تفسير أمير المؤمنين عليه السّلام للقرآن الكريم
مجلدات: 10ج
جمع و تهذيب السيّد علي عاشور
مرکز الشرق الأوسط الثقافي - بیروت - لبنان
ص: 1
تفسير أمير المؤمنين عليه السّلام للقرآن الكريم
ص: 2
بسم الله الرحمن الرحیم
ص: 3
جمیع الحقوق محفوظة ومسجلة للناشر
الطبعة الأولی
1429ه - 2008م
مرکز الشرق الأوسط الثقافي - بیروت - لبنان
ص: 4
ص: 5
ص: 6
الآية (16)
وَ قالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ
[1] - في كتاب معاني الأخبار: بإسناده إلى الأصبغ عن عليّ عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ وَ قالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ قال: نصيبهم من العذاب(1).
ص: 7
الآية (20)
وَ آتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَ فَصْلَ الْخِطابِ
[2] - في جوامع الجامع: و عن عليّ عليه السّلام هو قوله: البيّنة على المدّعي و اليمين على المدّعى عليه(1).
[3] - في عيون الأخبار: بإسناده إلى أبي الصلت الهروي قال: كان الرضا عليه السّلام يكلم الناس بلغاتهم، و كان و اللّه أفصح الناس و أعلمهم بكل لسان و لغة، فقلت له يوما:
يابن رسول اللّه، إنّي لأعجب من معرفتك بهذه اللغات على اختلافها؟
فقال: يا أبا صلت، أنا حجة اللّه على خلقه، و ما كان اللّه ليتخذ حجة على قوم و هو لا يعرف لغاتهم.
ص: 8
أو ما بلغك قول أمير المؤمنين عليه السّلام وَ آتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَ فَصْلَ الْخِطابِ فهل فصل الخطاب إلاّ معرفة اللغات(1).
[4] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي بن أبي طالب: هو البيّنة على المدّعي و اليمين على من أنكر(2).
ص: 9
الآية (26)
يا داوُدُ إِنّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النّاسِ بِالْحَقِّ
[5] - في عيون الأخبار: حدّثنا أبو الحسن محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي اللّه عنه قال: حدّثنا أبو سعيد النسوي قال:
حدّثني إبراهيم بن محمد بن هارون قال: حدّثنا أحمد بن الفضل البلخي قال: حدّثني خالي يحيى بن سعيد البلخي عن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن علي عليه السّلام قال: بينما أنا أمشي مع النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم في بعض طرقات المدينة إذ لقينا شيخ طويل كثّ اللحية بعيد ما بين المنكبين، فسلّم على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم و رحب به ثم التفت إليّ فقال: السلام عليك يا رابع الخلفاء و رحمة اللّه و بركاته، أليس كذلك هو يا رسول اللّه ؟
فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: بلى ثم مضى فقلت:
يا رسول اللّه، ما هذا الذي قال لي هذا الشيخ و تصديقك له ؟
ص: 10
قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: أنت كذلك و الحمد للّه، إنّ اللّه عزّ و جلّ قال في كتابه: إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً (1) و الخليفة المجعول فيها آدم عليه السّلام، و قال عزّ و جلّ: يا داوُدُ إِنّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النّاسِ بِالْحَقِّ (2) فهو الثاني، و قال عزّ و جلّ حكاية عن موسى حين قال لهارون عليه السّلام: اُخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَ أَصْلِحْ (3) فهو هارون إذ استخلفه موسى عليه السّلام في قومه و هو الثالث، و قال عزّ و جلّ وَ أَذانٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (4) و كنت أنت المبلّغ عن اللّه عزّ و جلّ و عن رسوله، و أنت وصيي و وزيري و قاضي ديني و المؤدّي عني، و أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي، فأنت رابع الخلفاء كما سلّم عليك الشيخ، أولا تدري من هو؟
قلت: لا، قال: ذاك أخوك الخضر عليه السّلام فاعلم(5).
ص: 11
الآيتان (28) و (29)
أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجّارِ (2(8) كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَ لِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ
[6] - في تفسير عليّ بن إبراهيم: حدّثنا محمّد بن جعفر قال حدّثنا يحيى بن زكريا اللولؤي عن عليّ بن حسان عن عبد الرّحمن بن كثير قال: سألت الصادق عليه السّلام عن قوله: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ قال: أمير المؤمنين و أصحابه كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ قال: حبتر وزريق(1) و أصحابهما كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ فآياته أمير المؤمنين و الأئمّة عليهم السّلام وَ لِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ الثاقبة و كان أمير المؤمنين عليه السّلام يفتخر بها و يقول: ما أعطي أحد قبلي و لا بعدي مثل ما أعطيت(2).
ص: 12
الآيات (30)-(33)
وَ وَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوّابٌ (30) إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصّافِناتُ الْجِيادُ (31) فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ (3(2) رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَ الْأَعْناقِ
[7] - في مجمع البيان: و قيل: إنّ هذه الخيل كانت شغلته عن صلاة العصر حتّى فات وقتها عن عليّ عليه السّلام، و في رواية أصحابنا أنّه فاته أوّل الوقت(1).
[8] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال ابن عبّاس: سألت عليّا بن أبي طالب عن هذه الآية فقال: ما بلغك في هذا يا ابن عبّاس ؟
فقلت له: سمعت كعب الأحبار يقول: إن سليمان
ص: 13
إشتغل ذات يوم بعرض الأفراس و النظر اليها حتّى توارت الشمس بالحجاب.
فقال لما فاتته الصلاة: إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ رُدُّوها عَلَيَّ يعني الأفراس و كانت أربعة و عشرين، و بقول: أربعة عشر، فردوها عليه فأمر بضرب سوقها و أعناقها بالسيف فقتلها، و أن اللّه سلبه ملكه أربعة عشر يوما، لأنه ظلم الخيل بقتلها.
فقال علي بن أبي طالب عليه السّلام: كذب كعب الأحبار، لكن سليمان إشتغل بعرض الأفراس ذات يوم، لأنه أراد جهاد عدو حتّى توارت الشمس بالحجاب، فقال بأمر اللّه للملائكة الموطنين بالشمس: ردّوها عليّ. يعني الشمس، فردوها عليه حتّى صلى العصر في وقتها.
فإن أنبياء اللّه لا يظلمون و لا يأمرون بالظلم و لا يرضون بالظلم، لأنهم معصومون مطهّرون، فذلك قوله سبحانه: إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصّافِناتُ و هي الخيل القائمة على ثلاث قوائم، و قد أقامت الأخرى على طرف الحافر من يد أو رجل(1).
ص: 14
[9] - قال ابن عباس: سألت عليا عن الآية هذه فقال: ما بلغك فيها يابن عباس ؟
قلت له: سمعت كعبا يقول: إشتغل سليمان عليه السّلام بعرض الأفراس حتّى فاتته الصلاة قال رُدُّوها عَلَيَّ يعني الأفراس و كانت أربعة عشر فأمر بضرب سوقها و أعناقها بالسيف فقتلها فسلبه اللّه ملكه أربعة عشر يوما لأنه ظلم الخيل بقتلها، فقال عليّ عليه السّلام: كذب كعب لكن اشتغل سليمان عليه السّلام بعرض الأفراس ذات يوم لأنّه أراد جهاد العدو حتّى توارت الشمس بالحجاب، فقال بأمر اللّه للملائكة الموكلين بالشمس: رُدُّوها عَلَيَّ فردت فصلى العصر في وقتها، و إنّ أنبياء اللّه لا يظلمون و لا يأمرون بالظلم لأنّهم معصومون مطهرون(1).
ص: 15
الآية (34)
وَ لَقَدْ فَتَنّا سُلَيْمانَ وَ أَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً
[10] - أبو إسحاق الثعلبي قال: روى أبو إسحاق عن عمارة بن عبد عن علي عليه السّلام قال: بينما سليمان جالس على شاطىء البحر و هو يلعب بخاتمه، إذ سقط في البحر و كان ملكه في خاتمه.
قال: فانطلق سليمان و خلّف شيطانا في أهله و أتى عجوزا فآوى إليها فقالت له العجوز: إن شئت أن تنطلق فاطلب فأكفيك عمل البيت و إن شئت أن تكفيني البيت فانطلق و التمس.
قال: فانطلق يلتمس، فأتى قوما يصيدون السمك فجلس إليهم فنبذوا إليه سمكات، فانطلق بهن حتّى أتى العجوزة، فأخذت تصلحه فشقت بطن سمكة، فإذا فيها الخاتم فأخذته و قالت لسليمان: ما هذا؟
ص: 16
فأخذه سليمان فلبسه، فأقبلت الشياطين و الجنّ و الإنس و الطير و الوحوش، و هرب الشيطان الذي خلّف في أهله، فأتى جزيرة في البحر فبعث إليه الشياطين فقالوا: لا نقدر عليه، و لكنه يرد علينا في الجزيرة في كل سبعة أيام يوما، لا نقدر عليه حتّى يسكر.
قال: فنزح ماءها و جعل فيها خمرا.
قال: فجاء يوم وروده فإذا هو بالخمر فقال: و اللّه إنك لشراب طيب إلاّ أنك تصبين(1) الحليم و تزيدين الجاهل جهلا.
ثم رجع حتّى عطش عطشا شديدا ثم أتاها فقال: إنك لشراب طيب إلاّ أنك تصبين الحليم و تزيدين الجاهل جهلا.
قال: ثم شربها حتّى غلبته على عقله، ثم أروه الخاتم فقال: سمعا و طاعة(2).
قال: فأتى به سليمان فأوثقه ثم بعث به إلى جبل، فذكروا أنه جبل الدخان الذي يرون من نفسه، و الماء الذي يخرج من الجبل هو بوله(3).
ص: 17
الآية (64)
قوله تعالى: إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النّارِ
[11] - في كتاب التوحيد: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه و قد سأله رجل عمّا اشتبه عليه من آيات الكتاب و أما قوله: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً (1) و قوله: وَ اللّهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ (2) و قوله يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَ يَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً (3) و قوله: إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النّارِ (4) و قوله: لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَ قَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (5) و قوله: اَلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما
ص: 18
كانُوا يَكْسِبُونَ (1) :فإنّ ذلك في مواطن غير واحدة من مواطن ذلك اليوم الذي كان مقداره خمسين ألف سنة يجمع اللّه عزّ و جلّ الخلائق في مواطن يتفرقون و يكلّم بعضهم بعضا و يستغفر بعضهم لبعض أولئك الذين كان منهم الطاعة في دار الدنيا الرؤساء و الأتباع و يلعن بعض أهل المعاصي الذين بدت منهم البغضاء و تعاونوا على الاثم و العدوان في دار الدنيا و المستكبرون و المستضعفون يكفر بعضهم ببعض و يلعن بعضهم بعضا.
و الكفر في هذه الآية البراءة يقول: فيبرأ بعضهم من بعض، و نظيرها في سورة إبراهيم قول الشيطان: إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ (2) و قول إبراهيم خليل الرّحمن: كَفَرْنا بِكُمْ (3) أي تبرأنا منكم ثمّ يجتمعون في موطن آخر يبكون فلو أن تلك الأصوات بدت لأهل الدنيا لأذهلت جميع الخلق عن معايشهم، و لتصدعت قلوبهم إلاّ ما شاء اللّه، فلا يزالون يبكون الدم، ثمّ يجتمعون في موطن آخر فيستنطقون فيه فيقولون: وَ اللّهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ (4)
ص: 19
فيختم اللّه تبارك و تعالى على أفواههم و يستنطق الأيدي و الأرجل و الجلود، فتشهد بكلّ معصية كانت منهم، ثمّ يرفع عن ألسنتهم الختم فيقولون لجلودهم: لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ (1) ثمّ يجتمعون في موطن آخر فيستنطقون فيفرّ بعضهم من بعض، فذلك قوله عزّ و جلّ: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ (3(5) وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ (2) فيستنطقون لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً (3) فيقوم الرسل صلوات اللّه عليهم فيشهدون في هذا الموطن، فذلك قوله تعالى: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً (4) ثمّ يجتمعون في موطن آخر فيكون فيه مقام محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلم و هو المقام المحمود، فيثني على اللّه تبارك و تعالى بما لم يثن عليه أحد قبله، ثمّ يثني على الملائكة كلهم فلا يبقى ملك إلاّ أثنى عليه محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلم ثمّ يثني على الرسل بما لم يثن عليهم أحد مثله، ثمّ يثني على كلّ مؤمن و مؤمنة يبدأ بالصديقين ثمّ الشهداء ثمّ الصالحين، فيحمده أهل السماوات و أهل الأرض و ذلك قوله عزّ و جلّ: عَسى أَنْ
ص: 20
يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً (1) فطوبى لمن كان له في ذلك المقام حظ، و ويل لمن لم يكن له في ذلك المقام حظّ و لا نصيب، ثمّ يجتمعون في موطن آخر و يدان بعضهم من بعض؛ و هذا كله قبل الحساب فإذا أخذ في الحساب شغل كلّ انسان بما لديه، نسأل اللّه بركة ذلك اليوم(2).
ص: 21
الآيتان (67) و (68)
قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (6(7) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ
[12] - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن أبي عمير أو غيره، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قلت له: جعلت فداك، إنّ الشيعة يسألونك عن تفسير هذه الآية: عَمَّ يَتَساءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (1).قال: ذلك لي إن شئت أخبرتهم و إن شئت لم أخبرهم، و لكن أخبرك بتفسيرها، قلت: عَمَّ يَتَساءَلُونَ قال: فقال: هي في أمير المؤمنين عليه السّلام كان يقول: ما للّه آية أكبر منّي، و لا للّه نبأ أعظم منّي(2).
ص: 22
الآيات (86)-(88)
قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (86) إِنْ هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (8(7) وَ لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ
[13] - في روضة الكافي: عليّ بن محمّد عن عليّ بن العباس عن الحسن بن عبد الرّحمن عن عاصم بن حميد عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ: قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (8(6) إِنْ هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ قال أمير المؤمنين عليه السّلام: وَ لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ قال: عند خروج القائم(1).
ص: 23
ص: 24
ص: 25
ص: 26
الآية (6)
خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها وَ أَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ ذلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ فَأَنّى تُصْرَفُونَ
[14] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي: (ره) عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه و قال: وَ أَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ فإنزاله ذلك خلقه إياه(1).
قوله تعالى: فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ
[15] - في نهج البلاغة: أم هذا الذي أنشأه في ظلمات الأرحام و شغف الأستار(2) نطفة دهاقا (3) ،و علقة
ص: 27
محاقا (1) ،و جنينا و راضعا، و وليدا و يافعا(2),(3).
[16] - في نهج البلاغة: أيها المخلوق السّويّ(4) ، و المنشأ المرعيّ (5).في ظلمات الأرحام، و مضاعفات الأستار. بدئت «من سلالة(6) من طين»، و وضعت «في قرار مكين (7) ،إلى قدر معلوم» و أجل مقسوم. تمور(8) في بطن أمك جنينا لا تحير(9) دعاء، و لا تسمع نداء، ثم أخرجت من مقرّك إلى دار لم تشهدها، و لم تعرف سبل منافعها(10).
ص: 28
الآية (10)
قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَ أَرْضُ اللّهِ واسِعَةٌ إِنَّما يُوَفَّى الصّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ
[17] - في أمالي شيخ الطائفة (قدس سره): بإسناده إلى أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه عليه السّلام:
إعلموا يا عباد اللّه أنّ المؤمن من يعمل لثلاث من الثواب، إما لخير فإن اللّه يثيبه بعمله في دنياه؛ إلى قوله: و قد قال اللّه تعالى: قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَ أَرْضُ اللّهِ واسِعَةٌ إِنَّما يُوَفَّى الصّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ (فما) أعطاهم اللّه في الدنيا لم يحاسبهم به في الآخرة(1).
ص: 29
الآية (20)
لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ
[18] - علي بن إبراهيم قوله: لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ الآية، فإنّه حدّثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن إسحاق، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سأل علي عليه السّلام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم عن تفسير هذه الآية فقال: لماذا بنيت هذه الغرف يا رسول اللّه ؟
فقال: يا علي تلك الغرف بناها اللّه لأوليائه بالدرّ و الياقوت و الزبرجد، سقوفها الذهب محبوكة بالفضة، لكلّ غرفة منها ألف باب من ذهب على كلّ باب منها ملك موكّل به، و فيها فرش مرفوعة، الحديث(1).
ص: 30
الآية (29)
ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَ رَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً
[19] - روى الحاكم أبو القاسم الحسكاني، بالإسناد عن علي عليه السّلام أنّه قال: أنا ذلك الرجل السلم لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم(1).
[20] - في مجمع البيان: و روى الحاكم أبو القاسم الحسكاني بالإسناد عن عليّ عليه السّلام أنّه قال: أنا ذلك الرجل السلم لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم(2).
[21] - في كتاب معاني الأخبار: بإسناده إلى عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال: ألا و إنّي مخصوص في القرآن بأسماء إحذروا أن
ص: 31
تغلبوا عليها فتضلوا في دينكم، أنا السلم لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم يقول اللّه عزّ و جلّ: وَ رَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ .و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(1).
ص: 32
الآية (30)
إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ
[22] - عن علي عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم لمّا نزلت هذه الآية: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ قلت: يا ربّ، أتموت الخلائق كلّهم و يبقى الأنبياء؟ فنزلت كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ (1),(2).
ص: 33
الآية (32)
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللّهِ وَ كَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ
[23] - الطوسي، بالإسناد عن علي بن أبي طالب عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللّهِ وَ كَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ قال عليه السّلام: الصدق ولايتنا أهل البيت(1).
ص: 34
الآية (33)
وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَ صَدَّقَ بِهِ
[24] - الحسن الحلّي قال: و من «كتاب سليم بن قيس الهلالي» - رحمة اللّه عليه -، عن أبان قال: لقيت أبا الطفيل بعد ذلك في منزله، فحدّثني في الرجعة عن أناس من أهل بدر و عن سلمان و المقداد و أبيّ بن كعب.
و قال أبو الطفيل:... فقلت: يا أمير المؤمنين، قول اللّه تعالى: * وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ (1) ما الدابّة ؟
قال: يا أبا الطفيل، إله عن هذا.
فقلت: يا أمير المؤمنين، أخبرني به، جعلت فداك.
ص: 35
قال: هي دابّة تأكل الطعام، و تمشي في الأسواق، و تنكح النساء.
فقلت: يا أمير المؤمنين، من هو؟
قال: (هو) زرّ الأرض الذي تسكن الأرض به(1).
قلت: يا أمير المؤمنين، من هو؟
قال: صدّيق هذه الأمّة و فاروقها و ربّيّها(2) و ذو قرنيها(3).
قلت: يا أمير المؤمنين، من هو؟
قال: الذي قال اللّه تعالى: وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ (4) و الّذي عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ (5)وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ - و الذي - وَ صَدَّقَ بِهِ (6) أنا، و الناس كلّهم كافرون (غيري)(7) و غيره.
ص: 36
قلت: يا أمير المؤمنين، فسمّه لي(1).
قال: قد سمّيته لك، يا أبا الطفيل، و اللّه لو أدخلت عليّ عامّة شيعتي - الّذين بهم أقاتل، الذين أقرّوا بطاعتي، و سمّوني أمير المؤمنين، و استحلّوا جهاد من خالفني - فحدّثتهم(2) ببعض ما أعلم من الحقّ في الكتاب الذي نزل (به)(3) جبرئيل عليه السّلام على محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلم لتفرّقوا عنّي حتى أبقى في عصابة من الحقّ(4) قليلة، أنت و أشباهك من شيعتي، ففزعت و قلت: يا أمير المؤمنين، أنا و أشباهي نتفرّق(5) عنك أو نثبت معك ؟
قال: لا، بل تثبتون.
ثمّ أقبل عليّ فقال: إنّ أمرنا صعب مستصعب، لا يعرفه و لا يقرّ به إلاّ ثلاثة: ملك مقرّب، أو نبيّ مرسل، أو عبد مؤمن نجيب امتحن اللّه قلبه للإيمان.
ص: 37
يا أبا الطفيل، إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم قبض فارتدّ الناس ضلاّلا و جهّالا(1) إلاّ من عصمه اللّه بنا أهل البيت(2).
ص: 38
الآية (42)
اَللّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها
[25] - في كتاب التوحيد حديث طويل عن علي عليه السّلام يقول فيه و قد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات:
و أما قوله: يَتَوَفّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ (1) و قوله:
اَللّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها (2) و قوله: تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَ هُمْ لا يُفَرِّطُونَ (3) و قوله: اَلَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ و قوله: اَلَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ (4) فإن اللّه تبارك و تعالى يدبر الأمور كيف يشاء، يوكل من خلقه من يشاء بما يشاء، أما ملك الموت فإن اللّه يوكله بخاصته بمن يشاء من خلقه و يوكل رسله من يشاء من خاصته
ص: 39
بمن يشاء من خلقه يدبر الأمور كيف يشاء، و ليس كل العلم يستطيع صاحب العلم أن يفسره لكل الناس، لأن فيهم القوي و الضعيف، و لأن منه ما يطاق حمله و منه ما لا يطاق حمله، لمن سهّل اللّه له حمله و أعانه عليه من خاصة أوليائه، و إنما يكفيك أن تعلم أن اللّه المحيي و المميت، و أنه يتوفى الأنفس على يد من يشاء من خلقه من ملائكة و غيرهم(1).
ص: 40
الآية (53)
يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
[26] - أبو إسحاق الثعلبي قال: بإسناده عن محمّد بن جرير حدّثنا يعقوب حدّثنا ابن علية حدّثنا يونس عن ابن سيرين قال: قال علي عليه السّلام: ما في القرآن آية أوسع من قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ الآية(1).
[27] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قيل: هي الشفاعة في جميع المؤمنين.
أخبرنيه أبو عبد اللّه الفنجوي قال: حدّثنا أبو علي المقري قال: حدّثنا محمد بن عمران بن أسد الموصلي قال: حدّثنا محمد بن أحمد المدادي قال: حدّثنا عمرو بن
ص: 41
عاصم قال: حدّثنا حرب بن سريح البزاز قال: حدّثنا أبو جعفر محمد بن علي قال: حدّثني عمي محمد بن علي ابن الحنفية، عن أبيه علي بن أبي طالب قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم «أشفع لأمتي حتى ينادي ربي عزّ و جلّ: رضيت يا محمد؟، فأقول: ربّي رضيت». ثم قال لي: إنّكم معشر أهل العراق تقولون: إن أرجا آية في القرآن يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ قلت: إنا لنقول ذلك، قال: و لكنّا أهل البيت نقول: إنّ أرجا آية في كتاب اللّه تعالى وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى (1) و هي الشفاعة(2).
[28] - في مجمع البيان: و عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال: ما في القرآن آية أوسع من: يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا الآية و قيل: إنّ هذه الآية نزلت في وحشي قاتل حمزة حين أراد أن يسلم و خاف أن لا تقبل توبته، فلمّا نزلت الآية أسلم، فقيل: يا رسول اللّه هذه له خاصة أم للمسلمين عامة ؟
فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: بل للمسلمين عامة(3).
ص: 42
الآية (56)
أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّهِ وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ السّاخِرِينَ
[29] - في كتاب الخصال: فيما علّم أمير المؤمنين عليه السّلام أصحابه من الأربعمائة باب مما يصلح للمسلم في دينه و دنياه:
نحن الخزان لدين اللّه، و نحن مصابيح العلم. إذا مضى منا علم بدا علم، لا يضلّ من تبعنا و لا يهتدي من أنكرنا، و لا ينجو من أعان علينا عدونا و لا يعان من أسلمنا، فلا تتخلفوا عنا لطمع دنيا و حطام زائل عنكم، و تزولون عنه، فإن من آثر الدنيا على الآخرة و اختارها علينا عظمت حسرته غدا، و ذلك قول اللّه تعالى: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّهِ وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ السّاخِرِينَ (1).
[30] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: عن أمير
ص: 43
المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه و قد زاد جل ذكره في البيان و إثبات الحجّة بقوله في أصفيائه و أوليائه عليهم السّلام: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّهِ تعريفا للخليقة قربهم، ألا ترى أنّك تقول فلان إلى جنب فلان إذا أردت أن تصف قربه منه. إنّما جعل اللّه تبارك و تعالى في كتابه هذه الرموز التي لا يعلمها غيره و أنبيائه و حججه في أرضه، لعلمه ما يحدثه في كتابه المبدّلون من إسقاط أسماء حججه منه، و تلبيسهم ذلك على الأمة ليعينوا على باطلهم. فأثبت فيه الرموز و أعمى قلوبهم و أبصارهم لما عليهم في تركها و ترك غيرها من الخطاب الدال على ما أحدثوه فيه(1).
[31] - في كتاب التوحيد و معاني الأخبار لابن بابويه قال: حدّثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (قدس سره) قال: حدّثنا الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن ابن سنان عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «قال أمير المؤمنين في خطبة:
أنا الهادي و أنا المهتدي و أنا أبو اليتامى و المساكين و زوج الأرامل، و أنا ملجأ كل ضعيف و مأمن كل خائف، و أنا قائد المؤمنين إلى الجنة و أنا حبل اللّه المتين، و أنا عروة اللّه
ص: 44
الوثقى و كلمة اللّه التقوى، و أنا عين اللّه و لسانه الصادق و يده، و أنا جنب اللّه: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّهِ .
و أنا يد اللّه المبسوطة على عباده بالرحمة و المغفرة، و أنا باب حطة من عرفني و عرف حقي فقد عرف ربّه لأني وصي نبيّه في أرضه و حجته على خلقه لا ينكر هذا إلاّ رادّ على اللّه و على و رسوله.
قال ابن بابويه عقيب هذا الحديث: الجنب الطاعة في لغة العرب يقال: هذا صغير في جنب اللّه أي في طاعة اللّه عزّ و جلّ قال اللّه عزّ و جلّ: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّهِ (1) أي في طاعة اللّه عزّ و جلّ(2).
[32] - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن أحمد بن نصر، عن حسّان الجمّال، قال: حدّثني هاشم بن أبي عمار الجنبي، قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام يقول:
أنا عين اللّه، و أنا يد اللّه، و أنا جنب اللّه، و أنا باب اللّه(3).
ص: 45
الآيات (61)-(63)
وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ (61) اَللّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (6(2) لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ
[33] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرنا أبو اسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمّد بن العدل بقراءتي عليه حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد اللّه بن زكريا الجرجاني الفقيه حدّثنا أحمد بن جعفر بن نصر الرازي حدّثنا محمّد بن يزيد النوفلي حدّثنا حماد بن محمّد المرزوي حدّثنا أبو عصمة نوح بن أبي مريم عن أبي إسحاق عن الحرث عن علي عليه السّلام قال: سألت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم عن تفسير المقاليد.
فقال: «يا عليّ، سألت عظيما. المقاليد هو أن تقول عشرا إذا أصبحت و عشرا إذا أمسيت: لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر و سبحان اللّه و الحمد للّه و استغفر اللّه و لا حول
ص: 46
و لا قوة إلاّ باللّه، هو الأول و الآخر و الظاهر و الباطن، له الملك و له الحمد يحيي و يميت، بيده الخير، و هو على كل شيء قدير. من قالها عشرا إذا أصبح و عشرا إذا أمسى أعطاه اللّه تعالى خصالا ستا؛ أولهن: يحرسه من إبليس و جنده فلا يكون لهم عليهم سلطان، و الثانية: يعطى قنطارا في الجنّة أثقل في ميزانه من جبل أحد، و الثالثة: يرفع اللّه له درجة لا ينالها إلاّ الأبرار، و الرابعة: يزوّجه اللّه من الحور العين، و الخامسة: يشهده إثنا عشر ألف ملك يكتبونها في رقّ منشور يشهدون له بها يوم القيامة، و السادسة: كان كمن قرأ التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان، و كمن حج و اعتمر فقبل اللّه حجّه و عمرته، و إن مات من يومه أو ليلته أو شهره طبع بطابع الشهداء. فهذا تفسير المقاليد »(1).
ص: 47
الآية (65)
وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ
[34] - قوله جلّ ذكره: فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ أي لا يغضبنك، قال: و كان علي بن أبي طالب عليه السّلام يصلّي و ابن الكوا خلفه و أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه يقرأ فقال ابن الكوا: وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (1) فسكت أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه حتى سكت ابن الكوا، ثمّ عاد في قراءته حتّى فعل ابن الكوا ثلاث مرات، فلمّا كان في الثالثة قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه: فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ (2).
ص: 48
الآية (67)
وَ ما قَدَرُوا اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ
[35] - في كتاب الخصال: فيما علم أمير المؤمنين عليه السّلام أصحابه من الأربعمائة باب مما يصلح للمسلم في دينه و دنياه: من خاف منكم الغرق فليقرأ بِسْمِ اللّهِ مَجْراها وَ مُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (1) بسم اللّه الملك القوي وَ ما قَدَرُوا اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ (2).
[36] - في كتاب التوحيد: خطبة لعلي بن أبي طالب عليه السّلام و فيها يقول عليه السّلام: الذي لما شبهه العادلون بالخلق المبعض المحدود في صفاته ذي الأقطار و النواحي
ص: 49
المختلفة في طبقاته، و كان عزّ و جلّ الموجود بنفسه لا بأداته(1) إنتفى أن يكون قدروه حق قدره، فقال تنزيها لنفسه عن مشاركة الأنداد، و ارتفاعا عن قياس المقدرين له بالحدود من كفرة العباد: وَ ما قَدَرُوا اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ فما دلّك القرآن عليه من صفته فاتّبعه لتوصل بينك و بين معرفته و أتم به و استضىء بنور هدايته، فإنها نعمة و حكمة أوتيتها، فخذ ما أوتيت و كن من الشاكرين، و ما دلّك الشيطان عليه ممّا ليس في القرآن عليك فرضه و لا في سنّة الرسول و أئمة الهدى أثره، فكل علمه إلى اللّه عزّ و جلّ فإنّ ذلك منتهى حقّ اللّه عليك(2).
ص: 50
الآية (72)
فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ
[37] - في كتاب ثواب الأعمال: عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه: أصبح عدونا على شفا حفرة من النار، و كأن شفا حفرة قد انهارت به(1) في نار جهنم، فتعسا لأهل النار مثواهم، إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (2).
ص: 51
الآية (73)
وَ سِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتّى إِذا جاؤُها وَ فُتِحَتْ أَبْوابُها وَ قالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ
[38] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرنا أبو صالح شعيب بن محمّد البيهقي أخبرنا أبو حاتم مكي بن عبدان التميمي حدّثنا أبو الأزهر أحمد بن الأزهر السليطي حدّثنا روح بن عبادة القيسي حدّثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي عليه السّلام: أنه سئل عن هذه الآية وَ سِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً الآية.
فقال: سيقودهم إلى أبواب الجنّة حتّى إذا انتهوا إليها وجدوا عند بابها شجرة تخرج من تحت ساقها عينان، فعمدوا إلى إحديهما فتطهّروا فيها فجرت عليهم بنضرة النعيم، فلن تغير أجسادهم بعدها أبدا و لن تشعث أشعارهم
ص: 52
بعدها أبدا كأنما دهنوا بالدهان، ثم عمدوا إلى الأخرى فشربوا منها فأذهبت ما في بطونهم من أذى أو قذى، و تلقتهم الملائكة على أبواب الجنّة: سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين، و يلقى كل غلمان صاحبهم يطوفون به فعل الولدان بالحميم إذا جاء من الغيبة يقولون: أبشر قد أعدّ اللّه لك كذا و كذا و أعد لك كذا و كذا، و ينطلق غلام من غلمانه يسعى إلى أزواجه من الحور العين فيقول: هذا فلان - باسمه في الدّنيا - قد قدم.
فيقلن: أنت رأيته ؟ فيقول: نعم.
فيستخفهنّ الفرح حتّى يخرجن إلى أسكفة الباب و يجيء و يدخل، فإذا «سرر موضونة، و أكواب موضوعة، و نمارق مصفوفة، و زرابي مبثوثة»، ثم ينظر إلى تأسيس بنيانه، فإذا هو قد أسس على جندل اللؤلؤ بين أخضر و أحمر و أبيض و أصفر من كل لون، ثم يتكىء على أريكة من أرائكه، ثم يرفع طرفه إلى سقفه، فلولا أن اللّه تعالى قدّر له لألمّ أن يذهب بصره، أنه مثل البرق فيقول:
اَلْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَ ما كُنّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللّهُ (1)
ص: 53
قال: لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ وَ نُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (1).(2).
[39] - في نهج البلاغة: وَ سِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتّى إِذا جاؤُها وَ فُتِحَتْ أَبْوابُها قد أمن العذاب و انقطع العتاب و زحزحوا عن النار، و اطمأنت بهم الدار، و رضوا المثوى و القرار، الذين كانت أعمالهم في الدنيا زاكية، و أعينهم باكية، و كان ليلهم في دنياهم نهارا تخشّعا و استغفارا، و كان نهارهم ليلا، توحّشا و انقطاعا، فجعل اللّه لهم الجنّة ثوابا و كانوا أحق بها و أهلها في ملك دائم و نعيم قائم(3).
قوله تعالى: سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ (4)
[40] - في كتاب التوحيد: حديث طويل عن أمير المؤمنين عليه السّلام يقول فيه و قد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات فأما قوله عزّ و جلّ: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (2(2) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ (5)
ص: 54
فإنّ ذلك في موضع ينتهي فيه أولياء اللّه عزّ و جلّ بعد ما يفرغ من الحساب إلى نهر يسمى الحيوان، فيغتسلون فيه و يشربون منه، فتنضر وجوههم إشراقا، فيذهب عنهم كلّ قذى و وعث(1) ثمّ يؤمرون بدخول الجنّة، فمن هذا المقام ينظرون إلى ربهم كيف يثيبهم و منه يدخلون الجنّة فذلك قوله عزّ و جلّ في تسليم الملائكة عليهم: سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ (2) فعند ذلك أيقنوا بدخول الجنّة و النظر إلى ما وعدهم، فذلك قوله: إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ و إنّما يعني بالنظر إليه بالنظر إلى ثوابه تبارك و تعالى(3).
[41] - عن علي عليه السّلام في قوله تعالى: وَ سِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حتّى إذا جاؤوها وجدوا عند باب الجنّة شجرة تخرج من أصلها عينان، فعمدوا إلى إحداهما فكأنّما أمروا بها فاغتسلوا - و في رواية: فتوضّؤوا بها - فلا تشعث رؤوسهم بعد ذلك أبدا، و لا تغيّر جلودهم أبدا، فكأنّما أدهنوا بالدهان، و جرت عليهم نضرة النعيم،
ص: 55
ثمّ عمدوا إلى الأخرى فشربوا منها فطهرت أجوافهم فلا يبقى في بطونهم قذى و لا أذى و لا سوء إلاّ خرج، و تتلقّاهم الملائكة على باب الجنّة سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ .
و تتلقّاهم الولدان كاللؤلؤ المكنون و كاللؤلؤ المنثور، يخبرونهم بما أعدّ اللّه لهم، يطوفون بهم كما يطيف ولدان أهل الدنيا بالحميم، يقولون أبشروا، أعدّ اللّه لكم كذا و كذا، و أعدّ لكم كذا، ثمّ يذهب الغلام منهم إلى الزوجة من أزواجه، فيقولون: قد جاء فلان - باسمه الذي يدعى به في الدنيا - فيستخفّها الفرح حتّى تقوم على أسكفة بابها فتقول: أنت رأيته ؟ فيجيء فينظر إلى تأسيس بنيانه على جندل اللؤلؤ من بين أخضر و أصفر و أحمر من كلّ لون، ثمّ يجلس فإذا زرابيّ مبثوثة، و نمارق مصفوفة، و أكواب موضوعة، ثمّ يرفع رأسه إلى سقف بنيانه فلولا أنّ اللّه تبارك و تعالى سخّر ذلك له لألمّ أن يذهب بصره إنّما هو مثل البرق، ثمّ يتكىء على أريكة من أرائكه و يقول: اَلْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا (1) الآية(2).
ص: 56
الآية (75)
وَ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَ قِيلَ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ
[42] - إفتتح الكتاب بالحمد لنفسه و ختم أمر الدنيا و مجيء الآخرة بالحمد لنفسه، فقال: وَ تَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَ قِيلَ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (1).
ص: 57
ص: 58
ص: 59
ص: 60
الآيتان (7) و (8)
اَلَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَ قِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (7) رَبَّنا وَ أَدْخِلْهُمْ جَنّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّيّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
[43] - ابن بابويه: قال: حدّثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي قال: حدّثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي قال: حدّثنا محمد بن علي بن أحمد الهمداني قال:
حدّثني أبو الفضل العباس بن عبد اللّه البخاري قال: حدّثنا محمد بن القاسم بن إبراهيم بن عبد اللّه بن القاسم بن محمد بن أبي بكر قال: حدّثنا عبد السلام بن صالح الهروي، عن علي بن موسى الرضا عليه السّلام عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي،
ص: 61
عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «ما خلق اللّه خلقا أفضل مني و لا أكرم مني عليه» قال علي عليه السّلام، فقلت: «يا رسول اللّه فأنت أفضل أم جبرائيل»؟
قال عليه السّلام: «يا علي إن اللّه تبارك و تعالى فضل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقربين، و فضلني على جميع النبيين و المرسلين، و الفضل بعدي لك يا علي و للأئمة من بعدك فإن الملائكة لخدامنا و خدّام محبينا.
يا علي اَلَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا (1) بولايتنا.
يا علي لو لا نحن ما خلق اللّه آدم و لا حواء، و لا الجنة و لا النار، و لا الأرض، و كيف لا نكون أفضل من الملائكة و قد سبقناهم إلى التوحيد و معرفة ربنا عزّ و جلّ و تسبيحه و تقديسه و تهليله لأن أوّل ما خلق اللّه عزّ و جلّ أرواحنا فأنطقنا بتوحيده و تمجيده، ثم خلق الملائكة فلمّا شاهدوا أرواحنا نورا واحدا استعظموا أمرنا فسبّحنا لتعلم الملائكة أنّا خلق مخلوقون و أنه منزه عن صفاتنا، فسبّحت الملائكة
ص: 62
لتسبيحنا و نزهته عن صفاتنا، فلما شاهدوا عظم شأننا هللنا لتعلم الملائكة أن لا إله إلا اللّه(1) فلما شاهدوا كبر محلّنا كبّرنا(2) لتعلم الملائكة أن اللّه أكبر من أن ينال، و أنه عظيم المحل، فلمّا شاهدوا ما جعل اللّه لنا من القدرة و القوة(3) قلنا: لا حول و لا قوة إلا باللّه العلي العظيم، لتعلم الملائكة أن لا حول و لا قوة إلا بالله (4) ،فلما شاهدوا ما أنعم اللّه به علينا و أوجبه لنا من فرض الطاعة قلنا:
الحمد للّه، لتعلم الملائكة ما يحق للّه تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمه، فقالت الملائكة: الحمد للّه، فبنا اهتدوا إلى معرفة اللّه تعالى و تسبيحه و تهليله و تحميده و تمجيده، ثم إن اللّه تعالى خلق آدم عليه السّلام و أودعنا صلبه و أمر الملائكة بالسجود له تعظيما لنا و إكراما و كان سجودهم للّه عزّ و جلّ عبودية و لآدم إكراما و طاعة لكوننا في صلبه، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة و قد سجدوا لآدم كلهم أجمعين.
ص: 63
و إنه لما عرج بي إلى السماء: أذّن جبرائيل مثنى مثنى(1) ثم قال: تقدّم يا محمد، فقلت: يا جبرائيل أتقدم عليك ؟
قال: نعم، لأن اللّه تبارك و تعالى اسمه، فضّل أنبياءه على ملائكته أجمعين و فضّلك خاصة، فتقدمت و صليت بهم و لا فخر، فلمّا انتهيت إلى حجب النور قال لي جبرائيل عليه السّلام: تقدم يا محمد(2) إنّ هذا انتهاء حدي الذي وضعه اللّه لي في هذا المكان، فإن تجاوزته احترقت أجنحتي لتعدي حدود ربي جلّ جلاله، فزجّ(3) بي زجة في النور حتى انتهيت إلى حيث ما شاء اللّه عزّ و جلّ من ملكوته، فنوديت يا محمد أنت عبدي(4) و أنا ربك فإياي فاعبد، و عليّ فتوكل فإنك نوري في عبادي، و رسولي إلى خلقي، و حجتي في بريتي، لمن تبعك خلقت جنتي، و لمن خالفك خلقت ناري، و لأوصيائك أوجبت كرامتي، و لشيعتك
ص: 64
أوجبت ثوابي، فقلت: يا رب، و من أوصيائي ؟ فنوديت:
يا محمد، أوصياؤك المكتوبون على ساق العرش، فنظرت - و أنا بين يدي ربي - إلى ساق العرش فرأيت اثني عشر نورا، في كل نور سطر أخضر مكتوب عليه إسم كل وصي من أوصيائي، أوّلهم علي بن أبي طالب و آخرهم مهدي أمتي، فقلت: يا رب، أهؤلاء أوصيائي من بعدي ؟
فنوديت: يا محمد هؤلاء أحبائي و أوليائي و أصفيائي و حججي بعدك على بريتي، و هم أوصياؤك و خلفاؤك، و خير خلقي بعدك. و عزتي و جلالي لأظهرنّ بهم ديني، و لأعلّينّ بهم كلمتي، و لأطهّرنّ الأرض بآخرهم من أعدائي، و لأملكنّه(1) مشارق الأرض و مغاربها، و لأسخّرن له الرياح، و لأذلنّ له الرقاب الصعاب، و لأرقينّه في الأسباب، و لأنصرنّه بجندي، و لأمدنّه بملائكتي حتى يعلن دعوتي و يجمع الخلق على توحيدي، ثم لأديمنّ ملكه و لأداولنّ الأيام بين أوليائي إلى يوم القيامة »(2).
[44] - محمّد بن العباس، أحمد بن محمّد بن
ص: 65
سعيد بن عقدة، رفعه إلى الأصبغ ابن نباتة، عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم أنزل عليه فضلي من السماء و هي هذه الآية اَلَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا و ما في الأرض يومئذ مؤمن غير رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم و أنا(1).
[45] - محمّد بن العباس، عن علي بن عبد اللّه بن أسيد، بإسناده إلى أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السّلام قال:
قال علي عليه السّلام: لقد مكثت الملائكة سبع سنين و أشهرا لا يستغفرون إلاّ لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم ولي، و فينا نزلت الآيات اَلَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ إلى قوله تعالى: رَبَّنا وَ أَدْخِلْهُمْ جَنّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّيّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2) فقال قوم من المنافقين: من أبو علي و ذريّته الذين أنزلت فيهم هذه الآية ؟
فقال: سبحان اللّه أمّا من آبائنا إبراهيم و إسماعيل، هؤلاء آباؤنا(3).
ص: 66
الآية (15)
يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ
[46] - عن محمّد بن صدقة عن سلمان الفارسي رحمه اللّه قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام في حديث طويل جاء فيه:
و أنا الصراط المستقيم و أنا النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون و لا أحد اختلف إلاّ في ولايتي، و صار محمد صاحب الدعوة و صرت أنا صاحب السيف. و صار محمّد نبيّا مرسلا و صرت أنا صاحب أمر النبيّ، قال اللّه عزّ و جلّ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ (1) و هو روح اللّه لا يعطيه و لا يلقي هذا الروح إلاّ على ملك مقرّب أو نبي مرسل أو وصي منتجب فمن أعطاه اللّه هذا الروح فقد أبانه من الناس و فوّض إليه القدرة و أحيى الموتى و علم بما كان
ص: 67
و ما يكون و سار من المشرق إلى المغرب و من المغرب إلى المشرق في لحظة عين و علم ما في الضمائر و القلوب و علم ما في السماوات و الأرض(1).
ص: 68
الآيتان (16) و (17)
لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلّهِ الْواحِدِ الْقَهّارِ (1(6) اَلْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ
[47] - في كتاب التوحيد: حدّثنا محمّد بن بكران النقاش رحمه اللّه بالكوفة، قال حدّثنا أحمد بن محمّد الهمداني قال: حدّثني عليّ بن الحسن بن فضال عن أبيه عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام قال: حدّثني أبي عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين عليه السّلام في «ا ب ت ث» أنه قال: الألف: آلاء اللّه، إلى قوله عليه السّلام: فالميم: ملك اللّه يوم لا مالك غيره، و يقول اللّه عزّ و جلّ: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ثمّ تنطق أرواح أنبيائه و رسله و حججه فيقولون: لِلّهِ الْواحِدِ الْقَهّارِ فيقول اللّه جلّ جلاله: اَلْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (1).
ص: 69
الآية (18)
ما لِلظّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَ لا شَفِيعٍ يُطاعُ
[48] - في كتاب التوحيد حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنه قال: حدّثنا إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن موسى بن جعفر عليه السّلام حديثا طويلا و فيه قلت له: يابن رسول اللّه، فالشفاعة لمن تجب من المذنبين ؟
فقال: حدّثني أبي عن آبائه عن علي عليهم السّلام قال:
سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم يقول: إنما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي، فأما المحسنون منهم فما عليهم من سبيل، قال ابن أبي عمير: فقلت له: يابن رسول اللّه، كيف تكون الشفاعة لأهل الكبائر و اللّه تعالى يقول: وَ لا يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ ارْتَضى و من يرتكب الكبيرة لا يكون مرتضى ؟
فقال: يا أبا محمد ما من مؤمن يرتكب ذنبا إلاّ ساءه
ص: 70
ذلك و ندم عليه، و قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم: كفى بالندم توبة، و قال عليه السّلام: من سرته حسنته و ساءته سيئته فهو مؤمن، فمن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن، و لم تجب له الشفاعة، و كان ظالما و اللّه تعالى ذكره يقول: ما لِلظّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَ لا شَفِيعٍ يُطاعُ .
فقلت له: يابن رسول اللّه و كيف لا يكون مؤمنا من لم يندم على ذنب يرتكبه ؟
فقال: يا أبا أحمد، ما من أحد يرتكب كبيرة من المعاصي و هو يعلم أنه سيعاقب عليها إلاّ ندم على ما ارتكب، و متى ندم كان تائبا مستحقا للشفاعة، و متى لم يندم عليها كان مصرّا، و المصرّ لا يغفر له، لأنه غير مؤمن بعقوبة ما ارتكب، و لو كان مؤمنا بالعقوبة لندم، و قد قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم: لا كبيرة مع الإستغفار، و لا صغيرة مع الإصرار، و أما قول اللّه عزّ و جلّ: وَ لا يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ ارْتَضى فإنهم لا يشفعون إلاّ لمن ارتضى اللّه دينه، و الدين الإقرار بالجزاء على الحسنات و السيئات، فمن ارتضى اللّه دينه ندم على ما ارتكبه من الذنوب لمعرفته بعاقبته في القيامة(1).
ص: 71
الآية (40)
فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ
[49] - في كتاب التوحيد: حديث طويل عن أمير المؤمنين عليه السّلام يقول فيه و قد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات: و أما قوله عزّ و جلّ: فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ فإن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم قال: قال اللّه تعالى: لقد حقت كرامتي - أو قال مودتي - لمن يراقبني و يتحابّ بجلالي أنّ وجوههم يوم القيامة من نور على منابر من نور عليهم ثياب خضر، قيل: من هم يا رسول اللّه ؟
قال: قوم ليسوا أنبياء و لا شهداء، و لكنهم تحابّوا بجلال اللّه و يدخلون الجنّة، يرزقون فيها بغير حساب.
نسأل اللّه أن يجعلنا منهم برحمته(1).
ص: 72
الآيتان (44) و (45)
وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ (4(4) فَوَقاهُ اللّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَ حاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ
[50] - في مصباح الشريعة: قال الصادق عليه السّلام:
المفوّض أمره إلى اللّه في راحة إلى الأبد، و العيش الدائم الرغد (1) ،و المفوّض حقا هو الفاني عن كلّ همة دون اللّه تعالى، كما قال أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام: رضيت بما قسم اللّه لي، و فوضت أمري إلى خالقي كما أحسن اللّه فيما مضى كذلك يحسن فيما بقي، قال اللّه عزّ و جلّ في المؤمن من آل فرعون: وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ (4(4) فَوَقاهُ اللّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَ حاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ و التفويض خمسة أحرف [ت ف و ي ض](2) لكلّ حرف
ص: 73
منها حكم، فمن أتى بأحكامه فقد أتى به: «التاء»: من تركه التدبير في الدنيا، و (الفاء): من فناء كلّ همة غير اللّه تعالى، و (الواو): من وفاء العهد و تصديق الوعد، و (الياء): اليأس من نفسك و اليقين من ربّك، و (الضاد): من الضمير الصافي للّه و الضرورة إليه. و المفوض لا يصبح إلاّ سالما من جميع الآفات و لا يمسي إلاّ معافى بدينه(1).
ص: 74
الآية (56)
فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ
[51] - في كتاب الخصال: في ما علّم أمير المؤمنين عليه السّلام أصحابه من الأربعمائة باب مما يصلح للمسلم في دينه و دنياه إذا وسوس الشيطان إلى أحدكم فليستعذ باللّه و ليقل: آمنت باللّه مخلصا له الدين(1).
ص: 75
الآية (60)
اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ
[52] - عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم أنّه قال في وصيته له: يا عليّ أربعة لا تردّ لهم دعوة: إمام عادل، و والد لولده، و الرجل يدعو لأخيه بظهر الغيب، و المظلوم، يقول اللّه جل جلاله: و عزتي و جلالي لأنتصرنّ لك و لو بعد حين(1).
[53] - عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: إن اللّه تبارك و تعالى أخفى أربعة في أربعة: أخفى إجابته في دعوته فلا تستصغرن شيئا من دعائه، فربما وافق إجابته و أنت لا تعلم(2).
ص: 76
[54] - في من لا يحضره الفقيه: خطبة لأمير المؤمنين عليه السّلام خطب بها يوم الجمعة و فيها: و أكثروا فيه التضرع و الدعاء و مسألة الرحمة و الغفران؛ فإن اللّه عزّ و جلّ يستجيب لكل من دعاه، و يورد النار من عصاه، و كل مستكبر عن عبادته.
قال اللّه عزّ و جلّ: اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ (1).
[55] - في نهج البلاغة: من أعطي الدعاء لم يحرم الإجابة، قال اللّه عزّ و جلّ اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ (2).
ص: 77
الآية (76)
فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ
[56] - في كتاب ثواب الأعمال: عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه أصبح عدونا على شفا حفرة من النار، و كأن شفا حفرة قد انهارت به(1) في نار جهنم، فتعسا لأهل النار مثواهم، إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (2).
ص: 78
الآية (78)
وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ
[57] - في مجمع البيان: و روي عن عليّ عليه السّلام أنه قال: بعث اللّه نبيا أسود لم يقص علينا قصته، و اختلفت الأخبار في عدد الأنبياء، فروي في بعضها أنّ عددهم مائة ألف و أربعة و عشرون ألفا، و في بعضها أنّ عددهم ثمانية آلاف نبي، أربعة آلاف من بني إسرائيل، و أربعة آلاف من غيرهم(1).
[58] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرنا عبد اللّه بن حامد قال: أخبرنا أبو محمد المزني قال: حدّثنا مطين قال:
حدّثنا عثمان قال: حدّثنا معاوية بن هشام، عن شريك عن
ص: 79
جابر عن أبي طفيل، عن علي قال: كان أصحاب الأخدود نبيهم حبشي، قال علي: بعث نبي من الحبشة إلى قومه، ثم قرأ عليّ: وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ (1) ،فدعاهم النبي فتابعه أناس فقاتلهم فقتل أصحابه و أخذ فأوثق فأفلت منهم، فخدّ أخدودا فملأها نارا فمن تبع النبي رمي فيها و من تابعهم تركوه فجاؤوا بامرأة معها صبي رضيع فجزعت فقال: يا أماه مرّي و لا تنافقي(2).
قوله تعالى: وَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ
[59] - عن علي عليه السّلام في قوله تعالى: وَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ قال: بعث اللّه عبدا حبشيا نبيّا فهو ممّن لم يقصص على محمّد(3).
ص: 80
ص: 81
ص: 82
الآية (15)
الآية (22)
وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَ لا أَبْصارُكُمْ وَ لا جُلُودُكُمْ
[61] - في من لا يحضره الفقيه: قال أمير المؤمنين عليه السّلام في وصيته لابنه محمّد ابن الحنفية: يا بني لا تقل ما لا تعلم، بل لا تقل كل ما تعلم، فإن اللّه تبارك و تعالى قد فرض على جوارحك كلها فرائض تحتج بها عليك يوم القيامة، إلى قوله و قال عزّ و جلّ: وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَ لا أَبْصارُكُمْ وَ لا جُلُودُكُمْ يعني بالجلود الفروج(1).
ص: 84
الآية (29)
وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاّنا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ
[62] - في مجمع البيان: رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاّنا الآية، يعنون إبليس الأبالسة و قابيل بن آدم أول من أبدع المعصية، روي ذلك عن عليّ عليه السّلام(1).
[63] - ابن عساكر قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه، و أبو عبد اللّه محمد بن علي بن أحمد بن الشرابي، قالا: أنبأنا أبو الحسن بن أبي الحديد، أنبأنا جدي أبو بكر، أنبأنا محمد بن يوسف بن بشر، أنبأنا محمد بن حمّاد، أنبأنا عبد الرزاق، أنبأنا الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن مالك بن حصين، عن عقبة المرادي
ص: 85
عن أبيه أن علي بن أبي طالب سئل عن الكلاب فقال: أمة من الأمم لعنت فجعلت كلابا، و سئل عن قوله: رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاّنا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ قال: هو ابن آدم الذي قتل أخاه، و إبليس.
[64] - ابن عساكر قال: و أنبأنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن قتادة في قوله: أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاّنا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ قال: هو الشيطان، و ابن آدم الذي قتل أخاه.
[65] - ابن عساكر قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنبأنا الحسن بن علي، أنبأنا أبو الحسين بن المظفّر، حدّثنا محمد بن محمد الباغندي، حدّثنا عمرو بن هاشم البعلبكي، حدّثنا سويد ابن عبد العزيز، عن داود بن عيسى، عن أبان بن تغلب، عن أبي المقدام، عن حبّة العرني، عن علي بن أبي طالب في قول اللّه: رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاّنا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا قال: هو ابن آدم الأول، و إبليس الأبالسة.
[66] - الحاكم النيسابوري، حدّثنا علي بن محمّد القرشي، ثنا الحسن بن علي، ثنا مصعب بن المقدام، عن سفيان، ثنا سلمة بن كهيل، عن مالك بن حصين، عن أبيه،
ص: 86
عن علي عليه السّلام في قوله تعالى: رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاّنا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا قال: إبليس و ابن آدم الّذي قتل أخاه(1).
ص: 87
الآية (30)
إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاّ تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ
[67] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه: أدّوا الفرائض(1).
[68] - في نهج البلاغة: و إنّي متكلم بعدة اللّه و حجّته، قال اللّه تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاّ تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ و قد قلتم ربنا اللّه فاستقيموا على كتابه و على منهاج أمره و على الطريقة الصالحة من عبادته، ثمّ لا تمرقوا منها(2) و لا تبتدعوا فيها، و لا تخالفوا عنها فإن أهل المروق منقطع بهم يوم القيامة(3).
ص: 88
الآيتان (34) و (35)
اِدْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (3(4) وَ ما يُلَقّاها إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَ ما يُلَقّاها إِلاّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ
[69] - في كتاب الخصال: في ما علّم أمير المؤمنين عليه السّلام أصحابه من الأربعمائة باب مما يصلح للمسلم في دينه و دنياه: صافح عدوك و إن كره فإنه ممّا أمر اللّه به عباده يقول اِدْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (3(4) وَ ما يُلَقّاها إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَ ما يُلَقّاها إِلاّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ما تكافىء عدوك بشيء أشد من أن تطيع اللّه فيه، و حسبك أن ترى عدوك يعمل بمعاصي اللّه(1).
ص: 89
[70] - في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: بعث أمير المؤمنين عليه السّلام إلى بشر بن عطارد التيمي في كلام بلغه فمر به رسول أمير المؤمنين عليه السّلام في بني أسد و أخذه، فقام إليه نعيم بن دجاجة الأسدي فأفلته(1) فبعث إليه أمير المؤمنين عليه السّلام فأتوه به و أمر به أن يضرب فقال نعيم: أما و اللّه إن المقام معك لذل و إن فراقك لكفر! قال:
فلما سمع ذلك منه قال له: قد عفونا عنك إن اللّه عزّ و جلّ يقول: اِدْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ أما قولك: إن المقام معك لذلّ فسيئة اكتسبتها، و أما قولك: و إن فراقك لكفر فحسنة اكتسبتها، فهذه بهذه فأمر أن يخلى عنه(2).
ص: 90
الآية (36)
الآية (40)
إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا
[72] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه عليه السّلام مجيبا لبعض الزنادقة: و أما ما ذكرته من الخطاب الدال على تهجين النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم و الإزراء به و التأنيب له(1) مع ما أظهره اللّه تبارك و تعالى في كتابه من تفضيله إياه على سائر أنبيائه فإنّ اللّه عزّ و جلّ جعل لكل نبي عدوا من المشركين، كما قال في كتابه و بحسب جلالة منزلة نبينا صلّى اللّه عليه و آله و سلم عند ربّه، كذلك عظم محنته لعدوه الذي عاذ منه في حال شقاقه و نفاقه، و كل أذى و مشقة لدفع نبوّته و تكذيبه إيّاه و سعيه في مكارهه و قصده لنقض كلّ ما أبرمه، و اجتهاده و من مالأه على كفره و عناده و نفاقه و إلحاده في إبطال دعوته و تغيير ملته و مخالفة سنته،
ص: 92
و لم ير شيئا أبلغ في تمام كيده من تنفيرهم عن موالاة وصيه و إيحاشهم منه و صدهم عنه و إغرائهم بعداوته، و القصد لتغيير الكتاب الذي جاء به، و إسقاط ما فيه من فضل ذوي الفضل و كفر ذوي الكفر، منه و ممن وافقه على ظلمه و بغيه و شركه، و لقد علم اللّه ذلك منهم فقال: إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا و قال: يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللّهِ (1) و لقد أحضروا الكتاب مكملا مشتملا على التأويل و التنزيل و المحكم و المتشابه و الناسخ و المنسوخ، لم يسقط منه حرف ألف و لا لام، فلما وقفوا على ما بيّنه اللّه من أسماء أهل الحقّ و الباطل؛ و أنّ ذلك إن ظهر ما عقدوه، قالوا: لا حاجة لنا فيه نحن مستغنون عنه بما عندنا، و لذلك قال: فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَ اشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ (2) ثم دفعهم الإضطرار بورود المسائل عليهم عما لا يعلمون تأويله إلى جمعه و تأليفه و تضمينه من تلقائهم ما يقيمون به دعائم كفرهم، فصرخ مناديهم: من كان عنده شيء من القرآن فليأتنا به، و وكلوا تأليفه و نظمه إلى بعض من وافقهم على معاداة أولياء اللّه فألفه على اختيارهم، و ما يدل للمتأمل على
ص: 93
اختلال تمييزهم و افترائهم و تركوا منه ما قدروا أنّه لهم و هو عليهم، و زادوا فيه ما ظهر تناكره و تنافره، و علم اللّه أن ذلك يظهر و يبين، فقال: ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ (1) و انكشف لأهل الاستبصار عوارهم و افتراؤهم، و الذي بدا في الكتاب من الإزراء على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم من فرية الملحدين و لذلك قال:
وَ إِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَ زُوراً (2) فيذكر جلّ ذكره لنبيه صلّى اللّه عليه و آله و سلم ما يحدثه عدوه في كتابه من بعده بقوله: وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَ لا نَبِيٍّ إِلاّ إِذا تَمَنّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللّهُ آياتِهِ (3) يعني إنّه ما من نبي تمنى مفارقة ما يعانيه من نفاق قومه و عقوقهم و الإنتقال إلى دار الإقامة إلاّ ألقى الشيطان المعرض لعداوته عند فقده في الكتاب الذي أنزل عليه ذمه و القدح فيه و الطعن عليه، فينسخ اللّه ذلك من قلوب المؤمنين فلا تقبله و لا تصغي إليه غير قلوب المنافقين و الجاهلين، و يحكم اللّه آياته بأن يحمي أولياءه من الضلال و العدوان و مشايعة أهل الكفر و العدوان و الطغيان الذين لم يرض اللّه
ص: 94
أن يجعلهم كالأنعام حتّى قال: بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (1) فافهم هذا و اعمل به، و اعلم أنّك ما قد تركت مما يجب عليك السؤال عنه أكثر ممّا سألت، و إنّي قد اقتصرت على تفسير يسير من كثير لعدم حملة العلم و قلة الراغبين في التماسه، و في دون ما بينت لك البلاغ لذوي الألباب(2).
ص: 95
ص: 96
ص: 97
ص: 98
الآية (11)
لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ
[73] - في مصباح شيخ الطائفة (قدس سره): خطبة مروية عن أمير المؤمنين و فيها: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ إذ كان الشيء من مشيئته، فكان لا يشبه مكوّنه(1).
[74] - في كتاب التوحيد حديث طويل عن علي عليه السّلام يقول فيه و قد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات:
و أما قوله: يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ رَضِيَ لَهُ قَوْلاً (10(9) يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ وَ لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً (2) لا يحيط الخلائق باللّه عزّ و جلّ علما، إذ هو تبارك و تعالى جعل على أبصار القلوب الغطاء، فلا فهم يناله بالكيف، و لا قلب يثبته بالحدود، فلا تصفه إلاّ كما وصف نفسه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ
ص: 99
شَيْءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) الأول و الآخر و الظاهر و الباطن الخالق البارئ المصور، خالق الأشياء فليس من الأشياء شيء مثله تبارك و تعالى(2).
ص: 100
الآيتان (17) و (18)
وَ ما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السّاعَةَ قَرِيبٌ (1(7) يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَ الَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ
[75] - و في تفسير النعماني عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال رسول صلّى اللّه عليه و آله و سلم: يا أبا الحسن حقيق على اللّه أن يدخل أهل الضلال الجنّة. و إنّما عنى بهذا المؤمنين الذين قاموا في زمن الفتنة على الائتمام بالإمام الخفي المكان المستور عن الأعيان، فهم بإمامته مقرّون، و بعروته مستمسكون، و لخروجه منتظرون، موقنون غير شاكين، صابرون مسلّمون، و إنّما ضلوا عن مكان إمامهم و عن معرفة شخصه، يدل على ذلك أن اللّه تعالى إذا حجب عن عباده عين الشمس التي جعلها دليلا على أوقات الصلاة، فموسع عليهم تأخير الوقت ليتبين لهم الوقت بظهورها فيستيقنوا أنها
ص: 101
قد زالت. فكذلك المنتظر لخروج الإمام، المتمسك بإمامته موسع عليه جميع فرائض اللّه الواجبة عليه، مقبولة منه بحدودها، غير خارج عن معنى ما فرض عليه، فهو صابر محتسب، لا تضره غيبة إمامه(1).
ص: 102
الآية (20)
مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَ مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ
[76] - أخرج ابن أبي الدنيا، و ابن عساكر، عن علي عليه السّلام قال: الحرث حرثان: فحرث الدنيا المال و البنون، و حرث الآخرة الباقيات الصالحات(1).
[77] - في الكافي: عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عبد الرّحمن بن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن أبي حمزة عن يحيى بن عقيل عن حسن قال: خطب أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه فحمد اللّه و أثنى عليه و قال:
أما بعد إلى أن قال عليه السّلام: إنّ المال و البنين حرث الدنيا، و العمل الصالح حرث الآخرة، و قد يجمعهما اللّه لأقوام
ص: 103
فاحذروا من اللّه ما حذركم من نفسه، و اخشوه خشية ليست بتعذير، و اعملوا في غير رياء و لا سمعة(1).
ص: 104
الآية (23)
قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى
[78] - في تفسير البرهان و غاية المرام عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام لما نزلت هذه الآية على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم فقال:
أيها الناس، إن اللّه تبارك و تعالى قد فرض لي عليكم فرضا فهل أنتم مؤدوه ؟ فلم يجبه أحد منهم، فانصرف.
فلما كان من الغد، قام فيهم، فقال مثل ذلك، ثم قام عنهم، ثم قال مثل ذلك، في اليوم الثالث، فلم يتكلم أحد فقال: أيها الناس إنه ليس من ذهب و لا فضة، و لا مطعم و لا مشرب قالوا: فألقه إذا، قال: إن اللّه تبارك و تعالى أنزل عليّ: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قالوا: أما هذه فنعم.
ص: 105
فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: فو اللّه ما وفى بها إلاّ سبعة نفر: سلمان، و أبو ذر، و عمار، و المقداد بن الأسود الكندي، و جابر بن عبد اللّه الأنصاري، و مولى لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم يقال له البست(1) و زيد ابن أرقم(2).
[79] - و روى زاذان عن عليّ عليه السّلام قال: فينا - في آل حم آية - لا يحفظ مودتنا إلاّ كلّ مؤمن، ثمّ قرأ هذه الآية و إلى هذا أشار الكميت في قوله:
وجدنا لكم في آل حم آية *** تأولها منا تقي و معرب(3),(4)
[80] - عبيد بن كثير، عن الحسين بن نصر، عن أيّوب بن سليمان الفزاري، عن أيّوب بن عليّ بن الحسين بن السمط، قال: سمعت أبي يقول: سمعت علي بن أبي طالب عليه السّلام يقول: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم يقول:
لمّا نزلت قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قال جبرئيل: يا محمّد إنّ لكلّ دين أصلا و دعامة و فرعا
ص: 106
و بنيانا، و إنّ أصل الدين و دعامته قول: لا إله إلاّ اللّه، و أنّ فرعه و بنيانه محبّتكم أهل البيت و موالاتكم فيما وافق الحقّ و دعا إليه(1).
ص: 107
الآية (27)
وَ لَوْ بَسَطَ اللّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ
[81] - أخرج الحاكم و صحّحه، و البيهقي، ع ن علي عليه السّلام قال: إنّما أنزلت هذه في أصحاب الصفّة وَ لَوْ بَسَطَ اللّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ و ذلك أنّهم قالوا:
لو أنّ لنا فتمنّوا الدّنيا(1).
ص: 108
الآية (28)
وَ هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَ يَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَ هُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ
[82] - في تفسير عليّ بن إبراهيم: و قوله عزّ و جلّ: وَ هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا أي آيسوا وَ يَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَ هُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ قال: حدّثني أبي عن العرزمي عن أبيه عن أبي إسحاق عن الحارث الأعور عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: سئل عن السحاب أين يكون ؟
قال: على شجر كثيف على ساحل البحر فإذا أراد اللّه أن يرسله أرسل ريحا فأثاره، و وكّل به ملائكة يضربونه بالمخاريق و هو البرق فيرتفع(1).
ص: 109
الآية (30)
وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ
[83] - في مجمع البيان: روي عن عليّ عليه السّلام أنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: خير آية في كتاب اللّه هذه الآية، يا عليّ، ما من خدش عود و لا نكبة قدم إلاّ بذنب، و ما عفا اللّه عنه في الدنيا فهو أكرم من أن يعود فيه، و ما عاقب عليه في الدنيا فهو أعدل من أن يثنّي على عبده(1).
[84] - في كتاب الخصال: فيما علّم أمير المؤمنين عليه السّلام أصحابه من الأربعمائة باب مما يصلح للمسلم في دينه و دنياه: توقّوا الذنوب، فما من نكبة و لا نقص رزق إلاّ بذنب حتّى الخدش و الكبوة(2) و المصيبة،
ص: 110
قال اللّه تعالى: وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ و اوفوا بالعهد إذا عاهدتم، فما زالت نعمة و لا نضارة عيش إلاّ بذنوب اجترحتموها(1) إنّ اللّه ليس بظلاّم للعبيد، و لو أنهم استقبلوا ذلك بالدعاء و الإنابة لما نزلت، و لو أنهم إذا نزلت بهم النقم و زالت عنهم النعم فزعوا إلى اللّه عزّ و جلّ بصدق من نياتهم و لم يهنوا و لم يسرفوا لأصلح لهم كلّ فاسد و لردّ عليهم كلّ صالح(2).
[85] - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمّد بن الحسن بن شمون عن عبد اللّه بن عبد الرّحمن عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ليس من التواء عرق و لا نكبة حجر، و لا عثرة قدم، و لا خدش عود، إلاّ بذنب و لما يعفو اللّه أكثر، فمن عجل اللّه عقوبة ذنبه في الدنيا فإنّ اللّه أجلّ و أكرم و أعظم من أن يعود في عقوبته في الآخرة(3).
ص: 111
[86] - في تفسير عليّ بن إبراهيم: حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن منصور بن يونس عن أبي حمزة عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: إني سمعته يقول: إني أحدّثكم بحديث ينبغي لكل مسلم أن يعيه(1) ثمّ أقبل علينا فقال: ما عاقب اللّه عبدا مؤمنا في هذه الدنيا إلاّ كان اللّه أحلم و أجود و أمجد من أن يعود في عقابه يوم القيامة. ثمّ قال: و قد يبتلي اللّه عزّ و جلّ المؤمن بالبليّة في بدنه أو ماله أو ولده أو أهله، ثمّ تلا هذه الآية: وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ،و حثا بيده ثلاث مرات(2).
[87] - ابن عساكر قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد، أنا سهل بن بشر، أنا طرفة بن أحمد بن محمّد الحرستاني، أنا عبد الوهاب بن الحسن، أنا أبو الجهم المشغرائي، أنا أحمد بن الحواري، نامروان بن محمّد، عن سليمان ابن موسى، عن إسماعيل بن عبد الملك، عن زريق(3) قال: قال علي بن أبي طالب في قول اللّه عزّ و جلّ وَ ما
ص: 112
أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ (1) قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «ما أصاب عبد في الدنيا ذنبا فأقيم عليه حدّه إلاّ كان كفارة له، و كان اللّه أكرم من أن يثنّي العقوبة في الآخرة، و لا ستر اللّه على عبده في الدنيا إلاّ كان أكرم من أن يفضحه يوم القيامة »(2).
[88] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرنا الحسين بن محمد بن فنجويه، حدّثنا أبو بكر بن مالك القطيعي، حدّثنا بشر بن موسى الأسدي، حدّثنا خلف بن الوليد، حدّثنا مروان بن معاوية، حدّثني الأزهر بن راشد الكاهلي، عن الخضر بن القواس العجلي، عن أبي سخيلة، قال: قال علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه: ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب اللّه حدّثنا بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قال: «و سأفسرها لك يا عليّ:
ما أصابكم في الدنيا من بلاء أو مرض أو عقوبة فاللّه أكرم من أن يثنّي عليكم العقوبة في الآخرة، و ما عفا عنه في الدنيا فاللّه أحلم من أن يعود بعد عفوه »(3).
ص: 113
[89] - عن علي عليه السّلام قال:
سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم قرأ آية ثمّ فسّرها، و ما أحبّ أنّ لي بها الدّنيا و ما فيها وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ثمّ قال: من أخذه اللّه بذنبه في الدنيا فاللّه أكرم أن يعيده عليه في الآخرة، و ما عفا اللّه عنه في الدنيا فاللّه أكرم من أن يعفو في الدنيا و يأخذ منه في الآخرة(1).
[90] - أحمد، حدّثنا مروان بن معاوية الفزاري، أنبأنا الأزهر بن راشد الكاهلي، عن الخضر بن القوّاس، عن أبي مخيلة، قال علي عليه السّلام: ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب اللّه، و حدّثنا بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم ؟ وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ و سأفسّرها لك يا علي: ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء الدّنيا فبما كسبت أيديكم، و اللّه تعالى أكرم من أن يثنّي عليهم العقوبة في الآخرة، و ما عفا اللّه تعالى عنه في الدنيا، فاللّه تعالى أحلم من أن يعود بعد عفوه(2).
ص: 114
[91] - عن أبي سلخة، عن علي بن أبي طالب عليه السّلام:
أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم قرأ هذه الآية وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ و قال: ما عفا اللّه عنه فهو أعزّ و أكرم من أن يعود إليه في الآخرة، و ما عاقب عليه في الدنيا فاللّه أكرم من أن يعيد العذاب عليه في الآخرة(1).
ص: 115
الآية (36)
فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا
[92] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرنا ابن فنجويه، حدّثنا عبيد اللّه بن محمد بن شنبه، حدّثنا إسحاق بن صدقة، حدّثنا عبد اللّه بن هاشم، حدّثنا سيف بن عمر، عن عطية، عن أيوب، عن علي عليه السّلام قال: إجتمع لأبي بكر مال مرة فتصدق به كلّه في سبيل الخير، فلامه المسلمون و خطّأه الكافرون، فأنزل اللّه تعالى: فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا ...إلى قوله: وَ مِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ خص به أبا بكر و عمّ به من اتبعه(1).
ص: 116
الآية (40)
الآيتان (49) و (50)
لِلّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ (4(9) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَ إِناثاً وَ يَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ
[94] - في تهذيب الأحكام: أحمد بن محمّد بن عيسى، إلى أن قال: و عنه عن محمّد بن الحسين عن أبي الجوزاء عن الحسين بن علوان عن زيد بن عليّ عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: أتى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم رجل فقال: يا رسول اللّه إنّ أبي عمد إلى مملوك لي فأعتقه كهيئة المضرة لي ؟
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: أنت و مالك من هبة اللّه لأبيك، أنت سهم من كنانته يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ وَ يَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً جازت عتاقة أبيك. يتناول والدك من مالك و بدنك، و ليس لك أن تتناول من ماله و لا من بدنه شيئا إلاّ بإذنه(1).
ص: 118
الآية (51)
وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللّهُ إِلاّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ
[95] - فيه حديث طويل عن عليّ عليه السّلام يقول فيه و قد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات: فأما قوله: وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللّهُ إِلاّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ما ينبغي لبشر أن يكلّمه اللّه إلاّ وحيا، و ليس بكائن إلاّ من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء كذلك قال اللّه تبارك و تعالى علوا كبيرا: قد كان الرسول يوحى إليه من رسل السماء فتبلّغ رسل السماء رسل الأرض، و قد كان الكلام بين رسل أهل الأرض و بينه من غير أن يرسل الكلام مع رسل أهل السماء، و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: يا جبرئيل، هل رأيت ربّك ؟
فقال جبرئيل: إنّ ربّي لا يرى، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم:
من أين تأخذ الوحي فقال: آخذه من إسرافيل فقال: و من أين يأخذه إسرافيل ؟
ص: 119
قال يأخذه من ملك فوقه من الروحانيين، قال: فمن أين يأخذه ذلك الملك ؟
قال: يقذف في قلبه قذفا فهذا وحي و هو كلام اللّه عزّ و جلّ و كلام اللّه ليس بنحو واحد، منه ما كلّم اللّه به الرسل، و منه ما قذفه في قلوبهم، و منه رؤيا يراها الرسل، و منه وحي و تنزيل يتلى و يقرأ فهو كلام اللّه، فاكتف بما وصفت لك من كلام اللّه فإن معنى كلام اللّه ليس بنحو واحد، فإن منه ما تبلّغ به رسل السماء رسل الأرض(1).
[96] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه عليه السّلام لبعض الزنادقة و قد جاء إليه مستدلا بآي من القرآن متوهما فيها التناقض و الإختلاف و أما قوله تعالى: ما كان لبشر أن يكلّمه اللّه إلاّ وحيا و ليس بكائن إلاّ من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء، كذلك قال اللّه تعالى قد كان الرسول يوحى إليه، و ذكر نحو ما نقلنا من كتاب التوحيد إلاّ أنه ليس هنا: فاكتف إلى آخر(2).
ص: 120
ص: 121
ص: 122
الآيتان (13) و (14)
سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنّا لَهُ مُقْرِنِينَ (1(3) وَ إِنّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ
[97] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرنا إبن فنجويه الدينوري، حدّثنا سعيد بن محمد بن اسحاق الصيرفي، حدّثنا محمد بن عثمان بن أبي شنبه، حدّثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى، حدّثنا أبي عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن علي بن ربيعة، عن علي رضي اللّه عنه، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم، إنّه كان إذا وضع رجله في الركاب، قال: «بسم الله» فإذا إستوى على الدابة.
قال: «الحمد للّه على كلّ حال سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنّا لَهُ مُقْرِنِينَ (1(3) وَ إِنّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ » ،و كبّر ثلاثا و هلل ثلاثا(1).
ص: 123
الآية (28)
وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ
[98] - عن علي بن أبي طالب عليه السّلام: فينا نزلت هذه الآية وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ فالإمامة في عقب الحسين إلى يوم القيامة، و إنّ للغائب منّا غيبتين؛ إحداهما أطول من الأخرى: أمّا الأولى فستّة أيّام أو ستّة أشهر أو ست سنين، و أمّا الأخرى فيطول أمدها حتّى يرجع عن هذا الأمر أكثر من يقول به، فلا يثبت عليه إلاّ من قوي يقينه و صحّت معرفته و لم يجد في نفسه حرجا ممّا قضينا و سلم لنا أهل البيت(1).
ص: 124
الآية (36)
وَ مَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ
[99] - عن أمير المؤمنين عليه السّلام: من تصدّى بالإثم أعشى عن ذكر اللّه تعالى، و من ترك الأخذ عمّن أمره اللّه بطاعته قيّض له شيطان فهو له قرين(1).
ص: 125
الآية (38)
يا لَيْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ
[100] - في روضة الكافي خطبة مسندة لأمير المؤمنين عليه السّلام: و هي خطبة الوسيلة يقول فيها عليه السّلام و قد ذكر الأشقيين: يقول لقرينه إذا التقيا: يا لَيْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ فيجيبه الأشقى على رثوثة: يا لَيْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ و يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً (2(8) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَ كانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً (1) فأنا الذكر الذي عنه ضل، و السبيل الذي عنه مال، و الإيمان الذي به كفر، و القرآن الذي إياه هجر، و الدين الذي به كذب، و الصراط الذي عنه نكب(2).
ص: 126
الآية (41)
فَإِمّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ
[101] - أخرج ابن مردويه، عن عبد الرحمن بن مسعود العبدي، قال: قرأ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام هذه الآية فَإِمّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ قال: ذهب نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم و بقيت نقمته في عدوّه(1).
ص: 127
الآية (44)
وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ
[102] - محمّد بن العباس بن مروان المعروف بابن الجحّام، حدّثنا محمّد القاسم، عن حسين بن حكم، عن حسين بن نصير، عن أبيه، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس، عن علي عليه السّلام قال: قوله عزّ و جلّ: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ فنحن قومه، و نحن المسؤولون(1).
[103] - محمّد بن العباس، قال: حدّثني محمّد بن القاسم، عن حسين بن نظر، عن أبيه، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس، عن علي عليه السّلام قال:
قوله عزّ و جلّ: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ قال: إيّانا
ص: 128
عنى، و نحن أهل الذكر، و نحن المسؤولون(1).
[104] - أخرج ابن عدي، و ابن مردويه، عن علي، و ابن العباس، قالا، كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم يعرض نفسه على القبائل بمكة و يعدهم الظهور، فإذا قالوا: لمن الملك بعدك ؟ أمسك فلم يجبهم بشيء، لأنّه لم يؤمر في ذلك بشيء، حتّى نزلت وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ (2) فكان بعد إذا سئل قال:
لقريش، فلا يجيبوه حتى قبلته الأنصار على ذلك..
ص: 129
الآية (45)
وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا
[105] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه عليه السّلام: و أما قوله:
وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا فهذه من براهين نبينا صلّى اللّه عليه و آله و سلم الذي آتاه اللّه إياها و أوجب به الحجّة على سائر خلقه، لأنه لما ختم به الأنبياء و جعله اللّه رسولا إلى جميع الأمم و سائر الملل خصّه بالإرتقاء إلى السماء عند المعراج، و جمع له يومئذ الأنبياء، فعلم منهم ما أرسلوا به، و حملوه من عزائم اللّه و آياته و براهينه.
فأقروا أجمعين بفضله و فضل الأوصياء و الحجج في الأرض من بعده، و فضل شيعة وصيه من المؤمنين و المؤمنات الذين سلّموا لأهل الفضل فضلهم و لم يستكبروا
ص: 130
الآية (57)
* وَ لَمّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ
[106] - في مجمع البيان: وَ لَمّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً الآية أختلف في المراد بها على وجوه إلى قوله:...
و رابعا، ما رواه سادة أهل البيت عن عليّ عليه السّلام قال: جئت إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم يوما فوجدته في ملأ من قريش فنظر إليّ ثمّ قال: يا عليّ، إنّما مثلك في هذه الأمة كمثل عيسى ابن مريم عليه السّلام، أحبّه قوم فأفرطوا في حبه فهلكوا و أبغضه قوم فأفرطوا في بغضه فهلكوا و اقتصد فيه قوم فنجوا، فعظم ذلك عليهم و ضحكوا و قالوا: يشبّهه بالأنبياء و الرسل، فنزلت هذه الآية(1).
ص: 132
قوله تعالى: إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ
[107] - أبو إسحاق الثعلبي قال: يَصِدُّونَ فقرأ أهل المدينة و الشام و جماعة من الكوفيين بضم الصاد، و هي قراءة علي و النخعي و معناه يعرضون، و نظيره قوله: رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (1)
[108] - قال النحّاس: (يصدّون) بالضم قراءة الحسن و إبراهيم و أبي جعفر و شيبة و نافع و يحيى بن وثاب و الكسائي، و تروى عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه و أبي عبد الرحمن السلمي و عبيد بن عمير الليثي(2).
[109] - تفسير فرات، قال: حدّثني سعيد بن الحسين بن مالك، قال: حدّثنا الحسن - يعني ابن عبد الواحد -، قال: حدّثنا الحسن، عن يحيى بن أبي يعلى، عن الصباح بن يحيى، عن الحارث بن حضيرة، عن ربيعة بن ناجد، قال: سمعت عليّا عليه السّلام يقول: فيّ نزلت هذه الآية:
وَ لَمّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (3) .
ص: 133
[110] - تفسير فرات، قال: حدّثنا أحمد بن قاسم، قال: أخبرنا عبادة - يعني ابن زياد - حدّثنا محمّد بن كثير، عن الحارث بن حضيرة، عن أبي الصادق، عن ربيعة بن ناجذ، عن علي عليه السّلام قال:
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: يا عليّ إنّ فيك مثل من عيسى ابن مريم، إنّ اليهود أبغضوه حتّى بهتوا أمّه، و إنّ النصارى أحبّوه حتّى جعلوه إلها، و يهلك فيك رجلان محبّ مفرط، و مبغض مفتر.
قال المنافقون: ما يألوا ما رفع بضبع ابن عمّه، جعله مثلا لعيسى ابن مريم، و كيف يكون هذا، و ضجّوا ما قالوا: فأنزل اللّه وَ لَمّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (1).
ص: 134
الآية (67)
اَلْأَخِلاّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ
[111] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرنا عقيل بن محمد أنّ أبا الهرج البغدادي القاضي أخبرهم، عن محمد بن جرير، حدّثنا ابن عبد الأعلى، حدّثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، عن أبي اسحاق، أنّ عليا رضي اللّه عنه قال في هذه الآية: خليلان مؤمنان و خليلان كافران، فمات أحد المؤمنين، فقال: يا ربّ، إنّ فلان كان يأمرني بطاعتك و طاعة رسولك، و يأمرني بالخير، و ينهاني عن الشرّ، و يخبرني إنّي ملاقيك. يا ربّ فلا تضلّه بعدي واهده كما هديتني، و أكرمه كما أكرمتني.
و إذا مات خليله المؤمن جمع بينهما، فيقول: ليثني أحدكما على صاحبه. فيقول: يا ربّ، إنه كان يأمرني بطاعتك و طاعة رسولك، و يأمرني بالخير و ينهاني عن الشرّ،
ص: 135
و يخبرني أنّي ملاقيك، فيقول: نعم الأخ، و نعم الخليل، و نعم الصاحب.
قال: و يموت أحد الكافرين، فيقول: إنّ فلان كان ينهاني عن طاعتك و طاعة رسولك، و يأمرني بالشّر، و ينهاني عن الخير و يخبرني إنّي غير ملاقيك.
فيقول: بئس الأخ، و بئس الخليل، و بئس الصاحب(1).
[112] - أخبرنا محمّد بن إدريس عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن شعيب بن يعقوب عن أبي إسحاق عن الحارث عن عليّ عليه السّلام قال في الخليلين مؤمنين و خليلين كافرين و مؤمن غني و مؤمن فقير، و كافر غني و كافر فقير: فأمّا الخليلان المؤمنان فتخالاّ في حياتهما في طاعة اللّه تبارك و تعالى و تباذلا عليها و توادّا عليها، فمات أحدهما قبل صاحبه فأراه اللّه منزلته في الجنّة نقص يشفع لصاحبه فيقول: يا ربّ، خليلي فلان كان يأمرني بطاعتك و يعينني عليها، و ينهاني عن معصيتك؛ فثبّته على ما ثبّتني عليه من الهدى حتّى تريه ما أريتني، فيستجيب اللّه له حتّى يلتقيا عند اللّه عزّ و جلّ، فيقول واحد منهما لصاحبه:
ص: 136
جزاك اللّه من خليل خيرا، كنت تأمرني بطاعة اللّه و تنهاني عن معصيته.
و أما الكافران فتخالاّ بمعصية اللّه و تباذلا عليها و توادّا عليها، فمات أحدهما قبل صاحبه فأراه اللّه تبارك و تعالى منزلته في النار، فقال: يا ربّ، خليلي فلان كان يأمرني بمعصيتك و ينهاني عن طاعتك فثبّته على ما ثبتني عليه من المعاصي حتّى تريه ما أريتني من العذاب، فيلتقيان عند اللّه يوم القيامة يقول كلّ واحد منهما لصاحبه: جزاك اللّه من خليل شرا كنت تأمرني بمعصية اللّه و تنهاني عن طاعة اللّه، قال: ثمّ قرأ اَلْأَخِلاّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ .و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(1).
ص: 137
الآية (77)
الآية (81)
إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ
[114] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه عليه السّلام قوله:
إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ أي الجاحدين. و التأويل في هذا القول باطنه مضاد لظاهره(1).
ص: 139
الآية (84)
وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ
[115] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه و قوله: وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ و قوله: وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ (1) و قوله ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاّ هُوَ رابِعُهُمْ فإنّما أراد بذلك استيلاء أمنائه بالقدرة التي ركّبها فيهم على جميع خلقه؛ و إن فعلهم فعله(2).
ص: 140
ص: 141
ص: 142
الآيات (1)-(3)
حم (1) وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ (2) إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنّا كُنّا مُنْذِرِينَ
[116] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرنا الحسين بن محمّد فنجويه، حدّثنا عمر بن أحمد بن القاسم، حدّثنا إبراهيم المستملي الهستجاني، حدّثنا أبو حصين بن يحيى بن سليمان، حدّثنا عبد الرزاق، أخبرنا أبو بكر بن أبي سبره، عن إبراهيم بن محمد، عن معاوية بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «إذا كان ليلة النصف من شعبان، قوموا ليلتها و صوموا يومها، فإنّ اللّه تعالى ينزل لغروب الشمس إلى سمّاء الدنّيا فيقول: ألا من مستغفر فأغفر له، ألا من مسترزق فأرزقه، ألا من مبتل فأعافيه، ألا كذا، ألا كذا، ألا كذا، حتّى يطلع الفجر، إِنّا كُنّا مُنْذِرِينَ » (1).
ص: 143
الآية (4)
يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ
[117] - عن علي عليه السّلام قال:
سلوا اللّه الحجّ في ليلة سبع عشرة من شهر رمضان، و في تسع عشرة، و في إحدى و عشرين، و في ثلاث و عشرين منه، فإنّه يكتب الوفد في كلّ عام في ليلة القدر، و فيها كما قال اللّه عزّ و جلّ: يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (1),(2).
ص: 144
الآية (10)
فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ
[118] - في جوامع الجامع: فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ و اختلف في الدخان فقيل: إنّه دخان يأتي من السماء قبل قيام الساعة يدخل في أسماع الكفرة حتّى يكون رأس الواحد كالرأس الحنيذ(1) و يعتري المؤمن منه كهيئة الزكام، و تكون الأرض كلها كبيت أوقد فيه ليس فيه خصاص(2) يمد ذلك أربعين يوما، و روي ذلك عن عليّ و ابن عباس و الحسن(3).
ص: 145
الآية (29)
فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ
[119] - قال حدّثني أبي عن حنان بن سدير عن عبد اللّه بن الفضل الهمداني عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه قال: مرّ عليه رجل عدو للّه و لرسوله فقال: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ ثمّ مرّ عليه الحسين بن عليّ عليه السّلام فقال: لكن هذا لتبكين عليه السماء و الأرض، و ما بكت السماء و الأرض إلاّ على يحيى بن زكريا، و على الحسين بن عليّ عليهما السّلام(1).
[120] - في كتاب المناقب لابن شهر آشوب:
الباقر عليه السّلام في قوله تعالى: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ يعني عليّا بن أبي طالب عليه السّلام. و ذلك أنّ عليا عليه السّلام خرج
ص: 146
قبل الفجر متوكئا على عنزة(1) و الحسين خلفه يتلوه حتّى أتى حلقة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم [فرمى بالعنزة](2) ثمّ قال: إنّ اللّه تعالى ذكر أقواما فقال: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ و اللّه ليقتلنّه و لتبكين السماء عليه(3).
[121] - أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه في (كامل الزيارات)، قال: حدّثني أبي رحمه اللّه، و جماعة من مشايخنا، عن علي بن الحسين، و محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه، عن يعقوب بن يزيد، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن عليّ الأزرق، عن الحسن بن الحكم النخعي (عن رجل)، قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام في الرحبة و هو يتلو هذه الآية فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ إذ خرج إليه الحسين بن علي عليه السّلام من بعض أبواب المسجد، فقال له: أما هذا سيقتل و تبكي عليه السماء و الأرض(4).
ص: 147
[122] - و عنه، قال: حدّثني محمّد بن جعفر الرزّاز، عن محمّد بن الحسن، عن الحكم بن مسكين، عن داود بن عيسى الأنصاري، عن محمّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن إبراهيم النخعي، قال: خرج أمير المؤمنين عليه السّلام فجلس في المسجد و اجتمع أصحابه حوله، فجاء الحسين عليه السّلام حتّى قام بين يديه، فوضع يده على رأسه فقال:
يا بنيّ إنّ اللّه عيّر أقواما بالقرآن فقال فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ و أيم اللّه لتقتلنّ من بعدي ثمّ تبكيك السماء و الأرض(1).
[123] - و عنه، قال: و عنهما، عن سعد، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن محمّد بن خالد، عن عبد العظيم بن عبد اللّه بن عليّ بن زيد الحسني، عن الحسن بن الحكم النخعي، عن كثير بن شهاب الحارثي، قال: بينما نحن جلوس عند أمير المؤمنين عليه السّلام في الرحبة، إذ طلع الحسين عليه السّلام فضحك علي عليه السّلام ضحكا حتّى بدت نواجذه، ثمّ قال:
إنّ اللّه ذكر قوما قال: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما
ص: 148
كانُوا مُنْظَرِينَ و الّذي فلق الحبّة و برأ النسمة ليقتلنّ هذا و لتبكينّ عليه السماء و الأرض(1).
[124] - عن عباد بن عبد اللّه، قال: سأل رجل عليّا هل تبكي السماء و الأرض على أحد؟
فقال: إنّه ليس من أحد إلاّ و له مصلّى في الأرض، و مصعد عمله في السماء، و إنّ آل فرعون لم يكن لهم عمل صالح في الأرض و لا مصعد عمل في السماء(2).
ص: 149
ص: 150
ص: 151
ص: 152
الآيات (2)-(5)
حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ (3) وَ فِي خَلْقِكُمْ وَ ما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (4) وَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ ما أَنْزَلَ اللّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَ تَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
[125] - قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و قد سئل عن إثبات الصّانع -: البعرة تدلّ على البعير، و الرّوثة تدلّ على الحمير، و آثار القدم تدلّ على المسير، فهيكل علويّ بهذه اللّطافة، و مركز سفليّ بهذه الكثافة كيف لا يدلاّن على اللّطيف الخبير؟!(1)
[126] - عنه عليه السّلام: كان كثيرا ما يقول إذا فرغ من صلاة اللّيل -: أشهد أنّ السّماوات و الأرض و ما بينهما(2).
ص: 153
آيات تدلّ عليك، و شواهد تشهد بما إليه دعوت. كلّ ما يؤدّي عنك الحجّة و يشهد لك بالرّبوبيّة موسوم بآثار نعمتك، و معالم تدبيرك (1).
[127] - عنه عليه السّلام: بصنع الله يستدلّ عليه، و بالعقول تعتقد معرفته، و بالفكرة تثبت حجّته، و بآياته احتجّ على خلقه(1).
[128] - عنه عليه السّلام: ظهرت في بدائع الّذي أحدثها آثار حكمته، و صار كلّ شيء خلق حجّة له و منتسبا إليه، فإن كان خلقا صامتا فحجّته بالتّدبير ناطقة فيه.
[129] - عنه عليه السّلام: و لو فكّروا في عظيم القدرة و جسيم النّعمة لرجعوا إلى الطّريق و خافوا عذاب الحريق، و لكنّ القلوب عليلة و الأبصار مدخولة.
أفلا ينظرون إلى صغير ما خلق ؟ كيف أحكم خلقه، و أتقن تركيبه، و فلق له السّمع و البصر، و سوّى له العظم و البشر؟
انظروا إلى الّنملة في صغر جثّتها و لطافة هيئتها لا تكاد
ص: 154
تنال بلحظ البصر و لا بمستدرك الفكر، كيف دبّت على أرضها و ضنّت على رزقها...
لو فكّرت في مجاري أكلها، في علوّها و سفلها، و ما في الجوف من شراسيف بطنها، و ما في الرّأس من عينها و أذنها، لقضيت من خلقها عجبا و لقيت من وصفها تعبا...
فانظر إلى الشّمس و القمر، و النّبات و الشّجر، و الماء و الحجر، و اختلاف اللّيل و النّهار، و تفجّر هذه البحار، و كثرة هذه الجبال، و طول هذه القلال، و تفرّق هذه اللّغات و الألسن المختلفات.
فالويل لمن أنكر المقدّر، و جحد المدبّر! زعموا أنّهم كالنّبات ما لهم زارع، و لا لاختلاف صورهم صانع! لم يلجأوا إلى حجّة فيما ادّعوا، و لا تحقيق لما وعوا، و هل يكون بناء من غير بان أو جناية من غير جان ؟!(1)
ص: 155
الآية (17)
وَ آتَيْناهُمْ بَيِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلاّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ
[130] - الصدوق، عن أبيه، عن محمّد العطار، عن ابن عيسى، عن أبيه، عن ابن أذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي، عن أمير المؤمنين عليه السّلام عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم أنّه قال في كلام له: العلماء رجلان: رجل عالم آخذ بعلمه فهذا ناج، و عالم تارك لعلمه فهذا هالك، و إنّ أهل النار ليتأذّون بريح العالم التارك لعلمه، و إنّ أشدّ أهل النار ندامة و حسرة رجل دعا عبدا إلى الله تعالى فاستجاب له و قبل منه و أطاع اللّه تعالى فأدخله اللّه الجنة و أدخل الداعي النار بتركه علمه و اتّباعه الهوى.
ص: 156
ثمّ قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ألا إنّ أخوف ما أخاف عليكم خصلتان: اتّباع الهوى و طول الأمل، أمّا اتباع الهوى فيصدّ عن الحق و طول الأمل ينسي الآخرة(1).
ص: 157
الآية (19)
إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللّهِ شَيْئاً وَ إِنَّ الظّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَ اللّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ
[131] - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال: للظالم البادي غدا بكفّه عضّة(1).
[132] - عنه عليه السّلام أنّه قال: يوم المظلوم على الظالم أشدّ من يوم الظالم على المظلوم(2).
[133] - عنه عليه السّلام أنّه قال: يوم العدل على الظالم أشدّ من يوم الجور على المظلوم(3).
[134] - عنه عليه السّلام أنّه قال: أحلفوا الظالم - إذا أردتم يمينه - بأنّه بريء من حول اللّه و قوته، فإنّه إذا حلف بها
ص: 158
كاذبا عوجل العقوبة، و إذا حلف باللّه الذي لا إله إلاّ هو لم يعاجل لأنّه قد وحّد اللّه تعالى(1).
ص: 159
الآية (24)
وَ قالُوا ما هِيَ إِلاّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَ نَحْيا وَ ما يُهْلِكُنا إِلاَّ الدَّهْرُ وَ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاّ يَظُنُّونَ
[135] - في نهج البلاغة: فانظر إلى الشمس و القمر و النبات و الشجر و الماء و الحجر، و اختلاف هذا الليل و النهار، و تفجر هذه البحار، و كثرة هذه الجبال، و طول هذه القلال، و تفرّق هذه اللغات و الألسن المختلفات، فالويل لمن جحد المقدّر، و أنكر المدبّر، زعموا أنّهم كالنبات ما لهم زارع، و لا لاختلاف صورهم صانع، و لم يلجأوا إلى حجّة فيما ادّعوا، و لا تحقيق لما أوعوا. و هل يكون بناء من غير بان، أو جناية من غير جان ؟(1),(2).
[136] - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه
ص: 160
كتب إلى عبد اللّه بن العباس: أمّا بعد، فإنّك لست بسابق أجلك و لا مرزوق ما ليس لك، و اعلم بأنّ الدهر يومان:
يوم لك و يوم عليك، و أنّ الدنيا دار دول فما كان منها لك أتاك على ضعفك، و ما كان منها عليك لم تدفعه بقوّتك(1).
[137] - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال: الدهر يخلق الأبدان و يجدّد الآمال و يقرّب المنيّة و يباعد الأمنيّة، من ظفر به نصب و من فاته تعب(2).
[138] - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال: ما قال الناس لشيء طوبى له إلاّ و قد خبّأ له الدهر يوم سوء.
ص: 161
الآية (26)
قُلِ اللّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ
[139] - عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا يصغر ما ينفع يوم القيامة و لا يصغر ما يضرّ يوم القيامة فكونوا فيما أخبركم اللّه تعالى كمن عاين(1).
[140] - في نهج البلاغة: و صارت الأجساد شحبة بعد بضّتها، و العظام نخرة بعد قوّتها، و الأرواح مرتهنة بثقل أعبائها، موقنة بغيب أنبائها، لا تستزاد من صالح عملها و لا تستعتب من سيىء زللها(2).
ص: 162
[141] - في نهج البلاغة: حتى إذا تصرّمت الأمور، و تقضّت الدهور، و أزف النشور (1) ،أخراجهم من ضرائح القبور (2) ،و أوكار الطيور، و أوجرة(3) السّباع، و مطارح المهالك، سراعا إلى أمره مهطعين(4) إلى معاده، رعيلا صموتا (5) ،قياما صفوفا، ينفذهم البصر، و يسمعهم الداعي، عليهم لبوس الاستكانة و ضرع(6) الاستسلام و الذّلّة. قد ضلّت الحيل و انقطع الأمل، و هوت الأفئدة كاظمة(7) ، و خشعت الأصوات مهينمة (8) ،و ألجم العرق (9) ،و عظم
ص: 163
الشّفق (1) ،و أرعدت الأسماع لزبرة الداعي(2) إلى فصل الخطاب (3) ،و مقايضة الجزاء (4) ،و نكال العقاب (5) ،و نوال الثواب(6).
ص: 164
الآية (29)
هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنّا كُنّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
[142] - في نهج البلاغة: «و هذا القرآن إنّما هو خطّ مسطور بين الدفتين، لا ينطق بلسان، و لا بد له من ترجمان؛ و إنّما ينطق عنه الرجال »(1).
[143] - في إرشاد المفيد: عن عليّ عليه السّلام أنّه قال في أثناء كلام طويل: «و أمّا القرآن إنّما هو خطّ مسطور بين دفتين، لا ينطق و إنّما تتكلم به الرجال »(2).
ص: 165
الآية (35)
ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللّهِ هُزُواً وَ غَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها وَ لا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ
[144] - في من لا يحضره الفقيه: قال أمير المؤمنين عليه السّلام في وصيته لابنه محمد ابن الحنفية، ففرض على السمع أن لا تصغي به إلى المعاصي، فقال عزّ و جلّ: وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللّهِ يُكْفَرُ بِها وَ يُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَ الْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً (1),(2).
[145] - في نهج البلاغة: قال عليه السّلام من قرأ القرآن فمات فدخل النار فهو ممن كان يتخذ آيات اللّه هزوا(3).
ص: 166
الآية (37)
وَ لَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
[146] - عنه عليه السّلام: الحمد للّه الذي لبس العزّ و الكبرياء، و اختارهما لنفسه دون خلقه، و جعلهما حمى و حرما على غيره و اصطفاهما لجلاله(1).
[147] - عنه عليه السّلام: فلو رخّص اللّه في الكبر لأحد من عباده لرخّص فيه لخاصّة أنبيائه و أوليائه، و لكنّه سبحانه كرّه إليهم التّكابر، و رضي لهم التّواضع(2).
ص: 167
ص: 168
ص: 169
ص: 170
الآية (15)
وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً
[148] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرنا ابن منجويه، حدّثنا عبيد اللّه بن محمّد بن شنبه، حدّثنا إسحاق بن صدقة، حدّثنا عبد اللّه بن هاشم، عن سيف بن عمر، عن عطية، عن أبي أيّوب، عن علي رضي اللّه عنه في قوله: وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً نزلت في أبي بكر، أسلم أبواه جميعا و لم يجتمع لأحد من أصحاب رسول اللّه [من] المهاجرين [أسلم] أبواه غيره، أوصاه اللّه بهما و لزم ذلك من بعده(1).
قوله تعالى: وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً (2)
[149] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرنا عقيل بن محمد أجازة، أخبرنا أبو الفرج، أخبرنا محمد بن جرير،
ص: 171
حدّثني يونس، أخبرنا ابن وهب، حدّثنا ابن أبي ذئب محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة، عن ابن قشط، عن نعجة بن بدر الجهني، أنّ امرأة منهم دخلت على زوجها - و هو رجل منهم أيضا - فولدت في ستة أشهر فذكر ذلك زوجها لعثمان بن عفان، فأمر بها ترجم، فدخل عليه علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه فقال: إنّ اللّه تعالى يقول في كتابه: وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً (1) و قال: وَ فِصالُهُ فِي عامَيْنِ (2) قال:
فو اللّه ما بعد عثمان أن بعث إليها ترد.
قال عبد اللّه بن وهب: ما استنكف و لا أنف(3)
قوله تعالى: وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً
[150] - في إرشاد المفيد رحمه اللّه: ورووا عن يونس عن الحسن: إنّ عمر أتي بامرأة قد ولدت لستّة أشهر، فهمّ برجمها فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام: إن خاصمتك بكتاب اللّه خصمتك، إن اللّه تعالى يقول: وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً و يقول: وَ الْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ
ص: 172
اَلرَّضاعَةَ (1) فإذا أتمت المرأة الرضاعة لسنتين و كان حمله و فصاله ثلاثين شهرا كان الحمل منها ستّة أشهر؛ فخلى عمر سبيل المرأة و ثبت الحكم بذلك يعمل به الصحابة و التابعون و من أخذ إلى يومنا هذا(2).
ص: 173
الآية (29)
وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ
[151] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: روي عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليّ عليهم السّلام أنّ يهوديا من يهود الشام و أحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه السّلام: فإن هذا سليمان سخّرت له الشياطين يعملون له ما يشاء من محاريب و تماثيل، قال له عليّ عليه السّلام:
لقد كان كذلك، و لقد أعطي محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلم أفضل من هذا، إنّ الشياطين سخّرت لسليمان و هي مقيمة على كفرها، و قد سخّرت لنبوة محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلم الشياطين بالإيمان، فأقبل إليه الجن التسعة من أشرافهم من جن نصيبين و اليمن من بني عمرو بن عامر من الأحجة منهم شضاة و مضاة و الهملكان و المرزبان و المازمان و نفات و هاضب و هاصب
ص: 174
و عمرو(1) و هم الذين يقول اللّه تبارك و تعالى اسمه فيهم:
وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ (2) و هم التسعة يستمعون القرآن، فأقبل إليه الجن و النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم ببطن النخلة؛ فاعتذروا بأنّهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث اللّه أحدا؛ و لقد أقبل إليه أحد و سبعون ألفا منهم يبايعونه على الصوم و الصلاة و الزكاة و الحج و الجهاد و نصح المسلمين، و اعتذروا بأنّهم قالوا على اللّه شططا و هذا أفضل ممّا أعطي سليمان، سبحان من سخّرها لنبوّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلم بعد أن كانت تتمرد و تزعم أنّ للّه ولدا فلقد شمل مبعثه من الجن و الإنس ما لا يحصى(3).
ص: 175
الآية (35)
فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ
[152] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه عليه السّلام: و لأن الصبر على ولاة الأمر مفروض؛ لقول اللّه عزّ و جلّ لنبيه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ و إيجابه مثل ذلك على أوليائه و أهل طاعته بقوله: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ (1),(2).
ص: 176
ص: 177
ص: 178
الآية (1)
اَلَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللّهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ
[153] - أخبرنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمّد عن الحسن بن العبّاس الخرشني عن أبي جعفر عليه السّلام قال:
قال أمير المؤمنين عليه السّلام بعد وفاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم في المسجد و الناس مجتمعون بصوت عال: اَلَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللّهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ فقال: قال له ابن عبّاس: يا أبا الحسن، لم قلت ما قلت ؟
قال: قرأت شيئا من القرآن.
قال: لقد قلته لأمر؟
قال: نعم إن اللّه يقول في كتابه: وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا (1) فتشهد على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم أنّه استخلف أبا بكر.
ص: 179
قال: ما سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم أوصى إلاّ إليك، قال:
فهلاّ بايعتني ؟
قال: إجتمع الناس على أبي بكر فكنت منهم.
فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: كما اجتمع أهل العجل على العجل ههنا فتنتم، و مثلكم كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَ تَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ (1(7) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ (1),(2).
ص: 180
الآية (7)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللّهَ يَنْصُرْكُمْ وَ يُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ
[154] - في نهج البلاغة: و خذوا من أجسادكم فجودوا بها على أنفسكم و لا تبخلوا بها عنها، فقد قال اللّه سبحانه: إِنْ تَنْصُرُوا اللّهَ يَنْصُرْكُمْ وَ يُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ فلم يستنصركم من ذلّ، و «له جنود السماوات و الأرض و هو العزيز الحكيم»، و إنّما أراد أن «يبلوكم أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً» فبادروا بأعمالكم تكونوا مع جيران اللّه في داره. رافق بهم رسله و أزارهم ملائكته، و أكرم أسماعهم أن تسمع حسيس نار أبدا، و صان أجسادهم أن تلقى لغوبا و نصبا ذلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (1),(2).
ص: 181
الآية (16)
وَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ما ذا قالَ آنِفاً
[155] - في مجمع البيان: عن الأصبغ بن نباتة عن علي عليه السّلام قال: إنّا كنّا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم فيخبرنا بالوحي فأعيه أنا و من يعيه فإذا خرجنا قالوا: ما ذا قالَ آنِفاً (1).
ص: 182
الآيتان (22) و (23)
فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (2(2) أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى أَبْصارَهُمْ
[156] - في كتاب ثواب الأعمال: عن السكوني عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: إذا ظهر العلم و احترز العمل و ائتلفت الألسن و اختلفت القلوب و تقاطعت الأرحام هنالك لعنهم اللّه فأصمّهم و أعمى أبصارهم(1).
[157] - في تفسير القمي عن علي عليه السّلام:
فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ قال أبو حاتم: معناه إن تولاكم الناس(2).
[158] - ابن عساكر قال: يروى عن علي بن
ص: 183
أبي طالب رضي اللّه عنه أنه قرأ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أي تولاّكم الناس على ما لم يسمّ فاعله(1).
[159] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قرأ علي بن أبي طالب إِنْ تَوَلَّيْتُمْ بضمّ (التاء) و (الواو) و كسر (اللام)، يقول (2):إن وليتكم ولاة جائرة خرجتم معهم في الفتنة، و عاونتموهم(3).
ص: 184
الآية (31)
وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَ الصّابِرِينَ وَ نَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ
[160] - عن النزّال بن سبرة، قال: قيل لعليّ عليه السّلام:
يا أمير المؤمنين إنّ ها هنا قوما يقولون: إنّ اللّه تعالى لا يعلم ما يكون حتّى يكون.
فقال: ثكلتهم أمّهاتهم من أين قالوا هذا؟ قيل:
يتأوّلون القرآن في قوله: وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَ الصّابِرِينَ وَ نَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ .
فقال علي: من لم يعلم هلك. ثمّ صعد المنبر فحمد اللّه و أثنى عليه، و قال: يا أيّها النّاس تعلّموا العلم و اعملوا به و علّموه، و من أشكل عليه شيء من كتاب اللّه فليسألني. بلغني أنّ قوما يقولون: إنّ اللّه لا يعلم ما يكون حتّى يكون لقوله وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ و إنّما قوله
ص: 185
تعالى: (حَتّى نَعْلَمَ) يقول: حتّى نرى من كتب عليه الجهاد و الصبر، و إن جاهد و صبر على ما أنابه و أتاه مما قضيت عليه(1).
ص: 186
ص: 187
ص: 188
الآية (2)
لِيَغْفِرَ لَكَ اللّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ
[161] - في كتاب الإحتجاج: للطبرسي رحمه اللّه، روي عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم السّلام قال: إن يهوديا من يهود الشام و أحبارهم قال لعلي عليه السّلام فإن آدم عليه السّلام تاب اللّه عليه من خطيئته ؟
قال له علي عليه السّلام: لقد كان كذلك و محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلم نزل فيه ما هو أكبر من هذا من غير ذنب أتى، قال اللّه عزّ و جلّ:
لِيَغْفِرَ لَكَ اللّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ إن محمّدا غير مواف يوم القيامة بوزر و لا مطلوب فيها بذنب، و قال عليه السّلام: و لقد كان صلّى اللّه عليه و آله و سلم يبكي حتّى يغشى عليه، فقيل له:
يا رسول اللّه، أليس اللّه قد غفر لك ما تقدّم من ذنبك و ما تأخّر؟
ص: 189
قال: بلى، أفلا أكون عبدا شكورا؟ و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(1).
[162] - تفسير فرات، قال: حدّثني جعفر بن محمّد بن شيرويه القطّان، قال: حدّثنا محمّد بن إبراهيم الرازي، عن الأركان، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طال عليه السّلام قال: لمّا نزلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم لِيَغْفِرَ لَكَ اللّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ قال: يا جبرئيل ما الذنب الماضي و ما الذنب الباقي ؟
قال جبرئيل عليه السّلام: ليس لك ذنب أن يغفره لك(2).
ص: 190
الآية (4)
هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ
[163] - الحاكم النيسابوري، أخبرنا أبو بكر الشافعي، ثنا إسحاق بن الحسن، ثنا أبو حذيفة سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الأحوص، عن علي عليه السّلام: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ قال: السكينة لها وجه كوجه الإنسان، ثمّ هي بعد ريح هفّافة(1).
ص: 191
الآية (10)
فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ
[164] - في تفسير عليّ بن إبراهيم و قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه في كتابه الذي كتبه إلى شيعته يذكر فيه خروج عائشة إلى البصرة و عظم خطأ طلحة و الزبير فقال: و أيّ خطأ أعظم ممّا أتيا؟ أخرجا زوجة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم من بيتها و كشفا عنها حجابا ستره اللّه عليها، و صانا حلائلهما في بيوتهما ما أنصفا لا للّه و لا لرسوله من أنفسهما ثلاث خصال، مرجعها على الناس في كتاب اللّه عزّ و جلّ: البغي و المكر و النكث قال اللّه عزّ و جلّ: يا أَيُّهَا النّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ (1) و قال: فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ (2) و قال:
ص: 192
وَ لا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاّ بِأَهْلِهِ (1) و قد بغيا علينا و نكثا بيعتي و مكرا بي و قوله عزّ و جلّ: أَ وَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ قال: أو لم ينظروا في القرآن و في أخبار رجعة الأمم الهالكة(2).
ص: 193
الآية (15)
يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللّهِ
[165] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه عليه السّلام مجيبا لبعض الزنادقة: و أما ما ذكرته من الخطاب الدال على تهجين النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم و الإزراء به و التأنيب له(1) مع ما أظهره اللّه تبارك و تعالى في كتابه من تفضيله إياه على سائر أنبيائه فإنّ اللّه عزّ و جلّ جعل لكل نبي عدوا من المشركين، كما قال في كتابه و بحسب جلالة منزلة نبينا صلّى اللّه عليه و آله و سلم عند ربّه، كذلك عظم محنته لعدوه الذي عاذ منه في حال شقاقه و نفاقه، و كل أذى و مشقة لدفع نبوّته و تكذيبه إيّاه و سعيه في مكارهه و قصده لنقض كلّ ما أبرمه، و اجتهاده و من مالأه على كفره و عناده و نفاقه و إلحاده في إبطال دعوته و تغيير ملته و مخالفة سنته،
ص: 194
و لم ير شيئا أبلغ في تمام كيده من تنفيرهم عن موالاة وصيه و إيحاشهم منه و صدهم عنه و إغرائهم بعداوته، و القصد لتغيير الكتاب الذي جاء به، و إسقاط ما فيه من فضل ذوي الفضل و كفر ذوي الكفر، منه و ممن وافقه على ظلمه و بغيه و شركه، و لقد علم اللّه ذلك منهم فقال: إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا (1) و قال: يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللّهِ (2) و لقد أحضروا الكتاب مكملا مشتملا على التأويل و التنزيل و المحكم و المتشابه و الناسخ و المنسوخ، لم يسقط منه حرف ألف و لا لام، فلما وقفوا على ما بينه اللّه من أسماء أهل الحقّ و الباطل؛ و أنّ ذلك إن ظهر ما عقدوه، قالوا: لا حاجة لنا فيه نحن مستغنون عنه بما عندنا، و لذلك قال: فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَ اشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ (3) ثم دفعهم الاضطرار بورود المسائل عليهم عما لا يعلمون تأويله إلى جمعه و تأليفه و تضمينه من تلقائهم ما يقيمون به دعائم كفرهم، فصرخ مناديهم: من كان عنده شيء من القرآن فليأتنا به، و وكلوا تأليفه و نظمه إلى بعض من وافقهم على
ص: 195
معاداة أولياء اللّه فألفه على اختيارهم، و ما يدل للمتأمل على اختلال تمييزهم و افترائهم و تركوا منه ما قدروا أنّه لهم و هو عليهم، و زادوا فيه ما ظهر تناكره و تنافره، و علم اللّه أن ذلك يظهر و يبين، فقال: ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ (1) و انكشف لأهل الإستبصار عوارهم و افتراؤهم، و الذي بدا في الكتاب من الإزراء على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم من فرية الملحدين و لذلك قال:
وَ إِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَ زُوراً (2) فيذكر جلّ ذكره لنبيه صلّى اللّه عليه و آله و سلم ما يحدثه عدوه في كتابه من بعده بقوله: وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَ لا نَبِيٍّ إِلاّ إِذا تَمَنّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللّهُ آياتِهِ (3) يعني إنّه ما من نبي تمنى مفارقة ما يعانيه من نفاق قومه و عقوقهم و الإنتقال إلى دار الإقامة إلاّ ألقى الشيطان المعرض لعداوته عند فقده في الكتاب الذي أنزل عليه ذمه و القدح فيه و الطعن عليه، فينسخ اللّه ذلك من قلوب المؤمنين فلا تقبله و لا تصغي إليه غير قلوب المنافقين و الجاهلين، و يحكم اللّه آياته بأن يحمي أولياءه من الضلال و العدوان
ص: 196
و مشايعة أهل الكفر و العدوان و الطغيان الذين لم يرض اللّه أن يجعلهم كالأنعام حتّى قال: إِنْ هُمْ إِلاّ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (1) فافهم هذا و اعمل به، و اعلم أنّك ما قد تركت مما يجب عليك السؤال عنه أكثر ممّا سألت، و إنّي قد اقتصرت على تفسير يسير من كثير لعدم حملة العلم و قلة الراغبين في التماسه، و في دون ما بينت لك البلاغ لذوي الألباب(2).
ص: 197
الآية (18)
لَقَدْ رَضِيَ اللّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ
[166] - في تفسير عليّ بن إبراهيم: حدّثني الحسين بن عبد اللّه السكيني عن أبي سعيد الجبلي عن عبد الملك بن هارون عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:
كتب علي عليه السّلام إلى معاوية: انا أول من بايع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم تحت الشجرة في قوله: لَقَدْ رَضِيَ اللّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ .و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(1).
ص: 198
الآية (20)
وَعَدَكُمُ اللّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها
[167] - أخرج ابن عساكر، عن علي صلوات اللّه عليه، و ابن عباس، قالا في قوله تعالى: وَعَدَكُمُ اللّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً فتوح من لدن خيبر تأخذونها تلونها و تغنمون ما فيها، فعجّل لكم من ذلك خيبر، و كفّ أيدي الناس قريشا عنكم بالصلح يوم الحديبية، و لتكون آية للمؤمنين، شاهدا على ما بعدها و دليلا على إنجازها، و أخرى لم تقدروا عليها على علم، و فيها قسّمها بينكم، فارس و الروم، قد أحاط اللّه بها، قضى اللّه بها أنّها لكم(1).
ص: 199
الآية (26)
وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى
[168] - قال النحّاس: (لا إله إلاّ الله) هي رأس كل تقوى. و كذلك يروى عن علي و ابن عمر و أبي هريرة و سلمة بن الأكوع رحمهم اللّه قالوا: كلمة التقوى (لا إله إلاّ الله )(1).
[169] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرنا عبد الخالق بن علي بن عبد الخالق، أخبرنا أبو بكر بن حبيب، حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن عيسى المزني، حدّثنا أبو نعيم، و أبو حذيفة، قالا: حدّثنا سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن عباية بن ربعي، عن عليّ رضي اللّه عنه وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى قال: لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر(2).
ص: 200
الآية (27)
لَقَدْ صَدَقَ اللّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَ مُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ
[170] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: روي عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عليهما السّلام قال: إنّ يهوديا من يهود الشام و أحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه السّلام: هذا يوسف قاسى مرارة الغربة و حبس في السجن توقيا للمعصية، و ألقي في الجب وحيدا.
قال له علي عليه السّلام: لقد كان ذلك و محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلم قاسى مرارة الغربة و فراق الأهل و الأولاد، مهاجرا من حرم اللّه تعالى و أمنه، فلمّا رأى عزّ و جلّ كآبته(1) و استشعاره الحزن أراه تبارك و تعالى اسمه رؤيا توازي رؤيا يوسف في تأويلها و أبان
ص: 201
للعالمين صدق تحديثها(1) فقال له: لَقَدْ صَدَقَ اللّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَ مُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ (2).
ص: 202
الآية (28)
لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ
[171] - في كتاب المحجة و غيره عن أمير المؤمنين في قوله تعالى: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ الخ، حتى لا تبقى قرية إلاّ نودي فيها بشهادة أن لا إله إلاّ اللّه، و أن محمدا رسول اللّه بكرة و عشيا(1).
ص: 203
الآية (29)
قوله تعالى: سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ
[172] - الحافظ أبو الفتح محمد بن أبي الفوارس في أربعينه المعروف في الحديث الرابع عن أحمد بن نافع البصري قال: حدّثني أبي و كان خادما للإمام أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السّلام قال: حدّثني أبي العبد الصالح موسى بن جعفر قال: حدّثني أبي جعفر الصادق عليه السّلام قال:
حدّثني أبي باقر علوم الأنبياء محمّد بن علي قال: حدّثني أبي سيّد العابدين علي بن الحسين عليهما السّلام قال: حدّثني أبي سيّد الشهداء الحسين بن علي عليهما السّلام قال: حدّثني سيّد الأوصياء علي بن أبي طالب عليه السّلام أنّه قال: قال لي أخي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم:
من أحبّ أن يلقى اللّه عزّ و جلّ و هو مقبل عليه غير معرض عنه فليتولّ عليا، و من سرّه أن يلقى اللّه عزّ و جلّ و هو راض عنه فليتولّ ابنك الحسن، و من أحب أن يلقى اللّه عزّ و جلّ و لا خوف عليه فليتولّ ابنك الحسين، و من أحب أن يلقى اللّه عزّ و جلّ و هو يحطّ
ص: 204
عنه ذنوبه فليتولّ علي بن الحسين عليه السّلام فإنّه كما قال اللّه تعالى: سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ (1) من أحبّ أن يلقى اللّه عزّ و جلّ و هو قرير العين فليتولّ محمد بن علي عليه السّلام، و من أحبّ أن يلقى اللّه عزّ و جلّ فيعطيه كتابه بيمينه فليتولّ جعفر بن محمد، و من أحبّ أن يلقى اللّه عزّ و جلّ طاهرا مطهرا فليتولّ موسى بن جعفر النور الكاظم، و من أحبّ أن يلقى اللّه عزّ و جلّ و هو ضاحك فليتولّ علي بن موسى الرضا عليه السّلام و من أحبّ أن يلقى اللّه عزّ و جلّ و قد رفعت درجاته و بدّلت سيّئاته حسنات فليتولّ ابنه محمدا، و من أحبّ أن يلقى اللّه عزّ و جلّ فيحاسبه حسابا يسيرا، و يدخله جنّة عرضها السموات و الأرض فليتولّ ابنه عليّا، و من أحبّ أن يلقى اللّه عزّ و جلّ و هو من الفائزين فليتولّ ابنه الحسن العسكري، و من أحبّ أن يلقى اللّه عزّ و جلّ و قد كمل إيمانه و حسن إسلامه فليتولّ ابنه صاحب الزمان المهدي عجل اللّه فرجه؛ فهؤلاء مصابيح الدجى و أئمّة الهدى و أعلام التقى فمن أحبّهم و تولاّهم كنت ضامنا له على اللّه الجنّة(2).
ص: 205
ص: 206
ص: 207
ص: 208
الآية (1)
قوله تعالى: إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
[173] - ابن عساكر قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن محمد بن علي، قال: نا محمد بن مروان، حدّثني محمد بن حرب النشائي، نا إسماعيل بن يحيى التيمي، عن قرّة بن خالد، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة السلماني قال: سمعت علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه قال: استكتب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم عبد اللّه بن خطل، فلمّا نزلت على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم:
إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ كتبها هو: إنّ اللّه عليم سميع، فعلم النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم ما فعل، فأرسل إلى أبيّ بن كعب، فقال: يا أبيّ، إنّ جبريل أخبرني أن هذا غير ما أنزل اللّه، فغيّره، فغيّره أبيّ، و لحق عبد اللّه بن خطل بمكة مشركا، قال علي: فلمّا كان يوم الفتح، قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «إن وجدتم مقيس بن صبابة الليثي، و عبد اللّه بن خطل،
ص: 209
و عبد اللّه بن أبي سرح، و خولة و الرباب متعلقين بأستار الكعبة فاضربوا أعناقهم».
قال علي: فخرجت، فإذا أنا بمقيس فأخذت بيده فضربت عنقه، ثم خرجت فدخلت المسجد، فإذا عبد اللّه بن خطل يعوذ بالكعبة، فأخرجته فضربت عنقه، ثم خرجت فإذا بخولة فأخذتها، فأتيت النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم فلما رأت النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم كشفت فرجها، فقالت: كيف تغض بصرك فيما تزعم، فقال لي النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «يا علي أخرجها فحرقها بالنار»، ثم اتبعني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم فقال: «يا علي، إنّ صاحب النار أبى أن يعذب بالنار أحد غيره، إضرب عنقها»، فضربت عنقها(1).
ص: 210
ص: 211
ص: 212
الآية (1)
ق وَ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ
[174] - قال عليه السلام في خطبة البيان... ق وَ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ كلمات خفيّات الأسرار و عبارات جليات الآثار و ينابيع عوارف القلوب من مشكاة لطائف الغيوب، لمحات العواقب كالنجوم الثواقب، نهاية الفهوم بداية العلوم، الحكمة ضالّة كلّ حكيم، سبحان القديم، يفتح الكتاب و يقرأ الجواب(1).
ص: 213
الآية (5)
بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمّا جاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ
[175] - في أصول الكافي: بإسناده إلى سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: يا بني، الكفر على أربع دعائم: الفسق و الغلو و الشكّ و الشبهة... إلى قوله:
و الغلو على أربع شعب، على التعمق بالرأي و التنازع فيه، و الزيغ و الشقاق، فمن تعمق لم ينسب إلى الحقّ، و لم يزدد إلاّ غرقا في الغمرات، و لم تنحسر عنه فتنة الا غشيته أخرى، و انخرق دينه فهو يهوي في أَمْرٍ مَرِيجٍ (1).
ص: 214
الآية (9)
وَ نَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً
[176] - في مجمع البيان: و في كتاب العياشي مرفوعا إلى أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه جاء رجل فقال:
يا أمير المؤمنين بي وجع في بطني، فقال: ألك زوجة ؟
قال: نعم، قال: إستوهب منها شيئا طيبة به نفسها من مالها، ثم اشتر به عسلا ثم اسكب(1) عليه من ماء السماء ثم اشربه فإني سمعت اللّه سبحانه يقول في كتابه: وَ نَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً (2) و قال يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنّاسِ (3) و قال: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً
ص: 215
مَرِيئاً فإذا اجتمعت البركة و الشفاء و الهنيء و المريء شفيت إن شاء اللّه تعالى. قال: ففعل ذلك فشفي(1).
ص: 216
الآية (12)
وَ أَصْحابُ الرَّسِّ
[177] - في عيون الأخبار: بإسناده إلى صالح الهروي قال: حدّثنا علي بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمّد عن أبيه محمّد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عليهم السّلام قال:
أتى علي بن أبي طالب عليه السّلام قبل مقتله بثلاثة أيام رجل من أشراف تميم يقال له: عمرو فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن أصحاب الرس في أي عصر كانوا؟ و أين كانت منازلهم ؟ و من كان ملكهم ؟ و هل بعث اللّه تعالى إليهم رسولا أم لا؟ و بماذا أهلكوا؟ فإني أجد في كتاب اللّه تعالى ذكرهم و لا أجد خبرهم.
فقال له علي عليه السّلام: لقد سألت عن حديث ما سألني عنه أحد قبلك و لا يحدّثك به أحد بعدي إلاّ عني، و ما في
ص: 217
كتاب اللّه تعالى آية إلاّ و أنا أعرفها و أعرف تفسيرها و في أي مكان نزلت من سهل أو جبل، و في أي وقت من ليل أو نهار، و إنّ هناك لعلما جمّا و أشار إلى صدره و لكن طلاّبه يسير، و عن قليل تندمون لو فقدتموني.
كان من قصصهم يا أخا تميم أنّهم كانوا قوما يعبدون شجرة صنوبر يقال لها: شاه درخت، كان يافث بن نوح غرسها على شفير عين يقال لها: دوشاب. كانت أنبطت(1) لنوح عليه السّلام بعد الطوفان، و إنّما سمّوا أصحاب الرس لأنّهم رسوا نبيهم في الأرض و ذلك بعد سليمان بن داود عليهما السّلام و كانت لهم اثنتا عشرة قرية على شاطىء نهر يقال له: الرس من بلاد المشرق، و بهم يسمى ذلك النهر و لم يكن يومئذ في الأرض نهر أغزر منه و لا أعذب منه، و لا قرى أكثر و لا أعمر منها، تسمى إحداهن: آبان، و الثانية: آذر، و الثالثة: دي، و الرابعة: بهمن، و الخامسة: اسفندار، و السادسة: فروردين، و السابعة: آذربهشت، و الثامنة: آرذار(2) و التاسعة: مرداد، و العاشرة: تير، و الحادية عشرة: مهر، و الثانية عشرة:
ص: 218
شهريور، و كانت أعظم مدائنهم اسفندار و هي التي ينزلها ملكهم و كان يسمى تركوذ بن عابور بن يارش بن سار بن نمرود بن كنعان فرعون إبراهيم عليه السّلام، و بها العين و الصنوبرة و قد غرسوا في كلّ قرية منها حبّة من طلع تلك الصنوبرة فنبتت الحبّة و صارت شجرة عظيمة، و حرموا ماء العين و الأنهار و لا يشربون منها و لا أنعامهم؛ و من فعل ذلك قتلوه و يقولون هو حياة آلهتنا، فلا ينبغي لأحد أن ينقص من حياتها و يشربون هم و أنعامهم من نهر الرس الذي عليه قراهم؛ و قد جعلوا في كلّ شهر من السنة في كلّ قرية عيدا يجتمع إليه أهلها فيضربون على الشجرة التي بها كلة(1) من حرير فيها من أنواع الصور ثمّ يأتون بشياه و بقر فيذبحونها قربانا للشجرة، و يشعلون فيها النيران بالحطب، فإذا سطع دخان الذبائح و قتارها(2) في الهواء، و حال بينهم و بين النظر إلى السماء خرّوا سجّدا للشجرة يبكون و يتضرّعون إليها أن ترضى عنهم؛ و كان الشيطان يجيء، فيحرك أغصانها و يصيح من ساقها صياح الصبي: إني قد رضيت عنكم عبادي فطيبوا
ص: 219
نفسا و قرّوا عينا فيرفعون رؤوسهم عند ذلك و يشربون الخمر و يضربون بالمعازف(1) و يأخذون الدست بند، فيكون على ذلك يومهم و ليلتهم ثمّ ينصرفون، و إنّما سمّت العجم شهورها بآبان ماه و آذرماه و غيرهما اشتقاقا من أسماء تلك القرى، لقول أهلها بعضهم لبعض هذا عيد شهر كذا، و عيد شهر كذا، حتّى إذا كان عيد قريتهم العظمى إجتمع عليها صغيرهم و كبيرهم، فضربوا عند الصنوبرة و العين سرادقات من ديباج عليه أنواع الصور إثني عشر بابا، كلّ باب لأهل قرية منهم و يسجدون للصنوبرة خارجا من السرادق، و يقربون لها الذبائح أضعاف ما قربوا للشجرة في قراهم؛ فيجيء إبليس عند ذلك فيحرك الصنوبرة تحريكا شديدا فيتكلم من جوفها كلاما جهوريا و يعدهم و يمنيهم بأكثر مما وعدتهم و منّتهم الشياطين كلّها، فيرفعون رؤوسهم من السجود و بهم من الفرح و النشاط ما لا يفيقون و لا يتكلمون من الشرب و العزف فيكونون على ذلك اثني عشر يوما و لياليها بعدد أعيادهم سائر السنة ثمّ ينصرفون.
فلمّا طال كفرهم باللّه عزّ و جلّ و عبادتهم غيره، بعث اللّه عزّ و جلّ
ص: 220
إليهم نبيا من بني إسرائيل من ولد يهودا بن يعقوب، فلبث فيهم زمانا يدعوهم إلى عبادة اللّه عزّ و جلّ و معرفته و ربوبيته فلا يتبعونه، فلمّا رأى شدّة تماديهم في الغي و الضلال، و تركهم قبول ما دعاهم إليه من الرشد و النجاح، و حضر عيد قريتهم العظمى قال: يا ربّ إنّ عبادك أبوا إلاّ تكذيبي و الكفر، و غدوا يعبدون شجرة لا تنفع و لا تضر، فأيبس شجرهم أجمع، و أرهم قدرتك و سلطانك.
فأصبح القوم و قد يبس شجرهم، فهالهم ذلك و فظع بهم و صاروا فرقتين، فرقة قالت: سحر آلهتكم هذا الرجل الذي زعم أنّه رسول ربّ السماء و الأرض إليكم ليصرف وجوهكم عن آلهتكم إلى إلهه؛ و فرقة قالت: لا، بل غضبت آلهتكم حين رأت هذا الرجل يعيبها و يقع فيها و يدعوكم إلى عبادة غيرها، فحجبت حسنها و بهاءها لكي تغضبوا عليه فتنتصروا منه. فأجمع رأيهم على قتله، فاتخذوا أنابيب(1) طوالا من رصاص واسعة الأفواه، ثمّ أرسلوها في قرار العين إلى أعلى الماء واحدة فوق الأخرى مثل البرابخ(2) و نزحوا فيها من الماء، ثمّ حفروا في قرارها بئرا ضيقة المدخل
ص: 221
عميقة و أرسلوا فيها نبيهم و ألقموا فاها صخرة عظيمة، ثمّ أخرجوا الأنابيب من الماء و قالوا: نرجو الآن أن ترضى عنّا آلهتنا إذا رأت أنّا قد قتلنا من كان يقع فيها و يصدّ عن عبادتها و دفناه تحت كبيرها يتشفّى منه، فيعود لنا نورها و نضرتها كما كان، فبقوا عامة يومهم يسمعون أنين نبيهم عليه السلام و هو يقول: سيدي قد ترى ضيق مكاني و شدة كربي فارحم ضعف ركني و قلّة حيلتي، و عجل بقبض روحي و لا تؤخر إجابة دعوتي، حتّى مات عليه السّلام.
فقال اللّه جلّ جلاله لجبرئيل: يا جبرئيل أيظن عبادي هؤلاء الذين غرّهم حلمي و أمنوا مكري و عبدوا غيري و قتلوا رسولي أن يقوموا لغضبي و يخرجوا من سلطاني ؟ كيف و أنا المنتقم ممّن عصاني و لم يخش عقابى ؟ و إنّي حلفت بعزّتي لأجعلنّهم عبرة و نكالا للعالمين.
فلم يرعهم و هم في عيدهم ذاك إلاّ بريح عاصف شديدة الحمرة، فتحيروا فيها و ذعروا منها و تضامّ بعضهم إلى بعض، ثمّ صارت الأرض من تحتهم حجر كبريت يتوقد، و أظلّتهم
ص: 222
سحابة سوداء فألقت عليهم كالقبّة جمرا يلتهب، فذابت أبدانهم كما يذوب الرصاص في النار. فنعوذ باللّه تعالى ذكره من غضبه و نزول نقمته، و لا حول و لا قوة إلاّ باللّه العلي العظيم(1).
ص: 223
الآية (17)
إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ
[178] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرنا الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن جعفر بن سالم الختلي.
قال: حدّثنا أحمد بن أيّوب الرخاني.
قال: حدّثنا جميل بن الحسن، قال: حدّثنا أرطأة بن الأشعث العدوي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: «إنّ مقعد ملكيك على ثنيتيك، و لسانك قلمهما، و ريقك مدادهما، و أنت تجري - أظنّه قال -: فيما لا يعنيك، لا تستحي من اللّه، و لا منهما »(1).
ص: 224
الآية (18)
ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ
[179] - أخرج ابن أبي الدنيا في (الصمت)، عن علي عليه السّلام قال: لسان الإنسان قلم الملك، و ريقه مداده(1).
ص: 225
الآية (21)
وَ جاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَ شَهِيدٌ
[180] - في نهج البلاغة: وَ جاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَ شَهِيدٌ سائق يسوقها إلى محشرها و شاهد يشهد عليها بعملها(1).
ص: 226
الآية (24)
أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفّارٍ عَنِيدٍ
[181] - و بإسناده إلى عبيد بن يحيى عن محمّد بن عليّ بن الحسين عن أبيه عن جده عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام في قوله: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفّارٍ عَنِيدٍ قال:
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: إن اللّه تبارك و تعالى إذا جمع الناس يوم القيامة في صعيد واحد، كنت أنا و أنت - يومئذ - عن يمين العرش، ثمّ يقول اللّه تبارك و تعالى لي و لك: قوما و ألقيا من أبغضكما و كذبكما في النار(1).
[182] - شرف الدين النجفي، قال: ذكر الشيخ في أماليه بإسناده عن رجاله، عن الرضا، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:
ص: 227
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم في قوله عزّ و جلّ: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفّارٍ عَنِيدٍ نزلت في عليّ بن أبي طالب عليه السّلام و ذلك أنّه إذا كان يوم القيامة شفّعني ربّي و شفّعك يا علي، و كساني و كساك يا علي، ثمّ قال لي: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفّارٍ عَنِيدٍ من أبغضكما، و أدخلا الجنّة من أحبّكما، فإنّ ذلك هو المؤمن(1).
ص: 228
الآية (28)
لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَ قَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ
[183] - في كتاب التوحيد: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه و قد سأله رجل عمّا اشتبه عليه من آيات الكتاب و أما قوله: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً (1) و قوله: وَ اللّهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ (2) و قوله يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَ يَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً (3) و قوله: إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النّارِ (4) و قوله: لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَ قَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (5)
ص: 229
و قوله: اَلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (1):فإنّ ذلك في مواطن غير واحدة من مواطن ذلك اليوم الذي كان مقداره خمسين ألف سنة يجمع اللّه عزّ و جلّ الخلائق في مواطن يتفرقون، و يكلّم بعضهم بعضا، و يستغفر بعضهم لبعض، أولئك الذين كان منهم الطاعة في دار الدنيا الرؤساء و الأتباع، و يلعن بعض أهل المعاصي الذين بدت منهم البغضاء و تعاونوا على الإثم و العدوان في دار الدنيا، و المستكبرون و المستضعفون يكفر بعضهم ببعض و يلعن بعضهم بعضا.
و الكفر في هذه الآية يقول: فيبرأ بعضهم من بعض، و نظيرها في سورة إبراهيم قول الشيطان: إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ (2) و قول إبراهيم خليل الرّحمن: كَفَرْنا بِكُمْ (3) أي تبرأنا منكم ثمّ يجتمعون في موطن آخر يبكون فلو أنّ تلك الأصوات بدت لأهل الدنيا لأذهلت جميع الخلق عن معايشهم، و لتصدعت قلوبهم إلاّ ما شاء اللّه، فلا يزالون يبكون الدم، ثمّ يجتمعون في موطن آخر فيستنطقون
ص: 230
فيه فيقولون: وَ اللّهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ (1) فيختم اللّه تبارك و تعالى على أفواههم و يستنطق الأيدي و الأرجل و الجلود، فتشهد بكلّ معصية كانت منهم، ثمّ يرفع عن ألسنتهم الختم فيقولون لجلودهم: لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ (2).
ثمّ يجتمعون في موطن آخر فيستنطقون فيفر بعضهم من بعض، فذلك قوله عزّ و جلّ: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ (3(3) وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ (4) فيستنطقون لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً (5) فيقوم الرسل صلوات اللّه عليهم فيشهدون في هذا الموطن، فذلك قوله تعالى: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً (5) ثمّ يجتمعون في موطن آخر فيكون فيه مقام محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلم و هو المقام المحمود، فيثني على اللّه تبارك و تعالى بما لم يثن عليه أحد قبله، ثمّ يثني على الملائكة كلهم فلا يبقى ملك إلاّ أثنى عليه محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلم
ص: 231
ثمّ يثني على الرسل بما لم يثن عليهم أحد مثله، ثمّ يثني على كلّ مؤمن و مؤمنة يبدأ بالصديقين ثمّ الشهداء ثمّ الصالحين، فيحمده أهل السماوات و أهل الأرض و ذلك قوله عزّ و جلّ: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً (1) فطوبى لمن كان له في ذلك المقام حظ، و ويل لمن لم يكن له في ذلك المقام حظّ و لا نصيب، ثمّ يجتمعون في موطن آخر ويدان بعضهم من بعض؛ و هذا كله قبل الحساب فإذا أخذ في الحساب شغل كلّ انسان بما لديه، نسأل اللّه بركة ذلك اليوم(2).
ص: 232
الآية (37)
قوله تعالى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ
[184] - الصدوق، بإسناده إلى عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السّلام، عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال: ألا و إنّي مخصوص في القرآن بأسماء إحذروا أن تغلبوا عليها فتضلّوا في دينكم، أنا ذو القلب يقول اللّه عزّ و جلّ:
إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ .
[185] - عن مجاهد في قوله تعالى: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ قال: قال علي عليه السّلام: ما نزلت آية كانت أشدّ علينا منها، و لا أعظم علينا منها، فقلنا: ما هذا إلاّ من سخط أو مقت، حتّى أنزلت وَ ذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (1) قال: ذكّر بالقرآن(2).
ص: 233
الآية (40)
وَ مِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَ أَدْبارَ السُّجُودِ
[186] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قرأ الحسن و الأعرج و خارجة و أبو عمر و يعقوب و عاصم و الكسائي:
بفتح الألف، و اختاره أبو عبيد و أبو حاتم، و قرأ الآخرون:
بالكسر، و هي قراءة عليّ و ابن عباس(1).
[187] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال عمر بن الخطاب و علي بن أبي طالب و أبو هريرة و الحسن بن علي و الحسن البصري و النخعي و الشعبي و الأوزاعي: أدبار السجود: الركعتان بعد المغرب، و أدبار النجوم: الركعتان قبل الفجر(2).
ص: 234
الآية (44)
يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً
[188] - عن عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: يا عليّ، سألت ربّي فيك خمس خصال فأعطاني، أمّا أوّلها فسألت ربّي أن أكون أوّل من تنشقّ عنه الأرض و أنفض التراب عن رأسي و أنت معي(1).
ص: 235
ص: 236
ص: 237
ص: 238
الآية (1)-(6)
وَ الذّارِياتِ ذَرْواً (1) فَالْحامِلاتِ وِقْراً (2) فَالْجارِياتِ يُسْراً (3) فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً (4) إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ (5) وَ إِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ
[189] - في تفسير عليّ بن إبراهيم: حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن جميل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله:
وَ الذّارِياتِ ذَرْواً ،فقال ابن الكوا سأل أمير المؤمنين عليه السّلام عن وَ الذّارِياتِ ذَرْواً ؟
قال: الريح، و عن فَالْحامِلاتِ وِقْراً فقال: هي السحاب، و عن فَالْجارِياتِ يُسْراً فقال: هي السفن، و عن فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً فقال: الملائكة، و هو قسم كلّه و خبره إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ (5) وَ إِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ يعني المجازاة و المكافأة(1).
[190] - ابن عساكر قال: أخبرنا أبو القاسم بن
ص: 239
السّمرقندي، نا أبو الحسين بن النّقّور، و عبد الباقي بن محمد بن غالب العطّار، قالا: نا أبو طاهر المخلّص، نا محمد بن هارون الحضرمي، نا سعيد بن يحيى، نا أبي، نا بسام الصيرفي، نا عامر بن واثلة، أن رجلا جاء إلى علي بن أبي طالب، فقال: يا أمير المؤمنين ما وَ الذّارِياتِ ذَرْواً (1) قال: الرياح، قال: فما فَالْحامِلاتِ وِقْراً (2) قال:
السحاب، قال: فما فَالْجارِياتِ يُسْراً (3) قال: السفن، قال:
فما المدبرات أمرا(4) قال: الملائكة، قال: فمن: اَلَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللّهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ (2(8) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَ بِئْسَ الْقَرارُ (5) قال: هم منافقو قريش، قال: فمن:
اَلَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً (6) قال:
منهم أهل حروراء، قال: فمن ذو القرنين نبي أو ملك ؟
قال: ليس بنبيّ و لا ملك، و لكن كان عبدا صالحا أحبّ اللّه فأحبه، و ناصح اللّه فنصحه، بعثه اللّه إلى قوم
ص: 240
فضرب على قرنه الأيمن فمات، فبعثه اللّه فضرب على قرنه الأيسر فمات(1).
[191] - ابن عساكر قال: أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك، نا أحمد بن الحسن بن أحمد، نا أبو علي بن شاذان، نا أبو سهل بن زياد القطان، نا أبو الحسين علي بن إبراهيم الواسطي، إملاء، نا محمد بن أبي نعيم، نا ربعي بن عبد اللّه بن الجارود، نا سيف بن وهب مولى لبني تيم، قال: دخلت شعب ابن عامر على أبي الطفيل عامر بن واثلة، قال: فإذا شيخ كبير قد وقع حاجبه على عينه، قال: فقلت له: أحبّ أن تحدّثني بحديث سمعته من علي ليس بينك و بينه أحد، قال: أحدّثك به إن شاء اللّه و تجدني له حافظا:
أقبل عليّ يتخطّى رقاب الناس بالكوفة حتى صعد المنبر فحمد اللّه و أثنى عليه، ثم قال: يا أيها الناس سلوني قبل أن تفقدوني، فو اللّه ما بين لوحي المصحف آية تخفى عليّ، فيم أنزلت و لا أين أنزلت و لا ما عني بها، و اللّه لا تلقوا أحدا يحدّثكم ذاكم بعدي حتى تلقوا نبيّكم صلّى اللّه عليه و سلم.
ص: 241
قال: فقام رجل يتخطى رقاب الناس فنادى أيا أمير المؤمنين قال: فقال علي: ما أراك بمسترشد أو ما أنت مسترشد، قال: يا أمير المؤمنين حدّثني عن قول اللّه عزّ و جلّ:
وَ الذّارِياتِ ذَرْواً قال: الرياح ويلك، قال: فَالْحامِلاتِ وِقْراً قال: السحاب ويلك، قال: فَالْجارِياتِ يُسْراً قال: السفن ويلك، قال: فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً ،قال: الملائكة ويلك.
قال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن قول اللّه عزّ و جلّ:
وَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (4) وَ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (1) قال: ويلك، بيت في ست سموات، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه إلى يوم القيامة، و هو الضّراح، و هو حذاء الكعبة من السماء. قال: يا أمير المؤمنين حدّثني عن قول اللّه عزّ و جلّ:
* أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللّهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ (2(8) جَهَنَّمَ قال: ويلك ظلمة قريش، قال: يا أمير المؤمنين حدّثني عن قول اللّه عزّ و جلّ: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً (10(2) اَلَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا (3) ؟قال: ويلك، منهم أهل حروراء(3).
ص: 242
قال: يا أمير المؤمنين، حدّثني عن ذي القرنين، أنبيّ كان أو رسول ؟
قال: لم يكن نبيّا و لا رسولا و لكنه عبد ناصح اللّه عزّ و جلّ فناصحه اللّه عزّ و جلّ، و أحبّ اللّه فأحبّه اللّه، و إنه دعا قومه إلى اللّه فضربوه على قرنه فهلك، فغبر زمانا ثم بعثه اللّه عزّ و جلّ إليهم فدعاهم إلى اللّه عزّ و جلّ فضربوه على قرنه الآخر فهلك بذلك قرناه(1).
[192] - عن علي عليه السّلام: إنّ الذاريات هي الريح، و الحاملات هي السحاب، و الجاريات يسرا هي السفن، و المقسّمات هي الملائكة الذين يقسّمون الأرزاق(2).
ص: 243
الآية (7)
الآية (22)
وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ
[195] - في كتاب علل الشرائع: بإسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: حدّثني أبي عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إذا فرغ أحدكم من الصلاة فليرفع يديه إلى السماء و لينصب في الدعاء.
قال ابن سبأ: يا أمير المؤمنين، أليس اللّه عزّ و جلّ في كل مكان ؟
قال: بلى.
قال: فلم يرفع يديه إلى السماء؟
فقال: أو ما تقرأ: وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ ؟فمن أين تطلب الرزق إلاّ من موضع الرزق و ما وعد اللّه عزّ و جلّ في السماء(1).
ص: 245
[196] - في إرشاد المفيد رحمه اللّه: حديث طويل عن علي عليه السّلام و فيه يقول عليه السّلام: أطلبوا الرزق فإنه مضمون لطالبه(1).
[197] - أخرج ابن النقور، و الديلمي، عن علي عليه السّلام، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم في قوله: وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ قال:
المطر(2).
ص: 246
الآية (41)
قوله تعالى: وَ فِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ
[198] - قال علي عليه السّلام: الرياح خمسة، منها الريح العقيم، فتعوّذوا باللّه من شرّها(1).
ص: 247
الآيات (54)-(56)
فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ (54) وَ ذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (5(5) وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ
[199] - البيهقي، و أخبرنا أبو الحسن بن عليّ بن محمّد المقري، أنبأنا الحسن بن محمّد بن إسحاق، ثنا يوسف بن يعقوب، ثنا سليمان بن حرب، ثنا حمّاد بن سعيد، عن أيوب، عن مجاهد، قال: خرج علينا عليّ معتجزا ببردة مشتملا في خميصة، فقال: لما نزلت فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ لم يبق أحد منّا إلا أيقن بالهلكة، إذ أمر النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم أن يتولّى عنّا حين نزلت(1).
قوله تعالى: وَ ذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (5(5) وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ
[200] - عن السيّد الثقة الجليل الفقيه السيّد نعمة اللّه
ص: 248
الجزائري رحمه اللّه في بعض مؤلّفاته عن ابن عبّاس قال: لمّا صارت الخلافة إلى أمير المؤمنين عليه السّلام و سيّد الوصيّين و قائد الغرّ المحجّلين علي بن أبي طالب عليه السّلام، فلمّا كان في اليوم الثالث أقبل رجل في ثياب خضر و وقف على باب المسجد، و كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه جالسا في المسجد و الناس حوله يمينا و شمالا فقال: السلام عليكم يا أهل بيت النبوّة و معدن الرسالة و مختلف الملائكة و مهبط الحقّ.
فقال له أمير المؤمنين: و عليك السلام يا بيهس بن صاف بن حاف بن لامو بن بيهس، فسأل بيهس أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: قال: أخبرني عن قول اللّه تعالى وَ ذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ قال عليه السّلام: أمره بأن يذكّر المؤمنين أمرنا حتّى ينتفعوا بذلك، و إذا ذكرونا لا يفترقون حتّى تنزل عليهم ملائكة من السماء فيقومون على رؤوسهم و يسمعون كلامهم و يباركون عليهم و يقولون: طوبى لأقوام ذكروا هؤلاء القوم، فإذا صعدوا قالت الملائكة بعضهم لبعض: كنّا عند قوم ازداد نورنا من نور كلامهم، فتقول الملائكة: طوبى لهم و لمحبّيهم و طوبى لمن يسلم عليهم، فهذا الذكرى(1).
ص: 249
[201] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي بن أبي طالب: معناه إلاّ لآمرهم أن يعبدون، و أدعوهم إلى عبادتي(1).
ص: 250
ص: 251
ص: 252
الآيتان (4)-(5)
وَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (4) وَ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ
[202] - ابن عساكر قال: أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك، نا أحمد بن الحسن بن أحمد، نا أبو علي بن شاذان، نا أبو سهل بن زياد القطان، نا أبو الحسين علي بن إبراهيم الواسطي، إملاء، نا محمد بن أبي نعيم، نا ربعي بن عبد اللّه بن الجارود، نا سيف بن وهب مولى لبني تيم، قال: دخلت شعب ابن عامر على أبي الطفيل عامر بن واثلة، قال: فإذا شيخ كبير قد وقع حاجبه على عينه، قال: فقلت له: أحبّ أن تحدّثني بحديث سمعته من علي ليس بينك و بينه أحد، قال: أحدّثك به إن شاء اللّه و تجدني له حافظا: أقبل عليّ يتخطّى رقاب الناس بالكوفة حتى صعد المنبر فحمد اللّه و أثنى عليه، ثم قال: يا أيها الناس سلوني قبل أن تفقدوني، فو اللّه ما بين لوحي
ص: 253
المصحف آية تخفى عليّ فيم أنزلت و لا أين أنزلت و لا ما عني بها، و اللّه لا تلقوا أحدا يحدّثكم ذاكم بعدي حتى تلقوا نبيّكم صلّى اللّه عليه و آله و سلم قال: فقام رجل يتخطى رقاب الناس فنادى أيا أمير المؤمنين قال: فقال علي: ما أراك بمسترشد أو ما أنت مسترشد، قال: يا أمير المؤمنين حدّثني عن قول اللّه عزّ و جلّ:
وَ الذّارِياتِ ذَرْواً قال: الرياح ويلك، قال: فَالْحامِلاتِ وِقْراً قال: السحاب ويلك، قال: فَالْجارِياتِ يُسْراً قال: السفن ويلك، قال: فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً ،قال: الملائكة ويلك.
قال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن قول اللّه عزّ و جلّ:
وَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (4) وَ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ قال: ويلك بيت في ست سموات، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه إلى يوم القيامة، و هو الضّراح، و هو حذاء الكعبة من السماء، قال: يا أمير المؤمنين حدّثني عن قول اللّه عزّ و جلّ: * أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللّهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ (2(8) جَهَنَّمَ قال: ويلك ظلمة قريش، قال: يا أمير المؤمنين حدّثني عن قول اللّه عزّ و جلّ: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً (10(3) اَلَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ؟قال: ويلك منهم أهل حروراء(1).
ص: 254
قال: يا أمير المؤمنين حدّثني عن ذي القرنين، أنبيّ كان أو رسول ؟
قال: لم يكن نبيّا و لا رسولا و لكنه عبد ناصح اللّه عزّ و جلّ فناصحه اللّه عزّ و جلّ، و أحبّ اللّه فأحبّه اللّه، و إنه دعا قومه إلى اللّه فضربوه على قرنه فهلك، فغبر زمانا ثم بعثه اللّه عزّ و جلّ إليهم فدعاهم إلى اللّه عزّ و جلّ فضربوه على قرنه الآخر فهلك بذلك قرناه(1).
[203] - فيه أيضا: وَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ و هو بيت في السماء الرابعة بحيال الكعبة تعمره الملائكة بما يكون منها فيه من العبادة.
عن ابن عبّاس و مجاهد و روي أيضا عن أمير المؤمنين عليه السّلام، قال: و يدخله كلّ يوم سبعون ألف ملك ثمّ لا يعودون إليه أبدا(2).
[204] - في مجمع البيان: وَ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ و هو السماء، عن علي عليه السّلام(3).
ص: 255
[205] - أخرج إسحاق بن راهويه، و ابن جرير، و ابن المنذر، و ابن أبي حاتم، و البيهقي، عن خالد بن عرعرة، أنّ رجلا قال لعلي عليه السّلام: ما البيت المعمور؟
قال: بيت في السماء يقال له الضراح، و هو بحيال مكّة من فوقها، حرمته في السماء كحرمة البيت في الأرض، يصلّي فيه كلّ يوم سبعون ألفا من الملائكة لا يعودون إليه أبدا(1).
[206] - أخرج عبد الرزاق، و ابن المنذر، و ابن جرير، و ابن الأنباري، في (المصاحف)، عن أبي الطفيل قال: إنّ ابن الكوّا سأل عليّا عليه السّلام عن البيت المعمور ما هو؟
قال عليه السّلام: ذلك الضراح بيت فوق سبع سماوات تحت العرش، يدخله كلّ يوم سبعون ألف ملك، ثمّ لا يعودون إليه إلى يوم القيامة(2).
ص: 256
الآية (6)
وَ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ
[207] - أبو إسحاق الثعلبي قال: روى سعيد بن المسيب أنّ عليا كرم اللّه وجهه قال لرجل من اليهود: أين جهنم ؟
فقال: البحر.
فقال: ما أراه إلاّ صادقا ثم قرأ وَ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (1)
[208] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرني ابن فنجويه، قال: حدّثنا مخلد بن جعفر، قال:
حدّثنا الحسن بن علوية، قال: حدّثنا إسماعيل بن عيسى، قال: حدّثنا إسحاق بن بسر، قال: أخبرني جويبر عن الضحاك، و مقاتل بن سليمان عن الضحاك عن النزال بن
ص: 257
سبرة، عن علي بن أبي طالب عليه السّلام أنّه قال في البحر المسجور: «هو بحر تحت العرش، غمره كما بين سبع سماوات إلى سبع أرضين، و هو ماء غليظ يقال له: بحر الحيوان، يمطر العباد بعد النفخة الأولى أربعين صباحا فينبتون من قبورهم »(1).
ص: 258
الآية (21)
وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ
[209] - في مجمع البيان: و روى زاذان عن علي عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: إن المؤمنين و أولادهم في الجنّة. ثمّ قرأ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ (1).
[210] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرنا ابن فنجويه قال: حدّثنا القطيعي قال: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبل، قال: حدّثني عثمان بن أبي شيبة، قال: حدّثنا محمد بن فضيل عن محمد بن عثمان عن زاذان عن علي قال: سألت خديجة النبىّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم عن ولدين ماتا في الجاهلية.
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «هما في النار» قال: فلمّا رأى
ص: 259
الكراهية في وجهها قال: «لو رأيت مكانهما لأبغضتهما» قالت: يا رسول اللّه، فولداي منك ؟
قال: «في الجنة».
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «إن المؤمنين و أولادهم في الجنة، و إن المشركين و أولادهم في النار»(1) ثم قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ (2)
ص: 260
الآية (26)
قالُوا إِنّا كُنّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ
[211] - في أصول الكافي: بإسناده إلى معروف بن خربوذ عن أبي جعفر عليه السّلام قال: صلّى أمير المؤمنين عليه السّلام بالناس الصبح بالعراق فلما انصرف وعظهم فبكى و أبكاهم من خوف اللّه عزّ و جلّ، ثمّ قال:
أما و اللّه لقد عهدت أقواما على عهد خليلي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم و إنهم ليصبحون و يمسون شعثا غبرا خمصا بين أعينهم كركب المعزاء(1) يبيتون لربّهم سجّدا و قياما يراوحون بين أقدامهم و جباههم، يناجون ربّهم و يسألونه فكاك رقابهم من النار، و اللّه لقد رأيتهم مع هذا و هم خائفون مشفقون(2).
ص: 261
الآية (49)
وَ مِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَ إِدْبارَ النُّجُومِ
[212] - في مجمع البيان: وَ أَدْبارَ السُّجُودِ فيه أقوال: (أحدها) أنّ المراد به الركعتان بعد المغرب وَ إِدْبارَ النُّجُومِ قبل الفجر عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، و الحسن بن علي عليه السّلام و عن ابن عبّاس مرفوعا إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم(1).
[213] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال عمر بن الخطاب و علي بن أبي طالب و أبو هريرة و الحسن بن علي و الحسن البصري و النخعي و الشعبي و الأوزاعي: أدبار السجود: الركعتان بعد المغرب، و أدبار النجوم: الركعتان قبل الفجر(2).
ص: 262
ص: 263
ص: 264
الآية (1)-(4)
وَ النَّجْمِ إِذا هَوى (1) ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى (2) وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (3) إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى
[214] - و بإسناده إلى الصادق عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: لما مرض النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم مرضه الذي قبضه اللّه فيه إجتمع إليه أهل بيته و أصحابه فقالوا: يا رسول اللّه، إن حدث بك حدث، فمن لنا بعدك ؟ و من القائم فينا بأمرك ؟ فلم يجبهم عن شيء ممّا سألوه؛ فلما كان اليوم الثالث قالوا له:
يا رسول اللّه، إن حدث بك حدث، فمن لنا بعدك ؟ و من القائم فينا بأمرك ؟
فقال لهم: إذا كان غدا هبط نجم من السماء في دار رجل من أصحابي، فانظروا من هو؟ فهو خليفتي عليكم من بعدي و القائم فيكم بأمري. و لم يكن فيهم أحد إلاّ و هو يطمع أن يقول له: أنت القائم من بعدي.
ص: 265
فلما كان اليوم الرابع جلس كلّ رجل منهم في حجرته ينتظر هبوط النجم، إذ انقض نجم من السماء قد غلب ضوؤه على ضوء الدنيا حتى وقع في حجرة علي عليه السّلام، فهاج القوم و قالوا: و اللّه لقد ضلّ هذا الرجل و غوى و ما ينطق في ابن عمه إلاّ بالهوى، فأنزل اللّه تبارك و تعالى في ذلك: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى (1) ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى (2) وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (3) إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى إلى آخر السورة(1).
ص: 266
الآية (11)
ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى
[215] - في مجمع البيان: ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى قال ابن عبّاس: رأى محمّد ربه بفؤاده. و روي عن أبي ذر و أبي سعيد الخدري أن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم سئل عن قوله: ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى قال: قد رأيت نورا(1).
ص: 267
الآيتان (13) و (14)
وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى (1(3) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى
[216] - في كتاب التوحيد: حديث طويل عن علي عليه السّلام و فيه يقول: و أما قوله: وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى (1(3) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى يعني محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلم حين كان عند سدرة المنتهى حيث لا يجاوزها خلق من خلق اللّه(1).
ص: 268
الآيتان (15) و (16)
عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى (1(5) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى
[217] - في مجمع البيان: و روى العامّة عن علي عليه السّلام «جنّه المأوى» بالهاء(1).
[218] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا طلحة بن محمد و عبيد اللّه بن أحمد قالا: حدّثنا أبو بكر بن مجاهد، قال: حدّثني أبو صدقة قال: حدّثنا أبو الأسباط قال: حدّثنا عبد الرّحمن عن علي بن القاسم الكندي عن موسى بن عبيدة، قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يقرأ جَنَّةُ الْمَأْوى و قال مجاهد: يريد أجنّه، و الهاء في هذه القراءة كناية عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم.
قال أبو حاتم: و هي قراءة علي و أنس يعني ستره، و قال الأخفش: أدركه(2).
ص: 269
الآيتان (17) و (18)
ما زاغَ الْبَصَرُ وَ ما طَغى (1(7) لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى
[219] - في كتاب التوحيد: حديث طويل عن علي عليه السّلام يقول فيه: و قوله في آخر الآية: ما زاغَ الْبَصَرُ وَ ما طَغى (1(7) لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى رأى جبرائيل عليه السّلام في صورته مرّتين هذه المرّة و مرّة أخرى، و ذلك أنّ خلق جبرائيل عظيم، فهو من الروحانيين الذين لا يدرك خلقهم و صفتهم إلاّ اللّه ربّ العالمين(1).
ص: 270
الآية (30)
ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ
[220] - في تفسير عليّ بن إبراهيم: حديث طويل عن أمير المؤمنين عليه السّلام يقول فيه، و قد ذكر الملحدين في آيات اللّه: و وكلوا تأليفه و نظمه إلى بعض من وافقهم على معاداة أولياء اللّه فألفه على اختيارهم، و ممّا يدلّ للمتأمل له على إخلال تمييزهم و افترائهم و تركوا منه ما قدروا أنه لهم و هو عليهم و زادوا فيه ما ظهر تناكره و تنافره، و علم اللّه أن ذلك يظهر و يبين فقال: ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ (1).
ص: 271
الآية (31)
لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ يَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى
[221] - ابن عساكر قال: أخبرنا أبو القاسم عليّ بن إبراهيم، نا رشأ بن نظيف، نا الحسن بن إسماعيل، نا أحمد بن مروان، نا أبو قبيصة، نا سعيد الجرمي، عن عبد الله بن صالح العجلي، عن أبيه قال: خطب عليّ بن أبي طالب يوما، فحمد اللّه و أثنى عليه، و صلى على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم، ثم قال:(1)
عباد اللّه، لا تغرنكم الحياة الدنيا، فإنها دار بالبلاء محفوفة، و بالفناء معروفة، و بالغدر موصوفة، و كلّ ما فيها إلى زوال، و هي بين أهلها دول و سجال، لن يسلم من شرّها نزّالها، بينا أهلها في رخاء و سرور إذ هم منها في بلاء
ص: 272
و غرور، العيش فيها مذموم، و الرخاء فيها لا يدوم، و إنما أهلها فيها أغراض مستهدفة، ترميهم بسهامها و تقضمهم بحمامها.
عباد اللّه إنكم و ما أنتم من هذه الدنيا على سبيل من قد مضى ممن كان أطول منكم أعمارا، و أشد منكم بطشا، و أعمر ديارا، و أبعد آثارا، فأصبحت أصواتهم هامدة خامدة من بعد طول تقلّبها، و أجسادهم بالية و ديارهم خالية، و آثارهم عافية، و استبدلوا بالقصور المشيدة، و السرر و النمارق الممهدة، الصخور و الأحجار المسندة، في القبور اللاطئة الملحدة التي قد بني على الخراب فناؤها، و شيّد بالتراب بناؤها، فمحلّها مقترب، و ساكنها مغترب، بين أهل عمارة(1) موحشين و أهل محلة متشاغلين، لا يستأنسون بالعمران (2) ،و لا يتواصلون تواصل الجيران، على ما بينهم من قرب الجوار، و دنو الدار، و كيف يكون بينهم تواصل و قد طحنهم بكلكله البلى، و أكلتهم الجنادل و الثرى، فأصبحوا بعد الحياة أمواتا، و بعد غضارة العيش رفاتا، فجع بهم الأحباب، و سكنوا التراب، و ظعنوا فليس لهم إياب،
ص: 273
هيهات هيهات، كَلاّ إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ و كأن قد صرتم إلى ما صاروا إليه من الواحدة و البلاء في دار الموتى، و ارتهنتم في ذلك المضجع، و ضمّكم ذلك المستودع، فكيف بكم لو قد تناهت الأمور و بعثرت القبور، و حصّل ما في الصدور، و أوقفتم للتحصيل بين يدي ملك جليل، فطارت القلوب لإشفاقها من سالف الذنوب، و هتكت عنكم الحجب و الأستار، و ظهرت منكم العيوب و الأسرار، هنالك تجزى كلّ نفس بما كسبت لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ يَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (1)وَ وُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمّا فِيهِ وَ يَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَ لا كَبِيرَةً إِلاّ أَحْصاها وَ وَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَ لا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (2) جعلنا اللّه و إياكم عاملين بكتابه متّبعين لأوليائه حتى يحلنا و إياكم دار المقامة من فضله، إنّه حميد مجيد(3).
ص: 274
الآية (32)
هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى
[222] - أبو إسحاق الثعلبي قال: الشرك فآمن، و قال علي بن أبي طالب كرم اللّه وجهه: يعني عمل حسنة و ارعوى عن سيئة(1).
ص: 275
الآية (48)
وَ أَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَ أَقْنى
[223] - في كتاب معاني الأخبار: بإسناده إلى السكوني عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ أَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَ أَقْنى قال:
أغنى كلّ انسان بمعيشته، و أرضاه بكسب يده(1).
[224] - علي بن إبراهيم، قال: حدّثنا أبو العباس، قال: حدّثنا محمّد بن أحمد، قال: حدّثنا إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: وَ أَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَ أَقْنى قال: أغنى كلّ شيء (إنسان) بمعيشته و أرضاه بكسب يده(2).
ص: 276
الآيات (49)-(53)
وَ أَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى (49) وَ أَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى (50) وَ ثَمُودَ فَما أَبْقى (51) وَ قَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَ أَطْغى (5(2) وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى
[225] - في تفسير عليّ بن إبراهيم: وَ أَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى قال: النجم في السماء يسمى الشعراء كانت قريش و قوم من العرب يعبدونه و هو نجم يطلع في آخر الليل(1).
و قوله: وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى قال: المؤتفكة البصرة و الدليل على ذلك قول أمير المؤمنين عليه السّلام: يا أهل البصرة و يا أهل المؤتفكة، يا جند المرأة و أتباع البهيمة، رغا فأجبتم و عقر فهربتم، ماؤكم زعاق و أحلامكم رقاق و فيكم ختم النفاق(2) ،
ص: 277
و لعنتم على لسان سبعين نبيا، إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم أخبرني أن جبرائيل عليه السّلام أخبره أنّه طوى له الأرض فرأى البصرة أقرب الأرضين من الماء، و أبعدها من السماء، فيها تسعة أعشار الشرّ و الداء العضال(1) المقيم فيها مذنب، و الخارج منها برحمة و قد ائتفكت بأهلها مرّتين، و على اللّه تمام الثالثة، و تمام الثالثة في الرجعة(2).
ص: 278
الآية (55)
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى
[226] - في أصول الكافي: عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن عمر بن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:
بني الكفر على أربع دعائم، إلى أن قال: و الشكّ على أربع شعب: المرية و الهوى و التردد و الاستسلام، و هو قوله عزّ و جلّ: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى .و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(1).
ص: 279
الآيات (60)-(62)
وَ تَضْحَكُونَ وَ لا تَبْكُونَ (60) وَ أَنْتُمْ سامِدُونَ (61) فَاسْجُدُوا لِلّهِ وَ اعْبُدُوا * (6(2)
[227] - أخرج عبد الرزاق، و عبد حميد، و ابن جرير، عن أبي خالد الوالبي، قال: خرج عليّ بن أبي طالب عليه السّلام علينا و قد أقيمت الصلاة و نحن قيام ننتظره ليتقدّم، فقال: ما لكم سامدون لا أنتم في صلاة و لا أنتم جلوس منتظرون(1).
انتهى الجزء السابع
و يليه الجزء الثامن
و أوله تفسير سورة القمر
ص: 280