تراثنا المجلد 117

هوية الکتاب

المؤلف: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم

الناشر: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم

المطبعة: نمونه

الطبعة: 0

الموضوع : مجلّة تراثنا

تاریخ النشر : 1435 ه.ق

الصفحات: 494

ص: 1

اشارة

تراثنا

صاحب

الامتیاز

مؤسّسة

آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث

المدير

المسؤول :

السيّد

جواد الشهرستاني

العدد الأوّل

والثاني [117 - 118]

السنة

الثلاثون

محتويات العدد

* كلمة العدد :

* تحقيق النصوص.

.................................................................... هيئة التحرير 7

* الوزير المغربي تفسيره ومذهبه.

........................................................ الشيخ جعفر السبحاني 10

* يوميّات العلاّمة الحلّي ونجله فخر المحقّقين.

.......................................................... عبد الحسين الطالعي 31

* عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري من محدِّثي الكوفة وقرَّائها.

....................................................... صلاح مهدي الفرطوسي 83

* الذكر المحفوظ قراءة جديدة في تاريخ جمع القرآن وما روي في تحريفه (5).

....................................................... السيّد علي الشهرستاني 119

* تاريخ الحوزات العلميّة (الحوزة العلميّة في سامرّاء).

......................................................... الشيخ عدنان فرحان 206

محرّم - جمادى

الآخرة

1435

ه-

* ثقة الإسلام الساروي مخطوطاته وإجازاته في مدرسة دار العلم في النجف الأشرف.

................................................. أحمد علي مجيد الحلّي النجفي 244

* ثلاث مقالات للسيّد عبد الحسين شرف الدين العاملي قدس سره.

.............................................. أحمد رضا مرادي ، محمود آسن 314

* تفسير الوزير المغربي قراءة في نسخه الخطّية.

........................................................... مرتضى كريمي نيا 343

* من ذخائر التراث :

* (رسالة في عدد أولاد أمير المؤمنين عليه السلام) للسيّد محمّد صادق بحر العلوم.

.................................................... تحقيق : عبد الرضا الروازق 375

* من أنباء التراث.

............................................................... هيئة التحرير 474

ص: 2

* كلمة العدد :

* تحقيق النصوص.

.................................................................... هيئة التحرير 7

* الوزير المغربي تفسيره ومذهبه.

........................................................ الشيخ جعفر السبحاني 10

* يوميّات العلاّمة الحلّي ونجله فخر المحقّقين.

.......................................................... عبد الحسين الطالعي 31

* عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري من محدِّثي الكوفة وقرَّائها.

....................................................... صلاح مهدي الفرطوسي 83

* الذكر المحفوظ قراءة جديدة في تاريخ جمع القرآن وما روي في تحريفه (5).

....................................................... السيّد علي الشهرستاني 119

* تاريخ الحوزات العلميّة (الحوزة العلميّة في سامرّاء).

......................................................... الشيخ عدنان فرحان 206

محرّم - جمادى

الآخرة

1435

ه-

* ثقة الإسلام الساروي مخطوطاته وإجازاته في مدرسة دار العلم في النجف الأشرف.

................................................. أحمد علي مجيد الحلّي النجفي 244

* ثلاث مقالات للسيّد عبد الحسين شرف الدين العاملي قدس سره.

.............................................. أحمد رضا مرادي ، محمود آسن 314

* تفسير الوزير المغربي قراءة في نسخه الخطّية.

........................................................... مرتضى كريمي نيا 343

* من ذخائر التراث :

* (رسالة في عدد أولاد أمير المؤمنين عليه السلام) للسيّد محمّد صادق بحر العلوم.

.................................................... تحقيق : عبد الرضا الروازق 375

* من أنباء التراث.

............................................................... هيئة التحرير 474

* صورة الغلاف : نموذج من مخطوطة (عدد أولاد أمير المؤمين عليه السلام) للسيّد محمّد صادق بحر العلوم (ت 1399 ه) والمنشورة في هذا العدد.

ص: 3

ص: 4

ص: 5

ص: 6

كلمة العدد : تحقيق النصوص

هيئة التحرير

بسم الله الرحمن الرحيم

إنّ عملية الاستنباط في علم الفقه ، والجرح والتعديل في علم الرجال ، وتقسيم الحديث من الموثّق والحَسِن والضعيف في علم الحديث ، هو نوع من أنواع التحقيق قام به علماؤنا على مدى الألفية الأولى والثانية من الهجرة النبوية ، وكانت الدقّة المتناهية في مراعاة المباني والقواعد في هذه العلوم تمثّل نموذجاً من نماذج التحقيق الذي نرى تكامل مراحله في هذا العصر ، بل تعتبر هي اللبنة الأولى التي وضعها علماؤنا في هذا المجال ، حيث كان لهم السبق في هذا المضمار ، وفي القرون المتأخّرة بدأت مرحلة جديدة رافقت التطوّر الحاصل في كثير من العلوم ، حيث ظهرت الحاجة إلى إعادة كتابة النصوص في تراث الأمم ، ممّا حدى بالمهتمّين في هذا المجال إلى مراجعة النصوص القديمة ممّا تركته الحضارات السابقة ، فبادر العديد من العلماء في الغرب إلى مراجعة النصوص اليونانية واللاتينية من أجل قرائتها من جديد ، وعندها بدأت تتبلور الخطوط العريضة في تحقيق النصوص بقصد التثبّت من صحّة نسبة النصّ ، وجمع المخطوطات ، وجمع النسخ من

ص: 7

المخطوطة والمقابلة بينها ، ووضع الرموز ، ووصف النسخ ، وتثبيت المصادر والمراجع ، وإرجاع الأقوال ، وفي بداية القرن الخامس عشر الميلادي وتزامناً مع ظهور الطباعة بدأ الاهتمام من قبل الغرب بالتراث الإسلامي الذي كان يمثّل حاضرة من حواضر التمدّن وتراث غني بالعلوم الإلهية والطبيعية ، فظهرت حركة الاستشراق حيث أخذت على عاتقها قراءة النصوص في التراث الإسلامي ، إلاّ أنّ أكثر ما خرج على أيديهم يشوبه التصحيف والتحريف لجهلهم باللّغة العربية ، أو لأغراض أخرى نحن في غنى عن ذكرها في هذه العجالة ، ولا زالت أعمالهم تثير جدلا في الأوساط العلمية ، ومن أشهر المستشرقين في هذا المجال البارون دي ساسي (1758 - 1838م) ، وثيودور نولد كه (1836 - 1930م) صاحب كتاب (تاريخ القرآن) الذي أثار جدلا ، وكارل بروكلمن (1868 - 1956م) ، وجولدتسيهر (1850 - 1921م) ، وبرجستراسر (1886 - 1933م) وغيرهم ، وقبل هذا بكثير تبنّى علماؤنا وعبر قرون متمادية حركة دؤوبة في هذا المجال ، وإن كان اسم المحقّق يطلق على الكثير من علمائنا في ذلك الزمان وكان المراد منه التحقيق بالمعنى الأعم - أي التحقيق العلمي - إلاّ أنّهم كانوا يمارسون عملية التحقيق العلمي التي تستبطن في طيّاتها نوعاً من أنواع التحقيق الذي نعهده اليوم بل أسمى أنواعه ، وقد أطلق هذا الإسم على العديد من علمائنا منهم : المحقّق الحلّي والمحقّق الأردبيلي والمحقّق الداماد والمحقّق الكركي وغيرهم ، وفي القرون المتأخّرة ومع بدايات تبلور حركة التحقيق في النسخ الخطّية والنصوص أخذ العديد من علمائنا بسبر غور هذا العلم ، فبذلوا جهوداً في مجال التحقيق ، وألّفوا في مناهجه وقواعده ، وحقّقوا أهمّ آثار التراث ، ووضعوا أسس التحقيق العلمي ، وعالجوا مشكلاته ، وذلّلوا صعابه ، وصحّحوا أخطاء النصوص تصحيفاً وتحريفاً ، وفتحوا مغاليق النصوص ، وجمعوا نسخ

ص: 8

المخطوطات وقابلوا بعضها مع البعض الآخر ، وأصبح يشار بالبنان إلى العديد من علمائنا ممّن ساهم في هذا المجال وأدلى بدلوه في هذا المضمار ، ولابدّ هنا من الإشارة إلى بعض السلف اعترافاً منّا بالجميل لهم ، ومنهم : الشيخ محمّد علي الأوردبادي (ت 1380ه) ، والشيخ محمّد علي اليعقوبي (ت 1385 ه) ، والسيّد هبة الدين الشهرستاني (ت 1386ه) ، وشيخ المحقّقين العلاّمة آقا بزرك الطهراني (ت 1389ه) ، والسيّد محمّد صادق بحر العلوم (ت 1399ه) ، والسيّد عبد العزيز الطباطبائي (ت 1416ه) والشيخ محمّد حسن آل ياسين (ت 1427ه) ، والشيخ محمّد باقر المحمودي (ت 1427ه) ، والدكتور حسين علي محفوظ (ت 1430ه) ، والسيّد محمّد علي الروضاتي (ت 1434ه) وغيرهم الكثير ممّا يعجز المقام عن ذكرهم ، وأمّا من المعاصرين فإنّ القلم يعجز عن الإحاطة بهم فهم البقية الباقية من ذلك السلف والامتداد الطبيعي للرعيل الأوّل الذي بذل الغالي والنفيس لخدمة التراث وإحيائه ، وفي الحقبة ذاتها بدأت مرحلة جديدة في إحياء التراث قام بها مجموعة كبيرة من علماء المذاهب الأخرى ممّن ساهم في إحياء هذا التراث ، فكان هناك من العلماء ممّن ضرب في هذا العلم سهماً وافراً وعلى رأسهم الأستاذ أحمد زكي باشا ، والشيخ محمّد محي الدين عبدالحميد ، والشيخ أحمد محمّد شاكر ، والأستاذ عبد السّلام محمّد هارون ، والأستاذ صلاح المنجد وغيرهم ، وقد أخذت الحركة العلمية في تحقيق التراث مسارها الصحيح بعد أن خضعت مسيرة التحقيق لتجارب تبلورت من خلالها أسس وقواعد التحقيق العلمي وأُسِّست مباني هذا العلم بما يخدم إعادة قراءة النصوص وإحيائها وإن تطفَّل عليها البعض وأعطيت القوس لغير باريها.

هيئة التحرير

ص: 9

الوزير المغربي تفسيره ومذهبه

الشيخ جعفر السبحاني

بسم الله الرحمن الرحيم

أخبرني أحد الأخوة أنّه توجد من كتاب المصابيح في تفسير القرآن العظيم للحسين بن علي المعروف بالوزير المغربي (370 - 408 ه) نسخة في جامعة الإمام محمّد بن سعود في الرياض ، فطلبت من الأخ الدكتور الرسولي سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية هناك أن يسعى للحصول على صورة من هذه النسخة ، فوافانا الجواب منه - مشكوراً - بإرسال نسخة محقّقة للباحث عبد الكريم بن صالح الزهراني ، فقد حقّق الكتاب من سورة الفاتحة إلى سورة الإسراء ونال بهذا العمل درجة الدكتوراه عام 1421 ه.

ص: 10

وقد قرأت مقدّمة الباحث وتصفّحت الموجود من التفسير سريعاً فوجدت أنّ الباحث بذل جهده في تحقيق النصّ وإزالة الصعاب عنه إلى غير ذلك من المزايا التي أشار إليها في مقدّمته ، وقد حقّق الكتاب بعد الحصول على نسختين :

النسخة الأُولى : وهي من فاتحة الكتاب إلى آخر سورة الإسراء مع سقط قليل في موردين ، وهي من ممتلكات عبد الرحمن بن سليمان العثيمين ، وهي مصوّرة على ميكروفيلم في جامعة الإمام محمّد بن سعود ضمن مخطوطات قسم التفسير برقم 2002.

النسخة الثانية : نسخة مبتورة من أوّلها وآخرها ، فهي تبدأ بسورة النساء وتنتهي بآيات من سورة يوسف ، وهي مصوّرة من نسخة في مكتبة تشستربتي برقم 3538 وهي في مركز التراث بجامعة أُمِّ القرى.

ثمّ أشار المحقّق إلى أنّ للكتاب نسخة ثالثة في المغرب بخزانة القرويّين تحت رقم 1476 وقد راجع الباحث المكتبة فأخبره أمينها بأنّها متلاشية جدّاً ولا يمكن تصويرها.

ونحن إذ نثمّن جهوده في إحياء ذلك التراث القيّم ، غير أنّه لمّا وصل إلى بيان مذهب المؤلّف نقل عن الذهبي في سير أعلام النبلاء أنّه كان شيعيّاً ، لكنّه أضاف : «أنّي بعد تتبّع آثاره وما كتبه من رسائل لكي أقف على هذه الحقيقة لم أجد ما يدلّ على ذلك ... أمّا ما جاء في كتاب المصابيح عندما يذكر أبا جعفر فيقول عليه السلام فهذا بلا شكّ أنّه من الناسخ بدليل سقوط هذه

ص: 11

العبارة في النسخة الثانية» (1).

يلاحظ عليه : بأنّ ما ذكره ضعيف جدّاً إذ لقائل أن يقول : إنّ النسخة كانت مشتملة على التسليم لكن أسقطها الناسخ ، هذه مؤاخذة جزئية ولكن الذي يؤخذ على الباحث أنّه لو أمعن النظر في نفس الكتاب الذي حقّقه يرى فيه دلائل واضحة على أنّه شيعيٌّ إماميٌّ لا ريب في ذلك ، ولأجل ذلك نذكر شيئاً من حياته التي جاء ذكرها في مصادرنا الرجالية وشيئاً ممّا ورد في مصادر غيرنا ، والغاية رفع الستر عن مذهبه فنقول :

الوزير المغربي في مصادر الشيعة :

1 - أوّل من ترجم له الرجالي المشهور أبو العبّاس النجاشي (372 - 450 ه) ، قال : «الحسين بن علي بن الحسين بن محمّد بن يوسف الوزير (أبو القاسم المغربي) من وُلد بلاس بن بهرام جور ، وأُمّه فاطمة بنت أبي عبد الله محمّد بن إبراهيم بن جعفر النعماني ، شيخنا صاحب كتاب : الغيبة ، له كتب منها : كتاب خصائص علم القرآن ، كتاب اختصار إصلاح المنطق ، كتاب اختصار غريب المصنّف ، رسالة في القاضي والحاكم ، كتاب الإلحاق بالاشتقاق ، اختيار شعر أبي تمّام ، اختيار شعر البحتري ، اختيار شعر المتنبيّ والطعن عليه ، توفّي رحمه الله يوم النصف من شهر رمضان سنة ثمان عشرة وأربعمائة»(2). 5.

ص: 12


1- لاحظ : المصابيح : 39 (رسالة الدكتوراه).
2- رجال النجاشي 1/191 - 192 ، برقم 165.

قال المحقّق التستري : «قوله : (شيخنا) وصف للنعماني جدّ الوزير للأُمّ ، ثمّ أضاف : قول النجاشي : من وُلد بلاس بن بهرام جور وهمٌ ، فإنّ بلاساً ليس ابن بهرام بل ابن فيروز بن يزدجرد بن بهرام ، وبلاس عمّ أنوشيروان ، وهو الباني لساباط المدائن ، وأصل ساباط (بلاس آباد) فخفّف وعُرّب فصار (ساباط) ، وعنونه الحموي بقوله : الحسين بن علي بن الحسن بن محمّد بن يوسف بن بحر بن بهرام بن المرزبان بن ماهان بن باذام بن سامان بن الحرون من ولد بهرام جور ملك فارس أبو القاسم المعروف بالوزير المغربي الأديب اللغوي الكاتب الشاعر ، ولد فجر يوم الأحد ثالث عشر ذي الحجّة سنة سبعين وثلاثمائة»(1).

2 - ذكره ابن شهرآشوب (484 - 584 ه) في معالم العلماء وقال : «أبو القاسم المغربي الوزير له كتاب المصابيح في تفسير القرآن»(2).

3 - ذكره قطب الدين الراوندي (ت 537 ه) «وقال الحسين بن علي المغربي : معنى (إذا قمتم) : إذا عزمتم عليها وهممتم بها ، قال الراجز للرشيد :

ما قاسم دون الفتى ابن امِّه

وقد رضيناه فقم فسمّه

فقال : يا أعرابي - ما رضيت أن تدعونا إلى عقدة الأمر له قعوداً حتّى أمرتنا بالقيام ، فقال : قيام عزم لا قيام جسم. ة.

ص: 13


1- قاموس الرجال 3/491 - 496 ولاحظ : معجم الأُدباء 10/79 ، بغية الطلب في تاريخ حلب 6/2537 ، وقد بسط الكلام في ترجمته.
2- معالم العلماء : 172 ، برقم 952. فهو أوّل من سمّى تفسيره ب- : (المصابيح) من الإمامية.

وقال خزيم الهمداني :

فحدّثت نفسي أنّها أو خيالها

أتانا عشاءً حين قمنا لنهجعا

أي حين عزمنا للهجوع»(1).

4 - قال العلاّمة الحلّي (647 - 726 ه) : «الحسين بن علي بن الحسين بن محمّد بن يوسف الوزير المغربي ، ثمّ لخّص ما ذكره النجاشي»(2).

5 - قال الحرّ العاملي (ت 1104) : «الحسين بن علي بن الحسين بن محمّد بن يوسف الوزير المغربي ، أُمّه فاطمة بنت أبي عبد الله محمّد بن إبراهيم النعماني صاحب كتاب الغيبة ، ثمّ ذكر تصانيفه»(3).

6 - عنونه القهبائي في مجمع الرجال واكتفى بما ورد في النجاشي ثمّ أشار إليه في ترجمة جدّه من جانب الأُمّ أعني محمّد بن إبراهيم بن جعفر مؤلّف كتاب الغيبة(4).

7 - عنونه الأردبيلي في جامع الرواة حيث اكتفى بما ورد في رجال النجاشي وخلاصة العلاّمة(5).

8 - عنونه المامقاني في تنقيح المقال وذكر نصّ النجاشي ثم الخلاصة وتكلّم في أنّ قوله (شيخنا) وصف لمن؟(6) ، وقد مرّ من المحقّق التستري أنّه 6.

ص: 14


1- فقه القرآن 1/12 ، ولاحظ : المصابيح : 365.
2- خلاصة الأقوال : 120 ، برقم 303.
3- أمل الآمل 2/97 ، برقم 264.
4- مجمع الرجال 2/189.
5- جامع الرواة 1/248.
6- تنقيح المقال 1/338 برقم 2996.

وصفٌ للنعماني ؛ وهو بمعنى أنّه شيخ الطائفة.

9 - قال السيّد الخوئي. الحسين بن عليّ بن الحسين بن محمّد بن يوسف الوزير أبو القاسم المغربي ، ثمّ اقتصر بما ذكره النجاشي في رجاله(1).

10 - ذكر شيخنا العلاّمة آقا بزرگ الطهراني مؤلّفات الوزير المغربي في الذريعة(2).

إلى هنا تمّ ما ذكره مشايخنا الكبار في ترجمة الوزير المغربي ، وهؤلاء اقتصروا بما ذكرنا.

نعم بسط عدّة من علمائنا الكلام في ترجمته ونشير إلى مواضعها من كتبهم :

11 - السيّد محمّد باقر الخونساري (ت 1313 ه)(3).

12 - المحقّق التستري - وقد نقلنا شيئاً ممّا ذكره(4).

13 - السيّد محسن الأمين(5).

14 - موسوعة طبقات الفقهاء(6).

وبما أنّا لسنا بصدد ترجمة الوزير اكتفينا بما ذكرنا ، وهؤلاء كلّهم متّفقون على تشيّعه ، ولذلك عمدوا إلى ترجمته في كتبهم بلا أيّ ريب 4.

ص: 15


1- معجم رجال الحديث 6/44 ، برقم 3521.
2- لاحظ : الذريعة إلى مؤلّفات الشيعة 4/220 ، و420 ، 9/1/249.
3- روضات الجنّات 3/166 - 169.
4- لاحظ قاموس الرجال 3/491 - 496.
5- لاحظ أعيان الشيعة 6/111.
6- طبقات الفقهاء 5/111 - 114.

وشكّ ، ولأجل رفع الستر عن الموضوع الذي ذكره الباحث على عواهنه ، ندرس مذهبه من خلال أمرين :

1 - القرائن الخارجية التي ذكرها غير واحد من أصحاب المعاجم.

2 - القرائن الداخلية وهي النصوص الموجودة في أثره القيّم المصابيح ، على وفق ما حقّقه الباحث عبد الكريم بن صالح بن عبد الله الزهراني حفظه الله.

القرائن الخارجية الدالّة على تشيّعه :

هناك قرائن خارجية (خارج التفسير) وتشهد على أنّه كان شيعيّاً حقيقيّاً ، وإليك ما وقفنا عليه :

1 - إنّ أُمّه كانت بنت الشيخ النعماني شيخ الطائفة الإمامية المعاصر للشيخ الكليني (ت 329 ه) صاحب كتاب الغيبة في الإمام المهدي (عج) ، وقد صرّح بذلك الرجالي النجاشي وغيره كما مرّ.

2 - ذكر الحموي أنّه كانت وفاته في (ميّافارقين) وحمل بوصية منه إلى الكوفة ودفن بها في تربة مجاورة لمشهد عليّ رضي الله عنه ، وأوصى أن يكتب على قبره :

كنت في سفرة الغواية والجه-

-ل مقيماً فحان منّي قُدوم

تُبت من كلّ مأثم فعسى يُم-

-حى بهذا الحديث ذاك القديم

بعد خمس وأربعين لقد ما

طلتُ إلاّ أنّ الغريم كريمُ(1)9.

ص: 16


1- معجم الأُدباء 10/79.

3 - قال الجزري : «لمّا أحسّ بالموت كتب كتاباً عن نفسه إلى كلّ من يعرفه من الأُمراء والرؤساء الذين بينه وبين الكوفة ويعرّفهم أنّ حظيّة له توفّيت وأنّه قد سيّر تابوتها إلى مشهد أمير المؤمنين عليٍّ عليه السلام وخاطبهم في المراعاة لمن في صحبته ، كان قصد أن لا يتعرّض أحد لتابوته بمنع وينطوي خبره ، فلمّا توفّي سار به أصحابه كما أمرهم ، وأوصلوا الكتب ، فلم يتعرّض أحد له ، فدفن بالمشهد ولم يعلم به أحد إلاّ بعد دفنه»(1).

وذكره الصاحب كمال الدين المعروف بابن العديم(2) ، وقد ترجم مؤلّفنا بصورة مبسّطة(3).

4 - القصيدة التي أنشأها في مدح الأنصار ، وقد نقل أكثرها ابن أبي الحديد في شرحه ، ونحن نقتبس من هذه القصيدة ما يرجع إلى مهمّتنا ، وإليك مستهلُّ القصيدة ، قال :

نحن الذين بنا استجار فلم يَضِعْ

فينا ، لأصبح في أعزّ جوار

إلى أن قال :

وتداولتها أربع لولا أبو

حسن لقلت : لؤمت من إستار(4)د.

ص: 17


1- الكافي في التاريخ 9/362.
2- لاحظ : بغية الطلب في تاريخ حلب 6/2555.
3- نفس المصدر : 2523 - 2555.
4- الإستار بالكسر أربعة في العدد.

إلى أن قال :

تالله لو ألقوا إليه زمامها

لمشى بهم سَجُحاً بغير عِثار

ولو أنّها حلّت بساحة مجده

بادي بدا سكنت بدار قرار

إلى أن قال :

وتنقّلت في عصبة أموية

ليسوا بأطهار ولا أبرار(1)

5 - أورد ابن شهرآشوب في المناقب أبياتاً للمغربي في الإمام الباقر عليه السلام ، والظاهر أنّه أراد به الوزير المغربي لأنّها لا توجد في ديوان ابن هانىء ، وهي :

يا ابن الذي بلسانه وبيانه

هُدي الأنام ونزِّل التنزيل

عن فضله نطق الكتاب وبشّرت

بقدومه التوراة والإنجيل

لولا انقطاع الوحي بعد محمّد

قلنا محمّد من أبيه بديل

هو مثله في الفضل إلاّ أنّه

لم يأته برسالة جبريل(2)

6 - نقل السيّد الأمين عنه الأبيات التالية :

صلّى عليك الله يا من دنا

من قاب قوسين مقام النبيه

أخوك قد خولفت فيه كما

خولف في هارون موسى أخيه

هل برسول الله من أُسوة

لم يقتد القوم بما هنّ فيه7.

ص: 18


1- شرح نهج البلاغة 6/15 - 16.
2- المناقب لابن شهرآشوب 4/197.

ثمّ قال : وهي أطول من هذا ، وقوله :

أيا غامصين المزايا الجليلة

من المرتضى والسجايا الجميلة

ويا غامضين عن الواضحات

كأنّ العيون لديها كليلة

إذا كان لا يعرف الفاضلين

إلاّ شبيههم في الفضيلة

فمن أين للأُمّة الاختيار

عفا لعقولكم المستحيلة

عرفنا عليّاً بطيب النجار

وفصل الخطاب وحسن المخيلة

تطلع كالشمس رأد الضحى

بفضل عميم وأيد جزيلة

فكان المقدّم بعد النبيّ

على كلّ نفس بكلّ قبيلة(1)

هذا ما يرجع إلى القرآئن الخارجية ، وأمّا ما يرجع إلى القرائن الداخلية فهي بين الصريح وكالصريح على أنّه شيعيٌّ إماميٌّ فنأتي به حسب تسلسل السور ، إلى سورة الإسراء ، ولو وفّق الله الباحث أو غيره لتحقيق النصف الآخر من الكتاب ربّما زادت القرائن أكثر من ذلك ، وإليك البيان.

القرائن الداخلية الدالّة على تشيّعه :

نعني بالقرائن الداخلية ما فسّر به كلام الله سبحانه من خطبة الكتاب إلى تفسير آخر سورة الإسراء ففيها دلائل واضحة على تشيّعه ، نشير إلى ما وقفنا عليه : 6.

ص: 19


1- أعيان الشيعة 6/116.

1 - كيفية الصلاة على النبيِّ (صلى الله عليه وآله).

ابتدأ خطبة الكتاب بقوله : «اللّهم إنّا نقدّم بين يديك ما تأمر من عزم ... إلى أن قال : ونسألك أن تصلّي على محمّد فإنّه رحمتك وعلى أهل بيته المصطفين من بريّتك»(1).

فإنّ هذا النوع من الصلاة على النبيِّ من خصائص الشيعة حيث لم يعطف الصحابة على أهل بيته ، إذ لم يرد حتّى في حديث واحد أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) علّم الصلاة عليه بعطف الأصحاب على الآل ...

ويذكر في تفسير قوله : (وَارْكَعُوا مَعَ الْرَّاكِعِينَ)(2) «أي ادخلوا دين محمّد صلّى الله عليه وآله»(3).

وأيضاً يذكر في تفسير قوله : (أَتَأْمُرُونَ الْنَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ)(4) «أي كانوا يأمرون الناس باتّباع محمّد صلّى الله عليه وآله»(5).

إلى غير ذلك من الموارد التي يعطف الآل على النبيّ (صلى الله عليه وآله) ولا يذكر شيئاً من الصلاة على الأصحاب ، ويتجنّب الصلاة البتراء التي هي الصلاة على النبيّ (صلى الله عليه وآله) فقط دون عطف آل عليه ، وقد روى البخاري وغيره كيفية الصلاة عليه(6).3.

ص: 20


1- المصابيح : 94.
2- البقرة : 43.
3- المصابيح : 126.
4- البقرة: 44.
5- المصابيح : 126.
6- البخاري في صحيحه في كتاب الأنبياء ، راجع فتح الباري 6/408 ، الصواعق المحرقة : 233.

2 - كلامه في بسملة كلّ سورة.

اختلف الفقهاء في جزئية البسملة من السور :

1 - إنّ مالكاً لا يرى أنّ البسملة جزء من السور مطلقاً.

2 - الحنفية والحنابلة يرونها جزءاً من فاتحة الكتاب فقط لكن يقرؤونها سرّاً ، وأمّا الشافعية فيرونها جزءاً من فاتحة الكتاب ويقرؤونها في الجهر جهراً وفي السرّ سرّاً.

وأمّا كونها جزءاً من سائر السور ففيه عن الشافعي قولان ، وأمّا الشيعة الإمامية فليس عندهم في المسألة إلاّ قول واحد وهو أنّ البسملة جزء من كلّ سورة ويجهر بها في الصلوات الجهرية وجوباً وفي الصلوات السرّية سرّاً(1).

فلنرجع إلى كلام الوزير المغربي يقول : «(بسم اللّه الرحمن الرحيم) عندنا من كلّ سورة غير براءة ، بدلالة إثباتهم إيّاها في المصاحف مع توقّيهم أن يثبتوا فيها الأخماس والأعشار»(2).

3 - الجمع بين الحجّة والعمرة.

كان الناس من عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى عصر الخليفة الثاني يجمعون بين العمرة والحجّ ، غير أنّ الخليفة منع من الجمع كما هو معروف.

يقول الوزير في تفسير قوله تعالى : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ)(3) : 6.

ص: 21


1- الخلاف 1/328 ، المسألة 82 ، بداية المجتهد 1/119.
2- المصابيح : 98 - 99.
3- البقرة : 196.

«اعلم أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) جمع بين حجّة وعمرة ولم ينزل فيها كتاب ولم ينه عنها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، قال فيها رجل برأيه ما قال - يعني عمر -»(1).

4 - كلامه في ليلة المبيت.

قال في تفسير قوله سبحانه : (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ الله)(2) : «وروى عمر بن شبّة أنّها نزلت في عليّ عليه السلام لمّا بات على فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند الهجرة وكذلك قال أبو جعفر»(3). ولعلّه أراد بقوله : أبو جعفر : الإمام الباقر عليه السلام.

5 - كلامه في المباهلة.

قال في تفسير قوله سبحانه : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِل فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ الله عَلَى الْكَاذِبِينَ)(4) : قال في تفسير (نَبْتَهِل) : «نلتعن ، والبهلة : اللعنة ، وفي امتناعهم من المباهلة وعدولهم إلى الموادعة أعظم الحجج في نبوّة محمّد (صلى الله عليه وآله) ، وأخذ بيد عليٍّ عليه السلام وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، كذا روى البلخي والرمّاني ، قال أبو بكر الرازي : وفي الآية 1.

ص: 22


1- المصابيح : 219.
2- البقرة : 207.
3- المصابيح : 224.
4- آل عمران : 61.

دليل على أنّ الحسن والحسين ابناه»(1).

6 - كلامه في متعة النساء.

قال في تفسير قوله سبحانه : (وَالُمحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ)(2) : «عليكم كتاب الله فاتّبعوه ، وقيل نصب على المصدر تقدّم : كتب الله عليكم كتاباً أي فرض ، وهذا آية ظاهرة في تحليل المتعة ، لأنّه استوفى أقسام ما أحلّه ثمّ جاء بذكر المتعة بعد ذلك ، وفي حرف ابن عبّاس «فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمّى» وقد روي نسخها بالسنّة. والله أعلم»(3). وعزو النسخ إلى (روي) ثم تعقيبه بقوله : والله أعلم ، دليل على كونه إحتمالاً ضعيفاً عنده.

7 - كلامه في آية الوضوء.

اتّفقت الشيعة الإمامية على مسح الرجلين بدل غسلهما واتّفقت السنّة على غسلهما دون مسحهما والاختلاف نابع في أنّ (أَرْجُلَكُمْ) في قوله : (وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)(4) عطف إلى أين؟ فالشيعة الإمامية يقولون : عطف على (بِرُؤُوسِكُمْ) ، فعلى قراءة النصب فهو معطوف 6.

ص: 23


1- المصابيح : 249 - 250.
2- النساء : 24.
3- المصابيح : 304 - 305.
4- المائدة : 6.

على محل (بِرُؤُوسِكُمْ) لأنّه مفعول لقوله : (وَامْسَحُوا) ، وعلى قراءة الجرّ منصوب على ظاهر (بِرُؤُوسِكُمْ) وأمّا السنّة فالقراءة الرائجة هي النصب فقالوا بأنّه معطوف على قوله : (وُجُوهَكُمْ) وهذا هو الذي ردّ عليه الوزير بوضوح وقال : «وقد أجاز قوم أن يكون النصب عطفاً على قوله : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) وهذا إنّما يجوز شبيهه في الكلام المعقّد ، أو في ضرورة الشعر ، وما يجوز على مثله هُجنة العيّ وظلمة اللبس ، فأمّا القول العربي المبين ، المتميّز بالبلاغة عن فصاحة العالمين ، فلا يجوز أن يأتي فيه جملة طويلة كاملة متعلّقة بمعنى يخصّها ، ثمّ تأتي جُملة أُخرى طويلة كاملة بمعنى يخصّها ، فنعطف من آخر الجملة الثانية شيئاً على أوّل الجملة الأُولى»(1).

إلى أن قال : «ولم يبق إلاّ أن يكون هذا التنزيل منسوخاً بالسنّة فقد بلغني عن الشعبي أنّه قال : جاء القرآن بالمسح والسُنّة بالغسل وعلى أنّه قد حدّثنا أبو الحسن علي بن محمّد بن يزيد الحلبي عن أبي بكر محمّد بن زيّاد النيسابوري في كتاب الزيادات أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) مسح ولم يغسل ، والكتاب معروف والحديث فيه موجود وكذلك في كتاب الوضوء لأبي عبيد القاسم بن سلاّم ، وبالله التوفيق»(2).

أقول : إنّ القول بأنّ المسح قد نسخ بالسنّة أمر غير صحيح لأنّ سورة المائدة آخر ما نزل على الرسول (صلى الله عليه وآله) ، وقد قال غير واحد من المحقّقين أنّه لم ينسخ شيء منها ، ومن عجيب الأمر أن ينزل الوحي لتعليم الوضوء للناس ثمّ 8.

ص: 24


1- المصابيح : 367.
2- المصابيح : 368.

يأتي بعد فترة قليلة فينسخ ما نزل في كتاب الله بسنّة الرسول (صلى الله عليه وآله).

8 - كلامه في الغنائم.

قال سبحانه : (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِن شَيْء فَأَنَّ لله خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ)(1).

قال الوزير : «قال ابن إسحاق : حدّثني أبو جعفر محمّد بن علي أنّ التقاءهم ببدر كان صبيحة سبع عشرة من شهر رمضان من يوم الجمعة.

ثمّ إنّه شرح مواضع الخمس بقوله : ثمّ يقسّم خمس الله ورسوله على خمسة(2) أخماس لله خمس ، وخمس لرسوله ، يقبضهما الإمام العدل ، يعملُ بهما ما أحبّ ، وخمسٌ لذي القربى ، وهم بنو هاشم وبنو المطلّب ، وخمس ليتامى هذين البطنين ، وخمس لمساكينهم ، وخمس لابن السبيل منهم ومواليهم في ذلك كلّه يدخلون معهم ، إذ كانت الصدقة محرّمة على جميعهم ، فعُوِّضوا بهذه الأنصاب عنها»(3).

وأمّا فقهاء السنّة فقد اختلفت كلمتهم :

قالت الحنفية : إنّ سهم الرسول (صلى الله عليه وآله) سقط بموته ، وأمّا ذوي القربى فهم كغيرهم من الفقراء يعطون لفقرهم لا لقرابتهم من الرسول (صلى الله عليه وآله) ، وقال المالكية : يرجع أمر الخمس إلى الإمام يصرفه حسب ما يراه من المصلحة ، 2.

ص: 25


1- الأنفال : 41.
2- الصحيح : (ستة).
3- المصابيح : 491 - 492.

إلى غير ذلك من الأقوال(1).

9 - كلامه في تفسير قوله تعالى : (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)(2).

قال : «أراد بالصادقين هاهنا الذين ذكرهم في موضع آخر فقال : (رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ)(3) حمزة بن عبد المطّلب (وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ) عليّ بن أبي طالب عليه السلام»(4).

10 - كلامه في تفسير قوله : (لِكُلِّ قَوْم هَاد)(5).

قال : «روى شيخنا أبو عبد الله رحمه الله : إنّ الهادي المبين هاهنا من الهدي والبيان وهو الذي يبيّن شريعة محمّد (صلى الله عليه وآله) ويوضّح مجملها كعليّ بن أبي طالب ومحمّد عليهما السلام ، ومنهم من لم يهد له بمعنى أي لم يبين لهم»(6).

11 - كلامه في تفسير قوله : (ذَوي الْقُرْبَى).

قال : «تفسير قوله سبحانه : (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ)(7) وذوي القربى : قرابة رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن عليّ بن الحسين»(8).

هذا ما وقفنا عليه من آرائه في تفسير قسم من الآيات وهو يدلّ على 6.

ص: 26


1- لاحظ الفقه على المذاهب الخمسة : 188.
2- التوبة : 119.
3- الأحزاب : 23.
4- المصابيح : 541.
5- الرعد : 7.
6- المصابيح : 609.
7- الإسراء : 26.
8- المصابيح : 666.

تشيّعه دلالة صريحة أو ما يقرب منها ، والتعمية على مذهبه بعيدة عن ساحة الموضوعين ، ولو قُرئ مجموع ما طبع ربّما زادت الدلالات على ما ذكرنا.

مآخذ أو محاسن؟

إنّ الباحث قال في المطلب العاشر : المآخذ على كتاب المصابيح ، وما آخذه به ، قال : «إيراده لبعض أقوال المعتزلة دون تعليق عليها ، ومن ذلك قوله في معنى الاستواء : على عدّة وجوه منها العلوّ بالقهر ، ومنه قوله في سورة الأعراف ، وقد يكون الاستواء بمعنى الاستيلاء ، وهو هاهنا متّجه»(1).

أشار إلى قوله سبحانه : (إِنَّ رَبَّكُمُ الله الَّذِي خَلَقَ السَّماوَاتِ والأرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّام ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَات بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأمْرُ تَبَارَكَ الله رَبُّ الْعَالَمِينَ)(2).

والباحث بما أنّه نشأ في بيئة المحدّثين بالأخصّ قسم الحنابلة فهؤلاء يريدون أن يحملوا الصفات الخبرية على الله سبحانه بنفس معانيها غاية الأمر يفرّون عن التجسيم بقولهم : بلا كيف؟ أو الاستواء اللائق.

والوزير المغربي لمّا كان من الشيعة الإمامية وهم أهل التنزيه تبعاً للإمام عليّ عليه السلام والأئمّة المعصومين عليهم السلام ذهبوا إلى أنّ الإستواء على العرش كناية عن الاستعلاء عليه لغاية تدبير العالم بقرينة ما جاء في الآية من الأُمور المربوطة4.

ص: 27


1- المصابيح (المقدّمة) : 88.
2- الأعراف : 54.

إلى خلق الكون وتدبيره فأيّ إشكال ومؤاخذة على المؤلّف ، لولا المؤاخذة على قول المحقّق فإنّ حمل الصفات الخبرية على الله بنفس معانيها اللغوية يستلزم التشبيه والتجسيم وتقييدها بلا كيف يستلزم التعقيد في العقائد الإسلامية السمحة.

وقد أوضحنا الحال فيها في كتابنا منية الطالبين في تفسير الكتاب المبين الجزء الحادي والعشرين ، فلاحظ.

الحمد لله الذي تتمّ به الصالحات

تمّ تحريره صبيحة يوم الخميس

الثالث والعشرون من شهر صفر المظفّر

من شهور عام 1435 ه-

ص: 28

المصادر

1 - القرآن الكريم.

2 - أعيان الشيعة : للسيّد محسن الأمين العاملي ، تحقيق : حسن الأمين ، دار التعارف ، بيروت ، 1968 م.

3 - أمل الآمل في علماء جبل عامل : للحرّ العاملي ، مطبعة الآداب النجف الأشرف ، 1385.

4 - بداية المجتهد : لابن رشد ، مطبعة الاستقامة ، القاهرة ، 1928م.

5 - بغية الطلب في تاريخ حلب : لابن العديم ، دار القلم العربي ، دمشق ، 1408ه.

6 - تنقيح المقال في علم الرجال : لعبد الله المامقاني ، المطبعة المرتضوية ، النجف الأشرف ، 1352ه.

7 - جامع الرواة : لمحمّد الأردبيلي ، مكتبة آية الله المرعشي ، قم المقدّسة ، 1403ه.

8 - خلاصة الأقوال في معرفة الرجال : للعلاّمة الحلّي ، نشر الفقاهة ، قم المقدّسة ، 1417ه.

9 - الخلاف : للشيخ الطوسي ، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين ، قم المقدّسة ، 1409ه.

10 - الذريعة إلى مؤلّفات الشيعة : للعلاّمة آقا بزرك الطهراني ، دار الأضواء ، بيروت ، 1403ه.

11 - رجال النجاشي : لأحمد بن علي النجاشي ، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين ، قم المقدّسة ، 1407ه.

ص: 29

12 - روضات الجنّات : للسيّد محمّد باقر الخوانساري ، مكتبة إسماعيليّان ، قم المقدّسة ، 1390ه.

13 - شرح نهج البلاغة : لابن أبي الحديد ، مكتبة آية الله المرعشي ، قم المقدّسة ، 1404ه.

14 - صحيح البخاري : لمحمّد بن إسماعيل البخاري ، دار الفكر ، بيروت 1401ه.

15 - الصواعق المحرقة : لابن حجر الهيتمي ، مكتبة القاهرة ، القاهرة ، 1385 ه- ، الطبعة السادسة.

16 - فتح الباري : لابن حجر العسقلاني ، دار المعرفة ، بيروت.

17 - الفقه على المذاهب الخمسة : لمحمّد جواد مغنية ، دار العلم للملايين ، بيروت ، 1979م ، الطبعة السادسة.

18 - فقه القرآن : لقطب الدين الراوندي ، مكتبة آية الله المرعشي ، قم المقدّسة ، 1405ه.

19 - قاموس الرجال : لمحمّد تقي التستري ، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين ، قم المقدّسة ، 1410ه.

20 - الكامل في التاريخ : لعزّ الدين ابن الأثير ، دار صادر ، بيروت ، 1402ه.

21 - معجم الرجال : لعناية الله القهباني ، أصفهان ، 1384ه.

22 - المصابيح :للوزير المغربي ، (رسالة الدكتوراه).

23 - معالم العلماء : لابن شهرآشوب ، المطبعة الحيدرية ، النجف الأشرف ، 1380ه.

24 - معجم الأدباء : لياقوت الحموي ، دار الفكر ، بيروت ، 1400ه.

25 - معجم رجال الحديث : للسيّد أبو القاسم الخوئي ، منشورات مدينة العلم ، قم المقدّسة ، 1403ه.

26 - مناقب آل أبي طالب : لابن شهر آشوب ، دار الأضواء ، بيروت ، 1412ه.

27 - موسوعة طبقات الفقهاء : للّجنة العلمية في مؤسّسة الإمام الصادق عليه السلام ، طبع مؤسّسة الإمام الصادق عليه السلام ، قم المقدّسة ، 1422ه.

ص: 30

يوميّات العلاّمة الحلّي ونجله فخر المحقّقين

عبد الحسين الطالعي

بسم الله الرحمن الرحيم

لا شكّ أنّ دراسة حياة العظماء تفتقر إلى الإحاطة بجميع سيرتهم الثقافية والتاريخية والسياسية وغير ذلك ، ومن جملة تلك الدراسات اللازمة في مجال التراجم والرجال والسير هي كتابة يوميّات الأعلام والعظماء ، وهي من الجوانب المغفول عنها في كثير من الأبحاث التراجمية المعاصرة.

ولا يخفى على ذوي الخبرة والتمرّس أهمّية اليوميّات لما تمتلك من اختزال وشمول في الوقت نفسه ، حيث تعتبر مروراً سريعاً على كلّ حدث مؤرّخ في سيرة المترجم له ؛ فهي إذن تعرض جميع الحوادث - بكافّة أنواعها - وتفتح آفاقاً جديدة لدى الباحثين في التراجم والرجال.

كما إنّها تحتاج إلى خبرة واسعة ، واطّلاع جمّ ، ومراجعة المصادر ،

ص: 31

وملاحظة الصحيح من السقيم ، وغير ذلك ، وقد وفّق الله سبحانه وتعالى كاتب هذه السطور ؛ فقدّم العديد من المقالات في هذا المجال ، فقد جمعتُ وأثبتُّ يوميّات الشيخ الأميني صاحب الغدير ، والسيّد شهاب الدين المرعشي النجفي ، والسيّد عبدالعزيز الطباطبائي ، وغيرهم من الأعلام.

العلاّمة الحلّي ونجله فخر المحقّقين من الأعلام الذين نرى قصوراً وتقصيراً في الأبحاث والدراسات المعاصرة للإحاطة بجميع جوانب حياتهم ، مهما كثرت ، واختلفت على مستوى كتاب أو مقالة ...

ولم نجد إلى الآن دراسة شاملة حول يوميّات حياتهما وسيرتهما ، فنحن اليوم إذ نقدّم الدراسة هذه لكي تسدّ فجوة في الدراسات التراجمية ، وليكون موضعاً لاستفادة الباحثين والمحقّقين ، وبما أنّ هذا هو العمل الأوّل ، فلو كان فيه خلل أو خطأ أرجو التنبيه على ذلك.

لقد رتّبنا الأحداث حسب ترتيب التواريخ ، وذكرنا ما عثرنا عليه من تاريخ اليوم ، والشهر ، والسنة ، والمكان ، وإن لم نعثر على تعيين السنة بالضبط اكتفينا بالإشارة إلى ما يقاربها من السنين.

تبدأ سرد الأحداث من سنين قلائل قبل مولد العلاّمة (سنة 648ه) ، وتنتهي إلى سنة وفاة ولده فخر المحقّقين (سنة 771ه).

ولابدّ أن يلاحظ أنّ ما نذكره من تاريخ التأليف أو استنساخ الكتاب فهذا يعني أنّه سنة الانتهاء من التأليف والاستنساخ حسب ما ورد في المصادر ، فتأمّل.

ومن نتائج البحث في ضمن ملاحظة هذه الدراسة نرى : أنّ العلاّمة كان

ص: 32

مشتغلا بالدرس والتدريس ، وتعليم الطلاّب ، وتأليف الكتب المهمّة في مختلف الفنون.

كما نرى كثرة استنساخ مؤلّفات العلاّمة وكثرة شروحها وقرائتها وسماعها ومقابلتها وأخذ الإجازة بعد السماع والقراءة ، كلّ ذلك منذ عصر العلاّمة وفي حياته ، ممّا يدلّ على أهمّيتها ومدى تأثيرها على تطوّر الحركة العلمية ، ونفوذ العلاّمة في كثير من العلوم.

وأمّا مصادر هذه الدراسة فهي عبارة عن :

1 - إقبال الأعمال لسيّد رضي الدين علي ابن طاوس ، ط دار الكتب الإسلامية سنة 1390 بطهران.

2 - انديشه هاى كلامى علاّمه حلّى (= نظرات العلاّمة الحلّي الكلامية) البروفيسورة سابينه اشميتكه ، ترجمة أحمد نمايى ، ط الآستانة المقدّسة الرضوية ، سنة 1387 ش.

3 - تراجم الرجال ، للسيّد أحمد الحسيني الإشكوري ، دليل ما ، قم سنة 1380 ش.

4 - الذريعة إلى تصانيف الشيعة للشيخ آقا بزرك الطهراني ، دار الكتب الإسلامية ، طهران.

5 - فهرس التراث ، للسيد محمّد حسين الحسيني الجلالي ، ط دليل ما ، قم سنة 1431.

6 - مقدّمات كتب تراثية ، للسيد محمّد مهدي الموسوي الخرسان ، ط دليل ما ، قم سنة 1385 ش.

ص: 33

7 - مكتبة العلاّمة الحلّي ، للسيّد عبدالعزيز الطباطبائي مؤسّسة آل البيت ، قم.

8 - مقالة إجازات العلاّمة الحلّي ، جمع وتحقيق السيّد جعفر الحسيني الإشكوري ، في (ميراث حديث شيعه) ، العدد التاسع.

9 - مقالة إجازات فخر المحقّقين ، جمع وتحقيق السيّد جعفر الحسيني الإشكوري ، في (ميراث حديث شيعه) ، العدد الرابع عشر.

10 - مقالة فهرس النسخ الخطّية لمكتبة المرحوم محمّد باقر أُلفت ، د. حسين عليّ المحفوظ ، في (نامه بهارستان).

ص: 34

صورة

ص: 35

صورة

ص: 36

صورة

ص: 37

صورة

ص: 38

صورة

ص: 39

صورة

ص: 40

صورة

ص: 41

صورة

كتاب شرف المزيّة لابن

نعيم الحلّي

تأليف كشف المراد في

الكلام للعلاّمة(1)

ورد غازان خان المغولي

النجف الأشرف لزيارة

أمير المؤمنين

تأليف الجزءالأوّل من مختلف

الشيعة في الفقة للعلاّمة(2)

تأليف غاية الوصول في

أصول الفقه للعلاّمة(3)

تأليف غاية البادي في شرح

المبادي في أصول الفقه

لمحمّد بن علي الجرجاني

الغروي تلميذ العلاّمة

وجدّ المقداد السيوري(4)

الذريعة 14 : 182

الذريعة18:60 ؛ انديشه ها:

57 ؛ مكتبة : 163

فهرس التراث 1 : 614

مكتبة : 174

مكتبة : 134 ؛

الذريعة 16 : 13

الذريعة 16 : 10ة.

ص: 42


1- نسخة الأصل محفوظة في مكتبة شستربيتي بلندن ، وتحتفظ بمصوّرتها المكتبة المرعشية.
2- على أساس نسخة المدرسة الباقرية بمشهد.
3- وهو شرح على مختصر منتهى المأمول.
4- تأليف هذا الشرح في حياة العلاّمة ، مضافاً إلى كثرة استنساخ كتبه ومؤلّفاته أمارة قوية ودليل ناصع على نفوذ كتبه في الساحة العلمية.

صورة

استنساخ تحرير الأحكام

(الكاتب مجهول)(1)

وفاة الشيخ جمال الدين

محمّد البلخي المفسّر ،

أستاذ العلاّمة

تأليف الجزء الثالث من

تحرير الأحكام في الفقه

للعلاّمة(2)

تأليف نهج المسترشدين

في أصولالدين للعلاّمة(3)

تأليف الجزء الأوّل من

مختلف الشيعة في الفقه

للعلاّمة

تأليف إرشاد الأذهان

في الفقه للعلاّمة(4)

مكتبة : 78

مقدّمات 2 : 116

مكتبة : 80

مكتبة : 215

الذريعة 8 : 249 ؛ 20:

219 ؛ انديشه ها : 67

مكتبة : 346.

ص: 43


1- نسخته موجودة في مكتبة المدرسة السلطانية في كاشان.
2- على أساس نسخة مؤرّخة ب- : ذي الحجّة 728 بخطّ الحسن بن الحسين في مكتبة جامعة طهران.
3- على أساس نسخة متحف بريطانيا مؤرخة برقم 715.
4- قيل في هذا الموضع : التاريخ سنة 676 و696.

صورة

الحلّة

استنساخ نسختين من

تحرير الأحكام للعلاّمة(1)

استنساخ قواعد الأحكام

للعلاّمة(2)

استنساخ شرائع الإسلام

للمحقّق ، والكاتب محمّد

ابن علي الريني (راجع :

28 صفر 708)

إجازة العلاّمة لحسن بن

محمّد الحمارني(3)

استنساخ (مبادىءالوصول)

للعلاّمة ، والكاتب هارون

ابن حسن الطبري ، تلميذ

العلاّمة(4)

مكتبة : 78

انديشه ها : 68

اجازات 9 : 518

مكتبة : 78

مكتبة : 169 ؛ اجازات

9 : 5279.

ص: 44


1- هذا الكتاب ألّفه العلاّمة بطلب من ولده فخر المحقّقين ويتبيّن من تاريخ استنساخه أنّه ألّفه قبل هذا التاريخ.
2- نسخة منه أيضاً بخطّ حسن بن محمّد الحماراني في مكتبة كلّية الآداب بجامعة طهران ونسخة أخرى في مكتبة مجلس الشورى الإسلامي.
3- على نسخة تحرير الأحكام الموجودة في مكتبة كلّية الآداب بجامعة طهران.
4- نسخة المكتبة المرعشية برقم 49.

صورة

استنساخ خلاصة الأقوال ،

والكاتب قاسم بن إسماعيل

الكشّي(1)

تأليف الجزء الثاني من

مختلف الشيعة للعلاّمة(2)

استنساخ قسم الإلهيات

من كتاب مراصد الإطّلاع

للعلاّمة(3)

إجازة وإنهاء قراءة من

قبل العلاّمة لهارون بن

حسن الطبري(4)

إجازة العلاّمة لعلي بن

إسماعيل الغروي(5)

تراجم 2 : 296 ؛

مكتبة : 125

الذريعة 20 : 219 ؛

مكتبة : 175.

مكتبة : 185

إجازات 9 : 527 ؛

فهرس التراث1 : 712 ،

مقدّمات 3 : 163 ؛

مكتبة : 169

الذريعة 9 : 177 ؛

إجازات 9 : 521 ؛2.

ص: 45


1- نسخة مؤرّخة بسنة 1056 بخطّ محمود بن علي الطبسي برقم 4198 في جامة طهران ويذهب السيّد الأشكوري أنّ الكاتب من تلامذة العلاّمة أو فخر المحقّقين.
2- على أساس نسخة المؤلّف المحفوظة في جامعة طهران برقم 707.
3- موجودة في مكتبة النصيري في طهران.
4- الإجازة على نسخة مبادىء الوصول للعلاّمة برقم 49 في المكتبة المرعشية.
5- الأجازة على نسخة إرشاد الأذهان للعلاّمة في المكتبة الرضوية برقم 2222.

صورة

إجازة العلاّمة لهارون بن

حسن الطبري(1)

استنساخ المجلّد الأوّل من

مختلف الشيعة للعلاّمة(2)

اعتنق غازان المغولي دين

الإسلام

إجازة العلاّمة الحلّي لحسن

ابن محمّد اليوسفي(3)

استنسخ إبراهيم بن يوسف

الأسترآبادي الجزء الأوّل

من مختلف الشيعة

استنسخ محمّد بن أبي

طالب الآوي تلميذ العلاّمة

كتاب نهج المسترشدين

مقدّمات 2 : 140 ؛

مكتبة : 34.

إجازات 9 : 527 ؛

مقدّمات 2 : 143 ؛

انديشه ها : 47 و77.

مكتبة : 175

فهرس التراث 1 : 687

مكتبة : 174

مكتبة : 174

إجازات 9 : 522 ؛

مكتبة 214ن.

ص: 46


1- الإجازة على نسخة قواعد الأحكام.
2- نسخة المكتبة الرضوية برقم 7923 والكاتب مجهول.
3- الإجازة على نسخة مختلف الشيعة للعلاّمة في مكتبة النصيري في طهران.

صورة

وقرأه على المصنّف(1)

إجازة فخر المحقّقين

لمحمد بن أبي طالب

الآوي(2)

تأليف مختصر شرح نهج

البلاغة لابن ميثم البحراني

استنساخ نسخة من

مختلف الشيعة للعلاّمة(3)

إجازة العلاّمة لحسن بن

محمّد السرابشنوي

تأليف كتاب الطهارة من

تذكرة الفقهاء للعلاّمة(4)

ألّف السيد نظام الدين

الأعرجي كتاب تذكرة

الواصلين في شرح نهج

إجازات 14 : 434 ؛

مقدّمات 2 : 162 ؛

مكتبة : 169

مقدّمات 2 : 163

مكتبة : 175

إجازات 9 : 517

مكتبة : 97 ؛

انديشه ها : 69

الذريعة 4 : 51 ؛

14 : 1637.

ص: 47


1- نسخة المكتبة الرضوية برقم 955.
2- الإجازة على نسخة مبادىء الوصول للعلاّمة في المكتبة الرضوية برقم 2947.
3- نسخة المكتبة الوطنية في تبريز برقم 955.
4- على أساس نسخة مكتبة مجلس (سنا) برقم 1117 مؤرّخة 19 رجب 867.

صورة

المسترشدين للعلاّمة ،

وهو تلميذه وابن أخته(1)

تأليف كتاب الصلاة من

تذكرة الفقهاء للعلاّمة(2)

استنسخ أحمد بن أبي طالب

الآوي تلميذ العلاّمة كتاب

مبادىء الوصول للعلاّمة

نفسه(3)

تأليف كشف الفوائد في

علم الكلام للعلاّمة(4)

إجازة العلاّمة الحسن بن

محمّد اليوسفي

إعلان تشيع اولجايتو

وتغيير اسمه إلى «محمّد

خدابنده»

وفاة عليّ بن يوسف

مكتبة : 98

إجازات 9 : 517 ؛

مقدّمات 2 : 162 ؛

مكتبة : 169 ؛

انديشه ها : 46

الذريعة 18 : 52 ؛

مكتبة : 162

إجازات 9 : 518

فهرس التراث 1 : 687

فهرس التراث 1 : 693ي.

ص: 48


1- سيّد نظام الدين الأعرجي ألّف هذا الشرح في العشرين من عمره.
2- راجع الهامش رقم (35).
3- نسخة المكتبة المرعشية برقم 4.
4- وهو شرح على قواعد العقائد للخواجه نصير الدين الطوسي.

صورة

سلطانية

الحلّي أخي العلاّمة

تأليف تسليك النفس إلى

حظيرة القدس للعلاّمة(1)

إجازة العلاّمة لعليّ بن

حسين بن محمّد العلوي

الطوسي(2)

استنساخ غاية الوصول

للعلاّمة ، الكاتب محمّد

ابن محمود الطبري(3)

استنسخ عبد المنعم بن

محمد (غريبان) كتاب

نهج الحقّ وكشف الصدق

للعلاّمة(4)

تأليف الجزء الثاني من

نهاية الوصول في أصول

مكتبة : 105 ؛

انديشه ها : 59

انديشه ها : 46 و74

مكتبة : 134

تراجم 2 : 124 ؛

مكتبة : 211

الذريعة 24 : 409 ؛

مقدّمات 2 : 168 ؛6.

ص: 49


1- ألّف العلاّمة هذا الكتاب بطلب من فخر المحقّقين.
2- الإجازة على كتاب إرشاد الأذهان ، راجع : طبقات أعلام الشيعة القرن الثامن ص 58 - 59.
3- نسخة مكتبة الوزيري بيزد برقم 1955.
4- نسخة جامعة طهران برقم 1896.

صورة

كربلاء

الفقه للعلاّمة(1)

استنساخ إرشاد الأذهان

للعلاّمة(2)

إجازة العلاّمة لحسين بن

محمّدالعلوي الطوسي(3)

استنسخ محمّد بن أبي

طالب الآوي كتاب مختلف

العلاّمة

إجازة العلاّمة لمحمّد بن

أبي طالب الآوي(4)

إجازة العلاّمة لمحمّد بن

بلكو بن أبي طالب(5)

مكتبة : 209

مقدّمات 2 : 146 ؛

مكتبة : 35

إجازات9:52 ؛ مقدّمات

2 : 139 ؛ مكتبة : 38

إجازات 9 : 522 ؛

مكتبة : 175

إجازات 9 : 522 ؛

مقدّمات2 : 168 ؛

مكتبة 214

الذريعة14: 143 ؛ 24:

424 ؛ إجازات9:517 ؛

14 : 425 و427 ؛

مكتبة : 169 و215ل.

ص: 50


1- ألّف العلاّمة بعد ذلك كتاب تهذيب الوصول وهو ملخّص الكتاب المذكور.
2- نسخة مكتبة المجلس برقم 633.
3- الإجازة على نسخة كتاب إرشاد الأذهان من المكتبة المرعشية برقم 4408.
4- الإجازة على كتاب نهج المسترشدين للعلاّمة نسخة المكتبة الرضوية برقم 955.
5- الإجازة على نسخة المكتبة المرعشية برقم 4 من كتاب مبادىء الوصول.

صورة

إجازة العلاّمة لرشيدالدين

علي بن محمّد الآوي(1)

تأليف نهاية الإحكام في

الفقه للعلاّمة(2)

استنسخ جعفر بن حسين

الأسترآبادي كتاب مختلف

الشيعة للعلاّمة(3)

استنسخ محمّد بن الحسن

المزيدي الجزء الثاني من

نهاية الوصول(4)

استنساخ نسخة من نهاية

الوصول قرئت عدّة مرّات

على المشايخ(5)

إجازة العلاّمة وفخر

إجازات 9 : 521 ؛

مقدّمات 12 : 140 ؛

الذريعة 1 : 177

مكتبة : 206

مكتبة : 175

مكتبة : 210

مكتبة 210.

الذريعة 1 : 235 ؛6.

ص: 51


1- الإجازة على رسالة الحساب للخواجة نصير الدين الطوسي راجع رياض العلماء 4 / 205.
2- على أساس نسخة المدرسة السلطانية في كاشان مؤرّخة بسنة 853.
3- نسخة المكتبة المرعشية برقم 1052.
4- نسخة مكتبة المجلس برقم 13475.
5- نسخة جامعة طهران برقم 1176.

صورة

المحقّقين لعلي بن

إسماعيل الغروي

إجازة العلاّمة وفخر

المحقّقين لأبي الفتوح

أحمد الآوي(1)

استنساخ نهج المسترشدين

للعلاّمة

فتوى ابن تيمية بهدر دماء

الشيعة والحفاظ على دماء

المسيحيّين

استنساخ تلخيص المرام

للعلاّمة(2)

استنسخ محمّد بن إسماعيل

الهرقلي كتاب قواعد

انديشه ها : 46.

الذريعة 13 : 393 و1:

176 ؛ مقدّمات 2 : 136

محفوظ : 146

فهرس التراث 1 : 687

مكتبة : 107

مكتبة : 1362.

ص: 52


1- وهو صاحب شرح القصيدة العينية لابن سينا ، وفي سنة 703 تلمّذ على يد العلاّمة في المدرسة السيّارة ، واستنسخ في 20 رجب 717 في مدينة السلطانية نسخة من قواعد المرام لابن ميثم البحراني. راجع : انديشه هاي كلامي علاّمه حلّي ص 46 و76.
2- نسخة مكتبة المجلس برقم 5012.

صورة

الأحكام للعلاّمة(1)

إجازة فخر المحقّقين

لإبراهيم بن حسن الآملي(2)

تأليف قسم من مختلف

الشيعة في الفقه للعلاّمة

تأليف خلاصة الأصول

في شرح مبادىء الوصول

لعلي بن حسن بن علي

الإمامي تلميذ العلاّمة ،

والمتن للعلاّمة أيضاً(3)

تأليف توضيح الأصول في

شرح تهذيب الوصول للسيّد

أبو الفضائل عبّاد بن أحمد

الحسيني الأصفهاني(4)

إجازات 14 : 421

الذريعة20 : 219

مكتبة : 171

الذريعة 26 : 241تب

ص: 53


1- محمّد إسماعيل الهرقلي من تلامذة العلاّمة ، وكان والده مجروحاً في فخذه وشُفِيَ بدعاء الإمام الحجّة(عج).
2- الإجازة على نسخة كتاب إرشاد الأذهان للعلاّمة.
3- والنسخة كتبت في حياة الشارح ، محفوظة في المكتبة المرعشية برقم 482.
4- الشارح من (گلستانه) في أصفهان ، وكان قاضياً في أصفهان في عصر أولجايتو. وقد كتب

صورة

إجازة العلاّمة لمحمّد بن

إسماعيل الهرقلي(1)

تأليف الجزء الخامس من

مختلف الشيعة للعلاّمة

استنسخ جعفر الأسترآبادي

كتاب إيضاح المقاصد

للعلاّمة(2)

استنسخ حسن بن علي

المزيدي كتاب تسليك

النفس للعلاّمة(3)

تأليف إيضاح الاشتباه في

أحوال الرواة للعلاّمة

مقدّمات2:160 ، مكتبة :

136 ؛ انديشه ها : 47

مكتبة : 174

مكتبة : 63.

مقدّمات 2 : 137 ؛

مكتبة : 105 ؛

الذريعة4 : 180

الذريعة 2 : 493 ؛

مقدّمات 2 : 148ة.

ص: 54


1- الإجازة على نسخة قواعد الأحكام للعلاّمة ، والنسخة في مكتبة السيّد الصدر في الكاظمية. علماً أنّ الهرقلي من تلامذة فخر المحقّقين ، وقد كتب له المحقّق الحلّي إجازة في سنة 671 على كتاب شرائع الإسلام (الذريعة1 : 164؛ انديشه هاى كلامى علامه حلّي : 47؛ طبقات أعلام الشيعة ، القرن 8 ، ص 179).
2- ضمن مجموعة برقم 3 / 177 في مكتبة آدانا في تركيا ، وعليها تملّك من تاج الدين بن حسن الحكيم.
3- نسخة الخزانة الغروية في النجف الأقدس ، وعليها حواش من العلاّمة.

صورة

استنساخ نهج الوصول

للعلاّمة(1)

إجازة العلاّمة لحسين بن

إبراهيم الأسترآبادي(2)

الانتهاء من تأليف مختلف

الشيعة(3)

ضرب السكك باسم الأئمّة

الإثني عشر بأمر محمّد

خدابنده

إجازة العلاّمة لإبراهيم

ابن حسين الآملي(4)

مكتبة : 217

الذريعة1:135 و177 ؛

وإجازات 9 : 518 ؛

مقدّمات 2 : 138

الذريعة 20 : 219 ؛

مكتبة 174 ؛

انديشه ها : 67

فهرس التراث 1 : 687

الذريعة 1 : 176 ؛

إجازات 9 : 516 ؛6.

ص: 55


1- نسخة مكتبة ملك العامّة بطهران ، برقم : 1632.
2- الإجازة على كتاب شرائع الإسلام للمحقّق الحلّي ، وقد أجازه أيضاً في تلك النسخة إبراهيم ابن علوان الحلّي في ربيع الأوّل 707.
3- ذكر العلاّمة الطباطبائي نسخة من المكتبة الرضوية أنّها استنسخت سنة 708 يحتمل أن يكون المراد سنة التأليف (راجع : مكتبة العلاّمة الحلّي : 175).
4- الإجازة على كتاب إرشاد الأذهان للعلاّمة. وذكرت اشميتكه أنّه تلميذ العلاّمة في المدرسة السيّارة ، وقد درس قبل ذلك على فخر المحقّقين في الحلّة ، وأجازه فخر المحقّقين بإجازة مؤرّخة 12 رمضان 706.

صورة

سلطانية

الحلّة

تأليف الجزء الأوّل من

كتاب (الألفين) في الإمامة

للعلاّمة

إجازة العلاّمة لمحمود بن

محمّد الرازي

استنسخ علي بن محمّدالنيلي

كتاب قواعد الأحكام(1)

سافر العلاّمة مع ايلخان

إلى المدائن لزيارة قبر

سلمان(2)

استنساخ أنوار الملكوت(3)

إجازة العلاّمة للسيّد

مقدّمات 2 : 136 ؛

انديشه ها : 47 و75

مقدّمات 2 : 171

الذريعة 1 : 178 ؛

مقدّمات2:130و142 ؛

انديشه ها : 48

تراجم2 : 198 ؛

مكتبة : 136

انديشه ها : 38

مكتبة : 56

مقدّمات 2 : 1452.

ص: 56


1- نسخة مكتبة جامعة طهران برقم : 1273؛ وذكر السيّد الإشكوري في ترجمته أنّه استنسخ قسماً من مختلف الشيعة في 15 صفر 759 ، وقابله مع نسخة المصنّف في 26 شعبان 763.
2- راجع : نشرية (فرهنگ ايران زمين) 23 : 75.
3- نسخة مكتبة ملك العامّة بطهران برقم : 1632.

صورة

مهنّا بن سنان المدني(1)

تأليف الرسالة السعدية(2)

ظهور جملة من الحوادث

التاريخية في المغرب

وسقوط جبل طارق

إجازة العلاّمة وفخر

المحقّقين لمحمّد بن أبي

طالب الآوي(3)

استنسخ محمّد بن علي بن

المطهّر تلميذ العلاّمةوابن

أخيه كتاب نهاية الإحكام(4)

جلوس العلاّمة في

انديشه ها : 60

فهرس التراث 1 : 687

تراجم 2 : 361 ؛ إجازات

9 : 522 ؛ إجازات 14:

434 ؛ مكتبة : 158

الذريعة 24 : 394 ؛

مكتبة : 206

انديشه ها : 38ن.

ص: 57


1- لمزيد من التوضيح راجع الأحداث في تاريخ ذي الحجّة سنة 719 من هذه اليوميّات.
2- تذهب اشميتكه إلى أنّ تأليف هذه الرسالة كان بين فترتي ربيع الآخر سنة 709 إلى 10 شوّال سنة 711 ، وذكرت أدلّة مفصّلة على ذلك.
3- كتب الإجازة على نسخة كتاب مراصد التحقيق للعلاّمة ، قسم المنطق ، محفوظة في مكتبة جامعة طهران ، برقم : 2301. ويرى السيّد الإشكوري أنّه هو محمّد بن هلال الآوي المترجم في (طبقات أعلام الشيعة ، القرن الثامن ، ص 208) وأنّه نسب اختصاراً إلى جدّه.
4- النسخة في مكتبة النصيري الخاصّة بطهران.

صورة

مجلس المناظرة بطلب

من اولجايتو (خدابندة)

استنسخ قطب الدين الرازي

قواعد الأحكام للعلاّمة

استنساخ تسليك النفس

للعلاّمة(1)

استنساخ معارج الفهم

للعلاّمة(2)

استنسخ أبو حامد بن

أحمد كتاب غاية الوصول

للعلاّمة(3)

تأليف الجزء الثاني من

(الألفين) في الإمامة للعلاّمة

أمر الخواجة رشيد الدين

فضل الله بإكرام وتجليل

العلاّمة(4)

إجازات 9 : 525

مكتبة : 105 و106

مكتبة : 190

مكتبة : 134

الذريعة 2 : 298 ؛

مقدّمات 2 : 171

انديشه ها : 61ة.

ص: 58


1- مصوّرة جامعة طهران برقم : 1523.
2- نسخة مكتبة النصيري في طهران.
3- نسخة المكتبة الرضوية برقم : 2918.
4- نقلت اشميتكه عن مكاتبات الرشيدي (ص 61) أنّ الخواجة رشيد الدين أهدى ألفين دينار وهدايا أخرى للعلاّمة.

صورة

قرأ فخر المحقّقين كتاب

تهذيب الأحكام للشيخ

الطوسي على والده العلاّمة

استنسخ محمّد بن محمود

الآملي كتاب كشف المراد

للعلاّمة(1)

استنسخ محمّد بن إبراهيم

إبراهيم الدشتكي كتاب

قواعد الأحكام للعلاّمة(2)

استنساخ نهاية المرام

للعلاّمة(3)

إجازة العلاّمة لقطب الدين

محمّد الرازي(4)

مقدّمات 2 : 137

الذريعة 18 : 60 ،

مكتبة : 163

مكتبة : 137

مكتبة : 209

مقدّمات 2 : 144 ؛

إجازات 9 : 525 ؛).

ص: 59


1- هو صاحب كتاب نفائس الفنون ، المتوفّى سنة 753 في شيراز. والنسخة كانت في مكتبة المرحوم عبّاس اقبال الآشتياني ، والظاهر أنّها انتقلت إلى مكتبة كلّية الآداب بجامعة طهران برقم 60 - ج.
2- نسخة مكتبة جامعة طهران برقم : 704.
3- الكاتب مجهول ، والنسخة في الخزانة الغروية في النجف الأشرف.
4- كتبت الإجازة على نسخة قواعد الأحكام للعلاّمة ، واحتملت اشميتكه أنّه من العلماء الذين تلمّذوا على العلاّمة في المدرسة السيّارة (مكاتبات رشيد الدين ، ص 65).

صورة

سلطانية

استنسخ محمّد بن حسن

الحسني الساروقي كتاب

قواعد الأحكام(1)

تأليف كتاب الرهن من كتاب

تذكرة الفقهاء للعلاّمة

استنساخ القواعد الجلية

للعلاّمة(2)

إجازة فخر المحقّقين

لعلي بن حسن العلوي

السرابشنوي(3)

تأليف جزء 16 من كتاب

تذكرة الفقهاء للعلاّمة

تأليف جزء 13 من كتاب

تذكرة الفقهاء للعلاّمة

إجازة العلاّمة لسراج

انديشه ها : 48

مكتبة : 138

الذريعة 4 : 44

مكتبة : 160

مكتبة : 180

مكتبة : 96

مكتبة : 96

الذريعة1 : 177 ؛ و7:ن.

ص: 60


1- نسخة مكتبة مدينة العلم في الكاظمية المقدّسة.
2- نسخة مؤرّخة بسنة 1027 في مكتبة نيكره في تركيا.
3- كتبت الإجازة على كتاب مبادىء الوصول للعلاّمة ، في نسخة مؤرّخة بسنة 715 ، محفوظة في متحف بريطانيا في لندن.

صورة

سلطانية

الدين حسن بن محمّد

السرابشنوي(1)

استنسخ علي بن حسن

العلوي كتاب نهج

المسترشدين(2)

تأليف العلاّمة كتاب

كشف اليقين

استنسخ علي بن حسن

العلوي كتاب تسليك

النفس للعلاّمة(3)

إجازة العلاّمة لمحمّد بن

بلكو بن أبي طالب(4)

215 ؛ إجازات 9:517 ؛

مقدّمات2:156

و138 ؛ مكتبة : 118 ؛

انديشه ها : 47 و76

مكتبة : 215

مكتبة : 167

مكتبة : 106

إجازات 9 : 146ن.

ص: 61


1- كتبت الإجازة على نسخة خلاصة الأقوال للعلاّمة التي كانت في مكتبة السيّد حسن الصدر في الكاظمية.
2- كتبت الإجازة على نسخة مبادىء الوصول للعلاّمة ، مؤرّخة 21 شهر رمضان سنة 703 ، كانت في مكتبة ألفت في أصفهان. وتوجد في نفس المكتبة نسخة من كتاب في أصول الدين لابن ميثم البحراني استنسخها أحمد بن بلكو سنة 717 في السلطانية.
3- نسخة متحف بريطانيا في لندن.
4- نسخة متحف بريطانيا في لندن.

صورة

سلطانية

الأندلس

استنسخ محمّد بن أبي

تراب الوراميني كتاب

كشف المراد(1)

استنسخ علي بن حسن

العلوي كتاب الخلاصة

في علم الكلام(2)

تأليف كتاب الزكاة من

تذكرة الفقهاء للعلاّمة

وفاة السلطان محمّد

خدابنده(3)

هجوم المسيحيّين على

غرناطة

ورود مهنّا بن سنان إلى

العراق من المدينة

استنسخ محمّد بن بني

نصر الجزء الأوّل من

قواعد الأحكام(4)

مكتبة : 164

مكتبة : 116

الذريعة4 : 44

فهرس التراث1 : 687

انديشه ها : 43

مكتبة : 138

مكتبة : 1384.

ص: 62


1- نسخة مكتبة مدرسة سپهسالار ، برقم : 8081.
2- نسخة متحف بريطانيا في لندن.
3- يحتمل أن يكون قويّاً أنّ العلاّمة رجع في هذه السنة إلى الحلّة.
4- نسخة مكتبة المدرسة الفيضية بقم ، برقم : 34.

صورة

تأليف القسم الثاني من

كشف الخفاء في شرح

الشفاء للعلاّمة

استنسخ محمّد بن محمّد

ابن مهدي بن مخلص

الجزء الثاني من قواعد

الأحكام(1)

إجازة فخر المحقّقين

لإبراهيم بن علي الطريحي(2)

تأليف الجزء الخامس من

مختلف الشيعة للعلاّمة

تأليف جوابات المسائل

المهنّائية الأولى للعلاّمة

إجازة العلاّمة لأحد تلامذته

استنسخ شمس الدين

محمد بن شاه حسين

اليزدي كتاب القواعد

انديشه ها : 64

مكتبة : 138

تراجم 1 : 27 ؛

مكتبة : 139

الذريعة20 : 219 ؛

مقدّمات 2 : 159

الذريعة5 : 238 ؛

مقدّمات2 : 159

مقدّمات2 : 159

مكتبة : 1604.

ص: 63


1- نسخة مكتبة المدرسة الفيضية بقم ، برقم : 34.
2- كتبت على نسخة كتاب قواعد الأحكام للعلاّمة ، في نسخة جامعة طهران برقم : 1407 ، وراجع : فهرست المكتبة 8 : 84.

صورة

الجليّة للعلاّمة ، وقابله

في صفر 720(1)

تأليف الجزء الخامس

من كتاب تذكرة الفقهاء

للعلاّمة(2)

استنسخ محمّد بن محمّد

ابن مهدي بن مخلص

كتاب قواعد الأحكام

للعلاّمة(3)

استنسخ عبدالرومي كتاب

المباحث السنية في

المعارضات النصيرية(4)

استنسخ أبو سعيد حسن

ابن حسين السبزواري

كتاب إرشاد الأذهان(5)

الذريعة 4 : 44 ؛

مكتبة : 98 ؛

انديشه ها : 43

مكتبة : 139

مكتبة : 168

مكتبة : 357.

ص: 64


1- نسخة مكتبة ملك العامّة برقم : 766.
2- على أساس نسخة مؤرّخة بسنة 764 ، مكتبة النصيري بطهران ، وهي بخطّ علي بن شمروخ.
3- نسخة المكتبة المرعشية ، برقم : 4273.
4- نسخة الخزانة الغروية في النجف الأشرف.
5- نسخة المكتبة المرعشية برقم : 4357.

صورة

استنسخ وشاح بن محمّد

ابن عتيبة كتاب تحرير

الأحكام(1)

تأليف كتاب الجهاد من

كتاب تذكرة الفقهاء(2)

تأليف كتاب الجهاد من

كتاب تذكرة الفقهاء

إجازة العلاّمة للسيّد مهنّا

ابن سنان المدني(3)

إجازة العلاّمة الثانية للسيّد

مهنّا بن سنان المدني

إجازة العلاّمة لأحد

تلامذته (الاسم ممحوّفي

النسخة)(4)

مكتبة : 78

انديشه ها : 43 ،

الذريعة 4 : 44

انديشه ها : 43 ،

الذريعة 4 : 44

انديشه ها : 43

انديشه ها : 43 ؛

الذريعة 5 : 238

مكتبة : 31ة.

ص: 65


1- نسخة المكتبة المرعشية برقم : 8515.
2- وهناك قول آخر أنّه 12 ربيع الأوّل.
3- ورد في الذريعة ومقدّمات كتب تراثية (سنة 709) وهو خطأ مطبعي احتمالا. (الذريعة 1 : 178؛ مقدّمات كتب تراثية 2 : 145).
4- نسخة مكتبة مجلس الشورى الإسلامي بطهران برقم 4566 ، كتاب : أجوبة المسائل المهنّائية.

صورة

استنساخ مختلف الشيعة

والكاتب وشاح بن محمّد

ابن عتيبة(1)

تأليف الجزء15 من كتاب

تذكرة الفقهاء

استنساخ المجلد الأوّل

من كتاب تذكرة الفقهاء

والكاتب مجهول(2)

استنسخ أحمد بن حسن

ابن يحيى الفراهاني كتاب

تحريرالأحكام للعلاّمة(3)

استنساخ المجلد الثاني

من كتاب تحرير الأحكام

للعلاّمة(4)

مكتبة : 175

الذريعة 4 : 44 ؛

انديشه ها : 43 و69

مكتبة : 96

مكتبة : 78

مكتبة : 79ن.

ص: 66


1- نسخة المكتبة المرعشية ، برقم : 4434 ، حيث قوبلت مع نسخة الأصل في 26 جمادى الآخرة سنة 723.
2- نسخة المكتبة المرعشية قرئت على المصنّف وعليها إنهاؤه ، برقم : 3745.
3- قرئت هذه النسخة على فخر المحقّقين ، وكتب عليها إنهاءً مُحِي قسم منها ، وعليها خطّ محمّد بن يحيى البابلي بتاريخ 5 ذي القعدة سنة 760 ، والنسخة موجودة في مكتبة السيّد عبد العظيم الحسني في ري برقم : 760.
4- نسخة مكتبة متحف بريطانيا في لندن.

صورة

استنسخ وشاح بن محمّد

ابن عتيبة نسخة أخرى

من مختلف الشيعة(1)

استنسخ ... بن الحسن بن ...

العاملي كتاب مناهج

اليقين(2)

استنساخ كشف الفوائد

للعلاّمة على نسخة

الأصل(3)

استنساخ تسليك النفس

للعلاّمة على نسخة

الأصل(4)

استنساخ نهج المسترشدين

للعلاّمة من نسخة الأصل(5)

مكتبة : 175

مكتبة : 192

الذريعة 28 : 52 ؛

مكتبة : 216

الذريعة 26 : 209

الذريعة 24 : 424 ؛ مكتبة : 216ء.

ص: 67


1- نسخة المكتبة المرعشية برقم : 1545.
2- ومع الأسف قد محي اسم تلميذ العلاّمة هذا في النسخة.
3- نسخة مكتبة الميرزا محمّد الطهراني في سامرّاء.
4- نسخة مكتبة الميرزا محمّد الطهراني في سامرّاء ، التي استنسخت على نسخة المؤلّف في 12 محرّم 704.
5- نسخة مكتبة الميرزا محمّد الطهراني في سامرّاء.

صورة

استنسخ محمّد بن علي

ابن محمّد الآوي كتاب

نهاية الوصول للعلاّمة(1)

استنساخ نسخة من مناهج

اليقين(2)

استنسخ محمود بن محمّد

ابن يار كتاب تحرير

الأحكام(3)

استنسخ محمود بن محمّد

ابن يار كتاب تحرير

الأحكام(4)

الإجازة الكبيرة لبني زهرة

إجازة العلاّمة ليوسف

ابن ناصر الحسيني(5)

مكتبة : 210

مكتبة : 192

إجازات9 : 526 ؛

مكتبة : 79

مكتبة : 79

الذريعة 1 : 32 ؛

و176 ؛ انديشه ها : 43

تراجم 4:705 ؛

إجازات 9 : 530ة.

ص: 68


1- نسخة المكتبة المرعشية برقم : 277.
2- نسخة مكتبة ملك العامّة برقم : 736.
3- نسخة مكتبة مجلس الشورى الإسلامي بطهران.
4- نسخة مكتبة مجلس الشورى الإسلامي بطهران برقم : 6732 ، ويحتمل اتّحادها مع سابقتها.
5- كتبت الإجازة على نسخة خلاصة الأقوال للعلاّمة.

صورة

تأليف منهاج الصلاح في

اختيار المصباح للعلاّمة

تأليف الباب الحادي عشر

في الكلام للعلاّمة

تأليف إيضاح مخالفة

السنّة في الكلام للعلاّمة

إجازة العلاّمة للسيّد

عزّ الدين حسن بن محمّد

الحلبي

استنساخ الجزء الأوّل من

مختلف الشيعة للعلاّمة(1)

إجازة العلاّمة لصدر الدين

الدين محمّد الدشتكي(2)

إجازة العلاّمة لمحمود بن

محمّد بن بدر(3)

مكتبة : 198

انديشه ها : 61 و62

مقدّمات 2 : 137

مكتبة : 176

إجازات9 : 523 ؛ الذريعة

11 : 10 ؛ مقدّمات2:

141 ؛ مكتبة : 138

مكتبة : 79 ؛ إجازات9:

526 ؛ مقدّمات2 : 151).

ص: 69


1- نسخة المدرسة الباقرية في مشهد ، برقم : 90 ، موشّحة بحواشي المصنّف.
2- هو الجدّ الأعلى للسيّد غياث الدين منصور الدّشتكي. والإجازة كتبت على نسخة قواعد الأحكام للعلاّمة ، في مكتبة جامعة طهران برقم : 704.
3- كتبت الإجازة على نسخة كتاب تحرير الأحكام للعلاّمة ، موجودة في المكتبة المرعشية ، برقم : 6732. وضبط بعضهم هذا التاريخ في (16 جمادى الآخرة).

صورة

استنسخ علي بن الحسن

الطبري كتاب مناهج

اليقين(1)

استنسخ وشاح بن علي بن

محمود قسماً من مختلف

الشيعة(2)

استنساخ نسخة من مختلف

مختلف الشيعة(3)

استنسخ إبراهيم بن علي

الطريحي كتاب قواعد

الأحكام(4)

إجازة فخرالمحقّقين لزين

الدين علي بن حسن

العلوي السرابشنوي(5)

إجازة عزّ الدين حسن

مكتبة : 192

الذريعة 20 : 219

و221 ؛ مكتبة : 176

مكتبة : 176

مكتبة : 139

إجازات 14 : 430

تراجم1 : 264ة.

ص: 70


1- نسخة المكتبة الرضوية ، برقم : 251.
2- نسخة المكتبة الرضوية ، برقم : 2563.
3- نسخة رقم 127 و128 من مكتبة الحكيم في النجف الأشرف.
4- نسخة مكتبة جامعة طهران ، برقم : 1407.
5- كتبت الإجازة على كتاب مبادىء الوصول للعلاّمة.

صورة

العاملي تلميذ العلاّمة

لأحد تلامذته(1)

استنسخ محمّد بن إبراهيم

كتاب قواعد الأحكام مع

إنهاء أستاذه حسن بن ناصر

ناصر بن إبراهيم(2)

استنسخ وشاح بن محمّد

ابن عتيبة الجزء الأوّل من

مختلف الشيعة(3)

استنسخ علي بن شمروخ

الجزء12 من تذكرة الفقهاء

للعلاّمة(4)

سافر العلاّمة إلى الحجاز

لأداء مناسك الحجّ

(احتمالا)(5)

مكتبة : 139

الذريعة 20 : 219

مكتبة : 96

انديشه ها : 439.

ص: 71


1- كتبت الإجازة على كتاب قواعد الأحكام للعلاّمة.
2- نسخة جامعة طهران برقم : 705.
3- قوبلت هذه النسخة مع نسخة المؤلّف.
4- نسخة مكتبة كلّية الآداب في جامعة طهران برقم : 4 - ج.
5- راجع : الدرر الكامنة لابن حجر2 : 159.

صورة

كتب العلاّمة إنهاءً لحسين

ابن ناصر العاملي(1)

وفاة العلاّمة الحلّي قدس سره

تبييض كتاب الألفين

للعلاّمة من قبل ولده

فخر المحقّقين(2)

استنساخ تلخيص المرام

للعلاّمة

استنساخ قواعد الأحكام

للعلاّمة(3)

استنسخ وشاح بن محمّد

الجزء الأوّل من مختلف

الشيعة(4)

استنسخ أحمد بن محمّد

ابن حدّاد كتاب قواعد

الذريعة 17 : 176

انديشه ها : 61

مكتبة : 107

مكتبة : 140

مكتبة : 176

مكتبة : 1409.

ص: 72


1- كتبت الإجازة على قواعد الأحكام للعلاّمة.
2- بيّض فخر المحقّقين هذا الكتاب ونشره بناءً على طلب والده ذلك في الرؤيا.
3- نسخة مكتبة مجلس الشورى الإسلامي ، برقم : 5643.
4- نسخة المكتبة الرضوية برقم : 2564. ويرى العلاّمة الطهراني أنّ الكاتب استنسخ قسماً آخراً من المختلف في تلك السنة. راجع : الذريعة 20 : 219.

صورة

الأحكام(1)

استنسخ حسن بن حسين

(ولعلّه السرابشنوي)

كتاب تحرير الأحكام

وقابله سنة 729.

استنساخ تهذيب الوصول

للعلاّمة(2)

وفاة ابن تيميّة

الحرّاني لعنه الله

تأليف شرح الشمسية

لقطب الدين الرازي

البويهي تلميذ العلاّمة(3)

استنساخ القواعد الجلية

للعلاّمة ، والكاتب محسن

ابن إسحاق الشيرازي(4)

تراجم 1 : 235 ، 236

مكتبة : 109

فهرس التراث1 : 690

الذريعة 13 : 337

مكتبة : 160ة.

ص: 73


1- نسخة المكتبة الرضوية ، برقم : 2516.
2- نسخة المكتبة الرضوية ، برقم : 2861.
3- المؤلّف هو من ذريّة ابن بابويه ، وقد ألّف كتابه هذا للخواجة غياث الدين محمّد بن رشيد الدين وزير السلطان أبي سعيد خدابنده.
4- نسخة مكتبة عارف حكمت في المدينة المنوّرة.

صورة

تأسيس دولة إسلامية في

الهند بيد فخر الدين

مبارك شاه

استنساخ كتاب كشف

المراد للعلاّمة(1)

استنسخ علي بن أحمد بن

طراد القسم الثاني من

تحريرالأحكام للعلاّمة(2)

استنسخ محمّد بن عمر بن

أبي بكر القزويني كتاب

كشف الفوائد للعلاّمة(3)

استنساخ منهاج الصلاح

للعلاّمة والكاتب محمّد

بن علي الطبري(4)

استنساخ كتاب نهج الحقّ

فهرس التراث 1 : 687

مكتبة : 163

مكتبة : 180

مكتبة : 162

مكتبة : 198

مكتبة : 2122.

ص: 74


1- نسخة المكتبة المرعشية برقم : 727.
2- نسخة المكتبة المرعشية برقم : 2631.
3- نسخة مكتبة مجلس الشورى برقم : 5389.
4- نسخة مكتبة مجلس الشورى برقم : 12362.

صورة

للعلاّمة(1)

استنسخ حسن بن حسين

السرابشنوي المجلّدالأوّل

من تحرير الأحكام(2)

استنسخ حسن بن حسين

السرابشنوي المجلّدالثاني

من تحرير الأحكام(3)

استنسخ محمّد بن حسن

ابن حسّان كتاب تلخيص

المرام للعلاّمة(4)

تأسيس دولة إسلامية

أخرى في الهند بيد

شمس الدين (م 738)

إجازة فخرالمحقّقين لناصر

الدين حمزة الحسيني(5)

مكتبة : 81

مكتبة : 81

مكتبة : 107

فهرس التراث 1 : 687

إجازات 14 : 427 ن.

ص: 75


1- نسخة مكتبة آية الله الحكيم في النجف الأشرف برقم : 642.
2- نسخة المكتبة المرعشية برقم : 3751.
3- نسخة المكتبة المرعشية برقم : 4831.
4- نسخة مكتبة مجلس الشورى برقم : 5314.
5- كتبت الإجازة على كتاب المسائل الناصريّات لفخر المحقّقين.

صورة

إجازة وإنهاء فخر

المحقّقين لناصر الدين

حمزة الحسيني(1)

تأسيس الحكومة الجلايرية

الجلايرية الشيعية في

العراق ومناطق أخرى

استنسخ محمّد بن علي

الطبري كتاب تحرير

الأحكام للعلاّمة(2)

استنسخ محمود بن محمّد

ابن بدر الرازي كتاب

مختلف الشيعة للعلاّمة

ظهور دولة (سربداران)

في سبزوار

استنسخ الحسين بن سليمان

سليمان بن صالح كتاب

تهذيب الوصول للعلاّمة(3)

إجازات 14 : 427

فهرس التراث 1 : 687

مكتبة : 168

إجازات 9 : 526

فهرس التراث 1 : 687

مكتبة : 109د.

ص: 76


1- كتبت الإجازة على كتاب تحصيل النجاة لفخر المحقّقين.
2- نسخة المكتبة المرعشية برقم 385.
3- نسخة مكتبة هاروارد.

صورة

الشام

استنسخ أحمد بن حسين

ابن أبي القاسم الأسدي

الحلي كتاب الخلاصة

في الكلام للعلاّمة(1)

استشهاد عدّة من علماء

الشيعة لاتّهام الرفض

استنساخ كتاب خلاصة

الأقوال للعلاّمة(2)

استنساخ قواعد الأحكام

للعلاّمة والكاتب علي بن

أبي طالب الطبري(3)

استنسخ أحمد بن محمّد

الحدّدا جواب السؤال عن

حكمة النسخ في الأحكام

مكتبة : 116

فهرس التراث1 : 687

مكتبة : 118

مكتبة : 43 أو 141

مكتبة : 1136.

ص: 77


1- نسخة مكتبة بادليان في آكسفورد.
2- نسخة مكتبة مدينة العلم في الكاظمية.
3- النسخة المصوّرة في المكتبة المرعشية بإنهاء علي بن محمّد بن حسين المزيدي في آخر ذي القعدة سنة 759 و15 ذي القعدة 760 ، وإنهاء وإجازة فخر المحقّقين في ثاني صفر سنة 760 ، وإنهاء علي بن حسن السرابشنوي في 20 رمضان سنة 801 و17 شوّال 806.

صورة

الإلهية(1)

إجازة فخرالمحقّقين لولده

الشيخ يحيى بن محمّد(2)

استنسخ علي بن محمّد

الطبري كتاب خلاصة

الأقوال للعلاّمة(3)

وفاة الأديب الكبير الشيخ

صفيّ الدين الحلّي

وفاة السيّد عميد الدين

الأعرجي تلميذ العلاّمة

وابن أخته

إجازة فخرالمحقّقين لزين

الدين علي بن حسن

الحلّي(4)

إجازات 14 : 436

مكتبة : 119

فهرس التراث 1 : 688

الذريعة 4 : 51 ؛

و3 : 318

إجازات 14 : 432ة.

ص: 78


1- نسخة مكتبة مجلس الشورى برقم 8892.
2- الإجازة كُتبت على نسخة خلاصة الأقوال للعلاّمة.
3- وتوجد نسخة من مكتبة العلاّمة الطباطبائي في شيراز كتبت في القرن التاسع على أساس هذه النسخة.
4- الإجازة كتبت على نسخة قواعد الأحكام للعلاّمة.

صورة

إجازة فخرالمحقّقين لزين

الدين علي بن حسن

الحلّي الثانية(1)

إجازة فخر المحقّقين

للشهيد الأوّل(2)

استنسخ نظام الدين محمّد

محمّد بن علي بن حسن

كتاب إرشاد الأذهان

للعلاّمة

إجازة فخرالمحقّقين لنظام

الدين محمّد بن علي بن

حسن(3)

إجازة فخرالمحقّقين لأبي

سعيدتاج الدين الكاشي(4)

إجازة فخرالمحقّقين لأبي

سعيد تاج الدين الكاشي

إجازات 14 : 433

إجازات 14 : 436

إجازات 14 : 435

إجازات 14 : 435

إجازات 14 : 422

إجازات14: 422 - 425ة.

ص: 79


1- الإجازة كتبت على نسخة نهاية الأحكام للعلاّمة.
2- الإجازة كتبت على نسخة إيضاح الفوائد لفخر المحقّقين.
3- الإجازة كتبت على نسخة إرشاد الأذهان للعلاّمة.
4- الإجازة كتبت على نسخة تبصرة المتعلّمين للعلاّمة.

صورة

طالب الطبري(1)

إنهاء وإجازة فخر

المحقّقين للمتقدّم

إنهاء فخرالمحقّقين الثاني

للمتقدّم أيضاً

تأليف إيضاح الفوائد في

شرح القواعد لفخر

المحقّقين(2)

تأليف جامع الفوائد في

شرح خطبة القواعد لفخر

المحقّقين

الثانية(3)

إنهاء فخرالمحقّقين للسيّد

حيدر الآملي(4)

إنهاء علي بن محمد

المزيدي لعلي بن أبي

إجازات 14 : 434

إجازات 14 : 433

الذريعة 5 : 67

الذريعة 5 : 67

إجازات 14 : 429 ،

مقدّمات 2 : 147

إجازات 14 : 433ة.

ص: 80


1- الإجازة كتبت على نسخة قواعد الأحكام للعلاّمة.
2- الكتاب في شرح قواعد الأحكام للعلاّمة.
3- الإجازة كتبت على نسخة أربعون حديثاً للعلاّمة.
4- الإجازة كتبت على نسخة استقصاء النظر للعلاّمة.

صورة

ظهور الدولة المرعشية

في أمل وطبرستان في

مازندران

إجازة فخر المحقّقين

للسيّد حيدر الآملي(1)

استنساخ الرسالة السعدية

للعلاّمة(2)

طغيان نهردجلة ، وتخريبه

للعتبة الكاظمية المقدّسة

وتعميرها من قبل السلطان

أويس الجلايري

أمر السلطان أويس ببناء

الحرم الحسيني الشريف

في كربلاء

أوقف السيد حسين

الموسوي أمواله لحرم

السيّدة زينب عليها السلام

محاربة محمّد بن يوسف

فهرس التراث 1 : 688

إجازات 14 : 429

مكتبة : 130

فهرس التراث 1 : 688

فهرس التراث 1 : 688

فهرس التراث 1 : 688

فهرس التراث 1 : 6882.

ص: 81


1- الإجازة كتبت على كتاب أجوبة المسائل المهنّائية.
2- نسخة مجلس الشورى الإسلامي ، برقم : 6342.

صورة

جمادى الآخرة

771

مع المسيحيّين ، وإرجاعه

جملة من أراضي المسلمين

إليهم

وفاة فخر المحقّقين(1)

مقدّمات 2 : 174ه.

ص: 82


1- لتفاصيل أكثر حول الوقائع التاريخية في القرنين السابع والثامن ممّا لها صلة بحياة العلاّمة وفخر المحقّقين ، راجع فهرست التراث 1 : 613 - 619 و687 وما بعده.

عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري من محدِّثي الكوفة وقرَّائها

صلاح مهدي الفرطوسي

بسم الله الرحمن الرحيم

الكوفة عاصمة الإمام عليه السلام :

حقَّ للكوفة عاصمة أمير المؤمنين عليه السلام أن تطاول جميع الأمصار الإسلامية بكثرة فقهائها وقرّائها ورواتها وعلمائها ، وبأخبار مجاهديها وثوّارها فتطولهم ؛ صحابة وتابعين وتابعي التابعين.

وحقَّ لي تسمية ثويّتها ببقيع الكوفة ، لكثرة من ثوي بتربتها من ذلك الجيل(1). ولا يختلف اثنان من المنصفين في أنّ الكوفة بتاريخها العريق ومدارسها الفكرية ، وأدبائها وشعرائها ركن أساس من أركان الحضارة الإسلامية ، ويوم خرج المنصور لبناء عاصمة الدنيا بغداد حشد منها جيشاً من

ص: 83


1- راجع كتابينا رجال من بقيع ثوية الكوفة ، والثوية بقيع الكوفة.

العلماء والمهندسين والفعلة فأسّسوا لحضارة مازالت محلّ زهونا بعد أن طالت الأمّة أحداث فرقّتها أيدي سبأ ، وفعلت بها الأفاعيل. وبيدها أيضاً قصب السبق في فتوحات الشرق على الرغم من الأحداث المروعة ، والمجازر البشعة التي شهدتها إبّان حكم دولة بني أمية. ويكفي أن يكون من مفاخرها ثلاثة من سبعة قرَّاء مازالت قراءاتهم تتردّد في أرجاء المعمورة ، وهم عاصم وحمزة والكسائي ، إلاّ أنّ القصبة كانت بيد عاصم الذي أخذ قراءته عن زر بن حبيش وأبي عبد الرحمن السلمي ، وقد أخذاها عن أبي الحسنين عليهم السلام ، وهي أعلى قراءة عرفها العالم الإسلامي ، وأوسعها انتشارًا(1).

وقد سبقهم جيل من القرَّاء الكبار مّمن أخذ عنه عليه السلام أيضاً ، ولكن الزمان طواهم بردائه شأنه مع كثر ممّن مرّ عليهم فلم ينصفهم ، وقد شاركت كراهية العثمانيّين والأمويّين والزبيريّين والخوارج وبعض علماء سلاطين بني العبّاس لمحبّي أمير المؤمنين وأصحابه في طمس سيرهم على الرغم من أنّهم كانوا ملء السمع والبصر في زمانهم ؛ وفي مقدّمة هؤلاء عبد الرحمن بن أبي ليلى الذي كان له شرف عرض القرآن على أمير المؤمنين عليه السلام ، وشهادة مشاهده(2). وهو مدنيٌّ أنصاريٌّ أوسيٌّ. 6.

ص: 84


1- ينظر تهذيب الكمال 13/473 برقم 3002 ، وكيف لا تكون ، وبعض ما قيل عن قراءته قول أبو عبد الرحمن السلمي شيخ قرّاء زمانه : «ما رأيت أحدًا أقرأ لكتاب الله من علي) ، فضائل أمير المؤمنين 45 ، وترجمة الإمام علي في تاريخ دمشق» 3/35.
2- سير أعلام النبلاء 4/263/96.

أبو ليلى الأنصاري :

اختلف في اسم أبي ليلى ، فقيل : بلال ، وقيل : بُليل ، وقيل : داود بن بلال ، وقيل : اليسر ، وقيل : يسار ، وقيل : اسمه كنيته(1) ، وقيل : بلال بن بُليل ابن أحيحة بن كلفة بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس ، وروي عن أخيه عمران أنّ اسمه داود ، ولقبه اليسر ، وقيل : ليس له اسم ، وقيل أيضاً : إنّ بلال هو أخو أبو ليلى(2) ، وهو عند ابن حزم بلال بن بُليل بن أُحيحة بن الجلاح(3). وله أختان ذكرهما ابن حزم ، أم بكر وآمنة ، وقد روي عنهما الحديث ؛ وذكر له ابن الأثير ثالثة اسمها ليلى - وقد تكون ابنته ، ولكن ابن الأثير نصّ على أنّها عمّة عبد الرحمن- كانت من المبايعات وممّن روت عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)(4).

رزق أبو ليلى بأكثر من عشرة ذكور ؛ منهم عبد الرحمن وعبد الله ؛ أمّا عبد الله فله ولد اسمه المختار ، ولم أقف لهما على دور ، ووقفت على ثلاثة أولاد لعبد الرحمن أحدهم عيسى وكان يكنَّى به ، وهو محدِّث ثقة من 3.

ص: 85


1- الإصابة 7/292 برقم 10478 ، وانظر أيضاً سير أعلام النبلاء 2/130 وتاريخ مدينة دمشق 36/76 برقم 3998.
2- تاريخ بغداد 10/198 برقم 5348 ، وانظر في نسبه والاختلاف باسمه طبقات خليفة 252.
3- الطبقات 6/109 ، وانظر أيضاً جمهرة أنساب العرب : 335 ، ووفيات الأعيان 3/ 126 برقم 360.
4- أسد الغابة 5/543.

المتقنين بحسب ابن حبّان وأبي حاتم الرازي(1). والآخر اسمه محمَّد ، وقد تولَّى قضاء الكوفة إبّان الدولتين الأموية والعبّاسية لثلاث وثلاثين سنة ، وتوفّي سنة ثمان وأربعين ومائة(2) ، وروى غير حديث عن أبيه(3) ، إلاّ أنّ الصفدي قال : «لم يدرك السماع عن أبيه ، وروى عن حفص بن غياث أنّه قال : كان من أحسب الناس ، وأحسنهم خطّاً ونقطاً للمصحف ، وروى عن غير فقيه ممّن أشاد به أو ضعّفه»(4) كما روى أيضاً عن أخيه عيسى وعن زر بن حبيش(5) ، وغيرهم(6) ، وذكره الشيخ الطوسي مع من روى عن الإمام الصادق عليه السلام(7) ، وقال الشيخ الكركي : إنّ محمّدًا كان من أصحاب الرأي(8). وقد اتّهم بسوء الحفظ ؛ سئل عنه ابن نمير فقال : «كان صدوقاً مأموناً ، ولكنّه سيّء الحفظ جدًّا»(9). ومن غريب ما رواه ابن خلّكان أنّ محمّدًا هذا قال : «لا أعقل شيئاً من شأن أبي غير أنّي أعرف أنّه كانت له امرأتان ، وكان له حبَّان

1.

ص: 86


1- مشاهير علماء الأمصار : 261 ، الجرح والتعديل 6/281 برقم 1557.
2- وفيات الأعيان 4/179 ، وانظر أيضاً تاريخ الكوفة 388/14.
3- الغارات 2/7.
4- الوافي بالوفيات 3/184 ، وانظر أيضاً في عدم سماعه عن أبيه شذرات الذهب : 224.
5- التاريخ الكبير 6/390 برقم 2739 ، جمهرة أنساب العرب : 335 ، والغارات 1/7.
6- أمالي الشيخ الصدوق 414/542/9.
7- رجال الطوسي 288/210 ، وانظر أيضاً أمالي الشيخ الصدوق 274/303.
8- جامع المقاصد 1/21 ، وانظر أيضاً وفيات الأعيان 4/179.
9- خلاصة الأقوال : 271.

أخضران ينبذ عند هذه يوماً وعند هذه يوماً»(1)؛ وقد تكون كلمة ينبذ من خطأ الطباعة أو تحريفات النسخ ، وقد يكون صوابها فيمكث ، أو المراد بها نوع من عصير التمر أو الزبيب ، أو رواية دسَّت لتشويه سمعته ؛ لأنّه من الصعب الأخذ بمعناها الظاهر في مثل عبد الرحمان ، ومن الصعب أيضاً أن يتّهم ولد أباه بتهمة تشينه. والذهبي حين ترجم لمحمّد قال : «صدوق ، إمام ، سيّء الحفظ ، وقد وُثِّق. قال شعبة : ما رأيت أسوأ من حفظه ، وقال يحيى القطّان : سيّء الحفظ جدًّا ، وقال ابن معين : ليس بذاك ، وقال النسائي وغيره : ليس بالقويّ ، وقال الدارقطني : ردي الحفظ كثير الوهم ، وقال أبو أحمد الحاكم : عامّة أحاديثه مقلوبة»(2). ولكنّه قال عنه في تاريخه : فقيه الكوفة ومقرئها في زمانه ، ونقل عن أحمد بن يونس أنّه «أفقه أهل الدنيا» ، وعن أحمد العجلي أنّه «كان فقيهاً صدوقاً صاحب سنَّة جائز الحديث قارئاً عالماً» ، ونقل غير هذا عنه(3). وأنت واقف على أحاديث كثيرة ، وأحكام تروى عنه في كتب الفقه المختلفة ، وذكر له الذهبي ولدًا اسمه عمران يروي عنه(4) ، ولعمران ولد اسمه محمّد(5) وغيرهم. 2.

ص: 87


1- وفيات الأعيان 4/179.
2- ميزان الاعتدال 3/641 برقم 7825 ، وقد خرَّج ما أورده الذهبي الشيخ المظفّر في الإفصاح عن أحوال رواة الصحاح 3/454451 ، وزاد عليه.
3- تاريخ الإسلام 9/275.
4- تاريخ الإسلام 12/319.
5- تاريخ الإسلام 16/372.

وقال ابن حزم : ولعيسى ولد اسمه عبد الله ، وهو محدِّث أيضاً ، وذكر أنّه أوثق من عمّه محمّد(1) وقد تزوَّج ابنته ، فولدت له ابناً سمّاه عبد الرحمن ، ولي القضاء بالكوفة أيضاً ، وأنجب ولدًا اسمه بكر ، ولي قضاء الكوفة أيضاً. وكان لمحمّد ابنة اسمها حمَّادة روي عنها الحديث. أمّا الثالث فهو أحمد ، ويروي عن الإمام الصادق عليه السلام بالواسطة(2) فأيّ نسل هذا ما بين محدّث وراوية وقارئ وقاض(3). وأنت واقف على أحاديث كثيرة رويت عن هذا النسل مبثوثة في كتب التفسير والحديث والرجال ، في العبادات والمعاملات والأخبار ؛ بعضها دسَّ في أخبارهم دسّاً ، وقديماً كذب على رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وبعضها مشرق كما الشمس لا يراودك ريب أو شكٌّ في تناوله واستنباط الأحكام أو الأخبار منه.

وأبو ليلى صحابيٌّ شهد أحدًا وما بعدها ، وروى غير حديث عن النبيِّ(4) ، وعن أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليهما ، وعنه ولده عبد الرحمن(5) ، وهو من سمَّاره(6) ومن المنقطعين إليه(7) ومن المخلصين من 8.

ص: 88


1- تاريخ مدينة دمشق 31/394 برقم 3452 ، وانظر أيضاً تاريخ الإسلام 8/152.
2- الوافي 19 / 384.
3- جمهرة أنساب العرب 335336.
4- مناقب آل أبي طالب 1/93 ، 290 ، البحار 27/75 ، 36/20 ، 38/32 ، 41/84 ، وينابيع المودة 2/360 ، 3/278 ، وغيرها كثير.
5- أسد الغابة 5/286 ، الإصابة 7/292 برقم 10478.
6- فضائل أمير المؤمنين لابن عقدة : 80 ، وانظر أيضاً مسند أحمد 1 / 99.
7- تاريخ بغداد 1/199 برقم 27 ، تاريخ حلب : 3438.

أصحابه وأصفيائه(1) وخاصَّته ، وشهد الجمل واستشهد بصفين(2) ، وروي أنّه كان يسمر معه فرآه يلبس ثياب الصيف في الشتاء وثياب الشتاء في الصيف ، فسأله فقال : «إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) بعث إليّ وأنا أرمد العين يوم خيبر .. فقلت : يا رسول الله إنّي أرمد العين ، فتفل في عيني ، ثمّ قال : اللهمّ أذهب عنه الحرّ والبرد. قال : فما وجدت حرًّا ولا بردًا منذ يومئذ ، وقال : لأعطينّ الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ليس بفرَّار ، فتشرَّف لها أصحاب النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، فأعطانيها»(3). وللرواية سند آخر وفيه أنّ الإمام عليه السلام قال له : «أو ما كنت معنا حين دعاني رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وأنا أرمد .. الحديث»(4) وقد روى حديث الراية عنه ولده عبد الرحمن من غير طريق(5) ، وذكر ابن خلّكان أنّ راية الإمام كانت معه بمعركة الجمل(6)؛ وهو وهم ، لأنّها كانت مع ولده محمّد. وشهد أبو ليلى صفّين مع سبعة من أبنائه ، واستشهد بها(7). 3.

ص: 89


1- الدرحات الرفيعة : 447. الكليني والكافي : 37.
2- وهم ابن الأثير في أسد الغابة 5/286 بقوله : «وشهد مشاهده كلها إذ استشهد بصفين كما سيأتي» ، وقد نص على استشهاده بصفين في 5/123 من كتابه سابق الذكر.
3- مسند أحمد 1/99 ، وسنن ابن ماجة 1/43 ، وانظر أيضاً فضائل ابن عقدة : 80.
4- إمتاع الأسماء 11/279.
5- ترجمة الإمام علي من تاريخ مدينة دمشق 1/215- 216 ، والحديث عنه عن رسول الله من دون واسطة عند البخاري في التاريخ الكبير 7/263 برقم 1110.
6- وفيات الأعيان : 126.
7- جمهرة أنساب العرب : 335 ، والإصابة 7/292 برقم 10478. وأسد الغابة 5/123.

عبد الرحمن بن أبي ليلى :

كان عبد الرحمن صبيح الوجه في شبابه ، وله ضفيرتان إذا صلَّى نشرهما(1) ؛ أمّه أمّ ليلى ، وهي من المبايعات ، وقد روت عن النبيّ (صلى الله عليه وآله)(2). لا يدرى متى سكن الكوفة مع أبيه وأخوته ، إلاّ أنّ ابن سعد ذكر أن دارهم كانت في جهينة(3) ، وروي أنّه زار المدائن في حياة حذيفة بن اليمان ، واستسقى معه ،كما زارها من بعد رفقة أمير المؤمنين عليه السلام(4).

ولادته ووفاته :

ولم أقف على ما يرجّح تاريخ ولادته أو يقطع بها ، فقد قيل : «إنّه ولد لستّ بقين من خلافة عمر»(5) وعلى ذلك غالبية من ترجم له ، ولكن الذهبي قال : «ولد في خلافة أبي بكر» ، وقال أيضاً : «أو قبل ذلك»(6) ، وعاد فقال : «وقيل : بل ولد في وسط خلافة عمر» ، وذكر البغدادي أنّه ولد في خلافة عمر من دون تحديد سنة بعينها(7) ، وروى بسنده عنه أنّه قال : «ولدت لستّ 8.

ص: 90


1- الطبقات 6/111 ، وكمال الدين وتمام النعمة : 275 ، وكتاب سليم بن قيس : 193.
2- أسد الغابة 5/616.
3- الطبقات 6/54 ، وانظر أيضاً أسد الغابة 5/286.
4- تاريخ بغداد 10/198 برقم5348 ، وانظر أيضاً تاريخ دمشق 34/21 برقم 3676.
5- مشاهير علماء الأمصار : 164 برقم 758. الثقات 5/100.
6- سير أعلام النبلاء 4/262/96.
7- تاريخ بغداد 10/197 برقم 5348.

سنين بقيت من خلافة عمر»(1). واختلف في تاريخ وفاته ، والراجح أنّها كانت سنة ثلاث وثمانين للهجرة ، وسيأتي الحديث عنها لاحقاً.

وما روي حول تاريخ ولادته ووفاته يحتاج إلى تأمّل بشأن ما نسب إليه من روايات عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، وعن الخليفتين أبي بكر وعمر ، وعن الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام ، كما سيتبيّن.

مصادر روايته :

كان عبد الرحمن شديد الاهتمام بلقاء الصحابة من الأنصار خاصّة ، إذ روي عنه أنّه قال : «أدركت عشرين ومائة من الأنصار من أصحاب النبيّ صلوات الله وسلامه عليه»(2) ، وروى عن غيرهم أيضاً(3) ، منهم بحسب ابن عساكر : «عمر وعثمان وعليّ وسهل بن حنيف وأبي أيّوب الأنصاري وسعد ابن أبي وقّاص وعبد الله بن عبّاس وثوبان ومعاذ بن جبل وحذيفة بن اليمان وأبيّ بن كعب ، وأبي الدرداء وأبي ذر الغفاري وعبد الله بن مسعود وخوات ابن جبير وبلال وصهيب بن سنان وابن عمر وأنس بن مالك والبرّاء بن عازب وأبي موسى الأشعري وقيس بن سعد وزيد بن أرقم والمقداد بن الأسود وسمرة بن جندب وعبد الله بن عكيم وكعب بن عجرة وعبد الله بن زيد وأبي 3.

ص: 91


1- تاريخ بغداد 10/198 برقم 5348.
2- الطبقات 6/109.
3- الطبقات 1/183.

سعيد الخدري وأبي جحيفة السوائي وأبيه أبي ليلى وأمّ هانئ بنت أبي طالب»(1) وعنه جمهور ذكرهم ابن عساكر وغيره ؛ لذا فإنّك واقفٌ على روايات كثيرة مبثوثة في كتب الحديث والرجال مروية عنه ؛ وقد تلتبس رواياته بروايات ولده محمّد ، ولاسيّما ما يتعلّق منها بالقضاء ؛ إذ تنسب كثير من الروايات في كتب الفقه لابن أبي ليلى.

منزلته بين التابعين :

وهو من مشاهير فقهاء الكوفة وقرّائها ، ذكره ابن سعد مع الطبقة الأولى منهم(2) ، ونعته بالفقيه من ترجم له ، ونقل البغدادي عن العجلي عن أبيه أنّه قال : «عبد الرحمن بن أبي ليلى تابعيٌّ ثقة من أصحاب عليّ»(3). ونعته الذهبي بالفقيه ، وقال عنه أيضاً : «الإمام العلاّمة الحافظ أبو عيسى الأنصاري الفقيه»(4) ، وهو عند ابن خلّكان من أكابر تابعي الكوفة(5). وروى الزمخشري أنّ يزيد بن أبي زياد قال : «ما دخلت على عبد الرحمن بن أبي ليلى إلاّ حدَّثنا حديثاً حسناً وأطعمنا طعاماً حسناً»(6) ويكفيه عزًّا وفخرًا صحبته لأمير0.

ص: 92


1- تاريخ مدينة دمشق 36/76 برقم 3998.
2- الطبقات 6/109113.
3- تاريخ بغداد 10/199 برقم 5348.
4- سير أعلام النبلاء 4/262 برقم 96 ، تذكرة الحفاظ 1/58.
5- وفيات الأعيان 3/12226برقم 360.
6- ربيع الأبرار 3/260.

المؤمنين وقربه منه ، وشهادته مشاهده ، وأخذه القرآن عنه عليه السلام(1) ؛ كان عبد الرحمن يسأل عن المراد من بعض آيات الذكر الحكيم فيجيب ، وقد سأله الحكم عن معنى قوله تعالى : (وَأَثَابَهُم فَتْحاً قَرِيْباً وَأُخْرَى قَدْ أَحَاطَ بِها) قال : خيبر ، أمّا الأخرى فهي فارس والروم(2).

وروى الذهبي عن ثابت البناني أنّه قال : «كنَّا إذا قعدنا إلى عبد الرحمن ابن أبي ليلى ، قال لرجل : اقرأ القرآن ، فإنّه يدلّني على ما تريدون ، نزلت هذه الآية في كذا ، وهذه الآية في كذا»(3). وأنت واقف له على اجتهادات كثيرة في كتب الفقه المختلفة في العبادات والمعاملات والأخبار.

وهو أيضاً من عبَّاد الكوفة الصالحين ، كان إذا صلَّى أطال صلاته ، حتّى روي أنّه إذا دخل داخل عليه وهو يصلّي نام على فراشه(4) لطولها. وإذا انتهى من صلاة الصبح نشر القرآن وقرأ حتّى تطلع الشمس(5). وله بيت فيه مصاحف يجتمع إليه القرَّاء به ؛ ومن نبله وكرمه أنّهم لا يتفرّقون منه إلاّ عن طعام. وروي أنّه كان يرتدي مُطرفاً من الخزِّ ، فلمّا تقطّع أعطاه لحائك كي يعيد نسجه ، وطلب منه ألا يجعل فيه حريرًا وأن يجعل سداه من الكتَّان أو 6.

ص: 93


1- سير أعلام النبلاء 4/263برقم 96.
2- الطبقات 2/115.
3- سير أعلام النبلاء 4/263 برقم 96.
4- سير أعلام النبلاء 4/264 برقم 96.
5- الطبقات 6/111 ، وانظر أيضاً سير أعلام النبلاء 4/263 برقم 96.

القطن ، فقيل له : كنت تلبسه ، قال : ذلك من صنع غيري(1).

منزلته بين أصحابه :

وكان أيضاً عظيم المنزلة بين أصحابه ،فقد نقل عن ابن سيرين أنّه قال : «جلست إلى عبد الرحمن «وأصحابه يعظّمونه كأنّه أمير»(2). وذكر الذهبي أنّ عبد الله بن الحارث جالسه فقال : «ما شعرت أنّ النساء ولدن مثل هذا»(3). وبسبب منزلته تلك كان بعض الصحابة يستمعون لحديثه ، روى البخاري أنّ عبد الملك بن عمير قال : «رأيت عبد الرحمن بن أبي ليلى في حلقة فيها نفر من أصحاب محمّد يسمعون لحديثه وينصتون له فيهم البرّاء بن عازب»(4).

وهو سمحٌ عفُّ اللسان ، روى البغدادي بسنده أنّه كان علويّاً وكان عبد الله بن عكيم عثمانيّاً ، وكانا يصليان في مسجد واحد وما كان أحدهما يكلّم الآخر في مناظرة أو مخاصمة في عليّ وعثمان(5) ، وذكر مثل هذا العجلي قبله وأضاف أنّه لمّا ماتت أم عبد الرحمن قدم ابن عكيم فصلَّى عليها(6).0.

ص: 94


1- الطبقات 6/112.
2- سير أعلام النبلاء 4/263 برقم 96.
3- سير أعلام النبلاء 4/264 برقم 96.
4- التاريخ الصغير 2/238.
5- تاريخ بغداد 10/199 برقم 5348.
6- معرفة الثقات 1/480.

كان شديد الاهتمام برواية الحديث ، حريصاً على مذاكرته ، وقال مرّة لعبد الله بن عكيم : تعال حتّى نتذاكر الحديث فإنّ حياته ذكره(1).

روايته عن النبيّ والخليفتين أبي بكر وعمر :

قال ابن سعد : «روى عبد الرحمن عن عمر وعليّ وعبد الله وأبي ذر وغيرهم(2) ، وممّا رواه بسنده عن الخليفة عمر بن الخطّاب(3) أنّه كان جالساً عنده فجاء أعرابيٌّ يعلمه برؤيته الهلال(4) ، وذكر له في مواضع أخر غير رواية عن عمر أيضاً(5). ووقفت على روايات عنه عند غيره رواها عن عمر(6) ، بل هناك روايات كثر مروية عنه تجدها مبثوثة في كتب الرجال وغيرها(7) ، إلاّ أنّه من الصعب الأخذ بها إن كان ولد في زمن خلافته أو في زمن خلافة أبي بكر ، وإلى مثل هذا ذهب ابن خلّكان فقال : «والحفّاظ لا يثبتون سماعه عن 4.

ص: 95


1- الطبقات 6/112.
2- الطبقات الكبرى 6/109.
3- الطبقات 1/459 ، 2/341.
4- الطبقات 6/110 ، ورواه أحمد في المسند 1/28. وقد روى له أحمد في مسنده غير حديث ، وأظنه بعيد.
5- الطبقات 3/341 ، 458 ،4/145 ، 5/50.
6- ينظر أسد الغابة 4/323 ، والمحاضرات والمحاورات : 74 ، 139 ،تاريخ الخلفاء : 51 ، 137 وهناك أحاديث كثيرة أخر رويت عنه وردت في بعض كتب أصحاب الحديث.
7- تاريخ الإسلام 3/114.

عمر»(1) ؛ إلاّ أن يكون ولد في حياة النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) ، ولكن لم أقف على مثل هذا عند من ترجم له ، بل روى له ابن سعد غير حكاية عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أيضاً(2) ، وروى الحافظ الأصفهاني عنه عن أبي بكر عن النبي(صلى الله عليه وآله) قوله : «رأيت في المنام غنماً سوداء تتبعها غنم عفر حتّى غمرتها؛ يا أبا بكر اعبر. قال : قلت : هي العرب تتبعك ثمّ العجم. قال : كذلك عبّرها الملك»(3) ، وغيرها(4) وروى ابن شهرآشوب عنه أنّه قال : «كنَّا جلوساً عند رسول الله إذ أقبل الحسين فجعل ينزو على ظهر النبيّ وعلى بطنه فبال ، فقال : دعوه»(5) ، ويغلب على الظنّ أنّها روايات مرسلة ، أو وضع بعضها الوضَّاعون.

بعض ما رواه عن أمير المؤمنين وولديه عليهم السلام :

وبسبب طول مجالسته لأمير المؤمنين روى عنه أحاديث كثيرة تجدها مبثوثة في كتب الفقه والرجال ، منها حديث آية النجوى ، وهي قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً) قال : إنّ في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد ولا يعمل بها أحد بعدي ؛ كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم فناجيت النبىَّ(صلى الله عليه وآله) ، فكنت كلّما 26

ص: 96


1- وفيات الأعيان 3/126.
2- الطبقات 1/460 ، 2/201.
3- ذكر أخبار أصبهان 1/10.
4- تاريخ الإسلام 1/329 ، البداية والنهاية 3/234.
5- مناقب آل أبي طالب 3/226

ناجيته قدّمت بين يدي نجواي درهماً ، ثمّ نسخت فلم يعمل بها أحد(1). وممّا رواه عنه قول النبيّ له صلوات الله وسلامه عليهما : «ألا أعلّمك كلمات إذا قلتهنّ غفر الله لك على أنّه مغفور لك ، لا إله إلاّ الله العليّ العظيم لا إله إلاّ هو الحليم الكريم سبحان الله ربّ العرش العظيم الحمد لله ربّ العالمين». وروى عنه عن النبي(صلى الله عليه وآله) قوله : «من حدَّث عنِّي حديثاً وهو يرى أنّه كذب فهو أحد الكذّابين»(2) ، وممّا أخبره به أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) «أمره أن يقسّم بُدُنَة كلّها ، لحومها وجلودها وجلالها للمساكين»(3).

وهو من مشاهير رواة حديث الغدير ، إذ روي عنه من غير طريق(4) ، وروى عنه حكاية بعثه فاطمة الزهراء إلى أبيها صلوات الله وسلامه عليهما تطلب منه خادماً لمساعدتها(5) ، وروى الشيخ الطوسي بسنده عنه أنّ أمير المؤمنين عليه السلام دخل على رسول الله(صلى الله عليه وآله) رفقة العبّاس وفاطمة وزيد بن حارثه فقال له : «يا رسول الله إن رأيت أن تولّيني حقّنا في الخمس في كتاب الله فأقسّمه في حياتك حتّى لا ينازعنا فيه أحد بعدك ، ففعل ، فلمّا مات رسول 1.

ص: 97


1- المستدرك 2/482.
2- سنن ابن ماجة 1/14.
3- صحيح البخاري : 184 ، وسنن ابن ماجة 2/1055.
4- مسند أحمد 1/119 ، ومناقب الإمام أمير المؤمنين : 374 ، وترجمة الإمام علي من تاريخ مدينة دمشق 2/913 ، وأسد الغابة 4/28 وتاريخ الإسلام 3/632 ، والسيرة النبوية لابن كثير 4/419 ، وانظر أيضاً وما أدراك ما علي 2/413 ط بيروت
5- تاريخ بغداد 3/233 برقم 1261.

الله (صلى الله عليه وآله) ولاّنيه أبو بكر فقسّمته ، فلمّا كان آخر سنة من سنّي عمر أتاه مال كثير فعزل حقّنا ، فدعاني عمر فقال : إنّ بني هاشم في غنى من ذلك ، وإنّ بالمسلمين خلَّة فإن رأيت أن تصرفه إليهم ، ففعل عمر ذلك ...»(1). وعنه رواية أخرى ذكرها الشيخ الطوسي وهي : «أتيت عليّاً عند أحجار الزيت ، فقلت له : بأبي أنت وأمي ، ما فعل أبو بكر وعمر بحقّكم من الخمس أهل البيت؟ فقال : أمّا أبو بكر فما كان في زمانه أخماس ، وما كان معه أوفاناه ، وأمّا عمر فكان يعطينا حتّى أتاه من فارس والسوس ، فقال لي : إنّ بالمسلمين خلَّة ، فلو تركت حقّكم من الخمس لأصرفه في خلّة المسلمين ، فإذا أتاني مال قضيته لكم. فقال العبّاس : لا تطمعه في حقّنا. فقلت : ألسنا أحقّ من أجاب أمير المؤمنين وسدّ خلّة المسلمين ، فمات عمر قبل أن يأتيه مال فيعطينا»(2) وممّا روي عنه حول وضوء النبي(صلى الله عليه وآله) أنّه رأى أمير المؤمنين عليه السلام يتوضَّأ «فمسح رأسه ثمّ مسح قدميه ، وقال : هكذا رأيت نبيّ الله(صلى الله عليه وآله) يتوضَّأ»(3). وروى الشيخ المفيد عنه بأسانيد كثيرة أنّه قال : «سألت عليّاً عليه السلام هل نسخ آية المتعة شيء؟ فقال : لا ، ولولا نهى عنها عمر ما زنى إلاّ شقيّ»(4).

وممّا رواه عن زيد بن الحارث أنّه قال : «نزلت في علي عليه السلام ثمانون آية 5.

ص: 98


1- الخلاف 4/215 ، وانظر أيضاًالمؤتلف من المختلف بين أئمة السلف : 93 - 94.
2- الخلاف 4/215.
3- لسان الميزان 3/428 ، وينظر أيضاً المسح في وضوء الرسول : 93 ، وانظر أيضاً وضوء النبي : 310.
4- خلاصة الإيجاز : 25.

صفواً في كتاب الله عزّ وجل ما شركه فيه أحد من هذه الأمّة»(1) وغيرها كثر(2).

وذكر مع من روى عن الحسن عليه السلام(3) أيضاً ، وممّا رواه عنه أحمد بن حنبل أنّه سأل الحسن بن عليّ عليهما السلام عن الخيار «فدعا بربعة فأخرج منها صحيفة صفراء مكتوب فيها قول عليّ في الخيار»(4) ، والرواية مهمّة في توثيق ما ذكر عن صحيفة أمير المؤمنين التي توارثها عنه أئمّة أهل البيت سلام الله عليهم ، وغيرها(5). وروى الشيخ المفيد في أماليه عنه أنّ الحسين عليه السلام قال : «قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : الزموا مودّتنا أهل البيت ، فإنّه من لقي الله وهو يحبّنا دخل الجنَّة بشفاعتنا ، والذي نفسي بيده لا ينتفع عبد بعمله إلاّ بمعرفتنا»(6).

وعبد الرحمن أحد من سمع عمّار بن ياسر وهو يروي ما أخبره به رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) عن آخر زاد له في الدنيا وعن الفئة الباغية التي ستقتله(7). وتقف في كتب الحديث والرجال على كثير ممّا يروى عنه ، بعضه ممّا وضعه الوضَّاعون على لسانه وهو براء منه. 6.

ص: 99


1- الخصال 592/1.
2- أمالي الشيخ الطوسي : 351. وانظر ترجمة الإمام علي من تاريخ مدينة دمشق : 216225 ، مسند الإمام علي : 84 ، وينابيع المودة 1/403 ، 2/165.
3- مسند أحمد 1/81 ،
4- العلل 1/346 برقم 639.
5- مناقب آل أبي طالب 2/217
6- أمالي الشيخ المفيد 13 / 2. وانظر أيضاً 44/4 ، وانظر أيضاً أحاديث رواها عنه أحمد بسنده عنه في مسنده.
7- تاريح مدينة دمشق 43/418 برقم 5156.

روايته عن الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام :

الذي ينظر في كتب الفقه يقف على روايات كثيرة عن ابن أبي ليلى ، ولا أدري أهي عن عبد الرحمن أم عن ولده محمّد ، بل هي أحياناً عنه وأحياناً عن ولده محمّد الذي كان على قضاء الكوفة لثلاث وثلاثين سنة ، والظاهر أنّ ولده محمّد أو حفيده عبد الرحمن بن عيسى كان ممّن روى عن الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام ، وقد اختلطت الروايات - فيما أحسب - برواية الأب أو الجد بسبب تشابه الأسماء ، ولكن الشيخ الكليني روى بسنده عن محمّد بن عبد الرحمن عن أبيه قال : «سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : إذا سمعتم العلم فاستعملوه ، ولتتسع قلوبكم ، فإنّ العلم إذا كثر في قلب رجل لا يحتمله قدر الشيطان عليه ، فإذا خاصمكم الشيطان فأقبلوا عليه بما تعرفون ، فإنّ كيد الشيطان كان ضعيفاً ، فقلت : وما الذي نعرفه؟ قال : خاصموه بما ظهر لكم من قدرة الله»(1). وروى بسنده أيضاً عن محمّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه عن الصادق عليه السلام قال : «إنّكم لا تكونون صالحين حتّى تعرفوا ، ولا تعرفون حتّى تصدّقوا ، ولا تصدّقون حتّى تسلّموا أبواباً أربعة لا يصلح أوّلها إلاّ بآخرها ، ضلّ أصحاب الثلاثة وتاهوا تيهاً بعيدًا ، إنّ الله تبارك وتعالى لا يقبل إلاّ العمل الصالح ، ولا يتقبّل الله إلاّ بالوفاء بالشروط والعهود ، ومن وفَّى الله بشروطه واستكمل ما وصف في عهده نال ما عنده واستكمل وعده ، إنّ 3.

ص: 100


1- الكافي 1/45 ، وانظر أيضاً جامع الرواة 1/443.

الله عزّ وجل أخبر العباد بطريق الهدى وشرع لهم فيها المنار ، وأخبرهم كيف يسلكون ...»(1) ، وروى الشيخ الصدوق بسنده عنه أنّه روى عن الصادق قوله : «كيف يهتدي من لم يبصر؟ وكيف يبصر من لم ينذر ، اتّبعوا قول رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأقرُّوا بما نزل من عند الله عزّ وجلّ ، واتّبعوا آثار الهدى فإنّها علامات الأمانة والتقى ، واعلموا أنّه لو أنكر رجل عيسى بن مريم عليه السلام ، وأقرَّ بمن سواه من الرسل عليهم السلام لم يؤمن»(2).

ويستحيل أن يروي عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الصادق ، ذلك أن استشهاده رافق سنة ولادته عليه السلام. وأستبعد أيضاً أن يكون هو المقصود بالرواية عن الإمام الباقر عليه السلام ، لأنّ مصرعه كان في حياة الإمام السجّاد ، وليس من المعقول أن يروي عن الباقر في حياة أبيه ، ولم أقف في كتب الرجال على ما يشير إلى لقائه به أو أخذه عنه أو عن ولده الباقر ؛ ويغلب على الظنّ أنّ الروايات التي نسبت إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام هي إمّا عن ولده محمّد ومرَّ أنّ الشيخ الطوسي ذكره مع من روى عن الإمام الصادق(3) أو عن حفيده عبد الرحمن. وكأنّ السيّد الخوئي راوده شيء حين ترجم لعبد الرحمن ابن أبي ليلى فتحدّث في الترجمة رقم 6343 عن صاحبنا فذكر شهادته مشاهد أمير المؤمنين عليه السلام ، وما فعله الحجّاج 3.

ص: 101


1- الكافي 2/47 ، وانظر أيضاً جامع الرواة 1/443.
2- كمال الدين وتمام النعمة : 411.
3- رجال الطوسي 288/210 ، وانظر أيضاً أمالي الشيخ الصدوق 274/303.

به ، ثمّ تحدّث في الترجمة رقم 6344 عن عبد الرحمن بن أبي ليلى الذي روى ولده محمّد عنه عن الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام(1). والله أعلم. والظاهر أنّ أبا ليلى ورَّث ولاءه ومحبّته لآل البيت عليهم السلام لأولاده وأحفاده.

في عهد أمير المؤمنين عليه السلام :

كان عبد الرحمن بالمدينة إبّان أحداث محاصرة الخليفة عثمان ؛ وممّا رواه الشيخ المفيد بسنده عنه أنّه قال : «والله إنّي لأنظر إلى طلحة وعثمان محصور ، وهو على فرس أدهم ، وبيده الرمح يجول حول الدار ، وكأنّي أنظر إلى بياض ما وراء الدرع»(2) ، وسأله عبد الملك بن مروان يوم دخل الكوفة عن دور عليّ عليه السلام فيها ، فقال : «لقد رأيته عند أحجار الزيت محتبياً بسيفه ، والمنادي ينادي : آمن الناس كلّهم إلاّ نعثلاً ، فقال عبد الملك : هل سمعت عليّاً يقول شيئاً؟ فقلت : لا» ؛ وروى ابن سعد عنه أنّه قال : «رأيت عليّاً عند أحجار الزيت رافعاً ضبعيه يقول : اللهمّ إنّي أبرأ إليك من أمر عثمان»(3) ؛ وفي هذا ما يدلّ أيضاً على أنّه من الأنصار الذين رافقوا أمير المؤمنين عليه السلام من المدينة يوم توجه إلى البصرة. وكان رفقة أبيه في يوم الجمل ، وروي عنه 4.

ص: 102


1- معجم رجال الحديث 10/324325.
2- الجمل : 74.
3- الطبقات 3/82 ، وانظر أيضاً الفتن : 59 وفضائل ابن عقدة : 74.

أنّه قال : «نظرت إلى الهودج يوم الجمل وهو كأنّه قنفذ من النشّاب والنبل»(1). وعنه رواية انصراف الزبير في يوم الجمل بعد لقائه أمير المؤمنين عليه السلام وتذكيره بما سمعه من رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وقوله لولده عبد الله : إنّه لا يقاتل عليّاً أبدًا ، واتّهام ولده له بالجبن وردّه عليه(2). ومن الروايات المهمّة التي وقفت عليها قوله : «شهد مع عليّ يوم الجمل ثمانون من أهل بدر وألف وخمسمائة من أصحاب رسول(صلى الله عليه وآله)»(3).

وكان معه عليه السلام بصفّين أيضاً ، ويوم شاور معاوية ابن العاص في شتم الأنصار بعد أن هجاه قيس بن سعد بن عبادة نصحه بعدم التعرّض لهم ، فأرسل معاوية إلى رجال من الأنصار فعاتبهم «منهم عقبة بن عمرو ، وأبو مسعود ، والبراء بن عازب ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى وخزيمة بن ثابت ، وزيد بن أرقم وعمرو بن عمير والحجّاج بن غزية»(4) ، وطلب منهم كفَّ قيس بن سعد عن شتمه ، فلمّا أبلغوه قال : (إنّ مثلي لا يشتم ، ولكنّي لا أكفّ عن حربه حتّى ألقى الله)(5). وروى عنه الشيخ الطوسي غير رواية تدلّ على مشاركته في معركة صفّين(6) ، وروى ابن معين عنه في تاريخه أنّه : «لمّا كان 6.

ص: 103


1- الجمل : 200.
2- تاريخ مدينة دمشق 18/411 ، 412 برقم 2239 ، تاريخ الإسلام 3/490.
3- فضائل أمير المؤمنين (ابن عقدة) : 87.
4- وقعة صفين : 448.
5- المصدر السابق.
6- اختيارمعرفة الرجال 1/316.

يوم صفّين نادى مناد من أصحاب معاوية أصحاب عليّ فيكم أويس القرني قالوا : نعم. فضرب دابّته حتّى دخل معهم. قال : سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : خير التابعين أويس القرني»(1). وقال أحمد بن حنبل بسنده : «حدّثني أبي قال : حدّثنا أمية بن خالد قال : قلت لشعبة : أنّ أبا شيبة حدّثنا عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أنّه قال : شهد صفّين من أهل بدر سبعون رجلاً. قال : كذب والله - والتكذيب في سير أعلام النبلاء لأبي شيبة(2) - لقد ذاكرت الحكم ذاك وذكرناه في بيته فما وجدنا شهد صفّين أحد من أهل بدر غير خزيمة بن ثابت»(3) ، ولا شكّ أنّ الكذّاب من كذَّبه.

وشهد عبد الرحمن النهروان معه عليه السلام أيضاً(4) ، كما شهد الجمل وصفّين(5) من قبل.

في عهد بني أمية :

روى البلاذري عن المدائني أنّ معاوية كتب إلى زياد : لقد «تلجلج في صدري شيء من أمر حجر فابعث لي رجلاً من أهل المصر له فضل ودين 6.

ص: 104


1- تاريخ ابن معين 1/238 ، وانظر أيضاً أسد الغابة 5/380 ، وتاريخ الإسلام 3/559.
2- سير أعلام النبلاء 7/221
3- العلل 1/287 برقم 462.
4- تاريخ بغداد 10/198 برقم 53348.
5- الرجال 72/27 ، أسد الغابة5/286.

وعلم ، فأشخص إليه عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وأوصاه أن لا يقبِّح له رأيه في أمر حجر ، وتوعّده بالقتل إن فعل ، قال ابن أبي ليلى : فلمّا دخلت عليه رحَّب بي وقال : اخلع ثياب سفرك والبس ثياب حضرك ، ففعلت وأتيته ، فقال : أما والله لوددت أنّي لم أقتل حجرًا ، وودت أنّي كنت حبسته وأصحابه أو فرَّقتهم في كور الشام فكفتنيهم الطَّواعين ، أو مننت بهم على عشائرهم. فقلت : وددت والله أنّك فعلت واحدة من هذه الخلال ، فوصلني ورجعت وما من شيء أبغض إلىَّ من لقاء زياد ، وأجمعت على الاستخفاء ، فلمَّا قدمت الكوفة صلّيت في بعض المساجد ، فلمّا انفتل الإمام إذا رجل يذكر موت زياد ، فما سررت بشيء سروري بموته»(1) يبدو أنّه في وفادته تلك أراد معاوية التشكيك بنسبه إذ سأله غير مرّة عنه وهو يذكره له حتّى قال له : إنّ نسبنا «قبس في وجوهنا تضيء عنده»(2) ، وتذهب رواية ذكرها ابن عساكر أيضاً إلى أنّ أباه من رقيق العرب(3). وأزعم أنّها من الفرى التي لحقت ببعض محبّي الإمام دفعها ابن الأثير بقوله : «وكان عبد الرحمن إذا دعي الفقهاء دعي معهم ، وإذا دعي الأشراف دعي معهم ، فهذا يدلّ على أنّه غير مولى ، لأنّ الموالي لم يكونوا أشرافاً»(4). 0.

ص: 105


1- أنساب الأشراف : 267.
2- تاريخ مدينة دمشق 36/78 برقم 3997.
3- تاريخ مدينة دمشق 36/81 برقم 3997.
4- أسد الغابة 2/130.

وبسبب من الدعاية الأموية التي أرادت الإساءة لأمير المؤمنين عليه السلام بعد رحيله كان عبد الرحمن مع الصفوة من أصحابه الذين حاولوا ردَّ كيد الكائدين إلى نحورهم ، وقد ذكر الطبري أنّ الأعمش حدّث عن عمرو بن مرَّة أنّه كان إذا سمعهم يذكرون عليّاً وما يحدِّثون عنه قال : «قد جالسنا عليّاً وصحبناه ، فلم نره يقول شيئاً ممّا يقول هؤلاء. أولا يكفي عليّاً أنّه ابن عمّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ، وختنه على ابنته ، وأبو حسن وحسين ، شهد بدرًا والحديبية»(1). وقال : «صحبت عليّاً في الحضر والسفر ، وأكثر ما يتحدّثون عنه باطل»(2).

ولم أقف له على خبر إبّان الأحداث التي عصفت بالكوفة بعد استشهاد أمير المؤمنين عليه السلام ، ولا يبعد عن الظنّ أنّه هُجِّر منها مع من هجِّر إلى خراسان أو إلى غيرها ، ولا يدرى متى عاد إلى الكوفة ، ولكنّه كان بها قبل ولاية الحجّاج على العراق سنة خمس وسبعين ، والظاهر أنّ الحجّاج لم يكن على بيّنة من ولائه ، فأراد أن يولّيه القضاء ؛ فقال له حوشب ، وكان على شرطته : «إذا كنت تريد أن تبعث علي بن أبي طالب على القضاء فافعل»(3). وقيل : إنّه استعمله ثمّ عزله(4). ولا شكّ في أنّه حين علم بولائه أراد الانتقام منه ، فقد 6.

ص: 106


1- الطبقات 6/113.
2- سير أعلام النبلاء 4/264 برقم 96.
3- الطبقات 6/112.
4- سير أعلام النبلاء 4/263 برقم 96.

روي عن الأعمش أنّه قال : «رأيت عبد الرحمن بن أبي ليلى وقد ضربه الحجّاج حتّى اسودَّ كتفاه ، ثمّ أقامه للناس على سبِّ علىّ والجلاوزة معه يقولون : سبّ الكذَّابين ، فجعل يقول : ألعن الكذّابين عليّ وابن الزبير والمختار ، قال ابن شهاب : يقول أصحاب العربية سمعك تعلم ما يقول : لقوله : علىُّ ، أي هو ابتداء الكلام». وعند ابن سعد أنّه قال : «لعن الله الكذّابين. ثم ابتدأ فقال : علىُّ بن أبي طالب وعبد الله بن الزبير والمختار بن أبي عبيد ، قال الأعمش : فعلمت حين ابتدأ فرفعهم لم يلعنهم ، وكان من أصحابه ومحبّيه»(1). والرواية عند الذهبي أكثر وضوحاً قال : «رأيت عبد الرحمن محلوقاً على المصطبة ، وهم يقولون له : العن الكذّابين ، وكان رجلاً ضخماً به ربو ، فقال : اللهمّ العن الكذّابين ، آه ، ثمّ يسكت ، عليّ وعبد الله بن الزبير والمختار»(2). وترد الرواية بصور متقاربة في غير مصدر كلّها تدور حول المعنى السابق.

وتذهب رواية عن ابنته أمّ بكّار نقلها ابن عساكر مقطوعة إلى أنّ عبد الملك بن مروان كتب إلى الحجّاج يأمره أن يحمل إليه عبد الرحمن وهو مقيّد ، قال : «فشخصت إليه فلمّا وقفت ببابه خرج أذنه للناس»(3). قال ابن 8.

ص: 107


1- الطبقات 6/112113 ، وانظر أيضاً سير أعلام النبلاء 4/ 264 برقم 96 ، ونقد الرجال 3/4041.
2- سير أعلام النبلاء 4/ 264 برقم 96 ، وانظر أيضاً رجال ابن داود : 128 برقم 945.
3- تاريخ مدينة دمشق 36/78 برقم 3998.

عساكر : «وانقطع ما في الحكاية من الكتاب» ، ولم أقف عليها عند غيره.

التحاقه بثورة ابن الأشعث :

ولا يدرى متى فارق الكوفة من بعد ، إذ لم أقف له على خبر أو دور لا في ثورة أبي عبد الله الحسين عليه السلام ، ولا في ثورة التوَّابين ولا في ثورة المختار. ولعلّه ممّن سيّر إلى خراسان أو غيرها بعد هلاك زياد. والظاهر أنّه كان بالبصرة يوم دخلها ابن الأشعث ، ويغلب على ظنّي أنّه التحق منها به ، فقد روي عنه قوله : «طفت في هذه الأمصار فما رأيت مصرًا أكثر مجتهدًا من أهل البصرة»(1) والظاهر أنّه جلس للإقراء بها ؛ وبسبب من جور الأموييّن عامّة والحجّاج خاصّة انضمّ عبد الرحمن إلى ثورة ابن الأشعث ، وكان في كتيبة القرّاء(2) ، كما انضمّ غيره من القرّاء إليها كصاحب أمير المؤمنين عليه السلام كميل بن زياد النخعي(3) ، وذكر الطبري أيضاً أنّ أبا الزبير الهمداني - وكان مع القرّاء - قال : «نادانا عبد الرحمن بن أبي ليلى الفقيه فقال : يا معشر القرّاء ، إنّ الفرار ليس لأحد من الناس بأقبح منه بكم ، إنّي سمعت عليّاً رفع الله درجته وأثابه أحسن ثواب الشهداء والصدّيقين يقول يوم لقينا أهل الشام : أيّها المؤمنون ، إنّه من رأى عدواناً يُعمل به ، ومنكرًا يُدعى إليه ، فأنكره بقلبه سلم وبرئ ، 1.

ص: 108


1- التاريخ الصغير 1/219
2- الكامل 4/472.
3- تاريخ الطبري 3/631.

ومن أنكر بلسانه فقد أجر ، وهو أفضل من صاحبه ، ومن أنكر بالسيف لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الظالمين السُّفلى ، فذلك الذي أصاب سبيل الهدى ، ونوّر في قلبه اليقين ، فقاتلوا هؤلاء المحلِّين المحدثين المبتدعين الذين قد جهلوا الحقّ فلا يعرفونه ، وعملوا بالعدوان فليس ينكرونه»(1). ونسب الخطاب لجبلة بن زحر قائد كتيبة القرّاء وجهّه لعبد الرحمن بن أبي ليلى في وقعة دير الجماجم(2). وقيل :كان استشهاده بوقعة مسكن ، وكانت في سنة ثلاث وثمانين(3). وقال الطبري : أجمعوا جميعاً على أنّه خرج مع من خرج على الحجّاج مع عبد الرحمن بن الأشعث ، وأنّه قتل بدجيل ، وإلى ذلك ذهب ابن خلّكان. وذكر ابن الأثير أنّ الحجّاج أمر عبد الملك بن المهلّب فحمل على أصحاب ابن الأشعث ، وحمل أصحاب الحجّاج من كلّ جانب ، فانهزم هو وأصحابه ، وقتل عبد الرحمن بن أبي ليلى الفقيه(4). وقيل : غرق في نهر البصرة ، وقيل : فقد بدير الجماجم سنة ثلاث وثمانين ، وقيل : سنة إحدى ، وقيل : سنة اثنتين وثمانين(5). قال ابن حبّان : غرق 6.

ص: 109


1- تاريخ الطبري 3/635 ، وانظر أيضاً المنتظم 6 / 244 ، تاريخ الإسلام 6/10 ، وتجارب الأمم 346 ، الكامل 4/478.
2- الكامل 4/478
3- الكامل 4/482
4- الكامل 4/483.
5- وفيات الأعيان : 126.

بدجيل يوم الجماجم سنة ثلاث وثمانين(1) وقال ابن حجر : فقد عبد الرحمن ابن أبي ليلى ليلة دجيل سنة إحدى وثمانين ، وقيل : سنة اثنتين وثمانين ، والصواب أنّها كانت سنة ثلاث وثمانين. وذكر الخطيب وابن عساكر جميع الروايات السابقة في تاريخ وفاته(2).

رحم الله عبد الرحمن ، وأثابه ثواب الصالحين ، فقد عاش عزيزًا ، ومضى حميدًا. 8.

ص: 110


1- مشاهير علماء الأمصار 164/758.
2- تاريخ بغداد 10/200 برقم 5348 ، وانظر أيضاً في وفاته تاريخ خليفة : 218 ، وتاريخ دمشق 29/152 برقم 3341 ، 36/82 برقم 3998.

المصادر

1 - أسد الغابة : لابن الأثير (ت 630 ه) ، طبعة انتشارات إسماعيليان ، طهران.

2 - الإصابة : لابن حجر العسقلاني (ت 852ه) ، تحقيق عادل عبد الموجود ، والشيخ علي محمّد معوّض ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1995م.

3 - الإفصاح عن أحوال رواة الصحاح : للشيخ محمّد حسن المظفّر (ت 1375ه) ، تحقيق مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، قم 1375ه.

4 - الوافي : للفيض الكاشاني (ت 1091ه) ، ، منشورات مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام العامة ، أصفهان.

5 - الأمالي : للشيخ الطوسي (ت 460ه) ، تحقيق قسم الدراسات الإسلامية ، دار الثقافة ، قم 1414ه.

6 - الأمالي : للشيخ الصدوق (ت381ه) ، تحقيق قسم الدراسات الإسلامية - مؤسّسة البعثة - قم 1471ه.

ص: 111

7 - الأمالي : للشيخ المفيد ، منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية ، قم المقدّسة 1403ه.

8 - إمتاع الأسماء : للمقريزي (ت845ه) ، تحقيق محمّد عبد الحميد النميسي ، منشورات محمّد علي بيضون ، 1999م.

9 - أنساب الأشراف : للبلاذري (ت 279 ه) ، تحقيق محمّد باقر المحمودي ، مؤسّسة الأعلمي ، بيروت 1974م.

10 - البحار : للمجلسي (ت 1111ه) ، مؤسّسة الوفاء ، بيروت 1983م.

11 - البداية والنهاية : لابن كثير (ت 774ه) ، مكتبة المعارف ، بيروت.

12 - تاريخ ابن معين : لابن معين الدارمي (ت233ه) ، تحقيق عبد الله أحمد حسن ، دار القلم ، بيروت.

13 - تاريخ الإسلام ، عهد الخلفاء الراشدين : للذهبي (ت 748ه) ، تحقيق الدكتور عمر عبد السلام تدمري ، دار الكاتب العربي ، بيروت1997م.

14 - تاريخ بغداد : للخطيب البغدادي (ت 463ه) ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1993م.

15 - تاريخ الخلفاء : للسيوطي (ت911ه) ، تحقيق لجنة من الأدباء ، دار التعاون ، مكّة المكرّمة.

16 - تاريخ خليفة : لخليفة بن خياط العصقري (ت 240ه) ، تحقيق د. سهيل زكار ، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ، بيروت 1993م.

ص: 112

17 - التاريخ الصغير : البخاري (ت256ه) ، تحقيق محمود إبراهيم زايد ، دار المعرفة ، بيروت 1986م.

18 - تاريخ الطبري : للطبري (ت 310 ه) ، دار الكتب العلمية ، ط 4 ،بيروت 2008م.

19 - التاريخ الكبير : للبخاري (ت 256ه) ، نسخة مصوّرة على قرص من إنتاج مكتبة أهل البيت عليهم السلام.

20 - تاريخ الكوفة : للسيد أحمد البراقي (ت 1332ه) ، تحقيق ماجد أحمد العطية ، المكتبة الحيدرية ، قم 1424ه.

21 - تاريخ مدينة دمشق : لابن عساكر (ت 571ه) ، تحقيق علي شيري ، دار الفكر ، بيروت 1995م.

22 - تذكرة الحفّاظ : للذهبي (ت748ه) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

23 - ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق : لابن عساكر ، تحقيق الشيخ محمد باقر المحمودي ، مؤسّسة المحمودي للطباعة والنشر ، ط2 ، بيروت 1978م.

24 - تهذيب الكمال : لابن الحجاج يوسف المزي (ت 742 ه) ، تحقيق د. بشار عواد ، ط4 ، مؤسّسة الرسالة.

25 - الثقات : لمحمّد بن حبّان التميمي البستي (ت 354ه) ، تحقيق د. محمّد عبد المعين خان ، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية ، الهند 1973م.

ص: 113

26 - الثوية بقيع الكوفة : أ ، د ، صلاح مهدي الفرطوسي كتاب ماثل للطبع من مطبوعات دار المؤرّخ العربي.

27 - جامع المقاصد : للمحقق الكركي (ت940ه) ، تحقيق مؤسّسة آل البيت عليهم السلام ، المطبعة المهدية ، قم 1408ه.

28 - الجرح والتعديل : لعبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي (ت 327ه) ، طبع بمطبعة دار المعارف العثمانية ، الهند 1952م.

29 - الجمل : للشيخ المفيد (ت 413ه) ، تحقيق السيّد علي مير شريفي ، ط2 ، نشر مكتب الإعلام المركزي ، قم 1416ه.

30 - جمهرة أنساب العرب : لابن حزم (ت 456ه) ، راجعه عبد المنعم خليل إبراهيم ، ط5 ، دار الكتب العلمية ، بيروت 2009م.

31 - الخلاف : للشيخ الطوسي (ت 460ه) ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم 1407ه.

32 - خلاصة الأقوال في معرفة الرجال : للعلاّمة الحلي (ت726ه) ، طبعة مؤسّسة النشر الإسلامي 1417ه.

33 - خلاصة الإيجاز : للشيخ المفيد (ت413ه) ، تحقيق علي أكبر زماني نزاد ، نسخة مصوّرة على قرص أصدرته مكتبة أهل البيت عليهم السلام سنة 1426ه.

34 - الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة : للسيّد علي خان المدني (ت1120ه) ، تقديم محمّد صادق بحر العلوم ، ط2 ، مكتبة بصيرتي ، قم 1397ه.

ص: 114

35 - ذكر أخبار أصفهان : للحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني ، مطبعة برل ، لايدن 1934م.

36 - ربيع الأبرار : الزمخشري (ت538ه) ، تحقيق عبد الأمير مهنا ، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات ، بيروت 1992م.

37 - رجال ابن داود : للحسن بن علي بن داود الحلي (ت707ه) ، تحقيق محمّد صادق آل بحر العلوم ، المطبعة الحيدرية ، النجف الأشرف 1972م

38 - رجال الطوسي : للشيخ الطوسي (ت460ه) ، تحقيق جواد القيّومي الأصفهاني ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم المقدّسة ، 1425ه.

39 - رجال من بقيع ثوية الكوفة : أ. د. صلاح مهدي الفرطوسي ، نشر أمانة مسجد الكوفة ، بيروت 2012م.

40 - سنن ابن ماجة : لابن ماجة (ت275ه) ، نسخة مصوّرة على قرص أصدرته مكتبة أهل البيت عليهم السلام سنة 1426ه.

41 - سير أعلام النبلاء : للذهبي (ت 748ه) ، ط9 ، مؤسّسة الرسالة بيروت 1993م.

42 - السيرة النبوية : لابن كثير (ت747ه) ، دار المعرفة للطباعة والنشر ، بيروت 1971م.

43 - صحيح البخاري : دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ، بيروت 1981م.

44 - الطبقات الكبرى : لابن سعد (ت230ه) ، تقديم إحسان عباس ، دار صادر ، بيروت 1997م.

ص: 115

45 - العلل ومعرفة الرجال : لأحمد بن حنبل (ت241ه) ، تحقيق د. وصية الله بن محمّد عبّاس ، المكتب الإسلامي ، بيروت 1988م.

46 - الغارات : لإبراهيم بن محمّد الثقفي الكوفي (ت283ه) تحقيق جلال الدين أرموي ، نسخة مصوّرة على قرص أصدرته مكتبة أهل البيت عليهم السلام سنة 1426ه.

47 - الفتن : لنعيم بن حمّاد المروزي (ت288ه) ، تحقيق سهيل زكار ، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ، بيروت 1993م.

48 - فضائل أمير المؤمنين : لابن عقدة الكوفي (ت333ه) ، جمع وترتيب عبد الرزّاق حسين فيض الدين ، نسخة مصوّرة على قرص أصدرته مكتبة أهل البيت عليهم السلام سنة 1426ه.

49 - الكافي : للكليني (ت329ه) ، تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري ، ط3 ، دار الكتب الإسلامية ، طهران 1388ه.

50 - كتاب سليم بن قيس : لسليم بن قيس الهلالي (ت76ه) ، تحقيق محمّد باقر الأنصاري ، نسخة مصوّرة على قرص أصدرته مكتبة أهل البيت عليهم السلام سنة 1426ه.

51 - كمال الدين وتمام النعمة : للشيخ الصدوق (ت381ه) ، تصحيح علي أكبر الغفاري ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم 1405ه.

52 - لسان الميزان : لابن حجر العسقلاني (ت852ه) ، منشورات مؤسّسة الأعلمي ، بيروت 1971م.

53 - المحاضرات والمحاورات : لجلال الدين السيوطي (ت911ه) ، تحقيق د. يحيى الجبوري ، دار الغرب الأندلسي ، بيروت 2003م.

ص: 116

54 - مروج الذهب : للمسعودي (ت346ه) ، تحقيق محي الدين عبد الحميد ، المكتبة الإسلامية ، بيروت.

55 - المستدرك : للحاكم النيسابوري (ت405) ، إشراف د. عبد الرحمن المرعشي ، دار المعرفة بيروت.

56 - مسند أحمد : لأحمد بن حنبل ، دار صادر ، بيروت.

57 - مسند الإمام علي عليه السلام : للسيّد حسن القبانجي ، تحقيق الشيخ طاهر السلامي ، منشورات مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات ، بيروت 2000م.

58 - مشاهير علماء الأمصار : لمحمّد بن حبّان (ت354ه) ، تحقيق مرزوق علي إبراهيم ، دار الوفاء للطباعة والنشر ، المنصورة 1991م.

59 - معجم رجال الحديث : للسيّد الخوئي ، ط5 ، 1992م.

60 - معرفة الثقات : للعجلي (ت261ه) ، نشر مكتبة الدار بالمدينة 1985م.

61 - المنتظم في تاريخ الملوك والأمم : لابن الجوزي (ت567ه) ، دار صادر ، بيروت 1358ه.

62 - مناقب آل أبي طالب : لابن شهرآشوب (ت588ه) ، مطبعة الحيدرية ، النجف الأشرف 1956م.

63 - ميزان الاعتدال : للذهبي (ت748ه) ، تحقيق علي محمّد البجاوي ، دار المعرفة للطباعة والنشر ، بيروت.

64 - المؤتلف من المختلف بين أئمة السلف : للفضل بن الحسن الطبرسي (ت548ه) ، مراجعة السيّد مهدي الرجائي ، مجمع البحوث الإسلامية ، مطبعة سيّد الشهداء عليه السلام ، قم 1410ه.

ص: 117

65 - نقد الرجال : للسيّد مصطفى الحسيني التفرشي (من أعلام القرن الحادي عشر) ، تحقيق ونشر مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، مطبعة ستارة ، قم 1418ه.

66 - وضوء النبي(صلى الله عليه وآله) : للسيّد علي الشهرستاني ، بيروت 1994م.

67 - وفيات الأعيان : لابن خلّكان (ت681ه) تحقيق إحسان عباس ، ط4 ، دار صادر ، بيروت 2005م.

68 - وما أدراك ما علي : د. صلاح مهدي الفرطوسي ، دار المؤرّخ العربي ، بيروت 2008م.

69 - ينابيع المودّة : القندوزي الحنفي (ت1294ه) ، تحقيق سيّد علي جمال الحسيني ، دار الأسوة للطباع والنشر 1416ه.

ص: 118

الذكر المحفوظ قراءة جديدة في تاريخ جمع القرآن وما روي في تحريفه (5)

السيّد عليّ الشهرستاني

بعد أن انتهينا من بيان ثلاثة مراحل من المراحل الأربعة في تاريخ جمع القرآن : 1 - التنزيل ، 2 - الترتيب ، 3 - الجمع والتأليف ، ناقلين الأقوال الأربعة في هذا الأخير حيث قمنا بدراسة الأقوال الثلاثة فيه ، ووقفنا عند المرحلة الثالثة منه وهو : الجمع على عهد الشيخين حيث تناولنا الجمع في عهد الخليفة الأوّل ونستأنف البحث هنا :

ب - جمع عمر بن الخطّاب :

هناك نصوص استُدلَّ بها على جمع القرآن في عهد عمر بن الخطّاب فإنّها وإن كانت تقرّب من جهة لكنّها تبعّد من جهة أخرى ، وإليك تلك الأخبار :

ص: 119

1 - في كنز العمّال : «حدّثنا إسماعيل بن عيّاش عن عمر بن محمّد ابن زيد عن أبيه : إنّ الأنصار جاؤوا إلى عمر بن الخطّاب ، فقالوا : يا أمير المؤمنين نجمع القرآن في مصحف واحد؟ فقال : إنّكم أقوامٌ في ألسنتكم لحنٌ وأنا أكره أن تحدثوا في القرآن لحناً وأَبى عليهم»(1).

2 - ابن أبي داود : «عن يحيى بن عبدالرحمن بن حاطب قال : أراد عمرُ بن الخطّاب أن يجمع القرآن ، فقام في الناس ، فقال : من كان تلقَّى من رسول الله(صلى الله عليه وآله) شيئاً من القرآن فليأتنا به ، وكانوا كتبوا ذلك في الصحف والألواح والعُسبِ ، وكان لا يقبلُ من أحد شيئاً حتّى يَشهدَ شهيدان ، فقُتلَ وهو يجمعُ ذلك إليه.

فقام عثمانُ فقال : من كان عنده من كتابِ الله شيءٌ ، فليأتنا به ، وكان لا يقبل من ذلك شيئاً حتّى يشهدَ عليه شهيدان ، فجاء خُزيمة بن ثابت ، فقال : إنّي قد رأيتكم تركتم آيتين لم تكتبوهما ، قالوا : وما هما؟ قال : تلقّيتُ من رسول الله(صلى الله عليه وآله) : (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ ...) إلى آخر السورةِ.

قال عثمان : فأنا أشهد أنّهما من عند الله فأين ترى أن نجعلهما؟ قال : ).

ص: 120


1- كنز العمّال 2/245 / ح 4768 ، تاريخ المدينة 1 / 374 / ح 1166 ، وفيه : فأبى عليهم ، وفي صحيح البخاري 4 / 1913 / ح 7419 ، عن ابن عبّاس قال : قال عمر : أقرؤنا أُبيّ وإنّا لندع من لحن أبيّ وأبيّ يقول : أخذته من في رسول الله(صلى الله عليه وآله).

اختم بهما آخرَ ما نزل من القرآن ، فختم بها براءَة»(1).

وفي نصٍّ آخر لابن أبي داود : «أتى الحارث بن خزيمة بهاتين الآيتين من آخر سورة براءة إلى عمر فقال : من معك على هذا؟ قال : لا أدري والله ، إلاّ أنّي سمعتها من رسول الله(صلى الله عليه وآله) ووعيتها وحفظتها.

فقال عمر : وأنا أشهد لسمعتها من رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، ثمّ قال : لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حده ، فانظروا سورة من القرآن فألحقوها فيها ، فألحقتها في آخر براءة»(2).

3 - ابن أبي داود في المصاحف : «عن الحسن أنّ عمرَ بن الخطّاب سألَ عن آية من كتاب الله ، فقيل : كانت مع فلانِ فقتلَ يوم اليمامة ، فقال : إِنّا لله ، وأمر بالقرآن فجمع ، فكان أوّلَ من جمعه في المصحف»(3).

4 - ابن الأنباري في المصاحف : «عن أبي إسحاق عن بعض أصحابه قال : لمّا جمع عمر بن الخطّاب المصحف سأل من أعربُ الناس؟ قيل : سعيد بن العاص ، فقال : من أكتبُ الناسِ؟ فقيل : زيدُ بن ثابت ، قال : فليُملّ سعيدٌ وليكتب زيدٌ ، فكتبوا مصاحفَ أربعةً ، فأنفذَ مصحفاً منها إلى الكوفة ومصحفاً إلى البصرة ومصحفاً إلى الشام ومصحفاً إلى الحجاز»(4). ي.

ص: 121


1- المصاحف 1 / 171 / ح 33 ، 1 / 224 / ح 98.
2- المصاحف 1 / 22 / ح 96.
3- المصاحف 1 / 170 / ح 32.
4- كنز العمّال 2 / 245 / ح 4767 ، عن ابن الأنباري.

5 - ابن أبي داود : «عن عبدالله بن فضالةَ ، قال : لمّا أراد عمر أن يكتب الإمام أقعد له نفراً من أصحابه ، وقال : إذا اختلفتم في اللغة فاكتبُوها بلُغة مُضرَ فإنّ القرآن نزل على رجل من مضر (1) ، وفي آخر : لا يملينّ في مصاحفنا إلاّ غلمان قريش وثقيف»(2).

6 - ابن سعد في الطبقات : «عن محمّد بن كعب القُرَظِيِّ ، قال : جمع القرآن في زمانِ النبيّ(صلى الله عليه وآله) خمسةٌ من الأنصارِ : معاذ بن جبل ، وعبادةُ بن الصامت ، وأُبيّ بن كعب ، وأبو أيّوب ، وأبو الدرداء ، فلمّا كان زمانُ عمر بن الخطّاب كتبَ إليه يزيد بن أبي سفيان ، إنّ أهل الشام قد كثروا وربلوا(3) وملؤوا المدائن ، واحتاجوا إلى من يعلّمهم القرآن ، ويفقّههم ، فأعنّي يا أمير المؤمنين برجال يعلّمونهم.

فدعا عمرُ أُولئك الخمسة ، فقال لهم : إنّ إخوانكم من أهل الشام قد استعانوني بمن يعلّمُهم القرآن ويفقّههم في الدين ، فأعينوني رحمكم اللهُ بثلاثة منكم ، إن أجبتم فاستهمّوا وإن انتدب ثلاثة منكم فليخرجوا.

فقالوا : ما كنّا لنتساهم ، هذا شيخٌ كبيرٌ لأبي أيّوب ، وأمّا هذا فسقيمٌ لأبيّ بن كعب ، فخرج معاذ وعبادة وأبو الدرداء.

فقال عمر : ابدؤا بحمص ، فإنّكم ستجدون الناس على وجوه مختلفة ، م.

ص: 122


1- المصاحف 1 / 172 / ح 34.
2- المصاحف 1 / 173 / ح 35و 36 و 37.
3- ربلوا : أي كثروا أو كثرتْ أموالهم وأولادهم.

منهم من يلقّن ، فإذا رأيتم ذلك فوجّهوا إليه طائفةً من الناس فإذا رضيتم منهم فليقُم بها واحدٌ ، وليخرج واحدٌ إلى دمشق ، والآخرُ إلى فلسطين.

فقدموا حمص ، فكانوا بها حتّى إذا رضُوا من الناس أقامَ بها عبادةُ ، ورجع أبو الدرداء إلى دمشق ، ومعاذٌ إلى فلسطين ، وأمّا معاذٌ فماتَ عام طاعون عمواس ، وأمّا عبادة فصار بعدُ إلى فلسطين فماتَ بها ، وأمّا أبو الدرداء فلم يزل بدمشق حتّى ماتَ»(1).

7 - ابن سعد : «عن خزيمة بن ثابت قال : جئتُ بهذه الآية : (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) إلى عمر بن الخطّاب وإلى زيد بن ثابت ، فقال زيدٌ من يشهد معك؟ قلتُ لا والله ما أدري ، فقال عمرُ : أنا أشهد معه على ذلك»(2).

8 - «عن يحيى بن جعدةَ ، قال : كان عمرُ لا يقبلُ آية من كتاب الله حتّى يَشْهَدَ عليها شاهدانِ ، فجاء رجلٌ من الأنصار بآيتين ، فقال عمرُ : لا أسألك عليها شاهداً غيرك (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) إلى آخر السورة»(3).

9 - «عن ابن عبّاس ، قال : قال عمر بن الخطّاب وهو يخطب على المنبر : إنّ الله تبارك وتعالى بعث محمّداً(صلى الله عليه وآله) بالحقّ ، وأنزل معه الكتاب ، 5.

ص: 123


1- طبقات ابن سعد 2 / 357.
2- كنز العمّال 2 / 244 / ح 4764 ، عن ابن سعد.
3- كنز العمّال 2 / 244 / ح 4766 ، تاريخ دمشق 16 / 365.

فكان فيما أنزل عليه آية الرّجم ، فرجم رسول الله(صلى الله عليه وآله) ورجمنا بعده ، وإنّي أخاف والله أن يطول بالنّاس زمان فيقول قائل : ما نجد الرّجم في كتاب الله تعالى ، فيضلّوا بترك فريضة أنزلها الله ، ألا وإنّ الرّجم حقّ على من زنى إذا أُحصن وقامت البيّنة ، أو كان الحمل والاعتراف. ثمّ قد كنّا نقرأ (لا ترغبُوا عن آبائكم فإنّه كفرٌ بكم) ، أو (أنّ كفراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم)»(1).

10 - ابن سعد : «عن محمّد بن سيرين قال : قتل عمرُ ولم يُجمع القرآن»(2).

و «عن سوار بن شبيب قال : دخلت على بن الزبير في نفر فسألته عن عثمان ، لِمَ شقّق المصاحف ، ولِمَ حمى الحمى؟

فقال : قوموا فإنّكم حرورية.

قلنا : لا والله ما نحن حرورية.

قال : قام إلى أمير المؤمنين عمر رجل فيه كذب وولع ، فقال : يا أمير المؤمنين إنّ الناس قد اختلفوا في القراءة ، فكان عمر قد همَّ أن يجمع المصاحف فيجعلها على قراءة واحدة ، فطعن طعنته التي مات فيها ، فلمّا كان في خلافة عثمان قام ذلك الرجل فذكر له ، فجمع عثمان المصاحف ، ثمّ بعثني إلى عائشة عنها فجئت بالصحف التي كتب فيها رسول الله القرآن ،4.

ص: 124


1- انظر تاريخ الطبريّ 1 / 1821.
2- طبقات ابن سعد 3 / 294.

فعرضناها عليها حتّى قوّمناها ، ثمّ أمر بسائرها فشقّقت»(1).

المناقشة :

هذه بعض النصوص التي جاء فيها اسم عمر بن الخطّاب.

فترى في النصّ الأوّل منها أنّ الأنصار اقترحوا على عمر بجمع القرآن ، وعمر كره ذلك لهم ، بدعوى أنّ في ألسنتهم لحناً ، مع أنّ أُبيّ بن كعب - سيّد القراء - هو كبيرهم وعَليُّهم وعليمهم ، وإنّ زيد بن ثابت - جامع القرآن في عهد الثلاثة - منهم ، بل في خبر الطبقات الآنف تعريض بأُبيّ بن كعب(2) رغم جلالته.

وقد يمكن أن ترجع علّة عدم ارتضائه بجمع الأنصار للقرآن ليس هو وجود اللحن في ألسنتهم ، بل إلى اعتقاده بأنّ قريشاً فوق الجميع ؛ لأنّهم من سلالة نبيّ الله إسماعيل وإبراهيم بناة الكعبة ، والذين شرّفوا بسدنة البيت الحرام ، وإطعام ضيوف الرحمان وإروائهم.

وأنّ الله مدح الأنصار لكونهم تابعين للمهاجرين لا قرناء لهم ، وقد جاء هذا المعنى صريحاً على لسان عمر في قوله : «لقد كنت أرى - لمّا نزلت الآية !!

ص: 125


1- تاريخ المدينة لعمر بن شبة 3 / 990.
2- لأنّ قولهم «سقيم» في الخبر ليس معناه عليل ومريض ، بل قد يريدون به القول بما قاله عمر في أُبي بن كعب بأنّه أقرء للمنسوخ؟!!

97 - 100 من سورة التوبة - أنّا رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا»(1).

واشتهر عن عمر بن الخطّاب أنّه كان يقرأ الآية القرآنية : (السَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَان) كان يقرأها : (السابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار الذين اتّبعوهم بإحسان) فيرفع كلمة الأنصار ويحذف الواو بعدها ، فتكون جملة (الذين اتّبعوهم) هي صفة للأنصار ، ومعناه : إن الله قد رضي عن المهاجرين وعن أتباعهم الأنصار.

وهذا الفهم وهذه القراءة كان لا يقبلها سيّد القرّاء أُبيّ ، بل يرى الفضل لهم كما هو للمهاجرين أيضاً ، فجاء في المستدرك للحاكم «عن أبي سلمة ومحمّد بن إبراهيم التيمي قالا :

مرّ عمر بن الخطّاب برجل وهو يقول للمهاجرين (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَان رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) ... إلى آخر الآية.

فوقف عليه عمر فقال : انصرف ، فلمّا انصرف ، قال له عمر : من أقرأك هذه الآية؟ قال أقرأنيها أُبيّ بن كعب.

فقال : انطلقوا بنا إليه ، فانطلقوا إليه ، فإذا هو متّكئ على وسادة يرجّل رأسه ، فسلّم عليه ، فردّ السلام ، فقال : يا أبا المنذر ، قال : لبّيك ، قال : أخبرني هذا أنّك أقرأته هذه الآية؟ 8.

ص: 126


1- انظر تفسير الطبري 11 / 8 ، الدر المنثور 4 / 268.

قال : صدق ، تلقّيتها من رسول الله.

قال عمر : أنت تلقّيتها من رسول الله؟!

قال : نعم أنا تلقّيتها من رسول الله ، ثلاث مرّات كلّ ذلك يقوله ، وفي الثالثة وهو غَضْبان!! نعم والله لقد أنزلها الله على جبرئيل وأنزلها جبرئيل على قلب محمّد(صلى الله عليه وآله) ولم يستأمر فيها الخطّاب ولا ابنه ، فخرج عمر وهو رافع يديه وهو يقول : الله أكبر ، الله أكبر»(1).

ولا يستبعد أن يكون ابن الخطّاب ذهب إلى هذا الرأي - مضافاً إلى ما قلناه من اعتقاده ترجيح قريش على غيرهم - وذلك لموقف الأنصار من المهاجرين في حياة النبيّ ، وموقفهم من الشيخين في السقيفة وقولهم : منّا أمير ومنكم أمير ، وكذا حبّهم لأهل البيت.

فعمر بن الخطّاب بقراءته الآية (محذوفة الواو) قد تَجَرّأ على كلام ربّ الأرباب ، وحذف شيّئاً منه وأنّه قد قرأها بعد وفاة رسول الله ، ولا يمكن للآخرين أن يبرّروا لعمر بن الخطّاب بأنّه كان لا يعرف قراءة الآية ، لأنّهم قد قالوا عنه بأنّه عرف روح التشريع ، وقد وافقه الوحي على كثير من المسائل دون النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، فكيف لا يعرف قراءة الآية المقرءوة على عهد رسول الله بل لماذا لا يوافقه الوحي هنا ، إنّه كتاب الله الذي صانه الله من التحريف في قوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) هذا من جهة. 6.

ص: 127


1- كنز العمّال 2 / 256 / ح 4858 ، تاريخ المدينة 1 / 362 / ح 1116.

ومن جهة أخرى أنّ النصّ الأوّل يؤكّد بأنّ ما أُشيع عن زيد بن ثابت وأنّه جمع القرآن على عهد أبي بكر هو غير صحيح أيضاً ؛ لأنّه لو كان قد جمع القرآن على عهد أبي بكر لما اقترح الأنصار على عمر بجمع القرآن ثانية ، ولما اتّهمهم عمر باللّحن ؛ لأنّ القرآن كان قد جمع بيد أنصاريٍّ منهم ، وفي زمن سابق على زمن عمر.

أمّا النصّ الثاني فهو يخالف ما جاء عن أبي العالية من أنّ الجمع كان في خلافة أبي بكر ، إذ الرجال كانوا يكتبون ويملي عليهم أُبيّ بن كعب ، فلمّا انتهوا إلى هذه الآية (ثُمَّ انصَرَفُوا صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَيَفْقَهُونَ)(1) ظنّوا أنّ هذا آخر ما أُنزل من القرآن ، فقال لهم أبيّ : إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قد أقرأني بعدهنّ آيتين (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لاَإِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) قال : فهذا آخر ما أُنزل من القرآن ، فختم الأمر بما فتح به ، لقول الله جَلّ ثناؤه : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُول إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ)(2).

فهذا النصّ يؤكّد بأنّ الوقوف على الآية : (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) كان في زمن أبي بكر لا في عهد عمر. 4.

ص: 128


1- التوبة : 127.
2- الأنبياء : 25. والخبر في مسند أحمد 5 : 134.

ويؤيّده خبر زيد المروي في المصاحف(1) : «فلم يزل أبوبكر يراجعني ... فجمعت القرآن ، أجمعه من الأكتاف والأقتاب والعسب وصدور الرجال حتّى وجدت آخر سورة التوبة مع خزيمة بن ثابت الأنصاري لما أجدها مع أحد غيره» ، والذي مرّ قبل قليل.

إذن أُبيّ وخزيمة رويا وجود هذه الآية في القرآن على عهد أبي بكر ، وقد كتبها زيد بن ثابت آنذاك فلا يصحّ بعد هذا ما تناقلته بعض الأخبار بأنّه وقف عليها في زمن عثمان.

كما في النصّ الثاني - حسب نقل السجستاني في المصاحف - تأكيد حذيفة وعثمان على عدم توقيفية أماكن السور والآيات ، وأنّها كانت توضع برأي الصحابة ، لقول عثمان : «اين ترى أن نجعلهما ، فقال خزيمة : اختم بهما آخر ما نزل من القرآن فختم بها براءة» :

لا أدري أيصحّ ما ادّعي لعمر وعثمان بأنّهما كانا يعتمدان على شاهدين في جمع القرآن ، أو ما قاله القرطبي في ردّ «الرافضة»!! حسب زعمه :

«بأنّ خزيمة لمّا جاء بهما تذكّرهما كثير من الصحابة ، وقد كان زيد يعرفهما ولذلك قال : فقدت آيتين من آخر سورة التوبة ، ولو لم يعرفهما لم يدر هل فقد شيئاً أو لا؟ فالآية إنّما ثبتت بالإجماع لا بخزيمة وحده».

فنقول للقرطبي : بأنّ القرآن كلّه ثابت بالإجماع والتواتر ولا يحتاج إلى 8.

ص: 129


1- المصاحف 1 : 166 / ح 28.

هكذا تأويلات ؛ لأنّ الناس كانوا يقرؤونه آناء الليل وأطراف النهار ، وكانوا يعرفونه ويميّزونه عن كلام شعراء العرب وأدبائهم.

فلو كان كذلك فما الداعي لاعتماد شاهدين في أَخذ الآيات ، وهو المتواتر بين المسلمين والمتلوّ في صلواتهم؟!

فلو صحّحنا شهادة خزيمة لاقترانه بشهادة عمر أيضاً ، أو لشهادة النبيّ له بأنّ شهادته تعدل شهادتين.

فكيف نصحّح موضوع الشاهدين في الدعاوي ؛ لأنّ المعلوم بأنّ الشاهدين يجب أن يكونا شخصين آخرين من غير المدّعي ، حين نرى المدعي هنا هو أحد الشهود.

فأمّا أن يأتي خزيمة بشاهدين آخرين ، أو نقول ببطلان دعواه ؛ لعدم إكمال الشهود ، موضّحين بأنّ قول رسول الله(صلى الله عليه وآله) عن خزيمة وإجازة شهادته بشاهدين لا يعني كونه قائماً مقام اثنين في الشهادة بل أنّه قالها رفعة لخزيمة وتشريفاً له لا لشيء آخر.

ومعناه أنّه عدل مؤتمن يحقّ له أن يشهد لآخرين ، في حين أنّه هنا مدّع يجب أن يشهد على قوله آخرون ، فلا يقبل دعواه بدون البيّنة والشهود ، هذا من جهة.

ومن جهة أخرى : أنّ زيداً لم يكن محتاجاً إلى شاهد للأخذ بالآية من خزيمة ؛ لأنّ الآية كانت معروفة وموجودة عنده ثمّ فقدها ، فكون المفقود موجوداً عند خزيمة لا حاجة فيه إلى الإشهاد.

ص: 130

ولا يستبعد أن يكون عمر أراد بعمليّته هذه أن يجمع ما ضاع من القرآن(1) - حسب رأيه ، والعياذ بالله - بأقلّ إثبات شرعيٍّ ، وهو شاهدان عاديّان!

ولعلّ تأخّر عمر من إعلان مصحفه أنّه هو المصحف الإمام كان لهذا السبب ، فلو صحّ ما احتملناه فسيدخل في القرآن أمثال سورتي الحفد والخلع ، والآيات المدّعاة من قبل الخليفة(2) أنّها من القرآن.

ويضاف إلى ذلك : أنّ في - نصّ السجستاني الأوّل - قيام عمر خطيباً في الناس وكذا قيام عثمان ، وهذا يوهم القارىء فلا يدري هل صدور النصّ كان في خلافة عمر أم في خلافة عثمان؟ المهمّ هو عدم وجود شيء في كلامهما ينبىء أنّ أبا بكر قد سبقهما إلى هذا العمل ، وبذلك يكون مصحف عمر هو المصحف الإمام لا مصحف أبي بكر ولا مصحف عثمان المشهوران.

وقد جاء هذا المعنى صريحاً فيما رواه السجستاني في المصاحف «عن عبدالله بن فضالة أنّه قال : لمّا أراد عمر أن يكتب الإمام أقعد له نفراً من أصحابه ...»(3) ، والذي جاء في الرقم (5).

وفي كنز العمّال «عن ابن الأنباري في المصاحف : لمّا جمع عمر بن الخطّاب المصحف ... فكتبوا مصاحف أربعة ، فأنفذ مصحفاً منها إلى الكوفة 4.

ص: 131


1- إشارة إلى قول عمر : ضاع من القرآن كثير.
2- كرجم الشيخ والشيخة.
3- المصاحف للسجستاني 1 / 173 ح 34.

ومصحفاً إلى البصرة ، ومصحفاً إلى الشام ، ومصحفاً إلى الحجاز»(1).

فلا أدري هل أنّ إرسال المصاحف إلى الأمصار كان من فعل عمر أم من فعل عثمان ، أم من فعل كليهما؟

والأهمّ من كلّ ذلك قول عمر عن الآيتين اللّتين كانتا عند خزيمة أو ابن خزيمة : «لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حده ...» فهي تدلّ على عدم توقيفية السور والآيات وهذا لا يقبله البعض من الأعلام.

وبعد هذا يبقى السؤال يتراوح في مكانه ، هل أنّ ترتيب السور والآيات كانت بأمر النبيِّ أم بأمر الصحابة؟

أمّا النصّ الثالث فبعد ما قيل عن وجود الانقطاع في إسناده لعدم درك الحسن البصري عمر بن الخطّاب ، فالنصّ يشير بوضوح إلى عدم جمع القرآن على عهد أبي بكر ، لأنّه لو كان مجموعاً على عهده لما أمر عمر بن الخطّاب بجمع القرآن ، لأنَّ الخبر صريح بأنّ عمر «سأل عن آية من كتاب الله ، فقيل : كانت مع فلان وقتل في يوم اليمامة ، فقال : إنّا لله ، وأمر بالقرآن فجمع ، فكان اُوّل من جمعه في المصحف»(2) ، وهذا الخبر يخالف ما جاء في البخاري والترمذي عن زيد بن ثابت من أنّ القرآن كان قد جمع على عهد أبي بكر وباقتراح من عمر. فأيّ الخبرين يؤخذ به وأيّهما يترك؟

قد يجاب : بأنّ عمر بن الخطّاب سأل عن تلك الآية أيّام أبي بكر ، 2.

ص: 132


1- كنز العمال 2 / 245 ح 4767 عن ابن الانباري في المصاحف.
2- المصاحف 1 / 170 ح 32.

فيكون النصّ مرتبط بأيّام أبي بكر لا بعهد عمر بن الخطّاب ، لكن السؤال يبقى قائماً وهو : ما يعني قول الراوي «فكان أوّل من جمعه في المصحف» والذي جاء في ذيل الخبر؟

أمّا النصّ الرابع فهو يؤكّد بأنّ إِرسال المصاحف إلى الأمصار كان بأمر عمر بن الخطّاب خلافاً للمشهور عند أهل السنّة والجماعة بأنّه كان بأمر عثمان بن عفّان.

كما فيه أنّ عمر سأل عن أعرب الناس وأكتب الناس ، لا أنّ السائل عن هذين الأمرين هو عثمان بن عفّان كما هو المشهور.

وعلينا أن نضيف هنا تساؤلا آخر وهو : هل أنّ سؤالَي عمر عن أعرب الناس وأكتب الناس كان حين الجمع أم من بعده؟ وبمعنى آخر : هل عمر بن الخطّاب كان يريد سعيد بن العاص وزيد بن ثابت لاستنساخ ما كتبه ، أم كان يريدهما في أصل عملية الجمع؟

أمّا النصّ الخامس ففيه أنّ عمر بن الخطّاب : «لمّا أراد أن يكتب الإمام أقعد له نفراً من أصحابه ، وقال : إذا اختلفتم فاكتبوها بلغة مضر».

وهذا يفهم بأنّه كان يريد توحيد القرآن على حرف واحد و «يكتب الإمام» للمسلمين ، وذلك لنزول القرآن على رجل من مضر ، ومعناه : عدم قبول عمر غير لغة قريش مثل : لغة هذيل ، وهوازن و ... في تدوين القرآن ، فقد جاء عن عمر أنّه أنكر على ابن مسعود قراءته (عتّى حين) أي حتّى حين ، وكتب إليه : أنّ القرآن لم ينزل بلغة هذيل فأقرىء الناس بلغة قريش

ص: 133

ولا تقرءهم بلغة هذيل(1).

فسؤالي هو : كيف يجتمع هذا القول مع المرويّ عن عمر عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) : «إنّ هذا القرآن أُنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسّر منه»(2) أو قوله(صلى الله عليه وآله) : «يا عمر إنّ القرآن كلّه صواب ما لم تجعل رحمة عذاباً أو عذاباً رحمة»(3) ، هذا من جهة.

ومن جهة أخرى فقد مرّ عليك بأنّ عمر لم يرتض للأنصار أن يجمعوا القرآن ، بدعوى وجود اللحن في ألسنتهم ، فكيف نرى الخلفاء الثلاثة يكلون جمع القرآن إلى زيد بن ثابت الأنصاري ، مع وجود اللّحن في لسان الأنصار.

بل كيف تتطابق تلك الأخبار مع إرسال عمر ثلاثة من الأنصار إلى حمص ودمشق وفلسطين لتعليمهم القرآن ، كما في الرقم (6).

وقد علّق ابن حجر في فتح الباري على الرواية الآنفة بقوله : «وليس في الذين سميّناهم أحد من ثقيف بل كلّهم إمّا قريشيّ أو أنصاريّ»(4).

قال ابن قتيبة في كتاب المشكل ما نصّه : «فكان من تيسير الله تعالى أنّ أمر نبيّه أن يُقرىء كلّ أُمّة [لعلّه يريد بالأمّة القبيلة] بلغتهم وما جرت به عادتهم. 9.

ص: 134


1- البيان في تفسير القرآن : 185.
2- صحيح البخاري كتاب فضل القرآن :
3- جامع البيان 1 / 10.
4- فتح الباري 9 / 19.

فالهذلي يقرأ (عتّى حين) يريد (حتّى حين) لأنّه هكذا يلفظ بها ويستعملها (أي بقلب الحاء عيناً في النطق).

والأسدي يقرأ (يِعْلَمُون ، ونِعْلَمُ ، وتِسْوَدُّ وجوه ، أَلمْ إعْهَدْ إليكم) بكسر حروف المضارعة في ذلك كلِّه.

والتميميّ يهمز ، والقرشيّ لا يهمز ، والآخر يقرأ : (قيل لَهُمْ) ، (وَغِيض الماءُ) بإشمام الضمِّ مع الكسر و (هذه بضاعتنا ردَّت إلينا) باشمام الكسر مع الضمِّ و (ما لك لا تأمنّا) بإشمام الضمِّ مع الإدغام»(1).

هذا وقد بيّن الزرقاني في مناهل العرفان : «... الحكمة في نزول القرآن على الأحرف السبعة هو التيسير على الأمّة الإسلاميّة كلّها ، خصوصاً الأمَّةَ العربية التي شوفهت بالقرآن ، فإنّها كانت قبائل كثيرة ، وكان بينها اختلافٌ في اللهجات ونبرات الأصوات وطريقة الأداء وشهرة بعض الألفاظ في بعض المدلولات ، على رغم أنّها كانت تجمعها العروبة ، ويوحّد بينها اللسان العربيّ العامّ ، فلو أخذت كلّها بقراءة القرآن على حرف واحد لشقّ ذلك عليها ، كما يشقُّ على القاهري منّا أن يتكلّم بلهجة الأسيوطي مثلا وإن جمع بيننا اللسان المصري العام ، وألّفت بيننا الوطنية المصرية في القطر الواحد ، وهذا الشاهد تجده ماثلاً بوضوح بين الأحاديث السالفة في قوله(صلى الله عليه وآله) في كلِّ مرَّة من مرَّات الاستزادة (فرددتُ إليه أنْ هوِّنْ على أُمّتي) وقوله : 2.

ص: 135


1- تأويل مشكل القرآن : 32.

(أسأل اللهَ معافاتَه وَمغفرَتَه ، وَإِنَّ أمَّتي لا تطيقُ ذلك). ومن أنّه(صلى الله عليه وآله)لقَي جبريلَ فقال : (يا جِبْريلُ إنّي أرْسلتُ إلى أُمَّة أُمِّيَّة فيهم الرجلُ والمرأة ، والغلام والجارية ، والشيخ الفاني الذي لم يقرأ كتاباً قطّ)»(1) الخ.

فلو صحّ هذا فكيف يريد عمر أو عثمان أن يوحّدا الأمّة على قراءة واحدة ، في حين أنّ الله ورسوله أرادا التيسير للأمّة كما يقولون!!

أمّا النصوص الثَّلاثَةُ الأخيرة المتبقّية فليس فيها دلالة على جمع عمر للمصاحف أو توحيدهم على قراءة واحدة.

بل في النصّ السادس ترى استعانته بخمسة من الأنصار الذين جمعوا القرآن على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) ثمّ خروج معاذ بن جبل وعبادةَ بن الصامت وأبو الدرداء دون أُبيّ بن كعب وأبي أيّوب الأنصاري إلى تعليم أهل حمص ودمشق وفلسطين القراءة ، وذلك بطلب من والي الشام يزيد بن أبي سفيان.

فلا أدري ما هي أُصول سياسة عمر مع الأنصار في القرآن؟ هل يُأخذ بمصاحفهم وقراءاتهم أم لا؟ إذ نراه تارة يقرّبهم ويستعين بهم ، وأخرى يبعّدهم ؛ بدعوى أنّ في ألسنتهم لحناً.

بل أين إسم زيد بن ثابت من بين هؤلاء الخمسة الذين جمعوا القرآن على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله)!!

وهل أنّ عمر بن الخطّاب كان ينتقي بعضاً من هؤلاء الأنصار دون 3.

ص: 136


1- مناهل العرفان 1 / 103.

بعض ، إنّه تساؤل يجب الوقوف على جوابه؟

وهناك نصٌّ آخر يشير إلى وجود مصحف لأهل الشام - قبل جمع الخليفة - كان فيه قراءة غير قراءة عمر بن الخطّاب ، وهو المروي في المصاحف عن أبي إدريس الخولاني ، أنّ أبا الدرداء ركب إلى المدينة في نفر من أهل دمشق ، ومعهم المصحف الذي جاء به أهل دمشق ليعرضوه على أبيّ بن كعب وزيد بن ثابت وعليّ وأهل المدينة ، فقرأ يوماً على عمر بن الخطّاب ، فلمّا قرؤا هذه الآية : (إذْ جَعَلَ الَّذِيْنَ كَفَرُوا فِي قُلُوْبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ) ، ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام).

فقال عمر : من أقرأكم؟

قالوا : أبيّ بن كعب.

فقال لرجل من أهل المدينة : ادع لي أبيّ بن كعب ، وقال للرجل الدمشقي : انطلق معه.

فذهبا فوجدا أبيّ بن كعب عند منزله يهيّء بعيراً له هو بيده ، فسلّما عليه ، ثمّ قال له المدني : أجب - أميرالمؤمنين - عمر.

فأخبره المدني بالذي كان.

فقال أبيّ للدمشقي : ما كنتم تنتهون معشر الركيب ، أو يشدفني منكم شرّ.

ثمّ جاء إلى عمر وهو مشمّر والقطران على يديه ، فلمّا أتى عمر ، قال لهم عمر : اقرؤا ، فقرؤا (ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام) ، فقال

ص: 137

أبيّ : أنا أقرأتهم ، فقال عمر لزيد : اقرأ فقرأ زيد قراءة العامّة ، فقال : اللهمّ لا أعرف إلاّ هذا ، فقال أبي : والله - يا عمر - إنّك لتعلم أنّي كنت أحضر ويغيبون وأدعا ويحجبون ويصنع بي ، والله لئن أحببت لألزمنّ بيتي فلا أحدّث أحداً بشيء(1).

أمّا النصّ السابع ففيه دعم عمر لخزيمة وَتَأْييدهُ لنقله ، وليس فيه دلالة على صدور ذلك الخبر في عهده ، فقد يكون صادراً في خلافة أبي بكر أو في عهد عثمان ، ومثله هو حال النصّ الثامن.

أمّا النصّ التاسع فهو صريح بأنّ عمر بن الخطّاب كان يعتقد بوجود آية الرجم في القرآن ، كما أنّه يعتقد بوجود آية : «لا ترغبوا عن آبائكم فإنّه كفرٌ بكم ، أو أنّ كفراً بكم إن ترغبوا عن آبائكم» فقد قال عمر : «لولا أن يقال : زاد عمر في كتاب الله ، لكتبتها بيدي».

وهذه الروايات يجب بحثها ودراستها في القسم الثاني من دراستنا هذه (مناقشة روايات التحريف) وقد نشير إلى بعضها بعد قليل انشاء الله تعالى تمهيداً لذلك القسم.

أمّا النصّ العاشر - بكلا نقليه - فهو صريح بأنّ عمر بن الخطّاب مات ولم يجمع القرآن ، وقد كفانا هذا النصّ ما يستدلّ به على جمع عمر للقرآن كما كفى الباحثين في تاريخ جمع القرآن مؤنة البحث عمّا اشتهر على لسان ً.

ص: 138


1- المصاحف 2 / 560 / ح 516 وانظر 2 / 562 / ح 521 أيضاً.

الجمهور من جمع الشيخين للقرآن.

* * *

إذن لم يثبت جمع الشيخين للقرآن ، كما لم يصحّ ما استدلّوا به من ورود الأخبار في ذلك ، فهم بهذه الأقوال أرادوا من جهة أن يسلبوا هذه الفضيلة من الإمام عليّ عليه السلام ، ومن جهة أخرى أن يفتحوا المجال أمام ثالث الخلفاء عندهم لكي يدّعي جمعه للقرآن متأخّراً ، أو قل ليشركوه في هذه القضيّة ، أو قل أنّ عثمان احتمى باسم الشيخين لتصحيح عمله.

على أنّ ما قالوه عن جمع عثمان للقرآن ؛ سواء كان ذلك الجمع جمع تدوين أو جمع حفظ يرد عليه عدّة إشكالات لايمكنهم الإجابة عليها حسبما سيتّضح ذلك بعد قليل.

وبذلك يكون المصحف المقروء اليوم هو مصحف رسول الله وهو لا يختلف مع الذي جمعه الإمام علي في ثلاثة أيّام والذي كان مودعاً خلف فراشه(صلى الله عليه وآله) وذلك للأخبار الكثيرة الموجودة في كتب الفريقين.

نعم أنّ الإمام علي لم يقدّم المصحف المنزل للخلفاء ؛ لاعتقاده بمعرفة الناس لآياته وسوره وهو لا يلزمه إعلامهم بذلك ، بل قدّم مصحفه المفسّر والذي جمع فيه التأويل والتفسير مع التنزيل وقد عمل على جمعه في ستّة أشهر بخلاف الأوّل الذي جمعه في ثلاثة أيّام.

والمصحف المفسّر موجود عند المعصومين من أهل البيت ولا يظهر إلاّ مع القائم من آل محمّد.

ص: 139

متى جاءت فكرة جمع الشيخين للقرآن :

وعلينا الآن أن نثير مسألة أخرى - تغافل عنها كتّاب تاريخ جمع القرآن - وهي عدم استبعاد أن تكون أخبار جمع الشيخين للقرآن جاءت في زمن متأخّر ، لأنّ الخلفاء الأمويّين والعبّاسيّين في الأزمنة المتأخّرة سعوا أن يعطوا لفكرة جمع وتوحيد القراءات بُعداً تاريخيّاً والقول بأنّ هذه الفكرة قديمة وقد سبقت عهد عثمان ، فهي قد كانت في عهد الشيخين أيضاً ، وبذلك تكون أراد أن يقولوا بأنّ فكرة توحيد المصاحف ليست بدعة عثمانية كما ينسب إليه أعداؤه!! كما يمكننا أن نقول أيضاً : أنّ عثمان كان وراء الاحتماء بالشيخين - في هذه المسألة وفي غيرها - دفاعاً عن نفسه.

فقد جاء في تاريخ المدينة : «عن عروة بن الزبير قال : قدم المصريّون فلقوا عثمان فقال : ما الذي تنقمون؟

قالوا : تمزيق المصاحف.

قال : إنّ الناس لمّا اختلفوا في القراءة ، خشي عمر الفتنة ، فقال : من أعرب الناس؟ فقالوا : سعيد بن العاص. قال : فمن أخطّهم؟ قالوا : زيد بن ثابت. فأمر بمصحف فكتب بإعراب سعيد وخطِّ زيد ، فجمع الناس ، ثمّ قرأه عليهم بالموسم!

فلمّا كان حديثاً [ويعني به في عهده وزمانه] كتب إليَّ حذيفة : إنّ الرجل يلقى الرجل فيقول : قرآني أفضل من قرآنك ، حتّى يكاد أحدهما يكفّر صاحبه ، فلمّا رأيت ذلك أمرت الناس بقراءة المصحف الذي كتبه

ص: 140

عمر ، وهو هذا المصحف ، وأمرتهم بترك ما سواه ، وما صنع الله بكم خير ممّا أردتم لأنفسكم»(1).

فترى عثمان في هذا النصّ يجعل نواة فكرة جمع القرآن لعمر بن الخطّاب ، ويعتبر نفسه لم يفعل شيئاً إلاّ أمره الناس بقراءة المصحف الذي كتبه عمر وترك ما سواه؟

فلو صحّ هذا القول فما هو دور زيد بن ثابت في عهده إذن ، بل لماذا نراه يختلف مع ابن مسعود؟ والأخير يعترض على عثمان؟!

ويضاف إليه : أنّ ابن الزبير أحسّ من سوار بن شبيب اعتراضه على إقدام عثمان في المصاحف ، فعلّل له بأنّ ذلك كان من رأي عمر ، لكنّه قتل قبل تنفيذه ، مع تحفّظه على ذكر اسم الرجل المقترح على عمر جمع المصاحف.

ففي تاريخ المدينة : «عن سوار بن شبيب قال : دخلت على ابن الزبير في نفر فسألته عن عثمان ، لِمَ شقّق المصاحف ، ولِمَ حمى الحمى؟

فقال : قوموا فإنّكم حرورية ...»(2) إلى آخر الخبر الذي مرّ قبل قليل تحت رقم (10).

فلو صحّ هذان الخبران وخصوصاً الثاني منه لأمكن احتمال أن يكون المقترح في جمع القرآن هو الإمام عليّ عليه السلام ، لأنّ وصف (فيه كذب وولع) من0.

ص: 141


1- تاريخ المدينة لابن شبة 3 / 1136.
2- تاريخ المدينة لابن شبة 3 / 990.

قبل ابن الزبير فيه إشارة إلى كره ابن الزبير ذكر اسم ذلك الرجل ، والكلّ يعلم بأنّ ابن الزبير كان يكره عليّاً وأهل بيته وأنّه منع الصلاة على محمّد(صلى الله عليه وآله) ، حتّى لا تشمخ أُنوف آل محمّد(صلى الله عليه وآله) - على حدّ تعبيره -.

فلا يستبعد أن يكون الإمام عليّ عليه السلام وراء فكرة إرجاع الخلفاء إلى الأخذ بمصحف التلاوة ، الذي نزل من اللوح المحفوظ إلى البيت المعمور ، والمتواتر عند المسلمين قراءته ، والمتلوّ في صلوات الصحابة وغيرهم.

وبعد كل هذا يحقّ لنا - جرياً مع البحث - أن نسأل أتباع الخليفة : لو لم يكن القرآن مدوّناً ومجموعاً قبل عهد عمر بن الخطّاب ، فما معنى إِحالة الناس عليه بقوله في مرض الرسول(صلى الله عليه وآله) (حسبنا كتاب الله)؟

فلو رضيتم بأنّ القرآن كان مجموعاً وموجوداً بين أيدي الناس - ولو ناقصاً - فما معنى قول الراوي في خبر المصاحف لابن أبي داود : «أنّ عمر أوّل من جمع المصحف»؟!

ولو تنزّلنا وقبلنا بأنّ عمر بن الخطّاب هو أوّل من جمع المصحف ، فما يكون دور أبي بكر قبله في جمع القرآن ، مع أنّ صحف أبي بكر كانت عند عمر بحسب النقل المشهور عندهم ، فيكون أبو بكر الأوّل لا عمر بن الخطّاب.

فلو شككنا في ظهور لفظ (الكتاب) في المكتوب - بمعنى المؤلّف والمجموع - فلا مجال للمناقشة في الفهم العام الذي تلّقاه المسلمون من هذه الكلمة اللغوية وظهورها في المجموع المؤلّف بين الدفّتين.

ص: 142

فالجمع بمعنى التأليف لا يمكن تصوّره إلاّ من قبل النبيّ ؛ لأنّ القرآن قد نزل عليه(صلى الله عليه وآله) ، وهو أعلم الناس بمكان الآيات فيه ، فلا يمكن لغيره جمعه إلاّ نفسه ، وهو الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، حتّى أعيان الصحابة أمثال ابن مسعود وأُبيّ ، فلا يمكنهما جمع القرآن إلاّ تحت إشراف النبيّ(صلى الله عليه وآله).

كما لا يعقل أن يترك النبيّ(صلى الله عليه وآله) ما جمعه إلى الأقدار ، فكان عليه(صلى الله عليه وآله) أن يجمعه في بيته وخلف فراشه ، ويكلّف وصيّه عليه السلام بجمعه بين الدفّتين من بعد وفاته.

إذن الكتاب العزيز موجود ، والعترة سهيمة في تدوين هذا القرآن وجمعه ، وهذا هو معنى الترابط الموجود بين القرآن والعترة الذي أكد عليه رسول الله ، وأنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليه الحوض.

وأنّ في جلوس الإمام عليّ عليه السلام بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله) في بيته كي يجمع القرآن تأكيد على هذه الرابطة ، وأنّ القرآن لا يجمع إلاّ بيد وصيِّ محمّد(صلى الله عليه وآله) كما في أخبار أهل البيت.

وبما أنّ العلماء أغفلوا بيان هذا الأمر في تاريخ جمع القرآن فقد رأيت من الواجب عليّ الاهتمام به ورفع الستار عنه ، لأنّها توضّح للباحثين الترابط بين القرآن والعترة وبعض الأمور العالقة في أمر الخلافة والقرآن.

فعمر بن الخطّاب - في مرض رسول الله(صلى الله عليه وآله) - ، وأبي بكر - لمّا جلس

ص: 143

بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله) على أريكته - أرادا الدعوة إلى الاكتفاء بالقرآن(1) ، وعملهم هذا يرشدنا إلى أمر حيويّ ومهمّ في تاريخ جمع القرآن لم يسلّط الضوء عليه.

فهما لمّا عرفا إرادة النبيّ وتأكيده على العترة دعوا إلى الاكتفاء بالقرآن.

وقد يكون رسول الله(صلى الله عليه وآله) بدعوته الصحابة - أيّام مرضه - أن يأتوه بالكتف والدواة أراد مضافاً إلى التأكيد على إمامة الإمام عليّ عليه السلام ، إرشادهم إلى وجود آيات نازلة في أهل بيته وأنّهم خلفاءه من بعده.

كما أنّ عمر بن الخطّاب وبقوله : «حسبنا كتاب الله» أراد أن يقول للنبيّ(صلى الله عليه وآله) : لا داعي لأن تذكّرنا بتلك الآيات ، فهي موجودة بأيدينا ، وفي صدورنا ، وهي تكفينا عنك وعمّا تريد الوصية به (فحسبنا كتاب الله).

وقد صدر مثل هذا الكلام من عمر للإمام عليّ حينما أتاه بالمصحف المفسّر فقال له : «انصرف به معك ، لا تفارقه ولا يفارقك».

وسؤالنا : هل هناك ترابط بين قول عمر أيّام خلافته ، لمّا أراد أن يكتب السنن : «وإنّي ذكرت قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتباً ، فأكبّوا عليها ، فتركوا كتاب الله تعالى ، وإنّي والله لا أُلبِسُ كتابَ الله بشيء أبداً»(2) ، أو «أُمنية كأُمنية 1.

ص: 144


1- وهما اللذان قيل عنهما بأنهما جمعا القرآن بعد رسول الله.
2- الجامع لمعمر بن راشد 11 / 257 / ح 20484 ، مصنّف عبدالرزاق 11 / 258 ، باب كتابة العلم ح 20484 ، تقييد العلم / 49 ، المدخل إلى السنن الكبرى 1 / 407 / ح 731.

أهل الكتاب»(1) ، وبين تعليله في منع تدوين الحديث للتشبّه ببني إسرائيل.

بل في المقابل : ما يعني تشبيه رسول الله الإمام عليّ بن أبي طالب بنفسه «كهارون من موسى» أو جعل رسول الله خلفاءه «كعدّة نقباء بني إسرائيل».

ألا تعني الجملتين الآنفتين من قبل عمر على وجود كِتاب معهود ومعروف بين أيدي المسلمين ، اكتفى عمر بالقرآن بديلاً عن السنّة وعمّا أراد النبيّ كتابته لهم.

وهل هناك ترابط بين التشبّه ببني إسرائيل وبين أخبار رسول الله(صلى الله عليه وآله) عن إتّباع أمّته الأُمم السابقة في قوله : «لتتبعنّ سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتّى لو دخلوا جحر ضبٍّ تبعتموهم»(2).

بل هل هناك ترابط بين كلام عمر السابق وما جاء في كنز العمّال من مسند عمر وقوله : «إنّي كنت أغشى اليهود يوم دراستهم فقالوا : ما من أصحابك أحد أكرم علينا منك ، لأنّك تأتينا.

قلت : وما ذاك إلاّ إنّي أعجب من كتب الله كيف يصدّق بعضها بعضاً ، وكيف تصدّق التوراة الفرقان والقرآن التوراة ...»(3). 3.

ص: 145


1- تقييد العلم : 52.
2- صحيح البخاري 6 / 2669 ح 6889 ، مشكاة المصابيح 3 / 1473 ح 5361 متّفق عليه.
3- كنز العمّال 2 / 353.

وقوله لرسول الله(صلى الله عليه وآله) : «إنّ أهل الكتاب يحدّثونا بأحاديث قد أخذت بقلوبنا ، وقد هممنا أن نكتبها.

فقال(صلى الله عليه وآله) : يابن الخطّاب امتهوّكون أنتم كما تهوّكت اليهود والنصارى ، أما والذي نفس محمّد بيده فقد جئتكم بها بيضاء نقية ...»(1).

وهل عمر بن الخطّاب كان يخاف من أن تتأثّر أمّة محمّد بتعاليم أهل الكتاب ، أم كان يخاف في استخلاف العترة؟

أوليس في جملة عمر الآنفة «حسبنا كتاب الله» ، ونهي أبي بكر من التحديث عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) والاكتفاء بالقرآن دون السنّة وقوله : «بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلّوا حلاله وحرّموا حرامه»(2) ، فيه تعريض بالنبيّ(صلى الله عليه وآله) وعدم الاحترام لسنّته ، على أنّ الله سبحانه وتعالى كان قد ألزم المؤمنين في لزوم اتّباعه وعدم التخطّي عن أوامره لقوله تعالى : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِن وَلاَ مُؤْمِنَة إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)(3) وقوله تعالى : (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنَا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(4).

فهنا تساؤلات كثيرة تراود ذهن الباحث في أمور الشريعة يجب 1.

ص: 146


1- انظر مسند أحمد 3 / 387 ح 15195 ، مجمع الزوائد 1 / 174 ، 8 / 262.
2- تذكرة الحفاظ 1 / 2 - 3 ، حجّيّة السنة : 394.
3- الأحزاب : 36.
4- النور : 51.

توضيحها والوقوف على أجوبتها ، لأنّها تعينه على معرفة خلفيّات الأُمور بصورة أكثر عقلانية وأقرب إلى الواقعية.

منها : لماذا أبو بكر وعمر لا يرتضيان الأخذ بقول النبيّ وفعله وتقريره ، هل لكونه(صلى الله عليه وآله) داعياً إلى إتّباع عترته؟ وهل الدعوة إلى العترة بدعة!!

أجل إنّ عمر بن الخطّاب وأبا بكر كانا يتعاملان مع رسول الله(صلى الله عليه وآله) كإنسان عادي يصيب ويخطىء ، فتراهما يرفعان صوتهما فوق صوت النبيّ(صلى الله عليه وآله)(1).

وقد أخذ عمر بن الخطّاب بثوب رسول الله(صلى الله عليه وآله) لمّا أراد الصلاة على المنافق(2).

ونهى الصحابة الجالسين عند الرسول(صلى الله عليه وآله) من أن يأتوه بكتف ودواة ، معلّلاً بأنّ الرجل ليهجر(3) والعياذ بالله ، ومعناه : أنّهم كانوا لا يعرفون مكانة رسول الله(صلى الله عليه وآله) المميّزة عند ربّ العالمين ، أو كانوا لا يريدون أن يمنحوه ويعطوه(صلى الله عليه وآله) ما أعطاه الله ، أي أنّهم كانوا يحاولون أن يجرّدوه(صلى الله عليه وآله) من عظمة الرسالة ويجعلوه مبلّغاً وموصلا للأمانةِ بحيث لا تكون لشخصه الكريم مدخلية في ذلك. 7.

ص: 147


1- صحيح البخاري 4 / 1833 باب لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبيّ ، فتح الباري 8 / 590 ، تفسير القرطبي 16 / 303 ، تفسير ابن كثير 4 / 206 ، تفسير الطبري 26 / 117 - 119.
2- صحيح البخاري 4 / 1715 ح 4393 ، 4 / 1865 ح 2400.
3- المنتقى من منهاج الاعتدال 1 / 347.

أو كانوا يريدون أن يقولوا بأنّ ما أتى به محمّد من عند الله هو أهمّ من نفسه الكريمة(صلى الله عليه وآله) ، فيلزم عليهم الأخذ بما أتى به من الذكر الحكيم لا بما قاله(صلى الله عليه وآله) تفسيراً وتأويلا ، لكون القرآن حمّال ذو وجوه - حسب تعبير الإمام عليّ عليه السلام - وأنّ الاكتفاء بالقرآن دون تفسيره وتبيانه من قبل رسول الله(صلى الله عليه وآله) سيفتح المجال لدخول الرأي في القرآن حسب اعتقاد الإمام وبعض الصحابة.

وعمليّتهم هذه(1) كانت تدعو إلى التنصّل عن أوامر الرسول(صلى الله عليه وآله) ، حين نعلم أنّ طاعته هي طاعة لله ، ومعصيته هي معصية لله ، ولا اختلاف بين كلامه(صلى الله عليه وآله) وبين ما أتى به ، لقوله تعالى (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى).

لكن الآخرين وبقولهما الآنف قد حجّموا الرسول(صلى الله عليه وآله) والرسالة ، وقد يكونوا يعنون في أُطروحتهم هذه القول بأنّ القرآن هو أهمّ من رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، والصلاة أهمّ من الرسول(صلى الله عليه وآله) ، لأنّ الرسول(صلى الله عليه وآله) - بعقيدتهم - يخطئ ويسهو ، لكن القرآن معصوم ، فيجب الاكتفاء بالقرآن دون السنّة ، وذلك لخطأ رسول الله(صلى الله عليه وآله) في معرفة الموضوعات الخارجية كتأبير النخل(2) وأمثالها.

وسهوه(صلى الله عليه وآله) في الأحكام الشرعية ، فلو كان يسهو فلا يجب اتّباعه(صلى الله عليه وآله) فيما يقوله من الأحكام! على أنّ هذه الرؤية تخالف القرآن ولا يرتضيها 3.

ص: 148


1- أي الاكتفاء بالقرآن دون السنّة.
2- انظر الخبر في شرح مشكل الآثار 4 / 423.

الرسول(صلى الله عليه وآله) إذ خاطب(صلى الله عليه وآله) أؤلئك القائلين بقوله : «ألا وإنّي قد أوتيت الكتاب ومثله معه»(1).

قال ابن حزم : «صدق النبيّ(صلى الله عليه وآله) هي [أي السنّة] مثل القرآن ولا فرق في وجوب كلّ ذلك علينا ، وقد صدق الله تعالى إذ يقول : (مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ)»(2).

بلى إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) كان لا يرتضي الفصل بين كلامه وبين القرآن ؛ لأنّه المأمور بتبينه للناس (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) ، وقد وافقه فريقٌ من الصحابة على هذا الإعتقاد وأنّه أهمّ من القرآن والصلاة.

ففي صحيح البخاري «أنّ أبا سعيد بن المعلّى الأنصاري كان في الصلاة ، فدعاه رسول الله(صلى الله عليه وآله) فتباطأ حتّى أكمل صلاته ثمّ جاء إلى الرسول(صلى الله عليه وآله) ، فاعترض رسول الله(صلى الله عليه وآله) على هذا التباطؤ موبّخاً إيّاه بقوله : ألم تسمع قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ)»(3).8.

ص: 149


1- مسند أحمد 4 / 130 / ح 17213 ، وسنن أبي داود 4 / 200 / 4604.
2- الأحكام ، لابن حزم 2 / 159 ، فصل فيما ادّعاه قوم من تعارض النصوص ، النساء : 80.
3- الأنفال : 24 ، والخبر في البخاري 5 / 146 ، 199 ، 222 من كتاب تفسير القرآن 6 / 103 من كتاب فضائل القرآن ، ومسند أحمد 3 / 450 ، 4 / 211 ، سنن أبي داود 1 / 138 / 1458 ، سنن النسائي 2 / 139 ، صحيح ابن حبّان 3 / 56 ، المعجم الكبير 22 / 303 ، وفي سنن الترمذي 4 / 231 / 3036 ، مسند الحاكم 1 / 558.

وقد مرّ عليك سابقاً بأنّ الإمام عليّاً عليه السلام وضّح لأبي بكر بعض الأمور المعرفية ، وبيّن له بأنّه لا يدرك عمق العقيدة الصحيحة ، وإنّ ما أفتاه في حقِّ الزهراء عليها السلام يخالف القرآن الكريم ، لأنّه تعامل مع الأمور بسطحية لا بعمق.

بعكس الإمام الذي ثبّت دركه لحقائق الرسالة ومكانة الرسول(صلى الله عليه وآله) ، فكان عليه السلام يعتبر أمر الرسول(صلى الله عليه وآله) أهمّ من الصلاة ، إذ تراه لا يتحرّك حين نزول الوحي على النبيّ ، لكون رأس الرسول(صلى الله عليه وآله) في حجره عليه السلام ، امتثالاً لأمر الله وأمر الرسول(صلى الله عليه وآله) ، حتّى كادت تغيب الشمس ، وقد فاته عليه السلام وقت فضيلة الصلاة ، فأكرمه الله سبحانه بردّ الشمس(1).

والإمام عليّ بكلماته له الآتية صرّح بأنّه هو القرآن الناطق ، ولا يمكن فهم القرآن إلاّ به وبأهل بيته(صلى الله عليه وآله).

ففي ترجمة الإمام عليّ عليه السلام من تاريخ ابن عساكر : «إنّ عليّاً لمّا كاتب معاوية وحكّم الحكمين خرج عليه ثمانية آلاف من قرّاء الناس حتّى نزلوا بأرض يقال لها حروراء من جانب الكوفة عتبوا عليه ...

فلمّا أن بلغ عليّاً ما عتبوا عليه وفارقوا أمره أذّن مؤذّن أن لا يدخل على أمير المؤمنين عليه السلام إلاّ رجل قد قرأ القرآن ، فلمّا امتلأت الدار من قرّاء الناس جاء بالمصحف إماماً عظيماً ، فوضعه عليّ عليه السلام بين يديه فطفق يحرّكه بيدهت.

ص: 150


1- المعجم الكبير 24 / 144 ح 382 و 147 ح 390 و 152 ح 391 ، شرح مشكل الآثار 3 / 92 ، 94 بطريقين ، تفسير القرطبي 15 / 197 ، قال ، قال الطحاوي : وهذان الحديثان ثابتان ورواتهما ثقات.

ويقول : أيّها المصحف حدّث الناس!

فناداه الناس ما تسأل عنه؟ إنّما هو مدادٌ وورق ونحن نتكلّم بما روينا منه فماذا تريد؟

فقال : أصحابكم الذين خرجوا بيني وبينهم كتاب الله ، يقول الله في كتابه في امرأة ورجل : (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً)(1).

فأمّة محمّد(صلى الله عليه وآله) أعظم حقّاً وحرمةً من امرأة ورجل ، ونقموا عليَّ أنّي كاتبت معاوية وكتبت عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، وقد جاءنا سهيل بن عمرو ...»(2). إلى آخر كلامه عليه السلام.

وفي نهج البلاغة قال الإمام عليه السلام : «هذَا الْقُرآنُ إِنَّمَا هُوَ خَطٌّ مَسْتُورٌ بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ ، لاَ يَنْطِقُ بِلِسَان ، وَلاَ بُدَّ لَهُ مِنْ تَرجمان»(3).

وقال عليه السلام أيضاً : «ذلك الْقُرْآنُ فَاسْتَنْطِقُوهُ ، وَلَنْ يَنْطِقَ ، وَلَكِنْ أُخْبِرُكُمْ عَنهُ ، أَلاَ إِنَّ فِيهِ عِلْمَ مَا يَأْتِي ، وَآلْحَدِيثَ عَنِ الْمَاضِي ، وَدَوَاءَ دَائِكُمْ ، وَنَظْمَ مَا بَيْنَكُمْ»(4). ة.

ص: 151


1- النساء : 35.
2- تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام عليّ) 3 / 153 - 154 / ح 1194.
3- نهج البلاغة : 182 رقم الخطبة 125 ، من كلام له عليه السلام في التحكيم وذلك بعد سماعه لأمر الحكمين.
4- نهج البلاغة : 223 رقم الخطبة 158 ، ينبّه فيها على فضل الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) ، وفضل القرآن ، ثمّ حال دولة بني أمية.

فأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام بهذه الكلمات أراد أن يُفهم الصحابة بأنّ القرآن لا يفهم إلاّ به وبأهل بيته ؛ لأنّهم هم المعنيّون في قوله تعالى (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ).

كما أنّه عليه السلام كان يعتقد لزوم احترام الرسول(صلى الله عليه وآله) ، كما هو الواجب في احترام القرآن.

وقد أجاب(صلى الله عليه وآله) الأنصار الذين قالوا لفاطمة الزهراء عليها السلام :

«يا بنت رسول الله مضت بيعتنا لهذا الرجل - أي أبي بكر - ، ولو أنّ زوجك وابن عمِّك سبق إلينا قبل أبي بكر ما عدلنا به.

فقال عليّ عليه السلام : أفكنت أدع رسول الله(صلى الله عليه وآله) في بيته لم أدفنه ، وأخرج أنازع الناس سلطانه؟.

فقالت فاطمة عليها السلام ما صنع أبو الحسن إلاّ ما كان ينبغي له ، ولقد صنعوا ما الله حسيبهم وطالبهم»(1) ، أي أنّ الإمام كان يريد التأكيد على أنّ هناك اتّجاه لا يعير قيمة للرسول(صلى الله عليه وآله) حيّاً كان أم ميّتاً ، وهمّهم هو الوصول إلى الخلافة والحكم فقط.

وقد جاء هذا المعنى واضحاً في الندبة الرابعة التي وجّهها الإمام عليّ عليه السلام بعد وفاة الزهراء عليها السلام إلى ابن عمّه رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، حيث أرسل دموعه 1.

ص: 152


1- الإمامة والسياسة 19 / 1.

على خدّيه وحوّل وجهه إلى قبر رسول الله(صلى الله عليه وآله) قائلاً :

«سلامٌ عليك يا رسول الله سلام مودّع لا قال ولا سَئم ، فإنْ أنصرف فلا عن مَلالة ، وإن أقِم فلا عن سوء ظنٍّ بما وَعَد الله الصابرين ، والصبرُ أيمنُ وأجمل ، ولولا غلبةُ المستولين لَِجعلتُ المقام واللبث لزاماً معكوفاً ...»(1).

كلّ هذه النصوص تؤكّد بأنّ السنّة مثل القرآن ، وأنّ العترة لا تفارق القرآن ، لكنّ المستولين حاولوا التقليل من شأن الرسول(صلى الله عليه وآله) ، وقالوا عنه في مرض موته : أنّه (ليهجر) ، ثمّ تركوا جنازته بعد وفاته على الأرض باحثين عن الحكم ، وأنّ قولتهم اليوم في القرآن جاءت بعد قولتهم السابقة بأنّه(صلى الله عليه وآله) ترك أُمّته بدون خليفة ، كما أنّها تشابه مقولتهم عن بدء البعثة وأنّه(صلى الله عليه وآله) كان لا يعرف أنّه رسول الله(صلى الله عليه وآله) حتّى أخبره ورقة بن نوفل و ...

كلّ هذه الأمور هي استنقاص بالرسول(صلى الله عليه وآله) والرسالة ، وإنّ أمير المؤمنين عليه السلام أكّد بأنّه لو استطاع لجعل المُقام عند قبر رسول الله(صلى الله عليه وآله) لزاماً عليه وعلى المسلمين واللّبث عنده معكوفاً وذلك للجفاء الذي لاقاه الرسول(صلى الله عليه وآله) منهم.

إذن رؤية «حسبنا كتاب الله» ، و «بيننا وبينكم كتاب الله» وضعت أمام فكرة احترام الأنبياء والأوصياء مع القرآن ، والذي هو معنىً آخر لقوله(صلى الله عليه وآله) : عليّ مع القرآن والقرآن مع عليّ ، أو أنّه معنىً آخر لحديث الثقلين ، أو أنّه 7.

ص: 153


1- الكافي 1 / 459 ح 3 ، وانظر أمالي المفيد : 281 ح 7.

معنىً آخر لقوله تعالى (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) :

وقد يمكن أن نرجع جذور رؤية الاكتفاء بالقرآن دون السنّة عند عمر إلى ما أصيب به من ردّة فعل أيّام رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، لأنّه كان قد اقترح على الرسول(صلى الله عليه وآله) عدّة مرّات في الاستزادة من كتب أهل الكتاب ، والرسول(صلى الله عليه وآله) كان يغضب من اقتراحه.

«فعن خالد بن عرفطة أنّ عمر قال : انطلقتُ أنا ... فانتسخت كتاباً من أهل الكتاب ثمّ جئت به في أديم.

فقال لي رسول الله : ما هذا في يدك يا عمر؟

قلت : يا رسول الله ، كتاب انتسخته لنزداد به علماً إلى علمنا.

فغضب رسول الله حتّى احمرّت وجنتاه ، ثمّ نودي ب- : (الصلاة جامعة) ، فقالت الأنصار : أُغضِبَ نبيّكم! السِّلاح السِّلاح ، فجاؤوا حتّى أحدقوا بمنبر رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، فقال(صلى الله عليه وآله) : يا أيّها الناس! إنّي قد أُوتيت جوامع الكَلِم وخواتيمه ، واخْتُصِرَ لي اختصاراً ، ولقد أتيتكم بها بيضاء تقيّة ، فلا تَتَهوَّكوا ولا يغرنّكم المُتَهَوِّكون.

قال عمر : فقمت فقلت : رضيت بالله ربّاً ، وبالإسلام ديناً ، وبك رسولاً ، ثمّ نَزَل رسول الله(صلى الله عليه وآله)»(1).

وفي آخر «عن عبدالله بن ثابت ، قال : جاء عمر بن الخطّاب فقال : يا 2.

ص: 154


1- تقييد العلم : 52.

رسول الله! إنّي مررت بأخ لي من يهود ، فكتب لي جوامع من التوراة ، قال : أفلا أعرضها عليك؟

فتغيّر وجه رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، فقال عبدالله [بن ثابت] : مَسَخ الله عقلك! ألا ترى ما بوجه رسول الله؟!

فقال عمر : رضيت بالله ربّاً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمّد رسولاً»(1).

فسؤالنا هو : هل قولاته : «وإنّي والله لا أُلبِسُ كتابَ الله بشيء أبداً»(2) ، أو «أُمنية كأُمنية أهل الكتاب»(3) ، هي واقعية وجاءت عن قناعة ، أم أنّها كانت من آثار تلك الصدمة التي مني بها من قبل رسول الله(صلى الله عليه وآله) حينما أتاه بجوامع من التوراة من بني قريظة(4) ، أو من بني زريق(5) ، أو من يهود مكّة(6) ، إذ ترى في كلِّ تلك القضايا يغضب رسول الله(صلى الله عليه وآله) من اقتراح عمر ، لماذا؟ هل لأخذه من اليهود أم لشيء آخر؟ 2.

ص: 155


1- المصنّف لعبدالرزّاق 6 / 113 / ح 10164 ، 10 / 313 / ح 19213 ، ومجمع الزوائد 1 / 174 ، وفيه : يا رسول الله! جوامع من التوراة من أخ لي من بني زريق ، فتغيّر وجه رسول الله ....
2- الجامع لمعمر بن راشد 11 / 257 / ح 20484 ، مصنّف عبدالرزّاق 11 / 258 ، باب كتابة العلم ح 20484 ، تقييد العلم : 49 ، المدخل إلى السنن الكبرى 1 / 407 / ح 731.
3- تقييد العلم : 52.
4- مسند أحمد 2 / 649.
5- مجمع الزوائد 1 / 174.
6- كنز العمّال 1 / 372.

برأيي أنّ ما علّله عمر في أمر منع تدوين الحديث من التشبّه ببني إسرائيل ليس بواقعيّ ؛ لأنّه لا ينكر أحدٌ من المسلمين أنّ ترك القرآن والإنصراف إلى سواه منهيٌّ عنه ، وحرام شرعاً ، لكنّ الادّعاء بأنّ الاشتغال بغير القرآن يؤدّي إلى تركه خلط بَيِّن وكلام غير دقيق ؛ إذ من الثابت أنّ ما يؤدّي إلى ترك القرآن هو ما يكون منافياً له ، كالأخذ بالتوراة والإنجيل ، وما فيهما من العقائد والآراء ، وأمّا العناية بمفسِّر القرآن ومُبيّنه لقوله تعالى (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ) وعدّه موجباً لترك القرآن وهجرانه فهو إيهام وخلط بين حقّ وباطل ... ذلك أنّ الإقبال على الحديث إقبال على القرآن الكريم في تفسيره والكشف عن مضامينه.

فقد يعود هذا التفكير إلى ما قلناه من عدم احترام عمر بن الخطّاب للرسول(صلى الله عليه وآله) أو عدم معرفته مكانته(صلى الله عليه وآله) أو عدم حبه ولاية عترة رسول الله على الأمّة.

مع تأكيدنا على أنّ النصّ القرآنيّ يمتاز عن النصّ الروائيّ من حيث الأسلوب والبلاغة بمزايا ثابتة ، فلا يمكن تصوّر اختلافه مع الحديث النبويّ ، إذ أنّ الأوّل قد صدر على نحو الإعجاز ، متحدّياً مشركي العرب - وهم أهل البراعة في البيان - أن يأتوا بمثله ، وقد تكرّرت هذه الدعوة في القرآن بأساليب مختلفة وألفاظ قارعة كقوله (قُلْ فَأْتُوا بِكِتَاب مِنْ عِندِ اللَّهِ هُوَ

ص: 156

أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)(1) ، أو : (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْض ظَهِيراً)(2) ، وفي آخر : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَة مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)(3) ، وقوله : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْب مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَة مِن مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوْا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) (4).

وقد أدهشهم القرآن في بلاغته وفصاحته وقوّة تأثيره حتّى قالوا : (سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ)(5) ، بخلاف حديث رسول الله(صلى الله عليه وآله) الذي لم يكن في مقام التحدّي والإعجاز.

فادّعاء تخوّف عمر من ترك القرآن والاشتغال بغيره ، أو اختلاط القرآن بالحديث ، لا يمكننا قبوله ؛ لأنّه لو صحّ لأمكننا تبرير كلامه بأنّه وقف على مكر اليهود وخداعهم ، فأراد أن يستفيد من تجربته السابقة معهم كي لا يقع المسلمون في الفخِّ الذي وقع هو فيه سابقاً ، لكن الأمر لم يكن كذلك ، وذلك لما وضّحناه ، ولتكرار القضية مع رسول الله(صلى الله عليه وآله) عدّة مرّات. 2.

ص: 157


1- القصص : 49.
2- الإسراء : 88.
3- هود : 13.
4- البقرة : 23 - 24.
5- القمر : 2.

نعم إنّ ارتباط عمر مع اليهود قبل الإسلام قد أثّر عليه حتّى طلبوا منه أن يطالب النبيّ(صلى الله عليه وآله) بتبنّي توراتهم المحرّفة وأن يستزيد من علومها!! وهذا الاقتراح من عمر آذى رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وكان عليه أشدّ من الشفار وأمرّ من طعم العلقم.

فقد يكون هذا التصريح من عمر جاء على أثر تلك الصدمة التي مني بها أيّام رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، أي أنّه أراد أن يُعَدّل موقفه فوقع فيما هو أكبر منه ، وقد يكون منعه من تدوين الحديث لخوفه من أهل الكتاب! لأنّهم كانوا يقرؤون في توراتهم ولا يحفظونها ، ويرجّحون قول أحبارهم على التوراة ، أي أنّ الكتابة كانت رائجة عندهم لا المحفوظات.

فالخلفاء خافوا أن ينتهج المسلمون هذا المنهج ، وأن يهتمّوا بالمكتوب تاركين المحفوظ فدعوا إلى الحفظ بعيداً عن الكتابة ، وبعبارة أوضح حصلت حالة الإفراط والتفريط في مسألة الكتابة والحفظ.

فأتباع مدرسة الخلفاء كانوا يدعون إلى الحفظ ، وقد فسّروا النصوص الآتية في جمع الصحابة للقرآن بأنّه جمع حفظ في الصدور لا كتابة في السطور ، مؤكّدين - أُولئك العلماء - لزوم ضبط القراءة بواسطة الشيخ القارئ ، أي أنّهم ولحدّ هذا اليوم يهتمّون بالحفظ والمشيخة أكثر من التدوين والكتابة.

بعكس الفريق الآخر الذي يعتقد بوجود مصاحف على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) وكتبة له ، ووجود فضيلة لمن يقرأ القرآن في المصحف ...

فقد يكون النبيّ بغضبه على عمر وتغيّر وجهه أراد أن يُفهمه بأنّ ما

ص: 158

قاله عن أحاديث اليهود وأخذها بمجامع قلبه ليس بصحيح ؛ لأنّ كلامه(صلى الله عليه وآله) أبلغ من كلام أحبارهم وأعمق وأنفذ في النفوس ، فلماذا يرشد عمر رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى أقوالهم ويتناس قوله(صلى الله عليه وآله) ، إذ لا يقارن كلامه(صلى الله عليه وآله) بكلامهم ؛ لأنّ الله قد أعطى رسوله(صلى الله عليه وآله) جوامع الكلم ، وهي ممّا لا يعطيها حتّى لموسى ابن عمران عليه السلام ، فكيف يريد عمر من رسول الله(صلى الله عليه وآله) الاستزادة من علم اليهود وهو الذي أُعطي ما لم يعط أحداً من العالمين؟

إذن مسألة تاريخ جمع القرآن يرتبط بشخصيّات لها علاقة بأهل الكتاب - كزيد بن ثابت وعمر بن الخطّاب - وممّن لا يعير لرسول الله(صلى الله عليه وآله) قداسة.

ولا أريد أن أعتبر الإرتباط باليهود وكون فلان يهوديّاً بحدّ نفسه ذمّاً للأشخاص ، لأنّها كانت حالة رائجة في صدر الإسلام ، فما من مسلم إلاّ وقد كان يهوديّاً أو نصرانيّاً أو مجوسيّاً أو مشركاً ، لكن الإتيان بكتب أهل الكتاب لرسول الله(صلى الله عليه وآله) وطلب الاستزادة منها ، والقول بأنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) لم يجمع القرآن على عهده ، وأنّه قد جمع في عهد الخلفاء الثلاثة!! أو القول بأنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) أمّي لا يعرف الكتابة ، أو أنّه لا يعرف أنّه نبيٌّ حتّى أخبره ورقة ابن نوفل وأمثالها ، كلّ هذه الأمور فيها استنقاص لرسول الله(صلى الله عليه وآله) لا يقبلها من يؤمن بالله ورسوله.

فقد روي «عن عمرة بنت عبدالرحمن أنّ أبا بكر الصدّيق دخل على

ص: 159

عائشة وهي تشتكي ويهودية ترقّيها ، فقال أبو بكر : ارقيها بكتاب الله»(1).

تأمّل في الخبر فعائشة - زوج الرسول - تشتكي ويهودية ترقّيها!!

بهذا فأنا لا أستبعد أن تكون مسألة تخوّف عمر من التشبّه ببني إسرائيل وإتِّباع أحبارهم وترك التوراة جاءت على أثر تلك ردّة الفعل السلبية التي مني بها عمر بن الخطّاب.

كما يمكن أن يكون تعليل عمر جاء لإبعاد أنظار الناس عن رسول الله(صلى الله عليه وآله).

لأنّ الالتفات إلى أقوال وأفعال رسول الله(صلى الله عليه وآله) باعتقاد عمر بن الخطّاب هو يبعد الناس عن النصّ القرآني.

في حين أنّ هناك فرقاً كبيراً بين أقوال رسول الله(صلى الله عليه وآله) وبين أقوال أحبار بني إسرائيل ، كما أنّ هناك فرقاً بين القرآن والتوراة ، ولا يمكن لعمر ولا لغيره أن يدّعي هذا الكلام في رسول الله(صلى الله عليه وآله).

نعم ، النصوص تؤكّد بأنّ عمر بن الخطّاب كان لا يرى وجوب اتّباع رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلاّ فيما أتى به من قبل البارئ ، ومعناه : إنّ أوامر الرسول(صلى الله عليه وآله) ونواهيه الأخرى عنده هي إرشادية يجوز مخالفتها ، لكن هذا لا يثبت يعني ما قالوه قبل قليل.

وبهذا فقد اتّضح لك بأنّ كلا تعليليه غير مقبول ؛ لأنّ كتابة حديث 4.

ص: 160


1- موطّأ مالك 2 / 943 ، الأم للشافعي 7 / 241 ، المجموع للنووي 9 / 64.

رسول الله(صلى الله عليه وآله) لا يعني ترك كتاب الله ، كما ليس هناك شبه بين القرآن والتوراة ، وبين حديث رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأقوال أحبار بني إسرائيل.

وبهذا فإنّ ما طرحناه في الصفحات السابقة قد ابتنى على حقائق ووثائق ، ولم يبتن على التشهير والتسقيط كما يشيعه عنّا الآخرون ، فالباحث - أيّ باحث - يمكنه أن يناقشنا ويردّ كلامنا ويأتي بنقيضه ، أمّا دعوى بأنّ كلامنا غير واقعي ، أو أنّه كلام طائفي ، أو أنّه يثير الفتنة ، أو ما شابه ذلك ، فلا نقبله ، مؤكّدين بأنّنا لم نأتِ بجميع ما حكوه وقالوه ورووه في جمع القرآن(1) فلو أردنا أَنْ ننظر إلى الأُمور نظْرَةً رمادية وأن نتعامل مع النصوص الروائية الموجودة عندهم كما تعاملو هم معنا ، لأَمكننا أن نقول فيهم وفي أخبارهم أَكْثَرَ ممّا قالوه فينا ، لكنّا نتغاضى ونعفو عمّا سلف ، ونماشيهم ونسايرهم فيما قالوه عن روايات التحريف الموجودة في كتبهم وإن كنّا لا نقبل بتأويلاتهم لتلك الأخبار وأنّها محمولة على كذا وتلك على كذا.

وأنّ ما قلناه لحدّ الآن ، جاء للحدّ من تطرّفهم وما قالوه بِأْن «ليس في مجامعنا الحديثية حَدِيْثٌ واحِدٌ دالٌّ على تحريف القرآن الحكيم»(2).

بل نرى فيما قالوه وادّعوا في جمع القرآن من إهمال رسول الله(صلى الله عليه وآله) جمع كتاب ربّه ، وتأخّر هذا الجمع إلى زمن خلافة عثمان - أي إلى حدود سنة 24 للهجرة - هو المنفذَ الذي دخل من خلاله المستشرقون وأعداء الدين 5.

ص: 161


1- أو ما روي عندهم في تحريف القرآن.
2- اُنظر الشيعة والقرآن لإحسان إلهي ظهير : 25.

للتشكيك في القرآن الكريم ، وأنّ استدلال أولئك - في جمع القرآن - قد ابتني على أُصول سقيمة موجودة في كتب الجمهور ، لا يقول بشيء منها علماء ومحدّثوا ومفسّرو الشيعة ، وهذا هو الذي دعانا لأن ندلوا بدلونا وأن نعطي رأينا في جمع القرآن حتّى لا يرمونا بالتحريف ، مؤكّدين بأنّ ما قالوه هو الذي يدعو إلى التحريف لا كلامنا.

فأهل السنّة والجماعة قالوا بأشياء كثيرة تمسّ بأصل الشريعة وبالرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله) ، منها قولهم : كون الرسول أُمّيّاً لا يعرف القراءة والكتابة.

وأنّه (صلى الله عليه وآله) ترك أُمّته دون أن يدوّن لهم كتاب ربّهم.

وأنّ الصحابة جمعوا القرآن في الصدور لا في السطور.

وأنّ عثمان بن عفّان هو أوّل من جمع القرآن - أو وحّدهم على قراءة واحدة - أي أنّ جَمع القرآن وتوحيد القراءات فيه جاءت بعد سنة 24 للهجرة. فإنّ أمثال هذه الأقوال تفسح المجال للقول بالتحريف لا ما قلناه.

وباعتقادنا أنّ القول بجمع القرآن في عهد الشيخين وعثمان هو أعظم خطراً من وجود روايات التحريف عندهم ، لأنّ من خلال هكذا أقوال نفّذ المستشرقون وقالوا بكلامهم الباطل ؛ فالمستشرقون تمسّكوا بأمثال هذه الأقوال للمساس بالقرآن والسنّة المطهّرة والرسول الأكرم.

وعلماء المسلمين سعوا للإجابة على تلك الشبهات ، لكن كيف يجيبون ومقوّمات دعوى المستشرقين موجودة في كتب الحديثين والتاريخية والتفسيرية الأصلية عند أهل السنّة والجماعة.

ص: 162

قال الزرقاني في (المبحث السادس نزول القرآن على سبعة أحرف) : «وقع عليّ كتاب لمن يدّعون أنفسهم مبشّرين ، أسموه (مباحث قرآنية) وجعلوا موضوع الجزء الأوّل منه (هل من تحريف في الكتاب الشريف) وتصيّدوا فيه من الآراء المزيّفة ما الحقّ منه بري (وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا) ونحن نستعين الله ونستهديه ...»(1) إلى آخر كلامه.

وقال أتان كلبرك في مقدّمة تحقيقه لكتاب التنزيل والتحريف للسيّاري : «ليس بحوزة المسلمين نصّ من القرآن مكتوب بخطّ النبيّ بصرف النظر عن وجود مصحف كامل كتبه محمّد أو أيّده ، كلّ ما هو موجود عندهم هو آيات وسور ، جمعها بعض أصحابه واحتفظ بها.

وقد أقدم أبو بكر بوصية من عمر على جمع تلك القصاصات ثمّ بقيت تلك القصاصات عند عمر ولم تعمّم ثمّ ورثتها حفصة ...»(2) إلى آخر كلامه.

قال شفالي(3) : «فبعد أن اضطرّ المؤمنون التكيّف مع الحقيقة المرّة ، وهي أنّ عثمان الحاكم العاجز وغير المحبوب قد أصبح الأب الروحي للنسخة الرسمية للقرآن ، أرادوا على الأقلّ من منطلق المساواة أن ينسبوا لسلفه الذي يفوقه أهمّية بمقدار كبير جزءاً ممّا سبق من عمل على هذه النسخة ...»(4).5.

ص: 163


1- مناهل العرفان : 104.
2- التنزيل والتحريف للسياري - مقدمة التحقيق - ترجمة معزى : 25.
3- وهو الذي أكمل كتاب تاريخ القرآن ل- : (نولدكه).
4- تاريخ القرآن ل- : (نولد كه) : 255.

وعليه فإنّ أعداء الدين ألقوا بعض الشبهات ، وتساءلوا بأسئلة ، منها : كيف يمكن الاعتماد على كتاب لم يدوّنه الرسول(صلى الله عليه وآله) ، بل لم يثبت كتابته من قبل أصحابه في عهده(صلى الله عليه وآله) ؛ لأنّ الصحابة كانوا قد حفظوه في صدورهم ولم يكتبوه في السطور ، وأنّ جمعهم للقرآن جاء بعد أكثر من عقدين من وفاة الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) ، فكيف يمكن الاعتماد على كتاب هذه هي ملابساته وخلفيّاته؟ بل كيف يسمّو كتاب سماوي على الكتب الأخرى وهذه هي خلفيّاته ، بل كيف لا يمكن تصوّر وقوع التحريف والتزوير فيه؟ وهذا تاريخه ، هذا ما تساءلوه في كتبهم المؤلّفة ضدّ الإسلام والمسلمين.

إنّ أمثال هذه التساؤلات الواردة في كتب المستشرقين جاءت من خلال وجود روايات سقيمة في المجاميع الحديثية السنّية ، وهذه الروايات هي التي ابتنى عليها أصول باطلة مخالفة للقيم والثوابت.

إنّ منهج مدرسة الخلافة الخاطئ في تاريخ جمع القرآن ، وقولهم بتأخير تدوينه إلى العقد الثالث للهجرة فسح المجال لأعداء الإسلام للنفوذ إلى عمق الدين وأصله ، ألا وهو القرآن المجيد.

أجل إنّ الجمهور إعتقدوا بأنّ ما قالوه في جمع القرآن هو الحقّ الذي لا ريب فيه ، في حين قد اتّضح لك مخالفته للعقل والثوابت التاريخية والإسلامية.

ومن المؤسف أن نرى مؤلّفينا وأعلامنا يتناقلون روايات جمع القرآن في كتب أهل السنّة والجماعة دون أي مناقشة وتعليق ، كلّ ذلك مماشاة مع

ص: 164

مرتكزات الآخرين.

وإنّي سعيت أن لا أكون من أولئك ، بل جدت لكي أدلوا بدلوي وأقول برأيي في جمع القرآن وإن خالف المشهور عند العامّة ؛ لأنّ فيه دفاعاً عن قدسية القرآن ومكانة النبيّ الأكرم ، فلا يجوز المماشاة والمداراة مع الجمهور أكثر من هذا ، وخصوصاً بعد أن وقفنا على استغلال المستشرقين لتلك الرؤية ، فكان علينا رسم البديل ، مؤكّدين على أنّنا لا نقبل تلك الرؤية ونراها مجانفة للحقّ والعقل والشريعة.

فالجمهور كرّروا كلامهم في تاريخ جمع القرآن حتّى صارت حقيقة لا يمكن أن يتخطّاها أو ينكرها أحد من المسلمين ، ولو انتقد أحدٌ تلك الفكرة اتّهم بتحريف القرآن ، مع العلم أنّ أصول تلك الفكرة هى داعية إلى التحريف حسبما وضّحناه ، لا نقدها والقول بأنّ المصحف المتلوّ ليس بمصحف أبي بكر وعمر وعثمان بل هو المصحف المنزل على صدر النبيِّ محمّد(صلى الله عليه وآله) وهو الذي كان يقرأ به المسلمون آناء الليل وأطراف النهار.

فمصحف عثمان بن عفّان لا يمكن الاعتماد عليه لأنّه جمع بعد ثلاثة عقود من وفاة رسول الله وبشاهدين ، أمّا مصحف رسول الله فهو المقروء في عهد ثمّ من بعده وأنّ حجّته جاءت من خلال التواتر لا بالبيّنة والشهود كما في مصحف عثمان ، وهذا يفهمه من له أدنى إلمام بالعلم.

وعليه فالكلام عن روايات جمع القرآن لم تكن مثل روايات تحريفه الموجودة في كتبهم ، فالثانية مع خطورتها واضحة للمطالع ، ويفهمها كلّ

ص: 165

الناس ، لجلاء نصوصها ، بخلاف روايات جمع القرآن بعد رسول الله فهي تنخر الدين من الأعماق وتحفر أنفاقاً تحت الثوابت والقوائم الأصيلة ، فهي أخطر من روايات التحريف وخصوصاً لو طرحت في إطار قواعد ثابتة وأصول حديثية ورسمت لها مقدّمات مثل : أنّ رسول الله كان أمّي لا يعرف القراءة ، والصحابة لم يدوّنوا القرآن على عهد رسول الله بل اكتفوا بحفظه إلى غيرها من عشرات المقدّمات الباطلة والهدّامة.

وهنا مسألة أخرى ترتبط بالأحاديث عموماً ، ومنها أخبار التحريف يجب توضيحها أيضاً ، وهي الإستدراج وتسلسل الحلقات في طرح الفكرة ، فلو وضعنا الواحدة تلو الأخرى لحصلنا على شيء خطير ، فغالب الجمهور يعتقدون بصحّة جميع ما في الكتب الستّة ، مع اعتقادهم أيضاً بكون السنّة قاضية على القرآن ، فهذا لو جُمع مع فكرتهم عن (عدم قبولهم بعرض الحديث على القرآن) للتأكّد من صحّته ، فيصير معنى كلامهم : عدم وجود ضابطة صحيحة لمعرفة الحديث الصحيح من السقيم ، والغلّ من الصافي في الأحاديث النبويّة ، بل لزوم الأخذ بما في الكتب الستّة دون أيّ اعتراض ، لأنّها مروية بطرق صحيحة وهي سنّة ثابتة وقاضية على القرآن لا يمكن الخدشة فيها ، هذا من جهة.

ومن جهة أخرى : من المعلوم إنّ الروايات الدالّة على تحريف القرآن في المجاميع الحديثية عند أهل السنّة والجماعة تتجاوز العشرات بل تدخل حيّز المئات ، وأنّ الباحث لو تأمّل فيها لرأى السهم الأوفر منها مروية عن

ص: 166

عمر بن الخطّاب ، وعن غيره من الصحابة بالدرجة الثانية.

فقد يكون عمر بن الخطّاب بنقله تلك الأخبار كان يريد أن يبيّن للناس بأنّه قد وقف على آيات لم تكن في أيدي الناس ، وعليه أن يرشدهم إليها.

والمتأمّل في سيرة عمر بن الخطّاب يراه يتعامل مع الناس كالهادي والمرشد ، يُصَحّحُ ما يروونه ويحكونه عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) في القرآن وفي غيره. وأنّه بنقله آية رجم الشيخ والشيخة أو غيرها كان يريد أن يرشدهم إلى وجودها.

فإنّي أقول بهذا القول ولا استبعد فى الوقت نفسه أن تكون تلك الروايات جاءت من قبل الحشوية منسوبة إليه ثمّ صارت مستمسكاً بيد المستشرقين والملحدين.

والأسوأ من كلّ ذلك أنّ علماء مدرسة الخلفاء جاءوا يفسّرون حديث نزول القرآن على سبعة أحرف - والذي رواه عمر وغيره - بشكل يفيد مدرستهم في مجال تعدّد الآراء وهو يشابه ما قالوه في سبب اختلاف حديث رسول الله(صلى الله عليه وآله) ؛ لأنّ مشكلة القرآن عند الخلفاء تشابه مشكلة الحديث عندهم.

نحن وضّحنا في كتابنا منع تدوين الحديث مسألة اختلاف النقل عن رسول الله وأنّ من أسبابه المهمّة أنّ الخلفاء لمّا جلسوا على أريكة الحكم بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله) كان عليهم أن يعرفوا جميع أحاديث رسول الله(صلى الله عليه وآله) وقضاياه وهم لا يعرفون ذلك.

كما أنّ الناس كانوا قد اعتادوا أخذ الأحكام من رسول الله(صلى الله عليه وآله) بفارق أنّ

ص: 167

رسول الله(صلى الله عليه وآله) كان مشرّع ، والخليفة غير مشرّع ، فعلى الخليفة أن يحدّث عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وبما أنّه كان لا يعرف جميع ما حدّث به رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، فكان عليه أن يسأل الصحابة عن تلك المواضيع حتّى يفتيهم بها.

وإنّ تكرار هذه الحالة كانت تضعّف من مكانة الخليفة ، فقد تراه - في بعض الأحيان - يفتي بشيء والصحابة يخطِّؤونه بأحاديث سمعوها أو كتبوها عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وهذا الموقف من الصحابة كان يؤذيه.

فكان عليه أن يتلافى المشكلة ويغلق منافذها ، إذ أنّ مقارنة فتاواه مع القرآن وأحاديث الرسول(صلى الله عليه وآله) ، ثمّ بيان وجه الخلاف بين فتواه وبين أصول التشريع سيسوق الناس إلى التعريض به والوقوف أمام آرائه ، فكان عليه أن يشرّع الاجتهاد لجميع الصحابة - كي يعذر نفسه في فتاواه - ثمّ يحصرها في نفسه متأخّراً على أنّه خليفة المسلمين ، ولا يجوز لأحد أن يفتي خلاف رأيه ، وقد فعل ذلك بالفعل.

وأنّ مشكلة القرآن كانت تشابه مشكلة الحديث ، فالخليفة من جهة ليس عنده مصحف رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، ومن جهة أخرى مشغول بالصراعات الداخلية ، وهو يعلم في الوقت نفسه بانشغال الإمام عليّ عليه السلام بجمع القرآن وتدوينه ، وعنده المكتوب على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله).

فالخليفة من جهة كان لا يريد أن يعطي امتيازاً لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، ومن جهة أخرى يريد الوقوف على القرآن الكريم مدوّناً عنده.

ص: 168

فسعى أن يجمع القرآن من جديد من خلال المكتوب والمحفوظ عند الصحابة على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، مع عدم ضغطه على كبار الصحابة وأخذه المصاحف منهم قسراً كما فعله عثمان.

فكبار الصحابة أمثال : أُبيّ بن كعب وابن مسعود وأبي موسى الأشعري ومعاذ بن جبل كانوا في عهد الشيخين يقرؤون القرآن ويقرؤونه للناس ، ولا مخالفة من الشيخين لهم.

أمّا هذه الحالة لم تدم كثيراً ، حتّى حصرهم عثمان على قراءة واحدة ، فولّدت لعثمان مشكلة من لا مشكلة ؛ لأنّ كتاب الله متلوٌّ عند المسلمين ، والمصاحف موجودة ، واختلاف القراءة جائز عند الصحابة لحديث رسول الله(صلى الله عليه وآله) القرآن «نزل على سبعة أحرف»!!! فلماذا عثمان يريد أن يوحّدهم على قراءة واحدة ، وما السبب في ذلك؟

وعليه ، فعمر بن الخطّاب لم يأتِ إلاّ بالقرآن المتلوّ عند الصحابة مع تجويزه تعدّد القراءة فيه. ولهذا لم يواجه مشكلة أساسية مع المسلمين بخلاف عثمان.

فنحن قد لا نعارض صدور الأحرف السبعة عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) وقد نعارضها ؛ لأنّه يبتني على اعتقادنا بصدورها عن رسول الله أو عدم صدورها لكن الكلام عمّا هو المقصود من هذا الخبر؟ هل الأوجه السبعة كالأمر ، والزجر ، والحلال ، والحرام ، والمحكم ، والمتشابه ، والأمثال.

أو الأقسام السبعة كما جاء على لسان الإمام عليّ عليه السلام.

ص: 169

أو أنّه إشارة إلى تعدّد اللغات واللهجات والقراءات ، فالسؤال هو : لماذا نراهم يؤكّدون - من خلال مبحث الأحرف السبعة - على صحّة اختلاف القراءات فيها(1) فقط مع أنّ الأقوال في تفسيرها كثيرة.

قال ابن حبّان (ت 354) : «اختلف الناس فيها على خمسة وثلاثين قولاً»(2).

وأوصل ابن حجر (ت 852) تلك الأقوال إلى أربعين قولاً ، وقد يكون أكثر من ذلك.

المهمّ أنّ أتباع الخلفاء وبعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله) استغلّوا هذا الحديث وأمثاله للدلالة على إمكان تبديل النصّ القرآني والتوسعة فيه ، بحجّة أنّها قراءات صادرة عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) وهذا الكلام فيه ما فيه ؛ لأنّ مشكلة تفسير النصّ ليست بأقلِّ من ترك تطبيق النصّ.

نعم ذكر الزرقاني اسم إثنين وعشرين صحابيّاً رووا حديث الأحرف السبعة عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وقد كان اسم عمر بن الخطّاب على رأس تلك القائمة ، وأنّ قصّته مع هشام بن حكيم واختلافه معه على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) في سورة الفرقان ثمّ تصحيحه(صلى الله عليه وآله) لقرائتهما مذكورة في الصحيحين تؤكّد سماعه هذا الحديث من رسول الله(صلى الله عليه وآله).

ثمّ قال الزرقاني : «لكنّك خبير بأنّ من شروط التواتر توافر جمع يُؤْمَن 2.

ص: 170


1- أي في معنى الأحرف السبعة.
2- انظر البرهان في علوم القرآن 1 / 212.

تواطؤهم على الكذب في كلِّ طبقة من طبقات الرواية.

فهذا الشرط إذا كان موفوراً هنا في طبقة الصحابة كما رأيت ، فليس بموفور لدينا في الطبقات المتأخّرة»(1).

فالزرقاني يشكّك في تواتر الخبر في الطبقات المتأخّرة وإن كان متوفّراً في طبقة الصحابة!!

أجل إنّ المستشرقين استغلّوا الروايات المروية عن عمر بن الخطّاب - على رغم عدم تواترها - للطعن في ثبوت النصّ القرآني والقول بتحريفه.

في حين نحن نؤكد أنّ روايات النقيصة في القرآن واختلاف القراءات كانت من تبعات انتهاجهم المنهج الخاطي في جمع القرآن وعدم أخذهم بمصحف الإمام عليّ عليه السلام ؛ لأنّ الناس على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) كانوا يقرؤون بما علّمهم رسول الله(صلى الله عليه وآله) ؛ لأنّه هو مصدر الإقراء لقوله تعالى : (وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْث) أمّا بعده فقد اختلفوا ، أي أنّهم اكتفوا بالقراءة والأداء دون العلم بما في القرآن.

«فعن عثمان ، وابن مسعود ، وأُبيّ : إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) كان يُقرِئْهم في العشر فلا يجاوزونها إلى عشر أخرى حتّى يتعلّموا ما فيها من العمل ، فيعلّمنا القرآن والعمل جميعاً»(2).

و «عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) أنّه قال لعليٍّ عليه السلام : يا عليّ تعلّم القرآن وعلّمه ن.

ص: 171


1- مناهل العرفان : 104.
2- تفسير القرطبي 1 / 39 عن الداني في كتاب البيان.

للناس فلك بكلّ حرف عشر حسنات ...»(1).

وفي الخبر أيضاً : «كنّا إذا قرأنا الآية لا نجاوزها حتّى نعلم فيم أنزلت؟».

لكن بعد وفاة النبيّ وأحداث السقيفة وبيعة أبي بكر وعدم قبولهم الأخذ بمصحف الإمام عليّ عليه السلام ، استعانوا بالصحابة ومصاحفهم لتدوين القرآن من جديد.

وبما أنّ لغات أولئك الصحابة ولهجاتهم كانت مختلفة فجوّزوا أوّلا قراءة الآيات بأيّ لغة كانت شريطة أن تكون تلك اللغة هي صحيحة عند العرب ، ثمّ تطوّر هذا الأمر إلى تبديل النصّ القرآني تحت عنوان القراءات ، فاختلف معنى القراءة والإقراء شيئاً فشيئاً عبر الزمن.

إنّ ما انتهجه مدرسة الخلفاء من منهج في تدوين القرآن بدءاً من أخذهم شاهدين في تدوين الآيات ، إلى مشروعية الأخذ بجميع القراءات ، إلى غيرها من الأفكار كان يدعوهم لترك الأخذ ببعض الآيات ، لعدم وجود شاهد آخر يشهد بأنّه مكتوب على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)!

وهذا المنهج الخاطى يقلّل لا محالة من الآيات القرآنية ويدعوا إلى نقصانه ، وبذلك يصحّ قول عمر بن الخطّاب : «ذهب قرآن كثير».

لكنّا لا نقبل بكلام عمر بن الخطّاب وإمكان تأثير المنهج الخاطي 7.

ص: 172


1- كنز العمال 1 / 266 ح 2377.

للخلفاء في جمع القرآن على القرآن نفسه ، بل نقول إنّ قرآنية القرآن جاءت متواترة وإنّ آياته وسوره كانت شائعة بين المسلمين ولم ينقص منها شيء ، ولا يحتاج إثبات القرآن إلى البيّنة والشهود كما يريده الخلفاء!

لكن مدرسة الخلفاء ولكي يصحّحوا ما قالوه في جمع القرآن والأحرف السبعة ، حرّفوا مفهوم القراءة والإقراء بحيث صار موضوع القراءات سلّماً إلى التحريف - من حيث يشعرون أو لا يشعرون - بالطريقة التي سنوضّحها.

وعليه فالقراءة في عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) كانت تعني قراءة القرآن وفهم معانيه ، وأنّ رسول الله كان لا يتجاوز العشر منها إلى عشر أخرى حتّى يتعلّموا ما فيها ، أمّا بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله) صار تبديل النصّ القرآني بلهجات العرب هو المعنيّ من القراءة والإقراء ، ثمّ تكاثرت عدّة هذه القراءات عند المسلمين شيئاً فشيئاً حتّى صارت مشكلة كبرى لا يمكن حلّها ، فتجاوزت من سبعة إلى عشرة إلى أربعة عشر إلى ...

وإنّك لو تأمّلت قليلاً في أحاديث نزول القرآن على سبعة أحرف لرأيتها تحرّر الإنسان من التقيّد بالنصّ القرآني الواحد ، بل تجيز للقارئ تبديل النصّ بأيّ لفظ شاء ، بشرط أن لا تصير آية الرحمة آية عذاب وآية العذاب آية الرحمة!

لا أدري كيف يمكن للمسلم القبول بهذه السعة في كتاب ربّه؟

فلا أرى إنساناً حكيماً يرضى بتغيير كلامه ، فكيف يمكن تصوّر ذلك في تغيير كلام ربّ الأرباب وإمكان وقوعه.

ص: 173

فهل سمعت كاتباً أو شاعراً أو مؤلِّفاً قد سمح للناس كلّ الناس أن يغيّروا كلامه كيف ما شاءوا وحيثما شاءوا ، بشرط أن لا يبدّلوا المدح ذمّاً والذمّ مدحاً؟ كلاّ ، وألف لا ، بل نراهم يحاسبون أصحاب المطابع على الأخطاء الموجودة في كتبهم مع أنّها هي اُمور سهوية يعذر فيها غير المعصوم.

فكيف يمكن للباحث تصوّر التبديل والتغيير في كلام الله الموزون في جمله وآياته وسوره؟ بل كيف يمكن تجويز التغيير في كتاب الله النازل على سبيل التحدّي والبلاغة؟

قال ابن الجزري : «ولا زلت استشكل هذا الحديث - أي حديث نزول القرآن على سبعة أحرف - وأفكّر فيه وأمعن النظر من نحو نيّف وثلاثين سنة حتّى فتح الله عليّ بما يمكن أن يكون صواباً إن شاء الله تعالى ، وذلك أنّي تتبّعت القراءات صحيحها وضعيفها وشاذّها فإذا هي يرجع اختلافها إلى سبعة أوجه ...»(1)!!

إنّ فكرة تفسير نزول القرآن على سبعة أحرف كان من ورائها الخلفاء الثلاثة ، وإنّ ما نقلوه من تفسير لها لم يكن من قبل النبيّ كما يدّعون ، منوّهاً على أنّ بعض علماء مدرسة الخلفاء أرجع الأحرف السبعة إلى القراءات السبعة ، وهذا ما لا يقبله الجميع. 7.

ص: 174


1- انظر تاريخ القرآن : 87.

نعم إنّهم أرادوا الاستفادة من حديث الأحرف السبعة لتصحيح القراءات المختلفة المنقولة عن الصحابة والتابعين ، وهذا لا يمكنهم الاستدلال به أيضاً ؛ لأنّه ثبت في علم القراءات عدم تواتر القراءات عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وأنّها إمّا كانت من اجتهادات القرّاء أو منقولة بالآحاد ، وأقصى ما أمكنهم إثباته هو تواترها عن الأئمّة السبعة ، إذ قد جوّز ابن الجزري وغيره الأخذ بأيّ قراءة بشرط أنّ توافق العربية ولو بوجه ، سواء كانت تلك القراءة صادرة عن السبعة أم عن العشرة أم عن غيرهم من الأئمّة المقبولين.

فقراءة (يَطْهُرْنَ)(1) ب- : (يَطَّهَّرْنَ) - والذي من خلاله يختلف الحكم الشرعي - لم يأت طبق رواية سمعوها من رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، فهي من اجتهادات القرّاء أو الفقهاء ، وهذا ما قاله كثير من علماء الجمهور.

قال الزركشي في البرهان : «القرآن والقراءات حقيقتان متغايرتان ، فالقرآن هو الوحي المنزل على محمّد(صلى الله عليه وآله) للبيان والإعجاز ، والقراءات اختلاف ألفاظ الوحي المذكور في الحروف ، وكيفيّتها من تخفيف وتشديد وغيرهما ، والقراءات السبع متواترة عند الجمهور ، وقيل بل هي مشهورة. وقال أيضاً : والتحقيق أنّها متواترة عن الأئمّة السبعة. أمّا تواترها عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) ففيه نظر ، فإنّ إسنادهم بهذه القراءات السبع موجود في كتب القراءات ، وهي ).

ص: 175


1- في قوله : (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ).

نقل الواحد عن الواحد»(1).

وقال أبو شامة في مرشده في جواب من قال بأنّ القراءات السبع كلّها متواترة قال : «والقطع بأنّها منزلة من عند الله واجب ، ونحن بهذا نقول ، ولكن فيما اجتمعت على نقله عنهم الطرق ، واتّفقت عليه الفرق ، من غير نكير له من أنّه شاع واشتهر واستفاض ، فلا أقلّ من اشتراط ذلك إذا لم يتّفق التواتر في بعضها»(2).

وعليه فالخدش في تواتر القراءات لا ينافي تواتر أصل القرآن ، وذلك لتواتر مادّته وإن اختلف في هيئته أو إعرابه.

كان هذا إجمال الكلام عن جمع القرآن في عهد الشيخين.

ولكي نمهّد للقسم الثاني(3) من البحث نقدّم بعض النماذج من تبديل عمر بن الخطّاب للنصّ القرآني ، والتي حاول علماء الجمهور جعلها قراءة ، فهي قراءة عندهم وإن لم يأخذ بها المسلمون في المصحف الرائج اليوم.

اجتهادات تحت عنوان القراءات :

«فعن إبراهيم عن خرشة بن الحرّ قال : رأى معي عمر بن الخطّاب لوحاً مكتوباً فيه (إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ ن.

ص: 176


1- الاتقان1 / 138 النوع : 22 - 27.
2- النشر في القراءات العشر 1 / 13.
3- والذي سنتعرض إليه بعد الانتهاء من بيان تاريخ جمع القرآن.

اللَّهِ).

فقال : من أملى عليك هذا؟

قلت ، أبيُّ بن كعب.

قال : إنّ أبيّاً كان أقرأَنا للمنسوخ ، أقرأها (فامضوا إلى ذكر الله)»(1).

وفي كنز العمّال «عن ابن أبي داود وابن الأنباري كليهما في المصاحف عن عمر بن الخطّاب أنّه كان يقرأ : (سراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالّين)(2).

ولم يختصّ قراءة عمر بن الخطّاب أو قل اجتهاده! بهذين الموردين! فقد جاء عنه أنّه كان يقرأ قوله تعالى : (ءَإِذَا كُنَّا عِظَاماً نَخِرَةً) : (عظاماً ناخرة) ، لقربه من سياق الآيات الأخرى.

فقد يكون عمر اعتقد بأنّه لا فرق بين أن تكون الكلمة مع الألف أو بدونها ، وهذا - إن ثبت - فهو تصرّف بالنصّ القرآني ، وتعدٍّ على إرادة الله سبحانه ؛ لأنّ الباري جلّ وعلا أدرى بما يريد ، فقد يريد الخروج من سياق الآيات إلى غيرها لحكمة يراها ، على أنّ (ناخرة) و (نخرة) تختلفان في المعنى وليستا من الترادف في شيء ، وحتّى لو قلنا بالترادف بينهما فلا يجوز الإبدال فيها ، فلا يمكن مثلاً إبدال كلمة (المنزل) بالمسكن أو البيت أو العمارة بدعوى الترادف ، لأنّا نعلم بأنّ أهل اللغة لحظو معنى لكلِّ كلمة من 1.

ص: 177


1- تاريخ المدينة لابن شبة 1 / 377 ، كنز العمّال 2 / 251 / ح 4808.
2- كنز العمال 2 / 251 ح 4811.

هذه الكلمات»(1).

مضافاً إلى ذلك أنّ كلام الله وحيوي ، فيجب الوقوف على تفسيره وتبيينه من قبل الرسول(صلى الله عليه وآله) لقوله تعالى : (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ).

فاجتهاد عمر ودعوى كونها قراءة لم يختصّ بهذين الموردين ، فقد كان يقرأ أيضاً قوله تعالى : (اللهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) : (الحيّ القَيَّام).

وفسّر مجاهد - حسبما في صحيح البخاري - كلام عمر بشكل يرضيه ، فقال : القيّوم القائم على كلِّ شيء وقرأ عمر (القيّام) وكلاهما مدح(2).

فإنّهما وإن كانا مدحاً ، إلاّ أنّ نصّ القرآن توقيفيّ لا يمكن التغيير فيه ، ف- : (القَيَّوم) هو من أسماء الله سبحانه وتعالى لا (القَيَّام) ، الذي يوحي إلى فكرة التجسيم.

فكما لا يجوز أن تقرأ (بسم الله الرحمن الراحم) بدل (الرحيم) ، كذلك لا يجوز أن نقرأ (الحيّ القيّام) بدل (الحيّ القيّوم) وإن كانا مدحاً ، ومثله قراءته (فأخذتهم الصعقة) بدل (الصاعقة) ، وأشباهها من التحويرات التي جاءت في ألفاظ القرآن عنه وعن غيره من الصحابة.

فالنبيّ الأكرم لا يجيز تغيير دعائه الذي علّمه البراء بن عازب والذي فيه ح.

ص: 178


1- هذا بناءً على وجود الترادف في كلام العرب ، وأمّا على القول بعدم وجود الترادف فإنّ عدم جواز التبديل يكون أشدَّ وآكدَ.
2- تفسير الطبري 3 / 163 ، وانظر صحيح البخاري 4 / 1872 / ح 397 ، باب تفسير سورة نوح.

(ورسولك الذي أرسلت) ، فقرأه البراء (ونبيّك الذي أرسلت) بدل (رسولك) فنهاه رسول الله(صلى الله عليه وآله) مع أنّ كليهما حقّ ، فمحمّد بن عبدالله هو رسول الله(صلى الله عليه وآله) ونبيّه معاً.

فلو كان هذا هو موقف رسول الله(صلى الله عليه وآله) من دعاء علّمه البراء ، فكيف يجيز للآخرين أن يغيّروا نصّ كتاب ربّه ويضعوا بدل (عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (غفور رحيم) أو (سميع عليم).

ألم يكن هذا بهتان من القول ، لا يتّفق مع الثوابت الشرعية وسيرة الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله).

إذ لكلِّ كلمة عربية - وكما قلنا - معناها الخاصّ بها ولا يجوز تبديل إحداها بأخرى مثلها ، فمثلاً قد يتصوّر شخص بأنّ (الجيد) و (العنق) و (الرقبة) هنَّ شيء واحد ، لكن الأمر لم يكن كذلك ؛ لأنّ (الجيد) يتضمّن معنى الحسن ، فيقال : جيد الفتاة ولا يقال : ما أجمل عنق الفتاة.

أمّا (العنق) فيتضمّن معنى الطول ، فيقال : طويل العنق أو مدّ عنقه ، ولا يقال مدّ رقبته أو مدّ جيده.

أمّا (الرقبة) فهو إسم لجزء الإنسان الذي يتضمّن معنى الكلّ فيقال : (عتق رقبة) فلا يقال اعتق عنقاً أو جيداً.

فلا يصحّ تبديل كلمة مكان أخرى لأنّه يفسد البلاغة ، ولأجل هذه الدقّة اللّغوية بين معنى الكلمات وصف الله أمّ جميل زوجة أبي لهب بأنّها

ص: 179

جعلت في جيدها(1) - بدلاً من القلادة التي تزيّن جيد الفتاة - حبلاً من مسد - وهو ليف النخل - تحمل به الحطب لإيذاء النبيّ(صلى الله عليه وآله).

وهكذا الحال بالنسبة إلى : أقبل ، وتعال ، وهلمّ ، وحيّهلا.

فأقْبِلْ : فعل أمر من الإقبال : الإتيان من قِبَل الوجه ، نقيض الإدبار لقوله تعالى (أَقْبِلْ وَلاَ تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الآمِنِينَ).

وتعال : دعوة للمخاطب أن يفكّر وهو في الأغلب من أعمال النفس ويلازمه القيام بأعمال جسدية ، كقوله تعالى (فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ) وقوله تعالى : (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ) وقوله تعالى : (إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ).

وهلمّ : يستعمل لإشراك الآخرين بعمل يهتمّ به الداعي إليه ، كقوله تعالى : (قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللهَ حَرَّمَ هذَا).

وحيّهل وحيّهلا : وهذه الكلمة مركّبة من كلمة (حيّ) أي : أقبل ، و (هلا) أي : أسرع ، ومعناه : أقبل مسرعاً.

وبهذا فقد عرف بأنّه لا يجوز تبديل كلمة مكان أخرى لأنّها تفسد بلاغة القرآن ، وإن كانت لا تبدّل آية رحمة بآية عذاب حسبما يقولون!!!

ومثله كلمات : أذهب ، أسرع ، عجّل. ا.

ص: 180


1- ولم يقل في عنقها.

فالذهاب : هو المضيّ من مكان إلى آخر كقوله تعالى : (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى) وقوله تعالى : (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذا فَأَلْقُوهُ).

والإسراع : هو خلاف البطء فيه ماديّاً كان العمل أم معنويّاً مثل قوله تعالى : (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَة مِن رَبِّكُمْ).

والعجلة : حالة نفسية تبعث على المبادرة بعمل ما ، سواء كان الدافع الشوق أو الخشية والخوف من فوت الأمر أو بدافع السخط والغضب مثل قوله تعالى : (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى) وقوله : (وَلاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ).

وعليه فقد عرفت عدم إمكان تبديل الكلمات العربية والأدعية القرآنية بما يعجب الفرد ، وإن سمح بذلك بعض الصحابة!!!

فلا يمكن إبدال دعاء إبراهيم وإسماعيل (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) ب- : (ربّنا تقبّل منّا إنّك أنت التوّاب الرحيم).

أو قوله تعالى حكاية عن قوم موسى واتّباعهم العجل (وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِن بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) فلا يجوز إبدالها ب- : (ثمّ تابوا من بعدها إنّ ربّك من بعدها لسميع عليم).

إذن علينا أن نقول بأنّ هذه الأفكار كان وراءها بعض كفّار قريش أمثال عبدالله بن سعد ابن أبي سرح الذي ارتدّ مشركاً بعد أن كان كاتباً للوحي ، فقال لهم : «إنّي كنت أصرف محمّداً حيث اُريد ، كان يملي عليّ (عزيز حكيم) فأقول (عليم حكيم) فيقول : نعم ، كلٌّ صواب فأنزل الله فيه قوله

ص: 181

تعالى (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللهُ)».

فالفرق بين عزيز حكيم ، وعليمٌ حكيم ، وتوّابٌ رحيم يعرفه العربيّ البسيط ، فكيف لا يفرّق بينها سيّد الفصحاء محمّد بن عبدالله(صلى الله عليه وآله)!!

وقد حكي عن الأصمعيّ قوله : «كنت أقرأ : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالا مِنَ اللهِ [والله غفور رحيم]) وكان أعرابيٌّ.

فقال : كلام من هذا؟

فقلت : كلام الله.

فقال : أعد ، فأعدت ، فقال : ليس هذا كلام الله! فانتبهت فقرأت : (وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) فقال : أصبت هذا كلام الله!

فقلت : أتقرأ القرآن؟ قال : لا. فقلت : فمن أين علمت؟ فقال : يا هذا! عزَّ فحكم بقطع ، ولو غفر ورحم لما قطع!»(1).

كما استهجن الإمام الخوئي أطروحة الأحرف السبعة بالصورة التي يذهب إليها علماء الجمهور فقال متسائلاً : «هل يتوهّم عاقل ترخيص النبيّ(صلى الله عليه وآله) أن يقرأ القارئ (يس* وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * عَلَى صِرَاط مُّسْتَقِيم * تَنزِيلَ الْعَزِيْزِ الرَّحِيمِ * لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ 4.

ص: 182


1- انظر زاد المسير 2 / 354.

فَهُمْ غَافِلُونَ) ب- : (يس ، والذكر العظيم ، إنك لمن الأنبياء ، على طريق سويّ ، إنزال الحميد الكريم ، لتخوّف قوماً ما خوّف أسلافهم فهم ساهون) فلتقرّ عيون المجوّزين لذلك. سبحانك اللهمّ إن هذا إلاّ بهتان عظيم. وقد قال الله تعالى : (قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ)»(1).

وقال الزركشي في كتابه البرهان في علوم القرآن : «قاعدة يظنّ بها الترادف وليست منه ، وذكر من مصاديقه في القرآن الكريم : الخوف والخشية ، البخل والضَّنّ ، السبيل والطريق ، جاء وأتى ، فعل وعمل ، قعد وجلس ، كمل وتم. وغيرها. وذكر الفروق بين معانيها»(2).

وبهذا فقد اتّضح لك بأنّ ما قالوه عن الأحرف السبعة والقراءات كلّها كانت من آثار عدم إعتقادهم وجود مصحف على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، أو عدم أخذهم بمصحف الإمام عليّ عليه السلام ، ثمّ بدءهم بعملية جمع القرآن بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله) من جديد بشاهدين!

وعلماء الجمهور ارتضوا فكرة الأحرف السبعة وجمع القرآن بعد رسول الله تعصّباً ، وأخذوا يدافعون عنها ، وفي كلامهم ما يفيدنا ويدعم قولنا ، وإليك الآن كلام الزرقاني في مناهل العرفان وهو يذكر (فوائد لاختلاف القراءة وتعدّد الحروف) أذكرها بالنصّ دون أيّ تعليق : 6.

ص: 183


1- البيان في تفسير القرآن : 198.
2- البرهان في علوم القرآن 1 / 78 - 86.

«... وعلى هذه السياسة الرشيدة نزل القرآن على سبعة أحرف يصطفي ما شاء من لغات القبائل العربيّة ، على نمط سياسة القرشيّين بل أوْفق. ومن هنا صحَّ أن يقال : إنّه نزل بلغة قريش ، لأنّ لغات العرب جمعاء تمثّلت في لسان القرشيّين بهذا المعنى. وكانت هذه حكمة إلهية سامية ؛ فإنّ وحدة اللسان العامِّ من أهمِّ العوامل في وحدة الأمّة ، خصوصاً أوّل عهد بالتوثّب والنهوض.

ومنها بيان حكم من الأحكام ، كقوله سبحانه : (وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا السُّدُسُ)(1) قرأ سعد ابن أبي وقّاص (وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ مِنْ أُم) بزيادة لفظ منْ أُمٍّ ، فتبيّن بها أنّ المراد بالإخوة في هذا الحكم الإخوة للأم دون الأشقّاء ومنْ كانوا لأب ، وهذا أمرٌ مجمعٌ عليه.

ومثل ذلك قوله سبحانه في كفّارة اليمين : (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَة)(2) وجاء في قراءة : (أو تَحْرِيرُ رَقَبَة مُؤْمِنَة) بزيادة لفظ مُؤْمِنَة ، فتبيّن بها اشتراطُ الإيمان في الرقيق الذي يعتق كفّارة يمين. وهذا يؤيّد مذهب الشافعي ومن نحا نحوه في وجوب توافر ذلك الشرط.

ومنها الجمع بين حكمين مختلفين بمجموع القراءتين ، كقوله 9.

ص: 184


1- النساء : 12.
2- المائدة : 89.

تعالى : (فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ)(1) قرئ بالتخفيف والتشديد في حرف الطاء من كلمة (يطهرنَ) ، ولا ريب أنَّ صيغة التشديد تفيد وجوب المبالغة في طهر النساء من الحيض ؛ لأنّ زيادة المبْنَى تدلُّ على زيادة المعنى.

أمّا قراءة التخفيف فلا تفيد هذه المبالغة. ومجموع القراءتين يحكم بأمرين : أحدهما أنّ الحائض لا يقربها زوجها حتّى يحصل أصل الطهر. وذلك بانقطاع الحيض. وثانيهما أنّها لا يقربها زوجها أيضاً إلاّ إن بالغتْ في الطهر ، وذلك بالاغتسال ، فلابدّ من الطهرين كليهما في جواز قربان النساء. وهو مذهب الشافعي ومن وافقه أيضاً.

ومنها الدلالة على حكمين شرعيّين ولكن في حالين مختلفين : كقوله تعالى في بيان الوضوء : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)(2) قرئ بنصب لفظ (أَرْجُلَكُمْ)(3) المنصوب ، وهو مغسول. والجرُّ يفيد طلب مسحها ؛ لأنّ العطف حينئذ يكون على لفظ (رُؤُوسِكُمْ)(4) المجرور وهو ممسوح. وقد بيّن الرسول(صلى الله عليه وآله) أن المسح يكون للابس الخفِّ وأنَّ الغسل يجب على من لم 6.

ص: 185


1- البقرة : 222.
2- المائدة : 6.
3- المائدة : 6. انظر كلامنا حول هذه الآية في البحث القرآني لكتابنا (وضوء النبيّ).
4- المائدة : 6.

يلبس الخفّ.

ومنها دفع توهّم ما ليس مراداً كقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ)(1) وقرئ (فَآمْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ). فالقراءة الأولى يتوهّمُ منها وجوبُ السرعة في المشي إلى صلاة الجمعة ، ولكن القراءة الثانية رفعت هذا التوهّم ؛ لأنّ المضيَّ ليس من مدلوله السرعة.

ومنها بيان لفظ مبهم على البعض نحو قوله تعالى : (وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ)(2) وقرئ (كآلْصُوفِ اآلْمَنْقُوشِ) فبيّنت القراءةُ الثانية أنَّ العهنَ هو الصوف.

ومنها تجلية عقيدة ضلَّ فيها بعضُ الناس : نحو قوله تعالى في وصف الجنّة وأهلها : (وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نِعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً)(3) جاءت القراءة بضمّ الميم وسكون اللام في لفظ (وَمُلْكاً كَبِيراً)(4) وجاءت قراءة أخرى بفتح الميم وكسر اللام في هذا اللفظ نفسه فرفعت هذه القراءةُ الثانية نقابَ الخفاء عن وجه الحقِّ في عقيدة رؤية المؤمنين للّهِ تعالى في الآخرة ؛ لأنّه سبحانه هو الملك وحده في تلك الدار (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ 0.

ص: 186


1- الجمعة : 9.
2- سورة القارعة : 5.
3- الإنسان : 20.
4- الإنسان : 20.

الْقَهَّارِ)(1).

والخلاصة : أن تنوُّع القراءات ، يقومُ مقام تعدُّد الآيات. وذلك ضربٌ من ضروب البلاغة ، يبتدئ من جمال هذا الإيجاز وينتهي إلى كمال الإعجاز»(2).

وعليه فإنّ نصوص الأحرف السبعة تجيز للإنسان أن يبدّل بعض الكلمات باُخرى ، والقول بهذا يهدم المعجزة الخالدة (القرآن) ، والحجّة على الناس ، بل يدعو إلى هجر القرآن ، والتفنّن في تغيير نصوصه ، وفي ذلك فساد بلاغة القرآن وتجويز الاختلاف بين المسلمين في القراءة والأحكام.

وقد عرفت بأنّ ذلك كان من تبعات عدم أخذهم بالمصحف الموجود خلف فراش رسول الله(صلى الله عليه وآله).

كما عرفت بأنّ ما حكوه عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) وأنّه قال : «لا تستطيع أمّتي القراءة على حرف واحد» هو كذب أيضاً ، إذ لا يعقل نسبة هذا الكلام إلى النبيّ الأكرم ؛ لأنّ القرآن كان يقرأ على حرف واحد على عهده(صلى الله عليه وآله) ، وفي عهد أبي بكر ، وعمر ، وعثمان إلى يومنا هذا ، ولم يقع اختلاف بينهم إلاّ في بعض الجزئيّات الصغيرة التي لا تُخِلُّ بأصل القرآن.

وسؤالنا : كيف استطاعت الأُمّة أن تقرأه على حرف واحد بعد عثمان ، إذا كانت هي غير قادرة على قراءته على حرف واحد في عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ 1.

ص: 187


1- غافر : 16.
2- مناهل العرفان : 109 - 111.

إنّه كذب وبهتان.

فلو صحّت صدور أحاديث الأحرف السبعة ، ففيها : أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) طلب من الله أن يخفّف على أمّته بأن يقرؤوه على سبعة أحرف ، والله سمح لهم بذلك وفتح باب رحمته لهم.

فلو كان هذا ، فكيف بعثمان يسدّ باب الرحمة ويشدّد على المسلمين ، بل كيف بالمسلمين يرفضون ما أذِن الله ورسوله لهم بتعدّد القراءة آخذين بكلام عثمان الداعي إلى توحيد القراءة!

فهل أنّ عثمان بن عفّان أرأف بالمسلمين من رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟! أو أنّه تنبّه إلى ما لم يتنبّه إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) من قبل؟!

برأيي أنّ نزول القرآن على حرف واحد هو الصحيح ، وهو ما قاله أئمّة أهل البيت عليهم السلام ، فهم وأتباعهم ذهبوا إلى الوحدانية في كلّ مجالات الشريعة لا التعدّدية.

وفي المقابل ترى أئمّة مدرسة الخلفاء وعلمائهم ذهبوا إلى التعدّدية في جميع مجالات الشريعة ، كي يصحّحوا قراءات الجميع ، أو قل كي يدخل في القرآن بعض القراءات الخاطئة لبعض الخلفاء ، وهذا ما لا نقبله.

كما أنّهم استغلّوا تلك الرحمة النبوية التي سمحت لغير العربي أن يقرأ القرآن بما يقدر عليه ويثاب على فعله ، إلى إدخال ما لا يرتضيه الله ورسوله.

ففي الخبر عن الإمام الصادق عليه السلام : «أنّ الرجل الأعجمي من أُمّتي ليقرأ

ص: 188

القرآن فترفعه الملائكة على عربية(1)» تشريفاً من الله للمسلم وسعة عليه.

فقد يكون دعاة الأحرف السبعة استفادوا من هذا التجويز للقول بأنّ الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) سمحا لجميع المؤمنين بذلك.

على أنّ قراءة أولئك الأعاجم لم تكن قرآن تلاوة وذكر منصوص عليه من قبل الله تعالى ، بل هو قرآن تبرّك وتسهيل وتوسعة لغير العربي ، هذا بعكس ما يريده القائل بالأحرف السبعة ، فذلك يعتبره قرآناً منزلاً يجوّز القراءة به في الصلاة.

بهذا فقد عرفت بأنّ بعض الصحابة جوّزوا لأنفسهم تبديل النصوص القرآنية شريطة أن تكون موافقة للقواعد العربية ، أو قل إنّهم استحسنو قراءة القرآن وفق اجتهاداتهم ، كما أنّهم غيّروا ما زعموه مخالفاً للقواعد بلفظ يوافقها وسمّوا كلّ تبديل لهم بأنّها قراءة شاذّة ، وسمّوا عملهم هذا بعلم القراءة ، كما سمّوا أنفسهم بالقرّاء. ومعنى ذلك إنّهم شرّعوا التعدّدية في القراءات والأحكام ، وهذا ما لا ترتضيه مدرسة أهل البيت.

قال القرطبي في تفسير سورة الحمد :

«التاسعة والعشرون : (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) ولغة القرآن (الَّذين) في الرفع والنصب والجر ؛ وهذيل تقول : الّلذونَ في الرفع.

ومن العرب من يقول : اللذو (2). ن.

ص: 189


1- الكافي 1 / 619 / ح 1 باب أنّ القرآن يرفع كما أُنزل.
2- البحر المحيط لأبي حيان 1 / 26 : وأستعماله بحذف النون جائز كذا في اللسان.

ومنهم من يقول : الذي ...

وفي (عليهُمْ) بضمِّ الهاء وإسكان الميم.

و (عليهِمْ) بكسر الهاء وإسكان الميم.

و (عليهِمِي) بكسر الهاء والميم وإلحاق ياء بعد الكسرة.

و (عليهِمُو) بكسر الهاء وضمِّ الميم وزيادة واو بعد الضمّة.

و (عليهُمُو) بضمِّ الهاء والميم كلتيهما وإدخال واو بعد الميم.

و (عليهُمُ) بضمِّ الهاء والميم من غير زيادة واو.

وهذه الأوجه الستّة مأثورة عن الأئمّة من القرّاء.

وأوجه أربعة منقولة عن العرب غير محكية عن القرّاء : (عليهُمِي) بضمِّ الهاء وكسر الميم وإدخال ياء بعد الميم ، حكاها الحسن البصري عن العرب.

و (عليهُمِ) بضمّ الهاء وكسر الميم من غير زيادة ياء.

و (عليهِمُ) بكسر الهاء وضمّ الميم من غير إلحاق واو.

و (عليهِمِ) بكسر الهاء والميم ولا ياء بعد الميم. وكلّها صواب ، قاله ابن الأنباري»(1).

قال السيّد مرتضى العسكري بعد أن نقل كلام القرطبي الآنف :

«إنّ قراءة (عَلَيْهِمْ) كانت موافقة لخطّ المصحف الذي بأيدي الناس كلِّ الناس اليوم ، وكذلك ورثوه خلفاً عن سلف جيلاً بعد جيل ، ولذلك قرأها 8.

ص: 190


1- تفسير القرطبي 1 / 148.

الناس كلّ الناس منذ عصر رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتّى اليوم ما عدا طبقة القرّاء منهم الذين اختلقوا القراءات ...

أمّا اللغات التسع الباقية : فمنها ما اختلقها القرّاء بأنفسهم استحساناً منهم لها.

ومنها ما اقتبسوها من تلفُّظ بعض القبائل العربية لكلمة (عَلَيْهِمْ) في محاوراتهم الخاصّة بهم.

ثمّ أخضعوا كلام الله المجيد لتلفّظ تلك القبائل وهكذا اختلقوا في تسع قراءات مقابل النصّ القرآني لم ينزل الله بها من سلطان ولم يقرأها الرسول (صلى الله عليه وآله) ولا من كان في عصره سواء الصحابة منهم أم سائر المسلمين ...

قال في الموفية الثلاثين : «قرأ عمر بن الخطّاب وابن الزبير (صراط من أنعمت عليهم) أي : إنّ هذه القراءة رويت عن عمر وابن الزبير خاصّة ولم ترد في النصّ القرآني ولم ترد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ودليلنا على ذلك أنّه قال قبله : إنّ قراءة ملك ومالك رويت عن النبيّ وأبي بكر وعمر).

وهكذا ذكر اسم النبيّ (صلى الله عليه وآله) في عداد من قرأ (ملك ومالك) بينا نسب قراءة (صراط من أنعمت) إلى عمر وابن الزبير ، ولم يذكر اسم النبيّ (صلى الله عليه وآله) في عداد من قرأ كذلك.

إذن فإنّ هذه القراءة تقابل النصّ القرآني (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) الذي توارثه المسلمون خلفاً عن سلف وجيلاً بعد جيل إلى أن ينتهوا إلى الذين أخذوه عن فم الرسول (صلى الله عليه وآله) ، وكتبوه بأمره ، ونحن نعلم أنّ

ص: 191

الرسول (صلى الله عليه وآله) أخذ هذه القراءة من الله سبحانه حيث قال تعالى : (سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَى).

وبناءً على ذلك قالوا : أقرأ الله ورسوله (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) المسلمين كما هو في النصّ القرآني ، وقرأ عمر وابن الزبير (صراط من أنعمت عليهم)!!!

ولست أدري كيف استساغوا أن يقولوا : قال الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) وقال الصحابة والقرّاء!!!

ولست أدري ممنّ أخذ عمر وابن الزبير وغيرهما تلك القراءة؟ لست أدري ...

وكذلك حرّفوا كلام الله بأنواع التحريف.

أ - تحريف كلمات كلام الله المجيد مثل ما مرّ تبديلهم : (ننسه) ب- : (ننساه) و (وَلاَ الضَّآلِّينَ) ب- : (غير الضالّين).

ب - تحريف الحركات الإعرابية والحروف الإعرابية لكلام الله مثل ما مرّ تبديلهم : (إِنْ هذَانِ) ب- : (اِن هذين).

ج - تحريف ضبط الكلمات ، مثل ما مرّ تبديلهم : (عَلَيْهِمْ) ب- : (عَلَيْهُمْ) و (عَلَيهُمُ).

وهكذا حرّفوا القرآن تحريفاً بما لا يتيسّر عدّه ومزّقوه تمزيقاً ولم يجر نظيره على أي نصّ آخر سماويّاً كان مثل التوراة والإنجيل المحرّفين أو من كلام البشر مثل قصائد الشعراء الجاهليّين كامرئ القيس أو المخضرمين كأبي

ص: 192

طالب وحسّان بن ثابت أو العباسيّين كالمتنبيّ والحمداني وكذلك في خطب الخطباء وتصانيف المؤلّفين في أيّ لغة من لغات الإنسان.

ثمّ سمّوا كلّ ذلك التحريف للقرآن بعلم القراءة»(1) انتهى كلام السيّد العسكري.

كان هذا بعض الشيء عن القراءات والأحرف السبعة ، وإكمالا للبحث أو تمهيداً للقسم الثاني منه إليك بعض الروايات التي يستشمّ منها رائحة التحريف في كتب أهل السنّة والجماعة ، أتيت بها للحدّ من مدّعيات أمثال إحسان إلهي ظهير القائلين عدم وجود حتّى رواية واحدة دالّة على تحريف القرآن في كتبهم ، فها هي بعض تلك الروايات وقد جاءت على لسان كبار الصحابة :

روايات أخرى في تحريف القرآن عند الجمهور :

أخرج ابن مردويه «عن عمر بن الخطّاب ، قال : قال رسول الله : القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف فمن قرأه صابراً محتسباً فله بكلِّ حرف زوجة من الحور العين»(2).

لا أدري كيف يتطابق هذا المرويّ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع قرآننا المتلوّ اليوم ، الذي لا يزيد عن ثلاث مائة ألف حرف وكسر ، في حين الموجود لا 6.

ص: 193


1- القرآن الكريم وروايات المدرستين 2 : 239 - 241 بتصرف.
2- الدر المنثور 8 /2/699 ، المعجم الأوسط 6 / 361 / ح 6616.

يبلغ ثلث ما قاله عمر ، ومعنى كلامه ضياع ثلثي القرآن ، فهل يقبل بهذا مسلم؟! وهل تحريف الكتاب العزيز جاء من كلام الشيعة أم من كلام عمر؟

وقريب من هذا النصّ تراه موجوداً في الصحاح والسنن :

فقد أخرج عبدالرزّاق «عن ابن عبّاس قال : أمر عمر بن الخطّاب مناديه فنادى إنّ الصلاة جامعة ثمّ صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : أيَّها الناس لا تجزعنّ من آية الرجم فإنَّها نزلت في كتاب الله وقرأناها ولكن ذهبت في قرآن كثير ذهب مع محمّد»(1). فما يعني هذا القول من عمر؟

و «عن المسوّر بن مخرمة ، قال : قال عمر لعبدالرحمن بن عوف : ألم تجد فيما أنزل علينا (أن جاهدوا كما جاهدتم أوّل مرّة) فإنّا لا نجدها ، قال : أسقطت فيما أسقط من القرآن»(2).

فما يعني هذا الكلام أيضاً؟

«وعن عديّ بن عديّ بن عميرة بن فروة عن أبيه عن جدّه : أنّ عمر بن الخطّاب قال لأُبيّ : أو ليس كنّا نقرأ من كتاب الله : (إنّ انتفاءكم من آبائكم كفر بكم)؟ فقال : بلى. ثمّ قال : أو ليس كنّا نقرأ : (الولد للفراش وللعاهر الحجر) فُقد فيما فقدنا من كتاب الله؟ قال أُبيّ : بلى»(3). ّ.

ص: 194


1- مصنّف عبدالرزاق 7 / 330 / ح 13364 ، وفيه : أيّها الناس لا تخدعن ... وما في المتن عن الدرّ المنثور 6 / 558 ، عن عبدالرزّاق بن همّام.
2- الإتقان في علوم القرآن 2 / 68/ح 4127.
3- انظر التمهيد لابن عبدالبرّ 4 / 276 ، والمتن عن الدرّ المنثور 1 / 258 عن التمهيد لابن عبدالبرّ.

وفي صحيح البخاري «عن عبيدالله عن ابن عبّاس ، قال : قال عمر : لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتّى يقول قائل : لا نجد الرجم في كتاب الله فيضلّوا بترك فريضة أنزلها الله ، ألا وإنّ الرجم حقٌّ على من زنى وقد أُحصن إذا قامت البيّنة أو كان الحبل أو الاعتراف»(1).

وفي مجمع الزوائد : «إنّ مملوكاً كان يقال له كيسان فسمّى نفسه قيساً وادّعى إلى مولاه ولحق بالكوفة فركب أبوه إلى عمر بن الخطّاب فقال : يا أميرالمؤمنين ابني ولد على فراشي ، ثمّ رغب عنّي وادّعى إلى مولاي ومولاه!

فقال عمر لزيد بن ثابت : أما تعلم أنّا كنّا نقرأ : (لا ترغبوا عن آبائكم فإنّه كفرٌ بكم)؟

فقال زيد : بلى.

فقال عمر : انطلق فاقرن ابنك إلى بعيرك ثمّ انطلق فاضرب بعيرك سوطاً وابنك سوطاً حتّى تأتي به أهلك»(2).

«وعن أُبيّ بن كعب أنّه كان يقرأ : (إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية ، ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام ، فأنزل الله سكينته على رسوله) فبلغ ذلك عمر فاشتدّ عليه فبعث إليه وهو يهنأ ناقة له - يدهن بالقطران ناقة له جرباء - فدخل عليه فدعا أناساً من أصحابه فيهم زيد بن ثابت فقال : من يقرأ منكم سورة الفتح؟ فقرأ زيد على قراءتنا اليوم 7.

ص: 195


1- صحيح البخاري 6 / 2503 / ح 6441 ، من باب الاعتراف بالزنا.
2- مجمع الزوائد 1 / 97 ، عن المعجم الكبير 5 / 121 / ح 4807.

فغلظ له عمر ، فقال له أُبيِّ : أأتكلّم؟ فقال تكلّم ، فقال : لقد علمت أنّي كنت أدخل على النبيّ (صلى الله عليه وآله) ويقرئني وأنتم بالباب ، فإن أحببت أن أقرئ الناس على ما أقرأني أقرأت ، وإلاّ لم أقرئ حرفاً ما حييت! قال بل أقرئ الناس. هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرّجاه»(1).

«وعن أبي إدريس الخولاني أنّ أبا الدرداء ركب إلى المدينة في نفر من أهل دمشق ، فقرؤوا يوماً على عمر : (إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام) فقال عمر : من أقرأكم هذا؟ قالوا أبيّ بن كعب. فدعا به فلمّا أتى قال : إقرأوا ، فقرؤوا كذلك ، فقال أبيّ : والله يا عمر إنّك لتعلم أنّي كنت أحضر ويغيبون وأُدنى ويحجبون ، ويصنع بي ، ويصنع بي ، ووالله لئن أحببت لألزمنّ بيتي فلا أحدّث شيئاً ولا أقرئ أحداً حتّى أموت! فقال عمر : اللهمّ غفراً ، إنّا لنعلم أنّ الله قد جعل عندك علماً فعلّم الناس ما علمت»(2).

وأخرج ابن مردويه «عن عبدالرحمن بن عوف ، قال : قال لي عمر : ألسنا كنّا نقرأ فيما نقرأ : (وجاهدوا في الله حقّ جهاده في آخر الزمان كما جاهدتم في أوّله)؟ قلت : بلى ، فمتى هذا يا أمير المؤمنين؟ قال : إذا كانت بنو أمية الأمراء وبنو المغيرة الوزراء»(3).8.

ص: 196


1- المستدرك للحاكم 2 / 245 / ح 2891 ، كنز العمّال 2 / 240 / ح 4745.
2- كنز العمّال 2 / 252 / ح 4815 ، 4816.
3- الدرّ المنثور 6 / 78.

بلى إنّ عمر بن الخطاب كان لا يعلم أشياء كثيرة وفي الوقت نفسه كان يتصوّر أنّها من القرآن ، في حين أنّها كانت تفسيرية توضّح معاني القرآن وليست من سوره وآياته في شيء ، وهذا هو الذي ألزمه أن يدّعي أنّها من القرآن ويقول : ذهب قرآن كثير مع محمّد ، في حين أنّها لم تكن من القرآن في شيء.

إنّ روايات جمع القرآن بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) - كما قلناه أكثر من مرّة - استغلّت من قبل أعداء الإسلام للقول بتحريف القرآن ، وهي كغيرها من الروايات الأخرى الموجودة في مدرسة الخلفاء والتي استغلّت من قبل أمثال سلمان رشدي لتشويه سمعة الرسول (صلى الله عليه وآله) ومكانته عند المسلمين.

وهذه الروايات لو صحّت فهي تعني أنّ الخلفاء أسقطوا من القرآن ما كان متواتراً ، لعدم وقوفهم في بعض الأحيان على مكتوب يؤيّد ما حفظه الصحابي ، وهذا هو الذي دعاهم لترك الأخذ بالمسموع من الصحابي فقط.

فلو احتمل إمكان النقيصة في القرآن ، فكذلك يمكن احتمال الزيادة بكلمة أو كلمتين فيه ، وأنّ القول بهذا الرأي خطير جدّاً على القرآن وإعجازه ، ويعود وزره على الذين أشاعوا فكرة عدم جمع القرآن على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ثمّ اختلافهم في جمعه في عهد الشخيين ، أو جمعه - من بعدهما - على عهد عثمان بن عفّان.

كما أنّ ما قالوه في جمع القرآن بشاهدين - الكتابة والحفظ حسب تعبير ابن حجر - يعني ثبوت القرآن بالخبر الواحد أيضاً ، وهذا الكلام فيه ما

ص: 197

فيه ، ومعناه ثبوت القرآن بالبينة وهذا لا يتطابق مع ثبوت القرآن بالتواتر.

ألا يكون القطع بتواتر القرآن وشيوعه بين المسلمين وتلاوته آناء الليل وأطراف النهار هو سبباً للقطع بكذب روايات جمع القرآن بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟

بهذا نعاود الكلام ونلخص ما قلناه من خلال أقوال لعمر بن الخطّاب ، فإنّه قال - كما في خبر مصنّف عبدالرزّاق - : «والله لا ألبسُ كتاب الله بشيء أبداً»(1) أو قوله : «اُمنية كأمنية أهل الكتاب»(2) ثمّ اشتراك تعليله هذا مع ما علّله في التشبّه ببني إسرائيل واتّباعهم كتب علمائهم وتركهم التوراة وأخيراً اشتراكه مع ما علّل على لسان النبيّ (صلى الله عليه وآله) والصحابة!!!

واقتراحه على النبيّ في أكثر من مرّة بالاستزادة من علوم أهل الكتاب ، وغضب النبيّ (صلى الله عليه وآله) من هذا الاقتراح(3) ، بل عدم سماحه للصحابة بأن يأتوا النبيّ بكتف ودواة معلّلاً بأنّ «الرجل ليهجر(4)» وقوله «حسبنا كتاب الله(5)» ثمّ 1.

ص: 198


1- مصنّف عبد الرزاق 11 / 257 ح 20484.
2- تقييد العلم 1 / 52.
3- تقييد العلم : 52 ، المصنّف لعبد الرزّاق 6 / 113 ح 10164 ، 10 / 313 ح 19213 ، مجمع الزوائد 1 / 174.
4- صحيح البخاري 1 / 54 ح 114 و 3 / 1111 ح 2888 ، 1155 ، 2997 ، 4 / 1612 ح 4168 و 5 / 2146 ح 4168 ، 6 / 2680 ح 6932 ، صحيح مسلم 3 / 1257 ح 1637 ، 3 / 1259 ح 1638.
5- صحيح البخاري كتاب العلم باب كتابة العلم ، فتح الباري 1 / 209 ، إرشاد الساري 1 / 169 ، عمدة القاري 1 / 575 ، شرح النووي على مسلم 2 / 90 ، المصنف لعبد الرزّاق 5 / 438 ح 9757 ، مسند أحمد 1 / 334 ح 2992 ، 1 / 366 ح 3111.

تعيينه زيد بن ثابت لكتابة المصحف ، وهو اليهودي العارف بلغتهم والمتلمّذ في مدارسهم ، واستخلافه على المدينة أيّام خروجه منها ، مع وجود كبار الصحابة فيها كابن مسعود وأُبيّ بن كعب ومعاذ بن جبل.

ورفع صوته على صوت النبيِّ ، وأخذه بثوب رسول الله (صلى الله عليه وآله) لمّا أراد الصلاة على المنافق(1) ، وتشابه مشكلة القرآن عنده مع مشكلة الحديث إلى غيرها من عشرات المسائل.

كلّ هذه الأمور تشير إلى أنّ الخليفة بعد اعتقاده بفكرة عدم اجتماع الخلافة والنبوّة في بني هاشم كان يريد التفكيك بين القرآن والسنّة ، وبينهما وبين العترة.

وأنّ مقولته «حسبنا كتاب الله» واضحة وصريحة في استغنائه عن كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وعدم احترامه لمقامه (صلى الله عليه وآله) ، كما ترى مثله في قوله لعليٍّ عليه السلام : «انصرف مع قرآنك لا تفارقه ولا يفارقك» ، فهو الآخر صريح في تفكيكه بين القرآن والعترة.

فمدرسة الخلفاء تريد من خلال أقوال عمر وأفعاله القول بعدم وجوب اتّباع رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلاّ فيما أتى به من قبل البارئ ، وأنّ أوامره ونواهيه الصادرة عنه هي إرشادية يجوز مخالفتها ، وهذا ما كانوا يسعون الوصول إليه مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومع الوصيّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام.5.

ص: 199


1- صحيح البخاري 4 / 1716 ح 4395.

ولا يستبعد أن يكونوا قد جاءوا بهذا التعليل(1) في الأزمنة المتأخّرة كي يعذروا الخلفاء في مخالفاتهم لأوامر رسول الله (صلى الله عليه وآله).

فنحن من خلال التأكيد على هذه الأُمور نريد القول أنّ عمر بن الخطّاب كان لا يرتضي جعل القرآن بجنب السنّة أو بجنب العترة ، لما عرفت من موقفه من أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأقواله على أنّها تشابه أقوال وأفعال أحبار أهل الكتاب.

وأنّ دعوته المسلمين إلى عدم التشبّه ببني إسرائيل الذين اتّبعوا كتب علمائهم وتركوا التوراة ، كان يريد من خلالها الاكتفاء بالقرآن الكريم وترك الأخذ بحديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) والعترة.

إنّ عمر بن الخطّاب هو أوّل من شرّع مخالفة رسول الله (صلى الله عليه وآله) - خلافاً للقرآن - داعياً إلى الاكتفاء بالقرآن دون السنّة ، وقد تبعه في ذلك بعض الأصحاب ، ويمكن أن ندّعي أنّ أمثال عمرو بن العاص - كانوا قد اتّبعوا عمر - عند رفعه المصاحف أمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، فكانت سياسة عمرو بن العاص متّخذة من سياسة عمر في حسبنا كتاب الله.

في حين أنّ هذا التفكير خاطئ في المنهج القرآني ، إذ أنّ كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يجوز مخالفته ولا يمكن مقارنة كلامه (صلى الله عليه وآله) بكلام أحبار اليهود ، وأنّ رابطة القرآن بالسنّة تختلف عن رابطة الأحبار بالتوراة وأنّ التشبيه ة.

ص: 200


1- أي أنّ أوامر الرسول ارشادية لا مولوية.

بين الأمرين من قبل عمر شيء عجيب.

وأنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) كان قد أخبر أمّته بأنّها تقفو إثر الأُمم السابقة في قوله : «لتتبعنّ سنن مَنْ كان قبلكم شبراً بشبر ...» وهذا هو الذي دعاه (صلى الله عليه وآله)أن يوصي الإمام عليّ عليه السلام بجمع القرآن من بعده ، حتّى لا تضلّ أمّته كما ضلّت اليهود والنصارى. كما أنّه أكّد بأنّ منزلته منه كمنزلة هارون من موسى.

نعم أنّ الإمام عليّ وقف أمام رؤية الخلفاء الخاطئة مؤكّداً للصحابة بأنّه ترجمان القرآن ، ولا يمكن فهم القرآن إلاّ به وبالأوصياء من ولده.

وأنّ في سؤال الفضل بن يسار في نزول القرآن على سبعة أحرف وجواب الإمام الصادق عليه السلام : «كذبوا أعداء الله ولكنّه نزل على حرف واحد من عند الواحد»(1) ، إشارة إلى وجود اتّجاه يدعم نزول القرآن على سبعة أحرف ، وأنّك علمت بأنّ الإيمان بهذه الفكرة يدعو إلى تحريف القرآن لا محالة ، وذلك لتعدّد القراءات وحجّيتها على مرّ الزمان.

في حين أنّا كنّا قد وضّحنا قبل قليل بأنّ الكلمات العربية وخصوصاً القرآنية منها لها معانيها الخاصّة بها ، فلا يمكن إبدال كلمة بأُخرى لأنّها تفسد بلاغة القرآن.

بهذا فقد اتّضح للجميع بأنّ كلّ هذه الأمور كانت من تبعات ترك الخلفاء الأخذ بالمصحف الموجود خلف فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، والذي ألّفه 3.

ص: 201


1- الكافي 2 / 630 ح 13.

الإمام عليّ عليه السلام بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ثلاثة أيّام.

لأنّ عمر بن الخطّاب وقبله أبا بكر لمّا تركا الأخذ بتلك النسخة ، أخذ الصحابة يقرؤون القرآن حسبما يرونه صحيحاً عندهم ، إذ لا مصحّح لهم إلاّ قراءتهم وما سمعوه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وما لبث أن انتشر التفاوت بين القراءات في كلّ الأمصار ، كلٌ يقرء على خلاف قراءة صاحبه.

وحيث أنّ عمر بن الخطّاب كان لا يريد الاعتماد على نسخة بعينها بدلا عن نسخة الأصل الموجودة عند أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب ؛ لأنّ المشكلة ستعود عليه مرّة أخرى وسيكون أمامه عليٌّ بن أبي طالب آخر ، فدعا إلى شرعية الأحرف السبعة وتعدّد القراءات ليعذر نفسه وليصحّح الاختلاف في القراءات أيضاً ، كلّ ذلك بتفسيره الخاصّ للأمور.

ونحن قد وضّحنا سابقاً في دراستنا حول (منع تدوين الحديث) مذهبه في الحديث ، كما أكّدنا أيضاً بأنّ ذهاب بعض الصحابة إلى ذات الرأي الذي ذهب إليه الخليفة أو نسبة قول لأحد صحابة يشابه قول أحد الخلفاء الثلاثة يشكّكنا في صحّة المنسوب إلى ذلك الصحابي لأنّه قد يكون قد قاله ، وقد يكون نسب إليه ، وخصوصاً في المسائل الخلافية ؛ لأنّهم قد ينسبون إلى أعيان الصحابة نفس ما ذهب إليه الخليفة تحكيماً لموقعيته ورأيه ، وبما أنّا نعلم بأنّ عمر بن الخطّاب كان من الراوين لحديث الأحرف السبعة فلا يستبعد أن ينسبوا أخباراً إلى أُبيّ بن كعب وعبدالله بن مسعود ومعاذ بن جبل وغيرهم ما يؤيّد رأي الخليفة.

ص: 202

وعليه فالخلفاء الثلاثة تحت مقولة : «أغنانا ما عندنا من القرآن عمّا تدعونا إليه» وقعوا في مشاكل عديدة.

منها تشريع الاجتهاد لجميع الصحابة ثمّ حصرها بأنفسهم(1) ، وأنّ القول بنزول القرآن على سبعة أحرف جاء لتبرير قراءاتهم ، وأخيراً جاء عثمان ليحصر القراءات في قراءة واحدة وهذا سبب له مشاكل كثيرة حتّى انتهت إلى قتله.

والأسوأ من كلِّ ذلك أنّهم جاؤُا ليشكّكوا في موقعية الإمام عليّ عليه السلامالعلمية ، بل التشكيك في موقعية كلّ من قيل بأنّه جمع القرآن على عهد رسول الله وكان عالماً به مثل أُبيّ وابن مسعود وغيرهم ، لكونهم المنافسين للخلفاء في أمر القرآن.

بل ادّعوا أكثر من ذلك كقولهم بأنّ الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام كان لا يحفظ إلاّ سورة واحدة وهي سبّح اسم ربّك الأعلى(2) ، وحلف الشعبي بالله قائلاً : «لقد دخل عليٌّ حفرته وما حفظ القرآن»(3).

كما أنّهم قالوا إنّ رسول الله لم يخصّ عليّاً ولا أحداً من أهل بيته بشيء من العلم ؛ لأنّه (صلى الله عليه وآله) لم يترك علماً غير القرآن ، وهو الموجود بين الدّفتين ي.

ص: 203


1- راجع كتاب (منع تدوين الحديث) لنا.
2- بصائر الدرجات : 155 / ح 3 ، تفسير العياشي 1 / 14 / ح 1.
3- الصاحبي لابن فارس : 325 / باب سنن العرب في حقائق المجاز ، عن ابن قتيبة الدينوري ، وكتاب القرطين كما في البيان للسيد الخوئي.

اليوم.

قالوا بكلّ ذلك والإمام عليه السلام ساكت غير معترض على ما ادّعوه من جمع الثلاثة للقرآن ، لأنّه كان صاحب القرآن الذي يقرأ به المسلمون على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وهو يعلم بأنّ منهج أولئك لا يؤثّر في حجّة القرآن بل لا يؤثّر في قراءات الناس وقناعاتهم في القرآن ، لأنّهم كانوا قد عرفوا ذلك القرآن وقرؤوه مع رسول الله ، كما أنّهم كانوا يسمعون الصحابة وآل البيت وخصوصاً رسول الله والإمام عليّ عليه السلام وفاطمة الزهراء والحسن والحسين عليهم السلام يقرؤون بذلك القرآن ، فلو كان الحال كذلك فلا ضرورة لاعتراضه على الخلفاء في ذلك.

والإمام عليٌّ سكت ولم يعترض عليهم لأنّ الخلفاء لم يمكنهم أن يزيدوا أو ينقصوا من هذا القرآن ، مع علمه وعلمنا بأنّهم بمنهجهم الخاطي كانوا يريدون أن يسلبوا شرف جمع القرآن بين الدفّتين من يد عليّ بن أبي طالب عليه السلام ليشرّفوا بها أنفسهم.

فلو كان هناك تحريف للقرآن على عهد أبي بكر وعمر لجهر الإمام عليّ عليه السلام بالحقّ وصحّح ذلك للناس ، ومعنى كلامي عدم قبولي صحّة الأحاديث السابقة الّتي جاءت على لسان الصحابة ، وأنّ اعتراضي كان على منهجهم المغلوط في الجمع.

أجل ، إنّ الإمام لم يرَ في عمل الخلفاء ما يسيء إلى أصل القرآن ، فتركهم على حالهم ، وهكذا الحال بالنسبة إلى ابنه الإمام الحسن عليه السلام فقد

ص: 204

استشهد بهذا القرآن لا لأنّه قرآن أبي بكر وقرآن عمر وقرآن عثمان بل لأنّه قرآن الله وقرآن رسوله(صلى الله عليه وآله) وهو القرآن المتواتر قراءته بين المسلمين والمحفوظ في بيت رسول الله والموجود نسخة منه عند أبيه الإمام عليّ.

إذن فقبول الإمام عليّ عليه السلام بما يسمّى بالمصحف العثماني!!! واستشهاده بآياته يؤكّد عدم وقوع التحريف فيما يقرؤون فيه ، إذ أنّ جمعهم كان جمع للمجموع على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله).

بهذا فقد اتّضح لك من مجموع ما قلناه بأنّ الخلفاء الثلاثة أرادوا التنقيص بالإمام عليّ عليه السلام وكبار الصحابة - على حساب القرآن - ثمّ رسم البديل وتعويض الأُصول المبتناة وقد أخطؤوه في ذلك ولم يوفّقوا في أطروحتهم.

وأنّ فكرتهم السقيمة ومناهجهم الباطلة فسحت المجال لأصحاب الأهواء والحشويّين من المحدّثين وأعداء الدين لكي يدرجوا بعض الأخبار الّتي يستشمّ منها رائحة التحريف على أنّها من القرآن ، لكن القرآن بقي بعيداً لا تطاله يد التحريف ، كما أنّ تلاوة الصحابة وأهل البيت عليهم السلام لآياته آناء الليل وأطراف النهار وفي صلواتهم وغيرها حفظته من التبديل والتحريف ، وفوق كلِّ ذلك تعلّق إرادة ربّ العالمين بصون كتابه العزيز من ذلك.

وللبحث صلة ...

ص: 205

تاريخ الحوزات العلميّة (الحوزة العلميّة في سامرّاء)

تاريخ الحوزات العلميّة والمدارس الدينيّة

عند الشيعة الإماميّة (الحوزة العلميّة في سامرّاء)

الشيخ عدنان فرحان

بسم الله الرحمن الرحيم

الفصل الأوّل

نشأة مدينة سامرّاء وتركيبتها الاجتماعية والمذهبية

المبحث الأوّل : مدينة سامرّاء في دورها الأوّل :

لا نريد أن نتوغّل كثيراً في تاريخ سامرّاء قبل الإسلام والذي يمتدّ إلى قرون طويلة ، حتّى قال بعضهم إنّها مدينة عريقة في القدم ، تعود إلى زمن سام بن نوح أو أقدم من ذلك ... أو إنّها أقدم مدينة آهلة بالسكّان منذ أدوار ما قبل التاريخ(1). وإنّما نتحدّث عنها كمدينة إسلامية يعود إنشاؤها إلى أيّام

ص: 206


1- سامرّاء قديماً ، ضمن موسوعة العتبات المقدّسة : 12/13 وما بعدها.

الخلافة العبّاسية زمن خلافة المعتصم بن هارون الرشيد ، الذي تولّى الخلافة بعد وفاة أخيه المأمون سنة (218ه).

وكان السبب في انتقال مقرّ الخلافة من بغداد إلى مدينة سامرّاء هو كثرة جند الخليفة «حيث كانت أكثرية جنده من الأتراك الذين ضاقت بهم بغداد بعد أن آذوا سكّانها ، لذلك فكّر المعتصم بالانتقال منها واختيار موضع سامرّاء ؛ ليكون مقرّاً له ولجنده ... فاستقرّ رأيه سنة (221 ه) على أن يشيّد مدينة المعتصم نسبة إليه ، أو مدينة القاطول نسبة إلى نهر القاطول ... واستقدم المعتصم العمّال المهرة والفنّيين من أنحاء البلاد الإسلامية لتشييد العاصمة العبّاسية - الجديدة - ... فأصبحت المدينة هذه من أجمل المدن التي أنشأها الحكّام المسلمون ، وضمّت أجزاءً خاصّة لسكن فرق الجيش وموظّفي الدولة وعامّة الناس وأطلق عليها اسم سامرّاء (سُرَّ مَنْ رأى) ، وكانت في أيّام ازدهارها سيّدة مدن العالم»(1).

إلاّ أنّ هذه المدينة التي فاجأت العالم بظهورها وجمالها ، فاجأته مرّة أُخرى بكسوفها وأُفولها الدائم ، ولم تستمرّ على حالها سوى نصف قرن من الزمن ، تحوّلت بعدها إلى خرائب وأطلال موحشة! إذ يقول ياقوت الحموي في معجمه وهو يشير إلى خراب سامرّاء : «لم يبق منها إلاّ موضع المشهد - ويقصد مشهد الإمامين عليٍّ الهادي والحسن العسكريّ - ومحلّة أُخرى بعيدة ء.

ص: 207


1- دائرة المعارف الإسلامية الشيعية : 13/137 ، وانظر : د. صالح أحمد العلي ، في كتابه سامرّاء.

منها يقال لها كرخ سامرّاء ، وسائر ذلك خراب بباب يستوحش الناظر إليها بعد أن لم يكن في الأرض كلّها أحسن منها ، ولا أجمل ولا أعظم ولا آنس ولا أوسع ملكاً»(1).

وكان السبب في هذا الأُفول السريع لهذه المدينة الجميلة «نتيجة الوضع المتدهور والاختلاف الواقع في الدولة العبّاسية ، بسبب العصبية التي كانت بين الأُمراء الأتراك المسيطرين على مجريات الدولة آنذاك ، فقد هجرها الخليفة العبّاسي المعتمد سنة (279ه) هجراناً تامّاً ، وانتقل منها إلى بغداد العاصمة العبّاسية القديمة ، ليتّخذ منها مقراً له لستّة أشهر قبل وفاته في السنة نفسها ، وأصبحت سامرّاء وكأنّها لم تكن ، فانقلب ذلك المجهود الجبّار بين عشيّة وضحاها أي بعد انقضاء نحو خمسين عاماً على تأسيسها إلى إطلال ، حيث حكمها ثمانية خلفاء هم : المعتصم باللّه ، والواثق باللّه ، والمتوكّل على الله ، والمنتصر باللّه ، والمستعين باللّه ، والمعتزّ باللّه ، والمهتدي باللّه ، والمعتمد على الله»(2).

المبحث الثاني : مدينة سامرّاء في دورها الثاني :

لقد انتهت مدينة المعتصم العبّاسي (سر من رأى) إلى الخراب ، ونعب في أرجائها الغراب ، حتّى قال فيها الشاعر عبد الله بن المعتزّ : ة.

ص: 208


1- معجم البلدان : 5/12.
2- دائرة المعارف : 13/137 ، وللتوسّع انظر : تاريخ الأُمم الإسلامية - الدولة العبّاسية.

مُقْفرة الربع لحجّ هاجرها

عامرها موحشٌ وغامرها

ينتحب اليوم في منازلها

كأنّ أوطانها مقابرها

ولم يبق من تلك المدينة إلاّ مرقدي أعلام الهداية (موضع المشهد) الذي نصّ عليه الحموي في معجمه ، والمحلّة التي سكنها الإمامان العسكريّان ، وهي الحارة الشهيرة في أيّام المعتصم والمعروفة ب- : (عسكر المعتصم) ، وإلى هذا الموضع نُسب الإمام الحسن بن الإمام عليّ الهادي عليه السلام فعرف بالعسكريّ ، وكان يسكن هذه الحارة ، ودفن فيها من قبله والده الإمام عليّ الهادي عليه السلام الذي توفّي سنة (254 ه) ، ولمّا توفّي الإمام الحسن العسكري عليه السلام سنة (260ه) دُفن إلى جوار أبيه وأصبح مشهد الإمامين المعروف ب- : (الروضة العسكرية) نواة مدينة سامرّاء الحالية ، فشيّدت الدور والمنازل والأسواق والمباني الأُخرى حولها ... وقد حافظت المدينة على عمرانها ووضعها إلى ما بعد انقراض الدولة العبّاسية»(1).

يقول السيّد حيدر الحلّي :

زانَ (سامرّاء) وكانت عاطلاً

تشتكي من مُحلّيها الجفاءا

وغدت أفناؤها آنسةً

وهي كانت أوحش الأرض فضاءا

حىّ فيها (المرقد الأسنى) وقل

زادك الله بهاءً وسناءا

ثمّ ناد (القبّة) العليا وقل

طاولي يا قبّة (الهادي) السماءا8.

ص: 209


1- دائرة المعارف : 13/138.

بمعالي (العسكريّين) اشمخي

وعلى أفلاكها زيدي علاءا

وبنا عرّج على تلك التي

أودعتنا عندها (الغيبة) داءا(1)

ولمدينة سامرّاء اليوم أهمّيتها التاريخية ، ومكانتها الإسلامية لوجود مشهد الإمامين ، ولقربها من بغداد ، ويجلب إليها وجود بعض الآثار العبّاسية الكثير من الزوّار والسيّاح.

ويعتبر مشهد الإمامين العسكريّين عليهما السلام والتي تعرف ب- : (الروضة العسكرية) من أهمّ معالم هذه المدينة. «وتقع الروضة العسكرية في قلب مدينة سامرّاء الحالية ، وتعتبر أحد أبرز المعالم الحضارية والإسلامية في العالم الإسلامي ... ويتوسّط الروضة ضريح الإمامين عليّ الهادي والحسن العسكري عليهما السلام»(2).

قد شهد المشهدين العسكريّين حركة تشييد وإعمار في مختلف العصور والأزمان ، من أوّل تشييد وبناء في عهد ناصر الدولة الحمداني سنة (333ه) حيث تمّ تشييد قبّة الضريحين ... مروراً بالدولة البويهية ، والسلجوقية والصفوية ، وانتهاءً بآخر عمارة للمشهدين زمن الدولة القاجارية حيث «أمر ناصر الدين شاه القاجاري سنة (1285 ه) بتجديد شبّاك الضريحين ، وكسا القبّة من الخارج بقشرة خفيفة من الذهب ، وكسا المآذن بالبلاط القاشاني المزخرف»(3).0.

ص: 210


1- موسوعة العتبات : 12/123 - 124 عن ديوان السيّد حيدر الحلّي.
2- دائرة المعارف : 13/139.
3- المرجع نفسه : 13/140.

إلاّ أنّ يد المجرمين والإرهابيّين طالت هذه الروضة الشريفة ، ففجّر حرم الإمامين ، وأسقطت قبّته الكبيرة وذلك سنة (1427 ه- - 2006 م) في مشهد تبكي له العيون دماً ، وأعقبه تفجير آخر سنة (1428 ه- - 2007 م).

وكان الهدف من هذا العمل الإرهابي إيقاع فتنة طائفية بين السنّة والشيعة ، وكادت أن تقع فعلاً ، لولا ضبط النفس ، وحكمة المرجعية الدينية في النجف الأشرف.

ولا زال الإعمار جارياً في تشييد المرقدين الشريفين ويشارف على الانتهاء قريباً ، كما أنّ حركة الزيارة للمرقدين لم تنقطع أبداً ، بالرغم من وجود بعض المخاطر الأمنية في تلك المنطقة.

المبحث الثالث : الوجود الشيعيّ في مدينة سامرّاء :

لقد استقطبت مدينة سامرّاء الوجود الشيعي منذ أن حلَّ في أرضها الإمام عليّ بن محمّد الهادي مصطحباً ولده الإمام الحسن بن عليّ العسكري عليهما السلام. فأصبح الشيعة والموالون لأهل البيت عليهم السلام يفدون إلى هذه المدينة في حياة الإمامين ، ويتواصلون مع خطٍّ الإمامة ، ويوصلون الحقوق الشرعية إليهم ، ويأخذون عنهم معالم دينهم ، وكان بعض أصحاب الإمامين يركبون المخاطر ، ويتّخذون الوسائل التنكّرية من أجل الوصول إلى الإمام ولقائه. وقد تحدّثنا عن ذلك في بحوث سابقة.

وبعد وفاة الإمامين العسكريّين عليهما السلام وقيام الإمام الثاني عشر من أئمّة

ص: 211

أهل البيت ثمَّ غيبته عليه السلام ، لم ينقطع الوجود الشيعيّ عن هذه المدينة ، حيث زيارة مرقد الإمامين عليهما السلام ، وبعض آثار الأئمّة هناك كسرداب الدار الذي كان يسكن فيها الأئمّة ، بالإضافة إلى وجود مقابر بعض ذرّية أهل البيت كقبر حكيمة بنت الإمام الجواد ، عمّة الإمام الهادي التي توفّيت سنة (274 ه) وقبر نرجس أُمّ الإمام المهديّ(1).

بل إنّ بعض سكّان سامرّاء يدّعي السيادة ويفتخر بأنّه من نسل الإمامين العسكريّين. يقول المؤرّخ الشهير الدكتور حسين علي محفوظ وهو يتحدّث عن مدينة سامرّاء : «.. وجُلُّ سكّانها من العشائر المحيطة بها ، وهم أو أكثرهم ، يدّعون السيادة وأنّهم من نسل الإمامين العسكريّين عليهما السلام ، وكان هؤلاء يعيشون على زوّار العتبات المقدّسة من الإيرانيّين والهنود والأفغان ، فلمّا وقف سيل هؤلاء أو كاد ، انصرف الأهلون إلى الأرض يحرثونها ويزرعونها ..»(2).

ويرجع بعض الباحثين تاريخ ظهور التشيّع في سامرّاء إلى أيّام تأسيسها الأولى ، «فبعد أن أسَّسها المعتصم ، وجعلها عاصمة ملكه ، وانتقل إليها بحاشيته وجيشه ، وأنت جدُّ خبير بأنَّ التشيّع يسير مع الإسلام أينما سار ، فكم كان بين الجند والقوّاد ، والأُمراء ، والكتّاب ، مَن يحمل بين حنايا ضلوعه ولاء أهل البيت عليهم السلام».

ثمّ يقول هذا الباحث : «وظهر التشيّع جليّاً بعد أن قام الإمامان فيها 1.

ص: 212


1- سامرّاء في المراجع العربية ، موسوعة العتبات : 12/143.
2- المرجع نفسه : 12/171.

وشاهد الناس ما لهما من علم وسجايا حميدة ، ومزايا دلّت على أنّهما فرعان من شجرة النبوّة ، ووارثان لذلك العلم الإلهي ، على الرغم من مناوأة العبّاسيّين لهما ، واجتهادهم في منع الناس من الاجتماع بهما ، واجتماعهما بالناس ، ولكنَّ الشمس تفيض على العالم أشعّة تنمي الضرع والزرع ، وإنَّ حالت السحب دون ذلك الشعاع».

ثمّ يستشهد هذا الكاتب بما ورد في التاريخ فيقول : «ويشهد لظهور التشيّع في سامرّاء - ذلك اليوم - ما ذكره اليعقوبي في تاريخه عن حوادث (254 ه) ، ووفاة الإمام الهادي عليه السلام فيها ، قال : «فَصُلّي عليه في الشارع المعروف ب- : (شارع أبي حمد) ، فلمّا كثر الناس واجتمعوا كثر بكاؤهم وضجّتهم ، فردّ النعش إلى داره فدفُن فيها». وهكذا ذكر غيره عند وفاة ولده أبي محمّد الحسن عليه السلام.

ثمَّ يتحدّث عن أسباب تضاؤل التشيّع بعد ذلك فيقول : «ومازال التشيّع فيها - أي سامرّاء - راسخ القدم ، إلى أن حاربه الأيّوبي في تلك الجهات ، واقتفى أثره بعد أمد بعيد السلطان سليم العثماني وجرت على ذلك السياسة العثمانية من بعده. ولو لم يكن إلاّ (مراد الرابع) محارباً للشيعة في هذه المناطق البعيدة عن المجتمع الشيعي لكفى في إخفاء التشيّع ، وهروب الظاهرين من رجاله. ولقد نزح عنها ثلّة من الناس هرباً بأرواحهم ، وكان منهم سدنة ذلك الحرم المقدّس»(1). 3.

ص: 213


1- تاريخ الشيعة : 101 - 103.

الفصل الثاني

هجرة الميرزا الشيرازي إلى سامرّاء وتأسيس حوزتها العلمية

المبحث الأوّل : هجرة الميرزا الشيرازي إلى سامرّاء :

لقد شهدت مدينة سامرّاء حضوراً شيعيّاً مكثّفاً ، «وأصبحت مركزاً علميّاً ودينيّاً وسياسيّاً مرموقاً بعد أن انتقل إليها المرجع الكبير الميرزا محمّد حسن الشيرازي (ت 1312 ه) وآثر الإقامة فيها»(1).

فهو رضوان الله عليه : «الشيرازيّ المولد ، الغرويّ المنشأ ، العسكريّ المهجر ، النجفيّ المدفن»(2).

وكنّا قد أشرنا في بحوث حوزة النجف الأشرف في دورها الثالث لبعض الملامح من شخصية المجدّد الشيرازي ، ووعدنا باستكمال الحديث عنه عند الحديث عن مدرسة سامرّاء وحوزتها العلمية ، وها نحن نفي بما وعدنا به من حديث حول هذه الشخصية العلمية الربّانية الفذّة ، وضمن محاور متعدّدة.

أوّلاً : أسباب هجرة المجدّد الشيرازي إلى سامرّاء :

ممّا لا شكّ فيه أنّ الميرزا محمّد حسن الشيرازي قدس سره من نوابغ عصره 8.

ص: 214


1- دائرة المعارف الشيعية : 13/139.
2- هديّة الرازي : 8.

الذي قلّ نظيره ، وامتاز ومنذ صباه بعبقرية ونبوغ فذّ لا نجده إلاّ عند بعض العظماء ممّن لا يجود بهم الزمان إلاّ نادراً ، فهو ومنذ صباه يعدّ من طليعة العلماء العاملين لخدمة الدين والمذهب ، تنقَّلَ ما بين حوزة شيراز العلمية ، وحوزة إصفهان التي كانت تزخر بجهابذة العلماء ، فدرس ودرَّس حتّى حصلت له الإجازة من أساتذته قبل بلوغه العشرين من عمره ... وأصبح من مدرّسي حوزة إصفهان الأفاضل وتخرّج عليه بها جماعة من أهل العلم والفضل(1).

هاجر إلى العراق فورد النجف في (1259 ه) ، فحضر في النجف على فقيه الطائفة الشيخ محمّد حسن النجفي صاحب الجواهر الذي نصَّ على اجتهاده والشيخ حسن آل كاشف الغطاء مؤلّف أنوار الفقاهة ، إلاّ أنَّ عمدة استفادته من شيخ الطائفة المرتضى الأنصاري ، فقد لازم أبحاثه فقهاً وأُصولاً إلى آخر حياته ، وكان الشيخ يعظّمه بمحضر طلاّبه وينوّه بفضله ، ويُعلي سمّو مرتبته في العلم وقد أشار إلى اجتهاده غير مرّة.

«ولمّا قضى الشيخ الأنصاري نحبه في سنة (1281 ه) ، توجّهت الناس إلى الميرزا الشيرازي وأجمع زملاؤه من وجوه تلامذة الشيخ على تقديمه للرياسة والإذعان له بالزعامة ، إلاّ أنّ فريقاً من فضلاء آذربيجان رجّحوا الحجّة الكبير السيّد حسين الكوهكمري وأرشدوا له وارجعوا قومهم بالتقليد 7.

ص: 215


1- طبقات أعلام الشيعة : 13/437.

إليه ، ولمّا توفّي السيّد المذكور عطفوا على المترجم وانقادوا له حتّى أصبح المرجع الوحيد للإمامية في سائر القارّات»(1).

وليس في كلام الشيخ الطهراني في مرجعية المجدّد الشيرازي أيّ مبالغة واغراق ، وما قاله الطهراني يؤكّده تلميذ المجدّد الشيرازي السيّد حسن الصدر في التكملة حيث يقول : «... ومن غريب الاتّفاق الذي لم يَحْكِهِ التأريخ منذ خلق الله الدنيا أن انحصر رئيس المذهب الجّعفري في تمام الدنيا بسيّدنا الأُستاذ في المذهب رئيس سواه ، كما لم يتّفق في الإمامية رئيس مثله في المطاعية والجلالة ونفوذ الكلمة ...»(2).

فالميرزا الشيرازي قد طويت له وسادة المرجعية في النجف الأشرف عاصمة العلم والعلماء والمرجعية ، ولم يكن هنالك من ينافسه أو يجاريه في مرجعيّته ، فأصبح - وبحقٍّ - كما يقول تلميذه السيّد الصدر : «رئيس الإسلام ، نائب الإمام ، مجدّد الأحكام ، أُستاذ حجج الإسلام ...»(3).

ومن النادر جدّاً ، بل لم نجد مرجعاً من مراجع الدين وعلماً من أعلامها قد ترك النجف الأشرف مهاجراً وباختياره وهو في قمّة زعامته الدينية ومرجعيته ، فما هي الأسباب التي دعت الميرزا الشيرازي إلى ذلك؟ ولماذا اختار مدينة سامرّاء دون غيرها من المدن؟ لقد تضاربت الأقوال والآراء في 3.

ص: 216


1- المرجع نفسه : 13/438.
2- تكملة أمل الآمل : 5/348.
3- المرجع نفسه : 5/333.

بيان أسباب هذه الهجرة ، فيما يلي مجمل هذه الأقوال :

القول الأوّل : وهو ما نصّ عليه الطهراني آقا بزرك في طبقاته والأمين في أعيانه حيث قال : «... وفي (1291 ه) تشرّف إلى كربلاء لزيارة النصف من شعبان وكان في الباطن عازماً على الخروج من النجف إعراضاً عن الرياسة وتخلّصاً من قيودها وطلباً للانزواء والعزلة عن الخلق ، وبعد الزيارة توجّه إلى الكاظمية ، ثمّ إلى سامرّاء فوردها آخر شعبان ونوى الإقامة بها ؛ لأداء فريضة الصيام ... وكان يخفي قصده ويكتم رأيه ، وبعد انقضاء شهر الصيام كتب إليه بعض خواصّه من النجف يستقدمه ... فعند ذلك أبدى لهم رأيه وأخبرهم بعزمه على سكن سامرّاء ...»(1). ويقول السيّد الأمين : «والذي يغلب على الظنّ أنّ السبب هو إرادة الانفراد لانحياز سامرّاء وبُعدها عن مجتمع العلماء ومن يدّعي العلم ...»(2).

القول الثاني : قيل إنَّ سبب ذلك أنّه لمّا صار الغلاء في النجف سنة (1288 ه) وصار يدرّ العطاء على أهلها ... ثمّ جاء الرخاء عن قريب جعل الناس يكثرون الطلب عليه ، وجعل بعض أعيان النجف يفتل في الذروة والغارب لينفر الناس منه ، فتضايق من ذلك وخرج ...

القول الثالث : «وقيل إنّ سبب هجرته أنّه تضايق من وجود بعض 5.

ص: 217


1- الطبقات : 13/438.
2- أعيان الشيعة : 8/445.

الفرق الجاهلية فيها - أي الزكرت والشمرت -»(1).

القول الرابع : واعتقد الدكتور علي الوردي في لمحاته : «إنّ هجرة الشيرازي إلى سامرّاء كانت تستهدف تحويل هذه المدينة السنّية إلى مدينة شيعية على غرار ما حدث في بعض مناطق الفرات»(2).

القول الخامس : وهو ما ذهب إليه السيّد حسن الصدر وهو من كبار تلامذة الشيرازي ، حيث علّل سبب هجرته إلى سامرّاء بسبب أنّ بعض أعيان النجف أخذوا يدفعون الكثير من الأهالي إلى الشيرازي لإطلاق سراح أولادهم من التجنيد العسكري ، وذلك بدفع البدل النقدي الذي كانت قيمته مائة ليرة عثمانية ، وذلك بعد تصدّيه لمساعدتهم سنة (1288 ه) المعروفة بسنة الغلاء ورأى الشيرازي أن لا علاج له إلاّ بالخروج من النجف(3).

القول السادس : وهو ما ذهب إليه أحد الباحثين ومحصّله : «إنّ الميرزا الشيرازي بعد ما أصبح مرجعاً لطائفة الشيعة في النجف الأشرف سرعان ما أُصيب بالنحولة والضعف ، فتوجّه إلى مدينة الإمامين العسكريّين عليهما السلام للاستجمام والراحة ، ولكنّ العلماء تبعوه ورافقوه واستمرّوا معه في البحث والتحقيق حتّى أيّام اعتلاله وسقمه»(4).5.

ص: 218


1- المرجع نفسه : 8/445.
2- لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث : 3/89.
3- مآثر الكبراء في تاريخ سامرّاء : 52.
4- الحوزة العلمية في النجف : 165.

ومهما يكن من أمر ، فربّما يكون أحد هذه الأقوال والوجوه سبباً لهجرة الميرزا إلى سامرّاء ، وربّما كانت كلّها أسباباً مجتمعة لهجرته ، «وربّما يكون من مقوّيات العزم - على الهجرة - أيضاً ، إرادة عمران البلد وتسهيل أُمور الزائرين الوافدين إليها ، ورفع ما كان يقع عليهم من المشقّات»(1).

المبحث الثاني : تأسيس الحوزة العلمية في سامرّاء :

من العوامل الرئيسية لظهور الحوزات العلمية في بعض المدن هو بروز علَم من أعلام الفقه والأُصول والمرجعية الدينية من أهل ذلك البلد أو من المهاجرين إليها من المدن والبلدان الأُخرى ، كما رأينا في حوزة النجف عندما حلّ بها الشيخ الطوسي مهاجراً ، وحوزة الحلّة العلمية كما سوف يأتينا.

كذلك العكس صحيح أيضاً ، فهجرة بعض العلماء من مدينة أو بلد ، أو وفاة علَم من الأعلام وعدم ظهور من يسدّ مكانه ويحلّ محلّه ، قد يؤدّي إلى أُفول واضمحلال تلك الحوزة في تلك المدينة أو ذلك البلد.

وفي هجرة الميرزا الشيرازي تكوّنت حوزة علمية في مدينة سامرّاء ولكن بقيت حوزة النجف الأشرف قائمة لم تتأثّر بهجرة زعيمها ومرجعها ، يقول السيّد الأمين في الأعيان : «فعمرت سامرّاء به - أي بالشيرازي - وصارت إليها المرحلة ، وتردّد الناس إليها ، وأمَّها أصحاب الحاجات من أقطار الدنيا ، 5.

ص: 219


1- أعيان الشيعة : 8/445.

وعمر فيها الدرس ، وقصدها طلاّب العلوم ، وشيّد فيها المدارس والدور ... وأمّا مدرسة النجف فلم تتأثّر بخروجه إلى سامرّاء ؛ بل بقيت عامرة حافلة بالطلاّب ، والدروس فيها قائمة ، ومجالس الدروس عامرة كثيرة منتشرة ؛ ذلك لأنّ الذين خرجوا معه إلى سامرّاء جماعة معدودون ، وجمهور الطلاّب والعلماء معظمهم بقي في النجف ، والطلاّب تقصدها من جميع الأقطار ولا تقصد سامرّاء ، حتّى أُحصيت طلاّب النجف باثني عشر ألفاً - فيما يقال - لكنّ إدرار النفقات والمشاهرات من سامرّاء لا ينقطع عن النجف»(1).

والذي يبدو من خلال تفاصيل قصّة هجرة الميرزا الشيرازي إلى سامرّاء أنّه كان بمفرده ، ولم يكن معه أحد من خاصّته أو طلاّبه في سفره ؛ يقول الشيخ الطهراني : إنّ الميرزا الشيرازي «بعد أن قضى شهر الصيام في سامرّاء ، كتب إليه بعض خواصّه من النجف يستقدمه ويسأله عن سبب تأخّره ، فعند ذلك أبدى لهم رأيه وأخبرهم بعزمه على سكنى سامرّاء ، فبادر إليه شيخنا العلاّمة النوري ، وصهره الشيخ فضل الله النوري ، والمولى فتح علي ، وبعض آخر ، وهم أوّل من لحق به ، وبعد أشهر حمل الشيخ جعفر النوري عيالات هؤلاء إلى سامرّاء في أوائل (1292 ه) ومنهم الحجّة الميرزا محمّد الطهراني العسكري ... ثمّ لحقهم سائر الأصحاب والطلاّب والتلاميذ ، فعمرت به سامرّاء وصارت الرحلة إليها ...»(2).9.

ص: 220


1- أعيان الشيعة : 8/445.
2- الطبقات : 13/439.

ومن أُولئك المهاجرين والملتحقين بركب أُستاذهم الشيرازي تشكّلت حوزة سامرّاء العلمية ، «فتخرّج به عدد كبير من الأئمّة الأعلام وربى خَلقاً كثيراً منهم جماعة من المجتهدين رأَسوا بعده حتّى قيل : إنّه اتّفق له من هذا القبيل ما لم يتّفق لشيخه مرتضى الأنصاري ... وكان لا يحضر حلقة درس المترجم إلاّ المحصّلون الكبار ، ولذلك كثر المقرّرون لدرسه على الطلاّب الآخرين المتوسّطين وغيرهم ، ويحكى أنّه كان يقول : إنّ حوزة درسنا أحسن من حوزة درس شيخنا الأنصاري ، وذلك لأنّ الأنصاري كان أهل درسه من جميع الطبقات ...»(1).

وقد ذكر السيّد الأمين أسماء من وصلت إليه أسماؤهم من تلامذة الميرزا فوصل العدد عنده إلى سبعة وأربعين علماً ، بعضهم من جهابذة العلماء ومن مراجع الدين وزعماء الحوزة العلمية ، كالميرزا محمّد تقي الشيرازي ، والآخوند ملاّ كاظم الهروي الخراساني ، والسيّد كاظم اليزدي ، والمحدّث الشهير الميرزا حسين النوري ، والسيّد حسن الصدر ، والسيّد إسماعيل الصدر ، والشيخ علي الروزدري الذي دوّن تقريراته الأُصولية ، وغيرهم من الأعلام.

إلاّ أنّ الشيخ آقا بزرك الطهراني قد ألّف كتاباً مستقلاً في ترجمة المجدّد 8.

ص: 221


1- أعيان الشيعة : 8/448.

الشيرازي سمّاه هديّة الرازي إلى المجدّد الشيرازي وقد أحصى في هذا الكتاب ذكر ما يقرب من خمسمائة من تلاميذ المجدّد الشيرازي(1).

المبحث الثالث : الخدمات العلمية والاجتماعية والعمرانية للمجدّد الشيرازي :

لقد مكث الميرزا الشيرازي في مدينة سامرّاء لأكثر من عقدين من الزمن ؛ إذ «خرج من النجف إلى سامرّاء للمجاورة فيها في شعبان سنة (1291 ه) وأمضى فيها (21) سنة ... وكانت سامرّاء قبل سكناه فيها بمنزلة قرية صغيرة ، فلمّا سكنها عمرت عمراناً فائقاً وبنيت فيها الدور والأسواق وسكن فيها الغرباء ومن يطلب المعايش ، وكثر إليها الوافدون ، وصار فيها عدد من طلاّب العلم والمدرِّسين لا يستهان به»(2).

ومن الخدمات العلمية والعمرانية والاجتماعية للمجدّد الشيرازي في سامرّاء ما يلي :

أوّلاً : بناء مدرسة علمية كبيرة :

يقول الشيخ الطهراني : «فبنى في سامرّاء مدرستين كبيرة وصغيرة ، أنفق 5.

ص: 222


1- انظر : الطبقات : 13 / 437 ، الهامش وكتاب : هَدِيّةُ الرازي إلى الإمام المجدّد الشيرازي ، الفصل الثالث : 49 - 177.
2- أعيان الشيعة : 8/444 - 445.

عليهما أموالاً كثيرة»(1). ويصف السيّد الأمين مدرسة الميرزا الشيرازي بقوله : «بنى فيها مدرسة كبيرة فخمة لطلاّب العلم ، فيها أيوان كبير وغرف جمّة ولها ساحة واسعة»(2).

ويذكر أحد الباحثين بعض التفاصيل المهمّة عن مدرسة الميرزا الشيرازي في سامرّاء فيقول : «وقد التحق به تلامذته ، فبنى لهم دوراً للسكنى ومدرسةً كبيرةً اشتملت على (75) غرفة ، وتُعدُّ من أكبر المدارس بالعراق ، وقد سكن أكثر من مائتي طالب من طلاّب العلوم فيها ، وعيّن الشيرازي راتباً شهريّاً لهم بحسب حاله وما يكفيه في معاشه»(3).

ويضيف باحث آخر بعض التفاصيل الإضافية المهمّة عن مدرسة الشيرازي في سامرّاء فيقول : «أُجريت على المدرسة توسعة عام (1297 ه) بشراء بعض الدور المحيطة وإلحاقها بها ، وبعد وفاة الميرزا الشيرازي هاجر أغلب طلبة العلوم إلى النجف حيث مقرُّ المرجع الأعلى هناك ، وفي أثناء الحرب العالمية الأُولى (1914م) استخدم الأتراك هذه المدرسة مكاناً لمعالجة جرحى الجيش في الحرب مع الإنجليز.

وفي عام (1346ه) عمّر السيّد أبو الحسن الإصفهاني المدرسة ، كما عمّرها السيّد حسين البروجردي عام (1376 ه) ، وبقيت تحملُ اسم الإمام 3.

ص: 223


1- الطبقات : 13/440.
2- أعيان الشيعة : 8/445.
3- تاريخ سامرّاء : 2/63.

الشيرازي ... ولم تسجّل المدينة أي فتنة طائفية حتّى عام (1411ه- - 1991م) ، عندما طالت الاضطرابات الشعبيّة بعض المدن العراقية الشيعية بعد اندحار العراق في حربه مع الحلفاء ، وقد تعرّضت مدرسة الشيرازي إلى الدمار وأُحرقت مكتبتها الثمينة الحاوية على الكثير من المخطوطات النادرة ، بالرغم من عدم وجود معارضة شيعية في سامرّاء ضدّ المراكز الحكومية الرسميّة»(1).

ثانياً : تقديم الخدمات العمرانية والاجتماعية :

لم تقتصر خدمات الميرزا الشيرازي في سامرّاء على الجانب العلمي فقط ، وإنّما امتدّت لتشمل الجانب العمراني والخدمي لسكّان المدينة وللوافدين إليها من الزائرين ، وخلال عقدين من الزمن فترة مكوثه في سامرّاء «ازدهرت هذه المدينة فيهما ازدهاراً ثقافيّاً متميّزاً وشهدت نهضة عمرانية في جانب الخدمات فأصبحت هذه البلدة الموحشة بلدة آهلة بالسكّان»(2).

ومن الأعمال العمرانية التي تمّ إنجازها على يد الميرزا الشيرازي في سامرّاء ما ذكره السيّد الأمين في الأعيان بقوله :

1 - «وبنى سوقاً كبيراً بمال بذله بعض أغنياء الهند».

2 - «ولم يكن في سامرّاء جسر ، وكان الناس يعبرون في القفف ... فبنى جسراً محكماً على دجلة من السفن بالطريقة المتّبعة في العراق تسهيلاً للعبور ورفقاً بالزوّار والواردين ، وكانت نفقته ألف ليرة عثمانية ذهباً ، وسلّمه 9.

ص: 224


1- المرجعية الدينية العليا : 219.
2- المرجع نفسه : 219.

للدولة تتقاضى هي أُجوره رجاءً لدوامه».

3 - «وبنى عدّة دور للمجاورين»(1).

4 - «وكان يجمع للفقراء والمحتاجين وأهل القرى والبوادي ممّا يحتاجون إليه من ألبسة وأطعمة ، ويوزّعها عليهم مرّتين في كلّ عام»(2).

إنّ هذه الخدمات الجليلة للميرزا الشيرازي ورعايته لأهالي سامرّاء ، جعل السكّان الأصليّين يتآلفون مع المجتمع الجديد ، فامتزج أهالي البلدة من القبائل السنيّة مع القادمين الجُدد - الشيعة - ولم تشهد المدينة خلافاً طائفيّاً بين الطرفين بل اعتقد عالم الاجتماع الدكتور علي الوردي أنّ المراسيم الشيعية التي كانت تقام في المدينة مثل طقوس العزاء الحسينية بدأت تؤثّر في أوساط العشائر «فوقع أهل سامرّاء تحت تأثيرها ، وشرعوا هم أنفسهم يخرجون مواكب العزاء تقليداً للشيعة ، ومعنى هذا أنّهم بدأوا يسيرون في طريق التشيّع شيئاً فشيئاً ...»(3).

المبحث الرابع : ردود أفعال السلطة العثمانية وبعض علماء السنّة :

لم يتعامل علماء السنّة في بغداد والسلطة العثمانية الحاكمة في العراق 0.

ص: 225


1- الأعيان : 8/445.
2- معارف الرجال في تراجم العلماء والأُدباء : 2/235.
3- لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث : 3/90.

آنذاك مع نشاطات وخدمات الميرزا الشيرازي بحسن نيّة ، وإنّما كانت لهم قراءة مذهبية متعصّبة لهذه النشاطات ، وخاصّة ما يتعلَّق منها بالجانب التعليمي فاتّخذت أساليب الردع المضادّ لهذه النشاطات ، مع أُسلوب التحريض القومي والمذهبي ضدّ الميرزا الشيرازي والشيعة للحدِّ من نفوذه وتحجيمه.

يقول الدكتور علي الوردي : «إنَّ هذا التحوّل الهامَّ الذي حدث في سامرّاء أدّى إلى ظهور ردّ فعل شديد ضدّه بين علماء السنّة في بغداد ، فتحفّزوا للعمل في سبيل انقاذ سامرّاء! وكان أشدُّهم حماساً في ذلك الشيخ محمّد سعيد النقشبندي ، فقابل والي بغداد الحاج حسن باشا ، وباحثه في الأمر ، وأبرق هذا إلى السلطان عبد الحميد يخبره بالخطر الذي يهدِّد سامرّاء ... سافر الشيخ محمّد سعيد النقشبندي إلى سامرّاء مخوَّلاً بفتح المدرسة في سامرّاء ... واستأجر النقشبندي داراً جعلها مدرسة له ، وأخذ يشتغل بالتدريس والوعظ والإرشاد ...»(1).

لم تكن المشكلة في فتح مدرسة ومعهد علمي يُدّرس فيه قواعد ومناهج العقائد السنّية في قبال المدرسة الشيعية التي افتتحها الميرزا الشيرازي ، وإنّما تكمن المشكلة في القائمين على المدرسة الضدّ ، وروح التعصّب الذي يسيّرهم وكان النقشبندي يمثّل هذا الاتجاه «فشمّر عن ذيل 1.

ص: 226


1- لمحات اجتماعية : 3/90 - 91.

التعصّب يداً ، وأقام في التسويلات مجتهداً ، مستعملاً للحيل واللطائف ، مستعيناً ببناء المدرسة وإجراء الوظائف ...»(1).

وبعد أن استقرَّ الشيخ النقشبندي في سامرّاء ، وأقام حلقات التدريس والإرشاد والتي اتّسمت بمواجهة مذهبية حادّة من أجل الحدّ من نفوذ الميرزا الشيرازي ، وتحجيم الحضور الفكري والعلمي للشيعة في هذه المدينة ولم تنتهِ مهمّته بوفاة الميرزا الشيرازي وإنّما «بقي في سامرّاء بعد وفاة الشيرازي ، وقد استطاع أن يسافر إلى الحجّ ومن هناك ذهب إلى اسطنبول وقابل السلطان عبد الحميد ، وكان من نتائج تلك المقابلة أن تقرّر بناء مدرسة دينية كبيرة في سامرّاء وقد تبرّع السلطان من خزينته الخاصّة بمبلغ ألف ومائتي ليرة لبناء المدرسة ، كما خصَّص مرتّباً شهريّاً قدره خمسون ليرة لينفقها على إعالة مائة طالب ...»(2).

ويذكر أحد الباحثين : «وقد أصدر السلطان عبد الحميد الثاني أوامره ببناء مدرسة دينية سنّية على غرار المدرسة الدينية الشيعية التي أسّسها الشيرازي عام (1308 ه) ، وبدأ العمل بها عام (1314 ه) ، أي بعد وفاة الشيرازي بسنتين وتمَّ بناؤها عام (1316 ه)(3) ، وظلَّ النقشبندي يدير 0.

ص: 227


1- هديّة الرازي إلى الإمام المجدّد الشيرازي : 21.
2- لمحات : 3/101.
3- المرجعية العليا : 220.

المدرسة ويدرّس فيها طيلة أربع سنوات»(1).

ولم يكتف الوالي حسن باشا بفتح مدرسة دينية وإرسال النقشبندي إلى سامرّاء ، وإنّما صعَّد من وتيرة المواجهة ضدَّ الشيعة وحوزتها العلمية ومرجعيّتها الدينية ، فخطّط لفتنة طائفية في المدينة ، «وقد نجح ... في إعداده لمخطّط تعبئة أهالي سامرّاء وتحريضهم ... وخلق محيط عدائي هدفُهُ الحدّ من هيبة الشيرازي وكسر شوكته بالمجابهة ، ففي العام (1311 ه) هجم أهالي سامرّاء على بيوت الشيعة وأماكنهم العامّة وأوقعوا فيهم بعض القتلى والجرحى ، حتّى قيل إنّ بين القتلى كان ابن أُخت الشيرازي ، وقيل ولده محمّد»(2).

ويصف لنا أحد المعاصرين بعض فصول تلك الأحداث المؤلمة بقوله : «إنّ الوالي حسن باشا حقد على الميرزا ، وأغرى بالشيعة في سامرّاء بعض المتعصّبين من الأهالي والوجوه ممّن ثقل عليهم توطّن الميرزا في بلدهم ، وعندئذ وقعت الفتنة في سامرّاء واتسعت الطائفية إلى بغداد وغيرها ، وتثاقل الوالي عن سماع شكوى العلماء وطلاّب العلوم في سامرّاء ، بل منع من إعلام السلطان عبد الحميد (بالتلغراف) ... ولمّا بلغ عبد الحميد خان ما حلَّ بالعلماء ، أقام الدنيا وأقعدها ، حتّى أطفأ النائرة ، وقمع الفساد وعاقب 1.

ص: 228


1- لمحات 3/101.
2- المرجعية العليا : 231.

المسؤولين بعقاب صارم .. فانتشر الأمن والاستقرار في سامرّاء»(1).

لقد واجه الميرزا الشيرازي تلك المصائب والأهوال برباطة جأش ، وسعة صدر ، وصبر جميل ، فكان النصر حليفه في تلك الوقائع والأحداث.

المبحث الخامس : وفاة المجدّد الشيرازي ، ومصير حوزته العلمية :

بعد تلك الأحداث والفتن الطائفية التي أثارها الوالي العثماني وسانده فيها بعض المتعصّبين من العلماء ، وتدخّل فيها القنصل البريطاني(2) ، والتي قابلها الميرزا بحكمته وسعة صدره ، وعزّته وشموخه وإبائه ، إلاّ أنّها تركت جرحاً عميقاً من الأسى في قلبه ، وهدّت قواه ، وهو في عمر جاوز الثمانين عاماً ، «فتوفّي رحمه الله في سامرّاء ... بعد الغروب بأربع ساعات من ليلة 24 شعبان (1312 ه) وحمل على الرؤوس من سامرّاء إلى النجف ، والقبائل العربية تستقبل جثمانه وتحمله إلى منتهى حدّ القبيلة الثانية ، وكذا المدن والقرى ، وأُقبر بجوار جدّه أمير المؤمنين عليه السلام بمقبرته الشهيرة بباب الطوسي ... واستمرّت الفواتح لروحه قدس سره في القبائل والمدن العراقية حدود السنة ..»(3).

يقول الدكتور علي الوردي : «كان نقل جنازة الشيرازي من سامرّاء إلى 8.

ص: 229


1- معارف الرجال : 2/236 الهامش كذلك : 2/301.
2- انظر تفاصيل هذه الأحداث ، معارف العلماء : 2/235 ، لمحات اجتماعية : 3 /97 - 99 ، هدية الرازي : 20 - 21 ، تاريخ مدينة سامرّاء : 2 /177 - 178 ، مآثر الكبراء في تاريخ سامرّاء : 2/99.
3- معارف الرجال : 2/237 - 238.

النجف من أعجب الحوادث في حينها ، إذ هي حملت على الأعناق في معظم الطريق بين البلدتين ..»(1).

في تكملة أمل الآمل يروي السيّد حسن الصدر قصّة تشييع جنازة السيّد بتفصيل دقيق إذ كان من الذين رافقوها طيلة الطرق حتّى المثوى الأخير(2).

لقد ترك السيّد الشيرازي بوفاته فراغاً كبيراً في المجال المرجعي للطائفة الشيعية ، وعلى مستوى حوزته العلمية الناشئة في مدينة سامرّاء.

فأمّا على مستوى المرجعية فقد هيّأ الله من يقوم بهذه المهمّة ، حيث كان في النجف الأشرف وحوزتها آنذاك فطاحل العلماء المجتهدين من أمثال الميرزا حسين الخليلي ، والشيخ محمّد طه نجف ، والشيخ حسن المامقاني ، والملاّ كاظم الآخوند الخراساني ، والسيّد كاظم اليزدي.

وأمّا الحوزة العلمية في سامرّاء فقد واصل بعض تلامذة الميرزا الشيرازي رسالة أُستاذهم ، وكان على رأس أُولئك الميرزا محمّد تقي الشيرازي (ت 1338 ه) وهو كما يصفه السيّد حسن الصدر : «نزيل سامرّاء ... من أَجلِّ تلامذة سيّدنا الأُستاذ العلاّمة حجّة الإسلام الميرزا محمّد حسن الشيرازي ... وهو الذي في سامرّاء يدرّس من عنده من الفضلاء ، وبه 1.

ص: 230


1- لمحات : 3/99.
2- تكملة أمل الآمل : 5/348 - 351.

قوام أمر دينهم ودنياهم أحد المراجع العامّة في التقليد ... وقد أحيا به الله تعالى جماعة من طلبة العلم ، أنامهم في حماه المنيع ، وسهر في تربيتهم وتكميلهم ... ولولاه لم يكن في هذا المشهد الشريف أحد من أهل العلم ، وأرجو من الله أن يطيل في عمره الشريف ...» ، والترجمة من السيّد الصدر للتقي الشيرازي ترجمة زمالة ومعاصرة ، فهو زميله في الدرس ، ومن المعاشرين له والمتباحثين معه في العلوم والمعارف إذ يقول عنه : «عاشرته سنين تقرب من العشرين ، لم أر منه زلّة ، ولا أنكرت منه خلّة ، وكان بيني وبينه مباحثة مذاكرة اثنتي عشرة سنة ، لا أسمع منه إلاّ الأنظار الدقيقة ، والأفكار العميقة ، والتنبيهات الرشيقة ...»(1).

إلاّ أنّ الظروف السياسية والأوضاع العصيبة فرضت نفسها على الموقف فلم تساعده تلك الظروف على مواصلة رسالة أُستاذه في سامرّاء «وقد انفضّ عنه أكثر الطلاّب والمدرّسين فعادوا إلى النجف أو كربلاء والكاظمية ومنهم من عاد إلى إيران ، وقد اضطرّ هو نفسه إلى الهجرة من سامرّاء على أثر الاحتلال البريطاني لها في أواخر الحرب العالمية الأُولى ، فاستقرّ في كربلاء ...»(2).

هكذا انتهى مصير الحوزة العلمية في سامرّاء ، ولم يبق فيها من دروس العلم ومن العلماء إلاّ صبابة كصبابة الإناء ، إذ هجرها العلم والعلماء من أتباع 3.

ص: 231


1- تكملة أمل الآمل : 5 /295 - 296 ، وانظر : هدية الرازي : 81.
2- لمحات : 10113.

مدرسة أهل البيت عليهم السلام ، وأمّا مدرسة الشيرازي الدينية فقد بقيت معلماً من معالم النهضة ، وجُدِّد بناؤها على يد المراجع ، حتّى طالتها يد التعصّب فهدّمت وأُحرقت مكتبتها كما بيّنا سابقاً.

المبحث السادس : تقويم عام لأهمِّ ملامح الحوزة العلمية في سامرّاء :

بعد هذه الجولة في حوزة سامرّاء العلمية وما رافقها من منجزات وأحداث ، لابدَّ لنا من تقويم عامّ لأهمِّ ملامحها ومنجزاتها العلمية ، والسياسية والتراث العلمي الذي خلّفته لنا خلال هذه الحقبة التي امتدّت إلى ما يقارب ثلاثة عقود من الزمن ، وضمن نقاط محدّدة مختصرة :

أوّلاً : لم تكن حوزة سامرّاء بديلة عن حوزة النجف الأشرف ، وإنّما كانت تمثّل الامتداد لها وفي طولها ، فلم تنقطع حركة العلم والعلماء عن النجف الأشرف طيلة فترة حياة مرجعية السيّد المجدّد والميرزا محمّد تقي (رضوان الله عليهما) ، وإنّما كانت النجف ترفد سامرّاء بالطلبة والمدرّسين والعلماء ، وكانت سامرّاء تمثّل أيضاً رافداً علميّاً لحوزة النجف الأشرف ، بالإضافة إلى أنّ رعاية المرجعية في سامرّاء لم تنقطع عن النجف وطلاّبها ، فكان يفيض عليهم من سامرّاء بالرواتب والمساعدات الكثيرة.

ثانياً : لم يختلف المنهج الدراسي ولا طريقة التدريس في حوزة سامرّاء العلمية عن الحوزة الأُمّ في النجف الأشرف ، إلاّ أنّ السيّد المجدّد

ص: 232

الشيرازي كان له منهجاً علميّاً عميق الغَور ، كما يصفه السيّد الصدر ، الذي يقول عنه : «لم تر عين الزمان مثل دقائق أفكاره وخفايا آثاره وأنظاره ، قد خلت عنها كتب المحقّقين من أهل الأنظار وسائر الشيوخ الكبار ، لم يسبقه أحد إليها ولا حام طائر فكر فقيه قبله عليها»(1).

ويصف الشيخ حرز الدين منهج المجدّد الشيرازي وطريقته في التدريس بقوله : «وكان مجلس بحثه مزدحماً بالعلماء والمدرّسين وتأتيه الاستفتاءات من سائر الأقطار الإسلامية ، ويحرِّر المسائل المهمّة منها ، ويجعلها عنواناً يدرِّس به تلامذته ، وكان ينصت لكلّ تلميذ له قابلية النقاش في الدرس ليستفيد بآرائهم حتّى يصفو له الوجه في المثلة ، كلّ ذلك تورّعاً ووثوقاً بإصدار الفتوى ، وكان كثير الاحتياط والتأمّل حتّى في الأُمور العرفية ...»(2).

ثالثاً : لقد تخرّج من هذه الحوزة المباركة الكثير من الفضلاء والمدرّسين وبعضهم وصل إلى المرجعية العليا للطائفة الشيعية من أمثال الميرزا محمّد تقي الشيرازي ، والسيّد كاظم اليزدي ، والآخوند الخراساني ... وغير ذلك من الأفاضل والأعلام الذين يطول بذكرهم المقام ، لو أردنا 7.

ص: 233


1- تكملة أمل الآمل : 5/334.
2- معارف الرجال : 2/237.

استقصاء طبقاتهم بالتمام ، كما يقول السيّد حسن الصدر في التكملة(1).

رابعاً : خلَّفت لنا حوزة سامرّاء العلمية تراثاً علميّاً متميّزاً رغم عمرها القصير ، فرغم انشغال المجدّد الشيرازي بأعباء المرجعية الدينية والرئاسة الاجتماعية والتي شغلته عن كتابة المؤلّفات الفقهية والأُصولية بقلمه الشريف ، إلاّ أنّ ما وصلنا من مؤلّفاته وتقريرات درسه الشيء الكبير ، وكتب الكثير منها في محضر درسه في سامرّاء بواسطة طلاّبه الذين حضروا درسه في النجف ، ثمّ انتقلوا معه إلى سامرّاء ، أو الطلاّب الذين حضروا درس السيّد الشيرازي في أواخر أيّامه بسامرّاء وحملوا تراثه العلمي من بعده ...(2) وذكر السيّد الأمين في أعيانه قائمة مؤلّفات وتقريرات المجدّد في الفقه والأُصول(3).

ولطلاّب وتلامذة المجدّد الشيرازي رضي الله عنه نتاج علمي كبير حُرِّر بعضه في حوزة سامرّاء العلمية ، فقد كتب الميرزا حسين النوري الكثير من آثاره العلمية بسامرّاء وهو يومذاك من أعظم أصحاب السيّد المجدّد الشيرازي وقدمائهم وكبرائهم ، ومن أهمّ مؤلّفات النوري كتابه الكبير مستدرك الوسائل استدرك فيه على كتاب وسائل الشيعة الذي ألّفه الشيخ محمّد بن الحرّ العاملي المتوفّى سنة (1104 ه)(4) ، كما أنّ الشيخ الطهراني محسن الشهير ب- : (آقا بزرك) قد 2.

ص: 234


1- المرجع نفسه : 5/335.
2- مقدّمة تقريرات المجدّد الشيرازي : 55.
3- أعيان الشيعة : 5/308.
4- الطبقات : نقباء البشر في القرن الرابع عشر : 549 ، 552.

وضع المسوّدات الأوّلية لكتابيه القيّمين الذريعة والطبقات في سامرّاء حيث اختصّ بالتلمذة على الميرزا محمّد تقي الشيرازي وهو من أبرز تلامذة المجدّد الشيرازي ، وسكن سامرّاء في السنوات (1911م إلى 1936م) ،. «وكان يدرّس في المدرسة الشيرازية بسامرّاء مدّة خمس عشرة سنة»(1).

كما أنّ الشيخ ذبيح الله المحلاّتي الذي قطن سامرّاء مدّة طويلة ... قد ألّف موسوعته القيّمة مآثر الكبراء في تاريخ سامرّاء عن هذه المدينة وهو قاطن بها كما يظهر من ثنايا كتابه.

كما أنّ السيّد حسن الصدر (ت 1354 ه) وهو من تلامذة المجدّد الشيرازي البارزين كان من المقرّرين لدرس أُستاذه والكاتبين لبعض أبحاثه ، كما يصرّح بذلك(2).

ومن يبحث في كتاب الذريعة إلى تصانيف الشيعة يجد الكثير من النتاج العلمي المتميّز لمدرسة وحوزة سامرّاء.

خامساً : اتساع نفوذ المرجعية الشيعية : لقد اتسعت رقعة المرجعية الدينية في عهد المجدّد الشيرازي بفضل جهوده وحسن تنظيمه ودقّة اختياره للمندوبين والوكلاء عنه ، يقول الشيخ حرز الدين في معارفه : «نال الزعامة وأذعن لفضله وعلمه الجمهور ، وتسلّم بيده زمام المسلمين ومقاليد الأُمور ، 9.

ص: 235


1- انظر : هدية الرازي : 9 ، والذريعة ، المقدّمة : 1/12 ، وطبقات أعلام الشيعة : 1 / كا - كا.
2- تكملة أمل الآمل : 5/334 ، 339.

وانتهت إليه رئاسة الإمامية من سائر الأمصار ... وكانت البلدان ، بل الأقطار الإسلامية وزعماؤها ملحوظة بنظره ، لا يغفل عنها وما حلّ فيها ، وقد نصب له في كلِّ بلد ممثّلاً عنه أميناً ثقة لقبض الحقوق ، وتدفع إليه في كلّ شهر وتوزّع على مستحقّيها كذلك»(1).

وقد أشار الشيخ محمّد تقي الفقيه إلى أنّ الشيرازي كان أوّل مرجع يفرض على وكلائه في البلدان المختلفة إرسال الأموال المتجمّعة إليه ، بعد ما كان الوكيل يتولّى إنفاقها في المصالح الدينية في بلاده ، ولم يكن ذلك معروفاً إلاّ في عهده(2).

سادساً : ظهور دور المرجعية الدينية في الحياة السياسية : لم يقتصر دور المجدّد محمّد حسن الشيرازي ولا خلفه الميرزا محمّد تقي الشيرازي على القيام بأُمور المرجعية على المستوى العلمي والخدماتي والاجتماعي ، وإنّما تعدّى ذلك إلى الدخول في عالم السياسة من أوسع أبوابها فكان لهما دور كبير في قيادة مسيرة الأُمّة عبر سوح المواجهة مع الاستكبار العالمي المتمثّل آنذاك ببريطانيا العظمى ونفوذها في كلّ من إيران والعراق عبر عملائها وتدخّلها المباشر من خلال تجييش الجيوش واحتلال البلاد.

يقول الدكتور علي الوردي : «يعدّ المرزا محمّد حسن الشيرازي أعظم مجتهد شيعي ظهر في العهد الحميدي ، وقد جرت في عهده أحداث هامّة 3.

ص: 236


1- معارف الرجال : 2/234.
2- جبل عامل في التاريخ : 53.

كان لها أثرها الاجتماعي في العراق وإيران»(1).

ويصف الشيخ الطهراني العقل السياسي عند المجدّد الشيرازي ، فيقول : «وأمّا عقله ، فقد حيّر السياسيّين من الملوك والسلاطين والوزراء ... وأذعن لعقله وتدبيره أهل العلم بالتدبير ... ويذعن لعقله السلاطين وأهل العلم بالأُمور السياسية»(2).

لقد اتّسمت مرجعية المجدّد الشيرازي بثلاثة مواقف رئيسية بارزة حملت دلالات دينية سياسية كبيرة الأهمّية ، وهي بإيجاز :

1 - رفضه لاستقبال الشاه ناصر الدين :

لقد زار النجف الأشرف ناصر الدين شاه عام (1287 ه- - 1870م) وخرج العلماء لاستقباله ثمّ زاروه في محلِّ إقامته إلاّ المجدّد الشيرازي فلم يخرج لاستقباله ولم يذهب لزيارته ، كما أنّه رفض قبول المبالغ النقدية التي أرسلها له ناصر الدين شاه ، وبعد الإلحاح عليه قبل السيّد أن يلتقي به في الحضرة العلوية ، وتمّ الاجتماع بينهما ولم يطلب السيّد من الشاه شيئاً ، وكان لهذا الموقف تأثير كبير في رفع مكانة السيّد الشيرازي في أوساط العامّة ، كما أصبح هذا النهج هو الطريقة والسنّة المتّبعة عند كبار العلماء والمراجع في استقبال الملوك المسلمين(3). 0.

ص: 237


1- لمحات اجتماعية : 3/77.
2- هدية الرازي : 31.
3- مع علماء النجف الأشرف : 110.

2 - معالجته للفتنة الطائفية في سامرّاء :

وقد أشرنا إلى ذلك من قبل ، ونضيف هنا أنَّ السيّد المجدّد قد رفض وبشكل قاطع تدخّل القنصل الإنجليزي في بغداد ، والذي أراد أن يستغلّ الموقف لصالح دولته ، فسافر إلى سامرّاء لهذا الغرض ، إلاّ أنَّ الميرزا الشيرازي رفض مقابلته ، وقال كلمته المعروفة : «لا حاجة لدسِّ أنف بريطاني في هذا الأمر الذي لا يعنيها ، لأنّه والحكومة العثمانية على دين واحد وقبلة واحدة وقرآن واحد ...»(1).

3 - فتوى التنباك :

وهي من أهمّ القضايا الساخنة التي تعرَّضت لها مرجعية المجدّد الشيرازي ، حيث تصدّى للاتّفاقية التي عقدها ناصر الدين القاجاري مع شركة بريطانية لاحتكار التبغ الإيراني ، ووقعت على أثر ذلك انتفاضة شعبية في إيران قادها العلماء ، وأرسلوا إلى المرجع الأعلى يستمدّون منه الدعم والتأييد ، فأرسل في البداية رسائل إلى الشاه يطلب فيها منه «الاستجابة للرعية في الغاء الاتفاقيّة ولمّا لم يستجب الشاه أصدر فتواه الشهيرة المعروفة بفتوى التنباك (استعمال التنباك والتتن حرام بأىِّ نحو كان ، ومَن استعمله كَمَن حارب الإمام عجّل الله فرجه) ، فأحدثت هذه الفتوى دويّاً هائلاً ، وهزّت المجتمع الإيراني وكانت النتيجة المباشرة للفتوى ارغام حكومة الشاه على 4.

ص: 238


1- مقدّمة كتاب تقريرات المجدّد الشيرازي : 37 عن تاريخ الحركة الإسلامية في العراق : 127 ، الوقائع الحقيقية : 4.

إلغاء الاتّفاقية ، كما كان لها نتائجها وآثارها في المدن العراقية».

يقول أحد الباحثين في الحركات الإسلامية : «... مثّلت الفتوى التي أصدرها الشيرازي إحدى أهمّ المواقف والنشاطات الفكرية والسياسية للعلماء المسلمين الشيعة في العراق في أواخر القرن التاسع عشر ، وشكّلت مظهراً رئيسيّاً من مظاهر الاتّجاه الثقافي الفكري السياسي الإسلامي الذي مهّد لقيام الحركة الإسلامية في العراق أوائل القرن العشرين»(1).

لقد كان السيّد الشيرازي - وبحقّ - من العلماء الأفذاذ الذين حفظوا حوزة الدين ، وأعزّ الله به الإسلام والمسلمين ، وإن كان لكلّ قرن من القرون مجدّداً «وكان كهف الإسلام ومحيي شريعة سيّد الأنام ...»(2).

كما أنّ مرجعية خلفه الميرزا محمّد تقي الشيرازي قد شهدت حراكاً سياسيّاً جهادياً كان له صدىً واسعاً ، فهو زعيم الثورة العراقية الكبرى ، وصاحب الفتوى الشهيرة في الوقوف أمام المشروع الاستعماري ، «وعندما أراد الإنجليز أن يحمل العراقيّين النبلاء مكرهين على انتخاب المندوب السامي (السر برسي كوكس) ممثّلهم في العراق أن يكون رئيساً لحكومة العراق الجديدة ، وعلم الميرزا الشيرازي ... فأفتى بما نصّه : «ليس لأحد من المسلمين أن ينتخب ويختار غير المسلم للإمارة والسلطنة على 0.

ص: 239


1- تاريخ الحركة الإسلامية في العراق : 130 - 131 ، وللتوسّع انظر : مقدّمة السيّد محمّد بحر العلوم على تقريرات السيّد المجدّد الشيرازي.
2- الطبقات ، نقباء البشر : 1/440.

المسلمين» ... وأصدر فتواه الثانية المدوّية في العالمين الإسلامي والبريطاني حينما نكّل حكّامهم السياسيّون بالوجوه العلمية والأعيان المحبّة لصالح بلدهم ... وهذا نصّها : «مطالبة الحقوق واجبة على العراقيّين ، ويجب عليهم في ضمن مطالبتهم رعاية السلم والأمن ، ويجوز لهم التوسّل بالقوّة الدفاعية إذا امتنع الإنجليز من قبول مطالبهم»(1).

فكانت هذه الفتوى بمثابة الشرارة التي انطلقت منها ثورة النجف ضدّ الوجود الإنجليزي ، ثمّ ثورة العشرين في العراق والتي كان فقهاء النجف على رأسها(2).6.

ص: 240


1- معارف الرجال : 2/216 - 217 ، لمحات اجتماعية : 5/535.
2- المرجعية العليا : 236.

المصادر

1 - الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد : المفيد ، محمّد بن محمّد بن النعمان البغدادي ، طبعة دار المفيد ، بيروت ، (1414 ه- - 1993م).

2 - الأزهر في ألف عام : الخفاجي ، محمّد عبد المنعم ، طبعة عالم الكتب ، بيروت ، الطبعة الثانية ، (1408 ه- - 1988م).

3 - الأصول العامّة للفقه المقارن : الحكيم ، محمّد تقي ، طبعة دار الأندلس ، بيروت ، (بلا - ت).

4 - أعيان الشيعة : الأمين ، محسن ، طبعة دار التعارف ، بيروت ، الطبعة الخامسة ، (1403 ه- - 1983م).

5 - بحار الأنوار : المجلسي ، محمّد باقر ، طبعة دار التعارف ، بيروت.

6 - تاريخ الأمم الإسلامية والدولة العبّاسية : الخضري ، محمّد ، طبعة المكتبة التجارية الكبرى ، مصر ، (1970م).

7 - تاريخ الأُمم والملوك : الطبري ، محمّد بن جرير ، تحقيق : محمّد أبو الفضل ابن إبراهيم ، طبعة روائع التراث العربي ، بيروت ، (بلا - ت).

8 - تاريخ الشيعة : المظفّري ، محمّد حسن ، طبعة مكتبة بصيرتي ، قم ، (بلا - ت).

9 - تاريخ مدينة سامرّاء : السامرّائي ، يونس ، طبعة بغداد ، (1971م).

10 - تاريخ اليعقوبي : اليعقوبي ، أحمد بن واضح ، طبعة دار صادر ، بيروت ، (بلا - ت).

ص: 241

11 - الجامع لأحكام القرآن : القرطبي ، محمّد بن أحمد ، طبعة دار الكتب العلمية ، بيروت ، (1413 ه- - 1993م).

12 - جبل عامل في التاريخ : الفقيه ، محمّد تقي ، طبعة دار الأضواء ، بيروت ، الطبعة الثانية ، (1406 ه- - 1986م).

13 - الحوزة العلمية في النجف الأشرف : البهادلي ، علي أحمد ، طبعة دار الزهراء ، بيروت ، الطبعة الأولى ، (1412 ه).

14 - الحوزة العلمية في النجف الأشرف : الغروي ، محمّد ، طبعة دار الأضواء ، بيروت ، الطبعة الأولى ، (1414 ه- - 1994م).

15 - دائرة المعارف الإسلامية الشيعية : الأمين ، حسن ، طبعة دار التعارف ، بيروت ، الطبعة الرابعة ، (1410 ه- - 1989م).

16 - الدَّارسُ في تاريخ المدارس : النعيمي الدمشقي ، عبد القادر بن محمّد ، تحقيق : جعفر الحسني ، طبعة مكتبة الثقافة الدينية ، القاهرة ، (1988م).

17 - سامرّاء : العلي ، صالح أحمد ، طبعة شركة المطبوعات ، بيروت ، الطبعة الأولى ، (2001م).

18 - سامرّاء قديماً بحث ضمن موسوعة العتبات المقدّسة : جواد علي ، المجلّد السابع ، بإشراف جعفر الخليلي ، طبعة مؤسّسة الأعلمي ، بيروت ، الطبعة الثانية ، (1491 ه- - 1787م).

19 - السيرة النبوية : ابن هشام ، عبد الملك بن هاشم بن أيّوب الحميري ، (ت 218 ه) ، بتحقيق : الشلبي ، والأبياري ، والسقّا ، أُفست طبعة مصطفى الحلبي ، مصر ، (1355 ه- - 1926م).

20 - طبقات أعلام الشيعة نقباء البشر في القرن الرابع عشر : الطهراني ، محسن آقا بزرگ ، طبعة مكتبة إسماعيليان ، (بلا - ت).

ص: 242

21 - لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث : الوردي ، علي ، أُفست مكتبة الشريف الرضي ، قم ، (بلا - ت).

22 - مآثر الكبراء في تاريخ سامرّاء : المحلاّتي ، ذبيح الله ، طبعة المكتبة الحيدرية ، قم الطبعة الأولى ، (1426 ه).

23 - المرجعية الدينية العليا عند الشيعة الإمامية : القزويني ، جودت ، طبعة دار الرافدين ، بيروت ، الطبعة الأولى ، (1426 ه- - 2005م).

24 - معارف الرجال في تراجم العلماء والأُدباء : حرز الدين ، محمّد ، طبعة مكتبة المرعشي النجفي ، قم ، (1405 ه).

25 - معجم البلدان : شهاب الدين عبد الله ياقوت ، طبعة دار إحياء الثراث العربي ، بيروت ، (بلا - ت).

26 - مفردات ألفاظ القرآن : الراغب الإصفهاني ، الحسين بن محمّد بن الفضل ، تحقيق : صفوان عدنان داودي ، طبعة دار القلم والدار الشامية ، بيروت ، الطبعة الأولى ، (1412 ه- - 1992م).

27 - مقدّمة تقريرات المجدّد الشيرازي : بحر العلوم ، محمّد ، طبعة مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، قم ، (1409 ه).

28 - النهاية في غريب الحديث والأثر : ابن الأثير ، مجد الدين أبي السعادات ، طبعة أُفسيت مطبوعات إسماعيليان ، (بلا - ت).

وآخرون : طبعة دار المؤرّخ العربي ، بيروت ، الطبعة الأولى ، (1429 ه- - 2008م).

29 - هديّة الرازي إلى الإمام المجدّد الشيرازي : الطهراني ، محسن آقا بزرگ ، طبعة مكتبة ميقات ، (1403 ه).

ص: 243

ثقة الإسلام الساروي مخطوطاته وإجازاته في مدرسة دار العلم في النجف الأشرف

أحمد علي مجيد الحلّي النجفي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي علّم بالقلم ، علّم الإنسان ما لم يعلم ، والصلاة والسلام على من بعث لخير الأمم أبي القاسم محمّد صلّى الله عليه وعلى آله الطيّبين الطاهرين أولي العلم من خلقه الذين أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا.

وبعد :

من الطبيعي لكلّ مفهرس للمخطوطات أن يجد حين عمله موقفاً يستهويه ، من فكرة تأليف ، أو خطّ جميل ، أو تاريخ نسخ ، أو مكان نسخ ، أو رجل له تعلّق بالنسخة ... ، وحين فهرستي لمخطوطات مدرسة دار العلم

ص: 244

في النجف الأشرف والتي أسّسها آية الله العظمى السيّد أبو القاسم الخوئي قدس سره استهواني رجل عالم ذو همّة عالية ، فرغم مرضه على الفراش كتب كتاباً فقهيّاً يكاد أن يكون كاملاً ، ولا أُكثر من سرد القول عنه فذكره في ما بعد يوضّح جليّاً لنا تلك الهمّة العالية وبعض حالاته ، فثقة الإسلام الساروي (1343 ه)(1) - عنوان مقالتنا هذه - هو السيّد محمّد بن فضل الله بن خداداد الموسوي الساروي الپهنه كلائي ، عالم جليل ، فقيه أصوليّ ، كامل ماهر ، أديب متبحّر ، كان من أعلام العلماء الأجلاّء المصنّفين ، تتلمذ على آية الله المجدّد الشيرازي في سامرّاء سنين ، وفي النجف على العلاّمة الشيخ ميرزا حبيب الله الرشتي ، ثمّ اختصّ بالحجّة الشيخ ميرزا حسين الخليلي الطهراني ، سافر إلى إيران وزار الإمام الرضا عليه السلام ورجع إلى النجف الأشرف مجاوراً لقبر جدّه عليه السلام ، منزوياً مشغولاً لإصلاح نفسه وزاد آخرته إلى أن توفّي بها عن نيف وستين سنة.

ولمّا رأيت مجموعاً من مخطوطاته في تلك المكتبة العريقة أحببت أن أنشرها بمقالة لندرتها وقسّمتها لقسمين ؛ الأوّل في ذكر مؤلّفاته فيها ، والثاني في ذكر إجازاته في الرواية والاجتهاد والأمور الحسبية ، وحاولت أن أعرّف تلك ظ.

ص: 245


1- جاء في طبقات أعلام الشيعة والذريعة في أكثر من موضع أنّه توفّي سنة (1342 ه) بينما أنهى المجلّد الثامن من كتابه أنوار الأحكام - النسخة المرقّمة (3) من فهرسنا هذا - في غرّة صفر من سنة 1343 ه- ، فتكون وفاته بعد هذا التاريخ ، فاعتمدت ذلك ، وسيأتي نسبه كاملاً في النسخة ذات الرقم (6) ، فلاحظ.

المخطوطات تعريفاً كاملاً ، كما وأوردت إجازاته كما هي بصدرها وترتيبها ؛ على النهج الآتي :

القسم الأوّل

مؤلّفاته ؛ وعددها خمسة عشر كتاباً ورسالة :

1 - إجازات الاجتهاد والرواية ؛ ينظر رقم (6).

2 - أحكام الجبائر = رسالة في حكم الجبيرة ؛ ينظر رقم (6).

3 - أحكام خُلف مطلق الوعد ؛ ينظر رقم (6).

4 - أحكام سهو الإمام والمأموم ؛ ينظر رقم (6).

5 - أحكام كثير السهو ؛ ينظر رقم (6).

6 - أنوار الأحكام في شرائع سيّد الأنام ؛ ينظر الأرقام (1) ، (2/1 ، 2 ، 3) ، (3).

7 - أنوار الأصول ؛ ينظر الأرقام (4) ، (7/2).

8 - الأنوار الغروية ؛ ينظر رقم (5).

9 - رسالة في بيان أحوال السيّد عماد الدين قدس سره وكيفية وقوفه بطبرستان وإقامته ؛ ينظر رقم (6).

10 - رسالة في بيان أحوال من انتهى إليه النسب = رسالة في النسب ؛ ينظر رقم (6).

ص: 246

11 - كرامات السيّد عماد الدين قدس سره ؛ ينظر رقم (6).

12 - كنائز الأصول ؛ ينظر رقم (7).

13 - لمعان الأنوار البهيّة الباهرة في مدارك أحكام الشريعة الطاهرة ؛ ينظر الأرقام (5/2) ، (6/1).

14 - مشارق الأنوار في أحكام الخيار ؛ ينظر رقم (2).

15 - مطلع الأنوار ؛ ينظر رقم (8).

القسم الثاني

إجازاته ؛ وعددها اثنتي عشرة إجازة :

1

- إجازات الاجتهاد والرواية

(إجازات - عربي)

وجدت صوراً لاثنتي عشرة إجازة اجتهاد ورواية أعطيت له من قبل جمع من العلماء ، وهم :

1 - الميرزا حسين ابن الميرزا خليل الطهراني (ت 1326 ه) ، سنة 1314 ه- ، وهي إجازة اجتهاد.

2 - الآخوند محمّد كاظم الخراساني (ت 1329 ه) ، سنة 1314 ه- ، وهي إجازة حديث واجتهاد.

3 - الشيخ عبد الله الجيلاني المازندراني (ت 1330 ه) ، سنة 1314 ه- ، وهي إجازة حديث واجتهاد.

ص: 247

4 - السيّد محمّد كاظم اليزدي (ت 1337 ه) ، سنة 1314 ه- ، وهي إجازة اجتهاد.

5 - السيّد إسماعيل ابن السيّد صدر الدين الصدر (ت 1338 ه) ، سنة 1314 ه- ، وهي إجازة اجتهاد.

6 - الملاّ علي بن فتح الله النهاوندي (ت 1322 ه) ، سنة 1314 ه- ، وهي إجازة اجتهاد.

7 - الشيخ محمّد المعروف بالفاضل الشرابياني (ت 1322 ه) ، سنة 1314 ه- ، وهي إجازة اجتهاد.

8 - السيّد أبو القاسم ابن معصوم الأشكوري الجيلاني (ت 1325 ه) ، سنة 1314 ه- ، وهي إجازة اجتهاد.

9 - الميرزا محمّد تقي الشيرازي (ت 1338 ه) ، بدون تاريخ ، وهي إجازة اجتهاد.

10 - الشيخ محمّد حسين الأصفهاني (ت 1361 ه) ، بدون تاريخ ، وهي إجازة اجتهاد.

11 - الشيخ عبد الله الجيلاني المازندراني ، ثانياً ، بدون تاريخ ، وهي إجازة اجتهاد.

12 - السيّد مصطفى بن حسين الكاشاني (ت 1336 ه) ، بدون تاريخ ، وهي إجازة اجتهاد.

ص: 248

القسم الأوّل

مؤلّفاته ؛ وعددها خمسة عشر كتاباً ورسالة

(1)

أنوار

الأحكام في شرائع سيّد الأنام

(فقه إمامي - عربي)

تأليف : ثقة الإسلام الساروي ، السيّد محمّد بن فضل الله الموسوي الحسيني النجفي الپهنه كلائي (ت 1343 ه).

فقه استدلالي في عدّة مجلّدات ، يتكوّن كلّ كتاب منها من مجموعة من المقاصد ، صَدَّرَ عناوين كلّ منها بكلمة ، (نور) وقد ذكر هو رحمه الله في آخر كتابه أنوار الهدى المطبوع أنّه في ثلاثة مجلّدات : (الصلاة ، والمتاجر ، والغصب).

* [الذريعة : 2/414 رقم 1650]

غير أنَّ الموجود بين أيدينا أكثر من ثلاثة عشر كتاباً ؛ لأنّه كان قد ألّف بعضه في آخر حياته ، ألّفه في النجف الأشرف.

أنهى المجلّد الرابع منه - كتاب الخمس - في يوم الإثنين 4 شهر ربيع الآخر سنة 1340 ه- ، والمجلّد الخامس - كتاب الزكاة - في 7 صفر سنة 1340 ه- ، والمجلّد السادس - كتاب الصوم - في 26 شهر رمضان سنة 1340 ه- ، والمجلّد السابع - كتاب التجارة (المكاسب المحرّمة) - في 7 شهر ربيع

ص: 249

الأوّل سنة 1341 ه- ، ومباحث البيع في 12 شهر [؟] سنة 1341 ه- ، وأحكام الخيارات في 15 شهر رجب سنة 1341 ه- ، وكتاب الغصب في سلخ ذي القعدة سنة 1341 ه- ، والمجلّد الثامن - كتاب الوصايا - في غرّة صفر سنة 1343 ه- ، والمجلّد التاسع - كتاب الإرث - بعض مطالبه في 15 شعبان سنة 1341 ه- ، وخاتمته تمّت في يوم الثلاثاء سلخ شعبان سنة 1341 ه- ، وتمّت فهرسة فروعه في ليلة الخامس من شهر رمضان سنة 1341 ه- ، والمجلّد العاشر - كتاب الإجارة - ليلة 26 جمادى الأولى سنة 1341 ه- ، وكتاب المضاربة في 15 جمادى الأولى سنة 1342 ه- ، والمجلّد الحادي عشر - كتاب الشركة - في العشر الثاني من جمادى الآخرة سنة 1342 ه- ، والمجلّد الثاني عشر - كتاب الصرف - في 25 جمادى الآخرة سنة 1342 ه- ، والمجلّد الثالث عشر - كتاب المزارعة - في يوم الإثنين 28 جمادى الأولى سنة 1342 ه- ، وكتاب المساقاة في نهار الثالث من جمادى الآخرة سنة 1342 ه- ، وكتاب الضمان في ليلة الخامس من شعبان سنة 1342 ه- ، وكتاب الحجر في 20 شعبان سنة 1342 ه.

اشتملت النسخة على المجلّد الرابع والخامس والسادس ، وفيها كتاب الخمس والزكاة والصوم.

أوّل النسخة : «الحمد لله العظيم المتعال في عزّ جلاله .. أمّا بعد المجلّد الرابع من كتابنا الموسوم بأنوار الأحكام في الخمس وما يتعلّق به من الأحكام وفيه مقاصد ...».

ص: 250

آخر النسخة : «هذا آخر كلامنا في الصوم ، وقد فرغ مصنِّفه المحتاج إلى عفو ربّه الباري محمّد الموسوي الحسيني الساروي الحائري الطبرستاني أصلاً والپهنه كلائي موطناً والغروي مسكناً في يوم السادس والعشرين من شهر رمضان المبارك في المشهد الغروي والحمى المرتضوي مع شدّة اغتشاش البال ، واضطراب الأحوال في سنة ألف وثلاثمائة وأربعين من الهجرة النبوية عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتحية ، وقد حدث لي في أثناء تصنيفه حادثة عظيمة ، وهي أنّه قد كان سنين عديدة سقط إحدى رجلي من شدّة مرض المفاصل ، ومع ذلك كنت جالساً في زاوية البيت مشغولاً بتصنيف الأحكام إذ صبّ عليّ الزمان بلاء عظيماً وطرحت على الأرض وانكسر من ذلك ساعدي وعضدي ، فلمّا رأيت نفسي في معرض الزوال آيساً عن التصنيف والتأليف مع ما كان من آمالي إتمام أبواب الفقه خصوصاً ما هو الأهمّ في نظري من إتمام المتاجر والإرث والديات ، والزمان قد ابتلاني ببليّات عظيمة ، مانعاً عمّا هو مأمولي وعرضني في معرض الفناء لذا خاطبت نفسي وعاتبت هواي بما قاله الشاعر :

لا كلّ ما يتمنّى المرء يدركه

تجري الرياح بما لا تشتهي السفن

وقلت : قد جفّ القلم عن التحرير ، واللسان عن التقرير ، وبعد ذلك من شدّة توسّلي بالأئمّة الطاهرين والحجج الغرر الميامين أرواحنا لهم الفداء قد برأ ساعدي ، وأتممت كتاب الصوم حامداً وشاكراً لله تعالى ، وأنا مع ذلك

ص: 251

مُقعد من وجع المفاصل غير قادر على المشي والقيام ، وعلى كلّ حال أرجو من الفقهاء الناظرين في هذه الأوراق أن لا يأخذوني بالخطأ والغفلة والنسيان ، وأن يطلبوا لي الرحمة والغفران من الله تعالى العزيز الرحمان ، وقد تمّت بالخير والسعادة سنة 1340» (1).

رقم النسخة (4) ،نسخ ، المؤلّف رحمه الله ، يوم الإثنين 4 شهر ربيع الآخر سنة 1340 ه- في النجف الأشرف (المجلّد الرابع) ، 7 صفر سنة 1340 ه- في النجف الأشرف (المجلّد الخامس) ، في 26 شهر رمضان سنة 1340 ه- في النجف الأشرف (المجلّد السادس) ، مصحّحة من المؤلِّف رحمه الله ، وَقَفَها مؤلِّفها رحمه الله العلماء والمحصّلين من الإثني عشرية في غرّة شوّال سنة 1340 ه- وجعلت توليتها بيد السيّد عبد الغفّار المازندراني ، ووقفيّتها على وجه النسخة بخطّه ، وختمه البيضوي : (عبده الراجي ثقة الإسلام محمّد الموسوي الحسيني) ، كُتب عليها بقلم (الرصاص) أنّها وقف على مكتبة مدرسة البروجردي لكنّها خالية من أيّ ختم للمدرسة المذكورة وهذا خلاف ما هو موجود على جميع نسخ المدرسة.

الغلاف : جلد ، أحمر ، مزيّن بالطرّة ورأسيها.

167 ق ، (30 - 33) س ، 21× 34 سم. ب.

ص: 252


1- وقد ذكرت الإنهاء بطوله ليعتبر بعلوّ همّته أولو الألباب.

(2)

مجموعة

1

- أنوار الأحكام في شرائع سيّد الأنام (1)

(فقه إمامي - عربي)

(1 و - 41 ظ)

تأليف : ثقة الإسلام الساروي ، السيّد محمّد بن فضل الله الموسوي الحسيني النجفي الپهنه كلائي (ت 1343 ه).

ينظر : المخطوطة ذات الرقم (1).

اشتملت النسخة على كتاب التجارة من المجلّد السابع.

أوّل النسخة : «الحمد لله الذي جعل من آيات معرفته خلق العباد .. أمّا بعد هذا هو المجلّد السابع من كتابنا الموسوم بأنوار الأحكام في التجارة وفضلها وآدابها وأحكامها وفيه مقاصد ...».

آخر النسخة : «هذا آخر ما أردنا إيرادها [ظ - إيراده] في أحكام [ال]مكاسب المحرّمة وملحقاتها والله الهادي إلى سبيل الرشاد وصلّى الله على محمّد وآله الأمجاد واللعنة الدائمة على أعدائهم إلى يوم المعاد وقد فرغ من تصنيفه مصنّفه الخاطى محمّد الموسوي الحسيني المازندراني البهنه5.

ص: 253


1- ذكر السيّد جعفر الحسيني سلمه الله للكتاب سبع نسخ أُخر في فهرس مكتبة البروجردي : 2/ 32 ، 52 ، 54 ، 55 ، 59 ، 60 ، 61 ، وهي بالأرقام التالية : 189 ، 206 ، 207 ، 209 ، 212 ، 214 ، 215.

كلائي الحائري في مشهد الغروي يوم السابع من شهر ع1 من سنة 1341 ، تمّت بالخير والسعادة».

2

- أنوار الأحكام في شرائع سيّد الأنام

(فقه إمامي - عربي)

(42 و - 64 ظ)

تأليف : ثقة الإسلام الساروي ، السيّد محمّد بن فضل الله الموسوي الحسيني النجفي الپهنه كلائي (ت 1343 ه).

ينظر : المخطوطة ذات الرقم (1).

اشتملت النسخة على كتاب البيع من المجلّد السابع.

أوّل النسخة : «الحمد لله الذي أرشدنا إلى شرائع الدين وجعلنا من أمّة سيّد النبيّين .. أمّا بعد هذا هو المجلّد السابع من كتابنا الموسوم بأنوار الأحكام في البيع وأركانه أربعة ..».

آخر النسخة : «هذا آخر كلامنا في البيع ، بقي الكلام في الخيارات فلنشير إليها مفصّلاً إن شاء الله تعالى ، ولقد فرغ من تصنيف مباحث البيع مصنّفه المحتاج إلى عفو ربّه الكريم الباري محمّد الموسوي الحسيني الحائري الغروي الساروي الطبرستاني في يوم الثاني عشر من سنة ألف وثلاث مائة وإحدى وأربعين من الهجرة النبوية عليه وعلى آله ألف ألف سلام وتحية في [ال]مشهد الغروي والحمى المرتضوي أرواحنا فداه تمّت بالخير».

ص: 254

3

- أنوار الأحكام في شرائع سيّد الأنام

(فقه إمامي - عربي)

(65 و - 68 ظ)

تأليف : ثقة الإسلام الساروي ، السيّد محمّد بن فضل الله الموسوي الحسيني النجفي الپهنه كلائي (ت 1343 ه).

ينظر : المخطوطة ذات الرقم (1).

اشتملت النسخة على أحكام الخيار من كتاب البيع/ المجلّد السابع.

أوّل النسخة : «الحمد لله الذي كلّت الألسن عن غاية صفته وحارت العقول عن كنه معرفته والصلاة والسلام على أشرف بريّته سيّد سفرائه ...».

آخر النسخة : «هذا آخر كلامنا في خيار المجلس قد فرغ من تصنيفه مصنّفه الخاطئ محمّد الموسوي الحسيني الحائري الغروي الطبرستاني في منتصف شهر الرجب المرجّب من سنة ألف وثلاثمائة وإحدى وأربعين من الهجرة في مشهد الغروي والحمى المرتضوي أرواحنا فداه حامداً لله مصلِّياً على محمّد وآله ، تمّت بالخير والسعادة وحسن توفيقه».

4

- مشارق الأنوار في أحكام الخيار

(فقه إمامي - عربي)

(69 و - 130 ظ)

تأليف : ثقة الإسلام الساروي ، السيّد محمّد بن فضل الله الموسوي الحسيني النجفي الپهنه كلائي (ت 1343 ه).

رسالة مستقلّة في الخيار من تقريرات أستاذه آية الله الميرزا حبيب الله

ص: 255

ابن محمّد علي الرشتي (ت 1312 ه) ، وهي من خيار الحيوان إلى خيار التصرية في ستّ مسائل.

فرغ من تصنيفها في يوم الثلاثاء 4 شهر رجب سنة 1300 ه- في المشهد المرتضوي (النجف الأشرف).

* [الذريعة : 7/ 280 رقم 1372 ، و21/ 33 رقم 3821]

أوّل النسخة : «الحمد لله ربّ العالمين .. أمّا بعد الكلام في بيان أقسام الخيار ، منها خيار الحيوان ومبدأ هذا الخيار من حين العقد إلى ثلاثة أيّام ...».

آخر النسخة : «وكان الفراغ من تصنيفه وترقيمه في نصف النهار من يوم الثلاثاء الرابع من شهر رجب المرجّب في سنة ألف وثلاثمائة من الهجرة النبوية في مشهد المرتضوي عليه وعلى من دفن فيه آلاف التحية».

رقم النسخة (6) ، نسخ ، (الأولى) : المؤلِّف رحمه الله ، 7 شهر ربيع الأوّل سنة 1341 ه- (الأولى) ، 12 [شهر رجب] سنة 1341 ه- (الثانية) ، 15 شهر رجب سنة 1341 ه- (الثالثة) كتب الثلاثة في المشهد الغروي ، قال بعد إنهاء الثالثة ما نصّه : (ثمّ اعلم : أنّ الستة الباقية من أقسام الخيارات التي أردنا إيرادها هنا في هذا الكتاب قد ألّفناها وصنّفناها في رسالة مستقلّة من تقريرات أستاذنا الأكرم آية الله الأعظم حجّة الإسلام الحاج ميرزا حبيب الله [الرشتي] الكيلاني طاب ثراه قبل ثلاثين سنة في مدّة تسع سنين ولقد سمّيناها ب- (مشارق الأنوار

ص: 256

في أحكام الخيار) ، وهو من خيار الحيوان إلى خيار التصرية فلمّا نظرت إليها في هذه الأيّام نظر دقيق صائب [نظراً دقيقاً صائباً - ظ] رأيتها جامعة ومشتملة على مطالب عالية علية وتحقيقات دقيقة وتأسيسات رشيقة أكتفينا بها وألحقناها بكتابنا هذا ؛ لأنّي مع كثرة ما تهاجم عليّ [من] الشدائد والعوارضات والبليّات والأمراض والأوجاع خصوصاً مرض أوجاع المفاصل التي [الذي - ظ] جعلني مقعداً في سنين من الأيام ، ودهراً من الزمان ، غير قادر على المشي بالأقدام ، بل من القيام ، وها أنا في معرض الزوال ، ولم يسعني تجديد تصنيف في هذا المقال ، وأرجو من الناظرين في جميع ما صنّفته من الأحكام من الفقهاء الأعلام والمجتهدين العظام أن يصلحوا بأقلامهم الشريفة ما وجدوه فيه من الخطأ والاشتباه ، فإنّي كليل عليل ، آيساً من الحياة ، عازماً على الموت [آيسٌ .. عازمٌ - ظ] ، وأرجو العفو والغفران من الله تعالى وحسن العاقبة ، إنّه وليّ الإحسان ، وهو حسبي ونعم الوكيل. تمّت بالخير والسعادة).

(الثانية) : الميرزا محمّد بن علي أكبر الخونساري أصلاً والغروي مسكناً ، في نصف النهار يوم الأحد 2 من ذي القعدة سنة 1322 ه- ، مصحّحة من المؤلِّف رحمه الله ، وذكر المؤلِّف في آخرها تمام نسبه (1) وقصيدة مفاخرة بذلك وتاريخ وفاة أستاذه الشيخ حبيب الرشتي في منتصف ليلة الخميس بعد مضيّ ).

ص: 257


1- وعليه يصحّح ما في الذريعة من أنّه أورد في أوّله تمام النسب ، وسيأتي نسبه كاملاً في النسخة ذات الرقم (34).

سبع ساعات منها وهي ليلة 14 جمادى الآخرة سنة 1300 ه- [كذا والصحيح 1312 ه] ، وقال في تأريخه : (غاب نورك يا حبيب) ، وقال بعض الأدباء : (غاب نور الحبيب) ، وَقَفَها مؤلِّفها رحمه الله على العلماء والمحصّلين من الإثني عشرية في 1 شهر ربيع الآخر سنة 1342ه- وجعل توليتها بيد السيّد عبد الغفّار المازندراني ، ووقفيّتها على وجه النسخة بخطّه ، والثانية وَقَفَها في غرّة شوّال سنة 1340 ه- ، وختمه البيضوي : (عبده الراجي ثقة الإسلام محمّد الموسوي الحسيني) ، كُتب عليها بقلم (الرصاص) أنّها وقف على مكتبة مدرسة البروجردي لكنّها خالية من أي ختم للمدرسة المذكورة ، وهذا خلاف ما هو موجود على جميع نسخ المدرسة.

الغلاف : تيماج ، أحمر.

130 ق ، 29 س (الأولى) ، 19 س (الثانية) ، 21× 34 سم.

(3)

أنوار

الأحكام في شرائع سيّد الأنام

(فقه إمامي - عربي)

تأليف : ثقة الإسلام الساروي ، السيّد محمّد بن فضل الله الموسوي الحسيني النجفي الپهنه كلائي (ت 1343 ه).

ينظر : المخطوطة ذات الرقم (1).

اشتملت النسخة على المجلّدات من السابع إلى الثالث عشر ، وفيها : كتاب الغصب ، وكتاب الوصايا ، وكتاب الإرث ، وكتاب الإجارة ، وكتاب

ص: 258

المضاربة ، وكتاب الشركة ، وكتاب الصرف ، وكتاب المزارعة ، وكتاب المساقاة ، وكتاب الضمان ، وكتاب الحجر.

أوّل النسخة : «الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله المصطفى وعلى آله البررة الأزكياء .. كتاب الغصب والنظر فيه في أمور ، الأوّل : في تعريف الغصب ...».

آخر النسخة : «وهذا آخر ما أردنا إيراده في باب الحجر .. في عشرين من شعبان المعظم في سنة 1342 والحمد لله على إتمامه وختامه».

رقم النسخة (5) ، نسخ ، المؤلِّف رحمه الله ، سلخ ذي القعدة سنة 1341 ه- (كتاب الغصب) ، غرّة صفر سنة 1343 ه- (المجلّد الثامن - كتاب الوصايا) ، 15 شعبان سنة 1341 ه- (المجلّد التاسع - كتاب الإرث) ، وخاتمته في يوم الثلاثاء سلخ شعبان سنة 1341 ه- وفهرسة فروعه في ليلة الخامس من شهر رمضان سنة 1341 ه- ، ليلة 26 جمادى الأولى سنة 1341 ه- (المجلّد العاشر - كتاب الإجارة) ، 15 جمادى الأولى سنة 1342 ه- (كتاب المضاربة) ، العشر الثاني من جمادى الآخرة سنة 1342 ه- (المجلّد الحادي عشر - كتاب الشركة) ، 25 جمادى الآخرة سنة 1342 ه- (المجلّد الثاني عشر - كتاب الصرف) ، يوم الإثنين 28 جمادى الأولى سنة 1342 ه- (المجلّد الثالث عشر - كتاب المزارعة) ، نهار الثالث من جمادى الآخرة سنة 1342 ه- (كتاب المساقاة) ، ليلة الخامس من شعبان 1342 ه- (كتاب الضمان) ، 20 شعبان

ص: 259

سنة 1342 ه- (كتاب الحجر) ، مصححة من المؤلِّف رحمه الله ، وَقَفَها مؤلِّفها رحمه الله على العلماء والمحصّلين من الإثني عشرية في 1 شهر ربيع الآخر سنة 1342ه- ، وجعل توليتها بيد السيّد عبد الغفّار المازندراني ، ووقفيتها على وجه النسخة بخطّه ، وختمه البيضوي : (عبده الراجي ثقة الإسلام محمّد الموسوي الحسيني) ، كُتب عليها بقلم (الرصاص) أنّها وقف على مكتبة مدرسة البروجردي لكنّها خالية من أيّ ختم للمدرسة المذكورة وهذا خلاف ما هو موجود على جميع نسخ المدرسة ، الغلاف : تيماج ، أحمر.

169 ق ، 29 س ، 21 × 34 سم.

(4)

أنوار

الأصول

(أصول الفقه - عربي)

تأليف : ثقة الإسلام الساروي ، السيّد محمّد بن فضل الله الموسوي الحسيني النجفي الپهنه كلائي (ت 1343 ه).

أبتدأ فيه من مباحث الألفاظ وانتهى فيه - بحسب ما في النسخة - بتعارض الأدلّة والتراجيح ، وفرّع فيه الأقوال تفريعاً يعجب الناظر ، مع سرد لأقوال العلماء الموافقة والمخالفة ، رتّبه على مقالات ومقاصد وفصول ، وذكر في آخر كتابه المطبوع (أنوار الهدى) أنّه في خمسة مجلّدات.

ص: 260

* [الذريعة : 2/415 رقم 1654]

قال في أوّله : «فهذه رسالة في علم الأصول رتّبتها على مقدّمة ومقالات وفصول ليبيّن بها القواعد الممهّدة لاستنباط الفروع من الأصول وسمّيتها ب- : (أنوار الأصول) ...».

فالمجلّد الأوّل رتّبه على مقدّمة وثلاث مقالات وفصول :

الأولى : في مباحث الألفاظ ، أتمّها في يوم الخميس 24 ذو القعدة سنة 1321 ه.

والثانية : في الأوامر ، أتمّها في 16 جمادى الأولى سنة 1321 ه.

والثالثة : في المحكم والمتشابه والمفهوم والمنطوق ، أتمّها في 10 ذو الحجّة سنة 1321ه.

والمجلّد الثاني منه في النواهي وأحكامها ؛ رتّبه على أربع مقالات :

الأولى : في النواهي والكلام فيها ، أتمّها في 13 شهر ربيع الأوّل سنة 1325 ه.

والثانية : في العموم وأحكامه ، أتمّها في 10 شعبان سنة 1325 ه.

والثالثة : في بعض مراتب التخصيص.

والرابعة : في المطلق والمقيّد والمجمل والمبيّن ، أتمّها في شهر رجب

ص: 261

سنة 1325ه.

والمجلّد الثالث في حجّية الأدلّة الأربعة ؛ رتّبه على أربع مقالات وخاتمة :

الأولى : في بيان معنى الدليل وما يراد منه.

والثانية : في بيان الأدلّة الأربعة ، أتمّها في 26 ذو القعدة سنة 1326ه.

والثالثة : في السُّنّة.

والرابعة : في الإجماع ، أتمّها يوم الخميس 24 شوال سنة 1327ه.

والمجلّد الرابع في الأدلّة العقلية وبيان أقسامها ومجاريها ، رتّبه على سبع مقالات :

الأولى : في بيان حجّية ما يستقلّ بحكمه العقل.

والثانية : في بيان مجاري الأدلّة العقلية ، أتمّها في ليلة التاسع من شوّال سنة 1333ه- ، والظاهر أنّه لم يكتب الثالثة والرابعة.

والخامسة : في بيان الاجتهاد والتقليد.

والسادسة : في بيان التقليد ، أتمّها في نهار السبت 24 صفر سنة 1331ه.

السابعة : في التعادل والتراجيح ، وأتمّها في نهار السبت 18 شهر ربيع

ص: 262

الأوّل سنة 1331ه.

اشتملت النسخة على المجلّد الأوّل.

أوّل النسخة : «الحمد لله على نعمائه والشكر على آلائه والصلاة والسلام على سيّد أصفيائه وسند سفرائه .. أمّا بعد فهذه رسالة في علم الأصول رتّبتها على مقدّمة ومقالات ...».

آخر النسخة : «هذا آخر كلامنا في البحث عن المفهوم والمنطوق والحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين وقد حصل الفراغ من تصنيف ما في الأوراق في يوم العاشر من شهر ذي حجّة الحرام من شهور سنة ألف وثلاثمائة وإحدى وعشرين ..».

رقم النسخة (21) ، نسخ ، الميرزا محمّد الخونساري ، 11 ذي القعدة سنة 1324 ه- (المقالة الثانية) ، يوم الجمعة 3 ذي الحجّة سنة 1324 ه- (المقالة الثالثة) ، مصحّحة من المؤلِّف رحمه الله ، حسنة الخطّ ، ذكر تمام نسبه الطاهر مع قصيدة مفاخرة بذلك بعد المقالة الثانية ، وتمام نسبه أيضاً في آخر الكتاب ، جاء تاريخ إنهاء المقالة الثانية مصحفاً 1221 ه- عن 1321 ه- ، وَقَفَها مؤلِّفها رحمه الله على العلماء والمحصّلين من الإثني عشرية في غرّة شوّال سنة 1340 ه- وجعل توليتها بيد عبد الغفّار المازندراني ، ووقفيّتها على وجه النسخة بخطّه ، وختمه البيضوي : (عبده الراجي ثقة الإسلام محمّد الموسوي الحسيني) ، الظاهر أنّها من أوقاف مكتبة مدرسة البروجردي كقرائنها من كتب المؤلِّف لكنّها خالية من أيّ ختم للمدرسة المذكورة وهذا خلاف ما هو

ص: 263

موجود على جميع نسخ المدرسة ، ذكرها السيّد جعفر الأشكوري بالرقم (72).

الغلاف : تيماج ، أحمر.

88 ق ، 20س ، 21 × 32 سم.

(5)

مجموعة

1

- الأنوار الغروية (1)

(فقه إمامي - عربي)

(2 ظ - 131 و)

تأليف : ثقة الإسلام الساروي ، السيّد محمّد بن فضل الله الموسوي الحسيني النجفي الپهنه كلائي (ت 1343 ه).

منظومة فقهية في (1360) بيتاً ، نظم فيها كتاب الطهارة في (496) بيتاَ ، والصلاة في (503) بيتاً ، والصوم في (58) بيتاً ، والزكاة في (86) بيتاً ، والخمس في (23) بيتاً ، والإرث في (194) بيتاً ، تمّم نظم كتاب الصلاة منها يوم الخميس في 18 شهر صفر سنة 1334 ه- في النجف الأشرف (ص 93). 9.

ص: 264


1- ذكر السيّد جعفر الحسيني سلّمه الله للكتاب نسخة أخرى في فهرس مكتبة السيّد البروجردي ج 2 ص 72 رقم 228 ، وذكر أيضاً ديوان المؤلِّف رحمه الله باسم (ديوان هاشمي) في نفس الفهرس ج1 ص 102 رقم 89.

أوّل النسخة :

«الحمد لله على ما أنعما

والشكر لله على ما ألهما

مصلّياً على نبيّ الرحمة

وآله الأطهار أهل العصمة

وبعدها أُموا اقرأوا كتابيه

فروع فقهنا بها منطوية ...»

آخر النسخة :

«قيل إلى الفقيه دفعه حسن

في غيبة الحجّة وهو مؤتمن»

2 - لمعان الأنوار البهية الباهرة في مدارك أحكام الشريعة الطاهرة

(فقه إمامي - عربي)

(132 ظ - 165 ظ)

تأليف : ثقة الإسلام الساروي ، السيّد محمّد بن فضل الله الموسوي الحسيني النجفي الپهنه كلائي (ت 1343 ه).

وهو شرح مختصر ل- : (37) بيتاً من كتاب الطهارة من المنظومة الفقهية المسمّاة بالأنوار الغروية وهي من نظم الشارح نفسه ، تناول فيه مسائل الطهارة من أقسام المياه وأحكامها في البيت السادس إلى حكم ماء المشتبه في البيت الثاني والأربعين.

أوّل النسخة : «الحمد لله الذي علّمنا معالم الدين وجعلنا من أمّة سيّد النبيّين ... أمّا بعد فهذه وجيزة في مدارك الفروع الشرعية التي جعلتها في

ص: 265

مسلك النظم في كتابي الموسوم بأنوار الغروية وسمّيتها بلمعان الأنوار البهية الباهرة في مدارك أحكام الشريعة الطاهرة .. قوله في المنظومة : فضلاً من الله طهوراً خلقاً ..».

آخر النسخة : «قوله :

وكلّ ماء طاهر لو اشتبه

بالنجس فطاهر ذا المشتبه

المراد أنّ كلّ ماء طاهر لو اشتبه بالنجس فهو طاهر حتّى يعلم نجاسته».

رقم النسخة (259) ، نسخ ، المؤلِّف رحمه الله ، يوم الخميس 18 شهر صفر سنة 1334 ه- في النجف الأشرف (كتاب الصلاة) ، مصحّحة من المؤلِّف رحمه الله ، وَقَفَها مؤلِّفها رحمه الله على العلماء والمحصّلين من الإثني عشرية في سنة 1335ه- وجعل توليتها بيد السيّد عبد الغفّار المازندراني ، ووقفيّتها على وجه النسخة بخطّه ، وختمه البيضوي : (عبده الراجي ثقة الإسلام محمّد الموسوي الحسيني) ، الظاهر أنّها من أوقاف على مكتبة مدرسة البروجردي لكنّها خالية من أيّ ختم للمدرسة المذكورة وهذا خلاف ما هو موجود على جميع نسخ المدرسة ، وعرفت ذلك من تسلسل موجود عليها ، ذكرها السيّد جعفر الأشكوري بالرقم (68).

الغلاف : تيماج ، أحمر.

83 ق ، مختلفة السطور ، 15 × 21 سم.

ص: 266

(6)

مجموعة

1

- لمعان الأنوار البهيّة الباهرة في مدارك أحكام الشريعة الطاهرة

(فقه إمامي - عربي)

(1 ظ - 101 ظ)

تأليف : ثقة الإسلام الساروي ، السيّد محمّد بن فضل الله الموسوي الحسيني النجفي الپهنه كلائي (ت 1343 ه).

شرح تام لكتاب الطهارة المنظوم في (496) بيتاً والمدرج في المنظومة الفقهية المسمّاة بالأنوار الغروية للشارح نفسه ، أتمّه في 19 شهر رجب سنة 1342 ه- في النجف الأشرف.

أوّل النسخة : «الحمد لله الذي علّمنا معالم الدين وجعلنا من أمّة سيّد النبيّين .. أمّا بعد فهذه وجيزة في مدارك الفروع الشرعية التي جعلتها في مسلك النظم في كتابي الموسوم بأنوار [بالأنوار - ظ] الغروية وسمّيتها بلمعان الأنوار البهية الباهرة في مدارك أحكام الشريعة الطاهرة .. قال المصنِّف في مقدّمة منظومته :

الحمد لله على ما أنعما

والشكر لله على ما ألهما»

آخر النسخة : «إلاّ الولد والزوج وهو ضعيف لضعف ما تمسّك به. إلى هنا نختم بالسعادة ما أردنا إيرادها في هذا الباب ونسأل التوفيق من

ص: 267

الرحمان نظم الصلاة كامل البيان ، وقد فرغ من تصنيفه وإنشائه مصنّفه المحتاج إلى عفو ربّه محمّد الموسوي الحسيني الغروي الطبرستاني الساروي في مشهد الغروي والحمى المرتضوي أرواحنا فداه في يوم تاسع عشر من الرجب المرجّب من سنة ألف وثلاث مائة واثنين وأربعين من الهجرة مع شدّة الأمراض والأوجاع وإسقاط الرجلين عن المشي واختلال البال فالمرجوّ من الناظرين من الفقهاء والمجتهدين أن لو وجدوا فيه سهواً أو نسيان[اً] في نقل المدارك من الإجماع والأخبار أن يصلحوا بأقلامهم الشريفة فإنّي عليل وفكري قاصر كليل والعذر عند كرام الناس مقبول وصلّى الله على ..».

2

- أحكام الجبائر = رسالة في حكم الجبيرة

(فقه إمامي - عربي)

(102 ظ - 122 ظ)

تأليف : ثقة الإسلام الساروي ، السيّد محمّد بن فضل الله الموسوي الحسيني النجفي الپهنه كلائي (ت 1343 ه).

استدلالي من تقرير أبحاث أستاذه الميرزا حسن الشيرازي (ت1313ه) ، ذكر فيه تمام الكلام في مسألة الجبائر وأحكامها ، أتمّه في منتصف ليلة الأربعاء 11 شهر صفر سنة 1310 ه- في سامراء المقدّسة.

* [الذريعة : 5/88 رقم 362]

أوّل النسخة : «الحمد لله ربّ العالمين .. أمّا بعد مسألة في بيان معنى الجبائر وكيفيّاتها وأقسامها وأحكامها فنقول : أمّا الجبائر فهي جمع

ص: 268

الجبيرة ...». أتمّه

آخر النسخة : «فيما لا نصّ فيه وما لا ينطبق عليه القواعد كما لا يخفى فتدبّر. وهذا آخر كلامنا في مسألة الجبائر والله خير غافر ..».

3

- أحكام سهو الإمام والمأموم

(فقه إمامي - عربي)

(123 و - 139 ظ)

تأليف : ثقة الإسلام الساروي ، السيّد محمّد بن فضل الله الموسوي الحسيني النجفي الپهنه كلائي (ت 1343 ه).

في مسألة سهو الإمام والمأموم وبيان أحكامه وأدلّته وأقواله ، أتمّه في 10 شهر رجب سنة 1313ه- في سامراء المقدّسة.

أوّل النسخة : «الحمد لله ربّ العالمين .. أمّا بعد مسألة لا سهو للإمام مع حفظ المأموم وبالعكس فالشاكّ من كلّ منهما يرجع إلى حفظ الأخر ...».

آخر النسخة : «الثاني تركه نسياناً وهذا مناف مع أصالة عدم الغفلة عن المحلّ هذا آخر الكلام في مسألة سهو الإمام والمأموم وبيان أحكامه وأدلّته وأقواله».

4

- أحكام كثير السهو

(فقه إمامي - عربي)

(139 و - 144 ظ)

تأليف : ثقة الإسلام الساروي ، السيّد محمّد بن فضل الله الموسوي

ص: 269

الحسيني النجفي الپهنه كلائي (ت 1343 ه).

فقه استدلالي في حكم كثير السهو ، أتمّه في سلخ شهر رجب من سنة 1313 ه- في سامرّاء المقدّسة.

* [الذريعة : 17/283 رقم 306]

أوّل النسخة : «الحمد لله ربّ العالمين .. مسألة : لا حكم للسهو مع الكثرة أقول توضيح المقام وتنقيح المرام يقتضي رسم مقدّمتين : الأوّل[ى] : في بيان حكم كثير الشك ، الثاني[ة] : في بيان موضوعه ، أمّا الأول[ى] ...».

آخر النسخة : «الأوّل عدم التعميم واختصاص الرفع بالشكّ خاصّة ، الثاني التعميم ، الثالث التفصيل هذا».

5

- أحكام خُلف مطلق الوعد

(فقه إمامي - عربي)

(144 ظ - 147 و)

تأليف : ثقة الإسلام الساروي ، السيّد محمّد بن فضل الله الموسوي الحسيني النجفي الپهنه كلائي (ت 1343 ه).

في أحكام الخُلف لمطلق الوعد وبيان كيفيّاته وهي من المسائل الفرعية ، أتمّه في سلخ ذي القعدة 1315ه.

* [الذريعة : 7/ 242 رقم 1171]

أوّل النسخة : «الحمد لله ربّ العالمين .. أمّا بعد الكلام في خلف مطلق الوعد كما هو دأب عامّة الناس خصوصاً في زماننا هذا فهل هو حرام

ص: 270

أم لا فنقول ...».

آخر النسخة : «الأوّل عدم التعميم واختصاص الرفع بالشكّ خاصّة ، الثاني التعميم ، الثالث التفصيل هذا».

6

- رسالة في بيان أحوال من انتهى إليه النسب = رسالة في النسب

(أنساب - عربي)

(147 و - 149 ظ)

تأليف : ثقة الإسلام الساروي ، السيّد محمّد بن فضل الله الموسوي الحسيني النجفي الپهنه كلائي (ت 1343 ه).

في أحوال جدّه الذي ينتسب هو إليه إبراهيم الأكبر ابن الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام المدفون رأسه في مازندران والمعروف بين أهلها ب- (مشهد سر) وبدنه في لارجان.

* [الذريعة : 24/133 رقم 665]

أوّل النسخة : «الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء محمّد رسول الله وعلى آله آل الله ولعنة الله على أعدائهم أعداء الله إلى يوم لقاء الله. هداية : وهي أنّ من انتهى إليه النسب أي الإبراهيم [كذا] بن موسى بن جعفر عليهما السلام ويقال له إبراهيم الأكبر وهو ملقّب بأبي جواب ...».

آخر النسخة : «بقولهم إمام زاده كش. وهذا آخر ما علمته من حالات جدّي السيّد الجليل إبراهيم الأكبر الملقّب بأبي جواب سلام الله عليه وعلى

ص: 271

آبائه الطاهرين والحمد لله ربّ العالمين».

7

- في بيان أحوال السيّد عماد الدين وكيفية وقوفه بطبرستان وإقامته

(تراجم - عربي)

(150 ظ)

تأليف : ثقة الإسلام الساروي ، السيّد محمّد بن فضل الله الموسوي الحسيني النجفي الپهنه كلائي (ت 1343 ه).

رسالة مختصرة في بيان أحوال السيّد عماد الدين ابن السيّد عزّ الدين ابن السيّد أشرف الدين ابن السيّد حسن ابن السيّد محمّد ابن السيّد حسن ابن علي ابن السيّد قاسم الأشجّ ابن أبي المحض إبراهيم بن موسى بن أبي سبحة بن أبي إبراهيم ابن الإمام موسى بن جعفر عليهم السلام ، وهو من أجداد المؤلِّف رحمه الله الذين ينتسب إليهم وكيفية وقوفه بطبرستان وإقامته.

أوّل النسخة : «تبصرة ، هي أنّه لمّا قتل إبراهيم الأكبر المكنّى بأبي جواب ابن موسى بن جعفر عليهما السلام بطبرستان كان أولاده في مدينة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بحجاز ...».

آخر النسخة : «هذا آخر ماعلمته من أنساب أجدادي وسبب توقّفهم بطبرستان والحمد لله على كلّ حال والصلاة والسلام على محمّد وآله الأطهار».

ص: 272

8

- كرامات السيّد عماد الدين قدس سره

(تراجم - عربي)

(151 و - 152 ظ)

تأليف : ثقة الإسلام الساروي ، السيّد محمّد بن فضل الله الموسوي الحسيني النجفي الپهنه كلائي (ت 1343 ه).

رسالة في كرامة حدثت للسيّد - المذكور في العنوان والمتقدِّم ذكر نسبه - في حياته.

أوّل النسخة : «إرشاد ، وهو أنّ السيّد عماد الدين لمّا أقام بطبرستان مدّة متمادية وتصرّف الملك الذي أعطاه الأمير هولاكو خان ...».

آخر النسخة : «في بداية استدعائه. هذا ما علمته من كرامة السيّد علي على ما نقلوه لي جلّ من علماء الطبرستان ، وله كرامات عديدة غير ذلك ، والحمد لله أوّلاً وآخراً وظاهراً وباطناً».

9

- إجازات الاجتهاد والرواية

(إجازات - عربي)

(152 ظ - 163 ظ)

كتبها لثقة الإسلام الساروي ، السيّد محمّد بن فضل الله الموسوي الحسيني النجفي الپهنه كلائي (ت 1343 ه) جمعٌ من العلماء.

صور لإثنتي عشرة إجازة اجتهاد ورواية أعطيت لثقة الإسلام السيّد محمّد بن فضل الله الساروي النجفي الپهنه كلائي (ت 1343 ه) من جمع من العلماء ، وهم :

ص: 273

1 - الميرزا حسين ابن الميرزا خليل الطهراني (ت 1326 ه) ، سنة 1314 ه- ، وهي إجازة اجتهاد. (152 ظ - 153 و)

2 - الآخوند محمّد كاظم الخراساني (ت 1329 ه) ، سنة 1314 ه- ، وهي إجازة حديث واجتهاد. (154 ظ)

3 - الشيخ عبد الله الجيلاني المازندراني (ت 1330 ه) ، سنة 1314 ه- ، وهي إجازة حديث واجتهاد. (155 و - 156 ظ)

4 - السيّد محمّد كاظم اليزدي (ت 1337 ه) ، سنة 1314 ه- ، وهي إجازة اجتهاد. (156 ظ - 157 و)

5 - السيّد إسماعيل ابن السيّد صدر الدين الصدر (ت 1338 ه) ، سنة 1314 ه- ، وهي إجازة اجتهاد. (157 و)

6 - الملاّ علي بن فتح الله النهاوندي (ت 1322 ه) ، سنة 1314 ه- ، وهي إجازة اجتهاد. (158 ظ - 159 و)

7 - الشيخ محمّد المعروف بالفاضل الشرابياني (ت 1322 ه) ، سنة 1314 ه- ، وهي إجازة اجتهاد. (159 ظ - 160 ظ)

8 - السيّد أبو القاسم ابن معصوم الأشكوري الجيلاني (ت 1325 ه) ، سنة 1314 ه- ، وهي إجازة اجتهاد. (160 ظ - 161 و)

9 - الميرزا محمّد تقي الشيرازي (ت 1338 ه) ، بدون تاريخ ، وهي إجازة اجتهاد. (162 ظ)

10 - الشيخ محمّد حسين الأصفهاني (ت 1361 ه) ، بدون تاريخ ،

ص: 274

وهي إجازة اجتهاد (162 ظ)

11 - الشيخ عبد الله الجيلاني المازندراني ، ثانياً ، بدون تاريخ ، وهي إجازة اجتهاد. (163 و)

12 - السيّد مصطفى بن حسين الكاشاني (ت 1336 ه) ، بدون تاريخ ، وهي إجازة اجتهاد. (163 و)

رقم النسخة (34) ، نسخ ، (الأولى) المؤلِّف رحمه الله ، 19 شهر رجب سنة 1342 ه- ، وما بعدها للميرزا محمّد الخوانساري(1) ، حسنة الخطّ ، نفيسة ، ذكر المؤلِّف في آخر الرسالة الثانية تاريخ وفاة أستاذه الأعظم - الشيرازي - في أوّل ساعة من ليلة الأربعاء 24 شعبان المعظّم من سنة 1313 ه- ، وأرّخ وفاته بقوله : (غاب أنوار الهدى) ، ذكر المؤلِّف نسبه في آخر الكتاب على النحو الآتي : (محمّد الموسوي الحسيني المازندراني الساروي ابن المرحوم سيّد العلماء الأعلام فضل الله ابن سيّد خداداد ابن مير رشيد ابن مير حمزة ابن مير آقا بيك ابن سيّد تقي ابن سيّد شمس الدين ابن سيّد عزيز ابن سيّد جمال الدين ابن سيّد عبد الخالق ابن سيّد غضنفر ابن مير قوام الدين ابن سيّد عماد الدين ابن مير سيّد عز الدين ابن سيّد أشرف الدين ابن سيّد حسن ابن سيّد محمّد ابن سيّد حسن ابن سيّد علي ابن سيّد قاسم الأشجّ بن أبي ه.

ص: 275


1- لم يذكر الناسخ اسمه في النسخة واستظهر السيّد جعفر الأشكوري سلّمه الله أنّها بخطّه ، وعرفناه من مجموعة أخرى للمؤلِّف رحمه الله.

المحض إبراهيم بن موسى بن أبي سبحة بن أبي إبراهيم بن موسى بن جعفر ابن محمّد ابن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب عليه وعلى آله سلام الله) ، الظاهر أنّها من أوقاف مكتبة مدرسة البروجردي كقرائنها من كتب المؤلِّف لكنها خالية من أي ختم للمدرسة المذكورة وهذا خلاف ما هو موجود على جميع نسخ المدرسة ، ذكرها السيّد جعفر الأشكوري بالرقم (89).

الغلاف : جلد ، أحمر.

82 ق ، مختلفة السطور ، 21 × 31 سم.

(7)

مجموعة

1

- كنائز الأصول

(أصول الفقه - عربي)

(1 و - 2 ظ)

تأليف : ثقة الإسلام الساروي ، السيّد محمّد بن فضل الله الموسوي الحسيني النجفي الپهنه كلائي (ت 1343 ه).

تعليقة على كتابه (عوالم الأصول)(1) ، والذي خرج منه إلى أواخر الأوامر ، دي

ص: 276


1- رأيت نسخة من كتاب (عوالم الأصول) في مكتبة الإمام الحكيم (قده) في 2 شهر ربيع الآخر سنة 1434 ه- ، أطلعني عليها الأستاذ مجيد الشيخ عبد الهادي وهي قيد الترقيم ، فرغ منها المؤلِّف رحمه الله في 6 جمادى الأولى سنة 1321 ه- ، آخرها كُتب بخطّ المؤلِّف ، رتّبه على مقدِّمة ومقالات وفصول ، ووقفيّتها في 28 شهر رمضان سنة 1340 ه- ، وعليها خطّ الشيخ قاسم محي الدين.

وفرغ منه في سنة 1321 ه. وهي في تعريف علم الأصول فقط غير تامّة رتّبها على خزائن وفصول وفي كلّ خزينة ما يحتويه الكنز من الجواهر والمعادن.

أوّل النسخة : «الحمد لله على ما أنعم وشكراً له .. أمّا بعد هذه رسالة شريفة وتعليقة رشيقة علّقتها على كتابي الموسوم بعوالم الأصول ورتبتها على خزائن وفصول وسمّيتها ب- (كنائز الأصول) ...».

آخر النسخة : «والممارسة بفنون الأدب وقرب العهد من العرب وعليه ضبط الكتب وغير ذلك ممّا يوجب الظن بالوضع».

2

- أنوار الأصول

(أصول الفقه - عربي)

(3 ظ - 264 ظ)

تأليف : ثقة الإسلام الساروي ، السيّد محمّد بن فضل الله الموسوي الحسيني النجفي الپهنه كلائي (ت 1343 ه).

ينظر : المخطوطة ذات الرقم : «4».

اشتملت النسخة على المجلّد الثاني والثالث والرابع.

أوّل النسخة : «الحمد لله الذي خلق الإنسان من العدم وعلّمه من البيان

ص: 277

ما لم يعلم .. أمّا بعد هذا هو المجلّد الثاني من كتاب أنوار الأصول وفيه مقالات ...».

آخر النسخة : «في نهار السبت وهو يوم الثامن عشر من شهر الربيع الأوّل سنة إحدى وثلاثين بعد ألف وثلاثمائة من الهجرة النبوية ، تمّت بالخير».

رقم النسخة (53) ، نسخ ، السيّد مرتضى الموسوي الحسيني الغروي -ابن المؤلّف - ، في 13 شهر ربيع الأوّل سنة 1325 ه- (المقالة الأولى من المجلّد الثاني) ، يوم الإثنين محرّم الحرام سنة 1325 ه- (المقالة الثانية) ، يوم الأحد شهر رجب سنة 1326 ه- (المجلّد الثاني) ، نصف النهار من يوم الأربعاء ذو الحجّة سنة 1327 ه- (المجلّد الثالث) ، أحمد بن محمّد حسين الزنجاني الغروي ، نصف النهار من يوم الجمعة من شهر صفر سنة 1340 ه- (آخر الكتاب) وقد كتب الثاني من منتصف المقالة الثانية من المجلّد الرابع إلى آخر الكتاب ، ذكر المؤلّف رحمه الله في آخر المجلّد الثاني والثالث تمام نسبه الطاهر مع قصيدة مفاخرة بذلك ، وَقَفَها مؤلِّفها رحمه الله على العلماء والمحصّلين من الإثني عشرية في سنة 1335 ه- وجعل توليتها بيد السيّد عبد الغفّار المازندراني ، ووقفيّتها على وجه النسخة الثانية بخطّه ، وختمه البيضوي : (عبده الراجي ثقة الإسلام محمّد الموسوي الحسيني) ، كُتب عليها بقلم (الرصاص) أنّها وقف على مكتبة مدرسة البروجردي لكنّها خالية من أيّ ختم للمدرسة المذكورة وهذا خلاف ما هو موجود على جميع نسخ المدرسة ،

ص: 278

ذكرها السيّد جعفر الأشكوري بالرقم (93).

الغلاف : جلد ، أحمر مزيّن بالطرّة ورأسيها.

264 ق ، 20 س ، 21 × 30 سم.

(8)

مطلع

الأنوار

(1)

(فقه إمامي - عربي)

تأليف : ثقة الإسلام الساروي ، السيّد محمّد بن فضل الله الموسوي الحسيني النجفي الپهنه كلائي (ت 1343 ه).

تعليقة لكتاب (المكاسب) للشيخ مرتضى الأنصاري (ت 1281 ه) ، ذكر في أوّلها أنّ فيها كنوزاً وأسراراً ، ولذلك وَضَعَ لها العناوينَ الآتية : (كنز - ياقوت - مرجان - جزع - عقيق - ذهب - شذر - فضّة - در - زبرجد) ، وهي على أربعة أقسام ألّفها في أوقات مختلفة : المكاسب وآدابها وأحكامها ، وبيع المكاسب ، والخيارات ، وبيان أحكام الخيارات.

أوّل النسخة : «الحمد لله الذي علّمنا معالم الدين وأرشدنا إلى شريعة سيّد المرسلين .. أمّا بعد هذه تعليقة علّقتها على المكاسب وسمّيتها ب- (مطلع الأنوار) ...».

آخر النسخة : «هذا آخر ما أردنا إيراده في الخيارات وبيان أحكامها 3.

ص: 279


1- ذكر السيّد جعفر الحسيني سلّمه الله نسخة أخرى للكتاب في فهرس مكتبة البروجردي : 2/ 60 ، بالرقم : 213.

والحمد لله أوّلاً وآخراً وصلّى الله على محمّد وآله قد فرغ مصنّفه المحتاج إلى عفو ربّه محمّد الموسوي الحسيني الطبرستاني في رابع شهر ج1 ، 1342 ه».

رقم النسخة (7) ، نسخ ، المؤلِّف رحمه الله ، 7 صفر سنة 1342 ه- (القسم الأوّل - المكاسب) ، 13 جمادى الأولى سنة 1341 ه- (القسم الثاني - البيع) ، 17 جمادى الآخرة سنة 1341 ه- (القسم الثالث - الخيارات) ، 4 جمادى الأولى سنة 1341 ه- (القسم الرابع - بيان أحكام الخيار) ، كتبها بهيأة شكلية خاصّة ، فالصفحة منها تحتوي على عشرة أسطر أفقية تنشقّ بعمودين والكتابة فيهما عمودية ، وَقَفَها مؤلِّفها رحمه الله على العلماء والمحصّلين من الإثني عشرية في 1 شهر ربيع الآخر سنة 1342ه- ، وجعل توليتها بيد السيّد عبد الغفّار المازندراني ، ووقفيّتها على وجه النسخة بخطّه ، وختمه البيضوي : (عبده الراجي ثقة الإسلام محمّد الموسوي الحسيني) ، كُتب عليها بقلم (الرصاص) أنّها وقف على مكتبة مدرسة البروجردي لكنّها خالية من أيّ ختم للمدرسة المذكورة وهذا خلاف ما هو موجود على جميع نسخ المدرسة.

الغلاف : تيماج ، أحمر.

130 ق ، مختلفة السطور ، 21× 34 سم.

ص: 280

القسم الثاني

إجازاته ؛ وعددها اثنتي عشرة إجازة (1)

(في صور إجازات المصنّف دام ظلّه من مشايخه العظام دام أظلالهم العالي)

الصورة الأُولى

صورة إجازة

كتب في حقّه رئيس الملّة والدين شيخ الفقهاء والمجتهدين عماد الإسلام والمسلمين آية الله في العالمين حجّة الإسلام الحاج ميرزا حسين نجل المرحوم المبرور الحاج ميرزا خليل الطهراني طاب ثراه وزيّنه بخاتمه الشريف في سنة ألف وثلاثمائة وأربعة عشر من الهجرة النبوية عليه وعلى آله ألف صلاة وألف تحية.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي رفع قدر العلماء وجعلهم ورثة الأنبياء وفضّل مدادهم دماء الشهداء فإنّهم إلى الخلق من الأئمّة السفراء وأعلى منزلتهم حتّى صاروا في درجة الأنبياء وأمر بطاعتهم حتّى أنّ الرادّ عليهم كالرادّ على الأئمّة النقباء ب.

ص: 281


1- وقد أوردتها كما هي في النسخة من حيث تقديم الناسخ والترتيب.

وصلّى الله محمّد سيّد الأنبياء وسند الأصفياء وعلى وصيّه سيّد الأوصياء وعلى الطاهرين من ذرّيته النجباء.

وبعد : فمن عناية الله الظاهرة وحكمته الباهرة بعث الفقهاء الأُمناء في الأعصار والأمصار حفظاً لشريعة الرسول المختار وليكونوا مرجعاً في نشر الأحكام وضبط مسائل الحلال والحرام ويرفع بهم الخصومة الواقعة بين الأنام ليهلك من هلك عن بيّنة ويحيى من حيّ عن بيّنة ولئلاّ تخلو أرضه من حجّة وممّن رفع الله تعالى شأنه وأعلى قدره وشرّف منزلته وفخره وجعله أهلاً للمراتب العالية العليّة ومحلاًّ للعلوم والفضائل الجلية السيّد السند والحبر المعتمد نور حدقة أُولي الأيدي والأبصار ونور حديقة ذوي الأنظار والأفكار عمدة العلماء الراشدين صفوة المحقّقين وزبدة المدقّقين محيي مراسم السنّة السنية ومروّج رواسم الشريعة البهية جامع المعقول والمنقول حاوي الفروع والأُصول منبع الفضائل والفواضل ثمرة شجرة العلم والزهد والسداد وفاكهة بساتين الفقاهة والاجتهاد نور عيون العلماء العاملين وملاذ الفقهاء الناهجين العالم العامل والفاضل النحرير الكامل ذو القوّة القدسية والملكة الروحانية التقيّ النقيّ اللوذعيّ الألمعيّ الصفيّ الزكيّ الحريّ بأن تثنى له الوسادة ويجمع رئاسة العلم والسيادة النور الساطع والضياء اللامع شمس فلك الهداية ومصباح الدراية الذي لا ريب في عدله كما أنّه لا شبهة في علمه وفضله الحبر المؤيّد والثقة المعتمد والعدل المسدّد السيّد محمّد المازندراني

ص: 282

الساروي الپهنه كلائي الحائري نجل المرحوم السيّد فضل الله طاب ثراه فلعمري أنّه درج مدارج الكمال وسعد معارج الفضل والإفضال بعد ما صرف جهده وأتعب نفسه في اتقان قواعد العقلية والنقلية بمحضر أُولي الأيدي والأبصار ولمّا رأيته أهلاً لأن يستفيد من رشحات فضله الخواصّ والعوامّ فاستجازني في نشر الأحكام فأجزت له وكذلك أجزت له في أخذ سهم إمام عليه السلام وله التصدّي في الأُمور الحسبية بالتمام وعلى المؤمنين والمسلمين الرجوع إليه في أُمورهم فإنّي بعد ما اطمأننت منه أيّده الله تعالى ورأيته عالماً عاملاً عادلاً ثقة أرسلته إليكم لقول الله تبارك وتعالى ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها فعليكم الإجابة في دعوته فإنّه مصباح مشكاة الزهادة والنظر إلى وجهه عبادة فيجب على المؤمنين إعزازه وتجليله في كلّ أوان وفي كلّ زمان ومكان فإنّ تعظيمه وتكريمه وتجليله وإعانته تكريم إليّ بل تعظيم لصاحب الشرع الأنور أعان الله من أيّده بيده ولسانه وقدّمه وسعيه ووفّقكم الله بترويجه فإنّه الموفّق لكلّ خير وأرجو منه الدعاء ومن الله الإجابة فإنّه مجيب الدعوات والذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا وإنّ الله لمع المحسنين الراجي إلى عفو ربّه الجليل محمّد حسين نجل المرحوم ميرزا خليل طاب ثراه.

محلّ خاتمه الشريف

ص: 283

صورة

ص: 284

صورة

ص: 285

الصورة الثانية

صورة إجازة

كتب في حقّه ملاذ الفقهاء والمجتهدين عماد الملّة والدين آية الله في العالمين حجّة الإسلام والمسلمين الشيخ ملاّ محمّد كاظم الخراساني الهروي أدام الله ظلّه العالي على مفارق الأنام وزيّنه بخاتمه الشريف في سنة ألف وثلاثمائة وأربعة عشر من الهجرة النبوية عليه وعلى آله ألف صلاة وألف تحيّة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي رفع قدر العلماء وجعلهم ورثة الأنبياء وفضّل مدادهم دماء الشهداء والصلاة والسلام على سيّد المرسلين وآله الطاهرين ولعنة الله أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.

وبعد : فإنّ الله تبارك وتعالى أيّد هذا الدين المبين وشريعة سيّد النبيّين بالعلماء العالمين والفقهاء الراشدين فإنّهم نشروا رايات الهداية بين الأنام وبيّنوا الحلال والحرام وأوضحوا المسالك ونقّحوا المدارك ونفوا تحريف الغالين وتأويل المبطلين فجزاهم الله عن الإسلام أوفر الجزاء وأعطاهم أحسن العطاء وممّن وفّقه الله تعالى لهذه المرتبة الكريمة والموهبة العظيمة العالم العامل والفاضل الكامل عمدة العلماء العاملين وزبدة الفقهاء الكاملين صفوة المحقّقين المجتهدين وشمس المدقّقين التقيّ النقيّ اللوذعيّ الألمعيّ

ص: 286

محقّق شرائع الإسلام وعلاّمة قواعد الأحكام العدل المؤيّد السيّد السند والحبر المعتمد الولد الروحاني سيّد محمّد المازندراني الساروي الپهنه كلائي الحائري نجل سيّد الفقهاء الراشدين السيّد فضل الله طاب ثراه فقد صرف أكثر عمره في اتقان مسائل الأُصولية والقواعد الفرعية فهو بحمد الله تعالى جامع بين مرتبة العلم والعمل وفاز إلى درجات العالية بالقسط الأوفر حتّى صار من العلماء الأعلام كثّر الله أمثاله في الإسلام ثمّ إنّه من جهة أخلاقه الكريمة اقتفاءً بالسلف سلفاً بعد خلف واتّصال السند بأهل بيت الشرف استجازني فأجزته أن يروي عنّي كلّما صحّ لي رواية من الأربعة المشهورة كالشمس في رابعة النهار الكافي والفقيه والتهذيب والاستبصار وكذا الوافي والوسائل والبحار وغيرها من الكتب المعتبرة ولجنابه التصدّي في الأُمور الحسبية التي لا يجوز لأحد التصدّي إلاّ بإذن الحاكم والمرجوّ منه سلّمه الله تعالى مراعاة الاحتياط وأن لا ينساني من دعاء الخير عقيب الصلوات حرّره الآثم محمّد كاظم الخراساني الهروي.

محلّ خاتمه الشريف

صورة

ص: 287

صورة

ص: 288

الصورة الثالثة

صورة إجازة

كتب في حقّه ملاذ الفقهاء والمجتهدين عماد الملّة والدين آية الله في العالمين حجّة الإسلام والمسلمين الشيخ عبدالله الجيلاني المعروف بمازندراني أدام الله ظلّه العالي على مفارق الأنام وزيّنه بخاتمه الشريف في سنة الف وثلاثمائة وأربعة عشر من الهجرة النبوية عليه وعلى آله ألف صلاة وألف تحيّة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي جعل العلماء ورثة الأنبياء وفضّل مدادهم على دماء الشهداء والصلاة والسلام على سيّد الأنبياء وعلى آله النجباء النقباء. وبعد فمن عناية الله الكريم وألطافه العميم بعث العلماء العاملين والفقهاء والمجتهدين للهداية إلى الدين القويم وصراطه المستقيم وقال الله تعالى ولولا نفر من كلّ فرقة منهم طائفة ليتفقّهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلّهم يحذرون وممّن لبّى هذا النداء ونال إلى هذه الدرجة العلياء العالم العامل والفاضل النحرير الكامل عمدة العلماء الأعلام وسند الفقهاء الفخام شمس المحقّقين وصفوة المدقّقين مصباح الهداية ومشكاة الدراية العالم الوفيّ التقيّ النقيّ الصفيّ والفاضل اللوذعيّ الألمعيّ محقّق شرائع الإسلام ومروّج شريعة سيّد الأنام جامع بين المعقول والمنقول حاوي

ص: 289

الفروع والأُصول العالم الربّاني والفاضل الصمداني العدل المؤيّد والحبر المعتمد المجتهد السيّد السند السيّد محمّد المازندراني الپهنه كلائي نجل المرحوم السيّد فضل الله طاب ثراه فإنّه سلّمه الله تعالى أتعب نفسه الشريف برهة من الزمان وجملة من الأوان في إتقان أحكام الشريعة والقواعد الأُصولية سالكاً طرق مسالك العلماء العاملين والفقهاء والمجتهدين ونال ما لم ينله أكثر أقرانه المعاصرين حتّى صار من العلماء المجتهدين الأعلام كثّر الله أمثاله بين الأنام ثمّ إنّه من جهة أخلاقه الكريمة اقتضاءً بالسلف سلفاً بعد خلف واتّصالاً السند بأهل بيت الشريف استجازني فأجزت أن يروي عنّي كلّما صحّ لي رواية من الكتب المشهورة كالشمس في رابعة النهار من الكافي والفقيه والتهذيب والاستبصار وكذا الوافي والوسائل والبحار وغيرها من الكتب المعتبرة ولجنابه التصدّي في كلّ ما هو منوط بإذن الحاكم من أخذ سهم الإمام وإيصاله إلى مستحقّيه من الأنام والمظالم والزكاة الواجبة وضبط أموال الصغار والغيب والمجانين وما لا مالك ولا وارث له والأوقاف العامّة وغير ذلك من الأُمور الحسبية بالتمام وعليكم بالرجوع إليه فإنّه الحقيق بذلك واللازم على المؤمنين كافّة إعزازه وتجليله فإنّه تعظيم لصاحب الشرع الأنور وأرجو من جنابه أن لا ينساني من الدعاء في كلّ صباح كما أنا لا أنساه إن شاء الله من الأحقر عبدالله الجيلاني المازندراني النجفي.

محلّ خاتمه الشريف

ص: 290

صورة

ص: 291

صورة

الصورة الرابعة

صورة إجازة

كتب في حقّه ملاذ الفقهاء والمجتهدين عماد الملّة والدين آية الله في العالمين حجّة الإسلام والمسلمين السيّد محمّد كاظم اليزدي أدام الله ظلّه العالي على مفارق الأنام وزيّنه بخاتمه الشريف في سنة ألف وثلاثمائة وأربعة عشر من الهجرة النبوية عليه وعلى آله ألف صلاة وألف تحيّة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله على ما أنعم وله الشكر على ما ألهم الذي علّم بالقلم علّم الإنسان ما لم يعلم الذي شرّف نوع الإنسان فعلّمه البيان وعرّفه مناهج

ص: 292

الشرائع ومعالم الأديان والصلاة والسلام على محمّد سيّد الإنس والجان الذي أُنزل عليه القرآن وعلى آله الذين هم للإسلام دعائم وللإيمان أركان واللعنة الدائمة على أعدائهم أهالي الغيّ والطغيان وأصحاب الحسرة والخسران.

وبعد : فإنّ العلم رفيع سنامه شامخ أعلامه طويل سلّمه عال مقامه لا تحصى فضائله ولا تنسى طوائله وشرف أهله واضح المنار وعلوّ قدرهم معلوم من بين الأقدار كيف وقد منحهم الله تعالى بمنّه تراث الأنبياء وحباهم بنيابة الأئمّة الأُمناء بهم يعرف الحلال من الحرام ومنهم يؤخذ أحكام شرع سيّد الأنام عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام وهم الحفّاظ للدين المبين عن الخطأ والخطل والقوّام لشريعة سيّد المرسلين صوناً له عن الزيغ والزلل جعلوا للإسلام دعائم وأركاناً ولأسرار الأحكام شهودا وبرهاناً وقد ندب الله تعالى في كتابه المبين وخطابه المبين إلى طلب هذا الشأن وتحصيل هذا المكان فقال عزّ من قائل ولولا نفر من كلّ فرقة منهم طائفة ليتفقّهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلّهم يحذرون وقال الصادق الأمين اطلبوا العلم ولو بالصين وممّن لبّى هذا الدعاء وأجاب هذا النداء نور عين العلماء ونور حديقة الفضلاء العالم العامل والمهذّب الكامل التقيّ النقيّ الوفيّ الصفيّ الحبر الألمعيّ والفرد اللوذعيّ قدوة الأفاضل وأُسوة الأماثل الجامع بين مرتبتي العلم والعمل والفائز بمجامع الكمال بالنحو الأكمل حليف الورع والتقى وأليف الفهم والنهى مصباح الهداية ومشكاة الدراية العالم الربّاني والفاضل الصمداني الموثّق المسدّد المؤتمن المعتمد السيّد محمّد نجل

ص: 293

المرحوم المبرور إلى دار قرار وسرور عمدة العلماء العاملين العالم الربّاني والفاضل الصمداني السيّد فضل الله المازندراني الپهنه كلائي وفّقه الله لمراضيه وجعل مستقبل أمره خيراً من ماضيه فإنّه بذل شطراً وافياً من عمره في تحصيل هذه الفضيلة وصرف برهة كافية من دهره في التحلّي بهذه الخصلة الجميلة وجاء بحمد الله سبحانه فائقاً أمثاله وأقرانه حتّى صار من العلماء العاملين وأوصاه بمراعاة الاحتياط في جميع أُموره فإنّه سبيل النجاة وبملازمة التقوى فإنّه خير لباس خصوصاً لمن يقتدي به عموم الناس وعلى كافّة المؤمنين اتّباع آثاره والاهتداء بأنواره والمرجوّ منه أن لا ينساني في خلواته ويذكرني في دعواته الأحقر محمّد كاظم الطباطبائي.

محلّ خاتمه الشريف

صورة

ص: 294

صورة

ص: 295

صورة

الصورة الخامسة

صورة إجازة

كتب في حقّه ملاذ الفقهاء والمجتهدين عماد الملّة والدين آية الله في العالمين حجّة الإسلام والمسلمين السيّد إسماعيل الصدر الأصبهاني الحائري تصديقاً وإمضاءً لما كتب في حقّه حجّة الإسلام السيّد محمّد كاظم اليزدي دام ظلّهما على مفارق الأنام وزيّنه بخاتمه الشريف في سنة ألف وثلاثمائة وأربعة عشر من الهجرة النبوية عليه وعلى آله ألف صلاة وتحيّة

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه ثقتي

نعم جناب زبدة العلماء الأعلام عمدة الفضلاء السيّد السند والحبر المعتمد العدل المؤيّد السيّد محمّد سلّمه الله تعالى سيّد الأعلام ومجتهد في الأحكام وأهل لما حرّر بل فوق ما زبر وسطّر فعلى قاطبة أهل الساري وفّقهم الله الرجوع إليه في الأحكام الشرعية الفرعية.

حرّره الراجي إسماعيل الصدر الموسوي.

ص: 296

صورة

الصورة السادسة

صورة إجازة

كتب في حقّه ملاذ الفقهاء والمجتهدين عماد الملّة والدين آية الله في العالمين حجّة الإسلام والمسلمين الآخوند ملاّ علي النهاوندي أدام الله ظلّه العالي على مفارق الأنام وزيّنه بخاتمه الشريف في سنة ألف وثلاثمائة وأربعة عشر من الهجرة النبوية عليه وعلى آله ألف صلاة وألف تحيّة.

ص: 297

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي جعل العلماء ورثة الأنبياء وفضّل مدادهم على دماء الشهداء والصلاة والسلام على من لأجله خلقت الأرض والسماء محمّد شمس فلك الأصطفاء وآله السعداء النجباء.

أمّا بعد : فإنّ الحكمة الربّانية والمصلحة الرحمانية تقتضي صيانة الدين عن الخطأ والخطل وحمايته عن الزيغ والزلل بأن يكون في كلّ زمن من الأزمنة من يبذل جهده في إتقانه وتشييده بتلقّي الأخبار من الصدور بنقل الآثار إلى السطور ويخوض اللجج ويدمي المهج لإقامة العوج وإراءة المنهج متصدّياً لحفظ هذه السلسلة القويمة من الانفصام ومتعرّضاً تلك العنعنة القديمة بمن بِهم الاعتصام عليهم أفضل الصلاة وأكمل السلام وممّن سعى لنيل هذه المرام وطلب بذلك الرشاد نور عيون العلماء ونور فنون الفضلاء والصلحاء مولا ظهر في رياض الكمال آياته وانتشرت بالفضل والجلال راياته وثبت في المجد شوامخ أعلامه وفاهت بالتحقيق الأفواه بحر الفضل المتلاطم أمواجه وفحل العلم الناتجة لديه أفراده وأزواجه من هو للدقائق مصباح ولفظه منتقى العقيان في نحور المعاني الحسان إشاراته هدايته وعباراته دراية قدوة الفضلاء الناهجين معارج الرشاد مقناطيس قلوب أُولي الألباب الجامع لمكارم الأخلاق ومحاسن الآداب البالغ في مرتبة العلم علياها والفائز في

ص: 298

درجة العمل قصواها ملاذ الفقهاء والمجتهدين وقدوة المدقّقين وعمدة العلماء العاملين أعني جناب الألمعيّ اللوذعيّ الأوحديّ الصفيّ الوفيّ الورع التقيّ العادل المجتهد العامل والعالم الفاضل الكامل الثقة المعتمد السيّد السند الآقا سيّد محمّد دام ظلّه على الأداني والأعالي المازندراني الساروي الحائري نجل المرحوم المغفور سيّد العلماء الآقا سيّد فضل الله قدس سره لا زال العلوم منفجراً من جوانبه والفضائل ملتمساً من مناقبه وشموس تحقيقاته شارقه وبدور تدقيقاته رائقة وهو مع تجلّيه تجلّد الفضل وتلمّذه عند جماعة ممّن انتهت إليه رئاسة الإمامية مدّة متمادية بل مع كونه لائقاً لأن يستجاز ويستمدّ منه استجاز منّي تبرّكاً للانتظام في سلك الرواة الحماة ووعاة الأحكام وحماة الإسلام فأجزت له كلّما قرأته على مشايخ الكرام ونشر الأحكام عن الأئمّة عليهم السلام فينبغي على أهل تلك البلاد أن يغتنموا وجوده الشريف ويقتبسوا من نور فضله المنيف فإنّه سلّمه الله تعالى أهل لذلك بل فوق ما هنالك وأُوصيه أن لا ينساني من الدعاء في مواطن الإجابة كما أنّي لا أنساه إن شاء الله تعالى والله ولي الأبرار وحافظ شرّ الأشرار وصلّى الله على محمّد وآله الأطهار الراجي عليّ النهاوندي.

محلّ خاتمه الشريف

ص: 299

صورة

ص: 300

صورة

الصورة السابعة

صورة إجازة

كتب في حقّه ملاذ الفقهاء والمجتهدين عماد الملّة والدين آية الله في العالمين حجّة الإسلام والمسلمين الفاضل الشرابياني أدام الله ظلّه العالي على مفارق الأنام وزيّنه بخاتمه الشريف في سنة ألف وثلاثمائة وأربعة عشر من الهجرة عليه وعلى آله ألف صلاة وألف تحيّة

ص: 301

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي جعل العلماء مصابيح لطرق الضالّين وأعلاماً لهداية المسترشدين والصلاة والسلام على محمّد المبعوث بتبليغ الأحكام وعلى آله سادات الأنام.

أمّا بعد : فلا يخفى على من تديّن بدين الإسلام وتمسّك بعروة الإيمان التي ليس لها انفصام أنّ من عناية الله على العباد وجود العلماء العاملين والفقهاء والمجتهدين في كلّ عصر من الأعصار صوناً لشريعة النبيّ المختار (صلى الله عليه وآله) وممّن منَّ الله عليه بهذه النعمة العظيمة والموهبة الكريمة المولى الأجلّ الأمجد والفاضل الكامل الأرشد العارف الأسعد العالم العلاّمة والفاضل الفهّامة زبدة المحقّقين ونخبة المدقّقين وعمدة العلماء الراشدين وسناد الفضلاء الكاملين والعالم الربّاني الفاضل الصمداني معدن الفضائل ومنبع الفواضل ومفخر الأواخر والأوائل العالم العامل والفاضل النحرير الكامل التقيّ النقيّ الصفيّ اللوذعيّ الألمعيّ العدل المؤيّد والحبر المعتمد محيي المراسم السنيّة ومروّج الشريعة البهيّة جامع المعقول والمنقول حاوي الفروع والأُصول جناب السيّد السند المجتهد المعتمد السيّد محمّد دام فضله نجل المرحوم السيّد فضل الله طاب ثراه فإنّه كان مدّة مديدة من الأوان وسنين من الزمان ملتجأً بالمشهد الغرويّ والحمى المرتضويّ عليه السلام مشغولاً بتحصيل العلوم الشرعية وتنقيح القواعد الفروعية والأُصولية مواظباً لمجلس درسنا وحاضراً محفل بحثنا وقد بلغ بحمد الله سبحانه إلى غاية الاجتهاد وصار من العلماء

ص: 302

الكمّلين الأوتاد وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وأرجو من ذلك الجناب الذي هو عمدة أُولي الألباب وكهف الفضلاء من الأصحاب أن لا ينسانا من الدعوات الخاصّة في الخلوات وأعقاب الصلوات ومظانّ الإجابة كما أنّي لا أنساه كذلك إن شاء الله والواجب على كافّة المؤمنين إعزازه وتجليله في كلّ زمان وأوان وفي كلّ أمصار وأعصار فإنّ تعظيمه تعظيم وتجليل لصاحب الشرع الأنور وهو النبيّ المختار صلّى الله عليه وعلى آله الأطهار من الأحقر الجاني محمّد الغروي الشربياني.

محلّ خاتمه الشريف

صورة

ص: 303

صورة

ص: 304

الصورة الثامنة

صورة إجازة

كتب في حقّه ملاذ الفقهاء والمجتهدين عماد الملّة والدين آية الله في العالمين ظهير الإسلام السيّد أبو القاسم الجيلاني الأشكوري الغروي دام ظلّه العالي على مفارق الأنام وزيّنه بخاتمه الشريف في سنة ألف وثلاثمائة وأربعة عشر من الهجرة النبوية عليه وعلى آله ألف صلاة وتحيّة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي جعل العلماء العاملين مصابيح لهداية ربّ العالمين [كذا] وصيّرهم دعاة إلى الحقّ واليقين بعد الأئمّة الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين وفضّل مدادهم على دماء الشهداء والمجاهدين بمزيد فضله المبين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطاهرين الهداة المهديّين واللعنة على أعدائهم وظالميهم إلى يوم الدين.

وبعد : فمن عنايات الله الكريم وألطافه العميم بعث العلماء الراشدين والفقهاء والمجتهدين لهداية الضالّين والإراءة إلى النهج المبين والحقّ اليقين وأمر عباده بالسلوك في نهج العلم والرشاد لينجي بهم العباد عن الغيّ والفساد وقال الله تبارك وتعالى ولولا نفر من كلّ فرقة منهم طائفة ليتفقّهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلّهم يحذرون وجعلهم سبيلاً إلى الدين القويم ومصباحاً إلى صراطه المستقيم فهم مشكاة هداية المسترشدين

ص: 305

ومصابيح طرق المهتدين وممّن فاز بهذه الرتبة الشريفة ونال إلى هذه المرتبة المنيفة العالم العامل والفاضل النحرير الكامل مصباح عيون العلماء ومشكاة فنون الفضلاء نور شجر العلم والزهادة ونور عين إنسان الفضل والسعادة الجامع بين منقبتي العلم والعمل والحائز من مجامع الكمالات بالقسط الأكمل بدر درج الكمال وبرج بدر الجلال لؤلؤ صدف التحقيق والتدقيق مشكاة الدراية ومصباح الهداية العالم التقيّ النقيّ الصفيّ والفاضل اللوذعيّ الألمعيّ عمدة العلماء المحقّقين وزبدة المجتهدين والفقهاء الراشدين مروّج شريعة جدّه سيّد المرسلين وماحي آثار المفسدين شمس المدقّقين العدل المؤيّد والحبر المسدّد والثقة المعتمد جناب السيّد محمّد المازندراني الساروي الپهنه كلائي الحائري نجل المرحوم المبرور إلى دار قرار وسرور سيّد الفقهاء الفخام السيّد فضل الله طاب ثراه فلعمري انّه قد جرّد نفسه التقية طلباً لمرضاة ربّ العالمين لتحصيل ما هو مأمور به من التفقّه في الدين وإفشاء العلوم الشرعية الواجبة كفاية على كافّة المسلمين بل وعيناً عند قلّة المجتهدين فبلغ إلى الاجتهاد ونهاية المأمول فهو بحمد الله جامع المعقول والمنقول وحاوي الفروع والأُصول واللازم على كافّة المؤمنين أن يقتبسوا من أنوار علمه وفضله ويستضيئوا من مصابيح زهده ويجب عليهم تعظيمه وإجلاله وتوقيره فإنّه تعظيم لصاحب الشرع الأنور وأرجو من جنابه أن لا ينساني من الدعاء كما أنّي لا أنساه إن شاء الله تعالى والحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله محمّد وآله الطيّبين الطاهرين واللعنة على أعدائهم أجمعين حرّر بإملاء الأقلّ أبو

ص: 306

القاسم الحسيني الجيلاني.

محلّ خاتمه الشريف من إجازاته

صورة

ص: 307

صورة

ص: 308

من إجازاته

الصورة التاسعة

ما كتبه حجّة الإسلام آية الله ميرزا محمّد تقي الشيرازي في حقّه حين أراد أن يبعثه نائباً عن قبله إلى حميدية

بسم الله الرحمن الرحيم

إلى كافّة إخواننا المؤمنين من أهالي الحميدية ونواحيها وفّقهم الله لطاعته بمحمّد وآله الطاهرين.

أمّا بعد : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فلا يخفى عليكم ما أمر الله به الفقهاء من هداية الناس وإرشادهم ووعظهم وحفظ حقوقهم وإصلاح أُمورهم وقطع المنازعات الواقعة بينهم ليستقيموا على النهج القويم ويهتدوا إلى صراط المستقيم وقد نصبنا جناب عمدة العلماء العامل والحبر الفاضل قبلة الأنام وركن الإسلام العدل المؤيّد جناب الفقيه المجتهد السيّد محمّد الملقّب بثقة الإسلام وكيلاً من قبلنا فلازم عليكم والمأمول منكم تعظيمه وتجليله والتخلّق بأخلاقه والاهتداء بأقواله والاقتداء بأفعاله لأنّه ثقتي ومعتمدي ويده يدي وأمره أمري ونهيه نهيي فاللازم عليكم استماع كلمته وتجلّيه من كلّ جهة واغتنموا بالتشرّف إلى خدمته والرجوع إليه والواجب عليكم تسليم الحقوق إليه من الخمس وسهم الإمام عليه السلام والزكوات وردّ المظالم وسائر الحقوق وله التصرّف فيها بما يكفيه وإيصالها إلى مستحقّيها وإيصال الباقي إلينا والسلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.

الأحقر محمّد تقي الحائري

ص: 309

صورة

ص: 310

الصورة العاشرة

من إجازته

ما كتبه في حقّه حجّة الإسلام آية الله الشيخ محمّد حسين الأصفهاني القمشئي.

بسم الله الرحمن الرحيم

جناب عماد الإسلام غوث المسلمين قبلة الأنام العالم العامل والفقيه المجتهد الكامل السيّد محمّد الحسيني الموسوي الساروي ثقة الإسلام مجتهد عادل فقيه فارغ التحصيل.

حرّره محمّد حسين الأصفهاني القمشئي

صورة

ص: 311

الصورة الحادية عشر

من إجازته

ما كتبه ثانياً في حقّه حجّة الإسلام آية الله الشيخ عبد[الله] المازندراني قدس سره

بسم الله الرحمن الرحيم

جناب قدوة الفقهاء الفخام سند العلماء العظام ملاذ الأنام غوث المسلمين السيّد محمّد الحسيني الموسوي الساروي ثقة الإسلام عدل فقيه مجتهد فارغ التحصيل يجب اتّباع آثاره والاهتداء بأنواره وهو ممّن يخصّنا.

حرّره عبدالله الگيلاني المازندراني.

صورة

ص: 312

الصورة الثانية عشر

من إجازته

ما كتبه في حقّه حجّة الإسلام السيّد مصطفى الكاشاني قدس سره

بسم الله الرحمن الرحيم

جناب العالم العامل والفاضل النحرير الكامل ذو القوّة القدسية والملكة الروحانية السيّد محمّد الحسيني الموسوي الساروي ثقة الإسلام مجتهد فقيه فارغ التحصيل كثّر الله أمثاله ومتّع المسلمين ببقائه.

حرّره الأحقر مصطفى الكاشاني.

تمّت مقابلة هذه الإجازات والمقالة بجوار الإمام الرضا عليه السلام بتاريخ 24 ذي الحجّة سنة 1434 ه- وكان ذلك في زيارتي الحادية والثلاثين له صلوات الله عليه وتحياته.

صورة

ص: 313

ثلاث مقالات للسيّد عبد الحسين شرف الدين العاملي قدس سره

أحمد رضا مرادي ، محمود آسن

بسم الله الرحمن الرحيم

طالما دار في خلدنا أن نكتب كلمة حول العلاّمة السيّد شرف الدين العاملي قدس سره ، (1290 - 1377ه) ، ومؤلّفاته ، غير أنّه لم يحالفنا الحظّ ولم يساعدنا التوفيق للقيام بهذا العمل.

فلم تفارقنا هذه الفكرة إلى أن أخبرنا صديق كريم أنّ مؤسّسة المكتبة الثقافية قامت بطبع المجموعة الكاملة من تصنيفات السيّد العلاّمة وهي مشروع علمي قيّم في نشر كلّ ما له من الكتب والمقالات ، مطبوعة كانت أم غير مطبوعة ، فلذلك أخذنا على أنفسنا قرائتها ، لا سيّما مقالاته التي أصدرتها المجلاّت العربية ولم تر النور حتّى الآن.

ص: 314

والحقّ أنّه لجهد كبير يستحقّ محقّقوها الشكر والثناء في إعداد هذه الموسوعة الكبرى.

فنظرنا إلى المقالات وبعد قراءة نصوص منها تبيّن لنا أنّه فات جامعيها بعض ما كنّا قرأناه في المجلاّت المصرية ، فبادرنا إلى نشرها في مجلّة تراثنا الغرّاء ليكون تذكيراً لجامعيها وتبصرة للمحقّقين (1).

علماً بأنّ عملنا هذا في استدراك ما فات الباحثين السابقين في هذا المضمار - أي في إعداد هذه الموسوعة - لا يعني أنّهم أهملوا في إتقان ما قاموا به من جمع ما تفرّق من المقالات العلمية ولا ينقص من شأنهم بل تكملة لجهودهم الحثيثة ، كما لا يكاد عملٌ موسوعيٌّ يخلو من بعض الهفوات أو يسلم من بعض الهنات ... فهي طبيعة هذه الأعمال التي لا يمكن أن يفرّ منها إلاّ القليلون.

وقبل البدء بالمقالات حرىّ بنا أن نلقي نظرة سريعة في حياة العلاّمة السيّد عبد الحسين شرف الدين الموسوي العاملي عسى أن يكون لها مدخلية في الموضوع الذي نحن بصدده.

نظرة سريعة في حياة العلاّمة قدس سره :

ولد السيّد عبد الحسين شرف الدين قدس سره في الكاظمية سنة (1290ه) ة.

ص: 315


1- ولا يفوتنا أن نتقدّم بالشكر الجزيل إلى الأستاذ الدكتور علي أكبر الفراتي - دام توفيقه - الذي بذل سعيه ومجهوده في تصحيح بعض ما في هذه المقالة.

من أبوين كريمين تربط بينهما أواصر القربى ، ويوحّد نسبهما كرم العرق ، فأبوه الشريف يوسف بن الشريف جواد بن الشريف إسماعيل ، وأمّه البرّة (الزهراء) بنت السيّد هادي بن السيّد محمّد علي ، منتهين بنسب قصير إلى شرف الدين أحد أعلام هذه الأسرة الكريمة.

تقدّم في مراحله الدراسية حتّى ارتاضت له الحياة العلمية على يد الفحول من أقطاب العلم في النجف الأشرف وسامرّاء من أعلام الدين وأئمّة العلم ،وحين استعلن نضجه ولمع فضله في دورات البحث ومجال المذاكرة والتحصيل عاد في الثانية والثلاثين من عمره إلى جبل عامل - جنوب لبنان - موقوراً مشهوراً ، وكان يوم وصوله يوماً مشهوداً.

وابتدأت في عاملة حياة جديدة وكانت يومئذ إقطاعيّات منكرة ، لاتملك العامّة معها من أمر نفسها شيئاً ، ولا تفهم من الحياة في ظلّها غير معناها المرادف للرقّ والعبودية ، فلمّا استقرّ به المقام في عاملة لم يستطع إقرار هذا النظام لذلك ثار وأنكر عليهم ، وكان لمنابره البليغة ولأساليب إرشاداته البارعة أكبر الأثر في تحقيق إصلاحه المنشود ، ولا غرو فإنّ للسيّد المؤلّف مقاماً خطابياً يغبطه عليه خطباء العرب ، ويعتزّ به الدين والعلم والأدب.

من هذا وذاك علقت به النفوس ، واجتمع عليه الرأي ، فقاد للخير وابتغى المصلحة ، وتكاملت له زعامة عامّة ، ولم تكن هذه الزعامة مرتجلة مفاجئة ، بل كانت عروقها واشجة الأصول ، عميقة الجذور ، تتصل بالأعلام من آبائه ، والغرّ من أعمامه وأخواله.

ص: 316

وأمّا خدماته الجهادية في العهد التركي ثمّ في العهد الفرنسي ثمّ في أيّام الاستقلال كانت امتدادا لحركات التحرير ، لم يكابد نارها إلاّ أفذاذ من الزعماء وقادتهم ، ممّن أبلوا بلاءه وعانوا عناءه.

وقد فاجأته سلطة الاحتلال الفرنسي حين ضاقت به ذرعاً ، إذ أوعزت إلى بعض جفاتها الغلاظ باغتياله واقتحم ابن الحلاّج عليه الدار في غرّة وهو بين أهله وعياله دون أن يكون لديه أحد من أعوانه ورجاله ، ولكن الله سبحانه وتعالى أراد له غير ما أرادوا ، فكفّ أيديهم عنه ، ثمّ تلا هذا الحادث أحداث أدّت إلى تشريد السيّد بأهله إلى دمشق ، وقد وصل إليها برغم الجيش الفرنسي الذي كان يرصد عليه الطريق وحين يئسوا من القبض عليه عادوا فسلّطوا النار على داره في (شحور) ، وكان أوجع ما في هذه النكبة تحريقهم مكتبة السيّد بكلّ ما فيها من نفائس الكتب ، ومنها تسعة عشر مؤلّفاً من مؤلّفاته كانت لا تزال خطّية إلى ذلك التاريخ.

ثمّ غادر السيّد دمشق إلى فلسطين ومنها إلى مصر بنفر من أهله وكانت له مواقف في مصر وجّهت إليه نظر الخاصّة من شيوخ العلم ، وأقطاب الأدب ، ورجال السياسة ، على نحو ما تقتضيه شخصيّته الكريمة ، ولم يكن هذا أوّل عهده بمصر فقد عرفته مصر قبل ذلك بثمان سنين ، حين زارها في أواخر سنة تسع وعشرين ، ودخلت عليه فيها سنة ثلاثين وثلاثمائة وألف هجرية ، في رحلة علمية جمعته بأهل البحث ، وجمعت به قادة الرأي من علماء مصر وعقدت فيها بينه وبين شيخ الأزهر يومئذ -

ص: 317

الشيخ سليم البشري - اجتماعات متوالية تجاذباً فيها أطراف الحديث وتداولا جوانب النظر في أمّهات المسائل الكلامية والأصولية ، ثمّ كان من نتاج تلك الاجتماعات الكريمة هذه كتابه المراجعات.

وحدثت ظروف دعته إلى أن يكون قريباً من عاملة ، فغادر مصر في أواخر سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة وألف هجرية إلى قرية من فلسطين تسمّى (علما) تقع على حدود جبل عامل ، وفي هذه القرية هوى إليه أهله وعشيرته ، فكانوا حوله في القرى المجاورة ، وانسلخت شهور في (علما) تصرّفت فيها الأمور تصرّفاً يرضي السيّد بعض الرضا ، وأبيح للسيّد أن يعود إلى عاملة بعد مفاوضات أدّت إلى العفو عن المجاهدين عفواً عامّاً ، وإلى وعد من السلطة بإنصاف جبل عامل ، وإنهاضه ، وإعطائه حقوقه كاملة.

مشايخه وأساتذته :

نشأ على أبيه السيّد يوسف فتعلّم القرآن والكتابة ومبادئ العلوم كالصرف والنحو والمعاني والبيان والبديع والأدب العربي والمنطق ، ثمّ درس فقه الإمامية وشرائع الإسلام عند والده أيضاً. ثمّ قرأ سطوح الفقه والأُصول على لفيف من رجال الفضل والعلم في الكاظمية وسامرّاء والنجف الأشرف فحضر على :

1 - الشيخ حسن الكربلائي.

2 - الشيخ محمّد طه نجف.

ص: 318

3 - الشيخ محمّد كاظم الخراساني.

4 - السيّد محمّد كاظم اليزدي.

5 - شيخ الشريعة الأصفهاني.

6 - الشيخ باقر حيدر.

7 - الشيخ علي باقر حفيد صاحب الجواهر.

8 - السيّد محمّد صادق الأصفهاني.

9 - الشيخ آقا رضا الهمداني.

10 - جدّه السيّد محمّد هادي الصدر.

11 - خاله السيّد أبي محمّد الحسن الصدر.

12 - السيّد إسماعيل الصدر.

13 - الشيخ ملاّ فتح اللّه السلطان آبادي.

14 - الشيخ عبد اللّه المازندراني.

15 - الشيخ المحدّث النوري.

وشهد له جمع من أساتذته بالاجتهاد كالشيخ محمّد طه نجف ، والشيخ محمّد كاظم الخراساني ، والشيخ آقا رضا الهمداني ، والشيخ عبد الله المازندراني ، وشيخ الشريعة الأصفهاني ، والسيّد إسماعيل الصدر.

تلامذته والمجازون منه :

تتلمذ عليه وأخذ عنه على سبيل الإجازة ثلّة من سدنة الدين وأثباته

ص: 319

وحملة العلم وثقاته ، نذكر منهم الأعلام الهداة :

1و2 - السيّد صدر الدين الصدر وولده السيّد رضا الصدر.

3و4 - السيّد حيدر الصدر وولده إسماعيل الصدر.

5 - أخوه السيّد الشريف.

6و7 - السيّد علي الصدر وولده السيّد مهدي الصدر.

8و9 - الشيخ مرتضى آل ياسين وصنوه الشيخ راضي آل ياسين.

10 - الشيخ عبد الكريم ابن الشيخ موسى شرارة.

11 - الشيخ محمّد تقي ابن الشيخ عبد الحسين صادق.

12 و13 - السيّد محمّد هادي الميلاني وولده السيّد نور الدين الميلاني.

14 - الشيخ الميرزا محمّد الطهراني نزيل سامرّاء.

15 و16 - السيّد أحمد الشبيري الزنجاني وولده السيّد موسى الزنجاني.

17 - الميرزا علي الزنجاني.

18 - الشيخ محمّد حسين المظفّر.

19 - السيّد محمّد سعيد بن السيّد ناصر حسين بن السيّد حامد حسين الهندي صاحب العبقات.

20 - السيّد محمّد حسين الرضوي اللكنهوئي.

21 - الشيخ عبد الله السبيتي.

ص: 320

22 - السيّد محمّد صادق بحر العلوم.

23 - الشيخ محمّد رضا الطبسي.

24 - السيّد شهاب الدين المرعشي النجفي.

25 - الشيخ عبّاس قلي الچرندابي الواعظ التبريزي.

26 - السيّد محمّد علي القاضي الطباطبائي.

27 - الشيخ محيي الدين ابن الشيخ عبد الله المامقاني.

28 - الشيخ حسين آل الواعظ الخراساني.

29 - السيّد أبو الحسن الشهير بمولانا التبريزي.

30 - الشيخ جعفر الإشراقي التبريزي.

مؤلّفاته :

1 - المراجعات : مراسلاته مع شيخ الأزهر الشيخ سليم البشري حول بعض البحوث الاعتقادية.

2 - الفصول المهمة في تأليف الأمّة : كتاب يبحث مسائل الخلاف بين السنّة والشيعة على ضوء (الكلام) والعقل والاستنتاج والتحليل.

3 - أجوبة مسائل موسى جار الله : أجوبة عن عشرين مسألة سأل بها موسى جار الله علماء الشيعة ، وهو يظنّ أنّ فيها شيئاً من الإحراج ، كتكفير الشيعة ، لبعض الصحابة ، ولعنهم ، وكنسبة القول بتحريف القرآن للشيعة ، ونسبة تحريم الجهاد إليهم أيضاً ، وكمسائل البداء والمتعة والبراءة

ص: 321

والعول وما إلى ذلك.

4 - الكلمة الغرّاء في تفضيل الزهراء.

5 - المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة : شرح فيها فلسفة المآتم الحسينية وأسرار شهادة الطفّ.

6 - أبو هريرة : يبحث حياة أبي هريرة وعصره وظروفه وعلاقاته وأحاديثه وعناية الصحاح الستّ بروايته.

7 - بغية الراغبين : كتاب عائلي خاصّ يؤرّخ لشجرة (شرف الدين) ومن يتّصل بهم.

8 - فلسفة الميثاق والولاية : وهي رسالة فذّة في موضوعها.

9 - ثبت الأثبات في سلسلة الرواة : ذكر فيه شيوخه من أعلام أهل المذاهب الإسلامية بكلّ متّصل الإسناد بالنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وبالأئمّة عليهم السلام وبالمؤلّفات ومؤلّفيها من طرق كثيرة متعدّدة يروي فيها قراءة وسماعاً وإجازة من أعلام الشيعة الإمامية والزيدية ، وعن أعلام السنّة ، واستيعاب طرقه كلّها طويل ، اقتصر منه على ما جاء في الثبت.

وله غير هذه نفائس لولا العدوان عليها بالحرق ، لكانت من الذخائر ، ونسردها فيما يلي كما يذكرها المؤلّف في آخر تعليقته على الكلمة الغرّاء :

1 - شرح التبصرة : في الفقه على سبيل الاستدلال خرج منه ثلاثة مجلّدات تتضمّن كتب الطهارة والقضاء والشهادات والمواريث.

2 - تعليقة على الاستصحاب من رسائل الشيخ : - في الأصول -

ص: 322

في مجلّد واحد.

3 - رسالة في منجزات المريض.

4 - سبيل المؤمنين : - في الإمامة - يقع في ثلاثة مجلّدات.

5 - النصوص الجلية في الإمامة : أيضاً فيه أربعون نصاً أجمع على صحّتها المسلمون كافّة ، وأربعون من طرق الشيعة مجلوّة بالتحليل والفلسفة.

6 - تنزيل الآيات الباهرة في الإمامة : أيضاً وهو مجلّد واحد يبتني على مائة آية من الكتاب نزلت في الأئمّة بحكم الصحاح.

7 - تحفة المحدّثين فيما أخرج عنه الستّة من المضعّفين : وهو كتاب في الحديث.

8 - تحفة الأصحاب في حكم أهل الكتاب.

9 - الذريعة : ردّ على بديعة النبهاني.

10 - المجالس الفاخرة : أربعة مجلّدات ، الأوّل في السيرة النبوية ، والثاني في سيرة أمير المؤمنين والزهراء والحسن ، والثالث في الحسين ، والرابع في الأئمّة التسعة عليهم السلام.

11 - مؤلّفو الشيعة في صدر الإسلام : نشر بعض فصوله في مجلّة العرفان بصيدا (راجع العرفان في مجلّداته الأوّل والثاني).

12 - بغية الفائز في نقل الجنائز : نشر أكثرها في العرفان.

13 - بغية السائل عن لثم الأيدي والأنامل : رسالة علمية أدبية ، فكاهية ، فيها ثمانون حديثاً من طريقنا وطريق غيرنا.

ص: 323

14 - زكاة الأخلاق : نشرت العرفان بعض فصوله.

15 - الفوائد والفرائد : كتاب جامع.

16 - تعليقة على صحيح البخاري.

17 - تعليقة على صحيح مسلم.

18 - الأساليب البديعة في رجحان مآتم الشيعة : يبتني على الأدلّة العقلية والنقلية.

أخلاقه ومواهبه :

هو طويل الأناة ، ثقيل الحصاة ، واسع الصدر ليّن الطبع ، قويّ القلب مهاب ، له روعة في النفس وتأثير يدفعانك لاحترامه وحبّه وإن جهلته ، وهو شديد الشكيمة في الحقّ ، متوقّد الحماسة للدين ، لا يعرف هوادة ولا ليناً حين تهبّ بادرة للبغي أو الباطل ، على أنّه متواضع كريم هشّ.

خدماته :

افتتح أعماله بوقف حسينية أعدّها ليجتمع إليها الناس ، يعظّمون فيها الشعائر ، ويتلقّون فيها دروس الوعظ والإرشاد ويقيمون فيها الصلاة ، فلم يكن للشيعة مسجد في مدينة صور يوم جاءها السيّد لذلك تملك داراً ثمّ وقفها حسينية في بدء التأسيس ، ثمّ حين سنحت الفرصة أنشأ مسجداً من

ص: 324

أضخم المساجد بناءً وأجملها هيكلا في ذلك الزمان ، وحين تمّ المسجد الجامع بدأ بإنشاء ما كان يشغل تفكيره حيث بنى مدرسة حديثة لتنشأة الجيل وكانت هي المدرسة الجعفرية ، وقد أضاف إليها في الدور الأوّل مسجداً خاصّاً بالمدرسة ، ورفع من الجهة الأخرى نادياً فريداً سمّاه (نادي الإمام جعفر الصادق عليه السلام) وقد أعدّه للاحتفالات والمواسم العلمية والدينية والاجتماعية والمدرسية ، ثمّ أسّس بعد ذلك مدرسة للإناث.

انتقل إلى رحمة الله في بيروت 10 جمادى الثانية 1377 ه- ، ونقل جثمانه إلى مثواه الأخير في النجف الأشرف.

المقالات الثلاث

إنّ المقالة الأولى هي ردّ العلاّمة على نقد الأستاذ أحمد أمين في مجلّة الثقافة حول كتابه أبو هريرة (1) والمقالتان الثانية والثالثة تتعرّضان للردّ على الأستاذ عبد المتعال الصعيدي الذي نشر مقالتين في مجلّة الرسالة أخذ فيهما على كتاب أبو هريرة للعلاّمة. ن.

ص: 325


1- كتاب أبو هريرة : وهو كتاب فريد في بابه ، تناول أبا هريرة الدوسي وأحاديثه الكثيرة المروية في كتابي البخاري ومسلم وغيرهما من أسفار أهل السنّة ، بالبحث والتحقيق الموضوعي. وقد أثار بعض كتّاب القوم ضجّة شديدة حوله ، لأنّه في الحقيقة ينسف أهمّ أسسهم في الأصول والفروع ، أعني الأمرين المشهورين اللّذين لا أصل لهما - وكم من مشهور لا أصل له - وهما : مسألة عدالة الصحابة أجمعين ، ومسألة صحّة أحاديث كتابي البخاري ومسلم الموسومين بالصحيحين.

المقالة الأولى

نقد الأستاذ أحمد أمين (1) على كتاب السيّد عبد

الحسين شرف الدين (أبو هريرة) (2)

(أبو هريرة) للسيّد عبدالحسين شرف الدين العاملي طبع بمطبعة العرفان بصيدا :

بحث حُرّ في أبي هريرة وتأريخه والأحاديث التي رواها وقد حكّم العقلَ فيما رواه أبوهريرة من أخبار وحديث واحتكم إلى التاريخ في وقائع ، 7.

ص: 326


1- أحمد أمين ابن الشيخ إبراهيم الطبّاخ (1295 - 1373 ه- = 1878 - 1954م)عالم بالأدب ، غزير الاطّلاع على التاريخ ، من كبار الكتّاب. اشتهر باسمه (أحمد أمين) وضاعت نسبته إلى (الطبّاخ) ، مولده ووفاته بالقاهرة ، قرأ مدّة قصيرة في الأزهر ، وتخرّج بمدرسة القضاء الشرعي ودرس بها إلى سنة 1921م وتولّى القضاء ببعض المحاكم الشرعية ، ثمّ عيّن مدرّساً بكلّية الآداب بالجامعة المصرية. وانتخب عميداً لها (سنة 39) وعيّن مديراً للإدارة الثقافية في جامعة الدول العربية (سنة47) واستمرّ إلى أن توفّي. وكان من أعضاء المجمع العلمي العربي بدمشق ومجمع اللغة بالقاهرة والمجمع العلمي العراقي ببغداد. ومنحته جامعة القاهرة (سنة 48) لقب (دكتور) فخري. وهو من أكثر كتّاب مصر تصنيفاً وإفاضة. ومن أعماله إشرافه على (لجنة التأليف والترجمة والنشر) مدّة ثلاثين سنة ، وكان رئيساً لها. وبلغت مقالاته في المجلاّت والصحف ولا سيّما مجلّتي (الرسالة) و (الثقافة) عشرة مجلّدات ، جمعها في كتابه (فيض الخاطر - ط) ستّة أجزاء ، ومن تآليفه المطبوعات : (فجر الإسلام) و (ضحى الإسلام) و (ظهر الإسلام) و (يوم الإسلام) و (النقد الأدبي) جزآن و (زعماء الإصلاح في العصر الحديث) و (إلى ولدي) و (حياتي) و (قاموس العادات) و (الصعلكة والفتوّة في الإسلام) و (مبادئ الفلسفة). الأعلام 1 / 101.
2- الثقافة ، 11 ربيع الثاني (1366 ه) العدد 427.

قال أبوهريرة إنّه حضرها ولم يحضرها واستنتج المؤلّف من ذلك كلّه جرأته على الوضع كما روى إنكار السلف عليه كثرة أحاديثه واتّهامه بالاختلاق.

والبحث طويل يقع في نحو 330 صفحة وجديد في بابه في الجرأة تحكيم العقل ، قد سبق المعتزلة وخاصّة النظام بمثل هذا النقد ولكنّهم لم يبلغوا هذا المبلغ في التفصيل والجرأة والصراحة ونحن نقدّر للمؤلّف جهده الكبير وتحليله المفصّل الدقيق واطّلاعه الواسع ونظرته الشاملة في الموضوع لكن قد نأخذ عليه أشياء منها :

(1) أنّه لم يدقّق - كثيراً - فيما وضع على أبي هريرة من حديث وما رواه أبو هريرة نفسه ، فقد يكون أبو هريرة مظلوماً في بعض ما نسب إليه ودسّ عليه انتهز الناس فرصة إكثاره من رواية الحديث ، فأكثروا عليه.

(2) ومنها أنّنا إن حمدنا للمؤلّف الفاضل تحكيم العقل الصرف في الأحاديث - وهو مبدأ يحتاج إلى أن نفرد له بحثاً خاصاً - فإننا نرجو أن يكون هذا المبدأ عنده عام شاملا لا يطبّق على أبي هريرة وحده لأنّه لم يكن من شيعة الإمام عليّ رضي الله عنه ، بل يطبّق على الجميع على السواء ، سواء كانوا من شيعة الإمام أو من خصومه وسواء كانوا من أهل السنّة أو الشيعة ، فلا يوزن الحقّ بميزانين ، فإن تعرّض مؤلّف لتحكيم العقل في بعض آراء الشيعة اتّهم بأشنع التهم وإن تعرّض لأهل السنّة استحسن ذلك منه ، فالحقّ لا يعرف مذهباً ، والبرهان إن طُبِّق يجب أن يُطَبَّق على الجمع. وهذا هو رجاؤنا في المؤلّف الفاضل.

ص: 327

جواب السيّد شرف الدين على نقد الأستاذ أحمد أمين

حول كتابه (أبو هريرة) (1)

قرأت في العدد 427 من ثقافتكم العالية نقدكم الدقيق لكتابي (أبو هريرة) فرأيتك الناقد البصير ولا غرو فيمن كان ثاقب الرويّة أن يكون الجهبذ. وقد نبّهتموني إلى أمرين :

1 - أنّي لم أدقّق - كثيراً - فيما أضع على أبي هريرة من حديث وما رواه أبو هريرة نفسه الخ ...

وقد تعلمون أنّي غير مسؤول عن ذلك بعد أن حصرت محاكماته في أحاديثه الثابتة عنه بحكم الصحاح المجمع على صحّتها ، يشهد بهذا من ألمّ بالكتاب ولا سيّما الفصل 11 والفصل 12.

على أنّي لم أرَ فَرقاً بين ما وضع عليه وما رواه هو نفسه وإذاً فالإكثار من التدقيق هنا ممّا لا فائدة فيه سوى تضييع الوقت.

2 - رغبتم إلينا في أن يكون هذا المبدأ (أعني تحكيم العقل الصرففي الأحاديث) عاماً شاملا لا يطبّق على سنيّ دون شيعيّ إذ لا يوزن الحقّ بميزانَين.

وهذا من الحقّ الذي لا يسع المؤمن (إذ يتقرّب إلى الله بعلمه وعمله) مخالفته أبداً ولكنّه خارج عمّا أنتم الآن بصدده من نقد الكتاب نفسه.

وانتقدتم الشيعة هنا بما هو غير خاصّ بهم ؛ فالواجب عليهم وعلى 1.

ص: 328


1- الثقافة ، 9 جمادى الأولى (1366 ه) العدد 431.

إخوانهم السنيّين تداركه بإخلاص وحكمة ، فإنّ المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه .... الحديث(1).

أمّا اطّراد مبادئ الجرح والتعديل وتطبيقها على الجميع على السواء فقد أجمع عليه أصحابنا الإمامية من غير فرق بين الناس ، وتلك مؤلّفاتهم في هذا الموضوع تشهد بذلك ؛ ومن ألمّ بها وجدها صريحة بجرح المجروحين من الرواة مطلقاً وقد صرّحت بسقوط جماعة من رجال الشيعة عن درجة الاعتبار بكذبهم ووضعهم وأعلنت تضعيف الضعفاء منهم حتّى تناولت بذلك بعض أبناء أئمّتنا مع مزيد إخلاصنا لأهل بيت الحكمة والعصمة ولنا في هذا الموضوع كتاب حافل تحفة المحدّثين وفّقنا الله لنشره وهو ممّا يروقكم.

استشعرنا من نقدكم الهادئ أنّ تحكيم العقل الصرف في الأحاديث ربّما كان ممنوعاً. ولذا قلتم : إنّه مبدأ يحتاج إلى أن أفرد له بحثاً خاصّاً.

فللّه أنتم ما أولاكم بالتنبيه إلى دقائق المسائل العلمية ، وأنتم تعلمون أنّه إنّما يكون تحكيم العقول ممنوعاً إذا لم يستقلّ بالحكم ، أمّا إذا استقلّ بالحكم كما هو الشأن في كثير من حديث أبي هريرة فلا مندوحة عن البخوع لحكمه ناهيك به حينئذ حجّة بالغة.

وبعبارة أخرى إذا كان مدلول الحديث مخالفاً للعادة المستمرّة كإحياء الموتى الغابرين مثلا فلا حكم للعقل هنا واجب الاتّباع. أمّا إذا كان مدلوله 8.

ص: 329


1- صحيح البخاري 3 / 98.

مخالفاً للعقل كاجتماع النقيضيَن وكون الواحد ضعف الإثنين فحكم العقل نافذ بحكم الضرورة الأوّلية. ومن وقف على حديث أبي هريرة وجد فيه ما يرادف القول بأنّ البيضة على صغر حجمها وسعت الأرضين على عظمها.

بقي أمر نوّهتم به فقلتم : «فإن تعرّض مؤلّف لتحكيم العقل في بعض آراء الشيعة ، اتّهم بأشنع التهم».

فاعلم - وخلاك ذمّ - أنّ العقل إذا استقلّ بحكمه كان عندنا حجّة قاطعة ، وأنّ الأدلّة عندنا - نحن الأمامية - أربعة لا خامس لها : الكتاب ، والسنّة والإجماع العقل.

فكيف يكون في آرائنا ما يحكم العقل مستقلاًّ ببطلانه؟ نعم ، ربّما قادتنا الأدلّة الشرعية القطعية إلى رأي يستهجنه خالي الذهن عن أدلّته ، فيكون حكمنا فيه كحكمنا وحكم غيرنا من سائر المسلمين في مدلول قوله تعالى : (فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عام ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْم قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عام فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَ شَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْوَ انْظُرْ إِلى حِمارِك)(1) «الآية ، وناهيك بها حجّة قاطعة على وقوع هذا الأمر الممكن عقلاً وإن شذّ عادة ولا بدع فإنّ لله تعالى خرق العادات وهو على كلّ شيء قدير.

أعاننا الله وإيّاكم على تمحيص الحقائق قربةً إلى الله عزّ وجلّ ، والسلام عليكم.

عبد الحسين شرف الدين 9.

ص: 330


1- سورة البقرة 2 : 259.

المقالة الثانية

نقد الشيخ عبد المتعال الصعيدي(1) على كتاب السيّد

عبد الحسين شرف الدين (أبو هريرة)(2)

أبو هريرة :

اسم كتاب ألّفه الأستاذ الفاضل عبدالحسين الموسوي العاملي وهو من 5.

ص: 331


1- عبد المتعال عبدالوهاب الصعيدي (1313 - 1382 ه- = 1894 - 1966م) عالم إصلاحيّ من شيوخ الأزهر بمصر. ولد في قرية (كفر النجبا) من الدقهلية. ومات أبوه وهو ابن شهر فربّته أمّه. وتخرج بالجامع الأحمدي (1336ه) ودرس فيه ، ثمّ كان أستاذاً بكلّية اللغة العربية بالأزهر (1368ه) وقد ترك الصعيدي تسعة وأربعين كتاباً مطبوعاً ، وعشرين كتاباً مخطوطاً ، أهداها جميعها قبيل وفاته للجامعة الأزهرية ، وكان منها : (عقوبة المرتد) ، و (حرية العقيدة في الإسلام) ، و (التجديد والمجدّدون) ، و (السياسة الشرعية) ، و (تاريخ الإصلاح في الأزهر) ، و (القضايا الكبرى في الإسلام) ، و (حكماء اليونان السبعة) ، و (قضايا المرأة) ، و (تاريخ الصراع العربي اليهودي) و (نقد نظام التعليم الحديث للأزهر) و (العلم والعلماء ونظام التعليم) و (تاريخ الجماعة الأولى للشبّان المسلمين) و (في ميدان الاجتهاد) و (والوسيط في تاريخ الفلسفة الاسلامية) و (المجتهدون في الإسلام) و (أبو العتاهية الشاعر) و (القرآن والحكم الاستعماري) و (تجديد علم المنطق) و (بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح) أربعة أجزاء ، و (الكميت بن زيد) و (الميراث في الشريعة الإسلامية والشرائع السماوية) و (لماذا أنا مسلم) و (النحو الجديد) و (السياسة الإسلامية في عهد النبوّة) و (النظم الفنّي في القرآن). توفّي الأستاذ في 19 ذي الحجّة (1382 ه) 13 مايو عام (1966م) عن عمر يناهز اثنين وسبعين عامًا. الأعلام 4 / 148 ، إلاّ أنّ (الأعلام) لم يذكر اسم أبيه ولا تاريخ وفاته ، أخذناها عن ويكيبديا.
2- مجلّة الرسالة ، 24 ربيع الثاني (1366ه) العدد 715.

الشيعة المقيمين بالشام وقد أراد أن يدرس أبا هريرة درساً علمياً بريئاً من التعصّب المذهبي ولكنّه لم يكد يفتتح كتابه حتّى وقع فيما فرّ منه وابتدأ من أوّل صفحة كتاباً لا ينظر إلى أبي هريرة في ذاته وإنّما ينظر إليه كشخص يقدّسه أهل السنّة المخالفون له في الغلوّ في التشيّع ، لأنّا معشر أهل السنّة نتشيّع لعليٍّ وأهل بيته رضي الله عنهم ونسلك في ذلك مذهباً وسطاً بين الغالين في التشيّع لهم والذين يكرهونهم من الخوارج ونحوهم وقد قال عليّ رضي الله عنه : خير هذه الأمّة النمط الأوسط ، يلحق بهم التالي ويرجع إليهم الغالي.

فقد ذكر المؤلّف أنّ الذي أوقع أهل السنّة في الرضا عن أبي هريرة إنّما هو مذهبهم في تعديل كلّ صحابي واعتقاد أنّ الصحبة عصمة لا يمسّ صاحبها بجرح وإن فعل ما فعل ، ثمّ ذكر أنّ الصحبة فضيلة جليلة ولكنّها غير عاصمة وأنّ الصحابة كان فيهم العدول والأولياء والأصفياء والصدّيقون وكان فيهم مجهول الحال وكان فيهم المنافقون من أهل الجرائم والعظائم ، كما قال تعالى (وَمِنْ أَهْلِ الْمَدينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ)(1) فعدولهم حجّة ومجهول الحال نتبيّن أمره وأهل الجرائم لا وزن لهم ولا لحديثهم وقد درس المؤلّف أبا هريرة على هذا الأساس ليثبت أنّه كان منافقاً كاذباً مجرماً فيكون عنده من الفريق الثالث الذي عدّه من الصحابة ولا يكون هناك وزن له ولا لحديثه.

ونحن معشر أهل السنّة لا نعتقد أنّ الصحبة عصمة لأنّه لا عصمة 1.

ص: 332


1- سورة التوبة : 9 : 101.

عندنا إلاّ مع وحي ونبوّة والشيعة هم الذين يقولون بوجود العصمة بعد النبوّة ، فالمؤلّف فيما رمانا به من هذا على حدِّ قولهم في أمثالهم : رمتني بدائها وانسلّتْ.

فالصحابة عندنا رجال كسائر الرجال ، يصيبون كما يصيبون ويخطئون كما يخطئون ولهذا كان مذهب الصحابي ليس حجّة عند جمهور أهل السنّة وكان الشافعي فيما أظنّ إذا خالف مذهبه مذهب الصحابي يقول : هم رجال ونحن رجال.

فالصحابي قد يخطئ في رأيه وقد يخونه سمعه فيخطئ فيما يرويه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، وأهل السنّة يجيزون تخطئة الصحابي فيما يقع فيه من الخطأ ، لا فرق في ذلك بين أبي هريرة وغيره من أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ولكنّهم لا يجيزون تجاوز ذلك إلى الطعن في دينهم ورميهم بما رمى به المؤلّف أبا هريرة من أنّه كان منافقاً مجرماً كذّاباً ، لأنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم مات وهو راض عن أصحابه ونحن نكرمه برضانا عمّن رضي عنه وبالتأدّب في حقّه وعدم الطعن عليه في دينه وقد كان أبو هريرة من ألصق الأصحاب بالنبيّ صلّى الله عليه وسلم ، فيهمّنا أن يكون رضاه عنه في موضعه وألاّ يكون رضاه عن منافق كان يخدعه في دينه ولنخطّئ أبا هريرة بعد ذلك فيما يثبت عليه أنّه أخطأ فيه مع صون اللسان عن السبّ والشتم والطعن في الدين ، فليس هذا السبّ من النقد الصحيح في شيء ولا من أدب الجدال في الدين والعلم وقد نهانا الله عن

ص: 333

ذلك في جدالنا مع من يخالفنا في الدين فقال تعالى في الآية - 108 - من سورة الأنعام (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمَ)(1) وقال تعالى في الآية - 46 - من سورة العنكبوت (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلاَّ بِالَّتي هِيَ أَحْسَنُ)(2) والمسلم أحقّ بذلك مع المسلم.

وقد ثبت أنّه كان هناك رواة يضَعون الحديث على أبي هريرة ومنهم إسحاق بن نجيح الملطي وعثمان بن خالد العثماني وابنه محمّد وهو الذي روى عن أبي هريرة أنّه دخل على رقية بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) - امرأة عثمان بن عفان - وبيدها مشط.

فقالت خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندي آنفاً رجّلت شعره فقال لي : كيف تجدين أبا عبدالله - يعني عثمان - قلتُ : بخير. قال : أكرميه ، فإنّه من أشبه أصحابي بي خلقاً. وهذا حديث باطل ، لأنّ رقية ماتت في غزوة بدر وأبو هريرة إنّما أسلم بعد فتح خيبر ، فلنحمل مثل هذا على أولئك الرواة ولا داعي إلى الطعن في أبي هريرة.

ردّ العلّامة السيّد عبد الحسين شرف الدين على مقالة

الشيخ عبد المتعال الصعيدي(3)

نشرت مجلّتكم الغرّاء (الرسالة) - في عددها 715 - كلمة للأستاذ 8.

ص: 334


1- سورة الأنعام 6 : 108.
2- سورة العنكبوت 29 : 46.
3- مجلّة الرسالة 15 جمادى الأولى (1366ه) العدد 718.

الفاضل الشيخ عبد المتعال الصعيدي حول كتابي (أبو هريرة) فأبرأته ممّا نال منّي ولم أتعقّبه فيما أفرط فيه من التمويه والمغالطة.

ولكن البحث العلمي فرض عليّ أن أمعن في قوله : «وقد ثبت أنّه كان هناك رواة يضَعون الحديث على أبي هريرة ومنهم إسحاق بن نجيح الملطي وعثمان بن خالد العثماني وابنه محمّد وهو الذي روى عن أبي هريرة أنّه دخل على رقية بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم امرأة عثمان ابن عفّان وبيدها مشط.

فقالت خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من عندي آنفاً رجّلت(1) شعره فقال لي : كيف تجدين أبا عبدالله - يعني عثمان - قلتُ : بخير. قال : أكرميه ، فإنّه من أشبه أصحابي بي خلقاً. [قال] : وهذا حديث باطل ، لأنّ رقية ماتت في غزوة بدر وأبو هريرة إنّما أسلم بعد فتح خيبر ، [قال] : فلنحمل مثل هذا على أولئك الرواة ولا داعي إلى الطعن في أبي هريرة».

قلتُ : لا يمكن حمله على أولئك الرواة من وجهين :

1 - ثبوته على أبي هريرة بالسند المتّصل الصحيح وقد أخرجه وصحّحه الحافظ الكبير إمام المحدّثين أبو عبد الله محمّد بن عبدالله الحاكم النيسابوري في كتاب معرفة الصحابة أثناء ذكر وفاة رقية ودفنها في ص 48 من الجزء 4 من المستدرك وأورده الذهبي في تلخيصه معترفاً بصحّة سنده ).

ص: 335


1- (رَجَّلْتَ) الشَّعْرَ (تَرْجِيلا) سَرَّحْتَهُ سَواءٌ كَانَ شَعْرَك أَوْ شَعْرَ غَيْرِك. (المصباح المنير ص 221).

وإنكار متنه.

2 - أمعنّا في البحث عن سند هذا الحديث فلم نجد أحداً قبل اليوم زعم أنّه يروى من طريق محمّد بن عثمان بن خالد وإنّما روى بسندَينِ لا ثالث لهما أوردهما الحاكم وليس في واحد منهما إسحاق بن نجيح الملطي ولا عثمان بن خالد ولا إبنه محمّد فكيف نحمله عليهم والحال هذه يا منصفون؟!

وليت الشيخ يدلّنا على مأخذه فيما حمله على محمّد بن عثمان بن خالد العثماني إذ قال : وهو الذي روى عن أبي هريرة أنّه دخل على رقية وبيدها مشط الخ ، ومتى فعله كنّا له شاكرين وسدّد الله من أمعن في نقد كتابي بنصح فنبّهني إلى أخطائي محرّراً للحقّ مجرّداً من سواه.

صور - لبنان عبدالحسين شرف الدين

المقالة الثالثة

كلمة الشيخ عبدالمتعال الصعيدي على ردّ العلّامة

السيّد عبد الحسين شرف الدين(1)

كتبت كلمة نقد لكتاب أبي هريرة سلكت فيها جادّة الإنصاف ، ووضعتُ توجيهاً جديداً لدراسة أبي هريرة دراسة عادلة ، ولكن هذا لم يعجب صاحب الكتاب ولم يعجب بعض إخواننا من الشيعة ، فحملوا علىَّ ).

ص: 336


1- الرسالة ، جمادى الآخرة (1366ه) العدد 721 (البريد الأدبي).

في بعض جرائدهم حملة ظالمة وقد ردّ عليّ صاحب الكتاب بكلمة في الرسالة لم يأت فيها بشيء نحو ذلك التوجيه الجديد في دراسة أبي هريرة ولم يجد فيما يأخذه عليّ إلاّ إسناد حديث دخول أبي هريرة على رقية إلى محمّد بن خالد بن عثمان ، وقد كنتُ ذكرت معه بعض أسماء من كان يضع الأحاديث على أبي هريرة ، فسقط في الطبع بعض هذه الأسماء وترتّب على هذا إسناد ذلك الحديث إلى محمّد بن خالد.

والحقيقة أنّه من وضع غيره لا من وضعه وقد ورد هذا الحديث بروايتين في مستدرك الحاكم جاء في إحداهما محمّد بن أحمد بن سعيد الرازي وهو من الضعفاء والمطّلب بن عبدالله وهو من الضعفاء أيضاً ومحمّد بن عبدالله بن عمرو بن عثمان بن عفّان وقد ضعّفه النسائي والبخاري.

وجاء في الرواية الثانية عبد المنعم بن إدريس عن وهب بن منبّه وهو قصّاص لا يعتمد عليه وقد ذكر أحمد بن حنبل أنّه كان يكذب على وهب ابن منبّه وذكر البخاري أنّه ذاهب الحديث.

فلم يبق إلاّ تصحيح الحاكم لسند هذا الحديث ولا شكّ أنّ تصحيحه له يشمل أبا هريرة أيضاً فلا يصحّ لصاحب كتاب أبي هريرة أن يعتمد عليه في رأيه فيه ، وقد قال الحاكم عقب هذا الحديث : ولا أشكّ أنّ أبا هريرة رحمه الله تعالى روى هذا الحديث عن متقدّم من الصحابة أنّه دخل على رقية رضي الله عنها ، لكنّي قد طلبته جهدي فلم أجده في الوقت وهذا هو الإنصاف الذي يجب أن يدرّس به أبو هريرة وغيره.

ص: 337

وقد جاءني من حضرة الفاضل الشيخ عبدالرحمن الجمجموني أنّه وجد هذا الحديث في كتاب التاريخ الصغير للبخاري (ص100) وأنّه ذكر إسناده إلى المطّلب بن عبدالله عن أبي هريرة ثمّ قال : ولا يعرف المطّلب سماع من أبي هريرة ولا تقوم به الحجّة ، فأعلّه بالإنقطاع وقد ذكر هذا الأستاذ الفاضل أنّ الحاكم يروي في كتبه ما لا يعقل وقد طعن في بعض أحاديثه الإمام السيوطي في كتابه اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة وكذلك طعن فيه صاحب كتاب الصارم المنكي وذكر الشيخ عبدالعزيز الخولي في كتابه مفتاح السنّة أنّ في المستدرك للحاكم كثيراً من الموضوعات وطعن فيه صاحب المنار في المجلّد السادس منها والشيخ طاهر الجزائري في كتابه توجيه النظر إلى أصول الأثر.

وما كان أحرى صاحب كتاب أبي هريرة أن يتناول دراسته بهذا التوسّع الذي يجده في دراسة هذا الحديث ويثبت منه أنّه موضوع على أبي هريرة لا أنّ أبا هريرة هو الذي وضعه على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.

الردّ الثاني للسيّد عبدالحسين شرف الدين على

الأستاذ الصعيدي حول كتابه (أبو هريرة)(1)

أبو هريرة والصعيدي :

كان الأستاذ عبدالمتعال الصعيدي نشر في العدد 715 من الرسالة 4.

ص: 338


1- الرسالة ، 28 جمادى الآخرة (1366 ه) العدد 724.

الغرّاء كلمة حول كتابنا (أبو هريرة) فأجبناه بما نشرته الرسالة في عددها 718 - جنحنا في جوابه إلى الدعة لا نسأله عن شيء ممّا غالط به أو غلط فيه كالعصمة التي حمل بها حَمْلَتَه على غير رويّة ، فإنّ العصمة من الذنوب - التي تثبتها الإمامية للأنبياء وأوصيائهم - شيء والعصمة من الجرح المسقط لعدالة المجروح - التي يثبتها أهل السنّة لكلّ صحابي شيء آخر.

واليوم وافانا العدد 721 من الرسالة فإذا به يعترف بالغلط في نسبة وضع الحديث إلى محمّد العثماني المذكور - فقال : والحقيقة أنّه من وضع غيره لا من وضعه.

ثمّ ضعُف سنده بما لا تتنزّه عن مثله أسانيد كثير من الصحاح على أنّه لم يستند في تضعيفه إلى أئمّة الجرح والتعديل وإنّما أرسل تضعيفه كسائر مرسلاته ونحن نستند في تصحيحه إلى إمامين مسلّمي الإمامة في الجرح والتعديل عند أهل السنّة ، حجّتين عندهم في السنن لا يدافعان ، الحاكم في المستدرك والذهبي في تلخيصه (ص48 من الجزء الرابع).

والأستاذ لا يجهل دأب الذهبي في تعقّب الحاكم وإفراطه بتضعيف كثير من صحاح المستدرك وإسقاط بعضها بأقلّ شبهة لكنّه مع ذلك لم يتعقّبه في هذا الحديث بل صرّح بصحّته عن أبي هريرة ، فقال : صحيح منكر المتن فإنّ رقية ماتتْ وقت بدر وأبو هريرة أسلم وقت خيبر.

وما كان الذهبي ولا الحاكم مع حسن ظنّهما بأبي هريرة ليثبتا عنه هذا الباطل لو وجدا إلى حمله على غيره سبيلاً لكنّها الأمانة لا يحمل وزرها إلاّ

ص: 339

من كانَ ظَلُوماً جَهُولا.

وقد حاول الحاكم صرف الباطل عن أبي هريرة - كما جاء في كلمة الأستاذ - لكنّه لم يفلح.

نقل الأستاذ أنّ كلاًّ من الإمام السيوطي والشيخ الخولي وصاحب المنار والشيخ الجزائري طعنوا في بعض أحاديث المستدرك ونحن نقول : إنّهم طعنوا في البعض من حديثه ، لكنّهم لم يذكروا هذا الحديث بسوء ولو كان ضعيفاً لنبّهوا إلى ضعفه ولو كان من الأحاديث الموضوعة لنظمه السُيوطيّ وغيره في سلك الموضوعات ، ما علمْنا أحداً من أئمّة الحديث فعل ذلك.

أمّا ما نقله الأستاذ عن الفاضل الجمجموني - من انقطاع الحديث لأنّ المطّلب بن عبدالله لا يعرف له سماع عن أبي هريرة - ففيه نظر وقد قيل : إنّ الذي لم يدرك أبا هريرة إنّما هو المطّلب بن عبد الله بن حنطب ، وراوي الحديث إنّما هو المطّلب بن عبد الله بن حنطب فهما - على الأصحّ - اثنان يروي الأوّل منهما عن أنس وجابر وابن عمر وعائشه وأبي هريرة وروى عنه الأوزاعي وعمرو بن أبي عمر وقد وثّقه أبو زرعة والدارقطني وحديثه ثابت في السنن الأربعة وغيرها.

وهب أنّا صرفنا النظر عن هذا الحديث ولوازمه الباطلة فما رأي الأستاذ وسائر المنصفين فيما يلزم أبا هريرة من أحاديثه الثابتة عنه في الصحيحينِ؟ وحسبهم منها ما اشتمل عليه كتابنا (أبو هريرة) في جميع

ص: 340

فصوله فليمعن به الأستاذ وليدع توجيهه الجديد جانباً وليسلك جادّة العلماء المنصفين (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ)(1) والذي دعانا إلى هذا إنّما هو الذود عن السنّة المقدّسة والغيرة على الإسلام والمسلمين بتمحيص الحقّ المتصل بحياتنا العلمية والعقلية اتّصالاً مباشراً ، (إِنْ أُرِيدُ إِلاّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ)(2).

صور - لبنان عبدالحسين شرف الدين.

كلمة أخيرة للأستاذ الصعيدي في جواب السيّد(3)

كلمة أخيرة في أبي هريرة :

قرأتُ ما كتبه الأستاذ عبدالحسين شرف الدين في العدد 724 من مجلّة الرسالة فوجدته يدّعي إنّا معشر أهل السنّة نذهب إلى عصمة الصحابة من الجرح المسقط لعدالة المجروح وهذا ليس بصحيح ، لأنّ العصمة خاصّة عندنا بالأنبياء ، وعدالة الصحابة عندنا لا ترجع إلى عصمتهم لأنّه يجوز عليهم ما يجوز على غيرهم وإنّما ترجع إلى ما كان من تحرّزهم في دينهم وما يأخذه إخواننا من الشيعة عليهم يرجع إلى رأيهم في الخلافة ، 5.

ص: 341


1- سورة الزمر 39 : 18.
2- سورة هود 11 : 88.
3- الرسالة ، 6 رجب (1366ه) العدد 725.

ومثل هذا لا تسقط به عدالة.

ثمّ وجدته يعود إلى حديث دخول أبي هريرة على رقية وإلى تصحيح الحاكم لسنده مع أنّ البخاري أعلّه بالانقطاع ومع أنّي أثبت له ضعف هذا السند في روايتَي الحاكم واعتمدتُ في هذا على كتاب ميزان الاعتدال للذهبي وقد ذكر الأستاذ أنّي ضعّفت هذا السند بما لا يتنزّه عن مثله أسانيد كثير من الصحاح وفاته أنّه يكفّر أبا هريرة بهذا الحديث ويتّهمه بوضعه ولا يصحّ تكفير مثل أبي هريرة إلاّ إذا لم يكن مطعن ما على غيره فإذا كان هناك مطعن ما على غيره لم يصحّ تكفيره لأنّ التكفير لا يثبت إلاّ بقاطع فيه.

على أنّ تصحيح الحاكم لسند ذلك الحديث لا يفيد الأستاذ فيما يريده من إثبات وضعه ومن أنّ واضِعَه أبو هريرة ، لأنّ الحديث الذي يصحّ سنده دون متنه لا يكون موضوعاً ، وإنّما يكون في متنه غلط أو نحوه ، كما تقرّر هذا في علم مصطلح الحديث أمّا طلب الأستاذ أن ينظر في غير هذا الحديث من كتابه فيمنع منه أنّ مجلّة الرسالة لا تتّسع له.

ص: 342

تفسير الوزير المغربي قراءة في نسخه الخطّية

تفسيرالوزير المغربي(1)

(المصابيح في تفسير القرآن)

قراءة في نسخه الخطّية وتصحيحها

مرتضى كريمي نيا

بسم الله الرحمن الرحيم

لقد كرّست اهتمامي في السنين الأخيرة لمطالعة وتصحيح تفسير الوزير المغربي المسمّى ب- : المصابيح في تفسير القرآن ، وكتبت بعض المقالات في هذا الخصوص ، وقد تطرّقت في مقالتي هذه إلى وصف النسخ الثلاث الموجودة منه ، ومناقشة الأخطاء والنواقص التي وردت في تصحيح نسخ هذا الكتاب والتي جاءت في إطار رسالة الدكتوراه المقدّمة من قبل الدكتور

ص: 343


1- تمّ ترجمة البحث إلى العربية من قبل هيئة التحرير.

عبدالكريم بن صالح الزهراني والتي تمّ الدفاع عنها في جامعة أمِّ القرى في مكّة المكرّمة سنة (2000 ميلادي) ، علماً بأنّ هذه الرسالة موجودة على صفحات الشبكة المعلوماتية (الإنترنيت) بالرغم من أنّه لم يتمّ نشرها رسميّاً ولم تطبع بعد.

لقد خلّف لنا الوزير أبو القاسم الحسين بن علي المعروف ب- :(الوزير المغربي) - العالم ، الأديب ، السياسي والمفسّر الشيعي في القرن الرابع الهجري - تفسيره النفيس والقيّم والذي لازال طيّ النسيان ألا وهو المصابيح في تفسير القرآن العظيم ، وقد أشار الكثير من العلماء وأصحاب التراجم إلى وجود تفسير للوزير المغربي ، وإنّ أقدمهم في ذلك هو الشيخ الطوسي (ت 460 ه) حيث نقل في تفسيره التبيان في تفسير القرآن أكثر من خمسين مرّة(1) من تفسير الوزير المغربي ، وإن كان الشيخ الطوسي لم يذكر تفسير الوزير المغربي بالإسم في بعض الأحيان ، ولكن العبارات المنقولة في تفسير التبيان موجودة بأسرها تقريباً في المصابيح بنسخه الثلاث.

وقد أشار البعض الآخر مثل ابن شهرآشوب في كتابه معالم العلماء إلى تفسير المصابيح صراحة ، وكذلك آقا بزرك الطهراني في الذريعة ذكره بهذا الاسم ، علماً بأنّ هذا الاسم مذكور في النسخ الثلاث التي عثرنا عليها.

وقد ذكر النجاشي - المعاصر للشيخ الطوسي - في فهرسته(2) هذا 1.

ص: 344


1- حيث إنّ الشيخ الطوسي غالباً ما ذكر التعابير التالية : (قال الحسين بن علي المغربي) ، (ذكره الحسين بن علي المغربي) ، (حكى المغربي) ، (اختاره المغربي) ، (استحسنه المغربي).
2- رجال النجاشي 1/51.

التفسير تحت عنوان خصائص علم القرآن ، وقد انتقل بنفس هذا الإسم منه إلى سائر كتب التراجم الأخرى مثل : أمل الآمل للحرّ العاملي ، الفوائد الرجالية للسيّد بحر العلوم ، الكنى والألقاب ، معجم رجال الحديث ، الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، إيضاح المكنون ، هديّة العارفين ، ولا يبعد أن يكون قد عرف هذا التفسير بكلا الاسمين في ذلك الزمان.

وقد أشار ابن العديم (558 - 660 ه) في بغية الطلب(1) إلى رسالة من الوزير المغربي يشير فيها إلى سيرة حياته والمراحل التي مرّ بها في حياته العلمية حيث يذكر فيها مجالسه التفسيرية قائلاً : «ولي - وأحمد الله - إملاءات عدّة في تفسير القرآن وتأويله»(2) ، علماً بأنّ هذا العنوان وإن لم يكن الإسم الدقيق لتفسيره ولكنّه عرف فيما بعد - اشتباهاً - بتفسير الوزير المغربي كما في بعض المصادر التفسيرية(3) ، هذا وأنّ عدم ذكر الاسم الدقيق لتفسير ».

ص: 345


1- بغية الطلب 6/2536.
2- ابن العديم في بداية كلامه قال : «قرأت في رسائل الوزير أبي القاسم بن المغربي نسخة كتاب كتبه ليُعرض بالسدّة القادرية ، وقد طُعن عليه بالدار الخليفية في مذهبه حيث وُزر للملك السعيد مشرف الدولة أبي علي ، وإنكار الاسم المغربي المشهور به ، وأنّه نسب إلى اعتقاد المذهب المصري والتديّن به ، فكتب رسالة في ذلك ، وكتبها على وجهها وحذفت من آخرها ما لا حاجة لي إليه لما فيها من ذكر نسبه ومنشأه ومذهبه ومبدأ حاله وطلبه للعلم واشتغاله» ، هذه العبارة تشير إلى أنّ الوزير المغربي كان متّهماً بكونه كان قريباً من الاسماعيلية والفاطمية إبّان وزارة مشرف الدولة أبو علي البويهي (حدود سنة 410 ه) في بغداد.
3- فمن بين هؤلاء الداوودي في طبقات المفسّرين (1 / 156) قد ذكر هذا التفسير باسم (إملاءات عدّة في تفسير القرآن العظيم وتأويله) ، كما أنّ الذّهبي في لسان الميزان (2/ 301) في إشارته إلى هذه الرسالة كتب يقول : «وأنّه أملا عدّة مجالس في تفسير القرآن والاحتجاج في التنزيل بكثير من الأحاديث المسموعة له».

الوزير المغربي في رسالته تلك يشير إلى عدم وجود اسم له حتّى في السنين الأخيرة من حياته.

وإنّ بعض العبارات الموجودة فيه تشير إلى كون هذا التفسير هو عبارة عن إملاءات متفرّقة تمّ جمعها من خلال الإضافات التي وضعها بمرور الزمن ؛ كما في العبارات التي تمّ وضعها في طيّات تفسير بعض الآيات والتي تشير إلى تفسير آيات لاحقة ، كما في تفسير الآية 100 من سورة البقرة حيث يشير إلى بحث قد ذكره في سورة المائدة ، وكما في الآية 113 من سورة النساء حيث كتب يقول : «والإضلال في تفسير شعر النابغة : الدفن ، وقد ذكرناه في تفسير سورة ألم السجدة».

مضافاً إلى ذلك أنّ الوزير المغربي كان لا يراعي في تفسيره ترتيب الآيات في كثير من الأحيان ، حيث نراه بعد تفسيره للآية يرجع مرّة أخرى إلى تفسير بعض الكلمات المرتبطة بها حيث يضيف بعض البحوث إليها.

النسخ الخطّية للتفسير :

لقد عثرت حتّى الآن من بين مختلف مكتبات العالم على ثلاث نسخ خطّية فقط ، وقد اعتمدت في تصحيحي لهذا الكتاب على جميع هذه النسخ.

الف) النسخة المصوّرة الموجودة في جامعة الإمام محمّد بن سعود الإسلامية - الرياض ، المملكة العربية السعودية - مخطوطات قسم التفسير ، برقم (2002).

إنّ مصدر النسخة الأصلية للمصوّرة الموجودة في جامعة الإمام محمّد ابن سعود (في مدينة الرياض) غير معروف لدينا ، وذلك لأنّ بعض المكتبات

ص: 346

في الدول العربية من دول الخليج لا تشير إلى النسخ الأم.

علماً بأنّ هذه النسخة من أكمل النسخ الموجودة لهذا التفسير حيث تحتوي هذه النسخة على تفسير القرآن الكريم من أوّله إلى نهاية سورة الإسراء ، وقد كتب عليها بخطِّ نسخ جميل اسم الكاتب خضر بن سبط الجوهري ، كما كتبت أسماء السور وأوائل الآيات بخطِّ الثلث الكبير ، اشتملت هذه النسخة على 196 ورقةً ، وقد كتب في كلِّ ورقة منها 15 سطراً ، وقد كتبت الكثير من التصحيحات والسقوطات على هامش المتن بخطّ الكاتب ، وقد سقطت ورقة من هذه النسخة من آخر سورة الفاتحة وأوّل سورة البقرة ، كما سقطت أيضاً ورقة من آخر سورة البقرة وأوّل آل عمران ، وفي المجموع سقط منها حدود عشر أوراق حيث يمكن الاعتماد على النسخة (ج) والموجودة في جامع القرويّين لسدّ النقص فيها.

وقد جاء على صفحة العنوان من هذه النسخة العبارة التالية : (الأوّل من كتاب المصابيح في تفسير القرآن زاده الله شرفاً وتعظيماً تصنيف الوزير الحسين بن علي بن الحسين المغربي).

وكتب في آخر هذه النسخة : (تمّ الجزء الأوّل من المصابيح بعون الله ولطفه ويتلوه في الثاني إن شاء الله سورة الكهف والحمد لله ربّ العالمين وصلواتي على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين. كتبه العبد الراجي رحمة ربّه خضر سبط الجوهري(1) هذه النسخة نسخت من أصل سقيم ثمّ قوبلت من ذي

ص: 347


1- لقد ذكر عبد الكريم الزهراني في رسالته اسمه اشتباهاً خضر سوييط ، في حين أنّ هذا الكاتب والناسخ المعروف هو خضر بن عبد الله سبط يحيى الجوهري الذي استنسخ العديد من المخطوطات منها الفهرست لابن النديم والتي ذكر الزركلي أحد نسخها بهذا الوصف : الفهرست لابن النديم طبع في ليبسيك (1871م) في جزءين ، ثانيهما للفهارس والتعليقات من عمل جستاف فلوجل ، وكثيراً ما رجعت إلى جزء منه مخطوط متقن ، كتبه خضر بن عبد الله سبط يحيى الجوهري في 44 ورقة توافق الصفحة 145 - 245 من طبعة فلوجل والصفحة 208 - 355 من طبعة المكتبة التجارية بمصر. والجدير بالذكر أنّ بيارد داج (Bayard Dodge) ذكر في رسالته التي وصف فيها نسخاً مختلفةً لفهرست ابن النديم قائلاً إنّ هذه النسخة من الفهرست موجودة في المكتبة السعيدية في مدينة تونك في راجستان الهند ، وقد ذكر هذا الشخص فيما بعد بإسم حنين بن عبد الله سبط بن يحيى الجوهري حيث قال : (تمّ الجزء الثاني من كتاب الفهرست بعون الله ولطفه ويتلوه ان شاء الله تعالى في الجزء الثالث يحيى النحوي وكتبه يحيى بن عبد الله سبط بن يحيى الجوهري والحمد لله).

نسخة أخرى صحيحة قد كتبت من أصل هو من خطّ المصنّف فهذا سبب كثرة الحواشي والتخريج وبالله العون والعصمة).

هذا وقد حصلت على نسخة مصوّرة منها وذلك بمساعدة وجهود الدكتور الشيخ بندر بن عبد الله الشويقي من أساتذة كلّية أصول الدين في جامعة الإمام محمّد بن سعود مشكوراً.

ص: 348

صورة

ص: 349

صورة

ص: 350

ب) النسخة الخطّية الموجودة في مكتبة چستربيتي - دبلن ، إيرلندا - برقم (3538).

لقد نسب (آرثور آربري) هذه النسخة إلى ابن كيسان النحوي اشتباهاً منه وذلك حين فهرسته لمخطوطات المكتبة ، وقد وقع منه هذا الخطأ وذلك لأنّ لابن كيسان كتاب تحت عنوان مصابيح الكتاب وهو في واقع الأمر شرح أو تهميش على الكتاب لسيبويه النحوي(1) ، وقد صار هذا الخطأ سبباً لينسب

كلٌّ من (كارل بروكلمان) و (فؤاد سزگين)(2) و (الزركلي)(3) هذا التفسير لابن كيسان اعتماداً على ما وجد في مكتبة چستربيتي.

وقد كتب (آربري) على غلاف هذه النسخة كالتالي : «المصابيح في تفسير القرآن العظيم ، لأبي الحسن محمّد بن أحمد بن كيسان (ت 320 ه/932م) [هو جزءٌ مهم من تفسير قرآني] يحتوي على 97 ورقة ؛ 8/20 × 8/14 سانتي متر ، بخطّ نسخ واضح ، من غير تاريخ ، ويحتمل أن تكون النسخة من القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الميلادي ، ولم تسجّل حتّى الآن أيّ نسخة أُخرى من هذا الكتاب»(4) ؛ ويبدو أنّ (آربري) لا يعرف .8

ص: 351


1- معجم الأدباء 5/2307.
2- لقد نسب فؤاد سزگين - في الترجمة الفارسية من كتابه (تاريخ أدبيات عربي 1 / 93) والنصّ الألماني (1 /48) - تفسير المصابيح في تفسير القرآن إلى ابن كيسان اشتباهاً مثله مثل بروكلمان في كتابه (1 / 110).
3- الأعلام للزركلي 5/308.
4- MS. 3538 : ALMASABIH FI TAFSIR ALQUR'AN ALAZIM, by_Abu 'LHasan Muhammad b. Ahmad B. KAISAN (d.320/932). [A considerable portion of a commentary on the Qur'an.] Foll.97.20.8×14.8

الوزير المغربي أصلاً ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى لم يلتفت إلى أنّ المؤلّف لهذا التفسير كراراً ما نقل من الرمّاني (ت 384 ه) ، وأبو بكر الرازي الجصّاص (ت 370ه) ، ومن سائر علماء القرن الرابع الهجري ولذا لا يمكن أن يكون ابن كيسان (ت 320 ه).

ومن جانب آخر فقد تردّد (شارل پلاّ) في مقالته (ابن كيسان) والمنشورة في دائرة المعارف الإسلامية في النسخة الفرنسية منها في صحّة نسبة هذا الكتاب لابن كيسان ، وقد عدّه من ضمن تأليفات الوزير المغربي(1) ، وقد نسب (فان اس)(2) الكتاب أيضاً إلى ابن كيسان ، في حين أنّ (سمور) قد عدّ الكتاب من ضمن مؤلّفات المغربي وذلك في مقالته : (بنو المغربي) المنشورة في دائرة معارف الإسلام(3).

وفي هذه النسخة توجد سقوطات في أوائلها وفي أواخرها ؛ حيث تبتدئ هذه النسخة من أوّل سورة النساء ويأتي بعدها تفسير سورة المائدة ثمّ الأنعام والأعراف والأنفال والتوبة ويونس ثمّ هود ثمّ يوسف ، إلاّ أنّها في 1.

ص: 352


1- by by C.E. Charles Pellat, "Ibn Kaysؤn", in Encyclopedie de l'Islam, edited Bosworth, vol.2, p.390 nouvelle. edition,
2- Josef Van Ess, Theologie und Gesellschaft im 2. und 3. Jahrhundert Hidschra : Eine Geschichte des religiosen Denkens im fruhen Islam, Berlin : Walter de Gruyter, vol. 5. p. 441.
3- دائرة المعارف الإسلامية ، الطبعة الثانية ، النسخة الإنجليزية ، ليدن ، منشورات بريل ، 5/1211. "alMaghribi, Banu", by Pieter Smoor, in EI2, vol.5, p.1211.

تفسير الآية (جِئْنَا بِبِضَاعَة مُزْجَاة) من سورة يوسف ينتقل فجأة إلى تفسير بعض الآيات من سورة آل عمران من الآية 104 إلى نهاية السورة ، وقد جاء في الصفحة الأخيرة - التي يبدو منها أنّها ملحقةٌ بهذه النسخة - اسم الكاتب كمال الدين أبو مجد عبد الرحيم بن عبد الملك وسنة الكتابة (678 ه).

ومع مطالعة هذه النسخة والتمعّن في معالمها يمكننا أن نتوصّل إلى أنّ نسخة تفسير المصابيح كانت مفرّقة أو على شكل رُزم غير موحّدة ، فتارة نرى بعض أوراقها اشتملت على تفسير سورة أو سورتين من القرآن في رزمة واحدة ؛ على سبيل المثال نرى في أواخر سورة المائدة من نسخة چستربيتي (النسخة ب) جاء فيها : «الجزء السابع من المصابيح في تفسير القرآن» حيث يتبيّن من خلال ذلك أنّ هذه النسخة - من بداية سورة الفاتحة حتّى نهاية سورة المائدة - اشتملت على ستّة رُزم متفرّقة.

إنّ نسخة من هذه المخطوطة موجودةً على صفحات الشبكة المعلوماتية (الإنترنيت) ، وقد حصلت على نسخة مصوّرة منها من مكتبة (چستربيتي) وذلك بجهود الطالب الجامعي - في مرحلة الدكتوراه - ياسر ميردامادي من طلاّب جامعة (أدنبره).

ص: 353

صورة

ص: 354

صورة

ص: 355

ج) نسخة مكتبة جامع القرويّين - فاس ، المغرب - برقم (1476).

إنّ هذه النسخة التي تعدّ النسخة الثالثة من تفسير الوزير المغربي قد اشتملت على تفسير القرآن الكريم من أوّله إلى أواسط سورة هود ، وقد لحقت بهذه النسخة أضرارٌ جسيمة ، حيث خَرمت الأرضة أطرافها ، ويبدو ذلك أكثر وضوحاً في أوّل النسخة إلى بداية سورة (آل عمران). وقد بلغت هذه النسخة من الأهمّية بحيث يمكن الاعتماد عليها في إصلاح شطر من سقوطات النسخة (ألف) - قسم من تفسير سورة (الفاتحة ، البقرة ، آل عمران) - حيث يمكن إصلاحها وتصحيحها على هذه النسخة. وللأسف أنّه لم يتّضح لنا اسم الناسخ وتاريخ النسخ. وقد كتب على الصفحة الأولى من هذه النسخة : «كتاب المصابيح في تفسير القرآن العظيم زاده الله تكريماً تصنيف الوزير أبي القاسم الحسين بن علي المغربي رحمه الله». وعلى العكس ممّا جاء في النسخة (ألف) فإنّ مقدّمة الآيات في هذه النسخة من تفسير المصابيح لم تكتب بخطٍّ واضح ، وقد كتبت هذه النسخة بخطّ النسخ ، وقد احتوت على علامات فنّية دقيقة جدّاً.

لقد جعل الناسخ لجميع الحروف علامةً خاصّة ليميّزها عن غيرها من الحروف المشابهة لها في رسم الخطّ ، فقد ميّز مثل ح ، ع ، ف ، ر ، س بعلامات جاءت إمّا في أعلاها أو في أسفلها تمييزها.

ولم يكتب أحدٌ لحدّ الآن عن أوصاف هذه النسخة من تفسير الوزير المغربي وما اشتملت عليه من متن وخصائص وجزئيّات ، وبالرغم من أنّني

ص: 356

كنت على علم بتفسّخ هذه النسخة وكنت استبعد الحصول عليها إلاّ أنّني بذلت قصارى جهدي مدّة مديدة من أجل الحصول عليها وبشتّى الطرق وبمساعدة الأصدقاء في إيران وأوربا وبعض الدول العربية في شمال أفريقيا ، ورغم ما تحمّلته من أعباء خلال السنتين الأخيرتين للحصول على هذه النسخة والتي باءت جميعها بالفشل إلاّ أنّ تلك الجهود أثمرت أخيراً عن الحصول على النسخة المصوّرة من هذه النسخة القيّمة وذلك بمساعدة وهمّة الأستاذ والمحقّق العزيز الدكتور خالد الزهري مدير الخزانة الحسنية في الرباط.

في النسخة (أ) عندما يأتي باسم أبو جعفر وأبو عبد الله يردفه بعبارة عليه السلام ، وكذلك عندما يأتي باسم الرسول الأكرم يردفه بالصلوات التامّة أي (صلى الله عليه وآله) ، في حين في النسخة (ج) (جامع القرويين) على العكس من ذلك فإنّنا لم نرى عبارة عليه السلام بعد (أبو جعفر) و (أبو عبد الله) إلاّ قليلا ، وأمّا بعد اسم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فإنّنا نرى عبارة عليه السلام في بعض الأحيان وعبارة (صلى الله عليه) في أحيان أخرى ، أمّا الصلاة التامّة على الرسول الأعظم - صلّى اللهُ عليه وآله وسلّم - فإنّنا نجدها في هذه النسخة في بعض الأحيان ما عدا في سورة البقرة فإنّها تخلو منها ، وبعد ذكر الإمام علي عليه السلامنرى عبارة (كرّم الله وجهه) في بعض الأحيان ، في حين في النسخة (ب) نلاحظ عبارة (صلى الله عليه وعلى آله) بعد اسم النبيّ الأكرم إلاّ أنّها كانت تخلو من عبارة عليه السلام بعد أبو جعفر وأبو عبد الله.

ص: 357

هذا وإذا قمنا بالمقارنة فيما بين النسخ الثلاث نرى أنّ النسخة (أ) كاملة أكثر من النسختين الأخريتين إلاّ أنّ النسخة (ج) أكثرها دقّة وصحّة ، وبالرغم من أنّنا قد اعتمدنا في تصحيحنا على النسخة (أ) حيث اعتبرناها هي الأساس في عملنا إلاّ أنّنا نرجع إلى النسخة (ج) عندما نجد اختلافاً في المتن فيما بين النسخ ، إلاّ في التحيّات - الصلوات والسلام - بعد اسم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمّة عليهم السلام فإنّنا اعتمدنا على النسخة (أ).

ص: 358

صورة

ص: 359

صورة

ص: 360

التصحيحات التي صاحبت هذا التفسير :

لم تطبع حتّى الآن من المصابيح في تفسير القرآن العظيم للوزير المغربي أيّ نسخة مصحَّحة ، ولكن أُعدّت رسالتين جامعيّتين في هذا المجال تناولت كلٌّ منهما تصحيح متن الكتاب وتطرّقت إلى ذكر بعض المقدّمات في وصف خصائص هذا التفسير ، وهاتين الرسالتين هما :

الف) لقد ألّفت أوّل رسالة جامعية في هذا المضمار في سنة (1979 ميلادية) في جامعة (مانچستر) ، أعدّت بقلم عمر إسماعيل(1) ، حيث اعتمد في عمله من تصحيح متن هذا التفسير على النسخة (ب) من مكتبة چستربيتي (دبلن ، إيرلندا ، برقم 3538) ، وهي أكثر النسخ نقصاً ، وقد احتوى تصحيحه على مقدّمة باللغة الانجليزية في ترجمة (ابن كيسان) ، وقد ركّز عمله على تصحيح المتن وذكر بعض الملاحظات والمقدّمات التي اقتصر على بيانها باللغة الانجليزية ، وبالرغم من أنّني لم أحصل على هذه الرسالة الجامعية إلاّ أنّ بعض القرائن تدلّ على أنّ هذا التحقيق لم يكن تحقيق عالم خبير ومتخصّص في هذا المجال ، وذلك لعدّة أسباب :

أوّلاً : إنّ هذا العمل التحقيقي لم يطبع ولم ينشر قط طوال الخمس والثلاثين سنة الماضية ، وهناك القليل من المحقّقين ممّن اعتمده وأحال إليه.

ثانياً : إنّ نسخة (چستربيتي) فيها العديد من السقوط ، حيث سقط قسم s.

ص: 361


1- U.Y. Ismail. A critical edition of 'Almasabih fi tafsir alQur'an alazim' attributed to Ibn Kaysan al- Nahwi, together with introduction and notes, PHD Dissertation, University of Manchester,1979, 2vols.

كبير من أوّلها وآخرها.

ثالثاً : ومن أهمّ الملاحظات على عمل عمر إسماعيل هو اتّباعه لآرثور آربري حيث نسب هذه النسخة الناقصة من التفسير لابن كيسان النحوي (ت 320 ه).

كما أنّ مثله مثل آرثور آربري لم يعر اهتماماً لنقل أقوال المفسّرين الذين اعتمدهم صاحب المصابيح مثل أبو بكر الرازي الجصّاص (ت 370 ه) وأبو الحسن الرمّاني (ت 384 ه) وإلاّ لتوصّل إلى أنّ صاحب المصابيح هذا هو المغربي وليس ابن كيسان.

ب) الرسالة الثانية أُعدّت في سنة (2000 ميلادي) في جامعة أمّ القرى في مكّة المكرّمة ؛ وهذه الرسالة عبارة عن رسالة دكتوراه عنوانها (المصابيح في تفسير القرآن العظيم) للحسين بن علي المعروف بالوزير المغربي (ت 418 ه) من أوّل سورة الفاتحة إلى آخر سورة الإسراء ، وهي دراسة وتحقيق مقدّم لنيل درجة الدكتوراه للأستاذ عبد الكريم بن صالح بن عبد الله الزهراني وبإشراف الدكتور علي بن محمّد الحازمي في جامعة أمّ القرى في مكّة المكرّمة (1421 ه/2000م) في مجلّدين وفي 839 صفحة.

والدكتور عبد الكريم بن صالح بن عبد الله الزهراني من مواليد (1388 ه) في قرية النصباء (محافظة المندق) في المملكة العربية السعودية ، لقد حصل سنة (1410 ه) على شهادة البكلوريوس في اللغة والأدب العربي من الجامعة الإسلامية في المدينة المنوّرة ، وفي سنة (1417 ه) حصل على شهادة الماجستير ، وفي سنة (1421 ه) حاز على شهادة الدكتوراه في نفس

ص: 362

المادّة من جامعة أمّ القرى ، وهو الآن أستاذ المطالعات العربيّة والإسلامية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في الظهران في المملكة العربية السعودية(1).

إنّ رسالة الدكتوراه للدكتور عبد الكريم الزهراني عبارة عن مجلّدين ضخمين في 839 صفحة احتوت على تصحيح متن تفسير المصابيح ، وفهرسة الأعلام والأماكن ، وفهرسة لمصادر التحقيق.

كما خصّص في أوّل الرسالة شطراً من بحثه في دراسة ترتبط بالوزير المغربي تناولت حياته ، وتأليفاته ، ومشايخه ، كما تناولت التعريف بهذا التفسير ووصف النسخ التي حصل عليها والخصائص الكلّية للتفسير ، ومن الواضح أنّ الزهراني في بحثه وتحقيقه هذا كان أفضل من عمر إسماعيل وذلك لاعتبارات عدّة :

أوّلاً : لقد توفّر لديه نسختين من التفسير وهي عبارة عن النسخة (ألف وب) حيث تعدّ النسخة (الف) أفضل بكثير من النسخة (ب) من مكتبة چستربيتي.

ثانياً : يبدو جليّاً منه أنّه كان مطّلعاً على الخطأ الذي وقع في نسخة چستربيتي من نسبتها لابن كيسان فلم ينسبها إليه قط.

ثالثاً : لقد زوّد أكثر من نصف رسالته بحواش وتعليقات اشتملت على توضيحات لها علاقة بالشخصيّات ، والروايات ، والمنقولات التفسيرية ، tm

ص: 363


1- هذه المعلومات موجودة في الصفحة الخاصّة به على شبكة الانترنيت ضمن صفحة جامعة الملك فهد للبترول والمعادن : http://faculty.kfupm.edu.sa/IAS/akareem/cv.htm

وشرح الأبيات ، وتراجم الشعراء وغيرها ، حيث لم يتمّ في رسالة عمر إسماعيل هذا الكم من البحوث.

إلاّ أنّ رسالة الدكتوراه للاستاذ عبد الكريم الزهراني قد اشتملت هي الأخرى على نواقص وهفوات كثيرة في تصحيح وتحقيق المصابيح في تفسير القرآن.

ومن المؤسف أنّ عدم إتقان المصحّح وأخطاءه أدّت إلى تشويش وتشتّت فكر القارىء في بعض الأحيان ؛ وسوف نتناول هنا بعض النماذج من الاشكالات التي ترد على تصحيحه.

وعلى الرغم من أنّ الرسالة قد مرّ على مناقشتها أربعة عشر عاماً إلاّ أنّها لم تنشر رسمياً ولم تطبع بعد ، ولكنّها موجودة على العديد من صفحات الإنترنيت(1) ، فإنّ هذا الأمر بذاته كان مدعاة لضرورة الإشارة إلى تلك الإشكالات.

1) إنّ الدكتور عبد الكريم الزهراني لا يعتقد كون مؤلّف المصابيح في تفسير القرآن شيعيّ المذهب بل يعدّه مثل الإمام النسائي سنّيّاً محبّاً لأهل البيت(2).

في حين أنّ هذا الكلام غير صحيح ؛ لأنّ الوزير المغربي نَسَباً هو سبط النعماني صاحب كتاب الغيبة ، مضافاً إلى ذلك أنّ مجالساته لعلماء الشيعة في بغداد مثل السيّد المرتضى وغيره تدلّ بوضوح على تشيّعه ، هذا وإنّ أقدم الرجاليّين الشيعة مثل النجاشي قد صرّحوا بأنّ الوزير المغربي كان شيعيّاً ، 0.

ص: 364


1- http://elibrary.mediu.edu.my/books/MAL 11176. pdf (
2- رسالة الدكتوراه : 40.

وكثيراً ما استفاد المفسّرون الشيعة من تفسيره مثل التبيان ومجمع البيان وروض الجنان وأمثالها حيث كان لها الحظّ الأوفر منه.

وبالرغم من أنّه قد استفاد من المواضيع والمضامين المختلفة في التفاسيرالشيعية مثل روايات الصادقين عليهما السلام وكذلك السنّية مثل الطبري والواقدي وعمر بن شبه ومقاتل ، والمعتزلة مثل الجبائي والرّماني والبلخي وأبو مسلم الإصفهاني ، وحتّى أهل الكتاب كان يستفيد من آرائهم ، إلاّ أنّه في بيان وتفسير الآيات التي وقع النزاع فيها بين الشيعة والسنّة وكانت بينهم اختلافات أدبية وفقهية وكلامية فإنّه كان يدافع عن وجهة نظر الشيعة بقوّة ويأخذ بآرائهم ، وذلك مثل آيات الوضوء (المائدة : 6) والمتعة (النساء : 24 ، البقرة : 196) والرجعة (البقرة : 56) والخمس والأنفال (الأنفال : 41) وأمثالها.

2) إنّ الدكتور عبد الكريم الزهراني لم يكن لديه أيّ اطلاع عن الكثير من المصادر التي اعتمدها الوزير المغربي في تفسيره ؛ فلذلك نراه في بعض الأحيان يتغافل عن بعض المصادر ، وفي أحيان أُخرى كان يخطىء في إحالاته إلى مصادر أُخرى اشتباهاً منه ، وإنّ واحداً من أهمّ تلك الاشتباهات هو أنّ الوزير المغربي كثيراً ما كان ينقل عن الإمام الباقر عليه السلام والذي يذكره بعنوان (أبي جعفر) وكان يردفه في أغلب الأحيان بتحية عليه السلام في حين أنّ الزهراني لم يُشر في تعليقاته إلى (الإمام الباقر عليه السلام) بل ردّ في مقدّمته تشيّع الوزير المغربي ، وقد ادّعى - من غير دليل - أنّ عبارة عليه السلام إنّما هي زيادة من الناسخ ، في حين أنّ كثيراً من هذه الروايات المذكورة في تفسير المصابيح يمكن العثور عليها في المصادر الروائية والتفسيرية الشيعية القديمة التي غفل وأعرض الزهراني عنها جميعاً ، وقد أخطأ خطأً فاحشاً عند

ص: 365

ما علّق عليها بأنّ المراد من (أبي جعفر) في هذه الروايات هو الطبري.

فعلى سبيل المثال : علّق على رواية الوزير المغربي التي ذكرها في سياق آية (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتاً أَوْ نَهَاراً)(1) والرواية هي : «قال أبو جعفر : عذاب ينزل في آخر الزمان على فسقة أهل القبلة ، نعوذ بالله منه» فقد علّق عليها الزهراني في مقام التصحيح قائلاً : «لم أقف على هذا القول»(2) فمن الطبيعي أنّه لم يقف عليه لأنّ مثل هذا المضمون الروائي قد جاء فقط عن أبي الجارود عن الإمام الباقر عليه السلام ، ويمكن العثور عليه في المصادر التي جاءت قبل وبعد الوزير المغربي(3).

3) لقد غفل الدكتور عبد الكريم الزهراني عن التأثير الواضح الذي تركه هذا التفسير على التفاسير الشيعية ، في حين نراه أنّه قد اكتفى بذكر ما اقتبسه بيان الحقّ محمود بن أبي الحسن النيشابوري (ت بعد 553 ه) صاحب تفسير إيجاز البيان عن معاني القرآن وأبو حيّان الغرناطي (ت 745 ه) مؤلّف البحر المحيط ، في حين أنّ مجموع ما ذكره من اقتباسهما من الوزير المغربي هو 5 أو 6 موارد حيث ذكر ذلك في مقدّمة كتابه وفي بعض تعليقاته ، ولكن في الجانب الآخر لم يذكر شيئاً عن اقتباس التفاسير الشيعية من تفسير الوزير المغربي مثل التبيان (للشيخ الطوسي) ، مجمع البيان (للطبرسي) ، وروض الجنان (لأبي الفتوح الرازي) ، والحال أنّ التبيان هو أوّل من نقل من المصابيح الكثير من النصوص والمضامين التفسيرية ، حيث 0.

ص: 366


1- سورة يونس : 50.
2- رسالة الدكتوراه : 55.
3- تفسير القمّي 1/312 ، التبيان 5/390.

أخذت طريقها منه إلى سائر التفاسير فيما بعد(1) ، مضافاً إلى ما ذكرنا فإنّنا عند المقارنة بين متن تفسيري المصابيح (للوزير المغربي) والتبيان (للشيخ الطوسي) ، يتبيّن لنا أنّ هناك العديد من آراء الوزير المغربي ذكرت في تفسير التبيان بالمعنى والمضمون من دون التصريح بإسمه ، فإنّ الزهراني لم يأخذ جميع هذه الأمور بنظر الاعتبار ، وذلك لعدم اطّلاعه على مصادر الشيعة ، بل أكثر من ذلك فإنّه لم يذكر شيئاً في ترجمة المغربي ومؤلّفاته نقلاً عن المصادر الشيعية المهمّة لأصحاب التراجم من الشيعة.

4) إنّ بعض الإضافات والتعليقات التي قام بها الزهراني في تفسير المصابيح خارجة عن الموضوع ، بل أنّها كانت في بعض الأحيان سبباً في ).

ص: 367


1- انظر إلى بعض النماذج من كتاب التبيان في تفسير القرآن للشيخ الطوسي (385 - 460 ق) (1/49 ،59 ،129 ،281 ،309 ،318 ،389 ،403 ،446 ،465 ، و2/275 ، 348 ، 374 ،573 ،و3/22 ، 31 ،104 ،136 ،204 ، 216 ، 231 ، 241 ، 256 ، 299 ، 304 ،320 ،331 ،366 ،392 ،409 ،416 ،419 ،424 ،449 ،546 ،559 ،580 ، و4/11 ، 27 ،41 ، 52 ، 72 ، 128 ،157 ، 213 ، 228 ، 238 ، 277 ، 312 ،318 ،379 ،384 ، و5/123 ، 203 ،208 ،346) ، وفي مجمع البيان للطبرسي (468 - 548 ق) (1/283 ،380 ، و2/684 ،862 ، و3/28 ،87 ،96 ، 104 ،146 ،149 ،180 ، 239 ،314 ،325 ،340 ،402 ، و4/451 ،595 ،635) ، وفي فقه القرآن للقطب الراوندي (ت 573 ق) (1/13 ،113 ،116 ،224 ،304 ،336 ، و2/99 ،225 ،337) ، وفي روض الجنان لأبي الفتوح الرازي (القرن السادس) (5/279 و6/20 ،117 ،221 ، 225 ،267 ،410 ، و7/19 ،123 ، 319 ، 415 ، و8/166) ، وفي متشابه القرآن ومختلفه لابن شهرآشوب (489 - 588 ق) (1/141 ، و2/114) ، وفي نهج البيان عن كشف معاني القرآن لمحمّد بن الحسن الشيباني (ت 640 ق) (1/164 ، 313 ، و2/128 ،307) ، وفي كنز العرفان في فقه القرآن للفاضل مقداد (ت حدود 826 ق) (2/121).

تغيير كلام الوزير المغربي وما يرمي إليه ؛ كما في تفسير سورة يوسف فقد ذهب رأي الوزير المغربي في تفسير الآية (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ) إلى أنّ جواب الآية قد جاء بعد ثلاث آيات ، فإنّ عبارة الوزير المغربي في غاية الوضوح وصريحة جدّاً حيث قال : «(فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ) جوابه (قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً) فلمّا ذهبوا به فعلوا وفعلوا ، قال : بل سوّلت لكم أنفسكم أمراً» ؛ فقد تدخّل المصحّح هنا في عبارة المؤلّف وزاد فيها كلمة ليقول إنّ ما يرمي إليه الوزير المغربي هو أنّ جواب (لمّا) محذوف ، لذلك غيّر المصحّح المتن على النحو التالي : «(فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ) جوابه محذوف (قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً) ، فلمّا ذهبوا به فعلُوا وفعلُوا ، قال : بل سوّلت لكم أنفسكم أمراً» ، وأضاف في أسفل الصفحة قوله : «ما بين القوسين زيادة يقتضيها السياق ، وهو رأيُ أهل البصرة أنّ الجواب محذوف» ، والحال أنّ نسخ تفسير الوزير المغربي لا تحتوي على مثل هذه الكلمة ، وإنّ سياق عبارة الوزير المغربي تبيّن بوضوح أنّه أراد أنّ عبارة (قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ ...) إنّما هي جاءت في جواب (لمّا).

وعندما يذكر الوزير المغربي رأياً كلاميّاً أو أدبيّاً أو تاريخيّاً لم يرق للمصحّح ذلك الرأي يبادر إلى ردّه ، بل في بعض الأحيان يذكر رأي ابن تيمية في المسألة ويرجّح رأيه (كما في تفسير آية الاستهزاء في سورة البقرة الآية 14) ، في حين كان حريّاً به أن يراجع المصادر التي اعتمدها الوزير المغربي ومقارنتها مع رأي الوزير.

مثلاً في تفسير الآية (لاَتُدْرِكُهُ الأبْصَارُ) فقد ذكر الوزير المغربي أنّه حتّى في الإنجيل هناك ما يؤيّد بطلان رؤية الله ومن ثمَّ قال : «وليس دليل

ص: 368

العقل ولا السمع في نفي الرؤية محتاجاً إلى ما يعضده من الإنجيل ، إلاّ أنّ ورود مثله فيه يزيد في خجل المقلِّدين ممّن يجوّز الرؤية على الله تعالى (جلّ جلاله)» ، عندها لم يطق المصحّح (عبد الكريم الزهراني) ذلك وقد علّق على ذلك قائلاً : «رؤية الله تعالى متحقّقة بالنصوص الشرعية التي تدلّ على ذلك ، وأمّا في الآية فلا يدلّ على نفي الرؤية ، فليس معنى (لا تدركه الأبصار) بمعنى لا تراه ؛ لأنّ الشيء قد يرى الشيء ولا يدركه ، ويدركه ولا يراه ، ومعنى الآية : لا تحيط به الأبصار ؛ لأنّ الإحاطة به غير جائزة!».

النموذج الآخر هو التلاعب في أصل المتن بتغيير بعض الكلمات حسب ما يبدو للمصحّح ويروق له كما حدث ذلك في أوّل سورة النساء :

«الحوب : الإثم ، يقال : حاب يَحوبُ حُوباً. والحَوبُ : الإسم». فقد جاءت كلمة (الاسم) مكرّرة في ثلاث نسخ خطّية من تفسير المصابيح وإنّ معناها واضح ، ولكن المصحّح (الدكتور عبد الكريم الزهراني) اجتهد بنفسه ولم يعر أيّ أهمّية للنسخة وغيّرها وكتب ما يلي : «الحوب : الإثم ، يقال : حاب يحوب حُوباً. والحوبُ : الإثمُ». ولم يعتن ولم يتساءل لماذا الوزير المغربي في مثل هذا التفسير المختصر قد كرّر عبارة «الحوب : الإثم» مرّتين.

5) إنّ أهمّ ما يرد من إشكال على تصحيح متن التفسير في رسالة الدكتوراه للدكتور عبد الكريم الزهراني هو أنّه كراراً ما اشتبه في قراءة النسخة الخطّية ، فلذا نراه في بعض الأحيان يزوّد القارئ بتوضيحات جاءت في الهامش ليبيّن له - بتكلّف - سبب غموض المتن ، علماً بأنّ بعض الأخطاء التي وقعت منه في قراءة النسخة لم يكن لها ذاك الأثر الكبير في تغيير المعنى في بعض الأحيان (مثلاً ذكر متأرجحاً عوضاً عن مترجِّحاً ، وذكر القصد عوضاً

ص: 369

عن المقصد) ، ولكن في أحيان أخرى أحدث تغييراً كلّياً في متن التفسير بحيث قدّم للقارئ عبارات خاطئة ؛ وأُشير في هذا المضمار إلى بعض الأخطاء التي وقع فيها :

وأن تُلبِسَنا مِن قولِك ما يَكُونُ زُلفَةً في العَاجِلَةِ وذِمَّةً في الآجَل (ص94).

وأن تُلبِسَنا مِن قبولِك ما يَكُونُ زينَةً في العَاجِلِ وذِمَّةً في الآجَل (صحيح).

إنّني لَم أكُن أكرّ فيه كَرَّةً إلاّ استَسِرُّ فيها قَلبي في كُلِّ مَوقِف (ص95).

إنّني لَم أكُن أكرّ فيه كَرَّةً إلاّ استَشرف لقَلبي في كُلِّ مَوقِف (صحيح).

استَسِرُّ فيها قَلبي في كُلِّ مَوقِف أجسُرُ عليه عنانَ الفِكرَةِ (ص95).

استَشرف لقَلبي في كُلِّ مَوقِف أحبسُ عليه عنانَ الفِكرَةِ (صحيح).

ليكونَ النَّفعُ تَامّاً والقصدُ عامّاً (ص 95).

ليكونَ النَّفعُ عامّاً والمقصدُ تَامّاً (صحيح).

فَلمَّا كَان رُجُوعُ الاسْتِهزَاءِ يَظهَرُ مَع عِقَاب الذنوب نَسَبَ الاسْتِهْزَاءَ إليْهِ (ص105).

فَلمَّا كَان رُجُوعُ الاسْتِهزَاءِ اليهم يَظهَرُ مَع عِقَاب الله تعالى نُسِبَ

ص: 370

الإسْتِهْزَاءَ إليْهِ (صحيح).

فَلَمّا اسْتبدل قَولَ الكُفْرِ بالإيمانِ الَّذي فَطَرَهُم اللهُ عَلَيهِ قِيل : (اشْتَرَوُا) (ص106).

فَلَمّا اسْتبدلوا قَولَ الكُفْرِ بالإيمانِ الَّذي فَطَرَهُم اللهُ عَلَيهِ قِيل : (اشْتَرَوُا) (صحيح).

ومَعْنى يُمْهِلهم وهُم في حَال طُغْيانِهِم تَأنيباً بِهِمْ ، وَإنْظَاراً لَهُم (ص105).

ويعْني إنَّهُ يُمْهِلهم وهُم في حَال طُغْيانِهِم تَأنِّياً بِهِمْ ، وَإنْظَاراً لَهُم (صحيح).

لأنَّ الغَبن في الشِّرَاء أقْبَح وضرب (ص107).

لأنَّ الغَبن في الشِّرَاء أقْبَح وأفضَح (صحيح).

وضَرَبَ اللهُ الإضَاءَةَ والإِظْلامَ مَثلاً لِدُخُولِهم في الإسْلام تَفرقةً وإجمالاً ، ثُم خُروجُهُم مِنهُ بِالنّفَاق (ص107).

وضَرَبَ اللهُ الإضَاءَةَ والإِظْلامَ مَثلاً لِدُخُولِهم في الإسْلام تَعزّزاً وَإجْلالاً ، ثُم خُروجُهُم مِنهُ بِالنّفَاق (صحيح).

وتبدَّلت إلى اليَهُود الَّذِينَ كَانُوا يَتَمَنَّونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله ،

ص: 371

فَلَمَّا بُعِثَ كَفَرُوا بِهِ (ص107).

وقيلَ نزلَت في اليَهُود الَّذِينَ كَانُوا يَتَمَنَّونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله ، فَلَمَّا بُعِثَ كَفَرُوا بِهِ (صحيح).

وقِيل اللَّوْنُ وَاحِدٌ ، وَالطَّبع مُختَلِفٌ (ص110).

وقِيل اللَّوْنُ وَاحِدٌ ، وَالطَّعمُ مُختَلِفٌ (صحيح).

وَلَولا المَعَاني لَمْ يَكُنْ في الأسْمَاءِ مقالةٌ (ص116).

وَلَولا المَعَاني لَمْ يَكُنْ في الأسْمَاءِ مُؤَدّاةٌ (صحيح).

وَقِيل : تَخْلطُوا الصَّدْقَ بالكَذِب عَن ابن عبّاس (ص125).

وَقِيل : يَخْلطُون الصَّدْقَ بالكَذِب عَن ابن عبّاس (صحيح).

قَال : يَكْتُمُونَ مُحَمَّداً وَ هُو يَجِدُونَهُ عِنْدَهُم (ص125).

قَال : يَكْتُمُونَ مُحَمَّداً وَ هُم يَجِدُونَهُ عِنْدَهُم (صحيح).

وَقِبْلَتُهُمُ الكَعبَةُ وَلَهُمْ تَحِلُّ ذَبائح (ص143 - 144).

وَقِبْلَتُهُمُ الكَعبَةُ وَلَهُمْ صومٌ وذَبائحُ (صحيح).

وَإلى إيجابِ الذِّمَّةِ لَهُمْ وَأخْذِ الجِزْيَةِ لِتَنْكِيل وَبِذلِك كَانَ السدّي وَأبو العالية يَقولان (ص144).

ص: 372

وَإلى إيجابِ الذِّمَّةِ لَهُمْ وَأخْذِ الجِزْيَةِ أميلُ وَبِذلِك كَانَ السدّي وَأبو العالية يَقولان (صحيح).

على ذلك كلّ ما في الإنجيل من نسبة المسيح إلى النبوّة (ص571).

على ذلك كلّ ما في الإنجيل من نسبة المسيح إلى البنوّة (صحيح).

وَاسْتَعْلى مِنْ بارَان وَبَعْده (أمَاكن) وَفي الإِنْجِيلِ يذْكر النار فَلينظُر (ص469).

وَاسْتَعْلى مِنْ فارَان وَبَعْده (أمَاكن) وَفي الإِنْجِيلِ يذْكر الفارقليط (صحيح).

خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِم : شَهِدَ عَليهَا كَما يختمُ الشّاهِدُ حَقِيقَةً ، وَجُمْلَة الختمِ

أنّهُ اسْتِعَارةٌ ، فَليسَ لأحَد أن يَتَعَلّقَ مِنهُ بِتَأوُّل (ص 101 - 102).

خَتَمَ الله عَلَى قُلُوبِهِم : شَهِدَ عَليهَا كَما يختمُ الشّاهِدُ ، وَجُمْلَة الختمِ أنّهُ اسْتِعَارةٌ ، فَليسَ لأحَد أن يَتَعَلّقَ مِنهُ بِتَأوُّل حَقِيقَة (صحيح)

وقِيل : عَرَضَهُم كَمَا بَدَأ خَلْقَهُم (ص 116)

وقِيل : عَرَضَهُم بعد أن خَلَقَهُم (صحيح)

وَالْفُرْقان مَا فَرَّقَ بَيْنَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ ، وَقيلَ : هُوَ النَّصِيرُ (ص 133)

ص: 373

وَالْفُرْقان مَا فَرَّقَ بَيْنَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ ، وَقيلَ : هُوَ النَّصرُ (صحيح)

(وَما ظَلَمُونا) بِكُفْرهِمْ لِلنِّعَمِ (ص 137)

(وَما ظَلَمُونا) بِكُفْرِانهِمْ لِلنِّعَمِ (صحيح)

فَقالَ موسَى : أمَركُمْ اللهُ بِكَذا ، فَقال أولئك : بَل بِكَذا ، فَحَرَّفوا العِلم ، وخالَفوا موسَى فِيمَا أوْرَد (ص 155)

فَقالَ موسَى : أمَركُمْ اللهُ بِكَذا ، فَقال أولئك : بَل بِكَذا ، فَحَرَّفوا الكَلِم ، وخالَفوا موسَى فِيمَا أوْرَد (صحيح)

(لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إلاّ أمانِىَّ) أيْ لَيْس عِندَهُم إلاّ أنْ يَتَمَنَّوا أنْ تَكُونُوا مِنْ جُمْلَةِ اليَهود بِالاسْمِ وَالعدد (ص 156)

(لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إلاّ أمانِىَّ) أيْ لَيْس عِندَهُم إلاّ أنْ يَتَمَنَّوا أنْ يَكُونُوا مِنْ جُمْلَةِ اليَهود بِالاسْمِ وَالعدد (صحيح)

وكَانتْ زكاةُ أمْوالِهِم قُرباناً يَهْبِطُ إلَيهِ النَّار فَتأكُله (ص 159)

وكَانتْ زكاةُ أمْوالِهِم قُرباناً تَهْبِطُ إلَيهِ النَّار فَتأكُله (صحيح)

ص: 374

من ذخائر التراث

ص: 375

ص: 376

رسالة في

عدد أولاد أمير المؤمنين عليه السلام

من

الحديقة الغنّاء

للعلاّمة السيّد محمّد صادق بحر العلوم

المتوفى سنة (1399 ه)

تحقيق

عبد الرضا الروازق

ص: 377

ص: 378

مقدّمة التحقيق

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي لا يبلُغ مدحَته القائلونَ ، ولا يُحصي نعماءه العادّونَ ، ولا يُؤدّي حقَّه المجتهدونَ(1).

وصلّى الله على أنبيائه الذين استَودَعَهُم في أفضل مستودع ، وأقرّهم في خير مُستقرٍّ ، تناسختهم كرائمُ الأصلاب إلى مطهّرات الأرحام ، كلّما مضى منهم سَلَفٌ قام منهم بدين الله خَلَفٌ ، حتّى أفضت كرامة الله سبحانه وتعالى إلى محمّد (صلى الله عليه وآله) ، فأخرجهُ من أفضل المعادن منبتاً ، وأعزّ الأرومات مغرساً ، من الشجرة التي صدع منها أنبياءه ، وانتخب منها أمناءه(2).

وسلام الله على أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، أغصان تلك الشجرة المباركة 4.

ص: 379


1- نهج البلاغة : 39/ خ1.
2- نهج البلاغة : 139/ خ 94.

الطيّبة ، التي وصفها النبيُّ (صلى الله عليه وآله) لعليٍّ عليه السلام فقال له :

«يا عليُّ خلقتُ من شجرة وخلقتَ منها ، وأنا أصلها وأنت فرعها ، والحسن والحسين أغصانها ، ومحبّونا أوراقها ، فمن تعلّق بشيء منها أدخله الله الجنَّة»(1).

فرغبت التعلّق بإحدى أغصان تلك الشجرة النبوية المباركة ، لعلّي أحظى بثواب ربّي وأكون واحداً من أوراقها ، وذلك من خلال ما يمكن تقديمه من خدمة أو إظهار محبّة ، ولله درّ من قال :

ياحبّذا دوحة في الخلد نابتة

ما مثلها نبتت في الخلد من شجر

المصطفى أصلها والفرع فاطمة

ثمّ اللقاح عليٌّ سيّد البشر

والهاشميّان سبطاه لها ثمرٌ

والشيعة الورق الملتفُّ بالثمر

هذا مقال رسول الله جاء به

أهل الرواية في العالي من الخبر

إنّي بحبِّهم أرجو النجاة غداً

والفوز في زمرة من أفضل الزمر(2)

ولا شيء لديِّ أقدِّمه وأرجوا ثوابه سوى تحقيق جزء بسيط من الحديقة الغنّاء ، وهي نسخة خطّية قيّمة للعلاّمة الكبير المرحوم السيّد محمّد صادق بحر العلوم طاب ثراه ، كتبها بخطّه الشريف ، وبقلمه الجميل ، وأضاف عليها بعض التعليقات في هوامش وحواشي صفحاتها ، وهي مودعة لدى ي.

ص: 380


1- ينابيع المودّة 2/268.
2- الشاعر هو أبويعقوب البصري أو البصراني ، بشارة المصطفى(صلى الله عليه وآله) لشيعة المرتضى عليه السلام 76/8 ، وفي الغدير 3/8 النصراني.

مكتبة العتبة العلوية المقدّسة.

تضمّ النسخة عدداً من المواضيع المتفرِّقة ، والمختلفة عن بعضها البعض ، ومن هنا يمكننا أن نعدَّها كشكولاً.

ومن بين المواضيع هي هذه الرسالة الصغيرة في عدد أولاد الإمام مولى الموحّدين ، أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، مع أزواجه وأصهاره رضي الله عنه ، وبما أنّني لم أعثر على نسخة اُخرى للرسالة في باقي المكتبات العامّة ، فتكون هي النسخة الوحيدة التي اعتمدتها في التحقيق.

وقد قدّم المرجع الديني الكبير ، المرحوم آية الله العظمى السيّد محسن الحكيم قدس سره للسيّد بحرالعلوم ، وأثنى عليه بأجمل ثناء.

حياته :

السيّد محمّدصادق ، ابن السيّد حسن ، ابن السيّد إبراهيم ، ابن السيّد حسين ، بن الرضا ، ابن السيّد بحرالعلوم.

ولد في النجف الأشرف في العشرة الأولى من ذي القعدة سنة (1315 ه. ق) ، ونشأ على أبيه - مفخرة العلم والأدب - وأخذ بعض المقدّمات البدائية على فضلاء عصره المختصّين. كالعلاّمة الكبير السيّد مهدي ابن السيّد محسن بحر العلوم ، والعلاّمة الشيخ شاكر بن أحمد البغدادي ، والفقيه السيّد محسن القزويني ، والشيخ الميرزا أبوالحسن المشكيني ، والشيخ ميرزا فتاح التبريزي ، والسيّد محمود الشاهرودي والشيخ محمّد علي الخراساني الكاظمي ، والشيخ

ص: 381

إسماعيل المحلاّتي ، والشيخ محمّد حسن المظفّر.

وحضر بحثَي الآيتين الحجّتين : الميرزا النائيني ، والسيّد أبوالحسن الأصفهاني ، كما وأخذ علم التفسير على الحجّة المجاهد الإمام البلاغي قدس سره ، وعلم الدراية والحديث على الحجّة المقدّس الشيخ أبو تراب الخوانساري النجفي رحمهم الله جميعاً.

وفي سنة (1353 ه. ق) سافر إلى ربوع سوريّا ولبنان ، وله هناك مع كبار علمائها مناقشات علمية ، ومساجلات أدبية.

ثمّ رجع إلى النجف في أواخر سنة (1354 ه. ق) فحضر درس الإمام آية الله العظمى الحكيم قدس سره وفي سنة (1367 ه. ق) عيّن من قبل الدولة العراقية قاضياً للشرع في محافظة العمارة ، ثمّ نقل إلى البصرة لكفاءته العلمية ولطلب من أهلها. ثمّ رجع إلى النجف سنة (1380 ه. ق) ليزاول نشاطه العلمي وتحقيقاته وتأليفاته القيّمة.

أجازه - رواية - كثير من فطاحل العلماء والباحثين ، وروّاد الحديث أمثال : السيّد محسن الأميني ، والسيّد حسن الصدر ، والسيّد أبوتراب الخوانساري ، والحجّة النائيني ، والشيخ أسد الله الزنجاني ، والشيخ ميرزا هادي الخراساني الحائري ، والشيخ ميرزا محمّد الطهراني ، والحجّة الثبت الشيخ (آغا بزرگ الطهراني) ، وعمّه السيّد جعفر بحر العلوم ، والسيّد ناصر حسين اللكهنوي.

ص: 382

أمّا مؤلّفاته :

المطبوعة : دليل القضاء الشرعي : أصوله وفروعه طبع بثلاثة أجزاء ضخام.

والمخطوطة منها : المجموع الرائق ، الشذور الذهبية ، الإجازات الروائية ، تعليقة على كتاب كشف الظنون للچلبي ، تعليقة على كتاب مكاسب الأنصاري ، تعليقة على فرائد الأصول للأنصاري ، تعليقة على كفاية الأصول للآخوند ، الدرر البهية في علماء الإماميّة ، الصكوك الشرعية.

كما حقّق السيّد المصنّف الكثير من المطبوعات منها : تاريخ الكوفة للبراقي ، تاريخ أحمد بن أبي يعقوب ، كتاب الحجّة على الذاهب لتكفير أبي طالب ، شذور العقود في ذكر النقود للمقريزي ، فرق الشيعة للنوبختي ، شرح ديوان شيخ الأبطح أبي طالب ، كتاب البلدان لليعقوبي ، عمدة الطالب في الأنساب للداودي ، فهرست الشيخ الطوسي ، رجال الشيخ الطوسي وغيرها. وللمؤلّف مكانة سامية في الأوساط العلمية ، وتأييداً بالغاً في عالم التحقيق والتأليف ، حيث شخصيّته العلمية ، ومكتبته الضخمة ، والحديقة الغنّاء واحدة من تلك المؤلّفات القيّمة(1).

منهجية التحقيق :

كما هو معروف عند تحقيق النسخة الخطّية ، يبدأ أوّلاً في مقابلة النسخ 2.

ص: 383


1- رجال السيّد بحر العلوم 1/172.

المتوفّرة مع نسخة الأصل والمطبوع منها ، وتحديد التفاوت الموجود بين النسخ ، ثمّ اختيار الأنسب عند تقويم النصّ.

وبما أنّني لم أحصل إلاّ على نسخة واحدة ، فقد قابلتها مع المطبوع منها ، ثمّ قمت باستخراج الأحاديث الواردة عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) والأئمّة المعصومين عليهم السلام ، وكذلك الأقوال الصادرة عن العلماء ، وإرجاعها إلى مصادرها الأصلية ، وضبط النصِّ وإخراجه بهذا الشكل الموجود.

أقدّم هذا الجهد المتواضع إلى سيّدي ومولاي أبي الأحرار الإمام الحسين عليه السلام ، في ذكرى أربعينيّته راجياً شفاعته وشفاعة أبنائِه الطيّبين الطاهرين ، يوم لا ينفع مال ولا بنون.

ص: 384

صورة

ص: 385

صورة

ص: 386

صورة

ص: 387

صورة

ص: 388

عدد أولاد الإمام أميرالمؤمنين

عليّ بن أبي طالب عليه السلام

أولاده عليه السلام كثيرون ، وقد اختلف المؤرّخون في عددهم ذكوراً وإناثاً ، وإنّا نذكر من وصلت إليه يد التتبّع.

الأوّل والثاني : الحسن والحسين عليهما السلام ، وأمّهما الصدّيقة فاطمة الزهراء عليها السلام بنت النبي محمّد (صلى الله عليه وآله).

الثالث : زينب الكبرى زوجة عبدالله بن جعفر ، تكنّى أُمّ الحسن ، وهي شقيقة الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام ، ويكفي في جلالة قدرها ونبالة شأنها ما ورد في بعض الأخبار من : أنّها دخلت يوماً على الحسين عليه السلام وكان يقرأ القرآن ، فوضع القرآن على الأرض وقام لها إجلالا(1).

الرابع : محسن السّقط ، قال المفيد رحمه الله في الإرشاد : «وفي الشيعة من يذكر أنّ فاطمة عليها السلام أسقطت بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله) ذكراً كان سمّاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) - وهو حمل - محسناً ، فعلى قول هذه الطائفة أولاد أمير المؤمنين عليه السلام ثمانية 1.

ص: 389


1- فاطمة بهجة قلب المصطفى 643 نقلا عن تحفة العالم للسيّد جعفر بحر العلوم رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ : 161.

وعشرون ولداً»(1).

وهذا الكلام من المفيد رحمه الله ، يعطي عدم اعترافه بحديث محسن وسقوطه ، مع أنّه مشهورٌ لدى المؤرّخين والنسّابين(2) ، فراجع وتأمّل.

الخامس : أمّ كلثوم ، تزوّجها عمر ، وهي شقيقة الحسن والحسين وزينب ومحسن المذكورين ، أمّا حديث تزوّج أمّ كلثوم بعمر فينكره بعض المؤرّخين ، وقد كتب الأعلام رسائل في قصّة تزويجها عديدة طبع بعضٌ منها ، منها رسالة للشيخ المفيد رحمه الله ، ورسالة للسيّد المرتضى علم الهدى رحمه الله ، فقال فيها من جملة كلام له : «... وأمّا الكلام في إنكاح فلان (أي عمر بن الخطّاب) فقد تقدّم أنّ العقل لايمنع ... ، وأنّ فعل أمير المؤمنين عليه السلام أقوى حجّة وأوضح دليل.

وهذه الجملة كافية لو اقتصرنا عليها ، لكنّا نقول : إنّ أمير المؤمنين عليه السلام لم ينكح فلاناً مختاراً ، بل مكرهاً وبعد مراجعة وتهديد ووعيد ، وقد ورد الخبر بأنّه : (راسله يخطب إليه فدفعه عن ذلك بأجمل دفع ، فاستدعى فلانٌ العبّاس بن عبدالمطّلب رضي الله عنه وقال ما قال : أبي بأس ، فقال له العبّاس : وما الذي اقتضى هذا القول؟ قال : خطبت إلى ابن أخيك بنته فدفعني ، وهذا يدلّ 2.

ص: 390


1- الإرشاد 1/355.
2- تاريخ اليعقوبي 2/213 ، المناقب لابن شهرآشوب 3/358 ، الكامل في التاريخ 3/397 ، أنساب الأشراف 2/411 ، الإصابة لابن حجر 3/471 ، ميزان الاعتدال 1/139 ، تاريخ الطبري 5/153 ، الخصال : 634 ، القاموس المحيط 2/55 ، الكافي 6/18/2.

على عداوته لي ونبوّه(1) عنّي ، والله لأفعلنّ كذا وكذا) ، وإنّما كنّينا عن التصريح بالوعيد الذي روي ؛ لفحشه وقبحه وتجاوزه كلّ حدّ ، فالألفاظ مشهورة في الرّواية معروفة ، (فعاد العبّاس رحمه الله إلى أميرالمؤمنين عليه السلام فعاتبه وخوّفه ، وسأله زواج الإبنة إليه ، فقال له : إفعل ما شئت ، فمضى وعقد عليها)(2) ، ومع الإكراه والتّخويف قد تحلّ المحارم كالخمر والخنزير.

وروي : أنّ أبا عبدالله الصادق عليه السلام سُئل عن ذلك ، فقال عليه السلام : (ذاك فرجٌ غُصبنا عليه)(3).

وبعد : فإذا كانت التّقيّة وخوف المخارجة وقطع مادّة المظاهرة ممّا حمل مجموعه وتفصيله أمير المؤمنين عليه السلام على بيعة من جلس في مقعده واستولى على حقّه وإظهار طاعته والرّضا بإقامته وأخذ أعطيته فأهون من ذلك إنكاحه ، فما النكاح بأعظم ممّا ذكرنا ، وإذا حسّن العذر هذه الاُمور كلّها ولولاه كانت قبيحةً محظورةً فكذلك العذر بعينه قائمٌ في النكاح.

وبعد ؛ فإنّ النّكاح أخفّ حالا وأهون خطباً من سائر ما عدّدنا ، لأنّه جائزٌ في العقول أن يُبيح الله تعالى إنكاح الكافر مع الإختيار ، فليس في ذلك وجهٌ قبيحٌ ثابتٌ لابدّ من حصوله.2.

ص: 391


1- في المنتظم لابن الجوزي : ثنّوه.
2- الوسائل 20/561 أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه الباب 12 ح 3 ، الكافي 5/346/2 ، مستدرك الوسائل 14/442 أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه الباب 10 ح 1 ، نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى : 129 / 332.
3- الكافي 5/346/1 ،2.

وليس يقبح في العقول مع الإيثار أو الإختيار أن يسمّى بالإمامة من لايستحقّها ، وأن يطاع ويُقتدى من لم يستكمل له شرائط الإمامة ، فإذا أباحت الضّرورة ما كان لا يجوز مع الإيثار والإختيار [في القول إباحته ، كيف لا تبيح الضرورة ما كان يجوز في العقول مع الإيثار في القول](1) استباحته ، ومن حمل نفسه من أصحابنا على إنكار هذه المصاهرة كمن حمل نفسه على إنكار كون رقيّة وزينب بنتي رسول الله (صلى الله عليه وآله) في دفع الضرورة والإشمات بنفسه أعداءه ، والتّطريق عليه لمن لايعلم حقائق الاُمور أنّه في كلِّ مذاهبه وإعتقاداته على مثل هذه الحالة التي لاتخفى على العقلاء صورة مرتكبها.

فأمّا من قال من جهّال أصحابنا أنّ العقد وقع ولكنّ الله عزّ وجلّ كان يعدل هذه المعقود عليها بشيطانة عند القصد إلى التمتّع بها ، فممّا يضحك الثكلى ؛ لأنّ المسئلة باقية في العقد لكافر ، سواءٌ تمتّع أو لم يتمتّع ، فما يعتذر به من إيقاع العقد لكافر على مؤمنة هو المطلوب منه ، فلا معنى لذكر المنع من التمتّع ، وكيف يبيح بالعقد المبيح للتمتّع من لا يجوز مناكحته لولا عقد النكاح له ، فإذا أباحه بالعقد الواقع التمتّع فكيف منعه ممّا يقتضيه العقد ، والمنع من العقد أولى من إيقاعه والمنع من مقتضاه ، وإنّما أخرج إلى ذلك العجز عن ذكر العذر الصحيح ، وهذه جملة مغنية عمّا سواها بإذن الله تعالى»(2).9.

ص: 392


1- ما بين المعقوفين من المنتظم ، جئنا به لاستقامة العبارة.
2- لم أعثر على الرسالة ونقل بعضها في رسائل الشريف المرتضى 3/148 - 150 ؛ ونقلها عنه كاملة ابن الجوزي في المنتظم 15/295 - 299.

إلى هنا انتهى ما ذكره السيّد المرتضى رحمه الله في قضية زواج عمر بأمّ كلثوم بنت الإمام أمير المؤمنين عليه السلام فراجع الرّسالة فإنّها ثمينة ، وقد كنت استنسخها عن نسخة صحيحة بخطّي في اليوم التّاسع عشر من شهر ذي الحجّة الحرام سنة (1359 للهجرة).

السادس : زينب الصغرى المكنّاة أمّ كلثوم الصغرى ، أمّها أمّ سعيد ابنة عمرو بن مسعود الثّقفي ، تزوّجها محمّد بن عقيل فأولدها أباعبدالله محمّداً ، ولكن ابن عنبة النسّابة في عمدة الطالب سمّاه عبدالله وكنّاه أبامحمّد(1) ، وكان فقيهاً محدّثاً جليلا ، وعدّه الشيخ الطّوسي في رجاله من أصحاب الصّادق عليه السلام(2) ، وجزم الترمذي في جامعه بصدقه ووثاقته وخرّج حديثه ، كما احتجّ به أحمد بن حنبل ، وإسحاق ، والحميدي ، والبخاري ، وأبوداوود ، وابن ماجة ، كما عن تهذيب التهذيب لابن حجر(3) فراجعه ، مات بعد سنة (40 للهجرة).

السّابع : محمّد ابن الحنفيّة المكنّى بأبي القاسم ، أمّه خولة بنت جعفر ابن القيس الحنفيّة ، أخبر النبيّ (صلى الله عليه وآله) به قبل ولادته وسمّاه باسمه وكنّاه بكنيته(4) ، وأخباره كثيرة ، وحكى ابن الكلبي عن خراش بن إسماعيل : «إنّ 6.

ص: 393


1- عمدة الطالب :49 / 18.
2- رجال الطوسي 265/688.
3- تهذيب التهذيب 6/15.
4- شرح الأخبار للقاضي النعمان 2/16.

خولة سباها قومٌ من العرب في خلافة أبي بكر فاشتراها اُسامة بن زيد بن حارثة ، وباعها من الإمام أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، فلمّا عرف أمير المؤمنين عليه السلام صورة حالها أعتقها وتزوّجها ومهرها»(1).

وكان محمّد ابن الحنفيّة أحد رجال الدّهر في العلم والزهد والعبادة والشجاعة ، وهو أفضل ولد عليّ بن أبي طالب عليه السلام بعد الحسن والحسين عليهما السلام ، وكانت وفاته سنة (81 من الهجرة) وله ستّون سنة ، وقيل سبع وستّون(2) ، وقد ألّف الفاضل الخطيب السيّد علي الهاشمي النجفي رسالة في حياته جمعت أخباره وطبعت بإيران سنة (1368 ه) في (165) صفحة.

الثامن : العبّاس الأكبر المعروف بقمر بني هاشم ، من فرط حسنه وجماله ، ويكنّى أباالفضل ، ويلقّب بالسقّا ؛ لأنّه استسقى الماء لأخيه الحسين عليه السلام يوم الطفّ ، وقُتل دون أن يوصله إلى المخيّم ، وقبره حيث استشهد ، وكان صاحب راية الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء ، قال أبوعبدالله الصادق عليه السلام : «كان عمّنا العبّاس بن عليّ عليه السلام نافذ البصيرة ، صلب الإيمان ، جاهد مع أبي عبدالله عليه السلام وأبلى بلاءً حسناً ، ومضى شهيداً ، ودمه في بني حنيفة»(3).

يقول ابن عنبة النسّابة في عمدة الطالب : «إنّه قُتل وله من العمر أربع 6.

ص: 394


1- بحار الأنوار 42/99 ، عن شرح نهج البلاغة 1/244 ، تذكرة الخواص : 263.
2- عمدة الطالب : 389 الهامش.
3- معالم أنساب الطالبيين في شرح سرّ الأنساب العلوية : 256.

وثلاثون سنة ، واُمّه أمّ إخوته عثمان وجعفر وعبدالله أُمّ البنين فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة ابن الوحيد بن كعب بن عامر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر ابن هوازن ، وأمّها ليلى بنت السهيل بن مالك ، وهو ابن أبي برّة عامر ملاعب الأسنّة ، بن مالك بن جعفر بن كلاب ، وأمّها عمرة بنت الطفيل بن عامر ، وأمّها كبشة بنت عروة الرحّال بن عتبة بن جعفر بن كلاب ، وأمّها فاطمة بنت عبدشمس بن عبد مناف وأمّها آمنة بنت وهب بن عمير بن نصر بن قعين بن الحارث بن ثعلبة بن ذودان بن أسد بن خزيمة»(1).

قال صاحب عمدة الطالب : «وعقب العبّاس قليل ، أعقب من ابنه عبيدالله ، وعقبه ينتهي إلى ابنه الحسن»(2) ..

وقال في محمّد ابن الحنفيّة أبي القاسم : «أنّه ولد أربعة وعشرين ولداً ، منهم أربعة عشر ذكراً.

قال الشيخ تاج الدّين محمّد ابن معيّة : بنو محمّد ابن الحنفيّة قليلون جدّاً ليس بالعراق ولا بالحجاز منهم أحد ، وبقيّتهم -إن كانت- فبمصر وبلاد العجم ، وبالكوفة منهم بيتٌ واحدٌ ، هذا كلام الشيخ تاج الدين ، فالعقب المتّصل الآن من محمّد من رجلين عليّ وجعفر قتيل الحرّة ، فأمّا ابنه أبو هاشم عبدالله الأكبر إمام الكيسانية ، وعنه انتقلت البيعة إلى بني العبّاس ، 5.

ص: 395


1- عمدة الطالب : 394.
2- عمدة الطالب : 395.

فمنقرضٌ»(1) وكان ثقة جليلاً من علماء التابعين ، روى عنه الزهري وأثنى عليه ، وعمرو بن دينار وغيرهما ، مات سنة (98 أو 99 للهجرة).

«أمّا جعفر بن محمّد ابن الحنفيّة وقتل يوم الحرّة ، حين أرسل يزيد بن معاوية مسلم بن عقبة المرّي المشهور بمسرف لقتل أهل المدينة المشرّفة ونهبهم ، وفي ولده العدد فعقبه من عبدالله وحده»(2).

«وأمّا عليّ بن محمّد ابن الحنفيّة - وهو الأكبر - فمن ولده أبومحمّد الحسن بن علي المذكور ، وكان عالماً فاضلاً ادّعته الكيسانيّة إماماً ، وأوصى إلى ابنه عليّ فاتّخذته الكيسانية إماماً بعد أبيه»(3) ، هذا ما ذكره إبن عنبة النسّابة في عمدة الطالب ، فراجعه.

التاسع : عبدالله الأكبر ، استشهد في واقعة الطفّ مع أخيه الحسين عليه السلام.

العاشر : جعفر الأكبر ، يكنّى بأبي عبدالله ، استشهد في وقعة الطفّ.

الحادي عشر : عثمان الأكبر ، استشهد مع أخيه الحسين عليه السلام في الطفّ.

الثاني عشر : العبّاس الأصغر ، وقد ذكره غير واحد من أرباب التّواريخ ، قال صاحب ناسخ التّواريخ (الفارسي) ما تعريبه : إنّ بعض العلماء زعم أنّ العبّاس بن علي استشهد في الليلة العاشرة ، مع أنّ أكثر السير يذكرون شهادته في يوم عاشوراء ؛ وذلك لأنّ في أولاد أمير المؤمنين عليه السلام عبّاسين الأكبر 2.

ص: 396


1- عمدة الطالب : 390.
2- عمدة الطالب : 390.
3- عمدة الطالب : 392.

والأصغر ، والذي قتل في الليلة العاشرة هو الأصغر ، فإنّه سبق إلى طلب الماء فنال سعادة الشهادة في تلك الليلة.

ويدلّ على ذلك جملة من عبارات المؤرّخين من العامّة حيث عبّروا عن أبي الفضل بالعبّاس الأكبر ، كسبط ابن الجوزي في تذكرة خواصّ الأئمّة(1) ، والشبلنجي في نور الأبصار(2) ، والشيخ أحمد شهاب الدّين الشّافعي في وسيلة المآل في عدّ مناقب الآل(3) ، وهذا الشيخ من أكابر الشّافعيّة ، ترجم له السيّد علي خان المدني في سلافة العصر(4) ، وعدّه من مشايخ العلماء وأدباء مكّة ، وقد فرغ من تصنيف الكتاب المذكور سنة (1022 ه) ، وعدّه السيّد حامد حسين الهندي في عبقات الأنوار من أجود التّآليف(5).

وممّا ذكرنا يظهر ضعف قول من وصف أبا الفضل بأنّه : «كان شابّاً أمرد بين عينيه أثر السجود» كما في كتاب الدّمعة الساكبة(6) ؛ مع أنّك قد عرفت تصريح صاحب عمدة الطالب وغيره بأنّ العبّاس قتل وله من العمر أربع وثلاثون سنة(7) ، ولا ريب إذاً أنّ هذا الوصف إنّما هو للعبّاس الأصغر لا 4.

ص: 397


1- تذكرة الخواصّ : 57.
2- نور الأبصار : 114.
3- ورد مؤدّاه في أنساب الأشراف : 2 / 413 ، وأنساب الطالبيّين : 232.
4- سلافة العصر : 204.
5- عبقات الأنوار (ط- حجري) 3/333 ، نفحات الأزهار 5/245 حديث الولاية.
6- الدمعة الساكبة 4/322.
7- عمدة الطالب : 394.

الأكبر ، فلاحظ.

الثالث عشر : محمّد الأصغر ، أمّه أمّ ولد ، قتل بالطفّ.

الرابع عشر : أبو بكر ، لم يعرف له إسم ولعلّ اسمه كنيته ، وذلك معروف في الأسماء ، ولكنّ المفيد في الإرشاد سّماه محمّداً ووصفه بالأصغر(1) ، وهو من شهداء الطفّ ، أمّه ليلى بنت مسعود النهشلي ، ولعلّها هي التي قال عنها المفيد رحمه الله في رسالة المتعة ما لفظه : «وروى ابن بابويه بإسناده أنّ عليّاً عليه السلام نكح إمرأة بالكوفة من بني نهشل متعة»(2).

الخامس عشر : يحيى ، أمّه أسماء بنت عميس الخثعميّة ، توفّي في حياة أبيه.

السادس عشر : عون ، وهو شقيق يحيى ، واستشهد في الطفّ.

السابع عشر : عبيدالله ، وهو شقيق أبي بكر المتقدّم ، قتل في محاربة مصعب بن الزّبير مع المختار ، وقبره في المذار من سواد البصرة ، وأهل البطائح يعظّمونه ويزورون مرقده ، ومصعب كان يشنّع على المختار ويقول له : أنت قتلت ابن الإمام(3).

قال ابن إدريس الحلّي رحمه الله في مزار السرائر : «وقد ذهب شيخنا المفيد 6.

ص: 398


1- الإرشاد 1/354.
2- مصنّفات الشيخ المفيد 6 (رسالة خلاصة الإيجاز في المتعة) : 25 ، ونقلها عنه في الوسائل 21/10 أبواب المتعة الباب 1 ح 23.
3- مستدرك سفينة البحار 7/386.

في كتاب الإرشاد إلى أنّ عبيدالله ابن النهشليّة قتل بكربلاء مع أخيه الحسين عليه السلام ، وهذا خطأ محض بلا مِراء ، لأنّ عبيدالله ابن النهشليّة كان في جيش مصعب بن الزبير ، ومن جملة أصحابه ، قتله أصحاب المختار بن أبي عبيدة بالمذار ، وقبره هناك ظاهر ، والخبر بذلك متواتر ، وقد ذكره شيخنا أبو جعفر رحمه الله في الحائريّات لمّا سأله السائل عمّا ذكره المفيد في الإرشاد فأجاب بأن عبيدالله ابن النهشليّة قتله أصحاب المختار ابن أبي عبيدة بالمذار ، وقبره هناك معروف عند أهل تلك البلاد»(1) إنتهى ما ذكره ابن إدريس الحلّي رحمه الله.

وهذا القبر ذكره الحموي في معجم البلدان بمادّة (المذار) فقال : «والمذار في ميسان بين واسط والبصرة ، وهي قصبة ميسان بينها وبين البصرة مقدار أربعة أيّام ، وبها مشهدٌ عامرٌ ، كبيرٌ ، جليلٌ ، عظيمٌ ، قد أنفق على عمارته الأموال الجليلة ، وعليه الوقوف وتساق إليه النّذور ، وهو قبر عبد الله ابن عليّ بن أبي طالب ، ويقال : إنّ الحريري أبا محمّد القاسم بن علي - صاحب المقامات - مات بها ، وأهلها كلّهم شيعة غلاةٌ طغامٌ ، أشبه شيء بالأنعام»(2).

هذه عبارة الحموي المتعصّب ، المشهور بانحرافه عن أهل البيت عليهم السلام وعداوته للشّيعة محبّي أهل البيت عليهم السلام ، وقد سمّى صاحب القبر عبدالله بن علي والمشهور في اسمه عبيدالله ، ومثله ما ذكره صفيّ الدين في مراصد 8.

ص: 399


1- السرائر 1/656.
2- معجم البلدان 5/88.

الاطّلاع ، الذي هو مختصر معجم البلدان ، فراجعهما.

وجاء في كتاب مدينة المعاجز للعلاّمة الجليل السّيد هاشم ابن السيّد سليمان البحراني المتوفّى سنة (1109 للهجرة) نقلاً عن ابن الراوندي : أنّه روى عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال : «جمع أميرالمؤمنين عليه السلام بنيه وهم إثنا عشر ذكراً ، فقال : إنّي أحبّ أن يُجعل فيّ سنّة من يعقوب ، إذ جمع بنيه وهم إثنا عشر فقال لهم : إنّي أوصي إلى يوسف فاسمعوا له وأطيعوا ، فقال عبيد الله - ابنه - أدون محمّد بن الحنفيّة ، فقال له : أجرأت عليّ في حياتي؟ كأنيّ بك قد وجدت مذبوحاً في فسطاطك لا يدرى من قتلك ، فلمّا كان في زمان المختار أتاه فقال : لست هناك(1) ، فغضب وذهب إلى مصعب ابن الزبير وهو بالبصرة فقال : ولّني قتال أهل الكوفة ، فكان على مقدّمة مصعب فالتقوا بحروراء ، فلمّا حجز الليل بينهم أصبحوا وقد وجدوه مذبوحاً في فسطاطه لا يدرى من قتله»(2) ، والظاهر من هذه الرواية أنّه لا يُحمد.

الثامن عشر : محمّد الأوسط ، وأمّه أمامة بنت أبي العاص بن الربيع العبشميّة ، وأمّها زينب بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومحمّد هذا قتل بالطفّ مع أخيه الحسين عليه السلام. 7.

ص: 400


1- روى المجلسي في البحار 42/87 في باب أحوال أولاد أميرالمؤمنين عليه السلام مثل هذه الرواية ، وقال في بيان قول المختار لعبيدالله (لست هناك) أي لا تستحقّ الإمامة ؛ لأنّ عبيدالله أتاه ليبايع له بالإمامة.
2- مدينة المعاجز 1/319/481 ، الخرائج والجرائح 1/184/17.

التاسع عشر : عمر الأطرف ، ويقال له : عمرالأكبر ، ويكنّى بأبي القاسم ، وإنّما لقّب بالأطرف ؛ لأنّ فضيلته من طرف أبيه ، قال ابن عنبة النسّابة في عمدة الطالب : «قال ابن خداع : يكنّى أبا حفص ، ثمّ قال : وولد توأماً لأخته رقيّة ، وكان آخر من ولد من بني علي عليه السلام وأمّه الصّهباء التغلبية ، وهي أمّ حبيب بنت عبّاد ابن ربيعة بن يحيى بن العبد بن علقمة ، من سبي اليمامة وقيل من سبي خالد بن الوليد من (عين التّمر) اشتراها أمير المؤمنين عليٌّ عليه السلام ، وكان ذا لسن وفصاحة وجود وعفّة.

(حكى العمري) قال : اجتاز عمر بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام في سفر كان له في بيوت من بني عدي فنزل عليهم ، وكانت سنة قحط ، فجاءه شيوخ الحيّ فحادثوه ، واعترض رجل مارّاً له شارة ، فقال : من هذا؟ فقالوا سالم بن رقية(1) ، وله انحراف عن بني هاشم ، فاستدعاه وسأله عن أخيه سليمان بن رقية ، وكان سليمان من الشّيعة ، فخبّره أنّه غائب ، فلم يزل عمر يلطف له في القول ، ويشرح له في الأدلّة ، حتّى رجع عن انحرافه عن بني هاشم ، وفرّق عمر أكثر زاده ونفقته وكسوته عليهم ، فلم يرحل عنهم بعد يوم وليلة حتّى غيثو وأخصبوا ، فقال : هذا أبرك النّاس حلاًّ ومرتحلا ، وكانت هداياه تصل إلى سالم بن رقية ، فلمّا مات عمر قال سالم يرثيه : م.

ص: 401


1- رقية بالرّاء ثم القاف والياء المثناة التّحتانية ، وفي (المجدي) قتّة : بالقاف ثمّ التاء المثنّاة الفوقانية المشدّدة ، ولعلّه الأصحّ ، فراجع ، وسليمان بن قتة ممّن شهد قتل الحسين عليه السلام.

صلّى الإله على قبر تضمّن من

نسل الوصيّ عليٍّ خير من سُئلا

قد كنت أكرمهم كفّاً وأكثرهم

علماً وأبركهم حلاًّ ومرتحلا

وتخلّف عمر عن أخيه الحسين عليه السلام ولم يسير معه إلى الكوفة ، وكان قد دعاه إلى الخروج معه فلم يخرج ، ويقال : إنّه لمّا بلغه قتل أخيه الحسين عليه السلام ، خرج في معصفرات له وجلس بفناء داره وقال : أنا الغلام الحازم ، ولو أخرج معهم لذهبت في المعركة وقتلت. ولا يصحّ رواية من روى أنّ عمر حضر كربلاء ، وكان أوّل من بايع عبدالله بن الزبير ، ثمّ بايع بعده الحجّاج ، وأراد الحجّاج إدخاله مع الحسن بن الحسن في توليته صدقات أمير المؤمنين عليه السلام فلم يتيسّر له ذلك ، ومات عمر بينبع وهو ابن سبع وسبعين سنة ، وقيل : خمس وسبعين ، وولده جماعة كثيرون متفرّقون في عدّة بلاد ، أعقب من رجل واحد وهو ابنه محمّد»(1).

وقال بن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب طبع حيدرآباد الدّكن ، ما نصّه : «عمر بن عليّ بن أبي طالب الهاشميّ الأكبر ، أمّه الصهباء بنت ربيعة من بني تغلب ، روى عن أبيه ، وعنه أولاده محمّد وعبيد الله وعليّ ، وأبوزرعة عمرو بن جابر الحضرمي ، ذكر الزّبير بن بكّار : أنّ عمر بن الخطّاب سمّاه ، وقال مصعب : كان آخر ولد عليّ بن أبي طالب - يعني وفاةً(2)0.

ص: 402


1- عمدة الطالب : 400.
2- شرح الأخبار للقاضي النعمان 3/187 ، تاريخ دمشق 6/150.

- وقال العجليّ : ثقة(1) ، وذكره بن حبّان في الثّقات وقال : قُتل سنة (67 للهجرة)(2) ، وقال خليفة : قتل مع مصعب أيّام المختار(3).

قلت : ذكر الزّبير ما يدلّ على أنّه عاش إلى زمن الوليد بن عبد الملك ، ذكر غير واحد من أهل التاريخ أنّ الّذي قتل مع مصعب بن الزّبير هو عبدالله ابن عليّ بن أبي طالب ، والله أعلم»(4).

العشرون : رقيّة شقيقة عمر الأطرف ، وهي زوجة مسلم بن عقيل ، أم ولديه عبد الله ومحمّد وبنته عاتكة ، والولدان هما المقتولان بالطفّ ، وقبر رقيّة في مصر كما صرّح به الحموي في معجم البلدان بمادّة (مصر) ضمن تعداد المشاهد والمزارات التي بالقاهرة(5) ، وجاء في عمدة الطالب عند ذكره لعقب عقيل بن أبي طالب أنّ زوجة مسلم تسمّى أمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، وأنّ بنتها حميدة بنت مسلم بن عقيل ، والله أعلم(6).

وجاء في كتاب المحبّر طبع حيدرآباد الدكن تأليف محمّد بن حبيب النسّابة البصري عند عدّه لأصهار أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ما نصّه : «ومسلم بن عقيل بن أبي طالب كانت عنده رقيّة بنت عليٍّ» ثمّ يقول 9.

ص: 403


1- تاريخ الثقات للعجلي 360/1243.
2- الثقات لابن حبان 5/146.
3- الطبقات لابن خليفة : 264.
4- تهذيب التهذيب 7/485.
5- معجم البلدان 5/142.
6- عمدة الطالب : 49 / 19.

بعد أسطر : «وصاهره مسلم بن عقيل مرّة أخرى تزوّج رقيّة الصغرى بنت عليٍّ»(1).

وهنا يتّضح أنّه تزوّج رقيّة الكبرى شقيقة عمر الأطرف ، وأمّها الصّهباء التغلبية ، ورقية الصّغرى وأمّها أمّ ولد ، وأنّها أمّ عبد الله بن مسلم الشهيد ، نَصَّ على هذا أبو الفرج الإصفهاني في مقاتل الطالبيّين(2) ، ونصّ أيضاً على أنّ أمّ محمّد بن مسلم أمّ ولد(3) ، والذي يظهر من كلام ابن حبيب صاحب المحبّر أنّه تزوّج أوّلا الكبرى وفارقها ، ثمّ تزوّج الصّغرى كما هو ظاهر قوله : «وصاهره مرّةً أخرى» ، ولعلّها هي المكنّاة بأمّ كلثوم التي ذكرها صاحب عمدة الطالب في عبارته السابقة ، ورقيّة هذه - أي الصغرى - شهدت كربلاء وكانت مع أخوات الحسين عليه السلام اللائي خرجن معه ، وهي أمّ حميدة بنت مسلم الطفلة التي مسح رأسها الحسين عليه السلام حين أتاه نعي أبيها مسلم ، وقصّتها مشهورة ذكرها أرباب المقاتل ، وحميدة - هذه - تزوّجها ابن عمّها عبد الله بن محمّد ابن عقيل فولدت له ابنه محمّداً.

وقد جاء في عمدة الطالب طبع النجف الأشرف سنة (1358 ه) : «وأعقب عبد الله بن محمّد من رجلين : محمّد ، وأمّه حميدة بنت مسلم ابن 2.

ص: 404


1- المحبّر : 55.
2- مقاتل الطالبيين : 62.
3- مقاتل الطالبيين : 62.

عقيل ، وأمّها أمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب عليه السلام ومسلم ، أمّه أمّ ولد ...»(1) ولا يتوهّم أنّ أمّ كلثوم - هذه - هي الكبرى بنت فاطمة عليها السلام وإنّما هي أمّ كلثوم الصغرى في عبارة صاحب المحبر والتي أمّها أمّ ولد ، فلاحظ ذلك.

الحادي والعشرون : نفيسة زوجة عبد الله الأكبر ابن عقيل.

الثاني والعشرون : أمامة زوجة الصّلت بن عبدالله بن نوفل بن الحارث ابن عبد المطّلب.

الثالث والعشرون : ميمونة - أيضاً - زوجة عبدالله الأكبر ابن عقيل تزوّجها بعد وفاة أختها نفيسة أو قبل تزوّجه بنفيسة ، ثمّ ماتت وتزوّج بعدها نفيسة.

الرابع والعشرون : رملة وهي شقيقة أمّ الحسن الآتية ، زوجة أبي الهياج عبدالله بن أبي سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب.

الخامس والعشرون : أمّ الحسن ، زوجة سليمان بن عليّ بن عبد الله بن العبّاس ، وهذه دفنت بالشام مع زوجها سليمان ، وهاتان الزوجتان أمّهما أمّ سعيد بنت عمرو بن مسعود الثقفي.

السادس والعشرون : خديجة الصغرى ، زوجة عبدالرحمن بن عقيل ، وخلف عليها بعده أبو السنابل عبد الله بن عامر بن كريز.

السابع والعشرون : فاطمة ، زوجة محمّد بن أبي سعيد بن عقيل ، 2.

ص: 405


1- عمدة الطالب : 32.

وخلف عليها بعده سعيد بن الأسود بن أبي البختري ، وخلف عليها بعده المنذر بن عبيد بن الزبير بن العوّام.

وفاطمة - هذه - هي التي طلبها الشامي في مجلس يزيد بعد ما أحضرت السبايا عنده.

هذا ما وصلت إليه يد التتبّع من أولاد أميرالمؤمنين عليه السلام ونذكر لك فيما يلي ما ذكره الشيخ المفيد رحمه الله في الإرشاد في تعداد أولاده عليه السلام من الذكور والإناث ، فقال :

«أولاد أمير المؤمنين عليه السلام سبعة وعشرون ولداً ذكراً وأنثى : الحسن ، والحسين ، وزينب الكبرى ، وزينب الصغرى المكنّاة بأمّ كلثوم ، أمّهم فاطمة البتول سيّدة نساء العالمين ، بنت سيّد المرسلين وخاتم النبيّين محمّد النبيّ (صلى الله عليه وآله).

ومحمّد المكنّى بأبي القاسم ، أمّه خولة بنت جعفر بن قيس الحنفيّة.

وعمر ، ورقيّة ، كانا توأمين ، أمّهما أمّ حبيب بنت ربيعة.

والعبّاس ، وجعفر ، وعثمان ، وعبدالله ، الشهداء مع أخيهم الحسين عليه السلام بطفّ كربلاء ، أمّهم أمّ البنين بنت حزام بن خالد ابن دارم.

ومحمّد الأصغر المكنّى بأبي بكر ، وعبيد الله الشهيدان مع أخيهما الحسين بن عليّ عليه السلام بالطفّ ، أمّهما ليلى بنت مسعود الدّارمية.

ويحيى ، أمّه أسماء بنت عميس الخثعميّة رضي الله عنها.

وأمّ الحسن ، ورملة ، أمّهما أمّ سعيد بنت عروة بن مسعود الثقفي.

ص: 406

ونفيسة ، وزينب الصغرى ، ورقيّة الصغرى ، وأمّ هاني ، وأمّ الكرام ، وجمانة المكنّاة أمّ جعفر ، وأمامة ، وأمّ سلمة ، وميمونة ، وخديجة ، وفاطمة (رحمة الله عليهنّ) ، لأمّهات شتّى.

وفي الشيعة من يذكر أنّ فاطمة (صلوات الله عليها) أسقطت بعد النبيِّ (صلى الله عليه وآله) ذكراً كان سمّاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) - وهو حمل - محسناً فعلى قول هذه الطائفة أولاد أمير المؤمنين عليه السلام ثمانية وعشرون ولداً»(1).

وأمّا ما ذكره ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة فهو كما يلي :

«أمّا الحسن ، والحسين ، وأمّ كلثوم الكبرى ، وزينب الكبرى ، فأمّهم فاطمة بنت سيّدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله).

وأمّا محمّد فأمّه خولة بنت إياس ابن جعفر من بني حنيفة.

وأمّا أبوبكر ، وعبد الله فأمّهما ليلى بنت مسعود النهشليّة من تميم.

وأمّا عمر ، ورقيّة فأمّهما سبيّة من بني تغلب يقال لها الصّهباء ، سبيت في خلافة أبي بكر وإمارة خالد بن الوليد بعين التمر.

وأمّا يحيى ، وعون فأمّهما أسماء بنت عميس الخثعميّة.

وأمّا جعفر ، والعبّاس ، وعبد الله ، وعبدالرحمن فأمّهم أمّ البنين بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد ، من بني كلاب.

وأمّا رملة ، وأمّ الحسن فأمّهما أمّ سعيد بنت عروة بن مسعود الثقفي. 4.

ص: 407


1- الإرشاد 1/354.

وأمّا أمّ كلثوم الصغرى ، وزينب الصغرى ، وجمانة ، وميمونة ، وخديجة ، وفاطمة ، وأمّ الكرام ، ونفيسة ، وأمّ سلمة ، وأمّ أبيها ، وأمامة بنت عليٍّ عليه السلام فهنّ لأمّهات أولاد شتّى»(1).

وأمّا ابن شهرآشوب فقد أورد في كتاب المناقب مايلي : «قال الشيخ المفيد في الإرشاد : أولاده خمسة وعشرون وربّما يزيدون على ذلك إلى خمسة وثلاثين ، ذكره النسّابة العمري في الشافي ، وصاحب الأنوار ، البنون خمسة عشر ، والبنات ثمانية عشر :

فولد من فاطمة عليها السلام الحسن والحسين ، والمحسن سقط ، وزينب الكبرى ، وأمّ كلثوم الكبرى ، تزوّجها عمر ، وذكر أبو محمّد النوبختي في كتاب الإمامة أنّ أمّ كلثوم كانت صغيرة ومات عمر قبل أن يدخل بها ، وأنّه خلف على أمّ كلثوم بعد عمر عون بن جعفر ، ثمّ محمّد بن جعفر ، ثمّ عبد الله بن جعفر.

ومن خولة بنت جعفر بن قيس الحنفيّة : محمّداً.

ومن أمّ البنين إبنة حزام بن خالد الكلابية : عبدالله ، وجعفر الأكبر ، والعبّاس ، وعثمان.

ومن أمّ حبيب بنت ربيعة التغلبيّة : عمر ، ورقيّة ، توأمان في بطن.

ومن أسماء بنت عميس الخثعميّة : يحيى ، ومحمّد الأصغر ، وقيل : بل 8.

ص: 408


1- شرح نهج البلاغة 2/718.

ولدت له عوناً ، ومحمّد الأصغر من أمّ ولد.

ومن أمّ سعيد بنت عروة بن مسعود الثقفيّة : نفيسة ، وزينب الصغرى ، ورقيّة الصغرى.

ومن أمّ شعيب المخزوميّة : أمّ الحسن ، ورملة.

ومن الهملاء بنت مسروق النهشليّة : أبوبكر ، وعبدالله.

ومن أمامة بنت أبي العاص بن الربيع - وأمّها زينب بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) - : محمّد الأوسط.

ومن محياة بنت امرئ القيس الكلبية : جارية هلكت وهي صغيرة.

وكانت له : خديجة ، وأمّ هاني ، وتميمة ، وميمونة ، وفاطمة لأمّهات أولاد.

وتوفّي قبله : يحيى ، وأمّ كلثوم الصغرى ، وزينب الصغرى ، وأمّ الكرام ، وجمانة وكنيتها أمّ جعفر ، وأمامة ، وأمّ سلمة ، ورملة الصغرى.

وزوّج ثماني بنات : زينب الكبرى من عبدالله بن جعفر ، وميمونة من عقيل بن عبد الله بن عقيل ، وأمّ كلثوم الصغرى من كثير بن عبّاس بن عبد المطّلب ، ورملة من أبي الهياج عبدالله بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطّلب ، ورملة من الصلت بن عبدالله بن نوفل بن الحارث ، وفاطمة من محمّد بن عقيل.

وفي الأحكام الشرعية عن الخزّاز القمّي : إنّه نظر النبيّ (صلى الله عليه وآله) إلى أولاد

ص: 409

عليٍّ وجعفر فقال : (بناتنا لبنينا ، وبنونا لبناتنا)(1).

وأعقب له من خمسة : الحسن ، والحسين ، ومحمّد ابن الحنفيّة ، والعبّاس الأكبر ، وعمر (أي الأطرف).

وكان النبيّ (صلى الله عليه وآله) لم يتمتّع بحرّة وأمة في حياة خديجة ، وكذلك عليٌّ مع فاطمة عليها السلام.

وفي قوت القلوب إنّه تزوّج بعد وفاتها بتسع ليال ، وأنّه تزوّج بعشر نسوة ، وتوفّي عن أربعة : أمامة وأمّها زينب بنت النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، وأسماء بنت عميس ، وليلى التميمية ، وأمّ البنين الكلابيّة ، ولم يتزوّجن بعده.

وخطب المغيرة بن نوفل أمامة ، ثمّ أبو الهياج بن أبي سفيان بن الحارث فروت عن عليٍّ عليه السلام : (أنّه لا يجوز لأزواج النبيِّ والوصيِّ يتزوجن بغيره بعده)(2) ، فلم تتزوّج امرأة ولا أمّ ولد بهذه الرواية.

وتوفّي عن ثماني عشرة أمّ ولد ، فقال عليه السلام : (جميع أمّهات أولادي الآن محسوبات على أولادهن بما ابتعتهنّ به من أثمانهنّ)(3) ، وقال : (ومن كان من إمائه غير ذوات أولاد فهنّ حرائر من ثلثه)(4)»(5).

وأمّا أبو علي الفضل ابن الحسن الطبرسي رحمه الله فيقول في إعلام الورى في4.

ص: 410


1- الوسائل 20/74 أبواب مقدمات النكاح الباب 27 ح 7 ، الفقيه 3/249/1184.
2- بحار الأنوار 42/92.
3- بحار الأنوار 42/92.
4- بحار الأنوار 42/92.
5- مناقب ابن شهرآشوب 3/304.

الباب الخامس في ذكر أولاد أمير المؤمنين عليه السلام وعددهم وأسمائهم ما هذا لفظه : «وهم سبعة وعشرون ولداً ذكراً وأنثى : الحسن ، والحسين عليهما السلام ، وزينب الكبرى ، وزينب الصغرى (المكنّاة بأمّ كلثوم) أمّهم فاطمة البتول عليها السلام سيّدة نساء العالمين ، بنت سيّد المرسلين (صلى الله عليه وآله).

ومحمّد المكنّى بأبي القاسم أمّه خولة بنت جعفر بن قيس الحنفيّة.

والعبّاس ، وجعفر ، وعثمان ، وعبدالله ، الشهداء مع أخيهم الحسين بكربلاء (رضي الله عنهم) أمّهم أمّ البنين بنت حزام بن خالد بن دارم.

وكان العبّاس يكنّى أبا قربة ؛ لحمله الماء لأخيه الحسين عليه السلام ، ويقال له السقّاء ، وقتل وله أربع وثلاثون سنة ، وله فضائل ، وقتل عبدالله وله خمس وعشرون سنة ، وقتل جعفر بن علي وله تسع عشر سنة.

وعمر ، ورقيّة أمّهما أمّ حبيب بنت ربيعة ، وكانا توأمين.

ومحمّد الأصغر المكنّى بأبي بكر ، وعبيد الله الشهيدان مع أخيهما الحسين عليه السلام بطفِّ كربلاء ، أمّهما ليلى بنت مسعود الدارميّة.

ويحيى أمّه أسماء بنت عميس الخثعميّة ، وتوفّي صغيراً قبل أبيه.

وأمّ الحسن ورملة ، أمّهما أمّ سعيد بنت عروة بن مسعود الثقفي.

ونفيسة ، وهي أمّ كلثوم الصغرى ، وزينب الصغرى ورقيّة الصغرى ، وأمّ هاني ، وأمّ الكرام ، وجمانة المكنّاة بأمّ جعفر ، وأمامة ، وأمّ سلمة ، وميمونة ، وخديجة ، وفاطمة لأمّهات أولاد شتّى.

وأعقب عليه السلام من خمسة بنين : الحسن ، والحسين عليهما السلام ، ومحمّد ، والعبّاس ،

ص: 411

وعمر(1) ، وفي الشيعة من يذكر أنّ فاطمة عليها السلام أسقطت بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله)ذكراً كان سمّاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) - وهو حمل - محسناً ، فعلى هذا يكون أولاده ثمانية وعشرين ولداً ، والله أعلم(2).

أمّا زينب الكبرى بنت فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فتزوّجها عبدالله بن جعفر بن أبي طالب ، ووُلد له منها : عليّ ، وجعفر ، وعون الأكبر ، وأمّ كلثوم أولاد عبد الله بن جعفر ، وقد روت زينب عن أمّها فاطمة عليها السلام أخباراً.

وأمّا أمّ كلثوم فهي الّتي تزوّجها عمر بن الخطّاب ، وقال أصحابنا : إنّه عليه السلام إنّما زوّجها منه بعد مدافعة كثيرة وامتناع شديد ، واعتلال عليه بشيء بعد شيء ، حتّى الجأته الضرورة إلى أن ردّ أمرها إلى العبّاس بن عبدالمطّلب فزوّجها إيّاه(3).ه.

ص: 412


1- في المصدر : رضي الله عنهم.
2- عين هذه العبارة وردت في إرشاد المفيد 1/355 ؛ وانظر الكافي 6/18/2 ، الخصال :634 ، تاريخ اليعقوبي 3/213 ، تاريخ الطبري 5/153 ، أنساب الأشراف 2/189 ، الكامل في التاريخ 3/397 ، الإصابة 5 / 219 ، ميزان الاعتدال 1/139 ، كشف الغمّة 1/440 ، العدد القوية 242/22 ، وغيرها من المصادر.
3- إن قضية زواج أم كلثوم بنت أميرالمؤمنين عليه السلام من عمر ابن الخطّاب قد خضعت خلال القرون الماضية ولا زالت إلى كثير من النقاش والجدال ، ففي الوقت الذي يذهب البعض إلى إنكار أصل القضية ومناقشة الأدلّة الواردة فيها وإسقاطها ، يذهب البعض الآخر إلى حملها على عدد من الوجوه المختلفة وتأويله للعديد من التأويلات المنطقية والمقنعة ، وللاطّلاع على مزيد من هذا النقاش مراجعة المصادر المختصّة بهذا الشأن والبحوث المتعلّقة به.

وأمّا رقيّة بنت عليّ عليه السلام فكانت عند مسلم بن عقيل ، فولدت له عبدالله ، قتل بالطفّ ، وعليّاً ومحمّداً ابني مسلم.

وأمّا زينب الصّغرى فكانت عند محمّد بن عقيل ، فولدت له عبد الله ، وفيه العقب من ولد عقيل.

وأمّا أمّ هاني فكانت عند عبدالله الأكبر بن عقيل بن أبي طالب ، فولدت له محمّداً قتل بالطفّ ، وعبد الرحمن.

وأمّا ميمونة بنت عليٍّ عليه السلام فكانت عند عبدالله الأكبر بن عقيل ، فولدت له عقيلاً.

وأمّا نفيسة فكانت عند عبدالله الأكبر بن عقيل ، فولدت له أمّ عقيل.

وأمّا خديجة(1) فكانت عند عبدالرحمن بن عقيل ، فولدت له سعيداً(2) وعقيلا.

وأمّا فاطمة بنت عليٍّ عليه السلام فكانت عند محمّد بن أبي سعيد بن عقيل ، فولدت له حميدة.

وأمّا أمامة بنت عليٍّ عليه السلام فكانت عند الصلت بن عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبدالمطّلب ، فولدت له نقيّة ، وتوفّيت عنده»(3).

وذكر النسّابة الشهير جمال الدين أحمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ 1.

ص: 413


1- في المصدر : زينب الصغرى.
2- في المصدر : سعداً.
3- إعلام الورى 1/395 - 398 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 42/93/21.

ابن مهنّا ابن عنبة الأصغر الداودي الحسني المتوفّى سنة (828 للهجرة) في كتابه عمدة الطالب في الأصل الثالث في ذكر عقب أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ما هذا نصّه : «وكان لأميرالمؤمنين عليه السلام في أكثر الروايات ستّة وثلاثون ولداً ، ثمانية عشر ذكراً ، وثماني عشرة أنثى ، وروي خمسة وثلاثون ، وحكى الشيخ العمري أنّه وجد بخطّ شيخ الشرف العبيدلي(1) النسّابة ما صورته : قال محمّد بن محمّد (يعني نفسه) : مات من أولاد عليٍّ الذكور - وهم تسعة عشر - ستّة في حياته ، وورثه منهم ثلاثة عشر ، قتل منهم بالطفِّ ستّة ، والله أعلم ، (والعقب) من أمير المؤمنين عليٍّ عليه السلام في خمسة رجال : الحسن ، والحسين ، ومحمّد ابن الحنفيّة ، والعبّاس شهيد الطفّ ، وعمر الأطرف»(2) ، ثمّ ذكر أعقاب كلِّ واحد من هولاء الخمسة في خمسة فصول.

وذكر أبو الحسن العمري النسّابة في كتابه المجدي أسماء بنات أمير المؤمنين عليه السلام كما يلي :

«أمّ كلثوم من فاطمة ، واسمها رقيّة ، خرجت إلى عمر بن الخطّاب 3.

ص: 414


1- شيخ الشرف هو أبو الحسين محمّد بن أبي جعفر محمّد بن أبي الحسن علي الجواد بن الحسن بن عليّ بن إبراهيم بن علي الصالح بن عبيدالله الأعرج بن الحسين الأصغر ابن الإمام علي السجاد زين العابدين عليه السلام ويُعرف بشيخ الشرف العبيدلي ، نسبةً إلى عبيدالله الأعرج ، قرأ عليه الشريف الرضي وأخوه علم الهدى المرتضى ، وصاحب المجدي أبو الحسن العمري النسّابة ، وتصانيفه في النسب تقرب من مائة كتاب ، بلغ من العمر (99) سنة وتوفّي سنة (435 للهجرة).
2- عمدة الطالب : 83.

فأولدها زيداً.

وزينب الكبرى ، خرجت إلى عبدالله بن جعفر بن أبي طالب ، فأولدها عليّاً وعوناً وعبّاساً.

ورملة ، خرجت إلى عبدالله بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطّلب.

وأمّ الحسن ، خرجت إلى جعدة بن هبيرة المخزومي.

وأمامة ، خرجت إلى الصلت بن عبدالله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطّلب.

وفاطمة ، خرجت إلى أبي سعيد بن عقيل.

وخديجة ، خرجت إلى كريز من بني عبد شمس.

وميمونة ، خرجت إلى عبد الله الأكبر ابن عقيل.

ورقية الصغرى ، خرجت إلى مسلم بن عقيل.

وزينب الصغرى ، خرجت إلى محمّد بن عقيل.

وأمّ هاني فاختة ، خرجت إلى عبد الرحمن بن عقيل.

ونفيسة - وهي أمّ كلثوم الصغرى - خرجت إلى عبدالله بن عقيل الأصغر.

والباقيات من بناته عليه السلام لم يذكر لهنّ خروج»(1).ش.

ص: 415


1- عمدة الطالب : 83 الهامش.

وما ذكره صاحب المجدي وغيره من أنّ أمّ كلثوم تزوّجها عمر بن الخطّاب ذكره الكليني رحمه الله في الكافي في كتاب النكاح تحت عنوان (باب تزويج أمّ كلثوم) ، بسنده عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم وحمّاد ، عن زرارة ، عن أبي عبدالله عليه السلام في تزويج أمّ كلثوم فقال : «إنّ ذلك فرجٌ غصبناه»(1).

وبسنده أيضاً عن محمّد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : «لمّا خطب إليه قال أمير المؤمنين عليه السلام : إنّها صبيّة ، قال : فلقي العبّاس فقال له : ما لي أبي بأس؟ قال : وما ذلك؟ قال : خطبت إلى ابن أخيك فردّني ، أما والله لأعورنّ زمزم(2) ، ولا أدع لكم مكرمةً إلاّ هدمتها ، ولأقيمنّ عليه شاهدين بأنّه سرق ، ولأقطعنّ يمينه ، فأتاه العبّاس فأخبره ، وسأله أن يجعل الأمر إليه فجعله إليه»(3).

وذكر المجلسي رحمه الله هذه الرواية عن طرائف السيّد ابن طاووس ، ولكن لاتوجد في المطبوع من الطرائف ، ولعلّها توجد في المخطوط منها التي تختلف اختلافاً كثيراً عن المطبوعة ، ولعلّ السيّد ابن طاووس نقلها عن الكافي إذ لا تختلف عنها ، وسندها : ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن 2.

ص: 416


1- الكافي 5/346/1.
2- أعار عين الماء أو الركبة دفنها وطمّها بالتّراب.
3- الكافي 5/346/2.

أبي عبد الله عليه السلام كسند صاحب الكافي ، فلاحظ(1)(2).

وذكر العلاّمة الأخباري النسّابة أبو جعفر محمّد بن حبيب بن أميّة بن عمرو الهاشمي البغدادي المتوفّى سنة (245 للهجرة) في كتابه المحبّر طبع حيدر آباد الدكن سنة (1361 ه) ما هذا لفظه :

«أصهار عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه : عبدالله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهكانت عنده زينب بنت عليٍّ.

وعمر بن الخطّاب ، كانت عنده أمّ كلثوم بنت عليّ ، ثمّ خلف عليها عون ، ثمّ محمّد ، ثمّ عبدالله بنو جعفر بن أبي طالب رحمه الله.

ومسلم بن عقيل بن أبي طالب ، كانت عنده رقيّة.

وجعدة بن هبيرة بن أبي وهب المخزومي ، كانت عنده أمّ الحسن بنت عليّ ، ثمّ خلف عليها جعفر بن عقيل ، ثمّ خلف عليها عبدالله بن الزّبير بن العوّام.

وأبوالهياج وهو عبدالله بن أبي سفيان ابن الحارث بن عبدالمطّلب ، كانت عنده رملة بنت عليّ.

وعبدالله بن عقيل بن أبي طالب ، كانت عنده أمّ هاني بنت عليّ ، 6.

ص: 417


1- بحار الأنوار 42/94/22.
2- وقد أجاب الشيخ المفيد رحمه الله في المسائل السرويّة عن تزويج أميرالمؤمنين عليه السلام بنته أمّ كلثوم لعمر بن الخطّاب بأجوبة كثيرة كما أنّ السيّد المرتضى ألّف رسالةً في ذلك ، وألّف غيرهما ، أنظر مصنّفات الشيخ المفيد 7/86.

وتزوّج عبدالله أيضاً ميمونة بنت عليّ.

وتمام بن العبّاس بن عبدالمطّلب ، خلف على ميمونة بعد عبدالله بن عقيل.

وفراس بن جعدة بن هبيرة ، كانت عنده زينب الصغرى بنت عليّ ، وصاهره مسلم بن عقيل مرّةً أخرى ، تزوّج رقيّة الصّغرى بنت عليّ. ومحمّد بن عقيل ، خلف على رقيّة الصّغرى.

وكثير ابن العبّاس بن عبدالمطّلب ، كانت عنده زينب الكبرى بنت عليّ ، وتزوّج أيضاً كثيراً أختها أمّ كلثوم الصّغرى بنت عليّ.

ومحمّد بن أبي سعيد بن عقيل ، كانت عنده فاطمة بنت عليّ.

وسعيد بن الأسود بن أبي البختري ، كانت عنده فاطمة بنت عليّ بعد محمّد بن أبي سعيد.

والمنذر بن عبيد بن الزبير بن العوّام ، خلف على فاطمة بنت عليّ بعد سعيد بن الأسود.

والصلت بن عبدالله بن نوفل ، كانت عنده أمامة بنت عليّ.

وعبدالرحمن بن عقيل كانت عنده خديجة بنت عليّ.

وأبو السنابل عبدالله بن عامر بن كريز خلف على خديجة هذه»(1).

هؤلاء أولاد أميرالمؤمنين عليه السلام ذكوراً وإناثاً ، مع اختلاف أقوال المؤرّخين 5.

ص: 418


1- المحبّر : 55.

في تعدادهم ، فاختر من هذه الروايات ما يصل إليه رأيك السديد.

ثمّ اطّلعت أخيراً على ما ذكره سبط ابن الجوزي شمس الدين يوسف ابن قزأغلي ، الواعظ المشهور الحنفي المذهب ، المتوفّى سنة (654 للهجرة) ، والمولود سنة (581 للهجرة)(1) في كتابه تذكرة خواص الأئمّة طبع إيران سنة (1285 ه) ، في الباب الثالث في ذكر أولاده عليه السلام - ما هذا نصّه - :

«اتّفق علماء السير على أنّه كان له عليه السلام من الولد ثلاثة وثلاثون ، منهم أربعة عشر ذكراً ، وتسع عشرة أنثى : الحسن والحسين ، وزينب الكبرى ، وأمّ كلثوم الكبرى ، أمّهم فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وعلى هذا عامّة المتأخّرين ، وذكر الزبير بن بكّار ولداً آخر من فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) إسمه محسن مات طفلا ، وفاطمة عليها السلام أوّل زوجاته لم يتزوّج عليها حتّى توفّيت. ).

ص: 419


1- يوسف بن قِزاُوغلي أو قِزُغلي بن عبدالله أبوالمظفّر شمس الدين ، سبط أبي الفرج ابن الجوزي ، مؤرّخ من الكتّاب الوعّاظ ، وُلد ونشأ ببغداد ، وربّاه جدّه أبوالفرج ابن الجوزي أبو أمّه ، وانتقل إلى دمشق فاستوطنها وتوفّي فيها ، من كتبه مرآة الزمان في تاريخ الأعيان ، طبع المجلّد الثّامن منه في حيدرآباد الدكن سنة (137 هجري) وهو آخره ، وتذكرة خواصّ الأمّة بذكر خصائص الأئمّة في ذكر الأئمّة الإثني عشر ، طُبع بإيران سنة (1285 هجري) ، ثمّ في النجف الأشرف سنة (1369 هجري) ، والجليس الصالح في أخبار موسى بن أبي بكر بن أيّوب صاحب دمشق ، وكنز الملوك في كيفية السلوك حكايات ومواعظ ، وله مقتضى السياسة في شرح نكت الحماسة ، ومنتهى السؤل في سيرة الرسول ، مطبوع ، والانتصار والترجيح مطبوع ، واللوامع في الحديث ، وكتاب في تفسير القرآن ، قال اليافعي : هو تسعة وعشرون مجلّداً ، ومناقب أبي حنيفة ، وشرح الجامع الكبير في الحديث (منه رحمه الله).

ومحمّد الأكبر وهو ابن الحنفيّة ، وأمّه خولة بنت جعفر من سبي بني حنيفة (وقيل) : كانت أمّ ولد.

وعبيد الله قتله المختار بن أبي عبيد ، وأمّه ليلى بنت مسعود من بني تميم.

وأبو بكر قتل مع الحسين عليه السلام ، أمّه أيضاً ليلى بنت مسعود.

والعبّاس الأكبر ، وعثمان ، وجعفر ، وعبدالله ، قتلوا مع الحسين عليه السلام ، وأمّهم أمّ البنين بنت حزام ، (وقيل) : بنت خلّة كلابيّة ، تزوّجها بعد فاطمة عليها السلام.

ومحمّد الأصغر قتل مع الحسين عليه السلام أيضاً ، أمّه أمّ ولد.

ويحيى ، وعون ، أمّهما أسماء بنت عميس ، وكان جعفر بن أبي طالب قد تزوّج أسماء ، ثمّ قتل عنها فتزوّجها أبو بكر ... فمات عنها(1) ، فتزوّجها عليٌّ عليه السلام بعد أمّ البنين فأولدها.

وعمر الأكبر ، ورقيّة ، أمّهما الصهباء - سبيّة - تزوّجها بعد أسماء بنت عميس ، والصهباء يقال لها : أمّ حبيب بنت ربيعة من بني وائل ، أصابها خالد ابن الوليد لمّا أغار على بني تغلب بناحية عين التمر ، وعمر الأكبر - هذا - تذكر سيرته فيما بعد ، وقد روى عمر الحديث ، وكان فاضلا وتزوّج أسماء بنت عقيل بن أبي طالب ، وعاش خمساً وثمانين سنة حتّى حاز نصف ميراث ).

ص: 420


1- سنذكره في باب مفرد ، وكذا الحسن والحسين عليهما السلام ، (منه رحمه الله).

أبيه أمير المؤمنين عليه السلام(1).

ومحمّد الأوسط ، وأمّه أمامة بنت العاص بن ربيع ، وأمّها زينب بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، تزوّجها(2) بعد الصهباء.

وأمّ الحسن ، وأمّ الحسين ، ورملة الكبرى ، وأمّهن أمّ سعيد بنت عروة ، تزوّجها أخيراً.

وأمّ هاني ، وميمونة ، وزينب الصغرى ، ورملة الصغرى ، وأمّ كلثوم الصغرى ، وفاطمة ، وأمامة ، وخديجة ، وأمّ الكرام ، وأمّ جعفر ، وجمانة ، ونفيسة ، وهنّ لأمّهات أولاد شتّى ، (قالوا) : وابنة أخرى صغيرة توفّيت ولم يضبط إسمها ، (قال الواقدي) : توفّي أمير المؤمنين عليه السلام عن أربع من الحرائر ، أمامة بنت العاص ، وليلى التميمية ، وأمّ البنين الكلابيّة ، وأسماء بنت عميس ، وعن جماعة من الإماء.

والنسل منهم لخمسة : الحسن ، والحسين ، ومحمّد ابن الحنفيّة ، وعمر ، والعبّاس عليهم السلام ، وقيل : ولمحمّد الأصغر أيضاً ، وسنذكرهم فيما بعد إن شاء الله تعالى. ).

ص: 421


1- كتب في هامش المطبوع على هذا الموضوع ما نصّه : «هذا غلط واضح» والحقّ أنّ ما ذكره في الهامش صحيح لمن تأمّل جيّداً ، (منه رحمه الله) ، انظر تذكرة الخواصّ : 57.
2- وأمامة - هذه - هي التي أشارت اليها الزّهراء فاطمة عليها السلام عند وفاتها في وصيّتها لعليٍّ عليه السلام كما ذكره بعض المؤرّخين ، بقولها : (وأوصيك أن تتزوّج بعدي بابنة أختي أمامة ، فإنّها تكون لولدي مثلي) (منه رحمه الله).

وذكر ابن جرير الطبري : أنّ بنات عليٍّ عليه السلام سبع عشرة(1) ، والصحيح ما ذكرناه»(2).

ووجدت في كتاب أعيان الشيعة لسيّدنا الحجّة المغفور له السيّد محسن الأمين العاملي المتوفّى سنة (1371 للهجرة) ، ما هذا نصّه :

«أولاده عليه السلام عدّهم المسعودي في مروج الذهب خمسة وعشرين(3) ، وقال المفيد في الإرشاد : إنّهم سبعة وعشرون ما بين ذكر وأنثى (ثمّ قال) : وفي الشيعة من يذكر أنّ فاطمة (صلوات الله عليها) أسقطت بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله) ذكراً كان سمّاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) - وهو حمل - محسناً ، فعلى قول هذه الطائفة هم ثمانية وعشرون ، وقال ابن الأثير : (المحسن توفّي صغيراً)(4) ، وغير المسعودي والمفيد عدّهم ثلاثين مع المحسن ، فزاد محمّداً الأوسط ، وأمّ كلثوم الصغرى ، والبنت الصغيرة ، ورملة الصغرى ، والذي وصل إلينا من كلام المؤرّخين والنسّابين وغيرهم يقتضي أنّهم ثلاثة وثلاثون ، ويمكن كون هذه الزيادة من عدّ الإسم واللقب اثنين مع أنّهما واحد ، وهم :

الحسن ، الحسين ، زينب الكبرى ، زينب الصغرى المكنّاة أمّ كلثوم ، قال المفيد : أمّهم فاطمة البتول سيّدة نساء العالمين ، بنت سيّد المرسلين 8.

ص: 422


1- تاريخ الطبري 4/119.
2- تذكرة الخواصّ : 57.
3- مروج الذهب 3/63.
4- أنظر الإرشاد 1 / 355 ، تاريخ الطبري 4 / 118.

وخاتم النبيّين ، أمّ كلثوم الكبرى ، ذكرها ابن الأثير مع زينب الكبرى.

وقال المسعودي : الحسن ، والحسين ، ومحسن ، وأمّ كلثوم الكبرى ، وزينب الكبرى ، أمّهم فاطمة الزهراء بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ويمكن الجمع بين قول المفيد : زينب الصغرى المكنّاة أمّ كلثوم ، وقول ابن الأثير والمسعودي : أنّها أمّ كلثوم الكبرى ، بأنّها زينب الصغرى بالنسبة إلى زينب الكبرى ، وأمّ كلثوم الكبرى بالنسبة إلى أمّ كلثوم الصغرى ، الآتية التي هي من غير فاطمة عليها السلام.

محمّد الأوسط ، أمّه أمامة بنت أبي العاص ، لم يذكره المفيد ولا المسعودي.

العبّاس ، وجعفر ، وعبدالله ، وعثمان الشهداء بكربلاء ، أمّهم أمّ البنين الكلابيّة.

وقال المسعودي : أمّهم أمّ البنين بنت حزام الوحيديّة ، ولم يذكر معهم عثمان.

محمّد الأكبر المكنّى بأبي القاسم ، المعروف بابن الحنفيّة ، أمّه خولة الحنفيّة.

محمّد الأصغر المكنّى بأبي بكر ، وبعضهم عدّ أبا بكر ومحمّد الأصغر اثنين ، والظاهر أنّهما واحد عبد الله (أو عبيدالله) الشهيدان بكربلاء ، أمّهما ليلى بنت مسعود النهشليّة.

يحيى ، أمّه أسماء بنت عميس.

ص: 423

عمر ، ورقيّة توأمان ، أمّهما أمّ حبيب الصهباء بنت ربيعة التغلبيّة ، وعمّر عمر خمساً وثمانين سنة.

أمّ الحسن ، ورملة الكبرى ، وأمّ كلثوم الصغرى ، أمّهم أمّ سعد بنت عروة بن مسعود الثقفيّة ، واقتصر المفيد والمسعودي على أمّ الحسن ورملة ، ولم يصفاها بالكبرى.

بنت ماتت صغيرة ، أمّها مخبّأة الكلبية ، ولم يذكرها المفيد والمسعودي.

أمّ هاني.

ميمونة.

زينب الصغرى ، في عمدة الطالب أمّها أمّ ولد ، وكانت تحت محمّد بن عقيل ابن أبي طالب.

رملة الصغرى ، ولم يذكرها المفيد ولا المسعودي.

رقية الصغرى ولم يذكرها المسعودي.

فاطمة ، اُمامة ، خديجة ، اُمّ الكرام ، وقال المسعودي : إنّ أمّ الكرام هي فاطمة.

أمّ سلمة ، أمّ أبيها ، ذكرها المسعودي.

جمانة المكنّاة أمّ جعفر.

نفيسة ، لأمّهات شتّى»(1). 6.

ص: 424


1- أعيان الشيعة 1/326.

ثمّ قال سيّدنا الأمين المحسن رضي الله عنه في الجزء المذكور تحت عنوان (الكلام على زينب وأمّ كلثوم) ما هذا لفظه : «مقتضى قول غير المفيد أنّ زينب وأمّ كلثوم أربعة ، صغريان وكبريان ، وبه صرّح المسعودي ، فجعل أمّ كلثوم الكبرى وزينب الكبرى من فاطمة الزهراء عليها السلام ، وجعل أمّ كلثوم الصغرى [وزينب الصغرى](1) من غيرها ، أمّا المفيد فلم يذكر أمّ كلثوم الصغرى - كما عرفت - وذكر زينب الكبرى وزينب الصغرى المكنّاة بأمّ كلثوم بنتي الزهراء عليها السلام ، وزينب الصغرى من غير الزهراء ، ولم يكنّها أمّ كلثوم ، وقد سمعت أنّ أمّها أمّ ولد ، ولا شكّ أنّه كان لأمير المؤمنين عليه السلام بنتان كلتاهما تكنّيان أمّ كلثوم ، إحداهما زوجة عمر توفّيت بالمدينة ، والأخرى التي كانت بالطفّ ، ذكرهما جميع المؤرّخين ، والأولى توفّيت قبل وقعة الطفّ ، وحينئذ فلا(2) يبعد أن تكون أمّ كلثوم التي كانت بالطفّ ، والتي خطبت بالكوفة هي زينب الصغرى التي ذكرها المفيد ، وهو الموافق للاعتبار ، فإنّها وزينب الكبرى شقيقتا الحسين عليه السلام ، فلم تكونا لتفارقاه ولا ليفارقهما ، وإذا كانت الكبرى وهي زوجة عبدالله بن جعفر لم تفارقه وزوجها حيٌّ ، فأحرى أن لا تفارقه الصغرى وهي في النّبل بمرتبة تلي مرتبة زينب الكبرى. ).

ص: 425


1- ما بين المعقوفتين ليست في المصدر.
2- عدل سيّدنا رحمه الله عن هذا الاستظهار ، راجع الصفحة 36 الآتية. (منه رحمه الله).

أمّا القبر الذي بقرية (راوية) قرب دمشق فهو منسوب لزينب الصغرى المكنّاة أمّ كلثوم ، كما وجد في صخرة على قبرها رأيتها(1) ، وكما ذكرها ابن جبير في رحلته ، فإن صحّ ذلك فهي شقيقة الحسين عليه السلام ، أمّا كيف جاءت إلى الشام وتوفّيت ودفنت هناك فالله أعلم بصحّة ذلك ، وليس في شيء من التواريخ والآثار ما يشير إليه.

وقال ابن عساكر في تاريخ دمشق : (إنّ القبر الذي بقرية (راوية) هو لأمّ كلثوم ، وليست بنت النبيّ (صلى الله عليه وآله) لأنّها توفّيت بالمدينة ، ولا أُمَّ كلثوم بنت عليٍّ من فاطمة زوجة عمر لأنّها ماتت بالمدينة ودفنت بالبقيع ، وإنّما هي إمرأة من أهل البيت سميّت بهذا الاسم ولا يحفظ نسبها)(2) ، وظاهره انحصار أمّ كلثوم بنت عليٍّ عليه السلام في واحدة ، وهو مخالف لما عليه المؤرّخون والنسّابون ، ومخالف لما تحقّق من أنّ أمّ كلثوم التي كانت بالطفّ ليست زوجة عمر ؛ لأنّها توفّيت قبل ذلك كما عرفت ، وياقوت في معجم البلدان اقتصر على أنّ براوية قبر أمّ كلثوم ، لم يزد على ذلك ، وكون القبر الذي براوية لزينب الكبرى مقطوع بعدمه ، كما بيّناه في ترجمتها من هذا 4.

ص: 426


1- وأنا أيضاً رأيت هذه الصخرة في سنة سفري إلى سوريا لمرض أصابني ، فأمرني بعض أطبّاء العراق بالمسافرة إليها ، لكسب الصحّة وذلك سنة (1353 ه) وبقيت إلى سنة (1354 ه) ، وزرت هذا المشهد ، وكنت ضيفاً عند سادن المشهد المرحوم السيّد عبّاس آل المرتضى ، فأدخلني داخل القبر فأطلعني على صخرة فيه كتب عليها : (هذا قبر السيّدة زينب المكنّاة بأمّ كلثوم بنت سيّدنا عليّ رضي الله عنه) (منه رحمه الله).
2- تاريخ دمشق 2/204.

الكتاب»(1).

هذا ما حقّقه العلاّمة الكبير الحجّة السيّد المحسن الأمين رحمه الله ولعمري إنّه تحقيق رشيق.

وذكر أيضا العلاّمة الحجّة سيّدنا المحسن الأمين في أعيان الشيعة طبع بيروت سنة (1369 ه) ما هذا نصُّه :

«زينب الصغرى بنت أمير المؤمنين عليّ بن أبى طالب ، وقبل الكلام عليها لابدَّ من الكلام على من تسمّى بزينب ، ومن تسمّى بأمّ كلثوم أو بهما من بنات عليٍّ عليه السلام ، ليتميّز بعضهنّ من بعض فنقول :

ذكر المسعودي في مروج الذهب : في أولاد عليٍّ عليه السلام أمّ كلثوم الكبرى وزينب الكبرى ، أمّهما فاطمة الزهراء بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وأمّ كلثوم الصغرى وزينب الصغرى ، ولم يذكر من هي أمّها(2) ، لكنّ أمّ كلثوم الصغرى أمّها أمّ سعد أو سعيد بنت عروة بنت مسعود الثّقفي ، كانت متزوّجة من بعض ولد عمّها عقيل ، أمّا زينب الصغرى فأمّها أمّ ولد ، فدلّ كلامه على أنّ المسمّاة بزينب اثنتان ، كبرى أمّها الزهراء عليها السلام ، وصغرى لم يذكر اسم أمّها ، وأمّها أمّ ولد ، والمسمّاة بأمّ كلثوم اثنتان أيضاً كبرى أمّها الزهراء عليها السلام ، وصغرى لم يسمّ أمّها واسمها أمّ سعيد.

وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج : (زينب الكبرى وأمّ كلثوم 3.

ص: 427


1- أعيان الشيعة 1/326 - 327.
2- أنظر مروج الذهب 3/63.

الكبرى أُمّهما فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وأمّ كلثوم الصغرى وزينب الصغرى لأمّهات أولاد شتّى)(1).

وقال المفيد في الإرشاد - عند تعداد أولاد أمير المؤمنين عليه السلام - : (وزينب الكبرى وزينب الصغرى المكنّاة بأمّ كلثوم أمُهما فاطمة البتول ، وزينب الصغرى - وعدّ معها غيرها - وقال : لأمّهات شتّى)(2) ، فدلّ كلامه على أنّ المسمّاة بزينب من بنات أمير المؤمنين عليه السلام : ثلاث ، إحداها تسمّى زينب الكبرى ، وأمّها فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) واثنتان تسمّيان بزينب الصغرى ، والمائز بينهما أنّ إحداهما تكنّى أمّ كلثوم وأمّها فاطمة أيضاً ، والثانية لا تكنّى بأمّ كلثوم وأمّها غير فاطمة عليها السلام ، وليس فيهنّ من تسمّى أمّ كلثوم ولا تسمّى بزينب ، فأمّ كلثوم عنده كنية لا إسم ، لكن لم يظهر الوجه في وصف كلّ من الزينبين بالصغرى ، ويمكن أن يكون وصف المكنّاة بأمّ كلثوم الصغرى بالنسبة إلى شقيقتها زينب الكبرى ، ووصف التي لاتكنّى بأمّ كلثوم بالصغرى بالنسبة إلى زينب المكنّاة أمّ كلثوم أو إلى زينب الكبرى ، أمّا أنّ الصغرى المكنّاة بأمّ كلثوم ، والصغرى التي لا تكنّى بها أيّهما أكبر فلا يفهم من كلامه ، ولعلّهما في سنٍّ واحد لاختلاف أمّيهما.

وقال كمال الدّين محمّد بن طلحة في كتاب مطالب السؤول في مناقب آل الرسول عند ذكر الإناث من أولاده عليه السلام : (زينب الكبرى ، أمّ كلثوم الكبرى 4.

ص: 428


1- شرح النهج لابن أبي الحديد 9/243.
2- الإرشاد 1/354.

أمّهما فاطمة بنت الرسول (صلى الله عليه وآله) ، زينب الصغرى ، أمّ كلثوم الصغرى من أمّهات أولاد)(1) فظهر ممّا مرّ هنا ، وممّا مرّ في المجلّد الثالث من هذا الكتاب ، وممّا يأتي في ترجمة زينب الكبرى ، أنّ من تسمّى بزينب من بنات عليٍّ عليه السلام هما اثنتان ، كبرى ، أمّها فاطمة الزهراء عليها السلام وهي العقيلة زوجة عبد الله ابن جعفر ، وصغرى وهي هذه التي كلامنا فيها.

وفي عمدة الطالب (أمّها أمّ ولد وكانت تحت محمّد بن عقيل بن أبي طالب) ، وعلى قول المفيد : هنّ ثلاث والثالثة الصغرى المكنّاة بأمّ كلثوم شقيقة العقيلة ، وأنّ من تسمّى بأمّ كلثوم من بناته عليه السلام ثلاث : أمّ كلثوم الكبرى وهي التي كانت متزوّجة بالخليفة الثاني أمّها فاطمة الزهراء عليها السلام ، وأمّ كلثوم الصغرى ، أُمّها أمّ سعد (أو سعيد) بنت عروة بن مسعود الثقفي ، كانت متزوّجة ببعض ولد عمّها عقيل ، وأمّ كلثوم الوسطى وهي زوجة مسلم بن عقيل ، وذكرنا الصغرى والكبرى في المجلّد الثالث وذكرنا الثلاث في المجلّد الثالث عشر ، أمّا أمّ كلثوم التي كانت مع أخيها بالطفّ فالظاهر من مجاري أحوالها أنّها شقيقة العقيلة ، لكنّ ذلك يتنافى مع كونها زوجة الخليفة الثاني التي توفّيت قبل ذلك الحين بسقوط البيت عليها وعلى ابنها زيد ، ويمكن أن تكون زوجة مسلم حضرت مع أخيها الحسين عليه السلام بقصد الكوفة لأنّ زوجها هناك ، وخروجها قبل العلم بقتل مسلم ، وقد استظهرنا(2) في المجلّد الثالث ة.

ص: 429


1- مطالب السؤول في مناقب آل الرسول : 220 ، بتفاوت.
2- راجع صفحه 41 المتقدّمة.

أن تكون أمّ كلثوم الكبرى وأمّ كلثوم الصغرى هما زينب الكبرى وزينب الصغرى ، ثمّ ظهر لنا أنّ هذا الأستظهار في غير محلّه :

(أوّلا) لما ذكرنا هنا وفي المجلّد الثالث من أنّ أمّ كلثوم الكبرى هي التي كانت متزوّجة بالخليفة الثاني ، ومن المعلوم أنّ زينب الكبرى كانت زوجة عبدالله بن جعفر ، فهما اثنتان.

(ثانياً) لتصريح المسعودي وغيره من أئمّة هذا الشأن في كلامهم المتقدّم ، بأنّ المسمّيات بزينب وبأمّ كلثوم من بنات عليّ عليه السلام هنّ أربع أو ثلاث لا اثنتان ، وفي عمدة الطالب : (أبو محمّد عبدالله بن محمّد بن عقيل ، أمّه زينب الصغرى بنت أميرالمومنين عليٍّ عليه السلام أمّها أمّ ولد ، ثمّ قال : محمّد بن عبدالله بن محمّد بن عقيل ، أمّه حميدة بنت مسلم بن عقيل ، وأمّها أمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب)(1) ، فعلم من ذلك أنّ مسلم بن عقيل كان متزوّجاً بأُمّ كلثوم ابنة عمّه عليّ بن أبي طالب عليه السلام».

ثمّ قال سيّدنا المحسن الأمين رحمه الله في المجلّد 33 من أعيان الشّيعة تحت عنوان : (قبر الست الذي في قرية راوية) ما هذا لفظه : «يوجد في قرية تسمّى (راوية) ، على نحو فرسخ من دمشق إلى جهة الشرق ، قبرٌ ومشهدٌ يسمّى (قبر الست) ، ووجد على هذا القبر صخرةٌ رأيتها وقرأتها كتب عليها : «هذا قبر السيّدة زينب المكنّاة بأُمّ كلثوم بنت سيّدنا عليّ عليه السلام» وليس فيها تاريخ ، 9.

ص: 430


1- راجع عمدة الطالب : 49 / 18 ، 19.

وصورة خطّها تدلّ على أنّها كتبت بعد الستمائة من الهجرة ، ولا يثبت بمثلها شيء ، ومع مزيد التتبّع والفحص ، لم أجد من أشار إلى هذا القبر من المؤرّخين سوى ابن جبير في رحلته ، وياقوت في معجمه ، وابن عساكر في تاريخ دمشق(1) ، وذلك يدلّ على وجود هذا القبر من زمان قديم واشتهاره.

قال ابن جبير في رحلته التي كانت في أوائل المائة السابعة - عند الكلام على دمشق - مالفظه : (ومن مشاهد أهل البيت - رضي الله عنهم - مشهد أمّ كلثوم ابنة عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنهما - ويقال لها : زينب الصغرى وأمّ كلثوم كنية أوقعها عليها النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، لشبهها بابنته أمّ كلثوم - رضي الله عنها - والله أعلم بذلك ، ومشهدها الكريم بقرية قِبلي البلد ، تعرف براوية على مقدار فرسخ ، وعليه مسجدٌ كبيرٌ ، وخارجه مساكن ، وله أوقاف ، وأهل هذه الجهات يعرفونه بقبر الستّ أمّ كلثوم ، مشينا إليه وبتنا به ، وتبرّكنا برؤيته فنفعنا الله بذلك»(2).

وقال ياقوت المتوفّى سنة (626 للهجرة) ، في معجم البلدان : (راوية 6.

ص: 431


1- وأشار إلى هذا القبر أيضاً ابن بطّوطة في رحلته عند سرده للقبور التي هي حوالي دمشق الشام ، فقال «وبقريه قِبلي البلد ، وعلى فرسخ منها ، مشهد أمّ كلثوم بنت عليّ ابن أبي طالب من فاطمة عليهم السلام ويقال : إنّ اسمها زينب ، وكنّاها النبيّ(صلى الله عليه وآله) أمّ كلثوم ، لشبهها بخالتها أمّ كلثوم بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله) وعليه مسجد كريم ، وحوله مساكن ، وله أوقاف ، ويسمّيه أهل دمشق قبر الست أمّ كلثوم» (منه رحمه الله).
2- رحلة ابن جبير : 196.

بلفظ راوية الماء : قريةٌ من غوطة دمشق بها قبر أمّ كلثوم)(1).

وقال ابن عساكر ، من أهل أوائل المائة الخامسة ، عند ذكر مساجد دمشق : (مسجد راوية مسجد على قبر أمّ كلثوم ، وهي ليست بنت رسول الله ، التي كانت عند عثمان ، لأنّ تلك ماتت في حياة النبيّ (صلى الله عليه وآله) ودفنت بالمدينة ، ولا هي أمّ كلثوم بنت عليّ من فاطمة التي تزوّجها عمر بن الخطّاب ، لأنّها ماتت وابنها زيد بن عمر بالمدينة في يوم واحد ودفنا بالبقيع ، وإنّما هي امرأةٌ من أهل البيت سمّيت بهذا الاسم ولا يحفظ نسبها ، ومسجدها هذا بناه رجل قرقوبي من أهل حلب)(2) قرقوبي : منسوبٌ إلى قرقوب ، في أنساب السمعاني : بلدةً بين واسط وكور الأهواز(3) ، فابن جبير وإن سمّاها زينب الصغرى وكنّاها أمّ كلثوم ، حاكيا أنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) كنّاها بذلك إلاّ أنّ الظاهر أنّ ذلك اجتهادٌ منه ، بدليل قوله :

(إنّ أهل هذه الجهات يعرفونه بقبر الستّ أمّ كلثوم) ، مما دلّ على أنّها مشهورة بأُمّ كلثوم دون زينب ، وقوله - أوّلا - (الله أعلم بذلك) مشعرٌ بتشكيكه في ذلك ، ويا قوت وابن عساكر - كما سمعت - لم يصرّحا باسم أبيها ، ولا بأنّها تسمّى زينب ، بل اقتصرا على تسميتها بأمّ كلثوم ، وهو يؤيّد ما قلناه من أنّ قول ابن جبير إنّها زينب الصغرى اجتهادٌ وأنّها مشهورة بأمّ 7.

ص: 432


1- معجم البلدان 3/20.
2- تاريخ دمشق 2/204.
3- الأنساب للسمعاني 4/457.

كلثوم فقط ، ومن هنا قد يقع الشكّ في أنّها بنت عليٍّ عليه السلام فضلاً عن أنّ اسمها زينب ، ويظنّ أنّها امرأة من أهل البيت لم يحفظ نسبها ، كما قاله ابن عساكر ، وإن كان ما اعتمد عليه في ذلك غير صواب ؛ لتعدّد من تسمّى بأمّ كلثوم من بنات عليٍّ عليه السلام وعدم انحصارهنّ في زوجة عمر ، وكيف كان فلو صحّ أنّها زينب الصغرى فهي التي كانت تحت محمّد بن عقيل ، فما الذي جاء بها إلى راوية دمشق ، ولكن ذلك لم يصحّ كما عرفت ، وإن كانت أمّ كلثوم كما هو الظاهر ؛ لدلالة كلام ابن جبير وياقوت وابن عساكر على اشتهارها بذلك ، فليست أمّ كلثوم الكبرى لما مرّ عن ابن عساكر ، فيتعيّن كونها إمّا أمّ كلثوم الوسطى زوجة مسلم بن عقيل ، التي تزوّجها عبدالله بن جعفر بعد قتل زوجها ووفاة أختها زينب الكبرى ، وأمّا أمّ كلثوم الصغرى التي كانت مزوّجة ببعض ولد عقيل ، وحينئذ فمجيء إحداهما إلى الشام ووفاتها في تلك القرية ، وإن كان ممكناً عقلاً لكنّه مستبعد عادةً ، هذا على تقدير صحّة انتساب القبر الذي في راوية إلى أمّ كلثوم بنت عليٍّ عليه السلام ، لكن قد عرفت أنّه ليس بيدنا ما يصحّح ذلك لو لم يوجد ما ينفيه ، ثم إنّه ليس في كلام من تقدّم نقل كلامهم ، ما يدلّ على أنّ من تسمّى بزينب تكنّى بأمّ كلثوم سوى كلام المفيد رحمه الله»(1).

ثمَّ قال سيّدنا الحجّة المحسن الأمين رحمه الله ، بعد أن ترجم لزينب الكبرى 7.

ص: 433


1- أعيان الشيعة 7/136 - 137.

بنت أمير المؤمنين عليه السلام وأنّ أمّها فاطمة الزهراء عليها السلام ، ترجمة مفصّلة ، مبيّناً محلّ قبرها ما نصُّه :

«يجب أن يكون قبرها في المدينة المنوّرة ، فإنّه لم يثبت أنّها بعد رجوعها خرجت منها ، وإن كان تاريخ وفاتها ومحلّ قبرها مجهولين(1) ، ويجب أن يكون قبرها بالبقيع ، وكم من أهل البيت أمثالها من جهل محلُّ قبره ، وتاريخ وفاته ، خصوصاً النّساء.

وفيما أُلحق برسالة نزهة الحرمين في عمارة المشهدين في النجف وكربلاء المطبوعة بالهند(2) ، نقلاً عن رسالة تحيّة أهل القبور بالمأثور ، عند ذكر أولاد الأئمّة عليهم السلام ما لفظه : (ومنهم زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين عليه السلام ، وكنيتها أمّ كلثوم قبرها قرب (قبر)(3) زوجها عبدالله بن جعفر الطيّار خارج دمشق الشّام معروف ، جاءت مع زوجها عبدالله بن جعفر أيّام عبدالملك بن مروان(4) إلى الشّام سنة المجاعة ، ليقوم عبدالله بن جعفر فيما كان له مناة

ص: 434


1- ذكر العبيدلي النسّابة المتوفّى سنة (277 ه) في كتاب (السيّدة زينب وأخبار الزينبيّات) المطبوع بمصر سنة (1350 ه) ، أنّ زينب الكبرى بنت عليٍّ توفّيت بمصر ، عشية يوم الأحد لخمسة عشر يوماً مضت من رجب سنة (62ه) ، ولكن نقل بعض من كتب في حياة زينب عن لواقح الأنوار للشعراني أنّها توفّيت بدمشق سنة (74ه) (منه رحمه الله).
2- هذان الكتابان لسيّدنا الحجّة السيّد حسن الصدر الكاظمي المتوفّى سنة (1354 ه) ، نسختها عن خطّه في حياته سنة (1347 ه). (منه رحمه الله).
3- ليست في المصدر.
4- عبدالملك بن مروان بن الحكم الأمويّ أبو الوليد ، ولد سنة (26 للهجرة) ، من دهاة الخلفاء انتقلت إليه الخلافة بعد موت أبيه سنة (65 هجري) ، فظهر بمظهر القوّة ، فكان جبّاراً على معانديه ، قويّ الهيبة ، وذكر الذهبي في ميزان الاعتدال : أنّه سفك الدماء وفعل الأفاعيل ، وذكر ابن شاكر الكتبي في فوات الوفيات : «لما أفضي الأمر إلى عبدالملك كان المصحف في حجره فأطبقه ، وقال : هذا فراق بيني وبينك» ، توفّي بدمشق سنة (86 للهجرة). (منه رحمه الله).

القرى والمزارع خارج الشام حتّى تنقضي المجاعة ، فماتت زينب هناك ودفنت في بعض تلك القرى ، هذا هو التحقيق في وجه دفنها هناك ، وغيره غلط لا أصل له فاغتنم ، فقد وهم في ذلك جماعة فخبطوا خبط عشواء).

وفي هذا الكلام من خبط عشواء مواضع :

(أوّلا) : أنّ زينب الكبرى لم يقل أحد من المؤرّخين أنّها تكنّى بأمّ كلثوم ، فقد ذكرها المسعودي والمفيد وابن طلحة وغيرهم ، ولم يقل أحد منهم إنّها تكنّى أمّ كلثوم ، بل كلّهم سمّوها زينب الكبرى ، وجعلوها مقابل أمّ كلثوم الكبرى ، وما استظهرناه من أنها تكنّى أمّ كلثوم ظهر لنا أخيراً فساده ، كما مرّ في ترجمة زينب الصغرى.

(ثانياً) : قوله : (قبرها قرب قبر زوجها عبدالله بن جعفر) ليس بصواب ولم يقله أحد ، فقبر عبدالله بن جعفر بالحجاز ، ففي عمدة الطالب والاستيعاب وأسد الغابة والإصابة وغيرها أنّه مات بالمدينة ودفن بالبقيع ، وزاد في عمدة الطالب القول بأنّه مات بالأبواء ودفن بالأبواء ، ولا يوجد قرب القبر المنسوب إليها برواية قبرٌ ينسب لعبدالله بن جعفر.

(ثالثاً) : مجيئها مع زوجها عبدالله بن جعفر إلى الشام سنة المجاعة لم

ص: 435

نره في كلام أحد من المؤرّخين مع مزيد التفتيش والتنقيب ، وإن كان ذكر في كلام أحد من أهل الأعصار الأخيرة فهو حدس واستنباط كالحدس ، والاستنباط من صاحب التحيّة ، فانّ هولاء لمّا توهّموا أنّ القبر الموجود في قرية (راوية) خارج دمشق منسوب إلى زينب الكبرى ، وأنّ ذلك أمرٌ مفروغ منه مع عدم ذكر أحد من المؤرّخين ؛ لذلك استنبطوا لتصحيحه وجوهاً بالحدس والتخمين لا تستند إلى مستند ، فبعض قال : إنّ يزيد (عليه اللعنة) طلبها من المدينة فعظم ذلك عليها ، فقال لها ابن أخيها زين العابدين عليه السلام إنّك لا تصلين دمشق ، فماتت قبل دخولها ، وكأنّه هو الذي عدّه صاحب التحية غلطاً لا أصل له ووقع في مثله وعدّه غنيمة ، وهو ليس بها ، وعدّه غيره خبط عشواء ، وهو منه فاغتنم ، فقد وهم كلّ من زعم أنّ القبر الذي في قرية راوية منسوب إلى زينب الكبرى ، وسبب هذا التوهّم أنّ من سمع أنّ في (راوية) قبراً ينسب إلى السيّدة زينب سبق إلى ذهنه زينب الكبرى ، لتبادر الذهن إلى الفرد الأكمل ، فلمّا لم يجد أثراً يدلّ على ذلك ، لجأ إلى استنباط العلل العليلة ، ونظير هذا أنّ في مصر قبراً ومشهداً يقال له مشهد السيّدة زينب ، وهي زينب بنت يحيى (وتأتي ترجمتها) ، والناس يتوهّمون أنّه قبر السيّدة زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين عليه السلام ، ولا سبب له إلاّ تبادر الذهن إلى الفرد الأكمل ، وإذا كان بعض الناس اختلق سبباً لمجيء زينب الكبرى إلى الشام ووفاتها بها ، فماذا يختلقون لمجيئها إلى مصر؟ وما الذي أتى بها إليها؟ لكنّ بعض المؤلّفين من غيرنا ، رأيت له كتاباً مطبوعاً بمصر - غاب عنّي الآن اسمه

ص: 436

- ذكر لذلك توجيهاً بأنّه يجوز أن تكون نقلت إلى مصر بوجه خفيٍّ على الناس ، مع أنّ زينب التي بمصر هي زينب بنت يحيى حسنيّة أو حسينيّة - كما يأتي - وحال زينب التي براوية حالها.

(رابعاً) : لم يذكر مؤرّخ أنّ عبدالله بن جعفر كان له قرى ومزارع خارج الشام حتّى يأتي إليها ويقوم بأمرها ، وإنّما كان يفد على معاوية فيجزيه ، فلا يطول أمر تلك الجوائز في يده حتّى ينفقها ، بما عرف عنه من الجود المفرط ، فمن أين جاءته هذه القرى والمزارع ، وفي أيّ كتاب ذكرت من كتب التواريخ.

(خامساً) : إن كان عبدالله بن جعفر له قرى ومزارع خارج الشام ، كما صوّرته المخيّلة للإتيان ، فما الذي يدعوه للاتيان بزوجته زينب معه ، وهي التي أتي بها إلى الشام ، أسيرة بزيّ السبايا ، وبصورة فظيعة ، وأدخلت على يزيد مع ابن أخيها زين العابدين ، وباقي أهل بيتها بهيأة مشجية ، فهل من المتصوّر أن ترغب في دخول الشام ورؤيتها مرّة ثانية ، وقد جرى عليها بالشام ما جرى ، وإن كان الداعي للإتيان بها معه هو المجاعة بالحجاز ، فكان يمكنه أن يحمل غلاّت مزارعه الموهومة إلى الحجاز ، أو بيعها بالشام ويأتي بثمنها إلى الحجاز ، وإن دعاه لذلك أنّه لم يكن له بالحجاز ما يقوتها به ، فجاء بها إلى الشام لإحراز قوتها فهو ممّا لا يقبله عاقل ، فابن جعفر لم يكن معدماً إلى هذا الحدّ ، مع أنّه يتكلّف من نفقة إحضارها وإحضار أهله أكثر من نفقة قوتها ، فما كان ليحضرها وحدها إلى الشام ويترك باقي عياله بالحجاز جياعى.

ص: 437

(سادساً) : لم يتحقّق أنّ صاحبة القبر الذي في (راوية) تسمّى زينب ، لو لم يتحقّق عدمه ، فضلا عن أن تكون زينب الكبرى ، وانّما هي مشهورة بأمّ كلثوم - كما مرّ - في ترجمة زينب الصغرى(1) ولو فرض فهي زينب الصغرى لا الكبرى ، على أنّ زينب لا تكنّى بأمّ كلثوم وهذه مشهورة بأمّ كلثوم»(2).

ثمَّ إنّ سيّدنا الحجّة المحسن الأمين رحمه الله ذكر في الصفحة 142 من الجزء المذكور مانصّه : «زينب بنت يحيى المتوّج بن الحسن بن الأنور بن زيد الأبلج بن الحسن السّبط بن علي بن أبي طالب عليه السلام صاحبة المشهد المعروف بمصر ، هكذا نسبها صاحب الطراز المذهّب في أحوال زينب ، وهو أحد أجزاء ناسخ التواريخ تأليف ميرزا علي خان ، طبع بمبي فقال ما تعريبه : (في كتاب تحفة الأحباب : في مصر ، في المشهد المعروف بالسيّدة زينب بنت يحيى المتوّج بن الحسن الأنور بن زيد الأبلج بن الحسن السبط ابن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام ، جماعة من ذريّة السيّدة أمّ كلثوم ، يعرفون بالكلثوميّين وبالطيّارة أيضاً) ، ولكنّ ابن جبير قال في نسبها ما يخالف ذلك ، فذكر في رحلته عند الكلام على مصر ما صورته :

(مشاهد الشريفات العلويّات (رضي الله عنهن) : 0.

ص: 438


1- راجع (صفحه 136) من هذا الكتاب (أعيان الشيعة ج 7) ففيها البحث عن زينب الصغرى. (منه رحمه الله).
2- أعيان الشيعة 7/140.

مشهد السيّدة أمّ كلثوم ابنة القاسم بن محمّد بن جعفر (رضي الله عنهم) ، ومشهد السيّدة زينب ابنة يحيى بن زين العابدين بن الحسين بن عليٍّ (رضي الله عنهم) ، ومشهد أمّ كلثوم ابنة محمّد بن جعفر الصادق (رضي الله عنهم) ، ومشهد السيّدة أم عبدالله بن القاسم بن محمّد (رضي الله عنهم) ، وهذا ذكر ما حصله العيان من هذه المشاهد العلويّة المكرّمة ، وهي أكثر من ذلك ، وأخبرنا أنّ في جملتها مشهداً مباركاً لمريم ابنة عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنهم) ، وهو مشهور لكنّا لم نعاينه ، وأسماء أصحاب هذه المشاهد المباركة ، إنّما تلقّيناها من التواريخ الثابتة عليها ، مع تواتر الأخبار بصحّة ذلك ، والله أعلم بها ، وعلى كلِّ واحد منها بناء حفيل ، فهي بأسرها روضات بديعة الإتقان ، عجيبة البنيان ، قد وكّل بها قومة ، يسكنون فيها ويحفظونها ، ومنظرها منظر عجيب ، والجرايات متّصلة لقوّامها في كلّ شهر).

فصاحب التحفة جعلها حسنيّة وابن جبير حسينيّة ، وهو غريب ، وهذا المشهد ، مزور معظّم ، مشيّد البناء ، بناؤه في غاية الإتقان ، فسيح الأرجاء ، دخلته وزرته في سفري إلى الحجاز بطريق مصر عام (1340 ه) ، ويعرف بمشهد السيّدة زينب ، وأهل مصر يتوافدون لزيارته زرافات ووحداناً وتلقى فيه الدروس ، وهم يعتقدون أنّ صاحبته زينب بنت عليٍّ بن أبي طالب عليه السلام ، حتّى أنّي رأيت كتاباً مطبوعاً في مصر لا أتذكّر الآن إسمه ولا إسم مؤلّفه ، وفيه أنّ صاحبة هذا المشهد هي زينب بنت عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، ثمّ يسأل أنّها كيف جاءت إلى مصر ولم يذكر ذلك أحد ، ويجيب بأنّه يمكن أن تكون

ص: 439

نقلت جثّتها ، جاءت بطريق غير مألوف ولا معروف أو نحواً من ذلك فتأمّل واعجب»(1).

انتهى ما ذكره سيّدنا الحجّة المحسن الأمين رحمه الله من التحقيق الرشيق ، ولكن نرى النسّابة العبيدلي(2) يقول في كتابه السيّدة زينب وأخبار الزينبيّات عه

ص: 440


1- أعيان الشيعة 7/142.
2- قال تاج الدين الحسيني في نسب الطالبيّين : «هو أوّل من جمع الأنساب بين دفّتين ، وكان إلى بنيه إمارة المدينة ، وهي في عقبه إلى يومنا هذا. صنّف كتاب نسب آل أبي طالب ، إبتدأ فيه بولد أبي طالب ، ثمّ بولدهم بطناً بعد بطن إلى قريب من زمانه ، وهو كتاب أحسن ما رأيت في مصنّفات الأنساب ، لا أحسن ولا أعدل ولا أنصف ولا أرضى منه ، وقال ابن الأعرج الحسيني الواسطي في الثبت المصان - بعد ذكر نسبه - وله من التآليف أخبار المدينة ، وأخبار الزّينبيات ، وكتاب النّسب ، وكتاب الردّ على أولي الرّفض والمكر فيمن كنّي بأبي بكر ، سكن مدينة رسول الله(صلى الله عليه وآله) ووليها بعد أبيه وجدّه ، ولا زالت الإمارة في عقبه إلى عصرنا هذا ، وكان سيّداً ، عظيم القدر ، جليل الشأن ، مشكور الطّريقة ، ولد في المحرّم سنة (214 ه) بالمدينة بالعقيق في قصر عاصم ، وتوفّي بمكّة سنة (277 ه) عن (63) عاماً ، وصلّى عليه أميرها محمّد بن محمّد العبّاسي (وقال) الشّريف الأزورقاني في (بحر الأنساب) : كان يحيى بن الحسن أحد أجواد بني هاشم وسيّداً من ساداتهم ، له كتاب النسب ، وأخبار المدينة ، توفّي بمكّة سنة (277 ه) ، وكان أبوه الحسن سيّداً من سادات بني هاشم ، مات بالمدينة سنة (221 ه) وله من العمر (23) سنة ، وأبوه جعفر الحجّة هو المسمّى عند الشيعة حجّة الله بن عبيدالله الأعرج صاحب القصّة المشهورة مع السفّاح ، وبسببها بترت رجله وعرج ، وذلك أنّ أبا مسلم الخراساني دعاه إلى الخلافة قبل بني العبّاس فأبى ، فألحّ عليه فتنافر من ذلك فرجع إلى خلفه فسقط فبترت رجله فتمّت البيعة للسفّاح ، فأقطعه ضيعة بالمدائن يقال لها البندشير ، وأبوه الحسين الأصغر كان من أهل الحديث ، روى عن أبيه وعمّته فاطمة بنت الحسين ، وأخيه الباقر عليهم السلام وروى عنه بنوه وغيرهم» - وقال أبو يعقوب الآزموري الأمغاري في كتابه أقنوم الآثار في الكشف عن الكتب والأسفار - الذي هو قاموسٌ عامٌّ لاسماء الكتب الموضوعة في القرن الثالث وما يليه إلى عصر المؤلّف ، وقد لخّصه ببعض المتأخّرين وطبع هذا الملخّص بأوروبا منذ ثلاث سنوات - قال في ترجمة العبيدلي هذا : «أخبار الزينبيّات رسالة للعبيدلي يحيى ابن الحسن شيخ الشّرف ، أوّلها : بحمد الله وثنائه نستفتح أبواب رحمته ، وله غيرها تآليف حسنة منها كتاب النّسب في أربعة أسفار ، وهو كتاب لم تكتحل العين بمثله ، قلت - لمّا وقفت عليه - : هذا كتاب نسب ، لا بل كتاب عجب ، وله أخبار أهل المدينة ، وأنساب قبائل العرب ، ونسب بني الأشعث وبني كندة وبني سنان ، وتأليف في الخلافة ، ورسالة فيمن كنّي بأبي بكر ردّ فيها على الرافضة - وله غير ذلك ، توفّي بمكّة في ذي القعدة عام (277 ه) ، عن (63) عاماً ، وصلّى عليه أميرها وتولّى بعده على إمارة المدينة ابنه الشريف طاهر ، ولا زالت في ولده إلى اليوم ، ولمّا دخلنا المدينة في حجّتنا الأولى عام (498) ه. أنزلنا بداره أميرها الشريف قاسم بن مهنّا بن الحسين بن مهنّا بن داود ابن أحمد بن عبدالله بن الشريف طاهر» - (نقلنا هذه الترجمة للعبيدلي من آخر كتاب الزينبيّات المطبوع) (منه رحمه الله).

المطبوع بمصر سنة (1351 للهجرة) تحت عنوان زينب الكبرى بنت علي بن أبي طالب ما هذا نصّه : «أمّها فاطمة الزهراء بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولدت في حياة جدّها ، وخرجت إلى عبدالله بن جعفر فولدت له أولاداً ، ذكرناهم في كتاب النّسب» - ثمّ قال - : «حدّثني إبراهيم بن محمّد الحريري ، قال : حدّثني عبدالصمد ابن حسّان السعدي ، عن سفيان الثوري ، عن جعفر بن محمّد الصادق ، عن أبيه عن الحسن بن الحسن ، قال : لمّا حملنا إلى يزيد وكنّا

ص: 441

بضعة عشر نفساً ، أمر أن نسير إلى المدينة فوصلناها في مستهلِّ ... وعلى المدينة عمرو بن سعيد الأشدق ... فجاءه عبدالملك ابن الحارث السّهمي فأخبره بقدومنا ، فأمر أن ينادى بأسواق المدينة : ألا إنّ زين العابدين وبني عمومته وعمّاته قد قدموا إليكم ، فبرزت الرجال والنساء والصبيان صارخات باكيات ، وخرجت نساء بني هاشم حاسرات تنادي واحسيناه واحسيناه ، فأقمنا ثلاثة أيّام بلياليها ونساء بني هاشم وأهل المدينة مجتمعون حولنا»(1).

«حدّثنا زهران بن مالك قال : سمعت عبد الله بن عبدالرحمن العتبي يقول : حدّثني موسى بن سلمة ، عن سهل بن الفضيل ، عن عليِّ بن موسى ، قال : أخبرني قاسم بن عبدالرزّاق وعليّ بن أحمد الباهلي ، قالا : أخبرنا مصعب بن عبدالله قال : كانت زينب بنت عليٍّ - وهي بالمدينة - تألّب الناس على القيام بأخذ ثأر الحسين عليه السلام ، فلمّا قام عبدالله بن الزبير بمكّة وحمل الناس على الأخذ بثأر الحسين عليه السلام وخلع يزيد ، بلغ ذلك أهل المدينة فخطبت فيهم زينب وصارت تؤلّبهم على القيام للأخذ بالثار ، فبلغ ذلك عمرو بن سعيد ، فكتب إلى يزيد يعلمه بالخبر ، فكتب إليه : أن فرّق بينها وبينهم ، فأمر أن ينادي عليها بالخروج من المدينة والإقامة حيث تشاء ، فقالت : قد علم الله ما صار إلينا ، قتل خيرنا وسقنا كما تساق الأنعام ، وحملنا على الأقتاب ، فوالله لا خرجنا وإن أهرقت دماؤنا ، فقالت لها زينب بنت 6.

ص: 442


1- الزينبيّات : 16.

عقيل : يا ابنة عمّاه قد صدقنا الله وعده ، وأورثنا الأرض نتبوّأ منها حيث نشاء ، فطيبي نفساً ، وقرّي عيناً ، وسيجزي الله الظالمين ، أتريدين بعد هذا هواناً إرحلي إلى بلد آمن ، ثمّ اجتمع عليها نساء بني هاشم وتلطّفن معها في الكلام وواسينها»(1).

وبالإسناد المذكور مرفوعاً إلى عبيدالله بن أبي رافع قال : «سمعت محمّداً أبالقاسم بن عليّ يقول : لمّا قدمت زينب بنت عليٍّ عليه السلام من الشام إلى المدينة مع النساء والصبيان ، ثارت فتنة بينها وبين عمرو بن سعيد الأشدق والي المدينة من قبل يزيد ، فكتب إلى يزيد يشير عليه بنقلها من المدينة ، فكتب له بذلك فجهّزها هي ومن أراد السفر معها من نساء بني هاشم إلى مصر ، فقدمتها لأيّام بقيت من رجب»(2).

«حدّثني أبي عن أبيه ، عن جدّي ، عن محمّد بن عبدالله ، عن جعفر بن محمّد الصادق ، عن أبيه ، عن الحسن بن الحسن (قال) : لمّا خرجت عمّتي زينب من المدينة ، خرج معها من نساء بني هاشم فاطمة ابنة عمّي الحسين عليه السلام وأختها سكينة»(3).

«وحدّثني أبي ، قال : روينا بالإسناد المرفوع إلى علي بن محمّد بن عبدالله ، قال : لمّا دخلت مصر في سنة (145 ه) سمعت عسامة المعافري ، 8.

ص: 443


1- الزينبيّات : 17.
2- الزينبيّات : 18.
3- الزينبيّات : 18.

يقول : حدّثني عبد الملك بن سعيد الأنصاري ، قال : حدّثني وهب بن سعيد الأوسي ، عن عبدالله بن عبد الرحمن الأنصاري (قال) : رأيت زينب بنت عليٍّ بمصر بعد قدومها بأيّام ، فو الله ما رأيت مثلها ، وجهها كأنّه شقّة قمر»(1).

«وبالسند المرفوع إلى رقيّة بنت عقبة بن نافع الفهري ، قالت : كنت فيمن استقبل زينب بنت علي لمّا قدمت مصر بعد المصيبة ، فتقدّم إليها مسلمة بن مخلّد وعبدالله بن الحارث وأبو عميرة المزني ، فعزّاها مسلمة وبكى ، وبكت ، وبكى الحاضرون ، وقالت : هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون ، ثمّ احتملها إلى داره بالحمراء ، فأقامت به أحد عشر شهراً وخمسة عشر يوماً ، وتوفّيت وشهدت جنازتها ، وصلّى عليها مسلمة بن مخلّد في جمع بالجامع ، ورجعوا بها فدفنوها بالحمراء بمخدعها من الدار بوصيّتها»(2).

«حدّثني إسماعيل بن محمّد البصري - عابد مصر ونزيلها - قال حدّثني حمزة المكفوف ، قال : أخبرني الشريف أبو عبدالله ، قال : سمعت هند بنت أبي رافع ابن عبيدالله بن(3) رقية بنت عقبة بن نافع الفهري تقول : توفّيت زينب بنت عليٍّ عشيّة يوم الأحد ، لخمسة عشر يوماً مضت من رجب سنة (62 من الهجرة) ، وشهدت جنازتها ، ودفنت بمخدعها بدار مسلمة المستجدّة ).

ص: 444


1- الزينبيّات : 18.
2- الزينبيّات : 18.
3- في النسخة المطبوعة بن رقية ولعلّ الصحيح (أنّ رقية) فلاحظ. (منه رحمه الله).

بالحمراء القصوى(1) حيث بساتين عبدالله بن عبدالرحمن بن عوف الزهري»(2).

ثمّ ذكر العبيدلي زينب الوسطى بنت عليٍّ بن أبي طالب عليه السلام وقال ، «أمّها وأمّ إخوتها الحسن والحسين ومحسن وزينب الكبرى ورقية ، (فاطمة) الزّهراء بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله).

حدّثنا موسى بن عبد الرحمن ، قال : حدّثني موسى بن عبدالله بن محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب ، عن أبيه ، عن جدّه ، قال : ولدت زينب قبل وفاة النبيّ (صلى الله عليه وآله) وسمّتها أمّها زينب ، وكنّاها رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمّ كلثوم ، ولمّا خطبها عمر بن الخطّاب من أبيها ، فوّض أمرها إلى العبّاس فزوّجها عمر ، فولدت له زيداً ورقيّة ، فقتل زيد في حرب كانت في بني عدي ليلا ، وكان قد خرج للإصلاح بينهم ، ضربه خالد بن أسلم مولى عمر بن الخطّاب في الظلام ولم يعرفه فصُرع ، وعاش أيّاماً ومات هو وأمّه في وقت واحد ولم 8.

ص: 445


1- قال المقريزي في (الخطط) نقلاً عن الكندي : وكانت الحمراء على ثلاثة : (فأوّل) ذلك الحمراء الدّنيا ، خطّة بلي بن عمرو بن الحاف بن قضاعة ، والحمراء الوسطى ، خطّة بني نبه ، وهم قومٌ من الرّوم حضر الفتح منهم مائة رجل ، والحمراء القصوى ، وهي خطّة بني الأزرق وبني روبيل ، وهم من الروم ، فأمّا الأوّل فتجمع جابر الأوز ، وعقبة العداسين ، وسوق وردان ، وخطّة الزبير إلى نقاشى البلاط طولاً وعرضاً ، وأمّا الوسطى فمن درب نقاشى البلاط إلى درب معاني طولاً وعرضاً على قدره ، وأمّا القصوى فمن درب معاني إلى القناطر الظاهرية يعني قناطر السّباع ، وهي حد ولاية مصر من القاهرة ، وكانت هذه الحمراوات جلّ عمارة مصر في زمن الرّوم.
2- الزينبيّات : 18.

يعقب ، فلم يدر أيّهما مات قبل الآخر ، فلمّا وضعا للصّلاة قدّم زيداً قبل أمّه ممّايلي الإمام ، وصلّى عليهما عبدالله بن عمر بن الخطّاب ، وسعيد بن العاص أمير الناس ، وعاشت رقية وتزوّجت إبراهيم بن عبدالله النحّام بن أسد بن عبيد بن عولج بن عدي بن عمر بن الخطّاب»(1).

ثم ذكر العبيدلي زينب الصغرى بنت عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، وقال : «أمّها أمّ ولد ، تزوّجت ابن عمّها محمّد بن عقيل ، فولدت له القاسم ، وعبدالله ، وعبدالرحمن ، أعقب منهم عبدالله ، وماتت زينب بالمدينة»(2).

وذكر الأستاذ حسن محمّد قاسم المصري مؤلف كتاب المزارات المصرية ، بعد أن أورد كتاب الزينبيّات بنصّه ، تكملةً له بنحو أوسع ، فقال في تاريخ زينب الكبرى ، تحت عنوان قدومها مصر ووفاتها بها ، ما هذا نصّه :

«قال العبيدلي في أخباره ، والحافظ ابن عساكر الدمشقي في تاريخه الكبير ، والمؤرّخ ابن طولون الدمشقي في الرسالة الزينبية - بعد شرح ما تقدّم - : ثمّ انّ والي المدينة من قِبل يزيد وهو عمرو بن سعيد الأشدق(3) ، اشتكى من إقامة السيّدة زينب بالمدينة ، فكتب بذلك إلى يزيد ، وأعلمه بأنّ ).

ص: 446


1- الزينبيّات : 19 ، إفحام الأعداء 1/162.
2- الزينبيّات : 19 ، مستدرك سفينة البحار 4/316.
3- عمرو بن سعيد بن العاص بن أميّة قيل له الأشدق ؛ لأنّه كان خطيباً بليغاً ، قتله عبدالملك بن مروان سنة (69 ه) (منه رحمه الله).

وجودها بين أهل المدينة مهيّجٌ الخواطر ، وأنّها فصيحةً عاقلةٌ لبيبةٌ ، وقد عزمت هي ومن معها على القيام للأخذ بثار الحسين عليه السلام ، فلمّا وصل الكتاب إلى يزيد وعلم بذلك ، أمر بتفريقهم في الأقطار والأمصار ، فاختارت السيّدة زينب الإقامة بمصر طلباً لراحتها ، واختار بعض أهل البيت بلاد الشام ، فعند ذلك جهّزهم ابن الأشدق ، فخرجت السيّدة هي ومن معها من أهل البيت ، وفيهم سكينة بنت الحسين عليه السلام وأختها فاطمة ، فلمّا اتّصل خبر ذلك والي مصر إذ ذاك وهو مسلمُ بن مخلد الأنصاري(1) توجّه هو وجماعة من أصحابه ، وفي صحبتهم جملة من أعيان مصر ووجهائها إلى لقائها ، فتلقّوها من قرية بين طريق مصر والشام شرقي بلبيس (عرفت أخيراً بقرية العبّاسة نسبةً للعباسة بنت أحمد بن طولون) ، ولم يبق بالمدينة من جماعتهم إلاّ زين العابدين ، وأقام الحسن المثنّى بخارجها ، ووافق دخول السيّدة إلى مصر أوّل شعبان سنة (61 ه) ، وكان قد مضى على الموقعة نحو ستّة أشهر وأيّاماً بما يسع مدّة أسفارها ، فأنزلها مسلمة بن مخلد هي ومن معها في داره بالحمراء القصوى ، ترويحاً لنفسها اذ كانت تشتكي انحرافاً ، فأقامت بها (11) شهراً ونحو (15) يوماً من شعبان سنة (61ه) إلى رجب سنة (62 ه) ، وتوفّيت رضی الله عنها يوم الأحد ليلة الإثنين لأربعة عشر يوماً مضت من شهر رجب من السنة المذكورة ، وبعد تجهيزها وشهود جنازتها ، دفنت بمحلِّ ).

ص: 447


1- هو أمير مصر لمعاوية ويزيد ، توفّي وهو وال لخمس بقين من رجب سنة (62 ه) بعد وفاة زينب بأيّام ، وقبره معروف بمصر إلى عصر هذا التاريخ. (منه رحمه الله).

سكناها على العادة في ذلك(1) ، ثمّ بعد وفاتها رجع من كان معها من أقاربها إلى المدينة ، وفيهم السيّدة سكينة وفاطمة على ما ذكره ابن الأزرق في تاريخه ، فأمّا سكينة فتوفّيت بالمدينة على المشهور ، وفاطمة مكثت بها إلى أن توفّي زوجها الحسن المثنّى سنة (97 ه) وخلف عليها عبدالله الأصغر بن عمرو بن عثمان بن عفّان ، ويقال : إنّ بعد وفاته قدمت هي وابنتها منه رقية إلى مصر ، فأقامت بها إلى أن توفّيت سنة (110 ه) ، ودفنت بمحلّ سكناها بمحلّة الحطّابة (تعريف قديم للمنطقة الواقع بها ضريحها الشريف التي تزار به الآن).

وأمّا ولدها محمّد الدّيباج أخو رقيّة المذكورة ، فقتله المنصور وأرسل رأسه إلى خراسان ، وله بها مقام مشهورٌ يزار.

ثمّ بعد مرور عام على وفاتها (أي وفاة زينب) ، وفي نفس اليوم الذي توفيّت فيه ، اجتمع أهل مصر قاطبةً - وفيهم الفقهاء والقرّاء وغير ذلك - وأقاموا لها موسماً عظيماً برسم الذّكرى على ما جرت به العادة ، ومن ذلك الحين لم ينقطع هذا الموسم إلى وقتنا هذا من يوم وفاتها إلى الآن ، وإلى ما شاء الله ، وهذا الموسم المذكور ، هو المعبّر عنه بالمولد (الزينبي) ، الذي يبتدأ من أوّل شهر رجب من كلّ سنة وينتهي ليلة النصف منه ، وهي ليلة الختام ، وتُحيى هذه الليالي بتلاوة آي القرآن الحكيم والأذكار الشرعيّة ، ).

ص: 448


1- وهذا هو الذي نختاره لا ما قيل من أنّها توفيت بالشام ودفنت بالراوية ، فلاحظ. (منه رحمه الله).

ويكون لذلك مهرجان عظيم ، وتفد الناس من كلِّ فج عميق إلى زيارة ضريحها الشريف ، وكذلك تقصدها الناس بالزيارة بكثرة لا سيّما في يوم الأحد ، وهي عادة قديمة ورثها الخلف عن السلف ، والأصل في ذلك أنّ أفضل ما يزار به الولي من الأيّام هو اليوم الذي توفّي فيه ، بل قالوا لا يزار إلاّ في هذا اليوم إن علم ذلك ، وإلاّ ففي اليوم المجمع عليه جرياً على العادة ، والسيّدة - رضي الله عنها - لا يقصدها الزائرون بكثرة إلاّ في هذا اليوم ، اقتداءً بما تواتر عن اسلافهم ، وكان يزورها كافور الأخشيدي في ذلك اليوم ، كما كان يزور السيّدة نفيسة بنت سيّدي الحسن في يوم الخميس ، وكذلك كان يفعل أحمد بن طولون ، وكان الظافر بنصر الله الفاطمي لا يزورها إلاّ في نفس هذا اليوم ، وإذا أتى إلى مقامها الشريف يأتي حاسر الرأس مترجّلا ، ويتصدّق عند قبرها ، وينذر لها النذور وغير ذلك ، واقتفى أثر هؤلاء من جاء بعدهم من الملوك والسلاطين والأمراء ، وكان الظاهر (جقمق) أحد ملوك مصر في القرن الثامن الهجري توقد له في هذا اليوم الشموع ، وتنار أرجاء المشهد بالقناديل الملوّنة ، ولازم زيارتها في هذا اليوم كثير من العلماء والأولياء وأهل الفضل ، ولا زال ذلك جارياً إلى الآن من العامّة والخاصّة ، وفي القرن السابع الهجري كان السيّد محمّد العتريس(1) اعتاد أن يقيم هو وفقراؤه حضرة ، اء

ص: 449


1- السيّد محمّد القرشي المعروف بالعتريس ، هو أخو السيّد إبراهيم الدسوقي أحد الأولياء المشهورين ، والسيّد أبي عمران موسى ، والسيّد عبدالله القرشي ، وكلّهم أشقّاء

يذكرون الله فيها ويصلّون على نبيّه (صلى الله عليه وآله) في ليلة الأربعاء ، وبعد وفاته اقتفى أثره من خلفه ، وجرت على ذلك العادة إلى اليوم ، والأصل في موالد الأولياء التي تقام ببلاد مصر عامّة في كلّ عام هي على هذا النمط لمن تحقّق لديه ذلك ، ويتوهّم بعض الناس أنّها ذكرى مولد ذلك الولي وهي بالتحقيق ذكريات وفاتهم كما هو الجاري في المولد الأحمدي الكبير وغيره ، وقد لا يجوّز بعض العلماء إقامة هذه الموالد ، نعم هي ليست جائزة اذا كانت غير موافقة لآداب الشريعة الغرّاء كاجتماع الرجال بالنساء والصياح والهرج والمرج فذلك كلّه باطل ومفسدة بالدين ، والدين بريء ممّن يفعل ذلك ، وواجب العلماء وولاة الأمور أن يزجروا من يتلبّس بهذه الأفعال الشنيعة ، ومولد صاحبة الترجمة (أي زينب) - رضي الله عنها - ليس فيه إلاّ الكمال الكامل ، وكذلك موالد من ينتمي إليها بالقرابة رضي الله عن جميعهم»(1).

ثمّ إنّ الأستاذ حسن محمّد قاسم المصري - بعد أن ذكر ما تقدّم - قال : «هذه الشذرة التي تضمّنت أخبار السيّدة زينب - رضي الله عنها - استطلعناها من مصادر موثّقة ، فإذا علمت ذلك فاعلم أنّه لا خلاف في أنّ هذا المشهد 1.

ص: 450


1- الزينبيّات : 57 - 61.

الواقع جنوبي القاهرة قد ضمّ جثمان هذه السيّدة الطاهرة ، بما نقل عن أهل التاريخ من الأخبار الصحيحة الثابتة التي لا مجال للشكّ فيها ، وأنّ الخلاف الواقع لفريق من المؤرّخين ، إنّما هو لتعدّد اسم زينب في بنات الإمام عليٍّ عليه السلام ، وقد تعدّد هذا الاسم في كثير من ذرّية السبطين ، كما دلّت على ذلك كتب الأنساب والسير ، والمقطوع بصحّته ما أثبتناه عن أساطين العلم وأساتذة علم التاريخ والنسب(1) ، وإليك بيان بعض ما حضرني ذكره من الكتب التاريخيّة التي روينا عن مؤلّفيها هذه الأخبار.

(فمن كتب الأنساب) : كتاب أنساب قريش لمصعب بن عبدالله الزبيري ، وبحر الأنساب لابن جزّي الكلبي ، والجمهرة لابن حزم ، وبحر الأنساب فيما للسبطين من الأعقاب للشريف الأدورقاني ، والدّرر البهيّة في الأنساب الحسنيّة والحسينيّة للشريف الفضيلي ، والروض المعطار في نسب آل جعفر الطيّار للسيّد مرتضى الزبيدي ، والعجاجة الزرنبيّة في السلالة الزينبيّة للحافظ السيوطي ، وعمدة الطالب في نسب آل أبي طالب لابن عنبة ، ومحض المآرب لابن المبرّد ، ومطالب السّؤول في مناقب آل الرسول لمحمّد بن أبي طلحة القرشي ، وطبقات الأشراف لأبي عبد الله القرشي ، والفصول المهمّة في فضائل الأئمّة لابن الصبّاغ ، وطلعة المشتري في النسب الجعفري لأحمد ابن خالد الناصري السّلاوي مؤلّف الاستقصاء ، ومختصر 1.

ص: 451


1- الزينبيّات : 61.

الأنساب للشريف تاج الدين الحسيني ، والمعارف لابن قتيبة ، والدرّ المكنون في ذكر القبائل والبطون للشريف محمّد بن أسعد الجوّاني ، والرسالة الزينبيّة لشمس الدين أبي الخير السّخاوي المصري ، وهو غير مؤلّف تحفة الأحباب ، وأخبار الزينبيّات للشريف العبيدلي النسّابة.

(ومن كتب التواريخ والسير) كتاب تاريخ الأمم والملوك للطبري ، وتواريخ دول الإسلام للذهبي ، والكامل لابن الأثير ، وتواريخ البدر العيني ، واليافعي ، والبخاري ، وابن عساكر الدمشقي ، وابن خلكان ، والمقريزي ، والمسعودي ، وابن طولون الدمشقي ، والسيّوطي ، وابن سعد ، وابن تغري بردي ، والسخاوي ، وابن العماد ، والشامي ، والاصبهاني ، والقلقشندي ، وابن حجر العسقلاني ، وابن الأثير ، والحلبيّ ، والواقدي.

(ومن كتب المزارات) مصباح الدّياجي لابن الناسخ ، ومرشد الزوّار لابن عثمان والمزارات المصريّة للأزهري ، وهادي الراغبين لابن أبي طلحة ، والعقود الدرّية لأبي يوسف الكندي ، وتحفة الأحباب للسخاوي ، والكواكب السيّارة لابن الزيّات ، والإشارات إلى أماكن الزيارات للهروي(1) ، وابن الحوراني ، وابن طولون ، والنبذة اللطيفة في مزارات دمشق الشريفة لابن ياسين(2) الفرضي.

(ومن كتب الرحلات) رحلة النّابلسي الموسومة بالحقيقة والمجاز في ).

ص: 452


1- أبو الحسن عليّ بن أبي بكر الهرويّ توفّي بحلب سنة (611 ه). (منه رحمه الله).
2- توفّي ابن ياسين الفرضي سنة (1095 ه). (منه رحمه الله).

الرحلة إلى الشام ومصر والحجاز ، والرحلة الصغرى الموسومة ب- : الحضرة الأنسيّة له ، والروض البسّام للقاياتي ، والخطط للمقريزي ولعلي باشا مبارك.

(ومن كتب المتأخّرين) تاريخ تقي الدين الحصني ، والتاريخ الحسيني لعلي جلال بك ، والعدل الشاهد لعثمان مدوّخ ، ونور الأبصار للشبلنجي ، ومشاهد الصّفا للقلعاوي ، إلى غير ذلك ، وإنّما وقع الإلماع بذكرها لمن شاء أن يرجع إليها ، وغالبها من محفوظات دار الكتب المصريّة ، وبعضها مشهور متداول».

ثمّ ذكر الاستاذ المذكور (صفحة 63) تحت عنوان (زينب الوسطى بنت عليِّ بن أبي طالب عليه السلام).

«أمّا السيّدة زينب الوسطى - دفينة الشام - فقد ذكرنا فيما تقدّم أنّ أمّها - رضي الله عنها - وهي السيّدة فاطمة الزهراء عليها السلام سمّتها زينب ، وكنّاها جدّها (صلى الله عليه وآله) أمّ كلثوم ، ثمّ أطلق عليها الكبرى ؛ للتمييز بينها وبين أختها لأبيها أمّ كلثوم الصغرى.

قال النّاصري في طلعة المشتري ، وابن عبد البرّ في الاستيعاب ، والعبيدلي في تاريخه : (زينب الوسطى) بنت عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه ، الملقّبة بأمّ كلثوم ، خطبها عمر بن الخطّاب ، وكان مولدها قبل وفاة النبيِّ (صلى الله عليه وآله) ، ولذلك عدّها ابن عبد البرّ في الصحابيّات ، ولمّا خطبها عمر من عليٍّ عليه السلام قال له : إنّها صغيرة ، فقال عمر : زوّجها لي يا أبا الحسن فإنّي أرصد من كرامتها ما لا يرصده أحد ، فقال له : أنا أبعثها إليك فإن رضيتها زوّجتكها ، فبعثها إليه ببرد

ص: 453

وقال لها : قولي له هذا البرد الذي قلت لك عنه ، فقالت ذلك لعمر ، فقال لها : قولي له قد رضيت رضي الله عنك ، ووضع يده على ساقها فكشفها ، فقالت له : مه أتفعل هذا؟ لو لا أنّك أمير المؤمنين لكسرت أنفك ، ثمّ خرجت حتّى جاءت أباها ، فأخبرته الخبر وقالت : بعثتني إلى شيخ سوء ، فقال يا بنيّتي إنّه زوجك ، ثمّ جاء عمر إلى مجلس المهاجرين بالروضة ، وكان يجلس فيه المهاجرون الأوّلون ، فجلس إليهم وقال لهم : رفّثوني ، فقالوا : بماذا يا أمير المؤمنين؟ قال : تزوّجت أم كلثوم بنت عليٍّ بن أبي طالب ، سمعت رسول الله يقول : كلّ نسب وسبب وصهر منقطع يوم القيامة إلاّ نسبي وصهري ، فكان لي به عليه السلام النسب والسبب ، فأردت أن أجمع إليهما الصهر ، فرفّؤوه.

وعن زيد بن أسلم رضي الله عنه أنّه أصدقها أربعين ألف درهم ، قال ابن عبد البرّ : فولدت له زيداً ورقية ، قال مصعب : فأمّا زيد فكان له ولد فانقرضوا ، وكان بين بني أبي الجهم وبين بني حذيفة العدوّي حرب فخرج يحجز بينهم ، فأُصيب ولا يعرف كيف قتل ، فمات زيد وماتت أمّه أمّ كلثوم أيضاً ، وكانت مريضة فالتقت عليهما الصائحتان ، ولم يدر أيّهما مات قبل الآخر فلم يتوارثا ، ولمّا قتل عمر بن الخطّاب تزوّجت بعده محمّد بن جعفر بن أبي طالب ، فمات عنها فتزوّجها عبدالله بن جعفر ، وكان زواجه بها بعد طلاقه لأختها زينب الكبرى ، كذا صوّبه الناصري ، وهو المشهور ، فماتت عنده.

قال في المواهب : ولم تلد لواحد من الثلاثة سوى محمّد ، فإنّها ولدت له ابنة ماتت صغيرة ، فليس لأمّ كلثوم المذكورة عقب ، وأمّا رقيّة ابنتها من

ص: 454

عمر ، فقال مصعب تزوّجها ابراهيم بن نعيم بن عبد الله النحّام ، فولدت له جارية وماتت الجارية وماتت أمّها أيضاً (قال) : وانقرض ولد أمّ كلثوم من عمر(1).

قال ابن طولون (المتوفّى سنة (953 ه)) في مصنّف له فيها ، والعدوي في مزاراته : إنّها هي المدفونة بقرية راوية ، قرب حجيرة من غوطة دمشق المعروفة بقرية الست(2).

وقال الهروي في الإشارات(3) ، وابن الجوراني(4) في المزارات الشامية ، والعزّ بن شدّاد في الأعلاق الخطيرة ، والصيّادي في الروضة البهيّة(5) - في الكلام على مزارات الجهة الشماليّة من دمشق : ومنها قرية يقال لها : الراوية قبلي دمشق ، فيها قبر السيّدة زينب أمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، أمّها فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، تزوّجها عمر بن الخطّاب ، وأصدقها أربعين ألفاً ، وولدت له زيد الملقّب بذي الهلالين ، ولم يبق لعمر منها ولد ، وتوفّيت ).

ص: 455


1- الزينبيّات : 63 - 65.
2- وهذا القول هو الذي نختاره لا ما قيل إنّ المدفونة بقرية (راوية) هي أختها زينب الكبرى ، فلاحظ. (منه رحمه الله).
3- السائح الهروي توفّي سنة (611 ه) ، وكتابه الإشارات إلى معرفة الزيارات نشره المعهد الفرنسي بدمشق سنة (953 ه). (منه رحمه الله).
4- ابن الجوراني كان في أواخر القرن العاشر ، وكتابه الإشارات إلى أماكن الزيارات طبع بدمشق طبعة رديئة سنة (1327 ه). (منه رحمه الله).
5- هو عز الدّين بن عربي كاتبي الصيّادي الشّافعي ، وكتابه الروضة البهية في فضائل دمشق المجية طبع بدمشق سنة (1330 ه).

بغوطة دمشق عقب محنة أخيها الحسين ، ودفنت في هذه القرية ، ثمّ تسمّت القرية المذكورة باسمها ، وهي الآن المعروفة بقرية الستّ ، وعلى قبرها حجرٌ قديمٌ محفورٌ منقوشٌ عليه إسمها».(1)

ثمّ قال الأستاذ المذكور تحت عنوان (زينب الصغرى بنت الإمام عليّ ابن أبي طالب رضي الله عنه) ما هذا لفظه : «أمّها أمّ ولد ، تزوّجت بابن عمّها محمّد بن عقيل بن أبي طالب ، فولدت له القاسم ، وعبدالله ، وعبدالرحمن ، قال العبيدلي في تاريخه ، وعبدالله المذكور - هذا - كان فقيهاً تروى عنه الأخبار ، وكان أحول.

(قال) الحافظ الذهبي الكبير ، والحافظ ابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب : عبدالله بن محمّد بن عقيل ، أبو محمّد المدني ، أمّه زينب الصغرى بنت عليّ بن أبي طالب ، روى عن أبيه وخاله محمّد ابن الحنفيّة وآخرين ، وذكر ابن سعد في الطبقة الرابعة من أهل المدينة (قال) : وكان خيّراً فاضلا ، موصوفاً بالعبادة ، من أهل الصّدق ، ومات بعد سنة (140 ه) ، قبل خروج محمّد بن عبدالله بن الحسن بالمدينة ، وماتت أمّه بالمدينة ودفنت ببقيعها ، ومن عبد الله المذكور امتدّ عقب عقيل بن أبي طالب ، وكان سائر بنات الإمام عليّ بن أبي طالب عند أخويه عقيل وجعفر وأولادهما ، وامتدّ عقب عبدالله الأحول من ثلاثة من أولاده ، وهم محمّد الأكبر ، ومحمّد الأصغر ، ومسلم ، 5.

ص: 456


1- الزينبيّات : 65.

وباقي أولاده ما بين دارج ومنقرض ، قاله ابن عنبة في عمدة الطالب(1)»(2).

ثمّ قال الأستاذ المذكور تحت عنوان (صفة المشهد قديماً) ، أي المشهد الزينبي في مصر ، ما هذا لفظه : «في رحلة الفقيه الأديب الرحّالة أبي عبدالله محمّد الكوهيني(3) الفاسي الأندلسي ، التي عملها في أواخر القرن الرابع ).

ص: 457


1- الزينبيّات : 65.
2- قال ابن عنبة في عمدة الطالب ما هذا نصه : «والعقب منه (أي من عقيل) ليس إلاّ في محمّد ابن عقيل ، فأمّا مسلم بن عقيل - قتيل الكوفة فمنقرض ، والعقب من محمّد ابن عقيل في رجل واحد وهو أبو محمّد عبدالله ، كان فقيهاً محدّثاً جليلاً ، وأمّه زينب الصّغرى بنت أميرالمؤمنين عليّ عليه السلام وأمّها أمّ ولد ، وكان لمحمّد بن عقيل ولدان آخران ، هما القاسم وعبدالرحمن أعقبا ثمّ انقرضا ، وأعقب عبدالله بن محمّد من رجلين محمّد ، وأمّه حميدة بنت مسلم بن عقل وأمّها أمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، ومسلم أمّه أمّ ولد» (منه رحمه الله).
3- ترجم للرحالة الكوهيني المقريزي في المقفيّ ، وذكره في الخطط أيضاً عوضاً (وقال) كان فقيهاً أديباً تروى عنه أخبار كثيرة رحل إلى المشرق ، وأفاض في ترجمته القاضي محمّد بن الحسن بن عرضون الشّفشاوني المتوفّى سنة (1014 ه) ، في النسب العمراني في الكلام على فِرق العمرانيّين - فروع من أشراف أدارسة المغرب (قال) : وفرقة استوطنت القصر الكبير ، من مشاهيرهم الولي الشريف الفقيه الرحّالة أبو عبدالله سيّدي محمّد العمراني الكوهيني الفاسي ثمّ الأندلسي ، كان قد هاجر إلى الأندلس بعد نقلته إلى القصر ، واستوطن بكهينة ، قرية في حدود الأندلس بالقرب من حصن وادي آش فنسب إليها ، ثمّ انتقل منها إلى القصر وهاجر منه إلى المشرق ، وكانت له مشاركة في العلوم وألف تآليف عديدة ، وله رحلة ذكر فيها من لقيه من علماء المشرق ، ولمّا رجع من رحلته استوطن القصر وبه مات سنة (418 ه) عن سنٍّ عالية ، ودفن بزاوية سيّدي ابن يحيى (نقلاً عن الهامش).

الهجري ، أنه دخل القاهرة في (14) محرّم سنة (369 ه) ، والخليفة يومئذ أبوالنصر نزار بن المعزّ لدين الله أبي تميم معدّ الفاطمي ، فزار جملةً من المشاهد من بينها هذا المشهد ، فذكر ما عاينه من الصفة التي كان عليها وقتئذ ، فقال ما نصّه : ثمّ دخلنا مشهد زينب بنت عليٍّ ، على ما قيل لنا ، فوجدناه داخل دار كبيرة ، وهو في طرفها البحريّ يشرف على الخليج ، فنزلنا إليه بدرج ، وعاينّا الضريح فوجدنا عليه دربوزاً ، قيل لنا إنّه من القماري ، فاستبعدنا ذلك لكن شممنا منه رائحةً طيّبةً ، ورأينا بأعلى الضريح قبّةً ، بناؤها من الجصّ ، ورأينا في صدر الحجرة ثلاثة محاريب أطولها الذي في الوسط ، وعلى ذلك كلّه نقوش غايةً في الإتقان ، ويعلو باب الحجرة زليخة قرأنا فيها - بعد البسملة (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً)(1).

هذا ما أمر به عبده أو وليّه ، أبو تميم أميرالمؤمنين الإمام العزيز بالله صلوات الله تعالى عليه وعلى آبائه الطاهرين وأبنائه المكرّمين ... أمر بعمارة هذا المشهد على مقام السيّدة الطاهرة بنت الزهراء البتول ، زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب صلوات الله تعالى عليها وعلى آبائها الطاهرين ، وأبنائها المكرّمين»(2).

ثمّ ذكر الأستاذ العمارات التي توالت على المشهد الشريف من قبل الأمراء والوزراء والملوك في القرن السادس الهجري ، وفي سنة (956 ه) ، 7.

ص: 458


1- سورة الجن : 18.
2- الزينبيّات : 77.

وسنة (1174 ه) ، وسنة (1210 ه) ، وسنة (1212 ه) ، وسنة (1216 ه) ، وسنة (1270 ه) ، وسنة (1276 ه) ، وسنة (1297 ه) ، وسنة (1302 ه).

ثمّ قال «وفي عصر هذا التاريخ (أي سنة (1350 ه)) نقشت القبّة والمشهد بنقوش بديعة للغاية ، ألبستها ثوباً جديداً ، وأنيرت أرجاء المسجد والمشهد بالأنوار الكهربائية».

إلى هنا انتهى ما ذكره الأستاذ حسن محمّد قاسم في تكملته أخبار زينب للعبيدلي.

وقد اطّلعت أخيراً على كتاب الزيارات بدمشق تأليف القاضي محمود(1) العدويّ المتوفّى سنة (1032 ه) ، تحقيق صلاح الدين المنجد ، طبعة المجمع العلمي العربي بدمشق سنة (1956م) يقول في ما نصّه :

«زينب الكبرى - رضي الله عنها - بنت عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وأمّها فاطمة - رضي الله عنها - أخت سيّدنا الحسن والحسين - رضي الله عنهما - وهي مدفونة بقرية (راوية) قرب حجّيرا من غوطة دمشق المعروفة بقبر ).

ص: 459


1- القاضي نور الدّين محمود بن محمّد بن محمّد بن موسى العدوي الصالحيّ الشّافعي ، ترجم له (المحبّي) في خلاصة الأثر 4 / 322 ، فقال : محمود بن محمّد بن محمّد بن موسى بن عيسى بن إبراهيم العدويّ ، القاضي نور الدّين الصّالحي الشافعيّ المعروف بالزّوكاريّ ، قرأ على الملاّ أسد ، والشمس بن المنقار في العربيةوغيرها ، وكان من أصلح النوّاب في وقته ، وكان عزل مدّة ، وولي مكانه القاضي عبداللّطيف بن الجابي ، ولمّا مات ابن الجابي ردّت إليه النيابة إلى أن مات ليلة الإثنين ثاني ذي الحجّة سنة (1032 ه) ودفن بسفح قاسيون. (منه رحمه الله).

السّت ، وكان قد تزوّجها عبدالله بن جعفر ، وولدت عليّاً ، وجعفراً ، وعوناً ، وعبّاساً ، وماتت عنده ، ذكره النّاجي(1) وغيره.

وذكرها ابن طولون في مصنّف له فيها ، وذكر لها مناقب وكرامات ، ومشهدها المشهور الحاوي من الجلالة والإكرام ما هو لائق بمنصب بنت الكرام - رضي الله عنها -.

قال الشيخ أبوبكر الموصلي في كتابه فتح الرحمن : بقيت نحو اثنتي عشرة سنة أزور السيّدة زينب الكبرى بنت عليِّ بن أبي طالب - رضي الله عنها - وهي أخت الحسن والحسين ومحسن الذي مات صغيراً ، وكلّهم من فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وهي مدفونة بقرية بقرب دمشق يقال لها (راوية) ، وكنت لمّا أزورها لا أدخل قبرها ، ولا استقبله بوجهي ، بل أنحرف عنها لكونها أمّ المؤمنين ، على صورة ما ذكره العلماء أن يعامل الزّائر الميّت كما ).

ص: 460


1- النّاجي هو الشيخ برهان الدّين أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد بن محمود بن بدر بن عيسى الحلبي الأصل الدّمشقي القبيباني الشافعي. شيخ المحدّثين بدمشق. كان إماماً ورعاً حافضاً للحديث والفقه والأنساب ، وعارفاً بالصحابة ورجال الحديث ، وله ورعٌ وزهدٌ وإيثارٌ وصدقةٌ ورحمةٌ على عموم الخلق ، وصلابةٌ في الدّين ، آمرٌ بالمعروف ناه عن المنكر ، لا تأخذه في الله لومة لائم ، سارت به الرّكبان ، وشاع فضله في البلدان ، وله كرامات ظاهرة ، ومصنّفات فاخرة مشهورة ، ولد سنة (810 ه) ، وتوفّي بدمشق سنة (900 ه) ، ودفن بباب الصغير غربيّ ضريح معاوية على نحو عشرين ذراعاً ، وقبره مسطّح محجّر على الطريق. (هكذا عن هامش كتاب الزيارات :76 ، وترجم له العماد الحنبلي في شذرات الذّهب 7 / 365 ترجمة مختصرة ، وترجم له السخاوي أيضاً في المراجع فيمن توفّي سنة (900 ه). (منه رحمه الله).

يعامله لو كان حيّاً».

وطبع في هذه السنة (1387) في النجف الأشرف كتاب باسم عقيلة بني هاشم ، لمؤلّفه الخطيب الفاضل السيّد علي ابن السيّد الحسين الهاشمي - وفّقه الله وزاد في فضله - وهو كتاب لطيف ، ألمّ فيه بحياة العقيلة زينب الكبرى بنت الإمام علي أميرالمؤمنين عليه السلام ، ذكر فيه أولاد عبدالله بن جعفر الطيّار من زينب الكبرى عليها السلام فقال :

«خلّف عبد الله بن جعفر عدّة أولاد ، وذكر أسماءهم صاحب عمدة الطالب (قيل) عشرين ولداً (وقيل) أربعةً وعشرين ، لأمّهات شتّى ولكن المشهور عند أرباب التاريخ أنّ له من زينب أولاداً أربعة ، عون الأكبر ، ومحمّد ، وعلي ، وأمّ كلثوم ، أمّا محمّد وأخوه عون ابنا عبدالله بن جعفر الطيّار ، فقد خرجا مع خالهما الحسين عليه السلام وأمّهما زينب الكبرى إلى العراق ، وقد أوصاهما أبوهما بخالهما ، وأن لا يفارقاه ، فأقبلا في ركب الحسين عليه السلام إلى الطفّ ، وجاهدا بين يديه يوم عاشوراء وقتلا وأمّهما زينب تنظر إليهما ، ودفنا مع شهداء الطالبيّين في حفرة واحدة عند رجلي الحسين عليه السلام».

وربّما يتوهّم البعض أنّ المرقد الذي بالقرب من كربلاء هو مرقد عون ابن عبدالله ، أو يزعم البعض أنّه مرقد عون بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، وأمّه فاطمة بنت حزام الكلابيّة ، أحد أخوة العبّاس الثلاثة ، وكلا القولين وهم صرف واشتباه ، وانّما هو قبر عون بن عبدالله بن جعفر بن مرعي بن علي بن الحسن البنفسج بن إدريس ابن داوود بن أحمد المسوّر بن عبدالله بن موسى

ص: 461

الجون بن عبدالله المحض بن الحسن المثنّى ابن الحسن السبط ابن عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، كان في الحائر المقدّس الحسيني ، وكانت له ضيعته على ثلاثة فراسخ عن بلد كربلاء ، فخرج إليها وأدركه الموت فدفن في ضيعة ، فكان له مزار مشهور وقبّة عالية ، والناس يقصدونه بالنذور وقضاء الحاجات ، واليوم صار مرقده على الطريق العامّ الطريق المعبّد ، يقع على الجانب الأيسر ، لمن يقصد كربلاء المقدّسة للقادم من قضاء (المسيّب) ، ويبعد عن كربلاء خمسة أميال.

وأمّا علي بن عبد الله بن جعفر فهو معروف بالزينبي - نسبةً إلى أمّه زينب بنت الإمام عليّ عليه السلام - وقد تزوّج علي بن عبدالله لبابة بنت عبدالله بن عبّاس - حبر الاُمّة - ، وكان نسل عبدالله بن جعفر منه ، والسّادة الزينبيّة كثيرون في العراق وفارس ومصر والحجاز والأفغان والهند ، وقد جعل الله البركة في نسل هذه السيّدة الطاهرة وطيّب سلالتها.

وذكر السيّد الزبيدي في تاج العروس قال : «والزينبيّون بطن من ولد عليّ الزينبي بن عبدالله (الجواد بن جعفر الطيّار) ، نسبةً إلى أمّه زينب سيّدنا عليّ عليه السلام وأمّها فاطمة ، وولد عليّ - هذا - أحد أرحاء آل أبي طالب الثلاثة ، أعقب من ابنه محمّد والحسن وعيسى ويعقوب ، ومن عقبه أبو الحسن علي ابن طلحة بن علي بن محمّد الزينبي ، تولّى الخطابة والنيابة بعد أبيه في زمن

ص: 462

المستنجد ، وتوفّي سنة (561 ه)»(1).

وأمّا أمّ كلثوم بنت زينب فهي التي خطبها معاوية لولده يزيد ، كما ذكر ذلك ابن شهرآشوب في المناقب ، وذلك لمّا طلب معاوية بن أبي سفيان من مروان بن الحكم - وكان والياً على المدينة من قبله - أن يخطب أمّ كلثوم بنت زينب ، «فقال أبوها عبدالله بن جعفر : إنّ أمرها ليس إليّ ، انّما هو إلى سيّدنا الحسين عليه السلام وهو خالها. فأخبر الحسين بذلك فقال أستخير الله تعالى ، اللهمّ وفّق لهذه الجارية رضاك من آل محمّد ، فلمّا اجتمع الناس في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أقبل مروان حتّى جلس إلى الحسين عليه السلام وقال : إنّ أميرالمؤمنين - يعني معاوية - أمرني بذلك وأن أجعل مهرها حكم أبيها ، بالغاً ما بلغ مع صلح ما بين هذين الحيّين مع قضاء دينه ، واعلم أنّ من يغبطكم بيزيد أكثر ممّن يغبطه بكم ، والعجب كيف يستمهر يزيد ، وهو كفّ من لا كفّ له ، وبوجهه يستسقى الغمام ، فردّ خيراً يا أبا عبدالله.

فقال الحسين عليه السلام : الحمدلله الذي اختارنا لنفسه ، وارتضانا لدينه ، واصطفانا على خلقه (إلى آخر كلامه عليه السلام) ثمّ قال : يا مروان قد قلت فسمعنا.

أمّا قولك : مهرها حكم أبيها بالغاً ما بلغ ، فلعمري لو أردنا ذلك ما عدونا سنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بناته ونسائه وأهل بيته ، وهو اثنتا عشرة أوقية ، يكون أربعمائة وثمانين درهماً. 9.

ص: 463


1- تاج العروس 3/19.

وأمّا قولك : مع قضاء دين أبيها ، فمتى كنّ نساؤنا يقبضن عنّا ديوننا؟

وأمّا قولك : صلح ما بين هذين الحيّين ، فإنّا قوم عاديناكم في الله ، ولم نكن نصالحكم للدنيا ، فلعمري لقد أعيى النسب فكيف السبب.

وأمّا قولك : والعجب كيف يستمهر بيزيد ، فقد استمهر من هو خير من يزيد ، ومن أب يزيد ، ومن جدّ يزيد.

وأمّا قولك : إنّ يزيد كفّ من لا كفّ له ، فمن كان له كفّ قبل اليوم ، فهم كفّ اليوم ، ما زادته إمارته في الكفاءة شيئاً.

وأمّا قولك : وجهه يستسقى به الغمام ، فانّما كان ذلك وجه الرسول (صلى الله عليه وآله).

وأمّا قولك : من يغبطنا به أكثر ممّن يغبطه بنا ، فإنّما يغبطنا به أهل الجهل ، ويغبطه بنا أهل العقل.

ثمّ قال عليه السلام : فاشهدوا جميعاً ، أنّي قد زوّجت أمّ كلثوم بنت عبدالله بن جعفر ، من ابن عمّها القاسم بن محمّد بن جعفر على أربعمائة وثمانين درهماً ، وقد نحلتها ضيعتين بالمدينة ، أو قال : أرضي بالعقيق ، وانّ غلّتها بالسنة ثمانية آلاف دينار ، ففيها لها غنىً إن شاء الله تعالى ، (وروي) أنّه أنحلها (البغيبغات) ، وهي ثلاث عيون في ينبع ، يقال لإحداها خيف ليلى وللثانية خيف الأراك ، وللثالثة خيف العطاس.

(قال الراوي) : فتغيّر وجه مروان وقال : أغدراً يا بني هاشم؟ تأبون إلاّ العداوة. فذكّره الحسين عليه السلام خطبة الحسن عليه السلام عائشة وفعله ، ثمّ قال : فأين

ص: 464

موضع الغدر يا مروان؟ فقال مروان :

أردنا ودّكم لنجدّ ودّاً

قد اخلقه به حدث الزّمان

فلمّا جئتكم فجبهتموني

وبحتم بالضّمير من الشنانِ

فأجابه ذكوان مولى بني هاشم :

أماط الله عنهم كلّ رجس

وطهّرهم بذلك في المثاني

فمالهمُ سواهم من نظير

ولا كُفو هناك ولا مداني

أتجعل كلّ جبّار عنيد

إلى الأخيار من أهل الجنان»(1)

فتزوّج أمّ كلثوم القاسم بن محمّد بن جعفر وأولدها فاطمة ، قال أحمد ابن طيفور : «فاطمة بنت القاسم تزوّجها طلحة بن عمر بن عبيدالله بن معمر ، فولدت له رملة ، تزوّجها هشام بن عبدالملك فلم تلد له ، فقال لها هشام ، أنت بغلة لا تلدين ، فقالت له رملة : يأبى كرمي أن يدنّسه لؤمك» ، راجع بلاغات النساء (ص134) طبع مصر.

أوردت لك أيّها القارئ الكريم أقوال المؤرّخين والنسّابين - على اختلافها - في أولاد الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ذكوراً ونساءً ، وأقوالهم في تعيين قبر زينب الكبرى وأمّ كلثوم ، لتحيط بها خبراً وتختار ما تراه موافقاً للصواب. 8.

ص: 465


1- مناقب آل أبي طالب 4/38.

المصادر

1 - القرآن الكريم.

2 - الإرشاد : للمفيد ، أبي عبد الله ، محمّد ابن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي (ت 413 ه) ، تحقيق مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، دار المفيد ، الطبعة الثانية ، بيروت 1414ه) - 1993م.

3 - أسد الغابة في معرفة الصحابة : لابن الأثير ، عزّ الدين أبي الحسن علي بن أبي الكرم الشيباني (ت 620ه) نشر اسماعيليان - طهران ، بالأوفسيت عن دار الكتاب العربي - لبنان.

4 - الإصابة في تمييز الصحابة : لابن حجر ، أحمد بن علي العسقلاني الشافعي (ت 852 ه) ، مراجعة وضبط وتخريج وفهرسة أعلامه : صدقي جميل العطار ، دار الفكر/ بيروت 1421ه.

5 - إعلام الورى بأعلام الهدى : للطبرسي ، أبي علي ، الفضل بن الحسن (ت 548 ه) ، تحقيق ونشر مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث - قم ط 1 ، 1417ه.

6 - أعيان الشيعة : للأمين العاملي ، السيّد محسن (ت 1371 ه) ، تحقيق : السيّد حسن الأمين ، دار التعارف للمطبوعات ، الطبعة الثانية - بيروت 1403 ه- - 1983م.

7 - إفحام الأعداء والخصوم بتكذيب ما افتروه علي سيّدتنا أم كلثوم : للعلاّمة السيّد ناصر حسين الموسوي الهندي ، تحقيق : الدكتور محمّد هادي الأميني ، إصدار مكتبة نينوي الحديثة.

ص: 466

8 - الأنساب : للسمعاني ، أبي سعيد ، عبدالكريم بن محمّد ابن منصور التميمي (ت562 ه) ، تحقيق : عبدالله عمر البارودي ، دار الفكر ، الطبعة الأولى - بيروت 1998م.

9 - أنساب الأشراف : للبلاذري ، أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري (ت 279 ه) ، تحقيق : د. سهيل زكار ، د. رياض زركلي ، دارالفكر ، الطبعة الأولى ، بيروت 1417ه- - 1996م.

10 - بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار عليهم السلام : للمجلسي ، الشيخ محمّد باقر (ت 1111 ه) ، مؤسّسة الوفاء - الطبعة الثانية - بيروت 1403 ه.

11 - تاج العروس من جواهر القاموس : للزبيدي ، محمّد مرتضى الحسيني الواسطي الحنفي (ت 1205 ه) ، وضع حواشيه الدكتور عبد المنعم خليل إبراهيم ، والأستاذ كريم سيّد محمّد - دار الكتب العلمية ، بيروت ، الطبعة الأولى 1428 ه.

12 - تاريخ الثقات : للعجلي ، أحمد بن عبدالله أبي الحسن (ت 261 ه) ، ترتيب : نور الدين الهيثمي ، وتخريج وتعليق : الدكتور عبد المعطي قلعجي دارالكتب - بيروت ، الطبعة الأولى ، 1405 ه.

13 - تاريخ دمشق : لابن عساكر ، أبي القاسم ، علي بن الحسن بن هبة الله بن عبدالله الشافعي (ت 571 ه) ، تحقيق : العلامة أبي عبد الله أبي عاشور الجنوبي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت 1421ه.

14 - تاريخ الطبري = تاريخ الأمم والملوك : للطبري ، أبي جعفر محمّد بن جرير (ت 310 ه) ، دار الكتب العلمية - بيروت.

15 - تاريخ اليعقوبي : أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن واضح (ت 284 ه) ، دار صادر - بيروت.

ص: 467

16 - تذكرة الخواصّ : للسبط بن الجوزي ، يوسف بن فرغلي بن عبد الله البغدادي (ت 654 ه) ، نشر : الشريف الرضي 1418 ه- قم.

17 - تهذيب التهذيب : لابن حجر العسقلاني ، أبي الفضل أحمد بن علي الشافعي(ت 852 ه) ، دار الفكر - بيروت 1404 ه- 1984 م ، الطبعة الأولى.

18 - الثقات : لابن حبّان البستي التميمي ، أبي حاتم محمّد بن حبان بن أحمد(ت 354 ه) ، تحقيق : السيّد شرف الدين أحمد ، دارالفكر ، الطبعة الأولى 1395 ه- 1975 م.

19 - الخرائج والجرائح : للراوندي ، سعيد بن هبة الله (ت 573 ه) ، تحقيق : مؤسّسة الإمام المهدي عليه السلام ، باشراف السيّد محمّد باقر الموحّد الأبطحي ، مؤسّسة الإمام المهدي عليه السلام ، الطبعة الأولى- قم 1409 ه.

20 - الخصال : للصدوق ، أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي (ت 381 ه) ، تحقيق : علِي أكبر الغفاري ، جامعة المدرسين ، الطبعة الأولى - قم 1403ه.

21 - الدمعة الساكبة في أحوال النبي والعترة الطاهرة : للمولي ، محمّد باقر بن عبدالكريم البهبهاني (ت 1285 ه) ، منشورات مؤسّسة الأعلمي- بيروت- الطبعة الأولى - 1989 م.

22 - رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ : للسيّد لطيف القزويني.

23 - رجال السيّد بحر العلوم = الفوائد الرجالية : للسيّد محمّد مهدي بحرالعلوم (ت 1212 ه) ، تحقيق : السيّد محمّد صادق بحرالعلوم والسيّد حسين بحرالعلوم ، نشر مكتبة الصادق - طهران ، الطبعة الأولى 1363 ه. ش.

24 - رجال الطوسي : للطوسي ، أبي جعفر محمّد بن الحسن (ت 460 ه) ، تحقيق : السيّد محمّد صادق بحر العلوم ، منشورات المكتبة الحيدرية في النجف ، الطبعة الأولى - قم 1381 ه.

ص: 468

25 - رحلة ابن جبير : لأبي الحسين محمّد بن أحمد بن جبر الكناني الأندلسي ، تحقيق : محمّد مصطفى زيادة ، نشر دار الكتاب اللبناني.

26 - رسالة خلاصة الإيجاز في المتعة (مصنّفات الشيخ المفيد) : للمفيد ، أبي عبدالله ، محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي (ت 413 ه) ، نشر المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد ، الطبعة الأولى ، 1413 ه.

27 - رسائل الشريف المرتضى : للشريف المرتضى(436 ه) ، إعداد : السيّد مهدي الرجائي ، نشر دار القرآن الكريم - قم 1405 ه.

28 - السرائر : لابن إدريس الحلي ، أبو جعفر محمّد بن منصور بن أحمد (ت 598 ه) ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، الطبعة الثانية - قم 1410 ه.

29 - سلافة العصر في محاسن الشعراء بكلّ مصر : لابن معصوم ، السيّد علي صدرالدين المدني ابن أحمد نظام الدين الحسيني الحسني (ت1120 ه) ، انتشارات مرتضوي - طهران ، الطبعة الثانية 1383 ه. ش.

30 - السيّدة زينب وأخبار الزينبيات : للعبيدلي النسابة (ت 277 ه) ، تاليف حسن محمّد قاسم ، الطبعة الثانية ، مصر 1353ه.

31 - شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار : للقاضي النعمان المغربي ، أبي حنيفة ، النعمان بن محمّد التميمي (ت 363 ه) ، تحقيق : السيّد محمّد الحسيني الجلالي ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، الطبعة الثانية ، قم 1412 ه.

32 - شرح نهج البلاغة : لابن أبي الحديد ، عز الدين بن هبة الله بن محمّد (ت656ه) ، تحقيق : محمّد أبو الفضل إبراهيم ، دار إحياء التراث العربي ، الطبعة الثانية - 1385 ه.

33 - تاريخ خليفة بن خياط : لخليفة بن خياط الليثي العصفري (ت 240 ه) ، تحقيق : د. أكرم ضياء العمري ، دار القلم ، مؤسّسة الرسالة - دمشق 1397 ه- الطبعة الثانية.

ص: 469

34 - عبقات الأنوار : للسيّد حامد حسين الهندي (ط حجري).

35 - العدد القوية لدفع المخاوف اليومية : للحلّي ، علي بن يوسف ، (ت 705 ه) ، تحقيق السيّد مهدي الرجائي/ إشراف السيّد محمود المرعشي ، نشر المكتبة المرعشي العامة ، الطبعة الأولى - قم 1408 ه.

36 - عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب : لابن عنبة ، جمال الدين أحمد بن علي الحسيني (ت 828 ه) ، أشرف علي مراجعته ومقابلة الأصول : لجنة إحياء التراث ، منشورات دار مكتبة الحياة - بيروت.

37 - علل الشرائع : للصدوق ، أبي جعفر ، محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي (ت 381 ه) ، تحقيق : السيّد محمّد صادق بحر العلوم ، المكتبة الحيدرية - النجف الأشرف 1385 ه.

38 - فاطمة الزهراء بهجة قلب المصطفى (صلى الله عليه وآله) : للرحماني الهمداني ، الشيخ أحمد ، نشر المرضية ، قم - الطبعة الثانية 1372 ه. ش.

39 - الفقيه = من لا يحضره الفقيه : للصدوق ، أبي جعفر ، محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي (ت 381 ه) ، تحقيق : علي أكبر الغفاري ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، الطبعة الثانية - قم.

40 - القاموس المحيط : للفيروز آبادي ، محمّد بن يعقوب (ت 817 ه) ، مؤسّسة الرسالة - بيروت.

41 - الكافي : للكليني ، محمّد بن يعقوب بن إسحاق (ت 329 ه) ، تصحيح وتعليق : علي أكبر الغفاري ، دار الكتب الإسلامية ، الطبعة الخامسة - طهران 1363 ه. ش.

42 - الكامل في التاريخ : لابن الأثير ، أبي الحسن ، علي بن أبي الكرم محمّد بن محمّد بن عبد الكريم الشيباني (ت 360 ه) ، تحقيق : عبد الله القاضي ، دار الكتب العلمية ، الطبعة الثانية - بيروت 1415 ه.

ص: 470

43 - كشف الغمة في معرفة الأئمة عليهم السلام : للفتح ، علي بن عيسى بن علي (ت 693 ه) ، نشر مكتبة بني هاشمي / تبريز 1381 ه.

44 - المحبر (نسخة خطية) وهو مطبوع كذلك : للبغدادي ، محمّد بن حبيب (ت 245 ه).

45 - مدينة المعاجز : للبحراني ، السيّد هاشم (ت 1107 ه) ، تحقيق : علاء الدين الأعلمي ، منشورات الأعلمي / بيروت ، الطبعة الأولى 1423 ه.

46 - مروج الذهب ومعادن الجوهر : للمسعودي ، أبي الحسن ، علي بن الحسين بن علي (ت 346 ه) ، وضع فهارسه : يوسف أسعد داغر ، دار الهجرة - قم ، الطبعة الثانية 1404 ه.

47 - مستدرك سفينة البحار : للنمازي الشاهرودي ، الشيخ علي (ت 1405 ه) ، تحقيق وتصحيح : الشيخ حسن بن علي النمازي ، مؤسّسة النشر الإسلامي - قم 1419 ه.

48 - مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل : للنوري الطبرسي ، الشيخ حسين (ت 1320 ه) ، تحقيق ونشر : مؤسّسة آل البيت لإحياء التراث ، الطبعة الأولى المحقّقة - قم 1408 ه.

49 - مطالب المسؤول في مناقب آل الرسول (صلى الله عليه وآله) : لابن طلحة الشافعي ، كمال الدين ، محمّد بن طلحة (ت 652 ه) ، تحقيق : ماجد بن أحمد العطية.

50 - معالم أنساب الطالبين في شرح كتاب (سرّ الأنساب العلوية لأبي نصر البخاري) : للدكتور عبد الجواد الكليدار آل طعمة (ت 1379ه) ، تحقيق : سلمان السيّد هادي آل طعمة ، نشر مكتبة المرعشي النجفي ، قم 1422ه-

51 - معجم البلدان : للحموي ، أبي عبد الله ، ياقوت (ت 626 ه) ، دارالفكر - بيروت.

ص: 471

52 - مقاتل الطالبيين : لأبي الفرج الأصفهاني (365 ه) ، تحقيق وإشراف : كاظم المظفر ، منشورات المكتبة الحيدرية ، الطبعة الثانية - النجف الأشرف 1385 ه- - 1965 م.

53 - مناقب آل أبي طالب = مناقب بن شهر آشوب : لابن شهر آشوب ، رشيد الدين ، محمّد بن علي (ت 588 ه) ، نشر مؤسّسة انتشارات العلامة - قم.

54 - المنتظم : لابن الجوزي ، أبي الفرج ، عبدالرحمن بن علي بن محمّد (ت 597 ه) ، دار صادر ، الطبعة الأولى - بيروت 1358 ه.

55 - ميزان الإعتدال في نقد الرجال : للذهبي ، شمس الدين ، محمّد بن أحمد (ت 748 ه) ، تحقيق : علي محمّد معوض ، وعادل أحمد عبد الموجود ، دار الكتب العلمية ، الطبعة الأولى - بيروت 1995 م.

56 - نسب الطالبيين : لتاج الدين الحسيني.

57 - نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار : للميلاني ، السيّد علي ، الطبعة الأولى 1420 ه.

58 - نهج البلاغة : من كلام أمير المؤمنين عليه السلام (جمعه الشريف الرضي (ت 406 ه)) ، تحقيق : صبحي الصالح ، مؤسّسة الهجرة ، إيران 1395 ه- - بالأوفسيت عن طبعة بيروت 1387 ه.

59 - النوادر لأحمد بن عيسى : للأشعري ، القمّي ، أبي جعفر ، من أصحاب الإمام الرضا ، الجواد ، الهادي عليه السلام ، قم - الطبعة الأولى 1408 ه.

60 - نور الأبصار في مناقب آل النبي المختار (صلى الله عليه وآله) : للشبلنجي ، الشيخ مؤمن بن حسن مؤمن (ت 1298 ه) ، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع - القاهرة 1368 ه.

ص: 472

61 - وسائل الشيعة الي تحصيل مسائل الشريعة : للحرّ العاملي ، الشيخ محمّد بن الحسن (ت 1104 ه) ، تحقيق ونشر : مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث - قم - الطبعة الثانية 1414 ه.

62 - ينابيع المودة لذوي القربى : للقندوزي ، الشيخ سليمان بن إبراهيم الحنفي (ت 1294 ه) ، تحقيق : سيّد علي جمال أشرف الحسيني ، دار الأسوة للطباعة والنشر ، الطبعة الأولى 1416 ه.

ص: 473

من أنباء التراث

هيئة التحرير

كتب

صدرت محقّقة

*

الأربعون حديثاً في الفضائل والمناقب.

تأليف : أسعد بن إبراهيم الإربلي الحلّي (من اعلام

القرن السابع الهجري)

اعتنى مصنّف الكتاب وهو من أعلام القرن السابع

الهجري برواية أربعين حديثاً في مناقب أمير المؤمنين والعترة الطاهرة عليهم السلام ،

كما اعتنى المحقّق بتقديم مختصر عن الإمامة وصفاتها من المعتقد الإمامي الإثني

عشري ، كما كتب نبذةً عن المصنّف ،

وما اعتمده من النسخ الخطّية السبعة ، ومنهجية

التحقيق.

تحقيق : مشتاق المظفّر.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 97.

نشر : العتبة الحسينية - كربلاء المقدّسة -

العراق/1434 ه.

*

روضة الشهداء.

تأليف : حسين كاشفي (ت 910 ه).

كتاب فارسيّ الأصل مترجم إلى اللغة العربية.

يعدّ من الكتب التي ألّفت في مقتل السبط الشهيد أبي

عبد الله الحسين عليه السلاموالتي يطلق

عليها بالفارسية : (روضة

ص: 474

خواني) ، واختلف في كونه أوّل كتاب ألّف في هذا

المضمار ، كما اختلف في نسبة المصنّف إلى التشيّع وقد عرف بمسلك التصوّف

والعرفإنّ ، حيث لاحت آثار مسلكه على صفحات كتابه ، وقد دأب في أصل كتابه

بالاستفادة من فنّ المسجّع والملمّع الذي شاعت معالمه وأطواره من العهد التيموري

، وقد سرد فيه القصص والوقائع التاريخية دون أن يشير إلى صحّة السند وعدمه ومدى

الوثوق بتلك الروايات وصحّة صدورها.

ترجمة وتحقيق : محمّد شعاع فاخر.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 804.

نشر : المكتبة الحيدرية - قم المقدّسة - إيران/1430

ه.

*

مقالات حول مباحث الألفاظ.

تأليف : السيّد علي الموسوي البهبهاني (ت 1395 ه).

كتاب أصولي اعتمد مصنّفه فيه الاختصار وذكر أهمَّ

الأقوال في كلّ مسألة من مسائل مباحث الألفاظ ونقدها أو البحث فيها مع إيراد

آراء دقيقة ومباني تأسيسية متقنة.

اشتمل الكتاب على مقدّمة التحقيق التي احتوت على

مختصر من حياة المؤلّف ومنهجية التحقيق ، ومقدّمة للمؤلّف في مباحث الألفاظ على

خمسة مقاصد في : الأوامر ، النواهي ، المفاهيم ، العموم والخصوص ، المطلق

والمقيّد.

تحقيق : امير خداوردي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 217.

نشر : منشورات دليل ما - قم المقدّسة - إيران/1433

ه.

*

موسوعة سيرة أهل البيت عليهم السلام ج (1 - 40).

تعدّ هذه الموسوعة من الكتب

ص: 475

التي اعتنت بالتاريخ الإسلامي خصوص سيرة الرسول

الأعظم (صلى الله عليه وآله) وآل بيته الكرام البررة ، حيث كرّس المؤلّف همّته

ومنذ عنفوان شبابه على تأليف هذه الموسوعة التي سعى فيها المؤلّف لاحتواء تاريخ المعصومين

الأربعة عشر وسيرتهم ، وقد تمّ ترجمتها إلى اللغتين الفارسية والانجليزية وهي

لازالت قيد الترجمة الفرنسية ، وقد بلغت اجزاؤها إلى أكثر من عشرات المجلّدات

بناءً على ما ذكر في المقدّمة ، وقد خرج منها أربعين مجلّداً حتّى الآن.

وقد اقتصر في هذا الكتاب على الروايات التاريخية من

دون إسناد.

تحقيق : مهدي باقر شريف القرشي.

عدد الصفحات : لكلِّ جزء 400 صفحة تقريباً.

نشر : دار المعروف - قم المقدّسة - إيران/1430 ه.

*

نزهة الناظر في الجمع بين الأشباه والنظائر.

تأليف : الشيخ نجيب الدين يحيى ابن سعيد الحلّي (ت

690 ه).

كتاب فقهي عمد فيه المصنّف إلى جمع الموضوعات

المشتركة في الحكم وهي المسائل المختلفة المتشابهة الموزّعة في أبواب الفقه ولو

كان فيها بعض الشبه ، حيث تناول الأبواب الفقهية من الطهارة إلى الديّات بأن

يأتي كلمة (فصل) ثمّ يذكر ما تشابه من الأحكام الشرعية الفرعية فيعدّها واحدة

تلو الأخرى مراعياً في ذلك الاختصار ، كما يقوم تارة بعملية الاستدلال ، اشتمل

الكتاب على مقدّمة لحياة المصنّف العلمية ، والمنهج التحقيقي ، كما زوّد

بتعليقات آية الله الشيخ يوسف الصانعي.

تحقيق : مؤسّسة فقه الثقلين الثقافية.

الحجم : وزيري.

ص: 476

عدد الصفحات : 424.

نشر : منشورات برتو - قم - إيران/1434 ه.

*

أسرار فضائل فاطمة عليها السلام.

تأليف : الشيخ محمّد حسين اليوسفي.

يأتي هذا الكتاب في عداد الكتب التي ألّفت في فضائل

ومناقب العترة الطاهرة عليهم السلام ، حيث انتقى

المؤلّف أربعين حديثاً من فضائل سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام

وقد دوّنها باللغة الفارسية ، وقد امتازت هذه الفضائل بمصادرها المعتبرة

وأسانيدها الموثّقة ، كما تصدّى بأسلوب علمي لمناقشة بعض الروايات المثيرة للجدل

، ترجمه إلى العربية وحقّقه حامد الطائي كما زوّده بفهارس آيات وأحاديث وفهرسة

موضوعية.

تحقيق : حامد الطائي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 493.

نشر : العتبة الحسينية - كربلاء المقدّسة - العراق

/ 1433ه.

*

شرح الفصول النصيرية.

تأليف : السيّد عبدالوهّاب بن علي الأسترآبادي (من

أعلام القرن التاسع الهجري).

يعدّ الفصول النصيرية رسالة مختصرة فى أصول الدين

ألّفه الخواجة نصير الدين الطوسي ورتّبه على أربعة فصول : الأوّل : في التوحيد ،

الثاني : في النبوّة ، الثالث : في الإمامة ، الرابع : في المعاد. وقد شغل

الكتاب حيّزاً في مجال علم الكلام ، وقد كثرت الشروح عليه فمنها مزجيٌّ ومنها

مقطعيٌّ ومنها عربيٌّ ومنها غير عربيٍّ ، وقد ذكرت أسماء بعض هذه الشروح في

مقدّمة التحقيق منها هذا الكتاب ، علماً بأنّ أصل الفصول فارسيٌّ وقد ترجمه إلى

العربية ركن

ص: 477

الدين محمّد بن علي الجرجاني الحلّي تلميذ العلاّمة

الحلّي.

تحقيق : شعبة التحقيق في العتبة الحسينية.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 367.

نشر : العتبة الحسينية - كربلاء المقدّسة -

العراق/1433ه.

*

مقتل الحسين من أمالي السيّدين.

جاء هذا الكتاب في عداد الكتب المؤلّفة في سيرة

ومقتل الإمام الحسين عليه السلام استناداً إلى

الروايات التاريخية.

وهو مُستخرج من أهمّ مصادر الحديث عند الشيعة

الزيدية ، وأكثرها اعتباراً ، ألا وهي أمالي السيّدين : الإمام أبي طالب يحيى بن

الحسين الهاروني (ت 424 ه) ، في أماليه المعروفة ب- : (تيسير المطالب في أمالي

أبي طالب) ، والإمام أبي الحسين المرشد بالله يحيى

بن الحسين الشجري (ت 479 ه) في (أماليه الإثنينيّة) ، و (أماليه الخميسيّة).

وقد عقد المؤلّف للكتاب أبواباً بما يتّفق

والأحاديث المستخرجة معنىً أو زمناً.

وخَرَّج أحاديثه من كتب الحديث والسيرة والتاريخ.

وعمد إلى كتابة ترجمة موجزة لصاحبي الأمالي ليتبيّن

حالهما ومكانتهما العلميّة.

وقد التزم بإثبات النصوص كافّة عن مصادرها كما هي

دون حذف أو زيادة ، سوى ما وضعه بين معقوفتين ، أو أشار إليه في الهامش.

تحقيق : عبدالرزّاق محمّد حسين حرز الدين.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 183.

نشر : دليل ما - قم -

ص: 478

إيران/1431ه.

*

مسند الصحابي حذيفة بن أسيد الغفاري.

يأتي هذا الكتاب في مضمار كتب الحديث ، حيث عرض

المحقّق فيه دراسة علمية وافية عن شخصيّة حذيفة بن أسيد الغفاري أحد أجلّة

الصحابة السابقين وخيارهم ، ومن أُثِرَ عنه الولاء المحض لعترة النبيّ (صلى الله

عليه وآله) والجهاد في سبيل الحقّ ، أنصاريٌّ شجريٌّ وابن عمّ الصحابيّ الجليل

أبي ذرٍّ الغفاري بن جنادة الغفاري.

وقد كانت لحذيفة رواية عن رسول الله (صلى الله عليه

وآله) ، وأخرج له أصحاب السُّنَن والجوامع والمسانيد وغيرهم ، فعزم المحقّق على

تتبّع واستقصاء أحاديثه من أصناف المدوّنات ، وقد نظمها في كتب وأبواب على طريقة

الجوامع والسُّنن ، وعمد إلى تخريجها عن المظانِّ من كتب الحديث تعضيداً لها ،

كما أعدّ للكتاب مقدّمة شملت ترجمة وافية لحذيفة

ومنهجاً للبحث.

تحقيق : عبدالرزّاق محمّد حسين حرز الدين.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 185.

نشر : دليل ما - قم - إيران/ 1433ه.

*

خلفاء النبيّ محمّد في مسند الإمام أحمد.

يأتي هذا الكتاب في سياق الكتب التي تناولت مسألة

الإمامة بحثاً وتنقيباً عن منطق رسالة السماء ، وقد اعتمد المحقّق على مسند

الإمام أحمد وعلى حدّ تعبيره : «مع أنّ حديث الأئمّة من قريش قد اختلفت ألفاظه

من حيث ورودها في كتب الفريقين إلاّ أنّها تلتقي في كثير من مضامينها وقد تميّز

مسند ألفاظها. فكان هذا الكتاب بما أخرجه الإمام أحمد من ألفاظ الحديث مصدّر

ص: 479

بمقدّمة في بيان أقوال العلماء بتواتره واختلاف

أقوالهم في تفسيره ثمّ دلالته على خصوص ذلك المعنى المراد وأهمّ شواهده».

وقد ضمّ المحقّق إليها ملحقاً فيما ورد من طرق

الإمامية من حديث الخلافة والنصّ على الأئمّة الإثني عشر عليهم السلام.

تحقيق : عبدالرزاق محمّد حسين حرز الدين.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 130.

نشر : دليل ما - قم - إيران/ 1433ه.

*

موسوعة كلمات الإمام المهدي.

هذا الكتاب هو من إصدارات مؤسّسة الإمام الهادي عليه السلام

ضمن نتاجاتها حول المهدوية ، حيث جمعت فيه كمّية ملحوظة من أقوال الإمام

الحجّة المنتظر عليه السلام

وكلماته المرويّة رتّبت وفق التسلسل الزمني لها كما يلي : كلماته في حياة أبيه عليه السلام ،

وكلماته وهو غلام ، كلماته في عصر السفير الأوّل عثمان بن سعيد ، كلماته في عصر

السفير الثاني محمّد بن عثمان ، كلماته في عصر السفير الثالث الحسين ابن روح ،

كلماته في عصر السفير الرابع علي بن محمّد ، كلماته في عصر الغيبة الكبرى ،

كلماته بعد ظهوره ،

الأدعية والزيارات المروية عنه عليه السلام.

تحقيق : لجنة التحقيق في مؤسّسة الإمام الهادي عليه السلام.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 420.

نشر : پيام امام هادي عليه السلام -

قم - إيران / 1433 ه.

*

دعاء الندبة وتوثيقه من الكتاب والسنّة.

يعتبر دعاء الندبة من الأدعية

ص: 480

المنسوبة إلى أئمّة أهل البيت عليهم السلام والمعهودة

عند شيعتهم ابتهالاً وتضرّعاً إلى الله تبارك وتعالى وتوسلاً بأوليائه في صباح

كلِّ جمعة وفي الأعياد الإسلامية ، وهو من الأدعية التي يحمل في طيّه العقائد

الإمامية في إثبات الإمامة والولاية لهم عليهم السلام ،

يذكر مجموعة من النصوص والمفاهيم الهادفة التي ابتنت عليها مدرستهم عليهم السلام ،

كما لا يخلو من التظلّم لآل الله وذكر مظلوميّاتهم ومصائبهم عليهم السلام ،

وقد قدّم لهذا الكتاب مقدّمة احتوت دراسة توثيقية للسند والكتب المعتبرة المأخوذ

عنها هذا الدعاء ، ودراسةً للمتن عرضاً على القرآن والأحاديث المروية عن الرسول

الأعظم (صلى الله عليه وآله) وتطبيقاً لها مع الكتاب والسنّة. وقد وردت نسخة

للدعاء في آخر الكتاب.

تحقيق : مؤسّسة الإمام الهادي عليه السلام.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 678.

نشر : پيام امام هادي عليه السلام -

قم - إيران/1434 ه.

*

جامع الرواة ورافع الاشتباهات ج (1 - 8).

تأليف : محمّد بن علي الأردبيلي (ت 1101 ه).

هو من الكتب الرجالية المعتمدة في علم الرجال

والمعوّل عليها عند العلماء وأهل الفن والتحقيق والخبرة ، وإنّ العمدة في هذا

الكتاب هو تمييز المشتركات بامتياز الراوي والمروي عنه ، حيث جمع رواة الكتب

الأربعة وذكر من رووا عنه ومن روى عنهم ، وتعيين مقدار رواتهم ، كما رفع بذلك

بعض النقص عن كتب الرجال ، رتّبه على ترتيب تلخيص المقال للميرزا محمّد

الأسترآبادي ، كما ذكر ديباجة التلخيص وذكر تراجمته عين عبارته ، اشتملت مقدّمة

الكتاب على دراسة

ص: 481

لحياة المصنّف العلمية ودراسة تحقيقية لمعرفة

منهجية الكتاب وبيان منهجية التحقيق فيه.

تحقيق : محمّد باقر ملكيّان.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : يتراوح من 500 إلى أكثر من 700 صفحة

لكلِّ جزء.

نشر : مؤسّسة بوستان كتاب - قم - إيران/1433 ه.

*

الجعفريّات (الأشعثيات) ج (1 - 2).

برواية محمّد بن محمّد بن الأشعث الكوفي (من أعلام

القرن الرابع الهجري).

مجموعة حديثية فقهية كبيرة ، تحتوي على أكثر من

ألفي حديث مبوّبة حسب التقسيم الفقهي ، بدءاً من باب الطهارة ، الصلاة ، الصوم

إلى آخر الأبواب ، وهو من الكتب القديمة المعوّل عليها عند الأصحاب ، بل هو

من الأُصول الاصطلاحية المخصوصة بالذكر في الإجازات

، أمّا النسخ المعتمدة فهي نسختان من مكتبة الإمام الرضا عليه السلام

في مشهد المقدّس ، الأولى بتاريخ (1283 ه) والثانية (1348 ه) ، والثالثة هي

المحفوظة في مكتبة مجلس الشورى ، وقد كتبت من نسخة كتبت في (514 للهجرة).

وتمتاز إحدى النسخ عن أخواتها في أنّ أحاديثها

مبوّبة وهذا ما لم يرد في بقية النسخ فثبّتها المحقّق مع الإشارة لها في الهامش.

تحقيق : مشتاق صالح المظفّر.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 412 ، 414.

نشر : مكتبة العتبة الحسينيّة - كربلاء - العراق /

1434 ه.

*

صلاة الجمعة.

تأليف : الشيخ محمّد بن عبد الفتّاح التنكابني (ت

1124 ه).

ص: 482

أصل هذه الرسالة نسخة خطّيّة محفوظة في مكتبة

الآستانة الرضويّة في مشهد المقدّسة برقم (6466) ، وتاريخ نسخها سنة (1106 ه) ،

كما في : (فهرست ألفبائي كتب خطّي آستان قدس) ص386 ، وهي بخطّ نستعليق ، كتبها

أحمد بن محمّد رضا الحسني ، وعليها حواشي من المؤلّف رحمه الله.

وتشمل النسخة المزبورة على 91 صفحة ، تحتوي كلّ

صفحة على 22 سطراً وبطول 15 سم وعرض 50/11 سم.

تتضمّن الرسالة مقدّمةً في ذكر أقوال الفقهاء في

حكم صلاة الجمعة في زمان الغيبة ، وفصولاً ثلاثة وخاتمة.

الفصل الأوّل : في نقل عبارات الفقهاء وبيان

مقتضاها فيما يحتاج إلى البيان.

الفصل الثاني : في إثبات وجوب

الجمعة عيناً في زمان الغيبة.

الفصل الثالث : فيما يقال في عدم الوجوب سواء قيل

بالحرمة أو التخيير.

وأمّا الخاتمة فهي تشتمل على فوائد.

وجاء في آخرها ما يلي :

«واتّفق بتوفيق الله تبارك وتعالى الفراغ من مشقّة

مشقه ومؤنة نقله من نسخة معتبرة على يد كاتبه الآثم المفتقر إلى رحمة ربّه الغني

أحمد بن محمّد رضا الحسيني غفر الله آثامهما وعفا عن جرائمهما عصيرة يوم

الثلاثاء لأربع خلت من شهر الله الأعظم رجب مضر المكرّم من عام الحادي والأربعين

والثلاثمائة مع الألف 1341».

تحقيق : الشيخ محمّد الباقري.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 255.

نشر : العتبة الحسينية - كربلاء - العراق/1433 ه.

ص: 483

*

موسوعة الشريف المرتضى ج (1 - 22).

تأليف : الشريف المرتضى (ت 436 ه).

اعتنت مؤسّسة الإمام الصادق عليه السلام بتحقيق

مصنّفات الشريف المرتضى علم الهدى وجمعها على شكل موسوعة وذلك تخليداً لذكراه

السنوية بعد مرور ألف عام على رحيله وصيانة لمدوّناته الفقهية منها والأصولية

والتاريخية والأدبية التي تنمّ عن عبقريّته وجهده العلمي العظيم ، وقد احتوت هذه

الموسوعة على كتاب الذريعة في أصول الشريعة حيث كان مخطوطاً مستوراً عن الأعين

وقد رأى النور لأوّل مرّة إثر هذه الموسوعة التي أشرف على تحقيقها الشيخ جعفر

السبحاني وقدّم لها مقدّمة عن حياة الشريف المرتضى رحمه الله ومصنّفاته

ومنهجية التحقيق التي ترك الكلام فيها للجنة القائمة بتحقيق هذه الموسوعة

المؤلّفة من اثنين وعشرين جزءاً والمشتملة على

عناوين الكتب التالية :

الذريعة إلى أصول الشريعة ، الانتصار ، الناصريّات

، الملخّص في أصول الفقه ، الذخيرة في علم الكلام ، الشافي في الإمامة في أربعة

أجزاء ، تنزيه الأنبياء ، الموضّح عن جهة إعجاز القرآن ، الفصول المختارة من

العيون والمحاسن ، مجموعة الرسائل في خمسة أجزاء ، طيف الخيال ، أمالي المرتضى ،

الديوان في جزءين.

تحقيق : لجنة التحقيق في مؤسّسة الإمام الصادق عليه السلام.

نشر : مؤسّسة التاريخ العربي - بيروت - لبنان/1433

ه.

*

نوادر الأخبار ج (1 - 2).

تأليف : الشيخ محمّد جعفر بن محمّد طاهر الخراساني

(من أعلام القرن الثاني عشر الهجري).

لقد دأب العلماء قديماً على جمع

ص: 484

الأحاديث والروايات وتبويبها ووضع العناوين لها حسب

مواضيعها ومفادّها ، ولمّا رأوا بعضها لا تدخل تحت عنوان من العناوين أو أنّها

أُهملت وغضّ الطرفُ عنها لخلل في أسانيدها وتناقض ما فحينها عمدوا إلى عقد أبواب

في آخر مصنّفاتهم أو أفردوا كتاباً باسم : النوادر أو النادر من الباب أو باب

الزيادات.

وقد اشتملت هذه الطبعة التي اعتنى بها قسم الشؤون

الفكرية والثقافية للعتبة الحسينية على مقدّمة التحقيق وفيها حياة المؤلّف

والنسخة الخطّية المعتمدة في مقابلة النصّ ، كما أفردت للكتاب فهارس موضوعية

وفهارس الآيات والأحاديث الواردة فيه.

تحقيق : حامد رحمان الطائي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 459 و492.

نشر : العتبة الحسينية ، قسم

الشؤون الفكرية والثقافية - كربلاء المقدّسة -

العراق/1434 ه.

*

رسالة في الجهر والإخفات.

تأليف : الشيخ عبدالله الستري البحراني (ت 1267

ه).

تعدّ هذه الرسالة من التراث الثرّ في مسألة الجهر والإخفات

بالتسبيح في الأخيرتين من الظهرين والعشاء وثالثة المغرب ، وهي من المسائل

الخلافية بين العلماء آنذاك ، حيث تعدّدت فيها الآراء وصار المحدّثون والفقهاء

يخصّصون لها رسالة للحديث في أدلّتها وما افتوا به في هذه المسألة ، اشتملت

الرسالة على مقدّمة المؤلّف وفصلين ، الأوّل : في إيراد ما استدلّ به الأصحاب من

النصّ عن الأئمّة الأنجاب. والفصل الثاني : في حجّة الشيخ عبد علي ومن تبعه على

إيجاب الجهر بالتسبيح ، وعلى مقدّمة للتحقيق فيها نبذة عن حياة المؤلّف

ص: 485

والمخطوطتين المعتمدتين في التحقيق.

تحقيق : حسن بن علي آل سعيد البحراني.

الحجم : رقعي.

عدد الصفحات : 104.

نشر : مطبعة الأتحاد - البحرين/1433 ه.

كتب

صدرت حديثاً

*

أدلّة الإمامة.

تأليف

: ميسون البزاز.

كتاب عقائدي جاء في مضمار الكتب العقائدية التي

تبحث في إثبات إمامة الأئمّة الإثني عشر عليهم السلام ،

حيث اعتمد الشيعة في معتقدهم في الإمامة على كتاب الله وسنّة الرسول الأعظم (صلى

الله عليه وآله) ، وقد قدّمت المؤلّفة دراستها في الإمامة وفقاً للمنهج

الاستدلالي ، كما اعتمدت في بحثها هذا على العديد

من مصادر أهل السنّة بحثاً وتنقيباً لإثبات المعتقد الحقّ ، ثمّ تطرّقت لردّ

الشبهات المثارة حول الإمامة.

اشتمل الكتاب على مقدّمة وأربعة فصول في : الخلافة

والإمامة ، الخلافة والإمامة الخاصّة في القرآن والحديث ، الإمامة والنبوّة ،

المهدوية ، المصادر والمراجع.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 227.

نشر : دار مشعر - طهران - إيران / 1435 ه.

*

فقه الوفاق.

تأليف : الشيخ محمّد مهدي نجف.

موسوعة احتوت على دراسة فقهية مقارنة بين المذاهب

الإسلامية ، حيث يعدّ الفقه المقارن من العلوم التي

ص: 486

حازت العناية الخاصّة من قبل الفقهاء على اختلاف

مذاهبهم قديماً وحديثاً فصنّفوا في هذا المضمار والموسوعات القيّمة ، وهذا هو

الجزء الأوّل من الموسوعة الفقهية المقارنة الشاملة ، والتي ضمّت في أجزائها

جميع أبواب الفقه على سبيل الاختصار ، يؤكّد فيها المؤلّف على المشتركات من

المسائل والأحكام التي يسوغ الخلاف فيها في إطار الدليل والبرهان ، مع الاحتفاظ

بآراء المذاهب الإسلامية الأخرى مع الاحترام المتبادل بين أتباعها ، علماً أنّ

المراد بالمذاهب الإسلامية هي المذاهب التي أقرّها مجلس مجمع الفقه الإسلامي في

دورته السابعة عشر المنعقدة بالمملكة الأردنية الهاشمية (عمّان) في حزيران (2006

ميلادية) وصادق على القرار مؤتمر القمّة الإسلامي المنعقد بمكّة المكرّمة.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 413.

نشر : مؤسّسة دراسة وتدوين الكتب الدراسية الجامعية

للعلوم الإنسانية (سمت) ، طهران - إيران/ 1433ه.

*

الممنوع من الصّرف في القرآن الكريم.

تأليف : فارس علي العامر.

تناول المؤلّف موضوعاً من علم النحو في فكرة كانت

تخامره بين الفينة والأخرى ليجمع من خلالها كتاباً يبيّن فيه جانباً من قواعد

اللغة العربية معتمداً في ذلك على كتاب الله العزيز ليستخرج من شواهده كلّ كلمة

ممنوعة من الصرف على حدّ تعبيره وفقاً لما ترمي إليه أبحاث الممنوع من الصرف ،

وقد قسّم المؤلّف البحث بعد جولة تمهيدية في توضيح

ص: 487

المقصود من الممنوع من الصرف إلى أربعة أبواب :

الباب الأوّل : تناول الممنوع من الصرف في اللغة العربية. الباب الثاني : تناول

الكلمات القرآنية التي صرفت لإضافتها أو لاقترانها ب- (ال). الباب الثالث :

خصّص لإعراب الكلمات ، ويشتمل على ثلاثة فصول : في إعراب المرفوع واعراب المنصوب

وإعراب المجرور ممّا لا ينصرف ، مستهلاًّ ذلك بالآيات القرآنية التي تحتوي على

الكلمات الممنوعة من الصرف. الباب الرابع : شرح فيه المؤلّف معاني الكلمات

الممنوعة من الصرف وقد رتّبها في أبوابها على حروف الهجاء ، كما عمد إلى أرجح

الآراء في ما اختلف فيه المعربون والمفسّرون.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 288.

نشر : دار المجتبى - قم - إيران/1434 ه.

*

المقتطفات من كتاب فضائل الصحابة.

تأليف : سعود بن عبيد بن عمير الصاعدي.

أصل الكتاب هو فضائل الصحابة للصاعدي ، استلّ منه

أبو محمّد أحمد مقتطفات من الفضائل الواردة في العترة الطاهرة ليحتوي على زبدة

الأحاديث المستخلصة فيهم عليهم السلام ، كما ذكر

فضائل بعض الصحابة أمثال حمزة ابن عبد المطّلب وسلمان وعمّار ، مبتدأً بفضائل

الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام ثمّ فاطمة

الزهراء

عليها السلام وما ورد فيهما معاً عليهما السلام ،

وما ورد في فضائل الحسن ابن عليٍّ عليه السلام

وفي فضائل الحسين عليه السلام و ...

وقد اشتمل الكتاب على عشرين فصلاً ، ولم تقدّم له

مقدّمة عن غاية اعداد الكتاب ، وأنّ سرد الروايات وانتقائها يكشف عن المنهج

الرسالي الأصيل والمهذّب من التناقضات والشوائب المتمثّل في مدرسة أهل

ص: 488

بيت العصمة عليهم السلام.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 508.

نشر : بلا ، طبع سنة 1433 ه.

*

مسرد تنقيح المقال.

تأليف : الشيخ محمّد رضا المامقاني.

جاء هذا الكتاب في عداد أجزاء دورة تنقيح المقال

مرقّماً ب- (صفر صفر) ، وهي الموسوعة الرجالية التي اعتنت بتحقيقها مؤسّسة آل

البيت

عليهم السلام لإحياء التراث ، وقد ارتئى المؤلّف أن

يخصص لهذه الموسوعة مجلّداً في ذكر مسرد فيما جاء في طبعتها الحجرية والأوفست

وعرض ما في مجلّداتها الثلاثة ، ثمّ تعرّض المؤلّف إلى بعض ما قيل عن هذه

الموسوعة ، ومدّة تأليف هذا السفر المبارك ، وخصائص هذا الكتاب ومميّزاته ، وبعض

النقد الوارد على هذه

المجموعة ، وأدب الشيخ جدّ (المؤلّف) طاب رمسه

محلّلاً وناقداً ، كما أدرج القسم الأخير من كتاب مخزن المعاني في ترجمة المحقّق

المامقاني

قدس سره ، حيث حصل المؤلّف عليه أخيراً مرسلاً من النجف

الأشرف ضمن مجموعة مؤلّفات ومستنسخات الأسرة الموقوفة على المقبرة ، وقد جاء ضمن

النسخة الخطّية لأصل هذا الكتاب ، وقد أثبت المؤلّف كلّ ما حصل عليه في آخر

الكتاب مصوّراً.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 392.

نشر : مؤسّسة آل البيت عليهم السلام

لإحياء التراث - قم - إيران / 1434 ه.

*

الأمويّون وثورة الإمام الحسين عليه السلام.

تأليف : أبو مصعب البصري.

تناول المؤلّف الحقبة الزمنية

ص: 489

العصيبة لتاريخ بني أُمية المظلم ، ليقدّم دراسة

مختصرة لأسباب ثورة الإمام الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام ،

ودروسها ومعطياتها ، معرّفاً أهمّ الشخصيّات الأموية التي لعبت دوراً كبيراً في

طمس شعائر الإسلام ومحاربة ومنابذة أهل بيت الرسالة معتمداً الكتب التاريخية

المعتبرة.

اشتمل الكتاب على مقدّمة وتمهيد وسبعة فصول في :

الشجرة الملعونة والمواقف العدائية للإسلام ، معاوية ابن أبي سفيان والوضع

السائد ، يزيد ابن معاوية والوضع السائد ، أسباب ثورة الإمام الحسين عليه السلام ،

دروس في الثورة ، من نتائج ومعطيات الثورة ، شبهات وردود.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 295.

نشر : مؤسّسة الكوثر - قم المقدّسة - إيران/1433

ه.

*

تلامذة العلاّمة الشيخ حسين آل عصفور.

تأليف : الشيخ فاضل الزاكي.

عمد المؤلّف في كتابه إلى شخصية لامعة من علماء

البحرين إحياءً للتراث العلمي الثرّ التي خلّفته مدرسة أهل البيت عليهم السلام

في البحرين ، فقد ذكر في مقدّمة كتابه ترجمة للشيخ حسين آل عصفور يبيّن فيها

حياته ونشأته العلمية من ثلاث جوانب : البيئة العلمية والخصائص الذاتية لشخصيّته

الفذّة ، ونتاجه العلمي وهو عطاؤه العلمي في مجالَي التأليف ، وتلامذته والراوون

عنه ، حيث ذكر 32 ترجمة لتلامذته و6 تراجم لشخصيّات لم يثبت أنّهم تلمّذوا على

يديه.

الحجم : رقعي.

عدد الصفحات : 112.

نشر : حوزة المصطفى - البحرين / 1433 ه.

ص: 490

*

الإمام الحسن في مواجهة الانشقاق الأموي.

تأليف : السيّد سامي البدري.

كتاب من سلسلة بحوث في السيرة والتاريخ ، احتوى على

دراسة في التاريخ الإسلامي سلّط فيها الضوء على حياة الإمام الحسن المجتبى عليه السلام

ومواقفه السياسية لاسيّما صلحه عليه السلام مع معاوية

بالبحث والتنقيب عن حكمة المصالحة وأنّها كمصالحة رسول الله (صلى الله عليه

وآله) حيث ردّ فيها أطروحات المستشرقين في النيل من الإمام الحسن عليه السلام

وتضعيفه ، كما كشف النقاب عن السياسة العبّاسية المحاذية للسياسة الأموية في

تحريف التاريخ والطعن والتشويه لشخصيته عليه السلام

والنيل من كرامة أهل بيت الرسالة.

اشتمل الكتاب على أربعة أبواب ، في الباب الأوّل :

الرؤية المشهورة في تعليل الصلح ، الباب الثاني : القراءة الجديدة للفتح المبين

لمشروع عليٍّ عليه السلام الذي حقّقه الإمام الحسن عليه السلام

بصلحه ،

الباب الثالث : العباسيّون يحذون حذو الأمويّين في

تحريف التاريخ ، الباب الرابع : خلاصة وخاتمة.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 614.

نشر : دار الفقه - النجف الأشرف - العراق/1433 ه.

*

الحسين عليه السلام في مواجهة الضلال

الأموي.

تأليف : السيّد سامي البدري.

كتاب من سلسلة بحوث في السيرة والتاريخ ، حيث تصدّى

المؤلّف في كتابه هذا لمناقشة ثلاث أطروحات تعرّف الإمام الحسين وثورته ، أوّلاً

: أُطروحة الإعلام الأموي : بأنّه عليه السلام خارج

عن الدين. ثانياً : أُطروحة الإعلام العبّاسي بأنّه عليه السلام

ثائر شرعيٌّ أخطأ في اختياره الكوفة وفي اصطحابه عياله معه ، وأنّ مسؤولية قتله

تقع على الشيعة في الكوفة.

ص: 491

الأطروحة الثالثة : أنّه عليه السلام

وارث الأنبياء وإمام الهدى والحجّة على الخلق ، نهض لمواجهة ضلال بني أمية في

تحريف الدين ، وطمس أحاديث النبيّ (صلى الله عليه وآله) في أهل بيته ، وتعريفهم

بعليٍّ عليه السلام

بأنّه رمز للفساد والإلحاد في الأُمّة ، فقد ناقشها بأُسلوب تاريخيٍّ علميٍّ

منزّهاً الحسين عليه السلام وثورته من الشوائب والشبهات ، معتمداً

الأُطروحة الثالثة بالبحث والتفصيل ، وقد اشتمل هذا الكتاب على خمسة أبواب

وخاتمة حيث عقدت لأربعة منها فصولاً بمواضيع وأبحاث مختلفة.

الباب الأوّل : بحوث تمهيدية ، الباب الثاني :

الانقلاب الأموي ، الباب الثالث : حركة الحسين عليه السلام

في مواجهة الانقلاب الأموي ، الباب الرابع : آثار نهضة الحسين عليه السلام

وشهادته ، الباب الخامس : خلاصة وخاتمة.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 528.

نشر : دار الفقه - النجف الأشرف - العراق/1430 ه.

*

تأسيس الأئمّة لأصول منهج فهم النصّ القرآني.

تأليف : ستار جبر حمود الأعرجي.

لمّا كان القرآن مرجعاً أساسيّاً للأمّة في عقائدها

وأحكامها الشرعية حيث يعدّ هو من أهمّ أركان استنباط الحكم الشرعي فقد جاءت هذه

الدراسة مؤكّدة على منهجية فهم النصّ القرآني عند أهل البيت عليهم السلام

لرسم منهجية واحدة حيث تعدّدت المدارس وتلابست المفاهيم وشبّ النفاق وتفاقمت

الشبه.

اشتمل الكتاب على مقدّمة ، ولمحة تاريخية في بدايات

ونشأة الإمامية ، وثلاثة فصول : الأوّل :

ص: 492

المسلك المنهجي عند أهل البيت عليهم السلام ،

الفصل الثاني : ضوابط التعامل مع النصّ القرآني عند الأئمّة عليهم السلام ،

الفصل الثالث : نماذج تطبيقية لمنهج الأئمّة عليهم السلام

في توضيح النصّ القرآني.

الحجم : رقعي.

عدد الصفحات : 167.

نشر : مركز الرسالة - قم - ايران/1432ه.

*

مصادر الوحي وأنواعه في القرآن الكريم.

تأليف : ستّار جبر حمود الأعرجي.

جعل المؤلّف كتابه مقدّمة للدخولِ إلى آفاقِ

العلومِ الروحيةِ والنفسيةِ والدراسات الإسلاميةِ فيها ، وخصوصاً ظواهرُ

(الباراسيكلوجي) التي تقدِّمُ دليلاً قاطعاً لا مجالَ للشَّكِ أو

الاحتماليةِ فيه لإثباتِ المفاهيم والعقائد

الإسلامية (القرآنية) في عالَمِ الرُّوحِ والنفسِ الإنسانيةِ وقواها وإدراكاتِها

وملكاتِها المتميِّزةِ.

والكتاب إطلالة سريعة يتحدّث عن ظاهرة الوحي في

القرآن الكريم وقد اشتمل على بابين :

الأوّل :

(مصادر الوحي في القرآن الكريم) ، وقد استقصيت في هذا الباب كلّ ما ورد في

القرآن الكريم من نسبة الوحي إلى كونه يصدر عن عدّة مصادر ، جمعتها في ثلاث فصول

، وهي : (الوحي الإلهي) ، و (الوحي الشيطاني) ، و (الوحي من مصادر أخرى).

الثاني :

(الوحي من حيث المتلقّي) ، واستقصيت في هذا الباب الموارد المتعدّدة التي وردت

الإشارات القرآنية بأنّ الوحي قد ألقي إليها ، وقد تمّت دراستها في ثلاثة فصول ،

وهي

ص: 493

(الوحي النبوي العام) ، و (الوحي المحمّدي) ، و (الوحي

إلى الموجودات الأخرى).

الحجم : رقعي.

عدد الصفحات : 222.

نشر : مركز الرسالة - قم - إيران/ 1432ه.

طبعات

جديدة

لمطبوعات

سابقة

*

المشاهد المشرّفة والوهّابيّون.

تأليف : الشيخ محمّد علي بن حسن الهمداني (ت 1378

ه).

جاء الكتاب في سياق الصدّ والردِّ على شبهات الفرقة

الوهابية المنكرة لحقائق الشريعة والمتمادية في الغيِّ على معالمه الرفيعة

تزامناً مع هدمها لبعض المساجد والبيوت المنسوبة إلى

زوجات النبيّ وبعض الصحابة وما كان لأهل البيت

النبوي الطاهر من بيوت ومشاهد وقباب.

اشتمل الكتاب على مقدّمة تناول فيها المؤلّف أهمّ

ما قصده من ردٍّ في كتابه هذا ، وثلاثة مقامات ، المقام الأوّل : إنّ مطلق

الدعاء ليس عبادة ولا شركاً ، المقام الثاني : ثبوت الشفاعة في العقيدة

الإسلامية ، المقام الثالث : في ثبوت الأمر بالتوسّلات والاستغاثات والاستشفاعات

، وفيه الأمر ببناء الضرائح والقباب المتعلّقة بمشاهدهم ، وخاتمة.

وهذه هي الطبعة الثالثة المحقّقة بلجنة من العلماء

وبإشراف السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : 128.

نشر : دار مشعر : - طهران - إيران / 1432ه.

ص: 494

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.