تفسير أمير المؤمنين عليهم السّلام للقرآن الكريم المجلد 8

هویة الکتاب

تفسير أمير المؤمنين عليه السّلام للقرآن الكريم

مجلدات: 10ج

جمع و تهذيب السيّد علي عاشور

مرکز الشرق الأوسط الثقافي - بیروت - لبنان

ص: 1

اشارة

تفسير أمير المؤمنين عليه السّلام للقرآن الكريم

ص: 2

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 3

جمیع الحقوق محفوظة ومسجلة للناشر

الطبعة الأولی

1429ه - 2008م

مرکز الشرق الأوسط الثقافي - بیروت - لبنان

ص: 4

سورة القمر

اشارة

ص: 5

ص: 6

الآيات (11)-(13)

[سورة القمر (54): الآیات 11 الی 13]

فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (11) وَ فَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (1(2) وَ حَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَ دُسُرٍ

[1] - عليّ بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لم تنزل قطرة من السماء من مطر إلاّ بعدد معدود و وزن معلوم، إلاّ ما كان من يوم الطوفان على عهد نوح عليه السّلام فإنه نزل ماء منهمرا بلا وزن و لا عدد. و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(1).

[2] - عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان عن أبي حمزة الثمالي عن أبي رزين الأسدي عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال: إن

ص: 7


1- روضة الكافي: 200/8 ح 326.

نوحا عليه السّلام لما فرغ من السفينة و كان ميعاده فيما بينه و بين ربّه في إهلاك قومه أن يفور التنور، ففار، فقالت امرأته: إن التنور قد فار، فقام إليه فختمه فقام الماء(1) و أدخل من أراد أن يدخل، و أخرج من أراد أن يخرج، ثمّ جاء إلى خاتمه فنزعه يقول اللّه عزّ و جلّ: فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (11) وَ فَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (1(2) وَ حَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَ دُسُرٍ قال: و كان نجرها في وسط مسجدكم، و لقد نقص عن ذرعه سبعمائة ذراع(2),(3).

[3] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: و روي عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم السّلام قال: إن يهوديا من يهود الشام و أحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه السّلام: فإن نوحا دعا ربّه فهطلت السماء(4) بماء منهمر، قال له علي عليه السّلام: لقد كان كذلك و كانت دعوته دعوة غضب، و محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم هطلت له السماء بماء منهمر

ص: 8


1- قام الماء: جمد.
2- قال المجلسي رحمه اللّه: لعلّ الغرض رفع الاستبعاد عن عمل السفينة في المسجد مع ما اشتهر من عظمها أي نقصوا المسجد عما كان عليه في زمن نوح سبعمائة ذراع و يدلّ على أصل النقص أخبار أخر.
3- روضة الكافي: 235/8 ح 422.
4- هطل المطر: نزل متتابعا عظيم القطر.

رحمة، إنّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لمّا هاجر إلى المدينة أتاه أهلها في يوم جمعة فقالوا له: يا رسول اللّه إحتبس القطر و اصفر العود و تهافت الورق(1) فرفع يده المباركة إلى السماء حتّى رئي بياض إبطيه و ما يرى في السماء سحابة، فما برح حتّى سقاهم اللّه، حتّى إنّ الشاب المعجب بشبابه لتهمّه نفسه في الرجوع إلى منزله فما يقدر من شدة السيل، فدام أسبوعا فأتوه في الجمعة الثانية، فقالوا: يا رسول اللّه، لقد تهدمت الجدر و احتبس الركب و السفر! فضحك عليه السّلام و قال: هذه سرعة ملالة ابن آدم ثمّ قال: اللهمّ حوالينا و لا علينا، اللهمّ في أصول الشيح(2) و مراتع البقر، فرئي حول المدينة المطر يقطر قطرا و ما يقع بالمدينة قطرة لكرامته على اللّه عزّ و جلّ(3).

[4] - عن السيّد الثقة الجليل الفقيه السيّد نعمة اللّه الجزائري رحمه اللّه في بعض مؤلّفاته عن ابن عبّاس قال: لمّا صارت الخلافة إلى أمير المؤمنين عليه السّلام و سيّد الوصيّين و قائد

ص: 9


1- أي تساقط.
2- الشيح - بالكسر -: نبت ينبت بالبادية و في نسخة البحار «مراتع البقع». و ذكر المجلسي رحمه اللّه في معناه وجوها ثمّ قال في آخر كلامه: و الظاهر أنّ فيه تصحيفا.
3- الإحتجاج: 501/1 /محاجة 127.

الغرّ المحجّلين علي بن أبي طالب عليه السّلام، فلمّا كان في اليوم الثالث أقبل رجل في ثياب خضر و وقف على باب المسجد، و كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه جالسا في المسجد و الناس حوله يمينا و شمالا فقال: السلام عليكم يا أهل بيت النبوّة و معدن الرسالة و مختلف الملائكة و مهبط الحقّ.

فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام: و عليك السلام يا بيهس بن صاف بن حاف بن لامو بن بيهس، فسأل بيهس أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: قال: أخبرني عن قوله تعالى فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (1(1) وَ فَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً (1) قال عليه السّلام: نعم نزوله من السماء على الخلق، عنى بذلك المهدي عليه السّلام(2).

قوله تعالى: وَ فَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ

[5] - عن الصادق عليه السّلام، عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: لم تنزل قطرة من السماء من مطر إلاّ بعدد معدود، و وزن معلوم، إلاّ ما كان من يوم الطوفان في عهد نوح عليه السّلام فإنّه نزل ماء منهمر بلا وزن و لا عدد(3).

ص: 10


1- القمر: 11.
2- الزام الناصب: 107:1-109.
3- تفسير الصافي 101:5؛ تفسير نور الوارثين 179:5؛ الكافي 239:8.

الآية (32)

[سورة القمر (54): آیة 32]

وَ لَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ

[6] - في روضة الكافي خطبة لأمير المؤمنين عليه السّلام و فيها: ثم إن أحسن القصص و أبلغ الموعظة و أنفع التذكر كتاب اللّه عز ذكره(1).

[7] - عنه عليه السّلام: أفضل الذّكر القرآن، به تشرح الصّدور، و تستنير السّرائر(2).

[8] - عنه عليه السّلام: إنّ أحسن القصص و أبلغ الموعظة و أنفع التّذكّر كتاب الله جلّ و عزّ(3).

[9] - عنه عليه السّلام: تعلّموا كتاب الله تبارك و تعالى؛ فإنّه أحسن الحديث و أبلغ الموعظة، و تفقّهوا فيه فإنّه ربيع

ص: 11


1- روضة الكافي: 173/8 ح 194 /ب 8.
2- غرر الحكم: 3255.
3- الكافي: 194/175/8.

القلوب، و استشفوا بنوره فإنّه شفاء لما في الصّدور، و أحسنوا تلاوته فإنّه أحسن القصص(1).

ص: 12


1- تحف العقول: 150.

الآيتان (48) و (49)

[سورة القمر (54): الآیات 48 الی 49]

يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (4(8) إِنّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ

[10] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرني ابن السري النحوي في (درب حاجب) قال: أخبرنا محمد بن عبد اللّه بن محمد العماني قال: أخبرنا عبد اللّه بن أحمد بن عامر قال:

حدّثنا أبي قال: حدّثني علي بن موسى الرضا قال: حدّثني أبي موسى بن جعفر قال: حدّثني أبي جعفر بن محمد قال:

حدّثني أبي محمد بن علي قال: حدّثني أبي علي بن الحسين قال: حدّثني أبي الحسين بن علي قال: حدّثني أبي علي بن أبي طالب قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «إنّ اللّه عزّ و جلّ قدّر المقادير و دبر التدبر قبل أن يخلق آدم بألفي عام »(1).

[11] - في كتاب ثواب الأعمال: بإسناده إلى أمير

ص: 13


1- تفسير الثعلبي: 172/9، و مسند زيد: 496.

المؤمنين عليه السّلام قال: إنّ أرواح القدريّة يعرضون على النار غدوا و عشيا حتّى تقوم الساعة، فإذا قامت الساعة عذّبوا مع أهل النار بأنواع العذاب، فيقولون: يا ربّنا، عذّبتنا خاصّة و تعذّبنا عامّة ؟ فيرد عليهم: ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ (1).

[12] - بإسناد إلى عبد اللّه بن موسى بن عبد اللّه بن حسن عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليّ عن علي عليهم السّلام أنه سئل عن قول اللّه عزّ و جلّ: إِنّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ فقال:

يقول عزّ و جلّ: إنّا كلّ شيء خلقناه لأهل النار بقدر أعمالهم(2).

[13] - في مجمع البيان: لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ (3) عن أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ جهنّم لها سبعة أبواب أطباق بعضها فوق بعض، و وضع إحدى يديه على الأخرى و قال: هكذا، و إنّ اللّه وضع الجنان على العرض و وضع النيران بعضها فوق بعض فأسفلها جهنم، و فوقها لظى، و فوقها الحطمة، و فوقها سقر، و فوقها الجحيم، و فوقها السعير، و فوقها الهاوية، و في رواية الكلبي أسفلها الهاوية و أعلاها جهنم(4).

ص: 14


1- ثواب الأعمال: 252 ح 1.
2- نور البراهين: 352/2.
3- الحجر: 44.
4- مجمع البيان: 518/6.

سورة الرحمن

اشارة

ص: 15

ص: 16

الآية (1)

[سورة الرحمن (55): آیة 1]

اَلرَّحْمنُ

[14] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرنا الأستاذ أبو الحسين الجباري قال: حدّثت عن أحمد بن الحسن المقري قال: حدّثنا محمد بن يحيى الكيساني قال: حدّثنا هشام البربري قال: حدّثنا علي بن حمزة الكسائي قال:

حدّثنا موسى بن جعفر عن أبيه جعفر عن أبيه عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول: «لكلّ شيء عروس، و عروس القرآن سورة الرّحمن جلّ ذكره »(1).

ص: 17


1- تفسير الثعلبي: 176/9، و كنز العمال: 582/1 ج 2638.

الآيتان (10) و (11)

[سورة الرحمن (55): الآیات 10 الی 11]

وَ الْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ (1(0) فِيها فاكِهَةٌ وَ النَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ

[15] - في أصول الكافي: عليّ بن محمّد عن صالح بن أبي حماد وعدة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد و غيرهما بأسانيد مختلفة في احتجاج أمير المؤمنين على عاصم بن زياد حين لبس العباء و ترك الملاء و شكاه أخوه الربيع بن زياد إلى أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قد غمّ أهله و حزن ولده بذلك.

فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: عليّ بعاصم بن زياد. فجيء به، فلما رآه عبس في وجهه فقال له: أما استحييت من أهلك ؟ أما رحمت ولدك ؟ أترى اللّه أحلّ لك الطيبات و هو يكره أخذك منها؟ أنت أهون على اللّه من ذلك، أوليس اللّه يقول: وَ الْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ (1(0) فِيها فاكِهَةٌ وَ النَّخْلُ ذاتُ

ص: 18

اَلْأَكْمامِ (1) أوليس يقول: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ (1(9) بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ (2)...إلى قوله يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ (3) فباللّه لا بتذال نعم اللّه بالفعال أحب إليه من ابتذاله لها بالمقال، فقد قال عزّ و جلّ: وَ أَمّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (4).

فقال عاصم: يا أمير المؤمنين، فعلى ما اقتصرت في مطعمك على الجشوبة و في ملبسك على الخشونة ؟

فقال: ويحك، إنّ اللّه عزّ و جلّ فرض على أئمّة العدل أن يقدّروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيغ بالفقير فقره(5).

فألقى عاصم بن زياد العباء و لبس الملاء(6).

ص: 19


1- سورة الرّحمن، الآيتان: 10-11.
2- سورة الرّحمن، الآيات: 19-20.
3- سورة الرّحمن، الآية: 22.
4- سورة الضّحى، الآية: 11.
5- التبيغ: الهيجان و الغلبة.
6- أصول الكافي: 410/1 ح 3.

الآية (17)

[سورة الرحمن (55): آیة 17]

رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَ رَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ

[16] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه و أمّا قوله: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَ رَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ فإنّ مشرق الشتاء على حدة و مشرق الصيف على حدة، أما تعرف ذلك من قرب الشمس و بعدها؟ و أمّا قوله:

رب المشارق و المغارب(1) فإنّ لها ثلاثمائة و ستّين برجا تطلع كلّ يوم من برج و تغيب في آخر، فلا تعود إليه إلاّ من قابل في ذلك اليوم(2).

ص: 20


1- سورة الصافات، الآية: 5.
2- الإحتجاج: 614/1 /محاجة 139.

الآيتان (19) و (20)

[سورة الرحمن (55): الآیات 19 الی 20]

مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ (1(9) بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ

[17] - في البحار عن محمّد بن صدقة عن سلمان الفارسي رحمه اللّه قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام في حديث طويل جاء فيه: يا سلمان و يا جندب أنا محمّد و محمّد أنا و أنا من محمّد و محمّد منّي. قال اللّه مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ (1(9) بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ (1),(2).

ص: 21


1- سورة الرحمن، الآيتان: 19-20.
2- إلزام الناصب: 36/1، و البحار: 6/26 ح 1.

الآية (22)

[سورة الرحمن (55): آیة 22]

يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ

[18] - في قرب الإسناد للحميري: بإسناده إلى أبي البختري عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن علي عليهم السّلام قال: يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ قال: من السماء و من ماء البحر، فإذا أمطرت فتحت الأصداف أفواهها في البحر فيقع فيها من ماء المطر فتخرج اللؤلؤة الصغيرة من القطرة الصغيرة، و اللؤلؤة الكبيرة من القطرة الكبيرة(1).

ص: 22


1- قرب الإسناد: 137 ح 485.

الآية (24)

[سورة الرحمن (55): آیة 24]

وَ لَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ

[19] - الصدوق، بإسناده، عن عليّ عليه السّلام في قوله تعالى: وَ لَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ قال: السفن(1).

[20] - عن عمير بن سعيد، قال: كنّا مع عليّ بن أبي طالب عليه السّلام على شاطىء الفرات، إذ مرّت سفن تجري، فقال علي: وَ لَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (2).

ص: 23


1- عيون أخبار الرضا عليه السّلام 66:2؛ تفسير البرهان 266:4؛ البحار 142:93.
2- كنز العمال 517:2 ح 4639؛ تفسير السيوطي 143:6.

الآيتان (26) و (27)

[سورة الرحمن (55): الآیات 26 الی 27]

كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ (2(6) وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ

[21] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه: و أمّا قوله: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ فالمراد كلّ شيء هالك إلاّ دينه؛ لأن من المحال أن يهلك منه كلّ شيء و يبقى الوجه، هو أجلّ و أعظم من ذلك و إنّما يهلك ما ليس منه، ألا ترى أنه قال: كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ (2(6) وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ففصل بين خلقه و وجهه(1).

ص: 24


1- الإحتجاج: 598/1 /محاجة 598. مع تفاوت بما في المصدر.

الآية (29)

[سورة الرحمن (55): آیة 29]

كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ

[22] - محمّد بن الحسن قال، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل، قال: حدّثنا الفضل بن محمّد بن المسيّب أبو محمّد الشعراني البيهقي بجرجان، قال: حدّثنا هارون بن عمرو بن عبد العزيز بن محمّد أبو موسى المجاشعي، قال:

حدّثني محمّد بن جعفر بن محمّد عليه السّلام قال: حدّثنا أبي أبو عبد اللّه عليه السّلام، قال المجاشعي: و حدّثنا الرضا عليّ بن موسى عليه السّلام، عن أبيه موسى، عن أبيه أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد، عن آبائه، عن علي عليهم السّلام قال: إنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال:

قال اللّه تعالى: كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ فإنّ من شأنه أن يغفر ذنبا، و يفرّج كربا، و يرفع قوما و يضع آخرين(1).

ص: 25


1- أمالي الطوسي، المجلس 251:18 ح 1151؛ تفسير البرهان 267:4.

[23] - في أصول الكافي: خطبة مروية عن أمير المؤمنين عليه السّلام و فيها: الحمد للّه الذي لا يموت و لا تنقضي عجائبه، لأنّه كلّ يوم هو في شأن من إحداث بديع لم يكن(1).

ص: 26


1- أصول الكافي: 141/1 ح 7.

الآية (39)

[سورة الرحمن (55): آیة 39]

فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَ لا جَانٌّ

[24] - أخرج ابن جرير، و ابن أبي حاتم، و البيهقي في (البعث)، من طريق عليّ عليه السّلام، عن ابن عبّاس فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (1) قال: فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَ لا جَانٌّ (2) قال: لا يسألهم هل عملهم كذا و كذا؛ لأنه أعلم منهم بذلك، و لكن يقول: لم عملتم كذا و كذا(3).

ص: 27


1- سورة الحجر، الآية: 92.
2- سورة الرحمن، الآية: 39.
3- تفسير السيوطي 104:4.

الآيات (46)-(68)

[سورة الرحمن (55): الآیات 46 الی 68]

وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ (46) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (47) ذَواتا أَفْنانٍ (48) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (49) فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ (50) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (51) فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ (52) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (53) مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَ جَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ (54) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (55) فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَ لا جَانٌّ (56) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (57) كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَ الْمَرْجانُ (58) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (59) هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ (60) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (61) وَ مِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ (62) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (63) مُدْهامَّتانِ (64) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (65) فِيهِما عَيْنانِ نَضّاخَتانِ (66) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (6(7) فِيهِما فاكِهَةٌ وَ نَخْلٌ وَ رُمّانٌ

[25] - عن أمير المؤمنين عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ:

وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ قال: من علم أنّ اللّه يراه و يسمع ما يقوله و يفعل من خير أو شر فيحجزه عن ذلك القبيح من

ص: 28

الأعمال، فذلك الذي خاف مقام ربّه و نهى النفس عن الهوى(1).

[26] - ابن طاووس (قدس سره)، نقلا عن تفسير محمّد بن العباس بن مروان، بإسناده إلى جعفر بن محمّد، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حديث طويل، و فيه يقول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مخاطبا للمقداد بعد أن ذكر شيعة علي عليه السّلام و كرامتهم عند اللّه: فلا يزالوا يا مقداد و محبّي عليّ بن أبي طالب في العطايا و المواهب، حتّى أنّ المقصّر من شيعته ليتمنّى في أمنيته مثل جميع الدنيا منذ خلقها اللّه إلى يوم القيامة، قال لهم ربّهم تبارك و تعالى:

لقد قصرتم في أمانيكم و رضيتم بدون ما يحق لكم، فانظروا إلى مواهب ربكم، فإذا بقباب و قصور في أعلى عليّين من الياقوت و الأحمر و الأخضر و الأبيض و الأصفر يزهو نورها، فلولا أنّه مسخّر إذا لعمت الأبصار منها، فما كان منها من الياقوت الأبيض فهو مفروش بالرباط الصفر مبثوبة بالزبرجد الأخضر و الفضة البيضاء و الذهب الأحمر، قواعدها و أركانها من الجوهر، ينور من أبوابها و أعراضها، نور شعاع الشمس

ص: 29


1- مستدرك الوسائل 11:2 ح 13012.

عنده مثل الكوكب الدّري في النهار المضيء، و إذا على باب كلّ قصر من تلك القصور جَنَّتانِ ،مُدْهامَّتانِ (1) ، فِيهِما عَيْنانِ نَضّاخَتانِ (2) ،و فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ (3),(4).

قوله تعالى: هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ

[27] - في كتاب التوحيد: حدّثنا أحمد بن الحسن بن عبد اللّه بن سعيد العسكري قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن حمران القشيري قال: حدّثنا أبو الحريش أحمد بن عيسى الكلابي قال: حدّثنا موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب سنة خمسين و مائتين قال: حدّثني أبي عن أبيه عن جدّه جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ قال علي عليه السّلام: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: إن اللّه عزّ و جلّ قال:

ما جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلاّ الجنّة(5).

ص: 30


1- سورة الرحمن، الآية: 64.
2- سورة الرحمن، الآية: 66.
3- سورة الرحمن، الآية: 52.
4- سعد السعود: 110؛ تفسير نور الثقلين 197:5.
5- التوحيد: ب 1 ح 28/29.

سورة الواقعة

اشارة

ص: 31

ص: 32

الآيتان (5) و (6)

[سورة الواقعة (56): الآیات 5 الی 6]

وَ بُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا (5) فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا

[28] - قال النحّاس: هَباءً خبر كان مُنْبَثًّا من نعته. و أصحّ ما قيل في معناه ما روي عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه قال: الهباء المنبثّ رهج الدواب. و عن ابن عباس: هو الغبار. و عنه: هو الشرر الذي يطير من النار(1).

[29] - في مصباح الكفعمي: عن علي عليه السّلام من به الثألول فليقرأ عليها هذه الآيات سبعا في نقصان الشهر:

وَ مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ (2) وَ بُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا (5) فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا (3) .

ص: 33


1- إعراب القرآن: 241/4.
2- سورة إبراهيم، الآية: 26.
3- المصباح: 158.

الآيات (8)-(12)

[سورة الواقعة (56): الآیات 8 الی 12]

فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ (9) وَ السّابِقُونَ السّابِقُونَ (10) أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (1(1) فِي جَنّاتِ النَّعِيمِ

[30] - عن السيّد الثقة الجليل الفقيه السيّد نعمة اللّه الجزائري رحمه اللّه في بعض مؤلّفاته عن ابن عبّاس قال: لمّا صارت الخلافة إلى أمير المؤمنين عليه السّلام و سيّد الوصيّين و قائد الغرّ المحجّلين علي بن أبي طالب عليه السّلام، فلمّا كان في اليوم الثالث أقبل رجل في ثياب خضر و وقف على باب المسجد، و كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه جالسا في المسجد و الناس حوله يمينا و شمالا فقال: السلام عليكم يا أهل بيت النبوّة و معدن الرسالة و مختلف الملائكة و مهبط الحقّ.

فقال له أمير المؤمنين: و عليك السلام يا بيهس بن صاف بن حاف بن لامو بن بيهس، فسأل بيهس أمير

ص: 34

المؤمنين فقال: قال: و كيف يفعلون ذلك يابن عمّ محمّد و يعاندوكم أليس هم من أمّة محمّد؟

قال علي عليه السّلام: بلى و لكنّهم أشدّ خلق اللّه لنا بغضا لأنّهم لا يرون حبّنا و يرون حبّ غيرنا فريضة، و إنّ اللّه تعالى فرض حبّنا على كلّ مؤمن باللّه و نبيّه، قال اللّه عزّ و جلّ لنبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (1) فنحن الذين عرّفنا في الكتب السالفة و معرفتنا في التوراة و الإنجيل و الفرقان، قد سألتك يا بيهس: أليس تعلم أن الجنّ تعرفنا و تعرف أسامينا و حقّنا؟

قال: بلى يا أمير المؤمنين ما جئت إليك إلاّ لمعرفتي بك، فطوبى لك فطوبى لك ثمّ طوبى لمن أحبّك و طوبى لمن أحبّ محبّك، فلقد أخبرتني بعلم الأوّلين و أخبرتني بتفسير القرآن كما أنزل على محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و إنّي راجع إلى قومي لا يراني أحد بعدك حتّى يأتي اللّه بأمره و هم كارهون.

و رجع من وقته و ساعته و لم يره أحد بعد ذلك، و الحمد للّه ربّ العالمين(2).

ص: 35


1- سورة الواقعة، الآية: 8.
2- الزام الناصب: 107:1-109.

[31] - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه رفعه عن محمّد بن داود الغنوي عن الأصبغ بن نباتة قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: يا أمير المؤمنين إنّ ناسا زعموا أن العبد لا يزني و هو مؤمن، و لا يسرق و هو مؤمن و لا يشرب الخمر و هو مؤمن، و لا يأكل الربا و هو مؤمن، و لا يسفك الدمّ الحرام و هو مؤمن، فقد ثقل عليّ هذا و حرج منه صدري حين أزعم أنّ هذا العبد يصلي صلاتي و يدعو دعائي و يناكحني و أناكحه و يوارثني و أوارثه، و قد خرج من الإيمان من أجل ذنب يسير أصابه ؟

فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: صدقات، سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: و الدليل عليه كتاب اللّه: خلق اللّه عزّ و جلّ الناس على ثلاث طبقات و أنزلهم ثلاث منازل، فذلك قول اللّه عزّ و جلّ في الكتاب: أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ...وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ...

وَ السّابِقُونَ السّابِقُونَ فأمّا ما ذكر من أمر السابقين فإنهم أنبياء مرسلون و غير مرسلين، جعل اللّه فيهم خمسة أرواح: روح القدس و روح الإيمان و روح القوّة و روح الشهوة و روح البدن، فبروح القدس بعثوا أنبياء مرسلين و غير مرسلين، و بها علموا الأشياء، و بروح الإيمان عبدوا اللّه و لم يشركوا

ص: 36

به شيئا، و بروح القوّة جاهدوا عدوهم و عالجوا معاشهم، و بروح الشهوة أصابوا لذيذ الطعام و نكحوا الحلال من شباب النساء، و بروح البدن دبّوا و درجوا(1) فهؤلاء مغفور لهم، مصفوح عن ذنوبهم.

ثمّ قال: قال اللّه عزّ و جلّ: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ (2) ،ثمّ قال في جماعتهم: وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ (3) يقول: أكرمهم بها ففضلهم على من سواهم، فهؤلاء مغفور لهم مصفوح عن ذنوبهم، ثمّ ذكر أصحاب الميمنة و هم المؤمنون حقّا بأعيانهم، جعل اللّه فيهم أربعة أرواح روح الإيمان و روح القوّة، و روح الشهوة و روح البدن، فلا يزال العبد يستكمل هذه الأرواح الأربعة حتّى يأتي عليه حالات فقال الرجل: يا أمير المؤمنين ما هذه الحالات ؟

فقال: أمّا أوّلهن فهو كما قال اللّه عزّ و جلّ: وَ مِنْكُمْ مَنْ

ص: 37


1- دب: مشى مشيا ضعيفا و يقال للصبي إذا دب و أخذ في الحركة: درج.
2- سورة البقرة، الآية: 253.
3- سورة المجادلة، الآية: 22.

يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً (1) فهذا ينتقص منه جميع الأرواح، و ليس بالذي يخرج من دين اللّه لأن الفاعل به ردّه إلى أرذل عمره، فهو لا يعرف للصلاة وقتا، و لا يستطيع التهجد بالليل و لا بالنهار، و لا القيام في الصف مع الناس، فهذا نقصان روح الإيمان و ليس يضره شيئا، و فيهم من ينتقص منه روح القوّة، فلا يستطيع جهاد عدوه، و لا يستطيع طلب المعيشة، و منهم من ينتقص منه روح الشهوة، فلو مرّت به أصبح بنات آدم لم يحن إليها(2) و لم يقم، و تبقى روح البدن فيه يدب و يدرج حتّى يأتيه ملك الموت، فهذا بحال خير، لأنّ اللّه عزّ و جلّ هو الفاعل به، و قد تأتي عليه حالات في قوّته و شبابه فيهمّ بالخطيئة فيشجعه روح القوّة و تزين له روح الشهوة، و يقوده روح البدن، حتّى يوقعه في الخطيئة، فإذا لامسها نقص من الإيمان، و تفصى منه. فليس يعود فيه حتّى يتوب، فإذا تاب تاب اللّه عليه، و إن عاد أدخله اللّه نار جهنّم.

فأمّا أصحاب المشأمة فهم اليهود و النصارى، يقول اللّه عزّ و جلّ: اَلَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ

ص: 38


1- سورة الحجّ، الآية: 5.
2- حن إليه: اشتاق.

أَبْناءَهُمْ (1) يعرفون محمدا و الولاية في التوراة و الإنجيل كما يعرفون أبناءهم في منازلهم وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ (14(6) اَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ (2) أنّك الرسول إليهم فلا تكونن من الممترين، فلما جحدوا ما عرفوا ابتلاهم اللّه بذلك فسلبهم روح الإيمان، و أسكن أبدانهم ثلاثة أرواح: روح القوّة، و روح الشهوة، و روح البدن، أضافهم إلى الأنعام، فقال: إِنْ هُمْ إِلاّ كَالْأَنْعامِ (3) لأنّ الدابة إنّما تحمل بروح القوّة، و تعتلف بروح الشهوة، و تسير بروح البدن.

فقال السائل: أحييت قلبي بإذن اللّه يا أمير المؤمنين(4).

قوله تعالى: وَ السّابِقُونَ السّابِقُونَ (10) أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (1(1) فِي جَنّاتِ النَّعِيمِ

[32] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي بن أبي طالب: إلى الصلوات الخمس(5).

[33] - بالإسناد إلى سليم بن قيس الهلالي عن أمير

ص: 39


1- سورة البقرة، الآية: 146.
2- سورة البقرة، الآية: 146.
3- سورة الفرقان، الآية: 44.
4- أصول الكافي: 281/2 ح 16.
5- تفسير الثعلبي: 202/9.

المؤمنين عليه السّلام أنه قال في جمع من المهاجرين و الأنصار في المسجد أيام خلافة عثمان: فأنشدكم باللّه أتعلمون حيث نزلت: وَ السّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ (1) و وَ السّابِقُونَ السّابِقُونَ (1(0) أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ سئل عنها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال:

أنزلها اللّه تعالى في الأنبياء و أوصيائهم، فأنا أفضل أنبياء اللّه و رسله، و علي بن أبي طالب وصيي أفضل الأوصياء؟

قالوا: اللّهم نعم(2).

[34] - في عيون الأخبار: في باب آخر فيما جاء عن الرضا عليه السّلام من الأخبار المجموعة و بإسناده عن علي عليه السّلام قال: وَ السّابِقُونَ السّابِقُونَ (1(0) أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فيّ نزلت(3).

[35] - في كتاب الخصال: عن رجل من همدان عن أبيه قال: قال عليّ بن أبي طالب عليه السّلام: السباق خمسة، فأنا سابق العرب، و سلمان سابق الفرس، و صهيب سابق الروم، و بلال سابق الحبش، و خباب سابق النبط(4).

ص: 40


1- سورة التوبة، الآية: 100.
2- كمال الدين: 276.
3- عيون الأخبار: 65/2 /ب 31 ح 288.
4- الخصال: ب 5 ح 312/89.

[36] - في مجمع البيان: وَ السّابِقُونَ السّابِقُونَ و قد قيل في السابقين... إلى قوله: و قيل: الصلوات الخمس، عن علي عليه السّلام(1).

ص: 41


1- مجمع البيان: 325/9.

الآيتان (16) و (17)

[سورة الواقعة (56): الآیات 16 الی 17]

مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ (1(6) يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ

[37] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي و الحسن:

«هم أولاد أهل الدنيا لم يكن لهم حسنات فيثابوا عليها و لا سيئات فيعاقبوا عليها، لأن الجنة لا ولادة فيها »(1).

[38] - في مجمع البيان: يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ إختلف في هذه الولدان فقيل: إنّهم أولاد أهل الدنيا لم يكن لهم حسنات فيثابوا عليها، و لا سيئات فيعاقبوا عليها، فأنزلوا هذه المنزلة، عن علي عليه السّلام(2).

ص: 42


1- تفسير الثعلبي: 204/9، و كنز العمال: 498/14 ح 39412 و فيه عن الحسن بن علي.
2- مجمع البيان: 327/9.

الآية (21)

[سورة الواقعة (56): آیة 21]

وَ لَحْمِ طَيْرٍ مِمّا يَشْتَهُونَ

[39] - عليّ بن محمّد بن بندار عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن محمّد بن عليّ عن عيسى بن عبد اللّه العلوي عن أبيه عن جده عن عليّ صلوات اللّه عليه قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: اللحم سيّد الطعام في الدنيا و الآخرة(1).

ص: 43


1- الكافي: 308/6 ح 2.

الآية (29)

[سورة الواقعة (56): آیة 29]

وَ طَلْحٍ مَنْضُودٍ

[40] - في مجمع البيان، روت العامة عن علي عليه السّلام أنّه قرأ رجل عنده وَ طَلْحٍ مَنْضُودٍ فقال: ما شأن الطلح ؟ إنّما هو و طلع كقوله: وَ نَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ (1) فقيل له: ألا تغيّره ؟

فقال: إنّ القرآن لا يهاج اليوم و لا يحرك. رواه عنه ابنه الحسن عليهما السّلام و قيس بن سعد(2).

[41] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرني ابن فنجويه، حدّثنا ابن حيان، حدّثنا ابن مروان، حدّثنا أبي، حدّثنا إبراهيم بن عيسى، حدّثنا علي بن علي قال: زعم أبو حمزة الثمالي عن الحسن مولى الحسن بن علي أن عليا قرأ:

و طلع منضود.

ص: 44


1- سورة الشعراء، الآية: 148.
2- مجمع البيان: 330/9.

[42] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أنبأني عقيل، أنبأنا المعافي محمد بن جرير، حدّثنا سعيد بن يحيى، حدّثنا أبي، حدّثنا مجالد عن الحسن بن سعد عن قيس بن سعد قال: قرأ رجل عند علي رضي اللّه عنه وَ طَلْحٍ مَنْضُودٍ فقال علي: «و ما شأن الطلح ؟ إنما هو طلع منضود»(1) ثم قرأ «طلع منضود ».

فقلت: إنها في المصحف بالحاء فلا تحوّلها؟

فقال: «إن القرآن لا يهاج [اليوم] و لا يحوّل »(2).

[43] - أخرج عبد الرزاق، و الفريابي، و هنّاد، و عبد بن حميد، و ابن جرير، و ابن مردويه، عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام: وَ طَلْحٍ مَنْضُودٍ قال:

هو الموز(3).

ص: 45


1- تفسير الطبري: 234/27 و فيه: ثم قرأ: طلعها هضيم، فقلنا: أوّلا نحو لها.
2- تفسير الثعلبي: 207/9، و تفسير القرطبي: 208/17.
3- تفسير السيوطي 157:6.

الآية (34)

[سورة الواقعة (56): آیة 34]

وَ فُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ

[44] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي بن أبي طالب: مرفوعة على الأسرّة(1).

ص: 46


1- تفسير الثعلبي: 209/9.

الآية (37)

[سورة الواقعة (56): آیة 37]

عُرُباً أَتْراباً

[45] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال شاب لأمير المؤمنين: يا أمير المؤمنين أخبرني عن العروبة ؟

قال: «هي الغنجة الرضية المرضية الشهية، لها ألف و صيف و سبعون ألف و صيفة، صفر الحلي بيض الوجوه، عليهن تيجان اللؤلؤ، على رقابهم المناديل، بأيديهم الأكواب و الأباريق، و إذا كان يوم القيامة يخرج من قبره شاهرا سيفه تشخب أوداجه دما، اللون لون الدم و الرائحة رائحة المسك، يخطو في عرصة القيامة. فو الذي نفسي بيده لو كان الأنبياء على طريقهم لترجّلوا لهم، ممّا يرون من بهائهم، حتى يأتوا إلى موائد من الجواهر فيقعدون عليها، و يشفع الرجل منهم في سبعين ألف من أهل بيته و جيرته، حتى أن الجارين يتخاصمان أيهما أقرب جوارا فيقعدون

ص: 47

معي و مع إبراهيم على مائدة الخلد، فينظرون إلى اللّه في كل يوم بكرة و عشية »(1).

[46] - في مجمع البيان: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه:... و يجعل اللّه روحه في حواصل طير(2) خضر تسرح في الجنّة حيث تشاء تأكل من ثمارها و تأوي إلى قناديل من ذهب معلقة بالعرش، و يعطى الرجل منهم سبعين غرفة من غرف الفردوس، سلوك كلّ غرفة ما بين صنعاء و الشام يملأ نورها ما بين الخافقين، في كلّ غرفة سبعون بابا على كلّ باب سبعون مصراعا من ذهب، على كلّ باب سبعون نبلة(3) في كل غرفة سبعون خيمة، في كلّ خيمة سبعون سريرا من ذهب، قوائمها الدرّ و الزبرجد، موصولة بقضبان الزمرد، على كلّ سرير أربعون فراشا، غلظ كلّ فراش أربعون ذراعا، على كلّ فراش زوجة من الحور العين عُرُباً أَتْراباً ،فقال: أخبرني يا أمير المؤمنين عن

ص: 48


1- تفسير الثعلبي: 206/3، و تفسير مجمع البيان: 444/2.
2- حواصل: جمع حوصلة، و هي من الطائر بمنزلة المعدة للانسان.
3- كذا في النسخ و لا تخلو عن التصحيف و التحريف. و لم أظفر على الحديث في مظانه في كتاب مجمع البيان و لا الموسوعات الكبيرة الناقلة منه كالبحار و الوسائل.

عروبة، قال: هي الغنجة الرضية الشهية لها سبعون ألف و صيف و سبعون ألف و صيفة، ضعف الحلى(1) بيض الوجوه، عليهنّ تيجان اللؤلؤ، على رقابهنّ المناديل بأيديهن الأكوبة و الأباريق(2).

ص: 49


1- في المصدر: صفر الحلى.
2- مجمع البيان: 445/2.

الآية (38)

[سورة الواقعة (56): آیة 38]

لِأَصْحابِ الْيَمِينِ

[47] - قال النحّاس: قيل: المعنى: إنا أنشأناهنّ لأصحاب اليمين. و في الحديث عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه و ابن عمر رحمة اللّه عليهما أنهما قالا: أصحاب اليمين:

أطفال المؤمنين(1).

ص: 50


1- إعراب القرآن: 246/4.

الآيات (58)-(72)

[سورة الواقعة (56): الآیات 58 الی 72]

أَ فَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ (58) أَ أَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ (59) نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَ ما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (60) عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَ نُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ (61) وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ (62) أَ فَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ (63) أَ أَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزّارِعُونَ (64) لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65) إِنّا لَمُغْرَمُونَ (66) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (67) أَ فَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَ أَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69) لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ (70) أَ فَرَأَيْتُمُ النّارَ الَّتِي تُورُونَ (7(1) أَ أَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ

[48] - الحاكم النيسابوري، حدّثنا الأستاذ الإمام أبو الوليد، ثنا أبو عبد اللّه البوشنجي، ثنا أحمد بن حنبل، ثنا عبد الرزاق، أنبأ معمّر، عن شدّاد بن جابان الصنعاني، عن حجر بن قيس المدري، قال: بتّ عند أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فسمعته و هو يصلّي من الليل يقرأ

ص: 51

فمرّ بهذه الآية أَ فَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ (5(8) أَ أَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ قال: بل أنت يا ربّ ثلاثا، ثمّ قرأ أَ فَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ (6(1) أَ أَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزّارِعُونَ (2) قال: بل أنت يا ربّ بل أنت يا رب بل أنت يا رب، ثمّ قرأ أَ فَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (6(8) أَ أَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (3) قال:

بل أنت يا ربّ ثلاثا، ثمّ قرأ أَ فَرَأَيْتُمُ النّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَ أَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ (7(2) (3) قال: بل أنت يا ربّ، ثلاثا(4).

ص: 52


1- سورة الواقعة، الآيتان: 71-72.
2- سورة الواقعة، الآيتان: 63-64.
3- سورة الواقعة، الآيتان: 68-69.
4- مستدرك الحاكم 477:2؛ سنن البيهقي 311:2؛ تفسير السيوطي 160:6.

الآية (74)

[سورة الواقعة (56): آیة 74]

فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ

[49] - و روي عن جويرية بن مسهر في خبر رد الشمس على أمير المؤمنين عليه السّلام ببابل أنّه قال: فالتفت إليّ و قال: يا جويرية بن مسهر إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ و إنّي سألت اللّه عزّ و جلّ باسمه العظيم فردّ عليّ الشمس(1).

ص: 53


1- من لا يحضره الفقيه: 203/1 ح 611.

الآية (79)

[سورة الواقعة (56): آیة 79]

لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ

[50] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه لما استخلف عمر سأل عليا عليه السّلام أن يدفع إليهم القرآن فيحرفوه فيما بينهم، فقال: يا أبا الحسن إن جئت بالقرآن الذي كنت جئت به إلى أبي بكر حتى يجتمع عليه فقال عليه السّلام: هيهات ليس إلى ذلك سبيل، إنّما جئت به إلى أبي بكر لتقوم الحجّة عليكم، و لا تقولوا يوم القيامة إنّا كنّا عن هذا غافلين، أو تقولوا: ما جئتنا به، فإنّ القرآن الذي عندي لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ،و الأوصياء من ولدي، فقال عمر: فهل وقت لإظهاره معلوم ؟

قال علي عليه السّلام: نعم إذا قام القائم من ولدي يظهره و يحمل الناس عليه فتجري السنة به(1).

ص: 54


1- الإحتجاج: 360/1 /محاجة 57.

[51] - أبو إسحاق الثعلبي قال: روي أن عليا سئل:

أيمس المحدث المصحف ؟

قال: «لا »(1).

ص: 55


1- تفسير الثعلبي: 220/9.

الآية (82)

[سورة الواقعة (56): آیة 82]

وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ

[52] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرنا عبد اللّه بن حامد، أخبرنا عمر بن الحسن، حدّثنا أحمد، حدّثنا أبيّ، حدّثنا حصين عن هارون بن سعد عن عبد الأعلى عن أبي عبد الرحمن عن علي أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قرأ: (و تجعلون شكركم أنكم تكذبون )(1).

[53] - قال النحّاس: عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه أنه قرأ (و تجعلون شكركم أنّكم تكذّبون)(2)

[54] - في تفسير عليّ بن إبراهيم حدّثنا محمّد بن أحمد بن ثابت قال: حدّثنا الحسن بن محمّد بن سماعة و أحمد بن الحسن القزاز جميعا عن صالح بن خالد عن

ص: 56


1- تفسير الثعلبي: 222/9.
2- إعراب القرآن: 253/4، و المحتسب: 310/2.

ثابت بن شريح قال: حدّثني أبان بن تغلب عن عبد الأعلى التغلبي و لا أراني إلاّ و قد سمعته من عبد الأعلى قال:

حدّثني أبو عبد الرّحمن السلمي أنّ عليا عليه السّلام قرأ بهم الواقعة فقال: «تجعلون شكركم أنّكم تكذبون» فلما انصرف قال: إني قد عرفت أنه سيقول قائل له: لم قرأ هكذا، إنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقرأ كذلك و كانوا إذا أمطروا قالوا أمطرنا بنوء كذا و كذا، فأنزل اللّه «و تجعلون شكركم أنّكم تكذّبون »(1).

[55] - و قرأ علي عليه السّلام و ابن عبّاس و رويت عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «و تجعلون شكركم »(2).

[56] - عن علي عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ شكركم أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ تقولون: مطرنا بنوء كذا و كذا(3).

[57] - عن أبي عبد الرحمن السلمي، قال: قرأ علي عليه السّلام الواقعة في الفجر، فقرأ «و تجعلون شكركم أنّكم

ص: 57


1- تفسير القمّيّ: 349/2.
2- مجمع البيان: 339/9.
3- كنز العمال 518:2 ح 4642.

تكذّبون» فلما انصرف قال: إنّي قد عرفت أنّه سيقول قائل لم قرأ كذا، إنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقرؤها كذلك، كانوا إذا مطروا قالوا: مطرنا بنوء كذا و كذا، فأنزل اللّه «و تجعلون شكركم أنّكم» إذا أمطرتم «تكذّبون »(1).

ص: 58


1- كنز العمال 518:2 ح 4643.

سورة الحديد

اشارة

ص: 59

ص: 60

الآية (3)

[سورة الحديد (57): آیة 3]

هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ الظّاهِرُ وَ الْباطِنُ

[58] - فيه خطبة مروية عن أمير المؤمنين عليه السّلام و فيها: اَلْأَوَّلُ قبل كلّ شيء و لا قبل له؛ وَ الْآخِرُ بعد كلّ شيء و لا بعد له، و الظاهر على كلّ شيء بالقهر له(1).

و فيها: الذي بطن من خفيات الأمور و ظهر في العقول بما يرى في خلقه، من علامات التدبير و فيها الذي ليست لأوليته نهاية، و لا لآخريته حدّ و لا غاية(2).

ص: 61


1- أصول الكافي: 142/1 ح 7.
2- أصول الكافي: 141/1 ح 7.

الآية (4)

[سورة الحديد (57): آیة 4]

وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ

[59] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه و قوله: وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ (1) و قوله: وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ (2) و قوله ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاّ هُوَ رابِعُهُمْ فإنّما أراد بذلك استيلاء أمنائه بالقدرة التي ركّبها فيهم على جميع خلقه، و إنّ فعلهم فعله(3).

ص: 62


1- سورة الزخرف، الآية: 84.
2- سورة الحديد، الآية: 4.
3- الإحتجاج: 589/1 /محاجة 137.

الآية (11)

[سورة الحديد (57): آیة 11]

مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَ لَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ

[60] - في نهج البلاغة: و أنفقوا أموالكم و خذوا من أجسادكم تجودوا بها على أنفسكم، و لا تبخلوا بها عنها، فقد قال اللّه سبحانه: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَ لَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ و استقرضكم و له خزائن السماوات و الأرض و هو الغني الحميد، و إنّما أراد أن يبلوكم أيّكم أحسن عملا(1).

ص: 63


1- نهج البلاغة: خطبة 183.

الآيات (13)-(15)

[سورة الحديد (57): الآیات 13 الی 15]

يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَ الْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَ ظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ (13) يُنادُونَهُمْ أَ لَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قالُوا بَلى وَ لكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَ تَرَبَّصْتُمْ وَ ارْتَبْتُمْ وَ غَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ حَتّى جاءَ أَمْرُ اللّهِ وَ غَرَّكُمْ بِاللّهِ الْغَرُورُ (1(4) فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَ لا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ

[61] - في كتاب الخصال: في مناقب أمير المؤمنين عليه السّلام و تعدادها قال عليه السّلام: و الثلاثون فإني سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: تحشر أمّتي يوم القيامة على خمس رايات، فأوّل راية ترد عليّ مع فرعون هذه الأمّة و هو معاوية، و الثانية مع سامري هذه الأمّة و هو عمرو بن عاص، و الثالثة مع جاثليق هذه الأمّة و هو أبو موسى الأشعري، و الرابعة مع أبي الأعور السلمي، و أمّا الخامسة فمعك

ص: 64

يا عليّ، تحتها المؤمنون و أنت إمامهم، ثمّ يقول اللّه تبارك و تعالى للأربعة: اِرْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ و هم شيعتي و من والاني و قاتل معي الفئة الباغية و الناكبة عن الصراط، و باب الرحمة هم شيعتي فينادي هؤلاء: أَ لَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قالُوا بَلى وَ لكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَ تَرَبَّصْتُمْ وَ ارْتَبْتُمْ وَ غَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ في الدنيا حَتّى جاءَ أَمْرُ اللّهِ وَ غَرَّكُمْ بِاللّهِ الْغَرُورُ (1(4) فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَ لا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ ثمّ ترد أمّتي و شيعتي فيروون من حوض محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و بيدي عصا عوسج أطرد بها أعدائي طرد غريبة الإبل(1),(2).

قوله تعالى: حَتّى جاءَ أَمْرُ اللّهِ وَ غَرَّكُمْ بِاللّهِ الْغَرُورُ (1(4) فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَ لا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ

[62] - في كتاب الخصال: في مناقب أمير المؤمنين عليه السّلام و تعدادها قال عليه السّلام: و ذكر الحديث المتقدم و فيه:... حَتّى جاءَ أَمْرُ اللّهِ وَ غَرَّكُمْ بِاللّهِ الْغَرُورُ (1(4) فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ

ص: 65


1- أي الإبل الغريبة و ذلك أن الإبل إذا وردت الماء فدخل عليها غريبة من غيرها ضربت و طردت حتّى تخرج عنها.
2- الخصال: ب 70 ح 575/1.

مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَ لا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ ثمّ ترد أمّتي و شيعتي فيروون من حوض محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و بيدي عصى عوسج أطرد بها أعدائي طرد غريبة الإبل(1).

ص: 66


1- الخصال: ب 70 ح 575/1.

الآية (19)

[سورة الحديد (57): آیة 19]

وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ

[63] - في كتاب الخصال: فيما علّم أمير المؤمنين عليه السّلام أصحابه من الأربعمائة باب ممّا يصلح للمسلم في دينه و دنياه ما من الشيعة عبد يقارف(1) أمرا نهيناه عنه فيموت حتّى يبتلى ببلية تمحّص بها ذنوبه، إمّا في مال و إمّا في ولد و إمّا في نفس حتّى يلقى اللّه و ما له ذنب، إنّه ليبقى عليه الشيء من ذنوبه فيشدد عليه عند موته، الميت من شيعتنا صديق شهيد، صدق بأمرنا و أحب فينا و أبغض فينا، يريد بذلك اللّه عزّ و جلّ يؤمن باللّه و برسوله، قال اللّه عزّ و جلّ:

وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ (2) .

ص: 67


1- قارف الذنب: داناه.
2- الخصال: ح 636/400.

الآية (21)

[سورة الحديد (57): آیة 21]

سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ

[64] - في مصباح شيخ الطائفة رحمه اللّه: خطبة لأمير المؤمنين عليه السّلام خطب بها يوم الغدير و فيها يقول عليه السّلام:

سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ قبل أن يضرب بالسور باطنه الرحمة و ظاهره العذاب، فتنادون فلا يسمع نداؤكم و تضجّون فلا يحفل بضجيجكم(1),(2).

ص: 68


1- أي لا يهتم به.
2- مصباح المتهجّد: 757.

الآية (22)

[سورة الحديد (57): آیة 22]

ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها

[65] - في كتاب علل الشرائع: بإسناده إلى أمير المؤمنين عليه السّلام قال: تعتلج النطفتان في الرحم فأيتهما كانت أكثر جاءت تشبهها، فإن كانت نطفة المرأة أكثر جاءت تشبه أخواله، و إن كانت نطفة الرجل أكثر جاءت تشبه أعمامه، و قال: تجول النطفة في الرحم أربعين يوما فمن أراد أن يدعو اللّه عزّ و جلّ ففي تلك الأربعين قبل أن يخلق؛ ثمّ يبعث اللّه عزّ و جلّ ملك الأرحام فيأخذها فيصعد بها إلى اللّه عزّ و جلّ، فيقف ما شاء اللّه فيقول: يا إلهي، أذكر أم أنثى ؟ فيوحي اللّه عزّ و جلّ من ذلك شيئا و يكتب الملك، فيقول: اللّهم كم رزقه و ما أجله ؟ ثمّ يكتبه و يكتب كلّ ما يصيبه في الدنيا بين عينيه، ثمّ يرجع فيرده في الرحم، فذلك قول اللّه عزّ و جلّ:

ص: 69

ما أصاب من مصيبة في الأرض و لا في أنفسكم إلاّ في كتاب من قبل أن نبرأها(1).

ص: 70


1- علل الشرائع: 95 /ب 85 ح 4 مع اختلاف في المطبوع.

الآية (23)

[سورة الحديد (57): آیة 23]

لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ

[66] - في نهج البلاغة: و قال عليه السّلام: الزهد كلّه بين كلمتين من القرآن قال اللّه تعالى: لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ و من لم يأس على الماضي، و لم يفرح بالآتي فقد أخذ الزهد بطرفيه(1).

ص: 71


1- نهج البلاغة: قصار الحكم 439.

الآية (25)

[سورة الحديد (57): آیة 25]

وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ

[67] - في نهج البلاغة قال عليه السلام: الخير كلّه فى السيف، و ما قام هذا الدّين إلاّ بالسيف؛ أتعلمون ما معنى قوله تعالى: وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ (1) ؟هذا هو السيف(2).

[68] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث و فيه و قال: وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ فإنزاله ذلك خلقه إيّاه(3).

[69] - في كتاب التوحيد: حديث طويل عن علي عليه السّلام يقول فيه - و قد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات -:

ص: 72


1- سورة الحديد، الآية: 25.
2- شرح نهج البلاغة: 308/20 ح 524.
3- الإحتجاج: 588/1 /محاجة 137.

و قد أعلمتك أن رب شيء من كتاب اللّه تأويله غير تنزيله و لا يشبه كلام البشر، و سأنبئك بطرف منه فتكتفي إن شاء اللّه، من ذلك قول إبراهيم: إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ (1) فذهابه إلى ربه توجهه إليه عبادة و اجتهادا، و قربة إلى اللّه عزّ و جلّ، ألا ترى أنّ تأويله غير تنزيله، و قال: وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ يعني السلاح و غير ذلك(2).

ص: 73


1- سورة الصافات، الآية: 99.
2- التوحيد: ب 36 ح 266/5.

ص: 74

سورة المجادلة

اشارة

ص: 75

ص: 76

الآية (7)

[سورة المجادلة (58): آیة 7]

أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاّ هُوَ رابِعُهُمْ وَ لا خَمْسَةٍ إِلاّ هُوَ سادِسُهُمْ وَ لا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْثَرَ إِلاّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ

[70] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه، قوله عزّ و جلّ: وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ (1) و قوله: وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ (2) و قوله ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاّ هُوَ رابِعُهُمْ فإنّما أراد بذلك استيلاء أمنائه بالقدرة التي ركّبها فيهم على جميع خلقه؛ و إن فعلهم فعله(3).

ص: 77


1- سورة الزخرف، الآية: 84.
2- سورة الحديد، الآية: 4.
3- الإحتجاج: 589/1 /محاجة 137.

[71] - في أصول الكافي: عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد البرقي رفعه قال: سأل الجاثليق أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: أخبرني عن اللّه عزّ و جلّ أين هو؟

فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: هو هنا و هنا و فوق و تحت و محيط بنا و معنا و هو قوله: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاّ هُوَ رابِعُهُمْ وَ لا خَمْسَةٍ إِلاّ هُوَ سادِسُهُمْ وَ لا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْثَرَ إِلاّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا .و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(1).

ص: 78


1- أصول الكافي: 129/1 ح 1 /باب العرش/كتاب التوحيد.

الآيتان (12) و (13)

[سورة المجادلة (58): الآیات 12 الی 13]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَ أَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1(2) أَ أَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ تابَ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ وَ أَطِيعُوا اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ اللّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ

[72] - ابن عساكر قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي، انا أبو بكر محمّد بن المظفر، نا أبو الحسن العتيقي، انا يوسف بن أحمد، انا أبو جعفر العقيلي، أنبأنا محمّد بن أحمد الوراميني، نا يحيى بن المغيرة الرازي، نا زافر، عن رجل، عن الحرث بن محمّد، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة الكناني، قال أبو الطفيل: كنت [واقفا] على الباب يوم الشورى فارتفعت الأصوات بينهم - فسمعت عليا يقول:

قال عليه السّلام: أفيكم أحد تمّم اللّه نوره من السماء غيري ؟

ص: 79

حين قال: وَ آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ (1) قالوا: اللّهمّ لا.

قال: أفيكم أحد ناجاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم اثنتي عشرة مرة غيري ؟ حين قال [اللّه]: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً (2) قالوا: اللّهمّ لا.

قال: أفيكم أحد تولّى غمض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم غيري ؟

قالوا: اللهمّ لا.

قال: أفيكم أحد آخر عهدا برسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم حتى وضعه في حفرته غيري ؟

قالوا: اللّهمّ لا(3).

[73] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه: إنّ في كتاب اللّه لآية ما عمل بها أحد قبلي و لا يعمل بها أحد بعدي يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً فإنّها فرضت ثم نسخت(4).

[74] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرني عبد اللّه بن

ص: 80


1- سورة الإسراء، الآية: 26.
2- سورة المجادلة، الآية: 12.
3- تاريخ دمشق: 330/45.
4- تفسير القرطبي: 302/17.

حامد - إجازة - قال: أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال:

أخبرنا علي بن صقر بن نصر قال: حدّثنا يحيى بن عبد الحميد قال: حدّثنا أبو عبد الرحمن(1) الأشجعي، عن سفيان عن عثمان بن المغيرة، عن [سالم] بن أبي الجعد، عن عليّ بن علقمة الأنماري، عن علىّ بن أبي طالب قال:

لمّا نزلت يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً دعاني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فقال: «ما ترى بذي دينار»؟.

قلت: لا يطيقونه.

قال: «كم»؟.

قلت: حبّة أو شعيرة.

قال: «إنك لزهيد». فنزلت: أَ أَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ الآية.

قال عليّ رضي اللّه عنه: فيّ خفّف اللّه سبحانه عن هذه الأمّة، و لم تنزل في أحد قبلي و لن تنزل في أحد بعدي(2).

[75] - عن أمير المؤمنين حديث طويل يقول فيه للقوم بعد وفاة عمر بن الخطاب: نشدتكم باللّه، هل فيكم أحد

ص: 81


1- في المصادر: يحيى بن آدم عن عبيد اللّه بن عبد الرحمن.
2- تفسير الثعلبي: 262/9، و مناقب ابن المغازلي: 325، و ذخائر العقبى: 109، و سنن الترمذي: 80/5 ح 3355.

نزلت فيه هذه الآية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً فكنت أنا الذي قدم الصدقة غيري ؟

قالوا: لا(1).

[76] - بالإسناد إلى مجاهد قال: قال علي عليه السّلام: إن في كتاب اللّه لآية ما عمل بها أحد قبلي و لا يعمل بها بعدي آية النجوى، إنّه كان لي دينار فبعته بعشر دراهم، فجعلت أقدم بين يدي كلّ نجوى أناجيها النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم درهما قال:

فنسختها قوله: أَ أَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ إلى قوله: وَ اللّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (2).

[77] - في مجمع البيان: و قال علي عليه السّلام: بي خفف اللّه عن هذه الأمّة، لم تنزل في أحد قبلي و لم تنزل في أحد بعدي(3).

[78] - في كتاب الخصال: في مناقب أمير المؤمنين عليه السّلام و تعدادها قال: و أمّا الرابع و العشرون فإن اللّه أنزل على رسوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ

ص: 82


1- الإحتجاج: 330/1 /محاجة 55.
2- تفسير القمّيّ: 357/2.
3- مجمع البيان: 379/9.

يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً فكان لي دينار فبعته بعشرة دراهم فكنت إذا ناجيت رسول اللّه أتصدق قبل ذلك بدرهم، فو اللّه ما فعل هذا أحد من أصحابه قبلي و لا بعدي، فأنزل اللّه عزّ و جلّ:

أَ أَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ تابَ اللّهُ عَلَيْكُمْ الآية فهل تكون التوبة إلاّ عن ذلك ؟(1).

[79] - فيه احتجاج علي عليه السّلام على أبي بكر قال:

فأنشدك باللّه أنت الذي قدم بين يدي نجواه لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم صدقة فناجاه، و عاتب اللّه تعالى قوما فقال: أَ أَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ الآية أم أنا؟

قال: بل أنت(2).

[80] - عليّ بن إبراهيم، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن محمّد الحسيني، قال: حدّثنا الحسين بن سعيد، قال: حدّثنا محمّد بن مروان، قال: حدّثنا عبيد ابن حبش، قال: حدّثنا صباح، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، قال علي عليه السّلام:

إنّ في كتاب اللّه لآية ما عمل بها أحد قبلي و لا أحد يعمل بها بعدي، آية النجوى، كان لي دينار فبعته بعشرة دراهم،

ص: 83


1- الخصال: ب 574/1/70.
2- الخصال: 312/1 /محاجة 53.

فجعلت أقدّم بين يدي كلّ نجوى أناجيها النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم درهما، قال: فنسختها أَ أَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ إلى قوله: وَ اللّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (1),(2).

[81] - حدّثنا عليّ بن محمّد، قال: حدّثني الحبري، قال: حدّثنا مالك بن إسماعيل، عن عبد السلام، عن ليث، عن مجاهد، قال: قال علي عليه السّلام: آية من القرآن لم يعمل بها أحد قبلي، و لا يعمل بها أحد بعدي، أنزلت آية النجوى، فكان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم، فكنت إذا أردت أن أناجي النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم تصدّقت بدرهم حتّى فنيت، ثمّ نسختها الآية التي بعدها فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3),(4).

[82] - محمّد بن العباس، قال: حدّثنا عليّ بن العباس، عن محمّد بن مروان، عن إبراهيم بن الحكم بن ظهير، عن أبيه، عن السّدي، عن عبد خير، عن علي عليه السّلام قال: كنت أوّل من ناجى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان عندي دينار

ص: 84


1- سورة المجادلة، الآية: 13.
2- تفسير البرهان 309:4؛ البحار 379:35؛ كنز العمال 512:2 ح 4651؛ تفسير الرازي 271:29؛ تفسير السيوطي 185:6؛ تفسير القمي 357:2.
3- سورة المجادلة، الآية: 12.
4- تفسير الحبري: 320؛ شواهد التنزيل لقواعد التفضيل 313:2 ح 952.

فصرّفته بعشر دراهم، و كلّمت رسول اللّه عشر مرّات كلّما أردت أن أناجيه تصدّقت بدرهم، فشقّ ذلك على أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فقال المنافقون، ما باله ما يبخس لابن عمّه، حتّى نسخها اللّه عزّ و جلّ فقال: أَ أَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ إلى آخر الآية، ثمّ قال عليه السّلام: فكنت أوّل من عمل بهذه الآية، و آخر من عمل بها، فلم يعمل بها أحد قبلي و لا بعدي(1).

[83] - ابن بابويه، قال: حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان، و محمّد بن أحمد السناني، و عليّ بن أحمد السناني، و علي بن أحمد بن موسى الدّقاق، و الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب، و علي بن عبد اللّه الورّاق رضي اللّه عنهم، قالوا حدّثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريّا القطّان، قال: حدّثنا بكر بن حبيب، قال: حدّثنا تميم بن بهلول، قال: حدّثنا سليمان بن حكيم، عن عمرو بن يزيد، عن مكحول، قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام: لقد علم المستحفظون من أصحاب النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه ليس فيهم رجل له منقبة إلاّ و قد شركته فيها

ص: 85


1- تأويل الآيات الظاهرة: 648؛ تفسير البرهان 309:4؛ البحار 35؛ 380.

و فضلته فيها، ولي سبعون منقبة لم يشركني فيها أحد منهم.

قلت: يا أمير المؤمنين فأخبرني بهنّ؟

فقال: إنّ أوّل منقبة - و ذكر السبعين، و قال في ذلك - و أمّا الرابعة و العشرون فإنّ اللّه عزّ و جلّ أنزل على رسوله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً فكان لي دينار فبعته بعشرة دراهم فكنت إذا ناجيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أتصدّق قبل ذلك بدرهم، و و اللّه ما فعل هذا أحد غيري من أصحابه قبلي و لا بعدي، فأنزل اللّه عزّ و جلّ أَ أَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ تابَ اللّهُ عَلَيْكُمْ (1) الآية، فهل تكون التوبة إلاّ من ذنب كان(2).

[84] - شرف الدين النجفي، قال: و نقلت عن مؤلّف شيخنا أبي جعفر الطوسي، أنّه في جامع الترمذي و تفسير الثعلبي، بإسناده عن علقمة الأنماري، يرفعه إلى أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه، قال: بي خفّف اللّه على هذه الأمّة؛ لأنّ اللّه إمتحن الصحابة بهذه الآية فتقاعسوا عن مناجاة الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و كان قد احتجب في منزله من مناجاة

ص: 86


1- سورة المجادلة، الآية: 13.
2- تفسير البرهان 308:4؛ الخصال، باب السبعين 572:3.

كلّ أحد إلاّ من تصدّق بصدقة، و كان معي دينار فتصدّقت به، فكنت أنا سبب التوبة من اللّه على المسلمين، حين عملت بالآية، و لو لم يعمل بها أحد لنزل العذاب لامتناع الكلّ في العمل بها(1).

[85] - عن علي صلوات اللّه عليه أنّه ناجى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عشر مرّات بعشر كلمات قدّمها عشر صدقات، فسأل في الأولى: ما الوفاء: قال: التوحيد شهادة أن لا إله إلاّ اللّه، ثمّ قال: و ما الفساد؟

قال الكفر و الشرك باللّه عزّ و جلّ، و قال: ما الحقّ؟

قال: الإسلام و القرآن و الولاية إذا انتهت إليك، قال:

و ما الحيلة ؟

قال: ترك الحيلة، قال: و ما عليّ؟

قال: طاعة اللّه و رسوله، قال: و كيف أدعو اللّه تعالى ؟

قال: بالصدق و اليقين، قال: و ما أسأل اللّه تعالى ؟

قال: العافية، قال: و ماذا أصنع لنجاة نفسي ؟

ص: 87


1- تأويل الآيات الظاهرة: 649؛ تفسير البرهان 310:4؛ مناقب ابن شهر آشوب 72:2؛ الجامع الصحيح (سنن الترمذي) 406:5 ح 3300.

قال: كل حلالا و قل صدقا، قال: و ما السرور؟

قال: الجنّة، قال: و ما الراحة ؟

قال: لقاء اللّه تعالى، فلما فرغ نسخ حكم الآية(1).

[86] - عن علي عليه السّلام قال: لما نزلت يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً قال لي النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

ما ترى، دينارا؟

قلت: لا يطيقونه، قال: فنصف دينار؟

فقلت: لا يطيقونه، قال: فكم ؟

قلت: شعيرة، قال: إنّك لزهيد فنزلت أَ أَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ الآية، فبي خفف اللّه عن هذه الأمّة(2).

ص: 88


1- فرائد السمطين 359:1 ح 285؛ البحار 383:35.
2- كنز العمّال 521:2 ح 4652؛ تفسير السيوطي 185:6.

الآية (22)

[سورة المجادلة (58): آیة 22]

وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ

[87] - و بإسناده إلى أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:

التاسع من ولدك يا حسين هو القائم بالحقّ، و المظهر للدين و الباسط للعدل، قال الحسين: فقلت له يا أمير المؤمنين و إن ذلك لكائن ؟

فقال عليه السّلام: أي و الذي بعث محمّدا بالنبوّة، و اصطفاه على البرية، و لكن بعد غيبة و حيرة، و لا يثبت فيها على دينه إلاّ المخلصون المباشرون لروح اليقين، الذين أخذ اللّه عزّ و جلّ ميثاقهم بولايتنا و كتب في قلوبهم الإيمان وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ (1).

ص: 89


1- كمال الدين: 304.

ص: 90

سورة الحشر

اشارة

ص: 91

ص: 92

الآية (2)

[سورة الحشر (59): آیة 2]

فَأَتاهُمُ اللّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا

[88] - في كتاب التوحيد: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه و قد سأله رجل عمّا اشتبه عليه من الآيات، و قال في آية: فَأَتاهُمُ اللّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا يعني أرسل عليهم عذابا(1).

ص: 93


1- التوحيد: ب 36 ح 266/5.

الآية (7)

[سورة الحشر (59): آیة 7]

ما أَفاءَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَ اتَّقُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ

[89] - في تهذيب الأحكام: عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام يقول:

نحن و اللّه الذين عنى اللّه بذي القربى الذين قرنهم اللّه بنفسه و نبيه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم؛ فقال: ما أَفاءَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ منّا خاصّة و لم يجعل لنا سهما في الصدقة، أكرم اللّه نبيه، و أكرمنا أن يطعمنا أوساخ ما في أيدي الناس(1).

ص: 94


1- تهذيب الأحكام: 126/4 ح 3 /ب 1.

قوله تعالى: وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا

[90] - محمّد بن العبّاس بن ماهياد الثقة قال: حدّثنا الحسن بن أحمد المالكي عن محمّد بن عيسى عن محمّد بن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال «قوله عزّ و جلّ: وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا و اتقوا اللّه عن ظلم آل محمّد فإنّ اللّه شديد العقاب لمن ظلمهم »(1).

[91] - في كتاب الخصال: عن سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه: و إن أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مثل القرآن ناسخ و منسوخ، و خاصّ و عامّ، و محكم و متشابه، و قد يكون من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، الكلام له و جهان: كلام عامّ و كلام خاصّ، مثل القرآن و قد قال اللّه تعالى في كتابه: وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا فيشتبه من لم يعرف و لم يدر ما عنى اللّه به و رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم(2).

ص: 95


1- كتاب سليم بن قيس: 468.
2- الخصال: ب 4 ح 255/131-256.

الآية (9)

[سورة الحشر (59): آیة 9]

وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ

[92] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه للقوم بعد موت عمر بن الخطاب: ناشدتكم باللّه، هل فيكم أحد أنزلت فيه هذه الآية وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ غيري ؟

قالوا: لا(1).

ص: 96


1- الإحتجاج: 333/1 /محاجة 55.

الآية (16)

[سورة الحشر (59): آیة 16]

كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ

[93] - قال النحّاس: الكاف في موضع رفع، أي مثل المنافقين في غرورهم بني النضير، و مثل بني النضير في قبولهم منهم كمثل الشيطان. و في معناه قولان: أحدهما أنه شيطان بعينه غرّ راهبا. و في هذا حديث مسند قد ذكرناه، و هكذا روي عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه(1).

[94] - الحاكم النيسابوري، أخبرنا أبو زكريا العنبري، ثنا محمّد بن عبد السلام، ثنا إسحاق، أنبأ عبد الرزاق، أنبأ الثوري، عن أبي إسحاق، عن حميد بن عبد اللّه السلولي، عن علي بن أبي طالب عليه السّلام قال: كان

ص: 97


1- إعراب القرآن: 33/5.

راهب يتعبّد في صومعته، و امرأة زيّنت له نفسها، فوقع عليها، فحملت فجاءه الشيطان، فقال: أقتلها فإنّهم إن ظهروا عليك افتضحت، فقتلها و دفنها، فجاؤوه فأخذوه فذهبوا به، فبينما هم يمشون إذ جاءه الشيطان فقال: أنا الّذي زيّنت لك فاسجد لي سجدة أنجيك، فسجد له، فأنزل اللّه عزّ و جلّ كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ الآية(1).

ص: 98


1- مستدرك الحاكم 484:2؛ كنز العمال 522:2 ح 4654.

الآية (20)

[سورة الحشر (59): آیة 20]

لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النّارِ وَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ

[95] - في عيون الأخبار: بإسناده عن الرضا عليه السّلام قال: حدّثني أبي عن آبائه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام قال: إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم تلا هذه الآية: لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النّارِ وَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

أصحاب الجنّة من أطاعني و سلّم لعلي بن أبي طالب بعدي و أقرّ بولايته، و أصحاب النار من سخط الولاية و نقض العهد و قاتله بعدي(1).

ص: 99


1- عيون الأخبار: 218/1 /ب 28 ح 22.

الآيات (21)-(24)

[سورة الحشر (59): الآیات 21 الی 24]

لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَ تِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21) هُوَ اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللّهِ عَمّا يُشْرِكُونَ (2(3) هُوَ اللّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

[96] - و بإسناده إلى عبد السلام بن صالح الهروي عن عليّ بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: للّه عزّ و جلّ تسعة و تسعون إسما، من دعا اللّه بها استجاب له، و من أحصاها دخل الجنّة(1).

ص: 100


1- التوحيد: ب 29 ح 195/9.

[97] - قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «إن للّه عزّ و جلّ تسعة و تسعين إسما من أحصاها دخل الجنة:

هو اللّه الذي لا إله إلا هو، الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الخالق، البارئ، المصور، الغفار، القهار، الوهاب، الرزاق، الفتاح، العليم، القابض، الباسط، الخافض، الرافع، المعز، المذل، السميع، البصير، الحكم، العدل، اللطيف، الخبير، الحليم، العظيم، الغفور، الشكور، العلي، الكبير، الحفيظ، المقيت، الحسيب، الجليل، الكريم، الرقيب، المجيب، الواسع، الحكيم، الودود، المجيد، الباعث، الشهيد، الحق، الوكيل، القوي، المتين، الولي، الحميد، المحصي، المبدئ، المعيد، المحيي، المميت، الحي، القيوم، الواجد، الماجد، الواحد، الصمد، القادر، المقتدر، المقدم، المؤخر، الأول، الآخر، الظاهر، الباطن، الوالي، المتعالي، البرّ، التواب، المنتقم، العفو، الرؤوف، مالك الملك، ذو الجلال و الإكرام، المقسط، الجامع، الغني، المغني، المانع، الضار، النافع، النور، الهادي، البديع، الباقي، الوارث، الرشيد، الصبور.

ص: 101

قوله تعالى: اَلسَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ (1)

[98] - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد الأشعري عن ابن القداح عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان علي عليه السّلام يقول: لا تغضبوا و لا تغضبوا، أفشوا السلام و أطيبوا الكلام و صلوا بالليل و الناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام ثم تلا عليهم قول اللّه عزّ و جلّ:

اَلسَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ .و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(2).

ص: 102


1- سورة الحشر، الآية: 23.
2- أصول الكافي: 645/2 /ك العشرة - ب التسليم ح 7.

سورة الممتحنة

اشارة

ص: 103

ص: 104

الآية (4)

[سورة الممتحنة (60): آیة 4]

كَفَرْنا بِكُمْ

[99] - في كتاب التوحيد: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول عليه السّلام فيه و قد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات: و أمّا قوله: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً (1) و قوله: وَ اللّهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ (2) و قوله: يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَ يَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً و قوله إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النّارِ (3) و قوله:

لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَ قَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (4) .و قوله: اَلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (5)

ص: 105


1- سورة النبأ، الآية: 38.
2- سورة الأنعام، الآية: 23.
3- سورة ص، الآية: 64.
4- سورة ق، الآية: 28.
5- سورة يس، الآية: 65.

فإنّ ذلك في مواطن غير واحد من مواطن ذلك اليوم الذي كان مقداره خمسين ألف سنة، يجمع اللّه عزّ و جلّ الخلائق يومئذ في مواطن يتفرقون، و يكلم بعضهم بعضا و يستغفر بعضهم لبعض أولئك الذين كان منهم الطاعة في دار الدنيا للرؤساء و الأتباع و يلعن أهل المعاصي الذين بدت منهم البغضاء، و تعاونوا على الظلم و العدوان في دار الدنيا، و المستكبرون و المستضعفون يكفر بعضهم ببعض، و يلعن بعضهم بعضا، و الكفر في هذه الآية البراءة يقول فيبرأ بعضهم من بعض؛ و نظيرها في سورة إبراهيم قول الشيطان: إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ (1) و قول إبراهيم خليل الرّحمن: كَفَرْنا بِكُمْ (2) أي تبرّأنا(3).

قوله تعالى: إِلاّ قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ

[100] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي بن أبي طالب عليه السّلام: أنزل اللّه قوله تعالى خبرا عن إبراهيم صلّى اللّه عليه و سلّم قال: سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا (4).

ص: 106


1- سورة إبراهيم، الآية: 22.
2- سورة الممتحنة، الآية: 4.
3- التوحيد: ب 36 ح 5 /ص 260.
4- سورة مريم، الآية: 47.

[قال علي]: سمعت فلانا يستغفر لوالديه و هما مشركان فقلت له: أتستغفر لهما و هما مشركان، قال: أو لم يستغفر إبراهيم لأبيه، فأتيت النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فرويت ذلك له فأنزل اللّه تعالى هذه الآية (1) ،و أنزل قوله تعالى: قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ إلى قوله إِلاّ قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ (2) و قوله: إِلاّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيّاهُ يعني بعد موعده(3).

[101] - عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه و قد ذكر قوله تعالى: يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَ يَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً و الكفر في هذه الآية البراءة، يقول: فيبرأ بعضكم من بعض، و نظيرها في سورة إبراهيم قول الشيطان:

إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ (4) و قول إبراهيم خليل الرحمن: كَفَرْنا بِكُمْ (5) يعني تبرّأنا منكم(6).

ص: 107


1- تفسير الطبري: 60/11.
2- سورة الممتحنة، الآية: 4.
3- تفسير الثعلبي: 101/5.
4- سورة إبراهيم، الآية: 22.
5- سورة الممتحنة، الآية: 4.
6- التوحيد، باب الردّ على الوثنية: 260؛ تفسير نور الثقلين 301:5.

الآية (10)

[سورة الممتحنة (60): آیة 10]

وَ لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ

[102] - في مصباح شيخ الطائفة رحمه اللّه: خطبة لأمير المؤمنين عليه السّلام خطب بها يوم الغدير و فيها يقول: و تقرّبوا إلى اللّه بتوحيده و طاعة من أمركم أن تطيعوه، وَ لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ (1).

ص: 108


1- مصباح التهجّد: 755.

الآية (13)

[سورة الممتحنة (60): آیة 13]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ

[103] - الحسن الحلّي قال: من خطبة لمولانا أمير المؤمنين عليه السّلام تسمّى المخزون عن آخر الزمان جاء فيها:

يا عجبا! كلّ العجب بين جمادى و رجب.

فقال رجل من شرطة الخميس: ما هذا العجب يا أمير المؤمنين ؟

قال: و مالي لا أعجب، و قد سبق القضاء فيكم و ما تفقهون الحديث، ألا صوتات بينهنّ موتات، حصد نبات، و نشر أموات، يا عجبا (1)!كلّ العجب بين جمادى و رجب!

ص: 109


1- في البحار: وا عجبا.

قال أيضا رجل: يا أمير المؤمنين، ما هذا العجب الذي لا تزال تعجب منه ؟

قال: ثكلت الآخر أمّه، و أيّ عجب يكون أعجب منه، أموات يضربون هام الأحياء.

قال: أنّى يكون ذلك يا أمير المؤمنين ؟

قال: و الذي فلق الحبّة و برأ النسمة، كأنّي أنظر إليهم قد تخلّلوا سكك الكوفة، و قد شهروا سيوفهم على مناكبهم، يضربون كلّ عدوّ للّه تعالى و لرسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و للمؤمنين، و ذلك قول اللّه تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ (1),(2).

ص: 110


1- سورة الممتحنة، الآية: 13.
2- مختصر البصائر: 457.

سورة الصف

اشارة

ص: 111

ص: 112

الآيتان (1) و (2)

[سورة الصف (61): الآیات 1 الی 2]

سَبَّحَ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ

[104] - في تفسير عليّ بن إبراهيم: سَبَّحَ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ مخاطبة لأصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الذين وعدوه أن ينصروه و لا يخالفوا أمره و لا ينقضوا عهده في أمير المؤمنين عليه السّلام، فعلم اللّه أنّهم لا يوفون بما يقولون، فقال: لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللّهِ الآية، و قد سماهم اللّه مؤمنين بإقرارهم و إن لم يصدقوا(1).

قوله تعالى: كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ

ص: 113


1- تفسير القمّيّ: 365/2.

[105] - في نهج البلاغة قال عليه السّلام: و الخلف يوجب المقت عند اللّه و الناس، قال اللّه سبحانه: كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ (1).

[106] - في نهج البلاغة قال عليه السّلام: كان لي فيما مضى أخ... إلى أن قال عليه السّلام: و كان يفعل ما يقول و لا يقول ما لا يفعل(2).

ص: 114


1- نهج البلاغة: كتاب 53.
2- نهج البلاغة: قصار الحكم 289.

الآية (4)

[سورة الصف (61): آیة 4]

إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ

[107] - في مصباح شيخ الطائفة (قدس سره): خطبة لأمير المؤمنين عليه السّلام خطب بها يوم الغدير يقول فيها عليه السّلام و اعلموا أيّها المؤمنون أنّ اللّه عزّ و جلّ قال: إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ أتدرون ما سبيله ؟ أنا سبيل اللّه الذي نصبني للإتّباع بعد نبيه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم(1).

[108] - في الكافي: في حديث مالك بن أعين قال:

حرّض أمير المؤمنين عليه السّلام الناس بصفّين فقال: إن اللّه عزّ و جلّ دلّكم، إلى أن قال عليه السّلام: و قال جلّ جلاله: إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ فسوّوا صفوفكم كالبنيان المرصوص، فقدّموا الدارع و أخّروا

ص: 115


1- بحار الأنوار: 117/94 ح 8 عن مصباح الزائر لابن طاووس.

الحاسر و عضّوا على النواجذ فإنه أنبا للسيوف على الهام، و التووا أطراف الرماح فإنه أمور للأسنة، و غضّوا الأبصار فإنه أربط للجأش و أسكن للقلوب، و أميتوا الأصوات فإنه أطرد للفشل و أولى بالوقار، و لا تميلوا براياتكم و لا تزيلوها و لا تجعلوها إلاّ مع شجعانكم، فإنّ المانع للذمار و الصابر عند نزول الحقائق هم أهل الحفاظ (1).و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(2).

ص: 116


1- الدارع: لابس الدرع. و الحاسر - بالمهملات -: الذي لا مغفر له و لا درع. و النواجذ: أقصى الأسنان و الضواحك منها. و أنبا - بتقديم النون على الموحدة -: أي أبعد و أشد دفعا، قال الفيض رحمه اللّه في الوافي: قيل: الوجه في ذلك أنّ العض على الأضراس يشدّ شؤون الدماغ و رباطاته فلا يبلغ السيف مبلغه. و الهام جمع الهامة و هي الرأس، قيل: أمرهم بأن يلتووا إذا طعنوا لأنهم إذا فعلوا ذلك فبالحري أن يمور الإنسان أي يتحرك عن موضعه فيخرج زالقا، و إذا لم يلتووا لم يمر السنان و لم يتحرك عن موضعه فينخرق و ينفذ و يقتل. و أمرهم بغض الأبصار في الحرب، لأنّه أربط للجأش أي أثبت للقلب، لأن الغاضّ بصره في الحرب أحرى أن لا يدهش و لا يرتاع لهول ما ينظر. و أمرهم بإماتة الأصوات و إخفائها لأنه أطرد للفشل و هو الجبن و الخوف، و ذلك لأن الجبان يرعد و يبرق و الشجاع صامت. أمرهم بحفظ راياتهم أن لا تميلوها؛ لأنّها إذا مالت انكسر العسكر لأنهم ينظرون إليها، و أن لا يخلوها عن محام عنها و أن لا يجعلوها بأيد من الجبناء كيلا يجبنوا عن إمساكها. و الذمار - بالكسر -: ما يلزم حفظه و حمايته سمّي ذمارا؛ لأنّه يجب على أهله التذمر له أي الغضب. و الحقائق جمع الحاقة و هي الأمر الصعب الشديد و منه قوله تعالى اَلْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ
2- الكافي: 39/5 ح 4.

الآية (9)

[سورة الصف (61): آیة 9]

هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ

[109] - محمّد بن العباس، عن أحمد بن إدريس، عن عبد اللّه بن محمّد، عن صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعيب، عن عمران بن ميثم، عن عباية بن ربعي، أنّه سمع أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ أظهر ذلك بعد؟

قالوا: نعم، قال: كلا فو الّذي نفسي بيده حتّى لا تبقى قرية إلاّ و نودي فيها بشهادة أن لا إله إلاّ اللّه، و أنّ محمّد رسول اللّه بكرة و عشيّا(1).

ص: 117


1- تفسير البرهان 329:4.

الآية (10)

[سورة الصف (61): آیة 10]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ

[110] - في الكافي: و في حديث مالك بن أعين قال:

حرض أمير المؤمنين عليه السّلام الناس بصفّين فقال: إنّ اللّه عزّ و جلّ دلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم و تشفي بكم على الخير(1) الإيمان باللّه و الجهاد في سبيل اللّه، و جعل ثوابه مغفرة للذنب و مساكن طيبة في جنّات عدن(2).

[111] - الحسن بن أبي الحسن الديلمي، رفعه إلى النوفلي، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أنا التجارة المربحة المنجية من العذاب الأليم، التي دلّ عليها في كتابه فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (3).

ص: 118


1- أشفى على الشيء أي أشرف.
2- الكافي: 39/5 ح 4.
3- تأويل الآيات الظاهرة: 664؛ البحار 330:24؛ تفسير البرهان 330:4.

سورة الجمعة

اشارة

ص: 119

ص: 120

الآية (2)

[سورة الجمعة (62): آیة 2]

هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ

[112] - محمّد بن العباس قال: حدّثنا محمّد بن القاسم، عن عبيد بن كثير، عن حسين بن نصر بن مزاحم، عن أبيه، عن أبان بن عياش، عن سليم بن قيس، عن علي عليه السّلام قال: نحن الذين بعث اللّه فينا رسولا يتلو علينا آياته و يزكّينا و يعلّمنا الكتاب و الحكمة(1).

ص: 121


1- تفسير البرهان: 332/4.

الآيتان (6) و (7)

[سورة الجمعة (62): الآیات 6 الی 7]

قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلّهِ مِنْ دُونِ النّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (6) وَ لا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَ اللّهُ عَلِيمٌ بِالظّالِمِينَ

[113] - عنه عليه السّلام: أشدّ من الموت ما يتمنّى الخلاص منه بالموت(1).

ابن سيرين عن عبيدة قال: سمعت عليا يخطب، فقال:

اللّهمّ إني قد سئمتهم و سئموني، و مللتهم و ملّوني، فأرحني منهم و أرحمهم منّي، ما يمنع أشقاكم أن يخضبها بدم.

و وضع يده على لحيته(2).

[114] - عنه عليه السّلام: للحارث الهمدانيّ -: و أكثر

ص: 122


1- غرر الحكم: ح 3366.
2- مصنف ابن أبي شيبة: 142/11.

ذكر الموت و ما بعد الموت، و لا تتمنّ الموت إلاّ بشرط وثيق(1).

[115] - عنه عليه السّلام: إنّ العاقل ينبغي أن يحذر الموت في هذه الدّار، و يحسن له التأهّب قبل أن يصل إلى دار يتمنّى فيها الموت فلا يجده(2).

[116] - في مجمع البيان: قال أمير المؤمنين عليه السّلام و هو يطوف بين الصفين بصفّين في غلالة لما قال له الحسن ابنه عليه السّلام: ما هذا زيّ الحرب، فقال: يا بني إن أباك لا يبالي وقع على الموت أو وقع الموت عليه، و أما ما روي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنه قال: لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، و لكن ليقل: اللّهم أحيني مادامت الحياة خيرا لي، و توفّني ما كانت الوفاة خيرا لي، فإنّما نهى عن تمنّي الموت لأنه يدل على الجزع، و المأمور به الصبر و تفويض الأمور إليه، و لأنا لا نأمن وقوع التقصير فيما أمرنا به، و نرجو في البقاء التلافي(3).

ص: 123


1- نهج البلاغة: الكتاب 69.
2- غرر الحكم: 3611.
3- مجمع البيان: 320/1 /البقرة: 94.

الآية (8)

[سورة الجمعة (62): آیة 8]

قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ

[117] - في تفسير عليّ بن إبراهيم: ثمّ قال:

إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّها الناس كلّ امرىء لاق في فراره ما منه يفر، و الأجل مساق النفس إليه و الهرب منه موافاته(1).

ص: 124


1- تفسير القمّيّ: 366/2.

الآية (9)

[سورة الجمعة (62): آیة 9]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللّهِ وَ ذَرُوا الْبَيْعَ

[118] - في مجمع البيان: و قرأ عبد اللّه بن مسعود فامضوا إلى ذكر الله و روي ذلك عن علي بن أبي طالب عليه السّلام و هو المروي عن أبي جعفر عليه السّلام(1).

ص: 125


1- مجمع البيان: 434/10 مع اختلاف يسير في المطبوع.

ص: 126

سورة المنافقون

اشارة

ص: 127

ص: 128

الآية (4)

[سورة المنافقون (63): آیة 4]

اشارة

وَ إِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَ إِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ

اشارة

[119] - في أصول الكافي: بإسناده إلى أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه عليه السّلام: و إنّما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس، رجل منافق يظهر الإيمان متصنع بالإسلام لا يتأثّم و لا يتحرّج أن يكذب على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم متعمدا، فلو علم الناس أنّه منافق كذاب لم يقبلوا منه و لم يصدق، و لكنهم قالوا: هذا قد صحب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و رآه و سمع منه و أخذوا عنه و هم لا يعرفون حاله، و قد أخبر اللّه تعالى عن المنافقين بما أخبره و وصفهم بما وصفهم، فقال عزّ و جلّ: وَ إِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَ إِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ثمّ بقوا بعدهم فتقربوا إلى أئمّة الضلالة و الدعاة إلى النار بالزور و الكذب و البهتان، فولوهم الأعمال

ص: 129

و حملوهم على رقاب الناس و أكلوا بهم الدنيا، و إنّما الناس مع الملوك و الدنيا إلاّ من عصم اللّه فهذا أحد الأربعة(1).

ص: 130


1- أصول الكافي: 62/1 ح 1.

خصائص المنافقين

[120] - قال أمير المؤمنين عليه السّلام: في خطبة يصف فيها المنافقين:

أحذّركم أهل النّفاق؛ فإنّهم الضّالّون المضلّون، و الزّالّون المزلّون، يتلوّنون ألوانا، و يفتنّون افتنانا، و يعمدونكم بكلّ عماد، و يرصدونكم (يسدّونكم) بكلّ مرصاد.

قلوبهم دويّة، و صفاحهم نقيّة، يمشون الخفاء، و يدبّون الضّرّاء، وصفهم دواء، و قولهم شفاء، و فعلهم الدّاء العياء، حسدة الرّخاء، و مؤكّدو (مولّدو) البلاء، و مقنّطو الرّجاء، لهم بكلّ طريق صريع، و إلى كلّ قلب شفيع، و لكلّ شجو دموع. يتقارضون الثّناء، و يتراقبون الجزاء، إن سألوا (ساقوا) ألحفوا، و إن عذلوا كشفوا، و إن حكموا أسرفوا.

ص: 131

قد أعدّوا لكلّ حقّ باطلا، و لكلّ قائم مائلا، و لكلّ حيّ قاتلا، و لكلّ باب مفتاحا، و لكلّ ليل مصباحا، يتوصّلون إلى الطّمع باليأس ليقيموا به أسواقهم، و ينفقوا به أعلاقهم، يقولون فيشبّهون، و يصفون فيموّهون(1).

ص: 132


1- نهج البلاغة: الخطبة 194.

الآية (8)

[سورة المنافقون (63): آیة 8]

اشارة

وَ لِلّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ

اشارة

[121] - في إلزام الناصب، عن طارق بن شهاب عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: الإمام هو الشمس الطالعة على العباد بالأنوار فلا تناله الأيدي و الأبصار، و إليه الإشارة بقوله تعالى وَ لِلّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ ،و المؤمنون علي و عترته، فالعزّة للنبي و العترة لا يفترقان في العزّة إلى آخر الدهر(1).

ص: 133


1- إلزام الناصب: 35/1.

موجبات العزّ

[122] - قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ألا إنّه من ينصف النّاس من نفسه لم يزده اللّه إلاّ عزّا(1).

[123] - عنه عليه السّلام: الشّجاعة أحد العزّين، و الفرار أحد الذلّين.

[124] - عنه عليه السّلام: من سلا عن مواهب الدّنيا عزّ.

[125] - عنه عليه السّلام: القناعة تؤدّي إلى العزّ.

[126] - عنه عليه السّلام: من قنعت نفسه عزّ معسرا، من شرهت نفسه ذلّ موسرا(2).

[127] - عنه عليه السّلام: اقنع تعزّ(3).

ص: 134


1- الكافي: 4/144/2.
2- غرر الحكم: (1662-1663)، 9184، 1123، (8439-8440).
3- البحار: 90/53/78.

سورة التغابن

اشارة

ص: 135

ص: 136

الآية (3)

[سورة التغابن (64): آیة 3]

خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَ صَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ

[128] - في أصول الكافي: خطبة لعلي عليه السّلام و فيها:

أتقن ما أراد خلقه من الأشياء كلّها بلا مثال سبق، و لا لغوب(1) دخل عليه في خلق ما خلق لديه(2).

[129] - عنه عليه السّلام: لم يخلق الأشياء من أصول أزليّة، و لا من أوائل أبديّة، بل خلق ما خلق فأقام حدّه، و صوّر ما صوّر فأحسن صورته(3).

[130] - عنه عليه السّلام: خلق الخلائق على غير مثال خلا من غيره، و لم يستعن على خلقها بأحد من خلقه(4).

ص: 137


1- اللغوب: التعب.
2- أصول الكافي: 142/1.
3- نهج البلاغة: الخطبة 163.
4- نهج البلاغة: الخطبة 186.

[131] - عنه عليه السّلام: مبتدع الخلائق بعلمه، و منشئهم بحكمه، بلا اقتداء و لا تعليم، و لا احتذاء لمثال صانع حكيم، و لا إصابة خطأ، و لا حضرة ملأ(1).

ص: 138


1- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 115/13.

الآية (8)

[سورة التغابن (64): آیة 8]

فَآمِنُوا بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ النُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا وَ اللّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ

[132] - في نهج البلاغة قال عليه السّلام: و تعلّموا القرآن فإنه ربيع القلوب و استشفوا بنوره فإنه شفاء لما في الصدور(1).

[133] - عنه عليه السّلام: في صفة القرآن -: جعله الله ريّا لعطش العلماء، و ربيعا لقلوب الفقهاء، و محاجّ لطرق الصّلحاء، و دواء ليس بعده داء، و نورا ليس معه ظلمة(2).

[134] - عنه عليه السّلام: ثم أنزل عليه الكتاب نورا لا تطفأ مصابيحه، و سراجا لا يخبو توقده، و بحرا لا يدرك قعره، و منهاجا لا يضل نهجه، و شعاعا لا يظلم ضوؤه، و فرقانا لا يخمد برهانه، و تبيانا لا تهدم أركانه، و شفاء لا تخشى

ص: 139


1- نهج البلاغة: خطبة 110.
2- نهج البلاغة: الخطبة 198.

أسقامه، و عزا لا تهزم أنصاره، و حقا لا تخذل أعوانه، فهو معدن الإيمان و بحبوحته، و ينابيع العلم و بحوره، و رياض العدل و غدرانه، و أثافي الإسلام و بنيانه، و أودية الحق و غيطانه، و بحر لا ينزفه المستنزفون، و عيون لا ينضبها.

[135] - عنه عليه السّلام: عليكم بكتاب الله؛ فإنّه الحبل المتين، و النور المبين، و الشّفاء النافع... من قال به صدق، و من عمل به سبق(1).

ص: 140


1- نهج البلاغة: الخطبة 156.

الآية (11)

[سورة التغابن (64): آیة 11]

ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللّهِ

[136] - حدّثنا أبي رضي اللّه عنه قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه قال: حدّثنا أبو الخير صالح بن أبي حماد قال: حدّثني أبو خالد السجستاني عن عليّ بن يقطين عن أبي إبراهيم قال: مرّ أمير المؤمنين عليه السّلام بجماعة في الكوفة و هم يختصمون في القدر، فقال لمتكلمهم: أبا للّه تستطيع أم مع اللّه أم من دون اللّه تستطيع ؟

فلم يدر ما يرد عليه.

فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: إن زعمت أنّك باللّه تستطيع فليس لك من الأمر شيء، و إن زعمت أنّك مع اللّه تستطيع فقد زعمت أنّك شريك معه في ملكه، و إن زعمت أنّك من دون اللّه تستطيع فقد ادّعيت الربوبية من دون اللّه عزّ و جلّ.

ص: 141

فقال: يا أمير المؤمنين لا بل باللّه أستطيع.

فقال عليه السّلام: أما إنّك لو قلت غير هذا لضربت عنقك(1).

ص: 142


1- التوحيد: ب 56 /ح 353/23.

الآية (15)

[سورة التغابن (64): آیة 15]

إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ

[137] - في نهج البلاغة: و قال عليه السّلام: لا يقولنّ أحدكم: اللّهم إني أعوذ بك من الفتنة، لأنه ليس أحد إلاّ و هو مشتمل على فتنة، و لكن من استعاذ فليستعذ من مضلاّت الفتن، فإن اللّه سبحانه يقول: إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ (1).

ص: 143


1- نهج البلاغة: قصار الحكم 93، و تفسير نور الثقلين: 699/5.

الآية (16)

[سورة التغابن (64): آیة 16]

فَاتَّقُوا اللّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَ اسْمَعُوا وَ أَطِيعُوا وَ أَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ

[138] - ابن شهر آشوب عن تفسير وكيع، حدّثنا سفيان بن مرة الهمداني عن عبد خير قال: سألت علي بن أبي طالب عليه السّلام عن قول اللّه تعالى: «اتقوا اللّه حق تقاته»قال: و اللّه ما عمل بها غير أهل بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، نحن ذكرنا اللّه فلا ننساه، و نحن شكرناه فلن نكفره، و نحن أطعناه فلم نعصيه فلما نزلت هذه قالت الصحابة: لا نطيق ذلك فأنزل اللّه: فاتقوا اَللّهَ حَقَّ تُقاتِهِ .

قال وكيع: يعني ما أطقتم ثم قال: (و اسمعوا) ما تؤمرون به (و أطيعوا) يعني أطيعوا اللّه و رسوله و أهل بيته فيما يأمرونكم به(1).

ص: 144


1- البرهان: 30/8.

قوله تعالى: وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ

[139] - في أصول الكافي عن علي بن ابراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن جعفر عن آبائه عليهم السّلام أن أمير المؤمنين عليه السّلام سمع رجلا يقول: إن الشحيح أعذر من الظالم.

فقال له عليه السّلام: كذبت، إن الظالم قد يتوب و يستغفر و يردّ الظلامة على أهلها، و الشحيح إذا شح منع الزكاة و الصدقة و صلة الرحم و قري الضيف و النفقة في سبيل اللّه و أبواب البر، و حرام على الجنة أن يدخلها شحيح(1).

ص: 145


1- تفسير البرهان: 31/8.

ص: 146

سورة الطلاق

ص: 147

ص: 148

الآيات (1)-(3)

[سورة الطلاق (65): الآیات 1 الی 3]

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَ أَحْصُوا الْعِدَّةَ وَ اتَّقُوا اللّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَ لا يَخْرُجْنَ إِلاّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَ مَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً (1) فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَ أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَ أَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلّهِ ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ مَنْ يَتَّقِ اللّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً

[140] - قال النحّاس: أجمع أهل التفسير على أن المعنى أنه إن اتقى اللّه جلّ و عزّ و طلّق واحدة فله مخرج إن أراد أن يتزوّج تزوّج، و إن لم يتّق اللّه جلّ و عزّ و طلّق ثلاثا فلا مخرج له. و هذا قول صحيح عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه و ابن عباس بالأسانيد التي لا تدفع.

[141] - قال النحّاس: روى ابن عليّة عن أيّوب عن

ص: 149

عبد اللّه بن كثير عن مجاهد، قال: كنت عند ابن عباس فجاءه رجل فقال: يا بن عباس إني طلّقت امرأتي ثلاثا، فأطرق ابن عباس مليّا ثم رفع رأسه إلى الرجل فقال: يأتي أحدكم الحموقة ثم يقول: يا بن عباس طلّقت ثلاثا، فحرمت عليك حتى تنكح زوجا غيرك، و لم يجعل اللّه لك مخرجا، و لو اتّقيته لجعل لكم مخرجا ثم تلا وَ مَنْ يَتَّقِ اللّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً و قول علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه الذي لا تدفع صحته أنه قال رضي اللّه عنه في الحرام: إنه ثلاث لا تحلّ له حتى تنكح زوجا غيره(1).

قوله تعالى: وَ مَنْ يَتَّقِ اللّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ

[142] - في نهج البلاغة: و اعلموا أنه من يتق اللّه يجعل له مخرجا من الفتن و نورا من الظلم(2).

[143] - في من لا يحضره الفقيه: روى السكوني عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال علي عليه السّلام:

من أتاه اللّه برزق لم يخط إليه برجله و لم يمدّ إليه يده، و لم يتكلم فيه بلسانه، و لم يشدّ إليه ثيابه(3) و لم يتعرض له

ص: 150


1- إعراب القرآن: 62/5.
2- نهج البلاغة: خطبة 183.
3- أي لم يسافر لأجله.

كان ممن ذكره اللّه عزّ و جلّ في كتابه: وَ مَنْ يَتَّقِ اللّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (1) وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ (2).

[144] - فيه قيل له عليه السّلام: لو سدّ على رجل باب بيت و ترك فيه، من أين كان يأتيه رزقه ؟

قال: من حيث يأتيه أجله(2).

ص: 151


1- نهج البلاغة: قصار الحكم 356.
2- من لا يحضره الفقيه: 166/3 ح 3612.

الآية (6)

[سورة الطلاق (65): آیة 6]

فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ .

[145] - أبو إسحاق الثعلبي قال: نفقة الحامل المتوفى عنها زوجها، فقال علي و ابن عمر و شريح و النخعي و الشعبي و حماد و إبن أبي ليلى [و سفر](1) و أصحابه: ينفق عليها من جميع المال حتى تضع(2).

ص: 152


1- كذا في المخطوط، و لعلّه سفيان الثوري، و لم نجده بهذا اللفظ في كتب الفقه نعم في المغني قال: و به قال ابن شبرمة و ابن أبي ليلى و الثوري و الحسن و أبو حنيفة و أصحابه و البتي و العنبري (المغني: 289/9).
2- تفسير الثعلبي: 341/9.

الآيتان (7) و (8)

[سورة الطلاق (65): الآیات 7 الی 8]

لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمّا آتاهُ اللّهُ لا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاّ ما آتاها سَيَجْعَلُ اللّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً (7) وَ كَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَ رُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَ عَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً

[146] - عنه عليه السّلام: إنّ إنفاق هذا المال في طاعة الله أعظم نعمة، و إنّ إنفاقه في معاصيه أعظم محنة(1).

[147] - عنه عليه السّلام: طوبى لمن أنفق الفضل من ماله و أمسك الفضل من كلامه(2).

[148] - عنه عليه السّلام: طوبى لمن ذلّ في نفسه، و طاب كسبه، و صلحت سريرته (سيرته)، و حسنت خليقته، و أنفق الفضل من ماله، و أمسك الفضل من لسانه(3).

ص: 153


1- غرر الحكم: 3392.
2- البحار: 9/117/96.
3- نهج البلاغة: الحكمة 123.

الآيتان (10) و (11)

[سورة الطلاق (65): الآیات 10 الی 11]

قَدْ أَنْزَلَ اللّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً (1(0) رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللّهِ

[149] - في البحار عن محمّد بن صدقة عن سلمان الفارسي رحمه اللّه قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام في حديث طويل جاء فيه: يا سلمان و يا جندب و صار محمد الذكر الذي قال اللّه عزّ و جلّ قَدْ أَنْزَلَ اللّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً (1(0) رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللّهِ إنّي أعطيت علم المنايا و البلايا و فصل الخطاب و استودعت علم القرآن و ما هو كائن إلى يوم القيامة و محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أقام الحجّة حجّة للناس و صرت أنا حجّة اللّه عزّ و جلّ، جعل اللّه لي ما لم يجعل لأحد من الأوّلين و الآخرين لا لنبي مرسل و لا لملك مقرّب(1).

ص: 154


1- إلزام الناصب: 36/1، و البحار: 6/26 ح 1.

الآية (12)

[سورة الطلاق (65): آیة 12]

اَللّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَ أَنَّ اللّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً

[150] - في كتاب التوحيد: خطبة لعلي عليه السّلام و فيها:

أحاط بالأشياء علما قبل كونها، فلم يزده بكونها علما علمه بها قبل أن يكون كعلمه بعد تكوينها(1).

[151] - في نهج البلاغة قال عليه السّلام: كما نحمده على بلائه و نستعينه على هذه النفوس البطاء عما أمرت به السراع إلى ما نهيت عنه و نستغفره مما أحاط به علمه، و أحصاه كتابه علم غير قاصر، و كتاب غير مغادر و نؤمن به إيمان من عاين الغيوب.

[152] - و فيه قال عليه السّلام: إن اللّه سبحانه و تعالى

ص: 155


1- التوحيد: ب 2 ح 43/3.

لا يخفى عليه ما العباد مقترفون في ليلهم و نهارهم لطف به خبرا، و أحاط به علما أعضاؤكم شهوده، و جوارحكم جنوده، و ضمائركم عيونه، و خلواتكم عيانه.

ص: 156

سورة التحريم

اشارة

ص: 157

ص: 158

الآية (2)

[سورة التحريم (66): آیة 2]

قَدْ فَرَضَ اللّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ

[153] - أخرج ابن المنذر، و ابن مردويه، من طريق علي عليه السّلام، عن ابن عباس: قَدْ فَرَضَ اللّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ قال: أمر اللّه النبي و المؤمنين إذا حرّموا شيئا ممّا أحلّ اللّه لهم أن يكفّروا أيمانهم بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، و ليس يدخل في ذلك الطلاق(1).

ص: 159


1- تفسير السيوطي 241:6.

الآية (3)

[سورة التحريم (66): آیة 3]

عَرَّفَ بَعْضَهُ وَ أَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ

[154] - في نهج البلاغة قال عليه السلام: ما استقصى كريم قطّ، قال تعالى فى وصف نبيه: عَرَّفَ بَعْضَهُ وَ أَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ (1).

ص: 160


1- شرح نهج البلاغة: 264/2 ح 86.

الآية (4)

[سورة التحريم (66): آیة 4]

فَإِنَّ اللّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَ جِبْرِيلُ وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ

[155] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرنا إبن فنجويه، حدّثنا أبو علي المقري، حدّثنا أبو القاسم بن الفضل، حدّثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر، حدّثنا محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب، حدّثني رجل ثقة يرفعه إلى علي بن أبي طالب عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله اللّه تعالى: وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ هو علي بن أبي طالب عليه السّلام »(1).

ص: 161


1- تفسير الثعلبي: 327/9، و تفسير القرطبي: 189/18، شواهد التنزيل: 2 / 341.

الآية (6)

[سورة التحريم (66): آیة 6]

قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً

[156] - الحاكم النيسابوري، أخبرنا أبو زكريا يحيى بن محمّد العنبري، ثنا محمّد بن عبد السلام، ثنا إسحاق، أنبأنا عبد الرزاق، عن الثوري، عن منصور، عن ربعي، عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ: قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً قال: علّموا أنفسكم و أهليكم الخير (و أدّبوهم )(1).

[157] - الإمام العسكري عليه السلام، قال عليّ بن أبي طالب عليه السلام في قوله تعالى: فَاتَّقُوا النّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النّاسُ وَ الْحِجارَةُ :يا معاشر شيعتنا، اتّقوا اللّه و احذروا أن تكونوا لتلك النار حطبا و إن لم تكونوا باللّه كافرين،

ص: 162


1- مستدرك الحاكم 494:2؛ كنز العمال 539:2 ح 4676.

فتوقّوها بتوقّي ظلم إخوانكم المؤمنين، و إنّه ليس من مؤمن ظلم أخاه المؤمن المشارك له في موالاتنا إلاّ ثقّل اللّه تعالى في تلك الدار سلاسله و أغلاله و لم يقله بفكّه منها إلاّ بشفاعتنا، و لن نشفع له إلى اللّه تعالى إلاّ بعد أن نشفع له في أخيه المؤمن، فإن عفا عنه شفعنا و إلاّ طال في النار مكثه(1).

ص: 163


1- تفسير البرهان 355:4، الاحتجاج 520:1 ح 127.

الآية (8)

[سورة التحريم (66): آیة 8]

اشارة

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً

اشارة

[158] - في كتاب الخصال: فيما علّم أمير المؤمنين عليه السّلام أصحابه من الأربعمائة باب ممّا يصلح للمسلم في دينه و دنياه: باب التوبة مفتوح لمن أرادها، فتوبوا إلى اللّه توبة نصوحا عسى ربّكم أن يكفّر عنكم سيئاتكم(1).

ص: 164


1- الخصال: ب 624/400.

حسن التوبة و شروطها

[159] - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال: حسن التوبة يمحو الحوبة(1).

[160] - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:... فبادروا المعاد و سابقوا الآجال فإنّ الناس يوشك أن ينقطع بهم الأمل و يرهقهم الأجل و يسدّ عنهم باب التوبة ...(2).

[161] - الرضي، رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال: من أعطي أربعا لم يحرم أربعا: من أعطي الدعاء لم يحرم الإجابة و من أعطي التوبة لم يحرم القبول، و من أعطي الإستغفار لم يحرم المغفرة، و من أعطي الشكر لم يحرم الزيادة(3).

ص: 165


1- غرر الحكم: 379/1 ح 58.
2- نهج البلاغة: الخطبة 183.
3- نهج البلاغة: الحكمة 135.

[162] - الكليني بإسناده إلى أمير المؤمنين عليه السّلام في الخطبة الوسيلة:... و لا شفيع أنجح من التوبة ...(1).

[163] - الصادق عليه السّلام، عن أبيه عليه السّلام، عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ للّه فضولا من رزقه ينحله من يشاء من خلقه و اللّه باسط يديه عند كلّ فجر لمذنب الليل هل يتوب فيغفر له و يبسط يديه عند مغيب الشمس لمذنب النهار هل يتوب فيغفر له(2).

ص: 166


1- الكافي: 19/8.
2- ثواب الأعمال: 214 ح 3.

سورة الملك

اشارة

ص: 167

ص: 168

الآية (1)

[سورة الملك (67): آیة 1]

تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

[164] - عن علي عليه السّلام: كلمات من قالهن عند وفاته دخل الجنة: لا إله إلا اللّه الحليم الكريم، ثلاث مرات، الحمد للّه رب العالمين ثلاث مرات، تبارك الذي بيده الملك يحيي و يميت و هو على كل شئ قدير(1).

ص: 169


1- الدر المنثور: 247/6.

الآية (3)

[سورة الملك (67): آیة 3]

اَلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ

[165] - في تفسير النسفي قال: قرأ علي و حمزة (من تفاوت) من تفوّت(1).

ص: 170


1- تفسير النسفي: 706/2.

الآية (11)

[سورة الملك (67): آیة 11]

فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ

[166] - في تفسير النسفي قال: قرأ يزيد و علي (فسحقا) بضم الحاء(1).

ص: 171


1- تفسير النسفي: 707/2.

الآية (14)

[سورة الملك (67): آیة 14]

أَ لا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ

[167] - عنه عليه السّلام: لطيف لا يوصف بالخفاء(1).

[168] - عنه عليه السّلام: و كلّ سميع غيره يصمّ عن لطيف الأصوات، و يصمّه كبيرها، و يذهب عنه ما بعد منها، و كلّ بصير غيره يعمى عن خفيّ الألوان و لطيف الأجسام(2).

خطب علي بن أبي طالب عليه السّلام فقال: الحمد للّه المتوحّد بالقدم و الأزليّة الذي ليس له غاية في دوامه و لا له أوّلية، أنشأ صنوف البرية لا من أصول كانت بديّة، و ارتفع عن مشاركة الأنداد و تعالى عن اتّخاذ صاحبة و أولاد، هو الباقي بغير مدّة و المنشىء لا بأعوان و لا بآلة فطر و لا بجوارح صرف ما خلق، لا يحتاج إلى محاولة التفكير

ص: 172


1- نهج البلاغة: الخطبة 179.
2- نهج البلاغة: الخطبة 65.

و لا مزاولة مثال و لا تقدير، أحدثهم على صنوف من التخطيط و التصوير لا برويّة و لا ضمير، سبق علمه في كلّ الأمور و نفذت مشيئته في كلّ ما يريد من الأزمنة و الدهور، و انفرد بصنعة الأشياء فأتقنها بلطائف التدبير، سبحانه من لطيف خبير ليس كمثله شيء و هو السميع البصير(1).

ص: 173


1- أمالي الطوسي: مجلس 41 ح 704/1.

الآية (19)

[سورة الملك (67): آیة 19]

أَ وَ لَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافّاتٍ وَ يَقْبِضْنَ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ

[169] - عنه عليه السّلام: و كلّ بصير غيره يعمى عن خفيّ الألوان و لطيف الأجسام(1).

[170] - عنه عليه السّلام: بصير لا يوصف بالحاسّة(2).

عنه عليه السّلام: بصير إذ لا منظور إليه من خلقه(3).

ص: 174


1- نهج البلاغة: الخطبة 65.
2- نهج البلاغة: الخطبة 179.
3- نهج البلاغة: الخطبة 1.

الآية (21)

[سورة الملك (67): آیة 21]

أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَ نُفُورٍ

[171] - قال عليه السّلام: ترك نسج العنكبوت في البيوت يورث الفقر، و البول في الحمام يورث الفقر، و الأكل على الجنابة يورث الفقر، و التخلل بالطرفا يورث الفقر، و التمشط من قيام يورث الفقر، و ترك القمامة في البيت يورث الفقر، و اليمين الفاجرة يورث الفقر، و الزنا يورث الفقر، و إظهار الحرص يورث الفقر، و النوم بين العشاءين يورث الفقر، و النوم قبل طلوع الشمس يورث الفقر، و اعتياد الكذب يورث الفقر، و كثرة الاستماع إلى الغناء يورث الفقر، و ردّ السائل الذكر بالليل يورث الفقر، و ترك التقدير في المعيشة يورث الفقر، و قطيعة الرحم تورث الفقر(1).

ص: 175


1- الخصال: 504/2 ح 2.

الآية (29)

[سورة الملك (67): آیة 29]

قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنّا بِهِ وَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْنا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ

[172] - أبو إسحاق الثعلبي قال: (فستعلمون) بالياء الكسائي و رواه عن عليّ عليه السّلام(1).

[173] - في تفسير النسفي قال: قرأ علي (فستعلمون)بالياء(2).

ص: 176


1- تفسير الثعلبي: 362/9.
2- تفسير النسفي: 710/2.

سورة القلم

اشارة

ص: 177

ص: 178

الآية (1)

[سورة القلم (68): آیة 1]

ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ

[174] - ابن بابويه، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار، قال: حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، و أحمد بن الحسن بن علي بن فضّال، عن عليّ بن أسباط، عن الحسين بن يزيد، قال: حدّثني محمّد بن سالم، عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين عليه السّلام:

ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ فالقلم قلم من نور، و كتاب من نور، في لوح محفوظ، يشهده المقرّبون، و كفى باللّه شهيدا(1).

[175] - في كتاب الخصال: عن محمّد بن سالم رفعه

ص: 179


1- تفسير البرهان 368:4.

إلى أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال عثمان بن عفان:

يا رسول اللّه ما تفسير أبجد؟

فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: تعلموا تفسير أبجد فإنّ فيه الأعاجيب كلّها، و هل للعالم جهل تفسيره ؟

فقال: يا رسول اللّه ما تفسير أبجد؟

قال: أمّا الألف فآلاء اللّه إلى قوله عليه السّلام: و أمّا النون فنون و القلم و ما يسطرون، فالقلم قلم من نور و كتاب من نور في لوح محفوظ يشهده المقربون(1).

[176] - في إلزام الناصب عن محمّد بن صدقة عن سلمان الفارسي رحمه اللّه قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام في حديث طويل جاء فيه: قال: فضرب بيده على الأخرى و قال: صار محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم صاحب الجمع و صرت أنا صاحب النشر و صار محمّد صاحب الجنّة و صرت أنا صاحب النار، أقول لها خذي هذا و ذري هذا، و صار محمّد صاحب الرجفة و صرت أنا صاحب الهدة، و أنا صاحب اللوح المحفوظ، ألهمني اللّه عزّ و جلّ علم ما فيه، نعم يا سلمان و يا جندب صار محمّد يس (1) وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) و صار محمد

ص: 180


1- الخصال: ب 6 ح 331/30 مع اختلاف في المطبوع.
2- سورة يس، الآيتان: 1-2.

ن وَ الْقَلَمِ (1) و صار محمّد طه (1) ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى (2) و صار محمّد صاحب الدلالات، و صرت أنا صاحب المعجزات و الآيات و صار محمد خاتم النبيّين و صرت أنا خاتم الوصيّين، و أنا الصراط المستقيم و أنا النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون و لا أحد اختلف إلاّ في ولايتي، و صار محمد صاحب الدعوة و صرت أنا صاحب السيف(3).

ص: 181


1- سورة القلم، الآية: 1.
2- سورة طه، الآيتان: 1-2.
3- إلزام الناصب: 36/1، و البحار: 6/26 ح 1.

الآية (4)

[سورة القلم (68): آیة 4]

وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ

[177] - في نهج البلاغة قال عليه السلام: إنّ اللّه سبحانه أدّب نبيّه صلّى اللّه عليه و آله بقوله: خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (1) ،فلما علم أنه قد تأدّب، قال له: وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (2) ،فلما استحكم له من رسوله ما أحبّ قال: وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا (3).

ص: 182


1- سورة الأعراف، الآية: 199.
2- سورة القلم، الآية: 4.
3- سورة الحشر، الآية: 7.

الآية (5)-(6)

[سورة القلم (68): الآیات 5 الی 6]

فَسَتُبْصِرُ وَ يُبْصِرُونَ (5) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ

[178] - في تفسير عليّ بن إبراهيم: قال الصادق عليه السّلام: لقي عمر أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: يا عليّ بلغني أنّك تتأول هذه الآية فيّ و في صاحبي: فَسَتُبْصِرُ وَ يُبْصِرُونَ (5) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ ؟

قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أفلا أخبرك يا أبا حفص ما نزل في بني أمية ؟ قوله: وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ (1) قال عمر: كذبت يا عليّ، بنو أمية خير منك و أوصل للرحم(2).

[179] - في تفسير عليّ بن إبراهيم: حدّثنا محمّد بن جعفر قال: حدّثنا عبد اللّه بن محمّد بن خالد عن الحسن بن

ص: 183


1- سورة الإسراء، الآية: 60.
2- تفسير القمّيّ: 308/2.

عليّ الخزاز عن أبان بن عثمان عن عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي العبّاس المكّي قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: إنّ عمر لقي عليا عليه السّلام فقال: أنت الذي تقرأ بهذه الآية: بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ تعرّض بي و بصاحبي ؟

قال: أفلا أخبرك بآية نزلت في بني أمية ؟ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إلى قوله وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ فقال عمر: بنو أمية أوصل للرحم منك و لكنك أثبتّ العداوة لبني أمية و بني عدي و بني تيّم(1).

ص: 184


1- مجمع البيان: 502/10.

الآية (13)

[سورة القلم (68): آیة 13]

عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ

[180] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال عليّ بن أبي طالب عليه السّلام: الزنيم: الذي لا أصل له(1).

[181] - أبو إسحاق الثعلبي قال: و قال عليّ و الحسن: العتلّ: الفاحش الخلق السيّيء الخلق(2).

ص: 185


1- تفسير الثعلبي: 12/10.
2- غرر الحكم: (4046-4047).

الآية (17)

[سورة القلم (68): آیة 17]

إِنّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ

[182] - عنه عليه السّلام: إذا رأيت الله سبحانه يتابع عليك البلاء فقد أيقظك، إذا رأيت الله سبحانه يتابع عليكم النّعم مع المعاصي فهو استدراج لك(1).

[183] - عنه عليه السّلام: و قد خرج للإستسقاء -: إنّ اللّه يبتلي عباده عند الأعمال السّيّئة بنقص الثّمرات و حبس البركات و إغلاق خزائن الخيرات، ليتوب تائب و يقلع مقلع و يتذكّر متذكّر و يزدجر مزدجر.

ص: 186


1- نهج البلاغة: الخطبة 143.

سورة الحاقة

اشارة

ص: 187

ص: 188

الآية (11)

[سورة الحاقة (69): آیة 11]

إِنّا لَمّا طَغَى الْماءُ

[184] - عن علي عليه السّلام قال: لم ينزل قطرة من ماء إلاّ بكيل على يدي ملك إلاّ يوم نوح فإنّه أذن للماء دون الخزّان فطغى الماء على الخزان فخرج، فذلك قوله تعالى:

إِنّا لَمّا طَغَى الْماءُ و لم ينزل شيء من الريح إلاّ بكيل على يدي ملك إلاّ يوم عاد أذن له دون الخزّان، فخرجت، فذلك قوله تعالى: وَ أَمّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ (1),(2).

ص: 189


1- سورة الحاقة، الآية: 6.
2- كنز العمال 541:2 ح 4679.

الآية (12)

[سورة الحاقة (69): آیة 12]

وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ

[185] - ابن عساكر قال: أخبرنا أبو غالب، و أبو عبد اللّه ابنا البنّا، قالا: نا أبو علي الحسن بن غالب بن علي المقرىء - قراءة عليه - قال يحيى و أنا حاضر: نا أبو بكر محمّد بن أحمد بن محمّد المفيد بجرجرايا (1)- إملاء - نا أبو عمرو عثمان بن الخطاب يعرف بأبي الدنيا الأشجّ، قال: سمعت علي بن أبي طالب قال: إنه لعهد النبي الأمي صلّى اللّه عليه و سلّم إليّ: إنه لا يحبّك إلاّ مؤمن و لا يبغضك إلاّ منافق.

قال: و سمعت علي بن أبي طالب قال: لما نزلت وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ (2) قال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: «سألت ربي أن يجعلها أذنك يا علي »(3).

ص: 190


1- جرجرايا: بلد من أعمال النهروان الأسفل بين واسط و بغداد من الجانب الشرقي (معجم البلدان).
2- سورة الحاقة، الآية: 12.
3- تاريخ دمشق: 256/40، و الكاف الشاف: 177.

[186] - في عيون الأخبار: في باب ما جاء عن الرضا عليه السّلام من الأخبار المجموعة و بإسناده عن عليّ عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ قال: دعوت اللّه عزّ و جلّ أن يجعلها أذنك يا عليّ.

[187] - في بصائر الدرجات: محمّد بن عيسى عن أبي محمّد الأنصاري عن صباح المزني عن الحارث بن حضيرة المزني عن الأصبغ بن نباتة عن عليّ عليه السّلام أنه قال في حديث طويل: أنا الذي أنزل اللّه فيّ وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ فإنّا كنّا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فيخبرنا بالوحي فأعيه و يفوتهم، فإذا خرجنا ما ذا قالَ آنِفاً (1),(2).

[188] - أخرج أبو نعيم عن علي عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا علي إنّ اللّه أمرني أن أدنيك و أعلّمك لتعي، فأنزلت هذه الآية: وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ فأنت أذن واعية لعلمي(3).

[189] - عن عمر بن عليّ بن أبي طالب، عن أبيه

ص: 191


1- سورة محمّد، الآية: 16.
2- بصائر الدرجات: 155/3 /ب 10 ح 3.
3- تفسير السيوطي 260:6؛ حلية الأولياء 67:1؛ كنز العمال 177:13 ح 36525؛ فرائد السمطين 200:1 ح 156.

عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، قال: ضمّني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و قال: أمرني ربّي أن أدنيك و لا أقصيك، و أن تسمع و تعي.

و في أخبار أبي رافع، قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ اللّه تعالى أمرني أن أدنيك و لا أقصيك، و أن أعلمك و لا أجفوك، و حقّ عليّ أن أطيع ربّي فيك، و حقّ عليك أن تعي(1).

[190] - عن علي عليه السّلام في قوله: وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ قال: قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: سألت اللّه أن يجعلها أذنك يا علي، فما سمعت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم شيئا فنسيته(2).

[191] - عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عند نزول هذه الآية: سألت اللّه أن يجعلها أذنك يا علي، قال علي عليه السّلام: فما نسيت شيئا بعد ذلك و ما كان لي أن أنسى(3).

ص: 192


1- مناقب ابن شهر آشوب، باب إنّه حبل اللّه المتين 78:3؛ البحار 328:35؛ حلية الأولياء 67:1.
2- كنز العمال 177:13 ح 36526.
3- تفسير الرازي: 107:30.

الآية (17)

[سورة الحاقة (69): آیة 17]

وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ

[192] - في كتاب الخصال في سؤال بعض اليهود عليا عليه السّلام عن الواحد إلى المائة قال له اليهودي: فربك يحمل أو يحمل ؟

قال: إنّ ربي يحمل كل شيء بقدرته، و لا يحمله شيء، قال: فكيف قوله عزّ و جلّ: وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ (1) ؟

قال: يا يهودي ألم تعلم أن للّه لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما وَ ما تَحْتَ الثَّرى (2) فكل شيء على الثرى و الثرى على القدرة، و القدرة تحمل كل شيء(3).

ص: 193


1- سورة الحاقة، الآية: 17.
2- سورة طه، الآية: 6.
3- كتاب الخصال: ب 1-100 ح 597/1.

[193] - في كتاب التوحيد: و بإسناده إلى زاذان عن سلمان الفارسي حديث طويل يذكر فيه قدوم الجاثليق المدينة مع مائة من النصارى بعد قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و سؤاله أبا بكر عن مسائل لم يجبه عنها، ثم أرشد إلى أمير المؤمنين عليه السلام فسأله عنها فأجابه، فكان فيما سأله أن قال له: أخبرني عن ربك أيحمل أو (يحمل)؟

فقال علي عليه السّلام: إنّ ربنا جلّ جلاله يحمل و لا يحمل.

قال النصراني: و كيف ذلك و نحن نجد في الإنجيل:

وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ (1) فقال علي عليه السّلام: إن الملائكة تحمل العرش و ليس العرش كما تظن كهيئة السرير، و لكنه شيء محدود مخلوق مدبر و ربك عزّ و جلّ مالكه، لا أنه عليه ككون الشيء على الشيء، و أمر الملائكة بحمله، فهم يحملون العرش بما أقدرهم عليه، قال النصراني: صدقات يرحمك اللّه(2).

[194] - في أصول الكافي: عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد البرقي رفعه قال: سأل الجاثليق أمير

ص: 194


1- سورة الحاقة، الآية: 17.
2- كتاب التوحيد: ب 48 ح 316/3.

المؤمنين عليه السّلام فقال له: أخبرني عن قوله: وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ فكيف قال ذاك و قلت: إنّه يحمل العرش و السماوات و الأرض ؟

قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ العرش خلقه اللّه تعالى من أنوار أربعة، نور أحمر منه احمرت الحمرة، و نور أخضر منه اخضرت الخضرة، و نور أصفر منه اصفرت الصفرة، و نور أبيض منه ابيضّ البياض، و هو العلم الذي حمله اللّه الحملة، و ذلك نور من عظمته فبعظمته و نوره أبصر قلوب المؤمنين، و بعظمته و نوره عاداه الجاهلون، و بعظمته و نوره ابتغى من في السماء و الأرض من جميع خلائقه إليه الوسيلة بالأعمال المختلفة و الأديان المتشتتة(1) فكلّ محمول يحمله اللّه بنوره و عظمته و قدرته لا يستطيع لنفسه ضرّا و لا نفعا و لا موتا و لا حياة و لا نشورا، فكلّ شيء محمول، و اللّه تبارك و تعالى الممسك لهما أن تزولا و المحيط بهما من شيء(2) و هو حياة كلّ شيء و نور كلّ شيء، سبحانه و تعالى عما يقولون علوا كبيرا، فالذين يحملون العرش هم العلماء الذين حمّلهم اللّه علمه، و ليس يخرج عن هذه الأربعة شيء

ص: 195


1- في المصدر (و الأديان المشتبهة).
2- ضمائر التثنية - على ما قيل - ترجع إلى السماوات و الأرض.

خلق اللّه في ملكوته، و هو الملكوت الذي أراه اللّه أصفياءه و أراه خليله عليه السّلام، فقال: وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (1) و كيف يحمل حملة عرش اللّه و بحياته حييت قلوبهم، و بنوره اهتدوا إلى معرفته ؟ و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(2).

ص: 196


1- سورة الأنعام، الآية: 75.
2- أصول الكافي: 129/1 ح 1.

الآية (20)

[سورة الحاقة (69): آیة 20]

إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ

[195] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه عليه السّلام: و أمّا قوله:

وَ رَأَى الْمُجْرِمُونَ النّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها (1) يعني تيقنوا أنهم داخلوها و كذلك قوله: إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ و أمّا قوله للمنافقين: وَ تَظُنُّونَ بِاللّهِ الظُّنُونَا (2) فهو ظنّ شكّ و ليس ظنّ يقين فما كان من أمر المعاد من الظنّ فهو ظنّ يقين، و ما كان من أمر الدنيا فهو على الشك(3).

[196] - في كتاب التوحيد: حديث طويل عن علي عليه السّلام يقول فيه و قد سأله رجل عما اشتبه عليه من

ص: 197


1- سورة الكهف، الآية: 53.
2- سورة الأحزاب، الآية: 10.
3- الإحتجاج: 571/1 /محاجة 137.

الآيات: و أمّا قوله: إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ (1) و قوله:

يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (2) و قوله للمنافقين: وَ تَظُنُّونَ بِاللّهِ الظُّنُونَا (3) فإنّ قوله: إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ يقول: إنّي ظننت أنّي أبعث فأحاسب و قوله للمنافقين وَ تَظُنُّونَ بِاللّهِ الظُّنُونَا فهذا الظن ظن شك و ليس ظن يقين، و الظن ظنان، ظن شك و ظن يقين، فما كان من أمر معاد من الظن فهو ظن يقين، و ما كان من أمر الدنيا فهو ظن شك. فافهم ما فسرت لك(4).

ص: 198


1- سورة الحاقة، الآية: 20.
2- سورة النور، الآية: 25.
3- سورة الأحزاب، الآية: 10.
4- التوحيد: ب 36 ح 5 /ص 267.

الآية (24)

[سورة الحاقة (69): آیة 24]

كُلُوا وَ اشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيّامِ الْخالِيَةِ

[197] - و في البحار عن أمير المؤمنين عليه السّلام في حديث طويل قال: و يقذف في قلوب المؤمنين العلم، فلا يحتاج مؤمن إلى ما عند أخيه من علم، فيومئذ تأويل هذه الآية: يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ (1) و تخرج لهم الأرض كنوزها، و يقول القائم: كُلُوا وَ اشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيّامِ الْخالِيَةِ (2).

ص: 199


1- سورة النساء، الآية: 130.
2- بحار الأنوار: 86/53.

الآية (52)

[سورة الحاقة (69): آیة 52]

فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ

[198] - و روي عن جويرية بن مسهر في خبر رد الشمس على أمير المؤمنين عليه السّلام ببابل أنّه قال: فالتفت إليّ و قال: يا جويرية بن مسهر، إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ و إنّي سألت اللّه عزّ و جلّ باسمه العظيم فردّ عليّ الشمس(1).

ص: 200


1- من لا يحضره الفقيه: 203/1 ح 611.

سورة المعارج

اشارة

ص: 201

ص: 202

الآية (1)

[سورة المعارج (70): آیة 1]

سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ

[199] - و أخبرنا السيّد أبو الحمد... إلى قوله: عن جعفر بن محمّد الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: لمّا نصب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عليا يوم غدير خم قال: «من كنت مولاه فعليّ مولاه»، طار ذلك في البلاد، فقدم على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم النعمان بن الحارث الزهري فقال: أمرتنا عن اللّه أن نشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أنّك رسول اللّه، و أمرتنا بالجهاد و الحجّ و الصوم و الصلاة و الزكاة فقبلناها ثمّ لم ترض حتّى نصبت هذا الغلام فقلت: من كنت مولاه فعليّ مولاه، فهذا شيء منك أو أمر من عند اللّه ؟

فقال: لا و اللّه الذي لا إله إلاّ هو إنّ هذا من اللّه.

فولّى النعمان بن الحارث و هو يقول: اللهمّ إن كان هذا

ص: 203

هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء، فرماه اللّه بحجر على رأسه فقتله و أنزل اللّه تعالى: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ (1).

ص: 204


1- مجمع البيان: 530/10.

الآية (23)

[سورة المعارج (70): آیة 23]

اَلَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ

[200] - في كتاب الخصال: فيما علّم أمير المؤمنين عليه السّلام أصحابه من الأربعمائة باب ممّا يصلح للمسلم في دينه و دنياه: لا يصلّي الرجل نافلة في وقت فريضة إلاّ من عذر، و لكن يقضي بعد ذلك إذا أمكنه القضاء، قال اللّه تعالى: اَلَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ يعني الذين يقضون ما فاتهم من الليل بالنهار، و ما فاتهم من النهار بالليل، لا تقضى النافلة في وقت فريضة، إبدأ بالفريضة ثمّ صلّ ما بدا لك(1).

ص: 205


1- الخصال: ب 400 ح 628/10.

الآيات (36)-(39)

[سورة المعارج (70): الآیات 36 الی 39]

فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (36) عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ عِزِينَ (37) أَ يَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (3(8) كَلاّ إِنّا خَلَقْناهُمْ مِمّا يَعْلَمُونَ

[201] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه قال عليه السّلام و قد ذكر المنافقين: و ما زال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يتآلفهم و يقربهم و يجلسهم عن يمينه و عن شماله حتّى أذن اللّه عزّ و جلّ له في إبعادهم بقوله:

وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً (1) و بقوله: فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (36) عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ عِزِينَ (37) أَ يَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (3(8) كَلاّ إِنّا خَلَقْناهُمْ مِمّا يَعْلَمُونَ (2).

[202] - عن أمير المؤمنين عليه السّلام و قد ذكر المنافقين،

ص: 206


1- سورة المزمل، الآية: 10.
2- الإحتجاج: 597/1 /محاجة 137.

قال: و ما زال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يتآلفهم و يقرّبهم و يجلسهم عن يمينه و شماله، حتّى أذن اللّه عزّ و جلّ له في إبعادهم بقوله: وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً (1) و بقوله: فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (2).

ص: 207


1- سورة المزمل، الآية: 10.
2- تفسير الصافي 228:5؛ الاحتجاج 597:1 ح 137.

الآية (40)

[سورة المعارج (70): آیة 40]

فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَ الْمَغارِبِ

[203] - في كتاب معاني الأخبار: بإسناده إلى عبد اللّه بن أبي حماد رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: رب اَلْمَشارِقِ وَ الْمَغارِبِ قال: لهما ثلاثمائة و ستّون مشرقا، و ثلاثمائة و ستّون مغربا، فيومها الذي تشرق فيه لا تعود فيه إلاّ من قابل(1).

[204] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه: و أمّا قوله: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَ رَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (2) فإنّ مشرق الشتاء على حدة و مشرق الصيف على حدة، أما تعرف ذلك من قرب الشمس و بعدها؟ و أمّا قوله: رب اَلْمَشارِقِ وَ الْمَغارِبِ فإنّ لها ثلاثمائة و ستّين

ص: 208


1- معاني الأخبار: باب معنى المشارق و المغارب ح 221/1.
2- سورة الرحمن، الآية: 17.

برجا تطلع كلّ يوم من برج و تغيب في آخر، فلا تعود إليه إلاّ من قابل في ذلك اليوم(1).

[205] - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، و عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعا، عن محمّد بن عيسى، عن أبي الصباح الكناني، عن الأصبغ بن نباتة، قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ للشمس ثلاثمائة و ستين برجا، كلّ برج منها مثل جزيرة من جزائر العرب، فتنزل كلّ يوم على برج منها، فإذا غابت انتهت إلى حدّ بطنان العرش، فلم تزل ساجدة إلى الغد، ثمّ تردّ إلى موضع مطلعها، و معها ملكان يهتفان معها، و إنّ وجهها لأهل السماء وقفاها لأهل الأرض، و لو كان وجهها لأهل الأرض لاحترقت الأرض و من عليها من شدّة حرّها، و معنى سجودها ما قال سبحانه و تعالى: أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ وَ الْجِبالُ وَ الشَّجَرُ وَ الدَّوَابُّ وَ كَثِيرٌ مِنَ النّاسِ (2),(3).

ص: 209


1- الإحتجاج: 614/1 /محاجة 139.
2- سورة الحج، الآية: 18.
3- الكافي 157:8؛ تفسير البرهان 80:3.

الآيتان (43) و (44)

[سورة المعارج (70): الآیات 43 الی 44]

يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (4(3) خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ

[206] - عنه عليه السّلام: حتّى إذا انصرف المشيّع و رجع المتفجّع، أقعد في حفرته نجيّا لبهتة السّؤال و عثرة الإمتحان(1).

[207] - عنه عليه السّلام: يا عباد الله، ما بعد الموت لمن لم يغفر له أشدّ من الموت؛ القبر، فاحذروا ضيقه و ضنكه و ظلمته و غربته... و إنّ المعيشة الضّنك الّتي حذّر الله منها عدوّه عذاب القبر(2).

[208] - عنه عليه السّلام: فإنّكم لو قد عاينتم ما قد عاين من مات منكم لجزعتم و وهلتم و سمعتم و أطعتم، و لكن محجوب عنكم ما قد عاينوا، و قريب ما يطرح الحجاب!(3)

ص: 210


1- نهج البلاغة: الخطبة 83.
2- أمالي الطوسيّ: 31/28.
3- نهج البلاغة: الخطبة 20.

سورة نوح

اشارة

ص: 211

ص: 212

الآيات (10)-(12)

[سورة نوح (71): الآیات 10 الی 12]

فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفّاراً (10) يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً (1(1) وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ جَنّاتٍ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً

[209] - في عيون الأخبار: في باب ما جاء عن الرضا عليه السّلام من الأخبار المجموعة و بإسناده عن عليّ بن الحسين عن أبيه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من أنعم اللّه عليه نعمة فليحمد اللّه تعالى، و من استبطأ الرزق فليستغفر اللّه و من حزنه أمر فليقل:

لا حول و لا قوة إلاّ باللّه(1).

[210] - في نهج البلاغة: و قد جعل اللّه سبحانه الإستغفار سببا لدرور الرزق و رحمة الخلق فقال: سبحانه فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفّاراً (1(0) يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ

ص: 213


1- عيون الأخبار: 45/2 /ب 31 ح 171.

مِدْراراً وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ فرحم اللّه امرءا إستقبل توبته و استقال خطيئته و بادر منيته(1).

[211] - فيه و قال عليه السّلام لقائل بحضرته أستغفر اللّه:

ثكلتك أمّك أتدري ما الإستغفار؟ إنّ الإستغفار درجة العلّيين، و هو إسم واقع على ستّة معان: أوّلها الندم على ما مضى، و الثاني العزم على ترك العود إليه أبدا، و الثالث أن تؤدّي إلى المخلوقين حقوقهم حتّى تلقى اللّه عزّ و جلّ أملس ليس عليك تبعة، و الرابع أن تعمد إلى كلّ فريضة عليك ضيعتها فتؤدي حقّها، و الخامس أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتذيبه بالأحزان حتّى يلصق الجلد بالعظم و ينشأ بينهما لحم جديد، و السادس أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية، فعند ذلك تقول:

أستغفر اللّه(2).

ص: 214


1- نهج البلاغة: خطبة 143.
2- نهج البلاغة: قصار الحكم 417.

الآيتان (15) و (16)

[سورة نوح (71): الآیات 15 الی 16]

أَ لَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللّهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً (1(5) وَ جَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَ جَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً

[212] - في نهج البلاغة:... و جعل شمسها آية مبصرة لنهارها، و قمرها آية ممحوّة من ليلها، و أجراهما في مناقل مجراهما، و قدّر سيرهما في مدارج درجهما، ليميّز بين الليل و النهار بهما، و ليعلم عدد السنين و الحساب بمقاديرهما(1).

[213] - في نهج البلاغة:... فسوى منه سبع سموات، جعل سفلاهن موجا مكفوفا، و علياهن سقفا محفوظا، و سمكا مرفوعا، بغير عمد يدعمها، و لا دسار ينظمها. ثم زيّنها بزينة الكواكب، و ضياء الثواقب، و أجرى

ص: 215


1- نهج البلاغة، خطبة رقم: 91.

فيها سراجا مستطيرا، و قمرا منيرا، في فلك دائر، و سقف سائر، و رقيم مائر(1).

ص: 216


1- نهج البلاغة، خطبة رقم: 1.

الآية (22)

[سورة نوح (71): آیة 22]

وَ مَكَرُوا مَكْراً كُبّاراً

[214] - عنه عليه السّلام: المكر و الغلّ مجانبا الإيمان(1).

[215] - عنه عليه السّلام: المكر شيمة المردة(2).

[216] - عنه عليه السّلام: لا أمانة لمكور(3).

[217] - عنه عليه السّلام: من مكر حاق به مكره(4).

[218] - عنه عليه السّلام: من مكر بالنّاس ردّ الله سبحانه مكره في عنقه(5).

ص: 217


1- غرر الحكم: 1594.
2- غرر الحكم: 623.
3- غرر الحكم: 10441.
4- غرر الحكم: 7834.
5- غرر الحكم: 8832.

ص: 218

سورة الجن

اشارة

ص: 219

ص: 220

الآية (1)

[سورة الجن (72): آیة 1]

قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً

[219] - ابن عساكر قال: مما وقع إلي عاليا من حديثه ما أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، نا الحسن بن علي، نا أبو الحسين بن المظفر، نا محمد بن محمد الباغندي، نا محمود بن خالد، نا أبي، نا محمد بن راشد عن عمرو بن عبيد عن الحسن، أنّ عليا كان يخطب بالكوفة فقام إليه ابن الكوا فقال: يا أمير المؤمنين، إنها قد فشت أحاديث، قال علي: و قد فعلوها. إني سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول «ستكون فتن» فقيل فما المخرج منها يا رسول اللّه ؟ قال «كتاب اللّه عزّ و جلّ» مرتين فيه نبأ ما قبلكم و خبر ما بعدكم و فصل ما بينكم و هو العروة الوثقى و هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا إِنّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً (1) من قال به صدق،

ص: 221


1- الآية الأولى من سورة الجن.

و من قال به حق، و من حكم به هدي إلى صراط مستقيم» قال: ثم أمسك علي رضي اللّه عنه و جلس(1).

[220] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قتادة و السدي و الضحاك: هو القرآن، يدل عليه ما روي عن الحرث أنه قال: دخلت المسجد فإذا الناس قد وقعوا في الأحاديث، فأتيت عليا كرم اللّه وجهه فقلت: ألا ترى أنّ الناس قد وقعوا في الأحاديث ؟

فقال: و قد فعلوا؟

فقلت: نعم.

فقال: أما أني سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول: «إنها ستكون فتنة».

قال: قلت: فما الخروج منها يا رسول اللّه ؟

قال عليه السّلام: «كتاب اللّه، فيه نبأ ما قبلكم و خبر ما بعدكم و حكم ما بينكم هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه اللّه، و من ابتغى الهدى في غيره أضله اللّه، فهو حبل اللّه المتين و هو الذّكر الحكيم و هو الصراط المستقيم،

ص: 222


1- تاريخ دمشق: 228/18، و الحاوي للفتاوي: 287/2

و هو الذي لا تزيغ به الأهواء و لا تلتبس به الألسن و لا يشبع منه العلماء و لا يخلق عن كثرة الرد و لا تنقضي عجائبه و هو الذي لم تنته الجن إذا سمعته إلاّ أن قالوا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً (1) من قال به صدق و من عمل به أجر و من حكم به عدل و من دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم خذها إليك يا أعور »(2).

ص: 223


1- سورة الجن، الآية: 1.
2- تفسير الثعلبي: 162/3، و الدر المنثور: 337/6.

الآية (17)

[سورة الجن (72): آیة 17]

لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَ مَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً

[221] - ابن عساكر قال: قرأت عن الأشج قال:

سمعت علي بن أبي طالب، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «إذا ألف العبد الإعراض عن اللّه تعالى ابتلاه بالوقيعة في الصالحين »(1).

ص: 224


1- تاريخ دمشق: 35/16.

الآية (18)

[سورة الجن (72): آیة 18]

قوله تعالى: وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللّهِ أَحَداً

[222] - في من لا يحضره الفقيه: قال أمير المؤمنين عليه السّلام في وصيته لابنه محمّد ابن الحنفية: يا بني لا تقل ما لا تعلم... إلى قوله: و قال اللّه عزّ و جلّ: وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللّهِ أَحَداً يعني بالمساجد: الوجه و اليدين و الركبتين و الإبهامين(1).

ص: 225


1- من لا يحضره الفقيه: 626/2 ح 3215.

الآية (23)

[سورة الجن (72): آیة 23]

إِلاّ بَلاغاً مِنَ اللّهِ وَ رِسالاتِهِ وَ مَنْ يَعْصِ اللّهَ وَ رَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً

[223] - عنه عليه السّلام: إتقوا معاصي اللّه في الخلوات فإنّ الشاهد هو الحاكم(1).

[224] - عنه عليه السّلام: أقلّ ما يلزمكم للّه ألاّ تستعينوا بنعمه على معاصيه(2).

ص: 226


1- نهج البلاغة: الحكمة 324.
2- نهج البلاغة: الحكمة 330.

الآيتان (24) و (25)

[سورة الجن (72): الآیات 24 الی 25]

حَتّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَ أَقَلُّ عَدَداً (2(4) قُلْ إِنْ أَدْرِي أَ قَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً

[225] - في تفسير عليّ بن إبراهيم: قوله: حَتّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ قال: القائم و أمير المؤمنين عليهما السّلام في الرجعة فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَ أَقَلُّ عَدَداً قال: هو قول أمير المؤمنين عليه السّلام لزفر:(1) و اللّه يابن صهاك لو لا عهد من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و كتاب من اللّه سبق لعلمت أيّنا أضعف ناصرا و أقلّ عددا، قال: فلما أخبرهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ما يكون من الرجعة قالوا: متى يكون هذا؟

قال اللّه: قُلْ يا محمّد إِنْ أَدْرِي أَ قَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً (2),(3).

ص: 227


1- الزفر هو الثاني كما ورد في غير واحد من الروايات.
2- سورة الجن، الآية: 25.
3- تفسير القمّيّ: 391/2.

الآيتان (26) و (27)

[سورة الجن (72): الآیات 26 الی 27]

إِلاّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ رَصَداً (2(7) لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَ أَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَ أَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً

[226] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه: و ألزمهم الحجة بأن خاطبهم خطابا يدل على انفراده و توحيده، و بأن لهم أولياء تجري أفعالهم و أحكامهم مجرى فعله، و عرف الخلق اقتدارهم على علم الغيب بقوله: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً (2(6) إِلاّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ قال السائل: من هؤلاء الحجج ؟

قال: هم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و من حلّ محله من أصفياء اللّه الذين قال: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ (1) الذين قرنهم اللّه

ص: 228


1- سورة البقرة، الآية: 115.

بنفسه و برسوله، و فرض على العباد من طاعتهم، مثل الذين فرض عليهم منها لنفسه(1).

ص: 229


1- الإحتجاج: 593/1 /محاجة 137.

ص: 230

سورة المزمل

اشارة

ص: 231

ص: 232

الآيات (1)-(4)

[سورة المزمل (73): الآیات 1 الی 4]

يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلاّ قَلِيلاً (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً

[227] - أخرج ابن مردويه، عن عليّ عليه السّلام قال:

لما نزلت على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلاّ قَلِيلاً (1) قام الليل كلّه حتّى تورمت قدماه، فجعل يرفع رجلا و يضع رجلا، فهبط عليه جبرئيل فقال: طإ الأرض بقدميك يا محمّد ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى (2) و أنزل فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ (3) و لو قدر حلب شاة(4).

قوله تعالى: وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً

ص: 233


1- سورة المزمل، الآيتان: 1-2.
2- سورة طه، الآية: 2.
3- سورة المزمل، الآية: 20.
4- تفسير السيوطي 288:4.

[228] - في أصول الكافي: عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن عليّ بن معبد عن واصل بن سليمان عن عبد اللّه بن سليمان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ:

وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: بينه بيانا و لا تهذّه هذّ الشعر و لا تنثره نثر الرمل(1) و لكن أفزعوا قلوبكم القاسية، و لا يكن همّ أحدكم آخر السورة(2).

ص: 234


1- الهذ: سرعة القراءة. قال الفيض رحمه اللّه: أي لا يتسرع فيه كما يتسرع في قراءة الشعر و لا تفرغ كلماته بحيث لا تكاد تجتمع كذرات الرمل.
2- أصول الكافي: 614/2 ح 1 /ب 8.

الآية (5)

[سورة المزمل (73): آیة 5]

إِنّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً

[229] - روى العياشي بإسناده عن عيسى بن عبيد عن أبيه عن جدّه عن عليّ عليه السّلام قال: كان القرآن ينسخ بعضه بعضا و إنّما يؤخذ من أمر رسول اللّه بآخره، و كان من أمر آخر ما نزل عليه سورة المائدة نسخت ما قبلها، و لم ينسخها شيء. لقد نزل عليه و هو على بغلة شهباء و ثقل عليها الوحي حتّى وقفت و تدلّى بطنها حتّى رأيت سرتها تكاد تمس الأرض(1).

ص: 235


1- مجمع البيان: 257/3.

الآية (10)

[سورة المزمل (73): آیة 10]

وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً

[230] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه قال عليه السّلام و قد ذكر المنافقين: و ما زال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يتآلفهم و يقربهم و يجلسهم عن يمينه و عن شماله حتّى أذن اللّه عزّ و جلّ له في إبعادهم بقوله: وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً (1) و بقوله: فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (36) عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ عِزِينَ (37) أَ يَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (3(8) كَلاّ إِنّا خَلَقْناهُمْ مِمّا يَعْلَمُونَ (2),(3).

ص: 236


1- سورة المزمل، الآية: 10.
2- سورة المعارج، الآيات من 36 إلى 39.
3- الإحتجاج: 597/1 /محاجة 137.

الآية (11)

[سورة المزمل (73): آیة 11]

وَ ذَرْنِي وَ الْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَ مَهِّلْهُمْ قَلِيلاً

[231] - عن السيّد الثقة الجليل الفقيه السيّد نعمة اللّه الجزائري رحمه اللّه في بعض مؤلّفاته عن ابن عبّاس قال:

لمّا صارت الخلافة إلى أمير المؤمنين عليه السّلام و سيّد الوصيّين و قائد الغرّ المحجّلين علي بن أبي طالب عليه السّلام، فلمّا كان في اليوم الثالث أقبل رجل في ثياب خضر و وقف على باب المسجد، و كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه جالسا في المسجد و الناس حوله يمينا و شمالا فقال: السلام عليكم يا أهل بيت النبوّة و معدن الرسالة و مختلف الملائكة و مهبط الحقّ.

فقال له أمير المؤمنين: و عليك السلام يا بيهس بن صاف بن حاف بن لامو بن بيهس، فسأل بيهس أمير المؤمنين فقال: قال: أخبرني عن قول اللّه تعالى وَ ذَرْنِي

ص: 237

وَ الْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَ مَهِّلْهُمْ قَلِيلاً (1) قال: نعم، التيمي و العدوي و الأموي الذين لم يصدّقوا رسول اللّه و اتّهموه.

فقال: إنّ لدينا أنكالا و جحيما و طعاما ذا غصّة و عذابا أليما(2).

ص: 238


1- سورة المزمل، الآية: 11.
2- الزام الناصب: 107:1-109.

الآية (17)

[سورة المزمل (73): آیة 17]

فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً

[232] - في نهج البلاغة: إحذروا يوما تفحص فيه الأعمال و يكثر فيه الزلزال و تشيب فيه الأطفال(1).

ص: 239


1- نهج البلاغة: الخطبة 157.

الآية (20)

[سورة المزمل (73): آیة 20]

فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ

[233] - أخرج ابن مردويه، عن عليّ عليه السّلام قال: لما نزلت على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلاّ قَلِيلاً (2) (1)

قام الليل كلّه حتّى تورمت قدماه، فجعل يرفع رجلا و يضع رجلا، فهبط عليه جبرئيل فقال: طإ الأرض بقدميك يا محمّد ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى (2) و أنزل فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ (2) و لو قدر حلب شاة(3).

ص: 240


1- سورة المزمل، الآيتان: 1-2.
2- سورة المزمل، الآية: 20.
3- تفسير السيوطي 288:4.

سورة المدثر

اشارة

ص: 241

ص: 242

الآية (4)

[سورة المدثر (74): آیة 4]

وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ

[234] - في مجمع البيان: و روى أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام غسل الثياب يذهب الهمّ و الحزن، و هو طهور الصلاة، و تشمير الثياب طهورها، و قد قال اللّه سبحانه وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ أي فشمّر(1).

[235] - في كتاب الخصال فيما علّم أمير المؤمنين عليه السّلام أصحابه من الأربعمائة باب ممّا يصلح للمسلم في دينه و دنياه تشمير الثياب طهور لها، قال اللّه تبارك و تعالى: وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ يعني فشمّر(2).

[236] - الحسين بن محمّد عن معلى بن محمّد عن

ص: 243


1- مجمع البيان: 581/10.
2- الخصال: ب 623/400.

الحسن بن عليّ الوشاء عن أحمد بن عائذ عن أبي خديجة عن معلى بن خنيس عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إن عليا صلوات اللّه عليه كان عندكم فأتى بني ديوان فاشترى ثلاثة أثواب بدينار، القميص إلى فوق الكعب، و الإزار إلى نصف الساق، و الرداء من بين يديه إلى ثدييه، و من خلفه إلى إلييه، ثمّ رفع يده إلى السماء فلم يزل يحمد اللّه على ما كساه حتّى دخل منزله ثمّ قال: هذا اللباس الذي ينبغي للمسلمين أن يلبسوه، قال أمير المؤمنين عليه السّلام:(1) و لكن لا يقدرون أن يلبسوا هذا اليوم و لو فعلنا لقالوا مجنون و لقالوا مرائي، و اللّه عزّ و جلّ يقول: وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ قال: و ثيابك ارفعها لا تجرّها، فإذا قام قائمنا كان هذا اللباس(2).

ص: 244


1- في بعض المصادر: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام.
2- الكافي: 355/6 ح 2.

الآيتان (38) و (39)

[سورة المدثر (74): الآیات 38 الی 39]

كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (3(8) إِلاّ أَصْحابَ الْيَمِينِ

[237] - الحاكم النيسابوري، أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السمّاك ببغداد، ثنا عبد الرحمن بن محمّد الحرثي، ثنا عليّ بن قادم، ثنا سفيان الثوري، عن الأعمش، عن عمران القطّان، عن زاذان، عن علي عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ: كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (3(8) إِلاّ أَصْحابَ الْيَمِينِ (1) قال: هم أطفال المسلمين(2).

قوله تعالى: إِلاّ أَصْحابَ الْيَمِينِ

[238] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن [شنبه] قال: حدّثنا رضوان بن أحمد قال:

حدّثنا أحمد بن عبد الجبار قال: حدّثنا أبو معاوية عن

ص: 245


1- سورة المدثر، الآية: 38 و 39.
2- مستدرك الحاكم 507:2.

الأعمش عن أبي اليقظان عن زاذان عن علي في قوله:

إِلاّ أَصْحابَ الْيَمِينِ قال: هم أطفال المسلمين(1).

ص: 246


1- تفسير الثعلبي: 76/10.

الآيتان (42) و (43)

[سورة المدثر (74): الآیات 42 الی 43]

ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (4(2) قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ

[239] - في الكافي: عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عن أبي حمزة عن عقيل الخزاعي أن أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه كان إذا حضر الحرب يوصي المسلمين بكلمات يقول: تعاهدوا الصلاة و حافظوا عليها و استكثروا منها و تقربوا بها فإنّها كانت على المؤمنين كتابا موقوتا، و قد علم ذلك الكفار حين سئلوا ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (4(1) قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ و قد عرف حقّها من طرقها (2).و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(2).

[240] - في نهج البلاغة: تعاهدوا الصلاة و حافظوا

ص: 247


1- الكافي: 36/5 /ب 15 ح 1 /كتاب الجهاد.
2- قال المجلسي رحمه اللّه في مرآة العقول (و قد عرف حقّها من طرقها) أي أتى بها ليلا من الطروق بمعنى الاتيان بالليل؛ أي واظب عليها في الليالي، و قيل: جعلها دأبه و صنعه.

عليها و استكثروا منها و تقربوا بها فإنها كانت على المؤمنين كتابا موقوتا، ألا تسمعون إلى جواب أهل النار حين سئلوا ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (4(2) قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (1).

ص: 248


1- نهج البلاغة: خطبة 199.

الآيتان (50)-(51)

[سورة المدثر (74): الآیات 50 الی 51]

كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (5(0) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ

[241] - في إرشاد المفيد رحمه اللّه: من كلام لأمير المؤمنين عليه السّلام أيّها الناس إني استنفرتكم بجهاد هؤلاء القوم فلم تنفروا، و أسمعتكم فلم تجيبوا، و نصحت لكم فلم تقبلوا. شهود كالغيب، أتلو عليكم الحكمة فتعرضون عنها، و أعظكم بالموعظة البالغة فتنفرون منها كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (5(0) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (1).

ص: 249


1- الارشاد: 278/1.

ص: 250

سورة القيامة

اشارة

ص: 251

ص: 252

الآية (9)

[سورة القيامة (75): آیة 9]

وَ جُمِعَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ

[242] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي بن أبي طالب و ابن عباس: يجعلان في نور الحجب(1).

ص: 253


1- تفسير الثعلبي: 84/10.

الآية (14)

[سورة القيامة (75): آیة 14]

بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ

[243] - في الكافي: عن عليّ بن محمّد عن عبد اللّه بن إسحاق عن الحسن بن عليّ بن سليمان عن محمّد بن عمران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أتي أمير المؤمنين عليه السّلام و هو جالس بالكوفة بقوم وجدوهم يأكلون في النهار في شهر رمضان، فقال لهم أمير المؤمنين عليه السّلام أكلتم و أنتم مفطرون ؟

قالوا: نعم، قال: يهود أنتم ؟

قالوا: لا، قال: فنصارى ؟

قالوا: لا، قال: فعلى أي شيء من هذه الأديان مخالفين للإسلام ؟

قالوا: بل مسلمون، قال: فسفر أنتم ؟

قالوا: لا، قال: فيكم علّة استوجبتم الإفطار لا نشعر

ص: 254

بها فإنّكم أبصر بأنفسكم لأن اللّه تعالى يقول: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ قالوا: بل أصبحنا ما بنا علّة. و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(1).

ص: 255


1- الكافي: 180/4 ح 7.

الآيتان (22) و (23)

[سورة القيامة (75): الآیات 22 الی 23]

وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (2(2) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ

[244] - في كتاب التوحيد: حديث طويل عن عليّ عليه السّلام يقول فيه: و قد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات. فأمّا قوله عزّ و جلّ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (2(1) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ فإن ذلك في موضع ينتهي فيه أولياء اللّه عزّ و جلّ بعد ما يفرغ من الحساب إلى نهر يسمّى الحيوان، فيغتسلون و يشربون منه و يدخلون الجنّة، فذلك قوله عزّ و جلّ في تسليم الملائكة عليهم:

سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ (2) فعند ذلك أيقنوا بدخول الجنّة و النظر إلى ما وعدهم فذلك قوله: إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ و إنّما يعني بالنظر إليه النظر إلى ثوابه تبارك و تعالى(2).

ص: 256


1- التوحيد: ب 36 ح 262/5.
2- سورة الزمر، الآية: 73.

[245] - في مجمع البيان: و أمّا من حمل النظر في الآية على الإنتظار فإنهم اختلفوا في معناه على أقوال، أحدها أن المعنى: منتظرة لثواب ربّها، و روي ذلك عن مجاهد و الحسن و سعيد بن جبير و الضحاك. و هو المروي عن عليّ عليه السّلام(1).

ص: 257


1- مجمع البيان: 602/10 /مع اختلاف في المطبوع.

ص: 258

سورة الإنسان

اشارة

ص: 259

ص: 260

الآية (1)

[سورة الإنسان (76): آیة 1]

هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً

[246] - في أمالي شيخ الطائفة (قدس سره): بإسناده إلى أبي جعفر الباقر عليه السّلام حديث طويل و فيه أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال لعلي عليه السّلام: قل: ما أوّل نعمة أبلاك اللّه عزّ و جلّ و أنعم عليك بها؟

قال: أن خلقني جلّ ثناؤه و لم أك شيئا مذكورا، قال:

صدقات.

قال: فما الثالثة ؟

قال: أن أنشأني فله الحمد في أحسن صورة و أعدل تركيب قال: صدقات(1).

ص: 261


1- الأمالي: 492 /مجلس 17 ح 46.

الآية (2)

[سورة الإنسان (76): آیة 2]

إِنّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً

[247] - في نهج البلاغة: عالم الغيب من ضمائر المضمرين إلى أن قال عليه السّلام:... و محطّ الأمشاج(1) من مسارب(2) الأصلاب(3),(4).

ص: 262


1- الأمشاج: النّطف.
2- مسارب: جمع مسرب، و هي: ما يتسرّب المني فيها عند نزوله أو عند تكوّنه.
3- الأصلاب: جمع صلب، عظم في الظهر ذو فقار يمتد من الكاهل إلى العجب أو أسفل الظهر. و يقال: «هو من صلب فلان» أي من نسله و ولده.
4- نهج البلاغة: خطبة 91.

الآية (5)

[سورة الإنسان (76): آیة 5]

إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً

[248] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه للقوم بعد موت عمر بن الخطاب: نشدتكم باللّه، هل فيكم أحد نزل فيه و في ولده إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً إلى آخر السورة غيري ؟

قالوا: لا(1).

ص: 263


1- الإحتجاج: 326/1 /محاجة 55.

الآيات (8)-(19)

[سورة الإنسان (76): الآیات 8 الی 19]

وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً (8) إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَ لا شُكُوراً (9) إِنّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً (10) فَوَقاهُمُ اللّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَ لَقّاهُمْ نَضْرَةً وَ سُرُوراً (11) وَ جَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَ حَرِيراً (12) مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَ لا زَمْهَرِيراً (13) وَ دانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَ ذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً (14) وَ يُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَ أَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا (15) قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً (16) وَ يُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلاً (17) عَيْناً فِيها تُسَمّى سَلْسَبِيلاً (1(8) * وَ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً

[249] - عنه عليه السّلام: وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ أي:

على شدّة شهوتهم له مِسْكِيناً قرص له، وَ يَتِيماً حريرة وَ أَسِيراً حيسا إِنَّما نُطْعِمُكُمْ يخبر عن ضميرهما لِوَجْهِ اللّهِ يقول: إرادة ما عند اللّه من الثواب لا نُرِيدُ مِنْكُمْ في الدنيا جزاء، يعني ثوابا، و لا شكورا يقول ثناء تثنون به علينا إِنّا نَخافُ يخبر عن ضميرهما مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً قال:

ص: 264

العبوس تقبض ما بين العينين من أهواله و خوفه، و القمطرير:

الشديد فَوَقاهُمُ اللّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ يقول: خوف ذلك اليوم وَ لَقّاهُمْ نَضْرَةً يقول: بهجات الجنّة وَ سُرُوراً يقول ما يسرّهما من قرة العين بالجنّة وَ جَزاهُمْ بِما صَبَرُوا يقول: و أثابهم بما صبروا أي على الجوع حتى آثروا بالطعام لإفطارهم المسكين و اليتيم و الأسير حيسا و حريرا مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ الأرائك: الأسرّة المرمولة بالدر و الياقوت و الزبرجد في علّيين مضروبة عليها الحجال لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً يؤذيهم حرّها وَ لا زَمْهَرِيراً يقول: يعني لا يؤذيهم بردها وَ دانِيَةً قريبة عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَ ذُلِّلَتْ قُطُوفُها يعني قربت الثمار منهم تَذْلِيلاً يأكلونها قياما و قعودا مُتَّكِئِينَ يعني مستلقين على ظهورهم ليس القائم بأقدر عليها من المتّكي، و ليس المتّكي بأقدر عليها من المستلقي وَ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ من الوصفاء مُخَلَّدُونَ قالوا: مسورون بأسورة الذهب و الفضة و يقال:

مخلّدون لم يذوقوا طعم الموت قط إنما خلقوا خدما لأهل الجنّة إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ من بياضهم و حسنهم لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً لكثرتهم فشبّه بياضهم و حسنهم باللؤلؤ و كثرتهم بالمنثور(1).

ص: 265


1- المناقب: 271 /ح 252.

[250] - في مجمع البيان: يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ إختلف في هذه الولدان فقيل: إنّهم أولاد أهل الدنيا لم يكن لهم حسنات فيثابوا عليها و لا سيئات فيعاقبوا عليها، فأنزلوا هذه المنزلة، عن علي عليه السّلام(1).

[251] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي و الحسن:

«هم أولاد أهل الدنيا لم يكن لهم حسنات فيثابوا عليها و لا سيئات فيعاقبوا عليها، لأن الجنة لا ولادة فيها »(2).

ص: 266


1- مجمع البيان: 327/9.
2- تفسير الثعلبي: 204/9، و كنز العمال: 498/14 ح 39412 و فيه عن الحسن بن علي.

الآية (21)

[سورة الإنسان (76): آیة 21]

وَ سَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً

[252] - و في حديث آخر قال: إنّ الملائكة لتستقبلهم بنوق من نوق الجنّة عليها رحائل ذهب، مكلّلة بالدر و الياقوت و جلالها الإستبرق و السندس، و خطامها جدل الأرجوان، و أزمّتها من زبرجد، فتطير بهم إلى المحشر، مع كلّ رجل منهم ألف ملك من قدامه و عن يمينه و عن شماله يزفّونهم زفّا، حتّى ينتهوا بهم إلى باب الجنّة الأعظم، و على باب الجنّة شجرة، الورقة منها يستظلّ تحتها مائة ألف من الناس، و عن يمين الشجرة عين مطهّرة مزكية، فيسقون منها شربة فيطهّر اللّه قلوبهم من الحسد و يسقط عن أبشارهم الشعر ذلك قوله: وَ سَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً (1) من تلك العين المطهّرة، ثمّ يعرجون إلى عين أخرى عن يسار

ص: 267


1- سورة الإنسان، الآية: 21.

الشجرة فيغتسلون منها و هي عين الحياة فلا يموتون أبدا ثمّ يوقف بهم قدّام العرش و قد سلموا من الآفات و الأسقام و الحرّ و البرد أبدا، قال: فيقول الجبّار للملائكة الذين معهم: أحشروا أوليائي إلى الجنّة و لا تقفوهم مع الخلائق، فقد سبق رضائي عنهم و وجبت رحمتي لهم فكيف أوقفهم مع أصحاب الحسنات و السيّئات، فتسوقهم الملائكة إلى الجنّة، فإذا انتهوا إلى باب الجنّة ضربت الملائكة حلقة الباب فيبلغ صريرها كلّ حوراء خلقها اللّه و أعدّها لأوليائه، فيتباشرن إذا سمعن صرير الحلقة و يقلن: جاءنا أولياء اللّه، فيفتح الباب فيدخلون الجنّة فيشرف عليهم أزواجهن من الحور العين و الآدميين فيقلن: مرحبا بكم فما كان أشدّ شوقنا إليكم، و يقول لهنّ أولياء اللّه ذلك.

فقال علي عليه السّلام: من هؤلاء يا رسول اللّه ؟

فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا علي هؤلاء شيعتك و شيعتنا المخلصون لولايتك و أنت إمامهم، و هو قول اللّه يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً (1).

ص: 268


1- تفسير القمي 53:2؛ تفسير البرهان 22:3؛ الكافي 95:8.

الآية (30)

[سورة الإنسان (76): آیة 30]

وَ ما تَشاؤُنَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللّهُ

[253] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل قال فيه:... فمن كان من أهل الطاعة تولت قبض روحه ملائكة الرحمة، و من كان من أهل المعصية تولت قبض روحه ملائكة النقمة، و لملك الموت أعوان من ملائكة الرحمة و النقمة، يصدرون عن أمره، و فعلهم و فعله و كل ما يأتونه منسوب إليه، و إذا كان فعلهم فعل ملك الموت، و فعل ملك الموت فعل اللّه، لأنه يتوفى الأنفس على يد من يشاء و يعطي و يمنع و يثيب و يعاقب على يد من يشاء و إن فعل أمنائه فعله كما قال: وَ ما تَشاؤُنَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللّهُ (1).

ص: 269


1- كتاب الإحتجاج للطبرسي: 573/1 /محاجة 137.

ص: 270

سورة المرسلات

اشارة

ص: 271

ص: 272

الآية (2)

[سورة المرسلات (77): آیة 2]

فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً

[254] - في تفسير الطبري قال: حدّثنا هناد قال:

ثنا أبو الأحوص عن سماك عن خالد عن عرعرة أنّ رجلا قام إلى علي رضي اللّه عنه فقال: ما العاصفات عصفا؟

قال: الرّيح(1).

ص: 273


1- تفسير الطبري: 141/29.

الآيات (20)-(22)

[سورة المرسلات (77): الآیات 20 الی 22]

أَ لَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (20) فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ (2(1) إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ

[255] - في كتاب علل الشرائع بإسناده إلى محمد بن عبد اللّه عن زرارة عن علي بن عبد اللّه عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه عليه السّلام: تجول النطفة في الرحم أربعين يوما، فمن أراد أن يدعو اللّه عزّ و جلّ ففي تلك الأربعين قبل أن تخلق، ثم يبعث اللّه عزّ و جلّ ملك الأرحام فيأخذها فيصعد بها إلى اللّه عزّ و جلّ فيقف ما شاء اللّه فيقول: يا إلهي، أذكر أم أنثى ؟ فيوحي اللّه عزّ و جلّ ما يشاء و يكتب الملك ثم يقول: إلهي، أشقيّ أم سعيد؟ فيوحي اللّه عزّ و جلّ من ذلك ما يشاء و يكتب الملك(1)

ص: 274


1- علل الشرائع: 95 /ب 85 ح 4.

الآية (23)

[سورة المرسلات (77): آیة 23]

فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ

[256] - في تفسير القرطبي قال في قوله تعالى:

(فقدرنا): ذكر عن علي رضي اللّه عنه تشديدها و تخفيفها(1).

ص: 275


1- تفسير القرطبي: 104/19 مورد الآية.

الآيتان (25)-(26)

[سورة المرسلات (77): الآیات 25 الی 26]

أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً (2(5) أَحْياءً وَ أَمْواتاً

[257] - في تفسير عليّ بن إبراهيم: و قوله: أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً (2(5) أَحْياءً وَ أَمْواتاً قال: الكفات المساكن. و قال:

نظر أمير المؤمنين عليه السّلام في رجوعه من صفين إلى المقابر فقال: هذه كفات الأموات أي مساكنهم، ثمّ نظر إلى بيوت الكوفة، فقال: هذه كفات الأحياء، ثمّ تلا قوله: أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً (2(5) أَحْياءً وَ أَمْواتاً (1).

ص: 276


1- تفسير القمّيّ: 400/2.

الآية (32)

[سورة المرسلات (77): آیة 32]

إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ

[258] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قرأ علي بن أبي طالب و ابن عباس: كالقصر بفتح الصاد أراد أعناق النخل(1).

[259] - عنه عليه السّلام: فكيف أستطيع الصّبر على نار لو قذفت بشررة إلى الأرض لأحرقت نبتها، و لو اعتصمت نفس بقلّة لأنضجها وهج النّار في قلّتها. و أيّما (إنّما) خير لعليّ أن يكون عند ذي العرش مقرّبا أو يكون في لظى خسيئا مبعّدا مسخوطا عليه بجرمه مكذّبا؟!(2)

ص: 277


1- تفسير الثعلبي: 110/10.
2- أمالي الصدوق: 7/496.

الآيات (41)-(43)

[سورة المرسلات (77): الآیات 41 الی 43]

إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَ عُيُونٍ (41) وَ فَواكِهَ مِمّا يَشْتَهُونَ (4(2) كُلُوا وَ اشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ

[260] - عنه عليه السّلام: إن كنتم راغبين لا محالة فارغبوا في جنّة عرضها السّماوات و الأرض(1).

[261] - في نهج البلاغة فبادروا بأعمالكم تكونوا من جيران اللّه في داره رافق بهم رسله، و أزارهم ملائكته، و أكرم أسماعهم عن أن تسمع حسيس نار أبدا، و صان أجسادهم من أن تلقى لغوبا و نصبا، ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء و اللّه ذو الفضل العظيم(2).

انتهى الجزء الثامن و يليه الجزء التاسع و أوله تفسير سورة النّبأ

ص: 278


1- غرر الحكم: 3736.
2- نهج البلاغة: الخطبة 183.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.