تفسير أمير المؤمنين عليهم السّلام للقرآن الكريم المجلد 6

هویة الکتاب

تفسير أمير المؤمنين عليه السّلام للقرآن الكريم

مجلدات: 10ج

جمع و تهذيب السيّد علي عاشور

مرکز الشرق الأوسط الثقافي - بیروت - لبنان

ص: 1

اشارة

تفسير أمير المؤمنين عليه السّلام للقرآن الكريم

ص: 2

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 3

جمیع الحقوق محفوظة ومسجلة للناشر

الطبعة الأولی

1429ه - 2008م

مرکز الشرق الأوسط الثقافي - بیروت - لبنان

ص: 4

سورة الشعراء

اشارة

ص: 5

ص: 6

الآية (1)

[سورة الشعراء (26): آیة 1]

طسم

[1] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن حنش(1) قال: حدّثني أحمد بن عبيد اللّه بن يحيى الدارمي قال: حدّثني محمد بن عبده المصّيصي قال:

حدّثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي قال: حدّثنا محمد بن بشر الرقّي قال: حدّثنا أبو عمر حفص بن ميسرة عن عبد اللّه بن محمد بن عقيل عن محمد ابن الحنفية عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه قال: لما نزلت هذه الآية طسم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «الطاء طور سيناء و السين الإسكندرية و الميم مكة »(2).

ص: 7


1- في النسخة الثانية: حبش المقري.
2- تفسير الثعلبي: 156/7، و زاد المسير: 30/6.

[2] - و روي عن ابن الحنفية عن علي عليه السّلام عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم لمّا نزلت طسم قال: الطاء: طور سيناء، و السين: الإسكندرية، و الميم: مكّة. و قال: الطاء: شجرة طوبى، و السين: سدرة المنتهى، و الميم: محمّد المصطفى صلّى اللّه عليه و آله و سلّم(1).

ص: 8


1- انظر بحار الأنوار: 12/88.

الآية (4)

[سورة الشعراء (26): آیة 4]

إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ

[3] - في الكافي: و روي أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قال في خطبة له: و لو أراد اللّه جلّ ثناؤه حيث بعثهم أن يفتح لهم كنوز الذهبان و معادن البلدان و مغارس الجنان، و أن يحشر طير السماء و وحش الأرض معهم لفعل، و لو فعل لسقط البلاء و بطل الجزاء و اضمحلّ الإبتلاء، و لما وجب للقائلين أجور المبتلين، و لا لحق المؤمنين ثواب المحسنين، و لا لزمت الأسماء أهاليها على معنى مبين، و لذلك لو أنزل اللّه من السماء آية فظلّت أعناقهم لها خاضعين، و لو فعل لسقطت البلوى عن الناس أجمعين. و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(1).

ص: 9


1- الكافي: 198/4 /ك الحج/ب ابتلاء الخلق و اختبارهم ح 2.

الآية (45)

[سورة الشعراء (26): آیة 45]

فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ

[4] - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن علي بن محمد القاساني عمن ذكره عن عبد اللّه بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن أبيه عن جده قال: قال أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه): كن لما لا ترجو أرجا منك لما ترجو... إلى أن قال عليه السّلام: و خرج سحرة فرعون يطلبون العزّ لفرعون فرجعوا مؤمنين(1).

ص: 10


1- الكافي: 83/5 ح 3.

الآية (84)

[سورة الشعراء (26): آیة 84]

وَ اجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ

[5] - في أصول الكافي: محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عثمان بن عيسى عن يحيى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و لسان الصدق للمرء يجعله اللّه في الناس خيرا من المال يأكله و يورثه، و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(1).

ص: 11


1- أصول الكافي: 150/2 ح 19 /كتاب الإيمان/باب صلة الرحم.

الآيتان (97) و (98)

[سورة الشعراء (26): الآیات 97 الی 98]

تَاللّهِ إِنْ كُنّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (9(7) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ

[6] - في كتاب التوحيد: خطبة لعلي عليه السّلام يقول فيها: أيّها السائل إعلم أنّ من شبّه ربّنا الجليل بتباين أعضاء خلقه، و بتلاحم أحقاق(1) مفاصله المحتجبة بتدبير حكمته، أنّه لم يعقد غيب ضميره على معرفته، و لم يشاهد قلبه اليقين بأنّه لا ندّ له، و كأنه لم يسمع بتبرّي التابعين من المتبوعين و هم يقولون: تَاللّهِ إِنْ كُنّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (9(7) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ فمن ساوى ربنا بشيء فقد عدل به، و العادل به كافر بما تنزّلت به محكمات آياته و نطقت به شواهد حجج بيناته، لأنّه اللّه الذي لم يتناه في العقول فيكون في مهب فكرها مكيفا، و في حواصل هويات همم النفوس محدودا

ص: 12


1- الأحقاق جمع الحق - بالضم -: النقرة في رأس الكتف.

مصرفا، المنشىء أصناف الأشياء بلا روية احتاج إليها، و لا قريحة غريزة أضمر عليها؛ و لا تجربة أفادها من موجودات الدهور، و لا شريك أعانه على ابتداع عجائب الأمور(1).

ص: 13


1- التوحيد: ب 2 ح 54/13 باختلاف يسير في المطبوع.

الآية (119)

[سورة الشعراء (26): آیة 119]

فَأَنْجَيْناهُ وَ مَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ

[7] - في كتاب الخصال: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه قال: فما التسعون ؟

قال: الفلك المشحون، إتخذ نوح عليه السّلام فيه تسعين بيتا للبهائم(1).

ص: 14


1- الخصال: ب 1-100 ح 1 /ص 598.

الآية (148)

[سورة الشعراء (26): آیة 148]

وَ نَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ

[8] - في مجمع البيان، و روت العامة عن علي عليه السّلام أنّه قرأ رجل عنده وَ طَلْحٍ مَنْضُودٍ فقال: ما شأن الطلح ؟ إنّما هو و طلع كقوله: وَ نَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ فقيل له: ألا تغيّره ؟

فقال: إنّ القرآن لا يهاج اليوم و لا يحرّك. رواه عنه ابنه الحسن عليه السّلام و قيس بن سعد(1).

ص: 15


1- مجمع البيان: 330/9.

الآية (155)

[سورة الشعراء (26): آیة 155]

قالَ هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ وَ لَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ

[9] - في مجمع البيان: و روي عن أمير المؤمنين علي عليه السّلام أنّه قال: إنّ أوّل عين نبعت في الأرض هي التي فجّرها اللّه عزّ و جلّ لصالح فقال: لها شرب و لكم شرب يوم معلوم(1).

ص: 16


1- مجمع البيان: 313/7.

الآيتان (214) و (215)

[سورة الشعراء (26): الآیات 214 الی 215]

وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (21(4) وَ اخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ

[10] - في كتاب علل الشرائع: بإسناده إلى عبد اللّه بن الحارث بن نوفل عن علي بن أبي طالب عليهما السّلام قال: لما نزلت وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ أي رهطك المخلصين، دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بني عبد المطلب و هم إذ ذاك أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصون رجلا، فقال: أيّكم يكون أخي و وارثي و وزيري و وصيي و خليفتي فيكم بعدي ؟ فعرض عليهم ذلك رجلا رجلا كلهم يأبى ذلك حتّى أتى عليّ فقال:

أنا يا رسول اللّه، فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا بني عبد المطلب هذا وارثي و وزيري و خليفتي فيكم بعدي، فقام القوم يضحك بعضهم إلى بعض و يقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع و تطيع لهذا الغلام(1).

ص: 17


1- علل الشرائع: 170 /ب 133 ح 2.

[11] - ابن عساكر قال: أخبرنا أبو البركات عمر بن إبراهيم الزيدي العلوي - بالكوفة - نا أبو الفرج محمّد بن أحمد بن علاّن الشاهد، نا محمّد بن جعفر بن محمّد بن الحسين، نا أبو عبد اللّه محمّد بن القاسم بن زكريا المحاربي، نا عباد بن يعقوب، نا عبد اللّه بن عبد القدوس، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عباد بن عبد اللّه، عن عليّ بن أبي طالب قال: لما نزلت وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «يا عليّ، إصنع لي رجل شاة بصاع من طعام، و أعدّ قعبا من لبن» - و كان القعب: قدر ريّ رجل - قال: ففعلت، فقال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «يا عليّ إجمع بني هاشم» و هم يومئذ أربعون رجلا - أو أربعون غير رجل - فدعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بالطعام، فوضعه بينهم، فأكلوا حتى شبعوا، و إنّ منهم لمن يأكل الجذعة بإدامها، ثم تناولوا القدح فشربوا حتى رووا، و بقي فيه عامّته، فقال بعضهم:

ما رأينا كاليوم في السحر - يرون أنه أبو لهب -.

ثم قال «يا عليّ إصنع رجل شاة بصاع من طعام، و أعدّ بقعب من لبن» قال: ففعلت، فجمعهم، فأكلوا مثل ما أكلوا في المرة الأولى، و شربوا مثل المرة الأولى، و فضل منه ما فضل المرّة الأولى، فقال بعضهم: ما رأينا كاليوم في السحر.

ص: 18

فقال الثالثة: «إصنع رجل شاة بصاع من طعام، و أعدّ بقعب من لبن»، ففعلت، فقال: «إجمع بني هاشم»، فجمعتهم، فأكلوا و شربوا، فبدرهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بالكلام فقال: «أيكم يقضي ديني و يكون خليفتي و وصيّي من بعدي ؟» قال: فسكت العبّاس مخافة أن يحيط ذلك بماله، فأعاد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم [الكلام، فسكت] القوم و سكت العبّاس مخافة أن يحيط ذلك بماله، فأعاد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الكلام الثالثة، قال: و إني يومئذ لأسوأهم هيئة، إني يومئذ لأحمش الساقين، أعمش العينين، ضخم البطن، فقلت:

أنا يا رسول اللّه، قال: «أنت يا عليّ، أنت يا عليّ »(1).

[12] - البيهقي، و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، ثنا أبو العباس محمّد بن يعقوب، ثنا أحمد بن عبد الجبّار، ثنا يونس بن بكير، عن محمّد بن إسحاق، قال: فحدّثني من سمع عبد اللّه بن الحارث بن نوفل، عن ابن عباس، عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قال: لما نزلت هذه الآية على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (21(4) وَ اخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: عرفت أني إن بادأت

ص: 19


1- تاريخ دمشق: 35/45.

بها قومي رأيت منهم ما أكره، فصمتّ عليها، فجاءني جبرئيل عليه السّلام فقال: يا محمّد إنّك إن لم تفعل ما أمرك به ربّك، عذّبك ربّك، ثمّ ذكر قصّة في جمعهم و إيذائهم إياه(1).

[13] - ابن سعد، أخبرنا عليّ بن محمّد، عن يزيد بن عياض، عن جعدبة الليثي، عن نافع، عن سالم، عن علي عليه السّلام قال:

أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم خديجة و هو بمكة، فاتّخذت له طعاما، ثمّ قال لعليّ عليه السّلام: أدع لي بني عبد المطلب، فدعا أربعين، فقال لعلي: هلمّ طعامك.

قال علي: فأتيتهم بثريدة إن كان الرجل منهم ليأكل مثلها، فأكلوا منها جميعا حتّى أمسكوا، ثمّ قال: إسقهم فسقيتهم بإناء هو ريّ أحدهم فشربوا منه جميعا حتّى صدروا.

فقال أبو لهب: لقد سحركم محمّد، فتفرّقوا و لم يدعهم، فلبثوا أيّاما ثمّ صنع لهم مثله، ثمّ أمرني فجمعتهم فطعموا، ثمّ قال لهم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من يؤازرني على ما أنا عليه، و يجيبني على أن يكون أخي و له الجنّة ؟

ص: 20


1- سنن البيهقي 7:9.

فقلت: أنا يا رسول اللّه، و إنّي لأحدثهم سنّا و أحمشهم ساقا، فسكت القوم، ثمّ قالوا: يا أبا طالب ألا ترى ابنك ؟

قال: دعوه فلن يألو ابن عمّه خيرا(1).

[14] - عن علي عليه السّلام قال: جمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بني عبد المطلب، فيهم رهط كلّهم يأكل الجذعة و يشرب الفرق، قال: فصنع لهم مدّا من الطعام، فأكلوا حتّى شبعوا، قال:

فبقي الطعام كما هو كأنّه لم يمسّ، ثمّ دعا بغمر فشربوا حتّى رووا و بقي الشراب كأنّه لم يشرب منه، و لم يمسّ، فقال: يا بني عبد المطلب إنّي بعثت إليكم خاصّة و إلى الناس عامّة، و قد رأيتم من هذه الآية ما رأيتم، فأيّكم يبايعني على أن يكون أخي و صاحبي، قال: فلم يقم إليه أحد، فلمّا كان في الثالثة ضرب بيده على يدي(2).

[15] - عن علي بن أبي طالب عليه السّلام أنّه قال:

لمّا نزّل اللّه عزّ و جلّ وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ جمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بني عبد المطلب على فخذ شاه و قدح من

ص: 21


1- طبقات ابن سعد 187:1؛ تفسير السيوطي 97:5.
2- كشف الغمّة، في ذكر المؤاخاة 334:1، و إثبات الهداة 439:3؛ مسند الإمام أحمد 159:1؛ الرياض النضرة 124:3.

لبن، و إنّ فيهم يومئذ عشرة، ليس منهم رجلا إلاّ يأكل الجذعة و يشرب الفرق، و هم بضع و أربعون رجلا، فأكلوا حتّى صدروا و شربوا حتّى ارتووا، و فيهم يومئذ أبو لهب، فقال لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا بني عبد المطلب أطيعوني تكونوا ملوك الأرض و حكّامها، إنّ اللّه لم يبعث نبيّا إلاّ جعل له وصيّا و وزيرا و وارثا و أخا و وليّا، فأيّكم يكون وصييّ و وارثي و ولييّ و أخي و وزيري ؟ فسكتوا، فجعل يعرض ذلك عليهم رجلا رجلا ليس منهم أحد يقبله حتّى لم يبق منهم أحد غيري، و أنا يومئذ أحدثهم سنّا، فعرض عليّ، فقلت:

أنا يا رسول اللّه، فقال: نعم أنت يا علي، فلمّا انصرفوا قال لهم أبو لهب: لو لم تستدلوا على سحر صاحبكم إلاّ بما رأيتم، أتاكم بفخذ شاة و قدح من لبن فشبعتم و رويتم، و جعلوا يهزأون و يقولون لأبي طالب: قد قدّم ابنك اليوم عليك(1).

[16] - روي أنّ ابن الكوّا، قال لعلي عليه السّلام: بما كنت وصيّ محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من بين بني عبد المطّلب ؟

قال: إذن ما الخير (الخبر) تريد؟ لما نزل على

ص: 22


1- دعائم الإسلام 15:1.

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ جمعنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و نحن أربعون رجلا، فأمرني فأنضجت له رجل شاة وصاعا من طعام، أمرني فطحنته و خبزته، و أمرني فأدنيته، قال: ثمّ قدّم عشرة من أجلّتهم، فأكلوا حتّى صدروا و بقي الطعام كما كان، و إنّ منهم لمن يأكل الجذعة و يشرب الفرق، فأكلوا منها كلّهم أجمعون، فقال أبو لهب: سحركم صاحبكم، فتفرّقوا عنه، ثمّ دعاهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ثانية، ثمّ قال: أيّكم يكون أخي و وصيي و وارثي ؟ فعرض عليهم فكلّهم يأبى، حتّى انتهى إليّ و أنا أصغرهم سنّا فقلت: أنا، فرمى إليّ بنعله (بنفله)، فلذلك كنت وصيّه من بينهم(1).

[17] - حدّثنا أبو عوانة، عن عثمان بن المغيرة، عن أبي صادق، عن ربيعة بن ناجذ، أنّ رجلا قال لعلي عليه السّلام:

يا أمير المؤمنين لم ورثت ابن عمك دون عمك ؟

قالها ثلاث مرّات حتّى استراب الناس و نشروا آذانهم، ثمّ قال عليه السّلام:

جمع رسول اللّه أو دعا رسول اللّه بني عبد المطلب، كلّهم يأكل الجذعة و يشرب الفرق، قال: فصنع لهم مدّا من

ص: 23


1- الخرائج و الجرائح 92:1؛ البحار: 44:18.

طعام فأكلوا حتّى شبعوا، قال: و بقي الطعام كما هو كأنّه لم يمسّ و لم يشرب، فقال: يا بني عبد المطلب إنّي بعثت إليكم خاصّة و إلى الناس عامّة، و قد رأيتم من هذه الآية ما رأيتم، فأيّكم يبايعني على أن يكون أخي و صاحبي و وارثي، فلم يقم إليه أحد، قال: فقمت و كنت أصغر القوم سنّا، فقال: اجلس، قال: ثمّ قال ثلاث مرّات، كلّ ذلك أقوم إليه فيقول لي: إجلس، حتّى كانت الثالثة ضرب يده على يدي، فقال عليه السّلام: فلذلك ورثت ابن عمّي دون عمّي(1).

[18] - عن علي عليه السّلام قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا بني عبد المطلب إنّي قد جئتكم بخير الدنيا و الآخرة، و قد أمرني اللّه أن أدعوكم إليه، فأيّكم يوازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي و وصيّي و خليفتي فيكم ؟

قال: فأحجم القوم عنها جميعا، و قلت: يا نبي اللّه أكون وزيرك، فأخذ برقبتي ثمّ قال: هذا أخي و وصيي و خليفتي فيكم فاسمعوا له و أطيعوا(2).

ص: 24


1- تفسير الحبري: 348.
2- كنز العمال 125:5 ح 12345.

[19] - الطوسي، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل، قال: حدّثنا أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري سنة ثمان و ثلاثمائة، قال: حدّثنا محمّد بن حميد الرازي، قال: حدّثنا سلمة بن الفضل الأبرش، قال: حدّثني محمّد بن إسحاق، عن عبد الغفّار بن القاسم، قال أبو الفضل:

و حدّثنا محمّد بن محمّد بن سليمان الياعدي (الباغندي) و اللفظة له، قال: حدّثنا محمّد بن الصباح الجرجرائي، قال: حدّثني سلمة بن سالم الجعفي، عن سليمان الأعمش، و أبي مريم، جميعا، عن المنهال بن عمرو، عن عبد اللّه بن الحارث بن نوفل، عن عبد اللّه بن عباس، عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قال: لمّا نزلت هذه الآية على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ دعاني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال: يا عليّ إنّ اللّه تعالى أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين، قال: فضقت بذلك ذرعا، و عرفت أنّي متى أناديهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره، فصمتّ على ذلك، و جاءني جبرئيل عليه السّلام فقال:

يا محمّد إنّك إن لم تفعل ما أمرت به عذّبك ربّك عزّ و جلّ، فاصنع لنا يا عليّ صاعا من طعام و اجعل عليه رجل شاة، و املأ لنا عسا من لبن، ثمّ اجمع بني عبد المطلب حتّى أكلّمهم و أبلّغهم ما أمرت به.

ص: 25

ففعلت ما أمرني به، ثمّ دعوتهم أجمع و هم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصون رجلا، فيهم أعمامه أبو طالب و حمزة و العباس و أبو لهب، فلمّا اجتمعوا له، دعاني بالطعام الذي صنعت لهم فجئت به، فلمّا وضعته تناول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم جذمة من اللحم فشقّها بأسنانه، ثمّ ألقاها في نواحي الصفحة، ثمّ قال: خذوا بسم اللّه، فأكل القوم حتّى صدروا ما لهم بشيء من الطعام حاجة و ما أرى إلاّ مواضع أيديهم، و أيم اللّه الذي نفس عليّ بيده أن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدّمت لجميعهم، ثمّ جئتهم بذلك العس فشربوا حتّى رووا جميعا، و أيم و اللّه أن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله.

فلمّا أراد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن يكلّمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال: لشدّ ما سحركم صاحبكم، فتفرّق القوم و لم يكلّمهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال لي من الغد: يا عليّ إنّ هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول، فتفرّق القوم قبل أن أكلّمهم، فعدّ لنا من الطعام بمثل ما صنعت، ثمّ اجمعهم لي.

قال: ففعلت، ثمّ جمعتهم فدعاني بالطعام فقرّبته لهم ففعل كما فعل بالأمس، و أكلوا حتّى ما لهم به من حاجة،

ص: 26

ثمّ قال: إسقهم فجئتهم بذلك العس فشربوا حتى رووا منه جميعا، ثمّ تكلّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال: يا بني عبد المطلب إنّي و اللّه ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل ممّا جئتكم به إني قد جئتكم بخير الدنيا و الآخرة، و قد أمرني اللّه عزّ و جلّ أن أدعوكم إليه، فأيّكم يؤمن بي و يوازرني على أمري فيكون أخي و وصيي و وزيري و خليفتي في أهلي (فيكم) من بعدي.

قال: فأمسك القوم و أحجموا عنها جميعا، قال:

فقمت و إنّي لأحدثهم سنّا، فقلت: أنا يا نبيّ اللّه أكون وزيرك على ما بعثك اللّه به، قال: فأخذ بيدي ثمّ قال: إنّ هذا أخي و وصيي و وزيري و خليفتي فيكم، فاسمعوا له و أطيعوا.

قال: فقام القوم يضحكون و يقولون لأبي طالب قد أمرك أن تسمع لابنك و تطيع(1).

[20] - ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة - و هو

ص: 27


1- أمالى الطوسي، مجلس 581:24؛ علل الشرائع: 171؛ تفسير فرات: 301 ح 406؛ تفسير البرهان 190:3؛ البحار 181:18؛ السيرة الحلبية 457:1؛ تاريخ ابن عساكر، ترجمة الإمام علي 101:1.

من أعيان علماء العامة على مذهب المعتزلة - قال: ذكر الطبري في تاريخه، عن عبد اللّه بن عباس، عن علي بن أبي طالب عليه السّلام قال: «لما نزلت هذه الآية: وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (1) على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم دعاني فقال: يا علي إن اللّه أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين فضقت بذلك ذرعا، و علمت(2) أني متى أباديهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره، فصمّت عليه حتى جاءني جبرائيل فقال: يا محمد، إنك إلا تفعل ما أمرت به(3) يعذبك ربك فاصنع لنا صاعا من طعام، و اجعل عليه رجل شاة، و املأ لنا عسا من لبن، ثم إجمع لي بني عبد المطلب حتى أكلمهم، و أبلّغهم ما أمرت به، ففعلت ما أمرني به. ثم دعوتهم و هم يومئذ أربعون رجلا، يزيدون رجلا أو ينقصون رجلا(4) فيهم أعمامه: أبو طالب و حمزة و العباس و أبو لهب، فلما اجتمعوا إليه دعا بالطعام الذي صنعت لهم، فجئت به، فلمّا وضعته تناول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بضعة(5) من اللحم، فشقّها

ص: 28


1- الشعراء: 214.
2- في المصدر: و عرفت.
3- في المصدر: ما تؤمر به.
4- في المصدر: يزيدون رجلا أو ينقصون.
5- في المصدر: حذية. و الحذية من اللحم: ما قطع منه طولا.

بأسنانه، ثم ألقاها في نواحي الصفحة. ثم قال: كلوا(1) بسم اللّه: فأكلوا(2) حتى مالهم بشيء حاجة(3) و أيم اللّه الذي نفس عليّ بيده، أن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدّمته لجميعهم. ثم قال: إسق القوم فجئتهم بذلك العس، فشربوا منه حتى رووا منه جميعا و أيم اللّه أن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله، فلما أراد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن يكلّمهم بدره أبو لهب إلى الكلام، فقال لشدّ ما(4) سحركم صاحبكم! فتفرّق القوم و لم يكلّمهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال من الغد: يا علي؛ إنّ هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول، فتفرّق القوم قبل أن أكلمهم، فعد لنا اليوم إلى مثل ما صنعت بالأمس(5) ثم أجمعهم إلي، قال: ثم جمعتهم ثم دعاني بالطعام فقرّبته لهم، ففعل كما فعل بالأمس، فأكلوا حتى مالهم بشيء من حاجة.

ثم قال: إسقهم، فجئتهم بذلك العس، فشربوا منه

ص: 29


1- في المصدر: خذوا.
2- في المصدر: فأكل القوم.
3- في المصدر: و ما أرى إلا موضع ايديهم.
4- في المصدر: لهدما. كلمة يتعجب بها.
5- في المصدر: فعد لنا من الطعام بمثل ما صنعت.

جميعا، حتى رووا ثم تكلم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ثم قال: يا بني عبد المطلب، إني و اللّه ما أعلم أنّ شابا في العرب جاء قومه بأفضل ممّا جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا و الآخرة، و قد أمرني اللّه أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي و وصيي و خليفتي فيكم ؟

قال: فأحجم القوم عنها جميعا، و قلت: أنا، و إني لأحدثهم سنا، و أرمصهم(1) عينا، و أعظمهم بطنا، و أحمشهم ساقا(2) قلت: أنا يا نبي اللّه، أكون وزيرك عليه [فأعاد القول فأمسكوا و أعود ما قلت] فأخذ برقبتي، ثم قال:

إن هذا أخي و وصيي و خليفتي فيكم، فاسمعوا له و أطيعوا.

فقام القوم يضحكون، و يقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك و تطيع »(3).

قال ابن أبي الحديد عقيب ذلك: و يدل على أنه وزير رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من نص الكتاب و السنّة قول اللّه تعالى:

ص: 30


1- الرمص في العين كالغمص، و هو قذى تلفظ به، و هو كناية عن صغر سنه.
2- حمش الساقين: دقيقها.
3- تاريخ الطبري: 319/2-321 ط - دار المعارف بمصر تفسير الطبري: 19 / 74-75 ط - بولاق.

وَ اجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (29) هارُونَ أَخِي (30) اُشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (3(1) وَ أَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (1) و قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم - في الخبر المجمع على روايته بين سائر فرق الإسلام - أنت مني منزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي. فأثبت له جميع مراتب هارون [و منازله] من موسى، فإذا هو وزير رسول اللّه، و شاد أزره و لو لا أنه خاتم النبيين لكان شريكا في أمره.

ثم قال: و روى أبو جعفر الطبري أيضا في التاريخ: أنّ رجلا قال لعلي عليه السّلام: يا أمير المؤمنين بم ورثت ابن عمك دون عمّك فقال علي عليه السّلام: هاؤم ثلاث مرات حتى اشرأبّ الناس و نشروا آذانهم ثم قال: «جمع رسول اللّه بني عبد المطلب بمكة و هم رهط كلّهم يأكل الجذعة و يشرب الفرق فصنع مدا من طعام حتى أكلوا و شبعوا و بقي الطعام كما هو كأنه لم يمس ثم دعا بغمر فشربوا و رووا و بقي الشراب كأنه لم يشرب، ثم قال: يا بني عبد المطلب إني بعثت إليكم خاصّة و إلى الناس عامّة فأيّكم يبايعني على أن يكون أخي و صاحبي و وارثي ؟ فلم يقم إليه أحد، فقمت إليه، و كنت من أصغر القوم فقال: إجلس، ثم قال ذلك

ص: 31


1- سورة طه، الآيات: 29-32.

ثلاث مرات، كل ذلك أقوم إليه فيقول: إجلس، حتى كان في الثالثة فضرب بيده على يدي، فبذلك ورثت ابن عمي دون عمي»(1) انتهى كلام ابن أبي الحديد(2).

ص: 32


1- تاريخ الطبري: 32/2 ط - دار المعارف بمصر.
2- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 354/3-355 ط - دار الكتب العربية - مصر.

الآية (227)

[سورة الشعراء (26): آیة 227]

إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ وَ ذَكَرُوا اللّهَ كَثِيراً وَ انْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ

[21] - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن إسماعيل بن مهران عن سيف بن عميرة عن سليمان بن عمرو عن أبي المغرا الخصّاف رفعه قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من ذكر اللّه عزّ و جلّ في السر فقد ذكر اللّه كثيرا، إنّ المنافقين كانوا يذكرون اللّه علانية و لا يذكرونه في السر فقال اللّه عزّ و جلّ: يُراؤُنَ النّاسَ وَ لا يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاّ قَلِيلاً (1),(2).

[22] - الحسن الحلّي قال: من خطبة لمولانا أمير المؤمنين عليه السّلام تسمّى المخزون عن آخر الزمان جاء فيها:...

فيمكث فيما بين خروجه إلى يوم موته ثلاثمائة سنة و نيّف،

ص: 33


1- النساء: 142.
2- أصول الكافي: 501/2 ح 2 /باب ذكر اللّه في السر/كتاب الدعاء.

و عدّة أصحابه ثلاثمائة و ثلاثة عشر، منهم: تسعة من بني إسرائيل و سبعون من الجنّ، و مائتان و أربعة و ثلاثون، منهم (1):سبعون الذين غضبوا للنبيّ(2) صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إذ هجته(3) مشركو قريش، فطلبوا إلى نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن يأذن لهم في إجابتهم، فأذن لهم حيث نزلت هذه الآية: إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ وَ ذَكَرُوا اللّهَ كَثِيراً وَ انْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (4) و عشرون من أهل اليمن، منهم: المقداد بن الأسود، و مائتان و أربعة عشر الّذين كانوا بساحل البحر ممّا يلي عدن، فبعث إليهم نبيّ اللّه برسالة فأتوا مسلمين (و تسعة من بني إسرائيل )(5).

و من أفناء الناس ألفان و ثمانمائة و سبعة عشر، و من الملائكة أربعون ألفا، من ذلك من المسوّمين ثلاثة آلاف، و من المردفين خمسة آلاف. فجميع أصحابه عليه السّلام سبعة و أربعون ألفا و مائة و ثلاثون، من ذلك تسعة رؤوس مع كلّ

ص: 34


1- في نسخ الأصل: فيهم، و ما أثبتناه من الرجعة و البحار.
2- في الرجعة: عصموا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.
3- في الرجعة و البحار: هجمته.
4- سورة الشعراء: 227.
5- ليس في البحار.

رأس من الملائكة أربعة آلاف من الجنّ و الأنس، عدّة يوم بدر، فبهم(1) يقاتل و إيّاهم ينصر اللّه، و بهم ينتصر، و بهم يقدم النصر، و منهم نضرة الأرض(2).

[كتبتها كما وجدتها و فيها نقص حروف ](3).

ص: 35


1- كذا في البحار، و في نسخ الأصل و الرجعة: فيهم.
2- عنه الرجعة: 141 ح 84 و البحار: 77/53 ح 86، و في الإيقاظ من الهجعة: 289 ح 110 و 111 قطعة منه.
3- مختصر البصائر: 464.

ص: 36

سورة النمل

اشارة

ص: 37

ص: 38

الآية (16)

[سورة النمل (27): آیة 16]

وَ وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ

[23] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: و روى عبد اللّه بن الحسن بإسناده عن آبائه عليهم السّلام أنّه لمّا أجمع أبو بكر على منع فاطمة فدك، و بلغها ذلك جاءت إليه و قالت له: يابن أبي قحافة، أفي كتاب اللّه أن ترث أباك و لا أرث أبي لقد جئت شيئا فريا. أفعلى عمد تركتم كتاب اللّه و نبذتموه وراء ظهوركم ؟ إذ يقول: وَ وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ .و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(1).

ص: 39


1- الإحتجاج: 267/1 /محاجة 49.

الآيتان (29) و (30)

[سورة النمل (27): الآیات 29 الی 30]

إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ (2(9) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَ إِنَّهُ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[24] - في عيون الأخبار: بإسناده إلى الرضا عن آبائه عن علي عليهم السّلام أنّه قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: إنّ اللّه تبارك و تعالى قال لي: يا محمّد وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (1) فأفرد علي الإمتنان بفاتحة الكتاب و جعلها بإزاء القرآن العظيم، و أنّ فاتحة الكتاب أشرف ما في كنوز العرش، و أنّ اللّه عزّ و جلّ خص محمّدا و شرّفه بها و لم يشرك معه فيها أحدا من أنبيائه ما خلا سليمان عليه السّلام فإنه أعطاه منها بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يحكي عن بلقيس حين قالت:

إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ (2(9) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَ إِنَّهُ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ .و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(2).

ص: 40


1- سورة الحجر، الآية: 87.
2- عيون الأخبار: 212/1 /ب 28 ح 60.

[25] - حدّثنا محمد بن القاسم المفسر المعروف بأبي الحسن الجرجاني رضي اللّه عنه قال: حدّثنا يوسف بن محمد بن زياد، و علي بن محمد بن سيار عن أبويهما، عن الحسن بن علي عن أبيه علي بن محمد عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه الرضا عن آبائه عن علي عليهم السّلام أنّه قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: إنّ اللّه تبارك و تعالى قال لي: يا محمد وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (1) فأفرد الإمتنان عليّ بفاتحة الكتاب، و جعلها بإزاء القرآن العظيم، و إنّ فاتحة الكتاب أشرف ما في كنوز العرش، و إن اللّه عزّ و جلّ خصّ محمدا و شرّفه بها، و لم يشرك معه فيها أحدا من أنبيائه ما خلا سليمان عليه السّلام، فإنه أعطاه منها بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ألا تراه يحكي عن بلقيس حين قالت: إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ (2(9) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَ إِنَّهُ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (2) ألا فمن قرأها معتقدا لموالاة محمد و آله الطيبين منقادا لأمرهما، مؤمنا بظاهرهما و باطنهما، أعطاه اللّه تعالى بكل حرف منها حسنة: كل واحدة منها أفضل له من الدنيا و ما فيها من أصناف أموالها و خيراتها، و من استمع إلى

ص: 41


1- سورة الحجر، الآية: 87.
2- سورة النمل، الآيتان: 29 و 30.

قارىء يقرؤها كان له قدر ما للقارىء، فليستكثر أحدكم من هذا الخير المعرض(1) لكم، فإنه غنيمة لا يذهبنّ أوانه، فيبقى في قلوبكم الحسرة(2).

ص: 42


1- في نسخة: المتعرض.
2- عيون الأخبار: 270/1 ح 59، و انظر تفسير العسكري: 9.

الآية (35)

[سورة النمل (27): آیة 35]

فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ

[26] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه يقول عليه السّلام: و الناظرة في بعض اللغة هي المنتظرة، ألم تسمع إلى قوله: فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (1).

ص: 43


1- الإحتجاج: 568/1 /محاجة 137.

الآية (65)

[سورة النمل (27): آیة 65]

قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللّهُ

[27] - عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه أخبر يوما ببعض الأمور الّتي لم تأت بعد، فقيل له: أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب ؟.

فضحك و قال: ليس هو بعلم الغيب، و إنّما هو تعلّم من ذي علم، و إنّما علم الغيب علم الساعة و ما عدّده اللّه سبحانه بقوله إِنَّ اللّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ وَ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَ يَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (1) ،فيعلم سبحانه ما في الأرحام من ذكر أو أنثى، و قبيح أو جميل، و سخيّ أو بخيل، و شقيّ أو سعيد، و من يكون في النار حطبا أو في الجنان للنبيين مرافقا، فهذا علم الغيب الذي لا يعلمه إلاّ اللّه، و ما سوى

ص: 44


1- سورة لقمان، الآية: 34.

ذلك فعلم علّمه اللّه نبيّه فعلّمنيه و دعا لي بأن يعيه صدري و تنضمّ عليه جوانحي(1),(2).

ص: 45


1- الجوانح: الأضلاع تحت الترائب مما يلي الصدر. و انضمامها عليه: اشتماله على قلب يعيها.
2- نهج البلاغة: خ 128؛ تفسير الصافي 72:4.

الآية (82)

[سورة النمل (27): آیة 82]

* وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ (1)

[28] - الحسن الحلّي قال: حدّثنا إسحاق بن محمّد بن مروان (1) ،حدّثنا أبي، أخبرنا عبد اللّه بن الزبير القرشي (2)[قال:](3) حدّثني يعقوب بن شعيب قال: حدّثني عمران بن ميثم أنّ عباية حدّثه أنّه كان عند أمير المؤمنين عليه السّلام [خامس خمسة، و هو أصغرهم يومئذ، فسمع أمير المؤمنين عليه السّلام](4) يقول: حدّثني أخي أنّه ختم ألف

ص: 46


1- قال في لسان الميزان: إسحاق بن محمّد بن مروان الكوفي أخو جعفر، روى هذا عن أبيه، مات سنة 328.
2- قال في تهذيب الكمال: عبد الله بن الزبير بن عيسى... القرشيّ الأسديّ، مات في مكّة سنة 219، أو سنة 220، و قال ابن سعد: كان ثقة، كثير الحديث.
3- من الرجعة و البرهان.
4- من «م».

نبيّ، و أنّي ختمت ألف وصيّ، و إنّي كلّفت ما لم يكلّفوا، و إنّي لأعلم ألف كلمة ما يعلمها غيري و غير محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، ما منها كلمة إلاّ [هي](1) مفتاح ألف باب بعد، ما تعلمون منها كلمة واحدة، غير أنّكم تقرأون منها آية واحدة من القرآن: * وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ (2) و ما تدرونها (من )(3),(4).

[29] - عن غيبة النعماني عن عباية بن ربعي قال:

دخلت على أمير المؤمنين عليه السّلام و أنا خامس خمسة و أصغر القوم سنّا فسمعته يقول: حدّثني أخي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال:

إنّي خاتم ألف نبي و إنّك خاتم ألف وصي و كلّفت ما لم يكلّفوا فقلت: ما أنصفك القوم يا أمير المؤمنين، فقال: ليس حيث تذهب يا ابن أخي، و اللّه لأعلم ألف كلمة لا يعلمها غيري و غير محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و إنّهم ليقرأون منها آية في

ص: 47


1- من الرجعة، و فيهما و في البرهان: لا يعلمها.
2- سورة النمل، الآية: 82.
3- ليس في الرجعة، و فيه: و لا تدرونها، و جملة «و ما تدرونها من» ليست في البرهان.
4- مختصر البصائر: 480، و البحار: 111/53 ح 8 و الرجعة: 146 ح 93. و أخرجه في البرهان: 210/3 ح 10 عن الرجعة.

كتاب اللّه عزّ و جلّ و هي * وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ و ما يتدبّرونها حقّ تدبّرها. ألا أخبركم بآخر ملك بني فلان ؟

قلنا: بلى يا أمير المؤمنين، قال: قتل نفس حرام في يوم حرام في بلد حرام عن قوم من قريش و الذي فلق الحبّة و برأ النسمة ما لهم ملك بعده غير خمس عشرة ليلة، قلنا:

هل قبل هذا من شيء أو بعده من شيء؟ فقال: صيحة في شهر رمضان تفزع اليقظان و توقظ النائم و تخرج الفتاة من خدرها(1).

[30] - الحسن الحلّي قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن الحسن الفقيه [قال ](2):حدّثنا أحمد بن عبيد بن ناصح(3) [قال]: حدّثنا الحسين بن علوان، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة قال: دخلت على أمير المؤمنين عليه السّلام و هو يأكل خبزا و خلاّ و زيتا، فقلت: يا أمير المؤمنين،

ص: 48


1- إلزام الناصب: 102/2، و غيبة النعماني: 258 ح 17 باب 14.
2- من الرجعة، و كذا ما يلي.
3- قال في تهذيب الكمال: أحمد بن عبيد بن ناصح بن بلنجر البغدادي، أبو جعفر النحويّ مولى بني هاشم، و يعرف بأبي عصيدة، روى عن الحسين بن علوان الكلبي و غيره، مات بعد سنة 270.

قال اللّه تعالى: * وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ (1) فما هذه الدابّة ؟

قال: هي دابّة تأكل خبزا و خلاّ و زيتا(2).

[31] - الحسن الحلّي قال: و من «كتاب سليم بن قيس الهلالي» - رحمة اللّه عليه -، الذي رواه عنه أبان بن أبي عيّاش (3) ،و قرأه جميعه على سيّدنا عليّ بن الحسين عليهما السّلام بحضور جماعة من أعيان الصحابة، منهم: أبو الطفيل، فأقرّه عليه زين العابدين عليه السّلام و قال: هذه أحاديثنا صحيحة.

قال أبان: لقيت أبا الطفيل بعد ذلك في منزله، فحدّثني في الرجعة عن أناس من أهل بدر و عن سلمان و المقداد و أبيّ بن كعب.

و قال أبو الطفيل: فعرضت هذا(4) الذي سمعته منهم على

ص: 49


1- سورة النمل، الآية: 82.
2- مختصر البصائر: 482، و تأويل الآيات: 404/1 ح 9، و عنه البحار: 39 / 243-244 ضمن ح 32 و البرهان: 210/3 ح 8 و مدينة المعاجز: 94/3 ح 754 و الرجعة: 166 ح 95. و أخرجه في الإيقاظ من الهجعة: 384 ح 156 عنه و عن كتابنا هذا، و في البحار: 112/53 ح 11 عن كتابنا هذا، و في البرهان: 211/3 ح 12 عن الرجعة.
3- عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب السجاد و الباقر و الصادق (عليهم السّلام).
4- في سليم: ذلك.

عليّ بن أبي طالب عليه السّلام في الكوفة، فقال: هذا علم خاصّ لا يسع الأمّة جهله، و ردّ علمه إلى اللّه تعالى، ثمّ صدّقني بكلّ ما حدّثوني [فيها]، و قرأ عليّ بذلك قراءة كثيرة، فسّر(1) تفسيرا شافيا حتى صرت ما أنا بيوم القيامة أشدّ يقينا منّي بالرجعة.

و كان ممّا قلت: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن حوض النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في(2) الدنيا أم في الآخرة ؟

فقال: بل في الدنيا.

قلت: فمن الذائد عنه ؟

فقال: أنا بيدي [هذه]، فليردنّه أوليائي، و ليصرفنّ عنه أعدائي.

(و في رواية أخرى: لأوردنّه أوليائي، و لأصرفنّ عنه أعدائي )(3).

فقلت: يا أمير المؤمنين، قول اللّه تعالى: * وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ (4) ما الدابّة ؟

ص: 50


1- في سليم: قرآنا كثيرا و فسّره، و في الأصل: فسّره.
2- في سليم: عن حوض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أفي الدنيا.
3- ليس في الأصل، و في سليم: فلأوردته.
4- سورة النمل، الآية: 82.

قال: يا أبا الطفيل، إله عن هذا.

فقلت: يا أمير المؤمنين، أخبرني به، جعلت فداك.

قال: هي دابّة تأكل الطعام، و تمشي في الأسواق، و تنكح النساء.

فقلت: يا أمير المؤمنين، من هو؟

قال: (هو) زرّ الأرض الذي تسكن الأرض به(1).

قلت: يا أمير المؤمنين، من هو؟

قال: صدّيق هذه الأمّة و فاروقها و ربّيّها(2) و ذو قرنيها(3).

قلت: يا أمير المؤمنين، من هو؟

قال: الذي قال اللّه تعالى: وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ (4)

ص: 51


1- في سليم: الذي إليه تسكن الأرض.
2- في سليم: و رئيسها. إشارة إلى قوله - تعالى -: وَ كَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ ما ضَعُفُوا وَ مَا اسْتَكانُوا وَ اللّهُ يُحِبُّ الصّابِرِينَ [سورة آل عمران: 146].
3- في سليم: و ذو قرنها، و في نسخ الأصل: قرينها، و ما أثبتناه من الرجعة و البحار.
4- سورة هود: 17.

و الذي وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ (1)وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَ صَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (2) أنا، و الناس كلّهم كافرون (غيري)(3) و غيره.

قلت: يا أمير المؤمنين، فسمّه لي(4).

قال: قد سمّيته لك، يا أبا الطفيل، و اللّه لو أدخلت عليّ عامّة شيعتي - الّذين بهم أقاتل، الذين أقرّوا بطاعتي، و سمّوني أمير المؤمنين، و استحلّوا جهاد من خالفني - فحدّثتهم(5) ببعض ما أعلم من الحقّ في الكتاب الذي نزل (به)(6) جبرئيل عليه السّلام على محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لتفرّقوا عنّي حتى أبقى في عصابة من الحقّ(7) قليلة، أنت و أشباهك من شيعتي، ففزعت و قلت:

يا أمير المؤمنين، أنا و أشباهي نتفرّق(8) عنك أو نثبت معك ؟

قال: لا، بل تثبتون.

ص: 52


1- سورة الرعد، الآية: 43.
2- سورة الزمر، الآية: 33.
3- ليس في البحار.
4- في سليم: تسمّيه ؟
5- في سليم: فحدّثتهم شهرا ببعض.
6- ليس في الأصل.
7- في سليم و الرجعة: في عصابة حقّ.
8- في البحار: متفرّق.

ثمّ أقبل عليّ فقال: إنّ أمرنا صعب مستصعب، لا يعرفه و لا يقرّ به إلاّ ثلاثة: ملك مقرّب، أو نبيّ مرسل، أو عبد مؤمن نجيب امتحن اللّه قلبه للإيمان.

يا أبا الطفيل، إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قبض فارتدّ الناس ضلاّلا و جهّالا(1) إلاّ من عصمه اللّه بنا أهل البيت(2).

[32] - في أصول الكافي: محمّد بن يحيى و أحمد بن محمّد جميعا عن محمّد بن الحسن عن علي بن حسان قال:

حدّثني أبو عبد اللّه الرياحي عن أبي الصامت الحلواني عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و لقد أعطيت الست: علم المنايا و البلايا و الوصايا و فصل الخطاب، و إني لصاحب الكرّات و دولة الدول، و إني لصاحب العصا و الميسم و الدابة التي تكلم الناس(3).

[33] - في تفسير علي بن إبراهيم: و أمّا قوله: وَ إِذا

ص: 53


1- في سليم: و جهلا.
2- مختصر البصائر: 121، و كتاب سليم بن قيس: 12-14، و عنه الرجعة: 72 ح 45 و صحيفة الأبرار: 107/1-108، و في البحار: 68/53 ح 66 عنه و عن كتابنا هذا، و في الإيقاظ من الهجعة: 281 ح 97 و ص 366 ح 121 عن كتابنا هذا نقلا من كتاب سليم بن قيس.
3- أصول الكافي: 197/1 ح 3 /باب أركان الأرض: الأئمّة/كتاب الحجّة.

وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً إلى قوله: بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ فإنه حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنتهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلى أمير المؤمنين عليه السّلام و هو نائم في المسجد قد جمع رملا و وضع رأسه عليه فحرّكه برجله ثمّ قال: قم يا دابة الأرض، فقال رجل من أصحابه: يا رسول اللّه، أيسمّي بعضنا بعضا بهذا الإسم ؟

فقال: لا و اللّه ما هو إلاّ له خاصة، و هو الدابة الذي ذكره اللّه في كتابه فقال عزّ و جلّ: * وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ ثمّ قال: يا علي، إذا كان آخر الزمان أخرجك اللّه في أحسن صورة و معك ميسم تسم به أعداءك، فقال رجل لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ العامة يقولون: إنّ هذه الآية إنّما تكلّمهم ؟

فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كلّمهم اللّه في نار جهنّم إنّما هو يكلّمهم من الكلام(1).

[34] - عليّ بن إبراهيم، قال: حدّثنا علي بن

ص: 54


1- تفسير القمّيّ: 130/2.

أحمد بن حاتم، عن إسماعيل بن إسحاق الراشدي، عن خالد بن مخلّد، عن عبد الكريم بن يعقوب الجعفي، عن جابر بن يزيد، عن أبي عبد اللّه الجدلي، قال: دخلت على علي بن أبي طالب عليه السّلام فقال: ألا أحدّثك ثلاثا قبل أن يدخل عليّ و عليك داخل ؟

قلت: بلى.

قال: أنا عبد اللّه و أنا دابة الأرض صدقها و عدلها و أخو نبيّها، ألا أخبرك بأنف المهدي و عينه ؟

قال: قلت: بلى، فضرب على صدره و قال: أنا(1).

[35] - عن أمير المؤمنين عليه السّلام في حديث بعد أن ذكر الدّجال و من يقتله، قال: ألا إنّ بعد ذلك الطامّة الكبرى، قيل: و ما ذلك يا أمير المؤمنين ؟

قال: خروج دابّة الأرض من عند الصفا، و معها خاتم سليمان عليه السّلام، و عصا موسى عليه السّلام، تضع الخاتم على وجه كلّ مؤمن، فينطبع فيه: هذا مؤمن حقا، و تضعه على وجه كلّ كافر، فيكتب هذا كافر حقا، حتّى أنّ المؤمن لينادي

ص: 55


1- تفسير البرهان 210:3.

الويل لك حقا يا كافر، و إنّ الكافر ينادي طوبى لك يا مؤمن، وددت أنّي كنت مثلك فأفوز فوزا عظيما، ترفع الدابّة رأسها من بين الخافقين بإذن اللّه جلّ جلاله، و ذلك بعد طلوع الشمس من مغربها، فعند ذلك ترفع التوبة فلا تقبل التوبة (و لا عمل يرفع)، و لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا.

ثمّ قال عليه السّلام لا تسألوني عمّا يكون بعد هذا، فإنّه عهد إليّ حبيبي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن لا أخبر به غير عترتي(1).

[36] - عن الأصبغ بن نباتة، أنّ عبد اللّه الكوّاء اليشكري، قام إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: يا أمير المؤمنين إنّ أناسا من أصحابك يزعمون أنّهم يردّون بعد الموت ؟

فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: نعم تكلّم بما سمعت و لا تزد في الكلام ممّا قلت لهم.

قال: قلت: لا أؤمن بشيء ممّا قلتم.

فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام: ويلك، إنّ اللّه عزّ و جلّ ابتلى

ص: 56


1- تفسير الصافي 75:4؛ كمال الدين، باب 527:47.

قوما بما كان من ذنوبهم فأماتهم قبل آجالهم التي سمّيت لهم، ثمّ ردّهم إلى الدنيا ليستوفوا أرزاقهم، ثمّ أماتهم بعد ذلك، قال: فكبر على ابن الكوّاء و لم يهتد له، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: ويلك تعلم أنّ اللّه عزّ و جلّ قال في كتابه:

وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا (1) فانطلق بهم معه ليشهدوا له إذا رجعوا عند الملأ من بني إسرائيل أنّ ربّي قد كلّمني، فلو أنّهم سلّموا ذلك و صدّقوا به لكان خيرا لهم و لكنّهم قالوا لموسى: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى نَرَى اللّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصّاعِقَةُ وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (2)(5(5) ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (3) أفترى يا ابن الكوّاء أنّ هؤلاء قد رجعوا إلى منازلهم بعد ما ماتوا، فقال ابن الكوّا: و ما ذاك ثمّ أماتهم مكانهم، فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام: ويلك، أو ليس قد أخبرك في كتابه حيث يقول اللّه عزّ و جلّ: وَ ظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوى (4) فهذا بعد الموت إذ بعثهم و أيضا مثلهم، يا ابن الكوّا الملأ من بني إسرائيل

ص: 57


1- سورة الأعراف، الآية: 155.
2- الصاعقة: الموت.
3- سورة البقرة، الآيتان: 55-56.
4- سورة البقرة، الآية: 57.

حيث يقول اللّه عزّ و جلّ: * أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ (1) و قوله عزّ و جلّ في عزير حيث أخبر اللّه فقال: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنّى يُحْيِي هذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِها (2) فأماته اللّه و أخذه بذلك الذنب مائة عام ثمّ بعثه و ردّه إلى الدنيا.

قال: كم لبثت ؟

فقال: لبثت يوما أو بعض يوم، قال: بل لبثت مائة عام، فلا تشكنّ يا ابن الكوّا في قدرة اللّه عزّ و جلّ(3).

ص: 58


1- سورة البقرة، الآية: 243.
2- سورة البقرة، الآية: 259.
3- تفسير الصافي 77:4؛ مختصر بصائر الدرجات: 22.

الآية (83)

[سورة النمل (27): آیة 83]

وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ

[37] - الحسن الحلّي قال: من خطبة لمولانا أمير المؤمنين عليه السّلام تسمّى المخزون عن آخر الزمان جاء فيها:...

ثمّ يبعث اللّه من كلّ أمّة فوجا ليريهم ما كانوا يوعدون، فيومئذ تأويل هذه الآية: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ و الوزع: خفقان أفئدتهم.

و يسير الصدّيق الأكبر براية الهدى، و السيف ذي الفقار و المخصرة(1) حتّى ينزل أرض الهجرة مرّتين(2) و هي الكوفة، فيهدم مسجدها و يبنيه على بنائه الأوّل، و يهدم ما دونه من

ص: 59


1- المخصرة: شيء كالسوط، و ما يتوكّأ عليه كالعصا، و ما يأخذه الملك بيده يشير به إذا خاطب، و الخطيب إذا خطب.
2- في الرجعة: غريّين.

دور الجبابرة، و يسير إلى البصرة حتّى يشرف على بحرها، و معه التابوت، و عصا موسى عليه السّلام، فيعزم عليه فيزفر في البصرة زفرة فتصير بحرا لجيّا، (فيغرقها) لا يبقى فيها غير مسجدها كجؤجؤ السفينة على ظهر الماء(1).

ص: 60


1- مختصر البصائر: 462.

الآيتان (89) و (90)

[سورة النمل (27): الآیات 89 الی 90]

مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (8(9) وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ

[38] - في أصول الكافي: الحسن بن محمّد عن معلى بن محمّد عن محمّد بن أورمة و محمّد بن عبد اللّه عن علي بن حسان عن عبد الرّحمن بن كثير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: دخل أبو عبد اللّه الجدلي على أمير المؤمنين عليه السّلام فقال يا أبا عبد اللّه ألا أخبرك بقول اللّه عزّ و جلّ: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (8(9) وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ قال: بلى يا أمير المؤمنين جعلت فداك، فقال: الحسنة: معرفة الولاية و حبّنا أهل البيت، و السيئة:

إنكار الولاية و بغضنا أهل البيت، ثمّ قرأ عليه السّلام الآية(1).

ص: 61


1- أصول الكافي: كتاب الحجة/ 185/1 ح 14 /باب معرفة الإمام.

[39] - و بإسناده إلى أبي عبد اللّه الجدلي قال: قال لي علي بن أبي طالب عليه السّلام: ألا أحدّثك يا أبا عبد اللّه بالحسنة التي من جاء بها أمن من فزع يوم القيامة، و بالسيئة التي من جاء بها أكبّ اللّه وجهه في النار؟

قلت: بلى يا أمير المؤمنين.

قال: الحسنة حبّنا و السيئة بغضنا(1).

قوله تعالى: وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ

[40] - تفسير فرات بن إبراهيم الكوفي، عن محمّد بن أحمد معنعنا، عن علي عليه السّلام في قوله: وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ قال: فقال علي عليه السّلام: يا أصبغ، ما سألني أحد عن هذه الآية، و لقد سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كما سألتني فقال لي: قد سألت جبرئيل عنها فقال: يا محمّد إذا كان يوم القيامة حشرك اللّه أنت و أهل بيتك و من يتولاّك و شيعتك حتّى يقفوا بين يدي اللّه، فيستر اللّه عوراتهم و يؤمنهن من الفزع الأكبر، بحبهم لك و لأهل بيتك و لعليّ بن أبي طالب، يا علي شيعتك و اللّه آمنون فرحون يشفعون و يشفّعون، ثمّ قرأ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَ لا يَتَساءَلُونَ (2),(3).

ص: 62


1- الأمالي: 493 ح 1081 /مجلس 17.
2- سورة المؤمنون، الآية: 101.
3- تفسير فرات: 311؛ البحار 57:68 و في 241:7 منه أيضا.

الآية (93)

[سورة النمل (27): آیة 93]

سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها

[41] - في تفسير علي بن إبراهيم: سيريكم آياته فتعرفونها، قال: الآيات أمير المؤمنين، و الأئمة عليهم السّلام إذا رجعوا يعرفهم أعداؤهم إذا رأوهم، و الدليل على أنّ الآيات هم الأئمّة قول أمير المؤمنين عليه السّلام: و اللّه ما للّه آية أكبر مني، فإذا رجعوا إلى الدنيا يعرفهم أعداؤهم إذا رأوهم في الدنيا(1).

ص: 63


1- تفسير القمّيّ: 132/2.

ص: 64

سورة القصص

اشارة

ص: 65

ص: 66

الآيات (1)-(6)

[سورة القصص (28): آیة 1]

[سورة القصص (28): آیة 2] طسم (1) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (2) نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَ فِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (3) إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَ جَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِف

من أراد أن يسأل عن أمرنا و أمر القوم، فإنّا و أشياعنا يوم خلق اللّه السماوات و الأرض على سنّة موسى و أشياعه، و إنّ عدوّنا و أشياعه يوم خلق اللّه السماوات و الأرض على سنة فرعون و أشياعه فليقرأ هذه الآيات من أوّل السورة

ص: 67

إلى قوله: يَحْذَرُونَ (1) ،و إنّي أقسم باللّه الذي فلق الحبّة و برأ النسمة، الذي أنزل الكتاب على محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم صدقا و عدلا ليعطفنّ عليكم هؤلاء عطف الضروس على ولدها(2).

قوله تعالى: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (3).

[43] - ابن بابويه قال: حدّثنا محمد بن عمر قال:

حدّثنا محمد بن الحسين قال: حدّثنا أحمد بن غنم بن حكيم قال: حدّثنا شريح بن مسلمة قال: حدّثنا إبراهيم بن يوسف، عن عبد الجبار، عن الأعشى الثقفي، عن أبي صادق قال: قال علي عليه السّلام: «هي لنا أو فينا هذه الآية:

وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ » (4) .

[44] - عن مجمع البيان قد صحّت الرواية عن أمير المؤمنين علي عليه السّلام أنّه قال: و الذي فلق الحبّة و برأ النسمة

ص: 68


1- سورة القصص، الآية: 6.
2- البحار 171:24؛ تفسير فرات: 314 ح 420.
3- سورة القصص، الآية: 5.
4- الحديث ذكره الصدوق في أماليه ص 429.

لتعطفنّ الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس(1) على ولدها، و تلا عقيب ذلك: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ (2).

[45] - في نهج البلاغة: قال عليه السّلام: لتعطفنّ الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها و تلا عقيب ذلك وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (3).

[46] - في كتاب الغيبة لشيخ الطائفة (قدس سره):

بإسناده إلى محمّد بن الحسين عن أبيه عن جده عن علي عليه السّلام في قوله: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ قال: هم آل محمّد يبعث اللّه مهديهم بعد جهدهم فيعزّهم و يذلّ عدوّهم(4).

[47] - السيد بهاء الدين عليّ بن عبد الحميد (الكريم) الحسيني بإسناده، عن عليّ عليه السّلام في قوله تعالى:

ص: 69


1- الشّماس: امتناع ظهر الفهرس من الركوب. و الضروس: الناقة السيئة الخلق تعضّ حالبها.
2- إلزام الناصب: 282/2.
3- نهج البلاغة: قصار الحكم 209.
4- سورة الغيبة، الآية: 113.

وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ ،قال: المستضعفون في الأرض المذكورون في الكتاب الّذين جعلهم اللّه أئمّة، نحن أهل البيت، يبعث اللّه مهديّهم، فيعزّهم و يذلّ عدوّهم(1).

[48] - عن علي عليه السّلام، في قوله تعالى: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ قال: يوسف و ولده(2).

ص: 70


1- منتخب الأنوار المضيئة: 17؛ البحار 54:51؛ الغيبة: 113؛ اثبات الهداة 136:7.
2- كنز العمال 478:2 ح 4546.

الآية (15)

[سورة القصص (28): آیة 15]

عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها

[49] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي بن أبي طالب «رضي اللّه عنه»: في قوله: حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها كان يوم عيد لهم قد اشتغلوا بلهوهم و لعبهم(1)

ص: 71


1- تفسير الثعلبي: 240/7، و زاد المسير: 91/6.

الآيات (22)-(28)

[سورة القصص (28): آیة 22]

[سورة القصص (28): آیة 23] وَ لَمّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ (22) وَ لَمّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النّاسِ يَسْقُونَ وَ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَت

ص: 72

[50] - في من لا يحضره الفقيه قال أمير المؤمنين عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من خرج في سفر و معه عصا لوز مرّ و تلا هذه الآية: وَ لَمّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ إلى قوله وَ اللّهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ آمنه اللّه من كلّ سبع ضار، و من كلّ لص عاد و من كلّ ذات حمّة حتّى يرجع إلى أهله و منزله، و كان معه سبعة و سبعون من المعقبات(1) يستغفرون له حتّى يرجع و يضعها. و في كتاب ثواب الأعمال مثله سواء(2).

ص: 73


1- الحمة: السم أو الإبرة تضرب بها الزنبور و الحيّة و نحو ذلك أو تلدغ بها، قاله الفيض (ره) في الوافي. و قال (ره) أيضا: و المعقبات: ملائكة الليل و النهار.
2- من لا يحضره الفقيه: 270/2 ح 2409 /ب 2.

الآية (24)

[سورة القصص (28): آیة 24]

رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ

[51] - في تفسير علي بن إبراهيم:... قال أمير المؤمنين عليه السّلام: كان موسى كليم اللّه حيث سقى لهما ثمّ تولى إلى الظل فقال: رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ :

و اللّه ما سأل اللّه عزّ و جلّ إلاّ خبزا يأكله لأنّه كان يأكل بقلة الأرض، و لقد رأوا خضرة البقل في صفاق بطنه(1) من هزاله(2).

[52] - في نهج البلاغة: قال عليه السّلام: و إن شئت ثنّيت بموسى كليم اللّه صلوات اللّه عليه إذ يقول: إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ و اللّه ما سأله إلاّ خبزا يأكله لأنه كان يأكل بقلة الأرض، و لقد كانت خضرة البقل ترى من شفيف صفاق بطنه لهزاله و تشذّب لحمه(3),(4).

ص: 74


1- الصفاق: الجلد الباطن الذي فوقه الجلد الظاهر من البطن.
2- تفسير القمّيّ: 137/2.
3- تشذب اللحم: تفرّقه.
4- نهج البلاغة: خطبة 160.

الآية (26)

[سورة القصص (28): آیة 26]

يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ

[53] - في مجمع البيان: قال أمير المؤمنين علي عليه السّلام: لما قالت المرأة هذا قال شعيب: و ما علمك بأمانته و قوّته ؟

قالت: أما قوّته فإنه رفع الحجر الذي لا يرفعه كذا بكذا، و أمّا أمانته فإنّه قال لي: إمش خلفي فأنا أكره أن تصيب الريح ثيابك فتصف لي عجزك(1).

ص: 75


1- مجمع البيان: 390/7.

الآية (27)

[سورة القصص (28): آیة 27]

أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ

[54] - في من لا يحضره الفقيه: و روى إسماعيل بن أبي زياد عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام أنّ عليا عليه السّلام قال: لا يحل النكاح اليوم في الإسلام بإجارة بأن يقول أعمل عندك كذا و كذا على أن تزوجني أختك أو ابنتك، قال: هو حرام لأنّه ثمن رقبتها و هي أحقّ بمهرها(1).

ص: 76


1- من لا يحضره الفقيه: 423/3 ح 4471 /ب 2.

الآية (35)

[سورة القصص (28): آیة 35]

سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَ نَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَ مَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ

[55] - في كتاب طب الأئمّة عليهم السّلام: بإسناده إلى الأصبغ بن نباتة السلمي عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال الأصبغ: أخذت هذه العوذة منه عليه السّلام و قال لي: يا أصبغ هذه عوذة السحر و الخوف من السلطان تقولها سبع مرات:

بسم اللّه و باللّه سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَ نَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَ مَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ و تقول في وجه الساحر إذا فرغت من صلاة الليل قبل أن تبدأ بصلاة النهار سبع مرات فإنّه لا يضرّك إن شاء اللّه تعالى(1).

ص: 77


1- طب الأئمة: 35.

الآية (56)

[سورة القصص (28): آیة 56]

إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ

[56] - في أمالي شيخ الطائفة (قدس سره): بإسناده إلى جبير بن نوف أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام كتب إلى معاوية و أصحابه يدعوهم إلى الحق و ذكر الكتاب بطوله قال: فكتب إليه معاوية: أما بعد إنه:

ليس بيني و بين عمرو عتاب *** غير طعن الكلى و ضرب الرقاب

فلمّا وقف أمير المؤمنين عليه السّلام على جوابه بذلك قال:

إنك لا تهدي من أحببت و لكن الله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم(1).

ص: 78


1- بحار الأنوار: 75/33.

الآية (57)

[سورة القصص (28): آیة 57]

قوله تعالى: إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا

[57] - في كشف المحجة لابن طاووس عليه الرحمة: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه: فأمّا الآيات اللواتي في قريش فهي قوله إلى قوله: و الثالثة قول قريش لنبي اللّه حين دعاهم إلى الإسلام و الهجرة فقالوا:

إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا فقال اللّه: أَ وَ لَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنّا وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (1).

ص: 79


1- كشف المحجة: 175.

الآية (58)

[سورة القصص (28): آیة 58]

فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلاّ قَلِيلاً وَ كُنّا نَحْنُ الْوارِثِينَ

[58] - قال عليه السّلام: أحذركم الدنيا، فإنّها خضرة حلوة حفّت بالشهوات، و تحبّبت بالعاجلة، و عمرت بالآمال و تزيّنت بالغرور، لا تؤمن فجعتها و لا يدوم خيرها، ضرّارة غدّارة غرّارة زائلة بائدة أكّالة غوالّة، لا تعدو إذا تناهت إلى أمنية أهل الرضى بها و الرغبة فيها أن تكون فيها كما قال اللّه تعالى: كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ على أنّ أمرؤ لم يكن فيها في حبرة إلاّ أعقبته بعدها عبرة، و لم يلق من سرّائها بطنا إلاّ منحته من ضرّائها ظهرا، و لم تنله فيها ديمة رخاء إلاّ هتنت عليه مزنة بلاء، و حريّ إذا أصبحت له منتصرة أن تمسي له متنكّرة، و إن جانب منها اعذوذب و احلولى لأمرّ منه جانب

ص: 80

فأوبى، و إن لقي أمرء من غضارتها رغبا زوّدته من نوائبها تعبا، و لم يمسي منها في جناح أمن إلاّ أصبح في خوافي خوف، غرور فانية فان من عليها، من أقلّ منها إستكثر مما يؤمنه، و من إستكثر منها لم يدم له و زال عما قليل عنه، كم من واثق بها قد فجعته، و ذي طمأنينة إليها قد صرعته، و ذي خدع قد خدعته، و ذي أبّهة قد صيّرته حقيرا، و ذي نخوة قد صيّرته خائفا فقيرا، و ذي تاج قد أكبّته لليدين و الفم، سلطانها دوّل، و عيشها رنق و عذبها أجاج، و حلوها صبر و غذاؤها سمام و أسبابها رمام، حيّها بعرض موت، و صحيحها بعرض سقم و منيعها بعرض إهتضام، عزيزها مغلوب، و ملكها مسلوب، و ضيفها مثلوب و جارها محروب، ثم (من) وراء ذلك هول المطلع و سكرات الموت و الوقوف بين يدي الحكم العدل ليجزي الذي أساؤوا بما عملوا و يجزي الذين أحسنوا بالحسنى، ألستم في منازل من كان أطول منكم أعمارا و آثارا و أعدّ منكم عديدا و أكثف جنودا و أشد منكم عتودا؟

تعبّدوا للدنيا أي تعبّد، و آثروها أيّ إيثار ثم ظعنوا عنها بالصغار، فهل بلغكم أنّ الدنيا سخت لهم بفدية أو أغنت عنهم فيما قد أهلكهم من خطب ؟ بل قد أوهنتهم بالقوارع

ص: 81

و ضعضعتهم بالنوائب و عفّرتهم للمناخر و أعانت عليهم ريب المنون، فقد رأيتم تنكّرها لمن دان لها، و أجدّ إليها، حين ظعنوا عنها لفراق الأبد. هل أحلّتهم إلاّ الضنك أو زوّدتهم إلاّ التعب أو نوّرت لهم إلاّ الظلمة أو أعقبتهم إلاّ النار!

أفهذه تؤثرون أم على هذه تحرصون أم إلى هذه تطمئنون!

يقول اللّه جلّ من قائل: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَ هُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ (1(5) أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ النّارُ وَ حَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَ باطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (1) فبئست الدار لمن لم يتهمها و لم يكن فيها على و جل منها.

فاعلموا و أنتم تعلمون بأنكم تاركوها لأبد، فإنّما هي كما نعتها اللّه تعالى لهو و لعب، و اتعظوا فيها بالذين كانوا يبنون بكل ريع آية يعبثون و يتخذون مصانع لعلّهم يخلدون، و اتعظوا فيها بالذين قالوا من أشد منّا قوة، و اتّعظوا بإخوانهم الذين نقلوا إلى قبورهم فلا يدعون ركبانا، قد جعل لهم من الضريح أكنانا، و من التراب أكفانا، و من

ص: 82


1- سورة هود 15-16.

الرّفات جيرانا، فهم جيرة لا يجيبون داعيا و لا يمنعون ضيما، قد بادت أضغانهم فهم كمن لم يكن، و كما قال اللّه تعالى: فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلاّ قَلِيلاً وَ كُنّا نَحْنُ الْوارِثِينَ إستبدلوا بظهر الأرض بطنا و بالسعة ضيقا و بالأهل غربة، جاؤوها كما فارقوها بأعمالهم إلى خلود الأبد، كما قال عزّ و جلّ: يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنّا كُنّا فاعِلِينَ (1),(2).

ص: 83


1- سورة الأنبياء، الآية: 104.
2- شرح نهج البلاغة 110/226:7، و العقد الفريد 225:4.

الآية (77)

[سورة القصص (28): آیة 77]

وَ ابْتَغِ فِيما آتاكَ اللّهُ الدّارَ الْآخِرَةَ وَ لا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا

[59] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي «رضي اللّه عنه»:

لا تنس صحتك و قوتك و شبابك و نشاطك و غناك أن تطلب به الآخرة(1)

[60] - في كتاب معاني الأخبار: بإسناده إلى موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر قال: حدّثني أبي عن أبيه عن جده جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عن علي بن أبي طالب عليهم السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ لا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا قال: لا تنس صحّتك و قوّتك و فراغك و شبابك و نشاطك أن تطلب بها الآخرة(2).

ص: 84


1- تفسير الثعلبي: 261/7.
2- معاني الأخبار: باب معنى النصيب من الدنيا/ 325/1.

الآية (83)

[سورة القصص (28): آیة 83]

تِلْكَ الدّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ

[61] - في مجمع البيان: و روى زاذان عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه كان يمشي في الأسواق و هو وال يرشد الضال و يعين الضعيف و يمر بالبياع و البقال فيفتح عليه القرآن و يقرأ تِلْكَ الدّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً و يقول، نزلت هذه الآية في أهل العدل و التواضع من الولاة، و أهل القدرة من سائر الناس(1).

[62] - و روى أبو سلام الأعرج عن أمير المؤمنين عليه السّلام أيضا قال: إن الرجل ليعجبه شراك نعله فيدخل في هذه الآية: تِلْكَ الدّارُ الْآخِرَةُ الآية(2).

ص: 85


1- مجمع البيان: 420/7.
2- مجمع البيان: 420/7.

[63] - في كتاب سعد السعود لابن طاووس رحمه اللّه:

يقول علي بن موسى بن طاووس: رأيت في تفسير الطبرسي عند تفسير هذه الآية قال: و روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال: إنّ الرجل ليعجبه أن يكون شراك نعله أجود من شراك نعل صاحبه فيدخل تحتها.

[64] - في نهج البلاغة: فلمّا نهضت بالأمر نكثت طائفة و مرقت أخرى و قسط آخرون كأنّهم لم يسمعوا اللّه سبحانه يقول: تِلْكَ الدّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ بلى و اللّه لقد سمعوها و وعوها، و لكنهم حليت الدنيا في أعينهم و راقهم زبرجها(1).

[65] - ابن عساكر قال: حدّثنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد بن الفضل - إملاء - نا الفضل بن محمّد المؤدب، نا أبو القاسم بن أبي بكر، نا أبو الشيخ، نا أبو العبّاس الجمال، نا إسماعيل بن يزيد، نا قتيبة بن مهران، و في حديث أبي القاسم: نا أبو الصباح عبد الغفور عن أبي هاشم عن زاذان عن عليّ: أنه كان يمشي في الأسواق وحده و هو وال، يرشد الضال - و في حديث

ص: 86


1- نهج البلاغة: خطبة 3.

الجبار: ينشد الضال - و يعين الضعيف، و يمر بالبياع و البقّال فيفتح عليه القرآن و قرأ - و في حديث عبد الجبار: و يقرأ - تِلْكَ الدّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً (1) فقال: - و في حديث عبد الجبار: و يقول - نزلت هذه - زاد أبو القاسم: الآية و قالا: - في أهل العدل و التواضع من الولاة، و أهل القدرة من سائر الناس(2).

[66] - أبو الحسن الفقيه ابن المغازلي الشافعي في مناقبه، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبل، قال: حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد اللّه المخزومي إملاء من كتابه، قال: حدّثنا صالح بن مالك قال: حدّثنا عبد الغفور، قال:

حدّثنا أبو هاشم الرّماني، عن زاذان، قال: رأيت عليا عليه السّلام يمسك الشسوع بيده ثمّ يمرّ في الأسواق فيتناول الرجل الشسع، و يرشد الضال و يعين الحمّال على الحمولة، و يقرأ هذه الآية تِلْكَ الدّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ثمّ يقول: هذه الآية نزلت في الولاة و ذوي القدرة من الناس(3).

ص: 87


1- سورة القصص، الآية: 83.
2- تاريخ دمشق: 376/45، و البداية و النهاية: 6/8.
3- غاية المرام 391:1.

الآية (85)

[سورة القصص (28): آیة 85]

إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ

[67] - عن علي عليه السّلام قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ قال:

معادنا إلى الجنّة(1).

ص: 88


1- كنز العمال 478:2 ح 4547.

الآية (88)

[سورة القصص (28): آیة 88]

كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ

[68] - عن أمير المؤمنين عليه السّلام في حديث طويل و فيه: و أمّا قوله: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ فالمراد كلّ شيء هالك إلاّ دينه؛ لأنّه من المحال أن يهلك اللّه كلّ شيء و يبقى الوجه، هو أجلّ و أعظم من ذلك، و إنّما يهلك من ليس منه، ألا ترى أنّه قال: كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ (2(6) وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ (1) ففصل بين خلقه و وجهه(2).

[69] - أبو إسحاق الثعلبي قال: عن صالح، عن سليمان بن عمرو، عن سالم الأفطس، عن الحسن و سعيد بن جبير، عن علي بن أبي طالب عليه السّلام أنّ رجلا سأله، فلم

ص: 89


1- سورة الرحمن، الآية: 26-27.
2- الإحتجاج 598:1 ح 137؛ تفسير نور الثقلين 192:5؛ تفسير الصافي 4: 109؛ تفسير البرهان 242:3.

يعطه شيئا، فقال: أسألك بوجه اللّه، فقال له علي: كذبت، ليس بوجه اللّه سألتني، إنّما وجه اللّه الحق، ألا ترى قوله سبحانه و تعالى: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ يعني الحق ؟ و لكن سألتني بوجهك الخالق(1) كلّ شيء هالك إلاّ اللّه و الجنة و النار و العرش(2).

[70] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه: و أمّا قوله: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ (3) فالمراد كلّ شيء هالك إلاّ دينه لأن من المحال أن يهلك اللّه كلّ شيء و يبقى الوجه هو أجلّ و أعظم من ذلك، و إنّما يهلك من ليس منه، ألا ترى أنّه قال كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ (2(6) وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ففصل بين خلقه و وجهه(4).

ص: 90


1- في نسخة أصفهان: الخالق الضحاك.
2- تفسير الثعلبي: 268/7.
3- سورة القصص، الآية: 88.
4- الإحتجاج: 598/1 /محاجة 137.

سورة العنكبوت

اشارة

ص: 91

ص: 92

الآيات (1)-(6)

[سورة العنكبوت (29): آیة 1]

[سورة العنكبوت (29): آیة 2] الم (1) أَ حَسِبَ النّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ (2) وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ لَيَعْلَمَنَّ الْكا

[71] - في إرشاد المفيد رحمه اللّه: و قد جاءت الرواية أنّه لمّا تمّ لأبي بكر ما تم و بايعه من بايع، جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السّلام و هو يسوي قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بمسحاة في يده و قال له: إنّ القوم قد بايعوا أبا بكر و وقعت الخذلة في الأنصار لاختلافهم، و بدر الطلقاء للعقد للرجل خوفا من إدراككم الأمر؟ فوضع طرف المسحاة على الأرض و يده عليها ثمّ قال: الم (1) أَ حَسِبَ النّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ (2) وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ لَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ (3) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ (1).

ص: 93

[71] - في إرشاد المفيد رحمه اللّه: و قد جاءت الرواية أنّه لمّا تمّ لأبي بكر ما تم و بايعه من بايع، جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السّلام و هو يسوي قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بمسحاة في يده و قال له: إنّ القوم قد بايعوا أبا بكر و وقعت الخذلة في الأنصار لاختلافهم، و بدر الطلقاء للعقد للرجل خوفا من إدراككم الأمر؟ فوضع طرف المسحاة على الأرض و يده عليها ثمّ قال: الم (1) أَ حَسِبَ النّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ (2) وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ لَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ (3) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ (1).

[72] - في تفسير علي بن إبراهيم: حدّثني أبي عن محمّد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السّلام قال: جاء العبّاس إلى أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه فقال: انطلق بنا نبايع لك الناس فقال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه: أو تراهم فاعلون ؟

قال: نعم.

قال: فأين قوله عزّ و جلّ: الم (1) أَ حَسِبَ النّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ (2) وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أي اختبرناهم فَلَيَعْلَمَنَّ اللّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ لَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ (2).

[73] - في الكافي: و روي أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قال في خطبة له: و لو أراد اللّه جل ثناؤه بأنبيائه حيث بعثهم أن يفتح لهم كنوز الذهبان و معادن البلدان و مغارس الجنان و أن يحشر طير السماء و وحش الأرض معهم لفعل، و لو فعل لسقط البلاء و بطل الجزاء و اضمحلّ الإبتلاء(3)

ص: 94


1- الإرشاد: 189/1 ط. مؤسسة آل البيت.
2- تفسير القمّيّ: 148/2.
3- و في النهج و المصدر (و اضمحلت الأبناء) بدل (الابتلاء).

و لما وجب للقائلين أجر المبتلين(1) و لا لحق المؤمنين ثواب المحسنين، و لا لزمت الأسماء أهاليها على معنى مبين، و لذلك لو أنزل اللّه من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين، و لو فعل لسقطت البلوى عن الناس أجمعين، و لكن اللّه جل ثناؤه جعل رسله أولي قوة في عزائم نياتهم، و ضعفة فيما ترى الأعين من حالاتهم من قناعة تملأ القلوب و العيون غناؤه و خصاصة يملأ الأسماع و الأبصار أداؤه.

و لو كانت الأنبياء أهل قوّة لا ترام و عزّة لا تضام و ملك يمد نحوه أعناق الرجال، و يشد إليه عقد الرحال لكان أهون على الخلق في الاختبار و أبعدهم في الإستكبار، و لآمنوا عن رغبة قاهرة لهم أو رهبة مائلة بهم، فكانت النيّات مشتركة و الحسنات مقتسمة، و لكن اللّه أراد أن يكون الإتّباع لرسله و التصديق بكتبه و الخشوع لوجهه و الإستكانة لأمره و الإستسلام إليه، أمورا خاصة لا يشوبها من غيرها شائبة، و كلما كانت البلوى و الإختبار أعظم كانت المثوبة و الجزاء أجزل؛ ألا ترون أنّ اللّه جلّ ثناؤه إختبر الأوّلين من لدن آدم

ص: 95


1- (القائلين) من القيلولة: يعني لو لم يكن ابتلاء لكانوا مستريحين فلا ينالون أجور المبتلين، قاله المحدث الكاشاني (ره) في الوافي.

إلى آخرين من هذا العالم بأحجار ما تضر و لا تنفع، و لا تبصر و لا تسمع، فجعلها بيته الحرام الذي جعله للناس قياما.

ثمّ جعله بأوعر(1) بقاع الأرض حجرا و أقل نتائق الدنيا مدرا(2) و أضيق بطون الأودية معاشا، و أغلظ محال المسلمين مياها بين جبال خشنة و رمال دمثة(3) و قرى منقطعة و أثر من مواضع قطر السماء داثر(4) ليس يزكو به خف و لا ظلف و لا حافر(5) ثمّ أمر آدم و ولده أن يثنوا أعطافهم نحوه فصار مثابة لمنتجع أسفارهم و غاية لملقى رحالهم تهوي إليه ثمار الأفئدة من مفاوز قفار متصلة و جزائر بحار

ص: 96


1- و عر المكان: صلب.
2- قال الجزري في حديث علي عليه السّلام في صفة مكة: و الكعبة أقل نتائق الدنيا مدرا، النتائق - جمع نتيقة، فعيلة بمعنى مفعولة من النتق -: و هو أن تقلع الشيء فترفعه من مكانه لترمي به. هذا هو الأصل و أراد بها ههنا البلاد لرفع بنائها و شهرتها في موضعها. «انتهى» و قال الشارح المعتزلي: أصل هذه اللفظة من قولهم امرأة منتاق: أي كثيرة الحبل و الولادة، و يقال: ضيعة منتاق: أي كثيره الريع، فجعل عليه السّلام الضياع ذوات المدر التي تثار للحرث نتائق و قال: إنّ مكّة أقلّها صلاحا للزرع لأنّ أرضها حجرية.
3- رمال دمثة: سهلة و كلما كان الرمل أسهل كان أبعد عن أن ينبت.
4- الأثر: بقية رسم الشيء، و الدثور: الدروس و هو أن تهب الرياح على المنزل فيغشى رسومه الرمل و يغطيه.
5- الخف - ههنا -: هو الإبل، و الحافر: الخيل و الحمير، و الظلف: الشاة، (و لا يزكو بها): أي لا تزيد: أي ليس حولها مرعى ترعاه تلك فتسمن.

منقطعة و مهاوي فجاج عميقة حتى يهزّوا مناكبهم ذللا للّه حوله و يرملوا على أقدامهم شعثا غبرا له قد نبذوا القنع و السرابيل وراء ظهورهم و حسروا بالشعور حلقا عن رؤوسهم(1) ابتلاء عظيما و اختبارا كبيرا و امتحانا شديدا و تمحيصا بليغا و قنوتا مبينا(2) جعله اللّه سببا لرحمته و وصلة و وسيلة إلى جنته و علة لمغفرته و ابتلاء للخلق برحمته فلو كان اللّه تبارك و تعالى وضع بيته الحرام و مشاعره العظام بين جنات و أنهار و سهل و قرار جم الأشجار داني الثمار ملتف

ص: 97


1- قوله عليه السّلام: (يثنوا أعطافهم نحوه... اه) الثني: العطف، و عطفا الرجل: جانباه: أي يقصدوه و يحجوه، يقال: ثنا عطفه نحوه أي توجه إليه، و المثابة: المرجع، و المنتجع: محل الكلأ، و النجعة: طلب الكلأ في الأصل، ثمّ سمى كلّ من قصد أمرا يروم النفع منه منتجعا. قال المحدث الكاشاني (ره) و في قوله عليه السّلام: (تهوي إليه ثمار الأفئدة) استعارة لطيفة و نظر إلى قوله سبحانه حكاية عن خليله عليه السّلام: و اجعل أَفْئِدَةً مِنَ النّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ... و القفر من المفاوز: ما لا ماء فيه و لا كلأ. و المهاوي: المساقط، و الفجاج - جمع الفج - و هو الطريق بين الجبلين، و الهز: التحريك، قال الشارح المعتزلي: أي يحركهم الشوق نحوه إلى أن يسافروا إليه فكنّى عن السفر بهز المناكب، و ذللا حال إما منهم أو من المناكب و واحد المناكب منكب - بكسر الكاف -: و هو مجمع عظم العضد، و الرمل: السعي فوق المشي قليلا. و الشعث: انتشار الأمر و اغبرار الرأس و تلبد الشعر، و القنع: جمع القناع، و الحسر: الكشف، قال الفيض (ره): و به يتعلق قوله (و رؤوسهم).
2- القنوت: الخضوع.

النبات، متصل القرى من برة سمراء، و روضة خضراء و أرياف محدقة، و عراص مغدقة و زروع ناضرة، و طرق عامرة، و حدائق كثيرة لكان قد صغر الجزاء على حسب ضعف البلاء(1) ثمّ لو كانت الأساس المحمول عليها أو الأحجار المرفوع بها بين زمردة خضراء، و ياقوتة حمراء و نور و ضياء، لخفف ذلك مصارعة الشك في الصدور، و لوضع مجاهدة إبليس عن القلوب، و لنفي معتلج الريب من الناس، و لكن اللّه جلّ و عزّ يختبر عبيده بأنواع الشدائد و يتعبدهم بألوان المجاهد و يبتليهم بضروب المكاره إخراجا للتكبر من قلوبهم و إسكانا للتذلل في أنفسهم و ليجعل ذلك أبوابا فتحا إلى فضله و أسبابا ذللا لعفوه و فتنة(2) كما قال: الم (1) أَ حَسِبَ النّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ

ص: 98


1- قوله عليه السّلام (جم الأشجار): أي كثيرها، و داني الثمار: قريبها، و التفاف النبات: اشتباكها، و في النهج: «ملتف البنى»: أي مشتبك العبارة، و البرة: الواحدة من البر و هو الحنطة. و الأرياف - جمع الريف -: أرض فيها زرع و خصب و ما قارب الماء من أرض العرب، و المحدقة: المحيطة، و عراص - جمع عرصة -: الساحة، و المغدقة: كثيرة الماء.
2- قوله عليه السّلام (مصارعة الشك في الصدور...) المصارعة: المحاولة، و الاعتلاج: الاقتتال، قال الفيض (ره): و في قوله عليه السّلام مصارعة الشك استعارة لطيفة، و كذا في قوله: معتلج الريب و معناهما متقاربان. و المجاهد - جمع مجهدة -: و هي المشقة، و أبوابا فتحا: أي مفتوحة. و أسبابا ذللا: أي سهلة.

يَقُولُوا آمَنّا لا يُفْتَنُونَ (2) وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ لَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ (1) .

[74] - في نهج البلاغة: و قام إليه عليه السّلام رجل فقال:

أخبرنا عن الفتنة و هل سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عنها؟

فقال عليه السّلام: إنه لما أنزل اللّه سبحانه قوله: الم (1) أَ حَسِبَ النّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ علمت أنّ الفتنة لا تنزل بنا و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بين أظهرنا، فقلت:

يا رسول اللّه ما هذه الفتنة التي أخبرك اللّه بها؟

فقال: يا علي إنّ أمّتي سيفتنون من بعدي، فقلت:

يا رسول اللّه أو ليس قد قلت لي يوم أحد حيث استشهد من استشهد من المسلمين و أحيزت عني الشهادة فشق ذلك عليّ فقلت لي: أبشر فإنّ الشهادة من ورائك، فقال لي: إنّ ذلك لكذلك فكيف صبرك إذا؟

فقلت يا رسول اللّه ليس هذا من مواطن الصبر و لكن من مواطن البشرى و الشكر، و قال: يا علي سيفتنون بعدي بأموالهم، و يمنون بدينهم على ربهم و يتمنون رحمته و يأمنون

ص: 99


1- الكافي: 198/4 /كتاب الحج/باب ابتلاء الخلق ح 2.

سطوته، و يستحلون حرامه بالشبهات الكاذبة و الأهواء الساهية، فيستحلون الخمر بالنبيذ و السحت بالهدية و الربا بالبيع.

قلت: يا رسول اللّه فبأي المنازل أنزلهم عند ذلك أبمنزلة ردّة أم بمنزلة فتنة ؟

قال: بمنزلة فتنة(1).

[75] - محمّد بن العباس، عن أحمد بن محمّد بن سعيد، عن أحمد بن الحسين، عن أبيه، عن حصين بن مخارق، عن عبيد اللّه (عبد اللّه) بن الحسين، عن أبيه، عن جدّه، عن الحسين بن علي، عن أبيه عليه السّلام قال:

لمّا نزلت الم (1) أَ حَسِبَ النّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ قال: قلت: يا رسول اللّه ما هذه الفتنة ؟

قال: يا علي إنّك مبتلى بك، و إنّك مخاصم فأعدّ للخصومة(2).

[76] - ابن الميثم، قد روى كثير من المحدثين

ص: 100


1- نهج البلاغة: خطبة 156.
2- تأويل الآيات الظاهرة: 419؛ البحار 228:24؛ مناقب ابن شهر آشوب، باب ما يتعلّق بمناقبه عليه السّلام 203:3؛ تفسير البرهان 244:3؛ غاية المرام: 404.

عنه عليه السّلام، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: إنّ اللّه قد كتب عليك جهاد المفتونين كما كنت على جهاد المشركين، قال:

فقلت: يا رسول اللّه و ما هذه الفتنة التي كتب اللّه عليّ فيها الجهاد؟

قال: فتنة قوم يشهدون أن لا إله إلاّ اللّه و أني رسول اللّه و هم مخالفون للسنّة، فقلت: يا رسول اللّه فعلام أقاتلهم و هم يشهدون كما أشهد؟

قال: على الإحداث في الدين و مخالفة الأمر.

فقلت: يا رسول اللّه إنّك كنت و عدتني بالشهادة فأسأل اللّه أن يجعلها لي بين يديك.

قال: فمن يقاتل الناكثين و القاسطين و المارقين، أما أنّي وعدتك بالشهادة و تستشهد (و) تضرب على هذا فتخضب هذه فكيف صبرك إذن ؟

فقلت: يا رسول اللّه ليس هذه بموطن صبر هذا موطن شكر، قال: أجل أصبت، فأعدّ للخصومة فإنّك مخاصم.

فقلت: يا رسول اللّه لو بيّنت لي قليلا.

فقال: إنّ أمّتي ستفتن من بعدي فتتأوّل القرآن و تعمل بالرأي و تستحل الخمر بالنبيذ، و السحت بالهدية، و الربا

ص: 101

بالبيع، و تحرّف الكتاب عن مواضعه، و تغلب كلمة الضلال، فكن جليس بيتك حتّى تقلّدها فإذا قلّدتها جاشت عليك الصدور و قلّبت لك الأمور، (فقال:) فقاتل حينئذ على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله، فليست حالهم الثانية دون حالهم الأولى.

فقلت: يا رسول اللّه فبأيّ المنازل هؤلاء المفتونين أبمنزلة فتنة أم بمنزلة ردّة ؟

فقال: بمنزلة فتنة يعمهون فيها إلى أن يدركهم العدل، فقلت: يا رسول اللّه أيدركهم العدل منّا أم من غيرنا؟

قال: بل منّا، فبنا فتح و بنا يختم، و بنا ألّف اللّه بين القلوب بعد الشرك، فقلت: الحمد للّه على ما وهب لنا من فضله(1).

[77] - علي بن إبراهيم، قال: حدّثني أبي، عن محمّد بن الفضل، عن أبي الحسن عليه السّلام قال: جاء العباس إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: إنطلق بنا نبايع لك الناس، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: أتراهم فاعلين ؟

ص: 102


1- شرح النهج لابن ميثم في بحث صفة أهل القبور في القيامة 365:3.

قال: نعم، قال: فأين قوله: الم (1) أَ حَسِبَ النّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ (2) وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ لَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ (3) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ (4) مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللّهِ لَآتٍ قال: من أحبّ لقاء اللّه جاءه الأجل، وَ مَنْ جاهَدَ أمال نفسه عن اللّذات و الشهوات و المعاصي فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ (1),(2).

قوله تعالى: مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللّهِ لَآتٍ (3)

[78] - في كتاب التوحيد عن علي عليه السّلام حديث طويل يقول فيه و قد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات: فأما قوله بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ (4) يعني بالبعث، فسماه اللّه عزّ و جلّ لقاء، و كذلك ذكر المؤمنين الذي يظنون أنهم ملاقو ربهم يعني أنهم يؤمنون أنهم يبعثون و يحشرون و يجزون بالثواب و العقاب و الظن هنا اليقين و كذلك قوله: فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً (5) و قوله: مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللّهِ فَإِنَّ أَجَلَ

ص: 103


1- سورة العنكبوت، الآيات: 1-6.
2- تفسير القمي 148:2؛ غاية المرام: 404.
3- سورة العنكبوت، الآية: 5.
4- سورة السجدة، الآية: 10.
5- سورة الكهف، الآية: 110.

اَللّهِ لَآتٍ (1) يعني بقوله من كان يؤمن بأنه مبعوث، فإن وعد اللّه لآت، من الثواب و العقاب فاللقاء ههنا ليس بالرؤية، و اللقاء هو البعث، فافهم جميع ما في كتاب اللّه من لقائه، فإنه يعني بذلك البعث(2).

ص: 104


1- سورة العنكبوت، الآية: 5.
2- كتاب التوحيد: 267 /ب 36 ح 5.

الآية (8)

[سورة العنكبوت (29): آیة 8]

وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً

[79] - في مجمع البيان: و روي عن علي عليه السّلام حسنا بفتح الحاء و السين(1).

ص: 105


1- مجمع البيان: 128/9.

الآية (25)

[سورة العنكبوت (29): آیة 25]

يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَ يَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً

[80] - في كتاب التوحيد: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه و قد سأله رجل عمّا اشتبه عليه من آيات الكتاب و أما قوله: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً (1) و قوله:

وَ اللّهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ (2) و قوله يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَ يَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً (3) و قوله: إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النّارِ (4) و قوله: قالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَ قَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ

ص: 106


1- سورة النبأ، الآية: 38.
2- سورة الأنعام، الآية: 23.
3- سورة العنكبوت، الآية: 25.
4- سورة ص، الآية: 64.

بِالْوَعِيدِ (1) و قوله: اَلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (2):فإنّ ذلك في مواطن غير واحدة من مواطن ذلك اليوم الذي كان مقداره خمسين ألف سنة يجمع اللّه عزّ و جلّ الخلائق في مواطن يتفرقون و يكلّم بعضهم بعضا و يستغفر بعضهم لبعض أولئك الذين كان منهم الطاعة في دار الدنيا الرؤساء و الأتباع و يلعن بعض أهل المعاصي الذين بدت منهم البغضاء و تعاونوا على الإثم و العدوان في دار الدنيا و المستكبرون و المستضعفون يكفر بعضهم ببعض و يلعن بعضهم بعضا. و الكفر في هذه الآية البراءة يقول:

فيبرأ بعضهم من بعض، و نظيرها في سورة إبراهيم قول الشيطان: إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ (3) و قول إبراهيم خليل الرّحمن: كَفَرْنا بِكُمْ (4) أي تبرّأنا منكم ثمّ يجتمعون في موطن آخر يبكون فلو أن تلك الاصوات بدت لأهل الدنيا لأذهلت جميع الخلق عن معايشهم، و لتصدّعت قلوبهم إلاّ ما شاء اللّه، فلا يزالون يبكون الدم، ثمّ يجتمعون في

ص: 107


1- سورة ق، الآية: 28.
2- سورة يس، الآية: 65.
3- سورة إبراهيم، الآية: 22.
4- سورة الممتحنة، الآية: 4.

موطن آخر فيستنطقون فيه فيقولون: وَ اللّهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ (1) فيختم اللّه تبارك و تعالى على أفواههم و يستنطق الأيدي و الأرجل و الجلود، فتشهد بكلّ معصية كانت منهم، ثمّ يرفع عن ألسنتهم الختم فيقولون لجلودهم: لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ (2) ثمّ يجتمعون في موطن آخر فيستنطقون فيفر بعضهم من بعض، فذلك قوله عزّ و جلّ: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ (3(3) وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ (4) فيستنطقون لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً (5) فيقوم الرسل صلوات اللّه عليهم فيشهدون في هذا الموطن، فذلك قوله تعالى: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً (5).

ثمّ يجتمعون في موطن آخر فيكون فيه مقام محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو المقام المحمود، فيثني على اللّه تبارك و تعالى بما لم يثن عليه أحد قبله، ثمّ يثني على الملائكة كلهم فلا يبقى ملك

ص: 108


1- سورة الأنعام، الآية: 23.
2- سورة فصلت، الآية: 21.
3- سورة النساء، الآية: 41.
4- سورة عبس، الآيات: 34 و 35 و 36.
5- سورة النبأ، الآية: 38.

إلاّ أثنى عليه محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ثمّ يثني على الرسل بما لم يثن عليهم أحد مثله، ثمّ يثني على كلّ مؤمن و مؤمنة يبدأ بالصدّيقين ثمّ الشهداء ثمّ الصالحين، فيحمده أهل السماوات و أهل الأرض و ذلك قوله عزّ و جلّ: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً (1) فطوبى لمن كان له في ذلك المقام حظ، و ويل لمن لم يكن له في ذلك المقام حظّ و لا نصيب، ثمّ يجتمعون في موطن آخر و يدان بعضهم من بعض؛ و هذا كله قبل الحساب فإذا أخذ في الحساب شغل كلّ انسان بما لديه، نسأل اللّه بركة ذلك اليوم(2).

[81] - عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه و قد ذكر قوله تعالى: يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَ يَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً و الكفر في هذه الآية البراءة، يقول: فيبرأ بعضكم من بعض، و نظيرها في سورة إبراهيم قول الشيطان: إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ (3) و قول إبراهيم خليل الرحمن: كَفَرْنا بِكُمْ (4) يعني تبرّأنا منكم(5).

ص: 109


1- سورة الإسراء، الآية: 79.
2- التوحيد: ب 36 ح 260/5.
3- سورة إبراهيم، الآية: 22.
4- سورة الممتحنة، الآية: 4.
5- التوحيد، باب الردّ على الوثنية: 260؛ تفسير نور الثقلين 301:5.

الآية (27)

[سورة العنكبوت (29): آیة 27]

وَ آتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَ إِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصّالِحِينَ

[82] - في أمالي شيخ الطائفة (قدس سره): بإسناده إلى أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه عليه السّلام:

اعلموا يا عباد اللّه أنّ المؤمن من يعمل لثلاث من الثواب، إما لخير فإن اللّه يثيبه بعمله في دنياه، قال سبحانه لإبراهيم:

وَ آتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَ إِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصّالِحِينَ فمن عمل للّه تعالى أعطاه أجره في الدنيا و الآخرة و كفاه المهم فيهما(1).

ص: 110


1- الأمالي: 26 و بشارة المصطفى: 44.

الآية (41)

[سورة العنكبوت (29): آیة 41]

وَ إِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ

[83] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرني ابن فنجويه، قال: حدّثنا ابن شنبه، قال: حدّثنا أبو حامد المستملي، قال: حدّثنا محمد بن عمران الضبي، قال: حدّثني محمد بن سليمان المكي، قال: حدّثني عبد اللّه بن ميمون القداح، قال: سمعت جعفر بن محمد يقول: سمعت أبي يقول: قال علي بن أبي طالب: طهّروا بيوتكم من نسيج العنكبوت، فإنّ تركه في البيوت يورث الفقر، قال: سمعت عليا يقول: منع الخميرة يورث الفقر(1).

ص: 111


1- تفسير الثعلبي: 280/7.

الآية (57)

[سورة العنكبوت (29): آیة 57]

كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ

[84] - عن علي عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لمّا نزلت هذه الآية: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ قلت: يا ربّ أتموت الخلائق كلّهم و يبقى الأنبياء؟ فنزلت كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ (1),(2).

ص: 112


1- العنكبوت: 57.
2- كنز العمال 491:2 ح 4578.

الآية (69)

[سورة العنكبوت (29): آیة 69]

وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَ إِنَّ اللّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ

[85] - في كتاب معاني الأخبار: بإسناده إلى عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عن أمير المؤمنين عليهما السّلام أنّه قال: ألا و إنّي مخصوص في القرآن بأسماء إحذروا أن تغلبوا عليها فتضلوا في دينكم، أنا المحسن يقول اللّه عزّ و جلّ:

وَ إِنَّ اللّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ .و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(1).

[86] - محمّد بن العباس، عن عبد العزيز بن يحيى، عن عمرو بن عبد عن محمّد بن زكي (زكريا)، عن محمّد بن الفضل، عن محمّد بن شعيب، عن قيس بن الربيع، عن منذر الثوري، عن محمّد بن الحنفية،

ص: 113


1- معاني الأخبار: باب معنى أسماء الائمّة (عليهم السّلام) ح 9 /ص 58.

عن أبيه علي عليه السّلام قال: يقول اللّه عزّ و جلّ: وَ إِنَّ اللّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ فأنا ذلك المحسن(1).

***

ص: 114


1- تأويل الآيات الظاهرة: 424؛ البحار 190:24؛ تفسير البرهان 257:3.

سورة الروم

اشارة

ص: 115

ص: 116

الآيتان (1) و (2)

[سورة الروم (30): الآیات 1 الی 2]

الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ

[87] - محمّد بن العباس، عن أحمد بن محمّد بن سعيد، عن الحسن بن القاسم قراءة، عن علي بن إبراهيم المصلّي، عن الفضيل بن إسحاق، عن يعقوب بن شعيب، عن عمران بن ميثم، عن عبادة، عن عليّ عليه السّلام قال: قوله الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ فينا و في بني أميّة(1).

ص: 117


1- تفسير البرهان 257:3.

الآية (9)

[سورة الروم (30): آیة 9]

أَ وَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ

[88] - في تفسير عليّ بن إبراهيم و قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه في كتابه الذي كتبه إلى شيعته يذكر فيه خروج عائشة إلى البصرة و عظم خطأ طلحة و الزبير فقال:

و أيّ خطأ أعظم ممّا أتيا؟ أخرجا زوجة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من بيتها و كشفا عنها حجابا ستره اللّه عليها، وصانا حلائلهما في بيوتهما ما أنصفا لا للّه و لا لرسوله من أنفسهما ثلاث خصال، مرجعها على الناس في كتاب اللّه عزّ و جلّ: البغي و المكر و النكث قال اللّه عزّ و جلّ: يا أَيُّهَا النّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ (1) و قال: فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ (2) و قال:

وَ لا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاّ بِأَهْلِهِ و قد بغيا علينا و نكثا بيعتي

ص: 118


1- سورة يونس، الآية: 23.
2- سورة الفتح، الآية: 10.

و مكرا بي و قوله عزّ و جلّ: أَ وَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ قال: أو لم ينظروا في القرآن و في أخبار رجعة الأمم الهالكة(1).

ص: 119


1- تفسير القمّيّ: 210/2 مع اختلاف يسير في المطبوع.

الآيتان (17) و (18)

[سورة الروم (30): الآیات 17 الی 18]

فَسُبْحانَ اللّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَ حِينَ تُصْبِحُونَ (1(7) وَ لَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ عَشِيًّا وَ حِينَ تُظْهِرُونَ

[89] - في كتاب ثواب الأعمال: عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: من قال حين يمسي ثلاث مرات:

فَسُبْحانَ اللّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَ حِينَ تُصْبِحُونَ (1(7) وَ لَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ عَشِيًّا وَ حِينَ تُظْهِرُونَ ،لم يفته خير يكون في تلك الليلة، و صرف عنه جميع شرها، و من قال ذلك حين يصبح لم يفته خير يكون في ذلك اليوم و صرف عنه جميع شرّه(1).

[90] - في عوالي اللآليء: و في الحديث عنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: من قرأ حين يصبح: فَسُبْحانَ اللّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَ حِينَ

ص: 120


1- ثواب الأعمال: 200.

تُصْبِحُونَ الآيات الثلاث إلى تُخْرَجُونَ أدرك ما فاته في يومه، و إن قالها حين يمسي أدرك ما فاته في ليلته(1).

[91] - في كتاب التوحيد: بإسناده إلى يزيد بن الأصم قال: سأل رجل عمر بن الخطاب فقال: يا أمير المؤمنين ما تفسير سبحان اَللّهِ ؟

فقال: إنّ في هذا الحائط رجلا إذا كان سئل أنبأ و إذا سكت ابتدأ، فدخل الرجل و إذا هو عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فقال: يا أبا الحسن ما تفسير سبحان اَللّهِ ؟

قال: هو تعظيم جلال اللّه عزّ و جلّ و تنزيهه عما قال فيه كلّ مشرك، فإذا قالها العبد صلّى عليه كلّ ملك(2).

ص: 121


1- عوالي اللآلي: 181/1.
2- التوحيد: ب 45 ح 312/1.

الآية (60)

[سورة الروم (30): آیة 60]

فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ

[92] - قوله جلّ ذكره: فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ أي لا يغضبنك، قال: و كان علي بن أبي طالب عليه السّلام يصلّي و ابن الكوا خلفه و أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه يقرأ فقال ابن الكوا: وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (1) فسكت أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه حتى سكت ابن الكوا، ثمّ عاد في قراءته حتّى فعل ابن الكوا ثلاث مرات فلمّا كان في الثالثة قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه: فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ (2).

ص: 122


1- الزمر: 65.
2- تفسير القمّيّ: 160/2.

سورة لقمان

اشارة

ص: 123

ص: 124

الآية (13)

[سورة لقمان (31): آیة 13]

إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ

[93] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه يقول عليه السّلام لبعض الزنادقة: و أجده يخبر أنه يتلو نبيه شاهد منه و كان الذي تلاه عبد الأصنام برهة من دهره، و أما قوله: وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ (1) فذلك حجة اللّه أقامها اللّه على خلقه و عرفهم أنه لا يستحق مجلس النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلاّ من يقوم مقامه، و لا يتلوه من يكون في الطهارة مثله بمنزلته لئلا يتسع لمن مسّه رجس الكفر في وقت من الأوقات انتحال الاستحقاق لمقام الرسول، و ليضيق العذر على من يعينه على إثمه و ظلمه إذ كان اللّه قد حظر على من مسّه الكفر تقلد ما فوضه إلى

ص: 125


1- سورة هود، الآية: 17.

أنبيائه و أوليائه بقوله لإبراهيم: لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ (1) أي المشركين لأنه سمى الشرك ظلما بقوله: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (2) فلما علم إبراهيم عليه السّلام أن عهد اللّه تبارك و تعالى اسمه بالإمامة لا ينال عبدة الأصنام قال: وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ (3) و اعلم أن من آثر المنافقين على الصادقين، و الكفار على الأبرار فقد افترى على اللّه إثما عظيما، إذ كان قد بيّن في كتابه الفرق بين المحق و المبطل، و الطاهر و النجس، و المؤمن و الكافر، و أنه لا يتلو النبي عند فقده إلاّ من حلّ محله صدقا و عدلا و طهارة و فضلا(4).

[94] - في مجمع البيان اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا (5) الآية و روي عن عبد اللّه بن مسعود قال لما نزلت هذه الآية شق على الناس و قالوا: يا رسول اللّه و أينا لم يظلم نفسه ؟

فقال عليه السّلام: إنه ليس الذي يعنون ألم تسمعوا إلى

ص: 126


1- البقرة: 124.
2- لقمان: 13.
3- إبراهيم: 35.
4- الإحتجاج: 590/1 /محاجة 137.
5- سورة الأنعام، الآية: 82.

ما قال العبد الصالح يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (1) و اختلف في هذه الآية فقيل: إنه من تمام قول إبراهيم عليه السّلام و روي ذلك عن علي عليه السّلام(2).

ص: 127


1- لقمان: 13.
2- مجمع البيان: 506/4 /الأنعام: 82.

الآيتان (14) و (15)

[سورة لقمان (31): الآیات 14 الی 15]

وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَ فِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَ لِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (1(4) وَ إِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَ صاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً وَ اتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ

[95] - في أصول الكافي: الحسين بن محمّد عن معلى بن محمّد عن بسطام بن مرة عن إسحاق بن حسان عن الهيثم بن واقد عن علي بن الحسين العبدي عن سعد الإسكاف عن الأصبغ بن نباتة أنه سأل أمير المؤمنين عليه السّلام عن قوله تعالى: أَنِ اشْكُرْ لِي وَ لِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ فقال الوالدان اللذان أوجب اللّه لهما الشكر، هما اللذان ولدا العلم و ورثا الحكم، و أمر الناس بطاعتهما.

ثمّ قال اللّه: وَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ فمصير العباد إلى اللّه،

ص: 128

و الدليل على ذلك الوالدان، ثمّ عطف القول على ابن حنتمة(1) و صاحبه فقال في الخاص و العام: وَ إِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي تقول في الوصية و تعدل عمن أمرت بطاعته فلا تطعهما و لا تسمع قولهما ثمّ عطف القول على الوالدين فقال: وَ صاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً يقول: عرّف الناس فضلهما و ادع إلى سبيلهما؛ و ذلك قوله: وَ اتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فقال: إلى اللّه ثمّ إلينا فاتقوا اللّه و لا تعصوا الوالدين فإن رضاهما رضا اللّه و سخطهما سخط اللّه(2).

ص: 129


1- حنتمة بنت ذي الحرمين أم عمر بن الخطاب.
2- أصول الكافي: كتاب الحجة/ 428/1 ح 79 /باب في الولاية.

الآية (17)

[سورة لقمان (31): آیة 17]

وَ اصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ

[96] - في مجمع البيان: وَ اصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ من المشقّة و الأذى في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر عن علي عليه السّلام(1).

ص: 130


1- مجمع البيان: 500/8.

الآية (20)

[سورة لقمان (31): آیة 20]

وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً

[97] - قال أبو جعفر عليه السّلام: حدّثني عبد اللّه بن العباس، و جابر بن عبد اللّه الأنصاري، و كان بدريّا أحديّا شجريّا ممّن محض من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في مودّة أمير المؤمنين عليه السّلام قالوا: بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في مسجد في رهط من أصحابه فيهم أبو بكر، و أبو عبيدة، و عمر، و عثمان، و عبد الرحمن، و رجلان من قرّاء الصحابة من المهاجرين عبد اللّه بن أمّ عبد، و من الأنصار، أبيّ بن كعب و كانا بدريّين، فقرأ عبد اللّه من السورة التي يذكر فيها لقمان حتّى أتى على هذه الآية وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً الآية، و قرأ أبيّ من السورة التي يذكر فيها إبراهيم عليه السّلام:

وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَيّامِ اللّهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبّارٍ شَكُورٍ (1) قالوا: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أيّام اللّه نعماؤه و بلاؤه و مثلاته سبحانه، ثمّ أقبل صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على من شهد من أصحابه، فقال: إنّي لأتخوّلكم بالموعظة تخوّلا مخافة السأمة عليكم، و قد أوحى إليّ ربي جلّ و تعالى أن أذكّركم بالنعمة و أنذركم بما اقتصّ عليكم كتابه و تلا: وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ الآية، ثمّ قال لهم: قولوا الآن قولكم ما أوّل نعمة رغّبكم اللّه فيها و بلاكم بها؟ فخاض القوم جميعا، فذكروا نعم اللّه التي أنعم عليهم و أحسن إليهم بها المعاش و الرياش و الذرّية و الأزواج إلى سائر ما بلاهم اللّه عزّ و جلّ به من أنعمه الظاهرة.

ص: 131

وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَيّامِ اللّهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبّارٍ شَكُورٍ (1) قالوا: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أيّام اللّه نعماؤه و بلاؤه و مثلاته سبحانه، ثمّ أقبل صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على من شهد من أصحابه، فقال: إنّي لأتخوّلكم بالموعظة تخوّلا مخافة السأمة عليكم، و قد أوحى إليّ ربي جلّ و تعالى أن أذكّركم بالنعمة و أنذركم بما اقتصّ عليكم كتابه و تلا: وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ الآية، ثمّ قال لهم: قولوا الآن قولكم ما أوّل نعمة رغّبكم اللّه فيها و بلاكم بها؟ فخاض القوم جميعا، فذكروا نعم اللّه التي أنعم عليهم و أحسن إليهم بها المعاش و الرياش و الذرّية و الأزواج إلى سائر ما بلاهم اللّه عزّ و جلّ به من أنعمه الظاهرة.

فلمّا أمسك القوم أقبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على عليّ عليه السّلام فقال: يا أبا الحسن قل فقد قال أصحابك.

فقال: و كيف لي بالقول فداك أبي و أمّي، و إنّما هدانا اللّه بك ؟

قال: و مع ذلك فهات، قل ما أوّل نعمة بلاك اللّه عزّ و جلّ و أنعم عليك بها؟

ص: 132


1- إبراهيم: 5.

قال: أن خلقني جلّ ثناؤه و لم أك شيئا مذكورا، قال: صدقت، فما الثانية ؟

قال: أن أحسن بي إذ خلقني فجعلني حيّا لا ميتا، قال:

صدقت، قال: فما الثالثة ؟

قال: أن أنشأني فله الحمد في أحسن صورة و أعدل تركيب، قال: صدقت، فما الرابعة ؟

قال: أن جعلني متفكّرا واعيا لا بلهة ساهيا، قال:

صدقت، فما الخامسة ؟

قال: أن جعل لي شواعر أدرك ما ابتغيت بها و جعل لي سراجا منيرا، قال: صدقت، فما السادسة ؟

قال: أن هداني لدينه و لم يضلّني عن سبيله، قال:

صدقت فما السابعة ؟

قال: أن جعل لي مردّا في حياة لا انقطاع لها، قال:

صدقت، فما الثّامنة ؟

قال: أن جعلني ملكا مالكا لا مملوكا، قال: صدقت، فما التاسعة ؟

ص: 133

قال: أن سخّر لي سماءه و أرضه و ما فيهما من خلقه، قال: صدقت، فما العاشرة ؟

قال: أن جعلنا سبحانه و تعالى ذكرانا قوّاما على حلائلنا لا أناثا، قال: صدقت، فما بعد هذا؟

قال: كثرت نعم اللّه يا نبي اللّه فطابت، و تلا وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللّهِ لا تُحْصُوها (1) ،فتبسّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و قال:

لتهنك الحكمة، ليهنك العلم يا أبا الحسن، فأنت وارث علمي و المبيّن لأمّتي ما اختلفت فيه من بعدي، من أحبّك لدينك و أخذ بسبيلك فهو ممّن هدي إلى صراط مستقيم، و من رغب عن هداك و أبغضك (و تخلاّك) لقي اللّه يوم القيامة لا خلاق له(2).

ص: 134


1- النحل: 18.
2- أمالي الطوسي، مجلس 491:17 ح 1077؛ البحار 20:70.

الآية (34)

[سورة لقمان (31): آیة 34]

إِنَّ اللّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ وَ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَ يَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ

[98] - أخرج ابن مردويه، عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قال: لم يعم على نبيّكم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلاّ الخمس من سرائر الغيب، هذه الآية في آخر لقمان إلى آخر السورة(1).

[99] - في نهج البلاغة: كلام يومىء به عليه السّلام إلى وصف الأتراك: كأنّي أراهم قوما كأنّ وجوههم المجانّ المطرّقة(2) يلبسون السّرق و الديباج و يعتقبون الخيل العتاق(3) و يكون هناك استحرار قتل حتّى يمشي المجروح

ص: 135


1- تفسير السيوطي 169:5.
2- المجان - بالفتح - جمع مجن - بكسر الميم -: و هو الترس. و المطرقة - بفتح الراء و التخفيف - التي تطبق و تخصف كطبقات النعل، و ريش طباق: إذا كان بعضه فوق بعض.
3- السرق: شقق الحرير. واحدتها سرقة. يعتقبون الخيل العتاق: يحبسون كرائم الخيل و يمنعونها غيرهم. قال أبو عبيدة في المحكي عنه. هي البيض منها و هو فارسي معرب أصله سره أي جيد كالاستبرق الغليظ من الديباج، و يعتقبون الخيل: أي يجنبونها لينتقلوا من غيرها إليها.

على المقتول و يكون المفلت أقل من المأسور(1) فقال له بعض أصحابه: لقد أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب! فضحك و قال للرجل و كان كلبيا:

يا أخا كلب، ليس هو بعلم غيب، و إنّما هو تعلّم من ذي علم، و إنّما علم الغيب علم الساعة و ما عدده اللّه سبحانه بقوله: إِنَّ اللّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ (2) الآية فيعلم سبحانه ما في الأرحام من ذكر أو أنثى، و قبيح أو جميل، و سخي أو بخيل، و شقي أو سعيد. و من يكون في النار حطبا، و في الجنان للنبيين مرافقا، فهذا علم الغيب الذي لا يعلمه إلاّ اللّه، و ما سوى ذلك فعلم علّمه اللّه نبيه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم

ص: 136


1- استحرار القتل: شدته. و المفلت: الهارب، قال الشارح المعتزلي: و اعلم أنّ هذا الغيب الذي أخبر عليه السّلام عنه قد رأيناه نحن عيانا و وقع في زماننا و كان الناس ينتظرونه من أول الإسلام حتى ساقه القضاء و القدر إلى عصرنا و هم التتار الذين خرجوا من أقاصي المشرق حتى وردت خيلهم العراق و الشام و فعلوا بملوك الخطا و قفجاق و ببلاد ما وراء النهر و بخراسان و ما والاها من بلاد العجم ما لم تحتو التواريخ منذ خلق اللّه تعالى آدم إلى عصرنا هذا على مثله ثم ذكر طرفا من أخبارهم و ابتداء ظهورهم. راجع إن شئت شرح ابن أبي الحديد ج 363:2 ط مصر.
2- لقمان: 34.

فعلّمنيه، و دعا لي بأن يعيه صدري و تضطم عليه جوانحي(1),(2).

[100] - في أمالي الصدوق رحمه اللّه: بإسناده إلى أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه لمّا أراد المسير إلى النهروان أتاه منجّم فقال له: يا أمير المؤمنين لا تسر في هذه الساعة و سر في ثلاث ساعات يمضين من النهار، فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام: و لم ذاك ؟

قال: لأنّك إن سرت في هذه الساعة أصابك و أصاب أصحابك أذى و ضرّ شديد، و إن سرت في الساعة التي أمرتك ظفرت و ظهرت و أصبت كل ما طلبت، فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام: تدري ما في بطن هذه الدابة أذكر أم أنثى ؟

قال: إن حسبت علمت، قال له أمير المؤمنين: من صدقك على هذا القول كذب بالقرآن إِنَّ اللّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ وَ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَ يَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ما كان

ص: 137


1- تضطمّ: هو افتعال من الضمّ، أي و تنضم عليه جوانحي. و الجوانح: الأضلاع تحت الترائب مما يلي الصدر، و انضمامها عليه اشتمالها على قلب يعيها.
2- نهج البلاغة: خ 128.

محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يدّعي ما ادّعيت. و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(1).

قوله تعالى: وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ

[101] - في من لا يحضره الفقيه: و قال عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ: وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ فقال: من قدم إلى قدم(2).

ص: 138


1- الأمالي: 338 ح 16.
2- من لا يحضره الفقيه: 139/1 ح 380.

سورة السجدة

اشارة

ص: 139

ص: 140

الآية (10)

[سورة السجده (32): آیة 10]

بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ

[102] - في كتاب التوحيد عن علي عليه السّلام حديث طويل يقول فيه و قد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات:

فأما قوله بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ (1) يعني بالبعث، فسماه اللّه عزّ و جلّ لقاء، و كذلك ذكر المؤمنين الذي يظنون أنهم ملاقو ربهم يعني أنهم يؤمنون أنهم يبعثون و يحشرون و يجزون بالثواب و العقاب و الظن هنا اليقين و كذلك قوله:

فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً و قوله: مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللّهِ لَآتٍ (2) يعني بقوله من كان يؤمن بأنه مبعوث، فإن وعد اللّه لآت، من الثواب و العقاب فاللقاء ههنا ليس بالرؤية، و اللقاء هو البعث، فافهم جميع

ص: 141


1- سورة السجدة، الآية: 10.
2- سورة العنكبوت، الآية: 5.

ما في كتاب اللّه من لقائه، فإنه يعني بذلك البعث(1).

[103] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه و أنّه ربّ شيء من كتاب اللّه عزّ و جلّ يكون تأويله على تنزيله، و لا يشبه تأويل كلام البشر و لا فعل البشر، و سأنبئك بمثال لذلك تكتفي به إن شاء اللّه، إلى قوله: فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَ لكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللّهَ رَمى (2) فسمّى فعل النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فعلا له، ألا ترى تأويله على غير تنزيله ؟ و مثل قوله: بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ (3) فسمّى البعث لقاء و كذلك قوله: اَلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ (4) أي يوقنون أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ و مثله قوله: أَ لا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) أي أليس يوقنون أنّهم مبعوثون(6).

ص: 142


1- كتاب التوحيد: 267 /ب 36 ح 5.
2- سورة الأنفال، الآية: 17.
3- سورة السجدة، الآية: 10.
4- سورة البقرة، الآية: 46.
5- سورة المطففين، الآيتان: 4 و 5.
6- الإحتجاج: 588/1 /محاجة 137.

الآية (11)

[سورة السجده (32): آیة 11]

* قُلْ يَتَوَفّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ

[104] - في كتاب التوحيد حديث طويل عن علي عليه السّلام يقول فيه و قد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات: و أما قوله: يَتَوَفّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ و قوله: اَللّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها (1) و قوله: تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَ هُمْ لا يُفَرِّطُونَ (2) و قوله: اَلَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ و قوله: اَلَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ (3) فإن اللّه تبارك و تعالى يدبر الأمور كيف يشاء، يوكل من خلقه من يشاء بما يشاء، أما ملك الموت فإن اللّه يوكله

ص: 143


1- سورة الزمر، الآية: 42.
2- سورة الأنعام، الآية: 61.
3- سورة النحل، الآية: 32.

بخاصته بمن يشاء من خلقه و يوكل رسله من يشاء من خاصته بمن يشاء من خلقه يدبر الأمور كيف يشاء، و ليس كل العلم يستطيع صاحب العلم أن يفسره لكل الناس، لأن فيهم القوي و الضعيف، و لأن منه ما يطاق حمله و منه ما لا يطاق حمله، لمن سهل اللّه له حمله و أعانه عليه من خاصة أوليائه، و إنما يكفيك أن تعلم أن اللّه المحيي و المميت، و أنه يتوفى الأنفس على يد من يشاء من خلقه من ملائكة و غيرهم(1).

[105] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول مجيبا لبعض الزنادقة و قد قال أجد اللّه تعالى يقول يَتَوَفّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ و اَللّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها و اَلَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ و ما أشبه ذلك، فمرة يجعل الفعل لنفسه، و مرة لملك الموت، و مرة للملائكة، فأما قول اللّه عزّ و جلّ: اَللّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها (2) و قوله: يَتَوَفّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ و تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا (3)تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ و اَلَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فهو تبارك و تعالى أجلّ و أعظم من أن

ص: 144


1- كتاب التوحيد: ب 36 ح 5 /ص 259.
2- سورة الزمر، الآية: 42.
3- سورة الأنعام، الآية: 61.

يتولى ذلك بنفسه، و فعل رسله و ملائكته فعله، لأنهم بأمره يعملون، فاصطفى جل ذكره من الملائكة رسلا و سفرة بينه و بين خلقه، و هم الذين قال اللّه فيهم: اَللّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَ مِنَ النّاسِ (1) فمن كان من أهل الطاعة تولت قبض روحه ملائكة الرحمة و من كان من أهل المعصية تولت قبض روحه ملائكة النقمة، و لملك الموت أعوان من ملائكة الرحمة و النقمة، يصدرون عن أمره، و فعلهم و فعله و كل ما يأتونه منسوب إليه و إذا كان فعلهم فعل ملك الموت، و فعل ملك الموت فعل اللّه، لأنه يتوفى الأنفس على يد من يشاء و يعطي و يمنع و يثيب و يعاقب على يد من يشاء و إن فعل أمنائه فعله كما قال: وَ ما تَشاؤُنَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللّهُ (2),(3).

ص: 145


1- سورة الحج، الآية: 75.
2- الإنسان: 30، التكوير: 29، مكررة و لكن الذيل يختلف.
3- كتاب الإحتجاج للطبرسي: 573/1 /محاجة 137.

الآية (24)

[سورة السجده (32): آیة 24]

وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا

[106] - حدّثنا حميد بن زياد قال: حدّثنا محمّد بن الحسين عن محمّد بن يحيى عن طلحة بن زيد عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: الأئمة في كتاب اللّه إمامان: قال اللّه تعالى: وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لا بأمر الناس يقدمون أمر اللّه قبل أمرهم، و حكم اللّه قبل حكمهم. و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(1).

ص: 146


1- تفسير القمّيّ: 171/2 باختلاف في المطبوع.

الآيات (27)-(30)

[سورة السجده (32): آیة 27]

[سورة السجده (32): آیة 28] أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَ أَنْفُسُهُمْ أَ فَلا يُبْصِرُونَ (27) وَ يَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُ

[107] - الحسن الحلّي قال: من خطبة لمولانا أمير المؤمنين عليه السّلام تسمّى المخزون عن آخر الزمان جاء فيها:...

و تخرج لهم الأرض كنوزها، و يقول القائم عليه السّلام: كلوا هنيئا بما أسلفتم في الأيّام الخالية، فالمسلمون يومئذ أهل صواب للّذين(1) أذن لهم في الكلام، فيومئذ تأويل هذه الآية:

وَ جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (2) .

فلا يقبل اللّه يومئذ إلاّ دينه الحقّ، ألا للّه الدّين

ص: 147


1- كذا في الرجعة، و في البحار: للدّين.
2- سورة الفجر: 22.

الخالص، فيومئذ تأويل هذه الآية: أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَ أَنْفُسُهُمْ أَ فَلا يُبْصِرُونَ (27) وَ يَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (28) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَ لا هُمْ يُنْظَرُونَ (2(9) فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ انْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (1),(2).

ص: 148


1- سورة السجدة: 27-30.
2- مختصر البصائر: 462.

سورة الأحزاب

اشارة

ص: 149

ص: 150

الآية (4)

[سورة الأحزاب (33): آیة 4]

ما جَعَلَ اللّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ

[108] - في تفسير علي بن إبراهيم: و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله ما جَعَلَ اللّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ قال علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه: لا يجتمع حبنا و حب عدونا في جوف إنسان، إنّ اللّه لم يجعل لرجل قلبين في جوفه فيحب بهذا و يبغض بهذا.

فأمّا محبنا فيخلص الحب لنا كما يخلص الذهب بالنار لا كدر فيه، فمن أراد أن يعلم فليمتحن قلبه، فإن شارك في حبنا حب عدونا فليس منا، و لسنا منه، و اللّه عدوهم و جبرئيل و ميكائيل و اللّه عدو للكافرين(1).

ص: 151


1- تفسير القمّي: 171/2.

الآية (6)

[سورة الأحزاب (33): آیة 6]

وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ

[109] - ابن عساكر قال: أخبرنا أبو غالب أحمد، و أبو عبد اللّه يحيى، قالا: أنبأ أبو سعد محمّد بن الحسين بن عبد اللّه بن أبي علاثة، أنبأ أبو طاهر المخلّص، أنبأ أبو القاسم البغوي، ثنا عبد الأعلى بن حمّاد، ثنا حمّاد بن سلمة، عن أوس بن ثابت، عن حكيم بن عقال، أن امرأة ماتت و تركت ابني عمها أحدهما زوجها، و الآخر أخوها لأمها، فاختصما إلى شريح، فقال: للزوج النصف، و ما بقي فللأخ للأمّ، فارتفعا إلى علي بن أبي طالب، فقالا: إن شريحا قال كذا و كذا، قال: أدعوا إليّ العبد الأبظر، فدعي له، فقال: كيف قضيت بين هذين ؟ فأخبره، فقال علي: أفي كتاب اللّه وجدت هذا أم في سنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم ؟

فقال: بل في كتاب اللّه، قال: و أين هو من كتاب اللّه ؟

ص: 152

قال: يقول اللّه عزّ و جلّ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ (1) فقال: هل تجد في كتاب اللّه عزّ و جلّ للزوج النصف و ما بقي فللأخ من الأمّ؟

فقال علي: للزوج النصف و للأخ من الأم السّدس، و ما بقي فهو بينهما نصفان(2).

ص: 153


1- سورة الأحزاب، الآية: 6.
2- تاريخ دمشق: 17/25، و أخبار القضاة: 196/2.

الآية (9)

[سورة الأحزاب (33): آیة 9]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها

[110] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: روي عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم السّلام قال: إنّ يهوديا من يهود الشام و أحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه السّلام: إن هودا قد انتصر اللّه له من أعدائه بالريح فهل فعل لمحمد شيئا من هذا؟

قال له علي عليه السّلام: لقد كان ذلك كذلك و محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أعطي ما هو أفضل من هذا، إنّ اللّه عزّ ذكره إنتصر له من أعدائه بالريح يوم الخندق إذ أرسل عليهم ريحا تذرو الحصا، و جنودا لم يروها فزاد اللّه تبارك و تعالى محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على هود بثمانية آلاف ملك، و فضله على هود بأن ريح عاد سخط و ريح محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم رحمة، قال اللّه تبارك و تعالى:

ص: 154

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها (1) .

ص: 155


1- الإحتجاج: 502/1 /محاجة 127.

الآية (10)

[سورة الأحزاب (33): آیة 10]

وَ تَظُنُّونَ بِاللّهِ الظُّنُونَا

[111] - عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه عليه السّلام: و أمّا قوله عزّ و جلّ: وَ رَأَى الْمُجْرِمُونَ النّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها (1) يعني تيقنوا أنهم دخلوها و كذلك قوله: إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ (2) ،و أما قوله للمنافقين: وَ تَظُنُّونَ بِاللّهِ الظُّنُونَا (3) فهو ظن شك و ليس ظن يقين؛ و الظنّ ظنّان ظن شك و ظنّ يقين فما كان من أمر المعاد من الظنّ فهو ظنّ يقين، و ما كان من أمر الدنيا فهو على الشكّ(4).

[112] - في كتاب التوحيد: حديث طويل عن عليّ عليه السّلام يقول فيه و قد سأله رجل عما اشتبه عليه من

ص: 156


1- سورة الكهف، الآية: 53.
2- سورة الحاقة، الآية: 20.
3- سورة الأحزاب، الآية: 10.
4- الإحتجاج: 571/1 /محاجة 137.

الآيات و أمّا قوله: إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ و قوله: يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ و قوله للمنافقين: وَ تَظُنُّونَ بِاللّهِ الظُّنُونَا فإن قوله: إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ يقول: إنّي ظننت أنّى أبعث فأجاب و قول للمنافقين: وَ تَظُنُّونَ بِاللّهِ الظُّنُونَا فهذا الظنّ ظنّ شكّ، و ليس الظنّ ظنّ يقين، و الظنّ ظنّان: ظنّ شكّ، و ظنّ يقين، فما كان من أمر معاد من الظنّ فهو ظنّ يقين، و ما كان من أمر الدنيا فهو ظنّ شكّ، فافهم ما فسرت لك(1).

ص: 157


1- التوحيد: ب 36 ح 267/5.

الآية (11)

[سورة الأحزاب (33): آیة 11]

هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَ زُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً

[113] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: عن أمير المؤمنين حديث طويل يقول فيه عليه السّلام: أما إنّه سيأتي على الناس زمان يكون الحق فيه مستورا و الباطل ظاهرا مشهورا، و ذلك إذا كان أولى الناس به أعداءهم له، و اقترب الوعد الحق و عظم الإلحاد، و ظهر الفساد هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَ زُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً و نحلهم الأخيار أسماء الأشرار، فيكون جهد المؤمن أن يحفظ مهجته من أقرب الناس إليه، ثمّ يفتح اللّه الفرج لأوليائه و يظهر صاحب الأمر على أعدائه(1).

ص: 158


1- الإحتجاج: 373/1.

الآية (21)

[سورة الأحزاب (33): آیة 21]

لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ

[114] - فيه أيضا عن أمير المؤمنين عليه السّلام كلام طويل و فيه: و أمّا قولكم إنّي جعلت الحكم إلى غيري و قد كنت عندكم أحكم الناس فهذا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قد جعل الحكم إلى سعد يوم بني قريظة و كان أحكم الناس. و قد قال اللّه: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فتأسيت برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم(1).

ص: 159


1- الإحتجاج: 444/1 /محاجة 102.

الآية (23)

[سورة الأحزاب (33): آیة 23]

مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً

[115] - في كتاب الخصال: عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه السّلام عن أمير المؤمنين حديث طويل يقول فيه عليه السّلام: و لقد كنت عاهدت اللّه تعالى و رسوله أنا و عمّي حمزة و أخي جعفر و ابن عمّي عبيدة على أمر و فينا به للّه تعالى و لرسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فتقدمني أصحابي و تخلفت بعدهم لما أراد اللّه تعالى فأنزل اللّه فينا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً حمزة و جعفر و عبيدة و أنا و اللّه المنتظر يا أخا اليهود و ما بدّلت تبديلا(1).

ص: 160


1- الخصال: ب 7 ح 58 /ص 376.

[116] - في مجمع البيان: و روى أبو القاسم الحسكاني عن عمرو بن ثابت عن أبي إسحاق عن علي عليه السّلام قال: فينا نزلت: رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللّهَ عَلَيْهِ فأنا و اللّه المنتظر و ما بدّلت تبديلا(1).

[117] - سئل علي عليه السّلام و هو على المنبر بالكوفة عن قوله تعالى رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً فقال: اللّهمّ غفرا هذه الآية نزلت فيّ و في عمّي حمزة و في ابن عمّي عبيدة بن الحرث بن عبد المطّلب، فأما عبيدة فقضى نحبه شهيدا يوم بدر، و حمزة قضى يوم أحد، و أمّا أنا فأنتظر أشقاها يخضّب هذا من هذه، و أشار بيده إلى لحيته و رأسه، عهد عهده إليّ حبيبي أبو القاسم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم(2).

ص: 161


1- مجمع البيان: 549/8.
2- الصواعق المحرقة لابن حجر: 207.

الآية (33)

[سورة الأحزاب (33): آیة 33]

وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى وَ أَقِمْنَ الصَّلاةَ وَ آتِينَ الزَّكاةَ وَ أَطِعْنَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً

[118] - عن ابن أبي عمير، عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام قال: «لمّا منع أبو بكر فاطمة عليها السّلام فدكا و أخرج وكيلها، جاء أمير المؤمنين إلى المسجد و أبو بكر جالس و حوله المهاجرون و الأنصار.

فقال: يا أبا بكر لم منعت فاطمة ما جعله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لها و وكيلها فيه منذ سنتين ؟

(إلى أن قال) يا أبا بكر تقرأ القرآن ؟

قال: بلى.

قال: فأخبرني عن قول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً أفينا أو في غيرنا نزلت ؟

ص: 162

قال: فأخبرني عن قول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً أفينا أو في غيرنا نزلت ؟

قال أبو بكر: فيكم »(1).

و في رواية أخرى: «فأنشدك باللّه، ألي و لأهلي و ولدي آية التطهير من الرّجس أم لك و لأهل بيتك ؟

قال: بل لك و لأهل بيتك »(2).

[119] - عن أبان بن أبي عيّاش، عن سليم، عن أمير المؤمنين عليه السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: ثمّ قال عليّ عليه السّلام لأبي الدرداء و أبي هريرة و من حوله: «يا أيّها النّاس أتعلمون أنّ اللّه أنزل في كتابه: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ،فجمعني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و فاطمة و حسنا و حسينا في كساء واحد ثمّ قال: اللهمّ هؤلاء أحبّتي و عترتي و ثقلي و خاصّتي و أهل بيتي، فاذهب عنهم الرّجس و طهّرهم تطهيرا.

فقالت أمّ سلمة: و أنا.

ص: 163


1- تفسير نور الثقلين: 272 ح 93.
2- الإحتجاج: 119/1 باب إحتجاج أمير المؤمنين على أبي بكر، و تفسير نور الثقلين: 271/4 ح 89.

فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لها: و أنت إلى خير، إنّما أنزلت فيّ و في أخي عليّ و في ابنتي فاطمة، و في إبنيّ حسن و حسين، و في تسعة من ولد الحسين خاصّة ليس فيها معنا أحد غيرنا»؟!

فقام جلّ النّاس فقالوا: نشهد أنّ أمّ سلمة حدّثتنا بذلك و سألنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فحدّثنا كما حدّثتنا أمّ سلمة(1).

[120] - عن عليّ عليه السّلام: فقالت أمّ سلمة: يا رسول اللّه فأنا؟ و دنت منه.

فقال: «أنت ممّن أنت منه و أنت إلى خير» ثلاثا(2).

[121] - أخرج الطبراني في الأوسط عن عليّ أنّه دخل على النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم و قد بسط شملة، فجلس عليها، هو و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين، ثمّ أخذ النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم بمجامعه فعقد عليهم، ثمّ قال: «اللهمّ ارض عنهم كما أنا عنهم راض».

ص: 164


1- ينابيع المودّة: 115/1 ط. اسلامبول و 135/1 ط. النجف، و غيبة النعماني: 47 الباب الرابع، و الخطبة طويلة أخذنا موضع الحاجة، و تفسير نور الثقلين: 272/4 ح 92، و إحقاق الحق: 118/3 و 36/5، و عبقات الأنوار: 504/3 حديث الولاية.
2- شواهد التنزيل: 52/2 ح 672.

قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير عبيد بن طفيل و هو ثقة كنيته أبو سيدان(1).

[122] - عن عيسى بن موسى الهاشمي بسرّ من رأى قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن عليّ، عن أبيه عليّ عليه السّلام قال: «دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في بيت أمّ سلمة و قد نزلت هذه الآية إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا عليّ هذه الآية نزلت فيك و في سبطيّ و الأئمة من ولدك.

فقلت: يا رسول اللّه و كم الأئمة بعدك ؟

قال: أنت يا عليّ ثمّ إبناك الحسن و الحسين، و بعد الحسين عليّ ابنه، و بعد عليّ محمّد ابنه، و بعد محمّد جعفر ابنه، و بعد جعفر موسى ابنه، و بعد موسى عليّ ابنه، و بعد عليّ محمّد ابنه، و بعد محمّد عليّ ابنه، و بعد عليّ الحسن ابنه، و الحجة من ولد الحسن، هكذا وجدت أسماءهم مكتوبة على ساق العرش، فسألت اللّه تعالى عن ذلك،

ص: 165


1- مجمع الزوائد: 169/9 ط. مصر 1352، و بغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد: 267/9 ح 14988.

فقال: يا محمّد هم الأئمة بعدك مطهّرون معصومون و أعداؤهم ملعونون »(1).

[123] - عن أمّ سلمة و سلمان و أنس و عليّ عليه السّلام جميعا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال لعليّ و فاطمة عند زفافهما: «اللهمّ إنّي أعيذها بك و ذريّتها من الشيطان الرجيم، اللهمّ إني أعيذه بك و ذرّيّته من الشيطان الرجيم.

اللهمّ إنّهما منّي و أنا منهما، اللهمّ كما أذهبت عنّي الرّجس و طهّرتني فأذهب عنهما الرّجس و طهّرهما و طهّر نسلهما».

[124] - قال عليه السّلام يوم الشورى: «أنشدكم اللّه هل فيكم أحد أنزل اللّه فيه آية التطهير على رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فأخذ رسول اللّه كساء خيبريّا فضمّني فيه و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام ثمّ قال: يا ربّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرّجس و طهّرهم تطهيرا، غيري ؟».

ص: 166


1- كفاية الأثر: 155-156، و نقله في بحار الأنوار: 336/36-337، و غاية المرام: 293، و عوالم العلوم: 221/15 قسم النصوص.

قالوا: اللهمّ لا(1).

[125] - قال عليه السّلام في أيّام عثمان: «أيّها النّاس إنّ اللّه عزّ و جلّ أنزل في كتابه إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فجمعني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم....» و ذكر الحديث المتقدم(2).

[126] - محمّد بن العباس، عن عبد العزيز بن يحيى، عن محمّد بن زكريّا، عن جعفر بن محمّد بن عمارة، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه عليهما السّلام قال:

قال عليّ بن أبي طالب عليه السّلام:

إنّ اللّه عزّ و جلّ فضّلنا أهل البيت، و كيف لا يكون كذلك و اللّه عزّ و جلّ يقول في كتابه: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فقد طهّرنا اللّه من الفواحش ما ظهر منها و ما بطن، فنحن على منهاج الحق(3).

ص: 167


1- نور الثقلين: 272/4 ح 90، و مناقب ابن المغازلي: 91 ح 155 ط. بيروت و 112 ط. النجف، و الإحتجاج: 148/1.
2- الإحتجاج: 148/1 إحتجاجه على جماعة كثيرة من المهاجرين و الأنصار.
3- تأويل الآيات الظاهرة: 450؛ البحار 213:25.

الآية (37)

[سورة الأحزاب (33): آیة 37]

وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللّهُ مُبْدِيهِ وَ تَخْشَى النّاسَ وَ اللّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ

[127] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه يقول عليه السّلام مجيبا لبعض الزنادقة و قد قال ثمّ خاطبه في أضعاف ما أثنى عليه في الكتاب من الإزراء و انخفاض محله و غير ذلك من تهجينه و تأنيبه ما لم يخاطب به أحدا من الأنبياء مثل قوله: وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللّهُ مُبْدِيهِ وَ تَخْشَى النّاسَ وَ اللّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ و الذي بدا في الكتاب من الإزراء على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من فرية الملحدين(1).

ص: 168


1- الإحتجاج: 1 /محاجة 137.

الآية (40)

[سورة الأحزاب (33): آیة 40]

وَ لكِنْ رَسُولَ اللّهِ وَ خاتَمَ النَّبِيِّينَ

[128] - قال النحّاس: و قرئ على إبراهيم بن موسى عن محمد بن الجهم عن يحيى بن زياد عن محمد بن الفضل عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه أنه قرأ (خاتمه مسك)(1) قال أبو جعفر: ختمه و ختامه بمعنى واحد إلاّ أن ختاما مصدر و خاتم اسم الفاعل، و أكثر كلام العرب في الناس و ما أشبههم هو خاتمهم كما قال جلّ و عزّ وَ لكِنْ رَسُولَ اللّهِ وَ خاتَمَ النَّبِيِّينَ (2) ،و كذا خاتم و في غير الناس ختام(3).

ص: 169


1- معاني الفرّاء: 248/3.
2- سورة الأحزاب: 40.
3- إعراب القرآن: 177/5.

الآية (44)

[سورة الأحزاب (33): آیة 44]

تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ

[129] - في كتاب التوحيد: حديث طويل عن علي عليه السّلام يقول فيه و قد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات: و اللقاء هو البعث فافهم جميع ما في كتاب اللّه من لقائه، فإنه يعني بذلك البعث، و كذلك قوله: تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ يعني أنّه لا يزول عن قلوبهم يوم يبعثون(1).

ص: 170


1- التوحيد: ب 36 ح 5 /ص 267.

الآية (56)

[سورة الأحزاب (33): آیة 56]

إِنَّ اللّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً

[130] - محمّد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن علي بن سيف عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لما قبض النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم صلّت عليه الملائكة و المهاجرون و الأنصار فوجا فوجا، قال: و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول في صحته و سلامته: إنّما أنزلت هذه الآية عليّ بعد قبض اللّه لي: إِنَّ اللّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً (1).

[131] - في كتاب التوحيد: خطب لعلي عليه السّلام و فيها:

ص: 171


1- أصول الكافي: 439/1 ح 38 /باب وفاة النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم/كتاب الحجة.

و بالشهادتين تدخلون الجنّة و بالصلاة تنالون الرحمة، فأكثروا من الصلاة على نبيكم و آله إِنَّ اللّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً (1).

[132] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه: فأمّا ما علمه الجاهل و العالم من فضل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من كتاب اللّه فهو قول اللّه سبحانه إِنَّ اللّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً و لهذه الآية ظاهر و باطن، فالظاهر قوله: صَلُّوا عَلَيْهِ و الباطن قوله: وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً أي سلّموا لمن وصاه و استخلفه عليكم فضله و ما عهد به إليه تسليما، و هذا ممّا أخبرتك أنّه لا يعلم تأويله إلاّ من لطف حسه و صفا ذهنه و صح تمييزه(2).

ص: 172


1- التوحيد: ب 2 ح 27 /ص 73.
2- الإحتجاج: 596/1 /محاجة 137؛ تفسير نور الثقلين 305:4.

الآية (67)

[سورة الأحزاب (33): آیة 67]

إِنّا أَطَعْنا سادَتَنا وَ كُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاَ رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَ الْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً

[133] - في مصباح شيخ الطائفة (قدس سره): خطبة لأمير المؤمنين عليه السّلام خطب بها يوم الغدير و فيها يقول عليه السّلام:

و تقربوا إلى اللّه بتوحيده و طاعة من أمركم أن تطيعوه و لا تمسكوا بعصم الكوافر، و لا يخلج بكم الغيّ فتضلوا عن سبيل الرشاد باتباع أولئك الذين ضلّوا و أضلّوا، قال اللّه عز من قائل في طائفة ذكرهم بالذم في كتابه: إِنّا أَطَعْنا سادَتَنا وَ كُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاَ رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَ الْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً إلى قوله: و قال تعالى: وَ إِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنّا كُنّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنّا نَصِيباً مِنَ النّارِ (1) من عذاب اللّه من شيء

ص: 173


1- سورة غافر، الآية: 47.

قالُوا لَوْ هَدانَا اللّهُ لَهَدَيْناكُمْ (1) أفتدرون الإستكبار ما هو؟ هو ترك الطاعة لمن أمروا بطاعته، و الترفع على من ندبوا إلى متابعته، و القرآن ينطق من هذا عن كثير إن تدبره متدبر زجره و وعظه(2).

ص: 174


1- إبراهيم: 21.
2- مصباح المتهجد: 527 ط. الأعلمي.

الآية (69)

[سورة الأحزاب (33): آیة 69]

كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللّهُ مِمّا قالُوا

[134] - عن محمد بن جرير بن يزيد الطبري، حدّثني علي بن مسلم الطوسي، عن عبّاد عن سفيان بن حصين، عن الحكم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، عن علي بن أبي طالب في قول اللّه تعالى: كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى...

قال: صعد موسى و هارون الجبل فمات هارون، فقال بنو إسرائيل: أنت قتلته، و كان أشدّ حبّا لنا منك و ألين لنا منك، فآذوه بذلك، فأمر اللّه الملائكة فحملته حتى مرّوا به على بني إسرائيل، و تكلّمت الملائكة بموته حتى عرف بنو إسرائيل أنّه مات، فبرّأه اللّه من ذلك، فانطلقوا به فدفنوه، فلم يطّلع على قبره أحد من خلق اللّه إلاّ الرّخم فجعله اللّه أصمّا أبكما(1).

ص: 175


1- تفسير الثعلبي: 66/8.

[135] - في مجمع البيان: و اختلفوا في ما أوذي به موسى على أقوال: أحدها: أنّ موسى و هارون صعدا الجبل فمات هارون فقالت بنو إسرائيل: قتلته فأمر اللّه الملائكة فحملته حتّى مرّوا به على بني إسرائيل، و تكلمت الملائكة بموته حتّى عرفوا أنّه قد مات، و برأه اللّه من ذلك عن علي عليه السّلام(1).

ص: 176


1- مجمع البيان: 583/8.

الآية (72)

[سورة الأحزاب (33): آیة 72]

إِنّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً

[136] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه عليه السّلام لبعض الزنادقة و قد قال: و أجده يقول: إِنّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً فما هذه الأمانة و من هذا الإنسان ؟ و ليس من صفة العزيز الحكيم التلبيس على عباده ؟ و أمّا الأمانة التي ذكرتها فهي الأمانة التي لا تجب و لا تجوز أن تكون إلاّ في الأنبياء و أوصيائهم، لأن اللّه تبارك و تعالى ائتمنهم على خلقه و جعلهم حججا في أرضه، فبالسامري و من اجتمع معه و أعانه من الكفار على عبادة العجل عند غيبة موسى عليه السّلام ما تمّ انتحال محل موسى من الطغام. و الاحتمال لتلك

ص: 177

الأمانة التي لا ينبغي إلاّ لطاهر من الرجس فاحتمل وزرها و وزر من سلك سبيله من الظالمين و أعوانهم، و لذلك قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من استنّ سنّة حقّ كان له أجرها و أجر من عمل بها إلى يوم القيامة، و من استنّ سنّة باطل كان عليه وزرها و وزر من عمل بها إلى يوم القيامة(1).

[137] - ابن شهر آشوب، عن مقاتل، عن محمّد ابن الحنفية، عن أمير المؤمنين عليه السّلام في قوله تعالى:

إِنّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ الآية، قال عليه السّلام:

عرض اللّه أمانتي على السماوات السبع بالثواب و العقاب، فقلنا ربّنا لا تحمّلنا بالثواب و العقاب لكنّنا نحملها بلا ثواب أو عقاب، و إنّ اللّه عرض أمانتي و ولايتي على الطيور، فأوّل من آمن بها البزاة البيض و القنابر (القبابر)، و أوّل من جحدها البوم و العنقاء، فلعنهما اللّه تعالى من بين الطيور، فأمّا البوم فلا تقدر أن تظهر بالنهار لبغض الطير لها، و أمّا العنقاء فغابت في البحار لا ترى، و إنّ اللّه عرض أمانتي على الأرضين فكلّ بقعة آمنت بولايتي جعلها طيّبة زكيّة، و جعل نباتها و ثمرها حلوا عذبا،، و جعل

ص: 178


1- الإحتجاج: 574/1 /محاجة 137.

ماءها زلالا، و كلّ بقعة جحدت أمانتي و أنكرت ولايتي جعلها سبخا، و جعل نباتها مرّا علقما، و جعل ثمرها العوسج و الحنظل، و جعل ماءها ملحا أجاجا، ثمّ قال:

وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ يعني أمّتك يا محمّد، ولاية أمير المؤمنين و إمامته بما فيها من الثواب و العقاب إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً لنفسه جهولا لأمر ربّه، من لم يؤدّها بحقها فهو ظلوم غشوم(1).

ص: 179


1- مناقب ابن شهر آشوب 314:2 باب انقياد الحيوانات له عليه السّلام؛ تفسير البرهان 342:3؛ البحار 281:23.

ص: 180

سورة سبأ

اشارة

ص: 181

ص: 182

الآية (13)

[سورة سبإ (34): آیة 13]

وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ

[138] - في نهج البلاغة: أوصيكم عباد اللّه بتقوى اللّه فإنّها حقّ اللّه عليكم، و الموجبة على اللّه حقكم، و أن تستعينوا عليها باللّه و تستعينوا بها على اللّه، فإنّ التقوى في اليوم الحرز و الجنّة (1) ،و في غد الطريق إلى الجنّة، مسلكها واضح و سالكها رابح و مستودعها حافظ. لم تبرح عارضة نفسها على الأمم الماضين منكم و الغابرين لحاجتهم إليها غدا، إذا أعاد اللّه ما أبدى و أخذ ما أعطى و سأل عمّا أسدى، فما أقل من قبلها و حملها حقّ حملها (2)!أولئك

ص: 183


1- الجنّة - بضم الجيم -: ما يستتر به.
2- قوله عليه السّلام: (مستودعها حافظ) يعني اللّه سبحانه لأنّه مستودع الأعمال كما قال اللّه سبحانه إِنّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً .قال المحقق الخوئي و الشارح المعتزلي و عن الراوندي (قده) أنّه أراد بالمستودع: قلب الإنسان، و يجوز أن يراد بالمستودع: الملائكة الحفظة التي هي وسائط بين الخلق و بين اللّه و قوله عليه السّلام (لم تبرح عارضة نفسها.. اه) قال الشارح المعتزلي كلام فصيح لطيف يقول: إنّ التقوى لم تزل عارضة نفسها على من سلف من القرون فقبلها القليل منهم شبهها بالمرأة العارضة نفسها نكاحا على قوم فرغب فيها من رغب و زهد من زهد. و أسدى إليه: أحسن، و قوله عليه السّلام (و سأل عمّا أسدى) أي سأل أرباب الثروة عمّا أسدي و أحسن إليهم من النعم و الآلاء فيم صرفوها و فيم أنفقوها؟ قوله عليه السّلام (فما أقلّ من قبلها) يعني ما أقل من قبل التقوى العارضة نفسها على الناس. (1) نهج البلاغة: خطبة 191.

الأقلّون عددا، و هم أهل صفة اللّه سبحانه إذ يقول: وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ (1).

ص: 184


1- نهج البلاغة: خطبة 191.

الآية (24)

[سورة سبإ (34): آیة 24]

وَ إِنّا أَوْ إِيّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ

[139] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: عن أمير المؤمنين عليه السّلام كلام طويل و فيه: و أمّا قولكم إنّي شككت في نفسي حيث قلت للحكمين: انظرا فإن كان معاوية أحق بها مني فأثبتاه، فإن ذلك لم يكن شكّا مني و لكني أنصفت في القول، قال اللّه: وَ إِنّا أَوْ إِيّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ و لم يكن ذلك شكا و قد علم اللّه أن نبيه على الحقّ(1).

ص: 185


1- الإحتجاج: 444/1 /محاجة 102.

الآية (35)

[سورة سبإ (34): آیة 35]

نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَ أَوْلاداً وَ ما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ

[140] - في نهج البلاغة: و أمّا الأغنياء من مترفة الأمم فتعصّبوا لآثار مواقع النّعم فقالوا: نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَ أَوْلاداً وَ ما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ .فإن كان لا بد من العصبية فليكن تعصبكم لمكارم الخصال و محامد الأفعال و محاسن الأمور التي تفاضلت فيها المجداء و النّجداء من بيوتات العرب و يعاسيب القبائل(1) بالأخلاق الرغيبة و الأحلام العظيمة و الأخطار(2) الجليلة و الآثار المحمودة(3).

ص: 186


1- تفاضلت فيها أي تزايدت و المجداء جمع ماجد و المجد: الشرف في الآباء و النجداء: الشجعان و الواحد: النجد. و يعاسيب القبائل رؤساؤها.
2- الرغيبة. الخصلة يرغب فيها، و الأحلام: العقول. و الأخطار: الأقدار.
3- نهج البلاغة: خطبة 192-75.

الآية (37)

[سورة سبإ (34): آیة 37]

وَ ما أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلاّ مَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَ هُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ

[141] - في أمالي شيخ الطائفة (قدس سره): بإسناده إلى أمير المؤمنين حديث طويل يقول فيه عليه السّلام: حتّى إذا كان يوم القيامة حسب لهم حسناتهم ثمّ أعطاهم بكلّ واحدة عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال اللّه عزّ و جلّ: جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً (1) و قال: فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَ هُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ (2).

ص: 187


1- النبأ: 36.
2- الأمالي: 26 /مجلس 1 ح 31.

الآية (39)

[سورة سبإ (34): آیة 39]

وَ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ

[142] - عن أمير المؤمنين عليه السّلام: من بسط يده بالمعروف إذا وجده، يخلف(1) اللّه له ما أنفق في دنياه، و يضاعف له آخرته(2).

[143] - عن علي عليه السّلام سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول:

إنّ لكلّ يوم نحسا فادفعوا نحس ذلك اليوم بالصدقة، ثمّ قال: اقرأوا موضع الخلف فإنّي سمعت اللّه تعالى يقول:

وَ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ و إذا لم تنفقوا كيف يخلف(3).

ص: 188


1- أي يأتي بغيره، و هو موافق للمثل الشعبي القائل: أنفق ما في الجيب يأتيك ما في الغيب.
2- تفسير الصافي 223:4؛ الكافي 154:2.
3- كنز العمال 483:2 ح 4559.

الآية (46)

[سورة سبإ (34): آیة 46]

إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ

[144] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه و أما قوله: إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ فإن اللّه جل ذكره أنزل عزائم الشرائع و آيات الفرائض في أوقات مختلفة فكان أول ما قيدهم به الإقرار بالوحدانية و الربوبية و الشهادة بأن لا إله إلاّ اللّه، فلما أقرّوا بذلك تلاه بالإقرار لنبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بالنبوة و الشهادة له بالرسالة، فلما انقادوا لذلك فرض عليهم الصلاة ثمّ الصوم ثمّ الحج ثمّ الجهاد ثمّ الزكاة ثمّ الصدقات و ما يجري مجراها من مال الفيء، فقال المنافقون: هل بقي لربّك علينا بعد الذي فرض علينا شيء آخر يفترضه فتذكره لتسكن أنفسنا إلى أنّه لم يبق غيره ؟ فأنزل اللّه في ذلك: قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ

ص: 189

يعني الولاية فأنزل اللّه: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (1),(2).

ص: 190


1- المائدة: 55.
2- الإحتجاج: 601/1 /محاجة 137.

الآية (49)

[سورة سبإ (34): آیة 49]

قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَ ما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَ ما يُعِيدُ

[145] - في أمالي شيخ الطائفة (قدس سره): بإسناده إلى عليّ بن موسى عن أبيه عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مكّة و حول البيت ثلاثمائة و ستون صنما فجعل يطعنها بعود في يده، و يقول:

جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً (1) .جاءَ الْحَقُّ وَ ما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَ ما يُعِيدُ (2).

ص: 191


1- سورة الإسراء، الآية: 81.
2- الأمالي: 337، و مجمع البيان: 620/8.

الآية (51)

[سورة سبإ (34): آیة 51]

وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ

[146] - الحسن الحلّي قال: من خطبة لمولانا أمير المؤمنين عليه السّلام تسمّى المخزون عن آخر الزمان جاء فيها:...

و لذلك آيات و علامات: أوّلهنّ إحصار الكوفة بالرّصد و الخندق، و تخريق(1) الزوايا في سكك الكوفة، و تعطيل المساجد أربعين ليلة، و تخفق رايات ثلاث حول المسجد الأكبر يشبهن بالهدى، القاتل و المقتول في النار، و قتل كثير، و موت ذريع، و قتل النفس الزكيّة بظهر الكوفة في سبعين، و المذبوح بين الرّكن و المقام، و قتل الأسبغ(2)

ص: 192


1- كذا في الرجعة البحار، و في نسخ الأصل: و تحريق. و المعنى: أي جعل مختبأ في السكك ليستتروا فيها من العدوّ فيتمكّنوا من الهجوم عليهم غفلة.
2- في نسخ الأصل: و قتل الأسبع، و في الرجعة: الرضيع و ما أثبتناه من البحار.

المظفّر صبرا في بيعة الأصنام، مع كثير من شياطين الإنس.

و خروج السفياني براية خضراء، و صليب من ذهب، أميرها رجل من كلب، و اثني عشر ألف عنان من (خيل)(1) يحمل السفياني متوجّها إلى مكّة و المدينة، أميرها أحد من بني أميّة يقال له: خزيمة، أطمس العين الشمال على عينه طرفة(2) يميل بالدنيا فلا تردّ له راية حتى ينزل المدينة(3) ، فيجمع رجالا و نساء من آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فيحبسهم في دار بالمدينة يقال لها: دار أبي الحسن الأموي.

و يبعث خيلا في طلب رجل من آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، قد اجتمع إليه(4) رجال من المستضعفين بمكّة، أميرهم رجل من غطفان، حتّى إذا توسّطوا الصفائح البيض(5) بالبيداء يخسف

ص: 193


1- ليس في البحار.
2- الطمس: ذهاب ضوء العين، و الطرفة: نقطة حمراء من الدم تحدث في العين من ضربة و نحوها. و قد أورد الخطيب التبريزي في مشكاة المصابيح: 1507/3 ح 10 عن حذيفة أنّ الدجّال ممسوح العين، عليها ظفرة غليظة، أي: جليدة تغشى العين نابتة من الجانب الذي يلي الأنف على بياض العين إلى سوادها حتى تمنع الأبصار، و هي كالظفر صلابة و بياضا.
3- في الرجعة: بالمدينة.
4- في الرجعة و البحار: عليه.
5- في البحار: الأبيض.

بهم، فلا ينجو منهم أحد إلاّ رجل واحد يحوّل اللّه وجهه في قفاه لينذرهم، و ليكون آية لمن خلفه، فيومئذ تأويل هذه الآية: وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ (1).(2).

ص: 194


1- سورة سبأ، الآية: 51.
2- مختصر البصائر: 457.

سورة فاطر

اشارة

ص: 195

ص: 196

الآية (9)

[سورة فاطر (35): آیة 9]

وَ اللّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ

[147] - في روضة الكافي محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن ابن العرزمي رفعه قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و سئل عن السحاب أين يكون ؟

قال: يكون على شجر على كثيب على شاطىء البحر يأوي إليه، فإذا أراد اللّه عزّ و جلّ أن يرسله أرسل ريحا فأثارته و وكل به ملائكة يضربونه بالمخاريق و هو البرق؛ فيرتفع ثمّ قرأ هذه الآية: وَ اللّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ الآية، و الملك اسمه الرعد(1).

ص: 197


1- روضة الكافي: 183/8 ح 168.

الآية (10)

[سورة فاطر (35): آیة 10]

إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصّالِحُ يَرْفَعُهُ

[148] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه قال ابن الكوا: يا أمير المؤمنين! فما ثواب من قال: لا إله إلاّ اللّه ؟

قال: من قال: لا إله إلاّ اللّه مخلصا طمست ذنوبه كما يطمس الحرف الأسود من الرقّ الأبيض فإذا قال ثانية: لا إله إلاّ اللّه مخلصا خرقت أبواب السماء و صفوف الملائكة حتّى تقول الملائكة بعضها لبعض: إخشعوا لعظمة اللّه، فإذا قال ثالثة مخلصا: لا إله إلاّ اللّه لم تنته دون العرش فيقول الجليل: أسكني فوعزتي و جلالي لأغفرنّ لقائلك بما كان فيه، ثمّ تلا هذه الآية إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصّالِحُ يَرْفَعُهُ يعني إذا كان عمله خالصا إرتفع قوله و كلامه(1).

ص: 198


1- الإحتجاج: 614/1 /محاجة 139.

الآيتان (34) و (35)

[سورة فاطر (35): الآیات 34 الی 35]

وَ قالُوا الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (3(4) اَلَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَ لا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ

[149] - في كتاب سعد السعود لابن طاووس رحمه اللّه:

من مختصر تفسير محمّد بن العباس بن مروان بإسناده إلى جعفر بن محمّد عن آبائه عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حديث طويل يذكر فيه ما أعدّ اللّه لمحبّي عليّ يوم القيامة، و فيه: فإذا دخلوا منازلهم و جدوا الملائكة يهنئونهم بكرامة ربهم حتّى إذا استقروا قرارهم قيل لهم: فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ (1) ربّنا رضينا فارض عنا، قال: برضاي عنكم و بحبكم أهل بيت نبيي حللتم داري و صافحتم الملائكة، فهنيئا هنيئا

ص: 199


1- سورة الأعراف، الآية: 44.

عطاء غير مجذوذ، ليس فيه تنغيص، فعندها وَ قالُوا الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (3(4) اَلَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَ لا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ (1).

و في هذا الحديث: إنّ محبّي عليّ عليه السّلام يقولون للّه عزّ و جلّ إذا دخلوا الجنّة: فأذن لنا بالسجود قال لهم ربّهم عزّ و جلّ: إنّي قد وضعت عنكم مؤونة العبادة و أرحت لكم أبدانكم، فطالما أنصبتم فيّ الأبدان و عنيتم لي الوجوه فالآن أفضيتم إلى روحي و رحمتي(2).

ص: 200


1- سعد السعود: 111.
2- سعد السعود: 110.

الآية (37)

[سورة فاطر (35): آیة 37]

أَ وَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ

[150] - في مجمع البيان: أَ وَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ إختلف في هذا المقدار فقيل: هو ستون سنة، و هو المروي عن أمير المؤمنين عليه السّلام(1).

ص: 201


1- مجمع البيان: 641/8.

الآية (41)

[سورة فاطر (35): آیة 41]

* إِنَّ اللّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَ لَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً

[151] - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد البرقي رفعه قال: سأل الجاثليق أمير المؤمنين عليه السّلام فقال له: أخبرني عن اللّه عزّ و جلّ يحمل العرش أم العرش يحمله ؟

فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: اللّه عزّ و جلّ حامل العرش و السموات و ما فيهما و ما بينهما و ذلك قول اللّه: * إِنَّ اللّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَ لَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(1).

ص: 202


1- أصول الكافي: 129/1 /باب العرش/كتاب التوحيد.

[152] - في كتاب علل الشرائع حدّثنا أحمد بن محمد عن أبيه عن محمد بن أحمد عن الهيثم النهدي عن بعض أصحابنا بإسناده رفعه قال: كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه يقرأ: * إِنَّ اللّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَ لَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً (1)

يقولها عند الزلزلة و يقول: وَ يُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلاّ بِإِذْنِهِ إِنَّ اللّهَ بِالنّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (2),(3).

[153] - تفسير فرات، قال: حدّثني جعفر بن أحمد، معنعنا عن سليمان، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في كلام ذكره في علي عليه السّلام، فذكره سليمان لعلي عليه السّلام فقال:

و الله يا سليمان لقد حدّثني بما أخبرك به، ثمّ قال:

يا علي و اللّه لقد سمعت صوتا من عند الرحمن لم يسمع يا علي مثله قط، ممّا يذكرون من فضلك حتّى لقد رأيت السماوات تمور بأهلها، حتّى أنّ الملائكة ليتطلّبون إليّ من مخافة ما تجري به السماوات من المور، و هو قول اللّه عزّ ذكره: إِنَّ اللّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَ لَئِنْ زالَتا إِنْ

ص: 203


1- فاطر: 41.
2- سورة الحج، الآية: 65.
3- كتاب علل الشرائع: 555 /ب 343 ح 4.

أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً فما زالت يومئذ إلاّ تعظيما لأمرك، حتّى سمعت الملائكة صوتا من عند الرحمن: أسكتوا يا عبادي إنّ عبدا من عبيدي ألقيت عليه محبّتي و أكرمته بطاعتي، و اصطفيته بكرامتي.

فقالت الملائكة: الحمد اللّه الّذي أذهب عنّا الحزن، فمن أكرم على اللّه منك، و اللّه إنّ محمّدا و جميع أهل بيته لمشرّفون مبشّرون يباهون أهل السماء بفضلك، يقول محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: الحمد للّه الذي أنجز لي وعده في أخي و صفييّ و خالصتي من خلق اللّه، و اللّه ما قمت قدّام ربّي قطّ إلاّ بشّرني بهذا الّذي رأيت، و أنّ محمّدا لفي الوسيلة على منبر من نور يقول: الحمد للّه الّذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسّنا فيها نصب و لا يمسّنا فيها لغوب، و اللّه يا علي إنّ شيعتك ليؤذن لهم عليكم في الدخول في كلّ جمعة، و إنّهم لينظرون إليكم من منازلهم يوم الجمعة كما ينظر أهل الدنيا إلى النّجم في السّماء، و إنّكم لفي أعلى عليّين في غرفة ليس فوقها درجة أحد من خلقه، و اللّه ما بلغها أحد غيركم، ثمّ قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و اللّه لأبارز الأرض الذّي تسكن إليه، و اللّه لا تزال الأرض ثابتة و كنت عليها، و إذا لم يكن للّه في خلقه حاجة رفعني اللّه إليه،

ص: 204

و اللّه لو فقدتموني لمارت بأهلها مورا لا يردّهم إليها أبدا، اللّه اللّه أيّها الناس إيّاكم و النظر في أمر اللّه، و السلام على المؤمنين و الحمد للّه ربّ العالمين(1).

ص: 205


1- تفسير فرات: 350 ح 478؛ البحار 62:40.

الآية (43)

[سورة فاطر (35): آیة 43]

وَ لا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاّ بِأَهْلِهِ

[154] - في تفسير عليّ بن إبراهيم و قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه في كتابه الذي كتبه إلى شيعته يذكر فيه خروج عائشة إلى البصرة و عظم خطأ طلحة و الزبير فقال: و أيّ خطأ أعظم ممّا أتيا؟ أخرجا زوجة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من بيتها و كشفا عنها حجابا ستره اللّه عليها، وصانا حلائلهما في بيوتهما ما أنصفا لا للّه و لا لرسوله من أنفسهما ثلاث خصال، مرجعها على الناس في كتاب اللّه عزّ و جلّ: البغي و المكر و النكث قال اللّه عزّ و جلّ: يا أَيُّهَا النّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ (1) و قال: فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ (2) و قال:

وَ لا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاّ بِأَهْلِهِ و قد بغيا علينا و نكثا

ص: 206


1- سورة يونس، الآية: 23.
2- سورة الفتح، الآية: 10.

بيعتي و مكرا بي و قوله عزّ و جلّ: أَ وَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ قال:

أو لم ينظروا في القرآن و في أخبار رجعة الأمم الهالكة(1).

ص: 207


1- تفسير القمّيّ: 210/2 مع اختلاف يسير في المطبوع.

ص: 208

سورة يس

اشارة

ص: 209

ص: 210

الآيتان (1) و (2)

[سورة يس (36): الآیات 1 الی 2]

يس (1) وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ

[155] - في البحار عن محمّد بن صدقة عن سلمان الفارسي رحمه اللّه قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام في حديث طويل جاء فيه: قال: فضرب بيده على الأخرى و قال: صار محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم صاحب الجمع و صرت أنا صاحب النشر و صار محمّد صاحب الجنّة و صرت أنا صاحب النار، أقول لها خذي هذا و ذري هذا، و صار محمّد صاحب الرجفة و صرت أنا صاحب الهدة و أنا صاحب اللوح المحفوظ، ألهمني اللّه عزّ و جلّ علم ما فيه، نعم يا سلمان و يا جندب صار محمّد يس (1) وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ و صار محمد ن وَ الْقَلَمِ (1) و صار محمّد طه (1) ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى (2) و صار محمّد صاحب الدلالات، و صرت

ص: 211


1- القلم: 1.
2- طه: 1-2.

أنا صاحب المعجزات و الآيات و صار محمد خاتم النبيّين و صرت أنا خاتم الوصيّين، و أنا الصراط المستقيم و أنا النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون و لا أحد اختلف إلاّ في ولايتي، و صار محمد صاحب الدعوة و صرت أنا صاحب السيف(1).

[156] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه عليه السّلام و قد ذكر المنافقين و كذلك قوله: سَلامٌ عَلى إِلْياسِينَ (2) لأن اللّه سمى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بهذا الإسم حيث قال: يس (1) وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) لعلمه أنهم يسقطون قول (سلام على آل محمد) كما أسقطوا غيره، و كذلك قال: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ (4) و لم يسمّهم بأسمائهم و أسماء آبائهم و أمهاتهم(5).

[157] - عن أمير المؤمنين عليه السّلام و قد سأله بعض

ص: 212


1- إلزام الناصب: 36/1، و البحار: 6/26 ح 1.
2- سورة الصافات، الآية: 130.
3- سورة يس، الآيتان: 1 و 2.
4- سورة الإسراء، الآية: 71.
5- كتاب الإحتجاج: 597/1 /المحاجة 137.

الزنادقة عن آي من القرآن، فكان فيما قال له عليه السّلام: قوله يس (1) وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ فسمّى اللّه النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بهذه الإسم حيث قال: يس (1) وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (1).

[158] - محمّد بن العباس بن مروان المعروف بابن الجحّام، قال: حدّثنا محمّد ابن القاسم، عن حسين بن حكيم، عن حسين بن نصر بن مزاحم، عن أبيه، عن أبان بن عياش،، عن سليم (سليمان) بن قيس، عن علي عليه السّلام قال:

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إسمه يس، و نحن الّذين قال اللّه: سَلامٌ عَلى إِلْياسِينَ (2),(3).

ص: 213


1- تفسير البرهان 3:4؛ الاحتجاج 597:1 ح 137.
2- سورة الصافات، الآية: 130.
3- تأويل الآيات الظاهرة: 489؛ غاية المرام: 382؛ تفسير الحبري: 358.

الآية (8)

[سورة يس (36): آیة 8]

فَهُمْ مُقْمَحُونَ

[159] - قال النحّاس: (فهم مقمحون) أجلّ ما روي فيه ما حكاه عبد اللّه بن يحيى أن عليّا بن أبي طالب رضي اللّه عنه أراهم الإقماح فجعل يديه تحت لحيته و ألصقهما و رفع رأسه، قال أبو جعفر: و كان مأخوذا مما حكاه الأصمعي قال: يقال أكمحت الدّابّة إذا جذبت لجامها لترفع رأسها.

قال أبو جعفر: و القاف مبدلة من الكاف لقربها منها، كما يقال: قهرته و كهرته، قال الأصمعي: و يقال: أكفحت الدابة إذا تلقّيت فاها باللجام لتضربه به، مشتق من قولهم: لقيته كفاحا أي وجها لوجه، و كفحت الدّابة بغير ألف إذا جذبت عنانها و لا تجري(1).

ص: 214


1- إعراب القرآن: 243/3.

الآية (9)

[سورة يس (36): آیة 9]

وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا

[160] - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السّلام من خبر الشامي و ما سأل عنه أمير المؤمنين عليه السّلام في جامع الكوفة حديث طويل و فيه: سأله كم حج آدم عليه السّلام من حجة ؟

فقال له: سبعين حجة ماشيا على قدمه، و أول حجة حجها كان معه الصرد(1) يدله على مواضع الماء، و خرج معه من الجنة و قد نهى عن أكل الصرد و الخطاف(2) و سأله ما باله لا يمشي ؟

قال: لأنه ناح على بيت المقدس فطاف حوله أربعين عاما يبكي عليه و لم يزل يبكي مع آدم عليه السّلام، فمن هناك

ص: 215


1- الصرد: طائر ضخم الرأس يصطاد العصافير.
2- الخطاف: طائر إذا رأى ظله في الماء أقبل إليه ليتخطفه.

سكن البيوت معه آيات من كتاب اللّه تعالى مما كان آدم يقرؤها في الجنة، و هي معه إلى يوم القيامة، ثلاث آيات من أول الكهف و ثلاث آيات من سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى و هي:

فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ و ثلاث آيات من يس و هي: وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا (1),(2).

ص: 216


1- سورة يس، الآية: 9.
2- عيون الأخبار: 188/1 /ب 24 ح 1.

الآيات (10)-(12)

[سورة يس (36): الآیات 10 الی 12]

وَ سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (10) إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَ أَجْرٍ كَرِيمٍ (1(1) إِنّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَ نَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَ آثارَهُمْ وَ كُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ

[161] - ذكر ابن عباس، عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: أنا و اللّه الإمام المبين، أبيّن الحقّ من الباطل، ورثته من رسول اللّه عليه السّلام(1).

[162] - عن عمّار بن ياسر قال: كنت مع أمير المؤمنين عليه السّلام في بعض غزواته، فمررنا بواد مملوء نملا، فقلت يا أمير المؤمنين ترى يكون أحد من خلق اللّه يعلم كم عدد هذه النمل ؟

ص: 217


1- تفسير البرهان 5:4.

قال: نعم يا عمّار أنا أعرف رجلا يعلم كم عدده و كم فيه ذكر و كم فيه أنثى، فقلت: من ذلك يا مولاي الرجل ؟

فقال: يا عمّار ما قرأت في سورة يس: وَ كُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ قلت: بلى يا مولاي، قال: أنا ذلك الإمام المبين(1).

[163] - عن أبي ذر رضوان اللّه عليه، قال: كنت سائرا في أغراض أمير المؤمنين عليه السّلام إذ مررنا بواد و نمله كالسيل سار، فذهلت ممّا رأيت، فقلت: اللّه أكبر جلّ محصيه، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا تقل ذلك يا أبا ذر و لكن قل: جلّ باريه، فو الذي صوّرك إني أحصي عددهم، و أعلم الذكر من الأنثى بإذن اللّه عزّ و جلّ(2).

[164] - البرسي عن ابن عبّاس قال: لمّا نزلت هذه الآية وَ كُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ قام رجلان فقالا:

يا رسول اللّه هو التوراة ؟

قال: «لا»

قالا: فهو الإنجيل ؟

ص: 218


1- غاية المرام: 516، تفسير البرهان 7:4.
2- غاية المرام: 516؛ تفسير البرهان 4:7؛ تأويل الظاهرة: 480.

قال: «لا»

قالا: هو القرآن ؟

قال: «لا» فأقبل أمير المؤمنين عليه السّلام.

فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «هو هذا الذي أحصى اللّه فيه علم كل شيء، و أنّ السعيد كل السعيد من أحبّ عليّا في حياته و بعد وفاته، و أنّ الشقي كل الشقي من أبغض هذا في حياته و بعد وفاته »(1).

ص: 219


1- الصراط المستقيم: 270/1، و ينابيع المودة: 230/1.

الآية (31)

[سورة يس (36): آیة 31]

كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ

[165] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي بن أبي طالب عليه السّلام: يمحو اللّه ما يشاء من القرون و يثبت ما يشاء منها كقوله كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ (1) و قوله ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ (2),(3).

ص: 220


1- سورة يس، الآية: 31.
2- سورة المؤمنون، الآية: 31.
3- تفسير الثعلبي: 298/5.

الآية (65)

[سورة يس (36): آیة 65]

اَلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ

[166] - في من لا يحضره الفقيه: قال أمير المؤمنين عليه السّلام في وصيته لابنه محمّد ابن الحنفية رضي اللّه عنه:

و قال اللّه عزّ و جلّ: اَلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ فأخبر عنها أنّها تشهد على صاحبها يوم القيامة(1).

[167] - في تفسير العياشي: عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام عن جدّه قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام في خطبة يصف هول يوم القيامة: ختم على الأفواه فلا تتكلّم و تكلمت الأيدي و شهدت الأرجل و نطقت الجلود بما

ص: 221


1- من لا يحضره الفقيه: 627/2 ح 3215.

عملوا فلا يكتمون للّه حديثا(1).

[168] - في كتاب الإحتجاج و كتاب التوحيد: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه و قد سأله رجل عمّا اشتبه عليه من آيات الكتاب و أما قوله: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً (2) و قوله: وَ اللّهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ (3) و قوله يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَ يَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً (4) و قوله: إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النّارِ (5) و قوله: لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَ قَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (6) و قوله: اَلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (7):فإنّ ذلك في مواطن غير واحدة من مواطن ذلك اليوم الذي كان مقداره خمسين ألف سنة يجمع اللّه عزّ و جلّ الخلائق في مواطن يتفرقون و يكلّم بعضهم بعضا و يستغفر بعضهم لبعض أولئك الذين كان منهم الطاعة

ص: 222


1- تفسير العياشي: 242/1 ح 133.
2- سورة النبأ، الآية: 38.
3- سورة الأنعام، الآية: 23.
4- سورة العنكبوت، الآية: 25.
5- سورة سورة ص، الآية: 64.
6- سورة سورة ق، الآية: 28.
7- سورة يس، الآية: 65.

في دار الدنيا الرؤساء و الأتباع، و يلعن بعض أهل المعاصي الذين بدت منهم البغضاء و تعاونوا على الإثم و العدوان في دار الدنيا و المستكبرون و المستضعفون، يكفر بعضهم ببعض و يلعن بعضهم بعضا. و الكفر في هذه الآية (البراءة) يقول:

فيبرأ بعضهم من بعض، و نظيرها في سورة إبراهيم قول الشيطان: إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ (1) و قول إبراهيم خليل الرّحمن: كَفَرْنا بِكُمْ (2) أي تبرّأنا منكم ثمّ يجتمعون في موطن آخر يبكون، فلو أن تلك الأصوات بدت لأهل الدنيا لأذهلت جميع الخلق عن معايشهم، و لتصدعت قلوبهم إلاّ ما شاء اللّه، فلا يزالون يبكون الدم، ثمّ يجتمعون في موطن آخر فيستنطقون فيه فيقولون: وَ اللّهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ (3) فيختم اللّه تبارك و تعالى على أفواههم و يستنطق الأيدي و الأرجل و الجلود، فتشهد بكلّ معصية كانت منهم، ثمّ يرفع عن ألسنتهم الختم فيقولون لجلودهم: لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ (4) ثمّ يجتمعون في

ص: 223


1- سورة إبراهيم، الآية: 22.
2- سورة الممتحنة، الآية: 4.
3- سورة الأنعام، الآية: 23.
4- سورة فصلت، الآية: 21.

موطن آخر فيستنطقون فيفر بعضهم من بعض، فذلك قوله عزّ و جلّ: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ (3(5) وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ (1) فيستنطقون لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً (2) فيقوم الرسل صلوات اللّه عليهم فيشهدون في هذا الموطن، فذلك قوله تعالى: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً (3) ثمّ يجتمعون في موطن آخر فيكون فيه مقام محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو المقام المحمود، فيثني على اللّه تبارك و تعالى بما لم يثن عليه أحد قبله، ثمّ يثني على الملائكة كلهم فلا يبقى ملك إلاّ أثنى عليه محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ثمّ يثني على الرسل بما لم يثن عليهم أحد مثله، ثمّ يثني على كلّ مؤمن و مؤمنة يبدأ بالصّدّيقين ثمّ الشهداء ثمّ الصالحين، فيحمده أهل السماوات و أهل الأرض و ذلك قوله عزّ و جلّ: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً (4) فطوبى لمن كان له في ذلك المقام حظ، و ويل لمن لم يكن له في ذلك المقام حظّ و لا نصيب، ثمّ يجتمعون في موطن آخر و يدان

ص: 224


1- سورة عبس، الآيات: 34-36.
2- سورة النبأ، الآية: 38.
3- سورة النساء، الآية: 41.
4- سورة الإسراء، الآية: 79.

بعضهم من بعض؛ و هذا كله قبل الحساب فإذا أخذ في الحساب شغل كلّ انسان بما لديه. نسأل اللّه بركة ذلك اليوم(1).

ص: 225


1- التوحيد: ب 36 ح 260/5، و الإحتجاج: 564/1 /محاجة 137.

الآية (70)

[سورة يس (36): آیة 70]

لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَ يَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ

[169] - في مجمع البيان: و يجوز أن يكون المراد بمن كان حيّا عاقلا. روي ذلك عن عليّ عليه السّلام(1).

ص: 226


1- مجمع البيان: 675/8.

الآيتان (78) و (79)

[سورة يس (36): الآیات 78 الی 79]

وَ ضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَ نَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ (7(8) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ

[170] - ابن عساكر قال: أخبرنا أبو الفتح نصر بن محمد بن عبد القوي الفقيه، قال: نا أبو الفتح نصر بن إبراهيم الزاهد، نا الفقيه أبو نصر محمد بن إبراهيم بن علي الهاروني، نا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عمران بن موسى بن عروة بن الجراح، نا أبي، أخبرني علي بن محمد بن حاتم، حدّثني أبو عبد اللّه الحسين بن محمد بن يحيى العلوي بالمدينة عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب عليه السّلام قال: بينما النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في مجلسه يحدث الناس بالثواب و العقاب، و الجنّة و النار، و البعث و النشور، اذ أقبل أعرابي من بني سليم بيده اليمنى عظام نخرة، و في يده اليسرى ضبّ، فأقبل بالعظام يضعها بين يدي

ص: 227

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم ثم عركها برجله ثم قال: يا محمد ترى ربك يعيدها خلقا جديدا، فأراد النبي صلّى اللّه عليه و سلّم جوابه ثم انتظر الإجابة من السماء، فنزل جبريل على النبي صلّى اللّه عليه و سلّم:

وَ ضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَ نَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ (7(8) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (1) فقرأها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم على الأعرابي فقال: و اللات و العزّى، ما اشتملت أرحام النساء و أصلاب الرجال على ذي لهجة أكذب منك و لا أبغض إليّ منك، و لو لا أن قومي يدعونني عجولا لقتلتك و أفسدت بقتلك الأسود و الأبيض من بني هاشم، فهمّ به علي بن أبي طالب، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «يا علي، أما علمت أن الحليم كاد أن يكون نبيا» فقال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: «يا أعرابي، بئس ما جئتنا به، و سوء ما تستقبلني به، و اللّه إني لمحمود في الأرض، أمين في السماء عند الله». فقام الأعرابي و رمى الضبّ في حجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و قال: و اللّه لا أومن بك حتى يؤمن بك هذا الضبّ، فأخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بذنبه ثم قال: «يا ضبّ»، قال: لبيك يا زين من وافى يوم القيامة، قال: «من تعبد؟»

ص: 228


1- سورة يس، الآيتان 78-79.

قال: أعبد اللّه الذي في السماء عرشه، و في الأرض سلطانه، و في البحر سبيله، و في الجنّة ثوابه، و في النار عذابه، قال: «من أنا؟» قال: أنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاّب حتى نسبه إلى إبراهيم الخليل عليه السّلام، أنت رسول اللّه لا يحرم من صدّقك، و خاب من كذّبك. فولى الأعرابي و هو يضحك، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «أبا للّه و آياته تستهزىء »(1) ، فرجع إليه فقال: بأبي و أمي ليس الخبر كالمعاينة، أنا أشهد بلحمي و دمي و عظامي أن لا إله إلاّ اللّه، و أنك رسول اللّه، فقال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: «جئتنا كافرا و ترجع مؤمنا، هل لك من مال ؟» قال: و الذي بعثك بالحق رسولا ما في بني سليم أفقر منّي، و لا أقلّ شيئا منّي، فقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فقال: «من عنده راحلة يحمّل أخاه عليها» فقام عدي بن حاتم الطائي فقال: يا رسول اللّه عندي ناقة و براء حمراء عشراء إذا أقبلت دقّت، و إذا أدبرت زفّت، أهداها إليّ أشعث بن وائل غداة قدمت معك من غزوة تبوك، فقال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: «لك عندي ناقة من درّة بيضاء »(2).

ص: 229


1- في مختصر ابن منظور: 145/2: فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: إنا للّه و إنا به نستهدي.
2- تاريخ دمشق: 258/4.

قوله تعالى: مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ

[171] - و روي عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليّ عليهم السّلام أنّ يهوديا من يهود الشام و أحبارهم قال لأمير المؤمنين: فإنّ إبراهيم عليه السّلام قد بهت الذي كفر ببرهان على نبوته ؟

قال له عليّ عليه السّلام: لقد كان كذلك و محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أتاه مكذب بالبعث بعد الموت و هو أبيّ بن خلف الجمحي معه عظم نخر ففركه(1) ثمّ قال: يا محمّد مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ فأنطق اللّه محمّدا بمحكم آياته و بهته ببرهان نبوته، فقال: يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ فانصرف مبهوتا(2).

ص: 230


1- نخر العظم: بلي و تفتت. و فرك الشيء: دلكه و فرك بالتشديد: بالغ في فركه.
2- الإحتجاج: 505/1 /محاجة 127.

سورة الصافات

اشارة

ص: 231

ص: 232

الآية (5)

[سورة الصافات (37): آیة 5]

وَ رَبُّ الْمَشارِقِ

[172] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه و أمّا قوله: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَ رَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (1) فإنّ مشرق الشتاء على حدة و مشرق الصيف على حدة. أما تعرف ذلك من قرب الشمس و بعدها؟ و أمّا قوله:

وَ رَبُّ الْمَشارِقِ (2) و المغارب، فإنّ لها ثلاثمائة و ستّين برجا تطلع كلّ يوم من برج و تغيب في آخر، فلا تعود إليه إلاّ من قابل في ذلك اليوم(3).

ص: 233


1- سورة الرحمن، الآية: 17.
2- سورة الصافات، الآية: 5.
3- الإحتجاج: 614/1 /محاجة 139.

الآية (12)

[سورة الصافات (37): آیة 12]

بَلْ عَجِبْتَ وَ يَسْخَرُونَ

[173] - قال النحّاس: القراءة بضم التاء مروية عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه و عن ابن مسعود رحمه اللّه رواها شعبة عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد اللّه بن مسعود أنه قرأ (بل عجبت) بضم التاء، و يروى عن ابن عباس(1).

ص: 234


1- إعراب القرآن: 5/4.

الآية (24)

[سورة الصافات (37): آیة 24]

وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ

[174] - في كتاب الخصال: عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لا تزل قدم عبد يوم القيامة حتّى يسأل عن أربع: عن عمره في ما أفناه، و شبابه في ما أبلاه، و عن ماله من أين كسبه و في ما أنفقه و عن حبنا أهل البيت(1).

[175] - في عيون الأخبار: في باب ما جاء عن الرضا عليه السّلام من الأخبار المتفرقة حديث طويل عن علي عليه السّلام حاكيا عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: و عزّة ربّي إنّ جميع أمتي لموقوفون يوم القيامة و مسؤولون عن ولايته، و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (2).

ص: 235


1- الخصال: ب 4 ح 125 /ص 253.
2- عيون الأخبار: 244/1 /ب 28 ح 86.

[176] - في نهج البلاغة إتقوا اللّه في عباده و بلاده فإنّكم مسؤولون حتّى عن البقاع و البهائم(1).

ص: 236


1- نهج البلاغة: خطبة 167.

الآية (35)

[سورة الصافات (37): آیة 35]

لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ

[177] - و بإسناده إلى إسحاق بن راهويه قال:

لما وافى أبو الحسن الرضا عليه السّلام نيشابور و أراد أن يخرج منها إلى المأمون اجتمع إليه أصحاب الحديث فقالوا:

يابن رسول اللّه ترحل عنّا و لا تحدّثنا بحديث فنستفيده منك، و كان قعد في العمارية فأطلع رأسه و قال: سمعت أبا موسى بن جعفر يقول: سمعت أبا جعفر بن محمّد يقول: سمعت أبي محمّد بن علي يقول: سمعت أبا عليّ بن الحسين يقول:

سمعت أبا الحسين بن عليّ يقول: سمعت أبا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام يقول: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول:

سمعت جبرائيل يقول: سمعت اللّه يقول: لا إله إلاّ اللّه حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي، فلمّا مرّت الراحلة نادانا: بشروطها و أنا من شروطها(1).

ص: 237


1- عيون الأخبار: 134/2 /ب 37 ح 4.

الآيات (79)-(81)

[سورة الصافات (37): الآیات 79 الی 81]

سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ (79) إِنّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (8(0) إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ

[178] - في كتاب الخصال: في ما علّم أمير المؤمنين عليه السّلام أصحابه من الأربعمائة باب مما يصلح للمسلم في دينه و دنياه: من خاف منكم العقرب فليقرأ هذه الآيات: سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ (79) إِنّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (8(0) إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (1).

ص: 238


1- الخصال: 619 ح 400.

الآية (99)

[سورة الصافات (37): آیة 99]

إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ

[179] - في كتاب التوحيد: حديث طويل عن علي عليه السّلام يقول فيه - و قد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات -: و قد أعلمتك أن رب شيء من كتاب اللّه تأويله غير تنزيله و لا يشبه كلام البشر، و سأنبئك بطرف منه فتكتفي إن شاء اللّه، من ذلك قول إبراهيم: إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ (1) فذهابه إلى ربه توجهه إليه عبادة و اجتهادا، و قربة إلى اللّه عزّ و جلّ، ألا ترى أنّ تأويله غير تنزيله، و قال: أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ (2) يعني السلاح و غير ذلك(3).

ص: 239


1- سورة الصافات، الآية: 99.
2- سورة الحديد، الآية: 25.
3- التوحيد: ب 36 ح 266/5.

الآية (102)

[سورة الصافات (37): آیة 102]

فَلَمّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ...

[180] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرني الحسن قال: حدّثنا عبيد اللّه بن أحمد بن يعقوب قال: حدّثنا رضوان بن أحمد الصيدلاني قال: حدّثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي قال: حدّثنا أبو معاوية عن حجاج عن القاسم بن نافع عن أبي الطفيل، عن علي قال: «الذي أراد إبراهيم عليه السّلام ذبحه إسحاق »(1).

[181] - ابن عساكر قال: روى أبو الزبير عن جابر قال: الذبيح إسحاق، و ذلك مروي أيضا عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه و عبد اللّه بن عمر أن الذبيح إسحاق عليه السلام، فهؤلاء ستة من الصحابة و من التابعين و غيرهم منهم

ص: 240


1- تفسير الثعلبي: 150/8، و المستدرك: 558/2.

علقمة و الشّعبي و مجاهد و سعيد بن جبير و عبد اللّه بن أبي الهذيل و مالك بن أنس و كعب الأحبار قالوا: الذبيح إسحاق صلى اللّه عليه و سلم(1).

[182] - في أمالي شيخ الطائفة (قدس سره): بإسناده إلى سليمان بن يزيد قال: حدّثنا عليّ بن موسى قال: حدّثني أبي عن أبيه عن أبي جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال:

الذبيح إسماعيل عليه السّلام(2).

[183] - في مهج الدعوات: في دعاء مروي عن أمير المؤمنين عليه السّلام عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يا من فدى إسماعيل من الذبح(3).

ص: 241


1- إعراب القرآن: 15/4.
2- الأمالي: 338 ح 690 /مجلس 12.
3- بحار الأنوار: 401/92.

الآية (105)

[سورة الصافات (37): آیة 105]

يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا

[184] - فيه اختلف العلماء في الذبيح على قولين أحدهما أنه إسحاق و روي ذلك عن عليّ عليه السّلام(1).

ص: 242


1- مجمع البيان: 707/8.

الآية (107)

[سورة الصافات (37): آیة 107]

وَ فَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ

[185] - أخرج ابن جرير، و ابن أبي حاتم، و ابن مردويه، عن علي عليه السّلام في قوله: وَ فَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ قال: كبش أبيض أعين أقرن، قد ربط بسمرة في أصل ثبير(1).

[186] - أخرج البخاري في تاريخه، عن علي بن أبي طالب عليه السّلام قال: هبط الكبش الذي فدى ابن إبراهيم من هذه الخيبة على يسار الجمرة الوسطى(2).

ص: 243


1- تفسير السيوطي 284:5.
2- تفسير السيوطي 284:5.

الآية (130)

[سورة الصافات (37): آیة 130]

سَلامٌ عَلى إِلْياسِينَ

[187] - في كتاب معاني الأخبار: بإسناده إلى كادح عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: سَلامٌ عَلى إِلْياسِينَ قال: يس محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و نحن آل يس(1).

[188] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه عليه السّلام و قد ذكر المنافقين و كذلك قوله: سَلامٌ عَلى إِلْياسِينَ (2) لأن اللّه سمى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بهذا الإسم حيث قال: يس (1) وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) لعلمه أنهم يسقطون قول

ص: 244


1- معاني الأخبار: ح 122/2 /باب معنى آل ياسين.
2- الصافات: 130.
3- سورة يس، الآيات: 1-3.

(سلام على آل محمد) كما أسقطوا غيره، و كذلك قال:

يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ (1) و لم يسمّهم بأسمائهم و أسماء آبائهم و أمهاتهم(2).

ص: 245


1- سورة الإسراء، الآية: 71.
2- كتاب الإحتجاج: 597/1 /المحاجة 137.

الآية (140)

[سورة الصافات (37): آیة 140]

اَلْفُلْكِ الْمَشْحُونِ

[189] - في كتاب الخصال: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه قال: فما التسعون ؟

قال: الفلك المشحون، إتخذ نوح عليه السّلام فيه تسعين بيتا للبهائم(1).

ص: 246


1- الخصال: ب 1-100 ح 1 /ص 598.

الآية (159)

[سورة الصافات (37): آیة 159]

سُبْحانَ اللّهِ عَمّا يَصِفُونَ

[190] - في كتاب التوحيد: بإسناده إلى يزيد بن الأصم قال: سأل رجل عمر بن الخطاب فقال: يا أمير المؤمنين ما تفسير سُبْحانَ اللّهِ ؟

فقال: إنّ في هذا الحائط رجلا، إذا سئل أنبأ و إذا سكت ابتدأ، فدخل الرجل و إذا هو عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فقال: يا أبا الحسن ما تفسير سُبْحانَ اللّهِ ؟

قال: هو تعظيم جلال اللّه عزّ و جلّ و تنزيهه عما قال فيه كلّ مشرك، فإذا قالها العبد صلّى عليه كلّ ملك(1).

ص: 247


1- التوحيد: ب 45 ح 312/1.

الآيتان (165) و (166)

[سورة الصافات (37): الآیات 165 الی 166]

وَ إِنّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (16(5) وَ إِنّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ

[191] - الشيخ الثقة محمد بن العباس بن ماهيار - صاحب التفسير في ما نزل في القرآن في أهل البيت - قال: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن يونس الحنفي اليماني (1) ،عن داود بن سليمان المروزي، عن الربيع بن عبد اللّه الهاشمي، عن أشياخ من آل(2) علي بن أبي طالب قالوا:

قال علي عليه السّلام في بعض خطبه: «إنا آل محمد كنّا أنوارا حول العرش فأمرنا اللّه تعالى بالتسبيح فسبّحنا و سبّحت الملائكة بتسبيحنا، ثم أهبطنا إلى الأرض

ص: 248


1- في البحار: اليمامي.
2- في البحار: من آل محمد عن علي.

فأمرنا بالتسبيح فسبّحنا فسبّح أهل الأرض بتسبيحنا وَ إِنّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (16(5) وَ إِنّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (1)».

[192] - روي مرفوعا عن محمد بن زياد: قال سأل ابن مهران عبد اللّه بن العباس عن تفسير قوله تعالى: وَ إِنّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (16(5) وَ إِنّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ فقال ابن عباس: إنا كنّا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فأقبل علي بن أبي طالب عليه السّلام فلمّا رآه النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم تبسّم في وجهه و قال: «مرحبا بمن خلقه اللّه قبل آدم بأربعين ألف عام»

فقلت: يا رسول اللّه، أكان الإبن قبل الأب ؟

فقال: «نعم، إن اللّه تعالى خلقني و خلق عليّا قبل أن يخلق آدم بهذه المدة، خلق نورا فقسمه نصفين فخلقني من نصفه و خلق عليّا من النصف الآخر قبل الأشياء كلها، ثم خلق الأشياء فكانت مظلمة فنورها من نوري و نور عليّ.

ثم جعلنا عن يمين العرش، ثم خلق الملائكة فسبّحنا و سبّحت الملائكة، و هلّلنا و هلّلت الملائكة و كبّرنا فكبّرت

ص: 249


1- الحديث رواه المجلسي في البحار: 88/24، عن كنز جامع الفوائد.

الملائكة فكان ذلك من تعليمي و تعليم عليّ، و كان ذلك في علم اللّه السابق(1) أن لا يدخل النار محبّ لي و لعلي، و لا يدخل(2) الجنة مبغض لي و لعلي، ألا و إن اللّه عزّ و جلّ خلق ملائكة بأيديهم أباريق اللجين مملوءة من ماء الجنة من الفردوس، فما من أحد من شيعة علي إلاّ و هو طاهر الوالدين تقي نقي، مؤمن باللّه، فإذا أراد أب واحدهم(3) أن يواقع أهله جاء ملك من الملائكة الذين بأيديهم أباريق ماء الجنة فيطرح(4) من ذلك الماء في آنيته التي يشرب منها(5) فيشرب من ذلك الماء فينبت الإيمان في قلبه كما ينبت الزرع، فهم على بينة من ربهم و من نبيهم و من وصيه عليّ و من إبنتي الزهراء، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم الأئمة من ولد الحسين».

فقلت: يا رسول اللّه و من هم الأئمة ؟(6) قال: «أحد

ص: 250


1- في البحار: إن الملائكة تتعلم منا التسبيح و التهليل، و كل شيء يسبح اللّه و يكبّره و يهلّله بتعليمي و تعليم علي، و كان في علم اللّه السابق.
2- في البحار: و كذا كان في علمه أن لا يدخل.
3- في ارشاد القلوب: فإذا أراد أحدهم.
4- في البحار: فقطر.
5- في البحار و إرشاد القلوب: في إنائه الذي يشرب فيه.
6- في البحار: كم هم.

عشر(1) و أبوهم علي بن أبي طالب، ثم قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الحمد للّه الذي جعل محبّة عليّ و الإيمان سببين - يعني سببا لدخول الجنّة و سببا للنجاح من النار -(2).

ص: 251


1- في البحار: أحد عشر مني.
2- بحار الأنوار: 88/24 و: 245/26، ارشاد القلوب 195/2 ط بيروت.

الآيات (180)-(182)

[سورة الصافات (37): الآیات 180 الی 182]

سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّا يَصِفُونَ (180) وَ سَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (18(1) وَ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ

[193] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: حدّثنا إبراهيم بن سهلويه قال: حدّثنا علي بن محمد الطنافسي قال: حدّثنا وكيع عن ثابت بن أبي صفية عن الأصبغ بن نباتة عن علي رضي اللّه عنه قال: «من أحبّ أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة، فليكن آخر كلامه من مجلسه سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّا يَصِفُونَ (180) وَ سَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (18(1) وَ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ » (1).

[194] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرنا ابن فنجويه،

ص: 252


1- تفسير الثعلبي: 174/8 و الأذكار النووية: 299 ح 889.

أخبرنا الحسن المخلدي المقرئ عن أبي الحسن علي بن أحمد عن أبي [عثمان] البصري عن أبي خليفة [الجمحي عن] عبد المؤمن عن إبراهيم بن إسحاق [عن عبد الصمد] عن صالح بن مسافر قال: قرأت على عاصم بن أبي النجود سورة الصافات فلما أتيت على آخرها سكت، فقال: لم ؟ إقرأ.

فقلت: قد ختمت، قال إني فعلت كما فعلت على أبي عبد الرحمن السلمي، فقال أبو عبد الرحمن: كذلك قال لي عليّ و قال لي: قل: آذنتكم بأذانة المرسلين و لتسألنّ عن النبأ العظيم(1).

[195] - في من لا يحضره الفقيه: و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من أراد أن يكتال بالمكيال الأوفى فليكن آخر قوله: سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّا يَصِفُونَ (180) وَ سَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (18(1) وَ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ فإنّ له من كلّ مسلم حسنة(2).

[196] - في مجمع البيان: و روى الأصبغ بن نباتة عن

ص: 253


1- تفسير الثعلبي: 174/8.
2- من لا يحضره الفقيه: 325/1 ح 954.

عليّ عليه السّلام و روى أيضا مرفوعا إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: من أراد أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة فليكن آخر كلامه في مجلسه: سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّا يَصِفُونَ (180) وَ سَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (18(1) وَ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (1).

[197] - في قرب الإسناد للحميري: بإسناده إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من أراد أن يكتال له بالمكيال الاوفى فليقل في دبر كلّ صلاة:

سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّا يَصِفُونَ (180) وَ سَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (18(1) وَ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (2) .

انتهى الجزء السادس و يليه الجزء السابع و أوله تفسير سورة ص

ص: 254


1- مجمع البيان: 722/8.
2- قرب الإسناد: 33.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.