تفسير أمير المؤمنين عليهم السّلام للقرآن الكريم المجلد 3

هویة الکتاب

تفسير أمير المؤمنين عليه السّلام للقرآن الكريم

مجلدات: 10ج

جمع و تهذيب السيّد علي عاشور

مرکز الشرق الأوسط الثقافي - بیروت - لبنان

ص: 1

اشارة

تفسير أمير المؤمنين عليه السّلام للقرآن الكريم

ص: 2

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 3

جمیع الحقوق محفوظة ومسجلة للناشر

الطبعة الأولی

1429ه - 2008م

مرکز الشرق الأوسط الثقافي - بیروت - لبنان

ص: 4

سورة المائدة

اشارة

ص: 5

ص: 6

زمن نزولها

[1] - في تهذيب الأحكام: الحسين بن سعيد عن صفوان عن العلا عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنه قال في حديث طويل: سبق الكتاب الخفين إنما نزلت المائدة قبل أن يقبض بشهرين(1).

ص: 7


1- التهذيب: 361/1 /ب 16 ح 21.

الآية (1)

[سورة المائدة (5): آیة 1]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلاّ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ

[2] - في تفسير العياشي: عن إسماعيل بن أبي زياد الكوفي عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهم السّلام عن علي عليه السّلام قال: ليس في القرآن يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إلاّ و هي في التوراة يا أيها المساكين(1).

قوله تعالى: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ [3] - في تفسير العياشي: عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ قال: هي الأجنّة(2) التي في بطون الأنعام. و قد كان أمير المؤمنين عليه السّلام يأمر ببيع الأجنّة(3).

ص: 8


1- تفسير العياشي: 289/1 /سورة المائدة.
2- الأجنة جمع الجنين.
3- تفسير العياشي: 289/1 ح 10 من سورة المائدة.

[4] - عن وهب بن وهب عن جعفر بن محمد عن أبيه أنّ عليا عليه السّلام سئل عن أكل لحم الفيل و الدب و القرد؟

فقال: ليس هذا من بهيمة الأنعام التي تؤكل(1).

ص: 9


1- تفسير العياشي: 290/1 ح 12 من سورة المائدة.

الآية (3)

[سورة المائدة (5): آیة 3] حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَ ما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَ الْمُنْخَنِقَةُ وَ الْمَوْقُوذَةُ وَ الْمُتَرَدِّيَةُ وَ النَّطِيحَةُ وَ ما أَكَلَ السَّبُعُ إِلاّ ما ذَكَّيْتُمْ وَ ما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَ اخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [5]

- في مجمع البيان إِلاّ ما ذَكَّيْتُمْ و اختلف في الإستثناء إلى ما ذا يرجع ؟ فقيل: يرجع إلى جميع ما تقدّم ذكره من المحرمات سوى ما لا يقبل الذكاة من الخنزير و الدم. عن علي عليه السّلام(1).

ص: 10

قوله تعالى: اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ

[6] - في كتاب الخصال: عن يزداد بن إبراهيم عمّن حدّثه من أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن علي عليه السّلام حديث طويل يقول في آخره:... و إنّ بولايتي أكمل اللّه لهذه الأمة دينهم، و أتمّ عليهم النعمة و رضي إسلامهم إذ يقول يوم الولاية لمحمد صلّى اللّه عليه و آله و سلم: يا محمد أخبرهم أني أكملت لهم اليوم دينهم و رضيت لهم الإسلام دينا و أتممت عليهم نعمتي، كل ذلك من منّ اللّه به عليّ فله الحمد(1).

ص: 11


1- كتاب الخصال: 414/2 /باب التسعة ح 4.

الآية (5)

[سورة المائدة (5): آیة 5] وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ [7]

- في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه: فكل عمل يجري على غير أيدي الأصفياء (الأوصياء خ ل) و حدودهم و عهودهم و شرائعهم و سننهم و معالم دينهم مردود غير مقبول، و أهله بمحل كفر و إن شملتهم صفة الإيمان. ألم تسمع إلى قول اللّه تعالى: وَ ما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلاّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللّهِ وَ بِرَسُولِهِ فمن لم يهتد من أهل الإيمان إلى سبيل النجاة لم يغن عنه إيمانه باللّه مع دفع حق أوليائه، فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ (1) , (2).

ص: 12

الآية (6)

[سورة المائدة (5): آیة 6]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَ لكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَ لِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ

[8] - أبو إسحاق الثعلبي قال: روى أبو ذر عن علي عليه السّلام فقال: أقبل عشرة من أحبار اليهود، فقالوا:

يا محمد لما ذا أمر اللّه بالغسل من الجنابة و لم يأمر من البول و الغائط و هما أقذر من النطفة ؟

فقال النبي صلّى اللّه عليه و سلم: «إنّ آدم لما أكل من الشجرة تحوّل في عروقه و شعره، و إذا جامع الإنسان نزل من أصل كل شعرة

ص: 13

فافترضه اللّه عزّ و جلّ عليّ و على أمتي تكفيرا و تطهيرا و شكرا لما أنعم عليهم من اللذة التي يصيبونها منه».

قالوا: صدقت يا محمد، فأخبرنا بثواب ذلك من اغتسل من الحلال.

فقال صلّى اللّه عليه و سلم: «إنّ المؤمن إذا أراد أن يغتسل من الحلال بنى اللّه له قصرا في الجنّة و هو سرّ بين المؤمن و بين ربه، و المنافق لا يغتسل من الجنابة فما من عبد و لا أمة من أمتي قاما للغسل من الجنابة تيقنا أني ربهما، أشهدكم أني غفرت لهما، و كتبت لهما بكل شعرة على رأسه و جسده ألف [حسنة] و محى عنه مثل ذلك و رفع له مثل ذلك».

قالوا: صدقت، نشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أنّك رسول اللّه(1).

قوله تعالى: وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ

[9] - أبو إسحاق الثعلبي قال: و روى أبو إدريس عن أبي ذر عن عليّ كرم اللّه وجهه قال: بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم في ملإ من المهاجرين إذ أقبل إليه عشرة من أحبار اليهود

ص: 14


1- تفسير الثعلبي: 32/4.

فقالوا: يا محمد إنا أتيناك لنسألك عن أشياء لا يعلمها إلاّ من كان نبيّا مرسلا و ملكا مقرّبا.

فقال صلّى اللّه عليه و سلم: «سلوني تفقها و لا تسألوني تعنّتا»

فقالوا: يا محمد أخبرنا لم أمر اللّه بغسل هذه الأربعة مواضع و هي أنظف المساجد؟

فقال النبي صلّى اللّه عليه و سلم: «إنّ آدم لمّا نظر إلى الشجرة قصد إليها بوجهه ثم مشى إليها و هي أوّل قدم مشت إلى المعصية ثمّ تناول بيده و شمّها فأكل منها فسقطت عنه الحلي و الحلل فوضع يده الخاطئة على رأسه فأمر اللّه عزّ و جلّ بغسل الوجه لما أنه نظر إلى الشجرة و قصدها و أمر بغسل الساعدين و أمره بمسح رأسه...، و أمره بغسل القدمين لما مشى إلى الخطيئة، فلمّا فعل آدم ذلك كفّر اللّه عنه الخطيئة، فافترضهنّ اللّه على أمتي ليكفّر ذنوبهم من الوضوء إلى الوضوء».

قالوا: صدقت، فأسلموا(1).

[10] - أبو إسحاق الثعلبي قال: إختلف القرّاء فيه، فقرأ عروة بن الزبير و ابنه هشام و مجاهد، و إبراهيم التميمي

ص: 15


1- تفسير الثعلبي: 30/4.

و أبو وائل، و الأعمش، و الضحّاك و عبد اللّه بن عامر، و عامر و نافع، و الكسائي و حفص و سلام و يعقوب: (و أرجلكم)بالنصب، و هي قراءة علي بن أبي طالب عليه السّلام(1).

ص: 16


1- تفسير الثعلبي: 27/4.

الآية (19)

[سورة المائدة (5): آیة 19]

يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَ لا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَ نَذِيرٌ وَ اللّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

[11] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يذكر فيه أحوال القيامة و فيه:

فيقام الرسل فيسألون عن تأدية الرسالات التي حملوها إلى أممهم، فيخبروا أنهم قد أدّوا ذلك إلى أممهم و تسأل الأمم فيجحدون، كما قال: فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَ لَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ فيقولون: ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَ لا نَذِيرٍ فتشهد الرسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم فيشهد بصدق الرسل و بكذب من جحدها من الأمم، فيقول لكل أمة منهم: فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَ نَذِيرٌ وَ اللّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أي مقتدر على شهادة جوارحكم عليكم بتبليغ الرسل إليكم رسالاتهم(1).

ص: 17


1- الإحتجاج للطبرسي: 566/1 المحاجة 136.

الآية (21)

[سورة المائدة (5): آیة 21]

اُدْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَ لا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ

[12] - ابن عساكر قال: قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة، عن أبي نصر علي بن هبة اللّه بن علي، حدّثنا أبو بكر عبد الباقي بن عبد الكريم بن عمر الشيرازي، نا أبو الحسين عبد الرّحمن بن عمر بن أحمد بن حمّة، نا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة، نا جدّي يعقوب، نا يحيى بن حمّاد، نا أبو عوانة، عن سليمان، عن المنهال بن عمرو، عن قيس بن سكن، قال: سمعت عليا و نحن بمسكن(1) يقول: يا معشر المسلمين المهاجرين

ص: 18


1- مسكن: يقال للموضع الذي يسكنه الإنسان مسكن و مسكن. و اسم المكان منه مسكن و هو موضع قريب من أوانا على نهر دجيل عند دير الجاثليق في العراق. (معجم البلدان، لياقوت الحموي).

اُدْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَ لا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ قال: فتلكأوا قال: فلما رأى ذلك، قال:

أفّ لكم، إنّها سنّة جرت عليكم(1).

ص: 19


1- تاريخ دمشق: 113/1.

الآيتان (33) و (34)

[سورة المائدة (5): الآیات 33 الی 34]

إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (3(3) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ

[13] - أبو إسحاق الثعلبي قال: روى الشعبي أنّ حارثة بن يزيد(1) خرج محاربا في عهد علي بن أبي طالب عليه السّلام فأخاف السبل و سفك الدّماء و أخذ الأموال ثم جاء تائبا من قبل أن يقدر عليه فأتى الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السّلام فطلب إليه أن يستأمن له (من علي) فأبى ابن جعفر فأبى عليه فأتى سعيد بن قيس الهمدالي فقبله(2)

ص: 20


1- في تفسير الطبري: ابن بدر.
2- في تفسير الطبري: فأمّنه.

و ضمّه إليه فلمّا صلّى علي عليه السّلام الغداة أتاه سعيد بن قيس.

فقال: يا أمير المؤمنين ما جزاء الذين يحاربون اللّه و رسوله ؟ قال: أن يقتّلوا أو يصلّبوا أو تقطّع أيديهم و أرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض قال: ما تقول فيمن تاب قبل أن تقدر عليه فقال أقول: كما قال اللّه عزّ و جلّ إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ الآية(1).

ص: 21


1- تفسير الثعلبي: 58/4، و في تفسير الطبري: 301/6.

الآية (35)

[سورة المائدة (5): آیة 35] يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَ ابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ [14]

- و في البرهان عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنه قال في قوله تعالى: وَ ابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ أنا وسيلته(1).

[15] - و في مرآة الأنوار عن كتاب الواحدة، عن طارق بن شهاب قال: قال علي عليه السّلام في حديث له: إنّ الأئمة من آل محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلم الوسيلة إلى اللّه و الوصلة إلى عفوه(1).

[16] - أبو إسحاق الثعلبي قال: روى سعيد بن طريف عن الأصمعي عن علي بن أبي طالب عليه السّلام قال: «في الجنة لؤلؤتان إلى بطنان العرش إحداهما بيضاء و الأخرى صفراء

ص: 22


1- مرآة الأنوار: 331.

في كل واحدة منهما سبعون ألف غرفة أبوابها و أكوابها من عرق واحد فالبيضاء - و اسمها الوسيلة - لمحمد صلّى اللّه عليه و آله و سلم و أهل بيته و الصفراء لإبراهيم عليه السّلام و أهل بيته »(1).

ص: 23


1- تفسير الثعلبي: 59/4.

الاية (38)

[سورة المائدة (5): آیة 38]

وَ السّارِقُ وَ السّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالاً مِنَ اللّهِ

[17] - في من لا يحضره الفقيه: قال أمير المؤمنين عليه السّلام في وصيته لابنه محمّد ابن الحنفية: يا بني لا تقل ما لا تعلم... إلى قوله: و قال اللّه عزّ و جلّ: وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللّهِ أَحَداً يعني بالمساجد الوجه و اليدين و الركبتين و الإبهامين(1).

[18] - في مجمع البيان و قال أصحابنا: إنه يقطع من أصول الأصابع و يترك الإبهام و الكف و في المرة الثانية يقطع رجله اليسرى من أصل الساق و يترك عقبه يعتمد عليها في الصلاة، فإن سرق بعد ذلك خلّد في السجن و هو المشهور عن علي عليه السّلام، و أجمعت الطائفة عليه(2).

ص: 24


1- من لا يحضره الفقيه: 626/2 ح 3215.
2- مجمع البيان: 297/3 /المائدة: 38.

الآية (41)

[سورة المائدة (5): آیة 41]

اَلَّذِينَ قالُوا آمَنّا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ

[19] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث أجاب فيه بعض الزنادقة و قد قال معترضا: و أجده يقول: فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصّالِحاتِ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ (1) و يقول: وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى (2) إعلم في الآية الأولى أنّ الأعمال الصالحة لا تكفر، و إعلم في الثانية أنّ الإيمان و الأعمال الصالحة لا تنفع إلاّ بعد الإهتداء قال عليه السّلام: و أما قوله:

فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصّالِحاتِ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ و قوله: وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى فإنّ ذلك كله لا يغني إلاّ مع الإهتداء و ليس كل من وقع عليه إسم

ص: 25


1- سورة الأنبياء، الآية: 94.
2- طه: 82.

الإيمان كان حقيقا بالنجاة مما هلك به الغواة و لو كان ذلك كذلك لنجت اليهود مع اعترافها بالتوحيد و إقرارها بالله، و نجا سائر المقرّين بالوحدانية من إبليس فمن دونه في الكفر، و قد بيّن اللّه ذلك بقوله: اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَ هُمْ مُهْتَدُونَ (1) و بقوله: اَلَّذِينَ قالُوا آمَنّا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ (2) , (3).

[20] - في كتاب الإحتجاج: للطبرسي رحمه اللّه عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه عليه السّلام: و ليس كل من وقع عليه إسم الإيمان كان حقيقا بالنجاة مما هلك به الغواة، و لو كان ذلك كذلك لنجت اليهود مع اعترافها بالتوحيد و اقرارها بالله، و نجا سائر المقرّين بالوحدانية من إبليس فمن دونه في الكفر. و قد بيّن اللّه ذلك بقوله: اَلَّذِينَ قالُوا آمَنّا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ فالإيمان بالقلب هو التسليم للرب و من سلّم الأمور لمالكها لم يستكبر عن أمره(4).

ص: 26


1- الأنعام: 82.
2- المائدة: 41.
3- كتاب الإحتجاج: 573/1 /محاجة 137.
4- الإحتجاج: 580/1 /احتجاجه على الزنديق.

[21] - في من لا يحضره الفقيه: قال أمير المؤمنين عليه السّلام في وصيته لابنه محمد ابن الحنفية و فرض على القلب و هو أمير الجوارح الذي به تعقل و تفهم و تصدر عن أمره و رأيه فقال إلى قوله و قال عزّ و جلّ حين أخبرني(1) عن قوم أعطوا الإيمان بأفواههم و لم تؤمن قلوبهم فقال عزّ و جلّ:

اَلَّذِينَ قالُوا آمَنّا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ (2) .

ص: 27


1- في المصدر: أخبر.
2- من لا يحضره الفقيه: 627/2 ح 3215.

الآية (42)

[سورة المائدة (5): آیة 42]

سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكّالُونَ لِلسُّحْتِ

[22] - في عيون الأخبار: عن الرضا عليه السّلام بإسناده عن علي بن أبي طالب عليه السّلام في قول اللّه تعالى أَكّالُونَ لِلسُّحْتِ قال: هو الرجل يقضي لأخيه الحاجة ثم يقبل هديّته(1).

[23] - أخرج عبد بن حميد عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، أنّه سئل عن السحت، فقال: الرشاء، فقيل له: في الحكم ؟

قال: ذاك الكفر(2).

[24] - الصدوق، حدّثنا أبو الحسن محمّد بن عليّ بن الشاه الفقيه المروزي بمرو في داره، قال: حدّثنا أبو بكر

ص: 28


1- عيون الأخبار: 28/2 /ب 31 ح 16.
2- تفسير السيوطي 284:2.

محمّد بن عبد اللّه النيسابوري، قال: حدّثنا أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي بالبصرة، قال:

حدّثنا أبي في سنة ستّين و مائتين، قال: حدثّني عليّ بن موسى الرضا عليهما السّلام سنة أربع و تسعين و مائة، و حدّثنا أبو منصور أحمد بن إبراهيم بن بكر الخوزي بنيسابور، قال: حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن هارون بن محمّد الخوزي قال: حدّثنا جعفر بن زياد الفقيه الخوزي بنيسابور، قال:

حدّثنا أحمد بن عبد اللّه الهروي الشيباني، عن الرضا عليّ بن موسى عليهما السّلام، و حدّثني أبو عبد اللّه الحسين بن محمّد الأشناني الرازي العدل ببلخ، قال: حدّثنا عليّ بن محمّد بن مهروية القزويني، عن داود بن سليمان الضمّا، عن عليّ بن موسى الرضا عليهما السّلام، قال: حدّثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدّثني أبي جعفر بن محمّد، قال: حدّثني أبي محمّد بن عليّ، قال: حدّثني أبي عليّ بن الحسين، قال: حدّثني أبيّ الحسين بن عليّ، قال: حدّثني أبي عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: أَكّالُونَ لِلسُّحْتِ قال: هو الرجل الذي يقضي لأخيه حاجة ثمّ يقبل هديّته(1).

ص: 29


1- عيون أخبار الرّضا عليه السّلام 28:2؛ وسائل الشيعة 64:12؛ تفسير البرهان 1: 474؛ تفسير الصافي 38:2؛ جامع الأخبار، باب الرشوة: 439 ح 1234.

الآية (50)

[سورة المائدة (5): آیة 50] أَ فَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [25]

- عن الصادق عليه السّلام، عن أمير المؤمنين عليه السّلام:

الحكم حكمان: حكم اللّه و حكم الجاهلية، فمن أخطأ حكم اللّه حكم بحكم الجاهلية، و قد قال اللّه عزّ و جلّ: وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ و أشهد على زيد بن ثابت لقد حكم في الفرائض بحكم الجاهلية(1).

ص: 30


1- تفسير الصافي 41:2؛ الكافي 407:7.

الآية (54)

[سورة المائدة (5): آیة 54]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ لا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ

[26] - في مجمع البيان: روي عن علي عليه السّلام أنه قال يوم البصرة: و اللّه ما قوتل أهل هذه الآية حتى اليوم، و تلا هذه الآية. و روى أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره بالإسناد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم قال: يرد عليّ يوم القيامة رهط من أصحابي فيجلون عن الحوض(1) فأقول: يا رب أصحابي [أصحابي]! فيقال: إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدّوا على أدبارهم القهقرى(2).

ص: 31


1- أي ينفون و يطردون عنه.
2- مجمع البيان: 322/3 /المائدة: 54.

قوله تعالى: أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ

[27] - عن علي عليه السّلام في قوله تعالى: أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ قال: أهل رقّة على أهل دينهم، أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ قال: أهل غلظة على من خالفهم في دينهم(1).

ص: 32


1- كنز العمال 402:2 ح 4359.

الآية (55)

[سورة المائدة (5): آیة 55]

إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ

[28] - في الخصال: في مناقب أمير المؤمنين عليه السّلام و تعدادها قال عليه السّلام: و أما الخامسة و الستون فإني كنت أصلي في المسجد فجاء سائل فسأل و أنا راكع فناولته خاتمي من إصبعي فأنزل اللّه تعالى فيّ إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (1)

[29] - في كتاب الإحتجاج: للطبرسي رحمه اللّه عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه فقال المنافقون: هل بقي لربك علينا بعد الذي فرض علينا شيء آخر يفترضه فتذكره و لتسكن أنفسنا إلى أنه لم يبق غيره ؟ فأنزل اللّه في ذلك: قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ

ص: 33


1- كتاب الخصال: 580/2 /باب السبعين ح 1.

بِواحِدَةٍ (1) يعني الولاية فأنزل اللّه: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ و ليس بين الأمة خلاف أنه لم يؤت الزكاة يومئذ أحد منهم و هو راكع غير واحد، و لو ذكر اسمه في الكتاب لأسقط مع ما أسقط(2).

[30] - ابن عساكر قال: أخبرنا أبو سعد المطرز، و أبو عليّ الحداد، و أبو القاسم غانم بن محمّد بن عبيد اللّه، ثم أخبرنا أبو المعالي عبد اللّه بن أحمد بن محمّد، أنا أبو عليّ الحداد قالوا: حدّثنا أبو نعيم الحافظ، نا سليمان بن أحمد، نا عبد الرّحمن بن محمّد بن سالم الرازي، نا محمّد بن يحيى بن ضريس العبدي، نا عيسى بن عبد الله بن عبيد اللّه بن عمر بن عليّ بن أبي طالب، حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن عليّ قال: نزلت هذه الآية على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ ،فخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم، فدخل المسجد و الناس يصلون بين راكع و قائم يصلّي، فإذا سائل، فقال: «يا سائل أعطاك أحد شيئا؟»

ص: 34


1- سبأ: 46.
2- الإحتجاج: 601/1 /احتجاجه عليه السّلام على الزنديق.

فقال: لا إلاّ هذاك الراكع - لعلي - أعطاني خاتمه(1).

[31] - محمّد بن عيسى بن زكريّا الدهقان معنعنا، عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قال:

دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم و هو يقرأ سورة المائدة، فقال: أكتب فكتبت حتّى انتهيت إلى هذه الآية إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا ثمّ إنّ رسول اللّه خفق برأسه كأنّه نائم و هو يملي بلسانه حتّى فرغ من آخر السورة، ثمّ انتبه فقال لي: أكتب فأملى عليّ من الموضع الذي خفق عنده، فقلت:

أ لم تملي عليّ حتّى ختمتها؟

فقال: اللّه أكبر ذلك الذي أملى عليك جبرئيل عليه السّلام ثمّ قال عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فأملى عليّ منها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم ستّين آية، و أملى عليّ جبرئيل أربعا و ستين آية(2).

[32] - في تفسير فرات، قال: حدّثنا جعفر بن أحمد معنعنا، عن عليّ عليه السّلام قال: نزلت هذه الآية على نبيّ اللّه و هو في بيته إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ - إلى قوله - وَ هُمْ راكِعُونَ خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم فدخل المسجد ثمّ نادى سائل فسأل، فقال له: أعطاك أحد شيئا؟

ص: 35


1- تاريخ دمشق: 272/45.
2- البحار 112:39؛ تفسير فرات: 128 ح 147.

قال: لا، إلاّ ذلك الراكع أعطاني خاتمه - يعني عليّا -(1).

[33] - محمد بن إبراهيم النعماني في كتاب الغيبة عن أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة و محمد بن همام بن سهيل و عبد العزيز و عبد الواحد ابني عبد اللّه بن يونس [الموصلي](2) عن رجالهم عن عبد الرزاق بن همام عن معمر بن راشد عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس، و أخبرنا به من غير هذه الطرق هارون بن محمد قال: حدّثني أحمد بن عبيد اللّه بن جعفر المعلى الهمداني قال: حدّثني [أبو](3) الحسن عمرو بن جامع عن عمرو بن حرب الكندي قال: حدّثنا عبد اللّه بن مبارك شيخ لنا كوفي ثقة قال: حدّثنا عبد الرزاق بن همام [شيخنا](4) عن معمر عن أبان ابن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي، و ذكر أبان أنه سمعه أيضا عن عمر بن أبي سلمة، قال معمر: و ذكر أبو هارون العبدي أنه سمعه [أيضا](5) عن عمر بن سلمة عن

ص: 36


1- تفسير فرات: 128 ح 145؛ البحار 186:35.
2- زيادة من المصدر.
3- زيادة من المصدر.
4- زيادة من المصدر.
5- زيادة من المصدر.

سليم أنّ معاوية لما دعا أبا الدرداء و أبا هريرة و نحن مع أمير المؤمنين عليه السّلام بصفين فحمّلهما الرسالة إلى أمير المؤمنين عليه السّلام و أدّيا إليه قال: «بلّغتماني مما أرسلكما به معاوية فاسمعا مني و بلّغا عني [كما بلّغتماني ](1)».

قالا: نعم، فأجابه عليه السّلام الجواب بطوله حتى انتهى إلى نصب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم إياه بغدير خم بأمر اللّه عزّ و جلّ: لما أنزل عليه إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (2).

فقال الناس: يا رسول اللّه أخاصّة لبعض المؤمنين أم عامّة لجميعهم ؟ فأمر اللّه نبيه صلّى اللّه عليه و آله و سلم أن يعلمهم ولاية من أمر اللّه بولايته و أن يفسّر لهم من الولاية ما فسّر من صلاتهم و زكاتهم و صومهم و حجهم، قال علي عليه السّلام: «فنصبني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم بغدير خم و قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ أرسلني برسالة ضاق بها صدري و ظننت أن الناس تكذبني فأوعدني لأبلغنّها أو ليعذبني ثم قال: قم يا عليّ ثم نادى بأعلى صوته بعد أن أمر أن ينادي بالصلاة جامعة فصلى بهم الظهر ثم قال: أيها

ص: 37


1- زيادة من المصدر.
2- المائدة: 55.

الناس إن اللّه مولاي و أنا مولى المؤمنين، و أنا أولى بهم من أنفسهم و من كنت مولاه فعلي مولاه، والى اللّه من والاه و عادى من عاداه، فقام إليه سلمان الفارسي فقال:

يا رسول اللّه ولاة ماذا؟

فقال: من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه فأنزل اللّه: اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً (1) فقال: يا رسول اللّه هؤلاء الآيات في عليّ خاصة ؟

فقال: بل فيه و في أوصيائي إلى يوم القيامة، فقال:

يا رسول اللّه سمّهم لي فقال: عليّ وصيي و وزيري و وارثي و خليفتي في أمتي، و ولي كل مؤمن من بعدي، و أحد عشر إماما من ولدي، أولهم ابني حسن ثم ابني حسين ثم تسعة من ولد الحسين واحدا بعد واحد، هم مع القرآن و القرآن معهم لا يفارقونه حتى يردوا عليّ حوضي، فقام اثنا عشر رجلا من البدريين فقالوا: نشهد أنا سمعنا ذلك من رسول اللّه كما قلت يا أمير المؤمنين سواء لم نزد و لم ننقص، و قال بقية السبعين من البدريين الذين شهدوا مع علي صفين:

ص: 38


1- المائدة: 3.

حفظنا جلّ ما قلت و لم نحفظه كله، و هؤلاء الإثنا عشر خيارنا و أفاضلنا فقال علي عليه السّلام: صدقتم، ليس كل الناس يحفظ، بعضهم أفضل من بعض، و قال من الإثني عشر أربعة: أبو الهيثم بن التيهان و أبو أيوب و عمار و خزيمة ذو الشهادتين فقالوا: نشهد أنّا حفظنا قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم قال يومئذ و علي قائم إلى جنبه: يا أيها الناس إن اللّه أمرني أن أنصّب لكم إمامكم و وصيي فيكم و خليفتي في أهلي و في أمتي من بعدي: و الذي فرض اللّه طاعته على المؤمنين و أمركم فيه بولايته فقلت: يا رب خشية طعن أهل النفاق و تكذيبهم فأوعدني لأبلغنّها أو ليعاقبني.

أيها الناس إن اللّه عزّ و جلّ ذكره أمركم في كتابه بالصلاة و قد بيّنتها لكم و سمّيتها، و الزكاة و الصوم و الحج فبيّنته و فسّرته لكم، و أمركم في كتابه بولايته، و إني أشهدكم أيها الناس أنها خاصة لعليّ و أوصيائي من ولدي و ولده، أولهم ابني حسن ثم ابني حسين ثم تسعة من ولد الحسين عليه السّلام لا يفارقون الكتاب حتى يردوا علي حوضي.

يا أيها الناس إني قد أعلمتكم المهدي بعدي، و وليكم و إمامكم و هاديكم بعدي و هو أخي علي بن أبي طالب، و هو فيكم بمنزلتي فقلدوه دينكم و أطيعوه في جميع أموركم، فإنّ

ص: 39

عنده جميع ما علّمني جل و عز، و هو أمرني أن أعلّمه إياه و أن أعلمكم إنه عنده فاسألوه و تعلموا منه و من أوصيائه و لا تعلموهم و لا تقدموهم و لا تخلّفوا عنهم، فإنهم مع الحق و الحق معهم لا يزايلونه و لا يزايلهم» قال علي عليه السّلام لأبي الدرداء و أبي هريرة و من حوله: «يا أيها الناس، تعلمون أنّ اللّه أنزل في كتابه إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (1) فجعلني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم و فاطمة و حسنا و حسينا في كساء ثم قال: اللهم هؤلاء لحمي و عترتي و ثقلي و حامتي و أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا، فقالت أم سلمة: و أنا؟

فقال لها، و أنت إلى خير، إنما أنزلت فيّ و في أخي و في ابنتي و في ابنيّ حسن و حسين و في تسعة من ولد الحسين خاصة ليس معنا أحد غيرنا» فقام جلّ القوم فقالوا:

نشهد أنّ أم سلمة حدّثتنا بذلك، فسألنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم فحدثنا كما حدثتنا أم سلمة.

فقال علي عليه السّلام: «تعلمون أن اللّه عزّ و جلّ أنزل في سورة الحج: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ

ص: 40


1- سورة الأحزاب، الآية: 33.

وَ افْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (7(7) وَ جاهِدُوا فِي اللّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَ فِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَ تَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النّاسِ» (1) فقام سلمان عند نزولها فقال: يا رسول اللّه من هؤلاء الذين أنت شهيد عليهم و هم شهداء على الناس ؟

قال: «الذين اختارهم اللّه و لم يجعل عليهم في الدين من حرج ملّة إبراهيم، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: عنى بذلك ثلاثة عشر إنسانا: أنا و أخي علي و أحد عشر من ولده» فقالوا:

اللهم نعم قد سمعنا ذلك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم فقال علي عليه السّلام:

«أنشدكم اللّه أتعلمون أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم قام خطيبا ثم لم يخطب بعد ذلك، فقال: أيها الناس إني قد تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما: كتاب اللّه عزّ و جلّ و عترتي أهل بيتي، فإن اللطيف الخبير قد أخبرني و عهد إليّ أنهما لا يفترقان حتى يردا عليّ الحوض ؟» قالوا: اللهم قد شهدنا ذلك كله من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم فقام اثنا عشر من الجماعة فقالوا: نشهد أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم حين خطب في اليوم الذي

ص: 41


1- سورة الحج، الآية: 78.

قبض فيه فقام عمر بن الخطاب شبه المغضب فقال:

يا رسول اللّه لكل أهل بيتك ؟

فقال: «لا و لكن الأوصياء منهم علي أخي و وزيري و وارثي و خليفتي في أمتي، و ولي كل مؤمن من بعدي، و هو أولهم و خيرهم ثم وصيّه ابني هذا، و أشار إلى الحسن، ثم وصيه ابني هذا، و أشار إلى الحسين، ثم وصيه ابني سميّ أخي، ثم وصيه بعده سميّ ثم سبعة من ولده واحدا بعد واحد حتى يردوا عليّ الحوض شهداء اللّه في أرضه و حججه على خلقه، من أطاعهم أطاع اللّه و من عصاهم عصى الله» فقام إليه السبعون البدريون و نحوهم من المهاجرين فقالوا: ذكّرتمونا ما كنّا نسيناه، نشهد أن قد كنّا سمعنا ذاك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم، فانطلق أبو هريرة و أبو الدرداء فحدّثا معاوية بكل ما قال علي عليه السّلام و استشهد عليه و ما ورد على الناس و شهدوا به.

قلت: هذا القدر كاف في هذا الباب و من أراد الزيادة فعليه بكتابنا «التحفة البهية في إثبات الوصية» فقد اشتمل على أربعمائة و خمسين حديثا من طرق الخاصة و العامة(1).

ص: 42


1- غيبة النعماني: 72 /ح 8.

الآية (56)

[سورة المائدة (5): آیة 56] وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغالِبُونَ [34]

- في كتاب الإحتجاج: للطبرسي رحمه اللّه عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه: و الهداية هي الولاية كما قال اللّه عزّ و جلّ: وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغالِبُونَ و وَ الَّذِينَ آمَنُوا في هذا الموضع هم المؤتمنون على الخلائق من الحجج و الأوصياء في عصر بعد عصر(1).

[35] - ابن بابويه قال: حدّثنا محمد بن أحمد السناني قال: حدّثنا محمد بن جعفر الكوفي الأسدي قال:

حدّثنا محمد بن إسماعيل البرمكي قال: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد قال: حدّثنا القاسم بن سليمان، عن ثابت بن أبي صفية، عن سعيد بن علاقة، عن أبي سعيد عقيصا، عن سيد الشهداء الحسين بن علي بن أبي طالب، عن سيد

ص: 43

الأوصياء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: «يا علي أنت أخي و أنا أخوك، أنا المصطفى للنبوّة و أنت المجتبى للإمامة، أنا صاحب التنزيل و أنت صاحب التأويل، و أنا و أنت أبوا هذه الأمة.

يا علي أنت وصيي و خليفتي، و وزيري، و وارثي، و أبو ولدي، شيعتك شيعتي، و أنصارك أنصاري، و أولياؤك أوليائي، و أعداؤك أعدائي.

يا علي أنت صاحبي على الحوض غدا، و أنت صاحبي في المقام المحمود، و أنت صاحب لوائي في الآخرة، كما أنت صاحب لوائي في الدنيا، لقد سعد من تولاك و شقي من عاداك، و إنّ الملائكة لتتقرب إلى اللّه تقدّس ذكره بمحبتك و ولايتك، و إنّ أهل مودتك في السماء أكثر منهم في الأرض.

يا علي أنت أمير أمتي، و حجة اللّه عليها بعدي، قولك قولي، و أمرك أمري و نهيك نهيي، و معصيتك معصيتي، و طاعتك طاعتي، و زجرك زجري. حزبك حزبي و حزبي حزب اللّه وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغالِبُونَ (1).

ص: 44


1- الحديث أخرجه الصدوق في أماليه ص 295-296.

الآية (60)

[سورة المائدة (5): آیة 60]

قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللّهِ

[36] - في قوله تعالى: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لاَ الضّالِّينَ قال أمير المؤمنين عليه السلام:

أمر اللّه عزّ و جلّ عباده أن يسألوه طريق المنعم عليهم، و هم النبيّون و الصدّيقون و الشهداء و الصالحون، و أن يستعيذوا به من طريق المغضوب عليهم و هم اليهود الذين قال اللّه فيهم:

قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللّهُ وَ غَضِبَ عَلَيْهِ (1) و أن يستعيذوا به من طريق الضالين، و هم الذين قال اللّه فيهم: قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَ لا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَ أَضَلُّوا كَثِيراً وَ ضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ (2) و هم النصارى.

ص: 45


1- سورة المائدة، الآية: 60.
2- سورة المائدة، الآية: 77.

ثمّ قال أمير المؤمنين عليه السلام: كلّ من كفر باللّه فهو مغضوب عليه، و ضالّ عن سبيل اللّه(1).

[37] - قال الإمام العسكري عليه السّلام: قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه: أمر اللّه عباده أن يستعيذوا من طريق المغضوب عليهم، و هم اليهود الذين قال اللّه فيهم: قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللّهُ وَ غَضِبَ عَلَيْهِ وَ جَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَ الْخَنازِيرَ (2).

ص: 46


1- تفسير الإمام العسكري: 50، البحار 273:25.
2- تفسير البرهان 485:1؛ تفسير الإمام العسكري عليه السّلام: 50.

الآية (63)

[سورة المائدة (5): آیة 63]

لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبّانِيُّونَ وَ الْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَ أَكْلِهِمُ السُّحْتَ

[38] - في نهج البلاغة: قال عليه السّلام في خطبة له و هي من خطب الملاحم: أين تذهب بكم المذاهب، و تتيه بكم الغياهب(1) و تخدعكم الكواذب ؟ و من أين تؤتون، و أنّى تؤفكون ؟ فلكل أجل كتاب، و لكل غيبة إياب، فاستمعوا من ربّانيّكم(2) و أحضروه قلوبكم، و استيقظوا إن هتف بكم(3).

ص: 47


1- الغياهب جمع الغيهب: الظلمة.
2- الربّاني: المتألّه العارف باللّه عزّ و جلّ.
3- نهج البلاغة: خطبة 108 /ص 157.

الآية (67)

[سورة المائدة (5): آیة 67]

* يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ إِنَّ اللّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ

[39] - ابن بابويه قال: حدّثنا علي بن أحمد بن عبد اللّه بن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي عن أبيه محمد بن خالد قال: حدّثنا سهل بن المرزبان الفارسي قال: حدّثنا محمد بن منصور عن عبد اللّه بن جعفر عن محمد بن الفيض بن المختار عن أبيه عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام قال: «خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم ذات يوم و هو راكب و خرج علي عليه السّلام و هو يمشي فقال له:

يا أبا الحسن إمّا أن تركب و إمّا أن تنصرف فإن اللّه عزّ و جلّ أمرني أن تركب إذا ركبت و تمشي إذا مشيت و تجلس إذا جلست إلاّ أن يكون حدّا من حدود اللّه لا بدّ لك من القيام

ص: 48

و القعود فيه و ما أكرمني اللّه بكرامة إلاّ و قد أكرمك بمثلها و خصّني بالنبوّة و الرسالة و جعلك وليّي في ذلك تقوم في حدوده و في صعب أموره، و الذي بعث محمدا بالحقّ نبيّا ما آمن بي من أنكرك و لا أقرّ بي من جحدك و لا آمن باللّه من كفر بك، و إنّ فضلك لمن فضلي، و إنّ فضلي لفضل اللّه، و هو قول اللّه عزّ و جلّ: قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمّا يَجْمَعُونَ (1) ففضل اللّه نبوّة نبيّكم و رحمته ولاية علي بن أبي طالب عليه السّلام، فبذلك قال بالنبوّة و الولاية فَلْيَفْرَحُوا يعني الشيعة هُوَ خَيْرٌ مِمّا يَجْمَعُونَ يعني مخالفيهم من الأهل و المال و الولد في دار الدنيا.

و اللّه يا علي ما خلقت إلاّ لتعبد ربك و ليعرف بك معالم الدين و يصلح بك دارس السبيل، و لقد ضلّ من ضلّ عنك، و لن يهتدي إلى اللّه من لم يهتد إليك و إلى ولايتك، و هو قول ربي عزّ و جلّ: وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى (2) يعني إلى ولايتك، و لقد أمرني اللّه تبارك و تعالى أن أفترض من حقّك ما افترضه من حقي، و إن حقّك لمفروض على من آمن بي، و لولاك لم يعرف حزب اللّه

ص: 49


1- سورة يونس، الآية: 58.
2- سورة طه، الآية: 82.

و بك يعرف عدو اللّه، و من لم يلقه بولايتك لم يلقه بشيء و لقد أنزل اللّه عزّ و جلّ إلي يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ يعني في ولايتك يا علي وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ (1) و لو لم أبلّغ ما أمرت به من ولايتك لحبط عملي، و من لقي اللّه عزّ و جلّ بغير ولايتك فقد حبط عمله، وعد ينجز لي و ما أقول إلاّ قول ربّي تبارك و تعالى إنّ الذي أقول لمن اللّه عزّ و جلّ أنزله فيك »(2).

ص: 50


1- سورة المائدة، الآية: 67.
2- أمالي الصدوق: 582 /المجلس 74 /ح 16.

الآية (73)

[سورة المائدة (5): آیة 73]

...ثالِثُ ثَلاثَةٍ...

[40] - و بإسناده إلى المقدام بن شريح بن هاني عن أبيه قال: إن أعرابيا قام يوم الجمل إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: يا أمير المؤمنين أ تقول: إن اللّه واحد؟

قال: فحمل الناس عليه و قالوا: يا أعرابي أما ترى ما فيه أمير المؤمنين من تقسّم القلب ؟

فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: دعوه فإنّ الذي يريده الأعرابي هو الذي نريده من القوم.

ثمّ قال: يا أعرابي: إنّ القول في أنّ اللّه واحد على أربعة أقسام فوجهان منها لا يجوزان على اللّه عزّ و جلّ، و وجهان يثبتان فيه، فأمّا اللذان لا يجوزان عليه فقول القائل واحد يقصد به باب الأعداد، فهذا ما لا يجوز لأنّ ما لا ثاني له لا يدخل في باب الأعداد، ألا ترى أنّه كفر من قال:

ص: 51

ثالِثُ ثَلاثَةٍ (1) ،و قول القائل هو واحد من الناس يريد به النوع من الجنس فهذا ما لا يجوز عليه لأنّه تشبيه و جلّ ربّنا عن ذلك و تعالى، و أمّا الوجهان اللذان يثبتان فيه فقول القائل: هو واحد ليس له في الأشياء شبيه كذلك ربّنا، و قول القائل: إنّه ربّنا عزّ و جلّ أحديّ المعنى يعني به أنّه لا ينقسم في وجود و لا عقل و لا وهم كذلك ربّنا عزّ و جلّ(2).

ص: 52


1- المائدة: 73.
2- التوحيد: ب 3 ح 83/3.

الآية (75)

[سورة المائدة (5): آیة 75]

مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَ أُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ

[41] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: حديث طويل عن أمير المؤمنين عليه السّلام يقول فيه مجيبا لبعض الزنادقة و قد قال: و أجده قد شهر هفوات أنبيائه إلى قوله:

و ببعثه على داود جبرئيل و ميكائيل حيث تسوّرا المحراب إلى آخر القصة: و أمّا هفوات الأنبياء عليهم السّلام و ما بيّنه اللّه في كتابه، فإنّ ذلك من أدلّ الدلائل على حكمة اللّه عزّ و جلّ الباهرة و قدرته القاهرة؛ و عزته الظاهرة، لأنّه علم أنّ براهين الأنبياء عليهم السّلام تكبر في صدور أممهم و أنّ بعضهم من يتخذ بعضهم إلها كالذي كان من النصارى في ابن مريم، فذكرها دلالة على تخلفهم عن الكمال الذي انفرد به عزّ و جلّ، ألم تسمع إلى قوله في صفة عيسى حيث قال فيه و في أمّه:

ص: 53

كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ (1) يعني أنّ من أكل الطعام كان له ثفل، و كل من كان له ثفل فهو بعيد ممّا ادّعته النصارى لابن مريم(2).

ص: 54


1- المائدة: 75.
2- الإحتجاج: 584/1 /محاجة 137.

الآيتان (78) و (79)

[سورة المائدة (5): الآیات 78 الی 79]

لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا يَعْتَدُونَ (7(8) كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ

[42] - في كتاب ثواب الأعمال: باسناده قال: قال علي عليه السّلام: لما وقع التقصير في بني إسرائيل جعل الرجل منهم يرى أخاه على الذنب فينهاه فلا ينتهي فلا يمنعه من ذلك أن يكون أكيله و جليسه و شريبه، حتى ضرب اللّه عزّ و جلّ قلوب بعضهم ببعض، و نزل فيهم القرآن حيث يقول عزّ و جلّ:

لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا يَعْتَدُونَ (7(8) كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ (1) .

ص: 55


1- عقاب الأعمال: 261-262.

الآيتان (87) و (88)

[سورة المائدة (5): الآیات 87 الی 88]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَ لا تَعْتَدُوا إِنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (8(7) وَ كُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالاً طَيِّباً وَ اتَّقُوا اللّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ

[43] - في كتاب الإحتجاج: للطبرسي رحمه اللّه عن الحسن بن علي عليهما السّلام حديث طويل يقول فيه لمعاوية و أصحابه: أنشدكم باللّه أتعلمون أن عليا أول من حرّم الشهوات كلها على نفسه من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم فأنزل عزّ و جلّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَ لا تَعْتَدُوا إِنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (8(7) وَ كُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالاً طَيِّباً وَ اتَّقُوا اللّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (1).

ص: 56


1- الإحتجاج: 272 /احتجاج الإمام الحسن عليه السّلام.

الآية (90)

[سورة المائدة (5): آیة 90]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ

[44] - عن عمر بن حمران، عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن البصري، قال: اجتمع علي و عثمان بن مظعون، و أبو طلحة، و أبو عبيدة، و معاذ بن جبل، و سهيل بن بيضاء، و أبو دجانة في منزل سعد بن أبي وقاص، فأكلوا شيئا ثمّ قدّم إليه شيئا من الفضيخ(1)

، فقام عليّ عليه السّلام فخرج من بينهم، فقال عثمان في ذلك، فقال عليّ عليه السّلام: لعن اللّه الخمر، و اللّه لا أشرب شيئا يذهب بعقلي و يضحك بي من رآني و أزوّج كريمتي من لا أريد. و خرج من بينهم فأتى المسجد، و هبط جبرئيل عليه السّلام بهذه الآية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا يعني هؤلاء الذين اجتمعوا في منزل سعد إِنَّمَا الْخَمْرُ

ص: 57


1- نوع من النبيذ، مكوّن من عصير العنب و التمر المخمّرين.

وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ، فقال عليّ عليه السّلام: تبّا لها، و اللّه يا رسول اللّه لقد كان بصري فيها نافذا مذ كنت صغيرا.

قال الحسن: و اللّه الذي لا إله إلاّ هو ما شربها قبل تحريمها و لا ساعة قط(1).

ص: 58


1- مناقب ابن شهر آشوب 178:2 باب طهارته و عصمته.

الآية (93)

[سورة المائدة (5): آیة 93]

لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَ آمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَ أَحْسَنُوا وَ اللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ

[45] - أخرج ابن جرير، و ابن المنذر، و ابن أبي حاتم، و ابن مردويه، من طريق عليّ عليه السّلام، عن ابن عباس قوله:

لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ قال: قالوا:

يا رسول اللّه ما نقول لإخواننا الذين مضوا كانوا يشربون الخمر و يأكلون الميسر؟ فأنزل اللّه لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا من الحرام قبل أن يحرّم عليهم إذا ما اتّقوا و أحسنوا بعد ما حرّم عليهم، و هو قوله:

فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَ أَمْرُهُ إِلَى اللّهِ (1) ,(2) .

ص: 59


1- سورة البقرة، الآية: 275.
2- تفسير السيوطي: 321/2، و تفسير مجمع البيان: 412/3.

[46] - في الكافي: يونس عن عبد اللّه بن سنان قال:

قال أبو عبد اللّه عليهم السّلام: الحد في الخمر إن شرب منها قليلا أو كثيرا، قال: ثم قال أتي عمر بقدامة بن مظعون قد شرب الخمر و قامت عليه البيّنة، فسأل أمير المؤمنين عليه السّلام فأمره أن يجلده ثمانين، فقال قدامة: يا أمير المؤمنين ليس عليّ حد أنا من أهل هذه الآية لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا قال فقال علي عليه السّلام: لست من أهلها.

إن طعام أهلها لهم حلال ليس يأكلون و لا يشربون إلاّ ما أحلّه اللّه لهم، ثم قال علي عليه السّلام: إنّ الشارب إذا شرب لم يدر ما يأكل و لا ما يشرب فاجلدوه ثمانين جلدة(1).

[47] - في مجمع البيان: و روي أن قدامة بن مظعون شرب الخمر في أيام عمر بن الخطاب فأراد عمر أن يدرأ عنه الحد، فقال علي عليه السّلام: أديروه على الصحابة فإن لم يسمع أحدا منهم قرأ عليه آية التحريم فادرأوا عنه الحد، و إن كان قد سمع فاستتيبوه و أقيموا عليه الحد، فإن لم يتب وجب عليه القتل(2).

ص: 60


1- الكافي: 215/7 ح 10.
2- مجمع البيان: 374/3 /المائدة: 93.

الآية (95)

[سورة المائدة (5): آیة 95]

وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ

[48] - في كتاب الإحتجاج: للطبرسي رحمه اللّه كلام لعلي عليه السّلام فيه و أما قولكم: إني حكّمت في دين الرجال فما حكّمت الرجال و إنما حكّمت كلام ربي الذي جعله اللّه حكما بين أهله و قد حكّم اللّه الرجال في طائر فقال: وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ فدماء المسلمين أعظم من دم طائر(1).

ص: 61


1- الإحتجاج: 445/1 /احتجاجه عليه السّلام على الخوارج.

الآية (101)

[سورة المائدة (5): آیة 101] يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَ إِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللّهُ عَنْها وَ اللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ [49]

- أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي و أبو أمامة الباهلي: خطب بنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم و قال: «إن اللّه كتب عليكم الحج».

فقام رجل من بني أسد يقال له عكاشة بن محسن فقال:

أ في كل عام يا رسول اللّه ؟ فأعرض عنه حتى عاد مرتين أو ثلاثا، فقال عليه السّلام: «ويحك. و ما يؤمنك أن أقول نعم، و اللّه لو قلت نعم لوجبت، و لو وجبت ما استطعتم و لو تركتم لكفرتم فاتركوني كما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم و اختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بشيء، فأتوا منه ما استطعتم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه »(1) , (2).

ص: 62


1- تفسير الثعلبي: 114/4، و تفسير مجمع البيان: 428/3.
2- مجمع البيان: 386/3 /المائدة: 101.

الآية (107)

[سورة المائدة (5): آیة 107]

فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقّا إِثْماً فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللّهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَ مَا اعْتَدَيْنا إِنّا إِذاً لَمِنَ الظّالِمِينَ

[50] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قرأ الحسن و حفص بفتح التاء و هي قراءة علي و أبي بن كعب أي وجب عليهم الإثم يقال حقّ و استحقّ بمعنى و قال: اَلْأَوْلَيانِ رجع إلى قوله: فآخران الأوليان و لم يرتفع بالإستحقاق(1).

***

ص: 63


1- تفسير الثعلبي: 121/4.

[...]

ص: 64

سورة الأنعام

اشارة

ص: 65

ص: 66

الآية (1)

[سورة الأنعام (6): آیة 1]

اَلْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ

[51] - في كتاب التوحيد: خطبة لعلي عليه السّلام يقول فيها: فمن ساوى ربنا بشيء فقد عدل به، و العادل به كافر بما تنزلت به محكمات آياته، و نطقت به شواهد حجج بيناته، لأنه اللّه الذي لم يتناه في العقول، فيكون في نهب فكرها مكيّفا، و في حواصل روايات همم النفوس محدودا مصرّفا، المنشىء أصناف الأشياء بلا روية احتاج إليها، و لا قريحة غريزة أضمرها عليها، و لا تجربة أفادها من موجودات الدهور، و لا شريك أعانه على ابتداع عجائب الأمور(1).

ص: 67


1- كتاب التوحيد: 54 /ب 2 ح 13.

[52] - فيها أيضا: كذب العادلون باللّه إذ شبّهوه بمثل أصنافهم، و حلّوه حلية المخلوقين بأوهامهم و جزوه بتقدير منتج خواطرهم، و قدّروه على الخلق المختلفة القوى بقرائح عقولهم(1).

[53] - في كتاب الإحتجاج: للطبرسي رحمه اللّه قال أبو محمد الحسن العسكري: ذكر عند الصادق عليه السّلام الجدال في الدين، و أنّ رسول اللّه و الأئمة المعصومين عليهم السّلام قد نهوا عنه، فقال الصادق عليه السّلام: لم ينه عنه مطلقا و لكنه نهى عن الجدال بغير التي هي أحسن، أما تسمعون قول اللّه تعالى:

وَ لا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (2) و قوله تعالى:

اُدْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (3) إلى أن قال الصادق عليه السّلام: و لقد حدّثني أبي الباقر عن جدي علي بن الحسين زين العابدين عن أبيه الحسين بن علي سيد الشهداء عن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين صلوات اللّه عليهم أنه اجتمع يوما عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم أهل خمسة أديان اليهود و النصارى و الدهرية و الثنوية و مشركو

ص: 68


1- كتاب التوحيد: 51 /ب 2 ح 13.
2- سورة العنكبوت، الآية: 46.
3- سورة النحل، الآية: 125.

العرب إلى أن قال عليه السّلام: ثم أقبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم على الدهرية فقال: و أنتم فما الذي دعاكم إلى القول بأن الأشياء لابدء لها و هي دائمة لم تزل و لا تزال ؟ فقالوا: لأنا لا نحكم إلاّ بما نشاهد و لم نجد للأشياء محدثا فحكمنا بأنها لم تزل و لم نجد لها انقضاء و فناء فحكمنا بأنها لا تزال.

فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: فوجدتم لها قدما أم وجدتم لها بقاء أبد الأبد؟ فإن قلتم: إنكم وجدتم ذلك أنهضتم لأنفسكم أنكم لم تزالوا على هيئتكم و عقولكم بلا نهاية و لا تزالون كذلك و لئن قلتم هذا دفعتم العيان و كذبكم العالمون و الذين يشاهدونكم ؟

قالوا: بل لم نشاهد لها قدما و لا بقاء أبد الأبد.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: فلم صرتم بأن تحكموا بالقدم و البقاء دائما لأنكم لم تشاهدوا حدوثها و انقضاءها أولى من تارك التميز لها مثلكم فيحكم لها بالحدوث و الإنقضاء و الإنقطاع لأنه لم يشاهد لها قدما و لا بقاء أبد الأبد و لستم تشاهدون الليل و النهار و أن أحدهما بعد الآخر؟

فقالوا: نعم، فقال: أترونهما لم يزالا و لا يزالان ؟

فقالوا: نعم، فقال: أفيجوز عندكم اجتماع الليل و النهار؟

ص: 69

فقالوا: لا، فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: فإذا ينقطع أحدهما عن الآخر فيسبق أحدهما و يكون الثاني جاريا بعده. قالوا: كذلك هو.

فقال: فقد حكمتم بحدوث ما تقدم من ليل و نهار و لم تشاهدوهما فلا تنكروا للّه قدرته.

ثم قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: أتقولون ما قبلكم من الليل و النهار متناه أو غير متناه فإن قلتم: غير متناه فقد وصل إليكم آخر بلا نهاية لأوله و إن قلتم: إنه متناه فقد كان و لا شيء منهما؟

قالوا: نعم.

قال لهم: أقلتم: إن العالم قديم غير محدث و أنتم عارفون بمعنى ما أقررتم به و معنى ما جحدتموه ؟

قالوا: نعم. فقال رسول اللّه: فهذا الذي تشاهدونه من الأشياء بعضها إلى بعض مفتقر لأنه لا قوام للبعض إلاّ بما يتصل به، ألا ترى البناء محتاج بعض أجزائه إلى بعض و إلاّ لم يبق و لم يستحكم و كذلك سائر ما ترى. قال: كان هذا المحتاج بعضه إلى بعض لقوته و تمامه هو القديم فأخبروني أن لو كان محدثا كيف كان يكون و ما ذا كان تكون صفته ؟ قال: فبهتوا و علموا أنهم لا يجدون للمحدث صفة يصفونه

ص: 70

بها إلاّ و هي موجودة في هذا الذي زعموا أنه قديم فوجموا(1) و قالوا: سننظر في أمرنا.

ثم أقبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم على الثنوية الذين قالوا: إن النور و الظلمة هما المدبّران فقال: و أنتم فما الذي دعاكم إلى ما قلتموه من هذا؟

قالوا: لأنا وجدنا العالم صنفين خيرا و شرا و وجدنا الخير ضدا للشر، فأنكرنا أن يكون فاعل واحد يفعل الشيء و ضده بل لكل واحد منهما فاعل، ألا ترى أن الثلج محال أن يسخن كما أن النار محال أن تبرد؟ فأثبتنا لذلك صانعين قديمين ظلمة و نورا، فقال لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: أفلستم قد وجدتم سوادا و بياضا و حمرة و صفرة و خضرة و زرقة و كل واحد ضد لسائرها لاستحالة اجتماع اثنين منها في محل واحد كما كان الحر و البرد ضدّين لاستحالة اجتماعهما في محل واحد؟ قالوا: نعم، قال: فهلاّ أثبتم بعدد كل لون صانعا قديما ليكون فاعل كل الضد من هذه الألوان غير فاعل ضد الآخر؟

قال: فسكتوا، ثم قال: و كيف اختلط هذا النور

ص: 71


1- وجم وجما: سكت و عجز عن التكلم.

و الظلمة و هذا من طبعه الصعود و هذا من طبعه النزول، أ رأيتم لو أن رجلا أخذ شرقا يمشي إليه و الآخر أخذ غربا أ كان يجوز أن يلتقيا ما داما سائرين على وجهيهما؟

قالوا: لا، فقال: وجب أن لا يختلط النور بالظلمة لذهاب كل واحد منهما في غير جهة الآخر، فكيف وجدتم حدث هذا العالم من امتزاج ما يحال أن يمتزج بل هما مدبّران جميعا مخلوقان ؟

فقالوا: سننظر في أمرنا، ثم أقبل على مشركي العرب فقال: و أنتم فلم عبدتم الأصنام من دون اللّه ؟

فقالوا: نتقرّب بذلك إلى اللّه تعالى، فقال: أو هي سامعة مطيعة لربها عابدة له حتى تتقربوا بتعظيمها إلى اللّه ؟

قالوا: لا.

قال: فأنتم الذين نحتّموها بأيديكم فلأن تعبدكم هي لو كان يجوز منها العبادة أحرى من أن تعبدوها إذ لم يكن أمركم بتعظيمها من هو العارف بمصالحكم و عواقبكم و الحكيم فيما يكلفكم ؟

قال: فلما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم هذا القول إختلفوا فقال بعضهم: إنّ اللّه قد حلّ في هياكل رجال كانوا على هذه

ص: 72

الصورة فصوّرنا هذه الصور نعظّمها لتعظيمنا تلك الصور التي حلّ فيها ربنا و قال آخرون منهم: إن هذه صور أقوام سلفوا كانوا مطيعين للّه عزّ و جلّ قبلنا فمثلنا صورهم و عبدناها تعظيما للّه و قال آخرون منهم: إنّ اللّه تعالى لما خلق آدم و أمر الملائكة بالسجود له فسجدوا تقرّبا للّه كنا نحن أحق بالسجود لآدم من الملائكة، ففاتنا ذلك فصورنا صورته فسجدنا لها تقرّبا إلى اللّه تعالى كما تقربت الملائكة بالسجود لآدم إلى اللّه، و كما أمرتم بالسجود بزعمكم إلى جهة مكة ففعلتم ثم نصبتم في غير ذلك البلد بأيديكم محاريب سجدتم إليها و قصدتم الكعبة لا محاريبكم و قصدكم بالكعبة إلى اللّه عزّ و جلّ لا إليها، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: أخطأتم الطريق و ضللتم، أما أنتم - و هو صلّى اللّه عليه و آله و سلم يخاطب الذين قالوا: إنّ اللّه يحل في هياكل رجال كانوا على هذه الصور التي حلّ فيها ربنا - فقد وصفتم ربكم بصفة المخلوقات، أو يحل ربكم في شيء حتى يحيط به بذلك الشيء؟ فأي فرق بينه إذا و بين سائر ما يحل فيه من لونه و طعمه و رائحته ولينه و خشونته و ثقله و خفته ؟ و لم صار هذا المحلول فيه محدثا و ذلك قديما دون أن يكون ذلك محدثا و هذا قديما؟ و كيف يحتاج إلى المحال من لم يزل قبل المحال و هو عزّ و جلّ كما لم يزل ؟

ص: 73

و إذا وصفتموه بصفة المحدثات في الحلول فقد لزمكم أن تصفوه بالزوال، و ما وصفتموه بالزوال و الحدوث فصفوه بالفناء، فإن ذلك أجمع من صفات الحال و المحلول فيه، و جميع ذلك متغير الذات.

فإن كان لم يتغير ذات الباري عزّ و جلّ بحلوله في شيء جاز أن لا يتغير بأن يتحرك و يسكن و يسودّ و يبيضّ و يحمرّ و يصفرّ، و تحلّه الصفات التي تتعاقب على الموصوف بها حتى يكون فيه جميع صفات المحدثين، و يكون محدثا تعالى عن ذلك علوا كبيرا ثم قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: فإذا بطل ما ظننتموه من أنّ اللّه يحل في شيء فقد فسد ما بنيتم عليه قولكم قال: فسكت القوم و قالوا: سننظر في أمرنا.

ثم أقبل على الفريق الثاني فقال: أخبرونا عنكم إذ عبدتم صور من كان يعبد اللّه فسجدتم لها و صليتم فوضعتم الوجوه الكريمة على التراب بالسجود لها فما الذي أبقيتم لرب العالمين ؟ أما علمتم أن من حق من يلزم تعظيمه و عبادته أن لا يساوي به عبده ؟ أ رأيتم ملكا أو عظيما إذا ساويتموه بعبيده في التعظيم و الخشوع و الخضوع أيكون في ذلك وضع من الكبير كما يكون زيادة في تعظيم الصغير؟

ص: 74

فقالوا: نعم، قال: أفلا تعلمون أنكم من حيث تعظّمون اللّه بتعظيم صور عباده المطيعين له تزرون على رب العالمين ؟

قال: فسكت القوم بعد أن قالوا: سننظر في أمرنا، ثم قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم للفريق الثالث: لقد ضربتم لنا مثلا و شبّهتمونا بأنفسكم و لا سواء، ذلك أنّا عباد اللّه مخلوقون مربوبون و نأتمر له فيما أمرنا و ننزجر عما زجرنا و نعبده من حيث يريده منا، فإذا أمرنا بوجه من الوجوه أطعناه و لم نتعد إلى غيره مما لم يأمرنا و لم يأذن لنا، لأننا لا ندري لعله و إن أراد منا الأول فهو يكره الثاني و قد نهانا أن نتقدم بين يديه، فلما أمرنا أن نعبده بالتوجه إلى الكعبة أطعنا، ثم أمرنا بعبادته بالتوجه نحوها في سائر البلدان التي نكون بها فأطعنا، فلم نخرج في شيء من ذلك عن اتّباع أمره، و اللّه عزّ و جلّ حيث أمر بالسجود لآدم لم يأمر بالسجود لصورته التي هي غيره فليس لكم أن تقيسوا ذلك عليه، لأنكم لا تدرون لعله يكره ما تفعلون إذ لم يأمركم به.

ثم قال لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: أ رأيتم لو أذن لكم رجل دخول داره يوما بعينه ألكم أن تدخلوها بعد ذلك بغير أمره ؟ أولكم أن تدخلوا دارا له أخرى مثلها بغير أمره ؟ أو وهب

ص: 75

لكم رجل ثوبا من ثيابه أو عبدا من عبيده أو دابة من دوابه ألكم أن تأخذوا ذلك ؟

قالوا: نعم، قال: فإن لم تأخذوه أخذتم آخر مثله ؟

قالوا: لا، لأنه لم يأذن لنا في الثاني كما أذن في الأول، قال عليه السّلام: فأخبروني، اللّه أولى بأن لا يتقدم على ملكه بغير أمره أو بعض المملوكين ؟

قالوا: بل اللّه أولى بأن لا يتصرف في ملكه بغير أذنه قال: فلم قلتم و متى أمركم أن تسجدوا لهذه الصور؟

قال: فقال القوم سننظر في أمرنا.

و قال الصادق عليه السّلام: فو الذي بعثه بالحق نبيا ما أتت على جماعتهم ثلاثة أيام حتى أتوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم فأسلموا، و كانوا خمسة و عشرين رجلا من كل فرقة خمسة و قالوا:

ما رأينا مثل حجتك يا محمد نشهد أنك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم:

و قال الصادق عليه السّلام: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: فأنزل اللّه تعالى: اَلْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ و كان في هذه الآية رد على ثلاثة أصناف منهم لما قال: اَلْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فكان ردا على الدهرية الذين قالوا: إن الأشياء

ص: 76

لابدء لها و هي دائمة ثم قال: وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ فكان ردا على الثنوية الذين قالوا: إن النور و الظلمة هما المدبّران ثم قال: ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ فكان ردا على مشركي العرب الذين قالوا: إن أوثاننا آلهة. و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(1).

ص: 77


1- الإحتجاج: 38/1 /احتجاج النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم.

الآية (6)

[سورة الأنعام (6): آیة 6]

وَ أَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً

[54] - أخرج ابن المنذر، و ابن أبي حاتم، و أبو الشيخ، من طريق عليّ عليه السّلام عن ابن عباس في قوله:

وَ أَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً يقول: يتبع بعض بعضا(1).

ص: 78


1- تفسير السيوطي 5:3.

الآية (23)

[سورة الأنعام (6): آیة 23]

وَ اللّهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ

[55] - في كتاب التوحيد: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه و قد سأله رجل عمّا اشتبه عليه من آيات الكتاب و أما قوله: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً (1) و قوله: وَ اللّهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ (2) و قوله ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَ يَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً (3) و قوله: إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النّارِ (4) و قوله: لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَ قَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (5)

و قوله: اَلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما

ص: 79


1- سورة النبأ، الآية: 38.
2- سورة الأنعام، الآية: 23.
3- سورة العنكبوت، الآية: 25.
4- سورة ص، الآية: 64.
5- سورة ق، الآية: 28.

كانُوا يَكْسِبُونَ (1) :فإنّ ذلك في مواطن غير واحدة من مواطن ذلك اليوم الذي كان مقداره خمسين ألف سنة، يجمع اللّه عزّ و جلّ الخلائق في مواطن يتفرقون و يكلّم بعضهم بعضا و يستغفر بعضهم لبعض أولئك الذين كان منهم الطاعة في دار الدنيا للرؤساء و الأتباع و يلعن بعض أهل المعاصي الذين بدت منهم البغضاء و تعاونوا على الإثم و العدوان في دار الدنيا، و المستكبرون و المستضعفون يكفّر بعضهم ببعض و يلعن بعضهم بعضا. و الكفر في هذه الآية البراءة يقول:

فيبرأ بعضهم من بعض، و نظيرها في سورة إبراهيم قول الشيطان: إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ (2) و قول إبراهيم خليل الرّحمن: كَفَرْنا بِكُمْ (3) أي تبرّأنا منكم ثمّ يجتمعون في موطن آخر يبكون فلو أن تلك الأصوات بدت لأهل الدنيا لأذهلت جميع الخلق عن معايشهم، و لتصدّعت قلوبهم إلاّ ما شاء اللّه، فلا يزالون يبكون الدم، ثمّ يجتمعون في موطن آخر فيستنطقون فيه فيقولون: وَ اللّهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ (4) فيختم اللّه تبارك و تعالى على أفواههم و يستنطق

ص: 80


1- سورة يس، الآية: 65.
2- سورة إبراهيم، الآية: 22.
3- سورة الممتحنة: الآية: 4.
4- سورة الأنعام، الآية: 23.

الأيدي و الأرجل و الجلود، فتشهد بكلّ معصية كانت منهم، ثمّ يرفع عن ألسنتهم الختم فيقولون لجلودهم: لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ (1) ثمّ يجتمعون في موطن آخر فيستنطقون فيفر بعضهم من بعض، فذلك قوله عزّ و جلّ: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ (3(5) وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ (2) فيستنطقون لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً (3) فيقوم الرسل صلوات اللّه عليهم فيشهدون في هذا الموطن، فذلك قوله تعالى: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً (4) ثمّ يجتمعون في موطن آخر فيكون فيه مقام محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلم و هو المقام المحمود، فيثني على اللّه تبارك و تعالى بما لم يثن عليه أحد قبله، ثمّ يثني على الملائكة كلهم فلا يبقى ملك إلاّ أثنى عليه محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلم ثمّ يثني على الرسل بما لم يثن عليهم أحد مثله، ثمّ يثني على كلّ مؤمن و مؤمنة يبدأ بالصدّيقين ثمّ الشهداء ثمّ الصالحين، فيحمده أهل السماوات و أهل الأرض و ذلك

ص: 81


1- سورة فصلت، الآية: 21.
2- سورة عبس، الآيات: 34-36.
3- سورة النبأ، الآية: 38.
4- سورة النساء، الآية: 41.

قوله عزّ و جلّ: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً (1) فطوبى لمن كان له في ذلك المقام حظ، و ويل لمن لم يكن له في ذلك المقام حظّ و لا نصيب، ثمّ يجتمعون في موطن آخر و يدان بعضهم من بعض؛ و هذا كله قبل الحساب، فإذا أخذ في الحساب شغل كلّ انسان بما لديه، نسأل اللّه بركة ذلك اليوم(2).

ص: 82


1- سورة الإسراء، الآية: 79.
2- التوحيد: ب 36 ح 260/5.

الآية (25)

[سورة الأنعام (6): آیة 25]

وَ جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَ فِي آذانِهِمْ وَقْراً

[56] - ابن عساكر قال: أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي، نا القاضي أبو عبد اللّه محمّد بن علي بن الحسين بن صمدون - من لفظه - حدّثني أبو محمّد عبد اللّه بن الحسن بن المسلّم الصّقلّي - بصور - نا أبو بكر عتيق بن علي بن داود الصّقلّي، نا أبو بكر محمّد بن الحرمي بن الحسين الحمصي - بدمشق - نا أبو القاسم الربيع بن عمرو الحمصي، نا أبو علي محمّد بن هارون بن شعيب الأنصاري، حدّثني هارون بن صمدون، نا العباس بن محمّد بن المنقري، قال:

قدم حسين بن حسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب المدينة حاجّا، فاشتريت منه حقّه في صدقة أبيه بذي المروة(1) احتجنا إلى أن نوجّه رسولا يقتضي الثمن،

ص: 83


1- ذو المروة: قرية بوادي القرى (راجع معجم البلدان).

و كان في الجوف (1) ،فأبى الرسول أن يخرج، و خاف على نفسه من الطريق، فقال الحسين بن الحسين: أنا أكتب لك رقعة فيها حرز لن يضرك شيء إن شاء اللّه، فكتب له رقعة و جعلها الرسول في صرّته، فذهب الرسول، فلم يلبث أن جاء سالما، فقال: مررت بالأعراب يمينا، فما هيّجني منهم أحد، فقال حسين بن حسين: ربّما خرجت في الرّفقة فيعدى عليها، فأسلم أنا إذ عليّ الحرز، و قال: هو خير لك مما ابتغيت من الثمن.

و الحرز عن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب و إن هذا الحرز كان الأنبياء تتحرّز به من الفراعنة: بسم اللّه الرّحمن الرحيم، قالَ اخْسَؤُا فِيها وَ لا تُكَلِّمُونِ (2)إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (3) أخذت بسمع اللّه و بصره(4) و قوته على أسماعكم و أبصاركم و قوّتكم، يا معشر الجنّ و الإنس و الشياطين

ص: 84


1- الجوف موضع في ديار عاد (راجع معجم ما استعجم) و الجوف أرض لبني سعد، و الجوف في مواضع أخرى (راجع معجم البلدان).
2- سورة المؤمنون، الآية: 108.
3- سورة مريم، الآية: 18.
4- المختصر: 70/16 و بصره.

و الأعراب و السباع و الهوامّ و اللصوص مما يخاف فلان و يحذر فلان ابن فلان، سترت بينه و بينكم بستر النبوّة التي استتروا بها من سطوات الفراعنة، جبريل عن أيمانكم، و ميكائيل عن شمائلكم، و محمّد صلّى اللّه عليه و سلم أمامكم، و اللّه تعالى من فوقكم، يمنعكم من فلان ابن فلان في نفسه و ولده و أهله و شعره و بشره و ماله، و ما عليه، و ما معه، و ما تحته، و ما فوقه، وَ إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً (1) ،وَ جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَ فِي آذانِهِمْ وَقْراً (2) ،وَ إِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً (3) ،و صلى اللّه على محمّد و سلّم كثيرا(4).

ص: 85


1- سورة الإسراء الآية: 45.
2- سورة الأنعام، الآية: 25.
3- سورة الإسراء، الآية: 46.
4- تاريخ دمشق: 218/39.

الآية (33)

[سورة الأنعام (6): آیة 33]

قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظّالِمِينَ بِآياتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ

[57] - الحاكم النيسابوري، حدّثني أبو بكر محمّد بن عبد اللّه بن الجنيد، ثنا الحسين بن الفضل، ثنا محمّد بن سابق، ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن ناجية بن كعب الأسدي، عن عليّ عليه السّلام قال: قال أبو جهل للنبي صلى اللّه عليه و آله و سلم: قد نعلم يا محمّد إنّك تصل الرحم و تصدق الحديث، و لا نكذّبك و لكن نكذّب الذي جئت به، فأنزل اللّه عزّ و جلّ: قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظّالِمِينَ بِآياتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ (1).

[58] - أخرج الترمذي، و ابن جرير، و ابن أبي حاتم،

ص: 86


1- مستدرك الحاكم 315:2.

و أبو الشيخ، و ابن مردويه، و الحاكم صحّحه، و الضياء في مختاره، عن عليّ عليه السّلام قال: قال أبو جهل للنبي صلى اللّه عليه و آله و سلم:

إنّا لا نكذّب بما جئت به، فأنزل اللّه فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظّالِمِينَ بِآياتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ (1)

[59] - في روضة الكافي: محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن محمد بن أبي حمزة عن يعقوب بن شعيب عن عمران بن ميثم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قرأ رجل على أمير المؤمنين عليه السّلام فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظّالِمِينَ بِآياتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ فقال: بلى و اللّه لقد كذبوه أشد التكذيب و لكنها مخففة لا يكذبونك لا يأتون بباطل يكذبون به حقك(2).

ص: 87


1- تفسير السيوطي 9:3؛ كنز العمال 408:2 ح 4374.
2- الكافي: 200/8 ح 241.

الآية (35)

[سورة الأنعام (6): آیة 35]

وَ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ

[60] - في كتاب الإحتجاج: للطبرسي رحمه اللّه عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه يقول عليه السّلام مجيبا لبعض الزنادقة و قد قال: و أجده و قد بيّن فضل نبيه على سائر الأنبياء ثم خاطبه في أضعاف ما أثنى عليه في الكتاب من الإزراء عليه و انتقاص محله و غير ذلك من تهجينه و تأنيبه ما لم يخاطب به أحد من الأنبياء مثل قوله: وَ لَوْ شاءَ اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ (1) و الذي بدأ في الكتاب من الإزراء على النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم من فرية الملحدين و هنا كلام طويل مفصّل يطلب عند قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا (2) , (3).

ص: 88


1- الانعام: 35.
2- فصلت: 40.
3- الإحتجاج: 1 /احتجاجه عليه السّلام على الزنديق.

الآية (38)

[سورة الأنعام (6): آیة 38]

ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ

[61] - في نهج البلاغة في كلام له عليه السّلام في ذم اختلاف العلماء في الفتيا: أم أنزل اللّه سبحانه دينا ناقصا فاستعان بهم على إتمامه! أم كانوا شركاء له، فلهم أن يقولوا و عليه أن يرضى ؟ أم أنزل اللّه سبحانه دينا تاما فقصّر الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلم عن تبليغه و أدائه و اللّه سبحانه يقول: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ (1) و تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ (2) , (3) ،و فيه تبيان لكل شيء، و ذكر أن الكتاب يصدّق بعضه بعضا، و أنه لا اختلاف فيه.

ص: 89


1- الأنعام: 38.
2- سورة النحل، الآية: 89.
3- نهج البلاغة: خطبة 18-4.

الآيتان (40) و (41)

[سورة الأنعام (6): الآیات 40 الی 41]

قُلْ أَ رَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السّاعَةُ أَ غَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (4(0) بَلْ إِيّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وَ تَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ

[62] - في كتاب التوحيد: حدّثنا محمد بن القاسم الجرجاني المفسّر رحمه اللّه قال: حدّثنا أبو يعقوب يوسف بن محمد بن زياد و أبو الحسن علي بن محمد بن سيار و كانا من الشيعة الإمامية عن أبويهما عن الحسن بن علي بن محمد عليهم السّلام، في قول اللّه عزّ و جلّ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فقال: اللّه هو الذي يتأله إليه عند الحوائج و الشدائد كل مخلوق عند انقطاع الرجاء، من كل من دونه، و تقطع الأسباب عن جميع ما سواه يقول: بسم اللّه أي أستعين على أموري كلّها باللّه الذي لا تحق العبادة إلاّ له، المغيث إذا استغيث، المجيب إذا دعي، و هو ما قال

ص: 90

رجل للصادق عليه السّلام يابن رسول اللّه دلّني على اللّه ما هو؟ فقد أكثر عليّ المجادلون و حيّروني فقال له: يا عبد اللّه هل ركبت سفينة قط؟

قال: نعم، قال: فهل كسر بك حيث لا سفينة تنجيك و لا سباحة تغنيك ؟

قال: نعم، قال: فهل تعلّق قلبك هنالك أن شيئا من الأشياء قادر على أن يخلّصك من ورطتك ؟

قال: نعم، قال الصادق عليه السّلام: فذلك الشيء هو اللّه القادر على الإنجاء حيث لا منجي، و على الإغاثة حيث لا مغيث.

قال: و قام رجل إلى علي بن الحسين عليهما السّلام.

فقال: أخبرني ما معنى بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ؟

فقال علي بن الحسين: حدّثني أبي عن أخيه الحسن عن أبيه أمير المؤمنين عليهما السّلام، أن رجلا قام إليه فقال يا أمير المؤمنين أخبرني عن بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ما معناه ؟

ص: 91

فقال: إن قولك اللّه أعظم إسم من أسماء اللّه عزّ و جلّ، و هو الاسم الذي لا ينبغي أن يسمّى به غير اللّه و لم يتسمّ به مخلوق فقال الرجل: فما تفسير قوله: اَللّهِ فقال:

هو الذي يتأله إليه عند الحوائج و الشدائد كل مخلوق عند انقطاع الرجاء من جميع من دونه و تقطع الأسباب من كل من سواه و ذلك أن كل مترئس(1) في هذه الدنيا و متعظم فيها و إن عظم غناؤه و طغيانه و كثرت حوائج من دونه إليه فإنهم سيحتاجون حوائج لا يقدر عليها هذا المتعاظم و كذلك هذا المتعاظم يحتاج حوائج لا يقدر عليها، فينقطع إلى اللّه عند ضرورته وفاقته حتى إذا كفي همّه عاد إلى شركه، تسمع اللّه عزّ و جلّ يقول: قُلْ أَ رَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السّاعَةُ أَ غَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (4(0) بَلْ إِيّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وَ تَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ (2) فقال اللّه جلّ جلاله لعباده: أيّها الفقراء إلى رحمتي إنّي قد ألزمتكم الحاجة إليّ في كل حال، و ذلة العبودية في كل وقت فإليّ فافزعوا في كل أمر تأخذون فيه و ترجون تمامه و بلوغ غايته فإني إن أردت أن أعطيكم لم يقدر غيري على منعكم و إن

ص: 92


1- ترائس: أي صار رئيسا.
2- سورة الأنعام: 40-41.

أردت أن أمنعكم لم يقدر غيري على إعطائكم، فأنا أحق من سئل و أولى من تضرّع إليه، فقولوا عند افتتاح كل أمر صغير أو عظيم بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أي أستعين على هذا الأمر باللّه الذي لا تحق العبادة لغيره المغيث إذا استغيث، المجيب إذا دعي اَلرَّحْمنِ الذي يرحم ببسط الرزق علينا اَلرَّحِيمِ بنا في أدياننا و دنيانا و آخرتنا، و خفف علينا الدين و جعله سهلا خفيفا و هو يرحمنا بتميز من أعدائه(1).

ص: 93


1- كتاب التوحيد: 230-231 /ب 31 ح 5.

الآية (52)

[سورة الأنعام (6): آیة 52]

وَ لا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِّ

[63] - أخرج ابن جرير، و ابن المنذر، و ابن أبي حاتم، من طريق عليّ عليه السّلام، عن ابن عباس في قوله:

وَ لا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِّ يعني يعبدون ربهم بالغداة و العشي، يعني الصلاة المكتوبة(1).

ص: 94


1- تفسير السيوطي 14:3.

الآية (53)

[سورة الأنعام (6): آیة 53]

وَ كَذلِكَ فَتَنّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَ هؤُلاءِ مَنَّ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا أَ لَيْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِالشّاكِرِينَ

[64] - أخرج ابن جرير، و ابن المنذر، و ابن أبي حاتم، من طريق علي عليه السّلام عن ابن عباس في قوله:

وَ كَذلِكَ فَتَنّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ يعني أنّه جعل بعضهم أغنياء و بعضهم فقراء، فقال الأغنياء للفقراء: أَ هؤُلاءِ مَنَّ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا يعني هؤلاء هداهم اللّه، و إنّما قالوا ذلك استهزاء و سخريا(1).

ص: 95


1- تفسير السيوطي 14:3.

الآية (59)

[سورة الأنعام (6): آیة 59]

* وَ عِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلاّ هُوَ وَ يَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ ما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاّ يَعْلَمُها وَ لا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَ لا رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ إِلاّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ

[65] - في من لا يحضره الفقيه: خطبة لأمير المؤمنين عليه السّلام و فيها: وَ ما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ من شجرة و لا حبة في ظلمة الأرض إِلاّ يَعْلَمُها لا إله إلاّ هو وَ لا رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ إِلاّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (1).

ص: 96


1- من لا يحضره الفقيه: 515/1 ح 1482.

الآية (61)

[سورة الأنعام (6): آیة 61]

وَ هُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَ يُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَ هُمْ لا يُفَرِّطُونَ

[66] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول مجيبا لبعض الزنادقة و قد قال: أجد اللّه تعالى يقول يَتَوَفّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ (1) و اَللّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها (2) و اَلَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ (3) و ما أشبه ذلك، فمرة يجعل الفعل لنفسه، و مرة لملك الموت، و مرة للملائكة، فأما قول اللّه عزّ و جلّ:

اَللّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها و قوله: يَتَوَفّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ و تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا (4)اَلَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ و اَلَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ

ص: 97


1- السجدة: 11.
2- سورة الزمر، الآية: 42.
3- سورة النحل، الآية: 32.
4- سورة الأنعام، الآية: 61.

اَلْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ (1) فهو تبارك و تعالى أجلّ و أعظم من أن يتولّى ذلك بنفسه، و فعل رسله و ملائكته فعله، لأنهم بأمره يعملون، فاصطفى جلّ ذكره من الملائكة رسلا و سفرة بينه و بين خلقه، و هم الذين قال اللّه فيهم: اَللّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَ مِنَ النّاسِ (2) فمن كان من أهل الطاعة تولّت قبض روحه ملائكة الرحمة و من كان من أهل المعصية تولّت قبض روحه ملائكة النقمة، و لملك الموت أعوان من ملائكة الرحمة و النقمة، يصدرون عن أمره، و فعلهم و فعله و كل ما يأتونه منسوب إليه، و إذا كان فعلهم فعل ملك الموت، و فعل ملك الموت فعل اللّه، لأنه يتوفى الأنفس على يد من يشاء و يعطي و يمنع و يثيب و يعاقب على يد من يشاء و إن فعل أمنائه فعله كما قال: وَ ما تَشاؤُنَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللّهُ (3) , (4).

[67] - في كتاب التوحيد حديث طويل عن علي عليه السّلام يقول فيه و قد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات: و أما

ص: 98


1- سورة النحل، الآية: 28.
2- الحج: 75.
3- الإنسان: 30، التكوير: 29، مكررة و لكن الذيل يختلف.
4- كتاب الإحتجاج للطبرسي: 573/1 /محاجة 137.

قوله: يَتَوَفّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ و قوله: اَللّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها و قوله: تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَ هُمْ لا يُفَرِّطُونَ و قوله: اَلَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ و قوله: اَلَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ فإن اللّه تبارك و تعالى يدبّر الأمور كيف يشاء، يوكل من خلقه من يشاء بما يشاء، أما ملك الموت فإن اللّه يوكله بخاصته بمن يشاء من خلقه و يوكل رسله من يشاء من خاصته بمن يشاء من خلقه، يدبّر الأمور كيف يشاء، و ليس كل العلم يستطيع صاحب العلم أن يفسره لكل الناس، لأن فيهم القوي و الضعيف، و لأن منه ما يطاق حمله و منه ما لا يطاق حمله، لمن سهّل اللّه له حمله و أعانه عليه من خاصة أوليائه، و إنما يكفيك أن تعلم أن اللّه المحيي و المميت، و أنه يتوفى الأنفس على يد من يشاء من خلقه من ملائكة و غيرهم(1).

ص: 99


1- كتاب التوحيد: ب 36 ح 5 /ص 259.

الآية (68)

[سورة الأنعام (6): آیة 68]

وَ إِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَ إِمّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ

[68] - في من لا يحضره الفقيه: قال أمير المؤمنين عليه السّلام في وصيته لابنه محمد ابن الحنفية ففرض على السمع أن لا تصغي به إلى المعاصي، فقال عزّ و جلّ وَ إِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ثم استثنى جلّ و عزّ موضع النسيان، فقال: وَ إِمّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ (1).

ص: 100


1- من لا يحضره الفقيه: 626/2 ح 3215.

الآية (75)

[سورة الأنعام (6): آیة 75]

وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ

[69] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قيس بن أبي حازم عن علي كرم اللّه وجهه عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم قال: لما أرى اللّه تعالى إبراهيم ملكوت السماوات و الأرض أشرف على رجل على معصية من معاصي اللّه فدعا اللّه عليه فهلك، ثم أشرف على آخر فدعا اللّه عليه فهلك، ثم أشرف على آخر فلما أراد أن يدعو عليه أوحى اللّه عزّ و جلّ إليه أن يا إبراهيم إنك رجل مستجاب الدعوة فلا تدعونّ على عبادي فإنهم مني على ثلاث خصال: إما أن يتوب إليّ فأتوب عليه، و إما أن أخرج منه نسمة تسبّح، و إما أن [يعود] إلي فإن شئت عفوت عنه و إن شئت عاقبته(1).

ص: 101


1- تفسير الثعلبي: 161/4.

[70] - في كتاب التوحيد: بإسناده إلى زاذان عن سلمان الفارسي أنّه قال: سأل بعض النصارى أمير المؤمنين عليه السّلام عن مسائل فأجابه عنها، فكان فيما سأله أن قال له: أخبرني عن ربّك أيحمل أو يحمل ؟

فقال عليه السّلام: ربنا جلّ جلاله يحمل و لا يحمل، قال النصراني: و كيف ذلك و نحن نجد في الإنجيل: وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ ؟

فقال عليّ عليه السّلام: إنّ الملائكة تحمل العرش و ليس العرش كما تظن كهيئة السرير و لكنه شيء محدود مخلوق مدبّر، و ربّك عزّ و جلّ مالكه، لا أنّه عليه ككون الشيء على الشيء، و أمر الملائكة بحمله يحملون العرش بما أقدرهم عليه، قال النصراني: صدقت رحمك اللّه(1).

[71] - في أصول الكافي: عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد البرقي رفعه قال: سأل الجاثليق أمير المؤمنين عليه السّلام فقال له: أخبرني عن قوله: وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ فكيف قال ذاك و قلت: إنّه يحمل العرش و السماوات و الأرض ؟

ص: 102


1- التوحيد: ب 48 ح 316/3.

قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ العرش خلقه اللّه تعالى من أنوار أربعة، نور أحمر منه احمرّت الحمرة، و نور أخضر منه اخضرّت الخضرة، و نور أصفر منه اصفرّت الصفرة، و نور أبيض منه ابيضّ البياض، و هو العلم الذي حمّله اللّه الحملة، و ذلك نور من عظمته، فبعظمته و نوره أبصرت قلوب المؤمنين، و بعظمته و نوره عاداه الجاهلون، و بعظمته و نوره ابتغى من في السماء و الأرض من جميع خلائقه إليه الوسيلة بالأعمال المختلفة و الأديان المتشتتة(1) فكلّ محمول يحمله اللّه بنوره و عظمته و قدرته لا يستطيع لنفسه ضرا و لا نفعا و لا موتا و لا حياة و لا نشورا، فكلّ شيء محمول، و اللّه تبارك و تعالى الممسك لهما أن تزولا و المحيط بهما من شيء(2) و هو حياة كلّ شيء و نور كلّ شيء سبحانه و تعالى عما يقولون علوا كبيرا، فالذين يحملون العرش هم العلماء الذين حمّلهم اللّه علمه، و ليس يخرج عن هذه الأربعة شيء خلق اللّه في ملكوته، و هو الملكوت الذي أراه اللّه أصفياءه و أراه خليله عليه السّلام، فقال: وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ

ص: 103


1- في المصدر (و الأديان المشتبهة).
2- ضمائر التثنية - على ما قيل - ترجع إلى السماوات و الأرض.

اَلسَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (1) و كيف يحمل حملة عرش اللّه و بحياته حييت قلوبهم، و بنوره اهتدوا إلى معرفته ؟ و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(2).

ص: 104


1- الأنعام: 75.
2- أصول الكافي: 129/1 ح 1.

الآية (82)

[سورة الأنعام (6): آیة 82]

اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَ هُمْ مُهْتَدُونَ

[72] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث أجاب فيه بعض الزنادقة و قد قال معترضا: و أجده يقول: فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصّالِحاتِ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ (1) و يقول: وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى (2) إعلم في الآية الأولى أن الأعمال الصالحة لا تكفر، و اعلم في الآية الثانية أن الإيمان و الأعمال الصالحة لا تنفع إلاّ بعد الاهتداء، قال عليه السّلام:

و أما قوله: فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصّالِحاتِ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ و قوله: وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ

ص: 105


1- سورة الأنبياء، الآية: 94.
2- سورة طه، الآية: 82.

اِهْتَدى فإن ذلك كله لا يغني إلاّ مع الاهتداء و ليس كل من وقع عليه إسم الإيمان كان حقيقا بالنجاة مما هلك به الغواة و لو كان ذلك كذلك لنجت اليهود مع اعترافها بالتوحيد و إقرارها بالله، و نجا سائر المقرين بالوحدانية من إبليس فمن دونه في الكفر، و قد بيّن اللّه ذلك بقوله: اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَ هُمْ مُهْتَدُونَ (1) و بقوله:

اَلَّذِينَ قالُوا آمَنّا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ (2) ,(3) .

[73] - في مجمع البيان اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا الآية، و روي عن عبد اللّه بن مسعود قال: لما نزلت هذه الآية شق على الناس و قالوا: يا رسول اللّه و أيّنا لم يظلم نفسه ؟

فقال عليه السّلام: إنه ليس الذي يعنون ألم تسمعوا إلى ما قال العبد الصالح يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (4) و اختلف في هذه الآية فقيل: إنه من تمام قول إبراهيم عليه السّلام و روي ذلك عن علي عليه السّلام(5).

ص: 106


1- سورة الأنعام، الآية: 82.
2- سورة المائدة، الآية: 41.
3- كتاب الإحتجاج: 573/1 /محاجة 137.
4- لقمان: 13.
5- مجمع البيان: 506/4 /الأنعام: 82.

[74] - عن علي عليه السّلام في قوله تعالى: اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ قال: نزلت هذه الآية في إبراهيم و أصحابه خاصّة ليس في هذه الأمّة(1).

ص: 107


1- كنز العمال 407:2 ح 4369.

الآية (91)

[سورة الأنعام (6): آیة 91]

وَ ما قَدَرُوا اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَ هُدىً لِلنّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَ تُخْفُونَ كَثِيراً وَ عُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَ لا آباؤُكُمْ قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ

[75] - في أصول الكافي: محمّد بن يحيى عن عبد اللّه بن جعفر عن السياري عن محمّد بن بكر عن أبي الجارود عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال: و الذي بعث محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلم بالحقّ، و أكرم أهل بيته، ما من شيء يطلبونه من حرز من حرق أو غرق أو سرق أو إفلات دابة من صاحبها أو ضالة أو آبق إلاّ و هو في القرآن، فمن أراد ذلك فليسألني عنه، قال: فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عما يؤمن من الحرق و الغرق فقال:

اقرأ هذه الآيات اَللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَ هُوَ يَتَوَلَّى الصّالِحِينَ (1)

ص: 108


1- الأعراف: 196.

وَ ما قَدَرُوا اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ و سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ (1)

فمن قرأها فقد أمن من الحرق و الغرق، قال: فقرأها رجل و اضطرمت النار في بيوت جيرانه و بيته وسطها فلم يصبه شيء، و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(2).

[76] - في من لا يحضره الفقيه في وصية النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم لعلي عليه السّلام: يا علي أمان لأمتي من الحرق إِنَّ وَلِيِّيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَ هُوَ يَتَوَلَّى الصّالِحِينَ و وَ ما قَدَرُوا اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ الآية(3).

ص: 109


1- سورة يونس، الآية: 18، و سورة الروم، الآية: 40.
2- أصول الكافي: 624/2 ح 21 /باب فضل القرآن/كتاب فضل القرآن.
3- من لا يحضره الفقيه: 371/4 ح 5762 /ب 2.

الآية (103)

[سورة الأنعام (6): آیة 103]

لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ

[77] - فيه حديث طويل عن أمير المؤمنين عليه السّلام يقول فيه و قد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات: و أما قوله لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ فهو كما قال لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ و لا تحيط به الأوهام وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ يعني يحيط بها(1).

[78] - في كتاب التوحيد: خطبة لعلي عليه السّلام يقول فيها: و لم تدركه الأبصار فيكون بعد انتقالها حائلا(2).

[79] - و خطبة أخرى له عليه السّلام و فيها: و انحسرت الأبصار عن أن تناله فيكون بالعيان موصوفا و بالذات التي لا يعلمها إلاّ هو عند خلقه معروفا(3).

ص: 110


1- كتاب التوحيد: 262 /ب 36 ح 5.
2- التوحيد: 31 ح 1 باب 2.
3- التوحيد: 50 ح 13.

الآية (110)

[سورة الأنعام (6): آیة 110]

وَ نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَ أَبْصارَهُمْ

[80] - الحسن الحلّي قال: عليّ بن إبراهيم قال: في قوله - سبحانه و تعالى -: وَ نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَ أَبْصارَهُمْ قال: قال عليّ بن أبي طالب عليه السّلام: إنّ أوّل ما تغلبون عليه من الجهاد الجهاد بأيديكم، ثمّ الجهاد بألسنتكم، ثمّ الجهاد بقلوبكم، فمن لم يعرف قلبه معروفا، و لم ينكر منكرا، نكس قلبه، فصار أسفله أعلاه، فلم يقبل خيرا أبدا، كما لم يؤمنوا به أوّل مرّة: يعني: في الذرّ و الميثاق(1).

ص: 111


1- مختصر البصائر: 357، و تفسير القمي: 213/1، و عنه البحار: 72/100 ح 6 و البرهان: 549/1 ذح 5 و تفسير الصافي: 149/2 و تفسير كنز الدقائق: 365/3-366 و نور الثقلين: 758/1 ح 242.

الآية (115)

[سورة الأنعام (6): آیة 115]

وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلاً

[81] - في البحار عن مشارق البرسي عن طارق بن شهاب عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: يا طارق الإمام كلمة اللّه و حجّة اللّه و وجه اللّه و نور اللّه و حجاب اللّه و آية اللّه، يختاره اللّه و يجعل فيه ما يشاء و يوجب له بذلك الطاعة و الولاية على جميع خلقه، فهو وليّه في سماواته و أرضه أخذ له بذلك العهد على جميع عباده، فمن تقدّم عليه كفر باللّه من فوق عرشه، فهو يفعل ما يشاء و إذا شاء اللّه شاء، و يكتب على عضده وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلاً (1).

ص: 112


1- إلزام الناصب: 35/1.

الآية (141)

[سورة الأنعام (6): آیة 141]

مَعْرُوشاتٍ وَ غَيْرَ مَعْرُوشاتٍ

[82] - أبو إسحاق الثعلبي قال: روي عن ابن عباس أيضا أنّ المعروشات ما عرش الناس (1) ،و غير معروشات ما خرج في البراري و الجبال من الثمار(2).

يدلّ عليه قراءة علي (مَعْرُوشاتٍ وَ غَيْرَ مَعْرُوشاتٍ) بالغين و السين(3).

ص: 113


1- أي رفع أغصانه.
2- تفسير الطبري: 69/8.
3- تفسير الثعلبي: 197/4.

الآية (145)

[سورة الأنعام (6): آیة 145]

قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ

[83] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قرأ علي بن أبي طالب كرّم اللّه وجهه: يطعمه مثقلة بالطاء أراد يتطعّمه فأدغم(1).

ص: 114


1- تفسير الثعلبي: 201/4.

الآية (149)

[سورة الأنعام (6): آیة 149]

فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ

[84] - في كتاب الإحتجاج: للطبرسي رحمه اللّه عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه يقول عليه السّلام: و لو علم المنافقون ما عليهم من ترك هذه الآيات التي بيّنت لك تأويلها لأسقطوها مع ما أسقطوا منه، و لكن اللّه تبارك اسمه، ماض حكمه بايجاب الحجة على خلقه، كما قال اللّه:

فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ أغشى أبصارهم و جعل على قلوبهم أكنة عن تأمل ذلك فتركوه بحاله، و حجبوا عن تأكيد الملبس بإبطاله، فالسعداء ينهون عليه، و الأشقياء يعمهون عنه(1).

ص: 115


1- الإحتجاج: 595/1 /احتجاجه عليه السّلام على الزنديق.

الآية (158)

[سورة الأنعام (6): آیة 158]

هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنّا مُنْتَظِرُونَ

[85] - في كتاب التوحيد: حديث طويل عن علي عليه السّلام يقول فيه و قد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات و قوله:

هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ يخبر محمدا صلّى اللّه عليه و آله و سلم عن المشركين و المنافقين الذين لم يستجيبوا للّه و لرسوله فقال:

هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ حيث لم يستجيبوا للّه و لرسوله أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يعني بذلك العذاب في دار الدنيا كما عذّب القرون الأولى، فهذا خبر يخبر به النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم عنهم ثم قال: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً يعني من قبل أن تجيء هذه الآية، و هذه الآية طلوع الشمس من مغربها، و إنما يكتفي أولو الألباب و الحجى و أولو النهى أن

ص: 116

يعلموا أنه إذا انكشف الغطاء رأوا ما يوعدون(1).

[86] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: عن أمير المؤمنين عليه السّلام و أمّا قوله: وَ جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (2)

و قوله: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ (3) فذلك كله حق و ليست له جيئة جلّ ذكره كجيئة(4) خلقه و إنّه ربّ كلّ شيء و ربّ شيء من كتاب اللّه عزّ و جلّ يكون تأويله على غير تنزيله، و لا يشبه تأويل كلام البشر و لا فعل البشر، و سأنبئك بمثال لذلك تكتفي إن شاء اللّه و هو حكاية اللّه عزّ و جلّ عن إبراهيم عليه السّلام حيث قال: إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي (5) فذهابه إلى ربه توجهه إلى ربه و عبادته و اجتهاده، ألا ترى أن تأويله غير تنزيله ؟

و قال: وَ أَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ (6) و قال:

وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ (7) فإنزاله ذلك خلقه.

ص: 117


1- كتاب التوحيد: 266 /ب 36 ح 5.
2- سورة الفجر، الآية: 22.
3- سورة الأنعام، الآية: 158.
4- في المصدر (جيئة كجيئة خلقه).
5- سورة الصافات، الآية: 99.
6- سورة الزمر، الآية: 6.
7- سورة الحديد، الآية: 25.

إلى أن قال: فإنما خاطب نبينا صلّى اللّه عليه و آله و سلم هل ينظر المنافقون و المشركون إلاّ أن تأتيهم الملائكة فيعاينوهم أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يعني بذلك أمر ربك و الآيات هي العذاب في دار الدنيا، كما عذّب الأمم السالفة و القرون الخالية(1).

قوله تعالى: لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً (2)

[87] - في كتاب كمال الدين و تمام النعمة: بإسناده إلى النزال بن سيارة عن أمير المؤمنين حديث طويل قال فيه عليه السّلام بعد أن ذكر الدجال و من يقتله و أين يقتل: ألا إنّ بعد ذلك الطامّة الكبرى، قلنا: و ما ذلك يا أمير المؤمنين قال عليه السّلام: خروج دابة الأرض من عند الصفا معها خاتم سليمان و عصا موسى عليهما السّلام، تضع الخاتم على وجه كلّ مؤمن فينطبع فيه: هذا مؤمن حقا، و تضعه على وجه كلّ كافر فيكتب هذا كافر حقا، حتّى إنّ المؤمن لينادي: الويل لك حقا يا كافر، و إنّ الكافر ينادي: طوبى لك يا مؤمن

ص: 118


1- الإحتجاج: 587/1-588 /محاجة 137.
2- سورة الزخرف، الآية: 81.

وددت أنّي كنت مثلك فأفوز فوزا عظيما، ثم ترفع الدابة رأسها من بين الخافقين بإذن اللّه جل جلاله و ذلك بعد طلوع الشمس من مغربها، فعند ذلك ترفع التوبة فلا تقبل توبة و لا عمل يرفع لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً (1) ثمّ قال عليه السّلام: لا تسألوني عما يكون بعد هذا فإنه عهد إليّ حبيبي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم ألاّ أخبر به غير عترتي(2).

ص: 119


1- سورة الأنعام، الآية: 158.
2- كمال الدين: ص 527 /ب 47 ح 1.

الآية (160)

[سورة الأنعام (6): آیة 160]

مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها

[88] - في أمالي شيخ الطائفة: باسناده إلى بكر بن محمد عن الصادق جعفر بن محمد عن آبائه قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الناس في الجمعة على ثلاثة منازل رجل شهدها بإنصات و سكون قبل الإمام و ذلك كفارة لذنوبه من الجمعة إلى الجمعة الثانية، و زيادة ثلاثة أيام لقول اللّه تعالى: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها .و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(1).

[89] - محمّد بن العباس في تفسيره، عن المنذر بن محمّد، عن أبيه، عن الحسين بن سعيد، عن أبان بن تغلب، عن فضيل بن الزبير، عن أبي الجارود، عن أبي داود

ص: 120


1- الامالي: 471 ح 630.

السبيعي، عن أبي عبد اللّه الجدلي، قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: يا أبا عبد اللّه هل تدري ما الحسنة التي من جاء بها هم من فزع يومئذ آمنون ؟ و من جاء بالسيّئة فكبّت وجوههم في النار؟

قلت: لا، قال: الحسنة مودّتنا أهل البيت، و السيئة عداوتنا أهل البيت(1).

[90] - محمّد بن العباس، عن عليّ بن عبد اللّه، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن عبد اللّه بن جبلة الكناني، عن سلام بن أبي عمرة الخرساني، عن أبي الجارود، عن أبي عبد اللّه الجدلي، قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

ألا أخبرك بالحسنة التي من جاء بها أمن من فزع يوم القيامة، و السيئة التي من جاء بها كبّ على وجهه في نار جهنّم ؟

قلت: بلى يا أمير المؤمنين، قال: الحسنة (معرفة الولاية) و حبّنا أهل البيت، و السيئة (إنكار الولاية) و بغضنا أهل البيت(2).

ص: 121


1- البحار 41:24؛ تفسير فرات: 312 ح 418.
2- البحار 42:24؛ تفسير الحبري: 32؛ تفسير نور الثقلين 104:4.

ص: 122

سورة الأعراف

اشارة

ص: 123

ص: 124

الآية (3)

[سورة الأعراف (7): آیة 3]

اِتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَ لا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ

[91] - في تفسير العياشي عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام في خطبته:

قال اللّه: اِتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَ لا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ ففي اتّباع ما جاءكم من اللّه الفوز العظيم، و في تركه الخطأ المبين(1).

ص: 125


1- تفسير العياشي: 9/2 ح 4، من تفسير سورة الأعراف.

الآية (6)

[سورة الأعراف (7): آیة 6]

فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَ لَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ

[92] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يذكر فيه أحوال القيامة و فيه:

فيقام الرسل فيسألون عن تأدية الرسالات التي حملوها إلى أممهم، فيخبروا أنهم قد أدّوا ذلك إلى أممهم و تسأل الأمم فيجحدون، كما قال: فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَ لَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ فيقولون: ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَ لا نَذِيرٍ (1) فتشهد الرسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فيشهد بصدق الرسل و بكذب من جحدها من الأمم، فيقول لكل أمة منهم: فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَ نَذِيرٌ وَ اللّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أي مقتدر على شهادة جوارحكم عليكم بتبليغ الرسل إليكم رسالاتهم(2).

ص: 126


1- المائدة: 19.
2- الإحتجاج للطبرسي: 566/1 المحاجة 136.

الآيتان (8) و (9)

[سورة الأعراف (7): الآیات 8 الی 9]

وَ الْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8) وَ مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ

[93] - في روضة الكافي: خطبة لأمير المؤمنين عليه السّلام و هي خطبة الوسيلة يقول فيها عليه السّلام: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله، شهادتان ترفعان القول و تضاعفان العمل، خفّ ميزان ترفعان منه؛ و ثقل ميزان توضعان فيه(1).

[94] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه عليه السّلام: و معنى قوله:

فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ و مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فهو قلّة الحسنات و كثرتها(2).

ص: 127


1- روضة الكافي: 17/8 ح 4.
2- الإحتجاج: 572/1 /محاجة 137.

الآية (32)

[سورة الأعراف (7): آیة 32]

قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ

[95] - في أمالي شيخ الطائفة (قدس سره) بإسناده إلى أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه عليه السّلام: و اعلموا يا عباد اللّه أنّ المتقين جازوا عاجل الخير و آجله، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم، و لم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم، أباحهم اللّه في الدنيا ما كفاهم به و أغناهم، قال اللّه عزّ و جلّ:

قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت، و أكلوها بأفضل ما أكلت، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم فأكلوا معهم من طيبات ما يأكلون و شربوا من طيبات ما يشربون، و لبسوا من

ص: 128

أفضل ما يلبسون و سكنوا من أفضل ما يسكنون، و تزوجوا من أفضل ما يتزوجون، و ركبوا من أفضل ما يركبون، أصابوا لذة الدنيا مع أهل الدنيا و هم غدا جيران اللّه، يتمنون عليه فيعطيهم ما يتمنون، و لا يرد لهم دعوة، و لا ينقص لهم نصيب من اللذة، فإلى هذا يا عباد اللّه يشتاق إليه من كان له عقل(1).

ص: 129


1- الأمالي: 27 ح 31 المجلس الأول، و انظر البحار: 541/33.

الآية (40)

[سورة الأعراف (7): آیة 40]

لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ

[96] - في كتاب الخصال: قال علي عليه السّلام لبعض اليهود و قد سأله عن مسائل: أما أقفال السماوات فالشرك بالله، و مفاتيحها قول لا إله إلاّ اللّه(1).

ص: 130


1- الخصال: ب 12 ح 456/1.

الآية (44)

[سورة الأعراف (7): آیة 44]

وَ نادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظّالِمِينَ

[97] - في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه اللّه: من مختصر تفسير محمّد بن العباس بن مروان بإسناده إلى جعفر بن محمّد عن آبائه عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم حديث طويل يذكر فيه ما أعدّ اللّه لمحبّي عليّ يوم القيامة، و فيه: فإذا دخلوا منازلهم وجدوا الملائكة يهنئونهم بكرامة ربهم حتّى إذا استقروا قرارهم قيل لهم: فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ ربّنا رضينا فارض عنا، قال: برضاي عنكم و بحبكم أهل بيت نبيي حللتم داري و صافحتم الملائكة، فهنيئا هنيئا عطاء غير مجذوذ، ليس فيه تنغيص، فعندها وَ قالُوا

ص: 131

اَلْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ و أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَ لا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (1).

و في هذا الحديث: إنّ محبّي عليّ عليه السّلام يقولون للّه عزّ و جلّ إذا دخلوا الجنّة: فأذن لنا بالسجود قال لهم ربّهم عزّ و جلّ: إنّي قد وضعت عنكم مؤونة العبادة و أرحت لكم أبدانكم، فطالما أنصبتم فيّ الأبدان و عنيتم لي الوجوه فالآن أفضيتم إلى روحي و رحمتي.

قوله تعالى: فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظّالِمِينَ

[98] - في كتاب معاني الأخبار خطبة لعلي عليه السّلام يذكر فيها نعم اللّه عزّ و جلّ عليه و فيها يقول عليه السّلام: ألا و إني مخصوص في القرآن بأسماء، إحذروا أن تغلبوا عليها فتضلوا في دينكم، و أنا المؤذن في الدنيا و الآخرة، قال اللّه عزّ و جلّ: فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظّالِمِينَ أنا ذلك المؤذن و قال:

وَ أَذانٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ و أنا ذلك الأذان(2).

ص: 132


1- سورة فاطر، الآية: 35.
2- معاني الأخبار: 59 /باب معنى أسماء محمد و علي و فاطمة و الأئمة عليهم السّلام ح 9.

[99] - بن بابويه، قال: حدّثنا أبو العباس محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (قدس سره) قال: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى بالبصرة، قال: حدّثني المغيرة بن محمّد، قال: حدّثنا رجاء بن سلمة، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السّلام قال: خطب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام بالكوفة (عند) منصرفه من النهروان، و بلغه أن معاوية يسبّه و يعيبه و يقتل أصحابه، فقام خطيبا، إلى أن قال فيها: و أنا المؤذّن في الدنيا و الآخرة، قال اللّه عزّ و جلّ: فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظّالِمِينَ أنا ذلك المؤذّن، و قال: وَ أَذانٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ (1) و أنا ذلك الأذان(2).

ص: 133


1- سورة التوبة، الآية: 3.
2- تفسير البرهان 17:2؛ معاني الأخبار، باب معاني أسماء محمّد و علي: 59.

الآية (46)

[سورة الأعراف (7): آیة 46]

وَ بَيْنَهُما حِجابٌ وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ وَ نادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَ هُمْ يَطْمَعُونَ

[100] - الحسن الحلّي قال: أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن علوان، عن سعد بن طريف (1) ،عن أصبغ بن نباتة قال: كنت عند أمير المؤمنين عليه السّلام جالسا، فجاءه رجل فقال له: يا أمير المؤمنين، وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ ،فقال له عليّ عليه السّلام: نحن الأعراف، نعرف أنصارنا بسيماهم، و نحن الأعراف الذين لا يعرف اللّه إلاّ بسبيل معرفتنا، و نحن الأعراف نوقف يوم القيامة بين الجنّة و النار، فلا يدخل

ص: 134


1- عدّه الشيخ في أصحاب السجاد عليه السّلام قائلا: سعد بن طريف الحنظلي الإسكاف، مولى بني تميم، الكوفي، و يقال: سعد الخفاف، و هو صحيح الحديث.

الجنّة إلاّ من عرفنا و عرفناه، و لا يدخل النار إلاّ من أنكرنا و أنكرناه، و ذلك لأنّ اللّه تعالى لو شاء عرّف(1) الناس نفسه حتى يعرفوه، و يوحّدوه، و يأتوه(2) من بابه، و لكنّه جعلنا أبوابه و صراطه و سبيله، و بابه الذي يؤتى منه(3).

[101] - الحسن الحلّي قال: المعلّى بن محمّد البصري، عن محمّد بن جمهور، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم، عن الهيثم بن واقد، عن مقرن قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: جاء ابن الكوّا إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: يا أمير المؤمنين وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ .

فقال: (نحن الأعراف، نعرف أنصارنا بسيماهم، و نحن الأعراف الذين لا يعرف اللّه تعالى إلاّ بسبيل معرفتنا، و نحن الأعراف يعرّفنا اللّه تعالى يوم القيامة على الصراط، و لا يدخل الجنّة إلاّ من عرفنا و عرفناه، و لا يدخل النار إلاّ من أنكرنا

ص: 135


1- في البصائر و البرهان: لعرّف.
2- في البرهان: حتى يعرفوا حدّه و يأتونه من بابه.
3- مختصر البصائر: 146، و عنه البرهان: 18/2 ح 9 و صحيفة الأبرار: 1 / 108، و في البحار: 249/24 قطعة من ح 2 عنه و عن بصائر الدرجات: 496 ح 6 و الاحتجاج: 540/1-541 ح 129، متّحد مع صدر الحديث 159.

و أنكرناه، إنّ اللّه لو شاء لعرّف العباد نفسه، و لكن جعلنا أبوابه، و صراطه، و سبيله، و الوجه الذي يؤتى منه.

فمن عدل [عن] ولايتنا أو فضّل علينا غيرنا فإنّهم عن الصّراط لناكبون (1) ،و لا سواء من اعتصم الناس به، و لا سواء (من ذهب حيث ذهب الناس). ذهب الناس إلى عيون كدرة يفرغ بعضها في بعض، و ذهب من ذهب إلينا إلى عيون صافية تجري بأمر ربّها لا نفاد لها و لا انقطاع(2).

[102] - عن زاذان عن سلمان قال: سمعت

ص: 136


1- اقتباس من سورة المؤمنون آية 74، و نكب عن الطريق: عدل عنه (المنجد، نكب).
2- مختصر البصائر: 149، و البحار: 253/24 ح 14 و عن بصائر الدرجات: 497 ح 8، و في البرهان: 17/2 و 19 ح 1 و 16 عن كتابنا هذا و عن الكافي: 184/1 ح 9. و أخرج صدره في البحار: 339/8 ح 22 عن الكافي و تفسير فرات: 143 ذ ح 174 باختلاف يسير. قال المجلسي رحمه اللّه: قوله: «و لا سواء من اعتصم الناس به» أي: و نحن، فالمراد بالناس المخالفون، أو المراد كلّ الناس، أي لا يتساوى من اعتصم به الناس بعضهم مع بعض. ثمّ بيّن عليه السّلام عدم المساواة بأنّ الناس يذهبون إلى عيون من العلم مكدّرة بالشكوك و الشبهات و الجهالات. «يفرغ» أي: يصبّ بعضها في بعض، كناية عن أنّ كلاّ منهم يرجع إلى الآخر فيما يجهله، و ليس فيهم من يستغني عن غيره و يكمل في علمه.

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم يقول لعلي عليه السّلام أكثر من عشر مرات: يا علي إنك و الأوصياء من بعدك أعراف بين الجنة و النار، و لا يدخل الجنة إلاّ من عرفكم و عرفتموه و لا يدخل النار إلاّ من أنكركم و أنكرتموه(1).

[103] - في كتاب معاني الأخبار خطبة لعلي عليه السّلام يذكر فيها نعم اللّه عزّ و جلّ عليه و فيها يقول عليه السّلام: و نحن أصحاب الأعراف أنا و عمي و أخي و ابن عمي، و اللّه فالق الحب و النوى لا يلج النار لنا محب و لا يدخل الجنة لنا مبغض، لقول اللّه عزّ و جلّ: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ (2).

[104] - في كشف المحجة لابن طاوس رحمه اللّه عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل فيه: فالأوصياء قوام عليكم بين الجنة و النار، لا يدخل الجنة إلاّ من عرفهم و عرفوه و لا يدخل النار إلاّ من أنكرهم و أنكروه، لأنهم عرفاء العباد عرفهم اللّه إياهم عنه أخذ المواثيق عليهم بالطاعة لهم، فوصفهم في كتابه فقال عزّ و جلّ: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ

ص: 137


1- تفسير العياشي: 18/2 /و لا ح 44، من تفسير سورة الأعراف.
2- معاني الأخبار: 59 /باب معنى أسماء محمد و علي و فاطمة و الأئمة عليهم السّلام ح 9.

بِسِيماهُمْ و هم الشهداء على الناس، و النبيون شهداؤهم بأخذهم لهم مواثيق العباد بالطاعة(1).

[105] - في تفسير العياشي عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي عليهم السّلام قال:

أنا يعسوب المؤمنين، و أنا أول السابقين و خليفة رسول رب العالمين، و أنا قسيم الجنة و النار و أنا صاحب الأعراف(2).

[106] - عبيد بن كثير، معنعنا، عن حبّة العرني، أنّ ابن الكوّاء أتى عليّا عليه السّلام فقال: يا أمير المؤمنين آيتان في كتاب اللّه تعالى قد أعيتاني و شككتاني في ديني، قال عليه السّلام:

و ما هما؟

قال: قول اللّه تعالى وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ ،قال عليه السّلام: و ما عرفت هذه حتّى الساعة ؟

قال: لا، قال عليه السّلام: نحن الأعراف من عرفنا دخل الجنّة، و من أنكرنا دخل النار.

قال: و قوله: وَ الطَّيْرُ صَافّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَ تَسْبِيحَهُ (3).

ص: 138


1- كشف المحجة: 191.
2- تفسير العياشي: 17/.2 ح 42 /من تفسير سورة الأعراف.
3- النور: 41.

قال عليه السّلام: و ما عرفت هذه إلى الساعة، قال: لا، قال عليه السّلام: إنّ اللّه خلق ملائكته على صور شتّى، الخبر(1).

قوله تعالى: يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ

[107] - سعد بن عبد اللّه، عن المعلّى بن محمّد البصري، قال: حدّثنا أبو الفضل المدني، عن المنهال بن عمرو، عن زيد بن حبش، عن أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه، قال:

الأوصياء هم أصحاب الصراط وقوفا عليه لا يدخل الجنّة إلاّ من عرفهم عليه السّلام عند أخذهم المواثيق عليهم، و وصفهم في كتابه فقال عزّ و جلّ: يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ (2)

و هم الشهداء على أوليائهم، و النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم الشهيد عليهم، أخذ لهم مواثيق العباد بالطاعة، و أخذ للنبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم الميثاق بالطاعة، فجرت نبوّته عليهم، و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً (3) , (4).

ص: 139


1- البحار 254:24؛ تفسير فرات: 143 ح 175.
2- سورة الأعراف، الآية: 46.
3- سورة النساء، الآية: 41.
4- تفسير البرهان 369:1.

الآية (51)

[سورة الأعراف (7): آیة 51]

فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا

[108] - في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه عليه السّلام: و قد سأله رجل عمّا اشتبه عليه من آيات الكتاب، و كذلك تفسير قوله عزّ و جلّ: فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا يعني بالنسيان أنه لم يثبهم كما يثيب أولياءه الذين كانوا في دار الدنيا مطيعين ذاكرين حين آمنوا به و برسله و خافوه بالغيب، و قد يقول العرب في باب النسيان: قد نسينا فلان فلا يذكرنا، أي إنه لا يأمر لهم بخير و لا يذكرهم به(1).

ص: 140


1- كتاب التوحيد: 259 /ب 26 ح 5.

الآية (54)

[سورة الأعراف (7): آیة 54]

إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ وَ النُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ تَبارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ

[109] - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن عبد اللّه بن جعفر عن السياري عن محمد بن بكر عن ابن الجارود عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنه قال: من بات بأرض قفر فقرأ هذه الآية: إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ إلى قوله: تَبارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ حرسته الملائكة و تباعدت عنه الشياطين، قال: فمضى الرجل فإذا هو بقرية خراب فبات فيها و لم يقرأ هذه الآية فتغشاه الشياطين، فإذا هو آخذ بخطمه(1) فقال له صاحبه: أنظره، و استيقظ الرجل فقرأ

ص: 141


1- الخطم من كل دابة: مقدم أنفه و فمه.

الآية فقال الشيطان لصاحبه: أرغم اللّه أنفك أحرسه الآن حتى يصبح، فلما أصبح رجع إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فأخبره و قال له: رأيت في كلامك الشفاء و الصدق، و مضى بعد طلوع الشمس فإذا هو بأثر شعر الشيطان مجتمعا في الأرض. و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(1).

[110] - في تفسير علي بن إبراهيم بإسناده إلى علي بن الحسين عليهما السّلام حديث طويل و في آخره قال: و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الأرض مسيرة خمسمائة سنة، الخراب منها مسيرة أربعمائة عام، و العمران منها مسيرة مائة عام، و الشمس ستون فرسخا في ستين فرسخا، و القمر أربعون فرسخا في أربعين فرسخا، بطونهما يضيئان لأهل السماء، و ظهورهما لأهل الأرض، و الكواكب كأعظم جبل على الأرض، و خلق الشمس قبل القمر(2).

[111] - في من لا يحضره الفقيه في وصية النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم لعلي عليه السّلام: يا علي من يخاف ساحرا أو شيطانا فليقرأ:

إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ الآية(3).

ص: 142


1- أصول الكافي: 624/2 ح 21.
2- تفسير القمي: 16/2.
3- من لا يحضره الفقيه: 374/4 ح 5762 /ب 2.

الآية (71)

[سورة الأعراف (7): آیة 71]

فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ

[112] - و في تفسير النعماني عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: يا أبا الحسن حقيق على اللّه أن يدخل أهل الضلال الجنّة. و إنّما عنى بهذا المؤمنين الذين قاموا في زمن الفتنة على الإئتمام بالإمام الخفي المكان المستور عن الأعيان، فهم بإمامته مقرّون، و بعروته مستمسكون، و لخروجه منتظرون، موقنون غير شاكين، صابرون مسلمون، و إنّما ضلّوا عن مكان إمامهم و عن معرفة شخصه، يدلّ على ذلك أنّ اللّه تعالى إذا حجب عن عباده عين الشمس التي جعلها دليلا على أوقات الصلاة، فموسع عليهم تأخير الوقت ليتبين لهم الوقت بظهورها فيستيقنوا أنها قد زالت.

فكذلك المنتظر لخروج الإمام، المتمسك بإمامته موسّع

ص: 143

عليه جميع فرائض اللّه الواجبة عليه، مقبولة منه بحدودها، غير خارج عن معنى ما فرض عليه فهو صابر محتسب، لا تضرّه غيبة إمامه(1).

ص: 144


1- مكيال المكارم: 133/2.

الآية (85)

[سورة الأعراف (7): آیة 85]

بَقِيَّتُ اللّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ

[113] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه عليه السّلام و قد ذكر الحجج: هم بقية اللّه يعني المهدي عليه السّلام الذي يأتي عند انقضاء هذه النظرة، فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما(1).

ص: 145


1- الإحتجاج: 594/1 /المحاجة 137.

الآية (89)

[سورة الأعراف (7): آیة 89]

رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَ أَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ

[114] - في المستدرك من كتاب الذكرى للشيخ الشهيد، قال: و اختار ابن أبي عقيل الدعاء بما روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام في القنوت: اللهم إياك نعبد و إياك نستعين، يا اللّه يا رحمن يا رحيم، يا أحد يا صمد يا اللّه يا مجيد، يا أبد يا إله محمد، إليك نقلت الأقدام، و أفضت القلوب، و شخصت الأبصار، و مدّت الأعناق و طلبت الحوائج و رفعت الأيدي. اللهم افتح بيننا و بين قومنا بالحق و أنت خير الفاتحين. ثم قال ثلاثا: لا إله إلا اللّه و اللّه أكبر.

اللّهمّ انا نشكو إليك فقد نبينا، و غيبة إمامنا، و قلّة عددنا، و كثرة أعدائنا و تظاهر الأعداء علينا، و وقوع الفتن بنا، ففرّج ذلك اللّهمّ بعدل تظهره، و إمام حق نعرفه، إله الحق، آمين رب العالمين(1).

ص: 146


1- المستدرك: 319/1 ح 8.

الآية (99)

[سورة الأعراف (7): آیة 99]

فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ

[115] - نهج البلاغة و قال عليه السّلام، لا تأمنن على خير هذه الأمة عذاب اللّه لقول اللّه سبحانه: فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ (1).

ص: 147


1- نهج البلاغة: قصار الحكم رقم 377.

الآية (117)

[سورة الأعراف (7): آیة 117]

تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ

[116] - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن علي بن محمد القاساني عمن ذكره عن عبد اللّه بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن أبيه عن جده قال: قال أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه): كن لما لا ترجو أرجى منك لم ترجو... إلى أن قال عليه السّلام: و خرج سحرة فرعون يطلبون العزّ لفرعون فرجعوا مؤمنين(1).

ص: 148


1- الكافي: 83/5 ح 3.

الآية (127)

[سورة الأعراف (7): آیة 127]

وَ قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَ تَذَرُ مُوسى وَ قَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ يَذَرَكَ وَ آلِهَتَكَ قالَ سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ وَ نَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ وَ إِنّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ

[117] - في مجمع البيان روي عن علي عليه السّلام:

وَ يَذَرَكَ وَ آلِهَتَكَ روي أن فرعون كان يأمر قومه أيضا بعبادة البقر و لذلك أخرج السامري لهم عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ و قال هذا إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسى (1) , (2).

ص: 149


1- الأعراف: 148.
2- مجمع البيان: 716/4، و ليس في المطبوع أنه عن علي عليه السلام.

الآية (138)

[سورة الأعراف (7): آیة 138]

اِجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ

[118] - في نهج البلاغة، و قال له عليه السّلام بعض اليهود:

ما دفنتم نبيكم حتى اختلفتم ؟

فقال له: إنما اختلفنا عنه لا فيه، و لكنكم ما جفّت أرجلكم من البحر حتى قلتم لنبيكم: اِجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (1).

ص: 150


1- نهج البلاغة: قصار الحكم/ 317.

الآية (142)

[سورة الأعراف (7): آیة 142]

وَ قالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَ أَصْلِحْ وَ لا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ

[119] - في روضة الكافي خطبة لأمير المؤمنين عليه السّلام و هي خطبة الوسيلة يقول عليه السّلام فيها بعد أن ذكر النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم:

و اختصّني بوصيته، و اصطفاني بخلافته في أمته فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلم و قد حشده(1) المهاجرون و الأنصار و انغصت بهم المحافل(2):

أيها الناس إن عليا مني كهارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي، فعقل المؤمنون عن اللّه نطق الرسول إذ عرفوني أني لست بأخيه لأبيه و أمه، كما كان هارون أخاه لأبيه و أمه، و لا كنت نبيا فأقتضي نبوة و لكن كان ذلك منه استخلافا لي كما استخلف موسى هارون (صلى اللّه عليهما) حيث يقول:

ص: 151


1- حشد عليه القوم: اجتمعوا.
2- أي تضيقت بهم المحافل.

اُخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَ أَصْلِحْ وَ لا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (1) .

[120] - في كتاب كمال الدين و تمام النعمة بإسناده إلى سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنه قال في أثناء كلام له في جمع من المهاجرين و الأنصار في المسجد أيام خلافة عثمان: أنشدكم باللّه أ تعلمون أني قلت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم في غزوة تبوك: لم خلفتني ؟

فقال: إن المدينة لا تصلح إلاّ بي أو بك، و أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي ؟

قالوا: اللهم نعم(2).

ص: 152


1- روضة الكافي: 26/8 ح 4.
2- كمال الدين: 278.

الآية (143)

[سورة الأعراف (7): آیة 143]

وَ لَمّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَ كَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَ لكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَ خَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ

[121] - في حديث طويل عن أمير المؤمنين عليه السّلام يقول فيه و قد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات: و سأل موسى عليه السّلام و جرى على لسانه من حمد اللّه عزّ و جلّ: رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ فكانت مسألته تلك أمرا عظيما، و سأل أمرا جسيما، فعوقب فقال اللّه تبارك و تعالى: لَنْ تَرانِي في الدنيا حتى تموت فتراني في الآخرة، و لكن إن أردت أن تراني في الدنيا فانظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني، فأبدى اللّه سبحانه بعض آياته و تجلّى ربنا للجبل فتقطع الجبل فصار رميما و خرّ موسى صعقا ثم أحياه اللّه

ص: 153

و بعثه(1) فقال عليه السّلام سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ يعني أول من آمن بك(2) منهم أنه لن يراك(3).

[122] - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه اللّه عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه عليه السّلام مجيبا لبعض الزنادقة و قد قال: و أجده قد شهر هفوات أنبيائه بتهجينه موسى، حيث قال: رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي الآية:

و أما هفوات الأنبياء و ما بيّنه اللّه في كتابه، فإن ذلك من أدل الدلائل على حكمة اللّه عزّ و جلّ الباهرة و قدرته القاهرة و عزته الظاهرة، لأنه علم أن براهين الأنبياء عليهم السّلام و ما بيّنه اللّه في كتابه، تكبر في صدور أممهم و إن منهم من يتخذ بعضهم إلها كالذي كان من النصارى في ابن مريم فذكرها دلالة على تخلّفهم عن الكمال الذي انفرد به عزّ و جلّ(4).

قوله تعالى: فَلَمّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا

[123] - عن علي عليه السّلام في قوله تعالى: فَلَمّا تَجَلّى رَبُّهُ

ص: 154


1- و في المصدر بعد قوله: صعقا، يعني ميتا، فكانت عقوبته الموت ثم أحياه اللّه و بعثه و تاب عليه فقال سبحانك. اه.
2- في المصدر: (اول مؤمن آمن بك. اه).
3- المصدر السابق: 262 /ب 36 ح 5.
4- الاحتجاج: 574/1 /محاجة 137.

لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا - قال: أسمع موسى، قال له: إِنَّنِي أَنَا اللّهُ قال: و ذلك عشية عرفة، و كان الجبل بالموقف فانقطع على سبع قطع: قطعة سقطت بين يديه، و هو الذي يقوم الإمام عنده في الموقف يوم عرفة، و بالمدينة ثلاثة:

طيبة، و أحد، و رضوى، و طور سيناء بالشام، و إنّما سمّي الطور لأنّه طار في الهواء إلى الشام(1)

ص: 155


1- كنز العمال 411:2 ح 4378.

الآية (145)

[سورة الأعراف (7): آیة 145]

وَ كَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَ تَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ

[124] - أخرج ابن حميد، و ابن جرير، و أبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قال: كتب اللّه الألواح لموسى و هو يسمع صريف الأقلام في الألواح(1).

ص: 156


1- تفسير السيوطي 120:3.

الآية (148)

[سورة الأعراف (7): آیة 148]

جَسَداً لَهُ خُوارٌ

[125] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قرأ عليّ بن أبي طالب كرم اللّه وجهه: خوار بالجيم و الهمز و هو الصوت(1).

ص: 157


1- تفسير الثعلبي: 285/4.

الآية (152)

[سورة الأعراف (7): آیة 152]

إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ ذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ

[126] - في بصائر الدرجات محمد بن الحسين عن موسى بن سعدان عن عبد اللّه ابن القاسم عن صباح المزني عن الحرث بن الحضيرة عن حبة العرني قال: سمعت عليا عليه السّلام يقول: إن يوشع بن نون كان وصي موسى بن عمران، و كانت ألواح موسى عليه السّلام من زمرد أخضر، فلما غضب موسى عليه السّلام ألقى الألواح من يده فمنها ما تكسّر و منها ما بقي و منها ما ارتفع، فلما ذهب عن موسى الغضب قال يوشع بن نون: عندك تبيان ما في الألواح ؟

قال: نعم نزل كذا توارثها رهط بعد رهط حتى وقعت في أيدي أربعة رهط من اليمن، و لما بعث اللّه محمدا صلّى اللّه عليه و آله و سلم بتهامة بلغهم الخبر، فقالوا: ما يقول هذا النبي ؟ قيل: ينهى

ص: 158

عن الخمر و الزنا و يأمر بمحاسن الأخلاق و كرم الجوار، فقالوا: هذا أولى بما في أيدينا منا، فاتفقوا أن يأتوه في شهر كذا و كذا، فأوحى اللّه إلى جبرائيل عليه السّلام أن ائت النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم فأخبره الخبر، فأتاه فقال: إن فلانا و فلانا و فلانا و فلانا ورثوا ما كان في الألواح ألواح موسى عليه السّلام و هم يأتونك في شهر كذا و كذا في ليلة كذا و كذا، فسهر لهم تلك الليلة فجاء الركب، فدقوا عليه الباب و هم يقولون:

يا محمد! قال: نعم يا فلان بن فلان بن فلان بن فلان و يا فلان بن فلان بن فلان بن فلان أين الكتاب الذي توارثتموه من يوشع بن نون وصي موسى بن عمران ؟

قالوا: نشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له و أنك رسول اللّه، و اللّه ما علم به أحد قط منذ وقع عندنا أحد قبلك قال: فأخذه النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم و إذا هو كتاب بالعبرانية دقيق فدفعه إليّ و وضعته عند رأسي فأصبحت بالغداة و هو كتاب بالعربية جليل فيه علم ما خلق اللّه منذ قامت السماوات و الأرض إلى أن تقوم الساعة فعلمت ذلك(1).

[127] - عن علي عليه السّلام إنّا سمعنا اللّه يقول: إِنَّ الَّذِينَ

ص: 159


1- بصائر الدرجات: 141 ح 6.

اِتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ ذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ قال: و ما نرى القوم إلا قد افتروا فرية، و ما أراها إلا ستصيبهم(1).

ص: 160


1- كنز العمال 412:2 ح 4380.

الآية (155)

[سورة الأعراف (7): آیة 155]

وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا فَلَمّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَ إِيّايَ أَ تُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنّا إِنْ هِيَ إِلاّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَ تَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَ ارْحَمْنا وَ أَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ

[128] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال عليّ بن أبي طالب - كرّم اللّه وجهه -: إنّما أخذتهم الرجفة من أجل دعواهم على موسى قبل هارون، و ذلك أنّ موسى و هارون و شبر و شبير عليهم السّلام انطلقوا إلى سفح جبل فنام هارون على سرير فتوفّاه اللّه فلمّا مات دفنه موسى فلمّا رجع موسى إلى بني إسرائيل قالوا له:

أين هارون ؟

قال: توفّاه اللّه، فقالوا: بل أنت قتلته [عمدا] على خلقه و لينه، قال: فاختاروا من شئتم، فاختاروا سبعين رجلا

ص: 161

و ذهب بهم، فلما انتهوا إلى القبر قال موسى: يا هارون أقتلت أم توفّيت ؟

فقال هارون: ما قتلني أحد، و لكن اللّه توفاني إليه.

فقالوا: يا موسى لن تعصى بعد اليوم. فأخذتهم الرجفة و صعقوا و ماتوا، و قال موسى: يا رب ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم، يقولون: أنت قتلتهم فأحياهم اللّه و جعلهم أنبياء كلّهم(1).

[129] - الحسن الحلّي قال: أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن فضّال (2) ،عن الحسين بن علوان(3) ، عن محمّد بن داود العبدي، عن الأصبغ بن نباتة: أنّ عبد اللّه بن الكوّاء اليشكري قام إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: يا أمير المؤمنين، إنّ أبا المعتمر تكلّم آنفا بكلام لا يحتمله قلبي.

فقال: و ما ذاك ؟

ص: 162


1- تفسير الثعلبي: 289/4.
2- في البرهان: الحسن بن عليّ بن فضّال، و في الرجعة و الإيقاظ: الحسن بن محبوب.
3- قال النجاشي: الحسين بن علوان الكلبي، مولاهم، كوفيّ، عامّي، أخوه الحسن، يكنّى أبا محمّد، ثقة، رويا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام.

قال: يزعم أنّك حدّثته أنّك سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم يقول: إنّا قد رأينا أو سمعنا برجل أكبر سنّا من أبيه.

فقال أمير المؤمنين - صلوات اللّه عليه -: فهذا الّذي كبر عليك ؟

قال: نعم، فهل تؤمن أنت بهذا و تعرفه ؟(1)

فقال: نعم، ويلك يا بن الكوّاء، إفقه عنّي (2) ،أخبرك عن ذلك. إنّ عزيرا خرج من أهله و امرأته في شهرها، و له يومئذ خمسون سنة، فلمّا ابتلاه اللّه تعالى بذنبه أماته مائة عام، ثم بعثه، فرجع إلى أهله و هو ابن خمسين سنة، فاستقبله ابنه و هو ابن مائة سنة، و ردّ اللّه تعالى عزيرا في السنّ الذي(3) كان به.

فقال (له )(4):ما تريد؟

فقال له أمير المؤمنين - صلوات اللّه عليه -: سل عمّا بدا لك.

ص: 163


1- في الرجعة: و تقرّبه.
2- في الرجعة: منّي. وفقه عنه الكلام: أي فهمه.
3- في البحار: 53 و الرجعة و الإيقاظ: و ردّ اللّه تعالى عزيرا إلى الذي.
4- ليس في البحار، و في الرجعة: فقال: أسألك ما نريد.

فقال: نعم، إنّ أناسا من أصحابك يزعمون أنّهم يردّون بعد الموت.

فقال أمير المؤمنين - صلوات اللّه عليه -: نعم، تكلّم بما سمعت و لا تزد في الكلام، فما قلت لهم ؟

قال: قلت: لا أؤمن بشيء ممّا قلتم.

فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام: ويلك، إنّ اللّه تعالى ابتلى قوما بما كان من ذنوبهم فأماتهم قبل آجالهم التي سمّيت لهم، ثمّ ردّهم إلى الدنيا ليستوفوا أرزاقهم، ثم أماتهم بعد ذلك.

قال: فكبر على ابن الكوّاء و لم يهتد له.

فقال له أمير المؤمنين - صلوات اللّه عليه -: ويلك، تعلم أنّ اللّه تعالى قال في كتابه: وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا (1) فانطلق (بهم) معه ليشهدوا له إذا رجعوا عند الملأ من بني إسرائيل أنّ ربّي قد كلّمني، فلو أنّهم سلّموا ذلك له و صدّقوا به لكان خيرا لهم، و لكنّهم قالوا لموسى عليه السّلام: وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا لَنْ نُؤْمِنَ

ص: 164


1- سورة الأعراف: 155.

لَكَ حَتّى نَرَى اللّهَ جَهْرَةً قال اللّه تعالى فَأَخَذَتْكُمُ الصّاعِقَةُ يعني الموت وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (1) , (2) ،أفترى يا ابن الكوّاء، أنّ هؤلاء قد رجعوا إلى منازلهم بعد ما ماتوا؟!

فقال ابن الكوّاء: و ما ذاك ؟ ثم أماتهم مكانهم(3).

فقال (له) أمير المؤمنين عليه السّلام: ويلك (4) ،أو ليس قد أخبرك اللّه في كتابه حيث يقول: وَ ظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوى (5) ؟!فهذا بعد الموت إذ بعثهم.

و أيضا مثلهم يابن الكوّاء، الملأ من بني إسرائيل حيث يقول اللّه تعالى: * أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ (6).

و قوله أيضا في عزير حيث أخبر اللّه تعالى فقال: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنّى يُحْيِي هذِهِ اللّهُ بَعْدَ

ص: 165


1- جملة «يعني الموت» ليس في البحار.
2- سورة البقرة: 55-56.
3- في البحار: فكانّهم.
4- في البحار و البرهان: لا ويلك، و في البحار: أو ليس قد أخبر اللّه.
5- سورة البقرة: 57.
6- سورة البقرة: 243.

مَوْتِها فَأَماتَهُ اللّهُ - و أخذه بذلك الذنب - مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ - و ردّه إلى الدنيا ف قالَ كَمْ لَبِثْتَ ف قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ - ف - قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ (1).فلا تشكّنّ يابن الكوّاء في قدرة اللّه تعالى(2).

ص: 166


1- سورة البقرة: 259.
2- عنه البحار: 72/53 ح 72 و الرجعة: 49 ح 23، و صدره في البحار: 14 / 374 ح 17 و الإيقاظ من الهجعة: 185 ح 42، و قطعة منه في البرهان: 1 / 100 ح 3.

الآية (156)

[سورة الأعراف (7): آیة 156]

قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ

[130] - في نهج البلاغة قال عليه السلام: يسرّني من القرآن كلمة أرجوها لمن أسرف على نفسه قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فجعل الرّحمة عموما و العذاب خصوصا(1).

ص: 167


1- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 344/20.

الآية (159)

[سورة الأعراف (7): آیة 159]

وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ

[131] - فيه عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه: و لم يخل أرضه من عالم بما يحتاج الخليقة إليه، و متعلم على سبيل نجاة، أولئك هم الأقلون عددا، و قد بيّن اللّه ذلك من أمم الأنبياء، و جعلهم مثلا لمن تأخر، مثل قوله فيمن آمن من قوم موسى عليه السّلام وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ (1).

ص: 168


1- الاحتجاج: 581/1 /محاجة 138.

الآية (160)

[سورة الأعراف (7): آیة 160]

وَ ما ظَلَمُونا وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ

[132] - عن أمير المؤمنين عليه السّلام: و أمّا قوله: وَ ما ظَلَمُونا وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ فهو تبارك اسمه أجلّ و أعزّ من أن يظلم، و لكنّه قرن أمناءه على خلقه بنفسه، و عرّف الخليقة جلالة قدرهم عنده، و أنّ ظلمهم ظلمه بقوله وَ ما ظَلَمُونا ببعضهم أولياءنا و معونة أعدائهم عليهم وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ إذ حرموها الجنة و أوجبوا عليها دخول النار(1).

ص: 169


1- الإحتجاج 600:1 ح 137؛ تفسير نور الثقلين 88:2.

الآية (163)

[سورة الأعراف (7): آیة 163]

إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً

[133] - عن هارون بن عبيد رفعه إلى أحدهم قال:

جاء قوم إلى أمير المؤمنين عليه السّلام بالكوفة و قالوا: يا أمير المؤمنين إن هذه الجراري(1) تباع في أسواقنا؟

قال: فتبسم أمير المؤمنين عليه السّلام ضاحكا به، ثم قال:

قوموا لأريكم عجبا و لا تقولوا في وصيكم إلاّ خيرا.

فقاموا معه فأتوا شاطىء بحر فتفل فيه تفلة و تكلم بكلمات فإذا بجرّية رافعة رأسها فاتحة فاها، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: من أنت ؟ الويل لك و لقومك ؟

فقال: نحن من أهل القرية التي كانت حاضرة البحر إذ

ص: 170


1- الجراري جمع الجرّي: بمعنى الجرّيث: ضرب من السمك النهري الطويل المعروف بالحنكليس، و يقال له بالفارسية (مار ماهي)

يقول اللّه في كتابه: إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً الآية، فعرض اللّه علينا ولايتك فقعدنا عنها فمسخنا اللّه فبعضنا في البر و بعضنا في البحر، فأما الذين في البحر فنحن الجراري، و أما الذين في البر فالضب و اليربوع، قال: ثم التفت أمير المؤمنين عليه السّلام إلينا فقال:

أسمعتم مقالتها؟

قلنا: اللهم نعم، قال: و الذي بعث محمدا بالنبوة لتحيض كما تحيض نساؤكم(1).

ص: 171


1- تفسير العياشي: 35/2 ح 96، من تفسير سورة الأعراف.

الآيتان (164) و (165)

[سورة الأعراف (7): الآیات 164 الی 165]

وَ إِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (16(4) فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَ أَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ

[134] - في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي عبيد عن أبي جعفر عليه السّلام قال: وجدنا في كتاب علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه أنّ قوما من أهل أيلة(1) من قوم ثمود و أن الحيتان كانت سبقت إليهم يوم السبت ليختبر اللّه طاعتهم في ذلك، فشرعت إليهم يوم سبتهم في(2) ناديهم و قدام أبوابهم في أنهارهم و سواقيهم، فبادروا إليها فأخذوا يصطادونها،

ص: 172


1- أيلة: مدينة على ساحل بحر القلزم مما يلي الشام، و قيل: آخر الحجاز و أول الشام و حكي عن بعض أنه قال: سميت بايلة بنت مدين بن إبراهيم.
2- النادي: مجلس القوم و متحدثهم نهارا.

فلبثوا في ذلك ما شاء اللّه لا ينهاهم عنها الأحبار و لا يمنعهم العلماء من صيدها، ثم إنّ الشيطان أوحى إلى طائفة منهم إنما نهيتم عن أكلها يوم السبت و لم تنهوا عن صيدها، فاصطادوها يوم السبت و أكلوها فيما سوى ذلك من الأيام، فقالت طائفة منهم: الآن نصطادها فعتت و انحازت طائفة أخرى منهم ذات اليمين فقالوا: ننهاكم عن عقوبة اللّه أن تتعرضوا لخلاف أمره، و اعتزلت طائفة أخرى منهم ذات اليسار فسكتت فلم تعظهم، فقالت للطائفة التي وعظتهم: لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً فقالت الطائفة التي وعظتهم:

مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ قال: فقال اللّه عزّ و جلّ: فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ يعني لما تركوا ما وعظوا به مضوا على الخطيئة فقالت الطائفة التي وعظتهم: لا و اللّه لا نجامعكم و لا نبايتكم(1) الليلة في مدينتكم هذه التي عصيتم اللّه فيها مخافة أن ينزل بكم البلاء فيعمنا معكم.

قال: فخرجوا عنهم من المدينة مخافة أن يصيبهم البلاء فنزلوا قريبا من المدينة فباتوا تحت السماء، فلما أصبح أولياء اللّه المطيعون لأمر اللّه غدوا لينظروا ما حال أهل المعصية فأتوا باب المدينة فإذا هو مصمت فدقوه فلم يجابوا

ص: 173


1- من البيتوتة.

و لم يسمعوا منها حس أحد فوضعوا سلما على سور المدينة ثم أصعدوا رجلا منهم فأشرف على المدينة فنظر فإذا هو بالقوم قردة يتعاوون فقال الرجل لأصحابه: يا قوم أرى و اللّه عجبا.

قالوا: و ما ترى ؟

قال: أرى القوم قد صاروا قردة يتعاوون لها أذناب، فكسروا الباب قال: فعرفت القردة أنسابهم من الإنس و لم تعرف الإنس أنسابها من القردة، فقال القوم للقردة:

ألم ننهكم ؟

فقال علي عليه السّلام: و اللّه الذي فلق الحبة و برأ النسمة إني لأعرف أنسابها من هذه الأمة لا ينكرون و لا يغيرون بل تركوا ما أمروا به فتفرقوا و قد قال اللّه: فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظّالِمِينَ و قال اللّه: أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَ أَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (1).

[135] - في تفسير العياشي عن علي بن عقبة عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إن اليهود أمروا بالإمساك يوم الجمعة فتركوا يوم الجمعة فأمسكوا يوم السبت(2).

ص: 174


1- تفسير القمي: 244/2.
2- تفسير العياشي: 34/2 ح 94، من تفسير سورة الأعراف.

الآية (170)

[سورة الأعراف (7): آیة 170]

وَ الَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ

[136] - في نهج البلاغة: و لن تأخذوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نقضه، و لن تمسّكوا به حتى تعرفوا الذي نبذه فالتمسوا ذلك من عند أهله، فإنهم عيش العلم و موت الجهل، هم الذين يخبركم حكمهم عن علمهم، و صمتهم عن منطقهم (1) ،و ظاهرهم عن باطنهم، لا يخالفون الدين و لا يختلفون فيه، فهو بينهم شاهد صادق و صامت ناطق(2).

ص: 175


1- و لذلك قيل: صمت العارف أبلغ من نطق غيره.
2- نهج البلاغة: خطبة 147.

الآية (172)

[سورة الأعراف (7): آیة 172]

وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنّا كُنّا عَنْ هذا غافِلِينَ

[137] - ابن عساكر قال: أخبرنا أبو عبد اللّه الحسين بن عبد الملك، نا إبراهيم ابن منصور، نا أبو بكر بن المقرىء، نا أبو سعيد المفضّل بن محمّد بن إبراهيم الجندي، حدّثني محمّد بن عبد الملك أبو جعفر الدقيقي، نا محمّد بن أبي عمر البزاز، نا عبد العزيز بن عبد الصّمد، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري قال:

خرجنا حجّاجا مع عمر بن الخطّاب، فلمّا دخل الطواف إستلم الحجر و قبّله و قال: إنّي لأعلم أنك حجر لا تضرّ و لا تنفع، و لو لا أنّي رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم يقبّلك ما قبّلتك، قال: ثم مضى في الطواف، فقال له عليّ بن أبي طالب:

ص: 176

يا أمير المؤمنين إنّه ليضر و ينفع، فقال له عمر: بم قلت ذلك ؟

قال: بكتاب اللّه، قال: و أين ذلك من كتاب اللّه ؟

قال: قول اللّه عزّ و جلّ: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى قال: لمّا خلق اللّه آدم عليه السلام مسح منكبه فخرج ذريته مثل الذرّ فعرفهم بنفسه أنه الربّ و أنهم العبيد، و أقروا بذلك على أنفسهم، و أخذ ميثاقهم بذلك، كتبه في رق أبيض، قال: و كان هذا الركن الأسود يومئذ له لسان و شفتان و عينان، فقال له: إفتح فاك، فألقمه ذلك الرق، و جعله في موضعه، و قال: تشهد لمن و افاك بالموافاة إلى يوم القيامة، قال: فقال له عمر بن الخطاب: لا بقيت في قوم لست فيهم يا أبا حسن، أو قال:

لا عشت في قوم لست فيهم أبا حسن(1).

[138] - عن الأصبغ بن نباتة عن علي عليه السّلام قال:

أتاه ابن الكوا فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن اللّه تبارك و تعالى هل كلّم أحدا من ولد آدم قبل موسى ؟

ص: 177


1- تاريخ دمشق: 311/45.

فقال علي عليه السّلام: قد كلّم اللّه جميع خلقه، برّهم و فاجرهم، و ردّوا عليه الجواب، فثقل ذلك على ابن الكوا و لم يعرفه، فقال له: كيف كان ذلك يا أمير المؤمنين ؟

فقال له: أو ما تقرأ كتاب اللّه إذ يقول لنبيه: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى فقد أسمعهم كلامه و ردّوا عليه الجواب كما تسمع في قول اللّه يابن الكوا، قالُوا بَلى فقال لهم: إِنَّنِي أَنَا اللّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنَا (1) و أنا الرّحمن، فأقروا له بالطاعة و الربوبية و ميّز الرسل و الأنبياء و الأوصياء، و أمر الخلق بطاعتهم فأقروا بذلك في الميثاق، فقال الملائكة عند إقرارهم:

شهدنا عليكم يا بني آدم أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنّا كُنّا عَنْ هذا غافِلِينَ (2).

ص: 178


1- طه: 14.
2- تفسير العياشي: 41/2 ح 116، من تفسير سورة الأعراف.

الآية (181)

[سورة الأعراف (7): آیة 181]

وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ

[139] - قال أبو(1) الصهبان البكري: سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: و الذي نفسي بيده لتفترقن هذه الأمة على ثلاثة و سبعين فرقة كلها في النار إلاّ فرقة وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ فهذه التي تنجو من هذه الأمة(2).

[140] - عن يعقوب بن زيد قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ قال: يعني أمة محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم(3).

ص: 179


1- في المصدر: ابن الصهبان.
2- تفسير العياشي: 43/2 ح 122، من تفسير سورة الأعراف.
3- تفسير العياشي: 43/2 ح 143، من تفسير سورة الأعراف.

الآية (187)

[سورة الأعراف (7): آیة 187]

يَسْئَلُونَكَ عَنِ السّاعَةِ أَيّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاّ بَغْتَةً

[141] - في عيون الأخبار عن الرضا عليه السّلام قال: و لقد حدّثني أبي عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السّلام أن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم قيل له: يا رسول اللّه متى يخرج القائم من ذريتك ؟

فقال: مثله مثل الساعة لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاّ بَغْتَةً .و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(1).

ص: 180


1- عيون الأخبار: 270/2 /ب 66 ح 35.

الآية (196)

[سورة الأعراف (7): آیة 196]

إِنَّ وَلِيِّيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَ هُوَ يَتَوَلَّى الصّالِحِينَ

[142] - في أصول الكافي: محمّد بن يحيى عن عبد اللّه بن جعفر عن السياري عن محمّد بن بكر عن أبي الجارود عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال: و الذي بعث محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلم بالحقّ، و أكرم أهل بيته ما من شيء يطلبونه من حرز من حرق أو غرق أو سرق أو إفلات دابة من صاحبها أو ضالة أو آبق إلاّ و هو في القرآن، فمن أراد ذلك فليسألني عنه، قال: فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عما يؤمن من الحرق و الغرق فقال:

إقرأ هذه الآيات اَللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَ هُوَ يَتَوَلَّى الصّالِحِينَ وَ ما قَدَرُوا اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ (1) إلى قوله: سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ فمن قرأها فقد أمن من الحرق و الغرق، قال:

ص: 181


1- الأنعام: 91.

فقرأها رجل و اضطرمت النار في بيوت جيرانه و بيته وسطها فلم يصبه شيء، و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(1).

[143] - في من لا يحضره الفقيه في وصية النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم لعلي عليه السّلام: يا علي أمان لأمتي من الحرق إِنَّ وَلِيِّيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَ هُوَ يَتَوَلَّى الصّالِحِينَ و وَ ما قَدَرُوا اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ الآية(2).

ص: 182


1- أصول الكافي: 624/2 ح 21 /باب فضل القرآن/كتاب فضل القرآن.
2- من لا يحضره الفقيه: 371/4 ح 5762 /ب 2.

الآية (200)

[سورة الأعراف (7): آیة 200]

وَ إِمّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ .

[144] - في كتاب الخصال قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

إذا وسوس الشيطان إلى أحدكم فليستعذ(1) باللّه و ليقل امنت باللّه و برسوله مخلصا له الدين(2).

قوله تعالى: فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ

[145] - في كتاب الخصال: فيما علّم أمير المؤمنين عليه السّلام أصحابه من الأربعمائة باب مما يصلح للمسلم في دينه و دنياه إذا وسوس الشيطان إلى أحدكم فليستعذ باللّه و ليقل: آمنت باللّه مخلصا له الدين(3).

ص: 183


1- في المصدر: فليتعوّذ.
2- الخصال: أبواب المائة ح 10 /ص 624.
3- الخصال: 624 /ط. جامعة المدرسين.

ص: 184

سورة الأنفال

اشارة

ص: 185

ص: 186

الآية (11)

[سورة الأنفال (8): آیة 11]

وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَ لِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَ يُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ

[146] - في كتاب الخصال عن أمير المؤمنين عليه السّلام إشربوا ماء السماء فإنه يطهر البدن و يدفع الأسقام، قال اللّه تبارك و تعالى: وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَ لِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَ يُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ (1)

ص: 187


1- الخصال: باب المائة ح 10 /ص 636.

الآية (15)

[سورة الأنفال (8): آیة 15]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ

[147] - في الكافي عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عن أبي حمزة عن عقيل الخزاعي أن أمير المؤمنين عليه السّلام كان إذا حضر الحرب يوصي المسلمين بكلمات، يقول: تعاهدوا الصلاة إلى أن قال عليه السّلام: ثم إن الرعب و الخوف من جهاد المستحق للجهاد و المتوازرين على الضلال، ضلال في الدين، و سلب للدنيا مع الذل و الصغار، و فيه استيجاب النار بالفرار من الزحف عند حضرة القتال يقول اللّه تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ (1).

ص: 188


1- الكافي: 36/5 ح 1.

[148] - أحمد بن محمد الكوفي عن ابن جمهور عن أبيه عن محمد بن سنان عن مفضلبن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، و عن عبد اللّه بن عبد الرّحمن الأصم عن حريز عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

قال أمير المؤمنين عليه السّلام لأصحابه: إذا لقيتم عدوكم في الحرب فأقلوا الكلام و اذكروا اللّه عزّ و جلّ و لا تولّوهم الأدبار فتسخطوا اللّه تبارك و تعالى و تستوجبوا غضبه(1).

[149] - في كتاب الخصال: في مناقب أمير المؤمنين عليه السّلام و تعدادها قال عليه السّلام: و أما الثالثة و الستون فإني لم أفر من الزحف قط، و لم يبارزني أحد إلاّ سقيت الأرض من دمه(2).

[150] - في كتاب الخصال في مناقب أمير المومنين و تعدادها قال عليه السّلام: و أما الخامسة و الثلاثون فإن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم وجّهني يوم بدر فقال: ائتني بكف حصيات مجموعة في مكان واحد، فأخذتها ثم شممتها فإذا هي طينة يفوح منها رائحة المسك، فأتيته بها فرمى بها وجه

ص: 189


1- الكافي: 42/5 ح 5.
2- كتاب الخصال: أبواب السبعين/ج 580/1.

المشركين، و تلك الحصيات أربع منها كن من الفردوس، و حصاة من المشرق، و حصاة من المغرب، و حصاة من تحت العرش، مع كل حصاة مائة ألف ملك مددا لنا لم يكرم اللّه عزّ و جلّ بهذه الفضيلة أحدا قبلنا و لا بعدنا.

ص: 190

الآية (17)

[سورة الأنفال (8): آیة 17]

فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَ لكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللّهَ رَمى

[151] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه: عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه و أنّه ربّ شيء من كتاب اللّه عزّ و جلّ يكون تأويله على غير تنزيله، و لا يشبه تأويل كلام البشر و لا فعل البشر، و سأنبئك بمثال لذلك تكتفي به إن شاء اللّه، إلى قوله: فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَ لكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللّهَ رَمى فسمّى فعل النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم فعلا له، ألا ترى تأويله على غير تنزيله ؟ و مثل قوله: بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ (1) فسمّى البعث لقاء و كذلك قوله: اَلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ (2) أي يوقنون أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ و مثله قوله:

ص: 191


1- السجدة: 10.
2- البقرة: 46.

أَ لا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (1) ،أي أليس يوقنون أنّهم مبعوثون(2).

قوله تعالى: إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ

[152] - ابن عساكر قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن محمد بن علي، قال: نا محمد بن مروان، حدثني محمد بن حرب النشائي، نا إسماعيل بن يحيى التيمي، عن قرّة بن خالد، عن محمّد بن سيرين، عن عبيدة السلماني قال:

سمعت علي بن أبي طالب قال: إستكتب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم عبد اللّه بن خطل، فلمّا نزلت على النبي صلّى اللّه عليه و سلم: إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ كتبها هو: إنّ اللّه عليم سميع، فعلم النبي صلّى اللّه عليه و سلم ما فعل، فأرسل إلى أبيّ بن كعب، فقال: يا أبيّ، إنّ جبريل أخبرني أن هذا غير ما أنزل اللّه، فغيّره، فغيّره أبيّ.

ص: 192


1- سورة المطفّفين، الآيتان: 4 و 5.
2- الإحتجاج: 588/1 /محاجة 137.

الآية (23)

[سورة الأنفال (8): آیة 23]

وَ لَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ

[153] - عن عليّ عليه السّلام في قوله تعالى: وَ لَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ :سبق في علمه تعالى أنّهم لا يؤمنون، فختم على قلوبهم و سمعهم، ليوافق قضاؤه عليهم علمه فيهم، ألا تسمع قوله تعالى: وَ لَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ (1).

ص: 193


1- تفسير مواهب الواهب 93:1.

الآية (28)

[سورة الأنفال (8): آیة 28]

وَ اعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ

[154] - في مجمع البيان عن أمير المؤمنين عليه السّلام لا يقولن أحدكم: اللهم إني أعوذ بك من الفتنة لأنه ليس أحد إلاّ و هو مشتمل على فتنة، و لكن من استعاذ فليستعذ من مضلات الفتن فإن اللّه سبحانه يقول: وَ اعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ (1).

ص: 194


1- مجمع البيان: 156/3.

الآية (30)

[سورة الأنفال (8): آیة 30]

أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللّهُ وَ اللّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ

[155] - أبو إسحاق الثعلبي قال: كان هذا المكر على ما ذكره ابن عباس و غيره من المفسّرين أن قريشا لمّا أسلمت الأنصار فرقوا أن تتفاقم أمور رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم.

فاجتمع نفر من مشايخهم و كبارهم في دار الندوة ليتشاوروا في أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم. و كانت رؤساؤهم عتبة و شيبة ابنا ربيعة و أبو جهل و أبو سفيان و طعمة بن عدي و النضر بن الحرث و أبو البحتري بن هشام و زمعة بن الأسود و حكيم بن حزام و نبيه و منبّه ابنا الحجاج و أميّة بن خلف فاعترض لهم إبليس في صورة شيخ فلما رأوه قالوا: من أنت ؟

قال: أنا شيخ من نجد، سمعت اجتماعكم فأردت

ص: 195

أن أحضركم و لن تعدموا من رأي و نصح، قالوا: أدخل فدخل.

فقال أبو البحتري: أمّا أنا فأرى أن تأخذوه و تحبسوه في بيته و تشدّوا وثاقه و تسدّوا باب البيت فتتركوه و تقدّموا إليه طعامه و شرابه و تتربّصوا به ريب المنون حتّى يهلك فيه كما هلك من قبله من الشعراء زهير و النابغة، و إنّما هو كأحدهم.

فصرخ - إبليس - الشيخ النجدي و قال: بئس الرأي، رأيتم تعمدون إلى الرجل و تحبسونه فيتم أجره، و قد سمع به من حولكم، [فأوشكوا أن يشبّوا فينتزعوه من أيديكم](1) و يقاتلونكم عنه حتّى يأخذوه منكم.

قالوا: صدق الشيخ.

فقال هشام بن عمرو و هو من بني عامر بن لؤي: أمّا أنا فأرى أن تحملوه على بعير فتخرجوه من بين أظهركم فلا يضرّكم [ما ضر من] وقع إذا غاب عنكم و استرحتم و كان أمره في غيركم.

ص: 196


1- زيادة عن تاريخ الطبري: 98/2.

فقال إبليس: بئس الرأي رأيكم، تعمدون إلى رجل قد أفسد سفهاءكم فتخرجوا به إلى غيركم يفسدهم كما أفسدكم، ألم تروا حلاوة قوله و طلاقه لسانه و أخذ القلوب ما يسمع من حديثه. و اللّه لئن فعلتم، ثمّ استعرض العرب لتجتمعنّ عليه ثم ليأتينّ إليكم فيخرجكم من بلادكم و يقتل أشرافكم.

قالوا: صدق و اللّه الشيخ.

فقال أبو جهل: لأشيرنّ عليكم برأي ما أرى غيره:

إني أرى أن نأخذ واحدا من كل بطن من قريش غلاما وسيطا نهدا، ثمّ يعطى كل رجل منهم سيفا صارما، ثمّ يضربونه ضربة رجل واحد، فإذا قتلوه تفرّق دمّه في القبائل كلّها، و لا أظن هذا الحي من بني هاشم يقوون على حرب قريش كلّها، فإنهم إذا رأوا ذلك قبلوا العقل فتؤدّي قريش ديته و استرحنا، فقال إبليس: صدق هذا الفتى و [هذا] أجودكم رأيا، القول ما قاله، لا أرى غيره.

فتفرقوا على قول أبي جهل، و هم مجمعون له، فأتى جبرئيل النبيّ صلّى اللّه عليه و سلم و أخبره بذلك و أمره أن لا يبيت في مضجعه الذي كان يبيت فيه، و أخبره بمكر القوم، فلم يبت

ص: 197

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم في بيته تلك الليلة، و أذن اللّه تعالى له عند ذلك بالخروج إلى المدينة، و دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم عليّ بن أبي طالب كرم اللّه وجهه فأمره أن يبيت على فراشه، و يتسجّى ببرد له أخضر، ففعل.

ثمّ خرج النبيّ صلّى اللّه عليه و سلم على القوم، و هم على بابه و أخذ قبضة من تراب فجعل يذرها على رؤوسهم، و أخذ اللّه أبصارهم عنه و هو يقرأ يس (1) وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إلى قوله فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (1) ثم مضى إلى الغار فدخله هو و أبو بكر و خلّف عليّا - رضي اللّه عنه - بمكّة حتّى يؤدّي عنه الودائع التي قبلها (و كانت الودائع توضع عنده لصدقه و أمانته)، و كان المشركون يتحرسون عليّا - رضي اللّه عنه - و هو على فراش رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم يحسبون أنّه النبيّ، فلمّا أصبحوا ثاروا إليه فرأوا عليّا - رضي اللّه عنه -.

و قد ردّ اللّه مكرهم و ما ترك منهم رجلا إلاّ وضع على رأسه التراب.

فقالوا: أين صاحبك ؟

ص: 198


1- سورة يس، الآيات: 1-9.

قال: لا أدري. فاقتصّوا أثره و أرسلوا في طلبه فلما بلغوا الجبل، مرّوا بالغار فرأوا على بابه نسيج العنكبوت، و قالوا: لو دخل هاهنا لم يكن نسيج العنكبوت على بابه، فمكث فيه ثلاثة أيام ثمّ قدم المدينة فذلك قوله تعالى: وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللّهُ وَ اللّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ (1).

ص: 199


1- تفسير الثعلبي: 349/4، و راجع تفسير ابن كثير: 315/2، و تاريخ الطبري: 97/2-99.

الآية (33)

[سورة الأنفال (8): آیة 33]

وَ ما كانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ

[156] - في نهج البلاغة: و حكى أبو جعفر محمد بن علي الباقر عليه السّلام قال: كان في الأرض أمانان من عذاب اللّه سبحانه، فرفع أحدهما فدونكم الآخر فتمسكوا به، أما الأمان الذي رفع فهو رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم و أما الأمان الباقي فالإستغفار، قال اللّه جلّ من قائل: وَ ما كانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (1).

[157] - و بإسناده إلى جعفر بن محمد عليهما السّلام عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليه السّلام أنه قال: أربع للمرء لا عليه، إلى قوله: و الإستغفار فإنه قال: وَ ما كانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ .

ص: 200


1- نهج البلاغة: قصار الحكم/ 88.

الآية (41)

[سورة الأنفال (8): آیة 41]

* وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللّهِ وَ ما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ وَ اللّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

[158] - في عوالي اللآليء نقل عن علي عليه السّلام أنه قيل له: إنّ اللّه تعالى يقول: وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ فقال أيتامنا و مساكيننا(1).

[159] - في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليهم السّلام عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم أنه قال في وصية له: يا علي، إنّ عبد المطلب سنّ في الجاهلية خمس سنن أجراها اللّه له في الإسلام،

ص: 201


1- عوالي اللآلىء: 76/2.

إلى قوله: و وجد كنزا فأخرج منه الخمس و تصدّق به فأنزل اللّه تعالى: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ الآية(1).

[160] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال عليّ - كرم اللّه وجهه -: يعطى كل إنسان نصيبه من الخمس لا يعطى غيره، ويلي الإمام سهم اللّه و رسوله(2).

[161] - في تهذيب الأحكام علي بن الحسن بن فضال عن محمد بن إسماعيل الزعفراني عن حماد بن عيسى عن عمر بن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: سمعته يقول كلاما كثيرا ثم قال: و أعظم من ذلك كله سهم ذي القربى الذين قال اللّه تعالى فيهم: إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللّهِ وَ ما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ نحن و اللّه عنى بذي القربى و الذين قرنهم اللّه بنفسه و نبيه فقال: فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ منا خاصة

ص: 202


1- الخصال: 312 ح 89.
2- تفسير الثعلبي: 361/4.

و لم يجعل لنا في سهم الصدقة نصيبا، أكرم اللّه نبيه و أكرمنا أن يطعمنا أوساخ أيدي الناس(1).

ص: 203


1- تهذيب الأحكام: 126/4 ح 3 /ب 1.

الآية (42)

[سورة الأنفال (8): آیة 42]

لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ يَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ إِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ

[162] - في مصباح شيخ الطائفة خطبة لأمير المؤمنين عليه السّلام خطب بها في يوم الغدير و فيها: و لم يدع الخلق في بهم(1) صما و لا في عمياء بكما، بل جعل لهم عقولا مازجت شواهدهم و تفرقت في هياكلهم حققها في نفوسهم و استعبد لها حواسهم، فقرر بها على أسماع و نواظر و أفكار و خواطر ألزمهم بها حجته و أراهم بها محجته، و أنطقهم عما شهدته بألسن ذرية بما قام فيها من قدرته و حكمته، و بيّن عندهم بها لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ يَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ إِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ بصير شاهد خبير(2).

ص: 204


1- البهم: مشكلات الأمور.
2- مصباح المتهجد: 525 ط. الأعلمي، و في بحار الأنوار: 114/97 ح 8 /: لا في بهم صماء و لا في عمى بكماء.

الآية (58)

[سورة الأنفال (8): آیة 58]

وَ إِمّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ

[163] - في كشف المحجة لابن طاووس رحمه اللّه عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه: فقدمت البصرة و قد اتّسقت إليّ الوجوه كلها إلاّ الشام، فأحببت أن أتخذ الحجة و أقضي العذر، و أخذت بقول اللّه: وَ إِمّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ فبعثت جرير بن عبد اللّه إلى معاوية معذرا إليه متّخذا للحجة عليه، فردّ كتابي و جحد حقي في دفع بيعتي(1).

ص: 205


1- كشف المحجة: 184، و روي أن نزلت في معاوية لما خان أمير المؤمنين، راجع بحار الأنوار 161/33 ح 423 باب 17.

الآية (66)

[سورة الأنفال (8): آیة 66]

اَلْآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنْكُمْ وَ عَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً

[164] - عن فرات بن أحنف عن بعض أصحابه عن علي بن أبي طالب عليه السّلام أنه قال: ما نزل بالناس أزمة(1) قط إلاّ كان شيعتي فيه أحسن حالا، و هو قول اللّه: اَلْآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنْكُمْ وَ عَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً (2).

ص: 206


1- الأزمة: الشدة، القحط.
2- تفسير العياشي: 68/2 ح 77، من تفسير سورة الأنفال.

الآية (75)

[سورة الأنفال (8): آیة 75]

وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ

[165] - عن ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

لما اختلف علي بن أبي طالب عليه السّلام و عثمان بن عفان في الرجل يموت و ليس له عصبة يرثونه و له ذو قرابة لا يرثونه ليس له سهم مفروض ؟

فقال علي عليه السّلام: ميراثه لذوي قرابته لأن اللّه تعالى يقول: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ .

[166] - عن سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان علي عليه السّلام لا يعطي الموالي شيئا مع ذي رحم سمّيت له فريضة أم لم تسم له فريضة و كان يقول: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ قد علم مكانهم فلم يجعل لهم مع أولي الأرحام حيث قال: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ (1).

ص: 207

[166] - عن سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان علي عليه السّلام لا يعطي الموالي شيئا مع ذي رحم سمّيت له فريضة أم لم تسم له فريضة و كان يقول: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ قد علم مكانهم فلم يجعل لهم مع أولي الأرحام حيث قال: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ (1).

[167] - في تفسير العياشي عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: دخل علي عليه السّلام على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم في مرضه و قد أغمي عليه و رأسه في حجر جبرائيل عليه السّلام، و جبرائيل على صورة دحية الكلبيّ، فلما دخل علي عليه السّلام قال له جبرائيل: دونك رأس ابن عمك فأنت أحقّ به مني، لأن اللّه يقول في كتابه: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ فجلس علي عليه السّلام و أخذ رأس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم فوضعه في حجره، فلم يزل رأس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم في حجره حتى غابت الشمس، و إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم أفاق فرفع رأسه، فنظر إلى علي عليه السّلام فقال:

يا علي أين جبرائيل ؟

فقال: يا رسول اللّه ما رأيت إلاّ دحية الكلبيّ دفع إليّ رأسك و قال: يا علي دونك رأس ابن عمك فأنت أحقّ به مني، لأن اللّه تعالى يقول: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ فجلست و أخذت رأسك فلم يزل في حجري

ص: 208


1- تفسير العياشي: 71/2 ح 85، من تفسير سورة الأنفال.

حتى غابت الشمس، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: أفصلّيت العصر؟

قال: لا، قال: فما منعك أن تصلي ؟

فقال: قد أغمي عليك و كان رأسك في حجري فكرهت أن أشقّ عليك يا رسول اللّه، و كرهت أن أقوم و أصلي و أضع رأسك، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم اللهم إن عليا كان في طاعتك و طاعة رسولك حتى فاتته صلاة العصر، اللهم فردّ عليه الشمس حتى يصلي العصر في وقتها قال: فطلعت الشمس فصارت في وقت العصر بيضاء نقية، و نظر إليها أهل المدينة، و إن عليا قام و صلى، فلما انصرف غابت الشمس و صلوا المغرب(1).

[168] - في كتاب الإحتجاج: للطبرسي رحمه اللّه خطبة لعلي عليه السّلام و فيها قال: قال اللّه عزّ و جلّ إِنَّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ (2) و قال عزّ و جلّ: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ (3) فنحن أولى الناس بإبراهيم و نحن

ص: 209


1- تفسير العياشي: 70/2 ح 82، من تفسير سورة الأنفال.
2- سورة آل عمران، الآية: 68.
3- سورة الأنفال: 75.

ورثناه و نحن أولوا الأرحام الذين ورثنا الكعبة، و نحن آل إبراهيم(1).

[169] - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في خالة جاءت تخاصم في مولى رجل، فقرأ هذه الآية: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ فدفع الميراث إلى الخالة و لم يعط المولى(2).

[170] - أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: كان علي عليه السّلام إذا مات مولى له و ترك قرابة له يأخذ من ميراثه شيئا و يقول: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ (3).

[171] - في نهج البلاغة من كتاب له عليه السّلام إلى

ص: 210


1- الإحتجاج: 371/1.
2- الكافي: 135/7 ح 2.
3- الكافي: 135/7 ح 5.

معاوية: و كتاب اللّه يجمع لنا ما شذّ عنا و هو قوله سبحانه:

وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ و قوله تعالى:

إِنَّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (1) فنحن مرة أولى بالقرابة، و تارة أولى بالطاعة(2).

ص: 211


1- آل عمران: 68.
2- نهج البلاغة: الكتاب 28.

ص: 212

سورة التوبة

ص: 213

ص: 214

سورة التوبة (براءة)

اشارة

[172] - ابن عساكر قال: عن علي بن عبد اللّه بن العباس قال: سمعت أبي يقول: سألت علي بن أبي طالب:

لم لا تكتب بسم الله الرحمن الرحيم بين سورتي الأنفال و التوبة ؟

قال: لأنّ بسم اللّه الرّحمن الرحيم أمان، و هذه السورة «يعني التوبة» نزلت بالسيف، و نبذ العهود، و ليس فيها أمان(1).

[173] - ترك البسملة في أولها قراءة و كتابة و فيه أقوال: إلى قوله: و ثانيها: إنه لم ينزل بسم الله الرحمن الرحيم على رأس سورة براءة لأن بسم الله الرحمن الرحيم للأمان و الرحمة، و نزلت براءة لدفع الأمان و السيف. عن علي بن أبي طالب عليه السّلام(2).

ص: 215


1- تاريخ دمشق: 31/12.
2- مجمع البيان: 4/5-5.

الآيات (1) و (2) و (3)

[سورة التوبة (9): الآیات 1 الی 3]

بَراءَةٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (1) فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَ أَنَّ اللّهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ (2) وَ أَذانٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَ رَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَ بَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ

[174] - أبو إسحاق الثعلبي قال: حديث أبي الصّهباء البكري، قال: سألت علي بن أبي طالب عن يوم الحج الأكبر فقال: إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم بعث أبا بكر بن أبي قحافة يعلّم الناس الحج و بعثني معه بأربعين آية من براءة حتى أتى عرفة، فخطب الناس يوم عرفة فلمّا قضى خطبته التفت إليّ و قال: هلمّ يا علي فأدّ رسالة رسول اللّه، فقمت فقرأت عليهم أربعين آية من براءة ثم صدرنا حتى أتينا منى، فرميت الجمرة و نحرت البدنة و حلقت رأسي، و علمت أن أهل الجمع لم يكونوا حضروا كلهم خطبة أبي بكر يوم عرفة

ص: 216

فطفت أتتبع بها الفساطيط أقرأها عليهم، فمن ثم أخال حسبتم أنه يوم النحر ألا و هو يوم عرفة(1).

[175] - عن حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم بعث أبا بكر مع براءة إلى الموسم ليقرأها على الناس فنزل جبرئيل فقال: لا يبلّغ عنك إلا علي، فدعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم عليا فأمره أن يركب ناقته العضباء و أمره أن يلحق أبا بكر فيأخذ منه براءة و يقرأه على الناس بمكّة، فقال أبو بكر: أسخطة ؟ فقال: لا، إلا أنه أنزل عليه أنه لا يبلّغ إلا رجل منك.

فلما قدم علي عليه السّلام مكة و كان يوم النحر بعد الظهر و هو يوم الحج الأكبر قام ثم قال: إني رسول رسول اللّه إليكم فقرأ عليهم:

بَراءَةٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (1) فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ عشرين من ذي الحجة و المحرّم و صفر و شهر ربيع الأول و عشر من شهر ربيع الآخر، و قال لا يطوف بالبيت عريان و لا عريانة و لا مشرك، ألا و من كان له عهد عند رسول اللّه فمدّته إلى هذه الأربعة أشهر(2).

ص: 217


1- تفسير الثعلبي: 9/5، و البداية و النهاية لابن كثير: 47/5.
2- البحار: ج 21، ص 273.

قوله تعالى: أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَ رَسُولُهُ

[176] - في مجمع البيان قال: و قد روى عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديثا طويلا - و روى أنه عليه السّلام لما نادى فيهم: أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَ رَسُولُهُ قال المشركون: نحن نبرأ من عهدك و عهد ابن عمك(1).

ص: 218


1- مجمع البيان: 7/5.

الآية (6)

[سورة التوبة (9): آیة 6]

وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ

[177] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال سعيد بن جبير:

جاء رجل من المشركين إلى علي بن أبي طالب عليه السّلام، فقال: إن أراد الرجل منا أن يأتي محمدا بعد انقضاء هذا الأجل يسمع كلامه أو يأتيه لحاجته، فقال علي:

بلى لأن اللّه عزّ و جلّ يقول: وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ الآية(1).

[178] - ابن شهر آشوب، عن تفسير القشيري، أنّ رجلا قال لعليّ صلوات اللّه عليه: يا ابن أبي طالب فمن أراد منّا أن يلقى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم في بعض الأمر من بعد انقضاء الأربعة فليس له عهد؟

ص: 219


1- تفسير الثعلبي: 13/5.

قال عليّ عليه السّلام: بلى لأنّ اللّه تعالى قال: وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ الآية(1).

ص: 220


1- مناقب أبو شهر آشوب 127:2؛ تفسير البرهان 106:2.

الآية (12)

[سورة التوبة (9): آیة 12]

وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ

[179] - قرأ عليّ عليه السّلام يوم البصرة وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ ثمّ قال: لقد عهد إليّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم و قال: يا علي لتقاتلنّ الفئة الناكثة، و الفئة الباغية، و الفئة المارقة، إنّهم لا أيمان لهم لعلّهم ينتهون(1).

[180] - في تفسير علي بن إبراهيم و أما قوله: وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ الآية فإنها نزلت في أصحاب الجمل، و قال أمير المؤمنين عليه السّلام يوم الجمل: ما قاتلت

ص: 221


1- مناقب ابن شهر آشوب، باب ما ظهر منه في حرب الجمل 147:3؛ اثبات الهداة 61:2.

هذه الفئة الناكثة إلاّ بآية من كتاب اللّه يقول اللّه: وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (1)

[181] - في مجمع البيان قرأ ابن عامر لا ايمانبكسر الهمزة و رواه ابن عقدة بإسناده عن جعفر بن محمد عليهما السّلام(2).

[182] - في قرب الإسناد للحميري حدّثني محمد بن عبد الحميد و عبد الصمد بن محمد جميعا عن حنان بن سدير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: دخل علي أناس من أهل البصرة فسألوني عن طلحة و الزبير.

فقلت لهم: كانا من أئمة الكفر، إن عليا يوم البصرة لما صف الخيول قال لأصحابه: لا تعجلوا على القوم حتى أعذر فيما بيني و بين اللّه عزّ و جلّ و بينهم، فقال إليهم فقال: يا أهل البصرة هل تجدون علي جورا في حكم اللّه ؟

قالوا: لا، قال: فحيفا في قسم ؟(3) قالوا: لا.

ص: 222


1- تفسير القمي: 283/1.
2- مجمع البيان: 16/5.
3- قسم كعنب: جمع القسمة.

قال: فرغبت في دنيا أخذتها لي و لأهل بيتي دونكم فنقمتم علي فنكثتم بيعتي ؟

قالوا: لا، قال: فأقمت فيكم الحدود و عطلتها عن غيركم ؟

قالوا: لا، قال فما بال بيعتي تنكث و بيعة غيري لا تنكث ؟ إني ضربت الأمر أنفه و عينه فلم أجد إلاّ الكفر أو السيف، ثم ثنى إلى أصحابه فقال: إن اللّه تبارك و تعالى يقول في كتابه: وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ فقال أمير المؤمنين عليه السّلام و الذي فلق الحبة و برأ النسمة و اصطفى محمدا بالنبوة إنهم لأصحاب هذه الآية و ما قوتلوا منذ نزلت(1).

[183] - في أمالي شيخ الطائفة (قدس سره) بإسناده إلى أبي عثمان البجلي مؤذن بني أقصى قال بكير أذن لنا أربعين سنة، قال: سمعت عليا عليه السّلام يقول: وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ ثم حلف حين قرأها أنه

ص: 223


1- قرب الإسناد: 96 ح 327.

ما قوتل أهلها منذ نزلت حتى اليوم، قال بكير: فسألت عنها أبا جعفر عليه السّلام ؟

فقال: صدق الشيخ هكذا قال علي عليه السّلام هكذا كان(1).

[184] - في تفسير العياشي عن أبي الطفيل قال:

سمعت عليا عليه السّلام يوم الجمل و هو يحضّ الناس على قتالهم يقول: و اللّه ما رمى أهل هذه الآية بكنانة قبل اليوم: فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ فقلت لأبي الطفيل: ما الكنانة ؟

قال: السهم يكون موضع الحديد فيه عظم تسميه بعض العرب الكنانة ؟(2).

[185] - عن الحسن البصري قال: خطبنا علي بن أبي طالب عليه السّلام على هذا المنبر و ذلك بعد ما فرغ من أمر طلحة و الزبير و عائشة صعد المنبر فحمد اللّه و أثنى عليه و صلى على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم ثم قال: [يا] أيها الناس و اللّه ما قاتلت هؤلاء إلاّ بآية تركتها في كتاب اللّه، إن اللّه يقول: وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ

ص: 224


1- الأمالي: 131 ح 207، و انظر البحار: 32 /ص 203 ح 156.
2- تفسير العياشي: 78/2 ح 24، من تفسير سورة التوبة.

فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ أما و اللّه لقد عهد إلي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم و قال: يا علي لتقاتلن الفئة الباغية و الفئة الناكثة و الفئة المارقة(1).

[186] - عن أبي عثمان مولى بني أقصى(2) قال:

سمعت عليا عليه السّلام يقول: عذرني اللّه من طلحة و الزبير بايعاني طائعين غير مكرهين ثم نكثا بيعتي من غير حدث أحدثته، و اللّه ما قوتل أهل هذه الآية منذ نزلت حتى قاتلتهم وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِي دِينِكُمْ الآية(3).

ص: 225


1- تفسير العياشي: 78/2 ح 25، من تفسير سورة التوبة.
2- في المصدر (بني قصي) بدل (بني اقصى) و لم أقف على اسمه و لا حاله في كتب الرجال و قد مرّ عنه نظير هذه الرواية أيضا عن أمالي الشيخ.
3- تفسير العياشي: 79/2 ح 28، من تفسير سورة التوبة.

الآية (19)

[سورة التوبة (9): آیة 19]

* أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللّهِ وَ اللّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ

[187] - في تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قيل لأمير المؤمنين عليه السّلام: يا أمير المؤمنين أخبرنا بأفضل مناقبك، قال: نعم كنت أنا و عباس و عثمان بن أبي شيبة في المسجد الحرام، قال عثمان بن أبي شيبة: أعطاني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم الخزانة يعني مفاتيح الكعبة، و قال العباس: أعطاني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم السقاية و هي زمزم و لم يعطك شيئا يا علي، قال: فأنزل اللّه: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللّهِ (1).

ص: 226


1- تفسير العياشي: 83/2 ح 34، من تفسير سورة التوبة.

[188] - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه اللّه عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه للقوم بعد موت عمر بن الخطاب: نشدتكم باللّه هل فيكم أحد أنزل اللّه تعالى فيه:

أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللّهِ غيري ؟

قالوا: لا(1).

[189] - في مجمع البيان قرأ محمد بن علي الباقر عليه السّلام: سقاة الحاج و عمرة المسجد الحرام(2) قيل: إن عليا عليه السّلام قال للعباس: يا عم ألا تهاجر؟ ألا تلحق برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم فقال:(3) ألست في أعظم من الهجرة ؟ أعمر المسجد الحرام و أسقي حاج بيت اللّه، فنزل: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ (4).

[190] - و روى الحاكم أبو القاسم الحسكاني بإسناده عن ابن بريدة عن أبيه قال: بينا شيبة و العباس يتفاخران إذ مرّ بهما علي بن أبي طالب عليه السّلام فقال: بما ذا تتفاخران ؟

ص: 227


1- الاحتجاج: 327/1 /محاجة 55.
2- مجمع البيان: 22/5.
3- مجمع البيان: 22/5.
4- مجمع البيان: 23/5.

فقال العباس: لقد أوتيت من الفضل ما لم يؤت أحد؛ سقاية الحاج، و قال شيبة: أوتيت عمارة المسجد الحرام، فقال علي عليه السّلام: استحييت لكما فقد أوتيت على صغري ما لم تؤتيا. فقالا: و ما أوتيت يا علي ؟

فقال: ضربت خراطيمكما بالسيف حتى آمنتما باللّه، فقام العباس مغضبا يجرّ ذيله حتى دخل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم و قال: أما ترى إلى ما استقبلني به علي ؟

فقال: ادعوا لي عليا، فدعي له فقال: ما دعاك إلى ما استقبلت به عمك ؟

فقال يا رسول اللّه صدمته(1) بالحق فمن شاء فليغضب و من شاء فليرض، فنزل جبرائيل و قال: يا محمد ربك يقرئك السلام و يقول: أتل عليهم: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ الآيات، فقال العباس: إنا قد رضينا، ثلاث مرات(2).

[191] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي عليه السّلام:

لا أدري ما تقولون، لقد صلّيت إلى القبلة ستة أشهر قبل

ص: 228


1- صدمه: دفعه و ضربه.
2- مجمع البيان: 23/5.

الناس، و أنا صاحب الجهاد، فأنزل اللّه تعالى هذه الآية(1).

[192] - عليّ عن إبراهيم، أبي، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السّلام قال:

نزلت في عليّ و العباس و شيبة، قال العباس: أنا أفضل لأنّ سقاية الحاج بيدي، و قال شيبة: أنا أفضل لأنّ حجابة البيت بيدي، و قال عليّ عليه السّلام: أنا أفضل فإنّي آمنت قبلكما، ثمّ هاجرت و جاهدت، فرضوا برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم (حكما)، فأنزل اللّه أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللّهِ - إلى قوله: - عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (2).

[193] - قال الفخر الرازي: إفتخر طلحة بن شيبة، و العباس، و عليّ، فقال طلحة: أنا صاحب البيت بيدي مفتاحه و لو أردت بتّ فيه، قال العباس: أنا صاحب السقاية و القائم عليها، قال عليّ: أنا صاحب الجهاد فأنزل اللّه تعالى هذه الآية(3).

ص: 229


1- تفسير الثعلبي: 20/5، و تفسير الطبري: 124/10، و زاد المسير: 3 / 279.
2- البحار 288:22؛ تفسير القمي 284:1.
3- تفسير الرازي 11:16.

[194] - قال الفخر الرازي: و من ذلك ما روي من تفاخر العباس بأنّ السقاية بيده، و تفاخر شيبة بأن المفتاح بيده، إلى أن قال عليّ عليه السّلام: و أنا قطعت خرطوم الكفر بسيفي، فصار الكفر مثله فأسلمتم، فشقّ ذلك عليهم، فنزل قوله تعالى: أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ الآية(1).

[195] - أخرج ابن جرير، عن محمّد بن كعب القرطبي، قال: إفتخر طلحة بن شيبة، و العباس، و عليّ بن أبي طالب، فقال طلحة: أنا صاحب البيت معي مفتاحه، و قال العباس: أنا صاحب السقاية و القائم عليها، فقال علي عليه السّلام: ما أدري ما تقولون لقد صلّيت إلى القبلة قبل الناس و أنا صاحب الجهاد، فأنزل اللّه أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ الآية كلّها(2).

[196] - أخرج أبو نعيم في فضائل الصحابة، و ابن عساكر عن أنس، قال: قعد العباس و شيبة صاحب البيت يفتخران، فقال العباس: أنا أشرف منك، أنا عمّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم و وصي أبيه، و ساقي الحجيج، فقال شيبة:

ص: 230


1- تفسير الرازي 76:32.
2- تفسير السيوطي 219:3.

أنا أشرف منك أنا أمين اللّه على بيته و خازنه، أ فلا ائتمنك كما ائتمنني، فاطلع عليهما علي عليه السّلام فأخبراه بما قالا، فقال عليّ عليه السّلام، أنا أشرف منكما، أنا أوّل من آمن و هاجر، فانطلقوا ثلاثتهم إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم فأخبروه فما أجابهم بشيء، فانصرفوا فنزل عليه الوحي بعد أيّام، فأرسل إليهم فقرأ عليهم أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ إلى آخر العشر(1).

[197] - في تفسير فرات، معنعنا عن الحارث، قال:

دخل أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام في المسجد الحرام فإذا بشيبة بن عبد الدار، و العباس بن عبد المطلب يتفاخران، و العباس يقول: نحن خير الناس بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم في أيدينا عمارة المسجد الحرام و سقاية الحاج، و شيبة يقول:

نحن خير الناس بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم في أيدينا مفاتيح الكعبة نفتحها إذا شئنا و نغلقها إذا شئنا، فقال لهما علي عليه السّلام:

ألا أدلّكما على من هو خير منكما؟

قال: و من هو؟

قال: الذي ضرب رأسيكما بالسيف حتّى أدخلكما في الإسلام قهرا، فقام العباس مغضبا حتّى أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم

ص: 231


1- تفسير السيوطي 219:3.

فقال: يا رسول اللّه فأخبره بالخبر، فاغتمّ من ذلك النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم فهبط عليه جبرئيل فقال: السلام عليك يا محمّد: فقال:

و عليك السلام يا جبرئيل، فقال: قل يا محمّد أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إلى آخر الآية، قال: قم أخرج فهذا الرحمن يخاصمك في عليّ بن أبي طالب(1).

ص: 232


1- تفسير فرات: 165 ح 209.

الآية (23)

[سورة التوبة (9): آیة 23]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَ إِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ وَ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ

[198] - عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سألته عن هذه الآية في قول اللّه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَ إِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إلى قوله: اَلْفاسِقِينَ فأما لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَ إِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ فإن الكفر في الباطن في هذه الآية ولاية الأول و الثاني و هو كفر، و قوله عَلَى الْإِيمانِ فالإيمان ولاية علي بن أبي طالب عليه السّلام، قال: وَ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ (1).

ص: 233


1- تفسير العياشي: 84/2 ح 36، من تفسير سورة التوبة.

الآية (30)

[سورة التوبة (9): آیة 30]

قاتَلَهُمُ اللّهُ أَنّى يُؤْفَكُونَ

[199] - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه اللّه عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه: و قال: قاتَلَهُمُ اللّهُ أَنّى يُؤْفَكُونَ أي لعنهم اللّه أنّى يؤفكون فسمى اللعنة قتالا(1).

ص: 234


1- الاحتجاج: 588/1 /محاجة 137.

الآية (32)

[سورة التوبة (9): آیة 32]

يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ يَأْبَى اللّهُ إِلاّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ

[200] - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه اللّه عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه: و قد بين اللّه تعالى قصص المغيّرين بقوله: يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ يَأْبَى اللّهُ إِلاّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ يعني أنهم أثبتوا في الكتاب ما لم يقله اللّه ليلبسوا على الخليقة فأعمى اللّه قلوبهم حتى تركوا فيه ما دلّ على ما أحدثوه فيه و حرّفوا منه.

[201] - و فيه عنه عليه السّلام: و جعل أهل الكتاب المقيمين به و العالمين بظاهره و باطنه من أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَ فَرْعُها فِي السَّماءِ (2(4) تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها وَ يَضْرِبُ اللّهُ الْأَمْثالَ

ص: 235

لِلنّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (1) أي يظهر مثل هذا العلم في الوقت بعد الوقت و جعل أعداءها أهل الشجرة الملعونة الذين حاولوا إطفاء نور اللّه بأفواههم فأبى اللّه إلاّ أن يتم نوره(2).

ص: 236


1- سورة إبراهيم، الآيتان: 24 و 25.
2- الاحتجاج: 586/1 /محاجة 137.

الآية (33)

[سورة التوبة (9): آیة 33]

هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ

[202] - في مجمع البيان: و روى العياشي بالإسناد عن عمران بن ميثم عن عباية أنّه سمع أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: هو الذي أرسل عبده بالهدى و دين الحقّ ليظهره على الدين كلّه، أظهر بعد ذلك ؟

قالوا: نعم.

قال: كلا، و الذي نفسي بيده حتّى لا تبقى قرية إلاّ و ينادى فيها بشهادة أن لا إله إلاّ اللّه محمد رسول اللّه بكرة و عشيا(1).

ص: 237


1- مجمع البيان: 420/9.

الآية (34)

[سورة التوبة (9): آیة 34]

وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ

[203] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي بن أبي طالب عليه السّلام: كل ما زاد على أربعة آلاف درهم فهو كنز، أدّيت منه الزكاة أم لم تؤدّ، و ما دونها نفقة(1).

[204] - في مجمع البيان و روي عن علي عليه السّلام:

ما زاد على أربعة آلاف فهو كنز أدّى زكاته أو لم يؤدها و ما دونها فهي نفقة فبشّرهم بعذاب أليم(2).

ص: 238


1- تفسير الثعلبي: 37/5.
2- مجمع البيان: 40/5.

الآية (35)

[سورة التوبة (9): آیة 35]

يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ

[205] - في كتاب الخصال عن الحارث قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: الدينار و الدرهم أهلكا من كان قبلكم و هما مهلكاكم(1).

ص: 239


1- الخصال: 43 ح 37.

الآية (36)

[سورة التوبة (9): آیة 36]

إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ

[206] - في تفسير العياشي عن أبي خالد الواسطي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: حدّثني أبي علي بن الحسين عن أمير المؤمنين عليه السّلام أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم لما ثقل في مرضه قال: أيها الناس إن السنة إثنا عشر شهرا منها أربعة حرم، ثم قال بيده:

رجب مفرد، و ذو القعدة و ذو الحجة و المحرم ثلاث متواليات، ألا و هذا الشهر المفروض رمضان، فصوموا لرؤيته و أفطروا لرؤيته فإذا خفي الشهر فأتموا العدة: شعبان ثلاثين و صوموا الواحد و الثلاثين، و قال بيده: الواحد و الإثنين و الثلاثة، ثم ثنى إبهامه ثم قال: إنها(1) شهر كذا و شهر كذا(2).

ص: 240


1- في المصدر (أيها الناس) بدل (إنها).
2- تفسير العياشي: / 88/2 ح 56، من تفسير سورة التوبة.

الآية (54)

[سورة التوبة (9): آیة 54]

وَ ما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلاّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللّهِ وَ بِرَسُولِهِ

[207] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه اللّه عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه: فكل عمل يجري على غير أيدي الأصفياء (الأوصياء خ ل) و حدودهم و عهودهم و شرائعهم و سننهم و معالم دينهم مردود غير مقبول، و أهله بمحل كفر و إن شملتهم صفة الإيمان. أ لم تسمع إلى قول اللّه تعالى: وَ ما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلاّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللّهِ وَ بِرَسُولِهِ فمن لم يهتد من أهل الإيمان إلى سبيل النجاة لم يغن عنه إيمانه باللّه مع دفع حق أوليائه، فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ (1) , (2).

ص: 241


1- المائدة: 5.
2- الإحتجاج: 582/1 /محاجة 137.

الآية (67)

[سورة التوبة (9): آیة 67]

اَلْمُنافِقُونَ وَ الْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَ يَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ

[208] - في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه عليه السّلام: و قد سأله رجل عما اشتبه عليه من آيات الكتاب: أما قوله: نَسُوا اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إنما يعني نسوا اللّه في دار الدنيا و لم يعملوا بطاعته فنسيهم في الآخرة، أي لم يجعل لهم في ثوابه شيئا، فصاروا منسيين من الخير، و قد يقول العرب في باب النسيان قد نسينا فلان فلا يذكرنا، أي إنه لم يأمر لهم بخير و لا يذكرهم به(1).

ص: 242


1- كتاب التوحيد: 259 /ب 36 ح 5.

[209] - عن أبي معمر السعدي قال: قال علي عليه السّلام في قول اللّه: نَسُوا اللّهَ فَنَسِيَهُمْ فإنما يعني أنهم نسوا اللّه في دار الدنيا فلم يعملوا بالطاعة و لم يؤمنوا به و برسوله فنسيهم في الآخرة أي لم يجعل لهم في ثوابه نصيبا، فصاروا منسيين من الخير(1).

ص: 243


1- تفسير العياشي: 96/2 ح 86.

الآية (77)

[سورة التوبة (9): آیة 77]

إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ

[210] - في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل يقول فيه و قد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات: و ذكره المؤمنين اَلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ (1) و قوله لغيرهم: إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ إلى أن قال عليه السّلام: فاللقاء ها هنا ليس بالرؤية، و اللقاء هو البعث. فافهم جميع ما في كتاب اللّه من لقائه فإنه يعني بذلك البعث(2).

ص: 244


1- البقرة: 46.
2- كتاب التوحيد: 267 /ب 36 ح 5.

الآية (91)

[سورة التوبة (9): آیة 91]

لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَ لا عَلَى الْمَرْضى وَ لا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلّهِ وَ رَسُولِهِ ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَ اللّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ

[211] - في تفسير العياشي عن عبد اللّه بن حرب قال:

لما أقبل الناس مع أمير المؤمنين من صفين أقبلنا معه حتى إذا جزنا النخيلة و رأينا أبيات الكوفة، إذا شيخ جالس في ظل بيت على وجهه أثر المرض، فأقبل إليه أمير المؤمنين عليه السّلام و نحن معه حتى سلّم عليه و سلّمنا معه فرد بنا حسنا.

قال له أمير المؤمنين عليه السّلام: فهل شهدت معنا غزاتنا هذه ؟

فقال: لا لقد أردتها و لكن ما ترى فيّ من طب الحمى(1) خذلني عنها.

ص: 245


1- الطب: العادة. الشأن. و في بعض النسخ (طلب) مكان (طب).

فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَ لا عَلَى الْمَرْضى وَ لا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إلى آخر الآية. و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(1).

ص: 246


1- تفسير العياشي: 103/2 ح 99.

الآية (100)

[سورة التوبة (9): آیة 100]

وَ السّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ وَ أَعَدَّ لَهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ .

[212] - و بإسناده إلى سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنه قال في جمع من المهاجرين و الأنصار في المسجد أيام خلافة عثمان: فأنشدكم باللّه أتعلمون حيث نزلت: وَ السّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ و وَ السّابِقُونَ السّابِقُونَ (1(0) أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (1) سئل عنها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم فقال: أنزلها اللّه تعالى في الأنبياء و أوصيائهم، فأنا أفضل أنبياء اللّه و رسله، و علي بن أبي طالب وصيي أفضل الأوصياء.

قالوا: اللّهم نعم(2).

ص: 247


1- سورة الواقعة، الآيتان: 10 و 11.
2- كمال الدين: 276.

الآية (104)

[سورة التوبة (9): آیة 104]

أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ وَ أَنَّ اللّهَ هُوَ التَّوّابُ الرَّحِيمُ

[213] - عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه:

و إذا ناولتم السائل شيئا فسلوه أن يدعو لكم، فإنه يجاب له فيكم و لا يجاب في نفسه، لأنهم يكذبون و ليرد الذي يناوله يده إلى فيه فيقبلها، فإن اللّه عزّ و جلّ يأخذها قبل أن تقع في يده، كما قال عزّ و جلّ: أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ (1).

[214] - في كتاب ثواب الأعمال و عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال علي بن أبي طالب عليه السّلام: تصدقت يوما بدينار فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: أما علمت يا علي أن الصدقة لا تخرج

ص: 248


1- الخصال: باب المائة ح 10 /ص 619.

من يده حتى تفك عنها من لحيي(1) سبعين شيطانا كلهم يأمره بأن لا يفعل و ما تقع في يد السائل حتى تقع في يد الرب جلّ جلاله، ثم تلا هذه الآية: أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ وَ أَنَّ اللّهَ هُوَ التَّوّابُ الرَّحِيمُ (2).

[215] - في تفسير العياشي عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: خصلتان لا أحب أن يشاركني فيهما أحد: وضوئي فإنه من صلاتي، و صدقتي من يدي إلى يد السائل فإنها تقع في يد الرب(3).

ص: 249


1- اللحيان: العظمان اللذان تنبت اللحية على بشرتهما و يلتقيان لملتقاها الذقن.
2- ثواب الأعمال: 171.
3- تفسير العياشي: 108/2 ح 116.

الآية (109)

[سورة التوبة (9): آیة 109]

أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ

[216] - أخرج ابن المنذر، و ابن أبي حاتم، من طريق عليّ عليه السّلام، عن ابن عباس في قوله: أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ قال: بنى قواعده في نار جهنّم(1).

ص: 250


1- تفسير السيوطي: 279/3.

الآيتان (113) و (114)

[سورة التوبة (9): الآیات 113 الی 114]

ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَ لَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (11(3) وَ ما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيّاهُ فَلَمّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوّاهٌ حَلِيمٌ

[217] - الحاكم النيسابوري، أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه الصفّار، ثنا أحمد بن محمّد البرقي، ثنا أبو نعيم و أبو حذيفة، قالا: ثنا سفيان و أخبرني عليّ بن عيسى بن إبراهيم، ثنا الحسين بن محمّد بن زياد، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا وكيع، ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الخليل، عن علي عليه السّلام قال:

سمعت رجلا يستغفر لأبويه و هما مشركان، فقلت:

لا تستغفر لأبويك و هما مشركان، فقال: أليس قد استغفر إبراهيم لأبيه و هو مشرك، فذكرته للنبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم فنزلت ما كانَ

ص: 251

لِلنَّبِيِّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَ لَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (11(1) وَ ما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيّاهُ فَلَمّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوّاهٌ حَلِيمٌ (2) .

قوله تعالى: إِلاّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيّاهُ

[218] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي بن أبي طالب عليه السّلام: أنزل اللّه قوله تعالى خبرا عن إبراهيم عليه السّلام قال: سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا (3).

[قال علي]: سمعت فلانا يستغفر لوالديه و هما مشركان فقلت له: أتستغفر لهما مشركان ؟ قال: أو لم يستغفر إبراهيم لأبيه ؟ فأتيت النبي صلّى اللّه عليه و سلم فرويت ذلك له فأنزل اللّه تعالى هذه الآية (3) ،و أنزل قوله تعالى: قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ إلى قوله إِلاّ قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ (4) و قوله:

إِلاّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيّاهُ يعني بعد موعده(5).

ص: 252


1- تفسير الطبري: 60/11.
2- مستدرك الحاكم 335:2؛ تفسير السيوطي 282:3.
3- سورة مريم: 47.
4- سورة الممتحنة: 4.
5- تفسير الثعلبي: 101/5.

الآية (119)

[سورة التوبة (9): آیة 119]

اِتَّقُوا اللّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصّادِقِينَ

[219] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي عن أمير المؤمنين عليه السّلام حديث طويل و فيه: و قد جعل اللّه للعلم أهلا و فرض اللّه طاعتهم بقوله: اِتَّقُوا اللّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصّادِقِينَ (1).

[220] - في كتاب كمال الدين و تمام النعمة بإسناده إلى سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنه قال في أثناء كلام له في جمع من المهاجرين و الأنصار في المسجد أيام خلافة عثمان: أسألكم باللّه أتعلمون أن اللّه عزّ و جلّ لما أنزل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصّادِقِينَ فقال سلمان: يا رسول اللّه، أعامة هذه الآية أم خاصة ؟

فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: أما المأمورون فعامة المؤمنين أمروا بذلك،

ص: 253


1- الإحتجاج: 581/1 /محاجة 138.

و أما الصادقون فخاصة لأخي علي عليه السّلام و أوصيائي من بعده إلى يوم القيامة ؟

قالوا: اللهم نعم(1).

[221] - في كتاب معاني الأخبار خطبة لعلي عليه السّلام يذكر فيها نعم اللّه عزّ و جلّ عليه و فيها يقول عليه السّلام: ألا و إني مخصوص في القرآن بأسماء إحذروا أن تغلبوا عليها فتضلوا في دينكم، يقول اللّه عزّ و جلّ: (إن الله مع الصادقين)(2) إني ذلك الصادق(3).

ص: 254


1- كمال الدين: 278.
2- كذا و ليست في المصحف و لعله مأخوذ من مضمون بعض الآيات.
3- معاني الأخبار: 59 /باب معاني أسماء محمد و علي ح 9.

الآيتان (128) و (129)

[سورة التوبة (9): الآیات 128 الی 129]

لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (12(8) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ

[222] - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن عبد اللّه بن جعفر عن السياري عن محمد بن بكر عن أبي الجارود عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنه قام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين إن أرضي أرض مسبعة و إن السباع تغشى منزلي و لا تجوز حتى تأخذ فريستها(1) فقال: اقرأ: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (12(8) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ

ص: 255


1- أرض مسبعة: تكثر فيها السباع، و فريسة الأسد: التي تكسرها.

اَلْعَظِيمِ فقرأها الرجل فاجتنبته السباع. و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(1).

[223] - أخرج ابن أبي عمر المدني في مسنده:

و الطبراني في الأوسط، و أبو نعيم في الدلائل، و ابن عساكر، عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم قال: خرجت من نكاح و لم أخرج من سفاح من لدن آدم إلى أن ولدني أبي و أمّي، لم يصبني من سفاح الجاهلية شيء(2).

انتهى الجزء الثالث و يليه الجزء الرابع و أوله تفسير سورة يونس

ص: 256


1- أصول الكافي: 624/2 ح 21.
2- دلائل النبوّة (أبو نعيم) 65:1 ح 14؛ المعجم الأوسط 366:5 ح 4725.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.