تفسير أمير المؤمنين عليهم السّلام للقرآن الكريم المجلد 2

هویة الکتاب

تفسير أمير المؤمنين عليه السّلام للقرآن الكريم

مجلدات: 10ج

جمع و تهذيب السيّد علي عاشور

مرکز الشرق الأوسط الثقافي - بیروت - لبنان

ص: 1

اشارة

تفسير أمير المؤمنين عليه السّلام للقرآن الكريم

ص: 2

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 3

جمیع الحقوق محفوظة ومسجلة للناشر

الطبعة الأولی

1429ه - 2008م

مرکز الشرق الأوسط الثقافي - بیروت - لبنان

ص: 4

[تتمة سورة البقرة ]

اشارة

الآية (172)

[سورة البقرة (2): آیة 172]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ

[1] - أبو إسحاق الثعلبي قال: محمد بن الراضبي قال: مر إبراهيم النخعي على امرأة من مزاد و هي تغزل على بابها فقال: يا أم بكر أما كبرت ؟ أما آن لك أن تلقي هذا؟ قالت: كيف ألقيه و قد سمعت عليا عليه السلام يقول: إنه من طيبات الرزق(1).

ص: 5


1- تفسير الثعلبي: 267/2.

الآية (173)

[سورة البقرة (2): آیة 173]

فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ

[2] - في من لا يحضره الفقيه: و روى عبد العظيم بن عبد الله الحسني عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام أنه قال: سألته عما أهل لغير الله به ؟

قال: ما ذبح لصنم أو وثن أو شجر حرم الله ذلك كما حرم الميتة و الدم و لحم الخنزير، فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ أن يأكل الميتة قال: فقلت: يابن رسول الله متى تحل للمضطر الميتة ؟

فقال: حدثني أبي عن أبيه عن آبائه عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم سئل فقيل له: يا رسول الله إنا نكون بأرض فتصيبنا المخمصة فمتى تحل لنا الميتة ؟

ص: 6

قال: ما لم تصطبحوا أو تغتبقوا أو تحتفئوا بقلا(1) فشأنكم بها، قال عبد العظيم: فقلت: يابن رسول الله فما معنى قوله: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ ؟

قال: العادي السارق و الباغي الذي يبغى الصيد بطرا أو لهوا لا ليعود به على عياله، ليس لهما أن يأكلا الميتة إذا اضطرا، هي حرام عليهما في حال الإضطرار كما هي حرام عليهما في حال الإختيار، و ليس لهما أن يقصرا في صوم و لا صلاة في سفر قال: فقلت قوله عز و جل: وَ الْمُنْخَنِقَةُ وَ الْمَوْقُوذَةُ وَ الْمُتَرَدِّيَةُ وَ النَّطِيحَةُ وَ ما أَكَلَ السَّبُعُ إِلاّ ما ذَكَّيْتُمْ قال:

المنخنقة: التي انخنقت بأخناقها حتى تموت، و الموقوذة:

التي مرضت و وقذها المرض حتى لم يكن بها حركة، و المتردية: التي تتردى من مكان مرتفع إلى أسفل أو تتردى من جبل أو في بئر فتموت، و النطيحة: التي تنطحها بهيمة أخرى فتموت، و ما أكل السبع منه فمات وَ ما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ على حجر أو صنم إلا ما أدرك ذكاته فذكي،

ص: 7


1- الإصطباح: أكل الصبوح و هو الغداء خلاف الغبوق و هو أكل العشاء و أصلهما الشرب ثم استعملا في الأكل. و احتفى البقل: إذا أخذه من وجه الأرض بأطراف أصابعه من قصره و قتله. أي إذا لم تجدوا في الأرض من البقل شيئا و لو بأن تحتفوه فتنتفوه لصغره.

قلت: وَ ما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ (1) قال: كانوا في الجاهلية يشترون بعيرا فيما بين عشرة أنفس و يستقسمون عليه بالقداح، و كانت عشرة أنفس سبعة لها أنصباء و ثلاثة لا أنصباء لها، أما التي لها أنصباء فالفذ و التوأم و النافس و الحلس و المسيل و المعلى و الرقيب، و أما التي لا أنصباء لها فالفسيح و المنيح و الوغد، فكانوا يجيلون السهام بين عشرة فمن خرج باسمه سهم من التي لا أنصباء لها ألزم ثلث ثمن البعير، فلا يزالون بذلك حتى تقع السهام الثلاثة التي لا أنصباء لها إلى ثلاثة منهم فيلزمونهم ثمن البعير، ثم ينحرونه و تأكله السبعة الذين لم ينقدوا في ثمنه شيئا، و لم يطعموا منه الثلاثة الذين أنقدوا ثمنه شيئا، فلما جاء الإسلام حرم الله عز و جل ذلك فيما حرم فقال عز من قائل: وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ يعني حرام. و هذا الخبر في روايات أبي الحسين الأسدي رضي الله عنه عن سهل بن زياد عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليهما السلام(2).

ص: 8


1- سورة المائدة، الآية: 3.
2- من لا يحضره الفقيه: 343/3 ح 4213.

الآية (177)

[سورة البقرة (2): آیة 177]

...وَ حِينَ الْبَأْسِ...

[3] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي عليه السلام: كنا إذا أحمر البأس اتقينا برسول الله صلى الله عليه و سلم فكان أقربنا إلى العدو، إذا اشتد الحرب(1).

ص: 9


1- تفسير الثعلبي: 53/2.

الآية (180)

[سورة البقرة (2): آیة 180]

كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ

[4] - الإسفرائيني قال: إختلفوا في ناسخها، فقال علي و ابن عباس و ابن عمر و عائشة رضوان الله عليهم:

نسخها آية المواريث(1).

[5] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال عروة بن الزبير:

دخل علي عليه السلام على مريض يعوده فقال: أني أريد أن أوصي.

فقال علي عليه السلام: إن الله تعالى يقول إِنْ تَرَكَ خَيْراً و إنما يدع شيئا يسيرا فدعه لعيالك إنه أفضل(2).

ص: 10


1- الناسخ و المنسوخ: 192.
2- تفسير الثعلبي: 58/2.

الآية (181)

[سورة البقرة (2): آیة 181]

إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ

[6] - ابن عساكر قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن محمد بن علي، قال: ونا محمد بن مروان، حدثني محمد بن حرب النشائي، نا إسماعيل بن يحيى التيمي، عن قرة بن خالد، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة السلماني قال:

سمعت علي بن أبي طالب قال: إستكتب رسول الله صلى الله عليه و سلم عبد الله بن خطل، فلما نزلت على النبي صلى الله عليه و آله و سلم: إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ كتبها هو: إن الله عليم سميع، فعلم النبي صلى الله عليه و سلم ما فعل، فأرسل إلى أبي بن كعب، فقال: يا أبي، إن جبريل أخبرني أن هذا غير ما أنزل الله، فغيره، فغيره أبي، و لحق عبد الله بن خطل بمكة مشركا، قال علي: فلما كان يوم الفتح، قال النبي صلى الله عليه و سلم: «إن وجدتم مقيس بن صبابة الليثي، و عبد الله بن خطل، و عبد الله بن أبي سرح، و خولة و الرباب متعلقين بأستار الكعبة فاضربوا أعناقهم».

ص: 11

قال علي: فخرجت، فإذا أنا بمقيس فأخذت بيده فضربت عنقه، ثم خرجت فدخلت المسجد، فإذا عبد الله بن خطل يعوذ بالكعبة، فأخرجته فضربت عنقه، ثم خرجت فإذا بخولة فأخذتها، فأتيت النبي صلى الله عليه و سلم فلما رأت النبي صلى الله عليه و سلم كشفت فرجها، فقالت: كيف تغض بصرك فيما تزعم، فقال لي النبي صلى الله عليه و سلم: «يا علي أخرجها فحرقها بالنار»، ثم اتبعني رسول الله، فقال: «يا علي، إن صاحب النار أبى أن يعذب بالنار أحد غيره، إضرب عنقها»، فضربت عنقها(1).

ص: 12


1- تاريخ دمشق: 46/45، و مجمع الزوائد: 356/9.

الآية (182)

[سورة البقرة (2): آیة 182]

...جَنَفاً...

[7] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي عليه السلام: حيفا بالحاء و الياء أي ظلما(1).

ص: 13


1- تفسير الثعلبي: 59/2.

الآية (183)

[سورة البقرة (2): آیة 183]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ

[8] - أبو إسحاق الثعلبي قال: من الأنبياء و الأمم و أولهم آدم عليه السلام، و هو ما روى عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عن علي عليه السلام قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات يوم عند انتصاف النهار و هو في الحجر، فسلمت عليه فرد علي النبي صلى الله عليه و سلم ثم قال: «يا علي هذا جبرئيل يقرئك السلام».

فقلت: عليك و عليه السلام يا رسول الله لم ؟

قال: أدن مني، فدنوت منه فقال: يا علي يقول لك جبرئيل: صم كل شهر ثلاثة أيام يكتب لك بأول يوم: عشرة الآف [سنة] و باليوم الثاني ثلاثين ألف [سنة] و باليوم الثالث مائة ألف [سنة].

ص: 14

فقلت: يا رسول الله هذا ثواب لي خاصة أم للناس عامة قال: يا علي يعطيك الله هذا الثواب و لمن يعمل مثل عملك بعدك.

قلت: يا رسول الله و ماهي ؟

قال: أيام البيض: ثلاثة عشر و أربعة عشر و خمسة عشر »(1).

ص: 15


1- تفسير الثعلبي: 62/2.

الآية (184)

[سورة البقرة (2): آیة 184]

وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ...

[9] - عن علي عليه السلام في قوله تعالى: وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ قال: الشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصوم، يفطر و يطعم مكان كل يوم مسكينا(1).

ص: 16


1- كنز العمال 359:2 ح 4240.

الآية (185)

[سورة البقرة (2): آیة 185]

شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنّاسِ وَ بَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَ الْفُرْقانِ

[10] - عن السيد الثقة الجليل الفقيه السيد نعمة الله الجزائري رحمه الله في بعض مؤلفاته عن ابن عباس قال: لما صارت الخلافة إلى أمير المؤمنين عليه السلام و سيد الوصيين و قائد الغر المحجلين علي بن أبي طالب عليه السلام، فلما كان في اليوم الثالث أقبل رجل في ثياب خضر و وقف على باب المسجد، و كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه جالسا في المسجد و الناس حوله يمينا و شمالا فقال: السلام عليكم يا أهل بيت النبوة و معدن الرسالة و مختلف الملائكة و مهبط الحق. فقال له أمير المؤمنين: و عليك السلام يا بيهس بن صاف بن حاف بن لامو بن بيهس، فسأل بيهس أمير المؤمنين فقال:

قال: فأخبرني عن المنكرين لحقك ؟ قال: يقومون حفاة عراة

ص: 17

منكسي الرؤوس، بين أيديهم السرادق من الظلم حتى ينتهوا إلى باب جهنم. و إن الله تعالى آلى على نفسه في ليلة القدر أن يقضي لنا حوائج الدنيا و الآخرة.

و ليلة القدر ليلة عظيمة شريفة شرفها الله تعالى في محكم كتابه المنزل على لسان نبيه الصادق فقال شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنّاسِ وَ بَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَ الْفُرْقانِ (1) فمن اهتدى إلينا و شايعنا كانوا هم السعداء و من لم يهتد إلينا كانوا هم الأشقياء الذين لا خلاق لهم في الآخرة و لا يكلمهم الله و لا ينظر إليهم يوم القيامة و لا يزكيهم و لهم عذاب أليم(2).

قوله تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ

[11] - في كتاب الخصال: فيما علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه: ليس للعبد أن يخرج إلى سفر إذا حضر شهر رمضان لقوله تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ (3).

ص: 18


1- البقرة: 185.
2- الزام الناصب: 107:1-109.
3- كتاب الخصال: 614/2 /باب الأربع مائة ح 10.

الآية (186)

[سورة البقرة (2): آیة 186]

وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَ لْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ

[12] - في روضة الكافي: خطبة طويلة مسندة لأمير المؤمنين عليه السلام يقول فيها: فاحترسوا من الله عز و جل بكثرة الذكر، و اخشوا منه بالتقى، و تقربوا إليه بالطاعة، فإنه قريب مجيب قال الله تعالى: وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَ لْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (1).

[13] - ابن عساكر قال: أخبرنا أبو الفضائل بن محمود، أنبأنا علي بن أحمد بن زهير، أنبأنا علي بن محمد بن شجاع، أنبأنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عمر

ص: 19


1- الكافي: 390/8 ح 586.

الإمام، أنبأنا يعقوب الأذرعي، أنبأنا محمود بن إبراهيم، أنبأنا هشام بن خالد، عن الوليد بن مسلم، عن ابن جريج، عن عروة، عن أبيه قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول:

سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم - و سأله رجل عن دمشق - و قال تمام: عن الأثارات بدمشق فقال - بها - و قال تمام: لها - جبل يقال له قاسيون فيه قتل ابن آدم أخاه، و في أسفله في الغرب ولد إبراهيم، و فيه آوى الله تعالى عيسى ابن مريم - و لم يقل الميداني: ابن مريم من. و قالوا و أمه - من اليهود.

و ما من عبد أتى معقل روح الله فاغسل فصلى ودعى - و لم يقل الميداني: و دعا - لم يرده الله تعالى خائبا.

فقال رجل: يا رسول الله، صفه لنا. قال: «هو بالغوطة مدينة يقال لها دمشق و هو جبل» - و قال تمام:

و أزيدكم أنه جبل - كلمه الله تعالى، فيه ولد أبي إبراهيم فمن أتى - و قال ابن الأكفاني: هذا الموضع فلا يعجز - في الدعاء. فقام - و قال ابن الأكفاني: رجل قالوا: - قال:

يا رسول الله أكان ليحيى - زاد ناصر: بن زكريا - العلاء(1) ؟

قال: نعم، إحترس فيه يحيى من هذا الرجل من عاد

ص: 20


1- في مختصر ابن منظور: معقلا.

- و قال ابن الأكفاني: إحترس فيه يحيى من رجل من قوم عاد - في الغار الذي تحت دم ابن آدم المقتول، و فيه إحترس إلياس من ملك قومه، و فيه صلى إبراهيم و لوط و موسى و عيسى و أيوب، فلا تعجزوا في الدعاء فيه فإن الله تعالى أنزل علي اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ - زاد ابن الأكفاني:

و ربنا يسمع الدعاء - قالوا: و كيف ذلك فأنزل الله تعالى:

وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ و قالا: فقال رجل:

يا رسول الله ربنا سمع الدعاء أم كيف ذلك ؟

فأنزل الله تعالى: وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إِذا دَعانِ (1),(2).

ص: 21


1- سورة البقرة، الآية: 186.
2- تاريخ دمشق: 216/2.

الآية (187)

[سورة البقرة (2): آیة 187]

أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ

[14] - في كتاب الخصال: فيما علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه من الأربعمائة باب قال عليه السلام:

يستحب للمسلم أن يأتي أهله أول ليلة من شهر رمضان لقوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ .

و الرفث المجامعة(1).

[15] - في الكافي: محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان و أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار جميعا عن صفوان بن يحيى عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أحدهما عليهما السلام في قول الله عز و جل: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ الآية فقال: نزلت في خوات بن جبير

ص: 22


1- كتاب الخصال: 612/2 /باب الأربع مائة ح 10.

الأنصاري و كان مع النبي صلى الله عليه و آله و سلم في الخندق و هو صائم، فأمسى و هو على تلك الحال، و كانوا قبل أن تنزل هذه الآية إذا نام احدهم حرم عليه الطعام فجاء خوات إلى أهله حين أمسى فقال: هل عندكم طعام ؟

فقالوا: لا تنم حتى نصلح لك طعاما، فاتكى فنام فقالوا له: قد فعلت، قال: نعم فبات على تلك الحال فأصبح ثم غدا إلى الخندق فجعل يغشى عليه، فمر به رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فلما رأى الذي به أخبره كيف كان أمره فأنزل الله عز و جل فيه الآية: وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ (1),(2).

[16] - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن بن راشد عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: حدثني أبي عن جدي عن آبائه عليهم السلام أن عليا صلوات الله عليه قال: يستحب للرجل أن يأتي أهله، و ذكر كما في كتاب الخصال سواء(3).

ص: 23


1- سورة البقرة، الآية: 187.
2- الكافي: 98/4 ح 4.
3- الكافي: 180/4 ح 3.

الآية (189)

[سورة البقرة (2): آیة 189]

وَ لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها

[17] - في كتاب الإحتجاج: للطبرسي و عن الأصبغ بن نباتة قال: كنت عند أمير المؤمنين عليه السلام فجاءه ابن الكوا فقال: يا أمير المؤمنين قول الله عز و جل: وَ لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها فقال عليه السلام: نحن البيوت أمر الله أن تؤتى من أبوابها، نحن باب الله و بيوته التي يؤتى منه، فمن بايعنا و أقر بولايتنا فقد أتى البيوت من أبوابها، و من خالفنا و فضل علينا غيرنا فقد أتى البيوت من ظهورها، إن الله عز و جل لو شاء عرف الناس نفسه حتى يعرفوه وحده و يأتوه من بابه، و لكن جعلنا أبوابه و صراطه و سبيله، و بابه الذي يؤتى منه، قال: فمن عدل عن ولايتنا

ص: 24

و فضل علينا غيرنا فقد أتى البيوت من ظهورها، و إنهم عن الصراط لناكبون. و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(1).

ص: 25


1- الإحتجاج: 227 /احتجاجه عليه السلام على بعض اليهود في أنواع شتى من العلوم.

الآية (195)

[سورة البقرة (2): آیة 195]

وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ

[18] - في نهج البلاغة قال عليه السلام: احذر كل الحذر أن يخدعك الشيطان فيمثل لك التوانى في صورة التوكل، و يورثك الهوينى بالإحالة على القدر؛ فإن الله أمر بالتوكل عند انقطاع الحيل، و بالتسليم للقضاء بعد الإعذار، فقال: خُذُوا حِذْرَكُمْ (1) ،وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ، و قال النبى صلى الله عليه و سلم: «اعقلها و توكل »(2).

ص: 26


1- سورة النساء 71.
2- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 306/20.

الآية (196)

[سورة البقرة (2): آیة 196]

وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ اتَّقُوا اللّهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ

[19] - في مجمع البيان: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ أي أتموهما بمناسكهما و حدودهما و تأدية كل ما فيهما و قيل: معناه أقيموهما إلى آخر ما فيهما و هو المروي عن أمير المؤمنين و علي بن الحسين عليهما السلام(1).

[20] - عن علي عليه السلام في قوله تعالى: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ قال: أن تحرم من دويرة أهلك(2).

قوله تعالى: فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ

ص: 27


1- مجمع البيان: 518/2 /البقرة: 196.
2- كنز العمال 359:2 ح 4241، تفسير السيوطي 208:1.

[21] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي و ابن عباس:

شاة(1).

قوله تعالى: فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ

[22] - أبو إسحاق الثعلبي قال: روى عبد الله بن سلمة عن علي رضي الله عنه فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ الآية فإن أخر العمرة حتى يجمعها مع الحج فعليه الهدي(2).

قوله تعالى: فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ (3)

[23] - عن علي عليه السلام أنه سئل عن قوله تعالى:

فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فقال: الصيام ثلاثة أيام، و الصدقة ثلاثة آصع على ستة مساكين و النسك شاة(4).

قوله تعالى: فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ

[24] - عن علي عليه السلام في قوله: فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ قال: قبل يوم التروية يوم، و يوم التروية، و يوم عرفة، فإن فاتته صامهن أيام التشريق(5).

ص: 28


1- تفسير الثعلبي: 100/2.
2- تفسير الثعلبي: 102/2.
3- البقرة: 196.
4- كنز العمال 360:2 ح 4243.
5- كنز العمال 360:2 ح 4245.

الآية (201)

[سورة البقرة (2): آیة 201]

وَ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً

[25] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي رضي الله عنه: في الدنيا حسنة إمرأة صالحة و في الآخرة الحسنة الحور العين(1).

ص: 29


1- تفسير الثعلبي: 115/2.

الآية (203)

[سورة البقرة (2): آیة 203]

وَ اذْكُرُوا اللّهَ فِي أَيّامٍ مَعْدُوداتٍ

[26] - أخرج عبد بن حميد، و ابن أبي الدنيا، و ابن أبي حاتم، عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: الأيام المعدودات ثلاثة أيام: يوم الأضحى، و يومان بعده، إذبح في أيها شئت، و أفضلها أولها(1).

[27] - العباس و علي بن السندي جميعا عن حماد بن عيسى عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: قال علي عليه السلام في قول الله: وَ يَذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ فِي أَيّامٍ مَعْلُوماتٍ قال: أيام العشر، و قوله: وَ اذْكُرُوا اللّهَ فِي أَيّامٍ مَعْدُوداتٍ قال: أيام التشريق(2).

[28] - في كتاب معاني الأخبار حدثنا محمد بن

ص: 30


1- تفسير السيوطي 234:1.
2- تهذيب الأحكام: 487/5 /ب 16 ح 382.

الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول: قال علي عليه السلام في قول الله عز و جل: وَ يَذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ فِي أَيّامٍ مَعْلُوماتٍ (1) قال:

أيام العشر(2).

[29] - أخرج الحاكم و صححه، عن مسعود بن الحكم الزرقي، عن أمه أنها حدثته، قالت: كأني أنظر إلى علي عليه السلام على بغلة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم البيضاء في شعب الأنصار و هو يقول: أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قال: إنها ليست أيام صيام إنها أيام أكل و شرب و ذكر(3).

قوله تعالى: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ .

[30] - عن علي عليه السلام قال: وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ قال غفر الله له(4).

ص: 31


1- سورة الحج، الآية: 28.
2- كتاب معاني الأخبار: ب معنى الأيام المعلومات/ 296 ح 1.
3- تفسير السيوطي 235:1.
4- كنز العمال 361:2 ح 4246.

الآية (205)

[سورة البقرة (2): آیة 205]

وَ إِذا تَوَلّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَ يُهْلِكَ الْحَرْثَ وَ النَّسْلَ وَ اللّهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ

[31] - في روضة الكافي: عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن محمد بن سليمان الأزدي عن أبي الجارود عن أبي إسحاق عن أمير المؤمنين عليه السلام، وَ إِذا تَوَلّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَ يُهْلِكَ الْحَرْثَ وَ النَّسْلَ بظلمه و سوء سيرته وَ اللّهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ (1).

ص: 32


1- الكافي: 289/8 ح 435.

الآيتان (208) و (209)

[سورة البقرة (2): الآیات 208 الی 209]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (20(8) فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ

[32] - قال علي بن الحسين عليهما السلام: و بهذه الآية و غيرها احتج علي عليه السلام يوم الشورى على من دافعه عن حقه، و أخره عن رتبته، و إن كان ما ضر الدافع إلا نفسه، فإن عليا عليه السلام كالكعبة التي أمر الله باستقبالها للصلاة.

جعله الله ليؤتم به في أمور الدين و الدنيا، كما لا ينقص الكعبة، و لا يقدح في شي من شرفها و فضلها إن ولى عنها الكافرون، فكذلك لا يقدح في علي عليه السلام - إن أخره عن حقه - المقصرون، و دافعه عن واجبه الظالمون.

قال لهم علي عليه السلام يوم الشورى في بعض مقاله بعد أن أعذر و أنذر، و بالغ و أوضح: معاشر الأولياء العقلاء

ص: 33

ألم ينه الله تعالى عن أن تجعلوا له أندادا ممن لا يعقل و لا يسمع و لا يبصر و لا يفهم ؟

أ و لم يجعلني رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لدينكم و دنياكم قواما؟

أو لم يجعل إلي مفزعكم ؟

أو لم يقل لكم: علي مع الحق و الحق معه ؟

أو لم يقل: أنا مدينة العلم و علي بابها؟

أولا تروني غنيا عن علومكم و أنتم إلى علمي محتاجون ؟

أفأمر الله تعالى العلماء باتباع من لا يعلم، أم من لا يعلم باتباع من يعلم ؟

يا أيها الناس لم تنقضون ترتيب الألباب لم تؤخرون من قدمه الكريم الوهاب ؟

أو ليس رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أجابني إلى ما رد عنه أفضلكم:

فاطمة لما خطبها؟

أو ليس قد جعلني أحب خلق الله - إلى الله - لما أطعمني معه من الطائر؟

أو ليس جعلني أقرب الخلق شبها بمحمد نبيه صلى الله عليه و آله و سلم ؟

ص: 34

أ فأقرب الناس به شبها تؤخرون ؟

و أبعد الناس به شبها تقدمون ؟

ما لكم لا تتفكرون و لا تعقلون ؟

قال: فما زال يحتج بهذا و نحوه عليهم و هم لا يغفلون عما دبروه، و لا يرضون إلا بما آثروه !(1).

قوله تعالى: اُدْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً

[33] - عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام و قد ذكر عترة خاتم النبيين و المرسلين، و هم باب السلم فادخلوا في السلم كافة و لا تتبعوا خطوات الشيطان. و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(2).

[34] - في تفسير العياشي: عن إسماعيل بن أبي زياد الكوفي عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهم السلام عن علي عليه السلام قال: ليس في القرآن يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إلا و هي في التوراة يا أيها المساكين(3).

ص: 35


1- عنه البحار: 110/36 ح 59، و ج 230/68 قطعة 4.
2- تفسير العياشي: 102/1 ح 300 من سورة البقرة.
3- تفسير العياشي: 289/1.

الآية (214)

[سورة البقرة (2): آیة 214]

أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ

[35] - في الخرائج و الجرائح: و عن زين العابدين عن آبائه عليهم السلام قال: فما تمدون أعينكم ألستم آمنين، لقد كان من قبلكم ممن هو على ما أنتم عليه يؤخذ فتقطع يده و رجله و يصلب ثم تلا: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ الآية(1).

ص: 36


1- الخرائج و الجرائح: 1155 /باب العلامات قبل خروج المهدي عليه السلام.

الآية (219)

[سورة البقرة (2): آیة 219]

* يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ

[36] - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن أبي نجران عن مثنى الحناط عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: الشطرنج و النرد هما الميسر(1).

[37] - أبو إسحاق الثعلبي قال: عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عليا كرم الله وجهه قال في النرد و الشطرنج: هي من الميسر(2).

ص: 37


1- الكافي: 435/6 ح 3.
2- تفسير الثعلبي: 151/2.

الآية (222)

[سورة البقرة (2): آیة 222]

إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ

[38] - في كتاب الخصال: فيما علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه: توبوا إلى الله عز و جل و ادخلوا في محبته، فإن الله يحب التوابين و يحب المتطهرين و المؤمن تواب(1).

[39] - الحسن الحلي قال: من خطبة لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام تسمى المخزون عن آخر الزمان جاء فيها:... و يخلف أبناء سعد السقاء بالكوفة طالبين بدماء آبائهم، و هم أبناء الفسقة حتى تهجم عليهم خيل الحسين عليه السلام، يستبقان كأنهما فرسا رهان، شعث غبر أصحاب بواكي و قوارح(2) إذ يضرب أحدهم برجله باكية،

ص: 38


1- كتاب الخصال: 622/2 /باب الأربع مائة ح 10.
2- البواكي: جمع باكية. و القوارح: جمع قارحة؛ من به قرح في قلبه من الحزن.

يقول: لا خير في مجلس بعد يومنا هذا، اللهم فإنا التائبون الخاشعون الراكعون الساجدون، فهم الأبدال الذين وصفهم الله [تعالى بقوله]: إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ،و المطهرون نظراؤهم من آل محمد صلى الله عليه و آله و سلم(1).

ص: 39


1- مختصر البصائر: 460.

الآية (225)

[سورة البقرة (2): آیة 225]

لا يُؤاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ

[40] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي و طاووس:

اللغو اليمين في حال الغضب و الضجر من غير عزم و لا عقد(1).

ص: 40


1- تفسير الثعلبي: 165/2.

الآية (226)

[سورة البقرة (2): آیة 226]

لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ

[41] - أبو إسحاق الثعلبي قال: كان علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: الإيلاء يمين في الغضب فإذا حلف في حال الرضى فليس بإيلاء(1).

ص: 41


1- تفسير الثعلبي: 168/2.

الآية (228)

[سورة البقرة (2): آیة 228]

وَ الْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ

[42] - أخرج الشافعي، و عبد الرزاق، و عبد بن حميد، و البيهقي، عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: تحل لزوجها الرجعة عليها حتى تغتسل من الحيضة الثالثة، و تحل للأزواج(1).

ص: 42


1- تفسير السيوطي 275:1.

الآية (233)

[سورة البقرة (2): آیة 233]

وَ الْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ

[43] - في إرشاد المفيد: و رووا عن يونس عن الحسن: إن عمر أتي بامرأة قد ولدت لستة أشهر، فهم برجمها فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: إن خاصمتك بكتاب الله خصمتك، إن الله تعالى يقول: وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً (1) و يقول: وَ الْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ (2) فإذا أتمت المرأة الرضاعة لسنتين و كان حمله و فصاله ثلاثين شهرا كان الحمل منها ستة أشهر؛ فخلى عمر سبيل المرأة و ثبت الحكم بذلك يعمل به الصحابة و التابعون و من أخذ إلى يومنا هذا(3).

ص: 43


1- سورة الأحقاف: 15.
2- سورة البقرة: 223.
3- إرشاد المفيد: 206/1.

الآية (234)

[سورة البقرة (2): آیة 234]

وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً

[44] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قرأ علي بن أبي طالب كرم الله وجهه بفتح الياء أي يتوفون أعمارهم و أرزاقهم(1).

ص: 44


1- تفسير الثعلبي: 184/2.

الآية (237)

[سورة البقرة (2): آیة 237]

وَ لا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ

[45] - في عيون الأخبار: في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من الأخبار المجموعة و بإسناده عن الحسين بن علي عليهما السلام أنه قال: خطب بنا أمير المؤمنين عليه السلام فقال:

سيأتي على الناس زمان عضوض يعض المؤمن على ما في يده و لم يؤمر بذلك، قال الله تعالى: وَ لا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (1).

[46] - في نهج البلاغة: قال عليه السلام، يأتي على الناس زمان عضوض يعض المرء فيه على ما في يديه و لم يؤمر بذلك قال الله سبحانه: وَ لا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ تنهد فيه

ص: 45


1- عيون الأخبار: 45/2 /ب 31 ح 168.

الأشرار و تستذل الأخيار و يبايع المضطرون و قد نهى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم عن بيع المضطرين(1).

[47] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قرأ علي بن أبي طالب و أبو داود و النخعي وَ لا تَنْسَوُا الْفَضْلَ من المفاعلة بين اثنين كقوله: وَ لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ (2).

ص: 46


1- نهج البلاغة: قصار الحكم 468 /ص 558.
2- تفسير الثعلبي: 194/2.

الآية (238)

[سورة البقرة (2): آیة 238] حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى(1)

[سورة البقرة (2): آیة 238]

حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى (1)

[48] - أبو إسحاق الثعلبي قال: و دليلهم أنها وسط النهار ما روى أبو ذر عن علي كرم الله وجهه قال: قال النبي صلى الله عليه و سلم: «إن لله في السماء الدنيا حلقة تزول منها الشمس، فإذا مالت الشمس سبح كل شيء لربنا، و أمر الله تعالى بالصلاة في تلك الساعة، و هي الساعة التي تفتح فيها أبواب السماء فلا تغلق حتى يصلى الظهر، و يستجاب فيها الدعاء »(2).

[49] - أبو إسحاق الثعلبي قال: الأعمش عن مسلم عن شتير بن شكل عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم

ص: 47


1- جامع البيان للطبري: 262/2.
2- تفسير الثعلبي: 196/2.

الأحزاب: «شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ الله بيوتهم - أو قبورهم - نارا »(1).

قال: ثم صلاها بين العشاءين(2).

ص: 48


1- مسند أحمد: 72/1، 126، 151.
2- تفسير الثعلبي: 196/2.

الآية (239)

[سورة البقرة (2): آیة 239]

فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً

[50] - عن أبان بن منصور عن أبي عبد الله عليه السلام قال: فات أمير المؤمنين عليه السلام و الناس يوما يعني صلاة الظهر و العصر و المغرب و العشاء، فأمرهم أمير المؤمنين عليه السلام أن يسبحوا و يكبروا و يهللوا قال: و قال الله: فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً فأمرهم علي عليه السلام فصنعوا ذلك ركبانا و رجالا(1).

[51] - في مجمع البيان: و يروى أن عليا عليه السلام صلى ليلة الهرير خمس صلوات بالإيماء و قيل: بالتكبير، و إن النبي صلى الله عليه و آله و سلم صلى يوم الأحزاب إيماء(2).

ص: 49


1- تفسير العياشي: 128/1 ح 423 من سورة البقرة.
2- مجمع البيان: 601/2 /البقرة: 239.

الآية (241)

[سورة البقرة (2): آیة 241]

وَ لِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ

[52] - أبو إسحاق الثعلبي قال: روى أياس بن عامر عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: لكل مؤمنة مطلقة حرة أو أمة متعة و تلا قوله وَ لِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ الآية(1).

ص: 50


1- تفسير الثعلبي: 202/2.

الآية (243)

[سورة البقرة (2): آیة 243]

* أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ .

[53] - الحسن الحلي قال: أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن فضال (1) ،عن الحسين بن علوان(2) ، عن محمد بن داود العبدي، عن الأصبغ بن نباتة: أن عبد الله بن الكواء اليشكري(3) قام إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين، إن أبا المعتمر تكلم آنفا بكلام لا يحتمله قلبي.

ص: 51


1- في البرهان: الحسن بن علي بن فضال، و في الرجعة و الإيقاظ: الحسن بن محبوب.
2- قال النجاشي: الحسين بن علوان الكلبي، مولاهم، كوفي، عامي، أخوه الحسن، يكنى أبا محمد، ثقة، رويا عن أبي عبد الله عليه السلام.
3- هو: عبد الله بن عمرو، من بني يشكر، و كان ناسبا «المعارف لابن قتيبة». و هو خارجي، من أصحاب علي عليه السلام، «الكنى و الألقاب».

فقال: و ما ذاك ؟

قال: يزعم أنك حدثته أنك سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول: إنا قد رأينا أو سمعنا برجل أكبر سنا من أبيه.

فقال أمير المؤمنين - صلوات الله عليه -: فهذا الذي كبر عليك ؟

قال: نعم، فهل تؤمن أنت بهذا و تعرفه ؟(1)

فقال: نعم، ويلك يابن الكواء، إفقه عني (2) ،أخبرك عن ذلك، إن عزيرا خرج من أهله و امرأته في شهرها، و له يومئذ خمسون سنة، فلما ابتلاه الله تعالى بذنبه أماته مائة عام، ثم بعثه، فرجع إلى أهله و هو ابن خمسين سنة، فاستقبله ابنه و هو ابن مائة سنة، ورد الله تعالى عزيرا في السن الذي(3) كان به.

فقال (له )(4):ما تريد؟

فقال له أمير المؤمنين - صلوات الله عليه -: سل عما بدا لك.

ص: 52


1- في الرجعة: و تقربه.
2- في الرجعة: مني. و فقه عنه الكلام: أي فهمه.
3- في البحار: 53 و الرجعة و الإيقاظ: و رد الله تعالى عزيرا إلى الذي.
4- ليس في البحار، و في الرجعة: فقال: أسألك ما نريد.

فقال: نعم، إن أناسا من أصحابك يزعمون أنهم يردون بعد الموت.

فقال أمير المؤمنين - صلوات الله عليه -: نعم، تكلم بما سمعت و لا تزد في الكلام، فما(1) قلت لهم ؟

قال: قلت: لا أؤمن بشيء مما قلتم.

فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: ويلك، إن الله تعالى ابتلى قوما بما كان من ذنوبهم فأماتهم قبل آجالهم التي سميت لهم، ثم ردهم إلى الدنيا ليستوفوا أرزاقهم، ثم أماتهم بعد ذلك.

قال: فكبر على ابن الكواء و لم يهتد له.

فقال له أمير المؤمنين - صلوات الله عليه -: ويلك، تعلم أن الله تعالى قال في كتابه: وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا (2) فانطلق (بهم) معه ليشهدوا له إذا رجعوا عند الملأ من بني إسرائيل أن ربي قد كلمني، فلو أنهم سلموا ذلك له و صدقوا به لكان خيرا لهم، و لكنهم قالوا لموسى عليه السلام: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى نَرَى اللّهَ جَهْرَةً - قال الله

ص: 53


1- في البرهان: مما.
2- سورة الأعراف: 155.

تعالى -: فَأَخَذَتْكُمُ الصّاعِقَةُ - يعني الموت - (1)وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (5(2) ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (3) ، أفترى يا ابن الكواء، أن هؤلاء قد رجعوا إلى منازلهم بعدما ماتوا؟!

فقال ابن الكواء: و ما ذاك ؟ ثم أماتهم مكانهم(4).

فقال (له) أمير المؤمنين عليه السلام: ويلك (5) ،أو ليس قد أخبرك الله في كتابه حيث يقول: وَ ظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوى (5) ؟!فهذا بعد الموت إذ بعثهم.

و أيضا مثلهم يابن الكواء، الملأ من بني إسرائيل حيث يقول الله تعالى: * أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ (6).

و قوله أيضا في عزير حيث أخبر الله تعالى فقال: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنّى يُحْيِي هذِهِ اللّهُ بَعْدَ

ص: 54


1- جملة «يعني الموت» ليس في البحار.
2- سورة البقرة، الآية: 57.
3- سورة البقرة، الآية: 56.
4- في البحار: فكانهم.
5- في البحار و البرهان: لا ويلك، و في البحار: أو ليس قد أخبر الله.
6- سورة البقرة، الآية: 243.

مَوْتِها فَأَماتَهُ اللّهُ - و أخذه بذلك الذنب - مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ - ورده إلى الدنيا ف قال كم لبثت - ف - قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ - ف - قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ (1).فلا تشكن يابن الكواء في قدرة الله تعالى(2).

ص: 55


1- سورة البقرة: 259.
2- عنه البحار: 72/53 ح 72 و الرجعة: 49 ح 23، و صدره في البحار: 374/14 ح 17 و الإيقاظ من الهجعة: 185 ح 42، و قطعة منه في البرهان: 100/1 ح 3.

الآيتان (246) و (247)

[سورة البقرة (2): الآیات 246 الی 247]

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلاّ تُقاتِلُوا

[54] - في كتاب الإحتجاج: للطبرسي رحمه الله من كلام لأمير المؤمنين عليه السلام: اسمعوا ما أتلو عليكم من كتاب الله المنزل على نبيه المرسل لتتعظوا فإنه و الله عظة لكم فانتفعوا بمواعظ الله و انزجروا عن معاصي الله، فقد وعظكم بغيركم، فقال لنبيه صلى الله عليه و آله و سلم: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلاّ تُقاتِلُوا .

قالُوا وَ ما لَنا أَلاّ نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ قَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَ أَبْنائِنا فَلَمّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلاّ قَلِيلاً مِنْهُمْ وَ اللّهُ عَلِيمٌ بِالظّالِمِينَ (24(6) وَ قالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ

ص: 56

مَلِكاً قالُوا أَنّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَ نَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَ لَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ قالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ وَ اللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَ اللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ .

أيها الناس إن لكم في هذه الآيات عبرة لتعلموا أن الله جعل الخلافة و الأمر من بعد الأنبياء في أعقابهم، و إنه فضل طالوت و قدمه على الجماعة باصطفائه إياه و زاده بسطة في العلم و الجسم فهل يجدون الله اصطفى بني أمية على بني هاشم ؟ و زاد معاوية علي بسطة في العلم و الجسم(1)

ص: 57


1- الإحتجاج: 407/1 /احتجاجه في الحث على المسير الى الشام.

الآية (248)

[سورة البقرة (2): آیة 248]

فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ

فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ و اختلفوا في السكينة ما هي ؟

فقال علي عليه السلام: السكينة ريح خجوج حفافة لها رأسان و وجه كوجه الإنسان(1).

ص: 58


1- تفسير الثعلبي: 213/2.

الآية (253)

[سورة البقرة (2): آیة 253]

* تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَ لَوْ شاءَ اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَ لكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَ لَوْ شاءَ اللّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَ لكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ

[55] - في كتاب الإحتجاج: للطبرسي رحمه الله و عن الأصبغ بن نباتة قال: كنت واقفا مع أمير المؤمنين عليه السلام يوم الجمل فجاء رجل حتى توقف بين يديه فقال: يا أمير المؤمنين كبر القوم و كبرنا و هلل القوم و هللنا و صلى القوم و صلينا، فعلى ما نقاتلهم ؟

فقال أمير المؤمنين عليه السلام: على ما أنزل الله عز و جل في كتابه فقال: يا أمير المؤمنين ليس كل ما أنزل الله في كتابه أعلمه، فعلمنيه.

ص: 59

فقال علي عليه السلام: ما أنزل الله في سورة البقرة، فقال:

يا أمير المؤمنين ليس كل ما أنزل الله في سورة البقرة أعلمه، فعلمنيه، فقال علي عليه السلام هذه الآية: * تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَ لَوْ شاءَ اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَ لكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَ لَوْ شاءَ اللّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَ لكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ فنحن الذين آمنا و هم الذين كفروا، فقال الرجل: كفر القوم و رب الكعبة، ثم حمل فقاتل حتى قتل رحمه الله(1).

ص: 60


1- كتاب الإحتجاج: 398/1 احتجاجه عليه السلام في يوم الجمل.

الآية (255)

[سورة البقرة (2): آیة 255]

وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ لا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ

[56] - حدثني أبي عن إسحاق بن الهيثم عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة أن عليا صلوات الله عليه سئل عن قول الله تبارك و تعالى: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ قال: السماوات و الأرض و ما فيهما من مخلوق في جوف الكرسي و له أربعة أملاك يحملونه بإذن الله، فأما ملك منهم ففي صورة الآدميين، و هي أكرم الصور على الله، و هو يدعو الله و يتضرع إليه و يطلب الشفاعة و الرزق لبني آدم، و الملك الثاني في صورة الثور و هو سيد البهائم و هو يطلب إلى الله و يتضرع إليه و يطلب الشفاعة و الرزق لجميع البهائم، و الملك الثالث في صورة النسر و هو سيد الطير و هو يطلب إلى الله تبارك و تعالى و يتضرع إليه و يطلب الشفاعة و الرزق

ص: 61

لجميع الطير، و الملك الرابع في صورة الأسد و هو سيد السباع و هو يرغب إلى الله و يتضرع إليه و يطلب الشفاعة و الرزق لجميع السباع و لم يكن في هذه الصور أحسن من الثور و لا أشد انتصابا منه حتى اتخذ الملأ من بني إسرائيل العجل فلما عكفوا عليه و عبدوه من دون الله خفض الملك الذي في صورة الثور رأسه استحياء من الله أن عبد من دون الله شيء يشبهه و تخوف أن ينزل به العذاب(1).

[57] - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن إسحاق بن الهيثم عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة أن عليا عليه السلام سئل عن قول الله تبارك و تعالى: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ قال: أمير المؤمنين عليه السلام: الكرسي محيط بالسماوات و الأرض و ما بينهما و ما تحت الثرى، و إن تجهر بالقول فإنه يعلم السر و أخفى و ذلك قوله تعالى: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ لا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ .

و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(2).

[58] - أبو إسحاق الثعلبي قال: عن جعفر بن

ص: 62


1- دب: مشى مشيا ضعيفا و يقال للصبي إذا دب و أخذ في الحركة: درج.
2- تفسير القمي: 93/1 /سورة البقرة/ط الأعلمي.

محمد بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «يا علي آية نزلت من كنوز العرش خر كل صنم يعبد في المشرق و المغرب على وجهه» و فزع إبليس. و قال: يحدث في هذه الليلة حدث كبير فانظروني أضرب لكم مشارق الأرض و مغاربها، فأتى يثرب فاستقبله رجل [فتراءى] له إبليس في صورة شيخ.

قال: يا عبد الله هل حدث هذه الليلة أو في هذا اليوم شيء؟

قال: نعم، أخبرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه نزلت عليه آية أصبح كل صنم خارا على وجهه، فانصرف إبليس إلى أصحابه و قال: حدث بيثرب أعظم الحدث [فجاءوا إلى المدينة فبلغهم أن آية الكرسي قد نزلت ](1) ،و قال النبي صلى الله عليه و سلم:

«ما قرأت هذه الآية في دار إلا هجره الشيطان ثلاثة أيام أو قال ثلاثين يوما و لا يدخله ساحر و لا ساحرة أربعين ليلة.

يا علي علم ولدك و أهلك و جيرانك فما نزلت آية أعظم منها »(2).

ص: 63


1- الكافي: 130/1 ح 1.
2- زيادة عن تفسير القرطبي: 268/3.

[59] - أبو إسحاق الثعلبي قال: عن عطية العوفي عن علي رضي الله عنه قال سمعت نبيكم صلى الله عليه و سلم على أعواد المنبر و هو يقول: «من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت و لا يواظب عليها إلا صديق أو عابد، و من قرأها إذا أخذ مضجعه آمنه الله على نفسه و جاره و جار جاره و الأبيات حوله »(1).

[60] - أبو إسحاق الثعلبي قال: نافع عن ابن عمر قال: بينا عمر بن الخطاب جالس في مسجد المدينة في جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم و هم يتذاكرون فضائل القرآن إذ قال قائل منهم: خاتمة براءة، و قال قائل: خاتمة بني إسرائيل، و قال قائل: كهيعص [و قال قائل طه] فقدم القوم و أخروا، فقال علي عليه السلام: و أين أنتم يا أصحاب محمد عن آية الكرسي ؟

فقالوا له: أخبرنا يا أبا الحسن ما سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول ؟

فقال علي عليه السلام قال النبي صلى الله عليه و سلم: «يا علي سيد النبيين آدم، و سيد العرب محمد و لا فخر، و سيد الفرس سلمان،

ص: 64


1- مستدرك الوسائل: 335/4.

و سيد الروم صهيب، و سيد الحبشة بلال، و سيد الجبال الطور، و سيد الشجر السدر، و سيد الشهور الأشهر الحرم، و سيد الأيام يوم الجمعة، و سيد الكلام القرآن، و سيد القرآن البقرة، و سيد البقرة آية الكرسي.

يا علي إن فيها لخمسين كلمة في كل كلمة خمسون بركة »(1).

[61] - أبو إسحاق الثعلبي قال: روى جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب عليه السلام: إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: «لما أراد الله أن ينزل فاتحة الكتاب، و آية الكرسي، و شهد الله، قُلِ اللّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ... إلى بِغَيْرِ حِسابٍ تعلقن بالعرش، و ليس بينهن و بين الله حجاب، و قلن: يا رب تهبطنا دار الذنوب و إلى من يعصيك و نحن متعلقات بالطيور و العرش.

فقال تعالى: و عزتي و جلالي ما من عبد قرأكن في دبر كل صلاة مكتوبة إلا أسكنته حظيرة القدس على ما كان فيه، و إلا نظرت له بعيني في كل يوم سبعين مرة، و إلا قضيت له في كل يوم سبعين حاجة أدناها المغفرة، و إلا أعذته من كل

ص: 65


1- تفسير الثعلبي: 229/2، و تفسير القرطبي: 269/3.

عدو و نصرته عليه، و لا يمنعه دخول الجنة إلا الشرك(1).

[62] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي و مقاتل:

كل قامة من الكرسي طولها مثل السماوات السبع و الأرضين السبع و هو بين يدي العرش، و يحمل الكرسي أربعة أملاك لكل ملك أربعة وجوه أقدامهم في الصخرة التي تحت الأرض السابعة السفلى مسيرة خمس مائة عام: ملك على صورة سيد البشر آدم عليه السلام و هو يسأل للآدميين الرزق و المطر من السنة إلى السنة، و على وجهه غضاضة منذ عبد العجل من دون الله، و ملك على صورة سيد الأنعام و هو الثور و هو يسأل للأنعام الرزق من السنة إلى السنة، و ملك على صورة سيد السباع و هو الأسد يسأل الرزق للسباع من السنة إلى السنة، و ملك على صورة سيد الطير و هو النسر يسأل الله الرزق للطيور من السنة إلى السنة(2).

قوله تعالى: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ (3)

[63] - في عيون الأخبار: في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من الأخبار المجموعة و بإسناده عن علي عليه السلام

ص: 66


1- تفسير الثعلبي: 229/2، و مستدرك الوسائل: 336/4.
2- تفسير الثعلبي: 39/2.
3- تفسير الثعلبي: 233/2.

قال: قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم من قرأ آية الكرسي مائة مرة كان كمن عبد الله طول حياته(1).

[64] - في مجمع البيان: روى جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم قال: لما أراد الله عز و جل أن ينزل فاتحة الكتاب، و آية الكرسي، و شهد الله، و قُلِ اللّهُمَّ مالِكَ إلى قوله بِغَيْرِ حِسابٍ (2) تعلقن بالعرش و ليس بينهن و بين الله حجاب، و قلن: يا رب تهبطنا دار الذنوب و إلى من يعصيك و نحن معلقات بالطهور و بالقدس ؟

فقال: و عزتي و جلالي ما من عبد قرأكن في دبر كل صلاة إلا أسكنته حظيرة القدس على ما كان فيه، و إلا نظرت إليه بعيني المكنونة في كل يوم سبعين نظرة، و إلا قضيت له في كل يوم سبعين حاجة أدناها المغفرة و إلا أعذته من كل عدو و نصرته عليه. و لا يمنعه دخول الجنة إلا أن يموت(3).

ص: 67


1- عيون الأخبار: 65/2 /ب 31 ح 289.
2- سورة آل عمران، الآيتان: 26 و 27.
3- مجمع البيان: 724/2-725 /آل عمران [26].

الآية (258)

[سورة البقرة (2): آیة 258]

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ

[65] - أخرج الطيالسي، و ابن أبي حاتم، عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: الذي حاج إبراهيم في ربه هو نمرود بن كنعان(1).

ص: 68


1- تفسير السيوطي 331:1.

الآية (259)

[سورة البقرة (2): آیة 259]

أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنّى يُحْيِي هذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ

[66] - و روى عن علي عليه السلام أن عزيرا خرج من أهله و امرأته حامل و له خمسون سنة، فأماته الله مائة سنة ثم بعثه فرجع إلى أهله ابن خمسين سنة و له ابن له مائة سنة، فكان ابنه أكبر منه فذلك من آيات الله(1).

[67] - في تفسير العياشي: عن علي بن محمد العلوي عن علي بن مرزوق عن إبراهيم بن محمد قال: ذكر جماعة من أهل العلم أن ابن الكوا قال لعلي عليه السلام: يا أمير المؤمنين ما ولد أكبر من أبيه من أهل الدنيا؟

ص: 69


1- مجمع البيان: 641/2 /البقرة: 259.

قال: نعم أولئك ولد عزيز حيث مر على قرية خربة و قد جاء من ضيعة له تحته حمار، و معه سلة(1) فيها تين و كوز فيه عصير، فمر على قرية خربة فقال: أَنّى يُحْيِي هذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللّهُ مِائَةَ عامٍ فتوالد ولده و تناسلوا ثم بعث الله إليه فأحياه في المولد الذي أماته فيه، فأولئك ولده أكبر من أبيهم(2).

[68] - الحسن الحلي قال: أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن فضال (3) ،عن الحسين بن علوان(4) ، عن محمد بن داود العبدي، عن الأصبغ بن نباتة: أن عبد الله بن الكواء اليشكري(5) قام إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين، إن أبا المعتمر تكلم آنفا بكلام لا يحتمله قلبي.

ص: 70


1- في المصدر (شنة) و الشنة: القربة الخلق.
2- تفسير العياشي: 141/1 ح 468 من سورة البقرة.
3- في البرهان: الحسن بن علي بن فضال، و في الرجعة و الإيقاظ: الحسن بن محبوب.
4- قال النجاشي: الحسين بن علوان الكلبي، مولاهم، كوفي، عامي، أخوه الحسن، يكنى أبا محمد، ثقة، رويا عن أبي عبد الله عليه السلام.
5- هو: عبد الله بن عمرو، من بني يشكر، و كان ناسبا «المعارف لابن قتيبة». و هو خارجي، من أصحاب علي عليه السلام، «الكنى و الألقاب».

فقال: و ما ذاك ؟

قال: يزعم أنك حدثته أنك سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول: إنا قد رأينا أو سمعنا برجل أكبر سنا من أبيه.

فقال أمير المؤمنين - صلوات الله عليه -: فهذا الذي كبر عليك ؟

قال: نعم، فهل تؤمن أنت بهذا و تعرفه ؟(1)

فقال: نعم، ويلك يابن الكواء، إفقه عني (2) ،أخبرك عن ذلك، إن عزيرا خرج من أهله و امرأته في شهرها، و له يومئذ خمسون سنة، فلما ابتلاه الله تعالى بذنبه أماته مائة عام، ثم بعثه، فرجع إلى أهله و هو ابن خمسين سنة، فاستقبله ابنه و هو ابن مائة سنة، و رد الله تعالى عزيرا في السن الذي(3) كان به.

فقال (له )(4):ما تريد؟

فقال له أمير المؤمنين - صلوات الله عليه -: سل عما بدا لك.

ص: 71


1- في الرجعة: و تقربه.
2- في الرجعة: مني. و فقه عنه الكلام: أي فهمه.
3- في البحار: 53 و الرجعة و الإيقاظ: و رد الله تعالى عزيرا إلى الذي.
4- ليس في البحار، و في الرجعة: فقال: أسألك ما نريد.

فقال: نعم، إن أناسا من أصحابك يزعمون أنهم يردون بعد الموت.

فقال أمير المؤمنين - صلوات الله عليه -: نعم، تكلم بما سمعت و لا تزد في الكلام، فما(1) قلت لهم ؟

قال: قلت: لا أؤمن بشيء مما قلتم.

فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: ويلك، إن الله تعالى ابتلى قوما بما كان من ذنوبهم فأماتهم قبل آجالهم التي سميت لهم، ثم ردهم إلى الدنيا ليستوفوا أرزاقهم، ثم أماتهم بعد ذلك.

قال: فكبر على ابن الكواء و لم يهتد له.

فقال له أمير المؤمنين - صلوات الله عليه -: ويلك، تعلم أن الله تعالى قال في كتابه: وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا (2) فانطلق (بهم) معه ليشهدوا له إذا رجعوا عند الملأ من بني إسرائيل أن ربي قد كلمني، فلو أنهم سلموا ذلك له و صدقوا به لكان خيرا لهم، و لكنهم قالوا لموسى عليه السلام: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى نَرَى اللّهَ جَهْرَةً - قال الله تعالى -: فَأَخَذَتْكُمُ

ص: 72


1- في «م» و البرهان: مما.
2- سورة الأعراف: 155.

اَلصّاعِقَةُ - يعني الموت - (1)وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (5(2) ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (3) ،أفترى يا ابن الكواء، أن هؤلاء قد رجعوا إلى منازلهم بعدما ماتوا؟!

فقال ابن الكواء: و ما ذاك ؟ ثم أماتهم مكانهم(4).

فقال (له) أمير المؤمنين عليه السلام: ويلك (5) ،أو ليس قد أخبرك الله في كتابه حيث يقول: وَ ظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوى (5) ؟!فهذا بعد الموت إذ بعثهم.

و أيضا مثلهم يا بن الكواء، الملأ من بني إسرائيل حيث يقول الله تعالى: * أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ (6).

و قوله أيضا في عزير حيث أخبر الله تعالى فقال: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنّى يُحْيِي هذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللّهُ - و أخذه بذلك الذنب - مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ -

ص: 73


1- جملة «يعني الموت» ليس في البحار.
2- سورة البقرة: 57.
3- سورة البقرة: 55-56.
4- في البحار: فكانهم.
5- في البحار و البرهان: لا ويلك، و في البحار: أو ليس قد أخبر الله.
6- سورة البقرة: 243.

و رده إلى الدنيا ف قالَ كَمْ لَبِثْتَ - ف - قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ - ف - قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ (1).فلا تشكن يابن الكواء في قدرة الله تعالى(2).

[69] - أخرج عبد بن حميد، و ابن المنذر، و ابن أبي حاتم، و الحاكم، و صححه البيهقي في الشعب، عن علي بن أبي طالب عليه السلام في قوله: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ قال: عزير نبي الله خرج من مدينته و هو شاب، فمر على قرية خربة و هي خاوية على عروشها فقال: أنى يحيي هذه الله بعد موتها، فأماته الله مائة عام، ثم بعثه فأول ما خلق منه عيناه فجعل ينظر إلى عظامه ينضم بعضها إلى بعض ثم كسيت لحما ثم نفخ فيه الروح، فقيل له: كم لبثت ؟

قال: لبثت يوما أو بعض يوم، قال: بل لبثت مائة عام، فأتى مدينته و قد ترك جارا له إسكافا شابا، فجاء و هو شيخ كبير(3).

ص: 74


1- سورة البقرة: 259.
2- عنه البحار: 72/53 ح 72 و الرجعة: 49 ح 23، و صدره في البحار: 14 / 374 ح 17 و الإيقاظ من الهجعة: 185 ح 42، و قطعة منه في البرهان: 1 / 100 ح 3، و تفسير الصافي 77:4؛ و مختصر بصائر الدرجات: 22.
3- تفسير السيوطي 331:1.

الآية (260)

[سورة البقرة (2): آیة 260]

فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ

[70] - قرأ علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - و أبو الأسود الدؤلي و أبو رجاء العطاردي و أبو عبد الرحمن السلمي و الحسن البصري و عكرمة و الأعرج و شيبة و نافع و ابن كثير و ابن عامر و عاصم و الكسائي و أبو عمرو و يعقوب و أيوب: بضم الصاد(1).

ص: 75


1- تفسير الثعلبي: 254/2.

الآية (261)

[سورة البقرة (2): آیة 261]

وَ اللّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ

[71] - أبو إسحاق الثعلبي قال: أخبرنا أبو عمر الفراتي بقراءتي عليه أخبرنا أبو موسى أخبرنا مسدد عن هارون بن عبد الله الجمال أخبرنا ابن أبي فديك عن الخليل بن عبد الله عن الحسين عن علي بن أبي طالب و أبي الدرداء و أبي هريرة و أبي أمامة الباهلي و عبد الله بن عمرو و عبد الله بن عمر و جابر بن عبد الله و عمران بن حصين كلهم يحدثون عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال: «من أرسل نفقة في سبيل الله و أقام في بيته فله بكل درهم سبعمائة درهم، و من غزا بنفسه في سبيل الله و أنفق في وجهه ذلك فله بكل درهم يوم القيامة سبعمائة ألف درهم» ثم تلا هذه الآية وَ اللّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ (1),(2).

ص: 76


1- سورة البقرة: 261.
2- تفسير الثعلبي: 110/2.

الآية (267)

[سورة البقرة (2): آیة 267]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَ مِمّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَ لا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَ لَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ

[72] - عن علي عليه السلام في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ قال: من الذهب و الفضة وَ مِمّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ قال: يعني من الحب و التمر و كل شيء فيه زكاة(1).

[73] - عن عبيدة السلماني، قال سألت علي بن أبي طالب عن قول الله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ الآية، فقال: نزلت هذه الآية في الزكاة المفروضة، كان الرجل يعمد إلى التمر فيصرمه الجيد ناحية، فإذا جاء صاحب

ص: 77


1- كنز العمال 365:2 ح 4264.

الصدقة أعطاه من الرديء، فقال الله: وَ لا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَ لَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ يقول: و لا يأخذ أحدكم هذا الرديء حتى يهضم له(1).

قوله تعالى: وَ لا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ

[74] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي بن أبي طالب و الحسن و مجاهد و الضحاك: كانوا يتصدقون بشرار ثمارهم و رذالة أموالهم فيعزلون الجيد ناحية لأنفسهم، فأنزل الله تعالى وَ لا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ يعني الرديء من أموالكم، و الخشف من التمر، و العفن و الزوان من الحبوب، و الزيوف من الدراهم و الدنانير(2).

قوله تعالى: وَ لَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ

[75] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي و البراء بن عازب: معناه: لو كان لأحدكم على رجل حق فجاءه بهذا، لم يأخذه إلا و هو يرى أنة قد أغمض عن بعض حقه. و هي رواية العوفي عن ابن عباس(3).

ص: 78


1- كنز العمال 365:2 ح 4265.
2- تفسير الثعلبي: 269/2.
3- تفسير الثعلبي: 269/2.

الآية (274)

[سورة البقرة (2): آیة 274]

اَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِيَةً

[76] - ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن عمر بن محمد الجعابي، قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن عبد الله بن محمد بن العباس الرازي، قال: حدثني أبي، قال: حدثني علي بن موسى الرضا عليهما السلام عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم - و ذكر عدة أحاديث -، ثم نزلت اَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِيَةً في علي عليه السلام(1).

ص: 79


1- تفسير البرهان 257:1.

الآية (275)

[سورة البقرة (2): آیة 275]

فَأُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ

[77] - الطوسي، بإسناده إلى علي عليه السلام، عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم أنه تلا هذه الآية:

أولئك أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ قيل: يا رسول الله من أصحاب النار؟

قال: من قاتل عليا بعدي، أولئك هم أصحاب النار مع الكفار، فقد كفروا بالحق لما جاءهم(1).

ص: 80


1- أمالي الطوسي، المجلس 363:13 ح 763، تفسير نور الثقلين 266:1.

الآية (282)

[سورة البقرة (2): آیة 282]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَ لْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَ لا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللّهُ فَلْيَكْتُبْ وَ لْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَ لْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَ لا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَ اسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَ امْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى وَ لا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا وَ لا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللّهِ وَ أَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ وَ أَدْنى أَلاّ تَرْتابُوا إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلاّ تَكْتُبُوها وَ أَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ وَ لا يُضَارَّ كاتِبٌ وَ لا شَهِيدٌ وَ إِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَ اتَّقُوا اللّهَ وَ يُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ

[78] - قال أمير المؤمنين عليه السلام في قوله عز و جل: فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ

ص: 81

وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ قال: (ضعيفا) في بدنه لا يقدر أن يمل(1) ، أو ضعيفا في فهمه و علمه لا يقدر أن يملي و يميز الألفاظ التي هي عدل عليه و له من الألفاظ التي هي جور عليه أو على حميمه. أو لا يستطيع أن يملي هو يعني بأن يكون مشغولا في مرمة(2) لمعاش، أو تزود لمعاد، أو لذة في غير محرم، فإن تلك - هي - الأشغال التي لا ينبغي لعاقل أن يشرع في غيرها.

قال: فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ يعني النائب عنه، و القيم بأمره بالعدل، بأن لا يحيف على المكتوب له، و لا على المكتوب عليه(3).

قوله تعالى: وَ اسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ

[79] - قال أمير المؤمنين عليه السلام: من أحراركم من المسلمين العدول.

قال أمير المؤمنين عليه السلام: كنا نحن مع رسول الله و هو يذاكرنا قوله تعالى: «وَ اسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ» قال:

ص: 82


1- أمللت الكتاب على الكاتب إملالا: ألقيته عليه، و أمليته عليه إملاء.
2- رم رما و مرمة الأمر: أصلحه.
3- عنه البحار: 304/104 صدر ح 10.

أحراركم دون عبيدكم، فإن الله تعالى قد شغل العبيد بخدمة مواليهم عن تحمل الشهادات و عن أدائها.

قال عليه السلام: استشهدوهم لتحوطوا بهم أديانكم و أموالكم و لتستعملوا أدب الله و وصيته، فإن فيهما النفع و البركة، و لا تخالفوهما فيلحقكم الندم، حيث لا ينفعكم الندم.

- في من لا يستجاب دعاؤه: -

ثم قال أمير المؤمنين عليه السلام: سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول: ثلاثة لا يستجيب الله لهم بل يعذبهم و يوبخهم:

أما أحدهم فرجل ابتلي بامرأة سوء فهي تؤذيه و تضاره، و تعيب عليه دنياه، و تنغصها، و تكدرها، و تفسد عليه آخرته فهو يقول: اللهم يا رب خلصني منها يقول الله تعالى:

يا أيها الجاهل قد خلصتك منها، جعلت بيدك طلاقها و التفصي منها، طلقها و انبذها عند نبذ الجورب الخلق الممزق.

و الثاني: رجل مقيم في بلد قد استوبله، و لا يحضره، له فيه - كل - ما يريده و كل ما التمسه حرمه.

يقول: اللهم - يا رب - خلصني من هذا البلد الذي قد استوبلته.

ص: 83

يقول الله عز و جل: يا عبدي قد خلصتك من هذا البلد، و قد أوضحت لك طريق الخروج منه، و مكنتك من ذلك، فاخرج منه إلى غيره تجتلب عافيتي و تسترزقني.

و الثالث: رجل أوصاه الله تعالى أن يحتاط لدينه بشهود، و كتاب، فلم يفعل ذلك، و دفع ماله إلى غير ثقة بغير وثيقة، فجحده، أو بخسه فهو يقول: اللهم - يا رب - رد علي مالي.

يقول الله عز و جل - له -: يا عبدي قد علمتك كيف تستوثق لمالك، ليكون محفوظا لئلا يتعرض للتلف، فأبيت، فأنت الآن تدعوني، و قد ضيعت مالك و أتلفته و خالفت وصيتي، فلا أستجيب لك.

ثم قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: - ألا - فاستعملوا وصية الله تفلحوا و تنجوا، و لا تخالفوها فتندموا(1).

قوله تعالى: فَرَجُلٌ وَ امْرَأَتانِ

[80] - في تهذيب الأحكام: سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن محمد بن خالد و علي بن حديد عن

ص: 84


1- عنه البحار: 305/104 ضمن ح 10، و البرهان 262/1 ح 3، و مستدرك الوسائل: 376/1 باب 47 ح 4.

علي بن النعمان عن داود بن الحصين عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن شهادة النساء في النكاح بلا رجل معهن إذا كانت المرأة منكرة، فقال: لا بأس به... إلى قوله و كان أمير المؤمنين عليه السلام يجيز شهادة امرأتين في النكاح عند الإنكار، و لا يجيز في الطلاق إلا شاهدين عدلين، قلت:

فأين ذكر الله تعالى قوله فَرَجُلٌ وَ امْرَأَتانِ ؟

فقال ذلك في الدين إذا لم يكن رجلان فرجل و امرأتان، و رجل واحد و يمين المدعي إذا لم يكن امرأتان قضى بذلك رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و أمير المؤمنين عليه السلام بعده عندكم(1).

[81] - قال أمير المؤمنين عليه السلام في قوله عز و جل: فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَ امْرَأَتانِ قال: عدلت امرأتان في الشهادة برجل واحد، فإذا كان رجلان، أو رجل و امرأتان، أقاموا الشهادة قضي بشهادتهم.

قال أمير المؤمنين عليه السلام: كنا نحن مع رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم - و هو يذاكرنا بقوله تعالى: وَ اسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ قال: أحراركم دون عبيدكم فإن الله تعالى قد شغل العبيد

ص: 85


1- التهذيب: 282/6 ح 179.

بخدمة مواليهم عن تحمل الشهادات و عن أدائها، و ليكونوا من المسلمين منكم فإن الله عز و جل - إنما - شرف المسلمين العدول بقبول شهاداتهم، و جعل ذلك من الشرف العاجل لهم، و من ثواب دنياهم قبل أن يصلوا إلى الآخرة إذ جاءت امرأة، فوقفت قبالة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و قالت: بأبي أنت و أمي يا رسول الله أنا وافدة النساء إليك، ما من امرأة يبلغها مسيري هذا إليك إلا سرها ذلك، يا رسول الله، إن الله عز و جل رب الرجال و النساء، و خالق الرجال و النساء، و رازق الرجال و النساء، و إن آدم أبو الرجال و النساء، و إن حواء أم الرجال و النساء، و إنك رسول الله إلى الرجال و النساء.

فما بال امرأتين برجل في الشهادة و الميراث ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: - يا - أيتها المرأة إن ذلك قضاء من ملك - عدل، حكيم - لا يجور، و لا يحيف، و لا يتحامل، لا ينفعه ما منعكن، و لا ينقصه ما بذل لكن، يدبر الأمر بعلمه، يا أيتها المرأة لأنكن ناقصات الدين و العقل.

قالت: يا رسول الله و ما نقصان ديننا؟ قال: إن إحداكن تقعد نصف دهرها لا تصلي بحيضة، و إنكن تكثرن اللعن، و تكفرن النعمة تمكث إحداكن عند الرجل عشر سنين فصاعدا يحسن إليها، و ينعم عليها، فإذا ضاقت يده يوما،

ص: 86

أو خاصمها قالت له: ما رأيت منك خيرا قط.

فمن لم تكن من النساء هذا خلقها فالذي يصيبها من هذا النقصان محنة عليها لتصبر فيعظم الله ثوابها، فابشري.

ثم قال لها رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: ما من رجل ردي إلا و المرأة الردية أردى منه، و لا من امرأة صالحة إلا و الرجل الصالح أفضل منها، و ما ساوى الله قط امرأة برجل إلا ما كان من تسوية الله فاطمة بعلي عليهما السلام و إلحاقها به و هي امرأة تفضل نساء العالمين، و كذلك ما كان من الحسن و الحسين و إلحاق الله إياهما بالأفضلين الأكرمين لما أدخلهما في المباهلة.

قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: فألحق الله فاطمة بمحمد و علي في الشهادة، و ألحق الحسن و الحسين بهم عليهم السلام، قال الله عز و جل:

فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ (1) .

ص: 87


1- آل عمران: 61.

فكان الأبناء الحسن و الحسين عليهما السلام جاء بهما رسول الله، فأقعدهما بين يديه كجروي الأسد، و أما النساء فكانت فاطمة عليها السلام جاء بها رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و أقعدها خلفه كلبوة الأسد، و أما الأنفس فكان علي بن أبي طالب عليه السلام جاء به رسول الله، فأقعده عن يمينه كالأسد، و ربض هو صلى الله عليه و آله و سلم كالأسد، و قال لأهل نجران: هلموا الآن نبتهل، فنجعل لعنة الله على الكاذبين.

فقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: اللهم هذا نفسي و هو عندي عدل نفسي، اللهم هذه - نسائي - أفضل نساء العالمين، و قال:

اللهم هذان ولداي و سبطاي، فأنا حرب لمن حاربوا، و سلم لمن سالموا، ميز الله بذلك الصادقين من الكاذبين.

فجعل محمدا و عليا و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام أصدق الصادقين و أفضل المؤمنين، فأما محمد فأفضل رجال العالمين، و أما علي فهو نفس محمد أفضل رجال العالمين بعده، و أما فاطمة فأفضل نساء العالمين.

و أما الحسن و الحسين فسيدا شباب أهل الجنة إلا ما كان من ابني الخالة عيسى و يحيى بن زكريا عليهم السلام فإن الله تعالى ما ألحق صبيانا برجال كاملي العقول إلا هؤلاء الأربعة: عيسى ابن مريم، و يحيى بن زكريا، و الحسن، و الحسين عليهم السلام:

ص: 88

أما عيسى عليه السلام فقد ذكر الله عز و جل قصته في سورة مريم، و منها قوله تعالى: قالَ إِنِّي عَبْدُ اللّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَ جَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَ جَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَ أَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا (31) وَ بَرًّا بِوالِدَتِي وَ لَمْ يَجْعَلْنِي جَبّاراً شَقِيًّا (32) وَ السَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَ يَوْمَ أَمُوتُ وَ يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (3(3) ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ... (1).

و قال في قصة يحيى يا زَكَرِيّا إِنّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7) قالَ رَبِّ أَنّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَ كانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَ قَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8) قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَ قَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ تَكُ شَيْئاً (9) قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلاّ تُكَلِّمَ النّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا (10) فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَ عَشِيًّا (11) يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12) وَ حَناناً مِنْ لَدُنّا وَ زَكاةً وَ كانَ تَقِيًّا (1(3) وَ بَرًّا بِوالِدَيْهِ وَ لَمْ يَكُنْ جَبّاراً عَصِيًّا (2).

و من ذلك الحكم أنه كان صبيا، فقال له الصبيان: هلم نلعب. فقال: و الله ما للعب خلقنا، و إنما للجد لأمر عظيم.

و في قوله: وَ حَناناً مِنْ لَدُنّا يعني تحننا و رحمة على

ص: 89


1- سورة مريم، الآيات: 30، 31، 32، 33، 34.
2- سورة مريم، الآيات: 7-14.

و الديه و سائر عبادنا وَ زَكاةً يعني طهارة لمن آمن به و صدقه وَ كانَ تَقِيًّا يتقي الشرور و المعاصي وَ بَرًّا بِوالِدَيْهِ محسنا إليهما مطيعا لهما وَ لَمْ يَكُنْ جَبّاراً عَصِيًّا يقتل على الغضب و يضرب على الغضب، لكنه ما من عبد، عبد الله عز و جل إلا و قد أخطأ أو هم بخطأ ما خلا يحيى بن زكريا، فإنه لم يذنب، و لم يهم بذنب. ثم قال الله عز و جل: وَ سَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَ يَوْمَ يَمُوتُ وَ يَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (1).

و قال في قصة يحيى و زكريا عليهما السلام: هُنالِكَ دَعا زَكَرِيّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ (38) فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَ هُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللّهِ وَ سَيِّداً وَ حَصُوراً وَ نَبِيًّا مِنَ الصّالِحِينَ (39) قالَ رَبِّ أَنّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَ قَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَ امْرَأَتِي عاقِرٌ قالَ كَذلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ (40) قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلاّ تُكَلِّمَ النّاسَ ثَلاثَةَ أَيّامٍ إِلاّ رَمْزاً وَ اذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَ سَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَ الْإِبْكارِ (41) وَ إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفاكِ وَ طَهَّرَكِ وَ اصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ (42) يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَ اسْجُدِي وَ ارْكَعِي مَعَ الرّاكِعِينَ (4(3) ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَ ما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَ ما كُنْتَ لَدَيْهِمْ

ص: 90


1- سورة مريم، الآية: 15.

إِذْ يَخْتَصِمُونَ (4(4) إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (1) .

لما رأى زكريا فاكهة الشتاء في الصيف، و فاكهة الصيف في الشتاء عند مريم عليها السلام: كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ ،أيقن أنه من عند الله تعالى، إذ كان لا يدخل عليها أحد غيره، قال عند ذلك في نفسه:

إن الذي يقدر أن يأتي مريم بفاكهة الشتاء في الصيف، و فاكهة الصيف في الشتاء، لقادر أن يهب لي ولدا، و إن كنت شيخا، و كانت امرأتي عاقرا، فهنالك دعا زكريا ربه فقال: هُنالِكَ دَعا زَكَرِيّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ .

قال الله عز و جل: فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ يعني نادت زكريا، وَ هُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللّهِ قال: مصدقا يصدق يحيى بعيسى عليهما السلام: وَ سَيِّداً يعني رئيسا في طاعة الله على أهل طاعته وَ حَصُوراً و هو الذي لا يأتي النساء وَ نَبِيًّا مِنَ الصّالِحِينَ و قال: و كان أول

ص: 91


1- سورة آل عمران، الآيات: 38-45.

تصديق يحيى بعيسى عليهما السلام أن زكريا كان لا يصعد إلى مريم في تلك الصومعة غيره، يصعد إليها يسلم، فإذا نزل أقفل عليها، ثم فتح لها من فوق الباب كوة صغيرة يدخل عليها منها الريح.

فلما وجد مريم قد حبلت ساءه ذلك، و قال في نفسه:

ما كان يصعد إلى هذه أحد غيري و قد حبلت، الآن أفتضح في بني إسرائيل، لا يشكون أني أحبلتها.

فجاء إلى امرأته، فقال لها ذلك، فقالت: يا زكريا لا تخف فإن الله لا يصنع بك إلا خيرا. و ائتني بمريم أنظر إليها، و أسألها عن حالها، فجاء بها زكريا إلى امرأته، فكفى الله مريم مؤونة الجواب عن السؤال و لما دخلت إلى أختها - و هي الكبرى و مريم الصغرى - لم تقم إليها امرأة زكريا فأذن الله ليحيى و هو في بطن أمه فنخس بيده - في بطنها - و أزعجها و نادى أمه: تدخل إليك سيدة نساء العالمين، مشتملة على سيد رجال العالمين، فلا تقومين إليها؟!

فانزعجت، و قامت إليها، و سجد يحيى و هو في بطن أمه لعيسى ابن مريم.

ص: 92

فذلك أول تصديقه له. فذلك قول رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في الحسن و في الحسين عليهما السلام إنهما سيدا شباب أهل الجنة إلا ما كان من ابني الخالة «عيسى و يحيى».

ثم قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: هؤلاء الأربعة عيسى و يحيى و الحسن و الحسين وهب الله لهم الحكم، و أبانهم بالصدق من الكاذبين، فجعلهم من أفضل الصادقين في زمانهم، و ألحقهم بالرجال الفاضلين البالغين.

و فاطمة عليها السلام جعلها من أفضل الصادقين لما ميز الصادقين من الكاذبين.

و علي عليه السلام جعله نفس رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم.

و محمد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم جعله أفضل خلق الله عز و جل.

ثم قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: إن لله عز و جل خيارا من كل ما خلقه، فله من البقاع خيار، و له من الليالي - خيار -، و - من - الأيام خيار، و له من الشهور خيار، و له من عباده خيار، و له من خيارهم خيار: فأما خياره من البقاع فمكة، و المدينة، و بيت المقدس، و إن صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام و المسجد الأقصى - يعني مكة و بيت المقدس -.

ص: 93

و أما خياره من الليالي فليالي الجمع، و ليلة النصف من شعبان، و ليلة القدر، وليلتا العيد.

و أما خياره من الأيام فأيام الجمع، و الأعياد.

و أما خياره من الشهور فرجب، و شعبان، و شهر رمضان.

و أما خياره من عباده فولد آدم، و خياره من ولد آدم من اختارهم على علم منه بهم، فإن الله عز و جل لما اختار خلقه، اختار ولد آدم، ثم اختار من ولد آدم العرب ثم اختار من العرب مضر، ثم اختار من مضر قريشا، ثم اختار من قريش هاشما ثم اختارني من هاشم، و أهل بيتي كذلك، فمن أحب العرب فيحبني و أحبهم، و من أبغض العرب فيبغضني و أبغضهم(1).

قوله تعالى: أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى (2)

ص: 94


1- عنه الوسائل: 198/18 ح 5 و ص 257 ح 15، و البحار: 190/7 ح 52، ج 166/8 ح 111، و ج 48/37-59 ح 27، و ج 126/91 ح 23، و ج 373/96 ح 61 و ج 65/97 ح 2، و ج 259/103 ح 11، و ج 304/104 ح 10 و البرهان: 263/1 ح 3، و مستدرك الوسائل: 376/1 باب 47 ح 4 و ص 576 باب 11 ح 14، و ج 142/2 باب 12 ح 4.
2- سورة البقرة، الآية: 282.

قال أمير المؤمنين عليه السلام في قوله: أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى إذا ضلت إحداهما عن الشهادة و نسيتها، ذكرت إحداهما بها الأخرى فاستقامتا في أداء الشهادة.

عدل الله شهادة امرأتين بشهادة رجل، لنقصان عقولهن و دينهن.

ثم قال عليه السلام: معاشر النساء خلقتن ناقصات العقول، فاحترزن من الغلط في الشهادة فإن الله تعالى يعظم ثواب المتحفظين و المتحفظات في الشهادة.

و لقد سمعت محمدا رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول: ما من امرأتين احترزتا في الشهادة فذكرت إحداهما الأخرى حتى تقيما الحق، و تنفيا الباطل إلا إذا بعثهما الله يوم القيامة عظم ثوابهما، و لا يزال يصب عليهما النعيم و يذكرهما الملائكة ما كان من طاعتهما في الدنيا، و ما كانتا فيه من أنواع الهموم فيها، و ما أزاله الله عنهما حتى خلدهما في الجنان.

و إن فيهن لمن تبعث يوم القيامة، فيؤتى بها قبل أن تعطى كتابها، فترى السيئات بها محيطة، و ترى حسناتها قليلة، فيقال لها: يا أمة الله، هذه سيئاتك، فأين حسناتك ؟ فتقول: لا أذكر حسناتي.

ص: 95

فيقول الله لحفظتها: يا ملائكتي تذاكروا حسناتها و تذكروا خيراتها.

فيتذاكرون حسناتها.

يقول الملك الذي على اليمن للملك الذي على الشمال: أما تذكر من حسناتها كذا و كذا؟ فيقول: بلى، و لكني أذكر من سيئاتها كذا و كذا، فيعدد.

فيقول الملك الذي على اليمين له: أفما تذكر توبتها منها؟

قال: لا أذكر.

قال: أما تذكر أنها و صاحبتها تذاكرتا الشهادة التي كانت عندهما حتى اتفقتا و شهدتا - بها - و لم يأخذهما في الله لومة لائم ؟

فيقول: بلى.

فيقول الملك الذي على اليمين للذي على الشمال:

أما إن تلك الشهادة منهما توبة ماحية لسالف ذنوبهما، ثم تعطيان كتابهما بأيمانهما، فتجدان حسناتهما كلها مكتوبة - فيه - و سيئاتهما كلها.

ثم تجد في آخره: يا أمتي أقمت الشهادة بالحق للضعفاء

ص: 96

على المبطلين، و لم تأخذك في الله لومة لائم، فصيرت لك ذلك كفارة لذنوبك الماضية، و محوا لخطيئاتك السالفة(1).

قوله تعالى: وَ لا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا .

قال أمير المؤمنين عليه السلام: من كان في عنقه شهادة، فلا يأب إذا دعي لإقامتها، و ليقمها و لينصح فيها و لا يأخذه فيها لومة لائم، و ليأمر بالمعروف، ولينه عن المنكر.

و في خبر آخر قال: نزلت فيمن إذا دعي لسماع الشهادة أبى، و نزلت فيمن امتنع عن أداء الشهادة إذا كانت عنده.

وَ لا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَ مَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ يعني كافر قلبه(2).

قوله تعالى: مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ

[82] - قال أمير المؤمنين عليه السلام: ممن ترضون دينه و أمانته، و صلاحه و عفته، و تيقظه فيما يشهد به، و تحصيله و تمييزه، فما كل صالح مميز، و لا محصل، و لا كل محصل مميز صالح، و إن من عباد الله لمن هو من أهل - الجنة - لصلاحه و عفته لو شهد لم تقبل شهادته لقلة تمييزه.

ص: 97


1- تفسير الإمام العسكري، الحديث الأخير.
2- تفسير الإمام العسكري، الحديث الأخير.

فإذا كان صالحا عفيفا، مميزا محصلا، مجانبا للمعصية و الهوى و الميل و التحامل فذلكم الرجل الفاضل، فيه فتمسكوا، و بهديه فاقتدوا، و إن انقطع عنكم المطر فاستمطروا به، و إن امتنع عليكم النبات فاستخرجوا به النبات، و إن تعذر عليكم الرزق فاستدروا به الرزق، فإن ذلك ممن لا يخيب طلبه، و لا ترد مسألته.

و قال: كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يحكم بين الناس بالبينات و الأيمان في الدعاوي، فكثرت المطالبات و المظالم.

فقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: يا أيها الناس إنما أنا بشر، و أنتم تختصمون، و لعل بعضكم يكون ألحن بحجته - من بعض - و إنما أقضي على نحو ما أسمع منه، فمن قضيت له من حق أخيه بشي فلا يأخذنه، فإنما أقطع له قطعة من النار(1)

ص: 98


1- عنه الوسائل: 169/18 ح 3.

الآية (283)

[سورة البقرة (2): آیة 283]

وَ إِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَ لَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ

[83] - قال النحاس: قرأ ابن عباس و مجاهد و عكرمة و الضحاك و أبو العالية (و لم تجدوا كتابا)(1) و روي عن ابن عباس (و لم تجدوا كتابا) قال أبو جعفر: هذه القراءة شاذة و العامة على خلافها و قل ما يخرج شيء عن قراءة العامة إلا كان فيه مطعن نسق الكلام يدل على كاتب قال تعالى قبل هذا «وَ لْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ» (2) و كتاب يقضي جماعة. (فرهان مقبوضة) هذه قراءة علي بن أبي طالب صلوات الله عليه و أهل الكوفة و أهل المدينة(3).

ص: 99


1- معاني الفراء: 189/1.
2- سورة البقرة، الآية: 282.
3- إعراب القرآن: 138/1.

الآية (284)

[سورة البقرة (2): آیة 284]

لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَ اللّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

[84] - عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم السلام قال: إن يهوديا من يهود الشام و أحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه السلام: فإن هذا سليمان قد سخرت له الرياح فسارت في بلاده غدوها شهر و رواحها شهر؟

فقال له علي عليه السلام لقد كان كذلك و محمد صلى الله عليه و آله و سلم أعطي ما هو أفضل من هذا، إنه أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسيرة شهر و عرج به في ملكوت السماوات مسيرة خمسين ألف عام في أقل من ثلث ليلة حتى انتهى إلى ساق العرش، فدنا بالعلم فتدلى، فدلي له من الجنة رفرف

ص: 100

أخضر، و غشي النور بصره فرأى عظمة ربه عز و جل بفؤاده و لم يرها بعينه، فكان قاب قوسين بينها و بينه أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى، فكان فيما أوحى إليه الآية التي في سورة البقرة قوله تعالى: لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَ اللّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) و كانت الآية قد عرضت على الأنبياء من لدن آدم عليه السلام إلى أن بعث الله تبارك اسمه محمدا، و عرضت على الأمم فأبوا أن يقبلوها من ثقلها، و قبلها رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و عرضها على أمته فقبلوها(2).

[85] - في من لا يحضره الفقيه: قال أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته لابنه محمد ابن الحنفية و فرض على القلب و هو أمير الجوارح الذي به يعقل و يفهم و تصدر عن أمره و رأيه، فقال عز و جل إلى قوله: وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ (3).

ص: 101


1- سورة البقرة، الآية: 284.
2- الإحتجاج: 522/1 /محاجة 127.
3- من لا يحضره الفقيه: 627/2 ح 3215 (فقرة من حديث طويل).

[86] - في نهج البلاغة: قال عليه السلام و بما في الصدور تجازى العباد(1).

قوله تعالى: وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللّهُ (2)

[87] - أخرج ابن جرير، و ابن المنذر، و ابن أبي حاتم، من طريق علي عليه السلام عن ابن عباس في قوله: وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ فذلك سرائرك و علانيتك يحاسبكم بها الله، فإنها لم تنسخ و لكن الله إذا جمع الخلائق يوم القيامة، يقول: إني أخبركم بما أخفيتم في أنفسكم مما لم تطلع عليه ملائكتي، فأما المؤمنون فيخبرهم و يغفر لهم ما حدثوا به أنفسهم و هو يقول: يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللّهُ يقول:

يخبركم، و أما أهل الشك و الريب فيخبرهم بما أخفوا من التكذيب، و هو قوله: وَ لكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ (3),(4)

ص: 102


1- نهج البلاغة: خطبة 75.
2- البقرة: 284.
3- البقرة: 225.
4- تفسير السيوطي 375:1.

الآيتان (285) و (286)

[سورة البقرة (2): الآیات 285 الی 286]

آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَ الْمُؤْمِنُونَ...

[88] - أبو إسحاق الثعلبي قال: في قراءة علي و عبد الله: و آمن المؤمنون(1).

[89] - قال أبو بكر السجستاني في كتاب المصاحف:

حدثنا عبد الله، حدثنا محمد بن عبد الله المخزومي، حدثنا مسهر بن عبد الملك، حدثنا عيسى بن عمر بن عطاء بن السائب، حدثنا عن أبي عبد الرحمن عن علي أنه قرأ (آمن الرسول بما أنزل إليه و آمن المؤمنون )(2).

[90] - روي عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السلام عن الحسين بن علي عليهما السلام قال: إن يهوديا من يهود الشام و أحبارهم كان قد قرأ التوراة و الإنجيل و الزبور

ص: 103


1- تفسير الثعلبي: 304/2.
2- كتاب المصاحف: 63.

و صحف الأنبياء عليهم السلام و عرف دلائلهم، جاء إلى مجلس فيه أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و فيهم علي بن أبي طالب، و ابن عباس، و ابن مسعود، و ابو سعيد الجهني.

فقال: يا أمة محمد ما تركتم لنبي درجة، و لا لمرسل فضيلة، إلا أنحلتموها نبيكم، فهل تجيبوني عما أسألكم عنه ؟ فكاع القوم عنه.

فقال علي بن أبي طالب عليه السلام:...

فلما رأى الله تبارك و تعالى منهم القبول علم أنهم لا يطيقونها، فلما أن سار إلى ساق العرش كرر عليه الكلام ليفهمه، فقال: آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ - فأجاب صلى الله عليه و آله و سلم مجيبا عنه و عن أمته - وَ الْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ (1).

فقال جل ذكره لهم الجنة و المغفرة على أن فعلوا ذلك، فقال النبي صلى الله عليه و آله و سلم: أما إذا فعلت ذلك بنا، فغفرانك ربنا و إليك المصير، يعني المرجع في الآخرة، قال: فأجابه الله عز و جل قد فعلت ذلك بك و بأمتك، ثم قال عز و جل: اما إذا قبلت الآية

ص: 104


1- البقرة: 285.

بتشديدها و عظم ما فيها و قد عرضتها على الأمم فأبوا أن يقبلوها و قبلتها أمتك حق علي أن أرفعها عن أمتك و قال:

لا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ - من خير - وَ عَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ (1) من شر فقال النبي صلى الله عليه و آله و سلم - لما سمع ذلك -: أما إذا فعلت ذلك بي و بأمتي فزدني قال: سل، قال: رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا (2) قال الله عز و جل لست أؤاخذ أمتك بالنسيان و الخطأ لكرامتك علي، و كانت الأمم السالفة إذا نسوا ما ذكروا به فتحت عليهم أبواب العذاب، و قد دفعت ذلك عن أمتك، و كانت الأمم السالفة إذا اخطأوا أخذوا بالخطأ و عوقبوا عليه، و قد رفعت ذلك عن أمتك لكرامتك علي، فقال صلى الله عليه و آله و سلم: اللهم إذا أعطيتني ذلك فزدني قال الله تبارك و تعالى له: سل، قال: رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا (3) يعني بالإصر:

الشدائد التي كانت على من كان من قبلنا، فأجابه الله عز و جل إلى ذلك، و قال تبارك اسمه: قد رفعت عن أمتك الآصار التي كانت على الأمم السالفة. كنت لا أقبل صلاتهم إلا في

ص: 105


1- البقرة: 286.
2- البقرة: 286.
3- البقرة: 286.

بقاع معلومة من الأرض اخترتها لهم و إن بعدت، و قد جعلت الأرض كلها لأمتك مسجدا و طهورا، فهذه من الآصار التي كانت على الأمم قبلك فرفعتها عن أمتك، و كانت الأمم السالفة إذا أصابهم أذى من نجاسة قرضوه من أجسادهم، و قد جعلت الماء لأمتك طهورا، فهذا من الآصار التي كانت عليهم فرفعتها عن أمتك.

و كانت الأمم السالفة تحمل قرابينها على أعناقها إلى بيت المقدس، فمن قبلت ذلك منه أرسلت عليه نارا فأكلته فرجع مسرورا، و من لم أقبل منه ذلك رجع مثبورا و قد جعلت قربان أمتك في بطون فقرائها و مساكينها فمن قبلت ذلك منه أضعفت ذلك له أضعافا مضاعفة، و من لم أقبل ذلك منه رفعت عنه عقوبات الدنيا، و قد رفعت ذلك عن أمتك و هي من الآصار التي كانت على الأمم من كان من قبلك، و كانت الأمم السالفة صلواتها مفروضة عليها في ظلم الليل و أنصاف النهار، و هي من الشدائد التي كانت عليهم، فرفعتها عن أمتك و فرضت صلاتهم في أطراف الليل و النهار، و في أوقات نشاطهم، و كانت الأمم السالفة قد فرضت عليهم خمسين صلاة في خمسين وقتا و هي من الآصار التي كانت عليهم، فرفعتها عن أمتك و جعلتها خمسا

ص: 106

في خمسة أوقات، و هي إحدى و خمسون ركعة، و جعلت لهم أجر خمسين صلاة.

و كانت الأمم السالفة حسنتهم بحسنة و سيئتهم بسيئة و هي من الآصار التي كانت عليهم، فرفعتها عن أمتك و جعلت الحسنة بعشرة و السيئة بواحدة. و كانت الأمم السالفة إذا نوى أحدهم حسنة فلم يعملها لم تكتب له، و إن عملها كتبت له حسنة، و إن أمتك إذا هم أحدهم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة، و إن عملها كتبت له عشرة، و هي من الآصار التي كانت عليهم فرفعتها عن أمتك، و كانت الأمم السالفة إذا هم أحدهم بسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه، و إن عملها كتبت عليه سيئة، و إن أمتك إذا هم أحدهم بسيئة ثم لم يعملها كتبت له حسنة، و هذه من الآصار التي كانت عليهم فرفعتها عن أمتك، و كانت الأمم السالفة إذا أذنبوا كتبت ذنوبهم على أبوابهم، و جعلت توبتهم من الذنوب: أن حرمت عليهم بعد التوبة أحب الطعام إليهم، و قد رفعت ذلك عن أمتك و جعلت ذنوبهم فيما بيني و بينهم و جعلت عليهم ستورا كثيفة، و قبلت توبتهم بلا عقوبة، و لا أعاقبهم بأن أحرم عليهم أحب الطعام إليهم، و كانت الأمم السالفة يتوب أحدهم إلى الله من الذنب الواحد مائة سنة، أو ثمانين سنة، أو خمسين سنة، ثم لا أقبل

ص: 107

توبته دون أن أعاقبه في الدنيا بعقوبة، و هي من الآصار التي كانت عليهم فرفعتها عن أمتك، و إن الرجل من أمتك ليذنب عشرين سنة، أو ثلاثين سنة، أو أربعين سنة، أو مائة سنة ثم يتوب و يندم طرفة عين فأغفر ذلك كله، فقال النبي صلى الله عليه و آله و سلم:

إذا اعطيتني ذلك كله فزدني.

قال: سل، قال: رَبَّنا وَ لا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ (1) قال تبارك اسمه: قد فعلت ذلك بأمتك، و قد رفعت عنهم عظم بلايا الأمم، و ذلك حكمي في جميع الأمم: أن لا أكلف خلقا فوق طاقتهم.

فقال النبي صلى الله عليه و آله و سلم: وَ اعْفُ عَنّا وَ اغْفِرْ لَنا وَ ارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا (2) قال الله عز و جل: قد فعلت ذلك بتائبي أمتك ثم قال صلى الله عليه و آله و سلم: فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (3) قال الله جل إسمه: إن أمتك في الأرض كالشامة البيضاء في الثور الأسود، هم القادرون، و هم القاهرون، يستخدمون و لا يستخدمون، لكرامتك علي، و حق علي أن أظهر دينك على الأديان، حتى لا يبقى في شرق الأرض و غربها دين

ص: 108


1- البقرة: 286.
2- البقرة: 286.
3- البقرة: 286.

إلا دينك، و يؤدون إلى أهل دينك الجزية(1).

قوله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَ عَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ

[91] - عن علي عليه السلام قال: لما نزلت هذه الآية وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ أحزنتنا، قلنا: يحدث أحدنا نفسه فيحاسب و لا يدري ما يغفر منه و لا ما لا يغفر، فنزلت هذه الآية بعدها فنسختها: لا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَ عَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ (2),(3).

***

ص: 109


1- الإحتجاج: 336.
2- البقرة: 286.
3- كنز العمال 374:2 ح 4287.

ص: 110

سورة آل عمران

اشارة

ص: 111

ص: 112

الآية (28)

[سورة آل عمران (3): آیة 28]

لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَ يُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَ إِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ

[92] - أخرج ابن جرير، و ابن المنذر، و ابن أبي حاتم، من طريق علي عليه السلام، عن ابن عباس قال:

نهى الله المؤمنين أن يلاطفوا الكفار و يتخذوهم وليجة من دون المؤمنين، إلا أن يكون الكفار عليهم ظاهرين أولياء فيظهرون لهم اللطف و يخالفونهم في الدين، و ذلك قوله:

إِلاّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً (1) .

[93] - و قال أمير المؤمنين عليه السلام: التقية من أفضل أعمال المؤمن، يصون بها نفسه و إخوانه عن الفاجرين.

و قضاء حقوق الإخوان أشرف أعمال المتقين، يستجلب مودة الملائكة المقربين و شوق الحور العين.

ص: 113


1- تفسير السيوطي 16:2.

[94] - عن الإمام العسكري عليه السلام: قال أمير المؤمنين علي عليه السلام في حديث طويل مع اليوناني جاء فيه:... آمرك أن تستعمل التقية في دينك فإن الله عز و جل يقول: لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً .

و قد أذنت لك في تفضيل أعدائنا علينا إن ألجأك الخوف إليه و في إظهار البراءة منا إن حملك الوجل عليه و في ترك الصلوات المكتوبات إذا خشيت على حشاشتك الآفات و العاهات، فإن تفضيلك أعداءنا علينا عند خوفك لا ينفعهم و لا يضرنا، و إن إظهارك براءتك منا عند تقيتك لا يقدح فينا و لا ينقصنا، و لئن تتبرأ منا ساعة بلسانك و أنت موال لنا بجنانك لتبقي على نفسك روحها التي بها قوامك و مالك الذي به قوامها، و جاهها الذي به تماسكها، و تصون من عرف بك و عرفت به من أوليائنا و إخواننا و أخواتنا من بعد ذلك بشهور و سنين إلى أن تنفرج تلك الكربة و تزول - به - تلك الغمة فإن ذلك أفضل من أن تتعرض للهلاك، و تنقطع به عن عمل في الدين و صلاح إخوانك المؤمنين.

و إياك ثم إياك أن تترك التقية التي أمرتك بها، فإنك شائط بدمك و دماء إخوانك معرض لنعمتك و نعمتهم للزوال،

ص: 114

مذل لهم في أيدي أعداء دين الله، و قد أمرك الله بإعزازهم فإنك إن خالفت وصيتي كان ضررك على نفسك و إخوانك أشد من ضرر الناصب لنا الكافر بنا(1)..

ص: 115


1- حلية الابرار: 311/1، و مدينة المعاجز: 58، و البحار: 158/62 ح 2 (قطعة) و عنه الوسائل: 478/11 ح 1 (قطعة) و البحار: 70/10 ح 1، و ج 45/42 ح 18 و عن الاحتجاج: 342/1. و أخرجه في البحار: 221/74 ح 1، و ج 418/75 ح 73 عن الاحتجاج قطعة. و أورد قطعة منه في مناقب آل أبي طالب: 301/21.

الآية (31)

[سورة آل عمران (3): آیة 31]

قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ

[95] - فيها خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام و هي خطبة الوسيلة يقول فيها عليه السلام بعد أن ذكر النبي صلى الله عليه و آله و سلم: قال تبارك و تعالى في التحريض على اتباعه و الترغيب في تصديقه و القبول لدعوته: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ فاتباعه صلى الله عليه و آله و سلم محبة الله، و رضاه غفران الذنوب، و كمال الفوز و وجوب الجنة(1).

ص: 116


1- الكافي: 26/8 ح 4.

الآية (34)

[سورة آل عمران (3): آیة 34]

ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ

[96] - ابن عساكر قال: أخبرنا أبو بكر الشاهد، أنا الحسن بن علي العدل، أنا محمد بن العباس الخزار، أنا أحمد بن معروف الخشاب، أنا الحسين بن محمد الفقيه، نا محمد بن سعد (1) ،نا الفضل بن دكين، نا معمر بن يحيى بن سام قال: سمعت جعفرا قال: سمعت أبا جعفر قال: قال علي: قم فاخطب الناس يا حسن، قال: إني أهابك أن أخطب و أنا أراك. فتغيب عنه حيث يسمع كلامه و لا يراه، فقام الحسن فحمد الله و أثنى عليه و تكلم ثم نزل فقال علي: ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (2).

ص: 117


1- رواه في الطبقات في ترجمة الإمام الحسن عليه السلام.
2- سورة آل عمران، الآية: 34.

الآية (36)

[سورة آل عمران (3): آیة 36]

قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَ اللّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ

[97] - عن علي عليه السلام قال: إن الله أوحى إلى عمران إني واهب لك ذكرا سويا مباركا يبرىء الأكمه و الأبرص، و يحيي الموتى بإذن الله، و جاعله رسولا إلى بني إسرائيل، فحدث عمران امرأته حنة بذلك و هي أم مريم، فلما حملت بها كان حملها عند نفسها غلاما، فلما وضعتها قالت: رب إني وضعتها أنثى و ليس الذكر كالأنثى، لا تكون البنت رسولا، يقول الله تعالى: وَ اللّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ فلما وهب الله لمريم عيسى كان هو الذي بشر به عمران و وعده إياه، فإذا قلنا في الرجل منا شيئا و كان في ولده أو ولد ولده فلا تنكروا ذلك(1).

ص: 118


1- تفسير الصافي 330:1، مجمع البيان 435:1 عن أبي عبد الله عليه السلام.

الآية (52)

[سورة آل عمران (3): آیة 52]

مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللّهِ آمَنّا بِاللّهِ وَ اشْهَدْ بِأَنّا مُسْلِمُونَ

[98] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه الله: عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل و فيه: و لم يخل أرضه من عالم بما تحتاج الخليقة إليه، و متعلم على سبيل نجاة. أولئك هم الأقلون عددا و قد بين الله ذلك من أمم الأنبياء و جعلتهم مثلا لمن تأخر مثل قوله في حواريي عيسى حيث قال لسائر بني إسرائيل: مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللّهِ آمَنّا بِاللّهِ وَ اشْهَدْ بِأَنّا مُسْلِمُونَ يعني مسلمون لأهل الفضل فضلهم؛ و لا يستكبرون عن أمر ربهم، فما أجابه منهم إلا الحواريون(1).

ص: 119


1- الإحتجاج: 581/1 /محاجة 137.

الآية (57)

[سورة آل عمران (3): آیة 57]

وَ أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ

[99] - أخرج ابن جرير، من طريق علي عليه السلام، عن ابن عباس في قوله: وَ أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ يقول: أدوا فرائضي فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ يقول:

فيعطيهم جزاء أعمالهم الصالحة كاملا لا يبخسون منه شيئا و لا ينقصونه(1).

ص: 120


1- تفسير السيوطي 37:2.

الآية (59)

[سورة آل عمران (3): آیة 59]

إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ

[100] - في تفسير العياشي: عن حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن أمير المؤمنين عليه السلام سئل عن فضائله فذكر بعضها ثم قالوا له: زدنا، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أتاه حبران من أحبار اليهود من أهل نجران فتكلما في أمر عيسى فأنزل الله هذه الآية: إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ إلى آخر الآية فدخل رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فأخذ بيد علي و الحسن و الحسين و فاطمة، ثم خرج و رفع كفه إلى السماء و فرج بين أصابعه و دعاهم إلى المباهلة قال:

و قال أبو جعفر عليه السلام: و كذلك المباهلة يشبك يده في يده ثم يرفعها إلى السماء فلما رآه الحبران قال أحدهما لصاحبه: و الله إن كان نبيا لتهلكن، و إن كان غير نبي كفانا قومه، فكفا و انصرفا(1).

ص: 121


1- تفسير العياشي: 175/1 ح 54 من آل عمران.

[101] - عن أبي جعفر الأحول قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما تقول قريش في الخمس ؟

قال: قلت: تزعم أنه لها، قال: ما أنصفونا و الله لو كان مباهلة ليباهلن بنا، و لئن كان مبارزة ليبارزن بنا ثم نكون و هم على سواء؟(1)

ص: 122


1- تفسير العياشي: 176/1 ح 56 من آل عمران.

الآية (60)

[سورة آل عمران (3): آیة 60]

اَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ ..

[102] - قال النحاس: رفع بالإبتداء أو على إضمار ابتداء. و روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قرأ (الحق)منصوبا(1) أي يعلمون الحق فأما الذي في «الأنبياء» «اَلْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ» (2) فلا نعلم أحدا قرأه إلا منصوبا. و الفرق الذي بينهما أن الذي في سورة آل عمران مبتدأ آية و الذي في سورة الأنبياء ليس كذلك(3).

ص: 123


1- مختصر ابن خالويه: 10، البحر المحيط: 436/1.
2- سورة الأنبياء: 24.
3- إعراب القرآن: 84/1.

الآية (61)

[سورة آل عمران (3): آیة 61]

فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ

[103] - عن المنذر، قال: حدثنا علي عليه السلام قال:

لما نزلت هذه الآية فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ الآية، قال: أخذ بيد علي و فاطمة و ابنيهما عليهما السلام، فقال رجل من النصارى: لا تفعلوا فيصيبكم عنت فلم يدعوا(1).

ص: 124


1- تفسير العياشي 177:1، تفسير البرهان 290:1.

الآية (67)

[سورة آل عمران (3): آیة 67]

ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَ لا نَصْرانِيًّا

[104] - في تفسير العياشي: عن عبد الله الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَ لا نَصْرانِيًّا لا يهوديا يصلي إلى المغرب، و لا نصرانيا يصلي إلى المشرق، وَ لكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً يقول: كان حنيفا مسلما على دين محمد صلى الله عليه و آله و سلم(1).

ص: 125


1- تفسير العياشي: 177/1 ح 60 من سورة آل عمران.

الآية (68)

[سورة آل عمران (3): آیة 68]

إِنَّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ

[105] - في كتاب الإحتجاج: للطبرسي رحمه الله خطبة لعلي عليه السلام و فيها قال الله عز و جل إِنَّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ و قال عز و جل: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ (1) فنحن أولى الناس بإبراهيم و نحن ورثناه و نحن أولو الأرحام الذين ورثنا الكعبة، و نحن آل إبراهيم(2).

[106] - في نهج البلاغة: من كتاب له عليه السلام إلى معاوية جوابا: و كتاب الله يجمع لنا ما شذ عنا، و هو قوله سبحانه وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ و قوله تعالى: إِنَّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ

ص: 126


1- سورة الأنفال: 75.
2- الإحتجاج: 371/1.

آمَنُوا وَ اللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ فنحن مرة أولى بالقرابة، و تارة أولى بالطاعة(1).

[107] - قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن أولى الناس بالأنبياء أعلمهم بما جاؤوا به، ثم تلا هذه الآية قال: إن ولي محمد صلى الله عليه و آله و سلم من أطاع الله و إن بعدت لحمته، و إن عدو محمد صلى الله عليه و آله و سلم من عصى الله و إن قربت قرابته(2).

ص: 127


1- نهج البلاغة: باب الرسائل 28 /ص 387.
2- مجمع البيان 458:1، تفسير الصافي 347:1.

الآية (77)

[سورة آل عمران (3): آیة 77]

وَ لا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ

[108] - في كتاب التوحيد: حديث طويل عن أمير المؤمنين عليه السلام يقول فيه و قد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات: و أما قوله: وَ لا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يخبر أنه لا يصيبهم بخير، و قد تقول العرب: و الله ما ينظر إلينا فلان، و إنما يعنون بذلك أنه لا يصيبنا منه خير، فذلك النظر ههنا من الله تبارك و تعالى إلى خلقه فنظره إليهم رحمة لهم(1).

[109] - عن أبي معمر السعدي، قال: قال علي بن أبي طالب عليه السلام في قوله وَ لا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يعني لا ينظر إليهم بخير، أي لا يرحمهم(2).

ص: 128


1- كتاب التوحيد: 265 /ب 36 ح 5.
2- تفسير العياشي 180:1، البحار 10:4، تفسير البرهان 293:1.

الآيتان (79) و (80)

[سورة آل عمران (3): الآیات 79 الی 80]

ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتابَ وَ الْحُكْمَ وَ النُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللّهِ وَ لكِنْ كُونُوا رَبّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَ بِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (7(9) وَ لا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَ النَّبِيِّينَ أَرْباباً أَ يَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ

[110] - عن الرضا عليه السلام في حديث طويل، قال له المأمون: يا أبا الحسن بلغني أن قوما يغلون فيكم و يتجاوزون فيكم الحد؟

فقال الرضا عليه السلام: حدثني أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:

لا ترفعوني فوق حقي فإن الله تعالى اتخذني عبدا قبل أن

ص: 129

يتخذني نبيا، قال الله تعالى: ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتابَ وَ الْحُكْمَ وَ النُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللّهِ وَ لكِنْ كُونُوا رَبّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَ بِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (7(9) وَ لا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَ النَّبِيِّينَ أَرْباباً أَ يَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ .

و قال علي عليه السلام: يهلك في إثنان و لا ذنب لي: محب مفرط، و مبغض مفرط، و إنا لنبرأ إلى الله تعالى ممن يغلو فينا، و يرفعنا فوق حدنا، كبراءة عيسى ابن مريم عليهما السلام من النصارى(1).

قوله تعالى: رَبّانِيِّينَ

[111] - أبو إسحاق الثعلبي قال: إختلفوا فيه: فقال علي و ابن عباس و الحسن و الضحاك: كونوا فقهاء علماء(2).

ص: 130


1- عيون أخبار الرضا عليه السلام، باب الرد على الغلاة و المفوضة 201:2، تفسير نور الثقلين 357:1، البحار 134:25.
2- تفسير الثعلبي: 102/3.

الآية (81)

[سورة آل عمران (3): آیة 81]

وَ إِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ

[112] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي عليه السلام:

لم يبعث الله نبيا - آدم و من بعده - إلا أخذ عليه العهد في محمد صلى الله عليه و سلم، و أمره بأخذ العهد على قومه لتؤمنن به و لئن بعث و هم أحياء لينصرنه، و قال آخرون: إنما أخذ الميثاق على أهل الكتاب الذين أرسل منهم النبيين، و هو قول مجاهد و الربيع(1).

قوله تعالى: وَ إِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ (2).

ص: 131


1- تفسير الثعلبي: 105/3.
2- سورة آل عمران: 81، و في التأويل ...لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ يعني محمدا صلى الله عليه و آله و سلم و لتنصرن وصيه، فقد آمنوا بمحمد و لم ينصروا وصيه.

[113] - في البحار عن الباقر عليه السلام قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن الله تبارك و تعالى أحد واحد تفرد في وحدانيته ثم تكلم بكلمة فصارت نورا ثم خلق من ذلك النور محمدا صلى الله عليه و آله و سلم و خلقني و ذريتي ثم تكلم بكلمة فصارت روحا فأسكنه الله في ذلك النور و أسكنه في أبداننا فنحن روح الله و كلماته فبنا احتج على خلقه، فما زلنا في ظلة خضراء حيث لا شمس و لا قمر و لا ليل و لا نهار و لا عين تطرف نعبده و نقدسه و نسبحه و ذلك قبل أن يخلق الخلق و أخذ ميثاق الأنبياء بالإيمان و النصرة لنا، و ذلك قوله عز و جل وَ إِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ (1) يعني لتؤمنن بمحمد صلى الله عليه و آله و سلم و لتنصرن وصيه و سينصرونه جميعا و إن الله أخذ ميثاقي مع ميثاق محمد صلى الله عليه و آله و سلم بالنصرة بعضنا لبعض فقد نصرت محمدا صلى الله عليه و آله و سلم و جاهدت بين يديه و قتلت عدوه و وفيت لله بما أخذ علي من الميثاق و النصرة لمحمد صلى الله عليه و آله و سلم و لم ينصرني أحد من أنبياء الله و رسله و ذلك لما قبضهم الله إليه و سوف ينصرونني و يكون لي ما بين مشرقها إلى مغربها و ليبعثن الله

ص: 132


1- سورة آل عمران: 81.

أحياء من آدم إلى محمد صلى الله عليه و آله و سلم كل نبي مرسل يضربون بين يدي بالسيف الأموات و الأحياء و الثقلين جميعا(1)

[114] - الحسن الحلي قال: و من «كتاب الواحدة»:

روي عن محمد بن الحسن(2) بن عبد الله الأطروش الكوفي قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد البجلي(3) قال:

حدثني أحمد بن محمد بن خالد البرقي قال: حدثني عبد الرحمان بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن الله - تبارك و تعالى - أحد، واحد، تفرد في وحدانيته، ثم تكلم بكلمة فصارت نورا، ثم خلق من ذلك النور محمدا صلى الله عليه و آله و سلم، و خلقني و ذريتي [منه ](4).

ثم تكلم بكلمة فصارت روحا فأسكنه(5) الله في ذلك النور، و أسكنه في أبداننا، فنحن روح الله، و كلماته، فبنا

ص: 133


1- مختصر البصائر: 34، و البحار: 47:53 ح 20.
2- في التأويل و مدينة المعاجز: أبو محمد الحسن بن عبد الله، و في البرهان: الحسين.
3- قال النجاشي: جعفر بن محمد بن إسحاق بن رباط، أبو القاسم البجلي، شيخ، ثقة، كوفي من أصحابنا.
4- من الرجعة.
5- في التأويل و المدينة: فأسكنها.

احتج على(1) خلقه، فما زلنا في ظلة خضراء حيث لا شمس و لا قمر، و لا ليل و لا نهار، و لا عين تطرف، نعبده و نقدسه و نسبحه، (و ذلك)(2) قبل أن يخلق الخلق، و أخذ ميثاق الأنبياء بالإيمان و النصرة لنا، و ذلك قوله تعالى قال: وَ إِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ يعني لتؤمنن بمحمد صلى الله عليه و آله و سلم و لتنصرن وصيه (3) ، [فقد آمنوا بمحمد و لم ينصروا وصيه] و سينصرونه جميعا.

و إن الله أخذ ميثاقي مع ميثاق محمد صلى الله عليه و آله و سلم بالنصرة بعضنا لبعض، فقد نصرت محمدا صلى الله عليه و آله و سلم، و جاهدت بين يديه، و قتلت عدوه، و وفيت لله(4) بما أخذ علي من الميثاق و العهد و النصرة لمحمد صلى الله عليه و آله و سلم، و لم ينصرني أحد من أنبياء الله(5) و رسله، و ذلك لما قبضهم الله إليه، و سوف ينصرونني(6)

ص: 134


1- في المدينة: فبنا احتجب عن خلقه.
2- ليس في التأويل و المدينة، و في التأويل و البحار: يخلق خلقه، و في الرجعة: يخلق شيئا.
3- من التأويل، و في الرجعة: سينصرونني، و في البرهان: و سينصروني.
4- في التأويل و المدينة: و وفيت الله.
5- في التأويل و المدينة: من أنبيائه.
6- في التأويل: ينصروني، إلى هنا ينتهي الحديث في التأويل و المدينة و البرهان ج 1.

و يكون لي ما بين مشرقها إلى مغربها (1) ،و ليبعثنهم الله أحياء من آدم إلى محمد صلى الله عليه و آله و سلم، كل نبي مرسل يضربون بين يدي بالسيف هام الأموات و الأحياء و الثقلين جميعا.

فيا عجباه!(2) و كيف لا أعجب من أموات يبعثهم الله أحياء؟! يلبون زمرة زمرة بالتلبية: لبيك لبيك يا داعي الله، قد تخللوا سكك(3) الكوفة، و قد شهروا سيوفهم على عواتقهم ليضربوا بها(4) هام الكفرة و جبابرتهم و أتباعهم من جبابرة الأولين و الآخرين، حتى ينجز الله ما وعدهم في قوله تعالى: وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً (5) أي: يعبدونني آمنين لا يخافون أحدا في عبادي(6) ليس عندهم تقية.

ص: 135


1- في الرجعة: ليبعثهم، و في البحار: ليبعثن.
2- في البحار: فيا عجبا.
3- كذا في الرجعة، و في الأصل: اطلوا بسكك، و في البحار: بسكك.
4- كذا في البرهان، و في نسخ الأصل و البحار: ليضربون بها.
5- سورة النور: 55.
6- كذا في البحار و البرهان و الرجعة: من عبادي، و في نسخ الأصل «في عبادي».

و إن لي الكرة بعد الكرة و الرجعة بعد الرجعة، و أنا صاحب الرجعات و الكرات (1) ،و صاحب الصولات و النقمات و الدولات(2) العجيبات، و أنا قرن من حديد(3) ، و أنا عبد الله و أخو رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم.

و أنا أمين الله و خازنه، و عيبة سره و حجابه و وجهه(4) ، و صراطه و ميزانه، و أنا الحاشر إلى الله، و أنا كلمة الله التي يجمع بها المفترق(5) و يفرق بها المجتمع.

و أنا أسماء الله الحسنى، و أمثاله العليا، و آياته الكبرى، و أنا صاحب الجنة و النار، أسكن أهل الجنة الجنة، و (أسكن) أهل النار النار، و إلي تزويج أهل الجنة، و إلي عذاب أهل النار، و إلي إياب الخلق جميعا، و أنا الإياب(6) الذي يؤوب إليه كل شيء بعد القضاء، و إلي حساب الخلق جميعا، و أنا صاحب الهنات(7) ،

ص: 136


1- أي الرجعات إلى الدنيا، أو الحملات في الحروب.
2- الدولة: الغلبة.
3- شبه عليه السلام نفسه بالحصن من الحديد لمناعته و رزانته و حمايته للخلق.
4- في البرهان: و حجابه و عز وجهه.
5- في البرهان: يجمع الله بها المتفرق.
6- في الرجعة و البرهان: و أنا المآب.
7- في البحار: الهبات، و في البرهان: الحساب «الهنات خ ل».

و أنا المؤذن على الأعراف، و أنا بارز الشمس، و أنا دابة الأرض، و أنا قسيم النار، و أنا خازن الجنان، و (أنا)(1) صاحب الأعراف(2).

و أنا أمير المؤمنين، و يعسوب المتقين، و آية السابقين، و لسان الناطقين، و خاتم الوصيين، و وارث النبيين، و خليفة رب العالمين، و صراط ربي المستقيم و فسطاطه، و الحجة على أهل السماوات و الأرضين، و ما فيهما و ما بينهما، و أنا (الذي) احتج الله بي عليكم في ابتداء خلقكم(3) ، و أنا الشاهد يوم الدين، و أنا الذي علمت (علم)(4) المنايا و البلايا و القضايا، و فصل الخطاب و الأنساب، و استحفظت(5) آيات النبيين المستحقين المستحفظين.

ص: 137


1- ليس في البحار.
2- إشارة إلى قوله - تعالى -: وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ [سورة الأعراف: 46].
3- في البرهان: في ابتداء خلقه.
4- ليس في الرجعة و البرهان.
5- في البرهان: و احتفظت، و في البحار: «المستخفين» بدل «المستحقين».

و أنا صاحب العصا و الميسم (1) ،و أنا الذي سخرت (لي)(2) السحاب، و الرعد، و البرق، و الظلم، و الأنوار، و الرياح، و الجبال، و البحار، و النجوم، و الشمس، و القمر، (و أنا الذي أهلكت عادا و ثمود و أصحاب الرس و قرونا بين ذلك كثيرا، و أنا الذي ذللت الجبابرة، و أنا صاحب مدين، و مهلك فرعون، و منجي موسى عليه السلام )(3) ،و أنا القرن الحديد، و أنا فاروق الأمة، و أنا الهادي [عن الضلالة ](4) ، و أنا الذي أحصيت كل شيء عددا بعلم الله الذي أودعنيه، و بسره الذي أسره إلى محمد صلى الله عليه و آله و سلم و أسره النبي صلى الله عليه و آله و سلم إلي، و أنا الذي أنحلني ربي اسمه و كلمته (و حكمته)(5) و علمه و فهمه.

ص: 138


1- إشارة إلى أنه - صلوات الله عليه - دابة الأرض، فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أنه قال: دابة الأرض طولها ستون ذراعا لا يدركها طالب، و لا يفوتها هارب، فتسم المؤمن بين عينيه و تكتب: مؤمن، و تسم الكافر بين عينيه و تكتب: كافر، و معها عصا موسى و خاتم سليمان، فتجلو وجه المؤمن بالعصا، و تختم أنف الكافر بالخاتم، حتى يقال: يا مؤمن و يا كافر. «مجمع البيان: 7 / 404، الكشاف للزمخشري: 384/3».
2- ليس في البرهان.
3- ليس في البحار.
4- من الرجعة.
5- ليس في الأصل.

يا معشر الناس، اسألوني قبل أن تفقدوني، اللهم إني أشهدك و أستعديك(1) عليهم، و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم، و الحمد لله متبعين أمره(2),(3).

[115] - عن أمير المؤمنين عليه السلام: إن الله أخذ الميثاق على الأنبياء قبل نبينا أن يخبروا أممهم بمبعثه و يبشروهم به و يأمروهم بتصديقه(4).

ص: 139


1- في الأصل: و استعد بك.
2- في البرهان: «مبتلين» بدل «متبعين أمره».
3- مختصر البصائر: 100، و الرجعة: 63 ح 42 و البحار: 46/53 ح 20 و صحيفة الأبرار: 92-93، و في الإيقاظ من الهجعة: 280 ح 96 و ص 364 ح 120 مختصرا، و في البرهان: 294/1 ح 3 و مدينة المعاجز: 105/3 ح 768 صدره.
4- مجمع البيان 468:1، تفسير الصافي 351:1.

الآية (83)

[سورة آل عمران (3): آیة 83]

وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً .

[116] - الحسن الحلي قال: من خطبة لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام تسمى المخزون عن آخر الزمان جاء فيها:... و ينادي مناد في شهر رمضان من ناحية المشرق عندما تطلع(1) الشمس: يا أهل الهدى اجتمعوا، و ينادي من ناحية المغرب بعدما تغيب الشمس: يا أهل الضلالة اجتمعوا، و من الغد عند الظهر [بعد] تكور الشمس، فتكون سوداء مظلمة، و اليوم الثالث يفرق بين الحق و الباطل بخروج دابة الأرض، و تقبل الروم إلى قرية بساحل البحر عند كهف الفتية، و يبعث الله الفتية من كهفهم إليهم، [منهم] رجل يقال له: مليخا و الآخر كمسلمينا(2) ،

ص: 140


1- في البحار و الرجعة: عند طلوع الشمس.
2- في الرجعة: مكسلمينا.

و هما الشاهدان المسلمان للقائم عليه السلام(1).

فيبعث أحد الفتية إلى الروم فيرجع بغير حاجة، و يبعث بالآخر فيرجع بالفتح، فيومئذ تأويل هذه الآية: وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً (2),(3).

[117] - في أصول الكافي: محمد بن يحيى عن عبد الله بن جعفر عن السياري عن محمد بن بكر عن أبي الجارود عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين ؟ إن دابتي استصعبت علي و أنا منها على وجل، فقال: اقرأ في أذنها اليمنى، وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ فقرأها فذلت له دابته، و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(4).

[118] - عن عباية الأسدي أنه سمع أمير

ص: 141


1- قد أخرج في البحار: 272/52 ح 167 من قوله عليه السلام: «ألا يا أيها الناس سلوني قبل أن تفقدوني» إلى هنا عن كتاب سرور أهل الإيمان بإسناده عن إسحاق، يرفعه إلى الأصبغ بن نباته نحوه.
2- سورة آل عمران: 83.
3- مختصر البصائر: 460.
4- الكافي: 624/2 ح 21.

المؤمنين عليه السلام يقول: وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ أكان ذلك بعد؟

قلت: نعم يا أمير المؤمنين قال: كلا و الذي نفسي بيده حتى تدخل المرأة بمن عزب آمنين لا تخاف حية و لا عقربا فما سوى ذلك(1).

ص: 142


1- تفسير العياشي: 183/1 ح 79 من آل عمران.

الآية (92)

[سورة آل عمران (3): آیة 92]

لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتّى تُنْفِقُوا مِمّا تُحِبُّونَ

[119] - اشترى علي عليه السلام ثوبا فأعجبه فتصدق به و قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول: من آثر على نفسه آثره الله يوم القيامة بالجنة، و من أحب شيئا فجعله لله قال الله يوم القيامة: قد كان العباد يكافأون فيما بينهم بالمعروف، و أنا أكافيك اليوم بالجنة(1).

ص: 143


1- تفسير الصافي 355:1.

الآية (96)

[سورة آل عمران (3): آیة 96]

إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ

[327] - قال النحاس: إسم «إن» و الخبر (لَلَّذِي بِبَكَّةَ) و اللام توكيد (مباركا) على الحال و يجوز في غير القرآن مبارك على أن يكون خبرا ثانيا و على البدل من الذي و على إضمار مبتدأ (وَ هُدىً لِلْعالَمِينَ) عطف عليه و يكون بمعنى و هو هدى للعالمين و المعنى إن أول بيت وضع للناس مباركا و هدى للعالمين للذي ببكة كما روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه سئل عنه أهو أول بيت وضع للناس ؟

فقال: لا، قد كان نوح عليه السلام و قومه في البيوت من قبل إبراهيم عليه السلام و لكنه أول بيت وضعت فيه البركة و يجوز في غير القرآن مبارك بالخفض نعتا لبيت(1).

ص: 144


1- إعراب القرآن: 167/1.

[120] - عن الشعبي، عن علي عليه السلام في قوله: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً قال: كانت البيوت قبله و لكنه كان أول بيت وضع لعبادة الله(1).

[121] - عن علي عليه السلام أن رجلا قال له: أهو أول بيت ؟

قال: لا، قد كان قبله بيوت، و لكنه أول بيت وضع للناس مباركا، فيه الهدى و الرحمة و البركة(2).

ص: 145


1- كنز العمال 378:2 ح 4297.
2- تفسير الرازي 154:8.

الآية (97)

[سورة آل عمران (3): آیة 97]

وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ

[122] - في نهج البلاغة: قال عليه السلام: جعله سبحانه للإسلام علما و للعائذين حرما، فرض حجه و أوجب حقه، و كتب عليكم وفادته(1) فقال سبحانه: وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ (2).

[123] - عن علي عليه السلام: هو أول بيت خص بالبركة، و بأن من دخله كان آمنا(3).

وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً (4)

ص: 146


1- الوفادة: القدوم للاستفادة و الانتفاع.
2- نهج البلاغة: خطبة 1 /ص 45.
3- تفسير الرازي 158:8.
4- آل عمران: 97.

[124] - عن علي عليه السلام قال: لما نزلت هذه الآية وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً قالوا:

يا رسول الله أفي كل عام ؟ فسكت، فقالوا: أفي كل عام ؟

فسكت، ثم قالوا: أفي كل عام ؟

قال: لا. و لو قلت: نعم لوجبت، فأنزل الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ (1) إلى آخر الآية(2).

ص: 147


1- المائدة: 101.
2- كنز العمال 399:2 ح 4352.

الآية (100)

[سورة آل عمران (3): آیة 100]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا

[125] - في تفسير العياشي: عن إسماعيل بن أبي زياد الكوفي عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهم السلام عن علي عليه السلام قال: ليس في القرآن يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إلا و هي في التوراة يا أيها المساكين(1).

ص: 148


1- تفسير العياشي: 289/1 /سورة المائدة.

الآية (102)

[سورة آل عمران (3): آیة 102]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ لا تَمُوتُنَّ إِلاّ وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ

[126] - في نهج البلاغة: قال عليه السلام فبادروا العمل و خافوا بغتة الأجل، فإنه لا يرجى من رجعة العمر ما يرجى من رجعة الرزق، مافات اليوم من الرزق رجي غدا زيادته و مافات أمس من العمر لم يرج اليوم رجعته، الرجاء مع الجائي و اليأس مع الماضي اِتَّقُوا اللّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ لا تَمُوتُنَّ إِلاّ وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (1).

[127] - وكيع، حدثنا سفيان بن مرة الهمداني، عن عبد خير، قال: سألت علي بن أبي طالب عليه السلام عن قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ حَقَّ تُقاتِهِ قال: و الله ما

ص: 149


1- نهج البلاغة: خطبة 114 /ص 171.

عمل بها غير أهل بيت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم نحن ذكرنا الله فلا ننساه، و نحن شكرناه فلا نكفره و نحن أطعناه فلا نعصيه فلما نزلت هذه الآية قالت الصحابة: لا نطيق ذلك، فأنزل الله تعالى: فَاتَّقُوا اللّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ (1),(2).

[128] - أخرج ابن جرير، و ابن المنذر، و ابن أبي حاتم، و النحاس في ناسخه من طريق علي عليه السلام، عن ابن عباس في قوله: اِتَّقُوا اللّهَ حَقَّ تُقاتِهِ قال: لم تنسخ و لكن حق تقاته أن يجاهدوا في الله حق جهاده و لا تأخذهم في الله لومة لائم، و يقوموا بالقسط و لو على أنفسهم و آبائهم و امهاتهم(3).

ص: 150


1- سورة التغابن، الآية: 16.
2- مناقب ابن شهر آشوب 177:2 باب قرابته، تفسير البرهان 304:1، البحار 63:38.
3- تفسير السيوطي 59:2.

الآية (103)

[سورة آل عمران (3): آیة 103]

وَ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَ كُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ

[129] - في كشف المحجة: لابن طاوس رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يقول فيه: و أما الآية التي عم بها العرب فهو قوله: وَ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَ كُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ فيا لها نعمة ما أعظمها إن لم يخرجوا منها إلى غيرها و يا لها مصيبة ما أعظمها إن لم يؤمنوا بها فيرغبوا عنها(1).

[130] - في كتاب كمال الدين و تمام النعمة: بإسناده

ص: 151


1- كشف المحجة: 175.

إلى عبد الرحمن بن سليمان عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام عن الحارث بن نوفل قال: قال علي عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:

أمنا الهداة أم غيرنا؟

قال: بل منا الهداة إلى الله إلى يوم القيامة، بنا استنقذهم الله عز و جل من ضلالة الشرك، و بنا استنقذهم الله من ضلالة الفتنة، و بنا يصبحون إخوانا بعد ضلالة الفتنة، كما بنا أصبحوا إخوانا بعد ضلالة الشرك و بنا يختم الله كما بنا يفتح الله(1).

ص: 152


1- كمال الدين: 205-230 /باب اتصال الوصية.

الآية (105)

[سورة آل عمران (3): آیة 105]

وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَ اخْتَلَفُوا

[131] - أخرج ابن جرير، و ابن أبي حاتم، من طريق علي، عن ابن عباس في قوله: وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَ اخْتَلَفُوا قال: أمر الله المؤمنين بالجماعة و نهاهم عن الإختلاف و الفرقة، و أخبرهم إنما هلك من كان قبلكم بالمراء و الخصومات في دين الله(1).

ص: 153


1- تفسير السيوطي 62:2.

الآية (106)

[سورة آل عمران (3): آیة 106]

يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ

[132] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال الحارث الأعور: سمعت عليا عليه السلام على المنبر يقول: «إن الرجل ليخرج من أهله فما يؤوب إليهم حتى يعمل عملا يستوجب به الجنة، و إن الرجل ليخرج من أهله فما يعود إليهم حتى يعمل عملا يستوجب به النار». ثم قرأ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ الآية(1).

ص: 154


1- تفسير الثعلبي: 125/3.

الآية (123)

[سورة آل عمران (3): آیة 123]

وَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَ أَنْتُمْ أَذِلَّةٌ

[133] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال الشعبي: بلغ رسول الله صلى الله عليه و سلم و المسلمين يوم بدر أن كرز بن جابر المحاربي يمد المشركين، فشق ذلك عليهم فأنزل الله تعالى أَ لَنْ يَكْفِيَكُمْ إلى قوله مُسَوِّمِينَ ،فلما بلغ الكرز الهزيمة فرجع و لم يأتهم و لم يمدهم أمدهم الله أيضا بخمسة آلاف، و كانوا قد أمدوا بألف.

و قال آخرون: إنما وعد الله تعالى المسلمين يوم بدر إن صبروا على طاعته فاتقوا محارمه أن يمدهم في حروبهم كلها فلم يصبروا و لم يتقوا إلا في يوم الأحزاب فأمدهم الله تعالى حتى حاصروا قريظة.

قال عبد الله بن أوفى: كنا محاصري بني قريظة و النضير ما شاء الله أن نحاصرهم فلم يفتح علينا فرجعنا،

ص: 155

فدعا رسول الله صلى الله عليه و سلم بغسل، فهو يغسل رأسه إذ جاءه جبرئيل عليه السلام فقال: «يا محمد، وضعتم أسلحتكم و لم تضع الملائكة أوزارها؟». فدعا رسول الله صلى الله عليه و سلم بخرقة فلف بها رأسه و لم يغسله ثم نادى فينا فقمنا كالين متعبين لا نعبأ بالسير شيئا حتى أتينا بني قريظة و النضير، فيومئذ أمدنا الله تعالى بثلاثة آلاف من الملائكة، ففتح الله لنا فتحا يسيرا و انقلبنا بنعمة الله و فضل.

و قال قوم: إنما كان هذا يوم أحد، وعدهم الله عز و جل المدد إن صبروا، فلم يصبروا؛ فلم يمدوا و لا بملك واحد [و] لو أمدوا لما هزموا. و هو قول عكرمة و الضحاك. و كان هذا يوم أحد حين انصرف أبو سفيان و أصحابه؛ و ذلك أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يخاف أن يدخل المشركون المدينة، فبعث علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: «اخرج على آثار القوم فانظر ما يصنعون و ما يريدون، فإن كانوا قد أجبنوا الخيل و ركبوا و امتطوا الإبل فإنهم يريدون مكة، و إن ركبوا الخيل و ساقوا الإبل فهم يريدون المدينة، فو الذي نفسي بيده لئن أرادوها لأسيرن إليهم فيها ثم لأناجزنهم».

قال علي عليه السلام: «فخرجت في آثارهم أنظر ما يصنعون، فإذا هم قد اجبنوا الخيل و امتطوا الإبل و توجهوا إلى مكة،

ص: 156

و قد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: أي ذلك كان فأخفه حتى تأتيني، فلما رأيتهم قد توجهوا إلى مكة أقبلت أصيح ما أستطيع أن أكتم لما بي من الفرح و انصرفوا إلى مكة و انصرفنا إلى المدينة، فأنزل الله تعالى في ذلك ألن يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ» (1) يعني أن انصرفوا إليكم و دخلوا المدينة.

و في قراءة أبي (ألا يكفيكم أن يمدكم ربكم )،أي يعطيكم و يعينكم(2).

ص: 157


1- تاريخ الطبري: 207/2.
2- تفسير الثعلبي: 143/3.

الآية (133)

[سورة آل عمران (3): آیة 133]

* وَ سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ

[134] - أبو إسحاق الثعلبي قال: علي بن أبي طالب كزم الله وجهه: إلى أداء الفرائض(1).

[135] - في مجمع البيان: وَ سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ و اختلف في ذلك فقيل: سارعوا إلى أداء الفرائض، عن علي بن أبي طالب عليه السلام(2).

[136] - في كتاب الخصال: فيما علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه مما يصلح للمسلم في دينه و دنياه * وَ سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ فإنكم لن تنالوها إلا بالتقوى(3).

ص: 158


1- تفسير الثعلبي: 148/3.
2- مجمع البيان: 836/2 /سورة آل عمران [133].
3- كتاب الخصال: 633/2 /باب المائة ح 10.

قوله تعالى: وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ

[137] - عن وكيع الثوري، عن السدي، قال: كنت عند عمر بن الخطاب إذ أقبل كعب بن الأشرف و مالك بن الصيفي و حي بن أخطب، فقالوا: إن كتابكم وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إذا كانت سعة جنة واحدة كسبع سماوات و سبع أرضين، فالجنان كلها يوم القيامة أين تكون ؟

فقال عمر: لا أعلم فبينما هم في ذلك إذا دخل علي عليه السلام فقال: في أي شيء أنتم ؟

فالتفت اليهودي و ذكر المسألة، فقال عليه السلام لهم:

خبروني إن النهار إذا أقبل الليل أين يكون، و الليل إذا أقبل النهار أين يكون ؟

فقال له: في علم الله يكون، قال علي عليه السلام: كذلك الجنان تكون في علم الله، فجاء علي إلى النبي صلى الله عليه و آله و سلم و أخبره بذلك، فنزل فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (1),(2).

ص: 159


1- النحل: 43، الأنبياء: 7.
2- مناقب ابن شهر آشوب 352:2 باب قضاياه عليه السلام في حياة الرسول، تفسير البرهان 372:2.

الآية (135)

[سورة آل عمران (3): آیة 135]

وَ الَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ

[138] - قال علي عليه السلام: و حدثني أبو بكر (و صدق أبو بكر)، أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول: ما من عبد يذنب ذنبا، فيحسن الطهور ثم يقوم فيصلي ركعتين، ثم يستغفر الله إلا غفر له، ثم قرأ هذه الآية: وَ الَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ الآية، و الأخرى: وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ (1),(2)

ص: 160


1- النساء: 110.
2- مسند أبي داود الطيالسي 86:2 ح 1521.

الآية (144)

[سورة آل عمران (3): آیة 144]

وَ ما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ

[139] - عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل و فيه:

و ليس كل من أقر أيضا من أهل القبلة بالشهادتين كان مؤمنا، إن المنافقين كانوا يشهدون أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، و يدفعون أهل رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم بما عهده به من دين الله و عزائمه و براهين نبوته إلى وصيه و يضمرون من الكراهية لذلك و النقض لما أبرمه منه عند إمكان الأمر لهم فيه بما قد بينه الله لنبيه صلى الله عليه و آله و سلم بقوله: وَ ما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ (1).

ص: 161


1- الإحتجاج: 583/1 /احتجاجه عليه السلام على الزنديق.

[140] - في كتاب الإحتجاج: للطبرسي رحمه الله بإسناده قال علي عليه السلام في خطبة له: إن الله ذا الجلال و الإكرام لما خلق الخلق، و اختار خيرة من خلقه، و اصطفى صفوة من عباده، و أرسل رسولا منهم، و أنزل عليه كتابه، و شرع له دينه و فرض فرائضه، فكانت الجملة قول الله جل ذكره حيث أمر فقال: أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (1) فهو لنا أهل البيت خاصة دون غيرنا، فانقلبتم على أعقابكم، و ارتددتم و نقضتم الأمر و نكثتم العهد و لم تضروا الله شيئا(2).

[141] - في روضة الكافي: خطبة مسندة لأمير المؤمنين عليه السلام و هي خطبة الوسيلة يقول فيها عليه السلام: حتى إذا دعا الله عز و جل نبيه صلى الله عليه و آله و سلم و رفعه إليه لم يك ذلك بعده إلا كلمحة من خفقة أو و ميض من برقة(3) إلى أن رجعوا على الأعقاب و انتكصوا على الأدبار، و طلبوا بالأوتار، و أظهروا الكتائب و ردموا الباب و فلوا الدار و غيروا آثار الرسول صلى الله عليه و آله و سلم، و رغبوا عن أحكامه، و بعدوا من أنواره، و استبدلوا بمستخلفه بديلا

ص: 162


1- سورة النساء: 59.
2- الإحتجاج: 370/1 /احتجاجه عليه السلام على الناكثين.
3- الخفقة. النعاس. و الوميض: اللمع الجلي.

اتخذوه و كانوا ظالمين، و زعموا أن من اختاروا من آل أبي قحافة أولى بمقام رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ممن اختاره الرسول عليه و آله السلام لمقامه، و أن مهاجر آل أبي قحافة خير من المهاجري الأنصاري الرباني ناموس هاشم بن عبد مناف(1).

[142] - في أمالي شيخ الطائفة (قدس سره): بإسناده إلى ابن عباس أن عليا عليه السلام كان يقول في حياة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: إن الله عز و جل يقول: وَ ما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ و الله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله، و الله لئن مات أو قتل لأقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت، و الله إني لأخوه و ابن عمه و وارثه فمن أحق به مني ؟(2).

ص: 163


1- الكافي: 29/8 ح 4.
2- الأمالي: 502 ح 1104 /ط دار الثقافة - قم.

الآية (145)

[سورة آل عمران (3): آیة 145]

وَ ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاّ بِإِذْنِ اللّهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً وَ مَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَ مَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها وَ سَنَجْزِي الشّاكِرِينَ

[143] - في كتاب طب الأئمة: بإسناده إلى أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: شكا رجل من همدان إلى أمير المؤمنين وجع الظهر و أنه يسهر الليل، فقال: ضع يدك على الموضع الذي تشتكي منه و اقرأ ثلاثا وَ ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاّ بِإِذْنِ اللّهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً وَ مَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَ مَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها وَ سَنَجْزِي الشّاكِرِينَ و اقرأ سبع مرات إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ... إلى آخرها فإنك تعافى من العلة إن شاء الله تعالى(1).

ص: 164


1- طب الأئمة: 31.

الآية (146)

[سورة آل عمران (3): آیة 146]

وَ كَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ ما ضَعُفُوا وَ مَا اسْتَكانُوا وَ اللّهُ يُحِبُّ الصّابِرِينَ

[144] - الحسن الحلي قال: و من «كتاب سليم بن قيس الهلالي» - رحمة الله عليه -، عن أبان قال: لقيت أبا الطفيل بعد ذلك في منزله، فحدثني في الرجعة عن أناس من أهل بدر و عن سلمان و المقداد و أبي بن كعب.

و قال أبو الطفيل:... فقلت: يا أمير المؤمنين، قول الله تعالى: * وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ (1) ما الدابة ؟

قال: يا أبا الطفيل، إله عن هذا.

فقلت: يا أمير المؤمنين، أخبرني به، جعلت فداك.

ص: 165


1- سورة النمل: 82.

قال: هي دابة تأكل الطعام، و تمشي في الأسواق، و تنكح النساء.

فقلت: يا أمير المؤمنين، من هو؟

قال: (هو) زر الأرض الذي تسكن الأرض به(1).

قلت: يا أمير المؤمنين، من هو؟

قال: صديق هذه الأمة و فاروقها و ربيها(2) و ذو قرنيها (3)...(4)..

ص: 166


1- في سليم: الذي إليه تسكن الأرض.
2- في سليم: و رئيسها. إشارة إلى قوله - تعالى: وَ كَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ ما ضَعُفُوا وَ مَا اسْتَكانُوا وَ اللّهُ يُحِبُّ الصّابِرِينَ [سورة آل عمران: 146].
3- في سليم: و ذو قرنها، و في نسخ الأصل: قرينها، و ما أثبتناه من الرجعة و البحار.
4- مختصر البصائر: 121، و كتاب سليم بن قيس: 12-14، و عنه الرجعة: 72 ح 45 و صحيفة الأبرار: 107/1-108، و في البحار: 68/53 ح 66 عنه و عن كتابنا هذا، و في الإيقاظ من الهجعة: 281 ح 97 و ص 366 ح 121 عن كتابنا هذا نقلا من كتاب سليم بن قيس.

الآيتان (148) و (149)

[سورة آل عمران (3): الآیات 148 الی 149]

وَ اللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (14(8) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا

[145] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي عليه السلام:

يعني المنافقين في قولهم للمؤمنين عند الهزيمة: ارجعوا إلى إخوانكم و ادخلوا في دينهم(1).

قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا

[146] - فيه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا الآية قيل: نزلت في المنافقين إذ قالوا للمؤمنين يوم أحد عند الهزيمة: ارجعوا إلى إخوانكم و ارجعوا في دينكم عن علي عليه السلام(2).

ص: 167


1- تفسير الثعلبي: 183/3.
2- مجمع البيان: 856/2 /آل عمران [149].

الآية (159)

[سورة آل عمران (3): آیة 159]

فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ

[147] - أخرج ابن مردوية، عن علي عليه السلام قال:

سئل رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم عن العزم، فقال: مشاورة أهل الرأي ثم اتباعهم(1).

ص: 168


1- تفسير السيوطي 91:2.

الآية (165)

[سورة آل عمران (3): آیة 165]

أَ وَ لَمّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

[148] - أخرج ابن شيبة، و الترمذي و حسنه، و ابن جرير، و ابن مردوية، عن علي عليه السلام قال: جاء جبرائيل (يوم بدر) إلى النبي صلى الله عليه و آله و سلم فقال: يا محمد إن الله قد كره ما صنع قومك في أخذهم الفداء من الأسارى، و قد أمرك أن تخيرهم بين أمرين: إما أن يقدموا فتضرب أعناقهم، و بين أن يأخذوا الفداء على أن يقتل منهم عدتهم، فدعا رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم الناس فذكر ذلك لهم، فقالوا:

يا رسول الله عشائرنا و إخواننا نأخذ فداءهم فنقوى به على قتال عدونا، و يستشهد منا بعدتهم، فليس في ذلك ما نكره، فقتل منهم يوم أحد سبعون رجلا، عدة أسارى أهل بدر(1).

ص: 169


1- تفسير السيوطي 93:2، تفسير الرازي 82:9.

الآية (169)

[سورة آل عمران (3): آیة 169]

وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ

[149] - في أصول الكافي: محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى و محمد بن أبي عبد الله و محمد بن أبي الحسن عن سهل بن زياد جميعا عن الحسن بن العباس بن الحريش عن أبي جعفر الثاني عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام قال يوما لأبي بكر: وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ و أشهد أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم مات شهيدا و الله ليأتينك فأيقن إذا جاءك فإن الشيطان غير متخيل به فأخذ علي عليه السلام بيد أبي بكر فأراه النبي صلى الله عليه و آله و سلم فقال له: يا أبا بكر آمن بعلي و بأحد عشر من ولده إنهم مثلي إلا النبوة، و تب إلى الله مما في يدك فإنه لا حق لك فيه، قال: ثم ذهب فلم ير(1).

ص: 170


1- الكافي: 533/1 ح 13.

[150] - في الكافي: علي بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عن أبي حمزة عن عقيل الخزاعي أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان إذا حضر الحرب يوصي للمسلمين بكلمات يقول: تعاهدوا الصلاة إلى أن قال عليه السلام:

ثم إن الجهاد أشرف الأعمال بعد الإسلام و هو قوام الدين و الأجر فيه عظيم مع العزة و المنعة و هو الكره، فيه الحسنات و البشرى بالجنة بعد الشهادة، و بالرزق غدا عند الرب و الكرامة، يقول الله تعالى: وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ الآية(1).

ص: 171


1- الكافي: 37/5 ح 1.

الآية (173)

[سورة آل عمران (3): آیة 173]

اَلَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إِنَّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَ قالُوا حَسْبُنَا اللّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ

[151] - علي بن الحسين المرتضى، نقلا عن تفسير النعماني، عن أمير المؤمنين عليه السلام في قوله سبحانه: اَلَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إِنَّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَ قالُوا حَسْبُنَا اللّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ (173) نزلت هذه الآية في نعيم بن مسعود الأشجعي، و ذلك أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لما رجع من غزوة أحد، و قد قتل عمه حمزة، و قتل من المسلمين من قتل و جرح من جرح، و انهزم من انهزم و لم ينله القتل و الجرح، أوحى الله تعالى إلى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أن أخرج في وقتك هذا لطلب قريش و لا تخرج معك من أصحابك إلا من كانت به جراحة، فأعلمهم بذلك، فخرجوا معه على ما كان من الجراح حتى نزلوا منزلا يقال له حمراء الأسد، و كانت

ص: 172

قريش قد جدت السير فرقا، فلما بلغهم خروج رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في طلبهم خافوا، فاستقبلهم رجل من أشجع يقال له نعيم بن مسعود يريد المدينة، فقال له أبو سفيان صخر بن حرب:

يا نعيم هل لك أن أضمن لك عشر قلائص و تجعل طريقك على حمراء الأسد فتخبر محمدا أنه جاء مدد كثير من حلفائنا من العرب، كنانة و عشيرتهم، الأحابيش،. تهول عليهم ما استطعت فلعلهم يرجعون عنا، فأجابه إلى ذلك، و قصد حمراء الأسد، فأخبر رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم بذلك، و قال: إن قريشا يصبحونكم بجمعهم الذي لا قوام لكم به، فاقبلوا نصيحتي و ارجعوا، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: حَسْبُنَا اللّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ اعلم أنا لا نبالي بهم، فأنزل الله سبحانه على رسوله اَلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلّهِ وَ الرَّسُولِ إلى قوله: وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ و إنما كان القائل نعيم بن مسعود، فسماه الله باسم جميع الناس(1).

ص: 173


1- رسالة المحكم و المتشابه: 24، البحار 110:20.

الآية (178)

[سورة آل عمران (3): آیة 178]

وَ لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً

[152] - في نهج البلاغة قال عليه السلام: الموت خير للمؤمن و الكافر؛ أما المؤمن فيتعجل له النعيم، و أما الكافر فيقل عذابه، و آية ذلك من كتاب الله تعالى: وَ ما عِنْدَ اللّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ (1) ،وَ لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً .

ص: 174


1- سورة آل عمران 178.

الآية (179)

[سورة آل عمران (3): آیة 179]

ما كانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ

[153] - أخرج ابن أبي حاتم، من طريق علي عليه السلام، عن ابن عباس قال: يقول للكفار: ما كانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ فيميز أهل السعادة من أهل الشقاوة(1).

ص: 175


1- تفسير السيوطي 104:2.

الآية (187)

[سورة آل عمران (3): آیة 187]

وَ إِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنّاسِ وَ لا تَكْتُمُونَهُ

[154] - في مجمع البيان: عن علي عليه السلام قال:

ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلموا(1).

قوله تعالى: فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَ اشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ

[155] - في كتاب الإحتجاج للطبرسي: عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام مجيبا لبعض الزنادقة: و أما ما ذكرته من الخطاب الدال على تهجين النبي صلى الله عليه و آله و سلم و الإزراء به و التأنيب له(2) مع ما أظهره الله تبارك

ص: 176


1- مجمع البيان: 905/2 /آل عمران: 187.
2- أزرى عليه: عابه و عاتبه. و التأنيب: اللوم.

و تعالى في كتابه من تفضيله إياه على سائر أنبيائه فإن الله عز و جل جعل لكل نبي عدوا من المشركين، كما قال في كتابه و بحسب جلالة منزلة نبينا صلى الله عليه و آله و سلم عند ربه، كذلك عظم محنته لعدوه الذي عاذ منه في حال شقاقه و نفاقه، و كل أذى و مشقة لدفع نبوته و تكذيبه إياه و سعيه في مكارهه و قصده لنقض كل ما أبرمه، و اجتهاده و من مالأه على كفره و عناده و نفاقه و إلحاده في إبطال دعوته و تغيير ملته و مخالفة سنته، و لم ير شيئا أبلغ في تمام كيده من تنفيرهم عن موالاة وصيه و إيحاشهم منه و صدهم عنه و إغرائهم بعداوته، و القصد لتغيير الكتاب الذي جاء به، و إسقاط ما فيه من فضل ذوي الفضل و كفر ذوي الكفر، منه و ممن وافقه على ظلمه و بغيه و شركه، و لقد علم الله ذلك منهم فقال: إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا و قال: يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللّهِ (1) و لقد أحضروا الكتاب مكملا مشتملا على التأويل و التنزيل و المحكم و المتشابه و الناسخ و المنسوخ، لم يسقط منه حرف ألف و لا لام، فلما وقفوا على ما بينه الله من أسماء أهل الحق و الباطل؛ و أن ذلك إن ظهر ما عقدوه، قالوا: لا حاجة

ص: 177


1- الفتح: 15.

لنا فيه نحن مستغنون عنه بما عندنا، و لذلك قال: فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَ اشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ (1) ثم دفعهم الإضطرار بورود المسائل عليهم عما لا يعلمون تأويله إلى جمعه و تأليفه و تضمينه من تلقائهم ما يقيمون به دعائم كفرهم، فصرخ مناديهم: من كان عنده شيء من القرآن فليأتنا به، و وكلوا تأليفه و نظمه إلى بعض من وافقهم على معاداة أولياء الله فألفه على اختيارهم، و ما يدل للمتأمل على اختلال تمييزهم و افترائهم و تركوا منه ما قدروا أنه لهم و هو عليهم، و زادوا فيه ما ظهر تناكره و تنافره، و علم الله أن ذلك يظهر و يبين، فقال: ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ (2) و انكشف لأهل الإستبصار عوارهم و افتراؤهم، و الذي بدا في الكتاب من الإزراء على النبي صلى الله عليه و آله و سلم من فرية الملحدين و لذلك قال: وَ إِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَ زُوراً (3) فيذكر جل ذكره لنبيه صلى الله عليه و آله و سلم ما يحدثه عدوه في كتابه من بعده بقوله:

وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَ لا نَبِيٍّ إِلاّ إِذا تَمَنّى أَلْقَى الشَّيْطانُ

ص: 178


1- آل عمران: 187.
2- النجم: 30.
3- المجادلة: 2.

فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللّهُ آياتِهِ (1) يعني إنه ما من نبي تمنى مفارقة ما يعانيه من نفاق قومه و عقوقهم و الانتقال إلى دار الإقامة إلا ألقى الشيطان المعرض لعداوته عند فقده في الكتاب الذي أنزل عليه ذمه و القدح فيه و الطعن عليه، فينسخ الله ذلك من قلوب المؤمنين فلا تقبله و لا تصغي إليه غير قلوب المنافقين و الجاهلين، و يحكم الله آياته بأن يحمي أولياءه من الضلال و العدوان و مشايعة أهل الكفر و العدوان و الطغيان الذين لم يرض الله أن يجعلهم كالأنعام حتى قال: بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (2) فافهم هذا و اعمل به، و اعلم أنك ما قد تركت مما يجب عليك السؤال عنه أكثر مما سألت، و إني قد اقتصرت على تفسير يسير من كثير لعدم حملة العلم و قلة الراغبين في التماسه، و في دون ما بينت لك البلاغ لذوي الألباب(3).

ص: 179


1- الحج: 52.
2- الفرقان: 44.
3- الإحتجاج: 606/1 /محاجة 137.

الآيتان (190) و (191)

[سورة آل عمران (3): الآیات 190 الی 191]

إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ (19(0) اَلَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النّارِ

[156] - أبو إسحاق الثعلبي قال: عن محمد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان إذا قام من الليل يسوك ثم ينظر إلى السماء ثم يقول: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ (19(0) اَلَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النّارِ (1).

ص: 180


1- تفسير الثعلبي: 230/3.

[157] - في كتاب معاني الأخبار: خطبة لعلي عليه السلام يذكر فيها نعم الله عز و جل عليه و فيها يقول عليه السلام: ألا و إني مخصوص في القرآن بأسماء احذروا أن تغلبوا عليها فتضلوا في دينكم... إلى قوله: و أنا الذاكر يقول الله عز و جل: اَلَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ (1).

[158] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي و ابن عباس و النخعي و قتادة: هذا في الصلاة يصلي قائما، فإن لم يستطع فقاعدا فإن لم يستطع فعلى جنبه، يسر من الله و تخفيف(2).

ص: 181


1- معاني الأخبار: 58-59 ح 9.
2- تفسير الثعلبي: 231/3.

الآيات (195)-(198)

[سورة آل عمران (3): الآیات 195 الی 198]

فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ أُوذُوا فِي سَبِيلِي وَ قاتَلُوا وَ قُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَ لَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللّهِ وَ اللّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ (195) لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ (196) مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمِهادُ (19(7) لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللّهِ وَ ما عِنْدَ اللّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ

[159] - في تفسير العياشي: الأصبغ بن نباتة عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في قوله ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللّهِ ...وَ ما عِنْدَ اللّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ قال: أنت الثواب و أنصارك الأبرار(1).

ص: 182


1- تفسير العياشي: 212/1 ح 177 من سورة آل عمران.

[160] - عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: الموت خير للمؤمن لأن الله يقول: وَ ما عِنْدَ اللّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ [قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لعلي عليه السلام أنت الثواب و أصحابك الأبرار ](1),(2).

[161] - في نهج البلاغة قال عليه السلام: الموت خير للمؤمن و الكافر؛ أما المؤمن فيتعجل له النعيم، و أما الكافر فيقل عذابه، و آية ذلك من كتاب الله تعالى: وَ ما عِنْدَ اللّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ (3) ،وَ لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً (4).

قوله تعالى: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ

[162] - أخرج عبد بن حميد، و ابن جرير، عن علي عليه السلام «و أقيموا الحج و العمرة للبيت»، قال: هي واجبة مثل الحج(5).

***

ص: 183


1- ما بين المعقوفتين غير موجود في المصدر.
2- تفسير العياشي: 212/1 ح 195 من سورة آل عمران.
3- سورة آل عمران 198.
4- سورة آل عمران 178.
5- تفسير السيوطي 208:1.

ص: 184

سورة النساء

اشارة

ص: 185

ص: 186

فضلها

[163] - في كتاب ثواب الأعمال: بإسناده عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: من قرأ سورة النساء في كل جمعة أمن من ضغطة القبر(1).

[164] - في مصباح الكفعمي: عنه عليه السلام: من قرأها فكأنما تصدق على كل من ورث ميراثا، و أعطي من الأجر كمن اشترى محررا و برىء من الشرك، و كان في مشيئة الله من الذين يتجاوز عنهم(2).

ص: 187


1- ثواب الأعمال: 105.
2- مصباح الكفعمي: 159 /الفصل التاسع و الثلاثون و فيه: و تبرىء من الشرك.

الآية (1)

[سورة النساء (4): آیة 1]

وَ اتَّقُوا اللّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ إِنَّ اللّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً

[165] - في تفسير العياشي: عن الأصبغ بن نباتة قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: إن أحدكم ليغضب فما يرضى حتى يدخل به النار، فأيما رجل منكم غضب على ذي رحمه فليدن منه فإن الرحم إذا مستها الرحم استقرت، و إنها متعلقة بالعرش تنتقض انتقاض الحديد فتنادي: اللهم صل من وصلني و اقطع من قطعني، و ذلك قول الله في كتابه وَ اتَّقُوا اللّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ إِنَّ اللّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (1).

[166] - بإسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: صلوا أرحامكم و لو بالتسليم، يقول الله

ص: 188


1- تفسير العياشي: 217/1 ح 8 من سورة النساء.

تبارك و تعالى: وَ اتَّقُوا اللّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ إِنَّ اللّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (1).

[167] - فرات، قال: حدثني عبد الرحمان بن محمد بن الحسن التيمي البزاز، معنعنا عن أبي عبد الله عليه السلام، عن أبيه عن جده، قال: خطب علي عليه السلام على منبر الكوفة و كان فيما قال: و الله إني لديان الناس يوم الدين، و قسيم الجنة و النار لا يدخلها الداخل إلا على أحد قسمي، و إني الفاروق الأكبر، و إن جميع الرسل و الملائكة و الأرواح خلقوا لخلقنا، و لقد أعطيت التسع التي لم يسبقني إليها أحد، علمت فصل الخطاب، و بصرت سبيل الكتاب، و أدخل إلى السبحات، و علمت علم المنايا و البلايا و القضايا، و بي كمال الدين، و أنا النعمة التي أنعمها الله على خلقه، كل ذلك من الله به علي، و منا الرقيب على الخلق، و نحن قسم الله و حجته بين العباد إذ يقول الله:

وَ اتَّقُوا اللّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ إِنَّ اللّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً فنحن أهل البيت عصمنا الله من أن نكون فتانين أو كذابين أو ساحرين أو زيافين، فمن كان فيه شيء من هذه الخصال

ص: 189


1- الكافي: 124/2 ح 22.

فليس منا و لا نحن منه، إنا أهل البيت طهرنا الله من كل نجس، نحن الصادقون إذا نطقنا و العالمون إذا سئلنا، أعطانا الله عشر خصال لم تكن لأحد قبلنا و لا تكون لأحد بعدنا: الحلم و العلم، و اللب و النبوة، و الشجاعة و السخاوة، و الصبر و العفاف و الطهارة، فنحن كلمة التقوى و سبيل الهدى و المثل الأعلى و الحجة العظمى و العروة الوثقى، و الحق الذي أقر الله به فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ فَأَنّى تُصْرَفُونَ (1),(2)

ص: 190


1- يونس: 32.
2- تفسير فرات: 178 ح 230، البحار 35:39.

الآية (3)

[سورة النساء (4): آیة 3]

وَ إِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ

[168] - في كتاب الإحتجاج: للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل و فيه يقول عليه السلام لبعض الزنادقة: و أما ظهورك على تناكر قوله: وَ إِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ ليس يشبه القسط في اليتامى نكاح النساء و لا كل النساء يتامى فهو ما قدمت ذكره من إسقاط المنافقين من القرآن و بين القول في اليتامى و بين نكاح النساء من الخطاب و القصص أكثر من ثلث القرآن، و هذا و ما أشبهه مما ظهرت حوادث المنافقين فيه لأهل النظر و التأمل، و وجد المعطلون و أهل الملل المخالفة للإسلام مساغا إلى القدح في القرآن، و لو شرحت لك

ص: 191

كلما أسقط و حرف و بدل مما يجري هذا المجرى لطال و ظهر ما تحظر التقية إظهاره من مناقب الأولياء و مثالب الأعداء(1).

ص: 192


1- الإحتجاج: 598/1 /احتجاجه عليه السلام على الزنديق.

الآية (4)

[سورة النساء (4): آیة 4]

فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً

[169] - في مجمع البيان: و في كتاب العياشي مرفوعا إلى أمير المؤمنين عليه السلام أنه جاء رجل فقال: يا أمير المؤمنين بي وجع في بطني فقال: ألك زوجة ؟

قال: نعم، قال: إستوهب منها شيئا طيبة به نفسها من مالها، ثم اشتر به عسلا ثم اسكب(1) عليه من ماء السماء ثم اشربه فإني سمعت الله سبحانه يقول في كتابه: وَ نَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً (2) و قال يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنّاسِ (3) و قال: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ و مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً فإذا اجتمعت البركة و الشفاء و الهنيء و المريء شفيت إن شاء الله تعالى، قال: ففعل ذلك فشفي(4).

ص: 193


1- سكب الماء: صبه.
2- ق: 9.
3- النحل: 69.
4- مجمع البيان: 12/3 /النساء: 4.

الآيتان (11) و (12)

[سورة النساء (4): الآیات 11 الی 12]

يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلادِكُمْ ...وَصِيَّةً مِنَ اللّهِ وَ اللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ

[170] - في مجمع البيان: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ و قد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: إنكم تقرأون في هذه الآية الوصية قبل الدين، و إن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قضى بالدين قبل الوصية(1).

[171] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي عليه السلام:

إنكم تقرأون الوصية قبل الدين و بدأ رسول الله بالدين قبل الوصية(2).

[172] - أخرج أحمد، و الترمذي، و ابن ماجة، و الحاكم، و غيرهم، ما جاء في هذه الآية، عن علي عليه السلام قال إنكم تقرأون هذه الآية، و أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قضى بالدين

ص: 194


1- مجمع البيان: 26/3 /النساء: 11.
2- تفسير الثعلبي: 270/3.

قبل الوصية، و إن أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات(1).

قوله تعالى: وَ إِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ (2)

[173] - رفع إليه عليه السلام أن شريحا القاضي قد قضى في إمرأة قد ماتت و خلفت زوجا و ابني عم أحدهما أخ من أم و قد أعطى الزوج النصف من تركتها و أعطى الباقي لابن العم الذي هو أخ من الأم و حرم الآخر فأحضره علي عليه السلام و قال: (ما أمر بلغني عن قضائك في قضية المرأة المتوفاة ذات الزوج و ابني العم أحدهما أخ من أم).

قال: يا أمير المؤمنين قضيت بكتاب الله و أجريت ابن العم بكونه أخا من أم مجرى أخوين أحدهما من أب و الآخر من أب و أم.

فأنكر عليه عليه السلام و قال: (أفي كتاب الله تعالى إن الباقي بعد الزوج لابن العم الذي هو أخ من أم ؟).

ص: 195


1- مسند أحمد 79:1، سنن الترمذي 179:4، حسن الاسوة بما ثبت من الله و رسوله في النسوة: 69.
2- النساء: 12.

قال: لا.

قال: فقد قال الله تعالى: وَ إِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ .

فجعل للزوج النصف و أعطى الأخ من الأم السدس ثم قسم الباقي بين ابني العم، فحصل لإبن العم الذي هو أخ من أم ثلث و لابن العم الذي ليس أخا من أم سدس و للزوج نصف فكملت الفريضة و رد قضاء شريح و استدركه عليه(1).

ص: 196


1- أخبار القضاة 196:2 و 290، فتح الباري 21:12، 22.

الآية (15)

[سورة النساء (4): آیة 15]

وَ اللاّتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً

[174] - أخرج ابن جرير، و ابن المنذر، و النحاس في ناسخه، و البيهقي في سننه، من طريق علي عليه السلام، عن ابن عباس في الآية، قال: كانت المرأة إذا زنت حبست في البيت حتى تموت، ثم أنزل الله بعد ذلك اَلزّانِيَةُ وَ الزّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ (1) فإن كانا محصنين رجما، فهذا السبيل الذي جعله الله لهما(2)

ص: 197


1- النور: 2.
2- تفسير السيوطي 129:2، سنن البيهقي 211:8.

الآية (16)

[سورة النساء (4): آیة 16]

وَ الَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما

[175] - أخرج ابن جرير، و ابن المنذر، و ابن أبي حاتم، من طريق علي عليه السلام، عن ابن عباس في قوله: وَ الَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ الآية، قال: كان الرجل إذا زنى أوذي بالتعيير و ضرب بالنعال، فأنزل بعد هذه الآية اَلزّانِيَةُ وَ الزّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ (1) و إن كانا محصنين رجما في سنة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم(2).

ص: 198


1- النور: 2.
2- تفسير السيوطي 130:2.

الآية (17)

[سورة النساء (4): آیة 17]

إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَ كانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً

[176] - في نهج البلاغة: قال عليه السلام من أعطي التوبة لم يحرم القبول قال: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَ كانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً (1).

قوله تعالى: ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ (2)

[177] - أخرج ابن جرير و ابن حاتم، من طريق علي عليه السلام، عن ابن عباس في قوله: ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ قال: القريب ما بينه و بين أن ينظر إلى ملك الموت(3).

ص: 199


1- نهج البلاغة: قصار الحكم 135 /ص 494.
2- النساء: 17.
3- تفسير السيوطي 130:2.

الآية (18)

[سورة النساء (4): آیة 18]

وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ

[178] - في نهج البلاغة: قال عليه السلام: فاعملوا و أنتم في نفس البقاء(1) و الصحف منشورة، و التوبة مبسوطة،(2) و المدبر يدعى (3) ،و المسيء يرجى، قبل أن يخمد العمل(4) و ينقطع المهل، و ينقضي الأجل، و يسد باب التوبة و تصعد الملائكة(5),(6).

[179] - أخرج أبو داود في ناسخه، و ابن جرير،

ص: 200


1- في نفس البقاء أي في سعته، يقال فلان في نفس أمره أي في سعة.
2- بسط التوبة: قبولها.
3- أي المعرض عن الطاعة يدعى إليها.
4- خمود العمل: انقطاعه بحلول الموت.
5- صعود الملائكة: لعرض أعمال العبد إذا انتهى أجله ليس بعده توبة.
6- نهج البلاغة: خطبة 237 /ص 356.

و ابن المنذر، و ابن أبي حاتم، من طريق علي عليه السلام، عن ابن عباس في قوله: وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ الآية، قال:

فأنزل الله بعد ذلك إِنَّ اللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ (1) فحرم الله المغفرة على من مات و هو كافر، و أرجأ أهل التوحيد إلى مشيئته فلم يؤيسهم من المغفرة(2).

ص: 201


1- النساء: 48، 116.
2- تفسير السيوطي 131:2.

الآية (19)

[سورة النساء (4): آیة 19]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً

[180] - في تفسير العياشي: عن إسماعيل بن أبي زياد الكوفي عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهم السلام عن علي عليه السلام قال: ليس في القرآن يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إلا و هي في التوراة يا أيها المساكين(1).

[181] - أخرج ابن جرير، و ابن أبي حاتم، من طريق علي عليه السلام، عن ابن عباس في هذه الآية، قال: كان الرجل إذا مات و ترك جارية ألقى عليها حميمه ثوبه فمنعها من الناس، فإن كانت جميلة تزوجها و إن كانت ذميمة حبسها حتى تموت فيرثها، و هي قوله وَ لا تَعْضُلُوهُنَّ يعني

ص: 202


1- تفسير العياشي: 289/1 /سورة المائدة.

لا تقهروهن لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ يعني الرجل تكون له المرأة و هو كاره لصحبتها و لها عليه مهر فيضربها لتفتدي(1).

ص: 203


1- تفسير السيوطي 131:2.

الآية (22)

[سورة النساء (4): آیة 22]

وَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ

[182] - في كتاب الخصال: عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب عليهم السلام أنه قال في وصية له:

يا علي إن عبد المطلب سن في الجاهلية خمس سنن أجراها الله له في الإسلام: حرم نساء الآباء على الأبناء فأنزل الله تعالى:

وَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ (1) .

[183] - أخرج ابن جرير، و ابن المنذر، و ابن أبي حاتم، من طريق علي عليه السلام، عن ابن عباس في قوله: وَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ يقول: كل امرأة تزوجها أبوك أو ابنك دخل أو لم يدخل بها، فهي عليك حرام(2).

ص: 204


1- كتاب الخصال: 312/1 /باب الخمسة ح 90.
2- تفسير السيوطي 134:2.

الآية (23)

[سورة النساء (4): آیة 23]

وَ رَبائِبُكُمُ اللاّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللاّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ

[184] - في الكافي: أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار و محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن صفوان بن يحيى عن منصور بن حازم قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فأتاه رجل فسأله عن رجل تزوج امرأة فماتت قبل أن يدخل بها أيتزوج بأمها؟

فقال أبو عبد الله عليه السلام: قد فعله رجل منا فلم نر به بأسا، فقلت: جعلت فداك ما تفتخر الشيعة إلا بقضاء علي عليه السلام في هذه في الشمخية التي أفتاها ابن مسعود أنه لا بأس بذلك، ثم أتى عليا فسأله فقال له علي عليه السلام: من أين أخذتها؟

قال: من قول الله عز و جل: وَ رَبائِبُكُمُ اللاّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ

ص: 205

نِسائِكُمُ اللاّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فقال علي عليه السلام: إن هذه مستثناة و هذه مرسلة وَ أُمَّهاتُ نِسائِكُمْ فقال أبو عبد الله عليه السلام: أما تسمع ما يروي هذا عن علي عليه السلام ؟ فلما قمت ندمت و قلت:

أي شيء صنعت يقول هو قد فعله رجل منا فلم نر به بأسا و أقول أنا: قضى علي عليه السلام فيها، فلقيته بعد ذلك فقلت:

جعلت فداك مسألة الرجل إنما كان الذي قلت: يقول كان زلة مني فما تقول فيها؟

فقال: يا شيخ تخبرني أن عليا عليه السلام قضى بها و تسألني ما تقول فيها؟(1)

قوله تعالى: وَ أُمَّهاتُكُمُ اللاّتِي أَرْضَعْنَكُمْ

[185] - أبو إسحاق الثعلبي قال: الأعمش عن سعيد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي كرم الله وجهه قال: قلت يا رسول الله مالك تنوق في قريش و تدعنا قال: «و عندك أحد؟» قلت: نعم بنت حمزة، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «إنها لا تحل لي إنها ابنة أخي من الرضاعة »(2).

ص: 206


1- الكافي: 422/5 ح 4.
2- تفسير الثعلبي: 282/3، و صحيح مسلم: 164/4، و سنن النسائي: 297/3.

الآية (24)

[سورة النساء (4): آیة 24]

* وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ كِتابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَ أُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً

[186] - عن علي عليه السلام، قال في قوله تعالى:

وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ قال: المشركات إذا سبين حلت له(1).

قوله تعالى: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ

[187] - أبو إسحاق الثعلبي قال: روى شعبة عن الحكم قال: سألته عن هذه الآية: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ أمنسوخة هي ؟

ص: 207


1- كنز العمال 391:2 ح 4338.

قال: لا.

قال الحكم: قال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه:

لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي(1).

قوله تعالى: وَ أُحِلَّ لَكُمْ

[188] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قرأ أبو جعفر و أهل الكوفة: (و أحل لكم) بضم الألف. الباقون: بالنصب، و هي قراءة علي و ابن عباس و اختيار أبي عبيد و أبي حاتم، فمن رفع فلقوله: حُرِّمَتْ ،و من نصب، فللقرب من ذكر الله في قوله: كِتابَ اللّهِ (2).

ص: 208


1- تفسير الثعلبي: 286/3.
2- تفسير الثعلبي: 285/3.

الآية (32)

[سورة النساء (4): آیة 32]

وَ لا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ

[189] - أخرج ابن جرير، و ابن المنذر، و ابن أبي حاتم، من طريق علي عليه السلام، عن ابن عباس في قوله: وَ لا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ يقول:

لا يتمنى الرجل فيقول: ليت لي مال فلان و أهله، فنهى الله سبحانه عن ذلك، و لكن ليسأل الله من فضله(1).

قوله تعالى: وَ سْئَلُوا اللّهَ مِنْ فَضْلِهِ

[190] - في تفسير العياشي: عن إسماعيل بن كثير رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه و آله و سلم قال: لما نزلت هذه الآية:

وَ سْئَلُوا اللّهَ مِنْ فَضْلِهِ قال أصحاب النبي: ما هذا الفضل ؟ أيكم يسأل رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم عن ذلك ؟

ص: 209


1- تفسير السيوطي 149:2.

قال: فقال علي بن أبي طالب عليه السلام: أنا أسأله عنه فسأله عن ذلك الفضل ما هو؟

فقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: إن الله خلق خلقه و قسم لهم أرزاقهم من حلها، و عرض لهم بالحرام فمن انتهك حراما نقص له من الحلال بقدر ما انتهك من الحرام و حوسب به(1).

ص: 210


1- تفسير العياشي: 239/1 ح 116 من سورة النساء.

الآية (35)

[سورة النساء (4): آیة 35]

وَ إِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِها

[191] - أبو إسحاق الثعلبي قال: عن عبيدة السلماني قال: جاء رجل و امرأة عليا عليه السلام، مع كل واحد منهما قيام من الناس، فقال علي: «ما شأن هذين ؟».

قالوا: وقع بينهما شقاق.

قال علي: فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِها

قال: فبعثوا حكما من أهله و حكما من أهلها، فقال علي للحكمين: «هل تدريان ما عليكما؟ إن عليكما إن رأيتما أن يجمعا جمعتما، و إن رأيتما أن يفرقا فرقتما»، قالت المرأة: رضيت بكتاب الله بما علي فيه ولي، فقال الرجل: أما الفرقة فلا، قال علي: «كذبت و الله،

ص: 211

لا تنقلب مني حتى تقر بما أقرت به »(1).

[192] - البيهقي، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إدريس الشافعي، حدثنا عبد الوهاب بن المجيد الثقفي، و أخبرنا أبو بكر زكريا بن أبي إسحاق، و أبو بكر أحمد بن الحسن، قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان حدثنا الشافعي، حدثنا الثقفي عن أيوب، عن ابن سيرين، عن عبيدة أنه قال في هذه الآية: وَ إِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِها قال: جاء رجل و امرأة إلى علي عليه السلام و مع كل واحد منها فئام من الناس، فأمرهم علي عليه السلام فبعثوا حكما من أهله و حكما من أهلها، ثم قال للحكمين: تدريان ما عليكما، عليكما إن رأيتما أن تجمعا أن تجمعا، و إن رأيتما أن تفرقا أن تفرقا، قالت المرأة: رضيت بكتاب الله بما علي فيه ولي، و قال الرجل: أما الفرقة فلا، فقال علي عليه السلام: كذبت و الله حتى تقر بمثل الذي أقرت به(2).

ص: 212


1- تفسير الثعلبي: 303/3، و تفسير الطبري: 101/5.
2- سنن البيهقي 305:7.

[193] - أخرج ابن جرير، عن محمد بن كعب القرظي، قال: كان علي بن أبي طالب يبعث الحكمين حكما من أهله و حكما من أهلها، فيقول الحكم من أهلها:

يا فلان ما تنقم من زوجتك ؟ فيقول: أنقم منها و كذا و كذا، فيقول: أرأيت إن نزعت عما تكره إلى ما تحب هل أنت متقي الله فيها و معاشرها بالذي يحق عليك في نفقتها و كسوتها؟ فإذا قال: نعم، قال الحكم من أهله: يا فلانة ما تنقمين من زوجك ؟ فتقول مثل ذلك، فإن قالت: نعم، جمع بينهما، قال: و قال علي: الحكمان بهما يجمع الله و بهما يفرق(1).

[194] - أخرج البيهقي، عن علي عليه السلام قال: إذا حكم أحد الحكمين و لم يحكم الآخر، فليس حكمه بشيء حتى يجتمعا(2).

ص: 213


1- تفسير السيوطي 157:2.
2- تفسير السيوطي 157:2.

الآية (36)

[سورة النساء (4): آیة 36]

* وَ اعْبُدُوا اللّهَ وَ لا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَ بِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ الْجارِ ذِي الْقُرْبى وَ الْجارِ الْجُنُبِ وَ الصّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ وَ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ

[195] - أبو إسحاق الثعلبي قال: و عن علي عليه السلام قال: «كان آخر كلام رسول الله صلى الله عليه و سلم: الصلاة و اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم »(1).

قوله تعالى: وَ الصّاحِبِ بِالْجَنْبِ

[196] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي و عبد الله و ابن أبي ليلى و النخعي: هو المرأة تكون معه إلى جنبه(2).

ص: 214


1- تفسير الثعلبي: 306/3، و كنز العمال: 6/8 ح 21625.
2- تفسير الثعلبي: 304/3.

الآية (41)

[سورة النساء (4): آیة 41]

فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً

[197] - سعد بن عبد الله، عن المعلي بن محمد البصري، قال: حدثنا أبو الفضل المدني، عن مريم الأنصاري، عن المنهال بن عمرو، عن زيد بن حبش، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه، قال:

الأوصياء هم أصحاب الصراط وقوفا عليه لا يدخل الجنة إلا من عرفهم عليه السلام عند أخذهم المواثيق عليهم، و وصفهم في كتابه فقال عز و جل: يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ (1) و هم الشهداء على أوليائهم، و النبي صلى الله عليه و آله و سلم الشهيد عليهم، أخذ لهم مواثيق العباد بالطاعة، و أخذ للنبي صلى الله عليه و آله و سلم الميثاق بالطاعة، فجرت نبوته عليهم، و ذلك قول الله عز و جل: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً (2).

ص: 215


1- الأعراف: 46.
2- تفسير البرهان 369:1.

الآية (43)

[سورة النساء (4): آیة 43]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى حَتّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَ لا جُنُباً إِلاّ عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً

[198] - عن علي عليه السلام في قوله تعالى: وَ لا جُنُباً إِلاّ عابِرِي سَبِيلٍ قال: نزلت هذه الآية في المسافر، تصيبه الجنابة فيتيمم و يصلي، حتى يجد الماء(1).

قوله تعالى: فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا

[199] - أبو إسحاق الثعلبي قال: روى أبو إسحاق عن الحريث عن علي رضي الله عنه قال: «تيمموا لكل صلاة »(2).

ص: 216


1- كنز العمال 389:2 ح 4332.
2- تفسير الثعلبي: 318/3، و تفسير الطبري: 160/5 و فيه التيمم.

قوله تعالى: فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً

[200] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي - كرم الله وجهه -: «هو ضربتان: ضربة للوجه و ضربة للكفين »(1).

ص: 217


1- تفسير الثعلبي: 321/3، و السنن الكبرى: 212/1.

الآية (46)

[سورة النساء (4): آیة 46]

يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ

[201] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي بن أبي طالب عليه السلام: «الكلام عن مواضعه، يعني صفة محمد صلى الله عليه و سلم، و آية الرجم »(1).

ص: 218


1- تفسير الثعلبي: 323/3.

الآية (48)

[سورة النساء (4): آیة 48]

إِنَّ اللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ

[202] - أبو إسحاق الثعلبي قال: علي عليه السلام عنه قال: «ما في القرآن أرجى إلي من هذه الآية إِنَّ اللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ » (1).

[203] - عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: ما في القرآن آية أحب الي من هذه الآية إِنَّ اللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ (2)

[204] - عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث: و قد سمعت حبيبي رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول: لو أن المؤمن خرج من الدنيا و عليه مثل ذنوب أهل الأرض لكان الموت كفارة

ص: 219


1- تفسير الثعلبي: 325/3، و سنن الترمذي: 314/4 و فيه أحب بدل أرجى.
2- تفسير الصافي 458:1، التوحيد، باب الأمر و النهي: 409، كنز العمال 2: 384 ح 4319.

لتلك الذنوب ثم قال: من قال لا إله إلا الله بإخلاص فهو بريء من الشرك، و من خرج من الدنيا لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، ثم تلا هذه الآية إِنَّ اللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ من شيعتك و محبيك يا علي.

قال أمير المؤمنين عليه السلام: فقلت: يا رسول الله هذا لشيعتي ؟

قال: إي و ربي إنه لشيعتك.

و إنهم ليخرجون من قبورهم و هم يقولون: لا إله إلا الله محمد رسول الله، علي بن أبي طالب حجة الله، فيؤتون بحلل خضر من الجنة، و تيجان من الجنة، و نجائب من الجنة، فيلبس كل واحد منهم حلة خضراء و يوضع على رأسه تاج الملك و إكليل الكرامة، ثم يركبون النجائب فتطير بهم إلى الجنة، لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَ تَتَلَقّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (1),(2)

ص: 220


1- الأنبياء 103.
2- تأويل الآيات: 147، تفسير الصافي 458:1، البحار 140:68، تفسير نور الثقلين 462:3، من لا يحضره الفقيه 411:4 ح 5896.

قوله تعالى: إِنَّ اللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ (1)

[205] - في كتاب التوحيد: بإسناده إلى ثوير عن أبيه أن عليا عليه السلام قال: ما في القرآن آية أحب إلي من قوله عز و جل:

إِنَّ اللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ (2) .

[206] - في نهج البلاغة: قال عليه السلام: فأما الظلم الذي لا يغفر فالشرك بالله، قال الله سبحانه: إِنَّ اللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ (3).

ص: 221


1- النساء: 48.
2- كتاب التوحيد: 409 /ب 63 ح 8.
3- نهج البلاغة: خطبة 176 /ص 255.

الآيتان (54) و (55)

[سورة النساء (4): الآیات 54 الی 55]

أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً (5(4) فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ كَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً

[207] - في كتاب الإحتجاج: للطبرسي رحمه الله في خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام أن أهل الكتاب و الحكمة و الإيمان آل إبراهيم بينه الله لهم فحسدوا، فأنزل الله جل ذكره: أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً (5(4) فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ كَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً فنحن آل إبراهيم فقد حسدنا كما حسد آباؤنا(1).

ص: 222


1- الإحتجاج: 160 /إحتجاج الإمام على الناكثين.

الآية (58)

[سورة النساء (4): آیة 58]

إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها

[208] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي كرم الله وجهه: «حق على الإمام أن يحكم بما أنزل الله و يؤدي الأمانة، فإذا فعل ذلك حق على الرعية أن يسمعوا له و يطيعوا و يجيبوا إذا دعوا »(1).

ص: 223


1- تفسير الثعلبي: 335/3.

الآية (59)

[سورة النساء (4): آیة 59]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَ الرَّسُولِ

[209] - في نهج البلاغة: قال عليه السلام: و لما دعانا القوم إلى أن يحكم بيننا القرآن لم نكن الفريق المتولي عن كتاب الله و قال الله سبحانه: فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَ الرَّسُولِ فرده إلى الله أن نحكم بكتابه و رده إلى الرسول أن نأخذ بسنته، فإذا حكم بالصدق في كتاب الله فنحن أحق الناس [به]، و إن حكم بسنة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فنحن أولاهم بها(1).

[210] - فيه قال عليه السلام: و اردد إلى الله و رسوله ما يضلعك من الخطوب(2) و يشتبه عليك من الأمور، فقد

ص: 224


1- نهج البلاغة: خطبة 125 /ص 182.
2- أضلعته الخطوب: أثقلته.

قال الله سبحانه لقوم أحب إرشادهم: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَ الرَّسُولِ فالرد إلى الله الأخذ بمحكم كتابه، و الرد إلى الرسول الأخذ بسنته الجامعة غير المفرقة(1).

[211] - في كتاب الإحتجاج: للطبرسي رحمه الله قال علي عليه السلام في خطبة له: إن الله ذو الجلال و الإكرام لما خلق الخلق و اختار خيرة من خلقه و اصطفى صفوة من عباده و أرسل رسولا منهم و أنزل عليه كتابه و شرع له دينه و فرض فرائضه، فكانت الجملة قول الله جل ذكره حيث أمر فقال:

أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فهو لنا أهل البيت خاصة دون غيرنا، فانقلبتم على أعقابكم و ارتددتم و نقضتم الأمر منكم، و نكثتم العهد و لم يضر الله شيئا و قد أمركم أن تردوا الأمر إلى الله و إلى رسوله و إلى أولي الأمر المستنبطين للعلم فأقررتم ثم جحدتم(2).

[212] - في كتاب الإحتجاج: للطبرسي رحمه الله و عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل و قد جعل الله للعلم أهلا

ص: 225


1- نهج البلاغة: رسالة 53 /ص 434.
2- الإحتجاج: 370/1 /احتجاجه عليه السلام على الناكثين.

و فرض على العباد طاعتهم بقوله: أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ و بقوله: وَ لَوْ رَدُّوهُ إلى الله وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ (1)

[213] - فيه و قد ذكر عليه السلام الحجج قال السائل: من هؤلاء الحجج ؟

قال: هم رسول الله و من حل محله من أصفياء الله و هم ولاة الأمر الذين قال الله فيهم: أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ و قال فيهم: وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ (2) قال السائل: ما ذاك الأمر؟

قال علي عليه السلام: الذي به تنزل الملائكة في الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم من خلق أو رزق و أجل و عمل و حياة و موت، و علم غيب السماوات و الأرض، و المعجزات التي لا تنبغي إلا لله و أصفيائه و السفرة بينه و بين خلقه(3).

[214] - روي الثقة الجليل إبراهيم بن محمد بن

ص: 226


1- الإحتجاج: 581/1 /احتجاجه عليه السلام على الزنديق.
2- النساء: 83.
3- الإحتجاج: 594/1 /احتجاجه عليه السلام على الزنديق.

سعيد الثقفي، كتاب علي عليه السلام إلى معاوية، و هو كتاب طويل يقول فيه: إن الله يقول: أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ هي لنا أهل البيت و ليست لكم، إلى أن قال:

ألم تعلم يا معاوية أن الأئمة منا، ليسوا منكم، و قد أخبرهم الله أن أولي الأمر هم المستنبطو العلم، و أخبرهم أن الأمر كله الذي تختلفون فيه يرد إلى الله و إلى الرسول و إلى أولي الأمر المستنبطي العلم(1).

[215] - عن سليم، عن علي عليه السلام، عن النبي في حديث طويل في قوله تعالى: أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ قال: الأوصياء إلى أن يردوا علي حوضي كلهم هاد، فقلت: يا رسول الله سمهم لي، فقال: إبني هذا، و وضع يده على رأس الحسن، ثم إبني هذا، و وضع يده على رأس الحسين، ثم ابن هذا، و وضع يده على رأس على بن الحسين، ثم إبن له على اسمه إسمي محمد الباقر لعلمي، ثم تكمله اثني عشر إماما من ولدك يا أخي، فقلت:

يا رسول الله سمهم لي، فسماهم لي رجلا رجلا، منهم و الله يا أخا بني هلال مهدي هذه الأمة(2).

ص: 227


1- الغارات 1: إثبات الهداة 96:3.
2- إثبات الهداة 120:3، كتاب سليم بن قيس: 64.

الآية (61)

[سورة النساء (4): آیة 61]

رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً

[216] - يَصُدُّونَ قرأ أهل المدينة و الشام و جماعة من الكوفيين بضم الصاد، و هي قراءة علي و النخعي و معناه يعرضون، و نظيره قوله: رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (1)

ص: 228


1- تفسير الثعلبي: 340/8.

الآية (64)

[سورة النساء (4): آیة 64]

وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللّهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللّهَ تَوّاباً رَحِيماً

[217] - روى الصادق عليه السلام عن علي عليه السلام قال: قدم علينا امرؤ عندما دفنا رسول الله صلى الله عليه و سلم ثلاثة أيام فرمى بنفسه على قبر النبي عليه الصلاة و السلام و حثا على رأسه من ترابه و قال: يا رسول الله قلت فسمعنا قولك و وعيت من الله فوعينا عنك و كان فيما أنزل الله عليك وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللّهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللّهَ تَوّاباً رَحِيماً فقد ظلمت نفسي فجئتك لتستغفر لي فنودي من القبر أنه قد غفر لك(1).

ص: 229


1- تفسير الثعلبي: 339/3، و كنز العمال: 386/2، ح 4322، و تفسير القرطبي: 265/5.

الآية (65)

[سورة النساء (4): آیة 65]

فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً

[218] - في كتاب الإحتجاج: للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل و فيه: و ليس كل من أقر أيضا من أهل القبلة بالشهادتين كان مؤمنا، إن المنافقين كانوا يشهدون أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله، و يدفعون عهد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم بما عهد به من دين الله و عزائمه و براهين نبوته إلى وصيه، و يضمرون من الكراهية لذلك و النقض لما أبرمه منه عند إمكان الأمر لهم فيما قد بينه الله لنبيه بقوله: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (1)

ص: 230


1- الإحتجاج: 538/1 /احتجاجه عليه السلام على الزنديق.

الآية (69)

[سورة النساء (4): آیة 69]

وَ مَنْ يُطِعِ اللّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً

[219] - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن الحسين بن علوان الكلبي عن علي بن الحزور الغنوي عن الأصبغ بن نباتة الحنظلي قال: رأيت أمير المؤمنين عليه السلام يوم افتتح البصرة و ركب بغلة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ثم قال: أيها الناس ألا أخبركم بخير الخلق يوم يجمعهم الله ؟

فقام إليه أبو أيوب الأنصاري فقال: بلى يا أمير المؤمنين حدثنا فإنك كنت تشهد و نغيب، فقال: إن خير الخلق يوم يجمعهم الله سبعة من ولد عبد المطلب لا ينكر فضلهم إلا كافر، و لا يجحد بهم إلا جاحد، فقام عمار بن ياسر رحمه الله فقال يا أمير المؤمنين سمهم لنا فلنعرفهم ؟

ص: 231

فقال: إن خير الخلق يوم يجمعهم الله الرسل و إن أفضل الرسل محمد صلى الله عليه و آله و سلم، و إن أفضل كل أمة بعد نبيها وصي نبيها حتى يدركه نبي ألا و إن أفضل الأوصياء وصي محمد صلى الله عليه و آله و سلم، ألا و إن أفضل الخلق بعد الأوصياء الشهداء ألا و إن أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب و جعفر بن أبي طالب له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنة لم ينحل أحد من هذه الأمة جناحان غيره شيء كرم الله به محمدا صلى الله عليه و آله و سلم و شرفه و السبطان الحسن و الحسين و المهدي عليهم السلام يجعله الله من شاء منا أهل البيت ثم تلا هذه الآية وَ مَنْ يُطِعِ اللّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (1).

ص: 232


1- الكافي: 450/1 ح 34.

الآية (71)

[سورة النساء (4): آیة 71]

خُذُوا حِذْرَكُمْ

[220] - في نهج البلاغة قال عليه السلام: إحذر كل الحذر أن يخدعك الشيطان فيمثل لك التوانى في صورة التوكل، و يورثك الهوينى بالإحالة على القدر؛ فإن الله أمر بالتوكل عند انقطاع الحيل، و بالتسليم للقضاء بعد الإعذار، فقال:

خُذُوا حِذْرَكُمْ (1) ،وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ (2) ،و قال النبى صلى الله عليه و آله: «اعقلها و توكل »(3).

ص: 233


1- سورة النساء 71.
2- سورة البقرة 195.
3- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 306/20.

الآية (80)

[سورة النساء (4): آیة 80]

مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللّهَ

[221] - في كتاب الإحتجاج: للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل و فيه: و أجرى فعل بعض الأشياء على أيدي من اصطفى من أمنائه فكان فعلهم فعله، و أمرهم أمره كما قال: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللّهَ (1).

[222] - في روضة الكافي: خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام و هي خطبة الوسيلة يقول فيها عليه السلام: و لا مصيبة عظمت و لا رزية جلت كالمصيبة برسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، لأن الله حسم(2) به الإنذار و الإعذار و قطع به الإحتجاج و العذر بينه و بين خلقه، و جعله بابه الذي بينه و بين عباده و مهيمنه(3) الذي لا يقبل

ص: 234


1- الإحتجاج: 593/1 /احتجاجه عليه السلام على الزنديق.
2- حسم الشيء: قطعه، و في المصدر (خسم) مكان (حسم).
3- المهيمن: القاذ الحافظ و المشاهد و المؤجن.

إلا به و لا قربة إليه إلا بطاعته، و قال في محكم كتابه: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللّهَ وَ مَنْ تَوَلّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً فقرن طاعته بطاعته و معصيته بمعصيته، و كان ذلك دليلا على ما فوض إليه و شاهدا على من اتبعه و عصاه، و بين ذلك في غير موضع من الكتاب العظيم(1).

ص: 235


1- الكافي: 26/8 ح 4.

الآية (82)

[سورة النساء (4): آیة 82]

وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً

[223] - في نهج البلاغة: قال عليه السلام: و ذكر أن الكتاب يصدق بعضه بعضا و أنه لا اختلاف فيه فقال سبحانه: وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (1).

ص: 236


1- نهج البلاغة: خطبة 18 /ص 61.

الآية (84)

[سورة النساء (4): آیة 84]

فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لا تُكَلَّفُ إِلاّ نَفْسَكَ

[224] - عن علي عليه السلام في حديث طويل: إن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قال: يا علي أنت لست مثلي، إن الله أمرني أن أصدع بالحق، و أخبرني أنه يعصمني من الناس، و أمرني أن أجاهد و لو بنفسي، فقال: جاهد في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك، إلى أن قال: و إن الناس من بعدي يدعون ما أمرهم الله به و ما أمرهم فيك من ولايتك و ما أظهر من حجتك، متعمدين غير جاهلين و لا مشتبه عليهم فيه، فإن وجدت يا أخي أعوانا فجاهدهم، و إن لم تجد أعوانا فكف يدك و احقن دمك، فأنت إن نابذتهم قتلوك(1).

ص: 237


1- اثبات الهداة 191:2، سليم بن قيس: 154.

الآية (86)

[سورة النساء (4): آیة 86]

وَ إِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها

[225] - في كتاب الخصال: فيما علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه: إذا عطس أحدكم فشمتوه، قولوا:

يرحمكم الله، و هو يقول: يغفر الله لكم و يرحمكم، قال الله تعالى: وَ إِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها (1).

ص: 238


1- كتاب الخصال: 633/2 /باب المائة ح 10.

الآية (92)

[سورة النساء (4): آیة 92]

فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ

[226] - عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام قال: الرقبة المؤمنة التي ذكر الله إذا عقلت و النسمة التي لا تعلم إلا ما قلته و هي صغيرة(1).

ص: 239


1- تفسير العياشي: 263/1 ح 221 من سورة النساء.

الآية (97)

[سورة النساء (4): آیة 97]

إِنَّ الَّذِينَ تَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها

[227] - في نهج البلاغة: قال عليه السلام، و لا يقع إسم الإستضعاف على من بلغته الحجة فسمعتها أذنه و وعاها قلبه(1).

[228] - حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن عبد الله بن يسار عن معروف بن خربوذ عن الحكم بن المستنير عن علي بن الحسين عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام الأرض مسيرة خمسمائة عام، الخراب منها مسيرة أربعمائة، و العمران منها مسيرة مائة عام. و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(2).

ص: 240


1- نهج البلاغة: خطبة 189 /ص 280.
2- تفسير القمي: 17/2 /ط قم.

[229] - عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه سئل عن قول الله تعالى: اَللّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها (1)

و قوله: إذا يَتَوَفّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ (2) و قوله عز و جل: تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا (3) و قوله اَلَّذِينَ تَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فمرة يجعل الفعل لنفسه، و مرة لملك الموت، و مرة للرسل، و مرة للملائكة، فقال: إن الله تعالى أجل و أعظم من أن يتولى ذلك بنفسه، و فعل رسله و ملائكته فعله، لأنهم بأمره يعملون، فاصطفى من الملائكة رسلا و سفرة بينه و بين خلقه و هم الذين قال الله فيهم: اَللّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَ مِنَ النّاسِ فمن كان من أهل الطاعة تولت قبض روحه ملائكة الرحمة، و من كان من أهل المعصية تولت قبض روحه ملائكة النقمة، و لملك الموت أعوان من ملائكة الرحمة و النقمة يصدرون عن أمره و فعلهم فعله و كل ما يأتونه منسوب إليه، فإذا كان فعلهم فعل ملك الموت ففعل ملك الموت فعل الله، لأنه يتوفى الأنفس على يد

ص: 241


1- الزمر: 42.
2- السجدة: 11.
3- الأنعام: 61.

من يشاء و يعطي و يمنع و يثيب و يعاقب على يد من يشاء، و إن فعل أمنائه فعله، كما قال: وَ ما تَشاؤُنَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللّهُ (1),(2).

ص: 242


1- الإنسان: 30.
2- الإحتجاج 579:1 ح 137، تفسير الصافي 488:1، تفسير البرهان 104:3.

الآية (108)

[سورة النساء (4): آیة 108]

إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ

[230] - في كتاب الإحتجاج: للطبرسي رحمه الله حديث طويل عن أمير المؤمنين عليه السلام و فيه يقول عليه السلام و قد بين الله تعالى قصص المغيرين بقوله إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ بعد فقد الرسول مما يقيمون به أود(1) باطلهم حسب ما فعلته اليهود و النصارى بعد فقد موسى و عيسى من تغيير التوراة و الانجيل، و تحريف الكلم عن مواضعه(2).

ص: 243


1- الأود: الاعوجاج.
2- الإحتجاج: 585/1 /احتجاجه عليه السلام على الزنديق.

الآية (110)

[سورة النساء (4): آیة 110]

وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَحِيماً

[231] - في نهج البلاغة قال عليه السلام: الإستغفار يحت الذنوب حت الورق؛ ثم تلا قوله تعالى: وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَحِيماً (1).

[232] - في نهج البلاغة: قال عليه السلام: من أعطي الإستغفار لم يحرم المغفرة، قال في الإستغفار: وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَحِيماً (2).

[233] - أخرج ابن جرير، و ابن المنذر، من طريق علي عليه السلام، عن ابن عباس في قوله: وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَحِيماً قال: أخبر الله

ص: 244


1- سورة النساء 110.
2- نهج البلاغة: قصار الحكم 135 /ص 494.

عباده بحلمه و عفوه و كرمه و سعة رحمته و مغفرته، فمن أذنب ذنبا صغيرا كان أو كبيرا، ثم استغفر الله يجد الله غفورا رحيما، و لو كانت ذنوبه أعظم من السماوات و الأرض و الجبال(1).

ص: 245


1- تفسير السيوطي 219:2.

الآية (115)

[سورة النساء (4): آیة 115]

وَ مَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَ يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلّى وَ نُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَ ساءَتْ مَصِيراً

[234] - في نهج البلاغة قال عليه السلام إنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر و عمر و عثمان على ما بايعوهم عليه فلم يكن للشاهد أن يختار و لا للغائب أن يرد إنما الشورى للمهاجرين و الأنصار، فإن اجتمعوا على رجل و سموه إماما كان ذلك لله رضى، فإن خرج من أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردوه إلى ما خرج منه، فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين و ولاه الله ما تولى(1).

[235] - في تفسير العياشي: عن حريز عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليه السلام قال: لما كان أمير المؤمنين في

ص: 246


1- نهج البلاغة: رسالة 6 /ص 366.

الكوفة أتاه الناس فقالوا: إجعل لنا إماما يؤمنا في رمضان، فقال: لا، و نهاهم أن يجتمعوا فيه، فلما أمسوا جعلوا يقولون: إبكوا في رمضان وا رمضاناه، فأتاه الحارث الأعور في أناس فقال: يا أمير المؤمنين ضج الناس و كرهوا قولك فقال عند ذلك: دعهم و ما يريدون ليصلي بهم من شاؤوا، ثم قال: فمن يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى و نصله جهنم و ساءت مصيرا(1).

[236] - عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه عن رجل من الأنصار قال: خرجت أنا و الأشعث الكندي و جرير البجلي حتى إذا كنا بظهر الكوفة بالفرس مر بنا ضب فقال الأشعث و جرير: السلام عليك يا أمير المؤمنين خلافا على علي بن أبي طالب فلما خرج الأنصاري قال لعلي عليه السلام، فقال علي: دعهما فهو إمامهما يوم القيامة أما تسمع إلى الله و هو يقول: نُوَلِّهِ ما تَوَلّى (2).

[237] - في الكافي: علي بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عن أبي حمزة عن عقيل الخزاعي أن أمير

ص: 247


1- تفسير العياشي: 275/1 ح 272 من سورة النساء.
2- تفسير العياشي: 275/1 ح 273 من سورة النساء.

المؤمنين صلوات الله عليه كان إذا حضر الحرب يوصي المسلمين بكلمات يقول: تعاهدوا الصلاة و حافظوا عليها و استكثروا منها و تقربوا بها، ثم إن الزكاة جعلت مع الصلاة قربانا لأهل الإسلام على أهل الإسلام، و من لم يعطها طيب النفس بها يرجو بها من الثمن ما هو أفضل منها فإنه جاهل بالسنة، مغبون الأجر، ضال العمر، طويل الندم بترك أمر الله تعالى و الرغبة عما عليه صالحو عباد الله يقول الله عز و جل:

وَ يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلّى (1) من الأمانة فقد خسر من ليس من أهلها، و ضل عمله، و عرضت على السماوات المبنية و الأرض المهاد و الجبال المنصوبة فلا أطول و لا أعرض و لا أعلى و لا أعظم منها لو امتنعن من طول أو عرض أو قوة أو عزة امتنعن، و لكن أشفقن من العقوبة.

و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(2).

ص: 248


1- النساء: 115.
2- الكافي: 36/5 ح 1 /باب و كان يوصي به أمير المؤمنين عليه السلام/كتاب الجهاد.

الآية (128)

[سورة النساء (4): آیة 128]

وَ إِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَ الصُّلْحُ خَيْرٌ وَ أُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَ إِنْ تُحْسِنُوا وَ تَتَّقُوا فَإِنَّ اللّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً

[238] - أبو إسحاق الثعلبي قال: روى إسرائيل عن سماك بن حرب عن خالد بن عرعرة قال: سأل رجل عليا عن قوله عز و جل وَ إِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً الآية قال: تكون المرأة عند الرجل فتنبو عينه عنها من دمامة أو كبر فتفتدي منه تكره فرقته، و إن أعطته من مالها فهو حل له أو أعطته من أثاثها فهو حل له وَ أُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ يقول: شحت المرأة نصيبها من زوجها و شح الرجل نصيبه من الأخرى(1).

ص: 249


1- تفسير الثعلبي: 396/3.

قوله تعالى: وَ الصُّلْحُ خَيْرٌ

[239] - أبو إسحاق الثعلبي قال: قال علي بن أبي طالب عليه السلام: في قوله وَ الصُّلْحُ خَيْرٌ قال: المرأة تكون عند الرجل فتكون صغيرة أو كبيرة أو لا يحبها زوجها، فيصطلحان على صلح(1).

[240] - البيهقي، أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، نا عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي أياس، نا حماد بن سلمة، عن سماك بن حرب، عن خالد بن عرعرة، قال: سمعت علي بن أبي طالب عليه السلام يقول في قوله: وَ إِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً قال:

هو الرجل تكون عنده امرأتان فتكون إحداهما قد عجزت، أو تكون دميمة فيريد فراقها، فتصالحه على أن يكون عندها ليلة، و عند الأخرى ليالي و لا يفارقها، فما طابت به نفسها، فلا بأس به، فإن رجعت سوى بينهما(2).

ص: 250


1- تفسير الثعلبي: 395/3.
2- سنن البيهقي 297:7، كنز العمال 389:2 ح 4334، تفسير السيوطي 233:2.

الآية (130)

[سورة النساء (4): آیة 130]

يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ .

[241] - و في البحار عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث طويل قال: و يقذف في قلوب المؤمنين العلم، فلا يحتاج مؤمن إلى ما عند أخيه من علم، فيومئذ تأويل هذه الآية: يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ و تخرج لهم الأرض كنوزها، و يقول القائم: كُلُوا وَ اشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيّامِ الْخالِيَةِ الخبر(1).

[242] - الحسن الحلي قال: من خطبة لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام تسمى المخزون عن آخر الزمان جاء فيها:... ثم يسير إلى حروراء حتى(2) يحرقها، و يسير من

ص: 251


1- بحار الأنوار: 86/53.
2- في الأصل: حرور ثم يحرقها. و حروراء: قرية بظاهر الكوفة، و قيل: موضع على ميلين منها، اجتمع فيها الخوارج الذين خالفوا علي بن أبي طالب عليه السلام فنسبوا إليها «مراصد الإطلاع».

باب بني أسد حتى يزفر زفرة في ثقيف، و هم زرع فرعون، ثم يسير إلى مصر فيصعد منبره، و يخطب الناس فتستبشر الأرض بالعدل، و تعطي السماء قطرها، و الشجرة ثمرها، و الأرض نباتها و تتزين لأهلها، و تأمن الوحوش حتى ترتعي في طرف(1) الأرض كأنعامهم، و يقذف في قلوب المؤمنين العلم، فلا يحتاج مؤمن إلى ما عند أخيه من علم، فيومئذ تأويل هذه الآية: يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ (2).

ص: 252


1- في البحار: طرق الأرض.
2- انظر البحار: 86/53.

الآية (140)

[سورة النساء (4): آیة 140]

وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللّهِ يُكْفَرُ بِها وَ يُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ

[243] - في من لا يحضره الفقيه: قال أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته لابنه محمد ابن الحنفية، ففرض على السمع أن لا تصغي به إلى المعاصي، فقال عز و جل: وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللّهِ يُكْفَرُ بِها وَ يُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ .و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(1).

ص: 253


1- من لا يحضره الفقيه: 626/2 ح 3215.

الآية (141)

[سورة النساء (4): آیة 141]

وَ لَنْ يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً

[244] - عن علي عليه السلام، أنه قيل له: أرأيت هذه الآية وَ لَنْ يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً و هم يقاتلون فيظهرون و يقاتلون، فقال: أدنه أدنه، ثم قال: فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ لَنْ يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (1).

ص: 254


1- كنز العمال: 390/2 ح 4336.

الآية (142)

[سورة النساء (4): آیة 142]

يُراؤُنَ النّاسَ وَ لا يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاّ قَلِيلاً

[245] - في أصول الكافي: عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن إسماعيل بن مهران عن سيف بن عميرة عن سليمان بن عمر عن أبي المغرا الخصاف رفعه قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: من ذكر الله عز و جل في السر فقد ذكر الله كثيرا، إن المنافقين كانوا يذكرون الله علانية و لا يذكرونه في السر، فقال الله عز و جل يُراؤُنَ النّاسَ وَ لا يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاّ قَلِيلاً (1).

ص: 255


1- أصول الكافي: 501/2 ح 2.

الآية (164)

[سورة النساء (4): آیة 164]

وَ كَلَّمَ اللّهُ مُوسى تَكْلِيماً

[246] - عن علي عليه السلام كلام طويل و فيه: وَ كَلَّمَ اللّهُ مُوسى تَكْلِيماً بلا جوارح و أدوات و لا شفة و لا لهوات، سبحانه و تعالى عن الصفات(1).

[460] - عن علي عليه السلام حديث طويل يقول فيه و قد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات و كلام الله ليس بنحو واحد:

منه ما كلم الله به الرسل، و منه ما قذفه في قلوبهم، و منه رؤيا يريها الرسل، و منه وحي و تنزيل يتلى و يقرأ فهو كلام الله، فاكتف بما وصفت لك من كلام الله، فإن معنى كلام الله، ليس بنحو واحد فإن منه ما تبلغ رسل السماء رسل الأرض(2).

انتهى الجزء الثاني و يليه الجزء الثالث و أوله تفسير سورة المائدة

ص: 256


1- كتاب التوحيد: 77 /باب التوحيد.
2- كتاب التوحيد: 264 /باب الرد على الثنوية.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.