرجع إلى القاعدة وهي كل ما لا مقدّر له فعليه الحكومة .

ص: 233


1- الوسائل باب 4 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .

المسألة 375: إذا انشقت الشفة العليا أو السفلى حتى يبدو منها الأسنان، ثم برأت والتأمت ففيه خمُس ديتها، وإن أصيبت الشفة العليا فشينت شيناً قبيحاً فديتها مائة وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار، وإن أصيبت الشفة السفلى وشينت شيناً قبيحاً فديتها ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار(1) .

المسألة 376: في احمرار الوجه باللطمة دينار ونصف، وفي اخضراره ثلاثة دنانير(1)، وفي اسوداده ستة دنانير، وإن كانت هذه الأمور في البدن فديتها نصف ما كانت في الوجه .

_______________________________________________________________

(1) وقد ورد بذلك معتبرة ظريف وفيها «وإذا قطعت الشفة العليا واستؤصلت فديتها خمسمائة دينار، فما قطع منها بحساب ذلك فإن انشقت حتى تبدو منها الأسنان، ثم دويت وبرئت والتأمت فديتها مائة دينار فذلك خمس دية الشفة إذا قطعت واستؤصلت، وما قطع منه فبحساب ذلك، فإن شترت فشينت شيناً قبيحاً فديتها مائة دينار وثلاث وثلاثون ديناراً وثلث دينار، ودية الشفة السفلى إذا استؤصلت ثلثا الدية ستمائة وستة وستون ديناراً وثلثا ديناراً، فما قطع منها فبحساب ذلك، فإن انشقت حتى تبدو الأسنان منها ثم برأت والتأمت فديتها مائة وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار وإن أصيبت فشينت شيناً قبيحاً فديتها ثلاث مائة وثلاث وثلاثون ديناراً وثلث دينار وذلكنصف ديتها»(1).

(1) الكلام يقع فيه في أمور:

الأول: هل هذا الحكم مختص باللطمة أو أنّه إذا حصل الاسوداد، أو الاخضرار، أو الاحمرار بأي جناية كانت، ظاهر جماعة من الأصحاب عدم

ص: 234


1- الوسائل باب 5 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .

................................

اختصاص الحكم، فعن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في اللطمة يسود أثرها في الوجه، أن أرشها ستة دينار فإن لم تسود واخضرت فأن أرشها ثلاث دنانير، فإن احمرت ولم تخضر فأن أرشها دينار ونصف»(1)

ظاهر الموثقة وإن كانت اللطمة في الضرب باليد، ولكن الضرب يشمل بغيرها كالسوط والخشب ونحوهما إذا كان موجباً للاحمرار أو الاسوداد أو الاخضرار، بل قد ادعى البعض الإجماع إلى التعدي لمطلق الجناية، ولكن فيه تأمل .

الثاني: هل هناك فرق بين الرجل والمرأة أم لا ؟ ظاهر الموثقة عدم الفرق، فما ورد من الروايات بتساوي الرجل والمرأة إلى الثلث ضعف دية الرجل لا تشمل المورد، لأن دية المرأة تشمل دية الرجل ظاهر في دية النفس والأعضاء فلا تشمل هذا المورد، فلابد من الاخذ بإطلاق الموثقة .

الثالث: فهل أن الحكم في حصول هذه الأمور مختص بالوجه، أو يشمل الجسد أيضاً، ولكن مقتضى رواية إسحاق بن عمار على ما في الفقيه نصفدية هذه الأمور(2) في الجسد كما ورد في ذيله، ففي البدن نصف ذلك والمسألة غير خلافية .

قال في الجواهر: بل عن الانتصار والخلاف والغنية دعوى الإجماع عليه(3) والعمدة صحيحة إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في اللطمة يسود أثرها في الوجه أن أرشها ستة دنانير إلى أن قال وفي البدن نصف ذلك»(4)،

وعلى هذا فلا فرق بين الوجه والبدن .

ص: 235


1- الوسائل باب 4 من أبواب الشجاج والجراح ح1 .
2- الفقيه / 4 / 122 .
3- الجواهر / 43 / 347 .
4- الوسائل باب 4 من أبواب الشجاج والجراح ح1 .

المسألة 377: إذا نفذت في الخد نافذة يرى منها جوف الفم فديتها مائتا دينار، فإن دوي وبرئ والتأم وبه أثر بيّن شتر فاحش فديته خمسون ديناراً زائدة على المائتين المذكورتين، وإن لم يبق به أثر بيّن وشتر فلم يجب الزائد فإن كانت النافذة في الخدين كليهما من دون أن يرى منها جوف الفم فديتها مائة دينار، فإن كانت موضحة في شيء من الوجه فديتها خمسون ديناراً، فإن كان لها شين فدية شينه ربع دية موضحته، فإن كانت رمية بنصل نشبت في العظم حتى نفذت إلى الحنك ففيهما ديتان دية النافذة وهي مائة دينار، ودية الموضحة وهي خمسون ديناراً، فإن كان جرحاً ولم يوضح ثم برئ وكان في أحد الخدين فديته عشرة دنانير، فإن كان في الوجه صدع فديته ثمانون ديناراً، فإن سقطت منه جذمة لحم ولم توضح وكان قدر الدرهم فما زاد على ذلك فديته ثلاثون ديناراً ودية الشجة الموضحة أربعون ديناراً إذا كانت في الجسد(1).

_______________________________________________________________

(1) وتدل عليه معتبرة ظريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام) «قال: وفي الخد إذا كانت فيه نافذة يرى منها جوف الفم فديتها مائتا دينار، فإن دووى فبرأ والتأم وبه أثر بين وشتر فاحش فديته خمسون ديناراً فإن كانت نافذة في الخدين كليهما فديتها مائة دينار وذلك نصف الدية التي يرى منها الفم، فإن كانت رمية بنصل يثبت في العظم حتى ينفذ إلى الحنك فديتها مائة وخمسون ديناراً، جعل منها خمسون ديناراً لموضحتها فإن كانت ثاقبة ولمتنفذ فيها فديتها مائة دينار، فإن كانت موضحة في شيء من الوجه فديتها خمسون ديناراً فإن كان لها شين فدية شينه مع دية موضحته، فإن كان جرحاً ولم يوضح ثم برأ وكان في الخدين فديته عشر دنانير، فإن كان في الوجه صدع فديته ثمانون ديناراً، فإن سقطت منه جذمة لحم ولم توضح

ص: 236

المسألة 378: دية الشجاج في الرأس والوجه سواء(1) .

_______________________________________________________________

وكان قدر درهم فما فوق ذلك فديته ثلاثون ديناراً، ودية الشجة إذا كانت توضح أربعون ديناراً إذا كانت في الخد، وفي موضحة الرأس خمسون ديناراً، فإن نقلا للعظام فديتها مائة دينار وخمسون ديناراً، فان كانت ثاقبة في الرأس فتلك المأمومة ديتها ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار»(1).

(1) فإنّ مقتضى إطلاق ما ورد في دية الشجاج أنّه لا يفرق بين الشجة الواقعة على الرأس، والشجة الواقعة في الوجه، والمسألة غير خلافية وتؤيد ما ذكرنا معتبرة السكوني عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال، قال: رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلّم) أن الموضحة في الوجه والرأس سواء»(2)، ورواية حسن بن صالح الثوري عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: سألته عن الموضحة في الرأس كما في الوجه، فقال الموضحة والشجاج في الرأس سواء في الدية لأنّ الوجه من الرأس»(3)

.

قلنا إن مقتضى إطلاقها هو عدم الفرق بين الخد وغيره في أي موضع من الوجه كان .

ص: 237


1- الوسائل باب 6 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
2- الوسائل باب 5 من أبواب ديات الشجاج والجراح ح2 .
3- الوسائل باب 5 من أبواب ديات الشجاج والجراح ح1 .

فصل في دية الحمل

اشارة

المسألة 379: إذا كان الحمل نطفة فديته عشرون ديناراً، وإن كان علقة فأربعون ديناراً، وإن كان مضغة فستون ديناراً، وإن نشأ عظماً فثمانون ديناراً، وأن كُسيّ لحماً فمائة دينار، وإن ولجته الروح فألف دينار إن كان ذكراً وخمسمائة دينار إن كان انثى(1) .

_______________________________________________________________

(1) والمسألة غير خلافية، وادعو الإجماع مضافاً إلى ما دلت عليه معتبرة ظريف عن أمير المؤمنين (علیه السلام) «قال: جعل دية الجنين مائة دينار، وجعل مني الرجل إلى أن يكون جنيناً خمسة أجزاء، فإذا كان جنيناً قبل أن تلجه الروح مائة دينار وذلك أن الله عز وجل خلق الإِنسان من سلالة وهي النطفة .

فهذا جزء ثم علقة فهو جزآن، ثم مضغة فهو ثلاثة أجزاء، ثم عظماً فهو أربعة اجزاء، ثم يكسا لحماً، فحينئذٍ تم جنيناً فكملت له خمسة أجزاء مائة دينار والمائة دينار خمسة أجزاء فجعل للنطفة خمس المائة عشرين ديناراً وللعلقة خمسمائة وأربعين ديناراً، وللمضغة ثلاثة أخماس المائة ستين ديناراً وللعظم أربعة أخماس المائة ثمانين ديناراً، فإذا كسى اللحم كانت له مائةكاملة، فإذا نشاء فيه خلق آخر، وهو الروح، فهو حينئذٍ نفس بألف دينار كاملة إن كان ذكراً وإن كان أنثى فخمسمائة دينار»(1) ورواية سليمان بن صالح عن أبي عبد الله

ص: 238


1- الوسائل باب 19 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .

(علیه السلام)

................................

«في النطفة عشرون ديناراً، وفي العلقة أربعون ديناراً، وفي المضغة ستون ديناراً، وفي العظم ثمانون ديناراً، فإذا كسي اللحم فمائة دينار ثم هي ديته حتى يستهل، فإذا استهل فالدية كاملة»(1).

وفي رواية سعيد بن المسيب «قال: سألت علي بن الحسين C عن رجل ضرب امرأة حاملاً برجله فطرحت ما في بطنها ميتاً، فقال: إن كان نطفة فإن عليه عشرين ديناراً قلت فما حد النطفة، قال: هي التي إذا وقعت في الرحم فاستقرت فيه أربعين يوماً، وإن طرحته وهو علقة فأن عليه أربعين ديناراً، قلت: فما حد العلقة ؟ قال: هي التي إذا أوقعت في الرحم فاستقرت فيه ثمانين يوماً، قال: وإن طرحته وهو مضغة فإن عليه ستين ديناراً قلت: فما حد المضغة قال: هي التي إذا وقعت في الرحم فاستقرت فيه مائة وعشرين يوماً، قال: وإن طرحته وهو نسمة مخلقة له عظم ولحم مزيل الجوارح قد نفخت فيه روح العقل فإن عليه دية كاملة»(2)، هذا إذا كان ذكراً وأمّا إذا كان أنثى فخمسمائة دينار، وعبد الله ابن مسكان عن أبي عبد الله (علیه السلام) «وإن قتلت امرأة وهي حبلى فلم يدر أذكراً كان ولدها أم أنثى فدية الولد نصف ديةالذكر ونصف دية الأنثى وديتها كاملة»(3).

قلنا مقابل تلك الروايات روايات أخرى تدل على الخلاف .

منها: صحيحة محمد بن مسلم «قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن الرجل يضرب المرأة فتطرح النطفة، قال: عليه عشرون دينار، فقلت: يضربها فتطرح العلقة، فقال: عليه أربعون ديناراً، فقلت فيضربها فتطرح المضغة، فقال: عليه

ص: 239


1- الوسائل باب 19 من أبواب ديات الأعضاء ح3 .
2- الوسائل باب 19 من ابواب ديات الاعضاء ح8 .
3- الوسائل 21 من ابواب ديات النفس ح1 .

................................

ستون ديناراً، فقلت فيضربها فتطرحه وقد صار له عظم فقال: عليه الدية كاملة»(1).

ومنها: صحيحة أبي عبيدة عن أبي عبد الله (علیه السلام) «في امرأة شربت دواءً وهي حامل لتطرح ولدها فالقت ولدها، قال: إن كان له عظم قد نبت عليه اللحم، وشق له السمع، والبصر، فإن عليها دية تسلمها إلى ابيه»(2)

وظاهر هذه الرواية الدية كاملة .

ولكن الحق ما عليه المشهور، وتؤيد ذلك معتبرة ظريف «وللعظم أربعة أخماس المائة وثمانين ديناراً، فإذا كسي اللحم كانت له مائة كاملة فإذا نشأ فيه خلق آخر وهو الروح فهو حينئذٍ نفس بألف دينار كاملة»(3)،

وهاتان الصحيحتان ظاهرتان بأن في العظم بدون ولوج الروح الدية كاملة ولو أن الدلالة تكون بالإطلاق فترفع اليد بنص المعتبرة عن إطلاقهما، أو نقول بأنالترجيح مع تلك لعمل المشهور به وحصول الاطمئنان بذلك فلا معنى للالتزام بأنّه إن تم الجنين ولم تلجه الروح فديته دية النفس كما نسب إلى العماني والإسكافي .

ص: 240


1- الوسائل باب 19 من ابواب ديات الاعضاء ح4 .
2- الوسائل باب 20 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
3- الوسائل باب 19 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .

المسألة 380: في تحديد المراتب المذكورة خلاف، والصحيح أنّه أربعون يوماً نطفة، وأربعون يوماً علقة، وأربعون يوماً مضغة، وهل الدية بين هذه المراتب بحسابها وتقسم عليها ؟ قيل كذلك وهو الأظهر(1) .

_______________________________________________________________

(1) أمّا التحديد بذلك فهو المشهور وقد دلت عليه روايات .

منها: صحيحة زرارة عن أبي جعفر (علیه السلام) «إن الله عز وجل إذا أراد أن يخلق النطفة إلى أن قال: ففتح الرحم بابها فتصل النطفة إلى الرحم فتردد فيه أربعين يوماً ثم تصير علقة أربعين يوماً ثم تصير مضغة أربعين يوماً ثم تصير لحماً تجري فيه عروق مشتبكه، ثم يبعث الله ملكين خلاقين الحديث»(1).

ومنها: معتبرة ابن فضال عن الحسن بن الجهم عن الرضا (علیه السلام) «إن النطفة تكون في الرحم أربعين يوماً، ثم تصير علقه أربعين يوماً، ثم تصير مضغة أربعين يوماً، فإذا أكمل أربعة أشهر بعث الله ملكين خلاقين»(2)

وخالف هذه الروايات صحيحة البزنطي عن الرضا (علیه السلام) «قال: سألته أن يدعو الله عز وجل لامرأة من أهلنا بها حمل فقال: أبو جعفر (علیه السلام) الدعاء ما لم يمض أربعة أشهر، فقلت له إنما لها أقلّ من هذا فدعا لها، ثم قال: أن النطفة تكون في الرحم ثلاثين يوماً، وتكون علقة ثلاثين يوماً، وتكون مضغةثلاثين يوماً، وتكون مخلقة وغير مخلقة ثلاثين يوماً»(3)،

وهذه الرواية لابد من أن تطرح لأنّها مخالفة لجميع الصحاح الواردة لبيان تحديد النطفة والعلقة والمضغة ومخالفة بظاهر القرآن: Pيَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ

ص: 241


1- الوسائل باب 6 من أبواب كتاب العقيقة ح2 ، الكافي ج6 كتاب العقيقة أبواب بداء خلق الإنسان تقلبه في بطن امه ح4 .
2- الكافي كتاب العقيقة باب بداء خلق الإنسان وتقلبه في بطن امه ح3 .
3- الوسائل باب 64 من أبواب الدعاء ح4 .

................................

فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍO(1)، فإن المخلقة وغير المخلقة وصفان للمضغة فإنّهما إذا تم الجنين مخلقة وإذا لم يتم فيها غير مخلقة لا أن تكون مقابل المخلقة .

وهل الدية تكون بين هذه المراتب بحسابها، وهذا أي أصل التقسيم يكون موافقاً لما عليه الجماعة كالشيخ في النهاية وابن ادريس في السرائر(2) والعلامة في القواعد(3) وفي المسالك: نسبه إلى البعض(4)ولكن قسم منهم كالشيخ والعلامة وابن حمزة لم يتعرضوا لكيفية التقسيم، فقال البعض كابن إدريس بأن النطفة تمكث عشرين يوماً ثم تصير علقة، وكذا ما بين العلقة والمضغة فيكون لكل يوم دينار ولكن يرد على ابن إدريس .

أولاً: بأن حد الفاصل بين هذه المراتب أربعون يوماً لا عشرون .

وثانياً: لا دليل على ما ذكره من التقسيم، ولكن الصحيح في التقسيم هو ما روي عن يونس الشيباني عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: قلت فإن خرج في النطفة قطرة دم، قال: في القطرة عشر النطفة فيها اثنان وعشروندينار، قلت: فأن قطرت قطرتين قال ؟ أربعة وعشرون ديناراً، قلت فأن قطرت ثلاث، قال: فستة وعشرون ديناراً، قلت: فأربع ؟ قال: فثمانية وعشرون ديناراً، وفي ثمان خمس ثلاثون دينار وما زاد على النصف فعلى الحساب حتى تصير علقة، فإذا صارت علقة فيها أربعون ديناراً»(5) وأيضاً ما روي عن يونس الشيباني «فإن خرجت النطفة

ص: 242


1- سورة الحج الآية / 5 .
2- السرائر / 3 / 445 .
3- القواعد / 3 / 695 .
4- المسالك / 15 / 476 .
5- الوسائل باب 19 من أبواب ديات الأعضاء ح5 .

................................

متخضخضة بالدم قال: قد علقت إن كان دماً صافياً ففيها أربعون ديناراً وإن كان دماً أسود فلا شيء عليه إلا التعزير، لأنّه ما كان من دم صاف فذلك للولد وما كان من دم أسود فهو من الجوف، فقال: أبو شبل فإن العلقة إذا صارت فيها شبيه العروق واللحم قال اثنان وأربعون ديناراً العشر قال قلت: فإن عشر الأربعين أربعة، قال: لا إنما عشر المضغة لأنه إنما ذهب عشرها فكلما زادت زيد حتى تبلغ الستين، قلت: فإن رأت في المضغة مثل عقدة عظم يابس، قال: فذلك عظم أول ما يبتدئ العظم فيبتدأ بخمسة اشهر ففيه أربعة دنانير، فإن زاد فزاد أربعة أربعة قلت: فإن كسي العظم لحماً، قال كذلك إلى مائة، قلت: فإن وكزها فسقط الصبي لا يدري أحيا أم ميتاً ؟ قال: هيهات أبا شبل إذا مضت خمسة اشهر فقد صارت فيه الحياة واستوجب الدية»(1).

ولا يضر ما في الرواية ذكر فيها «إذا بلغ خمسة أشهر» وهي مخالفة للآية والرواية، فهي ليست رواية واحدة لما ذكرنا مراراً بأن الرواية الواحدة إذا كانت فيها جمل متعددة تكون بمنزلة الروايات المتعددة، إذاً بطلان هذه الجملة لا تضر بالنسبة إلى بقية الجمل، مضافاً إلى أن في بعض النسخ فيها إذا بلغأربعة أشهر .

ص: 243


1- الوسائل باب 19 من أبواب ديات الاعضاء ح6 .

المسألة 381: المشهور أن دية الجنين الذمي عشر دية أبيه ثمانون درهماً، وفيه إشكال، والأظهر أن ديته عشر دية أمّه أربعون درهماً أمّا ديته في المراتب السابقة فبحساب ذلك(1) .

_______________________________________________________________

(1) قيل إن ديته عشر دية أبيه أي ثمانون ديناراً، وهذا القول المنسوب إلى المشهور في الجواهر بقوله: بلا خلاف أجده بل في الخلاف الإجماع عليه بل الظاهر أنّه كذلك كما اعترف به غير واحد مؤيداً بما عساه يستفاد من النصوص والفتوى من مساواة دية الذمي لدية المسلم في تعلق مثل هذه الأحكام بها على حسب النسبة(1).

ولكن لا دليل على ذلك، بل قال ذلك لأنّه المناسب لدية جنين المسلم قبل ولوج الروح وهذا قياس، ولكن هناك روايات دالة بأن ديته دية أمه أربعون ديناراً، ففي ديته عشر دية أمه فيكون دية جنين الذمي حكماً أربعين درهماً بلا خلاف بين الذكر والأنثى، وقد روى عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي (علیهم السلام) «أنّه قضى في جنين اليهودية والنصرانية والمجوسية عشر دية أمه»(2)،

ويؤيده رواية مسمع عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قضى في جنين اليهودية والنصرانية والمجوسية عشر دية أمه»(3).

والرواية مروية عن محمد بن الحسن الشمون عن الأصم وكلاهما ضعيفان، وحيث أنّه لم يرد على خلاف معتبرة السكوني المؤيدة برواية مسمع شيء فيمكن الاعتماد عليه، والعجب ما ذكره الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) بأنّهإن تم في المسألة إجماع فهو، ولكنه غير تام كما يظهر من العلامة المجلسي حيث أنّه قال أن الأكثر لم يعملوا بروايتي مسمع والسكوني، ومنه يظهر أن هذا التعبير يكشف عن عمل

ص: 244


1- الجواهر / 43 / 361 .
2- الوسائل باب 18 من أبواب ديات النفس ح3 .
3- الوسائل باب 18 من أبواب ديات النفس ح1 .

المسألة 382: المشهور أن دية الجنين المملوك عشر قيمة أمّه المملوكة وفيه إشكال، والأقرب فيه الحكومة(1) .

_______________________________________________________________

جماعة لهما، بل يظهر من صاحب الوسائل أنّه أيضاً عمل بالروايتين حيث أنّه أخذ في العنوان أن دية جنين الذمية عشر ديتها، ولكن الأظهر ما ذكرناه(1) .

وما ورد من أنّها معرض عنها عند الأصحاب ومخالفة لما ورد في الجنين المسلم حيث ورد أن المناسب لما ورد فيه عشر دية الأب، فلا يمكن المساعدة عليه، وما ورد في جنين المسلم لا يقتضي أن يكون جنين الذمي مثله وهو قياس، ولعل شرف الإسلام أوجب حساب جنين المسلم إلى الأب دون الذمي .

(1) لقول السكوني عن أبي عبد الله (علیه السلام) «وفي جنين الأمة عشر ثمنها»(2)،

لأن الرواية ضعيفة فإن الشيخ رواها بسند عن النوفلي، وطريق الشيخ إليه ضعيف، وفي سندها أيضاً ضعف لأنّه يروي عن ابن الجنيد، وأن قالوا بأن عمل المشهور جابر، قلنا أن الشهرة ليست بجابرة ولا كاسرة فلابد من الرجوع إلى الحكومة، وقد ورد عن أبي السيار في رجل قتل جنين أمة لقوم في بطنها، «فقال: أن كان مات في بطنها بعد ما ضربها فعليه نصف عشر قيمةأمه وإن كان ضربها فألقته حياً فمات، فإن عليه عشر قيمة أمه»(3)

ولكن هذه الرواية فرقت بين الموت في بطنها بعد ضربها وبينما ضربها والقته حيا فمات، فله عشر قيمة أمه، إذاً الرواية بعيدة عن محل البحث الظاهر فيه الحكومة، ولا يخفى بأن هذا الحكم منصرف إلى المملوكة ولا يعم الحرة لأنها غير قابلة للتقويم .

ص: 245


1- مباني تكملة المنهاج / 2 / 501 .
2- الوسائل باب 21 من أبواب ديات الأعضاء ح2 .
3- الوسائل باب 21 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .

المسألة 383: لو كان الحمل أكثر من واحد فلكلٍّ ديته(1) .

المسألة 384: لو اسقط الجنين قبل ولوج الروح فلا كفارة على الجاني(2)، وأمّا لو أسقطه بعد ولوج الروح فالمشهور أن عليه الكفارة وفيه إشكال ولا يبعد عدمها .

_______________________________________________________________

(1) بلا فرق بين المسلم والذمي والمملوك، والأصل عدم التداخل مع عدم الدليل على الخلاف .

(2) لأن الكفارة التي يترتب على موضع القتل، ولا يصدق القتل قبل ولوج الروح، والمسألة غير خلافية، وادعيّ عليه الإجماع .

وأمّا بعد ولوج الروح فهو الكفارة كما هو المشهور والمعروف بين الأصحاب، ولكن لا دليل عليه، يقول الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) هو الحق .

بقوله: ووجه الاشكال أن المشهور والمعروف بين الأصحاب وإن كان كذلك بل في الجواهر: بلا خلاف ولا إشكال إلا أنّه لا دليل عليه، فإن الآية والروايات الواردة في كفارة القتل قد أخذ في موضعهما عنوان المؤمن أوالرجل ومن المعلوم انصرافهما عن الجنين، بل يشكل الأمر، بالاضافة إلى الصبي غير المميز أيضاً إلا أن يكون إجماع فيه وهو غير بعيد(1).

ص: 246


1- مباني تكملة المنهاج / 2 / 403 _ 404 .

المسألة 385: لو قتل امرأة وهي حبلى فمات ولدها أيضاً فعليه دية المرأة كاملة، ودية الحمل الذكر كذلك إن كان ذكراً ودية الأنثى إن كان أنثى هذا إذا علم بالحال، وأمّا إذا جهل بها فقيل يقرع ولكنه مشكل فالأظهر أن عليه نصف دية الذكر ونصف دية الأنثى(1).

_______________________________________________________________

(1) هذا وارد في معتبرة ظريف حيث ورد فيها «وإن قتلت امرأة وهي حبلى متم فلم يسقط ولدها ولم يعلم أذكر هو أو أنثى ولم يعلم أبعدها مات أم قبلها فديته نصفان نصف دية الذكر ونصف دية الأنثى، ودية المرأة كاملة بعد ذلك»(1)،

ويؤيده رواية ابن مسكان عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: دية الجنين خمسة أجزاء خمس للنطفة عشرون ديناراً، وللعلقة خمسان، أربعون ديناراً وللمضغة ثلاثة أخماس، ستون ديناراً، وللعظم أربعة أخماس، ثمانون ديناراً وإذا تم الجنين كانت له مائة دينار، فإذا أنشئ فيه الروح فديته ألفدينار أو عشرة آلاف درهماً إن كان ذكراً، وإن كان أنثى فخمسمائة دينار وإن قتلت المرأة وهي حبلى فلم يدر أذكراً كان ولدها أم أنثى، فدية الولد نصف دية الذكر ونصف دية الأنثى وديتها كاملة»(2)،

قد يقال بأن المشهور يلتزمون بالقرعة إذا لم يحرز بأن الولد ذكراً كان أم أنثى، لأن القرعة لكل أمر مشكل فغير تام لأن المقام ليس بمشتبه بعد إن عين الشارع له مقدّر وما دل على التعيين يكون حاكماً أو مخصصاً للقاعدة .

ص: 247


1- الوسائل باب 19 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
2- الوسائل باب 21 من أبواب ديات النفس ح1 .

المسألة 386: لو تصدت المرأة لإسقاط حملها فإن كان بعد ولوج الروح وكان ذكراً فعليها دية الذكر، وإن كان أنثى فعليها ديتها، وإن كان قبل ولوج الروح فعليها ديته(1) .

المسألة 387: في قطع أعضاء الجنين قبل ولوج الروح وجراحاته دية على نسبة ديته ففي قطع إحدى يديه _ مثلاً _ خمسون ديناراً، وفي قطع كلتيهما تمام ديته مائة دينار(2) .

_______________________________________________________________

(1) بلا فرق بين أن تكون بالمباشرة، أو التسبب، والمسألة غير خلافية وقد ورد في صحيحة أبي عبيدة عن أبي عبد الله (علیه السلام) «في امرأة شربت دواءً وهي حامل لتطرح ولدها فالقت ولدها، قال: إن كان له عظم قد نبت عليه اللحم وشق له السمع والبصر فإن عليها دية تسلمها إلى أبيه، قال وإن كان جنيناً علقة أو مضغة، فإن عليها أربعين ديناراً أو غرّه تسلمها إلى أبيه قلت فهي لا ترث من ولدها ديته لأنّها قتلته»(1)ولو أفزعها مفزع فديته عليه لأن التلف مستند إليه وهذا القتل بالتسبيب، وذكرنا أنّه لا فرق بين حصول المباشرة أو التسبيب .

(2) أي حكمه حكم دية أعضاء الحي، أي يكون دية أعضائه بنسبة ديته، ففي قطع يد الجنين نصف ديته أي خمسين قبل ولوج الروح، وفي قطع الذكر تمام الدية أي المائة، وكذا بالنسبة إلى الجروح التي فيها دية معينة فيؤخذ ذلك بالنسبة في جراحة الجنين وإن لم يكن فيه مقدّر فيترك ذلكالحكومة .

ص: 248


1- الوسائل باب 20 من أبواب ديات الاعضاء ح1 .

المسألة 388: لو أفزع شخصاً حال الجماع فعزل منه المني في الخارج فعليه عشرة دنانير(1)، ولو عزل الرجل عن امرأته الحرة بدون إذنها قيل لزمه عشرة دنانير، ولكن لا وجه له بل الأظهر أنّه ليس عليه شيء(2).

_______________________________________________________________

(1) والمسألة غير خلافية وقد نسب صاحب الجواهر الإجماع إلى الانتصار والخلاف والغنية(1)، وعليه عشرة دنانير إن لم يرد المجامع العزل والدليل على ذلك معتبرة ظريف «وافتى (علیه السلام) في مني الرجل يفزع عن عرسه فيعزل عنها الماء، ولم يرد ذلك نصف خمس المائة عشرة دنانير»(2).

(2) وذلك لأنّه لا فرق في تلف النطفة بين إفزاع الغير أو عزل الزوج والدية دية النطفة في الفرضين، ولكن بعد إن وردت في الروايات جواز العزل للرجل وإن لم ترض الزوجة ولم تأذن ومقتضى ذلك عدم ثبوت الدية فالثابت للدية في عزل المجامع إذا كان بفعل الغير التزاماً بالدية، ولكن بما أن النطفة ليس حقاً للزوجة على الزوج، ففي صورة جواز العزل لا معنى لثبوت الدية فإن النطفة للزوج وله الحق بالافراغ أو العزل كما هو مقتضى الروايات .

قد يقال العزل عن الجرة مكروه مع عدم رضاها، ولكن الكراهة لا تنافي الجواز، إذاً ليس عليه شيء، وما نسب إلى جماعة منهم الشيخ والقاضي وأبو الصلاح وابناء حمزة وزهرة والكيدري والمحقق في الشرائع في كتاب النكاحوالفاضل وغيره يلزمه عشرة دنانير(3)،

يقول الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) أقول لا دليل على

ص: 249


1- جواهر الكلام / 43 / 375.
2- الوسائل باب 19 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
3- جواهر الكلام / 43 / 376 .

وأمّا العزل عن الأمة فلا إشكال في جوازه ولا دية عليه(1) .

_______________________________________________________________

هذا القول فإن الإجماع غير محقق جزماً حيث أن المشهور بين الأصحاب عدم الدية(1).

أقول لو تحقق الإجماع فهو أيضاً غير مفيد وذلك لأن المني للزوج وليس للزوجة، إذاً يجوز للرجل العزل وتدل على ذلك عدة روايات .

منها: صحيحة محمد بن مسلم «قال: سالت أبا عبد الله (علیه السلام) عن العزل، فقال ذاك إلى الرجل يصرفه حيث يشاء»(2).

ومنها: معتبرة عبد الرحمن عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن العزل، فقال: ذلك إلى الرجل»(3)

.

لا يخفى بأنّه لم يظهر من هذه الروايات وجوب الدية ولكن كما قلنا إذا كان العمل جائزاً فلا تجب الكفارة، أو نقول كما قال الاستاذ (قدس سرُّه) أن ألسنة هذه الروايات تأبى عن ثبوت الدية(4).

(1) يكون العزل عنها جائزاً لأنّها ملكه بالنص والفتوى، والمسألة غير خلافية .

ص: 250


1- مباني تكملة المنهاج / 2 / 507 .
2- الوسائل باب 75 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح1 .
3- الوسائل باب 75 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح2 .
4- مباني تكملة المنهاج / 2 / 508 .

المسألة 389: في إسقاط الجنين المتكون من زنا إذا تمت خلقته قبل أن تلجه الروح عشر دية ولد الزنا، وأمّا ديته في المراتب السابقة دون هذه المرتبة فعلى النسبة(1) .

_______________________________________________________________

(1) لا يخفى بأنّه قد ورد في الروايات بأن دية ولد الزنا ثمانمائة درهم كخبر إبراهيم بن عبد الحميد عن جعفر (علیه السلام) «قال: دية ولد الزنا دية الذمي ثمانمائة درهم»(1)،

وفي مرسلة عبد الرحمن بن عبد الحميد عن بعض مواليه قال «قال: ليّ أبو الحسن (علیه السلام) دية ولد الزنا دية اليهودي ثمانمائة درهم»(2)،

ومثلها مرسلة جعفر بن بشير عن بعض رجاله «قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن دية ولد الزنا، قال: ثمانمائة درهم مثل دية اليهودي والنصراني والمجوسي»(3)ومعتبرة

ظريف «فإذا كسي اللحم كانت له مائة»(4) بتقريب أن المائة بملاحظة عشر الدية إذا كان الجنين حراً مسلماً، أما بالنسبة إلى الزنا فعشره يكون ثمانون ديناراً، كما في معتبرة ظريف «وجعل مني الرجل إلى أن يكون جنيناً خمسة أجزاء، إلى قوله (علیه السلام) ثم يكسا لحماً فحينئذٍ تم جنيناً فكملت له خمسة أجزاء مائة دينار، والمائة دينار خمسة أجزاء فجعل للنطفة خمس المائة عشرين ديناراً، والعلقة خمسي مائة أربعين ديناراً وللمضغة ثلاثة أخماس ستين ديناراً، وللعظم أربعة أخماس المائة ثمانينديناراً»(5).

ويظهر من الرواية أن العبرة بهذه النسبة التي ذكرت، ففي جنين ولد الزنا ثمانون درهماً أي النطفة خمس الثمانين ستة عشر درهماً، وللعلقة خمس الثمانين

ص: 251


1- الوسائل باب 15 من أبواب ديات النفس ح3.
2- الوسائل باب 15 من أبواب ديات النفس ح1 .
3- الوسائل باب 15 من أبواب ديات النفس ح2 .
4- الوسائل باب 19 من أبواب ديات الاعضاء ح1 .
5- الوسائل باب 19 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .

وأمّا بعد ولوج الروح فديته ثمانمائة درهم إن كان ذكراً، وإن كان انثى فأربعمائة درهم(1) .

المسألة 390: لو ضرب المرأة الذمية وهي حبلى فأسلمت ثم أسقطت حملها فعلى الجاني دية جنين مسلم(2)، ولو ضرب الحربية فأسلمت وأسقطت حملها بعد إسلامها فالمشهور أنّه لا ضمان عليه وفيه إشكال والأظهر الضمان(3).

_______________________________________________________________

اثنان وثلاثون وهكذا .

(1) وقد ذكرنا بأن دية ولد الزنا ذكراً ثمانمائة، وأنثى أربعمائة .

(2) لأنّ الجناية حين وقوعها كانت مضمونة بدية ذمي، ولكن بعد أن أصبحت مسلمة انقلبت الدية إلى دية مسلم، لأن العبرة بزمان استقرارها لا وقت الضرب، والمفروض أنّه يصدق عليه سقط جنين المسلم، وحينما أسلمت المرأة فيصدق عليه المسلم بالتبع، لأنّ الولد تابع لهما، إذاً يكون ديته دية جنين المسلم .

(3) أمّا إذا لم تكن ذمية حين الضرب وكانت حربية فلا ضمان فيالجناية عليها حين وقوعها، ولا يفيد إسلامها بعد وقوع الجناية، يقول الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) وجه الإشكال هو أنّه لا دليل على ما هو المشهور بين الأصحاب عدا ما قيل من أن الجناية حين وقوعها لم تكن مضمونة فإذا لم تكن كذلك لم تضمن سرايتها .

وفيه أنّها وإن لم تكن حين وقوعها مضمونة إلا أنّها حين استقرارها مضمونة، باعتبار أنّها أوجبت سقط جنينها المسلم، وبطبيعة الحال يكون السقط مستنداً إلى هذه الجناية بقاءً، فلا محالة يكون الجاني ضامناً، وقد تقدم نظير ذلك، وهو ما إذا جرح حربياً فأسلم ثم سرت الجانية فمات بها حيث قلنا هناك بضمان الجاني فأن الجناية وإن لم تكن مضمونة حدوثاً إلا أنّها مضمونة بقاءً، فإن موته

ص: 252

المسألة 391: لو ضرب الأمة وهي حبلى فاعتقت ثم أسقطت حملها، فالمشهور أن للمولى عشر قيمة أمه يوم الجناية، فإن كانت دية الجنين زائدة على عشر القيمة كانت الزيادة لورثة الجنين، وفيه إشكال ولا يبعد عدم ثبوت شيء للمولى(1).

_______________________________________________________________

مستند إليها فلا محالة يكون الجاني ضامناً(1).

وما ذكره تام فإنّه ولو لم يثبت عليه القصاص لأنّه لم يقصد الجاني في الفرض قتل المسلم فيكون قتله شبه خطأ .

(1) والحق بما أن الإسقاط حدث بعد العتق، فإذا كان الجنين مما لمتلجه الروح فلا يكون لمولاه شيء أصلاً، لأن السقط يكون بحكم الحر من الجنين مائة دينار للورثة .

وأمّا إذا كان مات في بطن أمه بالضرب، ثم أسقطت يكون ديته لمولاه لأن القتل وقع قبل حرية الجنين، كما لو حصل النقص للأمة لو اسقطه ضرب الجاني وكان في زمان قبل العتق فيضمنه الجاني .

وما نسب إلى المشهور بأن للمولى عشر قيمة أمه لرواية السكوني عن أبي عبد الله (علیه السلام) «في جنين الامة عشر ثمنها» فالإجماع منقول لا عبرة به والرواية ضعيفة .

ص: 253


1- مباني تكملة المنهاج / 2 / 510 _ 511 .

المسألة 392: لو ضرب حاملاً خطأ فأسقطت جنينها وادعى ولي الدم أنّه كان بعد ولوج الروح، فإن اعترف الجاني بذلك أي بولوج الروح ضمن المعترف ما زاد على دية الجنين قبل ولوج الروح(1)، وهو التسعة الأعشار من الدية الكاملة، وأمّا العشر الباقي فهو يحمل على العاقلة على المشهور ويأتي الكلام عليه، وإن أنكر ذلك كان القول قوله إلا إذا أقام الولي البينة على أن الجناية كانت بعد ولوج الروح .

_______________________________________________________________

(1) أي أصل الدية على العاقلة، أمّا الزيادة فلا لأن اعتراف الجاني لا يكون نافذاً بالنسبة إلى الغير أي العاقلة، لأنّه يكون من جملة الإقرار على الغير فيكون ما زاد على أصل الدية على الجاني، حيث اعترف بجنايته لأن مقتضى القاعدة الأولية ضمان التلف على المتلف أي الجاني خرج منها موارد ضمان العاقلة أمّا لو أنكر الجاني فإن لم يكن للولي البينة على حياته يحلف الجاني على عدم حياته، وهذا يكون مقتضى الاستصحاب أيضاً، فما ادعاه المولى من الزيادة على دية الجنين قبل ولوج الروح غير تام .

ص: 254

المسألة 393: لو ضرب حاملاً فأسقطت حملها فمات حين سقوطه فالضارب قاتل، والمشهور أنّ عليه القود إن كان متعمداً وقاصداً لقتله وفيه إشكال، والأقرب عدمه وعليه الدية(1)، وإن كان شبه عمد فعليه ديته، وأن كان خطأ محضاً فالدية على عاقلته، وكذلك الحال إذا بقي الولد بعد سقوطه مضمناً ومات أو سقط صحيحاً ولكنه كان ممن لا يعيش مثله كما إذا كان دون ستة الشهر .

_______________________________________________________________

(1) أن كان شبه عمد فعليه ديته، وأن كان خطأ محضاً فالدية على عاقلته، والمشهور على أنّه يقاص من القاتل، ولا فرق في مورد القتل العمدي صغيراً كان، أو كبيراً ولو كان جنيناً وقد ولجته الروح إذا كان الفاعل قاصداً للقتل، ولو كان القتل من إسقاط الجنين بغير قصد بأن كان شبيه الخطأ فالدية على الجاني وفي الخطأ على العاقلة واستدلوا على ثبوت القتل بعموم الآية «النَّفْسَ بِالنَّفْسِ»(1)، وبمرسلة ابن فضال عن أبي عبد الله (علیه السلام) «كل من قتل شيئاً صغيراً أو كبيراً بعد أن يتعمد فعليه القود»(2)

ولكن هذه مرسلة فلا يمكن العمل بها ويمكن رفع اليد عن العموم بصحيحة أبي بصير المرادي «قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن رجل قتل رجلاً مجنوناً، فقال إن كان المجنون أراده فدفعه عن نفسه فلا شيء عليه من قود ولا دية ويعطى ورثته ديته من بيت مال المسلمين، قال وإن كان قتله من غير أن يكون المجنون أراده فلا قود لمن لا يقاد منه، وأرى أن على قاتله الدية في ماله فيدفعها إلى ورثةالمجنون ويستغفر الله ويتوب إليه»(3).

ومقتضى التعليل أن من لا يجري عليه القود والقصاص لا يجري له أيضاً،

ص: 255


1- سورة المائدة الآية / 45 .
2- الوسائل باب 31 من أبواب قصاص النفس ح4 لمن لا يقاد .
3- الوسائل باب 28 من أبواب قصاص النفس ح1 .

المسألة 394: لو أُسقطت حملها حياً فقطع آخر رأسه، فإن كانت له حياة مستقرة عادة بحيث كان قابلاً للبقاء، فالقاتل هو الثاني دون الأول، وإن كانت حياته غير مستقرة فالقاتل هو الأول دون الثاني(1) وإن جهل حاله ولم يعلم أن له حياة مستقرة سقط القود عن كليهما وأمّا الدية فهل هي على الثاني أو على كليهما، أو أنّها تعين بالقرعة أو أنّها في بيت مال المسلمين؟ وجوه الصحيح هو الأخير فيما عدا عشر الدية، وأمّا العشر فهو على الثاني .

_______________________________________________________________

والطفل الصغير حكمه حكم المجنون لا يجري عليه القود والقصاص إذاً لا يجري عليه ذلك .

(1) لأنّه قطع رأس الحي وليس على الأول ضمان، ولو قطع وحياته غير مستقرة فالدية على الأول دون الثاني، نعم يعزر الثاني لإيذائه الطفل ويكون عاصياً هذا إذا علم الحال، وأمّا إذا جهل الحال سقط القود لعدم العلم بالحال، وقد ذكرنا أنّه لا قود وإن كان مع معلوم الحال، قال الشيخ كما عن الجواهر: يسقط القود عن كل منهما للاحتمال الموجب شبهة يسقط القود بمثلها، ولكنعليه أي الثاني الدية تامة لأصالة بقاء الحياة للجنين(1)

ونسب إلى المحقق الاردبيلي والقواعد والإرشاد كما ذكر هذه النسبة السيد الاستاذ الاعظم(2)،

وعن صاحب الجواهر أنّه نسبه إلى بعض معاصريه فثبت الدية عليهما موزعة .

وهناك قول ثالث وهو القرعة نسبه صاحب الجواهر إلى بعض معاصريه(3)،

ص: 256


1- جواهر الكلام / 43 /381 .
2- مباني تكملة المنهاج / 2 / 514 .
3- جواهر الكلام / 42 /195 .

................................

والرابع لا دية عليهما بل تكون من بيت مال المسلمين .

ويرد الأول بعدم وجوب القود لا لأجل الاحتمال، بل لأجل القاعدة بأنّه لا يقاد لمن لا يقاد منه .

وأمّا عدم ثبوت الدية على الثاني لأن الاستصحاب في هذه المسألة مثبت، نعم تجب عليه دية الجنين، لأنّه لو فرض كونه قاتلاً واقعاً تكون عليه الدية بمقدار دية الجنين مع الزائد، وأمّا إذا لم يكن قاتلاً وقطع رأسه يكون ثبوت قتل الجنين عليه متعيناً .

وأمّا الباقي فأنّه لا دليل عليه، قد يقال بقاعدة العدل والإنصاف، وفيه أنّها مختصة بموارد خاصة ولا يمكن التعدي .

وأمّا الثالث فقاعدة القرعة لا تجري هنا لأن القرعة فيما إذا كانت الوظيفة لم تكن معلومة ويكون الحكم الظاهر مجهولاً، ولكن هنا الحكم الظاهري معلوم بالنسبة إليهما بمقتضى اصالة البراءة، والأصل عدم كون كل منهما قاتلاً، فلا يكون على أحدهما شيء وحال المورد حال ما إذا وجد فيثوب مشترك منيّاً، أو هناك شخصان علم أنّ واحداً منهما يكون مديوناً لزيد، أو امرأة علم كونها امرأة أحد الرجلين وإلا أنّه في القرعة قولان:

الأول: هو أن يكون المقروع عليه لا واقع له .

والثاني: على الإطلاق وهو القرعة لكل شيء كان له واقع أم لا فالصحيح أنّه من بيت مال المسلمين لعدم ثبوت الدية كاملة على الأول وكذا على الثاني، لكن قلنا على الثاني مائة دينار وهو القدر المتيقن لأنّه لو كانت حياته مستقرة فعليه ألف دينار وإلا فعليه مائة، وما قلناه من أن الدية من بيت المال للقاعدة لأن لا يذهب دم مسلم هدراً .

ص: 257

المسألة 395: لو وطأ مسلم وذمي امرأة شبهة في طهر واحد(1) ثم أسقطت حملها بالجناية أقرع بين الواطيين، وألزم الجاني بالدية بنسبة دية من ألحق به الولد من الذمي أو المسلم .

المسألة 396: إذا كانت الجناية على الجنين عمداً أو شبه عمد فديته في مال الجاني(2)، وإن كانت خطأ وبعد ولوج الروح فعلى العاقلة .

_______________________________________________________________

(1) لأنّ القرعة لكل أمر مشكل وبها يتعين أيّ منهما، فإن تعين بالقرعة أي منهما ألحق به، وألزم الجاني بالنسبة إلى ديته، فإن ألحق بالمسلم ترتب عليه حكم المسلم، وإن ألحق بالذمي يترتب عليه حكم الذمي فالجاني لابد له يدفع الدية إلى من ألحق به .

(2) لا يخفى أن الجناية تارة تكون عمداً، وأخرى شبه العمد، وثالثةخطأ، وعلى هذه الصورة تارة تكون قبل ولوج الروح، وأخرى بعد ولوج الروح، فهذه وإن كانت عمداً أو شبه عمد فهي تكون على الجاني .

وأمّا إذا كانت خطأ قبل ولوج الروح فهو على الجاني أيضاً عمداً كان أو خطأ، أو شبيه عمد لا على العاقلة في صورة الخطأ، قال في الجواهر: ولولاه لأمكن الإشكال في ضمان العاقة(1).

ص: 258


1- الجواهر / 43 / 383 .

وإن كانت قبل ولوج الروح ففي ثبوتها على العاقلة إشكال والأظهر عدمه(1).

المسألة 397: الميت كالجنين ففي قطع رأسه، أو ما فيه اجتياح نفسه لو كان حياً عشر الدية، ولو كان خطأ، وفي قطع جوارحه بحسابه من ديته(2) وهي لا تورث وتصرف في وجوه القرب له .

_______________________________________________________________

(1) الإشكال في ضمان العاقلة في لعدم عدم تحقق القتل كما في الجناية عليه قبل ولوج الروح فيه خصوصاً بعد إطلاق نصوص الضمان على الجاني(1)،

وإن تم الاتفاق فهو، ولكنه غير تام، إذاً مقتضى الإطلاق ما دل على أن الجاني ضامن لدية الجنين قبل ولوج الروح وبعدم الفرق بين كون الجناية عمداً أو شبيه عمداً أو خطأ، لذا قال الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) أن الضمان على الجاني دون العاقلة(2).

(2) الكلام يقع أولاً في مقدار الدية وهي مائة، وتدل عليه صحيحة الحسين بن خالد عن أبي الحسن (علیه السلام) «قال سئل أبو عبد الله (علیه السلام) عن رجل قطع رأس ميت، فقال: إن الله حرم منه ميتاً كما حرم منه حياً، فمن فعل بميت فعلاً يكون في مثله اجتياح نفس الحي فعليه الدية، فسالت عن ذلك أبا الحسن (علیه السلام) فقال صدق أبو عبد الله (علیه السلام) هكذا قال رسول (صلی الله علیه و آله وسلّم) قلت: فمن قطع رأس ميت أو شق بطنه، أو فعل به ما يكون فيه اجتياح نفس الحي فعليه دية النفس كاملة، فقاللا، ولكن ديته دية الجنين في بطن أمه قبل أن تلج فيه الروح وذلك مائة دينار، وهي لورثته ودية هذا هي له لا لورثته، قلت فما لفرق بينهما، قال: أن الجنين أمر مستقبل مرجو نفعه وهذا قد مضى وذهبت منفعته فلما مثل به بعد موته صارت

ص: 259


1- جواهر الكلام / 43 / 383 .
2- مباني تكملة المنهاج / 2 / 518 .

................................

ديته بتلك المثلة له لا لغيره يحج بها به عنه يفعل بها أبواب الخير والبر من صدقة أو غيره»(1).

لا يخفى عدم انتقال دية الميت إلى ورثته فالذي ينتقل إلى ورثته ما كان لسبب الجناية عليه قبل موته وحيث أن الدية هذه لحقت بعد الموت فلا تنتقل إلى الورثة بعد موته فالأحوط للورثة أن يصرفوا الدية في وجوه البر عنه، وهناك صحيحتان تدلان بظاهرهما في ثبوت الدية الكاملة كصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (علیه السلام) «في رجل قطع رأس الميت، قال عليه الدية لأن حرمته ميتاً كحرمته وهو حي»(2).

وصحيحة عبد الله بن مسكان عن أبي عبد الله (علیه السلام) «في رجل قطع رأس الميت، قال: عليه الدية لأن حرمته ميتاً كحرمته وهو حي»(3)، فتحمل الصحيحتان على الصحيحة الأولى لصراحة تلك وظهورهما .

أقول: الصحيحتان جاءتا في مقام بيان أصل الدية لا في بيان مقدار الدية، والمسألة غير خلافية، ولأن في الصحيحتين ورد بأن حكم الميت حكم الحي .وهكذا صحيحة صفوان، قال «قال أبو عبد الله (علیه السلام) أبى الله أن يظن بالمؤمن إلا خيراً، وكسرك عظامه حياً وميتاً سواء»(4).

وهل أن الدية تورث أو تصرف في وجوه البر للميت ؟ الظاهر أنّها تصرف في وجوه البر للميت .

ص: 260


1- الوسائل باب 24 من أبواب ديات الأعضاء ح2 .
2- الوسائل باب 24 من أبواب ديات الأعضاء ح4 .
3- الوسائل باب 24 من أبواب ديات الأعضاء ح6 .
4- الوسائل باب 25 من أبواب ديات الأعضاء ح4 .

الجناية على الحيوان

المسألة 398: كل حيوان قابل للتذكية سواء كان مأكول اللحم أم لم يكن وإذا ذكاه أحد بغير أذن مالكه فالمالك مخير بين أخذه ومطالبته بالتفاوت بين كونه حياً وذكياً(1)، وبين عدم أخذه ومطالبته بتمام القيمة(2) .

_______________________________________________________________

(1) الكلام هنا يقع في ما يؤكل لحمه، كالغنم والبقر والإبل، فإذا أتلف منها بواسطة الذكاة فيلزمه بدفع التفاوت بين كونه حياً وبين كونه ذكياً بعد عدم خروج الحيوان عن ملك مالكه بالتذكية، لأنّه ليس هناك موجب للخروج فلا محالة يمكنه أخذه، ولكن يرجع إلى الذابح ويأخذ قيمة ما به التفاوت وليس للذابح الامتناع، واستدلوا على ذلك بدعوى السيرة العقلائية .

(2) وأمّا جواز دفع الحيوان إلى مذكيه والمطالبة بقيمته ففيه خلاف وقد قال السيد الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) وفاقاً لجماعة منهم الشيخ الطوسي في النهاية والمفيد في المقنعة وسلار والقاضي وابنا حمزة وسعيد خلافاً للمتأخرين والشيخ في محكي المبسوط ومال إليه المحقق في الشرائع بدعوىأنّه إتلاف بعض منافعه فبطبيعة الحال يضمن مقدار التالف دون الزائد(1).

ص: 261


1- مباني تكملة المنهاج / 2 / 513 _ 524 .

فإذا دفع الجاني قيمته إلى صاحبه ملك الحيوان المذكى(1)، وأمّا إذا أتلفه بغير تذكية ضمن قيمته(2)، نعم إذا بقي فيه ما كان قابلاً للملكية والانتفاع من اجزائه كالصوف ونحوه فالمالك مخير كالسابق(3).

_______________________________________________________________

وقال الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) ولكن الصحيح هو القول الأول وذلك لأنّ الحيوان الحي بنظر العرف مباين للحيوان الميت، وقد اتلفه بالتذكية كان ذلك من التلف عندهم فيضمن، وعليه للمالك حق ألزام المتلف بإعطاء القيمة وليس له حق الامتناع عن ذلك، عليه بناء العقلاء أيضاً(1).

وقد قلنا إنّه يبقى في ملك مالكه فليس له إلا أخذ ما به التفاوت، وإن دخل في ملك الذابح فلابد من أخذ تمام القيمة ولا معنى لتخيير المالك والحق أنّه إتلاف لبعض منافعه والمال باقٍ على ملك مالكه فله أخذ ما به التفاوت وهو الأشبه .

(1) لأنّه بعد الدفع حصلت المعاوضة ولا يجوز أن يجمع المالك بين العوض والمعوض، فمع بقاء المعوض في ملكه فلا تصح المعاوضة .

(2) للقاعدة أي أن الحيوان أصبح ميتة وهي غير قابلة للتمليك والضمان يكون يوم إتلافه .

(3) الحق هو للمالك فهو مخير بين أن يأخذ الصوف ونحوه وبين أنيأخذ ما به التفاوت بين قيمة صوف الحي والميت، وله أن يدفع الصوف له وله أخذ قيمة صوف الحي .

ص: 262


1- مباني تكملة المنهاج / 2 / 524.

وإذا جنى عليه بغير إتلاف كما إذا قطع بعض اعضائه، أو كسر بعضها، أو جرح فعليه الأرش وهو التفاوت بين قيمتي الصحيح والمعيب(1)، نعم إذا فقأ عين ذات القوائم الأربع فعلى الجاني ربع ثمنها(2).

وإذا جنى عليها فالقت جنينها ففيه عشر قيمتها(3) .

_______________________________________________________________

(1) بعد فرض ضمانه .

(2) وادعى المشهور الأرش كبقية بقاء الأعضاء، ولكن الصحيح هو ربع ثمنها لما ورد به من الروايات الصحاح .

منها: صحيح أبي العباس قال «قال: أبو عبد الله (علیه السلام) من فقأ عين دابة فعليه ربع ثمنها»(1).

ومنها: صحيحة عمر بن اذينة «قال: كتبت إلى أبي عبد الله (علیه السلام) اسأله عن رواية الحسن البصري يرويها عن علي (علیه السلام) في عن ذات الأربع قوائم إذا فقأت ربع ثمنها، قال: صدق الحسن قد قال علي (علیه السلام) ذلك»(2)

وغيرهما من الروايات .

(3) وقد ادعيّ الإجماع ولكنه مخدوش صغرى و كبرى، والعمدة رواية السكوني وهي معتبرة عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلّم) في جنين البهيمة إذا ضربت فأزلقت عُشرقيمتها»(3).

ص: 263


1- الوسائل باب 47 من أبواب ديات الأعضاء ح1 .
2- الوسائل باب 47 من أبواب ديات الأعضاء ح2 .
3- الوسائل باب 18 من أبواب ديات النفس ح2 .

المسألة 399: في الجناية على ما لا يقبل التذكية كالكلب والخنزير تفصيل، أمّا الخنزير فلا ضمان في الجناية عليه بإتلاف أو نحوه، إلا إذا كان لكافر ذمي، ولكن يشترط في ضمانه له قيامه بشرائط الذمة وإلا فلا يضمن، كما لا ضمان في الخمر وآلة اللهو وما شاكلهما(1).

_______________________________________________________________

(1) لأنّه لا يملك، نعم لو كان للذمي وعمل بشرائط الذمة فأصبح دمه وماله محقوناً، إذاً فإتلافه موجب للضمان وإلا لا يضمن، ففي صحيحة زرارة عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: إن رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلّم) قبل الجزية من أهل الذمة على أن لا يأكلوا الربا، ولا يأكلوا لحم الخنزير، ولا ينكحوا الأخوات ولا بنات الأخ، ولا بنات الأخت، فمن فعل ذلك منهم برئت منه ذمة الله تعالى، وذمة رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلّم) قال: وليست لهم اليوم ذمة»(1).

ودلالة هذه الصحيحة على الذمي العامل بشرائط الذمة، وأمّا من لم يعمل فواضح لأنّه معنى من لم يعمل فدمه هدر، فماله يكون هدراًبطريق أولى ولا يكون محقون الدم، ولكن الرواية وردت فيها ترك أكل الخنزير والربا، وأمّا إذا كان مستتراً فلا، وهناك روايتان تدلان على الضمان مطلقاً مستتراً كان أم لا .

الرواية الأولى هي رواية مسمع عن أبي عبد الله (علیه السلام) «إن أمير المؤمنين رفع إليه رجل قتل خنزيراً فضمنه، ورفع إليه رجل كسر بربطاً فأبطله»(2)

والرواية لا إطلاق فيها، بل هي قضية في واقعة على ما قاله الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) فمضافاً إلى ضعفها سنداً بسهل بن زياد، وشمون والأصم، أنها قضية في واقعة فلا إطلاق لها،

ص: 264


1- الوسائل باب 48 من أبواب جهاد العدو ح1 .
2- الوسائل باب 26 من أبواب موجبات الضمان ح1 .

وأمّا الكلب فكذلك غير كلب الغنم وكلب الحائط وكلب الزرع وكلب الصيد(1)، وأمّا فيها ففي الأول والثاني والثالث يضمن القيمة وأمّا الرابع فالمشهور أن فيه أربعين درهماً وفيه إشكال، والأظهر أن فيه أيضاً القيمة إذا لم تكن أقل من أربعين درهماً وإلا فأربعون درهماً(2) .

_______________________________________________________________

ومنه يظهر حال معتبرة غياث أيضاً حيث إنّه لا إطلاق فيها ليتمسك به لإثبات الضمان حتى في صورة عدم التستر والعمل بشرائط الذمة(1).

والرواية الثانية معتبرة غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه في حديث «إن علياً (علیه السلام) ضمن رجلاً أصاب خنزير النصراني»(2)، وهذه أيضاً لاإطلاق فيها بل هي كذلك قضية في واقعة حتى يمكن التمسك بإطلاقها لكي نقول بالضمان ولو مع عدم التستر، ومن هنا ظهر ما ذكره في الجواهر بقوله: لإن النصوص مطلقة ولعل الوجه في إطلاق ضمان خنزير النصراني أن بنائه على عدم التستر به فلم يكن ذلك من شرائط الذمة عليه(3) .

(1) أنّه مما لا يتملك عادة إلا إذا كان ذمياً وعمل بشرائط الذمة .

(2) أي لا يضمن لعدم القابلية للملكية إلا الكلاب الأربع الزرع والصيد، وكلب الغنم، والحائط، إذاً يجب عليه دفع القيمة بالنسبة لهذه الأصناف الأربعة .

والحق هو قول المشهور كما وردت في الروايات الصحاح كمعتبرة الوليد بن صبيح عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: دية كلب السلوقي أربعون درهماً أمر رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلّم)

ص: 265


1- مباني تكملة المنهاج / 2 / 527 .
2- الوسائل باب 26 من أبواب موجبات الضمان ح2 .
3- الجواهر / 43 / 400 .

................................

بذلك»(1)، ورواها الصدوق بسنده المعتبر إلى قوله (علیه السلام) أربعون(2)،

ومنها معتبرة عبد الأعلى بن اعين عن أبي عبد الله في كتاب علي (علیه السلام) «دية كلب الصيد أربعون درهماً»(3) للشهرة ولترجيح هذه الروايات على رواية دلت على إعطاء القيمة وإن كان الأحوط هو القول بأربعين إن لم يكن قيمته أكثر وإلا إعطاء القيمة .

ص: 266


1- الوسائل باب 19 من أبواب ديات النفس ح1 .
2- الوسائل باب 19 من أبواب ديات النفس ح6 .
3- الوسائل باب 19 من أبواب ديات النفس ح5 .

كفارة القتل

المسألة 400: تقدم في أوائل كتاب الديات ثبوت الكفارة في قتل المؤمن زائدة على الدية، لكنها تختص بموارد صدق عنوان القاتل، كما في فرض المباشرة وبعض موارد التسبيب(1).

_______________________________________________________________

(1) أي يكون بآلة قاتلة بقصد القتل، أو لآلة قاتلة نوعاً ولو بغير قصد القتل، ولكن قصد القتل كما إذا ضرب مكرراً إلى أن يموت أو بآلة قاتلة ولو لم يكن من قصده القتل، ففي هذه الصور كلها يجب عليه الكفارة أي كفارة الجمع عتق رقبة، صيام شهرين متتابعين، إطعام ستين مسكيناً وتدل عليه معتبرة إسماعيل بن جابر الجعفي قال «قلت لإبي جعفر (علیه السلام) الرجل يقتل الرجل متعمداً، قال: عليه ثلاث كفارات بعتق رقبة، ويصوم شهرين متتابعين، ويطعم ستين مسكيناً، وقال: وافتى علي بن الحسين بمثل ذلك»(1)

ومنها صحيحة عبد الله بن سنان وابن بكير جميعاً عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: سئل عن المؤمن يقتل المؤمن متعمداً هل له توبة، قال: إن كان قتله لأيمانه فلا ديةله، وإن كان قتله لغضب أو لسبب من أمر الدنيا، فإنّ توبته أن يقاد منه، وإن لم يكن علم به انطلق إلى أولياء المقتول، فأقرّ عندهم بقتل صاحبهم، فإن عفو عنه فلم يقتلوه أعطاهم الدية، وأعتق نسمه

ص: 267


1- الوسائل باب 10 من أبواب القصاص في النفس ح3 .

ولا تثبت فيما لا يصدق عليه ذلك وإن ثبتت الدية فيه، كما لو وضع حجراً أو حفر بئراً أو نصب سكيناً في غير ملكه، فعثر به عاثراً اتفاقاً فهلك، فلا كفارة عليه في هذه الموارد(1) .

المسألة 401: لا فرق في وجوب الكفارة بقتل المسلم بين البالغ وغيره(2)، والعاقل المجنون، والذكر والأنثى، والحر والعبد(3)، وإن كان العبد عبد القاتل، والمشهور وجوب الكفارة في قتل الجنين بعد ولوج الروح، وفيه إشكال، والأقرب عدم الوجوب .

_______________________________________________________________

وصام شهرين متتابعين، وأطعم ستين مسكيناً توبة إلى الله عز وجل»(1).

(1) كما إذا حفر بئراً بقصد قتل حيوان رآه من بعيد فوقع فيه فمات فإنّه قتل خطأ إذا بآن أنّه إنسان، أمّا إذا حفر بئراً يقصد قتل إنسان فوقع فمات، ففي كلا الصورتين هو قاتل يجب مع الدية دون الكفارة لأنّه يصدق عليه قاتل فتجب عليه الدية، أمّا الكفارة فلا، وأمّا وجوب الدية فمن جهة دليل خاص، نعم إذا صدق أنّه قاتل بهذا الفعل فتجب الكفارة .

(2) والمسألة غير خلافية لأنّ صدق المسلم على غير البالغ إذا كان مميزاً وبالنسبة إلى غير المميز محل تأمل .(3) للإطلاق وللروايات .

منها: صحيحة حمران عن أبي جعفر (علیه السلام) «في رجل يقتل مملوكاً له قال: يعتق رقبه، ويصوم شهرين متتابعين ويتوب إلى الله عز وجل»(2).

ومنها: صحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: من قتل عبده متعمداً

ص: 268


1- الوسائل باب 9 من أبواب القصاص في النفس ح1 .
2- الوسائل باب 37 من أبواب القصاص في النفس ح2 .

................................

فعليه أن يعتق رقبة وأن يطعم ستين مسكيناً وأن يصوم شهرين»(1).

ومنها: صحيحة أبي أيوب الخزاز «قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن رجل ضرب مملوكاً له فمات من ضربه، قال: يعتق رقبة»(2).

ولا فرق بين أن يتعلق القود على القاتل أم لا، كما إذا قتل المولى عبده فإنّه لا يتعلق به القود ويعزر ولكن يغرم به الكفارة، فلا فرق فيما إذا كان القاتل والمقتول رجلاً أو امرأة، وهذا بالنسبة إلى المسلم لصدق المسلم عليه أمّا غير المسلم كالذمي فلا يكون على القاتل إلا الدية دون الكفارة .

أمّا الإشكال فلعدم الدليل من الكتاب والسنة يقول الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) إن تم إجماع في المسألة فهو، ولكنه غير تام، ولذا ناقش في وجوبها الاردبيلي(3) إذاً الاردبيلي مخالف ولم يتحقق الإجماع، وأمّا كبرى على فرض تحققه فالإجماع غير حجة عنده وعندنا .

وأمّا ما ذكره العلامة في التحرير من وجوب الكفارة بقوله: إنما تجبالكفارة بقتل المسلم ومن هو بحكمه من الأطفال وإن كان جنيناً لم تلجه الروح بعد تمام خلقته سواء كان ذكراً أو أنثى حراً أو عبداً عاقلاً أو مجنوناً مملوكاً للقاتل أو لغيره، لا تجب الكفارة بقتل الذمي وغيره من اصناف الكفار معاهداً كان أو غير معاهد، حل قتله أم حرم(4)

فإنّه مردود بوجهين الأول: عدم صدق القتل عليه حقيقة .

والثاني: لو قلنا أنّه لا كفارة في الجنين الذي ولجته الروح فبطريق أولى لا كفارة في الجنين الذي لم تلجه الروح .

ص: 269


1- الوسائل باب 37 من أبواب القصاص في النفس ح3 .
2- الوسائل باب 37 من أبواب القصاص في النفس ح8 .
3- مباني تكملة المنهاج / 2 / 536 .
4- تحرير الأحكام / 5 / 635 .

وأمّا الكافر فلا كفارة في قتله من دون فرق بين الذمي وغيره(1).

المسألة 402: لو اشترك جماعة في قتل واحد فعلى كل منهم كفارة(2).

المسألة 403: لا إشكال في ثبوت الكفارة على القاتل العمدي إذا رضي ولي المقتول بالدية أو عفا عنه، وأمّا لو قتله قصاصاً أو مات بسبب آخر فهل عليه كفارة في ماله ؟ فيه إشكال، والأظهر عدم الوجوب(3) .

_______________________________________________________________

(1) وأمّا الكافر ففي عدم وجوب الكفارة في قتله محل اتفاق، أولاً وثانياً أن ظهور الأدلة اشترطت فيه الأيمان لتحقق الكفارة .

(2) لأنه يصدق على كل واحد منهم أنّه قاتل ويتعلق بكل منهم كفارة القتل، والمسألة غير خلافية .

(3) المسألة غير خلافية بل الإجماع بقسميه، قال الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) وتدل على ذلك مضافاً إلى أن الكفارة قد ثبتت بالقتل وسقوطها بعد ثبوتها يحتاج إلى دليل ولا دليل في المقام(1)

وبيان ذلك أن المسألة ذات قولين:

الأول: عدم وجوب الكفارة وسقوطها بالموت وأختار هذا القول جماعة منهم الشيخ في المبسوط وابن إدريس في محكى السرائر، والمفيد في المقنعةوابن فهد في المهذب وابن حمزة في الوسيلة .

الثاني: وجوبها وأختار هذا القول جماعة منهم العلامة في المختلف والتحرير، بل عن الشيخ في الخلاف، وادعوا إجماع الفرقة وأخبارهم عليه وقواه صاحب الجواهر(2).

ص: 270


1- مباني تكملة المنهاج / 2 / 536 .
2- جواهر الكلام / 43 / 311 .

المسألة 404: لو قتل صبي أو مجنون مسلماً فهل عليهما كفارة ؟ فيه وجهان، الأظهر عدم وجوبه(1).

_______________________________________________________________

واستدلوا على وجوب الأول بالاستصحاب، ومن المعلوم أن شرط الاستصحاب اتحاد الموضوع، قد ذكر في الصحاح المتقدمة عن حمران وأبي بصير والخزاز أن الكفارة مشروطة بعدم القتل .

وعلى الثاني بأصالة عدم السقوط وقد ذكرنا عدم جريان هذا الاستصحاب بنفسه .

الثالث: أنّها من حقوق الله المتعلقة بالمال فلا تسقط بالموت، وفيها أنّه تكليف محض، لا أنّه تكليف متعلق بالمال، والعمدة السقوط بالدليل فالعمدة القول الأول .

(1) لا شك ولا شبهة بأن الصبي والمجنون لا تمكين عليهما ولذا لا يقاد منهما، وكفارة القتل هي تكليف محض، وليست من الحقوق المتعلقة بالمال وما دل من الروايات بالإطلاق لشمولها للصبي والمجنون تقيد بحديث الرفع وعلى فرض التنزل بأن المسألة مالية فأيضاً حديث الرفع بإطلاقه كما يشمل الحكم التكليفي يشمل الحكم الوضعي وفي المسالك بقوله: وإطلاقالنص يقتضي عدم الفرق في القاتل بين كونه مكلفاً وغيره، فتجب على الصبي والمجنون بقتل المسلم، وإن لم تجب عليهما الكفارة في غيره فيخرج العتق والإطعام من مالهما كما يخرج غيرها من الحقوق(1)، وما ذكره (قدس سرُّه) في غير محله .

ص: 271


1- المسالك / 15 / 505 .

فصل في العاقلة

المسألة 405: عاقلة الجاني عصبته والعصبة هم المتقربون بالأب كالأخوة والأعمام وأولادهم وإن نزلوا(1).

_______________________________________________________________

(1) مورد العاقلة هو العصبة، والمعتق من له ولاء العتق وضامن الجريرة أي من له ولاء ضمانها، ثم الإمام (علیه السلام) أي من له ولاية الإمامة والعصبة تفسر بالذين يؤخذ منهم دية الخطأ المحض أي المتقرب إلى الجاني بالأب كالأخوة وأولادهم، والعمومة وأولادهم .ولا يخفى أنّه لا يشترط في عصبة الجاني أن يكون من أهل الإرث من الجاني، لأنّه قد يكون وارثاً ولو لم يكن من العصبة، فما قيل بأنه يشترط في العصبة أن يكونوا وارثين من الجاني فغير تام، ولذا ترى لو قتل الجاني يرث ديته الزوجة والذكور والإناث، ولكن بالعقل يعني الدية تؤخذ ممن يتقرب بالأب دون من يتقرب بالأم، أو من يتقرب الأب من الإناث والمشهور هو ما ذكر في المتن وذكر ذلك المحقق في الشرائع بقوله: ومن الأصحاب من خص به الأقرب ممن يرث بالتسمية ومع عدمه يشترك في العقل بين من يتقرب بالأم، مع من يتقرب بالأب أثلاثاً، وهو استناد إلى رواية سلمة بن كهيل(1)عن

أمير المؤمنين (علیه السلام) «قال: أتي

ص: 272


1- شرائع الإسلام / 4/ 529 .

................................

أمير المؤمنين برجل قد قتل رجلاً خطأ، فقال له: أمير المؤمنين (علیه السلام) من عشيرتك وقرابتك ؟ فقال ما لي بهذا البلد عشيرة ولا قرابة، قال، فقال: فمن أي البلدان أنت؟ قال: أنا رجل من أهل الموصل ولدت بها ولي بها ولي بها قرابة وأهل بيت قال: فسأل عنه أمير المؤمنين (علیه السلام) فلم يجد له بالكوفة قرابة ولا عشيرة، قال: فكتب إلى عامله على الموصل: أمّا بعد فإن فلان بن فلان وحليته كذا وكذا قتل رجلاً من المسلمين خطأ، فذكر أنّه رجل من أهل الموصل، وأن له بها قرابة وأهل بيت وقد بعثت به إليك مع رسولي فلان وحليته كذا وكذا، فإذا ورد عليك إن شاء الله وقرأت كتابي فافحص عن أمره وسل من قرابته من المسلمين، فإن كان من أهل الموصل ممّن ولد بها وأصبت له قرابة من المسلمين فاجمعهم إليك، ثم أنظر فإن كان رجل منهميرثه له سهم في الكتاب لا يحجبه عن ميراثه أحد من قرابته فألزمه الدية، وخذه بها نجوماً في ثلاث سنين، فإن لم يكن له من قرابته أحد له سهم في الكتاب وكانوا قرابته سواء في النسب وكان له قرابة من قبل أبيه وأمه سواء في النسب ففضّ الدية على قرابته من قبل أبيه وعلى قرابته من قبل أمه من الرجال المدركين المسلمين، ثم اجعل على قرابته من قبل أبيه ثلثي الدية، واجعل على قرابته أمه ثلث الدية، وأن لم يكن له قرابة من قبل أبيه ففضّ الدية على قرابته من أمه من الرجال المدركين المسلمين، ثم خذهم بها واستأدهم الدية في ثلاث سنين، وإن لم يكن له قرابة من قبل أبيه ولا قرابة من قبل أمه ففضّ الدية على أهل الموصل ممّن ولد ونشأ بها ولاتدخلنّ فيهم غيرهم من أهل البلد، ثم استأد ذلك منهم في ثلاث سنين في كل سنة نجماً حتى تستوفيه إن شاء الله»(1).

ولكن الحق إنما ورد في الرواية من الاشتراك في العقل بين من يتقرب له

ص: 273


1- الوسائل باب 2 من أبواب العاقلة ح1 .

................................

بالأب مع من يتقرب له بالأم في هذه الرواية غير تام، مضافاً إلى ضعف السند فإن حسن بن محبوب يروي عن مالك بن عطية عن أبيه عن سلمة ابن كهيل، فإن سلمة وابا عطية كلاهما حالهما غير معلوم، وورد عن كشف اللثام بقوله: وقيل الأقرب ممن يرث القاتل بالتسمية ومع عدمه يشترك في العقل بين من يتقرب بالأم من أولي الارحام مع من يتقرب بالأب أثلاثاً وبالجملة هم الورثةعلى ترتيب الارث(1).

واستدل على ذلك بمعتبرة أبي بصير «قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل قتل رجلاً متعمداً ثم هرب القاتل فلم يقدر عليه، قال: إن كان له مال أخذت الدية من ماله، وإلا فمن الأقرب فالأقرب، وإن لم يكن له قرابة اداه الإمام، فإنه لا يبطل دم أمرئ مسلم»(2) وصحيحة ابن أبي نصر عن جعفر (علیه السلام) «في رجل قتل رجلاً عمداً ثم فرّ فلم يقدر عليه حتى مات، قال: إن كان له مال أخذ منه، وإلا أخذ من الأقرب فالأقرب»(3).

ومرسلة يونس بن عبد الرحمن عن أحدهما C «أنّه قال: في الرجل إذا قتل رجلاً خطأ فمات قبل أن يخرج إلى أولياء المقتول من _ الدية _ أن الدية على ورثته، فإن لم يكن له عاقلة فعلى الوالي من بيت المال»(4)،

وهذه الرواية ضعيفة بالإرسال، مضافاً إلى أن موردها القتل الشبيه بالعمد، لأن المفروض أن الدية كانت واجبة على القاتل فمات قبل أن يفرغ ذمته، فهي لا يمكن أن يستدل بها لوجوب الدية على العاقلة .

ص: 274


1- كشف اللثام / 11/ 499 .
2- الوسائل باب 4 من أبواب العاقلة ح1 .
3- الوسائل باب 4 من أبواب العاقلة ح3 .
4- الوسائل باب 6 من أبواب العاقلة ح1 .

وهل يدخل في العاقلة الآباء وإن علوا والأبناء وإن نزلوا الأقرب الدخول(1).

_______________________________________________________________

أمّا الصحيحتان فإن موردها القتل العمدي ولا يكون على العاقلة فيه شيء والحكم بوجوب الدية على الوارث هو حكم تعبدي ولا يمكن التعديإلى قتل الخطأ، إذاً قول المشهور هو الصحيح لغة وعرفاً فهي مختصة بالمتقرب بالأب فقط .

(1) هناك خلاف بين الفقهاء ونسب الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) إلى الشيخ في المبسوط والخلاف عدم دخولهما(1)،

ودليلهم على المنع ما ورد في صحيحة محمد بن قيس عن أبي جعفر (علیه السلام) «قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) على امرأة اعتقت رجلاً واشترطت ولاءه ولها ابن فالحق ولاء بعصبتها الذين يعقلون عنه دون ولدها»(2)،

قيل الصحيحة تدل على عدم دخول الولد في العصبة، بمعنى عاقلة المرأة الذين يعقلون عن الرجل المشروط ولاؤه، إذا فرض أنّها ماتت أي المرأة التي اعتقت الرجل، وبعبارة أخرى إن الولد مستثنى ممن له الولاء وهم العصبة، فإن ولاء الأم لا يصل إلى ولدها وإنما يصل إلى غيرها من عصبتها، إذاً فالصحيحة تدل على دخول الولد في العاقلة، ولكن لا يرث الولاء من الأم، وهذه لا تدل على عدم دخول الولد في العصبة على العموم، أي حتى في الولاء المشروط لأبيه المعتق، فضلاً عن عدم دخول الأب في العصبة، قال الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) والصحيح ما هو المشهور بين الأصحاب والدليل على ذلك هو اختصاص العصبة لغة وعرفاً بالمتقربين بالأب ولا تشمل المتقربين بالأم(3)،

أقول تشمل الأب والأبن أيضاً.

ص: 275


1- مباني تكملة المنهاج / 2 / 542 .
2- الوسائل باب 39 من أبواب كتاب العتق ح1 .
3- مباني تكملة المنهاج / 2 / 542 .

ولا يشترك القاتل مع العاقلة في الدية(1)ولا يشاركهم فيها الصبي ولا المجنون، ولا المرأة وإن ورثوا منها(2).المسألة 406: هل يعتبر الغنى في العاقلة ؟ المشهور اعتباره، وفيه إشكال والأقرب عدم اعتباره(3).

_______________________________________________________________

(1) المسألة غير خلافية وادعي الإجماع بقسميه، فالعاقلة تضمن الجناية وهو غير القاتل إذا كانت جنايته من الخطأ المحض .

(2) لرفع القلم عنهما أي قلم التكليف والوضع ولا ملازمة بين كونهم وارثين وعدم وجوب الدية عليهما، أمّا المرأة فلأنّها خارجة عن العاقلة حتى بناءً على دخول الأقارب من طرف الأم في العاقلة، فيراد به الذكور منهم دون الإناث فالمرأة خارجة عن العصبة، والذكور أيضاً ليسوا من العصبة لأنّهم من طرف الأم كما ذكرنا، إن ورد في رواية سلمة بن كهيل دخولهم في العصبة، ولكنك قد عرفت ضعف الرواية .

(3) أنّه لا دليل على الاعتبار، لأن الغنى لا يكون شرطاً مقوماً لعنوان العصبة، ولا عصبة الجاني غالباً يكون من الأغنياء، فالأظهر عدم شرطيته الغنى خلافاً لما نسب إلى جماعة، ولصاحب الجواهر دعوى عدم الخلاف(1) يقول الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) أن تم الإجماع فهو ولكنه غير تام، فإذاً الأقرب عدم الاعتبار وأّنه لا فرق بين الغني والفقير في ذلك(2)،

وهذا عجيب منه لأنه لا يكون حجة عنده، إذاً لو فرض وجود الإجماع فهو لا يفيد، إلا أن يقال بأنّه تعبدي ويكون حجة، ومع ذلك لو كان غنياً بالقوة، أي يتمكن من دفع الدية تدريجاً فيجب عليه .

ص: 276


1- جواهر الكلام / 43/431 .
2- مباني تكملة المنهاج / 2/ 544 .

المسألة 407: لايدخل أهل البلد في العاقلة إذا لم يكونوا عصبة(1).

المسألة 408: المشهور أن المتقرب بالأبوين يتقدم على المتقرب بالأب خاصة، وفيه إشكال والأظهر عدم الفرق بينهما(2) .

المسألة 409: يعقل المولى جناية العبد المعتق ويرثه المولى إذا لم تكن له قرابة، وإذا مات مولاه قبله فجنايته على من يرث الولاء(3) .

_______________________________________________________________

(1) لأنّ الواجب هو الدفع على العصبة، والمسألة غير خلافية فلا اعتبار ولا دية لمن كان في البلد ولم يكن من العصبة، نعم ذكر بأنّه ورد في رواية سلمة بن كهيل، ولكن الرواية مع ضعفها متروكة ولم يعمل بها أحد .

(2) قلنا لا ربط في مسألة الإرث بالعاقلة، مضافاً إلى أنّه لا دليل على هذا، وأمّا الروايتان وهما معتبرة أبي بصير وصحيحة البزنطي المتقدمتان ولذا قال صاحب الجواهر: كما في القواعد وغيرها ومحكي المبسوط، بل لا أجد فيه خلافاً بينهم معللين له بإنه الأقرب فالأقرب احق بالأرث(1).

(3) دون من ينعتق على مولاه قهراً إذا كان بتنكيل مولاه، والمسألة غير خلافية وقد ادعي الإجماع بقسميه وهو يرثه، ويدل عليه صحيحة هشام بن سالم عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: إذا ولي الرجل فله ميراثه وعليه معقلته».

ص: 277


1- الجواهر / 43 / 422 .

المسألة 410: إذا لم تكن للقاتل أو الجاني عصبة ولا من له ولاء العتق وكان له ضامن جريرة فهو عاقلته(1)، وإلا فيعقله الإمام من بيت المال .

_______________________________________________________________

(1) قيل يضمن إجماعاً بقسميه، وفيه أولاً: أن الإجماع ليس بحجة، ثانياً: غير محصل، إذاً إذا ثبت عدم خلافية المسألة فيها وإلا فالعمدة هي الروايات التي وصلت إلى الاستفاضة، كصحيحة إسماعيل بن الفضل «قال سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرجل إذا اعتق أله أن يضع نفسه حيث شاء ويتولى من أحب ؟ فقال: إذا اعتق لله فهو مولى الذي أعتقه وإذا أعتق فجعل سائبة فله أن يضع نفسه ويتولى من شاء»(1)،

ومنها صحيحة عبد الله بن سنان قال «قال: أبو عبد الله (علیه السلام) من أعتق رجلاً سائبة جريرته شيء وليس له من الميراث شيء، ويشهد على ذلك، وقال: ومن تولى رجلاً ورضي به فجريرته عليه وميراثه له»(2)ومنها صحيحة سليمان ابن خالد عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: سألته عن مملوك اعتق سائبة، قال يتولى من شاء، وعلى من تولاه جريرته وله ميراثه، قلت: فإن سكت حتى يموت ؟ قال: يجعل ماله من بيت مال المسلمين»(3).

ص: 278


1- الوسائل باب 36 من أبواب العتق ح1 .
2- الوسائل باب 41 من أبواب العتق ح2 .
3- الوسائل باب 41 من أبواب العتق ح1 .

المسألة 411: تحمل العاقلة دية الموضحة وما فوقها من الجروح ودية ما دونها في مال الجاني(1) .

المسألة 412: قد تقدم أن عمد الأعمى خطأ فلا قود عليه، وأمّا الدية فهي على عاقلته، فإن لم تكن له عاقلة ففي ماله(2)،

_______________________________________________________________

(1) والمسألة غير خلافية، ويؤيد ذلك معتبرة أبي مريم عن أبي جعفر (علیه السلام) «قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) أن لا يحمل على العاقلة إلا الموضحة فصاعداً، قال: ما دون السمحاق أجر الطبيب سوى الدية»(1) أي يحسب أجر الطبيب زائداً على الدية، وهذا لم يقل به أحد .

(2) لا يخفى أن دية الخطأ تستأدى في ثلاث سنين بلا فرق بين دية النفس أو الطرف، كما ورد في صحيحة أبي ولاد الحناط عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: كان علي (علیه السلام) يقول: تستأدى دية الخطأ في ثلاث سنين وتستأدى دية العمد في سنة»(2)

.

وبما أن عمد الأعمى خطأ فلا قود عليه كما ورد في صحيحة محمد بن الحلبي «قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل ضرب رأس رجل بمعول فسالت عيناه على خديه فوثب المضروب على ضاربه فقتله، فقال أبو عبد الله (علیه السلام) هذان متعديان جميعاً فلا أرى على الذي قتل الرجل قوداً لأنه قتله حين قتله وهو أعمى والاعمى جنايته خطأ يلزم عاقلته يؤخذون بها في ثلاث سنين في كل سنة نجماً، فإن لم يكن للأعمى عاقلة لزمته دية ماجنى في ماله يؤخذ بها في ثلاث سنين، ويرجع الأعمى على ورثة ضاربه بدية عينيه»(3).

ص: 279


1- الوسائل باب 5 من أبواب العاقلة ج1 .
2- الوسائل باب 4 من أبواب ديات النفس ح1 .
3- الوسائل باب 10 من أبواب العاقلة ح1 .

وإن لم يكن له مال فعلى الإمام(1) .

_______________________________________________________________

(1) يدفع من بيت مال المسلمين لا من ماله الخاص، لأن أموال بيت المسلمين يقتضي صرفها في المصالح الخاصة بهم، وقد وردت بها روايات .

منها: صحيحة أبي ولاد عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: ليس فيما بين أهل الذمة معاقلة، إلى أن قال فإن لم يكن لهم مال رجعت الجناية على إمام المسلمين لأنّهم يؤدون إليه الجزية»(1) وبما أن الجزية تذهب إلى بيت المال فلابد أن تدفع الدية من بيت المال .

ومنها: صحيحة ابي ولاد «قال: سألت ابا عبد الله (علیه السلام) عن رجل مسلم قتل رجلاً مسلماً، فلم يكن للمقتول أولياء من المسلمين إلا أولياء من أهل الذمة من قرابته، قال: على الإمام أن يعرض على قرابته من أهل بيته الإسلام، إلى أن قال: فإن لم يسلم احد كان الإمام ولي امره فإن شاء قتل وإن شاء اخذ الدية فجعلها في بيت مال المسلمين، لأن جناية المقتول كانت على الإمام فكذلك تكون ديته لإمام المسلمين»(2).

ص: 280


1- الوسائل باب 1 من أبواب العاقلة ح1 .
2- الوسائل باب 60 من أبواب القصاص في النفس ح1 .

المسألة 413: تؤدي العاقلة دية الخطأ في ثلاث سنين(1)، ولا فرق في ذلك بين الدية التامة والناقصة، ولا بين دية النفس ودية الجروح(2) وتقسط في ثلاث سنين ويستأدى في كل سنة ثلث منها(3) .

المسألة 414: الأظهر عدم اختصاص التأجيل بموارد ثبوت الدية المقدرة(4) .

_______________________________________________________________

(1) والمسألة غير خلافية وادعوا عليها الإجماع وما ورد من ربيعة حيث أجلها خمس سنوات لا دليل عليه، وقد دلت على الثلاثة الروايات كصحيحة أبي ولاد والحلبي الماضيتين .

(2) وذلك للإطلاقات وليس هناك دليل على الخلاف .

(3) لأنّه ورد في الروايات ثلاث سنين بمعنى أنّه في كل سنة يدفع الثلث، أمّا التقسيم بغير ذلك يحتاج إلى دليل ولا دليل في البين .

(4) لعدم الدليل بل التأجيل يكون مطلقاً لأنّه لا موجب للاختصاص قد يقال بأن الدية في صحيحة أبي ولاد قد تكون منصرفة إلى خصوص دية النفس، أو مطلق الدية المقدرة .

ولكن هذا القول والدعوى يكون بلا دليل خصوصاً ما ذكر في صحيحة محمد بن الحلبي الجناية خطأ لا الدية حتى تحمل على المقدّر، والجناية غير مختصة بما له مقدّر، فمعنى إطلاق هذه الصحيحة عدم الفرق بين النفس والطرف المقدّر وغير مقدّر قال السيد الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) الأولاختصاص التأجيل بدية النفس فحسب، وحكي هذا القول عن العلامة في بعض كتبه(1)،

وهذا يكون بلا دليل .

ص: 281


1- مباني تكملة المنهاج / 2 / 550 .

المسألة 415: دية جناية الذمي وإن كانت خطأ محضاً في ماله(1) دون عاقلته، وإن عجز عنها عقلها الإمام(2)(علیه السلام) .

_______________________________________________________________

(1) والمسألة غير خلافية بينهم، وتدل عليه صحيحة أبي ولاد عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: ليس فيما بين أهل الذمة معاقلة فيما يجنون من قتل أو جراحة، إنما يؤخذ ذلك من أموالهم، فإن لم يكن له مال رجعت الجناية على إمام المسلمين، لأنّهم يؤدون إليه الجزية كما يؤدي العبد الضريبة إلى سيده قال: وهم مماليك للإمام فمن أسلم منهم فهو حر»(1).

(2) والمسألة غير خلافية بين الفقهاء والصحيحة المتقدمة تكون دالة عليه، ولو كان للذمي عصبة من المسلمين هل يعقلون عنه، يقول الاستاذ الاعظم (قدس سرُّه) بل المقطوع عدمه وذلك لأمرين، الأول: الأولوية القطعية فإن عصبته من الكفارة إذا لم يعقلوا عنه فلا يعقل عنه المسلمون بطريق أولى الثاني: إطلاق الحصر في الصحيحة المتقدمة وهو قوله (علیه السلام) «إنما يؤخذ ذلك من أموالهم» فإن مقتضاه أن جنايته في ماله وإن كان له عصبة من المسلمين(2) إذاً بما أنّه ليس هناك دليل على ذلك، فلا تكون الدية على العاقلةمن المسلمين إن كانوا من اقربائه .

ص: 282


1- الوسائل باب 1 من أبواب العاقلة ح1 .
2- مباني تكملة المنهاج / 2 / 552 .

المسألة 416: لا تعقل العاقلة إقراراً ولا صلحاً، فلو أقرّ القاتل بالقتل أو بجناية أخرى خطأً تثبت الدية في ماله دون العاقلة، وكذلك لو صالح عن قتل خطائي بمال آخر غير الدية فإن ذلك لا يحمل على العاقلة(1).

المسألة 417: تتحمل العاقلة الخطأ المحض دون العمد وشبيه العمد(2).

_______________________________________________________________

(1) أمّا الجناية فتحملها العاقلة في حال كون الجناية دون العمد، وأمّا بالنسبة إلى الإقرار فإن ثبوت الخطأ يكون بالبينة كسائر الأشياء والموضوعات ولا يثبت بإقرار الجاني، فإن إقراره يكون في هذا الفرض على الغير وهو العاقلة فلا يثبت لأن إقرار العقلاء إنما يكون حجة على أنفسهم، وكذلك الصلح نفوذه بين المتصالحين، والعاقلة خارجة عنه فلا يكون نافذ في حق العاقله، والعمدة معتبرة السكوني عن جعفر عن أبيه عن أمير المؤمنين (علیهم السلام) «قال: العاقلة لا تضمن عمداً، ولا إقراراً، ولا صلحاً»(1).

(2) لا يخفى أن القتل على ثلاثة أقسام العمد، وشبيه العمد، والخطأ المحض، فالقتل العمد هو أن يكون قاصداً لكل من الفعل وترتب إزهاق الروح، أو أن يكون فعله بما يقتل الشخص عادة بحسب فعله مع ترتب الموت عليه، ففي صحيحة ابي العباس، وزرارة عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال أن العمد أن يتعمده فيقتله بما يقتل مثله، والخطأ أن يتعمده ولا يريد قتله يقتلهبما لا يقتل مثله والخطأ الذي لاشك فيه ان يتعمد شيئاً آخر فيصيبه»(2).

ولا يخفى أن دية القتل عمداً على الجاني لا على العاقلة ولا على بيت مال المسلمين،

ص: 283


1- الوسائل باب 3 من أبواب العاقلة ح2 .
2- الوسائل باب 11 من أبواب القصاص في النفس ح13 .

نعم لو هرب القاتل ولم يقدر عليه أو مات، فإن كان له مال أخذت الدية من ماله، وإلا فمن الأقرب فالأقرب، وإن لم تكن له قرابة أداه الإمام (علیه السلام)(1).

_______________________________________________________________

كما في صحيحة عبد الله بن سنان، وابن بكير جميعاً عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: سئل عن المؤمن يقتل المؤمن متعمداً هل له التوبة ؟ فقال: إن كان قتله لإيمانه فلا توبة له، وإن كان قتله لغضب أو لسبب من أمر الدنيا فأن توبته أن يقاد منه، وإن لم يكن علم به انطلق إلى أولياء المقتول فأقر عندهم بقتل صاحبهم، فإن عفو عنه فلم يقتلوه أعطاهم الدية واعتق نسمة وصام شهرين متتابعين، واطعام ستين مسكيناً توبة إلى الله عز وجل»(1) وغيرها من الروايات .

أمّا دية شبيه العمد فيكون على القاتل أيضاً وهو من الأمور المتسالم عليها ولم ينسب الخلاف إلا إلى الحلبي(2)وقد

ورد بأنّه إذا لم يكن له مال فديته على الإمام كما في موثقة أبي عبيدة «قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن أعمى فقأ عين صحيح، فقال: إنّ عمد الأعمى مثل الخطأ هذا فيهالدية من ماله، فإن لم يكن له مال فالدية على الإمام ولا يبطل حق أمرئ مسلم»(3)

(1) كما ورد في معتبرة أبي بصير «قال: سالت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل قتل رجلاً متعمداً ثم هرب القاتل فلم يقدر عليه، قال: إن كان له مال أخذت الدية من ماله، وإلا فمن الاقرب فالأقرب، وإن لم يكن له قرابة اداه الإمام فإنه لا يبطل دم أمرئ مسلم»(4)

وغيرها من الروايات .

ص: 284


1- الوسائل باب 9 من أبواب القصاص في النفس ح1 .
2- قد مر الحديث .
3- الوسائل باب 35 من أبواب القصاص في النفس ح1.
4- الوسائل باب 4 من أبواب العاقلة ح1 .

المسألة 418: لو جرح أو قتل نفسه خطأ لم يضمنه العاقلة ولا دية له(1) .

المسألة 419: المملوك جنايته على رقبته ولا يعقلها المولى(2).

المسألة 420: تجب الدية على العاقلة في القتل الخطائي كما مرّ فإن لم تكن له عاقلة أو عجزت عن الدية أُخذت من مال الجاني(3).

_______________________________________________________________

(1) المسألة غير خلافية، وما دل على وجوب الدية على العاقلة في قتل الخطأ المحض لا يشمل المورد .

(2) وتدل عليه صحيحة محمد بن قيس عن أبي جعفر (علیه السلام) «قال: قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) في مكاتب قتل إلى ان قال: والعبد لا يغرم اهله وراء نفسه شيئاً»(1)، وتؤيده رواية ابن مسكان عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: إذا قتل العبد الحر دفع إلى أولياء الحر، فلا شيء على مواليه»(2).

(3) المسألة مشهورة ومعروفة بينهم إلا أنّه قد خالف في ذلك الشيخ بقوله: ومتى لم يكن للقاتل خطأ عاقلة ولا من يضمن جريرته من مولى نعمة أو مولى تضمن جريرة ولا له مال وجبت الدية على بيت المسلمين(3) ولكن الحق ما عليه المشهور وتدل عليه رواية محمد بن حلبي ويقول في ذيل الرواية «إن لم يكن للأعمى عاقله لزمته دية ما جنى في ماله يؤخذ بها فيثلاث سنين يرجع الأعمى على ورثة ضاربه بدية عينيه»(4)، وبما أن عمد الأعمى خطأ فالرواية غير مختصة بموردها، ولا يخفى بأن العجز لم يرد في الرواية، ولكن هو مشترك مع وجود

ص: 285


1- الوسائل باب 10 من أبواب ديات النفس ح2 .
2- الوسائل باب 41 من أبواب القصاص في النفس ح2 .
3- السرائر / 3 / 357 .
4- الوسائل باب 10 من أبواب العاقلة ح1 .

وأن لم يكن له مال فهي على الإمام(1)(علیه السلام) .

_______________________________________________________________

العاقلة في الحكم إذا أمكن أخذ الدية من العاقلة وإلا لابد من مال الجاني لأن الدية أولاً وبالذات يكون على نفس الجاني وفي الخطأ المحض جاء الدليل أنّه على العاقلة، ولكن القدر المتيقن صورة وجود العاقلة وعدم عجزها، وإلا في هذين الموردين يكون على الجاني لأن الأصل الوجوب على الجاني لأنّه هو سبب القتل .

(1) وعليه المشهور والعمدة معتبرة أبي عبيدة «قال: سالت أبا جعفر عن اعمى فقأ عين صحيح، فقال: إن عمد الأعمى مثل الخطأ، هذا فيه الدية من ماله، فإن لم يكن له مال فالدية على الإمام ولا يبطل حق أمرئ مسلم»(1)، ومعتبرة أبي بصير أيضاً «قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل قتل رجلاً متعمداً ثم هرب القاتل فلم يقدر عليه، قال: إن كان له مال أخذت الدية من ماله وإلا فمن الأقرب فالأقرب، وإن لم يكن له قرابة أداه الإمام فإنه لا يبطل دم امرئ مسلم»(2).

ص: 286


1- الوسائل باب 35 من أبواب القصاص في النفس ح1 .
2- الوسائل باب 4 من أبواب العاقلة ح1 .

المسألة 421: المشهور أنّه إذا مات بعض العاقلة فإن كان قبل تمام الحول سقط عنه، وإن كان بعد تمام الحول انتقل إلى تركته(1)، وفيه إشكال والأظهر السقوط مطلقاً .

المسألة 422: في كيفية تقسيم الدية على العاقلة خلاف، فقيل أنّها على الغني نصف دينار، وعلى الفقير ربع دينار(2).

_______________________________________________________________

(1) هذا بناءً على ضمان العاقلة بالدية، فإذا مات من كان من العاقلة فما في ذمته تحسب من ديونه فيوفى من تركته، أمّا إذا قلنا بعد الضمان على العاقلة وهو أولا وبالذات على الجاني وتحملها الدية من باب مجرد تكليف عليه والضمان يكون على الجاني، فإذا أصبح عاجزاً أو مات يسقط التكليف عنه فلا يكون أيضاً على ورثته شيء غير التكليف الذي لابد أن يتحملون لكونهم من عصبة الجاني إذا كانوا ذكوراً، إذاً الدية تسقط مطلقاً ولا وجه للتفصيل بين موت العاقلة قبل تمام الحول فتسقط منه وإن كان بعد تمام الحول ينتقل إلى تركته كما عليه المشهور .

(2) هو قول الشيخ في المبسوط بقوله: قد مضى أن قدر ما يتحمله الغني كل واحد نصف دينار والمتجمل ربع دينار(1)وفي الخلاف بقوله: الموسر عليه نصف دينار، والمتوسط ربع دينار، يوزع الأقرب فالأقرب حتى ينفذ العاقلة(2)،

المسألة غير خلافية كما عن القاضي في المهذب، واختاره العلامةفي القواعد بقوله: ويقسط على الغني عشرة قراريط وعلى الفقير خمسة(3)

والإرشاد بقوله: ويقسط على

ص: 287


1- المبسوط / 5 / 202 .
2- الخلاف / 5 / 282 .
3- القواعد الأحكام / 3 / 711 .

وقيل يقسّطها الإمام(1)(علیه السلام) أو نائبه عليهم على الشكل الذي يراه فيه مصلحة، وقيل تقسط عليهم بالسوية(2)، وهذا القول هو الأظهر .

_______________________________________________________________

الغني نصف دينار، وعلى الفقير ربع، وقيل بحسب ما يراه الإمام(1)،

ولو عموماً فيدخل فيه المجتهد الجامع لشرائط الفتوى بحسب ما يراه من احوال العاقلة في الغني والحاجة(2).

(1) الشيخ في المبسوط بقوله: بل يقسمه الإمام على ما يراه من حاله من الغني والفقر وان يفرقه على القريب والبعيد(3)ومختصر النافع بقوله: والوجه وقوفه بحسب ما يراه من أحوال العاقلة(4) .

(2) ونسب إلى صاحب الجواهر بقوله: يقسطها الإمام أو نائبه الخاص أو العام على ما يراه بحسب احوال العاقلة(5)،

وقد عرفت قول صاحب الرياض الذي ذكرناه قبل قليل، ولا يخفى أن إطلاق ما دل على أنها للحكومة على السوية هو الصحيح والتقسيط يحتاج إلى دليل وهو مفقود .

ص: 288


1- ارشاد الاذهان / 2 /230 .
2- رياض المسائل / 16 / 83 .
3- المبسوط / 5 / 203 .
4- الرياض / 16 / 583 .
5- جواهر الكلام / 33 / 435 .

المسألة 423: هل يجمع في العاقلة بين القريب والبعيد أو يعتبر الترتيب بينهم ؟ قيل بالثاني(1)، وهذا هو المشهور بين الأصحاب وفيه إشكال والأول أظهر .

_______________________________________________________________

(1) لا يخفى بأن الإطلاق هو عدم الترتيب، ولم يكن هناك دليل على الترتيب إلا الإرث، فإن قوله تعالى: «وَأُولُو الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ»(1) فأن الوارث يأخذ ما ترك الميت وهو ناظر إلى الترتيب .

وأمّا العصبة يؤخذ منهم دية الجاني خطأ، ومقتضى المناسبة أن تؤخذ الدية على كل فرد من العصبة بدون أي ترتيب، نعم ما ورد في رواية يونس بن عبد الرحمن عمّن رواه عن أحدهما C «أنّه قال: في الرجل إذا قتل رجلاً خطأ فمات قبل أن يخرج إلى أولياءه المقتول من الدية، أن الدية على ورثته»(2)

فأنها مرسلة ومع ضعفها بالإرسال إنما هي دالة على كون الدية على نفس الجاني ولم تدل على القتل الخطأ، وما ورد في معتبرة ابي نصر «قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) في رجل قتل رجلاً عمداً ثم فرّ فلم يقدر عليه حتى مات، قال: إن كان له مال أخذ منه، وإلا أخذ من الأقرب فالأقرب»(3)، وهي دلت على القتل العمدي لا بالنسبة إلى الأخذ من العاقلة في الخطأ المحض .

ص: 289


1- سورة الاحزاب الآية / 6 .
2- الوسائل باب 6 من أبواب العاقلة ح1 .
3- الوسائل باب 4 من أبواب العاقلة ح2 .

المسألة 424: إذا كان بعض أفراد العاقلة عاجزاً عن الدية فهي على المتمكن منهم(1) .

المسألة 425: لو كان بعض العاقلة غائباً لم يختص الحاضر بالدية بل هي عليهما معاً(2).

المسألة 426: ابتداء زمان التأجيل في دية الخطأ من حين استقرارها وهو في القتل من حين الموت وفي جناية الطرف من حين الجناية إذا لم تسرِ وأما إذا سرت فمن حين شروع الجرح في الاندمال(3).

_______________________________________________________________

(1) لانصراف الدليل على غير المتمكن، وبما ذكرنا بأنّ ثبوت الدية على العاقلة تكليف محض، والتكليف يتوجه إلى المقدور فبطبيعة الحال سقط عن العاجز ويتوجه إلى المتمكن، والمسألة غير خلافية، والأدلة مطلقة تشمل الجميع .

(2) وهكذا بعد أن عرفت أن الدية تشمل الجميع حاضراً كان أو غائباً، فالأدلة مطلقة فلا دليل على اختصاص الحاضر بالدية، بل يكون عليهما، والمسألة متفق عليها .

(3) لأنّه بعد فرض ثبوت دية النفس على الجاني في شبه الخطأ، أو على العاقلة في زمان الموت، وأمّا الدية في الطرف إذا لم يكن للجناية سراية من حين الجناية، وإذا كانت معها سراية من حين الشروع في الاندمال، إذاً تتعين الجناية من ذلك الحين، وذلك حسب القاعدة .

ص: 290

المسألة 427: لا يعقل الدية إلا من علم أنه من عصبة القاتل ومع الشك لا تجب(1).

_______________________________________________________________

(1) لا يخفى أن مجرد الانتساب لا يكفي فلا يصدق العصبة على الشخص البعيد ولو كان من العشيرة، بل لابد أن يكون الانتساب بحيث يُعد من العصبة، فإذا لم يحرز كون الشخص من العصبة للجاني واحتمل ذلك في حقه لم يترتب عليه حكم العاقلة .

قد يقال بأن الأصل عدم انتسابه إلى الجاني ولو بنحو الاستصحاب العدم الأزلي، وقد ذكرنا في محله بأنه مثبت، وإن الانتساب وعدمه يحتاج إلى وجود الموصوف والمعروض لأن المناط بين المعروض والعرض منوط بصورة التحقق، ولذا يقال عند عدم الموصوف والمعروض لم يكن وصف وعرض وبعد وجودهما يحتمل بقاء الوصف والعرض وعدمه بلا فرق بين أن الاستصحاب على عدم الوصف بنحو السالبة المحصلة أو بنحو الاستصحاب في العدم الازلي .

ولكن نحن استشكلنا في صحة الاستصحاب للعدم الازلي، إذاً يكفي استصحاب الأصل الحكمي وهو عدم وجوب إعطاء الدية بالنسبة إلى المشكوك إلى العصبة .

ص: 291

المسألة 428: القاتل عمداً وظالماً لا يرث من الدية ولا من سائر أمواله وإذا لم يكن له وارث غيره فهي للإمام (علیه السلام) كسائر أمواله، وأمّا إذا كان شبه عمد أو خطأ محضاً فهل يرث من الدية ؟ المشهور عدمه وهو الأظهر(1).

_______________________________________________________________

(1) القاتل لا يرث من انتسب إليه أباً كان، أو أماً، أو غيرهما عمداً أو خطأ، والمسألة غير خلافية، فهو لا يرث من الدية، ولا من سائر أمواله ويدل على ذلك روايات .

منها: صحيحة هشام سالم عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله وسلّم) لا ميراث للقاتل»(1).

ومنها: صحيحة أبي عبيدة عن أبي جعفر (علیه السلام) «في رجل قتل أمه قال لا يرثها ويقتل بها صاغراً، ولا اظن قتله بها كفارة لذنبه»(2).

ومنها: صحيحة جميل بن دراج عن أحدهما (علیه السلام) «قال: لا يرث الرجل إذا قتل ولده أو والده، ولكن يكون الميراث لورثة القاتل»(3).

ومنها: صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (علیه السلام) «قال: إذا قتل الرجل أباه قتل به، وإن قتله أبوه لم يقتل به ولم يرث»(4)،

وفي صحيحته الأخرى «قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الرجل يقتل أبنه أيقتل به ؟قال لا ولا يرث أحدهما الآخر إذا قتله»(5).

ص: 292


1- الوسائل باب 7 من باب موانع الإرث ح1 .
2- الوسائل باب 7 من باب موانع الإرث ح2 .
3- الوسائل باب 7 من باب موانع الإرث ح3 .
4- الوسائل باب 7 من باب موانع الإرث ح4 .
5- الوسائل باب 7 من باب موانع الارث ح4 .

المسألة 429: لا يضمن العاقلة عبداً ولا بهيمة(1).

_______________________________________________________________

ومنها: صحيحة محمد بن قيس عن أبي جعفر «إن أمير المؤمنين (علیه السلام) قال: إذا قتل الرجل أمه خطأ ورثها، وإن قتلها متعمداً فلا يرثها»(1).

ومنها: صحيحة عبد الله بن سنان «قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل قتل أمه يرثها قال: إذا كان خطأ ورثها وإن كان عمداً لا يرثها»(2)،

ولا يخفى أن هناك تعارض بين الصحاح المتقدمة وبين صحيحة محمد بن قيس وعبد الله بن سنان، والتعارض يكون بالعموم من وجه فيحصل التساقط ويكون المرجع الآية: «وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ»(3)، وأن الدية تكون على القاتل ولابد من تسليمها إلى أهله .

(1) فعدم ضمان العاقلة جناية العبد فلأنه تكون في رقبته فلا يضمن جنايته مولاه أو غيره، وجناية البهيمة إذا كانت بتفريط من مالكه يكون الضمان عليه، وأمّا إذا لم يكن كذلك فهو بالقضاء والقدر .

ص: 293


1- الوسائل باب 9 من باب موانع الارث ح1 .
2- الوسائل باب 9 من ابواب موانع الارث ح2 .
3- سورة الآية النساء الآية / 92 .

المسألة 430: لو جرح ذمي مسلماً خطأً ثم أسلم فسرت الجناية فمات المجروح(1)، لم يعقل عنه عصبته لا من الكفار ولا من المسلمين وعليه فديته في ماله، وكذا لو جرح مسلم مسلماً ثم ارتد الجاني فسرت الجناية فمات المجني عليه لم يعقل عنه عصبته المسلمون ولا الكفار.

المسألة 431: لو رمى صبي شخصاً ثم بلغ فقتل ذلك الشخص فديته على عاقلته(2).

_______________________________________________________________

(1) أمّا عدم العقل من الكفار فلأنّهم لا يعقلون، أمّا بالنسبة إلى المسلمين حيث أنّهم لا يكونون عاقلة المسلم، وأمّا المسلمون بعد إن لم يكونوا عاقلة للجاني حال الجناية لأنّهم كفار، وأمّا حين الموت فهم وإن كانوا عاقلة، ولكن لا إطلاق لدليل العاقلة حتى يشمل هذا المورد، فالمتيقن هو ما إذا كان الجاني مسلماً حين الجناية، إذاً تكون ديته من ماله .

(2) لأنّ الجناية وضعت حال كونه صبياً ولو كان بالغاً حين الموت لأن استناده إليه إنما هو بسبب الجناية التي حصلت حال الصغر وكونه صبياً، إذاً الموت استند إلى الجراحة السابقة، فالقتل ولو حصل حال البلوغ ولكنه حصل بواسطة الجراحة حال صباه، فالقتل المسبب عنها يُعد خطأ والخطأ يكون على العاقلة .

والحمد لله رب العالمينتم في 10 من جمادى الثانية سنة 1430 ه_

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

ص: 294

المحتويات

كتاب الديات

كتاب الديات ....... ....... 5

معنى الدية ....... ..... 5

موارد ثبوت الدية ....... ... 6

دية قتل المسلم متعمداً واصنافها ...... 8

مدة استيفاء الدية للعمد واختيار الجاني بين الأصناف المذكورة ...... 11

دية شبه العمد ....... 13

مدة استيفاء دية شبه العمد ....... 15

لو هرب القاتل فيما يشبه العمد فلم يقدر عليه أو مات ....... 16

دية الخطأ المحض تحمل على العاقلة ...... 17

ما يعتبر في الدية إن أرادت العاقلة أدائها ........ 19

ص: 295

ما يستثنى من ثبوت الدية في القتل الخطائي..... 21

دية القتل في الاشهر الحرم عمداً أو خطأ ........ 22

دية المرأة الحرة المسلمة ....... . 26

دية ولد الزنا ....... .. 27

دية الذمي ....... ...... 29

دية العبد ....... ....... 32

لو جنى على العبد بما فيه قيمته ......... 33

ثبوت الأرش في كل جناية لا مقدّر لها شرعاً ....... 34

لا دية لمن قتله الحد أو التعزير ..... 35

لو بآن فسق الشاهدين أو الشهود بعد قتل المشهود عليه ...... 36

لو اكره اجنبية غير بكر فجامعها ..... 38

لو أدب الزوج زوجته تأديباً مشروعاً فماتت ......... 40

لو أمر شخصاً بقطع عقدة في رأسه فقطعها فمات ...... 40

لو قطع عدة اعضاء شخص خطأ ...... 41

موجبات الضمان: المباشرة والتسبيب ...... 44

حكم انقلاب النائم غير الظئر فاتلف نفساً أو طرفاً منها ........ 45

لو اتلفت الظئر وهي نائمة ...... 46

حكم موت أحد الزوجين بعنف الآخر جماعاً أو ضماً ......... 50

لو حمل متاعاً على رأسه فأصاب به إنساناً ...... 51

ص: 296

لو صاح على أحدٍ فمات ....... 53

لو صدم شخصاً عمداً غير قاصد لقتله فمات ........ 54

لو صدم حران بالغان عاقلان قاصدان ذلك فماتا اتفاقاً ........ 55

لو تصادم فارسان فمات الفرسان أو تعيّبا ........ 55

هل تضمن العاقلة إذا اصطدم صبيان راكبان فماتا ...... 56

لو اصطدم عبدان بالغان عاقلان فماتا ..... 56

لو اصطدم عبد وحر فماتا اتفاقاً ......... 57

لو اصطدم فارسان فمات أحدهما دون الآخر ....... 57

حكم اصطدام امرأتان إحداهما حامل فماتتا ......... 57

لو رمى إلى طرف قد يمر فيه إنسان فأصاب عابراً اتفاقاً ........ 58

ضمان الختان فيما إذا اخطأ فقطع حشفة غلام ...... 59

حكم الساقط من شاهق على غيره اختياراً فقتله ..... 60

لو سقط من شاهق على شخص آخر بغير اختياره ....... 60

حكم ما لو دفع شخصاً على آخر ...... 61

لو ركبت جارية على أخرى فنخستها جارية ثالثة ...... 61

فروع: الأول من دعا غيره ليلاً فأخرجه من منزله فهو له ضامن ........ 63

الثاني: إذا جاءت الظئر بالولد فأنكره أهله صدقت مالم يثبت كذبها...... 66

الثالث: لو استأجرت الظئر امرأة أخرى ودفعت الولد إليها ....... 66

فروع التسبيب: لو أدخلت المرأة أجنبياً في بيت زوجها ....... 67

ص: 297

حكم ما لو وضع حجراً في ملكه أو في ملك غيره ........ 68

ضمان معلّم الصبي للسباحة فيما إذا كان غرقه مستنداً إلى فعله ...... 70

حكم اشتراك جماعة في قتل واحد منهم خطأ ...... 70

لو أراد إصلاح سفينة حال سيرها فغرقت بفعله ..... 72

لا يضمن مالك الجدار بوقوعه على إنسان أو حيوان فأتلفه ......... 72

هل يجوز نصب الميازيب وتوجيهها نحو الطرق النافذة ....... 73

لو أجج ناراً في ملكه فسرت إلى ملك غيره اتفاقاً ...... 74

لو القى قشر بطيخ أو موز أو سال الماء فيه فزلق به إنسان ...... 75

حكم ما لو وضع إناءً على حائط فسقط فتلف به إنسان ....... 75

حكم جناية الدابة الصائلة المهملة ......... 76

عدم ضمان ما أفسدته البهائم نهاراً ......... 78

لو هجمت دابة على أخرى فجنت الداخلة ...... 79

لو دخل دار قوم فعقره كلبهم ........ 80

هل يضمن مالك الهرة لو أتلف مال أحد ........ 80

هل يضمن راكب الدابة وقائدها ما تجنيه بيدها ورجلها ....... 81

لو وقف بدابته فهل عليه ضمان ما تصيب بيدها ورجلها ...... 83

لو ركب الدابة رديفان فوطئت شخصاً فمات أو جرح ....... 84

هل يضمن مالك الدابة لو ألقت راكبها فمات أو جرح ....... 84

لو حمل المولى عبده على دابته فوطئت رجلاً ...... 85

ص: 298

لو شهر سلاحه في وجه إنسان ففرّ وألقى نفسه في بئر ........ 86

لو أركب صبياً بدون إذن الولي دابة فسقط ومات ....... 87

فروع: تزاحم الموجبات ....... ... 88

لو كان أحد الشخصين مباشراً للقتل والآخر سبباً ....... 88

حكم ما لو حفر بئراً في ملكه وغطاها ودعا غيره فسقط فيها ......... 89

هل الضمان يجري إذا اجتمع سببان على موت شخص ....... 90

لو حفر بئراً في الطريق عدواناً فسقط شخصان فيها ........ 91

لو قال لشخص ألقِ متاعك في البحر لتسلم السفينة ....... 92

لو أمر شخصاً بإلقاء متاعه في البحر وقال عليّ وعلى ركاب السفينة الضمان........ 93

لو وقع من شاهق أو في بئر فتعلق بآخر وتعلق الثاني بالثالث ....... 94

لو جذب غيره إلى البئر فسقط المجذوب عليه فمات الجاذب ........ 96

حكم ما لو سقط شخص في بئر فجذب ثانياً والثاني ثالثاً ....... 97

ديات الاعضاء وفيها فصول

الفصل الأول في دية القطع ....... .... 98

الأول: الشعر ....... ... 101

الثاني: العينان ....... . 106

لو قلعت الاجفان مع العينين فهل تتداخل ديتهما ........ 109

هل قلع العين الصحيحة من الاعور الدية كاملة ..... 110

ص: 299

لو قلع عين شخص وأدّعى أنها كانت قائمة لا تبصر ..... 113

الثالث: الأنف ....... . 114

خلاف في دية قطع احدى المنخرين ...... 115

الرابع: الأذنان ....... 117

الخامس: الشفتان ....... ..... 119

السادس: اللسان ....... ...... 122

المشهور في حروف المعجم والخلاف فيها ..... 124

عدم اعتبار المساحة في القدر المقطوع من اللسان الصحيح ......... 126

لو جنى على شخص فذهب بعض كلامه فأخذ الدية ثم عاد كلامه........ 127

لو كان اللسان ذا طرفين ....... ... 127

دية قطع لسان الطفل ....... ....... 128

السابع: الأسنان ....... ....... 128

حكم ما لو ضربت السن ....... ... 132

عدم الفرق في ثبوت الدية بين قلع السن من أصلها الثابت ..... 134

حكم قلع سن الصغير أو كسرها تماماً ......... 135

لو زرع الأنسان في موضع السن المقلوعة عظماً فثبت فيه ثم قلعه......... 136

الثامن: اللحيان ....... 137

التاسع: اليدان ....... . 137

خلاف في قطع اليد من الزند ومعها مقدار زائد ..... 138

ص: 300

حكم ما لو كان لشخص يدان على زند إحداهما أصلية ...... 139

لو اشتبهت اليد الأصلية بالزائدة فقطعتا معاً أو إحداهما ....... 140

لو قطع ذراع لا كف لها ....... ... 140

العاشر: الأصابع ....... ...... 140

دية كل اصبع ....... . 143

دية فصل الظفر من كل اصبع من اصابع اليد ........ 144

دية فصل ظفر الابهام من القدم ...... 145

دية الإصبع الزائدة في اليد أو الرجل ...... 145

الحادي عشر: النخاع ....... 147

الثاني عشر: الثديان ....... . 147

الثالث عشر: الذكر ....... .. 149

دية قطع بعض الحشفة ....... ..... 150

لو قطع حشفة شخص وقطع آخر ما بقي من ذكره ...... 150

دية قطع ذكر العنين ....... . 151

دية قطع الخصيتين أو إحداهما ..... 152

الرابع عشر: الشفران ....... . 154

الخامس عشر: الاليتان ....... ...... 155

السادس عشر: الرجلان ....... .... 155

في قطع اصابع الرجلين ....... ... 156

ص: 301

دية قطع الساقين أو إحداهما ........ 156

دية اعضاء المرأة والذمي والعبد ......... 157

معاقلة المرأة الرجل إلى ثلث من الدية ...... 158

فصل في ديات الكسر والصدع والرض ........ 160

دية كسر العظم من كل عضو ........ 160

دية كسر الظهر ....... ....... 161

لو كسر الظهر فجبر على غير عثم ولا عيب ..... 162

لو كسر الظهر فشلت الرجلان ....... 163

دية كسر الصلب فذهب جُماعه ..... 163

دية موضحة الظهر ونقل عظامه وقرحته التي لا تبرأ ....... 164

دية كسر الترقوة وصدعها وموضحتها ونقل عظامها ونقبها 165

دية كسر ضلع من الاضلاع التي خالط القلب وصدعه وموضحتها...... 166

دية رضّ الصدر والكتفين وموضحة كل منها ........ 167

دية كسر المنكب وصدعه وموضحته ونقبه ونقل عظامه ورّضه ........ 168

دية كسر العضد لو جبرت على غير عثم ولا عيب وموضحتها ...... 168

دية كسر الساعد ....... ..... 169

دية كسر المرفق ....... ..... 170

دية كسر كلا الزندين ....... ....... 171

ص: 302

دية رضّ أحد الزندين ....... ..... 171

دية كسر الكف ....... ....... 172

دية كسر قصبة ابهام الكف ...... 173

دية كسر كل قصبة من قصب أصابع الكف دون الابهام ....... 173

دية كسر المفصل الذي فيه الظفر من الابهام في الكف ........ 174

دية كسر كل مفصل من الاصابع الأربع التي تلي الكف غير الابهام...... 174

دية كسر المفصل الأوسط من الاصابع الأربع ....... 175

دية كسر المفصل الاعلى من الاصابع الأربع ......... 175

دية كسر الورك ....... ...... 176

دية كسر الفخذ ....... ....... 176

دية كسر الركبة ....... ....... 177

دية كسر الساق ....... ....... 178

دية رضّ الكعبين أو إحداهما ....... 179

دية كسر القدم ....... 179

دية كسر قصبة الابهام التي تلي القدم ..... 180

دية كسر المفصل الأخير من كل من الاصابع الأربع من القدم ...... 181

لو نفذت نافذة من رمح أو خنجر في شيء من أطراف البدن ....... 182

دية قرحة كل عضو إذا لم تبرأ ...... 182

لو اجتمع بعض ما فيه الدية المقدرة شرعاً مع بعضها الآخر ......... 183

ص: 303

فصل في دية الجناية على منافع الأعضاء ...... 184

الأول: العقل ....... ... 184

لو جنى على شخص بما أوجب نقصان عقله ........ 185

لو شج شخصاً شجة فذهب بها عقله ...... 186

الثاني السمع ....... ... 186

لو أدّعى المجني عليه النقص في سمع كلتا الاذنين ....... 189

لو أوجب قطع الاذنين ذهاب السمع ....... 190

الثالث: ضوء العينين ....... 191

لو اختلف الجاني والمجني عليه في العود وعدمه ....... 192

لو أدّعى المجني عليه النقصان في أحدى عينيه وأنكر الجاني ....... 192

عدم قياس العين في يوم غائم وكذا لا تقاس في أرض مختلفة ....... 194

الرابع: الشم ....... .... 194

لو أدّعى المجني عليه النقص في الشم ...... 195

لو أخذ المجني عليه الدية ثم عاد الشم ..... 195

لو قطع أنف شخص فذهب به الشم ....... 196

الخامس: النطق ....... ....... 196

لو أدّعى المجني عليه ذهاب نطقه بالجناية كلاً ..... 198

لو ثقل اللسان بالجناية ....... ..... 199

لو جنى على شخص فذهب بعض كلامه ........ 199

ص: 304

لو جنى على شخص فذهب كلامه كله ...... 199

السادس: صعر العنق ....... 200

السابع: البعصوص ....... ... 201

الثامن: سلس البول ....... .. 202

التاسع: الصوت ....... ....... 204

العاشر: أُدرة الخصيتين ....... ..... 204

الحادي عشر: تعذر الانزال ....... 205

الثاني عشر: دوس البطن ....... .. 207

الثالث عشر: خرق مثانة البكر ........ 208

الرابع عشر: الافضاء ....... 209

دية افضاء المرأة ....... ..... 212

الخامس عشر: تقلص الشفتين ....... 213

السادس عشر: شلل الأعضاء ......... 214

دية انصداع السن ....... .... 215

فصل في دية الشجاج والجراح ...... 216

في معنى الشجاج واقسامه ....... 216

الأول: الخارصة ....... ...... 216

الثاني: الدامية ....... . 217

ص: 305

الثالث: الباضعة ....... ....... 218

الرابع: السمحاق ....... ...... 218

الخامس: الموضحة ....... . 219

السادس: الهاشمة ....... .... 219

السابع: المنقلة ....... 220

الثامن: المأمومة ....... ...... 221

هل تتداخل المراتب الدانية في العالية إذا كانتا بضربة واحدة ....... 222

لو أوضح موضحتين وأوصل آخر إحدى الموضحتين بالأخرى ....... 223

دية اختلاف مقادير الشجة في الضربة الواحدة ...... 223

حكم إذا جرح عضوين مختلفين لشخص ....... 224

لو جنى شخص بموضحة فجنى آخر بجعلها هاشمة وثالث منقلة ..... 225

دية الجائفة ....... .... 226

لو جرح عضواً ....... ....... 228

لو كانت الجائفة مخيطة ففتقها شخص ...... 229

لو طعنه في صدره فخرج من ظهره فهل عليه دية واحدة أو متعددة....... 229

دية خرم الأذن ....... 230

لو كسر الأنف ففسد ....... 231

لو كسر الأنف فجبر على غير عيب ولا عثم ......... 232

حكم ما إذا نفذت في الأنف نافذة ......... 233

ص: 306

دية شق الشفة العليا أو السفلى ...... 234

في احمرار الوجه باللطمة ....... 234

حكم ما إذا نفذت في الخد نافذة ..... 236

دية الشجاج في الرأس ....... .... 237

فصل في دية الحمل ....... ..... 238

دية الحمل في النطفة والعلقة والمضغة وإذا نشأ عظماً أو كسي لحما ......... 238

خلاف في تحديد أيام المراتب المذكورة ....... 241

دية جنين الذمي ....... ...... 244

دية جنين المملوك ....... . 245

لو كان الحمل أكثر من واحد ........ 246

لو أسقط الجنين قبل أو بعد ولوج الروح فيه ....... 246

حكم ما لو قتل امرأة وهي حبلى فمات ولدها ....... 247

حكم تصدي المرأة لإسقاط حملها ........ 248

دية قطع اعضاء الجنين قبل ولوج الروح وجراحاته ....... 248

لو أفزع شخصاً حال الجماع فعزل منه المني في الخارج ........ 249

دية اسقاط الجنين المتكون من الزنا إذا تمت خلقته قبل ولوج الروح...... 251

لو ضربت المرأة الذمية وهي حبلى فأسلمت ثم سقط حملها ........ 252

لو ضربت الأمة وهي حبلى فأعتقت ثم اسقط حملها ...... 253

ص: 307

لو ضرب حاملاً خطأ فأسقطت جنينها ......... 254

لو ضرب حاملاً فأسقطت حملها فمات حين سقوطه ..... 255

حكم ما لو اسقطت حملها حياً فقطع آخر رأسه ......... 256

لو وطئ مسلم وذمي امرأة شبهة في طهر واحد ثم اسقط حملها ....... 258

دية الميت كالجنين في قطع رأسه أو ما فيه اجتياح نفسه ....... 259

الجناية على الحيوان ....... ..... 261

حكم تذكية الحيوان بغير إذن مالكه ....... 261

هل يضمن الجناية على ما لا يقبل التذكية ....... 264

كفارة القتل ....... .. 268

عدم ثبوت الكفارة في موارد لا يصدق عليه عنوان القاتل ....... 268

عدم الفرق في وجوب الكفارة بقتل المسلم بين البالغ وغيره ........ 268

لو اشترك جماعة في قتل واحد ......... 270

قتل الجاني قصاصاً أو مات بسبب آخر فهل عليه كفارة في ماله ...... 270

فصل في العاقلة ....... ... 272

معنى العاقلة ....... ... 272

هل يعتبر الغنى في العاقلة ....... 276

عدم دخول أهل البلد في العاقلة ......... 277

ص: 308

هل المتقرب بالأبوين يتقدم على المتقرب بالأب خاصة ...... 277

هل يعقل المولى جناية العبد المعتق ويرثه إذا لم تكن له قرابة ....... 277

لو لم تكن للقاتل أو الجاني عصبة ولا من له ولاء العتق...... 278

تحمل دية العاقلة الموضحة وما فوقها من الجروح على العاقلة ....... 279

دية جناية الاعمى خطأ على عاقلته ........ 279

دية الخطأ تؤديها العاقلة في ثلاث سنين ......... 281

هل يختص لتأجيل بموارد ثبوت الدية المقدرة ..... 281

دية جناية الذمي في ماله ....... .. 282

عدم ضمان العاقلة عمداً ولا إقراراً ولا صلحاً ....... 283

لو هرب القاتل ولم يقدر عليه أو مات ......... 284

لو جرح أو قتل نفساً خطأ ....... 285

جناية المملوك على رقبته ...... 285

دية قتل الخطأ من مال الجاني إذا لم تكن له العاقلة ...... 285

حكم ما لو مات بعض العاقلة ....... 287

كيفية تقسيم الدية على العاقلة ....... 287

هل يجتمع مع العاقلة بين القريب والبعيد أو يعتبر الترتيب بينهما....... 289

لو كان بعض أفراد العاقلة عاجزاً عن الدية ..... 290

لو كان بعض أفراد العاقلة غائباً ..... 290

ابتداء زمان التأجيل في دية الخطأ من حين استقرارها ......... 290

ص: 309

المشكوك في كونه من العصبة لا يعقل ..... 291

القاتل عمداً وظلماً لا يرث من الدية وهل يرث منها....... 292

عدم ضمان العاقلة عبداً ولا بهيمة ..... 293

لو جرح ذمي مسلماً خطأً ثم أسلم فسرت الجناية فمات المجروح ....... 294

لو رمى صبي شخصاً ثم بلغ فقتل ذلك الشخص ........ 294

المحتويات....... ... 295

ص: 310

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.