تفسير أمير المؤمنين عليهم السّلام للقرآن الكريم المجلد 9

هویة الکتاب

تفسير أمير المؤمنين عليه السّلام للقرآن الكريم

مجلدات: 10ج

جمع و تهذيب السيّد علي عاشور

مرکز الشرق الأوسط الثقافي - بیروت - لبنان

ص: 1

اشارة

تفسير أمير المؤمنين عليه السّلام للقرآن الكريم

ص: 2

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 3

جمیع الحقوق محفوظة ومسجلة للناشر

الطبعة الأولی

1429ه - 2008م

مرکز الشرق الأوسط الثقافي - بیروت - لبنان

ص: 4

سورة النبأ

اشارة

ص: 5

ص: 6

الآيات (1)-(5)

[سورة النبإ (78): الآیات 1 الی 5]

عَمَّ يَتَساءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) اَلَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3) كَلاّ سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلاّ سَيَعْلَمُونَ

[1] - أبو إسحاق الثعلبي قال: [أخبرنا ابن فنجويه، أخبرنا الحسن المخلدي المقرئ عن أبي الحسن علي بن أحمد عن أبي [عثمان] البصري عن أبي خليفة [الجمحي عن] عبد المؤمن عن إبراهيم بن إسحاق [عن عبد الصمد] عن صالح بن مسافر قال: قرأت على عاصم بن أبي النجود سورة و الصافات فلما أتيت على آخرها سكت.

فقال: لم ؟ إقرأ.

فقلت: قد ختمت.

قال: إني فعلت كما فعلت على أبي عبد الرحمن السلمي.

فقال أبو عبد الرحمن: كذلك قال لي عليّ و قال لي:

ص: 7

قل: آذنتكم بأذانة المرسلين و لتسألنّ عن النبأ العظيم ](1).

[2] - في تفسير عليّ بن إبراهيم: حدّثني أبي عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام في قوله: عَمَّ يَتَساءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ قال: أمير المؤمنين عليه السّلام: ما للّه نبأ أعظم منّي، و ما للّه آية أكبر منّي، و لقد عرض فضلي على الأمم الماضية على اختلاف ألسنتها فلم تقر بفضلي(2).

[3] - في روضة الكافي: خطبة لأمير المؤمنين هي خطبة الوسيلة قال عليه السّلام فيها: و إني النبأ العظيم(3).

[4] - محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد بن أبي عمير و غيره عن محمّد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قلت له: جعلت فداك، إنّ الشيعة يسألونك عن تفسير هذه الآية عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ؟

قال: ذلك إليّ إن شئت أخبرتهم و إن شئت لم أخبرهم، ثمّ قال: لكني أخبرك بتفسيرها، قلت: عَمَّ يَتَساءَلُونَ (1)؟

ص: 8


1- تفسير الثعلبي: 174/8.
2- تفسير القمّيّ: 401/2.
3- روضة الكافي: 25/8 ح 4.

قال: فقال: هي في أمير المؤمنين عليه السّلام، كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: ما للّه عزّ و جلّ آية هي أكبر منّي، و لا للّه من نبأ أعظم منّي.

[5] - تفسير القطّان: عن وكيع، عن سفيان السدي، عن عبد خير، عن علي بن أبي طالب عليه السّلام قال: أقبل صخر بن حرب حتّى جلس إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم فقال:

يا محمّد، هذا الأمر بعدك لنا أم لمن ؟

قال: يا صخر، الأمر بعدي لمن هو منّي بمنزلة هارون من موسى، قال: فأنزل اللّه تعالى: عَمَّ يَتَساءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) اَلَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3)(1) منهم المصدّق بولايته و خلافته و منهم المكذّب بهما، ثمّ قال: كَلاّ و هو ردّ عليهم، سَيَعْلَمُونَ (2) خلافته بعدك أنّها حقّ، ثُمَّ كَلاّ سَيَعْلَمُونَ (3) يقول: يعرفون ولايته و خلافته، إذ يسألون عنها في قبورهم فلا يبقى ميّت في شرق و لا في غرب، و لا في برّ و لا في بحر، إلاّ و منكر و نكير يسألانه عن ولاية أمير المؤمنين بعد الموت، يقولان للميّت: من

ص: 9


1- سورة النبأ، الآيات: 1-3.
2- سورة النبأ، الآية: 4.
3- سورة النبأ، الآية: 5.

ربّك و ما دينك و من نبيّك و من إمامك(1).

[6] - روى علقمة: أنّه خرج يوم صفين رجل من عسكر الشام، و عليه سلاح و مصحف فوقه و هو يقول: عَمَّ يَتَساءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) فأردت البراز، فقال عليّ عليه السّلام: مكانك و خرج بنفسه و قال: أتعرف النبأ العظيم الذي فيه مختلفون ؟

قال: لا، قال: و اللّه إنّي أنا النبأ العظيم الذي فيّ اختلفتم و على ولايتي تنازعتم، و عن ولايتي رجعتم بعد ما قبلتم و ببغيكم هلكتم بعدما بسيفي نجوتم، و يوم غدير خم قد علمتم، و يوم القيامة تعلمون ما عملتم، ثمّ علاه بسيفه فرمى رأسه ثمّ قال:

أبى اللّه إلاّ أنّ صفين دارنا *** و داركم ما لاح في الأفق كوكب

و حتّى تموتوا أو نموت و ما لنا و ما لكم عن حومة الحرب مهرب(2)

[7] - عن الأصبغ بن نباتة، أنّ عليا عليه السّلام قال له:

و اللّه إنّي النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون،

ص: 10


1- مناقب ابن شهر آشوب 79:3 باب هو النبأ العظيم.
2- مناقب ابن شهر آشوب 79:3 باب هو النبأ العظيم؛ تفسير البرهان 420:4؛ البحار 2:36.

كلاّ سيعلمون حين أقف بين الجنّة و النار، فأقول: هذا لي، و هذا لك(1).

[8] - محمّد بن يعقوب في خطبة الوسيلة، بإسناده عن جابر، عن أبي جعفر عليه السّلام، و ساق الخطبة إلى أن قال عليه السّلام: ألا و إني فيكم أيّها الناس كهارون في آل فرعون، كباب حطّة في بني إسرائيل، و كسفينة نوح في قوم نوح، و إنّي النبأ العظيم و الصدّيق الأكبر، و عن قليل ستعلمون ما توعدون(2).

[9] - قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

ما للّه آية أكبر منّي، و لا للّه نبأ أعظم منّي، و لقد فرضت ولايتي على الامم الماضية فأبت أن تقبلها(3).

[10] - قال أمير المؤمنين عليه السّلام لعليّ بن درّاع الأسدي، و قد دخل عليه و هو في جامع الكوفة، فوقف بين يديه، فقال له علي عليه السّلام:

ص: 11


1- مناقب ابن شهر آشوب 80:3 باب هو النبأ العظيم؛ تفسير البرهان 420:4؛ البحار 3:36.
2- البحار 4:36؛ الكافي 30:8.
3- تفسير البرهان 419:4؛ البحار 2:36؛ بصائر الدرجات، باب نوادر الولاية: 97.

(لقد) أرقت منذ ليلتك جمعا يا علي ؟

قال: و ما علمك يا أمير المؤمنين بأرقي ؟

فقال: ذكرتني و اللّه في أرقتك، فإن شئت أخبرتك (به)؟

فقال: نعم يا أمير المؤمنين، علّمني ذلك ؟

فقال له: ذكرت في ليلتك قول اللّه عزّ و جلّ: عَمَّ يَتَساءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) اَلَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3) (1) فأرقت و فكرت فيه، و تالله أنا عليّ و ما اختلف الملأ إلاّ فيّ، و ما للّه نبأ هو أعظم منّي و أولى، إلى تمام الثلاثمائة إسم ما لم يمكن التصريح به، لئلاّ يكثر (يكبر) على قوم لا يؤمنون بفضل اللّه عزّ ذكره على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم و أمير المؤمنين و الأئمة الراشدين صلوات اللّه عليهم أجمعين(2).

ص: 12


1- سورة النبأ، الآيات: 1-3.
2- مدينة المعاجز 158:3 ح 812 باب معاجز أمير المؤمنين عليه السّلام؛ الهداية للحضيني: 153.

الآية (14)

[سورة النبإ (78): آیة 14]

وَ أَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجّاجاً

[11] - فيه و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: قرأ رجل على أمير المؤمنين عليه السّلام ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النّاسُ وَ فِيهِ يَعْصِرُونَ فقال: و يحك أي شيء يعصرون ؟ يعصرون الخمر؟

قال الرجل: يا أمير المؤمنين كيف أقرؤها؟

فقال: إنّما نزلت عامٌ فِيهِ يُغاثُ النّاسُ وَ فِيهِ يَعْصِرُونَ (1),(2) أي يمطرون بعد سني المجاعة، و الدليل على ذلك قوله:

وَ أَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجّاجاً (3) .

ص: 13


1- سورة يوسف، الآية: 49.
2- أي (يعصرون) بضم الياء.
3- تفسير القمّيّ: 346/1.

الآية (23)

[سورة النبإ (78): آیة 23]

لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً

[12] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا موسى بن محمد و ابن حسن قالا: حدّثنا محمد بن عمران قال: حدّثنا ابن المقري و أبو عبيد اللّه قالا: حدّثنا [محمد بن يحيى] العرني عن سفيان عن عمّار الدهني قال: قال علي بن أبي طالب لهلال الهجري:

ما يجدون في الحقب في كتاب اللّه المنزل قال: يجده في كتاب اللّه ثمانين سنة، كل سنة اثنا عشر شهرا، لكل شهر ثلاثون يوما، كل يوم ألف سنة(1).

ص: 14


1- تفسير الثعلبي: 116/10.

الآية (28)

[سورة النبإ (78): آیة 28]

وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا كِذّاباً

[13] - قال النحّاس: مصدر، و قد روي عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه (و كذبوا بآياتنا كذابا)(1) بتخفيف الأول و الثاني، و هي رواية شاذة و لكنه قد صحّ عن الكسائي أنه قرأ الثانية بالتخفيف(2).

[14] - ورووا عن عليّ عليه السّلام: و كذبوا بآياتنا كذابا خفيفة و القراءة المشهورة وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا كِذّاباً بالتثقيل(3).

ص: 15


1- معاني الفرّاء: 229/3.
2- إعراب القرآن: 151/5، و التيسير: 219.
3- مجمع البيان: 641/10.

الآية (35)

[سورة النبإ (78): آیة 35]

لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَ لا كِذّاباً

[15] - أبو إسحاق الثعلبي قال: (تكذيبا) و هي قراءة العامة، و خفّفه الكسائي و هي قراءة أمير المؤمنين علي كرّم اللّه وجهه، و هما مصدران للتكذيب(1).

ص: 16


1- تفسير الثعلبي: 118/10.

الآية (36)

[سورة النبإ (78): آیة 36]

جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً

[16] - في أمالي شيخ الطائفة (قدس سره): بإسناده إلى أمير المؤمنين حديث طويل يقول فيه عليه السّلام: حتّى إذا كان يوم القيامة حسب لهم حسناتهم ثمّ أعطاهم بكلّ واحدة عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال اللّه عزّ و جلّ: جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً و قال: فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَ هُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ (1),(2).

ص: 17


1- سورة سبأ، الآية: 37.
2- الأمالي: 26 /مجلس 1 ح 31.

ص: 18

سورة النازعات

اشارة

ص: 19

ص: 20

الآية (1)

[سورة النازعات (79): آیة 1]

وَ النّازِعاتِ غَرْقاً

[17] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال أمير المؤمنين علي كرّم اللّه وجهه: هي الملائكة تنزع أرواح الكافر و الكفرة(1).

[18] - وَ النّازِعاتِ غَرْقاً إختلف في معناه على وجوه:

أحدها أنّه يعني الملائكة الذين ينزعون أرواح الكفّار عن أبدانهم بالشدّة كما يغرق النازع بالقوس فيبلغ بها غاية المد و روي ذلك عن عليّ عليه السّلام(2).

[19] - الفرار، و الكلبي، و السدي، عن عبد خير، عن علي عليه السّلام قال: وَ النّازِعاتِ غَرْقاً قال: الملائكة تنزع نفوس الكفار إغراقا كما يغرق النازع في القوس(3).

ص: 21


1- تفسير الثعلبي: 122/10.
2- مجمع البيان: 651/10.
3- نهج البيان، في تفسير سورة النازعات (خطي)؛ تفسير البرهان 424:4.

الآية (2)

[سورة النازعات (79): آیة 2]

وَ النّاشِطاتِ نَشْطاً

[20] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي بن أبي طالب: هي الملائكة تنشط أرواح الكفار ما بين الجلد و الأظفار حتى تخرجها من أجوافها بالكرب و الغمّ(1).

[21] - في مجمع البيان: وَ النّاشِطاتِ نَشْطاً في معناه أقوال، و ثانيها أنّها الملائكة تنشط أرواح الكفّار ما بين الجلد و الأظفار حتّى تخرجها من أجوافهم بالكرب و الغمّ.

عن عليّ عليه السّلام يقال: نشط الجلد نشطا: نزعه(2).

ص: 22


1- تفسير الثعلبي: 123/10.
2- مجمع البيان: 652/10.

الآيات (3)-(5)

[سورة النازعات (79): الآیات 3 الی 5]

وَ السّابِحاتِ سَبْحاً (3) فَالسّابِقاتِ سَبْقاً (4) فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً

[22] - وَ السّابِحاتِ سَبْحاً فيه أقوال: أحدها الملائكة يقبضون أرواح المؤمنين يسلّونها سلا رفيقا ثمّ يدعونها حتى تستريح كالسابح بالشيء في الماء يرمى به عن عليّ عليه السّلام(1).

[23] - في مجمع البيان: فَالسّابِقاتِ سَبْقاً فيه أقوال أيضا، أحدها أنّها الملائكة، لأنها سبقت ابن آدم بالخير و الإيمان و العمل الصالح عن مجاهد، و قيل: إنّها تسبق الشياطين بالوحي إلى الأنبياء، و قيل: إنّها تسبق أرواح المؤمنين إلى الجنّة عن عليّ عليه السّلام و مقاتل.

ص: 23


1- مجمع البيان: 652/10 مع اختلاف في المطبوع.

[24] - في مجمع البيان: فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً فيه أقوال أيضا أحدها أنّها الملائكة تدبّر أمر العباد من السنة إلى السنة. عن عليّ عليه السّلام(1).

[25] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي: هي الملائكة تسبح بأرواح المؤمنين(2).

قوله تعالى: فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً

[26] - ابن عساكر قال: أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، نا أبو الحسين بن النّقّور، و عبد الباقي بن محمد بن غالب العطّار، قالا: نا أبو طاهر المخلّص، نا محمد بن هارون الحضرمي، نا سعيد بن يحيى، نا أبي، نا بسام الصيرفي، نا عامر بن واثلة، أن رجلا جاء إلى علي بن أبي طالب، فقال: يا أمير المؤمنين ما وَ الذّارِياتِ ذَرْواً (3) قال: الرياح، قال: فما فَالْحامِلاتِ وِقْراً (4) قال:

ص: 24


1- مجمع البيان: 652/10.
2- تفسير الثعلبي: 123/10.
3- سورة الذاريات، الآية: 1.
4- سورة الذاريات، الآية: 2.

السحاب، قال: فما فَالْجارِياتِ يُسْراً (1) قال: السفن، قال:

فما فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً قال: الملائكة(2).

ص: 25


1- سورة الذاريات، الآية: 3.
2- تاريخ دمشق: 236/19.

الآيات (27)-(29)

[سورة النازعات (79): الآیات 27 الی 29]

اَلسَّماءُ بَناها (27) رَفَعَ سَمْكَها فَسَوّاها (2(8) وَ أَغْطَشَ لَيْلَها وَ أَخْرَجَ ضُحاها

[27] - في نهج البلاغة: كلام طويل يذكر فيه عليه السّلام ابتداء خلق السماوات السبع، و فيه قال عليه السّلام: جعل سفلاهن موجا مكفوفا و علياهن سقفا محفوظا و سمكا مرفوعا(1).

ص: 26


1- نهج البلاغة: خطبة 1.

الآيات (30)-(32)

[سورة النازعات (79): الآیات 30 الی 32]

وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (30) أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَ مَرْعاها (3(1) وَ الْجِبالَ أَرْساها

[28] - في نهج البلاغة: و سكنت الأرض مدحوّة(1) في لجّة تيّاره، و ردّت من نخوة بأوه(2) و اعتلائه، و شموخ أنفه و سموّ غلوائه (3) ،و كعمته(4) على كظّة جريته (5) ،فهمد بعد نزقاته (6) ،و لبد بعد زيفان(7) و ثباته. فلما سكن هيج الماء من تحت أكنافها(8) و حمل شواهق الجبال الشّمّخ

ص: 27


1- مدحوّة: مبسوطة.
2- البأو: الكبر و الزهو.
3- غلوائه: النشاط و تجاوز الحد.
4- كعمته: منعته.
5- كظة: ما يعرض من امتلاء البطن بالطعام، و يراد بها هنا ما يشاهد في جري الماء من ثقل الإندفاع.
6- نزقاته: خفّته و طيشه.
7- لبد: قام و وثب. الزيفان: التبخر في المشية.
8- أكنافها: نواحيها.

البذّخ(1) على أكتافها، فجّر ينابيع العيون من عرانين(2) أنوفها، و فرّقها في سهوب بيدها و أخاديدها (3) ،و عدّل حركاتها بالراسيات من جلاميدها (4) ،و ذوات الشناخيب الشّمّ من صياخيدها (5) ،فسكنت من الميدان(6) لرسوب الجبال في قطع أديمها (7) ،و تغلغلها متسرّبة في جوبات خياشيمها (8) ،و ركوبها أعناق سهول الأرضين و جراثيمها(9) ، و فسح بين الجو و بينها، و أعدّ الهواء متنسّما لساكنها(10).

ص: 28


1- الشمخ البذخ: عال و رفيع.
2- عرانين: جمع عرنين، و هو ما صلب من عظم الأنف، و المراد أعالي الجبال.
3- السهوب: جمع سهب: الغلاة. و البيد: جمع بيداء، الأرض الغلاة. و الأخاديد: جمع أخدود، و هي الحفر المستطيلة في الأرض، و المراد منها مجاري الأنهار.
4- جلاميدها: حجارها الصلدة.
5- الشناخيب: جمع شنخوب، و هو رأس الجبل، و الشم: الرفيعة. و صياخيدها: جمع صخود، و هو الصخرة الشديدة.
6- الميدان: الإضطراب.
7- أديمها: سطحها.
8- جوبات خياشيمها: الجوبات: جمع جوبة، أي الحفرة. و الخياشيم: جمع خيشوم، و هو منفذ الأنف إلى الرأس.
9- و ركوبها أعناق سهول الأرضين و جراثيمها: ركوبها هنا بمعنى استعلاؤها عليها. و أعناق: سطوح. و جراثيمها: المقصود هنا ما سفل عن السطوح من الطبقات الترابية.
10- نهج البلاغة، خطبة رقم: 9.

سورة عبس

اشارة

ص: 29

ص: 30

الآية (17)

[سورة عبس (80): آیة 17]

قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ

[29] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه: قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ أي لعن الإنسان(1).

ص: 31


1- الإحتجاج: 588/1 /محاجة 137.

الآية (31)

[سورة عبس (80): آیة 31]

وَ فاكِهَةً وَ أَبًّا

[30] - في إرشاد المفيد رحمه اللّه: و روي أن أبا بكر سئل عن قول اللّه تعالى: وَ فاكِهَةً وَ أَبًّا فلم يعرف معنى الأبّ من القرآن، و قال: أي سماء تظلني أم أي أرض تقلني أم كيف أصنع إن قلت في كتاب اللّه بما لا أعلم، أمّا الفاكهة فنعرفها، و أمّا الأبّ فاللّه أعلم.

فبلغ أمير المؤمنين عليه السّلام مقاله في ذلك فقال:

سبحان اللّه، أما علم أنّ الأب هو الكلأ و المرعى ؟ و إنّ قوله تعالى وَ فاكِهَةً وَ أَبًّا اعتداد من اللّه بإنعامه على خلقه فيما غذّاهم به و خلقه لهم و لأنعامهم ممّا تحيى به أنفسهم، و تقوم به أجسادهم(1).

ص: 32


1- الإرشاد: 200/1.

الآيات (34)-(36)

[سورة عبس (80): الآیات 34 الی 36]

يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ (3(5) وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ (1)

[31] - في عيون الأخبار: في باب ما جاء عن الرضا عليه السّلام من خبر الشامي و ما سأل عنه أمير المؤمنين عليه السّلام في جامع الكوفة حديث طويل و فيه: و قام رجل يسأله فقال:

يا أمير المؤمنين أخبرنا عن قول اللّه تعالى: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ (3(5) وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ من هم ؟

قال: الذي يفرّ من أخيه قابيل و هابيل. و الذي يفرّ من أمّه موسى، و الذي يفرّ من أبيه إبراهيم يعني الأب المربي لا الوالد، و الذي يفرّ من صاحبته لوط، و الذي يفرّ من ابنه نوح و ابنه كنعان(1).

[32] - في كتاب الخصال: عن الحسين بن عليّ عليه السّلام

ص: 33


1- عيون الأخبار: 192/1 /ب 24 ح 1.

قال: كان عليّ بن أبي طالب عليه السّلام بالكوفة في الجامع إذ جاء إليه رجل من أهل الشام فسأله عن مسائل، و كان فيما سأله أن قال له: أخبرني عن قول اللّه تعالى:

يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ و ذكر مثل ما في عيون الأخبار سواء؛ إلاّ أنّه ليس فيه يعني الأب المربي لا الوالد و بعده قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه: إنّما يفرّ موسى من أمّه خشية أن يكون قصّر فيما وجب عليه من حقّها، و إبراهيم إنّما يفرّ من الأب المربّي المشرك لا من الأب الوالد و هو تارخ(1).

[33] - في كتاب التوحيد: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه و قد سأله رجل عمّا اشتبه عليه من آيات الكتاب و أما قوله: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً (2) و قوله: وَ اللّهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ (3) و قوله: يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَ يَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً (4) و قوله: إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ

ص: 34


1- الخصال: ب 5 ح 318/102.
2- سورة النبأ، الآية: 38.
3- سورة الأنعام، الآية: 23.
4- سورة العنكبوت، الآية: 25.

أَهْلِ النّارِ (1) و قوله: لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَ قَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (2) و قوله: اَلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (3):فإنّ ذلك في مواطن غير واحدة من مواطن ذلك اليوم الذي كان مقداره خمسين ألف سنة يجمع اللّه عزّ و جلّ الخلائق في مواطن يتفرقون و يكلّم بعضهم بعضا و يستغفر بعضهم لبعض أولئك الذين كان منهم الطاعة في دار الدنيا الرؤساء و الأتباع و يلعن بعض أهل المعاصي الذين بدت منهم البغضاء و تعاونوا على الإثم و العدوان في دار الدنيا و المستكبرون و المستضعفون يكفر بعضهم ببعض و يلعن بعضهم بعضا. و الكفر في هذه الآية البراءة يقول:

فيبرأ بعضهم من بعض، و نظيرها في سورة إبراهيم قول الشيطان: إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ (4) و قول إبراهيم خليل الرّحمن: كَفَرْنا بِكُمْ (5) أي تبرأنا منكم ثمّ يجتمعون في موطن آخر يبكون فلو أن تلك الأصوات بدت لأهل الدنيا لأذهلت جميع الخلق عن معايشهم، و لتصدعت قلوبهم

ص: 35


1- سورة ص، الآية: 64.
2- سورة ق، الآية: 28.
3- سورة يس، الآية: 65.
4- سورة إبراهيم، الآية: 22.
5- سورة الممتحنة، الآية: 4.

إلاّ ما شاء اللّه، فلا يزالون يبكون الدم، ثمّ يجتمعون في موطن آخر فيستنطقون فيه فيقولون: وَ اللّهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ (1) فيختم اللّه تبارك و تعالى على أفواههم و يستنطق الأيدي و الأرجل و الجلود، فتشهد بكلّ معصية كانت منهم، ثمّ يرفع عن ألسنتهم الختم فيقولون لجلودهم: لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ (2) ثمّ يجتمعون في موطن آخر فيستنطقون فيفر بعضهم من بعض، فذلك قوله عزّ و جلّ: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ (3(3) وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ (4) فيستنطقون لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً (5) فيقوم الرسل صلوات اللّه عليهم فيشهدون في هذا الموطن، فذلك قوله تعالى: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً (5) ثمّ يجتمعون في موطن آخر فيكون فيه مقام محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلم و هو المقام المحمود، فيثني على اللّه تبارك و تعالى بما لم يثن عليه أحد قبله، ثمّ يثني على الملائكة كلهم فلا يبقى ملك إلاّ أثنى عليه محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلم

ص: 36


1- سورة الأنعام، الآية: 23.
2- سورة فصلت، الآية: 21.
3- سورة النساء، الآية: 41.
4- سورة عبس، الآيات: 34-36.
5- سورة النبأ، الآية: 38.

ثمّ يثني على الرسل بما لم يثن عليهم أحد مثله، ثمّ يثني على كلّ مؤمن و مؤمنة يبدأ بالصديقين ثمّ الشهداء ثمّ الصالحين، فيحمده أهل السماوات و أهل الأرض و ذلك قوله عزّ و جلّ: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً (1) فطوبى لمن كان له في ذلك المقام حظ، و ويل لمن لم يكن له في ذلك المقام حظّ و لا نصيب، ثمّ يجتمعون في موطن آخر و يدان بعضهم من بعض؛ و هذا كله قبل الحساب فإذا أخذ في الحساب شغل كلّ انسان بما لديه، نسأل اللّه بركة ذلك اليوم(2).

ص: 37


1- سورة الإسراء، الآية: 79.
2- التوحيد: ب 36 ح 260/5.

ص: 38

سورة التكوير

اشارة

ص: 39

ص: 40

الآيتان (8) و (9)

[سورة التكوير (81): الآیات 8 الی 9]

وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ

[34] - في مجمع البيان: و روي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليه السّلام وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بفتح الميم و الواو و روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ .(1),(2).

[35] - محمّد بن يحيى عن بعض أصحابه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّها الناس، إنّ اللّه تبارك و تعالى أرسل إليكم الرسول... إلى أن قال: و دفنوا في التراب الموؤودة بينهم من أولادهم يختارون دونهم طيب العيش و رفاهية خفوض الدنيا، لا يرجون ثوابا و لا يخافون

ص: 41


1- أي بفتح السين في (سئلت) و القاف في (قتلت).
2- مجمع البيان: 671/10.

و اللّه منه عقابا، حيّهم أعمى نجس، و ميّتهم في النار مبلس، فجاءهم بنسخة ما في الصحف الأولى(1).

ص: 42


1- أصول الكافي: 60/1 ح 7.

الآيات (15)-(18)

[سورة التكوير (81): الآیات 15 الی 18]

فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) اَلْجَوارِ الْكُنَّسِ (16) وَ اللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ (1(7) وَ الصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ

[36] - محمّد بن العبّاس، عن عبد اللّه بن العلاء، محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عثمان بن أبي شيبة، عن الحسين بن عبد اللّه الأرجانيّ، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي عليه السّلام قال: سأله ابن الكوّاء عن قوله عزّ و جلّ: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ فقال: إنّ اللّه لا يقسم بشيء خلقه، فأمّا قوله: بِالْخُنَّسِ فإنّه ذكر قوما خنّسوا علم الأوصياء و دعوا الناس إلى غير مودّتهم، و معنى خنّسوا:

ستروا.

فقال: اَلْجَوارِ الْكُنَّسِ ،قال: الملائكة جرت بالعلم وَ الْقَلَمِ إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم فكنّسه عنه الأوصياء من أهل بيته، لا يعلمه أحد غيرهم، و معنى كنّسه: رفعه و توارى به،

ص: 43

فقال: وَ اللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ (1) ،قال: يعني ظلمة الليل، و هذا ضربه اللّه مثلا لمن ادّعى الولاية لنفسه و عدل عن ولاة الأمر، قال: فقوله: وَ الصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ (2) قال: يعني بذلك الأوصياء يقول: إنّ علمهم أنور و أبين من الصبح إذا تنفّس(3).

[37] - عن أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ الخنّس النجوم؛ لأنّها تخنس بالنهار، و تبدوا بالليل(4).

[38] - عن أمير المؤمنين عليه السّلام: هي خمسة أنجم:

زحل، و المشتري، و المرّيخ، و الزهرة، و العطارد(5).

[39] - عن علي عليه السّلام في قوله تعالى: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ قال: خمس أنجم: زحل، و عطارد، و المشتري، و بهرام، و الزهرة، ليس الكواكب شيء يقطع المجرّة غيرها(6).

ص: 44


1- سورة التكوير، الآية: 17.
2- سورة التكوير، الآية: 18.
3- تأويل الآيات الظاهرة: 743؛ البحار 77:24.
4- تفسير البيان 285:10.
5- تفسير الصافي 291:5.
6- كنز العمال 547:2 ح 4692.

قوله تعالى: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ

[40] - قال النحّاس: «لا» زائدة للتوكيد أي، فأقسم بالخنّس. و في معنى الخنّس ثلاثة أقوال قد مرّ منها ما روي عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه أنها النجوم الخمسة(1).

[41] - قال النحّاس: و روى سعيد عن سماك قال:

سمعت خالد بن عرعرة يقول: سمعت علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه يقول: «الخنّس»: النجوم تخنس بالنهار و تكنس بالليل.

فظاهر هذا القول عام لجميع النجوم(2).

قوله تعالى: وَ اللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ (1(7) وَ الصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ

[42] - في مجمع البيان: بِالْخُنَّسِ و هي النجوم تخنس بالنهار و تبدوا بالليل و الجوار صفة لها، لأنّها تجري في أفلاكها اَلْكُنَّسِ من صفتها أيضا لأنها تكنس أي تتوارى في بروجها كما تتوارى الظباء في كناسها(3) و هي خمسة أنجم: زحل و المشتري و المريخ و الزهرة و عطارد عن

ص: 45


1- إعراب القرآن: 167/5.
2- إعراب القرآن: 167/5.
3- الكناس - ككتاب -: بيت الظبي يستتر فيه.

عليّ عليه السّلام. وَ اللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ أي إذا أدبر بظلامه عن عليّ عليه السّلام(1).

[43] - في عيون الأخبار: في باب ما جاء عن الرضا عليه السّلام من خبر الشامي و ما سأل عنه أمير المؤمنين عليه السّلام في جامع الكوفة حديث طويل و فيه، و سأله عن شيء تنفس ليس له لحم و لا دم ؟

فقال: ذاك الصبح إذا تنفس(2).

ص: 46


1- مجمع البيان: 677/10.
2- عيون الأخبار: 192/1 /ب 24 ح 1.

الآية (29)

[سورة التكوير (81): آیة 29]

وَ ما تَشاؤُنَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ

[44] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول مجيبا لبعض الزنادقة و قد قال أجد اللّه تعالى يقول قُلْ يَتَوَفّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ (1) و اَللّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها و اَلَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ و ما أشبه ذلك، فمرة يجعل الفعل لنفسه، و مرة لملك الموت، و مرة للملائكة، فأما قول اللّه عزّ و جلّ:

اَللّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها و قوله: يَتَوَفّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ و تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا (2)اَلَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ و اَلَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فهو تبارك و تعالى أجل و أعظم من أن يتولى ذلك بنفسه، و فعل رسله و ملائكته فعله، لأنهم بأمره

ص: 47


1- سورة السجدة، الآية: 11.
2- سورة الأنعام، الآية: 61.

يعملون، فاصطفى جل ذكره من الملائكة رسلا و سفرة بينه و بين خلقه، و هم الذين قال اللّه فيهم: اَللّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَ مِنَ النّاسِ (1) فمن كان من أهل الطاعة تولت قبض روحه ملائكة الرحمة و من كان من أهل المعصية تولت قبض روحه ملائكة النقمة، و لملك الموت أعوان من ملائكة الرحمة و النقمة، يصدرون عن أمره، و فعلهم و فعله و كل ما يأتونه منسوب إليه و إذا كان فعلهم فعل ملك الموت، و فعل ملك الموت فعل اللّه، لأنه يتوفى الأنفس على يد من يشاء و يعطي و يمنع و يثيب و يعاقب على يد من يشاء و إن فعل أمنائه فعله كما قال: وَ ما تَشاؤُنَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللّهُ (2).

ص: 48


1- سورة الحج، الآية: 75.
2- كتاب الإحتجاج للطبرسي: 573/1 /محاجة 137.

سورة الإنفطار

اشارة

ص: 49

ص: 50

الآية (6)

[سورة الانفطار (82): آیة 6]

يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ

[45] - في نهج البلاغة: من كلامه عليه السّلام قال عند تلاوته يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ :أدحض مسؤول حجّة و أقطع مغترّ معذرة لقد أبرح جهالة بنفسه. يا أيّها الإنسان ما جرّأك على ذنبك و ما غرك بربك، و ما آنسك بهلكة نفسك، أما من دائك بلول أم ليس من نومتك يقظة ؟ أما ترحم من نفسك ما ترحم من غيرك ؟ فلربما ترى الضاحي من حر الشمس فتظلّه، أم ترى المبتلى بألم يمضّ جسده فتبكي رحمة له فما صبرك على دائك، و جلّدك على مصابك، و عزّاك عن البكاء على نفسك و هي أعزّ الأنفس عليك، و كيف لا يوقظك خوف بيات نقمة، و قد تورطت بمعاصيه مدارج سطواته.(1),(2)

ص: 51


1- يقال هذا الأمر أبرح من هذا أي أشد. و (جهالة) منصوب على التمييز. و البلول مصدر بل الرجل من مرضه إذا برىء و الضاحي لحر الشمس: البارزه و مض بمعنى احرق. و بيات نقمة - بفتح الباء -: طروقها ليلا. و تورط: وقع في الورطة و هي الهلاك. و المدارج: الطرق و المسالك.
2- نهج البلاغة: خطبة 223.

الآية (8)

[سورة الانفطار (82): آیة 8]

فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ

[46] - في مجمع البيان: و روي عن الرضا عن آبائه عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم أنّه قال لرجل: ما ولد لك ؟

قال: يا رسول اللّه، و ما عسى أن يولد لي إمّا غلام و إمّا جارية، قال: فمن يشبه ؟

قال: يشبه أمّه أو أباه.

فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: لا تقل هكذا، إنّ النطفة إذا استقرّت في الرحم أحضر اللّه كلّ نسب بينها و بين آدم عليه السّلام، أما قرأت هذه الآية فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ ؟أي فيما بينك و بين آدم(1).

ص: 52


1- مجمع البيان: 682/10.

الآيتان (10) و (11)

[سورة الانفطار (82): الآیات 10 الی 11]

وَ إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ (1(0) كِراماً كاتِبِينَ

[47] - في نهج البلاغة قال عليه السّلام: إنّما الناس فى نفس معدود، و أمل ممدود، و أجل محدود، فلا بدّ للأجل أن يتناهى، و للنّفس أن يحصى، و للامل أن ينقضى، ثم قرأ: وَ إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ (1(0) كِراماً كاتِبِينَ .

ص: 53

ص: 54

سورة المطففين

اشارة

ص: 55

ص: 56

الآيتان (4) و (5)

[سورة المطففين (83): الآیات 4 الی 5]

أَ لا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ

[48] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه و أنّه ربّ شيء من كتاب اللّه عزّ و جلّ يكون تأويله على غير تنزيله، و لا يشبه تأويل كلام البشر و لا فعل البشر، و سأنبئك بمثال لذلك تكتفي به إن شاء اللّه، إلى قوله: فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَ لكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللّهَ رَمى (1) فسمّى فعل النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم فعلا له، ألا ترى تأويله على غير تنزيله ؟ و مثل قوله: بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ (2) فسمّى البعث لقاء و كذلك قوله:

اَلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ (3) أي يوقنون أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ

ص: 57


1- سورة الأنفال، الآية: 17.
2- سورة السجدة، الآية: 10.
3- سورة البقرة، الآية: 46.

و مثله قوله: أَ لا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ أي أليس يوقنون أنّهم مبعوثون(1).

ص: 58


1- الإحتجاج: 588/1 /محاجة 137.

الآية (15)

[سورة المطففين (83): آیة 15]

كَلاّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ

[49] - في كتاب التوحيد: حديث طويل عن عليّ عليه السّلام يقول فيه و قد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات، و أمّا قوله: كَلاّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ فإنّما يعني يوم القيامة أنّهم عن ثواب ربّهم محجوبون(1).

ص: 59


1- التوحيد: ب 36 ح 265/5.

الآية (24)

[سورة المطففين (83): آیة 24]

نَضْرَةَ النَّعِيمِ

[50] - عن علي عليه السّلام في قوله تعالى: نَضْرَةَ النَّعِيمِ قال: عين في الجنّة يتّضئون منها و يغتسلون، فتجري عليهم نضرة النعيم(1).

ص: 60


1- كنز العمال 548:2 ح 4696.

الآيتان (25) و (26)

[سورة المطففين (83): الآیات 25 الی 26]

يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (2(5) خِتامُهُ مِسْكٌ

[51] - في كتاب الخصال: عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جده عن عليّ عليه السّلام عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم أنّه قال في وصيته له: يا عليّ إنّ اللّه تبارك و تعالى أعطاني فيك سبع خصال إلى قوله: و أنت أوّل من يشرب من الرحيق المختوم الذي ختامه مسك(1).

[52] - قال النحّاس: مبتدأ و خبره. هذه قراءة أكثر الناس. و قراءة الكسائي رواها عنه أبو عبيد (خاتمه مسك)(2) و زعم أن هذه القراءة قراءة علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه(3).

[53] - قال النحّاس: و قرئ على إبراهيم بن موسى

ص: 61


1- الخصال: ب 7 ح 342/5.
2- معاني الفرّاء: 248/3.
3- إعراب القرآن: 177/5.

عن محمد بن الجهم عن يحيى بن زياد عن محمد بن الفضل عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه أنه قرأ (خاتمه مسك)(1) قال أبو جعفر: ختامه و ختامه بمعنى واحد إلاّ أن ختاما مصدر و خاتم إسم الفاعل، و أكثر كلام العرب في الناس و ما أشبههم هو خاتمهم كما قال جلّ و عزّ وَ لكِنْ رَسُولَ اللّهِ وَ خاتَمَ النَّبِيِّينَ (2) ،و كذا خاتم، و في غير الناس ختام(3).

ص: 62


1- معاني الفرّاء: 248/3.
2- سورة الأحزاب: 40.
3- إعراب القرآن: 177/5.

الآيتان (29) و (30)

[سورة المطففين (83): الآیات 29 الی 30]

إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (2(9) وَ إِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ

[54] - محمّد بن العباس، عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن الحسين، عن أبيه، عن حسين بن مخارق، عن يعقوب بن شعيب، عن عمران بن ميثم، عن عباية بن ربعي، عن علي عليه السّلام: أنّه كان يمرّ بالنفر من قريش، فيقولون: أنظروا إلى هذا الذي اصطفاه محمّد و اختاره من بين أهله، و يتغامزون، فنزلت هذه الآية إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا إلى آخر السورة(1).

ص: 63


1- تفسير البرهان 440:4.

ص: 64

سورة الإنشقاق

اشارة

ص: 65

ص: 66

الآية (1)

[سورة الانشقاق (84): آیة 1]

إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ

[55] - عن علي عليه السّلام في قوله تعالى: إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ تنشقّ السماء من المجرّة(1).

ص: 67


1- كنز العمال 548:2 ح 4698.

الآية (6)

[سورة الانشقاق (84): آیة 6]

يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ

[56] - قال أمير المؤمنين عليه السّلام في نهج البلاغة: حتى إذا تصرّمت الأمور، و تقضّت الدهور، و أزف النشور، أخرجهم من ضرائح القبور، و أوكار الطيور، و أوجرة السباع، و مطارح المهالك سراعا إلى أمره، مهطّعين إلى معاده، رعيلا صموتا، قياما صفوفا، ينفذهم البصر، و يسمعهم الداعي، عليهم لبوس الإستكانه و ضرع الإستسلام و الذلة. قد ضلت الحيل، و انقطع الأمل، و هوت الأفئدة كاظمة، و خشعت الأصوات مهيمنة، و ألجم العرق، و عظم الشفق، و أرعدت الأسماع لزبرة الداعي إلى فصل الخطاب، و مقايضة الجزاء، و نكال العقاب، و نوال الثواب. عباد مخلوقون اقتدارا و مربوبون اقتسارا، و مقبوضون احتضارا و مضمنون أجداثا و كائنون رفاتا و مبعوثون أفرادا و مدينون

ص: 68

جزاء و مميزون حسابا قد أمهلوا في طلب المخرج، و هدوا سبيل المنهج و عمروا مهل المستعتب و كشفت عنهم سدف الريب و خلوا لمضمار الجياد و رويّة الإرتياد و أناة المقتبس المرتاد في مدة الأجل و مضطرب المهل.

ص: 69

الآية (19)

[سورة الانشقاق (84): آیة 19]

لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ

[57] - في تفسير النسفي قال: قرأ علي و حمزة (لتركبن) بفتح الباء(1).

[58] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه عليه السّلام: و ليس كلّ من أقرّ أيضا من أهل القبلة بالشهادتين كان مؤمنا. إن المنافقين كانوا يشهدون أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمّدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم و يدفعون عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم بما عهد به من دين اللّه، و عزائمه و براهين نبوته إلى وصيه، و يضمرون من الكراهية لذلك، و النقض لما أبرمه عند إمكان الأمر لهم فيه ما قد بيّنه اللّه لنبيّه، مثل قوله: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ أي لتسلكنّ سبيل من كان قبلكم من الأمم في الغدر بالأوصياء بعد الأنبياء، و هذا كثير في كتاب اللّه عزّ و جلّ(2).

ص: 70


1- تفسير النسفي: 789/2.
2- الاحتجاج 583:1 ح 137؛ تفسير نور الثقلين 539:5.

سورة البروج

اشارة

ص: 71

ص: 72

الآيات (1)-(3)

[سورة البروج (85): الآیات 1 الی 3]

وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ (1) وَ الْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ

[59] - ابن بابويه قال: حدّثنا علي بن أحمد بن عبد اللّه البرقي (1) ،عن أبيه، عن جده أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه محمد بن خالد، عن محمد بن داود، عن محمد بن الجارود العبدي، عن الأصبغ بن نباتة قال: خرج علينا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام ذات يوم و يده في يد إبنه الحسن عليه السّلام و هو يقول: «خرج علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم ذات يوم و يدي في يده هكذا و هو يقول: خير الخلق بعدي(2)

ص: 73


1- في المصدر: عبد اللّه بن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي.
2- في المصدر: خير الخلق بعدي و سيدهم أخي هذا، و هو إمام كل مسلم، و مولى كل مؤمن بعد وفاتي. ألا و إني أقول: خير الخلق بعدي و سيدهم ابني هذا، و هو إمام كل مؤمن، و مولى كل مؤمن بعد وفاتي، ألا و إنه سيظلم بعدي كما ظلمت بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم، و خير الخلق و سيدهم بعد الحسن. الحديث.

و سيدهم بعد الحسن إبني أخوه الحسين المظلوم بعد أخيه المقتول في أرض كربلاء، أما إنه و أصحابه من سادات الشهداء يوم القيامة، و من بعد الحسين تسعة من صلبه خلفاء اللّه في أرضه و حججه على عباده، و أمناؤه على وحيه، و أئمة المسلمين، و قادة المؤمنين، و سادة المتقين، تاسعهم القائم الذي يملأ اللّه عزّ و جلّ به الأرض نورا بعد ظلمتها، و عدلا بعد جورها، و علما بعد جهلها.

و الذي بعث أخي محمدا بالنبوة و اختصّني بالإمامة لقد نزل بذلك الوحي من السماء على لسان الروح الأمين جبرائيل، و لقد سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم - و أنا عنده - عن الأئمة بعده فقال للسائل: وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ (1) عددهم بعدد البروج، و رب الليالي و الأيام و الشهور إن عدّتهم كعدّة الشهور(2) فقال السائل: فسمّهم يا رسول اللّه ؟ فوضع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم يده على رأسي فقال: أولهم هذا و آخرهم المهدي، من والاهم فقد والاني، و من عاداهم فقد عاداني، و من أحبهم فقد أحبني و من أبغضهم فقد أبغضني، و من

ص: 74


1- البروج: 1.
2- في المصدر: إن عددهم كعدد الشهور.

أنكرهم فقد أنكرني، و من عرفهم فقد عرفني. بهم يحفظ اللّه عزّ و جلّ دينه، و بهم يعمر بلاده، و بهم يرزق عباده، و بهم ينزل القطر من السماء، و بهم يخرج بركات الأرض، هؤلاء أصفيائي و خلفائي و أئمة المسلمين و موالي المؤمنين »(1).

[60] - في روضة الكافي: عليّ بن إبراهيم وعدة من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعا عن محمّد بن عيسى عن يونس عن أبي الصباح الكناني عن الأصبغ بن نباتة قال:

قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إن للشمس ثلاثمائة و ستّين برجا كلّ برج منها مثل جزيرة من جزائر العرب، و تنزل كل يوم على برج منها، فإذا غابت انتهت إلى بطنان العرش فلم تزل ساجدة إلى الغد ثمّ ترد إلى موضع مطلعها، و معها ملكان يهتفان معها(2).

قوله تعالى: وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ (1) وَ الْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ

ص: 75


1- كمال الدين: 259/1-260 ط 1390 هج - طهران.
2- روضة الكافي: 138/8 ح 148.

[61] - أخرج عبد بن حميد، و ابن المنذر، عن علي عليه السّلام قال: اليوم الموعود يوم القيامة، و الشاهد يوم الجمعة، و المشهود يوم النحر(1).

قوله تعالى: وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ

[62] - في مصباح شيخ الطائفة: خطبة لأمير المؤمنين عليه السّلام خطب بها يوم الغدير يقول فيها عليه السّلام: إنّ هذا يوم عظيم الشأن... إلى قوله عليه السّلام: و يوم شاهد و مشهود(2).

ص: 76


1- تفسير السيوطي 332:6.
2- إقبال الأعمال: 257/2.

الآيات (4)-(10)

[سورة البروج (85): الآیات 4 الی 10]

قوله تعالى: قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ (4) اَلنّارِ ذاتِ الْوَقُودِ إلى قوله: عَذابُ الْحَرِيقِ

[63] - و روى سعيد بن جبير قال: لما انهزم أهل أسفندهان قال عمر بن الخطاب: ما هم يهود و لا نصارى و لا لهم كتاب و كانوا مجوسا، فقال عليّ بن أبي طالب عليه السّلام:

بلى قد كان لهم كتاب رفع، و ذلك أنّ ملكا لهم سكر فوقع على ابنته - أو قال: على أخته - فلمّا أفاق قال لها: كيف المخرج ممّا وقعت فيه ؟

قالت: تجمع أهل مملكتك و تخبرهم أنّك ترى نكاح البنات و تأمرهم أن يحلّوه، فجمعهم فأخبرهم فأبوا أن يتابعوه فخدّ لهم أخدودا في الأرض و أوقد فيه النيران و عرضهم عليها فمن أبى قبول ذلك قذفه في النار و من أجاب خلى سبيله.

ص: 77

و قال الحسن: كان النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم إذا ذكر عنده أصحاب الأخدود تعوّذ باللّه من جهد البلاء(1).

[64] - و روى العياشي بإسناده عن جابر بن أبي جعفر عليه السّلام قال: أرسل عليّ عليه السّلام إلى أسقف نجران يسأله عن أصحاب الأخدود فأخبره بشيء فقال عليه السّلام: ليس كما ذكرت و لكن سأخبرك عنهم.

إنّ اللّه بعث رجلا حبشيا نبيّا و هم حبشية فكذبوه فقاتلهم فقتلوا أصحابه و أسروه و أسروا أصحابه، ثمّ بنوا له جسرا ثمّ ملأوه نارا ثمّ جمعوا الناس فقالوا: من كان على ديننا و أمرنا فليعتزل، و من كان على دين هؤلاء فليرم نفسه في النار، فجعل أصحابه يتهافتون في النار، فجاءت امرأة معها صبي لها ابن شهر فلما هجمت هابت و رقت على ابنها فنادى الصبي، لا تهابي و ارميني و نفسك في النار، فإنّ هذا و اللّه في اللّه قليل، فرمت بنفسها في النار و صبيها و كان ممّن تكلم في المهد(2).

[65] - و بإسناده عن ميثم التمار قال: سمعت أمير المؤمنين و ذكر أصحاب الأخدود فقال: كانوا عشرة

ص: 78


1- مجمع البيان: 706/10.
2- مجمع البيان: 707/10.

و على مثالهم عشرة يقتلون في هذا السوق(1).

[66] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرنا عبد اللّه بن حامد قال: حدّثنا محمد بن عبد اللّه بن يوسف، قال: حدّثنا عمر بن محمد بن بحير، قال: حدّثنا عبد بن حميد، عن يونس، عن شيبان عن قتادة في قوله سبحانه: قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ قال: حدّثنا أنّ علي بن أبي طالب كان يقول: هم أناس كانوا بمدراع اليمن، اقتتل مؤمنوهم و كفارهم فظهر مؤمنوهم على كفارهم، ثم اقتتلوا الثانية فظهر مؤمنوهم على كفارهم، ثم أخذ بعضهم على بعض عهودا و مواثيق لا يغدر بعضهم ببعض، فغدر بهم كفارهم فأخذوهم، ثمّ إنّ رجلا من المؤمنين قال لهم: هل لكم إلى [خير] توقدون نارا ثم تعرضوننا عليه، فمن تابعكم على دينكم فذلك الذي تشتهون و من لا اقتحم النار فاسترحتم منه. قال: فأججوا نارا و عرضوهم عليها فجعلوا يقتحمونها حتى بقيت عجوز فكأنها تلكأت، فقال لها طفل في حجرها: إمضي و لا تنافقي(2) فقص اللّه عليهم نبأهم و حديثهم(3).

ص: 79


1- مجمع البيان: 707/10.
2- في المصدر: و لا تقاعسي.
3- تفسير الدر المنثور: 332/6، و تفسير القرطبي: 289/19.

[67] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي بن أبي طالب: بل هم أهل الكتاب و كانوا متمسكين بكتابهم و كانت الخمر قد أحلّت لهم فتناولها ملك من ملوكهم فغلبته على عقله فتناول أخته فوقع عليها فلما ذهب عنه السكر ندم و قال لها: و يحك، ما هذا الذي أتيت ؟ و ما المخرج منه ؟.

قالت: المخرج منه أن تخطب الناس، فتقول: يا أيّها الناس إنّ اللّه أحلّ نكاح الأخوات فإذا ذهب [هذا] في الناس و تناسوه خطبتهم فحرّمته، فقام خطيبا، فقال: يا أيّها الناس، إنّ اللّه أحلّ نكاح الأخوات.

فقال الناس جماعتهم: معاذ اللّه أن نؤمن بهذا أو نقرّ به ما جاءنا به نبي و لا أنزل علينا في كتاب. فرجع إلى صاحبته فقال: ويحك، إنّ الناس قد أبوا عليّ.

قالت: إذا أبوا عليك فأبسط فيهم السوط.

قال: فبسط فيهم السوط، فأبى الناس أن يقرّوا، فرجع إليها فقال: قد بسطت فيهم السوط فأبوا أن يقرّوا.

قالت: فجرّد فيهم السيف.

ص: 80

قال: فجرّد فيهم السيف فأبوا أن يقرّوا، و قال لها:

و يحك، إنّ الناس قد أبوا أن يقرّوا.

قالت: خدّ لهم أخدودا ثم أوقد فيها النيران ثم إعرض عليها أهل مملكتك فمن تابعك فخلّ عنه و من أبى فاقذفه في النار. فخدّ لهم أخدودا فأوقد فيها النيران و عرض أهل مملكته على ذلك فمن أبى قذف في النار و من أجاب خلّى سبيله، فأنزل سبحانه فيهم: قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ (4) اَلنّارِ ذاتِ الْوَقُودِ إلى قوله: عَذابُ الْحَرِيقِ (1).

قوله تعالى: قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ

[68] - أخرج ابن أبي حاتم، من طريق عبد اللّه بن نجي، عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قال: كان نبيّ أصحاب الأخدود حبشيّا(2).

[69] - أخرج ابن أبي حاتم و ابن المنذر، من طريق الحسن، عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام في قوله: أَصْحابُ الْأُخْدُودِ قال: هم الحبشة(3).

ص: 81


1- تفسير الثعلبي: 171/10، و تفسير الطبري بتفاوت بسيط: 166/30.
2- تفسير السيوطي 332:6.
3- تفسير السيوطي 332:6.

[70] - أخرج عبد بن حميد، و ابن أبي المنذر، و قتادة في قوله: (قتل أصحاب الأخدود) قال: حدّثنا أنّ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام كان يقول: هم أناس بمدلوع اليمن (بمدارع اليمن) اقتتل مؤمنوهم و كفّارهم، فظهر مؤمنوهم على كفّارهم، ثمّ أخذ بعضهم على بعض عهودا و مواثيق لا يغدر بعضهم ببعض، فغدرهم الكفّار، فأخذوهم، ثمّ إنّ رجلا من المؤمنين قال: هل لكم إلى خير؟ توقدون نارا ثمّ تعرضوننا عليها فمن بايعكم على دينكم فذلك الّذي تشتهون و من قال لا إقتحم فاسترحتم منه. فأججّوا نارا و عرضوهم عليها فجعلوا يقتحمونها حتّى بقيت عجوز فكأنّها تلكّأت، فقال طفل في حجرها: إمضي و لا تقاعسي، فقصّ اللّه عليكم نبأهم و حديثهم، فقال: اَلنّارِ ذاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ (1) قال: يعني بذلك المؤمنين وَ هُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ (2) يعني بذلك الكفّار(3).

ص: 82


1- سورة البروج، الآيتان: 5-6.
2- سورة البروج، الآية: 7.
3- تفسير السيوطي 332:6.

سورة الطارق

اشارة

ص: 83

ص: 84

الآية (7)

[سورة الطارق (86): آیة 7]

يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَ التَّرائِبِ

[71] - و بإسناده إلى محمّد بن عبد اللّه بن زرارة عن عليّ بن عبد اللّه عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: تعتلج النطفتان في الرحم فأيتهما كانت أكثر جاءت تشبهها، فإن كانت نطفة المرأة أكثر جاءت تشبه أخواله، و إنّ كانت نطفة الرجل أكثر جاءت تشبه أعمامه.

و قال: تجول النطفة في الرحم أربعين يوما فمن أراد أن يدعو اللّه عزّ و جلّ ففي تلك الأربعين قبل أن يخلق، ثمّ يبعث اللّه عزّ و جلّ ملك الأرحام فيأخذها فيصعد بها إلى اللّه عزّ و جلّ، فيقف ما شاء اللّه فيقول: يا إلهي أذكر أم انثى ؟ فيوحي اللّه عزّ و جلّ ما يشاء و يكتب الملك(1).

ص: 85


1- علل الشرائع: 95 /ب 85 ح 4.

[72] - و بإسناده إلى داود بن القاسم الجعفري عن أبي جعفر الثاني عن الحسن بن عليّ عليهم السّلام أنه قال مجيبا للخضر بأمر أمير المؤمنين و قد سأل أمير المؤمنين عليه السّلام عن مسائل: و أمّا ما ذكرت من أمر الرجل يشبه أعمامه و أخواله فإنّ الرجل إذا أتى أهله بقلب ساكن و عروق هادئة(1) و بدن غير مضطرب أسكنت تلك النطفة في تلك الرحم، فخرج الولد يشبه أباه و أمّه. و إن هو أتاها بقلب غير ساكن و عروق غير هادئة و بدن مضطرب، إضطربت تلك النطفة في جوف تلك الرحم، فوقعت على عرق من عروق الأعمام أشبه الولد أعمامه. و إن وقعت على عرق من عروق الأخوال أشبه الولد أخواله(2).

ص: 86


1- أي ساكنة.
2- علل الشرائع: 97 /ب 85 ح 6.

الآية (9)

[سورة الطارق (86): آیة 9]

يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ

[73] - في مصباح شيخ الطائفة (قدس سره): خطبة لأمير المؤمنين عليه السّلام خطب بها يوم الغدير و فيها يقول: إنّ هذا يوم عظيم الشأن... إلى قوله: و يوم كمال الدين هذا يوم إبلاء السرائر(1).

ص: 87


1- إقبال الأعمال: 257/2.

الآية (17)

[سورة الطارق (86): آیة 17]

فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً

[74] - في تفسير علي بن إبراهيم عن علي عليه السّلام في قوله تعالى: فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً (1) لوقت بعث القائم فينتقم لي من الجبارين و الطواغيت من قريش و بني أمية و سائر الناس(2).

ص: 88


1- سورة الطارق: 17.
2- تفسير القمي: 721.

سورة الأعلى

اشارة

ص: 89

ص: 90

الآية (1)

[سورة الأعلى (87): آیة 1]

سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى

[75] - العياشي، عن الأصبغ بن نباتة، قال: لمّا قدم أمير المؤمنين عليه السّلام الكوفة، صلّى بهم أربعين صباحا يقرأ بهم سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فقال المنافقون: لا و اللّه ما يحسن ابن أبي طالب أن يقرأ القرآن، و لو أحسن أن يقرأ لقرأ بنا غير هذه السورة، قال: فبلغه ذلك فقال عليه السّلام: ويلهم، إنّي لأعرف ناسخه و منسوخه، و محكمه من متشابهه، و فصله من وصله، و حروفه من معانيه، و اللّه ما من حرف نزل على محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلم إلاّ انّي أعرف فيمن نزل، في أيّ يوم و أيّ موضع ...(1).

ص: 91


1- تفسير نور الثقلين 560:5؛ بصائر الدرجات، باب ما عند الأئمة من كتب الأولين: 155؛ تفسير العياشي 14:1؛ تفسير البرهان 16:1؛ الحار 40: 137.

[76] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرنا عبد اللّه بن حامد قال: أخبرنا أحمد بن عبد اللّه قال: حدّثنا محمد بن عبد اللّه قال: حدّثنا عبد اللّه بن عمر بن أبان قال: حدّثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس إن النبي عليه السّلام إذا قرأ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى قال: «سبحان ربي الأعلى »(1) ،و كذلك روي عن علي و أبي و موسى و ابن عمر و ابن عباس و ابن الزبير إنهم كانوا يفعلون ذلك(2).

[77] - أبو إسحاق الثعلبي قال: روي عن علي بن أبي طالب أنه قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم يحب هذه السورة سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى و أول من قال سبحان ربي الأعلى ميكائيل.

قال النبي عليه السّلام: «يا جبريل، أخبرني عن ثواب من قالها في صلواته أو في غير صلواته»(3) فقال: يا محمد، ما من مؤمن و لا مؤمنة يقولها في سجوده أو في غير سجوده إلاّ كانت له في ميزانه أثقل من العرش و الكرسي و جبال

ص: 92


1- عون المعبود: 98/3.
2- تفسير الثعلبي: 182/10.
3- تفسير القرطبي: 14/20.

الدنيا، و يقول اللّه سبحانه و تعالى: صدق عبدي أنا أعلى فوق كل شيء و ليس فوقي شيء. إشهدوا ملائكتي إنّي غفرت لعبدي و أدخلته جنتي، فإذا مات زاره ميكائيل كل يوم فإذا كان يوم القيامة حمله على جناحه فيوقفه بين يدي اللّه سبحانه فيقول: يا ربّ شفّعني فيه، فيقول: شفّعتك فيه، اذهب به إلى الجنة(1).

[78] - عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم يحب هذه السورة سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ،و أوّل من قال سبحان ربّي الأعلى ميكائيل(2).

[79] - و روى العياشي بإسناده عن ابن أبي حميصة عن عليّ عليه السّلام قال: صلّيت خلفه عشرين ليلة و ليس يقرأ إلاّ سبّح اسم ربّك الأعلى. و قال: لو تعلمون ما فيها لقرأها الرجل كلّ يوم عشرين مرّة؛ و إنّ من قرأها فكأنما قرأ صحف موسى و إبراهيم الذي وفّى(3).

[80] - عن ابن عبّاس كان النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم إذا قرأ سَبِّحِ اسْمَ

ص: 93


1- تفسير الثعلبي: 182/10.
2- مجمع البيان: 717/10.
3- مجمع البيان: 717/10.

رَبِّكَ الْأَعْلَى قال: سبحان ربّي الأعلى؛ و كذلك روي عن عليّ عليه السّلام(1).

[81] - في كتاب الخصال: فيما علّم أمير المؤمنين عليه السّلام أصحابه من الأربعمائة باب ممّا يصلح للمسلم في دينه و دنياه: إذا قرأتم من المسبحات الأخيرة فقولوا: سبحان اللّه الأعلى(2).

[82] - في تفسير عليّ بن إبراهيم: أخبرنا الحسين بن محمّد عن المعلى بن محمّد عن بسطام بن مرة عن إسحاق بن حسان عن الهيثم بن واقد عن عليّ بن الحسين العبدي عن سعد الإسكاف عن الأصبغ بن نباتة أنه سأل أمير المؤمنين عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فقال: مكتوب على قائمة العرش قبل أن يخلق اللّه السماوات و الأرضين بألفي عام، لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له و أنّ محمّدا عبده و رسوله فاشهدوا بهما و أنّ عليا وصي محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلم.

و فيه سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى قال: قل: سبحان ربّي

ص: 94


1- مجمع البيان: 717/10.
2- الخصال: ب 629/400 باختلاف في المطبوع.

الأعلى اَلَّذِي خَلَقَ فَسَوّى وَ الَّذِي قَدَّرَ فَهَدى قال: قال:

قدّر الأشياء بالتقدير الأول ثمّ هدى إليها من يشاء(1).

[83] - في تفسير العياشي: عن الأصبغ بن نباتة قال:

لمّا قدم أمير المؤمنين عليه السّلام الكوفة صلّى بهم أربعين صباحا يقرأ بهم سبّح اسم ربّك الأعلى(2).

ص: 95


1- تفسير القمّيّ: 417/2.
2- تفسير العياشي: 1 ح 14/1.

الآيتان (18) و (19)

[سورة الأعلى (87): الآیات 18 الی 19]

إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى (1(8) صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى

[84] - و بإسناده إلى مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّها الناس إنّ اللّه تبارك و تعالى أرسل إليكم الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلم... إلى أن قال: فجاءهم بنسخة ما في الصحف الأولى، و تصديق الذي بين يديه، و تفصيل الحلال من ريب الحرام، ذلك القرآن فاستنطقوه و لن ينطق لكم(1).

[85] - في مجمع البيان: في تفسير العياشي عن الأصبغ بن نباتة قال: لما قدم أمير المؤمنين عليه السّلام الكوفة صلّى بهم أربعين صباحا يقرأ بهم: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فقال المنافقون: لا و اللّه ما يحسن ابن أبي طالب أن يقرأ

ص: 96


1- أصول الكافي: 60/1 ح 7.

القرآن، و لو أحسن أن يقرأ لقرأ بنا غير هذه السورة، قال:

فبلغه ذلك فقال: ويلهم إنّي لأعرف ناسخه من منسوخه و محكمه من متشابهه، و فصله و فصاله و حروفه من معانيه، و اللّه ما من حرف نزل على محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلم إلاّ إني أعرف فيمن أنزل و في أي يوم و أي موضع، ويل لهم أما يقرأون إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى (1(8) صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى و اللّه عندي ورثتها(1) من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم. و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(2).

ص: 97


1- في العياشي: ورثتهما.
2- تفسير العياشي: 14/1.

ص: 98

سورة الغاشية

اشارة

ص: 99

ص: 100

الآيتان (3)-(4)

[سورة الغاشية (88): آیة 4]

عامِلَةٌ ناصِبَةٌ (3) تَصْلى ناراً حامِيَةً

[86] - عليّ بن إبراهيم عن ابن أبي عمير عن عمرو بن أبي المقدام قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: قال أبي قال أمير المؤمنين عليه السّلام: كلّ ناصب و إن تعبّد و اجتهد منسوب إلى هذه الآية: عامِلَةٌ ناصِبَةٌ (3) تَصْلى ناراً حامِيَةً .و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(1).

ص: 101


1- روضة الكافي: 181/8 ح 259.

الآيات (13)-(16)

[سورة الغاشية (88): الآیات 13 الی 16]

فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (13) وَ أَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ (14) وَ نَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ (1(5) وَ زَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ

[87] - عن علي عليه السّلام في قوله تعالى: وَ سِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حتّى إذا جاؤوها وجدوا عند باب الجنّة شجرة تخرج من أصلها عينان، فعمدوا إلى إحداهما فكأنّما أمروا بها فاغتسلوا - و في رواية: فتوضّؤوا بها - فلا تشعث رؤوسهم بعد ذلك أبدا، و لا تغيّر جلودهم أبدا، فكأنّما أدهنوا بالدهان، و جرت عليهم نضرة النعيم، ثمّ عمدوا إلى الأخرى فشربوا منها فطهّرت أجوافهم فلا يبقى في بطونهم قذى و لا أذى و لا سوء إلاّ خرج، و تتلقّاهم الملائكة على باب الجنّة سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ .

و تتلقّاهم الولدان كاللؤلؤ المكنون و كاللؤلؤ المنثور، يخبرونهم بما أعدّ اللّه لهم، يطوفون بهم كما يطيف ولدان أهل

ص: 102

الدنيا بالحميم، يقولون أبشروا أعدّ اللّه لكم كذا و كذا، و أعدّ لكم كذا، ثمّ يذهب الغلام منهم إلى الزوجة من أزواجه، فيقولون: قد جاء فلان - باسمه الذي يدعى به في الدنيا - فيستخفّها الفرح حتّى تقوم على أسكفة بابها فتقول: أنت رأيته ؟ فيجيء فينظر إلى تأسيس بنيانه على جندل اللؤلؤ من بين أخضر و أصفر و أحمر من كلّ لون، ثمّ يجلس فإذا زرابيّ مبثوثة، و نمارق مصفوفة، و أكواب موضوعة، ثمّ يرفع رأسه إلى سقف بنيانه فلولا أنّ اللّه تبارك و تعالى سخّر ذلك له لألمّ أن يذهب بصره إنّما هو مثل البرق، ثمّ يتكىء على أريكة من أرائكه و يقول: وَ قالُوا الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا (1) الآية(2).

[88] - في مجمع البيان: و عن عاصم بن ضمرة عن عليّ عليه السّلام أنّه ذكر أهل الجنّة فقال: يجيئون فيدخلون فإذا أساس بيوتهم من جندل اللؤلؤ و سرر مرفوعة و أكواب موضوعة و نمارق مصفوفة و زرابي مبثوثة و لو لا أن اللّه تعالى قدّرها لهم لالتمعت أبصارهم بما يرون، و يعانقون الأزواج و يقعدون على السرر، و يقولون: الحمد للّه الذي هدانا لهذا(3).

ص: 103


1- سورة الأعراف، الآية: 43.
2- كنز العمال 646:14 ح 39774.
3- مجمع البيان: 727/10.

الآيات (17)-(20)

[سورة الغاشية (88): الآیات 17 الی 20]

أَ فَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَ إِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَ إِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (1(9) وَ إِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ

[89] - في مجمع البيان: و روي عن عليّ عليه السّلام: أَ فَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَ إِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَ إِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (1(9) وَ إِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ بفتح أوائل هذه الحروف كلّها و ضم التاء(1).

[90] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال أنس بن مالك: صلّيت خلف علي بن أبي طالب فقرأ أَ فَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ و كذلك رفعت و نصبت و سطّحت برفع التاء(2).

ص: 104


1- مجمع البيان: 724/10.
2- تفسير الثعلبي: 190/10.

الآيتان (25)-(26)

[سورة الغاشية (88): الآیات 25 الی 26]

إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ (2(5) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ (26)

[91] - قال أمير المؤمنين عليه السّلام: فيّ نزلت هذه الآية:

إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ (2(5) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ (26 )(1).

ص: 105


1- مناقب ابن شهر آشوب 153:2 منزلته عند الميزان.

ص: 106

سورة الفجر

اشارة

ص: 107

ص: 108

الآية (14)

[سورة الفجر (89): آیة 14]

إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ

[92] - في مجمع البيان: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ و روي عن عليّ عليه السّلام أنّه قال: إنّ معناه أنّ ربّك قادر أن يجزي أهل المعاصي جزاءهم(1).

ص: 109


1- مجمع البيان: 739/10.

الآية (21)

[سورة الفجر (89): آیة 21]

كَلاّ إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا

[93] - في أمالي شيخ الطائفة (قدس سره): بإسناده إلى داود بن سليمان قال: حدّثني عليّ بن موسى عن أبيه جعفر، عن أبيه محمد، عن عليّ بن الحسين عن أبيه عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: هل تدرون ما تفسير هذه الآية: كَلاّ إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا قال: إذا كان يوم القيامة تقاد جهنّم بسبعين ألف زمام بيد سبعين ألف ملك، فتشرد شردة، لو لا أنّ اللّه تعالى حبسها لأحرقت السماوات و الأرض.

ص: 110

الآية (22)

[سورة الفجر (89): آیة 22]

وَ جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (1) .

[94] - الحسن الحلّي قال: من خطبة لمولانا أمير المؤمنين عليه السّلام تسمّى المخزون عن آخر الزمان جاء فيها:...

و تخرج لهم الأرض كنوزها، و يقول القائم عليه السّلام: كلوا هنيئا بما أسلفتم في الأيّام الخالية، فالمسلمون يومئذ أهل صواب للّذين(1) أذن لهم في الكلام، فيومئذ تأويل هذه الآية:

وَ جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (2) .

فلا يقبل اللّه يومئذ إلاّ دينه الحقّ، ألا للّه الدّين الخالص، فيومئذ تأويل هذه الآية: أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَ أَنْفُسُهُمْ أَ فَلا

ص: 111


1- كذا في الرجعة، و في البحار: للدّين.
2- سورة الفجر، الآية: 22.

يُبْصِرُونَ (27) وَ يَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (28) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَ لا هُمْ يُنْظَرُونَ (2(9) فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ انْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ .(1),(2)

[95] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: عن أمير المؤمنين عليه السّلام و أمّا قوله: وَ جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا و قوله: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ (3) فذلك كله حق و ليست له جيئة جلّ ذكره كجيئة(4) خلقه و إنّه ربّ كلّ شيء و ربّ شيء من كتاب اللّه عزّ و جلّ يكون تأويله على غير تنزيله، و لا يشبه تأويل كلام البشر و لا فعل البشر، و سأنبئك بمثال لذلك تكتفي به إن شاء اللّه، و هو حكاية اللّه عزّ و جلّ عن إبراهيم عليه السّلام حيث قال: إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي (5) فذهابه إلى ربه توجهه إلى ربه و عبادته و اجتهاده، ألا ترى أن تأويله غير تنزيله ؟

و قال: وَ أَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ (6) و قال:

ص: 112


1- سورة السجدة الآيات: 27-30.
2- مختصر البصائر: 462.
3- سورة الأنعام، الآية: 158.
4- في المصدر (جيئة كجيئة خلقه).
5- سورة الصافات، الآية: 99.
6- سورة الزمر، الآية: 6.

وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ (1) فإنزاله ذلك خلقه، و كذلك قوله: إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ (2) أي (الجاحدين).

فالتأويل في هذا القول باطنه مضاد لظاهره(3).

ص: 113


1- سورة الحديد، الآية: 25.
2- سورة الزخرف، الآية: 81.
3- الإحتجاج: 587/1 /محاجة 137.

الآيتان (27) و (28)

[سورة الفجر (89): الآیات 27 الی 28]

يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (2(7) اِرْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً

[96] - قال كميل: سألت مولانا عليّا أمير المؤمنين عليه السّلام فقلت: يا أمير المؤمنين، أريد أن تعرّفني نفسي، فقال: «يا كميل، و أي الأنفس تريد أن أعرّفك ؟» فقلت: يا مولاي هل هي إلاّ نفس واحدة ؟

فقال عليه السّلام: «يا كميل، إنّما هي أربعة: النامية النباتية، و الحسّية الحيوانية، و النّاطقة القدسيّة، و الكلّية الإلهيّة. و لكلّ واحدة من هذه خمس قوى و خاصيّتان.

فالنّامية النباتية لها خمس قوى: ماسكة، و جاذبة، و هاضمة، و دافعة، و مربية، و لها خاصّيّتان: الزيادة، و النقصان، و انبعاثها من الكبد.

و الحسيّة الحيوانية لها خمس قوى: سمع، و بصر، و شمّ، و ذوق، و لمس، و لها خاصيّتان: الرضى، و الغضب، و انبعاثها من القلب.

ص: 114

و الناطقة القدسيّة لها خمس قوى: فكر، و ذكر، و علم، و حلم، و نباهة، و ليس لها انبعاث، و هي أشبه الأشياء بالنفوس الملكيّة و لها خاصيّتان: النزاهة و الحكمة.

و الكليّة الإلهية لها خمس قوى: بقاء في فناء، و نعيم في شقاء، و عزّ في ذل، و فقر في غناء، و صبر في بلاء، و لها خاصيّتان: الرّضى و التسليم، و هذه التي مبدؤها من اللّه و إليه تعود، و قال اللّه تعالى: وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي (1) ،و قال تعالى: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (2(7) اِرْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً و العقل وسط الكلّ »(2).

ص: 115


1- سورة الحجر، الآية: 29. و سورة ص، الآية: 72.
2- بحار الأنوار: 85/58.

ص: 116

سورة البلد

اشارة

ص: 117

ص: 118

الآيات (1)-(3)

[سورة البلد (90): الآیات 1 الی 3]

لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ (1) وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ (2) وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ

[97] - في أصول الكافي: الحسين بن محمّد عن معلى بن محمّد عن أحمد بن محمّد بن عبد اللّه رفعه في قوله تعالى: لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ (1) وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ (2) وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ قال: أمير المؤمنين عليه السّلام و ما ولد من الأئمّة(1).

قوله تعالى: وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ

[98] - سليم بن قيس، عن أمير المؤمنين عليه السّلام في خبر طويل في قوله تعالى: وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ قال: أمّا الوالد فرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم، و ما ولد، يعني هؤلاء الأوصياء عليهم السّلام(2).

ص: 119


1- أصول الكافي: 414/1 ح 11.
2- البحار 257:23؛ مناقب ابن شهر آشوب 244:1؛ كتاب سليم بن قيس: 187.

الآية (10)

[سورة البلد (90): آیة 10]

وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ

[99] - عن علي عليه السّلام أنّه قيل له: إنّ ناسا يقولون:

النجدين الثديين، قال عليه السّلام: الخير و الشر(1).

[100] - أخرج الفريابي، و عبد بن حميد، عن علي عليه السّلام أنّه قيل له: إنّ ناسا يقولون: إنّ النّجدين الثديين، قال: الخير و الشر(2).

[101] - و روي أنّه قيل لأمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ أناسا يقولون في قوله: وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ أنّهما الثديان فقال: لا، هما الخير و الشرّ(3).

[102] - في مجمع البيان: و روى عبد الحميد

ص: 120


1- كنز العمال 551:2 ح 4705.
2- تفسير السيوطي 353:6.
3- مجمع البيان: 749/10.

المدائني عن أبي حازم أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم قال: إن اللّه تعالى يقول: يابن آدم إن نازعك لسانك فيما حرّمت عليك فقد أعنتك عليه بطبقتين فأطبق، و إن نازعك بصرك إلى بعض ما حرمت عليك فقد أعنتك عليه بطبقتين فأطبق، و إن نازعك فرجك إلى ما حرّمت عليك فقد أعنتك عليه بطبقتين فأطبق، و هديناه النجدين أي سبيل الخير و سبيل الشرّ عن عليّ عليه السّلام(1).

ص: 121


1- مجمع البيان: 748/10.

الآية (19)

[سورة البلد (90): آیة 19]

أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ

[103] - في أصول الكافي: عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه رفعه عن محمد بن داود الغنوي عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل، و فيه يقول عليه السّلام:

فأما أصحاب المشأمة فهم اليهود و النصارى، يقول اللّه عزّ و جلّ:

اَلَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ يعرفون محمدا و الولاية في التوراة و الإنجيل، كما يعرفون أبناءهم في منازلهم، وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ (14(6) اَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ إنك الرسول إليهم فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (1).

ص: 122


1- الكافي: 283/2 ح 16.

سورة الشمس

اشارة

ص: 123

ص: 124

الآية (3)

[سورة الشمس (91): آیة 3]

وَ النَّهارِ إِذا جَلاّها

[104] - قال: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام:

وَ النَّهارِ إِذا جَلاّها هم آل محمّد صلوات اللّه عليهم و هما الحسن و الحسين(1).

ص: 125


1- إلزام الناصب: 283/2، و تفسير العياشي: 257/2.

الآيتان (9) و (10)

[سورة الشمس (91): الآیات 9 الی 10]

قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّاها (9) وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسّاها

[105] - في تفسير عليّ بن إبراهيم: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّاها يعني نفسه طهّرها وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسّاها أي أغواها.

حدّثنا محمّد بن القاسم بن عبيد اللّه قال: حدّثنا الحسن بن جعفر قال حدّثنا عثمان بن عبيد اللّه الفارسي قال حدّثنا محمّد بن عليّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّاها قال أمير المؤمنين عليه السّلام: زكّاه ربه، وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسّاها قال: هو الأوّل و الثاني في بيعته إيّاه حيث مسح على كفه(1).

ص: 126


1- تفسير القمّيّ: 424/2.

سورة الليل

اشارة

ص: 127

ص: 128

الآيات (1)-(10)

[سورة الليل (92): الآیات 1 الی 10]

وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشى (1) وَ النَّهارِ إِذا تَجَلّى (2) وَ ما خَلَقَ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثى (3) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتّى (4) فَأَمّا مَنْ أَعْطى وَ اتَّقى (5) وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى (7) وَ أَمّا مَنْ بَخِلَ وَ اسْتَغْنى (8) وَ كَذَّبَ بِالْحُسْنى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى

[106] - عن علي عليه السّلام قال: بينما نحن حول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم، فنظر في وجوهنا فقال: ما منكم من أحد إلاّ و قد علم مكانه من الجنّة و النار، ثمّ تلا هذه السورة (الآية) وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشى (1) وَ النَّهارِ إِذا تَجَلّى (2) وَ ما خَلَقَ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثى (3) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتّى (4) إلى اَلْيُسْرَ قال: طريق الجنّة، وَ أَمّا مَنْ بَخِلَ وَ اسْتَغْنى (8) وَ كَذَّبَ بِالْحُسْنى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى قال: طريق النّار(1).

[107] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرني ابن فنجويه

ص: 129


1- كنز العمال 552:2 ح 4706.

قال: حدّثنا ابن حمدان قال: حدّثنا ابن ماهان محمد بن صي قال: حدّثنا شعبة، عن الأعمش، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي بن أبي طالب: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان في جنازة فأخذ عودا فجعل ينكث في الأرض، فقال: «ما منكم من أحد إلاّ قد كتب مقعده من الجنة و مقعده من النار».

فقال رجل: يا رسول اللّه، أفلا نتكّل ؟

فقال: «إعملوا فكلّ ميسّر»، ثم قرأ فَأَمّا مَنْ أَعْطى وَ اتَّقى الآيات(1).

[108] - في صحيح مسلم، حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، و زهير بن حرب، و إسحاق بن إبراهيم، (و اللفظ لزهير) قال إسحاق: أخبرنا، و قال الآخران: حدّثنا جرير، عن منصور عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن علي قال: كنّا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتانا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم فقعد وقعدنا حوله، و معه مخصرة، فنكّس فجعل ينكت بمخصرته، ثمّ قال: ما منكم من أحد من نفس منفوسة

ص: 130


1- تفسير الثعلبي: 218/10، و مسند أحمد: 132/1. صحيح البخاري: 84/6.

إلاّ و قد كتب اللّه مكانها من الجنّة و النار، و إلاّ و قد كتبت شقيّة أو سعيدة.

قال: فقال رجل: يا رسول اللّه، أفلا نمكث على كتابنا و ندع العمل ؟

فقال: من كان من أهل السعادة فيصير إلى عمل أهل السعادة، و من كان من أهل الشقاوة فيصير إلى عمل أهل الشقاوة، فقال: إعملوا فكلّ ميسّر، أمّا أهل السعادة فييسّرون لعمل أهل السعادة، و أمّا أهل الشقاوة فييسّرون لعمل أهل الشقاوة، ثمّ قرأ: فَأَمّا مَنْ أَعْطى وَ اتَّقى (5) وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى (7) وَ أَمّا مَنْ بَخِلَ وَ اسْتَغْنى (8) وَ كَذَّبَ بِالْحُسْنى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى (1).

[109] - عن علي عليه السّلام قال: صعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم المنبر فحمد اللّه و أثنى عليه و قال: كتاب كتب اللّه فيه أهل الجنّة بأسمائهم و أنسابهم، فيجمل عليهم لا يزاد فيهم و لا ينقص منهم إلى يوم القيامة. صاحب الجنّة مختوم له بعمل أهل الجنّة و إن عمل أي عمل، و صاحب النّار مختوم

ص: 131


1- صحيح مسلم 46:8؛ صحيح البخاري 120:2؛ كنز العمال 341:1 ح 1552؛ مسند أحمد 132:1.

له بعمل أهل النار و إن عمل أي عمل، و قد يسلك بأهل السعادة طريق الشقاء حتّى يقال: ما أشبههم بهم بل هم منهم، و تدركهم السعادة فتستنقذهم، و قد يسلك بأهل الشقاء طريق السعادة حتّى يقال: ما أشبههم بهم، بل هم منهم، و يدركهم الشقاء فيستخرجهم، من كتبه اللّه سعيدا في أمّ الكتاب لم يخرجه من الدنيا حتّى يستعمله بعمل يسعده به قبل موته و لو بفواق ناقة، و من كتبه اللّه في الكتاب شقيّا لم يخرجه من الدنيا حتّى يستعمله بعمل يشقى به من قبل موته و لو بفواق ناقة، و الأعمال بخواتمها(1).

قوله تعالى: فَأَمّا مَنْ أَعْطى وَ اتَّقى (5) وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى (7) وَ أَمّا مَنْ بَخِلَ وَ اسْتَغْنى (8) وَ كَذَّبَ بِالْحُسْنى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى

[110] - في تفسير القرطبي: عن علي رضي اللّه عنه قال: كنا في جنازة بالبقيع فأتى النبي صلى اللّه عليه و سلم فجلس و جلسنا معه و معه عود ينكت به في الأرض فرفع رأسه إلى السماء فقال: ما من نفس منفوسة إلا قد كتب مدخلها.

فقال القوم: أفلا نتكل على كتابنا؟ فمن كان من أهل

ص: 132


1- كنز العمال 342:1 ح 1553.

السعادة فإنه يعمل للسعادة و من كان من أهل الشقاء فإنه يعمل للشقاء.

قال صلى اللّه عليه و سلم: بل اعملوا فكل ميسر، أما من كان من أهل السعادة فإنه ميسر لعمل السعادة و أما من كان من أهل الشقاء فإنه ييسر لعمل الشقاء ثم قرأ: فَأَمّا مَنْ أَعْطى وَ اتَّقى (5) وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى (7) وَ أَمّا مَنْ بَخِلَ وَ اسْتَغْنى (8) وَ كَذَّبَ بِالْحُسْنى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى (1).

ص: 133


1- تفسير القرطبي: 57/20 مورد الآية.

الآية (21)

[سورة الليل (92): آیة 21]

وَ لَسَوْفَ يَرْضى

[111] - في تفسير القرطبي قال: روى أبو حيان التميمي عن أبيه عن علي رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:

رحم اللّه أبا بكر، زوّجني ابنته و حملني إلى دار الهجرة و أعتق بلالا من ماله(1).

ص: 134


1- تفسير القرطبي: 60/20 مورد الآية.

سورة الضحى

اشارة

ص: 135

ص: 136

الآية (5)

[سورة الضحى (93): آیة 5]

وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى

[112] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قيل: هي الشفاعة في جميع المؤمنين.

أخبرنيه أبو عبد اللّه الفنجوي قال: حدّثنا أبو علي المقري قال: حدّثنا محمد بن عمران بن أسد الموصلي قال: حدّثنا محمد بن أحمد المدادي قال:

حدّثنا عمرو بن عاصم قال: حدّثنا حرب بن سريح البزاز قال: حدّثنا أبو جعفر محمد بن علي قال:

حدّثني عمي محمد بن علي بن الحنفية، عن أبيه علي بن أبي طالب قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم «أشفع لأمتي حتى ينادي ربي عزّ و جلّ:

رضيت يا محمد، فأقول: ربّ رضيت» ثم قال لي: إنّكم معشر أهل العراق تقولون: إن أرجى آية في القرآن يا عِبادِيَ

ص: 137

اَلَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ (1) قلت: إنّا لنقول ذلك، قال: و لكنّا أهل البيت نقول: إنّ أرجى آية في كتاب اللّه تعالى وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى و هي الشفاعة(2).

ص: 138


1- سورة الزمر، الآية: 53.
2- تفسير الثعلبي: 224/10، و شواهد التنزيل: 446/2.

الآية (11)

[سورة الضحى (93): آیة 11]

وَ أَمّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ

[113] - في أصول الكافي: عليّ بن محمّد عن صالح بن أبي حماد وعدة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد و غيرهما بأسانيد مختلفة في احتجاج أمير المؤمنين على عاصم بن زياد حين لبس العباء و ترك الملأ و شكاه أخوه الربيع بن زياد إلى أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قد غمّ أهله و حزن ولده بذلك، فقال أمير المؤمنين: عليّ بعاصم بن زياد، فجيء به، فلما رآه عبس في وجهه فقال له: أما استحييت من أهلك ؟ أما رحمت ولدك ؟ أترى اللّه أحلّ لك الطيبات و هو يكره أخذك منها؟ أنت أهون على اللّه من ذلك، أوليس اللّه يقول: وَ الْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ (1(0) فِيها فاكِهَةٌ وَ النَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ (1) أوليس يقول: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ (19)

ص: 139


1- سورة الرّحمن، الآيتان: 10-11.

بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ (1) ...إلى قوله يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ (2) فبالله لابتذال نعم اللّه بالفعال أحب إليه من ابتذاله لها بالمقال، فقد قال عزّ و جلّ: وَ أَمّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ .

فقال عاصم: يا أمير المؤمنين، فعلى ما اقتصرت في مطعمك على الجشوبة و في ملبسك على الخشونة ؟

فقال: و يحك، إنّ اللّه عزّ و جلّ فرض على أئمّة العدل أن يقدّروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيغ بالفقير فقره(3).

فألقى عاصم بن زياد العباء و لبس الملاء(4).

[114] - في نهج البلاغة: و لير عليك أثر ما أنعم اللّه به عليك(5).

[115] - في الكافي: بإسناده إلى أبي بصير قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إن اللّه جميل يحبّ الجمال، و يحبّ أن يرى أثر النعمة على عبده(6).

ص: 140


1- سورة الرّحمن، الآيتان: 19-20.
2- سورة الرّحمن، الآية: 22.
3- التبيغ: الهيجان و الغلبة.
4- أصول الكافي: 410/1 ح 3.
5- نهج البلاغة: كتاب 69.
6- الكافي: 438/6 ح 1.

[116] - في كتاب علل الشرائع: بإسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: حدّثني أبي عن جدّه عن آبائه عليهم السّلام قال: إن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: أحسنوا صحبة النعم قبل فراقها فإنّها تزول و تشهد على صاحبها بما عمل فيها(1).

[117] - في كتاب الخصال: فيما علّم أمير المؤمنين عليه السّلام أصحابه من الأربعمائة باب: إلبسوا ثياب القطن فإنها لباس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم، و لم يكن يلبس الشعر و الصوف إلاّ من علّة، و قال: إنّ اللّه تعالى جميل يحبّ الجمال و يحبّ أن يرى أثر نعمته على عبده(2).

[118] - في كتاب معاني الأخبار: بإسناده إلى عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليه السّلام قال: خطب أمير المؤمنين عليه السّلام بالكوفة منصرفه من النهروان، فقام خطيبا فحمد اللّه و أثنى عليه و صلّى على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم و ذكر ما أنعم اللّه على نبيه و عليه، ثمّ قال:

لولا آية من كتاب اللّه ما ذكرت ما أنا ذاكر في مقامي هذا،

ص: 141


1- علل الشرائع: 464 /ب 222 ح 12.
2- الخصال: ب 613/400 ح 10 مع اختلاف في المطبوع.

يقول اللّه عزّ و جلّ: وَ أَمّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ اللّهم لك الحمد على نعمك التي لا تحصى، و فضلك الذي لا ينسى، يا أيّها الناس إنّه بلغني ما بلغني و إني أراني قد اقترب أجلي، و كأني بكم و قد جهلتم أمري، و إنّي تارك فيكم ما تركه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم كتاب اللّه و عترتي، و هي عترة الهادي إلى النجاة خاتم الأنبياء و سيّد النجباء و النبي المصطفى.

يا أيّها الناس لعلكم لا تسمعون قائلا يقول مثل قولي بعدي إلاّ مفتر، أنا أخو رسول اللّه و ابن عمّه و سيف نقمته و عماد نصرته و بأسه و شدّته، أنا رحى جهنّم الدائرة و أضراسها الطاحنة، أنا ميتّم البنين و البنات، أنا قابض الأرواح و بأس اللّه الذي لا يردّه عن القوم المجرمين، أنا مجدّل الأبطال و قاتل الفرسان و مبير من كفر بالرّحمن، و صهر خير الأنام، أنا سيّد الأوصياء و وصي خير الأنبياء، أنا باب مدينة العلم و خازن علم رسول اللّه و وارثه، و أنا زوج البتول سيّدة نساء العالمين فاطمة التقية الزكية البرة المهدية حبيبة حبيب اللّه و خير بناته و سلالته، و ريحانة رسول اللّه سبطاي خير الأسباط، و ولداي خير الأولاد، هل أحد ينكر ما أقول ؟ أين مسلمو أهل الكتاب ؟ أنا اسمي في الإنجيل

ص: 142

إليا، و في التوراة: (بريى)، و في الزبور: (ارى)، و عند الهند: (كبكر)، و عند الروم: (بطريسا)، و عند الفرس:

(جبتر) و عند الترك (بتير) و عند الزنج (حيتر) و عند الكهنة (بويىء) و عند الحبشة (بثريك) و عند أمّي (حيدرة) و عند ظئري (ميمون) و عند العرب (عليّ) و عند الأرمن (فريق) و عند أبي (ظهير)(1) ألا و إنّي مخصوص في القرآن بأسماء إحذروا أن تغلبوا عليها فتضلّوا في دينكم، يقول اللّه عزّ و جلّ:

وَ كُونُوا مَعَ الصّادِقِينَ (2) أنا ذلك الصادق و أنا المؤذن في الدنيا و الآخرة قال اللّه عزّ و جلّ: فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظّالِمِينَ (3) أنا ذلك المؤذّن و قال: وَ أَذانٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ (4) و أنا ذلك الأذان، و أنا المحسن يقول اللّه عزّ و جلّ:

وَ إِنَّ اللّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (5) .

و أنا ذو القلب يقول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ

ص: 143


1- في ضبط بعض تلك الأسماء خلاف، راجع المصدر (معاني الأخبار، باب معنى أسماء الأئمة)، صفحة 58-59 من الطبعة الجديدة. و فيه شرح للأسماء أيضا.
2- سورة التوبة، الآية: 119.
3- سورة الأعراف، الآية: 44.
4- سورة التوبة، الآية: 3.
5- سورة العنكبوت، الآية: 69.

كانَ لَهُ قَلْبٌ (1) و أنا الذاكر يقول اللّه عزّ و جلّ اَلَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ (2) و نحن أصحاب الأعراف أنا و عمّي و أخي و ابن عمّي، و اللّه فالق الحبّ و النوى لا يلج النار لنا محبّ، و لا يدخل الجنّة لنا مبغض، يقول اللّه عزّ و جلّ: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ (3) و أنا الصهر يقول اللّه عزّ و جلّ: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً (4) و أنا الأذن الواعية يقول اللّه عزّ و جلّ: وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ (5) و أنا السلم لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم يقول اللّه عزّ و جلّ: وَ رَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ (6) و من ولدي مهدي هذه الأمة ألا و قد جعلت حجتكم (7) ،ببغضي يعرف المنافقون، و بمحبتي امتحن اللّه المؤمنين، هذا عهد النبي الأمي إليّ أنّه لا يحبّك إلاّ مؤمن، و لا يبغضك إلاّ منافق، و أنا صاحب لواء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم في الدنيا و الآخرة، و رسول اللّه فرطي و أنا فرط شيعتي(8)

ص: 144


1- سورة سورة ق، الآية: 37.
2- سورة آل عمران، الآية: 191.
3- سورة الأعراف، الآية: 46.
4- سورة الفرقان، الآية: 54.
5- سورة الحاقة، الآية: 12.
6- سورة الزمر، الآية: 29.
7- في المصدر (محنتكم) مكان (حجتكم).
8- الفرط: العلم المستقيم يهتدى به.

و اللّه لا عطش محبّي و لا خاف وليي، أنا ولي المؤمنين و اللّه وليي، حسب محبّيّ أن يحبّوا ما أحبّ اللّه، و حسب مبغضيّ أن يبغضوا ما أحبّ اللّه، اللّهم، أنزل اللعنة على المستحق آمين ربّ العالمين، بربّ إسماعيل و باعث إبراهيم، إنّك حميد مجيد. ثمّ نزل عن أعوادها فما عاد إليها حتّى قتله ابن ملجم لعنه اللّه(1).

قوله تعالى: وَ أَمّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ

[119] - أخرج الطبراني، عن أبي الأسود الدؤلي، و زاذان الكندي، قالا: قلنا لعليّ عليه السّلام: حدّثنا عن أصحابك، فذكر مناقبهم.

قلنا: فحدّثنا عن نفسك، قال: مهلا، نهى اللّه عن التزكية، فقال له رجل: فإنّ اللّه يقول: وَ أَمّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ قال: فإنّي أحدث بنعمة ربّي، إذا سألت أعطيت و إذا سكتّ ابتدئت(2).

ص: 145


1- معاني الأخبار: باب معنى أسماء الأئمة ح 58/9.
2- تفسير السيوطي 363:6.

ص: 146

سورة الشرح

اشارة

ص: 147

ص: 148

الآيتان (5) و (6)

[سورة الشرح (94): الآیات 5 الی 6]

فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً

[120] - في تهذيب الأحكام: ابن قولويه عن أبيه عن سعد عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن أبيه عن عبد اللّه بن المغيرة عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن عليّ عليهم السّلام أن امرأة استعدت على زوجها أنّه لا ينفق عليها و كان زوجها معسرا فأبى عليّ عليه السّلام أن يحبسه و قال: إنّ مع العسر يسرا(1).

[121] - في كتاب طبّ الأئمة عليهم السّلام: بإسناده إلى سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: إني لأعرف آيتين من كتاب اللّه المنزل تكتبان للمرأة إذا عسر عليها ولدها، تكتبان في رق ظبي و تعلقه عليها في حقويها(2)

ص: 149


1- تهذيب الاحكام: 299/6 ح 44 /ب 22.
2- الرق: جلد رقيق يكتب فيه. و الحقو: الخصر.

بسم اللّه و باللّه فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً سبع مرّات يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمّا أَرْضَعَتْ وَ تَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَ تَرَى النّاسَ سُكارى وَ ما هُمْ بِسُكارى وَ لكِنَّ عَذابَ اللّهِ شَدِيدٌ (1).مرة واحدة(2).

ص: 150


1- سورة الحج، الآيتان: 1 و 2.
2- طب الأئمة للزيات: 35.

سورة التين

اشارة

ص: 151

ص: 152

الآية (1)

[سورة التين (95): آیة 1]

وَ التِّينِ وَ الزَّيْتُونِ

[122] - في كتاب الخصال: فيما علّم أمير المؤمنين أصحابه من الأربعمائة باب ممّا يصلح للمسلم في دينه و دنياه، إذا قرأتم «و التين» فقولوا في آخرها: و نحن على ذلك من الشاهدين(1).

ص: 153


1- الخصال: ب 400 ح 629/10.

الآية (4)

[سورة التين (95): آیة 4]

لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ

[123] - في كتاب الخصال: عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قوام الإنسان و بقاؤه بأربعة: بالنار و النور و الريح و الماء، فبالنار يأكل و يشرب، و بالنور يبصر و يعقل، و بالريح يسمع و يشم، و بالماء يجد لذة الطعام، و لو لا أنّ النار في معدته لما هضمت الطعام و الشراب، و لو لا أنّ النور في بصره لما أبصر و لا عقل، و لو لا الريح لما التهبت نار المعدة، و لو لا الماء لما وجد لذة الطعام(1).

ص: 154


1- الخصال: ب 4 ح 227/62.

الآية (5)

[سورة التين (95): آیة 5]

ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ

[124] - أبو إسحاق الثعلبي قال: عن علي قال:

أبواب جهنم بعضها أسفل من بعض، فيبدأ بالأسفل فيملأ، فهي أسفل السافلين(1).

ص: 155


1- تفسير الثعلبي: 241/10.

ص: 156

سورة العلق

اشارة

ص: 157

ص: 158

الآيتان (9) و (10)

[سورة العلق (96): الآیات 9 الی 10]

أَ رَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى (9) عَبْداً إِذا صَلّى

[125] - قال: إن عليا عليه السّلام مرّ على رجل و هو يصليها، فقال عليّ عليه السّلام ما هذه الصلاة ؟

قال: أدعها يا أمير المؤمنين ؟

فقال عليّ عليه السّلام: أكون أنهى عبدا إذا صلّى(1).

[126] - و قد روي عن عليّ عليه السّلام أنه خرج في يوم عيد فرأى أناسا يصلون فقال: يا أيها الناس قد شهدنا نبي اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم في مثل هذا اليوم، فلم يكن أحد يصلّي قبل العيد.

فقال رجل: يا أمير المؤمنين، ألا تنهى أن يصلّوا قبل خروج الإمام ؟

ص: 159


1- من لا يحضره الفقيه: 566/1 ح 1562.

فقال عليه السّلام: لا أريد أن أنهى عبدا إذا صلّى، و لكنّا نحدثهم بما شهدنا من النبي أو كما قال(1).

ص: 160


1- مجمع البيان: 782/10.

سورة القدر

اشارة

ص: 161

ص: 162

الآيات (1)-(5)

[سورة القدر (97): الآیات 1 الی 5]

إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلامٌ هِيَ حَتّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)

[127] - الصدوق، حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، قال: حدّثنا الحسن بن العباس بن الحريش الرازي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الثاني عليه السّلام أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قال لابن العباس: إنّ ليلة القدر في كلّ سنة، و إنّه يتنزّل في تلك الليلة أمر السّنة، و لذلك الأمر ولاة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم.

فقال ابن العباس: من هم ؟

قال: أنا و أحد عشر من صلبي أئمّة محدّثون(1).

ص: 163


1- خصال الصدوق، باب الاثني عشر: 479؛ الكافي 351:5؛ روضة الواعظين، في مجلس إمامة صاحب العصر و الزمان: 261؛ كفاية الأثر في النصوص على الائمة الاثني عشر؛ إكمال الدين؛ إعلام الورى للطبرسي، النصوص الواردة على الائمة الاثني عشر: 37؛ البحار 382:36؛ إثبات الهداة 393:2؛ الفصول المهمة: 146؛ تفسير نور الثقلين 619:5.

[128] - و بهذا الإسناد، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: آمنوا بليلة القدر، إنّها تكون لعليّ بن أبي طالب و ولده الأحد عشر من بعدي(1).

[129] - محمّد بن عليّ بن أحمد الفتّال، قال: و ذكر الشيخ الفاضل جعفر بن محمّد الدوريستي في كتاب (الحسني)، عن أبيه، عن محمّد بن عليّ بن بابويه، عن محمّد بن موسى بن المتوكّل، عن محمّد بن أبي عبد اللّه الكوفي، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن العباس بن الحريش، عن أبي جعفر محمّد بن علي، عن الرضا، عن آبائه، عن عليّ عليه السّلام قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم: من أحيى ليلة القدر غفرت له ذنوبه و لو كانت عدد نجوم السماء و مثاقيل الجبال و مكائيل البحار(2).

[130] - عن علي عليه السّلام قال: سلوا اللّه الحجّ في ليلة

ص: 164


1- خصال الصدوق، باب الاثني عشر: 480؛ البحار 243:36؛ إثبات الهداة 2: 393.
2- وسائل الشيعة 173:5؛ الإقبال: 213؛ روضة الواعظين 349:2.

سبع عشرة من شهر رمضان، و في تسع عشرة، و في إحدى و عشرين، و في ثلاث و عشرين منه، فإنّه يكتب الوفد في كلّ عام في ليلة القدر، و فيها كما قال اللّه عزّ و جلّ: يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (1),(2).

[131] - عن علي عليه السّلام أنّه قال: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم عن ليلة القدر، فقال: إلتمسوها في العشر الأواخر من شهر رمضان، فقد رئيتها ثمّ أنسيتها، إلاّ أني رأيتني أصلّي تلك الليلة في ماء وطين، فلمّا كانت ليلة ثلاث و عشرين أمطرنا مطرا شديدا و وكف المسجد، فصلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم بنا، و إنّ أرنبة أنفه في الطين(3).

[132] - عن علي عليه السّلام أنّه قال: إلتمسوها في العشر الأواخر، فإنّ المشاعر سبع، و السماوات سبع، و الأرضين سبع و بقرات سبع و سبع سنبلات، و الإنسان يسجد على سبع(4).

[133] - عن أحمد، (قال عبد اللّه بن أحمد:) حدّثني

ص: 165


1- سورة الدخان، الآية: 4.
2- دعائم الإسلام 281:1؛ مستدرك الوسائل 468:7 ح 8673؛ البحار 9:97.
3- دعائم الإسلام 282:1؛ مستدرك الوسائل 469:7 ح 8678؛ البحار 10:97.
4- دعائم الإسلام 282:1؛ مستدرك الوسائل 469:7 ح 8678؛ البحار 10:97.

سويد بن سعيد، أخبرني عبد الحميد بن الحسن الهلالي، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن مريم، عن علي عليه السّلام: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم قال: أطلبوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، فإن غلبتم فلا تغلبوا على البواقي(1).

[134] - و عنه، قال عبد اللّه بن أحمد: حدّثني محمّد بن سليمان لوين، حدّثنا حديج، عن أبي إسحاق، عن أبي حذيفة، عن عليّ عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: خرجت حين بزغ القمر، كأنّه فلق جفنه، فقال: الليلة ليلة القدر(2).

[135] - عن عليّ عليه السّلام: إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم كان يوقظ أهله في العشر الأواخر من شهر رمضان، قال: و كان إذا دخل العشر الأواخر دأب و أدأب أهله(3).

[136] - عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أبو محمد:

قرأ علي بن أبي طالب عليه السّلام إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (4) و عنده الحسن و الحسين فقال الحسنان: يا أبتاه، كأن بها فيك من حلاوة.

ص: 166


1- مسند أحمد، في مسند علي عليه السّلام 133:1.
2- مسند أحمد، في مسند علي عليه السّلام 101:1.
3- مجمع البيان 518:5.
4- سورة القدر، الآية: 1.

قال له: يابن رسول اللّه و ابني، إعلم أنّي أعلم فيها ما لم تعلم، إنّها لما أنزلت بعث إليّ جدّك رسول اللّه فقرأها عليّ فضرب على كتفي الأيمن و قال: يا أخي و وصيّي و وليّي على أمّتي و حرب أعدائي إلى يوم يبعثون، هذه السورة لك من بعدي و لولديك من بعدك، إنّ جبرئيل أخي من الملائكة أحدث إليّ أحداث أمّتي في سنتها و إنّه ليحدث ذلك إليك كأحداث النبوّة، و لها نور ساطع في قلبك و قلوب أوصيائك إلى مطلع فجر القائم.

و سئل أبو عبد اللّه عن ما يفرق في ليلة القدر، هل هو ما يقدر سبحانه و تعالى فيها؟

قال: لا توصف قدرة اللّه تعالى سبحانه لأنّه يحدث ما يشاء، و أمّا قوله خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (1) يعني فاطمة، و قوله تعالى تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها (2) و الملائكة في هذا الموضع المؤمنون الذين يملكون علم آل محمّد، و الروح روح القدس و هي فاطمة مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلامٌ يقول: كلّ أمر سلّمه حتّى مطلع الفجر يعني حتّى يقوم القائم عليه السّلام(3).

ص: 167


1- سورة القدر، الآية: 3.
2- سورة القدر، الآية: 4.
3- تفسير البرهان: 487/4 ح 24 و تأويل الآيات: 818/2.

[137] - عن السيّد الثقة الجليل الفقيه السيّد نعمة اللّه الجزائري رحمه اللّه في بعض مؤلّفاته عن ابن عبّاس قال: لمّا صارت الخلافة إلى أمير المؤمنين عليه السّلام و سيّد الوصيّين و قائد الغرّ المحجّلين علي بن أبي طالب عليه السّلام، فلمّا كان في اليوم الثالث أقبل رجل في ثياب خضر و وقف على باب المسجد، و كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه جالسا في المسجد و الناس حوله يمينا و شمالا فقال: السلام عليكم يا أهل بيت النبوّة و معدن الرسالة و مختلف الملائكة و مهبط الحقّ.

فقال له أمير المؤمنين: و عليك السلام يا بيهس بن صاف بن حاف بن لامو بن بيهس.

فقال: يا خليفة اللّه في أرضه، من أين عرفتني و عرفت إسمي ؟

قال عليه السّلام: من علم و تبيان، أليس مسكنك في الجبال و البراري ؟

قال: بلى يا خليفة اللّه.

قال: ما الذي جاء بك إلينا؟

قال: جئت أنظر نورك فأستضيء به.

ص: 168

قال: كيف علمت أنّ لنا أنوارا؟

قال: يقول اللّه تعالى مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ... (1) و أنتم مصابيح الدجى و مفاتيح الهدى و حبل اللّه المتين.

قال له: صدقت. سل عمّا بدا لك ؟

قال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن قول اللّه تعالى إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (2) قال عليه السّلام: نعم يا بيهس، قد سألت عنه غيري ؟

قال: لا كرامة لهم، و هذا علم لا يعلمه إلاّ نبي أو وصيّ.

قال عليه السّلام: أمّا قوله تعالى إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ فنور أنزل على الدنيا.

قال: كيف أنزل ؟

قال عليه السّلام: لمّا استوى الربّ على العرش أراد أن يستضيء ضوء بنورنا و إنّ نورنا من نوره، فأمر اللّه النور أن

ص: 169


1- سورة النور، الآية: 35.
2- سورة القدر، الآية: 1.

ينطق فنطق حول العرش فعلمت الملائكة بذلك فخرّوا له سجّدا لحلاوة كلام نورنا، فلذلك سمّيت القدر فإنّها لنا و لمن يتولاّنا، و ليس لغيرنا فيه نصيب فكان نورنا عند العرش ناميا صباحا، و الملائكة يسلّمون علينا، فلمّا أن خلق اللّه آدم رفع رأسه فنظر إلى نورنا فقال آدم: إلهي و سيّدي، منذكم نورهم تحت عرشك ؟

فقال اللّه تبارك و تعالى: يا آدم، من قبل أن خلقتك و خلقت السماوات و الأرض و الجبال و البحار و الجنّة و النار بأربعة و عشرين ألف عام و أنت في بعض أنوارهم، فلمّا أن هبط آدم عليه السّلام إلى الدنيا كانت الدنيا مظلمة، فقال آدم عليه السّلام:

بإذن ربّهم. أتدري أي إذن كان ؟

قال: لا.

قال: أنزل اللّه تعالى إلى جبرائيل يا ربّ بحقّ محمّد و علي إلاّ رددت عليّ النور الذي كان لي، فأهبطه اللّه تبارك و تعالى إلى الدنيا فكان آدم يستضيء بنورنا، فلذلك سمّي ليلة القدر؛ فلمّا بقي آدم عليه السّلام في الدنيا و عاش فيها أربعمائة سنة أنزل اللّه عليه تابوتا من نور له اثنا عشر بابا، لكلّ باب وصي قائم يسير بسيرة الأنبياء.

ص: 170

قال: يا ربّ من هؤلاء؟

قال اللّه عزّ و جلّ: يا آدم أوّل الأنبياء أنت و الثاني نوح و الثالث إبراهيم و الرابع موسى و الخامس عيسى و السادس محمد خاتم الأنبياء. و أمّا الأوصياء أوّلهم شيث ابنك و الثاني سام بن نوح و الثالث إسماعيل بن إبراهيم و الرابع يوشع بن نون و الخامس شمعون الصفا و السادس علي بن أبي طالب عليه السّلام و آخرهم القائم من ولد محمد الذي أظهر به ديني على الدين كلّه و لو كره المشركون.

قال: فسلّم آدم التابوت إلى شيث و قبض آدم، فلذلك قال اللّه تعالى إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ و إنّ نورنا أنزله اللّه إلى الدنيا حتى يستضيء بنورنا المؤمنون و يعمى الكافرون.

و أمّا قوله تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ فإنّه لمّا بعث اللّه محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلم و معه تابوت من درّ أبيض له إثنا عشر بابا، فيه رقّ أبيض فيه أسامي الإثني عشر فعرضه على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم و أمره عن ربّه أنّ الحقّ لهم و هم أنوار.

قال: و من هم يا أمير المؤمنين ؟

قال: أنا و أولادي الحسن و الحسين و علي بن الحسين

ص: 171

و محمد بن علي و جعفر بن محمّد و موسى بن جعفر و علي بن موسى و محمد بن علي و علي بن محمد و الحسن بن علي و محمد بن الحسن صاحب الزمان صلوات اللّه عليهم أجمعين، و بعدهم أتباعنا و شيعتنا المقرّون بولايتنا المنكرون لولاية أعدائنا.

و قوله مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلامٌ من كلّ من في السماوات و من في الأرض علينا صباحا و مساء إلى يوم القيامة، هي نور ذرّيتي، تستضاء بنا الدنيا حتّى مطلع الفجر عنّا إلى يوم القيامة، و أوّل ما يسأل العبد في ذلك اليوم يسأل عن ولايتنا فإن كان منّا نجا و إلاّ دحي في نار جهنّم.

قال: صدقت يا أمير المؤمنين أشهد أنّك وصي محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلم حقّا، فأخبرني عن نوركم ما هو؟

قال: نعم، نور لا يزول و لا ينقص و لا يطفأ، فإذا كان ليلة القدر زيد فيه من نور عرش ربّ العالمين فيدخل في نورنا و نور شيعتنا و محبّينا.

قال: من شيعتك و محبّوك ؟

قال عليه السّلام: المؤمنون و المؤمنات من يتولاّنا و لا يتولّى عدوّنا.

ص: 172

قال: يا أمير المؤمنين، فبعد ذلك أين يذهب نوركم ؟

قال عليه السّلام: يرجع نورنا إلى السماء فإذا كان العام القابل و تأتي ليلة القدر ينزل نورنا إلى الدنيا، فمن كان منّا نظر إلى نورنا و من لم يكن منّا لم ير نورنا و لم يدر.

قال: يا أمير المؤمنين، ففي أي ليلة نلتمس أنواركم ؟

قال: في الليلة الثالثة و العشرين من شهر رمضان أو سبعة و عشرين، و هي أكرم ليلة على اللّه و أشرفها.

قال: يا مولاي، أخبرني عن أرواح محبّيكم ؟

قال عليه السّلام: أرواح محبّينا إذا أخذوا مضاجعهم تخرج أرواحهم من أبدانهم فيؤتى بها إلى العرش ثمّ ترجع إلينا لا تختلط بأرواح الآخرين، فلذلك يقع حبّنا في قلوبهم، لا يختلط معه حبّ غيرنا ...(1).

قوله تعالى: بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ

[138] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قد أخبرنا محمد بن عبدوس قال: حدّثنا محمد بن يعقوب قال: أخبرنا محمد بن الجهم قال: حدّثنا يحيى بن زياد الفرّاء قال: حدّثني

ص: 173


1- الزام الناصب: 107:1-109.

أبو بكر بن عباس عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أنّه كان يقرأ من كل امرئ سلام، و رويت هذه القراءة أيضا عن علي بن أبي طالب و عكرمة، و لها وجهان:

أحدهما: أنّه وجّه معناه إلى الملك، أي من كلّ ملك سلام.

و الثاني: أن يكون بمعنى على تقديره: على كل امرئ من المسلمين سلام من الملائكة كقوله سبحانه: وَ نَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ (1) أي على القوم(2).

[139] - في سند الصحيفة السجادية عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إن أبي حدّثني عن أبيه عن جده عن عليّ عليهم السّلام أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم أخذته نعسة و هو على منبره فرأى في منامه رجالا ينزون على منبره نزو القردة(3) يردون الناس على أعقابهم القهقرى فاستوى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم جالسا و الحزن يعرف في وجهه، فأتاه جبرائيل عليه السّلام بهذه الآية وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلاّ فِتْنَةً لِلنّاسِ وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي

ص: 174


1- سورة الأنبياء: 77.
2- تفسير الثعلبي: 258/10.
3- نزى بمعنى وثب.

اَلْقُرْآنِ وَ نُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلاّ طُغْياناً كَبِيراً (1) يعني بني أمية قال: يا جبرائيل، أعلى عهدي يكونون و في زمني ؟

قال: لا و لكن تدور رحى الإسلام من مهاجرك فتلبث بذلك عشرا، ثمّ تدور رحى الإسلام على رأس خمس و ثلاثين من مهاجرك فتلبث بذلك خمسا، ثمّ لا بدّ من رحى ضلالة هي قائمة على قطبها ثمّ ملك الفراعنة، قال: و أنزل اللّه تعالى في ذلك إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) ) ...لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ يملكها بنو أمية ليس فيها ليلة القدر، قال:

فأطلع اللّه عز و جلّ نبيه صلّى اللّه عليه و آله و سلم أنّ بني أمية تملك سلطان هذه الأمة، و ملكها طول هذه المدة، فلو طاولتهم الجبال لطالوا عليها حتّى يأذن اللّه تعالى بزوال ملكهم، و هم في ذلك يستشعرون عداوتنا أهل البيت و بغضنا أخبر اللّه نبيه بما يلقى أهل بيت محمّد و أهل مودّتهم و شيعتهم منهم في أيامهم و ملكهم(2).

[140] - في كتاب طبّ الأئمّة: بإسناده إلى أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: شكا رجل من همدان إلى أمير المؤمنين وجع الظهر و أنّه يسهر الليل.

ص: 175


1- الإسراء: 60.
2- الصحيفة السجادية: 14.

فقال: ضع يدك على الموضع الذي تشتكي منه و اقرأ ثلاثا وَ ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاّ بِإِذْنِ اللّهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً وَ مَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَ مَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها وَ سَنَجْزِي الشّاكِرِينَ (1) و اقرأ سبع مرّات إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ...إلى آخرها فإنّك تعافى من العلّة إن شاء اللّه تعالى(2).

[141] - في كتاب الخصال: فيما علّم أمير المؤمنين عليه السّلام أصحابه من الأربعمائة باب ممّا يصلح للمسلم في دينه و دنياه، من قرأ: قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ من قبل أن تطلع الشمس و مثلها إِنّا أَنْزَلْناهُ و مثلها آية الكرسي منع ماله ممّا يخاف، من قرأ قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ و إِنّا أَنْزَلْناهُ قبل أن تطلع الشمس لم يصبه في ذلك اليوم ذنب و إن جهد إبليس؛ إذا أراد أحدكم حاجة فليبكر في طلبها يوم الخميس فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم قال: اللّهم بارك لأمتي في بكورها يوم الخميس، و ليقرأ إذا خرج من بيته الآيات الآخيرة من آل عمران و آية الكرسي و إِنّا أَنْزَلْناهُ و أمّ الكتاب، فإن فيها قضاء الحوائج للدنيا و الآخرة؛ إذا كسا اللّه مؤمنا ثوبا جديدا فليتوضأ و ليصلّ ركعتين يقرأ فيهما

ص: 176


1- آل عمران: 145.
2- طب الأئمة: 31.

أم الكتاب و آية الكرسي و قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ و إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ،و ليحمد اللّه الذي ستر عورته و زينه في الناس، و ليكثر من قول: لا حول و لا قوة إلاّ باللّه العلي العظيم، فإنّه لا يعصي اللّه فيه، و له بكلّ سلك فيه ملك يقدّس له و يستغفر له و يترحم عليه(1).

[142] - محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد بن عيسى و محمّد بن أبي عبد اللّه و محمّد بن الحسن عن سهل بن زياد جميعا عن الحسن بن العبّاس بن الجريش عن أبي جعفر الثاني عليه السّلام أن أمير المؤمنين عليه السّلام قال لابن العبّاس: إنّ ليلة القدر في كلّ سنة، و إنّه ينزل في تلك الليلة أمر السنة، و لذلك الأمر ولاة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم فقال ابن عبّاس: من هم ؟

قال: أنا و أحد عشر من صلبي(2).

[143] - في كتاب معاني الأخبار: بإسناده إلى الأصبغ بن نباتة عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: يا عليّ، أتدري ما معنى ليلة القدر؟

ص: 177


1- الخصال: ب 400 ح 622/10.
2- أصول الكافي: 532/1 ح 11.

فقلت: لا يا رسول اللّه.

فقال: إنّ اللّه تبارك و تعالى قدر فيها ما هو كائن إلى يوم القيامة، فكان فيما قدر عز و جلّ ولايتك و ولاية الأئمّة من ولدك إلى يوم القيامة(1).

[144] - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن علي بن الأسباط، عن الحسين بن أبي العلاء، عن سعد الإسكاف، قال: أتى رجل أمير المؤمنين عليه السّلام يسأله عن الروح أليس هو جبرئيل عليه السّلام ؟

فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام جبرئيل من الملائكة، و الروح غير جبرئيل، فكرّر ذلك على الرجل فقال له: لقد قلت عظيما من القول، ما أحد يزعم أنّ الروح غير جبرئيل.

فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّك ضال تروي عن أهل الضلال، يقول اللّه عز و جلّ لنبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: أَتى أَمْرُ اللّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ (1) يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ (2) و الروح غير الملائكة(3).

ص: 178


1- معاني الأخبار: باب معنى ليلة القدر ح 315/1.
2- سورة النحل، الآيتان: 1-2.
3- الكافي 247:1؛ البحار 64:25؛ تفسير البرهان 360:2؛ بصائر الدرجات: 484 باب 19.

سورة البينة

اشارة

ص: 179

ص: 180

الآية (5)

[سورة البينة (98): آیة 5]

وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَ يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَ يُؤْتُوا الزَّكاةَ وَ ذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ

[145] - في البحار عن محمّد بن صدقة عن سلمان الفارسي رحمه اللّه قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام في حديث طويل جاء فيه: في البحار عن محمّد بن صدقة سأل أبو ذرّ الغفاري سلمان الفارسي رحمه اللّه و قال: يا أبا عبد اللّه، ما معرفة أمير المؤمنين عليه السّلام بالنورانية ؟

قال جندب: فامض بنا حتّى نسأله عن ذلك.

قال: فأتينا فلم نجده فانتظرناه حتّى جاء.

قال صلوات اللّه عليه: ما جاء بكما؟

قالا: جئناك يا أمير المؤمنين نسألك عن معرفتك بالنورانية.

ص: 181

قال عليه السّلام: مرحبا بكما من وليّين متعاهدين لدينه لستما بمقصّرين، لعمري إنّ ذلك الواجب على كلّ مؤمن و مؤمنة.

ثمّ قال: يا سلمان و يا جندب.

قالا: لبّيك يا أمير المؤمنين.

قال: إنّه لا يستكمل أحد الإيمان حتّى يعرفني كنه معرفتي بالنورانية فإذا عرفني بهذه المعرفة فقد امتحن اللّه قلبه للإيمان و شرح صدره للإسلام و صار عارفا مستبصرا، و من قصّر عن معرفة ذلك فهو شاكّ و مرتاب. يا سلمان و يا جندب.

قالا: لبّيك يا أمير المؤمنين.

قال عليه السّلام: معرفتي بالنورانية معرفة اللّه عز و جلّ و معرفة اللّه عز و جلّ معرفتي بالنورانية و هو الدين الخالص الذي قال اللّه تعالى وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَ يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَ يُؤْتُوا الزَّكاةَ وَ ذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (1) يقول: ما أمروا إلاّ بنبوّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو دين الحنيفية المحمّدية السمحة، و قوله: وَ يُقِيمُوا الصَّلاةَ فمن أقام ولايتي فقد أقام الصلاة،

ص: 182


1- سورة البيّنة، الآية: 5.

و إقامة ولايتي صعب مستصعب لا يحتمله إلاّ ملك مقرّب أو نبي مرسل أو مؤمن امتحن اللّه قلبه للإيمان، فالملك إذا لم يكن مقرّبا لم يحتمله و النبي إذا لم يكن مرسلا لم يحتمله و المؤمن إذا لم يكن ممتحنا لم يحتمله...

قال اللّه تعالى في موضع آخر في كتابه العزيز في نبوّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلم و في ولايتي فقال عز و جلّ وَ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَ قَصْرٍ مَشِيدٍ (1) فالقصر محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلم و البئر المعطّلة ولايتي عطّلوها و جحدوها، و من لم يقرّ بولايتي لم ينفعه الإقرار بنبوّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلم، ألا إنّهما مقرونان، و ذلك أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم نبي مرسل و هو إمام الخلق و وصيّ محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلم كما قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم:

أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي مرسل بعدي، و أوّلنا محمّد و أوسطنا محمّد و آخرنا محمّد، فمن استكمل معرفتي فهو على الدين القيّم كما قال اللّه تعالى وَ ذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ و سأبين ذلك بعون اللّه تعالى و توفيقه(2).

ص: 183


1- سورة الحج، الآية: 45.
2- إلزام الناصب: 36/1، و البحار: 6/26 ح 1.

الآية (7)

[سورة البينة (98): آیة 7]

اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ

[146] - ابن عساكر قال: أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي، نا عاصم بن الحسن، نا أبو عمر بن مهدي، نا أبو العبّاس بن عقدة، نا محمّد بن أحمد بن الحسن القطواني، نا إبراهيم بن أنس الأنصاري، نا إبراهيم بن جعفر بن عبد الله بن محمّد بن مسلمة، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله قال: كنا عند النبي صلى اللّه عليه و سلم، فأقبل عليّ بن أبي طالب، فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم: «قد أتاكم أخي»، ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده ثم قال: «و الذي نفسي بيده إنّ هذا و شيعته لهم الفائزون يوم القيامة»، ثم قال:

«إنّه أولكم إيمانا معي، و أوفاكم بعهد اللّه، و أقومكم بأمر اللّه، و أعدلكم في الرعية، و أقسمكم بالسويّة، و أعظمكم عند اللّه مزيّة» قال: و نزلت: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ قال: فكان أصحاب

ص: 184

محمّد صلى اللّه عليه و سلم إذا أقبل عليّ قالوا: قد جاء خير البريّة(1).

[147] - في كتاب سعد السعود لابن طاووس رحمه اللّه:

حدّثنا أحمد بن محمّد المحذور قال: حدّثنا الحسن بن عبيد بن عبد الرّحمن الكندي قال: حدّثني محمّد بن مسكين قال:

حدّثني خالد بن السري الأودي قال: حدّثني النضر بن الياس قال: حدّثني عامر بن واثلة قال: خطبنا أمير المؤمنين عليه السّلام على المنبر بالكوفة و هو أجيرات مجصص، فحمد اللّه و أثنى عليه و ذكر اللّه بما هو أهله و صلّى على نبيه ثمّ قال:

أيّها الناس سلوني فواللّه لا تسألوني عن آية من كتاب اللّه إلاّ حدثتكم عنها متى نزلت بليل أو نهار أو في مقام أو في سفر أم في سهل أم في جبل، و فيمن نزلت أفي مؤمن أو منافق و ما عنى بها، أخاصّ أم عامّ، و لئن فقدتموني لا يحدثكم أحد حديثي.

فقام إليه ابن الكوا فلما بصر به قال بتعنّت: لا تسأل تعنتا و سل تعلما، هات سل، فإذا سألت فاعقل ما تسأل عنه.

فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن قول اللّه عز و جلّ:

اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ .

ص: 185


1- تاريخ دمشق: 283/45.

فسكت أمير المؤمنين فأعادها ثانية ابن الكوا فسكت فأعادها الثالثة فقال عليّ عليه السّلام و رفع صوته: و يحك يابن الكوا، أولئك نحن و أتباعنا يوم القيامة غرا محجلين رواء مرويين يعرفون بسيماهم(1).

[148] - في مجمع البيان: و في كتاب شواهد التنزيل للحاكم أبي القاسم الحسكاني رحمه اللّه قال: أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ بالإسناد المرفوع إلى يزيد بن شراحيل الأنصاري كاتب عليّ عليه السّلام قال: سمعت عليا عليه السّلام يقول: قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم و أنا مسنده إلى صدري فقال: يا عليّ ألم تسمع قول اللّه تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ؟هم شيعتك و موعدي و موعدكم الحوض، إذا اجتمعت الأمم للحساب يدعون غرّا محجّلين(2).

[149] - و بإسناده إلى يعقوب بن ميثم التمار مولى عليّ بن الحسين قال: دخلت على أبي جعفر فقلت له:

جعلت فداك يابن رسول اللّه، إني وجدت في كتب أبي أن عليا قال لأبي ميثم: أحبب حبيب آل محمّد و إن كان فاسقا زانيا و ابغض مبغض آل محمّد و إن كان صوّاما قوّاما، فإنّي

ص: 186


1- سعد السعود: 108.
2- مجمع البيان: 795/10.

سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم و هو يقول: اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ثمّ التفت إليّ و قال: هم و اللّه أنت و شيعتك يا عليّ، و ميعادك و ميعادهم الحوض غدا غرّا محجّلين متوّجين.

فقال أبو جعفر: هكذا هو عيان في كتاب عليّ(1).

[150] - محمّد بن العباس، عن أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد اللّه بن حمّاد، عن عمرو بن شمر، عن أبي مخنف، عن يعقوب بن ميثم، أنّه وجد في كتب أبيه أنّ عليّا عليه السّلام قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم يقول:

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ثمّ التفت إليّ فقال: هم أنت يا علي و شيعتك، و ميعادك و ميعادهم الحوض، تأتون غرّا محجّلين متوّجين(2).

[151] - الطوسي، بإسناده إلى المنذر بن محمّد، أن أباه أخبره، عن عليّ بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام قال: قال

ص: 187


1- الأمالي: 405 /مجلس 14 ح 57.
2- تأويل الآيات الظاهرة: 801؛ تفسير البرهان 490:4؛ البحار 390:23.

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: ما من هدهد إلاّ و في جناحه مكتوب بالسريانية: آل محمّد خير البريّة(1).

[152] - محمّد بن العباس، عن جعفر بن محمّد الحسيني و محمّد بن أحمد الكاتب، عن محمّد بن علي بن خلف، عن أحمد بن عبد اللّه، عن معاوية بن عبد اللّه ابن أبي رافع، عن أبيه، عن جدّه أبي رافع، أنّ عليّا عليه السّلام قال لأهل الشورى: أنشدكم اللّه، هل تعلمون يوم أتيتكم و أنتم جلوس مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم فقال: هذا أخي قد أتاكم، ثمّ التفت إليّ ثمّ إلى الكعبة، و قال: و ربّ الكعبة المبنيّة، إنّ عليا و شيعته هم الفائزون يوم القيامة، ثمّ أقبل عليكم و قال: أما إنّه أوّلكم إيمانا و أقومكم بأمر اللّه، و أوفاكم بعهد اللّه، و أقضاكم بحكم اللّه، و أعدلكم في الرعية، و أقسمكم بالسويّة، و أعظمكم عند اللّه مزيّة، فأنزل اللّه سبحانه إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ فكبّر النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم و كبّرتم، و هنّأتموني بأجمعكم، فهل تعلمون أنّ ذلك كذلك.

قالوا: اللّهم نعم(2).

ص: 188


1- أمالي الطوسي: 350 ح 723؛ تفسير نور الثقلين 644:5.
2- تأويل الآيات الظاهرة: 803؛ البحار 55:68.

سورة الزلزلة

اشارة

ص: 189

ص: 190

الآيات (1)-(4)

[سورة الزلزلة (99): الآیات 1 الی 4]

إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها (1) وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها (2) وَ قالَ الْإِنْسانُ ما لَها (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها

[153] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرنا يعقوب بن أحمد بن السهمي العروضي في درب الحاجب قال: أخبرنا محمد بن عبد اللّه العثماني قال: حدّثنا أبا القاسم الطائي قال: حدّثني أبي قال: حدّثني علي بن موسى الرضا قال:

حدّثني أبي موسى بن جعفر قال: حدّثني أبي جعفر بن محمد قال: حدّثني أبي محمد بن علي قال: حدّثني أبي علي بن الحسين قال: حدّثني أبي الحسين بن علي قال: حدّثني أبي علي بن أبي طالب قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:

«من قرأ إِذا زُلْزِلَتِ أربع مرّات كان كمن قرأ القرآن كلّه »(1).

ص: 191


1- تفسير الثعلبي: 263/10، و تفسير القرطبي: 146/20.

[154] - في الخرائج و الجرائح: في روايات الخاصّة روى أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قرأت عند أمير المؤمنين عليه السّلام: إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها (1) إلى أن بلغ قوله: وَ قالَ الْإِنْسانُ ما لَها (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها قال:

أنا الإنسان إياي تحدث أخبارها(1).

قوله تعالى: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها البرية

[155] - تفسير فرات، قال: حدّثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمّد بن عبد الرحمن العلوي الحسني معنعنا، عن عمرو ذيّ مرّة، قال: بينا نحن عند أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام إذ تحرّكت الأرض، فجعل يضربها بيده، ثمّ قال: ما لك، فلم تجبه، ثمّ قال:

ما بالك فلم تجبه، ثمّ قال: أما و اللّه لو كانت هية (كان تقية) لحدّثتني، و إنّي لأنا الذي تحدّث الأرض أخبارها، أو رجل منيّ(2).

ص: 192


1- الخرائج و الجرائح: 177/1.
2- تفسير فرات: 589 ح 757.

سورة العاديات

اشارة

ص: 193

ص: 194

الآيات (1)-(5)

[سورة العاديات (100): الآیات 1 الی 5]

وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً (1) فَالْمُورِياتِ قَدْحاً (2) فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً (3) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً (4) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً

[156] - قال النحّاس: قال علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه:

إنها الإبل(1).

[157] - قال النحّاس: و روى سعيد بن جبير عن ابن عباس سألني رجل عن (وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً) فقلت: هي الخيل، فمضى إلى علي بن أبي طالب فأخبره فبعث لي فأحضرني فقال لي: أتتكلّم في كتاب اللّه بغير علم ؟ و اللّه إن أوّل غزوة كانت لبدر، و ما كان معنا إلاّ فرسان فرس للزبير و فرس للمقداد بن الأسود، إنّما العاديات من عرفة إلى المزدلفة، و من المزدلفة إلى منى(2).

[158] - قال النحّاس: قال أبو جعفر: إختلف العلماء

ص: 195


1- إعراب القرآن: 233/5.
2- إعراب القرآن: 233/5.

في معنى «الموريات قدحا» فمذهب علي ابن أبي طالب و ابن مسعود أنها الإبل(1).

[159] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أنبأني عبد اللّه بن حامد قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن أبي سعيد قال:

حدّثنا الحسن بن محمد بن الصباح قال: حدّثنا مروان بن معاوية قال: حدّثنا إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح في قوله سبحانه: وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً قال: ما رأى فيه عكرمة ؟

فقال عكرمة: قال ابن عباس: هي الخيل في القتال، فقلت أنا: (قال علي: هي الإبل في الحجّ)، و قلت: مولاي أعلم من مولاك(2).

[160] - الحاكم النيسابوري، حدّثنا أبو العباس محمّد بن يعقوب، أنبأ محمّد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، أنبأ ابن وهب، أخبرني أبو صخر، عن أبي معاوية البجلي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال:

بينما أنا في الحجر جالس أتاني رجل فسألني عن العاديات ضبحا، فقلت له: الخيل حين تغير في سبيل اللّه،

ص: 196


1- إعراب القرآن: 234/5.
2- تفسير الثعلبي: 269/10.

ثمّ تأوي إلى الليل فيصنعون طعامهم و يوقدون نارهم.

فانفتل عنّي فذهب إلى عليّ بن أبي طالب عليه السّلام و هو تحت سقاية زمزم، فسأله عن العاديات، فقال: هل سألت عنها أحدا قبلي ؟

قال: نعم سألت عنها ابن عباس.

فقال: هي الخيل حين تغير في سبيل اللّه، قال:

فاذهب فادعه لي، قال: فلمّا وقف على رأسه.

قال: تفتي الناس بلا علم لك، و اللّه إن كانت أوّل غزوة في الإسلام لبدر، و ما كان معنا إلاّ فرسان: فرس للزبير و فرس للمقداد بن الأسود، فكيف يكون العاديات ضبحا، إنّما العاديات ضبحا من عرفة إلى المزدلفة، و من المزدلفة إلى منى، (فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً) حين تطأها بأخفافها و حوافرها.

قال ابن عباس: فنزعت عن قولي و رجعت إلى الذي قال علي(1).

[161] - عن علي عليه السّلام في قوله تعالى: وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً قال: هي الإبل في الحج، قيل له: إنّ ابن عباس يقول: هي الخيل.

ص: 197


1- مستدرك الحاكم 105:2؛ كنز العمال 554:2 ح 4713؛ تفسير الرازي 32: 63؛ تفسير السيوطى 383:6؛ تفسير نور الثقلين 656:5.

قال عليه السّلام: ما كان لنا خيل يوم بدر(1).

[162] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال الشعبي تمارى علي بن عباس في قوله: وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً فقال ابن عباس:

هي الخيل، ألا تراه يقول: فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً فهل تثير إلاّ بحوافرها، و هل تضبح الإبل ؟ و إنما تضبح الخيل.

فقال علي: ليس كما قلت، لقد رأيتنا يوم بدر و ما معنا إلاّ فرس أبلق للمقداد بن الأسود.

و في رواية أخرى و فرس لمرثد بن أبي مرثد الغنوي.

[163] - و قيل: هي الإبل حين ذهب إلى غزوة بدر، تمد أعناقها في السير فهي تضبح أي تضبع. روي ذلك عن عليّ عليه السّلام(2).

قوله تعالى: فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً

[164] - في رواية أخرى أن ابن عبّاس قال: هي الخيل ألا تراه قال: فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً فهل تثيره إلاّ بحوافرها؟، و هل تضبح الإبل ؟ إنّما تضبح الخيل.

فقال عليّ عليه السّلام: ليس كما قلت لقد رأيتنا يوم بدر و ما معنا إلاّ فرس أبلق للمقداد بن الأسود(3).

ص: 198


1- كنز العمال 554:2 ح 4711.
2- مجمع البيان: 803/10.
3- مجمع البيان: 803/10.

سورة القارعة

اشارة

ص: 199

ص: 200

الآيات (6)-(8)

[سورة القارعة (101): الآیات 6 الی 8]

اشارة

فَأَمّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ (7) وَ أَمّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ

اشارة

[165] - في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السّلام في قوله تعالى: فَأَمّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ و مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ قال: «الحسنات ثقل الميزان و السّيئات خفة الميزان »(1).

ص: 201


1- التوحيد: 268، و بحار الأنوار: 25/7.

موازين الأعمال

[166] - عنه عليه السّلام: و نشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، و أنّ محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلم عبده و رسوله، شهادتين تصعدان (تسعدان) القول، و ترفعان العمل، لا يخفّ ميزان توضعان فيه، و لا يثقل ميزان ترفعان عنه(1).

[167] - في أصول الكافي عن علي عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: التسبيح نصف الميزان، و الحمد للّه يملأ الميزان، و اللّه أكبر يملأ ما بين السماء و الارض(2).

ص: 202


1- نهج البلاغة: الخطبة 114.
2- تفسير البرهان: 369/8.

الآيات (9)-(11)

[سورة القارعة (101): الآیات 9 الی 11]

فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ (9) وَ ما أَدْراكَ ما هِيَهْ (1(0) نارٌ حامِيَةٌ

[168] - عنه عليه السّلام قال في وصف نار جهنم: نار شديد كلبها، عال لجبها، ساطع لهبها، متأجّج سعيرها، متغيّظ زفيرها، بعيد خمودها، ذاك وقودها، متخوّف وعيدها(1).

[169] - عنه عليه السّلام قال في وصف نار جهنم: لا يظعن مقيمها و لا يفادى أسيرها و لا تقصم كبولها و لا مدّة للدار فتفنى و لا أجل للقوم فيقضى(2).

ص: 203


1- غرر الحكم: ح 477 و 2619 و 2620 و 7404 و 9496 و 9995.
2- غرر الحكم: 10892.

ص: 204

سورة التكاثر

اشارة

ص: 205

ص: 206

الآيات (1)-(5)

[سورة التكاثر (102): الآیات 1 الی 5]

أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (1) حَتّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ (2) كَلاّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلاّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4) كَلاّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ

[170] - أخرج الترمذي، و خنيش بن أصرم في (الإستقامة)، و ابن جرير، و ابن المنذر، و ابن مردويه، عن علي بن أبي طالب عليه السّلام قال: نزلت ألهاكم التكاثر في عذاب القبر(1).

[171] - أبو إسحاق الثعلبي قال: روى زر بن حبيش عن علي بن أبي طالب قال: ما زلنا نشكّ في عذاب القبر حتى نزلت أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ إلى كَلاّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ يعني في القبر(2).

[172] - في كتاب الخصال: عن أمير المؤمنين عليه السّلام

ص: 207


1- تفسير السيوطي 387:6.
2- تفسير الثعلبي: 277/10.

حديث طويل يقول فيه عليه السّلام: و التكاثر لهو و شغل و استبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير(1).

[173] - في نهج البلاغة: من كلام له عليه السّلام قال بعد تلاوته: أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (1) حَتّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ يا له مراما ما أبعده، و زورا ما أغفله، و خطرا ما أفظعه، لقد استخلوا منهم أي مدّكر، و تناوشوهم من مكان بعيد، أفبمصارع آبائهم يفخرون أم بعديد الهلكى يتكاثرون ؟ يرتجعون منهم أجسادا خوت، و حركات سكنت، و لأن يكونوا عبرا أحقّ من أن يكونوا مفتخرا، و لأن يهبطوا بهم جناب ذلّة أحجى من أن يقوموا بهم مقام عزّة. لقد نظروا إليهم بأبصار العشوة، و ضربوا منهم في غمرة جهالة، و لو استنطقوا عنهم عرصات تلك الديار الخاوية، و الربوع الخالية، لقالت:

ذهبوا في الأرض ضلالا، و ذهبتم في أعقابهم جهّالا، تطؤون في هامهم و تستنبتون في أجسادهم و ترتعون فيما لفظوا و تسكنون فيما خرّبوا(2),(3)

ص: 208


1- الخصال: ب 4 ح 235/74.
2- المراد بالمرام هو ما كان مقصدهم من التفاخر من إثبات الفخر و المنقبة لأنفسهم فبين عليه السّلام أنّ ذلك المرام بعيد جدّا لأنّ الفخر بالميت كالفخر بالجماد. قوله عليه السّلام: (و زورا ما أغفله) المراد بالزور: الزائرون للمقابر المتفاخرون بهم، اسم للواحد و الجمع. و (تناوشوهم) أي تناولوهم. قوله عليه السّلام: (يرتجعون...) أي يطلبون رجوع أجسادهم و قد (خوت) أي خلت من الأرواح. و الجناب: الفناء. و الحجى: العقل و الفتنة. و العشوة: سوء البصر بالليل. و غمرة الشي: شدته و معظمه. و الربوع جمع الربع: الدار حيث كانت و المنزل. و الهام جمع الهامة: أعلى الرأس. و تستنبتون (من النبات)، أي تزرعون النبات في أجسادهم. و لفظوا: من اللفظ: الرمي من الفم، يقال: لفظت الشيء: رميته من فمي.
3- نهج البلاغة، خطبة رقم: 221.

[174] - في مجمع البيان: كَلاّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (1) ثُمَّ كَلاّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ قال الحسن و مقاتل: هو وعيد بعد وعيد، قيل: معناه سوف تعلمون في القبر ثمّ سوف تعلمون في الحشر، رواه زر بن حبيش عن عليّ عليه السّلام، قال: ما زلنا نشكّ في عذاب القبر حتّى نزلت أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ ...إلى قوله: كَلاّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ يريد في القبر ثُمَّ كَلاّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ بعد البعث(2).

قوله تعالى: كَلاّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ.

[175] - قال النحّاس: و روي عن زر عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه، نزل في عذاب القبر ألهاكم التكاثر، و قرأ إلى كَلاّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3).

ص: 209


1- نهج البلاغة، خطبة رقم: 221.
2- مجمع البيان: 432/10.
3- - قوله عليه السّلام: (يرتجعون...) أي يطلبون رجوع أجسادهم و قد (خوت) أي خلت من الأرواح. و الجناب: الفناء. و الحجى: العقل و الفتنة. و العشوة: سوء البصر بالليل. و غمرة الشي: شدته و معظمه. و الربوع جمع الربع: الدار حيث كانت و المنزل. و الهام جمع الهامة: أعلى الرأس. و تستنبتون (من النبات)، أي تزرعون النبات في أجسادهم. و لفظوا: من اللفظ: الرمي من الفم، يقال: لفظت الشيء: رميته من فمي.

قوله تعالى: لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ

[176] - في مجمع البيان: قرأ ابن عامر و الكسائي لَتَرَوُنَّ بضم التاء و روي ذلك عن عليّ عليه السّلام، و الباقي لَتَرَوُنَّ بالفتح(1).

ص: 210


1- مجمع البيان: 810/10.

الآيتان (6) و (7)

[سورة التكاثر (102): الآیات 6 الی 7]

لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ

[177] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرنا محمد بن عبدوس قال: حدّثنا محمد بن يعقوب قال: حدّثنا محمد بن الجهم قال: حدّثنا الفرّاء قال: أخبرني محمد بن الفضل عن عطاء عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي أنه قرأ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ بضم التاء الأولى و فتح الثانية، و قال الفرّاء: الأول أشبه بكلام العرب؛ لأنّه تغليظ فلا ينبغي أن يختلف لفظه(1).

[178] - قال النحّاس: لَتَرَوُنَّ... بضمّ التاء. حكاه أبو عبيد عنه، و قرئ على إبراهيم بن موسى عن محمد بن الجهم(2) عن أبي عبد الرحمن عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه

ص: 211


1- تفسير الثعلبي: 277/10.
2- في بعض النسخ زيادة: (عن الفرّاء عن محمد بن المفضّل عن عطاء).

أنّه قرأ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّها (1) الأولى بضمّ التاء و الثانية بفتحها(2).

ص: 212


1- انظر البحر المحيط: 508/8.
2- إعراب القرآن: 238/5.

الآية (8)

[سورة التكاثر (102): آیة 8]

ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ

[179] - أبو إسحاق الثعلبي قال: حدّثنا أبو الحسن محمد بن علي بن الحسين بن القيّم الحسني السّني قال:

حدّثنا أحمد بن علي بن مهدي بن صدقة بالرملة قال: حدّثني أبي قال: حدّثنا علي بن موسى الرضا قال:

حدّثني أبي موسى بن جعفر قال: حدّثني أبي جعفر بن محمد قال: حدّثني أبي محمد بن علي، قال حدّثني أبي علي بن الحسين قال: حدّثني أبي الحسين بن علي قال: حدّثني أبي علي بن أبي طالب قال: قال رسول اللّه عليه السّلام في قوله سبحانه: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ قال: «الرطب و الماء البارد »(1).

[180] - في غاية المرام عن تفسيري العياشي

ص: 213


1- تفسير الثعلبي: 278/10، و تفسير نور الثقلين: 665/5.

و القمي، و مثله ما في غاية المرام(1) بإسناده عن أمير المؤمنين عليه السّلام في قوله تعالى: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ قال: نحن النعيم(2).

[181] - محمّد بن العباس، أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، عن الحسن بن القاسم، عن محمّد بن عبد اللّه بن صالح، عن مفضّل بن صالح، عن سعد بن عبد اللّه، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي عليه السّلام أنّه قال:

ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ :نحن النعيم(3).

[182] - الحسين بن أحمد البيهقي، قال: حدّثني محمّد بن يحيى الصولي، قال: حدّثنا أبو ذكوان القسم بن إسماعيل، قال: حدّثني إبراهيم بن إسحاق الصولي، عن عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام في حديث، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: إنّ أوّل ما يسأل عنه العبد بعد موته شهادة أن لا إله إلاّ اللّه، و أنّ محمّدا رسول اللّه، و أنّك وليّ المؤمنين، بما جعله اللّه و جعلته لك، فمن أقرّ

ص: 214


1- غاية المرام: 259 /ح 9، تأويل الآيات: 850/2.
2- الكافي: 257/1، تفسير القمي: 440/2.
3- تأويل الآيات الظاهرة: 816؛ البحار 57:24.

بذلك و كان يعتقده صار إلى النعيم الذي لا زوال له(1).

[183] - أخرج البيهقي، عن عليّ بن أبي طالب:

ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ قال: النعيم العافية(2).

[184] - أخرج عبد بن حميد، و ابن المنذر، و ابن أبي حاتم، و ابن مردويه، عن عليّ بن أبي طالب، أنّه سئل عن قوله: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ قال:

من أكل خبز البرّ و شرب ماء الفرات مبردا، و كان له منزل يسكنه فذاك من النعيم الذي يسأل عنه(3).

[185] - الطبرسي عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه عليه السّلام:

و ألزمهم الحجّة بأن خاطبهم خطابا يدلّ على انفراده و توحيده، و بأن لهم أولياء تجري أفعالهم و أحكامهم مجرى فعله، فهم العباد المكرمون، و هم النعيم الذي يسأل عنه، إنّ اللّه تبارك و تعالى أنعم بهم على من اتّبعهم من أوليائهم، قال السائل: من هؤلاء الحجج ؟

ص: 215


1- اثبات الهداة 342:3.
2- تفسير السيوطي 388:6؛ شعب الايمان 148:4 ح 4612.
3- تفسير السيوطي 388:6؛ شعب الايمان 148:4 ح 4612.

قال: هم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم و من حلّ محلّه من أصفياء اللّه الّذي قال: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ (1) الذين قرنهم اللّه بنفسه و برسوله، و فرض على العباد من طاعتهم مثل الذي فرض عليهم منها لنفسه(2).

قوله تعالى: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ

[186] - في عيون الأخبار: في باب ما جاء عن الرضا عليه السّلام من الأخبار المجموعة بالإسناد قال: قال عليّ عليه السّلام في قول اللّه عز و جلّ: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ قال: الرطب و الماء البارد(3).

ص: 216


1- سورة البقرة، الآية: 115.
2- تفسير نور الثقلين 663:5؛ الاحتجاج 593:1 ح 135.
3- عيون الأخبار: 37/2 /ب 31 ح 110.

سورة العصر

اشارة

ص: 217

ص: 218

الآيات (1)-(3)

[سورة العصر (103): الآیات 1 الی 3]

وَ الْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ

[187] - أخرج الفريابي، و عبد بن حميد، و ابن جرير، و ابن المنذر، و ابن الأنباري في (المصاحف)، و الحاكم، عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام أنّه كان يقرأ:

و العصر، و نوائب الدهر، إنّ الإنسان لفي خسر، و إنّه لفيه إلى آخر الدّهر(1).

[188] - عن السيّد الثقة الجليل الفقيه السيّد نعمة اللّه الجزائري رحمه اللّه في بعض مؤلّفاته عن ابن عبّاس قال: لمّا صارت الخلافة إلى أمير المؤمنين عليه السّلام و سيّد الوصيّين و قائد الغرّ المحجّلين علي بن أبي طالب عليه السّلام، فلمّا كان في اليوم

ص: 219


1- تفسير السيوطي 392:6؛ مستدرك الحاكم 534:2.

الثالث أقبل رجل في ثياب خضر و وقف على باب المسجد، و كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه جالسا في المسجد و الناس حوله يمينا و شمالا فقال: السلام عليكم يا أهل بيت النبوّة و معدن الرسالة و مختلف الملائكة و مهبط الحقّ.

فقال له أمير المؤمنين: و عليك السلام يا بيهس بن صاف بن حاف بن لامو بن بيهس.

فسأل بيهس أمير المؤمنين فقال: قال: أخبرني عن قول اللّه تعالى وَ الْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (1).

فبكى عليه السلام بكاء شديدا و قال: كم تسألني و لو سألتني عمّا في التوراة و الإنجيل و الكتب التي أنزل اللّه على الأنبياء لأجبتك عن ذلك، لا يذهب عليّ حرف منها بقدرة اللّه تعالى.

قال: صدقت يا أمير المؤمنين و لكنّي رسول الجنّ إليك و نحن ممّن آمنوا بمحمّد و صدّقوه و عرفوا أنّك وصيّه و لا بدّ لي من أن أسألك.

فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: أما العصر فمحمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلم

ص: 220


1- العصر: 1-2.

و إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ فأهل الشام الذين خسروا إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ هم محبّونا و أهل ولايتنا وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ ولداي(1).

[189] - في مجمع البيان: و قيل: إن في قراءة ابن مسعود «و العصر إنّ الإنسان لفي خسر و إنّه فيه إلى آخر الدهر» و روي ذلك عن عليّ عليه السّلام(2).

[190] - في روضة الكافي خطبة طويلة لأمير المؤمنين عليه السّلام يقول فيها: أستعيذ باللّه من الشيطان الرجيم وَ الْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (3) إلى آخر السورة(4).

ص: 221


1- الزام الناصب: 107:1-109.
2- مجمع البيان: 815/10.
3- سورة العصر، الآية: 2.
4- روضة الكافي: 152 ح 194 /ج 8.

ص: 222

سورة الهمزة

اشارة

ص: 223

ص: 224

الآيتان (8)-(9)

[سورة الهمزة (104): الآیات 8 الی 9]

إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ

[191] - الحاكم النيسابوري، حدّثنا أبو الحسن عليّ بن محمّد بن عبيد القرشي بالكوفة، ثنا الحسن بن عليّ بن عفّان العامري، ثنا يحيى بن آدم، ثنا حمزة الزيات، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن عليّ عليه السّلام أنّه ذكر النار فعظّم أمرها، و ذكر منها ما شاء أن يذكر، ثمّ قال: إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (1).

قوله تعالى: فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ

[192] - قال النحّاس: و من أجلّ ما يروى في الآية ما يروى عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه قال: أتدرون كيف أبواب النار؟

ص: 225


1- مستدرك الحاكم 535:2.

قلنا: مثل أبوابنا هذه.

فقال: لا، إنّ بعضها فوق بعض(1).

[193] - قال النحّاس: (في عمد...) هكذا روي عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه و ابن مسعود و زيد بن ثابت و هي قراءة عاصم و يحيى بن وثاب و الأعمش و حمزة و الكسائي(2).

ص: 226


1- إعراب القرآن: 241/5.
2- إعراب القرآن: 241/5.

سورة الفيل

اشارة

ص: 227

ص: 228

الآية (1)

[سورة الفيل (105): آیة 1]

أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ

[194] - عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جده عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قال: سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم عن المسوخ فقال: هي ثلاثة عشر: الفيل و الدب... إلى أن قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: أمّا الفيل فكان رجلا لوطيّا لا يدع رطبا و لا يابسا(1).

ص: 229


1- الخصال: ب 13 /ح 494/2.

ص: 230

سورة قريش

اشارة

ص: 231

ص: 232

الآية (4)

[سورة قريش (106): آیة 4]

اَلَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَ آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ

[195] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي كرم اللّه وجهه: و آمنهم من خوف أن تكون الخلافة إلاّ فيهم(1).

ص: 233


1- تفسير الثعلبي: 303/10، و تفسير القرطبي: 209/20-142 مورد الآية.

ص: 234

سورة الماعون

اشارة

ص: 235

ص: 236

الآيات (4)-(6)

[سورة الماعون (107): الآیات 4 الی 6]

فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) اَلَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ (5) اَلَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ

[196] - في مجمع البيان: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) اَلَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ و هم الذين يؤخّرون الصلاة عن أوقاتها عن ابن عبّاس و مسروق، و روي ذلك مرفوعا، و قيل: يريد المنافقين الذين لا يرجون ثوابا إن صلّوا، و لا يخافون عليها عقابا إن تركوا، فهم عنها غافلون حتّى يذهب وقتها، فإذا كانوا مع المؤمنين صلّوها رياء، و إذا لم يكونوا معهم لم يصلّوا، و هو قوله: اَلَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ عن عليّ عليه السّلام و ابن عبّاس(1).

قوله تعالى: اَلَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ

ص: 237


1- مجمع البيان: 834/10.

[197] - في تفسير البرهان و كتاب الخصال: فيما علّم أمير المؤمنين عليه السّلام أصحابه من الأربعمائة باب ممّا يصلح للمسلم في دينه و دنياه: ليس عمل أحبّ إلى اللّه عزّ و جلّ من الصلاة، فلا يشغلنّكم عن أوقاتها شيء من أمور الدنيا، فإنّ اللّه عزّ و جلّ ذم أقواما فقال: اَلَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ يعني أنّهم غافلون استهانوا بأوقاتها(1).

ص: 238


1- الخصال: ب 400 ح 621/10، و تفسير البرهان: 396/8.

الآية (7)

[سورة الماعون (107): آیة 7]

وَ يَمْنَعُونَ الْماعُونَ

[198] - في مجمع البيان: وَ يَمْنَعُونَ الْماعُونَ إختلف فيه فقيل: هو الزكاة المفروضة عن عليّ عليه السّلام، و روي ذلك عن أبي عبد اللّه عليه السّلام(1).

[199] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرنا أبو بكر الجمشادي حدّثنا أبو بكر القطيعي قال: حدّثنا إبراهيم بن عبد اللّه بن مسلم قال: حدّثنا أبو عمر الضرير قال: حدّثنا أبو عوانة عن إسماعيل السهمي عن أبي صالح عن علي عليه السّلام وَ يَمْنَعُونَ الْماعُونَ قال: هي الزكاة، و إليه ذهب ابن عمر و الحسن و قتادة و ابن الحنفية و الضحاك(2).

ص: 239


1- مجمع البيان: 834/10.
2- تفسير الثعلبي: 305/10.

[200] - الإسفرائيني قال: قال عليّ عليه السّلام: الآية محكمة، و الماعون: الزكاة(1).

[201] - في تفسير القرطبي قال في قوله تعالى:

(وَ يَمْنَعُونَ الْماعُونَ ) :عن علي رضي اللّه عنه أنه زكاة أموالهم(2).

[202] - الحاكم النيسابوري، حدّثنا علي بن عيسى، ثنا إبراهيم بن أبي طالب، ثنا ابن أبي عمر، ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن علي عليه السّلام: وَ يَمْنَعُونَ الْماعُونَ قال: هي الزكاة المفروضة يراؤون بصلاتهم و يمنعون زكاتهم(3).

[203] - أخرج ابن قانع، عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم يقول: المسلم أخو المسلم إذا لقيه حيّاه بالسلام و يردّه عليه ما هو خير منه، لا يمنع الماعون، قلت: يا رسول اللّه ما الماعون ؟ الحجر و الحديد و الماء و أشباه ذلك(4).

ص: 240


1- الناسخ و المنسوخ: 190، و انظر أحكام القرآن الجصّاص: 643/3، و تفسير ابن كثير: 594/4، و مغني المحتاج: 264/2، مصنف ابن أبي شيبة: 92/3.
2- تفسير القرطبي: 145/20 مورد الآية.
3- مستدرك الحاكم 536:2؛ سنن البيهقي 82:4.
4- تفسير السيوطي 400:6.

[204] - أخرج الفريابي، و سعيد بن منصور، و أبن أبي شيبة، و ابن جرير، و ابن المنذر، و ابن أبي حاتم، و الحاكم، و البيهقي، عن علي بن أبي طالب عليه السّلام قال:

الماعون الزكاة المفروضة، يراؤون بصلاتهم و يمنعون زكاتهم(1).

ص: 241


1- تفسير السيوطي 401:6؛ سنن البيهقي 184:4.

ص: 242

سورة الكوثر

اشارة

ص: 243

ص: 244

الآيتان (1) و (2)

[سورة الكوثر (108): الآیات 1 الی 2]

إِنّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ

[205] - الصدوق، بإسناده عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

أنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم و معي عترتي على الحوض، فمن أرادنا فليأخذ بقولنا و ليعمل عملنا، فإنّ لكلّ أهل بيت نجيبا، و لنا شفاعة و لأهل مودّتنا شفاعة، فتنافسوا في لقائنا على الحوض، فإنّا نذود عنه أعداءنا و نسقي منه أحباءنا و أولياءنا، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا، حوضنا فيه مثعبان ينصبّان من الجنّة، أحدهما من تسنيم و الآخر من معين، على حافتيه الزعفران، و حصى اللؤلؤ و الياقوت، و هو الكوثر(1).

[206] - أمالي الصدوق، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم حديث طويل

ص: 245


1- الخصال، حديث الأربعمائة: 624؛ تفسير الصافي 383:5؛ تفسير نور الثقلين 681:5.

و فيه قال علي عليه السّلام: يا رسول اللّه، أصابتني جنابة البارحة من فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم فطلبت في البيت الماء فلم أجد الماء، فبعثت الحسن (كذا) و الحسين (كذا) فأبطآ عليّ، فاستلقيت على قفاي فإذا أنا بهاتف من سواء البيت، قم يا علي و خذ السطل و اغتسل، فإذا أنا بسطل من ماء مملوء عليه منديل من سندس، فأخذت السطل و اغتسلت و مسحت بدني بالمنديل و رددت المنديل على رأس السطل، فقام السطل في الهواء فسقط من السطل جرعة فأصابت هامتي، فوجدت بردها على فؤادي.

فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم: بخّ بخّ يا ابن أبي طالب، أصبحت و خادمك جبرئيل، أمّا الماء فمن الكوثر، و أمّا السطل و المنديل فمن الجنّة، كذا أخبرني جبرئيل، كذا أخبرني جبرئيل(1).

[207] - في أمالي شيخ الطائفة (قدس سره): بإسناده إلى عبد اللّه بن العبّاس قال: لمّا نزل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم إِنّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ قال له عليّ بن أبي طالب: ما هو الكوثر يا رسول اللّه ؟

ص: 246


1- تفسير نور الثقلين 682:5.

قال: نهر أكرمني اللّه به.

قال عليّ عليه السّلام: إن هذا النهر شريف، فانعته لنا يا رسول اللّه.

قال: نعم يا عليّ، الكوثر نهر يجري تحت العرش، ماؤه أشدّ بياضا من اللبن و أحلى من العسل و ألين من الزبد، حصاه الزبرجد و الياقوت و المرجان، حشيشه الزعفران، ترابه المسك الأذفر، قواعده تحت عرش اللّه عزّ و جلّ، ثمّ ضرب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم على جنب أمير المؤمنين عليه السّلام و قال: يا عليّ هذا النهر لي و لك و لمحبيك من بعدي(1).

[208] - و روي عن مقاتل بن حيان عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: لمّا نزلت هذه السورة قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم لجبرئيل عليه السّلام: ما هذه النحيرة التي أمرني بها ربّي ؟

قال: ليست بنحيرة و لكنه يأمرك إذا تحرمت للصلاة أن ترفع يديك إذا كبّرت، و إذا ركعت و إذا رفعت رأسك من الركوع و إذا سجدت، فإنّه صلاتنا و صلاة الملائكة في

ص: 247


1- الأمالي: 69 /مجلس 3 ح 11.

السماوات السبع؛ فإنّ لكلّ شيء زينة و إنّ زينة الصلاة رفع الأيدي عند كلّ تكبيرة.

قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم: رفع الأيدي من الإستكانة.

قلت: و ما الإستكانة ؟

قال: ألا تقرأ هذه الآية: فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَ ما يَتَضَرَّعُونَ (1) أورده الثعلبي و الواحدي في تفسيريهما(2).

[209] - و أمّا ما رواه عن عليّ عليه السّلام أنّ معناه ضع يدك اليمنى على اليسرى حذاء النحر في الصلاة فمما لا يصحّ عنه، لأن جميع عترته الطاهرين عليهم السّلام قد رووه عنه بخلاف ذلك، و هو أن معناه إرفع يديك إلى النحر في الصلاة(3).

[210] - في تفسير القرطبي عن علي رضي اللّه عنه في الآية:

أن يرفع يديه في التكبير إلى نحره(4).

[211] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرنا أبو محمد

ص: 248


1- سورة المؤمنون: 76.
2- مجمع البيان: 837/10، و تفسير القرطبي: 149/20 مورد الآية.
3- مجمع البيان: 837/10.
4- تفسير القرطبي: 149/20 مورد الآية.

المخلدي قال: أخبرنا أبو الفضل يعقوب بن يوسف بن عاصم البخاري الفقيه قال: حدّثنا الحسين بن الفضل النصراني قال: حدّثنا وهب بن إبراهيم الرازي قال: حدّثنا أبو عبد اللّه إسرائيل بن حاتم المروزي و كان ثقة مأمونا قال: أخبرنا مقاتل بن حيان عن أصبغ بن نباتة عن علي بن أبي طالب عليه السّلام قال: لما نزلت هذه السورة إِنّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ قال النبي صلّى اللّه عليه و سلم لجبرائيل:

«ما هذه النحيرة التي أمرني بها ربي ؟»

قال: ليست بنحيرة و لكنه يأمرك اذا تحرمت للصلاة أن ترفع يدك إذا كبرت، و إذا ركعت، و إذا رفعت رأسك من الركوع، و إذا سجدت، فإنه صلاتنا و صلاة الملائكة الذين في السموات السبع و إن لكل شيء زينة و أن زينة الصلاة رفع الأيدي عند التكبيرة(1),(2).

[212] - أبو إسحاق الثعلبي قال: يدل عليه ما أخبرنا

ص: 249


1- كنز العمال: 557/2، ح 4721.
2- قال أبو إسحاق الثعلبي: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: «رفع الأيدي في الصلاة من الأستكانة» قلت: فما الاستكانة ؟ قال: «ألا تقرأ هذه الآية: (فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَ ما يَتَضَرَّعُونَ) قال: هو الخضوع. (كنز العمال: 557/2، ح 4721، و تاريخ بغداد: 422/14.

عبد اللّه بن حامد قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن يحيى بن بلال قال: حدّثنا أبو زرعة الرازي قال: حدّثنا عبد الجبار بن سعيد بن سليمان بن نوفل بن مساحق العامري قال: حدّثنا ابن أبي الزياد عن موسى بن عقبة عن عبد اللّه بن الفضل عن عبد الرحمن الأعرج عن عبيد اللّه بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم أنّه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبّر و رفع يديه حذو منكبيه و يصنع مثل ذلك إذا قضى قراءته و أراد أن يركع و يضعه إذا رفع من الركوع، و لا يرفع يديه في شيء من صلاته و هو قاعد(1).

ص: 250


1- تفسير الثعلبي: 312/10.

سورة الكافرون

اشارة

ص: 251

ص: 252

الآيات (1)-(6)

[سورة الكافرون (109): الآیات 1 الی 6]

قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (1) لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ (2) وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (3) وَ لا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ (4) وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَ لِيَ دِينِ

[213] - في عيون الأخبار: في باب ما جاء عن الرضا عليه السّلام من الأخبار المجموعة بهذا الإسناد قال: قال عليّ بن أبي طالب عليه السّلام: صلّى بنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم صلاة السفر فقرأ في الأولى: قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ و في الأخرى قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ (1) اَللّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ (3) وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (1),(2) ثمّ قال: قرأت لكم ثلث القرآن و ربعه(3).

ص: 253


1- سورة الإخلاص، الآيات: 1-4.
2- سورة التوحيد، الآية: 1.
3- عيون الأخبار: 36/2 /ب 31 ح 101.

ص: 254

سورة النصر

اشارة

ص: 255

ص: 256

الآيات (1)-(3)

[سورة النصر (110): الآیات 1 الی 3]

إِذا جاءَ نَصْرُ اللّهِ وَ الْفَتْحُ (1) وَ رَأَيْتَ النّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللّهِ أَفْواجاً (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ اسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوّاباً

[214] - عن علي عليه السّلام قال: نعى اللّه لنبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم نفسه حين أنزل عليه إِذا جاءَ نَصْرُ اللّهِ وَ الْفَتْحُ فكان الفتح في سنة ثمان من مهاجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم فلما طعن في سنة تسع من مهاجره، فتتابعت عليه القبائل تسعى، فلم يدر متى الأجل ليلا أو نهارا، فعمل على قدر ذلك، فوسّع السنن و سدّد الفرائض و أظهر الرخص، و نسخ كثيرا من الأحاديث، و غزا تبوك، و فعل فعل مودّع(1).

[215] - عن علي عليه السّلام قال: لما نزلت هذه السورة

ص: 257


1- كنز العمال 559:2 ح 4725.

على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم إِذا جاءَ نَصْرُ اللّهِ وَ الْفَتْحُ أرسل النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم إلى علي، فقال: يا علي إنّه قد جاء نصر اللّه و الفتح، و رأيت الناس يدخلون في دين اللّه أفواجا، فسبّحت ربّي بحمده و استغفرت ربّي إنّه كان توابا، إنّ اللّه قد كتب على المؤمنين الجهاد في الفتنة من بعدي.

قالوا: يا رسول اللّه، و كيف نقاتلهم و هم يقولون: قد آمنّا؟

قال: على إحداثهم في دينهم، و هلك المحدثون في دين اللّه(1).

[216] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرنا ابن فنجويه قال: حدّثنا عبد اللّه بن يوسف قال: حدّثنا محمد بن عمران قال: حدّثنا أبو الدرداء عبد العزيز بن منيب قال: حدّثنا إسحاق بن عبد اللّه بن كيسان قال: حدّثني أبي عن عكرمة عن ابن عباس قال: أقبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم من غزوة حنين فنزل عليه إِذا جاءَ نَصْرُ اللّهِ وَ الْفَتْحُ السورة، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: «يا علي و يا فاطمة بنت محمد قد جاء نصر اللّه و الفتح و رأيت الناس يدخلون في دين اللّه أفواجا

ص: 258


1- كنز العمال 559:2 ح 4726.

سبحان ربي و بحمده و أستغفره إنه كان توابا، و يا علي بن أبي طالب إنه يكون من بعدي في المؤمنين الجهاد».

فقال علي: (على) ما نجاهد المؤمنين الذين يقولون آمنا؟

قال: «على الإحداث في الدين إذا عملوا بالرأي، و لا رأي في الدين إنّما الدين من الرب أمره و نهيه».

فقال علي: يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم، أرأيت إن عرض لنا أمر لم يبيّن اللّه فيه قرآنا و لم ينصّ فيه سنّة منك ؟

قال: «تجعلونه شورى بين العابدين(1) و لا تقضون برأي خاصة. و لو كنت مستخلفا أحدا لم يكن أحد أحقّ منك لقدّمتك في الإسلام و قرابتك من رسول اللّه و صهرك و عندك فاطمة سيدة نساء المؤمنين، و قبل ذلك ما كان من بلاء أبي طالب إياي حين نزل القرآن، فأنا حريص على أن أرعى ذلك في ولده »(2).

ص: 259


1- في المصدر: من المؤمنين.
2- تفسير الثعلبي: 322/10، و مجمع الزوائد: 180/1، المعجم الكبير: 11 / 295. بتفاوت بسيط.

ص: 260

سورة المسد

اشارة

ص: 261

ص: 262

الآيات (1)-(3)

[سورة المسد (111): الآیات 1 الی 3]

تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَ تَبَّ (1) ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَ ما كَسَبَ (2) سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ

[217] - في تفسير أبي السعود قال: و قرىء «أبو لهب» كما عن علي بن أبي طالب(1).

[218] - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبن أبي عمير، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن أبي حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لمّا أرادت قريش قتل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم قالت: كيف لنا بأبي لهب ؟

فقالت أمّ جميل: أنا أكفيكموه. أنا أقول له: إنّي أحبّ أن تقعد اليوم في البيت نصطبح. فلمّا أن كان من الغدو تهيأ المشركون للنبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم. قعد أبو لهب و أمرأته

ص: 263


1- تفسير أبي السعود: 911/5.

يشربان، فدعا أبو طالب عليا عليه السّلام فقال له: يا بني، إذهب إلى عمّك أبي لهب فاستفتح عليه فإن فتح لك فادخل و إن لم يفتح لك فتحامل على الباب و اكسره و ادخل عليه، فإذا دخلت عليه فقل له: يقول لك أبي: إنّ أمرءا عمه عيّنه في القوم فليس بذليل.

قال: فذهب أمير المؤمنين عليه السّلام فوجد الباب مغلقا فاستفتح فلم يفتح له فتحامل على الباب و كسره و دخل، فلمّا رآه أبو لهب قال له: مالك يا ابن أخي ؟ فقال له: إنّ أبي يقول لك إنّ امرءا عمه عيّنه في القوم ليس بذليل. فقال له: صدق أبوك. فما ذاك يا ابن أخي ؟

فقال له: يقتل ابن أخيك و أنت تأكل و تشرب، فوثب و أخذ سيفه فتعلّقت به أم جميل فرفع يده و لطم وجهها لطمة ففقأ عينها، فماتت و هي عوراء، و خرج أبو لهب و معه السيف، فلمّا رأته قريش عرفت الغضب في وجهه، فقالت، مالك يا أبا لهب، فقال: أبايعكم على ابن أخي، ثم تريدون قتله. و اللات و العزّى لقد هممت أن أسلم ثمّ تنظرون ما أصنع، فاعتذروا إليه و رجع(1).

ص: 264


1- شرح أصول الكافي: 393/12-418.

الآية (4)

[سورة المسد (111): آیة 4]

وَ امْرَأَتُهُ حَمّالَةَ الْحَطَبِ

[219] - في نهج البلاغة: من كتاب له عليه السّلام إلى معاوية: جوابا و منّا خير نساء العالمين و منكم حمّالة الحطب(1).

ص: 265


1- نهج البلاغة: كتاب 28.

ص: 266

سورة الإخلاص

اشارة

ص: 267

ص: 268

الآية (1) إلى (4)

[سورة الإخلاص (112): الآیات 1 الی 4]

قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ (1) اَللّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ (3) وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ

[220] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال عبد خير: سأل رجل علي بن أبي طالب صلّى اللّه عليه و سلم عن تفسير هذه السورة قال: قل هو اللّه أحد بلا تأويل عدد، اللّه الصمد لا يتبعض بدد، لم يلد فيكون هالكا، و لم يولد فيكون إلها مشاركا، و لم يكن له من خلقه كفوا أحد(1).

قوله تعالى: قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ

[221] - في الإكمال: حدّثنا عبد اللّه بن محمد بن عبد الوهاب بن نصر السجزيّ قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن الفتح المزكّى و أبو الحسن علي بن حسن بن حمكا

ص: 269


1- تفسير الثعلبي: 336/10، و تفسير مجمع البيان: 489/10، و فيه موروثا هالكا.

الملاشكي ختن أبي بكر عن أبي الدنيا المعمّر المغربي في حديث طويل جاء فيه قال: حدّثني علي بن أبي طالب عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: من قرأ قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ فكأنّما قرأ ثلث القرآن، و من قرأها مرّتين فكأنّما قرأ ثلثي القرآن، و من قرأها ثلاث مرّات فكأنّما قرأ القرآن كلّه(1).

قوله تعالى: قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ

[222] - ابن عساكر قال: نا ابن شاهين، نا محمّد بن هارون بن عبد اللّه بن سليمان الحضرمي، نا نصر بن عليّ الجهضمي، نا العبّاس بن جعفر بن زيد طلق، عن أبيه، عن جده، عن عليّ: أن رسول اللّه حيث زوّجه فاطمة دعا بماء فمجّه ثم أدخله معه فرشّه في جنبه و بين [كتفيه] و عوّذه ب قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ و المعوّذتين، ثم دعا بفاطمة فقامت على استحياء، فقال: «لم آل أن زوّجتك خير أهلي »(2).

[223] - و بإسناده إلى يعقوب السراج عن

ص: 270


1- إلزام الناصب: 274/1، و كمال الدين: 542 ح 7 باب 50.
2- تاريخ دمشق: 96/45، و خصائص أمير المؤمنين للنسائي 139 /ح 125، الطبقات الكبرى 23/8-24، المستدرك 157/3، فضائل الصحابة لابن حنبل 569:2 /ح 958.

أبي عبد اللّه عليه السّلام يقول: الحمد للّه الذي لم يلد فيولد و لم يولد فيشارك(1).

[224] - في نهج البلاغة: وَ لَمْ يُولَدْ سبحانه فيكون في العز مشاركا، و لم يلد فيكون موروثا هالكا(2).

[225] - فيه و لا كفء له فيكافيه(3).

[226] - في نهج البلاغة لم يلد فيكون مولودا، و لم يولد فيصير محدودا، جلّ عن اتخاذ الأبناء(4).

[227] - فيه خطبة لعلي عليه السّلام أيضا و فيها: تعالى عن أن يكون له كفء فيشبه به(5).

[228] - في كتاب التوحيد خطبة لأمير المؤمنين عليه السّلام يقول فيها: الحمد للّه الذي لم يولد فيكون في العز مشاركا، و لم يلد فيكون موروثا هالكا(6).

[229] - في كتاب الخصال: فيما علّم أمير

ص: 271


1- هو نفسه الحديث المتقدّم: 79.
2- نهج البلاغة: الخطبة 182، و فيه: فيكون موروثا.
3- نهج البلاغة: 124/2 ط محمّد عبده، الخطبة: 186 في التوحيد.
4- نهج البلاغة: خطبة 186-11.
5- التوحيد: ب 2 ح 51/13.
6- كتاب التوحيد: ب 31/2 ح 1.

المؤمنين عليه السّلام أصحابه من الأربعمائة باب ممّا يصلح للمسلم في دينه و دنياه، من قرأ: قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ من قبل أن تطلع الشمس و مثلها إِنّا أَنْزَلْناهُ و مثلها آية الكرسي منع ماله ممّا يخاف، من قرأ قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ و إِنّا أَنْزَلْناهُ قبل أن تطلع الشمس لم يصبه في ذلك اليوم ذنب و إن جهد إبليس؛ إذا أراد احدكم حاجة فليبكر في طلبها يوم الخميس فإن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم قال: اللّهم بارك لأمتي في بكورها يوم الخميس، و ليقرأ إذا خرج من بيته الآيات الأخيرة من آل عمران و آية الكرسي و إِنّا أَنْزَلْناهُ و أمّ الكتاب، فإن فيها قضاء الحوائج للدنيا و الآخرة، إذا كسا اللّه مؤمنا ثوبا جديدا فليتوضأ و ليصلّ ركعتين يقرأ فيهما أم الكتاب و آية الكرسي و قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ و إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ،و ليحمد اللّه الذي ستر عورته و زيّنه في الناس، و ليكثر من قول: لا حول و لا قوة إلاّ باللّه العلي العظيم، فإنّه لا يعصي اللّه فيه، و له بكلّ سلك فيه ملك يقدّس له و يستغفر له و يترحم عليه(1).

[230] - و بإسناده عن عبد اللّه بن حيي قال: سمعت

ص: 272


1- الخصال: ب 400 ح 622/10.

أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: من قرأ قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ إحدى عشرة مرة في دبر الفجر لم يتبعه في ذلك اليوم ذنب و إن رغم أنف الشيطان(1).

[231] - في كتاب التوحيد: عن أمير المؤمنين عليه السّلام رأيت الخضر عليه السّلام في المنام قبل بدر بليلة فقلت له: علمني شيئا أنصر به على الأعداء، فقال: قل: يا هو يا من لا هو إلاّ هو. فلما أصبحت قصصتها على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم فقال لي: يا عليّ، علمت الإسم الأعظم، فكان على لساني يوم بدر. و إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قرأ قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ لمّا فرغ قال: يا هو يا من لا هو إلاّ هو، اغفر لي و انصرني على القوم الكافرين(2).

[232] - و بإسناده عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم من قرأ قل هو اللّه أحد مائة مرة حين يأخذ مضجعه غفر اللّه له ذنوب خمسين سنة(3).

[233] - في كتاب الخصال: في مناقب أمير المؤمنين

ص: 273


1- ثواب الأعمال: 158 ح 8.
2- التوحيد: ب 4 ح 89/2.
3- ثواب الأعمال: 158 ح 5.

و تعدادها قال عليه السّلام: و أمّا الحادية و الستّون فإني سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم يقول: يا عليّ مثلك مثل قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ من أحبّك بقلبه فكأنّما قرأ ثلث القرآن، و من أحبك بقلبه و أعانك بلسانه فكأنما قرأ ثلثي القرآن، و من أحبك بقلبه و أعانك بلسانه و نصرك بيده فكأنما قرأ القرآن كله(1).

[234] - فيه عن أمير المؤمنين عليه السّلام من قرأ قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ حين يأخذ مضجعه وكّل اللّه به خمسين ألف ملك يحرسونه ليلته(2).

[235] - في من لا يحضره الفقيه: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من أحبّ أن يخرج من الدنيا و قد تخلص من الذنوب كما يتخلص الذهب الذي لا كدر فيه و لا يطلبه أحد بمظلمة فليقل في دبر الصلوات الخمس نسبة الربّ تبارك و تعالى(3) اثنتي عشرة مرّة ثمّ يبسط يده و يقول: اللّهم إنّي أسألك باسمك المكنون المخزون الطهر الطاهر المبارك و أسألك باسمك العظيم و سلطانك القديم أن تصلّي على

ص: 274


1- الخصال: ب 70 ح 580/1.
2- الخصال: حديث الأربعمائة/ 631.
3- يعني سورة التوحيد و في وجه تسميته بذلك بيان للمحدث الكاشاني رحمه اللّه في الوافي ذكره في كتاب التوحيد ج 1 صفحة 80 (فراجع ان شئت).

محمّد و آل محمّد، يا واهب العطايا يا مطلق الأسارى يا فكّاك الرقاب من النار، أسألك أن تصلّي على محمّد و آل محمّد، و أن تعتق رقبتي من النار، و أن تخرجني من الدنيا آمنا و أن تدخلني الجنّة سالما، و أن تجعل دعائي أوّله فلاحا و أوسطه نجاحا و آخره صلاحا إنّك أنت علاّم الغيوب.

ثمّ قال أمير المؤمنين عليه السّلام: هذا من المخبيات ممّا علّمني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم و أمرني أن أعلّم الحسن و الحسين عليهما السّلام(1).

[236] - في كتاب معاني الأخبار: بإسناده إلى الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه عليه السّلام: نسبة اللّه عزّ و جلّ قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ (2).

[237] - قال أمير المؤمنين عليه السّلام: اللّه معناه المعبود الذي يأله فيه الخلق و يؤله إليه، و اللّه هو المستور عن درك الأبصار و المحجوب عن الأوهام و الخطرات(3).

ص: 275


1- من لا يحضره الفقيه: 324/1 ح 949.
2- معاني الأخبار: باب معنى المخبيات ح 140/1.
3- التوحيد: ب 4 ح 89/2.

[238] - و بإسناده إلى المقدام بن شريح بن هاني عن أبيه قال: إن أعرابيا قام يوم الجمل إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: يا أمير المؤمنين، أتقول إن اللّه واحد؟

قال: فحمل الناس عليه و قالوا: يا أعرابي، أما ترى ما فيه أمير المؤمنين من تقسّم القلب ؟

فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: دعوه فإن الذي يريده الأعرابي هو الذي نريده من القوم.

ثمّ قال: يا أعرابي، إن القول في أنّ اللّه واحد على أربعة أقسام، فوجهان منها لا يجوزان على اللّه عزّ و جلّ، و وجهان يثبتان فيه، فأمّا اللذان لا يجوزان عليه فقول القائل واحد يقصد به باب الأعداد، فهذا ما لا يجوز، لأنّ ما لا ثاني له لا يدخل في باب الأعداد، ألا ترى أنّه كفر من قال: ثالِثُ ثَلاثَةٍ (1) ،و قول القائل هو واحد من الناس يريد به النوع من الجنس فهذا ما لا يجوز عليه لأنّه تشبيه، و جلّ ربّنا عن ذلك و تعالى، و أمّا الوجهان اللذان يثبتان فيه فقول القائل: هو واحد ليس له في الأشياء شبيه كذلك ربّنا، و قول القائل: إنّه ربّنا عزّ و جلّ أحديّ المعنى، يعني

ص: 276


1- سورة المائدة، الآية: 73.

به أنّه لا ينقسم في وجود و لا عقل و لا و هم كذلك ربّنا عزّ و جلّ(1).

[239] - في عيون الأخبار: في باب ما جاء عن الرضا عليه السّلام من الأخبار المجموعة بهذا الإسناد قال: قال عليّ بن أبي طالب عليه السّلام: صلّى بنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم صلاة السفر فقرأ في الأولى: قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ و في الأخرى قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ (2) ثمّ قال: قرأت لكم ثلث القرآن و ربعه(3).

ص: 277


1- التوحيد: ب 3 ح 83/3.
2- التوحيد: 1.
3- عيون الأخبار: 36/2 /ب 31 ح 101.

ص: 278

سورة الفلق

اشارة

ص: 279

ص: 280

الآيات (1)-(5)

[سورة الفلق (113): الآیات 1 الی 5]

قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ (2) وَ مِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ (3) وَ مِنْ شَرِّ النَّفّاثاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَ مِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ

[240] - أخرج المتقي الهندي عن علي عليه السلام قال: الفلق جبّ في قعر جهنم عليه غطاء، فإذا كشف عنه خرجت منه نار تصيح منه جهنم من شدة حرّ ما يخرج منه(1).

[241] - و بإسناده إلى محمّد بن سنان عن المفضل بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إن جبرائيل أتى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم و قال له: يا محمّد قال: لبيك يا جبرائيل، قال: إن فلان سحرك و جعل السحر في بئر بني

ص: 281


1- كنز العمال: 563/2 ح 4735.

فلان فابعث إليه يعني البئر أوثق الناس عندك و أعظمهم في عينك و هو عديل نفسك حتى يأتيك بالسحر، قال: فبعث النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم عليّ بن أبي طالب و قال: إنطلق إلى بئر أزوان فإنّ فيها سحرا سحرني به لبيد بن أعصم اليهودي فائتني به.

قال عليه السّلام: فانطلقت في حاجة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم فهبطت فإذا ماء البئر قد صار كأنه الحناء من السحر، فطلبته مستعجلا حتى انتهيت إلى أسفل القليب فلم أظفر به، قال الذين معي: ما فيه شيء فاصعد، فقلت: لا و اللّه ما كذبت و ما كذّبت و ما نفسي به مثل أنفسكم يعني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم. ثمّ طلبت طلبا بلطف فاستخرجت حقّا فأتيت النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم فقال: افتحه ففتحته و إذا في الحق قطعة كرب النخل في جوفه وتر عليها أحد و عشرون عقدة، و كان جبرائيل عليه السّلام أنزل يومئذ المعوذتين على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم: يا عليّ إقرأها الوتر، فجعل أمير المؤمنين عليه السّلام كلمّا قرأ آية انحلت عقدة حتى فرغ منها، و كشف اللّه عزّ و جلّ عن نبيه ما سحر و عافاه(1).

[242] - في أصول الكافي: عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عن القداح عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

ص: 282


1- طبّ الأئمّة: 113، و في هذا الحديث كلام للطبرسي رحمه اللّه و غيره.

قال أمير المؤمنين عليه السّلام: رقى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم حسنا و حسينا فقال: أعيذكما بكلمات اللّه التامات و أسمائه الحسنى كلّها عامّة من شرّ السامة و الهامة و من شرّ كلّ عين لامّة(1) و من شرّ حاسد إذا حسد، ثمّ التفت النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم إلينا فقال: هكذا كان يعوّذ إبراهيم إسماعيل و إسحاق عليهم السّلام(2).

ص: 283


1- السامة: ذات السم. و الهامة: واحدة الهوام، و لا يقع هذا الاسم إلاّ على المخوف. و العين اللامّة: التي تصيب بسوء.
2- أصول الكافي: 569/2 ح 3.

ص: 284

سورة الناس

اشارة

ص: 285

ص: 286

الآيات (1)-(6)

[سورة الناس (114): الآیات 1 الی 6]

قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النّاسِ (1) مَلِكِ النّاسِ (2) إِلهِ النّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنّاسِ (4) اَلَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَ النّاسِ (6)

[243] - في نهج البلاغة... فاتّقى عبد ربه، نصح نفسه، و قدّم توبته، و غلب شهوته، فإن أجله مستور عنه، و أمله خادع له، و الشيطان موكّل به، يزين له المعصية ليركبها، و يمنّيه التوبة ليسوّفها، إذا هجمت منيّته عليه أغفل ما يكون عنها(1).

انتهى الجزء التاسع

و يليه الجزء العاشر

و يحتوي

على فهارس الأجزاء التسعة

ص: 287


1- نهج البلاغة، الخطبة رقم 95.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.